The Muʻallaqāt for Millennials

Page 1

‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬


Imruʾ al-Qays

‫امـرؤ الـقـيـس‬

Published by King Abdulaziz Center for World Culture (Ithra) an initiative by Saudi Aramco In cooperation with the AlQafilah Magazine produced by Saudi Aramco King Abdulaziz Center for World Culture 8386 Ring Rd, Gharb Al Dhahran, Al Dhahran 34461 Saudi Arabia: 8001221224 International: +966138169799 www.ithra.com First edition, 2020 All rights reserved. No part of this publication may be reproduced, stored in retrieval system or transmitted in any means, electronic, mechanical, photocopying, recording, or otherwise, without prior permission in writing by the publisher. © King Abdulaziz Center for World Culture (Ithra)

‫إصدار مركز الملك عبدالعزيز ف‬ ‫ مبادرة أرامكو السعودية‬،)‫الثقا� العالمي (إثراء‬ ‫ي‬ ‫ الصادرة عن أرامكو السعودية‬،‫بالتعاون مع مجلة القافلة‬ ‫مركز الملك عبدالعزيز ف‬ ‫الثقا� العالمي‬ ‫ي‬ ،‫ غرب الظهران‬،‫ الطريق الدائري‬8386 34461 ‫الظهران‬ 8001221224 :‫المملكة العربية السعودية‬ +966138169799 :‫دول‬ ‫ي‬ www.ithra.com ‫الطبعة أ‬ ‫م‬٢٠٢٠ ،‫الوىل‬ ‫ ســواء بإعــادة ش‬،‫نــر أي جــزء مــن هــذا الكتــاب‬ ‫ ال يجــوز ش‬.‫جميــع الحقــوق محفوظــة‬ ‫النــر أو‬ ‫ت‬ ‫ش‬ .�‫ـا� مــن النــا‬ ‫ بــدون إذن كتـ ب ي‬،‫ ســواء كانــت إلك�ونيــة أو ورقيــة أو يغ�هــا‬،‫ أو بأيــة طريقــة‬،‫ترجمتــه‬ ‫© مركز الملك عبدالعزيز ف‬ )‫الثقا� العالمي (إثراء‬ ‫ي‬ ‫مكتبة الملك فهد الوطنية‬ 1442 / 3039 :‫اليداع‬ ‫رقم إ‬ 978-603-03-6392-6 :‫ردمك‬

King Fahad National Library ISBN: 978-603-03-6392-6

‫تصميم‬ ‫ حسام نرص‬،‫ أحمد سليمان‬،‫رحاب مستو‬

Design Rehab Misto, Ahmed Soliman, Husam Nasr

‫تنفيذ‬ Concepts - Events


Imruʾ al-Qays

‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫المحتويات‬

CONTENTS Content Management team

07

06

Introduction

09

08

The Muʿallaqāt Relived

11

10

The Muʿallaqāt Book: Story, Map, and Contribution

15

14

Muʿallaqah of Imruʾ al-Qays

24

24

Muʿallaqah of Ṭarafah ibn al-ʿAbd

90

90

Muʿallaqah of Zuhayr ibn Abī Sulmā

164

164

Muʿallaqah of Labīd ibn Rabīʿah

202

202

Muʿallaqah of ʿAmr ibn Kulthūm

252

252

Muʿallaqah of ʿAntarah ibn Shaddād

294

294

Muʿallaqah of Al-Ḥārith ibn Ḥillizah

344

344

Muʿallaqah of al-Aʿshā al-Qaysī

382

382

Muʿallaqah of al-Nābighah al-Dhubyānī

422

422

Muʿallaqah of ʿAbīd ibn al-Abraṣ

456

456

‫فريق إدارة المحتوى‬ ‫مقدمة‬ ِّ ‫ف‬ ‫المعلَّقات ي� حضورها الدائم‬ ‫أ‬ ‫والضافة‬ ‫ إ‬،‫ الخريطة‬،‫ الحكاية‬:‫المعلَّقات لجيل اللفية‬ ‫امرئ القَيس‬ ِ ‫معلَّقة‬ ‫معلَّقة ط َ​َرفة بن العبد‬ ‫ه� بن ب يأ� ُس َلمى‬ ‫معلَّقة ُز ي‬ ‫معلَّقة ِلبيد بن ِرب َيعة‬ ‫معلَّقة عمرو بن كلثوم‬ ‫معلَّقة َع ت َن�ة بن َش َّداد‬ ‫معلَّقة الحارث بن ِحلّزة‬ ‫أ‬ ‫َيس‬ َ ‫معلَّقة ال ش‬ ‫ع� الق ِ ي‬ ‫معلَّقة ال ّنابغة الذُّ بيانـي‬ ‫أ‬ ‫برص‬ ِ ‫معلَّقة َعـبيد بن ال‬


Imruʾ al-Qays

‫امـرؤ الـقـيـس‬

Content Management team Project Supervisor Bander AlHarbi Publications Unit Supervisor, Editor In Chief, AlQafilah Magazine Publishing Division, Saudi Aramco Content Review Mohammad Ameen Abu AlMakarem Review & Approval Unit Supervisor Deputy Editor in Chief, AlQafilah Magazine Publishing Division, Saudi Aramco Content & International Communication Supervisor Hatem Alzahrani Assistant Professor of Arabic Literature, Umm al-Qura University Ph.D. in Arabic Studies, Georgetown University MA in Arabic Studies, Yale University Advisory Committee Saad AlBazei Professor Emeritus of English and Comparative Literature, King Saud University Moneera AlGhadeer Saudi scholar and was a distinguished visiting professor at Columbia University & Harvard University Roger Allen Professor Emeritus of Arabic & Comparative Literature, University of Pennsylvania Beatrice Gruendler Professor of Arabic Language and Literature, Freie Universität Berlin English Content Review Phil J. Embleton Review & Approval Unit Publishing Division, Saudi Aramco

Translation of the Muʿallaqah of ʿAbīd ibn al-Abraṣ David Larsen Clinical Associate Professor, New York University

‫أ‬ ‫برص‬ ِ ‫ترجمة معلَّقة َعـبيد بن ال‬ ‫ديفيد الرسن‬ ‫ جامعة نيويورك‬،‫أستاذ مشارك‬

Commentary on the Muʿallaqāt of Imruʾ al-Qays, and Ṭarafah ibn al-ʿAbd Sami Abdulaziz AlAjlan Assistant Professor of Literary Criticism at the College of Arabic Language, Al-Imam Mohammad Ibn Saud University

‫ت‬ ‫ش‬ ‫ وط َ​َرفة بن العبد‬،‫امرئ القَيس‬ ِ �‫َّق‬ ‫�ح معل ي‬ ‫سامي بن عبدالعزيز العجالن‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫المام‬ ‫ جامعة إ‬،‫د� المساعد ي� كلية اللغة العربية‬ ‫أستاذ النقد ال ب ي‬ ‫محمد بن سعود‬

Translation of the Muʿallaqāt of Imruʾ al-Qays, Labīd ibn Rabīʿah, and al-Nābighah al-Dhubyānī Suzanne Pinckney Stetkevych Sultan Qaboos bin Said Professor of Arabic and Islamic Studies, Georgetown University Commentary on the Muʿallaqāt of Al-Ḥārith ibn Ḥillizah, ʿAbīd ibn al-Abraṣ, ʿAmr ibn Kulthūm, and al-Nābighah al-Dhubyānī Saleh AlZahrani Professor of Rhetoric and Criticism, Umm al-Qura University Commentary on the Muʿallaqāt of ʿAntarah ibn Shaddād, and Zuhayr ibn Abī Sulmā Abdullah S. AlRoshaid Professor of Arabic Literature, Al-Imam Mohammad Ibn Saud University Commentary on the Muʿallaqāt of al-Aʿshā alQaysī, and Labīd ibn Rabīʿah Adi AlHerbish Saudi writer and physician Translation of the Muʿallaqāt of ʿAntarah ibn Shaddād, Al-Ḥārith ibn Ḥillizah, Zuhayr ibn Abī Sulmā, and ʿAmr ibn Kulthūm Kevin Blankinship Professor of Arabic Literature, Brigham Young University Translation of the Muʿallaqāt of al-Aʿshā al-Qaysī, and Ṭarafah ibn al-ʿAbd Huda J. Fakhreddine Associate Professor of Arabic Literature, University of Pennsylvania

ُّ ‫ وال ّنابغة‬،‫يعة‬ ‫الذبيانـي‬ َ ‫ولبيد بن ِرب‬ ِ ،‫امرئ القَيس‬ ِ ‫ترجمة معلَّقات‬ ‫سوزان ن‬ ‫بينك� ستيتكيفيتش‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫كرس السلطان قابوس بن سعيد ي� الدراسات العربية‬ ‫أستاذة ي‬ ‫ جامعة جورجتاون‬،‫والسالمية‬ ‫إ‬ ُّ ‫ وال ّنابغة‬،‫ش�ح معلَّقات الحارث بن ِحلّزة‬ ‫ و َعـبيد بن‬،‫الذبيانـي‬ ‫أ‬ ‫ وعمرو بن كلثوم‬،‫برص‬ ِ ‫ال‬ �‫صالح الزهر ن يا‬ ‫ جامعة أم القرى‬،‫أستاذ البالغة والنقد‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ و َع ت َن�ة بن شَ َّداد‬،‫لمى‬ ‫َّق� ز ي‬ َ ‫ُه� بن ب يأ� ُس‬ ‫�ح معل ي‬ ‫الر َشيد‬ ُّ ‫عبدهللا أبن ُسلَيم‬ ‫المام محمد بن سعود‬ ‫ جامعة إ‬،‫أستاذ الدب والنقد‬ ‫َّق� أ‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫يعة‬ َ ‫ال ش‬ َ ‫ولبيد بن ِرب‬ ِ ،‫َيس‬ ‫�ح معل ي‬ ‫ع� الق ِ ي‬ ‫عدي الحربش‬ ‫أديب وطبيب سعودي‬ ‫ وعمرو بن‬،‫ُه� بن ب يأ� ُسل َْمى‬ ‫ وز ي‬،‫ترجمة معلَّقات الحارث بن ِحلّزة‬ ‫ و َع ت َن�ة بن شَ َّداد‬،‫كلثوم‬ ‫ين‬ ‫كف� بالنكنشيب‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ جامعة بريغام يونغ‬،�‫العر‬ ‫أستاذ مساعد ي� الدب ب ي‬ ‫َّق� أ‬ ‫ت‬ ‫ وط َ​َرفة بن العبد‬،‫َيس‬ َ ‫ال ش‬ ‫ترجمة معل ي‬ ‫ع� الق ِ ي‬ ‫هدى فخر الدين‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ جامعة بنسلفانيا‬،�‫العر‬ ‫أستاذة مشاركة ي� الدب ب ي‬

‫فريق إدارة المحتوى‬ ‫م�ف ش‬ ‫ش‬ ‫الم�وع‬ �‫الحر‬ ‫بندر ب ي‬ ‫ش‬ ‫ رئيس تحرير مجلة القافلة‬،‫م�ف وحدة المطبوعات‬ ‫ش‬ ‫ أرامكو السعودية‬،�‫قسم الن‬ ‫مراجعة المحتوى‬ ‫محمد ي ن‬ ‫أم� أبو المكارم‬ ‫ش‬ ‫ نائب رئيس تحرير مجلة القافلة‬،‫م�ف وحدة المراجعات‬ ‫ش‬ ‫ أرامكو السعودية‬،�‫قسم الن‬ ‫ش‬ ‫الدول‬ ‫م�ف المحتوى والتواصل‬ ‫ي‬ ‫حاتم الزهرا�ن‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ جامعة أم القرى‬،‫العر� المساعد‬ ‫أستاذ الدب ب ي‬ ‫ جامعة جورجتاون‬،‫دكتوراة ف ي� الدراسات العربية‬ ‫ جامعة ييل‬،‫ماجست� ف ي� الدراسات العربية‬ ‫ي‬ ‫اللجنة االستشارية‬ ‫سعد البازعي‬ ‫أ‬ ‫ال ي ز‬ ،‫نجل�ي والمقارن يغ� المتفرغ‬ ‫أستاذ الدب إ‬ ‫جامعة الملك سعود‬ ‫من�ة الغدير‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫العر� ي� جامعة‬ ‫أكاديمية سعودية عملت أستاذة زائرة للدب ب ي‬ ‫هارفارد وجامعة كولومبيا‬ ‫كل‬ ‫دكتوراة من جامعة كاليفورنيا يب� ي‬ ‫ماجست� من جامعة نيويورك‬ ‫ي‬ ‫روجر ألن‬ ‫أستاذ أ‬ ‫ جامعة بنسلفانيا‬،‫العر� والمقارن يغ� المتفرغ‬ ‫دب‬ ‫ال‬ ‫بي‬ ‫بياتريس غروندلر‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫برل� الحرة‬ ‫ جامعة ي‬،�‫العر‬ ‫أستاذة اللغة العربية والدب ب ي‬ ‫ال ي ز‬ ‫نجل�ي‬ ‫التدقيق اللغوي للقسم إ‬ ‫إمبلتون‬ ِ ‫فيليب‬ ‫ قسم ش‬،‫وحدة المراجعات‬ ‫ أرامكو السعودية‬،�‫الن‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫مقدمة‬ ‫ِّ‬

‫ف‬ ‫الثقــا� العالمــي (إثــراء)‪ ،‬مبــادرة أرامكــو‬ ‫ترتكــز رؤيــة مركــز الملــك عبدالعزيــز‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الثقــا� الحضــاري مــع العالــم‪ ،‬انطالقــاً مــن‬ ‫الســعودية‪ ،‬عــى تعزيــز التواصــل‬ ‫ي‬ ‫رســالة تســعى إىل تحفـ ي ز‬ ‫ش‬ ‫البــداع ونــر المعرفــة‪ .‬ويؤمــن المركــز مــن خــال رعايتــه‬ ‫ـ� إ‬ ‫أ‬ ‫للفنــون آ‬ ‫والداب والعلــوم‪ ،‬أن الفــن والثقافــة يزيــدان الف ـراد والمجتمعــات قــو ًة‬ ‫وتأثـ يـراً‪.‬‬ ‫ف‬ ‫البــداع‬ ‫وضمــن ســعيه ي� البحــث عــن أفضــل إبداعــات الثقافــات العالميــة وجــذور إ‬ ‫قــدم إثــراء ف ي� هــذا الكتــاب بالتعــاون مــع مجلــة القافلــة‪،‬‬ ‫العالمــي‬ ‫والعــر�‪ ،‬يُ ِّ‬ ‫بي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫الصــادرة عــن أرامكــو الســعودية‪ ،‬المعلَّقــات العــر لجيــل اللفيــة باللغتـ يـ� العربية‬ ‫ت‬ ‫وال ي ز‬ ‫ـ� تفيــض‬ ‫نجل�يــة‪ ،‬احتفــا ًء بالقيــم إ‬ ‫إ‬ ‫النســانية والجماليــة والفلســفية الغزيــرة الـ ي‬ ‫بهــا‪ ،‬وتوظيفــاً لمكنونــات ودالالت هــذه القصائــد إللهــام عقــول أبنــاء الجيــل‬ ‫التعبــر‬ ‫المعــارص ووجدانــه‪ ،‬وفتحــاً آلفاقهــم نحــو أفــكار وأشــكال جديــدة مــن‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ـا�‪ ،‬وعرض ـاً لجماليــات اللغــة العربيــة الخالــدة‪ ،‬فيمــا يشــبه النافــذة‬ ‫والفهــم الثقـ ي‬ ‫المط َّلــة عــى ثقافــة الجزيــرة العربيــة وتاريخهــا‪ ،‬وحيــاة إنســانها منــذ آالف السـ ي ن‬ ‫ـن�‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫العــر مــن روائــع أ‬ ‫ش‬ ‫العــر� والعالمــي‪ ،‬والجــذور الخالــدة‬ ‫الدب‬ ‫عــد المعلَّقــات‬ ‫تُ ُّ‬ ‫بي‬ ‫البداعيــة‬ ‫إلبــداع الشــعر‬ ‫العــر�‪ ،‬حيــث تتواشــج وتتشــابك فروعهــا مــع الكتابــة إ‬ ‫بي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫�ض‬ ‫العربيــة ت‬ ‫ن‬ ‫العربيــ� ي� العصــور الالحقــة‪.‬‬ ‫حــى اليــوم‪ ،‬حــا ة ي� الشــعر والدب‬ ‫ي‬ ‫النســان اللغويــة وقدرتــه‬ ‫وم َل َكــة إ‬ ‫مــادة أصيلــة بقيــت قرون ـاً شــاهدة عــى ســليقة َ‬ ‫عــى تطويعهــا وتشــكيلها والتعبـ يـر عــن ذاتــه مــن خاللهــا‪.‬‬ ‫ويســهم إثــراء مــن خــال هــذا الكتــاب ف ي� المحافظــة عــى ديمومــة أحــد أبــرز‬ ‫الدب العــر� وتقريبهــا مــن ذائقــة أ‬ ‫العمــال البداعيــة ف� تاريــخ أ‬ ‫أ‬ ‫الجيــال الجديــدة‪.‬‬ ‫إ‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫المتخص ي ن‬ ‫والدوليــ� ف ي�‬ ‫الســعودي�‬ ‫صــ�‬ ‫تصــدى لهــذه المهمــة عــد ٌد مــن‬ ‫وقــد‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫ـاع� مــن خــال �ح أبيــات المعلَّقــات باللغــة العربيــة‬ ‫الشــعر والدب العربيـ يـ�‪ ،‬سـ ي‬ ‫ال ي ز‬ ‫نجل�يــة بلغــة معــارصة‪ ،‬إىل تأكيــد معــارصة هــذه القصائــد‪،‬‬ ‫وترجمتهــا إىل اللغــة إ‬ ‫ف‬ ‫وتأبّيهــا عــى النســيان‪ ،‬وقابليتهــا للتجـ ُّـدد ي� كل عــر ومــع كل جيــل لتكــون مصــدراً‬ ‫ف‬ ‫والج َمــال‪.‬‬ ‫مــن مصــادره ومنبع ـاً مــن منابعــه ي� إ‬ ‫البــداع َ‬

‫‪8‬‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫‪Introduction‬‬ ‫‪Based on its endeavor to stimulate creativity and its commitment to‬‬ ‫‪the spread of culture, the vision of King Abdulaziz Center for World‬‬ ‫‪Culture (Ithra) — an Aramco initiative — continues to boost cultural‬‬ ‫‪communication with the world by sponsoring arts, literature, and science.‬‬ ‫‪This endeavor emanates from Ithra’s deep belief that art and culture can‬‬ ‫‪make individuals and communities stronger and more impactful.‬‬ ‫‪Seeking to present to the public some of the best Arabic and world‬‬ ‫‪productions, Ithra, in collaboration with Aramco’s Al-Qafilah magazine,‬‬ ‫‪has proudly produced this book. It contains a collection of 10 poems called‬‬ ‫‪the Muʿallaqāt (Pre-Islamic Arabic Golden Odes) in both the Arabic and‬‬ ‫‪English languages. This book is intended to educate new generations about‬‬ ‫‪the human, aesthetic, and philosophical values of these ancient poems, and‬‬ ‫‪to share knowledge about their meaning and subject matter, in a manner‬‬ ‫‪accessible to modern readers. This book celebrates the beauty of the Arabic‬‬ ‫‪language by focusing on the culture and history of the Arabian Peninsula,‬‬ ‫‪and the lives of those who inhabited it over 1,000 years ago.‬‬ ‫‪The 10 poems are considered masterpieces of both Arabic and world‬‬ ‫‪literature. These poems comprise the roots of Arabic poetry, which entwine‬‬ ‫‪gracefully with today’s creative writing. That’s why the influence of the‬‬ ‫‪Muʿallaqāt still resonates today, in Arabic poetry and literature in general.‬‬ ‫‪These poems bear witness to the ingenuity, originality, and linguistic skills‬‬ ‫‪of the ancient poets, who succeeded in skilfully utilizing language to‬‬ ‫‪express their ideas and feelings.‬‬ ‫‪This book is another contribution by Ithra to preserve Arabic history, while‬‬ ‫‪making it accessible to a new generation of young readers. This achievement‬‬ ‫‪was made possible by a team of Saudi and international scholars and‬‬ ‫‪experts in Arabic literature and poetry, including the translation team who‬‬ ‫‪employed their skills and knowledge to translate these poems into modern‬‬ ‫‪English. The result is this book — a testament to the powerful influence‬‬ ‫‪of these poems, which even after 1,500 years, remain an inspiring example‬‬ ‫‪of creativity and beauty.‬‬

‫‪9‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫المع َّلقات ف ي� حضورها الدائم‬

‫أي نــص شــعري هــذا الــذي أنتــج قبــل أك ـرث مــن ألــف وخمســمائة عــام‪ ،‬ومــا زال‬ ‫ينبــض بالحيــاة ويحــرك الهواجــس ويســتث� المخيلــة‪ ،‬وكأنــه ولـــد أ‬ ‫بالمــس القريــب؟‬ ‫ُِ َ‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫هــذا النــص هــو المعلّقــات‪ ،‬الـ ت‬ ‫ـ� يجــد فيهــا القـ ّـراء‪ ،‬جي ـا ً بعــد جيــل‪ ،‬مصــدراً‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ـام يتجـ ّـدد‪ .‬ف ي� هــذا الكتــاب‪ ،‬يســعدنا أن نقـ ّـدم "المعلّقــات" م�وحــةً وم�جمةً‬ ‫إللهـ ٍ‬ ‫بطريقـ ٍـة جديــدة تناســب الجيــل الجديــد مــن القـ ّـراء‪.‬‬ ‫ـار ال ينضــب معينــه‪ ،‬يعـ ب ُـر الزمــان والمــكان متدفق ـاً ليعـ ب ِّـر عــن‬ ‫والمعلَّقــات نهــر جـ ٍ‬ ‫ـذوق العربيــة ويســتقي معينهــا؛‬ ‫لحظتنــا‪ .‬ينهــل مــن هــذا النهــر كل مــن أراد أن يتـ َّ‬ ‫فهــذه القصائــد العـ شـر الخالــدات تشكّـــل قاموسـاً للغــة العربيــة ودســتوراً للنحــاة‪،‬‬ ‫ين‬ ‫المفتونــ� ببالغــة الفــن اللفظــي الرفيــع‪.‬‬ ‫ومصــدراً لمتعــة ال تنتهــي ألولئــك‬ ‫للمؤرخـ ي ن‬ ‫وإضافــة إىل ذلــك‪ ،‬تعـ ُّـد هــذه القصائــد وثيقــةً‬ ‫ـ� وعلمــاء االجتمــاع‪ ،‬ودليـا ً‬ ‫ِّ‬ ‫للجغر ي ن‬ ‫افيــ�‪.‬‬ ‫النســانية‬ ‫ولكــن أك ـرث مــن ذلــك بكثـ يـر‪ ،‬تُقـ ِّـدم هــذه القصائــد لمحــة عــن التجربــة إ‬ ‫ـآس‪ .‬إنهــا تشــهد‬ ‫كمــا صاغهــا أولئــك الذيــن عرفــوا ُ‬ ‫الحــب والحــرب والنــر والمـ ي‬ ‫عــى حقبــة مــن التاريــخ عـ ب ّـر فيهــا الشــعراء عــن رؤيتهــم ومشــاعرهم تجــاه أحــداث‬ ‫ت‬ ‫ـ� ال حــدود لهــا‪،‬‬ ‫العــر‪ .‬وبكلمــة واحــدة‪ :‬المعلَّقــات هــي إ‬ ‫النســان بــكل أبعــاده الـ ي‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫نز‬ ‫ـ� تنتظــر مــن القـ ّـراء أن يكتشــفوها‪.‬‬ ‫وهــي ال ت ـزال مكت ـ ة بالمشــاعر والمعـ ي‬ ‫ـا� الـ ي‬ ‫فمــا الــذي وهــب المعلَّقــات هــذا الــدوام حـ تـى اليــوم‪ ،‬ومــن الــذي ســقاها مــن نهــر‬ ‫البقــاء‪ ،‬وأوغــل بهــا ف� ثقافــة العــرب عابـراً بهــا أ‬ ‫الجيــال؟ لقــد كان مــن أهــم عوامــل‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫ر� جمالياتهــا وعلــو بالغتهــا‪ ،‬حيــث اســتثمرت أجمــل إمكانــات اللغــة العربيــة‬ ‫ذلــك ي ّ‬ ‫أ‬ ‫والنســان‬ ‫بعبقريــة نــادرة‪ .‬وإضافــة إىل ذلــك‪ ،‬كان ارتبــاط المعلَّقــات الوثيــق بــالرض إ‬ ‫مــن أهــم عوامــل بقائهــا مصــدراً إللهــام الشــعراء المعارصيــن‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫‪The Muʿallaqāt Relived‬‬ ‫‪What are these poetic texts, produced more than 1,500 years ago, and yet‬‬ ‫‪still full of life, stirring our feelings and our imaginations, as if they were‬‬ ‫‪born yesterday? They are the Muʿallaqāt, a source of renewed inspiration to‬‬ ‫‪every new generation of readers. In this volume, we are pleased to present‬‬ ‫‪the Muʿallaqāt with new commentaries and translations in a manner‬‬ ‫‪accessible to modern readers.‬‬ ‫‪The Muʿallaqāt are an inexhaustible river that passes gracefully through‬‬ ‫‪time and place and speaks to us in the present moment. It is also a doorway‬‬ ‫‪for all those keen to experience the beauty of the Arabic language; these ten‬‬ ‫‪ancient odes comprise an Arabic language dictionary, a grammar reference,‬‬ ‫‪and an endless source of enjoyment for those fascinated by the eloquence‬‬ ‫‪of fine verbal art. In addition, these poems are a source for historians and‬‬ ‫‪sociologists and a guide for geographers.‬‬ ‫‪But much more than this, these ancient odes offer a glimpse into the human‬‬ ‫‪experience, penned by those who knew love and war, triumph and tragedy.‬‬ ‫‪They stand witness to an era in which poets expressed their feelings about‬‬ ‫‪the events of the time. In a word, the Muʿallaqāt are the “human” in all of‬‬ ‫‪their boundless dimensions, a well of meaning and feeling just waiting to‬‬ ‫‪be discovered by the reader.‬‬ ‫‪So, why are the Muʿallaqāt so revered? Why are they so celebrated in‬‬ ‫‪Arabic culture, and how did they survive throughout the centuries? The‬‬ ‫‪essence of their enduring appeal lies in that they are splendid works of‬‬ ‫‪verbal art—they exploit the aesthetic potential of the Arabic language with‬‬ ‫‪a rare genius. In addition, the Muʿallaqāt’s close connection with the land‬‬ ‫‪and its people is one of the principal reasons that they remain a source of‬‬ ‫‪inspiration for contemporary poets.‬‬

‫إن الشــعر ديــوان العــرب؛ فـــبه حفظــت أ‬ ‫النســاب وعرفــت المآثــر؛ فهــو الســجل‬ ‫الــذي يوثِّــق تاريخهــم‪ ،‬وعاداتهــم وتقاليدهــم‪ ،‬وبيئتهــم‪ ،‬وحياتهــم االجتماعيــة‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫الــ� تــض ي ء‬ ‫الــ� يلتقــون فيهــا‪ ،‬كمــا أنهــا‬ ‫ّ‬ ‫المدونــة ي‬ ‫واالقتصاديــة‪ ،‬وأســواقهم ي‬ ‫قيمهــم وتحفــظ حروبهــم وأيامهــم الخالــدة‪.‬‬

‫‪The phrase “Poetry Is the Register of the Arabs” perfectly sums up the‬‬ ‫‪importance and high status that poetry retained, and still retains, in Arabic‬‬ ‫‪culture. It mediates between the past and the present and opens a window‬‬ ‫‪to a lost world, documenting the tribes and their history, traditions, values,‬‬ ‫‪environment, battles, losses and accomplishments, social and economic‬‬ ‫‪lives, and marketplaces.‬‬

‫وعــاوة عــى ذلــك‪ ،‬لقــد كان الشــعر مصــدراً لغوي ـاً ال يقـ ّـدر بثمــن؛ فمنــه تع َّلــم‬ ‫العــرب لغتهــم وبواســطته احتفظــوا بهــا أ‬ ‫للجيــال القادمــة‪ .‬والمعلّقــات كانــت ومــا‬ ‫زالــت واســطة العقــد للشــعر العــر� وأبــرز أ‬ ‫المثلــة عــى إبــداع الثقافــة العربيــة‪.‬‬ ‫بي‬ ‫لقــد كانــت المعلّقــات نبــض حيــاة العــرب الــذي يبــدو عــى شــكل كلمــات‪.‬‬

‫‪Above all, poetry was the invaluable source of the Arabs’ language, to‬‬ ‫‪both learn and preserve it. The Muʿallaqāt poems have throughout history‬‬ ‫—‪been considered among the most brilliant examples of Arabic poetry‬‬ ‫‪even today they are revered as the crown jewels of Arabic language. The‬‬ ‫‪Muʿallaqāt were the pulse of Arab life that appeared in the form of words.‬‬

‫‪11‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫ين‬ ‫والباحثــ� قديمــاً‬ ‫القــراء‬ ‫مــن هنــا‪ ،‬فقــد حظيــت المعلّقــات باهتمــام بالــغ مــن ّ‬ ‫اللغويــ� أ‬ ‫ين‬ ‫والدبــاء والنقّــاد والمفكّريــن العــرب‬ ‫وحديثــاً‪ .‬ولــم يقتــر ذلــك عــى‬ ‫آ‬ ‫وحدهــم‪ ،‬بــل تجاوزهــم إىل المسـ ي ن‬ ‫ـتعرب� الذيــن يدرســون الداب العربيــة مــن غـ يـر‬ ‫ف‬ ‫النجلـ ي ز‬ ‫ـ�ي السـ يـر وليــم جونــز (ت‪.‬‬ ‫العــرب‪ .‬وقــد تجـ َّـى ذلــك ي� ترجمــة المســتعرب إ‬ ‫ال ي ز‬ ‫نجل�يــة‪ ،‬وتُعـ ُّـد أول ترجمــة لهــا إىل لغــة أوروبيــة‪.‬‬ ‫ـات إىل إ‬ ‫‪ )1794‬سـ َ‬ ‫ـبع معلّقـ ٍ‬

‫‪Therefore, the Muʿallaqāt have received great attention from readers and‬‬ ‫‪scholars, past and present. This was not limited to Arab linguists, writers,‬‬ ‫‪critics, and thinkers alone, but also went beyond them to Arabists, non‬‬‫‪Arab scholars who study Arabic culture. This was evident in the translation‬‬ ‫‪of seven Muʿallaqāt into English by the British Arabist Sir William Jones (d.‬‬ ‫‪1794), the first translation of these ancient odes into a European language.‬‬

‫أ ن‬ ‫ـس‬ ‫ـا� نولدكــه (ت‪ )1930 .‬خمـ َ‬ ‫وتلتهــا ترجمــات عـ َّـدة مثــل ترجمــة المســتعرب اللمـ ي‬ ‫معلّقــات إىل أ‬ ‫اللمانيــة‪ .‬واســتمرت ت‬ ‫ال�جمــات ف ي� محاولــة نقــل المعلّقــات إىل لغــات‬ ‫ٍ‬ ‫ت‬ ‫أوروبيــة‪ ،‬ولعـ ّـل آخرهــا ال�جمــة الفرنســية لســبع معلّقــات (صــدرت عــام ‪ )2000‬عــى‬ ‫ـ� بيــار الرشــيه‪.‬‬ ‫يــد المســتعرب الفرنـ ي‬

‫‪Several translations followed, such as the translation of five Muʿallaqāt‬‬ ‫‪into German by the German Arabist Nöldeke (d. 1930). And efforts to‬‬ ‫‪translate the Muʿallaqāt into European languages have continued, perhaps‬‬ ‫‪the latest of which was the translation of seven of them into French in‬‬ ‫‪2000 by the French Arabist Pierre Larcher.‬‬

‫العمــال الجليلــة لهــا ريادتهــا وقيمتهــا أ‬ ‫وكل تلــك أ‬ ‫الدبيــة والتاريخيــة‪ ،‬لكنهــا ال تقــف‬ ‫حائـا دون القيــام بمحــاوالت جديــدة لتقديــم هــذا العمــل الخالــد أ‬ ‫للجيــال؛ فمــا‬ ‫ً‬ ‫ث‬ ‫ش‬ ‫زال هنــاك مجــال لــروح وترجمــات جديــدة لهــذه النصــوص ال�يــة‪ .‬مــن هنــا‪،‬‬ ‫يقـ ّـدم هــذا العمــل للقــراء‪ ،‬الناطقـ ي ن‬ ‫وغ�هــم‪ ،‬ترجمــة للمعلّقــات العـ شـر‬ ‫ـ� بالعربيــة ي‬ ‫َّ‬ ‫كاملــةً ش‬ ‫و�ح ـاً أدبي ـاً لهــا‪ .‬لقــد كان هدفنــا هــو تقديــم هــذه النصــوص التأسيســية‬ ‫بطريقــة تجعلهــا ف ي� متنــاول جيــل جديــد مــن ال ُقـ َّـراء‪ ،‬ف ي� الوقــت الــذي يعـ ّـد فيــه‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫المتخص ي ن‬ ‫ين‬ ‫موثقــاً‬ ‫باللغتــ� العربيــة‬ ‫الناطقــ�‬ ‫صــ�‬ ‫للباحثــ�‬ ‫هــذا الكتــاب مرجعــاً ّ‬ ‫ِّ‬ ‫وال ي ز‬ ‫نجل�يــة‪.‬‬ ‫إ‬

‫‪Despite the tremendous historical and literary values of these various past‬‬ ‫‪translations, there is still room for new interpretations. The present work‬‬ ‫‪delivers to readers, Arabic-speaking and non- alike, the translation of the‬‬ ‫‪ten Muʿallaqāt, in their entirety, along with new Arabic commentaries.‬‬ ‫‪Our intention was to present the translation and commentary of these‬‬ ‫‪foundational texts in a way that makes them accessible to a new generation‬‬ ‫‪of readers, while still serving as a reference work for the more specialized‬‬ ‫‪readers in Arabic and English.‬‬

‫يهــدف هــذا الكتــاب إىل أن يكــون مصــدراً‬ ‫للقــراء ف ي� جميــع‬ ‫أد�‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫متجــدد َّ‬ ‫لجمــال ب ي ٍّ‬ ‫ـر� وإنعــاش ذاكرتــه‬ ‫أنحــاء العالــم عــن طريــق تقريــب المعلّقــات إىل القــارئ العـ ب ي‬ ‫أ‬ ‫بالصيــل مــن تراثــه الجميــل‪ ،‬وكذلــك للوصــول إىل الجيــل الجديــد مــن القـ َّـراء عـ بـر‬ ‫العالــم للدخــول ف� تجربــة الجمــال الـرث ي للغــة العربيــة‪ .‬يبقــى أملنــا أ‬ ‫الكـ بـر هــو أن‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫تســتمدوا مــن قـراءة هــذا الكتــاب أكـ بـر قــدر مــن المتعــة‪ ،‬تمامـاً كتلــك المتعــة الــ�ت‬ ‫ي‬ ‫رافقتنــا طــوال مراحــل إنتاجــه‪.‬‬

‫‪This book intends to be a source of renewed literary beauty for readers‬‬ ‫‪around the world: to make the Muʿallaqāt more relatable to modern Arab‬‬ ‫‪readers and remind them of Arabia’s great heritage, language, and cultural‬‬ ‫‪identity, while at the same time offering non-Arabic readers an opportunity‬‬ ‫‪to experience the rich beauty of the language. Our greatest hope is that you‬‬ ‫‪derive as much joy from reading this book as we did producing it.‬‬ ‫‪Mohammed Ameen Abu AlMakarem‬‬

‫محمد ي ن‬ ‫أم� أبو المكارم‬

‫‪12‬‬

‫‪13‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫أ‬ ‫والضافة‬ ‫المع َّلقات لجيل اللفية‪ :‬الحكاية‪ ،‬الخريطة‪ ،‬إ‬

‫المعلَّقــات هــي أهــم عـ شـر قصائــد عربيــة مــن عــر مــا قبــل الســام‪ ،‬أ‬ ‫والســاس‬ ‫إ‬ ‫تقــرب منكــم أكــرث �ف‬ ‫اللغــوي للثقافــة العربيــة‪ .‬ف� الصفحــات التاليــة‪ ،‬ســوف ت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫وال ي ز‬ ‫ـ� اثنتـ ي ن‬ ‫إصــدار بديــع وبلغتـ ي ن‬ ‫نجل�يــة‪ .‬تتقاســم اللغتــان بهجــةَ تأويــل‬ ‫ـ�‪ :‬العربيــة إ‬ ‫بتوفــر ش�ح جديــد لنصــوص‬ ‫العــر�‬ ‫هــذه النصــوص الخالــدة‪ :‬يتكفّــل القســم‬ ‫ي‬ ‫بي‬ ‫ال ي ز‬ ‫نجلــ�ي ف ي� ترجمــات أصيلــة‪ .‬والهــدف‬ ‫المعلَّقــات‪ ،‬فيمــا يســتقبلها القســم إ‬ ‫والنصــات إىل مــا تقولــه‬ ‫النســانية‪ ،‬واالحتفــاء بفرادتهــا الفنيــة‪ ،‬إ‬ ‫استكشــاف رســائلها إ‬ ‫ين‬ ‫المبدعــ� الذيــن أنتجوهــا وعــن النــاس الذيــن عــارصوا لحظــات ابتكارهــا‪،‬‬ ‫عــن‬ ‫ش‬ ‫ف ي� الوقــت الــذي تتحــدث فيــه ع ّنــا نحــن أبنــا َء القــرن الحــادي والع�يــن الذيــن‬ ‫ينتمــون إىل تنوعــات غنيــة مــن الثقافــات أ‬ ‫واللســنة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لهــذا المـ شـروع قصــة‪ ،‬وســيكون عـ ف‬ ‫المقدمــة أن أرويهــا باختصــار‪ .‬كمــا‬ ‫ـ� ي� هــذه ّ‬ ‫يّ‬ ‫ســأحاول أن أرســم بإيجــاز خريطــة للعمــل بمــا يعــ ّزز مــن إمكانيــة اســتمتاعكم‬ ‫برحلــة الصفحــات القادمــة‪.‬‬ ‫بــدأ هــذا المـ شـروع ف ي� يــوم خريفــي جميــل مــن عــام ‪٢٠١٩‬م عـ بـر دعــوة مــن مجلــة‬ ‫القافلــة التابعــة ألرامكــو الســعودية‪ ،‬مــن أجــل المشــاركة ف ي� لجنــة استشــارية مهمتهــا‬ ‫تقديــم المعلَّقــات لجيــل أ‬ ‫اللفيــة‪ .‬جــاءت تلــك الدعــوة لتفتــح نافــذة نحــو حلـ ٍـم‬ ‫العــر�‬ ‫كنــت أرى تحقيقــه أمــراً بعيــد المنــال‪ :‬إعــادة تقديــم نصــوص الشــعر‬ ‫بي‬ ‫الخالــدة أ‬ ‫للجيــال الجديــدة عــى اختــاف انتماءاتهــا اللغويــة والثقافيــة‪ .‬وبــدأ‬ ‫ن ف‬ ‫لمهمــة صناعــة‬ ‫ـر� ّ‬ ‫العمــل فــوراً باختيــار فريـ ٍـق مــن الخـ بـراء العالميـ يـ� ي� الشــعر العـ ب ي‬ ‫المحتــوى‪ ،‬أع ـن ي للقيــام بأمريــن‪ :‬كتابــة ش�ح للمعلّقــات وإنتــاج ترجمــات أصيلــة‬ ‫مقدمــات جديــدة وبأســلوب يســتجيب لحاجــات القــارئ المعــارص‪ .‬وبينمــا‬ ‫لهــا‪ ،‬مــع ِّ‬ ‫المتخصــص أساســيةً وحاســمةً ف� القـرارات الــ�ت‬ ‫كانــت فكــرة التقريــب للقــارئ غـ يـر‬ ‫ِّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الحــال‪ ،‬خصوصــاً ي� أســلوبه‪ ،‬إال ّ أننــا أيضــاً أردنــا‬ ‫أ ّدت إىل ظهــور العمــل بشــكله‬ ‫ي‬ ‫للمتخصــص‪.‬‬ ‫للعمــل أن يح ِّقــق وظيفــة مرجعيــة‬ ‫ِّ‬ ‫ش‬ ‫و�احهــا‬ ‫لقــد كانــت رحلــة ب‬ ‫عــر الزمــان ممتعــةً جــداً مــع نصــوص المعلَّقــات‪ّ ،‬‬ ‫ت‬ ‫ونقّادهــا ت‬ ‫الــ� دارت حولهــا‬ ‫عــر التاريــخ‪ ،‬ومــع القصــص‬ ‫ي‬ ‫وم�جميهــا ب‬ ‫الكثــرة ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫والحكايــات المذهلــة عــن شــعرائها ي� كتــب الدب‪ .‬وبالمثــل‪ ،‬فقــد كانــت جولــة‬ ‫بانوراميــة فريــدة مــن نوعهــا عـ بـر المــكان‪ ،‬عــى امتــداد شــبه الجزيــرة العربيــة ف ي�‬ ‫ت‬ ‫ـ� تظهــر ف ي� المعلَّقــات‪ ،‬ف ي� كل مــن العوالــم الخياليــة وغـ يـر‬ ‫المواقــع الجغرافيــة الـ ي‬ ‫الخياليــة‪ ،‬ت‬ ‫مقدمــات الشــعراء الطلليــة لتحتفــي بهــا خواتيــم‬ ‫تبــ� عليهــا ّ‬ ‫والــ� ي‬ ‫ي‬ ‫ئ‬ ‫ت‬ ‫ـ�‬ ‫قصائدهــم‪ .‬وكان هــدف تلــك الرحلــة أن يصـ أـل المنتــج النهـ ي‬ ‫ـا� آإىل الصــورة الـ ي‬ ‫أن مــا ترونــه الن أمــام أعينكــم‬ ‫تليــق بمكانــة نصــوص المعلَّقــات وفرادتهــا‪ ،‬والمــل ّ‬ ‫قــد نجــح ف� تحقيــق جــزء كبــر مــن هــذه أ‬ ‫الهــداف‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫‪14‬‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫‪The Muʿallaqāt Book: Story, Map, and Contribution‬‬ ‫‪The Muʿallaqāt (Suspended Odes) are the ten most important Arabic‬‬ ‫‪poems from the pre-Islamic era and the linguistic foundation of Arabic‬‬ ‫‪culture. In the pages that follow, you will see the Muʿallaqāt presented‬‬ ‫‪in both Arabic and English. Both ​languages share the joy of interpreting‬‬ ‫‪these timeless texts; the Arabic section provides new commentaries on the‬‬ ‫‪odes, while the English section furnishes original translations. The aim is‬‬ ‫‪to explore their human lessons, celebrate their artistic originality, and listen‬‬ ‫‪carefully to what they reveal about the artists who produced them as well‬‬ ‫‪as those who witnessed their creation. At the same time, they reveal a great‬‬ ‫‪deal about us, the people of the twenty-first century who belong to a rich‬‬ ‫‪variety of cultures and languages.‬‬ ‫‪This project has a story, and I will tell it briefly in this introduction. I will‬‬ ‫‪also attempt to sketch a map for this work so that you can enjoy your‬‬ ‫‪journey through the coming pages.‬‬ ‫‪This project began one beautiful autumn day in 2019 with an invitation‬‬ ‫‪from Saudi Aramco’s AlQafilah Ma gazine to participate in an advisory‬‬ ‫‪committee whose task was to reintroduce the Muʿallaqāt to millennials.‬‬ ‫‪The invitation opened a window to a dream that I thought was nearly‬‬ ‫‪impossible to achieve: to brin g timeless Arabic poetry texts to new‬‬ ‫‪generations regardless of thei r linguistic and cultural affiliations. Work‬‬ ‫‪on the project began immediate ly by selecting a team of world experts‬‬ ‫‪in Arabic poetry to accomplish two main goals: write new commentaries‬‬ ‫‪on the Muʿallaqāt and produce original translations of them, all preceded‬‬ ‫‪by new introductions and cast in a style that would meet the needs of the‬‬ ‫‪contemporary reader. While making the ancient odes more accessible to‬‬ ‫‪the non-specialist was essential in the decisions that led to the style and‬‬ ‫‪format of this book, we also wanted it to serve as a reference work for the‬‬ ‫‪specialist.‬‬ ‫‪It has been a marvelous journey through time with the Muʿallaqāt, along‬‬ ‫‪with their commentators, critics, and translators throughout history,‬‬ ‫‪and the many fascinating stories surrounding the odes and their poets‬‬ ‫‪in the akhbār books of literary accounts. Likewise, it has been a unique‬‬ ‫‪panoramic tour of the geographic locations across the Arabian Peninsula‬‬ ‫‪that appear in the Muʿallaqāt, in both fictional and non-fictional realms,‬‬ ‫‪which the poets celebrate in their endings after having wept over them in‬‬ ‫‪their preludes. The aim of this journey was for the final product to appear‬‬

‫‪15‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫وبينمــا ســأترك مهمــة إيضــاح النقــاط التفصيليــة عــن كل ش�ح وترجمــة لك ّتابهــا‪ ،‬مــن‬ ‫المهــم أن أشـ يـر إىل النقــاط التقنيــة التاليــة‪ :‬يبــدأ الفصــل الخــاص بــكل معلَّقــة‪،‬‬ ‫ســوا ًء ف� الـ شـروح العربيــة أو ت‬ ‫ال ي ز‬ ‫بمقدمــة تو ّفــر خلفيــة عــن حيــاة‬ ‫ال�جمــات إ‬ ‫نجل�يــة‪ِّ ،‬‬ ‫ي‬ ‫الخبــار أ‬ ‫وم�لتــه الفنيــة‪ ،‬مــع إضــاءة ألهــم أ‬ ‫الشــاعر نز‬ ‫الدبيــة حــول ذلــك‪ .‬بعــد ذلــك‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫و� أحيــان‬ ‫المقدمــة إىل القصيــدة ومــا يــدور حولهــا ب‬ ‫تنتقــل ِّ‬ ‫عــر التاريــخ ال ب ي‬ ‫د�‪ ،‬ي‬ ‫فنيــة عامــة‬ ‫كثـ يـرة بمقارنتهــا بنصــوص مــن آداب أخــرى‪ ،‬لتنتهــي ِّ‬ ‫المقدمــة بإضــاءات ّ‬ ‫حــول القصيــدة‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ـر�‪ ،‬ســتجدون أنــه يعتمــد أســلوب الـ شـرح‬ ‫وحـ يـ� تصلــون إىل قســم الـأ شـرح العـ ب ي‬ ‫فنيــة منفصلــة‬ ‫الفنيــة وليــس بالبيــات‪ .‬كل معلَّقــة تنقســم إىل لوحــات ّ‬ ‫باللوحــات ّ‬ ‫ف‬ ‫ز‬ ‫و� كل‬ ‫يصــاغ ش� ُحهــا وتأويلهــا عــى حدة‪ ،‬بنــا ًء عىل ي‬ ‫ـ� لثيمــات المعلَّقــة‪ .‬ي‬ ‫التم� النسـ ب ي‬ ‫لوحــة‪ ،‬يصافحكــم ف� الهامــش أ‬ ‫اليــر قســم "اللغــة" لـ شـرح معـ ن‬ ‫ـا� الكلمــات‪ ،‬ومــن‬ ‫ي‬ ‫ضمــن ذلــك ذكــر يالمقابــات المعــارصة ألســماء المواقــع الــواردة ف� أ‬ ‫البيــات‪ ،‬مــن‬ ‫ي‬ ‫مثــل "الدخــول" و"حومــل" ف� البيــت أ‬ ‫ال ّول لمعلَّقــة امــرئ القيــس‪ ،‬وكذلــك خلفيــة‬ ‫تعريفيــة مختــرة جــداً عــني الشــخصيات الــواردة ف� النــص‪ .‬وتحــت أ‬ ‫البيــات‪ ،‬يبــدأ‬ ‫ي‬ ‫الـ شـرح ويتفــاوت طــوال ً وق ـراً بنــا ًء عــى مــا تقتضيــه اللوحــة‪ ،‬لينتهــي وقــد أ ّدى‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫و� بدايــة اللوحــة‬ ‫إىل إبـراز الثيمــة الرئيســة للوحــة‪ ،‬وإســهام كل بيــت ي� تشــكيلها‪ .‬ي‬ ‫التاليــة‪ ،‬يربــط الـ شـرح بينهــا وبـ ي ن‬ ‫ـ� اللوحــة الســابقة‪ ،‬وهكــذا مــع بقيــة اللوحــات حـ تـى‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ـأ� الخاتمــة ي� أســطر قليلــة ل�بــط أجـزاء المعلَّقــة ببعضهــا‪.‬‬ ‫نهايــة المعلَّقــة‪ .‬أخـ يـراً تـ ي‬ ‫بهــذا ينجــح الـ شـرح ف� الجمــع بـ ي ن‬ ‫ـ� العمــق ووضــوح العــرض‪ ،‬ليأخذكــم مــن فقــرة‬ ‫ي‬ ‫إىل أخــرى بسالســة منطقيــة وتــدرج تحليــ�‪ ،‬ف‬ ‫و� أســلوب يشـ ّـع حيويــةً تشــبه حيويــة‬ ‫ّ‬ ‫ي ي‬ ‫المعلَّقــات نفســها‪.‬‬ ‫تــؤ ّدي ش‬ ‫الــروح إىل تقريــب المعلّقــات مــن ثالثــة أوجــه‪ )١ :‬توضيــح المفــردات‬ ‫الغريبــة ت‬ ‫وال�اكيــب الغامضــة وصــوال ً إىل تفسـ يـر أبيــات القصيــدة ولوحاتهــا ودالالتها‬ ‫ت‬ ‫ـ� عــى مظاهــر التــوازي بـ ي ن‬ ‫الكـ بـرى‪ )٢ .‬ال�كـ ي ز‬ ‫ـ� العنــارص الفنيــة للقصيــدة ورســالتها‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫المحليــة والعالميــة والمعــارصة ي� المعلّقــة؛ الوىل عـ بـر‬ ‫النســانية‪ )٣ .‬إب ـراز أبعــاد‬ ‫إ‬ ‫ّ‬ ‫تفسـ يـر النــص ف ي� ســياقه التاريخــي‪ ،‬والثانيــة عـ بـر ربــط قصــص شــعراء المعلّقــات‬ ‫وشــخصياتها بــآداب أخــرى ممــا يشــر إىل عالميــة النصــوص أ‬ ‫الدبيــة الخالــدة ضمــن‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ش�وطهــا الخاصــة‪ ،‬وأمــا الثالثــة فعـ بـر التقــاط الرمــوز والمثــوالت الســابحة فــوق‬ ‫المســتوى التفصيــ� للنصــوص وقراءتهــا ف� ضــوء مفاهيــم الواقــع المعــارص‪ .‬أ‬ ‫ول ّن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الـ شـرح يصــاغ ف� لغــة أدبيــة راقيــة تجمــع بـ ي ن‬ ‫ـ� جمــال الف ـن ي ّ ودقــة العلمـ ّـي‪ ،‬فإنــه‬ ‫ي‬ ‫ث‬ ‫ً‬ ‫يبــدو بمثابــة "ترجمــة" ن�يــة أدبيــة معــارصة للمعلّقــات انطالقـا مــن نقطــة التقاطــع‬ ‫والهــداف أ‬ ‫ـا� العميقــة لمحتواهــا أ‬ ‫ن‬ ‫بـ ي ن‬ ‫الدائيــة‬ ‫ـ� إ‬ ‫الضــاءات الشــعرية لشــكلها والمعـ ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫إن مــن أهــم إضافــات هــذا المــروع أنــه ينجــح ي� إعــادة‬ ‫ـ� صيغــت مــن أجلهــا‪ّ .‬‬ ‫الـ ي‬ ‫ـر� عـ بـر الدعــوة إىل االحتــكاك بهــا بشــكل مبـ ش‬ ‫ـا�‬ ‫الحيــاة لتقليــد ش�ح الشــعر العـ ب‬ ‫ي‬ ‫بعــد عقــود طويلــة مــن ســيطرة النظريــة عــى ممارســات الق ـراءة أ‬ ‫الدبيــة‪.‬‬

‫‪16‬‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫‪in a form befitting the unique status of the Muʿallaqāt, and I am confident‬‬ ‫‪that what you see now before you does justice to the towering legacy of‬‬ ‫‪these odes.‬‬ ‫‪Each author will have the opportunity to clarify the detailed points of his‬‬ ‫‪or her commentary and translation, so here I will limit my discussion to‬‬ ‫‪the following technical points. Each Muʿallaqah chapter, whether in its‬‬ ‫‪Arabic commentaries or English translations, begins with an introduction‬‬ ‫‪that provides a background on the poet’s life and poetic status, with an‬‬ ‫‪overview illuminating the most important literary akhbār about him.‬‬ ‫‪After that, we proceed to the poem and the conversation it has inspired‬‬ ‫‪throughout literary history, often by comparing it to texts from other‬‬ ‫‪literatures. Finally, the introduction ends with general observations on the‬‬ ‫‪poem and its enduring message.‬‬ ‫‪In the Arabic section, each poem is divided into parts based on its‬‬ ‫‪distinctive themes. Since the odes appear in many versions in the classical‬‬ ‫‪sources, it was the commentators’ task to either pick one version and adhere‬‬ ‫‪to it, or produce a new, “critical edition” of their own after comparing‬‬ ‫‪various versions from multiple sources. The commentary itself is organized‬‬ ‫‪in such a way as to achieve the two-fold goal of defining obscure words‬‬ ‫‪and furnishing the verses with exegesis and interpretation. While the‬‬ ‫‪latter part, called “Meaning,” comes right below the verses, the former,‬‬ ‫‪called “Language,” appears in an end-note sub-section to the left side of‬‬ ‫‪the page. The Language part often includes contemporary names for the‬‬ ‫‪ancient locations mentioned in the odes, along with some biographical‬‬ ‫‪information about the poems’ characters, human and non-human alike.‬‬ ‫‪Just as the commentary section was essential in achieving the purpose of‬‬ ‫‪this project, so, too, was the translation section, furnished with entirely new‬‬ ‫‪English renderings of the ten Suspended Odes. The English introductions‬‬ ‫‪were not intended to differ from the Arabic ones, particularly in terms of‬‬ ‫‪the factual information they provide. However, they are unique in that‬‬ ‫”‪they contextualize the odes more in line with the “horizon of expectations‬‬ ‫‪that suits the English-speaking reader. They often link the Arabic poems to‬‬ ‫‪texts from Western literatures, which hopefully allows the English reader‬‬ ‫‪more access to these ancient odes. Because the English section comes‬‬ ‫‪without a commentary detailing the author’s reading decisions, such as the‬‬ ‫‪ode’s thematic divisions, the English introductions most often represent a‬‬

‫‪17‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫ـر�‪ ،‬فهنــاك عمــل آخــر لــن يُـــرى عــى الــورق رغــم‬ ‫وفيمــا يتع َّلــق أيضـاً بالـ شـرح العـ ب ي‬ ‫ف‬ ‫المــروع‪ .‬ي� معظــم الحــاالت‪ ،‬كان ش‬ ‫ش‬ ‫العــر�‬ ‫الــرح‬ ‫أنــه كان أساســياً ف ي� اكتمــال‬ ‫بي‬ ‫يســبق ت‬ ‫ال ي ز‬ ‫نجل�يــة‪ ،‬لعــدة أســباب مــن أهمهــا أن نــص المعلَّقــات كان يعــاد‬ ‫ال�جمــة إ‬ ‫تحقيقــه أحيان ـاً مــن ك ّتــاب الـ شـرح عـ بـر ت‬ ‫ال�جيــح مــن روايــات متعـ ِّـددة‪ ،‬وبطريقــة‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫مقدمــات ش‬ ‫الــروح‪ .‬هــذا يعــ ي أن هنــاك‬ ‫لهــا‬ ‫مســوغاتها العلميــة المذكــورة ي� ّ‬ ‫ّ‬ ‫ش‬ ‫جهــداً تحقيقيـاً كبـ يـراً ســبق البــدء بقـراءة المعلَّقــة مــن أجــل �حهــا‪ .‬وبعــد اعتمــاد‬ ‫الشــارح العــر� النــص النهـ ئ‬ ‫ـص ت‬ ‫ـا� للمعلَّقــة كان يُرســل ت‬ ‫ال�جمــة‬ ‫للم�جــم ليتوافــق نـ ّ‬ ‫ب ي ّ َّ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫و� بعــض أ‬ ‫الــرح‪ .‬ف‬ ‫نــص ش‬ ‫الحيــان‪ ،‬تبــدأ عمليــة مــن المفاوضــات التأويليــة‬ ‫مــع ّ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫بــ� الشــارح والم�جــم والمــُر ِاجـــع ل�جيــح كلمــة هنــا أو حركــة إعرابيــة هنــاك‪.‬‬ ‫ف‬ ‫الضافــات‬ ‫إن تحقيــق النصــوص بطريقتهــا الموجــودة ي� هــذا الكتــاب لـهـــو مــن إ‬ ‫الكـ بـرى الـ تـ� نعـ ت ز‬ ‫ـ� بهــا‪.‬‬ ‫ي‬ ‫المــروع‪ ،‬كانــت ت‬ ‫ش‬ ‫وكمــا كان ش‬ ‫ال�جمــات‪،‬‬ ‫للــرح دور جوهــري ف ي� تحقيــق غايــة‬ ‫ف‬ ‫المتصــور أن تختلــف‬ ‫الجديــدة بالكامــل‪ ،‬حاســمةً ي� ذلــك‪ .‬وبينمــا لــم يكــن مــن‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ال ي ز‬ ‫نجل�يــة عــن تلــك الــواردة ي� العربيــة‪ ،‬فنحــن‬ ‫المقدمــات إ‬ ‫المعلومــات الــواردة ي� ِّ‬ ‫ف ي� نهايــة المطــاف نتحــدث عــن الشــعراء أنفســهم ونعتمــد‪ ،‬تقريبـاً‪ ،‬عــى المصــادر‬ ‫ال ي ز‬ ‫بتوف�هــا ســياقاً للمعلَّقــة يناســب القارئ‬ ‫المقدمــات إ‬ ‫نجل�يــة تنفــرد ي‬ ‫نفســها‪ ،‬إال أن ّ‬ ‫بال ي ز‬ ‫بنظ�اتهــا العالميــة‪ .‬ونظـراً‬ ‫إ‬ ‫نجل�يــة‪ ،‬كمــا أنهــا كثـ يـراً مــا تربــط النصــوص العربيــة ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫ش‬ ‫ش‬ ‫ـر�‪،‬‬ ‫ل ّن قســم ال�جمــة إ‬ ‫ال ي‬ ‫ـ� كمــا ي� قســم الــرح العـ ب ي‬ ‫نجل�يــة يفتقــد لــرح تفصيـ ي‬ ‫أخــذاً ف� الحســبان أن ت‬ ‫العــر�‪،‬‬ ‫ال�جمــة هــي ف ي� ذاتهــا ش� ٌح‪ ،‬بطريقــة مــا‪ ،‬للنــص‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫نجل�يــة ف� كثــر مــن أ‬ ‫ز‬ ‫الحيــان تم ّثــل قـراءة تعـ ّـوض الـ شـرح ولكــن‬ ‫ال‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫المقد‬ ‫ي ي‬ ‫إ ي‬ ‫كانــت ِّ‬ ‫تســبق النــص‪ :‬حيــث تو ّفــر تأويـا ً كامـا ً للمعلَّقــة بتقســيمها إىل وحــدات وقراءتهــا �ف‬ ‫ي‬ ‫ضــوء االعتبــارات المنهجيــة واالختيــارات الفنيــة الخاصــة بــكل تم�جــم‪.‬‬ ‫ـت ف ي� مراجعــة النصــوص مــع الزمــاء والزميــات الثمانيــة الذيــن أســهموا‬ ‫لقــد حرصـ ُ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫ف ي� صناعــة هــذا المحتــوى باللغتـ يـ� �ح ـاً وترجمــةً عــى إخ ـراج العمــل ي� أســلوب‬ ‫يحافــظ عــى التواصــل مــع القــارئ المعــارص‪ ،‬ويســتجيب لما تـــتطلبه هــذه القصائد‬ ‫الخالــدة مــن مســتويات تتصاعــد باســتمرار ف ي� قراءتها واستكشــاف جمالياتها ورســالتها‬ ‫المكمــان لبعضهمــا ف ي� إنتــاج محتــوى ش‬ ‫م�وعنــا كانــا‪،‬‬ ‫إ‬ ‫النســانية‪ .‬وهــذان الهدفــان ّ‬ ‫ف ي� الحقيقــة‪ ،‬يعنيــان عامــاً كامــا ً مــن المفاوضــات الرائعــة حــول مســائل دقيقــة‬ ‫مثــل تضمـ ي ن‬ ‫ـ� أفــكار ومفــردات وتراكيــب وأمثــال بعينهــا‪ ،‬أو اســتبعادها‪ .‬أحيان ـاً كان‬ ‫النقــاش يــدور حــول الوقــوف عــى أرضيــة ت‬ ‫بيــت ي ّ ن‬ ‫معــ�‪،‬‬ ‫مشــركة بشــأن تأويــل ٍ‬ ‫ف‬ ‫ـ� يكــون هنــاك توافــق‬ ‫أو كلمــة فيــه‪ ،‬أو حـ تـى حركــة إ‬ ‫الع ـراب ي� آخــره‪ ،‬أو ربمــا لـ ي‬ ‫نجل�يــة‪ .‬و�ف‬ ‫ـر� ت‬ ‫ىن‬ ‫ال ي ز‬ ‫ن ن‬ ‫وال�جمــة إ‬ ‫معقــول حــول مع ـ تركيــب معـ ي ّـ� بـ يـ� الـ شـرح العـ ب ي‬ ‫ي‬ ‫المناســبات كلهــا‪ ،‬كانــت براعــة نصــوص المعلَّقــات نفســها واتّســاع دالالتهــا تأخذنــا‬ ‫إىل طريــق توافقــي مناســب‪.‬‬

‫‪18‬‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫‪reading that precedes the text. This provides a bird’s eye view of the ode‬‬ ‫‪by dividing it into distinct thematic units and allows for a reading of them‬‬ ‫‪in light of the methodological considerations and artistic choices of each‬‬ ‫‪translator. The result is a translation that functions as a commentary and‬‬ ‫‪interpretation of the Arabic text.‬‬ ‫‪In reviewing the texts of this book with the eight colleagues responsible‬‬ ‫‪for content creation in both languages, we were keen on producing a‬‬ ‫‪work that appeals to nonspecialist contemporary readers while meeting‬‬ ‫‪the increasingly challenging reading requirements stipulated by the poems‬‬ ‫‪themselves. This meant diving more and more into the poems in order‬‬ ‫‪to explore their distinctive aesthetics and their undying messages of love,‬‬ ‫‪hope, and perseverance in face of adversity.‬‬ ‫‪These two complementary goals for our project meant, in the end, a full‬‬ ‫‪year of wonderful negotiations over delicate reading matters such as word‬‬ ‫‪choice, including or excluding specific ideas, or coming up with the right‬‬ ‫‪structure. On some occasions, the discussion revolved around finding a‬‬ ‫‪common ground about the interpretation of a particular verse, or a single‬‬ ‫‪word, or even a certain ḥarakah (short vowel) at the end of a word. On‬‬ ‫‪others, the hope was to arrive at a reasonable agreement over the meaning‬‬ ‫‪of a particular phrase between the Arabic commentary and the English‬‬ ‫‪translation. On all occasions, however, the ingenuity of the Muʿallaqāt‬‬ ‫‪themselves succeeded in opening up a broad horizon of meanings that led‬‬ ‫‪us to an appropriate compromise path.‬‬ ‫‪The poetic styles of the Muʿallaqāt vary greatly, from their vocabulary to‬‬ ‫‪the images their poets create to communicate abstract concepts. Put simply,‬‬ ‫‪they differ in everything, from diction to fiction. Indeed, I’d go further to‬‬ ‫‪say that, sometimes, we are faced with great stylistic variation in the same‬‬ ‫‪Muʿallaqah, and perhaps it is this tolerance, or rather acceptance, of stylistic‬‬ ‫‪diversity that had a positive impact on our book and led to our own stylistic‬‬ ‫‪diversity in receiving the poems — both the Arabic commentaries and the‬‬ ‫‪English translations. This book succeeds, within reasonable and acceptable‬‬ ‫‪limits, in leaving enough freedom for commentators and translators to‬‬ ‫‪showcase their distinctive views of the odes, which are reflected in their‬‬ ‫‪equally distinctive writing styles.‬‬

‫‪19‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫كبــراً‪ ،‬بــل أســاليب الشــاعر ف ي� المعلَّقــة‬ ‫تنوعــت أســاليب المعلَّقــات تنوعــاً ي‬ ‫لقــد ّ‬ ‫أ‬ ‫تأثــره‬ ‫التنوعــات الســلوبية ي‬ ‫الواحــدة‪ ،‬وربّمــا كان لهــذا النفــس المتســامح مــع ّ‬ ‫الكبــر عــى أســاليب اســتقبالنا للنصــوص ف ي� هــذا العمــل‪ .‬ينجــح هــذا‬ ‫يجــا�‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ال ب ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫و� حــدود المعقــول والمقبــول‪ ،‬ي� أن يــرك للك ّتــاب والم�جمـ يـ� مســاحة‬ ‫الكتــاب‪ ،‬ي‬ ‫كافيــة مــن الحريّــة لتظهــر رؤيتهــم الفنيــة للقصائــد وتنعكــس بشــكل خـ َّـاق عــى‬ ‫أ‬ ‫ســلو� الخــاص ف ي� الكتابــة‪.‬‬ ‫نمطهــم ال ب ي‬ ‫والمقدمــات باللغتـ ي ن‬ ‫ـ� العربيــة‬ ‫وأخـ يـراً‪ ،‬تطبــع المعلَّقــات العـ شـر كاملــةً مــع الـ شـروح‬ ‫ّ‬ ‫وال ي ز‬ ‫نجل�يــة ف ي� كتــاب واحــد‪ ،‬وبأســلوب حاولنــا جاهديــن أن يكــون قريبــاً مــن‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫ـ� فيــه حاجــة القــارئ العليــم‪.‬‬ ‫قــارئ اليــوم غـ يـر‬ ‫ِّ‬ ‫المتخصــص ي� الوقــت الــذي يلـ ب ّ ي‬ ‫المعلَّقــات قطعــة فنيــة خالــدة‪ ،‬ونحــن ربمــا أصبنــا بدهشــة المعلَّقــات ورعشــة‬ ‫تجرأنــا عــى التط ّلــع إىل تقديمهــا مــن جديــد إىل جيــل جديــد‪.‬‬ ‫ف ّنانيهــا إىل درجــة أننــا ّ‬ ‫تطــور مهــار َة‬ ‫ومــع ذلــك‪ ،‬فــإن قــراءة المعلَّقــات تجربــة تعلّــم التواضــع‪ ،‬كمــا‬ ‫ّ‬ ‫اءة نعــرف أنهــا لــن تكــون مرضيــة أو كاملــة أبــداً‪.‬‬ ‫إ‬ ‫الصغــاء بعنايــة عــى أمـ ٍـل بـــقر ٍ‬ ‫ومــن هنــا‪ ،‬فهــذا العمــل مجـ ّـرد دعــوة‪ ،‬وهــذه إحــدى أهــم إســهاماته‪ .‬إنّـــه يقـ ّـدم‬ ‫دعــوة لطيفــة‪ ،‬وبلغــة مناســبة‪ ،‬إىل الجيــل الجديــد للدخــول إىل مــرح المعلَّقــات‬ ‫واالســتمتاع بالدهشــة‪ .‬لقــد كانــت الغايــة‪ ،‬منــذ البــدء‪ ،‬هــي أن نفتــح البــاب‪ ،‬ولعلّنــا‬ ‫اليــام أ‬ ‫ـتب� بــأن أ‬ ‫والعــوام القادمــة ســتحمل إلينــا أخبــار نجــاح ش‬ ‫نسـ ش‬ ‫م�وعنــا‪.‬‬ ‫إن ش‬ ‫م�وعـاً ضخمـاً مثــل هــذا لجديـ ٌـر بــأن تقــوم بــه مؤسســات كاملــة وعــى مــدار‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ـا� مــن جميــع المعنيـ يـ� جعــل مــن الممكــن‬ ‫ســنوات‪ ،‬ولكــن الجديــة ي� العمــل والتفـ ي‬ ‫االنتهــاء مــن ش‬ ‫المــروع خــال عــام واحــد فقــط كمــا ُخطّــط لــه‪ .‬ينــدرج ضمــن‬ ‫هــؤالء فريـ ُـق صناعــة المحتــوى مــن الـ شـراح ت‬ ‫ـ� والمراجعـ ي ن‬ ‫والم�جمـ ي ن‬ ‫والمحرريــن‪،‬‬ ‫ـ�‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالضافــة إىل إدارة ش‬ ‫المــروع ف ي� مجلــة القافلــة وإثــراء‪ ،‬المبــادرة الثقافيــة الرائــدة‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫و� ســنة شـكّلت لحظــة اســتثنائية عــى العالــم‬ ‫مــن أرامكــو الســعودية إىل أالعالــم‪ .‬ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـ� كانــت طبيعيــة ي� الســابق مهـ َّـد َد ًة أو‬ ‫أجمــع‪ ،‬عندمــا أصبحــت النشــطة اليوميــة الـ ي‬ ‫حـ تـى مهـ ِّـد َد ًة للحيــاة‪ ،‬يظهــر هــذا المـ شـروع إىل النــور لتأكيــد الرســالة الخالــدة الــ�ت‬ ‫ي‬ ‫تقــول إن الفنــون والكلمــات أقــدر عــى الــدوام والخلــود ف ي� وجــه تقلّبــات التاريــخ‬ ‫المفاجئــة‪.‬‬ ‫حاتم الزهر ن يا�‬

‫‪20‬‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫‪At last, the ten Muʿallaqāt with their Arabic commentaries and English‬‬ ‫‪translations appear in one volume, cast in a style that is designed to be‬‬ ‫‪as close as possible to today’s nonspecialist readers while still meeting the‬‬ ‫‪needs of the specialist. The Muʿallaqāt are immortal works of art, and we‬‬ ‫‪may have been so astonished by these odes and their artists that we had the‬‬ ‫‪courage to aspire to present them anew to a new generation.‬‬ ‫‪Still, reading the Muʿallaqāt is a humbling experience; it teaches us to‬‬ ‫‪listen carefully in the hope of a reading that we know will never be fully‬‬ ‫‪satisfying or complete. Hence this work is just an invitation, and this is one‬‬ ‫‪of its most important contributions. ​​It invites a new generation, and in a‬‬ ‫‪language highly suitable to them, to enter the theater of the Muʿallaqāt and‬‬ ‫‪enjoy the amazing journey. The goal, from the beginning, has been to open‬‬ ‫‪the door, and we are hopeful that the coming days and years will bring us‬‬ ‫‪news of the success of our venture.‬‬ ‫‪A huge project like this deserves to be undertaken by a multitude of‬‬ ‫‪institutes over the course of years. But the hard work and dedication of‬‬ ‫‪all of the people involved have made it possible to deliver, as planned,‬‬ ‫‪in just one year. These people include the content creation team, i.e.,‬‬ ‫‪commentators, translators, reviewers, and editors, along with the project‬‬ ‫‪management team in AlQafilah magazine and King Abdulaziz Center for‬‬ ‫‪World Culture (Ithra), the dynamic cultural initiative from Saudi Aramco‬‬ ‫‪to the world. In such an exceptional moment in the history of humanity‬‬ ‫‪as this year, when once normal daily activities have become threatened or‬‬ ‫‪even life-threatening, this project has come to light to affirm the timeless‬‬ ‫‪message that arts and words, immortal and enduring, outlast the vagaries‬‬ ‫‪of history.‬‬ ‫‪Hatem Alzahrani‬‬

‫‪21‬‬


Imruʾ al-Qays

‫امـرؤ الـقـيـس‬

The Muʿallaqāt for Millennials

‫المعلَّقات‬ ‫لجيل أ‬ ‫اللفية‬

Review: Hatem Alzahrani

:‫مراجعة‬ ‫حاتم الزهرا�ن‬ ‫ي‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬


Imruʾ al-Qays

‫امـرؤ الـقـيـس‬

The Muʿallaqah of Imruʾ al-Qays Adventures of Youthful Passion

‫امرئ الق َْي ِس‬ ِ ‫معلَّقة‬ ‫والش َباب‬ ‫وى‬ ‫ات ال َه‬ َّ ُ ‫ُمغَ امر‬

Introduction by Suzanne Pinckney Stetkevych Translation by Suzanne Pinckney Stetkevych, assisted by Khalid Stetkevych

‫مقدمة ش‬ ‫ سامي بن عبدالعزيز العجالن‬:‫و�ح‬


Imruʾ al-Qays

‫امـرؤ الـقـيـس‬

According to most literary accounts of his life, such as al-Iṣbahānī’s Kitāb al-Aghānī (Book of Songs), the poet Imruʾ al-Qays was the youngest son of Ḥujr ibn al-Ḥārith of the powerful southern Arabian tribal group of Kindah, who had been appointed king of the unruly tribes of the Banū Asad and the Banū Ghaṭafān in Najd, in central Arabia. The poet’s mother is said to be Fāṭimah bint Rabīʿah, the sister of Kulayb Wāʾil and the poet Muhalhil ibn Rabīʿah—the protagonists of the celebrated Jāhilī forty-year war, or feud, Ḥarb al-Basūs. The young Imruʾ al-Qays’s devotion to poetry, especially erotic poetry, led to his banishment from his father’s house. His father instructed his servant Rabīʿah to put his son to death and bring back his eyes as evidence that he had carried out the order. Taking pity on the boy, Rabīʿah slew an antelope and brought back its eyes instead. Ḥujr later repented, and his son returned to his father’s house. Banished once again, Imruʾ al-Qays took up the life of a profligate, wandering the desert with a band of companions and devoting himself to the hunt, wine, gambling, and the entertainment of singing slave-girls.

:‫ ويقــول الــرواة‬،‫الك ْنــدي‬ ِ ‫هــو امــرؤ القيــس بــن ُح ْجــر بــن الحــارث‬ ‫ واســمه ف� أ‬،‫الول هــو لقــب لــه‬ ‫إن االســم أ‬ ،‫ عــدي‬:‫الصــل هــو‬ ‫ي‬ ‫ وهــو ســليل أرسة َم َلكيــة مــن‬.‫ ُمليكــة‬:ً‫ وقيــل أيضـا‬،‫ ُحنـ ُـدج‬:‫وقيــل‬ ‫ـت شــماال ً نحــو نجــد ف ي� قلــب الجزيــرة‬ ْ ‫قبيلــة ِك ْنــدة اليمنيــة نزحـ‬ ‫ وأنشــأ جدهــا أ‬،‫العربيــة‬ ‫ ُح ْجر آ ِكل الــ ُـمرار إمــارة ف ي� منتصف‬:‫الكـ بـر‬ ّ ‫ ثــم حفيــده‬،‫وورثهــا عنــه ابنــه عمــرو‬ ِ ،‫القــرن الخامــس الميــادي‬ ‫المــارة النجديــة حـ تـى‬ ‫ـعت عــى يــده هــذه إ‬ ْ ‫الحــارث الــذي اتسـ‬ ً‫ وقــد جعــل الحــارث أبنــاء ُحكّامـا‬،‫ـت المنــاذرة ف ي� نفوذهــم‬ ْ ‫نافسـ‬ ‫ ُح ْجــر الــذي كان‬:‫ ومنهــم ابنــه‬،‫عــى عــدد مــن القبائــل العربيــة‬ ‫المرجــح أن امــرأ القيــس و ِلــد‬ ّ ‫ ومــن‬.‫ِملــكاً عــى أســد وغطفــان‬ -‫ ووالدتــه –كمــا يقــول الــرواة‬،‫أواخــر القــرن الخامــس الميــادي‬ ‫ســي َدي قبيلــة‬ ُ ‫هــي فاطمــة بنــت ربيعــة أخــت ُك َليــب‬ ّ ‫هلهــل‬ ِ ‫وم‬ .‫تغلــب‬

Such was his state when the news reached him of the regicide of his father at the hands of the rebellious Banū Asad. Exclaiming, “Wine today, business tomorrow!”(alyawm al-khamr, ghadan al-ʾamr), he continued carousing for a week and then swore off his debauchery: “Wine and women are forbidden to me until I have killed a hundred of the Banū Asad and cut off the forelocks of a hundred more.”

29

28


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫وبعــد حــروب متواصلــة اســتطاع المنــاذرة هزيمــة الحــارث ملــك‬ ‫التمــرد‬ ‫ِك ْنــدة‪ ،‬وتمكنــوا مــن قتلــه‪ ،‬ودفــع هــذا بعــض القبائــل إىل‬ ‫ُّ‬ ‫عــى حكــم أبنائــه‪ ،‬فقتــل بنــو أســد ُح ْجــر بــن الحــارث ‪-‬والــد امــرئ‬ ‫القيــس‪ -‬وهــي الحادثــة الـ تـ� قلبــت حيــاة هــذا أ‬ ‫المـ يـر الالهــي رأس ـاً‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫عقــب‪ ،‬فبعــد أن قـ ضـى شــبابه � اللهــو والغــزل وأفانـ ي ن‬ ‫ـ� الصيــد‬ ‫عــى ِ‬ ‫ي‬ ‫ـت أحوالــه بعــد هــذه الواقعــة‪ ،‬فانتفــض يعـ ّـد‬ ‫والشــعر والســمر‪ّ ،‬‬ ‫تبدلـ ْ‬ ‫ُعـ َّـدة الحــرب‪ ،‬ويجمــع فرســان القبائــل مــن حولــه ليطــارد ب ـن ي أســد‬ ‫ـن ُغ ّلتــه لــم‬ ‫أينمــا ح ُّلــوا‪ ،‬ثــأراً لمقتــل أبيــه‪ ،‬ومــع أنــه أوقــع بهــم؛ ولكـ ّ‬ ‫ت‬ ‫المنيــة غريب ـاً بمدينــة أنقــرة بعــد لقائــه‬ ‫تُشـ َـف منهــم‪ ،‬حــى أدرك ْتــه ّ‬ ‫قيــر الــروم لالســتعانة بــه عــى تحقيــق م ـراده‪ ،‬مطوف ـاً ف� آ‬ ‫الفــاق‬ ‫ُ‬ ‫ُ ِّ ي‬ ‫كمــا قــال‪ -‬دون أن يســتكمل ثــأره‪ ،‬أو يسـ تـر ّد ُم ْلكــه الــ ُـمضاع‪ ،‬ومــن هنا‬‫(‪)1‬‬

‫لقّبــه العــرب بـــ‪ :‬الملــك الض ِّليــل‪.‬‬

‫م�لــة امــرئ القيــس الشــعرية فهــو معــدود مــن ي ن‬ ‫ّأمــا نز‬ ‫بــ� الطبقــة‬ ‫أ‬ ‫والكثــر مــن النقــاد يــرون تقديمــه‬ ‫الوىل مــن شــعراء العــرب‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ـا� والصــور‬ ‫إ‬ ‫بالطــاق عــى ســائر الشــعراء؛ لســبقه إىل كثـ يـر مــن المعـ ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫الــ� ِتبعــه فيهــا الشــعراء الالحقــون‪ ،‬فهــو‬ ‫والســاليب الشــعرية ي‬ ‫أ‬ ‫وقيــد‬ ‫وليــات‪ :‬أول مــن وقــف واســتوقف‪ ،‬وبــى واســتبىك‪ّ ،‬‬ ‫صاحــب ال ّ‬ ‫أ‬ ‫الوابــد‪ ،‬وبتعبـ يـر النقــاد القدامــى فــإن امـرأ القيــس هــو الــذي خســف‬ ‫(‪)2‬‬ ‫للشــعراء ي ن‬ ‫عــ� الشــعر‪.‬‬

‫‪30‬‬

‫‪References:‬‬

‫(‪ )1‬للتوســع ف ي� أخبــار امــرئ القيــس‬ ‫ت‬ ‫ـ� تناقلهــا الــرواة عــن‬ ‫والحكايــات الـ ي‬ ‫ت‬ ‫ـ� ال يخلــو‬ ‫حياتــه وظــروف وفاتــه الـ ي‬ ‫بعضهــا مــن نَ َفــس أســطوري انظــر‪:‬‬ ‫الشــعر والشــعراء البــن قتيبــة ‪-114/1‬‬ ‫‪ ،125‬وجمهــرة أشــعار العــرب ألب ي�‬ ‫أ ن‬ ‫ش‬ ‫غــا�‬ ‫زيــد‬ ‫القــر� ‪ ،234-232/1‬وال ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫للصفهـ ن‬ ‫ـا� ‪.124-93/9‬‬ ‫ي‬

‫‪Suzanne Pinckney‬‬ ‫‪Stetkevych. The Mute‬‬ ‫‪Immortals Speak: Pre-Islamic‬‬ ‫‪Poetry and the Poetics of‬‬ ‫‪Ritual. Ithaca NY: Cornell‬‬ ‫‪University Press, 1993.‬‬ ‫‪Chapter 7: Regicide and‬‬ ‫‪Retribution: The Muʿallaqah‬‬ ‫‪of Imruʾ al-Qays. Pp. 241‬‬‫‪285.‬‬

‫(‪ )2‬عــن نز‬ ‫م�لــة امــرئ القيــس عنــد‬ ‫نقــاد الشــعر انظــر‪ :‬طبقــات فحــول‬ ‫الشــعراء البــن ســام ‪،55-51/1‬‬ ‫والشــعر والشــعراء البــن قتيبــة‬ ‫‪.136-126/1‬‬

‫‪Abū al-Faraj al-Iṣbahānī.‬‬ ‫‪Kitāb al-Aghānī. Ed. Ibrāhīm‬‬ ‫‪al-Abyārī. 32 vols. Cairo: Dār‬‬ ‫‪al-Maʿārif, 1389H./1969 C.E.‬‬ ‫‪9:3197-3227.‬‬ ‫‪Abū Muḥammad ʿAbd Allāh‬‬ ‫‪ibn Muslim ibn Qutaybah.‬‬ ‫‪Kitāb al-Shiʿr wa-al-Shuʿarāʾ.‬‬ ‫‪Ed. M. J. de Goeje. Leiden: E.‬‬ ‫‪J. Brill, 1902/1904. P. 51‬‬ ‫‪Abū Bakr Muḥammad ibn‬‬ ‫‪al-Qāsim al-Anbārī. Sharḥ‬‬ ‫‪al-Qaṣāʾid al-Sabʿ al-Ṭiwāl‬‬ ‫‪al-Jāhiliyyāt.nd2 ed. Ed. ʿAbd‬‬ ‫‪al-Salām Muḥammad Hārūn.‬‬ ‫‪Cairo: Dār al-Maʿārif, 1969.‬‬ ‫‪Pp. 1-112.‬‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫‪With the aid of other tribes, he proceeded to inflict‬‬ ‫‪heavy casualties on the Banū Asad. Yet, never satisfied,‬‬ ‫‪he spent the remainder of his days seeking further,‬‬ ‫‪excessive vengeance for his slain royal father.‬‬ ‫‪His search for allies led him to the Jewish overlord of‬‬ ‫‪Taymāʾ, al-Samawʾal, to whom he entrusted his ancestral‬‬ ‫‪coats of armor before making his way to the court of the‬‬ ‫‪Byzantine Emperor Justinian.‬‬ ‫‪Justinian agreed to lend Imruʾ al-Qays an army with‬‬ ‫‪which to avenge his father’s murder and regain his‬‬ ‫‪throne, but rumors that the poet had seduced the‬‬ ‫‪Emperor’s daughter prompted Justinian to send Imruʾ‬‬ ‫‪al-Qays a poisoned robe.‬‬ ‫‪When Imruʾ al-Qays donned the royal gift, his body‬‬ ‫‪broke out in sores, earning him the nickname, ‘Dhū al‬‬‫‪Qurūḥ’ (‘covered in sores’).‬‬ ‫‪The condition proved fatal, and legend tells us that the‬‬ ‫‪poet died and lies buried near Ankara (in present-day‬‬ ‫‪Turkey).‬‬ ‫‪Imruʾ al-Qays’s death in a foreign land, having failed to‬‬ ‫‪quench his excessive thirst for vengeance and to accede‬‬ ‫‪to his royal father’s throne earned him yet another‬‬ ‫‪sobriquet, ‘al-Malik al-Ḍillīl’ (‘the errant king’).‬‬

‫‪31‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

Some classical critics have suggested that the occasion for the Muʿallaqah was the episode recounted in lines 10-12, the Day at Dārat Juljul. But to me the tying of the poem to one frivolous erotic episode leaves much unexplained. Al-Anbārī in his commentary on the Muʿallaqāt devotes much of his introduction to the reports about Imruʾ alQays’s unslakable thirst for vengeance. Although he does not explicitly connect the theme of vengeance to the poem, this emphasis is suggestive in terms of how we might read the Muʿallaqah. Whatever we might know or think we know about the poem or its circumstances, there is no escaping the fact that the monumental ode that has been handed down to us as the ‘Muʿallaqah of Imruʾ al-Qays’ stands on its own as an extraordinary literary achievement. The same Islamic tradition that immortalized Imruʾ al-Qays’s Muʿallaqah as the best poem in the Arabic language seems also to have been aware that the poet’s tragic-heroic character—both his untrammeled and illicit eroticism and his equally untrammeled and illicit quest for excessive vengeance—embodied the quintessence of jahl. For the jahl from which the Jāhiliyyah takes its name is not merely ‘ignorance’, but more precisely the ‘impetuosity’, ‘recklessness’, ‘lack of restraint or inhibition’ which are all too apparent in the biographical lore of Imruʾ al-Qays, but equally, as we shall see, in his Muʿallaqah. Thus, in addition to the other colorful by-names that the Arabic Islamic tradition bestowed on Imruʾ al-Qays, we read in Ibn Qutaybah’s Al-Shiʿr wa-al-Shuʿarāʾ (Poetry and Poets) the title, ‘Qāʾid al-Shuʿarāʾ ilā al-Nār’ (‘the leader of poets into Hellfire’).

33

6

Imruʾ al-Qays


‫الـقـيـس‬ ‫امـرؤ‬ ‫امـرؤ‬ ‫'‪Imru‬‬ ‫الـقـيـس ‪al-Qays‬‬ ‫‪Imruʾ‬‬ ‫‪al-Qays‬‬

‫َّ‬ ‫المعلقة‬

‫‪The Poem‬‬

‫هــذه القصيــدة الالميــة المــرئ القيــس هــي إحــدى مع ّلقــات العــرب‪،‬‬ ‫ـون الشــعر‬ ‫وهــي‪ :‬مجموعــة قصائــد ِطــوال ّ‬ ‫عدهــا الــرواة والن ّقــاد عيـ َ‬ ‫ـ� وأفضــل قصائــده‪ ،‬ولهــا لقــب آخــر يشـ يـر أيضـاً إىل نفاســتها‪،‬‬ ‫الجاهـ ي‬ ‫(‪)3‬‬

‫ذهبات ‪.‬‬ ‫وهــو لقــب‪ :‬الــ ُـم َ‬

‫ن‬ ‫ـرد هــذه المع َّلقات‪،‬‬ ‫ومع َّلقــة امــرئ القيــس هــي أول مــا يُذ َكــر حـ يـ� تُـ َ‬ ‫ش‬ ‫والــراح ف ي� روايــة أبيــات هــذه المع َّلقــة‪،‬‬ ‫وقــد تفــاوت الــرواة‬ ‫ّ‬ ‫واالختــاف بينهــم يشــمل عــدد أبياتهــا الــذي ت ـراوح مــا بـ ي ن‬ ‫ـ� ‪ 77‬بيت ـاً‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫المفضــل‬ ‫ـر� عــن‬ ‫ّ‬ ‫ي� روايــة الصمعــي‪ ،‬و‪ 93‬بيتـاً ي� روايــة ب يأ� زيــد القـ ي‬ ‫بــن عبــدهللا‪ ،‬وإن كانــت معظــم الروايــات أقــرب إىل العــدد أ‬ ‫الول‪،‬‬

‫ش‬ ‫ـراح أيض ـاً ف ي� ترتيــب بعــض أبياتهــا‪ :‬تقديم ـاً‬ ‫كمــا اختلــف الــرواة والـ ّ‬ ‫وتأخـ يـراً‪ ،‬وكذلــك ف ي� صياغــة كثـ يـر مــن ألفاظهــا وتراكيبهــا‪.‬‬ ‫ـدت ف ي� تحقيــق هــذا النــص الشــعري‪ ،‬بالرجــوع إىل الطبعــة‬ ‫وقــد اجتهـ ُ‬ ‫المحققــة لديــوان امــرئ القيــس بروايــة أ‬ ‫الصمعــي‪ ،‬بالموازنــة مــع‬

‫(‪ )3‬عن حديث النقاد الموسع حول‬ ‫عدد المعلَّقات وأسباب تسميتها‬ ‫بذلك انظر‪ :‬ش�ح القصائد التسع‬ ‫المشهورات ألب ي� جعفر النحاس‬ ‫‪ ،682-681/2‬ومعلّقات العرب‬ ‫لبدوي طبانة‪ ،57-10 :‬والمعلَّقات‬ ‫الرواية والتسمية لعبدالحق‬ ‫الهواس‪.31-22 :‬‬

‫)‪The master poem of Imruʾ al-Qays ibn Ḥujr (d. ca. 550 C.E.‬‬ ‫‪takes pride of place among the Muʿallaqāt, the collection‬‬ ‫‪of seven, or ten, ‘Suspended Odes’ or ‘Golden Odes’ of the‬‬ ‫’‪pre-Islamic period—the Jāhiliyyah or ‘Age of Ignorance,‬‬ ‫‪and is widely considered the premier example of the art‬‬ ‫‪of the qaṣīdah, the preeminent poetic form of the pre‬‬‫‪Islamic tribal warrior aristocracy.‬‬ ‫‪The poet likewise has been considered by scholars‬‬ ‫‪throughout the centuries the master poet of the Arabic‬‬ ‫‪language. The biography of Imruʾ al-Qays, like that of‬‬ ‫‪most poets of the pre-Islamic period, straddles legend and‬‬ ‫‪history, and both the legendary and historical elements‬‬ ‫‪are preserved in many variant versions.‬‬ ‫‪Furthermore, and again like most other pre-Islamic Arab‬‬ ‫‪poets, the connection between the poet and the poem‬‬ ‫‪cannot be historically verified. Rather, what has come‬‬ ‫‪down to us is a rich literary cultural tradition that presents‬‬ ‫‪the poem as the work of this tragic, heroic, and in some‬‬ ‫‪respects mythic, persona.‬‬

‫الروايــات أ‬ ‫الخــرى الــواردة ف ي� ش�وح الديــوان ش‬ ‫و�وح القصائــد الطــوال‬ ‫أ‬ ‫لـ ٍّ‬ ‫وأ� جعفــر النحاس‪،‬‬ ‫وأ� بكر النبــاري‪ ،‬ب ي‬ ‫ـكل مــن‪ :‬ب يأ� ســعيد السـكّري‪ ،‬ب ي‬ ‫ن‬ ‫الت�يــزي‪ ،‬ومحمــد الح�ض مــي‪،‬‬ ‫وأ� عبــدهللا‬ ‫الــزوز�‪ ،‬والخطيــب ب‬ ‫ي‬ ‫بي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫وجعلــت معيــار ال�جيــح يســتند إىل‪ :‬روايــة الصمعــي ي� الديــوان‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ش‬ ‫ـراح ف ي� رواياتهــم‪ ،‬ومــن‬ ‫مــا لــم تخالــف مــا توافـ َـق عليــه كثـ يـر مــن الـ ّ‬ ‫الواضــح أن نــص المع َّلقــة هنــا قــد جــاء حصيلــة موازنــات كثـ يـرة بـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫الروايــات؛ للوصــول إىل الروايــة أ‬ ‫الرجــح ّ‬ ‫لــكل بيــت‪ ،‬ولعــل مع َّلقــة‬

‫امــرئ القيــس هــي أك ـرث المع َّلقــات اختالف ـاً ف ي� الروايــات‪ ،‬إ ْذ ال يــكاد‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫و� هــذا لمحــة دالــة عــى‬ ‫يخلــو بيــت فيهــا مــن اختــاف بـ يـ� ُرواتهــا‪ ،‬ي‬ ‫فضــل العنايــة بهــا عــن ســائر المطـ ّـوالت‪.‬‬

‫‪34‬‬

‫‪35‬‬


‫الـقـيـس‬ ‫امـرؤ‬ ‫امـرؤ‬ ‫'‪Imru‬‬ ‫الـقـيـس ‪al-Qays‬‬ ‫‪Imruʾ‬‬ ‫‪al-Qays‬‬

‫ـتبعدت مــن هــذا النــص للمع َّلقــة أربعــة أبيــات يذكرهــا بعــض‬ ‫واسـ‬ ‫ُ‬ ‫ش‬ ‫والــراح ضمــن القصيــدة‪ ،‬ثــم يع ِّلــق بعضهــم عليهــا بــأن‬ ‫الــرواة‬ ‫ُّ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ـ� تبــدأ بقــول‬ ‫الصحيــح أنهــا ليســت المــرئ القيــس‪ ،‬وهــي البيــات الـ ي‬ ‫الشــاعر‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫أوقام ج�علت ِعصامها‬ ‫وقربة‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬

‫ّ َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ولل مح‬ ‫ىلع‬ ‫اكهل ِمن ذ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬

‫البيــات أ‬ ‫والصمعــي ينســبان هــذه أ‬ ‫وأبــو عبيــدة أ‬ ‫الربعــة للشــاعر‬ ‫(‪)4‬‬ ‫الصعلــوك‪ :‬تأبــط ش�اً‪ ،‬كمــا ذكــر ذلــك أ‬ ‫النبــاري ف ي� ش�حــه لهــا ‪ ،‬فهــي‬ ‫َّ‬ ‫ف‬ ‫ممــا أدخلــه بعــض الــرواة خط ـأً ي� المع َّلقــة‪ ،‬كالس ـكّري‪ ،‬والنحــاس‪،‬‬ ‫البيــات أ‬ ‫ونفْــي هــذا أ‬ ‫الربعــة عــن المع َّلقــة هــو مــا ّرجحــه كذلــك‬ ‫البغــدادي ف ي� الخزانــة‪ ،‬فقــد ع ّلــق عليهــا بقولــه‪" :‬وهــذا الشــعر ْأشــبه‬ ‫(‪)5‬‬ ‫تأمــل هذه‬ ‫بــكالم اللــص والصعلــوك‪ ،‬ال بــكالم الملــوك" ‪ ،‬وحقـاً فــإن ُّ‬ ‫أ‬ ‫البيــات يؤكــد طابــع الصعلكــة الــذي ال يتناســب مــع شــخصية ِملــك‬ ‫المعتمــد لهــذه القصيــدة الالميــة‬ ‫وابــن ِملــك‪ .‬والخالصــة أن النــص‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ـت عــى بحــر الطويــل يشــتمل عــى ‪ 78‬بيت ـاً‪.‬‬ ‫ـ� نُ ِظمـ ْ‬ ‫الـ ي‬ ‫ّأمــا مناســبة هــذه القصيــدة وباعــث إنشــائها فهــو كمــا يذكــر الــرواة‪:‬‬ ‫لجــل‪ ،‬ي ن‬ ‫ترصــد امــرؤ‬ ‫مــا جــرى مــع امــرئ القيــس يــوم دارة ُج ُ‬ ‫حــ� ّ‬ ‫القيــس لبنــت عمــه‪ُ :‬ع ي ز‬ ‫نــ�ة مــع رفيقاتهــا لــدى مرورهــن بالغديــر‪،‬‬ ‫لهــن عــن اللحــاق بركْــب‬ ‫رهــن َشــغَ به‬ ‫معهــن ومماطلتــه ّ‬ ‫ّ‬ ‫وكيــف ّأخ ّ‬ ‫ف‬ ‫(‪)6‬‬ ‫ت‬ ‫ـ� ســتجد تفصيلهــا ي� موضــع‬ ‫العشـ يـرة ‪ ،‬إىل آخــر أحــداث الحكايــة الـ ي‬ ‫ش�حهــا ف ي� اللوحــة الثانيــة مــن المع َّلقــة‪.‬‬

‫‪As the most celebrated qaṣīdah of the Jāhiliyyah, and,‬‬ ‫‪indeed, of the Arabic language, Imruʾ al-Qays’s Muʿallaqah‬‬ ‫‪both embodies and defines that poetic genre.‬‬ ‫(‪ )4‬انظــر‪ :‬ش�ح القصائــد الســبع‬ ‫الطــوال أ‬ ‫للنبــاري‪.82 ،80 :‬‬ ‫(‪ )5‬خزانة أ‬ ‫الدب للبغدادي ‪. 135/1‬‬ ‫(‪ )6‬انظــر هــذه الروايــة منقولــةً عــن‬ ‫الفــرزدق ف ي� الشــعر والشــعراء البــن‬ ‫قتيبــة ‪ ،124-122/1‬وجمهــرة أشــعار‬ ‫ش‬ ‫القــر� ‪-234/1‬‬ ‫العــرب ألب ي� زيــد‬ ‫ي‬ ‫‪.237‬‬

‫‪It exhibits the required qaṣīdah monorhyme, with the‬‬ ‫‪opening rhymed couplet (taṣrīʿ) and end-rhyme of each‬‬ ‫‪line, in the letter ‘l’ and the monometer throughout, in this‬‬ ‫‪case the long and majestic Ṭawīl meter (faʿūlun mafāʿīlun‬‬ ‫‪faʿūlun mafāʿilun).‬‬ ‫‪In the Arabic original, the single rhyme and meter produce‬‬ ‫‪a distinctive sonority that binds the variety of themes into‬‬ ‫‪a unified and identifiable whole.‬‬ ‫‪The poem presents unique and masterful performances‬‬ ‫‪of the motifs and themes of the qaṣīdah tradition at times‬‬ ‫‪with the utmost delicacy and subtlety, and, at others, with‬‬ ‫‪stunning bursts of energy, as Imruʾ al-Qays displays the‬‬ ‫‪extraordinary aesthetic potential of the qaṣīdah form and‬‬ ‫‪its conventions.‬‬ ‫‪In the Muʿallaqah we can identify five major qaṣīdah‬‬ ‫‪themes. The first three fall under the general heading of‬‬ ‫‪the Lyrical Prelude (nasīb) that traditionally opens the‬‬ ‫‪qaṣīdah; the last two under the closing theme of Boast‬‬ ‫‪(fakhr).‬‬

‫وقبــل أن ننتقــل إىل الـ شـرح التفصيـ أ‬ ‫يحســن التنويه‬ ‫ـ� لبيــات المع َّلقــة ُ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫لحظــت تواترهــا ف ي� القصيــدة‪ِ ،‬فمــن‬ ‫الــ�‬ ‫ُ‬ ‫ببعــض الســمات العامــة ي‬ ‫ذلــك‪ :‬مــا يلحــظ ف� المع َّلقــة –وبخاصــة ف� نصفهــا أ‬ ‫الول‪ -‬مــن ك ـرث ة‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫اســتعمال الداة ُ(ر َّب)‪ ،‬أو مــا يـ ّ‬ ‫بالضافــة إىل‬ ‫ـدل عليهــا كالــواو والفــاء‪ ،‬إ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ـوم )‪ ،‬فهــذه مجموعــة مــن الســاليب والكلمات‬ ‫ـا� (يـ َ‬ ‫تكــرر الظــرف الزمـ ي‬ ‫ترتبــط باســتذكار الزمــن آ‬ ‫ال ِفــل‪ ،‬ومــن شــواهدها ف ي� المع َّلقــة‪" :‬أال ُر َّب‬ ‫ت‬ ‫ـوم‬ ‫ـ�‪ ...‬ويـ َ‬ ‫ـح‪ ...‬ويـ َ‬ ‫ـوم عقـ ُ‬ ‫يــوم لــك منهـ ّ‬ ‫ـرت للعــذارى ّ‬ ‫مطيـ ي‬ ‫ـن صالـ ٍ‬ ‫طرقــت‪ ...‬ويومــاً عــى ظهــر‬ ‫ــك ُح ْبــى قــد‬ ‫الخ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ــدر‪ِ ...‬فم ِثل ِ‬ ‫دخلــت ِ‬ ‫رت‪ ...‬وبَ ْيضـ ِـة ِخـ ْـد ٍر ال يُ ـرام ِخباؤهــا‪ ...‬أال ُر ّب خصـ ٍـم‬ ‫ـب تعــذَّ ْ‬ ‫الكثيـ ِ‬ ‫ـوج البحــر"‪.‬‬ ‫فيـ ِ‬ ‫ـك ألــوى رددتُــه‪ ...‬وليـ ٍـل كمـ ِ‬

‫‪36‬‬

‫‪37‬‬


‫امرئ القيس‬

‫‪al-Qays‬‬ ‫الـقـيـس‬ ‫امـرؤ‬ ‫'‪Imruʾ al-Qays Imru‬‬

‫ف‬ ‫و� هــذا كلــه داللــة عــى ذاكــرة اســتعراضية ال تمـ ُّـل مــن االسـ تـرجاع‬ ‫ي‬ ‫ـ� الـــمتصا� إىل ســالف أ‬ ‫المنتـ شـس بالزمــن الغــارب‪ ،‬والحنـ ي ن‬ ‫اليــام‪.‬‬ ‫ُ بي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الشــارات المتكــررة‬ ‫ومــن الظواهــر الواضحــة ي� المع َّلقــة أيضـاً‪ :‬هــذه إ‬ ‫إىل بــكاء الشــاعر المتواصــل‪ ،‬والمبالغــة ف ي� وصــف غـزارة دموعــه حزنـاً‬ ‫عــى معشــوقاته‪ ،‬وكأنمــا هــو َعـ َـرض مــن أعـراض تــرف البطالــة الــذي‬ ‫فتوتــه الالهيــة ف ي� حيــاة والــده‪ ،‬ومــع أن‬ ‫انغمــس فيــه الشــاعر أيّــام ّ‬ ‫لهــذه المبالغــة ف ي� وصــف الدمــوع شــواهد مماثلــة عنــد عــدد مــن‬ ‫ـن الالفــت ف ي� مع َّلقــة امــرئ القيــس هــو‪ :‬تواترها‬ ‫شــعراء الجاهليــة؛ ولكـ ّ‬ ‫المتكــرر ف ي� حــدود قصيــدة واحــدة‪.‬‬ ‫وممــا يلحــظ كذلــك ف� المع َّلقــة‪ :‬ســمة التصويــر الحــ� أ‬ ‫القــرب إىل‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ـأدق وصــف‪،‬‬ ‫ـ� يُ ـراد منهــا نقــل المشــهد بـ ّ‬ ‫اللقطــات الفوتغرافيــة الـ ي‬ ‫وربمــا مــن أجــل هــذا أكــرث امــرؤ القيــس مــن اســتعمال أســلوب‬ ‫التشــبيه ف ي� المع َّلقــة؛ حـ تـى ليمكــن أن يُقــال‪ :‬إنــه ِملــك التشــبيهات ف ي�‬ ‫ـر�‪.‬‬ ‫الشــعر العـ ب ي‬ ‫ويتصــل بهــذا ظاهــرة أخــرى شــائعة ف ي� المع َّلقــة‪ ،‬وهــي ظاهــرة‪:‬‬ ‫أن ام ـرأ القيــس وهــو يرســم‬ ‫االســتطراد التصويــري‪ ،‬والمقصــود بهــا‪ّ :‬‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫دعيت‬ ‫اللوحــة الكبـ يـرة ال ينــى ّ‬ ‫ال� اسـ ُت ْ‬ ‫أدق تفاصيــل الصــورة الصغر ي‬ ‫إليضــاح الصــورة الكليــة‪ ،‬فهــو ال يــرى بأس ـاً ف ي� أن يبتعــد قلي ـا ً عــن‬ ‫أدق‬ ‫أجــواء الصــورة الكـ بـرى‪ُ ،‬ليكمــل رســم صورتــه الصغــرى ويذكــر ّ‬ ‫تفاصيلهــا‪ ،‬ريثمــا يعــود بعــد ذلــك للوحتــه أ‬ ‫الساســية‪ ،‬وهــذه الســمة‬ ‫ف‬ ‫ـ� بعامــة‪ ،‬ولكنهــا بــارزة ومتواتــرة عنــد امــرئ‬ ‫شــائعة ي� الشــعر الجاهـ ي‬ ‫القيــس‪ ،‬ف ي ش‬ ‫ـ� وقفــات متعــددة عنــد شــواهد هــذه‬ ‫و� الــرح التفصيـ ي‬ ‫الظاهــرة ف ي� المع َّلقــة‪.‬‬

‫‪38‬‬

‫‪6‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫ف‬ ‫ن‬ ‫ـا� والصياغــة‬ ‫وممــا يلفــت النظــر أيضـاً‪ :‬هــذا التقــارب الكبـ يـر ي� المعـ ي‬ ‫والصـ َـور بـ ي ن‬ ‫ـ� هــذه المع َّلقــة‪ ،‬وبعــض قصائد امــرئ القيــس‪ ،‬وبخاصة‪:‬‬ ‫ُّ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ـ� يســته ّلها بقولــه‪( :‬أال ِعـ ْـم صباح ـاً أيهــا الطلـ ُـل‬ ‫الميتــه الخــرى الـ ي‬ ‫ـال)‪ ،‬وهــو التقــارب الــذي يصــل أحيانـاً إىل التكـرار شــبه المتطابــق‪،‬‬ ‫البـ ي‬

‫وقــد لحــظ بعــض النقــاد القدامــى هــذه الظاهــرة‪ ،‬ومنهــم‪ :‬نجــم‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫الحيــس) شــواهد مــا‬ ‫الديــن‬ ‫الطــو� الــذي رصــد ي� كتابــه (موائــد َ‬ ‫ي‬ ‫أســماه‪ :‬المتشــابه ف ي� شــعر امــرئ القيــس‪ ،‬وع ّللــه بتقــارب أغــراض‬ ‫شــعره ومقاصــده‪ ،‬وبرغبتــه ف ي� التفــن ُّ ن ف ي� عــرض هــذه الموضوعــات‬ ‫(‪)7‬‬ ‫المكــررة بألفــاظ وأســاليب متغايــرة ‪.‬‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫(‪ )7‬انظــر‪ :‬موائــد الحيــس ف ي�‬ ‫فوائــد امــرئ القيــس لنجــم الديــن‬ ‫ف‬ ‫الطــو� ‪.253-215،252-178:‬‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ـا�‪:‬‬ ‫(‪ )8‬انظــر‪ :‬إعجــاز القـرآن للباقـ ي‬ ‫‪.160‬‬

‫الشــارة إليــه مــن ظواهــر ف ي� هــذه المقدمــة الموجــزة‬ ‫وآخــر مــا يمكــن إ‬ ‫هــو‪ :‬هــذا الحشــد الالفــت ألســماء أ‬ ‫الماكــن ف ي� المع َّلقــة‪ ،‬وكأنمــا هــو‬ ‫ـجيل والتوثيقــي الــذي ِيســم شــعر امــرئ القيــس‬ ‫امتــداد للطابــع التسـ ي‬ ‫بخاصــة‪ ،‬والشــعر الجاهــ� بعامــة‪ ،‬وهــذا الكثــار مــن أســماء أ‬ ‫الماكــن‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ـا�‪ ،‬ووجــد فيــه مدخ ـا ً‬ ‫ي� المع َّلقــة اســتوقف قديم ـاً أبــا بكــر الباقـ ي‬ ‫النتقــاد امــرئ القيــس(‪)8‬؛ ولكــن التأمــل أ‬ ‫الكـرث ترفُّقـاً بهــذه الظاهــرة قــد‬ ‫ّ ُّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫و� خاتمــة‬ ‫يجــد فيهــا دالالت تتجــاوز التعــداد الظاهــري للســماء‪ ،‬ي‬ ‫ش‬ ‫ش‬ ‫ـسء مــن هــذه الــدالالت‪.‬‬ ‫الــرح التفصيـ ي‬ ‫ـ� للمع َّلقــة تلويــح بـ ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫لحــظ مــن‬ ‫ـن الجانــب الك ـرث غرابــة ي� هــذه الظاهــرة هــو‪ :‬مــا يُ َ‬ ‫ولكـ ّ‬ ‫ن أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ـ� يذكرهــا‬ ‫ـ� تفصــل بـ يـ� الماكــن الـ ي‬ ‫التباعــد الكبـ يـر ي� المســافات الـ ي‬ ‫امــرؤ القيــس ف ي� ســياق حــدث واحــد؛ كمــا هــو الحــال ف ي� وصفــه للمطر‬ ‫والســيل ف ي� آخــر المع َّلقــة‪ ،‬فهــذا الوصــف يشـ يـر إىل أماكــن تمتـ ُّـد عــى‬ ‫ن‬ ‫ـر� مــن‬ ‫بقعــة شاســعة مــا بـ يـ� وســط نجــد‪ ،‬وشــمالها‪ ،‬وجنوبهــا الغـ ب ي‬ ‫جهــة الحجــاز‪ ،‬هــذا إذا اكتفينــا بأرجــح أ‬ ‫القــوال ف ي� تحديــد مواضــع‬

‫‪40‬‬

‫‪41‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫هــذه أ‬ ‫الماكــن‪ ،‬وهنــاك ف ي� الواقــع اضطـراب كبـ يـر ف ي� تحديــد المواضــع‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫و� ســائر المع َّلقــات العـ شـر عنــد‬ ‫الــواردة ي� مع َّلقــة امــرئ القيــس‪ ،‬ي‬ ‫ن‬ ‫ين‬ ‫الجغر ي ن‬ ‫خباريــ� العــرب القدامــى؛‬ ‫وال‬ ‫كالهمــدا�‪ ،‬وياقــوت‬ ‫افيــ� إ‬ ‫ي‬ ‫الحمــوي‪ ،‬وكذلــك عنــد الجغر ي ن‬ ‫افيــ� المعارصيــن الذيــن خاضــوا ف ي�‬ ‫محاولــة تحديــد مواضــع هــذه أ‬ ‫الماكــن‪ ،‬مثــل‪ :‬ابــن بليهــد‪ ،‬وحمــد‬ ‫أ‬ ‫خــر لــه كتــاب‬ ‫الجــارس‪ ،‬ومحمــد العبــودي‪ ،‬وســعد الجنيــدل‪ ،‬وال ي‬ ‫خــاص أ‬ ‫بـ(الماكــن الــواردة ف ي� المع َّلقــات العـ شـر)‪ ،‬وهــو كتــاب ينـ ّـم‬

‫ينــم أيضــاً عــن اختالفــات واســعة‬ ‫عــن اجتهــاد وتدقيــق؛ ولكنــه ّ‬ ‫ـ� والجغرافيـ ي ن‬ ‫الخباريـ ي ن‬ ‫بـ ي ن‬ ‫حســم حــول كثـ يـر مــن أماكــن‬ ‫ـ� إ‬ ‫ـ� ال تــكاد تُ َ‬

‫المع َّلقــات‪.‬‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫‪I. Stopping at the Ruined Abode‬‬ ‫)‪(al-wuqūf ʿalā al-aṭlāl) (lines 1-6‬‬ ‫‪The poem opens with the two most famous words‬‬ ‫’‪in Arabic poetry, qifā nabki: ‘Stop and we will weep‬‬ ‫‪as the forlorn poet bids his companions to stop at the‬‬ ‫‪abandoned campsite, the ‘site of memory’ where his lost‬‬ ‫‪beloved once dwelt.‬‬ ‫‪In fact, Imruʾ al-Qays is credited with being the first poet‬‬ ‫‪to make this request, termed al-istīqāf (asking to stop),‬‬ ‫‪the most time-honored opening motif of the qaṣīdah‬‬ ‫‪prelude in the Arabic tradition.‬‬

‫رث أ‬ ‫ت‬ ‫الــ� تحمــل‬ ‫وســبب هــذا االضطــراب يعــود أوال ً إىل كــ ة الماكــن ي‬ ‫ف‬ ‫مختلــف مناطــق الجزيــرة العربيــة‪ ،‬كمــا يعــود ثاني ـاً‬ ‫االســم نفســه ي� ِ‬ ‫إىل مــا تتســم بــه الروايــات والمصــادر القديمــة مــن وصــف واســع‬

‫‪To give greater immediacy to the feelings of nostalgia for‬‬ ‫‪the lost past, the poet gives the proper names of places‬‬ ‫‪that stir the memory. Section I falls under the traditional‬‬ ‫‪terminology of nasīb ṭalalī (ruined abode prelude).‬‬

‫الحــدود للمــكان؛ مــن خــال ربطــه بديــار قبيلــة أو عشـ يـرة؛ كأن يقولوا‪:‬‬ ‫إنــه ف ي� بــاد عمــرو بــن كالب‪ ،‬أو ديــار بـن ي أســد‪ ،‬أو بــاد غطفــان‪ ،‬أو‬ ‫ديــار بـن ي عقيــل‪ ،‬وقــد يعــود ســبب هــذا االضطـراب ثالثـاً إىل اندثــار‬

‫‪He then describes the remains of the Bedouin camp and‬‬ ‫‪the ravages of time and, finally, recalls the morning of‬‬ ‫‪departure. As he breaks down in tears, his companions‬‬ ‫‪urge him to control himself—to no avail.‬‬

‫االســم القديــم للموضــع‪ ،‬فــا يعرفــه النــاس إل باســمه المحـ َـدث‪،‬‬ ‫وهنــا يلجــأ الجغ ـر فا� إىل كثـ يـر مــن التخمـ ي ن‬ ‫ـ� والتقديــر‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ـ� الذكريــات إذن عنــد امــرئ القيــس – وليــس تزامــن أ‬ ‫كأن حنـ ي ن‬ ‫الحداث‪-‬‬ ‫ّ‬ ‫هــو مــا يســتدعي هــذه أ‬ ‫الماكــن المتباعــدة ف� ذاكرتــه‪ ،‬وينظمهــا �ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ســياق تصويــري واحــد‪.‬‬

‫‪42‬‬

‫‪43‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫اللوحة األولى‬ ‫ ‬ ‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬ ‫‪.6‬‬

‫االستهالل الطللي‬ ‫نَ َّ ُ فَ‬ ‫ْ‬ ‫ِقفا ْنب ِك ِمن ِذ كرى َحبيب نز‬ ‫وم� ِل ِب ِـسق ِط ال ِلوى يب�‬ ‫الدخ ِول � َـ ْو َمـ ِـل‬ ‫ِ ٍ‬ ‫شَ ْ أَ‬ ‫َ‬ ‫ُ ضَ ْ‬ ‫َْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـوب و�� ِل‬ ‫فت ِو� فا ِملقر ِاة مل يـعف رمسها ِلا نسجـتـــها ِمـــن جـنــ ٍ‬ ‫آ‬ ‫أ َّ َ ُّ ُ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫تَ َ�ى َب َعر الر ِام فـي َع َـر َصــا ِتـهـا‬ ‫ـب فــلــفــ ِـل‬ ‫ــانــهـــا كنه حــ‬ ‫ِوقــيـع ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أّ‬ ‫َ‬ ‫ن ُ َ ْ َ‬ ‫الـب ْـيـن َ‬ ‫غداة َ‬ ‫ات ي ّ‬ ‫ـي‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫ــل‬ ‫يوم َتـ َح َّملوا ل َـدى َس ُـر‬ ‫ِ‬ ‫احل � ِقــف حـنـظ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َْ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫ـك ً َ َ َّ‬ ‫ص ب� َعـل َّ‬ ‫ــل‬ ‫ــي َم ِـط يَّ ُ� ْم َيـقولون‪ :‬ال تـهـ ِل‬ ‫أسـى وتـجـم ِ‬ ‫وقوفا ب�ا ِ ي‬ ‫َ ٌ‬ ‫َّ َ‬ ‫فَ ْ‬ ‫ٌ‬ ‫َ َْ‬ ‫دار ٍس ِم ْـن ُم َـع َّــولِ‬ ‫وإن ِشـفـائــي َع ْبـ�ة ُ َم َــراقــة‬ ‫َ�ـل ِعنــد رس ٍـم ِ‬

‫ّ‬ ‫يســتهل امــرؤ القيــس مع ّلقتــه باســتيقاف صاحبيــه للبــكاء عــى‬ ‫أطــال أ‬ ‫الحبــة الذيــن غــادروا المــكان‪ ،‬واســتهالل القصيــدة باســتيقاف‬

‫أ‬ ‫ين‬ ‫كثــر مــن الشــعراء‬ ‫الصاحبــ� عــى الطــال تقليــد شــعري اتبعــه ي‬ ‫ـن‬ ‫العــرب القُدامــى‪ ،‬ويقــول النقــاد‪ّ :‬‬ ‫إن ام ـرأ القيــس هــو أول مــن سـ ّ‬ ‫هــذا التقليــد الفـن ي ‪ّ ،‬أمــا الموضــع الــذي يطلــب الشــاعر مــن صاحبيــه‬

‫أن يقفــا عليــه للبــكاء فهــو‪ِ :‬ســقْط ال ِّلــوى؛ حيــث ينحــر الرمــل‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ـ� تُ َشـ ّـد بهــا أطنــاب‬ ‫وتص ُلــب الرض‪ ،‬فتغــدو صالحــةً لغــرز الوتــاد الـ ي‬ ‫الخيــام‪ ،‬وامــرؤ القيــس يحــدد بدقــة الموضــع الــذي كانــت خيــام‬ ‫أ‬ ‫الحبــاب منصوبــةً فيــه‪ ،‬فيجعلــه متوســطاً بـ ي ن‬ ‫يعينهــا‬ ‫ـ� أربعــة أماكــن ّ‬ ‫والم ْقـراة‪ ،‬وكـــأنما يريد تخليد‬ ‫بأســمائها‪َّ :‬‬ ‫وضــح‪ِ ،‬‬ ‫وحومــل‪ ،‬وتُ ِ‬ ‫الدخــول‪َ ،‬‬ ‫هــذا الطلــل الــذي كان مرسحـاً ألُنـ ٍـس قديــم وهنـ ٍـاء مؤ ّقــت لــم يلبــث‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ـا�‪ -‬مــا تـزال‬ ‫أن تبـ ّـدد؛ ولكـ ّ‬ ‫ـن آثــار الحبــاب فيــه –كمــا يؤكــد البيــت الثـ ي‬ ‫ـف مــع مــرور الوقــت‪ ،‬وهــو يع ِّلــل ذلــك بــأن الريــاح‬ ‫باقيــةً لــم تختـ ِ‬ ‫ت‬ ‫ـب ف ي� اتجــاه واحــد‪ ،‬بــل‬ ‫ـ� تعاقبـ ْ‬ ‫ـت عــى هــذه الــدار لــم تكــن تهـ ُّ‬ ‫الـ ي‬ ‫ت‬ ‫ـكأن هاتـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫ـأ� مــن الجنــوب حينـاً ومــن الشــمال حينـاً آخــر‪ ،‬فـ ّ‬ ‫كانــت تـ ي‬ ‫ـ� المتعاكسـ ي ن‬ ‫الريحـ ي ن‬ ‫ـت� كانتــا تتقاســمان نسـ َـج المــكان وإبقــا َء ذكرياتــه‪،‬‬ ‫الثــار بالرمــال‪ ،‬هبــت الريــح أ‬ ‫فــإذا هبــت إحداهمــا وغ ّطــت آ‬ ‫الخــرى‬ ‫ّ ْ‬ ‫ّ‬ ‫مــن الجهــة المعاكســة‪ ،‬فأزالــت الرمــال عنهــا‪.‬‬

‫‪44‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ِســقْط اللِّــوى‪ :‬الســقْط ‪-‬بكــر‬ ‫ين‬ ‫وضمهــا‪ ،‬وفتحهــا‪ :-‬هــو‬ ‫الســ�‪ّ ،‬‬ ‫الموضــع الــذي ينقطــع فيــه الرمــل‬ ‫وتصلُــب أ‬ ‫الرض‪ .‬اللِّــوى‪ :‬حيــث‬ ‫ويــر ّق ِلقلّتــه‪ ،‬وهــو‬ ‫يلتــوي الرمــل ِ‬ ‫ف‬ ‫اســم موضــع يقــع ي� عاليــة نجــد‬ ‫جنــوب مدينــة عفيــف‪ ،‬واســمه‬ ‫الآن‪ :‬ش‬ ‫الدخُ ــول‪ :‬هضــب‬ ‫مــرف‪َّ .‬‬ ‫أحمــر لــه ِق َمــم عاليــة يقــع شــمال‬ ‫هضــب الــدوارس وجنــوب عفيــف‪.‬‬ ‫ومــل‪ :‬جبــل أســود يقــع غــرب‬ ‫َح َ‬ ‫ُوضــح‪ :‬اســم‬ ‫ت‬ ‫ــول‪.‬‬ ‫خ‬ ‫الد‬ ‫هضــب‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫لمواضــع متعــددة ف ي� الجزيــرة‬ ‫العربيــة‪ ،‬ومنهــا موضــع يقــع‬ ‫المقْــراة‪:‬‬ ‫غــرب هضــب َّ‬ ‫الد ُخــول‪ِ .‬‬ ‫أرض منخفضــة ُمحاطــة بالجبــال‪،‬‬ ‫الد ُخــول‪،‬‬ ‫وتقــع جنــوب هضــب َّ‬ ‫وتُسـ َّـمى الآن‪ :‬الــ َـجفْرة‪.‬لم يعـ ُـف‪:‬‬ ‫ـف‪ .‬رسـ ُـمها‪ْ :‬رســم الــدار‬ ‫لــم يختـ ِ‬ ‫هــو طللهــا أ‬ ‫والثــر البـ ق‬ ‫ـا� منهــا‪ِ .‬لمــا‬ ‫ي‬ ‫نســج ْتها مــن َجنــوب وشـ ْـمأل‪ :‬لمــا‬ ‫تعاقــب عليهــا مــن ريــاح جنوبيــة‬ ‫وشــمالية‪ .‬بَ َعــر‪ :‬مــا يخــرج مــن‬ ‫بطــون الغنــم ومــا شــابهها‪ .‬الآرام‪:‬‬ ‫جمــع ِرئــم‪ ،‬وهــي الظِّبــاء خالصــة‬ ‫البيــاض‪َ .‬ع َرصــات‪ :‬جمــع َع ْرصــة‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ـ� ليــس‬ ‫وهــي الســاحة الواســعة الـ ي‬ ‫فيهــا ِبنــاء‪ِ .‬قيعــان‪ :‬جمــع قــاع‪،‬‬ ‫وهــو أ‬ ‫الرض المســتوية‪ .‬غَــداة‪:‬‬ ‫وقــت الضحــى‪ .‬ال َب ي ن‬ ‫الفــراق‪.‬‬ ‫ــ�‪ِ :‬‬ ‫ســمرات‪:‬‬ ‫تحملــوا‪ :‬ارتحلــوا‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫جمــع َســ ُـمرة‪ ،‬وهــي شــجر الط ْلــح‪.‬‬ ‫الحـ ّـي‪ :‬القبيلــة أو منازلهــم ومــكان‬ ‫ناقــف‪ :‬هــو الــذي‬ ‫اجتماعهــم‪ِ .‬‬ ‫يشــق الثمــر ب ُظفْــره ليســتخرج مــا‬ ‫ّ‬ ‫ـب‬ ‫ـ‬ ‫ح‬ ‫ـه‬ ‫ـ‬ ‫بداخل‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫ثم‬ ‫ـل‪:‬‬ ‫ـ‬ ‫الحنظ‬ ‫ـه‪.‬‬ ‫فيـ‬ ‫ّ‬ ‫تهيــج دمــوع العـ يـ�‪.‬ن‬ ‫ُمـ ّـر لــه ح ـرارة ِّ‬ ‫ــي جمــع َم ِط َّيــة‪،‬‬ ‫َم ِط َّيهــم‪ِ :‬‬ ‫المط ّ‬ ‫وهــي الراحلــة أو الدابّــة الـ ت‬ ‫ـ� تُر َكــب‬ ‫ي‬ ‫ـر‬ ‫إ‬ ‫كال ِبــل‪ .‬أىس‪ :‬حــزن‪َّ .‬‬ ‫تجمــل‪ :‬اصـ ِب ْ‬ ‫ــرة‪ :‬دمعــة‪ُ .‬م َهراقــة‪:‬‬ ‫وتجل ْ‬ ‫َّــد‪َ .‬ع ب ْ‬ ‫دارس‪:‬‬ ‫ُمراقَــة مصبوبــة‪ْ .‬‬ ‫رســم ِ‬ ‫أ‬ ‫عــول‪:‬‬ ‫الثــر‬ ‫البــال مــن الديــار‪ُ .‬م َّ‬ ‫ي‬ ‫عتمــد عليــه‪.‬‬ ‫مــا يُ َ‬

‫‪1. Stop, my friends, and we will weep‬‬ ‫‪over the memory of a loved one‬‬ ‫ ‬ ‫‪ And an abode at the dune’s edge of Siqt al-Liwā,‬‬ ‫ ‬ ‫‪ between al-Dakhūl, then Hawmal,‬‬ ‫‪2. Then Tūdih, then al-Miqrāt, whose trace‬‬ ‫‪ was not effaced‬‬ ‫ ‬ ‫‪By the two winds weaving over it‬‬ ‫ ‬ ‫‪from south and north.‬‬

‫‪3. You see the droppings of‬‬ ‫‪white antelope‬‬ ‫‪Scattered on its wide grounds and dried-up puddles‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ like peppercorns.‬‬ ‫‪4. On the morning when they loaded the camels‬‬ ‫‪ to depart, before the tribe’s acacia trees,‬‬ ‫ ‬ ‫‪I wept splitting‬‬ ‫ ‬ ‫‪ bitter colocynth.‬‬ ‫‪5. My friends stopped their mounts there‬‬ ‫‪over me and said:‬‬ ‫ ‬ ‫‪“Don’t die of grief,‬‬ ‫ ‬ ‫”!‪ control yourself‬‬

‫‪6. “There is no cure for me‬‬ ‫‪but pouring tears,‬‬ ‫ ‬ ‫‪ And is there a better place to weep‬‬ ‫ ‬ ‫”?‪ than the worn traces of a ruined abode‬‬

‫‪45‬‬


Imruʾ al-Qays

‫امـرؤ الـقـيـس‬

II. Erotic Encounters (lines 7-43) In keeping with the profligate reputation of the legendary persona of Imruʾ al-Qays, Section II features a disproportionately extended series of erotic encounters with numerous women where a more standard qaṣīdah recounts the poet’s affair with one beloved only. These fall under the theme of nasīb ghazalī (erotic prelude). Imruʾ al-Qays combines the delicately lyrical, the playful, and the shockingly erotic in his depictions of his numerous escapades—all of them illicit and scandalous and all of them featuring the jealously guarded and luxuriously pampered maidens and women of the tribal elite. As always in the qaṣīdah , all his affairs end in heartbreak and tears. One sometimes flows into the next, but we can generally discern separate episodes. The first (lines 7-9) already features two women, apparently mothers, Umm al-Ḥuwayrith and Umm al-Rabāb.

‫ فيلتفــت إىل أ‬،‫يمــد امــرؤ القيــس بعــد ذلــك لوحتــه الطلليــة‬ ‫الرض‬ ُّ ‫ ويلتقــط صــور ًة لهــا وقــد تناثــر ف ي� ســاحاتها بَ َعــر‬،‫المنبســطة أمامــه‬ ‫ ويفوتــك المشــهد إن لــم تــدرك إيحاءاته‬،‫ـب الفُل ُفــل‬ ُّ ‫ وكأنــه حـ‬،‫ال ِّظبــاء‬ ‫ف‬ ‫و� كل ُصـ َـوره التســجيلية‬ ‫ فمــا يقصــده امــرؤ القيــس هنــا ي‬،‫النفســية‬ ‫ش‬ ‫ ألن انتشــار بَ َعــر الظبــاء‬،‫�ء أبعــد مــن الرســم البــري للمــكان‬ ‫هــو ي‬ ‫ف‬ ،‫وخلوهــا مــن ســاكنيها‬ ِّ ‫ي� ســاحات الديــار هــو إيحــاء آخــر بوحشــتها‬ ‫ هكــذا‬.‫ـت مرتعـاً لل ِّظبــاء النافــرة تتجــول فيهــا كيــف تشــاء‬ ْ ‫فقــد أصبحـ‬ ‫ فيسـ تـرجع ذكــرى يــوم‬،‫تُذ ِّكــره وحشــة المــكان مجــدداً برحيــل أحبابــه‬ ،‫ وكيــف كان يتابعهــم ببــره وهــم يحملــون أمتعتهــم أمامــه‬،‫الرحيــل‬ ‫فــا يملــك أن يبــوح بأشــواقه أمــام آ‬ ً‫ وإنمــا يقــف يعيــدا‬،‫الخريــن‬ ‫ وإنــه‬،‫بجــوار أشــجار الطلــح الظليلــة يل�ســل أخـ يـراً دموعــه الحبيســة‬ ‫ حـ تـى لكأنــه قــد أمســك بيديــه‬،‫ليعجــب مــن غ ـزارة دمعــه يومــذاك‬ ‫المــر وراح يشــقُّه بأظافــره؛ لتنبعــث مــن ُل ِّبــه حــرارة‬ ّ ‫ثمــر الحنظــل‬

‫أن ثمــر الحنظــل‬ ‫تهيــج عينيــه‬ ّ ‫ عــى‬،‫وتســتدر دموعهــا بــا حســاب‬ ّ ِّ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫المــر لــم يكــن � الواقــع بـ ي ن‬ ‫ بــل داخــل فــؤاده المســكون‬،‫ـ� كفّيــه‬ ‫ي‬ ّ ‫أ‬ .‫بالشــجان‬

The second (lines 10-12), the famous Day at Dārat Juljul is, by contrast, an adolescent frolic. The third (lines 13-15) is a comical and ribald recounting of the camel-top (attempted?) seduction of ʿUnayzah as her howdah (the women’s tented camel-saddle) sways precariously under the weight of the intruding poetlover, threatening to cripple her camel. Justifiably considered the most obscene lines in classical Arabic poetry, the fourth episode (lines 16-17) involves sex with a pregnant women while she is nursing her oneyear-old.

47

46


‫الـقـيـس‬ ‫امـرؤ‬ ‫امـرؤ‬ ‫'‪Imru‬‬ ‫الـقـيـس ‪al-Qays‬‬ ‫‪Imruʾ‬‬ ‫‪al-Qays‬‬

‫ويواصــل امــرؤ القيــس رســم المشــهد الطلــ� ف� البيتـ ن أ‬ ‫خ�يــن‬ ‫ـ� ال ي‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ي ي‬ ‫مــن هــذه اللوحــة‪ ،‬فيحــ� حــواراً دار بينــه ي ن‬ ‫وبــ� صحبــه الذيــن‬ ‫ي‬ ‫اســتوقفهم أمــام أ‬ ‫الطــال‪ ،‬فقــد اســتجابوا لــه ووقفــوا بمطاياهــم‬ ‫معــه إيناسـاً لوحشــته – وهــو هنــا يتحــدث عنهــم بصيغــة الجمــع ال‬ ‫بصيغــة المثـىن ّ ‪ ،‬وكأنهــم تداعــوا ِتباعـاً وشــاركوه ِوقفتــه مــع صاحبيــه‪-‬‬ ‫ـ� رأوا الحــزن يســتول عليــه أ‬ ‫ولكنهــم حـ ي ن‬ ‫والىس يعتــر قلبــه‪ ،‬أشــفقوا‬ ‫ي‬ ‫كفكــف شــيئاً مــن‬ ‫عــى صاحبهــم مــن أن يُهلــك نفســه‪ ،‬فرجــوه بــأن يُ ِ‬ ‫غــر أنــه يُجيبهــم ف ي� البيــت‬ ‫يتجمــل‬ ‫بالصــر والتج ُّلــد؛ ي‬ ‫ب‬ ‫لوعتــه‪ ،‬وأن ّ‬ ‫أ‬ ‫ـأن راحتــه لــن تتحقــق قبــل أن ينفــث هــذه اللوعــة المكبوتــة‪،‬‬ ‫الخـ يـر بـ َّ‬ ‫ـأن شــفاء مــا ف ي� صــدره هــو أن يُرســل ذلــك الدمــع الحبيــس‪ ،‬ثــم ال‬ ‫وبـ َّ‬ ‫يلبــث طويـا حـ تـى يعــود فيتســاءل ف� الشــطر أ‬ ‫الخـ يـر عــن جــدوى هذه‬ ‫ً‬ ‫ي‬ ‫تقدمــه لــه آثــار الديــار البالية‬ ‫وعمــا يمكــن أن ّ‬ ‫الوقفــة الطلليــة بأرسهــا‪ّ ،‬‬

‫مــا دامــت ال تــر ُّد محبوب ـاً‪ ،‬وال تُعيــد غائب ـاً‪.‬‬

‫‪This flows into a fifth (lines 18-22), a break-up scene with‬‬ ‫‪one Fāṭimah, presented as an imperious mistress who‬‬ ‫‪rejects her submissive lover.‬‬ ‫‪The sixth and final (lines 23-43), longest, and perhaps‬‬ ‫‪most famous, is the bayḍat al-khidr (‘egg’ or fair-skinned‬‬ ‫‪damsel of the women’s tent). Here the poet begins by‬‬ ‫‪recounting how he lures her out of her tent at night‬‬ ‫‪to tryst on a sand-dune’s hollow, but then extends the‬‬ ‫‪passage into one of the most finely wrought 'descriptions‬‬ ‫‪of the beloved’ (waṣf al-maḥbūbah) in Arabic poetry, in‬‬ ‫‪which he enumerates the physical charms of the ideal‬‬ ‫‪beauty of the pre-Islamic tribal aristocracy.‬‬ ‫‪The passage ends with the poet-lover expressing his‬‬ ‫‪inability to grow up and be consoled for his youthful‬‬ ‫‪folly. He remains disconsolate, despite the well-meaning‬‬ ‫‪advice of his friends.‬‬

‫وهــو هنــا يصــف آثــار الديــار بأنهــا‪ :‬دارســة؛ أي باليــة ومتبـ ِّـددة‪ ،‬بينمــا‬ ‫الثــا� يؤكــد أن هــذه آ‬ ‫كان ف� البيــت ن‬ ‫الثــار باقيــة لــم تتبــدد؛ كأنــه‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫حـ ي ن‬ ‫ـتبد بــه اليــأس مــن جــدوى الوقــوف عندهــا لــم يعــد يــرى‬ ‫ـ� اسـ ّ‬ ‫ـ�"‬ ‫فيهــا ســوى أمــارات الــزوال ودالئــل الفنــاء‪ .‬وهــذا الموقــف "القيـ ي ّ‬ ‫ـ� أ‬ ‫المتأرجــح مــن جــدوى أ‬ ‫الشــياء‪ :‬بـ ي ن‬ ‫المــل العريــض فيهــا‪ ،‬ثــم اليــأس‬ ‫العــارم منهــا ســنصادفه مــرة أخــرى داخــل المع َّلقــة – ف ي� لوحــة الليــل‬ ‫ـ� يصـ ِّـور تشـ ُّـوقه لـ ب ز‬ ‫الطويــل‪ -‬حـ ي ن‬ ‫ـ�وغ الصبح‪ ،‬ثــم ال يلبث أن يســتدرك‬

‫عــى نفســه بق ْطــع رجائــه فيــه‪.‬‬

‫هكــذا يفتتــح امــرؤ القيــس مع َّلقتــه بلوحــة متن ِّهــدة تحمــل بــذور‬ ‫االرتيــاب ف� العالــم منــذ نقراتهــا أ‬ ‫ين‬ ‫الحنــ�‪.‬‬ ‫الوىل عــى إيقــاع‬ ‫ي‬

‫‪48‬‬

‫‪49‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫اللوحة الثانية‬ ‫الذكريات الغزلية‬ ‫ ‬ ‫َ ْ‬ ‫ََْ‬ ‫وج َـارتــهـا ُأ ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫ــم ْـأ َ‬ ‫الـر َ‬ ‫دأب َك ِمـن ُأ ِ ّم ُ‬ ‫ـاب ِب َ‬ ‫َّ‬ ‫ـهـا‬ ‫ـل‬ ‫ـب‬ ‫ق‬ ‫ـويـرث‬ ‫احل‬ ‫ــل‬ ‫س‬ ‫ب‬ ‫‪ .7‬ك‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ َ ْ َ َّ َ َ ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫‪ .8‬إذا ق َ‬ ‫ـامتا تـض َّـوع ا ِمل ْـسـك ِم ن ُ�ـمـا ن ِسيـم الصبا جـاءت ِب� يــا القرنف ِل‬ ‫ً‬ ‫‪َ .9‬ف َف َ‬ ‫اض ْت ُد ُ‬ ‫َعـ َـى َّ‬ ‫النحــر تَّ‬ ‫موع َ‬ ‫ح� َب َّل َد ْمـ ِ يَ‬ ‫الع ي ِن� ِم ِ نّ ي� َص َبابة‬ ‫ـ� ِ ْم َم يل‬ ‫ِ‬ ‫َ َ‬ ‫ـ� َّـن َصـالــح وال س َّــيــما ٌ َ‬ ‫ارة ُج ْـل ُ‬ ‫ـك ِم نْ ُ‬ ‫يـوم ل‬ ‫ــج ِـل‬ ‫‪ .10‬أال ُر َّب ٍ‬ ‫ِ‬ ‫يـوم ِبــد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ َ َ ُ َ‬ ‫َ​َ َ​َ ً‬ ‫لعذ َارى َم ِـط َّ‬ ‫الـم َـت َـح َّ‬ ‫ـبا ِم ْـن ُكـورهــا ُ‬ ‫ـي‬ ‫ـت‬ ‫ــي‬ ‫‪ .11‬ويـوم عـقـرت ِل‬ ‫ــم ِـل‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫شَ ْ َُ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ َ ْ تَ َ َْ‬ ‫ُ َ‬ ‫ّ َْ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫الدمق ِس الـمـفــت ِـل‬ ‫اب ِ‬ ‫‪ .12‬فظل الـعذارى يـر ِ�يـن ِبـلح ِـمها و� ٍم كد ِ‬ ‫تســتدعي أ‬ ‫الحـزان الطلليــة الملتاعــة عــى فـراق المحبوبــة مثيالتهــا ف ي�‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫و�‬ ‫ـا� ّ‬ ‫ذاكــرة الشــاعر‪ ،‬فتتداعــى صــور النســاء الخريــات الـ ي‬ ‫أحبهــن‪ ،‬ي‬ ‫هــذا التداعــي المع َلــن قـ ْـدر كبـ يـر مــن الرغبــة ف ي� االســتعراض وإظهــار‬ ‫محبــة النســاء لــه‪ ،‬ولهــذا يختــار امــرؤ القيــس مفــردة (الــدأب) الدا ّلــة‬ ‫ـزل هــو مــن عاداتــه المعهــودة مــع النســاء‬ ‫عــى أن هــذا التع ُّلــق الغـ ي‬ ‫ت‬ ‫ـن ف� حياتــه‪ ،‬ويذكــر ف� البــدء امرأتـ ي ن‬ ‫ـ� بكُ نيتيهمــا‪:‬‬ ‫الكثـ يـرات الـ ي‬ ‫ي‬ ‫ـا� عرفهـ ّ ي‬ ‫الــراح القُدامــى ي ِّ ن‬ ‫يبــ� أن ّأم‬ ‫وأم الربــاب‪ ،‬وبعــض ش ُّ‬ ‫الحويــرث‪ّ ،‬‬ ‫ّأم ُ‬ ‫الحويــرث هــي‪ِ :‬هــرة ّأم الحــارث بــن ُح ي ن‬ ‫وأم الربــاب‬ ‫ــ�‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫صــ� ال َك ْل ب ي‬

‫هــي أيضـاً امـرأة مــن قبيلــة َك ْلــب‪ ،‬ولكــن مــن الالفــت تج ُّنــب الشــاعر‬ ‫هاتــ� المر ي ن‬ ‫الترصيــح باســمي ي ن‬ ‫رصح بعــد ذلــك باســمي‪:‬‬ ‫أتــ�‪ ،‬بينمــا ّ‬ ‫ُع ي ز‬ ‫نــ�ة‪ ،‬وفاطمــة‪ ،‬وكأنــه كان يُراعــي بعــض الحساســيات القبليــة‬ ‫المحيطــة بامــر ت يأ� ك ْلــب‪ ،‬وربمــا ألجــل هــذا أيضــاً اكتفــى بالوصــف‬ ‫المجمــل لشــذى رائحتهمــا بمــا تعبقــان بــه مــن ِم ْســك يضــوع ش‬ ‫وينت�‪،‬‬ ‫َ‬ ‫المحملــة برائحــة القرنفــل‪.‬‬ ‫الصبــا‬ ‫َّ‬ ‫وكأنــه نســيم ِريــح َّ‬

‫‪50‬‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫‪II: Erotic Encounters‬‬ ‫اللغة‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫كَدأْبــك‪ :‬كعادتــك‪َ .‬مأ َســل‪:‬‬ ‫اســم مــاء أو جبــل ف ي� جهــة نجــد‬ ‫الجنوبيــة إىل ش‬ ‫الــرق مــن هضــب‬ ‫ـت رائحتــه‬ ‫تحركـ ْ‬ ‫الــدوارس‪ .‬تضـ َّـوع‪ّ :‬‬ ‫مهبهــا مــن‬ ‫وانتـ شـرت‪َّ .‬‬ ‫الصبــا‪ِ :‬ريــح ُّ‬ ‫جهــة ش‬ ‫وكثــراً مــا تُضــاف‬ ‫الــرق‪،‬‬ ‫ي‬ ‫إىل نجــد‪ ،‬ف ُيقــال‪َ :‬صبــا نجــد‪.‬‬ ‫الطيبــة‪.‬‬ ‫ريّــا القرنْفــل‪ :‬رائحتــه ّ‬ ‫ســالت بغــزارة‪َ .‬صبابــة‪:‬‬ ‫فاضــت‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِرقّــة الشــوق‪ .‬النحــر‪ :‬أعــى‬ ‫الســر الــذي‬ ‫حمــل‪:‬‬ ‫ي‬ ‫الصــدر‪ِ .‬م َ‬ ‫حمــل بــه الســيف‪ .‬دارة ُجل ُْجــل‪:‬‬ ‫يُ َ‬ ‫اســم موضــع اخ ُت ِلــف ف ي� تحديــد‬ ‫أ‬ ‫ســمى‬ ‫مكانــه‪ ،‬والرجــح أنــه مــا يُ ّ‬ ‫الآن‪ :‬غديــر جالجــل ف ي� هضــب‬ ‫ـرت‪ ِ .‬ت‬ ‫ـ�‪:‬‬ ‫الــدوارس‪ .‬عقـ ُ‬ ‫ـرت‪ :‬نحـ ُ‬ ‫مط ّيـ ي‬ ‫المطيــة هــي ُّكل مــا يُـــمتطى ويُركَب‬ ‫ّ‬ ‫مــن الــدواب‪ ،‬والمقصــود بهــا هنــا‪:‬‬ ‫الناقــة‪ .‬كُورهــا‪ْ :‬رحلهــا‪ ،‬وهــو مــا‬ ‫وضــع عــى ظهرهــا مــن أمتعــة‪.‬‬ ‫يُ َ‬ ‫ن‬ ‫يرتمــ� بلحمهــا‪ :‬يتهادينــه فيمــا‬ ‫ي‬ ‫ــداب‪ :‬خيــوط وأط ـراف‪.‬‬ ‫ـن‪ .‬هُ ّ‬ ‫بينهـ ّ‬ ‫أ‬ ‫البيــض‬ ‫الد َمقْــس‪ :‬الثــوب‬ ‫ِّ‬ ‫المنســوج مــن الحريــر‪ .‬المف ّتــل‪:‬‬ ‫المشــدود‪.‬‬

‫ ‬

‫‪7. Console yourself as once before you did‬‬ ‫‪ for Umm Huwayrith‬‬ ‫ ‬ ‫‪ And her neighbor at Mount Ma ʾsal,‬‬ ‫ ‬ ‫‪ Umm Rabāb.‬‬ ‫‪8. When they rose there wafted from them‬‬ ‫‪ a fragrance, redolent‬‬ ‫ ‬ ‫‪As the East breeze when it bears‬‬ ‫ ‬ ‫‪ the scent of clove.‬‬ ‫‪9. Then out of ardent love my eyes‬‬ ‫‪ sent flowing down my neck‬‬ ‫ ‬ ‫‪ A flood of tears‬‬ ‫ ‬ ‫‪until they soaked my sword-belt.‬‬ ‫‪10. And the many days of delight‬‬ ‫!‪ with the damsels‬‬ ‫ ‬ ‫‪And, best of all, the day‬‬ ‫ ‬ ‫!‪ at Dārat Juljul‬‬

‫‪11. The day I slew my she-camel‬‬ ‫—‪for the maidens‬‬ ‫ ‬ ‫‪ How amazing when they loaded up‬‬ ‫ ‬ ‫ !‪ her saddle and its gear‬‬ ‫‪12. All day the playful maidens‬‬ ‫‪ tossed pieces of her meat‬‬ ‫ ‬ ‫‪And of her fat, like twisted fringes‬‬ ‫ ‬ ‫‪ of white Damascus silk.‬‬

‫‪51‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫جــراء‬ ‫ثــم يعــود امــرؤ القيــس للمــرة الرابعــة إ‬ ‫للشــارة إىل بكائــه ّ‬ ‫ت‬ ‫ـت حـ ّـد أن تفيــض عــى‬ ‫ـ� وصلـ ْ‬ ‫العشــق‪ ،‬مصـ ِّـوراً دموعــه الغزيــرة الـ ي‬ ‫حمــل ســيفه‪ ،‬ومــن الظواهــر الواضحــة ف ي� المع َّلقــة‪:‬‬ ‫نحــره‪ ،‬وتُب ِّلــل ِم َ‬ ‫الشــارات المتواتــرة إىل بــكاء الشــاعر الشــديد والمبالغــة الالفتــة‬ ‫هــذه إ‬ ‫ف ي� وصــف غـزارة دموعــه حزنـاً عــى معشــوقاته‪ ،‬وكأنمــا هــو َعـ َـرض مــن‬ ‫فتوتــه الالهيــة‬ ‫أعـراض تــرف البطالــة الــذي انغمــس فيــه الشــاعر أيّــام ّ‬ ‫ف ي� حيــاة والــده‪.‬‬ ‫تعــود الخط ـرات الغزليــة مــن جديــد إىل ذاكــرة امــرئ القيــس‪ ،‬فيمــا‬ ‫ينغمــس ف ي� هــذا التأكيــد المســتعاد عــى اتســاع مغامراتــه العاطفيــة‬ ‫نهــن‬ ‫صالــح"‪ ،‬ليصــل‬ ‫مــع النســاء‪ ،‬فيقــول‪" :‬أال ُر ّب ٍ‬ ‫يــوم لــك ِم ّ‬ ‫ٍ‬

‫لجــل‪،‬‬ ‫الشــاعر بعــد ذلــك إىل ذكــرى عزيــزة عليــه‪ ،‬وهــي‪ :‬يــوم دارة ُج ُ‬ ‫ترصــد فيــه لبنــت عمــه‪ُ :‬ع ي ز‬ ‫نــ�ة مــع رفيقاتهــا لــدى مرورهــن‬ ‫الــذي ّ‬ ‫ـن عــن اللحــاق‬ ‫ـن ومماطلتــه لهـ ّ‬ ‫ـن َشــغَ به معهـ ّ‬ ‫بالغديــر‪ ،‬وكيــف ّأخرهـ ّ‬ ‫التأخــر بــأن نحــر‬ ‫عوضهــن عــن هــذا‬ ‫العشــرة‪ ،‬ثــم كيــف‬ ‫بركْــب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬

‫ـن‪ ،‬وإنــه ليعجــب كيــف لــم يبـ َـق لــه مــن ناقتــه ســوى‬ ‫ناقتــه إلطعامهـ ّ‬ ‫متاعهــا الــذي كانــت تحملــه‪ ،‬وكيــف اض ُطــرت العــذارى إىل تقاســم‬

‫ـن‪ ،‬وهــو يذكــر مــا رافــق ذلــك مــن‬ ‫هــذا المتــاع ِ‬ ‫ليحم ْلنــه عــى رواحلهـ ّ‬ ‫ـن ف ي� تهــادي ِق َطــع اللحــم‬ ‫لهــو وسـ َـمر‪ ،‬وكيــف قضــت الفتيــات وقتهـ ّ‬ ‫ـن‪.‬‬ ‫والشــحم بينهـ ّ‬

‫‪52‬‬

‫‪53‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫جموح الشباب‬ ‫‪.13‬‬ ‫‪.14‬‬ ‫‪.15‬‬ ‫‪.16‬‬ ‫‪.17‬‬

‫َ َْ‬ ‫َ َ َ ْ َ َ َ ْ ُ َّ َ‬ ‫الت إنك ُم ْر ِج ِ يل‬ ‫ويـوم َدخل ُت ا ِلخ ْد َر ِخ ْـد َر ُع َن ْي زَ� ٍة فقالت‪ :‬لك الوي‬ ‫َُ ُ َ َ َ ُ‬ ‫ً‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َع َق َ‬ ‫الق ْي ِس نْ ز‬ ‫تقول وق ْد َمال الغ ِب ْــيط ِبنا معا‪:‬‬ ‫فا� ِل‬ ‫رت َب ِـع ْي ِ�ي ي� امرأ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ُ‬ ‫َف ُق ْل ُت هلا‪ِ :‬س ْيـري َوأ ِ خ‬ ‫الـم َع ِل ِل‬ ‫ر� ِز َم َام ُه وال ت ْب ِع ِد ِينـي ِم ْن َج َن ِاك‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫َ​َْ‬ ‫َ​َ ْ‬ ‫َ‬ ‫فْ‬ ‫ْ تَ ِئ َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫رض ٍع فألـهـيـــها عــن ِذي �ــا� م ِــو ِل‬ ‫ِ�ث ِل ِك ُح ْبل قد طرقت وم ِ‬ ‫هقُّ َ ْ ُ‬ ‫ص َف ْ‬ ‫ِب ِش ّــق تو� ت‬ ‫إذا ما َب َك ِمن َخ ْل ف ِ�ا ْان َ َ‬ ‫هل‬ ‫ت‬ ‫ـــم ي َ� َّــو ِل‬ ‫ــ� ِشــ ا ل‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ثــرة ي ن‬ ‫بــ� ذكرياتــه‬ ‫يســتكمل امــرؤ القيــس ْرســم هــذه اللوحــة ال ي‬ ‫طعمــوا مــن الناقــة‪ ،‬وتقاســمت العــذارى أمتعــة‬ ‫الغزليــة‪ ،‬فبعــد أن ِ‬ ‫حمــل هــو عــى‬ ‫امــرئ القيــس اســتعداداً الســتئناف الرحلــة‪ ،‬بقــي أن يُ َ‬ ‫ـ� جمــل بنــت‬ ‫إحــدى النــوق أو ِ‬ ‫الجمــال‪ ،‬وقــد اختــار عامــداً أن يعتـ ي‬ ‫عمــه يل�افقهــا ف ي� المسـ يـر‪ ،‬وهــو يصـ ّـور هنــا شــيئاً مــن عبــث الشــباب‪،‬‬ ‫وكيــف كان يُدخــل رأســه إىل هودجهــا المحمــول عــى البعـ يـر؛ ليتمـ ّـى‬ ‫محاســنها‪ ،‬فيمــا كانــت هــي تتضجــر مــن صنيعــه‪ ،‬وتُظهــر جزعهــا مــن‬ ‫أن ال يحتمــل البعـ يـر ثقليهمــا معـاً‪ ،‬فقــد تنكــر قوائمــه‪ ،‬ويعجــز عــن‬ ‫النهــوض بعــد ذلــك‪ ،‬ممــا ســيجعلها مضطـ ّـر ًة للمسـ يـر راجلــةً عــى‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫و� هــذا مــن الداللــة‬ ‫أقدامهــا‪ ،‬وهــي ي� جزعهــا هــذا تناديــه باســمه‪ ،‬ي‬ ‫التحبــب وأمــارة التع ُّلــق مــا فيــه‪ ،‬وهــذه المنــاداة المتغ ِّنجــة هــي‬ ‫عــى ُّ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـ� تُهـ ي ّ ئ‬ ‫ـ� للشــاعر أن يذكــر اســمه ي� المع َّلقــة‪.‬‬ ‫المــرة الوحيــدة الـ ي‬ ‫ويحــاول امــرؤ القيــس أن يُهـ ِّـدئ مــن روعهــا؛ طالب ـاً منهــا أن تُرخــي‬ ‫خــى منــه‪ ،‬وأن ال تُبعــده عنهــا‪،‬‬ ‫ِزمــام‬ ‫البعــر‪ ،‬فليــس هنــاك مــا يُ ش َ‬ ‫ي‬ ‫وهبــات جمالهــا‪ ،‬دون أن ينــى تذليــل هــذا التم ُّنــع‬ ‫لينعــم بقربهــا ِ‬ ‫المفضــل لديــه‪ ،‬وهــو إظهــار حظوتــه عنــد‬ ‫منهــا بالعــزف عــى الوتــر‬ ‫َّ‬ ‫ف‬ ‫بالشــارة‬ ‫النســاء‪ ،‬ممــن يماث ْلنهــا ي� الحســن والــدالل‪ ،‬وهــو يؤكــد هــذا إ‬ ‫ـن مــن الحوامــل والمرضعــات‪ ،‬وهــذا‬ ‫المتيمــات بــه ُكـ ّ‬ ‫إىل أن بعــض َّ‬ ‫أ‬ ‫ُّ‬ ‫والرضــاع ُمشـ ِـغالن للمـرأة‬ ‫أدل عــى مكانتــه عنــد النســاء‪ ،‬لن الحمــل إ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ـ� إىل حــد‬ ‫ي� العــادة عــن الغــزل والصبابــة‪ ،‬ويصــل بــه التع ُّهــر ال�جـ ي‬ ‫المرضــع بــه‪ ،‬وحرصهــا عــى إدامــة‬ ‫أن‬ ‫يصــور مــدى شــغف المــرأة ِ‬ ‫ِّ‬ ‫متعتهــا معــه‪ ،‬بحيــث ال يرصفهــا بــكاء رضيعهــا عــن مواصلــة التقـ ّـرب‬ ‫واالســتمتاع‪.‬‬

‫‪54‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ُّ‬ ‫ــدر‪ :‬كل مــا يُــؤوي ويُخفــي‬ ‫الخ ْ‬ ‫ِ‬ ‫مــن بيــت أو ِسـ ت ْـر‪ ،‬والمقصــود بــه‬ ‫هنــا الهــودج الــذي يُوضــع للنســاء‬ ‫عــى ظهــر الناقــة‪ُ .‬ع ي ز‬ ‫نــرة‪ :‬قيــل‬ ‫عمــه‪ ،‬وقيــل‪ :‬إنــه‬ ‫إنــه اســم بنــت ّ‬ ‫جــرت فيــه‬ ‫اســم الموضــع الــذي‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ســتجعل�‬ ‫ــ�‪ :‬أي‬ ‫القصــة‪ُ .‬م ِرج ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫البعــر لــن‬ ‫أمــس راجلــةً ؛ لن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ثقــ� وثقلــك معــاً‪.‬‬ ‫يحتمــل‬ ‫ي‬ ‫الغَ ِبيــط‪ :‬الهــودج‪ ،‬أو أساســه‬ ‫أثقلــت‬ ‫عقــرت‪:‬‬ ‫ــد بــه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الــذي يُ َش ّ‬ ‫َ‬ ‫ـت‬ ‫عــى البعـ يـر بوزنــك وكأنــك قطعـ َ‬ ‫إحــدى قوائمــه‪ .‬أ َ ِرخــي ِزمامــه‪:‬‬ ‫يســر‬ ‫واتــرك‬ ‫هــو ن ي� عليــك‬ ‫البعــر ي‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫ي‬ ‫عــى َهونــه‪َ .‬ج َنــاك‪َ :‬ج ـىن َ النخــل‪:‬‬ ‫مــا اج ُتــن ي مــن ثمــره‪ ،‬والمقصــود‬ ‫بــه هنــا‪ :‬مــا يجتنيــه مــن المــرأة‪:‬‬ ‫حديث ـاً وقُرب ـاً ومؤانســةً ‪ .‬المعلِّــل‪:‬‬ ‫الــ ُـملهي‪ِ .‬فمث ِْلــك‪ :‬هــذه فــاء ُ(ر َّب)‪،‬‬ ‫مثلــك‪ُ .‬ح ْبــى‪:‬‬ ‫فــر َّب امــر ٍأة ِ‬ ‫أي ُ‬ ‫ن‬ ‫أتيــت‬ ‫طرقــت‪:‬‬ ‫بجنــ�‪.‬‬ ‫حامــل‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫لي ـاً‪ .‬تمائــم‪ :‬جمــع تميمــة‪ ،‬وهــي‬ ‫مــا كانــوا يعلِّقونــه عــى الطفــل‬ ‫ـح ِول‪ :‬أتـ ّـم‬ ‫حمايــةً وتعويــذاً لــه‪ُ .‬مــ ْ‬ ‫حــوالً‪ ،‬أي أن عمــره ســنة واحــدة‪.‬‬ ‫ــق‪ :‬نصــف أو طــرف‪.‬‬ ‫ِش ّ‬

‫‪13. And how about the day I entered the howdah,‬‬ ‫‪ ʿUnayzah’s howdah,‬‬ ‫ ‬ ‫!‪ And she said, “Damn you! Look what you’ve done‬‬ ‫ ‬ ‫”!‪ I’ll have to go on foot‬‬ ‫‪14. She kept on, as the high-sided saddle‬‬ ‫‪ lurched to one side,‬‬ ‫ ‬ ‫!‪ “You’ve crippled my camel, Imruʾ al-Qays‬‬ ‫ ‬ ‫”!‪ Get down‬‬ ‫‪15. So I said to her, “Just keep going‬‬ ‫‪and loosen his reins,‬‬ ‫ ‬ ‫‪ Don’t keep me from a second taste‬‬ ‫ ‬ ‫”‪ of your sweet fruit.‬‬

‫‪16. Many a woman, like you, pregnant and nursing,‬‬ ‫‪I have visited at night‬‬ ‫ ‬ ‫‪ And distracted from her amuleted‬‬ ‫ ‬ ‫‪one-year-old.‬‬ ‫‪17. When he cried from behind her, she turned‬‬ ‫‪her upper half toward him,‬‬ ‫ ‬ ‫‪But the half that was beneath me‬‬ ‫ ‬ ‫‪did not budge.‬‬

‫‪55‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫القلب المقتـل‬ ‫‪.18‬‬ ‫‪.19‬‬ ‫‪.20‬‬ ‫‪.21‬‬ ‫‪.22‬‬

‫َ َّ‬ ‫ً َ َ ظَ ْ َ‬ ‫يب ت َعذ َر ْت‬ ‫ث‬ ‫الك‬ ‫ويوما عل � ِر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ ُّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫أف ِاط َـم َ ْملا بعـض هـذا التدل ِـل‬ ‫َ ٌَ‬ ‫ْ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫وإن تك قد َساءت ِك ِم ِ نّ ي� خليقة‬ ‫َّ‬ ‫َأغ َّ‬ ‫ـــي‬ ‫ـــر ِك ِمـــ ِينّ ي أن ُح َّب ِ‬ ‫ـــك قا ِت ِ ي‬ ‫َّ‬ ‫ومــا َذ َر َفـ ْ‬ ‫ناك إل َلتـرضْ ِ ب ي�‬ ‫ـت َعــ ْـي ِ‬

‫َ َ َّ َ ْ َ ْ َ ً َ ْ تَ َ َّ‬ ‫ــل‬ ‫ل‬ ‫ــل وآلــت حلفــة لـــم � ِ‬ ‫ع ي‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫وإن كن ِت قد أز َم ْع ِت َ ْ‬ ‫فأ� يل‬ ‫م جْ ِ‬ ‫صِ ي‬ ‫َْ‬ ‫َُ ّ‬ ‫ــك تن ُس ِــل‬ ‫ياب ِ‬ ‫يــا� ْ ِمــن ِث ِ‬ ‫ــل ِث ب ي‬ ‫فس ِ ي‬ ‫أ‬ ‫َْ َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫ـب َيف َعـ ِـل‬ ‫وأنـ ِـك َ ْممــا ت� ُمـ ِـري القلـ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ِب َ ْ‬ ‫س َم ْـي ِك ي� ْأعش ِار قل ٍب ُمق َّت ِل‬

‫العشــاق يُعيــد امــرؤ القيــس‬ ‫بــذكاء الخبـ يـر‪ ،‬وبتق ّلــب المشــاعر وأهــواء ّ‬ ‫ـول‪،‬‬ ‫هنــا توجيــه الد َّفــة‪ ،‬فيتخــى– مؤقّتـاً‪ -‬عــن نـ بـرة االســتعراض الفحـ ي‬ ‫ويـرض ب عــى وتــر آخــر‪ ،‬فهــا هــو ذا يُقـ ّـر بــأن جاذبيتــه ال تنجــح دائمـاً‬ ‫ـت عليــه ذات يــوم وهمــا‬ ‫أمــام إبــاء الم ـرأة؛ ولهــذا يذكــر أنهــا تم ّنعـ ْ‬ ‫ف‬ ‫ـمت عــى صـ ِّـده دون‬ ‫ـددت ي� تم ُّنعهــا‪ ،‬حـ تـى أقسـ ْ‬ ‫فــوق الكثيــب‪ ،‬وتشـ ْ‬ ‫ن‬ ‫كفكــف بعــض داللهــا عليــه‪،‬‬ ‫ـتث�‪ ،‬وهــو يرجــو مــن فاطمــة أن تُ ِ‬ ‫أن تسـ ي‬ ‫وأن ال تتعجــل ف ي� هجــره واالنــراف عنــه‪ ،‬عــى أنهــا إذا كانــت قــد‬ ‫ت‬ ‫تسـ َّـل‬ ‫ـ� ال تــروق لهــا‪ ،‬فـ ّ‬ ‫ـإن بإمكانها أن ُ‬ ‫ضاقــت ذرعـاً ببعــض صفاتــه الـ ي‬ ‫ثيابــه مــن ثيابهــا‪ ،‬والثيــاب هنــا كنايــة عــن القلــب كمــا يقــول بعــض‬ ‫ش‬ ‫حبــه لهــا‪،‬‬ ‫ـراح القُدامــى‪ ،‬أي أن بإمكانهــا –إن اســتطاعت‪ -‬أن تـنز ع َّ‬ ‫الـ ّ‬ ‫أ‬ ‫ـت تغلغل‬ ‫ضمنـ ْ‬ ‫رس قســوتها معــه‪ :‬ألنهــا ِ‬ ‫َّ‬ ‫وحبهــا لــه‪ ،‬ثــم يتســاءل عــن ّ‬ ‫ف‬ ‫حبهــا ي� قلبــه‪ ،‬وتع ُّلقــه بهــا‪ ،‬وامتثالــه لــكل مــا تأمــره بــه‪ ،‬حـ تـى إنهــا‬ ‫رشــق قلبــه بعينيهــا النجالويــن‪،‬‬ ‫لتــذرف دموعهــا أمامــه لتتمكــن مــن ْ‬ ‫وكأنمــا تسـ ِّـدد سـ ي ن‬ ‫ـهم� نحــو قلبــه الجريــح‪ ،‬ليســتحيل إىل ِق َطــع داميــة‬ ‫وكســور مبع ـرث ة‪.‬‬

‫‪56‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫الكثيــب‪ :‬الرمــل الكثـ يـر المجتمــع‪.‬‬ ‫بــت‪.‬‬ ‫امتنعــت‬ ‫رت‪:‬‬ ‫تعــذَّ ْ‬ ‫ّ‬ ‫وتصع ْ‬ ‫ْ‬ ‫ـمت‪ .‬لــم تَـــحلَّل‪ :‬لــم‬ ‫آلـ ْ‬ ‫ـت‪ :‬أقْسـ ْ‬ ‫تســت� ف‬ ‫ثن‬ ‫ــم‪ :‬نــداء‬ ‫أفاط‬ ‫ــمها‪.‬‬ ‫َس‬ ‫ق‬ ‫�‬ ‫ِ َ‬ ‫ِ ي َ‬ ‫وحذفــت التــاء منهــا‬ ‫لفاطمــة‪ُ ،‬‬ ‫عزمــت عــى‬ ‫أزمعــت‪:‬‬ ‫ترخيمــاً‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫وأجمعــت عليــه‪َ .‬صمــي‪:‬‬ ‫المــر‬ ‫ِ‬ ‫ـ�‪:‬‬ ‫القطيعــة معــي ْ‬ ‫وهجــري‪ْ .‬أج ِمـ ي‬ ‫ف‬ ‫الهجــر‪ ،‬بــل اتئــدي‬ ‫أي ال تُفرطــي ي� ْ‬ ‫تكــن‪.‬‬ ‫وتريّــث ي فيــه‪ْ .‬‬ ‫إن تــكُ ‪ْ :‬‬ ‫إن ْ‬ ‫خَ ليقــة‪ُ :‬خ ُلــق أو صفــة أو طبيعــة‪.‬‬ ‫ثيــا� مــن ثيابــك‪ :‬أزيليهــا‬ ‫ــ� ب ي‬ ‫ُس ِّ ي‬ ‫تنســل‪ :‬تســقط‬ ‫بينهــا‪.‬‬ ‫وباعــدي‬ ‫ُ‬ ‫ســالت‬ ‫ذرفــت عينــاك‪:‬‬ ‫وتُفــارق‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫دموعهــا‪ .‬أعشــار‪ِ :‬قطَــع وكســور‪.‬‬ ‫قلــب مق ّتــل‪ :‬مجــروح مــن شــدة‬ ‫العشــق‪.‬‬

‫‪18. Then one day, on the back of a dune,‬‬ ‫‪she rebuffed me,‬‬ ‫ ‬ ‫‪And swore an oath never‬‬ ‫ ‬ ‫‪to be broken.‬‬

‫‪19. O Fātimah! Enough‬‬ ‫!‪ of this teasing‬‬ ‫ ‬ ‫‪ And if you have resolved to cut me off,‬‬ ‫ ‬ ‫‪then do it gently.‬‬

‫‪20. If something in my character‬‬ ‫‪has hurt you,‬‬ ‫ ‬ ‫—‪ Then pull my clothes away from yours‬‬ ‫ ‬ ‫‪they’ll slip right off.‬‬

‫‪21. Were you emboldened to abuse me‬‬ ‫‪ because your love is my slayer‬‬ ‫ ‬ ‫‪ And whatever you command my heart to do,‬‬ ‫ ‬ ‫?‪ it does‬‬ ‫ ‬ ‫‪22. Your eyes do not shed tears‬‬ ‫‪ except to pierce‬‬ ‫ ‬ ‫‪With their two arrows‬‬ ‫ ‬ ‫‪the pieces of my slaughtered heart.‬‬

‫‪57‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫اللوحة الثالثة‬ ‫المغامرة القصصية‬ ‫ ‬ ‫تَ َ� َّت ُ‬ ‫عت ِمن َلــ ْـهو ب�ا ي َ‬ ‫غ� ُم ْع َج ِل‬ ‫ــة ِخ ْــد ٍر ال ُ ي َ� ُام ِخ َباؤهــا‬ ‫‪َ .23‬وب ْي َض ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫َ ً‬ ‫َ َ َّ َ ً‬ ‫َ َ َْ ُ ْ ً‬ ‫ْ‬ ‫اصا لـــو ُي ِ ُّ‬ ‫عـ‬ ‫ـل ِحر‬ ‫سون َمقــ َـت ِ يل‬ ‫أحـراسا يإل�ا َوم ْعـشـرا‬ ‫‪ .24‬تـجاوزت‬ ‫ي‬ ‫َ​َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ََّ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫السـ َـماء ت َع َّر َض ْ‬ ‫ال� َّ ي� � َّ‬ ‫‪ .25‬إذا ما ثُّ َ‬ ‫تعـ ُّ‬ ‫ـاح الـــمفص ِل‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫الو‬ ‫ناء‬ ‫أث‬ ‫ض‬ ‫ـر‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫َِ‬ ‫ّ تْ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ـت َوقـ ْـد َن َضـ ْ‬ ‫فَ ج� ْئـ ُ‬ ‫ـت ِلــ َـن ٍوم ِث بَ‬ ‫ـر إل ِل ْب َســة الــ ُـم َتف ِّض ِل‬ ‫يا�ــا‬ ‫لدى ِ‬ ‫‪ِ .26‬‬ ‫السـ ِ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ​َ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الغواية تنج ِ يل‬ ‫‪ .27‬فقالــت‪ :‬يــ ِـم ي ن� هللاِ ما لــك ِحيل‬ ‫وما إن أ َرى عنك ِ‬ ‫ـن‬ ‫مــع أن هــذه اللوحــة هــي امتــداد للذكريــات الغزليــة الســابقة؛ لكـ ّ‬ ‫ئ‬ ‫ـكا� فيهــا يُهيئــان‬ ‫ـ� المتكامــل وامتــداد الــرد الحـ ي‬ ‫اســتقاللها القصـ ي‬ ‫نعدهــا لوحــة مســتقلة بذاتهــا‪ ،‬وتذ ِّكرنــا هــذه المغامــرة الليليــة‬ ‫لنــا أن ّ‬ ‫أ‬ ‫بنظ�تهــا ف ي� الميــة امــرئ القيــس الخــرى‪( :‬أال ِعـ ْـم صباحـاً أيهــا الطلـ ُـل‬ ‫ي‬ ‫ـ� الشــاعر مغامــرة اقتحاميــة مشـ ِـابهة قــام بهــا‬ ‫ـال)‪ ،‬فهنــاك يحـ ي‬ ‫البـ ي‬ ‫ـام أه ُلهــا‪،)...‬‬ ‫ـموت إليهــا بعدمــا نـ َ‬ ‫للوصــول إىل إحــدى محبوباتــه‪( :‬سـ ُ‬ ‫ف‬ ‫وســيحاك عــدد مــن الشــعراء الالحقـ ي ن‬ ‫ـ� ام ـرأَ القيــس ي� هــذا النمــط‬ ‫ي‬ ‫ـ� للمغام ـرات‬ ‫مــن القصــص الشــعرية المبنيــة عــى الــرد التفصيـ ي‬ ‫ف‬ ‫(أمــن‬ ‫الغزليــة‪ ،‬ولعــل أبرزهــم عمــر بــن ب يأ� ربيعــة ي� رائيتــه الشـ ي‬ ‫ـه�ة‪ِ :‬‬ ‫فم ْب ِكـ ُـر)‪.‬‬ ‫ِآل نُ ْعـ ٍـم أنــت غـ ٍ‬ ‫ـاد ُ‬ ‫ف� هــذه اللوحــة يــروي امــرؤ القيــس كيــف تسـ ّلل ليـا ً ونجــوم ث‬ ‫ال�يّــا‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫والمصونــة ي� ِخدرهــا‪،‬‬ ‫تتــ�ل ُ ي� الســماء إىل هــذه المــرأة الرقيقــة‬ ‫ُ‬ ‫متجــاوزاً الحــرس الحريصـ ي ن‬ ‫برسيــة تامــة‪،‬‬ ‫ـ� ‪-‬لــو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ظفــروا بــه‪ -‬عــى قتلــه ّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫وال يفوتــه أن يصـ ِّـور جمــال منظــر الســماء تلــك الليلــة وقــد تــ�ل ْت‬ ‫أ أ‬ ‫نجــوم ث‬ ‫المرصــع بالجواهــر والــدرر‪،‬‬ ‫ال�يّــا فيهــا؛ كمــا يتــ�ل ِ‬ ‫العقــد ّ‬ ‫كمــا ال يفوتــه أن يسـ ّـجل اندهــاش الم ـرأة مــن وصولــه المفاجــئ إىل‬ ‫تتهيــأ للنــوم متخفِّفــةً مــن لباســها‪ ،‬فــا تملــك ّإل‬ ‫ِخبائهــا‪ ،‬فيمــا كانــت ّ‬ ‫مقســمةً عــى أنــه ال حيلــة لــه يك يسـ ِّـوغ لهــا‬ ‫أن تتعجــب مــن تهـ ّـوره‪ِ ،‬‬ ‫هــذا االقتحــام المتهـ ِّـور‪ ،‬كمــا أنــه ال حيلــة لهــا أمــام اندفاعــه ِوغوايتــه‬ ‫ت‬ ‫ـ� ال تنق ـض ي ‪.‬‬ ‫الـ ي‬

‫‪58‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ور َّب امـر ٍأة كأنهــا‬ ‫وبَ ْيضـ ِـة ِخـ ْـدر‪ :‬أي ُ‬ ‫بَ ْيضــة ف ي� صفائهــا ورقّتهــا‪َ ،‬م ُصونــة‬ ‫ف ي� ِخدرهــا الــذي يُؤويهــا‪ .‬ال يُ ـرام‪:‬‬ ‫طمــع فيــه وال يقـ تـرب منــه أحــد‬ ‫ال يُ َ‬ ‫الخبــاء‪:‬‬ ‫وم َنعتــه‪ِ .‬خباؤهــا‪ِ :‬‬ ‫لعــ ّزه َ‬ ‫نصــب عــى‬ ‫الخيمــة‬ ‫ي‬ ‫الصغــرة تُ َ‬ ‫عجــل‪:‬‬ ‫غــر ُم َ‬ ‫عموديــن أو ثالثــة‪ .‬ي َ‬ ‫أي ال خــوف يدفعـن إىل التعجــل �ف‬ ‫ُّ ي‬ ‫ي‬ ‫االســتمتاع‪ .‬أحراس ـاً‪ :‬جمــع َحـ َـرس‪.‬‬ ‫ـرون‪ :‬يُخفــون‪ .‬ث ُّ‬ ‫ال�يّــا‪ :‬مجموعة‬ ‫يُـ ِ ُّ‬ ‫مــن النجــوم عــى شــكل عنقــود‬ ‫يز‬ ‫تتمــ� بلمعانهــا الشــديد‪ .‬أثنــاء‪:‬‬ ‫ن‬ ‫جمــع ِثـ ْ ي ‪ ،‬وهــو الناحيــة أو الجــزء‪.‬‬ ‫الوشــاح‪ِ :‬عقــد مــن الجواهــر أو‬ ‫ِ‬ ‫المفصــل‪ :‬الــذي‬ ‫الملــون‪.‬‬ ‫ــرز‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫الخ َ‬ ‫فُصــل ي ن‬ ‫بــ� جواهــره بأحجــار‬ ‫ـت‪.‬‬ ‫الزبرجــد‪ .‬ن َ​َضـ ْ‬ ‫ـت وألقـ ْ‬ ‫ـت‪ :‬خلعـ ْ‬ ‫المتفضــل‪ :‬المكتفــي ِبلبــاس واحــد‬ ‫ِّ‬ ‫الغ َـــــواية‪ :‬الضــال‪.‬‬ ‫تخفُّفــاً‪ِ .‬‬ ‫تنجــ�‪ :‬تنكشــف وتــزول‪.‬‬ ‫ي‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫‪23. With many a pale and curtained maiden‬‬ ‫‪ whose tent none dares approach,‬‬ ‫ ‬ ‫‪I took my pleasure,‬‬ ‫ ‬ ‫‪unhurried.‬‬ ‫‪24. I stole past guards‬‬ ‫‪ to get to her, past clansmen,‬‬ ‫ ‬ ‫‪ Eager, if they could conceal it,‬‬ ‫ ‬ ‫‪to slay me.‬‬

‫‪25. When the Pleiades were spread out‬‬ ‫‪ across the sky‬‬ ‫ ‬ ‫‪Like the pleats of a sash with alternating‬‬ ‫ ‬ ‫‪gold and gems,‬‬ ‫‪26. I came when she, before the tent curtain,‬‬ ‫‪ had shed her clothes for sleep‬‬ ‫ ‬ ‫‪ And was clad in nothing but‬‬ ‫ ‬ ‫‪an untied shift.‬‬

‫‪27. She cried, “By God, there’s no way‬‬ ‫!‪ to dissuade you‬‬ ‫ ‬ ‫‪And I don’t see the veil of your error‬‬ ‫ ‬ ‫”!‪ lifting‬‬

‫‪59‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫تحت ستر الظالم‬ ‫‪.28‬‬ ‫‪.29‬‬ ‫‪.30‬‬ ‫‪.31‬‬ ‫‪.32‬‬

‫ش تَ‬ ‫َ​َْ ُ‬ ‫ـي ج ُ�ـ ُّـر َو َر َاء ن�‬ ‫خرجَــت ِب�ــا أمـ ِ ي‬ ‫َ​َ َّ ْ‬ ‫َ َ َّ َ ْ ن‬ ‫ـي وان َت َح‬ ‫فلــا أجز� ســاحة ْ الــ ِي‬ ‫َ َ‬ ‫َ َْ َ‬ ‫ـر ُت ِبفـ ْـو َدي َرأ ِســا ف تَ� َم َايل ْت‬ ‫هـ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫غـــر ُمف َ‬ ‫ُ َم فْ َ�فـــة َب ْي َض ُ‬ ‫ـــاء ي ُ‬ ‫ـــة‬ ‫اض ٍ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ ُ َ نَ َ َ‬ ‫ـرة‬ ‫ـاض ِب ُصف ـ ٍ‬ ‫ك ِبك ـ ِـر مق ــا� ِة البي ـ ِ‬

‫َ َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫َعــى أ ث َ� ينــا ذ ْيــل ِمــ ْـر ٍط ُم َر َّحـ ِـل‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ِبنا َبط ُن خ ْب ٍت ِذي ِحق ٍاف َعق ْنق ِل‬ ‫َ َ َّ َ ْ َ َ ْ َ َّ ُ ْ‬ ‫الـم َخل َخ ِل‬ ‫ع يل ه ِض ي� الكش ِح ر يـا‬ ‫اكلس َ‬ ‫ــــها َم ْص ُقـــولةٌ َّ‬ ‫تَ َ�ا ِئ بُ‬ ‫ـــج ْن َج ِل‬ ‫َّ‬ ‫َغ َذاها َن ِـم ْي ُـر َ‬ ‫الـم ِاء َ‬ ‫غيـر ُم َـحل ِـل‬

‫ن‬ ‫هنــا يبــدأ الفصــل‬ ‫الثــا� مــن هــذه المغامــرة القصصيــة‪ ،‬فبقــاء‬ ‫ي‬ ‫العاشـق ي ن‬ ‫َ� معـاً ف ي� الخيمــة معـ ّـرض لخطــر االنكشــاف؛ ولهــذا يخرجــان‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫و� سـ يـرهما كانــت المـرأة‬ ‫تحــت ِســر الليــل‪ ،‬م ّتج َهـ يـ� إىل خــاء بعيــد‪ ،‬ي‬ ‫ـو� بالزينة؛‬ ‫القلقــة مــن افتضــاح أمرهمــا تســحب وراءهــا ِكســاءها المـ ش َّ‬ ‫ِ‬ ‫ليمحــو آثــار خطواتهمــا عــى الرمــل‪ ،‬فــا يسـ ّ‬ ‫ـتدل بهــا أحــد‪ ،‬حـ تـى إذا‬ ‫ضمهمــا منخفــض مــن أ‬ ‫الرض اجتذبهــا امــرؤ القيــس إليــه‪ ،‬وهنــا يذكــر‬ ‫ّ‬ ‫بالتفصيــل أبــرز مــا اســتثار ِح َّســه مــن مفاتنهــا‪ ،‬مر ِّكـزاً عــى التســجيل‬

‫البــري الدقيــق لمحاســن المــرأة الظاهريــة – وهــذا التســجيل‬ ‫ش‬ ‫المبــا� ِســمة بــارزة ف ي� المع َّلقــة‪ -‬فهــذه المــرأة نحيلــة‬ ‫البــري‬ ‫غــر ت‬ ‫مســرخية البطــن‪،‬‬ ‫الخــر‪ ،‬مكتــنز ة الســاق‪ُ ،‬معتدلــة الخ ْلــق‪ ،‬ي‬ ‫وإن بيــاض‬ ‫بينمــا يُـ شـرق نحرهــا وســط الظلمــة وكأنــه ِمـرآة مصقولــة‪ّ ،‬‬

‫جســدها ليذ ِّكــره بالبيضــة البكــر مــن بيــض النعــام الـ تـ� يمـ ت ز‬ ‫ـ�ج بياضها‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫بصفــرة خفيفــة‪ ،‬ويتعــزز معـىن البــكارة � تصويــر هــذا الجســد حـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫يُضــاف إليــه بــكارة المــاء الــذي ّنمــاه وأغــدق عليــه عذوبتــه‪ ،‬فهــو‬ ‫ـاف لــم يتغـ يـر؛ ألنــه لــم يســبق ألحــد أن حـ َّـل بقُربــه‪ ،‬وبهــذا‬ ‫مــاء صـ ٍ‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫ىن‬ ‫ـر� امــرؤ القيــس شــيئاً‬ ‫إ‬ ‫اللحــاح عــى معـ البــكارة ي� هــذه المـرأة يُـ ي‬ ‫مــن غــرور الفحولــة عنــده‪.‬‬

‫‪60‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ِمــرط‪ِ :‬كســاء مــن خــ ّز ونحــوه‪.‬‬ ‫ــو� بخطــوط وأشــكال‬ ‫ُم َّرحــل‪ُ :‬م ش َّ‬ ‫للزينــة‪ .‬أج ْزنــا‪ :‬بع�نــا وقطعنــا‪.‬‬ ‫انتحــى‪َ :‬‬ ‫مــال وانفــرد‪ .‬خَ ْبــت‪ :‬مــا‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫انخفــض مــن الرض واتّســع‪ِ .‬حقاف‪:‬‬ ‫ـوج‪.‬‬ ‫جمــع ِح ْقــف‪ ،‬وهــو الرمــل المعـ ّ‬ ‫عق ْنقــل‪ :‬واســع ورملــه متداخــل‪.‬‬ ‫ـت‪ .‬ب َفــو َدي رأســها‪:‬‬ ‫هـ ُ‬ ‫ـرت‪ :‬جذبـ ُ‬ ‫َفــودا الــرأس‪ :‬جانبــاه‪ .‬هَ ِضيــم‪:‬‬ ‫ضامــرة نحيلــة‪ .‬الكَشْ ــح‪ :‬جانــب‬ ‫الجســم‪ ،‬وهــو مــا ي ن‬ ‫بــ� منقطــع‬ ‫أ‬ ‫الضــاع إىل الــورك‪ ،‬ويُسـ َّـمى كذلــك‪:‬‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫الخــر‪ .‬ريّــا‪ :‬مكنــ�ة وممتلئــة‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫الخلْخــال‪،‬‬ ‫المخَ ْلخَ ــل‪ :‬موضــع َ‬ ‫وهــو‪ :‬الســاق‪ُ .‬م َه ْف َهفــة‪ :‬معتدلــة‬ ‫فاضــة‪ :‬مسـ تـرخية البطــن‪.‬‬ ‫الخ ْلــق‪ُ .‬م َ‬ ‫َ‬ ‫ترائبهــا‪ :‬ت‬ ‫ال�ائــب‪ :‬عظــام الصــدر‬ ‫القــادة‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫العليــا‪ ،‬وهــي موضــع ِ‬ ‫المـ ـرآة‪ِ .‬كبكْــر ُمقانــاة‬ ‫الســج ْن َجل‪ِ :‬‬ ‫البيــاض بص ْفــرة‪ :‬أي كالبيضــة أ‬ ‫الُوىل‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ـو�‬ ‫ـ� ُقـ ي‬ ‫ِالب ْكــر مــن بَيــض النعــام الـ ي‬ ‫بصفــرة‪ .‬غَذَ اهــا‪:‬‬ ‫ــز َج ُ‬ ‫بياضهــا ُ‬ ‫أي ُم ِ‬ ‫ـم� المــاء‪ :‬المــاء العــذْ ب‬ ‫ّنماهــا‪ .‬نَــ ي‬ ‫الــذي يــروي شــاربه‪ .‬غـ يـر ُمح َّلــل‪ :‬ال‬ ‫ـاف ال يصفـ ُّـر وال‬ ‫يح ُّلــه أحــد‪ ،‬فهو صـ ٍ‬ ‫يتغــر‪.‬‬ ‫ي‬

‫‪I led her forth from her tent‬‬ ‫‪and as she walked she trailed‬‬ ‫‪ Over our tracks the train of her gown‬‬ ‫‪ of figured silk.‬‬

‫‪28.‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫‪29. Then, when we had crossed‬‬ ‫‪ the clan’s enclosure‬‬ ‫ ‬ ‫‪And made our way to a sandy hollow‬‬ ‫ ‬ ‫‪surrounded by long winding dunes,‬‬ ‫‪I drew her temples toward me, and she‬‬ ‫‪leaned over me‬‬ ‫‪With a slender waist, but full where‬‬ ‫‪her anklets ring.‬‬

‫‪30.‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫‪31. Her skin white, her waist thin,‬‬ ‫‪not full,‬‬ ‫ ‬ ‫‪ Her collarbone shone like‬‬ ‫ ‬ ‫‪a polished mirror.‬‬

‫‪32. Like the first inviolate bloom,‬‬ ‫‪white mixed with yellow,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Nurtured on water limpid,‬‬ ‫ ‬ ‫‪unmuddied.‬‬

‫‪61‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫التفاصيل المحببة‬ ‫‪.33‬‬ ‫‪.34‬‬ ‫‪.35‬‬ ‫‪.36‬‬ ‫‪.37‬‬ ‫‪.38‬‬

‫َت ُصـ ُّـد ُوت ْبـ ِـدي عــن َأ ِسـ ْـيل َوت َّتـق‬ ‫ٍ‬ ‫ِي‬ ‫ّ ئْ َ َ‬ ‫الر ِ� ليس ِبف ِاح ٍش‬ ‫ِ‬ ‫وج ٍيد ِ‬ ‫كج ِيد ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َوف ْرع َيـز ْيـ ُن َ‬ ‫فاح ٍـم‬ ‫الـم ت نَ� ْأسود ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ ٍ ئ ُ ُ ُ ْ َ شْ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ز‬ ‫�رات إىل العــا‬ ‫غــد ِا�ه مســت ِ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ خَ َّ‬ ‫ـر‬ ‫وكشـ ٍـح ل ِطيـ ٍ‬ ‫ـف اكلج ِديـ ِـل مـ ٍ‬ ‫َ ْ َ ثْ ن أ َّ‬ ‫َ ْ ُ َْ‬ ‫�‬ ‫غ‬ ‫ص‬ ‫خ‬ ‫ش‬ ‫ـ� كن ُـه‬ ‫ي‬ ‫وتـعطـو ِب� ٍ ِ‬ ‫ٍ‬

‫َ ْ‬ ‫ناظ َر ٍة ِمن َو ْح ِش َو ْج َرة ُمط ِف ِل‬ ‫ِب ِ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫إذا ِه َـي َن َّ‬ ‫ـص ْـت ُـه وال ِبـمـعـط ِـل‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َّ ْ َ ُ ْ‬ ‫الـم َت َعـث ِك ِـل‬ ‫ـيث ك ِقـن ِـو النخـل ِـة‬ ‫أ ِث ٍ‬ ‫َ ُّ َ َ ف َ‬ ‫ـدارى ي� ُمث نًّـ� ُوم ْر َس ِـل‬ ‫ـضـل الـم‬ ‫ت ِ‬ ‫أ ُْ‬ ‫َّ ّ ُ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ـوب الس ِـق ِـي الـمـذل ِـل‬ ‫وس ٍ‬ ‫ـاق كن ُـب ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫إس ِـل‬ ‫أ َس ِار ُيع ظ ب ْ ي� أو َم َس ِاو ْيـك ِ‬ ‫ٍ‬

‫التفصيــ� لمحاســن هــذه‬ ‫الحــ�‬ ‫يواصــل امــرؤ القيــس الوصــف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫المــرأة‪ ،‬فهــي ي ن‬ ‫التأمــل ف ي� نعومــة‬ ‫حــ� تُعــرض عنــه تمنحــه متعــة ُّ‬ ‫خدهــا وصفائــه‪ ،‬ولكنــه ي ن‬ ‫حــ� يُطيــل النظــر إليهــا‪ ،‬ســتلتفت إليــه‬ ‫م ّتقيــةً نظراتــه بنظــرة مماثلــة مــن عيونهــا النجــاء‪ ،‬فيذ ّكــره جمالهــا‬ ‫ـن ام ـرأ القيــس ال يكتفــي‬ ‫واتســاع أحداقهــا بعيــون ِظبــاء ْ‬ ‫وجــرة‪ ،‬ولكـ ّ‬ ‫بتشــبيه عيــون هــذه المــرأة بعيــون الظبــاء الواســعة‪ ،‬وإنمــا يُوغــل‬ ‫أك ـرث ف ي� التخصيــص والتفصيــل‪ ،‬فيختــار نوع ـاً محــدداً مــن الظبــاء‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ـ� يصاحبهــا طفلهــا‪ ،‬وال تفــوت داللــة‬ ‫وهــو‪ :‬الظبيــة الــ ُـم ْط ِفل‪ ،‬أي الـ ي‬ ‫ش‬ ‫الظبيــة‬ ‫ـراح القُدامــى‪ ،‬فيع ِّللونــه بــأن عيــون ْ‬ ‫هــذا التخصيــص عــى الـ ّ‬ ‫الــ ُـم ْط ِفل أكـرث ســحراً وجمــاال ً بســبب نظراتهــا الحانيــة والمتكــررة نحــو‬ ‫طفلهــا‪.‬‬ ‫وعــى هــذا النحــو مــن الدقــة ف ي� التصويــر يواصــل امــرؤ القيــس عقــد‬ ‫المقارنــات الجماليــة الحســية بـ ي ن‬ ‫والظبيــة‪ ،‬فيشـ ِّـبه عنــق‬ ‫ـ� المحبوبــة‬ ‫ْ‬ ‫هــذه الم ـرأة بعنــق الظــ� أ‬ ‫البيــض‪ ،‬ولكنــه حـ ي ن‬ ‫ـ� يلتفــت إىل َشــعرها‬ ‫بْي‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫فشــعر‬ ‫الفاحــم‬ ‫المس�ســل يظهــر وكأنه حفـ ٌّـي بالفــو� الجمالية فيه‪َ ،‬‬ ‫هــذه المـرأة كثيــف ومتداخــل‪ ،‬وكأنــه أعــذاق النخــل المتشــابكة‪ ،‬وهــو‬ ‫أ‬ ‫وكأن عـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫ـ� عــى التنظيــم والتهذيــب‪ّ ،‬‬ ‫لهــذا نافــر إىل العــى‪ ،‬وعـ ي ٌّ‬ ‫امــرئ القيــس مأخــوذة بجماليــات التفــاوت‪ ،‬فبعــد هــذه الخشــونة‬ ‫العارضــة ف ي� تصويــر َشــعر المــرأة‪ ،‬يعــود فيؤكّــد رقــة الحســن ف ي�‬ ‫ــر نحيــل‪ ،‬وســاق بيضــاء ّلينــة‪ ،‬وأصابــع‬ ‫جســدها‪ ،‬فهــي ذات َخ ْ‬

‫‪62‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ن‬ ‫عرض‪ .‬أسيل‪ :‬ي ّل� أملس‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫تص ُّد‪ :‬تُ ِ‬ ‫وحش‬ ‫والوصف ّ‬ ‫للخد‪ .‬بناظرة من ْ‬ ‫بع� كحيلة تُشبه ي ن‬ ‫وجرة‪ :‬أي ي ن‬ ‫ع�‬ ‫ْ‬ ‫وجرة‪ ،‬وهو موضع‬ ‫باء‬ ‫ظ‬ ‫من‬ ‫ية‬ ‫ظب‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ث‬ ‫الظباء‪ُ .‬مط ِْفل‪ :‬أي معها‬ ‫تك� فيه ِ‬ ‫الظ�‬ ‫ِطفلها‪ِ .‬ج ْيد‪ :‬ع ُنق‪ِّ .‬‬ ‫الرئْم‪ :‬ب ْ ي‬ ‫أ‬ ‫البيض‪ .‬فاحش‪ :‬كريه المنظر‪.‬‬ ‫خال من‬ ‫َّ‬ ‫نص ْته‪ :‬رفع ْته‪ُ .‬معطَّل‪ٍ :‬‬ ‫الشعر التام‪ .‬تْ ن‬ ‫الم�‪:‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ل‬ ‫الح‬ ‫فرع‪َّ :‬‬ ‫ُ‬ ‫يّ ْ‬ ‫فاحم‪ :‬شديد السواد‪ .‬أثيث‪:‬‬ ‫الظ ْهر‪ِ .‬‬ ‫الـم َتعث ِْكل‪:‬‬ ‫كثيف‪ِ .‬ق ْنو‪ِ :‬عذْ ق النخلة‪ُ .‬‬ ‫المتداخل‪ .‬غدائره‪ :‬ذوائب الشعر‪.‬‬ ‫العال‪:‬‬ ‫ُم ْست�ش ْ ِ ز رات‪ :‬مرتفعة‪ .‬إىل ُ‬ ‫أ‬ ‫دارى‪ :‬جمع ِمدرى‪،‬‬ ‫إىل العىل‪َ .‬‬ ‫الـم َ‬ ‫وهو آلة ذات أسنان أطول من أسنان‬ ‫جمع بها خصالت الشعر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫المشط تُ َ‬ ‫الخص‪.‬‬ ‫وهو‬ ‫الجسم‪،‬‬ ‫جانب‬ ‫ح‪:‬‬ ‫ك‬ ‫َشْ‬ ‫ْ‬ ‫الـجديل‪:‬‬ ‫لطيف‪ :‬ضامر نحيل‪َ .‬‬ ‫جدل ي ن‬ ‫ويتث�‪.‬‬ ‫ِزمام من ِجلد يُ َ‬ ‫فيل� ن ّ‬ ‫خص‪ :‬دقيق‪ .‬أنبوب‪ :‬عصا ق َ​َصب‬ ‫ُم ّ‬ ‫المس ِق ّي‪.‬‬ ‫ينبت وسط النخل‪َّ ،‬‬ ‫قي‪ْ :‬‬ ‫الس ّ‬ ‫الـمذلَّل‪ :‬الذي ق ُِطف ثمره‪ ،‬أو الذي‬ ‫ُ‬ ‫تعطُو‪ :‬تتناول‪َ .‬رخْ ص‪:‬‬ ‫ُذلِّل له الماء‪ْ .‬‬ ‫ي ِّ ن‬ ‫ل� ناعم‪ ،‬وهو وصف للبنان أو‬ ‫ث‬ ‫ن‬ ‫خشن‪ .‬أساريع‪:‬‬ ‫إالصبع‪ .‬شَ ْ�‪ :‬غليظ ِ‬ ‫صغ�ة عىل هيئة الدود‬ ‫دواب‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫تعيش ف‬ ‫ُسمى‪ :‬بنات‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫الرمل‪،‬‬ ‫�‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫ظ�‪ :‬اسم‬ ‫ال َّنقا‪ ،‬ومفردها‪ :‬أُ ْسوع‪ .‬ب ْ ي‬ ‫َعلَم لكثيب محدد من كثبان الرمل‪.‬‬ ‫ال ْس ِحل‪ :‬شجر ذو غصون دقيقة‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫تُقطَع وتُستاك بها السنان‪.‬‬

‫‪33. Now hiding, now baring a cheek‬‬ ‫‪full and smooth,‬‬ ‫ ‬ ‫‪ She guards herself with the glance‬‬ ‫ ‬ ‫‪ of a wild doe at Wajrah with fawn.‬‬

‫‪34. Her neck, like the neck‬‬ ‫‪of a white antelope,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Is not overly long when she raises it,‬‬ ‫ ‬ ‫‪ nor lacking in ornament.‬‬ ‫‪35. A jet-black head of hair‬‬ ‫‪ adorns her back,‬‬ ‫ ‬ ‫‪ Full and thick like dates upon‬‬ ‫ ‬ ‫‪ a cluster-laden palm.‬‬ ‫‪36. Some locks are secured on top,‬‬ ‫‪while others‬‬ ‫ ‬ ‫‪Stray between the braided‬‬ ‫ ‬ ‫‪and the loose.‬‬

‫‪37. Her waist is as fine as‬‬ ‫;‪a twisted bowstring, trim‬‬ ‫ ‬ ‫‪ Her calf like a papyrus reed,‬‬ ‫ ‬ ‫‪well-watered, tender.‬‬

‫‪38. She takes with fingers smooth, uncalloused,‬‬ ‫‪as if they were‬‬ ‫ ‬ ‫‪The soft dry worms of Zaby Dune or‬‬ ‫ ‬ ‫‪the tender twigs of ishil trees.‬‬

‫‪63‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫ت ف‬ ‫ناعمــة‪ُّ ،‬‬ ‫مخيلتــه بمــا يشــبهها مــن‬ ‫وكل هــذه الصفــات تقــرن ي� ّ‬ ‫مظاهــر الطبيعــة الصحراويــة مــن حولــه‪ ،‬وبعــض هــذه المقارنــات‬ ‫يبــدو غريب ـاً عــى الــذوق المعــارص‪ ،‬إ ْذ كيــف يمكــن أن تُشـ ّـبه أصابــع‬ ‫المـرأة الرقيقــة بـ ُـدود الرمــل أو بالمســاويك؟ ولكنهــا الذاكــرة البرصيــة‬ ‫المعنيــة أك ـرث بتســجيل الخـ بـرات الحســية ف ي� البيئــة المحيطــة بهــا؛‬ ‫ّ‬ ‫عـ بـر رصــد ن‬ ‫أد� تشــابه بينهــا؛ حـ تـى لــو كان مجــرد تشــابه عــارض أو‬ ‫ظاهــري‪.‬‬

‫‪39. At nightfall she lights up‬‬ ‫‪the dark‬‬ ‫ ‬ ‫‪ Like the lamp in the night-cell‬‬ ‫ ‬ ‫‪of a hermit monk.‬‬

‫الوجه الصبوح‬

‫‪.39‬‬ ‫‪.40‬‬ ‫‪.41‬‬ ‫‪.42‬‬ ‫‪.43‬‬

‫ُ ض ُ َّ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫الظ َ‬ ‫تــ ِ ي ء‬ ‫ــاء ك نَّ�ــا‬ ‫ــام ِب� ِلعش ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ح ف ِـت ْـي ُت ا ِمل ْس ِك فوق ِفر شِا�ا‬ ‫وتض ِ ي‬ ‫َ ُْ َ ُْ َ َ ً‬ ‫ْ‬ ‫ـبابـة‬ ‫إىل ِمثـ ِلـــها يـــرنو احل ِلــ يـم ص‬ ‫الر َج ِال عن ِ ّ‬ ‫َت َس َّل ْت َ َع يا� ُت ّ‬ ‫الـص َـبا‬ ‫ِ‬ ‫َْ‬ ‫ُ‬ ‫أال ُر َّب َخ ْ‬ ‫ـيـكأل َـوى َر َد ْدت ُـه‬ ‫ـص ٍـم ِف ِ‬

‫ُ َ َ ّ‬ ‫َ َ َُ ُ ْ َ‬ ‫ــل‬ ‫مـنارة مـمـسـى ر ِاه ٍب مـتــب ِــت ِ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫َن ُؤ ُوم ُّ‬ ‫الض َح مل ت ْـن َـت ِـط ْـق عن تف ُّض ِل‬ ‫إذا ما ْاس َـب َـك َّــر ْت َب ي نَ� ِد ْرع ِ ج ْ‬ ‫وم َو ِل‬ ‫ٍ‬ ‫َ ُ‬ ‫ـؤادي عن َه َـو ِاك ِب ُـم ْن َـس ِـل‬ ‫و‬ ‫ليس ف ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َنص ْـيـح َعـلـى َت ْ‬ ‫ــعـذا ِل ِـه غ ي ِ� ُم ْـؤت ِـل‬ ‫ِ ٍ‬

‫الـــحسن ف ي� هــذه المــرأة تــكاد ال تنقــض ي ‪ ،‬فامــرؤ القيــس‬ ‫تفاصيــل ُ‬ ‫يلحــظ أيضــاً أن وجههــا الصبــوح أ‬ ‫يتــ� أل شإ�اقــاً‪ ،‬ت‬ ‫حــى إنــه ُليــض ي ء‬ ‫َّ‬ ‫ظلمــة الليــل‪ ،‬فهــي كالمصبــاح الــذي ينـ شـر النــور ويُبـ ِّـدد الوحشــة‪،‬‬ ‫وكعــادة امــرئ القيــس ف ي� تشــبيهاته ال يكتفــي بهــذا التماثــل العــام‪،‬‬ ‫وإنمــا يختــار مصباحـاً خاصـاً‪ ،‬وهــو مصبــاح راهــب منقطــع ف ي� الليــل‬ ‫ش‬ ‫ـراح القُدامــى‪ -‬أن‬ ‫إىل عبادتــه‪ ،‬ومــن المعــروف –كمــا ِ‬ ‫فطــن لهــذا الـ ّ‬ ‫أ‬ ‫مثــل هــذا المصبــاح لــن ينطفــئ طــوال الليــل؛ لن هــذا الراهــب‬

‫المتب ّتــل ف ي� العبــادة سيســتمر ســاهراً مــع مصباحــه حـ تـى ينبلــج الفجــر‪،‬‬ ‫توهجــه‪.‬‬ ‫فكذلــك هــو أيضـاً شإ�اق وجــه هــذه المـرأة الــذي ال يــذوي ُّ‬

‫‪64‬‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫َم َنارة‪ِ :‬ساج‪ُ .‬م ْـم َس‪َ :‬مساء‪.‬‬ ‫متب ِّتل‪ :‬المنقطع عن الناس للعبادة‪.‬‬ ‫تُضحي‪ :‬تدخل ف ي� وقت الضحى‪.‬‬ ‫َفتيت‪ :‬أ‬ ‫ث‬ ‫المنت�ة‪.‬‬ ‫الجزاء الدقيقة‬ ‫ِ‬ ‫الم ْسك‪ :‬نوع من الطِّيب يُستخلَص‬ ‫ِ‬ ‫من دم الغزال‪ .‬لم تنتطق‪ :‬ال تلبس‬ ‫نطاقاً تحزم به ثوبها من الوسط‬ ‫كما تفعل النساء عند العمل‪.‬‬ ‫تفضل‪ :‬أي أنها تلبس ن‬ ‫أد�‬ ‫عن ُّ‬ ‫ثيابها؛ بسبب ترفها‪ ،‬وقيام يغ�ها‬ ‫عىل خدمتها‪ .‬يرنو‪ :‬يُديم النظر‪.‬‬ ‫بكر ْت‪:‬‬ ‫صبابة‪ِ :‬رقّة الشوق‪ْ .‬اس َّ‬ ‫ممتدة القامة‪ .‬ي ن‬ ‫استوت واقفةً‬ ‫ب�‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫فتية‪،‬‬ ‫ال‬ ‫ز‬ ‫ت‬ ‫ما‬ ‫أنها‬ ‫أي‬ ‫ول‪:‬‬ ‫ج‬ ‫وم‬ ‫ْ‬ ‫ِدرع ِ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫الم ْجول‪ ،‬وهو‬ ‫تلبس‬ ‫من‬ ‫ب�‬ ‫فعمرها‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫الصغ�ة‪ ،‬ومن تلبس‬ ‫الصبية‬ ‫لباس‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫الد ْرع‪ ،‬وهو لباس المرأة البالغة‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫انشغلت‪َ .‬ع َمايات‪ :‬جمع‬ ‫‪:‬‬ ‫ّت‬ ‫ل‬ ‫تس‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫العمى‪ ،‬والمقصود‬ ‫َع َماية‪ ،‬وهو َ‬ ‫الصبا‪ :‬الل ْهو‪.‬‬ ‫به‪ :‬الجهل ِ‬ ‫والغواية‪ِّ .‬‬ ‫منرصف‪ .‬أل َْوى‪ :‬شديد‬ ‫نسل‪:‬‬ ‫ُم َ‬ ‫ِ‬ ‫الخصومة‪ .‬تَعذال‪ :‬أي العذْ ل‪،‬‬ ‫مقص‬ ‫وهو اللوم‪ .‬يغ� مؤْ تَل‪ :‬يغ� ِّ‬ ‫ف‬ ‫َوت‪ :‬أي‬ ‫ي� بذل نصحه‪ ،‬يُقال‪ :‬ما أل ُ‬ ‫قص ُت‪.‬‬ ‫ما ّ‬

‫‪40. Late into the morning her bed is fragrant‬‬ ‫‪ as though strewn with crumbs of musk,‬‬ ‫ ‬ ‫‪ And she, still in her loose night clothes,‬‬ ‫ ‬ ‫‪sleeps on ‘til noon.‬‬ ‫ ‬ ‫‪41. At one like her the staid man‬‬ ‫‪gazes with ardor‬‬ ‫ ‬ ‫‪When she stands at her full height between‬‬ ‫ ‬ ‫‪woman’s gown and maiden’s shift.‬‬ ‫‪42. Grown men find consolation for‬‬ ‫‪the follies of their youth,‬‬ ‫ ‬ ‫‪ But my heart refuses solace for‬‬ ‫ ‬ ‫‪its love for you.‬‬

‫‪43. How often did I quarrel‬‬ ‫‪over you‬‬ ‫ ‬ ‫‪ And reject sincere advice that, though reproachful,‬‬ ‫ ‬ ‫‪was generously given.‬‬

‫‪65‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫ثــم يصـ ِّـور الشــاعر شــيئاً مــن تــرف هــذه المـرأة ورفــاه عيشــها‪ ،‬فهــي‬ ‫تنــام حـ تـى وقــت الضحــى‪ ،‬غـ يـر منشــغلة بتأمـ ي ن‬ ‫ـ� شــؤون معيشــتها‪،‬‬ ‫أ‬ ‫وإن‬ ‫فهنــاك مــن سيســتيقظ باكــراً لجــل خدمتهــا ورعايــة شــؤونها‪ّ ،‬‬ ‫أعجــب مــا يكشــف عنــه الضحــى هــو ِفراشــها الــذي يظــل عابقــاً‬ ‫الم ْســك المتحـ ِّـدر منهــا‪ ،‬فهــل يُــام الرجــل –مهمــا كان اتّزانــه‬ ‫بفتيــت ِ‬

‫ـتمر يحـ ِّـدق فيهــا‬ ‫ِ‬ ‫ـ� وقــاره أمــام طلعتهــا ّ‬ ‫البهيــة‪ ،‬واسـ ّ‬ ‫وح ْلمــه‪ -‬إذا نـ ي‬ ‫ت‬ ‫حـ ي ن‬ ‫ـت للتـ ّـو مــن نعومــة‬ ‫ـ� تســتوي واقفــةً بقامتهــا ّ‬ ‫ـ� انتقلـ ْ‬ ‫الغضــة الـ ي‬ ‫الطفولــة إىل فتنــة الشــباب؟‬ ‫ولهــذا يؤكــد امــرؤ القيــس أنــه ت‬ ‫حــى لــو انــرف ُّكل الرجــال عــن‬ ‫صبواتهــم‪ ،‬وتســ َّلوا عنهــا؛ فــإن فــؤاده ســيظل يخفــق بهــوى هــذه‬ ‫الكث�يــن مــن‬ ‫الم ـرأة‪ ،‬غـ يـر منــرف عــن التع ُّلــق بهــا‪ ،‬هــذا مــع أن ي‬ ‫العــذَّ ال يلومونــه عــى هــذا التو ُّلــه‪ُ ،‬مشـ ي ن‬ ‫ـفق� عليــه منهــا؛ ولكنــه ال‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫ألحــوا ي� نُصحــه ســوى خصــوم للمحبوبــة‪ ،‬وهــذا وحــده‬ ‫يراهــم وقــد ّ‬ ‫ليصدهــم‪ ،‬ويُعــرض عــن كالمهــم‪.‬‬ ‫كاف ّ‬ ‫ٍ‬

‫‪66‬‬

‫‪67‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫اللوحة الرابعة‬ ‫‪.44‬‬ ‫‪.45‬‬ ‫‪.46‬‬ ‫‪.47‬‬ ‫‪.48‬‬

‫هموم الليل الطويل‬ ‫َ َ َّ أَ ْ‬ ‫البـحـر َأ خَر� ُس ُد َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وَليل َ َك ْوج َ‬ ‫ُ‬ ‫ــوم ِل َـي ْـب َـتـ ِلـي‬ ‫ـم‬ ‫الـه‬ ‫اع‬ ‫ــو‬ ‫ن‬ ‫�‬ ‫ــي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ول‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ ُ ْ ُ َ ُ َِ َّ َ َ َّ‬ ‫ُْ‬ ‫َ َ َ َ ْ َِ ً َ َ َ ْ َ‬ ‫ــل‬ ‫فقلــت ل لـمـــا تـمـطـــى ِبـــصل ِب ِه وأردف أعـجــازا ونــاء ِبـك َـلـك ِ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ أ َ‬ ‫الطـو ْي ُـل أال نْ ج َ‬ ‫ُّ‬ ‫ِب ُص ْـب ٍح َوما إال ْص َب ُاح ِم ْـنـك ِب� ْمـث ِـل‬ ‫ا� ِـل‬ ‫أال أيـهـا الـليـل ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ُّ َ‬ ‫ـك ِم ْن َلـــيل أك َّن ُن ُـج َ‬ ‫ـوم ُـه‬ ‫فــيـالــ‬ ‫ك ُمـغ ِـار الف ْـت ِـل ش َّـد ْت ِب َـيذ ُب ِـل‬ ‫ِب َ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ ف‬ ‫ـصـامـها � ْمــر َ َّ‬ ‫ـان إىل ُص ِ ّـم َج ْـن َـد ِل‬ ‫ِب‬ ‫كـأن الـث َـر َّيـا ُع ِلقت ِ ي� َم َ ِ‬ ‫اس كـت ٍ‬ ‫ِ‬

‫كبــرة‬ ‫تُباغتنــا هــذه اللوحــة الرابعــة مــن لوحــات المع َّلقــة بنقلــة ي‬ ‫ف� إيقــاع العــرض والتصويــر‪ ،‬لــم نعــد نــرى عــى المــرح النآ‬ ‫ي‬ ‫أي شــخص آخــر غـ يـر امــرئ القيــس‪ .‬ال أثَــر للصحــاب الذيــن كانــوا‬ ‫يشــاركون الشــاعر ف� وقفتــه عــى أ‬ ‫الطــال‪ ،‬ويُسـ ِـعفونه بــ ُـمجاراته ف ي�‬ ‫ي‬ ‫البــكاء عليهــا‪ ،‬وال حضــور كذلــك لمحبوباتــه الجميالت‪،‬لقــد انســللن‬ ‫ت‬ ‫ـا�‬ ‫ـن أيض ـاً بهــدوء وغـ َ‬ ‫هـ ّ‬ ‫ـادرن المــرح ِتباع ـاً‪ّ ،‬كل أولئــك النســاء الـ ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫معهــن‬ ‫وحكاياتهــن‪ ،‬وذكرياتــه‬ ‫بأوصافهــن‪،‬‬ ‫مــ� البيــات الســابقة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ـح� آ‬ ‫الن هرب ـاً مــن وحشــة الظلمــة‪ ،‬وتركْنــه وحــده مــع الليــل‬ ‫انسـ ب ن َ‬ ‫والهــم الثقيــل‪.‬‬ ‫البهيــم‬ ‫ّ‬ ‫جســد ســواده‬ ‫كيــف يمكــن أن تُصـ َّـور ظلمــة الليــل؟ كيــف يمكــن أن يُ َّ‬ ‫المتكاثــف ف ي� صــورة متحركــة؟ هاهنــا تحديــداً تتجــى عبقريــة التصويــر‬ ‫عنــد امــرئ القيــس‪ ،‬فقــد صـ ّـور امتــداد الليــل الطويــل وكأنمــا هــو‬ ‫بحــر واســع أ‬ ‫الرجــاء مــا تــزال أمواجــه تتعاقــب ويتجــدد توالدهــا‪:‬‬ ‫ـرت موجــة عــن الشــاطئ‪ ،‬أعقب ْتهــا أخــرى ف ي� تنــاوب رتيــب‬ ‫كلمــا انحـ ْ‬ ‫ال ينق ـض ي أو يتوقــف‪ ،‬والليــل ال يكتفــي بهــذا التوالــد المتجــدد‪ ،‬بــل‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ـ� يُرخيهــا بالتدريــج عــى صــدر‬ ‫يضيــف إليــه هــذه الســتار الســوداء الـ ي‬ ‫حــى تــكاد تخنــق أنفاســه‪ ،‬ويــرده ضيــق أ‬ ‫الشــاعر‪ ،‬ت‬ ‫الفــق وانحســار‬ ‫ُّ‬ ‫ـ�‪ ،‬فــا يصــادف ســوى نفــس مليئــة‬ ‫الرؤيــة أمامــه إىل ُّ‬ ‫التأمــل الداخـ ي‬ ‫أ‬ ‫بالشــجان والهمــوم‪ ،‬وهنــا يبلــغ العنــت بالشــاعر مبلغ ـاً يدفعــه إىل‬ ‫أن يتســاءل‪ :‬هــل يريــد هــذا الليــل المتطــاول أن يختـ بـر بهــدوء ماكــر‬ ‫ت‬ ‫ـ�؟‬ ‫مقــدار صـ بـري‪ ،‬أو أن يســخر مــن جزعــي ِ‬ ‫وق ّلــة حيلـ ي‬

‫‪68‬‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫)‪III. The Dark Night of the Soul (lines 44-48‬‬ ‫اللغة‪:‬‬ ‫ليــل‪ .‬أرخَ ــى‪:‬‬ ‫ور َّب‬ ‫وليــل‪ :‬أي ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫تــ�‪:‬‬ ‫ب‬ ‫لي‬ ‫ــتوره‪.‬‬ ‫س‬ ‫ــدوله‪:‬‬ ‫س‬ ‫أنــزل‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫الصــر أو‬ ‫ليختــر مــا عنــدي مــن‬ ‫ب‬ ‫ب‬ ‫تمــدد‪ُ .‬صلْــب‪:‬‬ ‫َّــى‪:‬‬ ‫ط‬ ‫تم‬ ‫الجــزع‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫وســط الجســد‪ .‬أعجــازاً‪ :‬أواخــر‪.‬‬ ‫نــا َء‪ :‬جهــد ف ي� النهــوض‪َ .‬كلْــكَل‪:‬‬ ‫بأمثــل‪:‬‬ ‫كش ْ‬ ‫ْ‬ ‫ــف‪ْ .‬‬ ‫ــل‪ :‬انْ ِ‬ ‫صــدر‪ .‬ان َْج ِ‬ ‫بأفضــل‪ُ .‬مغَ ــار الف ْتــل‪ :‬شــديد‬ ‫الف ْتــل ُم ْحك َُمــه‪ ،‬وهــو وصــف‬ ‫للحبــل‪ .‬يَذْ بُــل‪ :‬هضــب أحمــر‬ ‫ْ‬ ‫عظيــم يشــتمل عــى ِق َمــم متفرقــة‬ ‫أعالهــا مــا يعــرف آ‬ ‫الن باســم‪:‬‬ ‫ُ َ‬ ‫جبــل َص ْبحــا‪ ،‬ويقــع شــمال حصــاة‬ ‫قحطــان إىل الجنــوب ش‬ ‫الــر ق ي� مــن‬ ‫مدينــة القويعيــة‪ .‬ث ُّ‬ ‫ال�يّــا‪ :‬مجموعــة‬ ‫مــن النجــوم عــى شــكل عنقــود‬ ‫تتمـ ي ز‬ ‫ـ� بلمعانهــا الشــديد‪َ .‬م َصامهــا‪:‬‬ ‫ومقامهــا‪ْ .‬أم ـراس‪ :‬جمــع‬ ‫موضعهــا ُ‬ ‫الحبــل‪َ .‬ك َّتــان‪ :‬نــوع‬ ‫وهــو‬ ‫ــرس‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫َم َ‬ ‫مــن النبــات تُصنــع مــن أليافــه‬ ‫أ‬ ‫ــم‪ :‬جمــع‬ ‫الحبــال والنســجة‪ُ .‬ص ّ‬ ‫ِ‬ ‫صمــاء‪ ،‬وهــي ف ي� الحجــارة‪ :‬مــا كانــت‬ ‫ّ‬ ‫شــديدة الصالبــة‪ .‬ج ْنــدل‪ :‬الصخــرة‬ ‫العظيمــة‪.‬‬

‫‪Often termed simply a description of the night (waṣf al‬‬‫‪layl), Imruʾ al-Qays’s renowned night passage depicts the‬‬ ‫‪poet’s spiritual desolation and psychological paralysis as‬‬ ‫‪a seemingly endless night in which time, or emotional‬‬ ‫‪progress, has come to a stand-still, as if the stars were‬‬ ‫‪steeds firmly tethered to immovable boulders, as if‬‬ ‫‪morning will never come.‬‬

‫‪44. Many a night like the billowing sea‬‬ ‫‪let down its veils over me‬‬ ‫ ‬ ‫‪ With all kinds of cares‬‬ ‫ ‬ ‫ ‪to torment me.‬‬

‫‪45. Then I said to it when, like a huge camel,‬‬ ‫‪ it stretched out its spine‬‬ ‫ ‬ ‫‪ Then raised its haunches‬‬ ‫ ‬ ‫‪ and heaved its ponderous chest‬‬ ‫‪46. “O long night, will you not dispel‬‬ ‫?‪ to reveal the dawn‬‬ ‫ ‬ ‫‪Though the dawning day will be‬‬ ‫ ‬ ‫!‪ no better for me‬‬ ‫!‪47. “O what a night you are‬‬ ‫‪ as if each of your stars‬‬ ‫ ‬ ‫‪ Were tied to Mount Yadhbul‬‬ ‫ ‬ ‫‪with a tightly twisted rope.‬‬

‫‪48. “And the Pleaides stand in midcourse‬‬ ‫‪motionless,‬‬ ‫ ‬ ‫‪ As if suspended by flaxen cords‬‬ ‫ ‬ ‫”‪ from obdurate rocks.‬‬

‫‪69‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫ومــن الواضــح أن الشــاعر لــم يســتطع مالزمــة الصـ بـر ف ي� هــذا االختبار‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ـور�‪ :‬أمــواج‬ ‫وإنمــا هــو الجــزع البـ ي ِّـ�‪ ،‬والشــكوى المســتمرة‪ ،‬فبعــد صـ ي‬ ‫البحــر الكثيفــة‪ ،‬أ‬ ‫والســتار الســوداء الخانقــة‪ ،‬تتف ّتــق قريحــة الشــاعر‬ ‫عــن صــورة ثالثــة لطــول الليــل أك ـرث ض ْنــكاً و ِثق ـاً‪ ،‬فهــو يــرى الليــل‬ ‫طبق ـاً عــى أنفاســه وكأنمــا هــو جمــل هائــل الحجــم قــد اســتلقى‬ ‫ُم ِ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ـت‬ ‫فــوق الفــق‪ ،‬وهــو مــا يـزال يتمطــى بظهــره الممتــد‪ ،‬حــى إذا ظننـ َ‬ ‫أن رحيلــه قــد ت‬ ‫ادفــت عليــك‬ ‫اقــرب بعــد انقضــاء هــذا التم ِّطــي تر ْ‬ ‫ـ� مــن أولــه‪،‬‬ ‫أعجــازه وأواخــره‪ ،‬فكأنمــا أعـ ْ‬ ‫ـادت لــك هــذا الجمــل الليـ ي‬ ‫أ‬ ‫وإذا هــو مــا ي ـزال يحــاول أن ينهــض بصــدره عــن الفــق مــن جديــد‪.‬‬ ‫فــا يملــك الشــاعر بعــد هــذا كلــه ســوى أن يناديــه بضجــر بالــغ‪،‬‬ ‫ـا� ًة إىل الرحيــل واالنـراف؛ متشـ ِّـوقاً لـ ب ز‬ ‫ويدعــوه مبـ ش‬ ‫ـ�وغ صبــاح يــوم‬ ‫الف ْكــر‪ ،‬وتلذعــه لوعــة الغـ ّـم‪ ،‬فيتذ ّكــر أن‬ ‫جديــد‪ ،‬ثــم تُدركــه يقظــة ِ‬ ‫ض‬ ‫ـتوطنة ف ي� صــدره لــن تنقـ ي بمولــد الصبــاح‪ ،‬فيســتحيل‬ ‫همومــه المسـ ِ‬ ‫ف‬ ‫ـام منــه‪ ،‬وهــو مــا يُعيدنــا إىل مــا ذكرنــاه ي� آخــر‬ ‫أملــه فيــه إىل يــأس تـ ّ‬ ‫اللوحــة أ‬ ‫المتأرجــح مــن‬ ‫الوىل مــن هــذه المع َّلقــة حــول ِســمة‪ :‬الموقــف‬ ‫ِ‬ ‫ـ� أ‬ ‫جــدوى أ‬ ‫الشــياء عنــد امــرئ القيــس‪ :‬بـ ي ن‬ ‫المــل العريــض فيهــا‪ ،‬ثــم‬ ‫وقلقــة‬ ‫اليــأس العــارم منهــا‪ ،‬ومــا يُوحــي بــه ذلــك مــن رؤيــة ُمرتابــة ِ‬ ‫تجاه العا َلـــم‪.‬‬ ‫وإذن‪ ،‬فــا بــأس بعــد هــذا اليــأس أن يعــود الشــاعر إىل لعبــة التصوير‬ ‫ش‬ ‫يفــر‬ ‫ي‬ ‫�ء ِّ‬ ‫الخيــال لطــول الليــل‪ ،‬فيبتكــر صــورة رابعــة لــه‪ ،‬إ ْذ ال ي‬ ‫تخيــل أن تكــون نجــوم‬ ‫بقــاء هــذه الظلمــة طــوال هــذا الوقــت ســوى ُّ‬ ‫ـت بحبــال ُمحكَمــة الف ْتــل‪ ،‬ثــم ُشـ َّـدت إىل جبــل يَذْ بُــل‬ ‫الليــل قــد ُر ِبطـ ْ‬ ‫ض‬ ‫ـت هــذه النجــوم أن تمـ ي بعيــداً وتأخذ معها‬ ‫العظيــم‪ ،‬فمهمــا حاولـ ْ‬ ‫أ‬ ‫ض‬ ‫ر� ســتمنعها‬ ‫الليــل‪ ،‬فــإن حبالهــا الموثقــة والمشــدودة إىل الجبــل ال ي‬ ‫إن نجــوم ث‬ ‫ـت مــن بـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫مــن التحــرك واالنـراف! حـ تـى ّ‬ ‫ال�يّــا قــد ُخ َّصـ ْ‬ ‫هــذه النجــوم بمزيــد مــن االحـ تـراز ف ي� التقييــد‪ ،‬فهــي ثابتــة ف ي� موضعهــا‬ ‫ال بت�حــه؛ ألنهــا مع َّلقــة بحبــال مفتولــة إىل صخــور ُص ْلبــة ال يمكــن أن‬ ‫ف‬ ‫تز‬ ‫و� كل هــذه الصــور الخياليــة المتتابعــة يظهــر‬ ‫ت�حــزح مــن مكانهــا‪ .‬ي‬ ‫لنــا ليــل امــرئ القيــس ال بوصفــه‪ :‬ظرف ـاً زماني ـاً فحســب‪ ،‬وإنمــا هــو‬ ‫أيض ـاً مــكان متجســد ف� الكــون‪ ،‬لــه حـ ي ّ ز‬ ‫ـ� محــدد‪ ،‬وأعضــاء متصلــة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ـاهدة‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫م‬ ‫ام‬ ‫ر‬ ‫وأجـزاء ملموســة‪ ،‬وأجـ ُ َ‬

‫‪70‬‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫)‪IV. The Horse and the Hunt (lines 49-66‬‬ ‫‪The day breaks dramatically in line 49 with ‘I went forth‬‬ ‫‪early’(wa-qad aghtadī), as the poet sets out on horseback‬‬ ‫‪for an early morning hunt, in a famous phrase that would‬‬ ‫‪go on to introduce many a hunt poem (ṭardiyyah) of the‬‬ ‫‪ʿAbbāsid period.‬‬ ‫‪In this Boast or fakhr theme, the poet-speaker hardly‬‬ ‫‪uses the first person ‘I’ or ‘we’, but rather describes his‬‬ ‫‪magnificent steed.‬‬ ‫‪The astounding and unrelenting energy and intensity‬‬ ‫‪embodied in the steed is captured in four famous words,‬‬ ‫‪known to every Arab school-child: mikarrin mifarrin‬‬ ‫‪muqbilin mudbirin maʿan (wheeling, charging, advancing,‬‬ ‫‪retreating all at once) (line 50) and the passage continues‬‬ ‫‪to compare the steed to all that is powerful, potent, and‬‬ ‫‪full of vigor: rain, hard rock, a boiling cauldron, a child’s‬‬ ‫‪whirling toy.‬‬ ‫‪The oryx-hunt itself contains intimations of sacrifice and‬‬ ‫‪ritual as the blood of the game is likened to henna, the‬‬ ‫‪herd to a procession of virgins and to alternating beads‬‬ ‫‪on a noble child’s neck.‬‬ ‫‪The passage ends, as the poetic hunt always does, with‬‬ ‫‪the commensal feast and, finally, the precious steed‬‬ ‫‪tethered all night beneath his master’s watchful eye.‬‬ ‫‪Certainly we are given to understand that the dramatic‬‬ ‫‪psychological shift from the night of paralysis and despair‬‬ ‫‪of Part III to the life-affirming vigor and determination‬‬ ‫‪of the horse and hunt of Part IV is meant to convey the‬‬ ‫‪emotional transition of the poem’s protagonist, that is,‬‬ ‫‪the poet. The indirection with which the poet presents‬‬ ‫‪his ‘boast’ renders it all the more effective.‬‬

‫‪71‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫اللوحة الخامسة‬ ‫الحصان األسطوري ورحلة الصيد‬ ‫ ‬ ‫أَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ْ ُ ف ُ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ ْ َ‬ ‫ـ� ي� ُوك َـنا ِتـها‬ ‫ــد َه ْــيـك ِـل‬ ‫واب‬ ‫ال‬ ‫‪ .49‬وقد أغـت ِدي والط ي‬ ‫ِب ُ�ن َج ِر ٍد ق ْــي ِـد ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ْ ُ َ خ َ َّ ُ َّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫‪ِ .50‬مك ّ ٍـر ِمـف ّ ٍـر ُمــق ِـب ٍـل ُم ْد ِب ٍـر َمـعا‬ ‫الس ْيل ِمن َع ِـل‬ ‫كجل ِودص ٍرحطـه‬ ‫ُّ ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ َكـا َز َّل ِت َّ‬ ‫الــص ْف َو ُاء ب� ُ‬ ‫‪َ .51‬ك ْي ٍت َي ِـزل ِالل ْب ُد عن َح ِال َم ْت ِن ِـه‬ ‫لـم َـت َـن ِّــز ِل‬ ‫َ ثَ ْ َ ُ َ َ َ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫َ​َ‬ ‫الس با� ُ‬ ‫الو ن�‬ ‫ات عىل‬ ‫ــل‬ ‫ك‬ ‫ـر‬ ‫الـم‬ ‫يـد‬ ‫ـد‬ ‫لك‬ ‫أ�ن الغبـار ِب�‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ِ .52‬م َس ٍ ّح إذا ما َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫َ ْ َْ‬ ‫َ‬ ‫الذ ْبل َج َّياش َ أك َّن ْاهت َـز َام ُ‬ ‫ــه‬ ‫ح ُـي ُـه غل ُـي ِم ْر َج ِـل‬ ‫إذا َجاش ِف ِيه‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫‪ .53‬عل ِ‬ ‫تقـ ِّـدم لنــا هــذه اللوحــة الطويلــة نســبياً جانب ـاً آخــر مــن شــخصية‬ ‫امــرئ القيــس‪ ،‬عــى أ‬ ‫القــل كمــا تظهــر ف ي� المع َّلقــة‪ ،‬فــإذا كان الشــاعر‬ ‫قــد شــغل أك ـرث مــن أربعـ ي ن‬ ‫ـ� بيت ـاً؛ أي مــا يتجــاوز نصــف القصيــدة‬ ‫آثارهن‪،‬‬ ‫ـجي عــى‬ ‫ّ‬ ‫بالتغـ ُّزل بالنســاء‪ ،‬والبــوح بصبابتــه لهـ ّ‬ ‫ـن‪ ،‬والبكاء الشـ ّ‬ ‫ض‬ ‫ا� لمغامراتــه العابثــة‬ ‫والتغ ـن ّ ي الوا ِلــه بأوصافهـ ّ‬ ‫ـن‪ ،‬والــرد االســتعر ي‬ ‫ف‬ ‫ـروس شــديد الشــكيمة‬ ‫معهـ ّ‬ ‫ـن‪ ،‬فإنــه ي� هــذه اللوحــة يُـ بـرز الجانــب ال ُفـ ي‬ ‫ف ي� شــخصيته وحياتــه‪ ،‬فهــا هــو ذا يغــدو ف ي� الصبــاح الباكــر‪ ،‬وقبــل‬ ‫أن تبــارح الطيــور أعشاشــها‪ ،‬راكبـاً حصانــه أ‬ ‫الســطوري الــذي يســتفرغ‬ ‫الجهــد ف ي� وصــف مظهــره الخارجــي المهيــب‪ ،‬وقدراتــه العجائبيــة‬

‫المذهلــة‪ ،‬فهــو حصــان قصـ يـر الشــعر –وهــذه مــن صفــات الحســن‬ ‫ف‬ ‫ـال البنيــان‪،‬‬ ‫ي� ال َفــرس‪ -‬ثــم إنــه ضخــم التكويــن‪ ،‬وكأنمــا هــو هيــكل عـ ي‬ ‫كمــا أنــه‪ :‬قَيــد أ‬ ‫الوابــد‪ ،‬وهــذا وصــف مبت َكــر لــم يــزل الشــعراء والنقــاد‬ ‫أوليــات امــرئ القيــس ف ي� التصويــر؛ ألنــه يجعــل هــذا‬ ‫ُّ‬ ‫يعدونــه مــن ّ‬ ‫ال�يّــة‬ ‫الفــرس بمثابــة القيــد الــازم الــذي ال ســبيل أمــام الحيوانــات ب‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ف‬ ‫ُـدوةً‪ ،‬أي ي� الصباح‬ ‫أخرج غ ْ‬ ‫أغْتدي‪ُ :‬‬ ‫الباكـر‪ُ .‬وكُنـات‪ :‬أعشـاش الطيـور‪.‬‬ ‫قصر الشـعر‪ ،‬والوصـف‬ ‫جـرد‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ُم ْن ِ‬ ‫للحصـان‪ .‬الأوابـد‪ :‬الحيونـات‬ ‫ت‬ ‫النسـان‪.‬‬ ‫ال� تسـتوحش من إ‬ ‫ب‬ ‫ال�يّـة ي‬ ‫ضخـم‪ِ .‬مكَ ّـر ِمف َّـر‪ :‬قـادر‬ ‫هَ يـكَل‪ْ :‬‬ ‫على الكَ ّـر أي الرجـوع‪ ،‬وعلى الف َّـر‬ ‫أي االبتعـاد ف ي� الوقـت المناسـب‪.‬‬ ‫الصلْـب‪ .‬حطَّـه‪:‬‬ ‫ُجل ُْمـود‪َ :‬‬ ‫الح َجـر ُّ‬ ‫عـال‪.‬‬ ‫مـكان‬ ‫‪:‬‬ ‫ـل‬ ‫ع‬ ‫وأسـقطه‪.‬‬ ‫أنزلـه‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫بـ� السـود والحمر‪.‬‬ ‫ك َُميـت‪ :‬لونـه ي‬ ‫الل ْبـد‪ :‬مـا‬ ‫يـز ّل‪ :‬يزلـق ويسـقط‪ِ .‬‬ ‫ِ‬ ‫وضـع على ظهـر الحصـان تحـت‬ ‫يُ َ‬ ‫السرج‪ .‬حـال‪ :‬موضـع ِالل ْبـد‬ ‫َّ‬ ‫مـن ظهـر الفـرس‪ .‬م ْتنـه‪ :‬ظهـره‪.‬‬ ‫الصفْـواء‪ :‬الصخـرة الملْسـاء‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫الــم َت ن زِّ�ل‪ :‬النـازل عليهـا مـن سـيل‬ ‫ُ‬ ‫ـب ف ي�‬ ‫أو مطـر أو ي‬ ‫طر‪ِ .‬م َس ّ‬ ‫ـح‪ُ :‬م ْن َص ّ‬ ‫ت‬ ‫تبسـط‬ ‫َع ْدوه‪َّ .‬‬ ‫ال� ُ‬ ‫السـابحات‪ :‬هي ي‬ ‫الجـري فكأنهـا تسـبح‪.‬‬ ‫عنـد‬ ‫يديهـا‬ ‫ْ‬ ‫الـو نَ�‪ :‬التعـب وال ُف ُتـور‪ .‬الكَديـد‪:‬‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫الــمركَّل‪ :‬الذي‬ ‫مـا غلُظ مـن الرض‪ُ .‬‬ ‫تر ُكلُـه الخيـول بحوافرهـا‪ .‬الذَّ بْـل‪:‬‬ ‫وقلَّـة لحـم الجسـم‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫الضمـور ِ‬ ‫الج َيشـان‪ ،‬وهـو‬ ‫َج َّيـاش‪ :‬مـن َ‬ ‫االضطـراب وال َه َيجـان‪ .‬اهْ ت ز�امـه‪:‬‬ ‫ــميه‪:‬‬ ‫الجري‪َ .‬ح ْ‬ ‫صـوت َجوفه عنـد ْ‬ ‫َل‪ :‬صـوت‬ ‫حرارتـه الشـديدة‪ .‬غ ْ ي‬ ‫الق ْدر‪.‬‬ ‫َـوران المـاء‬ ‫الحـار‪ِ .‬م ْر َجـل‪ِ :‬‬ ‫ف َ‬ ‫ّ‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫‪49. At daybreak I ride forth,‬‬ ‫‪the birds still in their nests,‬‬ ‫ ‬ ‫‪On a huge steed, sleek and swift,‬‬ ‫ ‬ ‫‪like a lasso for wild game.‬‬

‫‪50. Now wheeling, now charging, advancing, retreating,‬‬ ‫‪ all at once,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Like a mighty boulder the torrent has washed‬‬ ‫ ‬ ‫‪down from the heights.‬‬ ‫‪51. A dark bay: the saddle pad‬‬ ‫ ‪ slips from its back‬‬ ‫ ‬ ‫‪Like raindrops rolling‬‬ ‫ ‬ ‫‪ off hard rock.‬‬

‫‪52. His gallop, like a downpour,‬‬ ‫‪still bursts forth‬‬ ‫ ‬ ‫ ‪ When the dragging hoofs of flagging coursers‬‬ ‫ ‬ ‫‪ kick up dust.‬‬ ‫‪53. Lean yet full of vigor,‬‬ ‫‪as if his pounding gallop‬‬ ‫ ‬ ‫‪When he seethes with heat‬‬ ‫ ‬ ‫‪ were a cauldron’s boil.‬‬

‫للفـرار منــه واالختبــاء عنــه؛ بســبب قوتــه الهائلــة مــن جانــب‪ ،‬وشــدة‬ ‫رسعتــه مــن جانــب آخــر‪ ،‬وهــو يجمــع بصــورة مدهشــة بـ ي ن‬ ‫ـ� القــدرات‬ ‫المتقابلــة‪ ،‬فهــو رسيــع الكـ ّـر‪ ،‬كمــا أنــه رسيــع الفـ ّـر‪ ،‬وهــو قــادر عــى‬ ‫ف‬ ‫ـتول عــى قلــوب‬ ‫القبــال إ‬ ‫إ‬ ‫والدبــار ي� اللحظــة عينهــا‪ ،‬فـ ّ‬ ‫ـأي فــزع سيسـ ي‬ ‫الطرائــد حـ ي ن‬ ‫ـ� ينح ـ ُّط عـ ْـدواً إليهــا‪ ،‬وكأنمــا هــو صخــرة عظيمــة تـ تـر ّدى‬ ‫بأقــى اندفاعهــا المتســارع مــن أعــى الجبــل‪.‬‬

‫‪72‬‬

‫‪73‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫ويواصــل امــرؤ القيــس اســتعراض الدالئــل الباهــرة عــى الرسعــة‬ ‫االســتثنائية لهــذا الفــرس‪ ،‬فمــا أك ـرث مــا نز‬ ‫اللبــد الــذي يوضــع‬ ‫ي�لــق ْ‬ ‫عــى ظهــره مــن شــدة عـ ْـدوه‪ ،‬وكأنــه صخــرة ملســاء ال يلبــث ُّ ش‬ ‫�ء‬ ‫أي ي‬ ‫يمــر فوقهــا ت‬ ‫حــى نز‬ ‫ي�لــق منهــا ي‬ ‫غــر قــادر عــى االســتقرار المطمــئن ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ت‬ ‫عليهــا‪ ،‬حــى إذا جــرى هــذا الفــرس مــع الخيــل الســوابق‪ ،‬وقــد انعقــد‬ ‫الغبــار ف� الجــو مــن شــدة ركْلهــا أ‬ ‫الرض بحوافرهــا‪ ،‬رأيتــه مــن بينهــا‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫المعتــدل لجســده‪ ،‬فــإن‬ ‫بــارى‪ ،‬ومــع الضمــور‬ ‫ِ‬ ‫منصبــاً ي� َجريــه ال يُ َ‬ ‫ّ‬ ‫للجيشــان المضطـ ِـرب الــذي يصـ ُـدر مــن جوفــه –جـ ّـراء الركــض‪ -‬أزيـزاً‬ ‫القـ ْـدر عنــد غليانهــا‪.‬‬ ‫مدويّ ـاً مثــل أزيــز ِ‬

‫‪.54‬‬ ‫‪.55‬‬ ‫‪.56‬‬ ‫‪.57‬‬ ‫‪.58‬‬ ‫‪.59‬‬

‫‪74‬‬

‫مالمح الفرس األصيل‬ ‫َ ُّ ُ‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫ُّ‬ ‫الغ ُ‬ ‫ُوي ْـلـوي ب أَ� ْثواب َ‬ ‫الم ا ِلخ ـف عن َص َـهوا ِت ِـه‬ ‫ي ِـزل‬ ‫املثق ِـل‬ ‫يـف‬ ‫الع ِـن ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ت َت ُـاب ُـع كف ْـي ِه بـخ ْي ٍ ُ َ َّ‬ ‫وف َ‬ ‫ـيد أ َم َّـر ُه‬ ‫ــل‬ ‫َد ِر ْي ٍـر كخذ ُر ِ‬ ‫الـوِل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ــط مـوص ِ‬ ‫َ ُ َْ َ‬ ‫ْ َ ُ ْ َ َْ ْ ُ َ ُ‬ ‫ـطال َظ ْـ� َ‬ ‫وس َـاقـا َن َـع َ‬ ‫لـه أي‬ ‫ـام ٍـة‬ ‫ـب ت ْـتـف ِـل‬ ‫وإرخاء ِسح ٍان وتق ِر ي‬ ‫ب‬ ‫ٍي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫َض ِل ْـي ٍع إذا ْاس َت ْد َ ب ْ�ت ُه َس َّد ف ْر َج ُـه‬ ‫ِب َض ٍاف ف َـو ْي َـق ال ْر ِض ل ْي َس ِب� ْع َـز ِل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ أك َّن َع َل َ‬ ‫الـم ْت َن ْ ي ِن� ِم ْن ُه إذا ان َت َحـى‬ ‫َم َداك َع ُر ْو ٍس أو َصـالَيـة َح ْـنـظ ِـل‬ ‫َ‬ ‫َكــ َـأ َّن د َم َاء َاهلاد َيـــات ب َ‬ ‫ُع َص َار ُة ِح َّ‬ ‫ْ‬ ‫ــش ْ‬ ‫ه‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫ــ‬ ‫ح‬ ‫ــن‬ ‫ـب ُم َــر َّج ِـل‬ ‫ـي‬ ‫ب‬ ‫اء‬ ‫ـن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫َــرس الــذي ال يســتطيع‬ ‫تســتمر البيــات ي� وصــف رسعــة هــذا الف َ‬ ‫جريــه‪،‬‬ ‫الغــام خفيــف الــوزن أن يســتقر عــى ظهــره بســبب شـ ّـدة ْ‬ ‫كمــا ال يســتطيع الرجــل الثقيــل أن يثبــت عليــه ّإل بمشــقّة‪ ،‬بينمــا‬ ‫وإن‬ ‫تتطايــر أثوابــه منــه بســبب الحركــة الشــديدة والهــواء العاصــف‪ّ ،‬‬ ‫حفيــف الهــواء الناتــج عــن اندفــاع الفــرس ف ي� الركــض ليذ ِّكــر الشــاعر‬ ‫ت‬ ‫ـدورون بهــا عــوداً عـ بـر إدخــال خيــط فيــه‪ ،‬ثــم‬ ‫ـ� يُـ ِّ‬ ‫بلعبــة الفتيــان الـ ي‬ ‫ـن لمــاذا‬ ‫إمســاك الخيــط مــن طرفيــه‪ ،‬وتحريكــه بصــورة دائريــة‪ ،‬ولكـ ْ‬ ‫وصــل؟ ألن هــذا يعـن ي أن‬ ‫وصــف امــرؤ القيــس خيــط اللعبــة بأنــه‪ُ :‬م َّ‬ ‫فو ِصــل‬ ‫الخــذروف قــد ُل ِعــب بــه كثـ يـراً‪ ،‬حـ تـى ارتخــى خيطــه وتق ّطــع‪ُ ،‬‬ ‫ش‬ ‫ـراح القُدامــى‪ -‬أرس َع‬ ‫بخيــط آخــر‪ ،‬فيكــون هــذا –كما اســتنتج بعــض الـ ّ‬ ‫ف‬ ‫ـا� عــى و َلــع امــرئ القيــس المعهــود بــأدق‬ ‫لدورانــه‪ ،‬وهــذا شــاهد إضـ ي‬ ‫التفاصيــل حـ ي ن‬ ‫ـ� يُشـ ِّـبه أو يرســم صــورة اســتعارية‪.‬‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫‪54. The slender youth‬‬ ‫;‪ slips from his back‬‬ ‫ ‬ ‫‪The sturdy riders’ robes‬‬ ‫ ‬ ‫ ‪ fly out behind.‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫الخ ّف‪ :‬الخفيف‪.‬‬ ‫ِيز ّل‪ :‬يزلق ويسقط‪ِ .‬‬ ‫َص َهواته‪ :‬جمع ص ْهوة‪ ،‬وهي من كل‬ ‫ش‬ ‫�ء‪ :‬أعاله‪ ،‬ومن الحصان‪ :‬المكان‬ ‫ي‬ ‫اللبد من ظهره‪.‬‬ ‫الذي يُوضع عليه ْ‬ ‫ذهب‪ .‬العنيف‪:‬‬ ‫يُلوي‪ :‬يرمي ويُ ِ‬ ‫الرفْق‪ .‬المثقّل‪ :‬الثقيل‪.‬‬ ‫البعيد عن ِّ‬ ‫الجري‪.‬‬ ‫َدرير‪ :‬متتابع ْ‬ ‫العدو رسيع ْ‬ ‫شق ف ي� وسطه‬ ‫خُ ذْ روف‪ُ :‬عود يُ ّ‬ ‫دور‬ ‫ويُنظَم فيه خيط يُ َش ّد به ويُ َّ‬ ‫سمع له حفيف‪ .‬الوليد‪:‬‬ ‫برسعة‪ُ ،‬في َ‬ ‫شده وأحكم ف ْتله‪.‬‬ ‫أمره‪ّ :‬‬ ‫الص�‪َّ .‬‬ ‫بيّ‬ ‫ظ�‬ ‫عدو‬ ‫إرخاء‪:‬‬ ‫تاه‪.‬‬ ‫خاص‬ ‫‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫أيطال ب ْ ي‬ ‫يغ� شديد‪ِ .‬سحان‪ :‬ذئب‪ .‬تقريب‪:‬‬ ‫العدو‪ ،‬وهو أن يرفع يديه‬ ‫نوع من ْ‬ ‫معاً‪ ،‬ويضعهما معاً‪ .‬تَ ْتفُل‪ :‬ولد‬ ‫الثعلب‪ .‬ضليع‪ :‬عريض أ‬ ‫الضالع‬ ‫الجنب�‪َ .‬فرجه‪ :‬ما ي ن‬ ‫ين‬ ‫ب�‬ ‫عظيم‬ ‫ت‬ ‫ضاف‪ :‬طويل مس� ِسل‪،‬‬ ‫رجليه‪ِ .‬ب ٍ‬ ‫والوصف للذيل‪ُ .‬فويق الأرض‪ :‬أي‬ ‫أن الذيل ليس طويال ً فيطأ عليه‪،‬‬ ‫وليس قص�اً فيبعد عن أ‬ ‫الرض‪.‬‬ ‫ي‬ ‫أعزل‪ :‬ما كان َذنَبه مائال ً عن ُدبُره‬ ‫ين‬ ‫الجهت�‪ ،‬وهي سمة يغ�‬ ‫إلحدى‬ ‫مستحسنة ف� الفرس‪ .‬عىل الم ْت ين�‪:‬ن‬ ‫ي‬ ‫الكتف�‪ .‬انتحى‪ :‬ت‬ ‫ين‬ ‫اع�ض‪.‬‬ ‫عىل‬ ‫سحق عليه الطِّيب‪،‬‬ ‫ي‬ ‫حجر‬ ‫داك‪:‬‬ ‫َم‬ ‫ُ َ‬ ‫فيكون له بريق‪َ .‬صالية َح ْنظَل‪:‬‬ ‫حب الحنظل‪،‬‬ ‫حجر يُ َ‬ ‫سحق عليه ُّ‬ ‫فيكون دائماً ْأملس‪ .‬ال َهاديات‪:‬‬ ‫المتقدمات من قطيع بقر الوحش‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫نحر‪ :‬أعىل الصدر‪ُ .‬عصارة‪ :‬ما ُع ِص‬ ‫ْ‬ ‫صبغ به الشعر‬ ‫ي‬ ‫ضاب‬ ‫خ‬ ‫اء‪:‬‬ ‫ن‬ ‫ح‬ ‫منه‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ َ‬ ‫مرجل‪ :‬ترجيل الشَّ عر‪:‬‬ ‫فيحمر‪َّ .‬‬ ‫ّ‬ ‫ترسيحه وتسويته‪.‬‬

‫‪55. His gallop streams like a boy’s‬‬ ‫‪pebble-on-a string‬‬ ‫ ‬ ‫‪When he tightly twirls the string with his two hands‬‬ ‫ ‬ ‫!‪ then pulls‬‬ ‫‪56. He has the flanks of a gazelle,‬‬ ‫‪ the ostrich’s two legs,‬‬ ‫ ‬ ‫‪The wolf’s lope,‬‬ ‫ ‬ ‫‪ the fox-cub’s canter.‬‬

‫ ‪57. Full in the flanks; from behind‬‬ ‫‪ a thick tail fills the gap‬‬ ‫ ‬ ‫‪ Between his legs, reaching almost to the ground,‬‬ ‫ ‬ ‫‪ not crooked.‬‬ ‫‪58. As if, when he heads off, his rump,‬‬ ‫‪hard and smooth, were a stone‬‬ ‫ ‬ ‫‪ On which a bride pounds perfume or‬‬ ‫ ‬ ‫‪ bitter colocynth is crushed.‬‬ ‫—‪59. As if the blood on his throat‬‬ ‫—‪blood of the herd’s frontrunners‬‬ ‫ ‬ ‫‪Were henna on an old man’s‬‬ ‫ ‬ ‫‪ combed white hair.‬‬

‫‪75‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫أ‬ ‫حــد أن يجعلــه‬ ‫وتصــل ِغ ْبطــة امــرئ القيــس بحصانــه الســطوري ّ‬ ‫ت‬ ‫الظــ�؛‬ ‫خــارص�‬ ‫جامعــاً لمحاســن الكائنــات‪ ،‬فخارصتــاه تُشــبه‬ ‫ي‬ ‫بْي‬ ‫وق ّلــة لحمــه‪ ،‬وســاقاه مثــل سـ ق يَ‬ ‫ـا� النعامــة ف ي� ِق َصهمــا؛ ألن‬ ‫لرشــاقته ِ‬ ‫ذلــك أرس ُع ف� جريــه‪ّ ،‬أمــا حـ ي ن‬ ‫ـ� يعــدو فإنــك تــرى فيــه أحيان ـاً عـ ْـدو‬ ‫ي ْ‬ ‫ت‬ ‫بجريــه‬ ‫الذئــب الم�بّــص‪ ،‬كمــا تــرى فيــه أحيانـاً أخــرى ِخفــة الثعلــب ْ‬ ‫المنتظــم‪ .‬وهــو مــع ِع َظــم جنبيــه وضخامــة أضالعــه فــإن رشــاقة‬ ‫ِ‬ ‫روحــه ال حــدود لهــا‪ ،‬إ ْذ حـ ي ن‬ ‫ـ� يـراك تقــف أو تسـ يـر خلفــه فإنــه –بأناقــة‬ ‫المتــأدب‪ -‬يسـ ُّـد مــا بـ ي ن‬ ‫ـ� ِوركيــه بذيلــه الســابغ معتــدل الطــول الــذي ال‬ ‫أ‬ ‫وإن كان غـ يـر بعيــد عنهــا‪.‬‬ ‫ـس الرض؛ ْ‬ ‫يمـ ُّ‬

‫ت‬ ‫الــ� تعــرض لــك المنظــر الجميــل مــن زوايــا‬ ‫ومثــل آلــة التصويــر ي‬ ‫متعــددة يصـ ّـور امــرؤ القيــس روعــة الحســن ف ي� جســد هــذا الحصــان‬ ‫وقــد ت‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫الالمعــ� وكأنهمــا‬ ‫العريضــ�‬ ‫اعــرض أمامــك‪ ،‬فرأيــت كتفيــه‬ ‫ـب الح ْنظــل‪ ،‬فهــو مــا ي ـزال‬ ‫الحجــر الــذي يُسـ َـحق عليــه ال ِّطيــب وحـ ّ‬ ‫أ أ‬ ‫ـتد بريقــه كلمــا ر ّددت فيــه النظــر‪ ،‬ويــزداد‬ ‫يتــ�ل أمــام عينيــك‪ ،‬ويشـ ُّ‬ ‫فنحــر‬ ‫هــذا الجمــال‬ ‫الحــ� بجمــال دالالتــه عــى القــوة والظفــر‪ْ ،‬‬ ‫ي‬ ‫هــذا الحصــان مــا ي ـزال يحتفــظ بسـ ّ‬ ‫ـجل انتصاراتــه‪ ،‬فهــا قــد تح ـىن ّ‬

‫ت‬ ‫ـن عنــد‬ ‫ـ� طالمــا ِ‬ ‫ظفــر بهـ ّ‬ ‫ِجلــده بدمــاء بقــر الوحــش الســابقات الـ ي‬ ‫احتــدام الركــض ف ي� رحــات القنــص‪.‬‬

‫‪76‬‬

‫‪77‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫مشهد الصيد‬ ‫‪.60‬‬ ‫‪.61‬‬ ‫‪.62‬‬ ‫‪.63‬‬ ‫‪.64‬‬ ‫‪.65‬‬ ‫‪.66‬‬

‫ــعاج ُ‬ ‫ــن َل َـنـا ِس ْــر ٌب َك َـأ َّن ِن َ‬ ‫َف َـع َّ‬ ‫ــه‬ ‫َف َأ ْد َب ْـر َن َ‬ ‫امل َف َّ‬ ‫اكلـج ْزع ُ‬ ‫ـص ِـل َب ْــي َـن ُـه‬ ‫ِ‬ ‫َف َـأ ْل َـح َــق َــنـا � َلـهـاد َيـات ُود ْو َنــهُ‬ ‫ِب ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َف َـع َ‬ ‫ـادى ِع َـد ًاء َب ْ ي نَ� ث ْـو ٍر ون ْـع َج ٍـة‬ ‫ط ُاة ْ‬ ‫َف َـظ َّل ُ َ‬ ‫اللـح ِم ما َب ْ ي نَ� ُم ْـن ِض ٍـج‬ ‫َ َّ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُور ْح َنا َيـك ُد الط ْرف َيـق ُص ُـر ُد ْون ُـه‬ ‫َف َـب َ‬ ‫س ُج ُ‬ ‫ــه وِل َـج ُ‬ ‫ات َع َـل ْـي ِـه َ ْ‬ ‫ـام ُـه‬

‫ـالء ُم َـذ َّ‬ ‫َع َـذ َارى َد َوار فـي ُ‬ ‫ــل‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫بـج ْـي ِـد ُم َـع ّـم � َ‬ ‫الع ِـش ْي َـر ِة ُمـخ ِـو ِل‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ ي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ــل‬ ‫َج َــو ِ‬ ‫اح ُــرهـا ي� ص َّــرة ل ْـم تـــز ي ِ‬ ‫ً َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ِد َرا اك ول ْـم َي ْـن َض ْح ِب َـم ٍاء ف ُـيـغ َـس ِل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َص ِـف ْـيـف ِش َـو ٍاء أو ق ِـد ْي ٍـر ُم َـع َّـج ِـل‬ ‫َ َّ‬ ‫َم َـتـى ما َت َـر َّق َ‬ ‫الـع ْي ُـن ِف ْـي ِـه ت َـسـف ِـل‬ ‫َ ً َ‬ ‫و� َت ِب َع ْـي ِـنــي ق ئـا�ـا غ ْي َـر ُم ْـر َس ِـل‬ ‫َب‬

‫ف‬ ‫و� هــذا‬ ‫ِيصــف امــرؤ القيــس هنــا رحلــة صيــد مثـ يـرة مــع حصانــه‪ ،‬ي‬ ‫الوصــف تتجــى بوضــوح ِســمة مــن أبــرز ســمات النهــج الشــعري‬

‫أدق‬ ‫لهــذه المع َّلقــة‪ ،‬وهــي ِســمة‪ :‬التســجيل البــري المو َلــع بتجســيد ّ‬ ‫الحســية‪ ،‬فهــا قــد ظهــر أمــام امــرئ القيــس وهــو يسـ يـر‬ ‫التفاصيــل ّ‬ ‫عــى فرســه قطيــع مــن بقــر الوحــش‪ ،‬وإنــه لين ُظــر إىل إنــاث ذلــك‬ ‫ت‬ ‫ـ�‬ ‫القطيــع‪ ،‬فيذ ِّكــره بيــاض ألوانهــا وطــول أذيالهــا ببيــاض الفتيــات الـ ي‬ ‫لبســن الــ ُـمالءات الســابغة‬ ‫يراهـ ّ‬ ‫ـن ي ُط ْفــن حــول صنــم ( َد َوار)‪ ،‬وقــد ْ‬ ‫ـن هــذا القطيــع ال يلبــث أن يتفــرق هرب ـاً مــن‬ ‫طويلــة الذيــول‪ ،‬ولكـ ّ‬ ‫امــرئ القيــس وحصانــه الجامــح‪ ،‬وتقــوده هــذه الصــورة المتحركــة‬ ‫جلدهــن‬ ‫ســيقانهن عــن ســائر لــون‬ ‫قهــن عنــه‪ ،‬وتمايــز ســواد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لتفر ّ‬ ‫ُّ‬ ‫أ‬ ‫البيــض إىل اســتحضار صــورة حســية مشــابهة‪ ،‬وهــي‪ :‬صــورة ِع ْقــد من‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫حبــات مــن اللؤلــؤ‬ ‫المســو ّد الط ـراف‪ ،‬وقــد تخ ّلل ْتــه ّ‬ ‫الخـ َـرز البيــض ْ‬ ‫تماثــل الفراغــات البيضــاء الـ تـ� تفصــل بـ ي ن‬ ‫ـ� هــذا البقــر المتفــرق‪ ،‬غـ يـر‬ ‫ي‬ ‫أن ام ـرأ القيــس ال يكتفــي بهــذا التجســيد الدقيــق‪ ،‬بــل يم ـض ي مــع‬

‫فيخصــص هــذا‬ ‫الميــال إىل مزيــد مــن االســتطراد التصويــري‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫طبعــه ّ‬ ‫العمــام أ‬ ‫العقْــد بأنــه موضــوع عــى عنــق صــ� كريــم أ‬ ‫والخــوال‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫بي‬ ‫ـ� الــذي اجتمــع لــه مجــد العمومــة والخؤولــة لــن‬ ‫ومثــل هــذا الصـ ب ي ّ‬ ‫يُوضــع عــى عنقــه ّإل أنفــس العقــود ث‬ ‫وأك�هــا إبهــاراً‪.‬‬ ‫ُ‬

‫‪78‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ت‬ ‫عــن‪ :‬ظهــر لنــا واعــرض أمامنــا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ِسب‪ :‬قطيــع مــن بقــر الوحــش‪.‬‬ ‫ِنعــاج‪ :‬جمــع نعجــة‪ ،‬وهــي أنــىث‬ ‫بقــر الوحــش‪َ .‬عــذَ ارى‪ :‬فتيــات‬ ‫أبــكار‪َ .‬د َوار‪ :‬اســم صنــم ألهــل‬ ‫الجاهليــة كانــوا يــدورون حولــه‪.‬‬ ‫ُمــاء‪ :‬جمــع ُمــاءة‪ ،‬وهــي ِملْحفــة‬ ‫تُوضــع فــوق اللبــاس وتتدثّــر بهــا‬ ‫النســاء‪ُ .‬مذيّــل‪ :‬ســابغ طويــل‬ ‫الـجـ ـ ْزع‪:‬‬ ‫الذيــول‪ .‬أدبــرن‪ :‬هربــن‪َ .‬‬ ‫ن‬ ‫اليمــا� الــذي ْاســو ّد ْت‬ ‫الـــخ َرز‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫فصل‪:‬‬ ‫أطرافــه وســائره أبيــض‪ .‬الــ ُـم ّ‬ ‫الــذي ف ُِصــل بينــه باللؤلــؤ‪ِ .‬ج ْيــد‪:‬‬ ‫ــول‪ :‬أي كريــم‬ ‫ع ُنــق‪ُ .‬م َع ّ‬ ‫ــم أ‪ُ ،‬مخْ ِ‬ ‫أ‬ ‫العمــام والخــوال‪ ،‬والوصــف‬ ‫المتقدمــات من‬ ‫ـ�‪ .‬الهاديــات‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫للصـ ب ي ّ‬ ‫قطيــع بقــر الوحــش‪ُ .‬دونــه‪َ :‬خلْفــه‪.‬‬ ‫المتأخــرات مــن قطيــع‬ ‫الجواحــر‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫الصــ َّـرة‪ :‬الجماعة‪ ،‬أو‬ ‫بقــر الوحــش‪َّ .‬‬ ‫الضجــة والــ َـجلَبة‪ .‬لــم تَزيّــل‪ :‬لــم‬ ‫ّ‬ ‫تتفـ ّـرق‪ .‬عــا َدى ِعــدا ًء‪َ :‬‬ ‫وال ف ي� َج ْريــه‬ ‫ين‬ ‫بــ� صيــد الثــور وصيــد النعجــة‪.‬‬ ‫ِدراكاً‪ :‬ل ِـــحاقاً ومتابعــة‪ .‬يَ ْن َضــح‪:‬‬ ‫العـ َـرق‪.‬‬ ‫يرشــح‪ .‬بمــاء‪ :‬المقصــود بــه َ‬ ‫الطباخــون‪َ .‬صفيــف‬ ‫طُهــاة اللحــم‪ّ :‬‬ ‫الشــواء المصفــوف الــذي‬ ‫ِشــواء‪ِّ :‬‬ ‫وضــع‬ ‫يُرقَّــق عــى هيئــة ش�ائــح ويُ َ‬ ‫الجمــر‪َ .‬قديــر‪ :‬مطبــوخ ف ي�‬ ‫عــى ْ‬ ‫القـ ْـدر‪ .‬الطَّـ ْـرف‪ :‬نَ َظــر العـ ي ن‬ ‫ـ�‪ .‬تـ قّ‬ ‫ـر�‬ ‫ِ‬ ‫ي ن‬ ‫العــ�‪ :‬تنظــر إىل أعــى الحصــان‪.‬‬ ‫ـرج‪:‬‬ ‫تس ـفَّل‪ :‬تنظــر إىل أســفله‪ .‬الـ َّ‬ ‫مــا يُوضــع عــى ظهــر الحصــان‬ ‫لتيســر الجلــوس عليــه‪ِ .‬لجــام‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ســيور يُ َشـ ُّـد بهــا فــم الحصــان‪ .‬غـ يـر‬ ‫غــر ت‬ ‫همــل‪.‬‬ ‫رســل‪ :‬ي‬ ‫مــروك وال ُم َ‬ ‫ُم َ‬

‫‪60. Then an oryx herd appeared before us‬‬ ‫‪with does like virgins‬‬ ‫ ‬ ‫‪ Circling round a sacred stone‬‬ ‫ ‬ ‫‪in long-trained gowns.‬‬

‫‪61. Then they turned like a string of onyx beads,‬‬ ‫‪ alternated black and white,‬‬ ‫ ‬ ‫‪ On the neck of a child‬‬ ‫ ‬ ‫‪of two noble families.‬‬ ‫‪62. He took us straight‬‬ ‫‪to the leaders of the herd,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Leaving behind those that lagged‬‬ ‫ ‬ ‫‪ in an unbroken cluster.‬‬ ‫‪63. One after another he overtook‬‬ ‫‪ a buck then a doe,‬‬ ‫ ‬ ‫‪But still was not awash‬‬ ‫ ‬ ‫‪with sweat.‬‬

‫‪64. Some cooks laid out the meat in strips‬‬ ‫;‪to slowly roast on embers‬‬ ‫ ‬ ‫‪Others threw it into pots‬‬ ‫ ‬ ‫‪ to quickly boil.‬‬

‫‪65. At evening, our glances shied‬‬ ‫‪before this steed:‬‬ ‫ ‬ ‫—‪To whatever part we raised our gaze‬‬ ‫ ‬ ‫‪dazzled, it dropped.‬‬

‫‪66. All night he remained, with his saddle and bridle‬‬ ‫‪upon him.‬‬ ‫ ‬ ‫‪All night he stood beneath my eye,‬‬ ‫ ‬ ‫‪not loose to graze.‬‬ ‫ ‬

‫‪79‬‬


Imruʾ al-Qays

‫امـرؤ الـقـيـس‬

V. Observing the Storm (67-78) The storm scene comes as something of a surprise, for, although not unknown in pre-Islamic poetry, this theme occurs more often in the opening prelude section. What is further unusual is that the Boast or fakhr theme at the end of a heroic qaṣīdah most often involves the poet’s first person ‘I’ or tribal ‘we’ celebrating his own prowess in the hunt or in battle or the power and authority of his tribe (see, for example, the Muʿallaqah of Labīd). Often, too, the fakhr will be very graphic in its battledetails and record the proper names of those for whom or from whom vengeance is sought (see, for example, the Muʿallaqah of ʿAntarah). By contrast, in the majestic storm scene that concludes the Muʿallaqah of Imruʾ al-Qays, the poet presents himself as merely an observer of a cataclysmic natural event. The storm takes on the mythic proportions, like the flood of the Gilgamesh epic or of Noah, with intimations of the cosmic or the divine, wreaking destruction (lines 71 and 73), but also bringing new and purified life, as the fabric-laden bags of the Yemeni trader are understood to indicate the fresh herbage that springs up after a desert storm (line 76).

‫ـ� يعــود امــرؤ القيــس إىل إكمــال لوحــة‬ ‫وبعــد هــذا االســتطراد التفصيـ ي‬

‫الحاطــة بهــذا‬ ‫ فيصـ ِّـور كيــف اســتطاع فرســه بالــغ العنفــوان إ‬،‫الصيــد‬ ،‫ فقــد أدرك الســوابق المتقدمــات منهــا‬،‫القطيــع مــن بقــر الوحــش‬ ‫ْضهــن و ُلهــاث‬ ‫مخ ِّلفــاً وراءہ البقــر المتأخــرات وقــد عــا ضجيــج رك‬ ّ

ّ ،ً‫ـن ثــوراً ونعجــة معـا‬ ‫وكل هــذا دون أن يعـ َـرق‬ ّ ‫ ليقنــص منهـ‬،‫ـهن‬ ّ ‫أنفاسـ‬

‫ـت رحلــة الصيــد‬ ْ ‫ ثــم يصـ ِّـور كيــف ُخ ِتمـ‬،‫جســمه مــن الجهــد أو التعــب‬ ‫ فقــد أمـ ضـى ال ُّطهــاة وقتهــم ف ي� توزيــع هــذا اللحــم‬،‫بنهايتهــا الظافــرة‬ ‫الوافــر ي ن‬ �‫ ف ي‬-‫طبــخ –عــى َع َجــل‬ َ ُ‫بــ� مــا ي‬ َ ُ‫ ومــا ي‬،‫شــوى عــى الجمــر‬ .‫ال ُقــدور‬ ‫أال يحـ ّـق المــرئ القيــس بعــد هــذه الرحلــة المظ ّفــرة أن يُفـ ت َ ن‬ ‫ـ� بحصانــه‬ ‫وهــو يقــف شــامخاً بجــواره بعــد أن أ ّدى مهمتــه عــى أكمــل وجــه؟ إنــه‬ ‫لــردد إليــه النظــر آ‬ ‫ أو‬،‫ فــا تســتقر عينــه عــى عضــو مــن أعضائــه‬،‫الن‬ ‫ي‬ ‫جــزء معـ ي ّ ن‬ ‫ وإنمــا يدفعهــا االنبهــار بــه إىل ترسيــح النظــر‬،‫ـ� مــن جســده‬ ‫ دون أن ترتــوي‬،ً‫ وصعــوداً ونــزوال‬،ً‫ جيئــةً وذهاب ـا‬:‫ف ي� جميــع محاســنه‬ ً‫وآن للحصــان أن يبيــت هادئ ـا‬ َ ،‫ ثــم هــا قــد تأ� الليــل بســكونه‬،‫منــه‬ ‫ـن عـ ي ن‬ ،‫ـ� امــرئ القيــس مــا تـزال ترعــاه‬ ّ ‫ ولكـ‬،‫ وعليــه َسجــه و ِلجامــه‬،‫فيــه‬ ‫ وتــكاد تطبــق عليــه أ‬،‫حـ تـى لكأنــه يبيــت فيهــا‬ . ً‫الجفــان تع ُّلقـاً وإكبــارا‬ ُ

The two closing lines of the Muʿallaqah create an image of purification and pollution: the effusive and uninhibited song of the ‘inebriate’ birds suggest spiritual salvation (line 77) while the bloated corpses of drowned beasts suggest the mortality of the flesh and its desires (line 78).

81

80


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫اللوحة السادسة‬ ‫وصف المطر والسيل‪ ،‬والنظرات األخيرة للطبيعة‬ ‫َ َ ْ َ َ ْ ف َ ّ ُ َ َّ‬ ‫َ َ َ َ َ ْ ًُ ْ َ‬ ‫ـك َوم ْـي َض ُ‬ ‫ـه‬ ‫‪ .67‬أص ِاح تــرى بـرقـا أ ِر ي‬ ‫ــل‬ ‫ـل‬ ‫ـك‬ ‫م‬ ‫ـي‬ ‫ـب‬ ‫ح‬ ‫�‬ ‫ـن‬ ‫ي‬ ‫ـد‬ ‫الـي‬ ‫ع‬ ‫ـم‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ِ ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ َ ِ َّ ْ َ ُّ َ ٍ ُ ََّ‬ ‫ـ� ُء َس َن ُ‬ ‫‪ُ .68‬ي ِ ض‬ ‫ـاه أو َم َص ِاب ْـي ِح َر ِاه ٍب‬ ‫ـال الـمـفـت ِـل‬ ‫أمال السـ ِلـيـط ِب�لذب ِ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ـ� َ‬ ‫َوب ْ نَ‬ ‫وص َب ِتـي َب ْ نَ‬ ‫‪َ .69‬ق َع ْد ُت َ ُل ُ ْ‬ ‫ـ� ُ‬ ‫الـع َذ ْ‬ ‫ـب ُب ْـع َد ما ُم َتأ َّمـ ِلـي‬ ‫ي‬ ‫ج‬ ‫ـار‬ ‫ض‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫َّ َ‬ ‫َْ َ ُ ُ َ َ ّ َ َ َ ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫الـسـتــ ِـار فـيـذبــ ِـل‬ ‫‪َ .70‬عل قط ٍـن ِب�لش ْي ِ� أ ْي َـم ُن َص ْـو ِب ِـه‬ ‫وأيـســـره عل ِ‬ ‫َ ُ ُّ َ َ أَ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫‪َ .71‬ف ضْ َ‬ ‫ـأ� َي ُـس ُّح َ‬ ‫ـان َد ْو َح الك نَ ْ� َب ِل‬ ‫ـ‬ ‫ق‬ ‫امل َاء َح ْـول ك َت ْـيف ٍـة‬ ‫يكــب عل الذ ِ‬ ‫َ َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ​َ َ َ‬ ‫َف َأ َنـز َل ِم ْن ُه ُ‬ ‫الع ْ‬ ‫ـص َـم ِم ْـن ِك َم ْـن ِـز ِل‬ ‫ــه‬ ‫ـان ِم ْـن نــفـيـا ِن ِ‬ ‫‪َ .72‬وم َّر عل الـقـن ِ‬ ‫هــذه هــي اللوحــة أ‬ ‫الخـ يـرة ف ي� المع َّلقــة‪ ،‬وكأنمــا أراد امــرؤ القيــس أن‬ ‫يربطهــا باللوحــة أ‬ ‫الوىل حيــث بــدأ‪ ،‬وأن يعطــف خاتمتــه عــى فاتحتــه‪،‬‬

‫فهــا هــو ذا يعــود إىل أصحابــه الذيــن تركهــم عنــد أ‬ ‫الطــال ف ي� مسـ ّ‬ ‫ـتهل‬ ‫آ‬ ‫ـزل‬ ‫القصيــدة‪ ،‬ولكـ ّ‬ ‫ـن المشــهد قــد تغـ ي ّـر الن تمام ـاً‪ :‬مــن البــكاء الغـ ي‬ ‫أ‬ ‫المنبهــر بالطبيعــة‪ ،‬وهــا هــو يدعــو أحــد‬ ‫التأمــل‬ ‫عــى الطــال‪ ،‬إىل ُّ‬ ‫ِ‬ ‫أصحابــه يك يـ تـراءى معــه وميــض الـ بـرق البعيــد‪ ،‬فالســماء ُمنـ ِـذرة بمطر‬ ‫والــرق يــرض ب بســوطه المــض ء الســحاب ت‬ ‫الم�اكــم الــذي‬ ‫غزيــر‪ ،‬ب‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫يجســد‬ ‫يدنــو مــن الرض‪ ،‬ويبحــث امــرؤ القيــس ‪-‬كعادتــه‪ -‬عــن تشــبيه ِّ‬ ‫صــورة هــذا الســوط الف ـض ّ ي الــذي يق ِّطــع أحشــاء الغيــوم‪ ،‬فيقــوده‬ ‫ـ�‪ :‬أ‬ ‫التخييــل إىل تشــبيه وميــض الـ بـرق المر ِتعــش بصورتـ ي ن‬ ‫الُوىل‪ :‬صــورة‬ ‫حركــة اليديــن المضطربــة عنــد تقليبهمــا برسعــة‪ ،‬أ‬ ‫والخــرى‪ :‬صــورة‬ ‫الفتيــل ت‬ ‫الم�اقــص بالضــوء ف ي� مصبــاح الراهــب الــذي يجتهــد ف ي� إبقــاء‬ ‫الضــوء م ّتقــداً عـ بـر إمالــة الزيــت باتجــاه الفتيلــة المشــتعلة‪ ،‬وهــذه‬ ‫ت‬ ‫ـ� يســتح�ض فيهــا امــرؤ القيــس صــورة مصبــاح‬ ‫هــي المــرة الثانيــة الـ ي‬ ‫الراهــب ف� مع َّلقتــه‪ ،‬فقــد ســبق لــه أن شــبه وجــه محبوبتــه المتـ أ‬ ‫ـ� ئل‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫و� الميتــه الخــرى نــراه‬ ‫وســط الظلمــة بمصبــاح الراهــب المتب ِّتــل‪ ،‬ي‬ ‫يعيــد اســتدعاء هــذه المصابيــح الدينيــة مــن جديــد‪:‬‬ ‫نظ ُ‬ ‫ُ‬ ‫��رت إلهيا وانلوجم كأهنا ‬

‫‪82‬‬

‫ت ُ َش ُّ ق ُ َّ‬ ‫ُ ُ ْ‬ ‫ـال‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫مصا ب� ي�ــح رهبـ ٍ‬ ‫ـان ��ــب ل� ِ‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫وصــاح‪:‬‬ ‫للنــداء‪،‬‬ ‫الهمــزة‬ ‫‪:‬‬ ‫أصــاح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ترخيـ ٌـم لكلمــة‪ :‬صاحــب‪َ .‬و ِميــض‪:‬‬ ‫كلمــع اليديــن‪ :‬أي‬ ‫لمــع الضــوء‪ْ .‬‬ ‫كحركــة اليديــن عنــد تقليبهمــا‬ ‫ـــي‪ :‬مــا حبــا مــن‬ ‫برسعــة‪َ .‬حب‬ ‫الســحاب‪ِ ،‬أي بـ ّـرز ودنــا مــن أ‬ ‫الرض‪.‬‬ ‫ُم َكلَّــل‪ :‬تم�اكــم بعضــه فــوق‬ ‫الســليط‪:‬‬ ‫الســنا‪ :‬الضــوء‪َّ .‬‬ ‫بعــض‪َّ .‬‬ ‫الزيــت أو الدهــن الــذي يُو َقــد بــه‬ ‫المصبــاح‪ .‬الذُّ بــال‪ :‬جمــع ذُبالــة‪،‬‬ ‫وهــي الفتيلة‪ .‬الــ ُـمف َّتل‪ :‬المشــدود‪.‬‬ ‫ـارج‪ :‬اســم ألك ـرث مــن موضــع‪،‬‬ ‫َضـ‬ ‫والر ِاجــح أنــه الواقــع ف‬ ‫حــي‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫الشــقَّة بمدينــة بريــدة بالقصيــم‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫العذَ يــب‪ :‬أ‬ ‫الظهــر أنــه غـ يـر ُعذيــب‬ ‫ُ‬ ‫العــراق المشــهور‪ ،‬وأن المقصــود‬ ‫بــه مــا يســمى آ‬ ‫الـــمعذب‬ ‫الن‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ضمــن ُخ ُبــوب مدينــة بُريــدة‪.‬‬ ‫ـ�‪ :‬أي يــا بُ ْعـ َـد مــا‬ ‫بُ ْعـ َـد مــا ُم َّ‬ ‫تأمـ ي‬ ‫للــرق‬ ‫أن‬ ‫تشــوفه ب‬ ‫تأمل ُتــه‪ ،‬يريــد ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كان مــن مــكان بعيــد‪َ .‬قطَــن‪ :‬اســم‬ ‫جبــل أحمــر متـ أ‬ ‫ـ� ئل يقــع ف ي� شــمال‬ ‫بلــدة (عقلــة الصقــور) بالقصيــم‪.‬‬ ‫الشَّ ـ ْيم‪ :‬النظــر إىل الـ بـرق والمطــر‬ ‫ــوب‪:‬‬ ‫الص ْ‬ ‫ُليعلَــم أيــن همــا‪َّ .‬‬ ‫ت‬ ‫مشــرك‬ ‫الســتار‪ :‬اســم‬ ‫المطــر‪ِّ .‬‬ ‫لعـ شـرة جبــال عــى امتــداد الجزيــرة‬ ‫العربيــة‪ ،‬وأقــرب هــذه الجبــال‬ ‫ت‬ ‫الــ� وصفهــا‬ ‫للمواضــع الســابقة ي‬ ‫امــرؤ القيــس‪ :‬جبــل يقــع بالقــرب‬ ‫مــن بلــدة (رويضــة العــرض)‬ ‫التابعــة لمدينــة القويعية‪.‬يذْ بُــل‪:‬‬ ‫هضــب أحمــر عظيــم يشــتمل عــى‬ ‫قمــم متفرقــة أعالهــا ما يعــرف آ‬ ‫الن‬ ‫َِ‬ ‫ُ َ‬ ‫باســم‪ :‬جبــل َص ْبحــا‪ ،‬ويقــع شــمال‬ ‫حصــاة قحطــان إىل الجنــوب ش‬ ‫ال� ق ي�‬ ‫ــح‪:‬‬ ‫يس ُّ‬ ‫مــن مدينــة القويعيــة‪ُ .‬‬ ‫صغــر‬ ‫ــب‪ُ .‬ك َتيفــة‪ :‬جبــل‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫يص ّ‬ ‫ـب‬ ‫ـ‬ ‫ك‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ـم‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫القصي‬ ‫ـرب‬ ‫ـ‬ ‫غ‬ ‫ـمال‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫يقــع‬ ‫ُّ‬ ‫عــى الأذقــان‪ :‬أي يقلــع الشــجر‬ ‫ويقْلبــه‪َ .‬دوح‪ :‬جمــع َدوحــة‪،‬‬ ‫وهــي الشــجرة الكبـ يـرة ذات الفــروع‬ ‫والمتشــعبة‪ .‬الكَ َن ْه َبــل‪:‬‬ ‫الممتــدة‬ ‫ِّ‬ ‫الشــجر العظيــم‪ .‬القَنــان‪ :‬اســم‬ ‫الغــر�‬ ‫جبــل يقــع ف ي� الشــمال‬ ‫آبي‬ ‫ســمى الن‪:‬‬ ‫مــن القصيــم‪ ،‬ويُ َّ‬ ‫الموشــم‪ .‬نَ َف َيــان‪ :‬المــاء المتطايــر‬ ‫َّ‬ ‫الع ْصــم‪ :‬جمــع‬ ‫مــن الســيل‪ُ .‬‬ ‫أعصــم‪ ،‬وهــو مــن الحيــوان مــا كان‬ ‫ف ي� ذراعيــه بيــاض‪ ،‬وســائر جســمه‬ ‫بلــون داكــن‪ ،‬والمقصــود بــه هنــا‪:‬‬ ‫الو ْعــل (تيــس الجبــل)‪.‬‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫‪67. Friend, can you see lightning? Look,‬‬ ‫‪there is a faint gleam,‬‬ ‫ ‬ ‫‪ Like two hands flashing‬‬ ‫ ‬ ‫‪ in the cumulus’ high crown.‬‬ ‫‪68. Its flash lights up the sky—or like‬‬ ‫‪ the sudden flare of a monk’s lamp‬‬ ‫ ‬ ‫‪When, tilting it, he soaks‬‬ ‫ ‬ ‫‪ the twisted wick with oil.‬‬

‫ ‪69. I sat with my companions‬‬ ‫ ‬ ‫‪between Dārij and ʿUdhayb.‬‬ ‫ ‬ ‫ ‪ How distant was the storm‬‬ ‫ ‬ ‫!‪ at which I gazed‬‬

‫‪70. Over Mount Qatan, as I read the signs,‬‬ ‫‪ the right flank of its downpour falls,‬‬ ‫ ‬ ‫‪ Over Mount Sitār, then Mount Yadhbul,‬‬ ‫ ‬ ‫‪falls the left.‬‬

‫‪71. By late morning it began pouring down its rain‬‬ ‫‪around Kutayfah,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Overturning the lofty kanahbal-trees‬‬ ‫ ‬ ‫‪upon their beards.‬‬ ‫‪72. As the fringes of its rain passed‬‬ ‫‪ over Mount Qanān‬‬ ‫ ‬ ‫‪They drove white-footed goats‬‬ ‫ ‬ ‫‪down every path.‬‬

‫‪83‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫وهــذا كلــه تك ـرار الفــت برمزيتــه الدينيــة عنــد شــاعر كان يديــن عــى‬ ‫أ‬ ‫الرجــح –كشــأن معظــم العــرب آنــذاك– بالوثنيــة‪.‬‬ ‫المنهمــر‪،‬‬ ‫ثــم يكشــف امــرؤ القيــس الحــدود المكانيــة لهــذا المطــر‬ ‫ِ‬ ‫فقــد كان هــو وأصحابــه ي ن‬ ‫والعذيــب‪ ،‬وإنــه‬ ‫بــ�‬ ‫موضعــي‪ :‬ضــارج‪ُ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ـته ّل مــع بُعــد مكانــه‬ ‫ّ‬ ‫ليتعجــب مــن قدرتــه عــى تشـ ُّـوف الغيــم المسـ ِ‬ ‫عنــه‪ ،‬وهــو يقـ ِّـدر بالنظــر أن المطــر قــد امتـ ّـد يمينـاً إىل جبــل َق َطــن‪،‬‬

‫الســتار‪ ،‬ويَذْ بُــل‪ ،‬فهــو مطــر حافــل إذن‪،‬‬ ‫ـ�‪ِّ :‬‬ ‫بينمــا امتـ ّـد يســاراً إىل جبـ ي‬ ‫ـر االنقــاب الــذي حــدث ف ي� الصحـراء بأشــيائها وأحيائهــا‬ ‫وهــذا مــا يفـ ِّ‬ ‫بعــد هطولــه‪.‬‬ ‫يلتفــت الشــاعر بعــد ذلــك إىل المــكان مــن حولــه‪ ،‬وقــد تغـ ي َّـر ْت هيئتــه‬

‫ونواميســه بفعــل المطــر الغزيــر‪ ،‬فقــد تكـ ّـون ســيل عظيــم حــارص‬ ‫جبــل كُتيفــة‪ ،‬وجــرف ّكل مــا يعـ تـرض طريقــه‪ ،‬فاقتلــع أ‬ ‫الشــجار الكبـ يـرة‬ ‫عقــب‪ ،‬ثــم مــا انفــكّ يرشــق جبــل‬ ‫مــن جذورهــا‪ ،‬وقلبهــا رأس ـاً عــى ِ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ـ� تلــوذ‬ ‫القَنــان بمياهــه المندفعــة والمتطايــرة‪ ،‬حــى إن الوعــول الـ ي‬ ‫ئ‬ ‫المــا�‬ ‫عــاد ًة بالجبــال قــد أصابهــا االضطــراب مــن هــذا الهيجــان‬ ‫ي‬ ‫الكبـ يـر‪ ،‬نز‬ ‫وسـ ُـبل النجــاة‪.‬‬ ‫ف�لـ ْ‬ ‫ـت تستكشــف مالمــح الخطــر ُ‬

‫‪84‬‬

‫‪85‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫ ‬ ‫‪.73‬‬ ‫‪.74‬‬ ‫‪.75‬‬ ‫‪.76‬‬ ‫‪.77‬‬ ‫‪.78‬‬

‫مشهد الطوفان‬

‫ْ َ َ‬ ‫َ ْ َ َ َ ْ َ تْ ُ ْ‬ ‫وت ي�ماء ل ي‬ ‫ـ�ك ِب َ�ا ِجذ َع ن ْـخل ٍـة‬ ‫َ أَ َّ َ َ ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ــه‬ ‫ل‬ ‫ــ‬ ‫ب‬ ‫و‬ ‫ـن‬ ‫ـي‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ـر‬ ‫ع‬ ‫فـي‬ ‫ـانـا‬ ‫كن أب‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ أك َّن ُذ َرى َرأس ُ‬ ‫الـم َج ْـي ِـم ِر غ ْـد َوة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ََْ‬ ‫الغب ْيط َب َع َاعهُ‬ ‫َ‬ ‫وألقـى ِب َص ْحر ِاء ِ ِ‬ ‫ُ ً‬ ‫َ َ َّ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫الـج َو ِاء غ َـد َّيـة‬ ‫ـي‬ ‫ـاك‬ ‫ك‬ ‫كـأن م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ أَ َّ ّ َ َ ْ َ ْ قَ َ َّ ً‬ ‫السباع ِفـي ِه غـر� ع ِـشـيـة‬ ‫كن ِ‬

‫ً‬ ‫ُ ُ ً َّ‬ ‫وال أطـما إل َم ِـش ْــيـدا ِب َـج ْـن َـد ِل‬ ‫َ ْ َُ‬ ‫ف‬ ‫ـاد ُم َـز َّم ِـل‬ ‫ـاس ي� ِب َـج ٍ‬ ‫ك ِـبـيـــ ُـر أنـــ ٍ‬ ‫ُ َّ َ ْ َ ُ ْ‬ ‫ِم َن َّ‬ ‫الس ْي ِل والغث ِاء فلكـة ِمـغ َـز ِل‬ ‫نُ ُ ْ َ َ َ ن‬ ‫اب ُ‬ ‫امل َح َّم ِل‬ ‫ا� ِذي ِ‬ ‫الع َي ِ‬ ‫ز�ول يال�م ِ ْ ي‬ ‫ً‬ ‫َْ َ‬ ‫ُص ِب ْح َـن ُسالفا ِم ْن َر ِح ْي ٍـق ُمـفلـف ِل‬ ‫َ ُ‬ ‫أ‬ ‫ُ‬ ‫ِب� ْر َجا ِئ ِه الـق ْص َوى أ نَ� ِب ْـيش ُع ْن ُص ِل‬

‫أ‬ ‫خــرة والوداعيــة مــن‬ ‫يواصــل امــرؤ القيــس رســم هــذه اللوحــة ال ي‬ ‫مع ّلقتــه‪ ،‬ويســتمر ف ي� عــرض مشــاهد الطبيعــة المتداعيــة جـ ّـراء هطــول‬ ‫المطــر الغزيــر والســيل الجــارف الناتــج عنــه‪ ،‬فقــد طــال هــذا الســيل‬ ‫بلــدة تيمــاء‪ ،‬فلــم يـ تـرك فيهــا شــجراً وال ِبنــا ًء عــى حالــه‪ ،‬ولــم يتمكــن‬ ‫ت‬ ‫بالجــص والصخــور‬ ‫ـ� أُ ِ‬ ‫حكــم ِبناؤهــا ِ‬ ‫مــن مقاومتــه ســوى البيــوت الـ ي‬ ‫المتينــة‪ ،‬وبمشــهدية ( ُطوفانيــة) يعــرض الشــاعر صورة مزدوجــة اللتقاء‬ ‫ـ� مطــر الســماء المنهمــر وســيل أ‬ ‫المــاء بـ ي ن‬ ‫الرض المندفــع‪ ،‬فهــذا جبــل‬ ‫ِ‬ ‫أَبَــان المحــارص بالميــاه مــن فوقــه ومــن تحتــه يبــدو مــن بعيــد وكأنــه‬ ‫ف‬ ‫ـن متشـ ّـبث بمكانــه‪ ،‬ت ز‬ ‫وم� ّمــل ب ُب�دتــه؛ كمــا هــو شــأن‬ ‫شــيخ طاعــن ي� السـ ّ‬ ‫الشــيوخ عــاد ًة ف� حرصهــم عــى التدثّــر ت ز‬ ‫وال� ّمــل‪ ،‬وهــا هــي تــال‬ ‫ي‬ ‫الحطــام المنجــرف مــن‬ ‫المجيمــر وقــد حارصهــا الســيل وأحــاط بهــا ُ‬ ‫ت‬ ‫ـ� تُحيــط بهــا الخيــوط مــن كل‬ ‫كل جهــة‪ ،‬فكأنهــا خشــبة الــ ِـمغزل الـ ي‬ ‫جانــب‪.‬‬ ‫ثــم يلتفــت امــرؤ القيــس إىل مــا صنعــه المطــر والســيل بصحــراء‬ ‫الغبيــط الممتــدة‪ ،‬فقــد دبــت الحيــاة ف� أ‬ ‫الرض‪ ،‬وبــدأ العشــب‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫حــت صنــوف الزهــار بألوانهــا الزاهيــة‪،‬‬ ‫الخــرض بالظهــور‪ ،‬وتف ّت ْ‬ ‫ويذكّــره هــذا المشــهد البهيــج بمشــهد آخــر عامــر أ‬ ‫باللــوان‪ ،‬ي ن‬ ‫حــ�‬ ‫ـا� بأوعيتــه الثمينــة‪ ،‬لينـ شـر عــى أ‬ ‫ن‬ ‫نز‬ ‫الرض مــا فيهــا‬ ‫ي ـ ل التاجــر اليمـ ي‬ ‫مــن أمتعــة نفيســة وثيــاب مزركشــة‪ ،‬وتصنــع بهجــة المــكان عملهــا‬ ‫حـ تـى ف ي� الطيــور العابــرة‪ ،‬وإنــك لـ تـرى طائــر الــ ُـمكّاء الصغـ يـر الــذي ال‬ ‫ف‬ ‫ـتخف بــه الطــرب لهــذا التبـ ّـدل‬ ‫الخصــب وقــد اسـ ّ‬ ‫يغـ ِّـرد ّإل ي� موســم ِ‬

‫‪86‬‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫تيمــاء‪ :‬بلــدة تقــع ي ن‬ ‫بــ� المدينــة‬ ‫المنــورة وتبــوك‪ ،‬وهــي أقــرب إىل‬ ‫تبــوك‪ .‬أُطُــم‪ :‬البيــت المســقوف‪.‬‬ ‫بالشــيد‪ ،‬وهــو‪ :‬مــا‬ ‫مبــن ي ّ ِّ‬ ‫َم ِشــيد‪ْ :‬‬ ‫ـص ونحــوه‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫ج‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـاء‬ ‫ـ‬ ‫البن‬ ‫يُطـ َـى بــه‬ ‫ِ ّ‬ ‫الـــج ْندل‪ :‬الصخــر‪ .‬أَبَــــان‪ :‬جبــل‬ ‫َ‬ ‫معــروف ف ي� نجــد يقــع غــرب مدينــة‬ ‫وكثــراً‬ ‫الــرس بمنطقــة القصيــم‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫مــا يُث ـىن َّ ألنهمــا جبــان متجــاوران‪.‬‬ ‫َعر ي ن‬ ‫انــ�‪ :‬أوائــل‪ .‬وبْــل‪ :‬المطــر‬ ‫الغزيــر شــديد الو ْقــع‪ .‬كبـ يـر أُنــاس‪:‬‬ ‫شــيخ طاعــن ف ي� الســن‪ِ .‬بجــاد‪ِ :‬كســاء‬ ‫ْتــف‪،‬‬ ‫مخطَّــط‪ُ .‬م َّزمــل‪ُ :‬مدثَّــر ُومل ّ‬ ‫(مزمــل) مجــرورة لمجاورتهــا‬ ‫وكلمــة ّ‬ ‫جــاد)‪ ،‬وحكمهــا أ‬ ‫صــ�‪:‬‬ ‫ال‬ ‫كلمــة (ب‬ ‫ي‬ ‫ِأ‬ ‫ـر أنــاس)‪.‬‬ ‫الرفــع؛ لنهــا نعــت لـ(كبـ ُي‬ ‫ذ َُرى‪ :‬جمــع ذُروة‪ ،‬وهــي أعــى‬ ‫ش‬ ‫جيمر‪ :‬جبــل أســود‬ ‫الــسء‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الـــم ِ‬ ‫ي‬ ‫صغــر مــا يــزال محتفظــاً باســمه‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ويقــع ف ي� أعــى وادي مبهــل الــذي‬ ‫ف‬ ‫الرمــة بمنطقــة‬ ‫يصــب ي� وادي ّ‬ ‫ُّ‬ ‫القصيــم‪ .‬الغُ ثّــاء‪ :‬بتشــديد الثــاء‬ ‫وتخفيفهــا‪ّ :‬كل مــا يحملــه الســيل‬ ‫مــن ب ن‬ ‫التــ� والحشــيش وحطــام‬ ‫الشــجر‪َ .‬فلْكــة ِمغْ ــ َزل‪ :‬الــرأس‬ ‫الخشــ� المســتدير ف ي� أعــى‬ ‫بي‬ ‫المغــزل‪ .‬الغَ بيــط‪ :‬اســم موضــع‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫منخفضــة فهــي غَبيــط‪.‬‬ ‫وكل أرض ِ‬ ‫العياب‪:‬‬ ‫ال َب َعــاع‪ :‬ال ِّثقــل المحمــول‪ِ .‬‬ ‫جمــع َعيبــة‪ ،‬وهــي‪ :‬وعــاء تُوضــع‬ ‫أ‬ ‫َاك‪ :‬جمع‬ ‫فيــه الثيــاب والمتعــة‪َ .‬مـك ي ّ‬ ‫الصفــر‪.‬‬ ‫كثــر‬ ‫ي‬ ‫ُمــكّاء‪ ،‬وهــو طائــر ي‬ ‫الجــواء‪ :‬اســم منطقــة متعــددة‬ ‫ِ‬ ‫القُــرى بالقــرب مــن مدينــة بريــدة‬ ‫بالقصيــم‪ ،‬وقاعــدة هــذه القُــرى‬ ‫ت‬ ‫ســمى‪ :‬عيــون‬ ‫الــ� تُ ّ‬ ‫بلــدة العيــون ي‬ ‫الجــواء‪ّ ،‬‬ ‫واد واســع فهــو ِجــواء‪.‬‬ ‫وكل ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُــدوة‪،‬‬ ‫غُديّــة‪:‬‬ ‫تصغــر غــداة أو غ ْ‬ ‫ي‬ ‫وهــو أول الصبــح‪ُ .‬ص ِبحــن‪ :‬مــن‬ ‫الص ُبــوح‪ ،‬وهــو‪ :‬ش ُ�ب أول النهــار‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫عــر مــن‬ ‫الســاف‪ :‬أول مــا يُ َ‬ ‫ُّ‬ ‫الخمــر‪ .‬رحيــق‪ :‬صفــوة الخمــر‬ ‫ـت‬ ‫وخالصــه‪ .‬الــ ُـم َفلْفل‪ :‬الــذي أُلقيـ ْ‬ ‫الســباع‪ :‬الحيوانــات‬ ‫فيــه توابلــه‪ِّ .‬‬ ‫ت‬ ‫المف�ســة‪ .‬الأرجــاء‪ :‬النواحــي‪.‬‬ ‫الق ُْصــوى‪ :‬البعيــدة‪ .‬أنابيــش‪:‬‬ ‫جمــع أنبــوش‪ ،‬وهــي‪ :‬عــروق النبــات‬ ‫يت بذلــك ألنهــا‬ ‫ــم ْ‬ ‫وجــذوره‪ُ ،‬س أ ِّ‬ ‫الرض بفعــل المطــر أو‬ ‫تُ َنبــش مــن‬ ‫ـري‪،‬‬ ‫إالنســان‪ُ .‬‬ ‫الع ْن ُصــل‪ :‬البصــل الـ ّب‬ ‫وهــو نبــات شــديد الحموضــة‪.‬‬

‫‪73. In Tayma ʾ Oasis it did not leave‬‬ ‫‪a single palm trunk standing‬‬ ‫ ‬ ‫‪Nor a single stronghold but those‬‬ ‫ ‬ ‫‪of gypsum-plastered stone.‬‬ ‫‪74. As if Mount Abān in the first rains‬‬ ‫‪of the storm‬‬ ‫ ‬ ‫‪ Were a tribal chieftain wrapped‬‬ ‫ ‬ ‫‪ in a striped cloak.‬‬

‫‪75. As if the peak of Mount Mujaymir‬‬ ‫ ‪in the morning‬‬ ‫ ‬ ‫‪Ringed with dross left by the torrent‬‬ ‫ ‬ ‫‪were wool on a spindle.‬‬

‫‪76. The storm set down its burden‬‬ ‫‪ on the desert of Ghabī�t‬‬ ‫ ‬ ‫‪ Like a Yemeni merchant alighting with‬‬ ‫ ‬ ‫‪ his fabric-laden bags.‬‬ ‫ ‬ ‫‪77. It was as if the song-birds of the valley‬‬ ‫‪at daybreak‬‬ ‫ ‬ ‫‪ Had drunk a morning draught‬‬ ‫ ‬ ‫‪ of fine spiced wine,‬‬ ‫‪78. As if the wild beasts drowned at evening‬‬ ‫ ‪ in its remotest reaches‬‬ ‫ ‬ ‫’‪Were wild onions‬‬ ‫ ‬ ‫‪ plucked-out bulbs.‬‬

‫‪87‬‬


‫امـرؤ الـقـيـس‬

‫الجــواء أ‬ ‫الرخــي ف� أ‬ ‫واللــوان‪ ،‬فـراح منــذ الصبــاح الباكــر يصــدح بغنائــه‬ ‫ّ ي‬ ‫مبـ ّـدداً ســكون المــكان‪ ،‬وإنــه ليواصــل غنــاء الطــروب دون كلــل‪ ،‬حــىت‬ ‫ـرت رعشــة االنتعــاش‬ ‫خيــل إليــك أنــه ُســقي قدح ـاً مــن الخمــر‪ ،‬فـ ْ‬ ‫ُلي َّ‬ ‫ف ي� دمائــه وأوصالــه‪.‬‬ ‫وتنتهــي هــذه المع َّلقــة دون أن تنــى ضحايــا هــذا الســيل الجــارف‪،‬‬ ‫آ‬ ‫ت‬ ‫ميتــة ف ي� نواحيــه‬ ‫ـ� غرقـ ْ‬ ‫ـت فيــه تطفــو الن ّ‬ ‫فهــا هــي ذي الســباع الـ ي‬ ‫ـدت فــوق‬ ‫القصيــة‪ ،‬ســابحةً مــع التيــار الجامــح دون ح ـراك‪ ،‬وقــد بـ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫الميــاه أطرافهــا وأرجلهــا‪ ،‬ملطّخــةً‬ ‫الكــدر‪ ،‬وكأنهــا‬ ‫ي‬ ‫بالطــ� والمــاء ِ‬ ‫أ‬ ‫جــذور البصــل الـ بـري حـ ي ن‬ ‫ـ� تُ َنبــش وتُقت َلــع مــن الرض‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪Imruʾ al-Qays‬‬

‫‪The storm scene is so sublime that it admits of any‬‬ ‫‪number of readings.‬‬ ‫‪Is the storm that washes away pollution and leaves the‬‬ ‫‪song-bird—the poet—revived and purified a metaphor‬‬ ‫‪for blood vengeance that leaves the avenger relieved‬‬ ‫‪of his burden and pure (ghasl al-dam bi-al-dam)?—a‬‬ ‫‪suitable, perhaps necessary, closure to a poem of‬‬ ‫‪fakhr? Or has Imruʾ al-Qays so abstracted and elevated‬‬ ‫‪his imagery that we can read it, not as the boast of an‬‬ ‫?‪individual, but as a universal spiritual message‬‬

‫هــذه هــي اللوحــة الختاميــة للمع َّلقــة‪ ،‬وهــي مــن النهايــات آ‬ ‫ال ِسة‬ ‫كأن‪ ..‬وكأنّــه‬ ‫إ‬ ‫كأن‪َّ ..‬‬ ‫كأن‪َّ ..‬‬ ‫اليقــاع‪ ،‬لقــد ظـ ّـل امــرؤ القيــس يقــول فيهــا‪َّ :‬‬ ‫أ‬ ‫يُلقــي نظراتــه الخـ يـرة إىل الوجــود‪ ،‬متشــبثاً بــكل صــورة يراهــا تنبــض‬ ‫أمامــه بالحيــاة‪ ،‬وكأنهــا قــارب نجــاة مؤ َّقــت مــن الفنــاء المح َّقــق‪ .‬ومــن‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـ� تتكـ ّـون منهــا‬ ‫الالفــت للنظــر أن الشــاعر ي� هــذه البيــات القليلــة الـ ي‬ ‫اللوحــة أ‬ ‫الخـ يـرة قــد ذكــر أســماء اث ـن ي عـ شـر موضع ـاً مــن المواضــع‬ ‫ت‬ ‫الــ� تشــكِّل مــرح هــذا الســيل العظيــم‪ ،‬ويذ ِّكرنــا هــذا الحشــد‬ ‫ي‬ ‫الكبــر مــن أســماء أ‬ ‫ـ� الفاتحـ ي ن‬ ‫الماكــن بحشــد مماثــل مــر بنــا ف� البيتـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫التعبــر‪-‬‬ ‫لهــذه القصيــدة‪ ،‬فقــد ذكــر فيهمــا –عــى ِضيــق مســاحة‬ ‫ي‬ ‫ـوي ونفــ� آخــر بـ ي ن‬ ‫ـ� خاتمــة‬ ‫أســماء خمســة أماكــن‪ ،‬وهــذا رابــط معنـ ّ‬ ‫ي‬ ‫المع َّلقــة وفاتحتهــا‪.‬‬ ‫تــرى هــل يكــون هــذا الحشــد الالفــت ألســماء أ‬ ‫الماكــن ف ي� فاتحــة‬ ‫ُ‬ ‫�ض‬ ‫هم ِهــم‬ ‫المع َّلقــة وخاتمتهــا ب ـاً مــن الطقــوس والغنــاء الشــعائري يُ ْ‬ ‫ت‬ ‫ـ� تُفـن ي عمــره‬ ‫بــه شــاعر يعلــم أن ال حيلــة لــه أمــام حركــة الزمــان الـ ي‬ ‫وتهــدم جســده ســوى أن يغــرس روحــه ف ي� ســكون المــكان‪ ،‬متجــذِّ راً ف ي�‬ ‫أ‬ ‫ـت أســماء ِبقاعهــا وبواديهــا؟‬ ‫الرض وممتـ ّـداً فيهــا‪ ،‬مــا بقيـ ْ‬

‫‪88‬‬

‫‪89‬‬


Ṭarafah ibn al-ʿAbd

‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ْ


Ṭarafah ibn al-ʿAbd

‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ْ

The Muʿallaqah of Ṭarafah ibn al-ʿAbd Rebellion and Philosophy of Life and Death

Introduction and Translation by: Huda Fakhreddine

‫العبد‬ ْ ‫معلَّقة ط َ​َرفة بن‬ ‫الم ْو ِت‬ َ ‫الح َي ِاة َو‬ َ ُ‫ال َت َم ُّر ُد و َفل َْس َفة‬ ‫مقدمة ش‬ ‫ سامي بن عبدالعزيز العجالن‬:‫و�ح‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫الع ْبــد بــن ســفيان بــن ســعد بــن مالــك مــن قبيلــة بَ ْكــر‬ ‫هــو َط َرفــة بــن َ‬ ‫إن اســمه عمــرو‪ ،‬وإنمــا ُسـ ِّـمي‪َ :‬ط َرفــة‬ ‫ابــن وائــل مــن ربيعــة‪ ،‬وقيــل‪ّ :‬‬ ‫أ‬ ‫ـت قالــه‪ُ .‬و ِلــد ف ي� َه َجــر ش�ق الجزيــرة العربيــة لرسة كريمــة النســب‪،‬‬ ‫لبيـ ٍ‬ ‫ف‬ ‫أعمامــه عليــه وعــى‬ ‫ـار ُ‬ ‫وفقــد والـ َـده ي� سـ ّ‬ ‫ـن مب ِّكــرة‪ ،‬فنشــأ يتيم ـاً‪ ،‬وجـ َ‬ ‫والدتــه‪ :‬وردة‪ ،‬فمنعوهمــا حقَّهمــا مــن مـ يـراث والــده‪.‬‬ ‫وربمــا كان هــذا أحــد البواعــث المب ِّكــرة لتمــرده عــى بعــض أ‬ ‫الع ـراف‬ ‫ُّ‬ ‫ف‬ ‫بالضافــة إىل مــا ُج ِبــل عليــه مــن ج ـرأة ي� القــول والســلوك‪،‬‬ ‫القبليــة‪ ،‬إ‬ ‫ت‬ ‫ـى جعلــت الــرواة العــرب يتناقلــون قصص ـاً كثـ يـرة عــن‬ ‫وهــي الج ـرأة الـ ي‬ ‫اندفاعــه غـ يـر المحســوب تجــاه بعــض الســادة مــن قومــه‪ .‬بــل طـ َ‬ ‫ـال‬ ‫وهجــا ًء لهــم‪ ،‬وقــد أ ّدى‬ ‫تمـ ُّـرده أيض ـاً ملــوكَ المنــاذرة‪ :‬اســتهانةً بهــم‪ِ ،‬‬ ‫الحـ يـرة‪:‬‬ ‫هــذا –بحســب مــا يذكــر الــرواة‪ -‬إىل مقتلــه شــاباً بأمـ ٍـر مــن ملــك ِ‬ ‫عمــرو بــن هنــد‪ ،‬ف ي� حكايــة ُمثـ يـرة وأســطورية الطابــع اشـ تـرك معــه فيهــا‬ ‫(‪)1‬‬ ‫المتلمــس‪ :‬جريــر بــن عبدالمســيح الــذي نجــا مــن القتــل بأعجوبة‪.‬‬ ‫خالــه‬ ‫ِّ‬ ‫ّأمــا م�نز لــة طرفــة الشــعرية‪ ،‬فقــد جعلــه ابــن ســام الجمحــي ف ي� الطبقــة‬ ‫الرابعــة مــن الشــعراء الفحــول‪ ،‬ثــم اســتدرك عــى نفســه فقــال عــن‬ ‫شــعراء هــذه الطبقــة‪" :‬موضعهــم مــع أ‬ ‫الوائــل‪ ،‬وإنمــا َّ‬ ‫أخــل بهــم‬ ‫(‪)2‬‬ ‫"فأمــا طرفــة‬ ‫ـص شــاعرنا بقولــه‪َّ :‬‬ ‫ِق َّلــة شــعرهم بأيــدي الــرواة" ‪ ،‬ثــم خـ ّ‬ ‫ـعر النــاس واحــدةً‪ ،‬وهــي قولــه‪ِ :‬ل َخولــةَ أطـ ٌ‬ ‫ـال‪ ...‬وتليهــا أخــرى‬ ‫فأشـ ُ‬ ‫ـوم أم شــاق ْتكَ ِهـ ّـر‪ِ ...‬ومــن بعـ ُـد لــه قصائد‬ ‫ـوت اليـ َ‬ ‫ِمثلهــا‪ ،‬وهــي‪ :‬أصحـ َ‬ ‫(‪)3‬‬ ‫ـان ِجيــاد"‪.‬‬ ‫ِحسـ ٌ‬ ‫قدمــه‬ ‫ونقــل ابــن قتيبــة تقديــر الشــاعر َلبيــد بــن ربيعــة لطرفــة‪ ،‬حـ تـى َّ‬ ‫عــى نفســه‪ ،‬وجعلــه تاليـاً المــرئ القيــس ف ي� الم�نز لــة الشــعرية‪ ،‬وسـ ّـماه‪:‬‬ ‫ابــن ش‬ ‫الع�يــن؛ ألنــه مــات شــاباً‪ ،‬ثــم راح ابــن قتيبــة يســتعرض شــواهد‬ ‫(‪)4‬‬ ‫تمـ ي ز‬ ‫ـره وابتكاراتــه الشــعرية ‪.‬‬ ‫وســيكرر أ‬ ‫الدبــاء والنقــاد الالحقــون هــذه االلتفاتــة المرتبطــة بالمــوت‬ ‫المبكِّــر لطرفــة الــذي َ‬ ‫تمــدد عبقريتــه الشــعرية‪ ،‬ومنهــم‪:‬‬ ‫حــال دون ُّ‬ ‫ن‬ ‫الســكندري‬ ‫ـذا� الــذي قــال عــى لســان ب يأ� الفتــح إ‬ ‫بديــع الزمــان الهمـ ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫حـ ي ن‬ ‫وطين ُتهــا‪،‬‬ ‫ـ� ُســئل عنــه ي� (المقامــة القريضيــة)‪" :‬هــو مــاء الشــعار ِ‬ ‫ف‬ ‫نز‬ ‫ـات ولــم تظهــر أرسار دفائنــه‪ ،‬ولــم تُف َتــح‬ ‫ـوا� ومدين ُتهــا‪ ،‬مـ َ‬ ‫وك ـ القـ ي‬ ‫(‪)5‬‬ ‫أغــاق خزائنــه "‪.‬‬

‫‪94‬‬

‫(‪ )1‬للتوســع ف ي� أخبــار طرفــة بــن‬ ‫ت‬ ‫الــى تناقلهــا‬ ‫العبــد والحكايــات ي‬ ‫الــرواة عــن حياتــه وظــروف مقتلــه‪،‬‬ ‫الخرنــق ‪ -‬وهــي أختــه مــن‬ ‫ثــاء ِ‬ ‫ور ِ‬ ‫أمــه ‪ -‬لــه‪ ،‬وبكائهــا عــى شــبابه‬ ‫انظــر‪ :‬الشــعر والشــعراء البــن‬ ‫قتيبــة ‪ ،189-185/1‬ش‬ ‫و�ح القصائــد‬ ‫أ‬ ‫الســبع الطــوال ألب ي� بكــر النبــاري‪:‬‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫أ ن‬ ‫صفهــا�‬ ‫لل‬ ‫غــا�‬ ‫ي‬ ‫‪ ،132-115‬وال ي‬ ‫‪ .246-245 ،233-231/24‬وعــن رأي‬ ‫طــه حسـ ي ن‬ ‫ـ� ف ي� حكايــة مقتــل طرفــة‬ ‫أ‬ ‫الجاهــ�‪.195 :‬‬ ‫انظــر‪ :‬ف ي� الدب‬ ‫ي‬ ‫(‪ )2‬طبقات فحول الشعراء ‪.137/1‬‬ ‫(‪ )3‬المصدر السابق ‪.138/1‬‬ ‫(‪ )4‬انظــر‪ :‬الشــعر والشــعراء البــن‬ ‫قتيبــة ‪.196-189/1‬‬ ‫ن‬ ‫ـذا�‪:‬‬ ‫(‪)5‬مقامــات بديــع الزمــان الهمـ ي‬ ‫‪ ،9‬وانظــر هــذه االلتفاتــة أيضــاً �ف‬ ‫ي‬ ‫مســائل االنتقــاد البــن ش�ف‪،64 :‬‬ ‫والعمــدة البــن رشــيق ‪.216/1‬‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫‪Ṭarafah is ʿAmr b. al-ʿAbd b. Sufyān of Qays b. Thaʿlabah,‬‬ ‫‪a branch of the tribe Bakr b. Wāʾil. He comes from a‬‬ ‫‪long line of celebrated poets among them al-Aʿshā,‬‬ ‫‪both al-Muraqqish the elder and the younger, and al‬‬‫‪Mutalammis, his maternal uncle who appears in the‬‬ ‫‪accounts on Ṭarafah’s death. His sister al-Khirniq also‬‬ ‫‪composed poetry. He is often described as the youngest‬‬ ‫‪of the notable poets of his time because he rose to a‬‬ ‫‪respected high rank before he was killed in his early‬‬ ‫‪twenties, at most.‬‬

‫‪Central to the events of his life are his disputes with‬‬ ‫‪his family. An incident with his brother Maʿbad, whose‬‬ ‫‪camels were confiscated by another tribe, is often‬‬ ‫‪narrated in the accounts. When Ṭarafah resorted to‬‬ ‫‪his cousin Mālik for help in retrieving the herd, he was‬‬ ‫‪turned down and disappointed.‬‬ ‫‪The various accounts of his life depict him as blindly‬‬ ‫‪loyal to and trusting of his kin even when there is good‬‬ ‫‪reason to be wary. Ṭarafah hoped for assistance from‬‬ ‫‪ʿAmr b. Hind, the Lakhmid ruler, but past injuries and‬‬ ‫‪slights from the young poet had left ʿAmr b. Hind with‬‬ ‫‪a grudge. Nevertheless, ʿAmr promised Ṭarafah and his‬‬ ‫‪uncle al-Mutalammis support and reward, and sent‬‬ ‫‪them to his deputy in Bahrain, giving each a sealed‬‬ ‫‪letter.‬‬

‫‪On the way, al-Mutalammis became suspicious and‬‬ ‫‪broke the seal to find out that he was carrying his own‬‬ ‫‪death sentence. Still, Ṭarafah remained confident that‬‬ ‫‪ʿAmr b. Hind could not have possibly betrayed him. He‬‬ ‫‪arrived in Bahrain and met his death. His persona, in the‬‬ ‫‪lore created around it, is that of precocious confident‬‬ ‫‪idealist who is plagued by recurrent disappointments‬‬ ‫‪and bitter self-lament.‬‬

‫‪95‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫َّ‬ ‫المعلقة‬ ‫هن‬ ‫هــذه القصيــدة الداليــة لطرفــة هــي أطــول المع َّلقــات العـ شـر وأك�ث َّ‬ ‫المعتبـــرة‪،‬‬ ‫ـاوزت مئــة بيــت ف ي� جميــع رواياتهــا‬ ‫عــد َد أبيــات‪ ،‬فقــد تجـ ْ‬ ‫َ‬ ‫ش‬ ‫القــر� ف ي� (الجمهــرة) إىل ‪115‬‬ ‫ووصــل عــدد أبياتهــا عنــد ب يأ� زيــد‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫ـر� للمع َّلقــات بعامــة ال تــكاد تخلــو مــن تزيُّــد‬ ‫بيتـاً؛ ولكـ ّ‬ ‫ـن روايــة القـ ي‬ ‫واســتكثار‪.‬‬ ‫ـ� المع َّلقــة بالرجــوع إىل روايــة أ‬ ‫ـدت ف� تحقيــق مـ ت ن‬ ‫العلــم‬ ‫وقــد اجتهـ ُ ي‬ ‫الشــنتمري لديوانــه‪ ،‬مــع المقارنــة بالروايــات الموثوقــة للمع ّلقــة‬ ‫المنقولــة عــن أ‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫الــى‬ ‫الصمعــي والــرواة‬ ‫المتقدمــ�‪ ،‬وهــي الروايــات ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫وأ� جعفــر‬ ‫اعتمدتْهــا ش�وح القصائــد الطــوال لب ي� بكــر النبــاري‪ ،‬ب ي‬ ‫ش‬ ‫الشــارة إليهــم ف ي� ش�ح‬ ‫ـبقت إ‬ ‫النحــاس‪ ،‬ي‬ ‫ـراح الذيــن سـ ْ‬ ‫وغ�همــا مــن الـ َّ‬ ‫مع ّلقــة امــرئ القيــس‪.‬‬ ‫المــ� لمع َّلقــة طرفــة ي ن‬ ‫واســتبعدت مــن هــذا ت ن‬ ‫بيتــ� يحــوم الشــكُّ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫روي َه َامــىت‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫حــول نســبتهما لــه‪ ،‬فالبيــت الول هــو قولــه‪( :‬ذَريــ ي أ ِّ‬ ‫ِي‬ ‫ف� حياتهــا‪ ،)...‬وقــد نقــل أبــو بكــر أ‬ ‫النبــاري ف ي� ش�حــه عــن ب يأ� جعفــر‬ ‫ي‬ ‫(‪)6‬‬ ‫آ‬ ‫ت‬ ‫أنــه مدخــول عــى القصيــدة ‪ ،‬والبيــت الخــر هــو قولــه‪( :‬مــى مــا‬ ‫يَ َشـأْ يومـاً يَ ُقـ ْـد ُه ِلــ َـح ْت ِف ِه‪ ،)...‬فلــم يـ ِـر ْد هــذا البيــت عنــد معظــم ش ُ�اح‬ ‫(‪)7‬‬ ‫المع َّلقــة‪ ،‬وهــو ال يــكاد يُضيــف شــيئاً إىل مــا قبلــه ‪ ،‬هــذا إذا لــم نقــل‪:‬‬ ‫إنــه أضعـ َـف بالـ شـرح والتفصيــل قــو َة التصويــر ف ي� البيــت الســابق لــه‪،‬‬ ‫ـوت مــا أخطــأ الفـ تـى‪.)...‬‬ ‫وهــو قــول طرفــة‪َ ( :‬ل َع ْمـ ُـركَ ّ‬ ‫إن المـ َ‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫ـراح أيضاً ف ي�‬ ‫وهنــاك بيتــان آخـران ي� المع َّلقــة شـكّك بعــض الــرواة والـ ّ‬ ‫ـت إبقاءهمــا ف� المـ ت ن‬ ‫ـ� والـ شـرح؛ لشــيوع‬ ‫نســبتهما لطرفــة؛ ولكـن ي ّرجحـ ُ‬ ‫ي‬ ‫نســبتهما إليــه‪ ،‬ولورودهمــا ف� جـ ّـل ش�وح المع َّلقــات‪ ،‬أ‬ ‫ولنهمــا أضافــا‬ ‫ي ُ‬ ‫ن‬ ‫ـتبعدين اللذيــن كانــا‬ ‫داللــة ذات قيمــة نوعيــة‪ ،‬وليســا كالبيتـ يـ� المسـ َ‬ ‫أقــرب إىل التك ـرار‪ ،‬ومــع هــذا فقــد ت ز‬ ‫ـت التنبيــه ف ي� هــذه المقدمــة‬ ‫ال�مـ ُ‬ ‫عــى مــا ورد مــن التشــكيك ف ي� نســبتهما‪ ،‬وهــذان البيتــان همــا أوال ً‬ ‫أشــد َمضاضةً ‪،)...‬فقــد نقــل أبــو بكــر‬ ‫ُــر� ُّ‬ ‫قولــه‪( :‬و ُظ ْلــم ذوي الق ب‬ ‫أ‬ ‫النبــاري وغـ يـره عــن بعــض الــرواة أن هــذا البيــت ليــس مــن المع َّلقــة‪،‬‬ ‫(‪)8‬‬ ‫ـدي بــن زيــد العبــادي ‪.‬‬ ‫وإنمــا هــو للشــاعر عـ ّ‬

‫‪96‬‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫‪The Poem‬‬

‫(‪ )6‬انظــر‪ :‬ش�ح القصائــد الســبع‬ ‫الطِّــوال أل� بكــر أ‬ ‫النبــاري‪.198 :‬‬ ‫بي‬ ‫(‪ )7‬توقــف طــه حسـ ي ن‬ ‫ـ� عنــد هــذا‬ ‫البيــت‪ ،‬ورأى أنــه‪ :‬ليــس مــن شــعر‬ ‫ف‬ ‫أكــر الظــن وإنمــا هــو‬ ‫طرفــة ي� ب‬ ‫تفسـ يـر لمــا ســبقه‪ ،‬انظــر‪ :‬حديــث‬ ‫أ‬ ‫الربعــاء ‪.80/1‬‬ ‫(‪ )8‬انظــر‪ :‬ش�ح القصائــد الســبع‬ ‫الطــوال أل� بكــر أ‬ ‫النبــاري‪،209 :‬‬ ‫بي‬ ‫ش‬ ‫ش‬ ‫العــر للخطيــب‬ ‫و�ح القصائــد‬ ‫الت�يــزي‪.188 :‬‬ ‫ب‬

‫‪A degree of skepticism surrounds the authenticity of‬‬ ‫‪Ṭarafah’s poem. The available versions of the poem‬‬ ‫‪differ in order and content considerably. Moreover, the‬‬ ‫‪fact that the poem corroborates many of the events‬‬ ‫‪from the akhbār about the poet’s life and death hints‬‬ ‫‪at likely interventions or reconstructions of the poem‬‬ ‫‪and the poet’s biography by medieval redactors and‬‬ ‫‪commentators.‬‬

‫)‪The poem opens with an elegiac prelude (verses10-1‬‬ ‫‪in memory of the beloved Khawlah and her people.‬‬ ‫‪When memory overwhelms the poet and “grief sets‬‬ ‫‪in,” he sets out on the desert journey (44-11), which‬‬ ‫‪consists primarily of a long and detailed description of‬‬ ‫‪his she-camel.‬‬ ‫‪And when grief sets in, quick‬‬ ‫‪I ride off on a swift‬‬ ‫‪lean mare that races‬‬ ‫‪day and night.‬‬

‫‪Ṭarafah’s description of his she-camel here has become‬‬ ‫‪iconic in Arabic poetry. Not only does he dissect the‬‬ ‫‪animal in a photographic portrayal of its parts from‬‬ ‫‪all angles, but he also cinematically presents us with‬‬ ‫‪dynamic shots of the she-camel in motion: jolting,‬‬ ‫‪sprinting, retreating, and responding to commands:‬‬ ‫‪She contends with the light-footed‬‬ ‫‪she-camels and strikes‬‬ ‫ ‬ ‫‪hindleg after foreleg‬‬ ‫ ‬ ‫‪on the beaten track.‬‬

‫‪97‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫ـرت ِحــوار ُه‪ ،)...‬فهــذا البيــت رواه‬ ‫ـوح نظـ ُ‬ ‫وثاني ـاً قولــه‪( :‬وأصفـ َـر مضبـ ٍ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ـروه الصمعــي وابــن الع ـر ب يا� كمــا يقــول‬ ‫أبــو عمــرو الشـ ي‬ ‫ـيبا�‪ ،‬ولــم يـ ِ‬ ‫(‪)9‬‬ ‫أ‬ ‫الت�يــزي ‪ ،‬وال يعرفــه البرصيّــون كمــا‬ ‫أبــو بكــر النبــاري‪ ،‬والخطيــب ب‬ ‫(‪)10‬‬ ‫يقــول أبــو جعفــر النحــاس ‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ـوت‬ ‫ـى تحتــاج إىل بيــان هــو قولــه‪( :‬أرى المـ َ‬ ‫وآخــر هــذه البيــات الـ ي‬ ‫أعــداد النفــوس‪ ،)...‬فلــم أجــد هــذا البيــت ّإل ف� روايــة أ‬ ‫العلــم‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫(‪)11‬‬ ‫الشــنتمري للديــوان ‪ ،‬وممــن نســب هــذا البيــت لطرفــة أيضـاً الشــاعر‬ ‫النبــاري عــن أ‬ ‫المــوي جريــر؛ بحســب مــا نقلــه أبــو بكــر أ‬ ‫أ‬ ‫(‪)12‬‬ ‫الصمعــي‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ـت‬ ‫والخالصــة أن النــص‬ ‫ـى نُ ِظمـ ْ‬ ‫َ‬ ‫المعتمــد لهــذه القصيــدة الداليــة الـ ي‬ ‫عــى بحــر الطويــل يتضمــن ‪ 105‬أبيــات‪.‬‬ ‫ش‬ ‫ـ� ألبيــات المع َّلقــة ســأتوقف عنــد‬ ‫وقبــل أن ننتقــل إىل الــرح التفصيـ ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫و�‬ ‫ظاهرتـ يـ� بارزتـ يـ� فيهــا‪ ،‬أُوالهمــا‪ :‬صــورة المـرأة ي� مع َّلقــة طرفــة‪ ،‬ي‬ ‫أن طرفــة حـ ي ن‬ ‫ـ� يتحــدث عــن الم ـرأة فإنــه‬ ‫هــذا الســبيل يلفــت النظــر ّ‬ ‫والرســم الخارجــي لمحاســنها؛ دون‬ ‫يكتفــي بالوصــف الظاهــري لهــا‪ْ ،‬‬ ‫أن يأْبــه كثــراً بعوالمهــا أ‬ ‫العمــق‪ ،‬أو حـ تـى بتصويــر عواطفــه تجاههــا‪،‬‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ـتمده طرفــة‬ ‫ـ� الــذي اسـ ّ‬ ‫ولــوال البيــت الثـ ي‬ ‫ـا� ي� لوحــة االســتهالل الطلـ ي‬ ‫أ‬ ‫إن هــذه‬ ‫مــن مع ّلقــة امــرئ القيــس ‪ -‬أو اس ـ ُت ِم ّد لــه ‪ -‬لمكننــا القــول‪ّ :‬‬ ‫ـاوزت بــه ســائر المع َّلقــات ‪ -‬تخلــو‬ ‫المع َّلقــة – عــى طولهــا الــذي تجـ ْ‬ ‫مــن شــجن النســيب وإ ْلــف التع ُّلــق والغَ ـ َزل‪.‬‬ ‫جــراء الصبابــة‬ ‫لــن تجــد هنــا وصفــاً للبــكاء وفيضــان الدمــوع ّ‬ ‫ـت تواتـ ُـره أنظارنــا ف ي� مع َّلقــة امــرئ‬ ‫والعشــق‪ ،‬وهــو الوصــف الــذي لفـ َ‬ ‫ـ� اللتـ ي ن‬ ‫ـث هنــا عــن الحــب القاتــل‪ ،‬وعــن العينـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫القيــس‪ ،‬وال حديـ َ‬ ‫رض‬ ‫المتيــم‪ ،‬فمهمــا أمرتْــه امتثــل‪،‬‬ ‫تــ ب بســهميهما أعشــار القلــب ّ‬ ‫ت‬ ‫تتوســم ظعائــن‬ ‫كمــا أنــك لــن تجــد خطــرات ي‬ ‫الــى ّ‬ ‫زهــر اللطيفــة ي‬ ‫المتنعــم‪،‬‬ ‫ـن الناعــم‬ ‫ّ‬ ‫الســوبان‪ ،‬وتسـ ْ‬ ‫هن وفتنــة داللهـ ّ‬ ‫ـتج يل أناقــة سـ يـر ّ‬ ‫ُّ‬ ‫ت‬ ‫ـجي‪ ،‬وتو ُّلهــه بب�يــق الســيوف وســط‬ ‫ولــن تصــادف عشــق عنــرة الشـ ّ‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫�ء مــن هــذا ك ِّلــه‪ ،‬فالمـرأة‬ ‫المعركــة لنهــا تذ ِّكــره بثغــر المحبوبــة؛ ال ي‬ ‫ـتدرج‪ ،‬و‪ :‬ق َْينــة تُر ِّفــه‬ ‫ـى مسـ ِ‬ ‫عنــد طرفــة هــي ُحســن ظاهــر وإغــواء حـ ّ ي‬ ‫ـض‪ ،‬وصــوت غنائهــا الفاتــن‪ ،‬إنهــا‬ ‫البـ ّ‬ ‫عنــه وعــن أصحابــه بجســدها َ‬

‫‪98‬‬

‫(‪ )9‬انظــر‪ :‬ش�ح القصائــد الســبع‬ ‫الطــوال أل� بكــر أ‬ ‫النبــاري‪،229 :‬‬ ‫بي‬ ‫ش‬ ‫ش‬ ‫العــر للخطيــب‬ ‫و�ح القصائــد‬ ‫الت�يــزي‪.199 :‬‬ ‫ب‬ ‫(‪ )10‬انظــر‪ :‬ش�ح القصائــد التســع‬ ‫المشــهورات ألب ي� جعفــر النحــاس‬ ‫‪.294/1‬‬ ‫(‪ )11‬انظــر‪ :‬ديــوان طرفــة بــن العبــد‬ ‫ش�ح أ‬ ‫العلــم الشــنتمري‪ ،‬تحقيــق‬ ‫دريــة الخطيــب ولطفــي الصقــال‪:‬‬ ‫‪.58‬‬ ‫(‪ )12‬انظــر‪ :‬ش�ح القصائــد الســبع‬ ‫الطــوال أل� بكــر أ‬ ‫النبــاري‪.231 :‬‬ ‫بي‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫]…[‬ ‫‪She veers to one side,‬‬ ‫‪plunging forward. Her head large‬‬ ‫ ‬ ‫‪and her shoulders raised into‬‬ ‫ ‬ ‫‪a lofty structure.‬‬ ‫]…[‬ ‫‪Well-tamed, she quickens,‬‬ ‫‪when I wish and slows‬‬ ‫ ‬ ‫‪when I wish, fearing the stings‬‬ ‫ ‬ ‫‪of twisted leather.‬‬ ‫]…[‬ ‫‪On one like this‬‬ ‫‪I set out when my companion says:‬‬ ‫ ‬ ‫‪in this, my life for yours‬‬ ‫ ‬ ‫‪and yours for mine,‬‬

‫‪The poet transitions to a boast portraying himself as a‬‬ ‫‪noble, gallant, hedonist, blamed and chastised by his‬‬ ‫‪people for his reckless ways (verses 53-54). Ostracized‬‬ ‫‪and shunned, Ṭarafah meditates on life’s pleasures‬‬ ‫‪(verses 58-62), time and mortality (verses 63-68),‬‬ ‫‪and most strikingly, the relationship of self and others.‬‬ ‫‪In verses 69, he mentions the incident with his cous‬‬‫‪in Mālik and goes on to oscillate between boasting of‬‬ ‫‪his bravery and loyalty and lamenting his lot in life. At‬‬ ‫‪the heart of Ṭarafah’s poem is the burning sense of self,‬‬ ‫‪which is always challenged and contorted in its rela‬‬‫‪tionship with others. In his darkest moments, Ṭarafah‬‬ ‫‪poses the enduringly urgent question: who am I and‬‬ ‫)‪what if I were another? (verse 81‬‬ ‫‪Who we are and who we will become in others’ eyes‬‬ ‫‪after we are gone are both beyond our control. The‬‬ ‫‪poem ends with a bitter surrender to time; to what it‬‬ ‫‪will bring and what it will make of us.‬‬ ‫‪The days will reveal to you‬‬ ‫‪what you know not and news‬‬ ‫ ‬ ‫‪will come to you from one‬‬ ‫ ‬ ‫‪you least expect.‬‬

‫‪99‬‬


‫فة‬ ‫َط َر‬ ‫دد‬ ‫العب‬ ‫ط َر‬ ‫فةبنبن ْ‬ ‫العب ْ‬

‫مجـ ّـرد مس ـكِّن خارجــي ومؤ َّقــت أللــم شــعوره الحــا ّد بح ْتميــة الفنــاء‪،‬‬ ‫الجابــة عــن أســئلة المصـ يـر‪.‬‬ ‫ووجعــه الغائــر مــن عجــزه عــن إ‬ ‫الخــرى أ‬ ‫أمــا الظاهــرة أ‬ ‫وال ث‬ ‫كــر بــروزاً ف ي� مع َّلقــة طرفــة‪ ،‬فهــي‪ :‬هــذا‬ ‫َّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫الطــول الالفــت لوصــف الناقــة ي� المع َّلقــة‪ ،‬فقــد تجــاوزت البيــات‬ ‫المرتبطــة بهــذا الوصــف ثالثـ ي ن‬ ‫ـ� بيت ـاً‪ ،‬أي مــا يقــارب ثلــث القصيــدة‪،‬‬ ‫وتمــر هــذا الجــزء مــن المع َّلقــة بالغــراب ف� أ‬ ‫اللفــاظ‪ ،‬والتدقيــق‬ ‫إ‬ ‫ي َّ ز َ‬ ‫ي‬ ‫ـ� ف ي� رصــد صفــات الناقــة‪ ،‬حـ تـى يمكــن أن يُ َعـ ّـد هــذا الجــزء‬ ‫التفصيـ ي‬ ‫وحــده موســوعة ُلغَ ويــة وثقافيــة عــن الناقــة وأعضائهــا‪ ،‬وصفاتهــا‬ ‫الموغلــة ف ي�‬ ‫المستحســنة عنــد العــرب‪ ،‬وهــذه الــروح التفصيليــة ِ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫الغــراب اللفظــي تبــدو ُمخا ِلفــة لســلوب طرفــة ي� بقيــة أجــزاء‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫حســ� ي� صحــة نســبة‬ ‫المع َّلقــة‪ ،‬ومــن هــذا المدخــل شــكَّك طــه‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ورجــح أنهــا مــن‬ ‫هــذه البيــات الممتــدة ي� وصــف الناقــة إىل طرفــة‪ّ ،‬‬ ‫(‪)13‬‬ ‫صنــع بعــض اللغويـ ي ن‬ ‫ـشء بعــض المعــارف‬ ‫ـ� ممــن يرومــون تعليــم النـ ْ‬ ‫اللغويــة‪.‬‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫ف أ‬ ‫ـ� لطــه‬ ‫(‪ )13‬انظــر‪ :‬ي� الدب الجاهـ ي‬ ‫ين‬ ‫حســ�‪ ،198-196 :‬وكذلــك كتابــه‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫الخــر‪ :‬حديــث الربعــاء ‪.68-66/1‬‬

‫ـن قـراءة طــه حسـ ي ن‬ ‫ـ� لهــذا الجــزء مــن مع َّلقــة طرفــة ومــدى ِص َلتــه‬ ‫ولكـ ّ‬ ‫ببقيــة أجــزاء المع َّلقــة تبــدو وكأنهــا قــراءة موضوعاتيــة وظاهريــة‬ ‫للقصيــدة‪ ،‬فهــو قــد ق ـرأ أ‬ ‫البيــات الخاصــة بوصــف الناقــة باعتبارهــا‬ ‫ت‬ ‫الــى أُ‬ ‫ضيفــت إىل المع َّلقــة‪ ،‬وليــس‬ ‫ْ‬ ‫(موضوعــاً) مــن الموضوعــات ي‬ ‫ت‬ ‫ـى يُعـ ب ِّـر ٌّكل منهــا‬ ‫باعتبارهــا لوحــة تصويريــة مــن لوحــات المع َّلقــة الـ ي‬ ‫وإن كان ذلــك بأســاليب تصويــر‬ ‫–وبالتــوازي‪ -‬عــن الموضــوع نفســه؛ ْ‬ ‫مختلفــة‪.‬‬ ‫وهــل كانــت هــذه الناقــة أ‬ ‫الســطورية ف ي� صفاتهــا‪ ،‬والمتو ِّعــرة ف ي� شــدتها‬ ‫نجــاة لطرفــة الــذي آذاه الضعــف‬ ‫طــوق‬ ‫غــر‬ ‫ٍ‬ ‫وصالبتهــا واحتمالهــا ي َ‬ ‫ِ‬ ‫عمــه‪ :‬مالــك بعــد ضيــاع نُوقــه ونُــوق أخيــه‬ ‫وأذ ّل ْتــه الحاجــة إىل ابــن ّ‬ ‫عبــد‪ ،‬وكيــف دفع ْتــه ِغلظــة مالــك معــه وصـ ُّـده غـ يـر الجميــل لــه‬ ‫َم َ‬ ‫ينظــم قصيــدة حافلــة يتغـ ن ّـى فيهــا بقــوة شــخصيته وفروســيته‬ ‫إىل أن ِ‬ ‫ومالمح‬ ‫ـات‪،‬‬ ‫وشــدة بأســه‪ ،‬ويُ ْضفــي هــذه القــوة أيضاً عــى ناقتــه‪ِ :‬صفـ ٍ‬ ‫َ‬ ‫تصويريــة‪ ،‬وألفاظ ـاً منحوتــةً مــن صخــور اللغــة ووديانهــا الســحيقة‪.‬‬

‫‪100‬‬

‫‪101‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫ِأضـ ْـف إىل هــذا أننــا ف ي� النهايــة ‪-‬وبــرف النظــر عــن ظــروف التكويــن‪-‬‬ ‫أ‬ ‫عــر ِحقَــب ممتــدة‪ ،‬بوصفــه أحــد‬ ‫أمــام نــص توارث ْتــه الجيــال ب‬ ‫ت‬ ‫ـت مســتوى عاليـاً مــن النضــج‬ ‫النصــوص‬ ‫َ‬ ‫ـى بلغـ ْ‬ ‫المنتخبــة والنــادرة الـ ي‬ ‫ت‬ ‫ـى ظهــر بهــا ألول‬ ‫واالكتمــال‪ ،‬وقــد حاف ـ َظ عــى صورتــه ّ‬ ‫النصيــة الـ ي‬ ‫مــرة عــى مــدى زمـن ي يتجــاوز ثالثــة عـ شـر قرنـاً عــى أقـ ّـل تقديــر‪ ،‬فــا‬ ‫ئ‬ ‫ـا� لهــذا النــص‬ ‫بـ ّـد للق ـراءة النقديــة أن تحــاول تفسـ يـر التكويــن البنـ ي‬ ‫ضمــن لــه هــذا البقــاء واالمتــداد والتأثـ يـر والخلــود‪ ،‬وأن تســعى‬ ‫الــذي ِ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫أ ث‬ ‫ـى يمكــن أن ِتشـ ّـف‬ ‫لكشــف بعــض الرسار المعنويــة الكــر تجــذُّ راً‪ ،‬الـ ي‬ ‫عنهــا صياغتــه الشــكلية الظاهــرة‪.‬‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫(‪ )14‬بحــوث ف ي� المعلَّقــات ليوســف‬ ‫اليوســف‪ ،8 :‬وانظــر فيــه أيضــاً‪:‬‬ ‫‪.32-26‬‬

‫فهــذه االســتطالة الالفتــة مــن طرفــة ف ي� وصــف ناقتــه‪ ،‬وطبيعــة‬ ‫الوصــاف المثاليــة الـ تـى أســبغها عليهــا توحيــان بــأن أ‬ ‫أ‬ ‫المــر يتجــاوز‬ ‫ي‬ ‫كأن الناقــة هنــا‬ ‫الوصــف المعتــاد عنــد الشــعراء القدامــى للراحلــة‪ّ ،‬‬ ‫ـت إىل معــادل موضوعــي لــكل رغبــات طرفــة غـ يـر المحقّقــة‪،‬‬ ‫قــد تحولـ ْ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫الــى أراد أن يحياهــا؛ ولهــذا‬ ‫وآمالــه العريضــة ي� الحيــاة‬ ‫َّ‬ ‫المتخيلــة ي‬ ‫"يصــف الناقــة كمــا يريدهــا أن تكــون‪ ،‬ال كمــا هــي كائنــة‬ ‫كان طرفــة ِ‬ ‫ّ‬ ‫عمــا يُعيــق اســتتباب‬ ‫ف ي� الواقــع‬ ‫المســتقل عــن الوعــي‪ ،‬إنهــا بديــل ّ‬ ‫ـرن إســقاطات أ‬ ‫الحريــة‪ ،‬وهــذا يع ـن أنهــا(‪)14‬معادلــة انفعاليــة تخـ ت ز‬ ‫النــا‬ ‫ي‬ ‫عــى مــا يُشــبع حاجاتهــا"‪.‬‬ ‫لوحــة وصــف الناقــة إذن هــي معــرض آخــر للتعبـ يـر عــن الموضــوع‬ ‫الســاس نفســه الــذي تعــر عنــه اللوحــات أ‬ ‫أ‬ ‫الخــرى ف ي� المع َّلقــة‪ .‬هــذا‬ ‫ب ِّ‬ ‫ي‬ ‫تتضمــن (موضوعــات) متعــددة‪ ،‬بــل لوحــات‬ ‫يعــن ي ّ‬ ‫أن المع َّلقــة ال ّ‬ ‫تم�ادفــة تُ ت� ِجــم بأســاليب متنوعــة عــن الموضــوع نفســه‪.‬‬ ‫والتفــكُّك ال يكمــن ف ي� بنيــة المع َّلقــة‪ ،‬بــل ف ي� بعــض الــرؤى النقديــة‬ ‫ت‬ ‫المتنوعة‬ ‫ـزت عن إدراك أســلوب التمثيــات الرمزيــة‬ ‫ـى عجـ ْ‬ ‫ِّ‬ ‫المعــارصة الـ ي‬ ‫ن‬ ‫المهيمــن عــى أجــواء القصيــدة‪.‬‬ ‫ـكل‬ ‫ِ‬ ‫للمعــى الـ ي‬

‫‪102‬‬

‫‪103‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫اللوحة األولى‬ ‫الفاتحة الطللية‬ ‫ ‬ ‫َ َ ةَ ْ ٌ َ َ‬ ‫وح َك َب قا� َ شْ ف‬ ‫َت ُل ُ‬ ‫‪ِ .1‬لـ ــخ‬ ‫ول أط ــال ِب ُب�ق ـ ِـة ث ْ� َم ـ ِـد‬ ‫ظاه ِر َالي ِد‬ ‫الو ِ� ي� ِ‬ ‫ِي‬ ‫َُ ُ‬ ‫َ ْ ْ ً َ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ ً‬ ‫يـقولـون‪ :‬ال تـهـ ِلك أىس وتـجل ِد‬ ‫‪ .2‬وقوفا ب�ـا َص ِبـي َعل َّـي َم ِط َّي ُـه ْم‬ ‫ُ ً‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫‪ .3‬أك َّن ُح ـ َـد َ‬ ‫واص ِف ِمن َد ِد‬ ‫وج املا ِل ِك َّي ــة غ ـ ْـدوة‬ ‫خ ي‬ ‫ال� َس ِف ْيـ ٍن ب�لن ِ‬ ‫َي ُـج ُور ب َ�ا َ‬ ‫الـم ّل ُح َط ْو ًرا يَ ْ‬ ‫‪َ .4‬ع َد ْوِل َّي ٌة أو ِم ْن َس ِف ْ ي ِن� ْب ن‬ ‫ا� َ ي� ِم ٍن‬ ‫و� َت ِدي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ َ َ َ تُّ ْ َ ُ َ ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫‪َ .5‬ي ُش ُّق َح َب َ‬ ‫َ‬ ‫اب َ‬ ‫كا قس ال�ب الـمـف ِايل ِب�لي ِـد‬ ‫الـم ِاء َح ْي زُ� ْو َما ِبـها‬ ‫ّ‬ ‫يســتهل َط َرفــة مع ّلقتــه بفاتحــة َط َلليــة ذات منحــى خــاص‪ ،‬فهــي‬ ‫ن‬ ‫وتنظــم صحـراء الجزيــرة بشــواطئ الخليــج‬ ‫ـر والبحــر‪ِ ،‬‬ ‫تجمــع بـ يـ� الـ ب ّ‬ ‫ـر�‪ ،‬ويطيــب ل َطرفــة –وهــو ف� موقــف الحنـ ي ن‬ ‫ـ� والتذ ُّكــر‪ -‬أن يعقــد‬ ‫العـ ب ي‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫البــل الــىت‬ ‫ن‬ ‫موازنــة برصيــة بـ يـ� مشــهدين متباعديــن‪ :‬مشــهد قوافــل إ‬ ‫ي‬ ‫تقطــع الصحــراء الممتــدة ف ي� الصبــاح الباكــر حاملــةً فــوق ظهورهــا‬ ‫تمخــر‬ ‫هــوادج‬ ‫المالكيــة وصواحبهــا‪ ،‬ومشــهد السـفُن العظيمــة وهــي ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُعبــاب الخليــج‪.‬‬ ‫ـراز بـ ي ن‬ ‫اليقــاع ف� التمايــل واالهـ ت ز‬ ‫ـ�‬ ‫وال يفــوت طرفــة أن يرصــد تشــابه إ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫الهــوادج والســفُن‪ ،‬وهــي تتهــادى ف ي� بحــر الرمــال وزبــد المــواج‪،‬‬ ‫ـ� الرحلتـ ي ن‬ ‫معــن ف� هــذه الموازنــة‪ ،‬حـ تـى لـ يـرى التوافــق بـ ي ن‬ ‫ـ�‪:‬‬ ‫وإنــه ُلي ِ ي‬ ‫الصحراويــة‪ ،‬والبحريــة ف� ارتبــاك المســر‪ ،‬وتعـ ث ُّـر الدليــل أو المـ ّـاح �ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫استكشــاف الطريــق آ‬ ‫ال ِمــن‪ ،‬واالهتــداء إىل الــدرب المســلوك‪.‬‬ ‫كمــا يــرى هــذا التوافــق يمتـ ّـد أيض ـاً ليشــمل فكــرة الرحلــة نفســها‪،‬‬ ‫فالســفينة العظيمــة تشـ ُّـق طريقهــا وســط البحــر‪ ،‬فتقســمه نصفـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫ت‬ ‫ـى البحــر أحفــل بالــرزق‬ ‫عــن يمينهــا وشــمالها‪ ،‬دون أن تُــدرك ّ‬ ‫أي جهـ ي‬ ‫ت‬ ‫ث‬ ‫ـى تشـ ُطر‬ ‫وأكــر أمانـاً مــن غوائــل الطريــق‪ ،‬وحــال مقدمــة الســفينة الـ ي‬ ‫البحــر شــطرين كحــال صبيــان أ‬ ‫الع ـراب وســط رمــال الصح ـراء حـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫ِ‬ ‫يــروق لهــم أن يلعبــوا ُلعبــة الحيــاة والقـ َـدر‪ ،‬فيكـ ّـوم أحدهــم الرمــل‪،‬‬ ‫ويضــع داخلــه كـنز ه‪ ،‬ثــم يقســم الكومــة بيــده قسـ ي ن‬ ‫ـم� ليســأل رفيقــه‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫أي القسـ ي ن‬ ‫ـى الك ـنز الدفـ ي ن‬ ‫ـم� يختـ ب ئ‬ ‫ـ�؟‬ ‫الســؤال الماكــر الثـ يـر‪ :‬ي� ّ‬

‫‪104‬‬

‫(‪)15‬اللغة‪:‬‬ ‫اللغة‪:‬‬ ‫اســم‬ ‫ولــة‪:‬‬ ‫وهــيـيامــامـررأةأة‬ ‫المحبوبــة‪،‬ـة‪ ،‬وهـ‬ ‫ـم المحبوبـ‬ ‫ـة‪ :‬اسـ‬ ‫خَخَ ولـ‬ ‫ْــب‪.‬ـ ال أ‬ ‫طــال‪َ :‬ط َلــل‪،‬‬ ‫ـال‪ :‬جمــع‬ ‫ـب‪ .‬الأط‬ ‫مــن ب‬ ‫جمــع‬ ‫مــنـن يبــكن ْليـ كل‬ ‫مــنوبقي‬ ‫الديــار‬ ‫وهــوص م‬ ‫ـخ‬ ‫طـلـو مــا‬ ‫وه َ‬ ‫َــل‪َ ،‬شـ َ‬ ‫آثــار‬ ‫ـارص‬ ‫ــخ‬ ‫مــاــنَشآثـ َ‬ ‫رقــة ث َ ْه َم‬ ‫أصحابهــا‪.‬‬ ‫ــد‪:‬ـا‪.‬‬ ‫أصحابهـ‬ ‫رحيبُــل‬ ‫رحيــلــي بعــد‬ ‫بعــدــار وبق‬ ‫الدي‬ ‫اختلــط‬ ‫الــذي‬ ‫هــي‪:‬‬ ‫ـكان‬ ‫ـي‪ :‬المـ‬ ‫المــكانـة هـ‬ ‫ال�قـ‬ ‫قــة ث َ ْه َمـ‬ ‫ال�رقــة‬ ‫بب ُ‬ ‫ـد‪ :‬ب ُ‬ ‫ـارة وث َأو ْه َمحــد‪:‬‬ ‫بحجـاق‪،‬‬ ‫ـى بـ ّـر‬ ‫ـذيبحجـ‬ ‫ترالابـــه‬ ‫ىص‬ ‫ـارةـطأوت َرحابـــه‬ ‫اختلـ‬ ‫ــد‪:‬نجــد حوله‬ ‫اق‪،‬حموـث َ ْرهاءَم ف ي�‬ ‫هضبــة‬ ‫مجموعاءـ فـة ي�‬ ‫هضبــةــاحمــر‬ ‫بــر‬ ‫مــنّ أ‬ ‫أ‬ ‫ولــم‬ ‫بــارقـا (جمــع‬ ‫ـارق‬ ‫رقــة)‪،‬البـ‬ ‫مجموعـبُـة مــن‬ ‫الحولهـ‬ ‫نجــد‬ ‫رقـــد‬ ‫ـع ثَبُ ْه َم‬ ‫تحتفــظ‬ ‫العهــد‪،‬ـد‬ ‫لهــذاــظ ثَ ْه َمـ‬ ‫باســمها تحتف‬ ‫ـة)‪ ،‬ولــم‬ ‫(جمـ‬ ‫ـد‪ ،‬ي ن‬ ‫المعارصيــن‬ ‫العهرـافيـ‬ ‫ـذاالجغ‬ ‫ـض‬ ‫ـدر‬ ‫ويقـ‬ ‫ـض‬ ‫ـ�ويقـ ِّـدر بعـ‬ ‫ـمهابعـلهـ‬ ‫باس ِّـ‬ ‫الجغر ي ن‬ ‫المعارصيــنالواقعــة‬ ‫هضبــة ِش(�ثــة)‬ ‫أنهــا‪:‬‬ ‫أنهــا‪:‬‬ ‫افيــ�‬ ‫غــرب‬ ‫تلــوح‪:‬ـة‬ ‫الداودمــي‪.‬ـرب مدينـ‬ ‫مدينــةـة) الواقعــة غـ‬ ‫هضبــة ِش(�ثـ‬ ‫ـدو‪َ.‬ــش‬ ‫ـوح‪:‬مــاتبـيُنق‬ ‫ــم‪:‬‬ ‫تبــدو‪.‬‬ ‫الداودمـالوشْ‬ ‫الوشْ ـ إ‬ ‫بــرةما‬ ‫بالـم‪:‬‬ ‫ـي‪ .‬تلـ‬ ‫طــوط‪.‬‬ ‫وخ‬ ‫رســومْد ُ‬ ‫ـوم‬ ‫من رسـ‬ ‫الجل‬ ‫ْــدــرة عـ‬ ‫بالب‬ ‫يُن َقـ‬ ‫الجل إ‬ ‫عــىـش ِ‬ ‫مــنـى ِ‬ ‫ــي وهــي‬ ‫ـة‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ط‬ ‫م‬ ‫ـع‬ ‫ـ‬ ‫جم‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫المط‬ ‫ـم‪:‬‬ ‫ـ‬ ‫ه‬ ‫َم ِط ُ ّي‬ ‫جمــع‬ ‫المط‬ ‫هــم‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ط‬ ‫م‬ ‫طــوط‪.‬‬ ‫وخ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ ِ ّ‬ ‫ِ َّ ّ‬ ‫ـيبّـالـةرالـ ت‬ ‫ـة ِبـالـ ت‬ ‫ـل‪.‬‬ ‫كال‬ ‫ـب‬ ‫ـ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫ـى‬ ‫الدا‬ ‫أو‬ ‫ـة‬ ‫احل‬ ‫ُ‬ ‫إ‬ ‫ـى‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫الدا‬ ‫أو‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫احل‬ ‫ـ‬ ‫وه‬ ‫ـة‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ط‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ال َمر ِ َّ‬ ‫ي‬ ‫احتم ْ‬ ‫وتصــر ْ‪.‬‬ ‫ــل‬ ‫َّــد‪:‬‬ ‫حــزن‪.‬ب تجل‬ ‫َّــد‪:‬‬ ‫كال‬ ‫تُرك‬ ‫ــل‪ْ .‬‬ ‫حــزن‪ .‬تجل َّ ْب‬ ‫أىس‪ِ :‬‬ ‫أىس‪َ:‬ــب ِإ‬ ‫وج‪:‬مركــب‬ ‫وهــو‬ ‫ح‬ ‫وج‪:‬‬ ‫ــد‬ ‫احتم ْ‬ ‫جمــع‬ ‫ــد‬ ‫ــد ُح‬ ‫ُح ُِ‬ ‫وتصــر‪ْ .‬‬ ‫ج‪ُ ،‬‬ ‫ــل جمــع ِ َّ ْب‬ ‫خاصــة‪.‬‬ ‫للنســاء‬ ‫الجمــال‬ ‫يُ ِح َ‬ ‫عــى‬ ‫وضــع‬ ‫وهــو‬ ‫ــد‬ ‫مركــب يُ َ‬ ‫وض ْ‬ ‫ــعج‪،‬عــى ِ‬ ‫المنســوبة إىل‬ ‫المـــرأة‬ ‫المالك ّيبــن يــة‪:‬‬ ‫ـاء خاصــة‪.‬‬ ‫ــة‪:‬للنس‬ ‫المالكم ّـيـال‬ ‫الج‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫بيعــة‪.‬مال ُـغـ ْـد‬ ‫ـعد بـ‬ ‫ـكربأةــن سـ‬ ‫مالـ‬ ‫وة‪:‬ـن‬ ‫ـك بـ‬ ‫المنسـ‬ ‫الم ـ‬ ‫ـوبةـنإىلُضب ـ ي‬ ‫ُــدـة‪،‬وة‪:‬وهــي‬ ‫ضـا‪ :‬جمـ‬ ‫اليـ‬ ‫أول النه‬ ‫ســعدــار‪ .‬خَ‬ ‫أول‬ ‫بيعــة‪.‬‬ ‫بــن ُ‬ ‫ـع َغخ ِل ّيـ ْ‬ ‫ــف يلي ن‬ ‫ــة‪،‬جمــع‬ ‫�‪:‬‬ ‫العظيمــة‪َ .‬س‬ ‫الســفينة‬ ‫وهــي‬ ‫النهــار‪ .‬خَ اليــا‪:‬‬ ‫جمــع َ ِخ ِ ّ‬ ‫ن‬ ‫ناصفــة‪،‬‬ ‫ــف‪:‬‬ ‫النواص‬ ‫ســفينة‪.‬‬ ‫جمــع‬ ‫جمــع ي� ِ‪:‬‬ ‫ــف‬ ‫س‬ ‫العظيمــة‪.‬‬ ‫الســفينة‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫وهــي‪ :‬الرحبــة الواســعة ف‬ ‫الــوادي‪.‬‬ ‫�‬ ‫ـة‪،‬‬ ‫ناصفـ‬ ‫ـع‬ ‫ـ‬ ‫جم‬ ‫ــف‪:‬‬ ‫النواص‬ ‫ســفينة‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫الجزيــرة‬ ‫يقــع ش�‬ ‫واد‬ ‫َد ُد‪:‬‬ ‫ادي‪.‬‬ ‫اســعةق ف ي� الــو‬ ‫بــة الو‬ ‫وهــي‪:‬‬ ‫الرح ٍ‬ ‫اســم ْ‬ ‫ميــاهق الخليــج‪.‬‬ ‫ويصــب ف ي�‬ ‫العربيــة‬ ‫الجزيــرة‬ ‫يقــع ش�‬ ‫اد‬ ‫و‬ ‫اســم‬ ‫‪:‬‬ ‫د‬ ‫َد ُ‬ ‫ٍّ‬ ‫ف‬ ‫وتأخــر‪،‬‬ ‫ويصــب ف ي�تقديــم‬ ‫البيــت‬ ‫صياغــة‬ ‫و�‬ ‫الخليــج‪.‬‬ ‫ميــاه‬ ‫العربيــة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫المالكي يــة‬ ‫ـدوج‬ ‫(كأن ُحـ‬ ‫ـةـب‪:‬‬ ‫ال�ـتيـ‬ ‫وأص‬ ‫ـر‪،‬‬ ‫ـم وتأخـ‬ ‫تقديـ‬ ‫ـت‬ ‫و�ــلصياغ‬ ‫البيـ ّ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ـدوج َسـ ِـف ي ن�)‪.‬‬ ‫(كأن ٍدد ُحـخاليا‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـف‬ ‫ـ‬ ‫بالنواص‬ ‫ة‬ ‫ـدو‬ ‫ً‬ ‫المالكية‬ ‫ـب‪:‬‬ ‫تي‬ ‫ال�‬ ‫ـل‬ ‫ـ‬ ‫أص‬ ‫ُغـو‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫العظيمــة‬ ‫اصــفالسـف‬ ‫ـذه‬ ‫ـ‬ ‫ه‬ ‫أن‬ ‫أي‬ ‫ـة‪:‬‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫خاليــا‬ ‫مــنُن ٍدد‬ ‫و‬ ‫بالن‬ ‫ة‬ ‫ُــدو‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َع َغ ّ‬ ‫ِ‬ ‫هذهتُص َن‬ ‫أننهــا‬ ‫وىل؛ أل‬ ‫ــعُن‬ ‫السـف‬ ‫ــدة‪ :‬أي‬ ‫َسـ ِـف ي ن�‬ ‫إىلد ْوَِعل ّي َ‬ ‫منســوبة)‪َ .‬ع َ‬ ‫بلــدة َعـ َـدتقــع‬ ‫فيهــا‪،‬‬ ‫وىل؛ ش أل�نهقــا‬ ‫وىل‪:‬ـوبة إىل‬ ‫ــدمنسـ‬ ‫العظيموـ َعـة َ‬ ‫الخليــج‪.‬‬ ‫ــدسـ‬ ‫ـى‬ ‫ــع العربيـ‬ ‫الجزينــرة‬ ‫تقــع‬ ‫ـاحلبلــدة‬ ‫وىل‪:‬‬ ‫فيهــا‪،‬ـةوع َعـ َ‬ ‫تُص َ‬ ‫ش‬ ‫ـىاسّحـمــن‬ ‫أوـمــ‬ ‫يامــن‪:‬‬ ‫ابــن‬ ‫ـاحل‬ ‫تاجــرـة ع‬ ‫اســمالعربيـ‬ ‫الجزيــرة‬ ‫�ق ِ‬ ‫أهــل هجــر أ‬ ‫حس‬ ‫(ال‬ ‫َ‬ ‫يضــر ُّـلأو‬ ‫تاجـ‬ ‫يجـــم‬ ‫اس‬ ‫يامـــن‪:‬‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫اب‬ ‫ـج‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫الخلي‬ ‫ـور‪ِ :‬‬ ‫ـاء)‪ُ .‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫المســـر أ‬ ‫ـلوكة‪ .‬طَــوراً‪:‬‬ ‫مــنالس ـفُن‬ ‫طريــق‬ ‫عــن ّ‬ ‫حســاء)‪.‬‬ ‫(ال‬ ‫أهــل َه َج‬ ‫مــاح‬ ‫الحـ ي ز‬ ‫ـ�‬ ‫المــوج‪.‬‬ ‫يجـاً‪َ .‬حب‬ ‫ِح ُين‬ ‫وم‪ُ:‬ن‬ ‫الســف‬ ‫ــلــدعــن‬ ‫ــور‪:‬ـ ِيض‬ ‫طريــقَ‬ ‫ـاب‪َُّ :‬زبَ‬ ‫فايل‪:‬‬ ‫الـــم‬ ‫مهــا‪.‬‬ ‫قد‬ ‫وم‬ ‫الســفينة‬ ‫صــدر‬ ‫بــاب‪:‬‬ ‫ح‬ ‫ً‪.‬‬ ‫ا‬ ‫ينــ‬ ‫ح‬ ‫ً‪:‬‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫َــو‬ ‫ط‬ ‫المســلوكة‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ــال‪ ،‬وهــي‬ ‫ُعبــة‬ ‫الــذي يلعــب ل‬ ‫َزبَــد‬ ‫صــدر‬ ‫ــ�يوم‪:‬‬ ‫الح ي ِ‬ ‫المــوج‪ .‬أ َ‬ ‫الف ز َ‬ ‫مــون‬ ‫ـمإ ْ ِذ‬ ‫اب‪،‬‬ ‫مهـعــ‬ ‫قدال‬ ‫بيــان‬ ‫لص‬ ‫لعبــة‬ ‫ـذي‬ ‫كو الـ‬ ‫ل‪:‬‬ ‫ـا‪.‬رالـ ُـ‬ ‫وم‬ ‫ـفينة‬ ‫السـ‬ ‫ِ‬ ‫فاييُ ّ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ترابــاً‬ ‫وهــيً‪ ،‬ثــم‬ ‫ــال‪ ،‬خبيئــا‬ ‫داخلــه‬ ‫ويضعــون‬ ‫لعبــة‬ ‫الف َي‬ ‫ُعبــة‬ ‫ل‬ ‫يلعــب‬ ‫أ ِ‬ ‫ال�راب‬ ‫كومــن‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫الكوم‬ ‫ـك‬ ‫ـ‬ ‫تل‬ ‫ل‬ ‫فاي‬ ‫ـم‬ ‫ـ‬ ‫الـ‬ ‫ـق‬ ‫ابــاً‬ ‫ْ‬ ‫مــون تت‬ ‫ي‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫اب‪،‬‬ ‫ر‬ ‫عــ‬ ‫ال‬ ‫بيــان‬ ‫لص‬ ‫يش ِـ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ّ‬ ‫نصفـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫فيقســمها‬ ‫بيــده‪،‬‬ ‫ـأل‪ّ:‬ـق‬ ‫ـمـميسـيشـ‬ ‫خبيئ‪،‬ـاثً‪،‬ـ ثـ‬ ‫داخلــه‬ ‫ويضعــون‬ ‫ف‬ ‫الجانبـ ي ن‬ ‫مــنـوء؟ ت‬ ‫فإن‬ ‫الكومــةالمخبـ‬ ‫ـت‬ ‫ـ�‬ ‫اب‬ ‫تلــك‬ ‫فايل‬ ‫الــر ْ‬ ‫وضعـ ُ‬ ‫ي� ّ‬ ‫أي ُ‬ ‫الـــم ِ‬ ‫ن‬ ‫وإن‬ ‫ظف‬ ‫ـمهابالصـ‬ ‫ـؤول‬ ‫بيده‪ ،‬المسـ‬ ‫أجــاب‬ ‫ـأل‪:‬‬ ‫نصفـ يـ�‬ ‫فيقسـ‬ ‫ثمــر‪،‬يسـ ْ‬ ‫ـواب‪ِ ،‬‬ ‫ف‬ ‫أي غ ُِلــب‪ ،‬ي ن‬ ‫وضعــت َ‬ ‫َــال رأيُــك‪.‬‬ ‫وقيــل لــه‪ُ :‬ف‬ ‫أخطــأ‬ ‫المخبــوء؟‬ ‫الجانبــ�‬ ‫ي� ّ‬ ‫فــإن أجــاب المســؤول بالصــواب‬ ‫ْ‬ ‫وإن أخطــأ غ ُِلــب‪ ،‬وقيــل لــه‪:‬‬ ‫ظفــر‪ْ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ف َ‬ ‫َــال رأيُــك‪.‬‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫‪1. Traces of Khawlah loom‬‬ ‫‪at Burqat Thahmad‬‬ ‫ ‬ ‫‪like the hints of a tattoo‬‬ ‫ ‬ ‫‪on the back of a hand.‬‬

‫‪2. My companions halted‬‬ ‫‪their mounts above me and said:‬‬ ‫ ‬ ‫‪Toughen up, don’t let this grief‬‬ ‫ ‬ ‫‪do you in.‬‬ ‫‪3. And the departing caravans‬‬ ‫‪of the tribe of Mālik appeared‬‬ ‫ ‬ ‫‪at dawn like ships‬‬ ‫ ‬ ‫‪sailing the valley of Dadi.‬‬ ‫‪4. A ship of ‘Adawl or Yemen,‬‬ ‫‪its sailor now floating astray‬‬ ‫ ‬ ‫‪and now coming back‬‬ ‫ ‬ ‫‪to course.‬‬

‫‪5. Its forepeak‬‬ ‫‪parts the water as it pushes forth‬‬ ‫ ‬ ‫‪like a child’s hand plowing‬‬ ‫ ‬ ‫‪through soil.‬‬

‫‪105‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫ربمــا مــن أجــل هــذا التماثــل العميــق بـ ي ن‬ ‫ـ� البحــر والصحـراء كان طرفــة‬ ‫يــرى روح المــاء الرمليــة تكتســح ّكل مــا حولــه‪ ،‬وتمحــو ّكل أثــر يعـ تـرض‬ ‫ـتهل نقراتــه أ‬ ‫طريقهــا‪ ،‬وتُغرقــه ف ي� عالــم النســيان‪ ،‬ومــن هنــا اسـ ّ‬ ‫الوىل‬ ‫ف ي� معزوفتــه الخالــدة بمــا بــدا لــه أنــه قانــون الحيــاة‪ :‬المحــو الــذي ال‬ ‫يُبقــي وال يــذر‪ ،‬وهــا هــي أطــال محبوبتــه خولــة تــكاد تتـ ش‬ ‫ـا� وســط‬ ‫هــذه الهضبــة النجديــة الحمـراء‪ ،‬فلــم يبـ َـق منهــا ســوى ُرســوم باليــة‪،‬‬ ‫لوشـ ٍـم عفــا عليــه الزمــن‪.‬‬ ‫وبقايــا باهتــة تبــدو وكأنهــا أثــر ضئيــل ْ‬ ‫وال نملــك أن نغــادر هــذه اللوحــة االســتهاللية مــن المع َّلقــة دون‬ ‫ن‬ ‫ـا� منهــا‪ ،‬فقــد جــاء متطابق ـاً مــع البيــت‬ ‫أن نتوقــف عنــد البيــت الثـ ي‬ ‫الخامــس ف ي� مع َّلقــة امــرئ القيــس؛ باســتثناء كلمــة القافيــة‪ ،‬وهــو‬ ‫ـى‪ ،)...‬فهــل يعــود هــذا‬ ‫البيــت الــذي يبــدأ بقولــه‪( :‬وقوفـاً بهــا َصحـ ب ي‬ ‫وهــم الــرواة‪ ،‬أم هــو مجــرد شــاهد إضــا�ف‬ ‫ـ� البيتـ ي ن‬ ‫التماثــل بـ ي ن‬ ‫ـ� إىل ْ‬ ‫ي‬ ‫المتأخــر زمنـاً‪ -‬أغــار‬ ‫لظاهــرة الرسقــات الشــعرية‪ ،‬أي أن طرفــة –وهــو‬ ‫ِّ‬ ‫عــى بيــت امــرئ القيــس‪ ،‬واجتلبــه لمع َّلقتــه نَ ْســخاً؛ كمــا يذهــب إىل‬ ‫ذلــك بعــض نُقّادنــا القدامــى؟‬ ‫ن ت‬ ‫ـى امــرئ القيــس وطرفــة‬ ‫ربمــا كان أفضــل تفسـ يـر لهــذا التوافــق بـ يـ� بيـ ي‬ ‫قدمــه ابــن ســام الجمحــي‪ ،‬فقــد جعلــه مــن بــاب اسـ ت ز‬ ‫ـرادة‬ ‫هــو مــا ّ‬ ‫الشــاعر مــن شــعر غـ يـره؛ كالــ َـم َثل إذا جــاء موضعــه‪ ،‬وقــد تفعــل ذلــك‬ ‫العــرب ال يريــدون بــه الرسقــة‪.‬‬ ‫اســتمد هــذا البيــت المشــهور المــرئ القيــس عــى‬ ‫أي أن طرفــة‬ ‫ّ‬ ‫ســبيل التضمـ ي ن‬ ‫الغــارة‬ ‫ـ� واالستشــهاد بالمثــل الســائر‪ ،‬ال عــى ســبيل إ‬ ‫والرسقــة‪.‬‬

‫‪106‬‬

‫‪107‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫اللوحة الثانية‬ ‫المرأة الناعمة‬ ‫ ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫‪ .6‬ف‬ ‫احلأ ْح َوى َي ْنف ُض َ‬ ‫و� َ ي ّ‬ ‫امل ْر َدش ِادن‬ ‫ُمظ ِاه ُــر ِ ْسط ْـي ل ْؤل ٍـؤ وز َب ْـر َج ِـد‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ ْ َ ً َ َْ‬ ‫َ َ َُ َ َْ َ َ ْ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ت‬ ‫اع ر بــر ب� ِبـخ ِـميل ٍـة‬ ‫الـ� ي ِـر وتـرت ِـدي‬ ‫تـناول أطراف ب ِ‬ ‫‪ .7‬خذول َ� ِ ي‬ ‫ْ َ أ َّ ُ َ ّ ً‬ ‫َ َ‬ ‫َت َـخ َّـل َل ُح َّر َّ‬ ‫‪َ .8‬وت ْب ِ ُ‬ ‫ـــورا‬ ‫ـــم عـــن أل كن من‬ ‫الر ْم ِل ِد ْع ٌص ُل ن ِدي‬ ‫ِ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َ ْ ُ َ ُ َّ‬ ‫ُ َّ َ ْ َ ْ‬ ‫َّ َ‬ ‫الش ْ‬ ‫ـــه‬ ‫‪ .9‬ســـقته يإ�ة‬ ‫ــم تك ِـد ْم َعل ْي ِه ِبـإث ِـم ِـد‬ ‫أ ِسف ول‬ ‫ـــم ِس إل ِلثا ِت ِ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫أ َّ‬ ‫َعل ْي ـ ِـه َن ـ ِق يُّ‬ ‫ـون لـ ـ ْـم َي َت َخ ـ َّـد ِد‬ ‫‪َ .10‬وو ْج ٌه كن الش ْم َس َحل ْت ِر َد َاءها‬ ‫ـي الل ـ ِ‬ ‫يواصــل طرفــة ف ي� هــذه اللوحــة الثانيــة الحديــث عــن الم ـرأة‪ ،‬ولكنــه‬ ‫والرســم الخارجــي‬ ‫الحديــث الــذي يكتفــي بالوصــف الظاهــري لهــا‪ْ ،‬‬ ‫كثــراً بتصويــر عواطفــه تجاههــا‪ ،‬ففــي‬ ‫لمحاســنها؛ دون أن يحفــل ي‬ ‫يفضــل طرفــة أن يرسد محاســنها بأســلوب‬ ‫منــازل القبيلــة امـرأة جميلــة ِّ‬ ‫ين ت‬ ‫غــر ش‬ ‫مبــا�‪،‬‬ ‫فــى الشــباب‬ ‫ظــى أســود‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫فيصورهــا بهيئــة ب ي‬ ‫العينــ� ي ّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫الناعمــ� ليلتقــط‬ ‫يتوغــل ي� شــجر الراك‪ ،‬وينفُــض أغصانــه بقرنيــه‬ ‫ثمــره‪ ،‬ثــم يضيــف طرفــة صــورة هــي ألصـ ُـق بالم ـرأة‪ ،‬فهــي تلبــس‬ ‫قالدتـ ي ن‬ ‫ـ� مــن اللؤلــؤ والزبرجــد‪.‬‬ ‫أ‬ ‫الظ� بينمــا يواصل‬ ‫وتدفعــه هــذه الزينــة النثويــة لتأنيــث حكايته عــن ب ي‬ ‫الن ظبيــة ترعــى ف� أرض لينــة متشــابكة أ‬ ‫رسدهــا‪ ،‬فهــي آ‬ ‫الشــجار‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ـن؛ ل ُتعـ ن َـى‬ ‫ـت صواحبهــا مــن الظبــاء‪ ،‬فابتعـ ْ‬ ‫وقــد خذلـ ْ‬ ‫ـدت قلي ـا ً عنهـ ّ‬ ‫وإن كانــت مــا ت ـزال تمـ ّـد عنقهــا ّكل حـ ي ن‬ ‫ـ� تل�نــو إىل بقيــة‬ ‫ي‬ ‫بصغ�هــا‪ْ ،‬‬ ‫ت‬ ‫ـرب‪ ،‬فهــي إذن كثـ يـرة التل ّفــت‬ ‫الظبــاء؛ حــى ال تبتعــد كثـ يـراً عــن الـ ِّ‬ ‫ـ� صغ�هــا‪ ،‬وبقيــة القطيــع‪ ،‬وثمــر أ‬ ‫موزعــة النظ ـرات بـ ي ن‬ ‫الراك‪ ،‬ولــم‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫(خــذول تُراعــي القطيــع) عــى‬ ‫ي ُفــت وصــف طرفــة لهــذه الظبيــة بأنهــا َ‬ ‫ش‬ ‫ـراح القُدامــى‪ ،‬فقــد اســتنتجوا منــه مــا يـ ُّ‬ ‫ـدل عــى مزيــد ُحســنها‪،‬‬ ‫الـ ّ‬ ‫فانفرادهــا عــن القطيــع يُـ بـرز جمالهــا‪ ،‬وتتابُــع التفاتاتهــا يُ ِظهــر دالل‬ ‫انعطافهــا ِوف ْتنــة نظراتهــا‪.‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫أحــوى‪:‬‬ ‫الحــي‪ :‬منــازل القبيلــة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫أســود ي ن‬ ‫للظــى‬ ‫العــ�‪ ،‬وهــو وصــف ب يْ‬ ‫شــبه بــه المــرأة‪ .‬ينفــض‪:‬‬ ‫الــذي تُ ّ‬ ‫يهـ ُّـز الثمــر بقرنيــه ليتناولــه‪ .‬الــ َـمرد‪:‬‬ ‫أ‬ ‫ـى‪.‬‬ ‫ثمــر الراك‪ .‬شـ ِ‬ ‫ـادن‪ :‬صغـ يـر الظـ ب ي‬ ‫ظاهــر ِســمط ي ن‬ ‫َ�‪ :‬أي يلبــس ي ن‬ ‫قالدت�‬ ‫ُم ِ‬ ‫أ‬ ‫الســمط‬ ‫و‬ ‫خــرى‪،‬‬ ‫ال‬ ‫فــوق‬ ‫إحداهمــا‬ ‫ِّ‬ ‫هــو الخيــط الــذي تُنظَــم فيــه‬ ‫الجواهــر‪َ .‬زبَ ْر َجــد‪ :‬حجر كريم يُشـ ِـبه‬ ‫كثــرة أشــهرها‬ ‫مــرد‪ ،‬لــه ألــوان ي‬ ‫ُّ‬ ‫الز ُّ‬ ‫أ‬ ‫رض‬ ‫ــذُ‬ ‫للظبيــة‬ ‫الخــ ‪ .‬خَ ول‪ :‬وصــف ْ‬ ‫أو للبقــرة الوحشــية ألنهــا تخــذل‬ ‫صواحبهــا وتتخلــف عنهــم لتقيــم‬ ‫تابــع‪.‬‬ ‫مــع ولدهــا‪ .‬تُراعــي‪ :‬تُر ِاقــب وتُ ِ‬ ‫َربْــرب‪ :‬القطيــع مــن الظِّبــاء وبقــر‬ ‫أ‬ ‫اللينــة ذات‬ ‫الوحــش‪ .‬خَ ميلــة‪ :‬الرض ِّ‬ ‫أ‬ ‫المتهدلــة‪ .‬تَنـ ُ‬ ‫ـاول‪:‬‬ ‫الشــجار الكثيفــة‬ ‫ِّ‬ ‫أصلهــا‪ :‬تَ َت ُ‬ ‫نــاول‪ ،‬حــذف إحــدى‬ ‫التائـ ي ن‬ ‫ال�ير‪ :‬ثمر‬ ‫ـ� ليســتقيم الــوزن‪ .‬ب َ‬ ‫أ‬ ‫الراك‪ .‬أل َْمــى‪ :‬أســمر الشــفة أو اللثة‪،‬‬ ‫وهــو وصــف للثغــر‪ُ .‬م َنـ ِّـور‪ :‬متف ِّتــح‪،‬‬ ‫وهــو وصــف لزهــر أ‬ ‫القحــوان‪.‬‬ ‫خالصــه‬ ‫توســط‪ُ .‬حـ ّـر الرمــل‪ُ :‬‬ ‫تخ َّلــل‪َّ :‬‬ ‫ونقيــه وأحســنه لونـاً‪ِ .‬د ْعــص‪ :‬كثيــب‬ ‫ُّ‬ ‫مب ّ‬ ‫تــل‪.‬‬ ‫مــن الرمــل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫نــدي‪َ :‬رطْــب ْ‬ ‫إيــا ُة الشــمس‪ :‬ضوؤهــا‪ِ .‬لثــات‪:‬‬ ‫جمــع لثــة‪ ،‬وهــي مغــارز أ‬ ‫الســنان‬ ‫ِ‬ ‫ومــا يحيــط بهــا‪ .‬أ ُِس ّ‬ ‫ــف بإث ْ ِمــد‪ :‬أي‬ ‫ذ ُّر عليــه إال ِثمــد‪ ،‬وهــو الكُحــل‪ .‬لــم‬ ‫حــدث فيــه‬ ‫ْــدم عليــه‪ :‬أي لــم تُ ِ‬ ‫تَك ِ‬ ‫أ‬ ‫ـض شــديد أو بــأكل الشــياء‬ ‫كَدمــة َبعـ ٍّ‬ ‫اليابســة والغليظــة‪ ،‬بــل تكتفــي بــأكل‬ ‫الناعــم اللـ ي ّ ن‬ ‫ـت ِرداءهــا‪ :‬ألق ْتــه‬ ‫ـ�‪ .‬ح ّلـ ْ‬ ‫يتغضــن‬ ‫ــدد‪ :‬لــم ّ‬ ‫عليــه‪ .‬لــم ي َتخَ َّ‬ ‫جلــده ولــم تظهــر فيــه التجاعيــد‪.‬‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫‪6.‬‬

‫‪In the tribe is a gazelle‬‬ ‫‪dark-eyed, her slender neck reaching‬‬ ‫ ‬ ‫‪to the Arāk fruits, adorned with strings‬‬ ‫ ‬ ‫‪of chrysolite and pearl.‬‬ ‫‪7.‬‬

‫‪Oblivious, she loiters‬‬ ‫‪in a lush garden with her peers,‬‬ ‫ ‬ ‫‪and tugs at the branches of Arāk‬‬ ‫ ‬ ‫‪until they drape her.‬‬ ‫‪8.‬‬

‫‪Her wine-colored lips smile‬‬ ‫‪revealing teeth like a bloom‬‬ ‫ ‬ ‫‪sprouting through thepuresands‬‬ ‫ ‬ ‫‪of a dew drenched dune.‬‬ ‫‪9.‬‬

‫‪They sparkle‬‬ ‫‪as if sun-kissed and‬‬ ‫ ‬ ‫‪against her kohl tinted gums,‬‬ ‫ ‬ ‫‪brighter they shine.‬‬ ‫‪10. As if the sun has‬‬ ‫‪let down its robes‬‬ ‫ ‬ ‫‪upon her face, unblemished‬‬ ‫ ‬ ‫‪and washed in light.‬‬

‫ـاول أطـراف شــجر أ‬ ‫ثــم هــي ف ي� أثنــاء ذلــك تتنـ ُ‬ ‫الراك‪ ،‬فتضــع يديها عىل‬ ‫ســاق الشــجرة‪ ،‬وتمــد عنقهــا‪ ،‬لتلتقــط الثمــار المرتفعــة مــن أ‬ ‫الغصــان‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫ف‬ ‫و� هــذا التصويــر إشــارة إىل طــول عنــق المــرأة المقصــودة بهــذا‬ ‫ي‬

‫‪108‬‬

‫‪109‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫الظبيــة‪،‬‬ ‫التمثيــل‪ ،‬ويواصــل طرفــة هــذا الــرد التصويــري لحكايــة ْ‬ ‫ـ� تتنــاول ثمــر أ‬ ‫فهــي حـ ي ن‬ ‫الراك تتهـ ّـدل عليهــا أغصــان الشــجرة‪ ،‬وتحيــط‬ ‫بهــا مــن كل جانــب‪ ،‬فكأنهــا ترتــدي أ‬ ‫الغصــان‪ ،‬وت ّتخذهــا ِلباس ـاً لهــا‪،‬‬ ‫وخصــب‪ ،‬وهــو الوصــف‬ ‫وهــذا كلــه لوصــف مــا هــي فيــه مــن ِنعمــة ِ‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫هت بالظبيــة‬ ‫ـى ُشـ ِّـب ْ‬ ‫الــذي يُف ـ ي إىل اســتنتاج مــا تنعــم بــه الم ـرأة الـ ي‬ ‫ن‬ ‫ـر ورخــاء حــال‪.‬‬ ‫مــن ِغــى ويُـ ْ‬ ‫ن ت‬ ‫ـر ثغرهــا‬ ‫ويســتأنف طرفــة تعديــد محاســن هــذه الم ـرأة‪ ،‬فحـ يـ� يفـ ُّ‬ ‫باســماً تتبـ ي ّ ن‬ ‫ـ� ُســمرة شــفاهها‪ ،‬والعــرب تمــدح ُســمرة الشــفاه ألنهــا إذا‬ ‫اســمرت ظهــر بيــاض أ‬ ‫الســنان وصفاؤهــا‪ ،‬وهــو مــا يســوقنا إليــه طرفــة‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫حـ ي ن‬ ‫ـ� يشـ ّـبه افــرار ثغرهــا بتف ّتــح زهــر القحــوان الــذي طــاب غرســه‬ ‫أ أ‬ ‫وكأن الشــمس قــد ســق ْتها مــن نهــر‬ ‫وارتــوى ُعــوده‪ ،‬فأســنانها تتــ�ل ّ‬ ‫ضوئهــا‪ّ ،‬أمــا ِلثاتهــا فهــي داكنــة دون تلـ ُّـون معيــب‪ ،‬وبهــذا يـ بـرز شإ�اق‬ ‫أ‬ ‫وأمــا وجههــا فكأنمــا ألقــت الشــمس رداءهــا‬ ‫الســنان ويتجــى لمعانهــا‪ّ ،‬‬ ‫التغضــن‬ ‫ـون‪ ،‬ونعومــةَ ِجلــد بريئــةً مــن‬ ‫ُّ‬ ‫ـور‪ ،‬وصفــا َء لـ ٍ‬ ‫عليــه‪ :‬شإ� َاق نـ ٍ‬ ‫ت‬ ‫وال� ُّهــل‪.‬‬

‫‪110‬‬

‫‪111‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫اللوحة الثالثة‬ ‫وصف الناقة‬ ‫ ‬ ‫نّ أُ‬ ‫َ ْ َ َ َْ َ ُ ُ َْ‬ ‫ــم ع َ‬ ‫احت َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ض‬ ‫َّ‬ ‫ه‬ ‫ار‬ ‫ض‬ ‫ند‬ ‫اهل‬ ‫وح وتغ َـت ِـدي‬ ‫ـال تـر‬ ‫ق‬ ‫ـر‬ ‫م‬ ‫ـاء‬ ‫ج‬ ‫ـو‬ ‫ع‬ ‫ِب‬ ‫�‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ْ ِ‬ ‫‪ ِ َ .11‬ي‬ ‫وإ� ِ ْ ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الحـب ك َّن ُـه ظ ْ‬ ‫� ُـر ُ ب ْ� ُج ِـد‬ ‫‪ .12‬أ ُم ْـو ٍن كل َـو ِاح ِإال َر ِان ن َصأ تُ�ـا‬ ‫َعلى ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َأ‬ ‫َ‬ ‫ٌ َ‬ ‫َ‬ ‫أْ‬ ‫‪َ .13‬ج َ‬ ‫َسـف َّـن َجــة ت ْــب ِــري ِلز َع َــر أ ْر َب ِـد‬ ‫ــما ِل َّي ٍة َو ْج َــن َاء ت ْــر ِدي ك نَّ�ـا‬ ‫ً َ َ‬ ‫َ ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫اقـا نَ�ج َيـات وَأ ْت َب َع ْ‬ ‫‪ .14‬ت َب ِـاري ِعت‬ ‫َو ِظ ْيفـا َو ِظ ْيفـا ف ْـوق َم ْـو ٍر ُم َع َّب ِـد‬ ‫ـت‬ ‫ِ ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ْ ّ أ َّ َ ْ‬ ‫ُ َّ ف َّ‬ ‫َ َ‬ ‫‪ .15‬تَ َ� َّب َع ِت القف ْ ي ِن� ي� الش ْــو ِل ت ْـرت ِ يع‬ ‫ــد‬ ‫حدائــق مــو ِ ِيل ال ِ‬ ‫س ِة أغ َـي ِ‬ ‫وأشــدها إغرابــاً ف ي�‬ ‫هــذه اللوحــة هــي أطــول لوحــات المع َّلقــة‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫اللفــاظ‪ ،‬وتدقيقــاً عجيبــاً ف� أ‬ ‫أ‬ ‫الوصــاف‪ ،‬وهــي أقــرب إىل موســوعة‬ ‫ي‬

‫وروحـــها‬ ‫وصفاتهــا‬ ‫َّ‬ ‫لغويــة وثقافيــة عــن الناقــة ِ‬ ‫المفضلــة عنــد العــرب‪ُ .‬‬ ‫التفصيليــة المثقَلــة أ‬ ‫باللفــاظ الوحشــية ُمباينــةٌ ألســلوب طرفــة ف ي� بقيــة‬ ‫ـض الدارسـ ي ن‬ ‫ـ� إىل التســاؤل عــن‬ ‫أج ـزاء المع َّلقــة‪ ،‬وهــذا ك ُّلــه دفــع بعـ َ‬ ‫مــدى انتمــاء هــذه اللوحــة بكاملهــا لمع َّلقــة طرفــة‪ ،‬ممــا ســبق بســطه‬ ‫ف ي� مقدمــة الـ شـرح‪.‬‬ ‫الحديــث عــن الهمــوم بعــد الغــزل بالم ـرأة مثـ يـر للشــجون‪ ،‬وخ ّطــة‬ ‫الهــم عــن نفســه هــي االرتحــال عــى ناقتــه‬ ‫طرفــة لــرف هــذا‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫الســطورية ف ي� صفاتهــا وتكوينهــا‪ ،‬فهــي رشــيقة ف ي� مظهرهــا‪ ،‬رسيعــة‬ ‫ف ي� سـ يـرها‪ ،‬شــديدة ف ي� عزمهــا‪ ،‬حـ تـى إنهــا لتصــل آخــر النهــار بأولــه ف ي�‬ ‫السـ يـر دون عنــاء أو كلــل‪ ،‬وقــد ِأمــن راكبهــا مــن أن تعـ ث ُـر بــه لشــدة‬ ‫ـكأن أضالعهــا ألــواح التابــوت العظيــم‪.‬‬ ‫خ ْلقهــا وصالبــة جســدها‪ ،‬فـ ّ‬ ‫وهــي تســتجيب له حـ ي ن‬ ‫ـ� يزجرهــا بعصــاه‪ ،‬ليســتقيم مشــيها ف ي� الطريق‬ ‫ف‬ ‫وتعرجــات‬ ‫المســلوك‪ ،‬وإنــه ليتأمــل آثــار ُ‬ ‫الخطــا ي� هــذا الطريــق ُّ‬ ‫الكســاء المخ َّطــط‪ ،‬ثــم يعــود ليتمـ ّـى‬ ‫الخطــوط فيــه‪ ،‬فيبــدو لــه وكأنــه ِ‬ ‫ناقتــه ومحاســن خ ْلقهــا‪ ،‬يف�اهــا تشــبه الجمــل ف ي� قوتهــا‪ ،‬كمــا أنهــا‬

‫‪112‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ذهبــه وأرصفــه عـن ي ‪.‬‬ ‫أ‬ ‫‪:‬‬ ‫ـم‬ ‫ـ‬ ‫ه‬ ‫ال‬ ‫أ ُ ْمـ ِض ي َ ّ ِ‬ ‫احتضــاره‪ :‬حضــوره‪َ .‬عوجــاء‪ :‬ضامرة‬ ‫ملتصقــة البطــن‪ ،‬والوصــف للناقــة‪،‬‬ ‫وهــو داللــة عــى نشــاطها‪ِ .‬مرقــال‪:‬‬ ‫صيغــة مبالغــة مــن إالرقــال‪ ،‬وهــو‬ ‫الســر مــع نفْــض الــرأس‪.‬‬ ‫رسعــة‬ ‫ي‬ ‫تــروح وتغتــدي‪ِ :‬تصــل آخــر النهــار‬ ‫ؤمــن‬ ‫بأولــه ف ي�‬ ‫ي‬ ‫الســر‪ .‬أ َ ُمــون‪ :‬يُ َ‬ ‫الران‪ :‬التابــوت‬ ‫عثارهــا لصالبتهــا‪ .‬إ‬ ‫وضــع فيــه الميــت‪،‬‬ ‫العريــض الــذي يُ َ‬ ‫وكان ـوا ال يحملــون فيــه إال ســادتهم‬ ‫الحب‪:‬‬ ‫وك ب َُ�اءهــم‪ .‬نصأْتُهــا‪ :‬زجرتُهــا‪ِ .‬‬ ‫الطريــق الواضــح الــذي تظهــر عليــه‬ ‫ش‬ ‫ـى‪ .‬بُ ُرجــد‪ِ :‬كســاء مخ َّطــط‪.‬‬ ‫آثــار المـ ي‬ ‫ف‬ ‫الج َمــل ي� وثاقــة‬ ‫شــبه َ‬ ‫َج َم ِال ّيــة‪ :‬تُ ِ‬ ‫الخ ْلــق‪َ .‬و ْجنــاء‪ :‬عظيمــة الوجنــات‪.‬‬ ‫َــرِدي‪ :‬تعــدو‪َ .‬ســ َف َّن َجة‪ :‬نعامــة‪.‬‬ ‫ت ْ‬ ‫تـ بـري‪ :‬تـ بـرز وتعـ تـرض‪ .‬أزعــر‪ :‬قليــل‬ ‫الشــعر‪ ،‬والوصــف لذكــر النعــام‪.‬‬ ‫ــر اللــون كلــون الرمــاد‪.‬‬ ‫أَربَــد‪ :‬مغْ ب ّ‬ ‫تُبــاري‪ :‬تُجــاري وتنافــس‪ِ .‬عتــاق‪:‬‬ ‫ناج َيــات‪ُ :‬مرسعــات ف ي� السـ يـر‪.‬‬ ‫ِكـرام‪ِ .‬‬ ‫الو ِظيــف‪ :‬ع ْظــم الســاق‪ ،‬وهــو مــا‬ ‫َ‬ ‫بـ ي ن‬ ‫ـ� ُر ْســغ القــدم إىل الركبــة‪ ،‬وكــرره‬ ‫ألنهــا تُ ْت ِبــع الوظيــف بالوظيــف‪،‬‬ ‫فتضــع وظيــف ِر ْجلهــا موضــع وظيف‬ ‫ــور‪ :‬طريــق‪.‬‬ ‫يدهــا وهــي ي‬ ‫تســر‪َ .‬م ْ‬ ‫ُمع َّبــد‪ُ :‬مذلَّــل‪ .‬تربَّعــت‪ :‬رعــت‬ ‫الربيــع‪ ،‬أو اتخــذت المــكان َربْعــاً‪.‬‬ ‫ال ُقـ ّـف‪ :‬مــا ارتفــع مــن أ‬ ‫الرض‪ ،‬ولكنــه‬ ‫وخصــه‬ ‫لــم يبلــغ ارتفــاع الجبــل‪َّ ،‬‬ ‫أ‬ ‫ونبتــه أحســن‬ ‫لنــه موضــع أ ِخ ْصــب‪ْ ،‬‬ ‫ْنبــت‪ .‬وث ّنــاه لنــه ضـ ّـم إليــه موضعـاً‬ ‫آخــر يُجــاوره‪ ،‬والمـراد بــه هنــا موضع‬ ‫ويقــدر بعــض الجغر ي ن‬ ‫افيــ�‬ ‫بعينــه‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫المعارصيــن أن ال ُق ّفـ ي ن‬ ‫ـ� المقصوديــن‬ ‫الرمــة وجنوبــه‪.‬‬ ‫يقعــان شــمال وادي ّ‬ ‫الشَّ ـ ْـول‪ :‬جمــع شــائلة‪ ،‬وهــي الناقــة‬ ‫ت‬ ‫ّ‬ ‫وقــل لبنهــا‪.‬‬ ‫جــف �ض عهــا‬ ‫الــى ّ‬ ‫ي‬ ‫تَرتعــي‪ :‬ترعــى‪ .‬الحدائــق‪ :‬البســتان‬ ‫ُّ‬ ‫تفعــت أطرافهــا‬ ‫وكل روضــة ار‬ ‫ْ‬ ‫وانخفــض وســطها‪َ .‬م ِولــ ّـي‪ :‬المــكان‬ ‫يل‬ ‫الولْـــي‪ ،‬وهــو‬ ‫الــذي أصابــه َ‬ ‫مطــر ي‬ ‫مطـراً قبلــه‪ .‬الأسة‪ :‬بطــون أ‬ ‫الوديــة‪،‬‬ ‫ِ َّ‬ ‫ورسارة الــوادي‪ :‬وســطه وأكــرم مــا‬ ‫فيــه‪ .‬أغْيــد‪ :‬ناعــم ريّــان‪.‬‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫‪11. But when grief sets in, quick‬‬ ‫‪I ride off on a swift‬‬ ‫ ‬ ‫‪lean mare that races‬‬ ‫ ‬ ‫‪day and night.‬‬

‫‪12. Trusty like the planks‬‬ ‫‪of a coffin when I drive her down‬‬ ‫ ‬ ‫‪a road striped with tracks‬‬ ‫ ‬ ‫‪like a cloak.‬‬ ‫‪13. Stallion-like she sprints‬‬ ‫‪as if she were an ostrich‬‬ ‫ ‬ ‫‪luring a sleek grey‬‬ ‫ ‬ ‫‪male.‬‬

‫‪14. She contends with the light-footed‬‬ ‫‪she-camels and strikes‬‬ ‫ ‬ ‫‪hindleg after foreleg‬‬ ‫ ‬ ‫‪on the beaten track.‬‬

‫‪15. She grazes on the twin‬‬ ‫‪hilltops among milk-less peers,‬‬ ‫ ‬ ‫‪in lush pastures‬‬ ‫ ‬ ‫‪greened by second rains.‬‬

‫‪113‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫ـ� تعــدو تذ ِّكــره بمنظــر النعامــة الرسيعــة ي ن‬ ‫عظيمــة الوجنــات‪ ،‬وحـ ي ن‬ ‫ح�‬ ‫ـام ُمســتعرضةً أمامــه‪ ،‬وال تتأخــر هــذه الناقــة النجيبــة‬ ‫تـ بـرز لذكـ ِـر نعـ ٍ‬ ‫ف‬ ‫ـن‪ ،‬وتتالحــق حركــة يديها‬ ‫ي� ْ‬ ‫عدوهــا عــن منافســة أكــرم ال ُّنــوق‪ ،‬فتباريهـ ّ‬ ‫ـت إىل ال ُق ّفـ ي ن‬ ‫ـ�‪ ،‬وهمــا‬ ‫ورجليهــا فــوق الطريــق المم ّهــد‪ ،‬حـ تـى إذا وصلـ ْ‬ ‫أ‬ ‫ـت تل�عــى الربيــع ف ي� أكنافهمــا‪،‬‬ ‫مرتفَعــان تخصــب الرض فيهمــا‪ ،‬تم ّهلـ ْ‬

‫ـوت بعــد الهطــول‬ ‫وقــد أمــرع الــوادي بالعشــب‪ ،‬وطابــت تربتــه وارتـ ْ‬ ‫المتكــرر للمطــر‪.‬‬

‫‪114‬‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫ ‬ ‫‪.16‬‬ ‫‪.17‬‬ ‫‪.18‬‬ ‫‪.19‬‬ ‫‪.20‬‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫مالمح التفرُّد‬

‫ُ ْ َ َّ�ق‬ ‫تَ ْ ُ‬ ‫َْ‬ ‫أَِ� يـع إىل صو ِت الـم ِــهي ِب َوتت ِ ي‬ ‫َ َّ َ َ َ ْ َ ضْ َ ّ َ‬ ‫ح تك َّنفـا‬ ‫ـاح مـر ِ ٍي‬ ‫كن جن ي‬ ‫ْ‬ ‫تَ ً‬ ‫َف َط ْـو ًرا ب ِـه َخل َـف َّ‬ ‫الز ِم ْي ِـل و�رة‬ ‫ِ‬ ‫َ َ فَ خ َ ُ ْ َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫لـا ِ�ـذ ِان أ ِكـل النحـض ِف ي ِ�ما‬ ‫َ ّ ُ ُ ُ‬ ‫ـوف ُ‬ ‫وط َم َ‬ ‫َ يُّ‬ ‫ــه‬ ‫ــي خـل‬ ‫ن‬ ‫اكلـح‬ ‫ال‬ ‫ــح‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬

‫َ َْ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫عات أ كف ُمل ِب ِد‬ ‫ِب ِـذ ْي خ َص ٍل َر ْو ِ‬ ‫ِح َف َاف ْي ِه ُش ّكـا ف� َ‬ ‫الع ِس ْي ِب ِب ِـم ْس َـر ِد‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ذاو جمـد ِد‬ ‫َعلى َحش ٍ‬ ‫ـف اكلش ِـن ٍ‬ ‫َ أَك نَّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ــف ُم َـم َّ‬ ‫�‬ ‫ـــر ِد‬ ‫ـي‬ ‫ـن‬ ‫م‬ ‫ــا‬ ‫ـاب‬ ‫ب‬ ‫مـا‬ ‫ِ ٍ‬ ‫َ ْ َ ٌ ُ َّ ْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫وأج ِـرنــة لـــزت ِبـــدأ ٍي منض ِـد‬

‫يســتعرض طرفــة هنــا بعــض الدالئــل الشــاهدة عــى حصافــة ناقتــه‬ ‫مدربــة عــى أن تعــود إىل راعيهــا حينمــا يدعوهــا‪،‬‬ ‫وذكائهــا‪ ،‬فهــي ّ‬ ‫وهــي تُعـ ِـرض عــن البعـ يـر الراغــب فيهــا‪ ،‬وتصـ ُّـده حـ تـى لــو كان أقــوى‬ ‫ف‬ ‫حفيــة‬ ‫الفحــول‪ ،‬ومهمــا اهتــاج ي� طلبهــا‪ ،‬وهــذا يعــن ي أنهــا ي‬ ‫غــر ّ‬ ‫بالحمــل والــوالدة‪ ،‬وهــذه إشــارة أخــرى إىل قــوة هــذه الناقــة؛ ألنهــا‬ ‫إذا لــم تحمــل وتلــد فســتكون مجتمعــة القــوى مشــدودة أ‬ ‫الضــاع‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫فــا تشــكو مــن وهــن عنــد السـ يـر والعـ ْـدو‪.‬‬ ‫يتأمــل طرفــة الشــعر الكثيــف لذنَــب ناقتــه‪ ،‬فـ يـراه كجناحــي نــر‬ ‫ثــم ّ‬ ‫أبيــض قــد ُغـ ِـرزا بإبــرة ف ي� َع ْظــم ذنَبهــا‪ ،‬وال يكتفــي بهــذا‪ ،‬بــل يتابــع‬ ‫عجزهــا‪ ،‬فتصــل‬ ‫ببــره الناقــة وهــي تحـ ِّـرك هــذا الذنَــب تــار ًة عــى ُ‬ ‫بــه الموضــع الــذي يجلــس فيــه الراكــب الرديــف الــذي يُزامــل راكبهــا‬ ‫المتقــدم‪ ،‬وتــار ًة تحـ ّـرك هــذا الذنَــب عــى أخــاف جافــة ومنقبضــة‬ ‫ال لـ ب ن‬ ‫ـ� فيهــا وكأنهــا ِقربــة باليــة‪ ،‬وجفــاف الـرض ع ف ي� الناقــة هــو داللــة‬ ‫عــى نشــاطها وقوتهــا؛ ألن ح ْلــب اللـ ب ن‬ ‫ـ� أو إرضاعــه يُضعــف مــن قوتهــا‬ ‫ويُصيبهــا باله ـزال‪.‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫الـــم ِهيب‪ :‬الداعــي‬ ‫ت َِريــع‪ :‬ترجــع‪ُ .‬‬ ‫الــذي يصيــح بهــا‪ .‬بــذي خُ َصــل‪:‬‬ ‫أي بذَ نَــب ذي ِقطَــع مجتمعــة مــن‬ ‫الشــعر‪َ .‬روعــات‪ :‬جمــع َروعــة‪،‬‬ ‫يشــوب‬ ‫وهــي‪ :‬الفــزع‪ .‬أ َ ْك َلــف‪ :‬الــذي ُ‬ ‫ُحمرتَــه ســواد‪ ،‬والوصــف لفحــل‬ ‫مــن إالبــل‪ُ .‬مل ِْبــد‪ :‬أي أنــه ذو وبــر‬ ‫ض‬ ‫�حـ ّـي‪ :‬أحمــر ي ـرض ب إىل‬ ‫ِّ‬ ‫متلبــد‪َ .‬م ْ َ‬ ‫البيــاض‪ ،‬والوصــف للنــر‪ .‬تك َّنفــا‪:‬‬ ‫أحاطــا بالذنَــب عــن يمينــه وشــماله‪.‬‬ ‫ُــرزا‪.‬‬ ‫ِحفا َفيــه‪ :‬جانبيــه‪ .‬شُ ــكَّا‪ :‬غ ِ‬ ‫ــرد‪:‬‬ ‫َ‬ ‫الع ِســيب‪ :‬عظْــم الذنَــب‪ِ .‬م ْ َ‬ ‫ـــخرز بهــا‪ .‬ال َّ ِزم ْيــل‪ :‬الرديــف‪.‬‬ ‫ي‬ ‫إبــرة‬ ‫ُ َ‬ ‫َحشَ ــف‪ :‬جـ ّ‬ ‫ـاف‪ ،‬وهــو وصــف للـرض ع‬ ‫ـن‪:‬‬ ‫المتقبــض الــذي انقطع لبنه‪ .‬الشَّ ـ ّ‬ ‫ِّ‬ ‫القربــة الجافــة الباليــة‪ .‬ذ ٍَاو‪ :‬ذابــل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫النحــض‪:‬‬ ‫‪.‬‬ ‫اللــ�‬ ‫مقطــوع‬ ‫د‪:‬‬ ‫ــد‬ ‫ج‬ ‫ُم َ َّ‬ ‫ب‬ ‫ْ‬ ‫ش‬ ‫�ف‬ ‫اللحــم‪ .‬الــ ُـمنيف‪ :‬العـ ي‬ ‫ـال الــ ُـم ِ‬ ‫غــره‪ ،‬وهــو وصــف للقــر‪.‬‬ ‫عــى ي‬ ‫َــي‪َ :‬مطْويّــة‬ ‫ط‬ ‫مصقــول‪.‬‬ ‫ـــم ّرد‪:‬‬ ‫ُم َ‬ ‫ُّ‬ ‫اصــة‪َ .‬م َحــال‪ :‬جمــع َم َحالــة‪،‬‬ ‫تم� ّ‬ ‫ـــي‪:‬‬ ‫وهــي‪ِ :‬فقــار الظهــر‪َ .‬‬ ‫الـح ِـن ّ‬ ‫يت‬ ‫جمــع َح ِن ّيــة‪ ،‬وهــي القــوس‪ُ ،‬سـ ِّـم ْ‬ ‫بذلــك النحنائهــا‪ .‬خُ ُلــوف‪ :‬أ‬ ‫الضــاع‬ ‫المتأخــرة‪ْ .‬أج ِرنــة‪ :‬جمــع ِجـران‪ ،‬وهو‪:‬‬ ‫ــد ْت‬ ‫باطــن عنــق الناقــة‪ .‬لُــ َّز ْت‪ُ :‬ش َّ‬ ‫منضد‪:‬‬ ‫ـت‪َ .‬دأْي‪ِ :‬فقــار الع ُنــق‪َّ .‬‬ ‫ُ‬ ‫وض ّمـ ْ‬ ‫لصــق بعضــه ببعــض‪.‬‬ ‫ُم َ‬

‫‪16. She jolts at the driver’s call‬‬ ‫‪and guards against the advances‬‬ ‫ ‬ ‫‪of a dark mud-caked stallion‬‬ ‫ ‬ ‫‪with her bushy tail.‬‬ ‫‪17. A tail as if prickled‬‬ ‫‪on its sides with falcon‬‬ ‫ ‬ ‫‪feathers, pierced deep‬‬ ‫ ‬ ‫‪into the bone with an awl.‬‬ ‫‪18. She swings it once‬‬ ‫‪over her flanks and once‬‬ ‫ ‬ ‫‪over her udders, dry‬‬ ‫ ‬ ‫‪like empty waterskins.‬‬ ‫‪19. Built to perfection,‬‬ ‫‪her meaty thighs stand‬‬ ‫ ‬ ‫‪like the smooth flaps‬‬ ‫ ‬ ‫‪of a high citadel gate.‬‬

‫‪20. Her ribs curl around her barrel,‬‬ ‫‪and the bottom of her neck‬‬ ‫ ‬ ‫‪is supported by bone‬‬ ‫ ‬ ‫‪packed on bone.‬‬

‫تامتــا الخ ْلــق‪ ،‬مكت�نز تــا اللحــم‪ ،‬كأنهمــا‬ ‫َّأمــا ِ‬ ‫فخــذا هــذه الناقــة فهمــا ّ‬ ‫وأمــا فقـرات َظ ْهرهــا فهــي‬ ‫ـال مصقــول البنيــان‪َّ .‬‬ ‫ـر عـ ٍ‬ ‫ِمرصاعــا بـ ِ‬ ‫ـاب قـ ٍ‬ ‫ت‬ ‫دان بعضهــا مــن بعــض‪ ،‬وذلــك ُّ‬ ‫أدل عــى شــدة‬ ‫م ْطويــة م�اصــة ٍ‬ ‫ت‬ ‫ـى‬ ‫خ ْلقهــا وصالبــة تكوينهــا‪ ،‬وتتصــل بهــذه ِ‬ ‫الفقــار أضالعهــا الصلبــة الـ ي‬ ‫ـى ف ي� االنحنــاء‪ ،‬ممــا يجعــل جوفهــا أكـ ثـر اتســاعاً‪ ،‬بينمــا‬ ‫تُشـ ِـبه ِ‬ ‫القـ ِ ي ّ‬ ‫ـار عنـ ٍـق نُضــد بعضهــا عــى بعــض‪.‬‬ ‫يبــدو باطــن عنقهــا مشــدوداً إىل ِفقـ ِ‬

‫‪116‬‬

‫‪117‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫تزاحم المحاسن‬ ‫ ‬ ‫َ أ َّ َ َ ْ َ َ ة ْ َ‬ ‫وَأ ْط َــر ق ّ ت َ ْ َ‬ ‫ـال َيك ُنف ِنا�ـا‬ ‫ــد‬ ‫ـاس ض ٍ‬ ‫س �ت ُصل ٍب ُمؤ َّي ِ‬ ‫ِ ٍيِ‬ ‫‪ .21‬كن ِكن ي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ أ َّ‬ ‫ــي َد ِ َ َ ّ‬ ‫َ‬ ‫َت ُـم ُّــر ِب َس ْ َ‬ ‫ـلان كنــما‬ ‫ــد ِد‬ ‫ال ُمتش ِ‬ ‫ــل ْ ٍج‬ ‫‪ .22‬ل َــها ِم ْـرفــق ِان أفــت ِ‬ ‫َ‬ ‫‪َ ْ َ َ .23‬‬ ‫َ ُ ْ َ َ َ ْ َ تَّ ُ َ َ َ‬ ‫ـط َــر ِة ُّ‬ ‫الـر ْو ِم ّ‬ ‫ــي أ ْق َ َ‬ ‫ـاد ِبق ْر َم ِـد‬ ‫لـتكـتــنفن حـى تش‬ ‫كـقـن‬ ‫سم َر بُّ َ�ـا‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫‪َ ُ .24‬‬ ‫الرج ِل َم َّـو َارة َالي ِد‬ ‫ص ِاب َّيـة العثن ْـو ِن ُم ْوجـدة الق َـرا‬ ‫ب ِعيـدة وخ ِـد ّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ل َــها َع ُض َداها ِ ي� َس ِـق ْي ٍف ُم َس َّن ِد‬ ‫‪ .25‬أ ِم َّر ْت َي َداها ف ْتل �ش زْ ٍر وأ ْج ِن َح ْت‬ ‫َ ُ ْ ٌ ُ َ ٌ َ ْ َ ٌ ُ َّ ُ ْ‬ ‫ً‬ ‫َ َ َ ف‬ ‫ل َـها ك ِــتفاها ِ ي� ُم َـعــال ُم َص َّع ِـد‬ ‫ــم أف ِر َع ْت‬ ‫‪ .26‬جنـوح دفاق عنــدل ث‬ ‫يواصــل طرفــة وصــف ناقتــه مركِّــزاً عــى تصويــر ضخامــة هيكلهــا‪،‬‬ ‫ناسـ ي ن‬ ‫فيشـ ّـبه الفـراغ الــذي بـ ي ن‬ ‫ـ� ف ي� الســعة‪،‬‬ ‫ـ� ِمرفقيهــا وأُصــول ِكتفيها ِبك َ‬ ‫أي إن ِمرفقيهــا بعيــدان عــن إبطيهــا‪ ،‬بحيــث يمكــن أن تذ ِّكــرك ٌّكل مــن‬ ‫ـ� الفجوتـ ي ن‬ ‫هاتـ ي ن‬ ‫ـ� بذلــك البيــت الــذي يحتفــره الغ ـزال أو الوحــش ف ي�‬ ‫والــرد‪ ،‬ولهــذه الضخامــة‬ ‫أصــول الشــجر ليتخــذه مــاذاً مــن‬ ‫الحــر ب‬ ‫ّ‬ ‫ث‬ ‫أثرهــا ف ي� رســوخ سـ يـر هــذه الناقــة‪ ،‬وســامتها مــن التعـ ُّـر واالنكفــاء‪،‬‬ ‫ـى تحــت ظهـ ٍـر‬ ‫ثــم ّ‬ ‫إن لهــا ضلوعـاً قويــة منحنيــة بمرونــة كمرونــة ِ‬ ‫القـ ِ ي ّ‬ ‫ـوي ي ن‬ ‫تحمــل‬ ‫متــ�‪ ،‬فهــي قــادرة –اســتناداً إىل هــذه الصالبــة‪ -‬عــى ُّ‬ ‫قـ ّ‬ ‫ـاق الســفر وأوصابــه‪.‬‬ ‫مشـ ّ‬ ‫وهــذه الضخامــة تتجــى أيضـاً ف� ِمرفقي الناقــة العظيمـ ي ن‬ ‫والمتباعدين‬ ‫ـ�‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الرحبـ يـ� عــن يمينهــا وشــمالها‬ ‫عــن جنبيهــا‪ ،‬فكأنهــا بهذيــن ِ‬ ‫المرفقـ يـ� ْ‬ ‫ـراه‪ ،‬ثــم‬ ‫س ـقّاء عظيــم البنيــة يحمــل َدلويــن ِ‬ ‫متباع َديــن ُبي ْمنــاه ويُـ ْ‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫ـرف عــى‬ ‫اصــف ِعظامهــا‬ ‫ُ‬ ‫إنهــا ي� تر ُ‬ ‫وتداخــل أعضائهــا تُشــبه ج ـراً يُـ ِ‬ ‫ـب إتقــان العمــل‪ ،‬وقــد أقســم أن يُب َنـــى مــن ّكل ناحية‬ ‫بنائــه رومـ ّـي يحـ ّ‬ ‫بد ّقــة وإحــكام‪ ،‬وأن يُشــاد بأقــوى المــواد وأصلبهــا‪.‬‬ ‫الحيلــة أمــام تد ُّفــق جماليــات الوصــف لهــذه‬ ‫ويبــدو طرفــة عاجــز ِ‬ ‫ن‬ ‫الناقــة شــديدة العنفــوان‪ ،‬مــا بـ يـ� ُشـقْرة شــعرها الــذي يتبـ ّـدى تحــت‬ ‫َلحييهــا‪ ،‬ومتانــة ظهرهــا‪ ،‬ورسعــة سـ يـرها مــع تباعــد ِرجليهــا‪ ،‬ومرونــة‬ ‫ف‬ ‫إن هــذه‬ ‫يديهــا ي� الحركــة‪ ،‬مــع أنهمــا مفتولتــان ف ْتــا ً شــديداً‪ ،‬ثــم ّ‬ ‫ف‬ ‫ســرها كمــا تجنــح الســفينة‪ ،‬ت‬ ‫حــى كأنهــا‬ ‫الناقــة تبــدو جانحــةً ي� ي‬ ‫وكأن أُ ُصــول كتفيهــا ســقف أُسـ ِـند بعــض حجارتــه إىل بعــض‪.‬‬ ‫م ّت ِكئــة‪ّ ،‬‬ ‫ش‬ ‫المــى‪ ،‬كمــا أنهــا‬ ‫فهــي شــديدة الميــان لفــرط نشــاطها‪ ،‬متدفقــة‬ ‫ْي‬ ‫المصعــد‪.‬‬ ‫عظيمــة ال ـرأس‪ ،‬وقــد عــا كتفاهــا ببنيــة هيكلهــا المرتفــع‬ ‫َّ‬

‫‪118‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫الكنــاس‪ :‬بيــت يتخــذه الغــزال أو‬ ‫ِ‬ ‫ليســتك ّن‬ ‫الوحــش ف ي� أصــل شــجرة‬ ‫ِ‬ ‫فيــه مــن الحـ ّـر والـ بـرد‪َ .‬ضالَة‪ :‬شــجرة‬ ‫الــري‪ .‬يكْ ُنفــان‪ :‬يُحيطــان‬ ‫ِّ‬ ‫الســدر ب ّ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫بهــذه الناقــة مــن ناحيتيهــا‪ .‬الطْــر‪:‬‬ ‫َعطْــف ش‬ ‫َ‬ ‫ــ�‪ :‬أي‬ ‫ي‬ ‫الــىء‪ ،‬وأطْــر ِق ِ ي ّ‬ ‫ـى وانحناؤهــا‪ُ .‬ص ْلــب‪:‬‬ ‫انعطــاف ِ‬ ‫القـ ِ ي ّ‬ ‫ْ‬ ‫َظ ْهــر‪ .‬مؤيَّــد‪ :‬قــوي‪ .‬أفتــان‪:‬‬ ‫شــديدان متجافيــان عــن جنبيهــا‪.‬‬ ‫َسـل َْمي‪ُ :‬مثـ ن ّـى َسـلْم‪ ،‬وهــو الد ْلــو إذا‬ ‫دالــج‪ :‬الســقَّاء‬ ‫كان ُبعــروة واحــدة‪ِ .‬‬ ‫الــذي يأخــذ الدلْــو مــن ئ‬ ‫البــر‪،‬‬ ‫متشــدد‪:‬‬ ‫ُفيفرغهــا ف ي� الحــوض‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ـوي نشــيط‪َ .‬ق ْنطَــرة‪ِ :‬جــر‪ .‬ربُّـــها‪:‬‬ ‫قـ ّ‬ ‫ما ِلكهــا‪ .‬تُكْ َت َنــف‪ :‬يُحــاط بهــا مــن‬ ‫جميــع نواحيهــا‪ .‬تُشــاد‪ :‬تُرفَــع‪ ،‬أو‬ ‫ـص‪َ .‬ق َرمد‪:‬‬ ‫تُ ْطـ َـى ِّ‬ ‫الجـ ّ‬ ‫بالشــيد‪ ،‬وهــو ِ‬ ‫ُّكل مــا يُط َ‬ ‫ــص‬ ‫ْــى بــه البنــاء مــن ِج ّ‬ ‫و ُآجـ ّـر ونحوهمــا‪ُ .‬صهاب ّيــة‪ :‬ف ي� لونهــا‬ ‫ُص ْهبــة‪ ،‬وهــي ُح ْمــرة أو ُشــقْرة ف ي�‬ ‫العثْنــون‪ :‬مــا تحــت لَحييهــا‬ ‫الشــعر‪ُ .‬‬ ‫وجــدة‪ُ :‬موثَقــة‬ ‫مــن الشــعر والوبــر‪ُ .‬م َ‬ ‫ُمحكَمــة‪ .‬القَــرا‪ :‬الظ ْهــر‪ .‬الوخْ ــد‪:‬‬ ‫ســر إالبــل فيــه رسعــة‪.‬‬ ‫�ض ب مــن ي‬ ‫مـ َّـوارة اليــد‪ :‬يدهــا رسيعــة الحركــة‬ ‫ف‬ ‫ـت ف ْتـا ً‬ ‫ـر وســهولة‪ .‬أ ُ ِمـ ّـر ْت‪ :‬ف ُِتلـ ْ‬ ‫ي� يـ ْ‬ ‫�ر‪ :‬هــو الف ْتــل إىل‬ ‫ُمحكَمــاً‪َ .‬ف ْتــل ش َ زْ‬ ‫ت‬ ‫ُ‬ ‫ـت حــى كأنها‬ ‫الخــارج‪ .‬أ ُ ْج ِن َحـ ْ‬ ‫ـت‪ :‬أ ِميلـ ْ‬ ‫العضــد‪ :‬الج ْنــب‪َ .‬سـ ِـقيف‪:‬‬ ‫ُم ّت ِكئــة‪ُ .‬‬ ‫ُ‬ ‫ســند‬ ‫أ‬ ‫د‪:‬‬ ‫ن‬ ‫ــ‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫جــارة‪.‬‬ ‫صفائــح ِح‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ُ َ‬ ‫بعضــه إىل بعــض‪َ .‬ج ُنــوح‪ :‬تجنــح‬ ‫ف ي� سـ يـرها‪ ،‬أي تميــل إىل أحــد ِش ـقّيها‬ ‫نشــاطاً ورسعــة‪ُ .‬دفــاق‪ :‬متدفقــة‬ ‫ف‬ ‫ســرها‪َ .‬ع ْنــدل‪ :‬ضخمــة الــرأس‪.‬‬ ‫ي� ي‬ ‫ـت‪ُ :‬عوليـ ْ ش‬ ‫ـت‪ُ .‬م َعـ َ‬ ‫ـال‪:‬‬ ‫أ ُ ْف ِرعـ ْ‬ ‫�فـ ْ‬ ‫ـت وأُ ِ‬ ‫مرتفــع إىل فــوق‪ُ .‬م َص َّعــد‪ :‬صاعــد‪.‬‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫‪21. As if her armpits are two‬‬ ‫‪caves wrapped in thickets.‬‬ ‫ ‬ ‫‪Her ribs curve like bows‬‬ ‫ ‬ ‫‪held together by a sturdy spine.‬‬ ‫‪22. Her forearms open wide‬‬ ‫‪at the elbows and bend‬‬ ‫ ‬ ‫‪like those of a water carrier‬‬ ‫ ‬ ‫‪burdened by two heavy pails .‬‬ ‫‪23. Built high like a Byzantine archway‬‬ ‫‪whose builder swore‬‬ ‫ ‬ ‫‪to raise up brick and mortar‬‬ ‫ ‬ ‫‪high on both sides.‬‬ ‫‪24. Her chin hair is reddish‬‬ ‫‪and her back-bone stout,‬‬ ‫ ‬ ‫‪her stride wide‬‬ ‫ ‬ ‫‪and her forearms lashing.‬‬ ‫‪25. Twisted and flexed out,‬‬ ‫‪her forearms arch like the‬‬ ‫ ‬ ‫‪weighed down‬‬ ‫ ‬ ‫‪roof beams.‬‬

‫‪26. She veers to one side,‬‬ ‫‪plunging forward. Her head large‬‬ ‫ ‬ ‫‪and her shoulders raised into‬‬ ‫ ‬ ‫‪a lofty structure.‬‬

‫‪119‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫لوحة تشكيلية‬ ‫ ‬ ‫ف َ‬ ‫َ أَ َّ ُ ُ َ ّ‬ ‫َ َ ُ ْ َ ْ َ َ ف ظَ ْ َ‬ ‫ـوب ِالن ْس ِـع ِ ي� َدأ َ ي� ِت�ـا‬ ‫‪ .27‬كن عل‬ ‫� ِـر ق ْر َد ِد‬ ‫مـو ِارد ِمـن خلقاء ِ ي�‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ً‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ـالقــى وأ ْح َي نـا� َتب ْ نُ‬ ‫ف ْ‬ ‫ـ� ك نَّ�ـا‬ ‫‪ .28‬ت‬ ‫ـص ُمق َّــد ِد‬ ‫ِ ي‬ ‫بـنا ِئــق غ ٌّــر ِ ي� ِ�ي ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ص ْ ةَ‬ ‫ْ َ ٌ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ــه‬ ‫ل ُم ْص ِع ِـد‬ ‫كسكا ِن ُب ْـو ِ ٍي ّ ِب ِدج‬ ‫‪ .29‬وأتل ُـع ن َّــهاض إذا َص َّعـدت ِب ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ ُ َ ٌ‬ ‫َ أ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ ُْ َ‬ ‫ــة ِم ْث ُـل َ‬ ‫وع‬ ‫الـمل َت�ق ِم نْ�ا إل َح ْر ِف ِم ْب َ� ِد‬ ‫لاة ك ن�ـا‬ ‫‪ .30‬وجـمجم‬ ‫الع ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ٌّ‬ ‫َ ْ َ​َ ن‬ ‫ــم ُي َ‬ ‫ا� ق ُّد ُه ل ْ‬ ‫ـاس الش ِ يْ‬ ‫ــح َّر ِد‬ ‫ـآم ِومشـف ٌر‬ ‫‪ .31‬وخـد ِكق ْرط ِ‬ ‫ك ِسـب ِت يال�م ِ ْ ي‬ ‫يشــبه طرفــة هنــا آثــار الحبــل المضفــور عــى صــدر ناقتــه آ‬ ‫بالثــار‬ ‫ُ ِّ‬ ‫الـ ت‬ ‫ـى تبقــى بعــد مــرور ُو ّراد الميــاه عــى صخــرة ملســاء بــأرض ُص ْلبــة‬ ‫ي‬ ‫مســتوية‪ ،‬فهــذه النســوع أو الحبــال المفتولــة ال تؤثــر ف ي� ِجلــد الناقــة‬ ‫ْ‬ ‫القــوي إال كمــا تؤثــر المــوارد ف� الصخــرة الملســاء‪ ،‬وهــو يصــف أ‬ ‫الرض‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫الــى تســتند إليهــا الصخــرة بأنهــا‪ :‬قَــردد‪ ،‬أي أرض ُصلبــة مســتوية‪،‬‬ ‫ي‬ ‫أدل عــى ثبــات الصخــرة ورســوخها ف� أ‬ ‫وهــذا ُّ‬ ‫الرض‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ويزيــد طرفــة هــذه الصــورة التشــبيهية تفصيـاً‪ ،‬فيذكــر أن آثــار النســع‬ ‫ف ي� جلــد ناقتــه تتقــارب أحيان ـاً‪ ،‬وتتباعــد ف ي� أحيــان أخــرى‪ ،‬فهــي كهــذه‬ ‫المــوارد الـ تـى تتـ ق‬ ‫ـا� ف ي� الطريــق مــرة‪ ،‬وتفـ تـرق أخــرى‪ ،‬ثــم ير ِّكــز نظــره‬ ‫ي‬ ‫المــوارد ف� أ‬ ‫الرض‪ ،‬فينتقــل إىل صــورة تشــبيهية جديــدة يحـ ِّـول‬ ‫عــى آثــار‬ ‫ي‬ ‫مــن خاللهــا المشـ ّـبه بــه إىل مشـ ّـبه‪ ،‬إ ْذ تذ ِّكــره هــذه الطرائــق الالمعــة‬ ‫ت‬ ‫ـى تُر َّقــع بهــا القمصــان القديمــة‪.‬‬ ‫المتناثــرة بصــورة البنائــق البيضــاء الـ ي‬ ‫ثــم يلتفــت طرفــة إىل ع ُنــق ناقتــه‪ ،‬يف�وعــه بهــاء ارتفاعــه وطولــه‬ ‫الممتــد‪ ،‬ورسعــة نهوضهــا بــه‪ ،‬فيســتدعي خيالــه صــورة طالمــا أ ِلــف‬ ‫رؤيتهــا ف� نهــر دجلــة بالعـراق‪ ،‬حـ ي ن‬ ‫ـ� تخطــر الســفن أمــام عينيــه‪ ،‬ويــرى‬ ‫ي‬ ‫أعمدتهــا منتصبــةً ف ي� امتــداد ّأخــاذ نحــو الســماء‪ّ .‬أمــا جمجمــة هــذه‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫الحــداد بحدائــده‪،‬‬ ‫الــى يطرقهــا‬ ‫ّ‬ ‫الناقــة فهــي ي� صالبتهــا كالســندان أ ي‬ ‫الصلبــة شــديدة الرس‪ ،‬ملتئمــة ِبمهــاد الــرأس دون‬ ‫وهــذه الجمجمــة ُّ‬ ‫ف‬ ‫نتــوء أو انع ـراج‪ ،‬فهــي ي� اســتوائها كحـ ّـد الــ ِـم ب�د‪.‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫أ‬ ‫ُعلُــوب‪ :‬جمــع َعلْــب‪ ،‬وهــو الثــر‬ ‫ق‬ ‫حبــل‬ ‫البــا� عــى الجلــد‪ .‬ال ِّن ْســع‪ْ :‬‬ ‫ي‬ ‫شــد بــه‬ ‫العنــان تُ ّ‬ ‫مضفــور كهيئــة ِ‬ ‫أ‬ ‫الحمــال‪َ .‬دأَيَــات‪ :‬ضلــوع الصــدر‪.‬‬ ‫ــورد‪ ،‬وهــو طريــق‬ ‫َم َ‬ ‫ــو ِارد‪ :‬جمــع َم ِ‬ ‫الــوراد إىل المــاء‪ .‬خَ لْقــاء‪ :‬ملْســاء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وهي صفة للصخــرة‪ .‬ال َقــردد‪ :‬أ‬ ‫الرض‬ ‫َْ‬ ‫الصلْبــة المســتوية‪ .‬ت ق‬ ‫َــا�‪ :‬أصلهــا‬ ‫ُّ‬ ‫تتـ ق‬ ‫ـا�‪ ،‬أي يتصــل بعضهــا ببعــض‪.‬‬ ‫تَبـ ي ن‬ ‫ـ�‪ :‬تتفـ ّـرق‪ .‬بَنائــق‪ :‬جمــع بَ ِن ْيقــة‪،‬‬ ‫وهــي جيــب القميــص وطَوقــه‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ُــر‪:‬‬ ‫أو ِ‬ ‫الــى تُ َ‬ ‫وصــل بــه‪ .‬غ ّ‬ ‫القطَــع ي‬ ‫ـال‪ .‬أَتْلــع‪:‬‬ ‫ـ‬ ‫وب‬ ‫ّق‬ ‫ق‬ ‫ـ‬ ‫مش‬ ‫د‪:‬‬ ‫ـد‬ ‫ـ‬ ‫ق‬ ‫م‬ ‫ـض‪.‬‬ ‫ِبيـ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫طويــل ُمـ ش‬ ‫ـرف‪ ،‬وهــو وصــف للعنق‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ن ّهــاض‪ :‬مرتفــع رسيــع النهــوض‪.‬‬ ‫العود‬ ‫ّ‬ ‫صعـ ْ‬ ‫ـدت بــه‪ :‬رفع ْتــه‪ُ .‬سـكَّان‪ُ :‬‬ ‫نصــب ف ي� الســفينة ويُمـ ّـد عليه‬ ‫ي‬ ‫ـذي‬ ‫الـ ُ َ‬ ‫الس ـفُن‪.‬‬ ‫الـ ش ِّ‬ ‫ــوص‪ :‬نــوع مــن ُّ‬ ‫ـراع‪ .‬بُ ِ ي ّ‬ ‫ف‬ ‫ِد ْجلــة‪ :‬النهــر المعــروف ي� الع ـراق‪.‬‬ ‫صعــد‪ :‬مرتفــع ألن اتجاهــه مضــاد‬ ‫ُم ِ‬ ‫�ض‬ ‫ت‬ ‫ـى ي ب‬ ‫للتيــار‪َ .‬‬ ‫العالة‪ّ :‬‬ ‫الســندان الـ ي‬ ‫الحـ ّـداد عليها حديــده‪َ .‬و َعــى‪ :‬اجتمع‬ ‫انضــم‪ .‬الملتقَــى‪ :‬حيــث يلتقــي‬ ‫و‬ ‫ّ‬ ‫طــرف الجمجمــة ِب ِفــراش الــرأس‪.‬‬ ‫ــرد‪ :‬آلــة حــادة‬ ‫حــرف‪ :‬طــرف‪ِ .‬م ب ْ َ‬ ‫خشــنة الجوانــب‪ِ .‬قرطــاس الشــآمي‪:‬‬ ‫الصحيفــة المنســوبة إىل الشــام‪.‬‬ ‫كالشــفة للإنســان‪.‬‬ ‫المشْ ــفر‪ :‬للبعـ يـر َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِسـ ْبت‪ِ :‬ج ْلــد البقــر المدبــوغ‪ .‬ال َقـ ّـد‪:‬‬ ‫عــوج أو‬ ‫ــرد‪ :‬لــم يُ َّ‬ ‫ال َقطْــع‪ .‬لــم يُ َح َّ‬ ‫يتفــاوت َقطْعــه‪.‬‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫‪27. The saddle-strap marks‬‬ ‫‪on her sides are smooth and white‬‬ ‫ ‬ ‫‪like wasteland stones‬‬ ‫ ‬ ‫‪burnished by coursing water.‬‬ ‫‪28. These marks intersect‬‬ ‫‪and then diverge,‬‬ ‫ ‬ ‫‪like the frayed lining‬‬ ‫ ‬ ‫‪of a tattered shirt.‬‬

‫‪29. Her neck is long‬‬ ‫‪and, when she raises it,‬‬ ‫ ‬ ‫‪like a ship’s bow‬‬ ‫ ‬ ‫‪emerging out of Dijlah.‬‬ ‫‪30. Her skull is like an anvil,‬‬ ‫‪its sides welded together‬‬ ‫ ‬ ‫‪with jutting bones‬‬ ‫ ‬ ‫‪as sharp as files.‬‬

‫‪31. Her cheeks are as smooth‬‬ ‫‪as a Damascene’s parchment‬‬ ‫ ‬ ‫‪and her lips like tanned‬‬ ‫ ‬ ‫‪Yemeni leather.‬‬

‫ويســتمر طرفــة ف� التغــن بمحاســن ناقتــه‪ ،‬فهــو ي ن‬ ‫حــ� يُرخــي نظــره‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫خدهــا أ‬ ‫البيــض النقـ ّـي‪ ،‬وكأنــه صحيفــة بيضــاء‬ ‫ـى‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫قلي ـا ً تقــع عينــه‬ ‫ّ‬ ‫يحملهــا رجــل مــن أهــل الشــام‪ ،‬حيــث يكـ ث ُـر النصــارى المعتنــون �ف‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫يتأمــل ِم ْشــفرها‪ ،‬ويلحــظ اســتقامته‬ ‫ذلــك العهــد بالكتــب والوراق‪ ،‬ثــم ّ‬ ‫واعتدالــه البعيــد عــن االعوجــاج والتهـ ُّـدل‪ ،‬فتـ تـراءى لــه صــورة ِســبت‬ ‫ن‬ ‫ـا� المصنــوع مــن جلــد البقــر المدبــوغ‪ ،‬ونســبته لليمــن تحليــة لــه؛‬ ‫أاليمـ ي‬ ‫الجلــد المتقدمــة ف ي� ذلــك العهــد‪ ،‬فــا تجــد‬ ‫لنهــا بلــد الملــوك وصناعــة ِ‬ ‫ف‬ ‫فيهــا اعوجاج ـاً ف ي� الق ْطــع‪ ،‬أو تفاوت ـاً ي� المقاديــر‪.‬‬

‫‪120‬‬

‫‪121‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫ُّ‬ ‫مرايا التوجس‬ ‫ ‬ ‫َ ْ فَ ْ َ َ ْ َ خْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اكلــم ِاو َّي َت ْ ي ِن� ْاس َـتك َّنتا‬ ‫نـان‬ ‫ص َر ٍة قل ِت َم ْو ِر ِد‬ ‫ِبك ي ِ جحا�ج‬ ‫‪ .32‬وع ْي ِ‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫َ​َ َ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َكك ُح ْـول َت ْـي َمذ ُع ْـو َر ٍة أ ِ ّم ف ْـرق ِـد‬ ‫‪ .33‬ط ُح ْو َر ِان ُع َّــو َار الـقذى ف َــتـر ُاهـا‬ ‫‪َ .34‬‬ ‫ِ َل ْجـس َخ ِ�ف ّ أو َ‬ ‫وص ِاد َق َتـا َ ْسـع َّالت َو ُّج ِس ِل ُّلس َ‬ ‫ى‬ ‫ــر‬ ‫وت ُم َــن َّد ِد‬ ‫لص ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ َي‬ ‫ِ‬ ‫َ َّ َ َ َ ُ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َك َس ِام َع َت ْ‬ ‫الع ْت َـق ِف يْ ِ�مـا‬ ‫ــح ْو َمل ُمف َر ِد‬ ‫ــي ش ٍـاة ِب‬ ‫‪ُ .35‬مؤللــت ِان ت ْع ِـرف ِ‬ ‫ٌ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ َ َ خْ ف‬ ‫ــاض أ َح ُّــذ ُم َـل ْـم َـل ٌ‬ ‫ِكـرد ِاة‬ ‫ــم‬ ‫‪ .36‬وأ ْر َو ُع ن َّــب‬ ‫ص ٍـر ِ ي� َص ِف ْي ٍـح ُم َص َّم ِـد‬

‫يواصــل طرفــة الرســم الدقيــق لتفاصيــل ناقتــه ومحاســن خ ْلقهــا‪،‬‬ ‫فعيناهــا صافيتــان كالــ ِـمرآة‪ ،‬وقــد غارتــا ف ي� ِحجاجيهما وكأنهما مســتك ّنتان‬ ‫ـ� الغائرتـ ي ن‬ ‫ـ� العينـ ي ن‬ ‫ـ� بهمــا‪ ،‬ثــم يشـ ّـبه صفــاء هاتـ ي ن‬ ‫ـ� محيطـ ي ن‬ ‫إىل كهفـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫جاجــ� بصفــاء المــاء المجتمــع ي� نقــرة محفــورة عــى‬ ‫الح‬ ‫ي� ع ْظ َمــي ِ‬ ‫ســطح صخــرة‪ ،‬والمــاء ف ي� الصخــرة أصفــى مــا يكــون‪ ،‬حـ تـى إنــك ال تــرى‬ ‫فيهمــا مــا يعـ تـري العيــون أحيان ـاً مــن َد َر ٍن أو ت ـراب‪.‬‬

‫وإن ُح ْســنهما ليذكِّــرك بعيــن البقــرة الوحشــية ي ن‬ ‫اللتــ� تبــدوان دائمــاً‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫كأنهمــا مكحولتــان‪ ،‬وطرفــة ِيصــف هــذه البقــرة بأنهــا‪ :‬مذعــورة‪ ،‬وإذا‬ ‫ـ� لجمــال عينيهــا‪ ،‬ثــم إنهــا‬ ‫كانــت مذعــورة كان ذلــك أحـ َّـد لنظرهــا‪ ،‬وأبـ ي ن َ‬ ‫ذات ولــد‪ ،‬فهــي دائمــة التشـ ّـوف والنظــر إشــفاقاً عــى ولدهــا‪ ،‬ي ز‬ ‫ف�يــد‬ ‫ُ‬ ‫هــذا أيض ـاً مــن فتنــة نظراتهــا وبهــاء عينيهــا‪.‬‬ ‫ـس‪ ،‬صادقتــا الســمع‪ ،‬خاصــةً‬ ‫َّأمــا أُذُنــا هــذه الناقــة فهمــا رهيفتــا الحـ ّ‬ ‫المســر ليــاً‪ ،‬حيــث يبلــغ الحــذر عندهــا منتهــاه‪ ،‬فــا تفوتهــا‬ ‫عنــد‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ُ‬ ‫الخفيــة‪ ،‬وال الصــوت خفيض ـاً كان أم جهـ يـراً‪ .‬وهاتــان الذنــان‬ ‫الحركــة‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫مؤ ّللتــان‪ ،‬أي محددتــان ومرســومتان بدقــة‪ ،‬فأنــت تتبـ ي ّـ� كــرم الصــل‬ ‫وق ّلــة َوبَرهما‪ ،‬وتســتدعي‬ ‫والعــروق فيهمــا إذا نظـ َ‬ ‫ـرت إليهمــا لتحديدهمــا ِ‬ ‫ف‬ ‫رهافــة الحــس ف ي� أُذ ن يُ� الناقــة صــورة مماثلــة ي� خيــال طرفــة‪ ،‬فيشــبهها‬ ‫برهافــة أُذ نُ� ثــور وحـ شـى يعيــش وحــده‪ ،‬واالنف ـراد يســتدعي ت‬ ‫ال�قــب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫والحــذر‪ ،‬فيكــون أبعـ َـد عــن التشـ ُّتت وااللتهــاء اللذيــن يسـ ّـببهما وجــود‬ ‫ـتد ســمعه وتيقُّظــه وارتياعــه‪.‬‬ ‫القريــن المصاحــب‪ ،‬ومــن هنــا يشـ ّ‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫استقرتا‪.‬‬ ‫الــ َـم ِاويّة‪ :‬الــ ِـمرآة‪ .‬اســتك ّنتا‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫الـــم ش ْ�ف عــى‬ ‫ِحجــاج‪ :‬العظْــم ُ‬ ‫العـ ي ن‬ ‫ـ� وفيــه منبــت شــعر الحاجــب‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ال َقلْــت‪ :‬النقــرة ي� الصخــر أو‬ ‫ـورد‪:‬‬ ‫الجبــل يســتنقع فيهــا المــاء‪َ .‬مـ ِ‬ ‫موضــع المــاء‪ .‬ط َُحــوران‪ :‬أي ترميــان‬ ‫ين‬ ‫للعينــ�‪.‬‬ ‫وتدفعــان‪ ،‬والوصــف‬ ‫ن‬ ‫العـ ّـوار‪ :‬مــا تُفــرزه العـ يـ� مــن ســائل‬ ‫ُ‬ ‫لدفــع القــذى‪ ،‬وال َقــذَ ى‪ :‬مــا يعـ تـري‬ ‫ين‬ ‫العــ� مــن رمــد أو درن أو تــراب‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫َــ�‬ ‫ٍ‬ ‫مذعــورة‪ :‬أي كعيــ ي‬ ‫كمكحول َ ي‬ ‫بقــرة وحشــية مذعــورة‪ .‬الفَرقــد‪ :‬ولد‬ ‫ســمع‪:‬‬ ‫البقــرة الوحشــية‪ .‬صادقتــا ْ‬ ‫الوصــف أ‬ ‫للذنـ ي ن‬ ‫التوجس‪ :‬التسـ ُّـمع‬ ‫ـ�‪ُّ .‬‬ ‫ت‬ ‫ـرى‪ :‬السـ يـر ليـاً‪.‬‬ ‫ب� ُّقــب وحــذَ ر‪ .‬الـ ُّ‬ ‫ال َه ْجــس‪ :‬الحركــة الخفيفــة والصوت‬ ‫نــدد‪ :‬مــن التنديــد‪،‬‬ ‫الخفيــض‪ُ .‬م َّ‬ ‫وهــو رفْــع الصــوت‪ُ .‬مؤلَّلتــان‪:‬‬ ‫محددتــان كتحديــد أ‬ ‫اللّــة‪ ،‬وهــي‬ ‫َّ‬ ‫الـــحربة‪ ،‬والوصــف أ‬ ‫ن‬ ‫الع ْتق‪:‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ـ�‬ ‫ـ‬ ‫ذن‬ ‫لل‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫النجابــة‪ .‬الســامعتان‪ :‬أ‬ ‫الُذُنان‪ .‬شــاة‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ش‬ ‫ـى‪.‬‬ ‫المقصــود بهــا هنــا‪ :‬الث فــور الوحـ ي‬ ‫َح ْو َمــل‪ :‬موضــع يقــع ي� عاليــة نجــد‬ ‫فــزع‬ ‫جنــوب مدينــة عفيــف‪ .‬أ َ ْر َوع‪ِ :‬‬ ‫ش‬ ‫�ء ِلفطْنتــه وفــرط ذكائــه‪،‬‬ ‫لــكل ي‬ ‫والوصــف للقلــب‪ .‬نَ َّبــاض‪ :‬مضطــرب‬ ‫كثــر الحركــة‪ .‬أ َ َحــذّ ‪ :‬خفيــف‬ ‫ي‬ ‫جتمــع‬ ‫رسيــع‪ُ .‬مل َْملَــم‪ُ :‬صلْــب ُوم ِ‬ ‫كــر‬ ‫َ‬ ‫الخلْــق‪ِ .‬‬ ‫الـــمرداة‪ :‬الصخــرة تُ َ‬ ‫الحجــر‬ ‫الصفيــح‪:‬‬ ‫الصخــور‪.‬‬ ‫بهــا‬ ‫َ‬ ‫صمــد‪ُ :‬ص ْلــب ُم ْص َمــت‪.‬‬ ‫العريــض‪ُ .‬م َّ‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫‪32. And her eyes are two mirrors‬‬ ‫‪tucked in the caves‬‬ ‫ ‬ ‫‪of her sockets like pools‬‬ ‫ ‬ ‫‪carved in rock.‬‬ ‫‪33. They shield the dust,‬‬ ‫‪batting like the dark eyes‬‬ ‫ ‬ ‫‪of an oryx frightened‬‬ ‫ ‬ ‫‪for her fawn.‬‬

‫‪34. And two perked ears‬‬ ‫‪that pick up the sounds of night,‬‬ ‫ ‬ ‫‪secret whispers‬‬ ‫ ‬ ‫‪and muffled echoes.‬‬

‫‪35. Keen ears and in them‬‬ ‫‪you read her noble lineage‬‬ ‫ ‬ ‫‪like the ears of a wild oryx‬‬ ‫ ‬ ‫‪of Hawmal.‬‬ ‫‪36. An alert throbbing heart,‬‬ ‫‪jittery yet firm‬‬ ‫ ‬ ‫‪like a great stone in a‬‬ ‫ ‬ ‫‪cage of rock slabs.‬‬

‫الشــارة إىل التيقــظ واالرتيــاع تســوق طرفــة إىل الحديــث عــن قلب‬ ‫وهــذه إ‬ ‫الناقــة‪ ،‬هكــذا يمـ ّـد طرفــة نظــره نحــو ناقتــه ليصــل إىل مــا وراء المنظــور‬ ‫ـص هــذه‬ ‫ومــا يختفــي خلــف ُ‬ ‫الح ُجــب‪ ،‬وكأنــه ال يريــد أن يـ تـرك شــيئاً يخـ ُّ‬ ‫ّ‬ ‫وتمــى فيــه‪ ،‬فهــذا القلــب المضطــرب الــذي يرتــاع‬ ‫الناقــة ّإل ذكــره‪،‬‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫�ء ال يشــكو مــن ضعــف ي� التكويــن‪ ،‬فهــو‬ ‫لشــدة ِفطنتــه‪ -‬مــن كل ي‬‫ت‬ ‫كــر بهــا الصخــور‪ ،‬وقــد‬ ‫الــى تُ َ‬ ‫ُص ْلــب البنيــان كالصخــرة القاســية ي‬ ‫ـت بــه أضــاع ِع ـراض كصفيــح مــن الصخــر المرصــوف بإحــكام‪.‬‬ ‫أحاطـ ْ‬

‫‪122‬‬

‫‪123‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫ ‬ ‫‪.37‬‬ ‫‪.38‬‬ ‫‪.39‬‬ ‫‪.40‬‬ ‫‪.41‬‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫الناقة ‪ /‬الحلم‬

‫ٌ‬ ‫أَ ْ‬ ‫وَأ ْع َ ُ ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ـف َم ِارن‬ ‫ن‬ ‫لم َمـخ ُــر ْوت ِمـن ال ِ‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫ْ ْ ْ َ َ​َ‬ ‫وإن ِشئ ُت ل ْـم تُ ْ� ِقل وإن ِشئ ُت أ ْرقل ْت‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫وإن ِشئ ُت َس َام َو ِاسط الك ْو ِر َرأ ُسا‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َعلى ِمث ِلها أ ْم ِض ي إذا قال َص ِاح ِب ي�‪:‬‬ ‫َ َ ْ َ ْ َّ ْ ُ َ ً َ‬ ‫وخ َ ُ‬ ‫ال‬ ‫وجاشـت ِإلي ِـه النفـس خوفـا‬

‫أ‬ ‫ال َ‬ ‫َع ِت ْي ٌـق َم تَـى تَ ْ� جُ ْ‬ ‫� ِب ِـه‬ ‫رض تَ زْ� َد ِد‬ ‫َ َ َ​َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ــخافة َمل ِـو ٍّي ِمـن ِالق ِّـد ْم َص ِـد‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ـ�ا َن َـج َاء َ‬ ‫َوع َام ْت ِب َض ْب َع يْ َ‬ ‫الـخف ْـي َـد ِد‬ ‫َْ‬ ‫ََْ ن َْ َ‬ ‫ـى أف ِد ْيـك ِم نْ�ـا وأف َت ِـدي‬ ‫أال لي ًت ِ ي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـا� ول ْو أ ْم َس َعلى غ ْي ِ� َم ْر َص ِد‬ ‫ُم َص ب‬

‫يعــود طرفــة لوصــف ِم ْشــفر ناقتــه مــن جديــد‪ ،‬وير ِّكــز هــذه المــرة‬ ‫عــى مــا فيــه مــن شـ ّـق مــازم لـ ِّ‬ ‫البــل‪ ،‬وهــذا الشـ ّـق يبــدأ‬ ‫ـكل مشــافر إ‬ ‫مــن أ‬ ‫النــف نــزوال ً إىل الــ ِـم ْشفر الــذي يصفــه طرفــة بأنــه لـ ي ِّ ن‬ ‫ـ�‪ ،‬كمــا أنــه‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ـى يشـ يـر فيهــا‬ ‫عتيــق تتبـ ي ّـ� فيــه أكــرم الصــول‪ ،‬وهــذه المــرة الثانيــة الـ ي‬ ‫ت‬ ‫ـى تتحـ َّـدر منهــا ناقتــه‪.‬‬ ‫طرفــة إىل كــرم الُصــول الـ ي‬ ‫تقــرب بمشــفرها مــن أ‬ ‫الرض ت‬ ‫وهــي ي ن‬ ‫ترجــم‬ ‫حــ� تعــدو ت ِ‬ ‫حــى كأنهــا ُ‬ ‫أ‬ ‫رض بــه‪ ،‬ت ز‬ ‫ـأن‬ ‫ال َ‬ ‫ل�يــد مــن عزمهــا ورسعــة ْ‬ ‫عدوهــا‪ ،‬ثــم يتباهــى طرفــة بـ ّ‬ ‫مروضــة عــى االســتجابة لرغباتــه خوفـاً مــن ســوطه‬ ‫ناقتــه طــوع أمــره‪ّ ،‬‬ ‫ف‬ ‫ـادت ي� سـ يـرها‪ ،‬كمــا‬ ‫ـت‪ْ ،‬‬ ‫شــديد الف ْتــل‪ ،‬فـ ْ‬ ‫وإن شــاء تهـ ْ‬ ‫ـإن شــاء أرسعـ ْ‬ ‫ت‬ ‫قــد يشــاء أيضـاً أن يجــذب ِزمامهــا إليــه‪ ،‬يف�تفــع رأســها حــى يُحــاذي‬ ‫ف‬ ‫عضديهــا‬ ‫تبســط ُ‬ ‫ي� العلـ ّـو ُعــود ْ‬ ‫الرحــل المنصــوب عــى ظهرهــا‪ ،‬بينمــا ُ‬ ‫ف ي� عـ ْـدو رخـ ّـي يشــبه الســباحة‪ ،‬وتُقــارب بــه رسعــة ذكــر النعــام إذا أراد‬ ‫ت‬ ‫ـى يُشـ ِّـبه طرفــة فيهــا‬ ‫النجــاة بنفســه‪ .‬وهــذه أيض ـاً المــرة الثانيــة الـ ي‬ ‫رسعــة ناقتــه برسعــة النعــام‪.‬‬ ‫ت‬ ‫إن‬ ‫أخـ يـراً يقـ تـرب طرفــة مــن نهايــة وصفــه‬ ‫المس�ســل لناقتــه‪ ،‬فيقــول‪ّ :‬‬ ‫هــذه الناقــة بصفاتهــا االســتثنائية هــي الـ تـى أُعـ ِّـول عليهــا حـ ي ن‬ ‫ـ� أقطــع‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ـى الــذي ألمــس جزعــه المضطــرب مــن‬ ‫ـا� ِ‬ ‫المهلكــة مــع صاحـ ب‬ ‫بهــا الفيـ ي‬ ‫ي‬ ‫غــدر الصحـراء‪ ،‬فمــا يـزال يتمـ نـى ل ولنفســه الســامة أ‬ ‫والمــان‪ ،‬بينمــا‬ ‫ي‬ ‫ـوف ف� نفســه‪ ،‬ويتحـ ي ّ ن‬ ‫ـ� ســاعة هالكــه‪ ،‬حـ تـى وإن كان ف ي�‬ ‫ّ‬ ‫يتصعــد الخـ ُ ي‬ ‫ترصــد المعتديــن‪.‬‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ـدة‬ ‫ـ‬ ‫بعي‬ ‫أرض‬ ‫ُّ‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫الأعلم‪ِ :‬م ْشــفرها العلوي المشــقوق‪،‬‬ ‫وهــو وصــف الزم لجميــع إالبــل‪.‬‬ ‫ــروت‪ :‬مشــقوق‪ .‬مــارن‪ :‬ي ِّ ن‬ ‫لــ�‪.‬‬ ‫َمخْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ترجــم بــه الأرض‪:‬‬ ‫كريــم‪.‬‬ ‫عتيــق‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ـد� رأســها مــن أ‬ ‫ن‬ ‫الرض ت ز‬ ‫ل�يــد مــن‬ ‫أي تُـ ي‬ ‫الرقــال‪ :‬أن تنفــض الناقــة‬ ‫رسعتهــا‪ .‬إ‬ ‫رأســها لشــدة إرساعهــا ف‬ ‫الســر‪.‬‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ـوي‪ :‬مفْتــول‪ ،‬والوصــف للســوط‪.‬‬ ‫َم ْلـ ّ‬ ‫ُ‬ ‫حصــد‪:‬‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـد‬ ‫ـ‬ ‫ق‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫‪:‬‬ ‫القـ ّـد‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫الج ْلــد‪ُ .‬م َ‬ ‫ِ‬ ‫ســامى‪:‬‬ ‫ــل‪.‬‬ ‫ت‬ ‫الف‬ ‫شــديد‬ ‫َــم‬ ‫ك‬ ‫ح‬ ‫ُم‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫واســط الكُــور‪:‬‬ ‫أي عــااله ارتفاعــاً‪ِ .‬‬ ‫الرحــل‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫نصــب وســط ْ‬ ‫العــود الــذي يُ َ‬ ‫وضــع عــى ظهــر‬ ‫الرحــل هــو مــا يُ َ‬ ‫و ْ‬ ‫ـت‪َ :‬سـ َـب َح ْت‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫ام‬ ‫ع‬ ‫ـة‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫أمتع‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫الناق‬ ‫َ َ ْ‬ ‫بعضديهــا‪ .‬ن َ​َجــاء‪ُ :‬سعة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫بض ْب َعيهــا‪ُ :‬‬ ‫ســمى‬ ‫الخَ َف ْي َ‬ ‫ــدد‪َ :‬ذكَــر النعــام‪ ،‬ويُ َّ‬ ‫أيضــاً‪ :‬الظَّليــم‪ .‬أفديــك منهــا‪ :‬أي‬ ‫فالضمــر‬ ‫مــن الفــاة الموحشــة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫عائــد إىل غـ يـر مذكــور‪ ،‬ولكنــه مفهوم‬ ‫ـت قلقـاً‬ ‫مــن الســياق‪َ .‬جاشـ ْ‬ ‫ـت‪ :‬ارتفعـ ْ‬ ‫واضطرابــاً‪ .‬خَ َ‬ ‫رصــد‪:‬‬ ‫ظــن‪َ .‬م َ‬ ‫ــال‪َّ :‬‬ ‫رصــد فيــه ُليعتـ َـدى عليــه مــن‬ ‫مــكان يُ َ‬ ‫لصــوص أو أعــداء‪.‬‬

‫‪37.‬‬

‫‪A slit lip, a pierced nose‬‬ ‫‪and a lofty snout which she points‬‬ ‫ ‬ ‫‪toward the path‬‬ ‫ ‬ ‫‪and then sprints.‬‬ ‫‪38.‬‬

‫‪Well-tamed, she quickens,‬‬ ‫‪when I wish and slows‬‬ ‫ ‬ ‫‪when I wish, fearing the stings‬‬ ‫ ‬ ‫‪of twisted leather.‬‬ ‫‪39.‬‬

‫‪If I wished, her head‬‬ ‫‪would level with her back‬‬ ‫ ‬ ‫‪and she’d floated, forearms‬‬ ‫ ‬ ‫‪paddling like those of an ostrich.‬‬ ‫‪40.‬‬

‫‪On one like this‬‬ ‫‪I set out when my companion says:‬‬ ‫ ‬ ‫‪in this, my life for yours‬‬ ‫ ‬ ‫‪and yours for mine,‬‬ ‫‪41.‬‬

‫‪when the soul swells‬‬ ‫‪in the chest and one could see‬‬ ‫ ‬ ‫‪danger looming even when‬‬ ‫ ‬ ‫‪not expecting it.‬‬

‫ت‬ ‫ـى يقتحــم بهــا هــذه المهالــك دون َو َجــل‪،‬‬ ‫ّأمــا طرفــة فــإن شــجاعته الـ ي‬ ‫ربمــا لــم تكــن لتتحقــق لــوال هــذا الخيــال الواســع الــذي جعلــه يــرى‬ ‫المــكان‪ ،‬ورؤيــا‬ ‫ناقتــه كمــا أرادهــا أن تكــون‪ُ :‬ح ُلمــاً يتجــاوز حــدود إ‬ ‫تعلــو عــى ش�وط الواقــع و�ض ورات الحيــاة‪.‬‬

‫‪124‬‬

‫‪125‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫قنطرة بين لوحتين‬ ‫ ‬ ‫ُ ْ ُ َ َ ْ َ ْ َ ْ َ ْ َ َ َّ‬ ‫‪ .42‬إذا َالق ْو ُم َق ُالوا‪َ :‬م ْن َف�تً ؟ ِخ ْل ُت ن‬ ‫أنَّ�‬ ‫ــم أت َبل ِـد‬ ‫ع ِنيـت فـلم أ كسـل ول‬ ‫َ​َ َ ي‬ ‫ُ ّ‬ ‫َ ْ َ َّ ُ أ‬ ‫ـت َع َل ْ�ـا ب� َلق ِط ْيـع فأ ْجذ َم ْ‬ ‫‪َ .43‬أ َح ْل ُ‬ ‫الــم َت َو ِق ِد‬ ‫ـب آل ال ْم َع ِــز‬ ‫وقـد خ‬ ‫ـت‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ـت َ َكـا َذ َال ْ‬ ‫‪َ .44‬ف َذ َال ْ‬ ‫ـت َوِل ْي َـد ُة َ ج ِْ‬ ‫ت ِـر ْي َر َّبـها أذ َ ي�ل َس ْـح ٍـل ُم َـم َّـد ِد‬ ‫م‬ ‫ـس‬ ‫ل‬ ‫ٍ‬ ‫هــذه أ‬ ‫البيــات الثالثــة هــي بمثابــة القنطــرة الـ تـى تمـ ت ز‬ ‫ـرج فيهــا لوحــة‬ ‫ي‬ ‫الناقــة الـ تـى تصــل هنــا إىل قرارهــا أ‬ ‫الخـ يـر‪ ،‬بلوحــة الصــورة الشــخصية‬ ‫ي ِ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـى تبــدأ أُوىل إرهاصاتهــا ي� فاتحــة هــذه البيــات‪ ،‬إ ْذ يكشــف طرفــة‬ ‫الـ ي‬ ‫ت‬ ‫الــى ُجبــل عليهــا‪ ،‬ي ن‬ ‫فحــ� يتســاءل‬ ‫عــن عنفوانــه الجامــح وجرأتــه ي ِ‬ ‫النــاس‪َ :‬مــن ت‬ ‫المقْــدام الــذي يســتطيع ق ْطــع هــذه الفــاة‬ ‫الفــى ِ‬ ‫ـإن أول مــا يتبــادر إىل ذهنــه أنهــم‬ ‫الصعــاب‪ ،‬فـ ّ‬ ‫ِ‬ ‫الموحشــة واقتحــام ِّ‬ ‫غــره‪.‬‬ ‫يتحدثــون عنــه ويقصدونــه دون ي‬ ‫ــو ٍان أو كســل‪ ،‬فيمتطــي ناقتــه‪،‬‬ ‫يهــب إلنجــاز المهمــة دون تَ َ‬ ‫ولهــذا ّ‬ ‫عــدواً‪ ،‬بينمــا يــرى الــراب‬ ‫ويُلهــب ظهرهــا بالســوط‪ ،‬ف ُتــرع بــه ْ‬ ‫يتخايــل أمامــه ويضطــرب ف ي� الهاجــرة المتوقِّــدة وســط الصحــراء‬ ‫المهلكــة‪ ،‬ويطيــب لطرفــة أن تكــون آخــر صــورة يرســمها لناقتــه‪ :‬هــذا‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ـى المتبخـ ِـر وســط الصح ـراء الممتــدة‪ ،‬حــى لتبــدو غـ يـر عابئــة‬ ‫المـ ْ ي‬ ‫بوحشــة الطريــق ومخاطــر الفلــوات‪ ،‬وكأنهــا جاريــة تميــس بــدالل‬ ‫ف� مجلــس القــوم‪ ،‬وترفُــل أمــام ســيدها بثوبهــا أ‬ ‫ف‬ ‫الضــا�‬ ‫البيــض‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫الم�اخــي الذيــول‪.‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ظننــت‪ ،‬والمعــى ي� البيــت‬ ‫ْــت‪:‬‬ ‫ِخل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ـن إىل مــا يقــارب اليقـ ي ن‬ ‫ـ�‪.‬‬ ‫يتجــاوز الظـ ّ‬ ‫ـدت‪ .‬أتب ّلــد‪ :‬أتـو ن َا� غ ْفلةً‬ ‫ُع ِنيـ ُ‬ ‫ـت‪ :‬ق ُِصـ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ـت عليها‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫أقبل‬ ‫ـا‪:‬‬ ‫ـ‬ ‫عليه‬ ‫ـت‬ ‫ـ‬ ‫ل‬ ‫أح‬ ‫ً‪.‬‬ ‫ا‬ ‫ز‬ ‫وعجـ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫�ض‬ ‫انصببــت عليهــا بــاً ي� إثْــر‬ ‫أي‬ ‫ُ‬ ‫ـت‪:‬‬ ‫�ض ب‪ .‬القطيــع‪ :‬الســوط‪ْ .‬أجذمـ ْ‬ ‫ــب‪ :‬جــرى واضطــرب‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫أرسعــت‪ .‬خَ َّ‬ ‫أ‬ ‫الآل‪ :‬الــراب‪ .‬ال ْمعــز‪ :‬المــكان‬ ‫الغليــظ الكثـ يـر الحــى‪ .‬المتو ِّقــد‪:‬‬ ‫الملتهــب بالحـ ّـر وســطوع الشــمس‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ذالــت‪ :‬ماسـ ف‬ ‫مشــيها وتبخـ تـر ْت‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ـت ي� ْ‬ ‫ْ‬ ‫الوليــدة‪ :‬الجاريــة الصغـ يـرة‪َ .‬رب ّـــها‪:‬‬ ‫ــحل‪ :‬ثــوب أبيــض‪.‬‬ ‫سـ ّـيدها‪َ .‬س ْ‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫‪42.‬‬

‫‪When people ask: who‬‬ ‫‪is the valiant one? I feel it is me‬‬ ‫ ‬ ‫‪they call and I rush neither hesitant‬‬ ‫ ‬ ‫‪nor sluggish.‬‬ ‫‪43.‬‬

‫‪When I waved my whip over her‬‬ ‫‪she rushed forth‬‬ ‫ ‬ ‫‪as mid-day mirages‬‬ ‫ ‬ ‫‪fumed over the rocky terrain.‬‬ ‫‪44.‬‬

‫‪She strutted like a slave-girl‬‬ ‫‪dancing for her master‬‬ ‫ ‬ ‫‪dragging behind her‬‬ ‫ ‬ ‫‪the long white train of her robe.‬‬

‫ت‬ ‫ـى ختــم بهــا طرفــة وصفــه للناقــة‬ ‫ولكـ ّ‬ ‫ـن هــذه الصــورة الناعمــة الـ ي‬ ‫ت‬ ‫يشــر فيهــا‬ ‫الــى ي‬ ‫لــن تُنســينا مــا قبلهــا‪ ،‬فهــذه هــي المــرة الثالثــة ي‬ ‫المفضلــة‪ :‬زجــراً جافيــاً لهــا‪ ،‬وإلهابــاً‬ ‫طرفــة إىل شــدة َســوقه لناقتــه‬ ‫ّ‬ ‫بالســوط لظهرهــا‪ ،‬وإنــك لتعجــب كيــف تكــون الناقــة حائــز ًة لــكل تلــك‬ ‫ت‬ ‫نصيبهــا مــن‬ ‫ـى أســبغها عليهــا‪ ،‬ثــم يكــون هــذا َ‬ ‫الصفــات الفاخــرة الـ ي‬ ‫وصبــاه المتدفــق‬ ‫ُتوتــه اليانعــة ِ‬ ‫ُصحبتــه؟ أتكــون الناقــة إذن هــي رمــز ف ّ‬ ‫أ‬ ‫الــذي يجــور عليــه باقتحــام الشــدائد ومقارعــة الهــوال‪ ،‬واالســتهانة‬ ‫ف‬ ‫و�خ الشــباب؟‬ ‫بالمــوت ي� مقتبــل العمــر ش َ‬

‫‪126‬‬

‫‪127‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫اللوحة الرابعة‬ ‫صورة شخصية‬ ‫ ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ًَ َ‬ ‫ــح ّلل ّ‬ ‫‪ .45‬وَل ْس ُ‬ ‫ـت ب َ‬ ‫لاع م‬ ‫الت‬ ‫ــخافة ول ِك ْـن َم تَـى َي ْسرتَ ْ ِف ِد الق ْـو ُم أ ْرِف ِـد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ ْ ن ف َ ْ َ َِ ْ َ ْ َ‬ ‫وإن َت ْق َت ِن ْص ِنـي ف� َ‬ ‫ن‬ ‫ـى‬ ‫ق‬ ‫ـى ي� حلق ِـة‬ ‫احل َوا ِن ْي ِت ت ْصط ِد‬ ‫ي‬ ‫القـو ِ ًم تل ِ ي‬ ‫‪ .46‬فـإن ت أْب ِغ ِ ي‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫‪َ .47‬م تَـى َت� ِت ِنـــي أ ْص َب ْحـك كسـا َر ِو َّيـة وإن ك ْـن َت َع نْـ�ا غا ِنـيا فاغ َـن واز َد ِد‬ ‫ْ‬ ‫َ ُّ َ ْ ُ ُ‬ ‫وإن َي ْل َ‬ ‫الق ِنــي َإلــى ِذ ْر َو ِة َالب ْي ِت َّالرِف ْـيع ُ‬ ‫الـم َص َّم ِد‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫الــج‬ ‫الـح‬ ‫ـق‬ ‫ت‬ ‫‪.48‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫بعــد رحلــة طرفــة الممتــدة مــع ناقتــه وصفاتهــا –وهــي أطــول أج ـزاء‬ ‫المع َّلقــة‪ -‬ينتقــل هنــا للحديــث عــن نفســه‪ ،‬وكان قــد م ّهــد لهــذا‬ ‫الحديــث ف� ختــام لوحــة الناقــة‪ ،‬حـ ي ن‬ ‫ـ� صـ ّـور شــجاعته وإقدامــه‪ ،‬ثــم‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ـر� التمـ ُّـدح‬ ‫ـى طالمــا أحـ ّ‬ ‫ـب العـ ب ي‬ ‫هــا هــو ذا يصـ ِّـور الصفــة الثانيــة الـ ي‬ ‫بهــا‪ ،‬وهــي‪ :‬الكــرم وســخاء النفــس بالعطــاء‪ ،‬فهــو ليــس ممــن يسـ ت‬ ‫ـت�‬ ‫ف� التــاع وشــقوق الجبــال مخافــة نــزول أ‬ ‫الضيــاف عنــده‪ ،‬بــل يُقيــم‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ف ي� بيتــه ليقصــده مــن يريــد ضيافتــه ويســرفد عطــاءه‪ ،‬يف�فدهــم‬

‫ويُعينهــم‪.‬‬

‫وهــو رجــل يجمــع بـ ي ن‬ ‫الجـ ّـد والل ْهــو‪ ،‬ولهــذا تجــده ف ي� مجلــس القــوم‬ ‫ـ� ِ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫المل ّمــات وتدبـ يـر‬ ‫يُستشــار كمــا يُستشــار الكابــر‪ ،‬ويُســتأنس برأيــه ي� ِ‬ ‫شــؤون النــاس‪ ،‬كمــا تســتطيع أن تقتنصــه ف ي� أوقــات فراغــه ول ْهــوه‬ ‫الخماريــن‪ ،‬وعندمــا يقصــده أحــد ف ي� الصبــاح‬ ‫وهــو يرتــاد حوانيــت ّ‬ ‫ســتغن عــن‬ ‫وإن تم ّنــع عــى طرفــة بأنــه ُم‬ ‫فســيكرمه بــكأس ترويــه‪ْ ،‬‬ ‫ٍ‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫الحلــول‪،‬‬ ‫حـ ّـال‪ :‬صيغــة مبالغــة مــن ُ‬ ‫وهــو إالقامــة والــنز ول‪ .‬ال ِّتــاع‪:‬‬ ‫جمــع تَلْعــة‪ ،‬وهــي المجــرى الــذي‬ ‫يتحــدر فيــه المــاء مــن الجبــال إىل‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫الرفْــد‪،‬‬ ‫الوديــة‪ .‬يســرفد‪ :‬يطلــب ِّ‬ ‫ن‬ ‫ــ�‪:‬‬ ‫وهــو العطــاء و إالعانــة‪ .‬إن ت ْب ِغ ي‬ ‫ْإن تطلبــن ي ‪ .‬حلْقــة القــوم‪ :‬مــكان‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫اجتماعهــم‪.‬‬ ‫ــد�‪.‬‬ ‫تقتنصــ�‪ّ :‬‬ ‫تتصي ي‬ ‫ي‬ ‫الحوانيــت‪ :‬جمــع حانــوت‪ ،‬وهــو‬ ‫الخمــر‪ .‬أَص َبحــك‪:‬‬ ‫الحانــة أو دكّان ْ‬ ‫ش‬ ‫أســقيك َصبوحــاً‪ ،‬وهــو ُ�ب أول‬ ‫ـاربها‪.‬‬ ‫النهــار‪َ .‬رويّــة‪ :‬مملــوءة تروي شـ ِ‬ ‫ِذروة ش‬ ‫المصمــد‪:‬‬ ‫الــ�ء‪ :‬أعــاه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫قصــد ي� الحوائــج‪.‬‬ ‫الــذي يُ َ‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫‪45.‬‬

‫‪I am not one‬‬ ‫‪to hide in highlands‬‬ ‫ ‬ ‫‪for fear. No! When the people‬‬ ‫ ‬ ‫‪ask for help, they find me there.‬‬ ‫ ‬ ‫‪46. Look for me when‬‬ ‫‪the tribe assembles and you’ll find me.‬‬ ‫ ‬ ‫‪Hunt for me in the taverns‬‬ ‫ ‬ ‫‪and you will catch.‬‬ ‫‪47.‬‬

‫‪Come to me and, if you wish,‬‬ ‫‪I’ll treat you to a quenching‬‬ ‫ ‬ ‫‪morning draught, if not‬‬ ‫ ‬ ‫‪then as you wish.‬‬ ‫‪48.‬‬

‫‪When the tribe‬‬ ‫‪all comes together,‬‬ ‫ ‬ ‫‪you will find me at the head‬‬ ‫ ‬ ‫‪of that lauded noble house.‬‬

‫فغنــاه‬ ‫ـيلح عليــه طرفــة بــأن يقبــل ضيافتــه‪ِ ،‬‬ ‫كأســه بمــا يملــك‪ ،‬فسـ ّ‬ ‫ـاق لــه‪ ،‬وليــس هنــاك مــا يمنعــه مــن الزيــادة عليــه‪.‬‬ ‫بـ ٍ‬

‫حتــده‪ ،‬فعندمــا يجتمــع القوم‬ ‫ثــم يفتخــر طرفــة بـ شـرف نســبه وكــرم َم ِ‬ ‫ف‬ ‫القــدح المعـ ّـى بينهــم‪،‬‬ ‫ويتبــارون ي� التفاخــر بأنســابهم‪ ،‬فــإن لطرفــة ِ‬ ‫فلطالمــا كان بيتــه موئــل الـ شـرف الرفيــع ومقصــد أصحــاب الحوائــج‪.‬‬

‫‪128‬‬

‫‪129‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫ُ‬ ‫مجلس األنس‬ ‫ ‬ ‫َ ٌ‬ ‫اي ب ْــي ٌض ُّ‬ ‫تَ ُ� ْو ُح َع َل ْينـا َب ْـي َ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ـوم وق ْـي َــنة‬ ‫ــد‬ ‫اكلن ُج ِ‬ ‫ــن ُ ب ْ� ٍد ُوم ْـج َـس ِ‬ ‫‪ .49‬نــدام ِ‬ ‫ٌَ‬ ‫ـس َّالن َـد َام َب َّ‬ ‫‪َ .50‬ر ِح ْي ٌب ِق َط ُ‬ ‫اب َ‬ ‫ـض ُـة ُ‬ ‫َ ّ‬ ‫الــج ْي ِب ِم نْ�ا َرِف ْيقة‬ ‫الـم َت َج َّر ِد‬ ‫ِبـج ِ‬ ‫ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ ُْ ْ َ ً َ ْ َ​َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫‪ .51‬إذا ن ْـح ُن قلنا أ ْس ِـم ِع ْينا ان َـب َـر ْت ل َنا‬ ‫ــم تش َّــد ِد‬ ‫على ِرسـ ِلها مطروفـة ل‬ ‫َ َ ُ َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪ .52‬إذا َر َّج َع ْت ي� َص ْو ِت�ا ِخل َت َص ْوتـها‬ ‫ــآر َعل ُر َب ٍــع َر ِدي‬ ‫تـجــاوب أظ ٍ‬ ‫اجتمعــت فيــه دواعــي‬ ‫يصــور طرفــة هنــا مجلــس أُنســه الــذي‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫�ض‬ ‫المنادمــون‬ ‫البهجــة و ُ وب المتعــة وصنــوف التلــذُّ ذ‪ ،‬فأصحابــه‬ ‫ِ‬ ‫الــراب فتيــان كــرام أ‬ ‫لــه عــى ش‬ ‫تتــ� أل وجوههــم ُحســناً وأحســابهم‬ ‫ِ‬ ‫ِْ‬ ‫نب ـا كمــا تتـ أ‬ ‫ـ� أل النجــوم ف ي� الســماء‪ ،‬وت ـض ي ء ليل َتهــم مغ ّنيــةٌ حســناء‬ ‫ُ ً‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫تُ ِمتــع أنظارهــم وهــي تتبخــر بينهــم بمالبســها النيقــة‪ ،‬بينمــا تُ ِلهــب‬ ‫الـــمغْ وية‪ ،‬وتزيــد مــن ُجرأتهــم‬ ‫حواســهم بمــا تُ بــرزه مــن مفاتنهــا ُ‬ ‫ّ‬ ‫الغوايــة‪ -‬مــن تل ُّطــف‬ ‫عليهــا بمــا تُبديــه لهــم –وهــي الخبـ يـرة بفنــون ِ‬ ‫طمــع بالمزيــد‪.‬‬ ‫ورفْــق يُ ِ‬ ‫مســتدرج‪ِ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ـى تط ُّلعهــم بتــؤدة‬ ‫وتكتمــل لذّ تهــم حـ يـ� يطلبــون منهــا الغنــاء‪ ،‬فتلـ ب ّ ي‬ ‫ت‬ ‫المس�ســل البعيــد عــن التك ُّلــف‪ ،‬وهــي تنظــر‬ ‫وم ْهــل‪ ،‬وتبــدأ بغنائهــا‬ ‫ت‬ ‫إليهــم بطـ ْـرف فاتــر وجفــن ناعــس‪ ،‬حــى إذا طــاب لهــا مقــام الغنــاء‪،‬‬ ‫ومـ ضـى صوتهــا العــذب يتحــدر مــن وراء أ‬ ‫الفــق‪ ،‬ويتن ّقــل بـ ي ن‬ ‫ـ� ســالم‬ ‫ّ‬ ‫النغــم‪ ،‬كاشــفاً لـ أ‬ ‫ـ�رواح عــن مكامــن الشــجن‪ ،‬هنــاك ســيتذكر طرفــة‬ ‫المتفجــع‬ ‫ـجياً آخــر‪ :‬صــوت ال ُّنــوق وهــي تتجــاوب بحنينهــا‬ ‫ِّ‬ ‫صوت ـاً شـ ّ‬ ‫ف‬ ‫ـض الــذي ُو ِلــد ي� الربيــع؛ ولكنــه لــم يُم َهــل يك‬ ‫عــى مــوت فصيلهــا الغـ ّ‬ ‫يعيــش ربيعــه ف ي� الحيــاة‪.‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫نَدامــاي‪ :‬جمــع نديــم‪ ،‬وهــو‬ ‫ف‬ ‫الــرب‪.‬‬ ‫الصاحــب المشــارك ي� ش ُّ‬ ‫ال َق ْينــة‪ :‬الجاريــة المغ ّنيــة‪ .‬تــروح‪:‬‬ ‫ت‬ ‫و�‪.‬‬ ‫ـأ� عشـ ّـية‪ .‬الـ ب ُـرد‪ :‬الثــوب الــ ُـم ش َّ‬ ‫تـ ي‬ ‫الـــم ْج َسد‪ :‬الثــوب المصبــوغ‬ ‫ُ‬ ‫ـ�‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ـذي‬ ‫ـ‬ ‫ال‬ ‫ـوب‬ ‫ـ‬ ‫الث‬ ‫ـو‬ ‫ـ‬ ‫ه‬ ‫أو‬ ‫ان‪،‬‬ ‫ر‬ ‫ـ‬ ‫بالزعف‬ ‫ي‬ ‫الجســد‪َ .‬ر ِحيــب‪ :‬واســع‪ِ .‬قطــاب‬ ‫الجيــب‪ :‬مخــرج ال ـرأس مــن الثــوب‪.‬‬ ‫َـــمس‪.‬‬ ‫ــس‪ :‬ل ْ‬ ‫رفيقــة‪ :‬متلطِّفــة‪َ .‬ج ّ‬ ‫المتجــرد‪ :‬ناعمــة الجســد‬ ‫بَ ّضــة‬ ‫َّ‬ ‫ش‬ ‫ـرزت‪ .‬عــى‬ ‫صافيــة البــرة‪ .‬انْـ بـر ْت‪ :‬بـ ْ‬ ‫ِر ْســلها‪ :‬عــى َم ْهلهــا‪َ .‬مطْروفــة‪ :‬فاتــرة‬ ‫تشــدد‪ :‬لــم تتكلّــف‪.‬‬ ‫الطــرف‪ .‬لــم‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫كــررت النغــم‪ِ .‬خلْــت‪:‬‬ ‫عــت‪:‬‬ ‫رج ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ــر‪ ،‬وهــي‬ ‫ظننــت‪ .‬أظْــآر‪ :‬جمــع ِظ ئ ْ‬ ‫الربَــع‪ :‬فصيــل‬ ‫الناقــة ِ‬ ‫المرضــع‪ُّ .‬‬ ‫الناقــة المولــود ف‬ ‫الــردي‪:‬‬ ‫الربيــع‪.‬‬ ‫�‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫الهالــك‪.‬‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫‪49. My companions are pure‬‬ ‫‪and they shine like stars.‬‬ ‫ ‬ ‫‪And among us, a singing girl‬‬ ‫ ‬ ‫‪in a sheer robe or a saffron tinted gown.‬‬ ‫‪50.‬‬

‫‪Her neckline is cut low‬‬ ‫‪and, loosely dressed,‬‬ ‫ ‬ ‫‪her nakedness is soft‬‬ ‫ ‬ ‫‪to the drinker’s touch.‬‬ ‫‪51.‬‬

‫”‪When we say, “sing,‬‬ ‫‪she starts a song,‬‬ ‫ ‬ ‫‪her eyes languid,‬‬ ‫ ‬ ‫‪without strain.‬‬ ‫‪52.‬‬

‫‪She sings and her voice‬‬ ‫‪echoes like the moans‬‬ ‫ ‬ ‫‪of a mother oryx‬‬ ‫ ‬ ‫‪grieving for a slain fawn.‬‬

‫ن‬ ‫ـاك عىل‬ ‫وســتبقى هــذه الصــورة الشــجية لل ُّنــوق المتجاوبــة بالحنـ يـ� البـ ي‬ ‫ت ف‬ ‫مخيلة‬ ‫ُحــوار الناقــة الرصيــع تــردد ي� مــدارج الشــعر‪ ،‬وتُطـ ِّـوف حولهــا ّ‬ ‫الشــعراء‪ ،‬فالشــاعر ُم ِّتمــم بــن نُويــرة لــم يجــد مشــهداً يســتطيع نقــل‬ ‫إحساســه الفاجــع يــوم نعــي إليــه أخــوه مالــك ّإل مشــهد آ‬ ‫الظــار‬ ‫ُِ‬ ‫ت‬ ‫ـن‪ ،‬فظل ْلــن ْيبكينــه تجاوبـاً‬ ‫ـا� ف ُِجعــن بمــرع ُحــوار إحداهـ ّ‬ ‫الثــاث الـ ي‬ ‫ال�جيــع‪( :‬إذا حنــت أ‬ ‫ال يمـ ُّـل مــن ت‬ ‫الُوىل َسـ َـج ْع َن لهــا َم َعــا)‪ ،‬كمــا لــم‬ ‫ّ‬ ‫وجــده بمحبوبتــه ريّــا غــداة دعــا‬ ‫الص ّمــة الق َُشـ يـري مــا يُــوازي ْ‬ ‫يجــد ِّ‬ ‫ت‬ ‫ـت‬ ‫بحوارهــا‪ ،‬حــى إذا ّرجعـ ْ‬ ‫وجــد الناقــة المفجوعــة ُ‬ ‫داعــي الفـراق غـ يـر ْ‬ ‫ف‬ ‫ـر َل ْأجمعــا)‪.‬‬ ‫ـت الـ ب ُ ز ْ‬ ‫ي� آخــر الليــل حنينـاً لــه‪( :‬أبكـ ِ‬

‫‪130‬‬

‫‪131‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫خسارات االنهماك‬ ‫ ‬ ‫لخُ ُ َ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫‪ .53‬ومـا َز َال َت شْ َ‬ ‫َوب ْي ِعــي وإنف ِاقــي ط ِر ْي ِ�ف ي ُوم ْتل ِدي‬ ‫ـور ولذ ِتــي‬ ‫� ِابــي ا م‬ ‫ُ‬ ‫‪َ .54‬إل َأ ْن َت َـح َام ْت ِنــي َ‬ ‫الع ِش ْي َ‬ ‫ر ُة ُ ُّكهـا وأ ْفـر ْد ُت ْإف َـر َاد َالب ِع ْــيـر ُ‬ ‫الـم َع َّـب ِـد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ ُ َ َ َ ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫الط َـر ِاف ُ‬ ‫الـم َـم َّـد ِد‬ ‫‪َ .55‬رأ ْي ُت َب ِـن ْـي غ ْب َ� َاء ال ُيـن ِـك ُـرون ِـنـي وال أهـل هـذاك ِ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ َ ْ َ َّ‬ ‫ئ ْ َ ْ ضُ َ َ �غَ‬ ‫َْ ُ‬ ‫ات هل أن َت خْم ِل ِدي؟‬ ‫الال� يـ� أحـر الـو‬ ‫وأن أ�ش َ د اللذ ِ‬ ‫‪ .56‬أال أ يُّ َ�ـذا ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ​َ ْ َُ ْ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ــما َملك ْت َي ِدي‬ ‫‪ .57‬فإن ك ْن َت ال ت ْس ِط ْـي ُع َدف َـع َم ِـن َّـي ِـتـي فدع ِنــي أ ب� ِدرهـا ِب‬ ‫آ‬ ‫ـازم دائمـاً لالنهماك الســادر‬ ‫يعــود طرفــة هنــا ُفي ِقـ ّـر بالوجــه الخــر المـ ِ‬ ‫ـض خســاراته جـ ّـراء هــذا االنهمــاك‪،‬‬ ‫ف ي� اللذائــذ والــ ُـم َتع‪ ،‬فيعـ ِّـدد بعـ َ‬ ‫ـب مالــه‬ ‫فإنفاقــه المتهـ ِّـور عــى هــذه الــ ُـم َتع جعلــه يخــر مــن جانـ ٍ‬ ‫والمكتســب‪ ،‬ويخــر مــن جانــب آخــر مكانتــه االجتماعيــة‬ ‫المــوروث‬ ‫َ‬ ‫بـ ي ن‬ ‫ـ� أقاربــه ومعارفــه‪ ،‬فــإذا هــم ينبذونــه ويتج ّنبــون االختــاط بــه‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ال ِبــل مخافــة العـ ْـدوى‪.‬‬ ‫كمــا يُ َنبــذ البعـ يـر الجــرب ويُع ـ َزل عــن إ‬ ‫ت‬ ‫االعــراف بالعــ ْزل االجتماعــي الــذي يحــارص طرفــة‬ ‫ويبــدو هــذا‬ ‫�نز‬ ‫كأنمــا يتناقــض مــع مــا ســبق أن افتخــر بــه مــن قبــل حــول م لتــه‬ ‫المقـ ّـدرة ف ي� (ح ْلقــة القــوم)‪ ،‬وربمــا لهــذا يســتدرك عــى نفســه بعــد‬ ‫ـإن فقـراء قومــه‬ ‫ذلــك‪ ،‬فيقــول‪ :‬إنــه عــى الرغــم مــن هــذا التج ُّنــب‪ ،‬فـ ّ‬ ‫وأغنياءهــم عــى الســواء يعرفــون مقامــه ويحفظــون لــه مكانتــه‪،‬‬ ‫فالفق ـراء ممتنــون لكرمــه الــذي ال ينقطــع‪ ،‬أ‬ ‫والغنيــاء يقـ ِّـدرون رجاحــة‬ ‫ّ‬ ‫رأيــه وشــجاعته ونُ ْبــل أصلــه‪.‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ش‬ ‫ـرب الكثـ يـر‪ .‬الطَّريــف‪:‬‬ ‫ال َّتـ ش ْ‬ ‫ـراب‪ :‬الـ ُّ‬ ‫المــال المحـ َـدث الــذي يكتســبه المرء‬ ‫الـــمتلَد‪ :‬المــال القديــم‬ ‫بنفســه‪ُ .‬‬ ‫المــوروث عــن آ‬ ‫َحام ْت ن‬ ‫ت‬ ‫بــاء‪.‬‬ ‫ال‬ ‫ــ�‪:‬‬ ‫أَ ي‬ ‫القــارب‪.‬‬ ‫العشــرة‪:‬‬ ‫تج ّنب ْتــن ي ‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ـت‪ .‬الــ ُـم َع َّبد‪ :‬المذ َّلــل‬ ‫أ ُ ْفـ ِـر ُ‬ ‫دت‪ُ :‬ع ِزلـ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ـى ظهــره‬ ‫ـ‬ ‫ط‬ ‫ف‬ ‫ب‪،‬‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫الج‬ ‫ـده‬ ‫ـ‬ ‫عب‬ ‫الــذي ّ‬ ‫َ‬ ‫ِي‬ ‫ُ‬ ‫بالقطــران‪ ،‬وأ ِبعــد عــن بقيــة إالبــل‬ ‫ــراء‪:‬‬ ‫يك ال يصيبهــا‬ ‫بالعــدوى‪ .‬الغَ ب‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ــراء‬ ‫مــن أســماء الرض‪ ،‬وبنــو الغَ ب‬ ‫هــم الفقــراء اللتصاقهــم أ‬ ‫بــالرض‬ ‫وعــدم امتالكهــم شــيئاً غـ يـر الـ تـراب‪.‬‬ ‫ن‬ ‫نكرونــ�‪ :‬ال يجهلــون مقامــي‪.‬‬ ‫ال يُ‬ ‫ي‬ ‫الطِّــراف‪ :‬القُبــة مــن الجلــد ت‬ ‫الــى‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫يقيــم فيهــا أ‬ ‫الغنيــاء وميســورو‬ ‫الحــال‪ .‬الممـ ّـدد‪ :‬الواســع الممــدود‬ ‫أ‬ ‫بالطنــاب‪ .‬الالئمــي‪ :‬الــذي يلوم ـن ي ‪.‬‬ ‫أحــرض َ ‪ :‬بنصــب الفعــل المضــارع‬ ‫(أن) قبلــه‪ ،‬أي‪ :‬أن‬ ‫عــى تقديــر ْ‬ ‫تســطيع‪:‬‬ ‫ـرب‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫الح‬ ‫أح ـرض َ ‪ .‬الو َغــى‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫مــو�‪ .‬أبادرهــا‪:‬‬ ‫ــ�‪ :‬ي‬ ‫تســتطيع‪َ .‬م ِن َّي ي‬ ‫أُســابقها‪.‬‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫‪53.‬‬

‫‪Thus, I persisted in pleasure,‬‬ ‫‪drink after drink,‬‬ ‫ ‬ ‫‪squandering all that I owned,‬‬ ‫ ‬ ‫‪acquired and inherited.‬‬ ‫‪54.‬‬

‫‪Until the entire tribe‬‬ ‫‪shunned me and cast‬‬ ‫ ‬ ‫‪me out, like a tar-smeared‬‬ ‫ ‬ ‫‪manged camel.‬‬ ‫‪55.‬‬

‫‪The dust-covered poor‬‬ ‫‪took me in‬‬ ‫ ‬ ‫‪when the dwellers‬‬ ‫ ‬ ‫‪of hight tents turned their backs.‬‬ ‫‪56.‬‬

‫‪O you who blame me‬‬ ‫‪for diving into battle‬‬ ‫ ‬ ‫‪and pleasure, pray do tell,‬‬ ‫ ‬ ‫?‪can you make me immortal‬‬ ‫‪57.‬‬

‫‪If you cannot ward off‬‬ ‫‪my death then let me‬‬ ‫ ‬ ‫‪face it with all‬‬ ‫ ‬ ‫‪that I have.‬‬

‫ف‬ ‫ت‬ ‫حاجــج بهــا مــن يلومــه‬ ‫ـى يُ ِ‬ ‫ثــم يعــرض طرفــة فلســفته ي� الحيــاة الـ ي‬ ‫عــى إقدامــه غـ يـر المحســوب عــى المهالــك والحــروب‪ ،‬وعــى إرسافــه‬ ‫ف‬ ‫القــدام‬ ‫ـت عــن إ‬ ‫عاذ َلــه‪ :‬تُــرى لــو أحجمـ ُ‬ ‫ي� مطــاردة اللــذّ ات‪ ،‬فيســأل ِ‬ ‫ف‬ ‫الخلــود ف ي�‬ ‫عــى المخاطــر والخــوض ي� الملــذّ ات‪ ،‬فهــل تضمــن يل ُ‬ ‫التصــدي للمــوت واســتنقاذي منــه ي ن‬ ‫حــ�‬ ‫الدنيــا؟ وهــل تســتطيع‬ ‫ِّ‬ ‫ن‬ ‫الســؤال� معــروف ســلفاً‪ ،‬وأن الجميــع‬ ‫يُوافيــن ي ؟ وبمــا أن جــواب‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ـإن‬ ‫طبق‪ ،‬فـ ّ‬ ‫سواســية ي� ح ْتميــة الفنــاء وخضوعهــم لقانــون المــوت الــ ُـم ِ‬ ‫طرفــة يلتمــس مــن صاحبــه أن يدعــه وشــأنه‪ ،‬وأن ال يُبـ ِّـدد مــا تب ّقــى‬ ‫مــن وقتــه الثمـ ي ن‬ ‫ـ� بينمــا يســابق المــوت للظفــر ببعــض ُم َتــع الحيــاة‪،‬‬ ‫والتم ُّكــن مــن إنفــاق ّكل مــا يملــك قبــل أن يغــادر الوجــود‪.‬‬

‫‪132‬‬

‫‪133‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫فلسفة اللذة‬ ‫ ‬ ‫َ َ ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫ــم َأ ْح ِف ْل َم�تَ َق َ‬ ‫َ‬ ‫وج ِّـد َك َل ْ‬ ‫ـام ُع َّو ِدي‬ ‫‪ .58‬ول ْـوال ثالث ُه َّن ِم ْن ِع ْيش ِـة الف َتــى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ــي َ‬ ‫ـت َم تَـى مـا ُت ْع َـل ِب� َ‬ ‫‪ .59‬ف ِ� نْ ُ� َّـن َس ْب ِق ْ‬ ‫لــم ِاء تُ زْ� ِب ِد‬ ‫ــة‬ ‫الت ِبـش ْـر َب ٍ‬ ‫الع ِ‬ ‫َك ْي ٍ‬ ‫ـاذ ِ‬ ‫ُ َ ُ ُ َ َّ ً َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫الغ َضـا‪َ ،‬ن بَّ ْ� َتـه‪ُ ،‬‬ ‫الــم َت َو ِّر ِد‬ ‫‪ .60‬وك ّ ِـر ْي إذا نَ� َدى الـمضاف مـحـنـبا ك ِسـي ِد‬ ‫الد ْجنو َّ‬ ‫َوت ْقص ْ ُ� َي ْوم َّ‬ ‫الد ْج ُن ُم ْعج ٌب ب َـب ْـه َـك َـن ٍـة َت َ‬ ‫ـاء ُ‬ ‫الـم َع َّم ِد‬ ‫ـحت ِ‬ ‫ِي ِ‬ ‫‪.61‬‬ ‫الـخ َب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ أَ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ش‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫� أو ِخ ْــروع ل ْ‬ ‫ــم يـخـض ِـد‬ ‫‪ .62‬كن الـب ِــر ي ن� والدما ِليـج ع ِلقـت عل ع ٍ‬ ‫َ ًٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ــم ُي َــر ّوي نــف َس ُه ف� َح َــيا ِت ِه َس َت ْع ُل إن ُم ْتنا غدا أ ُّيــنا َّ‬ ‫ــدي‬ ‫الص ِ‬ ‫ي‬ ‫‪ .63‬ك ِر ي ٌ ِ‬ ‫ـ� يُماهــي بـ ي ن‬ ‫يواصــل طرفــة هنــا بســط فلســفته ف� اللــذة‪ ،‬حـ ي ن‬ ‫ـ� معـ نـى‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫الحيــاة والتلــذُّ ذ بالــ ُـم َتع‪ ،‬فهــو ال يخــى المــوت وال يأســف عــى فـراق‬ ‫الدنيــا لــوال ثــاث ُم َتــع يتع ّلــل بهــا ف ي� حياتــه‪ :‬أولهــا‪ :‬ش ُ�ب الخمــر‪،‬‬ ‫وثانيهــا‪ :‬نجــدة الملهــوف ف� الحــرب بفرســه الــذي يجتــاح بــه أ‬ ‫العــداء‬ ‫ي‬ ‫كمــا تجتــاح الذئــاب المتخفّيــة بـ ي ن‬ ‫ائســها‬ ‫ـ� أشــجار الغضــا الكثيفــة فر َ‬ ‫عــى حـ ي ن‬ ‫ـ� ِغـ ّـرة‪ ،‬وثالثهــا‪ :‬االســتمتاع بالم ـرأة الحســناء داخــل خيمتهــا‬ ‫ف‬ ‫متلبــد بالغيــوم والمطــر‪.‬‬ ‫ي� يــوم ّ‬ ‫ف‬ ‫فيصــف جمــال‬ ‫وهــو يتم ّهــل شــيئاً مــا ي� وصــف متعتــه الثالثــة‪ِ ،‬‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ّ‬ ‫الم�فــة ف ي� ذراعيهــا وســاقيها‪،‬‬ ‫الــى‬ ‫تتحــى بهــا هــذه المــرأة َ‬ ‫الزينــة ي‬ ‫ـن مــا يســتوقفه أكـ ثـر هــو نعومــة أطرافهــا وامتالؤهــا‪ ،‬ويدفعــه‬ ‫ولكـ ّ‬ ‫وتهيئهــا‬ ‫هــذا إ‬ ‫الحســاس إىل اســتحضار صــورة ّبريــة ِّ‬ ‫تصعــد متعتــه‪ّ ،‬‬ ‫أ‬ ‫اللدنــة والســيقان‬ ‫لاللتحــام بالطبيعــة مــن حولــه‪ ،‬فهــذه الذرع ْ‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫تجســد ش‬ ‫ناعمــ� مــن‬ ‫لنوعــ�‬ ‫بــري غَــرض ِ‬ ‫الممتلئــة ليســت ســوى ُّ‬ ‫أ‬ ‫اللينــة‪.‬‬ ‫الشــجار بفروعهمــا الملســاء وأغصانهمــا ِّ‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫بالجـ ّـد‪ ،‬وهــو الحظّ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وجـ ِّـدك‪ :‬ق َ​َســم َ‬ ‫أحفــل‪:‬‬ ‫وقيــل‪ :‬معنــاه‪ :‬وحقِّــك‪ِ .‬‬ ‫ــودي‪ :‬جمــع عائــدة‪ ،‬مــن‬ ‫أهتــم‪ُ .‬ع َّ‬ ‫ّ‬ ‫العيــادة‪ ،‬وهــي زيــارة المريــض‪،‬‬ ‫افهــن‬ ‫والمقصــود‬ ‫ّ‬ ‫بقيامهــن‪ :‬انرص ّ‬ ‫ـات‬ ‫ـات مــن شــفائه‪ ،‬ونائحـ ٍ‬ ‫عنــه يائسـ ٍ‬ ‫عليــه‪ .‬العــاذالت‪ :‬الالئمــات‪ .‬ك َُم ْيــت‪:‬‬ ‫مــا بـ ي ن‬ ‫الح ْمــرة والس ـواد‪ ،‬والوصــف‬ ‫ـ� ُ‬ ‫ـب عليهــا‪.‬‬ ‫للخمــر‪ .‬تُعـ َـل بالمــاء‪ :‬يُصـ ّ‬ ‫الحبــاب‪،‬‬ ‫ت ُِزبــد‪ :‬يعلوهــا الزبــد أو َ‬ ‫ش‬ ‫وهــي الدوائــر ف ي� أعــى الــراب‪.‬‬ ‫الكَ ـ ّـر‪ :‬الع ْطــف والرجوع‪ .‬الــ ُـمضاف‪:‬‬ ‫المشــفق مــن الهــاك والخائــف‬ ‫ِ‬ ‫المذعــور‪ .‬الــ ُـم َح َّنب‪ :‬الــذي ف ي� عظْم‬ ‫ســاقه انحنــاء‪ ،‬والوصــف للفــرس‪.‬‬ ‫ِسـ ْيد‪ :‬ذئــب‪ .‬الغَ ضــا‪ :‬شــجر كثيــف‪.‬‬ ‫ـورد‪ :‬الــذي يـ ِـرد‬ ‫هي ْج َتــه‪ .‬المتـ ِّ‬ ‫ن ّبه َتــه‪ّ :‬‬ ‫ش‬ ‫المــاء للــرب‪ ،‬وهــو هنــا وصــف‬ ‫تلبــد الســماء‬ ‫للذئــب‪َّ .‬‬ ‫الد ْجــن‪ُّ :‬‬ ‫الفتيــة‬ ‫أة‬ ‫ر‬ ‫المــ‬ ‫نــة‪:‬‬ ‫كَ‬ ‫ه‬ ‫بالغيــم‪ .‬ال َب‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫الخبــاء‪ :‬الخيمــة‬ ‫التامــة َ‬ ‫الخلْــق‪ِ .‬‬ ‫ّ‬ ‫نصــب عــى عموديــن أو‬ ‫ي‬ ‫الصغــرة تُ َ‬ ‫بالعمــاد‪.‬‬ ‫ثالثــة‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫المعمــد‪ :‬المرفــوع ِ‬ ‫ال�يــن‪ :‬جمــع بُـ َـرة‪ ،‬وهــي الخلْخــال‪.‬‬ ‫بُ ِ‬ ‫الدماليــج‪ :‬جمــع ُد ْملُــج‪ ،‬وهــو‬ ‫والخـ ْـروع‪:‬‬ ‫العـ ش َ‬ ‫السـوار العريــض‪ُ .‬‬ ‫ـر ِ‬ ‫ِّ‬ ‫نوعــان مــن الشــجر أ‬ ‫الملــس ي ِّ ن‬ ‫اللــ�‬ ‫ُ‬ ‫العــود‪ .‬لــم يُخَ َّضــد‪ :‬لــم يُــثن َ‬ ‫ــدي‪ :‬الظمــآن‪.‬‬ ‫الص ِ‬ ‫كــر‪َّ .‬‬ ‫ُلي َ‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫‪58.‬‬

‫‪If it weren’t for three‬‬ ‫‪that make life worth living,‬‬ ‫ ‬ ‫‪on my life, I wouldn't have‬‬ ‫ ‬ ‫‪cared if I were to die now.‬‬ ‫‪59.‬‬

‫‪One is my beating‬‬ ‫‪the nay-sayers to a drink‬‬ ‫ ‬ ‫‪of deep red that froths‬‬ ‫ ‬ ‫‪when mixed with water.‬‬ ‫‪60.‬‬

‫‪And one is my rushing‬‬ ‫‪to the aid of a distressed call‬‬ ‫ ‬ ‫‪like a wolf startled‬‬ ‫ ‬ ‫‪on its way to a waterhole.‬‬ ‫‪61.‬‬

‫‪And one is my shortening‬‬ ‫‪a long rainy day, under‬‬ ‫ ‬ ‫‪the flaps of a high tent‬‬ ‫ ‬ ‫‪with my soft plump lover.‬‬ ‫‪62.‬‬

‫‪Her bracelets and anklets‬‬ ‫‪are as if strung‬‬ ‫ ‬ ‫‪on smooth and thick‬‬ ‫ ‬ ‫‪tree-stems.‬‬ ‫‪63.‬‬

‫‪I am a generous man‬‬ ‫‪and I drink life to the fullest.‬‬ ‫ ‬ ‫‪You’ll know when we die‬‬ ‫ ‬ ‫‪which of us dies thirsty.‬‬

‫تبــدو المتعــة الثانيــة ي ن‬ ‫اســتجابة‬ ‫أقــرب إىل‬ ‫بــ� هــذه الم َتــع الثــاث‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ـى الــذي تُصـ َّـور‬ ‫فروســية لنــداء الواجــب؛ ولكـ ّ‬ ‫ـن طابــع االفــراس الذئْـ ب ي‬ ‫بــه يجعلهــا ممزوجــةً بالتلــذُّ ذ الـ شـرس والظفــر الدمــوي أ‬ ‫بالعــداء‪.‬‬ ‫ِ‬

‫‪134‬‬

‫‪135‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫ـرة ف ي� تصويــر هــذه اللذائــذ‪،‬‬ ‫يلفــت النظــر أيضـاً طابــع اللهفــة المتحـ ِّ‬ ‫فهــي ُم َتــع رسيعــة االنقضــاء‪ ،‬فطرفــة يُســابق العــاذالت عــى الـ شـرب‬ ‫ـن سـ ي ن‬ ‫يلمنــه‬ ‫ـيأت� إليــه ْ‬ ‫قبــل أن يكـ ِّـدرن عليــه متعتــه‪ ،‬لقــد عــرف أنهـ ّ‬ ‫مجيئهــن بالمبــادرة‬ ‫عــى ُســكْره ف ي� اليــوم الســابق؛ ولهــذا يُعاجــل‬ ‫ّ‬ ‫التواقــة إىل ُس ـكْر جديــد‪ّ .‬أمــا يومــه القصـ يـر مــع الحســناء والغيــوم‬ ‫ّ‬ ‫ـت‬ ‫فمــا أرسع مــا ينقـض ي ‪،‬‬ ‫عجــب كمــا يقــول‪ ،‬ولطالمــا ّ‬ ‫تقضـ ْ‬ ‫ْ‬ ‫فالدجــن ُم ِ‬ ‫المعجبــة‪.‬‬ ‫رسيع ـاً أيامنــا‬ ‫ِ‬ ‫هــذه المســابقة الدائمــة والمتل ّهفــة إىل االرتــواء مــن اللــذات عنــد‬ ‫طرفــة تبــدو وكأنهــا عنــوان حيــاة؛ ولهــذا يقــول ف� آخــر أ‬ ‫البيــات‬ ‫ي‬ ‫إن هــذا الســلوك هــو مــا يجــدر بالكريــم أن يفعلــه‪:‬‬ ‫وبمكابــرة ســادرة‪ّ :‬‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫ـروي نفســه بالخمــر ي� حياتــه قبــل أن يفقــد هــذه القــدرة بعــد‬ ‫أن يُـ ّ‬ ‫مماتــه‪ ،‬ثــم يلتفــت إىل مــن يعذلــه عــى إرسافــه فيهــا‪ ،‬فيذ ِّكــره بأنــه‬ ‫ـرو‬ ‫ســيكون بعــد الممــات هــو النـ َ‬ ‫ـادم الوحيــد بينهمــا عــى أنــه لــم يـ ِ‬ ‫ظمــأه ف ي� الحيــاة‪.‬‬ ‫وكأنمــا يرســم طرفــة بهــذه المجادلــة الخمريــة الخطــوط أ‬ ‫الوىل لنهــج‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫التأمليــة ي� معـ نـى‬ ‫الخمريــات ّ‬ ‫الخمريــات‪ ،‬وهــو‪ْ :‬‬ ‫ـن ْ‬ ‫شــعري خــاص ي� فـ ّ‬ ‫الحيــاة وســؤال الفنــاء والمصـ يـر‪ ،‬ســيتطور هــذا النهــج الشــعري بعــد‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ـر�‪ ،‬وعمــر الخيــام ف ي�‬ ‫كأ� نُــواس ي� الشــعر العـ ب ي‬ ‫ذلــك عنــد الالحقـ يـ�؛ ب ي‬ ‫ـارس‪.‬‬ ‫الشــعر الفـ ي‬

‫‪136‬‬

‫‪137‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫اللوحة الخامسة‬ ‫ُّ‬ ‫تأمالت في الموت والحياة‬ ‫ ‬ ‫َ َ ْ َ ّ ف َ َ َة ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ـال‬ ‫ـال ُمـف ِس ِد‬ ‫كـقـب ِــر غ ِـو ٍي ي� البـط ِ‬ ‫‪ .64‬أ َرى ق ْـب َـر ن َّـح ٍـام َب ِـخ ْـي ٍل ِب َـم ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫‪ .65‬تَ َ�ى ُج ْث َوَت ْ ن ْ ُ‬ ‫َص َف ِ ئ ُ‬ ‫ـا� ُ ٌّ‬ ‫ص ِم ْـن َص ِف ْي ٍـح ُم َن َّض ِـد‬ ‫اب َعل يْ ِ� َمــا‬ ‫ــ� ِمــن ت َ� ٍ‬ ‫يِ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ ََْ ُ َ َ َ ْ َ‬ ‫َُ​َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ةَ‬ ‫ّ‬ ‫�ف‬ ‫َ‬ ‫‪ .66‬أ َ‬ ‫ع ِقيل م ِال الف ِاح ِش الـمتش ِد ِد‬ ‫ط‬ ‫ص‬ ‫وي‬ ‫ام‬ ‫ر‬ ‫الك‬ ‫ام‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫الـم‬ ‫ى‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َي‬ ‫أَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ ُ‬ ‫َ َ َ ً َ ً ُ َّ‬ ‫ال َّ� ُم َّ‬ ‫ة‬ ‫والد ْه ُر َي ْـنـف ِـد‬ ‫ص‬ ‫ـق‬ ‫ـن‬ ‫ت‬ ‫وما‬ ‫‪ .67‬أ َرى‬ ‫ل‬ ‫الع ْيش ك ْـنـزا ن� ِقصا ك ل ْي ٍ‬ ‫ِ ي‬ ‫َ​َ ّ‬ ‫َ َ ْ ُ َ َّ َ ْ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫الف�تَ‬ ‫لط َـول ُ‬ ‫‪ .68‬لعمرك إن الـموت ما أخطأ‬ ‫ِالـم ْر�خَ وِث ْـن َـي ُاه ِب� َلي ِد‬ ‫لك ِ‬ ‫هــذه لوحــة الــرؤى‪ ،‬فقــد ظـ ّـل طرفــة يكــرر فيهــا قولــه‪( :‬أرى)‪ ،‬مازجـاً‬ ‫ـ� رؤيتـــي‪ :‬النظــر‪ ،‬والتف ُّكــر‪ ،‬إنــه آ‬ ‫الن ف ي� مواجهــة الحقيقــة الكـ بـرى‪:‬‬ ‫بـ ي ن َ‬ ‫المــوت الــذي ال يمكــن ف ْهــم الحيــاة وإدراك مغــزى الوجــود فيهــا دون‬ ‫وتتبــع خيــوط العالقــات بينــه وبـ ي ن‬ ‫ـ� ِق َيــم الحيــاة نفســها‬ ‫اســتحضاره‪ِ ُّ ،‬‬ ‫وغاياتهــا‪.‬‬ ‫يعجــب طرفــة أوال ً مــن هــذا التماثــل العجيــب ي ن‬ ‫بــ� القبــور‪ ،‬مهمــا‬ ‫تبايــن ســلوك أصحابهــا ف ي� حياتهــم‪ ،‬فهــا هــو ذا قـ بـر البخيــل الــذي‬ ‫ـوي المتهـ ّـور‬ ‫كان شــديد الحــرص عــى مالــه ونفســه يُجــاور قـ بـر الغـ ّ‬ ‫الــذي لــم يكــن يبــال بــأي ش�ء‪ ،‬يتجــاوران آ‬ ‫الن ف ي� هــدوء دون أن‬ ‫ُ ي‬ ‫ّ ي‬ ‫كومت�ن‬ ‫تســتطيع التفريــق بينهمــا‪ ،‬وإنــه ليتأمــل فيهمــا فــا يــرى ســوى ي‬ ‫متشـ ي ن‬ ‫ـابهت� مــن الـ تـراب قــد نُضدتــا بالحجــارة‪.‬‬ ‫أن طرفــة يــدرك مــن جانــب آخــر أن هــذه المســاواة الظاهــرة‬ ‫ي‬ ‫غــر ّ‬ ‫ف‬ ‫�نز‬ ‫ن‬ ‫وغ�هــم ي� م لتهــم عنــد‬ ‫الكـرام ي‬ ‫أمــام المــوت ال تنفــي بُعـ َـد مــا بـ يـ� ِ‬ ‫النــاس وأثرهــم فيهــم‪ :‬أحيــا ًء‪ ،‬وبعــد مماتهــم‪.‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫الســعال‬ ‫نَــ ّ‬ ‫ـحام‪ :‬كثـ يـر النحيم‪ ،‬وهو ُّ‬ ‫والتنح ُنــح‪ ،‬ووصــف البخيــل بــه‬ ‫لداللتــه عــى اضطرابــه عنــد السـؤال‬ ‫ــوي‪:‬‬ ‫وشــدة جزعــه عــى مالــه‪ .‬الغَ ّ‬ ‫الضـ ّ‬ ‫ـال الــذي ي ّتبــع هـواه‪ .‬ال َبطالــة‪:‬‬ ‫المعيشــة الالهيــة دون عمــل‪.‬‬ ‫بضــم الجيــم وفتحهــا‬ ‫الـــجثْوة‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫وكسهــا‪ :‬الكَومــة مــن الــراب أو‬ ‫ْ‬ ‫الحجــارة‪ .‬الصفائــح‪ :‬جمــع صفيحة‪،‬‬ ‫ــم‪:‬‬ ‫الحجــر العريــض‪ُ .‬ص ّ‬ ‫وهــي َ‬ ‫نضــد‪ :‬مرصــوف بعضــه‬ ‫ُصلْبــة‪ُ .‬م َّ‬ ‫فــوق بعــض‪ .‬يَ ْعتــام‪ :‬يختــار‪َ .‬ع ِقيلــة‬ ‫المــال‪ :‬أكرمــه وأنفســه عنــد أهلــه‪،‬‬ ‫يعقلونــه‪ ،‬أي يمنعونــه عــن‬ ‫فهــم ِ‬ ‫ئ‬ ‫الخلــق‪.‬‬ ‫ســى ُ‬ ‫النــاس‪ .‬الفاحــش‪ :‬ي ّ‬ ‫المتشـ ّـدد‪ :‬البخيــل‪ .‬ينفــد‪ :‬ينقـض ي ‪.‬‬ ‫ــرك‪ :‬ق َ​َســم بحيــاة المخاطَــب‪.‬‬ ‫ل َ​َع ْم ُ‬ ‫الحبــل‪.‬‬ ‫أخطــأ‪ :‬تــرك‪ .‬الط َ‬ ‫ِّــول‪ْ :‬‬ ‫الـــمرخَ ى‪ :‬الممــدود‪ِ .‬ث ْنيــاه‪ :‬طرفــاه‬ ‫ُ‬ ‫الم ْث ّنيــان‪.‬‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫‪64.‬‬

‫‪I see the grave of a miser‬‬ ‫‪who hoards his riches‬‬ ‫ ‬ ‫‪and the grave of the reckless‬‬ ‫ ‬ ‫‪who squanders his, alike.‬‬ ‫‪65. All you see‬‬ ‫‪are two mounds of dust‬‬ ‫ ‬ ‫‪and slabs of silent stone‬‬ ‫ ‬ ‫‪piled on top.‬‬ ‫‪66.‬‬

‫‪Death chooses‬‬ ‫‪the noble and the generous‬‬ ‫ ‬ ‫‪and picks at the most prized‬‬ ‫ ‬ ‫‪of a miser’s spoil.‬‬ ‫‪67.‬‬

‫‪I see life a treasure‬‬ ‫‪that shrinks every night.‬‬ ‫ ‬ ‫‪What time and days chip away at‬‬ ‫ ‬ ‫‪will soon be gone.‬‬ ‫‪68.‬‬

‫‪By your life, death never‬‬ ‫‪misses his mark.‬‬ ‫ ‬ ‫‪A loose rope, this life,‬‬ ‫ ‬ ‫‪its end in death’s hand.‬‬

‫ولكــن طرفــة ال يلحــظ‬ ‫نعــم‪ ،‬يــري قانــون الفنــاء عــى الجميــع؛‬ ‫ّ‬ ‫ـن أن المــوت ال يختــار أحــداً ســواهم؛‬ ‫ّإل رحيــل الك ـرام‪ ،‬حـ تـى ليظـ ّ‬ ‫الكث�يــن بعدهــم‪ ،‬وطرفــة‬ ‫ِلع َظــم الفجيعــة بهــم‪ ،‬واختــال أحــوال ي‬ ‫يمــد تصــوره لهــذا االنتقــاء أ‬ ‫النيــق الــذي يمارســه المــوت مــع أف ـراد‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫أ‬ ‫النــاس ليشــمل المــوال أيض ـاً‪ ،‬فهــو ال يُتلــف مــن أمــوال الحريــص‬ ‫أكرمهــا عليــه وأقربهــا إىل قلبــه‪ ،‬فــا جــدوى مــن الحــرص‬ ‫المتشـ ِّـدد إال َ‬ ‫ف‬ ‫وكأن طرفــة هنــا يكــرر االحتجــاج لمذهبــه ي� الحيــاة المبـن ي عــى‬ ‫إذن‪ّ ،‬‬ ‫والقــدام‪ ،‬واالســتمتاع‪.‬‬ ‫ـاس‪ ،‬إ‬ ‫ثالثيــة‪ :‬التنـ ي‬

‫‪138‬‬

‫‪139‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫ثــم يكشــف طرفــة عــن امتنانــه العميــق لنعمــة العيــش ف ي� هــذه‬ ‫النســان عــى هــذه البســيطة هــو كــنز‬ ‫الحيــاة الســاحرة‪ ،‬فعمــر إ‬ ‫ـ�؛ ولكــن مــا يثــر أ‬ ‫الشــجان ف� كائــن يعشــق الخلــود أن هــذا الكـنز‬ ‫ثمـ ي ن‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫الــذي ُم ِنــح لــه محكــوم بقانــون التناقــص المســتمر والتدريجــي مــع‬ ‫تعــر بــه ســت َه ُب المتعــة لــه‬ ‫تمــر عليــه‪ ،‬أي ّ‬ ‫أن ّكل لحظــة ب ُ‬ ‫كل ليلــة ّ‬ ‫الخــرى بعــض الـ آ‬ ‫بإحــدى يديهــا‪ ،‬بينمــا تــرق بيدهــا أ‬ ‫ـ�لئ المخبــأة �ف‬ ‫ّ ي‬ ‫ك ـنز عمــره اليتيــم‪.‬‬ ‫النســان بســبب وعيــه الحــا ّد‬ ‫وتتضاعــف وطــأة هــذا الشــعور عنــد إ‬ ‫بالزمــن‪ ،‬فهــو –فيمــا يبــدو‪ -‬الكائــن الحــي الوحيــد الــذي يتجــاوز‬ ‫ت‬ ‫ـى يعيــش فيهــا؛ متطلعـاً إىل الزمــن‬ ‫إدراكــه حــدود اللحظــة الراهنــة الـ ي‬ ‫آت‬ ‫ت‬ ‫ـى لــن يكــون‬ ‫ال ي� والغــد المحجــوب‪ ،‬ومتصـ ِّـوراً اللحظــة الرهيبــة الـ ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫يعــر عنهــا‬ ‫الــى ب ّ‬ ‫موجــوداً فيهــا عــى هــذه الرض‪ ،‬وهــي اللحظــة ي‬ ‫طرفــة ف ي� البيــت نفســه بـ(نفــاد الك ـنز )‪.‬‬ ‫الموجــع ف ي� تصويــر هــذه الحقيقــة‬ ‫وال يكتفــي طرفــة بهــذا‬ ‫ّ‬ ‫الحــد ِ‬ ‫ف‬ ‫الجاثمــة عــى الوعــي المتغافــل‪ ،‬بــل يُوغــل أكـ ثـر ي� محاولــة إيقــاظ‬ ‫ت‬ ‫فالفــى إ ْذ يــرى اتســاع المــدى أمامــه وهــو‬ ‫الشــعور الحــا ّد بهــا‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ـن لوهلــة أن المــوت‬ ‫يــرح ي� أكنــاف الرض‪ ،‬ويمــرح ي� أقاصيهــا يظـ ّ‬ ‫قــد أخطــأ الطريــق إليــه‪ ،‬فقــد ُبعــد العهــد بــه‪ ،‬وامتــدت المســافة‬ ‫ف‬ ‫خفيــة‪ ،‬وقــد‬ ‫شاســعةً بينهمــا‪ ،‬بينمــا يجلــس المــوت ِ‬ ‫مبتســماً ي� زاويــة ّ‬ ‫أحكــم قبضتــه عــى الحبــل الممتــد الموصــول بجســد الفـ تـى‪ ،‬فمــىت‬ ‫ابتغــاه جذبــه إليــه دون عنــاء‪ ،‬فهــو كصاحــب الدابــة الــذي يُرخــي لهــا‬ ‫ـن أبديــة البقــاء ف ي�‬ ‫الحبــل المربــوط بهــا؛ تل�عــى حولــه ب َن َهـ ِـم َمــن يظـ ّ‬ ‫المرعــى؛ ولكــن مـ تـى شــاء الراعــي‪ ،‬جــذب الحبــل نحــوه ور ّدهــا إليــه‪.‬‬

‫‪140‬‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫اللوحة السادسة‬ ‫معاتبة القريب‬ ‫ ‬ ‫َ‬ ‫ْ نَ َ ّ َ َ ً‬ ‫ــا َم�تَ َأ ْد ُن ِم ْن ُه َي ْـن َـأ َع نّ� َوي ْــب ُ‬ ‫‪ .69‬فَ َ�ــا ِلـــي أ َ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫وا�‬ ‫ـــي‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ــع ِـد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫َ َ ف َ ُ يُ َ‬ ‫ــوم ومــا َأ ْدري َع َ‬ ‫‪َ .70‬ي ُل ُ‬ ‫ــام َي ُل ُ‬ ‫َكا الم ِنـي ي� يّ‬ ‫ـــي‬ ‫ن‬ ‫وم‬ ‫الـح ق ْـرط ب نُ� أ ْع َـب ِد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ــن ُ ّك َخ ْيـــر َط َل ْب ُت ُ‬ ‫‪ .71‬وَأ ْ ي أَ� َس ِنـــي ِم ْ‬ ‫ــه َ أك نَّ� َو َض ْع َن ُـاه َإلــى َر ْ‬ ‫ـس ُمل َح ِـد‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ ْ ُ َ​َْ ُ ْ ْ َ ُ َْ َ‬ ‫َ َ َ ْ َ ْ ُ ْ ُ ُ َ ْ َ َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪ .72‬عل غيـ ِـر ذن ٍب قـلـتـه غـيـر أن ِنـي نـشدت فل أغ ِفل حـولـة معب ِـد‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ َّ ْ ُ ُ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫وج ِّدك إن ِـنـي َم َتـى َيـك أ ْم ٌــر ِل َّلن ِك ْـيـث ِـة أ�ش َ ِد‬ ‫ـت ِب�لـق ْـر َبـى‬ ‫‪ .73‬وقـر ب‬ ‫وجهــه طرفــة البــن عمــه مالــك الــذي كان‬ ‫ـاب ممتــد ّ‬ ‫هــذه لوحــة لعتـ ٍ‬ ‫ميســور الحــال؛ ولكنــه لــم يســاعد طرفــة –كمــا يقــول الــرواة ‪ -‬حـ يـ�ن‬ ‫أ‬ ‫ـت‬ ‫قصــده ُليعينــه ف ي� طلــب نُـ‬ ‫ـوق كانــت لــه ولخيــه معبــد بعدمــا ضلـ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫طريقهــا‪ ،‬واســتوىل عليهــا جماعــة مــن ُمـرض َ ‪ ،‬فقــد صـ ّـده مالــك‪ ،‬والمــه‬ ‫ـت تُ ِتعــب نفســك‬ ‫ـت فيهــا‪ ،‬ثــم أقبلـ َ‬ ‫فرطـ َ‬ ‫فعــى إهمالــه لهــا‪ ،‬وقــال لــه‪ّ :‬‬ ‫ي� طلبهــا‪.‬‬ ‫وأثّــر هــذا الصــد الجـ ف ف‬ ‫يتعجــب هنــا مــن‬ ‫ّ‬ ‫ـا� ي� نفــس طرفــة‪ ،‬ولهــذا ّ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫وبــ� ابــن عمــه‪ ،‬فبينمــا يجــد طرفــة حــق‬ ‫تفــاوت التعامــل بينــه ي‬ ‫أ‬ ‫ُ‬ ‫موجب ـاً للدنـ ّـو واللفــة‪ ،‬والقيــام بحـ ّـق النــرة‪ ،‬فقــد‬ ‫القرابــة بينهمــا ِ‬ ‫ـف‬ ‫ـ‬ ‫يكت‬ ‫ـم‬ ‫ـ‬ ‫ول‬ ‫ـاعدته‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫مس‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫اف‬ ‫ر‬ ‫ـ‬ ‫واالن‬ ‫ـه‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫عن‬ ‫ـاد‬ ‫ـ‬ ‫االبتع‬ ‫فضــل مالــك‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ويقرعــه؛ ولكــن طرفــة ال يجــد مغــزى لهــذا‬ ‫يلومــه‬ ‫اح‬ ‫ر‬ ‫بــل‬ ‫بذلــك‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫اللــوم‪ ،‬كمــا لــم يجــد ســابقاً معـ نـى للــوم رجــل مــن قبيلتــه لــه‪ ،‬وهــو‬ ‫أعبــد‪.‬‬ ‫ُقــرط بــن َ‬ ‫ويصـ ِّـور طرفــة ال َكــرب الــذي حـ ّـل بــه بعــد لقائــه بابــن عمــه‪ ،‬فقــد‬ ‫أي َعــون‬ ‫محبــط منــه‪ ،‬ويائــس مــن أن يقـ ِّـدم ّ‬ ‫صــدر عــن مجلســه وهــو َ‬ ‫ف‬ ‫لــه؛ ت‬ ‫قــر محكَــم‬ ‫خــر كان يأملــه منــه ي� ب‬ ‫حــى لكأنــه قــد دفــن كل ي‬ ‫الغــاق‪ ،‬فــا ســبيل إليــه‪ ،‬وال أمــل ف ي� اســتعادته‪ ،‬وهــو ال يجــد ســبباً‬ ‫إ‬ ‫مفهومـاً لهــذا الســلوك مــن ابــن عمــه‪ ،‬فهــو لــم يُذنــب ف ي� حقــه‪ ،‬ولــم‬ ‫ـأي قــول‪ُّ ،‬‬ ‫وكل مــا أراده هــو اســتعادة نُــوق أخيــه َمعبــد‪،‬‬ ‫يتعـ َّـد عليــه بـ ّ‬ ‫ثــم يذ ِّكــر مالــكاً مــرة أخــرى بحــق القرابــة بينهمــا‪ ،‬وهــو الحــق الــذي‬ ‫يُراعيــه طرفــة‪ ،‬ويُلــزم نفســه بمســاعدة ابــن عمــه مـ تـى احتــاج إليــه ف ي�‬ ‫أي خ ْطــب يُلـ ّـم بــه‪.‬‬ ‫ّ‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫مالــك‪ :‬هــو ابــن عـ ّـم طرفــة‪ ،‬ولــم‬ ‫أجــد ف� المصــادر إبانــة ث‬ ‫أكــر عــن‬ ‫ي‬ ‫نســبه‪ .‬أ َ ْد ُن‪ ،‬يَ ْنــأ َ‪ :‬أصلهــا‪ :‬أدنــو‪،‬‬ ‫ويَ ْن ـأَى‪ ،‬أي‪ :‬أقـ تـرب‪ ،‬ويبتعــد‪ ،‬وإنمــا‬ ‫الع َلــة ف ي� آخرهمــا ألنهما‬ ‫ُحـ ِـذف حرفــا ِ‬ ‫مجزومــان بــأداة ش‬ ‫الــرط‪ُ .‬قــرط بــن‬ ‫أع َبــد‪ :‬رجــل مــن قبيلــة طرفــة‪.‬‬ ‫اللحــد‪ ،‬وهو‬ ‫َر ْمــس‪ :‬قـ بـر‪ .‬الــ ُـم َ‬ ‫لحد‪ْ :‬‬ ‫ف‬ ‫ــدت‪:‬‬ ‫القــر‪ .‬نَشَ ُ‬ ‫ّ‬ ‫الشــق ي� جانــب ب‬ ‫ش‬ ‫ـــمولة‪:‬‬ ‫ح‬ ‫المفقــود‪.‬‬ ‫ء‬ ‫الــى‬ ‫طلبــت‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫حمــل عليهــا‪.‬‬ ‫ـى تُطيــق أن يُ َ‬ ‫إالبــل الـ ي‬ ‫ـت بال ُقـ بـر�‪:‬‬ ‫قربـ ُ‬ ‫َمع َبــد‪ :‬أخــو طرفــة‪ّ .‬‬ ‫ت‬ ‫وج ِّدك‪ :‬ق َ​َســم‬ ‫ـى لــه‪َ .‬‬ ‫أي ذ ّكرتُــه بقرابـ ي‬ ‫ــد‪ ،‬وهــو الحــظّ‪ ،‬والمقصــود‪:‬‬ ‫بالج ّ‬ ‫َ‬ ‫ـن‪ ،‬وحــذف‬ ‫وح ِّقــك‪ .‬يــكُ ‪ :‬أصلهــا يكـ ْ‬ ‫النــون عنــد الجــزم شــائع ف ي� الشــعر‬ ‫النــر‪ .‬النكيثــة‪ :‬أ‬ ‫المــر العظيــم‬ ‫و ث َّ ِ‬ ‫الــذي يســتدعي أقــى الجهــد‪.‬‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫‪69.‬‬

‫‪Why is it so then,‬‬ ‫‪I and my cousin Mālik,‬‬ ‫ ‬ ‫‪whenever I come close‬‬ ‫ ‬ ‫?‪he draws away‬‬ ‫‪70.‬‬

‫‪He blames me‬‬ ‫‪and I don’t know why,‬‬ ‫ ‬ ‫‪the way Qurt ibn Aʿbad‬‬ ‫ ‬ ‫‪disparaged me in front of them all.‬‬ ‫‪71.‬‬

‫‪He made me despair‬‬ ‫‪of every favor I asked‬‬ ‫ ‬ ‫‪and bury every hope of it‬‬ ‫ ‬ ‫‪as if in a deep grave.‬‬ ‫‪72.‬‬

‫‪All this for no fault‬‬ ‫‪I committed other than‬‬ ‫ ‬ ‫‪asking assistance for Maʿbad‬‬ ‫ ‬ ‫‪in gathering his lost herd.‬‬ ‫‪73.‬‬

‫‪I had hope in our kinship‬‬ ‫‪and, by your fortune,‬‬ ‫ ‬ ‫‪I am one to persevere‬‬ ‫ ‬ ‫‪till the very end.‬‬

‫مــن التباســات التفسـ يـر‪ :‬مرجــع الضمـ يـر ف ي� قــول طرفــة‪( :‬كأنّــا وضعنــاه‬ ‫ف‬ ‫القــر؛ لتصويــر شــدة اليــأس‬ ‫لح ِــد)‪ ،‬فهــذا المدفــون ي� ب‬ ‫إىل ْرم ِ‬ ‫ــس ُم َ‬ ‫منــه‪ :‬أهــو ابــن عــم طرفــة‪ :‬ما ِلــك‪ ،‬أم هــو الخـ يـر المأمــول منــه؟ َّأمــا‬ ‫ش‬ ‫ـراح القدامــى فقــد ِفهمــوا أن المقصــود بهــذه الصــورة هو‬ ‫معظــم الـ ّ‬ ‫أن طرفــة قــد وصــل بــه اليــأس مــن ابــن عمــه إىل أن يعـ َّـده‬ ‫ما ِلــك‪ ،‬أي ّ‬ ‫مــن أ‬ ‫ف‬ ‫المــوات الذيــن دفنهــم بيديــه ي� اللحــد‪ ،‬وهــي –بهــذا الفهــم‪-‬‬

‫‪142‬‬

‫‪143‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫صــورة بالغــة الجفــاء‪ ،‬وال تتناســب مــع روح العتــاب ف� أ‬ ‫البيــات‪ ،‬ولــم‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ض‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫ـزوز� الــذي رأى أن المقصــود‬ ‫ـا� الـ ي‬ ‫ـراح غـ يـر القـ ي‬ ‫أجــد بـ يـ� هــؤالء الـ ّ‬ ‫أ‬ ‫بهــذه الصــورة هــو الخـ يـر المأمــول مــن مالــك‪ ،‬وهــذا الف ْهــم الخـ يـر‬ ‫هــو أ‬ ‫الليــق بالعتــاب‪ ،‬وهــو مــا اعتمدتُــه ف ي� الـ شـرح‪.‬‬ ‫ظلم ذوي القربى‬ ‫ ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ ُ ْ َّ َ‬ ‫ْ َأ َ أ‬ ‫ال ْع ُ‬ ‫لـج ْه ِد أ ْج َ‬ ‫� ِد‬ ‫داء ِب�‬ ‫‪ .74‬وإن أ ْد َع ِلـل ُـجل أ ُك ْن ِم ْن ُح َـم ِتا�ا وإن ي� ِتك‬ ‫َ أْ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ ْ ُ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وت َق ْب َل تَّ َ‬ ‫ال� ُّد ِد‬ ‫الـم‬ ‫اض‬ ‫ي‬ ‫ح‬ ‫س‬ ‫ك‬ ‫‪ .75‬وإن َيق ِذفوا ِب�لقذع ِع ْر َضك أ ْس ق ِ ِ� ْم ِب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َْ‬ ‫َ ِْ‬ ‫ْ‬ ‫َّ َ‬ ‫‪ِ .76‬بال َح َد ٍث أ ْح َدث ُت ُه َوك ُـم ْح ِد ٍث ِ ج َها ِئـي وقذ ِفـي ِب�لشك ِة ُومط َر ِدي‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ أَ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ َ‬ ‫‪َ .77‬ف َل ْو َك َن َم ْـو َ‬ ‫الي ْام َـرأ ُه َو غ ْـي ُـر ُه لف َّر َج ك ْـر ِبـي أو لنظ َرِنـي غ ِـدي‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ُّ ْ َّ‬ ‫الي ْام ُر ٌؤ ُه َو َخا ِن�ق‬ ‫‪ .78‬وَل ِك َّن َم ْـو َ‬ ‫َعل الشك ِر والت ْس ِآل أو أ ن� ُمف َت ِدي‬ ‫يِ‬ ‫ـض َ‬ ‫‪ُ .79‬وظ ْ ُل َذو ْي ُالق ْـر َبـى َأ َش ُّد َم َ‬ ‫الـم ْر ِء ِم ْن َو ْقع ُ‬ ‫الـح َس ِام ُ‬ ‫اض ًة َع َل َ‬ ‫الـم َه َّن ِد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫منوهـاً بقيامــه بحـ ّـق القرابــة‬ ‫يســتمر طرفــة ي� معاتبــة ابــن عمــه مالــك‪ِّ ،‬‬ ‫تجاهــه‪ ،‬فحـ ي ن‬ ‫ـ� تدلهـ ّـم الخطــوب بهــم جميع ـاً‪ ،‬فــإن طرفــة ســيكون‬ ‫ـ� تي�بــص أ‬ ‫ـ� عــن العشـ يـرة وعنــه وقــت الشـ ّـدة‪ ،‬وحـ ي ن‬ ‫أول المحامـ ي ن‬ ‫العداء‬ ‫بمالــك‪ ،‬ويتطاولــون عليــه بالقــول والفعــل‪ ،‬فســيواجههم طرفــة بـ ّ‬ ‫ـكل‬ ‫طاقتــه‪ ،‬ولــن يُضيــع وقتــه وجهــده ف ي� تهديدهــم‪ ،‬بــل ســيبادر إىل‬ ‫ُمنازلتهــم والقضــاء عليهــم‪.‬‬

‫ـرم‬ ‫ثــم يعــود طرفــة إىل‬ ‫التعجــب مــن جفــاء ابــن عمــه معــه‪ ،‬دون ُجـ ٍ‬ ‫ُّ‬ ‫الســاءة الحقيقيــة هــي مــا‬ ‫أحدثــه أو إســاءة‬ ‫ســبقت منــه‪ ،‬بــل إن إ‬ ‫ْ‬ ‫ـتحق للتكريــم‪ ،‬ولــو‬ ‫يتعــرض لــه مــن هجــاء وشــكوى وطــرد‪ ،‬وهــو المسـ ّ‬ ‫كان ابــن عمــه رج ـا ً آخــر غـ يـر مالــك‪ ،‬ل ـرأى ِلزام ـاً عليــه أن يُفـ ِّـرج كُربــة‬ ‫طرفــة‪ ،‬وأن يمنحــه مــا يُريــد مــن َعــون ومــال‪ُ ،‬مف ِْســحاً لــه ف ي� الــ ُـم ْهلة بما‬ ‫الرحــم بينهمــا‪.‬‬ ‫وجبــه آرصة ِ‬ ‫تُ ِ‬ ‫حــد‬ ‫ولكــن مالــكاً لــم‬ ‫ضيــق عليــه إىل ّ‬ ‫ّ‬ ‫يصنــع شــيئاً مــن هــذا‪ ،‬بــل ّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫االختنــاق وانقطــاع النفــاس‪ ،‬فهــو حائــر ي� أمــره معــه‪ ،‬ل ّن ِكال حاليــه‬ ‫إن شــكره طالبـاً العــون منــه‪ ،‬أو إن انــرف عنــه مخ ِّلصاً‬ ‫ـب للبــؤس‪ْ :‬‬ ‫جالـ ٌ‬ ‫نفســه مــن جفائــه‪.‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫أ‬ ‫الج َّ‬ ‫ّ‬ ‫ــى‪ :‬مؤنّــث الجــل‪ ،‬وهــي‬ ‫ُ‬ ‫الواقعــة العظيمــة‪ .‬مــن ُحماتهــا‪ :‬من‬ ‫ـ� القائمـ ي ن‬ ‫المدافعـ ي ن‬ ‫ـج ْهد‪:‬‬ ‫ـ� بهــا‪ .‬الــ َ‬ ‫المشــقة‪ .‬ال َقــذْ ع‪ :‬الش ـ ْتم والفُحــش‬ ‫ف ي� القــول‪ِ .‬عرضــك‪ :‬ش�فــك‪ِ .‬حيــاض‬ ‫الحيــاض‪ :‬جمــع َحــوض‪،‬‬ ‫المــوت‪ِ :‬‬ ‫جتمــع المــاء‪ ،‬والمقصــود‪:‬‬ ‫وهــو ُم َ‬ ‫التهــدد‪ :‬التهديــد‬ ‫غمــرات المــوت‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫والتخويــف‪ .‬الحــدث‪ :‬أ‬ ‫المــر المن َكــر‪.‬‬ ‫َ‬ ‫الشــكاة‪:‬‬ ‫حدث‪ُ :‬مر ِتكــب المن َكــر‪َّ .‬‬ ‫الــ ُـم ِ‬ ‫ْ‬ ‫ـ� طريــداً‪.‬‬ ‫الشـكْوى‪ُ .‬مطـ َـرد‪ :‬أي َج ْعـ ي‬ ‫مــوالي‪ :‬المقصــود بــه هنــا ابــن‬ ‫الشــدة الجالبــة‬ ‫ــرب‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫العــم‪ .‬الكَ ْ‬ ‫للغـ ّـم‪ .‬أَنْظ ن‬ ‫َــر�‪ْ :‬أم َه َل ـن ي ‪ .‬ال َّت ْســآل‪:‬‬ ‫ي‬ ‫نفــ�‬ ‫ِّــص‬ ‫الســؤال‪ُ .‬مف ٍ‬ ‫ْتــد‪ :‬مخل ٌ‬ ‫ي‬ ‫ضاضــة‪ُ :‬حرقــة ومــرارة‪.‬‬ ‫منــه‪َ .‬م َ‬ ‫و ْقــع‪� :‬ض ب‪ .‬المه ّنــد‪ :‬الســيف‬ ‫المصنــوع مــن حديــد الهنــد‪ ،‬وهــو‬ ‫مــن أقطــع الســيوف‪.‬‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫‪74.‬‬

‫‪When called upon in calamity‬‬ ‫‪I rise to defend‬‬ ‫ ‬ ‫‪and if enemies strive to pain you,‬‬ ‫ ‬ ‫‪I strive back.‬‬ ‫‪75.‬‬

‫‪And if they slander you‬‬ ‫‪I will give them a drink‬‬ ‫ ‬ ‫‪straight from death's cup.‬‬ ‫ ‬ ‫‪No time lost on threats.‬‬ ‫‪76.‬‬

‫‪I was reviled,‬‬ ‫‪scorned, cast out,‬‬ ‫ ‬ ‫‪and treated as guilty,‬‬ ‫ ‬ ‫‪without a crime,‬‬ ‫‪77.‬‬

‫‪Had my master‬‬ ‫‪been another,‬‬ ‫ ‬ ‫‪he would have eased‬‬ ‫ ‬ ‫‪my pain and granted me hope.‬‬ ‫‪78.‬‬

‫‪But my master‬‬ ‫‪is himself my strangler‬‬ ‫ ‬ ‫‪whether I thanked and pleaded‬‬ ‫ ‬ ‫‪or sought to save myself.‬‬ ‫‪79.‬‬

‫‪The cruelty of kin‬‬ ‫‪is more biting and strikes‬‬ ‫ ‬ ‫‪deeper than a sharp‬‬ ‫ ‬ ‫‪Indian sword.‬‬

‫ـر�‬ ‫ـر طرفــة ســبب هــذا الشــعور باالختنــاق‪ ،‬فظلــم ذوي ال ُقـ ب‬ ‫ثــم يفـ ِّ‬ ‫ف‬ ‫�ض‬ ‫بالــغُ المــرارة ي� النفــس؛ وكأنــك تتلقــى بــه بــة غائــرة مــن ســيف‬ ‫قاطــع؛ أوال ً ألنــه يـ ت‬ ‫الســاءة‬ ‫ـأ� ممــن تتوقــع منهــم النــرة والتأييــد‪ ،‬ال إ‬ ‫ي‬ ‫والظلــم‪ ،‬وثاني ـاً ألنــك ال تســتطيع مجــاراة أ‬ ‫القــارب ف ي� ظلمهــم لــك‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫رعايــةً لحــق القرابــة‪ ،‬فليــس أمامــك ســوى تجـ ُّـرع الصـ بـر‪.‬‬

‫‪144‬‬

‫‪145‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫ ‬ ‫َ​َ‬ ‫َّ َ َ َ‬ ‫ُْ‬ ‫‪ .80‬فذ ْرِنـي وخل ِقـي إن ن ي� لك ش ِاك ٌـر‬ ‫ُ َ‬ ‫َ​َ َ‬ ‫َ‬ ‫‪ .81‬فل ْو ش َاء َر ِّبـي ك ْن ُت ق ْي َس ب نَ� خا ِل ٍد‬ ‫‪َ .82‬ف َأ ْص َب ْح ُت ذا َمال َكث ْيـر َ‬ ‫وعاد ِنـي‬ ‫ٍ ِ ٍ‬ ‫‪ .83‬نأ� َّالر ُج ُل ال�ضَّ ْ ُب الذي َت ْعر ُف َونهُ‬ ‫ِ‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫أحالم اليقظة‬ ‫َ ْ َ َّ َ ْ نَ ً ْ َ ضَ ْ َ‬ ‫�غ ِد‬ ‫ولو حل بي ِتـي � ِئيا ِعند‬ ‫َ َ َ ّ ُ ْ ُ َ ْ نَ َ َ‬ ‫ولو شاء ِربـي كنت ع َرو ب� م ْرث ِد‬ ‫َ ُ َ َ ٌ َ ٌَ‬ ‫ـادة ِل ُـم َســ َّـو ِد‬ ‫بــنـــون ِكـــرام ســ‬ ‫َ َ ٌ َ ْ‬ ‫َ َّ ُ َ َ ّ‬ ‫خشاش ك َرأ ِس الـحي ِـة املـتو ِق ِـد‬

‫يصــل اليــأس بطرفــة هنــا إىل منتهــاه‪ ،‬فـ ُّ‬ ‫عمــه‬ ‫ـكل مــا يطلبــه مــن ابــن ّ‬ ‫مالــك أن يدعــه وشــأنه‪ّ ،‬‬ ‫وأل يتعـ ّـرض لــه بنقــد أو تجريــح‪ ،‬وســيكون‬ ‫هــذا أكـ بـر صنيــع يشــكره عليــه ويحفظــه لــه مهمــا ابتعــد ُمقامــه عنــه‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ـى ألجأتْــه مضط ـراً إىل ابــن عمــه يـ ِـك ُل‬ ‫وبضجــر بالــغ مــن الحاجــة الـ ي‬ ‫أمــر ِ ن‬ ‫سيّـاً‪ ،‬ووهبــه أبنا ًء‬ ‫الغــى والفقــر إىل ربــه‪ ،‬فلــو شــاء لجعلــه ّ‬ ‫غنيـاً َ ِ‬ ‫نســبون إليــه شت�يفـاً لهــم؛ ألنه‬ ‫ســاد ًة يزورنــه بانتظــام تعظيمـاً لــه‪ ،‬ويُ َ‬ ‫ن‬ ‫الكريم� من ســادات‬ ‫السـ ّـيد الــ ُـم َس َّود‪ ،‬كمــا هــو حــال هذيــن السـ ّـيدين‬ ‫ي‬ ‫العــرب وأغنيائهــم‪ :‬قيــس بــن خالــد‪ ،‬وعمــرو بــن َمرثَــد‪.‬‬ ‫ف‬ ‫الغ ن‬ ‫ثــم ال يلبــث طرفــة ت‬ ‫ــى‬ ‫حــى يســتيقظ مــن أحــام اليقظــة ي� ِ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫تبوأهــا ي ن‬ ‫بــ� قومــه‬ ‫الــى طالمــا ّ‬ ‫والجــاه والولــد‪ُ ،‬مســر ِجعاً مكانتــه ي‬ ‫بجهــده الفــردي وصفاتــه الشــخصية الـ تـى ال مثيــل لهــا عنــد آ‬ ‫الخريــن‪،‬‬ ‫ي‬ ‫نجدتــه‪ ،‬ويقظتــه‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫وس‬ ‫ـده‬ ‫ـ‬ ‫جس‬ ‫فهــو الرجــل المعــروف بينهــم ِبخ ّفــة‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫الفطــن ب ـرأس‬ ‫ومضــا ًء‪ ،‬حـ تـى ليذ ِّكــرك رأســه الداهيــة ِ‬ ‫المتو ِّقــدة ذكا ًء َ‬ ‫المتأهــب دوم ـاً للف ْتــك واالنقضــاض‪.‬‬ ‫الحيــة‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬

‫‪146‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ذ ن‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫َر�‪ :‬اتركــ ي ‪ .‬حــل‪ :‬أقــام‪ .‬نائيــاً‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫بعيــداً‪�َ .‬غَــد‪ :‬اســم منطقــة‬ ‫ــرة تقــع‬ ‫تشــمل جبــاً‪ ،‬وواديــاً‪َ ،‬‬ ‫وح ّ‬ ‫غــرب مدينــة حائــل باتجــاه المدينــة‬ ‫المنــورة‪ ،‬وتعــرف المنطقــة آ‬ ‫الن‬ ‫ُ َ‬ ‫باســم‪� :‬ض غــط؛ بإبــدال الــدال طــا ًء‪.‬‬ ‫ن‬ ‫قيــس بــن خالــد‪ :‬رجــل مــن بــ ي‬ ‫شــيبان‪ .‬عمــرو بــن َمرثــد‪ :‬ابــن عـ ّـم‬ ‫طرفــة‪ .‬وكان هــذان الرجــان مــن‬ ‫ســادات العــرب وأغنيائهــم‪ .‬عـ ن‬ ‫ـاد�‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ار�‪ُ .‬مسـ َّـود‪ :‬سـ ِّـيد أقـ ّـر النــاس لــه‬ ‫ز ي‬ ‫رض‬ ‫بالســيادة عليهــم‪ .‬الـ َّ ب‪ :‬الظريف‬ ‫والخفيــف الجســد‪ .‬الخَ شَ ــاش‪:‬‬ ‫خــش ف ي�‬ ‫الرجــل المتيقِّــظ الــذي ي ْن ُّ‬ ‫أ‬ ‫الذك‬ ‫المــور ذكا ًء َومضــا ًء‪ .‬المتو ِّقــد‪ :‬ي‬ ‫رسيــع الحركــة‪.‬‬

‫‪80.‬‬

‫‪So let me and my deeds be.‬‬ ‫‪I’ll forever be grateful‬‬ ‫ ‬ ‫‪to you even if my tent is‬‬ ‫ ‬ ‫‪all the way on mount Darghad.‬‬ ‫‪81.‬‬

‫‪If God willed, I‬‬ ‫‪could’ve been another:‬‬ ‫ ‬ ‫‪Qays ibn Khālid‬‬ ‫ ‬ ‫‪or ʿAmr ibn Marthad‬‬

‫‪82.‬‬

‫‪I would have had‬‬ ‫‪all the riches one desires.‬‬ ‫ ‬ ‫‪Lords and sons of nobles‬‬ ‫ ‬ ‫‪would have flocked for my favor.‬‬ ‫‪83.‬‬

‫‪I am the quick one,‬‬ ‫‪you know well, alert‬‬ ‫ ‬ ‫‪like a serpent’s‬‬ ‫ ‬ ‫‪darting head.‬‬

‫‪147‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫ ‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫اللوحة السابعة‬ ‫‪.84‬‬ ‫‪.85‬‬ ‫‪.86‬‬ ‫‪.87‬‬

‫أحاديث الفروسية والكرم‬ ‫َ ًَ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ ُّ َ ْ‬ ‫َّ ْ َ‬ ‫فآل ْي ُت ال َي ْـنفك كش ِحـي ِبطانة‬ ‫ِل َـع ْض ٍب َر ِق ْي ِق الشف َرت ْي ِـن ُ َم َّن ِد‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َك�فَ َ‬ ‫الع ْو َد ِم ْن ُه َ‬ ‫الب ْد ُء َ‬ ‫ُح َس ٍام إذا ما ق ْ� ُت ُم ْـن َـت ِـصا ِب ِه‬ ‫ليس ِب ِ� ْع َض ِد‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ًَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ ِ�خ ي ِثق ٍة ال َي ْـنـث ِـنـي َع ْن َض ِـر ْي َـب ٍـة إذا ِق ْـيل‪ْ َ :‬مال قال َح ِاج ُز ُه‪ :‬ق ِـدي‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الس َ‬ ‫إذا ْاب َت َد َر َالق ْو ُم ِّ‬ ‫الح َو َج ْدت ِنـي‬ ‫َم ِـن ْـيـعا إذا َبـل ْت ِبـقا ِئ ِـم ِـه َي ِـدي‬

‫تنعطــف المع َّلقــة مــع هــذه اللوحــة نحــو تمجيــد الســطوة والغلبــة‪،‬‬ ‫ـرف ف ي� شــخصية‬ ‫واالحتفــاء بصفــات الجـرأة وقــوة البــأس والكــرم المـ ِ‬ ‫ـتملت عليــه لوحــة العتــاب الســابقة مــن‬ ‫طرفــة‪ ،‬وكأنهــا تُعــادل مــا اشـ ْ‬ ‫ـف حــال‪ ،‬فطرفــة‬ ‫تل ُّطــف ور ّقــة‪ ،‬ومــا كشـ ْ‬ ‫ـاج وضعـ ِ‬ ‫ـفت عنــه مــن احتيـ ٍ‬ ‫ـ� هنــا بأنــه قــد أخــذ عــى نفســه ع ْهــداً بــأن يكــون الســيف رفيقـاً‬ ‫يحـ ي‬ ‫كأن جنبــه ِبطانــة دائمــة لــه؛ لطــول المالزمــة‬ ‫لــه ولصيق ـاً بــه؛ حـ تـى ّ‬ ‫بينهمــا‪ ،‬وهــي صــورة تذ ِّكرنــا بصــورة مقاربــة عنــد امــرئ القيــس‬ ‫ف� الميتــه أ‬ ‫الخــرى ي ن‬ ‫شــاركاً لــه ف ي� ِفــراش نومــه‪:‬‬ ‫ي‬ ‫حــ� جعــل الســيف ُم ِ‬ ‫(أيقتلـن والـــم ش� ف‬ ‫�‬ ‫ضاجعــي)‪.‬‬ ‫م‬ ‫َ ْ ي ُّ ُ ِ‬ ‫ُ ي‬ ‫ثــم يعـ ِّـدد طرفــة صفــات ســيفه المختــار‪ ،‬فهــو ســيف قاطــع بشــفرتيه‬ ‫وصنعــه‪ ،‬ي ن‬ ‫الحا ّد ي ن‬ ‫عــدوه‬ ‫وحــ� يهجــم بــه عــى‬ ‫ّ‬ ‫تــ�‪ ،‬وبراعــة صقْلــه ُ‬ ‫منتــراً لنفســه‪ ،‬فــإن ال�ض بــة أ‬ ‫الوىل منــه كافيــة وحدهــا للقضــاء عليه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫وحاملــه‬ ‫و� هــذه إ‬ ‫الشــارة الخـ يـرة وصــف مــزدوج لعنفــوان الســيف ِ‬ ‫ي‬ ‫معــاً‪ ،‬وهــو االزدواج الــذي يمكــن أن ي ن‬ ‫تتبــ� حضــوره ف ي� ّكل صفــة‬ ‫يُســبغها طرفــة عــى الســيف ترصيح ـاً‪ ،‬وعــى نفســه إيحــا ًء وتلميح ـاً‪.‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ـت‪ :‬أقسـ ْـم ُت‪ .‬ال ي ْنفــكّ ‪ :‬ال ي ـزال‪.‬‬ ‫آلَيـ ُ‬ ‫الـــج ْنب‪ ،‬وهــو مــا ي ن‬ ‫بــ�‬ ‫الكَشْ ــح‪َ :‬‬ ‫الخــارصة إىل أ‬ ‫الضــاع‪ِ .‬بطانــة‪:‬‬ ‫قاطــع‪ ،‬والوصــف‬ ‫الصــق‪َ .‬ع ْضــب‪ِ :‬‬ ‫ُم ِ‬ ‫للســيف‪ .‬الشَّ ــ ْفرتان‪َ :‬حـ ّـدا الســيف‪.‬‬ ‫العــود‪ :‬إالعادة‪ .‬الــ ِـم ْع َضد‪ :‬الســيف‬ ‫َ‬ ‫الــرديء الــذي يُمت َهــن ف ي� قطْــع‬ ‫َــة‪ :‬موثــوق بــه‪،‬‬ ‫الشــجر‪ .‬أخــي ِثق ٍ‬ ‫ن‬ ‫ســام‪.‬‬ ‫للح‬ ‫ينثــ�‪:‬‬ ‫وهــو وصــف ُ‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫�يبــة‪ :‬مــا يُــرض َب‬ ‫ي ْنبــو ويرجــع‪ِ َ .‬‬ ‫حاجــزه‪ :‬مقْبــض الســيف‬ ‫بالســيف‪ِ .‬‬ ‫ــى‪ .‬ابتــدر‪:‬‬ ‫حاملــه‪َ .‬ق ِ‬ ‫أو ِ‬ ‫ــدي‪َ :‬ح ْس يب‬ ‫وصــل‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫الــذي‬ ‫يع‪:‬‬ ‫ن‬ ‫الـــم‬ ‫تســابق‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ـرت‪ .‬قائم الســيف‪:‬‬ ‫إليــه‪ .‬بَ َّلـ ْ‬ ‫ظفـ ْ‬ ‫ـت‪ِ :‬‬ ‫مقْبضــه‪.‬‬

‫‪84.‬‬

‫‪I swore never to part‬‬ ‫‪with my double bladed‬‬ ‫ ‬ ‫‪Indian sword, forever‬‬ ‫ ‬ ‫‪nestled on my side.‬‬

‫‪85. No pruning axe, is this sword‬‬ ‫‪with which I seek victory.‬‬ ‫ ‬ ‫‪It splits with one strike‬‬ ‫ ‬ ‫‪no need for a second.‬‬ ‫‪86.‬‬

‫‪Trustworthy, it doesn’t spare‬‬ ‫”‪a target. If someone cried: “easy,‬‬ ‫ ‬ ‫‪its holder would answer:‬‬ ‫ ‬ ‫”‪“too late.‬‬ ‫‪87.‬‬

‫‪When the enemy rush‬‬ ‫‪to their arms, you’ll find me‬‬ ‫ ‬ ‫‪unyielding with that sword‬‬ ‫ ‬ ‫‪in my hand.‬‬

‫ت‬ ‫الــى تُمت َهــن ف ي�‬ ‫فهــذا‬ ‫الســيف القاطــع ليــس مــن الســيوف الرديئــة ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫الــى يضطلــع بهــا‬ ‫قطــع الشــجار‪ ،‬وإنمــا هــو‬ ‫ّ‬ ‫للمهمــات الجليلــة ي‬ ‫فُرســان الحــروب‪ ،‬وهــو دائم ـاً موضــع الثقــة عنــد احتــدام المعركــة‪،‬‬ ‫حــده‪ ،‬أو‬ ‫لشــدة َمضائــه ورسعــة إهالكــه للخصــوم؛ دون أن ي ْنبــو ُّ‬ ‫ّ‬ ‫رض‬ ‫يحتــاج إىل تكــرار الــ ب بــه‪ ،‬ويكفــي أن يعــزم صاحبــه عــى قتــل‬ ‫َمــن أمامــه حـ تـى يُعـ ّـد مقتــوال ً عــى الفــور‪ ،‬ولــو قيــل لحاملــه ف ي� أثنــاء‬ ‫توجيــه �ض بتــه‪ :‬تمهـ ْـل‪ ،‬فلــن يتمكــن مــن تــدارك أ‬ ‫المــر بعــد نفــاذه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫َّأمــا ي ن‬ ‫المباغتــة‪ ،‬فيتســابقون اللتقــاط‬ ‫فاجــأ القــوم بالغــارة‬ ‫ِ‬ ‫حــ� يُ َ‬ ‫ســيوفهم‪ ،‬واالحتمــاء بدروعهــم‪ ،‬فإنــك ســتجد طرفــة أهــدأ مــا يكــون‬ ‫أ‬ ‫ظفــر‬ ‫بــاال ً بينهــم؛ الطمئنانــه إىل حصانتــه المنيعــة مــن العــداء‪ ،‬وقــد ِ‬ ‫بســيفه البتــار‪ ،‬وامتـ أ‬ ‫ـ� ْت ك ُّفــه بمقْبضــه‪ ،‬فلــن يُق َهــر‪ ،‬ولــن يُغ َلــب‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪148‬‬

‫‪149‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫ ‬ ‫‪.88‬‬ ‫‪.89‬‬ ‫‪.90‬‬ ‫‪.91‬‬ ‫‪.92‬‬ ‫‪.93‬‬

‫مغامرة قصصية‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫و�ك ُ ُهود َق ْد َأ ثَ� ْ‬ ‫رت َم َـخاف ِتـي ن َـو ِاد يَ�ا أ ْم ِ�ش ي ِب َع ْض ٍب ُم َـج َّـر ِد‬ ‫َب ْ ٍ ج ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ات خ ْي ٍف ُجل ةل َع ِق ْي ةل ش ْي ٍخ ك َلو ِب ْي ِل َيل ْـن َد ِد‬ ‫ف َ� َّر ْت ك َـهـاة ذ‬ ‫قُ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ ُ ُ َ ْ تَ َّ َ ُ‬ ‫َ ْ َ َ​َ‬ ‫يقول وقد �‬ ‫الو ِظ ْـيـف َوسا�ا‪ :‬أل ْس َت تَ َ�ى أن ق ْد أت ْي َت ِب ُـم ْـؤ ِي ِـد‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫وقال‪ :‬أال ماذا ت َــرون ِبـش ِار ٍب ش ِـد ٍيد َعل ْينا َبـغ ُـي ُـه ُم َـت َـع ِّـم ِـد‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫اص َب ْ‬ ‫وإل َت ُك ُّفوا َق ِ ي َ‬ ‫ال� ِك َي ْـز َد ِد‬ ‫وقال‪ :‬ذ ُر ْو ُه إنـما نــف ُعا ل ُـه‬ ‫َف َظ َّل إال َم ُ‬ ‫ـاء َي ْـم َـتـ ِل ْـل َـن ُح َـو َارها ُوي ْس َع َع َل ْينا ِب� َّلس ِد ْي ِف ُ‬ ‫الـم َ ْ‬ ‫س َه ِد‬ ‫هــذه قطعــة خالصــة ‪-‬مــن ي ن‬ ‫ــ�‬ ‫بــ� أبيــات المع َّلقــة‪ -‬للــرد الق َ​َص ي‬ ‫ت‬ ‫ث‬ ‫ـى‬ ‫والمغامــرة المتس ْل ِســلة‪ ،‬وهــي أكــر تشـ ُّـعباً وامتــداداً مــن القطعــة الـ ي‬ ‫ناد ِميــه والمغ ّنيــة الــ ُـم ت َ�فة ذات الصــوت‬ ‫وصــف فيهــا مجلســه مــع ُم ِ‬ ‫الشــجي‪ ،‬وتُعيدنــا أجــواء هــذه القطعــة الق َ​َصصيــة إىل مغامــرات‬ ‫امــرئ ّالقيــس ف� مع ّلقتــه‪ ،‬أمــا البيــت أ‬ ‫الخـ يـر فيهــا حيــث يــروي طرفــة‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ـى عقرهــا‪ ،‬فمــا أقربَــه‬ ‫ـ‬ ‫ال‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫الناق‬ ‫ـم‬ ‫ـ‬ ‫بلح‬ ‫ـاء‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ـه‬ ‫ـ‬ ‫ت‬ ‫صنع‬ ‫تفاصيــل مــا‬ ‫إ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫لجــل‪ ،‬حـ يـ�ن‬ ‫ألجــواء البهجــة‬ ‫ِ‬ ‫المصاحبــة للطعــام الوافــر ي� يــوم دارة ُج ُ‬ ‫ف‬ ‫و� هــذا يقــول امــرؤ‬ ‫راحــت الفتيــات يتها َديــن ِق َطــع اللحــم بينهـ ّ‬ ‫ـن‪ ،‬ي‬ ‫القيــس‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ويـوم َع َق ُ‬ ‫َ‬ ‫رت ِل َ‬ ‫ـلعــذ َارى َم ِـط َّــي ِـتـي ف َيا َع َـجـبا ِم ْـن كـورها ُ‬ ‫الـم َـت َـح َّـم ِل‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ّ ْ‬ ‫ش ْ َ َّ‬ ‫َ َ َّ َ َ َ َ َ َ َ ْ‬ ‫الـمـف َّـت ِـل‬ ‫الد َمق ِس‬ ‫اب ِ‬ ‫فظل الـعـذارى ي ْـرت ِـم ي ن� ِبـلح ِمها و� ٍم ُكد ِ‬ ‫ــ� فــإن هــذه القطعــة تبــدو امتــداداً‬ ‫ومــع هــذا النفَــس الق َ​َص ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ـى اســته ّل ْتها البيــات الســابقة‪،‬‬ ‫طبيعي ـاً للوحــة الفروســية والكــرم الـ ي‬ ‫ت‬ ‫ـى تبـ ّـدت فيهــا ُجرأتــه وكرمــه‬ ‫فطرفــة يقـ ُّ‬ ‫ـص هنــا إحــدى المغامـرات الـ ي‬ ‫بال بالعواقــب‪.‬‬ ‫ـرف غـ يـر الــ ُـم ي‬ ‫المـ ِ‬ ‫يهــر لداعــي الســماحة والنــدى إكرامــاً لضيوفــه‪،‬‬ ‫فكــم مــن مــرة ت ز ّ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫أحســت‬ ‫فيقصــد ِإبــا ً باركــة ومس�ســلة ي� نومهــا الهــ ي ء‪ ،‬حــى إذا ّ‬ ‫ــت ســوابقُها هاربــةً منــه‪،‬‬ ‫بمقدمــه نحوهــا شــاهراً ســيفه الباتــر‪ ،‬و َّل ْ‬ ‫مص�هــا المحتــوم بـ ي ن‬ ‫ـت مــن تجاربهــا‬ ‫وخائفــةً مــن ي‬ ‫ـ� يديــه‪ ،‬وقــد عرفـ ْ‬ ‫ف‬ ‫و� حومــة‬ ‫الســالفة معــه أنــه صاحبهــا الــذي طالمــا نحــر أطايبهــا‪ ،‬ي‬ ‫تمــر مــن جانبــه الناقــة المبتغــاة إلشــهار كرمــه‪ ،‬فهــي‬ ‫الفــزع تلــك ُّ‬ ‫ــن‬ ‫ومهابــة‪ ،‬وهــي لذلــك ُ‬ ‫ــمناً ِوع َظمــاً َ‬ ‫أفضــل تلــك ال ُّنــوق‪ِ :‬س َ‬ ‫أكرم ُه ّ‬ ‫م�نز لــةً عنــد مالكهــا‪.‬‬

‫‪150‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ور ّب‬ ‫ــر ٍك‪ :‬الــواو واو ُر ّب‪ ،‬أي‪ُ :‬‬ ‫وبَ ْ‬ ‫والــرك‪ :‬إالبــل الباركــة عــى‬ ‫ــرك‪ ،‬ب َ ْ‬ ‫بَ أ ْ‬ ‫أثــارت‪:‬‬ ‫الرض‪ .‬هُ ُجــود‪ِ :‬نيــام‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ت‬ ‫ـ�‪ :‬أي خوفُهــا ِم ـن ّ ي ‪.‬‬ ‫أفزعـ ْ‬ ‫ـت‪َ .‬مخَ ا َفـ ِ ي‬ ‫قاطــع‪،‬‬ ‫ن َ​َواديهــا‪ :‬أوائلهــا‪ْ .‬‬ ‫عضــب‪ِ :‬‬ ‫والوصــف للســيف‪ُ .‬مجـ ّـرد‪ :‬مســلول‬ ‫مــن ِغمــده‪َ .‬ك َهــاة‪ :‬ناقــة ضخمــة‪.‬‬ ‫الجلْد المحيط‬ ‫ذات خَ يف‪ :‬الـــخَ ْيف‪ِ :‬‬ ‫ب ـرض َ ْ ع الناقــة‪ ،‬والمقصــود أنهــا ذات‬ ‫�ض ع كبـ يـر‪ُ .‬جاللــة‪ :‬عظيمة وســمينة‪.‬‬ ‫خــر ِإبلــه وأكرمهــا‬ ‫َع ِق ْيلــة شــيخ‪ :‬ي‬ ‫الوِب ْيــل‪ :‬العصــا‪ .‬يَ َل ْنــدد‪:‬‬ ‫عنــده‪َ .‬‬ ‫َــر‪ :‬ان َقطَــع‬ ‫ت‬ ‫الخصومــة‪.‬‬ ‫شــديد‬ ‫َّ‬ ‫الو ِظيــف‪ :‬عظْــم الســاق‪،‬‬ ‫َط‪.‬‬ ‫وســق‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫بــ� ُر ْســغ القــدم إىل‬ ‫وهــو مــا ي‬ ‫الركبــة‪ .‬الــ ُـم ِؤْيد‪ :‬الداهيــة العظيمــة‬ ‫شــارب‪ :‬يقصــد شــارب‬ ‫الشــديدة‪ِ .‬‬ ‫متعمــد‪:‬‬ ‫خمــر‪ .‬ال َبغْ ــي‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫التعــدي‪ِّ .‬‬ ‫قاصــد للظلــم‪ .‬ذ َُروه‪ :‬اتركــوه‪.‬‬ ‫قــاص‬ ‫ت ُكفُّــوا‪ :‬تــر ُّدوا وتمنعــوا‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫وتقــى‬ ‫�د مــن إال ِبــل‬ ‫َّ‬ ‫بَ‬ ‫الــرك‪ :‬مــا َ َ‬ ‫المــاء‪ :‬الجـواري الخادمــات‪.‬‬ ‫بعيــداً‪ .‬إ‬ ‫يــ ْـم ِتللْن‪ :‬يَ ْشـ ِـوين اللحــم ف ي� الــ َـملَّة‪،‬‬ ‫الجمــر والرمــاد شــديد الحـرارة‪.‬‬ ‫وهــي ْ‬ ‫ـحوار‪ :‬ولــد الناقــة‪ ،‬والمقصــود بــه‬ ‫الــ ُ‬ ‫هنــا‪ :‬ولدهــا الــذي أُخـ ِـرج مــن بطنها‪.‬‬ ‫السـ ِـديْف‪:‬‬ ‫يُسـ َـعى علينــا‪ :‬يُنقَل إلينا‪َّ .‬‬ ‫الســنام‪ .‬الــ ُـمسهَ د‪ :‬الــ ُـمكْ ت ِ�ن ز‬ ‫ِقطَع َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫ــم ي ن�‪.‬‬ ‫الس ِ‬ ‫َّ‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫‪88.‬‬

‫‪I startled‬‬ ‫‪many a slumbering herd‬‬ ‫ ‬ ‫‪when I approached‬‬ ‫ ‬ ‫‪with my naked blade.‬‬ ‫‪89.‬‬

‫‪An old majestic mare‬‬ ‫‪passed by, rough and thick,‬‬ ‫ ‬ ‫‪the prized property‬‬ ‫ ‬ ‫‪of a withered petulant man.‬‬ ‫‪90.‬‬

‫‪He cried, when she fell,‬‬ ‫‪her leg and shank split,‬‬ ‫ ‬ ‫‪“Don’t you see what‬‬ ‫ ‬ ‫”‪calamity you’ve brought.‬‬ ‫‪91.‬‬

‫‪“Do you see‬‬ ‫”‪this impetuous drunkard‬‬ ‫ ‬ ‫‪He said to his people‬‬ ‫ ‬ ‫”‪“Intent on doing us harm.‬‬ ‫‪92.‬‬

‫‪But he then told them‬‬ ‫‪“Let him have what he’s taken‬‬ ‫ ‬ ‫‪but guard the rest of the herd‬‬ ‫ ‬ ‫”‪or he’ll keep on killing.‬‬ ‫‪93.‬‬

‫‪And so, the maidens enjoyed‬‬ ‫‪the roasted flesh of mother and foal‬‬ ‫ ‬ ‫‪and servants continued to serve‬‬ ‫ ‬ ‫‪carved cuts of the prized hump.‬‬

‫‪151‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫ــن قــد َ‬ ‫نحــل‬ ‫وطرفــة ِيصــف صاحــب هــذه ال ُّنــوق بأنــه شــيخ ُم ِس ّ‬ ‫ـت أعضــاؤه حـ تـى لكأنّــه عصــا غليظــة‪ ،‬وهــو إىل ذلــك‬ ‫ويبسـ ْ‬ ‫جســمه ِ‬ ‫ـن‬ ‫شــديد الخصومــة مــع طرفــة لمــا يصنعــه ب ُنوقــه العزيــزة عليــه؛ ولكـ ّ‬ ‫مــا صنعــه طرفــة تلــك الليلــة قــد فــاق أســوأ توقُّعاتــه‪ ،‬فقــد عمــد‬ ‫خــر نُوقــه وأنفســها عنــده‪ ،‬فعقــر ســاقها لتســقط باركــةً‬ ‫طرفــة إىل ي‬ ‫عــى أ‬ ‫الرض‪ ،‬ويتمكــن مــن نحرهــا‪ ،‬وهنــا يــرخ بــه الشــيخ منـ ِّـدداً‪:‬‬ ‫أي مصيبــة عظيمــة أحدث َتهــا بع ْقــرك هــذه الناقــة النجيبــة دون‬ ‫ـدرك ّ‬ ‫أتُـ ِ‬ ‫بقيــة ال ُّنــوق؟‬ ‫ثــم يلتفــت الشــيخ إىل مــن حوله من عشـ يـرته وأعوانــه‪ ،‬ليستشـ يـرهم ف ي�‬ ‫هــذه النازلــة الجليلــة‪ ،‬والشــيخ يســتعمل ف ي� خطابــه لهــم أداة التنبيــه‬ ‫الشــارات‬ ‫مشــهدية صاخبــة‪ ،‬وتتضافــر ُّكل هــذه إ‬ ‫تتضمنــه مــن ْ‬ ‫(أال) بمــا ّ‬ ‫المتعاقبــة إلظهــار شـ ّـدة الحــدث‪ ،‬ومقــدار لوعــة الشــيخ عــى ناقتــه‬ ‫أ‬ ‫لتعمــد طرفــة‬ ‫الثـ يـرة‪ ،‬حـ تـى إنــه ال يســتطيع أن يفهــم ســبباً معقــوال ً ُّ‬ ‫السـكْر قــد خالــط عقلــه‪ ،‬ودفعــه‬ ‫بــأن ينحــر أكــرم نُوقــه َّإل أن يكــون ُّ‬ ‫إىل هــذا االعتــداء الجســيم الــذي يبــدو لد ّقــة اســتهدافه وكأنــه قــد‬ ‫عمــداً‪.‬‬ ‫قصــده ْ‬ ‫ثــم تهــدأ أ‬ ‫الجــواء بمــرور بعــض الوقــت‪ ،‬ويثــوب الشــيخ إىل ُرشــده‪،‬‬ ‫ت‬ ‫الــى ال يمكــن‬ ‫وتعــود إليــه ِحكْمتــه‪ ،‬فيســ ِّلم بوقــوع الخســارة ي‬ ‫اسـ تـرجاعها‪ ،‬ويطلــب مــن أعوانــه أن يَ َدعــوا طرفــة وشــأنه‪ ،‬ويســتفرغوا‬ ‫جهدهــم ف ي� اسـ تـرداد ال ُّنــوق النافــرة؛ حـ تـى ال تزيــد الخســارة بفقدانهــا‪،‬‬ ‫أو يغــري ابتعادهــا طرفــة بمالحقتهــا واســتهدافها أيض ـاً‪ ،‬وهــو حـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫يلــوح لــه بأنــه هــو الخــارس مــن فُقــدان‬ ‫يقــرر التجــاوز عــن طرفــة ِّ‬ ‫هــذه الـ ثـروة‪ ،‬وهــو المنتفــع بهــا لــو حافــظ عليهــا‪ ،‬وهــذا يســوقُنا‬ ‫للتســاؤل عــن هويــة هــذا الشــيخ الــ ُـم ِس ّن‪ ،‬وعــن صلــة القرابــة بينــه‬ ‫وبـ ي ن‬ ‫ـ� طرفــة؟‬ ‫قــدم ش‬ ‫الــراح القدامــى إجابــات متنوعــة عــى هــذا الســؤال‪،‬‬ ‫وقــد َّ‬ ‫ّ‬ ‫فبعضهــم قـ َّـدر أن هــذا الشــيخ هــو والــد طرفــة‪ ،‬ويــر ُّد هــذا االحتمـ َ‬ ‫ـال‬

‫‪152‬‬

‫‪28‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫أن وصــف طرفــة لهــذا الشــيخ تبــدو فيــه مالمــح مــن االســتهانة ال‬ ‫َّ‬ ‫تليــق بوالــد‪ ،‬كمــا أن الــرواة يذكــرون أن والــد طرفــة مــات عنــه وهــو‬ ‫صغـ يـر‪.‬‬ ‫ش‬ ‫ـراح أن هــذا الشــيخ ال عالقــة لــه بطرفــة‪ ،‬وأنــه وقــع‬ ‫ورأى بعــض الـ ّ‬ ‫ضحيــة لغــارة طرفــة عــى نُوقــه‪ ،‬واقتحامــه ِحمــاه‪ ،‬وهــذا الـرأي بعيــد‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ـى يتمـ ّـدح بهــا طرفــة طــوال‬ ‫أيضـاً؛ لتعارضــه مــع أخــاق الفروســية الـ ي‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫رجــل‬ ‫المع َّلقــة؛ ولن حديــث الشــيخ عــن ُ�ب طرفــة هــو حديــث ٍ‬ ‫عمــا صنعــه ب ُنوقــه‪ ،‬وتلويحــه‬ ‫عــارف بــه‪ ،‬كمــا أن تجــاوزه الرسيــع ّ‬ ‫بـــأن ن ْفــع هــذه ال ُّنــوق َمــر ّده ف ي� النهايــة إىل طرفــة‪ّ ،‬كل هــذا يؤكــد أن‬ ‫العالقــة بينهمــا هــي عالقــة قرابــة ومــراث‪ ،‬أ‬ ‫فالرجــح أنــه قريــب لــه‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫ـراح القدامــى‪.‬‬ ‫وقــد يكــون َّ‬ ‫عمــه؛ كمــا ذهــب إىل ذلــك بعــض الـ ّ‬ ‫المشــهدي لكرمــه الجمــوح بوصــف مــا‬ ‫ويختــم طرفــة هــذا الــرد ْ‬ ‫المــاء الخادمــات مــع الناقــة المنحــورة‪ ،‬فقــد ُر ْحــن ي ْطهـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫فعل ْتــه إ‬ ‫ـتخرجنه مــن بطنهــا‪ -‬فــوق الجمــر‬ ‫لحمهــا‪ْ ،‬‬ ‫ويشــوين ُحوارهــا ‪-‬الــذي اسـ ْ‬ ‫وضيفانــه أطيــب مــا فيهــا وخـ يـر‬ ‫والرمــاد المتل ّهــب؛ ِّ‬ ‫ليقدمــن لطرفــة ِ‬ ‫ن‬ ‫وشـ ْـوي‬ ‫ـزوز� إشــارة طرفــة لولــد الناقــة َ‬ ‫مــا يُــؤكَل منهــا‪ ،‬وال تفــوت الـ ي‬ ‫الحــوار هنــا ٌّ‬ ‫دال عــى أن الناقــة كانــت‬ ‫الجــواري لــه‪ ،‬فيقــول‪َّ :‬‬ ‫إن ِذ ْكــر ُ‬ ‫الشــارة الخاطفة‬ ‫ال ِبل عندهــم‪ ،‬أي أن هــذه إ‬ ‫ُح ْبــى‪ ،‬وهــي مــن أنفــس إ‬ ‫للحــوار لهــا وظيفــة دالليــة مع ـ ِّززة لمعـ نـى الكــرم عنــد طرفــة‪ ،‬فقــد‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫انتقــى لضيوفــه أكــرم ال ُّنــوق وأحف َلهــا بالطايــب‪.‬‬

‫‪154‬‬

‫‪29‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫اللوحة الثامنة‬

‫وصايا الرحيل‪ ،‬ورؤى الختام‬ ‫ ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ـإن ُمـ ُّ‬ ‫ـت َف ْان َع ْـي ِـنـــي ب�ــا َأ ن� َأ ْهـ ُ ُ‬ ‫ُوش ّ�ق َع َ َّل َ‬ ‫ـه‬ ‫‪ .94‬فـ‬ ‫الـج ْي َب ي� ْاب َنة َم ْـع َـب ِـد‬ ‫ِ‬ ‫ِي ي‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ ش َْ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫َ َ ُّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ‬ ‫م وال يغ ِنـي غنا ِئـي وم� ِـدي‬ ‫‪ .95‬وال ج ْ� َع ِل ِ‬ ‫ـينـــي كمــ ِـر ٍئ ليس هـمـــه كـه ِ ي‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫‪َ .96‬ب ِط ْـي ٍء َعن ُ‬ ‫الـج َّـل َ ْ‬ ‫ـول ِب� ْجـ ـ َـم ِاع الـ ـ ّ ِـر َج ِال ُمل َّه ـ ِـد‬ ‫س ي ٍع إىل الـخنا ذل ـ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ميــا الشــباب‬ ‫الصبــا ُ‬ ‫مــا الــذي يدفــع شــاعراً تتد ّفــق ي� عروقــه َســورة ِّ‬ ‫وح ّ‬ ‫أ‬ ‫ـ� عليهــا مــا الذي‬ ‫إىل أن يرســل وصايــاه الخـ يـرة إىل بنــت أخيــه‪ ،‬وأن يُمـ ي‬ ‫ينبغــي أن تقولــه حـ ي ن‬ ‫ـ� تُعـ ِّـدد مآثــره بعــد موتــه‪ ،‬ومــا الــذي يجــدر بهــا‬ ‫أن تصنعــه بنفســها حـ ي ن‬ ‫يهجــس‬ ‫ـ� يبلغهــا خـ بـر وفاتــه؟ هــل كان طرفــة ِ‬ ‫باخـ تـرام عمــره وموتــه المب ِّكــر‪ ،‬واقـ تـراب رحلتــه القصـ يـرة ف ي� الحيــاة مــن‬ ‫نهايتهــا؟ لمــاذا يشــعر قــارئ مع َّلقتــه بــأن روح المــوت تُظ ِّللهــا ف ي� كل‬ ‫منع َطــف مــن منعطفاتهــا‪ ،‬حـ تـى ف ي� أكـ ثـر صوالتهــا اندفاع ـاً ش‬ ‫و�اســة‪،‬‬ ‫ف‬ ‫و� أشــد لحظاتهــا ته ُّتــكاً و َعرامــة؟‬ ‫ي‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ال َّن ْعــي‪ :‬إخبــار النــاس بوفــاة‬ ‫أحدهــم‪ ،‬والمـراد بــه هنــا أوســع مــن‬ ‫مجــرد إالخبــار‪ ،‬فيشــمل ذكــر مآثــر‬ ‫ـج ْيب‪:‬‬ ‫الميــت وتعديــد فضائلــه‪ .‬الــ َ‬ ‫ّ‬ ‫مدخــل الــرأس مــن الثــوب‪ .‬ابنــة‬ ‫عبــد‪ .‬ال‬ ‫َمع َبــد‪ :‬هــي بنــت أخيــه َم َ‬ ‫غــ� غ ئ‬ ‫ن‬ ‫َنــا�‪ :‬ال يقــوم مقامــي وال‬ ‫ي‬ ‫يُ ي‬ ‫أ‬ ‫الجـ َّـى‪ :‬مؤنّــث ال ّ‬ ‫جل‪،‬‬ ‫ينفــع نفعــي‪ُ .‬‬ ‫وهــي أ‬ ‫المر العظيم الجليل‪ .‬الـــخَ نا‪:‬‬ ‫الف ُْحــش والســوء‪َ .‬ذلُــول‪ :‬ذليــل‬ ‫ُمحت َقــر‪ .‬أ َ ْجمــاع‪ :‬جمــع ُجــ ْـمع‪ ،‬وهــو‬ ‫اليــد المقبوضــة بمجمــوع أصابعهــا‬ ‫للد ْفــع بهــا‪ .‬الــ ُـم َل ّهد‪ :‬الــذي يُد َفــع‬ ‫الكــف‪.‬‬ ‫ويُلكَــز بمجمــوع ّ‬

‫‪94.‬‬

‫‪If I die, mourn me‬‬ ‫‪with what I deserve‬‬ ‫ ‬ ‫‪and rend your robes in lament‬‬ ‫ ‬ ‫‪O daughter of Maʿbad.‬‬ ‫‪95.‬‬

‫‪Don’t turn me into‬‬ ‫‪a man whose ambitions are less‬‬ ‫ ‬ ‫‪than mine and who could never‬‬ ‫ ‬ ‫‪be me or cast my shadow.‬‬ ‫‪96.‬‬

‫‪Slow to greatness‬‬ ‫‪quick to depravity,‬‬ ‫ ‬ ‫‪lowly, bullied around‬‬ ‫ ‬ ‫‪by men.‬‬

‫كابــر للــذات يختــم طرفــة مع َّلقتــه‪ ،‬وينســج خيــوط آخــر‬ ‫برثــاء ُم ِ‬ ‫لوحاتهــا التصويريــة‪ ،‬فيطلــب مــن ابنــة أخيــه أن تنعــاه بعــد وفاتــه‬ ‫بمــا يســتحقه مــن إجــال وتكريــم‪ ،‬وأن تعــدد أمــام المـ أ‬ ‫ـ� فضائلــه‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ت‬ ‫ـى ال يُدانيــه فيهــا غـ يـره‪ ،‬وأن تذكِّرهــم بمواقفــه الجليلــة ومقاماتــه‬ ‫الـ ي‬ ‫ت‬ ‫حســن َه َمـ ُـل النــاس القيــام بهــا‪ ،‬فمــا أكـ ثـر المتثاقلـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫ـى ال يُ ِ‬ ‫السـ ّ‬ ‫ـنية الـ ي‬ ‫ين‬ ‫المتباطئــ� عــن حضورهــا ُج ْبنــاً‬ ‫المل ّمــات‪،‬‬ ‫عــن أداء واجبهــم عنــد ِ‬ ‫ـارعون ف ي� دروب الفُحــش وال َّن َهــم الخائــب‪ ،‬ويُهينــون‬ ‫وخــوراً‪ ،‬بينمــا يُسـ ِ‬ ‫ف‬ ‫واللحــاح ي� الســؤال‪ ،‬حـ تـى يضجــر منهــم‬ ‫أنفســهم بإظهــار الحاجــة إ‬ ‫الرجــال‪ ،‬وي ْلكزوهــم بقبضاتهــم ليدفعوهــم بعيــداً عنهــم‪.‬‬ ‫ف‬ ‫و� أثنــاء هــذه الوصايــا ال ينــى طرفــة أن يطلــب مــن ابنــة أخيــه‬ ‫ي‬ ‫إظهــار جزعهــا الشــديد عليــه‪ ،‬إنــه ال يوصيهــا أن تتصـ ب ّـر‪ ،‬وأن تتلقــى‬ ‫أ‬ ‫ــوص عــاد ًة‬ ‫ُمصابهــا الليــم برباطــة جــأش وقــوة احتمــال؛ كمــا يُ ي‬ ‫المتأهبــون للرحيــل أحبابَـــهم‪ ،‬بــل إنــه يرجوهــا أن تندبــه أحـ ّـر النــدب‬ ‫ِّ‬ ‫وأشــجاه‪ ،‬وأن تنفعــل غايــة االنفعــال‪ ،‬وأن تمـ ّزق جيــب قميصهــا أســفاً‬ ‫وكأن طرفــة هنــا يجعــل مــن ابنــة أخيــه‬ ‫عليــه‪ ،‬ولوعــةً عــى فراقــه‪ّ ،‬‬ ‫ـره –الــذي ال ســبيل‬ ‫معــادال ً موضوعيـاً لحزنــه الملتــاع عــى ذاتــه‪ ،‬وتحـ ُّ‬ ‫لــه إليــه‪ -‬عــى عمــره المقت َطــف وشــبابه المنهــوب‪.‬‬

‫‪156‬‬

‫‪157‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫ ‬ ‫‪.97‬‬ ‫‪.98‬‬ ‫‪.99‬‬ ‫‪.100‬‬ ‫‪.101‬‬ ‫‪.102‬‬

‫االفتخار األخير‬ ‫أَ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ال ْ َ‬ ‫اب ُ‬ ‫َف َل ْو ُك ْن ُت َو ْغ ًال ف ي� ّ‬ ‫والـم َت َو ِ ّح ِـد‬ ‫ص‬ ‫الـر َج ِال ل َض َّـرنـي َع َـداوة ِذي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أَ َ َ ُ َ‬ ‫َ َْ ْ ْ‬ ‫َ َ َ ّ‬ ‫وص ْد ِقـي َ ْ‬ ‫ـي‬ ‫ت‬ ‫أ‬ ‫وم ِـت ِدي‬ ‫دام‬ ‫وإق‬ ‫م‬ ‫�‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ِ ي ِ‬ ‫ول ِك ْن نـفـى َع ِنـي الع ِادي ج ْـر ِ‬ ‫يِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ل َـع ْم ُــرك مـا أ ْم ِـري عل‬ ‫ــي ِبغ َّم ٍـة ن َـه ِـاري وال ل ْـيـ ِلـي َعل َّـي ِب َـس ْـر َم ِـد‬ ‫َ ً‬ ‫ْ‬ ‫اظـا َع َل َع ْو َرا ِت ِـه تَّ َ‬ ‫والـ� ُّد ِد‬ ‫َوي ٍوم َح َب ْس ُت َّالنف َس ِع ْن َد ِع َر ِاك ِه ِحف‬ ‫َ َ َ ْ َت ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َ ْ َ ْ �شَ َ �تَ ْ َ ُ َ‬ ‫ـ�ك ِف ِيه الـفرا ِئ ُص ت ْــر َع ِـد‬ ‫َعلمو ِط ٍـن يـخ الفـ ِعنده َّالردى مـتـى تع ِ‬ ‫َ َّ ُ‬ ‫َ​َ ُ‬ ‫َ َ ُ َ َ َّ‬ ‫النار ْ‬ ‫َْ َ ُْ‬ ‫واس َت ْو َد ْع ُـت ُـه كف ج ْم ِـم ِد‬ ‫وأصف َر مـضب ٍوح نظ ْرت ِحواره عل ِ‬ ‫حـ تـى ف ي� تلويحــة الــوداع ال ينــى طرفــة أن يُعيــد التذكـ يـر بفضائلــه‬ ‫ت‬ ‫ي ُّ ز‬ ‫وســ ْطوة‬ ‫نــت لــه‬ ‫ضم ْ‬ ‫الــى ِ‬ ‫التمــر والرفعــة َ‬ ‫الشــخصية والصفــات ي‬ ‫ال�ض ار‬ ‫الجانــب عنــد قومــه‪ ،‬فهــو‬ ‫قــوي منيــع ال يجــرؤ أحــد عــى إ‬ ‫ُّ‬ ‫يحفــل بعــداوة فــرد أو جماعــة لــه‪ ،‬فقــد تج ّنــب‬ ‫بــه؛ ولهــذا فهــو ال ِ‬ ‫أ‬ ‫والقــدام‪،‬‬ ‫هــؤالء العــداء ُمصاولتــه ِلخــال يعلمونهــا فيــه مــن الجـرأة إ‬ ‫أ‬ ‫ض‬ ‫ش‬ ‫ـا� العزيمــة ورابــط‬ ‫ـرف‪ ،‬والصــل الكريــم‪ ،‬كمــا أنــه مـ ي‬ ‫والثبــات المـ ِّ‬ ‫والم َحــن‪ ،‬فــا يقــض ي نهــاره حائــراً‬ ‫الجــأش عنــد حلــول المصائــب ِ‬ ‫مغْ موم ـاً‪ ،‬وال يطــول ليلــه مــن الهـ ّـم والقلــق والتلـ ُّـدد‪ .‬ومــن كان هــذا‬ ‫دأبــه فقمـ ي ن‬ ‫ـ� بــأن يكــون موئــل عشـ يـرته‪ :‬ســدا َد ر ٍأي ونفــا َذ نظــر‪ .‬وهــذه‬ ‫الصــورة الوقــورة لطرفــة هنــا تبــدو وكأنهــا موازنــة مقصــودة للصــورة‬ ‫ت‬ ‫ـى رســم ْتها اللوحــة الرابعــة ف ي� هــذه المع َّلقــة‪،‬‬ ‫الشــخصية الجامحــة الـ ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ـرب والف ْتــك واللــذة‪.‬‬ ‫متم ِّثلــة عــى الخــص ي� ثالثيــة الـ ش ُّ‬ ‫ويزيــد طرفــة هــذه الصــورة الوقــورة تفصيــا‪ ،‬فيســتذكر أ‬ ‫اليــام‬ ‫ً‬ ‫الــى تصــدى فيهــا لغــارات أ‬ ‫ت‬ ‫العــداء‪ ،‬وو ّطــن نفســه عــى‬ ‫ّ‬ ‫العاصفــة ي‬ ‫ف‬ ‫عشــرته‪ ،‬وهــو‬ ‫الثبــات أمامهــم ي� حومــة الوغــى للدفــاع عــن ش�ف ي‬ ‫الكثــرون مقاربتــه‪ ،‬حيــث‬ ‫هــاك يتحامــى‬ ‫موطــن‬ ‫يــرد‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫يعلــم أنــه ِ‬ ‫ت‬ ‫يصافــح ت‬ ‫المــوت ِعيانــاً‪ ،‬ف�تعــد فرائصــه عــى‬ ‫الفــى الجســور فيــه‬ ‫َ‬ ‫الرغــم منــه لهــول مــا يــرى مــن إحــداق المخاطــر بــه مــن كل جانــب‪.‬‬ ‫ثــم ينتقــل طرفــة مــن هــذا المشــهد المشــحون بالشــدة والصخــب‬ ‫ت‬ ‫اليقــاع‪،‬‬ ‫ــرف المالمــح‬ ‫ورخــي إ‬ ‫وصليــل الســيوف إىل مشــهد آخــر ُم َ‬ ‫ّ‬ ‫فهــا هــو ذا يلعــب ِبقــداح الميــر‪ ،‬وينفــق مالــه فيهــا مــن أجــل‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ـال‬ ‫ال� ُّفــه ومتعــة ال� ُّقــب‪ ،‬وليــس طلبـاً للكســب والغُ نــم؛ ولهــذا ال يبـ ي‬

‫‪158‬‬

‫(‪)35‬اللغة‪:‬‬ ‫الو ْغــل‪ :‬الضعيــف الخامــل‪ .‬عــداوة‬ ‫َ‬ ‫ذي الأصحــاب‪ :‬أي عــداوة مــن كان‬ ‫نفرد‪.‬‬ ‫معــه جماعــة‪ .‬الــ ُـم ِّ‬ ‫توحد‪ :‬الــ ُـم ِ‬ ‫ـــح ِتد‪:‬‬ ‫الـم‬ ‫ى‪.‬‬ ‫ـــح‬ ‫أبع َ‬ ‫نَفَــى‪َ :‬‬ ‫َ ْ‬ ‫ــد ونَ َّ‬ ‫أ‬ ‫ــرك‪ :‬ق َ​َســم بحيــاة‬ ‫الصــل‪ .‬ل َ​َع ْم ُ‬ ‫ــم‪،‬‬ ‫المخاطَــب‪ .‬الغُ َّمــة‪ :‬مــن الغَ ّ‬ ‫وهــو التغطيــة‪ ،‬والمقصــود بهــا‪:‬‬ ‫أ‬ ‫المــر المب َهــم الــذي ال يُهتـ َـدى لــه‪.‬‬ ‫المنقطــع‪.‬‬ ‫غــر‬ ‫ـــر َمد‪ :‬الدائــم ي‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫الس ْ‬ ‫ور ّب‬ ‫أي‪:‬‬ ‫‪،‬‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫واو‬ ‫الــواو‬ ‫‪:‬‬ ‫ويــوم‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُّ‬ ‫العــراك‪ :‬االزدحــام عنــد‬ ‫يــوم‪ِ .‬‬ ‫ٍ‬ ‫العــورات‪ :‬جمــع َعــورة‪،‬‬ ‫الــنز اع‪َ .‬‬ ‫وهــي مــا يجــب المحافظــة عليــه‬ ‫ــدد‪ :‬تهديــد‬ ‫والدفــاع عنــه‪ .‬الت َه ُّ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ـرك‪:‬‬ ‫العــداء‪ .‬الــردى‪ :‬الهــاك‪ .‬تعـ ِ‬ ‫تزدحــم‪ .‬ال َفرائــص‪ :‬جمــع ف َِريصــة‪،‬‬ ‫ـ� الثــدي تمتـ ّـد‬ ‫وهــي عضلــة ممــا يـ ي‬ ‫صعــوداً إىل الكتــف ترعــد عنــد‬ ‫الرعــدة‪،‬‬ ‫الفــزع‪ .‬تُر َعــد‪ :‬تصيبهــا ِّ‬ ‫وهــي االضطـراب الشــديد‪ .‬وأصفـ َـر‪:‬‬ ‫والقـ ْـدح هــو‬ ‫ور ّب ِقـ ْـد ٍح أصفـ َـر‪ِ ،‬‬ ‫أي ُ‬ ‫الســهم قبــل أن يُوضــع فيــه الريــش‬ ‫والنصــل‪ ،‬وكانــوا يســتعملونه ف ي�‬ ‫الميــر‪َ .‬م ْض ُبــوح‪ُ :‬قـ ِّـر َب مــن النــار‬ ‫ـرت فيــه‪ ،‬وإنمــا يصنعون‬ ‫فغ�تْــه وأثّـ ْ‬ ‫يّ‬ ‫انتظرت‪.‬‬ ‫ـرت‪:‬‬ ‫بــه ذلــك ليص ُلــب‪ .‬نظـ ُ‬ ‫ُ‬ ‫القــدح‬ ‫ِحــواره‪ :‬رجوعــه‪ ،‬أي رجــوع ِ‬ ‫بعــد الـرض ب بــه؛ ليتبـ ي ن‬ ‫ـ� منــه الفــوز‬ ‫أو الخســارة‪ .‬الــ ُـم ْج ِمد‪ :‬هــو الــذي‬ ‫يضـ ّـم يديــه ُشـ ّـحاً‪ ،‬فــا يخــرج منهما‬ ‫ش‬ ‫�ء‪ ،‬والمقصــود بــه هنــا‪ :‬الالعــب‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الميــر‪.‬‬ ‫الــذي يخــر غالبــاً ي�‬ ‫ِ‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫‪97.‬‬

‫‪If I were a weakling, a leech,‬‬ ‫‪I would have feared the enmity‬‬ ‫ ‬ ‫‪of all men, the loner and the‬‬ ‫ ‬ ‫‪one with friends.‬‬ ‫‪98.‬‬

‫‪But my valor and daring‬‬ ‫‪have driven enemies away‬‬ ‫ ‬ ‫‪as did my honesty‬‬ ‫ ‬ ‫‪and my noble name.‬‬ ‫‪99.‬‬

‫‪I swear by your life,‬‬ ‫‪I am not one to brood,‬‬ ‫ ‬ ‫‪neither my day darkens‬‬ ‫ ‬ ‫‪nor my night extends.‬‬

‫‪100. Many a times‬‬ ‫‪I stood resolute in battle‬‬ ‫ ‬ ‫‪to guard the weak and distressed,‬‬ ‫ ‬ ‫‪true to my honor and my name.‬‬ ‫‪101. I stood fast‬‬ ‫‪where the bravest fear death,‬‬ ‫ ‬ ‫‪where shoulders tremble‬‬ ‫ ‬ ‫‪and panic strikes.‬‬

‫‪102. Many a yellow gambling arrow,‬‬ ‫‪I heard crackle in the flame.‬‬ ‫ ‬ ‫‪My hopes set on it, I entrusted it‬‬ ‫ ‬ ‫‪to a losing hand.‬‬

‫‪159‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫أن ي َهــب ِقدحــه لرجــل معــروف بخســارته الدائمــة ف ي� هــذه اللعبــة‪،‬‬ ‫فهــو هنــا يتمـ ّـدح بصفــة أخــرى لــه‪ ،‬وهــي ســخاء النفــس بالبــذل‪،‬‬ ‫واســتهانتها بالمــال والممتلــكات‪ ،‬وربمــا قصــد طرفــة شــيئاً أبعــد مــن‬ ‫ش‬ ‫يتعمــد الخســارة ف ي� الميــر‬ ‫هــذا كمــا ّ‬ ‫ـراح‪ ،‬وهــو أنــه ّ‬ ‫تأولــه بعــض الـ ّ‬ ‫يقدمــه فيــه‪.‬‬ ‫طعــم الفق ـراء ممــا ّ‬ ‫ُلي ِ‬ ‫ُّ‬ ‫تأمالت النهايات‬ ‫ ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً َ ً َْ‬ ‫َ َ َ ْ َ ُّ ُ‬ ‫‪ .103‬أ َ‬ ‫ف‬ ‫الن‬ ‫داد‬ ‫ع‬ ‫أ‬ ‫وت‬ ‫الـم‬ ‫ى‬ ‫ر‬ ‫وس وال أ َرى َب ِع ْيدا غدا ما أق َر َب َالي َوم ِم ْن غ ِد‬ ‫ِ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫الي ُ‬ ‫ـك أ َّ‬ ‫ـام ما ُك ْـن َت َج ِاه ًال َوي ْـأ ِت ْـي َك ب� أل ْخ َـبار َم ْن َل ْـم ُت َــزو ِدّ‬ ‫‪َ .104‬س ُـت ْـب ِدي ل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ْ‬ ‫‪َ .105‬وي ْـأت ْـي َك � أَل ْخ َـبار َم ْن َل ْـم َتـب ْـع َل ُ‬ ‫ــه َب َـت ت ًا� وَل ْـم َت ْ‬ ‫ـض ِـر ْب ل ُـه َوق َت َم ْـو ِع ِـد‬ ‫ِب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويــأ� طرفــة ّإل أن يُنهــي‬ ‫هــذه رؤى ِ‬ ‫الختــام ّ‬ ‫وتأمــات النهايــات‪ ،‬ب‬ ‫ت‬ ‫الــى ي ّتحــد عنرصاهــا‬ ‫مع َّلقتــه بمــا بدأهــا بــه‪ :‬بــروح المــاء الرمليــة ي‬ ‫ف� المحــو واالكتســاح‪ ،‬فهــو يذكــر هنــا أ‬ ‫العــداد‪ ،‬ويع ـن ي بهــا‪ :‬الميــاه‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫مصبهــا‪ ،‬فهــذه صــورة‬ ‫ـى ال يتوقــف جريانهــا‪ ،‬وال ينقطــع ُّ‬ ‫المتدفقــة الـ ي‬ ‫ـ� الصــورة الرمليــة‪ ،‬حـ ي ن‬ ‫ـ� الالحقـ ي ن‬ ‫مائيــة‪ ،‬ثــم يرســم ف� البيتـ ي ن‬ ‫ـ� يشـ يـر‬ ‫ي‬ ‫ـر� آنــذاك غـ يـر‬ ‫إىل المســافر وزاده ومتاعــه‪ ،‬ومــاذا يقطــع المســافر العـ ب ي‬ ‫المتلويــة؟‬ ‫الصح ـراء الشاســعة برمالهــا الممتــدة‬ ‫ّ‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ــد‪ ،‬وهــو المــاء‬ ‫أعــداد‪ :‬جمــع ِع ّ‬ ‫الجــاري الــذي ال يتوقــف جريانــه‬ ‫وال ينقطــع مصــدره‪ .‬ســ ُتبدي‪:‬‬ ‫ـزود‪ :‬تتك ّفــل بمؤونة زاده‬ ‫ظهر‪ .‬تُـ ِّ‬ ‫سـ ُت ِ‬ ‫ــع‪ :‬البيــع هنــا بمعــىن‬ ‫ليســافر‪ .‬ت َِب ْ‬ ‫الـ شـراء‪ .‬بَ َتات ـاً‪ :‬هــو ِجهــاز المســافر‬ ‫مــن كســاء ومتــاع‪ .‬ت ـرض ِ ب‪ :‬تجعــل‬ ‫وتقــدر‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬

‫‪103. I see death‬‬ ‫‪the well-spring to which all men‬‬ ‫ ‬ ‫‪flock, on a day not too distant,‬‬ ‫ ‬ ‫‪and how close today is to that.‬‬ ‫‪104. The days will reveal to you‬‬ ‫‪what you know not and news‬‬ ‫ ‬ ‫‪will come to you from one‬‬ ‫ ‬ ‫‪you least expect.‬‬ ‫‪105. News will come to you‬‬ ‫‪from one you didn’t furnish‬‬ ‫ ‬ ‫‪and on a day for which‬‬ ‫ ‬ ‫‪you haven’t yet planned.‬‬

‫ـورد المــاء الجــاري العظيــم الــذي ال بـ ّـد‬ ‫يــرى طرفــة المــوت مثــل مـ ِ‬ ‫أن تـ ِـرده نفــوس البـ شـر‪ ،‬فمــر ُّد مراكبهــا إليــه طــال ســفرها ضـ ّـد تيــاره أو‬ ‫ت‬ ‫يتوهــم النــاس‬ ‫ـى ّ‬ ‫قـ ُـر؛ ولهــذا ال يــرى طرفــة تلــك الفجــوة الزمنيــة الـ ي‬ ‫بــ� اليــوم والغــد‪ ،‬ي ن‬ ‫وجودهــا ي ن‬ ‫إن الزمــن‬ ‫بــ� الحــا�ض والمســتقبل‪ّ .‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫مســره الهــادر ليضحــك‬ ‫الكــو� الــذي يطــوي القــرون والجيــال ي� ي‬ ‫ي‬ ‫ِمـ ْـل َء ِشــدقيه وهــو يــرى البـ شـر ّي يضــع حواجــزه ت‬ ‫االف�اضيــة المه ْل َهلــة‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫الــى تعلــو أمواجــه العظيمــة‬ ‫بــ� الفقاعــات المتناهيــة ِّ‬ ‫الصغَ ــر ي‬ ‫المتدافعــة‪.‬‬

‫‪160‬‬

‫‪161‬‬


‫العبد‬ ‫َط َرفة بن‬ ‫ْ‬

‫ـى طرفــة ســامعه بــأن أ‬ ‫ومتدثِّـراً بعبــاءة الشــيوخ وحكمتهــم يُنـ ب ئ‬ ‫اليــام‬ ‫ّولدة للعجائــب‪ ،‬وجهلــه بهــا آ‬ ‫الن يدفعــه إىل اســتبعاد وقوعهــا؛‬ ‫ولكــن ت ـرادف أ‬ ‫اليــام سـ ُـيبدي لــه مــا كان خافي ـاً عنــه‪ ،‬وســتتناهى إىل‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫أســماعه الخبــار دون أن يتقـ َّـى ي� البحــث عنهــا‪ ،‬أو يتك ّلــف إرســال‬ ‫أحــد ليجلبهــا إليــه‪ ،‬بــل ســيوصلها إليــه شــخص عابــر لــم يتفــق معــه‬ ‫ت‬ ‫ـى‬ ‫عــى موعــد ل ّلقــاء‪ ،‬ولــم يقـ ِّـدم لــه مؤونــة لســفره أو زاداً لرحلتــه الـ ي‬ ‫اســتقى أ‬ ‫الخبــار منهــا‪ ،‬وهــا هــو ذا يُبلغــه بهــا دون مقابــل‪.‬‬ ‫ـا� آ‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫الخــر الــذي يتقاســمه‬ ‫ّ‬ ‫ـرك المجـ ي‬ ‫وكأن طرفــة يُ ِّنبــه عــى هــذا المشـ َ‬ ‫أ‬ ‫النــاس بينهــم دون حســاب‪ ،‬وهــو‪ :‬تناقــل الخبــار‪ ،‬ومــاذا كان يفعــل‬ ‫طرفــة عــى امتــداد هــذه المع َّلقــة ت‬ ‫الم�اخيــة الذيــول غـ يـر نقــل أخبــاره‬ ‫ـث ُرؤاه وهمومــه بـ ي ن‬ ‫ـب منــك شــيئاً‬ ‫إليــك‪ ،‬وبـ ّ‬ ‫ـ� يديــك‪ ،‬دون أن يطلـ َ‬ ‫ســوى الصغــاء أ‬ ‫النيــق‪.‬‬ ‫إ‬

‫‪162‬‬

‫‪Ṭarafah ibn al-ʿAbd‬‬


Zuhayr ibn Abī Sulmā ‫زُهير بن أبي ُسلْ َمى‬


Zuhayr ibn Abī Sulmā ‫زُهير بن أبي ُسلْ َمى‬

The Muʿallaqah of Zuhayr ibn Abī Sulmā The Canticle of Peace

‫ه� بن ب يأ� ُسل َْمى‬ ‫معلَّقة ُز ي‬ ‫أنشودة السالم‬

Introduction and Translation by: Kevin Blankinship

‫مقدمة ش‬ ‫الر َشيد‬ ُّ ‫ عبدهللا بن ُسلَيم‬:‫و�ح‬


‫زُهير بن أبي ُسلْ َمى ‪Zuhayr ibn Abī Sulmā‬‬

‫ن‬ ‫ـ� ُعــرف بالحكمــة‪،‬‬ ‫هــو ُزهـ يـر بــن ب يأ� ُســلمى الــ ُـم َز ي�‪ ،‬شــاعر جاهـ ي‬ ‫هــر صاحــب قصيــدة‬ ‫ولــه أبنــاء شــعراء منهــم كعــب بــن ُز ي‬ ‫صحــا�‪ ،‬ولــه بنــت شــاعرة‬ ‫جــر أخــوه‪ِ ،‬وكالهمــا‬ ‫(الــردة)‪ ،‬وبُ ي‬ ‫ب‬ ‫بي‬ ‫أيضــاً‪ ،‬فهــو مــن بيــت شــعر‪.‬‬ ‫ُلزهـ يـر ن ز‬ ‫م�لــة كبـ يـرة عنــد ن ّقــاد الشــعر ورواتــه‪ ،‬فقــد جعلــه أبــو‬ ‫َع ْمــر بــن العــاء ف ي� طبقــة واحــدة مــع امــرئ القيــس والنابغــة‪،‬‬ ‫الجمحــي ف ي� (طبقــات فحــول الشــعراء) أن أهــل‬ ‫ونقــل ابــن سـ ّـام ُ‬ ‫ـر والنابغــة عــى شــعر‬ ‫الحجــاز والباديــة كانــوا يُ ّ‬ ‫فضلــون شــعر زهـ ي ٍ‬ ‫زه�يتمـ ي ّ ز‬ ‫ـ�‬ ‫يغ�همــا‪ ،‬وأضــاف أن ن ّقــاد الشــعر كانــوا يــرون أن شــعر ي‬ ‫الســفاف‪ ،‬والقــدرة عــى التعبـ يـر‬ ‫بإحــكام الصياغــة‪ ،‬والبعــد عــن إ‬ ‫المعــا� الكثــرة ف� أ‬ ‫ن‬ ‫اللفــاظ القليلــة‪ ،‬والمبالغــة ف ي� المــدح‪.‬‬ ‫عــن‬ ‫ي‬ ‫ي ي‬ ‫ض‬ ‫ر� هللا عنــه شــهاد ًة وضعــت‬ ‫وكانــت كلمــة عمــر بــن الخطــاب ي‬ ‫ف‬ ‫ـال‪ ،‬إذ قــال‪" :‬أشــعر شــعرائكم الــذي يقــول‪:‬‬ ‫زهـ يـراً ي� موضــع عـ ٍ‬ ‫(‪)1‬‬ ‫ـدح أحــداً إال بمــا فيــه"‪.‬‬ ‫ـن"‪ ،‬ووصفــه بأنــه "ال يمـ ُ‬ ‫ـن َ‬ ‫ومـ ْ‬ ‫َمـ ْ‬ ‫كان ُزهـ يـر مشــهوراً بتنقيــح شــعره‪ ،‬وإطالــة النظــر فيــه‪ ،‬حـ تـى إنــه‬ ‫كان يُمـض ي حــوال ً كامـا ً (أي عامـاً) ف ي� إنشــاء القصيــدة وتنقيحهــا‪،‬‬ ‫وليــات)‪ ،‬وجمعــه أحــد النقّــاد‬ ‫ُ‬ ‫فعرفــت لــه قصائــد باســم َ‬ ‫(الح ّ‬ ‫مــع ثالثــة مــن الكبــار‪ ،‬فقــال‪ :‬أشــعر شــعرائكم "امــرؤ القيــس إذا‬ ‫(‪)2‬‬ ‫ركــب‪ ،‬وزهــر إذا رغــب‪ ،‬والنابغــة إذا رهــب‪ ،‬أ‬ ‫والعـ شـى إذا طـ ِـرب"‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫تــو� ف ي� الســنة الثالثــة ش‬ ‫عــرة قبــل الهجــرة‪،‬‬ ‫ويُ َّرجــح أن ي‬ ‫زهــراً ي‬ ‫ويوافقــه بالتاريــخ الميــادي ‪.609‬‬

‫‪168‬‬

‫ــن)‬ ‫ــن َ‬ ‫وم ْ‬ ‫(‪ )1‬قصــد عمــر بقولــه َ(م ْ‬ ‫ت‬ ‫الــى تبــدأ كلهــا‬ ‫َ‬ ‫أبيــات الحكمــة ي‬ ‫بقولــه َ(و َمــن‪ ،)...‬وهــي مــن أبيــات‬ ‫هــذه المعلّقــة‪.‬‬ ‫(‪ )2‬ويقصــد بذلــك أن ام ـرأ القيــس‬ ‫ف‬ ‫َــرس‪،‬‬ ‫يفــوق ي‬ ‫غــره ي� وصــف الف َ‬ ‫ف‬ ‫وزهـ يـر يفوقهــم إذا رغــب ي� مــدح‬ ‫ُ‬ ‫مــن يســتحق المــدح‪ ،‬والنابغــة‬ ‫إذا رهــب‪ ،‬أي خــاف فاعتــذر‪،‬‬ ‫فقــد بــرز ف� اعتذارياتــه‪ ،‬أ‬ ‫والعـ شـى‬ ‫ي‬ ‫يّ ز‬ ‫يتمــ� بقدرتــه عــى إنشــاء الشــعر‬ ‫ن‬ ‫غــى بــه‪.‬‬ ‫طرب الــذي يُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫الـــم ِ‬

‫‪Just decades before the coming of Islam, two horses‬‬ ‫‪raced each other across a distance of one hundred‬‬ ‫‪bowshot lengths, their owners hoping to claim prize of‬‬ ‫‪one hundred camels if they won. Each racehorse came‬‬ ‫‪from a tribe in the larger confederation of Ghaṭafān:‬‬ ‫‪the stallion Dāḥis belonged to the tribe of ʿAbs, and the‬‬ ‫‪mare Ghabrāʾ to the tribe of Dhubyān.‬‬ ‫‪According to legend, near the end of the race, some‬‬ ‫‪members of Dhubyān ambushed Dāḥis and spooked‬‬ ‫‪him off course, giving the win to Ghabrāʾ and sparking a‬‬ ‫‪bitter forty-year conflict known as the War of Dāḥis and‬‬ ‫‪Ghabrāʾ.‬‬ ‫‪As reported in Book of Songs by Abū al-Faraj al-Iṣbahānī,‬‬ ‫‪the war ended after a Dhubyānī fighter named al-Ḥārith‬‬ ‫‪ibn ʿAwf took up a challenge.‬‬ ‫‪A friend bet him that he could not convince Aws ibn‬‬ ‫‪Ḥārithah, whose wife was from the ʿAbs tribe, to give his‬‬ ‫‪daughter in marriage.‬‬ ‫‪In fact, Aws had three daughters, and the first two refused‬‬ ‫‪to wed al-Ḥārith, leaving the youngest, Buhaysah, who‬‬ ‫‪agreed.‬‬ ‫‪However, she would not consummate the marriage until‬‬ ‫‪al-Ḥārith concluded a peace between his own tribe of‬‬ ‫‪Dhubyān and that of Buhaysah’s mother, i.e. the tribe of‬‬ ‫‪ʿAbs.‬‬ ‫‪This he did, on the condition that the dead be counted‬‬ ‫‪and the side which slew more people pay reparations to‬‬ ‫‪the other.‬‬ ‫‪Zuhayr ibn Abī Sulmā, author of this Muʿallaqah, was‬‬ ‫‪called “the poet’s poet” by the caliph ʿUmar ibn al-Khaṭṭāb‬‬ ‫‪He was well to do and therefore did not have to seek‬‬ ‫‪patronage like Ṭarafah or Imruʾ al-Qays.‬‬

‫‪169‬‬


Zuhayr ibn Abī Sulmā ‫زُهير بن أبي ُسلْ َمى‬

The Poem As for the poetry itself, the language is simple and avoids overweening praise, although the eighth-century philologist al-Aṣmaʿī describes Zuhayr as a “slave to poetry” (ʿabd al-shiʿr) because he did not compose “naturally” but rather slaved away with great care. Above all, his verses were known, in the words of Desmond O’Grady, for their “ripe sententious wisdom and moral earnestness.” The Muʿallaqah of Zuhayr ibn Abī Sulmā celebrates the peaceful conclusion of the War of Dāḥis and Ghabrāʾ and was written in the poet’s old age to stress the horrors of war and the virtues of peace. Today, readers remember Zuhayr best for his “hanging or suspended ode” Muʿallaqah, one of ten such odes by ten different poets, each capturing the spirit of preIslamic Arabia and representing the best of its verbal art. In later centuries, the seven Muʿallaqāt were grouped in a single collection. Their status in Arabic is like that of Beowulf in English, a foundational work that influenced later authors for centuries. Children in the Arab world still memorize them in grade school. Zuhayr's ode begins with a customary nasīb (amatory prelude, (lines 1-15) with classic images of the ruined campsite—wild deer, departing women, black cooking stones (athāfī), a comparison to faded tattoos, and so on.

َّ ‫المعلقة‬

،‫ واخ ُتلــف ف ي� عــدد أبياتهــا‬،‫ميميــة عــى البحــر الطويــل‬ َّ ‫هــي قصيــدة‬ ‫ن ف‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫فرويــت ف� ي ن‬ ّ �‫و‬ ‫أقــل مــن‬ ‫و� تســعة‬ �‫اثنــ‬ ‫ي‬ ‫ ي‬،�‫وخمســ‬ ‫ ي‬،ً‫وســت� بيتــا‬ ‫ي‬ ُ .‫ذلــك‬

‫ اللّذَ يــن‬،‫وهـ ِـرم بــن ســنان‬ َ ‫أمــا مناســبتها فهــي مــدح الحــارث بــن عــوف‬ ‫َسـ َـع َيا ف� حقــن الدمــاء وإنهــاء الحــرب بـ ي ن‬ .‫ـ� عبــس وذُبيــان‬ ‫ي‬ ‫المل ّحــة ف ي� حقــن دمائهــم أن خـ ي ّـر‬ ِ ‫وبلــغ مــن كــرم الحــارث ورغبتــه‬ ‫بعــض أصحــاب الــدم بـ ي ن‬ ‫ أو يقتلــوا ابنــه‬،‫البــل‬ ‫ـ� أن يأخــذوا مئــةً مــن إ‬ ‫مــكان أحــد القتــى الذيــن أرادوا أ‬ ‫ فجــاءت هــذه القصيــدة‬.‫الخــذ بثــأره‬

‫تُخ ّلــد ذكــر الرجلـ ي ن‬ .‫ وتمدحهمــا بمــا اســتحقّا‬،‫ـ� الحــارث وهــرم‬

،‫الســلم‬ ٍ ‫والقصيــدة تحــوي عــدة أغـراض ومعـ‬ ِّ ‫ أهمهمــا الدعــوة إىل‬،‫ـان‬ ‫ت‬ ‫ـى نشــأت عــن تجربــة‬ ‫ وفيهــا أرســل الحكــم الخالــدة الـ ي‬،‫ونبـ ِـذ الحــرب‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ �‫و‬ ‫ ي‬،‫ ووصــف لرحيــل الحبــاب‬،‫ـزل‬ ‫ ي‬،‫ومشــاهدات‬ ‫و� أولهــا مطلــع غـ ي‬ ‫تأمــل الحيــاة أن قــال أبياتـاً ســائرة‬ ٍ ‫آخرهــا نفثــات شــيخ هـ‬ ّ ‫ـرم بلــغ بــه‬ .‫عابــرة للزمــن‬

Next, the poet praises two men sent as brokers between ʿAbs and Dhubyān and mentions the prize of one hundred camels paid as recompense (lines 16-25). There follows a description of the fighting and a memorable portrait of War itself, which the poet compares to a blazing fire, a grinding millstone, a camel giving birth to monstrous twins, and a deadly autumn harvest (lines 26-46).

171

170


‫زُهير بن أبي ُسلْ َمى ‪Zuhayr ibn Abī Sulmā‬‬

‫اللوحة األولى‬ ‫ذكرى األحباب‬ ‫ ‬ ‫ْ ّ فَ‬ ‫ُ َ َ َّ‬ ‫َ ٌ َ َ َّ‬ ‫ِ ّ َّ‬ ‫ـــم‬ ‫ب َ�‬ ‫ـــم‬ ‫ومانـــة ْالـــدر ِاج فالـمتـثـ ِ‬ ‫‪ِ .1‬أمــن ِأم أو� ِدمنــة مل تـك ِ‬ ‫َّ قْ ن أ‬ ‫ش ف َ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ص‬ ‫تـــن ك نّ�ـــا‬ ‫َمر ِاج ُع َو ٍ� ي� ن ش ِ​ِ‬ ‫وا� ِمع َ ِ‬ ‫‪ .2‬يد�ر هلــــــــــا ب�لر� ي ِ‬ ‫نُ أ ُ َ نَ ْ َ ً‬ ‫ْ‬ ‫ّ َ َ‬ ‫وأط ُ‬ ‫الؤها ني� َ‬ ‫ضن من ِلك ج ْمث ِـم‬ ‫ـن ِخلفــة‬ ‫‪ .3‬ب�ــا ِ‬ ‫العـ يـن والرآم ي�شـ ي‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُّ‬ ‫أ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫بعد عـ شـر ي نَ� ِ ج ّ‬ ‫توه‬ ‫حة‬ ‫‪ .4‬وقفــت ب�ا مــن ِ‬ ‫فل ي� عرفت الدار بعد ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ ً َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ ً ف‬ ‫يتثل‬ ‫ون ْـؤ ي� ك ِجذ ِم‬ ‫‪ .5‬أ ث� ِفــ َّـي ُسفعا ي� ُمــ َـع َّر ِس ِم ْـر َج ٍل‬ ‫ِ‬ ‫احلوض مل ِ‬ ‫ً ُّ َّ ْ ُ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫الدار قلـ ُ‬ ‫فلــ ّـما ُ‬ ‫ـت ْ‬ ‫عرفت َ‬ ‫لرب ِعا‪:‬‬ ‫واس ِل‬ ‫أال ان َع ْم صباحا يأ�ا الر بع‬ ‫‪.6‬‬ ‫ـتهل زهــر مع ّلقتــه بذكــرى أ‬ ‫الحبــاب‪ ،‬وخــص أم ف‬ ‫أو�‪ ،‬وهــي امـرأة‬ ‫ّ ّ‬ ‫اسـ ّ ي‬ ‫قــد ال تُــراد حقيقتهــا‪ ،‬ألن غالــب مــا نجــده مــن الغــزل ف ي� مطالــع‬ ‫ت‬ ‫الــى‬ ‫القصائــد الجاهليــة هــو رمــز للمــرأة مطلقــاً‪ ،‬بوصفهــا هــي ي‬ ‫كمــل حيــاة الرجــل‪ ،‬والدليــل عــى هــذا أن بعــض الشــعراء يذكــر ف ي�‬ ‫تُ ّ‬ ‫القصيــدة الواحــدة أســماء بضــع نســاء‪.‬‬ ‫ين‬ ‫تز‬ ‫بالحنــ� إىل مرابعهــا‪ ،‬وذكرياتــه معهــا‪،‬‬ ‫زهــر للمــرأة‬ ‫ويمــ�ج ذكــر ي‬ ‫ولهــذا قــال ف� البيــت ن‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫الرقمتــ� تشــبه آثــار‬ ‫الــى ف ي�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الثــا�‪ :‬ديارهــا ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫يعــى بقــاء‬ ‫وشــم عميــق ي� عــروق معصــم‪ ،‬والوشــم ٍ‬ ‫بــاق‪ ،‬وهــذا ي‬ ‫حبــه وحنينــه ألرضــه وأهلهــا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ثــم التفــت إىل المــكان‪ ،‬ووقــف عــى آ‬ ‫الثــار‪ ،‬ورأى حيــا ًة جديــدة فيــه‪،‬‬ ‫ولكنهــا تختلــف عــن حيــاة النــاس الذيــن كانــوا فيــه‪ ،‬فالحيــاة الجديــدة‬ ‫هــي ظبــاء وبقـ ُـر وحـ ٍـش‪ ،‬رآهــا ترتــع ف ي� المــكان‪ ،‬وأوالد الظبــاء ينهضــن‬ ‫حيــة متحركــة لحيــاة‬ ‫ـن جاثمـ ٍ‬ ‫مــن عــدة أماكــن كـ َّ‬ ‫ـات فيهــا‪ ،‬إنهــا صــورة ّ‬ ‫ـن إىل أهلــه‪.‬‬ ‫يعـ ّـج بهــا ذلــك المــكان الــذي وقــف بــه‪ ،‬وحـ ّ‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫الدمنــة وجمعهــا ِد َمــن‪ :‬مــا يبقــى‬ ‫ّ‬ ‫ف� أ‬ ‫الرض مــن آثــار النــاس كموقــد‬ ‫ي‬ ‫النــار والرمــاد ومعاطــن إالبــل والغنم‬ ‫وغ�هــا‪ ،‬وتَ َكلّــم‪ :‬تتكلــم‪ ،‬وقيــل‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫يّ ن‬ ‫وحومانــة‬ ‫المعــى لــم‬ ‫تتبــ�‪َ ،‬‬ ‫الــدراج‪ :‬موضــع ف ي� نهايــة الدهنــاء‬ ‫ّ‬ ‫يــ� القيصومــة‪،‬‬ ‫ممــا‬ ‫ً‪،‬‬ ‫ا‬ ‫قــ‬ ‫ش�‬ ‫ي‬ ‫والـم َتـــ َثلَّم‪ :‬موضــع قريــب مــن‬ ‫ُ‬ ‫والرقمتــان‪ :‬أبرقــان‬ ‫ــان‪،‬‬ ‫الصم‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫و أ‬ ‫البــرق الموضــع الــذي يختلــط فيــه‬ ‫ين‬ ‫موضع�‬ ‫الرمــل بالحجــارة‪ ،‬وأراد بهما‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ـى أســد (القصيــم ونواحيها‬ ‫ي� بــاد بـ ي‬ ‫الوشْ ــم‪ :‬مــا ُكـ ّـرر‬ ‫اليــوم)‪ ،‬ومراجــع َ‬ ‫منــه ت‬ ‫ش‬ ‫ونــوا�‪:‬‬ ‫حــى صــار ِّبينــاً‪،‬‬ ‫ف‬ ‫عصــم‪:‬‬ ‫عــروق ظاهــرة ي� اليــد‪ِ ،‬‬ ‫والم َ‬ ‫والع ي ن‬ ‫ــ�‪ :‬بقــر‬ ‫موضــع الســوار‪ِ ،‬‬ ‫وخلْفـ ًـة‪:‬‬ ‫ـاء‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫الوحــش‪ ،‬والأرآم‪ :‬الظب‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫فوج ـاً بعــد فــوج‪ ،‬والطْــاء‪ :‬جمــع‬ ‫والمج َثــم‪:‬‬ ‫ـى‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫َطــا‪ ،‬وهــو ولــد الظـ ب ي‬ ‫الجثــوم‪ ،‬أي موضــع إقامــة‬ ‫مــكان ُ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ثــا�‪:‬‬ ‫الظبــاء‪ ،‬وليــاً‪ :‬جهــداً‪ ،‬وال ي ّ‬ ‫ت‬ ‫الــى‬ ‫جمــع أُث ِْف ّيــة‪ ،‬وهــي الحجــارة ي‬ ‫والســفْع‪:‬‬ ‫توضــع عليهــا ِ‬ ‫القــدر‪ُّ ،‬‬ ‫جمــع َســفعاء‪ ،‬وهــي الســوداء مــن‬ ‫ــرس‪ :‬الموضــع‬ ‫أثــر النــار‪ُ ،‬‬ ‫والم َع ّ‬ ‫والم ْر َجــل‪:‬‬ ‫الــذي يُقــام فيــه ليــاً‪ِ ،‬‬ ‫القــدر‪ ،‬وال ُّنــؤْي‪ :‬حفــرة طويلــة تُحفَر‬ ‫حــول الخيمــة والخبــاء لتمنــع مــاء‬ ‫وجــذْ م‬ ‫المطــر مــن الدخــول إليهــا‪ِ ،‬‬ ‫بقيتــه‪ ،‬ويتث ّلــم‪ :‬يذهــب‬ ‫الحــوض‪ّ :‬‬ ‫والربْــع‪ :‬المـ ن ز‬ ‫ـ�ل الــذي يحــلّ‬ ‫أعــاه‪َّ ،‬‬ ‫بــه أهــل الباديــة ف ي� الربيــع‪ ،‬وان َْعـ ْـم‬ ‫صباحـاً‪ :‬ســام ودعــاء كانـوا يدعــون‬ ‫بــه ف ي� الجاهلية‪ ،‬يشــبه قولنــا‪( :‬صباح‬ ‫كــن ناعــم البــال‬ ‫ي‬ ‫الخــر)‪ ،‬ومعنــاه ْ‬ ‫ســعيداً‪.‬‬

‫‪The last section is the one best known today (lines 47‬‬‫‪59). A series of nine verses, sounding like a chant since‬‬ ‫‪they all start on the pronoun “whoever” (man), offer‬‬ ‫‪nuggets of wisdom on integrity, courage, kindness,‬‬ ‫‪generosity, the certainty of death, the need for‬‬ ‫‪friendship, and more.‬‬ ‫‪The final four lines are weary but composed: the poet,‬‬ ‫‪having reached his eightieth decade, knows that this life‬‬ ‫‪does not last, but that a person’s legacy of words and‬‬ ‫‪deeds—which betray their true nature—will live on.‬‬ ‫‪Was there a mute stone at Umm Awfā’s home‬‬ ‫?‪in Mutathallam’s badlands, and Darrāj‬‬

‫‪1.‬‬ ‫ ‬

‫‪wherein white cows and wild deer do roam‬‬ ‫‪and hungry calves rise out of camouflage.‬‬

‫‪3.‬‬ ‫ ‬

‫—‪This faded camp of hers in Raqmatayn‬‬ ‫‪like tattoos drawn, it conjures a mirage‬‬

‫‪It’s twenty summers since I came here last‬‬ ‫‪and memory serves me only when I scan‬‬

‫‪the black stones where she hung her cooking pot,‬‬ ‫‪the tent-gutter not yet obscured by sand.‬‬

‫‪And when I recognize her home, I cry:‬‬ ‫‪Good day, dear campsite! Well may you remain.‬‬

‫‪2.‬‬ ‫ ‬

‫‪4.‬‬ ‫ ‬ ‫‪5.‬‬ ‫ ‬ ‫‪6.‬‬ ‫ ‬

‫وهــو هنــا يُ ِلمــح إىل الحيــاة بعــد المــوت‪ ،‬أو الســام بعــد الحــرب‪،‬‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ـى‬ ‫ـى بعثهــا خيا ُلــه ي� المــكان هــي حيــاة الســلم الـ ي‬ ‫فهــذه الحيــاة الـ ي‬ ‫وســيفصل القــول فيهــا ف ي� المقاطــع الالحقــة‪.‬‬ ‫يرجوهــا‪،‬‬ ‫ّ‬

‫‪172‬‬

‫‪173‬‬


‫زُهير بن أبي ُسلْ َمى ‪Zuhayr ibn Abī Sulmā‬‬

‫ثــم قــال‪ :‬وقفــت بهــذه الديــار بعــد زمــن طويــل مــن ف ـر ق يا� ألهلهــا‪،‬‬ ‫ش‬ ‫التعــرف إىل المــكان؛ ألن تلــك المــدة‬ ‫فأبطــأت ف ي�‬ ‫ع�يــن ســنة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫الطويلــة كانــت كفيلــة بــأن تغــر آ‬ ‫وزهــر‬ ‫الثــار‪ ،‬وتمحــو المعالــم‪،‬‬ ‫يّ‬ ‫يٌ‬ ‫أ ف‬ ‫الســود‪ ،‬ف ي� موضــع إيقــاد النــار‪،‬‬ ‫ثــا� ّ‬ ‫يقــول‪ :‬إنــه لــم يجــد إال ال ي ّ‬ ‫ت‬ ‫ـى كانــت تحــوط الخبــاء‪ ،‬وهــي كبقيــة الحــوض غـ يـر‬ ‫وتلــك الحفــرة الـ ي‬ ‫المتث ّلــم‪.‬‬ ‫إنهــا صــورة تنهــض ف ي� وجــه القــارئ منبئــةً إيــاه بمقــدار مــا ف ي� قلــب‬ ‫ـ�‪ .‬إنــه يتوهــم وجــود تلــك آ‬ ‫الشــاعر مــن الحــب والحنـ ي ن‬ ‫الثــار‪ ،‬ويعيــش‬ ‫ّ‬ ‫بخيالــه معهــا‪ ،‬ويســتدعيها مــن ماضيــه القديــم‪ ،‬ثــم يصيــح بأعــى‬ ‫صباحــك أيهــا الربــع‪ ،‬وســلمت‪ .‬إنــه يدعــو بالنعمــة‬ ‫صوتــه‪ :‬نَ ِعــم‬ ‫ُ‬ ‫ـره ف ي� الحقيقــة أهــل المــكان‪.‬‬ ‫والســامة للمــكان‪ ،‬وتفكـ ي ُ‬ ‫أ‬ ‫ـ� بفكــرة‬ ‫وال َت ِفـ ْ‬ ‫ـت إىل أنــه ختــم المقطــع بقولــه (اس ـ َلم)‪ ،‬لنــه ممتـ ئ ٌ‬ ‫الســام‪ ،‬رامـ ٌز بهــذا إىل مــا يريــد مــن انطفــاء الحــرب‪ ،‬وحلول الســلم‪.‬‬

‫‪174‬‬

‫‪175‬‬


‫زُهير بن أبي ُسلْ َمى ‪Zuhayr ibn Abī Sulmā‬‬

‫اللوحة الثانية‬ ‫‪.7‬‬ ‫‪.8‬‬ ‫‪.9‬‬ ‫‪.10‬‬ ‫‪.11‬‬ ‫‪.12‬‬ ‫‪.13‬‬ ‫‪.14‬‬ ‫‪.15‬‬

‫وجع الرحيل‬ ‫ُ‬ ‫تَ‬ ‫ْ‬ ‫ص خليل‪ ،‬هل ت�ى من َظ ئن‬ ‫َتب َّ ْ‬ ‫عا�‬ ‫فوق ُجرث ِـم؟‬ ‫َ� َّم َلن ب� َلعل ِ‬ ‫ياء من ِ‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ن َ َ‬ ‫وح ْزنه‬ ‫ـن‪،‬‬ ‫نان من ُمـ ِح ٍـل ُوم ْـح ِر ِم‬ ‫ومك ب�لق ِ‬ ‫جعلــن القنان عــن ي�ـ ي ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً َّ‬ ‫ُ‬ ‫وكــ ً�ة‬ ‫احلوا�‪ ،‬نُ‬ ‫َ‬ ‫وع َال نَ‬ ‫ش‬ ‫لو�ا لون َع َند ِم‬ ‫ِور َاد‬ ‫ــن أنـــماطا ِعتاقــا ِ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ظ َ‬ ‫الســو�ن ث� َج َز َ‬ ‫ّ َْ‬ ‫عنــه‬ ‫يب ُومـفـأ ِم‬ ‫�ــرن مــن ُّ ب ِ‬ ‫عىل ِلك قي ِنـ ّ ٍي ق ِش ٍ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َوو َّر ْك َن ف� ُّ‬ ‫ُ‬ ‫و� ِن يعلون َم ْـت َنـه‬ ‫الـم َت َن ِّع ِم‬ ‫النامع‬ ‫عل� َّن َدل‬ ‫ِ‬ ‫الس ب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫ُّ َ‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أك ّن ُفتــات ِ ْ‬ ‫ـزل‬ ‫نز�لن به حب الـفنا لـم ي�ط ِم‬ ‫العـ ِـن ي� ِلك منــ ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫رن ُبكو ًرا ْ َ‬ ‫ف� َّن ووادي ّ‬ ‫رة‬ ‫بك‬ ‫اكليد للـف ِم‬ ‫واست َحــ ْـرن ُبسـ ْـح ٍ‬ ‫الرس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وض َ‬ ‫فلـــما وردن َ‬ ‫ض‬ ‫احلا� ُ‬ ‫ّ‬ ‫املــاء ز ْرقــا ِج� ُامــه‬ ‫الـم َتخ ِّي ِـ�‬ ‫عن ِع ِـص َّـي‬ ‫ِ‬ ‫َّ َ ْ ً ّ‬ ‫َأ ٌ‬ ‫لع� الناظر ُ‬ ‫نيق ي ن‬ ‫ٌ‬ ‫الـم َت َو ِّ ِس‬ ‫ومنظــر‬ ‫ـــطيف‬ ‫ــه لل‬ ‫وف�ــن م‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫ت‬ ‫ـى تع ّلــق قلبــه‬ ‫بعــد أن وقــف الشــاعر َّ‬ ‫بالربْــع وتذكــر أهلــه والمـرأة الـ ي‬ ‫بهــا‪َ ،‬خ َطــرت ف ي� ذهنــه صــورة رحيلهــم عــن المــكان‪ ،‬فانســاب مــع‬ ‫ف‬ ‫ـن‪ ،‬ومــن أيــن ابتــدأت الرحلــة‬ ‫خيالــه ي� بنــاء صــورة الظعائــن ومــن فيهـ ّ‬ ‫وأيــن انتهــت‪ ،‬وهــذا موضــوع يكــرث عنــد شــعراء الجاهليــة‪ ،‬فهــم‬ ‫ــل وتَرحــال‪ ،‬فيســتغرق ذلــك حنينهــم إىل الر ي ن‬ ‫يعيشــون ف ي� َح ّ‬ ‫احلــ�‪،‬‬ ‫وي�عــون ف ي� صفتــه؛ ألنــه يحـ ّـرك كوامــن شــعورهم‪ ،‬ويقلــق أفئدتهــم‪،‬‬ ‫ب‬ ‫ويســتبكيهم‪.‬‬ ‫ـر أيض ـاً ف ي�‬ ‫وهــا هنــا عمــد ُزهـ يـر إىل مخاطبــة الخليــل‪ ،‬وخطابــه كثـ ي ٌ‬ ‫أ‬ ‫يكمــل حيــاة الفــرد منهــم‪ ،‬إذ ال بـ ّـد مــن صفـ ّـي‬ ‫قصائدهــم؛ لنــه جــز ٌء ّ‬ ‫وم ّرهــا‪.‬‬ ‫صديــق يسـ يـر معــه‪ ،‬ويشــاركه حلــو الحيــاة ُ‬ ‫وهنــا يطلــب مــن خليلــه أن يتبـ ّـر معــه‪ ،‬ألنــه يعيــش بـ ي ن‬ ‫ـ� التصديــق‬ ‫والتكذيــب‪ ،‬أرحــل أحبابُــه أم هــم باقــون؟ فقــال‪ :‬هــل تــرى تلــك‬ ‫الظعائــن الـ تـى رحــل أهلهــا مــن تلــك أ‬ ‫الرض العليــاء مــن فــوق ُجرثــم؟‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫يتوهــم‪ ،‬ويريــد مــن صاحبــه أن يــرى مثـ َـل مــا يــرى بعـ يـ� خيالــه‪،‬‬ ‫إنــه ّ‬ ‫حجــة عــى فراقهــم؟‬ ‫ـن وقــد مضــت عـ شـرون ّ‬ ‫وكيــف يراهـ ّ‬

‫‪176‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ف‬ ‫الظَّعائــن‪ :‬النســاء ي� الهــوادج‪،‬‬ ‫وال َهــو َدج‪ :‬مركــب يُوضــع عــى ظهــر‬ ‫الناقــة تســتقر فيــه الم ـرأة فيحميهــا‬ ‫ويخفيهــا عــن النــاس‪ ،‬والعليــاء‪:‬‬ ‫أ‬ ‫وج ْرثُــم‪ :‬اســم‬ ‫الرض المرتفعــة‪ُ ،‬‬ ‫مــكان ف ي� منطقــة الج ـواء بالقصيــم‪،‬‬ ‫(الجرثُمــي) قُــرب‬ ‫يُســمى اليــوم ُ‬ ‫الفــوارة‪ ،‬والقَنــان‪ :‬سلســلة جبــال‬ ‫ّ‬ ‫تسـ ّـمى اليوم (الــ ُـم َو ّشم) ف ي� الشــمال‬ ‫والحــ ْزن‪:‬‬ ‫الغــر� مــن القصيــم‪َ ،‬‬ ‫بي‬ ‫ّ‬ ‫والـــم ِحل‪:‬‬ ‫المــكان الوعــر الغليــظ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫العــدو‪،‬‬ ‫حرم‪:‬‬ ‫الصديــق‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫والـــم ِ‬ ‫و َعال ي ْ ن‬ ‫َــ�‪ :‬رفعــن‪ ،‬والأنمــاط‪:‬‬ ‫جمــع نمــط‪ ،‬وهــو مــا يُبســط مــن‬ ‫صنــوف الثيــاب عــى ظهــر إالبــل‬ ‫أ‬ ‫والعتــاق‪ :‬الكــرام‪،‬‬ ‫أو عــى الرض‪ِ ،‬‬ ‫ت‬ ‫الســر الرقيــق الشــفّاف‪،‬‬ ‫والكلّــة‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫الحمــرة‪،‬‬ ‫ِووراد‪ :‬لونهــا قريــب مــن ُ‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫ــدم‪:‬‬ ‫والحــوا�‪ :‬الطــراف‪َ ،‬‬ ‫والع ْن َ‬ ‫ي‬ ‫والســوبان‪ :‬اســم و ٍاد‬ ‫ثمــر أحمــر‪ُّ ،‬‬ ‫ف ي� غــرب منطقــة القصيــم‪ ،‬يــرى‬ ‫ين‬ ‫الباحثــ� أنــه هــو الــذي‬ ‫بعــض‬ ‫وج َزعنــه‪:‬‬ ‫يُسـ ّـمى اليــوم (الفُويلــق)‪َ ،‬‬ ‫ن‬ ‫ـى‪ :‬هــو َدج منســوب‬ ‫َقطَعنــه‪ ،‬والقَيـ ي ّ‬ ‫ن‬ ‫بــى الق ي ن‬ ‫َــ� وهــم جماعــة مــن‬ ‫إىل ي‬ ‫العــرب كانــوا مشــهورين بصناعتــه‪،‬‬ ‫والـــم ْفأَم‪:‬‬ ‫والق َِشــيب‪ :‬الجديــد‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫كأنهــن‬ ‫ووركــن‪ِ :‬مـــل َْن‬ ‫الواســع‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫تن‬ ‫َهــن‪،‬‬ ‫والمــ�‪ :‬الغليــظ‬ ‫ولّينــه أوراك ّ‬ ‫أ‬ ‫الع ْهــن‪ :‬مــا‬ ‫مــن الرض‪ ،‬و ُفتــات ِ‬ ‫تناثــر مــن الصــوف‪ ،‬والفَنــا‪ :‬شــجر‪،‬‬ ‫س َن بُكــر ًة أي ف ي� أول النهــار‪،‬‬ ‫وبَكَ ـ ْـرن‪ْ ِ :‬‬ ‫ـحرة‪:‬‬ ‫ً‪،‬‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ـح‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫ن‪:‬‬ ‫والسـ ْ‬ ‫ِ‬ ‫واس ـ َت َح ْر ْ َ َ‬ ‫ُّ‬ ‫والــرس‪ :‬و ٍاد‬ ‫ر‪،‬‬ ‫ــح‬ ‫الس َ‬ ‫ّ‬ ‫اســم زمــان َّ‬ ‫نشــأت حولــه مدينــة باالســم نفســه‬ ‫ف‬ ‫والجمــام‪:‬‬ ‫ي� منطقــة القصيــم‪ِ ،‬‬ ‫وزرقــاً أي صافيــاً‪،‬‬ ‫المــاء المجتمــع‪ُ ،‬‬ ‫العــ�‪ :‬كنايــة عــن‬ ‫ووضعــن‬ ‫يّ‬ ‫والـــم َتخَ ّيم‪:‬‬ ‫النـــزول و إالقامــة‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫مبتــى الخيمــة‪ .‬واللطيــف‪:‬‬ ‫ي‬ ‫معجــب‪،‬‬ ‫المتل ّطــف معهـ ّ‬ ‫ـن‪ ،‬وأَنيــق‪ِ :‬‬ ‫بتفــرس‬ ‫والمتو ِّســم‪ :‬الــذي ينظــر‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫وتأمــل‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪Look up, my friend: do you see women there‬‬ ‫?‪borne high on litters over Jurthum’s streams‬‬

‫‪They put Qanān’s rough country to the right.‬‬ ‫‪Qanān! Where many foes and friends have stood.‬‬ ‫‪The ladies’ howdahs? draped with cloths and veils‬‬ ‫‪and fringes rosy-red like sappanwood.‬‬ ‫‪The women come to Sūbān’s Gorge, then pass‬‬ ‫ ‪on Qaynī� camels sleek and full-bodied.‬‬ ‫‪They climb Sūbān and sit up in the saddle‬‬ ‫‪with coyness like those reared in luxury.‬‬

‫‪The dyed-wool bits they leave behind are like‬‬ ‫‪some violet nightshade berries still untouched.‬‬ ‫‪At dawn they rose and left in early morn,‬‬ ‫‪plunging into Wādī� Rass like hand to mouth.‬‬

‫‪And when they reached the waters brimming blue,‬‬ ‫‪they struck their tents in place as if to stay:‬‬ ‫‪a joy for gentle eyes, a sight to see,‬‬ ‫‪well worth the heed of those who love beauty.‬‬

‫‪7.‬‬ ‫ ‬ ‫‪8.‬‬ ‫ ‬ ‫‪9.‬‬ ‫ ‬

‫‪10.‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪11.‬‬ ‫ ‬ ‫‪12.‬‬ ‫ ‬ ‫‪13.‬‬ ‫ ‬ ‫‪14.‬‬ ‫ ‬ ‫‪15.‬‬ ‫ ‬

‫‪177‬‬


‫زُهير بن أبي ُسلْ َمى ‪Zuhayr ibn Abī Sulmā‬‬

‫إنهــا عـ ي ن‬ ‫ـب وقلــب العاشــق يتضافـران الســتدعاء صــورة الرحيل‬ ‫ـ� المحـ ّ‬

‫ورســمها‪ ،‬بعــد تلــك المــدة الطويلــة‪ ،‬ويطـ ّـوح بــه الخيــال فيم ّثــل لــه‬

‫ـن القَنــان‬ ‫صــورة الظعائــن وطريــق مســار رحلــة القــوم‪ ،‬فقــد جعلـ َ‬ ‫ـن‪ ،‬والقَنــان موضــع فيــه مــن هــو صديــق لهــم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وح ْزنَــه عــن يمينهـ ّ‬ ‫ـب أن يالقــوا الصديــق فيعينهــم‪ ،‬ال أن يالقــوا‬ ‫ومــن هــو عـ ّ‬ ‫ـدو‪ ،‬إنــه يحـ ّ‬ ‫ف‬ ‫معيتهــم‪،‬‬ ‫العـ ّ‬ ‫ـ�ء إليهــم‪ ،‬فقلبــه معهــم‪ ،‬وشــعوره مســافر ي� ّ‬ ‫ـدو فيـ ي‬ ‫ـدو‪ ،‬ويقصــد بهــذا أنــه‬ ‫وربمــا أراد مــن هــو صديــق يل‪ ،‬ومــن هــو عـ ّ‬ ‫ف‬ ‫تتبــع ظعائــن أحبابــه‪ ،‬فقــد يقــع بـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫يحمــل نفســه عــى شــدائد ي� ّ‬ ‫ـتد عليــه‪ .‬ومــاذا بعــد؟‬ ‫ـدو يشـ ّ‬ ‫يــدي عـ ّ‬ ‫إن زهـ يـراً يتو ّغــل ف� صفــة الظعائــن‪ ،‬فقــد تبـ ي ّ ن‬ ‫ـ� لــه بخيالــه الخصــب‬ ‫ي‬ ‫النمــاط الكريمــة النســج‪ ،‬والك ّلــة ذات اللــون أ‬ ‫أنهــن رفعــن أ‬ ‫الحمــر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫عرضــه‪ ،‬عــى هــوادج كريمــة‬ ‫الســوبان‪ ،‬وق َطعــن َ‬ ‫ثــم خرجــن مــن وادي ُّ‬ ‫المنشــأ‪ ،‬نَ َســجها بنــو القـ ي ن‬ ‫ـ�‪ ،‬وفيهــا الجديــد والواســع‪.‬‬ ‫ثــم م ْلــن عــن الســوبان وع َلــون أرضــه الغليظــة‪ ،‬ولكــن غ َلــظ أ‬ ‫الرض‬ ‫َ‬ ‫ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ف‬ ‫فهــن ذوات‬ ‫وفيهــن محبوبتــه‪،‬‬ ‫لــم يؤثّــر ي� جمــال أولئــك النســوة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫متنعمــات‪ ،‬ثــم وقــف وقفــة شــعرية ليقتنــص صــورة‬ ‫منعمــات ّ‬ ‫دالل‪ّ ،‬‬ ‫لطيفــة‪ ،‬لقــد رأى ي ن‬ ‫بعــ� خيالــه فُتــات الصــوف ومــا تناثــر منــه ف ي�‬ ‫ـب شــجر الفَنــا‪ ،‬الــذي‬ ‫المــكان الــذي كانــوا فيــه‪ ،‬فــإذا هــو يـراه مثـ َـل حـ ّ‬ ‫ـتمر‪.‬‬ ‫لــم يتح ّطــم‪ ،‬وم ـراده أن شــعوره بهــم ّ‬ ‫ـاق مسـ ّ‬ ‫وحبــه إياهــم بـ ٍ‬

‫ف‬ ‫رسن ف ي�‬ ‫ومــاذا أيض ـاً يــا ُزهـ يـر؟ قــال‪ :‬خرجــن ي� الصبــاح الباكــر‪ ،‬ثــم َ‬ ‫ـرس‪ ،‬فلــم يخطئ َنــه‪ ،‬مثلمــا أن اليــد ال‬ ‫السـ َـحر يقصــدن وادي الـ ّ‬ ‫وقــت َّ‬ ‫تخطــئ الفــم فــا تتجــاوزه‪.‬‬

‫‪178‬‬

‫‪179‬‬


‫زُهير بن أبي ُسلْ َمى ‪Zuhayr ibn Abī Sulmā‬‬

‫ف ن‬ ‫ـى ُزهـ يـر‪ ،‬فـ يـرى أولئــك القــوم قــد وردوا مــاء‬ ‫وتسـ ّ‬ ‫ـتمر الرحلــة ي� عيـ ي‬ ‫صافيــاً‪ ،‬ن ز‬ ‫وخيمــوا‪ ،‬وهاهنــا يبــدأ وصــف آخــر للنســاء‬ ‫ف�لــوا عنــده‪ّ ،‬‬ ‫بهــن‪ ،‬ألن نــزول القــوم ن‬ ‫التأمــل‪،‬‬ ‫يعــى أنــه وجــد فرصــة ّ‬ ‫وشــعوره ّ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫معجــب‪ ،‬لمــن‬ ‫و� أولئــك النســوة مجــال ل ّلهــو‪ ،‬ومنظــر ِ‬ ‫فلهــذا قــال‪ :‬ي‬

‫يتوســم ويتفـ ّـرس‪ ،‬ولكــن ليــس لـ ّ‬ ‫ـكل أحــد‪ ،‬بــل للرجــل اللطيــف‪ ،‬وقــد‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ـى بهــذا نفســه‪.‬‬ ‫يعـ ي‬ ‫إن الرحلــة هنــا قــد تـــحمل عــى الرمــز‪ ،‬فهــي رحلــة ف� طلــب أ‬ ‫المــن‬ ‫ُ َ‬ ‫ي‬

‫بالتتبــع واالقتــداء‪،‬‬ ‫والســلم‪ ،‬والراحلــون إىل الســلم ذوو مظهــر مغـ ٍـر ُّ‬ ‫ت‬ ‫الــى خ ّلفتهــا الحــرب‬ ‫وقــد تركــوا خلفهــم آثــار الخــراب والدمــار ي‬ ‫ـاف‪ ،‬تحلــو معــه الحيــاة‪.‬‬ ‫الطويلــة‪ ،‬رحلــةٌ تنتهــي عنــد مــاء صـ ٍ‬

‫‪180‬‬

‫‪181‬‬


‫زُهير بن أبي ُسلْ َمى ‪Zuhayr ibn Abī Sulmā‬‬

‫اللوحة الثالثة‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫فرسان السالم‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـن َ‬ ‫َتـ َـبــ َّـز َل مــا بـ ي ن‬ ‫ـدم‬ ‫‪ .16‬ســى ســاعيا غ ْي ِظ ب ِ ن� ُم َّرة بعدما‬ ‫العشـ يـر ِة ب�لـ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ َ​َ ُ‬ ‫ـره‬ ‫ـش‬ ‫لبيت الذي طاف حول‬ ‫‪ .17‬فأقسمت ب� ِ‬ ‫وجـ ِ‬ ‫رجــال بنــوه مــن قريـ ٍ‬ ‫ُ تُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫سيل ُومــ ْب َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ـر ِم‬ ‫د�ــا‬ ‫دان و ِج‬ ‫لنعــم‬ ‫‪ .18‬ي�ينــا‬ ‫الســي ِ‬ ‫عــى ِلك حـ ٍ‬ ‫ـال من ِ ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ً ُ َ‬ ‫َ‬ ‫نَ‬ ‫تُ‬ ‫ْ َْ ش‬ ‫ـم‬ ‫تداركــام ِع ْبســا وذبيــان بعدمــا‬ ‫‪.19‬‬ ‫تفانــوا ودقــوا بي�ــم ِعطـ َـر منـ ِ ِ‬ ‫َْ َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫السـ َ‬ ‫القول نسـ ِـم‬ ‫ـمال‬ ‫ـم واســعا‬ ‫‪ .20‬وقد قل�ت ‪ :‬إن ن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫درك ِ‬ ‫ومعروف من ِ‬ ‫بــ ٍ‬ ‫َ ْ ثَ‬ ‫ُ‬ ‫ت ن‬ ‫بعيـ ي ن‬ ‫ـوق ومــأ ِ�‬ ‫موطن‬ ‫ـد� يف�ــا عــن عقـ ٍ‬ ‫‪ .21‬فأصبحــام م�ــا عــى خـ ي ِ‬ ‫ـر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫عظيمــن ف� ُعليــا َم َع ٍّــد ُه ِد تُ‬ ‫ستب ْح كــنْ ز ا من املجْ ِد ُي ْعظ ِم‬ ‫يــام‬ ‫‪.22‬‬ ‫ي ِن ي‬ ‫ومن ي ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫نُ ّ‬ ‫ـال ُمـ َز َّنـــ ِـم‬ ‫ـادمك‬ ‫‪ .23‬وأصبــح ي�ــدى يف�ـ ُـم مــن ِتـ ِ‬ ‫مغــا� شـ تـى مــن ِإفـ ٍ‬ ‫ُ ّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ّ ُ‬ ‫جر ِم‬ ‫‪ .24‬ت َعـ فـى الك ُوم ب�لــ ِـم ِئ ي نَ�‬ ‫فأصبحت‬ ‫ينــ ِـجمها مــن ليــس يف�ــا بـــم ِ‬ ‫َ ً‬ ‫ومل يُ َ�ر يقــوا نَ‬ ‫ٌ‬ ‫بي�ــم ِم ْل َء ِم ْـح َ‬ ‫جــ ِـم‬ ‫لقــوم غرامــة‬ ‫قــوم‬ ‫‪ُ .25‬ي َن ِ ّج ُمهــا‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ف ي� هــذا المقطــع ش‬ ‫هــر ف ي� قضيــة الســلم والحــرب‪ ،‬وهــي‬ ‫يــرع ُز ي‬ ‫القضيــة الـ تـى َشــغَ ل ْته‪ ،‬ودفع ْتــه إىل إنشــاء هــذه المع َّلقــة‪ ،‬فقــد عـ ن‬ ‫ـا�‬ ‫ي‬ ‫هــو وقومــه ويالت ِـــها‪ ،‬فــكان أن انطلــق لســانُه بالثنــاء العظيــم عــى‬ ‫ين‬ ‫ــعيا ف ي� حقــن الدمــاء‪ ،‬وهمــا الحــارث بــن عــوف‬ ‫الرجلــ� اللذيــن َس َ‬ ‫ـاع� غيــظ بــن ُمـ ّـرة‪ ،‬إ ْذ َسـ َـعيا‬ ‫وهـ ِـرم بــن ســنان‪ ،‬وهمــا المقصــودان بسـ ي َ ي ْ‬ ‫ف‬ ‫ـ� المتصارعتـ ي ن‬ ‫الديــات عــن القتــى مــن القبيلتـ ي ن‬ ‫ـ�‪ ،‬وكان عملهــا‬ ‫ي� دفــع ِّ‬ ‫ين‬ ‫عــر عنــه‬ ‫العظيــم ذاك بعــد أن زادت جــراح‬ ‫القبيلتــ�‪ ،‬وهــو مــا ب ّ‬ ‫أ‬ ‫ـ�ل مــا بـ ي ن‬ ‫ـ� العشـ يـرة بالــدم)‪ ،‬أي تش ـقّقت‬ ‫تعبـ يـراً مثخن ـاً باللــم (تـ ب ز ّ‬ ‫الجراحــات ونزفــت‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ـى طــاف حولهــا رجــال مــن‬ ‫ثــم أقســم ُزهـ يـر بالبيــت أي الكعبــة الـ ي‬ ‫ـ� نعــم الســيدان أ‬ ‫وجرهــم‪ ،‬بــأن هذيــن الرجلـ ي ن‬ ‫للمــور كلهــا‪،‬‬ ‫قريــش ُ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫مدحــه‬ ‫المــر الــذي قــد أبرمــاه وعرفــاه‪ ،‬والمــر الــذي لــم يعرفــاه‪ ،‬ومــا ُ‬ ‫لهمــا إال لذلــك العمــل العظيــم‪ ،‬أي إحــال الســلم‪ ،‬فقــد وصفهمــا‬ ‫بأنهمــا تــداركا عبســاً وذُبيــان‪ ،‬أي عمــا مــا يمكــن بــه إدراك نجــاة‬ ‫ـتد القتــال وطــال‪ ،‬حـ تـى‬ ‫أبنائهمــا‪ ،‬وهــذا التــدارك وقــع بعــد أن اشـ ّ‬ ‫أفنــت ّكل قبيلــة أ‬ ‫الخــرى‪ ،‬وحـ تـى صــاروا كأنهــم د ّقــوا عطــر َم ْن ِشــم‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ـى يُتشــاءم بعطرهــا‪.‬‬ ‫تلــك الم ـرأة الـ ي‬

‫‪182‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫جــد لبطــن مــن‬ ‫ــرة ‪ٌّ :‬‬ ‫غيــظ بــن ُم ّ‬ ‫قبيلــة ذُبيــان مــن َغطَفــان‪ ،‬وتـبـ ـ َّزل‪:‬‬ ‫وجرهــم‪ :‬قبيلتــان‬ ‫تشـقّق‪ ،‬و ُقريــش ُ‬ ‫وسـ ِـحيل‪:‬‬ ‫ـم‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫َس‬ ‫َ‬ ‫معروفتان‪ ،‬ويميناً‪ :‬ق َ‬ ‫غــر المفتــول مــع‬ ‫الخيــط الواحــد ي‬ ‫غـ يـره‪ ،‬والــ ُـم ب ْ َ�م‪ :‬الخيــط الــذي فُتــل‬ ‫مــع خيــط آخــر‪ ،‬وعبــس وذُبيــان‪:‬‬ ‫القبيلتــان المعروفتــان‪ ،‬وتفانَــوا‪ :‬ن‬ ‫أف�‬ ‫وم ْن ِشــم‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫بعضهــم بعض ـاً بالقتــال‪َ ،‬‬ ‫ـوم‬ ‫ام ـرأة ع ّطــارة‪ ،‬وقــع أن تحالــف قـ ٌ‬ ‫عــى الحــرب والقتــال‪ ،‬فغمســوا‬ ‫أيديَهــم ف ي� عطرهــا‪ ،‬ليكون ذلــك عهداً‬ ‫ض‬ ‫ـرب‬ ‫بينهــم عــى‬ ‫الثبــات‪ ،‬فصــار يُـ َ‬ ‫المثــل بعطرها ف‬ ‫والعقوق‪:‬‬ ‫ـؤم‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫الش‬ ‫�‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫الر ِحم‪ ،‬والــ َـمأْثَم‪ :‬ما يسـ ّـبب‬ ‫قطيعة َّ‬ ‫وم َع ّد‪:‬‬ ‫إالثــم‪ ،‬و ُعليــا َم َعـ ّـد‪ :‬أعالهــا‪َ ،‬‬ ‫جاهــ� تنتســب إليــه القبائــل‬ ‫جــد‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫العدنانيــة‪ ،‬ويُ ْعظَم‪ :‬يُعظِّمــه الناس‪،‬‬ ‫حــدى‪ :‬يُســاق‪ ،‬وال ِّتــاد‪ :‬المــال‬ ‫ويُ َ‬ ‫القديــم المــوروث‪ ،‬وشـ ت‬ ‫متفرقــة‪،‬‬ ‫‪:‬‬ ‫ـى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِوإفــال‪ :‬جمــع أَ ِفيــل‪ ،‬وهــو الصغـ يـر‬ ‫مــن إالبــل‪ ،‬والــ ُـم َزنَّم‪ :‬الــذي ُو ِضــع‬ ‫ف� أُذُنــه عالمــة‪ ،‬وطريقــة الــ ت َّ ز‬ ‫ـ�نيم أن‬ ‫ي‬ ‫قــر ظاهــر جلــدة أ‬ ‫الذن‪ ،‬فتبقــى‬ ‫يُ ش َ‬ ‫معلّقــة‪ ،‬وهــي عالمــة عــى كــرم إالبل‬ ‫ِوعتقهــا‪ ،‬وت َُع ّفــى‪ :‬تُمحــى‪ ،‬والكُلــوم‪:‬‬ ‫والـم ي ن‬ ‫وينجمها‪:‬‬ ‫ئ�‪ :‬المئات‪ّ ،‬‬ ‫الجراح‪ِ ،‬‬ ‫يجعــل ألدائهــا وقتــاً‪ ،‬و َغرامــة‪ :‬أي‬ ‫يغرمهــا ويدفــع قيمتهــا‪ ،‬ويُ َهريقــوا‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫يصبـوا ويســكبوا‪ ،‬والــ ِـم ْح َجم‪ :‬وعــاء‬ ‫ّ‬ ‫الحجــام‪.‬‬ ‫صغـ يـر يســتعمله ّ‬

‫‪Two men from Ghayz ibn Murrah tried for peace‬‬ ‫‪after great bloodshed split the tribes in two.‬‬

‫‪16.‬‬ ‫ ‬

‫!‪a solemn vow: what fine lords are you two‬‬ ‫‪whether the thread by one or two is struck.‬‬

‫‪18.‬‬ ‫ ‬

‫‪You said: If we make peace that’s broad and firm‬‬ ‫ ‪through largesse and fair talks, we live secure.‬‬

‫‪20.‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪21.‬‬ ‫ ‬

‫‪I swore upon the Kaʿabah—round which walk‬‬ ‫—‪Quraysh and Jurhum, tribes who built it true‬‬

‫‪You’ve healed ʿAbs and Dhubyān after long strife‬‬ ‫‪and killing-oaths made over Manshim’s musk.‬‬

‫‪From then on you were in the best position,‬‬ ‫‪far from rebellious pride or sin impure,‬‬

‫—‪you two chiefs, highborn stock of father Maʿadd‬‬ ‫‪who makes a prize of glory will be great.‬‬

‫‪Then they herded your birthright to this folk:‬‬ ‫‪purebred young camels, marked by an ear-slit.‬‬ ‫‪Those hundred beasts did heal the tribal wounds,‬‬ ‫‪making their giver free of any fault.‬‬ ‫‪A redress paid from one tribe to the next,‬‬ ‫‪not spilling even a cupper’s glass of blood.‬‬

‫‪17.‬‬ ‫ ‬

‫‪19.‬‬ ‫ ‬

‫‪22.‬‬ ‫ ‬

‫‪23.‬‬ ‫ ‬ ‫‪24.‬‬ ‫ ‬ ‫‪25.‬‬ ‫ ‬

‫‪183‬‬


‫زُهير بن أبي ُسلْ َمى ‪Zuhayr ibn Abī Sulmā‬‬

‫هــر ًا يخاطــب هذيــن الســيدين‪ ،‬ويراهمــا ماث َل ي ن‬ ‫ــ� تُجاهــه‬ ‫إن ُز ي‬ ‫َبع َظمتهمــا‪ ،‬فيقــول‪ :‬لقــد اتخذتمــا رأي ـاً ســديداً‪ ،‬وقلتمــا‪ :‬إن أمكننــا‬ ‫تــدارك القبيلتـ ي ن‬ ‫ـلم‬ ‫وطيــب القــول نسـ ْ‬ ‫ـ� مــن الفنــاء‪ ،‬ولــو ببــذل المــال ّ‬ ‫مــن عواقــب اســتمرار القتــال‪.‬‬ ‫ن ف‬ ‫عــال‬ ‫خــر‬ ‫و� ي‬ ‫ي‬ ‫فمــاذا وقــع؟ لقــد أصبحتمــا ي‬ ‫خــر موضــع ٍ‬ ‫رجلــ�‪ ،‬ي‬ ‫مــن المجــد‪ ،‬ال يصيبكمــا العقــوق أي التفريــط ف� حقــوق أ‬ ‫الهــل‪ ،‬وال‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫تصيبكمــا المآثــم‪ ،‬ورصتمــا عظيمـ يـ� ي� قبيلتيكمــا‪ ،‬ثــم أرســل كلمــة‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ـيأ�‪ -‬فقــال‪ :‬مــن‬ ‫ِحك ّ‬ ‫ْميــة –وهــو المشــهور بإرســال الحكــم عــى مــا سـ ي‬ ‫ـ�اً مــن المجــد فأخــذَ ه ع ّظمــه النــاس‪ .‬وهــذه رســالته أ‬ ‫وجــد كــ ن ز‬ ‫الوىل‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ـى يبعثهــا ف ي� ســبيل إحــال الســلم وتــرك الحــرب‪ .‬ومــاذا كان بعـ ُـد؟‬ ‫الـ ي‬ ‫ت‬ ‫ـى جــاد بهــا هــذان السـ ّـيدان لحقــن الدمــاء‪،‬‬ ‫لقــد صــارت إ‬ ‫البــل الـ ي‬ ‫رابضــة ف� مرابــع أوليــاء المقتولـ ي ن‬ ‫البــل إال كرام ـاً‬ ‫ـ�‪ ،‬ولــم تكــن تلــك إ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫و� هــذا مزيــد ثنــاء عــى الســيدين إذ رضيــا‬ ‫عتاقــاً غاليــة القيمــة‪ .‬ي‬ ‫ف‬ ‫زهــر‪ ،‬وهــو‬ ‫التنــازل ي� ســبيل الســلم عــن كــرام إ‬ ‫البــل‪ .‬ويضيــف ي‬ ‫ٌ‬ ‫مشــغوف بالثنــاء عليهمــا‪ ،‬قائــاً‪ :‬إن الــذي منحــه هــذان الرجــان‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫رث‬ ‫ـى‬ ‫كثـ يـر‪ ،‬لن الجـراح والقتــى كـ ُ ‪ ،‬فقــد دفعــا المئــات‪ ،‬والمفارقــة الـ ي‬ ‫الديــات هــو الــذي لــم يُجـ ِـرم‪ ،‬ولــم‬ ‫يشـ يـر إليهــا أن الــذي يدفــع تلــك ِّ‬ ‫يقتــل أحــداً‪ ،‬ولــم يُ ِسـ ْـل مــن الدمــاء قطــرة واحــدة‪.‬‬ ‫إنــه يبعــث رســالة عميقــة‪ :‬مــن أراد الســيادة والمجــد‪ ،‬ورغــب ف ي� نفــع‬ ‫محــل الحــرب‪ ،‬أ‬ ‫ّ‬ ‫والمــن موضــع الخــوف‪،‬‬ ‫النــاس‪ ،‬وإحــال الســلم‬ ‫فعليــه أن يكــون عظيم ـاً كهذيــن الرجلـ ي ن‬ ‫ـ�‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ـى بعــده بثالثــة‬ ‫لقــد وضــع زهـ يـر بــذرة الفكــرة الـ ي‬ ‫ـى التقطهــا المتنـ ب ي‬ ‫قــرون‪ ،‬فقــال‪:‬‬ ‫ُ ُّ‬ ‫ّ ُ‬ ‫انلاس كل ُ‬ ‫هم‬ ‫ولال الـشمقة ساد‬

‫‪184‬‬

‫ُ ّ ُ‬ ‫ُ​ُ ُ‬ ‫الـجــود يـفـقـِـر‪ ،‬واإلقــدام تقال‬

‫‪9‬‬ ‫‪185‬‬


‫زُهير بن أبي ُسلْ َمى ‪Zuhayr ibn Abī Sulmā‬‬

‫اللوحة الخامسة‬ ‫ّ‬ ‫الحرب والسلم‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ةً‬ ‫تُ ُ َّ ُ ْ َ‬ ‫حــاف عــن‬ ‫رســال‬ ‫ال‬ ‫‪ .26‬أال ْأب ِل ِــغ‬ ‫ـم؟‬ ‫وذ ْبيان‪ :‬هل‬ ‫أقسم� لك مـقــ ِ‬ ‫ي‬ ‫ُ متَ ُ َ َ‬ ‫َ فَ‬ ‫ف‬ ‫‪ .27‬فــا ُ‬ ‫تكت ُم َّ‬ ‫ــن َ‬ ‫نفوســم‬ ‫عــم‬ ‫هللا مــا ي� ِ‬ ‫ليخــى‪ ،‬وهممــا يكــ ِ هللا ي ِ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َّ‬ ‫َ ْ ف‬ ‫ـاب ُفي َّدخـ ْـر‬ ‫ـاب‪ ،‬أو ُي َع َّجــل ُفي ْنق ِم‬ ‫ِ‬ ‫‪ .28‬يؤخـ ْـر ُفيوضــع ي� كتـ ٍ‬ ‫ليوم احلسـ ِ‬ ‫‪ .29‬ومــا احلـ ُ‬ ‫ومــا هــو ن‬ ‫ـرب إال مــا عملـمت ْ ُوذقـمتُ ُ‬ ‫ـث الــ ُـم َر جَّ ِ�‬ ‫ع�ــا ب�حلديـ ِ‬ ‫َ َ ً‬ ‫ت‬ ‫َوتــرضْ َ إذا ضَ َّ‬ ‫‪.30‬‬ ‫ميمــة‬ ‫مــى تبعثوهــا تبعثوهــا ذ‬ ‫� ُيتموهــا َفتــرضْ َ ِم‬ ‫َ‬ ‫ََْ ْ‬ ‫ً ث ّ ُ َ ْ ُ ْ مئ‬ ‫فتعر ْكــ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫‪.31‬‬ ‫فالــا‬ ‫ـم َعـ ْـرك الـ َّـرىح ِبث ِ‬ ‫وتلقــح ِكشــافا � تنتــج فتـتــــ ِ ِ‬ ‫أ‬ ‫َ ُّ‬ ‫َ‬ ‫عــاد‪ ،‬ث ّ� تُ�ض ْ َ‬ ‫‪ُ .32‬فت َنت ْ‬ ‫أشــأم لكهــم‬ ‫ــج لــم غملــان‬ ‫فط ِــم‬ ‫محــر ٍ‬ ‫ــع فت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُّ أ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ ز‬ ‫‪ُ .33‬فتغ ِلــل لــم مــا ال ت ِغــل له ِلهــا‬ ‫ودرمه‬ ‫ــر ِ‬ ‫ق ًــرى ب�لعــر ِاق مــن ق ِف ي ٍ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ـم النـ َ‬ ‫ـال يعـ ُ‬ ‫‪ َ .34‬ي ّ‬ ‫ـاس أمـ ُـرمه‬ ‫الليال ب ُ�عظ ِم‬ ‫طرقت إحدى‬ ‫إذا‬ ‫حل ِحـ ٍ‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ّ ْ ُ ُ ََْ‬ ‫ُ َ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ـدرك تبل‬ ‫عل�م بـمســ ِـم‬ ‫ـا� ي‬ ‫‪ .35‬كـر ٍام فــا ذو ِ‬ ‫الضغـ ِـن يـ ِ‬ ‫وال الج ــارم الج ـ ي‬ ‫ِ غ�ــا ًرا َت َف َّــرى �لســاح و� ّ‬ ‫‪ .36‬رعوا ما رعوا من ِظ ْم ِئ�م ث ّ� أوردوا‬ ‫لــد ِم‬ ‫ِ ب‬ ‫ب‬ ‫ُ َ َ َّ‬ ‫َ​َأ‬ ‫َ َّ‬ ‫ك ُم َ‬ ‫ـا� ن‬ ‫بي�ــم ث ّ� أصــدروا‬ ‫ـــو خ ِ�‬ ‫ســـت ِوب ٍل مت‬ ‫‪ .37‬فقضــوا منـ ي‬ ‫إىل ٍ‬ ‫بعــد أن مــدح ُزهـ يـر الســيدين اللَّذَ يــن ســعيا ف ي� الصلــح‪ ،‬ألــ ّـح عــى‬ ‫ت‬ ‫والكــف عــن الحــرب‪،‬‬ ‫الســلم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الــى ّ‬ ‫تؤرقــه‪ ،‬وهــي إحــال ِّ‬ ‫رســالته ي‬ ‫فجعــل رســالته إىل أ‬ ‫الحــاف وخصومهــم‪ ،‬مذكِّــراً إياهــم بالقســم‬ ‫الــذي أخــذوه عــى أنفســهم‪ ،‬جاهــداً ف ي� نصيحتهــم‪ ،‬بــأال يكتمــوا مــا‬ ‫صــاروا إليــه مــن الصلــح‪ ،‬ويقولــوا ف ي� أنفســهم‪ :‬لــم نكــن ف ي� حاجــة‬ ‫إليــه‪ ،‬ألن هللا يعلــم ذلــك‪ ،‬ثــم يذكّرهــم –وهــو الرجــل الحنيــف الذي‬ ‫يؤخــر‬ ‫قيــل إنــه كان باقيـاً عــى ديــن إبراهيــم‪ -‬بــأن مــا يفعلــون ســوف ّ‬ ‫عجــل بــه النقمــة‬ ‫إىل يــوم القيامــة ويُحفــظ‪ُ ،‬فيحاســبون عليــه‪ ،‬أو تُ َّ‬ ‫ف‬ ‫صدقــوا ف ي� طلــب الصلــح‪.‬‬ ‫عليهــم ي� الدنيــا إن لــم يَ ُ‬ ‫ف‬ ‫الحكْمـ ّـي مذ ِّك ـراً بــأن الحــرب قــد ُج ّربــت ِوذيقــت‪،‬‬ ‫وينطلــق ي� نفَســه ِ‬ ‫وليــس الحديــث عــن أهوالهــا وشــدائدها بالظــن‪ ،‬وأنهــم مـ تـى دخلــوا‬ ‫فيهــا مــر ًة أخــرى جــاءت ذميمــةً كالعهــد بهــا‪ ،‬وأنهــا مثــل النــار مـ تـى‬ ‫ـرم عــى مشـ ِـع ِلها‪ ،‬ومــاذا يكــون منهــا بعــد ذلــك؟ إنهــم‬ ‫تُشـ َـع ْل تضطـ ْ‬ ‫يعرفــون ذلــك حـ ّـق المعرفــة‪ ،‬ولكنــه عـ ب ّـر عنــه بلغــة شــعريّة‪ ،‬إ ْذ شـ ّـبه‬ ‫الرحــى معرفــةً وثيقــة‪ ،‬فهــي تطحــن‬ ‫بالرحــى‪ ،‬وهــم يعرفــون َّ‬ ‫الحــرب َّ‬

‫‪186‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫الأحــاف‪ :‬القــوم المتحالفــون‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ـى أســد وغطفــان‬ ‫وقصــد بهــم قبيلـ ي‬ ‫ومق َْســم‪:‬‬ ‫ومــن كان معهمــا‪ُ ،‬‬ ‫إقســام‪ ،‬أي هــو مصــدر أقســم‪،‬‬ ‫ويُ َّدخَ ــر‪ :‬يُح َفــظ‪ ،‬ويُن َقــم‪ :‬يصيــب‬ ‫صاحبــه‪ ،‬والــ ُـم َر َّجم‪ :‬الــذي‬ ‫بالنقمــة‬ ‫َ‬ ‫بالظــن ال بالحقيقــة‪،‬‬ ‫فيــه‬ ‫يُقــال‬ ‫ّ‬ ‫ض‬ ‫ـر‪ :‬تصبح‬ ‫وتبعثوهــا‪ :‬ي‬ ‫تث�وهــا‪ ،‬وتَـ ْ َ‬ ‫ضاريــة شــديدة‪ ،‬وتـ ض‬ ‫ـرم‪ :‬تشــتعل‪،‬‬ ‫وتعــرك‪ :‬تطحــن طحنــاً شــديداً‪،‬‬ ‫والرحــى‪ :‬حجران مســتديران مثقوبان‬ ‫َّ‬ ‫مــن الوســط‪ ،‬يوضــع أحدهمــا فــوق‬ ‫آ‬ ‫ـب ونحــوه‪،‬‬ ‫الخــر‪ ،‬يُطحــن بهمــا الحـ ّ‬ ‫الرحى‪،‬‬ ‫والثِّفــال‪ :‬جلــد يُوضــع تحــت َّ‬ ‫وتل َقــح ِكشــافاً‪ :‬أي تحمــل َّكل ســنة‪،‬‬ ‫وتُن َتــج‪ :‬تلــد‪ ،‬وت ُِتئــم‪ :‬تلــد توأمــاً‪،‬‬ ‫وأشــأم‪ :‬مــن الشــؤم‪ ،‬وأحمــر عــاد‪:‬‬ ‫ـى هللا صالــح‬ ‫هــو الــذي نحــر ناقــة نـ ب ي‬ ‫عليــه الســام‪ ،‬وعــاد هنــا هــي عــاد‬ ‫الخــرة‪ ،‬وليســت عــاداً أ‬ ‫آ‬ ‫الوىل قــوم‬ ‫ُغلــل‪ :‬تأتيكــم بالغَ لّــة‪،‬‬ ‫هــود‪ ،‬وت ِ‬ ‫والق َِفـ ي ز‬ ‫ـ�‪ :‬مكيــال‪ ،‬وأراد بــه مــا يُــكال‬ ‫الحــال‪:‬‬ ‫فيــه مــن الطعــام‪ ،‬والحـ ّـي ِ‬ ‫وطر َقــت‪ :‬جــاءت‬ ‫القــوم الكثـ يـرون‪َ ،‬‬ ‫لي ـا‪ ،‬والـــمعظَم‪ :‬أ‬ ‫المــر العظيــم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫والضغْ ــن‪ :‬الحقــد‪ ،‬وال َّت ْبــل‪ :‬الثــأر‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ت‬ ‫وم ْسـلَم‪:‬‬ ‫رم‪،‬‬ ‫بالج‬ ‫أ�‬ ‫من‬ ‫ـارم‪:‬‬ ‫ـ‬ ‫والج‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫مـ تـروك مس ـلَّم‪ ،‬والظِّـ ْـمء‪ :‬مــا بـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫ال�بتـ ي ن‬ ‫ش‬ ‫ـ� للإبــل‪ ،‬إذا ش�بــت مــرة‪ ،‬ثم‬ ‫تركــت الـ شـرب‪ ،‬ثــم رجعــت تـ شـرب‪،‬‬ ‫والغمــار‪:‬‬ ‫فمــا بينهمــا يُسـ ّـمى ِظ ْمئـاً‪ِ ،‬‬ ‫تتفرى‪،‬‬ ‫المــاء الكثـ يـر‪ ،‬وتَ َفـ ّـرى‪ :‬أصلــه‬ ‫ّ‬ ‫أي تنكشــف وتتف ّتــح‪ ،‬والــك َ​َلأ‪:‬‬ ‫العشــب‪ ،‬والمســتوبَل‪ :‬الثقيل الذي‬ ‫والم َت َوخّ ــم‪ :‬الذي‬ ‫رعيــه‪ُ ،‬‬ ‫ال يُسـ َت َح ّب ُ‬ ‫يشــعر آ ِك ُلــه َبو َخامــة أي ِث َقــل ف ي� بطنه‬ ‫وبعــض بدنــه‪.‬‬

‫‪You! Take this message to the allies and‬‬ ‫?‪Dhubyān: Did you swear every binding vow‬‬

‫‪26.‬‬ ‫ ‬

‫‪Either it’s delayed, written down and stored‬‬ ‫‪for Judgment Day, or brought out and chastised.‬‬

‫‪28.‬‬ ‫ ‬

‫‪Don’t keep from God what lies within your souls‬‬ ‫‪thinking you’ll hide—God knows what’s hidden low.‬‬

‫;‪War is all you’ve ever known and tasted‬‬ ‫‪it’s not a random tale or vague surmise.‬‬

‫‪When you cast it from your lands, it's disgraced,‬‬ ‫‪but when you kindle it, it blazes fire‬‬ ‫‪then grinds you like a millstone on its pad,‬‬ ‫‪giving birth twice a year to twins of ire‬‬

‫‪and bearing cursed boys all like Ahmar‬‬ ‫‪of ʿĀ� d, then gives milk and then weans them off.‬‬

‫‪27.‬‬ ‫ ‬

‫‪29.‬‬ ‫ ‬ ‫‪30.‬‬ ‫ ‬ ‫‪31.‬‬ ‫ ‬ ‫‪32.‬‬ ‫ ‬

‫‪War’s harvest yields what Iraq’s towns do not‬‬ ‫‪with all their silver and measured foodstuffs.‬‬

‫‪33.‬‬ ‫ ‬

‫‪They’re big-hearted—no spiteful man can win,‬‬ ‫ ‪nor do they give up outlaws to their foes.‬‬

‫‪35.‬‬ ‫ ‬

‫‪Tell this to a tribe lodged where they guard‬‬ ‫‪from harm when dark nights bring trouble and woe.‬‬

‫‪Like camels did they pasture, then came down‬‬ ‫;‪to drink at pools gushing weapons and blood‬‬

‫‪they dragged each other to their several deaths,‬‬ ‫‪then went to graze on dire and noxious weeds.‬‬

‫‪34.‬‬ ‫ ‬

‫‪36.‬‬ ‫ ‬ ‫‪37.‬‬ ‫ ‬

‫‪187‬‬


‫زُهير بن أبي ُسلْ َمى ‪Zuhayr ibn Abī Sulmā‬‬

‫ت‬ ‫يوصلهــا إليهــم أنهــم ســوف‬ ‫مــا يُ َ‬ ‫ـى ِ‬ ‫جعــل فيهــا‪ ،‬والحقيقــة ُ‬ ‫المـ ّـرة الـ ي‬ ‫ف‬ ‫الرحــى‪ ،‬فتطحنهــم طحنــاً شــديداً‪ ،‬ولــم‬ ‫يكونــون‬ ‫ّ‬ ‫كالحــب ي� تلــك َّ‬ ‫وأدق‬ ‫ـرب إليهــم ّ‬ ‫يكتـ ِ‬ ‫ـف بذلــك التشــبيه‪ ،‬بــل جــاء بصــورة أخــرى أقـ َ‬ ‫ن‬ ‫صــور الحــرب ناقــةً تُلقَــح فتلــد توأمــاً‪ ،‬ثــم‬ ‫ف ي� نقــل‬ ‫المعــى‪ ،‬فقــد ّ‬ ‫ـتمر ف ي� رعايــة أوالدهــا‪،‬‬ ‫تن َتــج‪ ،‬فيصـ يـر مــا تلـ ُـده شــؤماً عليهــم‪ ،‬ثــم تسـ ّ‬ ‫تف�ضعهــم حـ تـى يبلغــوا الفطــام‪ ،‬وهــو يريـ ُـد أنــه ســوف يو َلــد لهــم‬ ‫ف ي� أثنــاء الحــروب المتطاولــة أوالد يكونــون شــؤماً عليهــم؛ ألن الثــأر‬ ‫ال ينطفــئ بينهــم‪ ،‬والتقــط ف ي� داخــل الصــورة صــورة أخــرى‪ ،‬فجعــل‬ ‫أ‬ ‫الوالد المشـ ي ن‬ ‫ـى‬ ‫ـؤوم� كأحمــر عــاد‪ ،‬وهــو الرجــل الــذي نحــر ناقــةَ نـ ب ي‬ ‫ت‬ ‫ـى‬ ‫هللا صالــح‪ ،‬عليــه الســام‪ ،‬ولــم تنتــه صــورة الحــرب الكريهــة الـ ي‬ ‫يريــد زهـ يـر إيصالهــا إىل القــوم‪ ،‬فقــد أضــاف أن هــذه الحــرب ســوف‬ ‫ـر‪ ،‬وهــي الــدم‪.‬‬ ‫تأتيهــم بغ ّلــة ال تـ ّ‬ ‫ويرجــع زهـ يـر ‪-‬بعــد أن صـ ّـور الحــرب تلــك الصــورة البغيضــة المن ّفــرة‪-‬‬ ‫الممدوح ي ن‬ ‫الحــي‬ ‫ــ�‪ ،‬فيقــول‪ :‬إن مــا فعــاه كان لمصلحــة ذلــك‬ ‫إىل‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫الكثـ يـر‪ ،‬وأن فعلهــم النبيــل كان ِلع ْصمــة أمــر النــاس‪ ،‬أي حفظــه‪ ،‬إذا‬ ‫توالــت الشــدائد‪ ،‬وعـ ب ّـر عــن هــذا بتلــك الصــورة الموحيــة (إذا طرقــت‬ ‫ـال‪ ،‬أي إذا جــاءت مفاجئــةً بأمــر عظيــم)‪ ،‬وذلــك الحـ ّـي‬ ‫إحــدى الليـ ي‬ ‫الكثــر كــر ٌام‪ ،‬وإنمــا مدحهــم ليؤ ّلــف القلــوب‪ ،‬ويســتدعي أوارص‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ثــأر عندهــم‬ ‫ُــر� بينهــم‪ ،‬وهــم أقويــاء‪ ،‬إن كان لحــد ٌ‬ ‫الرحــم والق ب‬ ‫فلــن ينالــه لــ َـم َن َعتهم‪ ،‬ومــن أجــرم بحقّهــم فلــن يسـ َلم مــن ثأرهــم‪.‬‬ ‫أ‬ ‫مبجلــة عنــد العــرب‪ ،‬الذيــن كان مــن‬ ‫َ‬ ‫وم َد َحهــم بهــذه الصفــة لنهــا ّ‬ ‫كالمهــم الشــائع الــذي يــكاد يكــون قانون ـاً‪( :‬مــن ع ـ ّز ب ـ ّز)‪ ،‬أي غلــب‬ ‫غـ يـره واســتأثر بمــا يريــد‪ ،‬وأن هــؤالء القــوم الكـرام قــد تركــوا الحــرب‬ ‫مـ ّـدةً‪ ،‬ثــم رجعــوا إىل الحــرب‪ ،‬وعـ ب ّـر عــن هــذا بصــورة مســتقاة مــن‬ ‫ت‬ ‫وتســتث� اســتجاب َتهم‪ ،‬إذ‬ ‫الــى تناســب أفهامهــم‪،‬‬ ‫ي‬ ‫البيئــة البدويــة ي‬ ‫ت‬ ‫ـى اســتقت‪ ،‬ثــم ك ّفــت عــن الـ شـرب‪ ،‬ثــم وردت مــاء‬ ‫جعلهــم إ‬ ‫كالبــل الـ ي‬ ‫كثـ يـراً‪ ،‬لــم يكــن ينكشــف إال عــن الســاح والــدم‪ .‬وقــد أدرك أولئــك‬ ‫القــوم أن تلــك الحــرب أوصلتهــم إىل عشــب ثقيــل وخيــم عــى‬ ‫ـرب عــن قــدرة وعلـ ّـو‪ ،‬ال‬ ‫النفــوس‪ .‬وذكــر ّكل هــذا ليجعــل تركهــم الحـ َ‬ ‫عــن ضعــف ِوذ ّلــة‪.‬‬

‫‪188‬‬

‫‪189‬‬


‫زُهير بن أبي ُسلْ َمى ‪Zuhayr ibn Abī Sulmā‬‬

‫اللوحة السادسة‬ ‫‪.38‬‬ ‫‪.39‬‬ ‫‪.40‬‬ ‫‪.41‬‬ ‫‪.42‬‬ ‫‪.43‬‬

‫مشهد من الحرب‬ ‫وات�ــم ُح َصـ ي نُ ُ ضَ ْ َ‬ ‫َلع ْمــري َ‬ ‫لنعــم ي ُّ‬ ‫عل� ُــم‬ ‫ب�ــا ال ُي ي‬ ‫احل َج َّــر ي‬ ‫ـن ب ن� �ـمض ِ‬ ‫َْ ً‬ ‫َّ‬ ‫يتقـــد ِم‬ ‫فـــا هـــو أبداهـــا‪ ،‬ومل‬ ‫واكن طوى كشحا عىل ُم ْس َـت ِـك َّـن ٍة‬ ‫ّ أ‬ ‫ّ‬ ‫ئ‬ ‫ض‬ ‫ا� ُم َلجـ ِـم‬ ‫عـ‬ ‫ـأق� حاجـت ي ث ّ� أت ق ي�‬ ‫ـدوي ب�لـ ٍ‬ ‫ـف مــن ور َ ي‬ ‫وقــال‪ :‬سـ ي‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫تً‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ألقت َر ْحلها ُّأم قش َع ِم‬ ‫لدى حيث‬ ‫كثــرة‬ ‫فش َّــد ومل ُي ِنظ ْــر‬ ‫بيــو� ي‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ـــم‬ ‫شاك‬ ‫السالح مق ِاذ ٍف‬ ‫هل ِلـبــــد أظفـــاره مل تق ِ‬ ‫لدى أسـ ٍـد ِ ي‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ً ّ‬ ‫جـ ٌ‬ ‫ـريء م�ت ُيظـ َ ْ‬ ‫رسيع ــا وإل ُيب ـ َـد ب�لظلــ ـ ِـم َيظ ـ ِ ِـم‬ ‫ـب بظ ِمله‬ ‫يعاقـ‬ ‫ـم ِ‬

‫قصــة أحــد خصومهم‪،‬‬ ‫بعــد أن مــدح ُزهـ يـر أولئــك القــوم‪ ،‬التفـ َ‬ ‫ـت إىل ّ‬ ‫بــى مــرة‪ ،‬الــذي أ� أن يدخــل �ف‬ ‫ن‬ ‫وهــو ُح ي ن‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫صــ� بــن َض ْم َضــم مــن ي ُ ّ‬ ‫الصلــح الــذي وصــل إليــه المتحاربــون‪ ،‬فلمــا اجتمعــوا للصلــح وثــب‬ ‫عــى رجــل منهــم فقتلــه‪ ،‬فلهــذا يقــول زهـ يـر‪ :‬إن مــا فعلــه ُحصـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫ت‬ ‫الــى يمدحهــا‪ ،‬فهــم نعــم الحــي إ ْذ‬ ‫ال يوافــق ّنيــة رجــال القبيلــة ي‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫ـر‪ ،‬وأخفــى ّنيتــه ف ي� أخــذ‬ ‫جنحــوا ِّ‬ ‫للســلم‪ ،‬أمــا ُحصـ يـ� فقــد أضمــر الـ ّ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـى‪ ،‬ثــم أتقيهــم‬ ‫الثــأر مــن قاتــل أخيــه‪ ،‬وقــال ي� نفســه‪ :‬ســأفعل فَعلـ ي‬ ‫ن‬ ‫ملجــم‪ ،‬وهاهنــا يبدو‬ ‫ـى بألــف فــارس معهــم ألــف فــرس َ‬ ‫وأدفعهــم عـ ي‬ ‫ُزهـ يـر ف ي� موضــع مــن يريــد تطييــب خواطــر القــوم‪ ،‬فوصــف فعلــة‬ ‫ُحصـ ي ن‬ ‫ـتعن عــى قتــل خصمــه بأحــد‪ ،‬وق َت َلــه‬ ‫هينــة‪ ،‬إ ْذ لــم يسـ ِ‬ ‫ـ� بأنهــا ّ‬ ‫ف‬ ‫(أم قشــعم) تم� ّصــدة لذلــك القتيــل‪.‬‬ ‫المنيــة ّ‬ ‫ي� ٍ‬ ‫أرض خــاء‪ ،‬وكانــت ّ‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ل َ​َع ْمــري‪ :‬ق َ​َســم‪ ،‬ويُواتيهــم‪:‬‬ ‫يوافقهــم‪ ،‬والكَشْ ــح‪ :‬الجنــب‪،‬‬ ‫الكشــح كنايــة عــن إرسار أمــر‪،‬‬ ‫وطـ ّـي ْ‬ ‫لجــم‪:‬‬ ‫وم‬ ‫الخافيــة‪،‬‬ ‫ة‪:‬‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫والم ْســ َت ِ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫يؤخــر‪،‬‬ ‫أي عليــه اللِّجــام‪ ،‬ويُ ِنظــر‪ّ :‬‬ ‫وأم َقشْ ـ َـعم‪ :‬كُنيــة للحــرب وقيــل‬ ‫ّ‬ ‫تامــه‬ ‫الســاح‪:‬‬ ‫وشــاك‬ ‫للمــوت‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫َــاذف‪ُ :‬مــر ٍام مــن‬ ‫مكتمل ُ‬ ‫ُــه‪ ،‬ومق ِ‬ ‫الرمايــة‪ ،‬وال ِّل َبــد‪ :‬جمــع ِل ْبــدة‪،‬‬ ‫وهــي الشــعر المجتمــع عــى رأس‬ ‫أ‬ ‫الســد وكاهلــه‪.‬‬

‫‪By my life! what a worthy tribe is this‬‬ ‫‪that Husayn ibn Damdam did them wrong.‬‬ ‫‪He kept a secret purpose in his heart,‬‬ ‫‪nor telling them nor setting off headlong,‬‬

‫‪38.‬‬ ‫ ‬ ‫‪39.‬‬ ‫ ‬

‫‪40. but said, I’ll reach my goal, then will fight off‬‬ ‫ ‬ ‫‪my foe with a thousand horses at my back.‬‬ ‫ ‬ ‫‪41. He charged and did not wait to strike the tents‬‬ ‫ ‬ ‫‪where Death, the vulture's mother, laid its pack.‬‬ ‫‪He’s like a well-armed lion, fierce in war‬‬ ‫‪with lush mane and claws that are never blunt,‬‬ ‫‪daring and swift to vengeance when attacked,‬‬ ‫‪returning hurt wherever it confronts.‬‬

‫‪42.‬‬ ‫ ‬ ‫‪43.‬‬ ‫ ‬

‫ثــم وصــف الجيــش بأنــه أ‬ ‫كالســد‪ ،‬أي إن ذلــك القتــال والقتــل كانــا‬ ‫لــدى جيــش أ‬ ‫كالســد‪ ،‬مكتمــل الســاح‪ ،‬يُقــاذف ويرامــي أعــداءه‪،‬‬ ‫واســتمر ف� اســتكمال صــورة أ‬ ‫الســد‪ ،‬فوصفــه بأنــه ذو ِل َبــد أي شــعر‬ ‫ّ ي‬ ‫ش‬ ‫ـى لــم تُ َق ّلــم أظفــاره‪ ،‬وهــذا‬ ‫كثيــف عــى رأســه وكتفيــه‪ ،‬وهــو وحـ ي‬ ‫أ‬ ‫الســد (الجيــش) جــري ٌء‪ ،‬مــن َظ َلمــه جــاءه العقــاب الرسيــع‪ ،‬وحـ تـى‬ ‫لــو لــم يُبـ َـدأ بالظلــم فإنــه يَبــدأ بالظلــم‪.‬‬ ‫صــ� بــن ضمضــم أ‬ ‫وقيــل‪ :‬إنــه أراد تشــبيه ُح ي ن‬ ‫بالســد‪ ،‬قاصــد ًا‬ ‫بالصفــات المذكــورة أنــه ال ت‬ ‫ـتعد‬ ‫يع�يــه ضعــف‪ ،‬وأنــه ذو ســاح اسـ ّ‬ ‫بــه للقتــال‪.‬‬

‫‪190‬‬

‫‪191‬‬


‫زُهير بن أبي ُسلْ َمى ‪Zuhayr ibn Abī Sulmā‬‬

‫اللوحة السابعة‬

‫مشهد آخر من الحرب‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫عل�م ُ‬ ‫ا� نَ�يـ ٍـك أو قتيــل ُ‬ ‫الـم َثـ َّلــ ِـم‬ ‫رماحم‬ ‫‪َ .44‬لعمـ ُـرك ما جـ ّـرت ي‬ ‫دم ب ِ ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ف‬ ‫ْ ف‬ ‫َ َ‬ ‫الـم َ‬ ‫ا� ُ‬ ‫ـب يف�ــا وال ب ن‬ ‫حــ َّـز ِم‬ ‫نوفل‬ ‫‪ .45‬وال شاركت ي� ِ‬ ‫وال وهـ ٍ‬ ‫احلرب ي� ِدم ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ ً‬ ‫ُ ةَ‬ ‫ـف ُم َ‬ ‫ـصـ َّـتــ ِـم‬ ‫عـ‬ ‫‪ .46‬فــل أرامه أصبحــوا َي ْع ِقلونــه‬ ‫ـف بعد ألـ ِ‬ ‫ـال ألـ ٍ‬ ‫بعــد أن عــرض زهـ يـر لوصــف فعلــة ُحصـ ي ن‬ ‫ـ� ووصـ َـف الجيــش‪ ،‬عــاد‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫بعــض ويــات الحــرب‪ُّ ،‬‬ ‫وكل ذلــك ي� ســبيل التخويــف مــن‬ ‫يذكــر‬ ‫َ‬ ‫ـض عــى الســلم‪ ،‬فأشــار إىل أن الرجــال الذيــن ذكرهــم‬ ‫عواقبهــا‪ ،‬والحـ ّ‬ ‫لــم يُق َتلــوا ف ي� هــذه الحــرب‪ ،‬بــل قبلهــا‪ ،‬ولك ّنهــم أدخلــوا ّكل قتيــل كان‬ ‫لهــم ف ي� هــذه الحــرب‪ ،‬فطالبــوا بدياتهــم‪ ،‬ومــع ذلــك فقــد صــاروا‬ ‫يدفعــون ديــة ّكل قتيــل ســابق‪ ،‬زيــاد ًة عــى قتــى الحــرب‪ ،‬بألــف بعــد‬ ‫تامــة‪.‬‬ ‫ألــف ّ‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ووهَ ــب وابــن‬ ‫ابــن ن َِهيــك ونوفــل َ‬ ‫المحــ ّزم‪ :‬أســماء رجــال مــن قبيلــة‬ ‫َ‬ ‫َع ْبــس‪ ،‬قُتلــوا ف ي� الحــرب‪ ،‬وكذلــك‬ ‫قتيــل الــ ُـم َثلَّم‪ ،‬وهــو اســم موضــع‪،‬‬ ‫والع ْقــل‪:‬‬ ‫ويعقلونــه‪ :‬يــؤ ّدون َعقْلــه‪َ ،‬‬ ‫وم َص َّتم‪:‬‬ ‫الديــة‪ُ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫والعاللــة‪ :‬الزيــادة‪ُ ،‬‬ ‫تــام‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪44. Yet on your life, their spears did not spill blood‬‬ ‫ ‬ ‫‪of Ibn Nahī�k nor of Muthallam’s slain,‬‬

‫‪45. nor did they share in Nawfal’s blood or in‬‬ ‫ ‬ ‫ ‪Wahab’s slaughter nor in Muhazzam’s ruin.‬‬ ‫ ‬ ‫‪46. I saw them redress each death with a thousand‬‬ ‫ ‬ ‫‪paid in blood wit, and then a thousand more.‬‬

‫ت‬ ‫ـى ترتفــع بقيمــة الشــعر‪ ،‬فــإن ف ي�‬ ‫ولــم ِتغــب التعبـ يـرات المجازيّــة الـ ي‬ ‫ـاركت) ضمـ يـراً عائــداً عــى الرمــاح‪ ،‬فقــد جعل الرمــاح ذات‬ ‫قولــه (وال شـ ْ‬ ‫إرادة‪ ،‬فلــم تشــارك ف ي� قتــل المذكوريــن‪.‬‬ ‫إنهــا نفثــة مصــدور‪ ،‬رأى مــا تجـ ّـره الحــرب‪ ،‬ومــا تُ ْع ِقــب مــن الخســائر‬ ‫ف ي� المــال والنفــس‪ ،‬ولهــذا جعــل المقطــع الالحــق خالصــاً لحكــم‬ ‫متواليــة توجــز رأيــه فيمــا رأى وجـ ّـرب‪.‬‬

‫‪192‬‬

‫‪193‬‬


‫زُهير بن أبي ُسلْ َمى ‪Zuhayr ibn Abī Sulmā‬‬

‫اللوحة الثامنة‬ ‫‪.47‬‬ ‫‪.48‬‬ ‫‪.49‬‬ ‫‪.50‬‬ ‫‪.51‬‬ ‫‪.52‬‬ ‫‪.53‬‬ ‫‪.54‬‬ ‫‪.55‬‬

‫صوت الحكمة‬ ‫َّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اف ّ‬ ‫العوال ُر ِك َب ْت لك ل ْــهــــذ ِم‬ ‫ُم ِط ُيع‬ ‫جاج فإنه‬ ‫الز‬ ‫يعص أطـر‬ ‫ومــن ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫إىل ُمطمــ ئ نّ‬ ‫وف ال ُيذ َ ْم ومن ُيفـض ُ‬ ‫البـــ ّ ِـر ال َي َت َج ْم َجـ ِـم‬ ‫قلبه‬ ‫ومن ُي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ول ــو رام أس ـ َ‬ ‫ومــن هــاب أسـ َ‬ ‫ماء ُبســ ـ ِـم‬ ‫ـا� َي َنل َنه‬ ‫ـباب املنـ ي‬ ‫ـباب ال ـ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫قوم ــه ُيس ـ َـتغ َن عن ــه ُوي ــذ َ ِم‬ ‫بفضل‬ ‫فضل فيبخل ِ‬ ‫ع ــى ِ‬ ‫ومن يك ذا ٍ‬ ‫ُّ ّ‬ ‫ً‬ ‫الناس َ‬ ‫ومن ال َ ي ز� ْل َيس�ت ِح ُل َ‬ ‫وال ُي ْع ف ِ�ــا يومــا مــن الــذ ِل ينـ َـد ِم‬ ‫نفسه‬ ‫ْ ًّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وم ــن ال ُيك ـ ّـر ْم َ‬ ‫نفس ــه ال ُيك ـ َّـر ِم‬ ‫ه‬ ‫صديق‬ ‫ا‬ ‫ومن يغ�ت ِ ْب ي� ِسب عدو‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ـاس ُيظـ ِـم‬ ‫يُ َ�ـ َّـد ْم ومــن ال يظـ ِ ِـم النـ‬ ‫ـاحه‬ ‫حوضه بسـ ِ‬ ‫ومــن ال يذ ْد عن ِ‬ ‫ُ َْ‬ ‫أ‬ ‫ُ ْ ف‬ ‫ُ َ‬ ‫وطأ َ‬ ‫ـم‬ ‫ـاب وي‬ ‫ـور كثـ يـر ٍة‬ ‫بـم ْنــــ ِ​ِ‬ ‫يـرض َّ ْس ب�نيـ ٍ‬ ‫ومــن ال يصا ِنــع ي� أمـ ٍ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َيـــف ْر ُه ومــن ال ّ‬ ‫الش ـمتْ َ ُي ْش ـمتَ‬ ‫دون ِع ْ‬ ‫ـق‬ ‫ـ‬ ‫يت‬ ‫ه‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫من‬ ‫املعروف‬ ‫عل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ومن ي ج� ِ‬ ‫ِ‬ ‫زهــر إىل الحكمــة؛ ليشــبع رغبتــه ف ي� إحقــاق الحــق‪ ،‬وتثبيــت‬ ‫انتقــل ي‬ ‫التجــارب‪ ،‬ونقلهــا ف ي� صياغــة محكَمــة؛ ل ُتحفَــظ ويُعمــل بمقتضاهــا‪،‬‬ ‫غــره مــن‬ ‫زهــر إ‬ ‫البداعــي الــذي فــاق فيــه ي‬ ‫والحكمــة هــي مجــال ي‬ ‫شــعراء زمانــه‪.‬‬

‫بــدأ بقولــه‪ :‬إن مــن ال يقبــل الصلــح فســوف يقــع ف ي� الحــرب‪ ،‬ولــم‬ ‫يعـ ب ّـر هــذا التعبـ يـر المبـ ش‬ ‫ـا�‪ ،‬بــل جــاء بــه مم َّثـا ً ف ي� صــور فنيــة رفيعة‪،‬‬ ‫وكذلــك فعــل ف� أ‬ ‫التعبــرات‬ ‫البيــات الالحقــة‪ ،‬وإن جنــح إىل بعــض‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ـا� إىل الفهــام‪ ،‬فقــد قــال‪ :‬إن‬ ‫الواضحــة؛ ليســتيقن مــن بلــوغ المعـ ي‬ ‫ـر فلــن يـ تـردد ف ي� قبــول الصلــح‪،‬‬ ‫مــن يفــي فلــن يُــذَ ّم‪ ،‬ومــن اختــار الـ ِب ّ‬ ‫َئن‬ ‫والحـ ْظ أنــه قــال‬ ‫فنيـاً‪ ،‬حاويـاً مــا يريــده‬ ‫َ‬ ‫ـر) فعـ ب ّـر تعبـ يـراً ّ‬ ‫(مطمـ ِ ّ الـ ب ّ‬ ‫ـر إىل النفــوس‪.‬‬ ‫مــن تحبيــب الـ ب ّ‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ال ِّزجــاج‪ :‬جمــع ُز ّج‪ ،‬وهــو الحديــدة‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ـوال‬ ‫ي� طــرف الرمــح الســفل‪ ،‬والعـ ي‬ ‫أط ـراف الرمــاح العليــا‪ ،‬وال َّل ْهــذَ م‪:‬‬ ‫ويتج ْم َجــم‪ :‬يـ تـردد ف ي� قبول‬ ‫الحــا ّد‪َ ،‬‬ ‫أ‬ ‫المــر‪ ،‬ورام‪ :‬حــاول‪ ،‬وأســباب‬ ‫ت‬ ‫ويســرحل‪:‬‬ ‫الســماء‪ :‬نواحيهــا‪،‬‬ ‫نفســه كالراحلــة‪ ،‬أي البعـ يـر‬ ‫يجعــل َ‬ ‫الــذي يُ َرحــل عليــه‪ ،‬ويُ ْع ِفهــا‪:‬‬ ‫ض‬ ‫ــرس‪ :‬يُمضــغ‪،‬‬ ‫يُ ِبعدهــا‪ ،‬ويُ َ ّ‬ ‫البعــر‪،‬‬ ‫والـــم ْن ِسم‪ :‬طــرف ُخــف‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫تامــاً موفــوراً‪.‬‬ ‫ــره‪ :‬يجعلــه ّ‬ ‫ويَ ِف ْ‬

‫‪Who spurns the blunted lance they gave in peace‬‬ ‫‪must kneel to sharpened blades atop their spears.‬‬ ‫‪Who keeps his word is blameless, and who sets‬‬ ‫‪his heart on grace’s comfort should not fear.‬‬ ‫‪Who fears the way Death might come—yet it comes‬‬ ‫‪even if he mounts a stairway to the sky.‬‬ ‫‪Who holds back wealth and aid from his own folk,‬‬ ‫ ‪will soon find he’s dispensed with and reviled.‬‬ ‫‪Who always makes others ride upon him‬‬ ‫‪and doesn't stop doing it, will have regrets.‬‬

‫‪Who fares abroad thinks enemies are friends,‬‬ ‫‪who values not himself, gets no respect.‬‬

‫‪Who doesn’t shield his cistern sees it smashed,‬‬ ‫‪who hesitates to strike, himself is beat.‬‬ ‫‪Who eases not another’s heart in life‬‬ ‫‪is crushed by fangs and trod by camel feet.‬‬ ‫‪Who makes goodness a shield will boost his honor,‬‬ ‫ ‪who doesn’t guard from insult is defamed.‬‬

‫‪47.‬‬ ‫ ‬

‫‪48.‬‬ ‫ ‬ ‫‪49.‬‬ ‫ ‬

‫‪50.‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪51.‬‬ ‫ ‬

‫‪52.‬‬ ‫ ‬

‫‪53.‬‬ ‫ ‬

‫‪54.‬‬ ‫ ‬

‫‪55.‬‬ ‫ ‬

‫أ‬ ‫ولنــه يعالــج قضيــة الحــرب والســلم نجد الحديــث عن المــوت يطغى‬ ‫عــى بعــض مقاطــع القصيــدة‪ ،‬وهــا هنــا يرســل حكمتــه الذائعــة‪ :‬مــن‬ ‫هــاب المــوت فلــن يســتطيع الفـرار منــه‪ ،‬ولــو ارتقــى ف ي� الســماء‪.‬‬

‫‪194‬‬

‫‪195‬‬


‫زُهير بن أبي ُسلْ َمى ‪Zuhayr ibn Abī Sulmā‬‬

‫ت‬ ‫ـث عــى التخ ّلــق‬ ‫مضمنـاً أبياتــه الحـ ّ‬ ‫ـر التذكـ يـر بالفضائــل‪ِّ ،‬‬ ‫وال أ يــرك ُزهـ ي ٌ‬ ‫بالخــاق العاليــة‪ ،‬فمــن كان ذا مــال‪ ،‬فبخــل عــى قومــه‪ ،‬اســتغنوا عنه‬ ‫وذمــوه‪ ،‬والتذكـ يـر بهــذا ف ي� تلــك البيئــة البدويــة مهـ ٌّـم؛ ألن معيشــتهم‬ ‫ّ‬ ‫قائمــة عــى التكاتــف والتعــاون‪ ،‬فهــذا تخويــف مــن االنف ـراد‪ ،‬وتذكـ يـر‬ ‫بــأن مــن أهــان نفســه وجعلهــا كالراحلــة أي البعـ يـر يركبــه كل أحــد‪،‬‬ ‫فســوف يلقــى الـ ّ‬ ‫ـذل‪ ،‬يتبعــه النــدم‪.‬‬ ‫وكأنمــا شــعر ُزهـ يـر بــأن قائـا ً ســيقول‪ :‬ومــاذا ف ي� االنفـراد والبعــد عــن‬ ‫القــوم؟ فأجــاب‪ :‬ومــن يبتعــد ويتغـ ّـرب فســوف تختلــف المقاييــس‬ ‫ف‬ ‫ـدوه مــن صديقــه‪ ،‬والمــرء‬ ‫ي� عينــه‪ ،‬وتضطــرب رؤيتــه‪ ،‬فــا يــدري عـ ّ‬ ‫ت‬ ‫يكرمــه النــاس‪.‬‬ ‫الحصيــف يكـ ّـرم َ‬ ‫نفســه حــى ّ‬ ‫ـتمر ف ي� إطــاق الحكــم‪ ،‬وك ّلــه رغبــة ف ي� بقائهــا والعمــل بهــا‪ ،‬فذ ّكــر‬ ‫ويسـ ّ‬ ‫ف‬ ‫�ض‬ ‫رسائهــم و ّائهــم‪ ،‬وعـ ب ّـر عــن‬ ‫بــأن المــرء قـ ّ‬ ‫ـوي بأهلــه‪ ،‬وأنــه معهــم ي� ّ‬ ‫ذلــك بقولــه‪ :‬مــن لــم يدافــع عــن حوضــه تهـ َّـدم‪ ،‬ومــن لــم يكــن قويّـاً‬ ‫ظلمــه ظلمــوه‪.‬‬ ‫ـاس َ‬ ‫يخـ شـى النـ ُ‬ ‫وهــو ال يدعــو إىل االبتــداء بالظلــم‪ ،‬ولكنــه يدعــو إىل اتقــاء الظلــم‬ ‫بــأن يكــون المــر ُء قويّ ـاً‪ ،‬ثــم جــاء بمعـ نـى دقيــق‪ ،‬وهــو أن الحيــاة ال‬ ‫تســتمر بغـ يـر المصانعــة والمجاملــة والمــداراة ت‬ ‫وال� ّفــق ف ي� المعاملــة‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ـاس عليــه‪ ،‬فكافــؤوه بمــا يســتحق‬ ‫لن مــن لــم يجامــل لــم يصـ بـر النـ ُ‬ ‫مــن المعــاداة ومــا يتبعهــا مــن إذالل واحتقــار ونحوهمــا‪.‬‬ ‫ولهــذا ختــم هــذا المقطــع ناصح ـاً بــأن يُ ْسـ ِـدي ّكل امــرئ المعـ َ‬ ‫ـروف‬ ‫إىل النــاس‪ ،‬ويجعلــه وقــا ًء دون عرضــه‪ ،‬حـ تـى يظـ ّـل موفــوراً مصون ـاً‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫يوجــب الشــتم شــتمه النــاس‪.‬‬ ‫ولنــه إن لــم يــرك مــا ِ‬ ‫ين‬ ‫الرصــ�‪ ،‬يم ُثــل تُجاهــك‪،‬‬ ‫زهــراً هــو أنمــوذج الشــاعر الحكيــم‬ ‫إن ي‬ ‫ف‬ ‫النــرات‪ ،‬صــادق‬ ‫وأنــت تقــرأ ِحكَمــه‪ ،‬ي� هيئــة شــيخ وقــور‪ ،‬هــادئ ب‬ ‫ـوال هــو الــذي جعلــه يحظــى‬ ‫اللهجــة‪ ،‬وهــذا الن َفــس ِ‬ ‫الحكْمــي المتـ ي‬ ‫ف‬ ‫بصفــة (حكيــم الشــعراء ي� الجاهليــة)‪.‬‬

‫‪196‬‬

‫‪197‬‬


‫زُهير بن أبي ُسلْ َمى ‪Zuhayr ibn Abī Sulmā‬‬

‫ين‬ ‫زهــر بالســذاجة والســطحية‪،‬‬ ‫وقــد يصــف بعــض‬ ‫المتلقــ� ِحكَــم ي‬ ‫وهــو بهــذا يغ ُفــل عــن أن الســذاجة قــد تكــون هــي أعظــم مــا يفخــر‬ ‫بــه الشــاعر أحيان ـاً‪ ،‬ف ي� تلــك المقامــات الموغلــة ف ي� البعــد‪ ،‬المقامــات‬ ‫ت‬ ‫ـى تســتدعي وضوح ـاً وشـ ّـدة تأثـ يـر ف ي� عامــة متل ّقــي مع ّلقتــه‪.‬‬ ‫الـ ي‬ ‫ف‬ ‫الغريقيــة وحكــم‬ ‫ولــو قُورنــت ِحكمــه بمــا ورد ي� بعــض المرسحيــات إ‬ ‫ن‬ ‫فني ــا‪ ،‬ول ــو ُجمع ــت م ــع بع ــض حك ــم‬ ‫ـا� لتقارب ـ ْ‬ ‫ـت ًّ‬ ‫(إيس ــوب) اليون ـ ي‬ ‫ن‬ ‫ـ� الس ــتبان أن فه ــم المتلق ــي والتأث ـ يـر الرسي ــع في ــه‬ ‫الفونت ـ يـن الفرن ـ ي‬ ‫كان غاي ــة مش ـ تـركة بينه ــم جميع ـاً‪.‬‬

‫‪198‬‬

‫‪199‬‬


‫زُهير بن أبي ُسلْ َمى ‪Zuhayr ibn Abī Sulmā‬‬

‫لوحة الختام‬ ‫‪.56‬‬ ‫‪.57‬‬ ‫‪.58‬‬ ‫‪.59‬‬

‫تجربة الثمانين‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ث� نَ‬ ‫انـــن َحـــوال ال بأ� لـــك َي ْســـأ ِم‬ ‫احلياة ومن ِيعش‬ ‫سئمت تاكليف ِ‬ ‫ي‬ ‫َْ َ َْ َ ُ‬ ‫ر ُ‬ ‫ُت ِـم ْتـــه ومــن ُتــ ِ ئْ‬ ‫ـخط ُي َع َّمـ ْـر يَ ْ‬ ‫ف� َر ِم‬ ‫واءمنت ِص ْب‬ ‫املنا�خبطعش‬ ‫أيت ي‬ ‫ُ َ‬ ‫َ تَ فَ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫الناس ت ْع ِل‬ ‫يقة‬ ‫امرئ من خ ِل ٍ‬ ‫وهمما تكن عند ٍ‬ ‫ولو خالا �خ� عىل ِ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫َُ ف‬ ‫ّ ين‬ ‫ع‬ ‫مس قبل‬ ‫و‬ ‫أعل ما ي� ِ‬ ‫اليوم وال ِ‬ ‫ولكنـ ي عــن عـ ِـم مــا ي� غـ ٍـد ي‬

‫هــا هــو زهــر ف� ختــام معلقتــه يرســل نفَثاتــه أ‬ ‫الخـ يـرة‪ ،‬وهــي نَفَثــات‬ ‫َ ِ‬ ‫ُ ي ي‬ ‫أ‬ ‫ـاق والعبــاء‪ ،‬وهــا هــو‬ ‫رجــل كبـ يـر َخـ ب َـر الحيــاةَ‪ ،‬وجـ ّـرب‪ ،‬وعــرف المشـ ّ‬ ‫يعلــن أنــه ســئم الحيــاة‪ ،‬ومــن عــاش مث َلــه ثمانـ ي ن‬ ‫ـ� عامـاً فــا بـ ّـد من أن‬ ‫يســأم‪ ،‬وهــو لــم يذكــر هــذا إال ألســباب‪ ،‬منهــا أن يســتوثق المتلقــي‬ ‫مــن أن مــا قالــه مــن قبـ ُـل ف ي� مع ّلقتــه مــن وصايــا وحكــم‪ ،‬وثنــاء عــى‬ ‫الســلم هــو نتــاج تجربــة وخـ بـرة طويلــة ف ي� الحيــاة‪.‬‬ ‫رجــال ّ‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫تكاليــف الحيــاة‪ :‬مشـقّاتها وأعباؤها‪،‬‬ ‫والحــول‪ :‬العــام‪ ،‬والخَ ْبــط‪� :‬ض ب‬ ‫َ‬ ‫اليديــن والرجلـ ي ن‬ ‫والعشْ ــواء‪:‬‬ ‫ـ� معـاً‪َ ،‬‬ ‫ت‬ ‫الــى ال تبــر ليــاً‪،‬‬ ‫الناقــة‬ ‫ي‬ ‫الخ ُلــق‪ ،‬وخالهــا‪ :‬ظ ّنها‪.‬‬ ‫والخَ ِليقــة‪ُ :‬‬

‫‪I’m tired of life’s burdens—who lives to be‬‬ ‫‪eighty years old, believe me, feels the same.‬‬

‫‪I’ve seen the Fates stomp like a camel blind:‬‬ ‫‪whoever they strike dies, who they miss grows old.‬‬ ‫‪A man’s nature, whatever it may be‬‬ ‫‪though he thinks he can hide it, will be told.‬‬

‫‪Today and yesterday, I know them well‬‬ ‫‪but I'm blind for tomorrow and can’t behold.‬‬

‫‪56.‬‬ ‫ ‬ ‫‪57.‬‬ ‫ ‬ ‫‪58.‬‬ ‫ ‬ ‫‪59.‬‬ ‫ ‬

‫ف‬ ‫ف‬ ‫الم ُشــوبة بتفكـ يـر‬ ‫–� نظرتــه َ‬ ‫ثــم يعلــن وجهــة نظــره ي� المــوت‪ ،‬فهــو ي‬ ‫ت‬ ‫تــأ� َع ْشــوائية‪ ،‬تخبــ ُط النــاس كمــا تخبــط‬ ‫جاهــ�‪ -‬يــرى أن المنايــا ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الع ْشــواء ي� سـ يـرها‪ ،‬فهــي ال تعــرف مواضــع أخفافهــا‪ ،‬وليــس‬ ‫الناقــة َ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ـأ�‬ ‫المــر عــى مــا قــال ‪ -‬بتعبـ يـر ب‬ ‫الت�يــزي شــارح المع َّلقــات‪" -‬لنهــا تـ ي‬ ‫بقضــاء وقـ َـدر"‪.‬‬ ‫ف أ‬ ‫ـ� ِحكْميـ ي ن‬ ‫ثــم يختــم المع َّلقــة ببيتـ ي ن‬ ‫الخ ُلــق ال بـ ّـد‬ ‫ـ�‪ ،‬فذ َّكــر ي� الول بــأن ُ‬ ‫صاحبــه أنــه يخفــى عــن النــاس‪ ،‬وأرســل‬ ‫ـن‬ ‫مــن أن يَظهــر‪ ،‬حـ تـى لــو ظـ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ـا� كلمــة يعلــن فيهــا استســامه لضعفــه البـ شـري‪ ،‬فهــو يعلــم‬ ‫ي� الثـ ي‬ ‫مــا وقــع ف� يومــه ومــا وقــع أ‬ ‫بالمــس‪ ،‬ولك ّنــه يبقــى جاهـا ً تعمــى عينــاه‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ـأ� بــه الغــد‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وقلبــه عــن معرفــة مــا ســوف يـ ي‬ ‫وهكــذا جــاءت هــذه المع َّلقــة رصيخ ـاً يحــذِّ ر مــن الحــرب‪ ،‬ويدعــو‬ ‫ف أ‬ ‫ـر�‪ ،‬محشـ ّـو ًة‬ ‫الســلم؛ فكانــت هــي (قصيــد َة ِّ‬ ‫إىل ّ‬ ‫الســلم) ي� الدب العـ ب ي‬ ‫بأشــجان مــن رأى ويــات الحــرب‪ ،‬وعــرف آثارهــا الشــديدة عــى‬ ‫الجماعــات أ‬ ‫والفــراد‪.‬‬

‫‪200‬‬

‫‪201‬‬


Labīd ibn Rabīʿah ‫لبيد بن ربيعة‬


Labīd ibn Rabīʿah ‫لبيد بن ربيعة‬

The Muʿallaqah of Labīd ibn Rabīʿah The Mute Immortals

‫معلَّقة ل َِب ْيد بن َر ِب ْي َعة‬ ‫الخوا ِلد‬ َ ‫الص ّم‬ ُ

Introduction by Suzanne Pinckney Stetkevych Translation by Suzanne Pinckney Stetkevych, assisted by Khalid Stetkevych

‫مقدمة ش‬ ‫ عدي الحربش‬:‫و�ح‬


Labīd ibn Rabīʿah ‫لبيد بن ربيعة‬

The Muʿallaqah of Labīd ibn Rabīʿah is one of the longest and most majestic of the Muʿallaqāt and one of the most elegant examplars, due to its clarity and purity of form, of the three-part classical Arabic qaṣīdah. Labīd himself is notable among the poets of the Muʿallaqāt, not only for his extraordinarily long life (he was counted among the muʿammarūn, those granted long life), but especially because he converted to Islam and lived well into the Islamic period. As with other poets of this period, what is preserved of his life in the literary compendia bridges literary legend and history, in his case, Islamic history. His poetry, especially his Muʿallaqah, and life thus provide a compelling example of how Arab Islamic culture experienced and expressed the cultural transformation from the Jāhiliyyah to Islam. As our Arab-Islamic tradition tells us, Labīd ibn Rabīʿah al-ʿĀmirī was born in 560 CE to a branch of the ʿĀmir ibn Ṣaʿṣaʿah. A poet and knight of the Jāhilī tribal aristocracy, he converted to Islam with a delegation of his tribe to the Prophet in Medina in the year 9/630. During the caliphate of ʿUmar he settled in Kufa where he died in 40-42/660-662. Due to this long life, Labīd is counted among the master-poets of the Jāhiliyyah, but also among the Mukhaḍramūn, that is the poets who bridge the Jāhiliyyah and Islam. However, in Labīd’s case, all his significant poetry is attributed to his pre-Islamic period and he is said to have foresworn poetry upon his conversion to Islam. In the Arabic literary tradition Labīd’s life and poetry present and are presented as a moral bridge between the Jāhiliyyah and Islam. Of moral qualities, Labīd exhibits especially generosity, a virtue no doubt inherited from

207

References: Suzanne Pinckney Stetkevych. The Mute Immortals Speak: Pre-Islamic Poetry and the Poetics of Ritual. Ithaca NY: Cornell University Press, 1993. Chapter 1: Voicing the Mute Immortals: The Muʿallaqah of Labīd and the Rite of Passage. Pp. 3-54. Abū al-Faraj al-Iṣbahānī. Kitāb al-Aghānī. Ed. Ibrāhīm al-Abyārī. 32 vols. Cairo: Dār al-Maʿārif, 1389H/1969CE. 9:3197-3227. 16:5718-5741. Abū Muḥammad ʿAbd Allāh ibn Muslim ibn Qutaybah. Kitāb al-Shiʿr wa-al-Shuʿarāʾ. Ed. M. J. de Goeje. Leiden: E. J. Brill, 1902/1904. Pp. 148-156. Abū Bakr Muḥammad ibn al-Qāsim al-Anbārī. Sharḥ al-Qaṣāʾid al-Sabʿ al-Ṭiwāl al-Jāhiliyyāt. 2nded. Ed. ʿAbdal-Salām Muḥammad Hārūn. Cairo: Dār al-Maʿārif, 1969. Pp. 505-598.

‫ ف َ​َرســان قامــت‬:‫) داحــس والغـ بـراء‬1( ‫بســببهما حــرب طويلــة بـ ي ن‬ ‫ـ� عبــس‬ 560 ‫قــدر بدايتهــا عــام‬ ّ ُ‫ ت‬,‫وذبيــان‬ .‫ميالديــة‬

.‫هــو أبــو عقيــل لبيــد بــن ربيعــة بــن مالــك بــن جعفــر بــن كالب‬ ‫ ينتهــي بنســبه إىل واحــد مــن شأ�ف‬،‫ وشــاعر مخـ ضـرم‬،‫ـا� جليــل‬ ‫صحـ ب ي‬ .‫بيوتــات عامــر بــن صعصعــة‬

‫) ُعــرف والــده بربيــع ت‬2( ‫المق�يــن‬ ‫ عامــر‬:‫ أمــا أعمامــه فهــم‬،‫لكرمــه‬ ‫مالعــب أ‬ ‫ وطفيــل فــارس‬،‫الســنة‬ ،‫ ومعاويــة معــوذ الحكمــاء‬،‫قــرزل‬ ‫ وكلهــم‬،‫وســلمى نــزال المضيــف‬ ‫مــن ذوي ش‬ .‫الــرف والســيادة‬

)١( ‫ ونشــأ يتيمـاً ف ي� كنــف أعمــام اعتــادوا‬،‫ُولــد قبــل حــرب داحــس والغـ بـراء‬ ‫حملــه فــوق أكتافهــم وإخبــاره أنــه ي ن‬ ‫اللســان‬ ‫يكــر ســيصبح‬ ‫حــ� ب‬ َ

‫محملة بالمسك‬ ّ ‫ جمال‬:‫) لطيمة‬3( ‫تباع ف� أ‬ .‫السواق المشهورة كعكاظ‬ ‫ُ ي‬

‫الصبــا ت‬ ‫حــى‬ َ ‫هبــت‬ ّ ‫فأخــذ عــى نفســه أن يُطعــم مثــل والــده كلمــا‬

‫ ولقــد تركــت قصصهــم عــن كــرم والــده وكيــف‬،‫المنافـ َـح عــن قبيلتــه‬ ‫كان يطعــم المسـ ي ن‬ ،‫الصبــا أثرهــا العميــق فيــه‬ َ ‫هبــت ريــاح‬ ّ ‫ـاك� ك ّلمــا‬ )٢(

.‫ ريــاح ب يأ� عقيــل‬:‫صــارت تُنســب إليــه ُفيقــال‬

‫ شــهد مــع أعمامــه يــوم ِشـــعب جبلــة وهــو‬.‫سـ يـرة لبيــد سـ يـرة قبيلتــه‬ ‫ يومهــا تكالبــت قبائــل تميــم وذبيــان وأســد‬.‫ابــن بضــع عـ شـرة ســنة‬ ‫ف‬ ‫ غـ يـر أنهــم خرجــوا‬،‫الشـــعب‬ ِّ �‫ـوصوا ي‬ ِ ‫ وحـ‬،‫وكنــدة عــى عامــر وعبــس‬ ‫ فأخــذوا لطيمــة ملــك الحـ يـرة‬،‫جرأهــم‬ َّ ‫ ثــم‬.‫منترصيــن‬ ّ ‫كأن االنتصــار‬ )٣(

‫ وعندمــا أرســل جيش ـاً يعاقبهــم هزمــوه وأرسوا‬،‫النعمــان بــن المنــذر‬ ‫ف‬ ّ ‫الس‬ ‫ إذ نشــب‬،ً‫ لــم تــدم أيــام الصفــو طويــا‬.‫ــان‬ ُ ‫قائــده ي� يــوم‬ ‫خــاف بـ ي ن‬ ‫ـ� فرعــي القبيلــة نتــج عنــه جــاء أرسة لبيــد مــن عاليــة نجــد‬ ‫تز‬ .‫وان�احهــا جنوب ـاً إىل اليمــن‬ ‫ ورغــم رجوعهــم بعــد ســنة‬،‫تركــت هــذه الرحلــة أثرهــا ف ي� نفــس لبيــد‬ ،‫إىل ديارهــم بقــي طــوال عمــره يعالــج ثيمــات الــنز اع واالنقســام‬ ً‫ وحمــار وحــش يقــود أتان ـا‬،‫ـرة تنشـ ّـق عــن قطيعهــا‬ ٍ ‫فيتحــدث عــن بقـ‬ ‫نـ ش ز‬ .‫ـا�ة‬

206


Labīd ibn Rabīʿah ‫لبيد بن ربيعة‬

his father, Rabīʿah, whose unbounded magnanimity won him the sobriquet “Rabīʿ al-Muqtirīn” (Springtime of the Destitute). The survival of this Jāhilī virtue and its transformation into an Islamic one is nowhere so well expressed as in the anecdote recorded in the classical Arabic sources, such as Al-Shiʿr wa-al-Shuʿarāʾ (149) and Kitāb al-Aghānī (16:5730). They relate that still during the Jāhiliyyah, Labīd swore an oath that whenever the East Wind (Ṣabā) blew, he would slaughter camels to feed the poor. Even after his conversion to Islam he honored this vow. One day, when Labīd, now reduced to poverty, was living in Kufa, the East Wind blew. So, Walīd ibn ʿUqbah, the Umayyad governor, mounted the minbar of the mosque, delivered his sermon, and said to the worshippers, “Your kinsman Labīd ibn Rabīʿah swore an oath in the Jāhiliyyah to feed the people whenever the East Wind blows, and today is one of those days when the East Wind is blowing, so help your brother! I will be the first to do so.” Then he descended from the minbar and sent Labīd one hundred she-camels. Others followed, and thus Labīd’s oath was fulfilled. This anecdote demonstrates the transformation of the Jāhilī form of camel-sacrifice for the destitute, that is putting up a slaughter-camel for maysir gambling (see his Muʿallaqah lines 73-77), which was forbidden by Islam, to Islamically sanctioned forms of giving alms to the poor. Another celebrated anecdote offers, in a parallel manner, a way to look at Jāhilī poetry as having provided in pre-Islamic times the moral guidance now embodied in the Qurʾān. In other words, pre-Islamic poetry is not so much condemned as abrogated and replaced. Although several lines and poems are said to be “the only line” or

209 2

‫) بخــاف مــا جــاء ف ي� كتــاب‬4( ‫أ ن‬ ‫ عــن مــوت‬362‫ ص‬15‫غــا�" ج‬ ‫"ال ي‬ ‫ وهــو مــا يناقــض‬،‫لبيــد ف ي� الكوفــة‬ .‫رصيــح شــعره‬

‫صلــح مــا أفســدته مــع‬ ِ ُ‫أدركــت بنــو عامــر أنّهــا لــن تهنــأ بق ـرار حـ تـى ت‬ ‫ فأرســلت وفــداً بقيــادة عامــر بــن مالــك مالعـــب أ‬،‫ملــك الحــرة‬ ‫السـ ّنة‬ ‫ي‬ ِ ُ ‫ف‬ .‫متبديـاً يومهــا ي� صحـراء ثيتــل‬ ّ ‫ كان النعمــان‬.‫يتضمــن ابــن أخيــه لبيــد‬ ّ ‫ وحــاول‬،‫ومعــد والعبــاد وطــيء وكلــب‬ ّ ‫ـرادق بوفــود دارم‬ ُ ‫ازدحــم الـ‬

‫الم ِلــك عــى الوفــد‬ ِ ُ‫ـ� يُدعــى الربيــع بــن زيــاد أن ي‬ َ ‫فسـ َـد‬ ‫زعيــم عبـ ي‬ ‫ـن لبيــداً انـ بـرى ينافــح ويفاخــر ضــد كل هــؤالء حـ تـى خــرج‬ َّ ‫ لكـ‬،‫العامــري‬ .‫بأعمامــه منترصيــن‬ ‫لــزم لبيــد عمــه مالعــب أ‬ ‫الس ـ ّنة حـ تـى بعــد اكتهالــه وانتقــال الزعامــة‬ ّ ‫ ال نعلــم أنــه خــرج عــن كلمتــه ســوى‬،‫إىل ابــن أخيــه عامــر بــن الطفيــل‬ ‫عمــه عــى رجــل مــن ب ـن القـ ي ن‬ ‫ـ� اســتجار‬ ّ ‫مــر ًة واحــدة عندمــا اعتــدى‬ ‫ي‬ ‫ وأنشــأ قصيــد ًة تذكّــر ببالئــه‬،‫ عندهــا ثــارت ثائــرة الشــاعر‬،‫بلبيــد‬ .‫ وتهــدد باالنتقــال إىل أقــارب آخريــن‬،‫عمــه‬ ّ ‫ومنافحتــه عــن‬ ‫ بخــاف أخيــه ألمــه أربــد بــن‬،ً‫كان لبيــد مــن أوائــل بـن ي عامــر إســاما‬ ‫ صــى هللا‬،‫قيــس الــذي مــات بصاعقــة بعــد محاولــة اغتيــال الرســول‬ ‫ وعــاش شــطراً مــن‬،‫ أنشــد لبيــد ف ي� أربــد أعــذب مراثيــه‬.‫عليــه وســلم‬ ،‫ إىل أن ألـ َّـح عليــه الشــوق أخـ يـراً نحــو ديــار قومــه‬،‫حياتــه ف ي� الكوفــة‬ ‫فرجــع إىل بطــن عاقــل (وادي النســا ف� القصيــم) حيــث تـ ف ض‬ ‫ر� هللا‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ـو� ي‬ )٤( .‫ هـ‬41 ‫عنــه ســنة‬

208


‫لبيد بن ربيعة ‪Labīd ibn Rabīʿah‬‬

‫الحبيبة – الناقة – الصحراء‬ ‫ليــس ف� أيدينــا مــا يُم ِّكــن مــن تحديــد عمــر لبيــد حـ ي ن‬ ‫ـ� أنشــأ المع َّلقــة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫عــدا روايـ ٍـة تزعــم أنَّــه كان صبي ـاً برفقــة أعمامــه يــوم زاروا النعمــان‪،‬‬ ‫ن‬ ‫قصائد–بينهــن‬ ‫الذبيــا� استنشــده ثــاث‬ ‫وأن شــاعر البــاط النابغــة‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫(‪)٥‬‬ ‫المع َّلقــة‪ -‬ثـ َّـم حكــم أنّــه أشــعر العــرب‪.‬‬ ‫ت‬ ‫أول مــا يشــكك بالروايــة العــداء المســتحكم مــا ي ن‬ ‫قبيلــى عامــر‬ ‫بــ�‬ ‫ي‬ ‫إن هنــاك هجــا ًء مقذع ـاً بـ ي ن‬ ‫إن شــعر‬ ‫ـ� الشــاعرين‪ .‬ثـ َّـم َّ‬ ‫وذبيــان‪ ،‬بــل َّ‬ ‫لبيــد ي ّ ن‬ ‫والغــراء‪ ،‬ممــا يجعلــه ف ي� أواخــر‬ ‫يعــ� والدتــه قبــل داحــس‬ ‫ب‬ ‫عقــده الثالــث حـ ي ن‬ ‫ـ� زار النعمــان عــى أقـ ِّـل تقديــر‪ ،‬وهكــذا تســقط كل‬ ‫الروايــات الـ تـى تجعلــه صبي ـاً يــوم ق‬ ‫ال� النعمــان والنابغــة أول مـ ّـرة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ـاغ أنـ ّـه إزاء شــاعر شــاب لــم‬ ‫ّ‬ ‫إن مــن يق ـرأ المعل ّقــة يتداركــه شــعور طـ ٍ‬ ‫أ‬ ‫تختمــر تجربتــه بعــد‪ .‬فعندمــا يقــف عــى الطــال يدهشــه منظــر‬ ‫ـ� بقايــا آ‬ ‫الدميـ ي ن‬ ‫الظبــاء والنعــام والبقــر وهــي ترتــع بـ ي ن‬ ‫ـ� حـ تـى يــكاد‬ ‫ينســيه حبيبتــه‪ .‬وعندمــا يقــارب مشــاعره تجــاه نــوار يخضــع للمكابــرة‬ ‫ويدعــي أنـ ّـه قــادر عــى هجرهــا رغــم أن ّهــا هــي مــن رحلــت ف ي�‬ ‫واللجــاج ّ‬ ‫الظعائــن‪ .‬وعندمــا يفاخــر بفروســيته يذكــر كيــف اختــاره قومــه ربيئــةً‬ ‫لهــم‪ ،‬ثــم يســبغ عــى المشــهد مــن أوصــاف البطولــة مــا يدفعــك إىل‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ـ� مــا‬ ‫االبتســام حـ يـ� تقارنــه بعنــرة وهــو يقــارع الفرســان‪ .‬وعندمــا يحـ ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـى‬ ‫حصــل ي� ُسادق النعمــان يصــف مــا ّ‬ ‫تلبســه مــن رهبــة وخــوف حـ ّ‬ ‫ف‬ ‫واد مــن الجــن‪.‬‬ ‫لكأنـ ّـه ي� ٍ‬ ‫هــذه الحاجــة إىل الفهــم‪ ،‬وهــذا االرتبــاك إزاء المشــاعر‪ ،‬وهــذا الفخــر‬ ‫أكــر منهــا‪ُّ ،‬كل هــذا ت‬ ‫أنــه أنشــأ‬ ‫بتجــارب ســيعيش‬ ‫يقــرح ّ‬ ‫ويختــر ب‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫معلقّتــه ي� ســن مبكــرة قــد تكــون أواخــر ش‬ ‫الع�يــن‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫‪210‬‬

‫أ ن‬ ‫غا�‪ .‬ج‪ 15‬ص‪377‬‬ ‫(‪ )٥‬ال ي‬

‫‪“only poem” from after his conversion, it is most often‬‬ ‫‪stressed that Labīd ceased composing poetry after his‬‬ ‫‪conversion to Islam. Al-Shiʿr wa-al-Shuʿarāʾ (149) and‬‬ ‫‪Kitāb al-Aghānī (16:5729), among other sources, report‬‬ ‫‪that the Caliph ʿUmar ibn al-Khaṭṭāb once wrote to the‬‬ ‫‪governor of Kufa, al-Mughīrah ibn Shuʿbah, asking to‬‬ ‫‪hear some poetry of the Islamic period from the poets of‬‬ ‫‪the region. So al-Mughīrah asked Labīd to recite.‬‬ ‫‪“Of what has been forgiven [i.e., Jāhilī]?” the poet asked.‬‬ ‫‪“No, of what you have composed since the coming of‬‬ ‫‪Islam,” al-Mughīrah replied. Labīd left, wrote down Sūrat‬‬ ‫‪al-Baqarah on a sheet of parchment, and then returned‬‬ ‫”‪with it, saying, “God has given me this in place of poetry.‬‬ ‫‪The Muʿallaqah of Labīd is essentially a qaṣīdat al-fakhr,‬‬ ‫‪that is an ode that boasts or celebrates the virtues and‬‬ ‫‪glorious deeds of the poet himself and of his tribe. Labīd‬‬ ‫‪has done this in such a way that his poem has become‬‬ ‫‪the embodiment of the moral and ethical values of the‬‬ ‫‪tribal warrior aristocracy of the Jāhiliyyah in their noblest‬‬ ‫‪expression. He does not address himself to particular‬‬ ‫‪inter-tribal disputes and rivalries, and therefore lacks‬‬ ‫”‪the heated passions and recklessness that define “jahl.‬‬ ‫‪Instead, although he speaks with exuberance, the tone‬‬ ‫‪of his Muʿallaqah is one of dignity, self-assurance, and‬‬ ‫‪authority that pervades even the lyrical sections of the‬‬ ‫‪poem.‬‬ ‫‪Labīd’s Muʿallaqah exhibits the three-part qaṣīdah‬‬ ‫‪structure with an elegant balance of the parts: the‬‬ ‫‪elegiac prelude (nasīb), lines 1-21; the journey section‬‬ ‫‪(raḥīl), lines 22-54; and the personal and tribal boast‬‬ ‫‪(fakhr), lines 55-88.‬‬

‫‪211‬‬


‫لبيد بن ربيعة ‪Labīd ibn Rabīʿah‬‬

‫‪1: The Elegiac Prelude (nasīb):‬‬

‫تحتـ ُّـل نــوار مع َّلقــة لبيــد كمــا لم تحتـ ْـل امـرأ ٌة أخــرى قصيــد ًة جاهلية؛‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ميــة‬ ‫ال فاطمــة امــرئ القيــس‪ ،‬وال عبلــة عنــرة‪ ،‬وال هريــرة العـ شـى‪ ،‬وال ّ‬ ‫ش‬ ‫ـراح رصفهــم عــن ذلــك‪ ،‬ولــو كان لهــم‬ ‫النابغــة‪ ،‬لكـ َّ‬ ‫ـن قــر نَ َفــس الـ ُ ّ‬ ‫طــول ن َفــس لبيــد ألدركــوا أن وصفــه ناقته وتشــبيهها تــار ًة أ‬ ‫بالتــان وتار ًة‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ـن يعالــج قصتــه مــع نــوار‪.‬‬ ‫ـاب مب ّطـ ٌ‬ ‫بالبقــرة الوحشـ ّـية مــا هــو إال خطـ ٌ‬ ‫إن هــذا التقليــد القديــم الــذي يشــبه الناقــة أ‬ ‫بالتــان وبالبقــرة ثــم‬ ‫َّ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ف‬ ‫يحــ� قصتـ ي ن‬ ‫الجاهليــة ولــه نظائــر‬ ‫ـ� عنهمــا يتكــرر كثـ يـراً ي� القصائــد‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫ش‬ ‫عنــد امــرئ القيــس والنابغــة وزهـ يـر والعــى وأوس بــن حجــر وبــر‬ ‫ف‬ ‫أن َّكل شــاعر‬ ‫ـن المدقــق ي� قصائــد هــؤالء يكتشــف َّ‬ ‫بــن ب يأ� خــازم‪ ،‬لكـ َّ‬ ‫ين‬ ‫صغــراً‬ ‫يضيــف لمســته الخاصــة إىل‬ ‫القصتــ� ويدخــل تفصيــا ً‬ ‫ي‬ ‫يجعلهمــا تعكســان حالتــه النفسـ ّـية حـ ي ن‬ ‫ـ� قــال قصيدتــه‪.‬‬ ‫ـر معالجــة لبيــد أنــه جعــل أ‬ ‫أكـ ثـر مــا يمـ ي ّ ز‬ ‫للتــان فح ـا ً وللبقــرة فري ـر ًا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ثــم جعــل أ‬ ‫التــان تنشـ ّـق عــن الحمـ يـر تابعــةً فحلهــا‪ ،‬وجعــل البقــرة‬ ‫(‪)٦‬‬ ‫تحــول هــذا التقليــد‬ ‫تغــادر القطيــع بحثــاً عــن فريرهــا‪ ،‬وهكــذا‬ ‫ّ‬ ‫الداخليــة مــا ي ن‬ ‫ش‬ ‫بــ� خيــار الحبيبــة‬ ‫�ء أشــبه بالمناجــاة‬ ‫ّ‬ ‫العريــق إىل ي‬ ‫(‪)٧‬‬ ‫وخيــار القبيلــة‪.‬‬ ‫إن المعلَّقــةَ بعــد ذلــك ك ِّلــه قصيــد ٌة خالــد ٌة عــن الصحــراء‪ .‬ال‬ ‫ثــم َّ‬ ‫ّ‬ ‫يقتــر حضــور الصحــراء فيهــا عــى الموضوعــات والصــور‪ ،‬بــل‬ ‫يتجــاوز إىل أشــياء ث‬ ‫أكــر خفيــة‪ ،‬كوزنهــا الــذي يعلــو ويهبــط كأنّــه‬ ‫(‪)٨‬‬ ‫ـات وهضــاب‪ ،‬ومطلعهــا الــذي يم ّثــل ديــاراً دفنتهــا الرمــال‪ ،‬فــإذا‬ ‫تلعـ ٌ‬ ‫ت‬ ‫ـى عفّتهــا وجدتهــا ف ي� قافيـ ٍـة تُسـ ِـلمك هاؤهــا إىل‬ ‫بحثــت عــن الريــح الـ ي‬ ‫(‪)٩‬‬ ‫ش‬ ‫تتــا� كأنّهــا ريــح الســموم‪.‬‬ ‫ــف تمتــد وتنفــخ إىل أن‬ ‫أ ِل ٍ‬

‫‪212‬‬

‫(‪ )٦‬أ‬ ‫التــان‪ :‬ث‬ ‫أنــى حمــار الوحــش‪.‬‬ ‫أ‬ ‫الفحــل‪ :‬ذكــر التــان‪ .‬البقــرة‬ ‫الوحشــية‪ :‬مهــاة الوضيحــي‪.‬‬ ‫الفريــر‪ :‬ابــن البقــرة‪.‬‬ ‫(‪ )٧‬عالــج لبيــد قصــة أ‬ ‫التــان وفحلها‬ ‫والمهــاة وفريرهــا ف ي� تســعة مواضــع‬ ‫عــد مــن ث‬ ‫أكــر‬ ‫مــن ديوانــه‪ ،‬لــذا يُ ّ‬ ‫وكأن‬ ‫الشــعراء طرق ـاً لهــذه الثيمــة‪َّ ،‬‬ ‫بعــض هــذه المعالجــات مسـ ّـودات‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫البارعتــ�‬ ‫للقصتــ�‬ ‫غــر مكتملــة‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫المســتخدمت� ي� المعلَّقــة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫(‪ )٨‬المعلَّقــة مــن بحــر الكامــل‪،‬‬ ‫تتكــون تفعيلتهــا الواحــدة‬ ‫(متفاعلــن) مــن فاصلــة صغــرى‬ ‫ووتــد مجمــوع‪ ،‬تتكــرر ثالثــا ف ي� كل‬ ‫شــطر‪ ،‬كأنهــا هضبــات وتــاع‪.‬‬ ‫(‪ )٩‬تتكــون قافيــة المعلَّقــة مــن‬ ‫مجموعــة أحــرف هــي‪ :‬الــروي‪:‬‬ ‫والصلــة‪ :‬الهــاء‪ ،‬والخــروج‪:‬‬ ‫الميــم‪ّ ،‬‬ ‫أ‬ ‫اللــف‪.‬‬

‫‪The poem opens with a description of the‬‬ ‫‪ruined encampment (nasīb ṭalalī), understood‬‬ ‫‪to be that of the tribe of a long-lost mistress.‬‬ ‫‪It is significant in terms of the tone of Labīd’s‬‬ ‫‪Muʿallaqah that rather than engaging the‬‬ ‫‪theme of the turbulent passions of the‬‬ ‫‪abandoned lover (nasīb ghazalī), he calls up the‬‬ ‫‪profound nostalgia and contemplative mood‬‬ ‫‪that the ruins—the physical embodiment of‬‬ ‫‪the irrevocable passage of time, the changing‬‬ ‫‪of seasons, and the generations of new life in‬‬ ‫‪the gazelle and ostrich herds—evoke, even as‬‬ ‫‪human life has disappeared.‬‬ ‫‪The permanence of the ruined traces, an‬‬ ‫‪emblem of mortality, carved ever deeper by‬‬ ‫‪annual rains, is likened to pens re-writing worn‬‬ ‫‪and ancient texts, or to a tattooer sprinkling‬‬ ‫‪lamp-black until the tattooed image appears‬‬ ‫‪(lines1-12).‬‬ ‫‪The second major nasīb theme is that of the poet‬‬ ‫‪recalling the departure of the women of the‬‬ ‫‪tribe (among them the poet’s beloved) (ẓaʿn).‬‬ ‫‪Here the poet reenacts his separation from the‬‬ ‫‪beloved as he pictures in his mind’s eye the‬‬ ‫‪caravan of women in their howdahs gradually‬‬ ‫‪disappearing into the desert landscape until‬‬ ‫‪they arrive at last in distant lands (lines 12-19).‬‬ ‫‪The mood Labīd creates is one of deep loss and‬‬ ‫‪melancholy. The poet then signals his cutting‬‬ ‫‪of bonds with the irrevocable past and moving‬‬ ‫‪forward toward new possibilities through the‬‬ ‫‪image of mounting an energetic she-camel‬‬ ‫‪who will propel him forward—geographically,‬‬ ‫‪temporally, and, above all, emotionally (lines‬‬ ‫‪20-22).‬‬

‫‪213‬‬


‫لبيدبنبنربيعة‬ ‫لبيد‬ Labīd ibn Rabīʿah Rabīah ‫ربيعة‬ Labīd ibn

2. The Desert Crossing (raḥīl): The central transitional passage of the qaṣīdah is the poet’s desert crossing mounted on his noble and indefatigable camel-mare. Her instinctual sense of direction, sturdy physique, and unflagging energy serve as allegories of the poet’s own sense of purpose and determination. In keeping with the emotionally controlled tone of the poem, Labīd does not offer a gruesome physical description of the hardships of the journey, but rather, through indirection, he expresses his own inner struggle and his camel-mare’s physical struggle through extended similes in which he compares his she-camel first to a pregnant she-ass struggling through the changing seasons and climes with her mate until she reaches water (lines 25-35); and then an oryx cow whose calf has been slain by wolves, and who, after suffering through a cold and rainy night, summons her determination to fight off a party of hunters and their hounds (lines 36-52). It is such courage and determination that allows the poet to attend his “own heart’s needs,” tying and breaking societal bonds to preserve his honor and dignity (lines 54-56).

3. The Boast of the Warrior and His Tribe (fakhr): The boast opens with a rhetorical question, “O don’t you know...?” that sets the tone of the fakhr as one of self-defense rather than vain braggadocio. We should understand that, after the poet’s sense of loss and despair in the Prelude, and hard-one sense of determination in the Desert Crossing, that the boast has a strong element of self-defense and the building of self-esteem, as well as serving as an exercise in the presentation of self and tribe to others. In sharp contrast to the poet’s nostalgic despair, then lone determination, in the preceding sections, the poet is now an exhilarated participant in the communal life of the warrior aristocracy of his tribe.

215


Labīd ibn Rabīʿah ‫لبيد بن ربيعة‬

Two essential principles are at work: 1) that the price of belonging and participation is the willingness to sacrifice for the group, whether of one’s wealth or of one’s life and limb; and 2) that the virtues of generosity and valor that this sacrifice entails, gain for the poetwarrior both status and authority in his tribe. Thus in the self-boast the poet celebrates first his paying dearly for fine wine for himself and his comrades (the warriors of his tribe) to spend a convivial night in “wine, women, and song” (lines 57-61). He describes his defense of his tribe with a certain indirection, not boasting of his own valor, but rather of the splendid mare on which he goes to battle (lines 6369). After declaring the authority he is accorded among the tribes (lines 70-72), his final boast is of providing the slaughter-camel over which the men will gamble with their maysir arrows as a means for providing food for the starving guests and refugees, indigent women and orphans, in times of hardship (lines 73-77). In the first passage of the boast (lines 57-77) the poet speaks in the first person singular, that is, the subject is his place in his tribe. Having secured his personal status, he then turns in the second passage (78-88), the concluding passage of the poem, to declare, and thereby pay homage and allegiance to, the unrivalled authority of his tribe. It is in this section above all that we see the enumeration of the virtues of the tribal warrior aristocracy of the Jāhiliyyah, virtues that will inform as well the Islamic understanding of legitimate authority: the might of the tribe consists not of brute force, but of power justly employed to defend and secure men’s rights and due. Munificence toward the needy is the necessary

217

4


Labīd ibn Rabīʿah ‫لبيد بن ربيعة‬

moral corollary of the power to defeat and plunder one’s enemies. Furthermore, they have an inherited ancestral law and have been empowered over others not by brute usurpation, but rather by the will of a “sovereign”/”Sovereign” who has apportioned to them the largest share not merely of wealth and power, but of virtue. The “high-roofed edifice” of line 85 should be understood more metaphorically than literally, as the God-given honor and authority of the tribe. At the closure of the poem (lines 86-88) Labīd switches to the objectivizing third person “they” to proclaim the warrior class of his tribe as its defenders in war and peace, the protectors of the refugees and indigent, and, above all, as a band whose might derives from their unwavering group loyalty and devotion. Labīd has thus achieved in the three-step trajectory of his poem a moral and emotional transformation from a sense of loss, despair, and passivity before the forces of nature, time, and mortality, to a compelling vision of sacrifice for and belonging to a powerful, virtuous, authoritative, divinely chosen, and deeply committed tribal warrior aristocracy. It is not difficult to see how the transformation achieved in Labīd’s Muʿallaqah could be understood, like the life story of Labīd, as an allegory of the transformation of Arab society from the Jāhiliyyah to Islam.

219

4


‫لبيد بن ربيعة ‪Labīd ibn Rabīʿah‬‬

‫ ‬ ‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬ ‫‪.6‬‬ ‫‪.7‬‬ ‫‪.8‬‬ ‫‪.9‬‬ ‫‪.10‬‬ ‫‪.11‬‬

‫سيمياء األطالل‬

‫َ‬ ‫ّ‬ ‫الـــد ي� ُر َ َم ّلهـــا ف ُ� ُ‬ ‫قامـــا‬ ‫ـــت ِ‬ ‫عف ِ‬ ‫ـــري ُ‬ ‫ف� ُ‬ ‫الـــر� ِن ُع َّ‬ ‫رمسهـــا‬ ‫دافـــع ّ ي‬ ‫تَ‬ ‫َ‬ ‫أنيس ــا‬ ‫ِد َم ـ ٌـن ج َ� ـ َّـر َم بع ــد هع ـ ِـد ِ‬ ‫ُرزق ـ ْ‬ ‫ـوم بَ‬ ‫وصا� ــا‬ ‫ـت مرابي ـ َـع النج ـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫دج ـ ٍـن‬ ‫م ــن ِلك س ـ ٍ‬ ‫ـارية وغ ـ ٍ‬ ‫ـاد م ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ أ‬ ‫ال ُ�ق ــان وأطفل ـ ْ‬ ‫ـت‬ ‫ف َع ــا ف ــروع ي ِ‬ ‫ٌ‬ ‫والع ـ نُ‬ ‫ـاكنة ع ــى ِئ‬ ‫أطال� ــا‬ ‫ـن س ـ‬ ‫ِ ي‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫ـول ك�ا‬ ‫وجال الســيول عـ ُـن الطلـ ِ‬ ‫أو رج ـ ُـع ش‬ ‫وا� ـ ٍـة أ ِس ـ َّـف َن ُ‬ ‫ؤوره ــا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫فوقف ـ ُ‬ ‫ـت أس ــألا وكي ــف س ــؤالنا‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ال ُ‬ ‫ميع فأبكروا‬ ‫ع ِر‬ ‫يـت واكن ب�ـا ج‬

‫ـــى ت أ� ّب َ‬ ‫ـــد َغ ُولـــا فر ُ‬ ‫ب� نً‬ ‫جامـــا‬ ‫ِ‬ ‫َ​َ ً َ‬ ‫ح ِس ـ ُ‬ ‫� ـ َـن ال ـ ُـو ِ يَّ‬ ‫ـاما‬ ‫خلق ــا امك ض ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ​َ َ‬ ‫حالل ــا َ‬ ‫وح َر ُام ــا‬ ‫ِ جح ـ ٌـج خل ــون‬ ‫ُ‬ ‫الرواع ـ ِـد َج ُوده ــا ور ُ‬ ‫ودق َّ‬ ‫هام ــا‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫تجـــاو ٍب إرز ُامـــا‬ ‫وعشـــي ٍة ُم‬ ‫ِ‬ ‫لهتـــن ِظباؤهـــا َون ُ‬ ‫ب� ج َل ي ن‬ ‫عامـــا‬ ‫ِ‬ ‫ُ ً ت أ َّ ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ضـــاء ِب�امـــا‬ ‫عـــوذا �جـــل ب�لف ِ‬ ‫ُز ُ ٌ� تُ� ُّ‬ ‫نَ‬ ‫ُ‬ ‫ـــد‬ ‫أقالمـــا‬ ‫متو�ـــا‬ ‫ب ِج‬ ‫ً‬ ‫ـــن و ُ‬ ‫ففـــا َت َّ َ ق َّ‬ ‫شـــاما‬ ‫ِك‬ ‫عـــرض فو� ِ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ص ــا خوال ـ َـد م ــا ُيب ـ نُ‬ ‫ُّ‬ ‫ـن ك ُم ــا‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ـــود َر ن يُؤ�ـــا ثو� ُامـــا‬ ‫نم�ـــا وغ ِ‬

‫يتوقــف لبيــد ف ي� ّ‬ ‫ديــار قديمــة عفّتهــا الريــح‪ ،‬ال‬ ‫أول مع ّلقتــه عــى ٍ‬ ‫نــدري أهــي ديــاره أم ديــار حبيبتــه نــوار‪ ،‬أ‬ ‫ول َّن مـ نـى وغــول ورجــام‬ ‫وأن‬ ‫ـن أنّهــا ديــاره‪َّ ،‬‬ ‫والريــان داخلــة ضمــن بــاد ب ـن ي عامــر يغلــب الظـ ُّ‬ ‫ـن الالفــت‬ ‫نــوار كانــت مجــاور ًة لهــم قبــل رحيلهــا وانقطــاع ب‬ ‫خ�هــا‪ .‬لكـ َّ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫يســمي حبيبتــه إال ي� البيــت‬ ‫ي� هــذه ّ‬ ‫المقدمــة الطلليــة َّ‬ ‫أن لبيــداً ال ّ‬ ‫الســادس عـ شـر‪ ،‬وال يســأل عنهــا إال ف ي� العـ ش‬ ‫ـا�‪.‬‬ ‫ومــ� عقلــه أ‬ ‫أ‬ ‫أمــا آ‬ ‫ٌ ش‬ ‫بالســئلة‪:‬‬ ‫بــ�ء آخــر أدهشــه‬ ‫الن فهــو‬ ‫مشــغول ي‬ ‫ت‬ ‫ـى‬ ‫كيــف تغـ ي ّـرت الديــار وغــدت هكــذا؟ مــا الــذي َم َحــى الحــدود الـ ي‬ ‫تبقــي الحبيــب ف ي� محيــط حبيبــه‪ ،‬وتفصــل عالــم الوحــش عــن عالــم‬ ‫ن أ ف‬ ‫ـا� والثمــام‪،‬‬ ‫البـ شـر‪ ،‬فــإذا بالظبــاء والنعــام والبقــر تجــول بـ يـ� الثـ ي‬ ‫وتتجــاوز الحفــر الـ تـى جعلــت حــدوداً تحمــي أ‬ ‫الخبيــة مــن المــاء؟‬ ‫ي ُ‬ ‫ُ‬ ‫ش‬ ‫� ٌء مــن محالهــا‬ ‫لقــد ّامحــت الحــدود وعفــت الديــار ولــم يبــق ي‬ ‫ومقاماتهــا‪ .‬لكــن مــا حاجــة لبيــد إىل هــذا التفصيــل؟ أليــس ف ي� جنــس‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫المـــحال الـ ت نز‬ ‫ـى تُسـكَن‬ ‫الديــار مــا يشــمل َ‬ ‫ـى تُـ َل وجـ يـراً والمقامــات الـ ي‬ ‫ي‬ ‫طوي ـاً؟ هــذا بالضبــط مــا يريــد لبيــد أن نلتفــت إليــه‪ ،‬إذ ال يريــد أن‬

‫‪220‬‬

‫)‪Part I: Prelude (nasīb‬‬ ‫‪Theme I: The Abandoned Campsite Where the Beloved’s‬‬ ‫‪Tribe once Dwelt‬‬ ‫اللغة‪:‬‬ ‫عفــت‪ :‬زال أثرهــا‪ .‬محلّهــا‪ :‬مــا يُمكــث‬ ‫فيــه ت‬ ‫قصــرة‪ .‬مقامهــا‪ :‬مــا‬ ‫فــرة‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫يُقــام فيــه فــرة طويلــة‪ .‬مــى وغــول‬ ‫والرجــام ومدافــع الريّــان‪ :‬جبــال‬ ‫ِ‬ ‫متجــاورة ف ي� عاليــة نجــد تقــع جنوب ـاً‬ ‫الــرس وغربــاً عــن ِنفــي‪ ،‬يمكــن‬ ‫عــن ّ‬ ‫زيارتهــا اليــوم وهــي عــى التــو يال‪:‬‬ ‫مـ نـى‪ :‬جبــل أحمــر دائري يعــر ف آ‬ ‫الن‬ ‫بجبــل منيــة قــرب بلــدة ِنفــي‪ .‬غــول‪:‬‬ ‫جبــل غــال جنــوب ش�ق طخفــة‪.‬‬ ‫رجــام‪ :‬جبــال الشــعب جنــوب‬ ‫طخفــة‪ .‬مدافــع الريــان‪ :‬شــعيبا‬ ‫هرمــول ومبهــل يجريــان أســفل جبــل‬ ‫الريــان وينتهيــان إىل وادي الــداث‬ ‫ثــم إىل وادي الرمــة‪ .‬تأبّــد‪ :‬ســكنته‬ ‫بقيــة أثرهــا‪.‬‬ ‫الوحــوش‪ .‬رســمها‪ّ :‬‬ ‫الو ِحـ ّـي‪ :‬الكتابة‪.‬‬ ‫ـال قديــم‪ُ .‬‬ ‫خَ لَقـاً‪ :‬بـ ٍ‬ ‫ِســامها‪ :‬حجارتهــا‪ِ .‬دمن‪ :‬آثــار الناس‬ ‫ومــا سـ ّـودوا‪ .‬تجـ ّـرم‪ :‬انقـ ضـى‪ .‬حجج‪:‬‬ ‫ين‬ ‫انقضــ�‪ .‬حاللهــا‪:‬‬ ‫أعــوام‪ .‬خلــون‪:‬‬ ‫زمــن اســتحالل القتــال‪ .‬حرامهــا‪:‬‬ ‫زمــن حرمــة القتــال‪ .‬مرابيــع النجوم‪:‬‬ ‫المطــار و أ‬ ‫أ‬ ‫النــواء الربيعيــة‪ .‬ودق‬ ‫الرواعــد‪ :‬مطــر الســحب المرعــدة‪.‬‬ ‫جودهــا‪ :‬مطرهــا التــام‪ .‬رهامهــا‪:‬‬ ‫مطرهــا الخفيــف‪ .‬ســارية‪ :‬ســحابة‬ ‫ـاد مدجــن‪ :‬ســحاب‬ ‫ممطــرة لي ـاً‪ .‬غـ ٍ‬ ‫يغطــي الســماء صباح ـاً‪ .‬متجــاوب‪:‬‬ ‫يجيــب بعضهــا بعضــاً‪ .‬إرزامهــا‪:‬‬ ‫يســتع�ه‬ ‫إالرزام صــوت الناقــة‬ ‫ي‬ ‫الــر‪.‬‬ ‫للرعــد‪ .‬الأيهقــان‪:‬‬ ‫ي‬ ‫جرجــر ب ّ‬ ‫أطفلــت‪ :‬ولــدت الظبــاء أطفــاالً‪.‬‬ ‫ن‬ ‫العـ ي ن‬ ‫ـ�‪:‬‬ ‫ـى الـوادي‪ِ .‬‬ ‫بالجلهتـ يـ�‪ :‬بجانـ ب ي‬ ‫المهــا‪ .‬عــى أطالئهــا‪ :‬عــى أوالدهــا‪.‬‬ ‫تأجــل‪:‬‬ ‫عــوذا‪ :‬حديثــات النتــاج‪ّ .‬‬ ‫تســر جماعــات‪ .‬بهامهــا‪ :‬أوالدهــا‪.‬‬ ‫ي‬ ‫زُبــر‪ :‬كتــب‪ .‬نؤورهــا‪ :‬مــادة الوشــم‪.‬‬ ‫صمــاً‪ :‬صخــوراً‪.‬‬ ‫كففــاً‪ :‬حلقــات‪ّ .‬‬ ‫خوالــد‪ :‬بـو ٍاق‪ .‬فأبكــروا‪ :‬ارتحلـوا أول‬ ‫الزمــان‪ .‬نؤيهــا‪ :‬النــؤي حفــرة تجعــل‬ ‫حــول الخبــاء ليتــرب فيهــا المــاء‪.‬‬ ‫ثمامهــا‪ :‬نبــت يُلقــى عــى البيــوت‬ ‫تُسـ ّـد بــه خللهــا‪.‬‬

‫‪Effaced are the abodes,‬‬ ‫;‪brief encampments and long-settled ones‬‬ ‫ ‬ ‫‪At Minā the wilderness has claimed‬‬ ‫ ‬ ‫‪Mount Ghawl and Mount Rijām.‬‬

‫‪And the torrent channels of Wādī� Rayyān,‬‬ ‫‪their tracings are laid bare,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Preserved as surely as inscriptions are‬‬ ‫ ‬ ‫‪preserved in rock.‬‬

‫‪Their grounds are now dung-darkened patches‬‬ ‫‪over which, since they were peopled,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Years have elapsed, the profane and sacred months‬‬ ‫ ‬ ‫‪all passed away.‬‬ ‫‪They were watered by the rain‬‬ ‫‪the spring stars bring:‬‬ ‫ ‬ ‫‪Upon them rained the thunderclouds,‬‬ ‫ ‬ ‫‪downpour and drizzle,‬‬ ‫ ‬ ‫‪And every night-faring cloud,‬‬ ‫‪each early morning horizon-darkener,‬‬ ‫ ‬ ‫‪And evening cloud‬‬ ‫ ‬ ‫‪with resounding rumble.‬‬ ‫‪The ayhuqan thrust up its shoots and‬‬ ‫‪on the two sides of the valley‬‬ ‫ ‬ ‫‪Gazelles and ostriches‬‬ ‫ ‬ ‫‪have borne their young.‬‬

‫‪Wide-eyed oryx cows, newly-calved,‬‬ ‫‪stand above their newborns, motionless,‬‬ ‫ ‬ ‫‪While on the plain the yearlings,‬‬ ‫ ‬ ‫‪in clusters, caper.‬‬

‫‪1.‬‬

‫‪2.‬‬

‫‪3.‬‬

‫‪4.‬‬

‫‪5.‬‬

‫‪6.‬‬

‫‪7.‬‬

‫‪221‬‬


‫لبيد بن ربيعة ‪Labīd ibn Rabīʿah‬‬

‫نتم ّثــل صــور ًة جامــدة للديــار‪ ،‬بــل أن نضعهــا ف ي� إطارهــا الزمــن ي ‪،‬‬ ‫فـ نـرى الزمــان يمـ ّـر بطيئ ـاً ليع ّفــي المحــال المنصوبــة كيفمــا اتفــق‪،‬‬ ‫ت‬ ‫الــى بُنيــت لتــدوم‪ ،‬لكــن ن ّأ� لهــا الــدوام‬ ‫ثــم يعفّــي المقامــات ي‬ ‫والزمــن ناهشــها أ‬ ‫الكـ بـر؟‬ ‫هــا هــي الوحــوش تجــول آمنــةً بـ ي ن‬ ‫ـ� غــول ورجــام‪ ،‬وهــا هــي الميــاه‬ ‫يحــدق فيهــا المــرء ال يــكاد‬ ‫تتدفــق بغــزارة أســفل جبــل الريّــان‪ّ ،‬‬ ‫ف‬ ‫يــوم ديــاراً آهلــة‪ ،‬كأنّهــا كتابــة مطموســة‬ ‫ّ‬ ‫يصــدق أنّهــا كانــت ي� ٍ‬ ‫حجــر قديــم‪.‬‬ ‫تضمنهــا‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫المترصمــة عامـاً بعــد عــام‪ ،‬بأشــهره‬ ‫نعــم‪ ،‬إنَّــه الزمــان إذن‪ ،‬بأعوامــه‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ـى يَ ُحـ ُّـل فيهــا القتــال أو يحـ ُـرم‪ ،‬تفصيـ ٌـل آخـ ُـر يـ بـأ� إال أن نتم ّثـ َـل‬ ‫الـ ي‬ ‫لكــن الزمــان ليــس عامــل‬ ‫دورة الزمــن البطيئــة ووطأتــه الثقيلــة‪َّ .‬‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫الــى تعفّــي‬ ‫ي‬ ‫التغــر الوحــد‪ ،‬بــل هنــاك عوامــل أخــرى‪ ،‬كالريــاح ي‬ ‫الديــار بالرمــال‪ ،‬وكالســحاب الــذي يتتابــع ليـا ً ونهــاراً أو يمطـ ُـر َجــوداً‬ ‫(‪)10‬‬ ‫الــر أخــذ يزدهــر ف ي� كل مــكان بعــد أن كانــت‬ ‫ورهامــاً‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫وكجرجــر ب ّ‬ ‫ش‬ ‫خطــى البــر تحــول دون نمـ ّـوه‪ ،‬وكالظبــاء والنعــام والمهــا أنتجــت‬ ‫ش‬ ‫ـ�‬ ‫ـى الــوادي ثــم أخــذت تراقبهــا وادعــةً وهــي تمـ ي‬ ‫أطفالهــا عــى جانـ ب ي‬ ‫ُعصب ـاً ف ي� الفضــاء الفســيح‪.‬‬

‫(‪ )10‬هــذه ال�نز عــة عنــد لبيــد‬ ‫إىل تفصيــل أ‬ ‫وعدهــا‪،‬‬ ‫الشــياء‬ ‫ّ‬ ‫كتفصيلــه الديــار إىل محــال‬ ‫ومقامــات‪ ،‬وتفصيلــه الشــهور إىل‬ ‫حــل وحــرم‪ ،‬وتفصيلــه أ‬ ‫المطــار‬ ‫ٍ ُ ُ‬ ‫إىل جــود ورهــام‪ ،‬تذكّــر بخاصيــة‬ ‫"الكاتالــوج" عنــد أ‬ ‫مريــ� والــت‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ويتمــان‪ ،‬حيــث تتــواىل عنــارص‬ ‫الكتالــوج لتذكّــر بالنهائيــة أ‬ ‫الشــياء‬ ‫وتزيــد الصــورة ن‬ ‫غــى وألوانــاً‪ ،‬دون‬ ‫ف‬ ‫الطالــة وإمــال‬ ‫أن تشـ تـرك ي� خطــأ إ‬ ‫المتلقــي كمــا عنــد ويتمــان‪.‬‬

‫‪The torrents have exposed the ruins,‬‬ ‫‪as if they were‬‬ ‫ ‬ ‫‪Writings whose texts pens have‬‬ ‫ ‬ ‫‪inscribed anew‬‬

‫‪Or as if they were tattoo marks‬‬ ‫‪that emerge‬‬ ‫ ‬ ‫‪As the tattooer re-applies lampblack to‬‬ ‫ ‬ ‫‪patterns needle-pricked on hands.‬‬ ‫‪Then I stopped and questioned them,‬‬ ‫‪but how do we question‬‬ ‫ ‬ ‫‪Mute immortals whose speech‬‬ ‫ ‬ ‫‪is indistinct.‬‬

‫‪Stripped bare where once a tribe had dwelt‬‬ ‫;‪and then one morn departed‬‬ ‫ ‬ ‫‪The trench around the tents now lay abandoned‬‬ ‫ ‬ ‫‪and the plugs of thumam grass that filled the holes.‬‬

‫‪8.‬‬

‫‪9.‬‬

‫‪10.‬‬

‫‪11.‬‬

‫لكــن قــوى الطبيعــة ال تعفّــي فقــط‪ ،‬بــل تجلــو أحيانــاً‪ .‬تجــري‬ ‫ّ‬ ‫ش‬ ‫الســيول فتدفــع مــا تراكــم مــن رمــل وبَ َعــر لتكشــف عــن آثــار البــر‬ ‫الراحلـ ي ن‬ ‫ـ�‪ ،‬كأنَّهــا صحائـ ُـف يمـ ُّـر صاحبهــا بقلمــه فــوق مــا اندثــر مــن‬ ‫البــرة فيــه وذ َُّر فوقــه مــن دخــان‬ ‫خطوطهــا‪ ،‬أو وشـ ٌـم ّامحــى فغُ ـ ِـرزت إ‬ ‫الشــحم حـ تـى ظهــر ثانيــة طبقــةً تتلــو طبقــة‪.‬‬ ‫أن لبيــداً شـ ّـبه الديــار بالكتابــة مرتـ ي ن‬ ‫ـ�‪ :‬مـ ّـرة بالكتابــة‬ ‫لعلــكّ الحظــت َّ‬ ‫فــوق الحجــارة‪ ،‬ومـ ّـرة بالكتابــة فــوق الصحائــف‪ .‬إن كان ال يســتطيع‬ ‫مســاءلة هــذه الصـ ّـم الخوالــد فــا أقـ َّـل مــن أن يقرأهــا! هــذا مــا‬ ‫أســميه "ســيمياء أ‬ ‫المطلــع فريــداً‬ ‫الطــال" وهــو مــا يجعــل هــذا‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫وواحــداً مــن أبــرع االفتتاحــات الطـلـــلية وأعلقهــا بالذهــن‪.‬‬

‫‪222‬‬

‫‪223‬‬


‫لبيد بن ربيعة ‪Labīd ibn Rabīʿah‬‬

‫‪Theme II: The Departure of the Women of the Clan‬‬

‫ ‬ ‫‪.12‬‬ ‫‪.13‬‬ ‫‪.14‬‬ ‫‪.15‬‬ ‫‪.16‬‬ ‫‪.17‬‬ ‫‪.18‬‬ ‫‪.19‬‬

‫انقطاعات الذاكرة‬ ‫ّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ ُ ً‬ ‫ن ت‬ ‫ـــر ِخ ُ‬ ‫نـــا َت ِ ُّ‬ ‫شــاقتك ظعـ ُـن ي ّ‬ ‫يامـــا‬ ‫ـن � ّملوا‬ ‫فتكنســـوا قط‬ ‫احل حـ ي‬ ‫ِ ُ ُّ‬ ‫َّ ٌ‬ ‫ّ‬ ‫صي ـ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫عليـــه ِكـــ�ة ِوقر ُامـــا‬ ‫ـه‬ ‫ع‬ ‫ـل‬ ‫زوج‬ ‫ِ‬ ‫ـوف ي ِظ ـ ِ‬ ‫م ــن ِلك حمف ـ ٍ‬ ‫َ ُ ِ ض َ قَ‬ ‫َ ُ َّ ً‬ ‫ُ ً أ َّ‬ ‫فـــا ُ‬ ‫َ‬ ‫ـــو� فو�ـــا‬ ‫ز ُجـــا كن ِنعـــاج ت‬ ‫أرآمـــا‬ ‫وظبـــاء َوجـــرة عط‬ ‫ّ ُ أ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُحف ـ ْ‬ ‫أثلهـــا ور ُ‬ ‫ـزت وزايله ــا ال ــر‬ ‫اب ك نَّ� ــا‬ ‫ضامـــا‬ ‫أجـــز ُاع بيشـــة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫نأ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫بــل مــا تذكــر من نــوار وقــد �ت‬ ‫أســـبا�ا ِورمامـــا‬ ‫وتقطعـــت‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ري ـ ٌـة َح ّل ـ ْ‬ ‫البــال فـ نَ‬ ‫ُم ّ‬ ‫ـت بفي ـ َـد وج ـ َ‬ ‫ـاو َر ْت‬ ‫ـأ� منــك َمر ُامــا‬ ‫أهــل ج ِ ي‬ ‫فتضم تن�ـــا َف َ‬ ‫ـــرد ٌة ُفر ُ‬ ‫ُ َ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ال ي ن‬ ‫ـــر‬ ‫ب�‬ ‫خامـــا‬ ‫شـــارق ج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بلـــن أو ب�حج ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫فصوائـــق إن يأ� ْ‬ ‫ِم ن�ــا وحــاف قال�ــر أو ِط ُ‬ ‫نـــت ف َ� ِظ َّنـــة‬ ‫لحامــا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫بعــد أن قـ ضـى لبيــد وطــره مــن الديــار‪ ،‬وبعــد أن أجــاب كل مــا أثــارت‬ ‫أخــراً‪ ،‬ومــا كاد يفعــل‪ ،‬فســأل‬ ‫فيــه مــن أســئلة‪ ،‬التفــت إىل حبيبتــه ي‬ ‫أ‬ ‫الطــال عنهــا‪ ،‬لك َّنهــا صـ ٌّـم خوالــد ال تجيــب وال تعقــل‪ .‬ليــس أمامــه‬ ‫إال أن يلجــأ إىل ذاكرتــه‪.‬‬

‫ف‬ ‫ـن‪،‬‬ ‫كانــت حبيبتــه يــوم الرحيــل ي� نســاء الحـ ّـي‪ .‬ركبــت هودجهــا مثلهـ ّ‬ ‫أ‬ ‫والسـ ت ُـر كمــا أرخيــت فوقهــن‪ .‬ثــم ابتعــدت‬ ‫وأُرخيــت فوقهــا النمــاط ُ‬ ‫ـن المهــا‪ ،‬أو‬ ‫الهــوادج بأحمالهــا ومــا ّ‬ ‫تضمنتــه مــن نســاء جميــات كأنهـ ّ‬ ‫ظبــاء خالصــات البيــاض يلتفـ ت ن‬ ‫ـ� بحنــان جهــة أبنائهــن‪.‬‬ ‫ث ت‬ ‫يتبينهــا‪ ،‬ويدفــع بهــا ال ـراب إىل‬ ‫تبتعــد الهــوادج أكــر حــى يــكاد ال ّ‬ ‫الـراب‪ ،‬وتتداخــل الصـ ُ ت‬ ‫ـجر أثـ ٍـل أو صخـ ٌـر منضــود‬ ‫ـور حــى لكأنّهــا شـ ُ‬ ‫ممــا تي�اكــم ف ي� أوديــة بيشــة‪.‬‬ ‫ولــو اعتقــدت أنّــه يحـ ّـدق ف ي� الصح ـراء فقــط كنــت واهم ـاً‪ ،‬بــل هــو‬ ‫ف‬ ‫يتبينــه منهــا‪ ،‬حيــث‬ ‫يحـ ّـدق ي� ذاكرتــه أيضـاً‪ ،‬إىل أقــى مــا يســتطيع أن ّ‬ ‫تتداخــل الصــورة بالصــورة كمــا يتداخــل الــراب بالــراب‪ ،‬إىل أن‬ ‫يبتلــع أ‬ ‫الخـ ي ُ ش‬ ‫�ء ثــم ينقطــع خيــط الذكــرى‪.‬‬ ‫ـر َّكل ي‬

‫‪224‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ظعــن‪ :‬نســاء ف‬ ‫تحملــوا‪:‬‬ ‫ادج‪.‬‬ ‫و‬ ‫هــ‬ ‫�‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ارتحلــوا بأحمالهــم‪ .‬تك ّنســوا‪:‬‬ ‫دخلــوا ف ي� الهــوادج‪ُ .‬قطُنــاً‪ :‬أغشــية‬ ‫ـر‪ :‬تصــدر صوت ـاً‪.‬‬ ‫وثيــاب قطــن‪ .‬تـ ّ‬ ‫ــف بالثيــاب‪ِ .‬عص ّيــه‪:‬‬ ‫محفــوف‪ُ :‬ح ّ‬ ‫يتكون‬ ‫خشــبه‪ .‬زوج‪ :‬نمــط من الثيــاب ّ‬ ‫مــن طبقتـ ي ن‬ ‫ـ�‪ِ .‬ك ّلــة‪ :‬السـ تـر الرقيــق‪.‬‬ ‫قرامهــا‪ :‬غطاؤهــا‪ .‬ز ُ​ُج ـا ً‪ :‬جماعــات‪.‬‬ ‫توضــح‪ :‬زبــارة المضيــاح ف ي� عاليــة‬ ‫نجــد وتشــتهر بالمهــا الوضيحــي‪.‬‬ ‫وجــرة‪ُ :‬ركبــة قــرب الطائــف تشــتهر‬ ‫بظبائهــا‪ُ .‬عطّفـاً‪ :‬ملتفتــات متحننات‪.‬‬ ‫آرامهــا‪ :‬ظبــاء خالصــات البيــاض‪.‬‬ ‫ُحفــزت‪ :‬اسـ ُتحثت ف ي� السـ يـر‪ .‬زايلهــا‪:‬‬ ‫حركهــا‪ .‬أجــزاع‪ :‬معاطــف أ‬ ‫الوديــة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫عســر‪ .‬رضامهــا‪:‬‬ ‫بيشــة‪ :‬مدينــة ي� ي‬ ‫صخــور عظــام أمثــال إالبــل حجم ـاً‬ ‫يقــع بعضهــا عــى بعــض‪ .‬نــأت‪:‬‬ ‫بعــدت‪ .‬أســبابها‪ :‬حبــال مو ّدتهــا‪.‬‬ ‫رمامهــا‪ :‬حبــال رثّــة قديمــة‪ .‬فيــد‬ ‫ومحجــر وفــردة ورخــام‪:‬‬ ‫والجبــان‬ ‫ّ‬ ‫مواضــع تحيــط بحائــل وهــي عــى‬ ‫التــوال‪ :‬فيــد‪ :‬ش�ق جبــل ســلمى‪،‬‬ ‫ي‬ ‫الجبــال والجبــان‪ :‬أجــا وســلمى‪،‬‬ ‫المســمى غــرب‬ ‫ّ‬ ‫محجــر‪ :‬جبــال ِ‬ ‫حائــل‪ ،‬فــردة‪ :‬فــردة النظيــم وفــردة‬ ‫الشــموس غــرب حائل‪ ،‬رخــام‪ :‬ضلع‬ ‫رخــام غــرب حائــل‪ .‬صوائــق ووحاف‬ ‫القهــر وطلحــام‪ :‬مواضــع ف ي� جنــوب‬ ‫المملكــة هــي عــى التـو يال‪ :‬صوائــق‪:‬‬ ‫أســفل الحجــاز قــرب نخلــة‪ ،‬وحــاف‬ ‫القهــر‪ :‬جنــوب نجــد ف ي� بــاد قحطان‬ ‫اليمانيــة‪ ،‬طلحــام‪ :‬شــمال غــرب‬ ‫نجـران‪ .‬أيمنــت‪ :‬اتجهــت جنوبـاً نحو‬ ‫اليمــن‪ .‬فمظنــة‪ :‬موضعهــا الــذي‬ ‫تُظــن فيــه‪.‬‬

‫‪12. The clanswomen departing stirred your longing‬‬ ‫‪when they loaded up their gear,‬‬

‫‪Then climbed inside their howdah frames‬‬ ‫‪with creaking tents,‬‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫‪13. Each howdah’s wooden frame‬‬

‫‪was shaded by a double woolen carpet‬‬ ‫‪And covered by fine veil‬‬ ‫‪and figured drape.‬‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫‪14. In clusters the women departed, as if the howdahs bore‬‬ ‫‪the oryx cows of Tūdih‬‬

‫‪And the white does of Wajrah, tenderly inclining‬‬ ‫‪over their young.‬‬

‫ ‬

‫ ‬

‫‪15. They were urged on, and the mirage‬‬ ‫‪dissolved them ‘til they were like‬‬

‫‪The windings of the riverbed of Bī�shah‬‬ ‫‪with its tamarisks and boulders.‬‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫‪16. What then do you remember of Nawār‬‬ ‫‪when she has gone away,‬‬

‫‪And her bonds, both firm and frayed,‬‬ ‫?‪are cut asunder‬‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫‪17. A Murrite woman who alit in Fayd‬‬

‫—‪and then dwelt near the people of Hijāz‬‬ ‫‪How could you ever hope‬‬ ‫?‪to meet with her again‬‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫‪225‬‬


‫لبيد بن ربيعة ‪Labīd ibn Rabīʿah‬‬

‫هــذا االنقطــاع دفعــه إىل أن يســتدرك ســائالً‪ :‬بــل مــا تذ ّكــر مــن نــوار‬ ‫وقــد ابتعــدت وتق ّطعــت حبــال مو ّدتهــا حـ تـى القديمــة منهــا؟ ولع ّلــه‬ ‫أنكــر عــى نفســه انشــغالها بنــوار بعــد ِّكل هــذا الزمــن الطويــل‪ ،‬ولع ّله‬ ‫السـ ت ُـر‬ ‫أنكــر أيضـاً عجــزه عــن تم ّثلهــا بعــد أن ّ‬ ‫تضمنهــا الهــودج وأُرخيت ُ‬ ‫وابتعــدت وغابــت ف ي� الزمــان والـراب‪.‬‬ ‫ال غرابــة إذن أنّــه لــم يعــدد شــيئاً ممــا يتغـ ن ّـى بــه الشــعراء عــادة مــن‬ ‫صفــات جســدية‪ ،‬ال عينيهــا وال وجههــا وال خرصهــا وال شــعرها‪ ،‬لــم‬ ‫يذكــر ســوى انتســابها لب ـن ي ُمـ ّـرة‪ ،‬ال نــدري أهــي ُمـ ّـرة بــن عــوف بــن‬ ‫ش‬ ‫ـراح‪ -‬أم ُمـ ّـرة بــن صعصعــة الذيــن‬ ‫ســعد بــن ذبيــان –وهــو اختيــار الـ ّ‬ ‫كانــوا يتقاســمون المنــازل مــع أبنــاء عمومتهــم عامــر بــن صعصعــة‪.‬‬

‫‪To the east of Tayyiʾ’s two mountains she alit‬‬ ‫‪or on Muhajjar’s Mount,‬‬

‫‪Then the land of Fardah contained her,‬‬ ‫‪then its nearby Mount Rijām.‬‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫‪Then in Suwāʾiq, if she headed toward the Yemen,‬‬ ‫‪so that by now‬‬

‫‪She is most likely in Wihāf al-Qahr‬‬ ‫‪or in Tilhām.‬‬

‫‪18.‬‬

‫‪19.‬‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫ـتقرت وانتهــى بهــا المطــاف‪:‬‬ ‫ثــم كيــف يتذكّرهــا وهــو ال يــدري أيــن اسـ ّ‬ ‫أشــماال ً جهــة حائــل وأجــأ وســلمى‪ ،‬أم جنوبـاً صــوب صوائــق ووحــاف‬ ‫القهــر وطلحــام؟ ال غرابــة إذن إن أنكــر تذك َّرهــا بعــد ِّكل هــذه المـ ّـدة‪.‬‬

‫‪226‬‬

‫‪227‬‬


‫لبيد بن ربيعة ‪Labīd ibn Rabīʿah‬‬

‫)‪Part II: The Poet’s Departure and Desert Crossing (raḥīl‬‬

‫ ‬ ‫‪.20‬‬ ‫‪.21‬‬ ‫‪.22‬‬ ‫‪.23‬‬ ‫‪.24‬‬

‫فوق ناقة المجاز‬ ‫ُ ّ‬ ‫فاقطـ ْـع ُلبانـ َـة مــن َت َعـ ّـر َض وصـ ُ ُ‬ ‫َخ‬ ‫ول ي ُ‬ ‫ـــة َ َّ‬ ‫ـه‬ ‫ـــر‬ ‫ص ُامـــا‬ ‫واصـــل خ ةٍ‬ ‫ِ‬ ‫ب�ق إذا َض َل َع ْ‬ ‫ُ‬ ‫ـــت وزاغ ُ‬ ‫حام َل ب� جلزيل ُ‬ ‫واحب ُ‬ ‫وص ُم ُه‬ ‫قوامـــا‬ ‫امل ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ت َ ّ ً‬ ‫َ‬ ‫وس ُ‬ ‫فأحنـــق ُص بُل�ـــا َ‬ ‫بقيـــة‬ ‫أســـفار �كـــن‬ ‫بطليـــح‬ ‫ـــناما‬ ‫نم�ـــا‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫فتحـــر ْ‬ ‫وتقطعـ ْ‬ ‫ـت بعــد الـلال ِخ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫هـــا‬ ‫حلم‬ ‫تغـــاىل‬ ‫فـــإذا‬ ‫دامــا‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ـاء ر َاح مــع ج َ‬ ‫هصبـ ُ‬ ‫مـــام ك نَّ�ـــا‬ ‫الز ِ‬ ‫ـوب َج� ُاما‬ ‫النـ ِ‬ ‫فلهـــا ِهبـــاب ي� ِ‬

‫إن ن‬ ‫ثــم يخلــص لبيــد إىل ي ن‬ ‫معــى المع َّلقــة‬ ‫بيتــ� ال أبالــغ إن قلــت َّ‬ ‫ش‬ ‫�ء لــم يُع ـ َط ح ّقــه مــن االهتمــام‪،‬‬ ‫بالكامــل يرتكــز عليهمــا‪ ،‬وهــو ي‬ ‫بالخــص أ‬ ‫البيتــ�‪ ،‬أ‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫الول‪ ،‬رواه‬ ‫اب روايــة‬ ‫ثــم زاد‬ ‫ّ‬ ‫الطــ� ِب ّلــة اضطــر ُ‬ ‫ش‬ ‫ـر واصـ ِـل ُخ ّل ٍة‬ ‫نفـ ٌـر‪:‬‬ ‫"ولخـ ي ُ‬ ‫ص ُامهــا"‪ .‬ورواه آخــرون‪" :‬ولـ ُّ‬ ‫ـر واصــل ُخ ّلـ ٍـة َ ّ‬ ‫(‪)11‬‬ ‫أ‬ ‫رصامهــا"‪ .‬فهــل أثـ نـى لبيــد عــى نفســه لنّــه يبــادر إىل قطــع حبــل مــن‬ ‫ّ‬ ‫بذمــه إياهــا يقـ ّـوي عزمــه عــى‬ ‫تغـ ي ّـر عليــه‪ ،‬أم َّ‬ ‫لتغ�هــا وهــو ّ‬ ‫ذم نــوار ي ّ‬ ‫جــذم حبلهــا؟‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ـال‬ ‫َّ‬ ‫إن المعـ نـى الول أشــبه بأخــاق لبيــد‪ ،‬يؤيــده مــا جــاء ي� بيـ ٍ‬ ‫ـت تـ ٍ‬ ‫حـ ي ن‬ ‫والخ ُلــق الكريــم لمــن زاغ وتغـ ي ّـر حـ ت ّـى وإن‬ ‫ـ� دعــا إىل بــذل الــو ّد ُ‬ ‫كانــت القطيعــة قائمــة‪ ،‬ت‬ ‫وحــى إن كانــت ّنيــة التحـ ّـول باقيــةً تنتظــر‬ ‫الســفار‬ ‫إنجازهــا‪ .‬وســيلته إىل قطــع اللبانــات ووصلهــا ناقــةٌ أهزلهــا ِ‬ ‫لحمهــا‬ ‫ـنامها وتق ّطعــت ســيورها وســقط َو ُبرهــا وذهــب ُ‬ ‫حـ تـى ضمــر سـ ُ‬ ‫ّإل مــا بقــي حــول رؤوس العظــام‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ـات ســابقة‬ ‫ولكــن مــا حاجتــه إىل ناقـ ٍـة يتحـ ّـول بهــا؟ ألــم ب‬ ‫يخ�نــا ي� أبيـ ٍ‬ ‫أن نــوار ظعنــت فيمــن ظعــن‪ ،‬وأنّــه ال يــدري هــل نزلــت شــماال ً‬ ‫َّ‬ ‫جهــة حائــل أم جنوب ـاً جهــة صوائــق؟ كيــف يتحـ ّـول عنهــا وهــي مــن‬ ‫تحولــت؟ هــل مــا زال يعنيهــا‪ ،‬أم ش�ع ف� ن‬ ‫معــى جديــد؟‬ ‫ّ‬ ‫ي‬

‫‪Theme I: The Poet Departs on his Camel-Mare‬‬ ‫اللغة‪:‬‬ ‫لُبانــة‪ :‬حاجــة‪ .‬تعـ ّـرض‪ :‬مــال يمينـاً‬ ‫رصامهــا‪:‬‬ ‫وشــماالً‪ .‬خُ ّلــة‪ :‬صداقــة‪ّ .‬‬ ‫ـب‪ :‬أعـ ِـط‪ .‬المحامــل‪:‬‬ ‫قطّاعهــا‪ .‬احـ ُ‬ ‫المـ فئ‬ ‫ـكا�‪ .‬رصمــه‪ :‬قطعــه‪ .‬ضلعــت‪:‬‬ ‫مالــت وانحرفــت‪ .‬قوامهــا‪:‬‬ ‫اســتقامتها‪ .‬بطليــح أســفار‪ :‬بناقــة‬ ‫أهزلهــا الســفر‪ .‬أحنــق‪ :‬ضمــر‪.‬‬ ‫ـرت‪:‬‬ ‫تغــاىل‪ :‬ذهــب وارتفــع‪ .‬فتحـ ّ‬ ‫ســقط وبرهــا‪ِ .‬خدامهــا‪ :‬ســيور‬ ‫تشــد عــى أ‬ ‫الرســاغ‪ .‬هبــاب‪:‬‬ ‫ُ ّ‬ ‫نشــاط‪ .‬صهبــاء‪ :‬ســحابة فيهــا‬ ‫حمــرة وســواد‪ .‬جهامهــا‪ :‬المطــر ال‬ ‫مــاء فيــه‪.‬‬ ‫(‪ )11‬هــذا التضــاد دفــع محقــق‬ ‫الديــوان د‪ .‬إحســان عبــاس إىل أن‬ ‫يع ّلــق بانزعــاج‪ :‬وروايــة البيــت عــى‬ ‫التغيــرات الســيئة‪،‬‬ ‫التضــاد مــن‬ ‫ي‬ ‫فالشــاعر ال بــد مــن أن يكــون �ف‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫هــذا الموطــن قــال شــيئاً واحــداً‬ ‫وعنــاه‪ .‬الديــوان ص‪.303‬‬

‫‪20. Cut off your love from one‬‬ ‫‪whose bond is wavering,‬‬ ‫ ‬ ‫‪For the best binder of affection’s bond‬‬ ‫ ‬ ‫‪is he who cuts it.‬‬ ‫‪21. Be generous to him who treats you well,‬‬ ‫‪but only the cutting of bonds remains‬‬ ‫ ‬ ‫‪When affection falters‬‬ ‫ ‬ ‫‪and its foundation fails.‬‬

‫‪22. And depart on a camel-mare jaded by journeys‬‬ ‫‪that have reduced her to a remnant,‬‬ ‫ ‬ ‫‪‘Til she is emaciate‬‬ ‫ ‬ ‫‪of loins and hump.‬‬

‫‪23. Even when her flesh has dwindled‬‬ ‫‪and she is exhausted‬‬ ‫ ‬ ‫‪And, after great fatigue, her leathern shoe straps‬‬ ‫ ‬ ‫‪are cut through,‬‬ ‫ ‪24. Still she is as nimble in the reins‬‬ ‫‪as if she were a rose-hued cloud,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Rain-emptied, running with the south wind,‬‬ ‫ ‬ ‫‪sprightly.‬‬

‫أ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ـى يأخــذ بعضهــا‬ ‫َّ‬ ‫إن هــذا اللبــس المحيــط بالمعــى‪ ،‬وهــذه الســئلة الـ ي‬ ‫بأعجــاز بعــض‪ ،‬كل ذلــك يعــود –بشــكل كبــر‪ -‬إىل وقــوف الشــاعر �ف‬ ‫ٍ ي‬ ‫ي‬ ‫يتبينهــا بعــد أن‬ ‫منطقــة رماديّــة مــن ذاكرتــه وشــعوره‪ ،‬منطقـ ٍـة ال يــكاد ّ‬

‫‪228‬‬

‫‪229‬‬


‫لبيدبنبنربيعة‬ ‫لبيد‬ ‫‪Labīd ibn‬‬ ‫‪ibn Rabīʿah‬‬ ‫ربيعة ‪Rabī'ah‬‬ ‫‪Labīd‬‬

‫ـان ظاللــه عليهــا‪ ،‬ثـ َّـم ألقــى بك�يــاؤه مزيــداً مــن الظــال‪،‬‬ ‫ألقــى الزمـ ُ‬ ‫مليـاً لربمــا نــكأ شــيئاً مــن جراحــه‪.‬‬ ‫ولــو حـ ّـدق ّ‬ ‫ض‬ ‫ن‬ ‫ـيم� يتحـ ّـدث تــار ًة عنهــا وتــار ًة إليهــا‬ ‫نعــم مــا زال يع ـ ي نــوار‪ ،‬وسـ ي‬ ‫حـ ت ّـى البيــت الســابع والخمسـ ي ن‬ ‫إن نــوار احتلــت المع َّلقــة‬ ‫ـت َّ‬ ‫ـ�‪ ،‬لــذا قلـ ُ‬ ‫وصــف الناقــة‬ ‫جاهليــة‪ ،‬ومــا‬ ‫كمــا لــم تحتــل امــرأ ٌة أخــرى قصيــد ًة‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫والقصتــان اللتــان سـ يـرويهما أثنــاء التشــبيه إال حيـ ٌـل لجــأ لبيــد إليهــا يك‬ ‫وك�يــاءہ الجريحــة مــن وراء قنــاع‪.‬‬ ‫يواجــه مشــاعره الملتبســة ب‬ ‫أن نــوار المريّــة جــاورت حــي لبيــد ف� ن‬ ‫مــى وغــول ورجــام‬ ‫يبــدو َّ‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫ـادث اضطرهــا إىل أن ترحـ َـل‬ ‫والريّــان مـ ّـد ًة مــن الزمــان‪ ،‬ثـ َّـم حــدث حـ ٌ‬ ‫ـارق لبيــداً‪ .‬قــد يكــون ســألها البقــاء والــزواج منــه فأبــت‬ ‫مــع أهلهــا وتفـ َ‬ ‫إال الرحيــل مــع أهلهــا‪ ،‬وقــد تكــون ســألته متابعتهــا واللحــاق بهــا‬ ‫ت‬ ‫الحيــان‪ ،‬ورحلــت الظعائــن‪،‬‬ ‫ـأرص ّإل أن يــازم قومــه‪ ،‬وهكــذا افــرق ّ‬ ‫فـ َّ‬ ‫ـرح غائــر ف ي� قلــب شــاعرنا‪ ،‬لــن يداويــه ســوى الزمــن‪.‬‬ ‫وانفتــح جـ ٌ‬ ‫لبيــد إىل تــرك ديارهــم ثــم‬ ‫حــادث آخــر‬ ‫ثــم حــدث‬ ‫ٌ‬ ‫اضطــر َ‬ ‫قــوم ٍ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫عمهــم ب ـن‬ ‫الرجــوع إليهــا‪ ،‬كالخــاف الــذي نجــم بينهــم وبـ ي ن‬ ‫ـ� أبنــاء ِّ‬ ‫ي‬ ‫ب يأ� بكــر بــن كالب‪ .‬عندهــا وقــف لبيــد عــى الديــار العافيــة وتذكّــر‬ ‫حبــه لنــوار‪ .‬تذكّــر لجاجهــا وعنادهــا وعــدم متابعتهــا لــه‪،‬‬ ‫ســالف ّ‬ ‫ـادر عــى التحـ ّـول عنهــا رغــم أنّهــا‬ ‫فثــارت كرامتــه‪ ،‬وقــال مكابـراً إنّــه قـ ٌ‬ ‫تحولــت‪.‬‬ ‫هــي مــن ّ‬ ‫ش‬ ‫ـت ســواداً وحمــرة‪،‬‬ ‫ت�بـ ْ‬ ‫وســيلته إىل ذلــك التحــول ناقــةٌ تشــبه ســحابةً ّ‬ ‫أمطــرت ســائر يومهــا إىل أن تخففــت مــن مائهــا ثـ ّـم دفعــت بهــا ريــاح‬ ‫إن هــذه الناقــة وســيلةٌ إىل‬ ‫الجنــوب فراحــت أرسع مــا يكــون‪ .‬نعــم‪َّ ،‬‬ ‫ســركبه ي ن‬ ‫حــ� يعالــج‬ ‫قطــع ال ُلبانــات ووصلهــا‪ ،‬لكنهــا مجــا ٌز أيضــاً ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫قصــى التــان‬ ‫الــى كانــت أمامــه‪ ،‬وهــو مــا ســنتبينه ي�‬ ‫ي‬ ‫الخيــارات ي‬ ‫والعـ يـر‪ ،‬والبقــرة والفريــر‪.‬‬

‫‪230‬‬

‫‪11‬‬


‫لبيد بن ربيعة ‪Labīd ibn Rabīʿah‬‬

‫ ‬ ‫‪.25‬‬ ‫‪.26‬‬ ‫‪.27‬‬ ‫‪.28‬‬ ‫‪.29‬‬ ‫‪.30‬‬ ‫‪.31‬‬ ‫‪.32‬‬ ‫‪.33‬‬ ‫‪.34‬‬ ‫‪.35‬‬

‫األتان والعير‬

‫وسـ ْ‬ ‫ـب َ‬ ‫ـقت ألحقـ َ‬ ‫أو ُم ِملـ ٌـع َ‬ ‫الحـ ُـه‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫اكم ُمسـ َّـحجا‬ ‫يعلــو ب�ــا َحد َب إال ِ‬ ‫ُ‬ ‫أ قَ‬ ‫ب أ� ّ‬ ‫الثلبـــوت ي ْ� ب� فو�ـــا‬ ‫حـــز ِة‬ ‫ِ‬ ‫ح ـ تّـى إذا س ـ َ‬ ‫ـلخا جُ� ـ َ‬ ‫ـادى ِس ـ ّـت ٍة‬ ‫َ أ‬ ‫مرمهـــا إىل ذي ِم ّ‬ ‫ـــر ٍة‬ ‫رجعـــا ب� ِ‬ ‫الســفا تو� ّي ْ‬ ‫ورمـ ْ‬ ‫َ‬ ‫دوا�هــا َّ‬ ‫ـت ب َ‬ ‫جت‬ ‫ً‬ ‫يطـــر ِظ ُ ُ‬ ‫طا ي ُ‬ ‫ســـب‬ ‫ـــال‬ ‫فتنازعـــا ِ‬ ‫َ ف‬ ‫مش ـ ةٍ ُ ْ‬ ‫ـر�‬ ‫ـمول غ ِلث ــت بناب ـ ِ‬ ‫ـت ع ـ ٍج‬ ‫ً‬ ‫ف� ض‬ ‫ـــى وقدَّهمـــا واكنـــت عـــادة‬ ‫فرىم �ا ُع ْر َض السَّ ّي َّ‬ ‫وصدعا‬ ‫ب‬ ‫ً‬ ‫َ َ ِ ُ ُّ‬ ‫الـــر ِاع ي ِظلهـــا‬ ‫حمفوفـــة وســـط ي‬

‫طـ ُ‬ ‫ـرد الفحــول و�ض بُ�ــا ِوك ُ‬ ‫دامــا‬ ‫ِ‬ ‫قـــد ر َاب ُ‬ ‫ـــه ِع نُ‬ ‫صيا�ـــا وو ُ‬ ‫حامـــا‬ ‫ِ‬ ‫فُ‬ ‫َ َ‬ ‫ـــب خو�ـــا آر ُامـــا‬ ‫قفـــر امل َر ِاق ِ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ـال ُ‬ ‫وصيام ــا‬ ‫صيام ـ ُـه‬ ‫َج ـ ْـزءا فط ـ‬ ‫ـــد نُ ج ْ‬ ‫و� ُ‬ ‫ـــة بإ� ُامـــا‬ ‫ـــح َص ي� ٍ‬ ‫َح ِص ٍ‬ ‫يُ‬ ‫ـف َس ـ ُ‬ ‫ـوما َ َ‬ ‫وس ُام ــا‬ ‫ر� املصاي ـ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ـان ُمشـ َـعلةٍ ُي َشـ ُّ‬ ‫ـب ِ�ض ُامــا‬ ‫كدخـ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫إســـناما‬ ‫ســـاطع‬ ‫خـــان ن� ٍر‬ ‫كد ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ـــر ْ‬ ‫ُ‬ ‫دت ُ‬ ‫ه َع َّ‬ ‫منـــه إذا ي َ‬ ‫إقدامـــا‬ ‫ً ُّ‬ ‫ً‬ ‫تجـــاورا قل ُمـــا‬ ‫مســـجورة ُم‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫غابـــة ُ‬ ‫منـــه ُم َّ‬ ‫وقيامـــا‬ ‫ـــر ُع‬ ‫ٍ‬

‫الجنــوب‪ ،‬أم أتانـاً ســاقها‬ ‫أتشــبه ناقتــه ســحابةً صهبــاء دفعتهــا ريــاح َ‬ ‫فحلهــا أيــام الصيــف والعطــش إىل أن ورد بهــا عـ ي ن‬ ‫ـ� مــاء؟ مــا الغــرض‬ ‫ـي�ع ف� رسدهــا عــن أ‬ ‫ت‬ ‫التــان؟ هــل تزيــد‬ ‫ـى سـ ش ي‬ ‫مــن القصــة الطويلــة الـ ي‬ ‫الوصـ َـف د ّقــةً بتفاصيلهــا‪ ،‬أم المتل ّقـ َـي نشــاطاً باســتطرادها؟ أم ت ـراه‬ ‫يريــد شــيئاً آخــر بالمـ ّـرة؟ لنصــغ جيــداً ثــم نحكــم‪.‬‬ ‫التــان الـ تـى حملــت وامتـ أ‬ ‫هــل تــرى تلــك أ‬ ‫ـ� ض� ُعهــا لبن ـاً؟ هــل تــرى‬ ‫ي‬ ‫ـ� حولهــا؟ تُــرى أيُّهــم أحب َلهــا؟ رسعــان مــا تمـ ي ّ ز‬ ‫كـ ثـرة الذكــور المقتتلـ ي ن‬ ‫ـر‬ ‫بينهــا َع يــراً‬ ‫أحقــب ف ي� وركيــه بيــاض‪ ،‬ال يوجــد موضــع ف ي� جســده ّإل‬ ‫َ‬ ‫عضــة أو ض�بــة‪ .‬عندمــا تلحــظ هياجــه وكيــف يعنــف ببــا�ق‬ ‫وفيــه ّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ويفرقهــا عــن التــان يتأكــد لــك أنّــه المســؤول عــن حملهــا‪.‬‬ ‫الفحــول ّ‬ ‫ـب والريبــة‪ ،‬خصوص ـاً بعــد أن الحــظ‬ ‫لك َّنــه هــو أيض ـاً يشــاركنا العجـ َ‬ ‫تغــر أ‬ ‫التــان وعصيانهــا وتم ّنعهــا أثنــاء الجمــاع‪ .‬أتـراه الحمــل والوحم؟‬ ‫يّ‬ ‫ق‬ ‫الح ُمــر الوحشـ ّـية‪ ،‬ثـ ّـم يقطعــان طريقـاً‬ ‫يفصــل َ‬ ‫ـا� ُ‬ ‫ـر بأتانــه عــن بـ ي‬ ‫العـ ي ُ‬ ‫طويلــة ترتفــع تــار ًة وتنخفــض تــارة‪ ،‬وتغلــظ تــار ًة وتلـ ي ن‬ ‫ـ� تــارة‪ .‬يمـ ّـران‬ ‫فيتوجــس العـ يـر خط ـراً حـ ي ن‬ ‫ـ� يشــاهد‬ ‫بــوادي الشــعبة جنــوب حائــل‪،‬‬ ‫ّ‬

‫‪232‬‬

‫‪Theme II: The Poet Compares his Camel-Mare to a‬‬ ‫‪Pregnant Wild Ass‬‬ ‫اللغة‪:‬‬ ‫أ‬ ‫ــر‪ :‬حمــار الوحــش‪ ،‬والتــان‪:‬‬ ‫َ‬ ‫الع ي‬ ‫ث‬ ‫أنــى حمــار الوحــش‪ُ .‬ملمــع‪:‬‬ ‫أ‬ ‫امتــ� ض�عهــا لبنــاً‪ .‬وســقت‪:‬‬ ‫أتــان‬ ‫ف‬ ‫عــر ي� وركيــه‬ ‫أحقــب‪:‬‬ ‫حملــت‪.‬‬ ‫ي‬ ‫غــره‪ .‬كدامهــا‪:‬‬ ‫بيــاض‪ .‬الحــه‪ :‬ي ّ‬ ‫الكام‪ :‬مــا احــدودب‬ ‫ّ‬ ‫عضهــا‪ .‬حــدب إ‬ ‫مــن آ‬ ‫ســحجاً‪ُ :‬م َعضضــاً‪.‬‬ ‫م‬ ‫كام‪.‬‬ ‫ال‬ ‫ُ ّ‬ ‫وحامهــا‪ :‬اشــتهاء الحبــى شــيئاً‬ ‫معينــاً أثنــاء ت‬ ‫فــرة الحمــل‪ .‬أحــ ّزة‬ ‫الثلبــوت‪ :‬مــا غلــظ وارتفــع مــن‬ ‫الثلبــوت وهــو وادي الشــعبة جنــوب‬ ‫حائــل يصـ ف‬ ‫الرمــة‪ .‬يربــأ‪:‬‬ ‫ـب ي� وادي ّ‬ ‫ُّ‬ ‫يتبــر أماكــن الخطــر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يتقــدم يك ّ‬ ‫الخــال‬ ‫الموضــع‬ ‫ــب‪:‬‬ ‫اق‬ ‫ر‬ ‫الم‬ ‫قفــر‬ ‫َ ِ‬ ‫ي‬ ‫الــذي يقــوم عليــه الرقيــب‪ .‬آرامهــا‪:‬‬ ‫أعــام طريقهــا‪ .‬ســلخا‪ :‬قضيــا‪.‬‬ ‫جمــادى ســتة‪ :‬ســتة أشــهر مــن‬ ‫الشــتاء ثـ ّـم الربيــع‪َ .‬جــزءاً‪ :‬االكتفــاء‬ ‫مــرة‪ :‬ذي‬ ‫بالرطــب عــن المــاء‪ .‬ذي ّ‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫حصــد‪ُ :‬محكــم‪.‬‬ ‫قــوة ي� الــرأي‪ِ .‬‬ ‫ّ‬ ‫رصيمــة‪ :‬عزيمــة‪ .‬إبرامهــا‪ :‬إحكامهــا‪.‬‬ ‫الســفا‪:‬‬ ‫دوابرهــا‪ :‬مآخـ يـر حوافرهــا‪َّ .‬‬ ‫البهمــى‪َ .‬ســومها‪ :‬مرورهــا‪.‬‬ ‫شــوك ُ‬ ‫ســبطاً‪:‬‬ ‫هــا‪.‬‬ ‫حر‬ ‫ة‬ ‫شــد‬ ‫ــهامها‪:‬‬ ‫َس‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫غبــاراً ممتــداً طويـاً‪ُ .‬مشــعلة‪ :‬نــار‪.‬‬ ‫�ض امهــا‪ُ :‬دقــاق حطبهــا‪ .‬مشــمولة‪:‬‬ ‫هبــت عليهــا ريــح الشــمال‪ .‬غُلثــت‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ُخ ِلطــت‪ .‬عـ ّـردت‪َ :‬ج ُبنــت وتأخـ ّـرت‪.‬‬ ‫الــر ّي‪ :‬ناحيــة النهــر‬ ‫ُعــرض‬ ‫َ‬ ‫صدعــا‪ :‬ش ـقّا‪ .‬مســجورة‪:‬‬ ‫الصغـ يـر‪ّ .‬‬ ‫مملــؤة مــا ًء‪ُ .‬ق ّلمهــا‪ :‬قصبهــا‪.‬‬ ‫الــراع‪ :‬القصــب‪.‬‬ ‫يَ‬

‫‪25. Or is she like a she-ass, teats milk-swollen,‬‬ ‫‪pregnant by a white-bellied stallion‬‬

‫‪That is gaunt from repelling rivals,‬‬

‫‪biting them and kicking.‬‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫‪26. Much scratched and bitten, he leads her up‬‬ ‫‪the hump-backed hills,‬‬

‫‪Perplexed by his pregnant mate’s‬‬ ‫‪recalcitrance and cravings.‬‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫‪27. Above the jagged heights of Thalabūt he scouts‬‬ ‫‪the empty lookout posts,‬‬

‫‪Fearful of hunters hid behind‬‬ ‫‪the piles of stone.‬‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫‪28. Until, when Jumādā passed and winter’s six months‬‬ ‫‪of grazing on lush herbage,‬‬

‫‪While avoiding water-holes,‬‬ ‫‪came to an end,‬‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫‪29. The two mates made a resolution,‬‬ ‫—‪twisted tight‬‬

‫—‪For the success of resolve lies in firmness‬‬ ‫‪to head for water.‬‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫‪30. Then the dry blades of buhma grass‬‬ ‫‪pricked at her pasterns,‬‬

‫‪And the summer wind picked up‬‬

‫‪in passing gusts and fiery blasts.‬‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫‪233‬‬


‫لبيد بن ربيعة ‪Labīd ibn Rabīʿah‬‬

‫ـ� مكانـاً قفـراً يطـ ُّـل‬ ‫أعالمـاً عــى الطريــق‪ .‬ال يهــدأ بالــه إال بعــد أن يعتـ ي َ‬ ‫عــى ِّكل مــا حولــه ليتأكــد أن أ‬ ‫العــام ال تخفــي صيــاداً وراءهــا‪.‬‬ ‫َّ‬

‫‪Back and forth the asses tugged a train‬‬

‫اليــام أ‬ ‫تمــر أ‬ ‫محــرم إىل ُجمــادى‬ ‫والشــهر عــى هــذه الحــال‪ ،‬مــن‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫آ‬ ‫الخــرة‪ .‬يحـ ُّـل الصيــف بحرارتــه وعطشــه‪ ،‬ويغــور المــاء فيطــول صيام‬ ‫أ‬ ‫ـش الغايــة‪ ،‬ال يخففــه ســوى مــا‬ ‫العـ يـر والتــان حـ ت ّـى يبلــغَ بهمــا العطـ ُ‬ ‫يجــدان مــن رطوبــة عــى أ‬ ‫الشــياء‪ .‬لــم يعــد بإمكانهمــا أن يختلفــا‪ ،‬إذ‬ ‫ٍ‬ ‫ـش يذهلهمــا عــن ال ُل َجــاج‪ .‬كانــا بحاجــة إىل ق ـرار حاســم‬ ‫يــكاد العطـ ُ‬ ‫ت‬ ‫يتحمــل مســؤولية الق ـرار‪.‬‬ ‫ـى يســلكان ثــم ّ‬ ‫يختــار الطريــق الـ ي‬

‫ ‬

‫العـ يـر لهــذه المهمــة‪ ،‬كاشــفاً عــن ر ٍأي حصيــف وعزيمــة ُمحكمــة‬ ‫تصـ ّـدر َ‬ ‫أ‬ ‫ض‬ ‫لكــن‬ ‫ال تتــم المــور إال بهــا‪ .‬اختــار طريقــاً يتذكّرهــا مــن‬ ‫المــا�‪َّ ،‬‬ ‫ي‬ ‫البهمــى‬ ‫الريــاح‬ ‫الصيفيــة ش�عــت تلفحهمــا وترمــي حوافرهمــا بشــوك ُ‬ ‫ّ‬ ‫وكأنّهــا بالمرصــاد‪ .‬يثــور الغبــار فجــأة‪ ،‬ويعــدوان يف�تفــع الغبــار أكــرث‬ ‫ت‬ ‫خيـ َـل لــك أنّهمــا يتجاذبــان ثوبـاً طويـا ً يلقــي بالظــال عليهمــا‪.‬‬ ‫حـ ّـى يُ ّ‬ ‫ض‬ ‫�مــت بدقيــق الحطــب‬ ‫أن‬ ‫الغبــار ُد ُ‬ ‫خيــل لــك أيضــاً َّ‬ ‫َ‬ ‫يُ ّ‬ ‫خــان ٍ‬ ‫نــار أُ ِ‬ ‫هبــت الشــمال عليهــا فارتفــع دخانهــا إىل أن‬ ‫وطــري العرفــج َّ‬ ‫ّ‬ ‫ثــم ّ‬ ‫حجــب الرؤيــة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫العـ يـر يـ بـأ� إال دفعهــا‪ ،‬وقديمـاً‬ ‫ّ‬ ‫ـن َ‬ ‫تتأخــر التــان مــن هــول مــا تــرى‪ ،‬لكـ َّ‬ ‫العـ يـر‬ ‫جبنــت أو عـ ّـردت‪ .‬وهكــذا مــا زال َ‬ ‫كان ذلــك ديدنــه يدفعهــا ّ‬ ‫كلمــا ُ‬ ‫أ‬ ‫ويقدمهــا ويدفعهــا إىل المــام إىل أن أوردهــا ض ّفــة النهــر‬ ‫يلـ ُّـح بأتانــه ّ‬ ‫أخــراً‪ ،‬لتتقصــف أعــواد القصــب تحــت حوافرهمــا‪ ،‬وليخوضــا مــاء‬ ‫ي‬ ‫ث‬ ‫ن‬ ‫ـرة اللذيــذة‪ ،‬فيــا لهــا مــن ج ّنــة! ويــا لهــا مــن ظــال!‬ ‫هــذه العـ يـ� الـ ّ‬

‫‪of stirred-up dust‬‬

‫‪Whose shadows rose like smoke‬‬ ‫‪when the tinder is lit,‬‬

‫ ‬

‫‪Then fanned by the north wind,‬‬

‫‪then mixed with the ʿarfaj tree’s green wood,‬‬ ‫‪Like the smoke of a mighty blaze‬‬ ‫‪with leaping flames.‬‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫‪Then he kept on and drove her on before him,‬‬ ‫‪for it was his custom,‬‬

‫‪When she strayed or lagged behind,‬‬ ‫‪to drive her on ahead.‬‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫‪He flung her in the direction‬‬

‫‪of the stream‬‬

‫‪And they cut through to a brimming spring‬‬ ‫‪grown thick with reeds,‬‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫‪Enclosed on all sides‬‬ ‫‪by stands of canes‬‬

‫‪That shaded it with fallen stalks‬‬ ‫‪and stalks still standing.‬‬

‫ ‬

‫‪31.‬‬

‫‪32.‬‬

‫‪33.‬‬

‫‪34.‬‬

‫‪35.‬‬

‫ ‬

‫أن نــوار تابعــت لبيــداً فيمــا ت‬ ‫اق�حــه واختارتــه‬ ‫مــاذا كان ســيحدث لــو َّ‬ ‫الم�احمـ ي ن‬ ‫ـ� الرجــال ت ز‬ ‫بـ ي ن‬ ‫ـ� حولهــا ولــم تــرف ف ي� ال ُلجــاج والعنــاد؟ كان‬ ‫الظــال والقصــب‪.‬‬ ‫حتم ـاً ســيوردها ج َّنــة ِ‬

‫‪234‬‬

‫‪235‬‬


‫لبيد بن ربيعة ‪Labīd ibn Rabīʿah‬‬

‫‪Theme III: The Poet Compares his Camel-Mare to an‬‬ ‫‪Oryx Cow Bereft of her Calf‬‬

‫ ‬ ‫‪.36‬‬ ‫‪.37‬‬ ‫‪.38‬‬ ‫‪.39‬‬ ‫‪.40‬‬ ‫‪.41‬‬ ‫‪.42‬‬ ‫‪.43‬‬ ‫‪.44‬‬ ‫‪.45‬‬ ‫‪.46‬‬ ‫‪.47‬‬ ‫‪.48‬‬ ‫‪.49‬‬ ‫‪.50‬‬ ‫‪.51‬‬ ‫‪.52‬‬

‫البقرة والفرير‬ ‫ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫َ‬ ‫َخ َذلـ ْ‬ ‫الصــوار ِق ُ‬ ‫ـت وهاديـ ُـة ِ ّ‬ ‫مســـبوعة‬ ‫ة‬ ‫أفتلـــك أم وحشـــي‬ ‫وامــا‬ ‫ِ‬ ‫فُ‬ ‫ُ ْ َ ّ‬ ‫َ‬ ‫طو�ــا ُوب ُ‬ ‫خنس ـ ُ‬ ‫ـاء ّ‬ ‫الف ـ ي َ‬ ‫ـر� ف ــم َ ي ِ� ْم‬ ‫ـت‬ ‫غامــا‬ ‫ـقائق‬ ‫ـ‬ ‫الش‬ ‫عــرض‬ ‫ضيع ـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ّ‬ ‫عفـــر ق ْ� ْ‬ ‫ـب مــا ُي َ�ـ ُّـن ُ‬ ‫ـس كواسـ ُ‬ ‫ـــد تنـــازع ِش َ‬ ‫غ ْبـ ٌ‬ ‫ـــلو ُه‬ ‫طعامــا‬ ‫ِل ٍ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ُ َّ ً‬ ‫نَ‬ ‫َ‬ ‫فأصب�ـــا‬ ‫ـــرة‬ ‫صادفـــن منـــه ِغ‬ ‫املنـــا� ال تطيـــش ِس ُامـــا‬ ‫إن‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫خ َ ئ ًَ‬ ‫ٌ‬ ‫ب�تـ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ـت وأســبل واكــف مــن يد�ـ ٍـة‬ ‫ســـجاما‬ ‫دا�ـــا ت‬ ‫ُ ي� ِوي المائـــل‬ ‫َ غَ‬ ‫َ‬ ‫تً‬ ‫كفـــر ُّ‬ ‫طريقـــة ِن‬ ‫ف ي� ليـــ�ةٍ َ‬ ‫يعلـــو‬ ‫متـــوا�ا‬ ‫مت�ـــا‬ ‫جـــوم � ُامـــا‬ ‫الن‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ت ج�تـــاف أصـــا قالصـــا م ّ‬ ‫تنبـــذا‬ ‫أنقـــاء ي�يـــل ه َيامـــا‬ ‫جـــوب‬ ‫بع‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ ُ َّ‬ ‫ُ ً‬ ‫ف‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ـام من ـ يـرة‬ ‫ـري س ــل ِنظام ــا‬ ‫كجمان ـ ِـة البح ـ‬ ‫وت ـيض ي ُء ي� وج ـ ِـه الظ ـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الظالم وأسـ ْ‬ ‫َب َك ـ ْ‬ ‫ـرت ت ز� ُّل ع ــن ال ـ ثَّـرى ُ‬ ‫ُ‬ ‫حـ تّـى إذا َحـ َ َ‬ ‫ـفرت‬ ‫ـر‬ ‫أزالم ــا‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ َ ْ َّ َّ ُ ف‬ ‫ـال‬ ‫ســـبعا تؤامـــا اكمـــا يأ� ُمـــا‬ ‫ع ِله ــت تبل ــد ي� ش ـ ِ‬ ‫ـقائق ع ـ ٌج ٍ‬ ‫حـ تّـى إذا َذ َهلـ ْ‬ ‫ُ‬ ‫إرضاعـــا ِوف ُ‬ ‫ـت وأحسـ َـق حا ِلــق‬ ‫طامـــا‬ ‫بـــه‬ ‫مل ُي ِ ِ‬ ‫ّ ْ َّ أ‬ ‫أ‬ ‫عن ظ‬ ‫الني ــس َف َر َ‬ ‫نيس َس ُ‬ ‫وال ُ‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫اع‬ ‫فتس ــمعت ِرز‬ ‫قاما‬ ‫غيب‬ ‫ر‬ ‫�‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ ن ت ُ ّ‬ ‫فُ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫خ‬ ‫ـن � ِســب أنه‬ ‫افـــة خل�ـــا وأمامـــا‬ ‫مـــول امل ِ‬ ‫ف َعــدت الك الفرجـ ِي‬ ‫ُ ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ح ـ تّـى إذا ي ِئ ـ َ‬ ‫ـس الرم ــاة وأرس ــلوا‬ ‫أعصام ــا‬ ‫غ ُضف ــا دواج ـ َـن قاف ــا‬ ‫َْ ّ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ـــمهرية ُّ‬ ‫فلح ْق ـ َـن واعتك ـ ْ‬ ‫َّ‬ ‫ري ــة‬ ‫ـرت هل ــا مد‬ ‫حدهـــا تو� ُامـــا‬ ‫اكلس‬ ‫ِ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫أن قــد َّ‬ ‫ِلتذودهـــن وأيقنـــت إن مل تـــذد‬ ‫ـوف ِحامــا‬ ‫أمح مــع احلتـ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ ف َ َ ّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫خ‬ ‫ّ ْ ن َ‬ ‫اب ف�ضُ ِّ َج ْت‬ ‫ـودر ي� املك ـ ِـر سام ــا‬ ‫ِب ـ ٍ‬ ‫ـدم وغ ـ ِ‬ ‫فتقصدت م�ا كس ِ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ـى ذكرهــا آنف ـاً‪ ،‬أم بقــر ًة وحشـ ّـيةً تركــت‬ ‫أتشــبه ناقتــه تلــك التــان الـ ي‬ ‫يخ�نــا‬ ‫قطيعهــا وأخــذت تبحــث عــن ابـ ٍـن لهــا نهشــته الســباع؟ أت ـراه ي ّ‬ ‫نفســه ي ن‬ ‫ين‬ ‫لنصــغ إىل‬ ‫خيــار وخيــار؟‬ ‫بــ�‬ ‫بــ�‬ ‫ٍ‬ ‫وصــف ووصــف‪ ،‬أم ي ّ‬ ‫يخــر َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫القصــة ‪-‬كمــا فعلنــا مــع التــان‪ -‬ثــم نحكــم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ش‬ ‫بســام فــوق‬ ‫الوحــ�‪ ،‬يتهــادى‬ ‫هــل تــرى ذلــك الــرب مــن البقــر‬ ‫ٍ‬ ‫يّ‬ ‫شــقائق النفــوذ الكبـ يـر؟ نعــم‪ ،‬صــار يُعــرف بالمهــا الوضيحــي‪ ،‬وإيــاك‬ ‫أن تغـ ت‬ ‫ـيتمخض هــذا الهــدوء عــن‬ ‫ـر بوداعــة المنظــر‪ ،‬فبعــد قليـ ٍـل سـ ّ‬ ‫َّ‬ ‫أهــوال ومفاجــآت تلحــق بإحــدى هــذه أ‬ ‫البقــار‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫صعــد بــرك نحــو تلكــم المهــاة الخنســاء الــرؤوم‪ ،‬تعرفهــا مــن‬ ‫ِّ‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫ـ� خلفهــا ي� دعــة وغفلــة‪ ،‬ال يــدري مــاذا تخفــي لــه‬ ‫فريرهــا الــذي يمـ ي‬

‫‪236‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫مســبوعة‪ :‬ت‬ ‫افــرس الســبع ولدهــا‪.‬‬ ‫خذلــت‪ :‬تركــت‪ .‬هاديــة الصــوار‪:‬‬ ‫الفحــل يتقــدم قطيــع بقــر الوحــش‪.‬‬ ‫ِقوامهــا‪ :‬قــوام أمرهــا‪ .‬خنســاء‪:‬‬ ‫ف‬ ‫تأخــر‪ .‬الفريــر‪ :‬ولــد‬ ‫ي� أرنبــة أنفهــا ّ‬ ‫ــرم‪ :‬لــم‬ ‫البقــرة الوحشــية‪ .‬لــم يَ ِ‬ ‫يــرح‪ُ .‬عــرض‪ :‬ناحيــة‪ .‬الشــقائق‪:‬‬ ‫ب‬ ‫أر ٍاض صلبــة يحفّهــا الرمــل‪ .‬بغامهــا‪:‬‬ ‫خوارهــا‪ .‬مع ّفــر‪ :‬ملقــى عــى أ‬ ‫الرض‪.‬‬ ‫قهــد‪ :‬أبيــض‪ .‬تنــازع‪ :‬تجــاذب‪.‬‬ ‫بقيــة جســده‪ .‬غُبــس‪ :‬كالب‬ ‫شــلوه‪ّ :‬‬ ‫لهــا لــون الرمــاد‪ .‬كواســب‪ :‬صوائــد‪.‬‬ ‫ــن‪ :‬ال ينقطــع‪ .‬واكــف‪ :‬مطــر‬ ‫مــا يُ َم ّ‬ ‫يقطــر‪ .‬ديمــة‪ :‬مطــرة تــدوم نصــف‬ ‫يــوم وليلــة عــى أقــل تقديــر‪.‬‬ ‫الخمائــل‪ :‬أراض بهــا أشــجار‪.‬‬ ‫تســجامها‪ :‬انصبابهــا‪ .‬طريقــة‬ ‫متنهــا‪ :‬خــط مــن ذنبهــا إىل عنقهــا‪.‬‬ ‫متواتــر‪ :‬متتابــع‪ .‬كفــر‪ :‬غطّــى‪.‬‬ ‫تجتــاف‪ :‬تدخــل ف ي� جــوف ش‬ ‫الــ�ء‪.‬‬ ‫ي‬ ‫أصــا ً‪ :‬أصــل شــجرة‪ .‬قالصــاً‪:‬‬ ‫منقبــض أ‬ ‫الغصــان‪ .‬متنبــذّ ا‪ :‬متنحيـاً‪.‬‬ ‫العجــب أصــل الذنــب‬ ‫بعجــوب‪َ :‬‬ ‫وهــو مؤخــرة الـ ش‬ ‫ـ�ء‪ .‬أنقــاء‪ :‬كثبــان‬ ‫ي‬ ‫رمــل‪ .‬هَ يامهــا‪ :‬رمــل غـ يـر متماســك‪.‬‬ ‫جمانــة‪ُ :‬د ّرة‪ .‬البحــري‪ :‬الصــدف‬ ‫أو الرجــل البحــري‪ُ .‬س َّ‬ ‫ــل نظامهــا‪:‬‬ ‫نُزعــت مــن الخيــط الــذي ينظمهــا إىل‬ ‫أخواتهــا‪ .‬أســفرت‪ :‬أضــاءت‪ .‬بكــرت‪:‬‬ ‫ــحراً‪ .‬أزالمهــا‪ :‬قوائمهــا‪.‬‬ ‫خرجــت َس َ‬ ‫متحــرة‪.‬‬ ‫علهــت‪ :‬انهمكــت جازعــة‬ ‫ّي‬ ‫عالــج‪ :‬صحــراء النفــوذ‪ .‬ســبعاً‬ ‫ـال بأيامهــا‪ .‬أســحق‪:‬‬ ‫تؤام ـاً‪ :‬ســبع ليـ ٍ‬ ‫أخلــق‪ .‬حالــق‪ :‬ض�ع ممتــ�ئ لبنــاً‪.‬‬ ‫ِرزّ‪ :‬صــوت خفــي‪ .‬الأنيــس‪ :‬إنســان‪.‬‬ ‫ي ن‬ ‫الفرجــ�‪ :‬مــا ي ن‬ ‫كال‬ ‫بــ� اليديــن ومــا‬ ‫ـ� الرجلـ ي ن‬ ‫بـ ي ن‬ ‫ـ�‪ .‬مــوىل المخافــة‪ :‬مــكان‬ ‫الخــوف ومصــدر الخطــر‪ .‬غ ُ​ُضفــا‪:‬‬ ‫آ‬ ‫مدربــات‪.‬‬ ‫مسـ تـرخية الذان‪ .‬دواجــن‪ّ :‬‬ ‫قافــا ً أعصامهــا‪ :‬ضامــرة بطونهــا‪.‬‬ ‫اعتكــرت‪ :‬عطفــت‪ .‬مدريــة‪ :‬طــرف‬ ‫القــرن‪ .‬الســمهريَّة‪ :‬رمــاح تُنســب‬ ‫إىل رجــل يُدعــى ســمهر كان يعيــش‬ ‫ف ي� قريــة الخ ـ ّط ف ي� البحريــن‪ .‬أحـ َّـم‪:‬‬ ‫تقصــدت‪:‬‬ ‫اقـ تـرب‪ِ .‬حمامهــا‪ :‬موتهــا‪ّ .‬‬ ‫ـاب‪ :‬اســم كلبــة‪ .‬المكـ ّـر‪:‬‬ ‫قُتلــت‪ .‬كسـ ِ‬ ‫موضــع الهجــوم‪ُ .‬ســخام‪ :‬اســم‬ ‫كلــب‪.‬‬

‫‪Is my camel mare like this or is she like the oryx cow,‬‬ ‫‪her calf the wild beasts’ prey,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Who, though the lead cow was her guide,‬‬ ‫ ‬ ‫‪had lagged behind the herd,‬‬ ‫‪A snub-nosed cow bereft of calf,‬‬ ‫‪who amid the stony tracts between the dunes‬‬ ‫ ‬ ‫‪Does not leave off‬‬ ‫ ‬ ‫‪her roaming and her lowing‬‬ ‫‪For a calf half-weaned and white,‬‬ ‫‪its limbs torn back and forth‬‬ ‫ ‬ ‫‪By ashen wolves,‬‬ ‫ ‬ ‫‪impatient, hungry.‬‬ ‫‪They chanced upon it unawares‬‬ ‫—‪and struck‬‬ ‫ ‬ ‫‪Fate’s arrows never‬‬ ‫ ‬ ‫‪miss their mark.‬‬

‫‪She spent the night beneath a cloud‬‬ ‫‪that shed an unremitting rain‬‬ ‫ ‬ ‫‪And let a ceaseless downpour fall‬‬ ‫ ‬ ‫‪upon the dense-grown dunes.‬‬ ‫‪All through the night, whose stars‬‬ ‫‪were veiled by clouds,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Uninterrupted raindrops fell‬‬ ‫ ‬ ‫‪on her spine’s track.‬‬

‫‪She took shelter beneath the branches‬‬ ‫‪of a contorted tree‬‬ ‫ ‬ ‫‪Set apart upon the edges of the dunes‬‬ ‫ ‬ ‫‪whose drift-sands slope‬‬

‫‪36.‬‬

‫‪37.‬‬

‫‪38.‬‬

‫‪39.‬‬

‫‪40.‬‬

‫‪41.‬‬

‫‪42.‬‬

‫‪237‬‬


‫لبيد بن ربيعة ‪Labīd ibn Rabīʿah‬‬

‫أ‬ ‫يهــم القطيــع بالمغــادرة‪ ،‬فتكتشــف المهــاة أنّهــا لــم تعــد‬ ‫القــدار‪ُّ .‬‬ ‫تــرى فريرهــا‪ .‬تنظــر بلهفــة إىل الفحــل الــذي يقــود الــرب مبتعــداً بــه‪،‬‬ ‫تتخــذ قرارهــا‬ ‫ثـ َّـم تنظــر بجــزع إىل الشــقائق حيــث أضاعــت فريرهــا‪ّ .‬‬ ‫أ‬ ‫المومــي برسعــة ودون تــردد‪ ،‬فتـ تـرك القائــد وتنشــق عــن القطيــع رغــم‬ ‫أمرهــا ال يســتقيم ّإل بالمتابعــة‪ .‬المســكينة! ش�عــت تبحــث عــن‬ ‫َّ‬ ‫أن َ‬ ‫متوجع ـاً حزين ـاً‪ ،‬ال تــكاد تتجــاوز الشــقائق إىل‬ ‫فريرهــا‪ ،‬وتصــدر خــواراً ِّ‬ ‫الرمــال خــوف أن يعــود الفريــر لحظــة ابتعادهــا‪.‬‬ ‫لكــن أيــن الفريــر؟ لقــد صــادف جماعــةً مــن الذئــاب أو الــكالب الرماديــة‬ ‫الضاريــة‪ ،‬مــا إن رأتــه حـ تـى وجدتهــا فرصــةً‬ ‫فانقضــت تنهــش وتمـ ّـزق‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫نعــم‪ ،‬هكــذا هــو أ‬ ‫الجــل‪ ،‬إذا جــاء ال يطيــش لــه ســهم وال رميــة‪ .‬كــم‬ ‫حــ� حجــب المنظــر المــروع عــن أ‬ ‫لبيــد حنونــاً ي ن‬ ‫الم‪ ،‬فلــم يُ ِرهــا‬ ‫كان ٌ‬ ‫ّ‬ ‫مزقــةٌ أشــاؤه‪ .‬المســكينة‪ ،‬بقيــت تبحــث ســحابة‬ ‫الفريــر وهــو مل ًقــى ُم ّ‬ ‫يومهــا إىل أن أج َّنهــا الليــل وأمطرتهــا الســماء وانفتحــت ديمــةٌ دائمــة‬ ‫ـر فــوق ظهرهــا مــن ذنبهــا‬ ‫التســكاب فوقهــا‪ ،‬فــإذا قطـرات المطــر تتكـ ّ‬ ‫حـ ت ّـى عنقهــا‪.‬‬ ‫يــا لهــا مــن ليلـ ٍـة ســوداء مكفهـ ّـرة‪ ،‬زادهــا ظالم ـاً هــذا الغيــم الحاجــب‬ ‫المطــر المهــا َة إىل مغــادرة منطقــة بحثهــا فلجــأت‬ ‫اضطــر‬ ‫للنجــوم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫إىل كثبــان رمـ ٍـل غـ يـر متماســكة اختــارت بينهــا كثيبـاً فيــه شــجر ٌة متنبــذّ ة‬ ‫قصدتهــا فــوراً واحتمــت تحتهــا‪ .‬هنــا يهدينــا لبيــد واحــد ًة مــن أجمــل‬ ‫رســم وتُم َّث َ‬ ‫ــل‬ ‫لوحاتــه البرصيّــة وأعلقهــا بالذهــن‪ ،‬لوحــة جديــرة أن تُ َ‬ ‫م ـراراً‪.‬‬ ‫تخيــل هــذا المنظــر الفســيح مــن الظــام والحلكــة تــكاد عينــك تضيــع‬ ‫ّ‬ ‫ثــم تــرى نــوراً يلمــع وســطه‪ .‬أتــراه فنــاراً؟‬ ‫واختالطــه‪.‬‬ ‫لتشــابهه‬ ‫فيــه‬ ‫ّ‬ ‫تزيــده نظ ـراً ي ز‬ ‫ً‬ ‫يتكيــف بــرك مــع‬ ‫ف�يــدك لمعان ـا‪ .‬أتراهــا لؤلــؤة؟ ثـ ّـم ّ‬ ‫يّ ز‬ ‫المتعبــة‪ ،‬احتمــت تحــت أصــل‬ ‫النــور‬ ‫فتمــر المصــدر‪ .‬إنّهــا مهاتنــا ُ‬ ‫شــجرتها المتنبــذّ وانطــوت عــى نفســها ونامــت‪.‬‬ ‫يــا لهــا مــن لوحــة! ويــا بل�اعــة صانعهــا حـ ي ن‬ ‫ـوء عداهــا‬ ‫ـ� حجــب َّكل ضـ ٍ‬ ‫–بمــا ف ي� ذلــك النجــوم‪ -‬يك يزيدهــا لمعان ـاً وبراعــة‪ ،‬يك يجعـ َـل المهــاة‬ ‫أ‬ ‫ض‬ ‫ـىء فقــط وإنّمــا ألنّهــا وحيــدة‬ ‫لؤلــؤ ًة ُسـ ّلت مــن نظامهــا‪ ،‬ليــس لنّهــا تـ ي‬ ‫منفــردة‪.‬‬

‫‪238‬‬

‫‪And in the first watch of the night‬‬ ‫‪her lustrous face‬‬ ‫ ‬ ‫‪Gleamed like the diver’s pearl,‬‬ ‫ ‬ ‫‪its string drawn forth,‬‬

‫‪Until, when the dark dispelled‬‬ ‫‪and dawn shone forth,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Her hoofs slipped on the early morning’s‬‬ ‫ ‬ ‫‪rain-soaked earth.‬‬ ‫‪Bewildered, she wandered to and fro‬‬ ‫‪among the sandy tracts of ʿĀ� lij‬‬ ‫ ‬ ‫‪For seven full nights coupled‬‬ ‫ ‬ ‫‪with their days‬‬

‫‪Until, hope’s stores exhausted,‬‬ ‫‪and udder, once milk-swollen,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Neither from suckling nor weaning‬‬ ‫ ‬ ‫‪now gone dry,‬‬ ‫‪She heard the buzz of human voices‬‬ ‫—‪—she could not tell from where‬‬ ‫ ‬ ‫—‪That filled her with alarm‬‬ ‫ ‬ ‫ ‪for men to her meant death.‬‬ ‫‪So she rushed forth,‬‬ ‫‪fearing for head and tail‬‬ ‫ ‬ ‫‪Dangers from in front‬‬ ‫ ‬ ‫‪and from behind,‬‬

‫‪Until, when the hunters, despairing‬‬ ‫‪of their bow and arrow,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Set on her their rawhide-collared,‬‬ ‫ ‬ ‫‪flop-eared hounds.‬‬

‫‪43.‬‬

‫‪44.‬‬

‫‪45.‬‬

‫‪46.‬‬

‫‪47.‬‬

‫‪48.‬‬

‫‪49.‬‬

‫‪239‬‬


‫لبيد بن ربيعة ‪Labīd ibn Rabīʿah‬‬

‫ثـ َّـم ينحــر الظــام‪ ،‬وينقطــع المطــر‪ ،‬فتخــرج مختـ بـر ًة ت‬ ‫ال�بــة بقوائـ َـم‬ ‫أ‬ ‫ت�نز لــق فــوق ي ن‬ ‫متحــر ًة جازعــة ال‬ ‫بــدي‬ ‫الطــ� والمــاء‪ .‬تعــاود بحثهــا ال ّ‬ ‫يّ‬ ‫تــكاد تغــادر الشــقائق إىل رمــال النفــوذ الكبـ يـر‪ .‬يمـ ُّـر أســبوع كامــل وهــي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫أن ض�عهــا بــدأ يجـ ُّـف‬ ‫تــدور ي� نفــس الماكــن‪ ،‬ال تتعــب وال تتوقــف لــوال َّ‬ ‫ويَ ْض ُمـ ُـر ممــا يـ ش‬ ‫ـمع صوتـاً مجهــول المصــدر كان مــن‬ ‫ـ� بيأســها‪ .‬ثـ َّـم تسـ ُ‬ ‫ي‬ ‫و� هــذا أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫الخـ يـر‬ ‫شــأنه أن يواســيها ي� وحدتهــا لــوال أنّــه صـ ُ‬ ‫ـوت إنســان‪ ،‬ي‬ ‫ـتد الفــزع بالمهــاة حـ تـى يذهلهــا عــن اتجــاه الخطــر‬ ‫البــاء والمــوت‪ .‬يشـ ُّ‬ ‫ش‬ ‫�ء‪ ،‬تــكاد قوائمهــا تسـ ُّـد مــا‬ ‫أمامهــا أم خلفهــا‪ .‬تنطلــق ال تلــوي عــى ي‬ ‫بـ ي ن‬ ‫ـ� فرجيهــا مــن الركــض‪ .‬يخــرج الرمــاة مــن مخابئهــم‪ ،‬يحاولــون أن‬ ‫يســقطوها بســهامهم لك ّنهــا تفوتهــم‪ .‬عندمــا يئســوا أطلقــوا كالبهــم‬ ‫المدربــة تجــري خلفهــا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ـون ضامــرة وآذان مسـ تـرخية تــكاد تلحــق‬ ‫انطلقــت الــكالب تعــوي ببطـ ٍ‬ ‫ـرب لــم يعــد ُممكنـاً‪ ،‬أنّهــا‬ ‫بالطريــدة وتحيــط بهــا‪ .‬تــدرك المهــاة َّ‬ ‫أن الهـ َ‬ ‫بقــرن يشــبه‬ ‫ميتــة ال محالــة إن لــم تعطــف عــى الــكالب وتكافحهــا‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ـرن المهــاة‬ ‫ـ‬ ‫ق‬ ‫ق‬ ‫ـر‬ ‫ـ‬ ‫فيخ‬ ‫ـة‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫المعرك‬ ‫ـدأ‬ ‫ـ‬ ‫تب‬ ‫‪.‬‬ ‫ال‬ ‫ـو‬ ‫ـ‬ ‫وط‬ ‫ة‬ ‫ـد‬ ‫ـ‬ ‫ح‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ـمهر‬ ‫ـ‬ ‫الس‬ ‫ـاح‬ ‫ـ‬ ‫الرم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ ّ‬ ‫ُ‬ ‫كلبــةً تُدعــى كســاب ض‬ ‫وي�جهــا بالدمــاء‪ ،‬أمــا الكلــب ُســخام فقــد غــودر‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫(‪)12‬‬ ‫ـةً‬ ‫جثــةً هامــدة ف ي� مكـ ِّـر المعركــة بعــد أن فـ ّـرت الــكالب منهزمـ مســتخذية‪.‬‬

‫أن الــرواة نقلــوا‬ ‫(‪ )12‬كــم أتمـ ن ّـى لــو َّ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـى كانــت ي� حــوزة‬ ‫أســماء الــكالب الـ ي‬ ‫لبيــد أو ضمــن بيــت نــوار‪ .‬لــو‬ ‫أن نــوار تملــك كلب ـاً اســمه‬ ‫صــادف َّ‬ ‫كســاب‬ ‫اســمهما‬ ‫وكلبــة‬ ‫ُســخام‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫أن هاتـ يـ� القصتـ يـ� مجــازان‬ ‫لتأ ّكــد َّ‬ ‫مبطنــان ال يفهمهمــا ســوى الحبيبة‪.‬‬

‫‪The hounds overtook her‬‬ ‫‪and she returned their charge‬‬ ‫ ‬ ‫‪With a horn like a Samharī� spear‬‬ ‫ ‬ ‫‪in point and shaft‬‬ ‫—‪To ward them off‬‬ ‫‪for she knew‬‬ ‫ ‬ ‫‪If she did not repel them‬‬ ‫ ‬ ‫‪she would die.‬‬

‫‪'Fetch' was first to fall,‬‬ ‫‪smeared all in blood,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Then 'Blackie' was left for dead‬‬ ‫ ‬ ‫‪where he had charged.‬‬

‫‪50.‬‬

‫‪51.‬‬

‫‪52.‬‬

‫عمــه عامر بن‬ ‫نعــم‪ ،‬كان بإمــكان لبيــد أن يـ تـركَ قومــه بـن ي عامــر ويخــذل َّ‬ ‫مالــك ويلحــق بنــوار‪ ،‬لكنــه ســيلقى مــن المصاعــب أ‬ ‫والهــوال مــا لقيتــه‬ ‫المهــاة مــن المطــر والليــل والــكالب والرمــاة حـ ي ن‬ ‫ـ� تركــت هاديــة الصــوار‬ ‫وانطلقــت تبحــث عــن فريرهــا‪ .‬كان ســينترص كمــا انتــرت المهــاة عــى‬ ‫الــكالب تمامـاً‪ ،‬لكــن مــا فائــدة االنتصــار إن كان الغـرام شــلواً ُمع ّفـراً ف ي�‬ ‫الـ تـراب؟ لــو طاوعتــه نــوار ألوردهــا ج ّنــة المــاء والقصــب‪ ،‬لك ّنهــا عصتــه‬ ‫ـؤة‬ ‫ومضــت فمــات الغ ـرام‪ ،‬ولــو طاوعهــا النتهــى وحيــداً مطــارداً كلؤلـ ٍ‬ ‫ُسـ ّلت مــن نظامهــا‪.‬‬ ‫هــل نحــن أمــام تشـ ي ن‬ ‫حملنــا القصيــدة الجاهليــة‬ ‫ـبيه� أم خياريــن؟ هــل ّ‬ ‫والســماح بحيــث‬ ‫ـن المجــاز فيهــا بلــغ مــن الد ّقــة إ‬ ‫أكـ ثـر ممــا ّ‬ ‫تتحملــه؟ لكـ َّ‬ ‫الشــاحة عنــه‪ .‬ربمــا ليــس لــه مبـ ش‬ ‫ـا�ة الرمــز وصنعتــه‪ ،‬لك ّنــه‬ ‫ال نســتطيع إ‬ ‫فيخ�هــا أنّــه قــادر‬ ‫ـاعر شــاب يغالــط نفســه ب‬ ‫ال يخلــو مــن هواجـ ِـس شـ ٍ‬ ‫أن الحبيبــة مــن تحـ ّـول‪ .‬مــاذا بوســعه أن يفعــل بعــد‬ ‫عــى التحـ ّـول رغــم ّ‬ ‫أن وقــف عــى أطاللهــا وتذكّرهــا ونــكأ بعــض جراحــه القديمــة ثـ ّـم ركــب‬ ‫ناقتــه؟ هــل نلومــه لــو ركــب ناقــة المجــاز؟‬

‫‪240‬‬

‫‪241‬‬


‫لبيد بن ربيعة ‪Labīd ibn Rabīʿah‬‬

‫ ‬ ‫‪.53‬‬ ‫‪.54‬‬ ‫‪.55‬‬ ‫‪.56‬‬ ‫‪.57‬‬ ‫‪.58‬‬ ‫‪.59‬‬ ‫‪.60‬‬ ‫‪.61‬‬ ‫‪.62‬‬ ‫‪.63‬‬ ‫‪.64‬‬ ‫‪.65‬‬ ‫‪.66‬‬ ‫‪.67‬‬ ‫‪.68‬‬ ‫‪.69‬‬ ‫‪.70‬‬ ‫‪.71‬‬ ‫‪.72‬‬ ‫‪.73‬‬ ‫‪.74‬‬ ‫‪.75‬‬ ‫‪.76‬‬ ‫‪.77‬‬

‫)‪Part III: The Poet’s Boast (fakhr‬‬

‫رياح أبي عقيل‬

‫َ‬ ‫اللوامع � ُّ‬ ‫فبتلك إذ َ‬ ‫لضىح‬ ‫رقص‬ ‫ُ ب‬ ‫ً‬ ‫ُّ َ ْ ُ َ‬ ‫أقــيض ي اللبان ــة أن أف ـ ّ ِـرط ِر يب ــة‬ ‫َ​َ‬ ‫ْ‬ ‫أ ّ ين‬ ‫أو ُل تكـــن تـــدري نـــوار ب�نـــ ي‬ ‫ت ّ�اك‬ ‫أمكنـــة إذا مل ْأر�ضَ ـــا‬ ‫ٍ‬ ‫ـت ال تـ ي ن‬ ‫ـدر� مك مــن لي ـ�ةٍ‬ ‫بــل أنـ ِ‬ ‫ق ــد ب ـ ُّ‬ ‫ـت س ـ َ‬ ‫ـامرها وغاي ـ ِـة ت�ج ـ ٍـر‬ ‫ُ ِ‬ ‫ّ َ ّ‬ ‫َ‬ ‫ـل أدكــن عاتـ ٍـق‬ ‫ـ� ِ‬ ‫الســباء بـ ِ‬ ‫أغـ ي‬ ‫َ‬ ‫ـذب كرينـ ٍـة‬ ‫ـوح صافيـ ٍـة وجـ ِ‬ ‫وصبـ ُ ِ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ـحرة‬ ‫ب�درت حاج�ا الدجاج بسـ ٍ‬ ‫ُ‬ ‫وزعـــت ِوق َّ‬ ‫ِ ي‬ ‫ـــر ٍة‬ ‫ر� قـــد‬ ‫وغـــداة ٍُ‬ ‫تّ‬ ‫ت ُ‬ ‫ولقــد محيــت ي َّ‬ ‫احل � ِمــل ِشــك ي�‬ ‫ُ َ​َ ً‬ ‫ـوت ُمرتقب ــا ع ــى مرهوب ـ ٍـة‬ ‫فعل ـ‬ ‫َ‬ ‫ً ف‬ ‫ْ‬ ‫تّ‬ ‫اكفـــر‬ ‫حـــى إذا ألقـــت‬ ‫يـــدا ي� ٍ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫كجذ ِع ُمنيف ٍة‬ ‫أهسلت وانتصبت ِ‬ ‫ـــر َد َّ‬ ‫َّ ُ‬ ‫َّرف تُع�ـــا َط َ‬ ‫وشـــه‬ ‫عـــام‬ ‫الن ِ‬ ‫َ ن‬ ‫ْ‬ ‫ـت ر تُ‬ ‫حال� ــا وأس ــبل � ُره ــا‬ ‫ق ِلق ـ ِ‬ ‫قَ‬ ‫ف‬ ‫ـ�‬ ‫تَ ْ�� وتطع ـ ُـن ي� ِ‬ ‫العن ـ ِ‬ ‫ـان وتنت ـ ي‬ ‫ُ‬ ‫هـــول‬ ‫ر�ؤهـــا جم ةٍ‬ ‫وكثـــر ٍة غ ب‬ ‫ي‬ ‫ُ ْ ٌ َ َّ ُ ُ‬ ‫أ‬ ‫نَّ‬ ‫حـــول ك�ـــا‬ ‫غلـــب تشـــذر ب�لذ ِ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ ُ ب قّ‬ ‫أنك ـ‬ ‫ـرت ب�طله ــا وب ــؤت � ِ� ــا‬ ‫ُ‬ ‫حلت� ــا‬ ‫ـزور أيس ـ ٍـار دع ــوت ف ِ‬ ‫وج ـ ِ‬ ‫ُ ْ‬ ‫أدعـــو ب� َّ‬ ‫ـــل‬ ‫ـــن‬ ‫لعاقـــر أو مط ِف ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ أّ‬ ‫ُ‬ ‫ـب ك ن�ــا‬ ‫والـ ُـار الغريـ‬ ‫فالضيــف ج‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الطنـــاب ُّلك َّ‬ ‫ـــة‬ ‫ت�وي إىل‬ ‫رذي ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ـر� ُح تناوح ـ ْ‬ ‫ـت‬ ‫ُوي ِلكل ــون إذا ال ـ ي‬

‫ـاب أرديـ َـة الـ َّـراب ُ‬ ‫واجتـ َ‬ ‫إاكمــا‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫اجـــة ل َّو ُامـــا‬ ‫أو أن‬ ‫يلـــوم ب� ٍ‬ ‫ّ‬ ‫َّ ُ‬ ‫وص ــال عق ـ ِـد حبائ ـ ٍـل َجذ ُام ــا‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ّ‬ ‫ـوس ِح ُاما‬ ‫أو يعت ِلــق بعــض النفـ ِ‬ ‫َْ‬ ‫هلوهـــا وِن ُ‬ ‫لذيـــذ ُ‬ ‫دامـــا‬ ‫ـــق‬ ‫ٍ‬ ‫طل ٍ‬ ‫ـت إذ ُر ِف َع ـ ْ‬ ‫وافي ـ ُ‬ ‫ـت وع ـ َّـز ُم ُ‬ ‫دام ــا‬ ‫أو َجونـ ٍـة ُقد َحـ ْ‬ ‫ـت ُوفـ َّ‬ ‫ـض ِخ ُ‬ ‫تاما‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ تَّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫و� تــأتــــــال بإ�امــــــا‬ ‫أبــــــــم ٍ‬ ‫ـب ُ‬ ‫ـن ه ـ َّ‬ ‫ِل َع ـ َّـل نم� ــا ح ـ ي ن‬ ‫نيام ــا‬ ‫إذ أصبحـ ْ‬ ‫ـت بيـ ِـد الـ شَّمال ز ُ‬ ‫مامــا‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُفـ ُـر ٌط وشــاح إذ غـ ُ‬ ‫ـدوت ِ جل ُاما‬ ‫ي‬ ‫َّ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َح َ‬ ‫ـــر ٍج إىل أعالهمـــن قتامـــا‬ ‫ّ‬ ‫الثغ ــور ُ‬ ‫ظالم ــا‬ ‫ات‬ ‫وأج ـ َّـن ع ــور ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـر نَ‬ ‫جـ َ‬ ‫ـرداء ي� ـ َ ُ‬ ‫دو� ــا ُج َّر ُام ــا‬ ‫سخ نـ ْ‬ ‫ـت وخـ َّـف ِع ُ‬ ‫ظاما‬ ‫حـ تّـى إذا ِ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫وابتــل مــن ز َبـ ِـد احلمـ ي ِـم ِحز ُامــا‬ ‫و ْر َد احلمامـــة إذ َّ‬ ‫أجـــد َح ُامـــا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫يُ‬ ‫ُ‬ ‫خ‬ ‫َ‬ ‫ش‬ ‫تُ ْ� ج� نوافلهـــا و�ـــى ذامـــا‬ ‫ً‬ ‫رواســـيا ُ‬ ‫ج ُّ‬ ‫الب ّ‬ ‫ـــن َ‬ ‫أقدامـــا‬ ‫ـــدي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ـ� ِكرام ــا‬ ‫عن ــدي ومل يفخ ــر ع ـ َّي‬ ‫ُ‬ ‫أجســـاما‬ ‫تشـــابه‬ ‫غالـــق ُم‬ ‫ٍ‬ ‫ب� ٍ‬ ‫ُب ِذل ـ ْ‬ ‫ُ‬ ‫المي ـ ِـع ِلام ــا‬ ‫ـت جل ـ يـر ِان ج‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ةَ ُ‬ ‫ُ‬ ‫أهضامـــا‬ ‫تبـــال خم ِصبـــا‬ ‫هبطـــا‬ ‫ُ‬ ‫مثـــل ّ‬ ‫أهدامـــا‬ ‫قالـــص‬ ‫ـــة‬ ‫البلي ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫خلجـــا َ�ـــد شـــوارعا أيتامـــا‬

‫كأن قدمــه مــا تــزال ف ي� البيــت‬ ‫ثــم يعــود لبيــد إىل معنــاه الســابق‪َّ ،‬‬ ‫أ‬ ‫الع�يــن لــم ت ز‬ ‫ش‬ ‫كأن كل مــا جــاء بعــده عــن التــان‬ ‫ت�حــزح أو ب‬ ‫تــرح‪َّ ،‬‬ ‫ت‬ ‫إن‬ ‫والبقــرة الوحشـ ّـية خاطــر ٌة مــا إن رأى ال ـراب حـ ّـى نفضهــا‪ .‬نعــم‪ّ ،‬‬ ‫ناقتــه الـ تـى يشــبهها بالســحابة تــارة‪ ،‬أ‬ ‫وبالتــان تــارة‪ ،‬وبالبقــرة تــارة‪ ،‬هــي‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫وســيلته إىل قضــاء اللبانــات وقطعهــا‪ ،‬ووصــل الحبــال وجذمهــا‪.‬‬

‫‪242‬‬

‫‪Theme I: The Poet Buys Wine for the Drinking Party‬‬ ‫اللغة‪:‬‬ ‫اللوامــع‪ :‬الــراب‪ .‬اجتــاب‪ :‬لبــس‪.‬‬ ‫أضيع‪.‬‬ ‫اللُبانــة‪ :‬الحاجــة‪ .‬ال أفـ ّـرط‪ :‬ال ّ‬ ‫جذّ امهــا‪ :‬قطّاعهــا‪ .‬يعتلــق‪ :‬يرتبــط‪.‬‬ ‫ِحمامهــا‪ :‬موتهــا‪ .‬طلــق‪ :‬ســاكن‬ ‫معتــدل‪ .‬ســامرها‪ :‬ســاهرها أحـ ّـدث‬ ‫ئ‬ ‫خمــار‪.‬‬ ‫ـا�‪ .‬غايــة‪ :‬رايــة‪ .‬تاجــر‪ّ :‬‬ ‫ندمـ ي‬ ‫ع ـ ّز‪ :‬قـ ّـل وتعــذّ ر‪ .‬مدامهــا‪ :‬خمرهــا‪.‬‬ ‫الســباء‪ :‬ش�اء الخمــر‪ .‬أدكــن‪ :‬أغـ بـر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫عاتــق‪ :‬خالــص‪ .‬جونــة‪ :‬خابيــة‬ ‫ت‬ ‫ـرف منها‪.‬‬ ‫ســوداء مقـ ي ّـرة‪ُ .‬ق ِدحــت‪ :‬اغـ ُ ِ‬ ‫ـض‪ُ :‬كـ ِـر‪ .‬ختامهــا‪ :‬الطـ ي ن‬ ‫ـ� الــذي‬ ‫ُفـ ّ‬ ‫يبقيهــا مغلقــة‪ .‬صبــوح‪ :‬خمــر تُ ش�ب‬ ‫ف‬ ‫عــوادة‪.‬‬ ‫ي� الصبــاح‪ .‬كرينــة‪ :‬جاريــة ّ‬ ‫تأتالــه‪ :‬تعالجــه‪ .‬باكــرت‪ :‬بــادرت قبل‬ ‫ش�وق الشــمس‪ .‬بســحرة‪ :‬آخر الليل‪.‬‬ ‫ل أُ َعـ ّـل‪ :‬ألســقى مــرة بعــد مرة‪ .‬غــداة‪:‬‬ ‫مــا ي ن‬ ‫بــ� الفجــر وطلــوع الشــمس‪.‬‬ ‫وزعــت‪ :‬كففــت‪ .‬قـ ّـرة‪ :‬برد‪ .‬الشــمال‪:‬‬ ‫أبــرد الريــح‪ .‬شــكّ ت ي�‪ :‬ســاحي‪ُ .‬فـ ُـرط‪:‬‬ ‫فــرس رسيعــة‪ .‬مرتقبـاً‪ :‬مكانـاً مرتفعاً‪.‬‬ ‫ضيقــة‪ .‬أعالمهــن‪ :‬جبالهــن‪.‬‬ ‫َحـ َـرج‪ّ :‬‬ ‫ـن‪:‬‬ ‫ـ‬ ‫أج‬ ‫ـل‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫لي‬ ‫ـر‪:‬‬ ‫ـ‬ ‫كاف‬ ‫ـا‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫غباره‬ ‫قتامهــا‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ســر‪ .‬عــورات الثغــور‪ :‬مواضــع‬ ‫المخافــة‪ .‬منيفــة‪ :‬عاليــة‪ .‬جــرداء‪:‬‬ ‫قليلــة الســعف‪ .‬يحــر‪ :‬يضيــق‬ ‫صــدره‪ُ .‬ج ّرامهــا‪ :‬مــن يقطعــون‬ ‫تمرهــا‪ .‬ر ّفعتهــا‪ :‬كلّفتهــا‪ .‬شــلّه‪:‬‬ ‫تحركــت‪ .‬رحالتهــا‪:‬‬ ‫صيــده‪ِ .‬قلقــت‪ّ :‬‬ ‫أ‬ ‫جلــد غنــم يُتخــذ مــكان الــرج لنّــه‬ ‫أخــف ف ي� الطلــب والهــروب‪ .‬أســبل‪:‬‬ ‫أمطــر‪ .‬نحرهــا‪ :‬صدرهــا‪ .‬الحميــم‪:‬‬ ‫قّ‬ ‫تــر�‪ :‬تصعــد‪ .‬تطعــن‪:‬‬ ‫العــرق‪.‬‬ ‫ض‬ ‫ســر اللجــام‪.‬‬ ‫تــرب‪ .‬العنــان‪ :‬ي‬ ‫تنتحــي‪ :‬تعتمــد‪ .‬نوافلهــا‪ :‬عطاياهــا‪.‬‬ ‫ذامهــا‪ :‬عيبهــا‪ .‬غُلــب‪ :‬غــاظ أ‬ ‫العناق‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫تشــذّ ر‪ :‬تهــدد‪ .‬الذحــول‪ :‬أ‬ ‫الحقــاد‪.‬‬ ‫البــدي‪ :‬وادي جهــام قــرب بلــدة‬ ‫ّ‬ ‫الشــعراء‪ .‬بــؤت‪ :‬انرصفــت بــه‪.‬‬ ‫َجــزور‪ :‬مــا يصلــح للذبــح مــن إالبــل‪.‬‬ ‫أيســار‪ :‬أصحــاب ميــر‪ .‬لحتفهــا‪:‬‬ ‫لهالكهــا‪ .‬مغالــق‪ :‬ســهام الميــر‪.‬‬ ‫طفــل‪ :‬ناقــة‬ ‫عاقــر‪ :‬ناقــة ال تلــد‪ُ .‬م ِ‬ ‫معهــا ولدهــا‪.‬‬

‫‪On such a she-camel when the sun’s shimmerings‬‬ ‫‪dance in full forenoon light,‬‬ ‫ ‬ ‫‪And the hillocks don the cloaks‬‬ ‫ ‬ ‫‪of the mirage‬‬ ‫‪I attend my own heart’s needs,‬‬ ‫‪not neglecting them for fear‬‬ ‫ ‬ ‫‪That others will think ill of me‬‬ ‫ ‬ ‫‪or rebukers blame me.‬‬

‫‪For did Nawār not know‬‬ ‫‪that I am both‬‬ ‫ ‬ ‫‪He who ties the knots in ropes‬‬ ‫ ‬ ‫?‪and he who cuts them‬‬ ‫‪He who leaves a place‬‬ ‫‪that does not please him,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Unless his own soul’s fate‬‬ ‫ ‬ ‫?‪overtakes him there‬‬

‫‪And don’t you know how many a night‬‬ ‫‪mild in its weather,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Delightful in its sport‬‬ ‫ ‬ ‫‪and in its revelry,‬‬

‫‪I spent as its convivial, and rushed‬‬ ‫‪to many a merchant’s banner‬‬ ‫ ‬ ‫‪When it was raised‬‬ ‫ ‬ ‫?‪and the price of wine was high‬‬

‫‪I paid a dear price for a well-aged wine,‬‬ ‫‪in a darkened wineskin‬‬ ‫ ‬ ‫‪Or in a pitch-lined jug, ladled into cups,‬‬ ‫ ‬ ‫‪its seal broken.‬‬ ‫‪And many a morning draught of a pure wine‬‬ ‫‪and a slave girl with a lute,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Plucking with her thumb‬‬ ‫ ‬ ‫‪on its taut strings,‬‬

‫‪53.‬‬ ‫‪54.‬‬ ‫‪55.‬‬ ‫‪56.‬‬ ‫‪57.‬‬ ‫‪58.‬‬ ‫‪59.‬‬ ‫‪60.‬‬

‫‪243‬‬


‫لبيد بن ربيعة ‪Labīd ibn Rabīʿah‬‬

‫‪Theme II: The Poet’s Battle-Mare‬‬

‫ت‬ ‫الــى‬ ‫أكانــت نــوار‬ ‫ُّ‬ ‫تظــن أنّــه يبقــى عــى الــو ّد رغــم خ ّطــة الخســف ي‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫ـى حاجتــه حـ ّـى ال‬ ‫أذاقتــه؟ بــل هــو يصــل ي َ‬ ‫غ�هــا كمــا يصلهــا‪ ،‬ويقـ ي‬ ‫ف‬ ‫القامــة ي� موضــع ال‬ ‫يـ تـرك موضع ـاً للريبــة‪ ،‬وليــس أبغــض لديــه مــن إ‬ ‫أهــون منــه‪.‬‬ ‫المــوت‬ ‫أمــر‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يرضــاه شل�فــه‪ ،‬ذلــك ٌ‬ ‫فــرع يفخــر ويعــدد مناقبــه وكيــف أنّــه ت‬ ‫كأن كرامتــه ثــارت ش‬ ‫فــى‬ ‫ثــم َّ‬ ‫َّ‬ ‫ليــس كالفتيــان‪ ،‬ونديــم ليــس كال َندمــان‪ ،‬وكريــم يتفـ ّـوق عــى الكرمــاء‪،‬‬ ‫أن قومــه يرســلونه ربيئــةً لهــم فينذرهــم بالخطــر قبــل وقوعــه‪،‬‬ ‫وكيــف َّ‬ ‫ف‬ ‫وكيــف أنّــه لســانهم المحامــي عنهــم ي� مجالــس الملــوك‪ .‬أكانــت‬ ‫ـوت جزع ـاً لفقدهــا؟ ليتهــا ت ـراه‬ ‫نــوار تجهــل ذلــك؟ أكانــت تحســبه يمـ ُ‬ ‫ت‬ ‫ف� الليــال اللذيــذة المعتدلــة‪ ،‬حـ ي ن‬ ‫الخمــار ليشــري‬ ‫ـ� ينطلــق إىل رايــة ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ثــم يعــود بجــرار الخمــر وبالخابيــات‬ ‫أنفــس مــا لديــه وأغــاه ثمنــاً‪َّ ،‬‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ـض ختمهــا ويســكب خمرهــا ثـ َّـم تــدور الكــؤوس والقــداح‬ ‫المقـ ي ّـرة‪ ،‬فيفـ ُّ‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫ـى الليلــة ي� لهــو ومســامرة‪.‬‬ ‫لتمـ ي‬ ‫إن الخمـ َـر ليســت مقصــور ًة عــى الليــل فقــط‪ ،‬بــل شي�بهــا صبوحـاً‬ ‫ثـ َّـم َّ‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫كمــا ي�بهــا غبوقـاً‪ ،‬عــى أنغــام قينـ ٍـة عـ ّـوادة تعالــج الوتــار بإبهامهــا‪.‬‬ ‫وقــد يبــادر إىل الخمــر قبــل صيــاح الديكــة ش‬ ‫في�بهــا المـ ّـرة تلــو المـ ّـرة‬ ‫ف‬ ‫الشــمال أبــر َد‬ ‫ـب َّ‬ ‫والنــاس ي� مضاجعهــم لــم يســتيقظوا بعــد‪ .‬وقــد تهـ ُّ‬ ‫مــا يكــون‪ ،‬فــا يــزع بردهــا إال الخمــرة حـ ي ن‬ ‫ـ� تــري دافئــةً ف ي� عروقــه‪.‬‬ ‫لك ّنــه ليــس رجــل لهـ ٍـو فقــط‪ ،‬بــل يحامــي عــن قومــه ويربــأ لهــم‪ ،‬فــإذا‬ ‫مــا تحــروا خطـراً أو خافــوا غــزواً انطلــق بفرســه الرسيعــة ينهــب أ‬ ‫الرض‬ ‫ّ‬ ‫وقــد ألقــى بلجامهــا عــى عاتقــه وأخــرج يديــه يك يكــون عــى أهبـ ٍـة عنــد‬ ‫ضيقـاً مرتفعـاً ال يفصلــه عــن العــدو إال مراحــل‪،‬‬ ‫المفاجــأة‪ .‬يختــار مكانـاً ّ‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫والمخــوف‪.‬‬ ‫حـ ت ّـى َّ‬ ‫ـرف َ‬ ‫إن الغبــار يصلــه ي� مكانــه ُ‬ ‫المـ ِ‬ ‫ق‬ ‫الم َراقــب ليـ شـرف عــى‬ ‫إنّهــا صــور ٌة تذ ّكــر بالعـ يـر وهــو يــر� بأتانــه قفــر َ‬ ‫مــا حولــه‪ ،‬وســواء أكان ذلــك مقصــوداً أم مصادفــةً ال يســعنا إال أن‬ ‫ـ� ال ـراع بـ ي ن‬ ‫نطــرب لهــذا التــوازي الــذي يذ ّكــر بتشــابه قوانـ ي ن‬ ‫ـ� عالمــي‬ ‫النســان والحيــوان‪.‬‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫تز‬ ‫ُّ‬ ‫يعــرد‪ ،‬يحــاول أن يعــرف َّكل مــا‬ ‫يظــل لبيــد ي� مرقبــه ال ي�حــزح وال ّ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫يمكنــه عــن العــدو رغــم اق�ابــه‪ ،‬حـ ّـى إذا غابــت الشــمس وألقــت يدهــا‬ ‫بعنــق‬ ‫ف ي� الظــام انحــدر بفرســه إىل أن أوطأهــا الســهل‪ ،‬فشــمخت‬ ‫ٍ‬ ‫كجــذع النخلــة ينقطــع نفــس مــن يرقاهــا خارف ـاً َجناهــا‪ .‬ثـ ّـم يك ّلفهــا‬

‫‪244‬‬

‫تبالــة‪ :‬واد بـ ي ن‬ ‫ـ� بيشــة والباحــة يُ ض�ب‬ ‫بــه المثــل لخصبــه‪ .‬أهضامهــا‪ :‬مــا‬ ‫اطمــأن مــن أ‬ ‫الرض منهــا‪ .‬الأطنــاب‪:‬‬ ‫َّ‬ ‫حبــال البيــت‪ .‬رذيّــة‪ :‬ناقــة تُخلّــف‬ ‫للفقــرة‬ ‫لفــرط هزالهــا اســتعارة‬ ‫ي‬ ‫و أ‬ ‫الرملــة‪ .‬البل ّيــة‪ :‬الناقــة تُشـ ّـد عــى‬ ‫قـ بـر صاحبهــا حـ تـى تمــوت‪ .‬قالــص‪:‬‬ ‫قصــر‪ .‬أهدامهــا‪ :‬ثيابهــا الرثّــة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫تناوحــت‪ :‬تقابلــت‪ .‬خُ لُجــاً‪ :‬أنهــاراً‪.‬‬

‫‪My first cup I downed before the cock‬‬ ‫‪could crow in daybreak,‬‬ ‫ ‬ ‫‪To take a second when‬‬ ‫ ‬ ‫‪its sleepers woke.‬‬

‫‪And many a bitter morn of wind and cold‬‬ ‫‪I curbed,‬‬ ‫ ‬ ‫‪When its reins were in the hand‬‬ ‫ ‬ ‫‪of the north wind,‬‬

‫‪I defended the tribe, my battle gear borne‬‬ ‫‪by a winning courser,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Her reins my sash when I‬‬ ‫ ‬ ‫‪went forth at dawn.‬‬ ‫‪Then I mounted a lookout post‬‬ ‫‪on a narrow, wind-blown peak‬‬ ‫ ‬ ‫‪Whose dust rose to the banners‬‬ ‫ ‬ ‫‪of the foe.‬‬

‫‪Until when daylight dipped its hand into‬‬ ‫‪the all-concealing night‬‬ ‫ ‬ ‫‪And darkness veiled the crotches of‬‬ ‫ ‬ ‫‪each mountain pass,‬‬

‫‪To the plain I descended and my mare‬‬ ‫‪held erect her neck‬‬ ‫ ‬ ‫‪Like the date palm’s stripped trunk at which‬‬ ‫ ‬ ‫‪the picker’s courage fails.‬‬ ‫‪I spurred her to a speed‬‬ ‫‪fit for the ostrich chase,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Until when she was heated through‬‬ ‫ ‬ ‫‪and her bones were nimble,‬‬ ‫‪Her light leathern saddle slipped,‬‬ ‫‪sweat flowed from her neck,‬‬ ‫ ‬ ‫‪And her saddle girth‬‬ ‫ ‬ ‫‪was soaked with froth,‬‬

‫‪She coursed, head held high and thrusting‬‬ ‫‪in the bridle, racing headlong‬‬ ‫ ‬ ‫‪Like a thirsting dove to water when‬‬ ‫ ‬ ‫‪her flock beats urgent wings.‬‬

‫‪61.‬‬ ‫‪62.‬‬ ‫‪63.‬‬ ‫‪64.‬‬ ‫‪65.‬‬ ‫‪66.‬‬ ‫‪67.‬‬ ‫‪68.‬‬ ‫‪69.‬‬

‫‪245‬‬


‫لبيد بن ربيعة ‪Labīd ibn Rabīʿah‬‬

‫‪Theme III: The Poet’s Authority and Generosity among‬‬ ‫‪the Tribes‬‬

‫عــدواً يصلــح الصطيــاد النعــام إن لــم يســبقه‪ ،‬فــإذا بحرارتهــا تــزداد‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ـر‪،‬‬ ‫ـى اتخذهــا مــكان الــرج تهـ ت ز ّ‬ ‫وإذا بعظامهــا تخـ ّـف‪ ،‬وإذا بالرحالـ فـة الـ ي‬ ‫حــى تــكاد ترتفــع عــن‬ ‫وإذا بصدرهــا والحــزام يســبحان ي� العــرق‪ ،‬ت ّ‬ ‫أ‬ ‫الرض‪ ،‬كأنّهــا حمامــة عطـ شـى رأت المــاء ثـ َّـم طــارت إليــه‪.‬‬ ‫إن لــه ذلــك الموقــف المشــهود‪ ،‬حـ ي ن‬ ‫ـ� حامــى عــن أعمامــه ف ي� ُسادق‬ ‫ثـ َّـم َّ‬ ‫ف‬ ‫الحــرة‪ .‬كان النعمــان متبديــاً ي� صحــراء ثيتــل‪ ،‬وكان ســاخطاً‬ ‫ملــك‬ ‫ي‬ ‫منــذ أخــذت بنــو عامــر لطيمتــه ثــم قتلــت قائــده يــوم الســان‪ .‬امتــ�أ‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫الــرادق بوفــود دارم ومعــد والعبــاد وطــيء وكلــب‪ ،‬وتط ّلــع لبيــد �ف‬ ‫َ ّ‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ِّكل هــؤالء الزعمــاء غليظــي العنــاق‪ ،‬عميقــي الحقــاد‪ ،‬لـ ِّ‬ ‫ـأر‬ ‫ـكل واحـ ٍـد ثـ ٌ‬ ‫يطلبــه ف ي� ب ـن ي عامــر‪.‬‬ ‫أن مســتقبل القبيلــة مع ّلـ ٌـق بالكامــل‬ ‫كان موقف ـاً مهيب ـاً‪ ،‬زاد مــن وطأتــه َّ‬ ‫إن أحســن المحامــاة خرجــوا بالعطايــا والحمــد‪ ،‬وإن أخفــق‬ ‫عــى عاتقــه‪ْ .‬‬ ‫ف‬ ‫ـرادق‪،‬‬ ‫رجعـ فـوا بالــذم والخـران‪ُ .‬خ ّيـ َـل إليــه أنّــه ي� وادي جهــام ال الـ ُ‬ ‫ـن ال الرجــال‪ .‬ثـ َّـم حدثــت المفاجــأة‪ ،‬فانطلــق‬ ‫وأنّــه ي� محفــل مــن الجـ ّ‬ ‫لســانه يقــارع وينافــح أبــر َع مــا يكــون‪ .‬لــم تبــق تهمــة إال ف ّندهــا‪ ،‬وال‬ ‫حـ ٌّـق إال انــرف بــه‪ ،‬ولــم يـ تـرك لـ ِّ‬ ‫ـكل هــؤالء مجــاال ً يك يفخــروا عليــه‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ـمال‬ ‫ّأمــا إذا جــاء الشــتاء بـ بـرده وتقابلــت الريــاح مــن َصـــبا ودبــور وشـ ٍ‬ ‫الفقــر إىل طعــام أو مــأوى فتلــك حكايــةٌ أخــرى‪.‬‬ ‫وجنــوب واحتــاج‬ ‫ي‬ ‫عندهــا يهــرع لبيــد بأصحابــه إىل ناقــة يبتاعونهــا بثمــن مؤجــل يضمنونــه‬ ‫ض‬ ‫ويفرقوهــا‬ ‫لصاحبهــا‪ ،‬ثـ َّـم ي�بــون بالقــداح بعــد أن يذبحــوا الناقــة ّ‬ ‫ثمانيــة ش‬ ‫القــداح الفائــزة جعــل نصيبــه‬ ‫وع�يــن ســهماً‪ ،‬فمــن خرجــت لــه ِ‬ ‫مــن الجــزور للفقــراء‪ ،‬ومــن خرجــت لــه القــداح الخــارسة غــرم ثمــن‬ ‫(‪)13‬‬ ‫الناقــة‪.‬‬ ‫الطعــام فقــط‪ ،‬فيتخـ ي ّـر الناقــة عاقـر ًا‬ ‫الميــر بقصــد إ‬ ‫كان لبيــد يلعــب َ‬ ‫طف ـا ً فتكــون أنفــس‪ ،‬ثــم إذا فــاز جعــل‬ ‫يتخ�هــا ُم ِ‬ ‫لتكــون أســمن‪ ،‬أو ي ّ‬ ‫ن‬ ‫فكأن‬ ‫نصيبــه مــن الجــزور للمحتاجـ يـ� والفقـراء‪ ،‬وكذلــك فعــل أصحابــه‪ّ ،‬‬ ‫الضيــوف والجــران نزلــوا أرض تبالــة الـ تـى تمـ أ‬ ‫ـ� النخيــل والفواكــه بطــون‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أوديتهــا‪ .‬وال تخلــو اللعبــة مــن جمهــور مــن النســاء ذوات الســمال‬ ‫الباليــة والخلقــان القصـ يـرة‪ ،‬يلجــأن بأيتامهــن إىل أطنــاب الخيــام ينظــرن‬ ‫قســم الجــزور‪ ،‬فمــا هــي ّإل ســاعات حـ ت ّـى يُنضــد اللحــم فــوق‬ ‫كيــف تُ َّ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫الجفــان‪ ،‬وي�قــرق المــرق وســط الصحــاف‪ ،‬فكأنّهــا النهــار أو الخلجــان‬ ‫الجاريــة‪ ،‬ثــم يـ شـرع أ‬ ‫اليتــام يأكلــون‪.‬‬

‫‪246‬‬

‫حرمــه‬ ‫(‪ )13‬هــذا هــو الميــر الــذي ّ‬ ‫كبــر‬ ‫إ‬ ‫الســام والــذي فيــه إثــم ي‬ ‫أكــر مــن‬ ‫ومنافــع للنــاس وإثمــه ب‬ ‫القــداح أو المغاليــق‬ ‫نفعــه‪ .‬كانــت ِ‬ ‫عيــدان تتخــذ مــن النبــع وتكــون‬ ‫ســوا ًء ف ي� الطــول ألنهــا لــو عظمــت‬ ‫شــيئاً نــدرت ف ي� اليــد‪ ،‬لذلــك قــال‬ ‫بمغالــق متشــابه أجســامها‪.‬‬ ‫لبيــد‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫عــدد القــداح ش‬ ‫عــرة‪ ،‬ســبعة ذات‬ ‫حــظ‪ ،‬وثالثــة خائبــة‪ .‬أمــا ذات‬ ‫الحــظ فهــي‪ :‬الفــذ لــه ســهم مــن‬ ‫الجــزور‪ ،‬والتــوأم لــه ســهمان‪،‬‬ ‫والرقيــب لــه ثالثــة‪ ،‬والحلــس لــه‬ ‫أربعــة‪ ،‬والنافــس لــه خمســة‪،‬‬ ‫والم ّ‬ ‫عــى لــه‬ ‫والمســبل لــه ســتة‪ُ ،‬‬ ‫القــداح الخــارسة‬ ‫ســبعة‪ّ ،‬أمــا ِ‬ ‫أ‬ ‫وتســمى الغفــال‪.‬‬ ‫فهــي ثالثــة‬ ‫ّ‬ ‫توضــع القــداح ف ي� وعــاء جلــدي‬ ‫يُدعــى خريطــة‪ ،‬ثــم يوكلــون بهــا‬ ‫الحرضــة يجلجــل‬ ‫رجــا ً‬ ‫ّ‬ ‫يســمونه ُ‬ ‫القــداح ثــم يفيضهــا‪ ،‬ويكــون‬ ‫وراءه رجــل يراقــب مــا يقــوم بــه‬ ‫ا� ض‬ ‫يُدعــى ر ب ئ‬ ‫ال�بــاء‪ ،‬فمــن خرجــت‬ ‫لــه قــداح الحــظ أخــذ مــا يعادلهــا‬ ‫مــن الجــزور‪ ،‬ومــن خرجــت لــه‬ ‫القــداح أ‬ ‫الغفــال غــرم ثمــن الناقــة‬ ‫التفســر الموضوعــي‪:‬‬ ‫(موســوعة‬ ‫ي‬ ‫مــادة الميــر)‪.‬‬

‫ ‬ ‫‪And in many a chief’s domed tent,‬‬ ‫‪where unknown strangers sojourn‬‬ ‫ ‬ ‫‪In hope of favor‬‬ ‫ ‬ ‫‪and of displeasure fear,‬‬

‫‪There were men, burly-necked, lionlike,‬‬ ‫‪braced for revenge,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Planting their feet in the ground‬‬ ‫ ‬ ‫‪like the Jinn of Badi.‬‬

‫‪Their false claims I denied,‬‬ ‫‪their due rights recognized,‬‬ ‫ ‬ ‫‪And no nobleman among them could vaunt‬‬ ‫ ‬ ‫‪his glory over me.‬‬ ‫‪And many a gambling-camel,‬‬ ‫‪its death I called for‬‬ ‫ ‬ ‫‪By the fate-sealing arrows whose shafts‬‬ ‫ ‬ ‫‪look all alike,‬‬

‫‪Summoning the arrows to gamble for a she-camel,‬‬ ‫‪barren or with foal,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Whose meat we will bestow on all whom we‬‬ ‫ ‬ ‫‪have granted refuge.‬‬ ‫‪Then for the guest and for the foreign refugee‬‬ ‫‪it is as if‬‬ ‫ ‬ ‫‪They had descended to Tabalāh Valley,‬‬ ‫ ‬ ‫‪a lowland ever green.‬‬

‫‪Every indigent woman, emaciated, rag-clad,‬‬ ‫‪like a starved she-camel hobbled at her master’s grave,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Seeks the refuge‬‬ ‫ ‬ ‫‪of my tents.‬‬ ‫‪When winter’s winds wail back and forth‬‬ ‫‪her orphans plunge‬‬ ‫ ‬ ‫‪Into streams of flowing gravy which‬‬ ‫ ‬ ‫‪my clan crowns with meat.‬‬

‫‪70.‬‬ ‫‪71.‬‬ ‫‪72.‬‬ ‫‪73.‬‬ ‫‪74.‬‬ ‫‪75.‬‬ ‫‪76.‬‬ ‫‪77.‬‬

‫‪247‬‬


‫لبيد بن ربيعة ‪Labīd ibn Rabīʿah‬‬

‫ ‬ ‫‪.78‬‬ ‫‪.79‬‬ ‫‪.80‬‬ ‫‪.81‬‬ ‫‪.82‬‬ ‫‪.83‬‬ ‫‪.84‬‬ ‫‪.85‬‬ ‫‪.86‬‬ ‫‪.87‬‬ ‫‪.88‬‬

‫العودة إلى القبيلة‬

‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ـــت املج ُ‬ ‫امـــع مل ي زَ�ل‬ ‫نإ� إذا التق ِ‬ ‫َ قَّ‬ ‫ُ ٌّ ُ‬ ‫ـ� العش ـ يـرة ح� ــا‬ ‫ومق ـ ً ِـم يع ـ ي‬ ‫كرم ُي نُ‬ ‫ع� عىل الندى‬ ‫فضال وذو ٍ ي‬ ‫م ــن مع ـ شـر س ـ َّـنت هل ــم بآ� ْ‬ ‫ؤمه‬ ‫ٍ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ال يطبعـــون وال يبـــور فعالـــم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫رفيعـــا َ ْس ُك ُ‬ ‫َ‬ ‫ـــه‬ ‫فبنـــوا لنـــا بيتـــا‬ ‫ُ نّ‬ ‫فاقنـــع ب�ـــا َق َ َ‬ ‫فإ�ـــا‬ ‫ـــم املليـــك‬ ‫أ ُ ُّ ْ ف‬ ‫ش‬ ‫ـر‬ ‫وإذا المان ــة ق ِس ــمت ي� ُ مع ـ ٍ‬ ‫ُ ُّ ُ‬ ‫ـعاة إذا العشــر ُة أ ْف ِظ ْ‬ ‫عت‬ ‫ومه السـ‬ ‫ي‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫جـــاور يف� ُ‬ ‫ـــم‬ ‫ربيـــع ُلمل‬ ‫ومه‬ ‫ِ‬ ‫ومه العش ـ يـر ُة ْأن ُيب ـ ِ ّ ئَ‬ ‫ُ‬ ‫ـئ حاس ـ ٌـد‬

‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫جش ُ‬ ‫ـــاما‬ ‫عظيمـــة‬ ‫َّمنـــا ِلـــزاز‬ ‫ٍ‬ ‫ِق‬ ‫حلقو�ـــا َّ‬ ‫غذم ٌ‬ ‫هض ُامـــا‬ ‫ـــر‬ ‫ُوم ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َْ ٌ‬ ‫ـب غ َّن ُام ــا‬ ‫س ــح كس ــوب رغائ ـ ٍ‬ ‫ُ ٌّ‬ ‫ّ‬ ‫ـــنة وإماهمـــا‬ ‫قـــوم س‬ ‫لـــل‬ ‫ٍ‬ ‫و ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أحالم ــا‬ ‫إذ ال ت�ي ــل م ــع اهل ــوى‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َفس َ‬ ‫وغالمـــا‬ ‫إليـــه هكلهـــا‬ ‫ـــما‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َق َ َ‬ ‫الخالئـــق بيننـــا عل ُمـــا‬ ‫ـــم‬ ‫ّ‬ ‫ف أ‬ ‫حظنـــا َق َّس ُ‬ ‫ـــاما‬ ‫عظـــم ِ‬ ‫أو� ب� ِ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫فوارســـا ْ‬ ‫ُ‬ ‫ومه ُحك ُمـــا‬ ‫ومه‬ ‫َ‬ ‫تطـــاول ُ‬ ‫ُ‬ ‫عامـــا‬ ‫ـــات إذا‬ ‫وامل ْر ِم ِ‬ ‫ـدو ِل ُ‬ ‫أو أن يل ـ َ‬ ‫ـوم م ــع الع ـ ّ‬ ‫يام ــا‬ ‫ِ‬

‫ثـ َّـم يعــود لبيــد إىل قبيلتــه وقــد شــارفت المع َّلقــة نهايتهــا‪ .‬فبعــد أن‬ ‫ف‬ ‫ـا� الديــار وتذ ّكــر قصتــه مــع نــوار‪ ،‬وبعــد أن ركــب ناقتــه‬ ‫وقــف عــى عـ ي‬ ‫ـ� الحبيبــة وبـ ي ن‬ ‫و�ع يق ّلــب الخيــارات الـ تـى كانــت متاحــة بـ ي ن‬ ‫ش‬ ‫ـ� القبيلــة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫وعــدد مناقبــه‪ ،‬هــا هــو يرجــع إىل القبيلــة‬ ‫وبعــد أن انتــر لكرامتــه ّ‬ ‫أخـ يـراً‪ ،‬وهــو الــذي لــم تي�كهــا أصـاً‪ ،‬لقــد مــات العاشــق داخلــه‪ ،‬ليولــد‬ ‫شــاعر ب ـن عامــر وأفصــح ســاداتها‪ ،‬إنّــه واحــد مــن قوانـ ي ن‬ ‫ـ� الصح ـراء‬ ‫ي‬ ‫ُّ‬ ‫القاســية‪ ،‬حيــث كل حيــاة ترتبــط بمــوت‪.‬‬ ‫كيــف ال يفخــر بقومــه وهــو مــن صميــم عامــر بــن صعصعة ومــن شأ�ف‬ ‫بيوتاتهــا؟ هــذا البيــت الـ تـى أنجــب خالــد بــن جعفــر‪ ،‬أ‬ ‫والحــوص بــن‬ ‫ي‬ ‫و�يــح بــن أ‬ ‫جعفــر‪ ،‬ش‬ ‫الحــوص‪ ،‬وعامــر بــن مالــك‪ ،‬وطفيــل بــن مالــك‪،‬‬ ‫وربيعــة بــن مالــك‪(14).‬‬ ‫ُّكل واحــد مــن هــؤالء ســيد يدفــع بــه أ‬ ‫فيتحملــه ويقــوم‬ ‫المــر الفظيــع‬ ‫ٍ‬ ‫ٌّ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫مــع مــن القبائــل كانــت كلمتــه‬ ‫بــه أكفــأ مــا يكــون‪ ،‬ثــم إذا كان ي� َم ْج ٍ‬ ‫أ‬ ‫يقســم كيــف يشــاء‪ ،‬يأخــذ مــن هــذا ويعطــي هــذا‪،‬‬ ‫هــي العــى‪ ،‬فـ شـرع ّ‬ ‫ـب آخريــن‪ ،‬دون أن يجــرؤ أحـ ٌـد عىل معارضتــه‪ .‬يفعل‬ ‫ويحــرم قومـاً ويهـ ُ‬ ‫ـ� أصحابــه عــى النــدى حـ ي ن‬ ‫ذلــك تفضـا ً منــه وكرمـاً‪ ،‬ويعـ ي ن‬ ‫ـ� يعطيهــم‬ ‫مــا يعطونــه‪ ،‬وهــو فــوق ذلــك ك ِّلــه جــوا ٌد يســعى إىل الخصــال ش‬ ‫ال�يفــة‪،‬‬

‫‪248‬‬

‫‪Theme IV: The Poet’s Tribe: Its Authority, Might,‬‬ ‫‪Generosity, and Loyalty‬‬ ‫اللغة‪:‬‬ ‫المجامــع‪ :‬جماعــات القبائــل‪ .‬لــزاز‬ ‫عظيمــة‪ :‬مــا يقــرن أ‬ ‫بالمــر العظيــم‬ ‫ُ‬ ‫ليقهره‪ .‬جشّ ــامها‪ :‬متكلّفهــا‪ .‬مغذمر‪:‬‬ ‫هضامهــا‪:‬‬ ‫يـ ضـرب بعضــه ببعــض‪ّ .‬‬ ‫ظالمهــا‪ .‬ال ّنــدى‪ :‬الجــود‪ .‬رغائــب‪ :‬مــا‬ ‫يُرغــب فيــه مــن الخصــال ش‬ ‫ال�يفــة‪.‬‬ ‫ال يطبعــون‪ :‬ال تدنــس أعراضهــم‪.‬‬ ‫ال يبــور‪ :‬ال يفســد‪ .‬ســمكه‪ :‬ارتفاعــه‪.‬‬ ‫ف‬ ‫فظعــت‪ :‬أُصيبت‬ ‫كمــل وو ّفــر‪ .‬أ ُ ِ‬ ‫أو�‪ّ :‬‬ ‫بأمــر فظيــع‪ .‬المرمــات‪ :‬النســاء‬ ‫نفــدت أزوادهــن‪.‬‬ ‫(‪ )14‬خالــد بــن جعفــر أ‬ ‫والحــوص‬ ‫أ‬ ‫ابــن جعفــر مــن رجــال الجيــل الول‬ ‫زهــر بــن‬ ‫الذيــن أزاحــوا ضيــم ي‬ ‫ـ� وبهــم ارتفــع عـ ُّـز‬ ‫جذيمــة العبـ‬ ‫قبيلتهــم‪ .‬أمــا ش ي�يــح بــن أ‬ ‫الحــوص‬ ‫وعامــر بــن مالــك وطفيــل بــن مالــك‬ ‫ن‬ ‫ـا� خاضــوا‬ ‫فهــم رجــال الجيــل الثـ ي‬ ‫أغلــب معــارك بــن ي عامــر ضــد‬ ‫وضبــة وملــك‬ ‫دارم وأســد وكنــدة ّ‬ ‫وغ�هــم مــن القبائــل‬ ‫الحــرة ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫والعــداء‪ .‬أمــا رجــال الجيــل الثالــث‬ ‫كعامــر بــن الطفيــل ولبيــد فليســوا‬ ‫مقصوديــن هنــا ألنهــم لــم ينبهــوا‬ ‫زمــان المعلَّقــة‪.‬‬ ‫*تابعــت الدكتــور فيصــل المنصــور‬ ‫ف ي� أكـ ثـر مــا ارتــآه بخصــوص ألفــاظ‬ ‫المعلَّقــة ت‬ ‫وال�جيــح ي ن‬ ‫بــ� رواياتهــا‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫تصــدى فيــه‬ ‫عمــل جليــل‬ ‫وهــو‬ ‫ّ‬ ‫للمعلّقــات الســبع الطــوال‬ ‫فأخرجهــا وضبطهــا أحســن مــا‬ ‫الخـراج والضبــط‪ .‬لــم أخــرج‬ ‫يكــون إ‬ ‫ف‬ ‫عــن اختياراتــه إال ي� مواضــع قليلــة‪.‬‬

‫‪When tribal councils gather‬‬ ‫‪there is always one of us‬‬ ‫ ‬ ‫‪Who contends in grave affairs‬‬ ‫ ‬ ‫‪and shoulders them,‬‬

‫‪A divider of spoils who gives‬‬ ‫‪each clan its due,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Demanding their rights for the worthy,‬‬ ‫ ‬ ‫‪the rights of the worthless refusing.‬‬

‫‪Out of superior virtue, he is munificent‬‬ ‫;‪and with his bounty succors‬‬ ‫ ‬ ‫‪Openhanded, and yet, a winner and plunderer of all‬‬ ‫ ‬ ‫‪that he desires,‬‬ ‫‪From a clan whose fathers set for them‬‬ ‫— ‪their law‬‬ ‫ ‬ ‫‪For each tribe has its leader‬‬ ‫ ‬ ‫‪and its law.‬‬

‫‪Their honor is not sullied, their deeds‬‬ ‫‪not without issue,‬‬ ‫ ‬ ‫‪For their judgment is not swayed‬‬ ‫ ‬ ‫‪by passion’s flights.‬‬ ‫‪He built for us a high-roofed‬‬ ‫‪edifice,‬‬ ‫ ‬ ‫‪To which the tribesmen mount,‬‬ ‫ ‬ ‫‪both youths and full-grown men.‬‬

‫‪Be then content, O enemy, with what the sovereign‬‬ ‫‪allotted you,‬‬ ‫ ‬ ‫‪For virtues were allotted us‬‬ ‫ ‬ ‫‪by him who knows them.‬‬

‫‪78.‬‬

‫‪79.‬‬

‫‪80.‬‬

‫‪81.‬‬

‫‪82.‬‬

‫‪83.‬‬

‫‪84.‬‬

‫‪249‬‬


‫لبيد بن ربيعة ‪Labīd ibn Rabīʿah‬‬

‫كمــا فعــل آبــاؤه مــن قبلــه‪ ،‬وآبــا ُء آبائــه‪ ،‬ولـ ِّ‬ ‫ـوم سـ ّنةٌ يهتــدون بهــا‬ ‫ـكل قـ ٍ‬ ‫ـام ي ّتبعــون ِخ ّطتــه‪ ،‬ال تدنــس أعراضهــم‪ ،‬وال تفســد أفعالهــم‪ ،‬وال‬ ‫وإمـ ٌ‬ ‫يجــور بهــم الهــوى عــن الـرأي الســديد‪.‬‬ ‫هــذا هــو البنــاء الــذي تركــه آباؤهــم‪ ،‬وحقيــق أ‬ ‫بالبنــاء ‪-‬كهــوال ً وغلمانـاً‪-‬‬ ‫أن يســموا إىل ذلــك البنــاء الرفيــع‪.‬‬ ‫علــم‬ ‫ثــم يقــول‪ :‬اقنــع بمــا ق َ​َســم هللا تعــاىل‪ ،‬فإنّمــا قســمته عــن ٍ‬ ‫َّ‬ ‫وحكمــة‪ ،‬وهــو ال يرفــع ويضــع وال يعطــي ويحــرم إال ببصـ يـرة نافــذة‬ ‫وتقديــر‪ ،‬وعندمــا قُســمت الحظــوظ أ‬ ‫والرزاق وهبنــا هللا أوفاهــا قســماً‪.‬‬ ‫يذكــر ش‬ ‫تفــ�‬ ‫موجــه‬ ‫أن خطابــه‬ ‫ٌ‬ ‫الــراح َّ‬ ‫ ‬ ‫لعــدو‪ ،‬لك ّنــك تجهــد وأنــت ي‬ ‫ّ‬ ‫ض‬ ‫ـى الحديــث إليــه‪.‬‬ ‫المع َّلقــة فــا تجــد موضعـاً آخــر يذكــر عــدواً أو يقتـ ي‬ ‫إن‬ ‫أتـراه يعـ ّـزي نفســه بعــد أن اختــار قبيلتــه عــى حبيبتــه؟ أتـراه يقــول َّ‬ ‫ف‬ ‫ـت كهــذا عليــه واجبــات وحقــوق‪ ،‬وليــس يـ ضـرب بناقتــه‬ ‫مــن يُولــد ي� بيـ ٍ‬ ‫ت‬ ‫ـذا�‬ ‫خلــف داعــي الهــوى كيفمــا اتفــق؟ ال أدري! لكـن ي أجــد الخطـ َ‬ ‫ـاب الـ ي َّ‬ ‫أكـ ثـر اتســاقاً وأحســن مالءمــة لمــا قبلــه مقارنــةً بخطــاب أ‬ ‫العــداء‪.‬‬

‫‪When trusts were apportioned‬‬ ‫‪to the tribes,‬‬ ‫ ‬ ‫‪The apportioner allotted us‬‬ ‫ ‬ ‫‪the greatest share.‬‬ ‫‪They are the first to act‬‬ ‫;‪when the tribe is stricken‬‬ ‫ ‬ ‫;‪In war, its horsemen‬‬ ‫ ‬ ‫‪in disputes, its arbiters.‬‬

‫‪They are a springtime‬‬ ‫‪to those that seek refuge‬‬ ‫ ‬ ‫‪And to indigent women, their food stores exhausted,‬‬ ‫ ‬ ‫‪when the year stretches long.‬‬ ‫‪They form a band so tight that none of them‬‬ ‫‪impedes it out of envy,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Nor, out of treachery,‬‬ ‫ ‬ ‫‪leans toward the foe.‬‬

‫‪85.‬‬

‫‪86.‬‬

‫‪87.‬‬

‫‪88.‬‬

‫كعامــود‬ ‫كثيمــة طارئــة‪ ،‬وإنّمــا‬ ‫أخــرة‪ ،‬ال‬ ‫ثــم يعــود إىل‬ ‫عشــرته مــر ًة ي‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫أخــراً بعــد هــذا التجــوال‬ ‫وكبنــاء‬ ‫يربــط عنــده ناقتــه‪،‬‬ ‫يســتقر تحتــه ي‬ ‫ٍ‬ ‫ُّ‬ ‫النفــ� الطويــل‪.‬‬ ‫يّ‬ ‫ـ� وعشـ يـر ت ي�‪ ،‬إذا أصــاب أمـ ٌـر فظيــع ســعوا ف ي� دفعــه‬ ‫هــؤالء هــم أهـ ي‬ ‫وكشــفه‪ .‬هــم فرســان العشـ يـرة عنــد القتــال‪ ،‬وحكّامهــا عنــد التخاصــم‪،‬‬ ‫وهــم ربيــع أ‬ ‫وخصــب للمجاوريــن‪ ،‬تقصدهــم النســاء‬ ‫للضيــاف‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ن‬ ‫المعـ ِـوزات عندمــا يطــول العــام والجــوع ُفي ِصـ بـ� خـ يـراً كثـ يـراً‪ .‬وهــم‬ ‫متوافقــون متعاضــدون‪ ،‬ال يســتطيع حاسـ ٌـد أن يفســد بينهــم‪ ،‬وال الئــم‬ ‫يثبــط هممهــم‪.‬‬ ‫أن ّ‬ ‫ثـ َّـم تنتهــي المع َّلقــة‪ ،‬وينتهــي الــكالم‪ ،‬وال يبقــى غـ يـر الصحـراء‪ ،‬والديــار‬ ‫العافيــة‪ ،‬والرياح‪...‬‬

‫‪250‬‬

‫‪251‬‬


ʿAmr ibn Kulthūm ‫عمرو بن كلثوم‬


ʿAmr ibn Kulthūm ‫عمرو بن كلثوم‬

The Muʿallaqah of ʿAmr ibn Kulthūm Boast and Questions of Freedom

‫معلَّقة عمرو بن كلثوم‬ ‫التباهي وأسئلة الحريّـة‬

Introduction and Translation by: Kevin Blankinship

‫مقدمة ش‬ �‫ صالح الزهر ن يا‬:‫و�ح‬


‫عمرو بن كلثوم ‪ʿAmr ibn Kulthūm‬‬

‫هــو أبــو أ‬ ‫الســود عمــرو بــن كلثــوم‬ ‫جاهــ� ُم ِق ّــل‪،‬‬ ‫شــاعر‬ ‫التغلــى‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫يٌ‬ ‫بيّ‬ ‫مديــح الملــوك‪ ،‬ال يُعــرف لــه‬ ‫ورفضــه‬ ‫ُعــرف بأنَف َِتــه‪ ،‬وعــ ّزة نفســه‪ِ ،‬‬ ‫َ‬ ‫تاريــخ والدة‪.‬‬ ‫وأمــه ليــى‬ ‫أبــوه كُلثــوم بــن مالــك سـ ّـي ٌد مــن ســادات قبيلــة تغلــب‪ّ ،‬‬ ‫ـزوج ابنــة ثُويــر بــن هــال‬ ‫هلهــل بــن ربيعــة‪ ،‬شــقيق كليــب‪ .‬تـ ّ‬ ‫بنــت ُم ِ‬ ‫النمــري‪ ،‬ورزق منهــا بثالثــة أبنــاء‪ ،‬هــم‪ :‬أ‬ ‫الســود الــذي يُ ن‬ ‫كــى بــه‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وعبــاد‪ ،‬وبنــت واحــدة تسـ ّـمى ال ّنــوار‪.‬‬ ‫وعبــدهللا‪ّ ،‬‬ ‫أصبــح ســيداً لقومـــه وهــو ف ي� الخامســة ش‬ ‫عــرة مــن عمــره‪ ،‬وحمــل‬ ‫ف‬ ‫الداميــة‪ .‬فاتــكٌ مــن ُف ّتاك العــرب‪ ،‬ض ُ�ب‬ ‫رايتهــم ي� عــدد مــن حروبهــم ّ‬ ‫بــه المثــل‪ ،‬فقيــل‪ :‬أفتــكُ مــن عمــرو بــن كلثــوم‪ .‬قتــل عمــرو بــن هنــد‬ ‫ملــكَ الحـ يـرة‪ ،‬حـ ي ن‬ ‫ـ� أهــان ّأمــه‪.‬‬

‫ـض المصــادر التاريخيــة أنــه مــات وهــو يناهــز الخمسـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫تذكــر بعـ ُ‬ ‫ومائــة عــام (لكنهــا ال تحــدد ســنة وفاتــه)‪ ،‬وأنــه أحــد ثالثــة ش�بــوا‬ ‫الخمــر ت‬ ‫حــى ماتــوا‪ .‬واختلــف المؤرخــون ف ي� ســبب اختيــاره هــذه‬ ‫النهايــة‪ ،‬فقيــل‪ :‬إنــه أُرس ف ي� إحــدى غاراتــه‪ ،‬وقيــل بســبب غضبــه عــى‬ ‫ـ� ابنــه أ‬ ‫أحــد الملــوك مــن المســاواة ف� العطــاء بينــه وبـ ي ن‬ ‫الســود الــذي‬ ‫ي‬ ‫ســاد قومــه ف ي� حيــاة أبيــه‪.‬‬ ‫يُنســب عمــرو بــن كلثــوم إىل قبيلــة تغلــب‪ ،‬إحــدى قبائــل ربيعــة‬ ‫ت‬ ‫ـات‬ ‫ـى ُعرفــت بشـ ّـدتها وبأســها ُ‬ ‫فعـ ّـدت لذلــك مــن َ(ر ْضفـ ِ‬ ‫العدنانيــة‪ ،‬الـ ي‬ ‫الســام قلي ـا ً ألكلــت بنــو تغلــب‬ ‫العــرب)‪ ،‬ولذلــك قيــل‪ :‬لــو أبطــأ إ‬ ‫النــاس‪.‬‬

‫‪256‬‬

‫‪One day, after a bit too much wine, the 6th century King‬‬ ‫‪ʿAmr ibn Hind asked his retinue, “Do you know of any‬‬ ‫‪Arab whose mother would stick up her nose at waiting‬‬ ‫”?‪on my mother‬‬ ‫‪(King ʿAmr was so proud of his mother that he preferred‬‬ ‫‪to be called “Son of Hind” by her name than after his‬‬ ‫‪father, as was the custom).‬‬ ‫‪A courtier spoke up and said, “I do—Laylā, mother of‬‬ ‫‪ʿAmr ibn Kulthūm!” Astonished, the king asked why.‬‬ ‫‪“Because her father was the warrior poet al-Muhalhil,‬‬ ‫‪her husband is the great Kulthūm, and her son ʿAmr has‬‬ ‫”‪been the chief of his tribe, Taghlib, since he was fifteen.‬‬ ‫‪The king, curious to test this rumor, summoned Ibn‬‬ ‫‪Kulthūm and his mother Laylā to dinner.‬‬ ‫‪After the main meal, the king called for dessert, and his‬‬ ‫‪mother Hind said to Laylā, “Hand me that dish.” Laylā‬‬ ‫”‪replied, “If you want it, then get it yourself.‬‬ ‫‪Again Hind asked for the dish, insisting that Laylā do‬‬ ‫‪as she was told. This insult was more than Laylā could‬‬ ‫‪bear, and she cried to her son, “Taghlib, help!” Following‬‬ ‫‪the rules of hospitality, all weapons had been put away‬‬ ‫‪before dinner.‬‬ ‫‪Only the king’s own sword was in reach, and Ibn Kulthūm‬‬ ‫‪seized it and cut off King ʿAmr’s head with one stroke.‬‬

‫‪257‬‬


ʿAmr ibn Kulthūm ‫عمرو بن كلثوم‬

The story of the regicide probably has little basis in reality. Ibn Kulthūm left no dīwān or even rudimentary details ofhis life. What little we know comes from his Mu ʿ allaqah, including the link between it and two other Muʿallaqah poets: al-Ḥārith ibn Ḥillizah, with whom Ibn Kulthūm met for tribal disputations, and Ṭarafah ibn al-ʿAbd, who was murdered by King ʿAmr. But these are the best-known anecdotes about Ibn Kulthūm, and they impart something of the intrigue, the pride of kinship, and the shifting fortunes that characterized his epoch. So does another, probably spurious story about how he slowly took his own life by quaffing too much wine—a fitting end given that it was excess drink which first made King ʿAmr curious to test the resolve of Ibn Kulthūm and his mother Laylā.

259

‫ وانتقلــت بعــد ذلــك إىل شــمال الجزيــرة‬،‫ســكنت هــذه القبيلــةُ ِتهامــة‬ ‫ حـ تـى اســتقرت بالعـراق وبــاد‬،‫ـتمرت ف ي� هجـر ٍات متواليــة‬ ّ ‫ واسـ‬،‫العربيــة‬ ‫ت‬ .‫ـى قاعدتهــا الموصــل‬ ‫الشــام فيمــا عــرف بديــار ربيعــة الـ ي‬ ‫الجمحــي ف ي� الطبقــة السادســة مــن فحــول شــعراء‬ ُ ‫ـن سـ ّـام‬ ُ ‫جعلــه ابـ‬ ‫ وكان‬،ً‫ وعـ ّـده أبوعبيــدة أجــود أصحــاب المع َّلقــات واحــدة‬،‫الجاهليــة‬ ّ ‫أي ِح ْلــس‬ ُّ ‫ هلل‬:‫عيــى بــن عمــر يقــول عنــه‬ ُّ ،‫در عمــرو بــن كلثــوم‬ ‫علــم لــو أنــه رغــب فيمــا رغــب‬ ٍ ‫وأي وعــاء‬ ُّ ،)‫شــعر (مــازم للشــعر‬ ٍ ‫أ‬ :‫ وقــال‬.‫ســبعهم‬ ِ ‫ وإن واحدتــه لجــو ُد‬،‫فيــه أصحابــه مــن الشــعر‬ ‫ وقصيــدة عمــرو ف ي� ك ّفــة لمالــت‬،‫لــو ُوضعــت أشــعار العــرب ف ي� ك ّفــة‬ .‫بأك�ث هــا‬ ‫ف‬ ‫ـإن ديوانــه الــذي بـ ي ن‬ �‫ـ‬ ّ ‫ فـ‬،‫ومــع وصــف القدمــاء لــه بالجــودة ي� الشــعر‬ .‫أيدينــا ليــس فيــه إال القليــل مــن الشــعر‬

258


‫عمرو بن كلثوم ‪ʿAmr ibn Kulthūm‬‬

‫َّ‬ ‫المعلقة‬ ‫المع َّلقــة تختلــف ف ي� عــدد أبياتهــا‪ ،‬حيــث بلغــت ف ي� بعــض الروايــات‬ ‫مائــة بيــت‪ ،‬وقــد ش�حــت ش�وحـاً عــدة‪ ،‬مــن أهمهــا ش�ح ابــن أ‬ ‫النبــاري‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ـع� بيت ـاً‪ ،‬وهــو المعتمــد �ف‬ ‫الــذي بلغــت المع َّلقــة فيــه أربعــةً وتسـ ي ن‬ ‫َ ُ ي‬ ‫النبــاري إمــام ف� اللغــة أ‬ ‫هــذا الـ شـرح‪ ،‬فابــن أ‬ ‫والدب‪ ،‬وراويــةٌ حاف ـ ٌظ‬ ‫ٌ ي‬ ‫ثقــةٌ ‪.‬‬ ‫يز‬ ‫عدهــا عــن الغرابــة‬ ‫تتمــر هــذه المع َّلقــة بوضــوح مفرداتهــا‪ ،‬وبُ ِ‬ ‫اللفظيــة الـ تـى ُعــرف بهــا الشــعر الجاهــ�‪ ،‬كمــا تتمـ ي ز‬ ‫ـر بغرابــة ِبنائهــا‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫فهــي تبــدأ بوصــف الخمــرة‪ ،‬ثــم بذكــر رحيــل الصاحبــة ووصــف‬ ‫ظعنهــا‪ ،‬وتتجــه بعــد ذلــك إىل عمــرو بــن هنــد غــرض القصيــدة الــذي‬ ‫قيلــت مــن أجلــه‪.‬‬ ‫هــذا البنــاء دفــع بعــض الباحثـ ي ن‬ ‫أن المع َّلقــةَ قصيدتــان‬ ‫ـ� إىل أن يعتقــد ّ‬ ‫ُجمعتــا ف� قصيــدة واحــدة بســبب مقدمــة القصيــدة الـ تـى تجمــع بـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الحديــث عــن الصاحبــة والخمــرة‪ ،‬وبســبب مالبســات القصيــدة فقــد‬ ‫مختلفت�‪:‬حادثــة الخــاف ي ن‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫جمعــت ف‪ �-‬نظرهــم‪ -‬ي ن‬ ‫بــ�‬ ‫حادثتــ�‬ ‫بــ�‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫بكــر وتغلــب والصلــح بينهمــا ي� مجلــس عمــرو بــن هنــد‪ ،‬وحادثــة‬ ‫قتلــه عمــرو بــن هنــد بســبب إهانتــه أل ّمــه‪.‬‬ ‫فأمــا الخــاف بـ ي ن‬ ‫ـ� بكــر وتغلــب ثــم الصلــح بينهمــا ف ي� مجلــس الملــك‬ ‫عمــرو بــن هنــد‪ ،‬فالقصــة ســببها أن قبيلــة بكــر منعــت بعــض رعــاة‬ ‫ين‬ ‫ســبع� رجــاً‪،‬‬ ‫تغلــب مــن مــورد مــاء فماتــوا عطشــاً‪ ،‬وقــد كانــوا‬ ‫فاجتمعــت تغلــب لتحــارب قبيلــة بكــر‪ ،‬ولكنهــم كرهــوا العــودة‬ ‫إىل الحــرب وقــد ذاقــوا مــن ويالتهــا مــا ذاقــوا‪ ،‬فتحاكمــوا إىل عمــرو‬ ‫ـارث بــن حلــزة‬ ‫بــن هنــد‪ ،‬تف�افــع عــن بكــر بــن وائــل شــاعرهم الحـ ُ‬ ‫ف ي� معلقتــه‪ ،‬وترافــع عــن تغلــب عمــرو بــن كلثــوم‪ ،‬وبعــد أن اســتمع‬ ‫الملــك إىل الشــاعرين حكــم لبكــر عــى تغلــب‪ ،‬لمــا أبــداه الحــارث بــن‬ ‫حلــزة مــن حكمــة ودهــاء وقــدرة عــى اســتمالة الملــك‪ ،‬ومــا أظهــره‬ ‫عمــرو بــن كلثــوم مــن اســتعالء وغطرســة‪ ،‬دفعــت عمــرو بــن هنــد إىل‬ ‫الحقــد عليــه والرغبــة ف ي� إذاللــه‪.‬‬

‫‪260‬‬

‫‪The Poem‬‬ ‫‪Speaking of alcohol, Ibn Kulthūm’s Muʿallaqah begins,‬‬ ‫‪according to Sir William Jones, “with a strain perfectly‬‬ ‫”‪Anacreontic.‬‬ ‫‪The poet celebrates wine and women, describing each‬‬ ‫‪as part of the ideal warrior’s zeal for both combat and‬‬ ‫‪pleasure (lines 1-17), then turns to a very long boast‬‬ ‫‪(fakhr) in which he recalls past victories in war (lines 18‬‬‫‪26) and paints a vivid picture of battle tactics, weapons,‬‬ ‫‪and the fear felt by opponents (lines 27-43).‬‬ ‫‪There follows a section addressed directly to King‬‬

‫‪ʿAmr—“on what account,” the poet asks, “should we be‬‬

‫‪slaves?” He brags about the glorious deeds of ancestors‬‬ ‫‪like the warrior-poet Muhalhil and his brother Kulayb ibn‬‬ ‫‪Rabīʿah (lines 44- 55).‬‬ ‫‪The poet extends his boasting beyond war to include‬‬ ‫‪generosity and just rule, while not stinting on further‬‬ ‫‪description of armor and horses (lines 56-72).‬‬ ‫‪He describes his own tribe of Taghlib as protectors of the‬‬ ‫‪weak and destroyers of the enemy (lines 73-81), and, in a‬‬ ‫‪section that stands out among the muʿallaqāt, he glories‬‬ ‫‪in the tribe’s strong women, who chastise their men for‬‬ ‫‪shirking their duties (lines 82-89).‬‬ ‫‪The last four lines leave an unequivocal threat for any who‬‬ ‫‪dare cross the poet and his tribe, making for a felicitous‬‬ ‫‪end to a poem that is arrogant, full of rhetorical flourish,‬‬ ‫‪and, in the words of James Montgomery, “frenetic to the‬‬ ‫”‪point of demagogism.‬‬

‫‪261‬‬


‫عمرو بن كلثوم ‪ʿAmr ibn Kulthūm‬‬

‫أمــا حادثــة قتلــه الملــك عمــرو بــن هنــد بســبب إهانتــه أل ّمــه‪ ،‬فقــد‬ ‫ذكــر المؤرخــون أن عمــرو بــن هنــد ســأل يوم ـاً بعــض نُدمائــه‪ ،‬هــل‬ ‫تعرفــون مــن تأنــف ُّأمــه مــن خدمــة أمـ ّـي؟ فقالــوا‪ :‬نعــم‪ُّ ،‬أم عمــرو‬ ‫أ‬ ‫وعمهــا كليــب أعــز العــرب‪ ،‬وزوجهــا‬ ‫بــن كلثــوم؛ لن أباهــا ُمهلهــل‪ُّ ،‬‬ ‫كلثــوم بــن مالــك‪.‬‬ ‫فبعــث عمــرو بــن هنــد برســالة إىل عمــرو بــن كلثــوم يطلــب زيارتــه‪،‬‬ ‫عــى أن يصطحــب معــه َّأمــه لزيــارة والــدة الملــك‪ .‬فأقبــل عمــرو بــن‬ ‫كلثــوم ف ي� وفـ ٍـد مــن قومــه‪ ،‬وجــاءت ُّأمــه معــه‪ ،‬وأعـ ّـد عمــرو بــن هنــد‬ ‫للزائريــن حف ـا ً بهيج ـاً‪ ،‬ودعــا وجــوه مملكتــه‪.‬‬ ‫دخــل عمــرو بــن كلثــوم عــى الملــك ف ي� ُرواقــه‪ ،‬ودخلــت والدتــه عــى‬ ‫أم الملــك ف ي� ّقبــة بجــوار الــرواق‪ .‬وكان الملــك قــد أمــر والدتــه أن‬ ‫تُبعــد عنهــا الخــدم إذا جــاء وقــت تنــاول الفاكهــة‪ ،‬ففعلــت ذلــك‪،‬‬ ‫وطلبــت مــن أم عمــرو بــن كلثــوم ‪-‬عــى خــاف عــادات العــرب ف ي�‬ ‫الضيافــة‪ -‬أن تُقـ ِّـد َم لهــا الطبــق‪ :‬فرفضــت ذلــك أم عمــرو بــن كلثــوم‬ ‫ألحــت عليها‪،‬‬ ‫وقالــت لهــا‪ِ :‬لت ُقــم صاحبــةُ الحاجــة إىل حاجتهــا‪ ،‬ولكنهــا ّ‬ ‫فصاحــت‪ :‬وا ُذالّه! يــا لتغلــب! فســمعها ولدهــا عمــرو بــن كلثــوم‪،‬‬ ‫ونظــر إىل وجــه الملــك ففهــم حيلــة الملــك وأنــه أراد إذاللــه وإذالل‬ ‫ـيف مع ّلـ ٍـق بالـ ُّـرواق فـ ضـرب بــه ر َأس عمــرو بــن هنــد‬ ‫أمــه‪ ،‬فقــام إىل سـ ٍ‬ ‫قومــه فنهبــوا محتويــات الــرواق‪ ،‬وســاقوا إبــل الملــك‬ ‫فقتلــه‪ ،‬ونــادى َ‬ ‫معهــم‪ ،‬واتجهــوا إىل الع ـراق‪.‬‬ ‫ـأن المع َّلقــة قصيدتــان ُجمعتــا ف ي� قصيــدة واحــدة أمـ ٌـر‬ ‫لكــن القــول بـ ّ‬ ‫مســتبعد‪ ،‬فقــد أجمــع المؤرخــون أنــه ليــس لــه قصيــدة طويلــة غـ يـر‬ ‫هــذه القصيــدة‪ ،‬وديوانــه الــذي بـ ي ن‬ ‫ـ� أيدينــا دليـ ٌـل قاطــع عــى ذلــك‪،‬‬ ‫فليــس فيــه ســوى قصائــد قليلــة العــدد‪ ،‬ومعــدودة أ‬ ‫البيــات‪ ،‬وبعــض‬ ‫المقطعــات‪.‬‬

‫‪262‬‬


‫عمرو بن كلثوم ‪ʿAmr ibn Kulthūm‬‬

‫والشــكال آ‬ ‫الخــر أن ســبب قــول القصيــدة هــو حادثــة التحكيــم‪ ،‬لكــن‬ ‫إ‬ ‫القصيــدة ال تــدل عــى ذلــك‪ ،‬فالشــاعر يتبـ نـى خطاب ـاً ثوري ـاً عنيف ـاً �ف‬ ‫ي‬ ‫وج�وتــه‪ ،‬يتجــه بــه إىل الملــك‬ ‫مجلــس ملــك مســتبد‪ ،‬عــرف بطغيانــه ب‬ ‫ـا�ة وكأنــه خصمــه الوحيــد‪ ،‬أ‬ ‫مبـ ش‬ ‫المــر الــذي يجعلنــا نتســاءل لمــاذا‬ ‫ـ� عمــرو بــن كلثــوم خالفــه مــع أبنــاء عمومتــه‪ ،‬واتجــه بهجومــه إىل‬ ‫نـ ي‬ ‫عمــرو بــن كلثــوم؟‬ ‫غــر‬ ‫وهــل يُعقــل أن يقــال هــذا ف ي� مجلــس جبــار‬ ‫ّ‬ ‫مســتبد؟ وهــل ي ّ‬ ‫الشــاعر القصيــدة‪ ،‬أو زاد فيهــا‪ ،‬بعــد قتلــه عمــرو بــن كلثــوم؟ فقــد‬ ‫قيــل‪ :‬إنــه ظـ ّـل يزيــد فيهــا حـ تـى بلغــت ألــف بيــت‪ ،‬أم أن التغلبيـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫عبثــوا بروايتهــا؛ فقــد فُتنــوا بهــا ت‬ ‫حــى قــال عنهــا خصومهــم‪ :‬إنهــا‬ ‫ألهتهــم عــن كل مكرمــة‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ف ش‬ ‫الــى ذهــب إليهــا‬ ‫ي� �ح المع َّلقــة ســأتناىس كل هــذه التأويــات ي‬ ‫النبــاري الروايــة أ‬ ‫الدارســون‪ ،‬وأعتمــد روايــة ابــن أ‬ ‫الشــهر‪ ،‬وأنصــت‬ ‫إىل مــا تبــوح بــه كلمــات القصيــدة‪ ،‬فهــي الشــاهد الوحيــد عــى ذلــك‬ ‫تن‬ ‫تن‬ ‫مفاعلــ� فعولــن‪.‬‬ ‫مفاعلــ�‬ ‫العــر‪ .‬والمع َّلقــة مــن البحــر الوافــر‪:‬‬

‫‪264‬‬

‫‪265‬‬


‫عمرو بن كلثوم ‪ʿAmr ibn Kulthūm‬‬

‫المشهد األول‬ ‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬

‫صناعة البهجة‬ ‫ُ ق خُ ُ أ‬ ‫بصحنـ ِـك َ‬ ‫أال ُهـ ب ّ‬ ‫ـــور ال َندرينـــا‬ ‫بـــي �‬ ‫وال ت‬ ‫فاصب ِحينــا‬ ‫ـي‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ُ َ‬ ‫ً‬ ‫خال َطه ــا ِخ‬ ‫شعشـــعة أك َّن ُ‬ ‫احل َّ‬ ‫سين ــا‬ ‫إذا م ــا امل ــاء‬ ‫ـــص يف�ـــا‬ ‫ُم‬ ‫ق‬ ‫ذا�ـــا تّ‬ ‫ـور بــذي ُّاللبانـ ِـة عــن هـ ُ‬ ‫ُ‬ ‫حـــى يلينـــا‬ ‫إذا مـــا‬ ‫ـواه‬ ‫تج�ـ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫عليـــه ملـــاهلِ يف�ـــا ُمينـــا‬ ‫الشحيح إذا أ ِم َّر ْت‬ ‫ت�ى الل ِح َز‬ ‫ِ‬ ‫ُ ّ ً‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫نّ‬ ‫قـــدرة لنـــا ُوم َّقدرينـــا‬ ‫م‬ ‫املنـــا�‬ ‫دركنـــا‬ ‫ي‬ ‫وإ� ســـوف ت ِ‬

‫ف‬ ‫ـتبد‪ ،‬المجــد‬ ‫مع َّلقــة عمــرو بــن كلثــوم رصخــة ثائــر ي� وجــه حاكــم مسـ ّ‬ ‫عنــده للقــوة‪ ،‬ف� مجتمــع متنابــذ ال بقــاء فيــه إال أ‬ ‫للقــوى‪ .‬لذلــك يفتتــح‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ـب مــن نومهــا؛‬ ‫ـى‪ ،‬يدعــو بــه الســاقية أن تهـ ّ‬ ‫القصيــدة بفعــل المــر هـ ب ّ ي‬ ‫لتديــر كــؤوس الخمــر عليــه وعــى أصحابــه‪ ،‬وأال تســتبقي شــيئاً مــن‬ ‫ت‬ ‫ـى يســتمتع بلونهــا قبــل أن يتمتــع بمذاقهــا‪،‬‬ ‫تلــك الخمــرة الشـ ّ‬ ‫ـامية الـ ي‬ ‫ـر الناظريــن‪ .‬تُشـ ُّـع صفــا ًء‪ ،‬وكأنهــا مــن‬ ‫فهــي صف ـراء فاقـ ٌـع لونهــا تـ ّ‬ ‫شــدة صفائهــا قــد خلطــت بنبــات الكركــم أ‬ ‫الصفــر‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫هُ ـ ّبـــي‪ :‬قومــي‪ ،‬الصحــن‪ :‬القــدح‬ ‫الكبـ يـر‪ ،‬اصبحينــا‪ :‬اســقينا الصبــوح‬ ‫ش‬ ‫الــرب ف ي� أول النهــار‪،‬‬ ‫وهــو‬ ‫الأندريــن‪ :‬قريــة ببــاد الشــام‬ ‫اشــتهرت بخمرهــا‪ ،‬مشعشــعة‪:‬‬ ‫ـص‪ :‬هــو الكركــم نبــات‬ ‫صافيــة‪ ،‬الحـ ّ‬ ‫نجبيليــة لــه جــذور‬ ‫ز‬ ‫مــن الفئــة ال‬ ‫ّ‬ ‫صفـراء زكيــة الرائحة‪ ،‬ســخينا‪ :‬حــاراً‪،‬‬ ‫تجــور‪ :‬تبعــد‪ ،‬ذو اللبانــة‪ :‬صاحــب‬ ‫الحاجــة‪ ،‬ي ن‬ ‫يلــ�‪ :‬ينــى حاجتــه‪،‬‬ ‫اللحــز‪ :‬اللئيــم ذو الخلــق ي ئ‬ ‫الســى‪،‬‬ ‫البخيــل‪ :‬الحريــص الشــحيح‪،‬‬ ‫ق‬ ‫ـا�‪ ،‬مهينـاً‪ :‬باذال ً‬ ‫أُمـ ّـرت‪ :‬دار بهــا السـ ي‬ ‫مالــه بســخاء‪ ،‬المنايــا‪ :‬جمــع منيــة‪،‬‬ ‫مقدرينــا‪:‬‬ ‫المنيــة هــي المــوت‪ّ ،‬‬ ‫و ّ‬ ‫مقدريــن لهــا‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪1. Get on up with your bowl, girl! Bring a drink‬‬ ‫ ‬ ‫‪and don’t spare us from Andarī�nā’s wines,‬‬

‫‪2. sparkling wines, as if dyed with saffron pale‬‬ ‫ ‬ ‫!‪when they’re mixed, our largesse can’t be confined‬‬ ‫‪3. It turns the lovestruck man from his lust‬‬ ‫ ‬ ‫‪after he’s drunk, then back to calm constraint.‬‬ ‫‪4. See the pinchfist? When the cup passes by‬‬ ‫ ‬ ‫‪he quickly holds his riches in disdain.‬‬

‫—‪5. The Fates will surely take us by surprise‬‬ ‫ ‬ ‫‪they’ve been foretold for us, and we for them.‬‬

‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـى ألهــت‬ ‫هــذه الخمــرة رافـ ٌـد مــن روافــد القــوة ي� هــذه القصيــدة الـ ي‬ ‫ن‬ ‫ـى تغلــب عــن ّكل مكرمــة كمــا قيــل؛ فهــي تــرف الرجــل عــن حاجته‪،‬‬ ‫بـ ي‬ ‫فتحولــه مــن رجــل سـ ي ئ‬ ‫ـى الخلق‪،‬‬ ‫وتُنســيه مطالبــه‪ ،‬وتط ّهــره مــن أردانــه‪ّ ،‬‬ ‫طيــب المعـ شـر‪ ،‬ومــن بخيـ ٍـل ُمقـ ت ّـر إىل كريــم‬ ‫إىل رجــل سـ ْـمح النفــس‪ّ ،‬‬ ‫ـن بكريــم مالــه مــن أجــل الحصــول عليهــا‪.‬‬ ‫ـون باللــذة‪ ،‬ال يضـ ّ‬ ‫مفتـ ٍ‬ ‫هــذه القــوة تجعــل منهــا غايــة ليــس بعدهــا غايــة‪ ،‬ولذلــك عليــه أن‬ ‫يغـ َ ف‬ ‫ـوت المكتــوب‬ ‫ـرق ي� لذّ تهــا حـ تـى آخــر قطــرة‪ ،‬فليــس بعدهــا إال المـ ُ‬ ‫عــى الجميــع‪ .‬إن هــذه الخمــرة ال تســلب الشــاعر وقــاره‪ ،‬بــل تحيلــه‬ ‫ـن عــى‬ ‫إىل كائــن مبتهــج بالحيــاة‪ ،‬مولــع بالملــذات‪ ،‬غــارق فيهــا‪ ،‬ال يضـ ّ‬ ‫نفســه بكريــم مالــه‪.‬‬

‫‪266‬‬

‫‪267‬‬


‫عمرو بن كلثوم ‪ʿAmr ibn Kulthūm‬‬

‫مؤلم‬ ‫افتتــاح القصيــدة بالخمــرة يُبطــن أكـ ثـر ممــا يظهــر‪ ،‬فهنــاك واقـ ٌـع ٌ‬ ‫ت‬ ‫ـى تنطــوي عليهــا هــذه‬ ‫يريــد عمــرو بــن كلثــوم مواجهتــه بالقــوة الـ ي‬

‫الخمــرة‪ ،‬فالخمــرة ليســت هروبــاً مــن مواجهــة الواقــع‪ ،‬بــل وســيلة‬

‫تحـ ٍّـد وتغيـ يـر لــه‪ ،‬يبــدأ مــن تغيـ يـر ســلوك الــذات‪ ،‬ونــزع أدرانهــا‪ ،‬توقـاً‬ ‫ـانية‪.‬‬ ‫للحريّــة‪ ،‬وارتقــا ًء بملــذات النفــس إ‬ ‫النسـ ّ‬ ‫فــإذا كان المــوت هــو قــدر الجميــع؛ فــإن القــوة هــي الخيــار الوحيــد‬ ‫للحيــاة‪ .‬وقــد قيــل‪ :‬اطلــب المــوت توهــب لــك الحيــاة‪ ،‬كمــا قيــل ف ي�‬ ‫أمثــال بعــض الشــعوب‪ :‬أ‬ ‫اللــم واللــذة ينامــان ف ي� رسيــر واحــد‪.‬‬

‫‪268‬‬

‫‪7‬‬


‫عمرو بن كلثوم ‪ʿAmr ibn Kulthūm‬‬

‫المشهد الثاني‬ ‫ُ‬ ‫سـلطة الجمال‬ ‫نُ‬ ‫َ‬ ‫نَ‬ ‫‪ِ .6‬ق ـ ف‬ ‫اليقـــن تُ خ‬ ‫ـــر ِك‬ ‫و� ِب� ينـــا‬ ‫ـي قب ــل التف ـ ُّـر ِق ي� َض ِعين ــا‬ ‫خ� ّب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ضْ ً ْ ً‬ ‫َ‬ ‫اليـــك ُ‬ ‫الع ن‬ ‫ّ‬ ‫‪.7‬‬ ‫يـــو�‬ ‫وطعنـــا‬ ‫ـــة � ب�‬ ‫بيـــوم ك ير� ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أقـــر بـــه َم َو ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫لوشــك البـ ن ُ ْ‬ ‫ـت المينا‬ ‫‪ِ .8‬ق�ف ي نسأل ِك هل أحدث ِت َو ْصال‬ ‫ـن أم خنـ ِ‬ ‫ِ ِ يِ‬ ‫َ ْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـون شِ‬ ‫الاك�ين ــا‬ ‫وق ــد ِأمن ــت عي ـ‬ ‫ـاء‬ ‫‪ .9‬تُ� يــك إذا دخلــت عــى خـ ٍ‬ ‫َ َ َ‬ ‫أ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫وامل ن‬ ‫جـــارع ُ‬ ‫تـــو�‬ ‫عـــت ال‬ ‫ـــر‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫مـــاء‬ ‫أد‬ ‫ـــل‬ ‫يط‬ ‫ت� ّب ِ‬ ‫ِ‬ ‫اع ع ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫‪ِ .10‬ذر ي‬ ‫ً‬ ‫ْ ً‬ ‫ْ ً َ‬ ‫ُ ّ‬ ‫مثل ُح ّ‬ ‫الالمس ــينا‬ ‫العاج َرخصا‬ ‫ق‬ ‫‪ .11‬وثد ي�‬ ‫ـف ِ‬ ‫َحص ـ نـا� م ــن أك ـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫ُ‬ ‫تنـــوء ب�ـــا َي ِلينـــا‬ ‫رواد�ـــا‬ ‫‪َ .12‬وم ْتــينَ ي ْلدن ـ ٍـة طال ــت والن ــت‬ ‫ِ‬ ‫ُ ُ​ُ َ ُ ً‬ ‫‪ّ .13‬‬ ‫تذكـ ُ‬ ‫الصبــا واشـ ُ‬ ‫ـرت ِ ّ‬ ‫حول ــا أ ُص ــا ُح ِدين ــا‬ ‫رأي ــت‬ ‫ـتقت ّملــا‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫وأعر َضــت ال� َمـ ُـة ش‬ ‫َ‬ ‫‪.14‬‬ ‫ســـياف ب�يـــدي ُمص ِلتينـــا‬ ‫ك‬ ‫وا� َخـ ّـرت‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫أضلتـــه ّ‬ ‫‪ .15‬ف�ا َو َجدت ْ‬ ‫ـــت احلنينـــا‬ ‫كوجدي أ ُّم َسق ٍب‬ ‫فرج َع ِ‬ ‫ْ‬ ‫‪ .16‬وال ش ْ� َ‬ ‫تســـعة إال جنينـــا‬ ‫هلـــا مـــن‬ ‫طـــاء مل َيـــرت ُ ك شـــقاها‬ ‫ٍ‬ ‫ً َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اليـــوم َر ْه ٌ‬ ‫غـــد ب�ـــا ال تعملينـــا‬ ‫ـــن‬ ‫‪ .17‬وإن غـــدا وإن‬ ‫وبعـــد ٍ‬ ‫كمــا بــدأ الشــاعر الوحــد َة أ‬ ‫الوىل مــن القصيــدة بأمــر الســاقية أن تُديــر‬ ‫ُ‬ ‫الكــؤوس لتصفــو النفــوس‪ ،‬وتــدور الــرؤوس‪ ،‬يأمــر الحبيبــة المســافرة‬ ‫ن‬ ‫يتفرقــا‪ ،‬ويســتعرض بطولتــه‬ ‫أن تتوقــف ب‬ ‫ليخ�هــا الخـ بـر اليقـ يـ� قبــل أن ّ‬ ‫الخارقــة ف ي� يــوم مــن أيــام حــروب تغلــب الكثـ يـرة‪ ،‬ويكشــف لهــا قــوة‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ـى أذاقــوا أعداءهــم‬ ‫القبيلــة وتماســكها‪ ،‬ويــرح لهــا أرسار المعــارك‪ ،‬الـ ي‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫قــرت عيــون‬ ‫فيهــا الهزائــم‪� :‬بــاً بالســيوف‪ ،‬وطعنــاً بالرمــاح‪ ،‬حــى ّ‬ ‫أبنــاء عمومتهــا بهــذا النــر المبـ ي ن‬ ‫ليخ�هــا بمــا فعــل‬ ‫ـ�‪ .‬وكمــا اســتوقفها ب‬ ‫بأعدائــه‪ ،‬طلــب منهــا أن تخـ بـره بمــا فعلــت قُبيــل رحيلهــا‪ ،‬هــل أحدثــت‬ ‫ـ�‪ ،‬أم أنهــا خانــت أ‬ ‫وصــاال بعاشــقها أ‬ ‫المـ ي ن‬ ‫المانــة؟‬ ‫ً‬ ‫ف‬ ‫لغــة اســتعالئية ذُكوريــة تتحــدث‬ ‫مــرة أخــرى ي� ٍ‬ ‫هنــا تتجــى القــوة ّ‬ ‫بضمــر الجمــع‪ ،‬ال تَليــق بعاشــق يُــو ّد ُع معشــوقته‪ ،‬ولكنــه العشــق‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫المحفــوف بالقــوة والمــكاره ي� �يعــة عمــرو بــن كلثــوم‪.‬‬ ‫ين‬ ‫ينقطــع الحــوار ي ن‬ ‫العاشــق� باســتعراض لجســد الصاحبــة‪ ،‬تبــدو‬ ‫بــ�‬ ‫ـ� طويلتـ ي ن‬ ‫فيــه امـرأ ًة ممشــوقةَ القــوام ذات ذراعـ ي ن‬ ‫ـ� كأنهمــا ذراعــا ناقـ ٍـة‬ ‫طويلــة العنــق‪ ،‬خالصـ ِـة البيــاض‪ِ ،‬ب ْكـ ٍـر‪ ،‬ترعــى نبــت الربيــع‪.‬‬

‫‪270‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ف‬ ‫الظعينــة‪ :‬المــرأة ي� الهــودج عــى‬ ‫البعــر‪ ،‬الكريهــة‪ :‬الحــرب‪،‬‬ ‫ظهــر‬ ‫ي‬ ‫وأقــر‬ ‫عمومتــك‪،‬‬ ‫أبنــاء‬ ‫مواليــك‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫بــه مواليــك العيونــا‪ :‬فرحــوا بــه‪،‬‬ ‫ي ن‬ ‫وشــك ي ن‬ ‫والبــ�‪:‬‬ ‫البــ�‪ :‬رسعتــه‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫مــ�‪:‬‬ ‫الــو� بالعهــد‪،‬‬ ‫الفــراق‪ ،‬وال ي‬ ‫يّ‬ ‫أ‬ ‫خــاء‪ :‬خلــوة‪ ،‬الكاشــحون‪ :‬العــداء‪،‬‬ ‫العيطــل‪ :‬الناقــة طويلــة العنــق‪،‬‬ ‫أدمــاء‪ :‬بيضــاء اللــون‪ ،‬تربّعــت‪:‬‬ ‫رعــت وقــت الربيــع‪ ،‬الأجــارع‪:‬‬ ‫الرمليــة‪ ،‬المتــون‪:‬‬ ‫الســهول‬ ‫ّ‬ ‫الجبليــة‪ ،‬الحــق‪ :‬علبــة‬ ‫المرتفعــات‬ ‫ّ‬ ‫تضــع فيهــا المـرأة مســاحيق الزينــة‪،‬‬ ‫ورخــص‪:‬‬ ‫والعــاج‪ :‬عظــم الفيــل‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ـان‪ :‬عفيفــة‪ ،‬والمـ تـ�‪:‬ن‬ ‫وحصـ ٌ‬ ‫ناعــم‪َ ،‬‬ ‫الظهــر‪ ،‬ولدنــة‪ّ :‬لينــة ‪ ،‬روادفهــا‪:‬‬ ‫مؤخرتهــا‪ ،‬تنــوء‪ :‬تنهــض بمشــقة‪،‬‬ ‫بمــا ي ن‬ ‫يــ� المؤخــرة مــن‬ ‫يلــ�‪ :‬مــا ي‬ ‫الصـــبا‪ :‬أيــام اللهــو‬ ‫الجســم‪ِ .‬‬ ‫والشــباب‪ ،‬والحمــول‪ :‬إالبــل‪ ،‬أصال‪:‬‬ ‫وقــت أ‬ ‫الصيــل‪ ،‬حدينــا‪ :‬الحــادي هو‬ ‫ن‬ ‫ـى للإبــل لتــرع ف ي� مشــيها‪،‬‬ ‫الــذي يغـ ّ ي‬ ‫أعرضــت‪ :‬ظهــرت‪ ،‬اليمامــة‪ :‬نجــد‬ ‫ـمخرت‪ :‬ارتفعــت وطالت‪،‬‬ ‫حاليـاً‪ ،‬اشـ ّ‬ ‫أســياف‪ :‬ســيوف‪ ،‬بأيــدي مصلتينــا‪:‬‬ ‫رجــال ســال ي نّ� ســيوفهم‪ ،‬الوجــد‪:‬‬ ‫الحــزن‪ ،‬أم ســقب‪ :‬الناقــة أم‬ ‫رجعــت‪:‬‬ ‫المولــود‪ ،‬أضلّتــه‪ :‬فقدتــه‪ّ ،‬‬ ‫أعــادت‪ ،‬الشــمطاء‪ :‬المـرأة العجــوز‪،‬‬ ‫شــقاها‪ :‬حظهــا السـ ي ئ‬ ‫ـى‪ ،‬إال جنينــا‪:‬‬ ‫ف‬ ‫قــره‪.‬‬ ‫مدفونــاً ي� ب‬

‫‪6. Lady. Stop a while before you leave‬‬ ‫ ‬ ‫‪so you and I can tell the truth in sum‬‬

‫‪7. about a vile day of blows and thrusts‬‬ ‫ ‬ ‫‪that cooled your cousin’s eyes—they say they’ve won.‬‬ ‫‪8. Stop, lady, and we’ll ask if you dropped by‬‬ ‫ ‬ ‫‪only to leave again or hurt a friend.‬‬

‫‪9. She’ll show you—if you find her secretly‬‬ ‫ ‬ ‫—‪And while she’s safe from peeking, hateful foes‬‬ ‫‪10. arms like a long-necked, snowy camel cow‬‬ ‫ ‬ ‫ ‪that fed in sandy tracts and fields of stone‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪11. and two soft breasts, white like an ivory bowl‬‬ ‫ ‬ ‫‪kept safeguarded from any wandering hands‬‬ ‫‪12. and two thighs with a body smooth and long,‬‬ ‫ ‬ ‫‪her rump toiling beneath a weight so grand.‬‬ ‫‪13. My youth! I reminisced with longing when‬‬ ‫ ‬ ‫ ‪I saw her camels driven here by night‬‬

‫‪14. and when I saw Yamāma’sh towns appear‬‬ ‫ ‬ ‫‪shining like blades held by men off to fight.‬‬

‫‪15. My grief’s worse than a camel cow who’s lost‬‬ ‫ ‬ ‫‪her calf, so she returns back crying doomed,‬‬ ‫ ‬ ‫‪16. or a widow, grey-haired, whose terrible luck‬‬ ‫ ‬ ‫‪has left nine sons, not one of them untombed.‬‬ ‫‪17. That’s fate—today, tomorrow, and thereafter‬‬ ‫ ‬ ‫‪are pledged to destinies we do not know.‬‬

‫‪271‬‬


‫عمرو بن كلثوم ‪ʿAmr ibn Kulthūm‬‬

‫كح ّقــي عــاج‪ ،‬لــم تالمســهما‬ ‫فتــاة لهــا نهــدان بــارزان ناعمــان أبيضــان ُ‬ ‫ٌ‬ ‫وأرداف ممتلئــة‪ .‬إنهــا فتنــة‬ ‫كــف ُمالمــس‪ .‬وقامــة فارعــة الطــول‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫مصانــةٌ ‪ ،‬وكيــف بثائــر يبحــث عــن الكرامــة‪ ،‬أن يضــع هــذه الفتنــة عــى‬ ‫قارعــة الطريــق؟ إنهــا العــرض الــذي لــن يقبــل المســاس بــه‪ ،‬وسيســقط‬ ‫رأس الجبــار المســتبد دون االقـ تـراب مــن حرمــه المصــان‪.‬‬ ‫ئ‬ ‫هــذا ش‬ ‫ـينما� يُعيــد عمــرو بــن كلثــوم إىل صبــاه‪ ،‬فيشــتاق‬ ‫ال�يــط السـ ي‬ ‫إىل أحداثــه‪ ،‬والصاحبــة عــى هودجهــا تعلــن الرحيــل‪ ،‬والحــادي يحــدو‬ ‫النيــاق بأغنيــة الف ـراق أ‬ ‫البــدي‪.‬‬ ‫هنــا تبــدو اليمامــة ســاعة الرحيــل‪ ،‬وكأنهــا الســيوف المســلولة ف ي� أيــدي‬ ‫ـ� أ‬ ‫المحاربـ ي ن‬ ‫الشـ ّـداء‪ ،‬ســاعتها تتضعضــع قــوة عمــرو بــن كلثــوم أمــام‬ ‫ســطوة الفتنــة الذاهبــة‪ُ ،‬فيبــدي حزنــه الشــديد عــى فراقهــا‪ ،‬الــذي ال‬ ‫ف‬ ‫ترجــع حنينها‪،‬‬ ‫ـزن ناقـ ٍـة فقــدت ي‬ ‫يشــبهه حـ ُ‬ ‫صغ�هــا ي� الصحـراء‪ ،‬فظ ّلــت ّ‬ ‫عتيــا‪ ،‬أنجبــت‬ ‫ألمـاً عــى فقــده‪ ،‬وال حـ ُ‬ ‫ـزن امـر ٍأة عجــوز بلغــت مــن الكـ بـر ّ‬ ‫تســعة‪ ،‬فلــم يعــش لهــا منهــم أحــد‪.‬‬ ‫لقــد بــدأ عمــرو بــن كلثــوم ف ي� حديثــه لصاحبتــه عارضــاً ســطوته‬ ‫الذكوريــة‪ ،‬ومســتعرضاً سـ يـرته الذاتيــة ف ي� الحــرب‪ ،‬ولكنــه مــا لبــث وهــو‬ ‫يســتعرض هــذه القــوة أن أحــال القــوة إىل المحبوبــة‪ ،‬فأصبــح هــذا‬ ‫ف‬ ‫الج َمــال‪ .‬وإذا كان قــد فقــد القــوة ف ي� ذاتــه‪ ،‬فقد‬ ‫الفــارس أسـ يـراً ي� حـ ضـرة َ‬ ‫أحالهــا إىل الم ـرأة‪ ،‬ولذلــك بــدأ وكأنــه يســتعطفها بحكمـ ٍـة تطــوي مــن‬ ‫الوجــع أكـ ثـر ممــا تظهــر مــن الوعــي‪ ،‬وهــو أن أ‬ ‫اليــام حبــى بالعجائــب‪.‬‬ ‫إن اســتحضار المــرأة ف ي� ســياق الحــرب وعــروض القــوة ف ي� الشــعر‬ ‫تقليــد مــن تقاليــد الشــعر‪ ،‬لكنهــا هنــا تبــدو مصــدراً مــن‬ ‫الجاهــ�‬ ‫ٌ‬ ‫ي‬ ‫مصــادر القــوة‪ .‬إنهــا قــوة الحيــاة‪ ،‬وقــوة النســب‪ ،‬وقــوة الفــارس‪،‬‬ ‫فالم ـرأة تظهــر ف� ســياق البيــاض‪ ،‬والخصوبــة‪ ،‬وعمــارة أ‬ ‫الرض‪ ،‬وأبّهــة‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫الــى تتضــاءل أمامهــا ســلطة الذكــورة‪ ،‬ولغــة البطــش‬ ‫الجمــال‪ ،‬ي‬ ‫والعنفــوان واالســتعالء‪.‬‬ ‫تخــره‪ ،‬ويســألها وال‬ ‫فيخ�هــا وال ب‬ ‫يســتوقفها ســارداً عليهــا بطوالتــه‪ ،‬ب‬ ‫ن‬ ‫إنســا� رافــض لهــذا الســلوك‪ ،‬ورحيلهــا‬ ‫موقــف‬ ‫تجيبــه‪ .‬إن صمتهــا‬ ‫ٌ‬ ‫ي ٌّ‬ ‫احتجــاج عــى هــذه الثقافــة‪.‬‬ ‫ٌ‬

‫‪272‬‬

‫‪273‬‬


‫عمرو بن كلثوم ‪ʿAmr ibn Kulthūm‬‬

‫المشهد الثالث‬ ‫‪.18‬‬ ‫‪.19‬‬ ‫‪.20‬‬ ‫‪.21‬‬ ‫‪.22‬‬ ‫‪.23‬‬

‫نحن القوة‬

‫ْ‬ ‫هنـــد فـــا تعجـــل علينـــا‬ ‫بأ� ٍ‬ ‫ً‬ ‫أ نّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ـــورد ّ‬ ‫الـــر يا� ِت ِبيضـــا‬ ‫ب�� ن ِ‬ ‫وأ� ٍم لنـــا ُغ ٍّ‬ ‫ـــوال‬ ‫ّي‬ ‫ـــر ِط ٍ‬ ‫ّ ْ شَ‬ ‫ـــر قـــد َت َّو ُج ُ‬ ‫ـــوه‬ ‫وســـي ِد مع ٍ‬ ‫ً‬ ‫خ َ‬ ‫عاكفـــة عليـــه‬ ‫ت�كنـــا‬ ‫اليـــل ِ‬ ‫وقـــد َه َّ‬ ‫ـــر ْت ِك ُب ي ّ‬ ‫احل ِم ّنـــا‬ ‫ِ‬

‫ن نُ خ ّ ْ َ‬ ‫ـــرك اليقينـــا‬ ‫ِ‬ ‫وأنظـــر� � ِب‬ ‫ُ ْ ُ ُ َّ ُ ً‬ ‫ونص ِدرهـــن حـــرا قـــد روينـــا‬ ‫َْ َ‬ ‫َ‬ ‫املل ــك يف� ــا أن ن ِدين ــا‬ ‫عصين ــا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫لك ي�م ُ‬ ‫بتاج ُ‬ ‫املحجرينا‬ ‫امل ِ‬ ‫ي‬ ‫ُم ّقلِ َ‬ ‫ـــد ًة ِأع ّن َت تَ�ـــا ُص ُفـــو�ن‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫وشـــذ ْبنا قتـــادة َمـــن َيلينـــا‬

‫بعــد أن ودع صاحبتــه‪ ،‬ووصــف الظعائــن الراحلــة قبيــل أ‬ ‫الصيــل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وجســد الحبيبــة الفاتنــة‪ ،‬واســتعاد ليــال أ‬ ‫النــس‪ ،‬داهمــه حــزن الفقــد‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ـى ُسـ ّلت مــن‬ ‫ولوعــة الفـراق‪ ،‬والحــت لــه جبــال اليمامــة كالســيوف الـ ي‬ ‫بمــراث الحــرب‪ ،‬الــذي‬ ‫أغمادهــا فبــدت المعــة‪ .‬والصــورة حافلــة ي‬ ‫يمتــح منــه عمــرو بــن كلثــوم معجمــه الشــعري وصــوره‪.‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫أبــو هنــد‪ :‬هــو عمــرو بــن هنــد‪،‬‬ ‫ن‬ ‫بــى تميــم‪،‬‬ ‫المحــرق الــذي ّ‬ ‫ّ‬ ‫حــرق ي‬ ‫صبغــت‬ ‫ـن‪:‬‬ ‫ـ‬ ‫روي‬ ‫ـا‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫ر‬ ‫انتظ‬ ‫ـا‪:‬‬ ‫أنظرنـ‬ ‫ُ‬ ‫ش‬ ‫معــر‪:‬‬ ‫غــر‪ :‬مشــهورة‪،‬‬ ‫بالــدم‪،‬‬ ‫ ‬ ‫ين‬ ‫الالجئــ�‪،‬‬ ‫قــوم‪ ،‬المحجريــن‪:‬‬ ‫عاكفــة‪ :‬مقيمــة‪ ،‬مقلــدة أعنتهــا‪:‬‬ ‫طويــت أرســانها عليهــا‪ ،‬صفونــا‪:‬‬ ‫قائمــة عــى ثــاث قوائــم‪ ،‬هـ ّـرت‪:‬‬ ‫نبحت‪،‬شــذبنا‪ :‬أزلنــا الشــوك منهــا‪،‬‬ ‫القتادشــجر صحــراوي لــه‬ ‫قتــادة‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫أشــواكٌ حــا ّدة‪ ،‬مــن يلينــا‪ :‬يقــرب‬ ‫م ّنــا‪.‬‬

‫‪18. Father of Hind, don’t rush it! Give us time‬‬ ‫ ‬ ‫—‪and we will tell you that it’s truly so‬‬

‫‪19. how we hoist up white banners to the fray‬‬ ‫ ‬ ‫;‪then bring them back all crimson-soaked with blood‬‬ ‫‪20. we’ll tell of glory days splendid and long‬‬ ‫ ‬ ‫ ‪when we defied the king and wouldn’t budge.‬‬

‫‪21. We’ll talk of many tribal chiefs who’re crowned‬‬ ‫ ‬ ‫—‪with glory’s crown, guarding all those who seek‬‬

‫‪22. we killed those chiefs, their horses left nearby‬‬ ‫ ‬ ‫‪with one hoof bent, the reins looped on their necks.‬‬ ‫‪23. The dogs of the tribe snarled at us, and yet‬‬ ‫ ‬ ‫‪we stripped our rival’s weapons off like thorns.‬‬

‫ينــى كل هــذا ويتجــه بحديثــه إىل عمــرو بــن هنــد طالبــاً منــه َّأل‬ ‫يتعجــل بالحكــم عــى قومــه‪ ،‬ويبــدأ ف ي� رسد سـ يـرة الــذات المحاربــة‪،‬‬ ‫ذات التاريــخ الحافــل بالنــر‪ ،‬فهــي تــورد راياتهــا بيضــاء‪ ،‬وتصدرهــا‬ ‫وقــد رويــت مــن دمــاء أ‬ ‫العــداء‪.‬‬ ‫مــرق‪ ،‬ف� العــزة أ‬ ‫وتاريــخ ش‬ ‫والنفــة‪ ،‬ورفــض التبعيــة‬ ‫مجــد حافــل‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ي‬ ‫واالنقيــاد‪ ،‬ض‬ ‫و�ب هامــات الســادة‪ ،‬وتــرك خيولهــم تقــف واجمــة‬ ‫عــى مصارعهــم‪ ،‬وقــد وقفــت عــى قوائــم ثــاث‪ ،‬حزن ـاً عــى ف ـراق‬ ‫فرســانها أ‬ ‫الشــداء‪ ،‬وقــد طويــت أرســانها عليهــا‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ـاط ال ينقطــع‪ ،‬حـ تـى إن كالب الحـ ّـي لــم تعــد تعرفهــم‪،‬‬ ‫إنهــم ي� ربـ ٍ‬ ‫فقــد لبســوا دروعهــم واســتعدوا بأســلحتهم‪ ،‬وكــروا شــوكة عدوهم‪.‬‬

‫‪274‬‬

‫‪275‬‬


‫عمرو بن كلثوم ‪ʿAmr ibn Kulthūm‬‬

‫المشهد الرابع‬ ‫‪.24‬‬ ‫‪.25‬‬ ‫‪.26‬‬ ‫‪.27‬‬ ‫‪.28‬‬ ‫‪.29‬‬ ‫‪.30‬‬ ‫‪.31‬‬ ‫‪.32‬‬ ‫‪.33‬‬ ‫‪.34‬‬ ‫‪.35‬‬ ‫‪.36‬‬ ‫‪.37‬‬ ‫‪.38‬‬ ‫‪.39‬‬ ‫‪.40‬‬ ‫‪.41‬‬ ‫‪.42‬‬ ‫‪.43‬‬

‫رحى الحرب‬

‫ت ُ‬ ‫قـــوم َر ن‬ ‫حـــا�‬ ‫مـــى ننقـــل إىل ٍ‬ ‫ُ َ‬ ‫ق‬ ‫يكـــون ِثفالـــا ش� ي َّ� ســمى‬ ‫ّ‬ ‫غن بعد ّ‬ ‫وإن ّ‬ ‫الض َ‬ ‫غن يبدو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الض ِ‬ ‫َ‬ ‫علــت معـ ٌّـد‬ ‫ِورثنــا املج ــد قــد ِ‬ ‫ن‬ ‫ِ ُ ّ َ‬ ‫احل خ ـ ّـر ْت‬ ‫و� ـ ُـن إذا ع ــاد‬ ‫ي‬ ‫أ ِ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫الع ـ َ‬ ‫داف ـ ُـع ن‬ ‫ـداء ِق ْدم ــا‬ ‫ع� ـ ُـم‬ ‫ن ِ‬ ‫ـاس ّ‬ ‫ُنطاعـ ُـن مــا ت� خا� ّ‬ ‫النـ ُ‬ ‫عنــا‬ ‫ِ‬ ‫خَ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ِب ُس ـ ْـم ٍر م ــن قن ــا ال ـ ي ّ‬ ‫ـ� ل ــد ٍن‬ ‫ِ ًّ‬ ‫ُنش ـ ُّـق ب� ــا ُر َ‬ ‫ـوم ش ــقا‬ ‫ؤوس الق ـ ِ‬ ‫جَ أ‬ ‫ت ُ‬ ‫ـال يف� ــا‬ ‫خ� ــال ج� ـ‬ ‫ـا� البط ـ ِ‬ ‫ف‬ ‫نَ ُ� ُّ‬ ‫ـــز ُر َ ُ‬ ‫ؤوســـم ي�‬ ‫غـــر ِب ّ ٍ�‬ ‫ِي‬ ‫َ‬ ‫أ َّ‬ ‫وف�ـــم‬ ‫كن ســـيوفنا فينـــا ي‬ ‫أك َّن ِث َيابنـــا ّمنـــا ن‬ ‫وم�ـــم‬ ‫ســـناف يٌّ‬ ‫إذا مـــا ي َّ‬ ‫ح‬ ‫ع ب� إل‬ ‫ِ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ـوة َ‬ ‫َ‬ ‫ذات َحـ ٍّـد‬ ‫نص ْبنــا ِمثــل رهـ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تيـــان ي�ون القتـــل جمـــدا‬ ‫ِب ِف ٍ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫النـــاس ك ِه ُ‬ ‫ـــم ج�يعـــا‬ ‫ـــد�‬ ‫ُح ّ ي‬ ‫ِ‬ ‫َ َ‬ ‫ّ‬ ‫عل�ـــم‬ ‫فأمـــا‬ ‫شـــيتنا ي‬ ‫يـــوم خ ِ‬ ‫وأمـــا َ‬ ‫ّ‬ ‫يـــوم ال ن خ� ش‬ ‫عل�ـــم‬ ‫ـــى ي‬ ‫أس مــن بـين ُجـ شَ َ‬ ‫ـم ب ِ ن� بكـ ٍـر‬ ‫ب� ٍ‬ ‫ي‬

‫ف‬ ‫ـاء هل ــا طحين ــا‬ ‫يكون ــوا ي� اللق ـ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ول تُو�ـــا قضاعـــة جأ�عينـــا‬ ‫َ‬ ‫ـرج ال ـ ّـد َاء ّ‬ ‫ـك ي ُ خ‬ ‫و� ـ ُ‬ ‫الدفين ــا‬ ‫علي ـ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫طاعـــن دونـــه ت‬ ‫حـــى يبينـــا‬ ‫ن ِ‬ ‫أ‬ ‫ـاض ن�نـ ُـع مــا يلينــا‬ ‫عــى الحفـ ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫مح ن‬ ‫ـــم مـــا ّ‬ ‫مـــل ن‬ ‫ع� ُ‬ ‫لـــو�‬ ‫و�‬ ‫ُ‬ ‫ونـ ض‬ ‫ـيوف إذا غشــينا‬ ‫ـرب ب�لسـ ِ‬ ‫َ‬ ‫يـــض يعتلينـــا‬ ‫ذوابـــل أو ِب ِب ٍ‬ ‫الر َ‬ ‫نُ خ‬ ‫و� يل�ـــا ّ‬ ‫قـــاب فيختلينـــا‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ماعـــز ي� ت�ينـــا‬ ‫ل‬ ‫ُو ُســـوقا ب�‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫يـــدرون مـــاذا ّيت ن‬ ‫قـــو�‬ ‫�ـــا‬ ‫ٌ أ‬ ‫اريـــق ب�يـــدي العبينـــا‬ ‫خم‬ ‫َ أُ‬ ‫ُ‬ ‫ُخ ِض ب ن‬ ‫ـــوان أو طلينـــا‬ ‫ـــن ِب� ُرج ٍ‬ ‫املش ـ ّـب ِه أن يك ـ ن‬ ‫ـول ُ‬ ‫ـو�‬ ‫م ــن اهل ـ ِ‬ ‫ُ َ​َ ً‬ ‫ّ‬ ‫مافظـــة وكنـــا الســـابقينا‬ ‫ف‬ ‫ـروب جم َّر بين ــا‬ ‫ـيب ي� احل ـ ِ‬ ‫ِوش ـ ٍ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُمقارعـــة ب ين�ـــم عـــن بنينـــا‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫غـــارة ُم ّ‬ ‫تلببينـــا‬ ‫صبـــح‬ ‫ُفن‬ ‫ُ‬ ‫ُ ف‬ ‫ُ‬ ‫ـــح ي� جما ِلســـنا ثبينـــا‬ ‫صب‬ ‫فن ِ‬ ‫ُ‬ ‫واحل ُ‬ ‫الســـولةَ ُ‬ ‫نـــد ُّق بـــه ُّ‬ ‫ـــز نو�‬

‫اســتمر‬ ‫مدمــرة‬ ‫بكــر وتغلــب أبنــاء عمومــة‪ ،‬جــرت بينهمــا حــروب ّ‬ ‫ّ‬ ‫ين‬ ‫أربعــ� عامــاً‪ ،‬بســبب رغبــة كل قبيلــة ف ي� بســط نفوذهــا‬ ‫بعضهــا‬ ‫عــى القبيلــة أ‬ ‫الخــرى‪ ،‬وكان مــن أهــم تلــك الحــروب‪ ،‬حــرب داحــس‬ ‫والغــراء‪ ،‬وحــرب البســوس‪.‬‬ ‫ب‬ ‫ف ي� هــذا المقطــع مــن المع َّلقــة يســتعرض عمــرو بــن كلثــوم قــوة‬ ‫ومصـ ِـدراً‬ ‫ـأ� هنــد‪ُ ،‬‬ ‫قبيلتــه تغلــب عنــد ملــك ّ‬ ‫جبــار‪ ،‬منادي ـاً الملــك بـ ب ي‬

‫‪276‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ت‬ ‫الــى تطحــن‬ ‫الرحــى‪ :‬الصخــرة‬ ‫ي‬ ‫بهــا الحبــوب‪ ،‬ثفالهــا‪ :‬الثفــال‬ ‫خرقــة توضــع تحــت الرحــى حمايــة‬ ‫ين‬ ‫للطحــ�‪ ،‬ســلمى‪ :‬جبــل بحائــل‪،‬‬ ‫لهوتهــا‪ :‬اللهــوة هــي القبضــة مــن‬ ‫الحــب توضــع ف ي� فتحــة الرحــى‪،‬‬ ‫قضاعــة‪ :‬قبيلــة مــن قبائــل العــرب‪،‬‬ ‫ي ن‬ ‫الدفــ�‪:‬‬ ‫الضغــن‪ :‬الحقــد‪ ،‬الــداء‬ ‫المــرض المسـ ت‬ ‫ـت�‪ ،‬معـ ّـد‪ :‬هــو معــد‬ ‫ابــن عدنــان أبــو قضاعــة‪ ،‬يبينــا‪:‬‬ ‫يظهــر ويكــون لنــا‪ ،‬عمــاد‪ :‬العمــود‬ ‫الــذي يقــوم عليــه بيــت الشــعر‪،‬‬ ‫خــرت‪ :‬ســقطت‪ ،‬الأحفــاض‪:‬‬ ‫أ‬ ‫المتعــة‪ ،‬يلينــا‪ :‬يوالينــا أو يحالفنــا‪،‬‬ ‫ين‬ ‫متقدمــ�‪ ،‬نحمــل عنهــم‬ ‫قدمــا‪:‬‬ ‫مــا حملونــا‪ :‬نــؤدي عنهــم الدمــاء‬ ‫والديــات‪ ،‬غشــينا‪ :‬ت‬ ‫اق�بنــا مــن‬ ‫بعضنــا‪ ،‬بســمر‪ :‬رمــاح ســمر‪،‬‬ ‫الخطــي‪ :‬مينــاء بالبحريــن تأتيــه‬ ‫ّ‬ ‫الســفن بالرمــاح مــن الهنــد‪ ،‬لــدن‪:‬‬ ‫لينــة‪ ،‬ذوابــل‪ :‬ذابلــة لكنهــا لــم‬ ‫تجــف‪ ،‬بيــض‪ :‬ســيوف‪ ،‬نخليهــا‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫نقطــع بهــا‪ ،‬الوســوق‪ :‬جمــع وســق‪،‬‬ ‫الوســق مــا يحمــل مــن متــاع عــى‬ ‫البعــر‪ ،‬الأماعــز‪ :‬أ‬ ‫كثــرة‬ ‫الرض‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الحجــارة‪ ،‬نحــز‪ :‬نقطــع‪ ،‬مخاريــق‪:‬‬ ‫قطــع القمــاش المفتولــة يلعــب بهــا‬ ‫الصبيــان‪ ،‬الأرجــوان‪ :‬صبــغ أحمــر‪،‬‬ ‫الســناف‪ :‬إالقــدام‬ ‫عــي‪ :‬عجــز‪ ،‬إ‬ ‫ف� ّالحــرب‪ ،‬الهــول المشــبه‪ :‬أ‬ ‫المــر‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫المخيــف الــذي يعجــز إالنســان عــن‬ ‫اتخــاذ القـرار المناســب فيــه‪ ،‬نصبنا‪:‬‬ ‫حــد‪ :‬كتيبــة مجهــزة‬ ‫أعددنــا‪ ،‬ذات ّ‬ ‫بالســاح‪ ،‬رهــوة‪ :‬جبــل‪ ،‬محافظــة‪:‬‬ ‫حفاظـاً عــى كرامتنــا‪ ،‬حديّــا النــاس‪:‬‬ ‫شأ�ف النــاس وأشــجعهم‪ ،‬مقارعــة‪:‬‬ ‫مواجهــة ف� الحــرب‪ ،‬غــارة متلببـ ي ن‬ ‫ـ�‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫البســ� مالبــس الحــرب اســتعداداً‬ ‫ن‬ ‫لهــا‪ ،‬ثبينــا‪ :‬متفرقـ يـ�‪ ،‬رأس‪ :‬الـرأس‬ ‫الســيد‪ ،‬وال ـرأس يطلــق عــى المفــرد‬ ‫والجمــع‪ ،‬والم ـراد بــه هنــا الجيــش‪،‬‬ ‫بنــو جشــم بــن بكــر‪ :‬بطــن مــن‬ ‫بطــون قبيلــة تغلــب‪ ،‬الســهولة‪:‬‬ ‫الرض الســهلة‪ ،‬والحــزون‪ :‬أ‬ ‫أ‬ ‫الرض‬ ‫القاســية‪.‬‬

‫‪24. When we turn the mill of war onto a clan,‬‬ ‫ ‬ ‫‪in that encounter they are crushed like bones.‬‬ ‫‪25. That millstone’s cushion reaches east of Salmā‬‬ ‫ ‬ ‫ ‪and all of Qudāʿah makes the grain it grinds:‬‬ ‫‪26. it’s true, loathing upon loathing is spread‬‬ ‫ ‬ ‫‪against you, showing us your hidden blights.‬‬

‫‪27. We claim this glory, as father Maʿad knows,‬‬ ‫ ‬ ‫‪and guard it with our spears till all behold.‬‬ ‫‪28. If tent-poles of the tribe are fallen in‬‬ ‫ ‬ ‫‪on furnishings, we shelter their abode.‬‬

‫‪29. Longtime we’ve fought their rivals back and back‬‬ ‫ ‬ ‫‪and bear them all the burdens that they load.‬‬

‫;‪30. When foes stand far away, we launch our spears‬‬ ‫ ‬ ‫‪and when they get up close, we strike with swords.‬‬ ‫‪31. By tawny spears from Khatt, supple and long‬‬ ‫ ‬ ‫—‪or white, refulgent sabers lifted high‬‬

‫‪32. with these we split the heads of warriors true‬‬ ‫ ‬ ‫‪and slit their necks just like grass with a scythe.‬‬ ‫‪33. You might think that the heroes’ skulls were just‬‬ ‫ ‬ ‫;‪a camel’s freight that’s cast upon the rocks‬‬ ‫‪34. we hack their heads off without mercy and‬‬ ‫ ‬ ‫‪they can’t tell how to deal with our attacks.‬‬

‫‪277‬‬


‫عمرو بن كلثوم ‪ʿAmr ibn Kulthūm‬‬

‫أ‬ ‫ت‬ ‫ـى ال‬ ‫لــه عــدداً مــن الوامــر (ال تعجــل ـ أنظرنــا)‪ ،‬ومذ ّكـراً بحروبهــم الـ ي‬ ‫تنتهــي‪ ،‬وكأنــه يقــول للملــك‪ :‬نحــن رجـ ٌ‬ ‫ـال فــوق القانــون‪ ،‬الحــق عندنــا‬ ‫للقــوة‪ ،‬وليســت القــوة للحــق‪.‬‬ ‫ف‬ ‫والرمــاح‪ ،‬وشـ ّـق‬ ‫تغــرق لغــة القصيــدة ي� الـ ّـدم‪ّ ،‬‬ ‫والدمــار‪ ،‬والســيوف‪ّ ،‬‬ ‫الــرؤوس‪ ،‬ض‬ ‫و�ب الرقــاب‪ ،‬وعــروض كتائــب المــوت‪ .‬تمركــ ٌز حــول‬ ‫الــذات‪ ،‬يجعــل مــن تغلــب (نحــن) مركـزاً للقيــم النبيلــة‪ ،‬فهــي مصــدر‬ ‫والــرف‪ ،‬والســيادة‪ ،‬والقيــادة‪ ،‬أ‬ ‫القــوة‪ ،‬والنخــوة‪ ،‬ش‬ ‫والمــر والنهــي‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ـى يرثهــا القــوم‬ ‫وهــي قيـ ٌـم عشــائرية تتمركــز حــول ثقافــة المــوت‪ ،‬الـ ي‬ ‫كاب ـراً عــن كابــر‪ ،‬ف� مجتمــع البقــاء فيــه أ‬ ‫للقــوى‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫تتكاثــر أ‬ ‫الفعــال ف ي� هــذا المقطــع تكاثــراً عجيبــاً‪ ،‬يجعــل مــن تغلــب‬ ‫قــو ًة ال وجــو َد لهــا إال مــع الحركــة‪ ،‬فهــي ف ي� غــار ٍات متصلــة‪ ،‬وحــروب ال‬ ‫ـات مفتوحــةٌ لالجئـ ي ن‬ ‫ـن‬ ‫ـات غارقــة بالدمــاء‪ ،‬ومخيمـ ٌ‬ ‫تنتهــي‪ .‬رايـ ٌ‬ ‫ـ�‪ ،‬وطحـ ٌ‬ ‫ال يتوقــف لجماجــم أ‬ ‫العــداء‪ ،‬وأحقــاد ال تُف ـض ي إال إىل أحقــاد‪.‬‬ ‫يورثهــا الجـ ّـد للحفيــد‪ ،‬فيســعى‬ ‫هــذا المجــد‬ ‫ّ‬ ‫المضمــخ بالــدم ثقافــةٌ ّ‬ ‫ـورة‬ ‫للحفــاظ عليهــا‪ ،‬إ‬ ‫والضافـ ِـة إليهــا‪ ،‬وتتحــول بفعــل الممارســة إىل صـ ٍ‬ ‫ذهنيــة لــدى أ‬ ‫العــداء‪ ،‬يجــب عــى الجميــع العمــل عــى ترســيخها؛‬ ‫لزراعــة الرعــب ف ي� قلوبهــم‪ ،‬والحفــاظ عــى الســيادة والســؤدد‪.‬‬

‫‪35. It’s like our swords, flashing between us all,‬‬ ‫ ‬ ‫ ‪were ribbons tossed about in child’s play,‬‬

‫‪36. or like our clothes and theirs had all been smeared‬‬ ‫ ‬ ‫‪and dyed with purple pigment on that day.‬‬

‫‪37. When they grow all afraid to charge the foe‬‬ ‫ ‬ ‫‪because they shrink from what might come to pass,‬‬ ‫‪38. we dig in like Mount Rahwah, razor-keen,‬‬ ‫ ‬ ‫‪and march out to the front in awful mass‬‬

‫‪39. with boys who think it best to die in war‬‬ ‫ ‬ ‫‪and greybeards battle-hardened long ago:‬‬

‫‪40. a match for all the hosts of men together,‬‬ ‫ ‬ ‫ ‪wagering all their sons against our own.‬‬ ‫ ‬ ‫‪41. Upon the day we worry they shall die,‬‬ ‫ ‬ ‫‪we charge and strike, our loins all girt with steel,‬‬ ‫‪42. but on the day we do not fear for them,‬‬ ‫ ‬ ‫‪our legions meet in council to appeal,‬‬

‫‪43. led by the chiefs of Jusham ibn Bakr‬‬ ‫ ‬ ‫‪with whom we march all over, rough or flat.‬‬

‫أ‬ ‫بالعجــاب والقبــول‪ ،‬فيصبــح المــوت عندهــا‬ ‫ثقافــة تتوارثهــا الجيــال إ‬ ‫مجــد ًا‪ ،‬والحــرب لعبــة‪ ،‬وإذالل النــاس قيمــة نبيلــةً ‪ ،‬ال يتقــارص عنــه إال‬ ‫ـارج عــن النظــام‪.‬‬ ‫الجبنــاء‪ ،‬و ُعرفـاً اجتماعيـاً ال يخالفــه إال خـ ٌ‬

‫‪278‬‬

‫‪279‬‬


‫عمرو بن كلثوم ‪ʿAmr ibn Kulthūm‬‬

‫مــن يق ـرأ هــذا المقطــع مــن المع َّلقــة يجــد قبيلــة تغلــب مشــغولة‬ ‫ـارق ف ي� هــذا العالــم‪ ،‬يمتــح منــه ســمومه‬ ‫بالمــوت‪ ،‬فوعيهــا الجمعـ ُّـي غـ ٌ‬ ‫القاتلــة‪ ،‬فرحــى حروبهــم ال تتوقــف‪ ،‬تطحــن الجماجــم‪ ،‬وتــزرع‬ ‫المدججــة بالــدروع الحصينــة‪،‬‬ ‫وتســر الكتائــب الحربيــة‬ ‫المــوت‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يّ‬ ‫والخــوذات البيــض‪ ،‬والســيوف الالمعــة‪ ،‬والرمــاح اللدنــة‪ ،‬تــدك‬ ‫الســهول والجبــال‪ ،‬بثيابهــا المخضبــة بدمــاء أ‬ ‫العــداء‪ ،‬يشـ تـرك فيهــا‬ ‫شــيب تغلــب المجربــون‪ ،‬وشــبابها المتطلعــون للدفــاع عــن أمجــاد‬ ‫القبيلــة‪ ،‬وهــم ف ي� ربــاط دائــم‪ ،‬كلمــا ســمعوا صيحــة طــاروا إليهــا ف ي�‬ ‫ترســانتهم الحربيــة المدمــرة‪ ،‬وحـ ي ن‬ ‫ـ� تضــع الحــرب أوزارهــا يتكتلــون‬ ‫ف ي� جماعــات صغـ يـرة‪ ،‬تي�قبــون نــداء المنــادي‪ ،‬وصيحــة المســتغيث‪.‬‬ ‫تبــدو تغلــب قــو ًة ال تُقهــر‪ ،‬ولذلــك يقــوم عمــرو بــن كلثــوم بتغييــب‬ ‫العــدو عــن المشــهد‪ ،‬وكأنــه ي ن‬ ‫عــدو ال يؤبــه‬ ‫يغيبــه‪ ،‬يؤكــد أنــه‬ ‫ٌ‬ ‫حــ� ّ‬ ‫ف‬ ‫ـت يهـ ُّـر كمــا تهـ ّـر الــكالب‪ ،‬فلــه القــول‪،‬‬ ‫بــه‪ ،‬فــا يظهــر إال ي� شــطر بيـ ٍ‬ ‫العمومــة الذيــن خــاض‬ ‫ولتغلــب الفعــل‪ ،‬وهــذا غم ـ ٌط لقيمـ ِـة أبنــاء ُ‬ ‫معهــم عمــرو حروب ـاً داميــة‪ ،‬امتــدت أكـ ثـر مــن أربعـ ي ن‬ ‫ـ� عام ـاً‪ ،‬وذاق‬ ‫مــن بطشــهم مــا ذاق‪.‬‬ ‫ئ‬ ‫ـر� الــذي‬ ‫ـتعال� ال يتفــق مــع تقاليــد الشــاعر العـ ب ي‬ ‫هــذا موقـ ٌـف اسـ ي ٌّ‬ ‫ينتصــف لخصمــه قبــل أن يُنصــف نفســه؛ ألن الخصومــة لهــا ش�فهــا‬ ‫ت‬ ‫ـى ال تؤمــن‬ ‫الــذي يحــرص عليــه الشــاعر العـ ب ي‬ ‫ـر�‪ ،‬ولك ّنهــا أنفــة عمــرو الـ ي‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫�ء‪.‬‬ ‫ـى تعصــف بــكل ي‬ ‫بأحـ ٍـد ســواه‪ ،‬وثــورة الكرامــة الـ ي‬

‫‪280‬‬

‫‪13‬‬


‫عمرو بن كلثوم ‪ʿAmr ibn Kulthūm‬‬

‫المشهد الخامس‬ ‫‪.44‬‬ ‫‪.45‬‬ ‫‪.46‬‬ ‫‪.47‬‬ ‫‪.48‬‬ ‫‪.49‬‬ ‫‪.50‬‬

‫أسئلة الحرية‬

‫ب أ� ّي مشـــيئة َ‬ ‫هنـــد‬ ‫معـــرو ب نَ� ٍ‬ ‫أ ِ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫هنـــد‬ ‫ب� ِي‬ ‫ٍ‬ ‫مشـــيئة معـــرو ب� ٍ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫وأوعـــد� رويـــدا‬ ‫تَ�ـــدد�‬ ‫ِ‬ ‫َّ َ‬ ‫ف ــإن قناتن ــا ي� مع ــرو أعي ــت‬ ‫ُ‬ ‫أّ‬ ‫ّ‬ ‫الثقــاف ب�ــا شا�زت‬ ‫إذا عــض ِ‬ ‫َ َ ٌ‬ ‫ّ‬ ‫َعش ــوزنة إذا انقلب ــت أرن ــت‬ ‫ف�ــل ُح ّد َ‬ ‫ثت ف ي� ُجـ شَ َ ن‬ ‫بكر‬ ‫ِ‬ ‫ـم ب ِ� ٍ‬

‫َ‬ ‫قطينـــا‬ ‫نكـــون ِلقي ِلـــم يف�ـــا ِ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُت ُ‬ ‫شـــاة تز‬ ‫و� ِدر ينـــا‬ ‫طيـــع بنـــا الو‬ ‫أُ َ ْ‬ ‫ت ُ‬ ‫مـــى ك ّنـــا ِل ِّمـــك َمق َت ِوينـــا‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫ـداء قبلــك أن تلينــا‬ ‫عــى العـ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫عشـــوز َن ًة َز ن‬ ‫بـــو�‬ ‫وول ت ُ�ـــم‬ ‫ُّ‬ ‫ُ ّ َ‬ ‫امل ِثق ــف والج بين ــا‬ ‫ت ــدق قف ــا‬ ‫أ‬ ‫ف ُ‬ ‫طـــوب ال ّولينـــا‬ ‫بنقـــص ي� خ ِ‬ ‫ٍ‬

‫ســؤال الحريــة هــو الســؤال المركــزي ف ي� المع َّلقــة‪ .‬سـ ٌ‬ ‫ـاعر‬ ‫ـؤال يطرحــه شـ ٌ‬ ‫ض‬ ‫ـرط الحجــارة لقــوة ملكــه‪ ،‬والمحـ ّـرق‬ ‫ثائــر عــى ملــك مسـ ّ‬ ‫ـتبد‪ ،‬ل ّقــب بمـ ّ‬ ‫أ‬ ‫الثـ ن أ‬ ‫ن‬ ‫ـبب تريــد أن نكــون عبيــداً‬ ‫ي‬ ‫ـى تميــم بالنــار‪ .‬لي سـ ٍ‬ ‫ـا�؛ لنــه حـ ّـرق بـ ي‬ ‫ن‬ ‫لــك وقــد خلقنــا أح ـراراً؟ ولمــاذا تطيــع الواشـ يـ� بنــا وتحتقرنــا؟ ونحــن‬ ‫أهــل المجــد والســؤدد‪ ،‬ومـ تـى ك ّنــا عبيــداً أل ّمــك؟‪ ،‬ونحــن أبنــاء قبيلــة‬ ‫الســام ألكلــت النــاس كمــا يذكــر المؤرخــون‪.‬‬ ‫لــو تأخــر إ‬ ‫أســئلة لــم يكــن ينتظــر لهــا عمــرو بــن كلثــوم إجابــة؛ ألن إجابتهــا‬ ‫معلومــة لديــه ســلفاً‪ .‬إنهــا أســئلة اســتنكار واســتهجان وطلــب إقــرار‬ ‫بفســاد الســلطة‪ ،‬ت‬ ‫مــى اســتعبدتم النــاس وقــد ولدتهــم أمهاتهــم‬ ‫ض‬ ‫ـض لالســتعباد‪،‬‬ ‫ر� هللا عنــه‪ ،‬ورفـ ٌ‬ ‫أحـراراً كمــا قــال الخليفــة الفــاروق ي‬ ‫ـكار للغطرســة والجـ بـروت‪ ،‬ولــن يســتطيع أحـ ٌـد أن يمتطــي ظهــرك َّإل‬ ‫وإنـ ٌ‬ ‫إذا انحنيــت لــه كمــا قــال مارتــن لوثــر‪.‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫قيلكــم‪ :‬ملوككــم‪ ،‬قطينــا‪ :‬خدمــا‪،‬‬ ‫الوشــاة‪ :‬النمامــون‪ ،‬تزدرينــا‪:‬‬ ‫تحتقرنــا‪ ،‬مقتويــن‪ :‬خــدم‪ ،‬القنــاة‪:‬‬ ‫العــود الــذي تصنــع منــه الرمــاح‪،‬‬ ‫ويــراد بــه هنــا العزيمــة ت‬ ‫الــى‬ ‫ي‬ ‫لــم تنكــر‪ ،‬الثقــاف‪ :‬الحديــدة‬ ‫ت‬ ‫يعــدل لهــا اعوجــاج الرمــح‪،‬‬ ‫الــى ّ‬ ‫ي‬ ‫اشــمأزت‪ :‬نفــرت‪ ،‬عشــوزنة‪:‬‬ ‫صلبــة‪ ،‬زبونــا‪ :‬مســتعصية‪ ،‬أرنّــت‪:‬‬ ‫تشــج‪ :‬تجــرح‪،‬‬ ‫أظهــرت رنينــاً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫خطــوب الأولينــا‪ :‬أحوالهــم‪.‬‬

‫‪44. On what account, ʿAmr ibn Hind,‬‬ ‫ ‬ ‫?‪should we be slaves to your little king-brats‬‬

‫‪45. On what account, ʿAmr ibn Hind,‬‬ ‫ ‬ ‫?‪do you feed us to blamers and throw shade‬‬ ‫ ‬ ‫!‪46. Threaten us and frighten us—but wait‬‬ ‫ ‬ ‫?‪Since when were we your mother’s serving maids‬‬ ‫‪47. Mark well: before your time, our spears refused‬‬ ‫ ‬ ‫;‪to ease their cruelty on our rushing foes‬‬

‫‪48. our spears, which when they’re bit by other blades,‬‬ ‫ ‬ ‫‪shove back just like a stubborn camel does.‬‬

‫‪49. A stiff camel! When bent, the spear snaps back‬‬ ‫‪ and clank it strikes the straightener’s neck and head.‬‬ ‫‪50. Have you been told that Jusham ibn Bakr‬‬ ‫ ‬ ‫?‪fell short in ancient battles or had fled‬‬

‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـى‬ ‫هنــا يعلــن عمــرو بــن كلثــوم التحــدي‪ ،‬ويبــدأ ي� اســتعراض قوتــه الـ ي‬ ‫ال تقهــر‪ ،‬وقناتــه الـ تـى ال تلـ ي ن‬ ‫ـ�‪ .‬إنهــا قنــاة صلبــة‪ ،‬ترفــض التطويــع‪ ،‬فكل‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫مــن أراد تعديــل اعوجاجهــا‪ ،‬رصخــت ي� وجهــه‪ ،‬و�بــت وجهــه وقفــاه‪.‬‬ ‫ت‬ ‫تمــس‪ ،‬والعــرض الــذي ال‬ ‫هــذه القنــاة رمــ ٌز‬ ‫ٌّ‬ ‫الــى ال ّ‬ ‫شــعري للكرامــة ي‬ ‫يُدنّــس‪ ،‬وهــي كرامــة متوارثــة‪ ،‬وعــرض مصــون‪ ،‬ال مجــال للتفريــط‬ ‫والمســاومة فيــه‪.‬‬

‫‪282‬‬

‫‪283‬‬


‫عمرو بن كلثوم ‪ʿAmr ibn Kulthūm‬‬

‫المشهد السادس‬ ‫‪.51‬‬ ‫‪.52‬‬ ‫‪.53‬‬ ‫‪.54‬‬ ‫‪.55‬‬ ‫‪.56‬‬ ‫‪.57‬‬ ‫‪.58‬‬ ‫‪.59‬‬ ‫‪.60‬‬ ‫‪.61‬‬ ‫‪.62‬‬ ‫‪.63‬‬ ‫‪.64‬‬

‫وراثة المجد‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـيف‬ ‫َو ِرثن ــا جم ــد علقم ــة ب ِ ن� س ـ ٍ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ـــا خ‬ ‫وال ي ُ‬ ‫ورثـــت ُم ِله‬ ‫ـــر منـــه‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ ً ُ‬ ‫ـــا� وكثومـــا ج�يعـــا‬ ‫وعت ب‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وذا الـ ُبـر ِة الــذي ح ِدثــت عنــه‬ ‫ِوم ّنـــا َ ُ‬ ‫الســـاع ُك ٌ‬ ‫قبـــه ّ‬ ‫يـــب‬ ‫ي‬ ‫َ​َ‬ ‫ت‬ ‫بـــل‬ ‫مـــى ِ‬ ‫نعقـــد قرينتنـــا ب� ٍ‬ ‫ً‬ ‫ُون َ‬ ‫وج ـ ُـد ن� ــن ُ ُ‬ ‫أمنع ــم ِذم ــارا‬ ‫َ ُ‬ ‫ن‬ ‫ف َ‬ ‫و� ـ ُـن غ ــداة أ ِوق ـ َـد ي� خ ـ َـز ٍاز‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫و�ـ ُـن احلا ِبســون ِبــذي أراط‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫و�ـــن احلامكـــون إذا أ ِطعنـــا‬ ‫نو� ــن التارك ــون مل ــا َ ِخ‬ ‫سطن ــا‬ ‫أ‬ ‫ُ‬ ‫ال ي َ� ِن نَ‬ ‫وك ّنـــا‬ ‫ـــن إذا التقينـــا‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫فصالـــوا صـــولة فيمـــن ييل�ـــم‬ ‫نّ‬ ‫لســـبا�‬ ‫و�‬ ‫ي‬ ‫ـــاب ب‬ ‫فآبـــوا ب� ِل� ِ‬

‫َ‬ ‫بأ� َح لن ــا ُحص ــون املج ـ ِـد ِدين ــا‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ً‬ ‫زه ـ يـرا نع ـ َـم ذخ ـ َـر الذ ِاخرين ــا‬ ‫َ أ‬ ‫ب�ـــم ِنلنـــا تُ�اث ال كرمينـــا‬ ‫ب ــه نُ� ــى نَو� ــ� ُ‬ ‫امل َلجئين ــا‬ ‫ي‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ـــد إال قـــد ولينـــا‬ ‫فـــأي املج ِ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ـص القرينــا‬ ‫نج�ــذ احلبــل أو ن ِقـ ِ‬ ‫ُ‬ ‫وأوفـــاه إذا عقـــدوا يَ�ينـــا‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ـــد ّ‬ ‫الر ِافدينـــا‬ ‫َرفـــد ن� فـــوق ِرف ِ‬ ‫َ ُّ‬ ‫ّ ةُ‬ ‫ـور ّ‬ ‫ـة خُ‬ ‫ال ـ ُ‬ ‫الد ِر ين ــا‬ ‫ت َس ــف ا ِلج ـ‬ ‫َ‬ ‫ن ُ‬ ‫العازمـــون إذا ُعصينـــا‬ ‫و�ـــن ِ‬ ‫آ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫و� ــن ال ِخ ــذون ِل ــا رضين ــا‬ ‫أ‬ ‫نَ‬ ‫يـــر� بنـــو أبينـــا‬ ‫واكن ال ي‬ ‫ُْ‬ ‫ً‬ ‫وصلنـــا صـــولة فيمـــن َيلينـــا‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫مللـــوك ُمصفدينـــا‬ ‫وأبنـــا ب� ِ‬

‫مضمــخ بالــدم‪ ،‬وكرامتهــم محروســة بتاريــخ مــن‬ ‫مجــد تغلــب‬ ‫ٌ‬ ‫والجــداد‪ ،‬وتركوهــا بيضــاء ناصعــة أ‬ ‫البــاء أ‬ ‫التضحيــات قدمهــا آ‬ ‫للبنــاء‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ـى أكســبت جشــم بــن بكــر وبنيــه‬ ‫والحفــاد‪ ،‬وهــذه الحراســة هــي الـ ي‬ ‫هــذا المجــد الراســخ‪ ،‬والذكــر الخالــد‪ .‬ش� ٌف عظيـ ٌـم مسـ ّـور بــرؤوس‬ ‫الرمــاح وشــفرات الســيوف‪ ،‬وتضحيــات أ‬ ‫البطــال‪.‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫قيلكم‪:‬علقمة بن سيف‪ :‬سيد من‬ ‫سادات تغلب‪ ،‬دينا‪ :‬قهرا‪ ،‬مهلهل‪:‬‬ ‫زه�‪:‬‬ ‫هو مهلهل بن ربيعة خاله‪ ،‬ي‬ ‫زه� بن جشم جده أل ّمه‪ ،‬عتاب‬ ‫هو ي‬ ‫ال�ة‪:‬‬ ‫وكلثوم‪ :‬جده وأبوه‪ ،‬ذو ب‬ ‫سيد من سادات تغلب‪ ،‬الملجئينا‪:‬‬ ‫الالجئون‪ ،‬كليب‪ :‬هو كليب بن وائل‪،‬‬ ‫القرينة‪ :‬الناقة تربط مع ناقة أخرى‬ ‫ف ي� حبل واحد‪ ،‬نجذّ ‪ :‬نقطع‪ ،‬نقص‪:‬‬ ‫ن‬ ‫بمع�‬ ‫نكرس رقبته‪ ،‬ذمار‪ :‬الذمار‬ ‫الذمة والعهد‪ ،‬عقدوا‪ :‬عاهدوا‪،‬‬ ‫أوقد‪ :‬أعلنت الحرب‪ ،‬خزاز‪ :‬يوم من‬ ‫أيام تغلب ف ي� الحرب‪ ،‬الرفد‪ :‬إالعانة‬ ‫والعطاء‪ ،‬حبسنا‪ :‬أوقفنا‪ ،‬ذي أراطى‪:‬‬ ‫اسم مكان‪ ،‬تسف‪ :‬تأكل‪ ،‬الجلة‬ ‫الخور‪ :‬إالبل القوية ذات ب ن‬ ‫الل� الغزيز‪،‬‬ ‫الدرين‪ :‬النبت اليابس‪ ،‬الحاكمون‪:‬‬ ‫المانعون الناس من االشتغال بما ال‬ ‫يعنيهم‪ ،‬ال أ ي ن‬ ‫يمن�‪ :‬أصحاب ي ن‬ ‫اليم�‪،‬‬ ‫الأيرسين‪ :‬أصحاب اليسار‪ ،‬صال‪:‬‬ ‫وثب‪ ،‬النهاب‪ :‬الغنائم‪ ،‬السبايا‪:‬‬ ‫أ‬ ‫الرسى‪.‬‬

‫‪51. We claim the pride of ‘Alqamah ibn Sayf‬‬ ‫ ‬ ‫‪whose courage won us glory’s manor hall,‬‬ ‫‪52. and I, Muhalhil’s heir and better still:‬‬ ‫ ‬ ‫‪Zuhayr, a treasure cherished here by all.‬‬

‫‪53. I claim ‘Attāb and Kulthūm both together‬‬ ‫ ‬ ‫‪by whom we gained the noblemen’s bequest,‬‬ ‫‪54. and Dhū l-Burah whose story you’ve been told,‬‬ ‫ ‬ ‫‪in whom we and all refugees find rest,‬‬ ‫—‪55. and Bold Kulayb before him, one of us‬‬ ‫ ‬ ‫ ?‪what glory is there that we didn’t take‬‬ ‫ ‬ ‫‪56. When we twist up our rivals like a camel,‬‬ ‫ ‬ ‫‪we either break the knot or snap the neck.‬‬ ‫‪57. We shall be found the firmest in our duty‬‬ ‫ ‬ ‫‪and truest to the vow that has been made,‬‬

‫ ‪58. and we who, the day war-fires burned Khazāz,‬‬ ‫ ‬ ‫‪helped our tribe more than the others did,‬‬

‫الرث العظيــم‪ ،‬والتاريــخ المــض ي ء‪ ،‬ال مجــال‬ ‫كرامــة لهــا هــذا إ‬ ‫فيهــا ألنصــاف المواقــف‪ ،‬وال أنصــاف الحلــول‪ ،‬ولذلــك فهــي كرامــة‬ ‫ين‬ ‫والتمكــ�‪.‬‬ ‫موصولــة بالنــر‬ ‫أهلهــا أمنــع النــاس عرضـاً‪ ،‬وأوفاهــم عهــد ًا‪ ،‬وأك�ث هــم رفــداً‪ ،‬وأجلهــم‬ ‫ـاص إىل رشــده‪ ،‬وإذا‬ ‫ســخا ًء‪ ،‬إذا حكمــوا عدلــوا‪ ،‬وإذا ُعصــوا أعــادوا العـ ي‬

‫‪284‬‬

‫‪285‬‬


‫عمرو بن كلثوم ‪ʿAmr ibn Kulthūm‬‬

‫طلبــوا أمـراً نالــوه‪ ،‬وإذا رفضــوا أمـراً لــم يُجـ بـروا عــى قبولــه‪ .‬أصحــاب‬ ‫يــد طــوىل ف ي� اللقــاء والعطــاء‪.‬‬ ‫كرامــة عمــرو بــن كلثــوم بــدأت مــن داخــل البيــت‪ ،‬بحمايــة العــرض‬ ‫ـر�‪ ،‬وتفتحــت‬ ‫الــذي هــو مركــز الـ شـرف‪ ،‬وعاصمــة الكرامــة عنــد العـ ب ي‬ ‫عــى المجتمــع وفــا ًء بالعهــد‪ ،‬وإيثــاراً للرعيــة‪ ،‬وقيــادة للقبيلــة‪،‬‬ ‫وحراســة لقيمهــا‪ ،‬ودفعــاً للمعتــدي‪.‬‬ ‫لقــد أصبحــت هــذه الكرامــة ماركــة مســجلة باســم تغلــب‪ ،‬تعيهــا‬ ‫كل قبائــل العــرب‪ ،‬فــا يجــرؤ أحـ ٌـد عــى التعـ ّـدي عليهــا‪ ،‬وال يقــدر‬ ‫عــى حمــل تبعاتهــا إال أولــو العــزم مــن الكـرام‪ .‬هــذه الكرامــة ترتفــع‬ ‫بتغلــب لمعــال أ‬ ‫المــور‪ ،‬فــإذا التقــوا بأبنــاء عمومتهــم ف ي� معــارك‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫الكرامــة‪ ،‬عــاد الخصــوم بالســبايا والمــوال المنهوبــة‪ ،‬وعــادت تغلــب‬ ‫بالملــوك مقيديــن أ‬ ‫بالغــال‪.‬‬

‫‪59. and we, who helped by keeping to Dhū Arātā‬‬ ‫ ‬ ‫‪till all our milch-herds had to eat dry shoots,‬‬ ‫‪60. and we, who justly rule obedient folk,‬‬ ‫ ‬ ‫‪and we, who justly punish when they revolt,‬‬

‫‪61. and we, who cast aside what roils us,‬‬ ‫ ‬ ‫‪and we, who take the pleasant things we find.‬‬

‫‪62. We held the right flank in the mighty clash,‬‬ ‫ ‬ ‫‪while on the left our brothers stood combined.‬‬

‫‪63. Fiercely those brothers fought the foes who came,‬‬ ‫ ‬ ‫‪and no less so did we our rivals meet.‬‬

‫‪64. Our brothers brought back spoils and captives too‬‬ ‫ ‬ ‫‪and we led kings with chains around their feet.‬‬

‫هــذه االحتفــاء بالكرامــة لــم يكــن ترف ـاً وجداني ـاً يُــروى‪ .‬إنــه تجربــة‬ ‫بال�هــان‪ .‬لقــد أراد عمــرو بــن هنــد اختبــار‬ ‫تحــى‪ ،‬ودعــوى مصحوبــة ب‬ ‫ُ‬ ‫صالبــة هــذه القنــاة‪ ،‬فخــر حياتــه‪ ،‬وهــو الملــك الجبــار‪ ،‬فالكرامــة ال‬ ‫تتج ـزأ‪ ،‬وليســت موضع ـاً الختبــار القــدرات‪ ،‬وتحديــد المواقــف‪.‬‬

‫‪286‬‬

‫‪287‬‬


‫عمرو بن كلثوم ‪ʿAmr ibn Kulthūm‬‬

‫المشهد السابع‬ ‫‪.65‬‬ ‫‪.66‬‬ ‫‪.67‬‬ ‫‪.68‬‬ ‫‪.69‬‬ ‫‪.70‬‬ ‫‪.71‬‬ ‫‪.72‬‬ ‫‪.73‬‬ ‫‪.74‬‬ ‫‪.75‬‬ ‫‪.76‬‬ ‫‪.77‬‬

‫بيان ثوري‬

‫ين‬ ‫بكـــر إليـــم‬ ‫ٍ‬ ‫إليـــم ي� بـــ ي‬ ‫ّ‬ ‫أملـــا تعرفـــوا ّمنـــا ومنـــم‬ ‫َُ‬ ‫البيـ ُ‬ ‫علينــا َ‬ ‫ـض واليلب يال�نـــي‬ ‫ُّ ُّ‬ ‫الص‬ ‫علينـــا ك‬ ‫ســـاب ٍ‬ ‫ِ‬ ‫غة ِد ٍ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫بطال يوما‬ ‫إذا ُو ِضعت عن ال ِ‬ ‫أ َّ ُ نَ ُ َّ ُ ُ‬ ‫تـــون ُغ ْ‬ ‫ـــد ٍر‬ ‫كن متو�ـــن م‬ ‫ت ُ‬ ‫َ‬ ‫ـداة ال ـ ّـروع ُج ـ ْـردٌ‬ ‫ـ‬ ‫غ‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫و� ِم‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫صـــدق‬ ‫ورثناهـــن عـــن بآ� ِء‬ ‫ٍ‬ ‫ـم القبائ ـ ُـل م ــن َمع ــدّ‬ ‫وق ــد َع ـ ِ َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ ُّ‬ ‫أ� نّ‬ ‫بـــل َك ْ‬ ‫ِ‬ ‫�‬ ‫ـــل‬ ‫ح‬ ‫ـــون‬ ‫العاص‬ ‫ب‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫وأ� املا ِنعـــون ِلـــا يلينـــا‬ ‫َ‬ ‫املانعـــون إذا َق َ‬ ‫نّ‬ ‫وأ�‬ ‫ـــد ْر ن�‬ ‫ً‬ ‫نّ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وأ� الشـــاربون‬ ‫املـــاء صفـــوا‬

‫َ‬ ‫أ ّملـــا تعرفـــوا ّمنـــا اليقينـــا‬ ‫ّ‬ ‫يط ِع َّ‬ ‫َ‬ ‫ـــن يو� ت�ينـــا‬ ‫كتائـــب‬ ‫ٌ‬ ‫وأســـياف ُيق َ‬ ‫مـــن وينحنينـــا‬ ‫َ ّ‬ ‫ـاد هل ــا ُغ ُض ـ ن‬ ‫ـو�‬ ‫ت�ى ف ــوق النج ـ ِ‬ ‫رأي ـ َ‬ ‫ـت هل ــا ُجل ـ َ‬ ‫ـوم ُج ـ ن‬ ‫ـو�‬ ‫ـود الق ـ ِ‬ ‫ُ ّ‬ ‫صف قُ�ـــا ّ‬ ‫الـــر ي� ُح إذا جرينـــا‬ ‫ت ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُع ِرفـــن لنـــا نقائـــذ وافتلينـــا‬ ‫ُ ُ‬ ‫ون ِور ث�ـــا إذا ِم ْتنـــا بنينـــا‬ ‫َُ ٌ أ َ‬ ‫ـــب ب�بط ِحهـــا ُبنينـــا‬ ‫إذا قب‬ ‫ّ‬ ‫نّ‬ ‫وأ�‬ ‫الباذلـــون ِ ُل�ج ِتدينـــا‬ ‫ِ‬ ‫ُ َ‬ ‫ـت الج ُ ُفـ ن‬ ‫ـو�‬ ‫إذا مــا ِالبيـ‬ ‫ـض فارقـ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫نّ‬ ‫وأ� ُ‬ ‫امله ِلكـــون إذا أ ِتينـــا‬ ‫ُ َ َ ً‬ ‫َوي ـ ش َ‬ ‫وطين ــا‬ ‫ـر ن� ك ــدرا ِ‬ ‫ـر ُب غ ـ ي‬

‫ت‬ ‫ـى يطلقهــا عمــرو بــن كلثــوم كانــت‬ ‫كل هــذه التحذي ـرات المتعاقبــة الـ ي‬ ‫ر ّداً عــى تهديــدات عمــرو بــن هنــد‪ ،‬ووعيــده‪ ،‬وتحولــت بعــد مقتلــه‬ ‫إىل نشــيد لثــورة إنســان الصحـراء ضــد الطغيــان واالســتبداد الــذي كان‬ ‫عمــرو بــن هنــد رمــزه الخالــد‪.‬‬ ‫خصــم عمــرو بــن كلثــوم هــو عمــرو بــن هنــد الــذي كان ينبغــي أن‬ ‫ينســيه كل خصومــه‪ ،‬فهــو قمــة الهــرم االجتماعــي‪ ،‬ومركــز القــوة الــذي‬ ‫يهابــه كل النــاس‪ ،‬لكــن عمــرو بــن كلثــوم يســتح�ض ف ي� تهديــده للملــك‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫الــى طردتهــا ربيعــة مــن‬ ‫تاريــخ تغلــب ي� رصاعهــا مــع قبيلــة إيــاد‪ ،‬ي‬ ‫جزيــرة العــرب وأجلتهــا إىل الع ـراق‪ ،‬محــذراً ومذك ـراً بكتائــب المــوت‪،‬‬ ‫وحفــات الــدم‪ ،‬ومســتعرضاً ترســانة قبيلتــه العســكرية‪ ،‬مــن الــدروع‬ ‫ت‬ ‫ولونــت أجســاد أصحابهــا‬ ‫الــى أحكــم رسدهــا‪ّ ،‬‬ ‫الحديديــة الســابغة‪ ،‬ي‬ ‫بالســواد مــن ث‬ ‫كــرة لبســها ف ي� معــارك العــزة والكرامــة‪ ،‬وكأن تعرجــات‬ ‫هبــت عليهــا الريــاح‪ ،‬والســيوف الحــداد‪،‬‬ ‫نســيجها طرائــق المــاء إذا ّ‬ ‫أ‬ ‫والخــوذات الالمعــة‪ ،‬والخيــول الجــرد المخلصــة مــن أيــادي العــداء‪،‬‬ ‫البــاء‪ ،‬وســيورثونها أ‬ ‫الـ تـى ورثهــا آ‬ ‫البنــاء‪ ،‬فالخـ يـر معقــود بنواصيهــا إىل‬ ‫ي ِ‬ ‫أن تقــوم الســاعة‪.‬‬

‫‪288‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ـن‪ :‬يطعنون بالســيوف‪ ،‬يرتمـ يـ�‪:‬ن‬ ‫يطعـ ّ‬ ‫يرمــون بالســهام‪ ،‬اليلــب‪ :‬جلــد يوضع‬ ‫تحــت خــوذة المقاتــل‪ ،‬البيــض‪:‬‬ ‫الخــوذات‪ ،‬الســابغة‪ :‬الــدرع‪ ،‬الدالص‪:‬‬ ‫القويــة المحكمــة‪ ،‬النجــود‪ :‬حبــال‬ ‫الســيف‪ ،‬غضــون‪ :‬مثنيــة لطولهــا‪،‬‬ ‫جــون‪ :‬ســوداء‪ ،‬متونهــن‪ :‬تدرجــات‬ ‫النســيج‪ ،‬غــدر‪ :‬غــدران المــاء‪ ،‬الجــرد‪:‬‬ ‫قصـ يـرة الشــعر‪ ،‬النقائــذ‪ :‬المأخــوذات‬ ‫مــن أ‬ ‫ي ن‬ ‫افتلــ�‪ :‬فطمــن عــن‬ ‫العــداء‪،‬‬ ‫الرضاعــة‪ ،‬القبــب‪ :‬جمــع قبــة وهــي‬ ‫بنــاء مجــوف مــن الجلــد‪ ،‬العاصمون‪:‬‬ ‫المانعــون‪ ،‬كحــل‪ :‬ســنة شــديدة ‪،‬‬ ‫ـى العطــاء‪ ،‬البيــض‪:‬‬ ‫لمجتدينــا‪ :‬لطالـ ب ي‬ ‫الســيوف‪ ،‬الجفــون‪ :‬أغمــاد الســيوف‪.‬‬

‫—‪65. So watch out, Banū Bakr! Take your guard‬‬ ‫ ‬ ‫?‪haven’t you figured out yet who we are‬‬ ‫ ‬ ‫‪66. Do you not know that both your troops and ours‬‬ ‫ ‬ ‫?‪did thrust their swords and shoot bolts in the air‬‬

‫‪67. Helmets we wore, and shields of camel skin‬‬ ‫ ‬ ‫‪Yemenī�-made, and blades both curved and straight‬‬ ‫‪68. and all manner of glossy coats of mail‬‬ ‫ ‬ ‫‪puckered with dimpled folds above the waist‬‬

‫‪69. which, if those champions took them off one day‬‬ ‫ ‬ ‫‪would show their rusty skin as if from wear,‬‬ ‫‪70. like the shimmering coats of mail were a pond‬‬ ‫ ‬ ‫‪rippled by zephyrs blowing here and there‬‬

‫‪71. Our crop-haired steeds do march on frightful days:‬‬ ‫ ‬ ‫‪we’ve known them since the time that they were won,‬‬ ‫‪72. bestowed upon us by our fathers true‬‬ ‫ ‬ ‫‪and which we’ll give, when we die, to our sons.‬‬

‫‪73. Now, all the tribes of Maʿadd surely know‬‬ ‫ ‬ ‫‪when we pitched camp down in the valley-flats‬‬ ‫‪74. that we are guardians in the famine years‬‬ ‫ ‬ ‫‪and benefactors to all those who ask,‬‬

‫‪75. and that we stop those who attack near us‬‬ ‫ ‬ ‫ ‪whenever blades of steel do quit their sheaths.‬‬ ‫ ‬ ‫‪76. We are their staunch defenders when we can‬‬ ‫ ‬ ‫!‪and cruel slayers whenever we’re besieged‬‬ ‫‪77. We drink the purest water, even as‬‬ ‫ ‬ ‫!‪the others always gulp the murky moss‬‬

‫‪289‬‬


‫عمرو بن كلثوم ‪ʿAmr ibn Kulthūm‬‬

‫المشهد الثامن‬ ‫‪.78‬‬ ‫‪.79‬‬ ‫‪.80‬‬ ‫‪.81‬‬ ‫‪.82‬‬ ‫‪.83‬‬ ‫‪.84‬‬ ‫‪.85‬‬ ‫‪.86‬‬ ‫‪.87‬‬ ‫‪.88‬‬ ‫‪.89‬‬ ‫‪.90‬‬ ‫‪.91‬‬ ‫‪.92‬‬ ‫‪.93‬‬ ‫‪.94‬‬

‫ضيوف على مائدة الموت‬ ‫تُ‬ ‫ْ ً‬ ‫َ‬ ‫الطم ــاح ّ‬ ‫وجد� ن‬ ‫ّ‬ ‫ْ ين‬ ‫ـــو�‬ ‫ُودع ّيـــا فكيـــف‬ ‫عن ــا‬ ‫أال س ــائل َبــ أي‬ ‫ِ‬ ‫فعجلنـــا القـــرى أن ُ‬ ‫نز� تُ‬ ‫ّ‬ ‫تشـــت ن‬ ‫مو�‬ ‫ضيـــاف ّمنـــا‬ ‫لـــم مـــزنزِ ل ال‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ـرداة َطح ـ ن‬ ‫ُقبي ـ َـل ُّ‬ ‫ـو�‬ ‫الصب ـ ِـح ِم ـ‬ ‫فعجلنـــا ِقـــراك‬ ‫قرينـــاك‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ول تُو�ـــا قضاعـــة جأ�عينـــا‬ ‫ـــد‬ ‫يكـــون ِثفالـــا ش� ي َّ� نج� ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫عـــى ثآ�ر ن� ب ٌ‬ ‫قـــم أو ت� ن‬ ‫نُ� ُ‬ ‫ـــاذر أن ُت ّ َ‬ ‫ـــو�‬ ‫يـــض ِحســـان‬ ‫ِ ِ‬ ‫َ َ َ ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ظعـ ئنُ‬ ‫ـا� مــن بـين جـ ش َ ن‬ ‫ـم حس ــبا ِودين ــا‬ ‫بكر‬ ‫خلط ــن ِب ِ�ي ـ ٍ‬ ‫ـم ب ِ� ٍ‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫كتائـــب ُم ِعلينـــا‬ ‫إذا القـــوا‬ ‫أخ ــذن ع ــى ُبعو ِتل� ـ ّـن هع ــدا‬ ‫َ‬ ‫نً‬ ‫ً‬ ‫ف‬ ‫ُ نَّ‬ ‫احلديـــد ُم ّقرنينـــا‬ ‫وأرسى ي�‬ ‫أبـــدا� َوبيضـــا‬ ‫يســـتل�‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ُ ّ‬ ‫إذا م ــا ُرح ـ َـن ي�ش ـ نَ‬ ‫امك اضطربــت متــون الشـ ِـار بينا‬ ‫ـن ُاهلوي ـ نـى‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫َن ُ‬ ‫لســـمُ‬ ‫ُيق تنَ‬ ‫َ‬ ‫عـــــول َتنا إذا مل ت�نـــــــــــعو�ن‬ ‫بُ‬ ‫ويقلـــن ت‬ ‫ـــن ِجيـــاد�‬ ‫بعده ّ‬ ‫إذا مل نَ� ِمه ّ‬ ‫ـــن فـــا َ‬ ‫ش‬ ‫ـــن وال حيينـــا‬ ‫قينـــا‬ ‫ب‬ ‫لـــي ٍء ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ت�ى منـــه ّ‬ ‫ومــا منـ َـع الظعـ ئن‬ ‫ـا� مثل ض� ٍب‬ ‫ـــواعد اكلق ِلينـــا‬ ‫الس ِ‬ ‫َْ ُ َ ّ َ ْ َ‬ ‫ُ َّ خ َ‬ ‫خسفا‬ ‫إذا ما امللك سام الناس‬ ‫الســـف فينـــا‬ ‫أبينـــا أن ي ِقـــر‬ ‫َ َ‬ ‫ٌ‬ ‫أال ال ي ج� َه َل ْ‬ ‫أحـــد علينـــا‬ ‫ـــن‬ ‫فنجهــل فــوق ج�ـ ِـل الج ِاهلينــا‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ونبط ُش ي ن‬ ‫عل� ــا‬ ‫قادرينا‬ ‫نبطش ِ‬ ‫ح� ِ‬ ‫ِ‬ ‫لن ــا الدني ــا وم ــا أم ــى ي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫و ّ‬ ‫ين‬ ‫ظاملـــن ومـــا ظ ِلنـــا‬ ‫ُبغـــاة‬ ‫لكــــنا ســـنبدأ ظــــاملينا‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ـاق ّ‬ ‫نو� ُ‬ ‫َ‬ ‫عنــا‬ ‫مــ� ن� البحـ َـر حـ تّـى ضـ‬ ‫البحـــر ن�لـــؤه َســـفينا‬ ‫ـــن‬

‫بــادرت تغلــب خصومهــا بحــرب ض�وس‪ ،‬واســتضافتهم بأســنة الرمــاح‬ ‫ت‬ ‫ـى ســتخدش تاريــخ الكرامــة‬ ‫وشــفرات الســيوف‪ ،‬مخافــة الهزيمــة الـ ي‬ ‫ت‬ ‫ـى كانــت مســئولية قبيلــة تغلــب‪ ،‬ومحــور تاريخهــا المجيــد‪.‬‬ ‫الـ ي‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫الط ََّّـمــــاح ودعمي‪:‬هما الطمــاح نمارة‬ ‫بــن إيــاد‪ ،‬و دعمــي بــن إيــاد بــن ن ـزار‪،‬‬ ‫وقــد صــارا ي ن‬ ‫حيــ� مــن أحيــاء إيــاد‪.‬‬ ‫عجلنــا القــرى‪ :‬بادرنــا بالحــرب‪ ،‬مــرداة‬ ‫طحونــا‪ :‬كتيبــة عظيمــة تطحنكــم‬ ‫طحــن الرحــى‪ ،‬الثفــال‪ :‬الخرقــة‬ ‫توضــع تحت الرحــى لحماية الطحـ ي ن‬ ‫ـ�‪،‬‬ ‫اللهــوة‪ :‬القبضــة مــن الحــب‪ ،‬بيــض‬ ‫حســان‪ :‬نســاء جميــات‪ ،‬تقســم أو‬ ‫ـى ف ي� الحــرب‪ ،‬الميســم‪:‬‬ ‫تهــون‪ :‬بالسـ ب ي‬ ‫معلم�‪:‬ن‬ ‫ش‬ ‫الجمال‪ ،‬الحســب‪ :‬الــرف‪،‬‬ ‫ي‬ ‫عليهم عالمات يعرفــون بهــا‪ ،‬الأبدان‪:‬‬ ‫الــدروع‪ ،‬البيــض‪ :‬الخــوذات‪ ،‬ي ن‬ ‫مقرن�‪:‬‬ ‫مصفديــن ف� أ‬ ‫ي ن‬ ‫يمشــ�‬ ‫الغــال‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫مشــيتهن‪،‬‬ ‫الهويــى‪ :‬يتمايلــن ف ي�‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ـارب�‪ :‬الســكارى‪ ،‬يق�‪ :‬يطعمن‪،‬‬ ‫الشـ ي‬ ‫جيادنــا‪ :‬خيولنــا‪ ،‬القلـ ي ن‬ ‫ـ�‪ :‬عــود يلعب‬ ‫بــه الصبيــان‪ ،‬الخســف‪ :‬الظلــم‪.‬‬

‫‪78. Go ask Banū al-Tammāh and Duʿmī� too‬‬ ‫ ‬ ‫?‪about our case: What do you think of us‬‬

‫‪79. You came our way and stayed with us as guests.‬‬ ‫ ‬ ‫‪Swiftly we met you, lest you put us down.‬‬ ‫‪80. Well we received you just before the dawn‬‬ ‫ ‬ ‫ —‪and greet you with a giant grinding stone‬‬ ‫ ‬ ‫‪81. that millstone’s cushion reaches east of Najd‬‬ ‫ ‬ ‫ !‪and all of Qudāʿah makes the grain to press‬‬ ‫‪82. Fair noble ladies follow us in war,‬‬ ‫ ‬ ‫‪them do we shield from insult or duress,‬‬

‫‪83. litter-borne maids from Jusham ibn Bakr‬‬ ‫ ‬ ‫‪who finely mix good breeding and good deeds.‬‬ ‫‪84. They and their husbands struck a solemn vow‬‬ ‫ ‬ ‫‪that if those ladies met with signal squads‬‬

‫‪85. they’d plunder coats of mail and polished blades‬‬ ‫ ‬ ‫‪and captives clapped together with a chain.‬‬

‫ـال‪،‬‬ ‫لقــد قــام بواجــب الضيافــة كتيبــة كثـ يـرة العــدة‪ ،‬ذات تدريــب عـ ٍ‬ ‫تطحــن العــدو طحن ـاً‪ ،‬عــى امتــداد الصح ـراء‪ ،‬مرسحهــا ش� ق ي� نجــد‪،‬‬ ‫وقضاعــة حبهــا المطحــون‪.‬‬ ‫ف ي� هــذا الســياق تظهــر المــرأة مــن جديــد‪ ،‬فالمــرأة جوهــرة تــاج‬ ‫الكرامــة‪ ،‬ومحــور النخــوة ف ي� مع َّلقــة عمــرو بــن كلثــوم؛ لذلــك يخــوض‬

‫‪290‬‬

‫‪291‬‬


‫عمرو بن كلثوم ‪ʿAmr ibn Kulthūm‬‬

‫معركتــه‪ ،‬وقلبــه مع ّلــق بهــذه الجوهــرة النفيســة‪ ،‬والبيضــة المكنونــة‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ـدم لتاريــخ طويــل‬ ‫ـى ال يقبــل المســاس بهــا‪ ،‬لن المســاس بهــا هـ ٌ‬ ‫الـ ي‬ ‫معبــد بالدمــاء والتضحيــات‪.‬‬ ‫ـن عهــداً أ ّلـرا يتولــوا يــوم الزحــف‪،‬‬ ‫لقــد أخــذ نســاء تغلــب عــى أزواجهـ ّ‬ ‫أ‬ ‫وأن يعــودوا برايــات النــر‪ ،‬وســاح العــداء‪ ،‬وأرساهــم المصفّديــن‬ ‫أ‬ ‫بالغــال‪.‬‬ ‫ف ي� هــذا الســياق الدامــي يظهــرن ف ي� عــرض أنثــوي الفــت‪ ،‬يكشــف‬ ‫جماليــات الجســد ومفاتنــه‪ ،‬وبلغــة أنثويّــة ماكــرة‪ ،‬تجمــع بـ ي ن‬ ‫ـ� الحــب‬ ‫ين‬ ‫لســ� أزواجنــا إن لــم‬ ‫والتهديــد‪ ،‬قائــات ألزواجهــن‬ ‫المحاربــ�‪ :‬ت ن ّ‬ ‫الجابــة فع ـا ً ال قــوالً؛ ألن المســألة مســألة وجــود‪،‬‬ ‫تمنعونــا‪ ،‬فتكــون إ‬ ‫فــا معـ نـى للحيــاة بــا كرامــة‪.‬‬ ‫تبــدو المـرأة ف ي� ختــام القصيــدة كمــا ظهــرت ف ي� أولهــا وهــي ف ي� ظعنهــا‪،‬‬ ‫لكنهــا هنــاك راحلــة عاتبــة قلقــة صامتــة ال تجيــب‪ ،‬وهنــا مقيمــة تحفــز‬ ‫للحــرب‪ ،‬وتدفــع للــذود عــن العــرض والكرامــة‪ ،‬وتســتعرض مفاتــن‬ ‫الجســد‪.‬‬ ‫بمصــر عمــرو بــن هنــد الــذي أراد أن‬ ‫بالتذكــر‬ ‫وتختتــم القصيــدة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫يمــس هــذه الكرامــة‪ ،‬فدفــع حياتــه ثمن ـاً لمحاولتــه االنتقــاص منهــا‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ـى ال ينبغــي الجهــل بهــا؛ ألن الجهــل‬ ‫والمســاس بهــا‪ .‬إنهــا الحقيقــة الـ ي‬ ‫بحقيقــة هــذه الكرامــة نتيجتــه المــوت‪ ،‬فالـ شـرف العظيــم ال يســلم‬ ‫ت‬ ‫ـى حرســت‬ ‫إال بالــدم المـراق‪ ،‬والظلــم‪ ،‬والملكيــة المطلقــة‪ ،‬وهــي الـ ي‬ ‫الكرامــة‪ ،‬وحمــت الصحـراء‪ ،‬وانتهــت إىل البحــر الــذي أ‬ ‫ملتــه بالســفن‪،‬‬ ‫فــدان لهــا الكــون كلــه‪.‬‬

‫‪86. When those ladies go out, they go with calm‬‬ ‫ ‬ ‫‪and strolling in their walk like drunken men.‬‬

‫‪87. They feed our horses but say, You are not‬‬ ‫ ‬ ‫!‪our husbands if you don’t keep us from harm‬‬ ‫!‪88. If we defend them not, then let us die‬‬ ‫ ‬ ‫‪nor let us remain after they are gone.‬‬

‫‪89. Nothing will guard them like cutting our foes‬‬ ‫ ‬ ‫‪with cuts that send forearms flying like dolls.‬‬ ‫‪90. Though kings are cruel to their own nation-folk‬‬ ‫ ‬ ‫ ‪we won’t let cruelty slip between our walls.‬‬ ‫ ‬ ‫‪91. Let no one act the fool on us or else‬‬ ‫ ‬ ‫‪we’ll top those foolish folk in all their folly.‬‬

‫‪92. The world and all therein belong to us‬‬ ‫ ‬ ‫‪and when we storm, we storm with awful fury,‬‬

‫‪93. like tyrants though we haven’t yet oppressed,‬‬ ‫ ‬ ‫‪but soon we’ll start to drive with rods and whips.‬‬ ‫‪94. We filled the sea until it held no more‬‬ ‫ ‬ ‫‪then filled it up some more, with all our ships.‬‬

‫إن عمــرو بــن كلثــوم وريــث تاريــخ مجيــد للكرامــة‪ ،‬لكنــه بهذه أ‬ ‫الســئلة‬ ‫الشــائكة الرافضــة لالســتكانة والــذل يؤكــد أن الكرامــة تصنــع وال تورث‪،‬‬ ‫المطا ِلــب بالحريــة لــن يســكت إال إذا حصــل عليهــا؛ ألن الحريــة‬ ‫وأن ُ‬ ‫النســان وأنفاســه‪.‬‬ ‫هــي روح إ‬

‫‪292‬‬

‫‪293‬‬


ʿ Antarah bin Shaddad ‫شداد‬ ّ ‫عنترة بن‬


ʿ Antarah bin Shaddad ‫شداد‬ ّ ‫عنترة بن‬

The Muʿallaqah of ʿAntarah ibn Shaddād Love and War

‫س‬ َ ‫معلَّقة َع ْن ت َ َ�ة بن َش َّد ٍاد‬ ‫الع ْب ِ ي‬ ‫الح ْر ِ ُب‬ َ ‫الح ُّب َو‬ ُ

Introduction and Translation by: Kevin Blankinship

‫مقدمة ش‬ ‫الر َشيد‬ ُّ ‫ عبدهللا بن ُسلَيم‬:‫و�ح‬


ʿ Antarah bin Shaddad ‫شداد‬ ّ ‫عنترة بن‬

Before the dawn of Islam in the 7th century CE, the Arabian Peninsula was rife with turmoil. From the outside, the “great powers” of Rome and Persia fought for dominance; from the inside, Bedouin tribes struggled over territory and resources. Against this tumultuous backdrop, elite fighters on horseback created a warring culture of manly virtue, murūʾah, marked by love of honor and driven by a lust for glory, plunder, revenge, and tribal loyalty. As one scholar put it, “war was effectively a religion.”

This combative ethos is preserved in poetry, the most celebrated art form in Arabic. Perhaps the best-known war poems are by ʿAntarah ibn Shaddād, the son of an Ethiopian slave woman and who fought in the War of Dāḥis between his own clan of ʿAbs and their rivals, Dhubyān. Most of his poems deal with this conflict or with the virtues of martial life. As a young man, ʿAntarah fell in love with his cousin, ʿAblah, but couldn’t marry her due to his slave status until after he’d proven himself in combat. According to legend, his poetry and courage both so impressed ʿAblah's mother that she finally gave consent to marry her daughter.

‫ ف ي� منطقة‬،‫ـارس عــاش ف ي� نجــد‬ َ ‫عنـ تـر ُة بــن شـ ّـداد‬ ٌ ‫ـاعر فـ‬ ٌ ‫ شـ‬،�‫ـ‬ ّ ‫الع ْبـ ي‬ ،‫ ولــد أل ّم ســوداء‬.‫الجــواء‬ ِ ‫ قــرب مدينــة عيــون‬،‫القصيــم اليــوم‬ ‫ ت‬،‫وقومــه‬ ‫حــى أظهــر شــجاعته‬ ُ ‫ فاحتقــره أبــوه‬،‫فجــاء مثلهــا‬ ‫ وأصبــح‬،‫ فصــار عزيــزاً فيهــم‬،‫وبســالته ف ي� بعــض المعــارك‬ ‫فارســهم أ‬ ‫ واش ـ ُت ِهر بحبــه‬،‫ وشــهد حــرب داحــس والغَ ـ بـراء‬،‫الول‬ َ ‫ف‬ ّ‫ تـ ي‬.‫َلع ْبلــة‬ .‫ـى‬ ‫ وهــو تاريــخ تقريـ ب ي‬.‫م‬600 ،‫هـــ‬.‫ ق‬22 ‫ـو� مقتــوال ً نحــو‬ ‫تدخــل‬ ّ ،‫ـب صــار أســطورة شــعبية‬ ّ ‫ولشــهرة عنـ تـرة بالفروســية والحـ‬ ‫ ت ز‬،�‫الشــع‬ ‫فيهــا الخيــال‬ ‫وامــ�ج فيهــا شــعره الحقيقــي بشــعر‬ ‫بي‬ .ً‫فني ـا‬ ّ ‫ كثـ يـر منــه ضعيــف‬،‫مفتعــل‬ �‫ وقــد وضعــه ابــن سـ ّـام ف ي‬،‫وعنـ تـرة معــدود ف ي� فحــول الشــعراء‬ ‫ والموثــوق مــن شــعره‬،‫الطبقــة السادســة مــن شــعراء الجاهليــة‬ ،‫ ور ّقــة‬،ً‫الــذي حققــه محمــد ســعيد مولــوي يحــوي نفَس ـاً عذب ـا‬ .‫مــع تمـ ّـدح ظاهــر بالبطولــة والشــجاعة‬

Today, readers remember ʿAntarah best for his “hanging or suspended ode” Muʿallaqah, which in its own way captures the spirit of pre-Islamic Arabia like the other Muʿallaqāt poets. In ʿAntarah’s case, a second, anonymous epic poem called Sī�rat ʿAntar would later secure his legacy.

299

298


‫شداد ‪ʿ Antarah bin Shaddad‬‬ ‫عنترة بن ّ‬

‫َّ‬ ‫المعلقة‬

‫هــي قصيــدة ميميــة‪ ،‬عــى البحــر الكامــل‪ ،‬مخت َلـ ٌـف ف ي� عــدد أبياتهــا‪،‬‬ ‫ن ف‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫غــر ذلــك‪.‬‬ ‫و� خمســة‬ ‫فقــد ُرويــت ف ي�‬ ‫و� ي‬ ‫ي‬ ‫وســبع�‪ ،‬ي‬ ‫ثمانــ� بيتــاً‪ ،‬ي‬ ‫ف‬ ‫إن أحدهــم ّ ت‬ ‫وعــره ســوا َده‬ ‫وقيــل ي� مناســبة إنشــائها ّ‬ ‫ســب عنــرةَ‪ ،‬ي ّ‬ ‫وســوا َد ّأمــه‪ ،‬فهــاج عنـ تـرةُ‪ ،‬وشــتمه‪ ،‬وأنشــأ قصيدتــه هــذه فاخـراً فيهــا‬ ‫بمــكارم أخالقــه وبطولتــه‪.‬‬

‫ف‬ ‫ـن الــذي أميــل إليــه هــو أن هــذه‬ ‫قيــل ذلــك ي� ســبب إنشــائها‪ ،‬ولكـ ّ‬ ‫القصيــدة الفائقــة الروعــة ال يمكــن أن تكــون نتــاج موقــف ض‬ ‫�‬ ‫َ‬ ‫عــر ي ّ‬ ‫شــى‪ ،‬كان ت‬ ‫يحــس بهــا‪،‬‬ ‫عنــرة‬ ‫واحــد‪ ،‬بــل هــي انفعــاالت ومشــاعر ت ّ‬ ‫ّ‬ ‫ويتأملهــا‪ ،‬فكانــت معانيهــا تختمــر ف ي� ذهنــه‪ ،‬ثــم يصوغهــا‬ ‫ويغالبهــا‪ّ ،‬‬ ‫شــيئاً فشــيئاً‪ ،‬م ّتخــذاً مــن تجاربــه ومشــاهداته وقــوداً لهــا‪ .‬إن القصيدة‬ ‫العظيمــة ال تكــون نتــاج موقــف عابــر كالــذي قيــل فيهــا‪.‬‬ ‫والقصيــدة تتضمــن عــدة أفــكار‪ ،‬وأغــراض‪ ،‬منهــا الغــزل‪ ،‬وبــكاء‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ـى‬ ‫الطــال‪ ،‬والفخــر‪ ،‬ووصــف الحــرب‪ ،‬ووصــف الفــرس‪ .‬والرســالة الـ ي‬ ‫ين‬ ‫والحنــ� والوفــاء‬ ‫الحــب‬ ‫تتضمنهــا القصيــدة ف ي� محوريــن‪ :‬محــور‬ ‫ّ‬ ‫بالعهــد‪ ،‬ومحــور البطولــة‪ ،‬وكالهمــا مــن الشــعور إ ن‬ ‫ـال‪.‬‬ ‫النسـ ي‬ ‫ـا� العـ ي‬ ‫ـ�‪ ،‬أ‬ ‫كب�تـ ي ن‬ ‫ـ� ( ِث ْيمتـ ي ن‬ ‫ويمكــن أن نقــول‪ :‬إنهــا تضمنــت موضوعتـ ي ن‬ ‫الوىل‪:‬‬ ‫ـ�) ي‬

‫موضوعــة الحيــاة (وتمثلهــا المــرأة والخمــر)‪ ،‬والثانيــة‪ :‬موضوعــة‬ ‫المــوت (وتمثلهــا الحــرب)‪ ،‬وفكــرة القصيــدة قائمــة عــى الـراع بـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫الحيــاة والمــوت‪ ،‬والغلبــة ف ي� النهايــة للمــوت‪ .‬المــرأة (عبلــة) هــي‬ ‫الحيــاة الحلــوة الضاحكــة الواعــدة بالنمــاء‪ .‬والحــرب ومــا فيهــا ومــا‬ ‫أ‬ ‫ـتمر ف ي� دورانــه آخــذاً‬ ‫قبلهــا هــي المــوت الــذي يحصــد الرواح‪ ،‬ويسـ ّ‬ ‫الـ ّ‬ ‫ـكل‪.‬‬

‫‪300‬‬

‫‪The Poem‬‬ ‫‪In the words of Sir William Jones, ʿAntarah’s “chief ob‬‬‫‪ject in his [Muʿallaqah] poem was to blazon his own‬‬ ‫‪exploits and achievements.” Written as a qaṣīdah, the‬‬ ‫‪elite genre of classical Arabic poetry, the ode is framed‬‬ ‫‪as a journey that unfolds along a highly conventional‬‬ ‫‪structure, with innovations on a theme. The poet be‬‬‫‪gins by reminiscing at the abandoned desert camp of‬‬ ‫‪his lover, ʿAblah , imagining her and the day that she left‬‬ ‫‪(lines 1-25). This calls the poet back to the present, and‬‬ ‫‪he turns his attention to his camel, describing it using‬‬ ‫‪a flood of images (lines 26-39); animal description is‬‬ ‫‪common in pre-Islamic poetry, but it can be monoto‬‬‫‪nous or jarring to modern readers.‬‬

‫‪He then addresses ʿAblah directly (line 40), and, for‬‬ ‫‪the second half of the poem, demands that she praise‬‬ ‫‪him and his merits—generosity (lines 41-45), horse‬‬‫‪manship (lines 50-51, 74-79), protection of comrades‬‬ ‫‪in war (lines 69-72), and so on. Battle and boasting are‬‬ ‫‪on full display, with graphic descriptions to rival those‬‬ ‫‪of Homer’s Iliad. The final lines (80-85) probably refer‬‬ ‫‪to a real skirmish, in which ʿAntarah, having already‬‬ ‫‪routed three enemies (lines 47-63), claims to have‬‬ ‫‪killed a man named Ḍamḍam, the father of two of his‬‬ ‫‪opponents. The poem ends on the stark image of this‬‬ ‫‪Ḍamḍam’s body left in the desert for the hyenas to pick‬‬ ‫‪apart, a fitting symbol of the horrors of war.‬‬

‫‪301‬‬


‫شداد ‪ʿ Antarah bin Shaddad‬‬ ‫عنترة بن ّ‬

‫المشهد األول‬ ‫ ‬ ‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬ ‫‪.6‬‬ ‫‪.7‬‬

‫ذكرى المحبوبة‬

‫هــل غــادر الشــعر ُاء من ُم َتــ َـر َّد ِم‬ ‫ّ‬ ‫َ َ ْ ةَ‬ ‫تكلم‬ ‫ــواء‬ ‫ي� دار عب‬ ‫ــ� ب� ِجل ِ‬ ‫ي‬ ‫نّأ‬ ‫ُ‬ ‫فوقفـــت يف�ـــا ن� ت‬ ‫قـــي وك�ـــا‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ت ُ ُّ َ ْ ةُ‬ ‫ــواء وأهلنــا‬ ‫و�ــل عب‬ ‫ــ� ب� ِجل ِ‬ ‫ُح ّييـ َ‬ ‫ـت مــن طلــل تقـ َ‬ ‫ـادم هعـ ُـده‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫رض الـز ئا� ي ن� فأصبحت‬ ‫حلــت ب� ِ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َ ْ‬ ‫ً‬ ‫قومــا‬ ‫ُع ِل تُق�ــا َع َرضــا وأقتــل‬

‫َ َ ُّ‬ ‫أم هــل عرفـ َ‬ ‫توه؟‬ ‫ـت‬ ‫الدار بعــد ِ‬ ‫ً َ َ ْ ةَ‬ ‫م�‬ ‫َ ِ​ِ ي‬ ‫وع صباحــا دار عبل واسـ ي‬ ‫أ‬ ‫َ ُ َ َّ‬ ‫ف ـ َـد ٌن لق ـ ض يَ‬ ‫ـي حاج ــة الـ ــمتل ِو ِم‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫بحل ْ‬ ‫ـــز ِن َّ‬ ‫� َ‬ ‫فالـم َتــــث ِل‬ ‫ـــان‬ ‫فالص َّم ِ‬ ‫ث‬ ‫أقـــوى وأقفـــر بعـــد ِ ّأم‬ ‫اهليـــم‬ ‫ِ‬ ‫َ ً‬ ‫َ َ‬ ‫ـرا عـ يَّ‬ ‫ـ� ط ُالبـ ِـك ابنــة خْمـ َـر ِم‬ ‫عـ ِ‬ ‫ََْ‬ ‫َ‬ ‫ٌْ‬ ‫زع َلع ْم ـ ُـر أبي ــك لي ــس بـ ــمز ِع‬

‫ـؤرق َّكل الشــعراء‪ :‬هــل تــرك‬ ‫ابتــدأ عنـ تـرة قصيدتــه بســؤال شــعري يـ ّ‬ ‫عرفــت دار‬ ‫قبــ� مجــاال ً للقــول؟ ثــم ســأل نفســه‪ :‬هــل‬ ‫َ‬ ‫الشــعراء ي‬ ‫ين‬ ‫الســؤال� يكشــف‬ ‫محبوبتــك بعــد أن غلبــك الشــك؟ وهــو بهذيــن‬ ‫ح�تــه الظاهــرة بـ ي ن‬ ‫ـب يريــد أن يص َفــه‪ ،‬ورغبـ ٍـة ف ي� أن يقــول شــيئاً‬ ‫ي‬ ‫ـ� حـ ٍّ‬ ‫جديــداً يالئــم محبوبتــه ويرضيهــا‪ .‬إنــه يبــدأ قصيدتــه بســؤال الشــعر‪،‬‬ ‫ـب‪ ،‬وهمــا متصــان اتصــاال ً وثيقـاً‪ ،‬فالشــعر وقــوده‬ ‫ويثـن ّ ي بســؤال الحـ ّ‬ ‫ـب والحنـ ي ن‬ ‫ـ� الظاه ـران ف ي� هــذا المطلــع‪.‬‬ ‫الحـ ّ‬ ‫ثــم انــرف يخاطــب دار محبوبتــه عبلــة‪ ،‬طالبــاً منهــا أن تتكلــم‬ ‫فتخـ بـره عــن ُســكانها الــذي كانــوا فيهــا‪ ،‬وهــو يقصــد عبلــة وحدهــا‪،‬‬ ‫وس ـ ّلم عليهــا ِ(ع ِمــي صباح ـاً)‪ ،‬ودعــا لهــا بالســامة‪ .‬ثــم قــال‪ :‬إنــه‬ ‫ف‬ ‫ـر شــامخ‪،‬‬ ‫وقــف ناق َتــه ي� هــذه الــدار‪ ،‬وكأن الناقــة مــن ضخامتهــا قـ ٌ‬ ‫والتأمــل والذكــرى‪.‬‬ ‫ليقــض ي مــا تســتحقه دار محبوبتــه مــن المكــث ّ‬ ‫وأخـ بـر أن أهــل عبلــة ف ي� مــكان (هــو الجــواء)‪ ،‬وأن أهلــه هــو ف ي� أماكــن‬ ‫أخــرى يطلبــون الربيــع‪.‬‬ ‫ـى المــكان الــذي وقــف عليــه‪ ،‬فقــال‪ُ :‬حييــت أيهــا الطلــل‬ ‫واســتمر يُ َحـ ي ّ ي‬

‫‪302‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ت‬ ‫ـر ّدم‪ :‬المــكان الــذي يُســتصلح بعــد‬ ‫المـ َ َ‬ ‫خرابــه‪ ،‬والتوهّ ــم‪ :‬الشــكّ ‪ ،‬وع ْبلــة‪:‬‬ ‫اســم المــرأة المخاطبــة‪ ،‬وهــي أيضــاً‬ ‫والجــواء‪ :‬مــكان ف ي� وســط‬ ‫أم الهيثــم‪ِ .‬‬ ‫ن‬ ‫الجــواء‬ ‫عــ�‬ ‫هــو‬ ‫إنــه‬ ‫نجــد‪ ،‬قيــل‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫المعــروف اليــوم ف� القصيــم‪ ،‬و آ‬ ‫الكَــد‬ ‫ي‬ ‫أنــه يُطلــق عــى منطقــة م ّتســعة تشــمل‬ ‫الر َمــة‪ ،‬منهــا‬ ‫عــدة قُــرى‪ ،‬شــمال وادي ّ‬ ‫القرعــاء وعيــون الجـواء‪ِ ،‬وعمــي صباحـاً‪:‬‬ ‫جاهليــة‪ ،‬قيــل‪ :‬أصلهــا‪ :‬انْ َعمــي‪.‬‬ ‫تحيــة‬ ‫ّ‬ ‫وال َفـ َـدن‪ :‬القــر‪ ،‬والمتلـ ِّـوم‪ :‬مــن يُرغم‬ ‫والح ْزن‪ :‬معنــاه ف ي�‬ ‫نفســه عــى الـمـُـكْث‪َ .‬‬ ‫أ‬ ‫الصــل المــكان المرتفــع الغليــظ‪ ،‬وأراد به‬ ‫والص ّمــان‪:‬‬ ‫الص َّمــان‪َّ ،‬‬ ‫موضعـاً قريبـاً مــن َّ‬ ‫هــي الصحــراء المعروفــة اليــوم بهــذا‬ ‫االســم‪ ،‬وهــي ف� ش�ق نجــد بينهــا وبـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫وتمتــد شــماال ً‪ ،‬والمت َثلَّــم‪:‬‬ ‫الحســاء‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الصمــان ال يُعــرف‬ ‫موضــع قريــب مــن ّ‬ ‫مكانــه بالتحديــد ف ي� زمننــا‪ ،‬والطلــل‪ :‬مــا‬ ‫بقــي مــن آثــار النــاس‪ ،‬وأ ْقــوى‪ :‬خــا مــن‬ ‫أهلــه‪ ،‬والزائريــن‪ :‬أ‬ ‫العــداء‪ ،‬و ُعلّقتهــا‬ ‫عرضــاً‪ :‬أحببتهــا مصادفــةً ‪ ،‬والزعــم‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ا ّدعــاء مــا ليــس بصحيــح‪.‬‬

‫?‪Now, have the poets left a rip unsewn‬‬

‫‪1.‬‬

‫;‪Oh tell me, ʿAblah’s home! here in Jiwāʾ‬‬

‫‪2.‬‬

‫?‪And did you see her old haunts, overgrown‬‬

‫ ‬

‫‪good day, peace and good will to ʿAblah's home.‬‬

‫ ‬

‫‪Right there I propped my camel like a fort‬‬

‫ ‪and scratched the itch to pause before I roam.‬‬

‫ ‬

‫‪One time,ʿAblah had settled in Jiwāʾ‬‬

‫‪and we in Hazn, Sammān, Mutathallam.‬‬

‫ ‬

‫;‪Long live you scars of sand, left long ago‬‬

‫ ‪vacant after ʿAblah, Mother of Haytham.‬‬

‫ ‬

‫;‪She joined our foes, who stun with lion’s roar‬‬

‫‪hunting you is hard now, Makhram’s daughter.‬‬

‫ ‬

‫‪no idle boast—I swear—from all the slaughter.‬‬

‫ ‬

‫‪By chance, I loved her while I killed her kin,‬‬

‫‪3.‬‬ ‫‪4.‬‬ ‫‪5.‬‬ ‫‪6.‬‬ ‫‪7.‬‬

‫‪303‬‬


‫شداد ‪ʿ Antarah bin Shaddad‬‬ ‫عنترة بن ّ‬

‫ـى المــكان الــذي وقــف عليــه‪ ،‬فقــال‪ُ :‬حييــت أيهــا الطلــل‬ ‫واســتمر يُ َحـ ي ّ ي‬ ‫القديــم الــذي تغـ ي ّـر بعــد رحيــل عبلــة أم الهيثــم‪ ،‬وهــو بهــذا يظـ ّـل‬ ‫بــ� تــرك المــكان ألنــه مقفــر‪ ،‬ي ن‬ ‫يــراوح ي ن‬ ‫وبــ� البقــاء فيــه والشــعور‬ ‫بأنفــاس محبوبتــه وذكـراه معهــا‪ .‬ثــم يخـ بـر عنهــا بأنهــا صــارت ف ي� أرض‬ ‫العــداء الذيــن ي ـزأرون زئــر أ‬ ‫أ‬ ‫ال ُ ْســد‪ ،‬فأصبــح مــن الصعــب عليــه أن‬ ‫ي‬ ‫يصــل إليهــا‪.‬‬ ‫إن وقــوف ت‬ ‫عنــرة بالمــكان لــم يكــن ســ ّنة شــعريّة عنــد الشــعراء‬ ‫قــدر لــه‬ ‫فحســب‪ ،‬بــل هــو وقــوف عــى أمــل عاثــر‪،‬‬ ‫وحــب لــم يُ ‬ ‫ّ‬ ‫ـات عنـ تـرة مــع عبلــة وأهلهــا‪،‬‬ ‫النجــاح‪ ،‬والمــكان هــو الــذي حــوى ذكريـ ِ‬ ‫فــكان مــن الوفــاء لــه أن يقــف بــه‪.‬‬

‫‪304‬‬


‫شداد ‪ʿ Antarah bin Shaddad‬‬ ‫عنترة بن ّ‬

‫المشهد الثاني‬ ‫البكاء على فراق المحبوبة‬ ‫ ‬ ‫م ـ نّـي َ‬ ‫ـت ف ــا تظ ـ نّـي غ ـ ي َ‬ ‫بـمـ ـ نْ ز‬ ‫ـز ةِل الـ ـ ُـم َح ّب ُ‬ ‫املك ـ َـر ِم‬ ‫ـره‬ ‫‪ .8‬ولق ــد ن ز�ل ـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُبع َن ي ز� ي ن‬ ‫‪ .9‬كي ــف املــز ُار وق ــد ت� ّب ــع أهله ــا‬ ‫يـــم؟‬ ‫تـــن وأهلنـــا ب�لغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫إن كن ــت أزمع ــت الف ـر َاق ن‬ ‫ُز ّم ْ‬ ‫ـــت ُ‬ ‫راكب ُ ُ‬ ‫مظـــم‬ ‫بليـــل‬ ‫ـــم‬ ‫فإ� ــا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪.10‬‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َْ َ‬ ‫َ ُ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ة‬ ‫َّ‬ ‫خ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫الم ِخ ِم‬ ‫اعـــي إال حـــول أه ِلهـــا‬ ‫الد� ِر تسف حب ِ‬ ‫وسط ي‬ ‫‪ .11‬مـــا ر ي‬ ‫أ َْ‬ ‫َ َُ ً‬ ‫ً‬ ‫اب الس ـ ِـم‬ ‫ـان وأربع ــون حلوب ــة‬ ‫‪ .12‬يف� ــا اثنت ـ ِ‬ ‫س ــودا كخافي ـ ِـة الغ ـر ِ‬ ‫ابتــدأ الشــاعر هنــا بمخاطبــة المحبوبــة‪ ،‬مطمئنـاً إياهــا أنهــا ف ي� قلبــه‪،‬‬ ‫مــا تـز ُال محبوبــة‪ ،‬مكرمــة‪ ،‬وراوح بـ ي ن‬ ‫ـ� ضمـ يـر غيــاب وضمـ يـر خطــاب؛‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ـب ي� اللقــاء‪ ،‬فهــو‬ ‫لنــه مدهـ ٌ‬ ‫ـوش خائـ ٌـف مــن الف ـراق المســتمر‪ ،‬وراغـ ٌ‬ ‫إذا غلبــه الخــوف مــن فراقهــا اســتعمل ضمـ يـر الغائبــة (أهلهــا)‪ ،‬وإذا‬ ‫ـت)‪ ،‬وهــو‬ ‫ســيطر عليــه الفــأل بلقائهــا اســتعمل ضمـ يـر المخاطبــة (نزلـ ِ‬ ‫ـ� أ‬ ‫ف� أثنــاء ذلــك يـ تـردد بـ ي ن‬ ‫المريــن‪ ،‬فيســأل نفســه‪ :‬كيــف ألقاهــا وأهلهــا‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ـ� بمــكان آخــر بعيــد عنــه؟ ثــم يراهــا أمامــه وقــد أنــس‬ ‫ي� مــكان وأهـ ي‬ ‫ـت ذلــك‬ ‫ـت عــى الف ـراق فقــد فعلـ ِ‬ ‫ـت عزمـ ِ‬ ‫بخيالهــا فيخاطبهــا‪ :‬إن كنـ ِ‬ ‫مــع أهلــك بالليــل‪ ،‬ف ي� غفلــة النــاس‪.‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫تربّــع‪ :‬نــزل بــأرض فيهــا ربيع أي عشــب‪،‬‬ ‫و ُع َن ي ز�تــان‪ :‬اســم لمواضــع عـ ّـدة‪ ،‬والــذي‬ ‫يبــدو مــن ســياق البيــت أنــه أراد مــا‬ ‫(الضلفعــة) وهــي مــن‬ ‫ســمى اليــوم ّ‬ ‫يُ ّ‬ ‫بــاد القصيــم‪ ،‬والغَ يلــم‪ :‬موضــع ال‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫يُعــرف مكانــه اليـ‬ ‫ـوم‪ ،‬ولكنــه ي� بــاد بـ ي‬ ‫ت‬ ‫ـى كانــت ف ي� منطقــة القصيــم‪،‬‬ ‫عبــس الـ ي‬ ‫أ‬ ‫ـت عليــه‪،‬‬ ‫ـت بالمــر وعزمـ ِ‬ ‫ـت‪ :‬هممـ ِ‬ ‫وأزمعـ ِ‬ ‫أ‬ ‫والح ُمولــة‪:‬‬ ‫وز ُّمــت‪ُ :‬ش ّ‬ ‫ــدت بال ّزمــة‪َ ،‬‬ ‫ت‬ ‫حمل عليهــا‪ ،‬وت َُسـ ّـف‪ :‬تأكل‪،‬‬ ‫ـى يُ َ‬ ‫إالبــل الـ ي‬ ‫حبــه أســود‬ ‫ِ‬ ‫بقــ� ّ‬ ‫والخ ْم ِخــم‪ :‬نبــات ي‬ ‫ف‬ ‫والحلُوبــة‪ :‬الناقــة‬ ‫ينبــت ي� الصحــراء‪َ ،‬‬ ‫ت‬ ‫ـى تُح َلــب‪ ،‬وخافيــة الغـراب‪ :‬الريشــة‬ ‫الـ ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫يــ�‬ ‫الــى تختفــي ي� آخــر جناحــه ممــا ي‬ ‫ي‬ ‫الظهــر‪ ،‬والأســحم‪ :‬الشــديد الســواد‪.‬‬

‫)‪You’ve settled in my heart (make no mistake‬‬

‫‪8.‬‬

‫‪But can we find you in ʿUnayzatayn‬‬

‫‪9.‬‬

‫‪where loved and honored folk can settle in.‬‬

‫ ‬

‫?‪when we’re far off in Ghaylam for the spring‬‬

‫ ‬

‫‪when they packed up the mounts, in dark of night.‬‬

‫ ‬

‫‪and crunching prickly poppy near the site,‬‬

‫ ‬

‫ ‪a raven’s hidden, ancillary plumes.‬‬

‫ ‬

‫‪10. When you resolved to leave, it must have been‬‬ ‫‪11. One thing upset me: pack camels distressed‬‬ ‫‪12. and milch-cows two and forty, black as all‬‬

‫ثــم ينتبــه مــن خيالــه فـ يـرى أرض محبوبتــه خاليــة منهــا ومــن أهلهــا‪،‬‬ ‫فيقــول ف� حــزن وأس‪ ّ :‬ن‬ ‫ت‬ ‫ـب‬ ‫ـى حملتهــا تــأكل حـ ّ‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫روعـ ي أن أرى الناقــة الـ ي‬ ‫ف‬ ‫الخ ْم ِخــم‪ ،‬وهــو نبــات يكــون ي� آخــر الربيــع‪ ،‬فيكــون يابسـاً مؤذنـاً بــأن‬ ‫ِ‬ ‫يرحــل أهلــه عنــه‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ـش خائــف مــن الف ـراق الطويــل‪ ،‬فقــد صـ ّـور نيــاق‬ ‫دهـ ٌ‬ ‫ولن الشــاعر ِ‬ ‫أهلهــا لمــا اســتعدوا للرحيــل ســوداً‪ ،‬والمحبوبــة ف ي� أثنــاء إقامــة أهلهــا‬ ‫ف ي� هــذا المــكان كانــت تُدهــش الشــاعر بوضــوح أســنانها وطيــب‬ ‫رائحتهــا‪ ،‬وجمــال فمهــا‪.‬‬

‫‪306‬‬

‫‪307‬‬


‫شداد ‪ʿ Antarah bin Shaddad‬‬ ‫عنترة بن ّ‬

‫المشهد الثالث‬ ‫صورة المحبوبة‬ ‫ ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ض‬ ‫َ‬ ‫ـــم‬ ‫َعـــذ ٍب ُمق َّبـــه‬ ‫وا�‬ ‫ـروب‬ ‫ـ‬ ‫غ‬ ‫ـذي‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ـتبيك‬ ‫ـ‬ ‫تس‬ ‫إذ‬ ‫ِ‬ ‫‪.13‬‬ ‫لذيـــذ املطع ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ض‬ ‫ـــيمة‬ ‫‪ .14‬وكن‬ ‫الفم‬ ‫جـــر بق ِس ٍ‬ ‫ســبقت عوار�ــا إليــك مــن ِ‬ ‫فـــارة � ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ٌ‬ ‫ً‬ ‫َْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ـــن تَ‬ ‫تضم َ‬ ‫‪ .15‬أو روضـــة أنفـــا ّ‬ ‫الد ْمـ ِـن ليس بـمعــ ِـم‬ ‫نب�ـــا‬ ‫غيــث قليــل ِ‬ ‫ُّ ْ‬ ‫َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫ف�ت‬ ‫ـــر ُح ّ‬ ‫اكلـــدرمه‬ ‫ارة‬ ‫ـــر ٍة‬ ‫كـــن لك قـــر ٍ‬ ‫ِ‬ ‫‪ .16‬جـــادت عليـــه لك ِبك ٍ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫‪ًّ َ .17‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َّ‬ ‫يتـــر ِم‬ ‫املـــاء مل‬ ‫عل�ـــا‬ ‫عشـــي ٍة‬ ‫ـــا� فـــل‬ ‫ســـا وت ْس ب‬ ‫ي ج�ـــري ي‬ ‫َ ً‬ ‫ُ ّ‬ ‫الـم َتـ َرِنــ ِـم‬ ‫ـارب‬ ‫ـارح‬ ‫ـذ� ُب ب�ــا فليــس ببـ‬ ‫‪ .18‬وخــا الـ ب‬ ‫غـ ِـردا كفعـ ِـل الشـ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ن أ َ‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫ْقد َح ُ‬ ‫الـم ِـك ِّب عىل الز� ِد الجــذم‬ ‫‪َ .19‬ه ِزجـــا ي ُ�ـــك ذر َاعـــه بذر ِاعـــه‬ ‫يبــدأ الشــاعر ف ي� هــذا المقطــع بوصــف محبوبتــه‪ ،‬فيذكــر طيــب‬ ‫رائحــة فمهــا‪ ،‬فهــو عنــده كرائحــة عطــر شــديدة التأثـ يـر‪ ،‬تســبق كل‬ ‫رائحــة أخــرى‪ ،‬فتســيطر عــى الشــعور‪ ،‬ثــم ال يـ ض‬ ‫ـر� الشــاعر بتشــبيه‬ ‫واحــد‪ ،‬بــل يضيــف تشــبيهاً آخــر؛ ألنــه مشــغوف بوصــف شــدة تع ّلقــه‬ ‫بالمحبوبــة‪ ،‬فيقــول‪ :‬إن رائحتهــا تشــبه رائحــة أرض معشــبة بعيــدة‬ ‫عــن النــاس لــم يرعهــا أحــد‪ ،‬وذلــك أكـرث‬ ‫لتأث�هــا‪ ،‬ألنهــا تكــون حينئــذ‬ ‫ي‬ ‫نقيــة عذبــة نظيفــة‪.‬‬ ‫ّ‬

‫وهــذه الروضــة أ‬ ‫النُــف ُســقيت بمــاء ســحابة غزيــرة لــم يصحبهــا بـ ْـرد‬ ‫وال ريــح‪ّ ،‬‬ ‫رخيــة لطيفــة‪ ،‬وزاد‬ ‫وكل ذلــك يــؤدي معنــاه الدقيــق؛ فهــي ّ‬ ‫ف‬ ‫أن قــال‪ :‬إن مــاء الســحاب تــرك ّكل حفــرة ي� الروضــة شــبيهة بالدرهــم‬ ‫لصفــاء مائهــا واســتدارتها‪ .‬ولــم يكتــف بذلــك فوصــف اســتمرار‬ ‫ف‬ ‫ـب مائهــا‪ ،‬وأنــه لــم ينقطــع‪ ،‬وهــذا يع ـن ي عنــده أن‬ ‫الســحابة ي� صـ ّ‬ ‫هــذه المــرأة هــي اســتمرار الحيــاة وهــي نقاؤهــا وصفاؤهــا الــذي‬ ‫يبحــث عنــه‪.‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫تســتبيك‪ :‬تأخــذ ّلبــك وتُدهشــك‪،‬‬ ‫والغُ‬ ‫َــرب‪ ،‬وهــي هنــا‬ ‫ــروب‪ :‬جمــع غ ْ‬ ‫حــدود أ‬ ‫الســنان الواضحــة‪ ،‬والفــارة‬ ‫هنــا زجاجــة العطــر‪ ،‬والق َِســيمة‪ُ :‬جونــة‬ ‫العطــر أي الوعــاء الــذي توضــع فيــه‬ ‫قواريــر العطــر‪ ،‬والأُنُــف‪ :‬البعيــدة عــن‬ ‫النــاس فهــي معشــبة خـ ضـراء لــم يرعهــا‬ ‫والد ْمــن‪ :‬جمــع ِد ْمنــة‪ ،‬وهــي‬ ‫أحــد‪ِّ ،‬‬ ‫أرواث أ‬ ‫النعــام‪ ،‬والمعلــم‪ :‬العالمــة‪،‬‬ ‫ــرة الســحابة الغزيــرة‪،‬‬ ‫والبكْــر ُ‬ ‫الح ّ‬ ‫ِ‬ ‫ـرد‪ .‬والقَــرارة‪:‬‬ ‫الخالصــة مــن الريــح والـ ْب‬ ‫ـب‪ ،‬وال َّت ْســكاب‪:‬‬ ‫والسـ ُّ‬ ‫ُ‬ ‫الحفــرة‪َّ ،‬‬ ‫ـح‪ :‬الصـ ُّ‬ ‫ـرم‪ :‬ينقطــع‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ويت‬ ‫‪،‬‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ـ‬ ‫المت‬ ‫ـكاب‬ ‫ـ‬ ‫االنس‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫�ن‬ ‫والشــارب‪ :‬الســكران‪ ،‬والم�نّــم‪ :‬المغ ّ ي‬ ‫بينــه ي ن‬ ‫والهــزج‪ :‬الرسيــع‬ ‫وبــ� نفســه‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫انكــب عــى‬ ‫ــب‪ :‬الــذي‬ ‫الصــوت‪ُ ،‬‬ ‫والم ِك ّ‬ ‫ّ‬ ‫ش‬ ‫غــره‪،‬‬ ‫الــسء‪ ،‬أي اشــتغل بــه عــن ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫وزنْــدة‪ ،‬والول هــو‬ ‫وال ِّزنــاد‪ :‬جمــع َزنْــد َ‬ ‫العــود أ‬ ‫العــى الــذي تُقــدح بــه النــار‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ـا� هــو العــود الســفل‪ ،‬والجــذم‪:‬‬ ‫والثـ ي‬ ‫المقطــوع الــذراع‪ ،‬أو اليــد‪.‬‬

‫‪13. She cages you at once with ivory teeth,‬‬ ‫ ‬ ‫‪sweet to the kiss, a pleasure to consume,‬‬ ‫‪14. She wafts her scent, a merchant’s balmy musk‬‬ ‫ ‬ ‫‪that reaches you before her smiling gaze‬‬

‫;‪15. or virgin fields that rainfall coaxes forth‬‬ ‫ ‬ ‫‪the land is sparsely dunged and hardly grazed,‬‬ ‫‪16. where weeping clouds have kissed it all with drops‬‬ ‫ ‬ ‫‪and silver coinlike pools that flash and gleam‬‬ ‫‪17. deluging and decanting every night,‬‬ ‫ ‬ ‫‪the water runs in one unbroken stream.‬‬

‫‪18. Look here: a fly sits singing endlessly,‬‬ ‫ ‬ ‫‪squeaking like a drunk who wails in tune‬‬

‫!‪19. and scratching leg on leg—out comes its chirp‬‬ ‫ ‬ ‫‪a one-armed man bent over the flintstone.‬‬

‫ولهــذا قــال أيضـاً‪ :‬إن الذبــاب –وربمــا أراد بــه َّكل مــا يدخــل ف ي� اســم‬ ‫ـأن ف ي� هــذه الروضــة المعشــبة البعيــدة‬ ‫الذبــاب كالنحــل وغـ يـره‪ -‬اطمـ ّ‬ ‫أ‬ ‫عــن النــاس‪ ،‬فصــار يهــزج ت‬ ‫وي�نــم‪ ،‬ويحــكّ ذراعــه بذراعــه الخــرى‪،‬‬ ‫ـب عــى زنــاد ليشــعل‬ ‫وشـ ّـبه هيئتــه تلــك بفعــل رجـ ٍـل مقطــوع اليــد مكـ ٍّ‬ ‫النــار‪ .‬وهــذه صــورة أعجبــت النقــاد‪ ،‬ورأوهــا مــن ت‬ ‫اخ�اعــات عنـ تـرة‬ ‫ت‬ ‫ـى لــم يُســبق إليهــا‪ ،‬ولــم يســتطع أحــد تقليــده فيهــا‪.‬‬ ‫الـ ي‬

‫‪308‬‬

‫‪309‬‬


‫شداد ‪ʿ Antarah bin Shaddad‬‬ ‫عنترة بن ّ‬

‫المشهد الرابع‬ ‫الوجهان المتناقضان‬ ‫ ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ُ‬ ‫فـــوق َس ِاة َ َ ُ ْ َ‬ ‫وأبيـــت‬ ‫ـ� وتصبـ ُـح فــوق ظ�ـ ِـر َح ِشـ َّـي ٍة‬ ‫ـــم‬ ‫أده ملج ِ‬ ‫‪� .20‬ـ ي‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫‪َ .21‬‬ ‫وح ِش َّي�ت ْ‬ ‫ـــد َمرالكـــه‬ ‫الــــم ْح َز ِم‬ ‫رس ٌج عىل َع ْب ِل الشوى‬ ‫ن� ٍ‬ ‫نبيـــل ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫منعمــة مسـ تـريحة‪ ،‬عــى فـراش لـ ي ّ ن‬ ‫ـ�‪،‬‬ ‫ـت ّ‬ ‫عبلــة تبيـ ُ‬ ‫يقــول‪ :‬إن محبوبتــه ْ‬ ‫أ‬ ‫ـت عــى فــرس ضخــم لنــه معتــا ٌد عــى الحــرب‪ .‬إنــه هنــا‬ ‫وهــو يبيـ ُ‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫المنعــم الغافــل عــن‬ ‫حالتــ�‬ ‫يضــع‬ ‫متناقضتــ�‪ :‬حالــة المحبــوب ّ‬ ‫أ‬ ‫ـب العاشــق الــذي يكابــد الهــوال‪ ،‬وعينــه عــى‬ ‫رصوف الزمــان‪ ،‬والمحـ ّ‬ ‫ذلــك الحبيــب‪.‬‬

‫‪310‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫الح ِشـ ّية‪ :‬الفـراش المحشـ ّـو بمــا يجعلــه‬ ‫َ‬ ‫اللينــة‪،‬‬ ‫ســادة‬ ‫الو‬ ‫بهــا‬ ‫اد‬ ‫ر‬ ‫ــ‬ ‫ي‬ ‫وقــد‬ ‫ً‪،‬‬ ‫ا‬ ‫نــ‬ ‫ِّلي‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ش‬ ‫اة‬ ‫وس‬ ‫الــىء‪ :‬أعــاه‪ ،‬والأدهــم‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫الفــرس الــذي لونــه ي ن‬ ‫بــ� الســواد‬ ‫أ‬ ‫لجــم‪:‬‬ ‫والبيــاض أو هــو الســمر‪ُ ،‬‬ ‫وم َ‬ ‫ال يســتقر وال ت‬ ‫والــرج‪ :‬مــا‬ ‫يســريح‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫َّ ْ‬ ‫يوضــع عــى ظهــر الفــرس‪ ،‬و َع ْبــل‪:‬‬ ‫ــوى‪ :‬القوائــم‪ ،‬ون ْهــد‪:‬‬ ‫ضخــم‪ ،‬والشَّ َ‬ ‫والمـراكل‪ :‬جمــع َمـ ْـركَل‪ ،‬وهــو‬ ‫ضخــم‪َ ،‬‬ ‫الموضــع مــن الفــرس الــذي ت�ض بــه‬ ‫رجــل الفــارس إذا أراد ح ّثــه عــى السـ يـر‪.‬‬ ‫يُ ن‬ ‫موضــع‬ ‫ســم�‬ ‫الـــم ْح َزم‪:‬‬ ‫ونبيــل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحــزام‪.‬‬

‫;‪20. She spends her days and nights on cushioned pads‬‬ ‫ ‬ ‫ ‪and I, atop a black and bridled beast,‬‬

‫‪21. a saddle for my pillow, on a steed‬‬ ‫ ‬ ‫‪with stout legs, rounded flanks and thickened waist.‬‬

‫‪311‬‬


‫شداد ‪ʿ Antarah bin Shaddad‬‬ ‫عنترة بن ّ‬

‫المشهد الخامس‬ ‫أمل اللقاء‬ ‫ ‬ ‫َ ٌ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُلعنـ ْ‬ ‫بلغ نّ‬ ‫ـــي َ‬ ‫ـت‪ ،‬ب�حـ ِ ش‬ ‫اب مـ َ َّ‬ ‫شـــد ِن َّية‬ ‫دارهـــا‬ ‫‪ .22‬هـــل ت‬ ‫ـر ِم‬ ‫ِ‬ ‫ـروم الــر ِ‬ ‫ي‬ ‫ٌ‬ ‫ُ ّ ْ ثَ‬ ‫ٌ‬ ‫ُّ َ‬ ‫ـس إال َ‬ ‫‪َ .23‬خ ّطـــارة ِغ َّ‬ ‫َت ِطـ ُ‬ ‫الـــرى ز ّ ي�فـــة‬ ‫ـــب‬ ‫ـف ِميـ ِـم‬ ‫اكم بـ ِ‬ ‫ـذات خـ ٍ‬ ‫َ‬ ‫ًّ‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫َّ‬ ‫ـــص إال َ‬ ‫وك ن�ـــا أ ِق ُ‬ ‫بقري ــب ب ـ ي ن‬ ‫عشـــية‬ ‫اكم‬ ‫ـن الـ ـ َـمن ِس َم ي ِن� ُم َص ـ ِـم‬ ‫‪.24‬‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِحـــزق ي�انيـــة ل جع َ‬ ‫النعـــام امك أوت‬ ‫‪� .25‬وي هل قلـــص‬ ‫ـــم‬ ‫ِ‬ ‫ـــم ِط ْم ِط ِ‬ ‫أ‬ ‫يتبعـــن ُق ّ َة‬ ‫َ‬ ‫حـــر ٌج عـــى نعـــش ّ‬ ‫َ‬ ‫ـــة ر ِأســـه وكنـــه‬ ‫ـــم‬ ‫‪.26‬‬ ‫هلـــن خم َّ ِي‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫العش� ِة بيضه‬ ‫‪ .27‬صع ٍل يعود بذي‬ ‫صمل‬ ‫اكلعبد‪ ،‬ذي الفرو‬ ‫ي‬ ‫الطويل ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ش بت �اء ُّ‬ ‫زور َاء تنف ـ ُـر ع ــن حي ــاض َّ‬ ‫ْ‬ ‫فأصبحت‬ ‫الد ْح ُر َض ي ن�‬ ‫الدي ـ ِـم‬ ‫ب‬ ‫‪.28‬‬ ‫ِ‬ ‫فّ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫يش‬ ‫ش‬ ‫ــ ي ّ‬ ‫ـب ِد� ــا الـــ‬ ‫ـوح� مــن هـ ِـز ِج العـ ِي ّ مــؤو ِم‬ ‫‪ .29‬وك� ــا ين ــأى ب ج�ان ـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫هـــر َج ٌ‬ ‫غضــىب اتقاه ــا ب�لي ـ ي ن‬ ‫ٌّ‬ ‫عطفـــت هل‬ ‫نيـــب ملكـــا‬ ‫و�لف ـ ِـم‬ ‫ـد� ب‬ ‫‪.30‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ئ‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫دعـــا� ُ‬ ‫ـفار مقرمــدا‬ ‫الــــمتخ ِّي ِ�‬ ‫ســـندا ومثـــل‬ ‫‪ .31‬أبــى هلــا طــول ِ‬ ‫ِ‬ ‫السـ ِ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ َّ‬ ‫ـم‬ ‫داع ك ن� ــا‬ ‫ـاء ال ـ ّ ِـر‬ ‫‪ .32‬ب�ك ــت ع ــى م ـ ِ‬ ‫ـب أجــش َمـ ض ِ‬ ‫ب�كــت عــى قصـ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ً َ ً‬ ‫أّ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫الوقـ ُ‬ ‫حـ َّـش َ‬ ‫ـود بــه جوانـ‬ ‫ـب ق ْ�قـ ِـم‬ ‫‪ .33‬وكن ُر ًّ ب� أو ك َحيـــا ُم ْعقـــدا‬ ‫ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫الــــمك َدم‬ ‫نيـــق‬ ‫غضوب َج ْس ٍة‬ ‫ينباع من ِذفرى‬ ‫ز ّ ي� ٍ‬ ‫‪.34‬‬ ‫ِ‬ ‫مثـــل الف ِ‬ ‫فـــة ِ‬

‫اللقــاء بالمحبوبــة هــو غايــة الشــاعر‪ ،‬وذكــر النســاء ف ي� مقدمــات‬ ‫قصائــد الشــعراء الجاهليـ ي ن‬ ‫ـ� هــو رمــز الكتمــال الحيــاة‪ ،‬فالم ـرأة هــي‬ ‫النصــف آ‬ ‫الخــر لحيــاة الرجــل؛ ومــن أجــل هــذا نجــد عنـ تـرة يرجــع مــرة‬

‫أخــرى إىل المحبوبــة‪ ،‬فيقــول ف ي� شــوق ولهفــة‪ :‬هــل تصــل ب ي� إىل ديارهــا‬

‫ـور عــى الســفر؟‬ ‫ناقــة شــديدة صبـ ٌ‬

‫ثــم تفـن ّ ن ف ي� وصــف الناقــة‪ ،‬عــى عــادة شــعراء الجاهليــة‪ ،‬ألنهــا جــزء‬ ‫مــن عالمهــم الــذي ال ينقطعــون عنــه‪ ،‬فقــال‪ :‬إنهــا خ ّطــارة أي كثـ يـرة‬ ‫الخ َطـران‪ ،‬وهــو تحريــك الذنــب ورفعــه‪ ،‬ووصفهــا بالنشــاط مــع أنهــا‬ ‫ســارت الليــل ك ّلــه‪ ،‬وهــذا أقــوى لمدحهــا‪.‬‬ ‫الكام‪ ،‬أي يعلوهــا ويتجاوزهــا‪ ،‬بناقــة شــديدة‬ ‫ثــم يقــول‪ :‬إنــه يكــر إ‬ ‫رسيعــة كأنهــا ذكــر نعــام‪ ،‬والتشــبيه بالنعــام كثـ يـر ف ي� شــعر الجاهليــة؛‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫الخ ْلقــة‪ ،‬وهــو‬ ‫لنــه ظاهــر لهــم ي� بيئتهــم‪ ،‬ولن النعــام طـ يـر عظيــم ِ‬

‫‪312‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫شـ َـد ِن ّية‪ :‬ناقــة منســوبة إىل َشـ َـدن وهــي‬ ‫والمــرم‪ :‬المنقطــع‪،‬‬ ‫أرض باليمــن‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫كثــرة الخطَــران بذنبهــا‬ ‫وخطّــارة‪:‬‬ ‫ي‬ ‫الــرى‪ :‬بعــده‪،‬‬ ‫وغــب‬ ‫تحريكــه‪،‬‬ ‫أي‬ ‫ّ‬ ‫ُّ‬ ‫مســر الليــل‪ ،‬وزيّافــة‪:‬‬ ‫والــرى‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ُّ‬ ‫ـس‪ :‬تـ ضـرب �ض باً شــديداً‪،‬‬ ‫رسيعــة‪ ،‬وت َِطـ ُ‬ ‫والكام‪ :‬جمــع أكَمــة‪ ،‬وهــي ّ‬ ‫التــل‪،‬‬ ‫إ‬ ‫الوثْــم وهــو شـ ّـدة ال�ض ب‪،‬‬ ‫ِوم ْي َثــم‪ :‬مــن َ‬ ‫والمنســمان‬ ‫وأ َ ِقــص‪ :‬أكــر وأتجــاوز‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫المقــدم‬ ‫منســم‪ ،‬وهــو الظفــر‬ ‫َّ‬ ‫نّ‬ ‫مثــى ِ‬ ‫خــف الظليــم‪ ،‬ومصلّــم‪ :‬مقطّــع‪،‬‬ ‫ف ي� ِّ‬ ‫و ُق ُلــص‪ :‬جمــع َق ُلــوص وهــي الصغـ يـرة‬ ‫والحــ َزق‪ :‬الجماعــات‪،‬‬ ‫مــن ال َّنعــام‪ِ ،‬‬ ‫وط ْم ِطــم‪ :‬ال يَبـ ي ن‬ ‫ـ� كالمــه‪ ،‬و ُق ّلــة رأســه‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أعــاه‪ ،‬والحــرج‪ :‬مركــب يوضــع عــى‬ ‫البعــر تكــون فيــه المــرأة‪ ،‬كالهــودج‪،‬‬ ‫ي‬ ‫وص ْعــل‪:‬‬ ‫ومخيــم‪ :‬مجعــول كالخيمــة‪َ ،‬‬ ‫صغــر الــرأس‪ ،‬ويعــود‪ :‬مــن العيــادة‬ ‫ي‬ ‫وهــي الزيــارة‪ ،‬والأصلــم‪ :‬الــذي ال أذن‬ ‫والد ْح ُرضــان‪ :‬أحدهمــا المــكان‬ ‫لــه‪ُّ ،‬‬ ‫ــرض‪ ،‬وهــو عــى‬ ‫ح‬ ‫اليــوم‬ ‫ى‬ ‫المســم‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫طريــق أ‬ ‫الحســاء للســائر مــن مدينــة‬ ‫آ‬ ‫ــمى‬ ‫المس ّ‬ ‫الخــرج‪ ،‬والخــر‪ :‬المــكان ّ‬ ‫ن‬ ‫بــ� الريــاض‬ ‫(الو ِســيع) عــى الطريــق ي‬ ‫َ‬ ‫الدمــام‪ ،‬والــزوراء‪ :‬المائلــة‪ ،‬والحيــاض‬ ‫و ّ‬ ‫والديْلَــم‪ :‬قــد يُ ـراد بــه‬ ‫جمــع حــوض‪َّ ،‬‬ ‫أ‬ ‫يســمى اليــوم‬ ‫العــداء‪ ،‬أو اســم مــكان ّ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ـا� أقــرب‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫(الدل َْي ّ‬ ‫ميــة) ي� القصيــم‪ ،‬والثـ ي‬ ‫والــد ّف‪ :‬الجانــب‪،‬‬ ‫وينــأى‪ :‬يبعــد‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ـى‪ :‬الجانــب أ‬ ‫ش‬ ‫اليمن مــن البهائم‪،‬‬ ‫والوحـ ي‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫ـس لنــه ال يركــب منــه الراكــب‪،‬‬ ‫وهــو وحـ ي‬ ‫والهــزج المصــوت‪ ،‬والمــؤوم‪ :‬المشــوه‬ ‫الخلــق‪ ،‬وجنيــب‪ :‬مجنــوب إليــه أي‬ ‫بالق ْرميــد‬ ‫مقــود إليــه‪ُ ،‬‬ ‫والمق َْر َمــد‪ :‬المبـن ي ّ ِ‬ ‫آ‬ ‫الم َت َخ ِّيــم‪:‬‬ ‫وهــو ال ُجـ ّـر‪ ،‬وســنداً‪ :‬عاليـاً‪ ،‬و ُ‬ ‫صاحــب الخيمــة‪ ،‬والـ ِّـرداع‪ :‬اســم مــكان‬ ‫يُفهــم مــن تحديــد البلدانيـ ي ن‬ ‫ـ� لــه أنــه ف ي�‬ ‫ــش‪ :‬لــه صــوت‪،‬‬ ‫وأج ّ‬ ‫غــرب القصيــم‪َ ،‬‬ ‫ـر‪ ،‬والـ ُّـر ُّب‪ :‬ثُ ْفــل‬ ‫ـ‬ ‫مك‬ ‫وم َه َّضــم‪ُ :‬م َخـ ّـرق َّ‬ ‫والمعقَد‪:‬‬ ‫القطـران‪ُ ،‬‬ ‫الخمــر‪ ،‬والك َُحيــل‪ِ :‬‬ ‫أوقــد تحتــه حـ تـى انعقــد وغ ُلــظ‪،‬‬ ‫الــذي ِ‬ ‫وحــش‪ :‬أوقــد‪ ،‬والق ُْمقُــم‪ :‬وعــاء لــه‬ ‫ّ‬ ‫يمر مــروراً‬ ‫ـاع‪:‬‬ ‫ـ‬ ‫وينب‬ ‫ـق‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫بري‬ ‫بال‬ ‫ـبيه‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫عنــق‬ ‫إ‬ ‫ّ‬ ‫ِّلين ـاً رسيع ـاً‪ ،‬والذِّ ْفــرى‪ :‬العظــم النـ ت ئ‬ ‫ـا�‬ ‫أ‬ ‫ـرة‪ :‬قويّــة ف ي� سـ يـرها‪،‬‬ ‫خلــف الذن‪َ ،‬‬ ‫وجـ ْ‬ ‫و َزيّافــة‪ :‬مرسعــة‪ ،‬والفَنيــق‪ :‬الفحــل‪،‬‬ ‫والـــمك َْدم‪ :‬المعضــوض‪.‬‬ ‫ُ‬

‫‪22. I never should have made it on this cow‬‬ ‫ ‬ ‫‪from Shadan: a camel cursed, its milk is gone.‬‬ ‫‪23. The night’s march left it twitchy-tailed and strutting,‬‬ ‫ ‬ ‫‪feet like hammers smashing sand and stone,‬‬

‫‪24. as if tonight I’m grinding hillocks with‬‬ ‫ ‬ ‫‪a dock-eared ostrich, feet drawn up and close,‬‬ ‫‪25. and which the chicks will flock to, like a herd‬‬ ‫ ‬ ‫ ‪of Yemen’s camels chasing a garbled voice.‬‬ ‫‪26. They chase the ostrich’s head, draped like a berth‬‬ ‫ ‬ ‫;‪that lies upon a tented bier above‬‬

‫‪27. slight-skulled, it turns around to Dhul ʿUshayrah‬‬ ‫ ‬ ‫‪looking like a lop-eared, fur-decked slave.‬‬

‫‪28. My camel cow drank up at Duhrudān‬‬ ‫ ‬ ‫‪then made a mad-eyed sprint from Daylam’s wells,‬‬ ‫‪29. as if twisting to flee a beast at night‬‬ ‫ ‬ ‫‪whose trace is there, whose grumble swells and swells:‬‬ ‫‪30. a tomcat at the flank! each time my mount‬‬ ‫ ‬ ‫‪turns with rage, this feline bares tooth and claw.‬‬

‫‪31. The trip left my camel with strong-built back,‬‬ ‫ ‬ ‫‪raised up on props, like tent-pitchers would draw,‬‬

‫‪313‬‬


‫شداد ‪ʿ Antarah bin Shaddad‬‬ ‫عنترة بن ّ‬

‫يريــد مــدح الناقــة بأنهــا نشــيطة رسيعــة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ولنــه شـ ّـبه الناقــة بذ َكــر النعــام (ال َّظ ِليــم) ذهــب يصــف هــذا ال َّظليم‬ ‫أ‬ ‫يمانيــة لرجــل ال‬ ‫بأنــه تجتمــع إليــه النعــام الخــرى‪ ،‬وكأنهــا جماعــات ّ‬ ‫يُبـ ي ن‬ ‫ـن يتبعــن وجهتــه‪ ،‬وينظــرن إىل أعــى رأســه‪ ،‬الــذي‬ ‫ـ� الــكالم‪ ،‬وهـ ّ‬ ‫ِ‬ ‫هــو –أي الـرأس‪ -‬يُشــبه مركبـاً للنســاء عــى ســنام ناقــة كالخيمــة‪ .‬وهذا‬ ‫بيضـ ِـه‪ُ ،‬مشــبهاً العبــد صاحــب الفــرو‬ ‫ال َّظ ِليــم صغـ يـر الـرأس يرجــع إىل ِ‬ ‫أ‬ ‫ليبلــغ المتلقــي أنــه‬ ‫الطويــل المقطــوع الذن‪ ،‬واختــار التشــبيه بالعبــد ِ‬ ‫يصــف جناحــي ال َّظليــم أ‬ ‫الســودين‪.‬‬ ‫َ‬

‫‪then my camel knelt at Ridāʿ’s waters, groaning‬‬

‫‪32.‬‬

‫‪and sweat syrupy thick, like molten pitch‬‬

‫‪33.‬‬

‫;‪as if kneeling on deep, husky reed flutes‬‬

‫ ‬

‫‪that’s used by smiths to heat the sides of pots,‬‬

‫ ‬

‫‪highstepping, big as a bite-scarred stud.‬‬

‫ ‬

‫‪flows down its neck—this riding cow, born free,‬‬

‫‪34.‬‬

‫ض‬ ‫ـ� جوانــب الصورة‪،‬‬ ‫وبعــد أن فــرغ مــن التشــبيه‪ ،‬وأر� قريحتــه بتقـ ّ ي‬

‫رجــع إىل ناقتــه فوصفهــا بصفــات تجعلهــا مــن خـ يـر النيــاق‪ ،‬فهــي قــد‬ ‫الد ْحر َضـ ي ن‬ ‫ـ� (حـ َـرض والوســيع اليــوم)‪ ،‬فصــارت تنفــر‬ ‫ش�بــت مــن مــاء ُّ ُ‬ ‫أ‬ ‫ـ� يحفــظ نقــاء‬ ‫مــن ميــاه العــداء‪ ،‬وهــذا أدعــى لنقــاء أصلهــا‪ ،‬فالجاهـ ي‬ ‫إبلــه‪ ،‬يصفهــا أ‬ ‫بالصالــة وحفــظ العهــد‪ ،‬كمــا يحفــظ هــو نقــا َء نســبه‪.‬‬ ‫وإذا أخذنــا ن‬ ‫ليميــة‬ ‫معــى (الديلــم) عــى أنــه اســم الموضــع ّ‬ ‫(الد ّ‬ ‫ـذب مــن مـ ٍـاء َع ِه َدتْــه ف ي�‬ ‫اليــوم)‪ ،‬فالمعـ نـى أنهــا ش�بــت مــن مــاء أعـ َ‬ ‫الديلــم‪ ،‬فصــارت تنفـ ُـر منــه‪.‬‬

‫لشــدة‬ ‫ولحرصــه عــى وصفهــا بالرسعــة والنشــاط وصفهــا بأنهــا‬ ‫ّ‬ ‫ش‬ ‫الخ ْلقــة‪،‬‬ ‫العــس‬ ‫يصــوت ف ي�‬ ‫هــر‬ ‫مشــوه ِ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫حركتهــا كأنمــا تخــاف مــن ّ‬ ‫يّ‬ ‫ينهــش أطرافهــا‪ ،‬فهــي تخافــه‪ ،‬وتنفــر منــه‪ ،‬وهــذه صــورة تمتلــك‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫وتقربهــا‬ ‫اللـ ّ‬ ‫ـى شــهدها الشــاعر بـ يـ� أعيننــا‪ّ ،‬‬ ‫ـب‪ ،‬وتضــع تلــك الهيئــة الـ ي‬ ‫إىل أذهاننــا‪.‬‬ ‫تتنبــه هنــا إىل أمــر طريــف ف ي� هــذه القصيــدة‪ ،‬فهــو يشـ ّـبه‬ ‫وينبغــي أن ّ‬

‫‪314‬‬

‫‪315‬‬


‫شداد ‪ʿ Antarah bin Shaddad‬‬ ‫عنترة بن ّ‬

‫ف‬ ‫فيفصلــه؛ ألنــه‬ ‫ثــم يأخــذ المشـ ّـبه بــه‪ ،‬أو بعــض مــا أدخلــه ي� الصــورة ّ‬

‫ـص عــى االبتــكار فيهــا‪ ،‬وهنــا‬ ‫مأخــو ٌذ بإتمــام الصــورة الشــعرية‪ ،‬حريـ ٌ‬ ‫لمــا قــال‪ :‬إن الناقــة كأنمــا تخـ شـى هـ ّـراً‪ ،‬ذهــب يصــف الهـ ّـر‪ ،‬فقــال‪:‬‬ ‫ـوب إليهــا م ُقــود إىل ناحيتهــا‪ ،‬وإنــه كلمــا أرادت‬ ‫ـب أي مجنـ ٌ‬ ‫إنــه هـ ّـر َجنيـ ٌ‬ ‫الناقــة أن تصيبــه اتقاهــا بيديــه وفمــه �ض بـاً لهــا وخدشـاً‪.‬‬

‫ن‬ ‫ـا� ذلــك الســفر‬ ‫ورجــع مــرة أخــرى إىل الناقــة ِ‬ ‫مكمـا ً صورتهــا‪ ،‬وهــي تعـ ي‬ ‫ـاق‪ ،‬والطريــق المتعــب‪ ،‬فقــال‪ :‬إنهــا مــع ذلــك ك ّلــه بقيــت شــديدة‬ ‫الشـ ّ‬ ‫ن‬ ‫نشــيطة عظيمــة‪ ،‬فقــد بقــي لهــا سـ ٌ‬ ‫ـنام عظيــم كأنــه َ‬ ‫مقرمــد أي مبـ ي ّ‬ ‫آ‬ ‫متخيــم أي صاحــب خيمــة‪.‬‬ ‫بال ُجـ ّـر لصالبتــه‪ ،‬وهــو عـ ٍ‬ ‫ـال كأنــه دعائــم ِّ‬

‫واســتمر واصف ـاً الناقــة فقــال‪ :‬إنهــا ت ـئن ّ وكأنهــا حـ ي ن‬ ‫ـ� بركــت وح ّنــت‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ور َغــت‪ ،‬ي� الموضــع الــذي اســمه الـ ّـرداع‪ ،‬كأنهــا بركــت عــى قصــب‬ ‫َ‬ ‫ـر لــه صــوت‪ .‬ولــم يكتــف الشــاعر بذلــك ف ي� وصــف الناقــة‪ ،‬فهــو‬ ‫مكـ ّ‬ ‫أ‬ ‫قدمنــا‪ -‬جــز ٌء مــن عالمــه الحيــوي‪ ،‬وقطعــة‬ ‫يطيــل لنهــا –عــى مــا ّ‬ ‫مــن عالمــه الشــعري‪ ،‬فمــاذا قــال؟ لقــد قــال‪ :‬إن الناقــة لمــا بركــت‬ ‫ـرق السـ َ‬ ‫ان‬ ‫كان عرقهــا يســيل مــن الجهــد والتعــب‪ ،‬فــكأن العـ َ‬ ‫قطـر ٌ‬ ‫ـائل ِ‬ ‫ـ�‪ ،‬وهــذا العــرق يســيل مــن خلــف أذنها‬ ‫أوقــدت تحتــه النــار فهــو يغـ ي‬

‫–وهــي قويّــة رسيعــة شــديدة‪ّ -‬‬ ‫يقــدم الصــورة البدويــة‬ ‫وكل ذلــك ّ‬ ‫الموغلــة ف ي� تلــك البيئــة الصحراويــة الشــديدة‪.‬‬

‫‪316‬‬


‫شداد ‪ʿ Antarah bin Shaddad‬‬ ‫عنترة بن ّ‬

‫المشهد السادس‬ ‫هذا أنا‬ ‫ ‬ ‫َ ٌّ أ‬ ‫َْ‬ ‫ُ ف‬ ‫َ‬ ‫غد� ن‬ ‫القناع ن‬ ‫فإن�‬ ‫دو�‬ ‫ـارس الـ ـ ُـم ْستل�ئ ِ​ِ‬ ‫‪ .35‬إن ت ي‬ ‫ط ــب ب�خ ـ ِـذ الف ـ ِ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫هســـل خم َال ت‬ ‫عملت ن‬ ‫‪ .36‬ن‬ ‫أظـــم‬ ‫قـــي إذا مل‬ ‫فإن�‬ ‫عل ب�ا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أث� َّي‬ ‫ي‬ ‫ٌي‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُم ٌّ‬ ‫ظمل ب�سل‬ ‫‪ .37‬فإذا ظ ِل ُت فإن‬ ‫العلقـــم‬ ‫كطعـــم‬ ‫مذاقتـــه‬ ‫ـــر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َي‬ ‫ف ي� هــذا المقطــع تلتهــب مشــاعر الــذات والتفـ ّـرد عنــد الشــاعر البطــل‪،‬‬ ‫ليتحــدث عــن‬ ‫اســتعد‬ ‫يف�جــع إىل مخاطبــة المحبوبــة‪ ،‬قائــاً‪ ،‬وقــد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫شــجاعته وبســالته‪ ،‬وذلــك هــو الخ ُلــق الــذي ُعــرف بــه واش ـ ُتهر‪ :‬إن‬ ‫ض‬ ‫تفعــ� هــذا‪،‬‬ ‫لــك أن‬ ‫تغ ّطــي وجهــك‪،‬‬ ‫وتعــر� عــن ي ‪ ،‬فمــا ينبغــي ِ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫إل؟ ثــم‬ ‫فأنــا قــادر عــى ْ‬ ‫رصع القـران فكيــف أعجــز عــن ل ْفــت نظــرك ي ّ‬ ‫يســألها أن تكــون معــه ال عليــه‪ ،‬فيقــول‪ :‬امدحي ـن بمــا تعرفـ ي ن‬ ‫ـ� مــن‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ســمح ي ّ ن‬ ‫لــ� الخ ُلــق إذا لــم أُظ َلــم‪ ،‬ولكــ ي إذا ُظ ِلمــت‬ ‫فــإ�‬ ‫ٌ‬ ‫ُخلقــي‪ ،‬ي‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫تغْ ف‬ ‫الخمــار‪،‬‬ ‫ــد ي�‪ :‬تُرخــي‪ ،‬القنــاع‪ِ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ـب‪ :‬الحــاذق‪ ،‬والمســتلئم‪ :‬الــذي‬ ‫ـ‬ ‫والطَّ ُّ‬ ‫لبــس أل ْ َمــةَ الحــرب‪ ،‬وهــي الــدرع‪،‬‬ ‫الخ ُلــق‪ ،‬أي‬ ‫والـــمخالقة‪ :‬مفاعلــة مــن ُ‬ ‫ُ‬ ‫معايشـ ت‬ ‫ـى‪ ،‬وباســل‪ :‬كريــه‪ ،‬والعلقم‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫ــر‪ ،‬وقيــل هــو الحنظــل‪.‬‬ ‫�ء ُم ّ‬ ‫ّكل ي‬

‫?‪35. ʿAblah, if you unveil to me, what then‬‬ ‫ ‬ ‫‪I’m good at crushing armored knights in blood.‬‬ ‫‪36. Admire me for what you know of me‬‬ ‫ ‬ ‫‪I’m easy when I suffer no abuse,‬‬

‫‪but if I’m wronged, then what I give is harsh,‬‬ ‫ ‬ ‫‪like vine-of-Sodom’s sharp and bitter juice.‬‬

‫‪37.‬‬

‫أنتقــم مــن ظالمــي‪ ،‬وانتقامــي ُمـ ٌّـر كالعلقــم‪.‬‬

‫إنــه هنــا يلتفــت إىل ذاتــه المظلومــة‪ -‬وقــد مـ ّـر بــك أنــه كان مح َت َق ـراً‬

‫لســواده ‪ -‬فيجعــل خطــاب المحبوبــة بدايــة إلنصــاف نفســه‪ ،‬والتمـ ّـدح‬ ‫مفصــا ً ف ي� المقاطــع‬ ‫بالخصــال الكريمــة‪ ،‬وهــو مــا ســوف تقــرؤه َّ‬ ‫الالحقــة‪.‬‬

‫‪318‬‬

‫‪319‬‬


‫شداد ‪ʿ Antarah bin Shaddad‬‬ ‫عنترة بن ّ‬

‫المشهد السابع‬ ‫ ‬ ‫ولقد �ش ُ‬ ‫بت من ُ‬ ‫دامة بعدما‬ ‫امل ِ‬ ‫‪.38‬‬ ‫َ‬ ‫ذات ِ َّ‬ ‫أس ٍة‬ ‫جاجة صفراء‬ ‫‪ .39‬بز� ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ت ٌ‬ ‫فإذا �ش ُ‬ ‫بت ن‬ ‫فإن� مس�لك‬ ‫‪.40‬‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫‪ .41‬وإذا حصوت �ا ّ ُ‬ ‫أقص عن ندى‬

‫ِّ ْ‬ ‫الفخر في السلم‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وف الــ ُـم ْع ِل‬ ‫ركــد اهلواجـ ُـر ب�لــ َـمش ِ‬ ‫ُ ْ أ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ـت ب�زه ـ َـر ي� ال ـ شما ِل ُمف ـ َّـد ِم‬ ‫ق ِرن ـ‬ ‫ٌ ُ َ‬ ‫مـــال‪ِ ،‬وع ْ ض‬ ‫ــلم‬ ‫� وافـــر مل ي ِ‬ ‫ي‬ ‫ـــر ي‬ ‫ش‬ ‫ُّ‬ ‫م‬ ‫ئـــ�‬ ‫وامك‬ ‫ِ‬ ‫وتكـــر ي‬ ‫عملـــت � ي‬

‫ف ي� هــذا المقطــع يبــدأ الشــاعر بجعــل نفســه هــي مــدار الــكالم‪ ،‬بعــد‬ ‫هيــأ المتلقــي لهــذا ف ي� المقطــع الســابق‪ ،‬ففخــر بأنــه ش�ب الخمــر ف ي�‬ ‫أن ّ‬ ‫آخــر النهــار بدينــار أو درهــم مجلـ ّـو أي نــا�ض المنظــر‪ ،‬نقـ ّـي‪ ،‬منقــوش‬

‫عليــه‪ ،‬وهــذه الخمــر مصبوبــة مــن زجاجــة ذات نقــوش‪ ،‬وبقربهــا إبريــق‬ ‫عــى فمــه ِخرقــة‪ ،‬أي إنــه محفــوظ‪ ،‬ومــدح النفــس بـ شـرب الخمــر عــادة‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫المدامــة‪ :‬الخمــر‪ ،‬وركــد‪ :‬ســكن‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫والهواجــر‪ :‬جمــع هاجــرة‪ ،‬وهــي‬ ‫والمشــوف‪ :‬المجلـ ّـو‪،‬‬ ‫منتصــف النهــار‪َ ،‬‬ ‫والم ْع َلــم‪ :‬الــذي عليــه عالمــة كالكتابــة‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫س‪ ،‬وهــو هنــا‬ ‫سة‪ :‬جمــع ِّ‬ ‫ونحوهــا‪ .‬وال َ ِّ‬ ‫الخــط المنقــوش عــى الــكأس‪ ،‬والأزهر‪:‬‬ ‫ومفــدم‪ :‬مغطّــى فمــه‬ ‫إالبريــق‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بالفــدام‪ ،‬وهــي الخرقــة الـ ت‬ ‫ـى يُشـ ّـد بهــا‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫والبريــق ونحوهمــا‪.‬‬ ‫عــى رأس القــارورة إ‬ ‫ــرض‪ :‬مــا يحميــه إالنســان مــن‬ ‫ِ‬ ‫والع ْ‬ ‫أهــل ومــال وغـ يـره‪ ،‬والوافــر‪ :‬المكتمــل‪،‬‬ ‫ـس بســوء‪ ،‬والندى‪:‬‬ ‫ويُكلــم‪ :‬يُجــرح َ‬ ‫ويمـ ّ‬ ‫الكــرم‪ ،‬والشــمائل‪ :‬أ‬ ‫الخــاق‪.‬‬

‫‪38. How often did I drink wine in the heat‬‬ ‫ ‬ ‫‪that seared into the coins I’d spent for draft,‬‬

‫‪39. from a tawny glass handpainted with lines,‬‬ ‫ ‬ ‫‪paired with a jug that’s sealed and on my left.‬‬ ‫‪40. And when I drink, well, I recklessly spend‬‬ ‫ ‬ ‫ ;‪my substance and give my honor unasked‬‬ ‫ ‬ ‫‪41. then when I’m sober, I still don’t hold back‬‬ ‫ ‬ ‫‪my gifts, as you know from my noble cast.‬‬

‫قصــد أنــه يعيــش كمــا يعيش‬ ‫نفســها‪ ،‬بــل يُ َ‬ ‫جاهليــة ال يُ َ‬ ‫قصــد بهــا الخمــر ُ‬ ‫هيــأ لــه‪ ،‬ش‬ ‫وي�بهــا غـ يـر خائــف مــن أن تغـ ي ِّـر أخالقــه‪،‬‬ ‫الملــوك‪ ،‬فهــي تُ ّ‬ ‫ويتكــرم بــه‪ ،‬ولك ّنــه ال‬ ‫فهــو إذا ش�ب يســتهلك ما َلــه‪ ،‬ويعطــي منــه‪،‬‬ ‫ّ‬

‫يتكـ ّـرم بعرضــه لمــن يريــد النيــل منــه‪ ،‬وإذا صحــا مــن ُســكره فإنــه يظـ ّـل‬ ‫كريمـاً‪ ،‬ويختــم المقطــع بقولــه‪ :‬وذلــك كلــه ممــا تعرفـ ي ن‬ ‫ـ� مــن خ ُلقــي‪.‬‬

‫‪320‬‬

‫‪321‬‬


‫شداد ‪ʿ Antarah bin Shaddad‬‬ ‫عنترة بن ّ‬

‫المشهد الثامن‬ ‫ ‬

‫مشهد بطولة‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫غانية ت� ُ‬ ‫عمل‬ ‫كت جم َّدال‬ ‫وحليل‬ ‫ٍ‬ ‫َتـ ْمكو ف ِر يصته ِ‬ ‫‪.42‬‬ ‫كشد ِق ال ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ض‬ ‫لكون العند ِم‬ ‫فذة‬ ‫بعاجل � ٍبة‬ ‫‪ .43‬سبقت يداي هل‬ ‫شاش � ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ور ِ‬ ‫ِ‬ ‫ينتقــي الشــاعر ف ي� هــذا المقطــع مشــهداً مــن مشــاهد بطولتــه‪ ،‬واصفـاً‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ـى‬ ‫فروســيته‪ ،‬والفروســية هــي عالــم عنــرة الــذي ُعــرف بــه‪ ،‬وهــي الـ ي‬ ‫تســيطر عــى قصيدتــه‪ ،‬بــل عــى أغلــب مــا وصلنــا مــن شــعره‪ ،‬وهــو‬ ‫ف� هــذا يذ ّكرنــا شــخصيات أخــرى مشــابهة ف� بعــض آ‬ ‫الداب العالميــة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ال بم�اطوريــة الرومانيــة‪ ،‬ثــم‬ ‫مثــل (ســبارتاكوس) الــذي كان عبــداً ي� إ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫وتــو� نحــو ‪71‬ق‪.‬م‪.‬‬ ‫كثــرة‪،‬‬ ‫قــاد ثــورة للعبيــد‪ ،‬وانتــر ي� معــارك ي‬ ‫ي‬ ‫ـردوس (رســتم)‪،‬‬ ‫ـارس المذكــور ف ي� شــاهنامة الفـ‬ ‫وكذلــك الفـ ُ‬ ‫ي‬ ‫ـارس الفـ ي‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫الحليــل‪ :‬الــزوج‪ ،‬والغانيــة‪ :‬الفتــاة‬ ‫َ‬ ‫الجميلــة ت‬ ‫الــى اســتغنت بجمالهــا‪،‬‬ ‫والمجــدل‪ :‬يالمــروع عــى أ‬ ‫الرض‪،‬‬ ‫ُ َ َّ‬ ‫تصفــر‪ ،‬أي لهــا صــوت‪،‬‬ ‫وتمكــو‪ِ :‬‬ ‫ت‬ ‫ـى ترتعــد عنــد‬ ‫والفَريصــة‪ :‬العضلــة الـ ي‬ ‫الخــوف وهــي ي ن‬ ‫بــ� الكتــف والثــدي‪،‬‬ ‫ــدق‪ :‬جانــب الفــم ممــا تحــت‬ ‫والشِّ ْ‬ ‫الخــد‪ ،‬والأعلــم‪ :‬المشــقوق الشــفة‬ ‫ّ‬ ‫والرشَ ــاش‪ :‬مــا تطايــر مــن‬ ‫ليــا‪،‬‬ ‫الع‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫الــدم‪ ،‬والنافــذة‪ :‬ال�ض بــة الشــديدة‬ ‫ت‬ ‫الــى تنفــذ ف ي� الجســد‪ ،‬والعنــدم‪:‬‬ ‫ي‬ ‫نبــات يســيل منــه مــاء أحمــر‪.‬‬

‫‪42. How many good husbands did I lay flat,‬‬ ‫ ‬ ‫;‪blood shrieking like a harelip’s hissing jaw‬‬

‫‪43. my hands raced on with supple spearhead-thrust,‬‬ ‫ ‬ ‫‪then sap-red fountains from the gaping maw.‬‬

‫ـب امـرأة أيضـاً‪ ،‬ولــم يســتطع الــزواج منهــا إال بعــد انتظــار‬ ‫الــذي أحـ ّ‬

‫ومشــقة‪.‬‬

‫ت‬ ‫ت‬ ‫ـع� يجعلــه‬ ‫وشــهرة عنــرة بالفروســية هــي الـ ي‬ ‫ـى جعلــت الخيــال الشـ ب ي‬ ‫شــخصية أســطورية‪ ،‬ذات بطــوالت خارقــة‪ ،‬والمهــم ف ي� هــذا المقطــع‬ ‫أنــه يمــدح نفســه بأنــه ت‬ ‫الشــاب ذا الزوجــة الجميلــة‬ ‫يــرك الرجــل‬ ‫َّ‬ ‫مرصوع ـاً عــى أ‬ ‫الرض‪ ،‬ولفريصتــه –وهــي العضلــة الـ تـى بـ ي ن‬ ‫ـ� الكتــف‬ ‫ي‬ ‫والثــدي‪ -‬صــوت كصــوت رجـ ِـل مشــقوق الشــفة العليــا؛ وســبب اختيــار‬ ‫المشــبه بــه أن أ‬ ‫العلـ َـم يَك ـرث ُ ف ي� كالمــه الصفـ يـر‪.‬‬ ‫َّ‬

‫‪322‬‬

‫‪323‬‬


‫شداد ‪ʿ Antarah bin Shaddad‬‬ ‫عنترة بن ّ‬

‫المشهد التاسع‬ ‫صفات بطل‬ ‫ ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫خ َ‬ ‫ةً‬ ‫تعمل‬ ‫إن‬ ‫مالك‬ ‫ـألت‬ ‫ِ‬ ‫‪ .44‬هــا سـ ِ‬ ‫اليل ي� ابنــة ٍ‬ ‫كنـــت جاهـــ� ب�ـــا مل ي‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ ُ َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫حـــال ب‬ ‫ــلم‬ ‫ســـا�‬ ‫‪ .45‬إذ ال أزال عـــى ِر ةِ‬ ‫نَ ْ� ٍ‬ ‫ـــد تعـــاوره الــماة م ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ت ً‬ ‫ي أ�وي إىل َ‬ ‫‪ .46‬طـــو ًرا ُي َ‬ ‫ــــج َّ‬ ‫الق ِ ي ّ‬ ‫ـــد‬ ‫ص‬ ‫ح‬ ‫ـــي َع َر ْم َر ِم‬ ‫رة‬ ‫و�‬ ‫للطعـــان‬ ‫د‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫�ش َ‬ ‫غ‬ ‫خ ْ‬ ‫ش‬ ‫وأع ُّف عند َ‬ ‫َ ن‬ ‫الـم نَغ�‬ ‫ـي‬ ‫أغ� الو� ِ‬ ‫‪ .47‬ي�ـ بـر ِك مــن ــد الوقيعــة أنـ ي‬ ‫ف� هــذا المقطــع ت ز‬ ‫الحــب ومشــاعر الفخــر بالنفــس‪،‬‬ ‫تمــ�ج مشــاعر‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫وهنــا تظهــر شــخصية عنــرة الممتلئــة بالعـ ّزة والنَفــة‪ ،‬إذ يقــول طالبـاً‬ ‫مــن المحبوبــة أن تســأل عنــه الخيــل‪ ،‬ولــن تجــد هــي أصــدق مــن‬ ‫ف‬ ‫وطلبــه السـ َ‬ ‫ـؤال منهــا ليــس ألنهــا جاهلــة‬ ‫الخيــل ي� وصــف شــجاعته‪ُ ،‬‬ ‫النفــ�‪ ،‬وليدخــل إىل الفخــر‬ ‫ولكــن ليحقّــق ارتــوا ًء لشــعوره‬ ‫بــه‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ي‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫هــا‪ :‬كلمــة تُقــال للتحضيــض عــى‬ ‫ش‬ ‫ـرج‪ ،‬والســابح‪:‬‬ ‫ـ‬ ‫ال‬ ‫ـة‪:‬‬ ‫ـ‬ ‫حال‬ ‫والر‬ ‫ء‪،‬‬ ‫ـس‬ ‫ِّ‬ ‫الـ ي‬ ‫َّ ْ‬ ‫الفــرس‪ ،‬ونَ ْهــد‪ :‬الغليــظ المرتفــع‪،‬‬ ‫وتعــاوره‪ :‬أصلــه تتعــاوره‪ ،‬أي تأخــذه‬ ‫ُ‬ ‫ــي‪،‬‬ ‫َم‬ ‫ك‬ ‫جمــع‬ ‫ُمــاة‪:‬‬ ‫ك‬ ‫وال‬ ‫جهــة‪،‬‬ ‫مــن ّكل‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ــرح‪،‬‬ ‫مج‬ ‫َّــم‪:‬‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫وم‬ ‫الشــجاع‪،‬‬ ‫وهــو‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫وح ِصــد‪:‬‬ ‫وطــوراً‪ :‬مـ ّـرة‪ ،‬يُ َجـ ّـرد‪ :‬يُخـ َـرج‪َ ،‬‬ ‫ــى‪:‬‬ ‫قــوي مســتحكم النشــاط‪ِ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫والق ِ ي ّ‬ ‫كثــر‪،‬‬ ‫ــرم‪:‬‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫قــوس‪،‬‬ ‫جمــع‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫والو ِقيعــة‪ :‬المعركــة‪ ،‬وأغـ ش‬ ‫ـى‪ :‬أدخــل‪،‬‬ ‫َ‬ ‫والوغــى‪ :‬الصــوت ف ي� الحــرب‪.‬‬ ‫َ‬

‫‪44. Why don’t you, Mālik’s daughter, ask the horsemen‬‬ ‫ ‬ ‫?‪about matters that you can scarcely know‬‬

‫‪45. How I can stay atop a burly beast‬‬ ‫ ‬ ‫;‪swimming through knights who charge him blow by blow‬‬ ‫‪46. now I open my horse to spear-thrusts, now‬‬ ‫ ‬ ‫‪it harvests a crop of countless cuts.‬‬

‫‪47. Those who saw the thing will tell you how‬‬ ‫ ‬ ‫‪I rush into the fray and flee from loot.‬‬

‫ـألت عبلــة الخيـ َـل عنــه‪ ،‬وأصحــاب الخيــل‪،‬‬ ‫مــن بــاب واســع‪ ،‬ولــو سـ ْ‬

‫رسج فــرس شــديدة رسيعــة مرتفعــة‪،‬‬ ‫فســوف تشــهد لــه بأنــه كان عــى ْ‬ ‫ت‬ ‫ـى هــو‬ ‫وهــو يقصــد ارتفاعــه النفـ ي‬ ‫ـ� عــى مــن يحاربــه‪ ،‬والفــرس الـ ي‬ ‫مجرحــة‪ ،‬فحينـاً يدخــل بهــا ف ي� صفــوف‬ ‫عليهــا تصيبهــا الطعنــات فهــي ّ‬ ‫أ‬ ‫ـس‪.‬‬ ‫العــداء‪ ،‬وحين ـاً يرجــع إىل جماعتــه وهــم كثـ يـرون أصحــاب قـ ِ ي ّ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫و� رغبــة عارمــة ف ي� إظهــار‬ ‫إنــه يقــول ي� اعتــداد شــديد بالنفــس‪ ،‬ي‬ ‫ن‬ ‫شــخصيته الحقيقيــة‪ :‬مــن شــهد تلــك الحــرب‪ ،‬يــا عبلــة‪ ،‬يشــهد أن ـ ي‬ ‫ـ� رفيعـ ن أ‬ ‫ن‬ ‫صاحــب خلقـ ي ن‬ ‫والثا�‬ ‫ـ�‪ :‬الول إ‬ ‫ي‬ ‫القــدام عــى الحــرب والقتــال‪ ،‬ي‬ ‫الحجــام عنــد اقتســام الغنائــم‪ .‬وهاتــان الصفتــان العاليتــان أهـ ّـم‬ ‫إ‬ ‫مــا ُعـن ي الفرســان بالفخــر بهمــا؛ ألن فيهمــا مظهــر الشــخصية الكاملــة‪.‬‬

‫‪324‬‬

‫‪325‬‬


‫شداد ‪ʿ Antarah bin Shaddad‬‬ ‫عنترة بن ّ‬

‫المشهد العاشر‬ ‫مشاهد الحرب‬ ‫ ‬ ‫َ‬ ‫َ ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ال ُمـ ْ‬ ‫كـــره الــماة ن ز�ال‬ ‫ومـــد�‬ ‫مستســـم‬ ‫ـــم ِع ٍن هـــر ب� وال‬ ‫‪.48‬‬ ‫جج‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫َُ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫‪ .49‬جــادت يــداي هل بعاجـ ِـل طعنـ ٍـة‬ ‫ـــوب مقو ِم‬ ‫ب�ثق ٍف صـــد ِق الكع ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ئ‬ ‫ـن يَ�ــدي ُ‬ ‫الف ْرغـ ي ن‬ ‫جرســا‬ ‫‪ .50‬ب َ�حيبـ ِـة‬ ‫الـــذ� ِب ال�ضُّ َّ ِم‬ ‫لليـــل ُم ْعت َّس‬ ‫ِ‬ ‫ب� ِ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫مص َ‬ ‫ليـــس ي ُ‬ ‫فشـــك ْك ُت ب�لـــرحم ال ِ ّ‬ ‫الكر� عىل القنـــا ب ُ� َّ‬ ‫ثيابـــه‬ ‫حر ِم‬ ‫‪.51‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ة‬ ‫ْ‬ ‫�ت‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مـــا ي ن‬ ‫الســـباع ينشـــنه‬ ‫‪ .52‬ف كتـــه جـــزر‬ ‫ص‬ ‫بـــن قـــة ر ِأســـه وا ِملع َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ َ‬ ‫ّ‬ ‫ـابغة هتكـ ُ‬ ‫ـت َج‬ ‫عل‬ ‫حام‬ ‫فرو�ــا‬ ‫ِ‬ ‫‪َ .53‬وم َسـ ِـك سـ ٍ‬ ‫ب� ِ‬ ‫احلقيقة م ِ‬ ‫لسيف عن ي‬ ‫ـــاك غـــا� ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫التجـــار ُم َل َّ‬ ‫ـــو ِم‬ ‫ـــداح إذا شـــتا‬ ‫يـــداه ب� ِلق‬ ‫ـــذ‬ ‫هت ِ‬ ‫‪َ .54‬ر ِب ٍ‬ ‫ي ِ‬ ‫ت ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫رآ� قـــد ن ز� ُ‬ ‫لــــما ن‬ ‫لغـــر ُّ‬ ‫ّ‬ ‫تبـــم‬ ‫أريـــده‬ ‫لـــت‬ ‫أبـــدى نواجـــذه ي‬ ‫‪.55‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫خْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ث‬ ‫ّ‬ ‫‪ .56‬فطعنتـــه ب� ُّ‬ ‫صـــا�‬ ‫ـــد‬ ‫احلديـــدة ِمـــذ ِم‬ ‫لـــر ِحم � علوتـــه‬ ‫ب�هن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ُ‬ ‫هعـــدي بـــه َم َّ‬ ‫ُخ ِض َ‬ ‫ـــب َ‬ ‫البنان ور ُأســـه ب� ِلعظ ِ ِل‬ ‫ـــار ك ن�ـــا‬ ‫ـــد نال�‬ ‫‪.57‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫أّ‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫الســـب ِت ليس بتوأم‬ ‫رسحـــة‬ ‫بطـــل كن ثيابـــه ي�‬ ‫ٍ‬ ‫ي�ذى نعال ِ‬ ‫‪.58‬‬ ‫ٍ‬ ‫ت‬ ‫ـدواً‪،‬‬ ‫ـول واجــه فيــه عـ ّ‬ ‫هنــا لوحــة ثانيــة يفخــر فيهــا عنــرة بموقــف بطـ ي‬ ‫ـر� أن يمــدح خصمــه ف ي� الحــرب بالشــجاعة والرجولــة‬ ‫ومــن عــادة العـ ب ي‬ ‫وكمــال االســتعداد للحــرب‪ ،‬ألنــه بهــذا يزيــد مــن فخــره بنفســه‪ ،‬إذ‬ ‫هــو يواجــه خصمـاً شــديداً ال ضعيفـاً‪ ،‬فمــاذا قــال عنــه؟ لقــد وصفــه‬ ‫بأنــه لبــس ســاحه ك ّلــه‪ ،‬وكــره الرجـ ُ‬ ‫ـجعان منازلتــه؛ لمعرفتهــم‬ ‫ـال الشـ ُ‬ ‫ممــن ال يهربــون وال يستســلمون‪ ،‬قــال‪ :‬ومــع ذلــك‬ ‫بشـ ّـدة بأســه‪ ،‬وهــو ّ‬ ‫فقــد عاجل ُتــه بطعنــة بالرمــح المقـ ّـوم المسـ ّـوى‪ ،‬فم ّزقــت ثيابــه‪ ،‬ثــم‬ ‫قــال‪ :‬ليــس الكريــم عــى المــوت بمحـ ّـرم‪ ،‬أي إنـن ي قتلــت رجال ً شــجاعاً‬ ‫كريمـاً‪ ،‬ويُفهــم مــن قولــه هــذا أنــه ال يقتــل إال الشــجعان الكـرام‪ ،‬ال‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫و� كل ذلــك زيــادة ف ي� الفخــر‪.‬‬ ‫الوغــاد اللئــام‪ ،‬ي‬ ‫ثــم مــاذا؟ وقــع ذلــك الخصــم الشــديد قتيــا ً فتناوشــته الســباع‪،‬‬ ‫تأكلــه مــن رأســه إىل معصمــه‪ ،‬ولــم يكتــف عنـ تـرة بذلــك‪ ،‬بــل زاد صور َة‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫مدجــج‪ :‬مكتمــل الســاح‪ ،‬والــنِّ زال‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫المنازلــة ف ي� الحــرب‪ ،‬ومثقّــف‪ :‬رمــح‬ ‫ــدق‪ُ :‬صلــب‪،‬‬ ‫وص ْ‬ ‫ّ‬ ‫مقــوم مصلَــح‪َ ،‬‬ ‫العقــد الـ ت‬ ‫ـى تكــون ف ي� أنبــوب‬ ‫ـوب‪:‬‬ ‫ـ‬ ‫ُع‬ ‫والك‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ــد‬ ‫ومقــوم‪:‬‬ ‫الرمــح‪،‬‬ ‫مســوى قــد أُ ِع ّ‬ ‫ّ‬ ‫ًّ‬ ‫والر ِحيبة‪ :‬الواســعة‪ ،‬والفَرغان‪:‬‬ ‫للطعــن‪َّ ،‬‬ ‫مثــى فَــرغ‪ ،‬وهــو ف� أ‬ ‫مصــب‬ ‫صــل‬ ‫ال‬ ‫نّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫المــاء مــن الشــعاب والوديــة‪ ،‬وأ� بــه‬ ‫ــرس‪ :‬الصــوت‪،‬‬ ‫هنــا اســتعارةً‪َ ،‬‬ ‫والج ْ‬ ‫ـرم‪:‬‬ ‫ـس‪ :‬الطالــب للصيــد‪ ،‬والـ ض َُّّ‬ ‫ُ‬ ‫والمع َتـ ّ‬ ‫الجيــاع‪ .‬وشــ َككْت‪� :‬ض بــت �ض بــاً‬ ‫أ‬ ‫الصلْــب‪ ،‬والقَنــا‪:‬‬ ‫منتظمــاً‪ ،‬وال ّ‬ ‫صــم‪ُّ :‬‬ ‫ــزر الســباع‪ :‬أي مجــزوراً‬ ‫وج َ‬ ‫الرمــاح‪َ ،‬‬ ‫مقتــوال ً تأكله الســباع‪ ،‬ويَ ُنشْ ـ َنه‪ :‬يتناول َنه‪،‬‬ ‫وقُلــة الــرأس‪ :‬أعــاه‪ ،‬والســابغة‪:‬‬ ‫الــدرع‪َ ،‬وم َسـكُّها موضــع المســمار منهــا‪،‬‬ ‫والمعلَــم‪:‬‬ ‫والفُــروج‪ :‬أوســاط الــدرع‪ُ ،‬‬ ‫ورِبــذ‪:‬‬ ‫الــذي لــه عالمــة يُعــرف بهــا‪َ ،‬‬ ‫والقــداح‪ :‬جمـ ُـع ِقـ ْـدح‪،‬‬ ‫رسيــع الـ ضـرب‪ِ ،‬‬ ‫ف‬ ‫وهــو مــا يُســتعمل ي� الميــر والقمــار‪،‬‬ ‫و�ض بــه هنــا مثــا ً عــى خفّتــه‪ ،‬وشــتا‪:‬‬ ‫دخــل ف ي� الشــتاء‪ ،‬وه ّتــاك‪ :‬شــديد‬ ‫اله ْتــك‪ ،‬وغايــات‪ :‬عالمــات ورايــات‪،‬‬ ‫لــوم‪ :‬يُــام‬ ‫الخمــارون‪ُ ،‬‬ ‫وم َّ‬ ‫وال ِّتجــار‪ّ :‬‬ ‫كثـ يـراً عــى إنفاق مالــه‪ ،‬والنواجــذ‪ :‬أواخر‬ ‫أ‬ ‫ال�ض اس‪ ،‬والمه ّنــد‪ :‬الســيف‪ِ ،‬ومخْ ــذَ م‪:‬‬ ‫ومــد النهــار‪ :‬أولــه‪ ،‬والبنــان‪:‬‬ ‫قاطــع‪َّ ،‬‬ ‫أ‬ ‫خضــب به‪،‬‬ ‫والعظ ِْلــم‪ :‬نبــات يُ َ‬ ‫الصابــع‪ِ ،‬‬ ‫والسحــة‪ :‬شــجرة عظيمــة‪ ،‬ويُحــذَ ى‪:‬‬ ‫َّ ْ‬ ‫جلدهــا‬ ‫السـ ْبت‪ :‬مدبــو ٌغ ُ‬ ‫يُ َلبــس‪ ،‬ونعــال ِّ‬ ‫َــرظ‪.‬‬ ‫بنبــات يُ ّ‬ ‫ســمى الق َ‬

‫‪48. How many bristling foes shunned by all warriors,‬‬ ‫ ‬ ‫‪nor quick to flee nor apt to yield in fear,‬‬

‫‪49. have my hands blessed with lunges quick and light‬‬ ‫ ‬ ‫‪from a well-tempered, tall and strong-backed spear,‬‬ ‫‪50. as I land two-edged gashes with a thud‬‬ ‫ ‬ ‫‪that in the night makes hungry wolves advance.‬‬ ‫—‪51. I split both mail and frock with my great pike‬‬ ‫ ‬ ‫—!‪even the best are not safe from my lance‬‬

‫‪52. then leave him carrion for beasts to dine,‬‬ ‫ ‬ ‫‪all of him, from his head down to his wrists.‬‬ ‫‪53. And tight-linked armor did I rip with sword‬‬ ‫ ‬ ‫‪from off the standard bearer in their midst.‬‬

‫‪54. He was lavish! Deft hands at dice in winter,‬‬ ‫ ‬ ‫‪he wrecked the pub’s supply and closed the inn.‬‬ ‫‪55. When he saw me come down to take his life,‬‬ ‫ ‬ ‫ ‪he flashed his teeth—only not in a grin.‬‬

‫‪56. I rammed him with my lance, then overtook‬‬ ‫ ‬ ‫;‪him with a shiny, keen-edged Indian blade‬‬

‫‪57. midday I saw him caked with blood, as if‬‬ ‫ ‬ ‫‪his head and hands with indigo were stained.‬‬ ‫;‪58. A born hero, like a Meru tree in clothes‬‬ ‫ ‬ ‫‪reared strong in leather boots, an only boy.‬‬

‫وإقدامــه وأفعا ِلــه الكبـ يـرة إيضاحـاً وتفصيـاً؛ ليتمـ ّـدح بذلــك‬ ‫ـجاعته‬ ‫ِ‬ ‫شـ ِ‬ ‫ك ّلــه أمــام عبلــة وقومهــا‪ ،‬فقــال‪ :‬إن الــدرع الســابغة القويــة الصنــع‬

‫‪326‬‬

‫‪327‬‬


‫شداد ‪ʿ Antarah bin Shaddad‬‬ ‫عنترة بن ّ‬

‫قــد تق ّطعــت تحــت �ض بــات ســيفه‪ ،‬ولكــن مــن كان تحــت تلــك الدرع؟‬ ‫قومــه‪ ،‬وهــو مشــهور فيهــم‬ ‫إنــه خصمــه الــذي وصفــه بأنــه يحمــي َ‬ ‫ُمع لــم بعالمــة تُــ َـم ي ز�ه عــن غـ يـره‪ ،‬وهــو ‪-‬أي الخصــم‪ -‬مشــهور ف ي� قومــه‬ ‫بأنــه يدخــل ف� الميــر‪ ،‬ض‬ ‫ويــرب بالقــداح‪ ،‬ويُنفــق مالــه‪ ،‬ش‬ ‫ويــرب‬ ‫ي‬ ‫وكل تلــك مــن صفــات الكريــم عندهــم‪ ،‬فهــو مشــارك �ف‬ ‫الخمــر‪ّ ،‬‬ ‫ي‬

‫العــر واليــر‪ ،‬كريــم جــواد‪.‬‬ ‫وأراد ت‬ ‫عنــرة أن يلتقــط صــورة جانبيــة يــرى فيهــا متعتــه الفنيــة‬

‫ت‬ ‫ش‬ ‫ـس‬ ‫والنفســية‪ ،‬فقــال‪ :‬إن ذلــك الخصــم الشــجاع لمــا رأى عنــرة يمـ ي‬ ‫مكــراً‪،‬‬ ‫إليــه‪ ،‬نــازال ً عــن فرســه‪ ،‬شــاهراً ســاحه‪ ،‬ظهــرت نواجــذه‪ ،‬ش ِّ‬ ‫ألنــه معتــاد عــى مقارعــة أ‬ ‫البطــال‪ ،‬فعاجلــه عنـ تـرة بالرمــح فطعنــه‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫�ض‬ ‫ـول قــد يبلــغ‬ ‫ثــم زاد أن بــه بالســيف القاطــع‪ ،‬وهنــا مشــهد بطـ ي‬ ‫مبلــغ أ‬ ‫الســطورة الخارقــة؛ ألنــه يصــف نفســه بأنــه كان يحمــل الرمــح‬

‫ـ� متواليتـ ي ن‬ ‫والســيف معـاً‪ ،‬وأنــه اقتــدر عــى �ض بتـ ي ن‬ ‫ـ�‪ ،‬واحــدة بالرمــح‪،‬‬ ‫وثانيــة بالســيف‪ ،‬ثــم إنــه لمــا خـ ّـر الخصــم رصيع ـاً ف ي� أول النهــار‪،‬‬ ‫وتحديــد أولــه لمزيــد مــن الفخــر بأنــه ال يعجــز عــن قتــل أ‬ ‫البطــال‬ ‫ض‬ ‫ـرج بدمــه‪ ،‬صــار كأن رأســه وأصابعــه ُصبغــت‬ ‫رسيع ـاً‪ ،‬لمــا خـ ّـر وتـ ّ‬ ‫الع ْظ ِلــم‪.‬‬ ‫ُبعصــارة نبــات ِ‬ ‫ثــم هــل اكتفــى عنـ تـرة بتلك أ‬ ‫الوصــاف للخصــم؟ ال فقــد زاد أن وصفه‬ ‫بضخامــة الجســم‪ ،‬فــكأن ثيابــه عــى رسحــة عظيمــة‪ ،‬وهــو ممــن يُ َلبس‬

‫تلــك النعــال الكبـ يـرة‪ ،‬وقــد ُو ِلــد –أي الخصــم‪ -‬وحيــداً ليــس لــه توأم‪،‬‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫و� ظ ّنهــم الغالــب‪ -‬يكــون أضعــف مــن غـ يـره‪.‬‬ ‫والتــوأم ي‪ �-‬العــادة‪ ،‬ي‬ ‫فهــذا الخصــم لــم يكــن ضعيفـاً‪.‬‬

‫ـر� يفخــر بقتــل الشــجعان‬ ‫وهــذا يؤ ّكــد مــا ذُكــر ســابقاً مــن أن العـ ب ي‬ ‫المشــهورين‪ ،‬فمدحــه للخصــم القتيــل مــدح لنفســه‪ ،‬ثــم فيــه زيــادة‬ ‫فخــر بالشــجاعة وشــدة البــأس؛ ألنــه إذا كان يســتطيع قتــل الفــارس‬

‫الشــجاع فهــو عــى مــن دونــه أقــدر‪.‬‬

‫‪328‬‬


‫شداد ‪ʿ Antarah bin Shaddad‬‬ ‫عنترة بن ّ‬

‫المشهد الحادي عشر‬ ‫موقف مع المحبوبة‬ ‫ ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ي� شــاة مــا ق َنــص ملــن َحلـ ْ‬ ‫عـــ� و ت‬ ‫لي�ـــا مل ت� ُ‬ ‫ُ‬ ‫ـت هل‬ ‫ـــر ِم‬ ‫‪.59‬‬ ‫ٍ‬ ‫حرمـــت َّي‬ ‫�ت‬ ‫واعمل‬ ‫فتجســـ� أخبارهـــا َيل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫فقلت هلا اذه�ب ي‬ ‫‪ .60‬فبعثت جاري ي‬ ‫ٌ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫قالت‪ :‬ر ُ‬ ‫َ‬ ‫أيت من العادي ِغ ّرة‬ ‫ـــ�‬ ‫‪.61‬‬ ‫والشـــاة ممكنة ملن هو مرتـ َ ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ـــر أر�ث‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫دايـــة‬ ‫يـــد ج ٍ‬ ‫‪ .62‬وك�ـــا التفتـــت ب ِج� ِ‬ ‫رشـــأ مـــن ِ‬ ‫ٍ‬ ‫الغ ِ‬ ‫ـــزالن ح ّ ٍ‬ ‫انتقــل الشــاعر ف ي� هــذا المقطــع انتقــاال ً مفاجئــاً إىل المــرأة‪ ،‬وهــي‬ ‫ت‬ ‫الــى ذكرهــا ف ي� أول القصيــدة‪ ،‬رجــع إليهــا بعــد أن‬ ‫المحبوبــة عبلــة ي‬ ‫أدخلنــا ف ي� معمعــة الحــرب والـ ضـرب والطعــن‪ ،‬ومشــاهد الدمــاء‪ ،‬وهــو‬ ‫لــم يفعــل ذلــك؛ ّإل ألنــه يريــد الفخــر بنفســه وهــي تســمع‪.‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫الشــاة هنــا شــاة بقــر الوحــش‪ ،‬وهــي‬ ‫وكــى‬ ‫مــن كرائــم الصيــد عندهــم‪ ،‬ن ّ‬ ‫بهــا عــن المــرأة‪ ،‬وال َق َنــص‪ :‬الصيــد‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ـر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والتجســس‪ :‬تعـ ّـرف الحــوال ي� الـ ّ‬ ‫والمرتمــي‪ :‬الصائــد‪،‬‬ ‫والغـ ّـرة‪ :‬الفرصــة‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫والجدايــة‪ :‬الظبيــة الصغـ يـرة‪ ،‬وكذلــك‬ ‫َ‬ ‫الرشــأ‪ ،‬والأرثــم‪ :‬الــذي ف ي� شــفته العليــا‬ ‫َّ‬ ‫بيــاض أو ســواد‪.‬‬

‫?‪59. O fawn, why can’t I hunt you, but they can‬‬ ‫ ‬ ‫‪I wished to God that I could chase this doe.‬‬

‫‪60. I sent my handmaid to her: Go and find‬‬ ‫ ‬ ‫ !‪what news of her, then tell me. Don’t you wait‬‬ ‫ ‬ ‫‪61. She said: I saw the foes were off their guard‬‬ ‫ ‬ ‫‪and the fawn’s there to have if you shoot straight,‬‬ ‫‪62. then turned like a snub-nosed gazelle would turn,‬‬ ‫ ‬ ‫‪with spotted lip, offering its tender throat.‬‬

‫ـت ام ـرأة كأنهــا أنـ ثـى بقــر الوحــش صالحــة للصيــد‪ ،‬أي‬ ‫فقــال‪ :‬أحببـ ُ‬ ‫محرمــة عليــه‪ ،‬ألنهــا‬ ‫للتغـ ّزل بهــا والتقـ ّـرب منهــا‪ ،‬قيــل‪ :‬وصفهــا بأنهــا ّ‬ ‫جارتــه‪ ،‬أو امـرأة أبيــه‪ ،‬أ‬ ‫والقــرب أنــه أراد أنهــا محرمــة عليــه؛ لمــا بـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫ّ‬ ‫قومــه وقومهــا مــن العــداوة‪ .‬وهــا هنــا صــورة لطيفــة يضعنــا الشــاعر‬ ‫فيهــا‪ ،‬فهــذا البطــل الــذي يقتــل الشــجعان ويـ ضـرب بالســيف والرمــح‪،‬‬ ‫ضعيــف تُجــاه الحــب‪ ،‬فهــا هــو يسـ ي ن‬ ‫ـتع� بجاريتــه‪ ،‬لتتجســس عــى‬

‫المحبوبــة وقومهــا‪ ،‬وهــا هــي ترجــع قائلــة‪ :‬إنــه يمكنــك أن تجــد‬ ‫فرصــة إن أردت صيــد الغزالــة‪.‬‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫غــر أن‬ ‫الخصلتــ�‬ ‫إنــه اجتمــاع‬ ‫ظــن أنهمــا متناقضتــان‪ ،‬ي‬ ‫اللتــ� يُ ّ‬ ‫النفــس ش‬ ‫الب�يــة يمكــن أن تحويهمــا‪ ،‬خصلــة الضعــف تُجــاه الجمــال‪،‬‬ ‫ـدو؛‬ ‫واالرتمــاء عنــده‪ ،‬وخصلــة الشــجاعة وشــدة البــأس والفتــك بالعـ ّ‬ ‫رق ت‬ ‫ــغل بوصــف المحبوبــة بأنهــا‬ ‫ولهــذا ّ‬ ‫عنــرة رقــةً شــديدة ُ‬ ‫فش ِ‬

‫ت‬ ‫ـى مــن صفاتهــا الرثَــم وهــو البيــاض أو الســواد‬ ‫كالظبيــة الصغـ يـرة الـ ي‬ ‫ف ي� الشــفة العليــا‪.‬‬

‫‪330‬‬

‫‪331‬‬


‫شداد ‪ʿ Antarah bin Shaddad‬‬ ‫عنترة بن ّ‬

‫وهــذا أ‬ ‫المــر‪ ،‬أعـن ي اجتمــاع الرقــة والشــدة ف ي� شــخصية واحــدة يظهــر‬ ‫و� نتــاج أد� متعــدد اللغــات‪ ،‬ففــي أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫الدب‬ ‫بي‬ ‫ي� ثقافــات شــعوب عـ ّـدة‪ ،‬ي‬ ‫ـ� مثـا ً نلتقــي شــخصية (سـ يـرانو دي برجـراك) الــذي كان بطـا ً‬ ‫الفرنـ ي‬

‫ـن دمامتــه وكـ ب َـر أنفــه سـ ّـببا لــه عقــدة شــديدة‪ ،‬وكان فارسـاً‬ ‫شــاعراً‪ ،‬ولكـ ّ‬ ‫شــديداً عــى خصومــه‪ ،‬كثـ يـر االنتصــار عليهــم‪ ،‬ومــات مقتــوال ً كعنـ تـرة‪.‬‬ ‫ف‬ ‫و� كالمــه تظهــر خصلتــا‬ ‫ِ‬ ‫فصفَتــا (الشــاعر والفــارس) تجتمعــان فيــه‪ ،‬ي‬ ‫الحــب والبطولــة الخارقــة‪ .‬فهــو شــبيه بعنـ تـرة مــن هــذا الجانــب‪.‬‬

‫‪332‬‬


‫شداد ‪ʿ Antarah bin Shaddad‬‬ ‫عنترة بن ّ‬

‫المشهد الثاني عشر‬ ‫من صور البطولة‬ ‫ ‬ ‫ُ َ خْ َ ٌ‬ ‫ُن ّبئ ـ ُ‬ ‫ـت َ ْع ـ ًرا غ ـ ي َ‬ ‫ثـــة لنفـــس ُ‬ ‫ـر ش ــاكر نعم ـ ت‬ ‫ـي‬ ‫امل ِنع ِم‬ ‫والكفـــر مب‬ ‫‪ِ .63‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫َ ضَ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫مع ب�لضىح‬ ‫الفم‬ ‫إذ تق ِلص‬ ‫ِ‬ ‫الشفتان عن و ِ� ِ‬ ‫‪ .64‬ولقد حفظت وصاة َي‬ ‫أ‬ ‫ُ َ َ َُْ‬ ‫�غ‬ ‫‪ .65‬ف ي� حومـ ِـة املـ ِ ت‬ ‫ـتك‬ ‫ر ِتا�ـــا البطـــال يغ� تــــغمغ ِم‬ ‫ـي ال َتشـ ي‬ ‫ـوت الـ َ ي‬ ‫أَ‬ ‫ْ‬ ‫ـــق ُم َ‬ ‫تضاي َ‬ ‫السـ ّ‬ ‫ع�ـــا‪ ،‬و نّ‬ ‫لكـــي َ‬ ‫ن‬ ‫خـــ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ـم‬ ‫أ‬ ‫ـم‬ ‫ـ‬ ‫لـ‬ ‫ة‬ ‫ـن‬ ‫�‬ ‫ـون‬ ‫ـ‬ ‫يتق‬ ‫إذ‬ ‫م‬ ‫قد‬ ‫ِ‬ ‫‪.66‬‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫�تأ‬ ‫َ‬ ‫َ ف‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫‪ .67‬ملــا مسعــت نــداء مـ ّـرة قــد عــا‬ ‫ي‬ ‫وابـــي ربيعـــة ي� الغبـــار الق ّ ِ‬ ‫ُ ت‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ومـح ِّــلــــ ٌـم يسعون ت�ت ئ‬ ‫لـــواء ِآل َم ِ ِل‬ ‫واملـــوت �ـــت‬ ‫لوا�م‬ ‫‪.68‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ُ ثَّ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ئ‬ ‫ُ‬ ‫ض‬ ‫ـــر عن الفر ِاخ الــــج�‬ ‫‪ .69‬أيقنــت أن ســيكون عنــد لقا�ــم‬ ‫�ب ي ِط ي‬ ‫عنــرة الفــارس المجــرب أ‬ ‫هــا هنــا تجيــش نفــس ت‬ ‫للهــوال‪ ،‬فيبــدأ‬ ‫ّ‬ ‫ســماه َع ْمــراً‪ ،‬ذاكــراً أنــه لــم يشــكر‬ ‫مقطعــه هــذا إ‬ ‫بالشــارة إىل مــن ّ‬ ‫نعمتــه‪ ،‬ثــم أطلــق حكمــةً تصلــح لـ ّ‬ ‫ـكل زمــان ومــكان‪ ،‬وهــذه الظاهــرة‬ ‫الحكميــة‪ -‬شــائعة ف ي� شــعر القدمــاء‪ ،‬بــل ربمــا‬ ‫–أع ـن ي إرســال الكلمــة ِ‬ ‫تكــون مــن دالئــل براعــة الشــاعر عنــد بعــض النقــاد‪ ،‬ألن الحكمــة‬ ‫تحفــظ الشــعر‪ ،‬وتجعلــه ســائراً عــى أ‬ ‫اللســن‪ ،‬ومفهــوم هــذا الشــطر‬ ‫الــذي صــار حكمــة هــو أن مــن يقـ ّـدم الخـ يـر للنــاس‪ ،‬فــا يشــكرونه‬ ‫خبثــت‬ ‫عليــه‪ ،‬يجعلــه يكـ ّـف عــن تقديــم الخـ يـر للنــاس‪ ،‬فــكأن نفســه ُ‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫الخ َبــث‪ ،‬والتــاء‬ ‫َمخْ بثــة‪:‬‬ ‫يــورث َ‬ ‫ّ‬ ‫فيــه ليســت للتأنيــث بــل للمبالغــة‪،‬‬ ‫الوصيــة‪ ،‬وتقلــص‪ :‬تتشــ ّنج‬ ‫الوصــاة‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ووضــح الفــم‪ :‬مــا يتبـ ي ّ ن‬ ‫ـ� منه‪،‬‬ ‫وترتفــع‪َ ،‬‬ ‫وحومــة المــوت‪ :‬المــكان الــذي تشــتد‬ ‫فيــه الحــرب‪ ،‬والغَ مــرات‪ :‬الشــدائد‪،‬‬ ‫وال َّتغَ ْمغُ ــم‪ :‬التحــدث بصــوت الــذي ال‬ ‫يُفهــم‪ ،‬والأسـ ّنة‪ :‬جمــع ســنان‪ ،‬وخــام‬ ‫الــسء يَخيــم‪ :‬ب ُ ن‬ ‫عــن ش‬ ‫جــ� تف�اجــع‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ــرة‬ ‫ْــدم‪ :‬موضــع إ‬ ‫والمق َ‬ ‫القــدام‪ُ .‬‬ ‫ُ‬ ‫وم ّ‬ ‫وابنــا ربيعــة ومحلِّــم مــن الرجــال‬ ‫ين‬ ‫المشــارك� ف ي� الحــرب‪ ،‬والأقتــم‪:‬‬ ‫والجثَّــم‪ :‬جمــع‬ ‫المائــل إىل الســواد‪ُ ،‬‬ ‫جاثــم‪ ،‬أي بــاق ف� عشــه‪ ،‬ف‬ ‫و� ت‬ ‫ال�كيــب‬ ‫ٍ ي ّ‬ ‫ي‬ ‫ـر‬ ‫مفعــول بــه محــذوف‪ ،‬وتقديــره‪ :‬يُطـ ُي‬ ‫الهــام عــن الفــراخ‪ ،‬والهــام‪ :‬جمــع‬ ‫َ‬ ‫هامــة‪ ،‬وهــو الــرأس‪.‬‬

‫‪63. I was warned: ʿAmr didn’t care for my gifts,‬‬ ‫ ‬ ‫‪which carelessness can sink a giver’s heart.‬‬

‫‪64. Well did I keep my uncle’s words at morn‬‬ ‫ ‬ ‫‪as his lips curled back from clear white teeth,‬‬

‫‪65. grimacing in pangs of death, which true heroes‬‬ ‫ ‬ ‫ ‪do not deplore except with muffled breath.‬‬ ‫ ‬ ‫‪66. My battlemates pressed me into the pikes:‬‬ ‫ ‬ ‫‪though trapped, I held on fast and didn’t run.‬‬ ‫‪67. When in the battle’s dust I heard the cry‬‬ ‫ ‬ ‫‪of Murra go up; and Rabī�ʿa’s sons‬‬

‫‪68. with Muhallim they strove below their banner,‬‬ ‫ ‬ ‫‪while death itself stood near Muhallim's flag,‬‬ ‫‪69. I knew that meeting them would bring a clash‬‬ ‫ ‬ ‫‪so strong, it could drive a bird from her eggs.‬‬

‫بســبب ذلــك الكفــر‪.‬‬

‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫الــى جعلــت جمهــرة مــن الشــعراء‬ ‫إن الرغبــة ي� بقــاء الثــر هــي ي‬ ‫وأ� تمــام‬ ‫يكــرث ون مــن الحكمــة ف ي� قصائدهــم‪،‬‬ ‫والمتنــى‪،‬‬ ‫ي‬ ‫كزهــر ب ي‬ ‫بي‬ ‫ن‬ ‫المعــى‬ ‫متهيئــة ألن تصــوغ‬ ‫وكانــت نفوســهم وعقولهــم مســتعدة ّ‬ ‫العميــق‪ ،‬ف ي� ألفــاظ قليلــة وتراكيــب ســهلة‪.‬‬ ‫ثــم يرجــع عنـ تـرة إىل نفســه‪ ،‬فيخـ بـر أنــه حفــظ وصيــة عمــه‪ ،‬وهمــا ف ي�‬ ‫موقــف تتق ّلــص فيــه الشــفاه مــن الــروع‪ ،‬وهــو موقــف الحــرب‪ ،‬ولكنــه‬ ‫موقــف يكــون فيــه أ‬ ‫البطــال صابريــن‪ ،‬وإن َش ـك َْوا فشــكواهم بصــوت‬

‫‪334‬‬

‫‪335‬‬


‫شداد ‪ʿ Antarah bin Shaddad‬‬ ‫عنترة بن ّ‬

‫يُســمع وال يُفهــم‪ ،‬وليــس كتصويــت الجبنــاء أو الضعفــاء‪ .‬ثــم يقــول‪،‬‬ ‫ونفســه تجيــش أنفــةً واعتــداداً‪ :‬ف ي� موقــف الحــرب كان النــاس يتقــون ب ي�‬ ‫أ‬ ‫السـ ّنة‪ ،‬أي يجعلونـن ي بينهــم وبينهــا‪ ،‬وهــذا أعظــم مظاهــر الفخــر‪،‬‬ ‫ـرح‬ ‫فهــو قطــب قومــه‪ ،‬وغوثهــم الــذي إليــه يفزعــون‪ ،‬ولكنــه هنــا يـ ّ‬ ‫بأنــه ف� ذلــك الموقــف لــم يجـ ب ن‬ ‫ـ� وإن لــم يســتطع التقـ ّـدم‪.‬‬ ‫ي‬

‫ثــم يدخــل عنـ تـرة ف ي� بعــض تفاصيــل الحــرب‪ ،‬فيذكــر أنــه رأى وســمع‬ ‫بعــض مــن ســماهم مــن أ‬ ‫البطــال الذيــن اشـ تـركوا ف ي� الحــرب‪ ،‬موقن ـاً‬ ‫ّ‬ ‫أنــه ســيقع قتــال شــديد‪ ،‬تطــر بســببه الــرؤوس عــن أ‬ ‫العنــاق‪ ،‬و�ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫التعبـ يـر مجــاز ظاهــر‪ ،‬فقــد عـ ب ّـر بالفـراخ‪ ،‬وهــو يريــد الرجــال‪ ،‬وكأنــه‬ ‫أ‬ ‫ـن‪.‬‬ ‫سـ ُـي ِثكل المهــات بقتــل أوالدهـ ّ‬

‫‪336‬‬


‫شداد ‪ʿ Antarah bin Shaddad‬‬ ‫عنترة بن ّ‬

‫المشهد الثالث عشر‬ ‫في معمعة الحرب‬ ‫ ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫‪ .70‬مل ــا رأي ــت الق ــوم أقب ــل ج� ُع ــم‬ ‫غـــر ُمذ َّ ِم‬ ‫يتذامـــرون كـــررت ي‬ ‫ُ ئ ف َ‬ ‫أ‬ ‫ُ أ‬ ‫‪ .71‬يدعـــون ت َ‬ ‫عنـــر‬ ‫والرمـــاح ك نّ�ـــا‬ ‫دمه‬ ‫بـــان ال ِ‬ ‫بـــر ي� ل ِ‬ ‫أشـــطان ٍ‬ ‫َ‬ ‫ىت َ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أرم� ــم بغ ـ ّـر ِة ج‬ ‫لـــدم‬ ‫و� ــه‬ ‫ولبا ِنـــه حـــ‬ ‫تس َبـــل ب� ِ‬ ‫‪ .72‬م ــا زل ــت ي‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ـــر ٍة َ‬ ‫وتـ َح ْ‬ ‫وقـــع القنـــا بلبا ِنـــه‬ ‫‪ .73‬واز َو ّر مـــن‬ ‫ــــم ُح ِم‬ ‫إل َبع ْب‬ ‫وشـــا َّي‬ ‫ِ‬ ‫َ ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫‪ .74‬لــو اكن يــدري ما احملاورة اشــتىك‬ ‫لك‬ ‫ولـــان لو عـــم الــلام م ِ ي‬ ‫ن َ َ‬ ‫ً‬ ‫والي ـ ُـل تقتح ـ ُـم خَ‬ ‫َ‬ ‫خ‬ ‫الب ـ َـار عوابس ــا‬ ‫شـــيظم‬ ‫وأجرد‬ ‫مة‬ ‫ب� شـــيظ ٍ‬ ‫‪.75‬‬ ‫من ي‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ف‬ ‫�ت‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الفوارس‪ :‬ويـــك عن‬ ‫ِقيل‬ ‫أقدم‬ ‫وأ�أ س ــقمها‬ ‫ِ‬ ‫ـ� ب‬ ‫ِ‬ ‫‪ُ .76‬و ُلق ــد ش ــى نف ـ ي‬ ‫أ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫حيث ُ‬ ‫وأحف ُ‬ ‫شئت ُ‬ ‫ـــزه ب�مـــر ُم ب َ‬ ‫ـــر ِم‬ ‫قلـــي‪،‬‬ ‫شايع‬ ‫م‬ ‫‪،‬‬ ‫راك�‬ ‫ل‬ ‫‪ .77‬ذل‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫يب‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ٌ‬ ‫ـيت �ن َ‬ ‫دا�ة عىل نَ ْ ضَ ْ َ‬ ‫للحـــرب ئ‬ ‫أموت ومل ُتد ْر‬ ‫خشـ ُ ب‬ ‫‪ .78‬ولقد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ابـــي ��ض ِ‬ ‫ْ ي‬ ‫قَ‬ ‫ض‬ ‫تَ‬ ‫َِ ن‬ ‫دم‬ ‫ـر� ومل أش ـ ِـتمهما‬ ‫‪ .79‬الش ــا� ي ْ� ِع ـ ي‬ ‫والنـــاذر ي ِ� إذا مل ال�مـــا ي‬ ‫ّ‬ ‫إن يفع ــا فلق ــد ت�ك ـ ُ‬ ‫َ‬ ‫ولك نرس َق ْش َ‬ ‫ـــعم‬ ‫جز َر‬ ‫ـت بأ�مه ــا‬ ‫‪.80‬‬ ‫الســـباع ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ف ي� هــذا المقطــع دخــل الشــاعر إىل تفصيــل بعــض مــا وقــع ف ي� الحرب‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ـض‬ ‫فقــد كان واقفـاً يســتعد لخــوض غمارهــا‪ ،‬فـرأى جمــع العــداء يحـ ّ‬ ‫بعضهــم بعضـاً عــى القتــال‪ ،‬فكـ ّـر عليهــم‪ ،‬أي هجــم‪ ،‬ودخــل غمــار‬ ‫ُ‬ ‫الحــرب‪ ،‬وهــو ف ي� أثنــاء ذلــك يســمع أصحابــه ينادونــه‪ :‬يا عنـ تـرة‪ ،‬وكانت‬ ‫الرمــاح قــد بــدأت تســقط عــى جــواده ومــن حولــه‪ ،‬حـ تـى صــارت وهــي‬ ‫منغــرزة ف ي� صــدره كحبــال بـرئ ‪ ،‬ومــع ذلــك فقــد تابــع القتــال‪ ،‬وأقــدم‬ ‫يتقدمــه صــدر جــواده ووجهــه‪ ،‬حـ تـى اكتــى الجــواد دمـاً‪.‬‬ ‫عليهــم ّ‬ ‫وهــا هنــا تقتحــم القريحــة الشــعرية الموقــف‪ ،‬وإذا بالجــواد يميــل‬ ‫برأســه إىل عنـ تـرة‪ ،‬ويشــكو إليــه بدمعــة وصــوت أقــل مــن الصهيــل‪،‬‬ ‫قــال‪ :‬ولــو كان هــذا الجــواد يعقــل ويتكلــم لقــال مــا لــم يقلــه بالدمــع‬ ‫والصــوت الخفـ ّـي‪.‬‬ ‫ف‬ ‫و� أثنــاء ذلــك كان وطيــس المعركــة حاميـاً‪ ،‬فالخيــل بذكورهــا الطــوال‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫نفســه ف ي� ذلــك‬ ‫وإناثهــا تقتحــم الرض ّ‬ ‫اللينــة‪ ،‬ولــم يجــد مــا يشــفي َ‬

‫‪338‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫يحــض بعضهــم بعضــاً‬ ‫يتذامــرون‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫عــى القتــال والثبــات ف ي� الحــرب‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ـى تُمـ ّـد ف ي� البـرئ ‪،‬‬ ‫والشــطان‪ :‬الحبــال الـ أ ي‬ ‫واللِّبــان‪ :‬الصــدر‪ ،‬والدهــم‪ :‬الفــرس‬ ‫ذات اللــون الــذي بـ ي ن‬ ‫ـ� البياض والســواد‪،‬‬ ‫أ‬ ‫مقدمــه‪،‬‬ ‫أو هــو الســمر‪ ،‬و ُغـ ّـرة الوجــه‪َّ :‬‬ ‫وترسبــل‪ :‬اكتــى‪ ،‬واز َْو ّر‪ :‬انعطــف‬ ‫ــرة‪:‬‬ ‫مائــا ً‪ ،‬والقنــا‪ :‬الرمــاح‪َ ،‬‬ ‫والع ب ْ‬ ‫ـح ْم ُحم‪ :‬صــوت متق ّطــع‬ ‫الدمعــة‪ ،‬وال َّتــ َ‬ ‫أقــل مــن الصهيــل‪ ،‬والخَ بــار‪ :‬أ‬ ‫ّ‬ ‫الرض‬ ‫اللينــة‪ ،‬والشــيظمة‪ :‬الفــرس الطويلــة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫والأجــرد‪ :‬القصـ يـر الشــعر‪ ،‬والشَّ ــيظم‪:‬‬ ‫مكونــة مــن‬ ‫الجــواد الطويــل‪ ،‬و َويْــكَ ‪ّ :‬‬ ‫كلمتـ ي ن‬ ‫ـ�‪َ ،‬وي‪ :‬وهــي كلمــة تُقــال للتنديــم‬ ‫َــب مــا يُؤمــر‬ ‫إن لــم يفعــل المخاط ُ‬ ‫بــه‪ ،‬والــكاف للخطــاب‪ ،‬وقيــل‪ :‬هــي‬ ‫مخففــة مــن (ويلــك)‪ .‬و ُذلُــل‪ :‬جمــع‬ ‫والــركاب‪ :‬إالبــل‪ ،‬ومشــايعي‪:‬‬ ‫َذلُــول‪ِّ ،‬‬ ‫ـرم‪:‬‬ ‫والمـ ْ َب‬ ‫ـى‪ ،‬وأحفــزه‪ :‬أدفعــه‪ُ ،‬‬ ‫مصاحـ ب ي‬ ‫ــرم‬ ‫ه‬ ‫همــا‬ ‫ــم‬ ‫ض‬ ‫م‬ ‫ض‬ ‫وابنــا‬ ‫َم‪.‬‬ ‫الـــمحك‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫وح ي ن‬ ‫دمــه‪ :‬أي‬ ‫الـــم ِّريان‪ ،‬ونــذر َ‬ ‫صــ� ُ‬ ‫ُ‬ ‫تو َّعــده بالقتــل‪ ،‬وكافــأ مــن يقتلــه‪ ،‬وج َزر‬ ‫الســباع‪ :‬مجــزوراً مقتــوال ً تأكلــه الســباع‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫الكبــر‪.‬‬ ‫ــعم‪ :‬النــر‬ ‫والقَشْ َ‬ ‫ي‬

‫‪70. When I saw the nemesis charge en mass‬‬ ‫ ‬ ‫ ‪and goad each other, flawlessly I pressed.‬‬

‫‪71. ʿAntarah! they taunted, with taut spears‬‬ ‫ ‬ ‫‪like pulley-ropes dug into my stallion’s chest.‬‬ ‫‪72. And on and on I charged the steed at them,‬‬ ‫ ‬ ‫‪withers and throat, till all in blood was dyed.‬‬ ‫‪73. My horse pulled back from lances at its front‬‬ ‫ ‬ ‫;‪and whimpering, it protested and cried‬‬

‫‪74. had it the gift of gab, it would complain,‬‬ ‫ ‬ ‫‪and could it speak at all, would vex my ears.‬‬

‫‪75. Baying, the horses dove into the earth,‬‬ ‫ ‬ ‫ ;‪whether long-bodied stallions or giant mares‬‬ ‫ ‬ ‫‪76. my soul was sick and cursed, but all was healed‬‬ ‫ ‬ ‫!‪when my comrades cried out, Go ʿAntarah‬‬ ‫‪77. My camels all submit. Wherever I go,‬‬ ‫ ‬ ‫‪there goes my heart, alive with anima.‬‬

‫‪78. I’d hate to die before the Wheel of Death‬‬ ‫ ‬ ‫‪has ground these boys of Damdam into rot,‬‬

‫‪79. who mocked my honor when I hadn’t theirs‬‬ ‫ ‬ ‫‪and craved my blood before we’d even fought.‬‬

‫‪80. And if they act? Well, I left their father dead,‬‬ ‫ ‬ ‫ !‪a dinner for hyenas lame and stout‬‬ ‫ ‬

‫‪339‬‬


‫شداد ‪ʿ Antarah bin Shaddad‬‬ ‫عنترة بن ّ‬

‫الموقــف ســوى ســماعه أصــوات الفــوارس أ‬ ‫البطــال مــن قومــه يقولــون‬ ‫ت‬ ‫ـث عنــه‪ ،‬بــأن‬ ‫ـ� الــذي كان يبحـ ُ‬ ‫لــه‪ :‬أ ْقـ ِـدم يــا عنــرة‪ .‬إنــه االرتــواء النفـ ي‬ ‫يكــون كهـ َـف قومــه ف ي� هــذه الحــرب‪ ،‬ومالذَهــم‪ ،‬وأن يُنــادى وال يُنــادى‬ ‫ســواه ف ي� هــذا الموقــف العصيــب‪.‬‬ ‫ت‬ ‫الــى يحــارب بهــا مــع قومــه مذَ ّلـــ َلة‬ ‫ولمــاذا ال يكــون كذلــك وإبلــه ي‬ ‫ســمحة مطواعــة أليــدي ُركّابهــا؟ وكيــف ال يكــون كذلــك ولــه قلــب‬ ‫يســايره ويصاحبــه ف ي� هــذا الموقــف‪ ،‬وهــو قلــب الشــجاع الفــارس‬ ‫وتهيــأ؟‬ ‫البطــل‪ ،‬الــذي يدفعــه إىل الحــرب بأمــر محكــم قــد اسـ ّ‬ ‫ـتعد لــه ّ‬

‫أ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫الــى‬ ‫لقــد امتــ�ت قصيــدة عنــرة بهــذه المشــاهد الحركيــة ّ‬ ‫الحيــة ي‬ ‫ـخص تلــك المواقــف الم ُهولــة تُجــاه أعيننــا‪ ،‬وهــذه مــن خصائــص‬ ‫تشـ ّ‬ ‫هــذه المع َّلقــة الخالــدة‪.‬‬ ‫وحصـ ي ن‬ ‫ـ�‪،‬‬ ‫وكان عنـ تـرة قــد قتــل ضمضمـاً الــ ُـم ّري‪ ،‬فتو ّعــده ابنــاه هـ ِـرم ُ‬

‫ولهــذا قــال‪ :‬إنهمــا يشــتمانه‪ ،‬ويتو ّعدانــه باالنتقــام‪ ،‬ويُهــدران دمــه‪،‬‬ ‫دمــه‬ ‫ولكنهمــا –عــى مــا يقــول‪ -‬أجـ ب ن ُ‬ ‫ـ� مــن لقائــه‪ ،‬ولهــذا فهمــا نــذرا َ‬ ‫قدمــان عليــه ف ي�‬ ‫إذا لــم يلقَهمــا‪ ،‬أمــا إذا لقيهمــا فهمــا يخشــيانه وال يُ ِ‬ ‫الحــرب‪ .‬وهــا هــو عنـ تـرة يختــم قصيدتــه ببيــت يجعلــه يمـ أ‬ ‫ـ� نفســه‬ ‫إن يفعــل ذانــك الرجــان‬ ‫فخــراً‪،‬‬ ‫وجــاً‪ ،‬إذ قــال‪ْ :‬‬ ‫ونفــوس أعدائــه َ‬ ‫َ‬

‫مــا فعــا مــن الشــتم وإهــدار الــدم‪ ،‬فقــد قتلــت أباهمــا ضمضم ـاً‬ ‫ش‬ ‫� ِق ْتلــة لــه‪ ،‬وأكــرم قتلــة يل؛ إذ قتل ُتــه ف ي� الحــرب‪ ،‬فأكلتــه الســباع‬ ‫ّ‬ ‫والنســور‪.‬‬

‫‪340‬‬


‫شداد ‪ʿ Antarah bin Shaddad‬‬ ‫عنترة بن ّ‬

‫لقــد ض‬ ‫أر� ت‬ ‫النصــاف‪ ،‬الراغبــة ف ي� إظهــار‬ ‫عنــرة نفســه الطامحــة إىل إ‬

‫البطــول المحتــدم‪ ،‬الــذي ابتــدأه بذكــر‬ ‫تفردهــا‪ ،‬بهــذا النشــيد‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫الم ـرأة‪ ،‬ولــم تي�كهــا ي� تضاعيــف القصيــدة‪ ،‬ومــ�ه بالفخــر ببطولتــه‬ ‫وفروســيته الـ تـى صــارت مـ ضـرب أ‬ ‫المثــال‪ ،‬ومــع ذلــك تظــل القصيــدة‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫جــزءاً مــن شــعره كلــه‪ ،‬فهــي لــم تنتــه‪ ،‬بــل تجـ ُـد صداهــا ي� قصائــده‬ ‫أ‬ ‫فصلــه هنــا تجــده مجم ـا ً ف ي� قصيــدة أخــرى‪،‬‬ ‫الثابتــة الخــرى‪ ،‬فمــا ّ‬ ‫فصلــه هنــاك‪ ،‬فــكأن ديــوان شــعره قصيــدة خالــدة ف ي�‬ ‫ومــا أجملــه ّ‬ ‫الفروســية والحــب والشــجاعة‪..‬‬

‫‪342‬‬


Al-Ḥārith ibn Ḥillizah ‫الحارث بن حِ ـلّـــزة‬


Al-Ḥārith ibn Ḥillizah ‫الحارث بن حِ ـلّـــزة‬

The Muʿallaqah of Al-Ḥārith ibn Ḥillizah From the Records of Victory

‫ـشـكـُـري‬ ْ َ ‫معلَّقة الحارث بن ِحـلّـــزة اليـ‬ ‫من دفاتر االنتصار‬

Introduction and Translation by: Kevin Blankinship

‫مقدمة ش‬ �‫ صالح الزهر ن يا‬:‫و�ح‬


Al-Ḥārith ibn Ḥillizah ‫الحارث بن حِ ـلّـــزة‬

Sometime in the middle of the 6th century AD, the mighty Arabian tribes of Bakr and Taghlib were, like so many other tribes, at war with each other. To restrain the violence, ʿAmr ibn Hind, son of a powerful king, took 100 hostages from each side and made them go with him on military raids. One day, according to reports, all the hostages from Taghlib died in a deadly sandstorm, which outraged Taghlib’s leaders and led to demands for recompense. King ʿAmr gathered envoys from Bakr and Taghlib for disputations and truce making. Each tribe’s spokesman gave his speech as an ode recited before the king, thus entering them in the canon of pre-Islamic poets. The representative from Taghlib was ʿAmr ibn Kulthūm, author of one of the other ten Muʿallaqāt; for Bakr, the spokesman was al-Ḥārith ibn Ḥillizah, author of the present poem. We know less about al-Ḥārith than any other Muʿallaqah poet. Accounts differ on the details of his disputation with ʿAmr ibn Kulthūm. In one retelling, King ʿAmr takes 80 hostages, not 100, and they die in battle rather than a blazing desert simoom.

‫ن‬ ‫ش‬ ‫ـى يشــكر مــن قبيلــة‬ ‫ مــن أ�اف بـ ي‬،‫هــو الحــارث بــن ِح ّلــزة اليش ـكُري‬ ‫ الذيــن يُلجــأُ إليهــم ف ي� أوقــات المحــن‬،‫بكــر بــن وائــل وحكمائهــا‬ ‫الــراث مــن أ‬ ‫ ال نجــد عنــه ف� كتــب ت‬.‫والشــدائد‬ ‫الخبــار مــا يكشــف‬ ‫ي‬ ‫ وأنّــه كان شــديد‬،‫ ســوى أنــه كان مصاب ـاً بالـ بـرص‬،‫معالــم شــخصيته‬ .‫ أفخــر مــن الحــارث بــن ح ّلــزة‬:‫الفخــر بقبيلتــه حـ تـى قيــل ف ي� المثــل‬ ‫ف‬ ً‫أن لــه ولــدا‬ ّ ‫ فقــد ذكــر ابــن قتيبــة‬،‫اختلــف المؤرخــون ي� عــدد أبنائــه‬ ‫ن‬ ‫ أدرك‬.‫إن لــه ولــد ًا آخــر اســمه عمــرو‬ ّ :�‫ـدا‬ ‫ وقــال الميـ ي‬،‫اســمه مذعــور‬ ‫ وأنشــد معلقتــه أمامــه‬،‫ف ي� آخــر حياتــه عمــرو بــن هنــد ملــك الحـ يـرة‬ ‫ عــى مــا يذكــر ابــن أ‬،‫وعمــره مئــة وخمــس وثالثــون ســنة‬ ‫ قيــل‬.‫النبــاري‬

‫ت‬ ‫ـى كانــت تديــن بهــا قبيلــة‬ ‫إن ديانتــه كانــت النرصانيــة؛ وهــي الديانــة الـ ي‬ .‫بكــر بــن وائــل ف ي� جاهليتهــا‬ ،‫ســكنت قبيلــة بكــر بــن وائــل الجزيــرة العربيــة وبــاد البحريــن‬ ‫ واســتوطنت فيمــا‬،‫وانتقلــت بعــد ذلــك إىل العــراق وبــاد الشــام‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫م عــى وجــه‬580 ‫تــو� عــام‬ ‫ ي‬.‫يعــرف الن بديــار بكــر جنــوب تركيــا‬ .‫التقريــب‬

All versions have al-Ḥārith, already in his hundredth year and stricken with leprosy, composing his Muʿallaqah on the spot. Because his skin was spotted with disease, al-Ḥārith recited from behind a veil, but he so impressed the king that he had the veil removed and said, “Let him come nearer, let him come nearer.” As to the poem itself, many have rejected al-Ḥārith’s Muʿallaqah as inferior.

349

348


‫الحارث بن حِ ـلّـــزة ‪Al-Ḥārith ibn Ḥillizah‬‬

‫َّ‬ ‫المعلقة‬ ‫مقــل‪ ،‬جعلــه ابــن ّ‬ ‫شــاعر ّ‬ ‫ســام صاحــب طبقــات فحــول‬ ‫الحــارث‬ ‫ٌ‬ ‫وعــده أبــو‬ ‫الشــعراء مــن الطبقــة السادســة مــن شــعراء الجاهليــة‪ّ ،‬‬ ‫عبيــدة أجــود الشــعراء الذيــن قالــوا قصيــدة واحــدة جيــدة طويلــة‪.‬‬ ‫وديوانــه الــذي بـ ي ن‬ ‫ـ� أيدينــا يــدل عــى ذلــك‪ ،‬فليــس لــه فيــه إال قصائــد‬ ‫قليلــة العــدد أ‬ ‫والبيــات‪ ،‬وبعــض المقطعــات‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ـى أنشــدها ف ي� مجلــس الملــك‬ ‫لــم يشــتهر للحــارث إال معلقتــه هــذه الـ ي‬ ‫عمــرو بــن هنــد ف� مجلــس صلــح بـ ي ن‬ ‫ـ� بكــر وتغلــب‪ ،‬فقــد ذكــر ابــن‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫النبــاري أن عمــرو بــن هنــد أصلــح بـ يـ� القبيلتـ يـ� ي� بعــض حروبهــا‪،‬‬ ‫وأخــذ مــن كل قبيلــة مائــة غــام رهنـاً لديــه؛ ليضمــن اســتتباب أ‬ ‫المــن‪،‬‬ ‫وكان يصطحبهــم معــه ف ي� غزواتــه‪ ،‬ورحالتــه‪.‬‬ ‫و� يــوم مــن أ‬ ‫ف‬ ‫ســموم مــات بســببها أبنــاء‬ ‫اليــام أصابــت النــاس‬ ‫ٌ‬ ‫ي‬ ‫تغلــب‪ ،‬فطلــب التغلبيــون ديــات أبنائهــم مــن البكريـ ي ن‬ ‫ـ�‪ ،‬فأبــت قبيلــة‬ ‫بكــر‪ ،‬فاحتكمــوا إىل عمــرو بــن هنــد‪.‬‬ ‫وقيــل‪ :‬إن ســبب مــوت أبنــاء تغلــب أنهــم كانــوا رعــاة‪ ،‬فــوردوا عــى‬ ‫مــورد مــاء فمنعهــم البكريــون فماتــوا ظم ـأً ف ي� الصح ـراء‪ ،‬فطالبوهــم‬ ‫بدياتهــم فأبــوا‪ ،‬فاحتكمــوا إىل الملــك ف ي� خصومتهــم‪.‬‬ ‫ين‬ ‫وللصلــح ي ن‬ ‫القبيلتــ� رشــحت قبيلــة بكــر شــاعرها النعمــان بــن‬ ‫بــ�‬ ‫هــرم متحدثــاً رســمياً باســمها‪ ،‬فالتقــى بــه شــاعر قبيلــة تغلــب‬ ‫عمــرو بــن كلثــوم (وهــو أحــد شــعراء المع َّلقــات)‪ ،‬فقــال لــه ‪-‬وقــد‬ ‫كان ثقيــل الســمع‪ :-‬يــا أصـ ّـم‪ ،‬جــاء بــك أوالد ثعلبــة تدافــع عنهــم‬ ‫ـتدت الخصومــة بـ ي ن‬ ‫ـ� الشــاعرين‪ ،‬فتكلــم‬ ‫وهــم يفخــرون عليــك‪ ،‬فاشـ ّ‬ ‫رض‬ ‫ت‬ ‫النعمــان بــكالم ال يليــق ف ي� حـ ة الملــك حــى اشــتد غضــب الملــك‬ ‫منــه ‪ ،‬وهـ ّـم بقتلــه‪.‬‬

‫‪The Poem‬‬ ‫‪Premodern Arab critics like al-Marzubānī and Abū ʿAmr‬‬ ‫‪al-Shaybānī say that the poet omitted words or let the‬‬ ‫‪rhyme pattern break down, although Ibn Qutaybah‬‬ ‫‪excused al-Ḥārith for this on the grounds that it was‬‬ ‫‪composed and recited on the spot.‬‬ ‫‪It is true that the poem, in the words of A. J. Arberry, “is‬‬ ‫‪almost unadorned with those wild natural descriptions‬‬ ‫‪of beast and bird and tree, which make the chief charm‬‬ ‫‪of the others.” Still, it remains a compelling record of‬‬ ‫‪classical Arabic literature and culture.‬‬ ‫‪al-Ḥārith opens with the conventional amatory prelude‬‬ ‫‪(nasīb) as a compliment to ʿAmr’s queen, Asmāʾ (lines‬‬ ‫‪1-8), followed by a brief camel description (lines 9-15).‬‬ ‫‪But the bulk of the poem stands, in the words of James‬‬ ‫‪Montgomery, as a “masterly piece of oratory, alternating‬‬ ‫‪encomium and braggadocio, chronicle and paraenesis,‬‬ ‫‪transforming the qaṣīda into a poetic annals of Bakr and‬‬ ‫"‪Taghlib.‬‬ ‫‪The poet calls out those who slander his people, vaunting‬‬ ‫‪his own tribe and demanding resolution through a‬‬ ‫‪council (lines 15-31).‬‬ ‫‪He then gives details about the brave deeds of Bakr,‬‬ ‫‪mentioning the return of Mundhir III, who in Ibn al‬‬‫‪Kalbī’s report is the king who mediates between Bakr‬‬ ‫‪and Taghlib rather than ʿAmr ibn Hind (lines 32-40).‬‬ ‫‪There follows a litany of crimes against Taghlib by other‬‬ ‫‪individuals and tribes, always with the refrain, “Are their‬‬

‫هنــا قــام الحــارث بــن ح ّلــزة وكان بــه بــرص‪ ،‬وكان عمــرو بــن هنــد‬ ‫ال ينظــر إىل أحــد بــه ســوء‪ ،‬فارتجــل قصيدتــه ارتجــاال ً متكئــاً بقــوة‬

‫‪350‬‬

‫‪351‬‬


‫الحارث بن حِ ـلّـــزة ‪Al-Ḥārith ibn Ḥillizah‬‬

‫حميتــه‪ ،‬فجــرح القــوس يــده‪ ،‬وكان‬ ‫عــى قوســه مــن غضبــه‬ ‫ّ‬ ‫وشــدة ّ‬ ‫ينشــد مــن وراء ســبعة ســتور‪ ،‬وكانــت أم عمــرو بــن هنــد تســتمع إىل‬ ‫الحــارث‪ ،‬وتتعجــب مــن جزالــة شــعره‪ ،‬فظــل الملــك يطالــب برفــع‬ ‫الســتور حـ تـى ظهــر لــه الحــارث‪ ،‬فدعــاه حـ تـى أجلســه بجــواره‪ ،‬ش‬ ‫وأ�كــه‬ ‫ف� طعامــه‪ ،‬وجـ ّز لــه شــعور أبنــاء تغلــب المرتهنـ ي ن‬ ‫ـ� عنــده إعجابـاً بمــا‬ ‫ي‬ ‫قــال‪ ،‬فظلــت هــذه الواقعــة مصــدر فخــر لبكــر ولشــاعرها العظيــم‪.‬‬ ‫ن‬ ‫بــى الحــارث معلقتــه وفــق تقاليــد القصيــدة المادحــة ف ي� الشــعر‬ ‫ت‬ ‫الــى رحلــت عــن‬ ‫ي‬ ‫الجاهــ�‪ ،‬حيــث بدأهــا بالحديــث عــن الصاحبــة ي‬ ‫المــكان‪ ،‬فأصبــح قفــراً ال حيــاة فيــه‪ ،‬فركــب ناقتــه مبــدداً همومــه‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ـى حلــت بقومــه‪ .‬فالقصيدة‬ ‫ليصــل بعــد ذلــك إىل مواجهــة المصيبــة الـ ي‬ ‫تتكــون مــن ثالثــة موضوعــات‪( :‬الوقــوف عــى الطلــل‪ ،‬وصــف الناقــة‪،‬‬ ‫المرافعــة ف ي� مجلــس الملــك)‪.‬‬

‫‪crimes on us?” (a-ʿalaynā jarrā) (lines 41-65).‬‬ ‫‪The poet then appeals to ʿAmr as a just king who‬‬ ‫‪recognizes Bakr’s many acts of good service and their‬‬ ‫‪bravery in battle (lines 66-83).‬‬ ‫‪While it can be difficult to hold together the many‬‬ ‫‪obscure places and events to which al-Ḥārith refers, the‬‬ ‫‪main thrust is clear: that Bakr should not be blamed for‬‬ ‫‪the many calamities endured by Taghlib.‬‬

‫وقــد كشــف فيهــا عــن قــدرة كبـ يـرة عــى تطويــع اللغــة لقضيتــه‪ ،‬كمــا‬ ‫كشــف عــن قــدرة حجاجيــة فــذة تمكــن مــن خاللهــا مــن تحقيــق النــر‬ ‫عــى خصمــه العنيــد عمــرو بــن كلثــوم‪.‬‬ ‫والقصيــدة تتكــون مــن ‪ ٨٣‬بيت ـاً‪ ،‬وهــي مــن البحــر الخفيــف‪ :‬فاعالتــن‬ ‫مســتفعلن فاعالتــن‪.‬‬

‫‪352‬‬

‫‪353‬‬


‫الحارث بن حِ ـلّـــزة ‪Al-Ḥārith ibn Ḥillizah‬‬

‫المشهد األول‬ ‫ ‬ ‫‪َ .1‬آذ َن ْ‬ ‫ُ‬ ‫ــــتـــــنا ب ِن‬ ‫أمســـــاء‬ ‫بـــي�ــــا‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫قـــة �ش ّ ـــا‬ ‫ـــد هلـــا ِب ُب� ِ‬ ‫‪ .2‬بعـــد ْهع ٍ‬ ‫فَ ُ ّ ُ‬ ‫فالص ُ‬ ‫ـــاة ِ ّ‬ ‫فـــاح فأعلــــى‬ ‫‪� .3‬حي‬ ‫ُ ُّ‬ ‫ُ َ‬ ‫‪.4‬‬ ‫فأوديـــة الشــــر‬ ‫فـــر�ض القطـــا ِ‬ ‫ي‬ ‫‪ .5‬ال أرى من َع ُ‬ ‫دت يف�ا فأبكـي الــ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫‪ .6‬وبعيني ــك أوق ــدت ِهن ــد النـــــ‬ ‫َ‬ ‫أوق تْ‬ ‫د�ــا بـ ي ن‬ ‫‪.7‬‬ ‫ـن العقيـ ِـق فشــخصيـ‬ ‫نـــو ُ‬ ‫‪َ .8‬فت ّ‬ ‫بعيـــد‬ ‫رت ن� َرهـــا مـــن‬ ‫ٍ‬

‫ٌ‬ ‫عاشق بين نارين‬

‫ُ َّ‬ ‫ُّ‬ ‫الث ُ‬ ‫ـــواء‬ ‫ُر َّب ث� ٍو ُي َ�ـــل منـــه‬ ‫َء فأدنــــى ِد ي�رهـــا خَ‬ ‫ال ْل ُ‬ ‫صـــاء‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫فالوفـــاء‬ ‫فعـــاذب‬ ‫تـــاق‬ ‫ِ‬ ‫ذي ِف ٍ‬ ‫أ‬ ‫ُّ‬ ‫تان فال ُ‬ ‫ُبـــب فالش َ‬ ‫بــــاء‬ ‫ـــعب ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َْ ً‬ ‫البـــاءُ‬ ‫ـــا ومـــا َ ي ُ� ُّد ُ‬ ‫يـــوم دل‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ـ ـ َـار أخ ـ يـرا تل ــوي ب� ــا العليـ ـ ُ‬ ‫ـاء‬ ‫يلـــوح ّ‬ ‫ُ‬ ‫الض ُ‬ ‫يــــاء‬ ‫ـــود امك‬ ‫ــــن ِب ُع ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـك ِ ّ‬ ‫الصـــاءُ‬ ‫ب خَ� ـز ٍاز يه�ــات ِمنـ‬

‫بعــد عالقــة متينــة‪ ،‬وأيــام عامــرة أ‬ ‫بالُنــس ي ن‬ ‫بــ� الحــارث وصاحبتــه‬ ‫ٍ ّ ٍ‬ ‫خــر‬ ‫بنيتهــا‪ ،‬فــكان ب‬ ‫أســماء‪ ،‬قــررت الرحيــل عــن المــكان‪ ،‬وأعلمتــه ّ‬ ‫الرحيــل فاتحــة القصيــدة‪ ،‬الــذي لفــت مــن خاللــه ذهــن المخاطــب إىل‬ ‫تحــل عنــه‪ ،‬فكثـ يـر مــن النــاس‬ ‫أن الرحيــل قــد يكــون راحــةً للراحــل والمر َ‬ ‫أ‬ ‫يبعــث مكوثــه الملــل حـ ي ن‬ ‫ـ� يطــول‪ .‬لكــن مــع أســماء المــر مختلــف؛‬ ‫ف‬ ‫فإنهــا حـ ي ن‬ ‫ـب‪ ،‬وتركــت‬ ‫ـ� قــررت الرحيــل زرعــت الخــوف ي� نفــس المحـ ّ‬ ‫الجــدب يحيــط بالمــكان‪ ،‬فبــدأ الحــارث يوقــظ الصح ـراء مــن غفوتهــا‬ ‫لمواجهــة الفاجعــة‪ ،‬ويلملــم أ‬ ‫المكنــة ويحشــدها ف ي� تتابــع مثـ يـر‪ ،‬وكأنــه‬ ‫الطبيــب الــذي يحــاول إنعــاش قلــب المريــض‪ ،‬للحفــاظ عــى حيــاة‬ ‫الذكريــات الجميلــة‪.‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫أخ�تنــا‪ ،‬بينهــا‪ :‬فراقهــا‪،‬‬ ‫آذنتنــا‪ :‬ب‬ ‫القامــة‪،‬‬ ‫ثــاو‪ :‬مقيــم‪ ،‬الثــواء‪ :‬إ‬ ‫ٍ‬ ‫ال�قــة هــي المــكان‬ ‫برقــة شـ ّـماء‪ :‬ب‬ ‫ين‬ ‫الطــ� والرمــل‪،‬‬ ‫المرتفــع مــن‬ ‫وشــماء‪ :‬هضبــة‪ ،‬والخلصــاء‪،‬‬ ‫محيــاة‪ ،‬الصفــاح‪ ،‬ذو فتــاق‪،‬‬ ‫عــاذب‪ ،‬الوفــاء‪ :‬كلهــا أســماء‬ ‫مواضــع بصح ـراء الدهنــاء‪ ،‬ريــاض‬ ‫القطــا‪ :‬الريــاض جمــع روضــة‬ ‫أ‬ ‫الــى ث‬ ‫ت‬ ‫يكــر فيهــا‬ ‫وهــي الماكــن ي‬ ‫النبــت عنــد نــزول المطــر‪ ،‬والقطــا‪:‬‬ ‫طــر بــري يشــبه الحمــام‪ ،‬وادي‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫ال�بــب والشــعبتان والأبــاء‪:‬‬ ‫أســماء مواضــع بالدهنــاء‪ .‬مــن‬ ‫عهــدت فيهــا‪ :‬مــن اعتــدت أن‬ ‫ن‬ ‫ـى أســماء‪ ،‬دله ـاً‪ :‬بــا‬ ‫أرى فيهــا يعـ ي‬ ‫عقــل‪ ،‬بعينيــك‪ :‬عــى مـرأى منــك‪،‬‬ ‫هنــد‪ :‬صاحبــة مــن صاحباتــه‪.‬‬ ‫تلــوي بهــا العليــاء‪ :‬أي تحــرك‬ ‫شــعلتها الريــح ف ي� مــكان عــال‪،‬‬ ‫ي ن‬ ‫شــخص�‪ :‬موضعــان‪.‬‬ ‫العقيــق‪،‬‬ ‫العــود‪ :‬هــو الطيــب الــذي‬ ‫يوضــع عــى النــار‪ ،‬تنــورت‪ :‬رأيــت‬ ‫ضوءهــا‪ ،‬خــزاز‪ :‬جبــل بالدهنــاء‪،‬‬ ‫الصــاء‪ :‬النــار‪.‬‬

‫!‪1. Asmāʾ called out: Now, soon I will depart‬‬ ‫ ‬ ‫‪How many lodgers bored me with their stay‬‬ ‫‪2. after Asmāʾ had left from Shammāʾs dunes‬‬ ‫ ‬ ‫‪and then at Khalṣāʾ, near her hideaway,‬‬

‫‪3. then at Muhayyāt, then Ṣifāḥ, then the heights‬‬ ‫ ‬ ‫‪of Dhūl-Fitāq and ʿAdhib, then Wafāʾ,‬‬

‫‪4. the gardens of Qaṭā, and then the vales‬‬ ‫ ‬ ‫‪of Shurbub and Shuʿbatān and Ablāʾ.‬‬

‫‪5. I see no more the girl I dwelt with there.‬‬ ‫ ‬ ‫ ‪I madly weep, but that brings only shame.‬‬

‫‪6. Before your eyes, Hind lit the fire at night‬‬ ‫ ‬ ‫;‪and then the highlands coaxed it to a flame‬‬ ‫‪7. she kindled it near ʿAqī�q and Shakhṣān,‬‬ ‫ ‬ ‫‪bright as the noonday sun, with aloeswood.‬‬

‫‪8. I saw it from far off in old Khazāz,‬‬ ‫ ‬ ‫!‪but how distant its warmth from where you stood‬‬

‫يتفقــد أ‬ ‫المكنــة مكانـاً تلــو آخــر بحثـاً عــن المحبوبــة الراحلــة وذكرياتهــا‬ ‫ـ� يفقــد أ‬ ‫والمــن أ‬ ‫النابضــة بالســعادة أ‬ ‫والمــل‪ ،‬وحـ ي ن‬ ‫المــل ينهــار باكي ـاً‬ ‫بــكاء مــن فقــد عقلــه‪ .‬وهــل للعاقــل أن يعــي بــأن البــكاء ال يــرد حبيبـاً‪،‬‬ ‫وال يحــل إشــكاال ً فيكـ ّـف عــن بكائــه؟‬ ‫ف ي� هــذا الفــراغ العاطفــي القاتــل الــذي يــزرع المــوت ف ي� كل زوايــا‬ ‫الصحـراء‪ ،‬يلتفــت الشــاعر مــن الحديــث بضمـ يـر المتكلــم إىل التعبـ يـر‬ ‫ف‬ ‫و� هــذا االلتفــات رغبــة ف ي� التحــول مــن حــال إىل‬ ‫بضمـ يـر المخاطــب‪ ،‬ي‬ ‫حــال‪.‬‬

‫‪354‬‬

‫‪355‬‬


‫الحارث بن حِ ـلّـــزة ‪Al-Ḥārith ibn Ḥillizah‬‬

‫ت‬ ‫الــى أوقدتهــا عــن بعــد‪ ،‬ف ي� رابيــة‬ ‫هنــا يبــر الشــاعر نــار هنــد ي‬ ‫مرتفعــة‪ ،‬فبــدأت تلــوح كمــا يلــوح الضيــاء‪ ،‬مــع أن الريــاح تلــوي‬ ‫الزكيــة ف ي� الفضــاء المفتــوح‪،‬‬ ‫بشــعلتها يمنــة ويــرة‪ ،‬وتبعــث رائحتهــا ّ‬ ‫فيشــتاق الشــاعر لدفئهــا‪ ،‬ولكنهــا بعيــدة ال يمكــن الوصــول إليهــا‪.‬‬ ‫النــار تلــوح مــن خـزازى‪ ،‬وهــو مــكان شــهد يومـاً مــن أيــام الـراع بـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫ت‬ ‫ـى أشــعلتها‬ ‫بكــر وتغلــب‪ ،‬فيهــرب مــن نــار إىل نــار‪ ،‬فنــار الف ـراق الـ ي‬ ‫أســماء بفراقهــا‪ ،‬أفضــت بــه إىل نــار هنــد‪ ،‬فهــو بـ ي ن‬ ‫ـ� ناريــن‪ ،‬ال يــدري‬ ‫عــى أي جانبيــه يميــل‪.‬‬ ‫للشــعال؛ فــإن‬ ‫توقــد هنــد نارهــا بعــود‪ ،‬وأيّ ـاً كان العــود للطيــب أو إ‬ ‫داللــة العــود ف ي� هــذا الســياق ترتبــط ارتباطــاً وثيقــاً بالحــرب‪ ،‬وكمــا‬ ‫قــال نــر بــن سـ ّـيار‪:‬‬ ‫كالم‬ ‫النار بالعودين تُذىك وإن‬ ‫الحرب ّأو ُلها ُ‬ ‫فإن َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫مــن ي ن‬ ‫ّ‬ ‫بــ� بكــر‬ ‫بــ� نــاري أســماء وهنــد‬ ‫ينســل إىل النــار الموقــدة ي‬ ‫وتغلــب‪ ،‬مســتعيناً بعمــرو بــن هنــد إلطفــاء لهبهــا المشــتعل‪.‬‬ ‫إن فقــدان أ‬ ‫الحبــة‪ ،‬والشــعور بالوحــدة‪ ،‬وعــدم القــدرة عــى‬ ‫التماســك‪ ،‬وذهــاب العقــل أمــام الفاجعــة ف ي� مقدمــة القصيــدة جمــرة‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ـى أهلكــت الحــرث‬ ‫مــن نــار الصحـراء الموقــدة بـ يـ� أبنــاء العمومــة‪ ،‬الـ ي‬ ‫والنســل‪ ،‬وال ســبيل للخــروج منهــا إال بمجابهتهــا‪ ،‬وتجفيــف منابــع‬ ‫موقديهــا‪.‬‬ ‫النــار محــور هــذه المقدمــة‪ ،‬فهــي شــغل الحــارث الشــاغل‪ ،‬لــذا‬ ‫فرضــت حضورهــا عليــه‪ ،‬فحـ ي ن‬ ‫ـ� تحـ ّـدث عــن لواعــج الحــب‪ ،‬ولوعــة‬ ‫ت‬ ‫ـى تلــوح لــه مــن كل‬ ‫الف ـراق‪ ،‬لــم يجــد لهــا شــبيهاً إال لهــب النــار‪ ،‬الـ ي‬ ‫مــكان‪ ،‬فتفقــده عقلــه‪ ،‬وتجـ بـره عــى الرحيــل عــن المــكان‪.‬‬ ‫احتجــاج مبطــن عــى هــذا الواقــع‬ ‫إن رحيــل أســماء عــن المــكان‬ ‫ٌ‬ ‫يز‬ ‫تغيــره‪ ،‬وهــو مــا يدفــع الحــارث إىل‬ ‫المــزري‪،‬‬ ‫وتحفــر للحــارث إىل ي‬ ‫ركــوب ناقتــه لمواجهــة الكارثــة‪.‬‬

‫‪356‬‬


‫الحارث بن حِ ـلّـــزة ‪Al-Ḥārith ibn Ḥillizah‬‬

‫المشهد الثاني‬ ‫‪.9‬‬ ‫‪.10‬‬ ‫‪.11‬‬ ‫‪.12‬‬ ‫‪.13‬‬ ‫‪.14‬‬

‫ُ‬ ‫الناقة الطائر‬

‫ـر ّأنـــي قــد أسـ نُ‬ ‫غـ ي َ‬ ‫ـتع� عــى َاهلــ‬ ‫ي‬ ‫ْ َ ٌ ُ‬ ‫ُ‬ ‫نّأ‬ ‫ِب زَ�ف‬ ‫ــــــوف ك�ــــــا ِهقلـــــــة أ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ْ َْ ً‬ ‫وأفزهع ــا ّ‬ ‫ـأة َ‬ ‫القنـــ‬ ‫آن َســـــ ــت نب ـ‬ ‫ْ‬ ‫الر ْجــع َ‬ ‫خل فَ�ــا مــن ّ‬ ‫فـ نـرى‬ ‫والوقـــ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫َ ً‬ ‫ـــا مـــن َخ ف ِل� َّ‬ ‫ـــن ِطـــراق‬ ‫وطراق‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫واجــــر إذ كــــ‬ ‫أتلهــــى ب�ـــا اهل ِ‬

‫ـوي ّ‬ ‫ــ ّـم إذا َخـ َّـف ب� َّلثـ ّ‬ ‫النجــ ُ‬ ‫ـاء‬ ‫ِ‬ ‫ٌِ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ســـقفاء‬ ‫ئـــــــال د ّويـــة‬ ‫ُّم ِر‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫را وقــد ند� إالمسـ ُ‬ ‫ــ ُ‬ ‫ـاء‬ ‫ـاص عـ‬ ‫أ‬ ‫ً ّ‬ ‫ُ‬ ‫هــــباء‬ ‫ــــع َمنــــــــينا كنـــه ِإ‬ ‫ِ‬ ‫ســاق ٌ‬ ‫طات ُتلــوي ب�ــا َّ‬ ‫الصحــراءُ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫معيـــاء‬ ‫ابــــن ٍ ّه ب ِل ّيـــة‬ ‫ــــل‬ ‫ِ‬

‫ترحــل أســماء‪ ،‬يف�كــب الحــارث ناقتــه مســتعيناً بهــا عــى همومــه‬ ‫وأحزانــه‪ ،‬خارجــاً بهــا مرسعــاً مــن عالــم الوحشــة الــذي يحيــط بــه‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـى‬ ‫مــن كل جانــب‪ ،‬فتبــدو الناقــة ي� رسعتهــا براكبهــا وكأنهــا النعامــة الـ ي‬ ‫فجأتهــا العاصفــة والمطــر ف ي� رحلــة بحثهــا عــن الطعــام‪ ،‬فتذكــرت‬ ‫صغارهــا‪ ،‬فاندفعــت نحوهــم ف ي� الصحـراء بقوائمهــا الطويلــة المنحنية‬ ‫لتحميهــم مــن أ‬ ‫العــداء ت‬ ‫الم�بصـ ي ن‬ ‫ـ�‪.‬‬ ‫ـمعت صوتـاً ال تــدري مــا مصــدره؟ وأفزعهــا الصيــاد ت‬ ‫الم�صــد‬ ‫لقــد سـ ْ‬ ‫لهــا‪ ،‬وأســدل الليــل عــى الصحــراء جلبابــه‪ ،‬فــزادت مــن رسعتهــا‪،‬‬ ‫ين‬ ‫الجاهليــ� إذا شــبهوا نياقهــم بالنعــام أن‬ ‫ومــن عــادة الشــعراء‬ ‫يصفــوا بيضهــا‪ ،‬أو صغارهــا الذيــن تركتهــم وخرجــت بحثـاً لهــم عــن‬ ‫الطعــام‪ ،‬وقــد أخــذ منهــم الجــوع كل مأخــذ‪ .‬لكــن الحــارث يكتفــي‬ ‫بمشــهد رسعــة النعامــة‪ ،‬ويطــوي بقيــة المشــاهد‪ ،‬ليــدع النهايــة‬ ‫مفتوحــة‪ ،‬وكأن رحلــة النعامــة هــي رحلتــه للصلــح مــع خصومــه ال‬ ‫يــدري إىل مــاذا تــؤول؟‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫الثــوي‪ :‬الثــاوي هــو المقيــم‪،‬‬ ‫الســر الرسيــع‪ ،‬زفــوف‪:‬‬ ‫النجــاء‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ناقــةٌ مرسعــة‪ ،‬هقلــة‪ :‬نعامــة‪ ،‬أم‬ ‫رئــال‪ :‬أم فــراخ‪ ،‬دويّــة‪ :‬تعيــش‬ ‫ف ي� صحــراء واســعة‪ ،‬ســقفاء‪ :‬ذات‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫طويلتــ� فيهمــا انحنــاء‪،‬‬ ‫رجلــ�‬ ‫نبــأة‪ :‬صــوت خفــي ال يــدرى مــا‬ ‫مصــدره‪ ،‬أفزعهــا القنــاص‪ :‬أخافهــا‬ ‫الصيــاد‪ ،‬الرجــع والوقــع‪ :‬وقــوع‬ ‫أرجلهــا عــى أ‬ ‫الرض وارتفاعهــا عنهــا‪،‬‬ ‫المنـ ي ن‬ ‫تث�ه‬ ‫ـ�‪ :‬الغبــار الخفيــف الــذي ي‬ ‫بقوائمهــا‪ ،‬إهبــاء‪ :‬الهبــاء المنبــث‬ ‫الــذي يشــبه الدخــان‪ ،‬الطـراق‪ :‬نعال‬ ‫تصنــع للإبــل مــن الجلــد‪ ،‬تلــوي‬ ‫بهــا‪ :‬تمزقهــا‪ ،‬أتلهــى بهــا‪ :‬ألهــو بهــا‬ ‫مســتمتعاً بركوبهــا‪ ،‬الهواجــر‪ :‬جمــع‬ ‫هاجــرة‪ ،‬وهــي الحــر الشــديد ف ي�‬ ‫البلية‬ ‫منتصــف النهــار‪ ،‬بليــة عميــاء‪ّ :‬‬ ‫ت‬ ‫ـى إذا مــات صاحبهــا‬ ‫هــي الناقــة الـ ي‬ ‫قــره وتركــت حــىت‬ ‫عقلــت عنــد ب‬ ‫تمــوت‪ ،‬عميــاء‪ :‬عاجــزة ال تســتطيع‬ ‫التخلــص ممــا هــي فيــه‪.‬‬

‫‪9. When sorrow comes, and swift escape makes off‬‬ ‫ ‬ ‫‪with camp dwellers—in those times I rely‬‬ ‫‪10. on a quick camel, tall like an ostrich‬‬ ‫ ‬ ‫;‪who mothers her chicks in the desert dry‬‬

‫‪11. an ostrich, frightened by a hunter’s step,‬‬ ‫ ‬ ‫‪past mid-afternoon as the night draws near.‬‬

‫—‪12. You see back where this bird has stepped and strode‬‬ ‫ ‬ ‫‪a dustcloud, little sand-specks there and here,‬‬ ‫‪13. and footprints, then more footprints falling close‬‬ ‫ ‬ ‫‪that soon the wasteland all but hides from view.‬‬

‫‪14. On this cow, I romp in the noonday heat‬‬ ‫ ‬ ‫‪while others, care-worn, are like blind camels too.‬‬

‫تنطلــق الناقــة برسعــة الفتــة مــن عوالــم الخــوف والهمــوم والظلمــة‬ ‫ت‬ ‫ـى الح ضوؤهــا بخـزازى‪ ،‬فتثـ يـر الغبــار بأخفافهــا‪،‬‬ ‫مهتديــةً بنــار هنــد الـ ي‬ ‫وينعقــد وراءهــا وكأنــه ســحابة مــن الدخــان الشــفيف‪ ،‬وهنــا تظهــر‬ ‫النــار مــرة أخــرى مــن وراء حجــب اللغــة‪ ،‬ويظهــر الخــوف مــن فشــل‬

‫‪358‬‬

‫‪359‬‬


‫الحارث بن حِ ـلّـــزة ‪Al-Ḥārith ibn Ḥillizah‬‬

‫المســعى‪ ،‬فهــو ال يريــد أن يكــون ســعيه وســعي ناقتــه هبــا ًء منثــور ًا‪،‬‬ ‫كذلــك الهبــاء المنعقــد مــن وراء ناقتــه الراكضــة ف ي� هجـ يـر الصح ـراء‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ـى تحمــي أخفــاف الناقــة تتســاقط مــن سـ يـرها‬ ‫تبــدأ نعــال الجلــد الـ ي‬ ‫الرسيــع ف ي� شــدة الهاجــرة‪ ،‬وهــي تندفــع خارجــة مــن هــذا المــدار‬ ‫الموحــش‪ ،‬ومــع كل هــذا الخــوف فــإن الحــارث يالعــب بهــا الهاجــرة‪،‬‬ ‫الحــر الالهــب‪ ،‬ويتنــاىس بهــا‬ ‫ويســتمتع برسعتهــا ونشــاطها ف ي� هــذا‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫بص�تــه وقدرتــه عــى‬ ‫همومــه‪ ،‬ي� لحظــات يفقــد فيهــا صاحــب الهـ ّـم ي‬ ‫بلــوغ غايتــه‪ ،‬فيصبــح مثــل الناقــة المربوطــة عنــد قـ بـر صاحبهــا‪ ،‬وقــد‬ ‫ـت الطعــام والـ شـراب حـ تـى تمــوت‪،‬‬ ‫وح ِـر َمــ ْ‬ ‫ُع ِـكـــس رأســها إىل ذنبهــا‪ُ ،‬‬ ‫فــا تهتــدي إىل الخــروج مــن هــذه المحنــة ســبيالً‪.‬‬ ‫لقــد بــدأ هنــا الحــارث يخــرج مــن دائــرة الخــوف والهمــوم والظلمــة‬ ‫ت‬ ‫ـى كانــت تحيــط بــه عندمــا تركتــه أســماء ورحلــت‪ ،‬وأصبــح يالعــب‬ ‫الـ ي‬ ‫بناقتــه الهواجــر‪ ،‬ويهتــدي إىل غايتــه‪ ،‬وهــي غايــة شــاقّة‪ ،‬ســتظهر‬ ‫عبقريتــه ف ي� تخطــي عقباتهــا ف ي� المقطــع القــادم مــن المع َّلقــة‪.‬‬

‫‪360‬‬


‫الحارث بن حِ ـلّـــزة ‪Al-Ḥārith ibn Ḥillizah‬‬

‫المشهد الثالث‪ :‬رسالة السالم ‪ ..‬مرافعة في مجلس الملك‬ ‫ ‬ ‫‪.15‬‬ ‫‪.16‬‬ ‫‪.17‬‬ ‫‪.18‬‬ ‫‪.19‬‬ ‫‪.20‬‬

‫خبر وعتاب‬

‫أ‬ ‫تن‬ ‫ــــم أنبـــــا‬ ‫وأ�� عــــن الر ِاق ِ‬ ‫أ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ا� َي ْغ ُ‬ ‫الر ِ ق َ‬ ‫ــــــلــــو‬ ‫أن إخواننــــا‬ ‫َّ‬ ‫َخ ُ َ‬ ‫ـون الـ بـر َ‬ ‫يء ِم ّنـــا ِبــذي الــذ‬ ‫ي� ِلطـ‬ ‫َزمعــوا ّأن ُ َّك مــن َضــ َ‬ ‫ـرب َ‬ ‫الع ْيـــ‬ ‫َ‬ ‫أ جْ َ‬ ‫أمـــر ُه ِبليـــل ّ‬ ‫َ‬ ‫فملـــ‬ ‫عـــوا‬ ‫�‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ـب ومن تصــ‬ ‫ِمــن ُمنـ ٍ‬ ‫ـاد ومن جميـ ٍ‬

‫ٌ َ‬ ‫وخ ْطـ ٌ‬ ‫ـب ُنعنـــى ب�ــا ُونســـ ُ‬ ‫ـاء‬ ‫ء‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ُ‬ ‫حفــــاء‬ ‫ن علينـــا ي� ق ِولـــم ِإ‬ ‫ْ‬ ‫ـ� َ خ‬ ‫َ ُ خ‬ ‫ال َــ ُ‬ ‫ـاء‬ ‫نـ ِ‬ ‫ـب وال ينفــع الــ َّي‬ ‫ّ‬ ‫وأنـ ــى ال ـ ُ‬ ‫ـوالء‬ ‫ـوال لن ــا‬ ‫ـ ـ َـر ُم ـ ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أصب ُحوا َ‬ ‫ـا َ‬ ‫ضوضاء‬ ‫أصب َح ْت ُلم‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـهال خيــل ِخــال ذاك ُرغــ ُ‬ ‫ـاء‬ ‫ــ ِ‬ ‫ٍ‬

‫بــدأ الحــارث مرافعتــه ف� مجلــس عمــرو بــن هنــد باســتيائه مــن أ‬ ‫النبــاء‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ـى الراقــم مــن تغلــب‬ ‫ـى تتــواىل عليــه مــن غضــب أبنــاء عمومتــه بـ ي‬ ‫الـ ي‬ ‫ممــا جــرى ألبنائهــم الذيــن منعهــم البكريــون مــن الــورود عــى المــاء‬ ‫فماتــوا عطشـاً ف ي� الصحـراء‪.‬‬ ‫هــذا النبــأ الفاجــع يقــع عــى الحــارث بــن ح ّلــزة وقــوع المصــاب‬ ‫ـرم كبـ يـر‪ ،‬وفقــدان أبنــاء العمومــة مؤلــم‪ ،‬وزاد الشــعور‬ ‫فالجـ ُ‬ ‫الجلــل‪ُ ،‬‬ ‫ن‬ ‫يســتث� أحــداً مــن بكــر‪ ،‬فهــم كلهــم‬ ‫بالمصيبــة االتهــام الــذي ال‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫مجرمــون ف� نظــر التغلبيـ ي ن‬ ‫ـام ال يقـ ّـل ي� ألمــه عــن ألــم‬ ‫ـ�‪ ،‬وهــذا اتهـ ٌ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الفقــد‪ ،‬فهــم يُجحفــون ي� خصومتهــم‪ ،‬ويخلطــون الـ بـريء بالمذنــب‪،‬‬ ‫وال يقبلــون مــن أحــد ت‬ ‫اع�اضـاً‪ ،‬وال رفضـاً للتهمــة‪ ،‬فالجميــع ف ي� نظرهم‬ ‫مذنــب‪ ،‬ال تنفــع الـ بـريء براءتُــه‪ ،‬وال المفــارق لهــم بُعــده‪.‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الخطــب‪ :‬المــر العظيــم‪ ،‬الراقــم‪:‬‬ ‫حـ ّـي مــن تغلــب‪ ،‬نعـ نـى بــه‪ :‬نهتــم‬ ‫الحفــاء‪:‬‬ ‫بــه‪ ،‬يغلــون‪ :‬يظلمــون‪ ،‬إ‬ ‫الــريء‬ ‫إاللحــاح الشــديد‪،‬‬ ‫الخــ�‪ :‬ب‬ ‫يّ‬ ‫الــراءة‪ ،‬مــن‬ ‫مــن الذنــب‪ ،‬الخــاء‪ :‬ب‬ ‫العــر‪ :‬إشــارة إىل كليــب‪،‬‬ ‫ض�ب‬ ‫ي‬ ‫والعـ يـر أفضــل الصيــد وقيــل العـ يـر‬ ‫هــو الوتــد‪ ،‬ضوضــاء‪ :‬أصــوات‬ ‫مرتفعــة‪ ،‬تصهــال‪ :‬صهيــل وهــو‬ ‫صــوت الخيــل‪ ،‬الرغــاء‪ :‬صــوت‬ ‫إالبــل‪.‬‬

‫‪15. News came about Arāqim’s tribe, and what‬‬ ‫ ‬ ‫‪we heard troubled us, causing worry and grief:‬‬ ‫‪16. our brothers Arāqim have gone too far,‬‬ ‫ ‬ ‫‪harassing us and offering no relief,‬‬

‫—‪17. confusing guilty and guiltless in our ranks‬‬ ‫ ‬ ‫!‪as if innocence helps us not a bit‬‬

‫‪18. They claim that those who drive the wild asses‬‬ ‫ ‬ ‫‪are clients to us, and we their respite.‬‬

‫‪19. Arāqim planned by night, and with the dawn‬‬ ‫ ‬ ‫‪they rose and filled the air with cries and yells,‬‬ ‫‪20. some calling, some responding, all mixed in‬‬ ‫ ‬ ‫‪with neighing horses and foaming camels.‬‬

‫لقــد أرسفــوا ف� اتهامهــم حـ ي ن‬ ‫ـ� جعلــوا كل مــن ض�ب وتــده ف ي� الصحـراء‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫حملونــا‬ ‫فحملونــا ُجرمــه‪ ،‬وأ�كونــا ي� ذنبــه‪ .‬لقــد ّ‬ ‫مــن أبنــاء عمومتنــا ّ‬ ‫بالجمــاع‪،‬‬ ‫جميعـاً مســئولية الجريمــة‪ ،‬وأصــدروا قـرار االتهــام ضدنــا إ‬ ‫وقــرروا أ‬ ‫الخــذ بالثــأر مــن المذنــب والـ بـريء‪ ،‬فمــا أصبــح الصبــح حـ تـى‬ ‫ف‬ ‫ـرب شــاملة ال‬ ‫عــا رصاخ النــاس‪ ،‬وصهيــل الخيــول‪ ،‬ورغــاء إ‬ ‫البــل ي� حـ ٍ‬ ‫ن‬ ‫ـتث� أحــداً‪.‬‬ ‫تسـ ي‬

‫‪362‬‬

‫‪363‬‬


‫الحارث بن حِ ـلّـــزة ‪Al-Ḥārith ibn Ḥillizah‬‬

‫نبش التاريخ‬ ‫‪.21‬‬ ‫‪.22‬‬ ‫‪.23‬‬ ‫‪.24‬‬ ‫‪.25‬‬ ‫‪.26‬‬ ‫‪.27‬‬ ‫‪.28‬‬ ‫‪.29‬‬ ‫‪.30‬‬ ‫‪.31‬‬ ‫‪.32‬‬ ‫‪.33‬‬ ‫‪.34‬‬ ‫‪.35‬‬ ‫‪.36‬‬

‫ّ ُ ُ ّ ُ‬ ‫امل ِرقــــش َع ّنــــا‬ ‫يُّأ�ــــا الن ِاطـــق‬ ‫َ‬ ‫تَ ْ‬ ‫َ‬ ‫ال خ�لنــــا عـــى غــــرا ِئك نّإ�‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ـــناءة ت ِنميـــ‬ ‫فبقينـــا عـــى الش ِ‬ ‫َق ْبـ َـل ما اليـ ِ َ‬ ‫يون الـ‬ ‫ـوم ّبيضــت ِب ُع ِ‬ ‫أ َّ َ َ‬ ‫املنـــون تَ�دي بنـــا أر‬ ‫وكن‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ـوادث ال تــ ْـر‬ ‫ُمك ف ِ�ــ ّـرا عــى احلــ ِ‬ ‫ُ ّ‬ ‫تُ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫فـــأدو‬ ‫أرد�‬ ‫ـــة‬ ‫يأ�ـــا خط ٍ‬ ‫إن َن ْبشـ تُـم مــا بـ نَ‬ ‫ـن ِم ْلحـ َـة ّ‬ ‫فالصـــا‬ ‫ي‬ ‫فالنقـ ُـش تَ ج� َش ـ ُـمه النـــّ‬ ‫أو َن َق ْشـ تُـم َّ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫أو َس ــك تُّ� َع ّن ــا فك ّنـ ــا َمك ـ َـن أغـــ‬ ‫َ‬ ‫أو َمنعـ تُـم مــا تسألـــون ف َ�ـــن ُح ِّد‬ ‫ـــب ّ‬ ‫هـــل ِ تُ ّ َ تَ‬ ‫ين� ُ‬ ‫النــــ‬ ‫علـــم يأ�م ِ‬ ‫َ‬ ‫المال من َس َعـ ِف البحـ‬ ‫إذ رفعنا ج‬ ‫ت‬ ‫ـــم فأحرمـــْ‬ ‫ث ّ� ِملنـــا عـــى � ي َ‬ ‫زُ‬ ‫لبلـــد ّ‬ ‫ال ُي ي ُ‬ ‫قـــم‬ ‫الســـ‬ ‫العـــز� ب� ِ‬ ‫ي‬ ‫ُ ً‬ ‫َ ُ‬ ‫ـذار‬ ‫ـي موائـ ِـا مــن ِحـ ٍ‬ ‫ليــس ينـ ج ي‬

‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ـذاك َبقــ ُ‬ ‫ـاء‬ ‫ـرو وهــل ِلـ‬ ‫عنــد عـ ٍ‬ ‫َ َ‬ ‫أ‬ ‫ُ‬ ‫ال ُ‬ ‫عداء‬ ‫قبــل مــا قد وشـــى ِبنــا‬ ‫ٌ‬ ‫ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫قعســــاء‬ ‫ـــزة‬ ‫ن� ُح ُصـــون ِوع‬ ‫ُّ ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ـــط وإ ُ‬ ‫بــــاء‬ ‫اس يف�ـــا تعي‬ ‫ِ‬ ‫ــــن ِ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ينجاب عنـ ُـه َ‬ ‫الع ُ‬ ‫ماء‬ ‫َعــ َـن َج نو�‬ ‫ـــوه ّللدهــــر ُمؤي ٌ‬ ‫ُت ُ‬ ‫ـــد َ ّ‬ ‫ص ُ‬ ‫ــــاء‬ ‫ِ ِ‬ ‫أ‬ ‫الم ـ ُ‬ ‫ت ش‬ ‫ـاء‬ ‫ـي ب� ــا‬ ‫هـ ــا إلين ــا � ـ ي‬ ‫أ ُ أ‬ ‫والحي ـ ُ‬ ‫ـاء‬ ‫ـب في ـ ِـه الم ــوات‬ ‫ِق ـ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ـاس وفيـ ِـه ّ‬ ‫ــ ُ‬ ‫والبـ ـر ُاء‬ ‫الصـــاح إ‬ ‫ً‬ ‫ـ ـ َـم َض عين ــا ف� َج ِنف� ــا أق ـ ُ‬ ‫ـذاء‬ ‫ي‬ ‫ُثت ُ‬ ‫الع ُ‬ ‫ــــاء‬ ‫مـــوه هل علينـــا ِ‬ ‫ح ُع ـ ُ‬ ‫ــ ُ‬ ‫ـاس ِغ ــوا ًرا ل ــل يّ‬ ‫ـواء‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ـر� سـ يـرا تّ‬ ‫احلســ ُ‬ ‫ــ ي ن‬ ‫ـاء‬ ‫ح� ن�اها ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ـــر إمـــاءُ‬ ‫بنـــات ُم ٍّ‬ ‫ــــنا وفينـــا‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫النج ـ ُ‬ ‫ـاء‬ ‫ـ ـ ِـل وال ينف ــع الذلي ــل ِ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫جـــاء‬ ‫ـــرة َر‬ ‫ـــود وح‬ ‫ر‬ ‫أس ط ٍ‬

‫ـى‪ ،‬والحقــد أ‬ ‫ـن السـ ي ئ‬ ‫العمــى‪ ،‬والوشــاية إىل عمرو‬ ‫االدعــاء الــكاذب‪ ،‬والظـ ّ‬ ‫ـان يفضحــه‪ ،‬فلــم يجــد‬ ‫بــن هنــد‪ ،‬واســتعداء الســلطة بحاجــة إىل برهـ ٍ‬ ‫حجــة أبلــغ ف ي� نقــض االدعــاء مــن تاريــخ مـض ي ء‪ ،‬وصمــود ال ينكــر‪،‬‬ ‫يســتعيده ليســتمد منــه القــوة‪ ،‬فالدهــر مــا زال يرمــي الحــارث وقومــه‬ ‫برزايــاه وهــم ثابتــون عــى مواقفهــم ال ت ز‬ ‫ي�عزعــون‪ ،‬ثبــات الجبــل‬ ‫الشــامخ الــذي ال تزيــده أ‬ ‫الحــداث إال شــموخاً‪ .‬وادعــاءات الخصــوم‪،‬‬ ‫وأكاذيــب الوشــاة‪ ،‬واســتعداء الملــك‪ ،‬لــن تخيــف الحــارث وقومــه‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ـوام ســواهم فلــم تجدهــم نفع ـاً‪.‬‬ ‫لنهــا لعبــة خــارسة جربهــا أقـ ٌ‬

‫‪364‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫الناطــق‪ :‬عمــرو بن كلثــوم‪ ،‬المرقش‪:‬‬ ‫المزيــن الــكالم بالباطــل‪ ،‬عمــرو‪:‬‬ ‫عمــرو بــن هنــد‪ ،‬وهــل لــذاك بقــاء‪:‬‬ ‫ال بقــاء لمــا قلــت مــن كــذب علينــا‬ ‫عنــد الملــك‪ ،‬تخلنــا‪ :‬تظننــا‪ ،‬غرائــك‪:‬‬ ‫اســتعدائك الملــك علينــا‪ ،‬إنــا قبــل‬ ‫مــا قــد ش‬ ‫و� بنــا‪ :‬مــا أكـ ثـر مــا ش‬ ‫و�‬ ‫بنــا أ‬ ‫�ض‬ ‫العــداء فلــم ي ونــا‪ ،‬الشــناءة‪:‬‬ ‫الكراهيــة‪ ،‬تنمينــا‪ :‬ترفــع قدرنا وتحفظ‬ ‫كرامتنــا‪ ،‬حصــون‪ :‬قــاع‪ ،‬قعســاء‪:‬‬ ‫ثابتــة ال تــزول‪ ،‬قبــل مــا اليــوم‪:‬‬ ‫قبــل هــذا اليــوم‪ ،‬ب ّيضــت بعيــون‬ ‫النــاس‪ :‬أعمتهــم‪ ،‬تع ّيــط‪ :‬منعــة‬ ‫وارتفــاع‪ ،‬إبــاء‪ :‬رفــض للــذل‪ ،‬المنون‪:‬‬ ‫المــوت‪ ،‬تــردي‪ :‬تهلــك‪ ،‬أرعــن‪ :‬جبل‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫بمعــى‬ ‫وتــأ�‬ ‫جــون‪ :‬أســود اللــون ي‬ ‫أبيــض‪ ،‬أي الضــد‪ ،‬ينجــاب‪ :‬يــزول‪،‬‬ ‫العمــاء‪ :‬الســحاب‪ ،‬مكفهــر‪ :‬قــوي‬ ‫ال ي ن‬ ‫يلــ�‪ ،‬الحــوادث‪ :‬المصائــب‪ ،‬ال‬ ‫ترتــوه‪ :‬ال تنقــص منــه‪ ،‬المؤيــد‪:‬‬ ‫الداهيــة‪ ،‬صمــاء‪ :‬ال تســمع‪ ،‬وبمعـ نـى‬ ‫الداهيــة أو المصيبــة الشــديدة‪،‬‬ ‫خطــة‪ :‬أمــر عظيــم‪ ،‬أدوهــا إلينــا‪:‬‬ ‫أبلغونــا بهــا عـ بـر ســفرائكم‪ ،‬الأمــاء‪:‬‬ ‫شأ�اف النــاس‪ ،‬نبشــتم‪ :‬أثرتــم مــا‬ ‫بيننــا مــن خالفــات وحــروب ســابقة‪،‬‬ ‫ملحــة والصاقــب‪ :‬موضعــان والمـراد‬ ‫أهــل ملحــة والصاقــب ومــا جــرى‬ ‫بينهمــا مــن حــروب‪ ،‬فيــه الأمــوات‬ ‫المــوات منكــم و أ‬ ‫والأحيــاء‪ :‬أ‬ ‫الحيــاء‬ ‫ف‬ ‫منــا‪ ،‬نقشــتم‪ :‬بحثتــم ي� التفاصيــل‪،‬‬ ‫ن‬ ‫ـى البحــث ف ي� التفاصيــل‪،‬‬ ‫فالنقــش يعـ ي‬ ‫تجشــمه النــاس‪ :‬تحملــوه عــى كــره‬ ‫البـراء‪:‬‬ ‫ومشــقة‪ ،‬الســقام‪ :‬المــرض‪ ،‬إ‬ ‫الصحــة والســامة مــن المــرض‪،‬‬ ‫القــذى‪ :‬مــا يدخــل ف� ي ن‬ ‫العــ� مــن‬ ‫ي‬ ‫حــى وتـراب‪ ،‬منعتــم مــا تُســألون‪:‬‬ ‫رفضتــم إنصافنــا‪ ،‬مــن ُحدثتمــوه‪:‬‬ ‫مــن حدثكــم أنــه انتــر علينــا‪،‬‬ ‫العــاء‪ :‬العــزة والنــر والمنعــة‪.‬‬

‫‪21. Hey big mouth! You who spin your web of lies‬‬ ‫?‪ to ʿAmr—you think these fibs will last a day‬‬ ‫!‪22. Do not suppose your smears will stick to us‬‬ ‫ ‬ ‫‪You’re not the first to slander in this way.‬‬

‫‪23. We’re here despite the hatreds that we faced,‬‬ ‫ ‬ ‫‪upheld by noble birth and strength unswayed.‬‬

‫‪24. Times past, our frantic shouts have daubed the eyes‬‬ ‫ ‬ ‫‪of people blind with envy, scorn, and pride.‬‬ ‫‪25. Fate batters us, as if stoning a black‬‬ ‫ ‬ ‫‪mountain, its peak with clouds disguised,‬‬ ‫‪26. shored up against misfortune, not reduced‬‬ ‫ ‬ ‫‪by destiny’s unceasing hammer thuds.‬‬ ‫‪27. Whatever ill designs you have, commit‬‬ ‫ ‬ ‫‪them to us, and let tribal councils judge.‬‬

‫‪28. If you search Milhah and Sāqib where we fought,‬‬ ‫ ‬ ‫;‪you’ll find the dead, avenged and unavenged‬‬

‫—‪29. or probe deep—which people take pains to do‬‬ ‫ ‬ ‫‪then you’ll find sickness, while we’re on the mend.‬‬ ‫‪30. But if you quit your slander, then we’ll be‬‬ ‫ ‬ ‫ ‪just like a man who shuts his mote-filled eyes.‬‬ ‫‪31. If you refuse our questions, who can then‬‬ ‫ ‬ ‫?‪claim to be higher than us, high as the sky‬‬

‫‪365‬‬


‫الحارث بن حِ ـلّـــزة ‪Al-Ḥārith ibn Ḥillizah‬‬

‫لفضــح هــذا االدعــاء الزائــف يدعــو الحــارث تغلــب إىل أن يقدمــوا‬ ‫ويخ�هــم بـ ي ن‬ ‫ـ� نبــش التاريــخ المثقــل بالخســائر‪،‬‬ ‫خطتهــم للســام‪ ،‬ي‬ ‫وتذكــر القتــى الذيــن أُخــذ بثأرهــم‪ ،‬والذيــن لــم يؤخــذ‪ ،‬أو الســكوت‬ ‫ض‬ ‫المــا�‪ ،‬وطــي صفحاتــه‪ ،‬ونســيان أخطائــه‪ ،‬وإن لــم يقبلــوا‬ ‫عــن‬ ‫ي‬ ‫فعليهــم أن يخـ بـروه‪ ،‬هــل هنــاك مــن هــم شأ�ف منــه ومــن قومــه؟‬ ‫ومــن هــم أنصــع تاريخ ـاً ف ي� ســجالت الحــروب‪.‬‬ ‫اعــرازه بتاريــخ قومــه‪ ،‬يذكّــر تغلــب بتاريخهــم أ‬ ‫ف� مقابــل ت ز‬ ‫الســود‪،‬‬ ‫ي‬ ‫بطــي صفحــة هــذا التاريــخ‪،‬‬ ‫المدويــة‪ ،‬وينصحهــم‬ ‫وهزائمهــم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الفصــاح‪ .‬ويدعوهــم إلنصــاف خصومهــم‪ ،‬فمــن‬ ‫ـكوت خـ يـر مــن إ‬ ‫فالسـ ُ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫شــيم الكريــم أن ينصــف خصمــه؛ لنــه حـ يـ� يفعــل ذلــك ينتصــف‬ ‫لنفســه‪ ،‬ويعلــن ش�ف خصومتــه‪.‬‬ ‫ــرع الحــارث ف ي� ش‬ ‫هنــا يُ ش‬ ‫نــر تاريــخ قومــه‪ ،‬مذكّــراً ُخصومــه ببعــض‬ ‫ـ� يجـ ب ن‬ ‫ـ�‪ ،‬الذيــن يُقدمــون حـ ي ن‬ ‫بطــوالت البكريـ ي ن‬ ‫ـ� النــاس‪ ،‬ففــي أيــام‬ ‫ين‬ ‫الخائفــ�‪ ،‬يدفعــون كتائبهــم مــن نخيــل‬ ‫الســ ْلب والنهــب‪ ،‬ورصاخ‬ ‫البحريــن إىل عدوهــم‪ ،‬فــا يوقــف زحفهــا إال ش ـ ّط البحــر‪ ،‬ويميلــون‬ ‫عــى تميــم‪ ،‬فيقتلــون رجالهــم‪ ،‬ويســبون نســاءهم‪ ،‬ولكــن ألنهــم‬ ‫يمســون أع ـراض خصومهــم بســوء‪ ،‬وهــذه خصومــة ش�يفــة‬ ‫ك ـرام ال ُّ‬ ‫ن‬ ‫النسانـــي‪،‬‬ ‫لتب� هذا الســلوك إ‬ ‫يفخــر بهــا الحــارث‪ ،‬وكأنــه يدعو تغلــب ي‬ ‫الــذي ّرســخ اســتقرار ملــك قومــه‪ ،‬وأكســبهم أخــاق الفرســان‪ ،‬وخلــد‬ ‫ذكرهــم عــى صفحــات التاريــخ‪.‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ف‬ ‫غــواراً‪ :‬ي� الغــارات‪ ،‬عــواء‪ :‬صيــاح‪،‬‬ ‫رفعنــا‪ :‬ركبنــا‪ ،‬ســعف البحريــن‪:‬‬ ‫نخــل البحريــن‪ ،‬والبحريــن إقليــم‬ ‫جغ ـر ف يا� كان يشــمل غالــب المنطقــة‬ ‫ش‬ ‫ال�قيــة المطلــة عــى الخليــج‬ ‫ـر�‪ [،‬ويمتــد مــن جنــوب البــرة‬ ‫العـ ب ي‬ ‫العــر�‬ ‫الخليــج‬ ‫ســاحل‬ ‫طــول‬ ‫عــى‬ ‫بي‬ ‫أ‬ ‫وقــد شــمل دولــة الكويــت والحســاء‬ ‫بالضافــة إىل‬ ‫والقطيــف ودولــة قطــر إ‬ ‫أوال (مملكــة البحريــن حاليــاً) وهــو‬ ‫أحد مســاكن قبيلــة الشــاعر]‪ ،‬نهاها‪:‬‬ ‫أوقــف سـ يـرها‪ ،‬الحســاء‪ :‬مــاء البحر‪،‬‬ ‫ملنــا عــى تميــم‪ :‬أغرنــا عليهــم‪،‬‬ ‫أحرمنــا‪ :‬جعلنــا أ‬ ‫المــر محرمـاً علينــا‪،‬‬ ‫مــر‪،‬‬ ‫بنــات مــر‪ :‬بنــات تميــم بــن ّ‬ ‫إمــاء‪ :‬ســبايا‪ ،‬العزيــز‪ :‬الشــجاع‪،‬‬ ‫البلــد الســهل‪ :‬الــذي ليــس فيــه‬ ‫مــكان يحتمــى بــه‪ ،‬النجــاء‪ :‬الهــرب‪،‬‬ ‫الموائــل‪ :‬الخائــف الــذي يطلــب‬ ‫النجــاة‪ ،‬طود‪ :‬جبــل‪ ،‬الحــرة‪ :‬أ‬ ‫الرض‬ ‫ذات الحجــارة الســوداء‪ ،‬رجــاء‪:‬‬ ‫قاســية‪.‬‬

‫‪32. Don’t you know of days when people were sacked‬‬ ‫ ‬ ‫?‪and raided, every quarter filled with screams‬‬ ‫‪33. It was then we drove our camels from Bahrayn‬‬ ‫ ‬ ‫‪till they were stopped at the seawater's foam.‬‬

‫‪34. then swerved upon Tamī�m until the month‬‬ ‫ ‬ ‫‪of truce, with Murr’s daughters to serve us well.‬‬ ‫‪35. The mighty stayed no more in smooth terrain‬‬ ‫ ‬ ‫ ‪nor did escape give profit to the frail,‬‬ ‫‪36. nor could it rescue those who fled in fright‬‬ ‫ ‬ ‫‪to seek the mountain head or rocky tract.‬‬

‫اســتعادة التاريــخ ليــس مــن بــاب االســتعالء‪ ،‬وإثــارة نــار الفتنــة‪ ،‬وإنمــا‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ـى تنصــف الخصــم‪ ،‬وتحفــظ‬ ‫ـى بأخــاق الفروســية‪ ،‬الـ ي‬ ‫مــن بــاب التغـ ي‬ ‫لــه كرامتــه‪ ،‬فالبكريــون قــوة القطــب الواحــد ف ي� الجزيــرة العربيــة‪ ،‬لكــن‬ ‫مــع كل هــذه القــوة‪ ،‬لــم يهينــوا خصومهــم‪ ،‬ولــم يخدشــوا كرامتهــم‪،‬‬ ‫جديــر بقبــول نصحــه‪ ،‬والتفــاوض معــه‪،‬‬ ‫ومــن هــذا تاريخــه فهــو‬ ‫ٌ‬ ‫ذات إيجابيــة‪ ،‬ال تقبــل الــذل‪ ،‬وال تتعطــش لالنتقــام‪،‬‬ ‫فالــذات البكريــة ٌ‬ ‫ف‬ ‫قوتهــا ف ي� إيثارهــا للتســامح وليــس ي� محبتهــا لالنتقــام‪.‬‬

‫‪366‬‬

‫‪367‬‬


‫الحارث بن حِ ـلّـــزة ‪Al-Ḥārith ibn Ḥillizah‬‬

‫ّ‬ ‫المنذر بن ماء السـماء‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫بذلـــك ّ‬ ‫ـــاس تّ‬ ‫الن َ‬ ‫حـــى‬ ‫‪ .37‬ف َ�لكنـــا‬ ‫ّ‬ ‫‪ .38‬وهــو الـ ّـر ُّب وال�ش يـ ُـد عــى يــــو‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫أضل ُ‬ ‫ـــة ال ُيــــو‬ ‫‪َ .39‬م ِلـــك‬ ‫ـــع بال� َّي ِ‬

‫َ​َ َ‬ ‫ـك ُ‬ ‫ـاء ال ـ ّما ِء‬ ‫مل ـ‬ ‫املن ـ ِـذ ُر ب نُ� م ـ ِ‬ ‫َ‬ ‫والبـــاء ب ُ‬ ‫ُ‬ ‫احل ي ن‬ ‫ـــاء‬ ‫يـــار�‬ ‫ِم ِ‬ ‫ِ‬ ‫َج ُ‬ ‫لديـــه ِك ُ‬ ‫فــــاء‬ ‫ـــد يف�ـــا ِلـــا‬ ‫ِ‬

‫لقــد ملــك البكريــون النــاس‪ ،‬فدانــوا لملكهــم‪ ،‬حـ تـى جــاء المنــذر بــن‬ ‫مــاء الســماء‪ ،‬والــد عمــرو بــن هنــد‪ ،‬فملــك مــن بعدهــم‪ .‬هنــا يقــوم‬ ‫الحــارث بــذكاء باســتدراج عمــرو بــن هنــد إىل ص ّفــه مــن خــال الثنــاء‬ ‫المبجــل‪ ،‬وأعــرف‬ ‫عــى والــده المنــذر‪ ،‬فهــو السـ ّـيد العظيــم‪ ،‬والملــك ّ‬ ‫النــاس بمآثــر بكــر وبطوالتهــم حـ ي ن‬ ‫ـ� غ ـزا أهــل الحياريــن‪ ،‬فقــد كان‬ ‫ـان بكــر جنــوده ف ي� جيشــه المظفــر الــذي ال يقهــر‪.‬‬ ‫فرسـ ُ‬ ‫إنــه رجــل المرحلــة الــذي يحتمــل مــا ال يحتملــه أحــد‪ ،‬ويتصــدى‬ ‫ــات ال يتصــدى لهــا إال مــن كان مثلــه ف ي� قــوة العــزم والحــزم‪،‬‬ ‫لملم ٍ‬ ‫ّ‬ ‫وليــس مثلــه أحــد ف� ذلــك‪ .‬لقــد كان ضليعـاً ف� أمــور السياســة‪ ،‬وحـ يـ�ن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ـياس للمنــذر؛ فإنــه يذ ّكــر عمــرو بــن‬ ‫يشـ يـر الحــارث إىل هــذا الفكــر السـ ي‬ ‫هنــد بمســؤولية الحكــم‪ ،‬وعــبء التاريــخ الــذي يحملــه‪.‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫المنــذر بــن مــاء الســماء‪ :‬هــو‬ ‫المنــذر الثالــث‪ ،‬والــد الملــك عمــرو‬ ‫ابــن هنــد‪[ ،‬وهــذا البيــت الوحيــد‬ ‫ف ي� المعلَّقــة الــذي ينتهــي بالكــر‬ ‫"الســماء" ألنهــا مضــاف إليــه‬ ‫ِ‬ ‫مجــرور‪ ،‬وحـ ي ن‬ ‫ـ� يكــون ف ي� القصيــدة‬ ‫بيــت شــعري ال تنســجم حركــة‬ ‫الــروي فيــه‪ ،‬أي آخــر البيــت‪ ،‬مــع‬ ‫ّ‬ ‫ـا� أ‬ ‫ق‬ ‫البيــات فهــذه ظاهــرة تسـ ّـمى‬ ‫بـ ي‬ ‫"القــواء‪ ،‬وقــد تناولهــا ن ّقــاد الشــعر‬ ‫إ‬ ‫القديــم بالدراســة والتقييــم]‪،‬‬ ‫الســيد‪ ،‬يــوم الحياريــن‪:‬‬ ‫الــرب‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يــوم مــن أيــام العــرب غــزا فيــه‬ ‫المنــذر ومعــه بنــو يشــكر قبيلــة‬ ‫الحــارث الحياريــن فأبلــوا بــاء‬ ‫حســناً‪ ،‬البــاء بــاء‪ :‬أي البالء شــديد‬ ‫ال�يــة‪ :‬أعظمهــم‬ ‫جــداً‪ .‬أضلــع ب‬ ‫احتمــاال أ‬ ‫للمــور العظيمــة‪ ،‬كفــاء‪:‬‬ ‫ً‬ ‫نظــر‪.‬‬ ‫ي‬

‫‪37. We reigned till Mundhir ibn Māʾ al-Samāʾ‬‬ ‫ ‬ ‫‪returned as king to rule and take it back.‬‬ ‫‪38. He, the lord who saw the battle day‬‬ ‫ ‬ ‫;‪of Hiyārayn, that true and awful test‬‬

‫‪39. he, a king and the bravest mortal—there‬‬ ‫ ‬ ‫‪is none like him who’d hope to the best.‬‬

‫إن الحــارث وعمــرو بــن هنــد ورثــا تاريخـاً حافـا ً بالمشــاركة وبالنــر‪،‬‬ ‫والوفــاء لذلــك التاريــخ يوحدهمــا أمــام العاصفــة الجديــدة‪.‬‬

‫‪368‬‬

‫‪369‬‬


‫الحارث بن حِ ـلّـــزة ‪Al-Ḥārith ibn Ḥillizah‬‬

‫نشر وثائق التاريخ‬ ‫‪.40‬‬ ‫‪.41‬‬ ‫‪.42‬‬ ‫‪.43‬‬ ‫‪.44‬‬ ‫‪.45‬‬ ‫‪.46‬‬ ‫‪.47‬‬ ‫‪.48‬‬ ‫‪.49‬‬ ‫‪.50‬‬ ‫‪.51‬‬

‫البغـ ـ َـي ّ‬ ‫والتع ـ ّـدي ّ‬ ‫فا�ك ــوا َ‬ ‫تُ‬ ‫وإم ــا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫واذكــروا ِحلف ذي املج ِاز وما قــ‬ ‫َ‬ ‫الــون ّ‬ ‫والتعـ ّـدي وهل ينــ‬ ‫حــذ َر خ ِ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫وإ� ُك فيــــ‬ ‫واعملـــوا أننـــا ي‬ ‫َ‬ ‫أعلينـــا ُج ُ‬ ‫نـــاح ِكنـــدة أن َيغنـــ‬ ‫َ‬ ‫أم علين ــا ج ـ ّـرى حنيف ــة أو مـ ــا‬ ‫ـا� بــين ي عتي ـ ٍـق ف َ� ــن َيغـــ‬ ‫أم َجن ـ ي‬ ‫ـاد امك ِنيـــ‬ ‫العب ـ ِ‬ ‫أم علين ــا ج ـ ّـرى ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أم علين ــا ج ـ ّـرى قضاع ــة أم لـ ــيـ‬ ‫َ‬ ‫ـس ِم ّن ــا ُ‬ ‫لي ـ َ‬ ‫امل�ض ّ ُب ــون وال قيـــ‬ ‫أم علينـــا ّ‬ ‫جـــرى يإ� ٍد امك قيـــــ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً ُ‬ ‫َع َننـــا ب� ِطـــا وظملـــا امك تعــــ‬

‫َ‬ ‫تتعاشــوا فـ ف ّ‬ ‫عاشـــي الـ ّـد ُاء‬ ‫ـي الت ِ‬ ‫ي ُ ُ ُ‬ ‫ّ‬ ‫والكفـــاءُ‬ ‫ـــــد َم فيـــه العـــود‬ ‫أ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ال ُ‬ ‫َ‬ ‫هواء‬ ‫هار ِق‬ ‫ـقـــض ما فـــي امل ِ‬ ‫ـــما اشـ تـرطنا َ‬ ‫يوم اختلفنا ُ‬ ‫سواء‬ ‫ـــم ِوم ّنـــا ج َ‬ ‫َ‬ ‫غاز ي ُ� ُ‬ ‫الـــز ُاء‬ ‫ــــم ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫غـــر ُاء‬ ‫ـــار ٍب ب‬ ‫ج�عـــت مـــن م ِ‬ ‫ّ‬ ‫حر� ــم ُ ب� ُآء‬ ‫ـــ ـ ِـد ْر ف ـ نـإ� م ــن ِب‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫العب ـ ُ‬ ‫ـط ب ج� ــوز ُ‬ ‫امل ّ‬ ‫ـاء‬ ‫حم ـ ِـل‬ ‫ــ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ـس علين ــا ِم ــا جن ــوا أن ـ ُ‬ ‫ــ َ‬ ‫ـداء‬ ‫ٌ‬ ‫ـس وال جن ــدل وال َ‬ ‫ــ ٌ‬ ‫احل ـ ّـد ُاء‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫أخـــوك ّ‬ ‫الب ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫ــــاء‬ ‫طـــم‪:‬‬ ‫ــــل ِل ٍ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫الظ ُ‬ ‫ــ تَ ُ‬ ‫رة ّ‬ ‫باء‬ ‫ـض ِ‬ ‫ـر عــن جح ِ‬ ‫الر بيـ ِ‬

‫بعــد أن أثـ نـى عــى المنــذر بــن مــاء الســماء وحنكتــه السياســية‪ ،‬عــاد‬ ‫إىل خصومــه داعيـاً إىل نبــذ ثقافــة الكراهيــة‪ ،‬وســلوك العنــف‪ ،‬وطمــس‬ ‫حقائــق التاريــخ‪ ،‬مســتعرضاً بطــوالت قومــه‪ ،‬ومذ ّكـراً تغلــب بالعهــود‬ ‫ت‬ ‫ـى قطعوهــا عــى أنفســهم‪ ،‬وأشــهدوا عليهــا عمــرو بــن‬ ‫والمواثيــق الـ ي‬ ‫هنــد ف ي� ذي المجــاز‪.‬‬

‫وط ـ والنــاس عنــد ش�وطهــم ـ ال يجــوز‬ ‫لقــد اتفــق الجميــع عــى ش� ٍ‬ ‫الخــال بهــا‪ ،‬منهــا‪ :‬وجــوب التي ّقــن مــن المعتــدي‪ ،‬والوقــوف صف ـاً‬ ‫إ‬ ‫ش‬ ‫واحــداً ضـ ّـده‪ ،‬فكيــف أخلــت تغلــب بهــذه الــروط؟ هنــا يســألهم‬ ‫الحــارث موبخــاً لمــاذا تقتلكــم كنــدة‪ ،‬وتأرسكــم‪ ،‬وتعجــزون عــن‬ ‫مقاومتهــم‪ ،‬وتحملوننــا جرائمهــم؟ وهــل يصــح أن نؤخــذ بجرائــم‬ ‫آ‬ ‫الخريــن‪ :‬حنيفــة‪ ،‬ولصــوص محــارب‪ ،‬وغــارات صعاليــك العــرب؟‬ ‫ن‬ ‫ين‬ ‫والعباديــ�؟ وهــل علينــا أن نكــون الضحيــة‬ ‫بــى عتيــق‪،‬‬ ‫وجنايــات ي‬ ‫الذيــن يدفعــون الثمــن‪ ،‬وتكــون قضاعــة المجــرم؟ إننــا لــم نقتــل‬ ‫لكــم قتيـاً‪ ،‬ولــم ننهــب منكــم مــاالً‪ ،‬ولــم نســب مــن نســائكم امـرأة‪.‬‬

‫‪370‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ش‬ ‫التعــا�‪ :‬التعامــي عــن الحــق‪،‬‬ ‫ي‬ ‫الــداء‪ :‬الهــاك‪ ،‬ذو المجــاز‪ :‬و ٍاد‬ ‫مــن أوديــة مكــة يقــع شــمال ش�ق‬ ‫عرفــة يبعــد عنهــا ‪5‬كــم‪ ،‬وقــد كان‬ ‫أحــد أســواق العــرب ف ي� الجاهليــة‪،‬‬ ‫وفيــه أصلــح عمــرو بــن هنــد ي ن‬ ‫بــ�‬ ‫بكــر وتغلــب‪ ،‬الخــون‪ :‬الخيانــة‪،‬‬ ‫المهــارق‪ :‬الصحــف‪ ،‬الأهــواء‪:‬‬ ‫ميــول النفــس إىل مــا تحــب‪ ،‬فيمــا‬ ‫ت‬ ‫اشــرطنا‪ :‬ف ي� مــا اتفقنــا عليــه مــن‬ ‫ف‬ ‫ش�وط ي� الصلــح‪ ،‬الجنــاح‪ :‬إالثــم‪،‬‬ ‫كنــدة‪ :‬قبيلــة مــن قبائــل العــرب‬ ‫منعــت الملــك خراجهــا‪ ،‬فبعــث إليها‬ ‫رجــاال ً مــن تغلــب فهزمتهــم كنــدة‪،‬‬ ‫جـ ّـرى‪ :‬ذنــوب‪ ،‬حنيفــة‪ :‬قبيلــة مــن‬ ‫قبائــل بكــر بــن وائــل كانــت تقطــن‬ ‫غــراء‪:‬‬ ‫اليمامــة ( الريــاض حاليــاً)‪ ،‬ب‬ ‫الصعاليــك‪ ،‬جنايــا‪ :‬جرائــم‪ ،‬العباد‪:‬‬ ‫هــم العباديــون ولعلهــم معتنقــو‬ ‫النرصانيــة مــن العــرب ف ي� عــر ملوك‬ ‫الحـ يـرة الوثنيـ ي ن‬ ‫ـ�‪ ،‬نيــط‪ُ :‬ع ّلــق‪ ،‬جــوز‬ ‫أ‬ ‫البعــر‪ ،‬العبــاء‪:‬‬ ‫المحمــل‪ :‬وســط‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫الثقــال‪ ،‬قضاعــة‪ :‬قبيلــة مــن قبائــل‬ ‫العــرب‪ ،‬أنــداء‪ :‬جمــع نــدى وهــو‬ ‫البلــل‪ ،‬والمــراد ليــس علينــا مــن‬ ‫جنايتهــم ش�ء‪ ،‬ض‬ ‫الم�بــون‪ ،‬قيــس‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫جنــدل‪ ،‬الحـ ّـداء‪ :‬قــوم مــن تغلــب‬ ‫يعـ ي ّـر عمــرو بــن كلثــوم بهــم‪ ،‬إيــاد‪:‬‬ ‫هــي إيــاد بــن نــزار‪ ،‬قبيلــة عربيــة‬ ‫دخلــت مــع مـرض وربيعــة ف ي� حــروب‬ ‫فهاجــرت إىل العـراق‪ ،‬طســم‪ :‬قبيلــة‬ ‫مــن القبائــل العربيــة البائــدة‪ ،‬الأبّاء‪:‬‬ ‫كث�‬ ‫صيغــة مبالغــة مــن بأ�‪ ،‬ومعنــاه ي‬ ‫الرفــض‪ ،‬وهــو جديــس أخــو طســم‬ ‫الــذي قيــل إنــه أخــذ خ ـراج الملــك‬ ‫وهــرب بــه‪ ،‬فأخــذ الملــك أخــاه‬ ‫اع�اضـاً‪ ،‬ت‬ ‫طســماً بذنبه‪ ،‬عننـاً‪ :‬ت‬ ‫تع�‪:‬‬ ‫ت‬ ‫ـى كان‬ ‫تذبــح‪ ،‬والعتـ يـرة‪ :‬الذبيحــة الـ ي‬ ‫يقدمهــا الجاهليــون ف ي� شــهر رجــب‬ ‫آللهتهــم‪ ،‬الحجــرة‪ :‬حظـ يـرة الغنــم‪،‬‬ ‫الربيــض‪ :‬الغنــم‪ ،‬الظبــاء‪ :‬جمــع‬ ‫ـى وهــو نــوع مــن الغــزالن‪.‬‬ ‫ظـ ب ي‬

‫!‪40. So stop this folly and aggression now‬‬ ‫ ‬ ‫‪Your blindness has in it a kind of plague.‬‬

‫‪41. Recall the oath at Dhūl-Majāz! and how‬‬ ‫ ‬ ‫‪we made a promise there and struck a pledge,‬‬

‫—‪42. against betrayal and hostility‬‬ ‫ ‬ ‫?‪can whims alone rub out what’s in the scrolls‬‬ ‫‪43. Know well! that you and we, touching the terms‬‬ ‫ ‬ ‫‪made on the day of truce, are both equal.‬‬ ‫‪44. Are Kindah’s misdeeds on us if they raid‬‬ ‫ ‬ ‫?‪your cattle? And then must we pay the fine‬‬

‫‪45. Or Hanī�fah’s crimes? Or what the famine years‬‬ ‫ ‬ ‫?‪have done to make Muhārib flee decline‬‬

‫‪46. Or Banū ʿAtī�q’s sins? For those who broke‬‬ ‫ ‬ ‫‪the truce, their wars are not on our account.‬‬ ‫‪47. Or ʿIbād’s trespasses—are they on us‬‬ ‫ ‬ ‫?‪like burdens on the backs of camel mounts‬‬

‫‪48. Or Qudāʿah’s offenses, when there is‬‬ ‫ ‬ ‫?‪no mark against us for their many scandals‬‬

‫‪49. These sword-hacked soldiers are not ours, nor still‬‬ ‫ ‬ ‫‪is Qays nor al-Haddāʾ, nor yet is Jandal.‬‬ ‫‪50. Is Iyād’s crime on us? as once was said‬‬ ‫ ‬ ‫?”‪to Tism, “Your tribe-brother’s a rebel now‬‬

‫‪51. False conflict! Oppression! Just like gazelles‬‬ ‫ ‬ ‫‪slaughtered instead of sheep, to make a vow.‬‬

‫‪371‬‬


‫الحارث بن حِ ـلّـــزة ‪Al-Ḥārith ibn Ḥillizah‬‬

‫وهــل علينــا أن نؤاخــذ بمــا فعلــت إيــاد‪ ،‬فنكــون كالبعـ يـر الــذي ُح ّمــل‬ ‫فــوق طاقته؟ويُفعــل بنــا مــا ف ُِعــل بطسـ ٍـم عندمــا أُخــذ بجريــرة أخيــه‬ ‫جديــس؟‬ ‫بعــد هــذا االســتعراض التاريخــي‪ ،‬أ‬ ‫والســئلة الحارقــة‪ ،‬يقـ ّـدم براهينــه‬ ‫ٌ‬ ‫رجــال خارجــون عــن القانــون‪ ،‬ومعــادون للســلطة‪،‬‬ ‫عــى أن تغلــب‬ ‫فيذكّرهــم بممارســاتهم الخاطئــة‪ ،‬وســلوكياتهم المنحرفــة‪ ،‬وإثارتهــم‬ ‫ت‬ ‫تن‬ ‫ـ�‪ ،‬ويـ بـرئ قومــه مــن أفعالهــم‪،‬‬ ‫للفــ�‪ ،‬ودعوتهــم لالحــراب الداخـ ي‬ ‫فالم�ض بــون‪ ،‬وقيــس‪ ،‬وجنــدل‪ ،‬والحـ ّـداء‪ ،‬الذيــن ُعرفــوا بإثــارة الفـ ت ن‬ ‫ـ�‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ونـ شـر الكراهيــة‪ ،‬كلهــم مــن تغلــب‪.‬‬ ‫إن ت‬ ‫اض باطــل‪ ،‬وفعلكــم فعـ ٌـل ظالــم‪ ،‬فأنتــم تريدون‬ ‫اع�اضكــم اعـ تـر ٌ‬ ‫أن تقدموننــا قر ي ن‬ ‫ابــ� ف ي� حروبكــم الخــارسة‪ ،‬ويقــرن هــذا الســلوك‬ ‫بســلوك الرجــل البخيــل الــذي ينــذر بتقديــم شــاة قربان ـاً آ‬ ‫لللهــة إذا‬ ‫ن‬ ‫ـى‬ ‫بلغــت غنمــه مائــة‪ ،‬وحـ يـ� تبلــغ هــذا العــدد يقــوم بتقديــم ظـ ب ي‬ ‫بدي ـا ً لشــاته‪ ،‬ليفــي بنــذره الــذي قطعــه عــى نفســه‪.‬‬

‫‪372‬‬

‫‪13‬‬


‫الحارث بن حِ ـلّـــزة ‪Al-Ḥārith ibn Ḥillizah‬‬

‫صفحة جديدة من دفتر الهزيمة‬ ‫‪.52‬‬ ‫‪.53‬‬ ‫‪.54‬‬ ‫‪.55‬‬ ‫‪.56‬‬ ‫‪.57‬‬ ‫‪.58‬‬ ‫‪.59‬‬ ‫‪.60‬‬ ‫‪.61‬‬ ‫‪.62‬‬ ‫‪.63‬‬ ‫‪.64‬‬

‫أ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ـــم ب�يديـــ‬ ‫ثو�‬ ‫انـــون مـــن � ي ٍ‬ ‫ُ ّ‬ ‫مل ي خ�لـــوا بـــين ي ِرز ٍاح بب�قـــ‬ ‫ُ‬ ‫لحب نَ‬ ‫ـــن ُفآبــــوا‬ ‫ت�كـــومه ُم ّ ِ ي‬ ‫َ‬ ‫وأتـــومه ت‬ ‫يســـر ِجعون فـــم تــــر‬ ‫ُ‬ ‫بقامصـــة الــــ‬ ‫ث َّ� فـــاءوا نم�ـــم‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ث َّ� خيــل مــن بعـ ِـد ذاك مــع الــــ‬ ‫ف‬ ‫م ــا أصاب ــوا م ــن تغلبـ ـ ّ ٍـي �طل ــو‬ ‫قومن ــا إذ غــزا ُ‬ ‫املنــــ‬ ‫ـف ِ‬ ‫كتاكلي ـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ َ َ ُ ّ َ‬ ‫إذ أحـــل العـــاة قبـــة ميســــ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫اض َبـــة مـــن‬ ‫فتـــأوت هلـــم قر ِ‬ ‫أ‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫ـداه ب�لس ـ ي ن‬ ‫ـود� وأم ـ ُـر اللــــ‬ ‫�ـ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫إذ ت� ّن نَو�ـــم غـــرورا فســـاقتـ‬ ‫َ ُ ُّ ُ ُ ُ‬ ‫ً‬ ‫وك غـــرورا ولكـــن‬ ‫مل يغـــر‬

‫ِ ْه رم ـ ٌ‬ ‫دور ُه ـ َّـن القضـ ـ ُ‬ ‫ـاح ُص ُ‬ ‫ـاء‬ ‫ِ‬ ‫عل� ــم ُدعـ ــاءُ‬ ‫ـاء ِنط ـ ٍـاع هل ــم ي‬ ‫ــ ِ‬ ‫َ‬ ‫ـــم فيـــه ُ‬ ‫احل ُ‬ ‫ن‬ ‫ـــاب ي َ ُّ‬ ‫ـــداء‬ ‫ِب ِ� ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِجـ ـ ْـع ُهل ــم ش ـ َ‬ ‫ـامة وال زهـــر ُاء‬ ‫ـر ُد الغلي ـ َـل املـ ـ ُ‬ ‫ـ ـ ّـظهر وال َي ـ ب ُ‬ ‫ـاء‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫افـــة وال إبقــــاءُ‬ ‫غـــا ِق ال ر‬ ‫ٌل عليـــه إذا تولــــى َ‬ ‫الع ُ‬ ‫فـــاء‬ ‫ال� هنـ ٍـد رعـ ُ‬ ‫ــ ِـذ ُر هــل ن�ـ ُـن ب ن‬ ‫ـاء‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ون فأدنـ ــى يد�ره ــا العوص ــاءُ‬ ‫ِ‬ ‫ّ أ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ُ‬ ‫ألقـــاء‬ ‫ح ك نّ�ـــم‬ ‫كـ ِ‬ ‫ـــل ٍي‬ ‫أ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ىق‬ ‫ـ ـ ِـه بل ــغ يشــ ب ــه الش ـ ُ‬ ‫ـقياء‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ش‬ ‫ــــه ْم إليـــم أ ّ‬ ‫منيـــة أ� ُاء‬ ‫ُ آ‬ ‫ال ُل ج� َعـــم ّ‬ ‫والض ُ‬ ‫حـــاء‬ ‫ي�فـــع‬

‫تاريــخ تغلــب ف ي� رسديــة الحــارث حافـ ٌـل بالهزائــم‪ ،‬وهــذا فصــل جديــد‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ـى تميــم أغــاروا‬ ‫مــن فصــول النكبــة‪ ،‬فقــد ذُكــر أن ثمانـ يـ� رجـا ً مــن بـ ي‬ ‫ن‬ ‫بــى رزاح مــن تغلــب‪ ،‬فقتلــوا منهــم مــن قتلــوا‪ ،‬وتركوهــم‬ ‫عــى ي‬ ‫ين‬ ‫مقطعــ� بالســيوف‪ ،‬ونهبــوا إبلهــم ومواشــيهم‪ ،‬وعندمــا جــاء مــن‬ ‫بقــي منهــم يطالبــون بأموالهــم المنهوبــة‪ ،‬وأســلحتهم المســلوبة‪ ،‬لــم‬ ‫يعــودوا ببيضــاء وال ســوداء‪ ،‬بــل عــادوا بالخــزي والعــار‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ال�بوعــي‪ ،‬فأثخــن فيهــم القتــل‪ ،‬ولــم يرحــم‬ ‫وغزاهــم‬ ‫الغــاق ي‬ ‫ـى يقــع ف ي�‬ ‫كب�هــم‪ ،‬ولــم يعطــف عــى ي‬ ‫ي‬ ‫صغ�هــم‪ ،‬لعلمــه أن كل تغلـ ب ي ّ‬ ‫يديــه مهــدور الــدم‪ ،‬لــن يأخــذ بثــأره أحــد‪ ،‬فليــس لهــم معـ ي ن‬ ‫ـ� وال‬ ‫نــارص‪.‬‬ ‫وبعــد أن هــدم تاريــخ تغلــب أقــام عــى أنقاضــه مجــد بكــر‪ ،‬الذيــن‬

‫‪374‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫صدورهن‪ :‬صــدور الرماح‪ :‬رؤوســها‪،‬‬ ‫القضــاء‪ :‬المــوت‪ ،‬بنــو رزاح‪ :‬قــوم‬ ‫مــن تغلــب‪ ،‬برقــاء نطــاع‪ :‬موضــع‬ ‫يقــع آ‬ ‫الن ش�ق الســعودية عــى بعــد‬ ‫النع�يــة‪ ،‬لهــم عليهــم‬ ‫‪ 30‬كــم مــن ي‬ ‫ي ن‬ ‫ملحبــ�‪:‬‬ ‫دعــاء‪ :‬يدعــون عليهــم‪،‬‬ ‫ين‬ ‫مقطعــ� بالســيوف‪ ،‬آبــوا‪ :‬عــادوا‪،‬‬ ‫بنهــاب‪ :‬غنائــم وهــي مجموعــة‬ ‫ش‬ ‫ا�‪ ،‬يصــم‬ ‫مــن إالبــل والمــو ي‬ ‫فيهــا الحــداء‪ :‬ال يســمع صــوت‬ ‫الحــادي بســبب أص ـوات الحيوانــات‪،‬‬ ‫ت‬ ‫يســرجعون‪ :‬يطلبونهــم إرجــاع‬ ‫مــا نهبــوا‪ ،‬شــامة‪ :‬ســوداء‪ ،‬زهــراء‪:‬‬ ‫بيضــاء‪ ،‬فــاؤوا‪ :‬رجعــوا‪ ،‬بقاصمــة‬ ‫الظهر‪ :‬بالخيبــة والخ ـران‪ ،‬الغليل‪:‬‬ ‫مــا ف ي� الصــدر مــن الحــزن‪ ،‬الغــاق‪:‬‬ ‫ن‬ ‫بــى تميــم‪ ،‬مطلــول‪:‬‬ ‫رجــل مــن ي‬ ‫مهــدور الــدم‪ ،‬عليه إذا تــوىل العفاء‪:‬‬ ‫دعــاء عليــه معنــاه "ال رده هللا‪"،‬‬ ‫تكاليــف‪ :‬متاعــب‪ ،‬رعــاء‪ :‬رعــاة غنــم‪،‬‬ ‫ميســون‪ :‬هــي ميســون بنــت الحــارث‬ ‫ن‬ ‫ـا� ‪ ،‬العليــاء والعوصاء‪ :‬أســماء‬ ‫الغسـ ي‬ ‫ش‬ ‫مواضــع �ق الجزيــرة العربية موضع‬ ‫ـأوت‪ :‬اجتمعت‪،‬‬ ‫ديــار بكــر وتغلــب‪ ،‬تـ ّ‬ ‫قراضبــة‪ :‬صعاليــك‪ ،‬ألقــاء‪ :‬عقبــان‪،‬‬ ‫جمــع عقــاب‪ ،‬والعقــاب طـ يـر جــارح‬ ‫يفــوق الصقــر ف ي� الحجــم والقــوة‪،‬‬ ‫الأســودان‪ :‬التمــر والمــاء‪ ،‬بلــغ‪ :‬بالغ‪،‬‬ ‫ال أ ش�‪ :‬االســتكبار‪ ،‬لــم يغروكــم‪ :‬لم‬ ‫يفاجئوكــم‪ ،‬الآل‪ :‬الـراب‪ ،‬الضحاء‪:‬‬ ‫وســط النهــار‪.‬‬

‫‪52. Eighty men from Tamī�m—who in their hands‬‬ ‫ ‬ ‫—‪had spears with points that held a fate much worse‬‬ ‫‪53. did not leave Banū Rizāh in the wilds‬‬ ‫ ‬ ‫‪of Nitāʿ with so much as breath to curse.‬‬

‫‪54. They hacked them all to pieces, then returned‬‬ ‫ ‬ ‫;‪with spoils enough to mute the drivers’ cries‬‬

‫‪55. and then came for their own camels again,‬‬ ‫ ‬ ‫‪but neither black nor white camels would ride,‬‬ ‫‪56. so the men left from there with shattered backs‬‬ ‫ ‬ ‫‪and no water could cool their raging chase.‬‬ ‫‪57. Then came a band of horseman with Ghallāq‬‬ ‫ ‬ ‫‪riding against you, without mercy or grace.‬‬

‫‪58. Each Taghlabī� they slew, his blood was left‬‬ ‫ ‬ ‫‪unpunished, while his death was seen by Ruin.‬‬

‫—‪59. Just like the pains brought on by Mundhir’s blitz‬‬ ‫ ‬ ‫”?‪are they like saying, “Are we shepherds to Hind’s son‬‬

‫‪60. When he pitched Maysūn’s tent in al-ʿAlāt,‬‬ ‫‪ and ʿAwsāʾ was the nearest home of theirs,‬‬

‫‪61. the poor and pinched of every tribe came out‬‬ ‫ ‬ ‫‪to him, like eagles flapping in the air.‬‬

‫‪62. He gave them dates and water—Allah’s law‬‬ ‫ ‬ ‫‪prevails, and gathers wretches with their like.‬‬

‫‪63. When in conceit you wished they’d come to blows,‬‬ ‫ ‬ ‫‪and cocky pride did drive them out to strike,‬‬ ‫‪64. then no surprise they fell upon you there,‬‬ ‫ ‬ ‫‪while in mirage and morn-light they did hang.‬‬

‫‪375‬‬


‫الحارث بن حِ ـلّـــزة ‪Al-Ḥārith ibn Ḥillizah‬‬

‫ذك‬ ‫نــروا عمــرو بــن هنــد كما نــروا أبــاه قبل ذلــك‪ ،‬وهــذا اســتدر ٌاج ي‬ ‫للملــك ليوغــر صــدره عــى تغلــب‪ ،‬ويكســبه إىل صفــه ضــد خصومــه‪،‬‬ ‫ويعـ ّـرض بهــم ف ي� تراخيهــم عــن الملــك عندمــا اســتنجد بهــم ف ي� حربــه‬ ‫ن‬ ‫ـا�‪ ،‬فاعتــذروا بأنهــم ليســوا مــن رعايــاه‪ ،‬فجمــع‬ ‫عــى الحــارث الغسـ ي‬ ‫ن‬ ‫صعاليــك العــرب‪ ،‬وخامــ� الذكــر ض‬ ‫الغســا�‪،‬‬ ‫و�ب بهــم الحــارث‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫وقتلــه‪ ،‬وسـ بـى ابنتــه ميســون‪.‬‬ ‫ـ� يكشــف كــذب الشـ ي ن‬ ‫وال�اهـ ي ن‬ ‫ـانئ� وزيفهــم‪ ،‬ويعـ ّـري‬ ‫بهــذه الحجــج ب‬

‫والتــول يــوم‬ ‫تاريخهــم الحافــل بالبهتــان‪ ،‬والكراهيــة‪ ،‬والهزائــم‪،‬‬ ‫ي‬ ‫الزحــف‪ ،‬وإثــارة ت ن‬ ‫الفــ�‪ ،‬والخــروج عــى الســلطة‪ ،‬وتفتيــت النســيج‬ ‫االجتماعــي‪ ،‬فــا يبقــي لهــم ف� الجــدل حجــة‪ ،‬وال عنــد الملــك ن ز‬ ‫م�لــة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫وال ف ي� ســجالت التاريــخ صفحــة ناصعــة‪.‬‬

‫‪376‬‬

‫‪15‬‬


‫الحارث بن حِ ـلّـــزة ‪Al-Ḥārith ibn Ḥillizah‬‬

‫ٌ‬ ‫الفخر في حضرة الملك‬ ‫‪.65‬‬ ‫‪.66‬‬ ‫‪.67‬‬ ‫‪.68‬‬ ‫‪.69‬‬ ‫‪.70‬‬ ‫‪.71‬‬ ‫‪.72‬‬ ‫‪.73‬‬ ‫‪.74‬‬ ‫‪.75‬‬ ‫‪.76‬‬ ‫‪.77‬‬ ‫‪.78‬‬ ‫‪.79‬‬ ‫‪.80‬‬ ‫‪.81‬‬ ‫‪.82‬‬ ‫‪.83‬‬

‫ّ‬ ‫ُ ُ ّ ُ‬ ‫ـــغ ّ‬ ‫عنــــا‬ ‫يُّأ�ـــا الشانــــىء امل ِبل‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫قس ــط وأمك ــل َم ــن يَ�ـ ْــ‬ ‫َم ِل ــك ُم ِ‬ ‫َإر يٌّ‬ ‫الــــ‬ ‫ثـــه‬ ‫جالـــت ِج‬ ‫م ب� ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫خ‬ ‫ـر يآ�‬ ‫م ــن لن ــا عن ــده م ــن ال ـ ي ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ ّ‬ ‫ـقيقة إذ جــ ــا‬ ‫آي ــة‪ :‬ش ــارق الش ـ ِ‬ ‫َ‬ ‫ـتلئ نَ‬ ‫ـش‬ ‫ـس ُمسـ ِ ي‬ ‫م� ِبكبـ ٍ‬ ‫حــول قيـ ٍ‬ ‫ـت مــن َ‬ ‫َ‬ ‫العوا ِتـ ِـك مــا تنــــ‬ ‫وصتيـ ٍ‬ ‫فَ ج َ‬ ‫� بَ ْ� ُ ُ‬ ‫نـــاه ِب ض‬ ‫ـــر ٍب مكــــا ي خ�ــــ‬ ‫ْ َ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫ومحلنـــاه عــــى‬ ‫حــــز ِم ث�ـــا‬ ‫َِ‬ ‫عـــم اللـــ‬ ‫وفعلنـــا ب�ـــم امك‬ ‫ثُ َّ ُ ً ين نَ ُ ّ َ‬ ‫طـــام‬ ‫� جحـــرا أعـــ ي با� أ ِم ق ِ‬ ‫ٌ ف ّ‬ ‫قــــاء َو ٌرد َه ٌ‬ ‫ـــوس‬ ‫َأســـد ي� الل ِ‬ ‫َوفككنــا غـ َّـل امــرئ القيــس ُ‬ ‫عنه‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫وأقـــد ن� ُه رب غســـــان ب�ملنــــ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫تســـعة أمــــا‬ ‫وفدينـــاه ِب‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ومـــع ج َ‬ ‫ـــون بـــين ي الو‬ ‫ـــون َج ِ‬ ‫ال ِ‬ ‫مــا َجزعنــا ت�ـ َ‬ ‫ـت العجاجـ ِـة إذ َو‬ ‫ِ‬ ‫َ ُّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫معـــرو ب ن� أ ِم أ� ٍس‬ ‫وولـــد�‬ ‫َ‬ ‫م ْث َلـــا تُ خ�ـــر ُج ّ‬ ‫النصيحـــة للقـــو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫َ‬ ‫ان�ـ ُ‬ ‫ـذاك ت‬ ‫ـاء‬ ‫ـرو وهــل لـ‬ ‫عنــد معـ ٍ‬ ‫ّ‬ ‫دون مــا لديـ ِـه الث ُ‬ ‫ش‬ ‫ناء‬ ‫ـي ومــن ِ‬ ‫ــ ي‬ ‫أ‬ ‫صمه ــا الج ـ ُ‬ ‫ـاء‬ ‫ــ ـ ُّـن فآب ــت ِ خل ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ثـــاث ف� ُ ّكه َّ‬ ‫ُ‬ ‫القضــــاء‬ ‫ـــن‬ ‫ٌت‬ ‫ي ِ‬ ‫ً ُّ‬ ‫ح ِل ُ‬ ‫ـــل يّ‬ ‫ج‬ ‫ـــواء‬ ‫َءوا �يعـــا أِل َّ ِ ٍ‬ ‫ــــي كن ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ّ‬ ‫بـــــاء‬ ‫ـــه َع‬ ‫قر ِظ ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ــــهاه إال ُم ْب َي ّضـــة َر ُ‬ ‫عـــاء‬ ‫ُرج مـــن ُخ َ‬ ‫ـــة املـــز ِاد ُ‬ ‫املـــاء‬ ‫رب ِ‬ ‫ً ُّ َ أ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫نســـــاء‬ ‫ـــــي ال‬ ‫ن ِشـــاال ود ِم‬ ‫ُ‬ ‫ــــه ومـــا ْإن للحا ِئ نَ‬ ‫نـــن ِد ُ‬ ‫مـــاء‬ ‫ي‬ ‫ٌّ‬ ‫فارســـية خضــــر ُاء‬ ‫وهل‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫ـــر ُاء‬ ‫وربيـــع إن شـــنعت غ ب‬ ‫َ‬ ‫ـال َح ُبس ــه ُوالعن ـ ُ‬ ‫ـاء‬ ‫بعدم ــا ط ـ‬ ‫ُ‬ ‫َ ً‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫الدمـ ُ‬ ‫ـاء‬ ‫ــ ِـذ ِر ك ْرهــا إذ ال تــال ِ‬ ‫ُ‬ ‫بُ ُ‬ ‫ٍك ندامــــى‬ ‫أغـــاء‬ ‫أســـا�م‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫س َع ٌ‬ ‫َ‬ ‫نـــود ك ن�ـــا د ُ‬ ‫فـــواء‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫قفا� ــا وح ـ َّـر ِ ّ‬ ‫الصـ ـ ُ‬ ‫ّل ــت ب� ئ‬ ‫ـاء‬ ‫احلب ـ ُ‬ ‫ـاء‬ ‫ـب ّمل ــا تأ� ن� ِ‬ ‫م ــن قري ـ ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫فــــاة مـــن ن‬ ‫أفــــاء‬ ‫دو�ـــا‬ ‫ِم‬

‫هنــا يتجــه بخطابــه إىل الملــك عمــرو بــن هنــد‪ ،‬فيضفــي عليــه الكثـ يـر‬ ‫مــن صفــات الجــال والمهابــة‪ ،‬فهــو ملــك عــادل‪ ،‬كريــم‪ ،‬يوجــب‬ ‫فضلــه الذكــر والشــكر‪ ،‬مــع أنــه أعــى مــن كل شــكر‪ ،‬وأســمى مــن كل‬ ‫ثنــاء‪.‬‬ ‫وبعــد أن يســتدرجه بهــذا المديــح‪ ،‬يذكــر ن ز‬ ‫م�لــة قبيلــة بكــر عنــده‪،‬‬ ‫فهــم أنصــح النــاس لــه‪ ،‬وأكرمهــم عليــه‪ ،‬وأقربهــم ن ز‬ ‫م�لــة لديــه‪.‬‬

‫‪378‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ن‬ ‫الشــا�ء‪ :‬الــكاره لنــا‪ ،‬مقســط‪:‬‬ ‫عــادل‪ ،‬إرمـ ٌّـي‪ :‬نســبة إىل إرم بــن عاد‪،‬‬ ‫ويقصــد أن ملكــه قديــم‪ ،‬جالــت‪:‬‬ ‫بــارزت‪ ،‬الجــن‪ :‬دهــاة النــاس‪،‬‬ ‫الأجــاء‪ :‬المكاشــفة والمبــارزة‪ ،‬آيــات‬ ‫ض‬ ‫المــا�‬ ‫ثــاث‪ :‬ثــاث دالئــل مــن‬ ‫ي‬ ‫عــى شــجاعتنا ف� أ‬ ‫الوقــات الصعبــة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫آيــة‪ :‬عالمــة‪ ،‬شــارق‪ :‬مــن الجانــب‬ ‫الـ شـر ق ي�‪ ،‬وبنــو الشــقيقة‪ :‬هــم قــوم‬ ‫ن‬ ‫بــى شــيبان أغــاروا عــى إبــل‬ ‫مــن ي‬ ‫لعمــرو بــن هنــد فردهــم بنو يشــكر‪،‬‬ ‫قيــس‪ :‬هــو قيــس بــن معــد يكــرب‬ ‫ي ن‬ ‫مســتلئم�‪:‬‬ ‫أحــد ملــوك كنــدة‪،‬‬ ‫يلبســون الــدروع‪ ،‬كبــش‪ :‬قائــد‬ ‫الكتيبــة‪ ،‬قرظــي‪ :‬ن‬ ‫يمــى‪ ،‬عبــاء‪:‬‬ ‫ي‬ ‫صخــرة بيضــاء‪ ،‬صتيــت‪ :‬جماعــة‪،‬‬ ‫العواتــك‪ :‬نســاء كنــدة‪ ،‬والعاتكــة‬ ‫المـرأة المضمخــة بالعطــر والصافيــة‬ ‫الحمــراء‪ ،‬مبيضــة رعــاء‪ :‬ض�بــة‬ ‫تقطــع اللحــم وتكشــف العظــم‪،‬‬ ‫جبهناهــم‪ :‬ردعناهــم بقــوة‪ ،‬خربــة‬ ‫المــزاد‪ :‬فوهــة قربــة المــاء وهــي‬ ‫وعــاء مــن الجلــد يحفــظ فيــه المــاء‪،‬‬ ‫حــزم‪ :‬الحــزم أ‬ ‫الرض الصلبــة‪،‬‬ ‫ثهــان‪ :‬جبــل ف ي� قريــة الشــعراء تبعد‬ ‫عــن محافظــة الدوادمــي ‪35‬كــم‬ ‫تقريبــاً‪ ،‬شــاال ً‪ :‬مطروديــن‪ ،‬دمــي‬ ‫الأنســاء‪ :‬ســال دم أفخاذهــم مــن‬ ‫الـرض ب‪ ،‬الحائنـ ي ن‬ ‫ـ�‪ :‬الهالكـ ي ن‬ ‫ـ�‪ ،‬دماء‪:‬‬ ‫ثــأر‪ ،‬حجــر‪ :‬ملــك مــن ملــوك كنــدة‪،‬‬ ‫فارســية‪ :‬كتيبــة ســاحها مــن فــارس‪،‬‬ ‫خ ـرض اء‪ :‬كثـ يـرة الســاح‪ ،‬ورد‪ :‬لونــه‬ ‫يميــل إىل الحمــرة‪ ،‬همــوس‪ :‬مختال‪،‬‬ ‫غــراء‪ :‬ســنةٌ‬ ‫شــ ّنعت‪ :‬أجدبــت‪ ،‬ب‬ ‫قليلــة المطــر‪ِ ،‬غ ّ‬ ‫ــل‪ :‬قيــد‪ ،‬امــرئ‬ ‫القيــس‪ :‬ابــن المنــذر بــن ماء الســماء‬ ‫أخــو عمــرو بــن هنــد مــن أبيــه‪،‬‬ ‫أقدنــاه‪ :‬قتلنــاه بــه‪َ ،‬ر ّب غســان‪:‬‬ ‫ملكهــا‪ ،‬ال تــكال الدمــاء‪ :‬ال تحســب‬ ‫لك�ث تهــا‪ ،‬العجاجــة‪ :‬الغبــار‪ ،‬ولّــت‬ ‫حــر الصــاء‪:‬‬ ‫بأقفائهــا‪ :‬هربــت‪ّ ،‬‬ ‫اشــتد لهيــب المعركــة‪ ،‬عمــرو بــن‬ ‫أم أنــاس‪ :‬عمــرو بــن حجــر الكنــدي‬ ‫جــد عمرو بــن هنــد‪ ،‬الحبــاء‪ :‬المهر‪،‬‬ ‫مثلهــا‪ :‬مثــل القرابــة‪ ،‬فــاة‪ :‬أرض‬ ‫واســعة‪ ،‬أفــاء‪ :‬أراض واســعة يتصــل‬ ‫بعضهــا ببعــض‪.‬‬

‫—‪65. You spiteful man! Lying on us toʿAmr‬‬ ‫ ‬ ‫?‪will you ever stop this phony harangue‬‬

‫‪66. A just king, ʿAmr, best of all who walk‬‬ ‫ ‬ ‫;‪on earth—his virtues outstrip any praise‬‬ ‫‪67. of Iram’s stock, he’s famed among the jinn,‬‬ ‫ ‬ ‫!‪and even all his rivals stand amazed‬‬

‫‪68. Three times he’s seen the signs of our good deeds,‬‬ ‫ ‬ ‫‪and every time the proof did speak for us.‬‬ ‫‪69. One of these signs was east in Shaqī�qa‬‬ ‫ ‬ ‫‪when every tribe came bearing its colors‬‬ ‫‪70. round Qays, all armor-clad and with a chief‬‬ ‫ ‬ ‫‪of Karaz and a white stone of renown,‬‬

‫‪71. and a band of noble champions who are stopped‬‬ ‫ ‬ ‫‪only by thrusts that pierce down to the bone.‬‬

‫‪72. We struck their brows so hard, the gore flowed out‬‬ ‫ ‬ ‫‪like water spurting from a drinking-skin.‬‬ ‫‪73. We drove them to the boulders of Thahlān,‬‬ ‫ ‬ ‫‪all in a heap and with gushing thigh-veins,‬‬

‫‪74. and did God knows what to them, all without‬‬ ‫ ‬ ‫‪recompense for the blood of those destroyed.‬‬ ‫‪75. Then we fought Hujr, son of Umm Qatām,‬‬ ‫ ‬ ‫‪with his Persian phalanx in green arrayed,‬‬

‫‪379‬‬


‫الحارث بن حِ ـلّـــزة ‪Al-Ḥārith ibn Ḥillizah‬‬

‫جــاءہ بنــو شــيبان ف ي� دروعهــم الحصينــة فكــروا شــوكتهم‪ ،‬وقتلــوا‬ ‫منهــم مــن قتلــوا‪ ،‬وتركــوا مــن هــرب غارقـاً ف ي� ذلــه ودمائــه‪ ،‬وغـزا حجــر‬ ‫بــن أم قطــام الكنــدي أســد الحــرب وفارســها المغــوار‪ ،‬ام ـرأ القيــس‬ ‫بــن المنــذر شــقيق الملــك فوقفــت بكــر معــه وردت حج ـراً‪ ،‬وقتلــت‬ ‫جنــوده‪.‬‬ ‫وهاجمــت غســان المنــذر بــن مــاء الســماء فقتلتــه‪ ،‬وأرست ابنــه ام ـرأ‬ ‫فهبــت بكــر لنرصتــه‪ ،‬ففكــت أرسه‪ ،‬وقتلــت ملــك غســان‪.‬‬ ‫القيــس‪ّ ،‬‬ ‫أ‬ ‫وقُتــل حجــر بــن عمــروـ آكل المـرارـ جـ ّـد عمــرو بــن هنــد لمــه‪ ،‬فبعــث‬ ‫المنــذر بــن مــاء الســماء والــد عمــرو بن هنــد خيال ً مــن بكــر‪ ،‬فأدركتهم‬ ‫عــى مشــارف اليمــن‪ ،‬فــأرست تســعة مــن شأ�افهــم‪ ،‬وأح�ض تهــم إىل‬ ‫المنــذر فقــام بإعدامهــم ف ي� الحـ يـرة‪ .‬وعندمــا جــاء الجــون ـ ملــك مــن‬ ‫ن‬ ‫ـى عمــرو بــن الحجــر‪ ،‬هزمتــه قبيلــة بكــر وأرست‬ ‫ملــوك كنــدة ـ ليمنــع بـ ي‬ ‫ابنــه الجــون وســلمته المنــذر بــن مــاء الســماء‪ .‬وفــوق هــذه الوقفــات‬ ‫العظيمــة فهــم أخــوال الملــك عمــرو بــن هنــد‪ ،‬ألن عمــرو بــن حجــر‬ ‫جــد الملــك‪ ،‬تــزوج مــن بكــر‪.‬‬ ‫المواقــف النبيلــة‪ ،‬وصلــة القرابــة توجــب النصــح للملــك‪ ،‬وإذا أوجبتــه‬ ‫للملــك‪ ،‬فــإن القرابــة توجــب ألبنــاء العمومــة النصــح الرصيــح الــذي ال‬ ‫ش‬ ‫�ء‪ ،‬ليكفــوا عــن غيهــم‪ ،‬وأحــوج النــاس للنصيحــة هــم أكـ ثـر‬ ‫يحجبــه ي‬ ‫أ‬ ‫ـوس‪.‬‬ ‫النــاس تأففـاً منهــا‪ ،‬كمــا يقــول المثــل الندنـ ي‬

‫‪76. a lion in the fight, tawny and sly,‬‬ ‫ ‬ ‫‪yet kind as the spring rain in years of lack.‬‬ ‫‪77. We loosed the shackles from Imruʾ al-Qays‬‬ ‫ ‬ ‫‪after long years of bondage and attack,‬‬

‫‪78. and forced the lord of Ghassān to repay‬‬ ‫ ‬ ‫‪for Mundhir’s sake, when boundless blood was shed,‬‬ ‫‪79. and with nine princes we did ransom them,‬‬ ‫ ‬ ‫‪noble princes whose costly spoils were had.‬‬

‫‪80. And with Jawn from the tribe of Banū Aws,‬‬ ‫ ‬ ‫‪came soldiers swooping in like eagles’ flight.‬‬

‫‪81. We didn’t flinch under the dust-cloud when‬‬ ‫ ‬ ‫‪they turned, as fires of war waxed hot and bright.‬‬ ‫‪82. ʿAmr, son of Umm Anās, is like our son‬‬ ‫ ‬ ‫;‪or near-kinsmen after the wedding meal‬‬

‫‪83. such kinship must bring fealty from the tribe,‬‬ ‫ ‬ ‫‪and vast meadows of favor and goodwill.‬‬

‫بهــذا العــرض الهــادئ‪ ،‬والحجــج الدامغــة‪ ،‬نجــح الحــارث ف ي� إقنــاع‬ ‫الملــك بعدالــة قضيتــه‪ ،‬فرفعــت لــه الســتور الســبعة‪ ،‬وجلــس بجــوار‬ ‫الملــك‪ ،‬وشــاركه طعامــه‪ ،‬وج ـ ّز لــه نــواص التغلبيـ ي ن‬ ‫ـ�‪.‬‬ ‫ي‬

‫‪380‬‬

‫‪381‬‬


al-Aʿshā al-Qaysī

‫األعشى القيسي‬


al-Aʿshā al-Qaysī

‫األعشى القيسي‬

The Muʿallaqah of al-Aʿshā al-Qaysī A Lesson in Insight

‫أ ش‬ ‫س‬ ‫معلَّقة الفَ ْع َ� الق َْي ِ ي‬ ‫البصار‬ ‫َد ْر ٌس ِ ي ْ� إ‬

Introduction and Translation by: Huda J. Fakhreddine

‫مقدمة ش‬ ‫ عدي الحربش‬:‫و�ح‬


‫األعشى القيسي‬

‫هــو أبــو بصـ يـر ميمــون بــن قيــس البكــري‪ ،‬ينتهــي نســبه إىل قيــس بــن‬ ‫ثعلبــة‪ ،‬الـ تـ� تنتهــي بدورهــا إىل قبيلــة بكــر بــن وائــل‪ .‬يعــرف أ‬ ‫بالعـ شـى‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫)‪(1‬‬ ‫ز‬ ‫تميــراً لــه عــن شــعراء آخريــن ُعرفــوا بنفــس اللقــب‪ ،‬وقــد‬ ‫الكبــر ي‬ ‫ي‬ ‫انتهــى ضعــف بــره إىل العمــى آخــر حياتــه‪.‬‬ ‫المطربــة‪،‬‬ ‫يُعــرف أيضــاً بص ّناجــة العــرب‪ ،‬لطبيعــة شــعره الغنائيــة ُ‬ ‫أ‬ ‫ولنــه ذكــر الصنــج وغـ يـره مــن آالت الطــرب ف ي� قصائــده‪ .‬هــو مــن أكـ بـر‬ ‫الســام دون أن يســلم‪.‬‬ ‫الشــعراء الفحــول ديوان ـاً‪ ،‬وممــن أدرك إ‬ ‫نزحــت قبيلتــه بنــو قيــس بــن ثعلبــة مــن الحجــاز إىل َحجــر اليمامــة‬ ‫تابعـ ي ن‬ ‫ـ� ُخطــى أبنــاء عمومتهــم مــن بـن ي حنيفــة‪ ،‬وعندمــا طلبــوا الجوار‬ ‫أ‬ ‫فســميت منفوحــة‬ ‫نفحهــم عبيــد بــن ثعلبــة الحنفــي جــزءاً مــن الرض ُ‬ ‫(الحــي الموجــود جنــوب الريــاض حاليـاً‪ ،‬حيــث قــر أ‬ ‫العـ شـى وقـ بـره‬ ‫ّ‬ ‫)‪(2‬‬ ‫وبـ ئـره )‪.‬‬ ‫طــوف شــاعرنا ف� آ‬ ‫الفــاق‪ ،‬فـزار نجـران وح�ض مــوت وأورشــليم وحمــص‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫يخ�نــا شــعره‪ ،‬ومــدح ملــوكاً وأعيان ـاً‬ ‫والع ـراق وفــارس والحبشــة كمــا ب‬ ‫ـ� ملــك اليمامــة‪،‬‬ ‫كالنعمــان بــن المنــذر ملــك الحـ يـرة‪ ،‬وهــوذة بــن عـ ي‬ ‫وقيــس بــن معديكــرب ملــك كنــدة‪.‬‬ ‫كان شــعره عظيــم أ‬ ‫الثــر‪ ،‬يرفــع أقوامــاً ويضــع آخريــن‪ ،‬لــذا ســعى‬ ‫أ‬ ‫ال ش�اف إىل إكرامــه ك يذكرهــم ُفيعرفــوا بذلــك بـ ي ن‬ ‫ـ� العــرب‪ ،‬كمــا ف ي�‬ ‫ي‬ ‫زوج بناتــه جميعـاً بعــد أن شـ ُه َر بمديــح‬ ‫ـكال� الــذي ّ‬ ‫قصــة المح َّلــق الـ ب ي‬ ‫أ‬ ‫العـ شـى‪.‬‬ ‫كان شــاعرنا مولعــاً باللهــو‪ ،‬ال يــكاد يخلــو شــعره مــن ذكــر الخمــر‬ ‫أو المــرأة‪ ،‬يصــف الخمــر ومجالــس ش�بهــا فيجيــد‪ ،‬ويصــف المــرأة‬ ‫ومفاتنهــا فيبــدع‪ ،‬لكنــك ال تجــد ف ي� شــعره مــا يذكــره الشــعراء مــن‬

‫‪386‬‬

‫(‪ )1‬أ‬ ‫العـ شـى‪ :‬الرجــل الــذي ال يبــر‬ ‫ليـاً‪.‬‬ ‫(‪ )2‬أزيــل قــر أ‬ ‫ال ش‬ ‫عــى ف ي� أواخــر‬ ‫الثمانينــات الهجريــة وأصبــح مبــا�ن‬ ‫ي‬ ‫ســكنية‪.‬‬

‫‪al-Aʿshā al-Qaysī‬‬

‫‪Al-Aʿshā is al-Maymūn b. Qays al-Bakrī known as al-Aʿshā‬‬ ‫‪al-Kabīr (the great or the first) to distinguish him from‬‬ ‫‪other poets with the same nickname.‬‬ ‫‪Aʿshā means dim-sighted, an affliction from which the‬‬ ‫‪poet suffered, causing him to eventually lose his sight‬‬ ‫‪entirely near the end of his life.‬‬ ‫‪He is also known by the epithet, Sannājat al-ʿArab.‬‬ ‫‪Sannāja is a reference to musical instruments, drum‬‬‫‪like or string instruments, which he often mentioned in‬‬ ‫‪his poetry. He is one of the greatest poets of the Arabic‬‬ ‫‪tradition. He lived to witness the advent of Islam but did‬‬ ‫‪not convert.‬‬ ‫‪Al-Aʿshā's Muʿallaqah is a poem about visions of the‬‬ ‫‪self: the self in solitude, the self in pleasure, the self in‬‬ ‫‪the company of others, the self in disappointment, the‬‬ ‫‪self at war in all of its forms, and the self in confrontation‬‬ ‫‪with time.‬‬ ‫‪As the Arabic commentator Adi AlHerbish notes, it is‬‬ ‫‪profoundly apt that the poet struggled with his dimming‬‬ ‫‪sight when he is said to have composed the poem.‬‬ ‫‪He accounts for this loss of sight in the poem through‬‬ ‫‪vivid and extremely nuanced imagery. He also‬‬ ‫‪compensates for it with deep insights into the self and‬‬ ‫‪its changing seasons.‬‬ ‫‪Al-Aʿshā composed his poem upon a dispute over blood‬‬ ‫‪vengeance between his tribe and their kin. The poet is‬‬ ‫‪enraged by Yazīd of Banī Shaybān’s interference and‬‬ ‫‪accuses him of stoking the fires of war and egging others‬‬ ‫‪against the poet’s tribe.‬‬

‫‪387‬‬


‫األعشى القيسي‬

‫حرقــة وحــرة‪ ،‬إنمــا هــي شــهوة محضــة وتبتـ ٌـل ِصف أمــام الجســد‬ ‫أ‬ ‫النثــوي‪ ،‬لــذا يكـ ثـر ف ي� شــعره ذكــر القيــان كقتيلــة وجبـ يـرة وهريــرة‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� استفتح المع َّلقة بذكرها‪.‬‬ ‫وال ي‬ ‫خ�ة تباين الرأي ي� هويّتها‪ ،‬وهي ي‬ ‫قيــل إن أ‬ ‫العـ شـى عندمــا ُســئل عنهــا قــال‪ :‬ال أعرفهــا‪ ،‬إنمــا هــو اسـ ٌـم‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫أن قتيلــة‬ ‫ـا� مــن حيــث ال أدري‪ ،‬بينمــا ذكــر أبــو عبيــدة ّ‬ ‫أُلقــي ي� لسـ ي‬ ‫وجبــرة وهريــرة قيـ آ‬ ‫ـرد عــن مشــائخ‬ ‫ي ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ـان لل عمــرو بــن َمرثــد ‪ ،‬ونقــل المـ ب ّ‬ ‫أن هريــرة كانــت أمــةً ســوداء لحســان بــن عمــرو‬ ‫بـن ي قيــس بــن ثعلبــة ّ‬ ‫)‪(3‬‬ ‫بــن مرثــد‪.‬‬

‫ـراء وكــرم‬ ‫(‪ )3‬أرسة ثريّــة عرفــت بالـ َ‬ ‫المحتــد‪ ،‬ذكــر طرفــة بــن العبــد‬ ‫أباهــم عمــرو بــن مرثــد ف ي� معلّقتــه‪.‬‬ ‫(‪ )4‬الــزق‪ :‬وعــاء الخمــر‪ ،‬القينــة‪:‬‬ ‫أ‬ ‫المغنيــة‪ .‬الكــران‪ :‬العــود‪.‬‬ ‫المــة‬ ‫ّ‬ ‫الصنــج‪ :‬آلــة موســيقية‪ ،‬تشــبه آلــة‬ ‫القانــون‪.‬‬

‫‪al-Aʿshā al-Qaysī‬‬

‫‪However, before arriving at the moment of confrontation‬‬ ‫‪with the adversaries, the poet journeys through phases‬‬ ‫‪of the self just as he journeys through the ritual landscape‬‬ ‫‪of the qaṣīdah from the opening elegiac stance (1-32),‬‬ ‫‪to the desert journey (33-44) and finally arriving at the‬‬ ‫‪moment of boast (45-64).‬‬ ‫‪However, these section divisions are not clear-cut, for‬‬ ‫‪al-Aʿshā delays and disrupts what we think of as the‬‬ ‫‪archetypal structure through beautiful personal and‬‬ ‫‪meditative sections.‬‬

‫وكمــا للهــو ســاعات‪ ،‬كذلــك للجــد ســاعات ف� شــعر أ‬ ‫ال ش‬ ‫عــى‪ .‬هــو‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫شــاعر الغــزل والفخــر بامتيــاز‪ ،‬يقــ أوقــات الهنــاءة ي ن‬ ‫الــز ّق‬ ‫بــ� ِ‬ ‫ي‬ ‫)‪(4‬‬ ‫والقينــة والك ـران والصنــج ‪ ،‬لكــن مــا إن يتهــدد أحدهــم ش�ف قبيلتــه‬ ‫حــى ينــري أ‬ ‫ت‬ ‫ال ش‬ ‫عــى مدافعــاً منافحــاً‪ ،‬فيتحــول شــعره الرقــراق إىل‬ ‫ب‬ ‫صخــر يخــدش هامــة العــدو‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫‪388‬‬

‫‪389‬‬


‫األعشى القيسي‬

‫َّ‬ ‫المعلقة‬ ‫العـ شـى مع َّلقــة حــرب وســام‪ ،‬أو أ‬ ‫مع َّلقــة أ‬ ‫بالحــرى ‪-‬إذا اتّبعنــا ترتيــب‬ ‫موضوعاتهــا‪ -‬مع َّلقــة ســام وحــرب‪ ،‬فبعــد أن نشــبت خصومــةٌ بـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫(‪)5‬‬ ‫أحيــاء قيــس بــن ثعلبــة وشــيبان ‪ ،‬صــار لزام ـاً عــى الشــاعر أن يــو ّدع‬ ‫يــركَ هريــرة خلفــه‪ ،‬وأن يمــض فيمــن ض‬ ‫أوقــات الهنــاءة‪ ،‬وأن ت‬ ‫مــى‬ ‫ي‬ ‫ـ� الفريقـ ي ن‬ ‫للصــاح بـ ي ن‬ ‫ـ�‪.‬‬ ‫ضمــن الركــب ســاعياً إ‬ ‫أن رج ـا ً يُقــال لــه ضبيــع‪ ،‬مــن ب ـن ي كهــف بــن‬ ‫وكان ســبب الخصومــة ّ‬ ‫أ‬ ‫ســعد بــن مالــك بــن ُضبيعــة بــن قيــس بــن ثعلبــة (قبيلــة العـ شـى)‪،‬‬ ‫قتــل رجـا ً مــن شــيبان يُقــال لــه زاهر بــن سـ ّـيار‪ ،‬يُعــرف بابــن ش‬ ‫الجا�ية‬ ‫نســبةً إىل أمــه‪.‬‬ ‫وكان ُضبيــع خامــا ً ضعيــف العقــل‪ ،‬فلمــا أراد أبنــاء ش‬ ‫الجا�يــة أن‬ ‫ن‬ ‫ـيبا� ‪-‬وكان أحــد‬ ‫يأخــذوه بــدم زاهــر‪ ،‬نهاهــم يزيــد بــن ُمسـ ِـهر الشـ ي‬ ‫رؤســاء شــيبان‪ -‬وقــال‪ :‬اقتلــوا بــه ســيداً مــن ســعد بــن مالــك بــن‬ ‫ضبيعــة‪ ،‬فلمــا بلــغ ذلــك بــن قيــس قــال أ‬ ‫ال ش‬ ‫عــى المع ّلقــة يأمــره‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫يفسـ َـد‬ ‫أن يــدع ب ـ ي كهــف وأبنــاء الجا�يــة يســوون الخــاف دون أن ِ‬ ‫(‪)6‬‬ ‫بينهــم‪.‬‬ ‫وتذوقهــا –كمــا ينبغــي لهــا أن تُتــذوق‪-‬‬ ‫ال يمكــن النظــر إىل المع َّلقــة ّ‬ ‫ت‬ ‫إن المع ّلقــة‬ ‫ـ� تفاقمــت عــى بــر الشــاعر‪ ،‬بــل َّ‬ ‫دون ربطهــا بالع ّلــة الـ ي‬ ‫ف‬ ‫البصــار‪ ،‬ولع ّلــه ليــس مــن‬ ‫يمكــن أن تُعـ َّـد دراســةً رائعــة ي� مفهــوم إ‬ ‫قبيــل المصادفــة أن يُدعــى الشــاعر "أبــا بصـ يـر"‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫الضــاءة‪ ،‬ومــن‬ ‫البصــار عندمــا تنخفــض إ‬ ‫العــى ضعــف ي� حــدة إ‬ ‫المثــر أن أ‬ ‫الوصــاف ف ي� أول المع َّلقــة غايــة ف ي� الدقّــة برصيــاً‪ ،‬فهــو‬ ‫ي ّ‬ ‫تز‬ ‫ـر مشــيتها‪ ،‬ثــم‬ ‫يصــف لمعــان أســنان هريــرة واهــراز أردافهــا وتكـ ّ‬ ‫يغـ شـى الســحاب جـ ّـو القصيــدة‪ ،‬وتنخفــض الرؤيــة‪ ،‬فيلجــأ الشــاعر إىل‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫�ء ســاحر‬ ‫حواســه الخــرى مســتعيناً براحتيــه ولســانه وأنفــه‪ ،‬وهــو ي‬ ‫لــو ف ُِطــن لــه‪.‬‬

‫‪390‬‬

‫‪al-Aʿshā al-Qaysī‬‬

‫‪The Poem‬‬ ‫حيــا قيــس بــن ثعلبــة‬ ‫(‪ )5‬ينتهــي ّ‬ ‫ت‬ ‫جــد مشــرك هــو‬ ‫وشــيبان إىل‬ ‫ ‬ ‫ـ� بــن بكــر بــن وائــل‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫صعــب بــن ي‬

‫‪The poem opens with a nasīb (1-32) an amatory elegi‬‬‫‪ac prelude, in which the poet laments his beloved Hu‬‬‫‪rayrah’sdeparture.‬‬

‫(‪ )6‬البغــدادي‪ .‬خزانــة أ‬ ‫الدب‪ .‬ج‪8‬‬ ‫ص‪397‬‬

‫‪However, he soon adopts a sarcastic tone, which allows‬‬ ‫‪him to expand and vary on the amatory prelude, com‬‬‫‪ment on and undermine it as happens in comical scenes‬‬ ‫‪of not just a love triangle, but a big seven-way knot of‬‬ ‫‪misdirected affection in line 18:‬‬ ‫‪Each longing for another, delirious and stricken‬‬ ‫‪approaching and retreating,‬‬ ‫‪confounding and crazed‬‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫‪The prelude of al-Aʿshā’s poem is expanded and his tran‬‬‫‪sition to the journey is delayed with a meditation on his‬‬ ‫‪dimming sight (19-20 ), followed by compensation for‬‬ ‫‪the onset of old age with a recollection of youth and‬‬ ‫‪recklessness (22-32).‬‬ ‫‪In line 33, he dissociates from the beloved and recol‬‬‫‪lection of the past, setting off on a journey in “a barren‬‬ ‫”‪land…where only the jinn hum in its desolate corners.‬‬ ‫‪The journey section is also interrupted by an unconven‬‬‫‪tional scene (36-43) in which the poet and his drunk‬‬ ‫‪companions track a rain cloud in a place called Durna.‬‬ ‫‪They spot the rain cloud drift over the landscape and‬‬ ‫‪then overwhelm it with rain. And thus, the poem transi‬‬‫‪tions to the moment of confrontation in the last section,‬‬ ‫‪the boast (44-64). The poet leaves his old self, licks his‬‬ ‫‪wounds in love, and stands for the honor of his tribe.‬‬ ‫‪To Yazīd of Banī Shaybān,‬‬ ‫‪this word: Stop eating your heart out‬‬ ‫!‪Abū Thūbayt‬‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫‪Stop taking jabs at our noble roots‬‬ ‫‪that nothing can mar‬‬ ‫‪as long as burdened mounts moan.‬‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫‪391‬‬


al-Aʿshā al-Qaysī

‫األعشى القيسي‬

On Reading and translating al-Aʿshā: While translating al-Aʿshā's Muʿallaqah, I put myself in conversation with existing translation. My goal was to benefit from them but also to go in a different direction when possible and as the original poem allows it. I have adopted the three-line stanza, the tercet, instead of the couplet or the quatrain adopted by previous translators. It is true that the poem’s meter, al-Baṣīt, is a long meter but here al-Aʿshā's tone is at times playful and at times sarcastic, and thus I thought the shorter stanza is more fitting. The tercet also creates a different rhythm for the poem in English, distinguishing it from the available translations. It is an abrupt stanza, which allows for the change in tone and mood, the shift from meandering to rage, which occurs later in the poem. One example of the variance in tone I was aiming for exists in the very first line. I decided to delay “Bid Hurayrah farewell” to the end of the tercet, thus making it the punchline of the stanza, a position of emphasis equivalent to but varying from all the openings adopted by other translations. I tried throughout the translation to recreate that effect of emphatically ending the stanzas where possible. I have always been intrigued by al-Aʿshā’s use of the word rajulu (man) in the opening line. To me, it rings as a timeless, intimate, and urgent self-address. It also carries al-Aʿshā's signature sarcastic tone, especially in accounting for the shortcomings and victories of the self.

‫أن الســبب الحقيقــي النفصــام العالقــة‬ ّ ‫يكتشــف القــارئ فيمــا بعــد‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ـ� مــا فتئــت‬ ‫ وإنّمــا الع ّلــة الـ ي‬،‫مــا بـ يـ� الشــاعر وهريــرة ليــس ســفره‬ ً‫يتلمــس دارهــا متعـ ثـراً مصطدم ـا‬ ّ ‫تأخــذ مــن بــره حـ تـى اضطرتــه أن‬ ‫ـكأن ذلــك أســقطه مــن عـ ي ن‬ ‫ ممــا جعلــه‬،ً‫ـ� هريــرة شــيئا‬ ّ ‫ فـ‬،‫بمــا حولــه‬ ‫ ويندفــع معــدداً مغامراتــه الســابقة وكيــف‬،‫ينتــر لكرامتــه المجروحــة‬ ‫ف‬ ‫يزجــي أيامــه باللهــو ش‬ ‫الفيــا� المخوفــة والقفــار‬ ‫والــرب وقطــع‬ ّ ‫كان‬ ‫ي‬ ‫ ثـ ّـم كأنّــه اســتنكر عىل نفســه‬،‫الطويلــة دون أن يكــون مســتطيعاً بغـ يـره‬ ‫ وكيــف نــزل عــى حكــم هريــرة حـ ي ن‬،‫الت�يــر‬ ‫ـ� احتقرتــه لعـ شـى‬ ‫هــذا ب‬ ‫ف‬ ‫وتحــدى ندمــاء ي� ُدرنــا أن يشــيموا‬ ،‫ فشــحذ قــوة خيالــه‬،‫بــره‬ ّ ‫ت‬ ‫ حـ تـى إذا ثقلــت وصــار لهــا‬،‫ـ� أخــذت تتكـ َّـون تحــت بــره‬ ‫الســحابة الـ ي‬ .‫ غمــرت ديــار هريــرة باليمامــة فأجــرت الميــاه ف ي� أوديتهــا‬،‫بــرق وحجــم‬ ،‫ثــم يســتغل مشــهد الســحاب يك ينتقــل برشــاقة مــن اللهــو إىل الجــد‬ ُ �‫التبــدل المفاجــئ ف ي‬ ‫ دون أن يفســد هــذا‬،‫ومــن الســلم إىل الحــرب‬ .‫م ـزاج القصيــدة تدفـ َـق أبياتهــا‬ ‫فبعــد أن كان المشــهد ينطــوي عــى ندمــاء يتنازعــون ق ُ​ُضــب الريحــان‬ ‫تــرق‬ ‫ وإذا بالســحابة ب‬،‫ إذا بالســماء تكفهــر‬،‫ويشــيمون الســحاب‬ ‫ ليندفــع أ‬،‫وتزمجــر وتغــرق مــا حولهــا‬ ‫ال ش‬ ،ً‫عــى مثلهــا مهــدداً منــذرا‬ ‫ن‬ .�‫ـيبا‬ ‫تــكاد كلماتــه المجلجلــة تأخــذ بخنــاق يزيــد بــن ُمسـ ِـهر الشـ ي‬

However, the sarcasm develops as the poem progresses into a profoundly devastating realization of responsibility and its consequences, and with it, ayyuhā al-rajulu acquires a tragic tone in retrospect. The self-address, which was earlier playful and merry, takes on an urgent and tragic tone after the poem completes its circle. In the scene of wine and song, the self-address “ayyuhā al-rajulu” takes on the air of boast and then turns meditative in the mesmerizing scene at Durna where the poet and his companions, in their drunkenness and blurred vision, track the lightning cloud as it hovers and sweeps over the landscape, taking us from one season of life into another.

393

392


al-Aʿshā al-Qaysī

‫األعشى القيسي‬

AlHerbish captures the movement of the poem when he labels it as a poem of peace and war. It is a poem that dallies and meanders, indulges and exalts in itself, and then arrives with force at a sobering moment, the moment of responsibility and its consequences. However, peace and war are not opposites in the poem, but rather the first flows into the other as a drifting white cloud turns dark and starts thundering. The days of youth and abandon remain a resonant undertone punctuating the sobriety of the moment of war. The mature righteously enraged persona cannot but be read in light of its past carefree self. And thus, the poet triumphs in his ability to capture the self as it reflects upon its seasons and stands witness to its own losses, turns, and trails. And, at the core of the poem’s ability to capture the movement of time is the Durna section. So I said to my drunk companions in Durna: “Track it with me. Look!” And what can the drunk see? … It continued to target these abodes with its waters, until it drove the cattle and herds out. The dim-sighted poet calls upon his drunken companions to witness how the sky and land change and with them how time, with it the self, take on different forms. And they do…The companions follow the lighting cloud as it scans over the landscape and finally overwhelms it with rain just as the poet promises to overwhelm his enemies and drive them out when the fire of war blazes. The tracking of the lightening cloud serves as an ingenious transition from one season of life to the other, from peace to war. And thus, al-Aʿshā leaves us with a deeply resonant question that transcends its moment; an invitation to contemplate the self as it contends with time and is constantly reshaped by it. And so, ayyuhā al-rajulu, as you think of yourself, “Look! And what can you see?”

395

5


‫األعشى القيسي‬

‫‪al-Aʿshā al-Qaysī‬‬

‫المحبوبة في الشمس‬ ‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬ ‫‪.6‬‬ ‫‪.7‬‬ ‫‪.8‬‬

‫َ ت ُ‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫ـب ُمر� ــل‬ ‫ـر�ة إن الرك ـ‬ ‫ودع ه ـ ي‬ ‫ٌ‬ ‫غـ ّـر ُاء فرعـ ُ‬ ‫ض‬ ‫عوار�ــا‬ ‫ـاء مصقــول‬ ‫أك ّن ِمش ـ تـي�ا م ــن بي ــت ت‬ ‫جار� ــا‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫تسمع َ‬ ‫للح يل وسواسا إذا انرصفت‬ ‫ال ي� ُان تَ‬ ‫ليست مكن ُ‬ ‫طلع�ا‬ ‫يكره ج‬ ‫يرصعـــا لـــوال ّ‬ ‫يـــاد ُ‬ ‫ُ‬ ‫تشـــددها‬ ‫ً‬ ‫ُ نً‬ ‫ســـاعة ت‬ ‫فـــرت‬ ‫قـــر�‬ ‫تعـــال‬ ‫إذا‬ ‫ج‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الدرع ب�كنة‬ ‫صفر‬ ‫الوشاح وملء ِ‬ ‫ِ‬

‫ً‬ ‫ُ‬ ‫وهل ُ‬ ‫تطيق وداعا يّأ�ا الرجل‬ ‫ُ‬ ‫ش‬ ‫ت ش‬ ‫الوحل‬ ‫الو� ِ‬ ‫� ج ي‬ ‫� اهلوينا امك ي� ي‬ ‫� ي‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ـحابة ال ري ــث وال جع ــل‬ ‫م ـ ّـر الس ـ ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫امك اســـتعان ب� ي� ش‬ ‫عـــرق ِزجـــل‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫تخ ُ‬ ‫وال ت�اهـــا ِّ‬ ‫ـــار � ِتتـــل‬ ‫لـــر ج‬ ‫ال ِ‬ ‫ُ )‪(7‬‬ ‫ُ‬ ‫تقـــوم إىل جار ِتا�ـــا الكســـل‬ ‫إذا‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫واه� نم�ا ذنوب ن‬ ‫امل� والكفل‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫يـــاد خ‬ ‫ال ُ‬ ‫ـــر ينخـــزل‬ ‫إذا ت� ت�‬

‫أ‬ ‫ـاعر‬ ‫يفتتــح العـ شـى معلقتــه بمشــهد وداع‪ :‬ركـ ٌ‬ ‫ـب يتأهــب للرحيــل‪ ،‬وشـ ٌ‬ ‫يُـسا ِئـــل نفســه إن كان يطيــق وداع هريــرة أم ال يطيقــه‪ .‬ولعـ ّـل هــذه‬ ‫االفتتاحيــة كافيــة ك تجــذب انتبــاه القــارئ إىل مــا يمـ ي ّ ز‬ ‫ـر المع َّلقــة عــن‬ ‫ي‬ ‫يغ�هــا مــن المع َّلقــات‪ ،‬إذ جــرت العــادة أن يســتفتح الشــاعر بالوقــوف‬ ‫أ‬ ‫ـ� ِصف‬ ‫عــى الطــال‪ ،‬حيــث زمــن الحــب زمــن فائــت‪ ،‬والقصيــدة حنـ ي ن ٌ‬ ‫عــى أ‬ ‫المــا�‪ ،‬أمــا ف� مع َّلقــة أ‬ ‫ض‬ ‫ال ش‬ ‫فالمــر مختلــف‪ :‬زمــن الحــب‬ ‫إىل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ـن أبــداً‪ ،‬والجــزع الــذي ت‬ ‫يع�يــه حــذَ َر الفـراق ال جـ ّـراء ‪.‬‬ ‫راهـ ٌ‬ ‫لكــن هــل هــو الحــب فعــاً‪ ،‬أم اللــذاذة واللهــو؟ ومــن الراحــل ف ي�‬ ‫الم ْطلـ َـع لــن يقــع عــى‬ ‫الركــب‪ ،‬هــو أم هريــرة؟ مهمــا ق ّلــب القــارئ َ‬ ‫(‪)8‬‬ ‫إجابــة‪ ،‬لكنــه ســيصادف أ‬ ‫ال ش‬ ‫عــى جالســاً ف ي� إحــدى حانــات ُدرنــا ف ي�‬ ‫أن قصائــد‬ ‫منتصــف المع َّلقــة‪ ،‬ممــا يعــن ي أنــه تــرك اليمامــة‪ ،‬كمــا ّ‬ ‫(‪)9‬‬ ‫أخــرى ف ي� ديوانــه تؤيــد أنــه الراحــل ال هريــرة‪.‬‬ ‫إن كان ال يســتطيع أن يصطحــب هريــرة معــه ف ي� الركــب‪ ،‬فــا أقـ َّـل مــن‬ ‫أن يصطحــب صورتهــا ويم ّثلهــا أمامــه‪ .‬هــا هــي تلــوح‪ ،‬بيضــاء الجبـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫واســعته‪ ،‬طويلــة الشــعر فاحمتــه‪ ،‬نقيــة أ‬ ‫الســنان المعتهــا (الحــظ د ّقــة‬ ‫َّ َ‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫التصويــر!) وهــي عندمــا تتكــر ي� مشــيتها متباطئــةً متثاقلــةً لكأنّهــا‬ ‫ـتك ألــم القــدم‪ ،‬وفــوق ذلــك يخــوض ف ي� وحــل‪،‬‬ ‫ـخص حـ ٍ‬ ‫شـ ٌ‬ ‫ـاف يشـ ي‬ ‫ـرع قدميــه ت ز‬ ‫فهــو ينـ ت ز‬ ‫ان�اعـاً‪.‬‬

‫‪396‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ن‬ ‫غـ ّـراء‪ :‬بيضــاء الجبـ يـ�‪ .‬فرعــاء‪ :‬كثـ يـرة‬ ‫الشــعر‪ .‬مصقــول عوارضهــا‪ :‬نقيــة‬ ‫النيــاب مــن أ‬ ‫الرباعيــات و أ‬ ‫الســنان‪.‬‬ ‫الو ِجــي‪:‬‬ ‫الهوينــا‪ :‬عــى مهلهــا‪َ .‬‬ ‫الــذي حفــى واشــتىك ألــم القــدم‪.‬‬ ‫ف‬ ‫الوحــل‪ .‬ريــث‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫الوحــل‪ :‬العالــق ي� َ‬ ‫الحــ�‪ :‬مــا ت ز‬ ‫ت�يــن بــه الم ـرأة‬ ‫ـطء‪.‬‬ ‫بـ‬ ‫َ ي‬ ‫مــن ذهــب وفضــة‪ .‬وسواســاً‪:‬‬ ‫خشخشــة‪ِ .‬ع ش‬ ‫شــج�ة فيهــا‬ ‫ــرق‪:‬‬ ‫ي‬ ‫ومــرت بــه الريــح‬ ‫حــب إذا ّ‬ ‫ّ‬ ‫جــف ّ‬ ‫خشخشــةً‬ ‫‪ِ .‬زجــل‪:‬‬ ‫تحــرك وأحــدث‬ ‫ّ‬ ‫طــرب‪ِ .‬قرنــاً‪ :‬صاحبــاً‪ .‬ذنــوب‬ ‫ُم ِ‬ ‫تن‬ ‫المــ�‪ :‬لحــم المعاكــن‪ .‬الكفــل‪:‬‬ ‫يز‬ ‫داخــ�‬ ‫العجــرة‪ .‬الوشــاح‪ :‬نســيج‬ ‫ي‬ ‫مرصــع بالجوهــر تشـ ّـده الم ـرأة بـ يـ�ن‬ ‫عاتقهــا وكشــحيها‪ .‬الــدرع‪ :‬ثــوب‬ ‫تجــوب المــرأة وســطه تجعــل لــه‬ ‫ـأ�‪ :‬تنثـن ي ‪.‬‬ ‫يديــن‪ .‬بهكنــة‪ :‬مكتـنز ة‪ .‬تـ تّ‬ ‫ينخــزل‪ :‬ينقطــع‪.‬‬ ‫(‪ )7‬تضيــف بعــض الروايــات بيتـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫ف ي� هــذا الموضــع‪:‬‬ ‫تركب عىل َق َت ٍب ‬ ‫لم ِ‬ ‫تمش ميال ً ولم ْ‬ ‫الشمس َإل دونَها الك ُ​ُلل‬ ‫تر‬ ‫ولم‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ش‬ ‫رجعها ‬ ‫تم� الهوينا ّ‬ ‫الريح تُ ُ‬ ‫كأن َ‬ ‫ي‬ ‫م� اليعاف� ف‬ ‫ش‬ ‫الو َه ُل‬ ‫ها‬ ‫ت‬ ‫جيئا‬ ‫�‬ ‫ِ َ‬ ‫يِ ي‬ ‫يَ‬

‫(‪ُ )8‬درنــا‪ :‬قريــة ف ي� ســماوة الع ـراق‪،‬‬ ‫ُعرفــت بمعــارص الخمــر‪ ،‬تقطــن‬ ‫فيهــا قبائــل شــيبان وعجــل‪.‬‬ ‫(‪ )9‬كقوله‪:‬‬

‫َفف‬ ‫كانت وصاة وحاجات لنا ك ٌ‬ ‫أن صحبكَ إذ ناديتهم وقفوا‬ ‫لو َّ‬ ‫عىل هرير َة إذ قامت تو ّدعنا‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫� ُف‬ ‫وقد أ� من ٍ‬ ‫إطار دونَها َ َ‬

‫‪1. The caravan is departing,‬‬ ‫ ‬ ‫‪and man, if you can bear it,‬‬ ‫ ‬ ‫‪bid Hurayrah farewell.‬‬

‫‪2. Her face glows, her hair flows,‬‬ ‫ ‬ ‫‪and her smile glints. She walks in grace,‬‬ ‫ ‬ ‫‪a gazelle tiptoeing over soft soil.‬‬ ‫‪3. To her neighbor’s she walks‬‬ ‫ ‬ ‫‪like a cloud floating,‬‬ ‫ ‬ ‫‪neither heavy nor rushed.‬‬

‫‪4. You can hear her bracelets tinkle‬‬ ‫ ‬ ‫‪when she retreats like the wind‬‬ ‫ ‬ ‫‪rustling through acacia beads.‬‬ ‫‪5. She is not one her neighbors avoid.‬‬ ‫ ‬ ‫‪You will find her aloof‬‬ ‫ ‬ ‫‪not eager for their chatter.‬‬ ‫‪6. She rises to meet them listless,‬‬ ‫ ‬ ‫‪if she didn’t push herself, she’d‬‬ ‫ ‬ ‫‪be held back.‬‬

‫‪7. She spends an hour with a friend,‬‬ ‫ ‬ ‫‪but soon tires and returns, her full hips‬‬ ‫ ‬ ‫‪and behind quivering.‬‬

‫‪8. Her shoulders wide, her waist not even there.‬‬ ‫ ‬ ‫‪When this beauty walks towards you‬‬ ‫ ‬ ‫‪you’d think she might break in two.‬‬

‫إذ يُفهــم مــن ندائــه صحبــه يك‬ ‫يقفــوا‪ ،‬أنــه هــو الراحــل ف ي� الركــب‪.‬‬

‫‪397‬‬


‫األعشى القيسي‬

‫‪al-Aʿshā al-Qaysī‬‬

‫كأن هــذه الصــورة البارعــة لــم تشــف ولعــه بمشــيتها‪ ،‬فأتبعهــا‬ ‫ثـ ّـم ّ‬ ‫صــور ًة أخــرى ال تقـ ّـل براعــة‪ ،‬حـ ي ن‬ ‫ـ� جعلهــا ســحابةً تمـ ُّـر مـراً‪ ،‬ال بطيئــةً‬ ‫وال رسيعــة‪ ،‬فــكأن الهــواء هــو مــا يحركهــا إىل أ‬ ‫المــام لتكاســلها‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وفتورهــا‪.‬‬ ‫ن ش‬ ‫ـس يصـ ّـوت ّكل مــا عليهــا مــن قالئــد وأســاور‪ ،‬ذلــك‬ ‫ثـ ّـم إنّهــا حـ يـ� تمـ ي‬ ‫شــج�ة ش‬ ‫عــرق‬ ‫فــكأن ريحــاً رست ف ي�‬ ‫أنهــا تم�فــة تتقلــب ف ي� النعمــة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫فحركــت مــا فيهــا مــن يابــس الحــب أ‬ ‫والغصــان فأحدثــت أصواتــاً‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وخشخشــةً ‪.‬‬ ‫تتنصــت‬ ‫وهــي فــوق ذلــك كلــه‪ ،‬حلــوة المعـ شـر‪ ،‬قليلــة الفضــول‪ ،‬ال ّ‬ ‫ج�انهــا وال تتتبــع عوراتهــم‪ ،‬إذا قامــت تقصدهــم يــكاد يرصعهــا‬ ‫عــى ي‬ ‫هشــوا لمرآهــا‪.‬‬ ‫كســلها‪ ،‬وإذا دخلــت دارهــم ّ‬ ‫ثــم يتمــادى أ‬ ‫ال ش‬ ‫صاحــب‬ ‫عــى ف ي� جرأتــه‪ ،‬فيصورهــا وهــي تصــارع‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫ز‬ ‫تهــر‪ ،‬وإذا بأنفاســها تتقطــع مــن‬ ‫بعج�تهــا وأعكانهــا‬ ‫لذتهــا‪ ،‬فــإذا ي‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫والفــراط ي� الشــحم‪ ،‬فهــي‬ ‫الســمنة إ‬ ‫الجهــد‪ .‬وحــذار أن تنســبها إىل ُ‬ ‫ـص درعهــا ي ز‬ ‫ـوب حـراً‬ ‫بعج�تهــا‪ ،‬إال َّ‬ ‫وإن كانــت مكتـنز ًة يغـ ّ‬ ‫أن خرصهــا يجـ ُ‬ ‫وســط وشــاحها‪ ،‬وعندمــا تنث ـن ي يــكاد ذلــك الخــر ينفصــل لدقّتــه‪.‬‬

‫‪398‬‬

‫‪7‬‬


‫األعشى القيسي‬

‫‪al-Aʿshā al-Qaysī‬‬

‫المحبوبة في الدجن‬ ‫‪.9‬‬ ‫‪.10‬‬ ‫‪.11‬‬ ‫‪.12‬‬ ‫‪.13‬‬ ‫‪.14‬‬

‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِن َ‬ ‫ترصعه‬ ‫الدجن‬ ‫الضجيع غداة‬ ‫عم‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫قُ‬ ‫ةٌ‬ ‫هركول ف ُن ٌق ُد ْر ٌم مر‬ ‫اف�ا‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫إذا ُ‬ ‫يضوع ا ِملسك أصورة‬ ‫تقوم‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫روضة من ير�ض َ‬ ‫احل ِزن ُمعشبة‬ ‫ما‬ ‫ِ‬ ‫ٌ شَ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ن‬ ‫�ق‬ ‫يضاحك‬ ‫الشمسم�ا كوكب ِ‬ ‫ً أ َ ن شَ ئ‬ ‫يوما ب�طيب م�ا ن� را� ٍة‬

‫َ ُ‬ ‫ـاف وال ت ِف ــل‬ ‫ـذة امل ــرء ال ج ـ ٍ‬ ‫لل ـ ِ‬ ‫ُ ُ‬ ‫أ َّ‬ ‫خ‬ ‫نتع ــل‬ ‫كن أ� َص ــا ب�لش ـ ِ‬ ‫ـوك م ِ‬ ‫ن َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫والزنبق ُ‬ ‫أردا�ا ش ِ�ل‬ ‫الورد من ِ‬ ‫ُ ٌ ُ‬ ‫َ‬ ‫سبل َه ِطل‬ ‫خ�ض ُاء جاد ي‬ ‫عل�ا م ِ‬ ‫ت ُ‬ ‫ّ‬ ‫مك� ــل‬ ‫ـت‬ ‫ُم ــؤز ٌر بعم ـ ي ِـم النب ـ ِ‬ ‫أ‬ ‫أُ ُ‬ ‫وال ب�حسـ َـن نم�ا إذ ند� ال ُصل‬

‫(‪)10‬‬

‫ثــم يحــدث ش�ء ســاحر ف� القصيــدة‪ ،‬إذ يصـ ُـف أ‬ ‫العـ شـى هريــرة وقــد‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫خلــت ف ي� خدرهــا بصاحــب لذتهــا تالعبــه ف ي� يــوم غائــم‪ ،‬فــإذا بالرؤيــة‬ ‫ـى القصيــدة أيض ـاً‪.‬‬ ‫وكأن الغيــم غـ ش ّ‬ ‫تنخفــض‪ّ ،‬‬ ‫فبعــد أن كانــت هريــرة تتنقــل إىل بيــوت جاراتهــا تحــت رائعــة الشــمس‪،‬‬ ‫إذا بالغيــم يحجــب النــور‪ ،‬ثــم تنكفــئ إىل خدرهــا فتنخفــض الرؤيــة‬ ‫ف‬ ‫ث‬ ‫البصــار ي ن‬ ‫ش‬ ‫حــ� تنخفــض‬ ‫أن‬ ‫حــدة إ‬ ‫العــى نقــص ي� ّ‬ ‫أكــر‪ .‬نعلــم ّ‬ ‫الضــاءة‪ ،‬وهــذا مــا يحــدث فعــا ليــس عــى مســتوى الشــاعر فقــط‪،‬‬ ‫إ‬ ‫بــل عــى مســتوى القصيــدة أيض ـاً‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ـر أردافهــا‪ ،‬وتتكرس‬ ‫فبعــد أن وصــف العـ شـى لمعــان أســنانها‪ ،‬وكيــف تهـ ت ز ّ‬ ‫مشــيتها‪ ،‬وذلــك يتطلــب بــراً حــاداً‪ ،‬إذا بــه يعــزف عــن اســتخدام‬ ‫ـتع� عوض ـاً عنهمــا بحواســه أ‬ ‫الخــرى‪.‬‬ ‫عينيــه ويسـ ي ن ِ‬ ‫قبلهــا يجــد لريقهــا طعــم الخمــرة المشــوبة بالعســل‪ ،‬وحـ ي ن‬ ‫فحـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫ـ� يُ ّ‬ ‫الكب�يــن‪ ،‬وهــي لفــرط‬ ‫يتلمســها ال يجــد لمرفقيهــا حجمـاً بخــاف وركيهــا ي‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫كأن شــوكاً ي� باطــن قدميهــا‪ ،‬لكنهــا حـ يـ� تتحامــل‬ ‫كســلها تــكاد ال تتحــرك ّ‬ ‫عــى نفســها وتقــوم إذا بنوافــج المســك تعبــق بالمــكان‪ ،‬وإذا برائحــة‬ ‫كميهــا‪.‬‬ ‫الزنبــق تتصاعــد مــن ّ‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ـاف‪ :‬غليظ‪.‬‬ ‫الدجــن‪ :‬اليوم الغائم‪ ،‬جـ ٍ‬ ‫يتطيــب‪ .‬هركولة‪:‬عظيمــة‬ ‫ت َِفــل‪ :‬ال ّ‬ ‫الوركـ ي ن‬ ‫درم‬ ‫ـ�‪ُ .‬ف ُنــق‪ :‬حســنة الجســم‪ٌ .‬‬ ‫مرافقهــا‪ :‬ليــس لمرفقيهــا حجــم‪.‬‬ ‫أصــورة‪:‬‬ ‫أخمصهــا‪ :‬باطــن قدمهــا‪ِ .‬‬ ‫نفحــات‪ ،‬وقيــل‪ :‬تــارات‪ .‬أردانها‪ :‬جمع‬ ‫ردن وهــو مخــرج اليــد مــن الثــوب‪.‬‬ ‫ش‬ ‫الحــزن‪ :‬المــكان‬ ‫شــم ُل‪:‬‬ ‫منتــر‪َ .‬‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫المرتفــع‪ ،‬ويقصــد حــزن بــ ي يربــوع‬ ‫ســبل‪:‬‬ ‫حيــث ترعــى إبــل الملــوك‪ُ .‬م ِ‬ ‫هطــل‪ :‬هاطــل‪ .‬يضاحــك‬ ‫متــنز ّل‪ِ .‬‬ ‫الشــمس‪ :‬يــدور مــع الشــمس‪ .‬كوكب‬ ‫ش‬ ‫�ق‪ :‬ز ٍاه‪ .‬مؤزّر‪ :‬يلبس‬ ‫المــاء‪ :‬بريقــه‪ِ .‬‬ ‫إزاراً‪ .‬عميــم‪ :‬مرتفــع‪ .‬مكتهــل‪ :‬بلــغ‬ ‫ـر‪ :‬رائحــة طيبــة‪ .‬الأُصــل‪:‬‬ ‫وتـ ّـم‪ .‬نَـ ش ْ‬ ‫جمــع أصيــل وهــو وقــت الغــروب‪.‬‬ ‫(‪ )10‬تضيــف بعــض الروايــات بيتـاً ف ي�‬ ‫هــذا الموضــع‪:‬‬ ‫ ‬ ‫نكهته‬ ‫ذقت ُ‬ ‫َّ‬ ‫كأن فاها إذا ما َ‬ ‫يخالطه بعد الكرى ُ‬ ‫عسل‬ ‫خمر‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬

‫‪9. Nothing is sweeter than to lie with her‬‬ ‫ ‬ ‫‪on a cloudy morning,‬‬ ‫ ‬ ‫‪a pleasure not for the uncouth.‬‬ ‫‪10. Her hips round and her arms slender,‬‬ ‫ ‬ ‫‪she treads softly as if on heals‬‬ ‫ ‬ ‫‪of thorns.‬‬

‫‪11. The scent of musk trails her when she rises,‬‬ ‫ ‬ ‫‪the air of roses and lilies,‬‬ ‫ ‬ ‫‪from her sleeves, overflows.‬‬ ‫‪12. No garden lush and verdant‬‬ ‫ ‬ ‫‪on a difficult hillside, quenched‬‬ ‫ ‬ ‫‪by heavy relentless rain,‬‬ ‫‪13. where the sun flirts with‬‬ ‫ ‬ ‫‪bright bobbing blossoms‬‬ ‫ ‬ ‫‪wrapped in cloaks of green,‬‬

‫‪14. is ever more fragrant or overwhelming‬‬ ‫ ‬ ‫‪in beauty than she in the early‬‬ ‫ ‬ ‫‪evening light.‬‬

‫ثــم تأخــذه بعيــداً هــذه الرائحــة –وال ش‬ ‫�ء أعمــل بالخيــال مــن‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫خــراء مرتفعــة‪ ،‬تتــنز ل عليهــا أ‬ ‫الرائحــة‪ -‬فيشــبهها روضــةً ض‬ ‫المطــار‬ ‫ُ ّ‬ ‫تز‬ ‫ً‬ ‫ف�يدهــا اخـ ضـرارا ومــا ًء‪ ،‬لكأنّهــا تضاحــك الشــمس وهــي تــدور حولهــا‬ ‫لفــرط بهجتهــا‪ ،‬أو كأنّهــا اتّخــذت مــن النباتــات الخـ ضـراء إزاراً ت ز‬ ‫ت�يّــن بــه‪.‬‬ ‫بضوعــه فلــن تجــد مــا يفــوق‬ ‫ـت َ‬ ‫أمــا عندمــا تغيــب الشــمس ويبــوح النبـ ُ‬ ‫الروضــة نَـ شـراً ســوى هريــرة‪.‬‬

‫‪400‬‬

‫‪401‬‬


‫األعشى القيسي‬

‫‪al-Aʿshā al-Qaysī‬‬

‫ّ‬ ‫ملهاة الحب‬ ‫‪.15‬‬ ‫‪.16‬‬ ‫‪.17‬‬ ‫‪.18‬‬ ‫‪.19‬‬ ‫‪.20‬‬ ‫‪.21‬‬

‫ُ ّ تُ َ َ ً ُ ّ‬ ‫ً‬ ‫وعلقـــت رجـــا‬ ‫علق�ـــا عرضـــا‬ ‫ٌ‬ ‫وع ّل ُ‬ ‫قتـــه فتـــاة مـــا ي�اوهلـــا‬ ‫ُِ‬ ‫قتـــي أخـــرى مـــا ئ‬ ‫ُ‬ ‫تال� ن‬ ‫وع ِّل ن‬ ‫ـــي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ٌ‬ ‫بصاحبـــه‬ ‫مغـــرم ي�ـــذي‬ ‫فلكنـــا‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ـر�ة عن ــا م ــا تملكن ــا‬ ‫َ َص ــدت ه ـ ي‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ـا أع ـ شـى ض َّ‬ ‫أ� ب ـ ِـه‬ ‫أأن رأت رج ـ‬ ‫قالــت هــر� ُة ّملــا جئـ ُ‬ ‫ـت ز ئ َا�هــا‬ ‫ي‬

‫ُ‬ ‫يغ�ي ُ‬ ‫وع ِّلق أخرى ي َ‬ ‫غ�ها الرجل‬ ‫ُ‬ ‫من أه ِلها ّمي ٌت ي�ذي ب�ا َو ِهل‬ ‫ً ّ َ ُ‬ ‫فاجتمــع احلـ ُّ‬ ‫ـب ُحبــا لكـ ُـه ت ِبــل‬ ‫ُ‬ ‫ٌ ُ‬ ‫ودان وحمبـــول وم َتبـــل‬ ‫ن� ٍء ٍ‬ ‫ً أ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫خليد حبل من تصل؟‬ ‫ج�ال ب� ّم ٍ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫املنون ٌ‬ ‫ودهر ُم ِفن ٌد خ ِبل‬ ‫ريب ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وويل منك ي� رجل‬ ‫ويل عليك ي‬ ‫ي‬

‫ين‬ ‫ين‬ ‫الحــب‪،‬‬ ‫ناجحتــ� عــن‬ ‫مرسحيتــ�‬ ‫شكســب� ف ي� بدايــة مشــواره‬ ‫كتــب‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫الوىل مأســاة بعنــوان (روميــو وجولييــت) تــدور حــول عاشـ ي ن‬ ‫ـق� مــن‬ ‫ف�ونــا وتنتهــي بموتهمــا‪ ،‬أ‬ ‫والخــرى ملهــاة بعنــوان (حلــم منتصــف ليلــة‬ ‫ي‬ ‫صيــف) تــدور حــول أربعــة عشــاق مــن أثينــا وال تنتهــي إال بعــد أن‬ ‫ـب أكـ ثـر مــن مــرة بينهــم‪.‬‬ ‫تتبــدل أدوار الحـ ّ‬ ‫ـب مــن تراجيديــا إىل كوميديــا‬ ‫كل مــا احتاجــه شكسـ ي‬ ‫ـب� يك يحـ ّـول الحـ َّ‬ ‫زيــادة عــدد أ‬ ‫الحبــاب مــن ي ن‬ ‫اثنــ� إىل أربعــة‪ ،‬فــإذا بعــذاب الفقــد‬ ‫الحــب‪ ،‬وإذا بالفــراق والدمــوع يُســتبدالن‬ ‫يُســتبدل بارتبــاك أطــراف‬ ‫ّ‬ ‫ض‬ ‫بالفــو� والضحــكات‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ـت واحــد مــا ت‬ ‫ـب� ف ي� مرسحيــة كاملــة‪.‬‬ ‫اج�حــه شكسـ ي‬ ‫حقــق العـ شـى ي� بيـ ٍ‬ ‫ـ� إضافيـ ي ن‬ ‫حســه الهــزل‪ ،‬فأتبــع بيتــه بيتـ ي ن‬ ‫ـ� يك‬ ‫ثـ ّـم َّ‬ ‫كأن ذلــك لــم يشــبع ّ‬ ‫يّ‬ ‫ـو� فـ ض‬ ‫يزيــد الفـ ض‬ ‫ـو�‪ ،‬والتشــويش تشويشـاً‪.‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ُعلّقتهــا‪ :‬أحببتهــا‪َ .‬ع َرض ـاً‪ :‬عــى غـ يـر‬ ‫ـب عقلــه‪ِ .‬تبــل‪:‬‬ ‫تعمــد‪ِ .‬‬ ‫ّ‬ ‫وهــل‪ :‬ذاهـ ٌ‬ ‫دان‪ :‬قريــب‪.‬‬ ‫ـد‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫بعي‬ ‫‪:‬‬ ‫ـاء‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫ـول‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫مخب‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫محبــول‪ :‬مأخــوذ ف ي� حبالــة الصيــد‪.‬‬ ‫حتبــل‪ :‬صائــد‪ .‬صـ ّـدت‪ :‬أعرضــت‪.‬‬ ‫ُم ِ‬ ‫بــأم خليــد حبــل مــن‬ ‫جهــا ً ّ‬ ‫تصــل؟ اســتفهام‬ ‫تعجــ� بمعــىن ‪:‬‬ ‫بي‬ ‫حبــل مــن تصــل إذا لــم تصلنــا؟‬ ‫أم خليــد‪ :‬كنيــة هريــرة‪ .‬أعـ ش‬ ‫ـى‪ :‬ال‬ ‫يبــر بالليــل‪ .‬ريــب المنــون‪ :‬فجائع‬ ‫خبــل‪:‬‬ ‫مفنــد‪ِ :‬‬ ‫الدهــر‪ِ .‬‬ ‫مفســد‪ِ .‬‬ ‫خابــل‪ ،‬يذهــب بالمــال والولــد‪.‬‬

‫‪15. I fell for her and she for a man‬‬ ‫ ‬ ‫‪other than me and for yet another woman‬‬ ‫ ‬ ‫‪that man fell.‬‬ ‫‪16. And still another whom he didn’t want,‬‬ ‫ ‬ ‫‪fell for him, and she, that other,‬‬ ‫ ‬ ‫‪had a cousin mad in love for her.‬‬ ‫‪17. And yet another, whom I didn’t fancy,‬‬ ‫ ‬ ‫‪fell for me and thus all tangled up‬‬ ‫ ‬ ‫‪in love we all wasted and pined.‬‬

‫‪18. Each longing for another, delirious and stricken‬‬ ‫ ‬ ‫‪approaching and retreating,‬‬ ‫ ‬ ‫‪confounding and crazed.‬‬ ‫‪19. Hurayrah shunned me without a word.‬‬ ‫ ‬ ‫‪Oblivious, that Umm Khulayd,‬‬ ‫ ‬ ‫‪of the promises she had made.‬‬

‫‪20. Didn’t she see me, an old dim-sighted man,‬‬ ‫ ‬ ‫‪afflicted by treacherous Fate‬‬ ‫ ‬ ‫‪and by Time, the senile and precarious.‬‬ ‫‪21. When I came visiting,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Hurayra said: “woe to you‬‬ ‫ ‬ ‫”‪and woe to me because of you‬‬

‫ت‬ ‫ـب رجـا ً آخــر غـ يـره‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ـ� أحبهــا عــى غـ يـر قصــد‪ ،‬تحـ ُّ‬ ‫إن هريــرة هــذه الـ ي‬ ‫آ‬ ‫ـب فتــا ًة أخــرى‪ .‬هــل شــعرت بالــدوار والربكــة؟ لــم‬ ‫وهــذا الخــر يحـ ُّ‬ ‫تــر شيئـ ـاً بعــد! هــذا الرجــل الــذي تحبــه هريــرة تحبــه فتــاة أخــرى‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ـب يهــذي بهــا وهــي ال تــدري‪ ،‬وحـ تـى‬ ‫وهــذه الفتــاة الخــرى يحبهــا قريـ ٌ‬ ‫أ‬ ‫والخبــل‬ ‫العـ شـى الــذي بــدأ هــذه السلســلة غـ يـر النهائيــة مــن الحــب َ‬

‫‪402‬‬

‫‪403‬‬


‫األعشى القيسي‬

‫تحبــه فتــاة أخــرى ليســت مالئمــةً لــه‪ .‬يالــه مــن كرنفــال! يــا لهــا مــن‬ ‫فـ ض‬ ‫ـو�! حيــث العاشــق معشــوق‪ ،‬والصائــد مصيــود‪.‬‬ ‫إنها فعال ملهاة عجيبة!‬ ‫يقــض‬ ‫تغــرت هريــرة فجــأة؟ مــا بالهــا ال تكلمــه؟ ألــم ِ‬ ‫لكــن لمــاذا ي ّ‬ ‫(‪)11‬‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫قصيــدة أخــرى ‪.‬‬ ‫أخــر ي�‬ ‫معهــا حــوال ً كامــا ً ي� لهــو ولــذة كمــا ب‬ ‫ٍ‬ ‫لمــاذا اســتبدلته برجــل آخــر؟ هنــا يكشــف أ‬ ‫العـ شـى عــن جــرح غائــر‪،‬‬ ‫ويبــوح بــر أحســن إخفــاءہ طيلــة ش‬ ‫الع�يــن بيت ـاً‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ت‬ ‫الــ� مــا فتئــت تأخــذ مــن بــره شــيئاً‬ ‫إنّهــا هــذه الع ّلــة الكريهــة ي‬ ‫فشــيئاً‪ ،‬حـ تـى صــار ال يهتــدي بــدون دليــل يقــوده ف ي� الليــل‪ ،‬والليــل‬ ‫معلــوم ي ن‬ ‫الحــراس واقتحــام‬ ‫بــ� الف ّتــاك‪ -‬وقــت تجــاوز‬ ‫–كمــا هــو‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫الســتور والخبيــة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫يتخبــط ف ي� طريقــه بعــد أن أج ّنــه الظــام‪،‬‬ ‫ـكأ� أرى العـ شـى وهــو ّ‬ ‫لـ ي‬ ‫يحــاول الوصــول إىل أبيــات آل عمــرو بــن مرثــد فيخطئهــا‪ ،‬حـ تـى إذا‬ ‫اقتحــم عــى هريــرة ت‬ ‫يتلمــس طريقــه محــاذراً‬ ‫ســرها‪ ،‬رأتــه وهــو ّ‬ ‫"ويــ� عليــك‬ ‫الوقــوع‪ ،‬فيســقط مــن عينهــا شــيئاً‪ ،‬وتهتــف قائلــة‪:‬‬ ‫ي‬ ‫وويــ� منــك يــا ُ‬ ‫رجــل!" وقــد فهــم القدمــاء هــذا البيــت بطريقــة‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ىن‬ ‫ً‬ ‫مخالفــة فجعلــوا لهــذه الويــات مع ـ ُمريب ـا‪ ،‬والســوغ أنّهــا ويــات‬ ‫ام ـرأة ف� ورطــة‪ ،‬ال تريــد إبقــاء هــذا أ‬ ‫العمــى ف ي� خدرهــا وال تســتطيع‬ ‫ٍ ي‬ ‫إخراجــه دون فضيحــة‪.‬‬

‫‪404‬‬

‫(‪ )11‬يقول أ‬ ‫ال ش‬ ‫ع�‪:‬‬

‫ ‬

‫الئم غَدا َة‬ ‫هرير َة و ّدعها وإن الم ُ ‬ ‫أنت ي ن‬ ‫واج ُم‬ ‫ٍ‬ ‫للب� ِ‬ ‫غد أم َ ِ‬ ‫ف‬ ‫ثويته ‬ ‫ثواء ٌ‬ ‫حول ٍ‬ ‫لقد كان ي� ٍ‬ ‫سائم‬ ‫ُبانات‬ ‫ُ‬ ‫تَ َق�ض ّ ي ل ٍ‬ ‫ويسأم ُ‬

‫‪al-Aʿshā al-Qaysī‬‬


‫األعشى القيسي‬

‫‪al-Aʿshā al-Qaysī‬‬

‫زمان اللهو‬ ‫‪.22‬‬ ‫‪.23‬‬ ‫‪.24‬‬ ‫‪.25‬‬ ‫‪.26‬‬ ‫‪.27‬‬ ‫‪.28‬‬ ‫‪.29‬‬ ‫‪.30‬‬ ‫‪.31‬‬ ‫‪.32‬‬ ‫‪.33‬‬ ‫‪.34‬‬ ‫‪.35‬‬

‫َ‬ ‫ً‬ ‫ّإم ــا ت� ين ــا حف ــاة ال ِنع ــال لن ــا‬ ‫رب البيــت َ‬ ‫ـس َّ‬ ‫فقــد أخالـ ُ‬ ‫غفلتـ ُـه‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ـي‬ ‫وق ــد أق ــود ِ‬ ‫الصب ــا يوم ــا فيتبع ـ ي‬ ‫ُ‬ ‫�ن‬ ‫غدوت إىل‬ ‫وقد‬ ‫ِ‬ ‫احلانوت يتبع ي‬ ‫ف‬ ‫ـيوف اهلنـ ِـد قد عملوا‬ ‫ي� فتيـ ٍـة كسـ ِ‬ ‫ً‬ ‫زع�ــم ُقضـ َ‬ ‫ن� ت‬ ‫ـب ي‬ ‫ـان متكئــا‬ ‫الر�ـ ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ن‬ ‫وه راهن ــة‬ ‫ال يس ــتفيقون م� ــا ي‬ ‫ُ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ـات هل نطف‬ ‫يســى ب�ا ذو زجاجـ ٍ‬ ‫ت ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫يسمعه‬ ‫الصنج‬ ‫ومستجيب خ�ال‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫خ‬ ‫والس ــاحبات ذي ــول ال ـ ِـز آون ــة‬ ‫ـوم قــد هلـ ُ‬ ‫مــن ّلك ذلــك يـ ٌ‬ ‫ـوت بـ ِـه‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ظ‬ ‫ت‬ ‫موحشة‬ ‫وبلدة مثل � ِر ال� ِس‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫لقيـــظ ي� بُك�ـــا‬ ‫ال‬ ‫يتنـــى هلـــا ب� ِ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ـــرة ُ ُ‬ ‫جاوز�ـــا‬ ‫س ٍح‬ ‫بطليـــح ج ٍ‬ ‫ٍ‬

‫ُ‬ ‫َ‬ ‫كذلـــك مـــا ن� ف‬ ‫نّإ�‬ ‫وننتعـــل‬ ‫ـــى ِ‬ ‫ُ‬ ‫وقـــد ي� ُ‬ ‫ـــاذر ن‬ ‫مـــي ث ّ� مـــا يئـــل‬ ‫ن ي شّ َ ُ‬ ‫وقــد يصاحبـ ي ذو الـ ِـر ِة الغـ ِـزل‬ ‫ٌ َ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫شـ ٍـاو مشــل شــلول شلشــل شـ ِـول‬ ‫ة ُ‬ ‫ليس ُ‬ ‫أن َ‬ ‫احل َيل‬ ‫يدفع عن ذي ِ‬ ‫احليل ِ‬ ‫ُ‬ ‫ق ً ًّ‬ ‫ق‬ ‫خضـــل‬ ‫و�ـــوة ُمـــزة راوو�ـــا ِ‬ ‫ّ‬ ‫ات وإن علوا وإن ن�لوا‬ ‫إال ب� ِ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُم ِّقلـ ٌ‬ ‫عتمــل‬ ‫ـص أســفل الـ ب‬ ‫ـر� ِل م ِ‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫إذا ت� ِ ّج ُ‬ ‫فيــه القينــة الف ُضــل‬ ‫ــع ِ‬ ‫ُ‬ ‫والر ُ‬ ‫الع َجل‬ ‫افالت عىل ج‬ ‫أع ِازها ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫طول ِ ّ‬ ‫اهلم والغزل‬ ‫التجارب‬ ‫و�‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ت َ ُ‬ ‫ف‬ ‫ّ‬ ‫حافا�ــا ز َجــل‬ ‫لليــل ي� ِ‬ ‫للجــن ب� ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ​َُ‬ ‫ن‬ ‫الذ� هلم يف� أتوا مل‬ ‫إال ي‬ ‫ت َ​َ ُ‬ ‫ف‬ ‫مرفق�ا إذا استعرض�ا فتل‬ ‫ي�‬ ‫ي‬

‫بعــد أن تلقّــى أ‬ ‫ف‬ ‫ال ش‬ ‫تغــر‬ ‫عــى طعنــةً ي� كرامتــه‪ ،‬وبعــد أن تيقّــن مــن ي ّ‬ ‫أن الدهــر‬ ‫هريــرة عليــه بســبب اعتــال بــره وضيــق ذات يــده‪ ،‬ذكّرهــا ّ‬ ‫وأن َّكل امــرئ يتقلــب ي ن‬ ‫حــال الفقــر‬ ‫ال يبقــى عــى حــال واحــدة‪ّ ،‬‬ ‫بــ� ي‬ ‫والغ ـىن ‪.‬‬ ‫يــوم كان‬ ‫ثــم اندفــع يعــدد فتوحاتــه الجنســية ومغامراتــه الســابقة‪َ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫غــره‪ ،‬لكأنّــه بهــذا التعــداد يثــأر‬ ‫مســتطيعاً ببــره‪ ،‬مســتغنياً عــن ي‬ ‫ف‬ ‫غيــه أصدقــاء‬ ‫لكرامتــه! كان يقتحــم البيــوت ويلهــو بالنســاء‪ ،‬يســاعده ي� ّ‬ ‫مــن ذوي الطيــش وال ـنز ق‪ ،‬ويجـ ّـر عنــان الصبــا حيثمــا شــاء‪.‬‬ ‫الخمــارات وقــد اســتكمل أدوات اللهــو‬ ‫ثــم إنــه كان يطــرق أبــواب َّ‬ ‫ن‬ ‫والمنادمــة‪ ،‬يتبعــه فـ تـى حــاذق ال يتــوا� عــن الخدمــة‪ ،‬يشــوي اللحــم‪،‬‬ ‫وينظمــه ف ي� الســفّود‪ ،‬وينتشــله مــن القــدر‪.‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫نحفــى وننتعــل‪ :‬كنايــة عــن الفقــر‬ ‫ىن‬ ‫ش‬ ‫ـرة‪:‬‬ ‫والغـ ‪ .‬مــا يئــل‪ :‬مــا ينجــو‪ .‬الـ ِ ّ‬ ‫ـب‬ ‫الطيــش والنشــاط‪ .‬الغـ ِـزل‪ :‬المحـ ّ‬ ‫لمحادثــة النســاء‪ .‬غــدوت‪ :‬ذهبــت‬ ‫غــدوة مــا بـ ي ن‬ ‫ـ� صــاة الصبــح وطلــوع‬ ‫الخمــار‪.‬‬ ‫الشــمس‪ .‬الحانــوت‪ :‬بيــت ّ‬ ‫ـاو‪ :‬الــذي يشــوي اللحــم‪ .‬مشـ ّـل‪:‬‬ ‫شـ ٍ‬ ‫الســوق‪ .‬شــلول‬ ‫مســتحث جيــد َ‬ ‫وشُ لشُ ــل‪ :‬خفيــف اليــد ف ي� العمــل‪.‬‬ ‫شـ ِـول‪ :‬الــذي عادتــه العمــل‪ .‬قهــوة‪:‬‬ ‫خضــل‪:‬‬ ‫خمــر‪ .‬راووقهــا‪ :‬إناؤهــا‪ِ .‬‬ ‫العلــل‪،‬‬ ‫دائــم االمتــاء‪ .‬علّــوا‪ :‬مــن َ‬ ‫الــرب ن‬ ‫وهــو ش‬ ‫الثــا�‪ .‬نهلــوا‪ :‬مــن‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫النهــل‪ ،‬وهــو الـ شـرب الول‪ .‬نُطَـ ُـف‪:‬‬ ‫الكبــرة‪ ،‬تُتخــذ‬ ‫النطفــة اللؤلــؤة‬ ‫ي‬ ‫ف� أ‬ ‫القــراط‪ .‬معتمــل‪ :‬مجتهــد ف ي�‬ ‫ي‬ ‫الخدمــة‪ .‬مســتجيب‪ :‬العــود‪ ،‬إذ‬ ‫إنــه يجيــب الصنــج‪ .‬الصنــج‪ :‬آلــة‬ ‫الج ْنــك‪،‬‬ ‫موســيقية فارســية تُدعــى َ‬ ‫ش‬ ‫�ء بالقانــون‪ .‬القينــة‪:‬‬ ‫أشــبه ي‬ ‫ف‬ ‫المغنيــة‪ .‬الف ُ​ُضــل‪ :‬المتبذلــة ي� ثياب‬ ‫الع َجــل‪ :‬مفــردة ِعجلــة‪،‬‬ ‫قليلــة‪ِ .‬‬ ‫زجــل‪ :‬أصــوات‬ ‫وهــي قربــة المــاء‪َ .‬‬ ‫يتنمــى‪ :‬يســمو إىل ركوبهــا‪.‬‬ ‫مختلطــة‪ّ .‬‬ ‫عــدة وقــوة‪ .‬طليــح‪ :‬ناقــة‬ ‫َم َهــل‪ّ :‬‬ ‫أهزلهــا الســفر‪َ .‬جــرة‪ :‬ضخمــة‪.‬‬ ‫الســر‪ .‬ف َتــل‪ :‬تباعــد‬ ‫سح‪ :‬ســهلة‬ ‫ي‬ ‫ُ ُ‬ ‫مرفقيهــا عــن جنبيهــا‪.‬‬

‫‪22. If you see me barefoot,‬‬ ‫ ‬ ‫‪that’s the way it is. One day in shoes‬‬ ‫ ‬ ‫‪and one day without.‬‬

‫‪23. I steal by the master of the house,‬‬ ‫ ‬ ‫‪unaware. No matter how wary he may be,‬‬ ‫ ‬ ‫‪I’ll catch him off guard‬‬ ‫‪24. One day I might lead youth by its horns‬‬ ‫ ‬ ‫‪and it will follow. My companion will be‬‬ ‫ ‬ ‫‪a handsome hot-blooded flirt.‬‬

‫‪25. Many a time, I set out to the tavern‬‬ ‫ ‬ ‫‪at daybreak, followed by a sharp shrewd‬‬ ‫ ‬ ‫‪swift skewering meat handler,‬‬

‫‪26. in a crew of men like Indian swords who know‬‬ ‫ ‬ ‫‪well that, shoed or shoeless, we will‬‬ ‫ ‬ ‫‪all perish.‬‬ ‫‪27. We kick back sharing sweet words‬‬ ‫ ‬ ‫‪and a tangy wine that flowed from‬‬ ‫ ‬ ‫‪a moist clay jug.‬‬

‫‪28. After a round or two it overwhelms them‬‬ ‫ ‬ ‫‪and they only come‬‬ ‫ ‬ ‫‪to ask for more.‬‬ ‫‪29. A Saqi, agile and quick, serves it,‬‬ ‫ ‬ ‫‪running back and forth with his shirt‬‬ ‫ ‬ ‫‪tucked in.‬‬

‫أ‬ ‫ف‬ ‫ـاو مشـ ٌـل‬ ‫وقــد ِعيــب عــى العـ شـى هــذه الشــينات المتتابعــة ي� قولــه (شـ ٍ‬ ‫أن أربعــة ألفــاظ منهــا تجــيء ف� معـىن‬ ‫ـلول شلشـ ٌـل شـ ُ‬ ‫شـ ٌ‬ ‫ـول)‪ ،‬خصوصـاً ّ‬ ‫ي‬

‫‪406‬‬

‫‪407‬‬


‫األعشى القيسي‬

‫)‪(12‬‬ ‫واحــد ‪ ،‬لك َّننــا ال نملــك إال أن نبتســم لهــذا العربيــد وهــو ف ي� طريقــه إىل‬ ‫المرتقَبــة ف ي� رأســه‪ ،‬ال أقـ َّـل مــن أن‬ ‫الحانــوت وقــد لعبــت فكــرة الخمــر ُ‬ ‫ف‬ ‫يلهــو بالحــروف والكلمــات كأنهــا فقاقيـ ُـع تتفجـ ّـر ي� رأســه‪.‬‬

‫ثــم يصــف ندمــاءہ‪ ،‬فيشــبههم بالســيوف الهنديــة َمضــا ًء وصباحــة‬ ‫ّ‬ ‫وأن الفـ تـى لــن يجـن ي مــن‬ ‫ـن‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫كائ‬ ‫ـد‬ ‫ـ‬ ‫ب‬ ‫ال‬ ‫هللا‬ ‫ر‬ ‫ـد‬ ‫ـ‬ ‫ق‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫م‬ ‫أن‬ ‫ـون‬ ‫ـ‬ ‫يعلم‬ ‫ـوه‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫وج‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ـأ� المــرء إىل‬ ‫عنــاء القــدار غـ يـر الهـ ّـم والشــقاء‪ ،‬لــذا فــا أقـ َّـل مــن أن يـ ي‬ ‫الـ شـرب ناعـ َـم البــال خلــواً مــن الهمــوم‪ ،‬هــذا هــو ش�ط الجلــوس إىل‬ ‫العـ شـى‪ ،‬حيــث ال مــكان أ‬ ‫مائــدة أ‬ ‫للت ـراح والهــم‪.‬‬ ‫الــراب‪ ،‬ومــا أجمــل تمثيــل أ‬ ‫ال ش‬ ‫ثــم يــدور الحديــث وكاســات ش‬ ‫عــى‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫دن‬ ‫ُضــب‬ ‫ي‬ ‫ريحــان يتنازعونهــا بينهــم! ّ‬ ‫حــ� جعــل أطــراف الحديــث ق َ‬ ‫ٍ‬ ‫ق‬ ‫الخمــر ممتـ ئ‬ ‫ـات‬ ‫ـا�‪ :‬هـ ِ‬ ‫ـ� أبــداً‪ ،‬وكلمــا اســتفاقوا مــن ســكرة رصخــوا بالسـ ي‬ ‫كأس ـاً أخــرى‪ ،‬فيبادرهــم وقــد شـ ّـمر عــن ســاعد الجــد‪ ،‬وطــوى أســفل‬ ‫رسوالــه‪ ،‬وأخــذ يســعى بينهــم بأقراطــه الالمعــة ف ي� أذنيــه‪.‬‬ ‫ال يكتمــل مجلــس الـ شـراب إال بــآالت الطــرب والنســاء‪ .‬هــا هنــا صنــج‬ ‫وعــود يتبــادالن الحــوار بينهمــا‪ ،‬كلمــا صــوت أحدهمــا أجابــه آ‬ ‫الخــر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وهــا هنــا قينــة تـ ضـرب بالصنــج‪ ،‬فتنقلــه مــن طبقـ ٍـة إىل أخــرى‪ ،‬ومــن‬ ‫نغمــة إىل نغمــة‪ .‬وهــا هنــا قيــان حســان‪ ،‬يمـ أ‬ ‫ـ�ن العـ ي ن‬ ‫ـ� بهجــةً ‪ ،‬والقلــب‬ ‫ٌ‬ ‫يســح� أ‬ ‫ت‬ ‫بن‬ ‫ش‬ ‫الذيــال خلفهــن‪ ،‬ويتمايلــن بــأرداف ت�جــرج كأنّهــا‬ ‫ان�احــاً‪،‬‬ ‫م ـزادات المــاء‪.‬‬ ‫ـاة يتنازعهــا الهـ ّـم‬ ‫إنّــه يــوم واحــد فقــط مــن أيــام لهــوه‪ ،‬فمــا بالــك بحيـ ٍ‬ ‫والغزل!‬

‫(‪ )12‬ابــن قتيبــة‪ .‬الشــعر والشــعراء‪.‬‬ ‫ج‪ 1‬ص‪256‬‬

‫‪al-Aʿshā al-Qaysī‬‬

‫‪30. And when the singing girl, lounging,‬‬ ‫ ‬ ‫‪sings a tune, you’d think the ‘ud speaking‬‬ ‫ ‬ ‫‪to the Persian harp.‬‬

‫‪31. How many a beauty trailing her silk gown‬‬ ‫ ‬ ‫‪and many a girl lifting the heavy wine flask‬‬ ‫ ‬ ‫‪on her curvy hips‬‬ ‫‪32. have I enjoyed in the midst of all this‬‬ ‫ ‬ ‫‪and the more one indulges, the more‬‬ ‫ ‬ ‫‪pleasure and love.‬‬

‫‪33. And many a barren land‬‬ ‫ ‬ ‫‪like the back of a shield where only the jinn hum‬‬ ‫ ‬ ‫‪in its desolate corners.‬‬ ‫‪34. Only the persistent and unrushed‬‬ ‫ ‬ ‫‪dare venture on its treacherous terrain‬‬ ‫ ‬ ‫‪in the heat.‬‬

‫‪35. Yet, I have crossed it on a travel-worn,‬‬ ‫ ‬ ‫‪gaunt, and swift mare whose well-parted elbows‬‬ ‫ ‬ ‫‪easily show.‬‬

‫ثـ ّـم كيــف تحتقــره هريــرة العتــال بــره‪ ،‬وهــو لــم يـ تـرك مفــاز ًة لــم‬ ‫ـكأن تلــك البلــدة ف ي� اســتوائها وترامــي‬ ‫يقطعهــا‪ ،‬وال بلــد ًة لــم يجاوزهــا‪ ،‬لـ ّ‬ ‫أطرافهــا ظهــر تُــرس‪ ،‬إذا اشــتملها الليــل ســمع الراكــب فيهــا أصواتــاً‬ ‫ـتد قيظهــا يتحاماهــا أشــجع الرجــال‪ ،‬إال‬ ‫ـن‪ ،‬وعندمــا يشـ ّ‬ ‫تصــدر عــن الجـ ّ‬ ‫أولئــك الذيــن يمتــازون بالقـ ّـوة ويعـ ّـدون العـ ّـدة مــن ز ٍاد ومــاء‪.‬‬ ‫مطيتــه ناقــة ضخمــة الهيــكل‪ ،‬ســهلة السـ يـر‪ ،‬مرفقاهــا متباعــدان ممــا‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ـةً‬ ‫الســفار‪ ،‬وهــا‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫أهزله‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫ضخامته‬ ‫ـم‬ ‫ـ‬ ‫رغ‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫وه‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‬ ‫ـ‬ ‫واندفاع‬ ‫ـ‬ ‫رسع‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫يزيده‬ ‫ِ‬ ‫ال�يّــة الموحشــة ف ي� طريقــه إىل بــاد شــيبان‬ ‫هــو يقطــع فوقهــا هــذه ب‬ ‫ن‬ ‫ـيبا�‪.‬‬ ‫حيــث يزيــد بــن ُمسـ ِـهر الشـ ي‬

‫‪408‬‬

‫‪409‬‬


‫األعشى القيسي‬

‫‪al-Aʿshā al-Qaysī‬‬

‫ُ‬ ‫في ربوع درنا‬ ‫‪.36‬‬ ‫‪.37‬‬ ‫‪.38‬‬ ‫‪.39‬‬ ‫‪.40‬‬ ‫‪.41‬‬ ‫‪.42‬‬ ‫‪.43‬‬

‫بت ُ‬ ‫ي� مــن �ى عارضـ ًـا قــد ُّ‬ ‫أرمقه‬ ‫ي‬ ‫ٌ َ ٌ ُ ٌ َ ٌ‬ ‫هل ِرداف وجـــوز مفـــأم ِعـــل‬ ‫ـن ُ‬ ‫مل يلهـ نـي اللهـ ُـو عنـ ُـه حـ ي ن‬ ‫أرقبـ ُـه‬ ‫ُ ي شَّ‬ ‫ف‬ ‫ث‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫فقلــت للــر ِب ي� در� وقد ِ�لوا‬ ‫قالــوا نُ�ـ ٌـار فبطـ ُـن خ‬ ‫ـال جادمهــا‬ ‫الـ ِ‬ ‫فالس ـ ُ‬ ‫ـفح ي ج� ــري ف خ‬ ‫�ــزنز ي ٌ� بف�قت ـ ُـه‬ ‫ً‬ ‫ح ـ تـى ت� ّم ـ َـل من ــه امل ـ َ‬ ‫ـاء ت ِلكف ــة‬ ‫ً‬ ‫َ ً‬ ‫يس�ق ي يد�را هلا قد أصبحت غ َرضا‬

‫أّ‬ ‫ُ َُ‬ ‫ُ ف‬ ‫ــعل‬ ‫ك ن�ــا الــرب ق ي� حافا ِتــه الش‬ ‫ُ ّ‬ ‫ُ ّ ُ‬ ‫نط ٌ‬ ‫تصـــل‬ ‫ـــق‬ ‫م‬ ‫بســـجال ِ‬ ‫املـــاء م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ف أ‬ ‫ُ‬ ‫وال اللذاذة ي� ك ٍس وال الكسل‬ ‫ُ )‪(13‬‬ ‫ُ‬ ‫شيموا وكيف ي ُ‬ ‫يش�‬ ‫الثمل‬ ‫الشارب ِ‬ ‫ُ أ ُ ّ ُ‬ ‫فالر َجـــل‬ ‫فالعســـجدية فالبـــاء ِ‬ ‫َ تُ َُ ُ‬ ‫ح ـ تـى تداف ـ َـع من ــه ال ــو� فاحلب ــل‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫السل‬ ‫روض القطا‬ ‫الغ ِ‬ ‫فكثيب ِ‬ ‫ينة ِ‬ ‫ً ت َ ن َ ُ َّ ُ‬ ‫والر َسل‬ ‫زورا ج�انف ع�ا القود‬

‫ثــم كأن أ‬ ‫العـ شـى أنكــر عــى نفســه نزولهــا عــى حكــم هريــرة‪ ،‬وكيــف‬ ‫ّ َّ‬ ‫ض‬ ‫وكأن ع ّلــة بــره‬ ‫أخــذ يـ بـرر ويذكــر شـ َ‬ ‫وقوتــه‪َّ ،‬‬ ‫ـا� نشــاطه ّ‬ ‫ـواهد مــن مـ ي‬ ‫ىن‬ ‫البصــار الحقيقــي‪.‬‬ ‫ـب يســتحق االعتــذار‪ ،‬فــأراد أن يريهــا معـ إ‬ ‫عيـ ٌ‬ ‫هنــا نصــل إىل درنــا‪ ،‬حيــث جلــس أ‬ ‫عــى ش‬ ‫ال ش‬ ‫للــراب وطلــب مــن‬ ‫ُ‬ ‫ندمائــه أن يشــيموا الــرق أيــن يقــع‪ .‬اختلــف الـ شـراح والبلدانيــون �ف‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫أ ش )‪(14‬‬ ‫ف‬ ‫تحديــد موقعهــا‪ ،‬فقــال بعضهــم إنّهــا ي� اليمامــة وفيهــا قـ بـر العــى‪،‬‬ ‫)‪(15‬‬ ‫وقــال آخــرون إنّهــا ف ي� ســماوة العـراق قــرب الحـ يـرة‪ ،‬وقــال فريــق ثالــث‬ ‫)‪(16‬‬ ‫ف‬ ‫إنّهــا أثافــت الـ ت ف‬ ‫ـ�‪،‬‬ ‫ـ� ي� اليمــن‪ ،‬لكـ ّ‬ ‫ـن نظــر ًة فاحصــة ي�)‪(17‬الشــعر الجاهـ ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫الــ� قيلــت يــوم ذي طلــوح كفيلــة بحســم‬ ‫خصوصــاً الشــعار ي‬ ‫موقعهــا وتحديــده ف ي� ســماوة العــراق‪ ،‬حيــث كانــت قبائــل شــيبان‬ ‫وعجــل‪ ،‬وحيــث تزدهــر معــارص الخمــور‪ ،‬ولمــا كان أ‬ ‫العـ شـى ف ي� طريقــه‬ ‫ّ‬ ‫إىل شــيبان يك ينظــر ف ي� مقتــل زاهــر بــن سـ ّـيار‪ ،‬ال بـ ّـد أنّــه توقــف فيهــا‬ ‫ش‬ ‫الشــه�ة‪.‬‬ ‫و�ب ف ي� أحــد حوانيتهــا‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ـيم برقـاً تمطـ ُـر ســحابته ف ي�‬ ‫لكــن هــل يمكــن لجالـ ٍـس ي� العـراق أن يشـ َ‬ ‫أن الشــائم أعـ شـى ال‬ ‫أوديــة اليمامــة؟ ثــم يزيــد مــن صعوبــة‬ ‫المهمــة َّ‬ ‫ّ‬ ‫وأن ندمــاءہ الذيــن يطلبهــم المســاعدة ســكارى‪.‬‬ ‫يبــر جيــداً‪َّ ،‬‬

‫‪410‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫عارضــاً‪ :‬ســحابا ت‬ ‫مع�ضــاً‪ .‬أرمقــه‪:‬‬ ‫أرقبــه‪ .‬رداف‪ :‬ســحاب خلــف‬ ‫ســحاب‪ .‬جــوز‪ :‬وســط‪ُ .‬مفــأم‪:‬‬ ‫الــرق‪.‬‬ ‫عظيــم‪َ .‬ع ِمــل‪ :‬دائــم ب‬ ‫منطّــق‪ :‬أحــاط بــه كالمنطقــة‪.‬‬ ‫الــرب‪ :‬جمــع‬ ‫ســجال‪ :‬دالء مــاء‪ .‬ش ّ‬ ‫شــارب‪ .‬درنــا‪ :‬قريــة ف ي� سـواد العراق‪.‬‬ ‫ثملوا‪ :‬ســكروا‪ .‬شــيموا‪ :‬انظــروا‪ .‬نُمار‬ ‫وبطــن الخــال والعســجدية والأبــاء‬ ‫نز‬ ‫والح َبــل وروض‬ ‫وخ�يــر والوتــر ُ‬ ‫الغينــة‪ :‬مواضــع‬ ‫وكثيــب‬ ‫القطــا‬ ‫ِ‬ ‫ف ي� اليمامــة حيــث ديــار قيــس بــن‬ ‫كثــر‬ ‫ثعلبــة‪ ،‬يمكــن‬ ‫التعــرف عــى ي‬ ‫ّ‬ ‫تغ� أســمائها‪،‬‬ ‫ـم‬ ‫ـ‬ ‫رغ‬ ‫ـاض‬ ‫منهــا ف ي� الريـ‬ ‫يّ‬ ‫التــوال‪ :‬نُمــار‪ :‬و ٍاد‬ ‫وهــي عــى‬ ‫ي‬ ‫ـر� مــن وادي‬ ‫ـ‬ ‫الغ‬ ‫ـب‬ ‫ـ‬ ‫الجان‬ ‫يصــب ف�‬ ‫حنيفــة‪ .‬ي بطــن الخــال‪ :‬ب ييعــرف النآ‬ ‫ُ‬ ‫بـوادي لـ ب ن‬ ‫ـب ف ي� وادي حنيفــة‬ ‫ـ�‪ ،‬ويصـ ّ‬ ‫شــماال ً عــن نُمــار‪ .‬العســجدية‪:‬‬ ‫ـ�‪ .‬الأبــاء‪ :‬أبــى قريــب‬ ‫بطــن السـ ي ّ‬ ‫قــران شــمال منفوحــة‪ .‬وبلــو‬ ‫مــن ّ‬ ‫ـ� مــن ميــاه العرمــة‪ ،‬قريبــان مــن‬ ‫وبـ ي‬ ‫اطمــأن‬ ‫مــا‬ ‫ــل‪:‬‬ ‫ج‬ ‫الر‬ ‫القطــا‪.‬‬ ‫روض‬ ‫ّ‬ ‫ِّ َ‬ ‫مــن أ‬ ‫الرض‪ .‬ن ز‬ ‫خ�يــر‪ :‬خشــم العــان‪.‬‬ ‫برقــة ن ز‬ ‫خ�يــر‪ :‬شــمال خشــم العــان‪.‬‬ ‫الح َبــل‪:‬‬ ‫البطحــاء‪.‬‬ ‫ادي‬ ‫و‬ ‫الوتــر‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫المغـ ّـرزات‪ .‬روض القطــا‪ :‬الجنادرية‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫كثيــب الغينــة‪ :‬نفــود بنبــان‪ .‬تكلفـ ًـة‪:‬‬ ‫عــى مشــقّة‪ .‬غرضــاً‪ :‬موضعــاً‬ ‫أ‬ ‫للمطــار والريــاح‪ .‬زوراً‪ :‬بعيــدة‪.‬‬ ‫تجانــف‪ :‬ابتعــد‪ .‬القَــود‪ :‬الخيــل‪.‬‬ ‫الر َســل‪ :‬إالبــل‪.‬‬ ‫َ‬ ‫(‪ )13‬تضيــف بعــض الروايــات بيت ـاً ف ي�‬ ‫هــذا الموضــع‪:‬‬ ‫برقاً ي�ض ء عىل أ‬ ‫الجز ِاع مسقط ُ​ُه‬ ‫ي‬ ‫عارض َه ِط ُل‬ ‫منه ٌ‬ ‫وبالخبي ِة ُ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫الهمــدا� وتابعــه‬ ‫(‪ )14‬قــال بذلــك‬ ‫ي‬ ‫ياقــوت وابــن بليهــد وابــن جنيــدل‪.‬‬ ‫(‪ )15‬قــال بذلــك أ‬ ‫الصمعــي وحمــد‬ ‫الجاهليــ�ن‬ ‫الجــارس وتؤيــده أشــعار‬ ‫ي‬ ‫كعمـ يـرة بــن طــارق ومالــك بــن نويــرة‪.‬‬ ‫ن‬ ‫الهمــدا� عــن الرئيــس‬ ‫(‪ )16‬نقلــه‬ ‫ي‬ ‫الكبــاري ف ي� صفــة جزيــرة العــرب‪.‬‬ ‫وكان أ‬ ‫للعـ شـى معــرة خمــر ف ي� أثافــت‬ ‫ذكرهــا ف ي� شــعره‪.‬‬ ‫(‪ )17‬يــوم مــن أيــام العــرب ف ي�‬ ‫الجاهليــة‪ ،‬كان لبــن ي يربــوع عــى‬ ‫قبائــل شــيبان وعجــل‪ .‬راجــع‪:‬‬ ‫النقائــض ج‪ 1‬ص‪.53‬‬

‫‪36. Do you see that cloud I’ve been tracking,‬‬ ‫ ‬ ‫‪as if the lightning lines its edges with‬‬ ‫ ‬ ‫?‪flaming sparks‬‬

‫‪37. It looms with more clouds rising behind it.‬‬ ‫ ‬ ‫‪Its dense center stretches, enveloped by the unceasing‬‬ ‫‪ downpour.‬‬ ‫‪38. I spotted it and nothing could distract me‬‬ ‫ ‬ ‫‪neither occupation nor pleasure‬‬ ‫ ‬ ‫‪in a cup.‬‬

‫‪39. So I said to my drunk companions in Durna:‬‬ ‫ ‬ ‫‪“Track it with me. Look!” And what can‬‬ ‫ ‬ ‫?‪the drunk see‬‬ ‫‪40. They said there over Numār, then Khal,‬‬ ‫ ‬ ‫‪it has drenched them both.‬‬ ‫ ‬ ‫‪Then Asjadiyyah and Ablāʾ then Rijal.‬‬

‫‪41. It rose over the slopes of Khanzī�r‬‬ ‫ ‬ ‫‪then its Burqa then pushed on over Watr‬‬ ‫ ‬ ‫‪and Hubal,‬‬

‫‪42. Until it overwhelmed with water‬‬ ‫ ‬ ‫‪the grouse gardens and the lush slopes of Ghī�nah‬‬ ‫ ‬ ‫‪beyond their fill.‬‬ ‫‪43. It continued to target these abodes‬‬ ‫ ‬ ‫‪with its waters, until it drove the cattle‬‬ ‫ ‬ ‫‪and herds out.‬‬

‫‪411‬‬


‫األعشى القيسي‬

‫‪al-Aʿshā al-Qaysī‬‬

‫إنهــا نقطــة أراد أ‬ ‫العـ شـى أن نتوقــف عندهــا حـ ي ن‬ ‫الســكر‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ـ� أ ّكــد حالــة ُ‬ ‫ُ‬ ‫الثمــل؟ إننــا أمــام نــوع جديــد مــن‬ ‫الشــارب‬ ‫شــيموا وكيــف يشــيم‬ ‫ُ‬ ‫البصــار‪ ،‬ال يوهنــه مــرض وال تعوقــه مســافة‪ ،‬وإيــاك أن تُخــدع بحيلــة‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫ـ� أمطرتهــا الســحابة عىل لســان ندمائه‪،‬‬ ‫العــى حـ يـ� أراك الماكــن الـ ي‬ ‫فهــو الــذي أنطقهــم‪ ،‬وهــو الــذي صنعهــم مــن مــادة خيالــه‪ ،‬وهــو‬ ‫الــذي تم ّثــل الســحابة وهــي تكـ بـر وتـ بـرق ويتداخــل بعضهــا ف ي� بعــض‬ ‫محملــةٌ بــدالء مـ ٍـاء ال حــر لهــا‪.‬‬ ‫حـ تـى لكأنّهــا ّ‬ ‫ثــم تمطــر الســحابة فيتابــع أ‬ ‫العـ شـى حركتهــا‪ ،‬ويتتبــع الســيول وهــي‬ ‫تجــري ف ي� مناطــق تقــع ضمــن مدينــة الريــاض الحديثــة‪ ،‬مــن غربهــا إىل‬ ‫واد� نُمــار ولـ ب ن‬ ‫ـ� يتدفقــان ف ي�‬ ‫ش�قهــا‪ ،‬ومــن جنوبهــا إىل شــمالها‪ ،‬فـ يـرى ي ي‬ ‫ـ� والبطحــاء‬ ‫وادي حنيفــة الكبـ يـر‪ ،‬ويــرى مــا أصبــح أحيــا ًء سـ ّ‬ ‫ـكنية كالسـ ي‬ ‫والمغـ ّـرزات تفيــض بالمــاء والســيول إىل أن تصــل خشــم العــان ش�قـاً‪،‬‬ ‫وأخـ يـراً ينتهــي الســيل شــماال ً ف ي� نفــود بنبــان‪.‬‬ ‫مــا نــزل المطــر مــر ًة ف� الريــاض إال وتخيلــت أ‬ ‫العـ شـى جالسـاً ف ي� ُدرنــا‪،‬‬ ‫ّ ُ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ث‬ ‫ت‬ ‫ـ� سـ ّـماها منــذ أكــر مــن‬ ‫فتجــري عــى لسـ ي‬ ‫ـا� تلــك الســماء الرائعــة الـ ي‬ ‫ألــف ســنة‪ :‬نمــار‪ ،‬بطــن الخــال‪ ،‬العســجدية‪ ،‬أ‬ ‫البــاء‪ ،‬برقــة خ�نز يــر‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫الغينــة‪.‬‬ ‫الح َبــل‪ ،‬روض القطــا‪ ،‬كثيــب ِ‬ ‫ُ‬ ‫الزمنــة أ‬ ‫إنهــا تعويــذة ســحرية –هــذا الشــعر!‪ -‬تنتقــل عــر أ‬ ‫والمكنــة‬ ‫ّ‬ ‫ب‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫ـب الديــار والوطــن‪.‬‬ ‫لــررع ي� نفــوس حافظيهــا حـ َّ‬ ‫بص�؟ إطالقاً!‬ ‫هل تعوزك‬ ‫البص�ة يا أبا ي‬ ‫ي‬

‫‪412‬‬

‫‪14‬‬


‫األعشى القيسي‬

‫‪al-Aʿshā al-Qaysī‬‬

‫الوعل والصخرة‬ ‫‪.44‬‬ ‫‪.45‬‬ ‫‪.46‬‬ ‫‪.47‬‬ ‫‪.48‬‬ ‫‪.49‬‬ ‫‪.50‬‬ ‫‪.51‬‬ ‫‪.52‬‬ ‫‪.53‬‬ ‫‪.54‬‬

‫َ ُ ً‬ ‫أبل ْــغ ز� َ‬ ‫يــد بــن ي شــيبان مألكــة‬ ‫ِ ي‬ ‫َ ت ً‬ ‫ن‬ ‫أثلتنــا‬ ‫ألســت من�يــا عــن �ـ ِ‬ ‫ـت ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وإخوته‬ ‫مسعود‬ ‫تغري بنا رهط‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫خ ً‬ ‫ً قَ‬ ‫صـــرة يومـــا‬ ‫كناطـــح‬ ‫ليفل�ـــا‬ ‫أ ٍّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫لعرفن ــك إن ج ــدت عداوتن ــا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ال ّد ي ِ ن� َسورتنا‬ ‫ت ِلز ُم‬ ‫أرماح ذي ج‬ ‫َ ً‬ ‫ُ َّ‬ ‫ّ‬ ‫تقعــدن وقــد أك ت�ــا َحطبــا‬ ‫ال‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫علــوا‬ ‫ســا ِئل بـن ي أسـ ٍـد عنــا فقــد ِ‬ ‫ُ ً‬ ‫َ‬ ‫وعبد هللاِ َّلك ُ‬ ‫هم‬ ‫ش�ا‬ ‫واسأل ق ي‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫حـــى نقتلهـــم‬ ‫نّإ� نقاتلهـــم‬ ‫ف‬ ‫هكف إن ُمه قعدوا‬ ‫قد اكن ي� أهل ٍ‬

‫ُ‬ ‫ُّ ت أ ُ‬ ‫تــل‬ ‫بيــت أمــا تنفــك � ِ‬ ‫بأ� ث ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫و َ‬ ‫لست ئ َ‬ ‫البل‬ ‫ضا�ها ما أطت إ ِ‬ ‫ثّ تزُ‬ ‫عنــد اللقــاء تُ‬ ‫تعــ�ل‬ ‫فــر ِدي �‬ ‫ِ‬ ‫ُ )‪(18‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫فمل ي ِ�ض ها وأوىه قرنه َ‬ ‫الو ِعل‬ ‫ُ ت ُ‬ ‫و ُالت ِم َس ُ‬ ‫عوض � ِتمل‬ ‫النرص منمك‬ ‫تزُ‬ ‫عنـد‬ ‫اللقـاء تُف� يد�ـم‬ ‫وتعـ�ل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ت ُ )‪(19‬‬ ‫ش‬ ‫تعـوذ مـن ِّ‬ ‫وتب�ـل‬ ‫�هـا يومـا ِ‬ ‫َ َُ‬ ‫َ أ َ‬ ‫أن سوف ي�تيك من أنبا ِئنا شك‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ ّ‬ ‫نفتعل‬ ‫واسأل ربيعة عنا كيف ِ‬ ‫�لوا‬ ‫عند ِ‬ ‫اللقاء وإن جاروا وإن ج ِ‬ ‫ُ‬ ‫وال شا� ّي ِة من يسىع وينتضل‬ ‫ج‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫مألكــة‪ :‬رســالة‪ .‬أبــا ثبيــت‪ :‬أبــا ثابت‪،‬‬ ‫ن‬ ‫الشــيبا�‪.‬‬ ‫كنيــة يزيــد بــن مســهر‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫تأتــكل‪ :‬تلتهــب غضبــاً وتســعى‬ ‫ش‬ ‫بالــر‪ .‬أثلتنــا‪ :‬أصلنــا‪ .‬أطّــت‪:‬‬ ‫ح ّنــت‪ .‬رهــط‪ :‬قــوم‪ .‬تــردي‪ :‬تهلــك‪.‬‬ ‫ليفلقهــا‪ :‬ليكرسهــا‪ .‬الوعــل‪ :‬أ‬ ‫اليّــل‪.‬‬ ‫لأعرفنــك‪ :‬أســتطيع رؤيتــك‪ .‬عوض‪:‬‬ ‫تحتمــل‪ :‬ترحــل‪.‬‬ ‫دهــرك و َ‬ ‫أبــدك‪ِ .‬‬ ‫ذوالجديــن‪ :‬قيــس بن مســعود ســيد‬ ‫ّ‬ ‫شــيبان‪ .‬ســورتنا‪ :‬غضبتنا‪ .‬ت‬ ‫ف�ديهم‪:‬‬ ‫هيجتهــا‪ .‬شَ ـكَل‪:‬‬ ‫فتهلكهــم‪ .‬أكّلتهــا‪ّ :‬‬ ‫خــر‪ .‬جــاروا‪ :‬ظلمــوا‪.‬‬ ‫خــر بعــد ب‬ ‫ب‬ ‫أهــل كهــف‪ :‬أهــل القاتــل ضبيــع‪.‬‬ ‫ش‬ ‫الجا�يــة‪ :‬أهــل القتيــل زاهــر بــن‬ ‫يتصــدى للنضــال‪.‬‬ ‫ســيار‪ .‬ينتضــل‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫إذا كان مــا ض‬ ‫مــى الشــطر المخصــص للســلم‪ ،‬فهــا نحــن نســتقبل‬ ‫شــطر الحــرب‪ ،‬ولقــد أحســن أ‬ ‫العـ شـى حـ ي ن‬ ‫ـ� اســتغّ ل مشــهد الســحابة‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫�ء أشــبه بالـ بـرق والرعــد‬ ‫لالنتقــال مــن الحــال الوىل إىل الثانيــة‪ ،‬فــا ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـوا�‬ ‫ـ� تبعتهــا‪ ،‬وهــذه القـ ي‬ ‫والســيل الجــارف مــن هــذه التهديــدات الـ ي‬ ‫ت‬ ‫ـ� بــدأت تهــدر وتجلجــل‪.‬‬ ‫الـ ي‬ ‫ال يمهــد أ‬ ‫العـ شـى لمــا يريــد مــن نذيــر ووعيــد‪ ،‬بــل يندفــع فيــه اندفاعاً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ـيبا�‪ ،‬هــذا الســاعي بالفتنــة‬ ‫فيلقــي برســالته إىل يزيــد بــن ُمسـ ِـهر الشـ ي‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫ويتعمــد أن يصغّ ــر كنيتــه إمعانــاً ي� امتهانــه‬ ‫بــ� فرعــي القبيلــة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وتحقـ يـره‪ ،‬ثـ ّـم يســأله‪ :‬إىل مـ تـى وأنــت تتحكّـــكُ غيظـاً‪ ،‬وتلتهــب حقــداً‪،‬‬ ‫ش‬ ‫ـر ضدنــا؟‬ ‫وتســعى بالـ ّ‬

‫(‪ )18‬تضيــف بعــض الروايــات بيتــاً‬ ‫ف ي� هــذا الموضــع‪:‬‬ ‫أ‬ ‫النف� بنا‬ ‫عرف ّنكّ إن َّ‬ ‫جد ي ُ‬ ‫ل ِ‬ ‫اف واحتملوا‬ ‫الحرب‬ ‫وش ّبت‬ ‫ُ‬ ‫بالطو ِ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬

‫ ‬

‫(‪ )19‬تضيف بعض الروايات بيتاً ف ي�‬ ‫هذا الموضع‪:‬‬ ‫سابقة‬ ‫تصيبكَ منها فر ُط‬ ‫تّ‬ ‫ٍ‬ ‫ح� ُ‬ ‫الو ِج ُل‬ ‫الخائف‬ ‫وأنت‬ ‫هاب‬ ‫الم‬ ‫أنت‬ ‫َ ُ ُ َ‬ ‫ُ َ‬

‫‪44. To Yazī�d of Banī� Shaybān,‬‬ ‫ ‬ ‫‪this word: Stop eating your heart out‬‬ ‫ ‬ ‫!‪Abū Thubayt‬‬ ‫‪45. Stop taking jabs at our noble roots‬‬ ‫ ‬ ‫‪that nothing can mar‬‬ ‫ ‬ ‫‪as long as burdened mounts moan.‬‬

‫‪46. You egg Masʿud’s kin and brothers against us.‬‬ ‫ ‬ ‫‪When we meet, you throw a spark‬‬ ‫ ‬ ‫‪and retreat.‬‬

‫‪47. You are like a mountain goat butting‬‬ ‫ ‬ ‫‪against a rock to split it: the rock unharmed,‬‬ ‫ ‬ ‫‪yet the horn cracked.‬‬

‫‪48. I know you well and know that‬‬ ‫ ‬ ‫‪when war blazes nothing can be hoped from you‬‬ ‫ ‬ ‫‪but forsaking.‬‬ ‫‪49. You feed the rage of Dhi al-Jaddayn’s sons‬‬ ‫ ‬ ‫‪our spears but when you have to face them‬‬ ‫ ‬ ‫‪you withdraw.‬‬

‫ـت نفســك باجتثــاث أصلنــا واقتــاع أثلتنــا‪ ،‬لكــن هيهــات‪،‬‬ ‫لكأنّــك َوكَّلـ َ‬ ‫إن َم َثلــك وأنــت‬ ‫ـن وتصــدر رغــا ًء‪َّ .‬‬ ‫لــن تُو ّفــق مــا دامــت هنــاك إبـ ٌـل تحـ ّ‬ ‫وعــل رأى صخــرة فغاظتــه‪ ،‬فهجــم يريــد أن‬ ‫تحــاول �ض ّنــا َ‬ ‫كم َثــل ٍ‬ ‫بنفســه‪.‬‬ ‫يفلقهــا‪ ،‬فمــا كان إال أن أوهــن قرنــه وأ�ض ّ ِ‬

‫‪414‬‬

‫‪415‬‬


‫األعشى القيسي‬

‫ثــم يســتأنف تهديــده فيقــول‪ :‬أكاد أراك حـ ي ن‬ ‫ـ� تتجــدد العــداوة ويطلب‬ ‫بنــو شــيبان منــك نرصتهــم‪ ،‬ستشـ ّـد رحلــك وتنــأى بأهلــك وتظــل أبــد‬ ‫ف‬ ‫ـال وترحــال‪.‬‬ ‫الدهــر ي� احتمـ ٍ‬ ‫ـت تجهــل بأســنا فاســأل قبائــل أســد وقشـ يـر وعبــد هللا‪ ،‬ال بـ ّـد‬ ‫إن كنـ َ‬ ‫أن تنتهــي إليــك أخبارنــا دفعــةً بعــد دفعــة‪ ،‬كيــف أثخ ّنــا فيهــم‪ ،‬وكيــف‬ ‫ت ت‬ ‫ت‬ ‫ـأ� عليهــم قتـا ً ش‬ ‫وت�يــداً‪.‬‬ ‫إذا قاتلنــا قومـاً ال ن�كهــم حــى نـ ي‬ ‫ـقي‪ ،‬مــا شــأنك بأهــل القاتــل والقتيــل إن قــرروا القعــود‬ ‫ثـ ّـم أيّهــا الشـ ّ‬ ‫ف‬ ‫عــن الثــأر أو القيــام بــه‪ ،‬وفيهــم مــن يُغْ ـن ي ي� المجالــس ويكفــي عنــد‬ ‫القتــال والنضــال؟‬

‫‪al-Aʿshā al-Qaysī‬‬

‫‪50. No don’t retreat when you have fed this fire.‬‬ ‫ ‬ ‫‪You will soon be pleading and seeking‬‬ ‫ ‬ ‫‪refuge from its scorch.‬‬

‫‪51. Ask the sons of Asad of us, for they know well‬‬ ‫ ‬ ‫‪that you will soon receive wonderous news‬‬ ‫ ‬ ‫‪of our deeds.‬‬ ‫‪52. And ask the tribes of Qushayr, Abdullah‬‬ ‫ ‬ ‫‪and Rabī�ʿah, all. Let them tell you‬‬ ‫ ‬ ‫‪what we can do.‬‬ ‫‪53. No matter how mighty and impetuous,‬‬ ‫ ‬ ‫‪will fight them when the day comes‬‬ ‫ ‬ ‫‪and crush them.‬‬

‫‪54. There were among the people of Kahf‬‬ ‫ ‬ ‫‪When they fought and the Jāshiriyyah‬‬ ‫ ‬ ‫‪arbiters and contenders.‬‬

‫‪416‬‬

‫‪417‬‬


‫األعشى القيسي‬

‫‪al-Aʿshā al-Qaysī‬‬

‫ُ‬ ‫فرسان فطيمة‬ ‫‪.55‬‬ ‫‪.56‬‬ ‫‪.57‬‬ ‫‪.58‬‬ ‫‪.59‬‬ ‫‪.60‬‬ ‫‪.61‬‬ ‫‪.62‬‬ ‫‪.63‬‬ ‫‪.64‬‬

‫ّ‬ ‫نّ َ‬ ‫ُ‬ ‫منامسها‬ ‫إ� ل َع ُمر الذي خطت‬ ‫ي‬ ‫َ ً‬ ‫ً‬ ‫ت‬ ‫ئن‬ ‫ل� قتل� معيدا مل يكن صددا‬ ‫ل� ُم َ‬ ‫ئن‬ ‫نيت بنا عن ِغ ِّب‬ ‫معركة‬ ‫ٍ‬ ‫ت َ‬ ‫شطط‬ ‫هل‬ ‫تن�ون؟ ولن ني� ذوي ٍ‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ـوم متكئــا‬ ‫حـ تّـى يظــل معيــد القـ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫فأقصـــده‬ ‫هنـــدوا�‬ ‫أصابـــه‬ ‫ٌي‬ ‫ت أ‬ ‫ّ‬ ‫زمعـــم ب� نّ� ال نقاتلـــم‬ ‫لك‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫الفوارس َ‬ ‫يوم ي ن‬ ‫ُ‬ ‫الع� ضاحية‬ ‫� ُن‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫الركوب فقلنا تلك عادتنا‬ ‫قالوا‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫خ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫فائل‬ ‫قد � ِضب الع ي َ� من‬ ‫مكنون ِ ِ‬ ‫ِ‬

‫ُ ُ‬ ‫ت‬ ‫الباق ُر الغ ُيل‬ ‫خ�دي وسيق ِ‬ ‫إليه ِ‬ ‫ُ‬ ‫لنقتلـــن َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫مثـــه منـــم فنمتثـــل‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ننتفل‬ ‫دماء‬ ‫ِ‬ ‫القوم ِ‬ ‫مل ت ِلفنا من ِ‬ ‫ُ ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫الزيت والف ُتل‬ ‫فيه‬ ‫اكلطعن‬ ‫يذهب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٌ ُ​ُ​ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يدفع ب�لر ِاح عنه نسوة جعل‬ ‫خ ّ ُ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫عتدل‬ ‫أو ذابل من‬ ‫رماح ال ِط م ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ ُ‬ ‫نّإ� ألمثالـــم ي� َ‬ ‫قومنـــا ق ُتـــل‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫جن�ب ي فطيمة ال ِميل وال ُع ُزل‬ ‫شٌ ُ‬ ‫ت�لـــون نّ‬ ‫أو نز‬ ‫فـــإ�‬ ‫معـــر نُ زُ�ل‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أرماحنا البطل‬ ‫وقد يشيط عىل‬ ‫ِ‬

‫أ‬ ‫ـرب البيــت الح ـرام‪ ،‬ومــا يُســاق إليــه مــن ذبائــح‬ ‫ثـ ّـم يحلــف العـ شـى بـ ّ‬ ‫وقر ي ن‬ ‫حضــه لهــم يك‬ ‫ابــ�‪ ،‬لــئن تابعــت بنوشــيبان يزيــد بــن ُمســهر ف ي� ّ‬ ‫يقتلــوا بزاهــر رجـا آخــر مــن أ‬ ‫العيــان‪ ،‬لــن يهــدأ لقيــس بــن ثعلبــة بـ ٌ‬ ‫ـال‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫ئن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حـ تـى ينتصفــوا منهــم ويقتلــوا بــه ســيدا كفــؤا‪ ،‬ول ـ اندلعــت الحــرب‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫الجاهــل‬ ‫�ء يــردع‬ ‫لــن ينتهــوا حــى يســفكوا دم شــيبان ك َّلــه‪ ،‬فوال ي‬ ‫المجانــب للصــواب مثــل الطعنــة تنفــذ عميقـاً ي� جســده‪ ،‬حـ تـى إذا جــاء‬ ‫المــداوي يفحصهــا غــاب الفتيــل فيهــا لعمقهــا‪ ،‬ونضــب الزيــت قبــل‬ ‫الف ـراغ مــن معاينتهــا‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ـ�‪ -‬عــى اخـ تـراق‬ ‫ال تقتــر بصـ يـرة العـ شـى ‪-‬بش ـقّيها البـ ّ‬ ‫ـري والتخييـ ي‬ ‫ـادر عــى‬ ‫المســافة فقــط‪ ،‬وإنّمــا الزمــان أيض ـاً‪ ،‬تقدم ـاً وتقهق ـراً‪ ،‬فهــو قـ ٌ‬ ‫تمثيــل المســتقبل أمــام ســامعيه‪ ،‬يخ�هــم كيــف ســتؤول أ‬ ‫المــور إن‬ ‫ب‬ ‫ـادر عــى‬ ‫لــم يأخــذوا بنصحــه‪ ،‬حـ ت ّـى لكأنّهــا ّ‬ ‫تتكشــف أمامهــم‪ ،‬وهــو قـ ٌ‬ ‫ض‬ ‫ـا� وتمثيلــه لهــم حـ تـى لكأنهــم يعيشــونه ثانيــة‪.‬‬ ‫عــرض المـ ي‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ل َ​َعمــر‪ :‬كلمــة تُقــال للقســم‪.‬‬ ‫مناســمها‪ :‬جمــع منســم وهــو‬ ‫طــرف خـ ّـف البعـ يـر‪ .‬تخــدي‪ :‬تــرع‪.‬‬ ‫الكثــر‪.‬‬ ‫الباقــر‪ :‬البقــر‪ .‬الغُ ُيــل‪:‬‬ ‫ي‬ ‫عميــداً‪ :‬رئيســاً‪ .‬صــدداً‪ :‬مقاربــاً‪.‬‬ ‫فنمتثــل‪ :‬نقتــل أ‬ ‫الماثــل منكــم‪.‬‬ ‫ـب‪ :‬عاقبــة‪ .‬تلفنا‪:‬‬ ‫ُمنيــت‪ :‬اب ُتليت‪ِ .‬غـ ّ‬ ‫تلقنــا‪ .‬ننتفــل‪ :‬ننتفــي‪ .‬شــططاً‪:‬‬ ‫خروجــاً عــن الصــواب‪ .‬ال ُف ُتــل‪:‬‬ ‫الفتائــل‪ُ .‬ع ُجــل‪ :‬جمــع عجــى وهــي‬ ‫الثــكىل‪ .‬هنـ ن‬ ‫ـدوا�‪ :‬ســيف‪ .‬فأقصده‪:‬‬ ‫ي‬ ‫قتلــه‪ .‬ذابــل‪ :‬دقيــق‪ .‬الخــطّ‪ :‬مرفــأ‬ ‫ف ي� البحريــن‪ ،‬حيــث تبــاع أجــود‬ ‫ي ن‬ ‫العــ�‪ :‬يــوم ي ن‬ ‫عــ�‬ ‫الرمــاح‪ .‬يــوم‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫خــره ي� الــرح‪.‬‬ ‫محلــم‬ ‫وســيأ� ب‬ ‫ي‬ ‫ضاحيــة‪ :‬عالنيــة‪ .‬فطيمــة‪ :‬فطيمــة‬ ‫بنــت ش�حبيــل‪ ،‬وقيــل فاطمــة بنــت‬ ‫حبيــب‪ ،‬وهــي ام ـرأة مــن قيــس بــن‬ ‫ثعلبــة قبيلــة أ‬ ‫العـ شـى‪ِ .‬ميــل‪ :‬جبنــاء‪.‬‬ ‫ُعــ ُزل‪ :‬ال ســاح معنــا‪ .‬نخضــب‪:‬‬ ‫العــر‪ :‬حمــار الوحــش‪.‬‬ ‫نطعــن‪.‬‬ ‫ي‬ ‫مكنــون‪ :‬دم‪ .‬فائلــه‪ :‬عرقــه العميــق‬ ‫ف ي� الفخــذ‪ .‬يشــيط‪ :‬يهلــك‪.‬‬

‫‪55. By the life of the one‬‬ ‫ ‬ ‫‪to whom camels plod and horned‬‬ ‫ ‬ ‫‪butting cattle are led,‬‬

‫‪56. if you were to kill a chief who‬‬ ‫ ‬ ‫‪didn’t stand in your way, we’ll kill one of yours,‬‬ ‫ ‬ ‫‪his equal.‬‬ ‫‪57. When you are afflicted by us on the battle day,‬‬ ‫ ‬ ‫‪you’ll find that we are not ones to turn away‬‬ ‫ ‬ ‫‪from the tribe’s blood right.‬‬ ‫‪58. You will not desist and nothing but‬‬ ‫ ‬ ‫‪a stabbing onslaught will stay the‬‬ ‫ ‬ ‫‪transgressor’s hand.‬‬ ‫‪59. Until the chief of your tribe‬‬ ‫ ‬ ‫‪collapses and lies only protected‬‬ ‫ ‬ ‫‪by failing bereft women,‬‬

‫‪60. struck by an Indian sword‬‬ ‫ ‬ ‫‪that got him or by a Khattian spear‬‬ ‫ ‬ ‫‪straight and supple.‬‬

‫هــذا مــا يحصــل عندمــا يصــور أ‬ ‫العـ شـى ي ز‬ ‫ل�يــد بــن ُمسـ ِـهر مــا يمكــن‬ ‫ّ‬ ‫واســتمر يطالــب بقتــل أعيــان قيــس‪ ،‬عندهــا‬ ‫ينتــه‬ ‫حدوثــه إن لــم ِ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫سيســقط أبطــال شــيبان ذات اليمـ يـ� وذات الشــمال‪ ،‬وســتمل جثثهــم‬ ‫ـذب‬ ‫أرض المعركــة‪ ،‬وســيجتمع النســاء حــول زعيــم شــيبان يحاولــن الـ ّ‬ ‫ـن إال ثـ ٌ‬ ‫ـاكل فقــدت زوج ـاً أو ابن ـاً أو أخ ـاً أو أب ـاً‪،‬‬ ‫عنــه يأيديهــن‪ ،‬مــا فيهـ ّ‬

‫‪418‬‬

‫‪419‬‬


‫األعشى القيسي‬

‫ـن ســوى هــذا الكهــل الجريــح‪ ،‬وهــو ُمل ًقــى عــى‬ ‫لــم يبــق مــن بعولتهـ ّ‬ ‫أ‬ ‫الرض أثخنتــه الســيوف وأســقطته الرمــاح ووطأتــه الخيــل‪.‬‬

‫(‪ )20‬غلبه ف ي� القمار‪.‬‬

‫مهمــا بحثــت ف� المع َّلقــات وشــعر المعــارك لــن تجــد صــور ًة ث‬ ‫أكــر‬ ‫ي‬ ‫إلحاحـاً وحـرار ًة وإفزاعـاً مــن هــذه الصــورة‪ ،‬لكأنّــك تراهــا فــوق شاشــة‪.‬‬

‫(‪ )21‬البغــدادي‪ .‬خزانــة أ‬ ‫الدب‪ .‬ج‪8‬‬ ‫ص‪.397‬‬

‫ثــم يرجــع أ‬ ‫ببص�تــه القهقــرى‪ ،‬فيم ّثــل ي ز‬ ‫ال ش‬ ‫ل�يــد مشــهداً مــن‬ ‫عــى ي‬ ‫ّ‬ ‫ض‬ ‫ـ� أبنــاء العـ ّـم ف� عـ ي ن‬ ‫ـابه بـ ي ن‬ ‫ٌ‬ ‫ـ� ُمح َلــم‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫مش‬ ‫ـاف‬ ‫ـ‬ ‫خ‬ ‫ـب‬ ‫ـ‬ ‫نش‬ ‫ـا‬ ‫ـ‬ ‫عندم‬ ‫‪،‬‬ ‫ـا�‬ ‫ـ‬ ‫ٌ‬ ‫ي‬ ‫الم ي‬ ‫أن امــرأ ًة مــن قيــس بــن ثعلبــة تُدعــى فُطيمــة‬ ‫وكان مــن ب‬ ‫خــر ذلــك َّ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫تعرضــت للظلــم ي� بـ ي سـ ّـيار‪ ،‬وقــد اخ ُتلــف ي� طبيعــة ذلــك الظلــم‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫إن شــيبانياً ارتهــن ابنيهــا بعــد‬ ‫إن سـ ّـياريةً حلقــت ظفائرهــا‪ ،‬وقيــل َّ‬ ‫قيــل َّ‬ ‫)‪(20‬‬ ‫أن قمــر زوجهــا عــى بســتان‪ ،‬فمــا هــو إال أن اشــتملت عــى ابنيهــا‬ ‫بثوبهــا‪ ،‬ونــادت تســتنجد قومهــا‪ ،‬فلمــا جــاؤوا دفعــوا عنهــا وعــن ابنيهــا‬ ‫)‪(21‬‬ ‫حـ تـى و ّلــت فرســان سـ ّـيار منهزمــة‪.‬‬

‫متحز ي ن‬ ‫(‪ُ )22‬م ي ن‬ ‫م� للقتال‪.‬‬ ‫تلبب�‪ّ :‬‬

‫ال يذكــر أ‬ ‫العـ شـى هــذا اليــوم فقــط‪ ،‬بــل يم ّث ّلــه أمــام يزيــد‪ ،‬وينتقــي‬ ‫ألفاظـاً لهــا قــدرة عجيبــة عــى التصويــر‪ ،‬حـ تـى لكأنــك تــرى أ‬ ‫البطــال عــن‬ ‫ّ‬ ‫يمـ ي ن‬ ‫ـ� وشــمال فُطيمــة‪.‬‬

‫‪al-Aʿshā al-Qaysī‬‬

‫‪61. You claimed that we wouldn’t fight you‬‬ ‫ ‬ ‫‪Lo! We are for the likes of you‬‬ ‫‪ killers.‬‬

‫‪62. We are the riders at high noon‬‬ ‫ ‬ ‫‪on the day of al-ʿAyn, near Futaymah,‬‬ ‫ ‬ ‫‪no wavering, no turning back.‬‬

‫‪63. If you mount for the battle,‬‬ ‫ ‬ ‫‪that is what we do and if you say on foot,‬‬ ‫ ‬ ‫‪then we are the ones to dismount.‬‬

‫‪64. We will stab a chief in the hollow‬‬ ‫ ‬ ‫‪of his thigh and a champion’s blood, unavenged,‬‬ ‫ ‬ ‫‪on our spears will spill.‬‬

‫ين‬ ‫ثــم يختــم ي ن‬ ‫الملحمــي‪:‬‬ ‫جلجل�‪،‬أضافــا إىل المع ّلقــة طابعهــا‬ ‫ببيتــ� ُم‬ ‫ّ‬ ‫ن)‪(22‬‬ ‫نحــن فــوارس فُطيمــة‪ ،‬تجدنــا عنــد اللقــاء ُمتلببـ يـ� مســتعدين‪ ،‬ال جبنــاء‬ ‫ت‬ ‫ـ� تختــارون‬ ‫خـ ّـوارون وال يعوزنــا الســاح‪ ،‬وأيـاً كانــت طريقــة القتــال الـ ي‬ ‫نحــن أهلهــا‪ :‬إن كان طعان ـاً بالرمــاح طاع ّناكــم عــى أفراســنا‪ ،‬وإن كان‬ ‫ترجلنــا وجالدناكــم‪ ،‬وليــس أبــر بمواضــع الطعــن‬ ‫نــزاال ً بالســيوف ّ‬ ‫ش‬ ‫م ّنــا‪ ،‬نطعــن حمــار الوحــش فننفــذ إىل عــرق الفخــذ مبــا�ة‪ ،‬ويهجــم‬ ‫علينــا البطــل ف�ن فعــه جثــةً فــوق أرماحنــا‪.‬‬ ‫وهكــذا‪ ،‬لــم تنتــه المع ّلقــة إال بعــد أن اســتعرض أ‬ ‫العـ شـى ‪-‬أمــام هريــرة‬ ‫ِ‬ ‫وســامعيه‪ -‬قدراتــه العجيبــة عــى شــيم الســحاب ورؤيــة البعيــد وإبصار‬ ‫ض‬ ‫البصــرة ف� أغــىن‬ ‫ش‬ ‫–لعمــري‪-‬‬ ‫المــا�‬ ‫واســت�اف المســتقبل‪ ،‬وهــذه َ‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫صورهــا‪.‬‬

‫‪420‬‬

‫‪421‬‬


al-Nābighah al-Dhubyānī ‫النابغة الذبياني‬


al-Nābighah al-Dhubyānī ‫النابغة الذبياني‬

The Muʿallaqah of al-Nābighah al-Dhubyānī Plea of the Accused

‫معلَّقة ال ّنابغة الذُّ بيانـي‬ ‫مرافعة متهم‬

Introduction by Suzanne Pinckney Stetkevych

‫مقدمة ش‬ �‫ صالح الزهر ن يا‬:‫و�ح‬

Translation by Suzanne Pinckney Stetkevych, assisted by Khalid Stetkevych


al-Nābighah al-Dhubyānī ‫النابغة الذبياني‬

Al-Nābighah al-Dhubyānī (active 570-600 CE) was one of the most renowned court poets of the Jāhiliyyah, composing odes of praise at both the Lakhmid and Ghassānid royal courts. His most celebrated poem, included in many of the Muʿallaqah collections, is his poem of apology (iʿtidhāriyyah) presented to the Lakhmid king al-Nuʿmān ibn al-Mundhir Abū Qābūs (r. 580-602) at his capital in al-Ḥīrah in Iraq. As with other pre-Islamic poets, the materials that have come down to us concerning al-Nābighah—and thus the composition of this poem—straddle history and legend.

References: Suzanne Pinckney Stetkevych. The Poetics of Islamic Legitimacy: Myth, Gender, and Ceremony in the Classical Arabic Ode. Bloomington & Indianapolis: Indiana University Press, 2002. Chapter 1: Transgression and Redemption: Cuckolding the King: Al-Nābighah al-Dhubyānī and the PreIslamic Royal Ode. Pp. 1- 47.

Islam. New Edition. Leiden: E. J. Brill, 1954 - 2007. Abū al-Faraj al-Iṣbahānī Kitāb al-Aghānī. Ed. Ibrāhīm al-Abyārī. 32 vols. Cairo: Dār al-Maʿārif, 1389/1969. 11:3789 - 3827. P.

The Arabic literary tradition assigns this poem to the period when al-Nābighah was the poet laureate and boon companion (nadīm) of King al-Nuʿmān.

�‫) مملكــة المنــاذرة كانــت ف ي‬2( ‫العــراق ومملكــة الغساســنة كانــت‬ .‫ف ي� الشــام‬ ‫ف‬ .)‫ م‬٨٤٥ /‫ هـ‬٢٣٢ �‫(تو‬ ‫) ي‬3(

‫ـب أُطلــق عــى الشــاعر زيــاد بــن معاويــة بــن‬ ٌ ‫"ال ّنابغــة الذُّ بيانـــي" لقـ‬ ‫ف‬ ‫ ينتمــي النابغــة إىل قبيلــة‬.‫ضبــاب الذّ بيانـــي بســبب نبوغــه ي� شــعره‬ ‫(الـ تـى امتــدت منازلهــا مــا بـ ي ن‬1)‫ذُبيــان‬ ‫ـ� اليمامــة (نجــد حالي ـاً) إىل جبــال‬ ‫ي‬ .‫ مــروراً بــوادي ال ُقــرى بالمدينــة المنــورة‬،)ً‫أجــأ وســلمى (حائــل حالي ـا‬ ‫ف‬ ‫يقــدم صــور ًة واضحــةً عــن نشــأة‬ ّ ‫ال يوجــد ي� كتــب التاريــخ مــا‬ (2) ‫ ســوى أنّـــه كان يتنقّــل ي ن‬.‫النابغــة‬ ‫بــ� قصــور المنــاذرة والغساســنة‬ ً‫ طالبــا‬،‫ النعمــان بــن المنــذر والحــارث بــن عمــرو‬،‫مادحــاً ملوكهــا‬ ،‫ويمجــد الحكمــة‬ ‫ وسـ ي‬،‫للمــال‬ ِ ُ‫ ي‬،‫ـف�اً للنوايــا الحســنة‬ ّ ،‫ـنشـــد للســام‬ .‫ويدعــو إىل نبــذ ثقافــة العنــف‬

Albert Arazi. “al-Nābigha alDhubyānī.” Encyclopaedia of

From a purely political-historical vantage point, the Muʿallaqah reads as the exiled poet’s defense or apology for words—political intrigue?—against the king that, the poet claims, were falsely attributed to him by his enemies. The context provided by the literary lore is much more specific, and lively.

‫بطــن مــن‬ ‫) قبيلــة ذبيــان هــي‬1( ٌ ‫القيســية‬ ‫القبيلــة‬ ،‫بطــون غطَفــان‬ ّ .‫العدنانيــة‬ ‫الم ض�يّــة‬ ُ ّ

‫ت‬ ‫الــى‬ ‫شــهد النابغــة بدايــة حــرب داحــس‬ ‫ الحــرب ب‬،‫والغــراء‬ ‫ب‬ ‫الكــرى ي‬ ‫ت‬ ‫جــرت ف� الجاهليــة ي ن‬ ‫رهــان عــى‬ ‫ بســبب‬،‫قبيلــى عبــس وذبيــان‬ �‫بــ‬ ٍ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ســباق بـ ي ن‬ ‫ وقــد قــدم خـ يـرة شــباب غطفــان حطب ـاً لحــرب‬.‫ـ� جواديــن‬ ٍ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ ويبــدو أن النابغــة‬.‫خــارسة امتــدت أربعـ يـ� عام ـاً بـ يـ� عبــس وذبيــان‬ ّ ‫ ألنــه ليــس ف ي� شــعره مــا يـ‬،‫لــم يشــهد نهايــة هــذه الحــرب‬ ‫ـدل عــى‬ ،‫م‬608 ‫ فقــد انتهــت الحــرب وفــق مــا يذكــر المؤرخــون ســنة‬،‫ذلــك‬ .‫م‬605 �‫بينمــا كانــت وفاتــه تقريب ـاً ف ي‬

The most widely accepted explanation for al-Nābighah’s flight from the court of al-Nuʿmān to that of his Ghassānid rivals in Syria revolves around al-Nuʿmān beautiful and promiscuous wife, al-Mutajarridah.

‫قــال النابغــة الشــعر بعدمــا أصبــح كبـ يـراً ف ي� الســن (وهــذا مــن أســباب‬ ‫ ومــع ذلــك كان مــن أشــعر الشــعراء كمــا تقــول كتــب‬،‫تلقيبــه بالنابغــة‬ ‫أ‬ .‫د� الكالســيكية‬ ‫النقــد ال ب ي‬

It alleges that the poet composed verses that include an erotic description of the king’s wife so explicit as to suggest—or rather confirm—a sexual relationship between the two.

‫الناقــد ابــن ســام الجمحــي الــذي قســم الشــعراء الجاهليـ ي ن‬ ‫ـ� ف ي� كتابــه‬ ،‫"طبقــات فحــول الشــعراء" عـ شـر طبقــات بحســب جــودة أشــعارهم‬ .‫وتنــوع أغراضهــم الشــعرية وكـرث ة قصائدهــم‬ (3)

‫الذبيا� من شعراء الطبقة أ‬ ‫ن‬ ‫عـد النابغة‬ .‫الوىل‬ ّ ‫ي‬

427

426


al-Nābighah al-Dhubyānī ‫النابغة الذبياني‬

According to one version of events, recounted in alIṣbahānī’s Kitāb al-Aghānī (Book of Songs) on the authority of such illustrious scholars as Ibn Sallām alJumaḥī, Abū ʿAmr ibn al-ʿAlāʾ, and Ibn Qutaybah: The reason that al-Nābighah fled from al-Nuʿmān was this: One day he and the poet al-Munakhkhal... alYashkurī were sitting before the king. Now al-Nuʿmān was misshapen, leprous, and ugly, whereas al-Munakhkhal... was one of the most handsome of the Arabs, and alMutajarridah, al-Nuʿmān’s wife, had had her eye on him. Indeed, the Arabs used to say that al-Nuʿmān’s two sons by her were actually al-Munakhkhal’s. Then alNuʿmān said to al-Nābighah: “O Abū Umāmah, describe al-Mutajarridah in your poetry.” So he composed his qaṣīdah in which he described her: her abdomen, her buttocks, and her private parts. This roused alMunakhkhal’s jealousy, so he said to al-Nuʿmān, “No one could compose such a poem unless he had tried her!” Al-Nuʿmān took this to heart and when news of this reached al-Nābighah, he feared for his life and fled to the Ghassānids. (11:3799-800) Al-Nābighah’s notorious poem describing the king’s wife, his dāliyyah that opens ‘Are you leaving Mayyah’s people tonight or on the morrow?’ (a-min ʾāli Mayyata rāʾiḥun ʾaw mughtadi), was thus the occasion for the poet’s flight, under a death threat, from the Lakhmid court at al-Ḥīrah and his taking refuge at the rival Ghassānid court of ʿAmr ibn al-Ḥārith at Jābiyah. It was apparently there that al-Nābighah composed his three celebrated poems of apology (iʿtidhāriyyāt) to his erstwhile patron al-Nuʿmān, and the third of these, the Muʿallaqah, that ultimately succeeded in procuring the king’s forgiveness and the poet’s reinstatement in the Lakhmid court.

429

Muhammad Ibrāhīm,

Abū

al-Fadl

Dīwān

ed.

al-

Nābighah al-Dhubyānī. 3rd ed. Cairo: Dār al-Ma'ārif, 1990. Pp. 14-28. al-A'lam

al-Shantamarī,

Yūsuf ibn Sulaymān ibn 'Īsā. Ash'ār al-Shu'arā' al-Sittah al-Jāhiliyyīn. Ed. and cmt. Muhammad 'Abd al-Mun'im al-Khafājī. 3rd ed. 2 vols. Cairo: 'Abd al-Majīd Hamad Hanafī, 1382/1963. 1:188197. al-Khatīb

Abū

Sharh al-Qasā'id al-'Ashr. Ed. 'Abd al-Salām al-Hūfī. Beirut: al-Kutub

‫جمــع شــعر النابغــة بـ ي ن‬ ‫ وقــوة‬،‫ـ� عمــق التصـ ّـور وبســاطة التصويــر‬ ‫ أ‬،‫ واالحتفــاء بالقيــم النبيلــة‬،‫ وســيولة النغــم‬،‫الصياغــة‬ ‫المــر الــذي‬ ‫ وأكســبه ن ز‬،‫ـ� النــاس‬ ‫جعــل لشــعره سـ يـرورة بـ ي ن‬ ‫م�لــةً عاليــةً عند الشــعراء‬ (4) ‫جعلتهــم يحرصــون عــى االلتقــاء بــه ف ي� ســوق عــكاظ ليعرضــوا عليــه‬ ‫ لكــن هــذه ن ز‬.‫أشــعارهم‬ ‫والح ّســـاد‬ ُ ‫الم�لــة العاليــة أثــارت عليــه الوشــاة‬ ‫وأ ّلبــت عليــه الذيــن ال يبدعــون ويســوؤهم أن يبــدع آ‬ .‫الخــرون‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ُ‫ـعر الشــعراء النابغــة‬ ‫د� العـ ب ي‬ ‫ي� النقــد ال ب ي‬ ُ ‫ "أشـ‬:‫ كان يُقــال‬،‫ـر� القديــم‬ ‫ ومعـ نـى ذلــك أن شــعر النابغــة ف ي� لحظــات الخــوف والرهبة‬."‫إذا رهــب‬ .‫كان مــن أروع الشــعر‬

Zakariyyā

Yahyā ibn 'Alī al- Tibrīzī.

Dār

‫ف‬ ‫ثقــا� كان يقــام‬ ‫) ســوق تجــاري ي‬4( ‫الســام ف ي� منطقــة عــكاظ‬ ‫قبــل إ‬ ‫(الطائــف حاليــاً) ف ي� شــهر ذي‬ ‫ وكان مــن أهــم فعالياتــه‬،‫القعــدة‬ ‫تنافــس الشــعراء عــى إلقــاء‬ ‫ أعيــد إحيــاء‬.‫القصائــد الجميلــة‬ ‫ وأصبــح‬،‫الســوق قبــل ســنوات‬ ‫ف‬ ‫ثقــا� صيفــي‬ ‫يقــام فيــه مهرجــان ي‬ ‫ســنوي تســتلهم فيــه المعلَّقــات‬ ‫وتــوزع فيــه جوائــز عــى الشــعراء‬ ‫ين‬ . �‫والفنانــ‬

al-'Ilmiyyah,

1405/1985. Pp. 512-534.

‫ـاعر حمــل همــوم‬ ‫شــعر النابغــة حافـ ٌـل بالمخــاوف إ‬ ّ ‫النسـ‬ ٌ ‫ فهــو شـ‬،‫ـانية‬ ‫ فــرض عــى الشــاعر الحكيــم أن يعــي‬،‫قبيلتــه ف ي� مجتمــع متنابــذ‬ ‫ـخر شــعره للدفــاع عــن نفســه ف ي� وجــه ال ُتهــم‬ ّ ‫ ويسـ‬،‫توازنــات ال ـراع‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ـى كانــت ضحيــةً مــن ضحايــا‬ ‫ ولمنــارصة قبيلتــه الـ ي‬،‫ـى اتُهــم بهــا‬ ‫الـ ي‬ .‫ذلــك ال ـراع‬ ‫ومع َّلقــةُ النابغــة الـ تـى بـ ي ن‬ ‫ـ� أيدينــا هنــا شــهاد ٌة عــى ذلــك العــر؛‬ ‫ي‬ ‫فقــد قالهــا مدافع ـاً عــن نفســه بعــد أن وضــع بعــض خصومــه مــن‬ ‫ن‬ ‫بــى قُريــع شــعراً خادشــاً للحيــاء ف ي� المتجــردة زوجــة النعمــان بــن‬ ‫ي‬ .‫المنــذر ونســبوه إليــه‬ ‫ـعة وأربعـ ي ن‬ ‫ وهــي مــن البحــر الشــعري‬،ً‫ـ� بيتـا‬ ٍ ‫تتكــون المع َّلقــة مــن تسـ‬ ‫ بدأهــا الشــاعر بالوقــوف عــى أطــال‬.‫المعــروف ببحــر البســيط‬ ،‫ ثـ ّـم وصــف الناقــة‬،‫ـ� ف ي� مدائحــه‬ ‫الصاحبــة كعــادة الشــاعر الجاهـ ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـدت بينــه‬ ْ ‫ـى باعـ‬ ‫واعتــذر ي� ختامهــا إىل ال ُّنعمــان مــن وشــاية الوشــاة الـ ي‬ ‫وبـ ي ن‬ .‫ـ� بــاط الملــك‬

428


al-Nābighah al-Dhubyānī ‫النابغة الذبياني‬

Al-Nuʿmān's reception of al-Nābighah’s poem of apology is recounted by none other than the future poet of the Prophet Muḥammad, Ḥassān ibn Thābit. Kitāb al-Aghānī records that Ḥassān was vying for a position at the court of al-Nuʿmān when, much to his chagrin, al-Nābighah, under the protection of two Fazārī tribesmen, returned and presented his poem of apology to the king. Ḥassān's hopes were dashed, and he declared: “I begrudged al-Nābighah three things, and I don’t know which I envied the most: al-Nuʿmān bringing him close again after his estrangement, sitting up at night conversing with him, and listening to him, or the excellence of his poetry, or the hundred pure-bred royal camels that the king bestowed on him.” (3814-11:3813).

The Poem as Rhetorical Strategy In his poetic masterpiece, al-Nābighah has achieved a perfect union of rhetorical strategy and poetic structure. Given the poet’s precarious situation—whether we read it as the result of merely political or also sexual intrigue—the performative or purposive aspect of alNābighah’s poem of apology—to reestablish relations between al-Nābighah and al-Nuʿmān and to negotiate the poet’s reentry into the king’s court—determines the poet’s rhetorical strategy. In this respect the qaṣīdah constitutes a ritual of (re)incorporation.

431

3


al-Nābighah al-Dhubyānī ‫النابغة الذبياني‬

The Qaṣīdah Structure Al-Nābighah executes his rhetorical strategy through his employ of the full traditional three-part structure of the classical Arabic courtly ode of praise (qaṣīdat al-madḥ): (1) The poem opens with an elegiac prelude (nasīb ṭalalī), lines 1-6, that features the conventional theme of the poet stopping at the ruins (aṭlāl) of the abandoned encampment of the poet’s former mistress, here named Mayyah, and his nostalgic reminiscence of its habitation and desertion. (2) There follows the desert journey (raḥīl) section, lines 7-20, in which the poet describes the mount that will carry him to his patron, the sturdy and determined she-camel, which, again according to convention, he compares at length to an oryx bull attacked by a hunter and his hounds. (3) The poem concludes with a praise (madīḥ) section, lines 21-49, in which the patron, al-Nuʿmān, is compared with Solomon (Arabic, Sulaymān) (lines 21-26); praised for his generosity and discernment (lines 27-36); asked for forgiveness (lines 37-43); and finally compared to the mighty river Euphrates (lines 44-47), before the poet presents his closing plea (lines 48-49).

The Poetic Strategy Beneath the surface structure of the three-part qasīdah, we find the poet carefully selecting and calibrating of the traditional themes and motifs to construct an argument that has both affective and political force.

433

4


‫النابغة الذبياني ‪al-Nābighah al-Dhubyānī‬‬

‫ّ‬ ‫اللوحة األولى منازل األحبة‬

‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬ ‫‪.6‬‬

‫جغرافيا الخراب‬ ‫َ‬ ‫ُ أ‬ ‫لعليــاء ّ‬ ‫ي� َ‬ ‫ــد‬ ‫دار ّميــة ب�‬ ‫مد‬ ‫فالس َنـ ِ‬ ‫عل�ا سالف ال ِ‬ ‫أقوت‪ ،‬وطال ي‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫نً ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫صيــا� أســائلها‬ ‫وقفــت يف�ــا أ‬ ‫أحد‬ ‫عي ْت ب‬ ‫جوا�‪ ،‬وما ب� ّلر ِبع من ِ‬ ‫أ‬ ‫َ​َ‬ ‫ُ‬ ‫واري أل ي ً� مــا ّ‬ ‫ال َّ‬ ‫ُّ ُ َ‬ ‫أبي نُ�ـــا‬ ‫إال‬ ‫الل ِد‬ ‫وض ب�ملظل ِ‬ ‫ومة ج‬ ‫والنؤي اكحل ِ‬ ‫ف ّ‬ ‫َ‬ ‫يــه و ّلبــد ُه‬ ‫ّردت عليــه‬ ‫سحاة ي� الث ِأد‬ ‫أقاص ِ‬ ‫ليدة ب� ِمل ِ‬ ‫ض� ُب الو ِ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫جف� َّ‬ ‫ورف ُ‬ ‫خلـ ْ‬ ‫عته إىل ِّ‬ ‫الس ي ن‬ ‫ـت ســبيل أتــ ّ ٍـي اكن ي� ِب ُسـ ُـه‬ ‫فالن َض ِد‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أمست ً‬ ‫َ‬ ‫عل�ا الذي ن‬ ‫ن‬ ‫خالءوأمىسأهلهااحتملوا‬ ‫أخ� عىل ل َب ِد‬ ‫أخ� ي‬ ‫الع ّشــاق المفتــوح ف ي� رحابــة الصحـراء؛ فعنــد نــزول‬ ‫الـ ّـدارة هــي بيــت ُ‬

‫المطــر تتوافــد القبائــل عــى مــورد المــاء‪ ،‬وعــى تلــك الضفــاف تنشــأ‬ ‫عاطفيــة بـ ي ن‬ ‫ـ� أبنــاء وبنــات تلــك القبائــل‪ ،‬فيلتقــي العاشــق‬ ‫عالقــات‬ ‫ّ‬

‫وســر‬ ‫والمعشــوق تحــت ضــوء القمــر‪ ،‬يتبــادالن أحاديــث الغــرام‪ ،‬ي َ‬ ‫المحب ي ن‬ ‫ــ�‪ ،‬ويقــوم الشــاعر بــرد تلــك الحكايــات الجميلــة‪ ،‬فتكــون‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ـى ال يجــد أقــرب النــاس ممــن‬ ‫أغنيــة مــن أغـ ي‬ ‫ـا� الصحـراء المتداولــة الـ ي‬ ‫عاشــها حرج ـاً مــن تردادهــا‪.‬‬ ‫لكــن ليــال أ‬ ‫النــس ال تــدوم‪ ،‬فـــييبس النبــت‪ ،‬ويقــل الماء تحت شــمس‬ ‫ي‬

‫الصح ـراء الحارقــة‪ ،‬وســاعتها ترحــل الصاحبــة مــع القبيلــة بحث ـاً عــن‬ ‫ت‬ ‫ـأ� العاشــق قبيــل غــروب الشــمس باحثـاً عــن بقايا‬ ‫المــاء والعشــب‪ ،‬فيـ ي‬ ‫الراحلــة‪،‬‬ ‫الذكريــات‪ ،‬وعطــر المــكان‪ ،‬فــا يجــد ســوى آثــار الحبيبــة ّ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫و� القلــب‪،‬‬ ‫ـى ارتفعــت مكانـاً ومكانــة‪ ،‬ي� الجغرافيــا ي‬ ‫فيســأل الديــار الـ ي‬ ‫ف‬ ‫ـت‬ ‫ميــة‪ ،‬الحبيبــة الراحلــة‪ .‬ولكــن الديــار ال تجيــب‪ ،‬فهــي ي� صمـ ٍ‬ ‫عــن ّ‬ ‫مطبــق‪ ،‬وكأنهــا تشــاركه الشــعور بفاجعــة الرحيــل‪ ،‬وتقاســمه لوعــة‬

‫)‪I. The Desolate Campsite of the Lost Beloved (nasīb‬‬ ‫اللغة‪:‬‬ ‫م ّيــة‪ :‬صاحبــة الشــاعر وحبيبتــه‪،‬‬ ‫العليــاء‪ :‬المــكان المرتفــع مــن‬ ‫أ‬ ‫الســند‪ :‬ســند الجبــل‬ ‫الرض‪ّ ،‬‬ ‫بمعـ نـى الجــزء المرتفــع فيــه‪ ،‬أقوت‪:‬‬ ‫خلــت مــن النــاس‪ ،‬ســالف الأبــد‪ :‬ما‬ ‫مـ ضـى مــن الزمــن‪ ،‬أُصيالن ـاً‪ :‬وقــت‬ ‫ش‬ ‫العــى‪ ،‬ع ّيــت جوابــاً‪ :‬لــم تجــب‬ ‫يّ‬ ‫عنــد ندائهــا‪ ،‬الربــع‪ :‬منــازل القبيلة‪،‬‬ ‫أ‬ ‫واري‪ :‬مرابــط الخيــل‪ ،‬لأيــاً مــا‬ ‫ال ّ‬ ‫أب ّينهــا‪:‬ال أســتطيع أن أعرفهــا إال‬ ‫ببــطء شــديد‪ ،‬النــؤي‪ :‬حاجــز ت ـر ب يا�‬ ‫يوضــع حــول الخيمــة لمنــع دخــول‬ ‫المــاء إليهــا‪ ،‬المظلومــة الجلــد‪:‬‬ ‫الرض الصلبــة الـ تـى أ‬ ‫أ‬ ‫ملهــا المطــر‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ر ّدت عليــه أقاصيــه‪ :‬أصلحتــه‬ ‫ليمنــع دخــول المــاء‪ ،‬ل ّبــده‪ :‬راكمــه‪:‬‬ ‫الشــابة‪ ،‬الثــأد‪:‬‬ ‫الوليــدة‪ :‬الفتــاة ّ‬ ‫المــكان النــدي‪ ،‬ال أ ي ت ّ�‪ :‬مجــرى المــاء‪،‬‬ ‫ي ن‬ ‫قدمــت‬ ‫ر َفعتــه إىل‬ ‫الســجف�‪ّ :‬‬ ‫الحاجــز الـ تـر ب يا� إىل السـ تـرين اللذيــن‬ ‫ف ي� مقدمــة الخيمــة ليتســع المجــرى‬ ‫وينفــذ المــاء‪ ،‬والنضــد‪ :‬أ‬ ‫الوعيــة‪،‬‬ ‫ن‬ ‫أخــى‪ :‬أفســد‪ ،‬لُبــد‪ :‬هــو آخــر‬ ‫نســور لقمــان بــن عــاد الــذي قيــل‪:‬‬ ‫إنــه عــاش أربعمائــة عــام‪ ،‬ولقمــان‬ ‫بهــذه الصــورة أقــرب إىل الشــخصية‬ ‫أ‬ ‫الســطورية‪.‬‬

‫!‪1. O abode of Mayyah on rise and slope‬‬ ‫‪It lies abandoned,‬‬ ‫ ‬ ‫‪And so long a time‬‬ ‫ ‬ ‫!‪has passed it by‬‬ ‫ ‬ ‫‪2. I stopped there in the evening‬‬ ‫;‪to question it‬‬ ‫ ‬ ‫‪It could not answer, for in the vernal camp‬‬ ‫ ‬ ‫—‪no one remained‬‬ ‫‪3. Nothing but tethering pegs‬‬ ‫‪that I made out only slowly‬‬ ‫ ‬ ‫‪And the tent trench, like a trough‬‬ ‫ ‬ ‫‪newly dug in the hard ground.‬‬ ‫ ‬ ‫‪4. A slave-girl had repaired‬‬ ‫‪the caved-in sides‬‬ ‫ ‬ ‫‪Packing down the moist dirt‬‬ ‫ ‬ ‫‪with her hoe.‬‬

‫‪5. She cleared the blocked‬‬ ‫‪drain channel‬‬ ‫ ‬ ‫‪Until it reached the tent’s two curtains‬‬ ‫ ‬ ‫‪and the piled-up gear.‬‬ ‫ ‬ ‫‪6. By evening, the abode lay empty,‬‬ ‫;‪by evening, its people had packed up and left‬‬ ‫ ‬ ‫‪Time overtook it‬‬ ‫ ‬ ‫‪as it overtook Lubad.‬‬

‫الف ـراق‪.‬‬ ‫مرابــط الخيــل‪ ،‬وحواجــز المــاء الـ تـى وضعــت حــول الخيــام أ‬ ‫والخبيــة‬ ‫ي‬ ‫ـ� جــاء ذكــر المــاء �ف‬ ‫ميــة‪ .‬والنابغــة حـ ي ن‬ ‫هــي ّكل مــا تبقــى مــن آثــار ّ‬ ‫ي‬

‫‪434‬‬

‫‪435‬‬


‫النابغة الذبياني ‪al-Nābighah al-Dhubyānī‬‬

‫مطلــع القصيــدة‪ ،‬أغــرق ف ي� الحديــث عــن تفاصيلــه‪ ،‬فالمــاء رس‬ ‫ميــة ورحيلهــا المفاجــئ‪ ،‬وبقايــا آثــاره هــي‬ ‫الحيــاة‪ ،‬وهــو ســبب حضــور ّ‬

‫البقيــة الباقيــة مــن ذكراهــا الجميلــة‪ ،‬فلــم يبــق مــن آثارهــا ســوى تلــك‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫الــى وضعتهــا حــول بيــت الشــعر يك ال تغمــره‬ ‫ّ‬ ‫المصــدات ال�ابيــة ي‬ ‫الميــاه‪.‬‬ ‫أحبتــه‪ ،‬وخافــت منــه ف ي� ٍآن واحــد‪.‬‬ ‫المــاء هــو إكسـ يـر الحيــاة الــذي ّ‬ ‫ـ� يضيــق المــكان بالعاشــق‪ ،‬ويســيطر المــوت عــى منــازل أ‬ ‫وحـ ي ن‬ ‫الحبــة‬ ‫يبــدأ الشــاعر بالتفكـ يـر ف ي� الهــرب مــن الفاجعــة‪ ،‬والبحــث عــن الحيــاة‬ ‫ت‬ ‫الــى ت‬ ‫يخــرق بهــا‬ ‫الجديــدة‪ ،‬فيفــك أغــال الزمــان والمــكان بالناقــة ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـى‬ ‫آفــاق الصحـراء ي� محاولــة يائســة للبحــث عــن لؤلــؤة المســتحيل الـ ي‬ ‫غــادرت المــكان فســلبت منــه كل مقومــات الحيــاة‪ ،‬وفرضــت عــى‬

‫‪In the nasīb (lines 1-6), the lyrical and nostalgic evocation‬‬ ‫‪of the ruins and the irretrievable past expresses with‬‬ ‫‪great subtlety the poet’s recognition of his own loss,‬‬ ‫‪failure, and despair as he sets the stage to submit to the‬‬ ‫‪king and throw himself at his mercy.‬‬ ‫‪In line 6 the poet names Lubad, the last of the seven‬‬ ‫‪vultures whose life-spans measured out the lifetime of‬‬ ‫‪the pre-Islamic sage, Luqmān ibn ʿĀd.‬‬ ‫‪In doing so he evokes the old Arab adage, ‘Time outlasted‬‬ ‫‪Lubad’ (Ṭāl al-ʾabad ʿalā Lubad), that is, the passage of‬‬ ‫‪times obliterates everything.‬‬ ‫‪Here, it seems, the poet also intimates that, whatever his‬‬ ‫‪mistake was, it is now irrevocably in the past.‬‬

‫عاشــقها الرحيــل بحث ـاً عنهــا‪.‬‬

‫‪436‬‬

‫‪437‬‬


‫النابغة الذبياني ‪al-Nābighah al-Dhubyānī‬‬

‫اللوحة الثانية الناقة ومعركة الحياة‬ ‫الناقة ‪ -‬البطل التراجيدي‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫ت‬ ‫ّ‬ ‫ار� َ‬ ‫الق ُت َ‬ ‫ـــد‬ ‫وا�‬ ‫ــاع هل‬ ‫فعــد ّمعــا ت�ى إذ ال ج‬ ‫ـــود عـــى ع ي�ان ٍ‬ ‫ـــة أ ُج ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪.7‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ملسـد‬ ‫حض ب� ِزلا‬ ‫هل رصيـف رصيف الق ِعو ب� ِ‬ ‫ـس الن ِ‬ ‫‪ .8‬مقذوفـ ٍـة بدخيـ ِ‬ ‫حـ ي ن‬ ‫ميــة‪،‬‬ ‫ـ� وقــف النابغــة عــى جغرافيــا الخـراب بعــد رحيــل صاحبتــه ّ‬ ‫ـر� ال‬ ‫لــم يجــد بُـ ّـداً مــن كــر العزلــة بركــوب ناقتــه‪ .‬والشــاعر العـ ب ي‬ ‫يــكاد يرحــل إال عــى ناقــة‪ ،‬يتفـ ن ّ ن‬ ‫ـ� ف ي� وصــف قوتهــا‪ ،‬وشـ ّـدة احتمالهــا‪،‬‬ ‫ش‬ ‫الوحــى‪ ،‬والصقــر‬ ‫كثــرة منهــا‪ :‬الثــور والحمــار‬ ‫ويشــبهها بكائنــات ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫دام‪.‬‬ ‫والقطــاة‪ ،‬والظليــم (ذكــر النعــام)‪ ،‬ويدخلهــا ي� رص ٍاع ٍ‬ ‫ف� الغالــب‪ ،‬تنتــر الناقــة ف� هــذا الــراع ي ن‬ ‫حــ� تكــون القصيــدة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫مديح ـاً‪ ،‬وتفقــد حياتهــا حـ يـ� تكــون القصيــدة رثــا ًء‪ ،‬وفــق مــا أدركــه‬ ‫وصدقــه اســتقراء النصــوص‪.‬‬ ‫الناقــد المعــروف الجاحــظ‪ّ ،‬‬ ‫المــا� أ‬ ‫ض‬ ‫الليــم؛ ألنــه‬ ‫يحــدث النابغــة نفســه بوجــوب نســيان‬ ‫هنــا ّ‬ ‫ي‬ ‫ض‬ ‫ض‬ ‫والتفكــر ف ي� المســتقبل‪ ،‬والبحــث عــن وســيلة‬ ‫وانقــى‪،‬‬ ‫مــى‬ ‫ي‬ ‫للخــروج مــن عالــم يحيــط بــه المــوت مــن كل مــكان‪ ،‬فــا ســبيل لــه‬ ‫ت‬ ‫ـى تشــبه ف ي� نشــاطها الحمــار‬ ‫إىل تحقيــق ذلــك إال بركــوب الناقــة‪ ،‬الـ ي‬ ‫والثــور الوحشـ ي ن‬ ‫ـي�‪ .‬الحمــار الــذي يــرد عرضـاً مــن خــال تشــبيه الناقــة‬ ‫(ع�انــة) والثــور الــذي يخــوض معركــة داميــة مــع الصيــاد وكالبــه‬ ‫بــه ي‬ ‫الضاريــة‪.‬‬

‫‪438‬‬

‫‪II. Setting out by She-Camel on a Journey to the‬‬ ‫)‪King (raḥīl‬‬ ‫اللغة‪:‬‬ ‫انــم‪ :‬ارفــع‪ ،‬القتــود‪ :‬الخشــب‬ ‫ِ‬ ‫الــذي توضــع عليــه أمتعــة الرحلــة‪،‬‬ ‫يع�انــة‪ :‬ناقــة تشــبه ف ي� نشــاطها‬ ‫العــر وهــو الحمــار‪ ،‬أ ُ ُجــد‪ :‬تامــة‬ ‫ي‬ ‫الخلــق‪ ،‬صلبــة أ‬ ‫العضــاء‪ ،‬مقذوفــة‬ ‫بدخيــس النحــض‪ :‬ذات لحــم‬ ‫ٌ‬ ‫رصيــف‪:‬‬ ‫وافــر‪ ،‬بازلهــا‪ :‬نابهــا‪،‬‬ ‫صــوت‪ ،‬القعو‪ :‬البـَـكَـــرة‪ ،‬المســد‪:‬‬ ‫الحبــل‪.‬‬

‫‪7. Turn away from what you see,‬‬ ‫‪for there is no returning to it‬‬ ‫ ‬ ‫‪And raise the saddle-rods on the back‬‬ ‫ ‬ ‫‪of a she-camel,‬‬ ‫ ‬ ‫‪like an onager, sturdy and brisk,‬‬ ‫‪8. Piled high with compact flesh,‬‬ ‫‪with teeth that creak‬‬ ‫ ‬ ‫‪Like a pulley‬‬ ‫ ‬ ‫‪when the rope runs through it.‬‬

‫)‪The medial and transitional rahīl section (lines 7-19‬‬ ‫‪presents the journey by she-camel to the patron’s court‬‬ ‫‪as a psychological transformation from the sense of‬‬ ‫‪loss and despair of the nasīb to a sense of purpose and‬‬ ‫‪direction embodied in the robust and energetic she‬‬‫‪camel.‬‬ ‫‪In the comparison of his she-camel to the Oryx bull that‬‬ ‫‪fights off the hunter and his hounds, we can detect the‬‬ ‫‪fierce determination of the poet himself to overcome‬‬ ‫‪the difficulties that beset him, and also the sense of‬‬ ‫‪danger—that the poet, in returning to the court of al‬‬‫‪Nuʿmān, is risking his life.‬‬

‫‪439‬‬


‫النابغة الذبياني ‪al-Nābighah al-Dhubyānī‬‬

‫‪.9‬‬ ‫‪.10‬‬ ‫‪.11‬‬ ‫‪.12‬‬ ‫‪.13‬‬ ‫‪.14‬‬ ‫‪.15‬‬ ‫‪.16‬‬ ‫‪.17‬‬ ‫‪.18‬‬ ‫‪.19‬‬

‫معركة الثور والكالب‬ ‫أك َّن رحــ� وقــد زال نّ‬ ‫َ‬ ‫الليـل على ُمسـتأ ِنس َ‬ ‫ال�ـ ُـار بنــا‬ ‫وح ِد‬ ‫ٍ‬ ‫يـوم ج ِ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وحش وجــرة مـ ش يّ‬ ‫أاكرعه‬ ‫الصيقل الف ِر ِد‬ ‫كسيف‬ ‫املص� ِ‬ ‫طاوي ي ِ‬ ‫ـو� ِ‬ ‫مــن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫تُ ز� ج� ش‬ ‫الـامل عليـه جامـد َب َ‬ ‫الر ِد‬ ‫الوز ِاء ســارية‬ ‫أرست عليــه مــن ج‬ ‫ي‬ ‫َ ّ‬ ‫كب َ‬ ‫َ‬ ‫فـ ت َ‬ ‫خوفومن َ َ‬ ‫طوع‬ ‫فبات ُهل‬ ‫ص ِد‬ ‫الشوامتمن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ـار�ع من ِ‬ ‫صوت ٍ‬ ‫ُْ‬ ‫فب� َّ‬ ‫يئات من َ‬ ‫ثّ ُ‬ ‫َّ‬ ‫احل َر ِد‬ ‫ص َع‬ ‫واســتمر بــه‬ ‫عليــه‬ ‫ــن‬ ‫ِ‬ ‫الكعـوب ب� ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ‬ ‫حجر َّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫طعن ُ‬ ‫الن ُج ِد‬ ‫واكن ض�ـران منــه حيــث ُي ِوز ُعــه‬ ‫امل ِ‬ ‫عارك عند امل ِ‬ ‫َْ​َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ش� من َ‬ ‫امل ِ َ ف‬ ‫َ‬ ‫طعن ُ‬ ‫العض ِد‬ ‫شــك الفريصــة ب� ِملــدرى فأنفذها‬ ‫بيط ِر إذ ي ي‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫أّ‬ ‫ُ‬ ‫سـف ُود شَ ْ‬ ‫فتـأد‬ ‫� ٍب‬ ‫صفحته‬ ‫ـب‬ ‫نسـوه عنـد ُم ِ‬ ‫ِ‬ ‫كنــه خارجــا من جنـ ِ‬ ‫ً‬ ‫ف‬ ‫َْ‬ ‫فظـ َّـل ُ‬ ‫يعج ُم أعىل ّ‬ ‫غ� ذي َأو ِد‬ ‫الر ِوق ُمنقبضا‬ ‫ي� ِ‬ ‫حالك ِ‬ ‫اللون صد ٍق ي ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫واشـ ٌـق إقعـ َ‬ ‫عقـل وال ق َـو ِد‬ ‫صاح ِبه‬ ‫ـاص ِ‬ ‫ّملــا رأى ِ‬ ‫وال سـبيل إىل ٍ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ ُ نّ‬ ‫وإن مـوالك مل يسلم ومل َي ِص ِـد‬ ‫إ� ال أرى طمعا‬ ‫قالت هل النفس‪ :‬ي‬ ‫ش‬ ‫وجـ َـرة‬ ‫ـى وحيــد مــن وحــوش منطقــة ْ‬ ‫شـ ّـبه النابغــة ناقتــه بثـ ٍ‬ ‫ـور وحـ ي‬ ‫المعروفــة بقوتهــا وجمالهــا وشـ ّـدة توحشــها‪ .‬الثــور أبيــض اللــون ذو‬ ‫قوائــم فيهــا نقـ ٌط وخطــوط ســوداء اللــون‪ .‬يلــوح ناصــع البيــاض كأنــه‬ ‫الســيف الالمــع‪ ،‬ضامــر البطــن مــن شـ ّـدة الجــوع‪.‬‬ ‫ف‬ ‫الــرد‪،‬‬ ‫يدنــو الليــل بهمومــه‪ ،‬فينهــال عليــه المطــر ي� ليلــة شــديدة ب‬ ‫ف‬ ‫و� العــادة تكــون‬ ‫فيلجـأُ إىل الثــور إىل شــجرة يســتظل بهــا مــن المطــر‪ ،‬ي‬ ‫شــجرة أ‬ ‫الرطــى‪ ،‬ويقــض ليلــه خائفــاً متوجســاً‪ ،‬ن‬ ‫يعــا� مــن الخــوف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫والـ بـرد الشــديد والمطــر المنهمــر‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ـى بكالبــه‪،‬‬ ‫ـأ� ّ‬ ‫ي� الصبــاح الباكــر يـ ي‬ ‫صيــاد فيخيــف هــذا الثــور الوحـ ي َ‬ ‫والــرد الشــديد ف ي� الليــل‪،‬‬ ‫وهنــا يجتمــع لــه الخــوف مــن المطــر ب‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ـان‬ ‫والخــوف مــن العــدو ي� الصبــاح‪ ،‬وكأن الخــوف يحيــط بــه ي� كل زمـ ٍ‬ ‫ميــة ووشــايات‬ ‫ومــكان‪ ،‬كمــا أحــاط الخــوف بالنابغــة بســبب صاحبتــه ّ‬ ‫ت‬ ‫ـى ال تتوقــف‪.‬‬ ‫الوشــاة الـ ي‬

‫‪440‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫الجليــل‪ :‬شــجر الثمــام‪ ،‬ويــوم‬ ‫الجليــل‪ :‬يــوم مررنــا بهــذا المــكان‬ ‫الــذي ينبــت فيــه شــجر الثمــام‪،‬‬ ‫مســتأنس‪ :‬يخــاف أ‬ ‫الُنــس‪ ،‬فــرد‪:‬‬ ‫مفــرد‪َ ،‬و ْجرة‪:‬اســم موضــع يقــع ف ي�‬ ‫طريــق الحــاج العـر ق يا� إىل مكــة‪ ،‬تبعد‬ ‫عــن الطائــف ‪120‬كــم تقريبــاً‪ ،‬وقــد‬ ‫بنــت فيهــا زبيــدة زوجــة الخليفــة‬ ‫هــارون الرشــيد بركــة مــاء لســقيا‬ ‫ش‬ ‫الحجيــج‪،‬‬ ‫مــو� أكارعــه‪ :‬قوائمــه‬ ‫يّ‬ ‫فيهــا نقــط وخطــوط ســوداء‪ ،‬طــاوي‬ ‫المصــر‪ :‬ضامــر البطــن‪ ،‬كســيف‬ ‫ي‬ ‫الصيقــل‪ :‬أبيــض اللــون‪ ،‬الفــرد‪:‬‬ ‫الخــارج مــن غمــده‪ ،‬أرست عليــه‪:‬‬ ‫جــاءت إليــه لي ـاً‪ ،‬سـ ٌ‬ ‫ـارية‪ :‬ســحابة‪،‬‬ ‫تزجــي‪ :‬تســوق‪ :‬الشــمال‪ :‬الريــح‬ ‫ـامية ذات الـ بـرد الشــديد‪ ،‬جامــد‬ ‫الشـ ّ‬ ‫الـ بـرد‪ :‬صلــب الـ بـرد‪ ،‬فالريــح تســوق‬ ‫بالــرد‬ ‫إليــه المطــر المصحــوب ب‬ ‫الصلــب‪ ،‬فارتــاع‪ :‬خــاف‪ ،‬ك ّ‬ ‫َـــاب‪:‬‬ ‫الصيــاد صاحــب الــكالب‪ ،‬طــوع‪:‬‬ ‫مطيعــاً‪ ،‬الشــوامت‪ :‬قيــل‪ :‬قوائــم‬ ‫الثــور‪ ،‬فهــو بــات قائمــاً‪ ،‬وقيــل‪:‬‬ ‫المـراد‪ :‬إنــه بــات مبيــت ســوء بســبب‬ ‫أطلقهــن‪،‬‬ ‫ّهــن‪:‬‬ ‫ب‬ ‫الــرد والجــوع‪ ،‬بث ّ‬ ‫ّ‬ ‫اســتمر بــه‪ :‬نهــض بــه‪ ،‬صمــع‬ ‫ّ‬ ‫الكعــوب‪ :‬مفاصــل شــديدة حــادة‬ ‫الكعــوب‪ ،‬حــرد‪ :‬اسـ تـرخاء‪ ،‬ضمـران‪:‬‬ ‫الكلــب‪ ،‬يوزعــه‪ :‬يغريــه‪ ،‬الــ ُـمعارك‪:‬‬ ‫المقاتــل‪ ،‬المحجــر‪ :‬المــدرك‪،‬‬ ‫النجــد‪ :‬الشــجاع‪ .‬شــك‪ :‬طعــن‪،‬‬ ‫الفريصــة‪ :‬عضلــة الكتــف‪ ،‬المدرى‪:‬‬ ‫القــرن‪ ،‬المبيطــر‪ :‬الطبيــب البيطري‪،‬‬ ‫العضــد‪ :‬ألــم العضــد‪ .‬ســفود‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫الــى‬ ‫�ب‪ :‬الســفود هــي الحديــدة ي‬ ‫يُشــوى بهــا اللحــم‪ ،‬نســوه‪ :‬تركــوه‪،‬‬ ‫عنــد مفتــأد‪ :‬عنــد موضــع الش ـواء‪.‬‬ ‫يعجــم‪ :‬يعــض‪ ،‬الــروق‪ :‬القــرن‪،‬‬ ‫غــر ذي أود‪:‬‬ ‫صــدق‪ُ :‬صلــب‪ ،‬ي‬ ‫مســتقيم ال اعوجــاج فيــه‪ .‬واشــق‪:‬‬ ‫اســم كلــب مــن كالب الصيــد‪،‬‬ ‫إقعــاص صاحبــه‪ :‬موتــه الرسيــع‪،‬‬ ‫العقــل‪ :‬الديــة‪ ،‬القـ َـود‪ :‬القصــاص‪.‬‬

‫‪9. At high noon, when we passed by al-Jalī�l,‬‬ ‫‪where the panic grass grows,‬‬ ‫ ‬ ‫‪It seemed as if my saddle were mounted‬‬ ‫ ‬ ‫‪on a lone and cautious bull‬‬ ‫‪10. From the oryx of Wajrah,‬‬ ‫‪with black-spotted legs, as though painted,‬‬ ‫ ‬ ‫‪And a belly slender and gleaming‬‬ ‫ ‬ ‫‪like a sword polisher’s matchless blade.‬‬ ‫ ‬ ‫‪11. At night in the rising of Orion‬‬ ‫‪a rain cloud overtook him,‬‬ ‫ ‬ ‫‪And over him the north wind‬‬ ‫ ‬ ‫‪drove freezing hail.‬‬ ‫‪12. The voice of the hunter calling his hounds‬‬ ‫‪alarmed him,‬‬ ‫ ‬ ‫‪So he stood awake through the night,‬‬ ‫ ‬ ‫‪beset by fear and bitter cold.‬‬

‫‪13. When the hunter set‬‬ ‫‪his hounds on him,‬‬ ‫ ‬ ‫‪The bull kicked violently‬‬ ‫ ‬ ‫‪with sharp-hoofed, hard-sinewed feet.‬‬ ‫‪14. ‘Slim’, when the hunter‬‬ ‫‪sicced him on the bull,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Lunged like a brave warrior‬‬ ‫ ‬ ‫‪thrusting his spear.‬‬

‫‪441‬‬


‫النابغة الذبياني ‪al-Nābighah al-Dhubyānī‬‬

‫ف‬ ‫أمــل جديــد‪ ،‬لحيــاة‬ ‫يدفــع النابغــة ناقتــه ي� الصحــراء بحثــاً عــن ٍ‬ ‫ســعيدة‪ .‬ولكــن الشــاعر وناقتــه وجــدا مــا هربــا منــه ماث ـا ً أمامهمــا‪،‬‬ ‫ـماء"‪،‬‬ ‫"فهــل يأبـ ُـق إ‬ ‫النسـ ُ‬ ‫أرض لـ ُـه وسـ ِ‬ ‫ـك ربِّــ ِـه ‪ ...‬فيهــرب مــن ٍ‬ ‫ـان مــن ُم ْلـ ِ‬ ‫كمــا قــال أبــو العــاء المعـ ّـري‪.‬‬ ‫أطلــق الصيــا ُد ِكــــابه عــى الثــور فبــدأت المعركــة‪ ،‬فاعتمــد الثــور‬ ‫ـث الــكالب‬ ‫عــى قوائــم صلبــه‪ ،‬وبــدأ يرفــس بهــا الــكالب‪ ،‬والصيــاد يحـ ّ‬ ‫عــى اللحــاق بــه‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ـرون‬ ‫هنــا يقــرب منــه أحــد الــكالب (ضمـران)‪ ،‬فينهــال الثــور عليــه بقـ ٍ‬ ‫ســوداء مســتقيمة حــادة‪ ،‬ال عــوج فيهــا‪ ،‬فيغــرس قرنــه ف ي� كتــف الكلــب‪،‬‬ ‫وينفــذ طعنتــه فيــه كمــا ينفــذ الطبيــب البيطــري ش‬ ‫م�طــه ف ي� جســد‬ ‫البعـ يـر الســتئصال ورمــه مــن جهــة كتفــه‪.‬‬ ‫هنــا يعلــق الكلــب ف ي� قــرن الثــور‪ ،‬وينطــوي عــى نفســه مــن شــدة‬ ‫أ‬ ‫الفــات منــه‪ ،‬ولكنــه ال‬ ‫اللــم‪ ،‬ويظـ ّـل يعـ ّ‬ ‫ـض أعــى القــرن محــاوال ً إ‬ ‫ينجــح‪ ،‬فيبــدو وكأنــه اللحمــة المشــويّة عــى حديــدة شــواء تركهــا‬ ‫أصحابهــا ف ي� موضــع الشــواء‪.‬‬

‫‪15. Then the bull pierced the hound beneath the shoulder‬‬ ‫‪with his horn,‬‬ ‫ ‬ ‫‪And drove it through, like a farrier‬‬ ‫ ‬ ‫‪lancing a camel’s abscessed leg.‬‬

‫‪16. The horn protruding‬‬ ‫‪from the dog’s side‬‬ ‫ ‬ ‫‪Looked like a meat-skewer that drinkers forgot‬‬ ‫ ‬ ‫‪on the fire.‬‬ ‫‪17. The dog kept chewing at the horn’s protruding tip,‬‬ ‫‪contracted in pain‬‬ ‫ ‬ ‫‪And biting at the hard, blood-blackened,‬‬ ‫‪ unbent horn.‬‬ ‫‪18. When ‘Shredder’ saw his comrade‬‬ ‫‪killed on the spot,‬‬ ‫ ‬ ‫‪And no means of bloodwite‬‬ ‫‪ or revenge,‬‬ ‫‪19. The dog said to himself:‬‬ ‫‪I have lost my taste for meat:‬‬ ‫ ‬ ‫;‪My friend is dead‬‬ ‫ ‬ ‫‪the hunt is over.‬‬

‫ت‬ ‫ـى مــرت بالنابغــة وناقتــه‪ ،‬ينجــح الشــاعر ف ي�‬ ‫بعــد تجــاوز العقبــات الـ ي‬ ‫ت‬ ‫ـى‬ ‫الخــروج مــن دائــرة العزلــة‪ ،‬وجغرافيــا الخـراب‪ ،‬ومعركــة المــوت الـ ي‬ ‫خاضهــا الثــور منفــرداً مــع جمــع مــن الــكالب الضاريــة؛ ليصــل بناقتــه‬ ‫ت‬ ‫ـى ليــس بعدهــا غايــة‪ ،‬الممــدوح المتفضــل عــى النــاس‬ ‫إىل الغايــة الـ ي‬ ‫النعمــان بــن المنــذر‪.‬‬ ‫فهل سينتهي الخوف‪ ،‬ويشعر أ‬ ‫بالمان ف ي� ظل البالط؟‬

‫‪442‬‬

‫‪443‬‬


‫النابغة الذبياني ‪al-Nābighah al-Dhubyānī‬‬

‫اللوحة الثالثة مرافعة متهم في بالط ملك‬

‫‪.20‬‬ ‫‪.21‬‬ ‫‪.22‬‬ ‫‪.23‬‬ ‫‪.24‬‬ ‫‪.25‬‬ ‫‪.26‬‬ ‫‪.27‬‬ ‫‪.28‬‬ ‫‪.29‬‬ ‫‪.30‬‬ ‫‪.31‬‬

‫النعمان بن المنذر‬ ‫َ ّ‬ ‫ً‬ ‫ف أ ن ف‬ ‫فتلــك ُتبل ُغ نــ� ُّ‬ ‫و� َالب َع ِد‬ ‫النعمــان إن ُهل‬ ‫فضالعىل الناس ي�الد� ي‬ ‫ِ ي‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ف‬ ‫ُ‬ ‫وال أ ش‬ ‫أحد‬ ‫وال أرى فاعــا ي� النــاس يشـ بـهه‬ ‫حـا� من القـوام من ِ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ق� ف� ال� ّيـة ُ‬ ‫فاحد ْدهـا عـن الف َن ِـد‬ ‫ســل�ن إذ قــال إال ُهل هل‬ ‫إال‬ ‫ي ب ِ‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫الـ َّـن نإ� قــد ِأذ ُ‬ ‫لصفـاح َ‬ ‫ّ‬ ‫يبنـون ُ‬ ‫تدم َـر ب� ُّ‬ ‫والع َم ِـد‬ ‫نت هلم‬ ‫ـس ج‬ ‫وخيـ ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ّ​ّ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫وادل ْل ُ‬ ‫ُ‬ ‫الرش ِـد‬ ‫ــه على‬ ‫امك أطاعـك‬ ‫فانفعــه بطاعتــه‬ ‫�ــن أطاعــك‬ ‫ْ ُ ُ َ ً‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الظ َ‬ ‫تقعـد على ضَ َ‬ ‫لـوم وال ُ‬ ‫ت نـىه‬ ‫� ِد‬ ‫عاقبــة‬ ‫فعاقبــه م‬ ‫ومــن عصــاك ِ‬ ‫أ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـك أو مــن أنـ َ‬ ‫مد‬ ‫ـت ســابق ُه‬ ‫إال ِملث ِلـ‬ ‫سبق ج‬ ‫ال ِ‬ ‫واد إذا استوىل عىل ال ِ‬ ‫ُ‬ ‫لفارهــة ُحلــو ُ‬ ‫نكد‬ ‫توابعــا‬ ‫أعــى‬ ‫ِ‬ ‫مـن املواهـب ال تعطى على ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ض‬ ‫ُ ِ َ ف‬ ‫َ‬ ‫عــاء ّ‬ ‫الواهــب املائــة ا ِمل َ‬ ‫أو� ِرهـا ِاللب ِـد‬ ‫سـعدان ت‬ ‫زي نَ�ــا‬ ‫ـو� ي� ب‬ ‫أُ‬ ‫ُ ً ُ‬ ‫َ‬ ‫احل ير ِة ج ُ‬ ‫ال ُـد ِد‬ ‫وال ْد ُم قــد خ ّي َســت ف ْتــا َمر ِاف ق�ــا‬ ‫حـال ِ‬ ‫ٍ‬ ‫مشـدودة ب� ِ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ذيول ّ‬ ‫ـزالن ب� ج َل َـر ِد‬ ‫ب� ُد‬ ‫ـات‬ ‫الر ْيـ ِـط فان ق�ا‬ ‫والراكضـ ِ‬ ‫اهلواجـر ِ‬ ‫اكلغ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ف‬ ‫غــر� � ّ‬ ‫خ َ ت ُ‬ ‫اكلط� تنجو من الشؤبوب ذي ب َ‬ ‫ال� ِد‬ ‫أعن ِت�ــا‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫واليــل �ــزع ْ ب ي‬ ‫بعــد أن كــر النابغــة دائــرة العزلــة‪ ،‬وتجــاوز ضيــق الزمــان والمــكان‬ ‫بناقتــه الـ تـى ظهــرت ف� قوتهــا وكأنهــا الثــور الوحـ شـى أ‬ ‫البيــض الــذي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫يــرق كالســيف‪ ،‬ويخــوض منفــرداً معركــة الحيــاة‪ ،‬وينتــر عــى‬ ‫ب‬ ‫الصيــاد وكالبــه‪ ،‬الذيــن أرادوا أن يقيمــوا وجودهــم عــى رفاتــه‪ ،‬بلــغ‬ ‫بتلــك الناقــة غايتــه‪ ،‬ووصــل إىل مأمنــه‪ ،‬النعمــان بــن المنــذر‪.‬‬ ‫لكــن الخــوف ّ‬ ‫ظــل مالزمــاً لــه‪ ،‬فهــو يهــرب مــن خــوف إىل خــوف‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـى تشــبه ي� قوتهــا‬ ‫خــاف مــن فـراق الصاحبــة‪ ،‬فركــب ناقتــه القويــة الـ ي‬ ‫ش‬ ‫ـى‪ ،‬وخــال الرحلــة يظهــر الخــوف ف ي� معركــة الثــور مــع‬ ‫الثــور الوحـ ي‬ ‫الصيــاد وكالبــه الـ تـى ينتــر فيهــا الثــور منفــرداً عــى جماعــة أ‬ ‫العــداء‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ـن الخــوف‬ ‫وهنــا يصــل أخـ يـراً إىل النعمــان‪ ،‬وهــو الملجــأ والمــاذ‪ ،‬ولكـ ّ‬ ‫تي�صــده‪ ،‬فــكأن معركــة الثــور المنفــرد مــع الصيــاد وكالبــه هــي معركــة‬ ‫النابغــة مــع الوشــاة وأحقادهــم الدفينــة‪ ،‬ووشــاياتهم الخــارسة‪ .‬ولكــن‬ ‫كمــا انتــر الثــور ســينترص النابغــة عــى الوشــايات أ‬ ‫والكاذيــب‪.‬‬

‫‪444‬‬

‫)‪III. Arrival at the Court of King Nuʿmān Praise (madīḥ‬‬ ‫)‪and Apology (iʿtidhār‬‬ ‫اللغة‪:‬‬ ‫ف أ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫و� البعــد‪ :‬القريــب‬ ‫ي� الد� ي‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫والبعيــد‪ ،‬ال‬ ‫أســتث�‪،‬‬ ‫أحــا�‪ :‬ال‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫النــى ســليمان عليــه‬ ‫ســليمان‪ :‬ب ي‬ ‫الســام‪ ،‬احددهــا عــن الفنــد‪:‬‬ ‫امنعهــا عــن الوقــوع ف ي� الخطــأ‪،‬‬ ‫الجــن‪ :‬اســتثمر طاقتهــا‬ ‫خ ّيــس‬ ‫ّ‬ ‫ف ي� العمــل‪ ،‬الصفّــاح‪ :‬الحجــارة‬ ‫العريضــة‪ ،‬العمــد‪ :‬أعمــدة الرخام‪،‬‬ ‫تنهــى الظلــوم‪ :‬تمنعــه وتمنــع‬ ‫ســواه‪ ،‬الضمــد‪ :‬الغيــظ والحقــد‪،‬‬ ‫اســتوىل عــى الأمــد‪ :‬فــاز ف ي�‬ ‫الســباق‪ ،‬الفارهــة‪ :‬الناقــة الكريمــة‪،‬‬ ‫توابعهــا‪ :‬مــا يتبعهــا مــن المطايــا‪،‬‬ ‫ال تعطــى عــى نكــد‪ :‬ال يجــود‬ ‫بهــا صاحبهــا وهــو كاره‪ ،‬المعــكاء‪:‬‬ ‫نبــت‬ ‫الســمينة‪ ،‬ســعدان توضــح‪ٌ :‬‬ ‫ترعــاه إبــل الملــوك يورثهــا الســمن‪،‬‬ ‫وتوضــح اســم المــكان‪ ،‬ي ف� أوبارهــا‬ ‫اللبــد‪ :‬كثـ يـرة الوبــر ألنهــا لــم تركــب‬ ‫ولــم يحمــل عليهــا‪ ،‬الأدم‪ :‬البيــض‬ ‫مــن إالبــل‪ ،‬خ ّيســت ‪ُ :‬د ّربــت عــى‬ ‫ٌ‬ ‫فتــل مرافقهــا‪ :‬قويــة‬ ‫الركــوب‪،‬‬ ‫متباعــدة عــن آباطهــا‪ ،‬ســليمة مــن‬ ‫الحــرة‪ :‬الرحــل‬ ‫الجــراح‪ ،‬رحــال‬ ‫ي‬ ‫والحــرة‪:‬‬ ‫مــا يوضــع عــى الناقــة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫مدينــة النعمــان ت‬ ‫الــى تشــتهر‬ ‫ي‬ ‫الرحــال‪ ،‬الراكضــات ذيــول‬ ‫بصناعــة ّ‬ ‫الريــط‪ :‬هــن الجــواري يدعســن‬ ‫ت‬ ‫ـى‬ ‫عــى أطـراف المالحــف البيــض الـ ي‬ ‫ت‬ ‫تبخــراً‪ ،‬فانقهــا‪ :‬أطيــب‬ ‫يلبســنها‬ ‫عيشــها‪ ،‬بــرد الهواجــر‪ :‬المــكان‬ ‫البــارد ف ي� الحــر الشــديد‪ ،‬الجــرد‪:‬‬ ‫المــكان الــذي ال نبــت فيــه‪ .‬تمــزع‪:‬‬ ‫تعــدو برسعــة‪ ،‬غربـاً‪ :‬قــوة ونشــاط‪،‬‬ ‫الشــؤبوب‪ :‬المطــر الشــديد‪.‬‬

‫‪20. This she-camel‬‬ ‫‪conveys me to Nuʿmān,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Whose beneficence to mankind,‬‬ ‫ ‬ ‫‪both kin and stranger,‬‬ ‫‪ is unsurpassed.‬‬ ‫‪21. I see no one among the people‬‬ ‫‪who resembles him‬‬ ‫ ‬ ‫‪—And I make no exception‬‬ ‫ ‬ ‫—‪from among the tribes‬‬ ‫ ‬ ‫‪22. Except for Solomon,‬‬ ‫‪when Allah said to him:‬‬ ‫ ‬ ‫‪Take charge of my creatures‬‬ ‫ ‬ ‫‪and restrain them from sin.‬‬

‫‪23. And subdue the Jinn,‬‬ ‫‪for I have allowed them‬‬ ‫ ‬ ‫‪To build you the palace of Tadmur‬‬ ‫ ‬ ‫‪With stone slabs and marble columns.‬‬ ‫‪24. So, whoever obeys you,‬‬ ‫‪reward his obedience‬‬ ‫ ‬ ‫‪In due measure and guide him‬‬ ‫ ‬ ‫‪on righteousness’ path.‬‬ ‫‪25. And whoever defies you,‬‬ ‫‪chastise him with a chastisement‬‬ ‫ ‬ ‫—‪That will deter the evildoer‬‬ ‫ ‬ ‫‪but do not harbor rancor,‬‬

‫‪26. Except toward him who is your equal‬‬ ‫‪or whom you outstrip‬‬ ‫ ‬ ‫‪Only as a winning steed outstrips‬‬ ‫‪ the runner-up.‬‬

‫‪445‬‬


‫النابغة الذبياني ‪al-Nābighah al-Dhubyānī‬‬

‫ن‬ ‫ش‬ ‫ودســوا‬ ‫ـى قريــع إىل النعمــان بــن المنــذر‪ّ ،‬‬ ‫لقــد و� بــه رجــال مــن بـ ي‬ ‫عليــه شــعراً فاحش ـاً ف ي� المتجـ ّـردة زوجــة النعمــان‪ ،‬ال يليــق بالنابغــة‪،‬‬ ‫ف‬ ‫[و� ذلــك أقــوال كثـ يـرة عنــد رواة‬ ‫وال بزوجــة ملــك مــن ملــوك العــرب‪ ،‬ي‬ ‫الشــعر وأخبــار الشــعراء]‪.‬‬ ‫لذلــك بــدأ النابغــة مدحــه باالرتفــاع بالنعمــان عــن النقائــص‪ ،‬ورفعــه‬ ‫البــري ال يبلغهــا إال أ‬ ‫إىل درجــة مــن الكمــال ش‬ ‫النبيــاء‪ ،‬وإنمــا فعــل‬ ‫ـتل غضبــه‪ ،‬ويأمــن عقوبتــه‪ ،‬فمــن كان بهــذه ن ز‬ ‫ذلــك‪ ،‬ليسـ ّ‬ ‫الم�لــة‪ ،‬لــن‬ ‫ينح ـ ّط ف ي� ســلوكه‪ ،‬فيديــن متهم ـاً بريئ ـاً‪.‬‬ ‫ت‬ ‫نز‬ ‫يصورهــا النابغــة‬ ‫الــى بلغهــا‪ ،‬كمــا ّ‬ ‫إن م�لــة النعمــان بــن المنــذر ي‬ ‫هنــا‪ ،‬لــم يبلغهــا أحـ ٌـد إال ســليمان بــن داوود عليــه الســام‪ ،‬الــذي‬ ‫س قواعــد العــدل‪ ،‬فآتــاه ُمـــلكاً ال ينبغــي ألحــد مــن‬ ‫أرســله هللا لـ يـر ي‬ ‫ـن‪ ،‬يبنــون لــه مدينــة تدمــر‪ ،‬بالحجــارة‬ ‫ـخر لــه ملــوك الجـ ّ‬ ‫بعــده‪ ،‬وسـ ّ‬ ‫العريضــة‪ ،‬وأعمــدة الرخــام‪ ،‬وأمــره أن ينفــع مــن أطاعــه‪ ،‬ويـرض ّ مــن‬ ‫عصــاه �ض راً‪ ،‬يرتــدع بــه مــن تسـ ّـول لــه نفســه بالظلــم والعــدوان‪.‬‬ ‫ش‬ ‫يخــى‬ ‫هــذا الملــك العــادل‪ ،‬ملــكٌ كريــم‪ ،‬يعطــي عطــاء مــن ال‬ ‫البــل البيــض بالمئــات‪،‬‬ ‫الفقــر‪،‬‬ ‫بنفــس راضيــة‪ .‬إنــه يهــب خيــار إ‬ ‫ٍ‬ ‫ئ‬ ‫ت‬ ‫يتبخــرن ف ي�‬ ‫الــا�‬ ‫الوفــر‪ ،‬ومصحوبــة بالجــواري‬ ‫محملــة بالــرزق‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫مالبســهن البيضــاء‪ ،‬كأنهـ ف‬ ‫ت‬ ‫أرض‬ ‫ـى تظهــر ي� ٍ‬ ‫ـن ي� جمالهـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ـن الغــزالن الـ ي‬ ‫ـن حائــل‪ ،‬والخيــل الــىت‬ ‫ن‬ ‫ـن وبـ يـ� الناظــر إليهـ ّ‬ ‫منبســطة‪ ،‬ال يحــول بينهـ ّ‬ ‫ي‬ ‫بالــرد‪.‬‬ ‫تعــدو مرسعــة تحــت وابــل المطــر المصحــوب ب‬ ‫لقــد أغــدق النعمــان عــى النابغــة المــال‪ ،‬ت‬ ‫حــى قيــل‪ :‬إن النابغــة‬ ‫كانــت أوانيــه مــن الذهــب والفضــة‪ ،‬وهــذا النعيــم الــذي عاشــه ف ي�‬ ‫الحســاد وأ ّلبهــم عليــه‪ ،‬فتج ّنــوا عليــه ورمــوه بمــا‬ ‫كنــف الملــوك‪ ،‬أغــاظ ّ‬ ‫رمــوه مــن التهــم‪.‬‬

‫‪446‬‬

‫‪27. I see no one more generous‬‬ ‫‪in bestowing a gift,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Followed by more gifts and sweeter,‬‬ ‫ ‬ ‫‪ungrudgingly given. He is:‬‬

‫‪28. The giver of a hundred‬‬ ‫‪bulky she-camels,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Fattened on the Saʿdān leaves of Tūdih,‬‬ ‫ ‬ ‫‪with thick and matted fur,‬‬ ‫‪29. And white camels with wide-set legs,‬‬ ‫‪already broken in,‬‬ ‫ ‬ ‫‪On which fine new Hiran saddles‬‬ ‫ ‬ ‫‪have been strapped,‬‬ ‫‪30. And slave girls kicking up the trains‬‬ ‫‪of trailing mantles,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Like desert gazelles pampered‬‬ ‫ ‬ ‫‪by cool shade in midday heat.‬‬ ‫‪31. And steeds that gallop briskly‬‬ ‫‪in their reins‬‬ ‫ ‬ ‫‪Like a flock of birds fleeing‬‬ ‫ ‬ ‫‪a cloudburst of hail.‬‬

‫‪The poet’s arrival at the court of al-Nuʿmān marks the‬‬ ‫‪poem’s arrival at the madīḥ (praise) section (lines 20‬‬‫‪49). The madīḥ cannot be dismissed as mere ‘praise’,‬‬ ‫‪much less flattery, but rather it is a finely wrought rite of‬‬ ‫‪submission and apology in which elements of praise are‬‬ ‫‪carefully honed to achieve the poet’s purpose.‬‬ ‫‪By praising the king’s generosity—whether to kinsman‬‬ ‫‪or stranger (line 20), whether in pure-bred camels‬‬ ‫‪(al-Nuʿmān had his private breed, known as ʿAṣāfīr al‬‬‫‪Nuʿmān, Nuʿmān's sleek steeds, or delicate slave-girls‬‬ ‫‪(lines 27-31)—the poet is enforcing the moral precept‬‬ ‫‪that it is through magnanimity, not cruelty, that the‬‬ ‫‪powerful achieve immortal renown.‬‬

‫‪447‬‬


‫النابغة الذبياني ‪al-Nābighah al-Dhubyānī‬‬

‫زرقاء اليمامة‬ ‫‪.32‬‬ ‫‪.33‬‬ ‫‪.34‬‬ ‫‪.35‬‬ ‫‪.36‬‬

‫احــم كحـ ِـم فتـ ِـاة ي ّ‬ ‫احل إذ نظرت‬ ‫ِ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫ويتبعــهُ‬ ‫ُ‬ ‫يــق‬ ‫ي�فــه جانبــا ِن ٍ‬ ‫قالــت‪ :‬أال ليـ تَـام هــذا احلمـ ُ‬ ‫ـام لنــا‬ ‫حس َ‬ ‫ف� ّســـبوه فألفـــوه امك َ‬ ‫ـــبت‬ ‫ً‬ ‫تُ‬ ‫ّ‬ ‫محام�ــا‬ ‫فمكلــت مائــة يف�ــا‬

‫ّ‬ ‫ـــد‬ ‫إىل‬ ‫ِ‬ ‫محـــام ش� ٍاع ِ‬ ‫وارد الث َم ِ‬ ‫َ‬ ‫مثل ُّ‬ ‫جاجة مل ُت ْك َحل من ّ‬ ‫مد‬ ‫الز ِ‬ ‫الر ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ​َ‬ ‫ـــد‬ ‫إىل محامتنـــا ونصفـــه فق ِ‬ ‫ً‬ ‫ن َ ُ‬ ‫وتسع� مل تنقص ومل تَ ز� ِد‬ ‫تسعا‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫سبة ف� ذلك َ‬ ‫العد ِد‬ ‫وأرسعت ِح‬ ‫ي‬

‫مــع ثقــة النابغــة بعدالــة النعمــان‪ ،‬فإنــه يكــرر الطلــب لــه أن يحكــم‬ ‫ض‬ ‫يســتح� قصــة‬ ‫فيــه حكمــاً عــادالً‪ ،‬وأن يكــون بعيــد النظــر‪ ،‬وهنــا‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫وبعــد النظــر‪ ،‬فيذكــر‬ ‫ـى كانــت نموذج ـاً ي� الفراســة ُ‬ ‫زرقــاء اليمامــة الـ ي‬ ‫قصــة الحمــام (رمــز الســام) الــذي مـ ّـر بهــا‪ ،‬وكان لهــا قطــاة (والعرب‬ ‫الجاهــ�) فقالــت‪ :‬ليــت يل مثــل‬ ‫تســمي القطــاة حمامــة ف ي� الشــعر‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫حمامــى‪ ،‬فيكــون معــي مائــة حمامــة‪،‬‬ ‫هــذا الحمــام‪ ،‬ونصفــه‪ ،‬إىل‬ ‫ي‬ ‫ف ش‬ ‫�ك صيــاد‪ ،‬فيعـ ّـده فيجــده ســتاً‬ ‫فشــاء هللا أن يقــع هــذا القطــا ي� َ َ‬ ‫وسـ ي ن‬ ‫ـت� قطــاة‪.‬‬ ‫إن اســتحضار زرقــاء اليمامــة ال يتوقــف عنــد قصتهــا مــع الحمــام‪،‬‬ ‫فقــد كانــت تحــذر قومهــا مــن العــدو‪ ،‬فقــد جمعــت بـ ي ن‬ ‫ـ� قــوة البــر‬ ‫النعمــان‪ ،‬فهــو‬ ‫ّـــر بــه‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫والبصــرة‪ ،‬وهــو مــا يريــد النابغــةُ أن يُـذك َ‬ ‫يحــذره مــن العــدو ت‬ ‫الم�بــص‪ ،‬وهــم بنــو قريــع‪ ،‬الذيــن وشــوا بــه إىل‬ ‫النعمــان‪ ،‬ووضعــوا الشــعر الفاحــش عــى لســانه‪.‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ف‬ ‫ً‬ ‫احكــم‪ :‬كــن حكيم ـا ي� رأيــك تضــع‬ ‫أ‬ ‫الحــي‪:‬‬ ‫المــر ف ي� موضعــه‪ ،‬فتــاة‬ ‫ّ‬ ‫ش‬ ‫زرقــاء اليمامــة‪ٍ � ،‬اع‪ :‬تريــد الوصول‬ ‫إىل المــاء‪ ،‬الثمــد‪ :‬المــاء القليــل‪،‬‬ ‫يح ّفــه جانب ـاً نيـ ٍـق‪ :‬الحمــام يحيــط‬ ‫بــه جانبــاً جبــل ليظهــر مجتمعــاً‪،‬‬ ‫مثــل الزجاجــة‪ :‬عـ ي ن‬ ‫ـ� زرقــاء اليمامــة‬ ‫ف ي� صفائهــا كالزجاجــة‪ ،‬لــم تكحــل‪:‬‬ ‫لــم تكتحــل‪ ،‬الرمــد‪ :‬مــرض يصيــب‬ ‫ين‬ ‫يشــر إىل قصــة‬ ‫العــ�‪ .‬والنابغــة ي‬ ‫ت‬ ‫ـى اشــتهرت بحــدة‬ ‫زرقــاء اليمامــة الـ ي‬ ‫رسب‬ ‫فمر بهــا ٌ‬ ‫برصهــا‪ ،‬كان لهــا قطــاة ّ‬ ‫مــن القطــا‪ ،‬فقالــت‪ :‬ليــت يل مثــل‬ ‫هــذا القطــا ونصفــه‪ ،‬ليكــون عنــدي‬ ‫مائــة قطــاة‪ ،‬فوقــع القطــا ف ي� ش�ك‬ ‫ين‬ ‫وســت�‬ ‫فعــده فوجــده ســتا‬ ‫صيــاد ّ‬ ‫قطــاة كمــا ذكــرت‪.‬‬

‫‪32. Be discerning in your judgment‬‬ ‫‪like the keen-eyed girl of the tribe:‬‬ ‫ ‬ ‫‪When she looked at a flock of doves‬‬ ‫ ‬ ‫‪hastening to drink at a drying puddle.‬‬ ‫‪33. As they flew between two mountain-sides‬‬ ‫‪she followed them with eyes,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Not red, inflamed, or lined with kohl,‬‬ ‫ ‬ ‫‪but clear as glass.‬‬ ‫‪34. She said: If only we had‬‬ ‫‪these doves‬‬ ‫ ‬ ‫‪And half again their number‬‬ ‫ ‬ ‫!‪together with our single dove‬‬ ‫‪35. So they counted‬‬ ‫‪and found them as she had counted‬‬ ‫‪ Ninety-nine,‬‬ ‫ ‬ ‫‪no more, no less.‬‬

‫‪36. Together with her dove‬‬ ‫—‪that made a hundred‬‬ ‫ ‬ ‫‪She had counted them quickly‬‬ ‫ ‬ ‫‪to precisely that number.‬‬ ‫‪In comparing the king with Solomon, the prototypical‬‬ ‫‪ancient Near Eastern magician-king (lines 21-26), the‬‬ ‫‪poet is also challenging al-Nuʿmān to measure up to and‬‬ ‫‪obey Allah’s admonitions to Solomon: especially, ‘Do not‬‬ ‫‪persist in anger’.‬‬ ‫‪In bidding the king to follow the example of the keen‬‬‫‪eyed Cassandra-like Zarqāʾ al-Yamāmah in her visual‬‬ ‫‪discernment (lines 32-36), he is calling upon al-Nuʿmān‬‬ ‫‪to exercise moral discernment in passing judgment on‬‬ ‫‪the poet.‬‬

‫‪448‬‬

‫‪449‬‬


‫النابغة الذبياني ‪al-Nābighah al-Dhubyānī‬‬

‫‪.37‬‬ ‫‪.38‬‬ ‫‪.39‬‬ ‫‪.40‬‬ ‫‪.41‬‬ ‫‪.42‬‬ ‫‪.43‬‬ ‫‪.44‬‬ ‫‪.45‬‬ ‫‪.46‬‬ ‫‪.47‬‬ ‫‪.48‬‬ ‫‪.49‬‬

‫الوشاية‬ ‫أ‬ ‫وما ُه َ‬ ‫مسـ ُ‬ ‫لعمر الــذي ّ‬ ‫النصاب من َ‬ ‫ـحت َ‬ ‫فــا ُ‬ ‫كعب َته‬ ‫جس ِد‬ ‫ريق عىل‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫واملؤمن‬ ‫الط� ي�سـ ُـحها‬ ‫والسع ِد‬ ‫ب� الغ ِيل‬ ‫العائذات ي‬ ‫ِ‬ ‫ُر كبان مكة ي‬ ‫ُِ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫س ٍء امم أتيــت بــه‬ ‫إل يدي‬ ‫إذا فال رفعت‬ ‫سوط ّي‬ ‫مــا قلــت مــن ي‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫لةَ‬ ‫أقــوام ش ُ‬ ‫تُ‬ ‫ــقيت ب�ــا‬ ‫إال مقــا‬ ‫الكب ِد‬ ‫ٍ‬ ‫اكنت مقال�م قرعا عىل ِ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫ُأ ُ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫أوعــد�‬ ‫قابــوس‬ ‫نبئــت أن بأ�‬ ‫سد‬ ‫وال قر َار عىل ز ٍأر من ال ِ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ُث‬ ‫ال ُ‬ ‫ً‬ ‫قــوام ُ ُّك ُه ُ‬ ‫ــم‬ ‫فــداء لــك‬ ‫َمــا‬ ‫مال وال و ِلد‬ ‫وما أ ِ ّ� ُر من ٍ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫أ َّ َ َ‬ ‫تقذ َف نّــ� ب ُ�كــن ال ِك َ‬ ‫ال ُ‬ ‫فــاء هل‬ ‫عداء ب� ّلرف ِد‬ ‫وإن ت�ثفك‬ ‫ٍ‬ ‫ال ِ ي‬ ‫ف ُ‬ ‫الف ـر ُ‬ ‫ات إذا هـ َّ‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ـر� ُح هل‬ ‫�ــا‬ ‫الع ْب َ� ي ِ ن� ب� ّلز َب ِد‬ ‫ـب الـ ي‬ ‫غوار َبه ِ‬ ‫ِ‬ ‫� ي‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫اكم من الينبوت خَ‬ ‫فيه ُر ٌ‬ ‫ي ُ� ُّــد ُه ك ٍ ُ ت َ‬ ‫وال َض ِد‬ ‫ــب‬ ‫ِ‬ ‫واد مــر ٍع ِجل ٍ‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫ال ن� َّ‬ ‫والن َج ِد‬ ‫خوفــه املــا ُح ُمعتـ ِـام‬ ‫ب� خل ي زُ�ر ِ‬ ‫يظــل مــن ِ‬ ‫انة بعد ي ِ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫يومــا ب أ� َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫غد‬ ‫وال ي�ول‬ ‫فــ�‬ ‫جــود منــه‬ ‫ســيب ن� ةٍ‬ ‫عطاء ِ‬ ‫اليوم دون ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ ً‬ ‫ّ َ‬ ‫عر ْض ـ َ‬ ‫أبيت َ‬ ‫ـاء فإن تسـ ْ‬ ‫هــذا الثنـ ُ‬ ‫فمل أ ِّ‬ ‫لصف ِد‬ ‫اللعن ـ ب�‬ ‫حســنا‬ ‫ـمع به‬ ‫ّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ذر ٌة إال ُتكن َ‬ ‫ها ّإن ذي ِع َ‬ ‫بَ‬ ‫النك ِد‬ ‫صاح�ا ُمشارك‬ ‫فإن‬ ‫نفع ْت‬ ‫بعــد أن وقــف مادح ـاً النعمــان‪ ،‬ومســبغاً عليــه الكثـ يـر مــن صفــات‬ ‫النبــل والفروســية‪ ،‬وطالب ـاً منــه العدالــة‪ ،‬والحــذر مــن كيــد أ‬ ‫العــداء‪،‬‬ ‫يختــم النابغــة القصيــدة مقســماً بــاهلل‪ ،‬وبمــا أُريــق عــى أ‬ ‫النصــاب من‬ ‫ف‬ ‫أن مــا بلــغ النعمــان‬ ‫نُســك‪ ،‬وبمــن َّأمــن الطـ يـر ي� مكــة مــن الخــوف‪ّ ،‬‬ ‫عنــه كــذب وبهتــان‪ ،‬ويدعــو عــى نفســه إن كان كاذب ـاً بشــلل يــده‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ـ� الــذي أحدثتــه هــذه الفريــة عليــه‪ ،‬ويعـ تـرف‬ ‫وهنــا يظهــر الثــر النفـ ي‬ ‫بخوفــه ممــا وصــل إليــه مــن أنبــاء عــن وعيــد النعمــان لــه‪ ،‬ويكــرر‬ ‫طلبــه للنعمــان َّأل يبتليــه بنفســه‪َّ ،‬‬ ‫وأل يســتمع إىل الوشــاة الذيــن‬ ‫التفــوا حولــه‪.‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫مســحت كعبتــه‪ :‬طفــت بهــا‬ ‫ومســحت بأركانهــا‪ ،‬هريــق‪ :‬أُريــق‬ ‫ـب‪ ،‬الأنصــاب ‪ :‬حجــارة‬ ‫بمعـ نـى ُصــ َّ‬ ‫ينصبهــا الجاهليــون لذبــح نســكهم‬ ‫عليهــا‪ ،‬جســد‪ :‬دم‪ ،‬المؤمــن‬ ‫العائــذات‪ :‬هللا عــز وجــل الــذي ّأمن‬ ‫الطــر بمكــة‪ ،‬تمســحها‪ :‬تلمســها‪،‬‬ ‫ي‬ ‫الغيــل والســعد‪ :‬قيــل‪ :‬همــا مكانــان‬ ‫بــ� مكــة ن‬ ‫ين‬ ‫ومــى‪ ،‬وقيــل‪ :‬شــجر‬ ‫ملتــف‪ ،‬وقيــل‪ :‬نبع مــاء‪ ،‬سـ ي ئ‬ ‫ـى‪ :‬كالم‬ ‫الوشــاة ‪ ،‬أُتيــت بــه‪ :‬اتهمــت بــه‪ ،‬فــا‬ ‫إل يــدي‪ :‬يدعــو عىل‬ ‫رفعــت ســوطي ي ّ‬ ‫نفســه بشــلل يــده إن كان كاذبـاً فيمــا‬ ‫يقــول‪ ،‬قرعــاً عــى الكبــد‪ :‬شــديدة‬ ‫ـ�‪ ،‬أبــو قابــوس‪ :‬النعمــان‬ ‫التأثـ يـر عـ ي ّ‬ ‫ـذر‪ ،‬أوعـ ن‬ ‫ـد�‪ :‬هـ ن‬ ‫ـدد�‪ ،‬قـرار‪:‬‬ ‫بــن المنـ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫اطمئنــان‪ ،‬مهـا ً‪ :‬تثبــت مــن التهمــة‪،‬‬ ‫ن‬ ‫تقذفــى‬ ‫أ ُ ِّثمــر‪ :‬أســتثمر وأُكــرث ِّ ‪ ،‬ال‬ ‫ّي‬ ‫بركــن ال كفــاء لــه‪ :‬ال ن‬ ‫تبتلي� بنفســك‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫الــى لســت كفــؤاً لهــا‪،‬‬ ‫العظيمــة ي‬ ‫تأثّفــك‪ :‬اجتمع ـوا حولــك‪ ،‬بالرفــد‪:‬‬ ‫عــ�‪ ،‬غواربــه‪ :‬أمواجــه‪،‬‬ ‫باالجتمــاع ي ّ‬ ‫الع�يــن‪ :‬ضفتا النهــر‪ ،‬الزبــد‪ :‬رغوة‬ ‫ب‬ ‫بيضــاء تظهــر عنــد ارتطــام المــاء‬ ‫بالشــاطئ‪ .‬ت‬ ‫مــرع‪ :‬مملــوء‪ ،‬لجــب‪:‬‬ ‫شــديد الصــوت‪ ،‬الينبــوت‪ :‬قيــل‬ ‫شــجر الخــروب وقيــل الخشــخاش‪،‬‬ ‫والخضــد‪ :‬مــا تكــر مــن الشــجر‪،‬‬ ‫يز‬ ‫الخ�رانــة‪ :‬مقــود الســفينة‪ ،‬الأيــن‪:‬‬ ‫الهــم‪ ،‬الســيب‪:‬‬ ‫التعــب‪ ،‬النجــد‪ّ :‬‬ ‫العطــاء‪ ،‬النافلــة‪ :‬الفضــل وليــس‬ ‫الواجــب‪ ،‬لــم أعـ ّـرض‪ :‬لــم أمدحــك‬ ‫طلبــاً للمــال‪ ،‬أبيــت اللعــن‪ :‬تحيــة‬ ‫ت‬ ‫تــأ�‬ ‫الملــوك ومعناهــا‪ :‬ب‬ ‫تــأ� أن ي‬ ‫مــن أ‬ ‫المــور مــا تــذم بــه‪ ،‬الصفــد‪:‬‬ ‫الجــزاء‪ ،‬عــذرة‪ :‬اعتــذار‪.‬‬

‫‪37. No—I swear by the life of Him whose Kaʿba‬‬ ‫‪I have stroked‬‬ ‫ ‬ ‫‪And by the blood I have spilled‬‬ ‫ ‬ ‫‪on stone altars,‬‬

‫‪38. And by the Protector of the birds‬‬ ‫‪who seek refuge in the sanctuary,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Unharmed by the riders of Mecca‬‬ ‫ ‬ ‫—‪between the spring of Ghayl and Saʿad thicket‬‬

‫‪39. I never said an evil word‬‬ ‫!‪of those reported to you‬‬ ‫ ‬ ‫‪If I did, let my hand wither‬‬ ‫ ‬ ‫!‪till I cannot raise my whip‬‬

‫‪40. It was nothing but the calumny of enemies,‬‬ ‫;‪for which I suffered‬‬ ‫ ‬ ‫‪Their lies were like a stab‬‬ ‫ ‬ ‫‪that pierced my liver.‬‬

‫‪41. I was told Abū Qabūs‬‬ ‫—‪has threatened me‬‬ ‫ ‬ ‫‪And no one can withstand the lion‬‬ ‫ ‬ ‫‪when it roars.‬‬ ‫‪42. Don’t rush to judge me! May all the tribes‬‬ ‫‪be your ransom,‬‬ ‫ ‬ ‫‪And all my increase‬‬ ‫ ‬ ‫!‪both of herds and progeny‬‬

‫‪43. Don’t throw at me the full weight‬‬ ‫‪of your unequaled might,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Even though my foes should rally‬‬ ‫ ‪ to support you,‬‬

‫ويعــود إىل عالــم النعمــان الــوارف بالمــروءة والكــرم‪ ،‬فيعقــد بينــه‬ ‫وبـ ي ن‬ ‫ـ� نهــر الفـرات مشــابهة يظهــر فيهــا النعمــان أكـرث جــوداً مــن هــذا‬ ‫النهــر العظيــم‪ ،‬الــذي تتالطــم أمواجــه‪ ،‬فيظهــر الزبــد عــى ضفتيــه‬

‫‪450‬‬

‫‪451‬‬


‫النابغة الذبياني ‪al-Nābighah al-Dhubyānī‬‬

‫مــن مــد أمواجــه‪ ،‬أ‬ ‫والوديــة تمـ ّـده بالمــاء‪ ،‬فيظـ ّـل قائــد الســفينة فيــه‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫خائفـاً تي�قــب‪ ،‬معتصمـاً ِبم ْقـ َـو ِد الســفينة‪ ،‬يبحــث عــن النجــاة ي� هــذا‬ ‫اليـ ّـم العاصــف‪.‬‬ ‫مــادح‬ ‫ــب‬ ‫تكس َ‬ ‫ويؤكــد النابغــة أن هــذه القصيــدة المادحــة ليســت ُّ‬ ‫ٍ‬ ‫يريــد المقابــل المــادي‪ ،‬ولكنهــا مرافعــة مظلــوم‪ ،‬يأمــل أن يكــون‬ ‫وأل يكــون محاميـاً‬ ‫قــد نجــح ف ي� مرافعتــه‪ ،‬فأقنعــت حججــه النعمــان‪َّ ،‬‬ ‫فاش ـا ً لقضيــة عادلــة‪.‬‬ ‫ـون بالبيــاض الــذي يحيــط بالكائنــات منــذ أن ركــب ناقتــه؛‬ ‫النابغــة مفتـ ٌ‬ ‫ف‬ ‫والبــل بيضــاء ي� قمــة الحيويــة‬ ‫فالثــور أبيــض كالســيف الالمــع‪ ،‬إ‬ ‫ف‬ ‫ـن البيضــاء‪ ،‬والخيــل تعــدو‬ ‫والنشــاط‪ ،‬والجــواري يتبخـ تـرن ي� مالحفهـ ّ‬ ‫الــرد البيضــاء‪ ،‬والحمــام أبيــض‪ ،‬والفــرات‬ ‫تحــت المطــر وحبــات ب‬ ‫يقــذف بالزبــد أ‬ ‫البيــض‪ ،‬وكأن النابغــة مــن وراء هــذا البيــاض يرفــع‬ ‫ســرته‪،‬‬ ‫يعــر عــن نقــاء رسيرتــه‪ ،‬وبيــاض ي‬ ‫رايــة الســام‪ ،‬أو كأنــه ب ّ‬ ‫ن‬ ‫ووضــوح براءتــه ويريــد مــن النعمــان أن يتبـ يـ� هــذا الوضــوح مــن وراء‬ ‫كلمــات اللغــة‪.‬‬ ‫ف ي� رحلــة النابغــة ف ي� هــذا العالــم الــذي يلفــه الخــوف‪ ،‬ال تكشــف‬ ‫النســان‬ ‫القصيــدة عــن نهايتهــا‪ ،‬فهــي نهايــة مفتوحــة‪ .‬إنهــا رحلــة إ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫و� هــذا‬ ‫ي� هــذه الحيــاة خلــف أمانيــه‪ ،‬مصحوب ـاً بالخــوف والمــل‪ ،‬ي‬ ‫النســان بلــغ مأمنــه‪ ،‬وال أراح نفســه‬ ‫التدافــع تكمــن لــذة الحيــاة‪ ،‬فــا إ‬ ‫مــن عنــاء الرحيــل‪.‬‬ ‫بهــذه الشــاعرية الرائعــة نجــح النابغــة ف ي� تحويــل الموقــف الخــاص‬ ‫ن‬ ‫إنســا� عــام‪ ،‬يتكــرر كل يــوم ي ن‬ ‫بينــه ي ن‬ ‫بــ�‬ ‫وبــ� النعمــان إىل موقــف‬ ‫ي‬ ‫الصديــق وصديقــه بســبب وشــايات الحســاد‪ ،‬أ‬ ‫ولننــا نجــد ف ي� هــذا‬ ‫حيـاً ف ي� القلــوب وعــى‬ ‫الشــعر مــا نشــعر بــه مــن مكابــدات فإنــه يظــل ّ‬ ‫أ‬ ‫اللســنة لغــةً ال تمــوت‪.‬‬

‫‪452‬‬

‫‪44. Not even the Euphrates,‬‬ ‫‪when the winds blow over it,‬‬ ‫ ‬ ‫‪‘Til its waves cast up foam‬‬ ‫ ‬ ‫‪on its two banks,‬‬

‫‪45. And every wadi pours rushing into it,‬‬ ‫‪overflowing and tumultuous,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Sweeping down heaps of thorny carob bush‬‬ ‫ ‬ ‫‪and broken boughs,‬‬ ‫‪46. And the terrified sailor clings‬‬ ‫‪to the rudder,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Weak from exhaustion‬‬ ‫ ‬ ‫‪and soaked in sweat,‬‬

‫‪47. Not even the Euphrates is more generous‬‬ ‫‪than he is in bestowing gifts,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Nor does a gift today preclude‬‬ ‫ ‬ ‫‪a gift tomorrow.‬‬

‫‪48. This is my praise:‬‬ ‫‪I hope that it sounds good to you,‬‬ ‫ ‬ ‫‪But—May you never be cursed—I have alluded‬‬ ‫ ‬ ‫‪to no recompense.‬‬ ‫‪49. For it is an apology:‬‬ ‫‪If it has done no good,‬‬ ‫ ‬ ‫‪Its author has at last‬‬ ‫ ‬ ‫‪run out of luck.‬‬

‫‪It is only at this point (lines 37-43)—when al-Nuʿmān's‬‬ ‫‪carrying out his death-threat against the cowering,‬‬ ‫‪submissive poet would negate all the virtues that the‬‬ ‫‪poet has just ascribed to him—that the poet throws‬‬ ‫‪himself on the king’s mercy.‬‬ ‫‪The final comparison of al-Nuʿmān to the mighty‬‬ ‫‪Euphrates at flood-season (lines 44-47) once more‬‬ ‫‪confirms the king’s might, but also directs him how to‬‬ ‫‪use it.‬‬

‫‪453‬‬


al-Nābighah al-Dhubyānī ‫النابغة الذبياني‬

Just as the mighty river brings both destruction and fertility, the king too has power over life and death. The poet then ingeniously pivots from destruction to generosity (line 47), before presenting his final plea (lines 48-49). In closing, al-Nābighah steps back from the praise poem of lines 1-47, as if to formally present his poem to the king. Although it consists of praise that the poet hopes the king will find worthy—that is, worthy of the customary prize patrons award a great poem, alNābighah insists that he has not presented it for material recompense. Rather, as he concludes in the final line (49), it is an apology. All that he is asking for is the king’s forgiveness. Otherwise, for the poet, all is lost. The poet’s poetic performance of submission, praise, and plea for forgiveness leaves the king little choice: he can kill the poet and thereby undo all his praise, or he can forgive the poet and thereby confirm for all time his embodiment of the model virtues of divinely appointed kingship that al-Nābighah’s poem has set forth. The immortality of al-Nābighah’s poem of apology, as witnessed by its inclusion in the Muʿallaqāt, thus derives from the lyrical-elegiac delicacy of its nasīb; the raḥīl’s majestic and powerful imagery of the oryx bull’s fighting for its life as an expression of the she-camel’s—but also the poet’s own—sense of purpose and determination; and the morally compelling vision of the virtues of the just and divinely sanctioned ruler: might, moral discernment, generosity, and mercy. It is not surprising then that we find much the same poetic structure and themes of the qaṣīdah employed in the same rhetorical strategy in Kaʿb ibn Zuhayr’s celebrated poem of submission and apology to the Prophet Muhammad, Bānat Suʿād (Suʿād Has Departed).

455

14


ʿAbīd ibn al-Abraṣ ‫َعـبيد بن األبرص‬


ʿAbīd ibn al-Abraṣ ‫َعـبيد بن األبرص‬

The Muʿallaqah of ʿAbīd ibn al-Abraṣ Meditations of Life Introduction and Translation by: David Larsen

‫معلَّقة عـبيد بن أ‬ ‫الَبْ َر ِص‬ ُ ُِْ َ ‫تَأَ ُم َل ٌت ِ ف ي ْ� الحياة‬ ‫مقدمة ش‬ �‫ صالح الزهر ن يا‬:‫و�ح‬


‫َعـبيد بن األبرص ‪ʿAbīd ibn al-Abraṣ‬‬

‫البــرص بــن عــوف بــن جشــم أ‬ ‫هــو عـــبيد بــن أ‬ ‫الســدي‪ ،‬كُنيتــه أبــو‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫وأمــه أُمامــة‪ ،‬وال يُعــرف تاريــخ والدتــه‪ .‬ينتســب َعـــبيد إىل قبيلــة‬ ‫زيــاد‪ُّ ،‬‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫الــى ســكنت‬ ‫بــ ي أســد‪ ،‬القبيلــة العربيــة المـــُـــريّة العدنانيــة ي‬ ‫ش‬ ‫ـ�‬ ‫منطقــة نجــد‪ ،‬وامتــدت منازلهــا مــن غــرب القصيــم إىل �ق جبـ ي‬ ‫أجــا وســلمى بحائــل‪.‬‬ ‫أن عبيــداً كان فقـ يـراً محتاج ـاً‪ ،‬ومــع ذلــك فقــد‬ ‫تذكــر كتــب التاريــخ ّ‬ ‫كان فارسـاً شــجاعاً‪ ،‬وسـ ّـيداً مــن ســادات قومــه‪ .‬كان مــن ندمــاء الملــك‬ ‫ـن شــيئاً مــن النفــور‬ ‫ُح ْجــر بــن الحــارث والــد الشــاعر امــرئ القيــس‪ ،‬لكـ َّ‬ ‫والجفــاء حصــل بينهمــا بعــد أن نقــل بعضهــم إىل الملــك كالمـاً مســيئاً‬ ‫واتهــم عبيــداً بقولــه‪ ،‬فتوعــده الملــك‪ ،‬ولكــن أ‬ ‫المــور عــادت بعــد‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ذلــك إىل مــا كانــت عليــه مــن المــو ّدة والصفــاء‪.‬‬ ‫كان الملــك ُحجــر يفــرض ال�ض ائــب عــى بـن ي أســد‪ ،‬فامتنعــت القبيلــة‬ ‫عــن أدائهــا‪ ،‬وقتلــت جامعــي ال�ض ائــب‪ ،‬فســار إليهــم بجيشــه‪ ،‬وقتــل‬ ‫بتهج�هــم إىل ِتهامــة‪.‬‬ ‫رجــال القبيلــة وأرس ســادتها‪ ،‬وقــام‬ ‫ي‬ ‫البــرص كان مــن أولئــك أ‬ ‫ولن شــاعرنا عبيــد بــن أ‬ ‫أ‬ ‫الرسى‪ ،‬فقد اســتعطف‬ ‫ّ‬ ‫ـرق قلبــه وطالــب ب ـن ي أســد بالعــودة مــن‬ ‫الملــك بقصيــدة جميلــة‪ ،‬فـ ّ‬ ‫ت‬ ‫ـت طويــل حــى ثــاروا‬ ‫المنفــى إىل ديارهــم‪ .‬بعــد ذلــك لــم يمــض وقـ ٌ‬ ‫عليــه فقتلــوه‪.‬‬ ‫مــات عبيــد بــن أ‬ ‫البــرص مقتــوال ً عــى يــد المنــذر بــن مــاء الســماء‪،‬‬ ‫الخبــار أ‬ ‫وتتــداول كتــب أ‬ ‫الدبيــة قصــةً لقتلــه وكأنهــا مس ـ ّلمة ال تقبــل‬ ‫الجــدل‪ .‬قيــل‪ :‬كان للمنــذر صديقــان مقربّــان همــا خالــد بــن نضلــة‪،‬‬ ‫وعمــرو بــن مســعود‪ .‬ولكنهمــا ف� يــوم مــن أ‬ ‫اليــام قــاال بعــض الــكالم‬ ‫ي‬ ‫الــذي أغضــب المنــذر‪ ،‬فأمــر أن تُحفــر لهمــا حفرتــان‪ ،‬وأن يوضعــا �ف‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫تابوتـ ي ن‬ ‫ـ� ويُدفنــا فيهمــا‪.‬‬

‫‪460‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ندمــاء‪ :‬جمــع كلمــة نديــم‪ ،‬والنديم‬ ‫هــو الصديــق والصاحــب الــذي‬ ‫ض‬ ‫يحــر مجالــس الســمر والغنــاء‪،‬‬ ‫خصوصــاً مــع نخبــة المجتمــع‬ ‫كالملــوك أ‬ ‫والمــراء والــوزراء‪ .‬كانــت‬ ‫منادمــة النخبــة االجتماعيــة مــن‬ ‫الوســائل المهمــة ف ي� ش‬ ‫نــر الشــعر‬ ‫وتطويــره‪.‬‬

‫‪To belong to the generation before Imruʾ al-Qays is to be‬‬ ‫‪old indeed. The figure of ʿAbīd ibn al-Abraṣ is defined by‬‬ ‫”‪his seniority, always in the shadow of the “Errant King‬‬ ‫‪who died young. Consequently, ʿAbīd is most ancient of‬‬ ‫‪the poets assembled here.‬‬ ‫‪His patronym, “Son of al-Abraṣ,” is not well understood.‬‬ ‫‪Abraṣ is a word for someone who suffers from a skin‬‬ ‫‪disease, whether scabies, vitiligo, or Hansen’s disease‬‬ ‫‪(which is the meaning of abraṣ in the Qur'ān). It is also‬‬ ‫‪an epithet of the moon, due to its pale color. In any case,‬‬ ‫‪ʿAbīd’s father is an unknown person, scarcely mentioned‬‬ ‫‪in his poems, nor appearing in legends of the poet’s life.‬‬ ‫‪Of the poet’s youth, we are mostly told that it was in the‬‬ ‫‪remote past. Grey hair and the nearness of death are‬‬ ‫‪frequent themes in his verse, taken up with the mordant‬‬ ‫‪humor that is ʿAbīd’s signature.‬‬ ‫‪But there is a tale of how he was initiated into poetry, and‬‬ ‫‪it goes like this. Māwiyyah and her brother ʿAbīd were‬‬ ‫‪leading goats to water when their way was barred by‬‬ ‫‪a man from the clan of Mālik ibn Thaʿlabah. He refused‬‬ ‫‪them access to the water, and mocked ʿAbīd in verse,‬‬ ‫‪calling him “son of an abraṣ” for perhaps the first time.‬‬ ‫‪The young ʿAbīd raised his hand to the sky and said:‬‬ ‫‪“God, allow me a response to this man who wrongs me‬‬ ‫‪in deed and word!” Then, in his sleep, he was visited by‬‬ ‫‪a figure with a ball of hair, who forced it into his mouth‬‬ ‫‪and told him: “Stand up!” ʿAbīd did so, and out of his‬‬ ‫‪mouth came a rhyming couplet in dispraise of Mālik ibn‬‬ ‫‪Thaʿlabah. It was his first utterance in verse.‬‬

‫‪461‬‬


‫َعـبيد بن األبرص ‪ʿAbīd ibn al-Abraṣ‬‬

‫ـذر عــى صنيعــه هــذا‪ ،‬فأمــر بإقامــة بناءيــن عــى‬ ‫بعــد ذلــك نــدم المنـ ُ‬ ‫بق�يهمــا يقــال لهمــا‪( :‬الغَ ِـريّـــــان) قــرب مدينــة الحـ يـرة‪ ،‬وأقـ َّـر لنفســه‬ ‫الق�يــن ف� يومـ ي ن‬ ‫ـ� مــن أيــام الســنة‪ ،‬يــوم َس ْـعـــد‬ ‫الخــروج إىل مــكان ب‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الســعـْـــد يمنحــه مائــة مــن‬ ‫ويــوم بــؤس؛ فــأول مــن يلقــاه ي� يــوم ّ‬ ‫ف‬ ‫الظــ ْـربان‬ ‫إ‬ ‫البــل‪ ،‬وأول مــن يلقــاه ي� يــوم البــؤس يعطيــه رأس حيــوان ِ‬ ‫ويأمــر بقتلــه‪.‬‬ ‫تقــول القصــة إن المنــذر بــن مــاء الســماء لقــي الشــاعر عـَـــبيد بــن‬ ‫أ‬ ‫البــرص ف ي� يــوم بؤســه‪ ،‬وعمــره أكـ ثـر مــن ثالثمائــة ســنة‪ ،‬فقــال لــه‪:‬‬ ‫"هـ َّـا كان هــذا لغـ يـرك يــا عبيــد" أي أنــه لــم يكــن يتمـ ن ّـى أن يخــرج‬ ‫عليــه َعـــبيد ف ي� يــوم بؤســه فيأمــر بقتلــه‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ثــم طلبــه أن ينشــد شــيئاً مــن شــعره وقــال‪" :‬أنشدنـــي فربّمــا أعجبـ ي‬ ‫شــعرك"؛ والمعـ نـى أن المنــذر ربمــا يستحســن مــا سيســمع مــن شــعر‬ ‫عبيــد فيلغــي فكــرة قتلــه‪ .‬ولكــن مــاذا قــال عبيــد؟ قــال‪" :‬حــال‬ ‫الجريــض دون القريــض" ـ أي أن المــوت يمنــع عنــه قــول الشــعر‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ـوب"‪ ،‬وهــذا هــو الشــطر‬ ‫ـد� "أقفــر مــن أهلــه ملحـ ُ‬ ‫قــال المنــذر‪ :‬أنشـ ي‬ ‫أ‬ ‫الول ف ي� معلقتــه‪ ،‬فأنشــده َعـــبيد قصيــدة أخــرى مــن قصائــده تبــدأ‬ ‫وكأن عبيــداً يرفــض أن ينشــد‬ ‫ببيــت مشــابه‪" :‬أقفــر مــن أهلــه عبيـ ُـد"‪ّ ،‬‬ ‫الشــعر تحــت التهديــد‪.‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫الحــرة‪ :‬مدينــة تاريخيــة كانــت‬ ‫ي‬ ‫عاصمــة لمملكــة المنــاذرة ت‬ ‫الــى كان‬ ‫ي‬ ‫المنــذر بــن مــاء الســماء أحــد ملوكها‪.‬‬ ‫تقــع الحـ يـرة ف ي� جنــوب وســط العراق‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ـى النجــف والكوفة‬ ‫بالقــرب مــن مدينـ ي‬ ‫الظربــان‪ :‬حيــوان بــري �ف‬ ‫حاليــاً‪،‬‬ ‫ّ ي‬ ‫حجــم القــط ذو رائحــة كريهــة تشــبه‬ ‫رائحــة البيــض الفاســد‪.‬‬

‫‪Two main events are commemorated in ʿAbīd’s poems.‬‬ ‫‪One is the killing of Ḥujr ibn al-Ḥārith by a detachment‬‬ ‫‪from the tribe of Asad, who were ʿAbīd’s tribe. Ḥujr was‬‬ ‫‪the father of Imruʾ al-Qays, and preceded him on the‬‬ ‫‪throne of Kinda. The two poets are linked in other ways,‬‬ ‫‪including the tradition of a riddle-contest between‬‬ ‫‪them, and a poem attributed to Imruʾ al-Qays that is an‬‬ ‫‪undisguised pastiche of ʿAbīd’s Muʿallaqah. As for Asad’s‬‬ ‫‪aggression against the father of Imruʾ al-Qays, it was‬‬ ‫‪famously avenged, but in that heroic legend ʿAbīd does‬‬ ‫‪not figure.‬‬ ‫‪The other event is the seeming annihilation of ʿAbīd’s‬‬ ‫‪clan of Saʿd ibn Thaʿlabah, and their dispersal from the‬‬ ‫‪West Arabian uplands they called home. The details are‬‬ ‫‪hazy, and ʿAbīd never names those responsible, but early‬‬ ‫‪commentary suggests that the action was carried out by‬‬ ‫‪the northern tribal federation of Ghassān (and that Imruʾ‬‬ ‫‪al-Qays had nothing to do with it).‬‬ ‫‪For this reason, ʿAbīd’s Muʿallaqah stands out against the‬‬ ‫‪other nine, which begin with amatory preludes. ʿAbīd’s‬‬ ‫‪prelude is an elegy for the fallen, and there is nothing‬‬ ‫‪amatory about it. The places named in his nasīb are the‬‬ ‫‪onetime abodes of his extinct community.‬‬

‫ت‬ ‫ت‬ ‫الــى تريــد أن تمــوت بهــا‪،‬‬ ‫هنــا قــال لــه المنــذر‪ :‬اخــر الطريقــة ي‬ ‫فطلــب عبيــد أن يُـــسقى مــن الخمــر حـ تـى يثمــل ويذهــب عقلــه ثــم‬ ‫يشــق عرقــه أ‬ ‫الكحــل‪ ،‬الــذي كانــت العــرب تســميه "نهــر الحيــاة"‪.‬‬ ‫ففعل به المنذر ذلك‪ ،‬ول ّطخ بدمه الغـَريّ ي ْ ن‬ ‫ـ�‪.‬‬ ‫ِ‬

‫‪462‬‬

‫‪463‬‬


ʿAbīd ibn al-Abraṣ ‫َعـبيد بن األبرص‬

Single verses of the poem appeared in manuscript before the poem was recorded in its entirety. Its first verse was the only one that Muḥammad ibn Sallām al-Jumaḥī of Basra (d. 232/845) could attest for ʿAbīd in his Rankings of the Master Poets, saying: “The fame of ʿAbīd ibn al-Abraṣ is great and ancient, but his work is in a disordered state, and has all but vanished. I know just this one verse of his.” Some time before this, its climactic final verse was quoted in the first dictionary of the Arabic language, which is the Book of the Letter ʿAyn brought to completion by Layth ibn al-Muẓaffar (d. ca. 187/803). And there is a report that the poet al-Ḥutayʾah (who died during the caliphate of Muʿāwiyah, r. 41-60/661-680) was asked: “Who is the most poetic person who ever lived?” In answer, he recited verse 18—one of ʿAbīd’s monotheist admonitions—and said: “The poet who composed this line.” Around the time of Ibn Sallām’s death, the poems of ʿAbīd were gathered with commentary by an unknown scholar in Kufa. In this collection, the Muʿallaqah of ʿAbīd is number one, and within the canon of classical Arabic poetry it is a rarity in its inadherence to a fixed metrical pattern. Scholars are in disagreement whether to call it a shortened form of baṣīt, or outright rajaz. In manuscript, one would expect irregularities of meter to be smoothed away by correction-minded copyists over the years, but these irregularities seem to have been retained as features of the poem’s early provenance, as if it spoke from a period when the norms of Arabic poetry had not yet stabilized.

465

‫أ‬ ‫أن الــذي وصــل إلينــا مــن‬ ّ ‫ مــع‬،‫فيمــا يتعلــق بشــعر عبيــد بــن البــرص‬ ‫الجمحــي وضعــه ف ي� الطبقــة‬ ُ ‫ َّإل أن الناقــد ابــن ســام‬،‫شــعره قليــل‬ ‫الرابعــة مــن الشــعراء الجاهليـ ي ن‬ .�‫ـ‬ ‫ وأنــه ال يُعــرف مــن‬،‫ـرب‬ ٌ ‫ومــع ذلــك فقــد وصــف شــعره بأنــه مضطـ‬ ‫ش‬ ‫ـر� صاحــب كتــاب "جمهــرة‬ ‫ ّأمـــا أبــو زيــد القـ ي‬.‫شــعره إال المع ّلقــة‬ ‫ وإنمــا جعــل‬،‫أشــعار العــرب" فلــم يدرجــه ضمــن أصحــاب المعلقــات‬ ‫ت‬ .‫ـى هــي أقـ ّـل درجــة مــن المعلقــات‬ ‫قصيدتــه مــن "المجمه ـرات" الـ ي‬ ‫ أي كبــار‬،‫هــذه المع َّلقــة وضعــت عبيــداً ف ي� م�نز لــة الشــعراء الفحــول‬ ‫ الناقــد أ‬،‫ وهــو أمــر لــم يعجــب الجاحــظ‬،‫الشــعراء‬ ‫والديــب المشــهور‬ ُ ٌ ‫ف ت‬ ‫ وغـ يـره مــن النقــاد الذيــن رأوا بــأن شــعر عبيــد‬،�‫ـر‬ ‫جــداً ي� الــراث العـ ب ي‬ .‫أقــل قيمــةً ممــا يقــال عنــه‬ ً ‫ الذيــن ينقلــون الشــعر نقــا‬،‫ فقــد كان رواة الشــعر‬،‫وبشــكل عــام‬ ٍ ،�‫الكتــا‬ ‫جيــل قبــل مجــيء عــر التدويــن‬ ‫بي‬ ٍ ‫جيــل إىل‬ ٍ ‫شــفهياً مــن‬ ‫ الكثـ يـر مــن الشــعر‬،‫ كغـ يـره مــن شــعراء الجاهليــة‬،‫ينســبون إىل عبيــد‬

.‫ـث الــذي ال قيمــة لــه‬ ّ ‫الغـ‬ ‫ خاصــةً فيمــا يتعلــق بوزنهــا‬،‫وحـ تـى المع َّلقــة لــم تســلم مــن النقــد‬ ‫الموســيقي؛ فقــال بعــض النقــاد القدمــاء إنهــا قصيــدة مليئــة بعيــوب‬ ‫ بــل ذهــب البعــض إىل أن بعــض أبياتهــا تخــرج عــن أ‬،‫الــوزن‬ ‫الوزان‬

‫ وهــذا الخــروج دفــع البعــض آ‬،ً‫المعروفــة تمامـا‬ ‫الخــر إىل القــول بــإن‬ ‫ ورأى أن إلحاقهــا‬،‫مع َّلقــة عبيــد مــن عجائــب الدنيــا ف ي� اختــاف الــوزن‬ .‫بالخطب أولـــى‬

464


ʿAbīd ibn al-Abraṣ ‫َعـبيد بن األبرص‬

Questions of the poem’s authenticity are beside the point. There is no poem attributed to ʿAbīd that can be soundly authenticated. One in particular that editors flag is his poem rhymed in ṣād. It includes a nine-verse boast of ʿAbīd’s ability as a poet and performer, which he likens to the agility of a fish (meter: wāfir):

‫ فهنــاك نظــرة إيجابيــة إىل الــوزن الموســيقي‬،‫أمــا ف ي� النقــد الحديــث‬ �‫ فقــد رأى البعــض أن القصيــدة بهــذا االختــاف ف ي‬.‫لهــذه القصيــدة‬ ‫العــر� الحديــث‬ ‫عــد أساســاً للتجديــد ف ي� الشــعر‬ ُّ ُ‫وزنهــا يصــح أن ت‬ ‫بي‬ ‫الــذي يمكــن أن تتعــدد فيــه أ‬ ‫الوزان ف ي� القصيــدة الواحــدة؛ بينمــا يُ ّرجح‬

Ask the poets: Have they swum the seas of poetry and braved its depths like I have?

‫ وقــد قيــل "ويـ ٌـل للشــعر‬،‫مــا نُســب إليهــا مــن خلــل كان بســبب الــرواة‬

In versecraft solemn and satiric, my tongue is nimbler than a fish under

the water, expertly plying the surging billow of the sea whose billows are in violent commotion.

Whether in pursuit or flight, the fish’s sides flash brilliantly with every whip of its tail,

‫ وأن‬،‫البعــض أن المع َّلقــة كانــت كلهــا موزونــة عندمــا ســمعتها العــرب‬ ".‫مــن راويــة الســوء‬ ،‫ الوقــوف عــى الطلــل‬:‫تتكــون المع َّلقــة مــن ثالثــة مقاطــع رئيســة‬ ّ ‫ف‬ ‫ وســيعتمد هــذا الـ شـرح للمع َّلقة‬.‫ والناقــة والفــرس‬،‫ـات ي� الحيــاة‬ ٌ ‫وتأمـ‬

‫السـ ي ن‬ ‫ ش‬،�‫ـم‬ ‫و�ح الخطيــب‬ ّ ‫ـ� المعــروف بابــن‬ ‫عــى روايــة أحمــد بــن عـ ي‬

.‫الت�يــزي لهــذه الروايــة‬ ‫ب‬

dodging along a slippery path while its spawn take shelter amid the pallid rubble of the sea.

For “daughters of water,” life is over when you take them out of their slippery element—but no sooner does a hand try to seize one than the fish dodges, no matter how quick the grab,

with a whip and a skip and a viscous getaway. The fish of the sea is black in color with streaks of pallor, the sea’s own very black hue, and its scales are knit together like slick armor of glimmering chain.

Elsewhere in pre-Islamic poetry, there is no description quite like this. Does that indicate it was pawned onto ʿAbīd by a latter-day rhapsode? I don’t see why it should. Early Arabic poets were perfectly capable of representing underwater scenes (as when Musayyab ibn ʿAlas and others describe the pearl divers of Bahrain). One might even see a parallel between the watery element described here and the airy element of the eagle

467

466


ʿAbīd ibn al-Abraṣ ‫َعـبيد بن األبرص‬

described in ʿAbīd’s Muʿallaqah, and conclude that the poet was gifted with a visionary talent for representing non-terrestrial life. The Muʿallaqah is divided into three sections. These are, in the classical terms of Arabic poetry criticism, nasīb (111), ḥikma (12-26), and raḥīl (27-48). As discussed above, ʿAbīd’s prelude is more in the spirit of elegy (rithāʾ) than amatory dalliance (ghazal). All the same, it has the form and content of nasīb. The abandoned halting-stations of the tribe are named and wept over, and the poet’s tears are variously described. No individuals are named, nor are any groups of people, and in that sense it is not truly rithāʾ. The wise sayings of the ḥikma section are in three short suites on the following themes: Transience of Capital and Land Tenure (12-17), Monotheist Admonitions (18-20), and the Wisdom of the Weak and the Stranger (21-25). The monotheist verses are athetized by some. Others find them integral to the poem. While verse 18’s assertion that “one who asks of God is never failed” seems out of character, the other admonitions are compatible with the resolute fatalism pervading ʿAbīd’s oeuvre. The Wisdom of the Weak and the Stranger is the ethical heart of the poem. Its message to marginalized people is one of hope. It extends no promises, only the possibility that skilled people might yet be outmaneuvered, and the weak might find a way to thrive. For the skilled and the strong, it is a gentle threat. ʿAbīd’s advice for the stranger to lend a hand is high morality and clever pragmatism at the same time. In ethical terms, it is the inverse of line 57 of Zuhayr’s Muʿallaqah, which declares the stranger incapable of telling friend from foe (as translated by Kevin Blankinship):

5 469


ʿAbīd ibn al-Abraṣ ‫َعـبيد بن األبرص‬

Who fares abroad thinks enemies are friends, who values not himself, gets no respect.

As if in answer, ʿAbīd reminds us that blood ties are as transient as anything else, and that newcomers can establish themselves by being useful. Here again there is a double message. To those who presume on ties of kinship, clan and tribe, it is a warning, but to the immigrant, and to anyone estranged from their community of origin, it gives encouragement. Then, in verse 26, the wisdom section closes with a pessimistic bang. The travel section is in two pieces, first for ʿAbīd’s camel (27-33) and then his horse (34-48). The latter attracts all the attention, but the camel description is finely done. It is standard to liken the poet’s camel to some herd animal of the wild, and ʿAbīd would be forgiven a prolonged simile. Instead, he raps out two short, fast ones before moving on to the horse and its comparison to the mightiest hunter of the sky, which is the eagle. And with a narration of the eagle’s kill the poem concludes.

471

6


‫َعـبيد بن األبرص ‪ʿAbīd ibn al-Abraṣ‬‬

‫اللوحة األولى كتاب الموت‬ ‫منازل األحبة‬ ‫ ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ـــطبــــي ُ‬ ‫لح ُ‬ ‫ات فالـــذ ُن ُ‬ ‫أهـــه َم ُ‬ ‫ّ‬ ‫أقف َ‬ ‫‪.1‬‬ ‫ـــوب‬ ‫ــــوب‬ ‫فالق‬ ‫ـــر ِمـــن ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ ُ‬ ‫ُ ْ ن َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫لبــــــــات‬ ‫ــــــــس فث ِعا‬ ‫‪ .2‬فر ِاك‬ ‫ـليــــب‬ ‫ـــن فالق‬ ‫فـــــذات ِفرق ي ِ‬ ‫َ​َ ْ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫حـ َ‬ ‫َ‬ ‫ليـــس ب�ـــا ِم ن ُ� ُ‬ ‫ـــــر‬ ‫ب‬ ‫فقفــــــا‬ ‫دة‬ ‫‪ .3‬فعـــــر‬ ‫ريـــب‬ ‫ـــم َع‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ــــرت حــــاهلا خُ‬ ‫ُ‬ ‫وغ ّي َ‬ ‫‪ُ .4‬وب ِّد َلـــت ِم ن ُ� ُ‬ ‫ــــــم ُو ُحوشـــا‬ ‫طــــوب‬ ‫ال‬ ‫ثَ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫ٌ‬ ‫توار�ــــــا َش ُع ٌ‬ ‫ـــر ُ‬ ‫وك مـــن َح َّلهـــا َم ُ‬ ‫‪.5‬‬ ‫أرض‬ ‫ــــوب‬ ‫وب‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ـيب ش ـ نٌ‬ ‫والش ـ ُ‬ ‫ـن ِل ــن َيش ـ ُ‬ ‫قتيـــل ّ‬ ‫وإمـــا ها ِلـــك‬ ‫‪ّ .6‬إمـــا‬ ‫ـيب‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫معمـــا َس ُ‬ ‫ـــع ُ‬ ‫عينـــاك َد ُ ُ‬ ‫‪.7‬‬ ‫وب‬ ‫يــــب‬ ‫ــــهما ش ِ‬ ‫كــــأن شأن ي ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫مـــن ْ‬ ‫واهيـــة أو َم نٌ‬ ‫ـــة ُد نَو�ـــا ُل ُ‬ ‫عـــن ُم ِع ٌ‬ ‫ـــن‬ ‫ـــوب‬ ‫هض َب ٍ‬ ‫‪ِ .8‬‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ُ‬ ‫‪ .9‬أو فل ٌ‬ ‫ســـيب‬ ‫لملـــاء مـــن � ِتـــه ق‬ ‫واد‬ ‫ـــج مـــا ِب‬ ‫بطـــن ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َِ‬ ‫ت‬ ‫ـــدو ٌل ف� ظـــال ن خْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ـــكوب‬ ‫لملـــاء مـــن � ِتـــه ُس‬ ‫ـــل‬ ‫�‬ ‫ِ‬ ‫‪ .10‬أو ج َ ي ِ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫الحــزن‪ ،‬هكــذا قيــل‪ ،‬وهــذا النغــم‬ ‫ـى جرحهــا ُ‬ ‫الغنــاء مــاذ النفــس الـ ي‬ ‫البــدوي الحزيــن آ‬ ‫الرس يخفــي وراءہ وجع ـاً دامي ـاً‪ .‬لقــد عــاش عبيــد‬

‫البــرص طويـا فامتـ أ‬ ‫ابــن أ‬ ‫ـ�ت روحــه بجـراح الحيــاة‪ ،‬فكانــت القصيــدة‬ ‫ً‬ ‫مــاذه أ‬ ‫الخـ يـر لمواجهــة هــذه المتاعــب‪.‬‬ ‫تبــدأ المع َّلقــة كالعــادة بالوقــوف عــى الطلــل‪ ،‬يقــف الشــاعر عليــه‬ ‫باحثـاً عــن بقايــا الحيــاة الذاهبــة‪ ،‬لكــن الطلــل ف ي� هــذه المع َّلقــة هــو‬ ‫عالــم الصح ـراء الرحــب‪ ،‬الــذي تصطـ ّـف فيــه أ‬ ‫الماكــن كمــا تصطـ ّـف‬ ‫عربــات القطــار‪ ،‬فالمــوت يبســط رداءہ عــى الصح ـراء‪ ،‬ويلـ ّـف حبالــه‬ ‫ف‬ ‫افيــة ي ن‬ ‫بــ� الســهل‬ ‫عــى تســعة أماكــن تختلــف ي� طبيعتهــا الجغر ّ‬ ‫الرمــل‪ ،‬فهــي قفـ ٌـر‬ ‫والجبــل ومــورد المــاء والهضبــة الصغـ يـرة وكثبــان ّ‬ ‫ـال ليــس بــه أنيــس‪ .‬بعــد أن كان عامـراً بالحيــاة والذكريــات الجميلــة‬ ‫خـ ٍ‬ ‫أصبــح مســكناً للوحــوش‪ ،‬ومــاذاً للخــوف‪ ،‬وملعب ـاً أ‬ ‫للح ـزان‪.‬‬

‫‪472‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫أقفــر‪ :‬خــا‪ ،‬ملحــوب‪ :‬مــورد مــاء‬ ‫لب ـن ي أســد‪ ،‬القطب ّيــات؛ الذنــوب؛‬ ‫ي ن‬ ‫فرقــ�؛‬ ‫راكــس؛ ثعالبــات؛ ذات‬ ‫ـر‪ :‬أســماء‬ ‫القليــب؛ عــردة؛ قفــا حـ ب ّ‬ ‫ف‬ ‫جبــال وهضــاب ومــوارد مــاء ي� ديار‬ ‫بـن أســد الـ تـى تمتــد بـ ي ن‬ ‫ـ� القصيــم‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫وحائــل حاليــاً‪ ،‬عريــب‪ :‬أحــد‪،‬‬ ‫الخطــوب‪ :‬المصائــب‪ ،‬شــعوب‪:‬‬ ‫المــوت‪ ،‬رسوب‪ :‬رسيــع الجريــان‪،‬‬ ‫شــأنيهما‪ :‬مجــرى الدمع‪ ،‬شــعيب‪:‬‬ ‫قربــة مــاء مشــقوقة‪ ،‬واهيــة‪:‬‬ ‫قديمــة باليــة‪ ،‬معـ ي ن‬ ‫ـ� ممعــن‪ :‬مــاء‬ ‫عــى وجــه أ‬ ‫الرض يتدفــق مــن مــكان‬ ‫ف‬ ‫شــق ي� صخــرة‪،‬‬ ‫مرتفــع‪ ،‬لهــوب‪ّ :‬‬ ‫فلــج‪ :‬مجــرى مــاء صغـ يـر‪ ،‬قســيب‪:‬‬ ‫صــوت جريــان‪.‬‬

‫‪1. Malhūb is empty of its people.‬‬ ‫ ‬ ‫‪Al-Qutabiyyāt, too, and al-Dhanūb‬‬ ‫‪2. and Rākis, and Thuʿaylibāt‬‬ ‫ ‬ ‫‪and Dhāt Firqayn and al-Qalī�b‬‬

‫‪3. and ʿArdah, and the back of Mount Hibirr‬‬ ‫ ‬ ‫‪where not a single one of them remains,‬‬

‫‪4. their places taken by wild beasts,‬‬ ‫ ‬ ‫‪their land unmade by what has come to pass,‬‬ ‫‪5. a land bequeathed unto destruction‬‬ ‫ ‬ ‫‪and pillaged of the folk who dwelt there‬‬ ‫‪6. and were slain, or otherwise died out.‬‬ ‫ ‬ ‫‪To live to show grey hair is a disgrace,‬‬ ‫‪7. you, whose eyes drip with tears‬‬ ‫ ‬ ‫‪like a water-skin whose seams are‬‬

‫‪8. coming apart, or like a rushing freshet‬‬ ‫ ‬ ‫‪coursing in a gully down a hill,‬‬

‫‪9. or like the brook that branches from the wadi‬‬ ‫ ‬ ‫‪whose bed is roiled by the surge,‬‬ ‫‪10. or like the fleet canal that parts the shadow‬‬ ‫ ‬ ‫‪of the canopy of a palmy grove.‬‬

‫‪473‬‬


‫َعـبيد بن األبرص ‪ʿAbīd ibn al-Abraṣ‬‬

‫لقــد ّبدلــت المصائــب أحــوال المــكان‪ ،‬ش‬ ‫ونــرت المــوت ف ي� جنباتــه‪،‬‬ ‫وأطفــأت ابتســامةَ الحيــاة‪ ،‬فأصبــح ّكل مــن نــزل بهــذه أ‬ ‫المكنــة مصابـاً‬ ‫بلعنــة المــكان؛ فهــو إمــا قتيــل‪ ،‬وإمــا هالــك‪ .‬ومــن لــم يمــت ف ي� حروبه‬ ‫الداميــة‪ ،‬مــات جوعــا‪ .‬فــكل مــا فيهــا هالــكٌ إال وجــه هللا‪.‬‬

‫هــذا المــوت‪ ،‬الوحــش المفـ تـرس الــذي تنتـ شـر ضحايــاه عـ بـر الصحـراء‬ ‫ضحيــة جديــدة‪ ،‬فبــدأ يقـ تـرب منهــا‪ ،‬ويغــرس‬ ‫الممتـ ّـدة‪ ،‬تقــف أمامــه ّ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫محياهــا‪ .‬ولهــذا كان شــعور‬ ‫مخالبــه ي� مالمحهــا‪ ،‬ويشــعل نــاره ي� ّ‬ ‫عبيــد بالشــيب شــعوراً بالمــوت‪ ،‬فتنهمــر دموعــه عــى خديــه كمــا‬ ‫تنهمــر الميــاه مــن فــم قربــة المــاء الباليــة‪ ،‬وتتدفــق كمــا يتدفــق النهــر‬ ‫الجــاري مــن شـ ّـق صخــرة ف ي� جبــل مرتفــع‪ ،‬وتجــري كمــا يجــري مــاء‬ ‫ال َف َلــج ببطــن الــوادي‪ ،‬وتنســاب كمــا ينســاب الجــدول الجــاري تحــت‬ ‫ظــال النخيــل‪.‬‬ ‫لــم يرتــض عبيــد أن تكــون دموعــه أمـراً عابـراً ف ي� حــدث عابــر‪ ،‬ولهــذا‬ ‫ت‬ ‫الــى‬ ‫توقــف عندهــا وأهــال عليهــا ي‬ ‫كثــراً مــن الصفــات التشــبيهية ي‬ ‫تركــزت حــول المــاء إكسـ يـر الحيــاة‪ ،‬فهــي دمــوع مــن يتمســك بالحيــاة‪،‬‬ ‫ف‬ ‫النســان ف ي� البقــاء‬ ‫ي� عالــم يحيــط بــه المــوت مــن كل مــكان‪ .‬ورغبــة إ‬ ‫كبــرة دائم ـاً‪ ،‬مهمــا طــال بــه العمــر‪ ،‬وتوالــت عليــه أ‬ ‫الحــداث؛ فابــن‬ ‫ي‬ ‫آدم يشــيب وتشــب معــه خصلتــان‪ :‬الحــرص وطــول أ‬ ‫المــل‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪474‬‬

‫‪8‬‬


‫َعـبيد بن األبرص ‪ʿAbīd ibn al-Abraṣ‬‬

‫‪.11‬‬ ‫‪.12‬‬ ‫‪.13‬‬ ‫‪.14‬‬ ‫‪.15‬‬ ‫‪.16‬‬

‫الصبوة في حضرة الموت‬ ‫َ َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫وأنـ ــى ل ــك ّ‬ ‫امل ِش ـ ُ‬ ‫ـك َ‬ ‫ـيب‬ ‫أنـ ــى وق ــد راع ـ‬ ‫التصابـ ــي‬ ‫تصب ــو‬ ‫ُ ُ َّ‬ ‫ُ‬ ‫يء وال َ جع ُ‬ ‫ـــد ٌ‬ ‫يـــب‬ ‫ـــول ِم ن�ـــا أهلهـــا‬ ‫فـــا َب ِ‬ ‫إن يـــك ح ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وال ُ‬ ‫َ‬ ‫ـــدوبُ‬ ‫َ‬ ‫وعادهـــا احملـــل ج ُ‬ ‫أو َيــك قــد أقفـ َـر نم�ــا ج ُّوهــا‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫كـــذ ُ‬ ‫عمـــة خم ُل ُ‬ ‫ــــل ذي َ‬ ‫وب‬ ‫ـــل م‬ ‫أم‬ ‫وك‬ ‫ـــا‬ ‫وس‬ ‫ن‬ ‫ذي‬ ‫فـــل‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫ســـلوبُ‬ ‫ـــلب َم ُ‬ ‫س‬ ‫ذي‬ ‫وك‬ ‫وث‬ ‫ـــل مـــور‬ ‫ٍ‬ ‫وكــــل ذي ِإ ِب ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُّ‬ ‫املـــوت ال َي ُ‬ ‫يبـــة َي ُ‬ ‫وغا ِئ ُ‬ ‫ئـــوب‬ ‫ـــب‬ ‫ئـــوب‬ ‫وك ذي غ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫إن هــذا الالوعــي الــذي تســيطر عليــه الرغبــة ف ي� الحيــاة‪ ،‬ينهــال عليــه‬ ‫التصــا�‬ ‫التصــا�؟ وكيــف يكــون‬ ‫العقــل بســؤال رصيــح عــن هــذا‬ ‫بي‬ ‫بي‬ ‫ـكال الــذي‬ ‫والعشــق وقــد اشــتعل الـرأس شــيباً؟ ولكنــه الســؤال إ‬ ‫الشـ ي‬ ‫ليــس لــه جــواب‪.‬‬

‫أ‬ ‫حبــة‪ ،‬ونـ شـر الجــدب‪ ،‬ليــس بجديــد وال‬ ‫هــذا المــوت الــذي ّ‬ ‫هجــر ال ّ‬ ‫بمســتغرب‪ ،‬فهــذه ســنة الحيــاة‪ ،‬وقانونهــا الــذي ال يجامــل أحــداً؛ فكل‬ ‫ذي نعمــة ســيفقد نعيمــه‪ ،‬وكل صاحــب أمــل سيكتشــف أن أ‬ ‫الجــل‬ ‫تي�صــد خطــاه‪ ،‬وكل ثــري ســيدع ثروتــه لمــن خلفــه‪ ،‬وكل مغتصــب‬ ‫ت‬ ‫ـيأ� مــن يســلب منــه مــا ســلب‪ ،‬وكل غائــب ســيعود َّإل‬ ‫لمــال غـ يـره‪ ،‬سـ ي‬ ‫غيبــه المــوت‪ ،‬فغائــب المــوت ليــس لــه عــودة‪.‬‬ ‫مــن ّ‬

‫‪476‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫تصبــو‪ :‬الصبــوة هــي العشــق‪،‬‬ ‫حــول‪ :‬نُقــل‪ ،‬ال‬ ‫راعــك‪ :‬أخافــك‪ّ .‬‬ ‫بــدي ٌء وال عجيــب‪ :‬أي تحـ ّـول أهلهــا‬ ‫ليــس جديــداً‪ ،‬وال غريبــاً‪ ،‬فهــذه‬ ‫جوهــا‪ :‬وســطها أو‬ ‫ســ ّنة الحيــاة‪ّ ،‬‬ ‫مــا ي ن‬ ‫بــ� أرضهــا وســمائها‪ ،‬المحــل‬ ‫والجــدوب‪ :‬القحــط‪ ،‬مخلــوس‪:‬‬ ‫مســلوب‪ ،‬مكــذوب‪ :‬ال ينــال‬ ‫غــره بعــد‬ ‫مــراده‪ ،‬مــوروث‪ :‬يرثــه ي‬ ‫موتــه‪ ،‬الســلب‪ :‬مــا يؤخــذ بالقــوة‪،‬‬ ‫مســلوب‪ :‬مأخــوذ منــه‪ ،‬يئــوب‪:‬‬ ‫يعــود‪.‬‬

‫?‪11. But these are kids’ games. How can you play‬‬ ‫ ‬ ‫?‪How, when you are menaced by gray hair‬‬ ‫‪12. For lands to be abandoned‬‬ ‫ ‬ ‫‪is nothing new, nor cause for wonder,‬‬

‫‪13. any more than if the valley empties of its people‬‬ ‫ ‬ ‫‪whenever drought and famine grip the land.‬‬ ‫‪14. Whoever enjoys bounty is stripped of it.‬‬ ‫ ‬ ‫‪Whoever holds out hope is sore deceived.‬‬ ‫‪15. Whoever possesses capital bequeaths it.‬‬ ‫ ‬ ‫‪Whoever gloats on spoils is despoiled.‬‬

‫‪16. Whoever makes a journey might yet come back from it,‬‬ ‫ ‬ ‫‪but for the dead there is no coming back.‬‬

‫‪477‬‬


‫َعـبيد بن األبرص ‪ʿAbīd ibn al-Abraṣ‬‬

‫اللوحة الثانية‬ ‫‪.17‬‬ ‫‪.18‬‬ ‫‪.19‬‬ ‫‪.20‬‬ ‫‪.21‬‬ ‫‪.22‬‬ ‫‪.23‬‬ ‫‪.24‬‬ ‫‪.25‬‬ ‫‪.26‬‬

‫الظل الزائل‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ثـــل َمـــن ي َ خ� ُ‬ ‫أو ِن ٌ‬ ‫ذات ِر ْ ٍح‬ ‫يـــب‬ ‫غـــا� ِم‬ ‫َأع ِ‬ ‫ــــــاق ٌر ِمثـــــــــل ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫مـــن يســـأل ّ‬ ‫ُ‬ ‫ـــاس ي َ�ر ُ‬ ‫الن َ‬ ‫مـــو ُه‬ ‫ـــــــيب‬ ‫وســـــــائل هللاِ ال ي خ�‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ُ ُ ُّ‬ ‫ُ ف‬ ‫ب� ّ ِ ُ‬ ‫بعضـــه َت ِلغيـــبُ‬ ‫خـــر‬ ‫والقـــول ي� ِ‬ ‫لل يـــــــــدرك كـــــل ي ٍ‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الق ُ‬ ‫َ‬ ‫ليـــــــس ُهل �ش يــــــــك‬ ‫وهللا‬ ‫لـــوب‬ ‫أخفـــت‬ ‫عـــا ُم مـــا‬ ‫ِ‬ ‫ُخ َ ُ أ‬ ‫َ ُ‬ ‫ّ‬ ‫الر ي ـ ُ‬ ‫أف ِلـ ْـح ب�ــا شــئت فقــد ُيبلــغ ب�لــــ‬ ‫ـب‬ ‫ـ ــض ِ‬ ‫عف وق ــد ي� ــدع ِ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ ُ َّ‬ ‫التلب ُ‬ ‫ال َي ِع ُظ َّالن ُ‬ ‫ــــد ُ‬ ‫ـاس َمـن ال َي ِعـظ الــ‬ ‫يـــب‬ ‫هر وال ينفـــع ِ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫لـــوب‬ ‫إال ج‬ ‫حبيـــب‬ ‫ــــص�ن شا ِنــــئا‬ ‫ومك َي ي‬ ‫س ّيـــات مـــا الق ِ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ّ‬ ‫ســـاعد ب أ�رض إذا ُك َ‬ ‫ُ‬ ‫نـــت ب�ـــا‬ ‫ريـــب‬ ‫وال تقـــل إننــــي غ‬ ‫ِ ِ ٍ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ـــة القريـــبُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يقطـــع ذو ُّ‬ ‫وصــل النــازح النائـــي وقــد‬ ‫قــد ي‬ ‫الس َم ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬ ‫عذ ُ‬ ‫ُ‬ ‫يـــب‬ ‫يـــب‬ ‫طـــول‬ ‫واملـــرء مـــا عـــاش ي� ت ِ‬ ‫احليـــاة هل ت ِ‬ ‫ِ‬ ‫كذ ٍ‬

‫يخــرج عبيــد مــن عالــم المــوت إىل عالــم الحيــاة‪ ،‬ليقـرأ دفـ تـر الكــون‬ ‫قــراءة تكشــف عــن وعــي عميــق بحقيقــة الحيــاة‪ .‬فــإذا كان المــوت‬ ‫نهايــة الحيــاة‪ ،‬وكل مــا يســعى المــرء مــن أجــل تحصيلــه يتــم فقــده‬ ‫ف‬ ‫النســان قلبــه‬ ‫ي� منتصــف الطريــق؛ فــإن الحكمــة تقت ـض ي أن يعلــق إ‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫ـا�‪ ،‬وال بقــاء إال هلل ســبحانه‪.‬‬ ‫ـا�‪ ،‬ويــدع الفـ ي‬ ‫بالبـ ي‬ ‫إن الوعــي بحقيقــة الحيــاة ينجــب موقفــاً صحيحــاً منهــا‪ ،‬والجهــل‬ ‫حلــول لمشــكالتها‪،‬‬ ‫النســان عاجــزاً عــن إنجــاب‬ ‫بحقيقتهــا يجعــل إ‬ ‫ٍ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ـى ال تنجــب ليســت مثــل المـرأة الولــود‪ ،‬والغانــم ي� شــئون‬ ‫والعاقــر الـ ي‬ ‫حياتــه ليــس كالخــارس‪ ،‬فالحيــاة موقــف‪ ،‬يحــدد النتيجــة‪ .‬هنــاك مــن‬ ‫يــر� أن يعيــش ف� ظــال َو ْهــم زائــل‪ ،‬وهنــاك مــن ال ض‬ ‫ض‬ ‫يــر� أن‬ ‫ي‬ ‫يعيــش إال ف ي� ظــل الحقيقــة الخالــدة‪.‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫ت‬ ‫الــى ال تنجــب‪ ،‬ذات‬ ‫العاقــر‪ :‬ي‬ ‫رحــم‪ :‬ولــود‪ ،‬غانــم‪ :‬رابــح‪ ،‬يخيب‪:‬‬ ‫يخــر‪ ،‬تلغيــب‪ :‬ضعــف‪ ،‬أفلــح‪:‬‬ ‫الفــاح بمعـ نـى الفــوز‪ ،‬والم ـراد هنــا‬ ‫عــش‪ ،‬يعــظ‪ :‬ينصــح‪ ،‬التلبيــب‪:‬‬ ‫ن‬ ‫بمعــى العقــل‪ ،‬والتلبيــب‬ ‫اللــب‬ ‫تك ّلــف العقــل‪ ،‬الســج ّيات‪ :‬الطبائع‪،‬‬ ‫الشـ ن‬ ‫ـا�ء‪ :‬الــكاره المبغــض‪ ،‬يوصــل‬ ‫ئ‬ ‫قــرب الغريــب‪،‬‬ ‫النــازح‬ ‫النــا�‪ :‬يُ ّ‬ ‫ي‬ ‫ذو الســهمة‪ :‬صاحــب القرابــة‪،‬‬ ‫تكذيــب‪ :‬غــرور وخــداع‪.‬‬

‫?‪17. Are the childless like those with children‬‬ ‫ ‬ ‫?‪Is one who takes the prize like one who fails‬‬ ‫‪18. The one who asks of people meets rejection.‬‬ ‫ ‬ ‫‪The one who asks of God is never failed.‬‬

‫‪19. All good that is attained is due to God.‬‬ ‫ ‬ ‫‪The claim that some is thanks to others is messed up.‬‬ ‫ ‪20. God is one without associate.‬‬ ‫ ‬ ‫‪From him, who knows all, no heart hides.‬‬

‫‪21. Live by what you will. Weakness does not preclude success.‬‬ ‫ ‬ ‫‪A man of expertise can still be duped.‬‬

‫‪22. A man who cannot learn from fate cannot be taught by people,‬‬ ‫ ‬ ‫‪not even if they take him by the scruff.‬‬ ‫?‪23. What are hearts but inborn tempers‬‬ ‫ ‬ ‫?‪How many hate their former friends‬‬

‫‪24. Lend a hand in any land while you sojourn there.‬‬ ‫ ‬ ‫”‪Never say: “But I am alien to this place.‬‬ ‫‪25. In favor of alliance with a stranger from afar,‬‬ ‫ ‬ ‫‪nearby relations are sometimes severed.‬‬

‫‪26. And as long as a man may live, he is in denial.‬‬ ‫ ‬ ‫‪Long life is his punishment.‬‬

‫التعلــق بــاهلل هــو المنفــذ الوحيــد للخــروج مــن ضيــق المــكان‪،‬‬ ‫ـان‬ ‫وســطوة المــوت‪ .‬إنــه تـ ٌ‬ ‫ـوق للحريّــة‪ ،‬وحفــظ لكرامــة إ‬ ‫النســان‪ ،‬وضمـ ٌ‬ ‫ـن مــن يســأل هللاَ ال يخيــب‪،‬‬ ‫للفــوز؛ فمــن يســأل النــاس يحرمــوه‪ ،‬لكـ ّ‬

‫‪478‬‬

‫‪479‬‬


‫َعـبيد بن األبرص ‪ʿAbīd ibn al-Abraṣ‬‬

‫فبــاهلل يــدرك كل خـ يـر‪ ،‬ويكشــف ّكل كــرب‪ ،‬ويحصــل كل توفيــق‪.‬‬ ‫النســان بربّــه تصحــح المســار‪ ،‬وتحقــق الرضــا بالقــدر‪،‬‬ ‫إن عالقــة إ‬ ‫والــرور بالمكتــوب‪ ،‬فربمــا بلــغ الضعيــف بتوفيــق هللا مــا ال يبلغــه‬ ‫بجــده واجتهــاده‪.‬‬ ‫اللبيــب الحــازم ِّ‬ ‫ت‬ ‫وبص�تــه عــى مــا حولــه‪،‬‬ ‫ـى تفتــح بــر إ‬ ‫النســان ي‬ ‫هــذه العالقــة هــي الـ ي‬ ‫ومــن فقــد هــذه العالقــة فـَـقـَــ َـد إدراكَ حقيقـ ِـة الحيــاة‪ ،‬ولــن ينفعــه‬ ‫ـ�‪ ،‬ونصــح الناصحـ ي ن‬ ‫وعــظ الواعظـ ي ن‬ ‫ـ�‪ ،‬وكفــى بالدهــر واعظـاً‪ .‬ومــن لــم‬ ‫يتعــظ أ‬ ‫بالزمــات‪ ،‬فلــن يفيــده الوعــظ بالكلمــات‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫النقيــة‪ ،‬فــإذا اجتمعــا أدرك‬ ‫إن العقــل الســليم ال يغ ـ ي عــن الفطــرة ّ‬ ‫النســانية‬ ‫النســان الحقائق‪ ،‬واســتنطق المشــاعر‪ ،‬وعــرف أرسار النفس إ‬ ‫إ‬ ‫المتق ّلبــة‪ ،‬فمــن كان صديقــك اليــوم‪ ،‬قــد يكــون عــدوك غــداً‪.‬‬ ‫والتوحــد‪ ،‬بــل يفــرض‬ ‫هــذا الوعــي بحقيقــة الحيــاة ال يقتـض ي العزلــة‬ ‫ُّ‬ ‫صغــراً‪ ،‬ومــن عــاش‬ ‫البــذل والمبــادرة‪ ،‬فمــن عــاش لنفســه عــاش‬ ‫ي‬ ‫النســان بـ ي ن‬ ‫ـ� معـ نـى يُــدرك‪ ،‬وأثــر‬ ‫للنــاس عــاش كبـ يـراً كمــا قيــل‪ .‬وحيــاة إ‬ ‫النســان أن يشــعر بانتمائــه‬ ‫يُـ تـرك كمــا قــال محمــد الدحيــم‪ ،‬فعــى إ‬ ‫لمــن حولــه‪ ،‬ويســهم بعطائــه‪ ،‬وال يقــول‪ :‬إن ـن ي غريــب‪ ،‬ال شــأن يل‪،‬‬ ‫وحـ ي ن‬ ‫ـ� يفعــل ذلــك ينــال مــا لــم ينلــه القريــب مــن النــاس‪ ،‬ألن النــاس‬ ‫بإنجازاتهــم‪ ،‬وليســوا بانتماءاتهــم‪.‬‬ ‫هــذا الشــعور إ ن‬ ‫ـا� النبيــل‪ ،‬هــو الــذي يكشــف حقيقــة الحيــاة‪،‬‬ ‫النسـ ي‬ ‫ويق ِّلــم أظافــر الوحــش الكامــن ف ي� داخــل كل م ّنــا‪.‬‬

‫‪480‬‬

‫‪481‬‬


‫َعـبيد بن األبرص ‪ʿAbīd ibn al-Abraṣ‬‬

‫اللوحة الثالثة جدلية الموت والحياة‬ ‫صورة الناقة‬ ‫ ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫خائـــف َج ُ‬ ‫ـــن‬ ‫ديـــب‬ ‫ســـبيل‬ ‫‪ .27‬بـــل ُر ّب ٍ‬ ‫مـــاء َوردتـــه ِ‬ ‫آج ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أرجائـــه‬ ‫‪ .28‬ريـــش احلمـــام عـــى‬ ‫جيـــب‬ ‫ـــه َو‬ ‫ِ‬ ‫خوف ِ‬ ‫للقلـــب مـــن ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ ُ ُ ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بــــاد ٌن َخ ُ‬ ‫ـــه غـــــــــدوة ُم ِشـــيحا‬ ‫‪ .29‬قطعت‬ ‫بـــوب‬ ‫وصاحـــي‬ ‫ِ‬ ‫يب‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ؤج ٌ‬ ‫‪ .30‬يع� َانـــة ُم َ‬ ‫َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫قــــــــارها‬ ‫ـــد ف‬ ‫كثـــــيب‬ ‫ــــاركا‬ ‫كـــــان ح ِ‬ ‫ً‬ ‫ّ ٌ‬ ‫َ َ‬ ‫ه وال َن ُ‬ ‫ـــة ي ْ‬ ‫ـــد ُيسا‬ ‫ال ِحق‬ ‫يـــوب‬ ‫بــــازال َس ِ‬ ‫‪ .31‬أخلـــف مـــا ِ‬ ‫أ‬ ‫َ ٌ‬ ‫ـــون بصفحتـــه ُن ُ‬ ‫ن‬ ‫ـــد ُ‬ ‫محـــر‬ ‫‪ .32‬ك نّ�ـــا مـــن‬ ‫عـــا� ٍت‬ ‫وب‬ ‫ج‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ ُّ ُ َ‬ ‫ٌ‬ ‫‪ .33‬أو َش َ‬ ‫الر َ‬ ‫ُ‬ ‫تـــ� ُّ‬ ‫ـــب ٌب ي� يَ‬ ‫خامــــى‬ ‫ــــبوب‬ ‫ــــــه ش�ـــــأل َه‬ ‫تـــلف‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ت ُ‬ ‫نَ ٌ‬ ‫ـــدة ُس ُح ُ‬ ‫ٌ‬ ‫عـــر وقـــد أرا ِنــــي‬ ‫‪ .34‬فـــذاك‬ ‫� ِملنــــي �‬ ‫ـــوب‬ ‫ُْ‬ ‫‪َ ٌ ّ ُ .35‬‬ ‫ُّ‬ ‫الس ُ‬ ‫و�هـــا ّ‬ ‫تضبـــرا‬ ‫ضـــر خـــــــــل ق�ا‬ ‫ـــبيب‬ ‫م ب‬ ‫ي‬ ‫ينشـــق عـــن ج ِ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫و ّ نٌ‬ ‫أسهـــا َر ُ‬ ‫ٌِ‬ ‫ُْ‬ ‫نـــــــــاع ُعرو�ـــا‬ ‫‪ .36‬ز ّيتيــــــــة‬ ‫طيـــب‬ ‫لـــن‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫الــى تــدور حولهــا‬ ‫ّ‬ ‫جدليــة المــوت والحيــاة هــي الفكــرة المركزيّــة ي‬ ‫ف‬ ‫المع ّلقــة‪ ،‬وقــف عبيــد يقـرأ كتــاب المــوت المفتــوح ي� وجــه الصحـراء‪،‬‬ ‫النســان‪ ،‬الــذي ال يخرجــه منــه َّإل‬ ‫واكتشــف فيــه فقــر الحيــاة‪ ،‬وشــقاء إ‬ ‫التع ّلــق بــاهلل عــز وجـ ّـل‪.‬‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫الســابق� إىل خطــاب إقناعــي‬ ‫المقطعــ�‬ ‫تحولــت المع َّلقــة ف ي�‬ ‫وقــد ّ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ـى تكشــف حقيقــة الحيــاة‪ ،‬وتحــذّ ر‬ ‫احتشــدت فيــه الحكــم والمثــال الـ ي‬ ‫ّ‬ ‫ولعــل هــذا هــو الــذي منــح المع َّلقــة هــذا‬ ‫مــن زخرفهــا الزائــل‪،‬‬ ‫وإن مــن الشــعر لحكمــة‪.‬‬ ‫االهتمــام لــدى القدمــاء‪ّ ،‬‬ ‫ف ي� هــذا المقطــع وهــو أطــول مقاطــع المع ّلقــة تتجــى جدليــة المــوت‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫الــى نشــاهد فيهــا‬ ‫والحيــاة ي� رحلــة عبيــد عــى الناقــة والفــرس ي‬ ‫صفحــات جديــدة مــن كتــاب المــوت‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫يــرد عبيــد عــى مـ ٍـاء آجــن‪ ،‬تغـ ي ّـر طعمــه ولونــه ورائحتــه‪ ،‬كـ ث َـر واردوه‪،‬‬ ‫فكـ ّـدروا صفــاءه‪ ،‬وليــس هــذا المــورد إال مــورد الحيــاة‪ .‬الطريــق إليــه‬ ‫ين‬ ‫ٌ‬ ‫محفــوف بالمخاطــر‪ ،‬والجــدب يحيــط‬ ‫الســالك�‪-‬‬ ‫كثــر‬ ‫‪-‬مــع أنــه ي‬

‫‪482‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫متغــر اللــون‬ ‫آجــن‪ :‬راكــد‬ ‫ي‬ ‫والرائحــة‪ ،‬ســبيله خائــف‪ :‬الطريــق‬ ‫الموصــل إليــه مخيــف‪ ،‬جديــب‪:‬‬ ‫قاحــل مجــدب‪ ،‬أرجــاؤه‪ :‬نواحيــه‪،‬‬ ‫وجيــب‪ :‬خفقــان‪ ،‬مشــيحاً‪ :‬مجـ ّـداً‬ ‫ف‬ ‫بــادن‪ :‬ناقــةٌ ذات بــدن‬ ‫ســري‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ي� ي‬ ‫قــوي‪ ،‬خبــوب‪ :‬الخبــب نــوع مــن‬ ‫ّ‬ ‫الســر تتابــع فيــه أخفــاف الناقــة‬ ‫ي‬ ‫عندمــا تالمــس أ‬ ‫الرض‪ ،‬يع�انــة‪:‬‬ ‫ش‬ ‫الوحــى‪ ،‬مؤجــد‪:‬‬ ‫تشــبه الحمــار‬ ‫ي‬ ‫متماســك‪ ،‬فقارهــا‪ :‬فقـرات الظهر‪،‬‬ ‫حاركهــا‪ :‬ســنامها‪ ،‬الكثيــب‪:‬‬ ‫الرمــل المرتفــع‪ ،‬أخلــف‪ :‬ســقط‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ـى تســقط سـ ّنها بعــد‬ ‫الســديس‪ :‬الـ ي‬ ‫الرباعيــة عندمــا يكــون عمرهــا ســبع‬ ‫ّ‬ ‫ســنوات‪ ،‬والبــازل‪ :‬ت‬ ‫الــى ينبــت‬ ‫ي‬ ‫ســ ّنها بعــد الســديس ف ي� عامهــا‬ ‫التاســع ‪ ،‬ال ِح ّقــة‪ :‬أي ليســت حقــة‬ ‫بنــت أربــع ســنوات‪ ،‬وال نيــوب‪:‬‬ ‫عمرهــا ســبع عـ شـرة ســنة‪ ،‬عانــات‪:‬‬ ‫وحشـ ّـية‪ ،‬جــون‪ :‬لونهــا فيــه بيــاض‬ ‫ش‬ ‫الوحــى‪،‬‬ ‫وســواد لــون الحمــار‬ ‫ي‬ ‫صفحتــه‪ :‬جنبــه‪ ،‬نــدوب‪ :‬آثــار‬ ‫ت‬ ‫ـى‪ ،‬يحتفــر‪:‬‬ ‫عـ ّ‬ ‫ـض‪ ،‬شــبب‪ :‬ثــور فـ ي ّ‬ ‫يحفــر عــن أصــل النبــات بأظالفــه‪،‬‬ ‫الرخامــى‪ :‬نــوع مــن النبــات‪ ،‬تلفــه‪:‬‬ ‫تهــب عليــه‪ ،‬شــمأل‪ :‬ريــح تهــب‬ ‫مــن الشــمال‪ ،‬عــر‪ :‬زمــن‪ ،‬نهــدةٌ‪:‬‬ ‫ـرس ضخمــة‪ ،‬رسحــوب‪ :‬رسيعــة‪،‬‬ ‫فـ ٌ‬ ‫مضــر خلقهــا‪ :‬قويــة الجســم‪،‬‬ ‫ّب‬ ‫ت‬ ‫يســر‬ ‫ينشــق‪ :‬يتــدىل لكنــه ال‬ ‫برصهــا‪ ،‬الســبيب‪ :‬شــعر الناصيــة‪،‬‬ ‫نائــم‬ ‫زيتيــة‪ :‬ناعمــة الملــس‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫عروقهــا‪ :‬عروقهــا ليســت بــارزة‪،‬‬ ‫لــ� أرسهــا‪ :‬جســمها يطاوعهــا‬ ‫ي ّ نٌ‬ ‫لــ�‪.‬ن‬ ‫عــى المنــاورة‪ ،‬رطيــب‪ :‬ي ّ‬

‫‪27. I do remember fear along the paths I beat‬‬ ‫ ‬ ‫‪through arid waste to stagnant waters‬‬

‫‪28. with pigeon feathers at their rims,‬‬ ‫ ‬ ‫‪where fear of drinking set the heart aflutter.‬‬ ‫‪29. Onward from them in the morning,‬‬ ‫ ‬ ‫‪my companion was a stout trotter.‬‬

‫ ‪30. Her backbone nice and smooth, her withers like a dune,‬‬ ‫ ‬ ‫‪my camel was the wild ass’s equal.‬‬ ‫‪31. Her tooth of seven years had been supplanted.‬‬ ‫ ‬ ‫‪She was no four-year-old, nor an aged mare,‬‬ ‫‪32. but like a pied wild ass at the head of his herd‬‬ ‫ ‬ ‫‪with the battle scars to prove it,‬‬

‫‪33. or like the oryx bull who crops the flowers‬‬ ‫ ‬ ‫‪combed by the North Wind, so was my camel.‬‬

‫‪34. That was ages ago. In memory, I also see‬‬ ‫ ‬ ‫‪myself atop a horse, a swift mare long-bodied‬‬ ‫ ‪35. without defect in her structure,‬‬ ‫ ‬ ‫‪her forelock parted by her face.‬‬

‫‪36. Smooth as oil she ran, with slackened neck veins,‬‬ ‫ ‬ ‫‪a lithe one with a supple frame,‬‬

‫‪483‬‬


‫َعـبيد بن األبرص ‪ʿAbīd ibn al-Abraṣ‬‬

‫بــه مــن كل مــكان‪ ،‬وبقايــا الضحايــا عــى صفحتــه‪ ،‬فريــش الحمــام‬ ‫المتناثــر عــى صفحــة المــاء شــاهد عــى معاركهــا الداميــة‪.‬‬ ‫هنــا بــدأ قلبــه ف ي� الخفقــان‪ ،‬فمـ ّـر بــه مرسع ـاً‪ ،‬وهــو عــى ظهــر ناقــة‬ ‫ـنام منتصــب كأنــه كثيــب الرمــل‪،‬‬ ‫قويّــة البدن‪،‬رسيعــة الخطــو‪ ،‬لهــا سـ ٌ‬ ‫تبلــغ مــن العمــر تســع ســنوات‪ .‬ناقــة مس ـ ّنة بلغــت ُأشـ ّـدها‪ ،‬ال هــي‬ ‫الســن‪ ،‬ليســت قليلــة التجربــة‪ ،‬وال عاجــزة عــن‬ ‫كبــرة‬ ‫صغــرةٌ‪ ،‬وال ي‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫مواجهــة الصعــاب‪.‬‬ ‫هــذه الســنوات التســع الـ تـى تمثــل عمــر الناقــة‪ ،‬كأنهــا تســاوي أ‬ ‫الماكــن‬ ‫ي ّ‬ ‫ت‬ ‫عمهــا المــوت ف ي� مقدمــة المع َّلقــة‪ ،‬وبهــذا تتعــادل كفتــا‬ ‫ـى ّ‬ ‫التســعة الـ ي‬ ‫المـ ي ز‬ ‫ـران‪ ،‬المــوت والحيــاة‪.‬‬ ‫ش‬ ‫نــدوب مــن آثــار‬ ‫وحــى‪ ،‬عــى جنبــه‬ ‫يشــبه ناقتــه القويّــة بحمــار‬ ‫ٌ‬ ‫ّ‬ ‫يّ‬ ‫ف‬ ‫ـض‪ ،‬وهكــذا يظهــر الضعــف ي� أعطــاف القـ ّـوة‪ ،‬فليــس هنــاك قــوة‬ ‫العـ ّ‬ ‫ش‬ ‫ـى‪،‬‬ ‫خالصــة‪ ،‬وال ضعــف خالــص‪ .‬وال يكتفــي بتشــبيهها بالحمــار الوحـ ي‬ ‫الرخامــى‪ ،‬الــذي تعصــف بــه ريــح‬ ‫فهــي شــبيهةٌ بثــور يرعــى نبــت ّ‬ ‫الشــمال‪.‬‬ ‫ـ� ف ي� تشــبيه ناقتــه بالحمــار والثــور‪،‬‬ ‫وعــى غـ يـر عــادة الشــاعر الجاهـ ي‬ ‫يكتفــي عبيــد برســم صــورة غـ يـر مكتملــة؛ فقــد جــرت العــادة أن يظهــر‬ ‫الحمــار ف ي� نهــار شــديد الحــرارة ف ي� فصــل الصيــف مــع جماعــة مــن‬ ‫أ‬ ‫النــاث مــن الحمـ يـر)‪ ،‬يبحــث عــن المــاء فــا يجــده‪ ،‬فيتذكــر‬ ‫التُــن (أي إ‬ ‫مــورد المــاء فينطلــق إليــه‪ ،‬وعنــده يجــد الصيــاد‪ ،‬الــذي تنهــال عليــه‬ ‫ســهامه فيهــرب خائفـاً قبــل أن يــروي ظمــأه‪.‬‬

‫‪484‬‬

‫‪485‬‬


‫َعـبيد بن األبرص ‪ʿAbīd ibn al-Abraṣ‬‬

‫ويظهــر الثــور ف� ليلـ ٍـة شــاتية‪ ،‬ينهمــر عليــه فيهــا المطــر والـ بـرد‪ ،‬وحـ ي ن‬ ‫ـ�‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫تنقــض عليــه كالب الصيــاد‪ .‬ومــن هنــا فــا‬ ‫تــرق شــمس النهــار‬ ‫ّ‬ ‫نــدري هــل حـ ُ‬ ‫ـذف بقيــة المشــاهد كان مــن عبيــد لغايــة لديــه‪ ،‬أم كان‬ ‫وبدلــوا‪ ،‬فلــم يتبـ َّـق ف ي�‬ ‫عدلــوا فيهــا ّ‬ ‫مــن نســيان رواة المع َّلقــة الذيــن ّ‬ ‫الذاكــرة مــن المشــهد إال مــا هــو مذكــور ف ي� هــذه الروايــة‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫ض‬ ‫ـا�‪ ،‬وهــو يتــوق‬ ‫عــى تلــك الناقــة أمــى عبيــد رحلتــه‪ ،‬ي� الزمــن المـ ي‬ ‫ـوي‪،‬‬ ‫إىل أن تكــون رحلتــه القادمــة عــى فـ ٍ‬ ‫ـرس رسيعــة‪ ،‬ذات جســد قـ ّ‬ ‫يتدلـــى شــعر ناصيتهــا عــى جبينهــا فــا يحجــب عنهــا الرؤيــة‪ .‬فــرس‬ ‫ناعمــة الملمــس‪ ،‬كأنهــا ُدهنــت بالزيــت‪ّ ،‬لينــة الجســم‪ ،‬قــادرة عــى‬ ‫المنــاورة‪ ،‬ال تظهــر عروقهــا مــن تحــت جلدهــا فتفســد جمالهــا‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ـى وصــف‬ ‫هــذه الصفــات صفــات َج َمــال بخــاف صفــات الجــال الـ ي‬ ‫بهــا الناقــة‪ ،‬فالفــرس تبــدو وكأنهــا العــروس الجميلــة ذات الشــعر‬ ‫ت‬ ‫المس�ســل‪ ،‬والقــوام المتناســق‪ ،‬والنعومــة الفاتنــة‪.‬‬ ‫وال أرى هــذه الفــرس ســوى المســتقبل الــذي يطمــح إىل بلوغــه عبيــد‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ـى يهــدف إىل تحقيقهــا‬ ‫مــن وراء حجــب الزمــان والمــكان‪ ،‬والمنيــة الـ ي‬ ‫ضــد عالـ ٍـم تحكمــه المخــاوف‪ ،‬والجــدب‪ ،‬والوعــي الزائــف‪.‬‬

‫‪486‬‬

‫‪487‬‬


‫َعـبيد بن األبرص ‪ʿAbīd ibn al-Abraṣ‬‬

‫‪.37‬‬ ‫‪.38‬‬ ‫‪.39‬‬ ‫‪.40‬‬ ‫‪.41‬‬ ‫‪.42‬‬ ‫‪.43‬‬ ‫‪.44‬‬ ‫‪.45‬‬ ‫‪.46‬‬ ‫‪.47‬‬ ‫‪.48‬‬

‫ُ‬ ‫الـعـقاب والثعلب‬ ‫ُ‬ ‫ٌَ‬ ‫تَ خ ُّ ف‬ ‫أك نّ‬ ‫َط ٌ‬ ‫الق ُ‬ ‫�‬ ‫لـــوب‬ ‫ة‬ ‫قـــو‬ ‫ل‬ ‫ـــا‬ ‫لـــوب‬ ‫وكرهـــا‬ ‫�‬ ‫ـــر‬ ‫�‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫أ‬ ‫يخـــــة َر ُقــــــوبُ‬ ‫عـــذو�‬ ‫ب�تـــت عـــى َإر ٍم‬ ‫ك نّ�ـــــــــا ش‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫يس ـ ُـقط ع ــن ري�شِ ــا ال�ضّ ي ـ ُ‬ ‫َ‬ ‫غـــداة ِق ّ‬ ‫ـــر ٍة‬ ‫فأصبحـــت ي�‬ ‫ـب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ـــب َج ُ‬ ‫ودونـــه َس ْب َس ٌ‬ ‫َ‬ ‫فأبـــر ْت ثعلبـــا رسيعـــا‬ ‫ديـــب‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َف َن َ‬ ‫ُ‬ ‫فضـــت ِري�ش ـــا وولـــت‬ ‫قريـــب‬ ‫ـــة‬ ‫فـــذاك مـــن ن ْ� َض ٍ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِوف ْع ُ ُ‬ ‫وار� َع م ــن َ‬ ‫ـتال ت‬ ‫ـيس‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫فاش ـ‬ ‫املـــذؤوب‬ ‫ـــــه يفعـــل‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـــر َد ُه َتســـيبُ‬ ‫نف� َضـــت � َ‬ ‫ـــردت ح ْ‬ ‫وح َ‬ ‫ـــوه حثيثـــة‬ ‫قُ‬ ‫ً‬ ‫والع نُ‬ ‫َف َّ‬ ‫ال�ـــا َم ُقل ُ‬ ‫ـــوب‬ ‫ـــن ِح‬ ‫ـــدب مـــن ر ِيأ�ـــا َدبيبـــا‬ ‫َ ي‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ّ‬ ‫حـــت ُ‬ ‫ـــط َر ْ‬ ‫والصي ـ ُـد م ــن ت� ِت� ــا َمك ـ ُـر ُ‬ ‫َّ‬ ‫وب‬ ‫ــــه‬ ‫فـجـــدلتــــه ف‬ ‫َ نّ‬ ‫ّ‬ ‫� ُ‬ ‫ووضـــــعت ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ال ُ‬ ‫ـــه ج َ‬ ‫فكد َحـــت َو ج َ‬ ‫بـــوب‬ ‫ــــــه‬ ‫ــــــــــت ُه‬ ‫فر�‬ ‫َ ْ ّ‬ ‫َ‬ ‫فأرس ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫كـــروب‬ ‫ـــلته وهـــو َم‬ ‫ــــــعـــــــته‬ ‫عـــــــــاودت ُه َفرف‬ ‫ف‬ ‫ف ّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ال ُب ّ‬ ‫ـــد ي زُ‬ ‫ُ‬ ‫ضغـــو ِ خ‬ ‫قلـــوب‬ ‫ح� ُومـــه َم‬ ‫ـــه‬ ‫ي‬ ‫وم بُل�ـــا ي� َد ِف ِ‬ ‫تدخــل فــرس عبيــد معركــة البقــاء حـ ي ن‬ ‫ـهية‬ ‫ـ� يشــبهها ُبعقــاب فقــدت شـ ّ‬ ‫أ‬ ‫الكل‪ ،‬وكأنهــا امـرأة عجــوز حرمهــا فقـْــ ُـد أوالدهــا لــذ َة العيــش‪ .‬تظهــر‬ ‫ف‬ ‫الــرودة عــى قمــة جبــل شــامخ‪ ،‬وقــد‬ ‫بجــوار عشــها ي� يــوم شــديد ب‬ ‫ت‬ ‫ـى أكلتهــا‪ ،‬ألن العقــاب يــأكل جميــع‬ ‫أحاطــت بــه قلــوب العصافـ يـر الـ ي‬ ‫أج ـزاء الطائــر إال قلبــه‪.‬‬ ‫ـهل مجــدب‪ ،‬فتنفــض الجليــد عــن جناحيهــا‪،‬‬ ‫تبــر ثعلبـاً يسـ يـر عــى سـ ٍ‬ ‫ت‬ ‫وتنقــض عليــه‪ ،‬فمــا أن يبرصهــا حــى يرفــع ذيلــه‪ ،‬وتنقلــب أجفانــه‬ ‫ّ‬ ‫مــن شــدة الخــوف‪ ،‬ويحــاول جاهــداً الهــرب منهــا‪ ،‬ولك ّنهــا تمســك بــه‪،‬‬ ‫وتظـ ّـل ترفعــه إىل الســماء وتهــوي بــه إىل أ‬ ‫الرض حـ تـى يستســلم‪ ،‬ويعجــز‬ ‫عــن المقاومــة‪ ،‬وتغــرس مخلبهــا ف ي� جنبــه‪ ،‬ومنقارهــا ف ي� صــدره‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫الج َمــال والقــوة عــى الثعلــب‬ ‫ـى بــدت ي� غايــة َ‬ ‫إن انتصــار الفــرس الـ ي‬ ‫رمــز المكــر والخــداع‪ ،‬هــو انتصــار الحقيقــة ضــد الزيــف‪ ،‬والجمــال‬ ‫ضــد القبــح‪ ،‬والصــدق ضــد الخــداع‪.‬‬ ‫قــد ال تكــون انتــرت ف ي� الواقــع لكنهــا انتــرت ف ي� خيــال عبيــد‪ ،‬وهــذا‬ ‫ش‬ ‫اســت�اف للمســتقبل الــذي ينبغــي أن يكــون‪ .‬وهــذه هــي عظمــة‬ ‫الشــعر الــذي يــروي مــا وقــع ومــا يمكــن أن يقــع‪.‬‬

‫‪488‬‬

‫اللغة‪:‬‬ ‫لقــوة‪ :‬عقــاب‪ ،‬طلــوب‪ :‬رسيعــة‬ ‫االنقضــاض عــى مــا تطلــب‪ ،‬تخـ ّـر‪:‬‬ ‫تيبــس‪ ،‬القلــوب‪ :‬قلــوب الطيــور‪،‬‬ ‫إرم‪ :‬جبــل صغـ يـر‪ ،‬عذوبـاً‪ :‬ترفــض‬ ‫أ‬ ‫الكل‪ ،‬شــيخة‪ :‬عجــوز‪ ،‬رقــوب‪ :‬ال‬ ‫يعيــش لهــا ولــد‪ ،‬قــرة‪ :‬بــرد شــديد‪،‬‬ ‫ال�ض يــب‪ :‬الجليــد‪ ،‬سبســب‪ :‬أرض‬ ‫مســتوية‪ ،‬جديــب‪ :‬مجدبــة‪ ،‬نفضت‬ ‫ريشــها‪ :‬نفضــت الجليــد مــن عــى‬ ‫طــران‪ ،‬اشــتال‪:‬‬ ‫ريشــها‪ ،‬نهضــة‪ :‬ي‬ ‫رفــع ذيلــه‪ ،‬ارتــاع‪ :‬خــاف‪ ،‬حســيس‪:‬‬ ‫صــوت‪ ،‬المــذؤوب‪ :‬الــذي هاجمتــه‬ ‫الذئــاب‪ ،‬حثيثــة‪ :‬رسيعــة‪ ،‬حــردت‪:‬‬ ‫دب‪:‬‬ ‫اتجهــت إليــه‪ ،‬تســيب‪ :‬تــرع‪ّ ،‬‬ ‫ش‬ ‫مــى خائفــاً متخفيــاً‪ ،‬حمالقهــا‪:‬‬ ‫جفنهــا‪ ،‬مــن رأيهــا‪ :‬لمــا رآهــا‪،‬‬ ‫مكــروب‪ :‬مهمــوم‪ ،‬جدلتــه‪ :‬ألقــت‬ ‫بــه عــى أ‬ ‫الرض‪ ،‬كدحــت‪ :‬جرحــت‪،‬‬ ‫الجبــوب‪ :‬أ‬ ‫الرض الصلبــة‪ ،‬فعاودتــه‬ ‫فرفعتــه‪ :‬ترفعــه ثــم تســقطه حــىت‬ ‫يستســلم‪ ،‬يضغــو‪ :‬يصيــح‪ ،‬د ّفــه‪:‬‬ ‫جنبــه‪ ،‬ي ز‬ ‫ح�ومــه‪ :‬صــدره‪ ،‬منقــوب‪:‬‬ ‫مثقــوب‪.‬‬

‫‪37. coasting like an eagle on the hunt, into whose nest‬‬ ‫ ‬ ‫‪the prey lands heart downward.‬‬

‫‪38. High upon a landmark, the eagle roosts in open sky,‬‬ ‫ ‬ ‫‪her vigil like a wizened mourner’s,‬‬ ‫‪39. until the frosty dawn comes‬‬ ‫ ‬ ‫‪and ice crystals flake from her feathers.‬‬ ‫ ‪40. Then, across the barren waste,‬‬ ‫ ‬ ‫‪she spots a speedy fox.‬‬

‫‪41. She shakes her limbs and feathers‬‬ ‫ ‬ ‫‪before her launch.‬‬

‫‪42. The fox hears, and jerks his tail, overcome‬‬ ‫ ‬ ‫‪with fear as of a wolf.‬‬ ‫‪43. She launches at speed, and aims for him‬‬ ‫ ‬ ‫‪along a gliding path.‬‬

‫‪44. The fox shrinks low and out of view,‬‬ ‫ ‬ ‫‪eyes to the sky with the white part showing.‬‬ ‫ ‪45. She flips the fox and lays him out below her‬‬ ‫ ‬ ‫‪and makes him feel the anguish of the prey.‬‬

‫‪46. In her grip, the prey goes limp. She hurls it down‬‬ ‫ ‬ ‫‪for rocky ground to gash it.‬‬ ‫‪47. She bears it up again. Aloft,‬‬ ‫ ‬ ‫‪she gives the fox a twist and drops it.‬‬

‫‪48. The fox cries! The eagle’s claws are in his side.‬‬ ‫ ‬ ‫‪There is no escape. His chest is punctured.‬‬

‫‪489‬‬


ʿAbīd ibn al-Abraṣ ‫َعـبيد بن األبرص‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.