18
ليس ُ كل الملوك إذا دخلوا قري ًة أفسدوها
كيف يتصل العلماء بالجماهير لمحو «اأمية العلمية»؟ رأي
علي الرباعي
سهام الطويري
alrobai@alsharq.net.sa
sahhomah@alsharq.net.sa
اأربعاء 24ربيع اآخر 1434هـ 6مارس 2013م العدد ( )458السنة الثانية
ينط�وي ف�ن تقدي�م العل�م والتوعي�ة العلمية إى الجماه�ر العامة ،عى مفهوم امهنية التوعوية امفقودة تقريب�ا ي الوطن العربي ،إذا ما قارنا الجمهور العربي بالجمه�ور الغرب�ي ..ي بلدي عى وج�ه الخصوص ا أش�عر بتلم�س مفهوم ااتص�ال العلمي بش�كل ٍ كاف ي مع�ارض العل�م «إن وج�دت» والصحاف�ة العلمية والسياسة العلمية واإنتاج اإعامي العلمي ..ي مرح الكلي�ة بلندن دارت ورش�ة عمل حول ه�ذا اموضوع، حي�ث قس�مت علين�ا الروفيس�ورة جس بوكس�تون مجموعة من اأوراق البحثية امنشورة ي مجلة الطبيعة العريقة. كان�ت م�ن نصيب�ي ورق�ة تتحدث عن اكتش�اف طفرة جيني�ة جديدة ي جين�وم اميتوكوندريا الخلوية اإنسانية ،ثم طلبت منا قائلة «هيا أيها العلماء الصغار قوموا بتحرير خاصة هذه اأبح�اث وإعادة صياغتها إى أخب�ار تفي�د مجتمعاتكم بلغ�ة قريب�ة إى فهمهم واهتمامهم». اح�رت كث�را ي إع�ادة صياغ�ة مج�رد العنوان فضا عن صناعة قصة بس�يطة خرية من بحث دقيق فكل امعلوم�ات ي الورقة مهمة ي ولكنها ا تثر الفرد الع�ادي ،واس�تحرت ي ذهني ق�راء منطقة الرق اأوس�ط حي�ث ا ي�زال مفه�وم البيولوجي�ا الجزيئية غامض�ا ل�دى الكثرين كم�ا أن ورقة البح�ث تتحدث عن اكتش�اف عى امس�توى الجزيئي الخلوي مما قد ا يجذب انتب�اه القارئ أو يثر اهتمام�ه بتلقي امعلومة العلمي�ة امهم�ة م�ن وجه�ة نظ�ر الباح�ث ي الحقل الوراثي ،لم أس�تطع بنهاية الخم�س دقائق امتاحة أن أصيغ من هذا الكش�ف العلمي امه�م خرا علميا يمكن تحريره لعامة الناس س�وى أنني اجتهدت ي تبس�يط م�ا يمكن فهمه من قبل قارئ متخصص! حينما انتهت مدة التفكر قامت الروفيس�ورة جس بإعادة تقسيمنا إى جماع�ات تبادلن�ا فيه�ا أوراقنا ل�رى كل مجموعة مدى فهمه�ا ي قراءة الصياغة الخرية امقدمة من قبل امجموعة اأخرى وقد كنا كطاب بش�كل عام متقاربن ي مستوى أشبه أن نكون مجموعة من «الطرم» حقيقة فيما ل�و توجهنا للمجتمع! من ضم�ن اماحظات التي حصل�ت عليها بعد ثن�اء إنجليزي ش�حيح أنه يتوجب عي النظر فيما يه�م القارئ العام كمحررة علمية ،فما يهم اإنس�ان الع�ام هو مدى ارتب�اط الجزيء الصغر
بصحت�ه إجماا أكثر مما يحص�ل من عراك خلوي عى مستوى التعبر الروتيني والرسائل امشفرة ي الخلية، لذلك فاميتوكوندريا ترتبط بالطاقة ي جس�م اإنس�ان وعن�د حدوث خلل وظيفي بها فإن ذلك قد ينعكس عى ضم�ور العضات :عض�ات الهي�كل العظمي وعضلة القل�ب فضا عن اأعص�اب ،وما قد ينت�ج من تلف ي اأعص�اب وما ق�د يحدث�ه ي الذاكرة إى غ�ر ذلك من امظاهر امرضية التي يامسها فهم القارئ. ي العال�م العربي نفتق�د مهارة ااتص�ال العلمي لي�س كمفهوم إنم�ا كمنهج أكاديمي مس�تقل «مثمر» يقي عى اأمي�ة العلمية التي تعان�ي منها فئة كبرة م�ن امجتم�ع العرب�ي ،بحيث يت�م تدريس�ه وتخريج متخصص�ن فيه بعدما تم اعتماده ي دول العالم اأول الغني�ة بالعلماء ليكون حلقة الوص�ل الدائمة امتجددة ب�ن العلماء والجمهور ،ي�وى صاحب هذا ااختصاص الفرص الوظيفية ي الصحافة امطبوعة والعمل اإعامي الجديد ،بث التليفزيون أو الراديو أو اإنتاج والعرض أو الش�ؤون العامة والعاقات العامة وامتاحف وامعارض وامهرجان�ات العلمي�ة ،كما يحق له العم�ل ي مجاات السياس�ات والبح�وث اأكاديمية والتطوي�ر والتعليم. با ش�ك فإن العلم يتجدد كل لحظ�ة حول العالم لكن م�ا ينق�ص الجمهور هو ف�ن تقديم التوعي�ة العلمية. نفتق�د إى مفهوم امحرر العلم�ي أو الطبي امتخصص ي وس�ائل اإعام الذي توليه مؤسسات اإعام العريقة أهمية ومكانة متقدمة ضمن طاقم التحرير ي امؤسسة اإعامي�ة ،حينما نطلع ع�ى ما تحرره هيئ�ة البي بي ي الريطاني�ة من أخبار ي العل�وم والتكنولوجيا عى موقعها أو عر اأثر ونقارنه باأخبار العلمية امنسوخة ع�ن امواق�ع العامي�ة ي إعامنا العربي نش�عر بمرارة التخل�ف و«الصغارة» إن صح التعب�ر ،مثلما نجد أننا كمتلقن ننجذب ونقف مندهشن من دهشة الكشوفات العلمية ما وراء منطقنا الح�اي أحيانا ..كقدرة العلماء عى تصنيع عدس�ات اصقة بيونية ي امستقبل القريب تغنين�ا عن حمل الاب توب واأجهزة الذكية أنها بدقة تكنولوجية س�حرية س�توفر لنا حتى قراءة اإيميات! هذا مما نر عى موقع البي بي ي قبل أكثر من ثمانية أشهر عى سبيل امثال. عل�م ااتص�ال العلمي مهم ليس فق�ط ي الحفاظ عى العل�م الجاري لكن أن بعض امعلومات الكش�فية
الحديث�ة قابلة للتطبيق مب�ارة � أيضا بإمكان النر امستمر عن العلم أن يبلغ امفاهيم اأخاقية والسياسية. ي ال�دول امتحرة هن�اك زي�ادة ي تدريس وتخريج اختصاصي�ن بااتص�ال العلم�ي ليس فق�ط إيصال العل�وم ذات النتائ�ج اموثوقة بل ي مواجه�ة التضليل العلمي وإى أي مدى يسهل نره؛ أنه ا يخضع لقيود كثرة من امعلومات العلمية الدقيقة. وا أظن السجال الذي دار قبل أعوام حول امفهوم امفق�ود وراء فرضية رطان نعن�اع امدينة ببعيد عن ما أعنيه هنا. وحتى ينجح ااتص�ال العلمي مع الجماهر يمكن اس�تخدام جميع ااتص�اات ذات اأس�اليب الرفيهية واإقناعي�ة كما هو الحال ي امه�ن اأخرى ،بما ي ذلك القص�ة والنكت�ة وااس�تعارات ،وأحيان�ا يت�م تدريب العلماء عى بعض امهارات التي يس�تخدمها اممثلون. وبش�كل عام فإنه حينما يزداد فه�م العامة للعلم ويس�هم صوت العلماء امفهوم ي «محو اأمية العلمية» فسوف يتمتع الجمهور بعلم أكثر ي كميته عما هو عليه اآن وسيقل استئثار قضايا الجدال الفكري وراعاتها العقيمة عى اهتمام الفرد. س�تصبح اأمة أكثر قدرة عى امنافس�ة اقتصاديا، يمك�ن أن يوف�ر ااتصال العلم�ي للجمهور ببس�اطة منافع فردية حتى عى مستوى التخيل العلمي ي كتابة الرواية! فضا عن أن الحكومة وامجتمع سيس�تفيدان من قراءة امعرفة والكتابة اأكثر علمية أنها ستعزز فعالية الديمقراطية ي اأفكار أكثر. ولنج�اح فعالية ااتصال العلم�ي ي امجتمع فإنه من اأوى تجنب «العلمية» ي التعاطي مع الناس وذلك م�ن خال إتاحة اح�رام العلم دون تقديس�ه أو توقع عصمت�ه أن�ه تجريب واكتش�اف دائ�م ،والعلماء بر لكنهم يريدون نقل مه�ارات التفكر العلمي وتحويلها للمجتمع فضا عن كس�ب مه�ارات مقابلة من اأفراد نواح أخرى من حياتهم من خال التفاعل امتبادل. ي ٍ وهنا تج�د عزيزي القارئ «إن كن�ت عاما ً أم أحدا ً من العوام» دلياً إرشاديا ً للتواصل مع الجمهور يقدمه مجان�ا مكت�ب العل�م والتكنولوجيا الريطان�ي بدعم مؤسس�ة ويلكم ترتس�ت امرموقة من أراد قضاء وقت الفراغ ي السيارة أو الحافلة أو امرو.
يُحك�ى أن أحد مل�وك العرب حر احتفاا ً ش�عبويا ً ي منطقة من امناط�ق امعروفة بارتفاع معدل الوعي بن ناس�ها ،وامس�كونة أدمغة أهله�ا بالسياس�ة ،وتا قارئ الق�رآن ي مفتتح الحف�ل الخطابي آيات من س�ورة النمل إما تقصدا ً أو عفوية ،ومنها «إن املوك إذا دخلوا قرية أفس�دوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون» ،فاغتاظ وزير إعام تلك امرحلة وكان ينتمي للعس�كرتاريا ،وتحرك برعة إى القائمن عى الحفل ،وتس�اءل عن القارئ ،ومن اختار له اآيات ،فسأله أحدهم :ماذا تس�أل؟ فردّ :أنت�م فضحتونا من طويل العم�ر ،وأردف :فيه عاقل يقرأ ه�ذه اآية أمام ملك ،وأمر مدير مكتبه أن يفتح تحقيقا ً ويزود اأجهزة اأمني�ة بص�ورة من التحقي�ق ،وكان املك -رحم�ه الله -فطن�اًّ ،ماحا ً ش�اهد تحركات الوزير وعلم أنّه أساء بحماس�ه للمُن ّ ظمن ،فاستدعى الوزي�ر وقال له عن�دي كلمة س�أُلقيها ،وارتجل العاه�ل كلمته بقوله (أش�كر الق�ارئ الكريم عى حس�ن اختي�اره اآيات الكريم�ة ،وأود أن أش�عركم أن الق�رآن نزل عى محمد ب�ن عبدالله عليه الس�ام قبل ألف وأربعمائ�ة ع�ا ٍم تقريباً ،وه�ذه اآية وردت عى لس�ان بلقي�س عليها الس�ام قبل اإس�ام بآاف اأعوام ،وهي وجهة نظر س�يدة حكيمة ي ملوك عرها ،وثبت لها بعد ذلك أن سليمان عليه السام كان من أعدل املوك وأتقاهم فندمت عى قولها ّ وكفرت عن تعجلها ي إصدار اأحكام بقبولها ااقران به ،وأضاف أن تس�لط املوك عى ش�عب ما سببه خلل ي الش�عب القاب�ل بطبعه لإذعان والخن�وع وانقياده للذل�ة) ،فطاول الجميع الذهول من شفافية املك وقدرته عى تحوير اموضوع وإيضاح أبعاده للحضور ،ولعل وزير إعامه وقع ي حرج كبر كونه أراد امزايدة وإظهار نفسه ملكيا ً أكثر من املك ،وبالعودة لطبيعة الحكم املكي فإنه اأقرب واأنس�ب لطبيعة وتركيبة العرب الجيونفسانية ،فاملكية قابلة للتطوي�ر من داخله�ا ،ومؤمنة بحراك وديناميكي�ة التاريخ وحتمياته، وموقنة بالزمن وتفاعاته ،كما أن املوك يتعاملون مع ش�عوبهم بروح أبوية راقية ،وربما كان التسلط والفساد من بطانة ويُحسب عى ملك، وا أبالغ إن قلت إن اأنظمة املكية ي الغرب تمثّل الوجه الجميل للعدل والش�ورى والدس�تورية ،ولم يُعِ بْها أنها تملك وا تحكم كون الدس�تور ورئاس�ة الوزراء رحمة من الله للدول املكية ،فالشعب حن يغضب أو يثور ضد اس�تبداد أو تس�لط أو نيل من حقوق الش�عوب تتحمل الوزر الحكوم�ة ا امل�ك وا اأرة الحاكم�ة ،ولذا تس�قط حكومات وتقوم محله�ا حكومات ،ومن قرأ تاريخ املوك عر مس�رة البر عى اأرض سيستظهر بجاء أنه ليس كل املوك إذا دخلوا قرية أفسدوها ،بل هناك ملوك كانوا وايزالون رحمة لش�عوبهم ،ومن اموضوعية أن نعرف بأن قرى ومدنا ً ومناطق أفس�دت مس�ؤوليها وع ّلمتهم النص�ب وااحتيال والرق�ص ع�ى الحبال ،وم�ا علي�ك إا أن تتلفت جيّدا ً وأن�ت تتمى قول الحق تبارك وتعاى «وكان ي امدينة تس�عة رهط يُفسدون ي اأرض وا يُصلحون».
في العلم والسلم
شرارة الحريق والحريقة
على أي حال
العقيدة الدبلوماسية لوزارة الخارجية ()6 بدر البلوي balbalawi@alsharq.net.sa
خالص جلبي
جاء ي امثل «أول الغيث قطرة» .هذا ي امناخ .وي علم ااجتماع أول الثورة إهانة. هكذا كانت رارة الثورة السورية .رب مواز لسوق الحميدية امشهور مواطن ي سوق ٍ هو سوق (مدحت باشا) والحريقة .اشتعل (الحريق) برارة من سوق (الحريقة). ُ وكنت أصي فيه الراويح أذكره جداً، بطاب الجامعة؛ فتطول صاتنا ثاث ساعات ي رمضان ،نختم فيها الجزء من القرآن بالتعليق عى أمور هامة ي ثنايا اآيات. ي هذا السوق امشهور وقعت الواقعة. هنا يلعب الدور شيئا ً يسمونه الحاسة التاريخية .يروون عن لينن أنه كان يمتلك مثل هذه الحاسة؛ فالرجل جاء إى بطرسرج ي أول الثورة ولم يكن يتوقع حدوثها. التحليل والتفسر حسب امنهج الشيوعي َ أن الثورات تحدث ي قمة التطور الصناعي، ي مجتمع وصل إى نهاية تطوره الصناعي، ونهاية راعاته الطبقية ،بن طبقة تنتج كل يء وا تأخذ شيئاً ،وطبقة ا تعمل شيئاً، وتأكل كل يء. ً امجتمع الروي لم يكن صناعيا ،بل أقرب للزراعة .حسب تحليات امنهج اماركي للتاريخ فهذا يعني أن الثورة بعيد ٌة جدا ً عن الحدوث ،وهو ما جعل أيضا ً الطبقة الحاكمة ي سوريا يعريها ذلك الشعور أنَها امتلكت الزمنَ ، وأن امجتمع طبقة من العبيد امأسورين الطائعن. أما من كان من أمثال جلبي الناقدين فيكفي أنهم أراحوا البلد بركهم له ،ومن بقي كان من العبيد الذين ا يعرفون التمرد. كان لينن يكرر :كارل ماركس َ فر التاريخ ،أما نحن فسوف ر نغره .هكذا تأتي الثورات مثل الزازل والتسونامي. جاء ي القرآن «أ َ َفأ َ ِم َن أ َ ْه ُل ُ الق َرى أ َ ْن يَأ ِتيَهُ م سنَا ُ وَه ْم يَ ْلعَ ب َ ضحً ى ُ بَأ ْ ُ ُون». kjalabi@alsharq.net.sa
حر ًا وسام ًا
عندم�ا ينتس�ب أح�د اأش�خاص ليك�ون دبلوماسيا ً ي وزارة الخارجية يُحاط علما ً ويؤخذ علي�ه اميثاق منذ البداية ،بأن�ه متى ما طلب منه ومقتضيات مصلحة العمل أن يرس�ل أي سفارة م�ن س�فارات امملك�ة ي الخارج فعليه الس�مع والطاع�ة .وهذا يعن�ي أن معظم عم�ل اموظف الدبلوم�اي ه�و ي الخارج ،أساس�اً .ويأنس ي الواقع كثر من الدبلوماس�ين للعمل ي الخارج. فإى جانب أن الدبلوم�اي يحقق ذاته الوظيفية ي تمثيل باده ،فإنه يسعى لتحقيق مآرب أخرى مهمة جدا ً له عى امس�توى الشخي ،وتحقق له كث�را ً من الرض�ا النفي وااس�تقرار الوجداني وال�ذي ينعكس عى أدائ�ه ي الخارج مثل :توفر بع�ض امبال�غ امالية وذلك من خال اس�تفادته م�ن بدل التمثيل والس�كن .منح�ه فرصة إكمال تحصيل�ه العلمي ،إى جانب تعل�م لغات جديدة، واكتس�اب مع�ارف وخ�رات حديث�ة بتعرضه لثقافات جديدة واحتكاكه بأش�خاص مختلفن. أيض�ا ً ه�ي فرص�ة كذل�ك لزوج�ة الدبلوماي وأبنائه. وم�ن امعل�وم ب�ن أوس�اط الدبلوماس�ين الس�عودين بالرورة ،أن السفر قبل السفارة! فمهما بدأ أن دولة ما مناس�بة من حيث امعيشة وتوفر الخدمات وتوفر امدارس لأبناء ..إلخ فإن ه�ذا كله ليس له قيم�ة إن كان يظن الدبلوماي أن�ه لن يس�تطيع أن يتواف�ق مع رئي�س البعثة وباقي الزماء ليش�كلوا فريق عمل متكاماً ،هذا م�ن جه�ة .ومن الجه�ة اأخرى ،أن�ه مهما بدى للدبلوماسين أن دولة ما غر مناسبة من معاير الجودة الحياتية لكن فيها س�فرا كفؤا ومحبوبا من زمائه ،فإنه س�وف يجعل تلك البلد خراء ي عيون موظفيه ولو كانت حتى بوركينا فاسو! إنها غربة فا تجعلوها كربة! هذا هو شعار الدبلوماس�ين عندما يعمل�ون ي الخارج .وعدم التوافق هي مس�ألة ترتب عليه�ا تبعات ونتائج
كث�رة .فتخيل أن الدبلوم�اي خصوصا ً إن كان رب عائلة ،يتكبد مشاق العناء بالنقل من بلده إى البلد امرس�ل إليه ،وبعد هذا كله يرى أحبال الود بينه وبن رئيس�ه مقطوع�ة أو متذبذبة ،فعندئذ يقول :أين امفر؟! إن وض�ع رئي�س البعث�ة ووض�ع أي مدير بش�كل عام كموضع تلك امضغة من الجسد التي ذكره�ا حبيبنا صى الله عليه وس�لم ،فإن صلح امدير إداريا ً وقيادي�ا ً كان أحرى أن يصلح باقي اموظفن ويبحر امركب بسام .وإن كان غر ذلك فإن النتيجة س�تكون غر ذلك أيض�اً .إن امعيار اأب�رز من وجهة نظ�ري ي قيادة أي ش�خص، هو م�دى قدرته ع�ى دم�ج ااتفاق�ات وتوفيق ااختافات بن مختلف اموظفن .فالزماء ليسوا كاأصدق�اء تتحكم ي اختياره�م ،فقد يرزق الله أحد رؤس�اء البعثات أش�خاصا ً متنافرين ثقافيا ً ومتباين�ن نفس�يا ً وخلقيا ً ومختلف�ن مهاراتياً. وع�ى رئي�س بعث�ة أن يع�رف كي�ف يجعله�م كالبنيان امراص الواحد دون أن يحصل تنافر أو تصادم .فإن فعل ذلك أراح عقله وجس�ده وسار بامركب إى ب�ر اأمان ،وإن فش�ل ي هذه امهمة كانت القيادة نقمة عليه وعى غره. وبم�ا إن وزارة الخارجي�ة تنطل�ق من مبدأ الرش�د ،كما ه�ي منظورة ي العلوم السياس�ية، ي اختي�ار س�فرائها ،فإني أق�رح بعض اأمور الريع�ة لتحقيق قيادة س�ليمة منه�ا :يقال إن التوج�ه النفي لدى الش�خص يصع�ب تغيره، بينما النقص امهاراتي وامع�ري يمكن تطويره، إا إنن�ي ش�خصيا ً أتص�ور أن كاهم�ا يمك�ن تغيره .صحيح أن اأشخاص ليس عى جباههم ومتج�ن وذاك ا ،ولكن ا وس�م بأن هذا س�اديّ ٍ تظه�ر امكنونات الس�لبية لأش�خاص إا عندما يش�عرون أنه ا سلطان عليهم أو أنهم سينجون م�ن العقاب .رغم هذا كل�ه ،فإنه يمكن تاي هذا اأمر بدفعهم بالتي هي أحسن للجنوح إى العدل
ي الحك�م بن الناس مهما كان�ت مراتب الناس. وه�ذا اأمر يوف�ر كثرا ً من ام�ال والجهد لوزارة الخارجية ،وموظفيها أيضاً .وأنا ش�خصيا ً أؤمن أن كلف�ة العدل هي أق�ل بكثر من أي يء آخر. وا أريد أن يفهم من هذا س�وى أنها دعوة دائما ً لتغليب جانب الحكمة والدبلوماس�ية ي معالجة م�ا يع�ري أي تواصل إنس�اني أو بيئ�ة عمل ي الدنيا .فلي�س كل يء يحل عن طريق القس�وة وإن كان�ت أحيانا ً تك�ون ي موضعها ليناً ،ولكن أيضا ً بالتفكر خارج الصندوق .أقصد الصندوق التقلي�دي القائم ع�ى ردات الفع�ل التصعيدية. فكل إنس�ان إى نفس�ه س�بيل .ويظ�ل اأهم هو تحقيق الغرض .فقد يكون مناصحة اأش�خاص س�وا ًء علت مراتبهم أم نزلت هي أنجع بكثر من مجرد إيقاع عقوبات متتالية. أم�ا الجانب امه�اري فهذا يمك�ن ملؤه من خ�ال تكثيف الدورات الخاصة بحس�ن القيادة والتواصل اإنساني اإيجابي ليس فقط للسفراء وإنم�ا أيض�ا ً حت�ى للدبلوماس�ين ي معه�د الدراسات الدبلوماسية. م�ن وجهة نظ�ر ش�خصية فإن�ي أرى أنه وبس�بب اخت�اف اأش�خاص علمي�ا ً وثقافي�ا ً ونفس�يا ً فإن هذا ي�ؤدي إى عدم وج�ود أرضية مش�ركة للحك�م عى اأش�ياء وعدم وج�ود لغة موح�دة للحدي�ث ب�ن الن�اس .ومن هنا تنش�أ امش�كات ،خصوص�ا ً عندما ي�رى كا الطرفن نفس اأمر أنه ح�ق !..وتأتي أهمية تلك الدورات ي ه�ذا الجان�ب ل�ردم الفج�وات امعرفي�ة عند الناس .فس�يكون جمياً لو كان�ت هناك دورات تركز عى الترف أو السلوك الدبلوماي بمعناه اله�اوي .يعني كيف يترف ،كيف يتكلم ،كيف يتح�رك ،بل حت�ى كيف يمزح ويأكل الش�خص بش�كل دبلوماي أو يليق بدبلوماي .ما أصعب أن ترى شخصا ً وظيفته دبلوماي لكن ا يتحى بالسلوك الدبلوماي!
عبدالرحمن الشهيب
أكثر الكاسبن من موجة الحر التي تصيب امملكة هذه اأيام ركة الكهرباء التي عليها أن تسجل إيرادات هذه اأيام تحت بند (إي��رادات غر متوقعة) وأكثر الخارين محات بيع امابس الشتوية وعشاق الر الذين ستسلخهم «القايلة» ي مارس ،واأكثر كسبا ً لنا ي شتاء هذا العام الدايء طبعا ً هو عدم وجود ضحايا للصقيع من سكان الصفيح شمال امملكة التي حدثت ي اأعوام السابقة. ي خارطة الطقس امعروفة ينتهي الشتاء رسميا ً ي 21مارس من كل عام ،ي هذه السنة أتى الحرمبكرا ً ي بداية مارس وا أحد يخرنا ماذا أتى الحر مبكرا ً هذا العام ،عندما نطالب بقنوات للطقس تأتي ردود اأفعال عادة بأن جونا شديد الحرارة صيفا ً شديد الرودة شتا ًء فا داعي لقناة للطقس وا داعي للفلسفة ،مع ظاهرة ااحتباس الحراري عى مؤلفي مقررات الجغرافيا تغير مؤلفاتهم إضافة ما استجد ي هذا امجال ولوزارة الربية مطلق الحرية أن تحجب أسماء مؤلفي مناهجها ي الجغرافيا حرجا ً من ااحتباس الحراري وتقلب مزاجه الذي يشبه تقلب مزاج بعض امسؤولن. الخبر الفلكي الزعاقي حذرنا قبل فرة من صيف شديد الحرارة هذا العام وإذا كانت هذه بوادره ي فرة الشتاء فكان الله ي عوننا إذا ما أخذنا ي ااعتبار أن صيف العام اماي كان قائظا ً بشكل غر مسبوق. ركة الكهرباء التي أخذت أرباحا ً غر متوقعة ي مارس عليها أن تراعينا وتعطينا حسومات ي أغسطس أو عى اأقل تستخدم هذه اإيرادات غر امتوقعة لتقليل أعطال الصيف. alshehib@alsharq.net.sa