صحيفة الشرق - العدد 458 - نسخة جدة

Page 18

‫‪18‬‬

‫ليس ُ‬ ‫كل الملوك إذا‬ ‫دخلوا قري ًة أفسدوها‬

‫كيف يتصل العلماء بالجماهير‬ ‫لمحو «اأمية العلمية»؟‬ ‫رأي‬

‫علي الرباعي‬

‫سهام الطويري‬

‫‪alrobai@alsharq.net.sa‬‬

‫‪sahhomah@alsharq.net.sa‬‬

‫اأربعاء ‪ 24‬ربيع اآخر ‪1434‬هـ ‪ 6‬مارس ‪2013‬م العدد (‪ )458‬السنة الثانية‬

‫ينط�وي ف�ن تقدي�م العل�م والتوعي�ة العلمية إى‬ ‫الجماه�ر العامة‪ ،‬عى مفهوم امهنية التوعوية امفقودة‬ ‫تقريب�ا ي الوطن العربي‪ ،‬إذا ما قارنا الجمهور العربي‬ ‫بالجمه�ور الغرب�ي‪ ..‬ي بلدي عى وج�ه الخصوص ا‬ ‫أش�عر بتلم�س مفهوم ااتص�ال العلمي بش�كل ٍ‬ ‫كاف‬ ‫ي مع�ارض العل�م «إن وج�دت» والصحاف�ة العلمية‬ ‫والسياسة العلمية واإنتاج اإعامي العلمي‪ ..‬ي مرح‬ ‫الكلي�ة بلندن دارت ورش�ة عمل حول ه�ذا اموضوع‪،‬‬ ‫حي�ث قس�مت علين�ا الروفيس�ورة جس بوكس�تون‬ ‫مجموعة من اأوراق البحثية امنشورة ي مجلة الطبيعة‬ ‫العريقة‪.‬‬ ‫كان�ت م�ن نصيب�ي ورق�ة تتحدث عن اكتش�اف‬ ‫طفرة جيني�ة جديدة ي جين�وم اميتوكوندريا الخلوية‬ ‫اإنسانية‪ ،‬ثم طلبت منا قائلة «هيا أيها العلماء الصغار‬ ‫قوموا بتحرير خاصة هذه اأبح�اث وإعادة صياغتها‬ ‫إى أخب�ار تفي�د مجتمعاتكم بلغ�ة قريب�ة إى فهمهم‬ ‫واهتمامهم»‪.‬‬ ‫اح�رت كث�را ي إع�ادة صياغ�ة مج�رد العنوان‬ ‫فضا عن صناعة قصة بس�يطة خرية من بحث دقيق‬ ‫فكل امعلوم�ات ي الورقة مهمة ي ولكنها ا تثر الفرد‬ ‫الع�ادي‪ ،‬واس�تحرت ي ذهني ق�راء منطقة الرق‬ ‫اأوس�ط حي�ث ا ي�زال مفه�وم البيولوجي�ا الجزيئية‬ ‫غامض�ا ل�دى الكثرين كم�ا أن ورقة البح�ث تتحدث‬ ‫عن اكتش�اف عى امس�توى الجزيئي الخلوي مما قد ا‬ ‫يجذب انتب�اه القارئ أو يثر اهتمام�ه بتلقي امعلومة‬ ‫العلمي�ة امهم�ة م�ن وجه�ة نظ�ر الباح�ث ي الحقل‬ ‫الوراثي‪ ،‬لم أس�تطع بنهاية الخم�س دقائق امتاحة أن‬ ‫أصيغ من هذا الكش�ف العلمي امه�م خرا علميا يمكن‬ ‫تحريره لعامة الناس س�وى أنني اجتهدت ي تبس�يط‬ ‫م�ا يمكن فهمه من قبل قارئ متخصص! حينما انتهت‬ ‫مدة التفكر قامت الروفيس�ورة جس بإعادة تقسيمنا‬ ‫إى جماع�ات تبادلن�ا فيه�ا أوراقنا ل�رى كل مجموعة‬ ‫مدى فهمه�ا ي قراءة الصياغة الخرية امقدمة من قبل‬ ‫امجموعة اأخرى وقد كنا كطاب بش�كل عام متقاربن‬ ‫ي مستوى أشبه أن نكون مجموعة من «الطرم» حقيقة‬ ‫فيما ل�و توجهنا للمجتمع! من ضم�ن اماحظات التي‬ ‫حصل�ت عليها بعد ثن�اء إنجليزي ش�حيح أنه يتوجب‬ ‫عي النظر فيما يه�م القارئ العام كمحررة علمية‪ ،‬فما‬ ‫يهم اإنس�ان الع�ام هو مدى ارتب�اط الجزيء الصغر‬

‫بصحت�ه إجماا أكثر مما يحص�ل من عراك خلوي عى‬ ‫مستوى التعبر الروتيني والرسائل امشفرة ي الخلية‪،‬‬ ‫لذلك فاميتوكوندريا ترتبط بالطاقة ي جس�م اإنس�ان‬ ‫وعن�د حدوث خلل وظيفي بها فإن ذلك قد ينعكس عى‬ ‫ضم�ور العضات‪ :‬عض�ات الهي�كل العظمي وعضلة‬ ‫القل�ب فضا عن اأعص�اب‪ ،‬وما قد ينت�ج من تلف ي‬ ‫اأعص�اب وما ق�د يحدث�ه ي الذاكرة إى غ�ر ذلك من‬ ‫امظاهر امرضية التي يامسها فهم القارئ‪.‬‬ ‫ي العال�م العربي نفتق�د مهارة ااتص�ال العلمي‬ ‫لي�س كمفهوم إنم�ا كمنهج أكاديمي مس�تقل «مثمر»‬ ‫يقي عى اأمي�ة العلمية التي تعان�ي منها فئة كبرة‬ ‫م�ن امجتم�ع العرب�ي‪ ،‬بحيث يت�م تدريس�ه وتخريج‬ ‫متخصص�ن فيه بعدما تم اعتماده ي دول العالم اأول‬ ‫الغني�ة بالعلماء ليكون حلقة الوص�ل الدائمة امتجددة‬ ‫ب�ن العلماء والجمهور‪ ،‬ي�وى صاحب هذا ااختصاص‬ ‫الفرص الوظيفية ي الصحافة امطبوعة والعمل اإعامي‬ ‫الجديد‪ ،‬بث التليفزيون أو الراديو أو اإنتاج والعرض أو‬ ‫الش�ؤون العامة والعاقات العامة وامتاحف وامعارض‬ ‫وامهرجان�ات العلمي�ة‪ ،‬كما يحق له العم�ل ي مجاات‬ ‫السياس�ات والبح�وث اأكاديمية والتطوي�ر والتعليم‪.‬‬ ‫با ش�ك فإن العلم يتجدد كل لحظ�ة حول العالم لكن‬ ‫م�ا ينق�ص الجمهور هو ف�ن تقديم التوعي�ة العلمية‪.‬‬ ‫نفتق�د إى مفهوم امحرر العلم�ي أو الطبي امتخصص‬ ‫ي وس�ائل اإعام الذي توليه مؤسسات اإعام العريقة‬ ‫أهمية ومكانة متقدمة ضمن طاقم التحرير ي امؤسسة‬ ‫اإعامي�ة‪ ،‬حينما نطلع ع�ى ما تحرره هيئ�ة البي بي‬ ‫ي الريطاني�ة من أخبار ي العل�وم والتكنولوجيا عى‬ ‫موقعها أو عر اأثر ونقارنه باأخبار العلمية امنسوخة‬ ‫ع�ن امواق�ع العامي�ة ي إعامنا العربي نش�عر بمرارة‬ ‫التخل�ف و«الصغارة» إن صح التعب�ر‪ ،‬مثلما نجد أننا‬ ‫كمتلقن ننجذب ونقف مندهشن من دهشة الكشوفات‬ ‫العلمية ما وراء منطقنا الح�اي أحيانا‪ ..‬كقدرة العلماء‬ ‫عى تصنيع عدس�ات اصقة بيونية ي امستقبل القريب‬ ‫تغنين�ا عن حمل الاب توب واأجهزة الذكية أنها بدقة‬ ‫تكنولوجية س�حرية س�توفر لنا حتى قراءة اإيميات!‬ ‫هذا مما نر عى موقع البي بي ي قبل أكثر من ثمانية‬ ‫أشهر عى سبيل امثال‪.‬‬ ‫عل�م ااتص�ال العلمي مهم ليس فق�ط ي الحفاظ‬ ‫عى العل�م الجاري لكن أن بعض امعلومات الكش�فية‬

‫الحديث�ة قابلة للتطبيق مب�ارة � أيضا بإمكان النر‬ ‫امستمر عن العلم أن يبلغ امفاهيم اأخاقية والسياسية‪.‬‬ ‫ي ال�دول امتحرة هن�اك زي�ادة ي تدريس وتخريج‬ ‫اختصاصي�ن بااتص�ال العلم�ي ليس فق�ط إيصال‬ ‫العل�وم ذات النتائ�ج اموثوقة بل ي مواجه�ة التضليل‬ ‫العلمي وإى أي مدى يسهل نره؛ أنه ا يخضع لقيود‬ ‫كثرة من امعلومات العلمية الدقيقة‪.‬‬ ‫وا أظن السجال الذي دار قبل أعوام حول امفهوم‬ ‫امفق�ود وراء فرضية رطان نعن�اع امدينة ببعيد عن‬ ‫ما أعنيه هنا‪.‬‬ ‫وحتى ينجح ااتص�ال العلمي مع الجماهر يمكن‬ ‫اس�تخدام جميع ااتص�اات ذات اأس�اليب الرفيهية‬ ‫واإقناعي�ة كما هو الحال ي امه�ن اأخرى‪ ،‬بما ي ذلك‬ ‫القص�ة والنكت�ة وااس�تعارات‪ ،‬وأحيان�ا يت�م تدريب‬ ‫العلماء عى بعض امهارات التي يس�تخدمها اممثلون‪.‬‬ ‫وبش�كل عام فإنه حينما يزداد فه�م العامة للعلم‬ ‫ويس�هم صوت العلماء امفهوم ي «محو اأمية العلمية»‬ ‫فسوف يتمتع الجمهور بعلم أكثر ي كميته عما هو عليه‬ ‫اآن وسيقل استئثار قضايا الجدال الفكري وراعاتها‬ ‫العقيمة عى اهتمام الفرد‪.‬‬ ‫س�تصبح اأمة أكثر قدرة عى امنافس�ة اقتصاديا‪،‬‬ ‫يمك�ن أن يوف�ر ااتصال العلم�ي للجمهور ببس�اطة‬ ‫منافع فردية حتى عى مستوى التخيل العلمي ي كتابة‬ ‫الرواية!‬ ‫فضا عن أن الحكومة وامجتمع سيس�تفيدان من‬ ‫قراءة امعرفة والكتابة اأكثر علمية أنها ستعزز فعالية‬ ‫الديمقراطية ي اأفكار أكثر‪.‬‬ ‫ولنج�اح فعالية ااتصال العلم�ي ي امجتمع فإنه‬ ‫من اأوى تجنب «العلمية» ي التعاطي مع الناس وذلك‬ ‫م�ن خال إتاحة اح�رام العلم دون تقديس�ه أو توقع‬ ‫عصمت�ه أن�ه تجريب واكتش�اف دائ�م‪ ،‬والعلماء بر‬ ‫لكنهم يريدون نقل مه�ارات التفكر العلمي وتحويلها‬ ‫للمجتمع فضا عن كس�ب مه�ارات مقابلة من اأفراد‬ ‫نواح أخرى من حياتهم من خال التفاعل امتبادل‪.‬‬ ‫ي ٍ‬ ‫وهنا تج�د عزيزي القارئ «إن كن�ت عاما ً أم أحدا ً‬ ‫من العوام» دلياً إرشاديا ً للتواصل مع الجمهور يقدمه‬ ‫مجان�ا مكت�ب العل�م والتكنولوجيا الريطان�ي بدعم‬ ‫مؤسس�ة ويلكم ترتس�ت امرموقة من أراد قضاء وقت‬ ‫الفراغ ي السيارة أو الحافلة أو امرو‪.‬‬

‫يُحك�ى أن أحد مل�وك العرب حر احتفاا ً ش�عبويا ً ي منطقة من‬ ‫امناط�ق امعروفة بارتفاع معدل الوعي بن ناس�ها‪ ،‬وامس�كونة أدمغة‬ ‫أهله�ا بالسياس�ة‪ ،‬وتا قارئ الق�رآن ي مفتتح الحف�ل الخطابي آيات‬ ‫من س�ورة النمل إما تقصدا ً أو عفوية‪ ،‬ومنها «إن املوك إذا دخلوا قرية‬ ‫أفس�دوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون»‪ ،‬فاغتاظ وزير إعام‬ ‫تلك امرحلة وكان ينتمي للعس�كرتاريا‪ ،‬وتحرك برعة إى القائمن عى‬ ‫الحفل‪ ،‬وتس�اءل عن القارئ‪ ،‬ومن اختار له اآيات‪ ،‬فسأله أحدهم‪ :‬ماذا‬ ‫تس�أل؟ فردّ‪ :‬أنت�م فضحتونا من طويل العم�ر‪ ،‬وأردف‪ :‬فيه عاقل يقرأ‬ ‫ه�ذه اآية أمام ملك‪ ،‬وأمر مدير مكتبه أن يفتح تحقيقا ً ويزود اأجهزة‬ ‫اأمني�ة بص�ورة من التحقي�ق‪ ،‬وكان املك ‪-‬رحم�ه الله‪ -‬فطن�اً‪ّ ،‬ماحا ً‬ ‫ش�اهد تحركات الوزير وعلم أنّه أساء بحماس�ه للمُن ّ‬ ‫ظمن‪ ،‬فاستدعى‬ ‫الوزي�ر وقال له عن�دي كلمة س�أُلقيها‪ ،‬وارتجل العاه�ل كلمته بقوله‬ ‫(أش�كر الق�ارئ الكريم عى حس�ن اختي�اره اآيات الكريم�ة‪ ،‬وأود أن‬ ‫أش�عركم أن الق�رآن نزل عى محمد ب�ن عبدالله عليه الس�ام قبل ألف‬ ‫وأربعمائ�ة ع�ا ٍم تقريباً‪ ،‬وه�ذه اآية وردت عى لس�ان بلقي�س عليها‬ ‫الس�ام قبل اإس�ام بآاف اأعوام‪ ،‬وهي وجهة نظر س�يدة حكيمة ي‬ ‫ملوك عرها‪ ،‬وثبت لها بعد ذلك أن سليمان عليه السام كان من أعدل‬ ‫املوك وأتقاهم فندمت عى قولها ّ‬ ‫وكفرت عن تعجلها ي إصدار اأحكام‬ ‫بقبولها ااقران به‪ ،‬وأضاف أن تس�لط املوك عى ش�عب ما سببه خلل‬ ‫ي الش�عب القاب�ل بطبعه لإذعان والخن�وع وانقياده للذل�ة)‪ ،‬فطاول‬ ‫الجميع الذهول من شفافية املك وقدرته عى تحوير اموضوع وإيضاح‬ ‫أبعاده للحضور‪ ،‬ولعل وزير إعامه وقع ي حرج كبر كونه أراد امزايدة‬ ‫وإظهار نفسه ملكيا ً أكثر من املك‪ ،‬وبالعودة لطبيعة الحكم املكي فإنه‬ ‫اأقرب واأنس�ب لطبيعة وتركيبة العرب الجيونفسانية‪ ،‬فاملكية قابلة‬ ‫للتطوي�ر من داخله�ا‪ ،‬ومؤمنة بحراك وديناميكي�ة التاريخ وحتمياته‪،‬‬ ‫وموقنة بالزمن وتفاعاته‪ ،‬كما أن املوك يتعاملون مع ش�عوبهم بروح‬ ‫أبوية راقية‪ ،‬وربما كان التسلط والفساد من بطانة ويُحسب عى ملك‪،‬‬ ‫وا أبالغ إن قلت إن اأنظمة املكية ي الغرب تمثّل الوجه الجميل للعدل‬ ‫والش�ورى والدس�تورية‪ ،‬ولم يُعِ بْها أنها تملك وا تحكم كون الدس�تور‬ ‫ورئاس�ة الوزراء رحمة من الله للدول املكية‪ ،‬فالشعب حن يغضب أو‬ ‫يثور ضد اس�تبداد أو تس�لط أو نيل من حقوق الش�عوب تتحمل الوزر‬ ‫الحكوم�ة ا امل�ك وا اأرة الحاكم�ة‪ ،‬ولذا تس�قط حكومات وتقوم‬ ‫محله�ا حكومات‪ ،‬ومن قرأ تاريخ املوك عر مس�رة البر عى اأرض‬ ‫سيستظهر بجاء أنه ليس كل املوك إذا دخلوا قرية أفسدوها‪ ،‬بل هناك‬ ‫ملوك كانوا وايزالون رحمة لش�عوبهم‪ ،‬ومن اموضوعية أن نعرف بأن‬ ‫قرى ومدنا ً ومناطق أفس�دت مس�ؤوليها وع ّلمتهم النص�ب وااحتيال‬ ‫والرق�ص ع�ى الحبال‪ ،‬وم�ا علي�ك إا أن تتلفت جيّدا ً وأن�ت تتمى قول‬ ‫الحق تبارك وتعاى «وكان ي امدينة تس�عة رهط يُفسدون ي اأرض وا‬ ‫يُصلحون»‪.‬‬

‫في العلم والسلم‬

‫شرارة‬ ‫الحريق‬ ‫والحريقة‬

‫على أي حال‬

‫العقيدة الدبلوماسية‬ ‫لوزارة الخارجية (‪)6‬‬ ‫بدر البلوي‬ ‫‪balbalawi@alsharq.net.sa‬‬

‫خالص جلبي‬

‫جاء ي امثل «أول الغيث قطرة»‪ .‬هذا ي‬ ‫امناخ‪ .‬وي علم ااجتماع أول الثورة إهانة‪.‬‬ ‫هكذا كانت رارة الثورة السورية‪ .‬رب‬ ‫مواز لسوق الحميدية امشهور‬ ‫مواطن ي سوق‬ ‫ٍ‬ ‫هو سوق (مدحت باشا) والحريقة‪ .‬اشتعل‬ ‫(الحريق) برارة من سوق (الحريقة)‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وكنت أصي فيه الراويح‬ ‫أذكره جداً‪،‬‬ ‫بطاب الجامعة؛ فتطول صاتنا ثاث ساعات‬ ‫ي رمضان‪ ،‬نختم فيها الجزء من القرآن‬ ‫بالتعليق عى أمور هامة ي ثنايا اآيات‪.‬‬ ‫ي هذا السوق امشهور وقعت الواقعة‪.‬‬ ‫هنا يلعب الدور شيئا ً يسمونه الحاسة‬ ‫التاريخية‪ .‬يروون عن لينن أنه كان يمتلك‬ ‫مثل هذه الحاسة؛ فالرجل جاء إى بطرسرج‬ ‫ي أول الثورة ولم يكن يتوقع حدوثها‪.‬‬ ‫التحليل والتفسر حسب امنهج الشيوعي‬ ‫َ‬ ‫أن الثورات تحدث ي قمة التطور الصناعي‪،‬‬ ‫ي مجتمع وصل إى نهاية تطوره الصناعي‪،‬‬ ‫ونهاية راعاته الطبقية‪ ،‬بن طبقة تنتج كل‬ ‫يء وا تأخذ شيئاً‪ ،‬وطبقة ا تعمل شيئاً‪،‬‬ ‫وتأكل كل يء‪.‬‬ ‫ً‬ ‫امجتمع الروي لم يكن صناعيا‪ ،‬بل أقرب‬ ‫للزراعة‪ .‬حسب تحليات امنهج اماركي‬ ‫للتاريخ فهذا يعني أن الثورة بعيد ٌة جدا ً‬ ‫عن الحدوث‪ ،‬وهو ما جعل أيضا ً الطبقة‬ ‫الحاكمة ي سوريا يعريها ذلك الشعور أنَها‬ ‫امتلكت الزمن‪َ ،‬‬ ‫وأن امجتمع طبقة من العبيد‬ ‫امأسورين الطائعن‪.‬‬ ‫أما من كان من أمثال جلبي الناقدين‬ ‫فيكفي أنهم أراحوا البلد بركهم له‪ ،‬ومن بقي‬ ‫كان من العبيد الذين ا يعرفون التمرد‪.‬‬ ‫كان لينن يكرر‪ :‬كارل ماركس َ‬ ‫فر‬ ‫التاريخ‪ ،‬أما نحن فسوف ر‬ ‫نغره‪ .‬هكذا تأتي‬ ‫الثورات مثل الزازل والتسونامي‪.‬‬ ‫جاء ي القرآن «أ َ َفأ َ ِم َن أ َ ْه ُل ُ‬ ‫الق َرى أ َ ْن يَأ ِتيَهُ م‬ ‫سنَا ُ‬ ‫وَه ْم يَ ْلعَ ب َ‬ ‫ضحً ى ُ‬ ‫بَأ ْ ُ‬ ‫ُون»‪.‬‬ ‫‪kjalabi@alsharq.net.sa‬‬

‫حر ًا وسام ًا‬

‫عندم�ا ينتس�ب أح�د اأش�خاص ليك�ون‬ ‫دبلوماسيا ً ي وزارة الخارجية يُحاط علما ً ويؤخذ‬ ‫علي�ه اميثاق منذ البداية‪ ،‬بأن�ه متى ما طلب منه‬ ‫ومقتضيات مصلحة العمل أن يرس�ل أي سفارة‬ ‫م�ن س�فارات امملك�ة ي الخارج فعليه الس�مع‬ ‫والطاع�ة‪ .‬وهذا يعن�ي أن معظم عم�ل اموظف‬ ‫الدبلوم�اي ه�و ي الخارج‪ ،‬أساس�اً‪ .‬ويأنس ي‬ ‫الواقع كثر من الدبلوماس�ين للعمل ي الخارج‪.‬‬ ‫فإى جانب أن الدبلوم�اي يحقق ذاته الوظيفية‬ ‫ي تمثيل باده‪ ،‬فإنه يسعى لتحقيق مآرب أخرى‬ ‫مهمة جدا ً له عى امس�توى الشخي‪ ،‬وتحقق له‬ ‫كث�را ً من الرض�ا النفي وااس�تقرار الوجداني‬ ‫وال�ذي ينعكس عى أدائ�ه ي الخارج مثل‪ :‬توفر‬ ‫بع�ض امبال�غ امالية وذلك من خال اس�تفادته‬ ‫م�ن بدل التمثيل والس�كن‪ .‬منح�ه فرصة إكمال‬ ‫تحصيل�ه العلمي‪ ،‬إى جانب تعل�م لغات جديدة‪،‬‬ ‫واكتس�اب مع�ارف وخ�رات حديث�ة بتعرضه‬ ‫لثقافات جديدة واحتكاكه بأش�خاص مختلفن‪.‬‬ ‫أيض�ا ً ه�ي فرص�ة كذل�ك لزوج�ة الدبلوماي‬ ‫وأبنائه‪.‬‬ ‫وم�ن امعل�وم ب�ن أوس�اط الدبلوماس�ين‬ ‫الس�عودين بالرورة‪ ،‬أن السفر قبل السفارة!‬ ‫فمهما بدأ أن دولة ما مناس�بة من حيث امعيشة‬ ‫وتوفر الخدمات وتوفر امدارس لأبناء‪ ..‬إلخ فإن‬ ‫ه�ذا كله ليس له قيم�ة إن كان يظن الدبلوماي‬ ‫أن�ه لن يس�تطيع أن يتواف�ق مع رئي�س البعثة‬ ‫وباقي الزماء ليش�كلوا فريق عمل متكاماً‪ ،‬هذا‬ ‫م�ن جه�ة‪ .‬ومن الجه�ة اأخرى‪ ،‬أن�ه مهما بدى‬ ‫للدبلوماسين أن دولة ما غر مناسبة من معاير‬ ‫الجودة الحياتية لكن فيها س�فرا كفؤا ومحبوبا‬ ‫من زمائه‪ ،‬فإنه س�وف يجعل تلك البلد خراء‬ ‫ي عيون موظفيه ولو كانت حتى بوركينا فاسو!‬ ‫إنها غربة فا تجعلوها كربة! هذا هو شعار‬ ‫الدبلوماس�ين عندما يعمل�ون ي الخارج‪ .‬وعدم‬ ‫التوافق هي مس�ألة ترتب عليه�ا تبعات ونتائج‬

‫كث�رة‪ .‬فتخيل أن الدبلوم�اي خصوصا ً إن كان‬ ‫رب عائلة‪ ،‬يتكبد مشاق العناء بالنقل من بلده إى‬ ‫البلد امرس�ل إليه‪ ،‬وبعد هذا كله يرى أحبال الود‬ ‫بينه وبن رئيس�ه مقطوع�ة أو متذبذبة‪ ،‬فعندئذ‬ ‫يقول‪ :‬أين امفر؟!‬ ‫إن وض�ع رئي�س البعث�ة ووض�ع أي مدير‬ ‫بش�كل عام كموضع تلك امضغة من الجسد التي‬ ‫ذكره�ا حبيبنا صى الله عليه وس�لم‪ ،‬فإن صلح‬ ‫امدير إداريا ً وقيادي�ا ً كان أحرى أن يصلح باقي‬ ‫اموظفن ويبحر امركب بسام‪ .‬وإن كان غر ذلك‬ ‫فإن النتيجة س�تكون غر ذلك أيض�اً‪ .‬إن امعيار‬ ‫اأب�رز من وجهة نظ�ري ي قيادة أي ش�خص‪،‬‬ ‫هو م�دى قدرته ع�ى دم�ج ااتفاق�ات وتوفيق‬ ‫ااختافات بن مختلف اموظفن‪ .‬فالزماء ليسوا‬ ‫كاأصدق�اء تتحكم ي اختياره�م‪ ،‬فقد يرزق الله‬ ‫أحد رؤس�اء البعثات أش�خاصا ً متنافرين ثقافيا ً‬ ‫ومتباين�ن نفس�يا ً وخلقيا ً ومختلف�ن مهاراتياً‪.‬‬ ‫وع�ى رئي�س بعث�ة أن يع�رف كي�ف يجعله�م‬ ‫كالبنيان امراص الواحد دون أن يحصل تنافر أو‬ ‫تصادم‪ .‬فإن فعل ذلك أراح عقله وجس�ده وسار‬ ‫بامركب إى ب�ر اأمان‪ ،‬وإن فش�ل ي هذه امهمة‬ ‫كانت القيادة نقمة عليه وعى غره‪.‬‬ ‫وبم�ا إن وزارة الخارجي�ة تنطل�ق من مبدأ‬ ‫الرش�د‪ ،‬كما ه�ي منظورة ي العلوم السياس�ية‪،‬‬ ‫ي اختي�ار س�فرائها‪ ،‬فإني أق�رح بعض اأمور‬ ‫الريع�ة لتحقيق قيادة س�ليمة منه�ا‪ :‬يقال إن‬ ‫التوج�ه النفي لدى الش�خص يصع�ب تغيره‪،‬‬ ‫بينما النقص امهاراتي وامع�ري يمكن تطويره‪،‬‬ ‫إا إنن�ي ش�خصيا ً أتص�ور أن كاهم�ا يمك�ن‬ ‫تغيره‪ .‬صحيح أن اأشخاص ليس عى جباههم‬ ‫ومتج�ن وذاك ا‪ ،‬ولكن ا‬ ‫وس�م بأن هذا س�اديّ‬ ‫ٍ‬ ‫تظه�ر امكنونات الس�لبية لأش�خاص إا عندما‬ ‫يش�عرون أنه ا سلطان عليهم أو أنهم سينجون‬ ‫م�ن العقاب‪ .‬رغم هذا كل�ه‪ ،‬فإنه يمكن تاي هذا‬ ‫اأمر بدفعهم بالتي هي أحسن للجنوح إى العدل‬

‫ي الحك�م بن الناس مهما كان�ت مراتب الناس‪.‬‬ ‫وه�ذا اأمر يوف�ر كثرا ً من ام�ال والجهد لوزارة‬ ‫الخارجية‪ ،‬وموظفيها أيضاً‪ .‬وأنا ش�خصيا ً أؤمن‬ ‫أن كلف�ة العدل هي أق�ل بكثر من أي يء آخر‪.‬‬ ‫وا أريد أن يفهم من هذا س�وى أنها دعوة دائما ً‬ ‫لتغليب جانب الحكمة والدبلوماس�ية ي معالجة‬ ‫م�ا يع�ري أي تواصل إنس�اني أو بيئ�ة عمل ي‬ ‫الدنيا‪ .‬فلي�س كل يء يحل عن طريق القس�وة‬ ‫وإن كان�ت أحيانا ً تك�ون ي موضعها ليناً‪ ،‬ولكن‬ ‫أيضا ً بالتفكر خارج الصندوق‪ .‬أقصد الصندوق‬ ‫التقلي�دي القائم ع�ى ردات الفع�ل التصعيدية‪.‬‬ ‫فكل إنس�ان إى نفس�ه س�بيل‪ .‬ويظ�ل اأهم هو‬ ‫تحقيق الغرض‪ .‬فقد يكون مناصحة اأش�خاص‬ ‫س�وا ًء علت مراتبهم أم نزلت هي أنجع بكثر من‬ ‫مجرد إيقاع عقوبات متتالية‪.‬‬ ‫أم�ا الجانب امه�اري فهذا يمك�ن ملؤه من‬ ‫خ�ال تكثيف الدورات الخاصة بحس�ن القيادة‬ ‫والتواصل اإنساني اإيجابي ليس فقط للسفراء‬ ‫وإنم�ا أيض�ا ً حت�ى للدبلوماس�ين ي معه�د‬ ‫الدراسات الدبلوماسية‪.‬‬ ‫م�ن وجهة نظ�ر ش�خصية فإن�ي أرى أنه‬ ‫وبس�بب اخت�اف اأش�خاص علمي�ا ً وثقافي�ا ً‬ ‫ونفس�يا ً فإن هذا ي�ؤدي إى عدم وج�ود أرضية‬ ‫مش�ركة للحك�م عى اأش�ياء وعدم وج�ود لغة‬ ‫موح�دة للحدي�ث ب�ن الن�اس‪ .‬ومن هنا تنش�أ‬ ‫امش�كات‪ ،‬خصوص�ا ً عندما ي�رى كا الطرفن‬ ‫نفس اأمر أنه ح�ق‪ !..‬وتأتي أهمية تلك الدورات‬ ‫ي ه�ذا الجان�ب ل�ردم الفج�وات امعرفي�ة عند‬ ‫الناس‪ .‬فس�يكون جمياً لو كان�ت هناك دورات‬ ‫تركز عى الترف أو السلوك الدبلوماي بمعناه‬ ‫اله�اوي‪ .‬يعني كيف يترف‪ ،‬كيف يتكلم‪ ،‬كيف‬ ‫يتح�رك‪ ،‬بل حت�ى كيف يمزح ويأكل الش�خص‬ ‫بش�كل دبلوماي أو يليق بدبلوماي‪ .‬ما أصعب‬ ‫أن ترى شخصا ً وظيفته دبلوماي لكن ا يتحى‬ ‫بالسلوك الدبلوماي!‬

‫عبدالرحمن الشهيب‬

‫أكثر الكاسبن من موجة الحر التي‬ ‫تصيب امملكة هذه اأيام ركة الكهرباء‬ ‫التي عليها أن تسجل إيرادات هذه اأيام‬ ‫تحت بند (إي��رادات غر متوقعة) وأكثر‬ ‫الخارين محات بيع امابس الشتوية‬ ‫وعشاق الر الذين ستسلخهم «القايلة»‬ ‫ي مارس‪ ،‬واأكثر كسبا ً لنا ي شتاء هذا‬ ‫العام الدايء طبعا ً هو عدم وجود ضحايا‬ ‫للصقيع من سكان الصفيح شمال امملكة‬ ‫التي حدثت ي اأعوام السابقة‪.‬‬ ‫ي خارطة الطقس امعروفة ينتهي‬ ‫الشتاء رسميا ً ي ‪ 21‬مارس من كل عام‪ ،‬ي‬ ‫هذه السنة أتى الحرمبكرا ً ي بداية مارس‬ ‫وا أحد يخرنا ماذا أتى الحر مبكرا ً هذا‬ ‫العام‪ ،‬عندما نطالب بقنوات للطقس تأتي‬ ‫ردود اأفعال عادة بأن جونا شديد الحرارة‬ ‫صيفا ً شديد الرودة شتا ًء فا داعي لقناة‬ ‫للطقس وا داعي للفلسفة‪ ،‬مع ظاهرة‬ ‫ااحتباس الحراري عى مؤلفي مقررات‬ ‫الجغرافيا تغير مؤلفاتهم إضافة ما‬ ‫استجد ي هذا امجال ولوزارة الربية مطلق‬ ‫الحرية أن تحجب أسماء مؤلفي مناهجها‬ ‫ي الجغرافيا حرجا ً من ااحتباس الحراري‬ ‫وتقلب مزاجه الذي يشبه تقلب مزاج بعض‬ ‫امسؤولن‪.‬‬ ‫الخبر الفلكي الزعاقي حذرنا قبل‬ ‫فرة من صيف شديد الحرارة هذا العام‬ ‫وإذا كانت هذه بوادره ي فرة الشتاء فكان‬ ‫الله ي عوننا إذا ما أخذنا ي ااعتبار أن‬ ‫صيف العام اماي كان قائظا ً بشكل غر‬ ‫مسبوق‪.‬‬ ‫ركة الكهرباء التي أخذت أرباحا ً‬ ‫غر متوقعة ي مارس عليها أن تراعينا‬ ‫وتعطينا حسومات ي أغسطس أو عى‬ ‫اأقل تستخدم هذه اإيرادات غر امتوقعة‬ ‫لتقليل أعطال الصيف‪.‬‬ ‫‪alshehib@alsharq.net.sa‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.