4358 AlmashriqNews

Page 9

‫‪4‬‬

‫ملفات وقضايا‬

‫ال�سبت املوافق ‪ 22‬من حزيران ‪ 2019‬العدد ‪ 4358‬ـ ال�سنة ال�ساد�سة ع�شرة‬ ‫‪Saturday.22 June.2019 No.4358 Year 16‬‬

‫اتفاقية الجزائر واألسرار الكاملة النهيار الحركة الكردية املسلحة يف آذار ‪1975‬‬

‫كتاب يف حلقات‬

‫احللقة (‪)25‬‬

‫بعد توقيع اتفاقية اجلزائر‪ ..‬عرب (‪� )135‬ألف كردي احلدود العراقية‬ ‫�إىل �إيــــران و(‪� )90‬ألـــف ًا �آخرون ا�ست�سلمــــوا للحكومــة العراقيــة‬ ‫ت�أليف ‪� /‬شامل عبدالقادر‬ ‫االهداء‬

‫إلى أرواح جميع العراقيين الذين سفحت دماؤهم فوق‬ ‫ربايا كردستان دفاعا عن حقوق الشعب الكردي‪.‬‬

‫امل�ؤلف‬

‫َ‬ ‫ا�ستغرق احلديث املقرر بني �صدام وال�شاه وقتا اطول ب�سبب الرتجمة‬ ‫التي كان بومدين يقوم بها من العربية اىل الفرن�سية وبالعك�س‪.‬‬ ‫�شعر بومدين باالحراج امام عيون االخرين من اع�ضاء الوفد فاخذ‬ ‫بيدي �صدام وال�شاه اىل خارج القاعة ويف �سيارة متوا�ضعة –رينو‬ ‫‪ -16‬جل�س �صدام وال�شاه يف املقعد اخللفي وجل�س بومدين بجانب‬ ‫ال�سائق وانطلقت ال�سيارة اىل مكان مل نعرفه حيث متت ت�سوية‬ ‫النقاط العالقة‪ ..‬يف اليوم التايل ويف قاعة امل�ؤمتر اعلن الرئي�س‬ ‫اجل��زائ��ري عن ح��دث ه��ام‪ :‬االتفاق بني بلدين جارين ع�ضوين يف‬ ‫االوبك هما العراق واي��ران‪ .‬وقف امللوك والر�ؤ�ساء م�صفقني وقتا‬ ‫طويال لهذه الب�شرى الكبرية لكن املفارقة حلت فا�ضافت املا وحقدا‬ ‫يف قلب �صدام ح�سني اذ ترك �صدام مقعده متوجها مل�صافحة ال�شاه‬ ‫ظنا منه ان ال�شاه �سيفعل االمر نف�سه ويلتقيان يف منت�صف امل�سافة‬ ‫لتبادل التهنئة (الربوتوكولية) اال ان ال�شاه بقى واقفا امام كر�سيه‬ ‫ومل يتحرك خطوة واح��دة وا�ضطر �صدام ان يكمل امل�سافة وحده‬ ‫حتى و�صل اىل ال�شاه ومتت امل�صافحة فاعترب �صدام ت�صرف ال�شاه‬ ‫نوعا من االهانة ومل ين�س هذا اجل��رح ال�شخ�صي والر�سمي طيلة‬ ‫ال�سنوات التي تلته‪ ..‬وكان ال�شاه هو الرابح الوحيد من العملية‪..‬‬ ‫يف هذه العملية خ�سر جمل�س قيادة الثورة اول حتد كبري وكانت‬ ‫ال�صدمة عليه كبرية‪ ..‬ال مل يكن �سهال على �صدام ان يبادر هو بالذات‬ ‫بالتوقيع على اول خ�سارة ك�برى وي�ضطر للذهاب اىل املنت�صر‬ ‫–ال�شاه‪ -‬يف قاعة م�ؤمتر قمة االوبك لي�صافحه امام عيون امللوك‬ ‫والر�ؤ�ساء واع�ضاء الوفود فظلت هذه امل�سالة حترق قلب �صدام‬ ‫ومل�س من كان يراقب وجهه وي�سمع كلماته انه �سوف لن ين�سى هذا‬ ‫وهو املعروف باغتنامه الفر�صة للرد والث�أر‪ .‬يقول ال�سفري االمريكي‬ ‫يف طهران انذاك ريت�شارد هيلمز لديفيد كرون مرا�سل جريدة (�سيدل‬ ‫اي�ست كواتريل)‪( :‬كنت بانتظار ال�شاه حال عودته من اجلزائر يف‬ ‫املطار ب�صحبة العديد من ال�شخ�صيات االيرانية يف ال�ساد�س من‬ ‫اذار ‪ 1975‬و�شاهدت الده�شة ال�شديدة التي ك�ست وجوه وزرائه‬ ‫عندما امر بوقف جميع امل�ساعدات املقدمة اىل االكراد فورا واغالق‬

‫احلدود يف ا�سرع وقت بني ايران وكرد�ستان العراقية)‪ .‬وي�ضيف‪:‬‬ ‫(لقد اجتمعت مع ال�شاه �صبيحة اليوم التايل ووجدته كما عهدته‬ ‫دكتاتوريا ومل يقدم االعتذار على خطواته الفجائية التي ادت اىل‬ ‫قطع العالقات االمريكية اي�ضا مع االك��راد وال �شك ان��ه ك��ان مدينا‬ ‫باالعتذار لالمريكيني على وجه اخل�صو�ص ب�سبب كونه هو الذي‬ ‫ط��رح فكرة تقدمي امل�ساعدات االمريكية ل�لاك��راد)‪ .‬ويقول ال�سفري‬ ‫االمريكي (وب��رر ال�شاه خطوته انفة الذكر بالقول‪ :‬ان ال�سبب يف‬ ‫خطوتي هو ان ال�برزاين مل ي�شن حربا حقيقية على العراق وبدال‬ ‫من ان يفعل ذلك جمع قواته يف اخللف واخذ يطالب االخرين بالقتال‬ ‫بدال منه)‪ .‬ويقول هلمز‪( :‬ان��ه –اي ال�شاه‪ -‬اعترب االتفاق مبثابة‬ ‫خطوة ايجابية �ستجلب اال�ستقرار اىل املنطقة وان االدارة االمريكية‬ ‫�ست�ستقبلها بالرتحاب بيد انه �سرعان ما ادرك خط�أ تقديراته)‪ .‬اعرتف‬ ‫ال�شاه لهيكل ان دعمه لالكراد كلف ايران ‪ 300‬مليون دوالر‪ .‬مل يكن‬ ‫كي�سنجر م�سرورا من خطوة ال�شاه لكن الواليات املتحدة مل تكن قادرة‬ ‫على عمل �أي �شيء فقد كان ال�شاه احد االعمدة اال�سا�س لل�سيا�سة‬ ‫االمريكية يف ال�شرق االو�سط وكانت الواليات املتحدة ترى فيه رمز‬ ‫اال�ستقرار واحليوية يف املنطقة على حد تعبري (�شلومو نكدميون)‪.‬‬ ‫اعرتف رئي�س املو�ساد (ا�سحاق ت�سويف) امام احلكومة اال�سرائيلية‬ ‫يف ‪9‬اذار ‪1975‬قائال‪ :‬يخيل ايل اىل ان م�س�ؤويل ال�سافاك الذين كنا‬ ‫على �صلة بهم مل يكونوا على علم باالتفاق‪ .‬وقال (ا�سحاق رابني)‬ ‫رئي�س احلكومة اال�سرائيلية يف اليوم نف�سه امام اع�ضاء حكومته‪:‬‬ ‫ان ايران والعراق تو�صال اىل اتفاق ي�شتمل على التخلي عن االكراد!‪.‬‬ ‫كان من امل�ستحيل على االكراد بعد اعالن االتفاقية اال�ستمرار بالقتال‬ ‫وظهورهم اىل احلائط‪ .‬كان هذا هو التربير الذي قدمه اال�سرائيليون‬ ‫امام العامل‪ .‬يف ‪ 11‬اذار ‪ 1975‬ا�ستقبل ال�شاه البارزاين و�شفيق قزاز‬ ‫والدكتور حممود عثمان ويف هذا اللقاء التاريخي النادر من نوعه‬ ‫يف املنطقة قال الدكتور حممود لل�شاه بحدة‪( :‬عندما وعدتنا بتقدمي‬ ‫امل�ساعدة مل تقل �أي كلمة حول االن�سحاب؟) فقاطعه ال�شاه بحدة‬ ‫اي�ضا قائال‪( :‬انا اقول لك ماهو قراري وال مكان للجدل او املناق�شة)‪.‬‬ ‫اف��ادت بع�ض التقارير ال�صحفية ان ال�شاه هدد ال�برزاين يف هذا‬ ‫اللقاء بانه اذا مل ي�ضع االك��راد �سالحهم حتى االول من ني�سان‬ ‫فان اي��ران هي التي �ست�شن عليهم احل��رب‪ ..‬ويقول وزي��ر البالط‬ ‫االي ��راين يف يومياته‪ :‬ك��ان ال�شاه ي�شعر ب��احل��رج م��ن االجتماع‬ ‫مب�صطفى البارزاين وجها لوجه‪ .‬بعد ان اعلن البارزاين عن توقف‬ ‫القتال تولدت حالة من اليا�س والفو�ضى يف �صفوف البي�شمركه‬ ‫فحطم البع�ض ا�سلحته والقاه البع�ض االخر يف الوديان واالنهار‬ ‫وحت��دث ق�سم اخ��ر ع��ن االن�ت�ح��ار فقد ان �ه��ارت االم ��ال وحتطمت‬ ‫وانترثت االح�لام يف غ�ضون ثماين �ساعات من توقيع االتفاقية‬ ‫و�سحبت اي ��ران (‪ )42‬مدفعا ميدانيا وذخ��ائ��ر واغ��ذي��ة‪ .‬و�صف‬

‫شاه إيران‪ :‬دعمنا لألكراد كلف‬ ‫إيران ‪ 300‬مليون دوالر‬

‫الرئي�س ال�سوري حافظ اال�سد اتفاقية اجلزائر‪ :‬بانها (م�ؤامرة‬ ‫�سرية مع االمربيالية تتمثل يف ت�سليم ارا�ضي عربية – عرب�ستان‪-‬‬ ‫اىل ايد اجنبية وخيانة للثورة)‪ .‬يف ايلول من عام ‪ 1975‬مت توقيع‬ ‫االتفاق اال�سرائيلي ‪ -‬امل�صري (اتفاق �سيناء الثاين)‪ .‬كان على‬ ‫البارزاين ان يختار واحدا من ثالثة خيارات احداها �شديد املرارة‪:‬‬ ‫فاما ان يوا�صل القتال وظهره اىل اجل��دار‪� ..‬أو ان ي�ست�سلم اىل‬ ‫بغداد‪� ..‬أو ان يذهب كالجئ اىل ايران‪ ..‬وقد اختار اخليار الثالث‪.‬‬ ‫عرب (‪ )135‬الف كردي احلدود العراقية اىل ايران وان (‪ )90‬الفا‬ ‫اخرين ا�ست�سلموا للحكومة العراقية خالل فرتة اعالنها منح العفو‬ ‫العام‪ .‬يقول د‪ .‬حممود عثمان‪ :‬قتل خم�سة االف طفل وامراة وكهل‬ ‫كردي لدى فرارهم عرب اجلبال ويف ظل احوال جوية قا�سية جدا‬

‫و�صلت موجة ال�برودة فيها اىل ما حتت ال�صفر ا�ضافة اىل االف‬ ‫اخرى من العوائل التي تطلب اللجوء بالقرب من احلدود الرتكية‪-‬‬ ‫االيرانية ولكن كال الدولتني اغلقتا حدودهما يف وجوههم‪ .‬قال‬ ‫ال�ب��ارزاين لل�صحفي (ج��ون كرافت) يف معر�ض رده على �س�ؤال‬ ‫عما اذا كانت الثورة الكردية قد انتهت اىل االبد؟ قال‪ :‬ال اعرف لكن‬ ‫من اجلائز ان يحيا ال�شعب الكردي من جديد‪ ..‬لقد غادرت املنطقة‬ ‫وال اعتقد انني �ساعود اليها بعد ذلك اب��دا‪ .‬روى �أحد االعالميني‬ ‫الكرد تفا�صيل عن م�ؤامرة اتفاقية ‪ 1975‬و�آثارها اخلطرية على‬ ‫الكرد قائ ًال قي حوار مو�سع اجراه (احلوار املتمدن) عام ‪:2010‬‬ ‫(عندما تو�سعت احلركة الكردية عامي ‪ 1974‬و ‪ 1975‬بعد التحاق‬ ‫الآالف من املثقفني وا�ساتذة اجلامعة والأطباء والع�سكريني بهذه‬ ‫احلركة‪� ،‬صارت احلركة م�صدرا كبريا للخوف لدول املنطقة خا�صة‬ ‫الدول التي تتقا�سم كرد�ستان والدول اال�ستعمارية �آنذاك امل�ستفيدة‬ ‫من نفط املنطقة وخرياتها‪ ،‬فبد�أت عملية التخطيط للق�ضاء عليها‬ ‫وحترك هرني كي�سنجر لتنفيذ عملية انهاء تلك الثورة‪ ،‬فعقد لقاء‬ ‫متهيديا يف �أنقرة بني العراق وايران واجلزائر يف �شباط ‪1975‬‬ ‫�سبقته لقاءات �سرية عديدة للتفاهم على ترتيب العملية بالكامل‬ ‫مبا فيها اتفاقية اجلزائر والتنازالت التي على النظام العراقي‬ ‫تقدميها ل�ضمان ا�ستمراريته‪� ..‬آنذاك حذرنا من خطورة املو�ضوع‬ ‫والتحركات التي يجريها الرئي�س امل�صري �أنور ال�سادات‪..‬‬

‫قوميو العراق وشبهة امليول الفاشية‪ ..‬ثالثينيات القرن العشرين ومطلع أربعينياته‬

‫احل‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ة‬ ‫(‬ ‫‪3‬‬ ‫‪)4‬‬

‫امللك غازي �شجع على ت�أ�سي�س م�ؤ�س�سة وطنية للتدريب الع�سكري خا�صة بال�شباب‬ ‫الدكتور بيرت فني‬ ‫ترجمة‪ :‬م�صطفى نعمان �أحمد‬ ‫�سيطرت اجليو�ش اال�ستعمارية على وجودهم‪ ،‬ولكنهم كانوا‬ ‫لقد‬ ‫ِ‬ ‫يحاولون اجناز ا�ستقاللهم الكامل وو�ضع حد ال�ستعبادهم من خالل‬ ‫ارتدائهم لقم�صان حريرية ذات �أل��وان خمتلفة‪ ،‬ال �سيما الأزرق‪،‬‬ ‫والأخ�ضر‪ ،‬والأبي�ض‪ ،‬وحتى احلديدية؟ ولي�س "احلريرية" ـ "ال‪،‬‬ ‫احلديدية"‪ .‬و�شعر حبزبوز بالإ�شفاق �أن ال�شباب العربي مل يقر�أ‬ ‫عن �أج��داده��م الذين كانت قم�صانهم احلديدية من احلديد فعلي ًا‬ ‫ولي�ست من احلرير‪" ،‬فحني كانت هذه القم�صان حتمي �صدورهم‬ ‫ب��االمي��ان‪ ،...‬ك��ان مبقدور �أيديهم �أن ت�سحب �سيوفهم احلادة"‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬ف�أن القم�صان احلريرية لن حتميهم من �شرور الأ�سلحة‬ ‫احلديثة‪ .‬ولذا يتوجب على ال�شباب ارتداء مالب�س منا�سبة تقيهم‬ ‫أنا�س جعلوا‬ ‫من الأ�سلحة احلديثة‪ .‬و�أكد حبزبوز " لن ن�صغي �إىل � ٍ‬ ‫�إميانهم بالقومية �أمر ًا حقيقي ًا وذلك بارتدائهم لقم�صان م�صنوعة‬ ‫من القما�ش"‪ .‬ول��ذا فقد �أك��د يف وجهة نظره �أن من ال�سخف �أن‬ ‫يحاكي العرب عادات الفا�شيني الأوربيني‪ ،‬واعتقد �أن هذا �سي�ساعد‬ ‫يف حتقيق ا�ستقاللهم‪ .‬فايطاليا و�أمل��ان�ي��ا لديهما �شتى �صنوف‬ ‫الأ�سلحة احلديثة‪ ،‬الأ�سلحة ذاتها التي ا�ستعبدت ال�شعب العربي‪.‬‬ ‫وبد ًال من ذلك‪ ،‬احتاج العرب �إىل مكافئ حديث للقم�صان احلديدية‬ ‫احلقيقية التي كان �أ�سالفهم قد ارتدوها يف ن�ضالهم من �أجل حترير‬ ‫�أنف�سهم وهذه الفكرة عن القدرات العربية يف املا�ضي لعبت دور ًا‬ ‫عمومي ًا يف النقا�ش ال�شبابي يف هذا الوقت‪ ،‬كما �سرنى الحق ًا‪ .‬وقد‬ ‫�أوردت �صحيفة م�صرية تقرير ًا عن ال�شباب العراقي لفرتة �أواخر‬ ‫ثالثينيات القرن الع�شرين وا�صفة الطبيعة التع�سفية لل�سيا�سة‬ ‫ال�شبابية و�صف ًا ايجابيا‪ .‬وطبق ًا لنظام الفتوة‪ ،‬كان الطلبة ملزمني‬ ‫بارتداء مالب�س الفتوة الع�سكرية خارج املدر�سة وداخلها‪ .‬وكتب‬ ‫املراقب امل�صري �أن الغاية من النظام �إع��ادة ال�شعب �إىل ا�ستلهام‬ ‫م�ب��ادئ خ�شونة العي�ش‪ ،‬واخل�ل��ق احلميد‪ ،‬وال ��روح الع�سكرية‪،‬‬ ‫والفرو�سية‪ ،‬والرجولة‪ ،‬الواجب ن�شرها يف ال�صفوف الدرا�سية لكل‬ ‫م�ستويات التعليم‪ ،‬وبني املدر�سني‪ ،‬ويف املدار�س التقنية (مدار�س‬ ‫ال�صنائع)‪ .‬ويف �شباط ‪� ،1940‬أطرت �صحيفة (البالد) على نظام‬ ‫الفتوة و�أوردت �أن حامي الفتوة ومعاون مدير عام املعارف كانا قد‬ ‫�أ�صدرا �أمر ًا �إىل جميع موظفي املعارف يف بغداد والأماكن الأخرى‬ ‫بارتداء الزي الر�سمي ال�صيفي للفتوة يف �ساعات الدوام الر�سمي‬ ‫ب��دء ًا من اخلام�س ع�شر من �آذار ‪� .‬أم��ا َم��نْ ال يطيع هذا الأم��ر فلن‬

‫كانت تتغلغل يف جميع م�ستويات النظام التعليمي احلكومي يف‬ ‫حينه‪ .‬وبعد �أيام قالئل‪ ،‬قدمت ال�صحيفة ذاتها املزيد من التفا�صيل‬ ‫حول نظام الفتوة يف مقالة الحقة‪ .‬و�أكد الكاتب �أن التعليم املدر�سي‬ ‫كان ينبغي �أن يوحد ال��روح باجل�سد‪ .‬ومتثلت املبادئ احلقيقية‬ ‫للفتوة يف �أن كل �صف �أو �شعبة �صف �شكلت وحدة للفتوة‪ .‬وكان‬ ‫لكل مدر�سة وح��دات فتوة طبقا لعدد ال�صفوف‪ .‬وثمة "رئي�س‬ ‫فتيان" لكل �صف �أو �شعبة �صف يتم اختباره من بني التالميذ‪،‬‬ ‫ثان‪ ،‬وفتى ثالث"‪ .‬والأربعة ه�ؤالء هم‬ ‫ف�ض ًال عن" فتى �أول‪ ،‬وفتى ٍ‬ ‫الذين يتولون مواقع امل�س�ؤولية (�أ�صحاب الرتب) وم�ضت املقالة‬ ‫يف تعداد املزيد من هذه الأو�صاف‪.‬وذكرت العديد من الدرا�سات‬ ‫�إن الفتوة كانت على غ��رار ال�شباب ال�ن��ازي‪ ،‬ال �سيما بعد زيارة‬ ‫قائد �شبيبة الرايخ بالدور فون �شرياخ �إىل العراق يف ‪، 1937‬‬ ‫حيث قام بدوره بتوجيه الدعوة لوفد من ال�شباب العراقي لزيارة‬ ‫جمل�س الرايخ يف ‪ .1938‬ويف مذكراته‪ ،‬قدم �شرياخ ق�صة ق�صرية‬ ‫لرحلته بيد �أنه مل يذكر �سوى لقائه بامللك غازي يف جملة واحدة‬ ‫�إىل جانب لقائه ب�شاه فار�س والرجال الذين التقى بهم يف رومانيا‪،‬‬ ‫ويوغ�سالفيا‪ ،‬وهنكاريا‪ .‬لكنه تو�سع يف تف�صيل لقائه باتاتورك‪.‬‬ ‫لذا‪ ،‬ومما يبدو يف �سياق مذكراته‪� ،‬أنه مل يكن على الأرجح مت�أثر ًا‬ ‫ت�أثر ًا عميق ًا بتوقف رحلته يف بغداد‪ .‬وطبق ًا لذلك‪ ،‬فثمة تقرير يف‬ ‫�صحيفة �أملانية ُن ِ�ش َر يف كانون الأول ‪ 1937‬مل يذكر �سوى مقابلة‬ ‫�شرياخ مع �أتاتورك‪ .‬واملقالة ال�صحفية الوحيدة املتعلقة بزيارته‬ ‫للعراق املتوافرة لهذه الدرا�سة كانت عبارة عن �إ��ش��ارة ق�صرية‬ ‫واردة يف �صحيفة (اال�ستقالل) بعد �أ�سبوعني من عودة �شرياخ �إىل‬ ‫�أملانيا‪ .‬والتقرير هو ترجمة وا�ضحة من دون تعليقات حيال تقرير‬ ‫�شرياخ ب�صدد الزيارة‪ ،‬حيث كان قد �أعده لغوبلز وكانت �صحيفة‬ ‫نيوز رفيو (‪ )News Review‬االنكليزية قد ن�شرته يف الأ�صل‪.‬‬ ‫والتقرير ي�شري �إىل ال�سبب احلقيقي لرحلة �شرياخ و�أكد يف البدء‬ ‫�أن جميع الأمل ��ان مم��ن عا�شوا يف ال��دول العربية ووج�ه��وا نقد ًا‬ ‫مسألة تكوين الشباب �إىل احلكومة النازية �سيفقدون وظائفهم‪ .‬وعندها ادىل مبالحظة‬ ‫�أن العرب بحاجة �إىل ال�سالح واملال الأملانيني‪ .‬وحني يوفر الأملان‬ ‫وصقل شخصياتهم تهم على‬ ‫هذه الطلبات للعرب‪ ،‬عندها �سيكون ب�إمكانهم (�أي الأملان) االعتماد‬ ‫نحو جاد الجيل األكرب سناً عليهم (�أي على العرب)‪ .‬و�إجما ًال‪ ،‬كانت لقاءات �شرياخ مع القادة‬ ‫العرب مر�ضية‪ .‬و�أوردت الأنباء الأملانية �أن غوبلز كان م�سرور ًا‬ ‫بهذا التقرير‪ .‬ومن املرجح �أن الت�أكيد على قمع الآراء املعار�ضة بني‬ ‫يلق �ضوء ًا ايجابيا على ال�سيا�سة النازية يف عيون‬ ‫ُي�سمح له بالتدري�س‪ .‬و�سيتوجب على منت�سبي وزارة املعارف ذكر املنفيني الأملان مل ِ‬ ‫رتبهم يف الفتوة حتت تواقيعهم ف�ض ًال عن ايراد وظائفهم ابتداء �صحيفة ( اال�ستقالل)‪ .‬ورمبا عدّها العرب اهانة عند االفرتا�ض ب�أن‬ ‫من اخلام�س والع�شرين من �شباط‪ .‬وهذا يًظهر �أن ع�سكرة الفتوة الأمل��ان متكنوا من ر�شوتهم بال�سالح وامل��ال‪ .‬ومل يتطرق التقرير‬

‫�إىل الق�ضايا املتعلقة بال�شباب‪ ،‬كالإطراء على الفتوة �أو ما �شابه‪.‬‬ ‫واحتوت التقارير الأر�شيفية الأملانية ح��ول زي��ارة �شرياخ على‬ ‫املعلومات التي �شجعت امللك غازي على ت�أ�سي�س م�ؤ�س�سة وطنية‬ ‫للتدريب الع�سكري خا�صة بال�شباب‪ .‬وكانت الك�شافة بو�صفها‬ ‫منظمة دولية غري منا�سبة لذلك الغر�ض‪ .‬وكان غروب ًا قد اعد هذه‬ ‫االجتماع واقرتح اقامة عالقات بني �شباب هتلر والفتوة‪ .‬ولكن هذه‬ ‫املطامح كانت من اجلانب الأملاين ح�صر ًا‪ .‬و�س ُتظهر الفقرة الالحقة‬ ‫اذا كان النقا�ش ال�شبابي العراقي قد عك�س فعلي ًا هذا النهج العراقي‬ ‫ـ الأملاين‪.‬‬ ‫الفتوة يف ال�صحافة‬ ‫مل تهتم ال�صحافة العراقي باالن�ضباط والروح الع�سكرية فقط‪ .‬ففي‬ ‫�شباط ‪ 1940‬ن�شرت �صحيفة ( اال�ستقالل) مقالة للمفكر امل�صري �أحمد‬ ‫�أمني‪ .‬عاجلت مناذج من م�شكالت ال�شباب‪ .‬وقد �صنف �أمني امل�شكلة‬ ‫الأبرز التي تواجه ال�شباب املعا�صر بكونها تتمثل يف ال�شعور بعدم‬ ‫الر�ضا عن التعليم‪� ،‬أو الوظائف‪� ،‬أو الزواج‪� ،‬أو املوقع يف العائلة‪،‬‬ ‫�أو الإج��راءات التي حتظر التعبري عن االهتمامات ال�سيا�سية يف‬ ‫املدار�س الثانوية‪ .‬والحظ الكاتب �أن امل�شكالت كانت نتيجة للتقدم‬ ‫بنطاق‬ ‫احل�ضاري‪ ،‬التي مل يكن اجليل الأك�بر �سن ًا قد واجهها �إال‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫�أ�ضيق كثري ًا‪ .‬ففي زمانهم‪ ،‬كان كل فرد متزوج ًا‪ ،‬ومطيعا لإرادة‬ ‫والديه‪ ،‬ومن�سجم ًا مع و�ضعه‪ ،‬ومقتنعا بن�صيبه يف احلياة‪ .‬ومل يكن‬ ‫ذلك اجليل يخو�ض يف الأمور ال�سيا�سية يف املدار�س‪ .‬وبينما ُيعد‬ ‫ال�شباب زهرة احلياة ودعامة الأمة وم�ستقبلها‪ ،‬ف�أن امل�شكلة الأعظم‬ ‫التي تواجههم حالي ًا متثلت يف ال�سخط على الو�ضع ال�سيا�سي‬ ‫للأمة‪ .‬ومتثلت �أ�سباب هذا ال�صراع العنيف يف اخلالفات مع الإباء‪،‬‬ ‫والتبعية االقت�صادية لهم‪ ،‬واملتطلبات االقت�صادية املرتفعة‪ ،‬يف حني‬ ‫مل تتوافر لهم مبادئ وعقائد �أخالقية لعلها تكون هادية لهم‪ .‬وكان‬ ‫اهتمام امني مب�شكالت الفرد ا�ستثنائية يف ال�صحافة العراقية لذلك‬ ‫الوقت‪ ،‬ولكن من الأهمية مبكان �أن حمرر ال�صحيفة العراقية �أفرت�ض‬ ‫�أن ه��ذه امل�شكالت ال تخ�ص ال�شباب امل�صري فح�سب بل ال�شباب‬ ‫العربي �أجما ًال‪ .‬و�إ�شارة املقالة ا�شارة مبا�شرة �إىل �صراع الأجيال‬ ‫ال��ذي ك��ان على و�شك �أن يتطور �إىل تهديد �سيا�سي جليل الإباء‪.‬‬ ‫ومت ت�صوير ت�سيي�س ال�شباب و�سخطهم على حالة الأم��ة بو�صفه‬ ‫مر�ض ًا‪ ،‬لأن امل�ؤ�س�سة العراقية عدت نف�سها جت�سيد ًا للأمة‪ .‬ولذا ف�أن‬ ‫نحو جاد اجليل‬ ‫م�س�ألة تكوين ال�شباب و�صقل �شخ�صياتهم تهم على ٍ‬ ‫الأكرب �سن ًا‪ .‬فال�شباب قد يتحدون قب�ضة الكبار على ال�سلطة‪ .‬ويف‬ ‫نحو م�شابه‪..‬‬ ‫العراق‪� ،‬أدرك��ت الطبقة ال�سيا�سية هذا الو�ضع على ٍ‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.