| كتاب | 7
ال�سبت املوافق 14من كانون الثاين 2017العدد 3666ـ ال�سنة الرابعة ع�شرة Saturday ,14 January . 2017 No. 3666 Year 14
السرد والصورة في الخطاب الشعري
درا�سة نظرية تطبيقية يف جتربة ال�شاعر عبد املنعم حمندي احللقة ال�ساد�سة تاليف \ عبد الحسين صنكور
�أم��ا َ�ضمري الغائب (ه��و) فهو الأك�ث�ر َت���داو ًال قدمي ًا و حديث ًا يف جماالت ال�سرد ال�شفاهية او الكتابية ،وي�شري الدكتور (مرتا�ض) اىل هذه الظاهرة بقوله( :لأن��ه (�ضمري الغائب هو)، و�سيلة �صاحلة لإن يتوارى وراءه��ا ال�سارد ف��ي��م�� ّرر م��ا ي�شاء م��ن �أف��ك��ار و�آيديولوجيات وتعليمات وتوجيهات و�آراء ب��دون �أن يبدو تدخله �صارخ ًا �أو مبا�شر ًا �إال �إذا كان حمروم ًا مبتد�أً� ،إن ال�سارد يغتدي �أجنبي ًا عن العمل راو ل��ه ،بف�ضل هذا ال�����س��ردي ،وك���أن��ه جم��رد ٍ ال��ـ(ه��و) العجيب) ( .)47ول�ضمري الغائب وظ��ائ��ف ح��ي��وي��ة يف بنية ال�����س��رد ،رمب���ا من �أهمها ،م�ساعدته يف ر�سم �أ�صوات عديدة داخل الن�ص ال�شعري عرب اندماج �أو انف�صال �صوت ال�����س��ارد /ال�شاعر م��ع �أ���ص��وات ال�شخ�صيات امل��ع�بر ع��ن��ه��ا م���ن خ�ل�ال ���ض��م�ير ال���ـ(ه���و) �أو املخاطب (�أنت). �إن ا�ستخدام ال�سارد /ال�شاعر ل�ضمري الغائب ربمّ���ا ،يف حالة م��ن ح��االت��ه مييط اللثام عن ممار�سة ال�شاعر فكرة احل�ضور يف الن�ص ال�شعري ،عرب تناول الغياب ،وهذه �آلية جدلية تتعالق فيها مراحل الفكرة والزمن والتقنية وتتفاعل يف بنية الن�ص الكلية ،للك�شف عن (املعنى) و(ال��دالل��ة) التي يريد مبدع الن�ص، و�صولها اىل املتلقي. �إم���ا ا���س��ت��خ��دام �ضمري امل��خ��اط��ب يف الن�ص ال�������س���رديّ ،ف��ي��ق��ول ع��ن��ه ال��دك��ت��ور ع��ب��د امللك م��رت��ا���ض( :ج��ع��ل��ن��ا ه���ذا ال�����ض��م�ير ث��ال��ث�� ًا يف الت�صنيف بالقيا�س اىل �صنوَيه ،لأننا نعتقد �أنه الأقل ورود ًا �أو ًال ،ثم الأحدث ن�ش�أ ًة �آخر ًا، يف ال��ك��ت��اب��ات ال�����س��ردي��ة امل��ع��ا���ص��رة) (.)48 وي�ضيف مو�ضح ًا ت��دين مرتبة ه��ذا ال�ضمري ال�سرد ،بقوله( :وك����أن هذا يف ا�ستخدامات ّ ً ال�ضمري ي�أتي ا�ستعماله و�سيطا بني �ضمري الغائب واملتكلم ،ف�إذن ال هو يحيل على خارج قطع ًا ،وال هو يحيل على داخل حتم ًا ،ولكنه املج�سد يف يقع ب�ين ب�ين :يتنازعه ال��غ��ي��اب َّ �ضمري الغياب ،ويتجاذبه احل�ضور ال�شهودي املاثل يف �ضمري املتكلم) (.)49 �إن جلوء ال�شاعر اىل ا�ستعمال �ضمري املخاطب (�أنت) ب�صيغته املفردة �أو اجلمع (�أنتم) �إمنا ي���أت��ي لت�شكيل عالقة ب�ين ال�سارد وامل�سرود له عرب ا�ستخدامات لغوية وتقنيات �سردية، �سوا ًء يف عنوان الن�ص �أو متنه ،بهدف حتقيق احل�ضور الفاعل يف ذهن املتلقي ،غالب ًا ،من خالل اجن��از وظيفة جمالية و ( )30نف�سية، ويف الوقت نف�سه عند املتلقي .وهذا ي�أتي من خالل ت�ضييق امل�سافة الن�صية وتعميقها ،بني عنا�صر اخل��ط��اب Discoresالأ�سا�سية: املر�سل ،الر�سالة ،املر�سل اليه .ويف هذا ال�صدد ق��ال الدكتور عبد النا�صر ه�لال�( :إن �ضمري املخاطب ينقل ال�سرد من امل�ستوى االمتدادي االفقي اىل ما ميكن �أن ن�سميه ال�سرد الر�أ�سي ال��ذي ين�ش�أ يف ظل متاهي �صوتني يتحركان مع ًا ويتقاطعان ويتوازيان� ،صوت الراوي من جهة و�صوت ال�شخ�صية املخاطبة (بفتح الطاء) من جهة �أخرى ،كما �أن �ضمري املخاطب مينح ال��راوي /ال�سارد فر�صة املواجهة مع الذات/ ال�شخ�صية وحم��ا���ص��رت��ه��ا وت���أم��ل��ه��ا وك�شف �أبعادها ووعيها) ( .)50لذا يبقى لتكنيك اللغة عند ال�شاعر /ال�سارد �أهمية يف �إبراز �أي �شكل من �أ�شكال ا�شعر ال�سردي ،بتبنيه بُنى لغوية مبتكرة ت�سهم يف �إبراز ا�ستخدام هذا ال�شكل �أو �آخر �ضمن البنية الكلية للن�ص ،وهذا الأمر ينطبق على ا�ستخدامات �ضمري املخاطب. �إن �صناعة �آف��اق �سردية يف الن�ص ال�شعري م��ن خ�لال ا�ستعماالت �أ���ش��ك��ال ال�����س��رد يبقى مرتبط ًا ب�إمكانات ال�شاعر /ال�سارد ،ومتكنه من �أدواته يف خلق حركة تداخل بني عنا�صر ال�سرد وتقنياته و�أ�شكاله جمتمعة ،لأن الن�ص ال�شعري ال�سردي وحدة متكاملة ذات عالقات انفراط بنائية ولغوية و�صوتية و�سردية� ،أيّ ٍ �أو تق�صري يف ت�شكيل �أي منهما �سينعك�س حتم ًا على ن�سيج الن�ص ال�����س��ردي ومعناه. لهذا ف���إن �إب��راز العنا�صر ال�سردية واملجازية يف الن�ص ال�شعري ال�سردي ينبغي �أن ي�أخذ مقولة الناقد وال�شاعر كمال �أب��و دي��ب ،بنظر االعتبار لأنها بتقديري ،هي مرجعية و�أ�سا�س يف فهم ال�سرد يف ال�شعر ،ومعيار لفهم وتقييم (ال�شعرية) يف الق�صيدة �إذ قال يف هذا ال�صدد: ِ جت�سد يف الن�ص ل�شبكة من العالقات (�إن��ه��ا ّ التي تنمو بني مكونات �أولية ِ�س َم ُتها الأ�سا�سية �أن ك ًال منها ميكن �أن يقع يف �سياق �آخر دون �أن يكون ِ�شعر ّي ًا ،لكنه يف ال�سياق الذي تن�ش�أ فيه هذه العالقات ويف حركته املتوا�شجة مع
خزعل املاجدي
الزمان فقط بدون املكان� ،أو تقنية (الراوي) �أو (ال�شخ�صية) فيها بدون ذكر (للحدث) ،فهذا ال يعني �إهماال مق�صودا ،بل كان ان�سجام ًا مع �سياق الق�صيدة نف�سها. بعبارة �أخرى �سوف ال ن�سعى لإ�ضفاء (ف�ضاء ����س���ردي) خ���ارج���ي ،ال وج����ود ل���ه يف ج�سد الق�صيدة وبنائها ال�شكلي �أو اللغوي ،وهذا يعني �أن (الن�ص) هو ال�سيِّد يف هدي �سياقه و ال ���ش��يء غ�ي�ره .و�أن م��ن امل��ف��ي��د الإ���ش��ارة �إىل �أن تناولنا لل�سرد يف اخلطاب ال�شعري لل�شاعر (حمندي) �سوف ال يعتمد �أو يلتزم بالت�سل�سل الزمني لكتابة الق�صائد �أو �صدور ال��دواوي��ن ،بل يعتمد (امل�ساحات ال�سردية) التي يك�شف عنها �سياق الق�صيدة نف�سها ،وما ي��ج��اوره��ا م��ن ا�ستخدامات لعنا�صر ال�سرد وتقنياته و�أ�شكاله ،وهذا الأمر �سي�سهل على القارئ مهمة متييز تلك العنا�صر والتقنيات والأ�شكال ،بح�سب ورودها يف �سياق الن�ص ولي�س بح�سب ت�سل�سلها ال��زم��ن��ي ،وجتدر الإ���ش��ارة �إىل �أن الأم��ث��ل��ة ال�شعرية ال��ت��ي مت ( )33اختيارها كعينات بحث ،قد تكون بع�ض مقتب�ساتها طويلة نوع ًا ما ،وهذا الأمر فر�ضه منهج البحث الذي يعتمد على ال�سياق الن�صي الذي ورد فيه املقتب�س ،لذا مل يكن يف مقدور الباحث قطع �أو اخت�صار املقت َب�س ،احلالة التي �سوف ت�ؤثر على املثال املراد عر�ضه ،لأن �أي قطع يف (ال�سياق) ال��ذي ج��اء فيه� ،سيعطي �صورة غري �صادقة وم�شوهة عن تقنيات �أو عنا�صر ال�سرد و�أ�شكاله املعتمدة من ال�شاعر، ل���ذا وج����دتُ الإ����ش���ارة اىل ذل���ك ،ك��ي ي�أخذها القارئ بعني مالحظته واعتباره. .2الو�صف ال�سردي /املكان – الزمان:
رمبا ،كان ديوان (�أول النار) ال�صادر ببغداد ���س��ن��ة 1993م ،م��ن ال���دواوي���ن امل��ه��م��ة التي ب�شرت بن�ضج جتربة ال�شاعر (حمندي) ،الأمر الذي �أك��ده املرحوم ال�شاعر واملرتجم (خليل خوري) يف مقدمته لذلك الديوان .ولقد احتل ال�سرد مكان ًا وا�ضح ًا ،ك�أداة من �أدوات اخلطاب ال�شعري ،يف ه��ذا ال��دي��وان .فق�صيدة (فوق ن�صب احلرية) متثل مثا ًال للو�صف ال�سردي املعتمد على (املكان): ((ال�شارعُ ميتدّ ..وميت ُّد والن�صب ال�شامخ يعلو يت�أمّل بغداد الروح ويقر�أ يف ت�أريخ ْ امني جياد مفتوح))(.)1 كتاب مثل ْ ٍ ال�شاعر يف و�صفه ال�سردي على ال�سمة الأ�سا�سية ذاتها ،ي�ستند مكونات �أخ��رى ،لها ِ لل�شعرية وم�ؤ�شر على يتحول اىل فاعلية خلق ِ وجودها) (.)51 هذا ت�أكيد على وحدة الن�ص ال�شعري ال�سردي ووحدة عنا�صره وتقنياته و�أ�شكاله ومكوناته ال��ت��ي ت���ذوب كلها وتتمثل يف وح���دة البنية الكلية للن�ص ،التي لها اليد الأعلى يف ر�سم ال�شعري الذي يعتمد ال�شعرية يف الن�ص ِ معامل ِ ال�سرد طريق ًا له باجتاه املتلقي)31( . املبحث الثاين :الإطار التطبيقي .1مدخل: يف هدي ما �أوجزناه يف املحور النظري من حقائق تتع ّلق بال�سرد وعنا�صره وتقنياته و�أ�شكاله امل�ستخدمة يف اخلطاب ال�شعري، مي��ك��ن ال��ق��ول� ،أن ن��ت��اج ال�����ش��اع��ر ع��ب��د املنعم حمندي منذ ديوانه الأول (�أتيتك غد ًا) ال�صادر يف بغداد عام 1986وحتى ديوانه التا�سع (الإدري���������س وال���ه���ده���د) ،م�����رور ًا بدواوينه الأخرى ،ال يكاد املتلقي �أو الباحث �إلاّ �أن يجد �سرد ًا ب�شكل من الأ�شكال مبثوث ًا يف ق�صائد عدة يف �أي ديوان من دواوينه ،بل قد ميتد هذا البث ال�سردي لي�شمل يف حاالت معينة معظم الديوان ب�أكمله ،كما هي احلال يف ديوانه (دخان ال�شجر) ال�صادر يف بغداد عام � 1988أو ديوانه اجلديد امل�شار �إليه. وقد يكون من املفيد فرز عنا�صر ال�سرد وتقنياته و�أ�شكاله يف اخلطاب ال�شعري، لأغرا�ض منهجية �أكادميية� ،إلاّ انها يف �إطار البحث التطبيقي ،ال بد �أن متتزج يف بنية ال��ن�����ص ال�����ش��ع��ري وتتداخل وتتقاطع مع نف�سها �أو ًال ،ومع عنا�صر البنية (املجازية) للخطاب ال�شعري نف�سه ثانياً. لذا ف�إن املنهج التطبيقي الذي �سن�سري فيه يف هذا املحور هو ما يفر�ضه علينا (ال�سياق) يف الق�صيدة من حمددات �أو م�ؤ�شرات �أو عنا�صر و�أ���ش��ك��ال وت��ق��ن��ي��ات ،الأم���ر ال���ذي ق��د يجعلنا نتجاوز عن�صر ًا �أو �شك ًال �أو تقنية ،بح�سب �سياق الن�ص نف�سه ،مبعنى �آخ��ر� ،إذا �أخذنا ق�صيدة من ق�صائد ال�شاعر وحتدثنا عن عن�صر
حميد �سعيد
وي�صعد مزهوًّ ا يف الأرجا ْء وعلى قدميه يجثو املخمورون من الفقرا ْء ّ والع�شاق.. ي�ستقبله العمال ـ الباعة ـ �سما�سرة الليل ...ال�شعرا ْء ت�ستقبله الأحالم ،اجلوع، دموعُ الب�سطا ْء هموم النا�س.. كابو�س اخلوف اجلاثم فوق الأ�شيا ْء))(.)2 امل��ك��ان ه��ن��ا ،هنا عن�صر م��ن عنا�صر ال�سرد الأ�سا�سية يف الق�صيدة ،ولي�ست مكان ًا جمرد ًا، �إذ �أن دالالته ال�شعرية تربز من خالل ا�ستعمال ال�شاعر لكامريته املتحركة �صعود ًا ونزو ًال ،مع ربط لقطاتها خالل تقطيع اختياري ،مع تركيز خا�ص على لقطات معينة ،تخدم الهدف الذي ي�سعى اىل �إب���رازه ،وامل��ك��ان هنا� ،أي�ض ًا غري منف�صل عن عن�صر �آخر ،مكوّ ن للبنية ال�سرديّة للق�صيدة� ،أال وهو (الزمان): ((يف جوف الليل الوح�شي نزفتْ ق�ضبان ال ُن�صب رجا ًال ُ اكتاف الأر�ض و اهت ّزت نزفتْ وطن ًا... ُ يخرتق الظلمات ()35 ويجتاز الأزمان وعلى اجلهة الي�سرى ُ النب�ض: �صرخ م��������ن �أي
ال�سياب
(ي��ج��ت��از ،ي���خ�ت�رق) ،وامل��ا���ض��ي ال����ذي يدخل ليخرتق احلا�ضر وامل�ستقبل بفعالية (املجيء والنزول واالهتزاز والنزف) يف (جوف الليل الوح�شي). الق�صيدة بجميع مقاطعها جت��يء م��ن خالل (الراوي) الذي يروي حكاية الن�صب بو�صفه (�شخ�صية) مركزية يف الق�ص ال��ذي يرويه (ال��راوي) ،لكن الأخ�ير ،غري منف�صل عن ذات ال�شاعر نف�سه� ،إذ �أن ال�شاعر /ال�سارد هو نف�سه ال�شاعر /الراوي: ((نظ َر ال�شاع ُر للن�صب وقال: ِ هل تورق �أ�شجار التوت ..؟ املذبوح :يا هذا الرمز ْ الروح ..؟ هل ت�سمع نهنهة ْ فالأ�شالء .. تتج ّم ُع فوق الأ�شال ْء ()36 الن�صب ال�شامخُ و ُ نهر و دما ْء . )4()) !! .. يف ي�سبحُ ٍ
((طائ ٌر هَ ِر ٌم ٌ واقف بني حدّين يهذي وحتمله الريحُ ـ �أعتى من الع�صف ين�أى بعيد ًا .. يُح ِّل ُق فوق �شمو�س عذاباتنا ث َّم ُ يوقظ �أبناءها يف الظال ْم ٌ واقف بني حدّين ال�سكوت ح ّد ِ و ح ّد الكال َم �شفتي الكالم)) (.)6 ليُذب ََح يف َّ (ال�شخ�صية) يف البنية ال�سردية لهذه الق�صيدة، جاءت ذات مالمح �أ�سطورية مطلقة ،املكان فيها غائب �أو غري م�ؤ�شر ب�شكل مبا�شر ،بل ميكن �أن �أ�سميه (مكان ًا ا�ستنتاجي ًا) ـ �إذا جاز التعبري ـ��ـ ي�ستنتجه ال��ق��ارئ بح�سب بيئته املعرفية والثقافية و�أوا�صر عالقته النف�سية مع الن�ص، وهذا النوع من (العنا�صر املكانية ال�سردية) يبدو مف� ً ضال عند العديد من ال�شعراء ،لأنه يوفر بيئة �سردية فيها من الغمو�ض والت�شويق ،مبا ين�سجم مع (البنية املجازية) للق�صيدة التي ال يتخلى عنها ال�شاعر ،يف معظم الأح��وال، ل�صالح بنية ال�سرد نف�سها: ()38 ري يهذي ـ (( ـ �إنه الط ُ ـ �صدِ َئ ال�سيف �أم �صدِ ئتْ ُّ كف حاملِهِ فال�سيوف التي �صدِ ئت ح ّذرت َّ كف �صاح ِبها وال ُّ أكف التي �صدِ ئتْ � ...صدِ ئتْ ُ ال�سيف حام َل ُه أتعب � َ ً ون�أى ..تاركا غم َد ُه رب�أَ من قب�ض ٍة ...مل تكنْ �أه َل ُه قد ت ّ ...وانزوى يف ِجدا ْر.)7()) ..
كعن�صر �أ�سا�س يف �إن ا�ستعمال (املكان) ٍ بنية الق�صيدة ال�سردية ،كانت له جذو ٌر ع��ن��د ال�����ش��اع��ر ،ك��م��ا الح��ظ��ن��ا يف ق�صائد عديدة من ديوانه (دخان ال�شجر) ال�صادر يف بغداد 1988و رمبا ق�صيدة (مزامري فجر الفاو) ،مثا ًال على ذلك: ((كان ملحُ كِ ما�س ًا ف�أغمدتُ جرحي وكنت كما الروح ِ أقرب من خافقي .. � َ ِّ حيث كنتُ �أ َمني عيوين ت�ؤجّ ر حلم ًا .. ً وكما �أن (املكان) ،قد جاء مفتوحا يف الق�صيدة فرب �أرى فيه َّ ً من�سجما مع (الطري) ذات البعد الأ�سطوري، وجهي من الفاو ي�سط ُع ك���ذل���ك ،ف�����إن ال���زم���ن ي����أخ���ذ ال�����س��ي��اق نف�سه، يف ال�ضفتني)) (.)5 وللأ�سباب نف�سها .وه��ذه التقنية لعن�صري تعتمد ال�سردية هنا على الفعل (كان) ،املتداخل (املكان والزمان) تتكرر عند ال�شاعر بن�ضوج م��ع �صيغة �ضمري امل��ت��ك��ل��م ،وك�����أن ال�شاعر� /أ���ش��م��ل ك��م��ا ه��و احل���ال يف ق�صيدة (احل�ي�رة ال�����س��ارد ،ام��ت��زج ب��امل��ك��ان و���ص��ار ج���زءًا منه ،وامل��ع��راج) من دي��وان (معراج �آخ��ر) ال�صادر بو�صفه (املكان) ح َّل حمل (احللم) الذي يريده �سنة 2008م ،بيت ال�شعر الفل�سطيني /رام ال�شاعر ،فاملكان يف ه��ذه الق�صيدة� ،أ�صبح الله� ،إذ يبد�أ ال�شاعر ق�صيدته ،كعادته بافتتاحية �إط����ار ًا ت���ذوب ف��ي��ه ،عنا�صر ال�����س��رد الأخ���رى �سردية و�صفية ت�ضم م�شاهد ولقطات تهيئ ملا وت��ق��ن��ي��ات��ه ،ب��ه��دف �إب�����راز ال��ت��وت��ر ال�سردي هو قادم من �أحداث و�شخ�صيات: و�شدته واحتوائه بالوقت نف�سه ،لكي يعطي ((لي ٌل ت�أ ّب َد يف املحيط ال�شاع ُر املتل ّق َي ،كثافة التعبري عن احلالة التي و م�شى يج ّر خيوط ُه نحو ْ والطفوف ي�ستخدم ال�سرد ك���أداة لتو�صيلها �إليه )37( .ال�صحارى ا����س���ت���ع���م���ال والأمر نف�سه ،جنده عند ال�شاعر ،لكن يف جمال و م�ضارب العرب العتيدةِ ْ ال�سيوف ا�ستخدام تقنية (ال�شخ�صية) يف ال�سرد يف للقبائل و امل�ضايف و الفعل امل�ضارع للتعبري ع��ن ال��زم��ن احلا�ضر ُ اخلطاب ال�شعري ،فال�شخ�صية مل تكن ب�شر ًا)39( ، الوم�ض ..؟ امل���ت���ج���ه اىل امل�����س��ت��ق��ب��ل ع��ب�ر ا����س���ت���خ���دام �سماءٍ جاء الفعل (ي��ت���أمّ��ل) م��ع ا���س��ت��ع��ارة ف��ن (املونتاج من �أي �سماءٍ نز َل املوتُ ..؟ بل ا�ستعمل ال�شاعر �شخ�صي ًة �أخرى( :طائر ًا و قوافل ال�صحراءِ من �أيّ �سما ْء..؟))(.)3 ال�سينمائي): هَ ِ��رم�� ًا) ب���إط��ار �سردي من�سجم مع انزياحات للنار و ال�صهباءِ ((ن�صب احلريّة يعلو بالغية متوافقة ومتوازية ،كما هو احلال يف و اخليالءِ ُ ُ ميتدّ ..وميت ُّد تداخل املكان مع الزمن ،من خالل ا�ستخدامات ق�صيدة (الطائر) املن�شورة يف ديوانه (�أتيتك و ال�شهداءِ و ال�شعراءِ ))(.)8 ال��ف��ع��ل امل�������ض���ارع امل��ف��ت��وح ع��ل��ى امل�ستقبل غد ًا) ال�صادر يف بغداد عام :1986 ()34