مجلة الجوبة العدد 74 Aljoubah Magazine

Page 1

‫¦الــرؤيــة البصرية‬ ‫لــعــتــبــات الــكــتــب‬ ‫«األغلفة»‪.‬‬ ‫¦نــصــوص ســرديــة‬ ‫وشعرية‪.‬‬ ‫¦االتجاهات الفنية‬ ‫للقصة القصيرة‪.‬‬ ‫¦مواجهات‪ :‬محمد‬ ‫عـــابـــس ‪ -‬نــويّ ــر‬ ‫العتيبي‪.‬‬

‫الدورة ‪ 15‬لمنتدى األمير عبدالرحمن السديري للدراسات السعودية‪:‬‬

‫تحديات الصناعة الوطنية في زمن الثورة الصناعية الرابعة‪.‬‬ ‫الدورة ‪ 14‬لمنتدى منيرة الملحم‪:‬‬

‫العودة اآلمنة تحديات ورؤى‪.‬‬

‫‪74‬‬


‫الئحة برنامـج نشر الدراسات واإلبداعـات األدبية والفكرية ودعم‬ ‫البحوث والرسائل العلمية يف مركز عبدالرحمن السديري الثقايف‬ ‫‪ -1‬نشر الدراسات واإلبداعات األدبية والفكرية‬

‫يهتم بالدراسات‪ ،‬واإلبداعات األدبية‪ ،‬ويهدف إلى إخراج أعمال متميزة‪ ،‬وتشجيع حركة‬ ‫اإلبداع األدبي واإلنتاج الفكري وإثرائها بكل ما هو أصيل ومميز‪.‬‬ ‫ويشمل النشر أعمال التأليف والترجمة والتحقيق والتحرير‪.‬‬ ‫مجاالت النشر‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬الدراسات التي تتناول منطقة الجوف ومحافظة الغاط في أي مجال من المجاالت‪.‬‬ ‫ب‪ -‬اإلبداعات األدبية والفكرية بأجناسها المختلفة (وفقاً لما هو مب ّين في البند «‪ »٨‬من شروط النشر)‪.‬‬ ‫ج ‪ -‬الدراسات األخرى غير المتعلقة بمنطقة الجوف ومحافظة الغاط (وفقاً لما هو مب ّين في البند «‪ »٨‬من‬ ‫شروط النشر)‪.‬‬ ‫شروطه‪:‬‬ ‫‪ -١‬أن تتسم الدراسات والبحوث بالموضوعية واألصالة والعمق‪ ،‬وأن تكون موثقة طبقاً للمنهجية العلمية‪.‬‬ ‫‪ -٢‬أن تُكتب المادة بلغة سليمة‪.‬‬ ‫‪ -٣‬أن يُرفق أصل العمل إذا كان مترجماً‪ ،‬وأن يتم الحصول على موافقة صاحب الحق‪.‬‬ ‫‪ -٤‬أن تُق ّدم المادة مطبوعة باستخدام الحاسوب على ورق (‪ )A4‬ويرفق بها قرص ممغنط‪.‬‬ ‫‪ -٥‬أن تكون الصور الفوتوغرافية واللوحات واألشكال التوضيحية المرفقة بالمادة جيدة ومناسبة‬ ‫للنشر‪.‬‬ ‫‪ -٦‬إذا كان العمل إبداعاً أدبياً فيجب أن يتّسم بالتم ّيز الفني وأن يكون مكتوباً بلغة عربية‬ ‫فصيحة‪.‬‬ ‫‪ -٧‬أن يكون حجم المادة ‪ -‬وفقاً للشكل الذي ستصدر فيه ‪ -‬على النحو اآلتي‪:‬‬ ‫ الكتب‪ :‬ال تقل عن مئة صفحة بالمقاس المذكور‪.‬‬‫ البحوث التي تنشر ضمن مجالت محكمة يصدرها المركز‪ :‬تخضع لقواعد النشر في‬‫تلك المجالت‪.‬‬ ‫ الكتيبات‪ :‬ال تزيد على مئة صفحة‪( .‬تحتوي الصفحة على «‪ »250‬كلمة تقريباً)‪.‬‬‫‪ -٨‬فيما يتعلق بالبند (ب) من مجاالت النشر‪ ،‬فيشمل األعمال المقدمة من أبناء وبنات‬ ‫منطقة الجوف‪ ،‬إضافة إلى المقيمين فيها لمدة ال تقل عن عام‪ ،‬أما ما يتعلق بالبند (ج)‬ ‫فيشترط أن يكون الكاتب من أبناء أو بنات المنطقة فقط‪.‬‬ ‫‪ -٩‬يمنح المركز صاحب العمل الفكري نسخاً مجانية من العمل بعد إصداره‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫مكافأة مالية مناسبة‪.‬‬ ‫‪ -١٠‬تخضع المواد المقدمة للتحكيم‪.‬‬


‫‪ -2‬دعم البحوث والرسائل العلمية‬

‫يهتم بدعم مشاريع البحوث والرسائل العلمية والدراسات املتعلقة مبنطقة اجلوف‬ ‫ومحافظة الغاط‪ ،‬ويهدف إلى تشجيع الباحثني على طرق أبواب علمية بحثية جديدة يف‬ ‫معاجلاتها وأفكارها‪.‬‬ ‫(أ) الشروط العامة‪:‬‬ ‫‪ -١‬يشمل الدعم املالي البحوث األكادميية والرسائل العلمية املقدمة إلى اجلامعات‬ ‫واملراكز البحثية والعلمية‪ ،‬كما يشمل البحوث الفردية‪ ،‬وتلك املرتبطة مبؤسسات غير‬ ‫أكادميية‪.‬‬ ‫‪ -٢‬يجب أن يكون موضوع البحث أو الرسالة متعل ًقا مبنطقة اجلوف ومحافظة الغاط‪.‬‬ ‫‪ -٣‬يجب أن يكون موضوع البحث أو الرسالة جدي ًدا يف فكرته ومعاجلته‪.‬‬ ‫‪ -٤‬أال يتقدم الباحث أو الدارس مبشروع بحث قد فرغ منه‪.‬‬ ‫‪ -٥‬يقدم الباحث طل ًبا للدعم مرف ًقا به خطة البحث‪.‬‬ ‫‪ -٦‬تخضع مقترحات املشاريع إلى حتكيم علمي‪.‬‬ ‫‪ -٧‬للمركز حق حتديد السقف األدنى واألعلى للتمويل‪.‬‬ ‫‪ -٨‬ال يحق للباحث بعد املوافقة على التمويل إجراء تعديالت جذرية تؤدي إلى تغيير‬ ‫وجهة املوضوع إال بعد الرجوع للمركز‪.‬‬ ‫‪ -٩‬يقدم الباحث نسخة من السيرة الذاتية‪.‬‬ ‫(ب) الشروط اخلاصة بالبحوث‪:‬‬ ‫‪ -١‬يلتزم الباحث بكل ما جاء يف الشروط العامة (البند «أ»)‪.‬‬ ‫‪ -٢‬يشمل املقترح ما يلي‪:‬‬ ‫ توصيف مشروع البحث‪ ،‬ويشمل موضوع البحث وأهدافه‪ ،‬خطة العمل ومراحله‪،‬‬‫واملدة املطلوبة إلجناز العمل‪.‬‬ ‫ ميزانية تفصيلية متوافقة مع متطلبات املشروع‪ ،‬تشمل األجهزة واملستلزمات‬‫املطلوبة‪ ،‬مصاريف السفر والتنقل والسكن واإلعاشة‪ ،‬املشاركني يف البحث من‬ ‫طالب ومساعدين وفنيني‪ ،‬مصاريف إدخال البيانات ومعاجلة املعلومات والطباعة‪.‬‬ ‫ حتديد ما إذا كان البحث مدعو ًما كذلك من جهة أخرى‪.‬‬‫(ج) الشروط اخلاصة بالرسائل العلمية‪:‬‬ ‫إضافة لكل ما ورد يف الشروط اخلاصة بالبحوث (البند «ب») يلتزم الباحث مبا يلي‪:‬‬ ‫‪ -١‬أن يكون موضوع الرسالة وخطتها قد أق ّرا من اجلهة األكادميية‪ ،‬ويرفق ما يثبت ذلك‪.‬‬ ‫‪ -٢‬أن يُق ّدم توصية من املشرف على الرسالة عن مدى مالءمة خطة العمل‪.‬‬ ‫الجـوف ‪ 42421‬ص‪ .‬ب ‪ 458‬هاتف‪ 014 6245992 :‬فاكس‪014 6247780 :‬‬ ‫هاتف‪ 016 4422497 :‬فاكس‪016 4421307 :‬‬ ‫الغــاط ‪ 11914‬ص‪.‬ب ‪63‬‬ ‫الرياض ‪ 11614‬ص‪ .‬ب ‪ 94781‬هاتف‪ 011 4999946 :‬جوال‪055 3308853 :‬‬ ‫‪0553308853‬‬

‫‪016 4422 497‬‬

‫‪Alsudairy1385‬‬

‫‪info@alsudairy.org.sa‬‬ ‫‪www.alsudairy.org.sa‬‬

‫‪www.alsudairy.org.sa | info@alsudairy.org.sa‬‬


‫مجلس إدارة مؤسسة عبدالرحمن السديري‬

‫رئيسً ا‬ ‫فيصل بن عبدالرحمن السديري‬ ‫عضوًا‬ ‫سلطان بن عبدالرحمن السديري‬ ‫د‪ .‬زياد بن عبدالرحمن السديري العضو المنتدب‬ ‫عضوًا‬ ‫عبدالعزيز بن عبدالرحمن السديري‬ ‫عضوًا‬ ‫د‪ .‬سلمان بن عبدالرحمن السديري‬ ‫عضوًا‬ ‫د‪ .‬عبدالواحد بن خالد الحميد‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬خليل بن إبراهيم المعيقل‬ ‫عضوًا‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬مشاعل بنت عبدالمحسن السديري عضوًا‬ ‫سلمان بن عبدالمحسن بن محمد السديري عضوًا‬ ‫طارق بن زياد بن عبدالرحمن السديري عضوًا‬ ‫سلطان بن فيصل بن عبدالرحمن السديري عضوًا‬

‫ملف ثقايف ربع سنوي يصدر عن‬ ‫مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‬ ‫هيئة النشر ودعم األبحاث‬

‫رئيسً ا‬ ‫د‪ .‬عبدالواحد بن خالد الحميد‬ ‫عضوًا‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬خليل بن إبراهيم المعيقل‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬مشاعل بنت عبدالمحسن السديري عضوًا‬ ‫عضوًا‬ ‫د‪ .‬علي دبكل العنزي‬ ‫عضوًا‬ ‫محمد بن أحمد الراشد‬ ‫أسرة التحرير‬

‫قواعد النشر‬

‫إبراهيم بن موسى احلميد‬ ‫محررا‬ ‫ ‬ ‫محمود الرمحي‬ ‫ً‬ ‫محررا‬ ‫ ‬ ‫محمد صوانة‬ ‫ً‬ ‫اإلخراج الفني‪ :‬خالد الدعاس‬

‫املشرف العام‬

‫‬‪ -1‭‬أن‬ ‪‭‬تكون‬ ‪‭‬املادة‬ ‪‭‬أصيلة‬ ‪.‭‬‬ ‫‪ ‭‬-2‬لم‬ ‪‭‬يسبق‬ ‪‭‬نشرها‬ ‪‭‬ورق ًيا‬ ‪‭‬أو‬ ‪‭‬رقم ًيا‬‪‭.‬‬ ‫‪ ‭‬-3‬تراعي‬ ‪‭‬اجلدية‬ ‪‭‬واملوضوعية‬‪‭.‬‬ ‫‬‪ -4‭‬تخضع‬ ‪‭‬املواد‬ ‪‭‬للمراجعة‬ ‪‭‬والتحكيم‬ ‪‭‬قبل‬ ‪‭‬نشرها‬‪‭.‬‬ ‫‬‪ -5‭‬ترتيب‬ ‪‭‬املواد‬ ‪‭‬يف‬ ‪‭‬العدد‬ ‪‭‬يخضع‬ ‪‭‬العتبارات‬ ‪‭‬فنية‬‪‭.‬‬ ‫‬‪ -6‭‬ترحب‬ ‪‭‬اجلوبة‬ ‪‭‬بإسهامات‬ ‪‭‬املبدعني‬ ‪‭‬والباحثني‪‭‬‬ ‫‬والكتّاب‪‭ ‬ ،‬على‬ ‪‭‬أن‬ ‪‭‬تكون‬ ‪‭‬املادة‬ ‪‭‬باللغة‬ ‪‭‬العربية‬‪‭.‬‬

‫هاتف‪)+966()14(6263455 :‬‬ ‫املراســــــالت‪:‬‬ ‫فاكس‪)+966()14(6247780 :‬‬ ‫ص‪ .‬ب ‪ 458‬سكاكا اجلـوف ‪ -‬اململكة العربية السعودية‬ ‫‪www.alsudairy.org.sa‬‬ ‫‪aljoubahmag@alsudairy.org.sa‬‬ ‫ردمد ‪ISSN 1319 - 2566‬‬

‫سعر النسخة ‪ 8‬رياالت ‪ -‬تطلب من الشركة الوطنية للتوزيع‬ ‫ريال واملؤسسات ‪ً 60‬‬ ‫االشتراك السنوي لألفراد ‪ً 50‬‬ ‫ريال‬

‫‮«‬اجلوبة‬‪‭‬‮»‬ من‬‪‭‬األسماء‬‪‭‬التي‬‪‭‬كانت‬‪‭‬تُطلق‬‪‭‬على‬‪‭‬منطقة‬‪‭‬اجلوف‬‪‭‬ساب ًقا‬‪‭.‬‬

‫املقاالت املنشورة ال تعبر بالضرورة عن رأي املجلة والناشر‪.‬‬

‫يُعنى املركز بالثقافة من خالل مكتباته العامة يف اجلوف والغاط‪ ،‬ويقيم املناشط املنبرية الثقافية‪،‬‬ ‫برنامجا للنشر ودعم األبحاث والدراسات‪ ،‬يخدم الباحثني واملؤلفني‪ ،‬وتصدر عنه مجلة‬ ‫ويتبنّى‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫(أدوماتو) املتخصصة بآثار الوطن العربي‪ ،‬ومجلة (اجلوبة) الثقافية‪ ،‬ويضم املركز كل من‪( :‬دار‬ ‫العلوم) مبدينة سكاكا‪ ،‬و(دار الرحمانية) مبحافظة الغاط‪ ،‬ويف كل منهما قسم للرجال وآخر‬ ‫للنساء‪ .‬ويتم متويل املركز من مؤسسة عبدالرحمن السديري اخليرية‪.‬‬

‫‪0553308853‬‬

‫‪1385‬‬

‫‪Alsudairy‬‬


‫العدد ‪ - ٧٤‬شتاء ‪١٤٤٣‬هـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫الـمحتويــــات‬ ‫االفتتاحية ‪٤ .............................................................................‬‬ ‫الــدورة ‪ 15‬لمنتــدى األميــر عبدالرحمــن الســديري للدراســات الســعودية‪ :‬تحديــات‬ ‫الصناعة الوطنية في زمن الثورة الصناعية الرابعة ‪.....‬‬

‫‪٦‬‬

‫الدورة ‪ 14‬لمنتدى منيرة الملحم‪ :‬العودة اآلمنة تحديات ورؤى ‪20 ......................‬‬ ‫حفل تخريج حاضنة رياديات مركز عبدالرحمن السديري الثقافي للمشاريع الصغيرة ‪28 ...‬‬ ‫الكتب (األغلفة)‪٣٢ ................................‬‬ ‫ِ‬ ‫لعتبات‬ ‫ِ‬ ‫محور خاص‪ :‬الرؤي ُة البصري ُة‬ ‫أغلف ُة كتبي تجرب ٌة في المنظور التشكيليّ السيميائيّ ‪ -‬محمد صابر عبيد‪33 ........‬‬ ‫اإلدراكُ البصريُّ والتشابكُ اإلبداعيُّ في التصميم ‪ -‬طالل معال ‪37 ..................‬‬ ‫الرؤي ُة البصري ُة والتعبيري ُة في الفنِّ الحديث ‪ -‬خيري منذر ‪41 ........................‬‬ ‫جمالي ُة الصور ِة البصريةِ ‪ -‬د‪ .‬منصف الديكي‪44 ......................................‬‬ ‫وج ُه الكتاب‪ :‬فخٌّ بصريٌّ يَأْس ُر الناظ َر والقارئَ معًا! ‪ -‬محمد العامري ‪47 .............‬‬ ‫العتب ُة األولى‪ - ..‬د‪ .‬محمد بن مثنى الراشد‪50 ........................................‬‬ ‫اإلشارات ‪ -‬مُليم الكوني‪52 ...............................................‬‬ ‫ِ‬ ‫الغالف قِ نا ُع‬ ‫ُ‬ ‫الغالف‪ ،‬الوج ُه اآلخر للكتاب ‪ -‬إبراهيم الحَ يْسن ‪٥٤ ...................................‬‬ ‫ُ‬

‫‪06.........................‬‬ ‫الدورة ‪ 15‬ملنتدى األمير عبدالرحمن السديري للدراسات السعودية‪:‬‬ ‫تحديات الصناعة الوطنية في زمن الثورة الصناعية الرابعة‬

‫غالف الكِ تاب ‪ -‬فراس المومني‪57 .................................‬‬ ‫ِ‬ ‫الصور ِة عَ ن‬ ‫غيابُ ُّ‬ ‫المرجعياتُ البصر َّي ُة والحداث ُة ألَغلفةِ الكتب ‪ -‬منصور الحارثي ‪58 ...................‬‬ ‫عميقة ‪ -‬د‪ .‬هناء بنت علي البواب ‪59 .......................‬‬ ‫ٍ‬ ‫لرؤية‬ ‫ٍ‬ ‫الغالف فخٌّ بصريٌّ‬ ‫ُ‬ ‫للقصــةِ القصيــر ِة مجلــ ُة «الجوبــةِ » أ ُنموذَجً ــــا ‪-‬‬ ‫َّ‬ ‫در اســات ونقــد‪ :‬االتجاهــاتُ الفنيــ ُة‬ ‫‪٦١‬‬ ‫سميرة الزهراني‪..‬‬ ‫األشياءُ كما هي وأوها ٌم أ ُخرى األخال ُق والخيا ُل وف ُّن السَّ ردِ ‪ -‬بسمة عالء الدين ‪٧٧ .......‬‬

‫برعاية صاحبة السمو‬

‫األميرة نورة بنت محمد آل سعود‬ ‫منتدى منيرة بنت محمد الملحم لخدمة المجتمع‬ ‫(الدورة الرابعة عشرة) يقيم ندوة‪:‬‬

‫العودة اآلمنة‬ ‫تحديات ور ُؤى‬

‫‪20..............................‬‬ ‫‪20‬‬ ‫الدورة ‪ 14‬ملنتدى منيرة امللحم‪:‬‬ ‫العودة اآلمنة تحديات ورؤى‬

‫صمــود المراكــز الثقافيــة ككيانــات تنويريــة أمــام التحــوالت الوطنيــة والثــورة‬ ‫التقنية‪ - ..‬د‪ .‬فوزية بنت عبداهلل أبوخالد ‪.......‬‬

‫‪80‬‬

‫نصوص‪ :‬ثَ َمنٌ‪ - !..‬حضية خافي‪90 .......................................................‬‬ ‫عَ و َدةٌ ‪ -‬رشا نعمان‪91 ...................................................................‬‬ ‫زُجا ُج ال ُعمْرِ ‪ -‬محمد الرياني‪92 ........................................................‬‬ ‫رسا ِئ ٌل من نافِ َذ ِة القِ طار‪ - ...‬مريم الشكيلية ‪93 .......................................‬‬ ‫جلس ُة مقهى ‪ -‬أميرة حمدان ‪94 ........................................................‬‬ ‫تسابي ُح النَّدى ‪ -‬عالي المالكي ‪96 ......................................................‬‬ ‫موط ُن اإلعجاز ‪ -‬مالك الخالدي‪97 ....................................................‬‬ ‫بُحَيْرَةُ البَجَع ‪ -‬لينا فيصل المفلح‪98 ...................................................‬‬ ‫اب (الجُ ْوبَة) ‪ -‬هند النزاري ‪99 .................................................‬‬ ‫في رِ حَ ِ‬ ‫عَ ثْ َرةٌ على فوضى الغرام ‪ -‬محمد جابر بقار مدخلي ‪100 ...............................‬‬

‫‪32.............................‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪.............................‬‬ ‫الرؤية البصرية لعتبات الكتب (األغلفة)‬

‫مواجهات‪ :‬الشاعر محمد عابس ‪ -‬حاوره‪ :‬عمر بوقاسم‪101 ..............................‬‬ ‫الشاعرة نويّر مطلق العتيبي ‪ -‬حاورها‪ :‬المحرر الثقافي ‪106 ...........................‬‬ ‫نوافذ‪ :‬البُع ُد الثقافيّ للتنمية المستدامة وِ فق رؤية ‪ - 2030‬مرسي طاهر‪110 ............‬‬ ‫إيــون لــي‪ ..‬الهــروبُ مــن اللغــة األ ّم والتشــافي مــن الجنــوح إلــى االنتحــار بالكتابــة! ‪-‬‬ ‫‪114‬‬ ‫تقديم وترجمة‪ :‬عبدالوهاب أبو زيد ‪..‬‬ ‫عزيز ضياء ‪ -‬محمد بن عبدالرزاق القشعمي ‪117 ......................................‬‬ ‫كتاب لم يصدر‪ ..‬ولم يحتجب‪ :‬المنتقى من أشعار العرب ‪ -‬محمد الجفري ‪122 .......‬‬ ‫قراءات‪ :‬عرض كتاب‪( :‬الجوفُ في عيونِ المصوّرين) ‪ -‬عبداللطيف حسن أفندي ‪127 .......‬‬

‫‪61...............................‬‬ ‫‪61‬‬ ‫االتجاهات الفنية للقصة القصيرة‬ ‫مجلة «الجوبة» أنموذجً ــا‬

‫«الشعر لالنتصار والسّ رد للهزيمة» ‪ -‬حجاج سالمة ‪135 ................................‬‬ ‫تقارير‪ :‬النشاط الثقافي (يونيو ‪ -‬ديسمبر ‪ - )2021‬محمد صالح أبو عمر ‪136 .............‬‬ ‫الصفحة األخيرة‪ :‬فقدا ُن الذاكرة األدبيَّة ‪ -‬صالح القرشي ‪144 ..............................‬‬


‫■ إبراهيم بن موسى احلميد‬

‫تذهب إلى المكتبة‪ ،‬فتتجول ببصرك نحو األفق‪ ،‬تسرح بذهنك مع عناوين الكتب المتنوعة‪،‬‬ ‫طائرًا معها إلى المدى‪ ،‬محلقًا في سمائها‪ ..‬تجتاحك األسئلة عما تراه من أغلفة أخّ اذة‬ ‫التصميم‪ ،‬يتعلق بصرك بها‪ ،‬وال يريد أن يغادر قبل أن يحصل على حصته منها‪..‬‬ ‫تحاول جمعها واقتناءها‪ ،‬أو تصفحها واحتضانها‪ ،‬إال إنك ال تستطيع أن تضمّها إليك؛‬ ‫فأنت في عجلة من أمرك‪ ،‬والوقت قصير‪ ،‬والزمن ال ينتظر‪..‬‬ ‫تفاجئنا بعض الكتب بأغلفتها الالفتة‪ ،‬وخطوطها العريضة‪ ،‬وورقها الصقيل‪ ،‬وتجد أن‬ ‫كاتبها قد مأل مئات الصفحات التي تحمل في دفتها إبداعات نصوص وقصص وروايات‬ ‫وحكايات‪ ،‬أو علومًا ومعارف‪ ،‬وأنت ال تستطيع أن تتعرف على الكتاب إال من عنوانه‪ ،‬وقد‬ ‫يكون الكتاب عند جمال الغالف أو دون ذلك‪ ،‬ولكن الغالف هو الغالف‪ ،‬وهو دليل القارئ إلى‬ ‫مجهول لقارئه؛ فيحدث أن الغالف الساحر‬ ‫ً‬ ‫الكتاب عندما يكون الكتاب ‪-‬و أحيانا الكاتب‪-‬‬ ‫جذب القارئ إليه‪ ،‬كما فعلت تلك المرأة الساحرة الجمال في قصص التراث العربي! وهو‬ ‫إذ يفعل ذلك ‪-‬أي الغالف‪ -‬فإن مفعوله يكون مفعول السحر على القارئ‪ ،‬فتجده يمأل سلته‬ ‫ثقة في الغالف الذي كان سفير الصفحات إلى المتلقي‪ ،‬قبل أن يفاجأ أحيانًا بأن محتوى‬ ‫الساحرة الجميلة تحوّل إلى ساحرة شريرة‪ !..‬كما هي ساحرات أفالم نتفليكس وديزني‬ ‫األخيرة‪..‬‬ ‫لقد ألهمت صناعة الكتب مصممي األغلفة البتكار جماليات جاذبة بصريًا‪ ،‬وهي األداة‬ ‫األقوى لجذب المتلقي‪ ،‬وكأن الكتاب والغالف وجهان لعملة واحدة؛ ألن المصمم في الغالب‬ ‫يبذل جهده في مقاربة محتوى الكتاب في تصميمه للغالف‪ ،‬ويتمثل ذلك جليًا في كتب مهمة‬ ‫حققت حضورًا الفتًا‪ ،‬وكانت األغلفة التي عكست محتوياتها بصورة جيدة‪ ،‬قد جعلت من‬ ‫الكتاب فخً ا بصريًا للمتلقي يجذبه نحو الجمال الفكري‪..‬‬

‫‪4‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫افتتاحية‬


‫يقول د‪ .‬محمد مثنى الراشد إن الغالف مفتو ٌح على التأويل‪ ،‬وإنه ينتصر للبصيرة‪ ،‬وفي‬

‫كل كتاب تشكيل بصري‪ ،‬وتلك المشهدية ذات الخلفية التشكيلية‪ ،‬إذ يحضر المشهد جنبًا‬ ‫إلى جنب مع الكلمة في إيصال مقولة الكاتب من دون أن يتدخل بشكل مباشر في المشهد‪..‬‬ ‫وقد ساعدت التقنية الحديثة والحواسيب القوية في م ّد صناعة الكتاب وتصميم األغلفة‬

‫بطاقة هائلة‪ ،‬جعلت من الكتاب سوقًا رائجة في ظل التوسع في األسواق‪ ،‬وإقامة معارض‬ ‫الكتب الدولية والمحلية‪ ،‬وبات من المهم ألصحاب الصناعة والمؤلفين تصميم أغلفتهم بما‬

‫يتوافق مع روح العصر الذي يستفيد من التقنية بكتب باتت ساحرة ومضيئة‪..‬‬

‫وإذا كان الغالف سفيرًا للكتاب‪ ،‬فإن الكتاب بكامله وبخاصة الغالف‪ ،‬بات سفيرًا أيضا‬

‫للفن والتصميم والجمال‪ ،‬وفيه البعد الرمزي للغالف الذي يعدُّه الناقد "خيري منذر" العتبات‬

‫الرئيسة للمشاهد والمتلقي للكتاب؛ فالرمز هنا هو صيغة تشير إلى الشيء بمدلوالته‬

‫وتغييراته؛ إذ يستعين المصممون باللوحات التشكيلية واألعمال الفنية واإلبداعية للفنانين‬ ‫التشكيليين الذين استطاعوا إقناع مصممي الكتب الستخدام لوحاتهم في تصميم أغلفتها‪،‬‬

‫وكما يقول محمد صابر عبيد‪ :‬عتبة الغالف تنتهي عادة إلى رؤية قد تكون النسخة األولى‬

‫من نسخ قراءة الكتاب؛ ألن التصميم يأتي استجابة جمالية لمحتوى الكتاب‪...‬‬

‫ويرى منصف الديكي أن الجمال لألغلفة‪ ،‬والبصرية المختلفة للغالف هي الحصانة التي‬

‫تختفي وراءها الكلمات؛ فيما يرى محمد العامري أن الغالف هو الفعل البصري والجمالي‬ ‫الذي تصطدم به العين للوهلة األولى‪ ..‬فالكتاب األنيق ال بد أن يسهم في شيوعه وانتشاره‪،‬‬

‫ويصبح سلعة جمالية مستساغة بكونه جاذبًا لالنتباه لدى المشاهد‪.‬‬

‫افتتاحية‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪5‬‬


‫في دورته الخامسة عشرة‬

‫تحديات الصناعة الوطنية‬ ‫في زمن الثورة الصناعية الرابعة‬ ‫■ كتب‪ :‬محمد صوانة‬

‫عقد‬ ‪‭‬منتدى‬ ‪‭‬األمير‬ ‪‭‬عبدالرحمن‬ ‪‭‬بن‬ ‪‭‬أحمد‬ ‪‭‬السديري‬ ‪‭‬للدراسات‬ ‪‭‬السعودية‬ ‪‭‬دورته‬ ‪‭‬الخامسة‬ ‫‬عشرة‪‭ ‬ ،‬في الرياض‪‭ ‬ ،‬بعنوان‪‬:‬‮«‬تحديات الصناعة الوطنية في زمن الثورة الصناعية الرابعة‮»‬‪،‬‬ ‫‬ ‪‭‬وذل ـك‬ ‪‭‬يــوم‬ ‪ ‭‬الـثــاثــاء ‪ 4‬ربيع اآلخــر ‪1423‬ه ـ ـ (‪ 9‬نوفمبر ‪2021‬م)‪‭ ‬ ،‬وحضر نــدوة المنتدى‬ ‫جمع من المدعوين من رجــال الصناعة واالقتصاد‪ ،‬أثــروا الندوة بالحوار والمداخالت‪،‬‬ ‫كما شهدت منصات وسائل التواصل التي جرى بث فعاليات المنتدى من خاللها مباشرة‪،‬‬ ‫حضورًا الف ًتا‬ ‪‭‬من‬االقتصاديين والمهتمين من داخل المملكة العربية السعودية‬وخارجها‪‬.‬‬ ‫ألــقــى مــديــر عـــام مــركــز عــبــدالــرحــمــن‬ ‫السديري الثقافي‪ ،‬سلطان بــن فيصل‬ ‪‭‬بن‪‭‬‬ ‫‬عبدالرحمن‬ ‪‭‬الــســديــري‪ ،‬كلمة رحّ ــب فيها‬ ‫بالمشاركين‪ ،‬وبالجمهور المتابع عبر البث‬ ‫الرقمي من خالل وسائل التواصل االجتماعي‬ ‫المتنوعة‪ ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬.‬وقال إن اختيار موضوع المنتدى‬ ‫لهذا العام جاء بالنظر ألهمية مواكبة الثورة‬ ‫الصناعية الرابعة‪ ،‬ولإلسهام في النقاشات‬ ‫االقتصادية فيما يتعلق بخيارات الصناعة‬

‫‪6‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫الوطنية السعودية‪ .‬وقد درجت هيئة منتدى‬ ‫األمــيــر عبدالرحمن الــســديــري للدراسات‬ ‫السعودية على اختيار الموضوعات الحيوية‬ ‫في كل عام‪.‬‬ ‫وقال إنه يشاركَنا في هذا المنتدى نخبة‬ ‫من الخبراء االقتصاديين لمناقشة عدة محاور‬ ‫تتناول واقع الصناعة السعودية حاليًا‪ ،‬ومدى‬ ‫جاهزيتها لتلبية متطلبات الثورة الصناعية‬ ‫الرابعة‪ ،‬والخصائص التقنية واالقتصادية‬ ‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬ ‫للدراسات السعودية‬


‫للثورة الصناعية الرابعة‪ ،‬وخيارات الصناعة‬ ‫الــســعــوديــة فــي ظــل الــتــحــوالت المفصلية‬ ‫للمشهد الصناعي العالمي‪ ،‬وما هي حوافر‬ ‫التنويع االقتصادي ومعوقاته‪.‬‬ ‫وأضاف السديري أن المركز قد درج على‬ ‫إقامة دورات هذا المنتدى بالتناوب سنويًا بين‬ ‫دار العلوم بالجوف ودار الرحمانية بمحافظة‬ ‫الغاط‪ ،‬وبسبب اإلجراءات االحترازية الحالية‬ ‫لمواجهة انتشار فيروس كورونا‪ ،‬ارتأت إدارة‬ ‫المركز تنفيذ هذه الدورة والدورة التي قبلها‬ ‫عبر االتــصــال المرئي‪ ،‬ورُب ضــارة نافعة‪،‬‬ ‫فإن هذه الخطوة تمكننا من إيصال رسالة‬ ‫المنتدى‪ ،‬وإتاحة محتوى هذه الدورة لجميع‬ ‫الراغبين بمتابعته‪ ،‬سواء من داخل المملكة‬ ‫العربية السعودية‪ ،‬أو من خارجها في الدول‬ ‫العربية الشقيقة وفي مختلف دول العالم دون‬ ‫استثناء‪ ،‬فرسالة المركز الثقافية رسالة عامة‬ ‫لكل مثقف ومتطلع للمعرفة‪.‬‬

‫سلطان بن فيصل بن عبدالرحمن السديري‬ ‫مدير عام مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‬

‫الجوف‬ ‫ِ‬ ‫الثقافي لديه أربع مكتبات عا َّم ُة في‬ ‫والغاط اثنتان منها للرجال ومثلها للنساء‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ـاث‪،‬‬ ‫ويــرعــى بــرنــا َمــجــا للنشرِ ودعـــمِ األبــحـ ِ‬ ‫وتــصــدر عنه دوري ــت ــان‪ :‬أدومــاتــو اآلثــاريــة‪،‬‬ ‫مناشط منبرية‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫وأشار إلى أن مركز عبدالرحمن السديري والجوب ُة الثقافية‪ ،‬وينفذ‬

‫من اليمين‪ :‬د‪ .‬منصور الصالح‪ ،‬م‪ .‬البدر بن عادل فوده‪ ،‬وأ‪ .‬طارق بن زياد بن عبدالرحمن السديري‪.‬‬ ‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬ ‫للدراسات السعودية‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪7‬‬


‫ندوة المنتدى‬ ‫المتحدثون‪:‬‬ ‫م‪ .‬البدر بن عادل فوده‪ /‬وكيل وزارة الصناعة والثروة المعدنية للتطوير الصناعي‪.‬‬ ‫د‪ .‬منصور الصالح‪ /‬خبير في التقنيات الناشئة والثورة الصناعية الرابعة‪.‬‬ ‫م‪ .‬عبداهلل بن عبدالرحمن العبيكان‪ /‬الرئيس التنفيذي لمجموعة العبيكان‪.‬‬ ‫د‪ .‬ستيفن هيرتوغ‪ /‬باحث بمدرسة لندن لالقتصاد والسياسة‪.‬‬ ‫أدار الندوة‪ :‬طارق بن زياد بن عبدالرحمن السديري‪.‬‬ ‫وملتقيات‪ ،‬ومسابقات ثقافية؛ وتشهد هذه‬ ‫تفاعل منتجً ا وملحوظً ا من قبل‬ ‫ً‬ ‫األنشطة‪،‬‬ ‫الجمهور المتابع المهتم بأنشطة المركز‬ ‫وبرامجه‪.‬‬

‫«خـــيـــارات الــصــنــاعــات الــوطــنــيــة ف ــي ظل‬ ‫التحوالت المفصلية التي تجتاح المشهد‬ ‫الــصــنــاعــي الــعــالــمــي»؛ والــدكــتــور منصور‬ ‫الصالح‪ ،‬الخبير في التقنيات الناشئة والثورة‬ ‫الصناعية الرابعة‪ ،‬وعنوان ورقته «الخصائص‬ ‫التقنية واالقتصادية للثروة الصناعية الرابعة‬ ‫ومتطلباتها في مجال إعداد القوة البشرية‬ ‫الوطنية»؛ وشــارك عبر االتصال المرئي م‪.‬‬ ‫عبداهلل بن عبدالرحمن العبيكان‪ ،‬الرئيس‬ ‫التنفيذي لمجموعة العبيكان‪ ،‬وهو واحد من‬ ‫رواد القطاع الصناعي في المملكة‪ ،‬وعنوان‬ ‫ورقــتــه «خــيــارات الصناعة الــســعــوديــة في‬ ‫زمن الثورة الصناعية»؛ وأخيرًا البروفسور‬ ‫ستيفن هيرتوغ‪ ،‬وهو باحث في مدرسة لندن‬ ‫لالقتصاد والسياحة‪ ،‬شارك بورقة عنوانها‪:‬‬ ‫«حــوافــز التنويع الصناعي ومــعــوقــاتــه في‬ ‫المملكة العربية السعودية»‪ ،‬وكانت مشاركته‬ ‫عن بعد بسبب وجوده في لندن‪.‬‬

‫بعد ذلك بدأت الندوة بكلمة لألستاذ طارق‬ ‫السديري‪ ،‬فقدم الشكر لمركز عبدالرحمن‬ ‫السديري الثقافي على تنظيم هذا المنتدى‪،‬‬ ‫ورحب بالمتحدثين‪ ،‬وهم‪ :‬المهندس بدر بن‬ ‫عــادل فــودة‪ ،‬وكيل وزارة الصناعة والثروة‬ ‫المعدنية للتطوير الصناعي‪ ،‬وعنوان ورقته‪:‬‬

‫وأشــار مدير الــنــدوة إلــى أن الهدف من‬ ‫هــذه الندوة هو مناقشة الــدور الــذي يمكن‬ ‫أن يــقــوم بــه الــقــطــاع الــصــنــاعــي‪ ،‬وأهميته‬ ‫كأحد أهم أساسات مسيرة تحوّل االقتصاد‬ ‫في المملكة‪ ،‬كما أنه أحد أهم برامج رؤية‬ ‫‪ ،2030‬وكيفية النهوض بهذا القطاع والتعامل‬

‫وقــال إن منتدى عبدالرحمن بــن أحمد‬ ‫السديري للدراسات السعودية يعد من أهم‬ ‫أنشطة المركز وبرامجه‪ ،‬وذلــك لــدوره في‬ ‫نشر الــوعــي وتعزيز الثقافة الوطنية في‬ ‫أبعادها المختلفة‪ ،‬وهو يتناول في كل دورة‬ ‫موضوعً ا مهمًا على مستوى الوطن‪ ،‬يشترك‬ ‫فــي تقديمه نخبة مــن المتخصصين‪ ،‬وقد‬ ‫اخــتــارت هيئة المنتدى مــوضــوع خــيــارات‬ ‫الصناعة الوطنية في عصر الثورة الصناعية‬ ‫الرابعة في هذه الدورة‪ ،‬إسهاما من المركز‬ ‫في إثراء النقاشات حول هذه القضية المهمة‬ ‫التي أولتها رؤية المملكة ‪ 2030‬اهتمامًا بالغًا‪.‬‬ ‫ندوة‬‪‭‬المنتدى‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

‫‪8‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬ ‫للدراسات السعودية‬


‫مع أكبر التحديات والفرص السانحة أمامه‪،‬‬ ‫وذلك في خضم ما يسمى بالثورة الصناعية‬ ‫الرابعة في االقتصاد العالمي‪.‬‬ ‫المهندس البدر فودة‬ ‫بــدأ م‪ .‬البدر فــودة في التعريف ببرنامج‬ ‫تــطــويــر الــصــنــاعــة الــوطــنــيــة وال ــخ ــدم ــات‬ ‫اللوجستية‪ ،‬وقال إنه يركز على أربعة قطاعات‬ ‫هي‪ :‬الصناعة‪ ،‬والثروة المعدنية‪ ،‬والطاقة‪،‬‬ ‫والخدمات اللوجستية‪ .‬وركز في ورقته على‬ ‫الثورة الصناعية الرابعة؛ إذ يلعب البرنامج‬ ‫دورًا كبيرًا في تمكين قطاع الصناعة؛ ألنه‬ ‫ـاس لتحقيق مستهدفات البرنامج‪،‬‬ ‫مُمكّن أسـ ٌ‬ ‫وللتركيز على تطوير قطاع الصناعة وتحفيزه‬ ‫بشكل شامل‪ ،‬من خالل ثالث ركائز رئيسة‪،‬‬ ‫هــي‪ :‬رفــع كفاءة التصنيع وخفض التكاليف‪،‬‬ ‫ورفـ ــع الــتــنــافــســيــة‪ ،‬ورفـ ــع جـ ــودة المنتجات‬ ‫المحلية‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن البرنامج يقوم بتفعيل دور‬ ‫هذا المحور من خالل الخطة التنفيذية الرابعة‬ ‫التي تم اعتمادها في بداية العام ‪2021‬م‪.‬‬

‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬ ‫للدراسات السعودية‬

‫وقال م‪ .‬فودة‪ :‬إن الثورة الصناعية الرابعة‬ ‫هــي أح ــد الـ ُمــمــكــنــات األسـ ــاس فــي تحول‬ ‫سياسات العمل ومنهجياته‪ ،‬وذلك بالتكامل‬ ‫بين التقنيات المتقدمة‪ ،‬والتحول إلى مصانع‬ ‫ذكــيــة‪ ،‬وغــيــرهــا مــن األمـــور لــزيــادة اإلنــتــاج‬ ‫والتنافسية فــي قــطــاع الصناعة‪ ،‬وتمكين‬ ‫القطاع الصناعي من تحقيق المستهدفات‬ ‫الخاصة لرؤية المملكة ‪.2030‬‬ ‫وعـرّج المهندس فــودة بالذكر على أنواع‬ ‫الثورات الصناعية التي تمت؛ فذكر أن الثورة‬ ‫الصناعية األولــى كانت في العام ‪1760‬م‪،‬‬ ‫وكانت تُعنى باختراع اآللة البخارية وميكنة‬ ‫اإلنــتــاج؛ تلتها الثورة الصناعية الثانية في‬ ‫العام ‪1870‬م‪ ،‬وكانت تُعنى بالكهرباء‪ ،‬وجرى‬ ‫خاللها اختراع الكهرباء وتحوّل اإلنتاج إلى‬ ‫إنتاج كمّي؛ أما الثورة الصناعية الثالثة فكانت‬ ‫في العام ‪1970‬م‪ ،‬ومنها بدأ دخول الحواسيب‬ ‫إلــى التطبيق؛ ثــم جــاءت الــثــورة الصناعية‬ ‫الــرابــعــة وه ــي مــجــمــوعــة مــن التطبيقات‬ ‫المتقدمة الخاصة مثل‪ :‬الحوسبة السحابية‪،‬‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪9‬‬


‫والبيانات الضخمة‪ ،‬والذكاء االصطناعي‪ ،‬في المملكة من االعتماد على العمالة الوافدة‬ ‫وهكذا دواليك‪ ،‬والتي لم تكن موجودة من ذات األجور المنخفضة إلى األتمتة والتميز‬ ‫قبل‪.‬‬ ‫التشغيلي‪.‬‬ ‫وأشار المهندس فودة إلى أن برنامج تطوير‬ ‫الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية حلل‬ ‫التحديات الموجودة في بيئة العمل‪ ،‬ليستطيع‬ ‫الــخــروج بــمــبــادرات تمكّن مــن التحول نحو‬ ‫تطبيقات الثورة الصناعية الرابعة‪ ،‬وجرى‬ ‫تعزيز دور منظومة الدورة الصناعية الرابعة‬ ‫في المملكة‪ ،‬وكذلك توفير المعلومات الالزمة‬ ‫بالنسبة للمستثمر‪ ،‬مــع إدخـــال الحوكمة‬ ‫وتكامل الجهود تحت جهة راعــيــة واحــدة‪،‬‬ ‫وتعزيز المخصصات المالية والقوى البشرية‬ ‫المتخصصة فــي ه ــذا الــمــجــال‪ ،‬إضــافــة‬ ‫إلى العمل على رفع الوعي لتقنيات الثورة‬ ‫الصناعية الرابعة عند القطاع الخاص وعلى‬ ‫وجه التحديد القطاع الصناعي‪.‬‬ ‫وأكــد المهندس فــودة أن هذه التحديات‬ ‫جرى تحويلها إلى فرص‪ ،‬ضمن أربعة محاور‬ ‫هي‪ :‬المحور األول حوكمة البيانات والتقنيات‪،‬‬ ‫والمحور الثاني تهيئة البنية التحتية الرقمية‪،‬‬ ‫والمحور الثالث تبنّي تقنيات الثورة الصناعية‬ ‫الرابعة من قبل المستخدم أو المستفيد‪،‬‬ ‫والمحور الرابع هو تحفيز التقنية واالبتكار‪.‬‬ ‫وأشـ ــار الــمــهــنــدس فـــودة إل ــى أن وزارة‬ ‫الصناعة والثروة المعدنية أطلقت برنامجً ا‬ ‫لتحويل أربعة آالف مصنع من االستخدام‬ ‫الــكــثــيــف لــلــعــمــالــة الـــوافـــدة ذات األجـــور‬ ‫المنخفضة‪ ،‬إلى استخدام تطبيقات التميز‬ ‫التشغيلي أو كفاءة اإلنتاج‪ ،‬واألتمتة‪ ،‬ما يخلق‬ ‫فرصا ألبناء الوطن‪ ،‬كما سيسهم أيضا في‬ ‫ً‬ ‫رفع مؤشر االبتكار وتطور الصناعة‪ ،‬وذلك‬ ‫بهدف تغيير مفهوم الصناعة‪ ،‬وثقافة التصنيع‬

‫‪10‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫المهندس عبداهلل العبيكان‬ ‫ثم تحدث المهندس عبداهلل العبيكان‪،‬‬ ‫الرئيس التنفيذي لمجموعة العبيكان‪ ،‬عن‬ ‫محور واقــع الصناعة الوطنية فــي الوقت‬ ‫الحاضر ومــدى جاهزيتها لتلبية متطلبات‬ ‫الثورة الصناعية الرابعة‪.‬‬ ‫فقال إن الصناعة في المملكة هي قصة‬ ‫نجاح في إدارة التنمية‪ ،‬ونحن نتحدث اليوم‬ ‫عن الفرص والتحديات التي تواجهنا بشكل‬ ‫يومي‪ .‬فالخيارات المتاحة في الصناعات‬ ‫السعودية شبيهة بالخيارات المتاحة في‬ ‫كثير من الدول‪ ،‬والتحدي أو اإلبداع هو في‬ ‫اختيار ما يناسبنا‪ ،‬بحيث نتفوق ونكون في‬ ‫حالة استدامة للصناعة السعودية‪ ،‬وإذا كانت‬ ‫إدارة التحديات هي عمل يومي للقائمين على‬ ‫الصناعة؛ فإن التمكين في إدارة التحديات‬ ‫هو التميز المأمول‪ .‬إن محور نقاشنا في هذه‬ ‫الندوة‪ ،‬هو‪ :‬ما المحركات والممكنات التي‬ ‫تحقق االستدامة للصناعة السعودية؟‬ ‫إن حجم السوق في المملكة يعد األكبر في‬ ‫المنطقة من حيث الطلب والمبيعات‪ ،‬وأغلب‬ ‫الصناعات في العالم التي تفوقت سواء في‬ ‫التصدير أو في اإلبداع أو االبتكار تتميز بأن‬ ‫لديها سوقا محلية كبيرة‪.‬‬ ‫النقطة الثانية‪ :‬الموقع الجغرافي للمملكة‬ ‫هو موقع متفرد يساعد في طــرح خيارات‬ ‫كثيرة لسالسل اإلمــداد والدعم اللوجستي‪.‬‬ ‫أما القوة الثالثة فهي توافر المواد الخام في‬ ‫المملكة سواء الهايدرو كربونية أو التعدين‪.‬‬ ‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬ ‫للدراسات السعودية‬


‫أسباب تسريع النمو وتعزيز مكانة المملكة‬ ‫صناعيًا يتطلب بناء منظومة متكاملة لكل‬ ‫صناعة‪ ،‬وتوطين الصناعة‪ ،‬ورفــع مستوى‬ ‫المحتوى المحلي أساس القدرة على التصدير‬ ‫والمنافسة‪ ،‬وبناء صناعة تعتمد بشكل أساس‬ ‫على االقتصاد الرقمي والذكاء االصطناعي‪،‬‬ ‫والتركيز على تعظيم سالسل قيم المواد‬ ‫األساس المتوافرة في المملكة‪.‬‬ ‫الدكتور منصور الصالح‬ ‫م‪ .‬عبداهلل العبيكان عبر االتصال المرئي‬

‫وأشار المهندس العبيكان إلى أن المجتمع‬ ‫السعودي يتميز بأنه مجتمع شاب ومستعد‬ ‫لإلنتاج واالســتــهــاك‪ ،‬وتتوافر لدية مــوارد‬ ‫مالية‪ ،‬ونظام مصرفي قــوي‪ ،‬ومترابط مع‬ ‫النظام العالمي‪ ،‬ويحظى بثقة عالمية في‬ ‫النظام االقتصادي واالستقرار الذي يتمتع‬ ‫به‪ .‬ويعد ذلك َم ْكمَن قوة كبيرة ينبغي توظيفها‬ ‫واالستفادة منها بشكل كبير‪ .‬أما التحوالت‬ ‫والثورات الصناعية في العالم‪ ،‬فنحن مقبلون‬ ‫على اندماج بين علم المواد وعلم المعلومات‪،‬‬ ‫وهــذا االنــدمــاج ولّــد وظــائــف مــتــعــددة‪ ،‬وله‬ ‫خصائص متعددة‪ ،‬وقوة أداء عالية‪ ،‬وسيؤثر‬ ‫على صناعات كثيرة جدا‪.‬‬ ‫ونبّه المهندس عبداهلل العبيكان إلى أن‬ ‫عدم فهمنا لهذا التغير واالندماج قد يفوّت‬ ‫فرصا كبيرة‪ ،‬ومنها االندماج في علم‬ ‫ً‬ ‫علينا‬ ‫األعمال‪ ،‬وعلوم الكمبيوتر‪ ،‬وهــذا االندماج‬ ‫الذي يحدث‪ ،‬فيه قفزات كبيرة ستولد نظام‬ ‫تشغيل جــديــد‪ ،‬ســواء فــي الصناعة أو في‬ ‫المؤسسات والشركات‪.‬‬ ‫ولخّ ص المهندس العبيكان مداخلته في أن‬ ‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬ ‫للدراسات السعودية‬

‫تحدث الدكتور منصور الصالح‪ ،‬الخبير في‬ ‫التقنيات الناشئة والثورة الصناعية الرابعة‪،‬‬ ‫عن الخصائص التقنية واالقتصادية للثورة‬ ‫الصناعية الــرابــعــة ومتطلباتها فــي مجال‬ ‫إعداد القوى البشرية الوطنية وعناصر اإلنتاج‬ ‫الضرورية األخــرى‪ ،‬فقال‪ :‬إن الزمالء الذين‬ ‫سبقوني في الحديث تحدثوا عن مراحل الثورة‬ ‫الصناعية بأطوارها األربعة‪ ،‬لكن دعونا نركز‬ ‫اآلن على الثورة الصناعية الرابعة‪ ،‬ففي حين‬ ‫كانت هناك تقنية واحدة تميز الثورة الصناعية‬ ‫فــي مراحلها الثالثة السابقة‪ ،‬فقد جــاءت‬ ‫الثورة الصناعية الرابعة متميزة بمجموعة‬ ‫من التقنيات‪ ،‬وليس تقنية واحدة فقط‪ ،‬أحيانًا‬ ‫يسمونها اإلنتاج المادي اإللكتروني‪.‬‬ ‫وبصرف النظر عن المصطلحات‪ ،‬حتى لو‬ ‫أخذنا المصطلح الرئيس «الثورة الصناعية‬ ‫الرابعة» التي بــدأت قريبًا في عــام ‪2016‬‬ ‫وال ــذي أطلقه عليها المنتدى االقتصادي‬ ‫العالمي‪ ،‬كــان هــنــاك مصطلح آخــر يدعى‬ ‫الصناعة‪ ،‬بــدءًا من استراتيجية المصانع‬ ‫أو ما يطلق عليه في ألمانيا اسم المصانع‬ ‫الذكية‪ ،‬فكانت هــذه بداية المصطلح‪ ،‬كما‬ ‫تم استخدام مصطلحات التقنيات الناشئة‬ ‫والحديثة في ذلك الوقت‪.‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪11‬‬


‫وهذا المسمى يندرج تحته مجموعة من سنويًا‪ ،‬أما عوائد إنترنت األشياء فهي ما بين‬ ‫التقنيات‪ ،‬ليستفاد منها في مجموعة من ‪ 3‬إلى ‪ 6‬ترليون في السنة‪.‬‬ ‫التطبيقات‪ ،‬ومن المهم أن نعرف أن الثورة‬ ‫وتساءل الدكتور منصور‪ :‬ما فوائد الثورة‬ ‫الصناعية الرابعة ال تقتصر على المصانع‬ ‫الصناعية الرابعة؟ ويجيب‪ :‬إن من فوائد‬ ‫فــقــط‪ ،‬فــهــي تشمل مــجــاالت كــثــيــرة‪ ،‬على‬ ‫الثورة الصناعية الرابعة‪ :‬زيــادة اإلنتاجية‪،‬‬ ‫سبيل المثال ال الحصر صناعة البرمجيات‪،‬‬ ‫والكفاءة‪ ،‬والجودة‪ ،‬والسالمة‪ ،‬واتخاذ القرار‪،‬‬ ‫وصــنــاعــة الــســيــاحــة‪ ،‬وغ ــي ــره ــا‪ .‬وهــنــاك‬ ‫والمساعدة في اتخاذ القرار‪ .‬وستكون هناك‬ ‫تقنيات شبكات اإلنترنت ووسائل التواصل‬ ‫منافسة بين الشركات والمصانع في الخدمة‬ ‫االجتماعي‪ ،‬والهواتف النقالة‪ ،‬والحوسبة‬ ‫السحابية‪ ،‬وغيرها فهي تنتقل مــن تقنية والمنتج الذي تقدمة للمستهلك‪ ،‬وسيكون لها‬ ‫إلى تطبيق مثل الطباعة ثالثية األبعاد ‪ 3D‬أثر اقتصادي كبير‪ ،‬وستتغير مفاهيم العمل‪،‬‬ ‫‪ printing‬والطاقة المتجددة وما يتعلق بها‪ ،‬والمهارات التي نحتاجها‪ ،‬وما األشياء التي‬ ‫وإنترنت األشياء‪ ،‬وتقنية النانو‪ ،‬والروبوتات‪ ،‬تغطيها اآلل ــة اآلن‪ ،‬ومــا األشــيــاء الــتــي من‬ ‫المفروض أن نركز عليها‪ ،‬وهكذا‪.‬‬ ‫وغيرها‪.‬‬ ‫إن فعالية اإلنتاج في المنظمة أو الشركة‬ ‫ولــكــي نــأخــذ فــكــرة ســريــعــة ع ــن األث ــر‬ ‫االقتصادي‪ .‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬لو أخذنا أو المصنع ستزداد؛ وفي المقابل ستقل تكلفة‬ ‫تطبيقات إنترنت الهواتف النقالة‪ ،‬ستكون اإلنتاج وتكلفة إدارة تلك الشركات‪ ،‬وكذلك‬ ‫المبالغ التي نتحدث عنها مبالغ ضخمة‪ ،‬فيما يتعلق بالجودة‪ ،‬فلها أثــر ضخم جدا‪،‬‬ ‫فإننا نتكلم عن عوائدها االقتصادية والتي سواء في التخطيط أو في إرضاء المستخدم‪،‬‬ ‫من المتوقع أن تكون من ‪ 3‬إلى ‪ 10‬تريليون أو في سرعة إيصال المنتج إلى السوق أيضا؛‬

‫‪12‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬ ‫للدراسات السعودية‬


‫باختصار سيكون للتقنية أثر كبير جدا‪.‬‬ ‫وأكــد الدكتور منصور الصالح في نهاية‬ ‫عرضه على أنه عندما يكون االستثمار من‬ ‫ناحية الــتــدريــب‪ ،‬والتهيئة‪ ،‬وفهم التنقية‪،‬‬ ‫وأثرها في الوقت الصحيح في مرحلة مبكرة‪،‬‬ ‫فإن نتائجها ستكون لها أثر كبير‪ ،‬وستكون‬ ‫كذلك هناك قدرة لديها على مواكبة أو قيادة‬ ‫التقنيات الحديثة بحيث تــكــون هــي فعال‬ ‫صاحبة السبق‪ ،‬سيكون تأثيرها أكبر بكثير‪،‬‬ ‫ألنــه عندما يرتفع مستوى نضج التقنية‪،‬‬ ‫ويكثر استخدامها في أماكن كثيرة‪ ،‬تصعب‬ ‫منافستها بشكل كبير‪.‬‬ ‫ودعــا في ختام كلمته إلــى التركيز على‬ ‫ال ــدراس ــات االستكشافية واالستطالعية‬ ‫لتحديد تلك التقنيات‪ ،‬وبخاصة في مراحل‬ ‫مبكرة‪.‬‬ ‫د‪ .‬ستيفن هيرتوغ‬ ‫أمــا الــدكــتــور ستيفن هــيــرتــوغ‪ ،‬الباحث‬ ‫بمدرسة لندن لالقتصاد والسياسة‪ ،‬فتحدث‬ ‫في ورقته حول محور حوافز التنويع الصناعي‬ ‫ومعوقاته في المملكة العربية السعودية‪،‬‬ ‫فقال‪ :‬هناك عامالن أساسان شكال المشهد‬ ‫الصناعي في السعودية منذ سبعينيات القرن‬ ‫العشرين؛ األول هو الخدمات والبنى التحتية‬ ‫التي توفرها الحكومة‪ ،‬وكذلك فيما يتعلق‬ ‫بعدالة توزيع االستثمار؛ أما العامل الثاني فهو‬ ‫توفير المواد األساس مثل‪ :‬الغاز‪ ،‬والكهرباء‪،‬‬ ‫والمياه‪ ،‬وهي العوامل الرئيسة التي قامت في‬ ‫األساس بتشكيل المشهد واإلنتاج الصناعيين‬ ‫القائمين حاليًا في السعودية‪ .‬وما يزال هناك‬ ‫تحيز بشكل أكبر تجاه الصناعات الثقيلة‬ ‫والصناعات الخفيفة التي تركز على قطاع‬ ‫الطاقة‪ ،‬والصناعات المرتبطة بالمستهلكين‬ ‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬ ‫للدراسات السعودية‬

‫د‪ .‬ستيفن هيرتوغ عبر االتصال المرئي‬

‫والــتــي تعتمد عــلــى الــمــدخــات منخفضة‬ ‫التكاليف‪ ،‬والصناعة الزراعية؛ لذلك فصافي‬ ‫المواد األساس ما زال يعد ميزة وهو السائد‬ ‫في المشهد الصناعي في السعودية بسبب‬ ‫تكاليف اإلنتاج المتعلقة بالصناعات‪ ،‬وهو‬ ‫أعلى من الجهات المنافسة اإلقليمية؛ وقد‬ ‫نتج عن ذلك أن هناك محدودية في حصة‬ ‫التقنيات المتقدمة مــن اإلنــتــاج الصناعي‬ ‫في السعودية‪ ،‬إذ إن صادراتها من التقنيات‬ ‫المتقدمة ما تزال أقل من ‪ .%1‬لذلك‪ ،‬فقد‬ ‫أدى هذا النموذج القديم عمله بنجاح‪ ،‬من‬ ‫ناحية تحقيق التحول الصناعي في السعودية‪،‬‬ ‫وبنى أكبر قاعدة صناعية ربما في الشرق‬ ‫األوســط؛ لكنه وصل إلى حالة من اإلنهاك‬ ‫واإلجهاد اآلن بسبب أن الموارد بالكامل تم‬ ‫توزيعها‪ ،‬وكذلك بسبب القيود المالية‪.‬‬ ‫وعلى الصعيد اآلخــر بالنسبة للمشهد‬ ‫العالمي‪ ،‬ما تزال هناك تحديات‪ ،‬فبعد عقود‬ ‫نــرى أن هناك عملية تنافس بين الصين‬ ‫وأمريكا‪ ،‬وأن هناك حالة تشتت وانقسام‬ ‫في السوق على الصعيد االقتصادي الدولي‪.‬‬ ‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪13‬‬


‫وبالطبع وجود جائحة كورنا أثّرت كثيرًا في‬ ‫هذا االتجاه‪ ،‬كما أدى إلى زيادة ما نسميه‬ ‫بالثورة الصناعية الرابعة بكل مكوناتها‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫التقنية‪ ،‬والبيانات‪ ،‬والذكاء االصطناعي‪ ،‬وما‬ ‫إلى ذلك‪.‬‬ ‫وأضاف د‪ .‬هيرتوغ أنه بالنسبة لتوظيف‬ ‫الكفاءات الوطنية‪ ،‬واالستفادة منها‪ ،‬تدفع‬ ‫الحكومة باتجاه السعودة‪ ،‬وتوطين المهن‪،‬‬ ‫وزيــادة توظيف السعوديين‪ ،‬وهذا قد يعني‬ ‫على المدى القريب زيادة في التكاليف‪ ،‬وربما‬ ‫انخفاض في المرونة بالنسبة للمنتجين‪،‬‬ ‫لكن على المدى البعيد قد يعني تحسينًا‬ ‫للمشهد اإلنتاجي‪ ،‬لكنها حركة تسير ببطء‬ ‫ملحوظ‪ ،‬وبسبب محدودية وجود المهارات‬ ‫المتخصصة من داخــل السعودية سيبقى‬ ‫االنتقال إلى اإلنتاج التقني الموسّ ع والمكثّف‬ ‫يمر بمرحلة بطيئة في المستقبل القريب في‬ ‫السعودية‪.‬‬ ‫وقال إن هناك مجموعة كبيرة من الفرص‬ ‫الــجــديــدة الــتــي تــلــوح فــي األفـــق بالنسبة‬ ‫للمنتجين الجدد‪ ،‬وبخاصة في القطاعات‬ ‫التي تستهدفها الحكومة من ناحية الصناعات‬ ‫االستراتيجية‪ .‬مثل برنامج تطوير الصناعات‬ ‫الوطنية والخدمات اللوجستية‪ ،‬كمثال‪ .‬وتقود‬ ‫هــذه الجهود شركة أرامــكــو بشكل أســاس‪،‬‬ ‫ومعها كذلك بعض الجهات المحلية‪ ،‬وكذلك‬ ‫أيــضــا فيما يتعلق فــي إعـــادة توجيه بعض‬ ‫سالسل اإلمــداد والتوريد لبعض الصناعات‬ ‫االستراتيجية المهمة‪ ،‬ومنها أيضا صناعات‬ ‫الدفاع واألدوية‪ ،‬والصناعات الزراعية‪.‬‬ ‫وخــتــم الــدكــتــور هــيــرتــوغ ب ــاإلش ــارة إلــى‬ ‫فرصة جديدة تلوح في السعودية وتتعلق في‬ ‫التوسع في استخدام الطاقة المتجددة‪ ،‬هي‬

‫‪14‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫موجة تحول صناعية جديدة‪ ،‬ربما قد تكون‬ ‫بطيئة بعض الشيء‪ ،‬لكنها سوف توفر بعض‬ ‫اإليجابيات‪ ،‬مثل توفير الكهرباء والطاقة‬ ‫بخدمات أقــل تكلفة‪ ،‬وتوفر كذلك مصدرًا‬ ‫جديدًا للمواد األساس‪ ،‬والتي يمكن أن تشكل‬ ‫ـول جــدي ـدًا لصناعة مكثفة للصناعات‬ ‫تــحـ ً‬ ‫الثقيلة‪.‬‬ ‫الحوار والمداخالت‬ ‫تساءل مدير الــنــدوة‪ :‬هل تطوير القطاع‬ ‫الصناعي أمــر ض ــروري لتطوير عجلة نمو‬ ‫االقــتــصــاد الــســعــودي وتــســريــعــه‪ ،‬وتحقيق‬ ‫مستهدفاته‪ ،‬وتقليل االعتماد على البترول؟‬ ‫أم هل من الممكن تحقيق هذه المستهدفات‬ ‫عوضا عن‬ ‫ً‬ ‫عن طريق تطوير قطاعات أخرى‬ ‫القطاع الصناعي؟‬ ‫أجــاب المهندس الــبــدر ف ــودة‪ ،‬فــقــال‪ :‬إن‬ ‫مساهمة الصناعة في الناتج المحلي بالنسبة‬ ‫لــلــدول الـــ ‪ ،20‬هــي فــي ح ــدود ‪%17‬؛ بينما‬ ‫مساهمة الصناعة الوطنية في الناتج السعودي‬ ‫‪ ،%12‬وهذه الفجوة تمثل التحدي‪ ،‬والفرصة‬ ‫الــتــي نعمل مــن خــالــهــا‪ ،‬إلح ــال الـ ــواردات‬ ‫لرفع الطاقة اإلنتاجية للمصانع‪ ،‬وخلق فرص‬ ‫جديدة‪ ،‬وهي فرص ألبنائنا وبناتنا‪ ،‬وإال فأين‬ ‫سيعمل أبناؤنا وبناتنا إذا لم نوفر لهم فرص‬ ‫العمل‪ .‬فقطاع الصناعة الــيــوم يسهم في‬ ‫تشغيل قطاع التجارة وقطاع الخدمات؛ ألن‬ ‫المصنع في النهاية يبيع للموزع‪ ،‬والموزع‬ ‫يوزع لمنافذ البيع‪ ،‬وهكذا‪ ..‬فكل وظيفة في‬ ‫القطاع الصناعي تخلق ما بين ‪ 5‬إلى ‪10‬‬ ‫وظائف في القطاعات األخرى‪ ،‬وهذا بشكل‬ ‫مبسط‪ ،‬أي لماذا نحتاج إلى تنمية القطاع‬ ‫الصناعي‪ ،‬ناهيك عن تنويع مصادر الدخل‬ ‫أساس‬ ‫ٌ‬ ‫وعدم االكتفاء بمصدر واحــد‪ ،‬لكنه‬ ‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬ ‫للدراسات السعودية‬


‫لتوفير الوظائف‪ ،‬ولخفض السلبية في ميزان‬ ‫المدفوعات وغيرها من الفوائد المعروفة‪.‬‬ ‫مدير الندوة‪ :‬السؤال موجه للبروفيسور‬ ‫ستيفن هــيــرتــوغ‪ .‬لــو نظرنا إلــى االقتصاد‬ ‫الــســعــودي خــال الخمسين سنة الماضية‬ ‫فإنه نما بمعدل سنوي ‪ %5‬مقارنة بمعدل‬ ‫نمو االقتصاد الكلي بنسبة ‪ %4‬سنويًا‪ ،‬أي‬ ‫أعــلــى مــن االقــتــصــاد الــكــلــي‪ ،‬ولــذلــك نسبة‬ ‫القطاع الصناعي من االقتصاد الكلي زادت‬ ‫من ‪ %7.5‬تقريبًا في أوائل السبعينيات إلى‬ ‫نحو ‪ %11‬اليوم‪ .‬فالسؤال هو اليوم على ضوء‬ ‫ذلك‪ ،‬هل هناك تحدٍّ يجب معالجته أم أننا‬ ‫نسير في الطريق الصحيح‪ ،‬وأن كل ما يجب‬ ‫أن نقوم به هو مواصلة السير في االتجاه‬ ‫نفسه؟‬

‫نقطتين؛ األولــى هي أنه كان هناك بالفعل‬ ‫بداية حقيقية للصناعة‪ ،‬ولكن على نطاق‬ ‫صغير جدًا بدأت في الستينيات‪ ،‬من القرن‬ ‫ٍ‬ ‫الــمــاضــي‪ ،‬ف ــإذا أضــفــنــا ه ــذه الحقبة إلــى‬ ‫الحساب الذي ذكرته‪ ،‬يمكن أن نجد أن معدل‬ ‫النمو كان أكبر مما ذكر في سؤالك‪.‬‬

‫النقطة الثانية‪ ،‬وهــي مثيرة لالهتمام‬ ‫أنه بالنسبة للسعودية‪ ،‬فقد تمتعت المملكة‬ ‫كبير جـدًا باالستفادة مما لديها من‬ ‫ٍ‬ ‫بذكاءٍ‬ ‫المواد األســاس وميزاتها‪ ،‬وبــدأت برنامجً ا‬ ‫صناعيًا كانت تقوده الحكومة‪ ،‬وربما يعد‬ ‫الــبــرنــامــج الــصــنــاعــي األنــجــح فــي الــشــرق‬ ‫األوسط‪ ،‬ولكن كان له مردوداته؛ من ناحية‬ ‫أن المواد األساس هي قطاع تعرض لإلنهاك‬ ‫واالستنزاف‪ ،‬لذلك يمكن اعتبار ما حدث في‬ ‫السعودية قصة نجاح تاريخية حقيقة‪ ،‬ولكن‬ ‫د‪ .‬ستيفن هيرتوغ‬ ‫ما أود أن أقوله إن الرحلة التالية من التحول‬ ‫اإلج ــاب ــة عــن ه ــذا ال ــس ــؤال تــتــكــون من الصناعي ستكون أصعب بكثير‪ ،‬ألن ما يكمن‬

‫جانب من الحضور‬ ‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬ ‫للدراسات السعودية‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪15‬‬


‫أن نشبهه بالقطوف الدانية أو المزايا التي التوطين في المستويات الحكومية المحلية‪،‬‬ ‫كانت متاحة‪ ،‬ويسهل استخدامها‪ ،‬تم بالفعل ألن المستويات المحلية‪ ،‬محرك قوي جدا‬ ‫لتسريع النمو االقتصادي والصناعي‪.‬‬ ‫استخدام الغالبية العظمى منها‪.‬‬ ‫مدير الندوة‬

‫مدير الندوة‬

‫د‪ .‬مــنــصــور‪ :‬م ــا ه ــي أكــبــر الــتــحــديــات‬ ‫السؤال للمهندس عبداهلل العبيكان‪ :‬كان‬ ‫هناك عدة محاوالت خالل السنين والعقود والــعــوائــق التكنولوجية فيما يخص تطوير‬ ‫الــمــاضــيــة لتطوير الــقــطــاع الــصــنــاعــي في القطاع الصناعي السعودي؟‬ ‫المملكة‪ ،‬فهو يشكل ‪ %11‬من االقتصاد الكلي‬ ‫د‪ .‬منصور الصالح‬ ‫تقريبا‪ ،‬مقارنة بنسب تراوح ما بين الـ ‪ 20‬إلى‬ ‫طبعا بحكم أننا نتحدث عن تقنيات حديثة‬ ‫‪ % 30‬في دول مثل ماليزيا‪ ،‬وكوريا الجنوبية‪،‬‬ ‫والصين‪ .‬برأيكم‪ :‬ما هي أكبر التحديات التي وناشئة‪ ،‬وبعضها أيضا معقد‪ ،‬ويحتاج إلى‬ ‫حالت دون الــوصــول إلــى هــذه المستويات‪ ،‬تدريب وإلــى فهم عميق‪ .‬فقد تكون إحدى‬ ‫واالحتذاء بما قامت به بعض الدول الناجحة مشكالت تبني التقنيات الحديثة أو ما يسمى‬ ‫بتقنيات الــثــورة الصناعية الرابعة‪ -‬بشكل‬ ‫في هذا المجال؟‬ ‫عام‪ -‬هي عدم وجود فهم كامل من أصحاب‬ ‫م‪ .‬عبداهلل العبيكان‬ ‫المصلحة ومتخذي القرار الموجودين في‬ ‫اعتقد أن واحدًا من التحديات الرئيسة هو المصانع والشركات وغيرها‪ .‬فما هي هذه‬ ‫موضوع التكامل في االستراتيجية‪ .‬فالصناعة التقنيات التي نسمع بها اآلن؟ ما دورها؟ وما‬ ‫ال يمكن أن تنجح وتزدهر إذا لم يكن هناك هو تأثيرها؟‬ ‫منظومة متكاملة ومترابطة‪ ،‬وهذا مهم جدا‬ ‫لتسريع النمو‪ .‬والنقطة الثانية‪ :‬فيما يتعلق‬ ‫بالصناعات األساس‪ ،‬صحيح أننا تفوقنا في‬ ‫الصناعات النفطية والبتروكيماويات‪ ،‬لكن مثل‬ ‫صناعة السيارات هي صناعة أساس ومحرك‬ ‫للتنمية بشكل كبير‪ ،‬مــا يعني أنــنــا فقدنا‬ ‫التوطين‪ .‬والصناعة العسكرية مهمة لتنشئة‬ ‫الصناعات المدنية وتحفيزها واإلبداع فيها‪.‬‬ ‫أما ما يتعلق بتوطين قطاع نظام المعلومات‪،‬‬ ‫فكل شركات التقنية الموجودة عندنا اليوم‬ ‫جميعها عــبــارة عــن بياعين‪ ،‬فليس لدينا‬ ‫مراكز أبحاث ومبرمجين ومطورين لتسريع‬ ‫التنمية‪ .‬النقطة الرئيسة األخيرة‪ ،‬وهي مهمة‬ ‫جدا‪ ،‬هي توطين المشتريات أو رفع مستوى‬

‫‪16‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫تأثيرها كما ذكرنا من ناحية اإلنتاجية‪،‬‬ ‫واإلي ــرادات السنوية‪ ،‬واألمــان في المصنع‪.‬‬ ‫هل فعال ستقلل التكلفة أم ال؟ هل ستخفض‬ ‫أعداد األيدي العاملة؟ وبالتالي هل يمكن رفع‬ ‫الجودة‪ ،‬ومزايا أخرى كثيرة؟ أعتقد أننا ربما‬ ‫نحتاج إلى ورش عمل بطرق مختلفة‪ ،‬للتأكد‬ ‫فعال من استيعاب التقنيات المختلفة‪ ،‬وما هو‬ ‫أثرها‪ ،‬ولماذا هي مهمة‪ ،‬وفي الوقت نفسه‪،‬‬ ‫فمن المعروف أنه ليس دائما التقنيات تزيد‬ ‫من اإلنتاجية وتطور الشركة أو المصنع‪.‬‬ ‫كــمــا يــجــب أن تــكــون هــنــاك دراسـ ــة دقيقة‬ ‫أيضا‪ ،‬لمعرفة أثر تلك التقنيات وتطبيقها‪،‬‬ ‫وعــدم وجــود الكفاءات ‪-‬كما ذكر المتحدث‬ ‫في السؤال السابق‪ -‬القادرة على إدارة تلك‬ ‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬ ‫للدراسات السعودية‬


‫د‪ .‬عبدالرحمن الجعفري‪ ،‬يقدم مداخلته‬

‫التقنيات وتشغيلها واالستفادة منها‪ ،‬كذلك‪،‬‬ ‫فإن الشركات معتادة على عمليات وإجراءات‬ ‫واستراتيجيات معينة‪ ،‬يطبقونها منذ سنوات؛‬ ‫فدائمًا يصعب التغيير‪ ،‬وتبني تقنيات فعال‬ ‫حديثة أثرها غير واضح أمام أعينهم‪.‬‬ ‫مدير الندوة‬

‫المبادرة الثانية‪ :‬البنية التحتية للثورة‬ ‫الصناعية الرابعة وهي ليست تحت منظومة‬ ‫الصناعة والثروة المعدنية كوزارة‪ ،‬وإنما تحت‬ ‫وزارة االتصاالت وتقنية المعلومات‪ ،‬للتمكين‬ ‫من وجودها؛ ألنه في النهاية‪ ..‬فإن التطبيقات‬ ‫هذه كلها تحتاج إلى شبكة إنترنت وبنية تحتية‬ ‫قوية‪ .‬والمبادرة الثالثة هي منصة الممكّنات‬ ‫الرقمية‪ .‬والمبادرة الرابعة هي التوعية في‬ ‫الثورة الصناعية الرابعة‪.‬‬

‫مهندس بــدر‪ ،‬عــودة لكم‪ ..‬على ضــوء ما‬ ‫سمعناه‪ ،‬برأيكم‪ ،‬هل تعطينا فكرة عن أهم‬ ‫المبادرات التي تقوم فيها وزارة الصناعة‬ ‫إن عدد المبادرات كبير‪ ،‬وهــذا يعني أن‬ ‫لــتــحــقــيــق مــســتــهــدفــات بــرنــامــج الــتــطــويــر‬ ‫منظومة الصناعة لها مبادرات متخصصة‬ ‫الصناعي من ناحية اإلضافة للناتج المحلي‪،‬‬ ‫ومن ناحية توليد الوظائف‪ ،‬ومواجهة بعض الهدف فيها في النهاية أن تغير من شكل‬ ‫الصناعة الــتــي نــراهــا الــيــوم إلــى الطموح‬ ‫التحديات التي تم ذكرها‪.‬‬ ‫والتوافق مع رؤية المملكة ‪.2030‬‬ ‫م‪ .‬البدر‬ ‫مداخلة من د‪ .‬عبدالرحمن الجعفري‬ ‫شــكــرا جــزيــا عــلــى ال ــس ــؤال‪ ،‬الــمــبــادرة‬ ‫كل متحدث من المتحدثين األربعة لمس‬ ‫األولى هي تأسيس المركز الوطني للتصنيع‬ ‫واإلنتاج المتقدم وتشغيله‪ ،‬وهذا المركز يركز جوانب مهمة بالنسبة للصناعة‪ .‬ولعلي أضيف‬ ‫على الثورة الصناعية الرابعة‪ ،‬وتطبيقاتها شيئًا واحدًا ربما لم يتطرقوا له‪ ،‬ولهذا السبب‬ ‫التي شرحتها أثناء العرض‪ ،‬وتمكين القطاع أراه من أهم األهميات أو األساسات لتقدم‬ ‫الصناعي من االستفادة منها‪.‬‬ ‫الصناعة‪ .‬سأل المهندس عبداهلل العبيكان‬ ‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬ ‫للدراسات السعودية‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪17‬‬


‫سؤاال‪ ،‬ما هي المؤشرات أو الممكنات التي‬ ‫تحقق االستدامة للصناعة السعودية؟ أعتقد‬ ‫أن هــذا الــســؤال مــحــوري‪ ،‬وكــذلــك الدكتور‬ ‫منصور ذكر تقنيات عديدة‪ ،‬كيف جاءَت تلك‬ ‫التقنيات؟ ومــا المحرك األســاس للصناعة‬ ‫في العالم؟ لو أخذنا تجربة كوريا الجنوبية‪،‬‬ ‫وتجربة اليابان‪ ،‬والتجارب في الغرب‪ ،‬ما‬ ‫المحرك الــذي أوصــل هذه الصناعة وجعل‬ ‫تــلــك الـ ــدول تنتج منتجات عــالــيــة الــجــودة‬ ‫وبتكلفة منخفضة‪ ،‬وكل سنة تقدم لنا منتجً ا‬ ‫جديدا؟ ستذهبون غدا أو بعد غدا لشراء‬ ‫جهاز هاتف سام سونج أو آبل أو غيرهما‪ ،‬ما‬ ‫المحرك األساس الختيار هذه األجهزة؟ في‬ ‫يوم من األيام حاولت أن أتعرف على مقدار ما‬ ‫ننفقه نحن على البحث والتطوير في شركاتنا‬ ‫القائمة‪ ،‬فأخذت مائة وسبع وستين أو مائة‬ ‫وسبع وخمسين شركة خليجية رأسمالها أكثر‬ ‫من ‪ 20‬مليون دوالر‪ ،‬وقلت دعني أرى كم تنفق‬ ‫على البحث والتطوير! وبعد زيارة كنا بها في‬ ‫اليابان‪ ،‬زرنا مركز شركة هيتاشي‪ ،‬سألتهم‪:‬‬ ‫كم تنفقون على البحث والتطوير؟ قالوا‪ :‬ننفق‬ ‫نحو ‪ %6‬من حجم مبيعاتنا‪ ،‬ثم سألت‪ :‬كم‬ ‫حجم مبيعاتكم؟ أجابوا بالمليارات!‬

‫ثانيا‪ :‬الميزة النسبية‪ ،‬لقد حققنا في‬ ‫صناعتنا في الجبيل‪ ،‬وقد عددها لنا الدكتور‬ ‫هــيــرتــزوغ‪ ،‬مــا ال ــذي جــعــل صناعتنا تقوم‬ ‫وجعل لها وجودا؟ في الحقيقة‪ ،‬إنها الطاقة‬ ‫الــرخــيــصــة‪ ،‬لقد كــانــت الــطــاقــة الرخيصة‬ ‫هي مدخلنا للصناعة‪ ،‬فكانت هي المدخل‬ ‫األساس‪ ،‬فال داعي ألن نقتل الدجاجة التي‬ ‫تبيض لنا بيضة من ذهب ونرفع التكلفة‪.‬‬ ‫د‪ .‬رجا المرزوقي‬ ‫ذكر المتحدثون مبادرات وقضايا مهمة‬ ‫عــلــى مــســتــوى االقــتــصــاد الــجــزئــي‪ .‬فعلى‬ ‫المستوى القطاعي‪ ،‬غالب المبادرات رائعة‪،‬‬ ‫ولكنني أتوقع أن لدينا إشكالية‪ ،‬وأود أن أسمع‬ ‫رأيهم حولها في التنافسية‪ .‬كيف أستطيع أن‬ ‫أخفض التكلفة‪ ،‬مقابل دول العالم األخرى‪،‬‬ ‫ال ــذي تحدثتم عنها فــي الــمــبــادرات‪ ،‬في‬ ‫الجانب االقتصادي الكلي خاصة في الدول‬ ‫النفطية تــحــدث صــدمــات لالقتصاد تؤثر‬ ‫على سعر الصرف الحقيقي‪ ،‬وعلى العالقة‬ ‫بــيــن الــقــطــاع الــنــفــطــي‪ ،‬والــقــطــاع الــعــقــاري‬ ‫وغير العقاري‪ ،‬ويؤثر ذلــك على التكاليف‬ ‫الحقيقية والتنافسية؛ والنقطة الثانية المهمة‬ ‫اإلنتاجية‪ ،‬وذلك حتى نحسن اإلنتاجية عندنا‬ ‫البحث والتطوير‪ ،‬وكــذلــك جــزء مــن تأثير‬ ‫اإلنتاجية والــذي يرفع اإلنتاجية وهذا جزء‬ ‫من التنافسية‪ ،‬وأداء القطاعات الحكومية‬ ‫مــهــم جـــدا‪ ،‬ولــكــن ربــمــا تــكــون الــســيــاســات‬ ‫الحكومية تعرقل اإلنتاجية أكثر مما تخدمها‪.‬‬

‫نحن وجــدنــا أن صناعاتنا ليس عندها‬ ‫مراكز بحث‪ ،‬عندنا مركز بحث وتطوير في‬ ‫سابك‪ ،‬أسسه المهندس عبدالعزيز الزامل‪،‬‬ ‫رحمه اهلل‪ ،‬وهنا أقولها إلخواننا في وزارة‬ ‫الصناعة‪ ،‬شكرا لكم على جهودكم‪ ،‬ولكن إن‬ ‫كنتم تريدون صناعة مستمرة متطورة في‬ ‫المملكة العربية السعودية‪ ،‬يجب أن نخصص مدير الندوة‪ :‬أنتقل بالسؤال للبروفيسور‬ ‫بحدود ‪ %2‬إلى ‪ %3‬من الناتج المحلي للبحث هيرتوغ‪ .‬إن كان لكم تعليق بشأن كيف يمكننا‬ ‫والتطوير في كل صناعاتنا القائمة‪.‬‬ ‫أن نتعامل مع شيئين اثنين‪ ،‬هما‪ :‬التنافسية‬

‫‪18‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬ ‫للدراسات السعودية‬


‫المهندس البدر فودة‬

‫في األسواق العالمية‪ ،‬واإلنتاجية في القطاع‬ ‫الصناعي السعودي والموظف السعودي في‬ ‫لقد جاءت رؤية ‪ .2030‬لتعمل على تنويع‬ ‫القطاع لالستمرارية على المستوى العالمي؟ مــصــادر الــدخــل‪ ،‬وأال يــكــون االقــتــصــاد كله‬ ‫مرهونا بمنتج واحــد أمــام أي أزمــة عالمية‬ ‫د‪ .‬ستيفن هيرتوغ‬ ‫بالنسبة لموضوع اإلنتاجية‪ ،‬كان هناك تحصل أو تغير في األسعار وغير ذلك‪ .‬أتوقع‬ ‫انخفاض في اإلنتاجية شهدناه لعقود‪ ،‬وكان أن الرؤية في كل برامجها‪ ،‬هي لإلجابة عن‬ ‫السبب هو وجــود محفزات حكومية‪ ،‬أدت هذا السؤال إذا كنت فهمت السؤال بالشكل‬ ‫ربما إلى قلة اهتمام المواطنين السعوديين الصحيح‪.‬‬ ‫بصفة معينة في القطاع الــخــاص‪ ،‬أو في‬ ‫أما بالنسبة للتنافسية واإلنتاجية‪ ،‬فالسوق‬ ‫اكتساب المهارات التي تدفعهم إلى القطاع‬ ‫السعودية اليوم ليست سوقا مغلقة‪ ،‬بل هي‬ ‫الــخــاص‪ ،‬وكــذلــك النقطة األخ ــرى بسبب‬ ‫منفتحة جــدا‪ ،‬وفيها كــل أن ــواع المنتجات‪،‬‬ ‫وجود وفرة كبيرة في المنطقة اإلقليمية بما‬ ‫ون ــح ــاول أن تــكــون ســوقــا تــتــســم بــعــدالــة‬ ‫يتعلق بالعمالة منخفضة التكاليف‪ ،‬والتي‬ ‫أثرت في هذا الجانب أيضا؛ لذلك‪ ،‬فالشيء المنافسة‪ ،‬وإنني إذا كنت أنتج منتجا بمستوى‬ ‫المهم الــذي يجب أن نركز عليه إذا أردنا جــودة مرتفعة‪ ،‬يجب أن أضمن أن المنتج‬ ‫زيادة اإلنتاجية‪ ،‬وزيادة االستثمار في مجال الرديء لن يدخل المملكة وينافس المنتجات‬ ‫التقنيات المتقدمة‪ ،‬يجب أن يكون هنالك المحلية‪ .‬صحيح أن األجور المنخفضة يترتب‬ ‫إعــادة دراســة لتكلفة اإلنــتــاج‪ .‬وكذلك بناء عليها إنتاجية منخفضة‪ ،‬ولكي ترتفع الجودة‪،‬‬ ‫على هذا األمر ستتاح الفرصة للمواطنين ويرتفع السعر‪ ،‬ويكون السعر منافسا‪ ،‬نحتاج‬ ‫السعوديين ألن يقوموا باختيار نوع التدريب أيضا أن تكون السوق محكومة بشكل قوي‬ ‫المناسب لهم لينضموا إلى القطاع الخاص‪ ،‬من ناحية عدالة المنافسة‪ ،‬وتضطر لعمل‬ ‫على سبيل المثال بإمكانهم اختيار التدريب المعادلة الصعبة والتي هي جودة وسعر جيد‪.‬‬ ‫األكاديمي أو المهني‪ ،‬ولكن يجب أن تتوافر يمكن أن تكون بعض قطاعات الصناعة خالل‬ ‫لهم المحفزات واإلشارات التي تدفعهم إلى‬ ‫الفترة الماضية قد ركزت على السعر دون‬ ‫اختيار العمل في القطاع الخاص‪ ،‬والتركيز‬ ‫الجودة‪ ،‬ولكن هناك شركات وطنية أخرى‬ ‫كذلك على المجاالت عالية التقنية‪ .‬الوضع‬ ‫أخــذت منحى آخــر‪ .‬مثال شركة المراعي‬ ‫اآلن تغير وبدأ الشباب السعودي يركز جيدا‬ ‫في اختيار نوع التعليم الذي سيكون مهما اليوم وغيرها من الشركات الوطنية‪ ،‬حقيقة‬ ‫ومفيدا له ومساعدا له في ســوق العمل‪ ،‬نثق فــي جــودة منتجاتها‪ ،‬ويمكن هــذه هي‬ ‫وأيضا أكثر من ذلك بدأوا يركزون في انتقاء المعادلة الصعبة إذا حليناها‪ ،‬وعملنا منتجا‬ ‫الخبرات والمهارات‪ ،‬لتوفر لهم التدريب‪ ،‬جيدا بسعر جيد‪ ،‬سيولد وظيفة جيدة براتب‬ ‫ليحصلوا على المهارات التي تكون مناسبة ممتاز‪ ،‬ويمكن أن يأخذنا هذا إلى منافسة‬ ‫للعمل في القطاع الخاص‪.‬‬ ‫وإنتاجية أفضل‪.‬‬ ‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري‬ ‫للدراسات السعودية‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪19‬‬


‫برعاية صاحبة السمو‬

‫األميرة نورة بنت محمد آل سعود‬ ‫منتدى منيرة بنت محمد الملحم لخدمة المجتمع‬ ‫(الدورة الرابعة عشرة) يقيم ندوة‪:‬‬

‫العودة اآلمنة‬ ‫تحديات ورُؤى‬ ‫■ كتب‪ :‬جهاد أبو مهنا‬

‫برعاية صاحبة السمو األميرة نــورة بنت محمد آل سعود (حــرم أمير منطقة‬ ‫الرياض) عقد منتدى منيرة بنت محمد الملحم لخدمة المجتمع منتداه السنوي‬ ‫في دورته الرابعة عشرة عبر االتصال المرئي وبعدد محدود للحضور بعنوان‪:‬‬ ‫العودة اآلمنة‪ ...‬تحديات ورُ ؤى‬

‫وذلك يوم االثنين ‪ 17‬ربيع اآلخر ‪1443‬هـ (‪ 22‬نوفمبر ‪2021‬م)‪ ،‬والذي يقيمه مركز‬ ‫عبدالرحمن السديري الثقافي سنويًا بدار الرحمانية بالغاط‪ ،‬ولكنه عقد هذا العام‬ ‫استثنائيًا عبر االتصال المرئي تماشيًا مع ظروف مواجهة جائحة كورونا‪.‬‬ ‫وق ــال ــت صــاحــبــة الــســمــو األمــيــرة درجات جودة الحياة ألبناء المجتمع‪.‬‬ ‫نورة بنت محمد آل سعود إن موضوع‬ ‫وأضــافــت صاحبة السمو األمــيــرة‬ ‫المنتدى لهذا العام من الموضوعات نورة بنت محمد آل سعود إننا مطالبون‬ ‫الــحــيــويــة الــتــي تــامــس احتياجاتنا بمعرفة متطلبات تحقيق العودة اآلمنة‬ ‫المجتمعية فــي مختلف القطاعات لكافة القطاعات في الدولة التي تأثرت‬ ‫التنموية في وطننا الغالي‪ ،‬وإن هذا بجائحة كورونا‪ ،‬وذلك بأخذ الدروس‬ ‫المنتدى ينطلق من روح رؤية المملكة والعبر‪ ،‬واالستفادة من جميع المبادرات‬ ‫‪ 2030‬التي تدعو للمبادرات التنموية‪ ،‬والخطط الناجحة التي أ ُنجزت لتالفي‬ ‫وتسعى إلى تحقيق التقدم في مختلف التأثيرات السلبية‪ ،‬وتعظيم النجاحات‬ ‫الــمــجــاالت االقــتــصــاديــة والتعليمية اإليجابية التي حققتها المملكة بقيادة‬ ‫والصحية واالجتماعية‪ ،‬وتوفير أقصى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان‬

‫‪20‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫منتدى منيرة الملحم ‪١٤‬‬


‫بــن عبدالعزيز وولــي عهده األمــيــر محمد اآلمنة تتطلب خوض غمار التحديات وتكوين‬ ‫بــن سلمان حفظهما اهلل‪ ،‬واستثمار ذلك رؤى خـ ّـاقــة حتى ترسو سفينتنا على بر‬ ‫بما يخدم مختلف القطاعات التنموية في األمان بعون اهلل‪.‬‬ ‫المملكة‪.‬‬ ‫وذكرت السديري أن المنتدى لهذا العام‬

‫افتتح المنتدى بكلمة لرئيسة هيئة المنتدى‬ ‫ومــســاعــدة الــمــديــر الــعــام لــشــؤون القسم‬ ‫النسائي‪ ،‬أ‪ .‬د‪ .‬مشاعل بنت عبدالمحسن‬ ‫الــســديــري‪ ،‬رحــبــت فيها بصاحبة السمو‬ ‫األميرة نورة بنت محمد آل سعود‪ ،‬وشكرتها‬ ‫على رعاية منتدى منيرة بنت محمد الملحم‬ ‫لخدمة المجتمع بــدورتــه الرابعة عشرة‪،‬‬ ‫كــمــا رحــبــت بــالــحــضــور‪ ،‬وأشــــارت إل ــى أن‬ ‫هذا المنتدى‪ ،‬من األنشطة الثقافية لمركز‬ ‫عبدالرحمن الــســديــري الثقافي‪ ،‬وتقيمه‬ ‫مكتبة منيرة الملحم سنويًا ويــهــدف إلى‬ ‫تسليط الضوء على موضوع ذي أهمية على‬ ‫مستوى المملكة‪.‬‬

‫يتناول موضوع الــعــودة اآلمــنــة‪ ...‬تحديات‬ ‫ورُؤى‪ ،‬بــمــشــاركــة نخبة مــن األكاديميين‬ ‫والمختصين مــن الجامعات والمؤسسات‬ ‫الوطنية المختلفة‪ ،‬بما يــثــري الخبرات‬ ‫المكتسبة للمشاركين في الكشف عن اآلثار‬ ‫النفسية والسلوكية لما بعد العودة‪ ،‬وآثارها‬ ‫المتوقعة على األجيال القادمة‪ ،‬من خالل‬ ‫إطالعهم على تجارب جديدة وقيمة‪ ،‬من‬ ‫شأنها تحقيق األهــداف المنشودة من هذا‬ ‫حرصا من المركز على مواكبة‬ ‫ً‬ ‫المنتدى‪،‬‬ ‫الــمــســتــجــدات لتغطي مختلف الــمــجــاالت‬ ‫االجتماعية واالقتصادية والتعليمية ذات‬ ‫األهمية على المستوى الوطني‪ ،‬من خالل‬ ‫تركيزه على موضوع العودة اآلمنة لما بعد‬ ‫جائحة كورونا‪ ،‬وذلك لمناقشة تجربة المملكة‬ ‫وصول إلى العودة اآلمنة‬ ‫ً‬ ‫منذ بداية الجائحة‬ ‫للحياة الطبيعية‪ ،‬بعد اتخاذ كافة التدابير‬ ‫الالزمة المتعلقة بالصحة والسالمة العامة‬ ‫لحماية المجتمع‪.‬‬

‫وأش ــارت إلــى أن هــذه الــنــدوة ستناقش‬ ‫متطلبات العودة اآلمنة بعد جائحة كورونا‬ ‫التي ال تخفى آثارُها على أحد في كل نواحي‬ ‫الحياة؛ فقد شكّلت أبــعــادًا جديد ًة للحياة‬ ‫وسنّت قواني َن التباعد االجتماعي وفرضت‬ ‫قواعد لالحتياطات الصحية؛ وإن العودة‬

‫وأعــلــنــت الــســديــري عــن إط ــاق مــبــادرة‬ ‫أواص ــر فــي مركز عبدالرحمن السديري‬ ‫الثقافي بالشراكة مع جائزة األميرة صيتة‬ ‫بنت عبدالعزيز والــتــي تسعى إلــى تنمية‬ ‫العمل االجتماعي‪ ،‬وترسيخ مفهوم الريادة‬ ‫المجتمعية؛ لتحقيق التنمية المستدامة‪.‬‬

‫وقالت‪ :‬إن منتدى منيرة الملحم لخدمة‬ ‫المجتمع اختار لهذا العام موضوع (العودة‬ ‫اآلم ــن ــة‪ ...‬تــحــديــات ورُؤى) بــالــنــظــر إلــى‬ ‫الــتــأثــيــرات الــكــبــيــرة لــهــذه الــجــائــحــة على‬ ‫جميع نواحي الحياة من حيث تأثيراته على‬ ‫المجتمع السعودي أثناء جائحة كورونا‪.‬‬

‫منتدى منيرة الملحم ‪١٤‬‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪21‬‬


‫كما أعلنت السديري عن توقيع مذكرة‬ ‫تفاهم بين مؤسسة األميرة العنود الخيرية‬ ‫ومركز عبدالرحمن السديري الثقافي لتنفيذ‬ ‫برامج مشتركة تخدم المجتمع المحلي في‬ ‫منطقة الجوف ومحافظة الغاط‪.‬‬ ‫وختمت السديري بشكر ‬صاحبة السم ‪‭‬و‬ ‫‬األمــيــرة‬ ‪‭‬نــورة بنت محمد ‬آل‬ ‪‭‬ســعــود‪‭ ‬،‬على‬ ‫رعايتها ‬ ‪‭‬للمنتدى‪‬ ،‬وشــركــة بتيل الــراعــي‬ ‫الرسمي للمنتدى‪ ،‬وضيوف المنتدى الذين‬ ‫ح ــض ــروا وشـــاركـــوا ف ــي مــنــاقــشــة مــحــاور‬ ‫المنتدى‪‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬.‬‬ ‫منتدى منيرة بنت محمد الملحم‬ ‫لخدمة المجتمع ‪14‬‬

‫كما دأبت المملكة منذ بداية الجائحة على‬ ‫مواكبة المستجدات‪ ،‬للوصول إلــى العودة‬ ‫اآلمنة للحياة الطبيعية‪ ،‬بعد اتخاذ كافة‬ ‫التدابير الالزمة المتعلقة بالصحة والسالمة‬ ‫العامة‪ ،‬وكذلك تنسيق الجهود المشتركة بين‬ ‫جميع القطاعات بهدف حماية المجتمع‪.‬‬ ‫وقــد حــرص منتدى منيرة بنت محمد‬ ‫الملحم لخدمة المجتمع في دورته الرابعة‬ ‫عشرة لهذا العام على مواكبة المستجدات‪،‬‬ ‫فاعتمد في هذه الــدورة مناقشة موضوع‪:‬‬ ‫العودة اآلمنة‪ ...‬تحديات ورُؤى‬ ‫محاور الندوة‪:‬‬ ‫‪ -‬قراءة الواقع أثناء جائحة كورونا‪.‬‬

‫العودة اآلمنة‪ ...‬تحديات ورُؤى‬ ‫ ال ــرؤي ــة المستقبلية الســتــثــمــار نــواتــج‬‫الجائحة في المجتمع‪.‬‬ ‫لم يتعرض التاريخ المعاصر في العالم‬ ‫بــأســره ألزمـ ــة إنــســانــيــة عــمــيــقــة‪ ،‬وتــحـ ٍـد‪ - ،‬التحديات والحلول‪.‬‬ ‫كما حــدث خــال انــتــشــار جائحة كــورونــا‬ ‫أهداف الندوة‪:‬‬ ‫المستجد؛ فقد كانت الخسائر في األرواح‬ ‫البشرية على مستوى مختلف الدول‪ ،‬كبيرة ‪ -‬تحليل الواقع االجتماعي وآثاره اإليجابية‬ ‫والسلبية على المجتمع السعودي أثناء‬ ‫جدًا‪ ،‬ولم يقتصر األمر على ذلك‪ ،‬بل وصلت‬ ‫جائحة كورونا‪.‬‬ ‫العديد من المجتمعات إلى حافة االنهيار‪،‬‬ ‫ما أثر على الرفاه االجتماعي واالقتصادي ‪ -‬صياغة رؤية مستقبلية الستثمار نواتج‬ ‫للمجتمعات قاطبة‪.‬‬ ‫الجائحة في المجتمع السعودي‪.‬‬

‫على المستوى الوطني‪ ،‬نجحت المملكة ‪ -‬اقتراح بدائل مدروسة للعودة اآلمنة‪.‬‬ ‫العربية السعودية بمواجهة األزمة باقتدار‪،‬‬ ‫مــن خــال اتــخــاذ تدابير وقائية وعالجية المتحدثون‪:‬‬ ‫وتوعية فــوريــة حاسمة للحد مــن انتشار ‪ -‬أ‪ .‬د‪ .‬محمد بن عبداهلل الشايع (رئيس‬ ‫المرض وحماية المواطنين والمقيمين‪.‬‬ ‫جامعة الجوف)‪.‬‬

‫‪22‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫منتدى منيرة الملحم ‪١٤‬‬


‫ د‪ .‬عبدالحميد بــن عــبــداهلل الحبيب‬‫(المدير العام للمركز الوطني لتعزيز‬ ‫الصحة النفسية)‪.‬‬ ‫ أ‪ .‬د‪ .‬غــادة عبدالعزيز عثمان بن سيف‬‫(وكــيــلــة جــامــعــة الــمــلــك ســعــود لــشــؤون‬ ‫الطالبات)‪.‬‬ ‫ أدار الجلسة‪ :‬د‪ .‬علي دبكل العنزي‪ ،‬أستاذ‬‫اإلعالم بجامعة الملك سعود‪.‬‬ ‫افــتــتــح د‪ .‬عــلــي دبــكــل الــعــنــزي الــنــدوة‬ ‫بالترحيب بصاحبة السمو األميرة نورة بنت‬ ‫محمد آل سعود‪ ،‬كما رحب بالحضور‪ ،‬وأشار‬ ‫إلى أن مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‬ ‫ال ــذي يبث إشعاعه فــي الــجــوف والــغــاط‪،‬‬ ‫ويواكب جميع األحــداث التي تجري سواء‬ ‫في الداخل أو في الخارج على المستوى‬ ‫االجتماعي والثقافي واإلعالمي وعلى كافة‬ ‫المستويات‪ ،‬ثم تطرق إلى دور المركز الذي‬ ‫بــدأ بــدار العلوم في الــجــوف‪ ،‬وبــدأ ينتشر‬ ‫وينمو بالدعم الالمحدود من المغفور له‬ ‫بإذن اهلل معالي األمير عبدالرحمن بن أحمد‬ ‫السديري وأبنائه من بعده‪ ،‬الذين يرعون‬ ‫المركز لإلسهام في الحراك الثقافي على‬ ‫مستوى الوطن‪.‬‬ ‫وأضـــاف الــعــنــزي أن المملكة العربية‬ ‫الــســعــوديــة اســتــطــاعــت أن تــواجــه جائحة‬ ‫كورونا بكل اقتدار‪ ،‬بفضل قــرارات القيادة‬ ‫الحكيمة‪ ،‬ما جعل المملكة أنموذجً ا يحتذى‬ ‫به‪ ،‬وقد استطاعت استضافة قمة العشرين‬ ‫التي دعت المملكة من خاللها إلى مساعدة‬

‫منتدى منيرة الملحم ‪١٤‬‬

‫من اليمني‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬غادة عبدالعزيز‪ ،‬د‪ .‬عبداحلميد‬ ‫احلبيب‪ ،‬أ‪ .‬د‪ .‬محمد الشايع‪ ،‬د‪ .‬علي العنزي‬ ‫دول العالم الثالث برئاسة خــادم الحرمين‬ ‫الشريفين حفظه اهلل في الــريــاض‪ ،‬وقال‬ ‫إن الندوة ستستعرض هذه اإلجــراءات من‬ ‫نواحي تعليمية وطبية ونفسية‪.‬‬ ‫وقدم العنزي المتحدثين ثم بدأ الحوار‬ ‫مع المشاركين‪ ،‬ووجه أسئلة إلثراء النقاش‪.‬‬ ‫المتحدث األول‬

‫أ‪ .‬د‪ .‬محمد بن عبداهلل الشايع‬ ‫رئيس جامعة الجوف‬

‫بدأ أ‪ .‬د‪ .‬محمد بن عبداهلل الشايع بقراءة‬ ‫الواقع أثناء جائحة كورونا‪ ،‬وأشــار إلى أن‬ ‫فيروس كورونا لم يكن فقط أزمة صحية‪ ،‬بل‬ ‫أزمة إنسانية نتج عنها تداعيات اجتماعية‬ ‫وسياسية واقتصادية ونفسية‪ ،‬إذ أظهرت‬ ‫هذه الجائحة هشاشة النظام األخالقي لدى‬ ‫بعض الــدول المتقدمة التي سيطرت فيها‬ ‫المصالح السياسية واالقتصادية‪ ،‬مثل عدم‬ ‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪23‬‬


‫متابعة أعمالهم من المنزل‪.‬‬

‫المرونة في النظام الصحي‪ ،‬ورفض تصدير‬ ‫الصناعات الصحية‪ ،‬وغيرها‪.‬‬ ‫‪ -5‬أصبح النظام الصحي أكثر تعقيدًا في‬ ‫استقبال الحاالت والمراجعات الصحية‬ ‫وأشار الشايع إلى جهود المملكة العربية‬ ‫لألمراض المختلفة‪.‬‬ ‫السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين‬ ‫الملك سلمان بــن عبدالعزيز _حفظه ‪ -6‬كــان لإلعالم تأثير سلبي في كثير من‬ ‫اهلل_ وذلـ ــك مــن خ ــال قــمــة مجموعة‬ ‫األوقات في نفوس األفــراد‪ ،‬فكان مبعثًا‬ ‫العشرين الذي ترأسته المملكة في الرياض‪،‬‬ ‫بدل من بث الطمأنينة في‬ ‫للخوف والقلق ً‬ ‫وقــدمــت نصف مليار دوالر إليــجــاد لقاح‬ ‫نفوس الناس‪.‬‬ ‫لفيروس كورونا‪.‬‬ ‫‪ -7‬الحجر المنزلي الــذي أسهم في تنمية‬ ‫وتـــنـــاول الــشــايــع اآلثـــــار االقــتــصــاديــة‬ ‫الــعــاقــات األســـريـــة‪ ،‬فــكــانــت فــرصــة‬ ‫واالجتماعية للجائحة‪ ،‬ومن أبرزها‪:‬‬ ‫الســتــعــادة الــعــاقــات األســريــة‪ ،‬وكذلك‬ ‫مــمــارســة أفـــــراد األســـــرة لــهــوايــاتــهــم‬ ‫‪ -1‬تأثر االقتصاد وأصحاب رؤوس األموال‬ ‫المتنوعة‪ ،‬كما أصبح اقتناء الحاجات‬ ‫تأثرًا كبيرًا‪ ،‬ما كان له كبير األثــر على‬ ‫خاضعًا لمبدأ االعتدال واالستغناء عن‬ ‫مستوى المعيشة لبعض األسر والشركات‪،‬‬ ‫بعض االحتياجات الكمالية التي يمكن‬ ‫بــخــاصــة الــفــئــة الــتــي كــانــت تعتمد في‬ ‫االستغناء عنها‪ ،‬ومن جانب آخر أسهم‬ ‫مصروفاتها على الدخل اليومي‪ ،‬ما ترتب‬ ‫الحجر الصحي في بعض األحيان في‬ ‫عليها آثــار اجتماعية ونفسية لدى تلك‬ ‫ازدياد الخالفات األسرية‪.‬‬ ‫األسر‪.‬‬ ‫واســتــعــرض الــشــايــع المكتسبات التي‬ ‫‪ -2‬وجــد المجتمع نفسه أم ــام تشريعات‬ ‫جــديــدة أسهمت فــي التغيير القسري تحققت من جائحة كورونا‪ ،‬وكيفية استثمار‬ ‫نواتجها‪:‬‬ ‫للعادات والتقاليد‪.‬‬ ‫‪ -3‬التحوّل في النظام التعليمي للتعليم عن‬ ‫بعد‪ ،‬إذ وجد المجتمع نفسه أمام نظام‬ ‫تعليمي جــديــد يشكل تــحــد ًيــا حقيقيًا‬ ‫لألسرة لتوفير األدوات التعليمية للتعليم‬ ‫عن بعد‪.‬‬

‫‪ -1‬الــتــحــلــي بـ ــروح اإلنــســانــيــة وأخــاقــهــا‪،‬‬ ‫فال يمكن أن تتقدم الــدول إال بالعمل‬ ‫المشترك والتعاون والتنسيق الجماعي‪،‬‬ ‫لمواجهة جميع الــجــوائــح س ــواء كانت‬ ‫طبيعية أم بشرية وغيرها‪.‬‬

‫‪ -4‬نــظــام الــعــمــل عــن بــعــد والـ ــذي ك ــان له ‪ -2‬أهمية المحافظة على العادات الصحية‬ ‫اإليجابية المرتبطة بالحياة االجتماعية‬ ‫ضغوط كثيرة على أصحاب العمل في‬

‫‪24‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫منتدى منيرة الملحم ‪١٤‬‬


‫وتفعيلها‪.‬‬

‫وذكر أهمها‪:‬‬

‫‪ -3‬تنمية الموارد البشرية في جميع الحرف ‪ )1‬عدم االستفادة من هذه الجائحة بوضع‬ ‫والمهن‪ ،‬بما يضمن الحد األدنى للكفاءة‬ ‫خطط طوارئ حقيقية‪ ،‬جاهزة للتطبيق‬ ‫اإلنتاجية والتشغيلية الداخلية‪.‬‬ ‫والتنفيذ في قطاع التعليم‪ ،‬تحسبًا لعودة‬ ‫الجائحة‪ ،‬أو حين ظهور جوائح مماثلة‪.‬‬ ‫‪ -4‬إطالق مشاريع صناعية وزراعية وصحية‬ ‫تحقق الحد األدنى لالحتياجات الوطنية‪ )2 ،‬ع ــدم تفعيل التعليم اإللــكــتــرونــي في‬ ‫بما يضمن عدم انقطاعها في الحاالت‬ ‫الــجــامــعــات الــســعــوديــة‪ ،‬والــتــي تهدف‬ ‫المماثلة‪.‬‬ ‫لتحقيق كفاءة اإلنفاق للطالب‪ ،‬بتحويل‬ ‫بعض المقررات التي ال تتطلب حضور‬ ‫الطالب إلى مقررات إلكترونية‪.‬‬

‫‪ -5‬المحافظة على ما تحقق من مكتسبات‬ ‫فــي بيئة العمل مــثــل‪ :‬العمل عــن بعد‪،‬‬ ‫واستثماره في تحقيق التوازن األسري‪ )3 ،‬الحفاظ على وسائل التقنية المختلفة‪،‬‬ ‫وبخاصة لألسر ذات األطفال‪ ،‬وكذلك‬ ‫ـول‬ ‫والــتــشــجــيــع عــلــى اســتــخــدامــهــا وص ـ ً‬ ‫االجتماعات عن بعد‪ ،‬ما يسهم في خفض‬ ‫لتحقيق األهداف بشكل أسرع‪.‬‬ ‫التكاليف االقتصادية للفرد والمجتمع‪.‬‬ ‫‪ -6‬أهمية استثمار التعليم عن بعد في إطالق‬ ‫برامج أكاديمية وتعليمية تسهم في إتاحة‬ ‫التعليم للجميع‪.‬‬ ‫‪ -7‬استثمار التعليم اإللكتروني في الجامعات‬ ‫والمدارس بما يقلل من اضطرار الطالب‬ ‫للذهاب للمدارس والجامعات في بعض‬ ‫المقررات‪.‬‬ ‫‪ -8‬أهمية المحافظة على العادات الصحية‬ ‫اإليجابية المرتبطة بالحياة االجتماعية‬ ‫وتفعيلها‪ ،‬واستمرار المحافظة عليها‬ ‫مثل‪ :‬تقليل مستوى المصافحة‪ ،‬وأهمية‬ ‫التباعد المنضبط‪.‬‬

‫المتحدث الثاني‪:‬‬

‫أ‪ .‬د‪ .‬غادة عبدالعزيز عثمان بن سيف‬ ‫وكيلة جامعة الملك سعود لشؤون الطالبات‬

‫قدمت أ‪ .‬د‪ .‬غــادة عبدالعزيز بن سيف‬ ‫ورقــة أشــارت فيها إلــى أن جائحة كورونا‬ ‫تعد امتدادًا لألمراض المعدية التي ظهرت‬ ‫الــواحــدة تلو األخ ــرى فــي فــتــرات مختلفة‬ ‫من تاريخ البشرية‪ ،‬وشكلت هذه األمراض‬ ‫الــمــعــديــة تــهــدي ـدًا مــســتــمـرًا لــإنــســان في‬ ‫الماضي والحاضر‪ .‬ومــع التطور العالمي‬ ‫السريع وسهولة حركة الناس عبر الحدود‪،‬‬ ‫أصبح خطر تفشي هذه األمراض أكبر من‬ ‫أي وقت مضى‪.‬‬

‫وقالت د‪ .‬غادة أن ضراوة جائحة كورونا‬ ‫وختم د‪ .‬الشايع ورقته بالتحديات التي‬ ‫تواجه التعليم‪ ،‬سواء كان جامعيًا أو عامًا‪ :‬تتجلى فــي االنتشار السريع للعدوى بين‬

‫منتدى منيرة الملحم ‪١٤‬‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪25‬‬


‫األفراد‪ ،‬لذلك يحتاج عدد كبير من األفراد‬ ‫إلى العالج الطبي في الوقت نفسه‪ ،‬األمر‬ ‫ال ــذي يشكل ضــغــطً ــا كــبــيـرًا عــلــى النظام‬ ‫الصحي‪ ،‬إلى جانب أهمية استمرار النظام‬ ‫الصحي بتقديم بقية خدماته العالجية‬ ‫والوقائية لألمراض األخرى‪.‬‬ ‫وأض ــاف ــت أن ــه عــلــى الــرغــم مــن اتــخــاذ‬ ‫مختلف التدابير لالستجابة للوباء والسيطرة‬ ‫عليه‪ ،‬إال إن هذا لم يمنع النظم الصحية في‬ ‫بعض البلدان المتقدمة من االنهيار بسبب‬ ‫قلة الجاهزية للكوارث والتأهب لها‪ ،‬ونقص‬ ‫الكادر الطبي‪ ،‬وضعف البنية التحتية‪ ،‬وعدم‬ ‫كفاية معدّات السالمة الشخصية‪ ،‬وغيرها‪.‬‬ ‫هذا إضافة لما سببته الجائحة من تعطّ ل‬ ‫كبير في تقديم الخدمات الصحية األساسية‬ ‫في مختلف دول العالم‪ .‬وانطالقًا من تجربة‬ ‫المملكة العربية السعودية السابقة في‬ ‫االستجابة لوباء متالزمة الشرق األوسط‬ ‫التنفسية‪ ،‬إل ــى جــانــب الــدعــم الحكومي‬ ‫السخيّ ‪ ،‬واالستثمار في النظام الصحي‬ ‫الوطني‪ ،‬فقد تم إثبات كفاءة النظام الصحي‬ ‫السعودي في االستجابة للوباء والسيطرة‬ ‫عليه‪ ،‬كما أشادت منظمة الصحة العالمية‬ ‫باإلجراءات والقرارات العديدة التي اتخذتها‬ ‫الحكومة‪ ،‬استجاب ًة للوباء‪.‬‬

‫بالعدوى عالية بينهم نتيجة االتصال المتكرر‬ ‫ـضــا إلــى أن‬ ‫بالمرضى‪ ،‬وتــجــدر اإلش ــارة أيـ ً‬ ‫نحو‪ ٪70‬من العاملين في القطاع الصحي‬ ‫بالعالم هــم مــن الــنــســاء‪ ،‬ويعمل معظمهم‬ ‫في الخطوط األمامية للرعاية الصحية‪،‬‬ ‫وبخاصة قطاع التمريض‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من كل هذه التحديات‪ ،‬إال‬ ‫إن هناك مكتسبات كثيرة حققها نظامنا‬ ‫الــصــحــي الــوطــنــي خ ــال ه ــذه الــجــائــحــة‪،‬‬ ‫من أهمها‪ :‬رفع القدرة االستيعابية لكافة‬ ‫القطاعات الصحية‪ ،‬والتحوّل الرقمي للعديد‬ ‫مــن الــخــدمــات الصحية بفعالية‪ ،‬وتفعيل‬ ‫التطوع الصحي‪ ،‬وتفعيل الطب االتصالي‪،‬‬ ‫والرعاية الصحية المنزلية‪ .‬هذه التجربة‬ ‫جعلت نظامنا الصحي على أهبة االستعداد‬ ‫لمواجهة أي مستجدات مستقبلية مماثلة‪،‬‬ ‫بعون اهلل وتوفيقه‪.‬‬ ‫المتحدث الثالث‬

‫د‪ .‬عبدالحميد بن عبداهلل الحبيب‬ ‫المدير العام للمركز الوطني لتعزيز الصحة النفسية‬

‫هدفت الورقة التي قدمها د‪ .‬عبدالحميد‬ ‫بن عبداهلل الحبيب إلى اإلجابة عن مجموعة‬ ‫من التساؤالت‪ ،‬أهمها‪:‬‬

‫‪ -1‬مــا هــي عــوامــل الحماية التي ساعدت‬ ‫المجتمعات على تجاوز الجائحة بأقل‬ ‫ضرر ممكن‪ ،‬وما هي العوامل النفسية‬ ‫المصاحبة لذلك؟‬ ‫وختمت د‪ .‬غــادة بأهم التحديات التي‬ ‫تواجه النظام الصحي (التأثير الجسدي‪ -2 ،‬مــا هــي التوقعات المستقبلية‪ ،‬وكيف‬ ‫وال ــن ــف ــس ــي‪ ،‬واالج ــت ــم ــاع ــي لــلــمــمــارســيــن‬ ‫ســيــكــون شــكــل صــحــتــنــا الــنــفــســيــة في‬ ‫الصحيين)‪ ،‬إذ تعد معدالت خطورة اإلصابة‬ ‫المستقبل؟‬

‫‪26‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫منتدى منيرة الملحم ‪١٤‬‬


‫‪ -3‬ما هي التحديات التي واجهت المختصين االنــتــبــاه لــأمــهــات نــظ ـرًا للضغط النفسي‬ ‫ف ــي الــصــحــة الــنــفــســيــة‪ ،‬وكــيــف كــانــت الكبير الذي يتعرضن له‪.‬‬ ‫استجابتهم؟‬ ‫وختم د‪ .‬الحبيب ورقته بقوله‪ :‬إنــه من‬ ‫وأشار د‪ .‬الحبيب إلى أن الصحة النفسية المهم استثمار أوقات الراحة والهدوء لتعزيز‬ ‫شــديــدة الــتــأثــر بــالــظــروف المحيطة‪ ،‬وأن الصحة النفسية‪ ،‬وتدريب الناس على مواجهة‬ ‫الجائحة تسببت فــي تغيّر كبير فــي حياة األزمـ ــات والــضــغــوط والــمــشــاعــر السلبية‪،‬‬ ‫األفــراد والمجتمعات بل إنها قلبت حياتهم‬ ‫والتعامل معها بشكل جيد‪.‬‬ ‫رأسً ا على عقب‪ ،‬وأن الجوائح السابقة كانت‬ ‫وقد شهد المنتدى حضورًا الفتًا بمشاركة‬ ‫تختار جزءًا من بقاع العالم يتأثر بها مجموعة‬ ‫مــن البشر‪ ،‬أمــا هــذه الجائحة فقد مست نــحــو ‪ 3500‬مــشــارك مــن داخـ ــل المملكة‬ ‫العالم بأكمله على كافة المستويات‪ ،‬فالعالم وخارجها‪.‬‬ ‫اليوم ليس هو العالم نفسه قبل الجائحة‪،‬‬ ‫ومن الجدير بالذكر أن مكتبة منيرة الملحم‬ ‫فهذه الجائحة من الناحية النفسية لم يسبق بدار الرحمانية في محافظة الغاط‪ ،‬هي إحدى‬ ‫أن مرت على العالم‪.‬‬ ‫ف ــروع مــركــز عبدالرحمن الــســديــري الثقافي‬ ‫وتــحــدث د‪ .‬الحبيب عــن عــوامــل الحماية الذي يعد واحدًا من أقدم المراكز الثقافية في‬ ‫النفسية‪ ،‬وعــن التوقعات المستقبلية التي المملكة‪ ،‬أنشأه األمير عبدالرحمن بن أحمد‬ ‫ستكون عليها الصحة النفسية المجتمعية بوجه السديري منذ عام ‪1383‬هـــ (‪1962‬م)‪ .‬ويتولى‬ ‫عام‪ ،‬وأضاف أن وزارة الصحة اعتمدت مؤشر المركز إدارة مكتبة دار العلوم العامة بالجوف‬ ‫الصحة النفسية في لوحة التحكم؛ إذ يتم قياس‬ ‫ودار الرحمانية بمحافظة الغاط‪ ،‬وتتضمن برامج‬ ‫مستوى الصحة النفسية للمجتمع بشكل ربع‬ ‫المركز نشر الدراسات واإلبداعات األدبية ودعم‬ ‫انخفاضا ملحوظً ا للفترة‬ ‫ً‬ ‫سنوي والذي يشهد‬ ‫البحث العلمي‪ .‬وينظم منتديات سنوية وأنشطة‬ ‫(مارس ‪-2020‬أكتوبر ‪ )2021‬في معدالت القلق‬ ‫وندوات ثقافية متنوعة على مدار العام‪.‬‬ ‫واالكتئاب في المجتمع السعودي‪.‬‬ ‫وتتبع للمركز أربــع مكتبات في الجوف‬ ‫وتــنــاول د‪ .‬الحبيب الفئات التي تأثرت‬ ‫بــاألزمــة أكثر مــن غيرها‪ ،‬وهــم كبار السن والغاط اثنتان للرجال ومثلهما للنساء‪ ،‬يصل‬ ‫الذين تأثروا بالمرض نفسه‪ ،‬وتأثروا بتهديد عدد زوارها إلى نحو سبعة آالف زائر وزائرة‬ ‫اإلصابة والحرص الزائد عليهم‪ ،‬كما تأثرت سنويًا‪ ،‬كما تستقبل مجموعات من طالب‬ ‫ممارساتهم اليومية‪ ،‬وأما الفئة الثانية التي وطالبات الكليات العلمية والجامعات بهدف‬ ‫تعرضت للعبء األكــبــر مــن الجائحة فهي اإلفادة من المصادر العلمية والمراجع المهمة‬ ‫األمــهــات‪ ،‬مطالبًا المؤسسات المجتمعية المتوافرة في المكتبات األربع بالمركز‪.‬‬

‫منتدى منيرة الملحم ‪١٤‬‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪27‬‬


‫حفل تخريج‬

‫حاضنة رياديات‬

‫مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‬ ‫للمشاريع الصغيرة‬ ‫صاحبة السمو األميرة‪ :‬نورة بنت محمد آل سعود‪،‬‬ ‫ترعى حفل تخريج حاضنة رياديات مركز عبدالرحمن‬ ‫السديري الثقافي للمشاريع الصغيرة‪.‬‬ ‫■ كتب‪ :‬وليد البشير‬

‫صاحبة السمو األميرة‪ :‬نورة بنت محمد آل سعود‪ ،‬ترعى حفل تخريج‬ ‫حاضنة رياديات مركز عبدالرحمن السديري الثقايف للمشاريع الصغيرة‪.‬‬

‫برعاية صاحبة السمو األميرة نــورة بنت محمد آل سعود (حــرم أمير منطقة‬ ‫الرياض) أقام مركز عبدالرحمن السديري الثقافي حفل تخريج حاضنة رياديات‬ ‫المركز للمشاريع الصغيرة‪ ،‬بالتعاون مع شركة رياديات‪ ،‬والذي أقيم على هامش‬ ‫منتدى منيرة بنت محمد الملحم لخدمة المجتمع‪ ،‬وذلك يوم االثنين ‪ 17‬ربيع‬ ‫اآلخر ‪1443‬هـ (‪ 22‬نوفمبر ‪2021‬م)‪.‬‬ ‫القطاع التنموي الواعد‪ ،‬وأشــادت بما‬ ‫يقوم به مركز عبدالرحمن السديري‬ ‫في هذا المجال‪ ،‬باإلسهام في تمكين‬ ‫المرأة السعودية ومشاركتها في تنمية‬ ‫الــمــجــتــمــع‪ .‬ووجــهــت صــاحــبــة السمو‬ ‫األميرة نورة الشكر لمركز عبدالرحمن‬ ‫الــســديــري الثقافي على تنفيذه هذه‬ ‫الــمــبــادرات التنموية والثقافية‪ ،‬وما‬ ‫يقدمه في خدمة الوطن منذ تأسيسه‬ ‫على مدى ستين عامًا‪.‬‬

‫وقــد ألقت صاحبة السمو األميرة‬ ‫نــورة بنت محمد آل سعود كلمة في‬ ‫حفل التخريج أعربت فيها عن سعادتها‬ ‫الكبيرة بتخريج كوكبة من بنات الوطن‬ ‫اللواتي المشاركات في حاضنة رياديات‬ ‫مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‪،‬‬ ‫وقالت إنها خطوة كبيرة ومباركة لهن في‬ ‫االنضمام إلى قافلة القيادات النسائية‬ ‫بتمكنهن مــن تحقيق نجاحات يشار‬ ‫إليها بالبنان في مجال المشروعات‬ ‫اإلنتاجية‪ ،‬متمنية لهن أن يصبحن في‬ ‫افتتح الحفل بكلمة لمساعدة المدير‬ ‫المستقبل القريب رائـــدات فــي هذا العام أ‪ .‬د‪ .‬مشاعل بنت عبدالمحسن‬

‫‪28‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫الثقافي‬ ‫منيرةالسديري‬ ‫عبدالرحمن‬ ‫حاضنة رياديات مركز‬ ‫الملحم ‪١٤‬‬ ‫منتدى‬


‫الــســديــري‪ ،‬الــتــي رحــبــت بصاحبة السمو‬ ‫األميرة نورة بنت محمد آل سعود‪ ،‬وشكرتها‬ ‫على رعايتها لحفل حفل تخريج الدفعة‬ ‫األولــى لحاضنة رياديات المركز للمشاريع‬ ‫الصغيرة‪ ،‬والتي تمت التوصية بتأسيسها‬ ‫قبل ثالثة أعوام على هامش منتدى منيرة‬ ‫بنت الملحم (الدورة الحادية عشرة) والذي‬ ‫كان عنوانه (دور المرأة في تحقيق التنمية‬ ‫المستدامة) وكان برعاية كريمة من صاحبة‬ ‫السمو األميرة نــورة بنت محمد آل سعود‬ ‫سنة ‪1440‬هـ‪.‬‬

‫انتهت بمرحلة االحتضان لمدة ستة أشهر‪،‬‬ ‫وقدم الدعم والتمكين لـ ‪ ١٤‬رائدة أعمال‪،‬‬ ‫شاركن في أكثر من ستين دورة تدريبية و‪١٥‬‬ ‫لقا ًء إلهاميا‪ ،‬وأكثر من ‪ ١٥‬جلسة استشارية‬ ‫وت ــم تنفيذ أكــثــر مــن ‪ ١٢‬دراســــة جــدوى‬ ‫اقتصادية ونــمــاذج أعــمــال‪ ،‬وبــذلــك أسهم‬ ‫المركز ببناء الحلم على أرض الواقع‪ ،‬وإبراز‬ ‫هذه المشاريع النسائية إلى أرض الواقع‪،‬‬ ‫ليحلّق بالمرأة السعودية في سماء الريادة‬ ‫قدر ًة ومهار ًة وتمكينًا‪.‬‬ ‫وقــالــت الــســديــري‪ :‬إن الــمــشــاركــات في‬ ‫حاضنة رياديات المركز أكدن قدرتهن على‬ ‫االعتماد على أنفسهن في تحقيق العيش‬ ‫الــكــريــم‪ ،‬واإلس ــه ــام فــي تشغيل أخــريــات‬ ‫غيرهنَّ ؛ وهــو من األهــداف التنموية التي‬ ‫يسعى هذا الوطن الغالي لتحقيقها‪.‬‬

‫وقالت السديري إن رعاية سمو األميرة‬ ‫ن ــورة لحفل تخريج حاضنة ريــاديــات هو‬ ‫تأكيد الهتمام سموها الكريم بدعم المرأة‬ ‫وتشجيعها لتضطلع بــدورهــا التنموي في‬ ‫اإلس ــه ــام فــي بــنــاء الــوطــن وتــقــدمــه‪ ،‬في‬ ‫مختلف المجاالت االجتماعية واالقتصادية‬ ‫وأكــــدت أ‪ .‬د‪ .‬مــشــاعــل الــســديــري أن‬ ‫والثقافية‪.‬‬ ‫نجاح هؤالء الفتيات الخريجات في إقامة‬ ‫وأضـــافـــت؛ إنـــه عــمــا ب ــأه ــداف رؤي ــة مشاريعهن اإلنتاجية الخاصة‪ ،‬يؤكد تحقق‬ ‫المملكة ‪ ٢٠٣٠‬والــتــي مــن أبــرزهــا تمكين الهدف المنشود من حاضنة رياديات المركز‪،‬‬ ‫المرأة‪ ،‬في ريادة األعمال بهدف رفع مكانة وأنهم فــخــورون بما أنجزته هــؤالء النساء‬ ‫المرأة ودعم نسبة مشاركتها في المجاالت اللواتي أثبت َن ألنفسهن ولآلخرين عدم وجود‬ ‫االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬فقد أطلق مركز أمر مستحيل‪ ،‬وأنه بالعزيمة واإلصرار يمكن‬ ‫عبدالرحمن السديري الثقافي في منطقة لهن تحقيق أحالمهن‪.‬‬ ‫الجوف ومحافظة الغاط حاضنة رياديات‬ ‫وأشـــــارت إلـــى أن مــركــز عــبــدالــرحــمــن‬ ‫لتفعيل دور المرأة في مجال ريادة األعمال‪ ،‬السديري الثقافي منذ تأسيسه أولى المرأة‬ ‫وتأسيس المشروعات الصغيرة والمتوسطة‪ ،‬اهتمامه‪ ،‬وأنشأ مكتبة نسائية عامة بالجوف‬ ‫وتقديم الدعم للنساء من سن ‪ ١٨‬عامًا فما كانت األولى تأسيسً ا على مستوى المملكة‪،‬‬ ‫فــوق‪ ،‬الالتي يبحثن عن إنشاء مشروعات ووف ــر لها الــدعــم المطلوب لتقوم بتنفيذ‬ ‫ريــاديــة‪ ،‬وبــدأ البرنامج على عــدة مراحل األنشطة الثقافية والتدريبية والمجتمعية‪،‬‬

‫‪١٤‬السديري الثقافي‬ ‫عبدالرحمن‬ ‫رياديات‬ ‫حاضنة‬ ‫مركزالملحم‬ ‫منيرة‬ ‫منتدى‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪29‬‬


‫والــقــيــام بــدورهــا الطبيعي فــي المجاالت وتشرف كذلك على حاضنة رياديات المركز‬ ‫الثقافية والتنموية‪ .‬وقد أدت دورها المؤثر في الغاط‪،‬‬ ‫والمنسجم مع رؤية المملكة ‪.2030‬‬ ‫كما أطلقت جائزة للتفوق العلمي للطالبات‪،‬‬ ‫وأكدت السديري أن المركز سيظل يسهم استفاد منها عديد من الطالبات المتفوقات‬ ‫فــي بناء تنمية ثقافية مجتمعية بمشاركة إلكمال دراستهن الجامعية‪.‬‬ ‫بنات المجتمع المحلي‪ ،‬ويعقد الشراكات‬ ‫وقدمت د‪ .‬مزنة النفيعي مديرة شركة‬ ‫المجتمعية‪ ،‬والريادية مع الجهات الحكومية‬ ‫رياديات كلمة قالت فيها‪ :‬إن تأسيس شركة‬ ‫واألهــلــيــة الــتــي تعمل فــي المجال الثقافي‬ ‫رياديات كان هدفها خدمة جميع النساء في‬ ‫واالجتماعي‪ ،‬لتحقيق أهداف المركز التنموية‬ ‫جميع مناطق ومحافظات المملكة‪ ،‬كما تعمل‬ ‫ورسالته الثقافية‪ ،‬واستمراره بتبنّي مبادرات‬ ‫تسهم فــي تمكين الــمــرأة وتحفيزها على رياديات على اإلسهام في رفع مؤشرات قطاع‬ ‫المشاركة في العمل االجتماعي والثقافي األعمال وتطويرها‪.‬‬ ‫واالقتصادي من خالل مبادراته العديدة‪.‬‬ ‫وأضــافــت النفيعي أن المملكة حققت‬ ‫وقد عُرف عن الوالدة منيرة بنت محمد إنجازات كبيرة في مجال ريادة األعمال؛ إذ‬ ‫الملحم حــرم معالي األمــيــر عبدالرحمن حققت المركز األول بحسب تقرير المرصد‬ ‫السديري يرحمهما اهلل‪ ،‬اهتمامها بتحفيز العالمي لريادة األعمال‪ ،‬وفي مؤشر سهولة‬ ‫المرأة وتشجيعها على المشاركة الثقافية البدء في األعمال بعد أن كانت في المركز ‪،22‬‬ ‫والمجتمعية؛ فقد ب ــادرت بوقف جــزءٍ من وذلك بفضل ما تقدمه حكومة خادم الحرمين‬ ‫مالها الخاص إلنشاء مكتبة عامة للنساء في الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي‬ ‫محافظة الغاط سنة ‪1425‬هـــ‪ ،‬أطلق عليها عــهــده األمــيــر محمد بــن سلمان حفظهما‬ ‫اسم «مكتبة منيرة الملحم» تقوم باألنشطة اهلل‪ ،‬من خدمات وتسهيالت لرواد األعمال‬ ‫الثقافية والمجتمعية لــلــمــرأة فــي الــغــاط‪ ،‬ورائداته‪ ،‬وإتاحة الفرصة للجميع‪.‬‬

‫حاضنة رياديات‬ ‫مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‬

‫واحد من إسهاماته في تمكين المرأة‬

‫مكتبة منيرة بنت محمد الملحم‬

‫‪30‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫الثقافي‬ ‫منيرةالسديري‬ ‫عبدالرحمن‬ ‫حاضنة رياديات مركز‬ ‫الملحم ‪١٤‬‬ ‫منتدى‬


‫برعاية صاحبة السمو األميرة‬

‫نورة بنت محمد آل سعود‬

‫خريجات حاضنة رياديات مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‬

‫ابتهاج مداهلل قابل الشراري‬

‫عائشة عبداهلل هديب الميموني‬

‫أبرار خليل إبراهيم البراهيم‬

‫عبير فهد هالل الرويلي‬

‫أميرة عشيان سليمان الرويلي‬

‫هاجر عبداهلل هديب الميموني‬

‫جواهر أحمد عبداهلل الحمدان‬

‫مريم أسعد أحمد المعيقل‬

‫دالل فهد سليم الفراس‬

‫وسمية العازمي‬

‫شيخة سعد هديب السكيك‬ ‫خريجات أكاديمية رياديات مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‬

‫مرام عبدالمحسن الشمري‬

‫الـــراعــي الرسمي‬

‫نورة هليل العازمي‬

‫وأشــــارت إل ــى دور مــركــز عبدالرحمن سعودية‪ ،‬لتعزيز هوية المملكة في إنشاء‬ ‫السديري الثقافي فــي تفعيل دور المرأة مشاريع ثقافية تخدم رؤية المملكة ‪،2030‬‬ ‫ودعــمــهــا فــي منطقة الــجــوف‪ ،‬ومحافظة والتركيز على المزايا التنافسية الخاصة‬ ‫الغاط في مجال ريــادة األعمال‪ ،‬وتأسيس في كل منطقة من مناطق الوطن‪ ،‬متمنية أن‬ ‫المشروعات الصغيرة والمتوسطة‪ ،‬وتقديم تكون هذه المشاريع نقطة االنطالق لمشاريع‬ ‫الــدعــم للنساء الــاتــي يبحثن عــن إنشاء‬ ‫رياديات لتحقيق المزيد من التألق والتميز‬ ‫مشروعات ريادية بما بتوافق مع مهاراتهن‬ ‫والــوصــول إلــى أعلى مستويات النجاح في‬ ‫وقــدراتــهــن للمساهمة فــي نــمــو وتــطــويــر‬ ‫مسيرتهم الريادية‪.‬‬ ‫محافظاتهن ومــنــاطــقــهــن تحقيقا لــرؤيــة‬ ‫وفي نهاية الحفل‪ ،‬وزعت صاحبة السمو‬ ‫المملكة ‪.2030‬‬ ‫وأك ـ ــدت الــنــفــيــعــي أن الــمــشــاريــع الــتــي األميرة نورة بنت محمد آل سعود الشهادات‬ ‫احتضنها مــركــز عــبــدالــرحــمــن الــســديــري عــلــى خــريــجــات حــاضــنــة ري ــادي ــات مركز‬ ‫الثقافي مــن مختلف الــمــجــاالت الــريــاديــة عبدالرحمن السديري الثقافي وعددهن ‪13‬‬ ‫تسهم في تنمية سوق العمل بأيدي نسائية خريجة‪.‬‬

‫‪١٤‬السديري الثقافي‬ ‫عبدالرحمن‬ ‫رياديات‬ ‫حاضنة‬ ‫مركزالملحم‬ ‫منيرة‬ ‫منتدى‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪31‬‬


‫الكتب‬ ‫لعتبات‬ ‫الرؤي ُة البصري ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫(األغلفة)‬

‫اللغة البصرية هي األداة األقوى واألكثر فاعلية واحترافً ا في جذب المتلقي؛‬ ‫فالكلمة مسموعة‪ ،‬واللون مبصور‪ ،‬والبصر مالك الحواس جميعها‪ ،‬لذلك تعد‬ ‫الفنون الجميلة هي أحــد أنــواع الفنون التي تعكس منظور الجمال ع ــادةً‪ ،‬دون‬ ‫شــرط االلـتــزام بــالــواقــع‪ ،‬إذ تـنــدرج تحتها فـنــون‪ :‬الــرســم‪ ،‬والنحت‪ ،‬والمطبوعات‬ ‫والصور؛ كما تقع الفنون الجميلة جنبًا إلى جنب مع الفنون الزخرفيّة والهندسة‬ ‫المعماريّة ضمن مصطلح الفنون البصريّة‪.‬‬ ‫فالغالف رمز من رموز الفن‪ ،‬واإلبداع فيه ميزة تجعل الكتاب مميزً ا عن غيره؛‬ ‫فخا بصر ّيًا للمتلقي‪ ،‬يجذبه نحو الجمال الفكري‪.‬‬ ‫ومن هنا‪ ،‬كان الغالف ّ‬ ‫فالكتاب والغالف وجهان لعملة واحدة‪ ،‬هكذا يقول كل مصممي أغلفة الكتب‪،‬‬ ‫ســواء تلك التي تغازل عيون الصغار‪ ،‬مثل كتاب عن «سندريلال»‪ ،‬أو التي ترسم‬ ‫لوحة الجمال بأكمله‪ ،‬جميعها تطل من وراء الواجهة الزجاجية للمكتبة‪ ،‬تتسع‬ ‫أمامها عيون الصغار‪ ،‬وتنتهي بهم إلــى شــراء مجموعة من الكتب؛ واألمــر ذاته‬ ‫يحدث مع الكبار‪ ،‬أثناء التجوال في المكتبات أو في معارض الكتب‪.‬‬ ‫ففن تصميم الغالف يلوح لكل القراء بشراء الكتب‪ ،‬إنه اختزال ملون يعكس‬ ‫طويل نتأمل الكتب‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مضمون الكتاب‪ ،‬فهو الثقافة البصرية التي تجعلنا نقف‬ ‫أسئلة كثيرة تــدور وتـ ِّلــح فــي عقل الـقــراء حــول أغلفة الكتب‪ ،‬عــامــات استفهام‬ ‫عديدة تنتظر اإلجابات‪..‬‬

‫‪32‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫محور خاص‬


‫أغلف ُة كتبي‬

‫السيميائي‬ ‫التشكيلي‬ ‫تجرب ٌة في المنظور‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫■ محمد صابر عبيد*‬

‫شغلتني قضيّة تصميم الغالف منذ أوّل كتاب نشرته؛ على الرغم من أنّني في بدايات هذا‬ ‫التدخل بذلك لدى دور النشر‪ ،‬فبعض هذه الدور‬ ‫ّ‬ ‫النشر لم يكن بوسعي على نحو تفصيليّ‬ ‫تتحكّ م بأعمال التصميم وإجراءاتها بما يناسب فلسفتها‪ ،‬ويستجيب لرؤيتها التسويقيّة؛‬ ‫أوجه مصمّ م‬ ‫أتدخل كثيرً ا في ذلك على أنحاء مختلفة؛ منها أنّني ّ‬ ‫صرت ّ‬ ‫ُ‬ ‫لكنّني فيما بعد‬ ‫الدار نحو مالحظات على شكل الغالف‪ ،‬وتفصيالته‪ ،‬وألوانه‪ ،‬ونوع الخط‪ ،‬وتوزيع المفردات‬ ‫أشترك في تصميم الغالف مع أحد المصمّ مين من أصدقائي وأرسل‬ ‫ُ‬ ‫على سطح الغالف‪ ،‬أو‬ ‫كامل إلى دار النشر طالبًا اعتماده تمامً ا وكل ّيًا‪ ،‬وحين يكون للدار مصمّ م محترف‬ ‫الغالف ً‬ ‫غالبًا ما أفوّضه بوضع التصميم الذي يراه ثقةً بإمكاناته التشكيليّة والسيميائيّة؛ بعد‬ ‫االطالع والموافقة عليه في آخر مرحلة من مراحل إنتاج الكتاب‪.‬‬ ‫يسهم الغالف األوّل بجذب القارئ وإغرائه الكتاب واســم المؤلّف والتفاصيل األخرى‬ ‫باقتناء الكتاب حين تبرز لمسات المصمّم الــتــي ال بـ ـ ّد مــن وضــعــهــا؛ ف ـ ّثــمــة سياسة‬ ‫القادرة على تقديم رؤيــة ضمنيّة لموضوع تشكيليّة لتوزيع الوحدات التشكيليّة واأللوان‬ ‫والكلمات والفراغات؛‬ ‫الـــكـــتـــاب وأطـ ــروحـ ــتـ ــه‪،‬‬ ‫وتــرتــيــبــهــا عــلــى نحو‬ ‫واألمـ ــر بالتأكيد يحتاج‬ ‫م ــت ــك ــام ــل كـ ــي تــصــل‬ ‫إلى موهبة وخبرة وثقافة‬ ‫اللوحة "الغالفيّة" إلى‬ ‫وحساسيّة نوعيّة تجعل‬ ‫السيرورة المطلوبة‪.‬‬ ‫الــمــصــمّــم قـــــــادرًا على‬ ‫توظيف ذلــك كـلّــه ليصل‬ ‫إل ــى "الــغــاف الجميل"‪.‬‬

‫وجمال الغالف ال يتوقّف‬ ‫على الحضور التشكيليّ‬

‫الــضــارب فــي تشكيليّته؛‬

‫لمسة‬ ‫ٍ‬ ‫بــل يحتاج حــضــو َر‬ ‫ـاص ـ ٍـة تــتــاءم وعــنــوان‬ ‫خـ ّ‬

‫محور خاص‬

‫ت ـ ــحـ ـ ـوّل ـ ــت عــتــبــة‬ ‫الـــغـــاف الـــيـــوم إلــى‬ ‫عــتــبــة "خــــارجــــيّــــة"‪،‬‬ ‫قابلة للدرس النقديّ‬ ‫حـــيـــن تـــرتـــقـــي إلـــى‬ ‫مرتبة جماليّة تتالءم‬ ‫م ــع م ــوض ــوع الــكــتــاب‬ ‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪33‬‬


‫وفلسفته‪ ،‬ألنّ المصمّم الــنــاجــح هــو من التشكيلـ‪-‬سيميائيّة القصوى للكتاب وال بديل‬ ‫قــرأ الكتاب ج ّيدًا وبــرع في وضــع تصميم لها‪ ،‬إذ إنّ نشر الكتاب أكثر من نشرةٍ يقتضي‬ ‫حـ ٍـاو لتجربة الكتاب‪ ،‬على مستوى جنس تغيير الغالف بين نشرة وأخرى‪ ،‬وربّما تُطبع‬

‫الكتاب وهُويّته وحجمه وخطابه وموضوعه بعض الكتب أكثر من عشر طبعات‪ ،‬بالمعنى‬ ‫وفضاء تداوله وغيرها؛ فللكتاب الشعريّ الذي يحتاج فيه إلى عشرة أغلفة‪ ،‬يختلف ك ّل‬ ‫خاصة‪ ،‬كما للكتاب القصصيّ ‪ ،‬غالف منها عن اآلخر بحسب طبيعة الرؤية‬ ‫ّ‬ ‫استراتيجيّة‬ ‫أو الــروائــيّ ‪ ،‬أو الــنــقــدي ّ‪ ،‬أو الفلسفيّ ‪ ،‬أو التشكيليّة الفنيّة التي تحضر لدى المصمّم‬ ‫الفكريّ ‪ ،‬أو الثقافيّ العام‪ ،‬أو غير ذلك؛ بما لحظة التصميم‪ ،‬وقد يطّ لع المصمّم على‬

‫أصــا كي‬ ‫ً‬ ‫يستلزم وعيًا استثنائ ّيًا لدى المصمّم حين األغلفة السابقة وقــد ال يطّ لع‬ ‫يخوض تجربة التصميم‪ ،‬كي يصل إلى مرتبة يكون تصميمه مبتكرًا وغير خاضع لضغوط‬

‫عليا تجيب عن أسئلة التشكيل والداللة معًا‪ ،‬مسبقة‪ ،‬لكنّ حصيلة التصميمات المختلفة‬ ‫وبما يجعل الغالف قــادرًا على تمثيل روح لكتاب واحد يمكن أن تخضع لدراسة تكشف‬ ‫التجربة الكتابيّة جماليًا على طريق وضع عــن جــوهــر التشكيل فــي هــذه الممارسة‬ ‫الخاصة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الجماليّة‬ ‫الكتاب في أجمل حُ لّة بين يدَي القارئ‪.‬‬ ‫ال يمكن معاينة الغالف بوصفه الرؤية‬

‫تحضر في عملية تصميم الكتب شبكة من‬

‫العناصر المكوّنة للرؤية التصميميّة؛ منها‪:‬‬ ‫المزاج‪ ،‬والمعرفة‪ ،‬والخبرة‪ ،‬والحساسيّة‪،‬‬

‫والبحث‪ ،‬واألدوات التشكيليّة الضروريّة؛‬

‫وينبغي أن تعمل كلّها بإرادة جماليّة واحدة‬

‫ومشتركة للحصول على فضاء مثاليّ يُنجَ ز‬

‫فيه التصميم‪ ،‬ويكون مقنعًا ألطراف العمليّة‬ ‫اإلخــراج ـ ّيــة والتنسيقيّة والــتــداول ـ ّيــة؛ من‬ ‫المصمّم إلى الكاتب إلى القارئ‪ ،‬فالتصميم‬

‫الــجـ ّيــد للكتاب يــحــوز على عناية الــق ـرّاء‬ ‫ويدفعهم باتجاه تناوله والتفاعل معه وتداوله‬

‫على صعيد الحيازة والقراءة معًا‪ ،‬والتعامل‬ ‫مع الغالف بوصفه مفتاحً ا تشكيل ّيًا سيميائ ّيًا‬

‫يساعد في تداول أفكار الكتاب وأطروحته‬

‫وفلسفته ومقولته‪.‬‬

‫‪34‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫محور خاص‬


‫تنوّعت كتبي المنشورة بين الكتب النقديّة؛‬

‫في نقد الشعر‪ ،‬ونقد السرد‪ ،‬ونقد السيرة‪،‬‬ ‫والكتب الشعريّة التي ضمّت مجموعاتي‬

‫الشعريّة‪ ،‬والكتب السرديّة‪ ،‬وقــد تضمّنت‬ ‫مجموعة من سرديّاتي التي اصطل ُح عليها‬ ‫فضل على كتب أخــرى صدرت‬ ‫ً‬ ‫"رســائــل"‪،‬‬

‫بأجزاء مثل "حقيبة الــرؤى" بأربعة أجزاء‪،‬‬

‫أيضا وض ّم‬ ‫و"رائحة المعنى" في أربعة أجزاء ً‬ ‫مجموعة كبيرة من مقاالتي‪ ،‬ورواية عنوانها‬ ‫"خــطــأ مــقــصــود"‪ ،‬وح ــوارات ــي الــتــي نشرت‬

‫في ثالثة أجــزاء بعنوان "نوافذ العترافات‬ ‫الضوء"‪ ،‬وغيرها‪ ،‬وكنت أحرص على التدخّ ل‬

‫خاص‬ ‫ّ‬ ‫في أغلفة الكتب اإلبداعيّة على نحو‬

‫ألنّها تمثّل هويّتي اإلبداعيّة واإلنسانيّة‪،‬‬

‫وغالبًا ما كنت ال أحبّذ نشر صــوري على في التصميم‪ ،‬ألنّ دار النشر قد تعتمد على‬ ‫أغلفة كتبي؛ بــل أفـ ّ‬ ‫ـضــل عليها تمثيالت مصمّم عادي يضع تصميمًا للغالف من دون‬

‫تشكيليّة إشــار ّيــة‪ ،‬تثري الجانب الــرمــزيّ ‪ ،‬أن يقرأه بعناية‪ ،‬إذ قد يكتفي بالعنوان العام‬ ‫وتغني فضاء االحتمال في لوحة الغالف!‬ ‫كي يصمّم غالفه على هذا األساس فقط‪،‬‬ ‫استأثرت قضية العتبات بعناية الدرس عندها ال يصلح مثل هذا الغالف للقراءة‬ ‫يخص تجربة المؤلّف‬ ‫ّ‬ ‫الــنــقــديّ الحديث على نحو كبير وواســع‪ ،‬النقديّة المعنيّة بك ّل ما‬ ‫بحيث تحوّلت إلــى قضيّة نقديّة مركزيّة فــي كــتــابــه؛ ل ــذا‪ ،‬يمكن أن تــأتــي تــأويــات‬

‫تقريبًا‪ ،‬وكانت عتبة الغالف إحدى العتبات القراءة النقديّة على قدر كبير من التمحّ ل‬ ‫التي أتــى عليها هــذا ال ــدرس فــي مفاصل واالفتراض‪ ،‬ال تحمل أيّ مرجعيّة سيميائيّة‬ ‫ـص الكتاب وتستجيب لمتطلّباته‬ ‫تخص نـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫كثيرة‪ ،‬اختبرت فيها آليّاتُ النقد هذه العتب َة‬

‫وفحصتها ج ّيدًا‪ ،‬غير أنّ هذه العتبة من بين الدالليّة‪.‬‬ ‫العتبات األخرى الموازية هي األكثر التباسً ا‬

‫تحتاج فعاليّة تصميم الكتاب إلى وعي‬

‫على هــذا الصعيد‪ ،‬فثمّة محاذير عديدة وخــبــرة ورغــبــة ومعرفة تحتشد فــي سياق‬ ‫من قراءة الغالف نقد ّيًا؛ وال سيّما حين ال واحــد ومنظور مشترك لبلوغ الحساسيّة‬ ‫يكون لمؤلّف الكتاب الدور المحوريّ األبرز التشكيليّة المطلوبة‪ ،‬وال بـ ّد من اإلحاطة‬

‫محور خاص‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪35‬‬


‫الشاملة بقضيّة التسويق وهي تكشف عن‬ ‫ذوق التلقّي التصميميّ للغالف لدى مجتمع‬ ‫صلب‬ ‫القراءة‪ ،‬على النحو الذي يندرج في ُ‬ ‫فضاء الحداثة‪ ،‬أو ما بعدها‪ ،‬بما يضمن‬ ‫القدرة على جلب انتباه القارئ وحثّه على‬ ‫الربط بين عتبة الغالف والعتبات األخرى‪،‬‬ ‫ومن ث ّم ربط ذلك كلّه بتجربة الكتاب وقضيّته‬ ‫ومقصديّته والــهــدف‬ ‫االستراتيجيّ من وراء‬ ‫فعاليّة التأليف‪.‬‬ ‫يــمــكــن أن تــكــون‬ ‫الخبرة الميدانيّة في‬ ‫عامل‬ ‫ً‬ ‫مجال التصميم‬ ‫نوعيًا شديد األهميّة‬ ‫فـــي إدارة الــعــمــل ـ ّيــة‬ ‫التصميميّة للكتاب‪،‬‬ ‫ألنّ حساسيّة التصميم‬ ‫تتطوّر وتتهذّب وتنمو‬ ‫وتــتــضــاعــف قيمتها‬ ‫التشكيليّة بــوســاطــة‬ ‫تراكم الخبرة ووعيها‬ ‫ومستوى تحديثها‪ ،‬وال‬ ‫ب ّد في هذا السياق من‬ ‫العناية بعلم نفس التلقّي التشكيليّ لغالف‬ ‫الكتاب بوصفه العامل الحاسم المهم في‬ ‫استقبال لوحة الــغــاف‪ ،‬وهــي تختبر ذوق‬ ‫القارئ في فهم المقولة السيميائيّة التي‬ ‫تنطوي عليها هذه اللوحة وقدرتها على تمثيل‬

‫أيضا من أخذ عتبة‬ ‫أطروحة الكتاب‪ ،‬وال ب ّد ً‬ ‫الغالف بنظر االعتبار وعدم عبورها بسهولة‬ ‫ألجــل أن تغتني أدوات الــقــراءة بمنظورها‬ ‫التشكيليّ الخصب‪ ،‬ومن ث ّم تسخيرها على‬ ‫نحو مــا لتقريب الــجـ ّو الــفــكــريّ والثقافيّ‬ ‫ٍ‬ ‫واإلبداعيّ العام للنص من ذهنيّة التلقّي‪.‬‬ ‫تنتهي عتبة الغالف عــاد ًة إلى رؤيــة قد‬ ‫تكون النسخة األولــى‬ ‫مــــــن نــــســــخ قــــــــراءة‬ ‫الكتاب؛ ألنّ التصميم‬ ‫يأتي استجابة جماليّة‬ ‫لمحتوى الكتاب وما‬ ‫تــتــشــظّ ــى داخ ــل ــه من‬ ‫ـان ودالالت وقيم‪،‬‬ ‫مــعـ ٍ‬ ‫ع ــل ــى ال ــن ــح ــو الـ ــذي‬ ‫يحقّق الصلة الوثيقة‬ ‫المطلوبة بين أطراف‬ ‫الــعــمــل ـ ّيــة اإلنــتــاج ـ ّيــة‬ ‫لــلــكــتــاب وعــنــاصــرهــا‬ ‫التشكيليّة الداخليّة‬ ‫والــخــارج ـ ّيــة‪ ،‬وهــو ما‬ ‫يصبّ أخيرًا في مرجل‬ ‫الــقــراءة لتصل إلــى مقاصدها وأهدافها‬ ‫بأكثر النتائج صحّ ة ونجاحً ا وفائدةً‪ ،‬بحيث‬ ‫ال يكتفي الكتاب بتقديم المعرفة بأنواعها‬ ‫المعروفة كلّها؛ بل يحقّق ذلــك بحساسيّة‬ ‫جماليّة تُطرّي فعاليّة القراءة وتطوّر أدائها‬ ‫الفنيّ العام‪.‬‬

‫* كاتب ‪ -‬العراق‪.‬‬

‫‪36‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫محور خاص‬


‫ُ‬ ‫البصري‬ ‫اإلدراك‬ ‫ُّ‬ ‫ُ‬ ‫اإلبداعي في التصميم‬ ‫والتشابك‬ ‫ُّ‬ ‫■ طالل معال*‬

‫في تصميم الكتب وأغلفتها يلتقي الفن بمضمون النصوص التي يحتوي عليها الكتاب‪،‬‬ ‫إنه مفهوم كان سائدً ا وما يزال مستمرً ا؛ لهذا فإن أول ما يخطر على ذهن المصمم هو كسر‬ ‫النمط أو الصورة التي يمكن أن تعطي للمشاهد إمكانية الخروج عن المضمون المقترح‪.‬‬ ‫وهو ما يجعل الخطوط واأللــوان التي نراها عــادة في أي غالف تعكس ما هو مفقود في‬ ‫تصورنا لمحتوى أي كتاب‪.‬‬ ‫يتأثر هذا بالمواد والخامات التي يقترحها بوصفها وسيطً ا بصريًا‬ ‫الفنان المصمم‪ ،‬وكل ما يستلزمه األمــر من بين المؤلف والقارئ‪.‬‬ ‫تقنيات مبتكرة إلعادة إنتاج المحتوى بصريًا‪،‬‬ ‫إن محاولة رفــع حال‬ ‫وبما يتوافق والبصر‪ ،‬فمع الــثــورة الرقمية أي شكل لكتاب من الرؤية‬ ‫أضحت قضايا التصميم وتحويل األفكار إلى العابرة إلى الرؤية الفنية‬ ‫واقع وحقائق جمالية إنما يحتاج للكثير من التي تكرم الفن والجمال‬ ‫التركيز كي يبقى المنتج على ارتباط ذاكراتي‬ ‫أول‪ ،‬والمعايير الثقافية‬ ‫ً‬ ‫بمختلف الجماليات التي تتوافق بالفعل مع المتمثلة بالعواطف التي‬ ‫العديد من السياقات‪ ،‬وعلى رأسها السياق يــمــكــن أن يــثــيــرهــا أي‬ ‫االجتماعي لقبول المحتوى اإلبداعي للتصميم غالف قادر على التعبير‬ ‫المقصود‪.‬‬ ‫عــن ذاتـــه وذات الفنان‬ ‫ال شك أن أي تصور لجماليات األغلفة‬ ‫سوا ًء كانت لكتب أم لسواها من المنشورات‪،‬‬ ‫ال بد لها أن تقارب فيما بين الطبيعة الذهنية‬ ‫والنفسية واإلدراكــيــة‪ ،‬وانعكاس كل ذلك في‬ ‫الهيكل العام البصري‪ ،‬المتمثل في الدوافع‬ ‫التي تؤدي لتصور محدد‪ .‬فالعملية الجمالية‬ ‫لــيــســت فــقــط ف ــي م ــا يــظــهــر مــبــاشــرة من‬ ‫التصميم‪ ،‬وإنما في الخفيّ والكامن وراء هذا‬ ‫الغطاء من ثقافة وخبرات يتم تنفيذها إلعادة‬ ‫صياغة المعاني الثقافية لألغلفة والمنشورات‬

‫محور خاص‬

‫المصمم بالدرجة األولى‪،‬‬ ‫وعــن الغرض البحثي أو‬ ‫التأليفي للنصوص ثانيًا‪،‬‬ ‫وبشكل يتجانس في وعي‬ ‫الــمــشــاهــد المستهلك‪،‬‬ ‫ويحفز لديه قبول ما يتم‬ ‫الغمز به لجهة التخصص‬ ‫المقصود إدراكه‪ ،‬لمعرفة‬ ‫إن ك ــان الــكــتــاب ينتمي‬ ‫لفئة أو نوع أو منطقة‪ ،‬أو‬ ‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪37‬‬


‫إن كان لمسار تاريخي أو فلسفي أو أدبي أو‬ ‫علمي‪ ،‬إلى ما هنالك من تنوّع ثقافيّ وفكريّ ‪.‬‬ ‫كما أن لدور النشر الدور البارز في االهتمام‬ ‫بالجوانب الجمالية التي تبرز دعمها وتصورها‬ ‫لمجموعة هائلة مــن المنشورات تكون لها‬ ‫هيكليتها الخاصة بحسب النوعية التي تنتجها‬ ‫على سبيل المثال‪ ،‬إذ يتم اقــتــراح تصورات‬ ‫محددة تكون أكثر جذبًا لإلصدارات المتعلقة‬ ‫بالفنون وفلسفتها‪ ،‬أو تلك ذات الصلة بالروايات‬ ‫أو ما هو ذو صلة بالعلوم‪ .‬فبعضهم يفضل‬ ‫الرسوم التوضيحية المباشرة على األغلفة‪،‬‬ ‫فيما يميل آخـ ــرون لــأســطــح والــمــســاحــات‬ ‫الــتــجــريــديــة‪ ،‬أو لــلــصــور الــفــوتــوغــرافــيــة أو‬ ‫للكتابات التوضيحية والجماليات الخطوطية‪،‬‬ ‫وأحيانًا التوليف فيما بينها مجتمعة‪ ،‬وسوى‬ ‫ذلك مما يتم تقديره بالتفاهم عادة بين دور‬ ‫النشر والمؤلفين والمصممين الذين يكون‬ ‫عليهم تجسيد الحكاية كاملة‪ ،‬وبشكل مثير‬ ‫لالهتمام ويحقق بالفعل معايير التوسط بين‬ ‫النص والعالمة البصرية‪.‬‬

‫‪38‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫إن حـ َّل المسائل البصرية في التصاميم‬ ‫الغرافيكية مرتبط بالقدرة على ح َّل العديد من‬ ‫التشابكات اإلبداعية واالحتياجات التجارية‬ ‫وما يربطها بالهوية التصميمية‪ ،‬وبما يجعل‬ ‫المصمم الناجح يلعب أدوارًا مختلفة‪ ،‬فهو‬ ‫مصمم ورسام وخطاط وملم بعلم النفس وعلم‬ ‫االجتماع والفوتوغراف واأليقونات‪ ،‬إضاف ًة‬ ‫إلى أن يكون قارئًا ومحررًا أحيانًا كي يحقق‬ ‫التصميم بإيقاع بالغ الدقة‪.‬‬ ‫ال تمضي الــحــكــايــة‪ ،‬إذًا‪ ،‬دون مــا يمكن‬ ‫دعوته االجتماعات التحريرية التي تعتمد‬ ‫على العصف الذهني بين األطــراف المعنية‬ ‫لتوضيح بعض المفاهيم التي تقود إلى الحبكة‬ ‫األولــيــة التي سيكون على الفنان المصمم‬ ‫توضيحها بغاية الكثافة‪ ،‬والفرز بين التصورات‬ ‫المعنية بالنوع اإلبــداعــي‪ ،‬كالسينما والفن‬ ‫والفوتوغراف واألزياء واآلداب وألعاب الفيديو‬ ‫والكاريكاتير‪ ،‬والكثير الكثير ممن تكون له‬ ‫الــقــدرة على التعامل معه لمواجهة جمالية‬ ‫بالدرجة األولــى‪ ،‬وهو ما يمكن عـدّه النظام‬

‫محور خاص‬


‫المرئي والثقافي الذي يتحقق عبره الغالف أو‬ ‫التصميم المنشود‪.‬‬ ‫هناك مجموعات كتب تعتمد في تصميمها‬ ‫على اللقطة الــواحــدة مــع اخــتــاف األل ــوان‬ ‫والــعــنــاويــن‪ ،‬وهــنــاك المجموعات المتنوعة‬ ‫التي تعتمد لقطات مختلفة بحسب المضمون‬ ‫وفكر الناشر والسوق والتداول والمجاورات‬ ‫في حالة المجموعات المتكاملة‪ ،‬والسالسل‪،‬‬ ‫ومراعاة الحقوق في حال استخدام الصور‬ ‫الفوتوغرافية واللوحات الفنية المحفوظة‬ ‫الحقوق‪ ،‬كل ذلــك يشكل مجموعة متناغمة‬ ‫وخفيّة لتحقيق الــغــاف المالئم للتحوالت‬ ‫الجمالية في التصميم المعاصر‪.‬‬ ‫يمكن القول بصورة عامة إن هذا المجال‬ ‫مفتوح على الحرية التي يتمتع بها الفنان‬ ‫المصمم في قراءاته الشكل النهائي للتصميم‬ ‫الــذي ال تحكمه قواعد محددة للوصول إلى‬ ‫المشروع النهائي الذي يمكن أن يتحقق دون‬ ‫عناء منذ البداية‪ ،‬ويمكن أن يحتاج للعديد‬ ‫من المحاوالت كي يحقق اإلقــنــاع الجمالي‬ ‫المرغوب‪ ،‬والــذي يخضع غالبًا لالتفاقيات‬ ‫األولية بين األطــراف المعنية‪ ،‬للوصول إلى‬ ‫الصورة الصحيحة لغالف الكتاب أو المنشور‬ ‫المطلوب‪ ،‬الذي يروي حكاية بالغة األهمية على‬ ‫المستويين الفني والتصميمي‪ ،‬يمكنها أن تروي‬ ‫طريقة االتصال بالجمهور المستهدف‪ ،‬والتي‬ ‫ال تتأثر إال عبر الكثير من الجهد والعمل‪ ،‬كونها‬ ‫هي الهدف النهائي الذي يسعى إليه الناشر‪.‬‬ ‫فقد يلجأ بعض الناشرين إلى التدخل واقتراح‬ ‫مــســارات أخ ــرى لتصاميم مطبوعاتهم إثر‬ ‫اقتراح بعضها‪ ،‬وسيكون على الفنان المصمم‬ ‫إما إقناعهم بوجهة نظره‪ ،‬وإما استيعاب وجهة‬ ‫نظرهم واقتراح مسار بديل يحقق تلك الرغبة‬

‫محور خاص‬

‫ال ــت ــي تــرتــبــط‬ ‫غالبًا باالحتياج‬ ‫للتفرد والتميز‬ ‫وان ـ ـ ــت ـ ـ ــظ ـ ـ ــار‬ ‫الكيفية التي‬ ‫ســيــبــدو عليها‬ ‫الـ ــغـ ــاف إث ــر‬ ‫طـــــبـــــاعـــــتـــــه‬ ‫ووضــــــــــعــــــــــه‬ ‫بـ ـ ــيـ ـ ــن يـ ـ ــدي‬ ‫الــمــســتــهــلــك‪،‬‬ ‫وم ــا يمكن أن‬ ‫ي ــح ــق ــق ــه مــن‬ ‫ردود أف ــع ــال‬ ‫ال تــتــلــخــص‬ ‫بعبارة أحــب أو ال أحــب‪ ،‬كونها أحكام غير‬ ‫كافية إلقناع المصمم الغرافيكي بأن منتجه‬ ‫الجمالي والعملي قــد حقق الــشــروط التي‬ ‫وضعها للوصول إلى الحلول التي يمكنها أن‬ ‫تحقق االنتقادات البناءة التي تحسن النتائج‬ ‫اإلبداعية‪.‬‬ ‫لقد عملت في مراحل معينة من تجربتي‬ ‫الفنية في تصميم المنشورات وأغلفة الكتب‬ ‫بأنواعها والبوسترات وسواها‪ ،‬وأنجزت ما‬ ‫يزيد عن الخمسين غالفًا في زمــن لم تكن‬ ‫البرامج التصميمية اإللكترونية المعمول بها‬ ‫اليوم قد أضحت في مجاالت التداول‪ ،‬وكنت‬ ‫ألجأ كغيري إلــى الرسم أو القص واللصق‬ ‫اليدوي‪ ،‬وباألحجام والمساحات المطابقة‪ ،‬وال‬ ‫شكَّ أنه قد صادفتني الكثير من المعوقات‪،‬‬ ‫واستمعت إلى الكثير من االنتقادات السلبية‬ ‫واإليــجــابــيــة‪ ،‬وم ــع ذل ــك يمكن أن أق ــول إن‬ ‫معاناة المصممين في الربع األخير من العام‬ ‫المنصرم على أقــل تقدير تختلف كليًا عن‬ ‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪39‬‬


‫معاناتهم اليوم‪ ،‬فقد أصبحت أغلب إنجازاتهم‬ ‫مــرتــبــطــة بــالــعــوالــم الــحــوســبــيــة‪ ،‬والــبــرامــج‬ ‫التصميمية المتنوعة بالغة الدقة؛ التي سهلت‬ ‫الكثير من امتالك التقنيات في الوصول إلى‬ ‫تحقيق األفكار االبداعية بغاية الدقة‪ .‬مع ذلك‬ ‫ال بــد مــن الــقــول إن األفــكــار البشرية بقيت‬ ‫واحدة؛ فالقدرة الغرافيكية والجمالية واحدة‬ ‫فــي التصور الــعــام للموضوعات المقصودة‬ ‫والمطلوبة‪ ،‬واإللهام الكامن خلف هذا التصور‬ ‫يحقق مــا يــدعــى النمط الــمــرئــي للصياغة‬ ‫العامة التي تنتج المنشورات واألغلفة التي‬ ‫تهتم بمختلف مجاالت الثقافة وتقدمها كل‬ ‫مرة بأشكال جديدة ومبتكرة‪.‬‬ ‫اليوم يمكن تكرار القول بــأن كل ما كان‬ ‫يحكم عملي التصميمي في هذا المجال وباقي‬ ‫المجاالت المتصلة بأغلفة الكتب واإلعــان‬ ‫عنها والمجالت والبوسترات والبروشورات‬ ‫الفنية وسواها‪ ،‬هو المزاج اإلبداعي الفني‪،‬‬ ‫والذي أعتبره الماسح االبتكاري الذي يجعلني‬

‫أستحضر الــصــور والــرســومــات والخطوط‬ ‫واأللـ ــوان والــمــوضــوعــات دفعة واحـــدة‪ ،‬دون‬ ‫االهتمام بوسائل التنفيذ المقترحة وتقنياتها؛‬ ‫ما يوحي بالنبرة اإلبداعية التي أقصدها‪،‬‬ ‫والتي كنت أستعيدها كل مرة من الصفر مع‬ ‫كل مواجهة جمالية‪ ،‬لتحقيق عمل جديد دون‬ ‫أن يكون هناك مجال للملل أو التكرار أو ولع‬ ‫الوقوع واالرتــهــان ألسلوب محدد؛ فالقضية‬ ‫برمتها كانت في هــذا المجال هي الكيفية‬ ‫التي تدعو لحل االحتياج الجمالي وبلوغ حالة‬ ‫التوازن التي تجمع المفردات دون المخاطرة‬ ‫بتجاوز القيم التصميمية والتصميم كمهنة‬ ‫كانت في مسارها التاريخي بتطور مضطرد‬ ‫يجعلها تتفوق على نفسها نظرًا لتداخل الكثير‬ ‫من األمور التكنولوجية واإلعالمية واإلعالنية‪،‬‬ ‫وتطور مختلف وسائل النشر المرتبطة بتطور‬ ‫إمكانات الطباعة ومــذاهــب التصميم التي‬ ‫القت دعمها األكبر في الدراسات الجامعية‬ ‫األكاديمية‪.‬‬

‫* باحث ‪-‬سوريا‪.‬‬

‫‪40‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫محور خاص‬


‫الرؤي ُة البصري ُة والتعبيري ُة‬ ‫الفن الحديث‬ ‫في‬ ‫ِّ‬ ‫■ خيري منذر*‬

‫عبر تاريخ الفن‪ ،‬أكدت التعبيرية حضورها‪ ،‬لكنه كان أكثر تنوعً ا مع نشوء الفن الحديث‪،‬‬ ‫هاجسا مع الرومانتيكية التي كاد االنفعال الداخلي‬ ‫ً‬ ‫بل يمكن القول إن التعبيرية شكلت‬ ‫فيها أن يمزق اإلطــار الواقعي للشكل‪ .‬وقد ظهر هذا التوجه التعبيري لدى (أنسور) في‬ ‫أيضا‪ ،‬فقد عبر عن الحالة االنفعالية المتّقدة‬ ‫عمله (األقنعة)‪ ،‬ولدى الهولندي (فان كوخ) ً‬ ‫التي عكست موقفه وسخطه من العالم‪ ،‬كما يظهر في جانبه التعبيري هذا لدى المدرسة‬ ‫أيضا‪ ،‬في وجهها التعبيري الجريء وأسلوبها في بناء العالقات اللونية‪.‬‬ ‫الوحشية ً‬ ‫قدم (بيكاسو) ً‬ ‫أيضا حاالت تعبيرية مختلفة حتى اليوم‪.‬‬ ‫وخاصة بعد تأثره بالفن اإلفريقي‪ ،‬ونرى ذلك‬ ‫والرمز هنا هو كل صيغة تشير إلى الشيء‬ ‫في عمله المرسوم (آنسات إفنيون)‪ .‬وبعد بمدلوالته وتعبيراته وليس بــذاتــه‪ ،‬وهــو ما‬ ‫بزوغ التجريد أخذت اتجاهات مختلفة منها‪:‬‬ ‫يستدعي التكثيف والــغــمــوض‪ ،‬وهــو نشاط‬ ‫التجريد الهندسي‪ -‬الغنائي‪ -‬البنائي‪ -‬الفن‬ ‫عال‪ ،‬ألنه (إحدى‬ ‫إنساني يتصف بتطور ذهني ٍ‬ ‫الالشكلي‪ ..‬إذ تضيق التعبيرية وتتسع داخل‬ ‫الوسائط اإلشارية التي يستخدمها اإلنسان‬ ‫أشكال التجريد المختلفة‪ ،‬هذا االتساع نجده‬ ‫في عملية خلق الثقافة وفــي معرفة العالم‬ ‫لدى (هارتونغ‪ -‬بيتبير‪ -‬شنيدر) وال ننسى‬ ‫الموضوعي) التي يستخدمها الفنان في عمله‬ ‫األمريكي (بولوك)‪.‬‬ ‫الفني‪ ،‬وهي تشكل جسرًا لحالة التلقي‪.‬‬ ‫البُعد الرمزي في أغلفة الكتب التي تعد‬ ‫هناك حاجة للتعبير الرمزي لدى الفنان‬ ‫العتبات الرئيسة للمشاهد والمتلقي للكتاب‪،‬‬ ‫منذ الــعــهــود الــبــدائــيــة‪ ،‬بشكل يــتــداخــل مع‬ ‫هي الفكرة العامة التي تندرج تحتها أساسات‬ ‫األبعاد الفنية المختلفة للوحة‪ .‬ظهر في الفن‬ ‫أي دار نشر لتكون المحط األه ــم ضمن‬ ‫الحديث حالة إشارية مكثفة‪ ،‬ألنها عكست‬ ‫محطات دور النشر عالميا؛ فقد بدأ حضور‬ ‫بشكل أو بآخر البعد الداخلي والنفسي للفنان‬ ‫البعد الرمزي في الوعي منذ محاولة اإلنسان‬ ‫وانفتحت على الالشعور واألحالم‪ ،‬ولم تعتمد‬ ‫فهم المحيط‪ .‬وقد تواشج الرمز مع الفن منذ‬ ‫بالضرورة على رمز معروف في الوعي‪.‬‬ ‫رسوم الحيوانات على جدران الكهوف وحتى‬ ‫إن تأكيد ذات الفنان في اللوحة هو الذي‬ ‫الفن الحديث‪ ،‬إال إنه في الحداثة الفنية تبلور‬ ‫باتجاه فني؛ إذ ظل الرمز جــزءًا من اللوحة أكسبها تنوعً ا‪ ،‬إذ عُرف ما نسميه بالطراز أو‬

‫محور خاص‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪41‬‬


‫األسلوب الــذي يخص كل فنان‪ ،‬ومن خالله‬ ‫يشكل طــرقــه التشكيلية فــي الـتـعامل مع‬ ‫الموضوع‪ ،‬األمــر الــذي أضفى تنوعً ا للبعد‬ ‫الرمزي‪ ،‬وحضورًا نسبيًا له‪ .‬ففي الوقت الذي‬ ‫يحاك مع الوسائل التعبيرية المختلفة نجده‬ ‫بحضور أكثر‬ ‫ٍ‬ ‫أحيانًا يطفو على سطح اللوحة‬ ‫من غيره؛ لذلك‪ ،‬قد ال توجد حدود فاصلة‪،‬‬ ‫مثل بين البُعدين التعبيري والرمزي‪.‬‬ ‫ً‬

‫(روسيتي‪ ،‬هويستلر‪ ،‬جونز‪ ،‬ريدون‪ ،‬بوفي دي‬ ‫شــان‪ ،‬جوستاف م ــورو)‪ .‬وقــد أطلق األدبــاء‬ ‫والفنانون بيانهم األول الذي نشر عام ‪1886‬م‬ ‫في (لو فيجارو) معبرًا عن التوجه الجديد‬ ‫للفن في الرؤية البصرية من خالل االعتماد‬ ‫على الرمز ومدلوالته السيكولوجية‪ .‬يكتب‬ ‫(جــان مورياس) في البيان الرمزي‪( :‬جميع‬ ‫المظاهر الملموسة إنما هي مجرد مظاهر‬ ‫محسوسة‪ ،‬كــل مهمتها أن تبدي انتسابها‬ ‫الخفي لألفكار األولية)‪.‬‬

‫إن تبعية مــا يــمــيــز الــرمــز فــي الــفــنــون‬ ‫البصرية عائدة لتجربة‬ ‫وقــــــــد أص ــب ــح ــت‬ ‫الفنان وذاكــرتــه الذهنية‬ ‫الــــلــــوحــــة م ــحــ ّم ــل ــة‬ ‫وال ــب ــص ــري ــة‪ ،‬إذ يعمل‬ ‫بالرموز‪ ،‬فلكل شيء‪،‬‬ ‫الفنان على خلق حاالت‬ ‫غالبًا‪ ،‬حالة رمزية أو‬ ‫رم ــزي ــة لــيــســت مستقاة‬ ‫داللــيــة معينة‪ ،‬س ــوا ًء‬ ‫بــالــضــرورة مــن م ــوروث‬ ‫مــن خ ــال ال ــل ــون‪ ،‬أو‬ ‫الــوعــي الجمعي‪ ،‬لكنها‬ ‫مــن خ ــال اســتــخــدام‬ ‫تكون أحيانًا متصلة به؛‬ ‫رمــوز مختلفة‪ ،‬لكنك‬ ‫وهذا ما يميز الفن اليوم‬ ‫ت ــش ــع ــر بــــــأن بــعــض‬ ‫عن الفنون القديمة‪ ،‬التي‬ ‫أعمال الرمزيين تحمل‬ ‫غالبًا ما تعتمد على رموز‬ ‫ح ــسً ــا مــيــتــافــيــزيــقـ ًيــا‬ ‫متفق عليها‪ ،‬وبخاصة‬ ‫يعكس البُعد الداخلي‬ ‫تــلــك الــتــي ج ــاءت ضمن‬ ‫والنفسي للفنان‪.‬‬ ‫األســاطــيــر والــديــانــات‪،‬‬ ‫ومـــن هــنــا‪ ،‬نــعــرف‬ ‫كما نراه لدى السومريين‬ ‫أن الرمزية فــي الفن‬ ‫بــرمــز (الــثــور المجنّح)‪،‬‬ ‫الحديث تعكس تجاوزًا للفهم الظاهري للرمز‬ ‫والحضارات التي تلتها‪.‬‬ ‫ال ــذي تــجــدد ودخ ــل فــي صــيــرورة الحداثة‬ ‫المدرسة الرمزية‬ ‫بتجلياتها المختلفة منذ تشكل الفن الحديث‪،‬‬ ‫مع استمرار الرمزية في ما قبل الحداثة مرورًا بالتجريدية وحتى فنون ما بعد الحداثة‪.‬‬ ‫بتجلياتها المختلفة‪ ،‬أخ ــذت شكل اتجاه واستنادًا إلى ذلك‪ ،‬نرى أن أعمال (غوغان)‬ ‫يدعى (المدرسة الرمزية)‪ ،‬والتي انتشرت تتسـم بطابع رمزي خاص دون االعتماد على‬ ‫بين عامي (‪1900-1880‬م)‪ ،‬ومــن روادهــا مفردات محددة؛ إذ تتصف أعماله بحساسية‬

‫‪42‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫محور خاص‬


‫رمــزيــة يكتنفها الغموض والصمت‪ ،‬تعكس التجريدية إلى ترميز الرمز أو تجريده من‬ ‫هذه الحساسية العوالم الداخلية لإلنسان‪ ،‬مظاهره الخارجية‪ ،‬ليأخذ الخط واللون دوره‪،‬‬ ‫ويصل (فان كوخ) إلى بعده التعبيري العميق وهو ما نجده في أعمال (كاندسكي)‪.‬‬ ‫بــاتــخــاذ ال ــرم ــز أحــيــا ًنــا‬ ‫ث ــم ــة حـ ــديـ ــث عــن‬ ‫من خــال الــلــون‪ .‬ونجد‬ ‫الروح الخفية لألشياء‪،‬‬ ‫ذلـــك الــتــمــازج م ــا بين‬ ‫ســوا ًء في الالشعور أو‬ ‫التعبيرية والرمزية لدى‬ ‫مــا نــجــده فــي الــواقــع‬ ‫(بيكاسو) بطرق تشكيلية‬ ‫الموضوعي‪ ،‬إذ يمتلك‬ ‫مــخــتــلــفــة؛ فــفــي الــوقــت‬ ‫الـــــذي تـــــؤدي عــنــاصــر‬ ‫ك ــل شـ ــيء وجــهــيــن أو‬ ‫لوحته (الغرنيكا) دورها‬ ‫مـــظـــهـــريـــن؛ داخـــلـــي‬ ‫التعبيري (النساء‪ ،‬الثور‪،‬‬ ‫وخــارجــي‪ .‬حــاول الفن‬ ‫الــحــصــان‪ ،‬الــمــصــبــاح)‬ ‫الـــحـــديـــث اك ــت ــش ــاف‬ ‫ت ــؤدي دورهـ ــا الــرمــزي؛‬ ‫تلك الـــدالالت وأسهم‬ ‫فيشكل الحصان رم ـزًا‬ ‫بذلك الخيال واستلهام‬ ‫لـــألـــم والــــثــــور رمـ ـ ـزًا‬ ‫الــاشــعــور وفــضــاءاتــه‬ ‫للشجاعة‪.‬‬ ‫إلــى حــد (أن اإلنــســان‬ ‫ن ــج ــد ح ــال ــة أخـ ــرى‬ ‫ال ــذي يتعذر عليه أن‬ ‫لـــلـــرمـــزيـــة ف ـ ــي ال ــف ــن‬ ‫يتخيل حـصـانًا يعدو‬ ‫الحديث عند (شاغال)‪ ،‬إذ‬ ‫عبرت أعماله عن استحضار ذاكرته الطفولية على قــرص بــنــدورة هو إنسان معتوه)‪ .‬لقد‬ ‫عبر مفردات القرية وعناصرها المختلفة‪ ،‬استطاعت السريالية اإلمساك إلى حد كبير‬ ‫وت ــط ــور ال ــرم ــز م ــع الــســريــالــيــة م ــن خــال بالدالالت والرموز الالشعورية والحلمية‪ ،‬وفي‬ ‫تركيزهم على الالشعور واألحالم واستنطاق حالة التكثيف يصبح (األثر الذي تتركه زاوية‬ ‫هذه العوالم المحجوبة في العمل الواقعي‪ ،‬حــادة من مثلث على دائــرة هو في الحقيقة‬ ‫ونجد تلك العوالم مستمدة من العقل الباطني‬ ‫طاغ وشديد)‪ .‬إذًا‪ ،‬يمكن القول إن االستخدام‬ ‫ٍ‬ ‫في أعمال (سلفادور دالي) و(ماكس أرنست) الــرمــزي فــي الــفــن الــحــديــث هــو بشكل من‬ ‫وباقي السرياليين‪ ،‬إال إن الرمز أخذ حالة‬ ‫األش ــك ــال تعبير عــن تــلــك الــــروح الخفية‬ ‫تكثيفية مع التجريدية التي رأت في الرمزية‬ ‫لألشياء‪ ،‬ومحاولة للدخول في ما وراء الواقع‬ ‫حواج َز إضافية تلتزم بالمدلوالت‪ ،‬فانتقلت‬ ‫الموضوعي‪.‬‬ ‫* ناقد تشكيلي‪ -‬مصر‪.‬‬

‫محور خاص‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪43‬‬


‫البصرية‬ ‫الصورة‬ ‫جمالي ُة‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫■ د‪.‬منصف الديكي*‬

‫في الــواقــع‪ ،‬ثمّ ة غموض في الشكل‪ ،‬وثمّ ة أسئلة كثيرة نصطدم بها في حــال تجاوزنا‬ ‫الرؤية التقليدية للواقع والشيء؛ ألن عيننا المعرفية معياريّة وليست عينًا إبداعية أحيانًا‪،‬‬ ‫وربما يعود ذلك إلى طبيعة المؤسس‪ ،‬وعينه على تجربة تاريخية في المعرفة‪ ،‬مبنية على‬ ‫والفكري المحض‪ .‬هناك أشياء بصرية بديهية نعيشها‪ ،‬لكنها في الحقيقة‬ ‫ّ‬ ‫العمل الذهنيّ‬ ‫أكثر من الشيء ذاته؛ بمعنى آخر‪ ،‬هناك أشياء خارج حدود وعينا‪ ،‬ربّما لم نفكر فيها بعد!‬ ‫ولو عدنا لألشياء البديهية‪ ،‬مثل‪ :‬الكرسيّ ‪ ،‬مثال بتعرجاتها والتقاء شرفاتها تعكس حاله‬ ‫السكين‪ ،‬المسمار‪ ،‬وأشياء أخــرى لها معنى انفعالية واجتماعية ما لساكنيها‪ ،‬بل تعبّر عن‬ ‫في إطارها الوظيفي‪ ،‬نتساءل‪ ،‬كيف تشكّل منظومة من التفكير‪ ،‬أل ّن المكان هو انعكاس‬

‫الكرسي مثال؟ ولماذا ال تكون الغرفة المربّعة لإلنسان‪ ،‬والعكس صحيح‪ .‬وفي عالقتنا مع‬ ‫دائرية؟ ثمّة قضايا عميقة وراء ما نفعله‪ ،‬شيء األشياء وبنائها نضفي ذواتنا عليها‪ ،‬وهذا‬ ‫يتخطى الوجود الفيزيائيّ والقياسيّ للشكل‪ ،‬اإلضــفــاء ال ــذي نــتــركــه يحقّـق تــواصـ ًـا مع‬ ‫إذ (لك ّل شيء وجهان)‪ .‬ولكي نتّصل مع الشكل اآلخرين بحيث يمكن أن يراك اآلخر من خالل‬

‫البصري‪ ..‬ال بد من أن نعيد قــراءة الشكل ما تفعله‪ ،‬وهذه الرؤية مختلفة من فرد آلخر‬ ‫وتحليله‪ ،‬ونعيد تفكيكه‪ .‬إن الفن الحديث‬ ‫تبعًا لمعرفته وتركيبته النفسية‪.‬‬ ‫برمته ليس سوى محاولة لمعرفة الشكل وبلوغ‬ ‫لذلك‪ ،‬فــإن الجمال لألغلفة‪ ،‬والبصرية‬ ‫الحقيقة مــن خــالــه؛ ألن هناك أثــرًا يتركه‬ ‫الشكل من خــال عالقاته الخطية واللونية المختلفة للغالف هي الحصانة التي تختفي‬ ‫والفراغية‪ .‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬أٌجرِ يتْ تجارب وراءها الكلمات‪ ،‬ونصل للشكل البصري الذي‬ ‫على الخط‪ ،‬وأقصد خط الرسم‪ ،‬فهناك خط يظل بنية مفتوحة االحتماالت‪ ،‬يُقرأ من خالل‬ ‫قــاس‪ ،‬وخط دافــئ‪ ،‬وآخــر قلق‪ ،‬الــخ‪ .‬ومن ثَ َّم اللغة البصريّة ذاتها‪ .‬وقد أدرك الفنّ الحديث‬

‫هناك أث ٌر يتركه المستطيل أو الطريق المتعرج‪ ،‬هذه البنية؛ لذلك‪ ،‬عمل على تحويل المحسوس‬ ‫وهــنــاك فــرق بين مــنــزل بُــنــيَ مــن اإلسمنت المادي وتغييره إلى محسوس إبداعي‪ ،‬ولوال‬ ‫وآخــر من الطين‪ .‬إ ّن أحياء دمشق القديمة ذلك‪ ..‬ما معنى الرسم والتصوير‪ .‬إن التحول‬

‫‪44‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫محور خاص‬


‫الــذي يجريه الفنّان هو المعنى‪ ،‬وهــو عمل ما أن يجد هــذا التمثال ويصنع منه دراجــة‬ ‫على خلق معادل تشكيلي للغموض الكائن في نارية‪ ،‬وذلك باستكمال عناصرها‪ .‬ك ّل ذلك ال‬

‫الكون‪ ،‬ربّما نجد ذلك من خالل سقوط ورقة يلغي األهمية الكبيرة لجهود فتره طويلة من‬

‫من شجره صفراء‪ ،‬أو اختراق مثلّث لدائرة؛ النقل الحرفي للواقع‪ .‬إن نحت (مايكل انجلو)‬

‫أيضا‬ ‫فالكنيسة التي يصورها فان كوخ يطبع عليها لتمثال موسى‪ ،‬إبداع مهم يأخذ أهميته ً‬

‫أثره‪ ،‬وانفعاالته‪ ،‬فتأتي الكنيسة لديه محاطة في سياقه التاريخي‪ ،‬لكنه في فترة الحداثة‬

‫بفراغ ثقيل ولون وكتلة توحي باالنهيار‪.‬‬

‫تــغـ ّيــرت الــرؤيــة البصرية للشكل‪ ،‬ولــو كان‬

‫وبالسياق نفسه أراد بيكاسو أن يعبّر عن مايكل انجلو ح ّيًا لفعل ذلك‪ ،‬وتجاوز الواقع‬ ‫بكاء المرأة بأكثر من الحالة الواقعية‪ ،‬ونجد والمشخص‪ ،‬وقــد تنبأ بذلك فــان كــوخ‪( :‬لو‬ ‫ذلك في لوحة (المرأة الباكية)‪ ،‬وصوّر رينيه صوّر إنسان يحفر األرض فوتوغرافيا لجاء‬ ‫ماغريت بورتريه لتمثال على رأسه بقعة دم‪ ،‬في النتيجة أنه ال يحفر)‪.‬‬

‫كما صوّر (فرنسيس بيكون) تشوهات اإلنسان‬

‫إذًا‪ ،‬أضحت األشــيــاء فــي فترة الحداثة‬

‫الداخلية‪ ،‬من خالل صياغته لها من جديد غير واقعية‪ ،‬لكنها واقعية من نوع آخــر‪ ،‬من‬

‫وفق ما يراه الفنان‪ .‬ثمّة إشارة لبيكاسو ذات حيث تجسيد الذات االنفعالية بغية رؤية ما‬ ‫ّاجة ٍ‬ ‫أهمية‪ ،‬عندما جلب مقع َد ومقو َد در ٍ‬ ‫نارية ال يــرى‪ ،‬فالمكان واإلنــســان قــد تغير شكله‬

‫ووضعهما فوق بعضهما ً‬ ‫بعضا ليأخذا شكل الواقعي‪ ،‬فجسد المرأة أخذ تجليات تعبيرية‬

‫ثور‪ ،‬وقد عبر حينها بيكاسو بأنّه يمكن ألحد عديدة ممتزجة بالخيال وتــصــورات بصرية‬

‫محور خاص‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪45‬‬


‫مختلفة‪ ،‬ومن األهمية بمكان‪ ،‬النظر إلى ذلك عن الوجود الواقعي للشكل‪ ،‬وهذه هي القوة‬

‫باهتمام ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫التحول في بنية الشكل‬ ‫بالغ‪ ،‬أل ّن ذلك الروحية التي تنفخ في بوق اإلبداع‪.‬‬

‫لم يحقّق الحرية فقط‪ ،‬إنّما أشار إلى البعد‬

‫إن العقل الرياضي قياسي‪ ،‬وهو صحيح‬

‫الحقيقي لدى اإلنسان في حريته‪ ،‬طفولته‪ ،‬بالنسبة له‪ ،‬لكنه ليس صحيحً ا بالنسبة لإلبداع‬ ‫وحتّى بدائيته‪ ،‬وهذا األمر احتاج إلى تخطي الذي يرى ما ال يرى‪ ،‬إ ّن التأسيس اليوناني‬ ‫المفهوم العقالني في الرؤية البصرية للشكل‪ .‬للفن الذي جاء متواشجً ا مع النزعة العقلية‪،‬‬ ‫تـــجـــذّرت هـ ــذه الــعــقــانــيــة ف ــي الــحــيــاة استمر قرونًا عديدة‪ .‬لم تحتج الحداثة سوى‬

‫االجتماعية األوروبية‪ ،‬التي ليست سوى قناع زمن ضئيل‪ ،‬لتحطم ك ّل هذا التاريخ‪ ،‬وتستغني‬ ‫أراد الــفــنــان نــزعــه ليكشف تلك الطفولة‪ .‬عنه؛ لذلك‪ ،‬قال غوغان (ضعوا نصب أعينكم‬

‫وقليل العصريين)‪ ،‬أمّا‬ ‫ً‬ ‫فالطفل يرسم المدرس والعصا بحجمه‪ ،‬إذ الفرس والكمبودجيين‬

‫يرسم كما يرى‪ ،‬ويعبّر عن الحقيقة الجوهرية مولر فيقول‪( :‬بكلمة واحدة أصبحت اللوحة‬ ‫الــتــي يعيشها ولــكــن عــبــر تحطيم النسب أقل واقعية بينما ازدادت شاعرية وغناء)‪ .‬كان‬

‫الواقعية للشكل‪ .‬وأهمية فنّ الطفل تكمن في هذا بمثابة العامل الحاسم في تشكل الحداثة‬

‫تحطيم هــذه النسب دون درايــة‪ ،‬وبكثير من عبر مدارسها التي كانت ورشات عمل وبحث‬ ‫الصدق‪ .‬وهكذا كان اإلنسان البدائي‪ ،‬لم يفكر بصري لبلوغ الحقيقة عبر تحول بنيوي على‬

‫بصر ّيًا إال وفق رؤيته الذاتية‪ ،‬بصرف النظر السطح التصويري‪.‬‬ ‫* كاتب ‪ -‬المغرب‪.‬‬

‫‪46‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫محور خاص‬


‫وج ُه الكتاب‪:‬‬ ‫ٌّ‬ ‫معا!‬ ‫فخ‬ ‫بصري يَأْسر ُ الناظر َ والقارئَ ً‬ ‫ٌّ‬ ‫■ محمد العامري*‬

‫غالف الكتاب الفع َل البصري والجمالي الذي تصطدم به العين للوهلة األولى‪ ،‬إذ‬ ‫ُ‬ ‫ُيعَدُّ‬ ‫يتم التفاعل معه كصورة جمالية بتكوينها وطبيعة العناصر الموجودة في الغالف‪ ،‬ويسهم‬ ‫التصميم الذكي في جلب أكبر عدد من مقتني الكتب لتناوله وتصفحه في المرحلة األولى‪.‬‬ ‫فهو فعل تبادليّ بين المتلقي والنص البصري‪ ،‬كتاب أكثر أناقة وجماال‪.‬‬ ‫وهو العتبة األولى التي تضرب العين بلذة خاطفة‬ ‫فالكتاب األنيق ال بد أن يسهم في شيوعه‬ ‫تتحرك فــي وج ــدان المتلقي لتحسس الكتاب‬ ‫وانــتــشــاره‪ ،‬ويصبح سلعة جمالية مستساغة‪،‬‬ ‫والتفاعل معه‪ ،‬مجسّ دا من الــورق المنتظم في‬ ‫بكونه جاذبًا لالنتباه لدى المشاهد‪ ،‬فهو الكنز‬ ‫سياق إيقاعي معين‪ ،‬كدعوة للدخول إلــى عالم‬ ‫الموصد الــذي يدعونا لفتحه وتصفحه‪ ،‬كفاتح‬ ‫النص الداخلي‪ ،‬أو المحتوى‪ .‬فالغالف عتبة مهمة‬ ‫لشهية القاريء على تناوله والتعامل معه بغبطة‬ ‫تفضي بنا إلى الداخل‪ ،‬فهي بمثابة المفتاح األول‬ ‫فريدة‪ ،‬كشيفرة بصرية تحمل في ثناياها الغموض‬ ‫في التعاضد بين داللة الفعل البصري والعنونة‪،‬‬ ‫واألس ــرار وأشــكــال وعناصر تتكامل في لحظة‬ ‫فحال الغالف كحال باب البيت الذي يدلنا على‬ ‫ما لتعطي المشاهد صــورة مغرية للكشف عن‬ ‫طبيعة دواخــلــه‪ ،‬فمن الممكن أن نغتبط بعتبة‬ ‫محتواه‪.‬‬ ‫الكتاب ونقتنيه بصرف النظر عن المحتوى؛ فهو‬ ‫فــغــاف الــكــتــاب ب ــرزخ تتعاضد فيه الفكرة‬ ‫يثير إعجابنا لنمتلكه‪ ،‬تماما كأي سلعة وقد غلّفت‬ ‫برونق معين يغري المقتني أن يقبض عليها لتصبح المبدعة في التصميم والتسليع في آن واحد‪ ،‬كعتبة‬ ‫جزءًا من مقتنياته‪.‬‬ ‫وجسر ونداء‪ ،‬يرتق المسافة بين الكتاب والقاريء‪،‬‬ ‫فما يقدمه الكتاب من رونــق وأنــاقــة يجعلنا مسافة جمالية يلتقي فيها الخارج والداخل معًا‪،‬‬ ‫مسرورين بوجوده بهذا الشكل‪ ،‬على خالف الكتب لهذا تبقى صورة الغالف عالقة في مخيلتنا دائما‪،‬‬ ‫غير االنيقة‪ ،‬فاالهتمام بتصميم الكتاب وجمالياته وتشكل السلطة األكبر في جسد الكتاب عن ما‬ ‫الدقيقة هو جزء من حرفية النشر والتعامل معه يقدمه النص للوهلة األولــى‪ .‬وألهمية المسألة‪،‬‬ ‫أصبح هناك مصممون مختصون فــي تصميم‬ ‫كقطعة فنية‪.‬‬ ‫الغالف لما يمتلكه التصميم من أهمية بل ضرورة‬ ‫على خــاف الكتاب غير األنــيــق‪ ،‬ربما يكون‬ ‫من ضرورات النشر وتسويق الكتاب بوصفه سلعة‬ ‫مضمونه جيدًا لكنه ال يغرينا بتلمسه والتحيز له‪،‬‬ ‫ثقافية‪.‬‬ ‫بل نتجاوزه لبشاعته وارتباكه البصري‪ ،‬فنصاب‬ ‫فقد تميزت دور نشر عن أخرى فيما يخص‬ ‫بخيبة ما‪ ،‬بل ننفر منه لتتجاوزه العين‪ ،‬منتقلة إلى‬

‫محور خاص‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪47‬‬


‫االحتفاء بالكتاب وتجلياته الجمالية بالدرجة الحواشي سرديات في غالبها تعبّر عن حدث ما‪.‬‬ ‫األول ــى‪ ،‬وشـ ّكــل الجانب الجمالي قيمة جاذبة‬ ‫يعد غالف كتاب «تقدمة الصداقة» ‪-‬المحفوظ‬ ‫للمؤلف‪ .‬فــدور النشر تحتفي بأناقة الكتاب‪،‬‬ ‫بــمــكــتــبــة «بـ ــودلـ ــيـ ــان» في‬ ‫لدورها في تحقيق شهرة‬ ‫أكــســفــورد‪ -‬أقـ ــدم غــاف‬ ‫ال ــدار بشكل متساوٍ مع‬ ‫ك ــت ــاب احــتــفــظ ب ــه حتى‬ ‫اسم المؤلف!‬ ‫اليوم‪ ،‬وهو غالف منسوج‬ ‫فالغالف مادة جمالية‬ ‫تــقــدم ســرديــات لطبيعة‬ ‫العنوان بصورة مباشرة‬ ‫وغــيــر مــبــاشــرة‪ ،‬كــإشــارة‬ ‫دالّــة على طبيعة النص‬ ‫ذاته‪ ،‬بعيدة عن التطابق‬ ‫ال ــك ــام ــل بــيــن الــعــنــونــة‬ ‫والصورة‪ ،‬لكنها تدل على‬ ‫الــعــنــوان بــصــورة مواربة‬ ‫آخــذة الجانب الجمالي‬ ‫كأساس لها‪.‬‬

‫يــمــكــن الــــقــــول‪ ،‬إن‬ ‫العنوان ولوحة غالفه‪ ،‬يقدمان في األصل عنوانا‬ ‫واحدا ومتعاضدًا؛ فهو وجه ذاكراتي يذكرنا عبر‬ ‫الصورة بعنوان الكتاب‪ ،‬بل يبني عالقة حميمة بين‬ ‫القارىء والغالف‪ ،‬كفعل بصري يرسخ في الذهن‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬نجد أن الغالف الرديء يسيء للكتاب‬ ‫بصرف النظر عن المحتوى المعرفي له؛ ما يعني‬ ‫أن مضمون الكتاب وغالفه يتعاضدان في تفوّق‬ ‫الكتاب وشيوعه‪.‬‬ ‫فمنذ قام الفنان المسلم بإنتاج مخطوطاته لم‬ ‫يغفل الجانب التلويني والزخرفي كحاشية للنص‪،‬‬ ‫كفعل إغرائي يقود المتصفح للمتعة في المعلومة‬ ‫وفعل الرسم والتلوين‪ ،‬إذ كانت تعكس الصور في‬

‫‪48‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫من خيوط الحرير األبيض‪،‬‬ ‫وتم عنونة الكتاب بالخط‬ ‫األسود كفارقة بين األرضية‬ ‫البيضاء واللون األسود‪ ،‬إذ‬ ‫جــرت الــعــادة قــديـ ًمــا منذ‬ ‫الــقــرن الــثــامــن عــشــر في‬ ‫الــحــفــاظ عــلــى الــكــتــاب‪،‬‬ ‫حينما كانت نسخة الكتاب‬ ‫تعد كــنـزًا ثمينًا ون ــادرًا ال‬ ‫يــتــيــســر الــحــصــول عليها‬ ‫سوى لخاصة الخاصة من‬ ‫علية الــقــوم؛ لــذلــك‪ ،‬نجد‬ ‫طويل‬ ‫تقنيات حياكة الكتاب جاءت عبر مواد تدوم ً‬ ‫مثل الجلد أو الورق المقوى أو الخشب من باب‬ ‫تحصينة ضد التلف‪ ،‬ويعد ضمن سياق «تنميق‬ ‫المعرفة العلمية والثقافية»‪ ،‬وهو المفهوم الذي‬ ‫ينسحب على كافة أوجه الحضارات في العالم‪،‬‬ ‫ماثل في شتى معالم‬ ‫والــذي نراه واقعًا جماليًا ً‬ ‫الحضارة ورموزها‪.‬‬

‫فقد انقطع الفعل الجمالي العربي واإلسالمي‬ ‫عن ما كان موجودًا في السابق من اهتمام بزينة‬ ‫الكتاب كقيمة جمالية‪ ،‬لكننا اليوم‪ ،‬وقــد عدنا‬ ‫للمسالة ذاتها‪ ،‬إذ تقيم دور النشر قسمًا للتصمم‬ ‫خاصا بالكتب التي تنشرها‪ ،‬وتحظى األغلفة في‬ ‫ً‬ ‫الغرب بأهمية ثقافية كبيرة ورفيعة‪ ،‬بوصفها‬

‫محور خاص‬


‫تشكل مكانة فاعلة في ترويج الكتب واإلسهام في‬ ‫اإلقبال عليها؛ لذلك‪ ،‬فهم يضعون معايير صارمة‬ ‫لشروط الكتاب الناجح قبل تسويقه‪ ،‬من ضمنها‬ ‫الصورة الفنية للغالف وطبيعة التصميم الجاذب‪.‬‬ ‫فقد عاد اإلهتمام بصنوف الفعل الجمالي بما‬ ‫يخص صناعة الكتاب مؤخرًا‪ ،‬وأقيمت معارض‬ ‫ألغلفة الكتب‪ ،‬وتــم التعامل معها كلوحات ال‬ ‫تقل أهمية عن اللوحة المرسومة‪ ،‬لذا ال بد من‬ ‫االحتفاء واالهتمام بالفن والثقافة الجمالية في‬ ‫غالبية المجتمعات اإلسالمية‪ ،‬وعلينا أن نتخذ‬ ‫م ــن الــثــقــافــة الــجــمــالــيــة‬ ‫مــعــيــارًا للتعاطي مــع قيم‬ ‫الصورة اإلبداعية الراقية‬ ‫الــتــي اخــتــزلــهــا فــاســفــة‬ ‫علم الجمال في ما مؤداه‬ ‫أن الحياة المتحضرة هي‬ ‫وحدها القادرة على إبداع‬ ‫فن جميل‪.‬‬

‫وشكل وجــه الكتاب مساحة مــن التنافس بين‬ ‫المصممين عــبــر مــجــمــوعــة مــن االقــتــراحــات‬ ‫الجمالية بــدءًا من الصورة ومــرورًا بنوع الخط‬ ‫وصول إلى بناء الغالف‬ ‫ً‬ ‫المستخدم في التصميم‬ ‫كتكوين فني يمتلك الشروط الجمالية كاملة‪ ،‬وال‬ ‫ب ّد من اإلشارة إلى مثلبة تبرز هنا وهناك تتمثل‬ ‫فــي طرفين‪ ،‬هما الناشر والــكــاتــب؛ ففي كثير‬ ‫من األحيان يتدخل الكاتب غير المختص برؤية‬ ‫المصمم‪ ،‬وفي كثير من األحيان تخضع دار النشر‬ ‫جاهل‬ ‫ً‬ ‫لمزاجه الذي ال يخدم الكتاب ذاته بكونه‬ ‫فــي الــجــانــب الجمالي؛‬ ‫والمسألة األخــرى تتمثل‬ ‫ف ــي ســلــطــة دار النشر‬ ‫على المصمم نفسه‪ ،‬إذ‬ ‫تحدث أحيانًا تدخّ الت‬ ‫كثيرة ال تصبّ في صالح‬ ‫الــكــتــاب وتــســويــقــه‪ ،‬وقد‬ ‫تــفــرض أحــيــانًــا سلطة‬ ‫الــنــشــر غــافًــا ال يعدو‬ ‫بالنسبة لصاحب العمل‬ ‫األدب ــي أكــثــر مــن مأساة‬ ‫مــلــونــة‪ ،‬ســيــتــحــتــم عليه‬ ‫تحمل العبء األكبر حين‬ ‫نشرها!‬

‫ل ـ ـ ــذل ـ ـ ــك‪ ،‬ان ــت ــب ــه ــت‬ ‫المجتمعات العربية في‬ ‫هذا الجانب‪ ،‬فقد أسست‬ ‫الجامعات العربية ضمن‬ ‫تــخــصــصــاتــهــا أق ــس ــام ــا‬ ‫لــلــتــصــمــيــم بــكــل أن ــواع ــه‬ ‫إلداكــهــم األهمية الكبيرة‬ ‫فيما يخص االقتصاد الثقافي كسلعة جمالية‬ ‫فــي نــهــايــة األمـ ــر‪ ،‬نخلص إل ــى أن جمالية‬ ‫مهمة وضرورية‪.‬‬ ‫الكتاب بغالفه هو سلطة جمالية مهمة‪ ،‬ال ب ّد من‬ ‫فهو إلهام تقترحه األغلفة في وجودها األنيق االهتمام بها‪ ،‬لما تقدمه من خدمة النتشار الكتاب‬ ‫لحفر مسارات الجدل والتناغم داخل النصوص‪ ،‬وتسويقه‪.‬‬ ‫* كاتب ‪ -‬األردن‪.‬‬

‫محور خاص‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪49‬‬


‫العتب ُة األولى‪..‬‬ ‫■ د‪ .‬محمد بن مثنى الراشد*‬

‫يُعد العنوان العتبة األولى‪ ،‬والمهمة التي يواجهها القارئ‪ ،‬فقد تقوده إلى المؤلف من‬ ‫حائل بينهما‪ ،‬وهذان األمران متوقفان على إيحائه بما يضمّ ه من‬ ‫حيث ال يشعر‪ ،‬وقد تقف ً‬ ‫أخبار تالزم ما هو آخذ فيه‪ ،‬وعلى مطابقته‪ ،‬دون غموض فكرة أو مفهوم‪.‬‬ ‫وقــد عُ ــدّ الــعــنــوان كــاالســم للشيء‪ ،‬اللغوية الحديثة‪ ،‬ولعل الغالف هو عتبة‬ ‫به يُــعــرف‪ ،‬وبفضله يُــتــداول‪ ،‬وال يمكن جديدة يتمرّس من خاللها الكاتب لمعرفة‬ ‫التغاضي عنه لئال تتكون حالة إبهام القدرة للقارئ الذي يدخل الى نصه‪.‬‬ ‫والتباس تُقلّل من كفاءته في االستجابة‬

‫والغالف دو ًمــا مفتوح على التأويل؛‬

‫لفعالية الــقــراءة‪ .‬وإن حقول المعرفة إنه ينتصر للبصيرة ويريدها أن تبقى‬ ‫على شكلها الجميل‪ ،‬ال أن تتخلى عن‬ ‫اللغوية زخرت بكثير من المصطلحات‬ ‫طبيعتها‪ ،‬وفي محاولة محوها محاولة‬ ‫والمقوالت التي تالقحت فيها أصالة‬ ‫إعادتها إلى اللون المميز‪.‬‬ ‫ما تنبه إليه علماؤنا األوائل مع البحوث‬ ‫ويــذهــب بنا االستبصار إلــى الزعم‬ ‫بأن الغالف دو ًمــا هو الموقف الصارم‬ ‫للمتلقي الــذي يبحث عن راحــة قبل أن‬ ‫يقرأ‪ ،‬ومن هنا‪ ،‬فالغالف مفهوم أقرب‬ ‫الى الشيفرة الصوفية بلذتها في التأمل‪،‬‬ ‫ال بلذتها في المنطق العقالني‪.‬‬ ‫فعلينا أن نعرف أن البحث األسلوبي‬ ‫في الدرس اللغوي الحديث في الفن بدأ‬ ‫على يد مبدعه (بالي) ‪ -‬تلميذ سوسير ‪-‬‬

‫‪50‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫محور خاص‬


‫وجعله فرعً ا من فروع اللغويات؛ ألن اللغة‬ ‫مهيمنة على تفكيره‪ ،‬إذ يراها وظيفة‬ ‫حياتية ونظامًا اجتماعيًا ملؤه العالقات‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬والباحث األسلوبي في نظره‬ ‫دارس لغوي محض يدرس مفردات اللغة‬ ‫من حيث داللتها‪.‬‬ ‫لذا‪ ،‬فإن مصطلح (جمالية الصورة)‬ ‫لــه قــوة حــضــور يستمدها مــن (بــالــي)‬ ‫وممن جاء بعده‪ ،‬ويعني‪« :‬تحليل مجموع‬ ‫السمات المتغيرة‪ ،‬والمدوّنة التي تجمع‬

‫فثمة‪ ،‬في كل كتاب تشكي ُل البصريّ ‪،‬‬

‫هذه السمات‪ ،‬والتي تتعارض مع السمات وتلك المشهديّـ ُة ذات الخلفيّـة التشكيليّة‪،‬‬ ‫اإلجبارية أي‪ :‬تحليل األنــمــاط اللغوية إذ يحضر المشهد جنبًا إلــى جنب مع‬ ‫التي قد تتغير تراكيبها أو تتوالد‪ ،‬وكذا الكلمة‪ ،‬في إيصال مقولة الكاتب‪ ،‬من دون‬ ‫(النص) أو العمل (المدونة) الذي يجمع أن يتدخل‪ ،‬بشكل مباشر‪ ،‬في المشهد‪.‬‬ ‫هذه األنماط موازنة بقواعد اللغة الثابتة‪.‬‬ ‫وثمة فرق بين األسلوبية اللغوية وبين‬ ‫األسلوبية األدبية والصورة البصرية‪ ،‬ذلك‬ ‫أن األولى تقترب من الوصف وتقوم على‬ ‫االختيار‪ ،‬أما الثانية فتقوم على االنزياح‬ ‫أو االنتهاك؛ ألن األسلوب األدبي مصمم‬ ‫على أساس الفرادة التي يكتسبها المنشئ‬ ‫من خالل عمله والتي تتعارض مع معايير‬ ‫اللغة‪ ،‬والصورة البصرية تجمع بينهما‪.‬‬ ‫* كاتب‪ -‬الكويت‪.‬‬

‫محور خاص‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪51‬‬


‫ُ‬ ‫اإلشارات‬ ‫ع‬ ‫الغالف ِقنا ُ‬ ‫ِ‬ ‫■ ُمليم الكوني*‬

‫يقول الشاعر الفرنسي شارل بودلير وهو مخترع مصطلح الحداثة‪« :‬رسم األرابسك هو‬ ‫رجل مثل بودلير وهو المعجب ب(ديالكروا) قد رأى في‬ ‫أكثر الرسوم مثالية»‪ .‬وكما أظن فإن ً‬ ‫الفنون العربية‪ -‬اإلسالمية ما لم يره مؤرخو الفن الغربيون الذين جاءوا من بعده‪ ،‬والذين‬ ‫ألحقوها باألشغال الحرفية‪ ،‬ولم يعترفوا بهاجس الخلق اإلبداعي الذي تصدر عنه تلك‬ ‫الفنون‪ .‬يمكننا اآلن بيسر أن نستنبط الدافع التاريخي الذي يقف وراء ذلك الحكم‪ ،‬الذي‬ ‫وطيشا في التاريخ الفني العالمي‪ :‬الجهل‪ .‬وهو‬ ‫ً‬ ‫يُعد واحدً ا من أكثر األحكام النقدية تهورًا‬ ‫قناع الزدراء ثقافات اآلخر التي ال تصدر عن النبع اإلغريقي‪ .‬هذه المصادرة القائمة على‬ ‫حائل دون ظهور نــوع استثنائي من وعــي النظر إلــى اآلخر‬ ‫ً‬ ‫رؤيــة معرفية ضيّقة‪ ،‬لم تقف‬ ‫بصفته ملهمً ا‪ .‬على سبيل المثال‪« :‬فنسنت فان كوخ» في تأثره بفن الحفر الياباني على‬ ‫الخشب و»هنري ماتيس» في جنوحه الزخرفي مقلدً ا الفنان العربي القديم و»بيكاسو»‬ ‫حين عثر في القناع اإلفريقي على ضالة جمال خفيّ ال تقرأه األشكال‪ ،‬حين يباشر تأثيره‬ ‫السحري‪.‬‬ ‫ـصــيــت فــنــون كــالــخــزف والــخــط العربي‬ ‫غــيــر أن الــفــنــان الــغــربــي‪ ،‬مــع كــل هــذه أ ُقـ ِ‬

‫الجهود االستثنائية المفارقة ظل ينظر بأمل والزخرفة من فضاء الفن اإلبداعي الجميل‬ ‫إلــى إمكانية إعــادة تنظيم تلك المؤثرات (النفيس)‪ ،‬وتُركت مهملة تجتر ما انتهت إليه‬

‫إلهام‬ ‫ٍ‬ ‫في السياق الذي يجعلها ال تنحرف بوعيه من نتائج جمالية‪ :‬خسر الفن مساحة‬ ‫الشكلي عن مساره‪ .‬والدليل على ذلك أن روحــيّ جسّ دته تلك الفنون‪ ،‬كونها الوعاء‬

‫التصنيف النقدي القديم الذي يضع فاصال األول لنشوء الــوعــي الجمالي التجريدي‬ ‫ما بين فنون إبداعية وأخرى حرفية ال يزال وفقدت تلك الفنون الدافع الذي يملي عليها‬ ‫يضع جماليات الفنون العربية‪-‬اإلسالمية حيوية التغير واإلفالت من القوانين التقنية‬

‫تحت طائلة الشك في قدرتها على التطور المسبقة‪ .‬تلك القوانين التي صارت بمرور‬ ‫والــنــمــو‪ ،‬كونها تصدر عــن فنون اتباعية‪ ،‬الزمن أشبه بالقوالب‪ .‬لقد كان بث الروح‬

‫قدرها أن تهب إلى منتجيها صبغة فلكلورية‪ .‬في تلك الفنون ممكنًا على المستوى العربي‬

‫وكما أرى فإن الخسارة كانت مزدوجة حين في اللحظة التي شهدت الثقافة العربية‬

‫‪52‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫محور خاص‬


‫ظهور أولى نزعات الحداثة الفنية‪ ،‬يوم كان‬

‫لقد حولت اإلشــارات السحرية الفالتة‬

‫النظر مقيمًا خارج شهوة التزيين؛ إذ كانت بغموضها البصري إلى أيقونات مثقلة بثبات‬ ‫عالقة الفنان بما تَشكَّل من حوله من نتائج رمزيتها الهشة‪ ،‬التي هي رمزية عاطفية‬ ‫تلك الفنون تتسم باالكتساب القبلي البريء‪ ،‬تتعثر بالزمن الذي يغالبها‪ .‬ولهذا يمكنني‬ ‫وهذا ما لم يحدث إال في حدود ضيقة‪ ،‬أما القول إن المسافة بين اإلشارة والصورة وهي‬ ‫العودة إليها‪ ،‬اليوم‪ ،‬بعد‬

‫كل ما شهدته السنوات‬ ‫الخمسين الماضية من‬ ‫ضجيج بشأن مفاهيم‬ ‫صارت مشوشة ومعيقة‬ ‫كـــاألصـــالـــة والـ ــتـ ــراث‬

‫والهوية الوطنية‪ ،‬فإنها‬ ‫أشــبــه بــالــعــكــاز لــرجــل‬

‫ال يــقــوى عــلــى المشي‬

‫بقدميه!‬

‫مسافة هائلة‪ ،‬م ُِحيت‬ ‫حين تحولت اإلشــارة‬ ‫هي األخرى إلى صورة‬ ‫مقنعة‪ .‬ولكن هل كان‬ ‫الفنانون يــدركــون أن‬ ‫اإلش ـ ــارة تــقــيــم خــارج‬ ‫الــــصــــورة؟ وال ــغ ــاف‬ ‫هو اإلشــارة التي تقيم‬ ‫خارج الصورة‪.‬‬

‫* كاتب‪ -‬ليبيا‪.‬‬

‫محور خاص‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪53‬‬


‫ُ‬ ‫الغالف‪ ،‬الوج ُه اآلخر للكتاب‬ ‫■ إبراهيم َ‬ ‫احل ْيسن*‬

‫غالف الكتاب هو‪ ،‬بالتأكيد‪ ،‬عتبة النص األولى التي يمرُّ منها القارئ قبل تصفح الكتاب‬ ‫وقــراءتــه‪ .‬ويُراهن الكثير من المؤلفين والناشرين والطابعين على الغالف وجعله سندً ا‬ ‫أيقون ّيًا ‪ Iconique‬لجذب الـقــراء واستقطابهم للكتاب‪ ،‬نـظــرً ا ألهمية جماليات الغالف‬ ‫مدخل حقيق ّيًا لولوج عوالم النص ومضامينه‪.‬‬ ‫ً‬ ‫بوصفه‬ ‫فهناك من يــرى أن الحكم على الكتاب‬ ‫يبدأ من الغالف بوصفه واجهة فنية أمامية‬ ‫تعكس قيمته‪ ،‬على األقل من الناحية الجمالية‬ ‫والتقنية‪ .‬فاألغلفة الجيِّدة تكون مؤثرة‪ ،‬إذ‬ ‫تجعل القارئ يتأمَّل مكوِّناتها البصرية وتتشكل‬ ‫وتصورات قبْلية قد تكون‬ ‫لديه بفضلها أفكار ُّ‬ ‫لها صلة بالمحتوى‪ .‬لــذلــك‪ ،‬تظ ُّل األغلفة‬ ‫الناجحة هي التي يت ُّم تصميمها وتقديمها‬ ‫كــرؤيــة جمالية بصرية مؤسسة على خبرة‬ ‫غرافيكية وافــيــة‪ ،‬وتستند إلــى موهبة فنية‬ ‫عالية‪ ،‬على مستوى تدبير عناصر التعبير‬ ‫داخل مساحة الغالف‪ ،‬بما ينسجم مع أنواع‬ ‫اإلصدارات وطبيعتها‪.‬‬ ‫وقديمًا‪ ،‬ومنذ النصف الثاني من القرن‬ ‫الــخــامــس عــشــر‪ ،‬كــانــت األغــلــفــة عــبــارة عن‬ ‫أعمال فنية‪ :‬أغلفة محفورة يدو ّيًا‪ ،‬وموشاة‬ ‫باألحجار الكريمة والعاج والحرير والجلد‬ ‫ثمين ومدهش‪.‬‬ ‫نحو ٍ‬ ‫والخيوط الذهبية على ٍ‬ ‫ومع اختراع المطبعة من قبل يوهان غوتنبرج‬ ‫‪ J. Gutenberg‬عــام ‪1450‬م‪ ،‬صــارت للكتب‬ ‫هوية جمالية وتقنية أخ ــرى‪ ،‬وأضــحــت مع‬ ‫م ِّر العصور أكثر حداثة‪ ،‬ومعروفة بأغلفتها‬

‫‪54‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫الصلبة وأشكال صغرى تسهل عملية نقلها‪.‬‬ ‫وفي وقت متقدِّم من عصر النهضة‪ ،‬برزت‬ ‫صفحة الــعــنــوان مــع ظــهــور أســمــاء الكتب‬ ‫والمؤلفين والمكتبات على الغالف األمامي‪.‬‬ ‫وبالمثل‪ ،‬ظهر العنوان على الغالف الخلفي‬ ‫في القرن السادس عشر‪.‬‬ ‫امتدادًا لذلك‪ ،‬وخالل القرن التاسع عشر‪،‬‬ ‫كانت أغلفة الكتب تحظى بمنزلة خاصة‪ ،‬إذ‬ ‫كانت تصنف ضمن األشياء الثمينة والنفيسة‬ ‫بتجليدها وتحليتها بمواد وخامات مرتفعة‬ ‫الثمن‪ ،‬مع اختيار نوع الورق الجيِّد والتغليف‬ ‫والتزيين والتبطين بالورق المقوى وغير ذلك‬ ‫من األساليب المستعملة كواجهة أولى للكتاب‬ ‫تحبيبًا وترغيبًا فــي الــقــراءة‪ ،‬وهــي حرفة‬ ‫صنّاع الكتب‬ ‫يدوية كانت تدخل ضمن أشغال ُ‬ ‫الذين كانوا يحرصون على جماليتها ومتانتها‬ ‫لحمايتها من التلف والتمزُّق الــذي يصيبها‬ ‫أثــنــاء األســفــار والتنقالت فــي ذلــك الوقت‪.‬‬ ‫فــي الحقبة نفسها‪ ،‬ظهرت تقنيات لصنع‬ ‫أغلفة ملوَّنة بأسعار مناسبة استحوذت عليها‬ ‫اإلصدارات الشعبية على وجه الخصوص‪.‬‬

‫محور خاص‬


‫وبــإلــقــاء نــظــرة عــامــة على نــوع تصاميم ما‪ ،‬وإدماجها في صلب الفكرة بشكل تعبيري‬ ‫تخصصي‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫أغلفة الكتب الموجودة‪ ،‬نستنتج مجموعة من ومهني‬ ‫المعطيات‪ ،‬من بينها وجود أغلفة‪:‬‬ ‫لكن‪ ،‬ومع تطوُّر وسائل العمل واالشتغال‪،‬‬

‫ تكتفي بنشر ص ــورة فوتوغرافية‪ ،‬أو‬‫رس ــم ــة‪ ،‬أو عــمــل فني‬ ‫ل ــف ــن ــان مـ ــا (ت ــص ــوي ــر‪،‬‬ ‫نحت‪ ،‬سيراميك‪ ،‬رسم‬ ‫كــاريــكــاتــيــري‪ ،)...‬وذلــك‬ ‫بوضعها داخ ــل صفحة‬ ‫الغالف األمامية ‪Plat de‬‬ ‫‪ devant‬بموازاةٍ مع اسم‬ ‫المؤلف‪ ،‬وعنوان الكتاب‪،‬‬ ‫والعالمة التعريفية لدار‬ ‫النشر‪.‬‬

‫ تسند فيها مهمة‬‫الــتــصــمــيــم ل ــرس ــام مــا‪،‬‬ ‫هـ ٍـاو أو محترف (تحت‬ ‫الطلب)‪ ،‬والمتمثلة في‬ ‫إنــجــاز رس ــم إيــضــاحــي‬ ‫‪ Illustration‬محدَّ د «له‬ ‫صلة» بالمضمون‪ ،‬أو على ضــوء إيــحــاءات‬ ‫وأفكار تعطى له مسبقًا‪ ،‬أو أحيانًا من خالل‬ ‫اطالعه على النص وقراءته‪ .‬وكثيرًا ما يحدث‬ ‫هذا األمر في حاالت كتب األدب عمومًا‪.‬‬ ‫ تترك االختيار للفنان للتفاعل بصر ّيًا‬‫مع ما يوحيه له الكتاب من أفكار وتداعيات‬ ‫جمالية تجعله ينفذ تصاميم فنية متحرِّرة‬ ‫بــحــســب حــسِّ ــه اإلبـــداعـــي‪ ،‬ووفــ ًق ــا لــرؤيــتــه‬ ‫اإلستتيقية الخاصة‪ ،‬دون تدحل أو إمــاء‪،‬‬ ‫وإما بخلق توليفات في فضاء الغالف وإغنائها‬ ‫بالخطوط واأللــوان واألشكال التعبيرية‪ ،‬أو‬ ‫بتوظيف تفصيلة ‪ Détail‬من صورة لعمل فني‬

‫محور خاص‬

‫تخصصات فنية جديدة في مجال‬ ‫ُّ‬ ‫وبظهور‬ ‫اإلعــــــان والــتــصــمــيــم‬ ‫البصري ‪Design visuel‬‬ ‫والنسخ الفني وفنون‬ ‫الطباعة‪ ،‬صارت أغلفة‬ ‫الــكــتــب واإلصــــــدارات‬ ‫تنجز فــي ص ــورة بهية‬ ‫مُغايرة ومختلفة للشغل‬ ‫الـ ــيـ ــدوي الــتــقــلــيــدي‪،‬‬ ‫باالستفادة من األنظمة‬ ‫الــرقــمــيــة وال ــب ــرام ــج‬ ‫الحاسوبية التي أمست‬ ‫تتيح للفنان المصمِّم‬ ‫إم ــك ــان ــات هــائــلــة من‬ ‫التصاميم واالختيارات‬ ‫ال ــل ــون ــي ــة وال ــخ ــط ــوط‬ ‫والــــرمــــوز واألشـــكـــال‬ ‫الــهــنــدســيــة‪ ،‬وأســالــيــب‬ ‫توضيبها واستغاللها لفائدة التصميم‪ ،‬وفي‬ ‫أوقات وجيزة وسريعة‪ ،‬لكن الناجح منها يكون‬ ‫مؤسسً ا على رؤى وتصورات تحضيرية تمهِّد‬ ‫للعمل النهائي طبقًا للرؤية البصرية المتوخّ اة‪.‬‬

‫كما أن دور النشر الحالية التي تشتغل‬ ‫بمنظور فــنــي مــعــاصــر‪ ،‬تــركــز عــلــى أهمية‬ ‫ال ــج ــوان ــب الــجــمــالــيــة ف ــي طــبــاعــة الــكــتــب‬ ‫وصناعتها‪ ،‬يشتغل فيها فنانون محترفون على‬ ‫واسع بشروط الشغل‪ ،‬وبأهمية الدور‬ ‫ٍ‬ ‫إدراك‬ ‫ٍ‬ ‫اإلبداعي الذي يقومون به‪ ،‬ولهم سالسة في‬ ‫االختيارات الممزوجة لديهم بنوع من «الذكاء‬ ‫اإلبــداعــي» في التعامل مع نــوع اإلصــدارات‬ ‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪55‬‬


‫والفئات القارئة المستهدفة‪ :‬كتب األطفال‪،‬‬ ‫ال ــدواوي ــن الــشــعــريــة‪ ،‬كتب السير الــذاتــيــة‪،‬‬ ‫األعمال الروائية‪ ،‬الدراسات النقدية‪ ،‬الكتب‬ ‫العلمية والتاريخية‪...‬إلخ‪ .‬مع وجود استثناء‬ ‫خاص بالكتب الفنية والمونوغرافيات التي‬ ‫تصنف ضمن الكتب الرفيعة ‪ Livres‬ـ‪Beaux‬‬ ‫التي تتطلب شروطً ا ومعايير أخرى جمالية‬ ‫وتقنية‪ ،‬إلى جانب تكلفتها المالية‪ ،‬باعتبار‬ ‫ما تتطلبه من صور بجودة عالية وتصاميم‬ ‫خاصة تقوم على إدماج الصور مع النصوص‬ ‫على مــنــوال تصميم الصحف والــمــجــات‪،‬‬ ‫فضل عن نوع األغلفة المزدوجة في الغالب‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كما أن نوع دور النشر المذكورة تصير لها‬ ‫هوية جمالية خاصة تميِّزها عن غيرها‪ ،‬إذ‬ ‫بمجرَّد رؤية أحد إصداراتها ولو من بعيد‪ ،‬يت ُّم‬ ‫التعرف على إصداراتها بسهولة ودون عناء‪،‬‬ ‫وهذه الهوية يحدِّدها التصميم الجمالي الذي‬ ‫تنفرد وتتفرَّد به أغلفة األعمال التي تنشرها‬ ‫وتــوزِّعــهــا‪ ،‬منها حجم الــكــتــاب‪ ،‬نــوع الخط‬ ‫المستعمل في كتابة اســم المؤلف وعنوان‬ ‫اإلصــدار‪ ،‬وكذا مكانهما داخل حيِّز الغالف‬ ‫(فوق‪ ،‬في الوسط‪ ،‬تحت‪ ،‬داخل شريط لوني‬ ‫شفاف‪..‬الخ)‪ ،‬إضافة إلى العالمة البصرية‬

‫‪ Logo‬والــنــص المختصر الــخــاص بظهر‬ ‫نصا مقتضبًا‬ ‫الكتاب‪ ،‬والذي يكون في الغالب ًّ‬ ‫مأخوذًا من تقديم الكتاب أو مقدمته‪ ،‬كما‬ ‫هو الشأن بالنسبة لمجموعة من دور النشر‬ ‫العالمية التي تحترم الثقافة البصرية والوعي‬ ‫الجمالي وسبل االستفادة منهما‪ ،‬األمر الذي‬ ‫يساعدها كثيرًا على إثبات الذات والحضور‬ ‫ال ـ ــوازن عــلــى الــمــســتــوى الــثــقــافــي‪ ،‬وكــذلــك‬ ‫خالل معارض الكتب التي تقام هنا وهناك‪.‬‬ ‫بل إن هــذا العمل االحترافي يساعد كثيرًا‬ ‫على نشر الكتاب وترويجه والرفع من نسبة‬ ‫مقبول ومستساغً ا من‬ ‫ً‬ ‫مبيعاته‪ ،‬بل وجعله‬ ‫لدن القراء والمتلقين على اختالف ميوالتهم‬ ‫أيضا‪.‬‬ ‫واهتماماتهم‪ ..‬وأذواقهم ً‬ ‫فإذا قيل قديمًا «الكتاب يُعرف من عنوانه»‪،‬‬ ‫فإنه صــار راهنًا يُعرف من غالفه‪ ،‬بما هو‬ ‫ـواز للنص والمتن‪،‬‬ ‫فنٌّ قائ ٌم بذاته‪ ،‬وإبــداع مـ ٍ‬ ‫وينبغي أن يكون كذلك بما ينطوي عليه األمر‬ ‫من تصاميم مدهشة ورؤى بصرية ومعرفة‬ ‫المتخصصة‬ ‫ِّ‬ ‫حصيفة بقواعده ولغته التشكيلية‬ ‫ليظهر في أبهى حلله الجذابة والمغرية التي‬ ‫تفتح شهية االقتناء والقراءة في آن‪..‬‬

‫* كاتب ‪-‬المغرب‪.‬‬

‫‪56‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫محور خاص‬


‫الكتاب‬ ‫عن‬ ‫ورة َ‬ ‫ُ‬ ‫غياب ُّ‬ ‫غالف ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص ِ‬ ‫■ فراس املومني*‬

‫كــان بطريرك القسطنطينية يقول قبل أكثر من ألــف سنة‪ ،‬خــال النزاع الــذي عرفته‬ ‫الكنيسة حــول مسألة األيـقــونــات‪( :‬إذا ألغينا ال ـصــورة لــن يختفي المسيح‪ ،‬وحـســب‪ ،‬بل‬ ‫سيختفي الكون بكامله)!‬ ‫رجل الدين هذا لم يكن بإمكانه أن يتخيل‬ ‫ما سيستخرجه أيف كالين من العدم‪ ،‬ليضع‬ ‫الــصــورة فــي مــوضــع اســتــفــهــام يقضي على‬ ‫هيمنتها‪ ،‬بصفتها الوسيلة الوحيدة الممكنة‬ ‫لتجسيد الوجود‪ .‬ولم يكن الرجل مخطئًا في‬ ‫تصوره‪ ،‬هناك كون كامل اختفى حين انمحت‬ ‫الصورة من أمامنا‪ .‬وألن األمر لم يحدث فجأة‪،‬‬ ‫فإننا لم نشعر بالفجيعة لغياب عالم كنا نظنه‬ ‫سرمديًا هو عالم الرسم‪.‬‬

‫كانت الصورة نوعً ا من التفكير الميتافيزيقي‬ ‫الذي يتجاوز متطلبات العيش المباشر‪ .‬كانت‬ ‫بديل‬ ‫كبير من المبشرين بالرسم ً‬ ‫لعدد ٍ‬ ‫بالنسبة ٍ‬ ‫لذلك العيش‪ ،‬وكــان فعل الرسم الــذي يسعى‬ ‫إليه طقسً ا تخيليًا أكثر مما هو إجراء مادي‪،‬‬ ‫يتوخى من يقوم به استخراج شيء ما‪ .‬وفجأة‬ ‫أخلى ذلك الفعل مكانه للخبرة‪ ،‬فلم يبق من‬ ‫الرسم سوى خبرته‪ .‬كان الرسم في المرحلة‬ ‫التي سبقت اقتراح مالفيتش يعني ملء السطوح‬ ‫باألشكال‪ .‬بصرف النظر عن مصدرها‪ ،‬كانت‬ ‫تلك األشكال تجسيدًا لرغبة الرسام في تأثيث‬ ‫العالم بما يجعل مهمة استرجاعه ممكنة‪ ،‬غير‬ ‫أن ذلك التعريف لم يعد مالئمًا في ظل عزوف‬ ‫الرسامين عن التستر وراء األشكال‪ ،‬واالكتفاء‬ ‫بعري السطح الذي هو التعبير األمثل عن عري‬ ‫عالم لم يعد في حاجة إلى أن يقول شيئا‪ ،‬بقدر‬ ‫ٍ‬ ‫ما يقول ذاته‪.‬‬

‫لقد استدرجنا إلى أعماق الصورة خطوة‬ ‫بعد أخرى‪ ،‬وضعنا أقدامنا على سلم المنجم‬ ‫لتبدأ رحلة هبوطنا درجة بعد أخرى‪ .‬وها نحن‬ ‫اليوم في حالة استسالم واضح لغموض صار‬ ‫هو مصدر لذتنا البصرية‪ .‬كانت لوحة الروسي‬ ‫كــازمــيــر مالفتش (‪1878‬ـ‪1935‬م) المسماة‬ ‫(مربع أبيض داخل مربع أبيض) التي أنجزت‬ ‫عــام ‪1918‬م (بعد لوحته األكــثــر شهرة التي‬ ‫عرضها عام ‪1913‬م‪ ،‬والتي كانت تمثل مربعًا‬ ‫أســو َد داخــل مربع أبيض) بمثابة إعــان عن‬ ‫من كل ما سبق تكتشف أن الصورة البصرية‬ ‫نهاية عصر امتد طويال‪ ،‬عص ٌر عاش الرسامون‬ ‫فيه وهــم يأملون فــي أن تــكــون الــصــورة هي هي صورة ذهنية مهمة للقارئ‪ ،‬وال بد ألي دار‬ ‫مصدر أملهم في استرجاع ما يطويه الزمن من نشر أن تنتبه للعالمة البصرية عند المتلقي‪،‬‬ ‫اللحظات العصية التي تشهد انبثاق الجمال‪ .‬وهي جزء من التسويق قبل أن تكون منتجً ا‪.‬‬ ‫* كاتب ‪ -‬فلسطين‪.‬‬

‫محور خاص‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪57‬‬


‫المرجعيات البصريَّ ُة‬ ‫ُ‬ ‫والحداث ُة أل َ‬ ‫غلفة الكتب‬ ‫ِ‬ ‫■ منصور احلارثي*‬

‫في الـبــدء‪ ،‬ي َت َعيَّن التأكيد على أن ما بعد الحداثة التي بعثرت األنظمة والقوانين‪،‬‬ ‫هي مجموعة من الممارسات والتصورات النقدية التي تعتمد مفاهيم متعددة‪ ،‬من قبيل‬ ‫التفكيك واالختالف (االختالف الفكري واألكاديمي واألدبــي والفني عن العصر السابق‪:‬‬ ‫عصر الحداثة)‪ ،‬وهي ‪ -‬في األصل‪ -‬حصيلة جدل فكري ذي أهمية بالغة في الفكر المعاصر‪،‬‬ ‫والمنظرين‪ ،‬من أمثال‪ :‬جوليا كريستيفا‪ ،‬يورغن هابرماس‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أسهم فيه العديد من الفالسفة‬ ‫مارتن هايدغر‪ ،‬ميشيل فوكو‪ ،‬جيل دولوز‪ ،‬جاك دريدا‪ ،‬إيهاب حسن‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬ ‫نظرًا العتقادنا الراسخ في قدرة غالف الكتاب‬ ‫على قراءة المستقبل وتحديد مصير الوجود للكتاب‪،‬‬ ‫أي تلك ال َمرْويات ذات الصلة بالرؤية الحداثية من قبيل‬ ‫«جدلية الروح (هيجل)‪ ،‬هيرمينوطيقا المعنى (ريكور)‪،‬‬ ‫تحرر الــذات العاقلة أو تحرر العامل (ماركس) ونمو‬ ‫الثورة (الليبرالية)»‪ ،‬وذلك استنادًا إلى تحديد الحداثة‬ ‫بقوله‪« :‬سوف أطلق مصطلح الحداثة على أي فرع من‬ ‫فروع المعرفة يسعى إلى اكتساب شرعيته بنفسه من‬ ‫خــال افتراض خطاب شــارح (‪ )métadiscours‬يمثل‬ ‫إطــاره المرجعي من خالل االستناد إلى نظرية عامة‬ ‫مثل نظرية جدلية الروح‪ ،‬أو هرمينوطيقا المعنى‪ ،‬أو‬ ‫تحرير الذات العاقلة أو الفاعلة‪ ،‬أو قصة خلق الثورة‬ ‫على التقليدية في المشهد البصري‪.‬‬ ‫على الصعيد الفني‪ ،‬يــرى ليوتار أن «فــن ما بعد‬ ‫الحداثة» ال يمكن النظر إليه بوصفه فئة محددة دائمة‬ ‫من األعمال؛ ألن ما بعد الحداثة ال تتحقق إال في صورة‬ ‫مُحاوَلة لتدمير كل التصنيفات والتقسيمات واإلفالت‬ ‫منها‪ ،‬وفي صورة تشَ كُّك جذري في كل ما هو معروف‬ ‫ومألوف‪ ،‬وثورة عليه‪ ،‬فيما يؤكد أن كل عمل ينتمي إلى‬ ‫الحداثة ينبغي أن يمر أولً بطور ما بعد الحداثة‪ ،‬ألن‬ ‫ما بعد الحداثية ‪ Postmodernisme‬ال تمثل الحداثية‬

‫‪ Modernisme‬في مرحلة احتضارها‪ ،‬بل في مرحلة‬ ‫ميالدها التي هي في حالة ميالد دائم‪ .‬وفي مُساءلة‬ ‫ليوتار عن نوع الفن الذي يُمكن أن نُطلِق عليه وصف‬ ‫ما بعد الحداثة أجاب‪« :‬علينا أن نرتاب من كل اإلبداع‬ ‫الفني الذي وصل إلينا من القديم وحتى البارحة‪ .‬لقد‬ ‫تحدى سيزان االنطباعيين (‪ ،)Les impressionnistes‬ثم‬ ‫جاء بيكاسو وبراك فاستهدفا سيزان بالهجوم‪ ،‬ثم كفر‬ ‫دوشان )‪ (Duchamp‬عام ‪ 1912‬بفرضية الرسم نفسها‬ ‫حتى وإن كان تكعيبيًا‪ ،‬وجاء بعده بورين (‪)Buren Daniel‬‬ ‫ليتشكَّكَ بدوره في فرضية أخرى‪ ،‬رأى أن دوشان حافظ‬ ‫عليها في أعماله ولم يتعرض لها بالنقد‪ ،‬وهي الفرضية‬ ‫التي تتعلق بموقع التصوير ومكانه في العمل الفني»‬ ‫(‪ ،)La condition postmoderne‬مع هذا المعنى يبدو أن‬ ‫مصطلح «فن ما بعد الحداثة» يُناقض نفسه‪ ،‬إذ يسعى‬ ‫إلى وصف أعمال تحيلنا إلى لغات الفن المعروفة التي‬ ‫يمكننا إدراكها كفن من خالل هذه اللغات‪ ،‬بينما تتعمد‬ ‫الهروب منها وتكسيرها في الوقت نفسه‪ ،‬ما دفع بيل‬ ‫ريدينجز )‪ (Bill Readings‬للقول بأنه «فن ينتمي إلى‬ ‫الفن وال ينتمي إليه في آن واحــد»‪ ،‬ومثل هذه اآلراء‬ ‫النقدية تُصَ وِّر ما بعد الحداثة كحالة دائمة من التقلب‬ ‫وعدم االستقرار‪ ،‬ضمن مقاومة التقنين والتحديد‪.‬‬

‫* كاتب ‪ -‬سلطنة عمان‪.‬‬

‫‪58‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫محور خاص‬


‫ُ‬ ‫الغالف ٌّ‬ ‫عميقة‬ ‫لرؤية‬ ‫بصري‬ ‫فخ‬ ‫ٌّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫■ د‪ .‬هناء بنت علي البواب*‬

‫الغالف هو الصدمة األولى للمتلقي‪ ،‬سواء أكان قارئًا‪ ،‬أم مشاهدً ا! وتبدأ عملية قراءة‬ ‫الصورة البصرية‪ ،‬وكأنها إسهام في تكوين تلك الثقافة البصرية‪ ،‬التي يجب أن يتصف بها‬ ‫المثقف بصريًا‪ ،‬وهو ذلك الذي يتمكن من قراءة الفعل البصري وتصويره بكل ما يحمله‬ ‫من موضوعات ورموز ودالئل (الشكل ‪ -‬اإلطار ‪ -‬اللون)‪ .‬فما هي العدة المنهاجية والثقافية‬ ‫التي ينبغي حيازتها للقيام بقراءة الصورة الثابتة؟ وكيف تعد تلك الصورة هي األفضل؟‬ ‫إنّ من نماذج هذه الصورة‪ ،‬غالف الكتاب‪،‬‬ ‫بوصفه يحمل كل عناصر الصورة الثابتة‪،‬‬ ‫وهذا يتطلب عملية رصد ومتابعة لمختلف‬ ‫المقاربات والمنهجيات واألفكار التي تهم‬ ‫حقل الصورة‪ ،‬ومن بينها الرؤية العميقة لما‬ ‫بعد الغالف‪ ،‬وأهميته بالنسبة للمتلقي؛ فثمة‬ ‫بلورة إطار عام أو برنامج‬ ‫إجمالي يصلح كمنهجية‬ ‫لقراءة الصورة الثابتة‪،‬‬ ‫تتمثل هذه المنهجية في‬ ‫نقل الصور‪ ،‬أي نقل صور‬ ‫قسم من العالم إلى قسم‬ ‫آخــر منه‪ ،‬كما أصبحت‬ ‫الـــصـــورة تــحــتــل مــركــز‬ ‫الــصــدارة فــي الخطاب‬ ‫اإلق ــن ــاع ــي‪ ،‬فــكــيــف لك‬ ‫أن تكون صاحب سلطة‬ ‫على المتلقي‪ ،‬ومصدر‬ ‫إقناع لــه‪ ،‬إال من خالل‬ ‫ذلك الفخّ البصري الذي‬

‫محور خاص‬

‫تأسره به‪ ،‬ومن خالله تتمكن من استبعاد‬ ‫كــل مــا يمكن استبعاده مــن أفــكــار سلبية‬ ‫داخــل المتلقي‪ ،‬ليتمكن من قــراءة الحدث‬ ‫كامال بمشهديته‪ ،‬وهو واثق أن الغالف يعبِّر‬ ‫عن محتوى مهم جدًا‪ .‬إن بالغة التحريض‬ ‫واإلقناع من بالغة الصور المنشِئة والمؤطرة‬ ‫لــــلــــخــــطــــاب‪ .‬هــــذه‬ ‫الحقيقة ال مشاحنة‬ ‫فــيــهــا ف ــي الــمــشــهــد‬ ‫البصري لعالم اليوم‪،‬‬ ‫والصورة بهذا الفهم‬ ‫هي صنعة ليس بوسع‬ ‫أيٍّ ك ــان استعمالها‬ ‫بالسهولة المتصورة‬ ‫حــتــى وإن رغ ــب في‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫انطالقا مــن هذا‬ ‫الــمــفــهــوم‪ ،‬إذا كانت‬ ‫الـــصـــورة ل ــغ ــة‪ ،‬فــإن‬ ‫قـــراءة هــذه الــصــورة‬ ‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪59‬‬


‫فــالــقــراءة مشهد مــن مشاهد الــصــورة‬

‫الثابتة مهما كان نوعها‪ ،‬بما في ذلك غالف‬ ‫أي كتاب بكل ما يحمل من رمــوز وأشكال البصرية اإلبداعية‪ ،‬وهي تركيب مميز يغاير‬ ‫وألــوان‪ ،‬يعني تفكيك هذه اللغة‪ ،‬أي تحليل‬ ‫لون الواقع الذي يعتمد فيه على أساسات‬ ‫المرسلة البصرية‪.‬‬ ‫النظر في الكتاب؛ ومــن هنا‪ ،‬كــان الغالف‬ ‫وتقوم عملية إنتاج الصورة على المرسل‬ ‫صاحب الموجة األقوى‪.‬‬ ‫(الباث)‪ ،‬كما ترتبط عملية إدراك الصورة‬ ‫وإعادة إنتاجها على المرسل إليه (المتلقي)‪،‬‬ ‫إن البحث عن المعنى في الصورة يعد‬ ‫ويعد هذا األخير ‪ -‬المتلقي ‪ -‬قطبا أساسً ا مسألة مهمة جــدًا‪ ،‬ويعد هو نتاج ثقافة‪،‬‬ ‫في الممارسة التواصلية‪.‬‬ ‫فالمفروض أن تكون القراءة مالكة إلى حد‬ ‫إن عملية التلقّي إلى جانب كونها تتمم‬ ‫ما للعناصر المشكّلة لهذه الثقافة‪ ،‬على أن‬ ‫هذه الممارسة‪ ،‬فهي إمكانية أخرى إلعادة‬ ‫استثمار هذا العنصر في استخراج المعنى‬ ‫خلق المرسلة البصرية‪ ،‬وليس بالضرورة‬ ‫تكرارها‪ ،‬وهنا يمكن الحديث عن جمالية ال يستقيم إال باالستعانة بعلوم تكون السند‬ ‫القراءة‪ ،‬أو لذة القراءة!‬ ‫المرجعي وهو الكتاب‪.‬‬ ‫* كاتبة ‪ -‬األردن‪.‬‬

‫‪60‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫محور خاص‬


‫القصيرة‬ ‫للقص ِة‬ ‫االتجاهات الفني ُة‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬

‫«الجوبة» أُنمو َذ ًجــا‬ ‫مجل ُة‬ ‫ِ‬ ‫■ سميرة الزهراني*‬

‫نظرً ا لما للمجلة من مكانة وانتشار واسعين‪ ،‬وما تحتويه أعدادها من زخم‬ ‫فــي المنجزات والنصوص اإلبــداعـيــة‪ ،‬السيما على مستوى القصة التي تزخر‬ ‫بالموضوعات المتنوعة‪ ،‬وكذلك بالفنيات والجماليات الزاخرة؛ تلج الباحثة من‬ ‫خالل بحثها لدراسة االتجاهات الفنية في القصة القصيرة في المجلة التي ال‬ ‫يخلو عدد منها من هذا الفن وجمالياته‪ ،‬وما تكشف عنه النصوص القصصية‬ ‫في المجلة على جميع المستويات‪ .‬يعتمد البحث المنهج الوصفي التحليلي‬ ‫مع اإلف ــادة من المناهج النقدية الحديثة؛ ولتحقيق أهــداف البحث في خطة‬ ‫تنقسم إلى مقدمة عامة‪ ،‬ثم تمهيد‪ ،‬وفصلين يتناوالن تصنيف القصص‪ ،‬والبناء‬ ‫الفني لها‪ ،‬وقد توصل البحث إلى تنوع القصص في المجلة وثرائها‪ ،‬وأن غالبية‬ ‫القصص في أعداد المجلة تنتمي لنمط القصص القصيرة جدً ا التي ال تتعدى‬ ‫غالبيتها الصفحتين أو الثالث فقط‪ ،‬بينما تنوعت أشكال القصص من حيث‬ ‫قوالبها‪ ،‬فمنها ما جاء على شكل خاطرة‪ ،‬أو يوميات‪ ،‬وكانت األحداث عادية من‬ ‫الحياة اليومية الواقعية؛ لكنها تسلط الضوء على جانب عميق فيها‪.‬‬ ‫مقدمة‬

‫الباحثة اهتمامًا بالغًا من مجلة «الجوبة»‬

‫تــعــد الــقــصــة الــقــصــيــرة مــن أقــرب الثقافية بالقصص‪ ،‬وإعطائها فرصة‬ ‫األن ــواع األدبــيــة القريبة من اإلنسان‪ ،‬كبيرة لكل المبدعين الشباب من الوطن‬ ‫وتــجــذب الــقــارئ إليها‪ ،‬وقــد الحظت العربي للتعبير عن قصصهم‪ ،‬ولم تجد‬

‫دراسات ونقد‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪61‬‬


‫الباحثة اهتماما من البحوث والــدراســات‬ ‫بالمجلة؛ إال من بعض المقاالت المتفرقة‬ ‫على الشبكة العنكبوتية‪ ،‬ومــن هنا ارتــأت‬ ‫أن تقف على القصة القصيرة في المجلة؛‬ ‫أنواعها‪ ،‬وبنائها الفني‪ ،‬ومــا إلــى ذلــك من‬ ‫وقد حرصت مجلة «الجوبة» وهي واحدة‬ ‫األمور؛ متبعة المنهج الوصفي التحليلي في من المجالت األدبية التي تنفتح على األدباء‬ ‫ذلك‪ ،‬مع اإلفادة من أدوات المناهج النقدية واآلداب كافة‪ ،‬على إدراج القصة ضمن مواد‬ ‫ما أمكن‪ ،‬وقد اطلعت على أعــداد المجلة‪ ،‬المجلة ومحاورها األساس‪.‬‬ ‫وكانت اختياراتها للقصص لتغطي أكبر قدر‬ ‫ولــم يكن للمجلة هــذا الــصــيــت‪ ،‬وهــذا‬ ‫ممكن منها‪.‬‬ ‫اإلنجاز المشرف الحافل لوال جهود األستاذ‬ ‫تمهيد‬ ‫األديب إبراهيم الحميد وهو المشرف العام‬ ‫إن فن القصة من الفنون الحديثة التي على المجلة‪ ،‬ولــوال فريق التحرير المثابر‬ ‫عرفها العرب وأصبحت فنًا من فنون حياتهم فيها المكون من كل من محمود الرمحي‬ ‫النثرية منتصف القرن التاسع عشر‪ ،‬على ومحمد صــوانــة‪ .‬فقد رأت المجلة أبهى‬ ‫أعدادها على أيديهم التي ال تكل عن مدّها‬ ‫غــرار فن الــروايــة‪ ،‬وهــو الحــق له مباشرة‪،‬‬ ‫بالجديد والمميز‪.‬‬ ‫ومتأثرًا بنشأته‪ ،‬ولنقل إنهما خرجا من منبع‬ ‫وفــي هــذا البحث نقف عند اختيارات‬ ‫واحد؛ لكن أخذا مسارين ليعبر كل منهما عن‬ ‫لحظته‪ ،‬فتقبل الرواية اللحظة الممتدة التي المجلة لــهــذه الــقــصــص‪ ،‬مــبــرزيــن اإلب ــداع‬ ‫تتوالد عنها لحظات عديدة‪ ،‬أو يعبر عنها والــجــمــالــيــات الــتــي تــضــمــنــتــه الــقــصــص‪،‬‬ ‫بمجال أكبر من حيث البناء الفني والعناصر وأنــواعــهــا وسماتها وخصائصها‪ ،‬والبناء‬ ‫الجمالية والتوسع فيها جميعًا‪ ،‬بينما تعبر الفني لها؛ لنكشف عن جانب من جوانب‬ ‫القصة عن اللحظة الموجزة الدقيقة بشكل اإلبــداع واالنفتاح الفكري والثقافي الذي‬ ‫تقدمه المجلة عبر أعدادها التي وصلت إلى‬ ‫محدود يضيق بها وال يتسع لغيرها‪.‬‬ ‫(ثالثة وسبعين) عددًا حتى عام ‪1443‬هـ‪/‬‬ ‫أخذت القصة مساحة من إعجاب الناس‬ ‫‪2021‬م‪ ،‬وفي الوقت ذاته نسلط الضوء على‬ ‫واهتمامهم نظرًا لهذه الميزات المشحونة‬ ‫إبداع القصة القصيرة في العالم العربي‪.‬‬ ‫بالجماليات‪ ،‬والفكر العالي المختزل في‬ ‫تعريف القصة‬ ‫صفحات قليلة‪ ،‬وما زاد رواجها أكثر لديهم‬ ‫هو أن أكثر المجالت والصحف كانت تميل‬ ‫جاء في (لسان العرب) في تعريف القصة‪،‬‬ ‫صة مِ ْن‬ ‫َاص‪ :‬الَّذِ ي يأْتي بالقِ ّ‬ ‫إلــى إدراج بعض القصص فــي أعــدادهــا‪ ،‬لغةً‪ ،‬قوله‪« :‬وَالْق ُّ‬ ‫ما يجعلها محط اهتمام وتقدير كبير لدى‬ ‫الــقــراء الــذيــن كــانــوا يــجــدون فيها متعتهم‬ ‫وتسليتهم‪ ،‬وفي الوقت نفسه ال تأخذ ومنًا‬ ‫طويال من وقتهم‪.‬‬

‫‪62‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫دراسات ونقد‬


‫صت الشَّ يْ َء إِذا تت ّبعْت‬ ‫َص ْ‬ ‫َصها‪َ .‬ويُقَالُ‪ :‬ق َ‬ ‫ف ِّ‬ ‫أَثره شَ يْئًا بَ ْع َد شَ يْ ءٍ ؛ وَمِ نْ ُه َق ْولُ ُه تَعَالَى‪ :‬وَقالَتْ‬ ‫ُصيهِ ؛ أَي ا ّتبِعي أَثَرَه‪َ ،‬ويَجُ و ُز بِالسِّ ينِ ‪:‬‬ ‫ِلُخْ تِهِ ق ِّ‬ ‫صة‪ :‬الْخَ بَ ُر‬ ‫أيضا «والقِ ّ‬ ‫قسَ سْ ت ق ًَّسا»‪ ،‬وزاد ً‬ ‫َصا‬ ‫ُصه ق ًّ‬ ‫َص عَ ل َيَّ خبَره يق ُّ‬ ‫ص‪َ .‬وق َّ‬ ‫َص ُ‬ ‫َو ُه َو الق َ‬ ‫صا‪ :‬أَ ْو َردَه»(((‪.‬‬ ‫َص ً‬ ‫وق َ‬ ‫أما اصطالحً ا‪ ،‬فعرفها محمد تيمور بأنها‬ ‫مجموعة من األحداث الجزئية التي تقع في‬ ‫الحياة اليومية للمجتمع‪ ،‬مترابطة ومنظمة‬ ‫على وجــه خــاص وفــي إطــار خــاص‪ ،‬بحيث‬ ‫تمثل بعض جوانب الحياة وتجلوها في شتّى‬ ‫وجوهها بغرض الوصول من خالل الوعي‬ ‫الكامل باألحداث‪ ،‬والظروف االجتماعية إلى‬ ‫الحقائق اإلنسانية مع عدم إغفال الحرص‬ ‫التام على جانب التسلية واإل ّتــبــاع وجانب‬ ‫التثقيف والتهذيب(((‪.‬‬ ‫أو هــي نــوع س ــردي يميل إلــى اإليــجــاز‬ ‫واالختزال‪ ،‬واالعتماد على خيط أو عنصر‬ ‫مركزي واحد‪ ،‬وتتميز بقصرها إذ تُقرأ في‬ ‫جلسة واح ــدة‪ ،‬وبحبكتها التي تبدأ غالبًا‬ ‫وسط األحداث‪ ،‬كما تتميز بمحافظتها على‬ ‫وجهة نظر واح ــدة ومــوضــوع واحــد ونبرة‬ ‫واحدة(((‪.‬‬ ‫ويــعــرفــهــا مــحــمــد يــوســف نــجــم بــأنــهــا‬ ‫«مجموعة من األحداث يرويها الكاتب‪ ،‬وهي‬ ‫تتناول حادثة واحدة أو حوادث عدة‪ ،‬تتعلق‬ ‫بشخصيات إنسانية مختلفة‪ ،‬تتباين أساليب‬ ‫عيشها وتصرفها في الحياة‪ ،‬غرار ما تتباين‬ ‫حياة الناس على وجه األرض»(((‪.‬‬

‫دراسات ونقد‬

‫إذًا‪ ،‬فالقصة لو ٌن من ألوان األدب الذي‬ ‫يميل إلى السرد الموجز والمختصر؛ فهو يعبر‬ ‫ـان معين‪ ،‬وشخصياته‬ ‫حدث واحـ ٍـد وزمـ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫عن‬ ‫محدودة‪ ،‬ويتخذ من الواقع وأحداثه العابرة‬ ‫مخزونًا له؛ معمقًا الفكر اإلنساني ليستخرج‬ ‫من أكثر مواقف الحياة عادية وعيًا ومعنى‪،‬‬ ‫وامتاعً ا في الوقت نفسه‪.‬‬ ‫ولقد ورد لفظ القصة في القرآن الكريم‬ ‫كــثــيـرًا‪ ،‬ومــن ذلــك قوله تعالى‪﴿ :‬إِنَّ هـذَا‬ ‫اللُ﴾‬ ‫ص الْحَ قُّ َو َمــا مِ ْن ِإلَـ ٍـه إ َِّل َّ‬ ‫َص ُ‬ ‫لَ ُه َو الْق َ‬ ‫أيضا‪:‬‬ ‫(آل عمران‪ ،)62 :‬وفي قوله تعالى ً‬ ‫ـص لَ َعلَّ ُه ْم يَـتَـ َفـ َّكـرُونَ﴾‬ ‫ـصـ َ‬ ‫ـص الْـ َقـ َ‬ ‫ـصـ ِ‬ ‫﴿ َفــا ْقـ ُ‬ ‫ُص‬ ‫أيضا‪﴿ :‬نَحْ ُن نَق ُّ‬ ‫(األعراف‪ ،)١٧٦ :‬وقوله ً‬ ‫ص﴾ (يوسف‪ ،)3 :‬وقوله‪:‬‬ ‫َص ِ‬ ‫عَ لَيْكَ أَحْ سَ َن الْق َ‬ ‫ص َقــا َل َل‬ ‫َص َ‬ ‫ـص عَ لَيْهِ الْق َ‬ ‫﴿ َفلَمَّا جَ ــا َءهُ َو َقـ َّ‬ ‫تَخَ ْف﴾ (القصص‪.)25 :‬‬ ‫نشأة فن القصة القصيرة‬ ‫عالميًا‪ ،‬كانت هناك مــحــاوالت لكتابة‬ ‫القصة القصيرة عند الــغــرب منذ القرن‬ ‫الرابع عشر؛ لكن تلك المحاوالت جميعًا لم‬ ‫تصل إلى الشكل الحقيقي الذي يجعل من‬ ‫مستقل وواضحً ا‪ ،‬ولم ي ًر‬ ‫ً‬ ‫هذا النمط فنًا‬ ‫الغرب نور القصة القصيرة تسطع وتسجل‬ ‫ـون مــن أل ــوان األدب النثري إال‬ ‫نفسها َكــلـ ٍ‬ ‫على يد «موبسان» في النصف الثاني من‬ ‫القرن التاسع عشر الذي كان له رؤية مميزة‬ ‫جعلت هذا الفن يسي ُر قدمًا‪ ،‬فهو أراد أن‬ ‫يعبر عن اللحظات الواقعية الحقيقية التي‬ ‫تحدث بشكل شبه يومي في حياتنا‪ ،‬تلك‬ ‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪63‬‬


‫اللحظات التي ال تلتفت إليها القصص وال‬ ‫تصورها‪ ،‬فاألمور العادية بالنسبة له قد‬ ‫تحمل ما يستحق أن يعبّر عنه فهو يقدم‬ ‫معان كثيرة‪ ،‬كما أن وظيفة القصة تتمثل‬ ‫ٍ‬ ‫في تصوير األشخاص‬ ‫الــعــاديــيــن واألحـــــداث‬ ‫الــعــاديــة الــعــابــرة التي‬ ‫يمكن أن نستخرج منها‬ ‫قيمه الحقيقية‪ ،‬من دون‬ ‫اخــتــاق ل ــأح ــداث أو‬ ‫الشخصيات‪ ،‬وقد طبق‬ ‫موبسان ذلك في رؤيته‬ ‫حــتــى عُـــ ّد أبًـــا ورائــــدًا‬ ‫للقصة العالمية(((‪.‬‬

‫هيكل كما كان ميالد القصة على يد محمد‬ ‫تيمور‪ ،‬وكذلك هناك جهود المنفلوطي في‬ ‫قصصه المعرب والــمــؤلــف‪ ،‬فعلى الرغم‬ ‫من كل ما اعترضه من مآخذ وعيوب؛ إال‬ ‫إنــه جــذب الــقــراء إلى‬ ‫هــذا الجنس األدب ــي‪،‬‬ ‫وحبب إليهم متابعته‬ ‫لــمــا فــيــه مــن أســلــوب‬ ‫مشوّق وعاطفة حارة‬ ‫وخ ــي ــال مــجــنّــح‪ ،‬أمــا‬ ‫ثــالــث األم ـ ــور فيعود‬ ‫إلى فصل المترجمين‬ ‫والمعرفين الذين نقلوا‬ ‫إلـــى الــعــربــيــة نــمــاذج‬ ‫من القصص الغربية‪،‬‬ ‫ومنهم يعقوب صروف‪،‬‬ ‫ونجيب حداد‪ ،‬وحافظ‬ ‫إبــــراهــــيــــم‪ ،‬وأح ــم ــد‬ ‫حسن الزيات‪ ،‬ومحمد‬ ‫السباعي وغيرهم(((‪.‬‬

‫عـــربـــيًـــا‪ ،‬ن ــش ــأ فــن‬ ‫الــقــصــة عــنــد الــعــرب‬ ‫بداية «فــي مصر قبيل‬ ‫ثـــــورة ‪1919‬م بــفــتــرة‬ ‫وجــيــزة‪ ،‬حيث قــدم لنا‬ ‫محمد تيمور أول محاولة في هذا المضمار‬ ‫في عــام ‪1917‬م بعنوان (فــي القطار)‪ ،‬ثم‬ ‫ويتمثل رواد هذا الفن عند العرب ‪-‬ممن‬ ‫تــوالــت بعد ذلــك كتابة القصة القصيرة دافعوا عنه‪ ،‬وكتبوا فيه وأبــدعــوا‪ -‬في كل‬ ‫على يد الكتاب الشباب الذين كانوا ينادون من‪ :‬عيسى عبيد‪ ،‬وشحادة عبيد‪ ،‬ومحمود‬ ‫بالتجديد والثورة على القديم»(((‪.‬‬ ‫تيمور‪ ،‬ومحمود طــاهــر الشــيــن؛ كما كان‬ ‫ويــؤكــد الــدكــتــور أحــمــد هــيــكــل أن فن إلبراهيم المازني وتوفيق الحكيم((( إسهام‬ ‫الــقــصــص عــنــد الــعــرب مــديــن بــاســتــقــراره فــي استقرار هــذا الفن وضبط مالمحه‪،‬‬ ‫ألمور عدة‪ ،‬أولها جهود الــرواد متمثلة في ووالدته كفن أدبي إلى جانب الفنون النثرية‬ ‫محاوالتهم التي أسفرت عن نشأة هذا الفن األخرى‪.‬‬ ‫بصورته الفنية في األدب الحديث‪ ،‬إذ كان‬ ‫تصنيف الــقــصــص مــن حــيــث الحجم‪،‬‬ ‫ميالد الرواية على يد الدكتور محمد حسين والقالب الفني (الشكل) وطرق العرض‪.‬‬

‫‪64‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫دراسات ونقد‬


‫الـمـبـحــث األول‪ :‬تـصـنـيــف الـقـصــص مــن حيث في أسلوب نقدي الذع لمناقشة قضايا كبيرة‪،‬‬ ‫الحجم‪:‬‬ ‫ومــوضــوعــات تحتاج إلــى وقــفــة مــع الــذات‬ ‫لقد بدأت المجلة مع اقترابها من العدد إلبراز نقاط النقص والضعف‪ ،‬والسبيل إلى‬ ‫العاشر ترفق قصة ضمن المواد المتنوعة التغيير والتطوير في هذا الجانب‪.‬‬ ‫التي تقدمها‪ ،‬ويكون في نهايتها‪ ،‬وتحديدًا تصنيف القصص من حيث الشكل‪:‬‬ ‫في العدد التاسع‪ ،‬وسرعان ما تطور اهتمام‬ ‫تــتــنــوع الــقــصــص مــن حــيــث شكلها إلــى‬ ‫المجلة بالقصة شيئًا فشيئًا؛ حتى بدأت‬ ‫أنــواع عديدة‪ ،‬فتتخذ لنفسها القالب الذي‬ ‫المجلة تتجه إلى إدراج أكثر من قصة‪ ،‬وقد‬ ‫يرتضيه له قاصها للبوح والتعبير عن تلك‬ ‫وصلت مع عددها الخامس عشر بتضمين‬ ‫اللحظة الدقيقة في الحياة‪ ،‬والتي الرتباطها‬ ‫نحو ست قصص في كل عدد من أعدادها‬ ‫بالحياة وبالواقع والحقيقة؛ فإنها تأتي وفق‬ ‫وبشكل ثابت‪ ،‬وفي مكان متقدم من العدد‪،‬‬ ‫أنماط هذا الواقع اليومي‪ ،‬فقد تبدو على‬ ‫لتنشر إبداعات الشباب العربي من كل أنحاء‬ ‫شكل خــاطــرة‪ ،‬أو فــي قــالــب صحافي‪ ،‬أو‬ ‫الوطن العربي‪ ،‬وهــذا ينطبق على الشعر‬ ‫تتخذ شكل المدونات اليومية‪ ،‬أو تسرد على‬ ‫أيضا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫شكل ذكريات‪ ،‬أو قد تكون أشبه بالحكاية‬ ‫وتميل المجلة إلى تقديم القصة القصيرة أو النادرة التي يقصها الكاتب على القرّاء‪،‬‬ ‫جدًا‪ ،‬ونمط األقصوصة؛ بل أَقَل حتى مما أو على نمط رسالة متبادلة بين شخصين‪،‬‬ ‫وضعه النقاد لتعريفهما‪ ،‬حيث يُراوح حجم وغيرها من األشكال‪.‬‬ ‫القصة من ورقــة إلــى ثــاث صفحات على‬ ‫وفي مجلة الجوبة‪ ،‬ونظرًا للعدد الكبير‬ ‫األكثر‪ ،‬والنادر منها يأتي في أربع صفحات‪،‬‬ ‫م ــن الــقــصــص الــتــي قــدمــتــه الــمــجــلــة‪ ،‬إذ‬ ‫أمــا نمط القصة الطويلة (النوفيال) فهو‬ ‫تراوح في غالبية األعداد كما سبق وذكرنا‬ ‫ليس ضمن القصص التي تتضمنها محاور‬ ‫ست قصص؛ نالحظ معها تعدد القوالب‬ ‫أعدادها‪ ،‬وربما ذلك يرجع إلى أن هذا النوع‬ ‫واألشكال الفنية التي قدمت بها القصص‬ ‫يحتاج إلى مساحة كبيرة من الورق ال تتسع‬ ‫وظهرت فيها‪ ،‬ومن ذلك نعرض‪:‬‬ ‫له المجلة التي شكلت لنفسها منذ أعدادها‬ ‫في العدد التاسع من المجلة نجد قصة‬ ‫شكل ومنهجية مميزة تعتمد تقديم‬ ‫ً‬ ‫األولى‬ ‫عــدد متنوع وكبير ‪-‬نوعً ا مــا‪ -‬من موادها بعنوان (ثالث بعوضات) إلبراهيم الحميد‪،‬‬ ‫ومحاورها الــذي يتنوع ما بين الدراسات‪ ،‬تــأتــي القصة القصيرة فــي قــالــب فكاهي‬ ‫والــقــصــص‪ ،‬والــشــعــر‪ ،‬ونــوافــذ‪ ،‬والملفات ســاخــر‪ ،‬إذ تــدور حــول بطل القصة الــذي‬ ‫الخاصة‪ ،‬والترجمة والسير التي تبرز إنجاز يحاول أن يجلس هادئًا في مكتبه وينجز‬ ‫أصحابها‪ ،‬وبعض المواجهات التي تقدمها عمله َفيُفاجَ أ بثالث بعوضات تقض هدوءه‬

‫دراسات ونقد‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪65‬‬


‫وتركيزه فينشغل بهن‪ ،‬ويقدم القاص ذلك‬ ‫«لديها ابنتان متزوجتان تسكنان بعيدًا‬ ‫بأسلوب رمــزي مكثف وفــي الــوقــت نفسه عنها‪ ،‬ويسكن بالقرب منها حبيب القلب‬ ‫ابنها قاسم‪ ،‬ومعه أسرته‪.‬‬ ‫ساخر ومضحك‪.‬‬ ‫وجمل‬ ‫ٍ‬ ‫بــعــبــارات متعثرة على لسانها‪،‬‬ ‫«أحسب الثواني ثقيلة‪ ..‬فقد أتمكن من‬ ‫إحداهن أخيرًا‪ ..‬سألقي بكل ثقلي للخالص مفككة تتردد في توصيل قلقها إليه‪.‬‬ ‫منها‪ ..‬ظلت تواصل مسيرها إلــى مقدمة‬ ‫فــي بحثها عــن الــســلــوى تحب أن تقرأ‬ ‫رأسي‪ ..‬ألحاول اإلجهاز عليها‪ ..‬ضربت كفيّ وتشاهد األفالم‪ ،‬وتمضي وقتها بمتعة‪ ،‬لكنها‬ ‫ببعضهما! فصحت بانتشاء‪ :‬أخيرًا أطبقت تفشل كلما حاولت إخفاء هوسها وخوفها من‬ ‫يدي عليك أيتها اللعينة! رأيتها تنسل من بين الوحدة‪.‬‬ ‫أصابعي قبل أن أفلت يديّ ! مصدرة مزيدًا‬ ‫مــا إن تلتقط أخــبــار الــوفــاة مــن هنا أو‬ ‫من الصوت وكأنها تتحدى!‪.(((»..‬‬ ‫هناك‪ ،‬ال تتمالك نفسها وترتمي منهارة على‬ ‫وتمثل قصة (ذاكـــرة لــارتــزاق) لسهام كرسيها‪ ،‬وتغرق في دموعها‪ ،‬وحين تنجلي‬ ‫الدهيم شكل الخاطرة التي تقدمها القاصة عنها عاصفة الحزن واألسـى‪ ،‬تجلس وحيدة‬ ‫محاولة التعبير عن الحدث بأسلوب بالغ فــي غرفتها‪ ،‬وال ترغب أن يتحدث إليها‬ ‫الرقة وبلغة عالية‪ ،‬تقول فيها‪:‬‬ ‫أحد»(‪.((1‬‬ ‫«يغريها الضجر بأن تقصد َمنْحتها‪ ،‬علّها‬ ‫ويقدم عيسى مشعوف األلمعي في قصة‬ ‫تجد شيئا ينسيها وحدتها‪..‬‬ ‫(نصوص قصصية) نمطً ا مشابهًا له؛ لكن‬ ‫الرابط الذي يجمع بين فقرات القصة هو‬ ‫تقف مل ّيًا تتأمل منحوتاتها المترامية‪..‬‬ ‫رابط حسّ يّ ‪ ،‬ال ترابط على مستوى معانيها‬ ‫كل هذه األشياء ال تبهجها؛ فلكل واحدة‬ ‫وانسيابها زمــنـ ًيــا‪ ،‬وكــأنــهــا تشكل مفارقة‬ ‫منها ظروفها التي خلقت‪/‬نحتت بها‪..‬‬ ‫مفصلية تختزل مشاعر الكاتب‪ ،‬يقول فيها‪:‬‬ ‫فذاك القلم ُق ّد ذات ألم!‬ ‫وتلك الشجرة ُقدّت ذات خطيئة؛ لتطفق‬ ‫عليها من ورقها!»(‪.((1‬‬ ‫وتــقــدم مريم الحسن فــي قصة بعنوان‬ ‫(حفل استقبال) قصة تقدم فيها حكاية عن‬ ‫السيدة (أم قاسم) وأوالدهــا‪ ،‬وما تصارعه‬ ‫من مشاعر وأمــور في هــذه الحياة‪ ،‬تقول‬ ‫القاصة‪:‬‬

‫‪66‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫«(وحدة)‬ ‫سأل صديق صديقه‪ :‬لماذا انفصلت عن‬ ‫زوجتك؟‬ ‫أجابه‪« :‬ألني لم أعد أحتمل الوحدة‪».‬‬ ‫(مالذ)‬ ‫أحب تلك التفاحة‪ .‬لونها األحمر الزاهي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫طعمها السكري‪ .‬وداعتها‪ .‬رائحتها‪..‬‬ ‫قرر أن يعيش في بستانها‪ .‬معها تندمل‬

‫دراسات ونقد‬


‫جروحه‪.‬‬ ‫(دفء)‬ ‫قبل أيام رحلت عصفورته‪..‬‬ ‫غابت ابتسامته وثقلت خطواته‪.‬‬ ‫أنهك قلبه في البحث عنها‪.‬‬ ‫تحت مساكب الشمس ينتظرها بلهفة‪..‬‬ ‫لعل الدفء يجلبها إليه»(‪.((1‬‬

‫يضبط أحــدهــم يــخــرج مــن بيت ج ــاره في‬ ‫ساعة متأخرة جدًا من الليل‪ ،‬فما كان من‬ ‫ُض طرفه ويدخل بهدوء‬ ‫هذا الشاب إال أن يَغ ّ‬ ‫إلى بيته‪.‬‬

‫فرحت كثيرًا بــأن أرى قصتي منشورة‬ ‫في صحيفة محترمة‪ ،‬لكنني فوجئت بأحد‬ ‫جيراني يطالبني أن أكشف له عن اسم الرجل‬ ‫ويقدم قاص من السعودية لم يذكر اسمه الذي خرج باألمس من عند زوجته»(‪.((1‬‬ ‫في قصة (مطبات صناعية) نمط القصة تصنيف القصص من حيث طرق العرض‪:‬‬ ‫التي تشبه قالب اليوميات حتى يعبر عمّا‬ ‫يعرض الدكتور محمد محقق في قصة‬ ‫يجري ويراه خالل يومه‪ ،‬يقول‪:‬‬ ‫قصصا مختزلة‬ ‫ً‬ ‫بعنوان (قصص قصيرة جدًا)‬ ‫«أديـر محرك سيارتي‪ ،‬وأسير في طريقي ضمن قصة كاملة‪ ،‬وكأن العناوين الفرعية‬ ‫اليومي‪ ،‬فتبدأ في إصــدار أصــوات جديدة مجرد عتبات يبرز من خالل الصراع المتقد‬ ‫اختزال لما تعبر عنه‬ ‫ً‬ ‫كل يــوم‪ ..‬فـي كـل مـرة أعبر مطبًا جـديـدًا‪ ،‬في القصة‪ ،‬أو لتكون‬ ‫يصر المطب على ترك بصماته على مؤخرة كل فقرة من األسطر‪ ،‬ويبدأ هذه القصة من‬ ‫سيارتي وعلى محركاتها على شكل صرير النهاية التي يعنونها كأول العناوين الفرعية‬ ‫مزعج‪ ..‬تستوقفني أرتــال النفايات‪ ،‬وبقايا التي يضعها عتبات للقصة‪ ،‬يقول‪:‬‬ ‫المباني الــمــهـدّمــة‪ :‬طــوب مكسر‪ ،‬وبقايا‬ ‫أعتاب‪ ،‬وأبــواب تالفة‪ ،‬وأجــزاء متناثرة من «(نهاية)‬ ‫حديد لم يستطع اللصوص االستفادة منها‪ ،‬طاردته أشباح الهم والعذاب‪..‬‬ ‫فأمسك بسيف أوهامه‪..‬‬ ‫وإطـارات متهرئة‪.((1(»...‬‬ ‫ويقدم عمار الجنيدي في قصة (البحث‬ ‫عن أسماء محايدة) قصة أشبه بالتجربة‬ ‫الــذاتــيــة المختصرة الــتــي يسردها بنمط‬ ‫الــســرد االسترجاعي لحدث معين م ـ ّر به‬ ‫خالل كتابته‪ ،‬يقول‪:‬‬ ‫«ما أزا ُل أذكــر أول قصة نشرتها وكيف‬ ‫كانت ردة الفعل عليها‪.‬‬ ‫القصة تحكي في مضمونها عن شاب‬

‫دراسات ونقد‬

‫وعلى كتفه أراح رأسه المحموم‪..‬‬ ‫حين ارتشف آخر جمرات الحياة‪...‬‬ ‫(إلهام)‬ ‫في خفة الروح ورقة الفؤاد‪..‬‬ ‫ينسكب ينبوع إلهامه‪..‬‬ ‫قصائد تنبض في معنى الكلمات‪..‬‬ ‫منقوشة على مرايا الحلم‪..‬‬ ‫تثير زوبعة الذكرى ورياح األمل‪..‬‬ ‫(جندي اإلبداع)‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪67‬‬


‫في دروب فن االكتشاف‪..‬‬ ‫يظهر مالمحه للعابرين‪..‬‬ ‫يبحث عن إبداع اآلخرين‪..‬‬ ‫إلحياء شهوة الكتابة في كيانهم»(‪.((1‬‬

‫البناء الفني للقصة القصيرة‬

‫يشكل البناء الفني عنصرًا مهمًا لبناء‬ ‫القصة ووصولها إلــى المتلقي‪ ،‬وتحقيقها‬ ‫ألهدافها المنشودة؛ بل ويشكل البناء الفني‬ ‫وفي قصة (غافة عليا) لفاطمة الناهض‪ ،‬والعناية بــه وبتكوين عناصره وتشكيلها‬ ‫األساس أو شرط اإلبداع الفني‪.‬‬ ‫تــعــتــمــد ال ــق ــاص ــة عــلــى أس ــل ــوب الــتــذكــر‬ ‫الحبكة‬ ‫واالسترجاع في قصها للقصة‪ ،‬تقول‪:‬‬ ‫وتبرز الحبكة في قصة (شمس غشت)‬ ‫«أســتــطــيــع أن أتــذكــر بــوضــوح شــديــد‪،‬‬ ‫تفاصيل ذاك المساء‪ ،‬وكيف لحقتنا سيارة للقاص أحمد الفطناسي‪ ،‬جاء في القصة‪:‬‬

‫الشرطة ‪ -‬مستفزين إلى أقصى حد ‪ -‬بتلك‬ ‫األضواء الحمراء والزرقاء التي تعمي البصر‪.‬‬

‫شــيء ما ضــرب في أفئدتنا‪ ،‬ذلــك الغروب‬

‫المرير‪ ،‬حين رأينا سيارة اإلسعاف في ذيل‬ ‫الدورية‪ ،‬تنعطف صوب المزارع‪ .‬مكان لم‬

‫يقربه لبالب الحياة‪ .‬ال أطفال يتراكضون‬ ‫فــي ه ــدأة الــعــصــر بــيــن ال ـــ ــزرع‪ ،‬وال بنات‬ ‫يتلصصن على الشارع من فتحات األبواب‪،‬‬

‫وال نساء يتزاورن في النهارات الطويلة في‬ ‫غياب رجالهن‪ ،‬وال مجالس تنادي الكسالى‬

‫والمتعبين حين تعتلي النجوم دكة الليل»(‪.((1‬‬

‫‪68‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫«ه ــل هــو عــبــور لــهــذا الــفــضــاء اآلخـــــر؟‬ ‫وحينها هل سأكون أنا أم اآلخـر؟ هو حين‬ ‫يعبر‪ ،‬أم أنا العابر اآلن؟ وهل سأصل إلى‬ ‫نفسي حين أعبر لضفة اآلخر؟‬ ‫ ألهذا الحد يُعد عبوري حدثًا عظيمًا؟!‬‫تعميق لسؤال‬ ‫ٍ‬ ‫تــزيــد لحظة التفتيش مــن‬ ‫عــبــوري االستثنائي‪ ،‬رجــل األمــن الــذي‬ ‫يتفحص األوراق‪ ،‬وجــســدي‪ ،‬ومــامــحــي‪،‬‬ ‫وعيني‪ ..‬وكأنها لحظة استنطاق للحظتي‪،‬‬ ‫كــامــه أشــبــه بــالــحــجــر‪ ،‬همهماته تالعب‬ ‫أعصابي‪ ،‬ماذا لو تغيّر لون بشرتي عن بشرة‬

‫دراسات ونقد‬


‫الــذي يقوم برحلة العبور؟؟ أنـا أم شخص‬ ‫الصورة المثبتة بجواز السفر‪..‬‬ ‫آخ ــر؟ هــل الجسد أم العقل وح ــده‪ ،‬حين‬ ‫ االسم؟؟‬‫أختار أقصى عبور زمني كي يعيش لحظة‬ ‫ العمل؟؟»(‪.((1‬‬‫عبوره‪ ،‬دون الحاجة للتفكير في الجسد؟»‬ ‫يعتمد القاص على أسلوب يعتمد على ويختمها بتساؤل يبرز أن ال نهاية لهذه األزمة‬ ‫السؤال واالستفسار والجواب والحوار بين والعذاب‪.‬‬ ‫الــقــاص ال ــذي يعلو صــوتــه كبطل للقصة‪،‬‬ ‫وفي قصة (خلوة) لبوشعيب عطران فكرة‬ ‫يناجي نفسه‪ ،‬ويــعــتــرض‪ ،‬ويسخط ويثور‬ ‫الوحدة والشعور باالكتئاب الــذي يتعلق به‬ ‫على الــوضــع الــقــائــم‪ِ ،‬ليَشي برؤيته حول‬ ‫شخصيًا‪ ،‬فهو يتماهى فــي الــســرد بلسان‬ ‫فكرة السفر والعبور واإلجراءات التي تتخذ الراوي البطل الذي ينقل لنا تفاصيل القصة‬ ‫للسماح له بالتنقل حتى من ضفة إلى أخرى كلها‪ ،‬يقول‪:‬‬ ‫قريبة‪:‬‬ ‫«وك ــأن ــي أســيــر فــي طــريــق ضــيــق يشق‬ ‫«ما هو اتجاهك؟‬ ‫الخالء‪ ،‬الجو يعبق بحنان صيفي‪ ،‬وبشائر‬ ‫‪-......‬؟‬ ‫الخريف تتهادى مـع مـسـاء يعلن عـن نفسه‬ ‫كنت أجيب وعيوني على مرفأ السفن‪ ،‬في مجلال بـهـدوء عميق‪ .‬على شـاطـئ شبه‬ ‫مهجور‪ ،‬أغراني بالجلوس في مقهى بجدار‬ ‫لحظة‬ ‫زجاجي يـطـل عـلـيـه‪ ..‬أســنــدت رأســـي‬ ‫استثنائية‪ ،‬جعلتني أتساءل»‪ :..‬هل عبوري‬ ‫عـلـى حافة الكرسي في استرخاء تام‪ ،‬أنظر‬ ‫يستحق هذا االستنطاق؟» وألول مرة بدت‬ ‫من خالل الزجاج على أمــواج البحر بين مد‬ ‫ابتسامة خفيفة على محياه‪ ،‬قــام مقاطعًا‬ ‫وجـزر‪.((1(»...‬‬ ‫لحظة اندهاشي‪..‬‬ ‫ويسترسل القاص في سرده هذا مصورًا‬ ‫ هل أنت ابن هذه القبيلة؟‬‫مــشــاعــره‪ ،‬إذ تكتسي كــل األل ــف ــاظ بهذه‬ ‫ ال»(‪.((1‬‬‫المشاعر‪ ،‬ويبرز المعجم اللغوي له معبرًا‬ ‫يناقش القاص بأسلوب يجمع بين السرد عن هذه الحالة‪ ،‬حتى تماهى القارئ معه‬ ‫الرتيب والسخرية هذه الحالة التي تحكم تمامًا وأخذ يتساءل عن سبب هذه الحالة‬ ‫العبور‪ ،‬وكيف يتم التفتيش الصارم واألسئلة التي يعاني منها‪:‬‬

‫التي ال تنتهي‪ ،‬ولن تنتهي‪ ،‬وقد أشار إلى ذلك‬ ‫«أضيئت أنــوار المقهى لتحجب الرؤية‬ ‫من خالل نسجه للبداية والنهاية من خالل عـن خـارجـه وتعكس مـا بـداخـلـه‪ ،‬طـاوالت‬ ‫أسلوب االستفهام‪ .‬يقول في البداية‪« :‬مَــ ْن هنا وهناك‪ ،‬حولها كراسي اقتعدتها وجوه‬

‫دراسات ونقد‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪69‬‬


‫مختلفة‪ .‬كل طاولة وعالمها‪ .‬عوالم شتى‬ ‫داخـل هذا العالم والـذي بـدوره له عالمه»(‪.((2‬‬ ‫قبل أن يفاجئنا بالنهاية‪ ،‬إذ يظهر صوت‬ ‫يقض عليه عزلته فيقول‪:‬‬ ‫«وصوت يقتحم عزلتي يزعق برقمي فظا‬ ‫غليظا‪ :‬قم لديك زيارة»(‪.((2‬‬

‫يزال بها حتى تتعود عليه‪ ،‬اعتمد على هذا‬ ‫األسلوب حتى تجمع حوله الكثير من اإلبل‬ ‫الحالبة‪ ،‬هدد حياته بالخطر بعض فحول‬ ‫اإلبل المتوحشة‪ ،‬فكان يحتمي منها بارتقاء‬ ‫األشجار‪ ،‬أو االحتماء بناقته الكبيرة أو بعض‬ ‫النياق األليفة‪.((2(»...‬‬

‫ويتمادى طمرير حتى يصبح من األغنياء‪،‬‬ ‫فتبرز النهاية بشكل مفارقة حيث يظهر‬ ‫ويعقد مع حكومة البالد اتفاقًا‪ ،‬كما ظهر في‬ ‫أن هــذا البطل مسجون أو شــيء من هذا‬ ‫الصحافة وعرف بالرجل الشجاع‪ ،‬ثم اهتدى‬ ‫القبيل‪ ،‬وفي خضم هذه الحالة من الطبيعي‬ ‫إلى إرسال اإلبل إلى بالده شيئًا فشيئًا‪ ،‬حتى‪:‬‬ ‫أن يشعر بالعزلة وهــذه األمــور المصاحبة‬ ‫«على صوت أذان الفجر‪ ،‬صحا من نومه‪،‬‬ ‫لها‪ ،‬مهما كان سبب سجنه‪.‬‬ ‫ووجد نفسه وحيدا ال ناس حوله وال إبل»(‪.((2‬‬ ‫ويقدم إبراهيم شيخ مغفوري في قصة‬ ‫لقد رسم الكاتب حبكة مميزة فيها كل‬ ‫(طمرير واإلبل) قصة لألطفال‪ ،‬تحكي عن‬ ‫شــاب فــي مقتبل الــعــمــر‪ ،‬يعمل وال ــده في عناصر البناء الفني المتقن‪ ،‬وفيها مالمح‬ ‫مالحقة اإلبل وتربيتها‪ ،‬وورث عنه ذلك‪ ،‬ولما وخطوط الحكاية العريضة وحتى تفاصيلها‬ ‫كبر والده عجز عن مواصلة هذا العمل‪ ،‬فباع التي سارت بصورة يسيرة حتى وصلت إلى‬ ‫جميع اإلبــل؛ ما سبّب حزنًا كبيرًا لطمرير الــذروة في رفــض اإلبــل لطمرير ثم صبره‬ ‫فمكث في البيت ال يخرج منه‪ .‬وحينما سمع ومحاوالته المتواصلة لنصل إلى الحل‪ ،‬حيث‬ ‫طمرير عن مكان في العالم تعيش فيه الكثير ارتاحت له اإلبل وأصبحت طوع أمره‪ ،‬وكل‬ ‫من اإلبــل المتوحشة في مساحات شاسعة ذلك يضمنه الحلم الــذي حـوّل طمرير من‬ ‫غير مأهولة بالسكان‪ ،‬وهي تؤرق الحكومة مكان إلى مكان‪ ،‬ومن مكانة إلى مكانة مغايرة‬ ‫تمامًا‪ ،‬وجعله يصل األفاق حتى أذان الفجر؛‬ ‫هناك؛ أخذه الحلم إلى تلك المنطقة وسرح‬ ‫لكن ما قدمه الكاتب ليس بالمستحيل؛ بل‬ ‫في حلمه حتى أصبح غازيًا مستوطنًا لتلك‬ ‫ممكن باإلصرار والعمل‪.‬‬ ‫المنطقة ثم مالكًا لها ولكل اإلبل فيها‪ ،‬بعد‬ ‫صبر ومــحــاوالت طويلة تمكن خاللها من‬ ‫الشخصية‬ ‫كسب ود اإلبــل مجموعة تلو األخــرى حتى‬ ‫في قصة (انتكاسة) لعبدالكريم محمد‬ ‫باتت كلها تحت سيطرته‪ ،‬تسير بأمره‪.‬‬ ‫النملة نالحظ وجــود شخصيتين‪ ،‬األولــى‬ ‫«كــان يقترب مــن الناقة التي تصاحب بطلة القصة التي تــدور حولها التجربة‪،‬‬ ‫نــاقــتــه‪ ،‬إذا سمحت لــه مــرة بحلبها‪ ،‬وما والــثــانــيــة تتعلق بشخص كــانــت ترتبط به‬

‫‪70‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫دراسات ونقد‬


‫عالقة وانتهت‪ ،‬ونتوصل إلى ذلك من خالل‬ ‫سرد القاص للحكاية على طريقة الــراوي‬ ‫العليم‪ ،‬يقول‪:‬‬ ‫«رم ــت خلفها كــل مــا علق بأذنيها قبل‬ ‫التقاء به من إيحاءات وإيماءات أملتها أفواهٌ‬ ‫مرتاب ٌة متشككة‪ .‬بدت مولودة جديدة تتقافز‬ ‫كطفل مرح‪ ،‬أنحت الهاتف جانبا‪ ..‬فال يتسع‬ ‫المكان لصوت ثالث‪ ،‬نغمان امتزجا فأبدعا‬ ‫سيمفونية أخاذة‪ .‬عطرت المكان بعطر الليلة‬ ‫األولى‪ ،‬ليلة بكر كتلك الليلة‪.((2(»...‬‬

‫«كــان من كبار مثقفي المدينة‪ ..‬ال أحد‬ ‫يستطيع أن ينكر ذلك‪ ،‬حتى األرصفة التي‬ ‫احتضنت خطاه‪ ،‬حتى ذلــك المقهى الذي‬ ‫كان يجلس فيه كل مساء‪ ..‬وذلك الفنجان‬ ‫ال ــذي يعانق بــنــه‪ ..‬وشــلــة الطيبين الذين‬ ‫يحتويه حبهم‪ ..‬كان ‪ -‬ككل المثقفين الذين‬ ‫جاءوا في زمن غير زمنهم ‪ -‬يحترق كفتيل‬ ‫قديم أنهكه الـوقـت‪ ،‬وصـار ينهكه الـمـرض‬ ‫والبطالة‪ ،‬ليشعر أنه مجرد لعبة عبثت بها‬ ‫أيدي األقـدار‪.((2(« ...‬‬

‫وتستمر الحبكة لتبين عن تطور األزمة‬ ‫وف ــي قــصــة (أبــحــث عــن س ــاق) لطاهر‬ ‫التي تعاني منها الشخصية الرئيسة في‬ ‫الزهراني‪:‬‬ ‫القصة‪:‬‬ ‫«عندما ول ــدت‪ ُ ،‬ظــهــرتَ على شاشات‬ ‫«هـــــا هـــــو اآلن تقتله كــهــربــاء الـواقـع‬ ‫التلفاز شخصية كرتونية عظيمة‪ ،‬لكني لم‬ ‫الــرديء‪ ..‬الواقع النيلوني‪ ،‬بعد أن أنهكه‬ ‫أتعرف عليها إال في العاشرة من عمري‪ ،‬ولم‬ ‫المرض والبطالة‪ ،‬ولم يعد يطعمه الحرف‬ ‫أتصوّر حينها أن هذه الشخصية ستالزمني‬ ‫وال القلم‪ ..‬لم يعد يمنحه خبزًا‪ ،‬يؤمنه من‬ ‫طوال حياتي!‬ ‫جوع أو خوف»(‪.((2‬‬ ‫(جـ ــون ســيــلــفــر) الــطــبــاخ الـ ــذي يقشّ ر‬ ‫أما النهاية‪ ،‬فهي مؤلمة مفجعة في حق‬ ‫البطاطا‪ ،‬ويطهو الطعام‪ ،‬ويغني للصندوق‪،‬‬ ‫هــذا المثقف الــذي لم تجحفه ثقافته ولم‬ ‫ويــطــرق األرض بساقه الخشبية‪ ،‬انقلب‬ ‫تترك له شفاعة ليتم ذكره وتكريمه‪ ،‬ولكي‬ ‫فجأة إلــى قــرصــان عنيد ثائر يبحث عن‬ ‫يموت كما يستحق‪:‬‬ ‫الــكــنــز‪( ،‬ســيــلــفــر) ت ــرك فــي داخــلــي صوتا‬ ‫«ذات صباح‪ ،‬أذيــع خبر مــوت «المثقف‬ ‫جهورا‪ ،‬وضحكة مجلجلة‪ ،‬وبقايا من حكمة‬ ‫الــكــبــيــر»‪ ،‬وكــتــبــت الــصــحــف ذل ــك بالبنط‬ ‫الكبار»(‪.((2‬‬ ‫العريض‪ ،‬وهــرعــوا كلهم لحضور جنازته‪،‬‬ ‫وفـ ــي قــصــة (ال ــص ــاع ــدون عــلــى جثث‬ ‫ونظم القصائد عنه‪ ..‬وكان آخر العراجين‪،‬‬ ‫األغاني) لزهرة بوسكين‪:‬‬ ‫أن خصصت الــدولــة جائزة ثقافية وطنية‬ ‫تدور القصة حول شخصية واحدة‪ ،‬فيقدم معتبرة باسمه‪ .‬فتشت في الدفاتر القديمة‬ ‫فسمعت صدى ما يردد‪:‬‬ ‫سيرة شخصية مثقفة‪:‬‬

‫دراسات ونقد‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪71‬‬


‫يا أيها الصاعدون على جثث األغاني‬ ‫أمهلوا موتي قليال‪..‬‬ ‫أللم بقايا الحياة بأجنحتي‪..‬‬ ‫فالرحيل ثقافة عصفور»(‪.((2‬‬ ‫وفــي قصة (ذبــول وردة) لليلى الحربي‪،‬‬ ‫تظهر شخصية القاصة بداية وهي الراوية‬ ‫العليمة لكل أحــداث القصة وتفصيالتها‪،‬‬ ‫أما الشخصية الثانية الرئيسة فتقدمها من‬ ‫خالل هذا السرد للقصة‪ ،‬وهي محور القصة‬ ‫وسبب كتابتها‪ ،‬حيث تقدم الكاتبة صرخة‬

‫تعبر القاصة ب ــأرق الكلمات عــن هذه‬

‫الصديقة‪ ،‬وتمزج حزنها بثقل من الحزن‬

‫واأللم‪ ،‬تقول‪:‬‬

‫«صرخت بهم في أعماقي‪ ،‬إنها ســارة!!‬ ‫يا من تغلفونها باألسمال‪ ..‬وتنادون عليها‬ ‫برقم السرير‪ ..‬إنها ذلك الحلم الوردي الذي‬ ‫لم يكتمل بعد‪ ّ ..‬وفــي جــوف هــذا الجسد‬ ‫المسجى أكثر مــن دورة دمــويــة‪ ..‬وأجهزة‬ ‫هضمية‪ ..‬وأخ ــرى تنفسية‪ ..‬فــي داخلها‪،‬‬ ‫يتربع الكون‪ ..‬منتظرًا أن تحياه‪ ..‬في داخلها‬ ‫كل األماني‪.((3(»..‬‬

‫موجعة تفرغ فيها عذاباتها وألمها لخسارة‬ ‫ومن شدة الحزن تنهي هذه القصة بأبهى‬ ‫صديقتها (سارة)‪ ،‬تقول مبرزة عالقتها بها‬ ‫ص ــورة بشعر بــديــع‪ ،‬يــبــرز العالقة القوية‬ ‫وتعلقها الشديد بها‪:‬‬ ‫والمشاعر النبيلة الحميمة بينهما التي‬ ‫«صديقتي‪ ،‬في جبينك ارتسم الصبا‪ ..‬جعلت مشاعرها تتقد حبًا ممزوجً ا باأللم‪:‬‬

‫وفــي كفيك ما زال الخضاب‪ ..‬قومي إليّ «ما عادت روحها قربي! صديقتي‪..‬‬ ‫وعانقيني‪ ..‬وشدي عباءتي كي ال أفكر في يــا كـوكـبـًا مــا كــان أقـصـر عمره‬ ‫وكـ ــذا ت ـكــون ك ــواك ــب األس ـحــار‬ ‫الرحيل‪ ..‬جميلتي‪ ،‬أين الجمال؟»(‪.((2‬‬

‫‪72‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫دراسات ونقد‬


‫عَ جلُ الخسوف عليه قبل أوانه‬ ‫فـمـحـاه قـبـل مـظـنـة اإلب ـ ــدار»(‪.((3‬‬ ‫األحداث‬

‫تـتـلـبـسـنـي‪ ،‬سرنا فـي شــوارع تلك الـبـالد‬ ‫دون أن نــعـرف مـصـيـرنـا؟ تنقّلنا في‬ ‫أحيائها‪ ،‬شوارعها‪ ،‬أزقتها‪ .‬عالم ال نعرف‬ ‫عنه شيئًا‪ ..‬أثناء تلك التنقالت رأيت مَن هم‬ ‫من بالدي‪ ،‬يقفون متسولين أمــام اإلشـارات‪..‬‬ ‫نـاظـرتـهـم بحزن‪ ..‬انتابتني نوبة غريبة‪ ..‬لم‬ ‫أشعر بنفسي إال وأنـا بجانب برميل نفايات‬ ‫قريب»(‪.((3‬‬

‫في قصة حضيه عبده حافي (قصتان‬ ‫صغيرتان) تنقسم القصة في عنوانين‪ ،‬األول‬ ‫(عزاء)‪ ،‬والثاني (الوطن)‪ ،‬يبرز صوت القاصة‬ ‫كبطلة للقصة‪ ،‬وتبرز األحداث كمتنفس عن‬ ‫الحالة التي تعايشها القاصة‪ ،‬وكل عنوان من‬ ‫إن كل المفردات في هذين الحدثين تتآزر‬ ‫العنوانين اللذين يشكالن قصتين قصيرتين‬ ‫لتعبر عن الحالة العامة‪ ،‬الحدث الكبير الذي‬ ‫جدًا؛ تكتمالن معًا في بناء القصة لتعبرا عن‬ ‫يؤرق حياة القاصة‪ ،‬حيث تراوحت حياتها‬ ‫األحــداث العامة إما بشكلها الحقيقي‪ ،‬أو‬ ‫مــا بين الــحــزن والــمــوت والغربة والضياع‬ ‫كمعادل موضوعي لما عايشته‪.‬‬ ‫والتشتت‪.‬‬ ‫تحت عنوان (عزاء) نقول‪:‬‬ ‫وفي قصة (عرس الخيبة) لجعفر عمران‪،‬‬ ‫«لم أرغـب بالحضور ذاك المساء‪ ،‬تـفـوه كان حدث (الطالق) يعتلي القصة‪:‬‬ ‫بـكـل مصطلحات الـشـتـائـم‪.‬‬ ‫«طــلــبــت الــطــا َق مــن زوجــهــا‪ ،‬ول ــن يتم‬ ‫حانت مراسيم الـــــوداع؛ تقدمت وخلفي إحــصــاؤهــا ضــمــن عـــــدد الــمــطــلــقــات في‬ ‫بعض النسوة‪ ،‬بـدأت أرتجف‪ ،‬أتعرق‪ ،‬ثقلت مدينتها‪ .‬قــرار الحجر المنزلي وأ َد رغبتها‬ ‫خــطــاي؛ اقــتــرب رفــع الــغــطــاء عــن وجهها‪ ،‬وكفّنها‪ .‬تركها تحمل جثتها فــي ممرات‬ ‫نظرت إليها ثم أدرت ظهري‪ .‬ناداني صوت البيت‪ ،‬بال حــب‪ ،‬وال قلب‪ ،‬وال ساتان‪ ،‬وال‬ ‫من خلفي‪ :‬ودعيها‪.((3(»..‬‬ ‫مأوى‪ ،‬وال فِ راق‪ ،‬وال شارع‪ ،‬وال حضن أم‪ ،‬وال‬ ‫(العزاء) كحدث ومكان لــوداع المتوفى‪ ،‬ظهر أخ‪ ،‬وال قبر‪.‬‬ ‫والتخفيف عــن ذويــه ومــواســاتــه؛ يبرز في‬ ‫محجوزة في غرفتها‪ ،‬تخمش روحَ ها مثل‬ ‫النص ليس كمعلم وفاة شخص ما فقط؛ إنها قط محشور في زاوي ــة‪ .‬تجهش مثل طفل‬ ‫روح القاصة التي ذبلت مع األحــداث التي يقف تحت جــدار يتطاول! كانت تنتظر أن‬ ‫عايشتها عبر الزمن‪ ،‬وتأتي القصة الثانية تتحرر خالل أيام‪.((3(»...‬‬ ‫بعنوانها (وطن) لتكمل هذه الحالة‪ .‬فتحت‬ ‫يصور القاص عمران حــادث طــاق قد‬ ‫عنوان (وطن) تقول‪:‬‬ ‫يبدو عاديًا‪ ،‬ويحدث كل يوم في أي مدينة‬ ‫«عـنـدمـا وصلـنــا‪ ،‬شــعــرت بـالـغـربـة كانت‪ ،‬وحــدث تأثر أي أنثى به يعد حدثًا‬

‫دراسات ونقد‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪73‬‬


‫طبيعيًا حتى في حال طلبت الطالق‪ ،‬فأثره ولكنني أعرفك جــيـدًا‪ ..‬ازداد استغرابي!‬ ‫بالغ مهما كانت األسباب التي دفعتها إلى وكيف كان لك أن تعرفيني‪..‬؟»(‪.((3‬‬ ‫ذل ــك؛ لكن ينظر الــقــاص إلــى هــذا األمــر‬ ‫وتنتهي الــقــصــة نــهــايــة غــريــبــة مشوقة‬ ‫من زاوية أخرى فريدة‪ ،‬يعايش من خاللها ومفتوحة تثير القارئ‪:‬‬ ‫الــواقــع‪ ،‬فجائحة كورونا والحجر المنزلي‬ ‫«سبقتني بالكالم قائلةً‪ :‬كلها خير‪ ..‬ما‬ ‫المفروض على الجميع منعها من أن تمارس‬ ‫هي؟ قلتُ ‪ :‬لها‪ ..‬قالت‪ :‬كل ما أعرفه عنك‬ ‫حقها فــي هــذا الــطــاق‪ ،‬والــشــعــور بــه‪ ،‬أو‬ ‫خير ويستحق الثناء‪ ..‬حاولتُ أن أشرع معها‬ ‫مشاركة غيرها جرحها‪ ،‬فيواسوها ويخففوا‬ ‫في الحديث حــول ذلــك‪ ،‬لكن نــداء موظف‬ ‫عنها وطأة الحزن والجرح‪.‬‬ ‫شركة الطيران عرقل ذلك‪ ..‬لكنها وعدتني‬ ‫وفــي قصة (تــور مدينة مــن نــور) لنادر أن نلتقي مرة أخرى‪ ،‬وغادر ك ٌل منا إلى بوابة‬ ‫الغرام الذي يعلو صوته على مدار القصة سفره‪ ..‬سخونة الموقف أنستني أن أسألها‪..‬‬ ‫كشخصية أســاس‪ ،‬يعبر من خــال أسلوب متى وأيــن وكيف نلتقي‪ ،‬ولــم يترك كالنا‬ ‫البوح عن ذاته في شكل يقترب من اليوميات لآلخر وسيل ًة لذلك اللقاء‪..‬؟»(‪.((3‬‬ ‫أو الخاطرة االسترجاعية‪ ،‬يقول‪:‬‬ ‫فالقاص تــرك كل القصة مفتوحة على‬ ‫«فلتغفر لي كل الــمــدن‪ ،‬فأنا لم أعرف ذل ــك الــلــقــاء الــغــريــب ال ــذي لــم يفهم منه‬ ‫إال مــديــنــة واح ـ ــدة‪ ،‬زرعـــت بــي مالمحها القاص‪/‬الشخصية شيئًا كما نحن‪ ،‬صدفة‬ ‫ألكره كل المدن بعدها‪ ،‬فكل مدن العالم ما غريبة‪ ،‬يلتقي بتلك السيدة‪ ،‬تقول إنها تعرفه‬ ‫عـدت أراهـــن‪ ،‬باتت مـدنـ ًا بـال رائـحـة وبال وتعرف عنه‪ ،‬وينتهي اللقاء عند ذلك‪.‬‬ ‫مالمح»(‪.((3‬‬ ‫نتائج البحث‬ ‫ويدور الحدث في قصة (بطاقة صعود)‬ ‫توصل البحث إلى أمور عديدة‪ ،‬هي‪:‬‬ ‫لحسن علي الــبــطــران فــي صالة المطار‪،‬‬ ‫بشكل اعتيادي‪ ،‬حيث اللقاء بين القاص‪ .1 /‬تنوعت القصص في المجلة‪ ،‬وكانت تشكل‬ ‫ثرا ًء غير عادي على جانب موضوعاتها‬ ‫البطل‪ ،‬وسيدة تدعى (سمر)‪:‬‬ ‫وأنماطها‪.‬‬ ‫بادرتني بالسالم بحركة يدها‪ ،‬وبابتسامة‬ ‫مــن شفتيها‪ ..‬فضولي (أل ــح) علي السير‬ ‫نحوها‪ ،‬وإليها تحديدًا وعنوةً‪ ..‬سألتها‪ :‬أختي‬ ‫العزيزة‪ ..‬عفوًا من أنت‪..‬؟ أجابت دون تردد‬ ‫وبهدوء‪ :‬أنا (سمر‪ )..‬ومن هي (سمر‪)..‬؟‬ ‫قلتُ لها! أجــابــت‪ :‬أنــت أكيد ال تعرفيني‪،‬‬

‫‪74‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪ .2‬إن غالبية القصص في أعــداد المجلة‬ ‫تنتمي لنمط القصص القصيرة التي‬ ‫تُــراوح بين الصفحة والثالث صفحات‬ ‫فقط‪ ،‬والقصيرة جدًا التي ال تزيد عن‬ ‫بضعة أسطر‪ ،‬وال وجــود لنمط القصة‬

‫دراسات ونقد‬


‫الطويلة (الــنــوفــيــا) وه ــذا يــرجــع إلى‬

‫الواقعية؛ لكنها تسلط الضوء على جانب‬ ‫عميق في هذه اليوميات والمشاعر تغلب‬ ‫في ذلك‪.‬‬

‫‪ .3‬تنوعت أشكال القصص من حيث قوالبها‪،‬‬

‫‪ .5‬وكانت الشخصيات قليلة‪ ،‬غالبًا ما ال‬ ‫تتعدى الشخصية الواحدة التي تروى من‬ ‫قبل قاص عليم‪ ،‬يبدو هو هذه الشخصية‪،‬‬ ‫والحبكة بسيطة تتناسب وطبيعة هذه‬ ‫الشخصيات واألحــداث البسيطة؛ لكنها‬ ‫ومعان عميقة متعددة‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫بمغاز‬ ‫ٍ‬ ‫تشي‬

‫طبيعة المجلة وحجمها واهتماماتها التي‬ ‫ال تسمح بإدراجها ضمنها‪.‬‬ ‫فمنها ما جاء على شكل خاطرة‪ ،‬ومنها‬ ‫كان ساخرًا‪ ،‬ومنها الرمزي العميق‪.‬‬ ‫‪ .4‬وعلى مستوى البناء الفني فقد كانت‬ ‫األحــــداث عــاديــة مــن الــحــيــاة اليومية‬

‫* باحثة دكتوراه‪ -‬جامعة أم القرى مبكة املكرمة‪.‬‬ ‫((( لســان العــرب‪ ،‬محمــد بــن مكــرم بــن علــى‪ ،‬أبــو الفضــل‪ ،‬جمــال الديــن ابــن منظــور‪ ،‬دار صــادر‪ ،‬ط‪،3‬‬ ‫بيروت‪-‬لبنــان‪1414 ،‬هـــ‪ ،‬ج‪/7‬ص‪.74‬‬ ‫((( دراسات يف القصة واملسرح‪ ،‬محمود تيمور‪ ،‬مكتبة اآلداب‪( ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬القاهرة‪-‬مصر‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪.79‬‬ ‫((( يُنظــر‪ :‬معجــم مصطلحــات نقــد الروايــة‪ ،‬لطيــف زيتونــي‪ ،‬مكتبــة لبنــان ناشــرون‪( ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬بيــروت‪2002 ،‬م‪،‬‬ ‫ص‪.28-36‬‬ ‫((( يُنظر‪ :‬فن القصة‪ ،‬محمد يوسف جنم‪ ،‬دار صادر‪ ،‬ط‪ ،1‬بيروت‪-‬لبنان‪1996 ،‬م‪ ،‬ص‪.291‬‬ ‫((( ينظــر‪ :‬فــن القصــة القصيــرة‪ ،‬رشــاد رشــدي‪ ،‬مكتبــة األجنلــو املصريــة‪( ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬القاهرة‪-‬مصــر‪( ،‬د‪.‬ت)‪،‬‬ ‫ص‪.10-8‬‬ ‫((( نشــأة القصــة القصيــرة يف مصــر مــن خــال محــاوالت عيســى عبيــد وشــحاتة عبيــد‪ ،‬مجــدي محمــد‬ ‫شــمس الديــن إبراهيــم‪ ،‬دار الشــؤون الثقافيــة العامــة «دار آفــاق»‪ ،‬بغداد‪-‬العــراق‪( ،‬د‪.‬ت)‪ ،‬ص‪.1‬‬ ‫((( يُنظــر‪ :‬تطــور األدب احلديــث يف مصــر مــن أوائــل القــرن التاســع عشــر إلــى قيــام احلــرب الكبــرى الثانيــة‪،‬‬ ‫أحمــد هيــكل‪ ،‬دار املعــارف‪ ،‬ط‪ ،6‬القاهرة‪-‬مصــر‪1994 ،‬م‪ ،‬ص‪.414-413‬‬ ‫((( يُنظر‪ :‬تطور األدب احلديث يف مصر‪ ،‬أحمد هيكل‪ ،‬ص‪.415‬‬ ‫((( قصة (ثالث بعوضات)‪ ،‬إبراهيم احلميد‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،9‬ص‪.45-44‬‬ ‫(‪ ((1‬قصة (ذاكرة لالرتزاق)‪ ،‬سهام الدهيم‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،20‬ص‪.28-26‬‬ ‫(‪ ((1‬قصة (حفل استقبال)‪ ،‬مرمي احلسن‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،59‬ص‪.77‬‬ ‫(‪ ((1‬قصة (نصوص قصصية)‪ ،‬عيسى مشعوف األملعي‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،56‬ص‪.43‬‬ ‫(‪ ((1‬قصة (مطبات صناعية)‪ ،‬قاص سعودي‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،20‬ص‪.29‬‬ ‫(‪ ((1‬قصة (البحث عن أسماء محايدة)‪ ،‬عمار اجلنيدي‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،51‬ص‪.55‬‬ ‫(‪ ((1‬قصة (قصص قصيرة جدًا)‪ ،‬محمد محقق‪ ،‬ع‪ ،31‬ص‪.52‬‬ ‫(‪ ((1‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.52‬‬ ‫(‪ ((1‬قصة (شمس غشت)‪ ،‬القاص أحمد الفطناسي‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،15‬ص‪.78‬‬ ‫(‪ ((1‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.78‬‬ ‫(‪ ((1‬قصة (خلوة)‪ ،‬بوشعيب عطران‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،56‬ص‪.46‬‬

‫دراسات ونقد‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪75‬‬


‫(‪ ((2‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.46‬‬ ‫(‪ ((2‬السابق‪ ،‬ص‪.46‬‬ ‫(‪ ((2‬قصة (طمرير واإلبل)‪ ،‬إبراهيم شيخ مغفوري‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،48‬ص‪.42‬‬ ‫(‪ ((2‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.42‬‬ ‫(‪ ((2‬قصة (انتكاسة)‪ ،‬عبدالكرمي محمد منلة‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،56‬ص‪.46‬‬ ‫(‪ ((2‬قصة (أبحث عن ساق)‪ ،‬طاهر الزهراني‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،39‬ص‪.104‬‬ ‫(‪ ((2‬قصة (الصاعدون على جثث األغاني)‪ ،‬زهرة بوسكني‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،20‬ص‪.33‬‬ ‫(‪ ((2‬قصة (الصاعدون على جثث األغاني)‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.33‬‬ ‫(‪ ((2‬قصة (ذبول وردة)‪ ،‬ليلى احلربي‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،33‬ص‪.72‬‬ ‫(‪ ((2‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.72‬‬ ‫(‪ ((3‬قصة (ذبول وردة)‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.72‬‬ ‫(‪ ((3‬السابق‪ ،‬ص‪.72‬‬ ‫(‪ ((3‬قصة (قصتان صغيرتان)‪ ،‬حضيه عبده حايف‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،59‬ص‪.86‬‬ ‫(‪ ((3‬قصة (قصتان صغيرتان)‪ ،‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.86‬‬ ‫(‪ ((3‬قصة (عرس اخليبة)‪ ،‬جعفر عمران‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،70‬ص‪.68‬‬ ‫(‪ ((3‬قصة (تور مدينة من نور)‪ ،‬نادر غرام‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،15‬ص‪.74‬‬ ‫(‪ ((3‬قصة (بطاقة صعود)‪ ،‬حسن علي البطران‪ ،‬مجلة اجلوبة‪ ،‬ع‪ ،31‬ص‪.50‬‬ ‫(‪ ((3‬املصدر السابق‪ ،‬ص‪.50‬‬

‫المصادر والمراجع‬ ‫أول‪-‬المصادر‪:‬‬ ‫ً‬

‫‪.1‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬ ‫‪.6‬‬ ‫‪.7‬‬ ‫‪.8‬‬ ‫‪.9‬‬ ‫‪.10‬‬

‫مجلة الجوبة (تصدر عن مركز عبدالرحمن‬ ‫السديري بالجوف)‪ ،‬ع(‪ ،)9‬رجب ‪1419‬هـ‪.‬‬ ‫مجلة الجوبة ع(‪ ،)15‬خريف ‪1427‬هـ‪.‬‬ ‫مجلة الجوبة ع(‪ ،)20‬صيف ‪1429‬هـ‬ ‫مجلة الجوبة ع(‪ ،)31‬ربيع ‪1432‬هـ‪.‬‬ ‫مجلة الجوبة ع(‪ ،)33‬خريف ‪1432‬هـ‪.‬‬ ‫مجلة الجوبة‪ ،‬ع(‪ ،)48‬صيف ‪1436‬هـ‪.‬‬ ‫مجلة الجوبة ع(‪ ،)51‬ربيع ‪1437‬هأ‪.‬‬ ‫مجلة الجوبة ع(‪ ،)56‬صيف ‪1438‬هـ‪.‬‬ ‫مجلة الجوبة ع(‪ ،)59‬ربيع ‪1439‬هـ‪.‬‬ ‫مجلة الجوبة ع(‪ ،)70‬شتاء ‪1442‬هـ‪.‬‬

‫ثانيً ا‪-‬المراجع‪:‬‬

‫‪ .1‬تطور األدب الحديث في مصر من أوائل القرن‬ ‫التاسع عشر إلى قيام الحرب الكبرى الثانية‪،‬‬ ‫أحمد هيكل‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬ط‪ ،6‬القاهرة‪-‬مصر‪،‬‬

‫‪76‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪.2‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫‪.4‬‬ ‫‪.5‬‬

‫‪.6‬‬ ‫‪.7‬‬

‫‪1994‬م‪.‬‬ ‫دراســات في القصة والمسرح‪ ،‬محمود تيمور‪،‬‬ ‫مكتبة اآلداب‪( ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬القاهرة‪-‬مصر‪( ،‬د‪.‬ت)‪.‬‬ ‫فن القصة القصيرة‪ ،‬رشاد رشدي‪ ،‬مكتبة األنجلو‬ ‫المصرية‪( ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬القاهرة‪-‬مصر‪( ،‬د‪.‬ت)‪.‬‬ ‫فن القصة‪ ،‬محمد يوسف نجم‪ ،‬دار صادر‪ ،‬ط‪،1‬‬ ‫بيروت‪-‬لبنان‪1996 ،‬م‪.‬‬ ‫لــســان الــعــرب‪ ،‬محمد بــن مــكــرم بــن عــلــى‪ ،‬أبو‬ ‫الفضل‪ ،‬جمال الدين ابــن منظور‪ ،‬دار صــادر‪،‬‬ ‫ط‪ ،3‬بيروت‪-‬لبنان‪1414 ،‬هـ‪.‬‬ ‫معجم مصطلحات نقد الرواية‪ ،‬لطيف زيتوني‪،‬‬ ‫مكتبة لبنان ناشرون‪( ،‬د‪.‬ط)‪ ،‬بيروت‪2002 ،‬م‪.‬‬ ‫نــشــأة القصة القصيرة فــي مصر مــن خالل‬ ‫محاوالت عيسى عبيد وشحاتة عبيد‪ ،‬مجدي‬ ‫محمد شــمــس الــديــن إبــراهــيــم‪ ،‬دار الــشــؤون‬ ‫الثقافية العامة «دار آف ــاق»‪ ،‬بــغــداد‪-‬الــعــراق‪،‬‬ ‫(د‪.‬ت)‪.‬‬

‫دراسات ونقد‬


‫وأوهام أُخرى‬ ‫ء كما هي‬ ‫ٌ‬ ‫األشيا ُ‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫السر ِد‬ ‫والخيال‬ ‫األخالق‬ ‫ُّ‬ ‫وفن َّ‬

‫■ بسمة عالء الدين*‬

‫ي ـجــادل ب ــاو ل ــوك فــي كـتــابــه الـحــائــز عـلــى جــائــزة إن ـجــرام فــي إسـبــانـيــا ‪2020‬م‪،‬‬ ‫«األشياء كما هي وأوهــام أخــرى»‪ ،‬في العالقة المعقّ دة بين األخالق والخيال في‬ ‫السرد األدبي‪ ،‬ويطرح أسئلة‪ ،‬من أهمها‪ :‬هل يمكن إدانة الفن أخالقيًا؟ أم إن الفن‬ ‫محصنٌ ِضدَّ الحكم األخالقيّ ؟‬ ‫ّ‬ ‫أيضا قضايا أخرى تتعلق بالخيال‪ :‬ما هو المكان الذي يجب‬ ‫يستكشف الكتاب ً‬ ‫أن يُشغله الفنانون واألدب فــي الصحف والـمـجــات؟ لـمــاذا تعد تنمية الخيال‬ ‫األدبي وسيلة لتحدي كليشيهات‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬كارهة للنساء؟ كيف يمكننا‬ ‫أن نفهم بشكل أفضل ما تعنيه القوة‪ ،‬عندما نتخيلها؟ بأي طريقة يمكن لمفهوم‬ ‫التعاطف المشهور والمثير لإلعجاب أن يخفي النوايا الدنيئة؟‬ ‫يُركّز باو لوك بطريقة ديناميكية على‬

‫فـــي الـــوقـــت نــفــســه‪ ،‬بـــنـــا ًء على‬

‫هــذه المعضلة الزائفة على الشجب مــقــارنــة بين المشاهد الرئيسة في‬ ‫األخالقي األكثر تعقيدًا‪ ،‬ويرسم بعض ‪ -‬من المنطقي الحديث عن فن غير‬

‫الخيوط اإلرشــاديــة لهذا الكتاب؛ ما الئــق أخالقيًا‪ -‬هــذا الفرق الــذي من‬

‫يشير إلى أن الحكم األخالقي األكثر شأنه أن يتوسط بين السرد التخيلي‬ ‫إثــمــارًا هو الحكم الــذي يعلو الخيال والفن غير الالئق هو نفسه الذي من‬ ‫األدبي‪ ،‬وليس الحكم الذي يبحث عن شأنه أن يتوسط بين السرد التخيلي‬ ‫البراءة أو اإلدانة‪.‬‬

‫دراسات ونقد‬

‫للشخصيات البغيضة والسرد البائس‬ ‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪77‬‬


‫للشخصيات المتخيّلة‪..‬‬

‫ما أ ُسمّيه الفضائل الناقصة‪ ،‬مثل القسوة‬

‫مــن خ ــال التفكير فــي أعــمــال كــاف‪ ،‬واالنــتــقــام والسلطة التي ال يملك سلطة‬ ‫عليها»‪ .‬في رأيــه األخــاق ليست ثابتة بل‬ ‫فالديمير نابوكوف ولوليتا‪ ،‬إيريس مردوخ‪،‬‬ ‫خطية‪ ،‬إنها مثل «عجلة فيريس تظهر فيها‬ ‫فيلليني‪ ،‬شكسبير أو سيرفانتس‪ ..‬هذا‬ ‫األفــكــار»‪ ،‬وتــوضــح هــذا التأمل مــن خالل‬ ‫مثل أوسكار وايلد‪،‬‬ ‫االستنتاج ليس جديدًا‪ً ،‬‬ ‫التذكير بأنه «عندما يتحدث ماركس عن‬ ‫فــي روايــتــه صـــورة دوريــــان جـــراى والــتــي‬ ‫المساواة‪ ،‬فــإن المساواة ليست هي التي‬ ‫مثل جميع أعماله تقريبًا‪ ،‬مليئة باألقوال‬ ‫نفهمها اليوم‪ ،‬ألن السياقات تتغير‪ ،‬ولكن في‬ ‫الــمــأثــورة‪ ،‬جــاء ليضع فــي صــوت الــرســام‬ ‫الواقع‪ ،‬يأتي ليقول الشيء نفسه‪.‬‬ ‫باسيلي شــيـ ًئــا مــن ه ــذا الــقــبــيــل‪ ،‬عــاشــوه‬ ‫م ــن نــاحــيــة أخـــــرى‪ ،‬يــطــمــح الــغــمــوض‬ ‫في الوقت الــذي كــان يتم فيه التعامل مع‬

‫الفن كشكل من السيرة الذاتية؛ وهذا هو األخالقي إلى أن يكون القارئ دائمًا مفتوحً ا‬ ‫االنعكاس الــذي يقربنا منه بــاو لــوك في على مصراعيه ليتمكن مــن فهم مــا هو‬ ‫كتابه‪ ،‬حتى نتمكن من إلقاء نظرة أوسع على على المحك من وجهة النظر األخالقية‪،‬‬ ‫األعمال الفنية المعروضة علينا‪ ،‬حتى نحدد‬ ‫حكمنا النقدي بشكل أفضل على الفن‪،‬‬ ‫وحتى نتعلم التمييز بين الواقع والخيال‪،‬‬

‫بين الحقيقة الواقعية والواقعية‪ ،‬بين الخيال‬

‫والخيال‪ ،‬والذي ليس أكثر من إطالق خيالنا‬ ‫وتوسيع عوالمنا العقلية‪ ،‬سوف يشكك في‬ ‫موقف أعــمــدة ال ــرأي فــي وســائــل اإلعــام‬

‫الصحفية المرتبطة بالحقيقة والجدية‪،‬‬ ‫على عكس العمل األدبي‪.‬‬

‫مثل المليئة بالغموض‬ ‫مسرحية شكسبير ً‬ ‫األخالقي‪ ،‬لكن شكسبير ال يستخدم الحيل‬

‫السردية أو الحيل الجمالية إلرباك القارئ‪،‬‬ ‫لكن ُه يسعى إلى إثارة الشك األخالقي لدى‬ ‫الــقــارئ أو الــمــشــاهــد مــن خ ــال جمالية‬

‫شفافة ورصينة؛ وعالوة على ذلك‪ ،‬واستنادًا‬

‫إلى المقارنة بين المشاهد الرئيسة لفيلم‬ ‫غاسبار نــوي «ال رجعة فيه» (الــذي يفكر‬

‫فيه المشاهد في االغتصاب من البداية‬

‫إلى النهاية)‪ ،‬وفيلم مايكل هانكي المظلم‬

‫مع األخذ كخيط مشترك أغاني الكهف‪ ،‬والملتوي «عازف البيانو»‪ ،‬وضح الكاتب إلى‬ ‫نابوكوف «لوليتا» وروايــة «البحر» من قبل أنه من المنطقي الحديث عن «الفن المنافي‬ ‫إيريس مــردوخ‪ ،‬ليثبت أن العمل الفني ال للحشمة أخــاقــيــا»‪ ،‬ويــرى أن الــفــرق بين‬ ‫يسعى للبراءة أو اإلدانة‪« :‬إنها ليست مسألة الفن الخيالي والفن غير الالئق هو الفرق‬ ‫السعي إلــى الخير أو الظلم أو أضــداده؛ نفسه الذي من شأنه أن يتوسط بين رواية‬

‫ولكن هؤالء المؤلفين الثالثة يُلمحون إلى القصص الخيالية من الشخصيات البغيضة‬

‫‪78‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫دراسات ونقد‬


‫والسرد البغيض للشخصيات المتخيلة‪.‬‬

‫ولوليتا دي نابوكوف والبحر‪ ،‬البحر بواسطة‬

‫يكاد يكون من الممكن دائمًا تجربة شيء إيريس مردوخ‪.‬‬

‫آخر‪ ،‬ومن المالئم دائمًا تجربة شيء آخر‪،‬‬

‫من خالل هذه الركائز سوف ينعكس على‬

‫مــن بين أشــيــاء أخ ــرى‪ ،‬ألن تعليق الحكم الفن واألخالق‪ ،‬والمبدع وخلقه‪ ،‬ومسؤولية‬ ‫األخالقي يمكن أن يؤدي‬ ‫أحــدهــمــا عــلــى اآلخ ــر‪،‬‬ ‫إلـ ــى ال ــام ــب ــاالة‪ ،‬وهــو‬ ‫وتلقيه‪ ،‬وأحــيــا ًنــا سوء‬ ‫شرط ضــروري تاريخيًا‬ ‫تفسيره من قبل القارئ‪/‬‬ ‫للكارثة؛ بينما قد يصبح‬ ‫الــمــســتــمــع‪ /‬المشاهد‬ ‫حكم الكمال‪ ،‬كما أشرت‬ ‫والــنــاقــد نــفــســه‪ ،‬وعلى‬ ‫ق ــب ــل بــضــعــة أس ــط ــر‪،‬‬ ‫ش ــرطً ــا كــاف ـ ًيــا لظهور‬ ‫القسوة ومعها التعصب‬

‫واالســتــبــداد‪ ،‬يــقــول‪ :‬إن‬

‫الكتابة على األقل كتابة‬ ‫خ ــي ــال ــي ــة‪ ،‬ت ــت ــأل ــف مــن‬

‫ارتداء قناع‪ ،‬الكتابة‪ ،‬لم‬ ‫تكن تنظر إلى الداخل‪،‬‬

‫وإن تأملنا ما هي الكتابة‬

‫لكانت الكتابة تعني جمع المزيد والمزيد‬

‫الــخــيــال وقــوتــه‪ ،‬داخــل‬ ‫العمل الفني وخارجه‪،‬‬ ‫م ــوض ــوع ــات ضــروريــة‬ ‫تــمــا ًمــا إلعـــادة التفكير‬

‫فيها في وقت اإلحساس‬ ‫ب ــاإله ــان ــة ف ــي وســائــل‬ ‫اإلعـــام المختلفة من‬ ‫خالل شيء ظهر كعمل فني‪ ،‬والمناظرات‬ ‫مـ ــزدهـ ــرة مــثــل الــتــمــيــيــز بــيــن الــمــؤلــف‬

‫من الفرشاة ورميها فوقها حتى يتم تغطيتها‬ ‫بالكامل‪ ،‬وبالتالي ال يمكن التعرف عليها‪ ،‬أو وشــخــصــيــتــه‪/‬شــخــصــيــتــهــا‪ .‬ومــــدى وج ــود‬ ‫تقريبا‪ ،‬بالنسبة لذلك الكاتب‪ ،‬كانت الكتابة الحقيقة ومقدار الخيال هو غطاء حاضرنا‪،‬‬ ‫وتخيل‪..‬‬ ‫ً‬ ‫وتخيل‬ ‫ً‬ ‫تخيل‪،‬‬ ‫ً‬

‫قدم باو لوك في "األشياء كما هي وأوهام‬

‫مسل وثرثرة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫في كتاب «األشياء كما هي» والتخيالت أخرى" درسً ا رئيسً ا مع سرد‬ ‫أول‪ ،‬تحليل نقدي لألدب والفن‪ ،‬باالعتماد‬ ‫ً‬ ‫األخــــرى‪ ،‬أصــبــح مــؤلــفــه‪ ،‬ب ــاو لـــوك‪ ،‬مثل‬

‫ســاحــرات مكبث‪ ،‬الــذيــن سيتعاملون مع على قاعدة جيدة من المراجع والنصوص‬

‫خيوط الكتاب بأكمله‪ ،‬من أعمال نيك كيف المتقاطعة لتحديد حججه‪.‬‬ ‫* كاتبة ‪ -‬مصر‪.‬‬

‫دراسات ونقد‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪79‬‬


‫صمود المراكز الثقافية ككيانات تنويرية‬ ‫أمام التحوالت الوطنية والثورة التقنية‬

‫(‪)١‬‬

‫■ د‪ .‬فوزية بنت عبداهلل أبوخالد*‬

‫الحقيقة أن سؤال مصير كيانات العمل الثقافي من المراكز الثقافية لألندية‬ ‫األدبية‪ ،‬والملتقيات السابقة على هذه المرحلة من التحوالت الثورية على مستوى‬ ‫تقنية التواصل المنبري‪ ،‬وعموم وسائل التواصل االجتماعي (السوشل ميديا)‬ ‫عالميًا ومحليًا‪ ،‬وعلى مستوى تحوالت المجتمع السعودي من بداية األلفية‬ ‫ـؤال واحــدً ا من حزمة‬ ‫الثالثة لنقطة التحوالت الحالية الفارقة‪ ،‬هو ليس إال سـ ً‬ ‫أسئلة الثقافة والسياسة واالجتماع‪ ،‬التي ال بد أنها تشغل كل المهتمين بالشأنين‬ ‫العام والثقافي‪ ،‬وتشغلني شخصيًا ‪-‬وربما غالبية جيلي وأجيال الحقة‪ -‬محاولة‬ ‫االستيعاب والفهم لما يجري للبقاء في الـصــورة‪ ،‬وعــدم االنسحاب أو اإلذعــان‬ ‫لضغوط الخروج منها؛ وذلك ليس فقط بهدف البقاء في المشهد لمجرد البقاء‪،‬‬ ‫أو للشعور بمظلومية أننا من الحالمين والمؤمنين األوائل بسنة التغيير‪ ،‬بينما‬ ‫يسير التغيير مبتعدً ا عنا؛ بل أيضا للضرورة الموضوعية التي يفرضها تراوح رياح‬ ‫هذه التحوالت بما يثير القلق المعرفي‪ ،‬والواجب المهني والوطني معً ا لقراءتها‪.‬‬ ‫وقبل أن أدخل لصلب الموضوع‪ ،‬أقدم‬ ‫من وجهة نظري عيّنة من تلك األسئلة‬ ‫واليوم في واقعنا المحلي؟‬ ‫المقلقة‪ ،‬على أمل أن يتوسّ ع حجم العينة‬ ‫ومكونها في الحوار‪ .‬ومن تلك األسئلة‪ :‬وهــل حقًا يحق الحديث عن عموم‬ ‫س ــؤال الــثــقــافــة‪ ،‬وهــنــاك المُقصى‬ ‫ مــا الثقافة الــســائــدة‪ ،‬ومــا الثقافة‬ ‫المنشودة مقارنة بين األمس القريب‬

‫المهمّشة والمُقصاة‪ ،‬ومــا الثقافة‬

‫‪80‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫والمهمّش؟‬

‫دراسات ونقد‬


‫ما أسئلة الثقافة اليوم؟ ومنها على سبيل‬ ‫المثال‪:‬‬

‫فــي اإلط ــار السيسيولوجي للمجتمعات‬ ‫الحديثة؟ ومــا دورهــا ووظيفتها وقواها‬ ‫وجمهورها وموقعها في سجال االستقرار‬ ‫والتغير بالمجتمعات المعاصرة؟‬

‫ولــمــن وكــيــف؟ و َم ــن المُمثل فيها و َمــن‬ ‫المهمش ومَن المُقصى؟ ومَن هي القوى‬ ‫التي تدير المشهد‪ ،‬والقوى التي تتحكم‬ ‫به‪ ،‬واألخرى التي تنتجه؟ وما القوى التي‬ ‫تشكّل جماهيره؟‬

‫(واإلج ــاب ــة عــن ه ــذا ال ــس ــؤال‪ ،‬تفترض‬ ‫تحديد مجموعة مــن التوصيفات التي‬ ‫نــروم بها رســم صــورة تقريبية للمراكز‬ ‫الثقافية موضوعنا‪ ،‬وذلك مثل تخصصها‪،‬‬ ‫طبيعتها (حكومية‪ ،‬أهلية‪ ،‬مختلطة)‪،‬‬ ‫توجهها؛ بمعنى ما التوجه الثقافي الذي‬ ‫عبرت عنه‪ ،‬ما القوى التي مثلتها رسالتها‪،‬‬ ‫أهــدافــهــا‪ ،‬وظائفها‪ ،‬أدوارهـ ــا‪ ،‬إدارتــهــا‪،‬‬ ‫عضويتها جمهورها‪ ،‬مخرجاتها؟)‪.‬‬

‫ ماذا عن حضور المثقف العضوي وغربته‬ ‫الــيــوم بشكل ع ــام والــمــثــقــف العضوي‬ ‫المخضرم بخاصة؟‬ ‫ ما المراكز الثقافية المقصودة بالتساؤل‬ ‫في واقعنا المحلي؟ وما هي بعض أمثلتها؟‬ ‫ الثقافة اليوم على ساحتنا المحلية بمَن‬

‫وأخيرًا‪،‬‬ ‫ التساؤل عن صمود كيانات العمل الثقافي‬ ‫القائمة مــن الــمــراكــز الثقافية كمركز‬ ‫األمير عبدالرحمن السديري بالجوف‪،‬‬ ‫إلــى األنــديــة األدبــيــة والملتقيات أمــام‬ ‫الثورة التقنية المتالحقة‪ ،‬وأمام التحوالت‬ ‫الــحــالــيــة الــفــارقــة الــتــي يــم ـ ّر المجتمع‬ ‫السعودي بتجربتها ألول مرة (طبعًا في‬ ‫هذا السؤال‪ ،‬سؤال إمكانية استفادة هذه‬ ‫الكيانات وتفاعلها مع معطيات اللحظة‪،‬‬ ‫وزخمها التحوّلي الزدهــارهــا‪ ،‬أبعد مما‬ ‫تحقق؛ وهناك سؤال كامن فيه بالضرورة‪،‬‬ ‫وهــو الــســؤال فــي احــتــمــال اضمحاللها‬ ‫وعدم قدرتها على المنافسة بما يحوّلها‬ ‫لمتاحف الــتــاريــخ‪ ،‬ويحيلها إلــى أطــال‬ ‫الذاكرة‪.‬‬

‫ ما مجمل تجربتها وظروفها؟‬ ‫ ما معززات هذه المراكز؟ وما مهدداتها؟‬ ‫أو مَن هم منافسوها اليوم؟‬ ‫ لــمــاذا نــريــد أو ال نــريــد اســتــمــرار هذه‬ ‫المراكز الثقافية؟‬ ‫ وأخ ــي ــرا‪ ،‬الــكــيــانــات الــثــقــافــيــة بشكلها‬ ‫التقليدي إلى أين؟ وإلى متى؟ وما بدائلها‬ ‫الجديدة اإلضافية؟‬ ‫مقتصد‬ ‫ِ‬ ‫تعريف‬

‫لــن أحــتــاج لــتــعــريــف مــطــوّل للمقصود‬ ‫بالكيانات‪ ،‬أو أطر العمل الثقافي‪ ،‬بالمعنى‬ ‫المحاور‬ ‫ال ــذي عرفته المجتمعات الــمــعــاصــرة‪ ،‬من‬ ‫وسيتركز حديثي‪ ،‬تحديدًا‪ ،‬عبر المحاور مطلع القرن العشرين؛ ألن الفكرة أصبحت‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫شائعة ومعروفة‪ ،‬وتحظى بتطورات متالحقة‪،‬‬ ‫ مــا الــكــيــانــات الــثــقــافــيــة؟ وم ــا تمثّالتها وبخبرات تراكمية‪ ،‬وبتحديثات مدهشة تؤصل‬

‫دراسات ونقد‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪81‬‬


‫بعضها‪ ،‬وتمحو بعضها‪ ،‬وتجدد عهد بعضها‪،‬‬ ‫ـال جــديــدة خــارجــة عما سبق؛‬ ‫وتــخــرج أشــكـ ً‬ ‫ولــهــذا‪ ،‬يصحّ أن نلقي نظرة ‪-‬ولــو خاطفة‬ ‫على ما عندنا منها‪ ،‬ونتأمل حال الكيانات‬‫الثقافية‪ ،‬ومــا في حكمها من أندية أدبية‪،‬‬ ‫وجمعيات ثقافية وملتقيات‪.‬‬ ‫ولكن‪ ،‬بمحاولة تعريفية مقتصدة‪ ،‬يمكن‬ ‫القول‪ :‬إن نشوء المراكز الثقافية وصنوها‬ ‫من أطر العمل الثقافي المشترك قد انبثق‬ ‫مــن طبيعة المجتمعات الــمــعــاصــرة‪ ،‬التي‬ ‫اقتضت إعــطــاء منصات تفاعلية لمختلف‬ ‫القوى االجتماعية تعبيرًا عن الحق الفردي‬ ‫والجمعي‪ ،‬للمشاركة في صنع التاريخ والواقع‬ ‫االجــتــمــاعــي والــثــقــافــي والــســيــاســي؛ وبهذا‬ ‫المعنى‪ ،‬فإن المراكز الثقافية أنى وجدت‪،‬‬ ‫يفترض أنها تشكل «مساحة ديموقراطية»‬ ‫للعمل الثقافي بتنوعاته من األدبي واإلبداعي‬ ‫إلــى العلمي الــمــوضــوعــي‪ ،‬بتوفير المكان‬ ‫واألرضية لنشاط ثقافي تفاعلي بين األعضاء‬ ‫والــمــريــديــن لــهــذه الــمــراكــز‪ ،‬وبينهم وبين‬ ‫المجتمع‪.‬‬ ‫مع مالحظة جذرية (إن هذا بطبيعة الحال‬ ‫ال يعني التدخل في عملية اإلنتاج نفسها‪ ،‬أ ّيًا‬ ‫كان مجالها اإلبداعي‪ ،‬فتلك العملية التي ال‬ ‫تتم في أطوار تكوينها إال بحرية وسريّة بين‬ ‫المبدع ومادته اإلبداعية‪ ،‬وإزميله‪ ،‬وريشته‪،‬‬ ‫وقلمه‪ ،‬أو مفاتيحه‪ ،‬يفترض أال يكون ألي‬ ‫إطــار من أطــر التجمع الثقافي أي سلطان‬ ‫عليها)‪.‬‬ ‫أشكال عالمية وعربية من أطر العمل الثقافي‬ ‫إذًا‪ ،‬البحث عن مساحة ديموقراطية تمثل‬ ‫المشتغلين بالعمل الثقافي‪ ،‬وتعبّر عنهم‪ ،‬وعن‬

‫‪82‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫أشواقهم‪ ،‬وتنشأ داخلها عالقات تفاعلية بين‬ ‫بعضا‪ ،‬وبينهم وبين المجتمع وأطره‬ ‫بعضهم ً‬ ‫الرسمية على قدم المساواة‪ ،‬هي مما أسهم‪،‬‬ ‫منذ بداية الربع األول للقرن العشرين‪ ،‬في‬ ‫ظهور أشكال متعددة لكيانات العمل الثقافي‬ ‫أو أطره‪ ،‬وإن لم تحمل التسمية نفسها التي‬ ‫تتعدد وتُـ ــراوح مــن جمعيات بعض المهن‬ ‫الثقافية‪( :‬صحافة‪ ،‬مسرح‪ ،‬سينما‪ ..‬إلخ)‬ ‫إلــى مختلف مسميات الــروابــط أو األندية‬ ‫األدبية‪ ،‬وما إليه‪ ..‬مما اشتهر بعضه عالميًا‬ ‫وعربيًا في إنتاج تيارات أدبية بعينها على‬ ‫اختالفها وتنوعها‪ .‬ومــن أشهرها عالميًا‬ ‫خــال القرن العشرين‪ :‬رابطة زهــر التوت‬ ‫ببريطانيا (‪1930‬م)‪ ،‬ومجموعة ستراتفورد‪،‬‬ ‫ومجموعة ماندارينز ‪1950‬م‪ ،‬ورابطة الحبر‬ ‫لكتاب وأكاديمين ارتبطوا بجامعة أكسفورد‪،‬‬ ‫وبعضها قام من منتصف القرن الماضي وما‬ ‫يزال صامدًا إلى اليوم‪ ،‬مثل مجموعة جين‬ ‫أوستن‪.‬‬ ‫ومن أمثلتها المماثلة المشهورة عربيًا كان‬ ‫هناك من ما قبل منتصف القرن الماضي‬ ‫تجمعات ثقافية وأدبية‪ ،‬بعضها أسهم في‬ ‫إنشاء تيارات ومــدارس أدبية مجددة مثل‪:‬‬ ‫جماعة أبولو التي ضمت شعراء الوجدان‬ ‫المجددين وقتها في مصر والعالم العربي‪،‬‬ ‫وكان في مصر أيضا صوالين أدبية شكلت‬ ‫جذوة للحوار الفكري واألدبي بين المثقفين‬ ‫أنفسهم وبين مريديهم‪ ،‬وأشهرها صالون‬ ‫العقاد‪ ،‬وصالون مي زيادة‪ ،‬ونشأت في بالد‬ ‫الــشــام وتــحــديـدًا ببيروت مجموعة مجلة‬ ‫شعر‪ .‬وكان وال يزال هناك تجمعات مشابهة‬

‫دراسات ونقد‬


‫الشاعرة فوزية توقع مجموعتها الشعرية بمعرض الرياض ‪2015‬‬

‫تظهر وتختفي‪ ،‬في العالم العربي‪ ،‬وبخاصة‬ ‫في بالد الرافدين‪ ،‬والمغرب العربي‪ ،‬وفيهما‬ ‫كان هناك تجاور لكل من الصالونات األدبية‪،‬‬ ‫والكيانات الثقافية ذات الصبغة الحزبية‪ ،‬أو‬ ‫الطابع والميول السياسي‪.‬‬ ‫يضاف إلــى ذلــك تجمعات عربية في‬ ‫المهجر األمريكي مثل‪ :‬رابطة القلم لألدب‬ ‫الــمــهــجــري‪ ،‬وم ــن وجــوهــهــا‪ :‬جــبــران خليل‬ ‫جبران‪ ،‬ورابطة الخريجين العرب التي تعد‬ ‫مدرسة عربية غربية بحد ذاتها في ثقافة‬ ‫العلوم اإلنسانية الحديثة‪ ،‬ومن مؤسسيها‬ ‫ورمــوزهــا‪ :‬نصير عــاروري‪ ،‬وإدوارد سعيد‪،‬‬ ‫وهشام الشرابي‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬ ‫ولم تخل دول منطقة الخليج العربي في‬ ‫التاريخ المعاصر مــن مثل هــذه الكيانات‬ ‫الثقافية على شكل مراكز ثقافية أو روابط‬ ‫أدبــيــة وثقافية‪ ،‬وأشــهــرهــا‪ :‬أس ــرة األدب ــاء‬ ‫بالبحرين‪ ،‬ورابطة الكتاب بالكويت‪ ،‬ونادي‬

‫دراسات ونقد‬

‫الشارقة األدبي؛ إضافة لمنجزات اإلمارات‬ ‫الحديثة فــي هــذا المجال مــثــل‪ :‬المجمع‬ ‫الثقافي بأبي ظبي‪ ،‬بل إن بعض دول الخليج‬ ‫عبر معارض الكتب وجــوائــز اإلب ــداع تكاد‬ ‫تصير قبلة لمثقفين عرب وعالمين‪.‬‬ ‫وال بد من مالحظة أن ذلك التعدد في‬ ‫مسميات التجمعات الثقافية ووظائفها قد‬ ‫اتسع بما قد يجعل التعريف يشمل‪( :‬جمعيات‬ ‫بعض المهن الثقافية‪ /‬صحافة‪ ،‬مسرح‪،‬‬ ‫سينما‪ ..‬الــخ) التي من وظائفها الرئيسة‬ ‫ال ــدور النقابي‪ .‬كما يشمل مــراكــز ثقافية‬ ‫أ ُسست في ظل أيدولوجيات سياسية‪ ،‬أو‬ ‫انتماءات حزبية‪ ،‬مثل‪ :‬الجبهة اليسارية للفن‬ ‫واألدب في ذروة نظام االتحاد السوفيتي‪.‬‬ ‫إضــافــة لــهــذا الــتــن ـوّع يــجــدر بــنــا مالحظة‬ ‫تــطــورات ذلــك المفهوم‪ ،‬مفهوم الكيان أو‬ ‫الجسد الثقافي‪ ،‬المتمثل بمسمى المراكز‬ ‫الثقافية عبر التاريخ االجتماعي والسياسي‬ ‫في منشئه الغربي‪ ،‬وتعدد تمثالته بحسب‬ ‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪83‬‬


‫مراكز ثقافية رسمية‬

‫البيئة السياسية واالجتماعية لمختلف دول‬ ‫العالم ومجتمعاتها‪ .‬ولعل هــذه المالحظة ‪ -‬األنــديــة األدبــيــة تأسست عــام ‪1395‬هـــ‬ ‫تكون مفتاحً ا للدخول في ســؤال المراكز‬ ‫(‪1975‬م) تحت مظلة الرئاسة العامة‬ ‫الثقافية‪ ،‬وتعدد أشكالها‪ ،‬ومسمياتها في‬ ‫لرعاية الشباب‪ ،‬بــدأت بستة فــروع‪ ،‬ما‬ ‫المجتمع السعودي‪.‬‬ ‫ناد‬ ‫لبثت أن توسعت بدعم رسمي لتأسيس ٍ‬ ‫أدبي في جميع المدن الرئيسة‪ .‬ثم انتقل‬ ‫أطر العمل الثقافي بالمجتمع السعودي‬ ‫المرجع الرسمي لتلك األندية لتصبح‬ ‫لــم يعد سـ ـرًا أن المثقفين السعوديين‬ ‫تحت مظلة وزارة الثقافة واإلعــام عام‬ ‫قــد عــاشــوا مــراحــل تاريخية مــتــراوحــة من‬ ‫‪1426‬هـ (‪2006‬م)‪ ،‬وحينها تمكنت بعض‬ ‫بداية تأسيس المملكة العربية السعودية‪،‬‬ ‫األندية من توسيع مسماها من نادي أدبي‬ ‫ككيان سياسي موحد‪ ،‬في التعامل مع سؤال‬ ‫إلى النادي األدبي الثقافي‪.‬‬ ‫الكيانات الثقافية‪ ،‬أو أطر العمل الثقافي؛ أي‬ ‫ســؤال الهاجس والحاجة إلى وجــود كيانات ‪ -‬الجمعية الــعــربــيــة الــســعــوديــة للفنون‬ ‫والثقافة ‪1393‬ه ـــ (‪1979‬م)‪ ،‬ثــم عـدّل‬ ‫ثقافية تجمع شملهم على أرضية شرعية‬ ‫المسمى ليكون جمعية الثقافة والفنون‪،‬‬ ‫مشتركة‪ ،‬تتيح لهم وتقرهم على حق العمل‬ ‫انبثق عنها (‪ )16‬فرعً ا بمختلف مناطق‬ ‫والتفاعل الحواري اإلبداعي والتوعوي‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫المملكة‪.‬‬ ‫رواب ــط القلم‪ ،‬ومنتديات الكتب‪ ،‬واألنــديــة‬ ‫الثقافية واألدبية‪ ،‬والمراكز الثقافية؛ وبتقارب ‪ -‬مركز الملك عبدالعزيز الثقافي تأسس‬ ‫رسالتها‪ ،‬وأهدافها‪ ،‬ووظائفها‪ ،‬وأدوارها‪ ،‬في‬ ‫عــام ‪1998‬م‪ ،‬بمناسبة مئوية تأسيس‬ ‫خلق شبكة اجتماعية‪ ،‬تقوم عضوية كياناتها‬ ‫المملكة العربية السعودية‪ ،‬وقــد تولت‬ ‫على قــواســم معرفية مــتــعــددة فــي مناحي‬ ‫اإلشـــراف على تأسيسه الهيئة العليا‬ ‫الثقافة المتنوعة؛ من األدب شعرا ونثرا‪،‬‬ ‫لتطوير مدينة الــريــاض‪ ،‬ويشتمل على‬ ‫إلى العلوم اإلنسانية والطبيعية‪ ،‬ومن الفنون‬ ‫متحف وطــنــي ومكتبة عــامــة وقــاعــات‬ ‫التشكيلية إلى الموسيقى‪.‬‬ ‫مــحــاضــرات‪ ،‬وتــوســع نــشــاطــه ليشمل‬ ‫الطباعة والنشر‪.‬‬ ‫ومن الجدير بالمالحظة السيسيولوجية‪،‬‬

‫أن انطالقة البداية لمثل هذا المطلب‪ ،‬قد‬ ‫جاءت على يد السلطة الرسمية‪ ،‬وإن تشكلت‬ ‫قبل تلك البداية وبعدها كيانات ثقافية قليلة‬ ‫ج ـدًا باجتهادات ومــبــادرات فردية وأهلية‪،‬‬ ‫كان بعضها بمظلة رسمية‪ .‬ويمكن هنا بشكل‬ ‫اجتهادي فضفاض تحديد ثالثة أنواع من تلك‬ ‫الكيانات الثقافية التي عاصر المثقفون مدَّ‬ ‫تجربتها وجزرها‪.‬‬

‫‪84‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫وال ــم ــرك ــز عــلــى أهــمــيــتــه الــتــاريــخــيــة‬ ‫واالجتماعية الرمزية يعد أول إطار من أطر‬ ‫العمل الثقافي الــذي ال يخرج من معطف‬ ‫النشاط الرياضي‪ ،‬وإن ظل مرتبطً ا بالمظلة‬ ‫الرسمية‪ ،‬ولكنه يأتي هــذه المرة مرتبطً ا‬ ‫بمشروع التطوير للعاصمة مدينة الرياض‪.‬‬ ‫كما أن المركز هو األول الذي جاء بمسمى‬ ‫«مركز ثقافي» ولم يجر فيه تجنب مسمى‬

‫دراسات ونقد‬


‫دار الرحمانية‬

‫مركز األمير عبدالرحمن السديري الثقافي ‪ -‬دار الرحمانية‬

‫«ثقافي» كما جرى األمــر في بداية الفسح‬ ‫الرسمي لتأسيس أطر مؤسسية بمسميات‬ ‫ال تتضمن كلمة ثقافة‪ ،‬ظلت تبدو مجرد‬ ‫منتديات فنون وأدب‪ .‬ولعل هذه المالحظة‬ ‫السيسولوجية «العابرة» تشير إلى التطور‪،‬‬ ‫وإن كـــان بــطــيــئــا ف ــي الــمــوقــف الــرســمــي‬ ‫والمجتمعي نحو تحرير بعض الكلمات‬ ‫والــمــصــطــلــحــات مــن التحفظ التقليدي‪،‬‬ ‫والخشية من كلمة ثقافة بحد ذاتها‪.‬‬ ‫ مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي‬‫بالدمام‪ ،‬التابع ألرامكو‪ ،‬والمنبثق عنها في‬ ‫مرحلة متأخرة مــن عمر هــذه المؤسسة‬ ‫العتيدة‪ ،‬إذ افتتح رسميا عام ‪2016‬م‪.‬‬ ‫وه ــو مــن أبـ ــرز م ــب ــادرات الــشــركــة في‬ ‫مجال العمل الثقافي المجتمعي الوطني‪،‬‬ ‫على أرض الواقع‪ ،‬منذ تأسيسها بالمملكة‪.‬‬ ‫ويشكل الــيــوم حــالــة ثقافية فــريــدة‪ ،‬تمثل‬ ‫مشتهى الثقافة في كل مكان بالعالم؛ فعدا‬ ‫عــن تصميمه المعماري كتحفة معمارية‬ ‫نادرة‪ ،‬فهو يضم مكتبة بها ما يزيد عن ربع‬ ‫مليون كتاب‪ ،‬ومركزًا لالبتكار‪ ،‬وواحة معرفية‬ ‫لألطفال‪ ،‬ومتحفًا للتاريخ الطبيعي‪ ،‬وقاعات‬ ‫الفنون‪ ،‬ومراكز تدريب إبــداعــي‪ ،‬وتأصيل‬ ‫ثقافي‪ ،‬ومساحته ‪ 45000‬متر مربع‪.‬‬

‫دراسات ونقد‬

‫مراكز ثقافية أهلية ومراكز ثقافية‬ ‫شبه حكومية‬ ‫مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‬

‫تــأســس كــأرضــيــة لــلــعــمــل الــثــقــافــي في‬ ‫منطقة الجوف بشمالي المملكة‪ ،‬في وقت‬ ‫مبكر عام ‪1963‬م‪ ،‬بدأ بمكتبة عامة بمدينة‬ ‫سكاكا‪ ،‬وفــي وقــت الحــق تفرّعت عنه أول‬ ‫مكتبة نسائية بالمملكة‪ .‬وقد صدر أمر ملكي‬ ‫عام ‪1983‬م بتأسيس مؤسسة عبدالرحمن‬ ‫السديري الخيرية‪ ،‬لتكون المكتبة العامة‬ ‫تحت مظلتها‪ ،‬فتطورت وصــار اسمها (دار‬ ‫العلوم) لتكون منبرًا ثقافيًا تعددت وتطورت‬ ‫نشاطاته الثقافية‪ ،‬وامتد تأثيرها لجميع‬ ‫مناطق المملكة؛ ســواء باستضافة مثقفين‬ ‫من كل أنحائها‪ ،‬وبمختلف اهتماماتهم األدبية‬ ‫والفكرية وتياراتها المعاصرة‪ ،‬أو في مجال‬ ‫النشر الثقافي‪ ،‬إذ تصدر مجالت متخصصة‬ ‫وكــت ـ ًبــا مــحـ ّكــمــة‪ ،‬وتــعــنــى بــدعــم الــدراســات‬ ‫والبحوث العلمية‪ .‬وقد صدرت عن المركز‬ ‫مجلة (الــجــوبــة) عــام ‪1990‬م كــواحــدة من‬ ‫أوائل المجالت الثقافية الدورية بالمملكة‪،‬‬ ‫ثم (أدوماتو) عام ‪2000‬م وهي مجلة علمية‬ ‫محكّمة تعنى بالبحوث اآلثارية‪ .‬لكن مسمى‬ ‫مركز عبدالرحمن السديري الثقافي بالجوف‬ ‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪85‬‬


‫لم ِ‬ ‫يأت إال عام ‪2015‬م‪ ،‬رغم أنه منذ تأسيسه إن المالحظة الحاسمة للموقف هو أن أيًا من‬ ‫قبل ستين عامًا لم يعن إال بالشأن الثقافي‪ .‬أنشطتها المنبرية والتي تمثلت في مؤتمرات‬ ‫أما الجدير بالذكر فهي بعض األسباب وندوات دورية لم تقم داخل المملكة‪.‬‬ ‫الرئيسة فــي صــمــود هــذا اإلط ــار مــن أطر‬ ‫كيانات أو تمثالت ثقافية أهلية‬ ‫العمل الثقافي بالمملكة‪ ،‬ومنها‪ :‬التفاف‬ ‫مستقلة نسبيا‪:‬‬ ‫أهالي منطقة الجوف ومثقفوها حول المركز‪،‬‬ ‫ م ـ ـن ـ ـتـ ــدى االثـ ـنـ ـيـ ـنـ ـي ــة الـ ـ ـثـ ـ ـق ـ ــاف ـ ــي‪ :‬أســســه‬ ‫كمعين ثــقــافــي وحــيــد فــي زمــنــه‪ ،‬والعتيد‬ ‫عبدالمقصود خوجة عام ‪1982‬م بمدينة‬ ‫المتجدد في كل األوقات كمنبر تنويري يمثل‬ ‫جــدة‪ .‬وشكلت اإلثنينية باسمها األشهر‬ ‫منطقة الجوف على مستوى المملكة‪ ،‬وفي‬ ‫أرضية للقاءات ثقافية‪ ،‬وكرّمت رياديين‬ ‫منصاتها الثقافية؛ ووجود وقف مالي مستقل‬ ‫من المثقفين السعوديين والعرب؛ رجاال‬ ‫منذ التأسيس‪ ،‬يجري استثماره وتطويره‬ ‫ونساء‪.‬‬ ‫باستمرار؛ أمــا المنبع الثالث لصمود هذا‬ ‫المركز الثقافي فهو مرونته البالغة وحيويته مركز حمد الجاسر الثقافي‪ :‬أ ُسس بعد وفاة‬ ‫الشيخ حمد عام ‪1421‬هـ بهدف الحفاظ‬ ‫التفاعلية العالية مع كل مستجدات الثورة‬ ‫على معين مسيرته المعرفية في توثيق‬ ‫التقنية التي تجعل نشاطه الثقافي شعلة‬ ‫تراث الجزيرة العربية والمملكة العربية‬ ‫متوهّ جة على جميع نوافذ الحضور الرقمي‬ ‫السعودية وتحليله‪ ،‬والعناية بمكتبته‪،‬‬ ‫والــحــوار الحضاري المفتوحة على العالم‬ ‫وتشجيع البحوث والدراسات على خطه‬ ‫اليوم (المعلومات الــواردة بخصوص المركز‬ ‫العلمي‪ ،‬وإقــامــة الــنــدوات والمؤتمرات‪،‬‬ ‫من إمداد د‪ .‬عبدالواحد الحميد)‪.‬‬ ‫ونشر المطبوعات والدوريات في مجال‬ ‫العمل الثقافي التأريخي‪.‬‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫لستُ متأكدة من صحة ذكرها في هذا ص ــال ــون س ـل ـطــانــة ال ـس ــدي ــري األدب ـ ـ ــي‪ :‬لقاء‬ ‫ثقافي دوري‪ ،‬بمدينة الرياض‪ ،‬كان يُراوح‬ ‫السياق‪ ،‬وال إذا كــان يمكن عدّها من أطر‬ ‫بين اللقاءت األسبوعية والشهرية‪ ،‬أسسته‬ ‫العمل الثقافي شبه الحكومي‪ ،‬ولكن بما أنها‬ ‫األديــبــة الــســعــوديــة سلطانة الــســديــري‪،‬‬ ‫طرحت قضايا معرفية وثقافية كانت تشغل‬ ‫منتصف الثمانينيات الــمــيــاديــة‪ ،‬وكــان‬ ‫المثقف السعودي في تلك اللحظة التاريخية‬ ‫يــهــدف إليــجــاد أرضــيــة تــوعــويــة للمرأة‬ ‫القلقة والمتحفزة من مطلع األلفية للقرن‬ ‫السعودية في القضايا التنموية والثقافية‪،‬‬ ‫الواحد والعشرين‪ ،‬فقد رأيــت التذكير بها‪،‬‬ ‫في ظل غياب المرأة عن حمى أي من أطر‬ ‫وبخاصة أنها جــاءت بمبادرة مــن المملكة‬ ‫العمل الثقافي القليلة المتاحة في ذلك‬ ‫العربية السعودية‪ ،‬ممثلة في شخصية عامة‬ ‫الحين‪ .‬وكان يعنى بإقامة معارض تشكيلية‬ ‫ومثقفة‪ ،‬تضطلع بمهام رسمية مهمة‪ ،‬هو‬ ‫وأمسيات شعرية‪.‬‬ ‫األمــيــر خــالــد الفيصل‪ ،‬وهــو شــاعــر وفنان‬ ‫تشكيلي بجانب موقعه الرسمي الفعال‪ .‬إال الـمـلـتـقــى األح ـ ــدي ب ــال ــري ــاض‪ :‬أســس عام‬

‫‪86‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫دراسات ونقد‬


‫‪ 1994‬بفكرة د‪ .‬عايشة أبــو الجدايل‪،‬‬ ‫وتأسيس ومتابعة د‪ .‬هتون الفاسي‪ ،‬وشارك‬ ‫في إدارتــه كل من‪ :‬د‪ .‬دينا الجودي‪ ،‬ود‪.‬‬ ‫عواطف القنيبط‪ ،‬وسيدة األعمال هالة‬ ‫الزير‪ ،‬ومن األعضاء العاملين‪ :‬د‪ .‬عزيزة‬ ‫المانع‪ ،‬ود‪ .‬عــواطــف ســامــة‪ ،‬ود‪ .‬نــورة‬ ‫الشمالن‪ ،‬ود‪ .‬سعاد المانع‪ ،‬ود‪ .‬فوزية‬ ‫البكر‪ ،‬ود‪ .‬حصة آل الشيخ‪ ،‬ود‪ .‬هند آل‬ ‫الشيخ‪ ،‬ود‪ .‬مشاعل البكر‪ ،‬ود‪ .‬مشاعل‬ ‫بنت محمد آل سعود‪ ،‬ود‪ .‬إلهام الدخيل‪،‬‬ ‫ود‪ .‬فــاطــمــة الــخــريــجــي‪ ،‬ود‪ .‬الــجــازي‬ ‫الشبيكي‪ ،‬ود‪ .‬فوزية أبو خالد‪ ،‬والفنانة‬ ‫التشكيلية هدى العمر‪ .‬راوحت عضويته‬ ‫بين عشرين إلى أربعين سيدة‪ .‬واستمر‬ ‫ما يقترب من خمسة وعشرين عامًا في‬ ‫تقديم لــقــاء ثــقــافــي‪ .‬تــنــاولــت مواضيعه‬ ‫البحوث العلمية في الطب والصيدلة‪،‬‬ ‫والبحوث التاريخية والتربوية واالجتماعية‬ ‫في مجاالت الطفولة‪ ،‬والمرأة‪ ،‬والمجتمع‪.‬‬ ‫قراءة عامة ألطر العمل الثقافي في‬ ‫ضوء أمثلة العينة الواردة‬ ‫ولــو تــجــاوزنــا التوصيف الــعــام لما شكّل‬ ‫كــيــانــات ثقافية وأدبــيــة لــلــمــراكــز الثقافية‬ ‫بالمجتمع الــســعــودي مــن تــواريــخ اإلنــشــاء‪،‬‬ ‫وانتقلنا لقراءة مجمل رساالتها‪ ،‬وأهدافها‪،‬‬ ‫وطبيعتها‪ ،‬وإدارتها‪ ،‬وتوجهاتها‪ ،‬وعضويتها‪،‬‬ ‫ومخرجاتها؛ فسنجد أن هناك هامشا من‬ ‫التفاوت بين كل منها في بعض التفاصيل‪،‬‬ ‫ولكن هناك متن عريض من التقارب والتشابه‬ ‫في مجمل المحددات المذكورة‪.‬‬ ‫فمعظم هذه الكيانات الثقافية كانت مطلبًا‬ ‫ثقافيًا لعموم المثقفين واألدبــاء في مختلف‬ ‫مناطق المملكة‪ ،‬وبخاصة المركزية منها‪ ،‬أو‬

‫دراسات ونقد‬

‫مركز الملك عبدالعزيز العالمي بالدمام‬

‫على األقل مطلبًا ألعالم من المهتمين منهم‪،‬‬ ‫وأقصد باألعالم مَن يتبوؤن مواقع سياسية‬ ‫أو إدارية أو اجتماعية تخولهم لحظوة اتخاذ‬ ‫الــمــبــادرة بإنشاء مركز ثقافي‪ ،‬وأعتقد أن‬ ‫مركز عبدالرحمن السديري تجسيد لذلك‪،‬‬ ‫مــع حظوته الخاصة فــي تأسيسه وتــطــوره‬ ‫بما يجعله أق ــرب إلــى المؤسسة الثقافية‬ ‫«المتكاملة» منه إلى المعنى المتداول للمراكز‬ ‫أو الكيانات الثقافية كما عرفت في عموم‬ ‫الوسط الثقافي العربي‪.‬‬ ‫كما أن الــرســالــة المعلنة أو المضمرة‬ ‫لمعظم تلك الكيانات الثقافية كانت تدور حول‬ ‫أنسنة فكرة (حق وضرورة) وجود كيان ثقافي‬ ‫وتطبيع عالقة المجتمع والسلطة بالفكرة‪،‬‬ ‫مع محاولة تحييدها من «شبهة أو شوائب»‬ ‫تعالق الثقافي بالسياسي‪ ،‬وقد تطورت تلك‬ ‫الحساسية وزاد منسوبها في ظرف احتدام‬ ‫الم ّد العربي القومي إلــى سبعينيات القرن‬ ‫الــمــيــادي الــمــاضــي‪ ،‬وارت ــب ــاط بــعــض تلك‬ ‫المفردات بأدبياته واألدبيات حوله‪ .‬يضاف‬ ‫لذلك مشترك الحلم للكثير منها وليس أغلبها‪،‬‬ ‫أن تقوم على أرض الواقع وقتها بأداء وظيفة‬ ‫توعية (تنويرية) من ناحية‪ ،‬ووظيفة تفاعلية‬ ‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪87‬‬


‫من ناحية أخرى‪ ،‬بين األعضاء وبينهم وبين‬ ‫المجتمع والــدولــة‪ .‬هــذا بجانب مشترك أن‬ ‫يكون لها دور في الخروج بالثقافة من الموقع‬ ‫الهامشي بالمجتمع‪ ،‬إلــى موقع المشارك‬ ‫مشاركة عضوية «بالمعنى الجرامشي» في‬ ‫مجريات المجتمع‪ ،‬من ناحية وفي اإلسهام‬ ‫من ناحية أهم في تمكين المثقف السعودي‬ ‫من تقديم إنتاج ثقافي له قيمته األدبية شعرا‬ ‫ونثرا وفكرا‪ ،‬بحوثا ودراسات‪ ،‬كتابات وكتبًا‪،‬‬ ‫ومطبوعات من الدوريات للمجالت الثقافية‬ ‫المتخصصة‪ .‬وم ــرة أخ ــرى وربــمــا كــان من‬ ‫األهداف المضمرة أيضا هو تحسين الموقع‬ ‫االجتماعي وزيادة رأسمالهم الثقافي «بالمعنى‬ ‫البوردي» للمثقفين‪ ،‬وتقديم وبلورة ذلك الموقع‬ ‫ليشكل نخبة قائمة بفكرها المستنير وبمنتجها‬ ‫الثقافي‪ ،‬بما ال يقل أهمية عن نخب اجتماعية‬ ‫أخرى‪ ،‬كالنخبة الدينية‪ ،‬أو التكنوقراط‪ ..‬الخ‪.‬‬ ‫وهذا بالضرورة كان يعني أن يتم عن طريق‬ ‫السجال الجدلي والمكتسبات التراكمية وإن‬ ‫صغرت بالمعنى الميلزي (رايت ميلز) تحسين‬ ‫شروط التمثيل وشروط التفاوض لرفع سقف‬ ‫الطروحات الثقافية وعصرنتها‪ ،‬ما يفترض‬ ‫تحقيق حريتين؛ حرية القول الثقافي‪ ،‬وحرية‬ ‫الفعل الثقافي‪ ،‬متمثال في القدرة على التعبير‬ ‫الحر والتجديد اإلبداعي‪.‬‬

‫فمن أهــم ملحوظات أو أمثلة النجاح‪،‬‬ ‫استمرارية معظمها منذ تأسيسها إلى اليوم‪،‬‬ ‫بــل إن مــا تــوقــف منها لــم يــتــوقــف إال بعد‬ ‫استمرار امتد إلى ما يزيد عن عشر سنوات‬ ‫(صالون سلطانة السديري)‪ ،‬أو إلى عشرين‬ ‫عاما (الملتقى األحدي)‪( ،‬وهي مواقع ثقافية‬ ‫قامت بمبادرات فردية أو جماعية محدودة)؛‬ ‫أيضا من أمثلة النجاح هو تمثيلها لمختلف‬ ‫مناطق المملكة‪ ،‬وتفاعلها مع مختلف مكوّنات‬ ‫النسيج االجتماعي بالمملكة بل والعالم العربي‬ ‫أيــضــا‪ ،‬فمثال اثنينية عبدالمقصود خوجة‬ ‫شملت في ندواتها وفي جائزتها التكريمية‬ ‫المثقفين من كل مناطق المملكة ومن العالم‬ ‫العربي؛ إضافة لنجاح جميع تلك المراكز‬ ‫الثقافية (أندية‪ ،‬وجمعيات‪ ،‬وملتقيات) في‬ ‫تفعيل المشاركة الثقافية للمرأة السعودية‬ ‫في اختراقات صغيرة كانت تعد جريئة وقتها‬ ‫(وإن جاء بعضها على استحياء) لتابو تحريم‬ ‫حضور المرأة في الفضاء العام خارج المجال‬ ‫الصحي وإن بصوتها‪ ،‬مثل الندوات العامة‪،‬‬ ‫وضمن شــروط الفصل الجندري‪ ،‬بما خلق‬ ‫أرضية فيما بعد لتوسيع دائرة هذا الحضور‪.‬‬ ‫وأخــي ـرًا قــد يحسب لمعظم تلك الكيانات‬ ‫الثقافية ‪-‬وإن لم يكن كلها‪ -‬نجاحها في صد‬ ‫محاوالت االختطاف المنبري‪ ،‬أو ســواه من‬ ‫مناشطها الثقافية‪ ،‬من قبل «الصحوة»‪ ،‬وإن‬ ‫كان ثمن ذلك أن الكثير من تلك المواقع أو‬ ‫الكيانات الثقافية قد دخلت في فترات طويلة‬ ‫من الجمود والسبات تقية أو بياتًا‪ ..‬وسأكتفي‬ ‫بهذه األمثلة التي تحتاج لبحوث تعرضها‬ ‫للفحص والتمحيص‪.‬‬

‫على أنه وإن كان من الصعب إال بدراسات‬ ‫بحثية دقيقة تقرير إلى أي درجة ومدى تمكنت‬ ‫تلك الكيانات الثقافية بمظلتها الرسمية‬ ‫أو بمراعاتها لها على تاريخها الطويل من‬ ‫حمل هذه الرسالة‪ ،‬ومن تأدية تلك الوظيفة‬ ‫التنويرية‪ ،‬ومــن تحقيق ذلــك ال ــدور المؤثر‬ ‫النوعي‪ ،‬فإنه ال يصعب ذكر بعض المالحظات‬ ‫إال إن المالحظة وليست األخيرة في هذا‬ ‫العامة أو القليل من أمثلتها‪ ،‬وأوضحها ما‬ ‫تجسد في بعض أشكال النجاحات‪ ،‬وبعض السياق أن هذه الكيانات الثقافية قد شهدت‬ ‫انتعاشا بعد األلفية الثالثة‪ ،‬حالها حال معظم‬ ‫اإلخفاقات‪ ،‬والكثير من المراوحة‪.‬‬

‫‪88‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫دراسات ونقد‬


‫المجاالت الحيوية‪ ،‬التي نفضت عنها غبار نحو‬ ‫عقد ونصف العقد من الزمان‪ ،‬كالجامعات‪،‬‬ ‫ولــم يــهــدد وجــودهــا وفعاليتها وقتها ظهور‬ ‫جسد الثقافة وسواها من الكيانات الثقافية‬ ‫االفتراضية المستجدة على ساحة العمل‬ ‫الثقافي‪ ،‬في العقد األول من األلفية‪ .‬بل إني‬ ‫أزعم أن ظهور مركز الحوار الوطني وقتها‪ ،‬قد‬ ‫ال بتوفيره منصة تعبير وتفكير لجميع‬ ‫أشعل أم ً‬ ‫األطياف‪ ،‬بتفاعل أبعد وأعمق‪ ،‬داخل الكيانات‬ ‫بعضا‪ ،‬وبتوسيع‬ ‫الثقافية بأنواعها‪ ،‬ومع بعضها ً‬ ‫عضويتها وقاعدة جماهيرها قبل دخوله هو‬ ‫وهي بعد جــذوة العقد األول من األلفية في‬ ‫تحدي العالم االفتراضي‪ ،‬وسواه من تحديات‬ ‫التحوالت‪ ،‬التي أصبح التوسّ ع فيها وسرعتها‬ ‫يشكالن تحد ّيًا واضحً ا‪ ،‬يقتضي السؤال عن‬ ‫صمود المراكز الثقافية في عين الثورة التقنية‬ ‫من ناحية‪ ،‬والتحول المجتمعي من الناحية‬ ‫األخرى‪ ،‬ما فتح أبوابًا كانت مغلقة‪ ،‬سواء في‬ ‫مجال الثقافة أو الترفيه‪.‬‬

‫المستجدة من توقع أي مزية نقابية بما فيها‬ ‫جمعية الصحافة وجمعية الكتاب‪ ،‬فإننا نجد‬ ‫أنفسنا في عيد كرنفالي ال مثيل سابق له‬ ‫بالمجتمع السعودي من ناحية حجم المنصات‬ ‫والمنابر الثقافية المتاحة والمتوالدة وزخمها‪.‬‬ ‫فبعد أن كانت الجامعات ‪-‬ناهيك عن الكيانات‬ ‫الثقافية‪ -‬تحتاج ألذونات بيروقراطية مطولة‪،‬‬ ‫رتيبة ومريبة‪ ،‬لفسح جدولها الثقافي‪ ،‬أصبحت‬ ‫المنابر الثقافية متاحة في المقاهي‪ ،‬ناهيك‬ ‫عن الملتقيات الخاصة والعامة‪ ،‬ومنها تلك‬ ‫العيّنة العريضة مما يجري تحت مظلة جمعية‬ ‫الثقافة والفنون‪ ،‬وتحت مظلة هيئة األدب‬ ‫من وزارة الثقافة‪ ،‬بسُ ق ٍُف غير معهودة في‬ ‫الطروحات‪ ،‬وبخاصة تلك التي تعنى باألدب‬ ‫لألدب‪ ،‬وبالفن للفن‪ ،‬وبالنظرية للنظرية‪ .‬بل‬ ‫إن مجاالً معرفيًا كالفلسفة‪ ،‬الــذي كــان من‬ ‫التابوهات‪ ،‬أصبح مجاال مطروحا من خالل‬ ‫جمعية الفلسفة‪.‬‬

‫ناقصا إن لــم أذكــر بعض‬ ‫ً‬ ‫ويبقى الــطــرح‬ ‫اإلخفاقات في تجارب هذه الكيانات‪ ،‬ومن‬ ‫أهمها معاناتها من ضعف االعتراف بها من‬ ‫قبل المثقفين أنفسهم‪ ،‬بجانب عجزها عن‬ ‫تطوير تقاليد ديموقراطية للعمل‪ ،‬وانصرافها‬ ‫ع ــن الــقــيــام بـــأي دور نــقــابــي‪ ،‬وتكريسها‬ ‫وبخاصة عدد غير قليل من األندية األدبية‪-‬‬‫ولكن السؤال‪ ،‬هل مثل هذه المظالت بديل‬ ‫لنمط محافظ في الكثير من جوانبها‪ ،‬من‬ ‫المبنى‪ ،‬والــقــاعــات‪ ،‬إلــى اإلدارة‪ ،‬وطريقة جدير ودائم ألرضية يلتقي عليها المثقفون؟‬ ‫إخراج األنشطة‪.‬‬ ‫وفي ضوء اإلجابات‪ ،‬قد نحتاج للبحث عن‬ ‫أما اليوم‪ ،‬فإننا إذا فرّغنا األطر الثقافية أسئلة وإجابات جديدة!‬ ‫وال بد أن الثقافة في زمن كورونا قد مرت‬ ‫بتجربة حضور فريدة في نوعها عبر منصات‬ ‫التفاعل اإللكتروني في العالم‪ ،‬والعالم العربي‬ ‫عامة‪ ،‬وفي مجتمعنا خاصة‪ ..‬فقد خرجت‬ ‫الثقافة من جدران كياناتها الثقافية التقليدية‪،‬‬ ‫ودخلت كخبز مشتهى إلى بيوت المثقفين‪.‬‬

‫* شاعرة وأكاديمية سعودية‪.‬‬ ‫(‪ )١‬أصل مــادة هذا المقال محاضرة للكاتبة قدّمتها عبر منصة النشاط المنبري لمركز عبدالرحمن‬ ‫السديري الثقافي من خالل االتصال المرئي‪ ،‬وأدارها‪ :‬أ‪ .‬محمد هليل الرويلي‪ ،‬وبناء على رغبة هيئة‬ ‫التحرير‪ ،‬تفضلت الكاتبة مشكورة بتحويلها إلى مقال ينشر بالجوبة‪ .‬المحرر‪.‬‬

‫دراسات ونقد‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪89‬‬


‫ث َ​َ‬ ‫ن‪!..‬‬ ‫م ٌ‬ ‫■ حضية خايف*‬

‫هل تعرفون أين موقعي اآلن؟ إنني أقف بشكل مستقيم في حنجرة طفل في الرابعة من‬ ‫عمره!‬ ‫كنت مــع مجموعة مــن فصيلتي نفسها‬ ‫في درج إحدى بقاالت الحي القديمة‪ ،‬كلّما‬ ‫متناول عملة أخرى أو‬ ‫ً‬ ‫وضع ذلك العجوز يده‬ ‫ورقة نقدية‪ ،‬يمسح عليّ ويتركني‪ ،‬مضى على‬ ‫مكوثي ما يقارب السبعة أيام حين استبدلني‬ ‫صاحبي بعلبة سجائر مع مجموعة من العملة‬ ‫الورقية‪ ،‬كلما أدخل يده في صندوقه دُفِ عت‬ ‫لنهاية الصندوق‪ ،‬إلــى أن جــاء يــو ٌم ودفعني‬ ‫بــقــوة ألســقــط على األرض‪ ،‬تــدحــرجــت في‬ ‫البداية ألقع تحت قدم أحد الزبائن‪ ،‬وكان‬ ‫ملطخً ا بالطين‪ ،‬فتغير لوني‪ ،‬ولم تعُد نقوشي‬ ‫جف التراب المبلل الذي‬ ‫ساعات ّ‬ ‫ٍ‬ ‫تُرى‪ ،‬بعد‬ ‫يغطيني‪ ،‬وكان بجانبي مغلف شيبس سقط من‬ ‫أحد الرفوف‪ ،‬تقدم إليه طفل ليلتقطه‪ ،‬وحين‬ ‫جــاء‪ ..‬رآني فتناولني بيده الباردة ووضعني‬ ‫داخل جيبه الصغير‪ ،‬كنت سعيدًا جدًا‪ ،‬لكن‬ ‫حين وصلت لنهاية الجيب واصطدمت بأكياس‬ ‫أخــرى في البداية‪ ،‬لم أعــرف ما هي لشدة‬ ‫الظالم‪ ،‬لكن من الرائحة والرطوبة عرفت‬ ‫أنها مغلف لعلك‪ ..‬يبدو أن هذا الطفل مولع‬ ‫بالمضغ‪ ،‬كــان كلما توقف عن السير يدخل‬ ‫يــده فــي جيبه متحسسً ا المغلف‪ ،‬ويسحب‬ ‫منه واحدة‪ ،‬ترافقنا ما يقارب الساعة‪ ،‬أدخل‬ ‫يده في جيبه أكثر من أربع مرات‪ ،‬وفي المرة‬ ‫األخيرة كانت سريعة جدًا‪ ،‬فلم أشعر إال وأنا‬

‫ضمن مغلف العلكة في فمه‪ ،‬ابتللت أنا والعلكة‬ ‫والمغلف بلعابه‪ ،‬لكن سرعان ما طرح المغلف‬ ‫ونصف العلكة من فمه بعد أن تلقى صفعة‬ ‫قوية على خده من أمه التي كانت ترافقه‪ ،‬ثم‬ ‫أقفل فمه‪.‬‬ ‫أدخلت إصبعها في فمه سريعًا‪ ،‬كانت تبحث‬ ‫عن باقي العلكة‪ ،‬لكنه كان ينقلني وبعض قطع‬ ‫العلك عكس اتجاه إصبعها‪ ،‬حين وصلت إليّ‬ ‫تحسستني‪ ..‬صرخت بهلع‪ ،‬لكن لسانه كان‬ ‫أسرع حين ك ُِشف أمره‪ ،‬دفعنا للخلف وابتلعنا‪..‬‬ ‫في البداية التصق بي العلك‪ ،‬لكنها سرعان ما‬ ‫صرخت مرة أخرى وحاولت ضربه على ظهره‬ ‫لعلي أخرج‪ ،‬لكنني لألسف لم أستطع‪ ..‬حاول‬ ‫الطفل جاهدًا التقيؤ‪ ،‬وهي تصرخ‪ ..‬لكن لم‬ ‫يستطيع‪ ،‬كنت في بداية حنجرته الصغيرة‪،‬‬ ‫كاد يختنق لوال ستر اهلل عليه‪ ،‬ضربته مرة‬ ‫أخرى‪ ،‬شعرتُ بانزالق العلكة التي بجانبي‪...‬‬ ‫سقطت بعيدًا في المريء‪ ،‬وبقيت أنا معلقًا لم‬ ‫أستطع النزول وال الخروج‪.‬‬ ‫اآلن نحن مــمــددان على ســريــر األشعة‬ ‫المقطعية في المستشفى بانتظار بدء عمل‬ ‫األشعة ثم العودة للطبيب ليكمل التشخيص‪...‬‬

‫* قاصة سعودية‪.‬‬

‫‪90‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫نصوص‬


‫عو َد ٌة‬ ‫َ‬ ‫■ رشا نعمان*‬

‫أفقت ألجدني مكوّمة في ركن مظلم‪ ،‬نهضت فعمَّ الضوء المكان‪ ،‬أدور حول نفسي دورة‬ ‫كاملة داخل غرفة تشبه غرف القصور‪ ،‬فراش ذهبي ومــرآة ذهبية‪ ،‬أبــواب الشرفة مفتوحة‬ ‫على مصراعيها‪ ،‬أتعرف على هيئتك من الخلف‪ ،‬فيخفق قلبي كما كان يخفق دائمً ا حين‬ ‫أراك‪ ،‬ثم أعود ألنظر إلى المرأة من تلك المرآة في الداخل؟‬ ‫تلتفت إلــيّ بعينيك الحانيتين‪ ،‬أشعر باشتياق همست بها‪ ،‬فضممتني ثانية‪ :‬أال تتذكرين مالمحك؟‬ ‫لمالمحك‪ ..‬كأنما م ّر عمر على حرماني من رؤيتها‪،‬‬ ‫أنظر مرة أخرى إلى المرآة‪ :‬كيف عدت شابة؟‬ ‫رغم شعوري بقربها وكأنني لم أتركك أبــدا‪ ،‬تدلف‬ ‫تضمني بقوة حتى كدت أذوب داخلك‪ :‬ال بأس‪،‬‬ ‫إلى الغرفة مهلال «حمدًا هلل على سالمتك»‪ ،‬أقرأها‬ ‫على شفاهك‪ ،‬ولكن لم تسمعها أذني‪ ،‬لم أعد أسمع بعد قليل ستدركين الحقيقة كاملة‪.‬‬ ‫صوتك‪ ،‬لم أعد أسمع أي شيء من هذه المرأة التي‬ ‫نهضنا معا‪ ،‬وجذبتني من يــدي ألقــف معك في‬ ‫تنظر لي بعينين واسعتين وشعر بنيّ مجعّد‪ ،‬كثيف شرفة واسعة ممتلئة بالورود الملونة‪ ،‬ومقاعد مخملية‬ ‫كغابة‪ ،‬أدور حول نفسي مرة أخرى‪ ،‬هل هذه أنا حقا؟ تطل على شاطئ تكسوه الخضرة والرمال في مزج‬ ‫أجلس في أرضية الحجرة‪ ،‬تحتضنني بذراعيك‪ ،‬غريب لم أر في حياتي شاطئًا بهذا الجمال‪ ،‬وهذه‬ ‫تتمتم بكلمات كثيرة ال أسمعها‪ ،‬أسألك أين أنا؟ ولكن األلوان المتدرجة للبحر‪ ،‬ساحرة‪.‬‬ ‫ال يخرج صوتي من حلقي‪ ،‬ليس لي صوت وال أذن‪،‬‬ ‫كيف تكون الحياة هكذا؟ هذا عذاب‪ ،‬أتشبث بيديك‪،‬‬ ‫أحاول أن أبكي‪ ..‬ولكن ال دموع‪ ،‬متى استطال شعري‬ ‫ليصل إلى قدميّ وتلك المالمح البيضاء النقية لفتاة‬ ‫في العشرين ال امرأة تخطت الثمانين بسنوات‪ ،‬أما‬ ‫أنت فكما أنت منذ تركتني و‪ ..‬ال أتذكر أين ذهبت‬ ‫حين تركتني؟ هل تركتني حقا؟‬

‫كل هذا الجمال لم يشغلني عن التفكير في حياتي‬ ‫السابقة‪ ،‬أمــي‪ ،‬أبــي‪ ،‬أنــت‪ ،‬وشــعــور عميق بالحزن‬ ‫والمشهد الوحيد المترسّ خ في ذاكرتي لسفرك‪ ،‬قلت‪:‬‬ ‫هل سافرت وتركتني وحيدة أربي األبناء؟‬ ‫قلت بال صوت‪ :‬نعم‪.‬‬ ‫فسألتك بعتاب‪ :‬لماذا تركتني وحيدة؟‬

‫فانفعلت أنت‪ ،‬صرت تتحرك في الحجرة بشكل‬ ‫بلى‪ ..‬تذكرت‪ ،‬لقد عشت وحيدة‪ ،‬لسنوات‪ ،‬ربيت‬ ‫ابنتي وابني الــشــاب‪ ،‬ولكن ال أذكــر أيــن كنت أنت‪ ،‬عشوائي تضرب كفيك ببعضهما ثم تعود‪ ،‬لتخبرني‬ ‫الصور في ذهني مشوّشة‪ ..‬ولكن ال وجود لك فيها بهمس بطيء ألقرأ حركة شفاهك «نحن اآلن موتى»‪.‬‬ ‫أبدا‪ ،‬صورة وحيدة لك معي أذكرها جيدًا‪ ،‬كنت تقف‬ ‫فــي هــذه اللحظة لمحت أبــي وأمــي فــي شرفة‬ ‫أمام باب المنزل تمسك بحقيبتك‪ ،‬قبلت رأسي وقبلت مجاورة‪ ..‬ابتسما لي‪ ،‬فابتسمت عندما تذكرت ذلك‬ ‫األبناء‪ ،‬ثم أغلقت الباب خلفك‪ ،‬إلى أين سافرت‪ ،‬العمر الطويل دفعة واحدة‪.‬‬ ‫* كاتبة ‪ -‬مصر‪.‬‬

‫نصوص‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪91‬‬


‫الع ْم ِر‬ ‫زُجا ُج ُ‬ ‫■ محمد الرياني*‬

‫عمرك فأنسى المتاعب‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫يذوبُ األل ُم في إناءِ‬ ‫عصير شهيٍّ ‪ ،‬يدو ُر‬ ‫ٍ‬ ‫على الطاولةِ كوبان من‬ ‫الكوبان مث َل عاشقين يهويان المزا َح والتلذ َذ‬ ‫بربيعِ الحياة‪ ،‬لنا شفتان تطبقان على فمِ ك ِّل‬ ‫بعناية وكأنهما تُقبِّالنه‪ ،‬ولنا نفَسَ ان طيِّبان‬ ‫ٍ‬ ‫كوب‬ ‫ٍ‬ ‫قلب المشروب‪ ،‬تقول‬ ‫كشذى الف ِّل يسكنان في ِ‬ ‫لي إنَّ أرقا َم العمرِ يصن ُع منها الحبُّ أرقامًا‬ ‫اإلنــجــازات مع‬ ‫ِ‬ ‫ـات‬ ‫فلكي ًة تُــســجَّ ـ ُل فــي ســجـ ِ‬ ‫الخالدين‪ ،‬تُجبرني عيناها البرَّاقتان كلؤلؤتينِ‬ ‫مكنونتينِ في محارةٍ صعبةِ المنالِ لم يُكتشَ ْف‬ ‫سحرهما‪ ،‬وَحدي ‪-‬أنا‪ -‬الذي جلبتُ من أصالةِ‬ ‫العمرِ قيم َة الحُ بِّ الجديد‪ ،‬كانتْ مُحق ًة عندما‬ ‫الشباب وقد خَ َّط العم ُر‬ ‫ِ‬ ‫مألتْ كوبينِ بعصيرِ‬ ‫تاريخَ ه‪ .‬تنازعنا شُ ربَ العصيرِ بعد أن تبادلنا‬ ‫كأس‬ ‫األدوا َر على الكوبين‪ ،‬قالت إنَّ مــذا َق ِ‬ ‫قلت الذي على‬ ‫عصيرِ كَ أروع‪ ،‬قلتُ لها‪ :‬لقد ِ‬ ‫زجاجك سرمديُّ‬ ‫ِ‬ ‫لساني؛ إنَّ روع َة الطعمِ في‬ ‫طويل‬ ‫ً‬ ‫الكوكب عمرًا‬ ‫ِ‬ ‫المذاق‪ ،‬وددتُ لو أنَّ لهذا‬ ‫سقط من على هذه الطاولة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أو ال يتشظى إذا‬ ‫فجأ ًة وق َع الكوبُ من بين يديَّ ويديْها ونح ُن‬ ‫الحظ‬ ‫ِّ‬ ‫اإلمساك به‪ ،‬مِ ن حسنِ‬ ‫ِ‬ ‫نتساب ُق على‬ ‫أنه لم ينكسر‪ ،‬قلتُ لها سَ ِل َم عمرُك يا‪ ...‬ولم‬ ‫صببتُ‬ ‫أكم ْل ألنَّها تعرفُ أني أ ُحبُّها بالفعل‪َ ،‬‬

‫عصير عندي في كأسها‪ ،‬أمسكتْ‬ ‫ٍ‬ ‫ما بقيَ من‬ ‫به ترتشفُه وهي في قِ مَّةِ سعادتِها‪ ،‬فجأ ًة وفي‬ ‫غَ مر ِة سَ كْرتِها من الفرحةِ ‪ ..‬وق َع من يدِ ها على‬ ‫هلل على‬ ‫األرض ولم يَنكسر‪ ،‬تنهدتُ وحمدتُ ا َ‬ ‫ِ‬ ‫أن كوبين من الــزجــاجِ بقي لهما عم ٌر وهما‬ ‫جمادان‪ .‬سألتُها هل بقيَ عصي ٌر في الخفاء؟‬ ‫ضحكتْ بحياءٍ وه ـزَّتْ رأسَ ها تقول لي نعم‪،‬‬ ‫هممْتُ بــأن أ ُحــضـرَه وأنــا ال أعــرفُ طريقه‪،‬‬ ‫قالتْ ‪ :‬انتظر‪ ،‬ففي الحيا ِة ُمتَّسع‪ ،‬لنا شفتان‬ ‫تجيدان االبتسا َم وهما غارقتانِ في مــذاقِ‬ ‫العصيرِ وتأخذان لونَه‪ ،‬نظرتُ في الساعةِ‬ ‫توقيت‬ ‫ِ‬ ‫حو َل معصمي‪ ،‬وجدتُ التاري َخ يشي ُر إلى‬ ‫ميالدي‪ ،‬قلتُ لها إن اليو َم هــو‪ ...‬قالتْ لي‪:‬‬ ‫لقد احتفلتُ بكَ على طريقتي‪ ،‬نح ُن ماضيانِ ‪،‬‬ ‫وقد اقتسمْنا العم َر من ُذ البداية‪ ،‬ولنا عصي ٌر‬ ‫ـواب في‬ ‫بعض األكـ ِ‬ ‫ُ‬ ‫وأكــوابٌ نتبادلها‪ ،‬ستبقى‬ ‫أماكنِها للذكرى؛ أما هذانِ اللذانِ شربْناهما‬ ‫ففيهما رائح ُة شفتيْنا وشذَى نفَسَ يْنا‪ .‬ابتعدْنا‬ ‫منتصف الليل‪ ،‬وخرجْ نا إلى حيثُ النجو ُم‬ ‫ِ‬ ‫عن‬ ‫لنتأك َد من أنَّ أحدًا مثل َنا يحتف ُل بالحُ بِّ كما‬ ‫بص ْمتِه على ك ِّل شيء‪،‬‬ ‫فعلنا‪ .‬كان اللي ُل يُطب ُق َ‬ ‫التزمْنا السكونَ‪ ،‬وكـ ُّل واحـ ٍـد يرى في عينيّ‬ ‫اآلخرِ زجا َج العُمر‪.‬‬

‫* قاص سعودي‪.‬‬

‫‪92‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫نصوص‬


‫رسا ِئ ٌ‬ ‫القطار‪...‬‬ ‫ل من نا ِف َذ ِة ِ‬ ‫■ مرمي الشكيلية*‬

‫الوقت ألن أفتح نوافذ عربة القطار من شدة االزدحــام حولي‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫ـدي‬ ‫لم يكن لـ َّ‬ ‫لم أتمكن حتى من توديعك بتلويح يدي من النافذة‪ ..‬ولكن كان كل جزء مني‬ ‫يودعك‪ ،‬حتى تلك العبارات التي علقت فوق صدر كتاباتي‪ ،‬كانت اآلن وفي هذه‬ ‫اللحظة تتحرر من أسطري‪ ،‬وتتطاير في الهواء كطائر حر‪...‬‬ ‫هذه اللحظة‪ ،‬ماليين الكلمات تهطل‬ ‫فــي داخــلــي كــالــســيــل‪ ،‬حــتــى إنــنــي اآلن‬ ‫أستطيع أن أكتب بعينيَّ تفاصيل صغيرة‪..‬‬ ‫كتلك الــورقــة الــتــي سقطت مــن جيب‬ ‫أحدهم دون أن يشعر‪ ،‬كانكماش وجهك‬ ‫الذي تحاول عبثًا أن تخفيه بقبعتك‪..‬‬ ‫هل يصلك هذا الهدير الكتابي الذي‬ ‫يعلو مع صفير القطار؟ هل يمكنك أن‬ ‫تتخيل تلك الكلمات التي خرجت في‬ ‫لحظة كأبيات شعر كتبت على عجل‪،‬‬ ‫وه ــي تلتصق بــجــدار نــفـ ٍـس مرتجفة؟‬ ‫بماذا يشعرك الــنــداء األخير وعجالت‬ ‫عربات القطار تخطو بمهل؟ هل يشعرك‬ ‫كأن روحً ا تدنو من أبواب الجسد؟ تلك‬ ‫اللحظة تُع ّد بمقاس حياة‪..‬‬

‫كــأحــرف صــفــت عــلــى مــشــعــل الــــورق‪..‬‬ ‫أأخبرك عن مقطورتي التي أنا عليها‪،‬‬ ‫وعن السيدة ذات الوشاح الفضي التي‬ ‫تجلس بجانبي وكأنها تجلس في محراب‬ ‫معبد ال مقعد؟ أأخبرك عن وجبة طعام‬ ‫ساخن تفوح منه‬ ‫ٍ‬ ‫ُقدّمت‪ ،‬كانت رغيف خبز‬ ‫رائحة‪ ،‬أم وطن لم تق َو أصابعي الملبدة‬ ‫بالبرد على لمسه‪..‬‬

‫لــم نــصــل بــعــد إل ــى حـــدود (فيينا)‪،‬‬ ‫الطريق طويلة‪ ،‬والغروب كمصابيح تضيئ‬ ‫سنابل حقول القمح لونها ذهبي المع‪،‬‬ ‫أحاول أن أحتسي أبجدية اللغة في هذا‬ ‫الصمت إال من صوت عجالت القطار‪..‬‬ ‫منذ انطالق القطار لم أك ُّف عن الكتابة‪،‬‬ ‫كان عليَّ أن أجلس بعدها على ذاك وكأن األحــرف تتدافع عند بوابة قلمي‪،‬‬ ‫المقعد‪ ،‬وســط هــذا الجفاف الحرفي‪ ،‬أحـــاول فقط أن ألتقط مــفــردة حرف‬ ‫ووسط هذه الحشود التي أخذت مكانها سقط سهوًا‪..‬‬ ‫* كاتبة ‪ -‬سلطنة عُمان‪.‬‬

‫نصوص‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪93‬‬


‫جلس ُة مقهى‬

‫‪ρ‬أميرة حمدان*‬

‫أيـ ـ ـ ـ ـ ــا جـ ـ ـلـ ـ ـس ـ ــة ال ـ ـ ـم ـ ـ ـق ـ ـ ـهـ ـ ــى ويـ ـ ـ ـ ـ ــا رش ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ــة الـ ـ ـش ـ ــاه ـ ــي‬ ‫ـرت أيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام الـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـب ـ ـ ــا ال ـ ـ ـ ـ ـ ــزاه ـ ـ ـ ـ ـ ــر ال ـ ـ ـ ــزاه ـ ـ ـ ــي‬ ‫ت ـ ـ ـ ـ ـ ــذك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫وع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــادت بـ ـ ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ـ ـ ــذك ـ ـ ـ ـ ـ ــرى «فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ـ ــا ًة ص ـ ـ ـ ـغ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــرةً»‬ ‫ه ـ ـ ـ ــواه ـ ـ ـ ــا ع ـ ـ ـ ــن ال ـ ـ ــدنـ ـ ـ ـي ـ ـ ــا «عـ ـ ـ ـل ـ ـ ــى ل ـ ـ ـهـ ـ ــوهـ ـ ــا سـ ـ ــاهـ ـ ــي»‬ ‫ـس‬ ‫أغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ّنـ ـ ـ ـ ـ ــي وأجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــري وال ـ ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـ ــدي ـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ــات ُج ـ ـ ـ ـ ـ َّلـ ـ ـ ـ ـ ٌ‬ ‫أقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــولُ ب ـ ـ ـ ـ ـ ــر ّب ـ ـ ـ ـ ـ ــي لـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــس فـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـك ـ ـ ـ ــنّ أش ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ــاهـ ـ ـ ــي‬ ‫ف ـ ـ ـي ـ ـ ـض ـ ـ ـح ـ ـ ـكـ ـ ــنَ ح ـ ـ ـ ــول ـ ـ ـ ــي ثـ ـ ـ ـ ــم بـ ـ ــال ـ ـ ـط ـ ـ ـيـ ـ ــن أُرتـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ــى‬ ‫وي ـ ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ـ ــريـ ـ ـ ـ ــنَ خ ـ ـ ـل ـ ـ ـفـ ـ ــي جـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرْيَ سـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ٍـل ب ـ ـ ـ ـ ــأم ـ ـ ـ ـ ــواهِ‬ ‫ـرت إ ْذ كـ ـ ـ ـ ـ ـ ّن ـ ـ ـ ـ ــا « ُأهـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًـا بِ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ِّي ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ــا»‬ ‫ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫«فـ ـ ـ ـ ـ ــا كـ ـ ـ ـ ـ ــان فـ ـ ـيـ ـ ـن ـ ــا الـ ـ ـ ـ ـ ـج ـ ـ ـ ـ ــا ُر ع ـ ـ ـ ــن ج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاره اله ـ ـ ـ ــي»‬ ‫وأذكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرُ فـ ـ ـ ـ ـ ــي األع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد ك ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــف اب ـ ـ ـت ـ ـ ـهـ ـ ــاج ـ ـ ـنـ ـ ــا‬ ‫ـاس وض ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ـ ــة أف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواهِ‬ ‫ب ـ ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ـ ــرحـ ـ ـ ـ ـ ــةِ أن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍ‬ ‫«وكـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــف اجـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـم ـ ـ ــاع األه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل ف ـ ـ ـ ــي ب ـ ـ ـيـ ـ ــت جـ ـ ــدتـ ـ ــي»‬ ‫«يـ ـ ـ ـح ـ ـ ــاك ـ ـ ــي اجـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـم ـ ـ ــاع الـ ـ ـمـ ـ ـسـ ـ ـتـ ـ ـش ـ ــاري ـ ــن ب ـ ـ ــالـ ـ ـ ـش ـ ـ ــاهِ »‬ ‫«وكـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــف اجـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ـم ـ ـ ــاع الـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ــيّ ف ـ ـ ـ ــي دار وال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدي»‬ ‫وَمَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ َكـ ـ ـ ـ ـأَب ـ ـ ـ ــي‪« :‬ذو ال ـ ـ ـ ـ ِـع ـ ـ ـ ـ ِ ّـز والـ ـ ـفـ ـ ـض ـ ــل وال ـ ـ ـ ــجَ ـ ـ ـ ــاهِ »‬ ‫وذُ ِّك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ُْت إ ْذ ذُ ِّكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ُْت فـ ـ ـ ـ ــي زَمَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِـن ال ـ ـصـ ـ ـب ـ ــا‬ ‫صـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ــاب ـ ـ ـ ــات ُح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍّـب ع ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ــده ل ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــس بـ ـ ـ ــالـ ـ ـ ــواهـ ـ ـ ــي‬ ‫ـاس مـ ـثـ ـل ــه‬ ‫ا ل ـ ـ ـيـ ـ ــس ف ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫فُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذُ ِّكـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـر ُْت ِخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًّ‬

‫‪94‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫نصوص‬


‫فـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــؤادي غ ـ ـ ـ ـ ــدا مـ ـ ـ ــن ثـ ـ ـ ـك ـ ـ ــلِ ـ ـ ــهِ الـ ـ ـ ـس ـ ـ ــاهـ ـ ـ ـ َر الـ ـ ـس ـ ــاه ـ ــي‬ ‫َلـ ـ ـ ـ ـ ـ َك ـ ـ ـ ـ ــمْ ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانَ إِ نْ حَ ـ ـ ـ ـ ـ ـدَثْ ـ ـ ـ ـ ــتُ ـ ـ ـ ـ ــهُ لِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــيَ مـ ـ ـصـ ـ ـغ ـ ــيً ـ ــا‬ ‫ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــآهٍ ع ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ــى عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٍـد أتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ـ ـ ــده ِآه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي‬ ‫وك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــان إذا مـ ـ ـ ـ ـ ــا ج ـ ـ ـ ـ ـئـ ـ ـ ـ ـ ُـت ق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــالَ ‪« :‬أمـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــرت ـ ـ ـ ــي»‬ ‫ف ـ ـ ـق ـ ـ ـلـ ـ ـ ُـت حـ ـ ـبـ ـ ـيـ ـ ـب ـ ــي‪« :‬وح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدك اآلم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر ال ـ ـ ـنـ ـ ــاهـ ـ ــي»‬ ‫ـرت ف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي أي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه أعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذب الـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـن ـ ـ ــى‬ ‫ت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫«ف ـ ـس ـ ـق ـ ـيـ ــا عـ ـ ـل ـ ــى عـ ـ ـه ـ ــد الـ ـ ـصـ ـ ـب ـ ــا الـ ـ ـب ـ ــاه ـ ــر الـ ـ ـب ـ ــاه ـ ــي»‬ ‫«دع ـ ـ ـ ـ ـ ــون ـ ـ ـ ـ ـ ــا ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذي ت ـ ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ـ ــري األمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــور بـ ـ ـ ـ ــأمـ ـ ـ ـ ــره»‬ ‫ـوس ـ ـ ــا ت ـ ـش ـ ـت ـ ـكـ ــي دهـ ـ ـ ــرهـ ـ ـ ــا الـ ـ ـ ــداهـ ـ ـ ــي»‬ ‫«يـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ّل ـ ـ ــي نـ ـ ـ ـف ـ ـ ـ ً‬ ‫ويـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـف ـ ـ ــي صـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدورا بـ ـ ــال ـ ـ ـح ـ ـ ـن ـ ـ ـيـ ـ ــن ك ـ ـ ــأنـ ـ ـ ـه ـ ـ ــا عـ ـل ــى‬ ‫الـ ـ ـ ـثـ ـ ـ ـك ـ ـ ــل مـ ـ ـ ـ ــن ن ـ ـ ـ ـ ـ ــار ال ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ــوى مـ ـ ـ ــرجـ ـ ـ ــل ال ـ ـ ـطـ ـ ــاهـ ـ ــي‬ ‫«دعـ ـ ـ ـ ـ ـ ــونـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاه لـ ـ ـ ـط ـ ـ ــفً ـ ـ ــا ف ـ ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ــاديـ ـ ـ ــر كـ ـ ـلـ ـ ـه ـ ــا»‬ ‫«أن الـ ـ ـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ــد هللِ »‬ ‫وآخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر دعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوانـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ِ‬ ‫* شاعرة سعودية‪.‬‬

‫نصوص‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪95‬‬


‫ح النَّدى‬ ‫تسابي ُ‬

‫‪ρ‬عالي املالكي*‬

‫هـ ـ ـ ـ ــي ل ـ ـ ـح ـ ـ ـظ ـ ـ ـتـ ـ ــان ونـ ـ ـ ـ ـظ ـ ـ ـ ــرت ـ ـ ـ ــان وغ ـ ـ ـي ـ ـ ـبـ ـ ــةٌ‬ ‫أخـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرى لـ ـ ـقـ ـ ـلـ ـ ـب ـ ــك كـ ـ ـ ـ ــي ت ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ــون إم ـ ـ ــام ـ ـ ــا‬ ‫ه ـ ـ ــي رحـ ـ ـ ـل ـ ـ ــةٌ ف ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـغ ـ ـ ــار ت ـ ـك ـ ـشـ ــف ق ـل ـب ـه ــا‬ ‫لـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـك ـ ـ ــون أوض ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــح مـ ـ ـ ـ ــا يـ ـ ـ ـ ـك ـ ـ ـ ــون تـ ـ ـم ـ ــام ـ ــا‬ ‫أو نـ ـ ـسـ ـ ـك ـ ــةٌ ف ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـج ـ ـ ـ ِّـب م ـ ـ ــا م ـ ـ ــن ع ـ ــاب ـ ــرٍ‬ ‫أب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدً ا ه ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ــاك ومـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا رأوه ل ـ ـ ـمـ ـ ــامـ ـ ــا‬ ‫ال تـ ـ ـسـ ـ ـتـ ـ ـج ـ ــر ب ـ ـ ــالـ ـ ـ ـض ـ ـ ــوء ق ـ ـ ـبـ ـ ــل ت ـ ـمـ ــامـ ــه‬ ‫ف ـ ـ ــالـ ـ ـ ـض ـ ـ ــوء يـ ـ ـ ـح ـ ـ ــرق إن وقـ ـ ـ ـف ـ ـ ــت ق ـ ـيـ ــامـ ــا‬ ‫س ـ ـ ـ ــر ف ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـك ـ ـ ــون كـ ـ ـ ـ ـ ــأن أول ل ـ ـي ـ ـلـ ــةٍ‬ ‫مـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ــاد قـ ـ ـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ٍـب ل ـ ـ ـل ـ ـ ـح ـ ـ ـق ـ ـ ـي ـ ـ ـقـ ـ ــة ق ـ ـ ــام ـ ـ ــا‬ ‫م ـ ـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـ ــراج روح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــك ال يـ ـ ـ ـض ـ ـ ــل ط ـ ــريـ ـ ـق ـ ــه‬ ‫ونـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ــار وجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدك م ـ ـ ـ ـ ــا أطـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاق مـ ـ ــامـ ـ ــا‬ ‫ه ـ ـ ـ ــو ف ـ ـ ـ ــي ت ـ ـ ـسـ ـ ــاب ـ ـ ـيـ ـ ــح الـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ــدى مـ ـ ـت ـ ــوش ـ ـ ٌـح‬ ‫بـ ـ ــال ـ ـ ـحـ ـ ــب هـ ـ ـ ــل يـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدري ل ـ ـ ـمـ ـ ــا وعـ ـ ـ ــامـ ـ ـ ــا؟!‬ ‫أم راح يـ ـ ـصـ ـ ـن ـ ــع م ـ ـ ـ ــن رحـ ـ ـ ـي ـ ـ ــق ج ـ ـمـ ــالـ ــه‬ ‫ع ـ ـ ـ ـ ـطـ ـ ـ ـ ــرً ا وي ـ ـ ـ ـ ـغـ ـ ـ ـ ــري بـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ــذا أك ـ ـ ـمـ ـ ــامـ ـ ــا‬ ‫ـات وسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـ ــت مـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـل ـ ـ ـ ٍـم‬ ‫ن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو ٌر وآيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌ‬ ‫ـدى يـ ـ ـ ـ ــاحـ ـ ـ ـ ــق طـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـف ـ ـ ــه أعـ ـ ـ ـ ــوامـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫وه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ً‬ ‫تـ ـ ـحـ ـ ـك ـ ــي ال ـ ـط ـ ـب ـ ـي ـ ـعـ ــة ك ـ ـ ـ ـ ــان ش ـ ـ ـهـ ـ ــد ب ـ ـيـ ــانـ ــه‬ ‫سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـ ـ ــرً ا ول ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــو ل ـ ـ ـ ـ ـ ــم يـ ـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ـ ــده ألن ـ ـ ـ ــام ـ ـ ـ ــا‬ ‫تـ ـمـ ـش ــي الـ ـسـ ـكـ ـيـ ـن ــة فـ ـ ــي ابـ ـتـ ـس ــامـ ـت ــه ال ـت ــي‬ ‫تـ ـ ـ ـ ـ ـ ــروي ال ـ ـ ـق ـ ـ ـل ـ ـ ـ ـ ـ ــوب وت ـ ـ ـص ـ ـ ـنـ ـ ــع اإلل ـ ـ ـهـ ـ ــامـ ـ ــا‬ ‫أخ ـ ـ ـ ـ ـ ــذ ال ـ ـ ـ ـك ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ــاب وقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال م ـ ـ ـ ـ ـ ــلء يـ ـقـ ـيـ ـن ــه‬ ‫م ـ ـ ـ ــن ذاق أدرك وال ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ــدى ي ـ ـت ـ ـعـ ــامـ ــى‬ ‫ن ـ ـ ـصـ ـ ــب ال ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ــؤاد ع ـ ـ ـلـ ـ ــى ب ـ ـ ـقـ ـ ــايـ ـ ــا ج ـ ـ ـمـ ـ ــرةٍ‬ ‫حـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ــى ت ـ ـ ـ ـ ــدف ـ ـ ـ ـ ــق ك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوث ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرً ا وحـ ـ ـ ـم ـ ـ ــام ـ ـ ــا‬ ‫ومـ ـ ـ ـ ـض ـ ـ ـ ــى ي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــردد فـ ـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـ ـغ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــاب ك ـ ــأن ـ ــه‬ ‫ش ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ٌـخ يـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـب ـ ـ ــح وال ـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ــوب يـ ـ ـت ـ ــام ـ ــى‬ ‫ألـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ــى عـ ـ ـلـ ـ ـيـ ـ ـه ـ ــا بـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرد ًة وس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرى إل ـ ـ ــى‬ ‫مـ ـ ـ ـ ـع ـ ـ ـ ــراج ـ ـ ـ ــه ال ـ ـ ـ ـ ـ ــروح ـ ـ ـ ـ ـ ــي ل ـ ـ ـي ـ ـ ـلـ ـ ــة صـ ـ ــامـ ـ ــا‬ ‫م ـ ـ ـ ــا ك ـ ـ ـ ـ ــان يـ ـ ـعـ ـ ـث ـ ــر ف ـ ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـخـ ـ ـ ـي ـ ـ ــال وإن ـ ـ ـمـ ـ ــا‬ ‫ق ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ــل الـ ـ ـ ـ ـظـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ــون وطـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــر األوه ـ ـ ـ ـ ــام ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫م ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ـ ــردً ا م ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ــا سـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــواه‪ ..‬وروح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه‬ ‫زيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌـت ومـ ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ـ ـك ـ ـ ـ ــاة الـ ـ ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـ ــاة ُن ـ ـ ـ ــدام ـ ـ ـ ــى‬ ‫مـ ـ ـ ــا زال ي ـ ـ ـسـ ـ ــرج فـ ـ ـ ــي ال ـ ـ ـغ ـ ـ ـيـ ـ ــاب دم ـ ــوع ـ ــه‬ ‫حـ ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ــى تـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوضـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأ قـ ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ــه وأقـ ـ ـ ـ ـ ـ ــامـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫َص ـ ـ ـ ـ َّلـ ـ ـ ــى ه ـ ـ ـنـ ـ ــاك عَ ـ ـ ـلـ ـ ــى ي ـ ـق ـ ـيـ ــن مُ ـ ـ ــحَ ـ ـ ــمَّ ـ ـ ـ ٍـد‬ ‫وأفـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاض مـ ـ ـ ــن خ ـ ـ ـلـ ـ ــف الـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـق ـ ـ ــام سـ ــامـ ــا‬ ‫وم ـ ـ ـ ـضـ ـ ـ ــى ي ـ ـ ـب ـ ـ ـشـ ـ ــر ب ـ ـ ـ ــال ـ ـ ـ ــرج ـ ـ ـ ــوع وخـ ـ ـلـ ـ ـف ـ ــه‬ ‫أم ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــمٌ ت ـ ـ ـ ـ ـقـ ـ ـ ـ ــوم وت ـ ـ ـ ـح ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ــظ اإلسـ ـ ـ ـ ــامـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫ول ـ ـ ـط ـ ـ ـي ـ ـ ـبـ ـ ــةٍ ف ـ ـ ـ ــي م ـ ـق ـ ـل ـ ـت ـ ـيـ ــه م ـ ـ ـنـ ـ ــافـ ـ ــذ الـ ـ ـ ـ‬ ‫ذك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرى الـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ــي مـ ـ ـ ـ ــن روح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه ت ـ ـت ـ ـنـ ــامـ ــى‬ ‫ومـ ـ ـ ـ ـ ـ ـص ـ ـ ـ ـ ـ ــارع الـ ـ ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـ ــوم الـ ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ـغ ـ ـ ـ ــاة ك ـ ــأنـ ـ ـه ـ ــا‬ ‫زيـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ٌـف تـ ـ ـ ـ ـ ــراكـ ـ ـ ـ ـ ــم وان ـ ـ ـ ـ ـت ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ــى أرقـ ـ ـ ـ ــامـ ـ ـ ـ ــا‬ ‫يـ ـ ـ ـ ــا س ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــدي يُ ـ ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ـ ــدى إل ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــك سـ ــام ـ ـنـ ــا‬ ‫َوج ـ ـ ـ ــروحـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ــا رغـ ـ ـ ـ ـ ــم األس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى ت ـ ـت ـ ـحـ ــامـ ــى‬

‫‪96‬‬

‫* شاعر سعودي‪.‬‬ ‫‪.‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫نصوص‬


‫موطن اإلعجاز‬ ‫ُ‬

‫‪ρ‬مالك اخلالدي*‬

‫ت ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ــادى أيـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ــا ال ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ــدُ ال ـ ـ ـ ـ ـحـ ـ ـ ـ ــرامُ‬ ‫ـك الـ ـ ـ ـ ــزِ مـ ـ ـ ـ ــامُ‬ ‫وح ـ ـ ـ ـ ـ ّلـ ـ ـ ـ ــقْ ع ـ ـ ــال ـ ـ ــيً ـ ـ ــا َف ـ ـ ـ ـ ـ َلـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ت ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ــادى أي ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ــا ال ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ــدُ الـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـف ـ ـ ــدّ ى‬ ‫ن ـ ـ ـعـ ـ ــم أن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــتَ الـ ـ ــمُ ـ ـ ـه ـ ـ ـي ـ ـ ـمـ ـ ــنُ واألمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــامُ‬ ‫أض ـ ـ ـ ـ ــئ ل ـ ـ ـل ـ ـ ـقـ ـ ــادم ـ ـ ـيـ ـ ــنَ الـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــو َم ُحـ ـ ـل ـ ــمً ـ ــا‬ ‫ف ـ ـ ــأن ـ ـ ــتَ ال ـ ـ ـ ُـحـ ـ ـ ـل ـ ـ ــمُ والـ ـ ـ ـعـ ـ ـ ـش ـ ـ ــاقُ ه ـ ــام ـ ــوا‬ ‫ـوك مُ ـ ـ ـل ـ ـ ـب ـ ـ ـي ـ ـ ـيـ ـ ــنَ نـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدا َء عـ ـ ـش ـ ـ ٍـق‬ ‫أتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫وم ـ ـ ـ ـ ـ ــن عَ ـ ـ ـ ـ ـ ِـش ـ ـ ـ ـ ــقَ الـ ـ ـ ـ ــثُ ـ ـ ـ ـ ــر ّيـ ـ ـ ـ ــا ال يُ ـ ـ ـ ـ ـ ــامُ‬ ‫وأرض ـ ـ ـ ــا‬ ‫ن ـ ـس ـ ـجـ ــتَ ل ـ ـنـ ــا ال ـ ـ ـ ـ ــرؤى ش ـ ـمـ ـ ًـسـ ــا ً‬ ‫وأغـ ـ ـ ـ ـ ــدقـ ـ ـ ـ ـ ــتَ ال ـ ـ ـ ـ ــرُ ب ـ ـ ـ ـ ــا وَهَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ًـجـ ـ ـ ـ ـ ــا ي ـ ـ ـ ــرام‬ ‫ـان فـ ـ ـك ـ ــرً ا‬ ‫صـ ـ ـنـ ـ ـع ـ ــتَ لـ ـ ـن ـ ــا مـ ـ ـ ــن اإلن ـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫وروحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا عـ ـ ـ ــالـ ـ ـ ــيً ـ ـ ـ ــا ال لـ ـ ـ ـ ــن يُ ـ ـ ـ ـ ـض ـ ـ ـ ــامُ‬ ‫ً‬ ‫ـض عـ ـ ـ ٍّز‬ ‫ـدت ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدروبَ بـ ـ ـفـ ـ ـي ـ ـ ِ‬ ‫وعَ ـ ـ ـ ـ ْـسـ ـ ـ ــجَ ـ ـ ـ ـ َّ‬ ‫س ـ ـ ـهـ ـ ــرتَ ع ـ ـل ــى ال ـ ـ ــدي ـ ـ ــارِ وق ـ ـ ـلـ ـ ــتَ ‪ :‬ن ــام ــوا‬ ‫ـاك ُحـ ـسـ ـ ًن ــا‬ ‫ـال ك ـ ـ ـفـ ـ ـ َ‬ ‫أيـ ـ ـ ــا وطـ ـ ـ ـ ــنَ ال ـ ـ ـج ـ ـ ـمـ ـ ـ ِ‬ ‫سـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـب ـ ـ ــتَ قـ ـ ـ ـل ـ ـ ــوبـ ـ ـ ـن ـ ـ ــا‪ ،‬حـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َر ال ـ ـ ـ ـكـ ـ ـ ــامُ‬ ‫فـ ـ ـ ـ ـه ـ ـ ـ ــذا مـ ـ ـ ـ ــوطـ ـ ـ ـ ــنُ اإلع ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـجـ ـ ـ ـ ـ ـ ــازِ ح ـ ــقً ـ ــا‬ ‫وق ـ ـ ـ ــائ ـ ـ ـ ــدُ ه ـ ـ ـ ــمُ ع ـ ـ ـظ ـ ـ ـيـ ـ ــمُ وه ـ ـ ـ ـ ـ ــمْ ِعـ ـ ـ ـظ ـ ـ ــامُ‬ ‫* شاعرة سعودية‪.‬‬

‫نصوص‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪97‬‬


‫بُحَيْرَةُ البَجَع‬

‫‪ρ‬لينا فيصل املفلح*‬

‫وَافْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َت ـ ـ ـ ـ ـ ـرَقْ ـ ـ ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ـ ـ ــا َو َل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــنْ أقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــولَ َودَاعَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬

‫َض ـ ـ ــاعَ ـ ـ ــا‬ ‫غَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا َد َر ال ـ ـ ـ ُـح ـ ـ ـ ُّـب عـ ـ ــن كِ ـ ـ َل ـ ـ ْي ـ ـنـ ــا و َ‬

‫ال َتـ ـ ـ ـ ُل ـ ـ ــمْ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ــي إذا ا ْنـ ـ ـ ـ ـ َتـ ـ ـ ـ ـ َه ـ ـ ـ ـ ْـج ـ ـ ـ ـ ُـت طَ ـ ـ ــريـ ـ ــقً ـ ـ ــا‬

‫ـرب وا ْن ـ ـت ـ ـه ـ ـيـ ـ ُـت ا ْنـ ـ ِـدفـ ــاعـ ــا‬ ‫خَ ـ ـ ـ ـ ـ ــارِ َج ال ـ ـ ـ ّـس ـ ـ ـ ِ‬

‫َب ـ ـ ـ ـ ــعْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َد ح ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ٍـن سَ ـ ـ ـ َت ـ ـ ـ ْل ـ ـ ـ َت ـ ـ ـق ـ ـ ـي ـ ـ ـنـ ـ ــي َو َتـ ـ ـ ـ ْنـ ـ ـ ـس ـ ـ ــى‬

‫شَ ـ ـ ــكْ ـ ـ ــلَ و َْج ـ ـ ـهـ ـ ــي وق ـ ـ ـ ــدْ َل ـ ــبِ ـ ـ ْـس ـ ـ ُـت قِ ـ ـن ــاعَ ــا‬

‫ـس عَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدْ ًل وبـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ َنـ ـ ـ ـن ـ ـ ــا عَ ـ ـ ـ ـ ـ ــهْ ـ ـ ـ ـ ـ ــدُ ُحـ ـ ـ ـ ـ ٍّـب‬ ‫لـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ َ‬

‫و َْحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َد ُه الـ ـ ـ ـ ُـحـ ـ ـ ـ ُّـب َي ـ ـ ـس ـ ـ ـ َتـ ـ ـ ِـحـ ـ ـ ُّـق دِ ف ـ ـ ــاعَ ـ ـ ــا‬

‫وال ـ ـ ـ ـ َت ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـنـ ـ ـ ــا َوغ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــابَ ع ـ ـ ـ ـ ـ ّنـ ـ ـ ـ ــا ُح ـ ـ ـ ـ ـضـ ـ ـ ـ ــو ٌر‬

‫ك ـ ـ ــانَ فـ ــي األم ـ ـ ـ ـ ِـس كـ ــالـ ـ ّـس ـ ـمـ ــاءِ ارْتِ ـ ـفـ ــاعـ ــا‬

‫ـف يُ ـ ـ ـمـ ـ ـس ـ ــي حَ ـ ـبـ ـيـ ـ ًب ــا‬ ‫ـك الـ ـ ـ ـ َبـ ـ ـ ـح ـ ـ ــرُ ‪ ،‬ك ـ ـ ـيـ ـ ـ َ‬ ‫ِم ـ ـ ـث ـ ـ ـلـ ـ ـ َ‬

‫ـوج كـ ـ ـ ــمْ أب ـ ـ ـ ـ ــا َح الـ ـ ـ ّـشـ ـ ــراعَ ـ ـ ــا؟‬ ‫وإل ـ ـ ـ ــى الـ ـ ـ ــمَ ـ ـ ـ ـ ِ‬

‫َذ ْنـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُـب ق ـ ـل ـ ـبـ ــي وكـ ـ ـ ـ ـ ـ ــانَ ف ـ ـ ــي الـ ـ ـ ـ ُـحـ ـ ـ ـ ِّـب َصـ ـ ـ ـ ْل ـ ـ ــدً ا‬

‫ـواك أمـ ـ ـ ـ ـ ــرً ا مُ ـ ـطـ ــاعَ ـ ــا‬ ‫ـف أمـ ـ ـس ـ ــى هـ ـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫كـ ـ ـي ـ ـ َ‬

‫ُر ّب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا خَ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّيـ ـ ـ ـ ـ ـ ــبَ ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــرامُ ُظـ ـ ـ ـن ـ ـ ــون ـ ـ ــي‬

‫ـاض ـ ـ ـ ـ ْيـ ـ ـ ـ ُـت َكـ ـ ـ ـ ــي أزي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َد اق ـ ــتِ ـ ـ ـن ـ ــاعَ ـ ــا‬ ‫َو َت ـ ـ ـ ـغـ ـ ـ ـ َ‬

‫ـك عُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذْ رًا‬ ‫أس ـ ـ ـ ـ ـ َت ـ ـ ـ ـ ـم ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ـ ُـحـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫وأن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا اآلنَ ْ‬

‫حـ ـ ـي ـ ــنَ أبـ ـ ـن ـ ــي لِ ـ ـ ِـحـ ـ ـص ـ ـ ِـن روح ـ ـ ـ ــي قِ ـ ــاعَ ـ ــا‬

‫* شاعرة ‪ -‬سوريا‪.‬‬

‫‪98‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫نصوص‬


‫ج ْوبَة)‬ ‫في رِ َ‬ ‫اب (ال ُ‬ ‫ح ِ‬

‫‪ρ‬هند النزاري‬

‫ـاشــقَ الــحَ ـر ِْف‬ ‫إلـى (الـ ُـجـ ْو َبــةِ ) الــغّ ــرَّ اءِ َيــا عَ ـ ِ‬ ‫ـاضـ ــةِ الـ ـ َعـ ـر ِْف‬ ‫إلـ ـ ـ ــى رَوض ـ ـ ـ ـ ــةٍ لـ ـلـ ـ ِـفـ ـكــرِ َفـ ـ ّيـ ـ َ‬ ‫ـف كُ ـ ـ ـ ــلِّ إجَ ـ ــا َب ـ ــةٍ‬ ‫ـؤال خَ ـ ـ ـ ْل ـ ـ َ‬ ‫سَ ـ ـت ـ ـ ْل ـ ـ َقــى ُس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ً‬ ‫لِ ــتُ ـ ْـطـلــقَ ه ـ ِـذي الـ ــرُّ و َح ِمــن مَ ـعـ ِـقـ ِـل الــرَّ ْسـ ِـف‬ ‫األس ـ ـ ـف ــا ُر فـ ــي كُ ـ ــلِّ مَ ــوعـ ٍـد‬ ‫ـك ْ‬ ‫َفـ ـتـمـ ِـضــي ب ـ ـ َ‬ ‫الطر ِْف‬ ‫الس ْحرِ في جَ ولَةِ َّ‬ ‫لتطوِ ي سَ ما َء ِّ‬ ‫ْ‬ ‫ـاعــرٍ‬ ‫ُوح شَ ـ ـ ِ‬ ‫َأس ِم ـ ـن ـ ـ ِـط ـيـ ٍـق إل ـ ــى ر ِ‬ ‫َف ـ ـ ِـم ـ ــنْ ر ِ‬ ‫ـوصـ ِـف‬ ‫ـك بِ ـ ــالـ ـ ْ‬ ‫اف سَ ـ ــيُ ـ ـثــريـ َ‬ ‫إلـ ـ ـ ــى رَوعِ طَ ـ ـ ـ ــوَّ ٍ‬ ‫لِ ـ ـ ـتـ ــكْ ـ ـ ِـسـ ـ َر تِ ـ ـ ـمـ ـ ـثـ ــالَ الـ ـ ـ ـ ّـسـ ـ ـ ــآمَ ـ ــةِ عَ ـ ـ ــابِ ـ ـ ــرً ا‬ ‫عـ ـ ـلـ ـ ــى أذْرعٍ لـ ـلـ ـ ّريـ ـ ِـح مُ ـ ـ ـعـ ـ ـت ـ ــادَةِ ال ـ ـ ـ َع ـ ـز ِْف‬ ‫ـك الـ ـ ـ َفـ ـ ــنَّ عُ ـ ــمْ ـ ــقً ـ ــا و َروْعَ ـ ـ ـ ـ ــةً‬ ‫ُت ـ ـ ــجَ ـ ـ ـرِّدُ فـ ـ ـيـ ـ ـ َ‬ ‫َفـ ـ ـ ــمَ ـ ـ ـ ــأدُ ب ـ ــةُ اإللـ ـ ـ ـ ـ ـ َهـ ـ ـ ــامِ طَ ـ ـ ــائِ ـ ـ ـ ّي ـ ــةُ الـ ـ ـ ـ َكـ ـ ـ ِّـف‬ ‫ـك لـ ـلـ ـحـسـ ِـن بِ ـ ـ ـ ــذر ًة‬ ‫و ُت ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــودِ عُ فـ ـ ـ ــي َك ـ ــفَّ ـ ـ ـ ْي ـ ـ َ‬ ‫َـط ِـف‬ ‫ـوعـ ــدُ الـق ْ‬ ‫َيـحـيـنُ إذا طَ ـالـعْ ـ َتهَا مَ ـ ـ ـ ِ‬ ‫ـأمـ ـ ـ ًـا‬ ‫سَ ـ ـ ـتـ ـ ـلـ ـ ـ َقـ ــى إذا وَا َف ـ ـ ـي ـ ـ ـت ـ ـ ـ َه ـ ــا مُ ـ ـ ـ ـتـ ـ ـ ِ‬ ‫ُخـ ـ ـ ُـشـ ــو َع خَ ـ ـ ــريـ ـ ٍـف مَ ـ ـ ــلَّ َث ـ ــرثـ ـ ـ َر َة الـ ـ َّـصـ ـيـ ِـف‬ ‫ـوف َيـ ـنـتــهِ ــي‬ ‫سَ ـ ـ ـت ــر َت ــاحُ لـ ـ ـلـ َّـشـ ِّـك ال ـ ـ ــذي سَ ـ ـ ـ َ‬ ‫َاك عـ ـلـ ــى ُج ـ ـ ـ ـر ِْف‬ ‫َيـ ـقـ ـيـ ـ ًنــا وإن َك ـ ـ ــا َن ـ ـ ْـت ُرؤ َ‬ ‫سَ ـ ـ ـ ـ َت ـ ـ ــروَى إذا جَ ـ ــال ـ ـ ْـس ـ َت ـ َهــا فـ ـ ـ ــي ُس ـ ــوي ـعــةٍ‬ ‫مَ ـ ـ ـ ـ ــدار َّيـ ـ ـ ــةِ الـ ـ ـ ــرؤيـ ـ ــا أثـ ـ ـيـ ـ ــر َّيـ ــةِ الـ ـ ـ ــرَّ ْشـ ـ ـ ِـف‬ ‫ـاك أنـ ـ ـ ــى تـ ـسـ ــامـقـ ْـت‬ ‫َتـ ـ ـه ـ ــده ـ ــدُ هــا األفْ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫َكـ ـ ـ َغـ ـ ـيـ ـمـ ــةِ إ ْب ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــداعٍ َرب ـ ـ ـي ـ ــعِ ـ ـ َّي ـ ــةِ الـ ـ ـ ـ َو ْكـ ـ ـ ِـف‬ ‫ـوحـ ـهــا‬ ‫جَ ـ ـ ـمـ ـيـ ــلٌ َتـ ـعـ ــالـ ـيـ ـهــا َرصـ ـ ـيـ ـ ـ ٌـن ُطـ ـمـ ـ ُ‬ ‫ـرف َفـ ـلـ ـسـ ـ َفـ َة الـ ـ ـ َّنـ ـز ِْف‬ ‫ُتـ ـعـ ـ ِّلـ ــمُ رُو َح ال ـ ـ ــحَ ـ ـ ِ‬ ‫ـك َن ـ ــفْ ـ ـ ًـســا خَ ـ ـلـ ـيـ َقــةً‬ ‫ـض فـ ـ ـ ــي َك ـ ــفَّ ـ ـيـ َ‬ ‫لـ ـيـ ـنـ ـبـ َ‬ ‫ب ـ ــأن َتـ ـعـ ُبـ َر اآلف ـ ـ ــاقَ فـ ــي َلـ ـحــظَ ــةِ الـ َكـ ْـشـ ِـف‬ ‫ـان جَ ـ ـ ـلـ ـ ـ ّيـ ــةً‬ ‫أسـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـرَا َر ال ـ ـ ـب ـ ـ ـي ـ ـ ِ‬ ‫َفـ ـ ـتـ ـ ـ ْـشـ ـتـ ــا ُر ْ‬ ‫و َتـ ـنـهــلُ مـ ــن َنـ ـبـ ِـع الـ ـ ـ ِّرضــا ف ــوق مــا َيــكْ ـفــي‬ ‫ـف الـ ـ ـ َه ـ ــوى فـ ـ ــي رِ حَ ـ ــابِ ـهــا‬ ‫َف ـ ــأل ـ ـ ِـق مَ ـ ــجَ ـ ــاديـ َ‬ ‫أش ـ ـ ـ ـ ــواقَ إ ْل ـ ـ ـ ـ ـ ٍـف إلـ ـ ـ ــى إ ْلـ ـ ـ ـ ِـف‬ ‫وغَ ـ ـ ـ ـ ــنِّ لـ ـ ـهـ ــا ْ‬ ‫* شاعرة سعودية‪.‬‬

‫نصوص‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪99‬‬


‫ع ْثر َ ٌة على فوضى الغرام‬ ‫َ‬

‫‪ρ‬محمد جابر بقار مدخلي*‬

‫أ ٍُّف لِ ـ ــعِ ـ ـ ْـش ـ ـ ٍـق َتـ ـ ـ ــمَ ـ ـ ـ ــادَى وار َت ـ ـ ـ ـ َقـ ـ ـ ــى سَ ـ ـ َبـ ـ َب ــا‬ ‫وَهَ ـ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـأَ الـ ـ ـن ـ ـ ْـش ـ ــو َة ال ـ ـع ـ ـم ـ ـيـ ــا َء واقْ ـ ـ ـ ـ ـ َتـ ـ ـ ـ ـ َر َبـ ــا‬ ‫األرض ِم ـ ـ ــنْ ف ـ ــوض ـ ــا ُه مُ ــتَّ ـ ِـش ـ ًـح ــا‬ ‫َ‬ ‫وَزلـ ـ ـ ـ ــزلَ‬ ‫ثـ ـ ــو ًبـ ـ ــا مـ ـ ـق ـ ــاس ـ ــا ُت ـ ــهُ َقـ ـ ـ ـ ــدْ حَ ـ ــا َكـ ـ ـه ـ ــا َكـ ـ ـ ِـذ َبـ ـ ــا‬ ‫أض ـ ـ ـنـ ـ ــى فُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــؤادً ا َل ـ ـ ـ ـ ــهُ ل ـ ـ ـيـ ـ ـ ًـا وف ـ ـ ـ ــي َي ـ ـ ـ ــدهِ‬ ‫ـوت ط ـ ـيـ ـ ٍـن لِ ـ ـ ـ ــمَ ـ ـ ـ ــنْ ف ـ ــي ق ـ ـلـ ــبِ ـ ــهِ َل ــعِ ـ ـ َب ــا‬ ‫تـ ـ ــابـ ـ ـ ُ‬ ‫أع ـ ـيـ ــا ُه َت ـ ْـش ــكِ ـ ـيـ ـ ُل ــهُ ال ـخ ــاف ــي وَمَ ـ ـ ــا سَ ـ َن ــحَ ـ ْـت‬ ‫ـوظ ل ـك ــي ي ـح ـظــى بِ ـ ُـجـ ـ ْن ـ ِـح هَ ـ َب ــا‬ ‫ل ـ ــهُ ُح ـ ـظـ ـ ٌ‬ ‫سَ ـ َّـج ــى فُ ـ ـص ــولَ الـ ـه ــوى ِم ـ ــنْ ع ـي ـ ِـن عُ ـ ـ ْز َل ــتِ ــهِ‬ ‫ف ـ ـ ـكـ ـ ــاشَ ـ ـ ـ َف ـ ـ ـ ْتـ ـ ــهُ ُظـ ـ ـ ـ ـ ُن ـ ـ ـ ــونٌ أ َّر َقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـت هُ ـ ـ ــدُ َب ـ ـ ــا‬ ‫ـاف عَ ـ ـ ـ ـ ْثـ ـ ـ ـرَتِ ـ ـ ــهِ‬ ‫إس ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫وأرى ب ـ ــأنـ ـ ـح ـ ــائ ـ ــه ْ‬ ‫ـأل يُ ـ ـ ـ ــكْ ـ ـ ـ ــثِ ـ ـ ـ ـ ـ َر ال ـ ـ ـ َع ـ ـ ـ َت ـ ـ ـ َبـ ـ ــا‬ ‫فـ ـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ــادر ْت ـ ـ ـ ــهُ بِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َّ‬ ‫الح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ْـت بـ ـ ـقـ ـ ـبـ ـ ـل ـ ــتِ ـ ــهِ أوراقُ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــهُ َفـ ـ ـ ـ َكـ ـ ـ ـ َب ـ ـ ـ ْـت‬ ‫ـض ح ــتَّ ــى ظَ ـ ـ َّنـ ـه ــا ُس ـ ُـح ـ َب ــا‬ ‫غُ ـ ـ ُـصـ ــو ُنـ ــهُ الـ ـبـ ـي ـ ُ‬ ‫ك ـ ـ ــأ َّن ـ ـ ــهُ الـ ـ ـ ـف ـ ـ ــيءُ ل ـ ـ ـ ــمَّ ـ ــا شَ ـ ـ ــمْ ـ ـ ـ ُـسـ ـ ــهُ َبـ ـ ـ ـزَغَ ـ ـ ـ ٌـت‬ ‫واف ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا ُه ض ـ ـ ـيـ ـ ــمٌ ع ـ ـلـ ــى خَ ـ ـ ـي ـ ـ ـبـ ـ ــاتِ ـ ـ ــهِ غَ ـ ـ ـ ـ َر َب ـ ـ ــا‬ ‫فـ ـق ــدْ رَمَ ـ ـ ـ ْتـ ـ ــهُ بِ ـ ــسَ ـ ــهْ ـ ـ ِـم الـ ـ ُـحـ ـ ِّـب فـ ــي عَ ـ ــجَ ـ ـ ٍـل‬ ‫َلـ ـ ـ ــمْ ي ـس ـت ـط ــعْ بـ ـع ــده ــا إرجـ ـ ـ ـ ــا َع م ـ ــا ُس ـل ـ َب ــا‬ ‫َلـ ـ ــمْ َتـ ـ ْـح ـ ـ َتـ ــرِ ْم خَ ــفْ ـ ـ َقـ ـ َة الـ ــذكـ ــرى لِ ــتُ ـ ْب ـ َه ـ َت ـ َه ــا‬ ‫بِ ــشَ ــكِّ ـ ـ َه ــا ال ـم ـن ـح ـن ــي لِ ـ ـل ــمُ ـ ْـخ ــلِ ـ ِـصـ ـي ــنَ ُر َبـ ـ ــا‬ ‫ـاب وابـ ـتـ ـلـ ـع ـ ْـت‬ ‫َتـ ـ ــجَ ـ ـ ــمَّ ـ ـ ـدَتْ عـ ـ ـن ـ ــد ُه األسـ ـ ـ ـب ـ ـ ـ ُ‬ ‫َنـ ــفْ ـ ــيَ الـ ـجـ ـح ــودِ الـ ـ ــذي ف ــي ق ـل ـبــهِ ــا سَ ـ ـ َر َب ــا‬ ‫ـاءات ِمـ ـ ـ ــنْ َيـ ـ ِـدهـ ــا‬ ‫وَرا َح ي ـس ـت ـن ـط ــقُ ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ِ‬ ‫يُ ـ ـ ـ ْب ـ ــدي ُش ـ ـ ــعُ ـ ـ ــورًا و َي ـ ـ ْل ـ ـ َقـ ــى غـ ـ ـيـ ـ ـ َر ُه شَ ــطَ ـ ـ َب ــا‬ ‫ـأروض م ــا ا ّدخ ـ ــرتْ‬ ‫ـات ِم ـ ـ ــنْ ُحـ ـ ِّب ــهِ ال ـ ـمـ ـ ِ‬ ‫ي ـق ـتـ ُ‬ ‫ِعـ ـج ــافُ ــهُ الـ ـ ُّـسـ ــودُ َك ـي ــمَ ــا َي ــقْ ــطَ ـ ـ َع ال ـ ِـح ـ َق ـ َب ــا‬ ‫ف ـ ـ ـمـ ـ ــا دن ـ ـ ـ ـ ــا ح ـ ـ ـ ــو َل ـ ـ ـ ــهُ سـ ـ ـ ـط ـ ـ ــرٌ يُ ـ ـ ـ ــؤانِ ـ ـ ـ ـ ُـسـ ـ ـ ــهُ‬ ‫َّإل وس ـ ـ ـ ـ ـ ــحَّ ع ـ ـ ـلـ ـ ــى ُنـ ـ ـ ــكْ ـ ـ ـ ــرانِ ـ ـ ـ ـ َهـ ـ ـ ــا كُ ـ ـ ــتُ ـ ـ ـ َبـ ـ ــا‬ ‫ـروف الـ ـ ـغ ـ ــدرِ إ ْذ ولـ ـج ـ ْـت‬ ‫مـ ــا رمَّ ـ ــمَ ـ ـ ـ ْت ـ ــهُ ُصـ ـ ـ ـ ـ ُ‬ ‫ـض ـ َبــا‬ ‫ـروق األس ـ ــى مُ ـ ــذْ َصـ ـ ـ ــادَقَ ال ـ َغـ َ‬ ‫إلـ ــى عُ ـ ـ ـ ِ‬ ‫كـ ـ ـ ــأ َّنـ ـ ـ ــهُ الـ ـ ــمَ ـ ـ ــعْ ـ ـ ـلـ ـ ــمُ األوف ـ ـ ـ ـ ـ ــى بِ ـ ـ ـ ِـسـ ـ ــدْ رتِ ـ ـ ـهـ ـ ــا‬ ‫ـاظ مَ ـ ـ ـ ــنْ َص ـ ـ َل ـ ـ َبـ ــا‬ ‫َيـ ـ ــرنـ ـ ــو بـ ـهـ ـيـ ـك ــلِ ــهِ أ ْلـ ـ ـ ــحَ ـ ـ ـ ـ َ‬ ‫ال تـ ـ ـحـ ـ ـق ـ ــرو ُه َفـ ـ ـ ـ َق ـ ـ ــدْ أودى ال ـ ـ ـ ـغـ ـ ـ ــرامُ بِ ـ ـ ــهِ‬ ‫ذُ ًل ل ـ ـي ـ ـب ـ ـقـ ــى لـ ـ ـك ـ ــل الـ ـ ـع ـ ــاشـ ـ ـقـ ـ ـي ـ ـ ِـن أب ـ ــا‬

‫‪100‬‬

‫* شاعر ‪ -‬سعودي‪.‬‬ ‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫نصوص‬


‫الشاعر محمد عابس‬ ‫الرسمي لم يعد له حضوره‪ ،‬واإلذاعة والتلفزيون والمسرح‬ ‫ُّ‬ ‫اإلعالمُ‬ ‫والسينما جميعها تتراجع حاليً ا بسبب المنصات الحديثة‬

‫قصيدته هي ذاكرته التي تحفظ الكثير من مغامراته‬ ‫مــع الـكـلـمــة‪ ،‬بـتـجــربــة غـنـيــة‪ ،‬مـيــزتــه ش ـعــر ًيــا وثـقــافـ ًيــا‬ ‫وإعالميًا‪ ..‬الشاعر محمد عابس من مواليد مدينة‬ ‫ال ــري ــاض ‪1968‬م‪ ،‬يـشـغــل اآلن مـنـصــب المستشار‬ ‫الثقافي بــوزارة اإلعــام‪ .‬وبسؤالي عن كتابته لعدد‬ ‫مــن الـسـيـنــاريــوهــات ألف ــام تلفزيونية ومـشــاركــاتــه‬ ‫في المهرجانات الثقافية على المستوى المحلي‬ ‫والخليجي‪ ،‬وكيف خلق التوأمة بين الشعر والفضاء‬ ‫اإلعــامــي‪ ،‬ق ــال‪ »:‬بطبعي أحــب التجريب منذ المرحلة‬ ‫الجامعية‪ ،‬ســواء فــي عالم الشعر ( الـعـمــودي) أو التفعيلة أو‬ ‫قصيدة النثر‪ ،‬وانعكس ذلك على الفنون والمجاالت األخرى‪ ،‬فقد مارست العمل اإلعالمي‬ ‫فــي الـصـحــافــة واإلذاعـ ــة والـتـلـفــزيــون إل ــى جــانــب األع ـمــال اإلداريـ ــة فــي م ـجــاالت اإلع ــام‬ ‫والثقافة‪ ،‬كما دخلت عالم السيناريو عبر البرامج واألفالم الوثائقية واألوبريتات والدراما‪،‬‬ ‫وكتبت كلمات العديد من األغاني واألوبريتات للكبار ولألطفال‪ ،‬والمقالة»‪.‬‬ ‫هذه ديباجة بمثابة نافذة‪ ،‬ندخل منها عالم ضيف الحوار الشاعر محمد عابس‪..‬‬ ‫■ حاوره‪ :‬عمر بوقاسم*‬

‫محاوالت صادقة لوضع بصمة‪!..‬‬ ‫¦م ـح ـم ــد ع ـ ــاب ـ ــس‪ ،‬م ـ ــن األس ـ ـ ـمـ ـ ــاء ال ـت ــي‬ ‫ل ـهــا م ـس ـيــرة ثـقــافـيــة ل ـهــا خصوصيتها‬ ‫ومـمـيــزاتـهــا‪ ،‬إعــامـ ًيــا وثـقــافـ ًيــا وشـعــر ًيــا‪،‬‬ ‫فقد أه ــدى الـســاحــة الشعرية المحلية‬

‫مواجهات‬

‫وال ـعــرب ـيــة ف ــي ع ــام ‪1993‬م‪ ،‬مجموعته‬ ‫الـشـعــريــة «الـجـمــر وم ـفــارش الـ ــروح»‪ ،‬ثم‬ ‫كتاب « فاكهة الـمــرأة وخبز الــرجــل» عام‬ ‫‪2008‬م‪ ،‬وفــي عــام ‪2009‬م أص ــدر الطبعة‬ ‫الـثــانـيــة لمجموعته «الـج ـمــر وم ـفــارش‬ ‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪101‬‬


‫هناك فضاءات واسعة في دواويني لم يتناولها النقاد إلى اآلن‪...‬‬ ‫أحب التجريب منذ المرحلة الجامعية سواء في عالم الشعر‬ ‫البيتي ( العمودي) أو التفعيلة او قصيدة النثر‪!..‬‬ ‫لدي بين فروع اإلعالم والثقافة‪ ،‬وبين الشعر‬ ‫التنوّ ع الوظيفي ّ‬ ‫وبعض أشكال الكتابة األخرى خلقت فضاءات أجمل‪ ،‬وتجارب‬ ‫أعمق وعالقات أوسع‪!..‬‬

‫ال ـ ـ ـ ــروح»‪ ،‬وعـ ــن دار ال ـك ـف ــاح ب ــال ــدم ــام أص ــدر‬ ‫مجموعته الشعرية «ثالثية اللذة والموت» عام‬ ‫‪2010‬م؛ «أكثر من ذاكرة» هذا عنوان مجموعته‬ ‫الشعرية الصادرة عام ‪2015‬م‪ ،‬ومؤخرً ا صدرت‬ ‫مجموعته «نصوص العزلة» ‪2021‬م‪.‬‬

‫شعاري الدائم‪ ،‬فإن عجزت ألي سبب‪ ،‬كان‬ ‫االنتقال إلى مجال وتجربة عملية أخرى هو‬ ‫الحل األسلم الذي لم أتردد في اتخاذ قراره‬ ‫عدة مرات‪ ،‬ولم أندم على ذلك‪ ،‬ألن من لديه‬ ‫أهدافه وطموحاته وأفكاره ورسالته السامية‬ ‫لن يتوقف‪ ،‬بل يبحث عن طرق ونوافذ أخرى‬ ‫يوصل عبرها رسالته اإلبداعية أو الوظيفية‪.‬‬

‫‪ρ‬هي جوانب من حياتي وشخصيتي وتجاربي‪،‬‬ ‫نجاحاتي وانــكــســاراتــي‪ ،‬مــزيــج مــن األف ــراح‬ ‫واألحــزان والدموع واالبتسامات‪ ،‬خلطة من‬ ‫الطموحات والعثرات‪ ،‬دوافعها الحب والعطاء‬ ‫والبحث عن مكامن الضوء في العتمات‪ ،‬صراع‬ ‫مع الزمن‪ ،‬ومواجهة أعــداء الحياة واإلنسان‬ ‫بالكلمة والصوت والصورة والعمل والمواقف‪.‬‬

‫ه ــذا الــتــنــوع الــوظــيــفــي بــيــن فـــروع اإلع ــام‬ ‫والثقافة‪ ،‬وبين الشعر وبعض أشكال الكتابة‬ ‫األخـ ــرى خلقت ف ــض ــاءات أجــمــل وتــجــارب‬ ‫أعمق وعالقات أوسع‪ ،‬إلى جانب المسؤولية‬ ‫أمــام ذاتــي واآلخ ــر‪ ،‬بسلبيات تلك التجارب‬ ‫وإيجابياتها‪.‬‬

‫¦الشاعر واإلعالمي محمد عابس‪ ،‬مــاذا يقول‬ ‫في اتجاه هذه السيرة الغنية بتنوع فضاءاتها؟‬

‫مــحــاوالت صــادقــة لــوضــع بصمة ابــن رمــال‬ ‫هذا الوطن‪ ،‬عبر األشكال التي كتبتها وفي‬ ‫مقدمتها الشعر‪ ،‬أو عبر المهام الوظيفية التي‬ ‫توليتها‪ ،‬وأزعم أنني غلفتها بالثقافة واألدب‪،‬‬ ‫وحب العمل الجماعي‪ ،‬وعدم إقصاء أحد أو‬ ‫تهميشه‪ ،‬والتنوّع من ناحية أخرى‪.‬‬

‫ورغــم العقبات العديدة وظيفيًا واجتماعيًا‬ ‫وإنسانيًا‪ ،‬إال إن الحب إلى مرحلة الشغف‪،‬‬ ‫واالهــتــمــام والــتــركــيــز والــمــوضــوعــيــة كانت‬

‫‪102‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫لذلك كان الهاجس الذي أفكر فيه بعد نهاية‬ ‫كل عمل وظيفي أو إنتاج عمل إبداعي‪ ،‬أشبه‬ ‫ما يكون بمحاكمة ذاتية عن مدى النجاح أو‬ ‫الفشل في ذلك العمل‪ ،‬لالستفادة من التجربة‬ ‫بعد األخرى‪.‬‬ ‫اهتمامي ليس طارئً ا‪!..‬‬ ‫¦قمت بإعداد وتقديم برنامج عن أدب الطفل‪،‬‬ ‫وأي ـ ًـض ــا كـتــابــة أنــاشـيــد لــأطـفــال فــي اإلذاع ــة‬ ‫وال ـت ـل ـف ــزي ــون‪ ،‬إض ــاف ــة إلدارة ورش ـ ــة لـبــرامــج‬

‫مواجهات‬


‫الطفل فــي إذاع ــة الــريــاض عــام ‪1431‬هـ ــ‪ ،‬هذا‬ ‫ما يدعوني أن أسألك‪ ،‬ما الذي يميز الطفل‬ ‫ال ـس ـعــودي وال ـعــربــي عــن الـطـفــل فــي الـبـلــدان‬ ‫األخرى على المستوى التعليمي والتربوي؟‬ ‫‪ρ‬الطفل ذكي بالفطرة‪ ،‬وعجينة قابلة للتشكل‪،‬‬ ‫وتحتاج إلى مهارة‪ ،‬ودراسة‪ ،‬وخبرة في التعامل‬ ‫معها بالطرق واألشكال المناسبة‪ .‬الموهبة‬ ‫موجودة‪ ،‬ولكنها تحتاج إلى الصقل والتثقيف‬ ‫منذ الصغر‪ ،‬ما يمارس في الرياضة عالميًا‬ ‫ومعمول به في مجاالت‬ ‫ً‬ ‫ينبغي أن يكون متوافرًا‬ ‫أدب الطفولة والناشئة وثقافتهما وفنونهما‬ ‫وإعالمهما‪ ،‬ما قمت به محاوالت‪ ،‬ولكن األمر‬ ‫عمل مؤسسيٍّ في القطاعين العام‬ ‫يحتاج إلى ٍ‬ ‫والخاص‪.‬‬ ‫اهــتــمــامــي لــيــس ط ــار ًئ ــا‪ ،‬هــنــاك مــشــروعــات‬ ‫أعمال‬ ‫ً‬ ‫مؤجلة وبعضها لم تكتمل؛ ألن لــديّ‬ ‫ومشروعات أخرى في مقدمتها الشعر‪ ،‬ولكن‬ ‫دافـ ًعــا قويًا في داخلي يدعوني بين الفينة‬ ‫واألخرى للكتابة للطفل‪.‬‬ ‫منصات مختلفة للشعر واإلبداع‬ ‫والثقافة‪!..‬‬ ‫¦ك ـت ـبــت ال ـع ــدي ــد م ــن ال ـس ـي ـن ــاري ــوه ــات ألف ــام‬ ‫تـلـفــزيــونـيــة وثــائ ـق ـيــة‪ ،‬وش ــارك ــت ف ــي ع ــدد من‬ ‫ال ـم ـهــرجــانــات الـثـقــافـيــة مـحـلـ ًيــا وخـلـيـجـ ًيــا‪،‬‬ ‫‪ ..‬خـلــق هــذا الـتــآخــي أو الـتــوأمــة بـيــن الشعر‬ ‫والفضاء اإلعــامــي‪ ،‬برغم االخـتــاف البيئي‬ ‫بينهم‪ ،‬حتمً ا خصوصية تجربتك وتفردها‬ ‫لها سرها‪ ،‬محمد عابس مــاذا يقول في هذا‬ ‫االتجاه؟‬ ‫‪ρ‬أمـ ــام ه ــذه الــمــنــصــات المختلفة ك ــان من‬ ‫الــضــروري توظيفها لصالح الشعر واإلبــداع‬ ‫والثقافة والفنون والعمل اإلعالمي المرتبط‬ ‫بها وبعوالمها المختلفة‪ ،‬والشعر تاريخيًا كان‬ ‫أشبه بوزارة اإلعالم أو الثقافة‪ ،‬كما إن الشاعر‬ ‫قديمًا كان له رواة ينقلون قصائده لألسواق‬ ‫والمجتمعات المحيطة‪ ،‬وهــذا ما لم يعد له‬ ‫وجــود‪ ،‬فكان لزامًا على الشاعر أن يستفيد‬

‫مواجهات‬

‫من أي منصة ممكنة سواء الرسمي منها أو‬ ‫الخاص‪ ،‬واآلن وسائل التواصل االجتماعي‬ ‫المختلفة‪.‬‬

‫وبطبعي‪ ،‬أحب التجريب منذ المرحلة الجامعية‬ ‫ســواء في عالم الشعر البيتي (العمودي) أو‬ ‫التفعيلة أو قصيدة النثر‪ ،‬وانعكس ذلك على‬ ‫الفنون والمجاالت األخرى‪ ،‬فقد مارست العمل‬ ‫اإلعالمي في الصحافة واإلذاعــة والتلفزيون‬ ‫إلــى جــانــب األعــمــال اإلداريــــة فــي مجاالت‬ ‫اإلعالم والثقافة‪ ،‬كما دخلت عالم السيناريو‬ ‫عبر البرامج واألفــام الوثائقية واألوبريتات‬ ‫والدراما‪ ،‬كما كتبت كلمات عدد من األغاني‬ ‫واألوبريتات للكبار ولألطفال‪ ،‬والمقالة‪.‬‬ ‫كل تلك المحطات المختلفة شكّلت التجربة‬ ‫العامة لي‪ .‬واإلعالم منصة مهمة لكل أشكال‬ ‫اإلب ــداع في األدب والفنون والثقافة بشكل‬ ‫واسع‪.‬‬ ‫ويبقى الشعر بالنسبة لي سيد الحضور حتى‬ ‫لو خفتت األضواء حوله لصالح فنون أخرى‪.‬‬ ‫الشعر والشاعر ثنائية جذب وتكامل وعطاء‬ ‫وتــواصــل ومــشــاركــة فــي الــفــنــون واألشــكــال‬ ‫اإلبداعية األخــرى‪ ،‬فتجد كثيرًا من الشعراء‬ ‫منتجين أو مسهمين في السينما والــدرامــا‬ ‫والتشكيل والمسرح والفنون السردية من قصة‬ ‫ورواية ومذكرات وسيرة ذاتية‪ ،‬وفي الصحافة‬ ‫واإلعالم عمومًا‪ ،‬لذلك فإن نهر الشعر العظيم‬ ‫مستمر في الجريان على م ّر العصور‪ ،‬حتى لو‬

‫الشاعر محمد عابس‬ ‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪103‬‬


‫ظهرت فنون أخرى أو برز شكل أو أكثر منها‬ ‫لظروف معينة‪.‬‬ ‫الثقافة أخذت مكانها الطبيعي‪!..‬‬ ‫¦وزارة الثقافة ببرامجها التطويرية تستوعب‬ ‫الكثير من األنشطة والفعاليات الثقافية التي‬ ‫لها دور مهم فــي تشكيل هــويــة الــوطــن‪ ،‬وأنــت‬ ‫كمبدع ومثقف‪ ،‬كيف تقرأ المشهد الثقافي‬ ‫ال ـع ــام الـ ــذي يـمـنـحـنــا ف ـض ــاء ل ــه خـصــوصـيــة‬ ‫وأصالة؟‬ ‫‪ρ‬ال شك أن الثقافة أخــذت مكانها الطبيعي‬ ‫مــن اهتمام الــدولــة‪ ،‬بإنشاء وزارة مستقلة‬ ‫يتبعها إحدى عشرة هيئة تعنى بمختلف فروع‬ ‫الثقافة‪ ،‬وعــدد من الجمعيات المتخصصة‪،‬‬ ‫مثل‪ :‬جمعية األدب‪ ،‬وجمعية الفلسفة‪ ،‬وجمعية‬ ‫السينما وجمعية المسرح والفنون األدائية‪،‬‬ ‫وجمعية المكتبات‪ ..‬الخ‪.‬‬ ‫االستفادة من منصات التواصل‪..‬‬ ‫¦في ذروة جائحة كورونا‪ ،‬ما تقييمك لتجربة‬ ‫إقامة الفعاليات عبر المنصات االفتراضية‬ ‫في األندية األدبية؟‬ ‫‪ρ‬ليست األندية األدبية فقط من استفاد من‬ ‫منصات الــتــواصــل عــن بــعــد‪ ،‬بــل الجامعات‬ ‫والمؤسسات األخرى العامة والخاصة‪ ،‬ومن‬ ‫مزاياه توفير النفقات‪..‬‬

‫‪104‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫ومع عــودة الحياة لطبيعتها تدريجيًا‪ ،‬يمكن‬ ‫مــواصــلــة االســتــفــادة منها‪ ،‬ولــكــن ال بــد من‬ ‫الفعاليات المباشرة التي يحدث فيها االلتقاء‬ ‫بين المشاركين والضيوف‪ ،‬إلــى جانب بثها‬ ‫المباشر عبر تلك المنصات‪.‬‬ ‫أوقات مناسبة للتجلي‪!..‬‬ ‫¦بـعــض الـمـبــدعـيــن ‪ -‬بـصـفــة عــامــة‪ -‬يلتزمون‬ ‫بطقس معين أثـنــاء الكتابة‪ ،‬الشاعر محمد‬ ‫عابس‪ ،‬كيف ومتى يكتب؟‬ ‫‪ρ‬ليس هناك طقس معين‪ ،‬هناك دارسون أشاروا‬ ‫إلى ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر‪ ،‬بالكلية‬ ‫أو جزئيًا‪ ،‬اعتمادًا على التحليل النفسي تارة‬ ‫أو غيره من المدارس العلمية األخرى‪.‬‬ ‫وللحق‪ ،‬حينما تجبرك الحالة على الكتابة أيًا‬ ‫كان نوعها فإنك ستكتب في أي زمان أو مكان‪.‬‬ ‫ومن جماليات التقنية الحديثة أنك تستطيع‬ ‫أن تكتب أو تسجل أي نص أو معلومة أو فكرة‬ ‫أو أي مشروع كتابي آخر دون عناء‪.‬‬ ‫¦شـغـلــت مـنـصــب مــديــر ع ــام لــأنــديــة األدب ـيــة‬ ‫وم ــدي ــر ع ــام ل ــإع ــام ال ـث ـقــافــي‪ ،‬م ــا تقييمك‬ ‫للدور الــذي تلعبه األنــديــة األدبـيــة بالمملكة‬ ‫ثقافيًا وأدبيًا‪ ،‬في بدايتها وحتى اآلن؟‬ ‫‪ρ‬أعتقد أنها قامت بأدوار كبيرة ومتميزة منذ‬ ‫منتصف السبعينيات الــمــيــاديــة‪ ،‬وال ينكر‬

‫مواجهات‬


‫أدواره ــا عاقل‪ ،‬ومــع التغيرات الجديدة من‬ ‫المهم مراجعة وتعديل أوضاعها بما يتناسب‬ ‫مع التوجهات الثقافية الجديدة تحت مظلة‬ ‫نظام الجمعيات األهلية‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬نحن بحاجة إلى تعدد المؤسسات التي‬ ‫تعنى بالشأن الثقافي بمفهومه الواسع وتنوعها‪،‬‬ ‫فهي ال تقل أهمية عن تأسيس مدرسة أو‬ ‫معهد أو مــركــز صــحــي‪ .‬قتلبية احتياجات‬ ‫المجتمع أدبيًا وثقافيًا وفنيًا وجماليًا مطلب‬ ‫وحاجة ضرورية لتنمية المجتمع‪.‬‬ ‫شرطا‬ ‫¦التعامل مع الشبكة العنكبوتية أصبح ً‬ ‫أساسا سواءً للصحافة أو كمبدع‪ ،‬ما المواقع‬ ‫ً‬ ‫التي تحرص على زيارتها بشكل دائم‪ ،‬وتنصح‬ ‫بها؟‬ ‫‪ρ‬عملية البحث تحتاج إلى محفزات‪ ،‬كما تحتاج‬ ‫إلــى وع ــي‪ ،‬وفــهــم آللــيــات البحث وكيفياتها‬ ‫بالطرق السليمة والناجحة‪ ،‬وهي هدف ينبغي‬ ‫زرعه لدى النشء منذ سنوات الدراسة األولى‪،‬‬ ‫ولعل اتساع دوائر الرقمنة الكبير في بالدنا‬ ‫يحفز ذلك ويدعمه‪.‬‬ ‫ومن المهم اإلشــارة إلى أن اإلعــام الرسمي‬ ‫بأشكاله المختلفة لم يعد له حضوره السابق‪،‬‬ ‫فالمنصات الحديثة جعلت من كل فرد متمكن‬ ‫صاحب قناة‪ ،‬أو وزارة إعالم متنقلة‪ ،‬بما وفرته‬ ‫التقنية الحديثة بمنصاتها وأجهزتها الذكية‬ ‫وتطبيقاتها المختلفة‪.‬‬ ‫االتــجــاهــات الحديثة تنازلت عــن الصحافة‬ ‫الورقية واإلذاعات والتلفزيونات الرسمية‪ ،‬حتى‬ ‫المسرح والسينما ستتراجع‪ .‬هذه االتجاهات‬ ‫بحثت عن هوياتها الجديدة وحققت نجاحات‬ ‫متواصلة والقادم أسرع وأكبر‪.‬‬

‫‪ρ‬صحيح هناك قراءات نقدية لعدد من النقاد‬ ‫والباحثين والدارسين والمبدعين نشرت في‬ ‫الصحف والمجالت‪ ،‬جمع بعضها األستاذ‬ ‫حمد الرشيدي في كتاب له صــدر عن دار‬ ‫النابغة في مصر‪.‬‬ ‫وللحق‪ ،‬النقد له مشاريعه التي لم تعد تعتمد‬ ‫عــلــى الــشــكــل التطبيقي مــن الــنــقــد‪ ،‬بــل له‬ ‫اهتماماته ومشروعاته المختلفة‪ ،‬وكثير من‬ ‫النقاد هرولوا حول الكتابة النقدية عن السرد‬ ‫عمومًا والرواية في مقدمتها‪.‬‬ ‫كما ان كثيرًا من األعمال النقدية مصدرها‬ ‫الرسائل العلمية للماجستير والدكتوراه أو‬ ‫الوحدات البحثية للترقيات‪.‬‬ ‫وبنظرة على الواقع ليس لدينا في الغالب نقاد‬ ‫مستقلون ومتابعون لإلنتاج اإلبداعي الواسع‬ ‫في بالدنا في وسائل اإلعالم المختلفة‪.‬‬ ‫كما أصبحنا نفتقد للصحفي المثقف والناقد‬ ‫الذي يستعرض اإلصــدارات الجديدة‪ ،‬ويتابع‬ ‫الساحة وما يستجد ويدور فيها عبر المنصات‬ ‫المتاحة الخ‪..‬‬ ‫ولــاقــتــراب مــن ســؤالــك أكــثــر‪ ،‬أق ــول‪ :‬هناك‬ ‫فضاءات واسعة في دواويني لم يتناولها النقاد‬ ‫أو الدارسون إلى اآلن‪.‬‬

‫النقد‪ ..‬ومشروعاته المختلفة‪!..‬‬ ‫¦ه ـنــاك قـ ــراءات نـقــديــة سـعــت ل ـق ــراءة قصائد‬ ‫ال ـش ــاع ــر م ـح ـمــد ع ــاب ــس‪ ،‬ه ــل وصـ ــل ال ـنــاقــد‬ ‫لقصيدتك؟‬

‫مواجهات‬

‫الشاعر محمد عابس‬ ‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪105‬‬


‫الشاعرة نويّر مطلق العتيبي‪:‬‬ ‫ليس ثمة تعريف آخر سوى أني خليلة القراءة‪..‬‬ ‫ونجاة الكاتب والشاعر مرهونة بالوعي‬

‫شاعرة سعودية‪ ،‬برزت منذ سنوات من خالل نشاطها الثقافي وقصائدها التي تنشرها‪،‬‬ ‫وأمسياتها الشعرية التي تقيمها وتشارك فيها‪ ..‬بداياتها كانت مقتصرة على مَن حولها‪،‬‬ ‫ثم انتقلت لفضاء النت والنشر والمنتديات‪ ،‬وبعدها نشر الكتب‪ ،‬وكل ذلك كان رصيدً ا عزز‬ ‫تجربتها‪ ..‬تقول إن الكتابة هي فضاؤها‪ ،‬وأنها قد تشكلت بعد التهام كتب عديدة‪ ،‬إذ وجدت‬ ‫أنها تملك قلمً ا يرسم عالمً ا موازيًا لما تعيشه فتمادت فيه‪ .‬أصدرت العديد من الدواوين‬ ‫الشعرية‪ ،‬منها‪« :‬أغنيك وجعا»‪ ،‬و«هيأتها للموت»‪ ،‬و«منتصف الغواية»‪ ،‬و«األصوات تأتي من‬ ‫األعلى»‪ ،‬وغيرها‪.‬‬ ‫ترى أن الشاعر متورط في بوحه‪ ،‬ومتورط في عالم يالحقه بظنونه‪ ،‬فالكلمة العزيزة‬ ‫محلها البوح الحذر!‬ ‫■ حاورها‪ :‬احملرر الثقايف*‬

‫¦ب ــداي ــة‪ ..‬نــو ّيــر الـعـتـيـبــي‪ ،‬حــدثـيـنــا عن‬ ‫سيرتك‪ ،‬وبطاقتك الشخصية؟‬ ‫‪ρ‬نويّر بنت مطلق العتيبي‪ ،‬من مواليد‬ ‫مدينة الرياض‪ ..‬ليس ثمة تعريف آخر‬ ‫سوى أني خليلة القراءة‪..‬‬ ‫¦ك ـي ــف اهـ ـت ــدي ـ ِـت الـ ــى ط ــري ــق ال ـش ـعــر‪،‬‬ ‫ولماذا كانت قصيدة النثر خيارك؟‬ ‫‪ρ‬الفضاء األدبــي يختارنا إليه‪ ،‬وكتبت‬ ‫دون اخــتــيــار لــقــالــب م ــا‪ ،‬وتشكلت‬ ‫النصوص وفــق قصائد النثر‪ ،‬ذاك‬ ‫الــنــوع ال ــذي يرجمونه بالنقد دو ًمــا‬

‫‪106‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫فصرت أنسكب فيه معنى وكتابة» ألني‬ ‫حقيقة حين أكتب معناي‪ ،‬ال أفكر على‬ ‫أي جنس أدبيٍّ سيكون هذا النص‪.‬‬ ‫وأمل‪،‬‬ ‫¦أنت شاعرة تنضح قصائدها رقة ً‬ ‫كيف جمعت هذا؟ في ذات الوقت نجد‬ ‫أن ق ـص ــائ ــدك مـفـعـمــة ب ــاألس ــى على‬ ‫واقعنا العربي‪ ،‬كيف لشاعرة رقيقة أن‬ ‫تحمل كل هذا الهمّ بين حناياها؟‬ ‫‪ρ‬ثمة حياة تصر أن تأخذنا لدروبها‬ ‫ولمضامينها‪ ،‬فمن الطبيعي كوني فردًا‬ ‫عربيًا أن يسكنني ذاك الهمُّ‪ ،‬ه ُّم الهوية‬ ‫واألرض وال ــع ــروب ــة‪ ..‬فــفــي خريطة‬

‫مواجهات‬


‫عربية منقوعة باألسى‪ ،‬تناضل لحلمها كلما‬ ‫م ّر زمن ووهن صوتها‪ .‬كان لزامًا علينا أن‬ ‫نعيد حضورها في مشهد ثقافي عريض‪،‬‬ ‫ونذكّر في كل مــرة أن ال وطــن لعربي إال‬ ‫وطنه‪ ،‬ولو استعار من األوطان ما استعار‪..‬‬ ‫¦فـ ــي (أغـ ـنـ ـي ــك وج ـ ـعـ ــا) تـ ـق ــولـ ـي ــن‪ :‬ج ـئ ـتـ ِـك‬ ‫مـسـتـنـصــرً ا‪ /‬وم ــا مـعــي إال غـمــد منكسر‪/‬‬ ‫وأغـنـيــة وفــرحــة عتيقة دسستها عــن بؤس‬ ‫الحياة)‪ .‬مم هذا الوجع وإلى أين؟‬ ‫‪ρ‬الــوجــع رديــف الــحــيــاة‪ ،‬والــوجــع اإلنساني‬ ‫هو ما يعتريني كلما يممت نحو جهة ما‬ ‫وفكرة ما‪ ،‬وأظن اإلنسان يتقاسمه مع أخيه‬ ‫اإلنسان ذاك الوجع الهاجس‪ ،‬الذي يجعلهم‬ ‫ينؤون عن األلم وسلب الحياة التي يفعلها‬ ‫الكثير بحجة عيش!‬ ‫¦حــدثـيـنــا ع ــن دواويـ ـن ــك مـنـتـصــف ال ـغــوايــة‬ ‫‪٢٠١٢‬م ‪ -‬األصوات تأتي من أعلى ‪ -‬وهيأتها‬ ‫للموت؟ وماذا في خواطر وردية؟‬ ‫‪ρ‬منذ المؤَلف األول كنت أجس طرق الخطى‬ ‫تجرأت ودفعت بما ضممت في دفتري إلى‬ ‫النشر‪ ،‬وهنا ولجت عالمًا لم يكن فيه صوتي‬ ‫غالب‪ ،‬فأعدت النشر‬ ‫ٍ‬ ‫واضحً ا مع ضجيج‬ ‫مــرات ألستبين صوتي وأسمعه في عالم‬ ‫غير مكتبتي‪ ..‬وما أزال أفعل‪ ،‬لكن النشر لم‬ ‫يعد في شكل كتاب‪ ،‬إنما مشاركات منبرية‬ ‫وكتابية في صحف ومجالت تتعدى حدودي‬ ‫لجغرافية أخرى‪..‬‬ ‫¦ما الذي شدّ ِك الى القصيدة‪ ،‬وأنت طالبة‬ ‫علم االجتماع؟‬ ‫‪ρ‬الكتابة فضائي‪ ،‬وقــد تشكلت بعد التهام‬ ‫كتب عــديــدة وجدتني أمــلــك قلمًا يرسم‬ ‫عالمًا موازيًا لما أعيشه فتماديت فيه‪..‬‬ ‫وكنت قبل أن أكــون طالبة اجتماع طالبة‬ ‫أدب ولغة‪ ،‬فاألدب حيّز‪ ،‬من يدخله قارئًا‬ ‫سيمضي به نحو الكتابة على ما يبدو لي‪..‬‬

‫مواجهات‬

‫¦شــاركــت فــي أمـسـيــات عــديــدة قـبــل جائحة‬ ‫ك ـ ــورون ـ ــا‪ ،‬ول ـك ـن ـه ــا ت ـح ــول ــت إل ـ ــى أم ـس ـي ــات‬ ‫ع ـبــر اإلنـ ـت ــرن ــت‪ ،‬ك ـيــف وج ـ ــدت الـ ـف ــرق في‬ ‫التجربتين؟‬ ‫‪ρ‬الفضاء اإللــكــتــرونــي كــريـ ٌم منذ عرفناه‪،‬‬ ‫فال حدود وال جغرافية تحكمنا‪ ،‬وال هوية‬ ‫سوى ما نرغبه نحن‪ ..‬فحين تدرجنا في‬ ‫هذا الفضاء جاءت هذه األمسيات لتهزم‬ ‫قوقعة فرضت على العالم‪ ،‬فتورطنا في‬ ‫العزلة اإلجبارية لنعيد مواثيقنا األدبية‬ ‫عبر أماسي‪ ،‬عرفت فيها جمع من المغرب‪،‬‬ ‫وتــونــس‪ ،‬ومصر‪ ،‬ولبنان‪ ،‬وخليج يشبهني‬ ‫وعالم أحــبــه‪ ..‬فهي فرصة للقضاء على‬ ‫الشكل الــواحــد لألمسيات‪ ،‬والمجموعة‬ ‫الواحدة للمثقفين‪..‬‬ ‫¦عملت في التعليم الـعــام‪ ،‬وفــي الجامعة‪..‬‬ ‫هل يتيح التعليم للمبدع وللشاعر مثلك‬ ‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪107‬‬


‫نـقــل تـجــربـتــه وعـ ــدوى اإلبـ ــداع إل ــى طالبه‬ ‫صغارًا وكبارًا؟‬ ‫‪ρ‬أن تكون معلمًا فذاك حم ٌل كبير‪ ،‬وأن تكون‬ ‫أستاذًا فأنت تبالغ في مسؤوليتك ما لم‬ ‫تدرك أهميتها‪ .‬عملت وقتها على أن يكون‬ ‫الكتاب معينًا لــي فــي تعليمهم‪ ،‬فعقدت‬ ‫جلسات مفتوحة للقراءة‪ ،‬وملتقى اسبوعيًا‬ ‫للكتاب‪ ،‬ومكتبة في بهو المكان‪ ،‬كنت كل‬ ‫مرة أؤكد أن ال معلم أكفأ من الكتاب‪ ،‬إذا‬ ‫عرفت كيف تخاطب الفكرة‪ ،‬وتستخدم‬ ‫عقلك بشجاعة‪ ،‬وأن تمحص كل ما يمر‬ ‫عليك؛ كي ترتقي لسلم التعلّم دون وصاية‬ ‫آخرين‪..‬‬ ‫أما تجربة الكتابة فلم أجرؤ على تمريرها‬ ‫كوني في تجربة حديثة أتعلم منها وأمارس‬ ‫تجريبها‪..‬‬ ‫¦وصفت الشاعرة الدكتورة فوزية أبو خالد‬ ‫بعض تغريداتك أنها (جــارحــة‪ ،‬وشجاعة‪،‬‬ ‫أغصان وأشجار وأرفف وصمامات‪ ،‬تغريدات‬ ‫الشاعرة نويّر العتيبي التي مررت بغاباتها‬ ‫هذا النهار ) ماذا تردين؟‬ ‫‪ρ‬تــويــتــر مــكــان مــنــاســب لــتــعــريــة األفــكــار‬ ‫والمناقشة‪ ،‬ووجدتني أعبر فيه مع آخرين‬ ‫نحو معرفة جديدة غالبها يورطك في بوح‬ ‫ما ال يباح‪ ،‬وقد تنزلق في أرضــه اللزجة‬ ‫ما لم تنتبه‪ ،‬وأن تخطو خطوتك‪ ..‬فهو مغر‬ ‫للبوح ومناكفة األفكار‪ ،‬واختزالية كلماته‬ ‫في البدايات منحتنا القدرة على التخلص‬ ‫من حشو الكالم لصالح فكرة ما‪ ..‬والسيدة‬ ‫فوزية تستنطق ما وراء الحرف‪ ،‬لذا كان‬ ‫لمعان أردتها‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫مرورها مزهرًا وهي تشير‬ ‫¦ت ـقــول ـيــن‪ :‬م ــا عـ ــدت أخ ـش ــى غ ـيــابــك‪/‬ف ـكــل‬ ‫الغيابات‪/‬مجازات مصغرة للموت‪ /‬وغيابك‬ ‫موت بزي حياة! هل هو تسليم للموت ام إنه‬ ‫حضوره الدائم؟‬

‫‪108‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪ρ‬الــمــوت تجربة سيمر بها الجميع‪ ،‬وهي‬ ‫حاضرة في تفاصيل الحياة‪ ،‬مــوت حلم‪،‬‬ ‫موت أمل‪ ،‬موت ثقة‪ ،‬وموت صغير نكرره‬ ‫في أيامنا‪ ..‬لكن دائـ ًمــا ما يأخذني ذلك‬ ‫لنحو آخر‪ ،‬هل الحياة متاحة للجميع طالما‬ ‫الموت حتميّ للجميع؟ أظن هذا اإلنسان‬ ‫يتورط في حياته كثيرًا ما لم يــدرك أن‬ ‫تجربة الحياة خيارك المحدود‪..‬‬ ‫¦الشاعرة نويّر بنت مطلق العتيبي‪ ،‬إحدى‬ ‫طالبات الشاعرة الدكتورة فوزية أبو خالد‬ ‫ال ـتــي اكـتـشـفــت مــوهـبـتـهــا ه ــي ومـجـمــوعــة‬ ‫ط ــال ـب ــات أخـ ــريـ ــات‪ ،‬وق ــدم ــت ل ـه ــن أمـسـيــة‬ ‫ش ـعــريــة عـ ــام ‪ 2003‬م‪ ،‬ك ـيــف ت ــري ــن تــأثـيــر‬ ‫الــدك ـتــورة فــوزيــة عليك وعـلــى جيلك وقــد‬ ‫أصـبـحــت نــو ّيــر شــاعــرة مــرمــوقــة فــي سماء‬ ‫الشعر والثقافة العربية؟‬ ‫‪«ρ‬شاعرة مرموقة في سماء الشعر والثقافة‬ ‫العربية» أجدها مبالغة لطيفة منك‪ ..‬لكني‬ ‫أيضا لن أمنعها‪ ،‬فثمة غرور يحبه اإلنسان‬ ‫ولو كان مضلال له‪ ،‬جمعني بفوزية ابو خالد‬ ‫شغف الحياة ودروب الشعر واالجتماع‪..‬‬ ‫طالما كنت أتابعها في مشهدنا الثقافي‪،‬‬ ‫وأناقش ما تطرحه في مقاالتها‪ ،‬وتأسرني‬ ‫معالجتها وتحليلها للكثير مــن القضايا‬ ‫ذات البعد السياسي االجتماعي‪ ،‬ودفعني‬ ‫استغراقي في ذلك زيارتها بمكتبها الذي‬ ‫كــان نافذة على الحياة واألدب‪ ،‬فتحدثنا‬ ‫عن فكرة الكتابة ومالعبة األفكار وأحاديث‬ ‫طويلة امــتــدت لتكن مرفأ ثقافيًا؛ وكــان‬ ‫الشعر ج ّل حديثنا‪.‬‬ ‫¦ه ــل سـيـبـقــى ال ـشــاعــر حـ ــرً ا ف ــي زم ــن بــاتــت‬ ‫الكلمة عزيزة على الحضور؟ وهل ستكون‬ ‫القصيدة المالذ األخير؟‬ ‫‪ρ‬لم يكن الشاعر ح ـرًا ولــن يكون إال فيما‬ ‫يختلقه في عالمه‪ ،‬وحتى ذاك العالم لو‬ ‫اطــلــع عليه اآلخـــرون لعبثوا بــه برجمهم‬

‫مواجهات‬


‫وتصنيفاتهم وتأويالتهم‪ ،‬ل ــذا‪ ..‬الشاعر‬ ‫متورط في بوحه ومتورط في عالم يالحقه‬ ‫بظنونه‪ ،‬فالكلمة الــعــزيــزة محلها البوح‬ ‫الحذر‪..‬‬

‫¦جــرفــت ال ـمــوجــة االس ـت ـهــاك ـيــة المجتمع‬ ‫بأكمله تقريبًا في مرحلة مــا‪ ،‬وحاليًا يتم‬ ‫تجريف ما تبقى منه‪ ،‬هل سينجو الكتاب‬ ‫والشاعر‪ ،‬ومن ورائهم القراء؟‬

‫‪ρ‬لم أنــج‪ ،‬لكني بعد الــوقــوع تعلمت النجاة‬ ‫واســتــدركــت الــخــطــوات‪ ،‬فالبدايات كانت‬ ‫مقتصرة على مَن حولي‪ ،‬ثم انتقلت لفضاء‬ ‫النت والنشر والمنتديات‪ ،‬وبعدها نشر‬ ‫الكتب‪ ،‬وكــل ذلــك كــان رصــيــدا للتجربة‪،‬‬ ‫والثقافة العامة ستجرفك ما لم تكن يقظً ا‪،‬‬ ‫وبخاصة في إغراء وسائل التواصل للمرء‪،‬‬ ‫وهي الموطن اللزج الــذي يهوي بصاحبه‬ ‫لمزالق أبعد من همّه الثقافي‪..‬‬

‫‪ρ‬نزعة االستهالك تتملك البشرية منذ فجر‬ ‫الرأسمالية‪ ،‬ال نجاة منها‪ ،‬لكن قد تستطيع‬ ‫التحكم بــدرجــة خسائرك! نجاة الكاتب‬ ‫والشاعر مرهونة بالوعي‪ ،‬وهذا الوعي في‬ ‫ظل االستهالك المحموم مسروق‪ ،‬والبيئات‬ ‫المسؤولة عن تنمية هذا الوعي مسروقة‬ ‫ـضــا‪ ،‬فال التعليم يؤكد على الخيارات‬ ‫أيـ ً‬ ‫وإتــاحــة األفــكــار ومناقشتها وبــنــاء أفــراد‬ ‫باستطاعتهم استخدام العقل بشجاعة‪ ،‬وال‬ ‫اإلعالم التقليدي والجديد يستطيع النجاة‬ ‫من التفاهة وصنّاعها‪.‬‬

‫¦فــي بــدايــاتــك كـيــف اسـتـطـعـ ِـت الـنـجــاة من‬ ‫ثقافة جرفت الكثير بعيدً ا عن الشعر وعن‬ ‫األدب بشكل عام؟‬

‫مواجهات‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪109‬‬


‫الثقافي للتنمية‬ ‫البُع ُد‬ ‫ّ‬ ‫المستدامة ِوفق رؤية ‪2030‬‬ ‫■ مرسي طاهر*‬

‫انتشرت منذ أواخ ــر الـقــرن الماضي مصطلحات عــديــدة تــركــز على مفاهيم‬ ‫التنمية والتقدم والتطور‪ ،‬ومجتمع المعلومات‪ ،‬إلى أن ظهرت في القرن الحالي‬ ‫مصطلحات م ــرادف ــة‪ ،‬مـنـهــا‪ :‬الـعــولـمــة‪ ،‬والتنمية الـبـشــريــة‪ ،‬ومجتمع المعرفة‪،‬‬ ‫والتنمية المستدامة‪...‬الخ‪.‬‬ ‫والمتابع جـيــدً ا لهذه المصطلحات والمفاهيم‪ ،‬يجدها تهتم بالعالقة بين‬ ‫الفرد والمجتمع‪ ،‬وتركّز على كيفية تحقيق الرفاهية واالزدهار لمستوى معيشه‬ ‫الفرد‪ ،‬وبالتالي المجتمع الذي يعيش فيه‪ ،‬وتبحث كذلك في الوسائل والسبل‬ ‫المتاحة لتحقيق ذلــك‪ ،‬وتبلورت الجهود في هــذا السياق بإقرار خطة التنمية‬ ‫المستدامة ‪.2030‬‬ ‫المحور البيئي‪ ،‬والمحور االجتماعي‪،‬‬ ‫والمحور االقتصادي‪ ،‬ومحور الشراكات‪،‬‬ ‫وباستعراض األهــداف الرئيسة للتنمية‬ ‫المستدامة نجدها كالتالي‪:‬‬

‫وقد أقرت األمم المتحدة عام ‪2015‬م‬ ‫هذه الخطة من خالل جمعيتها العامة‬ ‫في الــدورة السبعين بتاريخ ‪ 25‬سبتمبر‬ ‫‪2015‬م‪ ،‬ووضعت من خاللها (‪ )17‬هدفًا‬ ‫رئــيــسً ــا ألهـــداف التنمية المستدامة‪،‬‬ ‫الهدف ا‪ -‬القضاء على الفقر بجميع‬ ‫و(‪ )169‬هدفًا فرعيًا‪ ،‬و(‪ )233‬مؤشرًا‬ ‫أشكاله في كل مكان‪.‬‬ ‫لهذه األه ــداف‪ ،‬وترتكز جميع أهــداف‬ ‫الهدف ‪ -2‬القضاء على الجوع‪ ،‬وتوفير‬ ‫التنمية المستدامة على أربعة محاور‬ ‫معلنة مــن قــبــل األم ــم الــمــتــحــدة‪ ،‬هــي‪ :‬األم ــن الــغــذائــي‪ ،‬والــتــغــذيــة المحسنة‪،‬‬

‫‪110‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫نوافذ‬


‫الهدف ‪ -11‬جعل المدن والمستوطنات‬ ‫وتعزيز الزراعة المستدامة‪.‬‬ ‫الــهــدف‪ -3‬ضمان تمتع الجميع بأنماط البشرية شاملة للجميع وآمنة وق ــادرة على‬ ‫الصمود ومستدامة‪.‬‬ ‫عيش صحية‪ ،‬وبالرفاهية في كل األعمار‪.‬‬ ‫الهدف ‪ -12‬ضمان وجود أنماط استهالك‬ ‫الهدف ‪ -4‬ضمان التعليم الجيد المنصف‬ ‫وإنتاج مستدامة‪.‬‬ ‫والشامل للجميع‪ ،‬وتعزيز فرص التعلم مدى‬ ‫ال ــه ــدف ‪ -13‬ات ــخ ــاذ إجــــــراءات عاجلة‬ ‫الحياة للجميع‪.‬‬ ‫للتصدي لتغير المناخ وآثاره‪.‬‬ ‫الهدف ‪ -5‬تحقيق المساواة بين الجنسين‪،‬‬ ‫الــهــدف‪-14‬حــفــظ المحيطات والــبــحــار‬ ‫وتمكين كل النساء والفتيات‪.‬‬ ‫والــمــوارد البحرية واستخدامها على نحو‬ ‫الهدف ‪ -6‬ضمان توافر المياه وخدمات‬ ‫مستدام لتحقيق التنمية المستدامة‪.‬‬ ‫الــصــرف الصحي للجميع‪ ،‬وإدارت ــه ــا إدارة‬ ‫الــهــدف ‪ -15‬حماية النظم األيكولوجية‬ ‫مستديمة‪.‬‬ ‫البرية وترميمها‪ ،‬وتعزيز استخدامها على نحو‬ ‫الهدف ‪ -7‬ضمان حصول الجميع بتكلفة‬ ‫مستدام‪ ،‬وإدارة الغابات على نحو مستدام‪،‬‬ ‫ميسورة على خدمات الطاقة الحديثة الموثوقة‬ ‫ومكافحة التصحر‪ ،‬ووقــف تدهور األراضــي‬ ‫والمستدامة‪.‬‬ ‫وعكس مساره‪ ،‬ووقف فقدان التنوّع البيولوجي‪.‬‬ ‫الهدف ‪ -8‬تعزيز النمو االقتصادي المطرد‬ ‫الهدف ‪ -16‬التشجيع على إقامة مجتمعات‬ ‫والشامل للجميع والمستدام‪ ،‬والعمالة الكاملة‬ ‫مسالمة‪ ،‬ال يهمش فيها أحد من أجل تحقيق‬ ‫والمنتجة‪ ،‬وتوفير العمل الالئق للجميع‪.‬‬ ‫التنمية المستدامة‪ ،‬وإتاحة إمكانية وصول‬ ‫الهدف ‪ -9‬إقامة بنى تحتية قــادرة على الجميع إلى العدالة‪ ،‬وبناء مؤسسات فعالة‬ ‫الصمود وتحفيز التصنيع الشامل للجميع‪ ،‬وخاضعة للمساءلة‪ ،‬وشاملة للجميع على‬ ‫وتشجيع االبتكار‪.‬‬ ‫جميع المستويات‪.‬‬ ‫الهدف ‪ -10‬الح ُّد من انــعــدام المساواة‬ ‫الهدف ‪ -17‬تعزيز وسائل التنفيذ وتنشيط‬ ‫داخل البلدان وفيما بينها‪.‬‬ ‫الشراكات العالمية من أجل تحقيق التنمية‬

‫نوافذ‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪111‬‬


‫المستدامة‪.‬‬ ‫وق ــد حــظــي الــبــعــد الــثــقــافــي فــي تنفيذ‬ ‫خطط وأهداف التنمية المستدامة بكثير من‬ ‫النقاشات واالهتمام العالمي في ظل تجاذب‬ ‫كبير بين الفعالية الثقافية كقوة ديناميكية‬ ‫للتغيير على مستوى األف ــراد والمجتمعات‪،‬‬ ‫ومــدى تأثيرها فــي تحقيق أه ــداف التنمية‬ ‫المستدامة‪.‬‬

‫واألدلــة والمبادرات التي قادتها المنظمات‬ ‫الدولية‪ ،‬وعلى رأسها األمم المتحدة ومنظمة‬ ‫اليونسكو‪ ،‬وذلك لقياس أثر الثقافة في العملية‬ ‫التنموية والتنمية المستدامة‪ ،‬وكذلك الوزن‬ ‫االقتصادي لقطاع الثقافة‪ ،‬وقادت اليونسكو‬ ‫مبادرتين مهمتين في هــذا السياق خرجت‬ ‫منهما بمجموعة من المؤشرات‪ ،‬الكمية التي‬ ‫يمكن من خاللها االعتماد عليها في قياس‬ ‫الفعالية التنموية للثقافة ودورها في تحقيق‬ ‫أهــداف التنمية المستدامة‪ ،‬وأطلقت عليها‬ ‫المؤشرات الموضوعية لدور الثقافة في تنفيذ‬ ‫خطة التنمية المستدامة لعام ‪2030‬م‪ ،‬و تتمثل‬ ‫عناصرها الرئيسة في ما يأتي‪:‬‬

‫وقد تغيرت خالل العقود األخيرة النظرة‬ ‫العالمية لدور الثقافة في العملية التنموية‪،‬‬ ‫فبعد أن كانت النظرة إليها على أنها حالة‬ ‫جمالية غير مؤثرة في عملية التطور‪ ،‬ولها دور‬ ‫ثانوي‪ ،‬إلى اليقين بدورها الحيوي والمهم في‬ ‫إحــداث التطور والنمو االقتصادي‪ ،‬وتحقيق ‪ -1‬البيئة والقدرة على الصمود في وجه تغير‬ ‫المناخ‪.‬‬ ‫أهداف التنمية المستدامة في كافة القطاعات‪،‬‬ ‫تآتى هذا اليقين بعد مجموعة من الشواهد ‪ -2‬االزدهار وسبل العيش‪.‬‬

‫‪112‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫نوافذ‬


‫‪ -3‬المعارف والمهارات‪.‬‬ ‫‪ -4‬االندماج والمشاركة‪.‬‬ ‫أف ــردت الــمــؤشــرات تحت كــل عنصر من‬ ‫‪ -4‬التأكيد على أهمية العوامل الثقافية ومدى‬ ‫العناصر السابقة المكوّن الثقافي المرتبط‬ ‫تأثيرها في أنماط الحياة واالستهالك‬ ‫معه‪ ،‬وكذلك عالقته باألهداف الرئيسة‬ ‫وسلوكيات األفراد‪ ،‬والقيم المتعلقة بالبيئة‬ ‫لخطة وأهداف التنمية المستدامة‪ ،‬وكان‬ ‫والطرق التي تتفاعل بها مع بيئتنا الطبيعية‪،‬‬ ‫من نتائج هذه الجهود الدولية والشراكات‬ ‫ومن هنا‪ ،‬تبرز أهمية العمل الثقافي في‬ ‫الفعالة بين اليونسكو ومنظمات األمــم‬ ‫ترشيد ع ــادات االســتــهــاك‪ ،‬والتشجيع‬ ‫المتحدة العمل على وضع خطط مستنيرة‬ ‫على اإلنــتــاج األخــضــر المستديم‪ ،‬الــذي‬ ‫تأخذ بعين االعتبار األهمية الكبيرة للثقافة‬ ‫يحتاج إلى فعالية ثقافية قادرة على الوفاء‬ ‫ودورها في نجاح العملية التنموية‪ ،‬والعمل‬ ‫بالمتطلبات الحيوية للتنمية المستدامة‪.‬‬ ‫على دمجها فــي استراتيجيات التنمية‬ ‫المستدامة من خالل‪:‬‬ ‫وم ــن ثــم يتضح الـ ــدور الــثــقــافــي للتنمية‬ ‫‪ -1‬دمــج البعد الثقافي في مفهوم التنمية المستدامة‪ ،‬وما يمكن أن يلعبه القطاع الثقافي‬ ‫المستدامة‪ ،‬وفي أنماط قياسها‪ ،‬وتحديد في أن يكون موردًا اقتصاديًا مستدامًا‪ ،‬وتصبح‬ ‫مــســتــويــات فــعــالــيــاتــهــا وجـ ــدواهـ ــا‪ ،‬ومــن الصناعات الثقافية ذات أثــر بالغ في حياة‬ ‫ثــم االلــتــزام بتشجيع المعارف الثقافية الحكومات والــدول؛ وهذا ما عززته الحقائق‬ ‫والممارسات العلمية التقليدية ودمجها واألرقام؛ فعلى سبيل المثال تشكل الصناعات‬ ‫في سياسات التنمية المستدامة‪ ،‬والسيما الثقافية أكثر من ‪ % 3.4‬من الناتج المحلي‬ ‫فيما يتعلق ب ــاإلدارة المستدامة للموارد اإلجمالي العالمي‪ ،‬بــل وت ــزداد النسبة عن‬ ‫الطبيعية‪ ،‬واألمن الغذائي والحصول على ذلك في بعض البالد‪ ،‬فبلغ إسهام األنشطة‬ ‫المياه النظيفة‪.‬‬ ‫الثقافية الرسمية في الناتج المحلي اإلجمالي‬ ‫‪-2‬االعتراف بالدور المهم للصناعات الثقافية في االكــوادور ‪ ،%4.76‬كما تمثل الصناعات‬ ‫واإلب ــداع ــي ــة‪ ،‬والــســيــاحــة الــمــســتــدامــة‪ ،‬الــثــقــافــيــة واإلب ــداع ــي ــة واحـــــدة م ــن أس ــرع‬ ‫ومختلف القيم الثقافية القائمة على القطاعات نموًا في االقتصاد العالمي‪ ،‬ولعل‬ ‫ال ــت ــراث‪ ،‬مــن أج ــل التنمية المستدامة التجارب عديدة على مستوى العالم‪ ،‬وأمثلة‬ ‫في مجالي االقتصاد األخضر والعمالة واضحة على استثمار الثقافة في التنمية‪،‬‬ ‫الخضراء‪ ،‬ومن ثم تحفيز التنمية المحلية‪ ،‬وفــي عالمنا الــعــربــي ث ــروة هائلة ومــخــزون‬ ‫وتنمية الفرص التجارية‪ ،‬وتعزيز اإلبداع ثقافي وحضاري وتراثي ضخم يمثل العديد‬ ‫واالندماج االجتماعي‪.‬‬ ‫من الحضارات اإلنسانية المتراكمة منذ آالف‬ ‫‪-3‬أهمية المحافظة على الــتــراث الثقافي السنين الذي من الممكن أن يستثمر ويصبح‬ ‫الطبيعي وحمايته‪ ،‬ومن ثم تعزيز التعاون قاطرة التنمية في بالدنا العربية ويمثل تنمية‬ ‫الدولي في هذا المجال‪ ،‬وذلــك من أجل مستدامة متميزة‪.‬‬ ‫تعزيز التنمية المستدامة فــي أبعادها‬ ‫الثقافية‪.‬‬

‫* كاتب ‪ -‬مصر‪.‬‬

‫نوافذ‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪113‬‬


‫إيون لي‪..‬‬ ‫األم‬ ‫الهروب من اللغة‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫والتشافي من الجنوح إلى االنتحار بالكتابة!‬ ‫■ تقدمي وترجمة‪ :‬عبدالوهاب أبو زيد*‬

‫ظاهرة األدبــاء والكتّاب الذين يكتبون بلغة غير لغتهم األم ليست بالظاهرة‬ ‫الجديدة أو الغريبة‪ ،‬بل إنها في واقــع األمــر أصبحت شيئًا مألوفً ا في كثير من‬ ‫الثقافات‪ ،‬ولدى عدد كبير من الكتاب الذين لعل أشهرهم الروائيان جوزيف كونراد‬ ‫وفالديمير ناباكوف‪ ،‬البولندي والروسي اللذان اختارا أن يكتبا باللغة اإلنجليزية‬ ‫ليصبحا من أبرز الروائيين في هذه اللغة‪.‬‬ ‫الكاتبة الصينية الجذور‪ ،‬األمريكية‬ ‫الجنسية‪ ،‬إيون لي ‪ Yiyun Li‬اختارت‬ ‫أن تكتب باللغة اإلنجليزية‪ ،‬ونشرت‬ ‫عددًا من األعمال القصصية والروائية‪،‬‬ ‫وفــازت بجوائز بــارزة‪ ،‬واقتبست بعض‬ ‫أعمالها في أعمال سينمائية‪ ،‬منضمة‬ ‫بذلك إلى قائمة الكتّاب الذين هجروا‬ ‫لغتهم األم‪ ،‬وآثـ ــروا الكتابة بلغة لم‬ ‫يخرجوا مــن رحمها ولــم ينشأوا في‬ ‫كنفها‪.‬‬ ‫ولدت لي في بكين عام ‪1972‬م‪ ،‬وكان‬ ‫من المقرر أن تدرس الطب في جامعة‬ ‫بكين ع ــام ‪1996‬م‪ ،‬إال إنــهــا انتقلت‬

‫‪114‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫للواليات المتحدة األمريكية لتحصل‬ ‫في عام ‪2000‬م على شهادة ماجستير‬ ‫فــي عــلــم الــمــنــاعــة مــن جــامــعــة أي ــوا‪.‬‬ ‫وفي عام ‪2005‬م حصلت على شهادة‬ ‫ماجستير اآلداب في السرد اإلبداعي‬ ‫غير التخييلي وفي الرواية من الجامعة‬ ‫نفسها‪ .‬نشرت كتابها األول عام ‪2005‬م‬ ‫بعنوان (ألف عام من الصلوات الطيبة)‪،‬‬ ‫ون ــال ــت عــنــه ج ــائ ــزة ف ــران ــك أوكــونــر‬ ‫العالمية للقصة القصيرة‪ .‬وتبعته بعدد‬ ‫من الكتب من بينها أربع روايات‪ ،‬نشر‬ ‫آخرها عام ‪2020‬م‪.‬‬ ‫كتابها الوحيد حتى اآلن بعيدًا عن‬

‫نوافذ‬


‫السرد التخييلي هو (صديقتي العزيزة‪ ،‬من‬ ‫حياتي‪ ،‬أكتب إليك فــي حياتك)‪ ،‬وهــو ما‬ ‫يُصنف في باب المذكرات‪ ،‬التي كتبتها على‬ ‫مــدى عامين عانت خاللهما من االكتئاب‬ ‫الشديد وحاولت االنتحار مرتين!‬ ‫لم تعمد لي لتتبع أحداث حياتها بشكل‬ ‫زمني متعاقب كما يحدث عادة في هذا النوع‬ ‫من الكتب‪ ،‬بل تركت لنفسها حرية التنقل بين‬ ‫فترات حياتها المختلفة على غير انتظام أو‬ ‫اتساق‪ .‬وألنها كاتبة قصة ورواية باألساس‪،‬‬ ‫فــقــد خــلــطــت بــيــن ذكــريــاتــهــا الشخصية‬ ‫ومرجعياتها الثقافية في األدب على وجه‬ ‫الخصوص‪ ،‬فاكتظت صفحات كتابها بأسماء‬ ‫من أمثال ستيفان زفايغ‪ ،‬وماكسيم جوركي‪،‬‬ ‫وسورين كيركيغارد‪ ،‬وإيفان تورغنيف‪ ،‬وإيفان‬ ‫تريفور‪ ،‬وكاثرين مانسفيلد‪ ،‬وغيرهم من‬ ‫الكتّاب والكاتبات‪.‬‬ ‫أيضا في كتابها عن عالقتها‬ ‫تتحدث لي ً‬ ‫بلغتها األم التي لم تكتب بها‪ ،‬ولغتها المتبناة‪،‬‬ ‫التي وجدت ذاتها فيها وأصبحت من كاتباتها‬ ‫الــبــارزات‪ ،‬على الرغم من أن شخصياتها‬ ‫وأحداث رواياتها تجري في الصين‪ .‬والغريب‬ ‫في األمر أنها لم تكتف بأن تهجر لغتها األم‬ ‫تمامًا‪ ،‬لتفكر وتحلم وتكتب بلغة ليست لغتها‬ ‫أيضا أن‬ ‫األولى في األصل‪ ،‬بل إنها ترفض ً‬ ‫تترجم أعمالها إلى اللغة الصينية‪.‬‬

‫‪ .5‬لطالما سُ ئلت طوال حياتي‪ :‬ما الذي‬ ‫تخفينه؟ ال أعــرف ما الــذي أخفيه‪ ،‬وكلما‬ ‫حاولتُ إنكار ذلك‪ ،‬كلما وجدني الناس غير‬ ‫جديرة بالثقة أكثر‪ .‬اعتادت أمي على التعليق‬ ‫على انساللي بخفاء لضيوفنا‪ .‬وكثيرًا ما‬ ‫واجهتني امــرأة مسؤولة عن الــدخــول إلى‬ ‫الحمام العمومي‪ ،‬سائلة إيــاي عما أخبئه‬ ‫عنها‪ .‬ال شيء‪ ،‬قلتُ لها‪ ،‬وكانت تقول إنها‬ ‫تستطيع مــن النظر فــي عينيّ أنــنــي كنتُ‬ ‫أكذب‪.‬‬ ‫التكتم حالة طبيعية‪ .‬إنه ال يعني إخفاء‬ ‫بتساو‬ ‫ٍ‬ ‫شيء ما‪ .‬الناس ال يظهرون أنفسهم‬ ‫وبسهولة للجميع‪ .‬التكتم ال يجعل المرء‬ ‫ٍ‬ ‫يشعر بالوحدة كما يفعل االختباء‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫فإنه يُبعد اآلخرين ويوهن عالقته بهم‪.‬‬

‫في القسم األول من الكتاب‪ ،‬والذي يحمل‬ ‫عنوان الكتاب نفسه‪ ،‬نقرأ تأمالت متنوعة‬ ‫نصا) ذات مساس بحياة‬ ‫(يبلغ عددها ‪ً ٢٤‬‬ ‫الكاتبة وعالقتها باآلخرين وفهمها للزمن‪،‬‬ ‫كما تعرض لمحاولتها وضع حد لحياتها وما‬ ‫‪ .19‬ثمة هذا الخواء داخلي‪ .‬ك ُّل أصوات‬ ‫تبع ذلك من بقائها في المصحات‪ ،‬ومن هذا‬ ‫القسم نختار لكم اآلتي‪:‬‬ ‫العالم غير كافية لتخرس صوت هذا الخواء‬

‫نوافذ‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪115‬‬


‫أنت ال شيء‪.‬‬ ‫الذي يقول‪ِ :‬‬ ‫هــذا الخواء ال يدّعي امتالك الماضي‬ ‫ألنه هنا دائمًا‪ .‬وليس عليه ادعــاء امتالك‬ ‫المستقبل فهو يقف في طريق المستقبل‪.‬‬ ‫إنه إمّا أن يكون ديكتاتورًا أو األقرب ممن‬ ‫حظيتُ بهم من األصدقاء‪ .‬في بعض األيام‬ ‫أخــوض معه في عــراك إلى أن نسقط معًا‬ ‫مثل حيوانين جريحين‪ .‬حينها أتساءل‪ :‬ماذا‬ ‫لو أصبحتُ أقلَّ من ال شيء حين أتخلص من‬ ‫هذا الخواء؟ ماذا لو كان هذا الخواء هو ما‬ ‫يبقيني على قيد الحياة؟‬ ‫‪ .20‬فــي أحــد األي ــام قالت زميلتي في‬ ‫السكن إنها الحظتْ أنني أصبح هادئة إن‬ ‫تحدّثتْ عن البوذية‪ .‬ال أعني إنها ديانة‪،‬‬ ‫قــالــت؛ عــلــى سبيل الــمــثــال‪ ،‬بــإمــكــانــك أن‬ ‫تتأملي‪.‬‬ ‫لــم أقــل لها إنــنــي قــد ق ــرأتُ النصوص‬

‫الــبــوذيــة مــا بــيــن الــثــانــيــة عــشــرة والثالثة‬ ‫والعشرين من عمري‪ .‬لمعظم الوقت كانت‬ ‫تلك النصوص أكثر الكلمات بثًا للطمأنينة‪.‬‬ ‫إن تعلم الــاشــيء يخفف مــن ح ــدة ذلــك‬ ‫الخواء‪.‬‬ ‫علّمني والـ ــدي الــتــأمــل حــيــن كــنــت في‬ ‫الحادية عشرة‪ .‬تخيلي دلوًا ما بين ذراعيك‬ ‫المفتوحين‪ ،‬قال لي‪ ،‬وطلب مني أن أستمع‬ ‫لصوت قطرات الماء التي تملؤه شيئًا فشيئًا‪،‬‬ ‫وبعد أن يمتأل‪ ،‬أن أستمع إلى صوت الماء‬ ‫وهو يقطر من قعر الدلو‪« .‬من الفراغ إلى‬ ‫االمتالء‪ ،‬ومن االمتالء إلى الفراغ‪ » ،‬أشار‬ ‫إلى الكلمات في كتاب ما ألراهــا‪« .‬الحياة‬ ‫قبل الميالد حلمٌ‪ ،‬والحياة بعد الموت حل ٌم‬ ‫آخرُ‪ .‬وما يعبر بينهما ليس سوى سراب من‬ ‫األحالم»‪.‬‬

‫إيون لي‬

‫‪116‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫نوافذ‬


‫عزيز ضياء‬ ‫‪1418 -1332‬هـ (‪1997-1914‬م)‬ ‫■ محمد بن عبدالرزاق القشعمي*‬

‫في ليلة ‪1416/11/24-23‬هـ الموافق ‪1996/4/12-11‬م كنت في ضيافة األستاذ‬ ‫عزيز ضياء ‪ -‬رحمه اهلل ‪ -‬في منزله بجدة‪ ،‬وعلى مدى ليلتين كنت أسجل معه‬ ‫ضمن برنامج (التاريخ الشفوي) لمكتبة الملك فهد الوطنية‪ ،‬الذي بدأته قبل‬ ‫سنة‪ ،‬وكان برفقتي الصديقان عبدالسالم الوائل‪ ،‬ومحمد زايد األلمعي‪.‬‬ ‫بمجرد أن اتصلت به وعــرف أنني بجدة‪،‬‬ ‫رحــب بــي وبــمــشــروعــي‪ ،‬وح ــدد الــمــوعــد بعد‬ ‫مغرب اليوم التالي‪ ..‬ذكرته بلقائنا قبل ثالث‬ ‫سنوات بالرياض في المهرجان الوطني للتراث‬ ‫والثقافة‪ .‬وهي مشاركته وحضوره األخير لها‪،‬‬ ‫وفي العام التالي عندما دعــاه النادي األدبي‬ ‫بالرياض إللقاء محاضرة عن (الحرية) وعاد‬ ‫لجدة ليلة افتتاح المهرجان الوطني للتراث‬ ‫والثقافة التالي بالرياض‪ .‬دون أن يدعى لها‬ ‫أيضا بلقاء جمع بعض األدباء‬ ‫كالمعتاد‪ ،‬وذكرته ً‬ ‫بمنزل األســتــاذ صالح الصالح‪ ،‬وكــان ضمن‬ ‫الحضور الشاعر محمد العلي‪ ،‬وكان الحديث‬ ‫بينهم مسيطرًا على المجلس‪ ،‬وكان العلي يذكره‬ ‫بما سبق في إحدى مناسبات الجنادرية‪ ،‬وهم‬ ‫في ضيافة سمو ولي العهد األمير عبداهلل بن‬

‫نوافذ‬

‫عبدالعزيز‪ ،‬رحمه اهلل ‪-‬الملك فيما بعد‪ -‬لتناول‬ ‫طعام الغداء‪ ،‬وكما جرت العادة أن تلقى بعض‬ ‫الكلمات والقصائد في حفل االستقبال الذي‬ ‫يسبق طعام الــغــداء‪ ،‬وأن أحــد المدعوين من‬ ‫المغرب العربي بدأ الكالم مشيدًا بما شاهده‬ ‫من نهضة عمرانية حضارية تدعو للعجب‪،‬‬ ‫مشرق شاهده ولمسه‪ ..‬واستمر في‬ ‫ٍ‬ ‫ومن واقعٍ‬ ‫المديح واإلطــراء‪ ..‬وبعد نهاية كلمته استأذن‬ ‫عــزيــز ضــيــاء بطلب الكلمة وأذن لــه‪ ،‬فشكر‬ ‫المتحدث واألمير والحضور‪ ،‬وشكر المهرجان‬ ‫وما يقوم به من دور حيوي ثقافي جمع أبناء‬ ‫العروبة من مشرقها إلى مغربها إضافة لبعض‬ ‫المهتمين من الــدول الغربية وقــال‪ :‬إن هذا‬ ‫المهرجان لهو المنبر الثقافي الحقيقي الذي‬ ‫يستطيع المواطن أن يعبر فيه عما يجيش في‬ ‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪117‬‬


‫الملك عبداهلل يرحمه اهلل‬

‫نفسه وما يحلم أن يرتقي به للمستقبل‪.‬‬ ‫وقلت إنــك قلت إن هــذا ال يكفي فقط‪ ،‬يريد‬ ‫المواطن أن يشعر بالحرية حتى يرتقي بتفكيره‬ ‫ويحقق ما يطمح إليه‪ ..‬وبعد نهاية التعليق صفق لك‬ ‫الكثيرون‪ ،‬وتبعك محمد العلي وأنتما في طريقكما‬ ‫لسفرة الطعام‪ ،‬وقــال لــك‪ :‬أتمنى أن تموت اآلن!‬ ‫قائل‪ :‬هذه دعوة صديق‪.‬‬ ‫فرددت عليه ً‬

‫وعلى مدى يومين وهو يروي ويتذكر المحطات‬ ‫المهمة في حياته ومنها‪ :‬سفره إلى مكة لاللتحاق‬ ‫بمدرسة الطب‪ ،‬والتي اكتشف فيما بعد أنها تخرج‬ ‫ممرضين‪ ،‬فالتحق باألمن العام كاتبًا‪ ،‬ثم حول إلى‬ ‫السلك العسكري برتبة (مفوض ثالث)‪ .‬حتى وصل‬ ‫إلى وظيفة نائب مدير األمن العام لشؤون المباحث‬ ‫والجوازات‪ ،‬وقال إنه أتى للرياض للسالم على الملك‬ ‫سعود في بداية حكمه‪ ،‬وكــان في قصر الناصرية‬ ‫يتحدث مع أمير عسير تركي األحمد السديري‪ ،‬وإذا‬ ‫برئيس االستخبارات العامة سعيد كردي يأتي ويؤدي‬ ‫التحية العسكرية المعتادة ‪ -‬لكونه أعلى منه رتبة ‪-‬‬ ‫قائل له‪" :‬يا بيه يريدونك في (المصمك)"‪ ،‬فاعتقد‬ ‫ً‬ ‫أنهم سيستعينون به للتحقيق مع مَن استعصى عليهم‪،‬‬ ‫وما علم أنه سجين‪ ،‬وكان مأمور المصمك ابن سيف‬ ‫ولــه معرفة بــه مــن قبل‪ ،‬إذ أرســل لــه أخــوه للعمل‬ ‫كجندي بمكة‪ .‬وقد علَّمه أبو ضياء مبادئ القراءة‬ ‫والكتابة فرقي من جندي إلــى مــازم‪ .‬فحفظ له‬ ‫هذا المعروف‪ ،‬ولهذا خيّره في أفضل األمكنة في‬ ‫السجن وهي األبراج ‪ -‬غرف واسعة مميزة عن البقية‬ ‫ وكانت تعرف بمن سبق أن سجن بها مثل‪ :‬برج‬‫العنقري وبرج األمير مشاري بن عبدالعزيز والثالث‬ ‫لشيوخ إحدى القبائل‪.‬‬

‫بــدأ يــروي قصة حياته وذهــاب والــده وهــو في‬ ‫بطن أمــه إلــى دول شــرق آسيا لجمع تبرعات من‬ ‫الدول اإلسالمية‪ ،‬إلنشاء جامعة إسالمية بالمدينة‬ ‫المنورة‪ ،‬فانقطعت أخباره حتى اآلن‪ .‬ولد عبدالعزيز‬ ‫ابن ضياء الدين بن زاهد في المدينة المنورة عام‬ ‫‪1332‬ه ـــ‪1914/‬م((( وتلقى علومه األولية بالمدرسة‬ ‫وهــو ال يعرف تهمته‪ .‬ويتعاطف معه الجندي‬ ‫الراقية الهاشمية‪ ،‬وفي عام ‪1345‬هـ التحق بمدرسة المكلف بخدمته بعد أن علمه الــقــراءة والكتابة‬ ‫الصحة بمكة‪ ،‬وبعد سنتين عين كاتبًا لمديرية الصحة وأشركه معه في طبخ الوجبات وتناولها‪ .‬وفي إحدى‬ ‫العامة‪ ،‬ثم إدارة األمن‪.‬‬ ‫األيام يفاجئه الجندي بفكرة تهريبه خارج المملكة‪..‬‬ ‫وأهــدانــي الــجــزءيــن األول والــثــانــي مــن سيرته ثم يفرج عنه ويجرد من رتبته العسكرية ووظيفته‪،‬‬ ‫(حياتي مع الجوع والحب والحرب) والتي افتتحها فيقرضه محمد سرور الصبان ‪ 50‬ألف ريال يفتح بها‬ ‫بقوله‪« :‬الحياة كالبصلة يقشرها المرء وهو يبكي»‪ ،‬منجرة بمكة‪ ،‬وذلك في عام ‪1374‬هـ تقريبًا ويطلب‬ ‫وكتب على الجزء األول (مع االمتنان وبالغ التقدير منه تصنيع األبواب والشبابيك للمباني الحكومية‪.‬‬ ‫إلــى األســتــاذ محمد القشعمي حفظه اهلل‪ ..‬جدة‬ ‫في ‪1416/11/23‬هـــ ‪1996/4/11‬م‪ .‬توقيع‪ ..‬عزيز‬ ‫ضياء)‪ ،‬والذي أهــداه‪ :‬إلى أمي فاطمة بنت الشيخ‬ ‫أحمد صفا‪ -‬شيخ الطريقة النقشبندية‪ ،‬وشيخ حجاج‬ ‫القازاق في روسيا‪ :-‬وأنا أسميهم (فغَّم)‪.‬‬

‫‪118‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫وبعد فترة يطلب منه مغادرة المملكة مع عائلته‪.‬‬ ‫وبعد مدة تعلن السفارة البريطانية عن حاجتها لمذيع‬ ‫باللغة العربية ليذيع بإذاعة عموم الهند ‪ -‬عندما‬ ‫كانت الهند مستعمرة لها ‪ -‬وكــان بالصدفة يقرأ‬ ‫مسرحية (هاملت ‪ -‬لشكسبير) فأتى االمتحان بهذا‬

‫نوافذ‬


‫الموضوع‪ ،‬فنجح وذهب مع زوجته أسماء زعزوع ‪-‬‬ ‫أم ضياء ‪ -‬فأصبح يقدم البرامج العربية‪ ،‬وزوجته‬ ‫تقدم (ركن المرأة)‪ ،‬وبعد سنتين تأتيه برقية من مدير‬ ‫األمن العام (مهدي الحكيم) بأن عليه االلتحاق بعمله‬ ‫وكيل لألمن العام‬ ‫فــورًا‪ ،‬فيعود إلى المملكة ليعمل ً‬ ‫للمباحث والجوازات والجنسية حتى تقاعده‪.‬‬ ‫نسيت الموضوع ولــم أتــذكــره إال بعد أكثر من‬ ‫عشرين عــا ًمــا على هــذا الــلــقــاء‪ ،‬وبــالــذات عندما‬ ‫وقــع بيدي الجزء الثالث من مذكراته ‪ -‬ولألسف‬ ‫لم يذكر تاريخ صدورها ‪ -‬ففرحت لعلِّي أجد بها‬ ‫ما يجدد ذاكرتي‪ ،‬ولكن وجدته ينهيها بتحويله من‬ ‫وظيفة مدنية إلى السلك العسكري برتبة (مفوض‬ ‫ثالث) بحدود عام ‪1347‬هـ‪ ،‬وقد تنقل في عمله بعد‬ ‫هروبه من مدرسة الصحة بعد أن ضرب الدكتور‬ ‫المتعالي الذي أطلق عليه زمــاؤه اسم (أبو رقعة)‬ ‫و(بارم ديله) و(العم شنطف) وهو المسؤول عن قسم‬ ‫مرضى السل الرئوي‪ ،‬والذي يتعامل معه ومع زميله‬ ‫(محمد األسود) بخشونة‪ ،‬ودائمًا يدعوه بـ (يا حمار‪..‬‬ ‫يا مغفل)! مما نفّره من الدراسة‪ ،‬واتفق مع زميله‬ ‫األســود على االنتقام منه‪ .‬وفــي اليوم التالي عند‬ ‫حضور الطبيب َكتّفه األسود وقام عزيز بضربه بكل‬ ‫قوة بعصي المكانس وغيرها حتى بدأ يصرخ‪ ،‬فتركاه‬ ‫وهربا‪ ،‬وكانت هذه آخر عالقته بمدرسة التمريض‪.‬‬ ‫اختفى لدى أحد معارف زوج والدته (عبدالعزيز‬ ‫الــقــارئ الــمــصــري) وال ــذي كــان يسلمه مصروفه‬ ‫الشهري عبارة عن جنيه ذهــب يبعثها عمه (زوج‬ ‫والدته) عن طريقه‪ .‬حتى حضرت والدته من المدينة‬ ‫للحج‪ ..‬فعلم عمه بما حصل له‪ .‬وكان على عالقة‬ ‫بمحمود بك حمدي مدير مستشفى جياد‪ ،‬وصدر‬ ‫األمر بتعيين عمه رئيسً ا للصيادلة بمكة‪ ،‬وعن طريقه‬ ‫تم تعيينه بمكتب مدير المستشفى مقيدًا وكاتب آلة‪.‬‬ ‫وعــلــى ذكــر اآللـــة‪ ،‬فقد ربطته عــاقــة وطيدة‬ ‫بالدكتور خيري القباني مدير المدرسة واستاذ‬ ‫التشريح‪ ،‬وكان يكتب على اآللة الكاتبة‪ ،‬والتي يراها‬

‫نوافذ‬

‫عزيز ضياء مع الملك فيصل يرحمهما اهلل‬

‫أ‪ .‬عزيز ضياء‬

‫عزيز ألول مرة‪ ،‬ويبدي إعجابه بها‪ ،‬فطلب منه أن‬ ‫يجرب الكتابة عليها‪ ،‬ولنباهته وسرعة اتقانه‪ ،‬فقد‬ ‫اقترح دعوة األمير فيصل نائب الملك في الحجاز‬ ‫لزيارة المدرسة وإقامة مسابقة في الكتابة على‬ ‫اآللــة مع من يتقن الكتابة عليها بمكة وهــم ثالثة‬ ‫(شفيق أفندي اإلمــام)‪ ،‬القادم من الشام‪ ،‬والكاتب‬ ‫على اآللة في مكتب المدير العام للصحة‪ .‬والثاني‬ ‫(السيد عيدروس) الكاتب الوحيد بوزارة الخارجية‪،‬‬ ‫والثالث عزيز ضياء الطالب بالمدرسة‪ ،‬وعند وصول‬ ‫األمير راكبًا على حصان ‪ -‬إذ كانت السيارات غير‬ ‫موجودة بمكة ‪ -‬وقد وقف األمير يراقب المتسابقين‪،‬‬ ‫ومحمود بــك يملي عليهم مــن ورقــة بــيــده‪ ،‬فكانت‬ ‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪119‬‬


‫وصديقه الـدكتور مصطفى عبدالخالق ‪ -‬طبيب في‬ ‫التكية المصرية ‪ -‬فذلك حلم لم يسبق قط أن طاف‬ ‫بذهني في صحوٍ أو منام‪ »..‬فبدأ يقرأ ويكتب‪ ..‬ومن‬ ‫مقيد أوراق إلى مدير مكتب مدير األمن العام مهدي‬ ‫بك الحكيم‪ ،‬فيقترح فتح أو تأسيس مدرسة لتخريج‬ ‫ما يحتاجه األمن العام من ضباط‪ .‬فيوافق مهدي‬ ‫على اقتراحه وتكون (مدرسة الشرطة) طالبها من‬ ‫الموظفين المعينين ُكتّابًا برواتب جنود وتالميذ دار‬ ‫األيتام الذين أنهوا دراستهم االبتدائية ويتقاضون‬ ‫رواتب جنود‪ .‬فتفتح المدرسة‪ ،‬ويتولى التدريس بها‬ ‫عابد خزندار‬ ‫الضباط‪ ،‬ومقرها في (القاووش)‪ ،‬القاعة الواسعة‬ ‫النتيجة كالتالي‪:‬‬ ‫بمبنى األمــن العام الــذي يتسع ألكثر من خمسين‬ ‫التلميذ عزيز (‪ )52‬كلمة في الدقيقة بدون أي طالبًا‪ ،‬واتفق مع نجار لصنع المقاعد والسبورة‪.‬‬ ‫خطأ‪.‬‬ ‫فينتقل عمله للمدينة للعمل مع الشيخ يوسف‬ ‫شفيق أفندي (‪ )43‬كلمة في الدقيقة مع ثالثة‬ ‫أخطاء‪.‬‬ ‫السيد عيدروس (‪ )35‬كلمة في الدقيقة بدون أي‬ ‫خطأ‪.‬‬ ‫فأعجب األمير فيصل وأشاد به وأخرج من جيبه‬ ‫ثالثة جنيهات ذهب وسلمها له وقال‪ :‬هديتك تأتيك‬ ‫وفعل أرسل له في اليوم التالي (سيكل) وساعة‬ ‫غدًا‪ً .‬‬ ‫يد‪ ،‬وقد نفعه إتقانه الكتابة على اآللة الكاتبة ليتعين‬ ‫بمستشفى جياد بــراتــب (ستة جنيهات) شهريًا‪.‬‬ ‫وتوثقت عالقته بالدكتور حسني الطاهر الذي سأله‬ ‫عن من قرأ له؟ فقال إنه قرأ لجبران خليل جبران‬ ‫(الــعــواصــف والــعــواطــف)‪ ،‬فدله على المنفلوطي‪،‬‬ ‫وفوجئ بعد يومين بمجموعة كتب المنفلوطي يهديها‬ ‫لــه‪ .‬وكــان ال يوجد بمكة ســوى جريدة (أم القرى)‬ ‫فكتب بعض الخواطر وأرسلها للجريدة‪ ،‬ولهذا نجده‬ ‫في ختام الكتاب (ج‪ )3‬من مذكراته يقول‪« :‬وال أذكر‬ ‫اليوم‪ ،‬كيف شعرت أن قلبي يكاد يقفز من صدري‪،‬‬ ‫وأن رأسي قد تضخم فال تتسع له الغرفة كلها‪ ،‬أن‬ ‫يأتي يوم أرى فيه اسمي منشورًا في جريدة تحت‬ ‫هذه الكلمات التي أعجب بها الدكتور حسني الطاهـر‬

‫‪120‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫بصراوي مدير القسم العدلي لبضعة أشهر‪ ،‬ليفاجأ‬ ‫ببرقية من مدير األمن العام بعودته لمكة‪ ،‬ويصدر‬ ‫أمـرًا بنقله للسلك العسكري برتبة (مفوض ثالث)‬ ‫وقال‪« :‬ال بد أن ترتدي (البدلة)‪ ،‬وسوف تستلم من‬ ‫يوسف جمال (القايش) والمسدس‪ ،‬وسيقوم بتدريبك‬ ‫على الحركات العسكرية‪ »..‬وقــال في ختام الجزء‬ ‫الثالث من حياته‪« :‬وهكذا بدأت مسيرة مستقبلي‬ ‫الطويل في الشرطة‪ »..‬وقال ضمن ما قال إنه وقتها‬ ‫ال يوجد سيارة وال راديو‪ ..‬ولعدم وجود تواريخ توضح‬ ‫متى طبعت هذه األجزاء الثالثة من مذكراته وحتى‬ ‫تــواريــخ تلك األح ــداث‪ ،‬إال أنها تجري بين سنتي‬ ‫‪ 1345‬و‪1348‬هـ ‪1926‬و‪1929‬م قبل توحيد المملكة‬ ‫بسنوات‪.‬‬ ‫قلت لــه عندما أهــدانــي الــجــزءيــن األولــيــن من‬ ‫(حياتي مع الجوع والحب والــحــرب) وعرفت أنها‬ ‫مقتصرة على طفولته المبكرة وذكرياته عند سفره‬ ‫مع والدته وجمعًا من أهالي المدينة للشام‪ ،‬ضمن‬ ‫حملة (سفر برلك) التي هجّ رهم لها فخري باشا‬ ‫ممثل الحكومة التركية عند حصار األشراف لها إثر‬ ‫إعالن الحسين بن علي الثورة العربية الكبرى في‬

‫نوافذ‬


‫وسط الثالثينيات الهجرية‪ .‬قلت له إنك اآلن على‬ ‫أب ــواب التسعين مــن عمرك المديد ولــم تستكمل‬ ‫مــذكــراتــك‪ ،‬أو على األق ــل المحطات المهمة من‬ ‫حياتك‪ ..‬فقال إن ابني يسجل ذلك بالفيديو ولعله‬ ‫يكتبها بعدي‪ ..‬واآلن وقد مضى أكثر من عشرين عامًا‬ ‫على وفاته ‪ -‬رحمه اهلل ‪ -‬صدر أثناءها الجزء الثالث‬ ‫منها‪ ،‬والتي انتهت بدخوله السلك العسكري حدود‬ ‫عام ‪1348‬هـ ‪1929‬م‪ ،‬وكل حياته كانت حافلة بالعلم‬ ‫والعمل‪ .‬ولهذا اضطر إلى االستعانة ببعض ما كتبه‬ ‫الدكتور علي جواد الطاهر في معجم المطبوعات‪.‬‬ ‫«‪ ..‬دخــل معترك الحياة في وظائف الحكومة في‬ ‫سن مبكرة‪ ،‬وتقلب في عدة مناصب كان من بينها‬ ‫وكيل لألمن العام‬ ‫مدير مكتب مراقبة األجانب‪ ،‬ثم ً‬ ‫للمباحث والجوازات والجنسية‪ ..‬يجيد اإلنجليزية‬ ‫والفرنسية والتركية‪ ،‬كــان من أوائــل من كتبوا في‬ ‫جريدة (صوت الحجاز) عند صدورها ألول مرة‪ .‬هو‬ ‫واحد من الرواد‪ ..‬فكرًا وأدبًا‪ ،‬ويعد من أفضل النقاد‬ ‫السعوديين‪ ..‬وفي عام ‪1384‬هـ تولى رئاسة تحرير‬ ‫جريدة المدينة المنورة لمدة ‪ 40‬يومًا‪ ...‬حاول أن‬ ‫يدرس في القاهرة وبيروت‪ ،‬فلم يتهيأ له أن ينهي‬ ‫دراسته‪ ..‬وعاد إلى المملكة ليعين في الشرطة رئيسً ا‬ ‫لقسم التنفيذ‪ ،‬ثم عندما تأسست وزارة الدفاع التحق‬ ‫بها‪ .‬ثم مديرًا عامًا للخطوط الجوية‪.‬‬ ‫ونتيجة لخالف بينه وبين مسئول آخر فُصل‪..‬‬ ‫فسافر إلــى القاهرة‪ ،‬وبعد إقامته سنتين تقريبًا‬ ‫التحق بوظيفة مــذيــع مترجم فــي إذاعـ ــات الهند‬ ‫في دلهي‪ ،‬وبعد أن قضى سنتين تقريبًا استدعته‬ ‫الحكومة برقيًا ليشغل وظيفة مدير مكتب مراقبة‬

‫وكيل لألمن العام‬ ‫األجانب‪ ،‬ثم صدر األمر بتعيينه ً‬ ‫للمباحث والجنسية‪ ..‬ثم انقطع للكتابة والتأليف‬ ‫والترجمة‪ ..‬وكتب لإلذاعة‪ ..‬والتلفزيون‪ ..‬وهو أول‬ ‫من أصدر جريدة عكاظ أسبوعية بامتياز األستاذ‬ ‫أحمد عبدالغفور عطار‪.‬‬ ‫وقــال إنه ترجم (عهد الصبا) إلسحاق الدقس‬ ‫و(النجم الفريد) وقصص سومرست موم ثم (جسور‬ ‫إلى القمة)‪ ،‬وقصص من طاغور‪ ..‬ويسهم جادًا مع‬ ‫تهامة فيما تصدر من كتب األطفال‪ ،‬وينقل لها عن‬ ‫اإلنجليزية مجموعة حكايات‪ ..‬ومعروف بأنه معل ٌق‬ ‫سياسيٌ‪.‬‬ ‫وه ــو يــودعــنــي فــي نــهــايــة لــقــائــي الــثــانــي معه‬ ‫‪1416/11/24‬هـ ـــ سألني‪ :‬من ستقابل غ ـدًا؟ قلت‪:‬‬ ‫عابد خزندار‪ ..‬فقال‪ :‬هناك من هو أهم منه‪ ..‬هناك‬ ‫والده‪ ،‬فال يفوتك‪ ،‬فلديه معلومات مهمة‪ ..‬فاستغربت‬ ‫لعدم سماعي به‪ ،‬فقلت‪ :‬أما يزال على قيد الحياة؟‪.‬‬ ‫قال ستجده أقوى من ابنه عابد‪ ..‬وهكذا كان‪.‬‬ ‫علمت بعد سنه أن عزيز ضياء غــادر للواليات‬ ‫المتحدة لالستشفاء ولم يمكث سوى أيام‪ ،‬فسمعت‬ ‫بوفاته رحمه اهلل‪ ..‬فقال الدكتور عبداهلل مناع وهو‬ ‫يرثيه أنه رغم تقدم سنه‪ ،‬إال إنه يسهر إلى الثانية‬ ‫لــيـ ًـا‪ ،‬ويصحو مبكرًا ليتناول فــطــوره فــي الثامنة‬ ‫صباحً ا‪ .‬وال يشاركه الفطور سوى قطة أليفه مؤدبه‪،‬‬ ‫يوضع لها ملعقة وشوكة مثل ما يوضع له‪ ،‬وتجلس‬ ‫على الكرسي المقابل له بكل أدب لتتناول الفطور‬ ‫معه!‬

‫* باحث سعودي‪.‬‬ ‫((( وتقول ابنته دالل في برنامج الراحل بقناة (روتانا خليجية) يوم الخميس ‪ 3‬رمضان ‪1442‬هـ‪ ،‬الموافق‬ ‫‪ 15‬أبريل ‪2021‬م‪ ،‬أن اسمه الحقيقي عبدالعزيز بن زاهد مراد‪ .‬بينما اسمه الذي عرف به هو عزيز‬ ‫ضياء‪ .‬إذ أن والدته تزوجت من الطبيب التركي ضياء بعد مرور سنوات على اختفاء والده‪ .‬وأن عزيز‬ ‫ولد وتربى في كنفه وكان يحنو عليه ويوجهه‪ .‬وبعد أن كبر الولد وبدأ يكتب بالصحف‪ ،‬وقع أول مقال‬ ‫باسم عبدالعزيز زاهد واطلع عليه زوج والدته فقال له‪ :‬هل استكثرت علي وضع اسمي إلى جوار اسمك؟‬ ‫فخجل‪ ،‬وبدأ يكتب تحت اسم عزيز ضياء‪.‬‬

‫نوافذ‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪121‬‬


‫كتاب لم يصدر‪ ..‬ولم يحتجب‪:‬‬

‫المنتقى من أشعار العرب‬ ‫■ محمد علي حسن اجلفري*‬

‫قصة قصيدة‬ ‫ف ــي ك ــل فــات ـحــة ل ـل ـقــول مـعـتـبــر ْه‬

‫ُحقَّ الثناء على المبعــوث بالبقره‬

‫فــي آل عـمــران قدما شــاع مبعثه‬

‫رجالهم والنساءاستوضحواخبر ْه‬

‫قــد مــدَّ للناس مــن نُعماه مائد ًة‬

‫عمّ تفليستعلىاألنعاممُ قتصره‬

‫ألول مرة طرقت سمعي هذه القصيدة‪ ..‬كانت في مجلس درس حديث البخاري‬ ‫في منزل المشايخ آل باسندوة بجده قبل أكثر من ثالثين سنة‪ .‬وقد تالها من‬ ‫حفظه شيخنا الحبيب عبدالقادر السقاف‪ ،‬رحمه اهلل‪ .‬وهي قصيدة طويلة قالها‬ ‫ابن جابر األندلسي في مدح الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬وقد رتبها على أسماء‬ ‫عملت مــع األستاذ‬ ‫ُ‬ ‫ســور الـقــرآن الـكــريــم‪ .‬ولــم أعثر عليها عقب ذلــك إال بعد أن‬ ‫عبداهلل عمر خياط كمستشار ثقافي له‪ .‬واألستاذ الخياط‪ ،‬رحمه اهلل‪ ،‬كان من‬ ‫أعمدة مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر‪ ،‬وكان أحد رؤساء تحرير عكاظ من ‪1965‬‬ ‫إلى ‪1970‬م‪.‬‬ ‫كــان األســتــاذ الخياط قــد جمع خالل قصيدة ابن جابر األندلسي هذه‪ .‬وسلمني‬ ‫اشتغاله بالثقافة والصحافة مدة أربعين ملفًا بهذه القصائد‪ ،‬وأوكل إليّ تصحيحها‬ ‫سنة‪ ،‬كثيرا مــن القصائد الــنــادرة‪ ،‬ومنها وترتيبها أبجديا‪ ،‬لتكون كتابًا بعنوان «المنتقى‬

‫‪122‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫نوافذ‬


‫من أشعار العرب»‪ .‬وقد فرحت بالعثور على هذه‬ ‫القصيدة قبل انتشار جوجل‪ ،‬وأدرجتها في مسودة‬ ‫الكتاب‪ .‬والحظت أن ناظمها‪ ،‬رحمه اهلل‪ ،‬قد جمع‬ ‫أسماء كافة سور القرآن في القصيدة ما عدا اسم‬ ‫ســورة الجاثية‪ .‬فال أعلم كيف فاته ذلــك‪ ،‬أو أن‬ ‫البيت الذي ذكر فيه اسم سورة «الجاثية» ضاع‪.‬‬ ‫وما ذلك ببعيد فقد ضاعت منا األندلس بكاملها‪.‬‬ ‫وبما أن سورة األحقاف تأتي بعد سورة الجاثية‬ ‫فقد قال الشاعر‪:‬‬

‫ع ـ ــزت شــري ـع ـتــه ال ـب ـي ـض ــاء ح ـي ــن أت ــى‬ ‫أحـ ـق ــاف بـ ــدر وج ـن ــد اهلل ق ــد ح ـضــره‬ ‫فلعله اكتفى بذكر «شريعته البيضاء» إشارة‬ ‫إلى سورة الجاثية التي ورد فيها قوله تعالى‪ :‬ثم‬ ‫الراحل عبداهلل عمر خياط‬ ‫جعلناك على شريعة من األمــر فاتبعها وال تتبع‬ ‫وال ـ ـكـ ــافـ ــرون إذا جـ ــاء ال ـ ـ ــورى ُطـ ـ ــردوا‬ ‫أهواء الذين ال يعلمون‪.‬‬ ‫ومثل ذلك اسم سورة النصر فقد اكتفى بقوله‬ ‫«إذا جاء»‪.‬‬ ‫والقصيدة في نحو خمسين بيتا وتنتهي بقول‬ ‫الشاعر‪:‬‬

‫ع ــن حــوضــه فـلـقــد ت ـ ّب ــتْ يـ ـ ـ ــدُ الـكـفــره‬

‫إخـ ــاص أم ــداح ــه شـغـلــي ف ـكــم فـ َلـ ـ ـ ـ ٍـق‬ ‫أسمعت فيه الـنــاس مُ فتخَ ره‬ ‫ُ‬ ‫للصبح‬ ‫أزك ـ ــى ص ــات ــي ع ـلــى الـ ـه ــادي وع ـتــرتــه‬ ‫ـوصـ ــا م ـن ـه ــم ع ـش ــره‬ ‫وصـ ـحـ ـب ــه وخ ـ ـصـ ـ ً‬ ‫الوفاة‬

‫كتاب المنتقى من أشعار العرب‬

‫نوافذ‬

‫كانت القصائد تطبع وتصحح‪ ،‬ثم تعود‪ ،‬ثم‬ ‫تذهب إلى المطبعة لطباعة الدمية األولــى‪ ،‬ثم‬ ‫تعود للتأكد من صحة طباعة كل بيت وتشكيله‪.‬‬ ‫لقد كنا في هذه المعمعة حين جاء هادم اللذات‬ ‫واختار جامع القصائد إلى دار البقاء‪ .‬وكان األستاذ‬ ‫الخياط قد أشار إلى أن أي كتاب لم يصدر وهو‬ ‫على قيد الحياة فاتركوه‪ .‬لكن كتاب «المنتقى من‬ ‫أشعار العرب» ليس فيه قضايا أو آراء جدلية‪،‬‬ ‫كما أنه قد اكتمل نموه‪ .‬ووجدت للدهشة وحسن‬ ‫الطالع أن الكتاب قد خرج من المطبعة وليدًا كامل‬ ‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪123‬‬


‫النمو مصححً ا‪ ،‬وله رقم ردمك‪ ،‬لكن لم يطبع منه‬ ‫سوى خمس نسخ‪ .‬ولو رآه األستاذ الخياط لقرت‬ ‫عينه به‪ ،‬ولم يمانع في طبع مئات النسخ‪ ،‬ال للبيع‪،‬‬ ‫ولكن لإلهداء وتوزيعه على مكتبات الجامعات‪.‬‬ ‫ألن سوق الكتاب الورقي كما يعلم الجميع يسير‬ ‫سير الهوينا‪ .‬وال يجد اإلقبال من القراء الذين‬ ‫هيمن عليهم فضاء التواصل االجتماعي‪.‬‬ ‫وكان الشيخ اللغوي الكبير أبو تراب الظاهري‬ ‫من أقرب أصدقاء األستاذ الخياط‪ ،‬وقد سافرا‬ ‫معًا من جدة إلى شرقي آسيا فإلى طوكيو‪ ،‬ثم‬ ‫دارت بهم الرحلة حول الكرة األرضية إلى جزر‬ ‫هاواي‪ ،‬ثم إلى لوس أنجلوس بالواليات المتحدة‬ ‫األمريكية‪ .‬ولما توفي الشيخ الــظــاهــري ترك‬ ‫قصيدة تائية طويلة «بعنوان هواتف الضمير»‬ ‫نشرتها كاملة صحيفة الجزيرة في‪1423/3/28‬هـ‬ ‫الموافق ‪2002/6/9‬م أضافها األستاذ الخياط‬ ‫إلــى كتاب المنتقى‪ .‬وهــي مما اصطلح األدبــاء‬ ‫على تسميته بشعر الفقهاء‪ ،‬لكنها تذكير بالموت‪،‬‬ ‫وبأن هذه الدنيا فانية‪ ،‬وفيها وصف لمشاهد يوم‬ ‫القيامة يهز القارئ هزًا عنيفًا‪ .‬وقد عاش األستاذ‬ ‫الخياط بعد صاحبه أبي تراب نحو ‪ 18‬سنة وفي‬ ‫صفر عام ‪ 1440‬لقي وجه ربه‪.‬‬

‫أ‪ .‬ابو تراب الظاهري‬

‫واحــتــوى كتاب المنتقى على قصيدة أحمد‬ ‫شوقي «ذكرى المولد» التي غنتها أيضا أم كلثوم‪.‬‬ ‫وفيها يقول ‪:‬‬

‫أبـ ـ ـ ــا الـ ـ ـ ــزهـ ـ ـ ــراء قـ ـ ــد جـ ـ ـ ـ ـ ــاوزت قـ ـ ــدري‬ ‫ب ـ ـمـ ــدحـ ــك ب ـ ـيـ ــد أن لـ ـ ـ ـ ــيَ انـ ـتـ ـس ــاب ــا‬ ‫ف ـ ـ ـمـ ـ ــا عـ ـ ـ ـ ـ ــرف الـ ـ ـ ـب ـ ـ ــاغ ـ ـ ــة ذو ب ـ ـيـ ــان‬ ‫إذا لـ ـ ـ ــم يـ ـتـ ـخ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــذك لـ ـ ـ ــه كـ ـت ــاب ــا‬ ‫م ـ ــدح ـ ــت ال ـ ـمـ ــال ـ ـك ـ ـيـ ــن ف ـ ـ ـ ـ ــزدت ق ـ ـ ــدرا‬ ‫ف ـح ـي ــن م ــدح ـت ــك اق ـ ـتـ ــدت ال ـس ـحــابــا‬

‫مع أم كلثوم‬ ‫ويــضــم الــكــتــاب قــصــيــدة «م ــن أج ــل عينيك»‬ ‫انتقى األستاذ الخياط عدة قصائد كان لها وقــصــيــدة «عــواطــف ح ــائ ــرة» لــأمــيــر عــبــداهلل‬ ‫حظها من االنتشار وغناها مطربون ومطربات الفيصل وكالهما غنتهما أم كلثوم‪.‬‬ ‫على رأسهم أم كلثوم التي غنت بعضا من أبيات‬ ‫لكن قصيدة «عواطف حائرة» اشتهرت ب «ثورة‬ ‫قصيدة «ولد الهدى» الهمزية ألمير الشعراء أحمد‬ ‫شوقي في مدح الرسول صلى اهلل عليه وسلم‪ .‬الشك» ويقال والعلم عند اهلل إن أصلها قصيدة‬ ‫نبطية سياسية وإن جاءت في جلباب غزلي بديع‪.‬‬ ‫ومطلعها‪:‬‬ ‫يقول مطلعها‪:‬‬

‫ول ـ ـ ـ ــد الـ ـ ـ ـه ـ ـ ــدى فـ ــال ـ ـكـ ــائ ـ ـنـ ــات ضـ ـي ــاء‬ ‫وف ـ ـ ـ ـ ـ ــم ال ـ ـ ـ ـ ــزم ـ ـ ـ ـ ــان ت ـ ـ ـ ـبـ ـ ـ ـ ُّـسـ ـ ـ ــمُ وثـ ـ ـن ـ ــاء أك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد أش ـ ـ ـ ـ ـ ــك فـ ـ ـ ـ ــي ن ـ ـف ـ ـس ـ ــي ألن ـ ـ ــي‬ ‫أك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاد أشـ ـ ـ ـ ـ ــك ف ـ ـ ـيـ ـ ــك وأن ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت مـ ـن ــي‬ ‫ال ـ ـ ـ ـ ـ ــروح والـ ـ ـ ـم ـ ـ ــأ ال ـ ـم ـ ــائ ـ ــك ح ــول ــه‬ ‫لـ ـ ـل ـ ــدي ـ ــن وال ـ ـ ـ ــدنـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ــا بـ ـ ـ ـ ــه ب ـ ـ ـ ـشـ ـ ـ ــراءُ‬

‫‪124‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫وما أحلى األوقات التي قضيناها ونحن نستمع‬

‫نوافذ‬


‫أما القصيدة التي غناها مطربون سعوديون‬ ‫وغيرهم فهي أغنية «يا عروس الروض» للشاعر‬ ‫إلياس فرحات حيث ينادي‪:‬‬

‫ياعروس الروض يا ذات الجناح‬ ‫يا حمام ْه‬ ‫سافري مصحوبة عند الصباح‬ ‫بالسالم ْه‬ ‫واحملي شوق محب ذي جراح‬ ‫وهيام ْه‬ ‫الشاعر طاهر زمخشري‬

‫ألم كلثوم وهي تشدو بقصيدة األطالل التي أنشأها‬

‫وتكتمل باقة القصائد المغناة بقصيدة طاهر‬ ‫زمخشري التي غناها طارق عبدالحكيم‪ ،‬رحمهما‬ ‫اهلل‪:‬‬

‫إبراهيم ناجي‪ .‬وقصتها أنه امتأل قلبه شغفًا بحبيبة أه ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ــم ب ـ ـ ـ ــروح ـ ـ ـ ــي ع ـ ـ ـلـ ـ ــى الـ ـ ــراب ـ ـ ـيـ ـ ــة‬ ‫وعـ ـ ـن ـ ــد ال ـ ـم ـ ـطـ ــاف وفـ ـ ـ ــي الـ ـم ــروتـ ـي ــن‬

‫من جيرانه ثم سافر في بعثة إلــى أوربــا لدراسة‬ ‫الطب‪ ،‬ولما عاد علم أنها قد تزوجت‪ .‬وذات ليلة وأه ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ــو إل ـ ـ ـ ـ ـ ــى ذِ َك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر غ ــالـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬ ‫ل ـ ــدى ال ـب ـي ــت وال ـخ ـي ــف واألخ ـش ـب ـيــن‬ ‫دعي إلى المستشفى لمعالجة والدة متعسرة‪ .‬وإذا‬ ‫بالحبيبة التي كان مشغوفًا بها تعاني آالم المخاض‪.‬‬ ‫ومــن المعروف أن الشاعر طاهر زمخشري‬ ‫طويل من حياته في تونس‪ ،‬فعبرت‬ ‫ً‬ ‫فنسج لنا قصيدة طويلة من أروع قصائد الهيام قضى ردحً ا‬ ‫والفلسفة في القرن العشرين‪ .‬ومنها‪:‬‬ ‫قصيدته هذه بحرارة وصــدق عن شوقه لمرابع‬ ‫الشباب في مكة المكرمة ومشاعرها المقدسة‪.‬‬ ‫أع ـ ـ ـط ـ ـ ـنـ ـ ــي حـ ـ ــري ـ ـ ـتـ ـ ــي أطـ ـ ـ ـل ـ ـ ــق يـ ــديـ ــا‬

‫إن ـ ـنـ ــي أعـ ـطـ ـي ــت مـ ــا اس ـت ـب ـق ـي ــت ش ـ َّي ــا‬

‫ولما غنى محمد عبدالوهاب قصيدة‪:‬‬

‫مـ ـ ـ ـ ـ ـضـ ـ ـ ـ ـ ـن ـ ـ ـ ـ ــاك ج ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاه م ـ ـ ـ ـ ــرق ـ ـ ـ ـ ــده‬ ‫آه مـ ـ ـ ــن قـ ـ ـي ـ ــدك أدم ـ ـ ـ ـ ـ ــى م ـع ـص ـم ــي‬ ‫ورحـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم عـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـوّده‬ ‫وبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـك ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــاه ّ‬ ‫لِ ـ ـ ـ ـ ـ ـ َم ُأب ـ ـق ـ ـي ـ ــه وم ـ ـ ـ ــا أبـ ـق ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــى عـ ـلـ ـ َّي ــا‬ ‫غــنــت الــمــطــربــة اللبنانية فــيــروز القصيدة‬ ‫م ـ ــا احـ ـتـ ـف ــاظ ــي بـ ـعـ ـه ــود ل ـ ــم ت ـص ـن ـهــا‬ ‫وإال َم األس ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر وال ـ ـ ــدنـ ـ ـ ـي ـ ـ ــا ل ـ ــد َّي ـ ــا األصلية وهي للحصري القيرواني‬

‫كما غنت أم كلثوم أغنية «حديث الروح» للشاعر يـ ـ ـ ـ ــا ل ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ــلُ ‪ ،‬ال ـ ـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـ ـ ُّـب مـ ـ ـ ـت ـ ـ ــى غ ـ ـ ــده‬ ‫أقـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام ال ـ ـ ـ ـ ـ ـسـ ـ ـ ـ ـ ــاعـ ـ ـ ـ ـ ــة مـ ـ ـ ـ ــوعـ ـ ـ ـ ــده‬ ‫الهندي الفيلسوف محمد إقبال‪ .‬والقصيدة مثبتة‬ ‫في ختام الكتاب في قسم القصائد ذات القوافي‬ ‫وغنت فــيــروز أيــضــا قصيدة شوقي بعنوان‬ ‫المتنوعة‪ .‬ومطلعها‪:‬‬ ‫زحلة‪:‬‬

‫حـ ـ ــديـ ـ ــث ال ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــروح ل ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــأرواح يـ ـس ــري‬ ‫ي ـ ــا ج ـ ـ ــارة الـ ـ ـ ـ ـ ــوادي طـ ــربـ ــت وعـ ــادنـ ــي‬ ‫مـ ـ ــا ي ـ ـش ـ ـبـ ــه األح ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــام مـ ـ ــن ذكـ ـ ـ ـ ــراك‬ ‫وتـ ـ ـ ـ ـ ــدركـ ـ ـ ـ ـ ــه ال ـ ـ ـ ـق ـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ــوب بـ ـ ـ ـ ــا عـ ـ ـ ـن ـ ـ ــاءِ‬

‫نوافذ‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪125‬‬


‫وفيها قوله البيت الشهير‪:‬‬

‫وتـ ـعـ ـطـ ـل ــت ل ـ ـغـ ــة ال ـ ـ ـكـ ـ ــام وخ ــاطـ ـب ــت‬ ‫ع ـ ـي ـ ـنـ ــاي فـ ـ ــي ل ـ ـغـ ــة ال ـ ـ ـهـ ـ ــوى ع ـي ـن ــاك‬

‫باكثير قبل سبعين سنة للتفرغ مدة سنتين إلنتاج‬ ‫مسرحية عمر بن الخطاب في عشرين جزءا‪.‬‬

‫وبدأ الكتاب بقصيدة همزية لحسان بن ثابت‬ ‫وكل هذه القصائد موجودة في كتاب «المنتقى رضي اهلل عنه‪ ،‬وملحق بها شــرح لموضوعاتها‬ ‫من أشعار العرب» الواقع في منزلة بين المنزلتين‪ ،‬بقلم المرحوم عبدالرحمن البرقوقي‪ .‬وانتهى‬ ‫فهو لم يصدر عدا النسخ الخمس‪ ،‬ولم يحتجب في قسم القوافي بقصيدة الدكتور سعد عطية‬ ‫لوجود النسخ الخمس‪.‬‬ ‫الغامدي بعنوان سراييفو‪ ..‬حضارة أخيرة‪.‬‬ ‫األبجدية والموضوع‬ ‫بــصــرف الــنــظــر عــن مــوضــوعــات القصائد‪،‬‬ ‫فــإن الترتيب األبجدي هو الــذي هيمن عليها‪.‬‬ ‫مثل ثالث قصائد للشاعر حافظ‬ ‫ففي الكتاب ً‬ ‫إبراهيم‪ .‬أولها «غادة اليابان» وهي دراما بمعنى‬ ‫الكلمة إذ يقول فيها‪:‬‬

‫ك ـ ـ ـنـ ـ ــت أهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــوى ف ـ ـ ـ ــي زم ـ ـ ـ ــان ـ ـ ـ ــي غ ـ ـ ـ ــادة‬ ‫وه ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــب اهلل ل ـ ـ ـ ـهـ ـ ـ ــا مـ ـ ـ ـ ـ ــا وه ـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــا‬

‫واشتمل الكتاب على نحو ‪ 150‬قصيدة منها‬ ‫عشرات القصائد للشعراء السعوديين‪ :‬حمزة‬ ‫شحاته‪ ،‬وغازي القصيبي‪ ،‬ويحيى توفيق‪ ،‬وخالد‬ ‫الفيصل‪ ،‬وناصر بن مسفر الزهراني‪ ،‬ومحمد‬ ‫حسن فقي‪ ،‬وحسن عبداهلل قرشي‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬ ‫ولما كان األستاذ الخياط صديقا لكل من حمزة‬ ‫شحاته وللدكتور غازي القصيبي‪ ،‬فقد أودع في‬ ‫كتاب المنتقى بضع قصائد لكل منهما‪.‬‬

‫وفــي ختام الكتاب قصيدة لنزار قباني في‬ ‫ذات وجـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــه م ـ ـ ـ ـ ـ ــزج الـ ـ ـحـ ـ ـس ـ ــن ب ــه‬ ‫ص ـ ـ ـفـ ـ ــرة ت ـ ـن ـ ـسـ ــي ال ـ ـ ـي ـ ـ ـهـ ـ ــود الـ ــذه ـ ـبـ ــا رثاء زوجته بلقيس التي كانت تعمل في السفارة‬ ‫العراقية ببيروت‪ ،‬وتم تفجير السفارة‪ ،‬فكانت من‬ ‫وأتـ ـ ـ ـ ـ ـ ــت تـ ـخـ ـط ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر والـ ـ ـ ـلـ ـ ـ ـي ـ ـ ــل ف ـت ــى‬ ‫بين الضحايا‪.‬‬

‫وهـ ـ ـ ـ ـ ـ ــال األفـ ـ ـ ـ ـ ـ ــق فـ ـ ـ ــي األفـ ـ ـ ـ ـ ـ ــق ح ـب ــا‬

‫ومن ميزات الكتاب أنه جمع السينيات الثالث‬ ‫ث ـ ـ ـ ــم قـ ـ ـ ــالـ ـ ـ ــت ل ـ ـ ـ ــي ب ـ ـث ـ ـغـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــر بـ ــاسـ ــم‬ ‫ن ـ ـظ ـ ـ ـ َـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم الـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــد ّر بـ ـ ـ ــه والـ ـحـ ـبـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ــا في األدب العربي‪ :‬سينية البحتري في وصف إيوان‬ ‫كسرى‪ ،‬وسينية أحمد شوقي في قصيدة الرحلة‬ ‫ن ـ ـ ــذب ـ ـ ــح الـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدب ونـ ـ ـ ـ ـف ـ ـ ـ ــري جـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ــده‬ ‫إلى األندلس‪ ،‬وسينية عبداهلل بلخير بعد أن زار‬ ‫أيـ ـ ـ ـظ ـ ـ ــن الـ ـ ـ ـ ـ ـ ــدب أن ال ُيـ ـغـ ـلـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـب ــا‬ ‫غرناطة والمرابع األندلسية عام ‪1977‬م‪ ،‬وسجل‬ ‫‪...‬إلخ‬ ‫في القصيدة أشجانه وأحزانه بعنوان «ملحمة‬ ‫والــثــانــيــة التائية الــمــشــهــورة فــي رث ــاء اللغة غرناطة وقصور الحمراء‪ ..‬وال غالب إال اهلل»‪.‬‬ ‫العربية‪ .‬والثالثة بعنوان «عمر بن الخطاب» وهي‬ ‫وفــي الختام‪ ،‬يكفيك مــن الــقــادة مــا أحــاط‬ ‫ملحمة رائعة في نحو‪180‬بيتا‪ .‬وهــذه القصيدة‬ ‫الفريدة ال أشك في أنها من محفزات القائمين بالعنق‪ .‬رحم اهلل الصديق األستاذ عبداهلل عمر‬ ‫على الثقافة المصرية الذين كلفوا علي أحمد خياط‪.‬‬ ‫* نائب مدير مركز معلومات عكاظ سابقا ومترجم‪.‬‬

‫‪126‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫نوافذ‬


‫عرض كتاب‬

‫ُ‬ ‫عيون المص ّورين)‬ ‫(الجوف في‬ ‫ِ‬ ‫‪AL JOUF in the Eyes of photographers‬‬

‫■ عبداللطيف حسن أفندي*‬

‫صدر كتاب الجوف في عيون المصورين بطبعته األولى عن مركز عبدالرحمن‬ ‫السديري الثقافي(((‪ .‬وهو من أحدث مؤلفات المركز وإنتاجه األدبي‪ ،‬كتاب مصور‬ ‫ودراس ــة دقيقة وم ـحــددة يمكن مــن خاللها إلـقــاء الـضــوء على منطقة الجوف‬ ‫بمواقعها الطبيعية‪ ،‬والتراثية‪ ،‬والحياة العامة بالمنطقة‪ ،‬والتنمية الحضارية‪،‬‬ ‫والزراعة‪.‬‬ ‫واشتمل الكتاب على لوحات فنية‬ ‫بيئية لمنطقة الــجــوف تــم تصويرها‬ ‫بإبداع وفن‪ ،‬من قبل مصورين متميزين‪،‬‬ ‫وصــور مــن أرشــيــف دار العلوم التابع‬ ‫لمركز عبدالرحمن السديري الثقافي‪،‬‬ ‫وقد شارك في صور الكتاب مصورون‬ ‫شباب عددهم تسعة‪ ،‬وأكثرهم تصويرًا‬ ‫افتتح الــكــتــاب بــضــوء جميل تحت‬ ‫زايــد الالحم‪ ،‬الــذي أجــاد في اقتناص عنوان الجوف‪ ..‬طيف الشمال وقلعته‬ ‫ص ــورة الــغــاف البنفسجي مــن واقــع الــحــصــيــنــة‪ ،‬فــي إشــــارة إل ــى موقعها‬ ‫الربيع في الجوف‪.‬‬ ‫االستراتيجي المتميز عبر التاريخ‪،‬‬ ‫جاءت فكرة الكتاب بمبادرة من إدارة فهي تمثل حلقة الوصل بين حضارات‬ ‫المركز ليكون ً‬ ‫دليل يقدم لزوار منطقة مختلفة‪ ،‬ومعبرًا للقوافل التجارية‪ ،‬وبيئة‬ ‫الجوف والوفود السياحية‪ ،‬وقد استمر معتدلة وسكان كــرمــاء‪ .‬وتُعد منطقة‬ ‫العمل عليه نحو ثالث سنوات تضمنت‬ ‫الــتــقــاط ال ــص ــور وتــصــنــيــفــهــا وكــتــابــة‬ ‫النصوص واإلخراج والطباعة‪ ،‬وترجمة‬ ‫نصوصه إلى اللغة اإلنجليزية‪ ،‬ليكون‬ ‫كتابا مــزدوج اللغة؛ باللغتين العربية‪،‬‬ ‫واإلنجليزية‪.‬‬

‫قراءات‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪127‬‬


‫الكتاب‪( :‬الجوف في عيون المصورين)‬

‫‪AL JOUF In the Eyes of photographers‬‬

‫الناشر‪ :‬مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‬ ‫اإلشراف العام‪ :‬سلطان بن فيصل بن عبدالرحمن السديري‪.‬‬ ‫النصوص‪ :‬حسين بن علي الخليفة ‪ ،‬ومحمد صوانة‪.‬‬ ‫المحرر‪ :‬محمد بن عيسى صوانة‪.‬‬ ‫التصميم‪ :‬ظافر الشهري‪.‬‬ ‫الترجمة‪ :‬د‪ .‬محمد بن أحمد الجبالي‪.‬‬

‫مراجعة األسماء العلمية لبعض الطيور والحيوانات والنباتات‪ :‬أ‪ .‬د‪ .‬بشير جرار‬ ‫سنة النشر‪1442 :‬هـ‪2021 /‬م‪.‬‬ ‫عدد الصفحات‪ 190 :‬صفحة‪.‬‬ ‫المقاس‪28×28 :‬سم‪.‬‬ ‫رقم اإليداع‪.1442 /9280 :‬‬ ‫ردمك‪.978-603-03-7897-5 :‬‬ ‫الــجــوف طيفًا لشمالي المملكة العربية‬ ‫السعودية وقلعته الراسخة‪ ،‬كما تمتاز منطقة‬ ‫الجوف بالوداعة والهدوء والسكينة‪.‬‬ ‫تقع الــجــوف فــي شمال غربي المملكة‬ ‫العربية السعودية‪ ،‬حاضرتها مدينة سكاكا‬ ‫مركز المنطقة‪ ،‬لها طبيعة جغرافية ساحرة‬ ‫تنتشر فيها بيئات زراعية حَ وت من النخيل‬ ‫أصنافًا متميزة‪ ،‬ومزارع من العنب والزيتون‬ ‫والــحــمــضــيــات‪ ،‬وه ــي مــواضــع قــريــبــة من‬ ‫البراري التي تطيب للنزهة‪ ،‬ومن خير البقاع‬ ‫لإلبل والخيل‪.‬‬

‫عمرو) وكانوا يسكنون شمال صحراء النفوذـ‪،‬‬ ‫كما عرف الجوف باسم (جوف السرحان)‬ ‫الرتباطه الجغرافي الوثيق بوادي السرحان‪.‬‬ ‫كما أ ُطلق اسم الجوف على دومــة الجندل‬ ‫عندما كانت حاضرة للمنطقة ويطلق عليها‬ ‫اآلن سكاكا‪.‬‬

‫قُسِّ م الكتاب إلــى أربعة محاور رئيسة‬ ‫كالتالي‪ :‬التراث واألثــار (في ‪ 31‬صفحة)‪،‬‬ ‫والطبيعة (ف ــي ‪ 76‬صــفــحــة)‪ ،‬واألنــشــطــة‬ ‫الــثــقــافــيــة (فـ ــي ‪ 18‬صــفــحــة)‪ ،‬والــحــيــاة‬ ‫االجــتــمــاعــيــة (ف ــي ‪ 42‬صــفــحــة)‪ ،‬واختتم‬ ‫ذكر ابن منظور أنها سميت بالجوف نسبة بالمراجع المستخدمة‪.‬‬ ‫إلى آل عمرو من قبيلة طي‪ ،‬فقيل (جوف آل‬ ‫وقد ُوفِّق المحرر في الكتاب من ناحية‬

‫‪128‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫قراءات‬


‫التقسيم العلمي‪ ،‬والــتــوازن‪ ،‬والــتــدرج في ع ــام‪ ،‬وهــو مــن أق ــدم الــمــواقــع األثــريــة في‬ ‫صياغة المعلومة‪ ،‬وعرضها من خالل الصور الجزيرة العربية‪.‬‬ ‫بطريقة سهلة للقارئ تنم عن فهم وإتقان‬ ‫كما أن الجوف غنية بالتراث المادي مثل‬ ‫لموضوع الكتاب‪.‬‬ ‫الــقــاع الحصينة التي ردعــت الطامعين‪،‬‬

‫تناول الكتاب في المحور األول‪ :‬األهمية‬ ‫التاريخية والحضارية للجوف‪ ،‬إذ أظهرت‬ ‫التنقيبات األثرية عمقًا حضاريًا وتاريخيًا‬ ‫للجوف‪ ،‬مثل‪ :‬موقع الشويحطية الذي يؤرخ‬ ‫لفترة مبكرة جدا من تاريخ اإلنسان إذ يؤرخه‬ ‫علماء األثــار ألكثر من مليون وربع المليون‬

‫قراءات‬

‫وصــدت الــغــزاة‪ ،‬فقد عجزت زنوبيا ملكة‬ ‫تــدمــر عــن اقــتــحــام قلعة م ــارد فــي مدينة‬ ‫دومــة الجندل‪ ،‬والتي تعد من أبــرز األثــار‬ ‫بشمالي المملكة‪ ،‬وأكــدت التنقيبات أنها‬ ‫كانت موجودة منذ عصر األنباط‪ ،‬وهي قلعة‬ ‫حصينة مكتملة المرافق‪.‬‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪129‬‬


‫وقلعة زعبل بسكاكا التي تتميز بتحصينها‬ ‫الطبيعي‪ ،‬ويرجع تاريخها لنحو ‪ 200‬سنة‬ ‫مضت‪ .‬ومن األحياء التاريخية في الجوف‬ ‫حي الــدرع بدومة الجندل‪ ،‬وهو حي تراثي‬ ‫يشبه المتحف المفتوح الــذي يمثل المدن‬ ‫اإلسالمية القديمة‪ ،‬التي تحتفظ بكامل‬ ‫تخطيطها وعناصرها المعمارية‪ .‬وتجدر‬ ‫اإلشـــــارة إلـــى ن ــم ــوذج فــريــد م ــن الــمــآذن‬ ‫اإلسالمية منذ بدايات انتشار اإلسالم في‬ ‫الجزيرة العربية‪ ،‬وهي مئذنة مسجد عمر‪،‬‬ ‫وموقع الرجاجيل الــذي يعود تاريخه إلى‬ ‫العصر النحاسي بحدود األلف الرابعة قبل‬ ‫الــمــيــاد‪ .‬مــن أب ــرز الــصــور ص ــورة السرب‬ ‫للصقور السعودية المتعامد مع ارتفاع قلعة‬ ‫مارد بدومة الجندل‪ ،‬اللوحة (‪.)1‬‬

‫الصعيدي‪ ،‬إضافة إلى العديد من الرسوم‬ ‫الصخرية المتفردة؛ كما يظهر في اللوحة‬ ‫(‪ )2‬رسم صخري من قــارا بالجوف لشكل‬ ‫الجمل بوضوح‪.‬‬

‫أمــا المحور الثاني مــن الكتاب بعنوان‬ ‫الطبيعة‪ ،‬ويظهر جليًا أنه الجانب األكبر من‬ ‫الكتاب‪ ،‬تناول التراث الطبيعي في الجوف‬ ‫من الحيوانات والطيور مثل‪ :‬الظبي األوروبي‬ ‫فــي محمية خــاصــة فــي بسيطا بالجوف‬ ‫(محمية أحــمــد آل الــشــيــخ)‪ ،‬اللوحة (‪،)3‬‬ ‫والثعالب وطــائــر العقاب وهــو مــن الطيور‬ ‫المهاجرة التي تمر بمنطقة الجوف خالل‬ ‫موسم الهجرة السنوي ومثله طائر الصرد‪،‬‬ ‫وحمام لندن (المطوّق) في مــزارع سكاكا‪،‬‬ ‫وطائر البلشون األبيض (البيوضي)‪ ،‬اللوحة‬ ‫كما يوجد بقرية كاف قصر كاف وقلعة (‪.)4‬‬

‫اللوحة (‪ )1‬توضح قلعة مارد ومئذنة مسجد عمر بن الخطاب رضي اهلل عنه بدومة الجندل‬

‫‪130‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫قراءات‬


‫اللوحة (‪ )5‬توضح الكثبان الرملية الذهبية على الشرق من مدينة سكاكا‬

‫ومن النباتات مثل‪ :‬اليهق (خفج أقحواني)‬ ‫وال ــذي يظهر على غــاف الكتاب باللون‬ ‫البنفسجي الــجــمــيــل‪ ،‬وزهـ ــرة الــديــدحــان‬ ‫(شقيقة النعمان) والتي تنتشر في الجوف‬ ‫وبــاد الــشــام‪ ،‬وشجرة األرط ــاء التي تنبت‬ ‫في المناطق الرملية ذات الكثبان‪ ،‬وأشجار‬ ‫الزيتون‪ ،‬وأشجار العنب األخضر واألحمر‪،‬‬ ‫وأشــجــار النخيل التي تتميز الجوف ببلح‬ ‫حلوة‪ ،‬ذي اللون األحمر والمذاق اللذيذ‪.‬‬ ‫والمحميات مثل‪ :‬محمية الحرة بالجوف‬ ‫والــوديــان التي تشرحها الصور مثل وادي‬ ‫السرحان‪ ،‬الخصر الغربي لمنطقة الجوف‪،‬‬ ‫وقرى الملح (القريات) في شمالي منطقة‬ ‫الــجــوف‪ ،‬وأظــهــرت الــلــوحــات الفنية لهذا‬ ‫الكتاب أهمية بحيرة دومة الجندل كمنطقة‬ ‫سياحية واعــدة ألبناء المنطقة والمقيمين‬ ‫بها‪ ،‬وعامة مواطني المملكة وخصوصيتها‬

‫قراءات‬

‫كنقطة عبور للطيور المهاجرة بين ثالث‬ ‫قـــارات وأح ــد عناصر الــجــذب السياحي‬ ‫للمنطقة‪ .‬وتظهر بإحدى الصور استخراج‬ ‫المياه من إحدى أبار دومة الجندل والتقطت‬ ‫الصورة عام ‪1330‬هـ‪ .‬وبحيرة دومة الجندل‬ ‫االصطناعية والتي أنشئت لتجميع المياه‬ ‫ال ــزائ ــدة عــن حــاجــة الــمــشــاريــع الــزراعــيــة‬ ‫المتجمعة بها‪ ،‬وتعد أكبر بحيرة غير طبيعية‬ ‫في الجزيرة العربية‪ .‬وكذلك الكثبان الرملية‬ ‫الذهبية إلى الشرق من مدينة سكاكا‪ ،‬كما‬ ‫يظهر في اللوحة (‪.)5‬‬ ‫ولم يغفل الكتاب المشاريع االقتصادية‬ ‫مثل محطة سكاكا للطاقة الشمسية ومحطة‬ ‫دومة الجندل لطاقة الرياح وهي األكبر على‬ ‫مستوى منطقة الشرق األوسط‪ ،‬والمشاريع‬ ‫الزراعية في بسيطا بالجوف‪ ،‬والتي تعد سلة‬ ‫غذاء المملكة العربية السعودية‪ ،‬واستخراج‬ ‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪131‬‬


‫اللوحة (‪ )2‬توضح رسم صخري من قارا بالجوف‪ ،‬ويظهر شكل الجمل بوضوح‬

‫الملح الطبيعي من الصحراء في محافظة نماذج من االحتفال بمهرجان التمور في‬ ‫القريات بالجوف‪ ،‬وكان سابقًا يمثل مصدر الجوف‪ ،‬واالحتفال باليوم الوطني في مدينة‬ ‫الدخل األساس لمعظم سكان المنطقة‪.‬‬ ‫سكاكا‪ ،‬وممارسة األنشطة الرياضية التي‬ ‫والمحور الثالث‪ ،‬يشمل األنشطة الثقافية تناسب طبيعة منطقة الجوف مثل الرياضات‬ ‫فــي الــجــوف واإلشـــارة إلــى متحف الجوف الــمــائــيــة‪ ،‬وه ــواي ــة ال ــط ــائ ــرات الــورقــيــة‪،‬‬ ‫اإلقليمي بدومة الجندل‪ ،‬وهو مجاور لقلعة والسباقات‪ ،‬مثل سباق الهجن الــذي أقيم‬ ‫مــارد‪ ،‬ومسجد عمر‪ .‬وتجدر اإلش ــارة إلى بالجوف في عام ‪1405‬هـ ضمن االحتفاالت‬ ‫دار العلوم (مكتبة الثقافة العامة) والتي بأسبوع الــجــوف‪ ،‬ومــيــاديــن الفروسية‪ ،‬إذ‬ ‫كانت أول مكتبة عامة للنساء على مستوى يعد ركوب الخيل هواية متأصلة لدى أبناء‬ ‫المملكة‪ ،‬وقد وصلت محتوياتها من المراجع الجوف‪.‬‬ ‫والكتب العربية واألجنبية إلى ما يزيد عن‬ ‫أيضا‪ ،‬تناول الكتاب للحرف‬ ‫ومن الالفت ً‬ ‫‪ 170.000‬مائة وسبعين ألف كتاب‪.‬‬ ‫والصناعات التقليدية التراثية في منطقة‬ ‫ولم يُغفل الكتاب الحياة االجتماعية إذ الــجــوف‪ ،‬مــن خــال لــوحــات فنية متعددة‪،‬‬ ‫أعمال يدوية‬ ‫ً‬ ‫جاء المحور الرابع يمثل التراث غير المادي منها لوحات لنساء يمارسن‬ ‫(المعنوي) لمنطقة الجوف‪ ،‬وعرضت الصور ومنتوجات تقليدية‪ ،‬وال سيما حرفة السدو‬

‫‪132‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫قراءات‬


‫الــتــي يستخدم فيها وب ــر األبـ ــل‪ ،‬وصــوف‬ ‫األغــنــام‪ ،‬وشعر الماعز‪ ،‬وأدوات المغزل‪،‬‬ ‫والمخيط‪ ،‬واألوتــاد الخشبية‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫عمل المشغوالت المتنوعة مثل المفارش‬ ‫والبشوت وغيرها‪.‬كما في اللوحة (‪.)6‬‬ ‫النتائج والتوصيات‬ ‫ج ــاء الــكــتــاب بــطــريــقــة ع ــرض جــديــدة‬

‫ومــغــايــرة للطرق المعتادة‪ ،‬فقد ركــز على‬

‫صورة التوثيق والتسويق السياحي لمنطقة‬

‫لوحة (‪ )3‬توضح الظبي األوروبي في محمية خاصة في‬ ‫بسيطا بالجوف (محمية أحمد أل الشيخ)‬

‫استعراض لمعالمها التاريخية‬ ‫ٍ‬ ‫الجوف‪ ،‬مع‬

‫والحضارية والثقافية والطبيعية والسياحية‬

‫والدينية‪.‬‬

‫الــكــتــاب يُــعــد ســجـ ًـا علميًا مــصــورًا به‬

‫عبق الماضي ممتزجً ا بحيوية الحاضر في‬ ‫لوحات فنية توثق تراث الجوف الحضاري‬

‫وحياتها المعاصرة‪.‬‬

‫شـــارك فــي الــتــقــاط الــصــور نخبة من‬

‫الــشــبــاب الــمــصــوريــن ال ــه ــواة فــي منطقة‬

‫لوحة (‪ )4‬توضح طائر البلشون األبيض‪ ،‬ويطلق عليه‬ ‫أهل الجوف لقب (البيوضي)‬

‫الــجــوف‪ ،‬فــقــدمــوا إبــداعــاتــهــم فــي التقاط‬ ‫الصور لمختلف عناصر الحياة والطبيعة في‬

‫الجوف‪ ،‬حتى يتعرف الزائر لمنطقة الجوف‬

‫على كنوز المنطقة ومقوماتها السياحية؛‬

‫فجاء الكتاب ليكون كنزًا فوتوغرافيًا وتوثيقًا‬ ‫ألهم معالم المنطقة وما تحتويه من جمال‬

‫الطبيعة‪ ،‬وإب ــرازًا لمعالمها السياحية مثل‬ ‫ربيع الجوف‪ ،‬والعيون الكبريتية في قرية‬

‫كاف‪ ،‬وغيرها الكثير من المواقع الطبيعية‬

‫واآلثارية المهمة‪.‬‬

‫قراءات‬

‫أعمال يدوية‬ ‫ً‬ ‫لوحة (‪ )6‬توضح نساء من الجوف يمارسن‬ ‫ومنتوجات تقليدية تراثية‬ ‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪133‬‬


‫تميز الــكــتــاب بــالــعــرض الــدقــيــق للبيئة‬

‫الطبيعية في الجوف‪ ،‬وعبق المطر والبراري‪،‬‬ ‫وأحاديث الصقار والفرسان‪ ،‬ومالك اإلبل‪،‬‬ ‫وربــيــع الــجــوف‪ ،‬ومــيــاه األوديـــة واألمــطــار‪،‬‬ ‫وحــيــوانــات الــصــحــراء والــطــيــور‪ ،‬والوصف‬

‫ج ــاذب للقارئ عــن ت ــراث منطقة الجوف‬ ‫الطبيعي والثقافي بشقيه المادي والمعنوي‬ ‫في أبهى صــورة‪ ،‬مصحوبًا بنصوص كتبت‬ ‫بإيجاز وعناية واضحين‪ ،‬وباللغتين العربية‬ ‫واإلنجليزية‪.‬‬

‫فهذا العمل مثا ٌل يحتذى به‪ ،‬وأنموذ ٌج لما‬ ‫المصور الدقيق للتراث الطبيعي في شكل‬ ‫لوحات بيئية تأخذ باأللباب‪ ،‬مثل لوحات يجب أن يتم العمل عليه مع تراثنا وثقافتنا من‬ ‫الرمال‪ ،‬والسهول‪ ،‬والجبال‪ ،‬والحرّات‪ ،‬وأنواع تسجيل وتوثيق‪ ،‬للمحافظة عليها وإبرازها‪.‬‬ ‫الزواحف والطيور‪ ،‬والثدييات والنباتات‪.‬‬ ‫إضــافــة إلــى عــرض الــتــراث الثقافي غير‬ ‫المادي (المعنوي) عن الحياة االجتماعية‬ ‫والحياة الثقافية في بلدات الجوف‪.‬‬ ‫وتسجيل رائعًا وواقعيًا‬ ‫ً‬ ‫قدم الكتاب توثيقًا‬ ‫لما تتمتع بــه منطقة الــجــوف مــن التراث‬ ‫الطبيعي الحي من بساتين النخيل‪ ،‬واآلبار‬ ‫مثل‪ :‬بئر سيسرا‪ ،‬والعيون المائية الجارية‪.‬‬ ‫وعــرض ما تتمتع به أيضا منطقة الجوف‬ ‫من قيم تاريخية وحضارية‪ ،‬مثل‪ :‬قلعة مارد‪،‬‬ ‫وقلعة زعبل‪ ،‬وقلعة مويس‪ ،‬وقصر كاف‪ .‬كما‬ ‫رصدت عيون المصورين الشباب األنشطة‬

‫وقــد حقق الكتاب عــدة أه ــداف مهمة‬ ‫للباحثين المهتمين بالتراث واألثار‪ ،‬والتراث‬ ‫الطبيعي‪ ،‬والتراث الثقافي المادي والمعنوي‬ ‫عامة‪ ،‬ومنطقة الجوف خاصة‪ ،‬منها‪ :‬إبراز‬ ‫أهمية الــجــوف تاريخيًا وحــضــار ًيــا وبيئيًا‬ ‫واجتماعيًا وكونها واجهة سياحة متميزة في‬ ‫المملكة العربية السعودية‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من المادة العلمية الدقيقة‬ ‫المتخصصة التي يتضمنها الكتاب‪ ،‬إال إن‬ ‫العرض بأسلوب فني رفيع من خالل لوحات‬ ‫فنية دقيقة تُحفر في القلب والعقل معًا قد‬ ‫جعلت من مادته مادة ميسرة وجميلة ويمكن‬ ‫لغير المتخصصين االستفادة منها‪.‬‬

‫والفعاليات السياحية والترفيهية بمنطقة‬ ‫وإجمال يُعد الكتاب مرجعًا علميًا مهمًا‬ ‫ً‬ ‫الجوف مثل نوادي الفروسية‪.‬‬ ‫لمنطقة الجوف‪ :‬تاريخً ا‪ ،‬وآثــارًا‪ ،‬وحضارةً‪،‬‬ ‫الكتاب بانوراما مصورة في ترتيب متسق وتراثًا‪.‬‬ ‫* أستاذ مشارك‪ ،‬كلية السياحة واآلثار‪ ،‬جامعة الملك سعود‪ .‬أستاذ بكلية األثار‪ ،‬جامعة القاهرة‪.‬‬ ‫((( يُعنى المركز بالثقافة من خالل مكتباته العامة في الجوف والغاط‪ ،‬ويقيم المناشط المنبرية الثقافية‪،‬‬ ‫ويتبنى برنامجً ا للنشر ودعم األبحاث والدراسات‪ ،‬يخدم الباحثين والمؤلفين‪ ،‬وتصدر عنه مجلة (أدوماتو)‬ ‫كل من‪( :‬دار العلوم) بمدينة‬ ‫المتخصصة بأثار الوطن العربي‪ ،‬ومجلة (الجوبة) الثقافية‪ ،‬ويضم المركز ً‬ ‫سكاكا‪ ،‬و(دار الرحمانية) بمحافظة الغاط‪ ،‬وفي كل منهما قسم للرجال وآخر للنساء‪ ،‬ويتم تمويل المركز‬ ‫من مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية‪ .‬الموقع االلكتروني للمركز ‪www.alsudairy.org.sa‬‬

‫‪134‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫قراءات‬


‫والسرد للهزمية»‬ ‫«الشعر لالنتصار ّ‬ ‫‏وأهمية استنطاق النصوص‬ ‫السردية التراثية‬ ‫‪ρ‬‏حجاج سالمة‬

‫‏في كتابه الجديد «الشعر لالنتصار والسّ رد‬ ‫لــلــهــزيــمــة»‪ ،‬الــصــادر عــن دار ســطــور عربية‪،‬‬ ‫يتوقف الدكتور حسن النعمي ‪ -‬القاص والناقد‬ ‫والباحث في السرديات العربية ‪ -‬عند جدلية‬ ‫العالقة بين الشعر والسّ رد في تراثنا العربي‪،‬‬ ‫وهــي لحظة التشكل المعرفي فــي سياقات‬ ‫مختلفة‪ ،‬منها الديني والسياسي والثقافي‪.‬‬

‫‏ويقدم لنا الدكتور حسن النعمي‪ ،‬في ذلك‬ ‫الكتاب الــذي بين أيــديــنــا‪ ،‬مجموعة مباحث‬ ‫تطبيقية تعنى بقراءة نماذج من المتون السردية‬ ‫التراثية‪ ،‬بغية إلقاء الضوء على المنجز السردي‬ ‫ال ـتُــراثــي‪ ،‬باستثناء الــنــصــوص الــتــي أشبعت‬ ‫درسً ا مثل «ألف ليلة وليلة» و«رسالة الغفران»‬ ‫وغيرهما‪.‬‬

‫‏يرى الكاتب من خالل فصول كتابه‪ ،‬أن السّ رد‬ ‫يُشبه غابة مشتبكة ومتداخلة ‪-‬كما يقول إمبرتو‬ ‫إيكو ‪ -‬ولتكون سالكة‪ ،‬فال ب ّد من استكشاف‬ ‫مسالك تؤدي إلى معرفة ما يحتجب في داخلها‪،‬‬ ‫وأنه ألسباب كثيرة ظلت تلك الغابة مدلهمة لم‬ ‫تشاكسها أقــام القدماء‪ ،‬ربما ضنًا بأدواتهم‬ ‫وصرفًا لها نحو العناية بالشعر‪ ،‬منطلقين من‬ ‫مقولة‪« :‬الشعر ديوان العرب»‪ ،‬وهي مقولة لها‬ ‫ما لها وعليها ما عليها‪ ،‬وذلك بحسب مقدمة‬ ‫الكتاب‪.‬‬

‫‏ومن المالحظات التي يسوقها لنا المؤلف في‬ ‫كتابه‪ ،‬تلك العالقة التي الحظها بين االنتصار‬ ‫والشعر‪ ،‬وبين السّ رد والهزيمة‪ ،‬الفتًا إلى أن‬ ‫األمر ليس لغزًا كما يبدو‪ ،‬وأنه على مدى قرون‬ ‫تمتع الشعر بمنزلة رفيعة‪ ،‬لكن ذلك ‪ -‬كما يشير‬ ‫المؤلف ‪ -‬كان ارتباطً ا بحال األمة المنتصرة‬ ‫عــســكــر ًيــا وســيــاس ـ ًيــا‪ ،‬المتماسكة حــضــار ًيــا‬ ‫وإنسانيًا‪ ،‬فكان الشعر حاضرًا الستثمار حالة‬ ‫االنتصار هذه‪ ،‬فحضر في المعارك والحروب‬ ‫والجدل السياسي‪ ،‬وبــاط الخلفاء‪ .‬وعندما‬ ‫فقدت األمــة زهوها وانتصارها انحسر دور‬ ‫الشعر المتباهي باالنتصار ليأتي دور السّ رد‬ ‫معوضا االنكسار بالحضور وتغدية الوجدان‬ ‫العام‪ ،‬فظهرت السرديات الكبرى مثل ألف ليلة‬ ‫وليلة‪ ،‬والسير الشعبية‪.‬‬

‫‏كما يتوقف بنا عند ما اسماه بـ «األسئلة‬ ‫الثقافية المؤجلة»‪ ،‬ومنها إشكالية المصطلح‪،‬‬ ‫وإشكالية علو خطاب الشعر على غيره من‬ ‫الخطابات األخ ــرى‪ ،‬ومــا الــذي غيّب خطاب‬ ‫السرد في ظل تناميه وغزارته‪.‬‬

‫* كاتب سعودي‪.‬‬

‫قراءات‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪135‬‬


‫تقرير النشاط الثقافي‬

‫(يونيو ‪ -‬ديسمبر ‪)2021‬‬

‫في مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‬

‫■ محمد صالح أبو عمر‬

‫شهد النشاط الثقافي في مركز عبدالرحمن السديري الثقافي خــال فترة التقرير أنشطة‬ ‫جــديــدة ومتنوعة فــي الـمــوضــوعــات المنفذة‪ ،‬الـتــي تختارها المجالس الثقافية المشرفة على‬ ‫النشاط في فرعي المركز في كل من دار العلوم بالجوف ودار الرحمانية بالغاط‪ ،‬وفــي قسمَيّ‬ ‫الرجال والنساء فيهما‪ .‬ويستمر المركز في أداء رسالته الثقافية‪ ،‬وتحقيق رؤيته على أكمل وجه‬ ‫وفق ما جاء في أهداف المركز منذ تأسيسه؛ ليسهم بدور فاعل في الحراك الثقافي في المملكة‬ ‫العربية السعودية‪ ،‬من خالل ما يقدمه في برامجه الثقافية‪ ،‬ومنتدياته السنوية‪ ،‬والورش التدريبية‬ ‫المتنوعة‪ .‬ويشهد ذلك بالجهود التي يبذلها القائمون على هذا الصرح الثقافي من أبناء المؤسس‬ ‫رحمه اهلل‪ ،-‬وتماشيًا مع رؤيــة المملكة ‪2023‬م ومــن اإلدارة التنفيذية وفــرق األنشطة الثقافية‬‫بالمركز من موظفين ومتطوعين‪.‬‬ ‫ملحوظا من خــال استمراره في عقد األنشطة الثقافية المتنوعة من‬ ‫ً‬ ‫نشاطا‬ ‫ً‬ ‫شهد المركز‬ ‫المحاضرات‪ ،‬والندوات‪ ،‬والــورش‪ ،‬والــدورات التدريبية‪ ،‬والمسابقات‪ ،‬في ظل الجائحة التي أثّرت‬ ‫على شتى مناحي الحياة‪ ،‬ما أدى إلى وقف جميع النشاطات الثقافية الوجاهية‪ ،‬وذلك تماشيًا مع‬ ‫القرارات الحكومية بشأن اللقاءات والتجمعات الوجاهية‪.‬‬ ‫وكانت أبرز المحاضرات واللقاءات والملتقيات في المركز على النحو التالي‪:‬‬

‫أوال‪ :‬المحاضرات والبرامج العامة‪:‬‬ ‫النشاط‬ ‫م‬ ‫‪ 1‬محاضرة‪( :‬أساسات لغة اإلشارة)‪.‬‬

‫‪ 2‬محاضرة‪( :‬كيف نشجع أطفالنا على القراءة؟)‬ ‫ألقاها أ‪ .‬أحمد طابعجي‬ ‫مفتاحا للتفكير اإلبداعي)‬ ‫‪ 3‬محاضرة (‪20‬‬ ‫ً‬ ‫ألقاها املدرب‪ /‬جميل املفرج‬

‫‪136‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫المنفذ‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬

‫التاريخ‬ ‫‪2021/07/13‬‬

‫دار العلوم ‪ -‬رجال‬

‫‪2021/8/15‬م‬

‫دار العلوم ‪ -‬رجال‬

‫‪2021/8/8‬م‬

‫تقارير‬


‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪17‬‬

‫‪18‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪24‬‬

‫‪25‬‬ ‫‪26‬‬

‫محاضرة‪( :‬تبسيط البالغة العربية)‬ ‫ألقاها أ‪ .‬محمد صالح أبو عمر‬ ‫دار العلوم ‪ -‬رجال‬ ‫محاضرة‪( :‬أساسات العمل احلر)‬ ‫ألقتها أ‪ .‬مودة نواز‬ ‫دار الرحمانية ‪-‬رجال‬ ‫ورشة‪(:‬العمل التطوعي)‬ ‫قدمها أ‪ .‬عبدالعزيز صالح احلمدان‪.‬‬ ‫محاضرة‪( :‬تسويق التمور وحتديات جائحة كورونا) دار الرحمانية ‪-‬رجال‬ ‫ألقاها أ‪ .‬عبدالعزيز التويجري‪.‬‬ ‫ورشة‪( :‬ميزانية األسرة) قدمها أ‪ .‬أيوب الصبحي‪ .‬دار الرحمانية ‪-‬رجال‬ ‫دار الرحمانية ‪-‬رجال‬ ‫محاضرة‪( :‬النقوش العربية الشمالية)‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬سلطان املعاني‪ -‬اجلامعة الهاشمية‪.‬‬ ‫محاضرة‪( :‬تغطية األحداث بني تقليدية اإلعالم دار الرحمانية ‪-‬رجال‬ ‫وتقنيات وسائل التواصل االجتماعي) د‪/.‬علي بن‬ ‫دبكل العنزي‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫برنامج‪(:‬كيف ومتى أستكشف موهبة أبنائي؟)‪.‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫برنامج‪( :‬من هنا تبدأ موهبتي)‪.‬‬ ‫برنامج‪( :‬اجلودة الشاملة) بالتعاون مع معهد اخلليج‪ .‬دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫دار الرحمانية ‪-‬رجال‬ ‫محاضرة‪( :‬التمور كفاكهة فائقة يف الصناعات التحويلية)‬ ‫ألقتها الدكتورة‪ /‬بدرية عمر العبد‬ ‫دار الرحمانية ‪-‬رجال‬ ‫محاضرة‪( :‬امللك عبدالعزيز يف الصحافة العربية‬ ‫واألجنبية مناذج مختارة) ‪ -‬ألقاها‪ :‬د‪ .‬أحمد بن عبداهلل‬ ‫العرف ‪ -‬عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم‪.‬‬ ‫عرض كتاب‪( :‬اجلوف يف عيون املصورين)‪ .‬ملتقى دار الرحمانية ‪-‬رجال‬ ‫القراءة‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫عرض قصص‪:‬‬ ‫ (موعد مع احلياة‪ ،‬رسائل حول الوقف‪ ،‬وطن‬‫ومواطن من أجل حياة سعيدة وكريمة‪ ،‬المملكة في‬ ‫عيون أوائل المصورين) ملتقى حكايا للقراءة‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫عرض القصص التالية‪ :‬النحلة النشيطة‪ ،‬إنه لي‪،‬‬ ‫ميمون المهمل‪ ،‬الليل والنهار‪ ،‬ملتقى حكايا للقراءة‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫ورشة‪( :‬االستثمار بالشركات الناشئة)‬ ‫ورشة‪( :‬الطريقة الصحيحة لعرض المشروع على دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫المستثمرين لمشروعك)‪.‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫ورشة‪( :‬التسويق لمشروعك الريادي)‪.‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫ورشة‪( :‬طريقة جذب المستثمرين لمشروعك)‬ ‫برنامج‪( :‬الواجب القانوني للمواطن تجاه الوطن)‪ .‬دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫مناقشة كتاب‪( :‬حب الوطن) للدكتور عبداهلل السبر‪ .‬دار العلوم ‪-‬رجال‬ ‫المحاورون‪ :‬د‪ /‬فيصل الشاعل‪ ،‬د‪ /.‬مها العتيبي‪،‬‬ ‫أ‪ .‬ترفة القايد‪ ،‬أدار اللقاء عضو المجلس الثقافي‬ ‫بالمركز أ‪ .‬محمد هليل الرويلي‪.‬‬ ‫دار العلوم ‪-‬رجال‬ ‫محاضرة‪( :‬آراء ابن القيم الجوزي في تربية‬ ‫األطفال) ألقتها األستاذة‪ /‬نورة السهلي‪.‬‬ ‫محاضرة‪( :‬الرواية المغربية) ألقاها أ‪ .‬د‪ /.‬شعيب دار العلوم ‪-‬رجال‬ ‫الحليفي ‪-‬أستاذ جامعي بالدار البيضاء‪-‬ناقد وروائي‪.‬‬

‫تقارير‬

‫دار العلوم ‪ -‬رجال‬

‫‪2021/8/24‬م‬ ‫‪2021/08/30‬‬ ‫‪2021/08/01‬‬ ‫‪2021/08/04‬‬ ‫‪2021/08/10‬‬ ‫‪2021/08/18‬‬ ‫‪2021/08/25‬‬ ‫‪2021/08/04‬‬ ‫‪2021/08/11‬‬ ‫‪2021/8/19 - 17‬‬ ‫‪2021/09/13‬‬ ‫‪2021/09/21‬‬ ‫‪2021/09/27‬‬ ‫‪2021/09/27-5‬‬

‫‪2021/09/27-6‬‬ ‫‪2021/9/02‬م‬ ‫‪2021/9/05‬م‬ ‫‪2021/9/13‬م‬ ‫‪2021/9/14‬م‬ ‫‪2021/9/26‬م‬ ‫‪2021/10/07‬‬

‫‪2021/10/10‬‬ ‫‪2021/10/18‬‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪137‬‬


‫‪27‬‬ ‫‪28‬‬

‫‪29‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪43‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪46‬‬

‫‪138‬‬

‫محاضرة بعنوان‪( :‬تطوير المهارات الشخصية‬ ‫والقيادية) ألقاها أ‪ .‬المدرب‪ /‬عبدالحكيم‬ ‫الخالدي‪-‬من معهد االدارة العامة بالرياض‪.‬‬ ‫محاضرة بعنوان (االفاق الرحبة للمرأة السعودية دار العلوم ‪ -‬رجال‬ ‫في رحاب رؤية ‪ )2030‬قدمها من لندن الدكتور‪/‬‬ ‫نبيل الحيدري‪ ،‬وأدارها أ‪ .‬علي العطشان ‪-‬‬ ‫الصحفي بجريدة الوطن السعودية‪.‬‬ ‫محاضرة الريادة المجتمعية من ضمن المعسكر دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫التدريبي لمبادرة أواصر قدمها أ‪ .‬زياد الغامدي‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫محاضرة البقاء على قيد اإلبداع من ضمن‬ ‫المعسكر التدريبي لمبادرة أواصر قدمها د‪ /.‬سعيد‬ ‫العامودي‪.‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫أمسية أسرية‪( :‬فنون التعامل مع كبار السن)‬ ‫قدمتها أ‪ .‬فوزية الحربي‪.‬‬ ‫ورشة بعنوان (التربية الذكية لألبناء) قدمها د‪ /.‬دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫عبداهلل بن حمد الحسين‪.‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫محاضرة بعنوان (الممارسات الفضلى في إدارة‬ ‫التراث الوثائقي) قدمها‪ :‬أ‪.‬د‪ .‬رائد جميل سليمان‬ ‫اللمع ‪ -‬جامعة الحسين بن طالل‪.‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫ورشة بعنوان ‪ ( :‬سلسة تبسيط اإلمالء ‪)1(:‬‬ ‫تصحيح الهمزات) قدمها أ‪ .‬محمد صالح أبو عمر‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫محاضرة بعنوان (مهارات االدخار الشخصي)‬ ‫قدمها أ‪ .‬محمد بن عبداهلل الفراج‪.‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫برنامج (القراءة من المهد)‪.‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫برنامج (أسلوب الحوار في التعامل مع األبناء)‪.‬‬ ‫محاضرة‪( :‬الملك المُؤرخ) سلمان بن عبدالعزيز سبعة دار العلوم ‪ -‬رجال‬ ‫أعوام من العطاء‪ -‬ألقتها الدكتورة‪ /‬مريم خلف شديد‬ ‫العتيبي‪-‬عضو هيئة التدريس بجامعة األمير سطام‪.‬‬ ‫محاضرة‪( :‬جودة الحياة األسرية) ألقتها د‪ /.‬نورة دار العلوم ‪ -‬رجال‬ ‫الصويان‪ ،‬وأدارها االعالمي‪ /‬عبدالرحمن البراهيم‪.‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬رجال‬ ‫ندوة‪( :‬مقدمة في مخازن البيانات) شارك بها‬ ‫(من أمريكا)‪ :‬أ‪ .‬عبداهلل شارخ الدوسري‪ ،‬و أ‪ .‬نمر‬ ‫عبداهلل المطيري‬ ‫اللقاء التعريفي لشرح مبادرة الطريقة الصحيحة دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫لتأسيس طفلك‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫محاضرة »السعادة والتوازن في الحياة«‬ ‫قدمتها أ‪ .‬فاطمة باسعد‬ ‫ورشة بعنوان (الحرف والصوت في اللغة اإلنجليزية) دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫قدمها المدرب‪ /‬د‪ .‬محمد الجبالي‪.‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫ورشة عمل بعنوان‪( :‬فنون الزراعة)‪.‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫برنامج (عوامل نجاح رواد األعمال)‪.‬‬ ‫برنامج (التسويق اإللكتروني)‪.‬‬ ‫برنامج (دور االسرة في حماية الطفل من التحرش)‪ .‬دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫برنامج (التحرش من المنظور القانوني)‪.‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫دار العلوم ‪ -‬رجال‬

‫‪2021/10/21‬‬ ‫‪2021/10/28‬‬

‫‪2021/10/17‬‬ ‫‪2021/10/21‬‬ ‫‪2021/10/24‬‬ ‫‪2021/10/04‬‬ ‫‪2021/10/13‬‬ ‫‪2021/10/20‬‬ ‫‪2021/10/26‬‬ ‫‪2021/10/6‬م‬ ‫‪2021/10/20‬م‬ ‫‪2021/11/01‬‬ ‫‪2021/11/16‬‬ ‫‪2021/11/23‬‬ ‫‪2021/11/03‬‬ ‫‪2021/11/21‬‬ ‫‪2021/11/03‬‬ ‫‪2021/11/03‬‬ ‫‪2021/11/17-16‬‬ ‫‪2021/11/27‬‬

‫تقارير‬


‫‪٤٧‬‬ ‫‪٤٨‬‬ ‫‪٤٩‬‬ ‫‪٥٠‬‬ ‫‪٥١‬‬ ‫‪٥٢‬‬ ‫‪٥٣‬‬ ‫‪٥٤‬‬ ‫‪٥٥‬‬ ‫‪٥٦‬‬ ‫‪٥٧‬‬

‫‪2021/12/6‬‬

‫دار العلوم رجال‬

‫محاضرة‪( :‬إضاءة على كتاب ببليوجرافية اجلوف)‬ ‫لألستاذ محمد حلوان الشراري أدارها عضو‬ ‫املجلس الثقايف األستاذ محمد هليل الرويلي‬ ‫دار العلوم رجال‬ ‫محاضرة‪( :‬مقدمة يف مخازن البيانات) ألقاها‬ ‫األستاذ عبد اهلل شارخ الدوسري‬ ‫دار العلوم رجال‬ ‫محاضرة‪ (:‬مهارات التعلم الرقمي وتقنيات التعليم‬ ‫عن بعد) ألقتها املدربة نوف ناصر الدوسري‬ ‫دار العلوم رجال‬ ‫محاضرة‪( :‬مرض التصلب اللويحي ‪-‬أعراضه‬ ‫وطرق الوقاية منه) ألقاها الدكتور بركات‬ ‫الرشيدي وأدارها الدكتور نايف املعيقل‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫ورشة‪( :‬مراجعة وتقييم املبادرات يف املرحلة األولى)‬ ‫قدمها املرشد العام على املبادرة أ‪ .‬أحمد الكويكبي‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫محاضرة‪( :‬كتب عند مفترق احلضارات) قدمها‬ ‫د‪ .‬سعد البازعي – الناقد واألديب األكادميي‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫محاضرة‪ :‬حوار مع شاعر) باستضافة الشاعر‬ ‫السعودي عالي املالكي‪ ،‬حاوره أ‪ .‬محمد صالح أبو عمر‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫ورشة‪( :‬تصحيح الهمزات – همزتا الوصل‬ ‫والقطع) ضمن سلسلة تبسيط الهمزات قدمها‬ ‫املدرب أ‪ .‬محمد صالح أبو عمر‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫برنامج‪( :‬صناعة السبح)‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫محاضرة‪( :‬مهارة احلوار مع الطفل وتطوير‬ ‫مهارات التفكير)‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫محاضرة‪( :‬األمن السيبراني)‬

‫‪2021/12/12‬‬ ‫‪2021/12/21‬‬ ‫‪2021/12/29‬‬ ‫‪2021/12/14‬‬ ‫‪2021/12/8‬‬ ‫‪2021/12/16‬‬ ‫‪2021/12/23‬‬ ‫‪2021/12/16‬‬ ‫‪2021/12/29‬‬ ‫‪2021/12/29‬‬

‫ثانيا‪ :‬الدورات التدريبية والتعليمية وورش العمل والمسابقات واللقاءات والمبادرات‪:‬‬ ‫م‬ ‫‪1‬‬

‫النشاط‬ ‫دورة‪( :‬العالقات العامة واإلعالم)‪.‬‬ ‫ورشة‪ّ :‬‬ ‫(نظم أولوياتك)‪.‬‬

‫المنفذ‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬

‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫‪2‬‬ ‫‪ 3‬مناقشة كتاب‪( :‬سنوات اجلوف) مع املؤلف معالي د‪ /.‬عبدالواحد دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫خالد احلميد‪.‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫‪ 4‬دورة‪( :‬شرح القاعدة البغدادية)‪.‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫‪ 5‬عرض كتاب‪ :‬سيكولوجية الشك‪.‬‬ ‫ملتقى كنوز مكتبة منيرة امللحم‪.‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫‪ 6‬عرض كتاب‪ :‬القبلية والقبائلية أو الهويات ما بعد احلداثة‪.‬‬ ‫ملتقى كنوز‪ /‬مكتبة منيرة امللحم‪.‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫‪ 7‬عرض قصة‪ :‬عف ًوا لقد أخطأت‪.‬‬ ‫ملتقى حكايا‪ /‬مكتبة منيرة امللحم‪.‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫‪ 8‬عرض قصة‪ :‬الفيل الطيوب‪.‬‬ ‫ملتقى حكايا‪ /‬مكتبة منيرة امللحم‪.‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫‪ 9‬عرض قصة‪ :‬نورة والكرة‪.‬‬ ‫ملتقى حكايا‪ /‬مكتبة منيرة امللحم‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫‪ 10‬دورة اللغة اإلجنليزية‪.‬‬ ‫بالتعاون مع معهد اخلليج للنساء‪.‬‬

‫تقارير‬

‫التاريخ‬ ‫‪2021/7/14-12‬‬ ‫‪2021/07/07‬‬ ‫‪2021/07/26‬‬

‫‪2021/7/29-7‬‬ ‫‪2021/07/4‬م‬ ‫‪2021/07/11‬م‬ ‫‪2021/07/5‬م‬ ‫‪2021/07/12‬م‬ ‫‪2021/07/26‬م‬ ‫من ‪ 6/20‬إلى‬ ‫‪2021/7/15‬م‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪139‬‬


‫‪ 11‬لقاء‪( :‬التسويق من األلف إلى الياء)‬ ‫‪ 12‬دورة‪( :‬العالقات العامة واإلعالم) بالتعاون مع معهد اخلليج‬

‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬

‫‪13‬‬

‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬

‫‪14‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪19‬‬

‫‪20‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪24‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪28‬‬

‫‪140‬‬

‫ورشة‪( :‬فن اإلتكيت بني الزوجني)‬ ‫قدمتها املدربة أ‪.‬فوزية احلربي‬ ‫لقاء‪( :‬احملتضنات) بالتعاون مع حاضنة رياديات مركز عبدالرحمن دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫السديري‪.‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫إقامة األمسية األسرية‪( :‬أسرتك أمنك)‬ ‫قدمتها املدربة‪/‬فاطمة با سعد‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫اللقاء التعريفي مع اللجنة اإلعالمية ملبادرة أواصر‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫تنظيم فريق السديري التطوعي للقاء السينما وصناعة األفالم‬ ‫الذي نظمته ثقافة وفنون الجوف‬ ‫دورة‪( :‬اإلدارة المالية للمشاريع الريادية) بالتعاون مع حاضنة مركز دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫عبدالرحمن السديري الثقافي‬ ‫اجتماع المدير العام مع مديري الجمعيات األهلية والخيرية في دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫الغاط بدار الرحمانية‪.‬‬ ‫(جمعية األمومة والطفولة‪ ،‬اللجنة الشبابية‪ ،‬جمعية الغاط‬ ‫الخيرية)‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫عرض كتاب‪( :‬نساء من المملكة العربية السعودية)‬ ‫ملتقى كنوز مكتبة منيرة الملحم‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫عرض كتاب‪ :‬القيم السلوكية‬ ‫ملتقى كنوز مكتبة منيرة الملحم‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫عرض‪ :‬فن الالمباالة‬ ‫ملتقى كنوز مكتبة منيرة الملحم‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫عرض كتاب‪ :‬شهر في غرب أفريقيا‬ ‫ملتقى كنوز مكتبة منيرة الملحم‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫عرض ديوان‪ :‬األمير عبدالرحمن السديري‬ ‫ملتقى كنوز مكتبة منيرة الملحم‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫عرض قصة‪ :‬هواية تستهويني وأهواها‬ ‫ملتقى حكايا ‪ -‬مكتبة منيرة الملحم‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫عرض قصة‪ :‬جدتي معنا‬ ‫ملتقى حكايا ‪ -‬مكتبة منيرة الملحم‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫عرض قصة‪ :‬المزارع الكسول واألرنب‬ ‫ملتقى حكايا ‪ -‬مكتبة منيرة الملحم‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫مبادرة‪( :‬هيا نتعلم اللغة اإلنجليزية)‪.‬‬

‫‪ 29‬ملتقى‪ :‬الدرر الثاني الخاص بالفتيات‪.‬‬

‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬

‫‪ 30‬مبادرة‪( :‬بحماس راجعين) بمناسبة العودة للمدارس للطالبات‬ ‫(بقهوة زهرة البن)‪.‬‬

‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪2021/7/25‬م‬ ‫‪12‬‬ ‫‪2021/7/14‬م‬‫‪2021/08/03‬‬ ‫‪2021/08/06‬‬ ‫‪2021/08/10‬‬ ‫‪2021/08/10‬‬ ‫‪2021/08/24‬‬ ‫‪2021/08/25‬‬ ‫‪2021/08/28‬‬

‫‪2021/08/01‬‬ ‫‪2021/08/08‬‬ ‫‪2021/08/15‬‬ ‫‪2021/08/22‬‬ ‫‪2021/08/29‬‬ ‫‪2021/08/02‬‬ ‫‪2021/08/16‬‬ ‫‪2021/08/23‬‬ ‫‪2021/08/09‬‬ ‫لمدة شهر‬ ‫‪- 15‬‬ ‫‪2021/8/19‬‬ ‫‪2021/08/22‬‬

‫تقارير‬


‫‪31‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪43‬‬ ‫‪44‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪٤٧‬‬ ‫‪٤٨‬‬ ‫‪٤٩‬‬ ‫‪٥٠‬‬

‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬

‫ورشة‪( :‬كيف تعرض مشروعك التجاري عن بعد؟) بالتعاون مع‬ ‫شركة رياديات لبرنامج حاضنات رياديات مركز عبدالرحمن‬ ‫السديري الثقافي بالغاط)‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫ورشة‪( :‬مقدمة في أمن المعلومات وحماية تطبيقات التواصل‬ ‫االجتماعي)‬ ‫قدمها المدرب‪ /‬خالد العضيدان‪.‬‬ ‫اجتماع لجنة التنمية االجتماعية األهلية بالغاط بخصوص معرض دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫الغاط للتمور‪.‬‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫ورشة‪( :‬مهارات كتابة المقال)‬ ‫قدمها المدرب‪ /‬أحمد العساف‪.‬‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫انطالق مهرجان الجوبة التراثي بالتعاون مع جمعية الملك‬ ‫عبدالعزيز للتنمية االجتماعية احتواء المهرجان على أركان للحرف‬ ‫واألسر المنتجة وعرض أزياء على مسرح دار العلوم‬ ‫منتدى األمير عبدالرحمن بن أحمد السديري للدراسات السعودية دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫في دورته (‪ )15‬وجاهيًا وعبر االتصال المرئي (منصة زووم)‪،‬‬ ‫بعنوان‪« :‬خيارات الصناعة في زمن الثورة الصناعية الرابعة)‬ ‫ملتقى القراءة رقم (‪ )44‬متابعة ما تم االتفاق عليه في كتابة كتاب دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫ورشة عمل بعنوان‪( :‬فن االعتذار)‪.‬‬ ‫لقاء المتطوعات الثاني (الجلسة الشتوية)‪.‬‬ ‫مشاركة فريق السديري التطوعي بركن يف املعرض املصاحب‬ ‫مللتقى التطوع السعودي والعاملي حتت شعار (عطاء وطن)‬ ‫مشاركة املركز بجلسة حوارية حتت عنوان‪( :‬التطوع جتارب‬ ‫وخبرات ) يف ملتقى التطوع السعودي العاملي حتت شعار (عطاء‬ ‫وطن)‬ ‫تكرمي األستاذ عبد اهلل املريح كشخصية العطاء والتطوع لعام‬ ‫‪2021‬‬ ‫مشاركة مركز عبدالرحمن السديري بركن‪( :‬رسم وألعاب‬ ‫تعليمية) لتفعيل اليوم العاملي لذوي اإلعاقة بالتعاون مع جمعية‬ ‫سفراء السالم‬ ‫كرمي املتطوعني املتميزين لعام ‪2021‬‬

‫مشاركة قائدة الفريق التطوعي يف ورشة‪( :‬بناء الفرق التطوعية‬ ‫بعمل مؤسسي منظم يساهم يف استدامتهم) ضمن الفعاليات‬ ‫املصاحبة مللتقى التطوع‬ ‫دعوة مشرفة القسم النسائي حلضور حفل جائزة اجلوف للتميز‬ ‫واإلبداع الذي تنظمه إمارة منطقة اجلوف‬ ‫دعوة مشرفة القسم النسائي حلضور ليالي اجلوف حتت عنوان‪:‬‬ ‫(املثقفون والتنمية املستدامة)‬ ‫مشاركة فريق السديري التطوعي بتنظيم محاضرة (املثقف‬ ‫الرقمي (قدمها الدكتور‪ /‬عبداهلل السفياني‪.‬‬ ‫قوة) قدم فريق السديري التطوعي محاضرة بعنوان‬ ‫التطوع (بالتعاون مع مدرسة املتوسطة الثالثة‬ ‫إقامة مسابقة‪ ( :‬تلخيص قصة) من قصص إصدارات املركز‬ ‫إقامة مسابقة‪ ( :‬حلبة اإللقاء) مبناسبة اليوم العاملي للغة العربية‬

‫تقارير‬

‫دار العلوم – نساء‬

‫‪2021/08/02‬‬ ‫‪2021/09/01‬‬ ‫‪2021/09/01‬‬ ‫‪2021/09/06‬‬ ‫‪2021/11/27‬‬ ‫‪2021/11/09‬‬ ‫‪2021/11/24‬‬ ‫‪2021/11/30‬م‬ ‫‪2021/12/6‬‬

‫دار العلوم – نساء‬

‫‪2021/12/6‬‬

‫دار العلوم – نساء‬

‫‪2021/12/6‬‬

‫دار العلوم – نساء‬

‫‪2021/12/6‬‬ ‫‪2021/12/6‬‬

‫دار العلوم – نساء‬

‫دار العلوم – نساء‬

‫‪2021/12/6‬‬

‫دار العلوم – نساء‬

‫‪2021/12/7‬‬

‫دار العلوم – نساء‬

‫‪2021/12/8‬‬

‫دار العلوم – نساء‬

‫‪2021/12/13‬‬

‫دار العلوم – نساء‬

‫‪2021/12/14‬‬

‫دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬

‫‪2021/12/20‬‬ ‫‪2021/12/22‬‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪141‬‬


‫‪٥١‬‬ ‫‪٥٢‬‬ ‫‪٥٣‬‬ ‫‪٥٤‬‬ ‫‪٥٥‬‬

‫دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫عقد االجتماع السنوي لشركة بتيل ملوظفيها بفروع اململكة‬ ‫إقامة مسابقة اللغة العربية ملدة خمسة أيام احتفاء باليوم العاملي دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫للغة العربية‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫استضافة اجلمعيات اخليرية واالجتماعية لعقد ورشة عمل يف‬ ‫دار الرحمانية‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫مبادرة‪ ( :‬لينعموا بدفء) لعمال النظافة بالغاط‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫إقامة معرض‪( :‬فنان) ملدة ‪ 3‬أيام يف حديقة مكتبة منيرة امللحم‬

‫‪2021/12/23‬‬ ‫‪2021/12/26‬‬ ‫‪2021/12/26‬‬ ‫‪2021/12/1‬‬ ‫‪2021/12/14‬‬

‫ثالثا‪ :‬البرامج والفعاليات واألنشطة الموجهة لألطفال‪:‬‬ ‫م‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪21‬‬ ‫‪22‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪24‬‬

‫‪142‬‬

‫النشاط‬ ‫حلقات حتفيظ القرآن الكرمي‬

‫دورة القاعدة البغدادية‬ ‫البرنامج التدريبي ملسابقة حتدي البراعم‬ ‫برنامج (هيا نتعلم اللغة االجنليزية لألطفال)‬ ‫قدمته أ‪ .‬منى ابو راسني‬ ‫مهرجان الطفل التاسع‪.‬‬ ‫نادي الدار الصيفي ورشة (االشكال اليدوية)‬ ‫برنامج رحالت املعرفة (املهندس الصغير)‬ ‫برنامج رحالت املعرفة (نزهة سعيدة)‬ ‫قصة االسبوع‬ ‫رسمة ولون‬ ‫مخيم (فضاء سيبراني آمن) لألطفال‬ ‫إعادة تدوير‬ ‫برنامج رحالت املعرفة (شخصية وقصة)‬

‫المنفذ‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬

‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬

‫مستمر‬ ‫‪2021/7/25 - 3‬م‬ ‫‪2021/7/28 - 5‬م‬

‫مكتبة منيرة امللحم‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬

‫‪2021/7/30 - 4‬م‬ ‫‪2021/08/10‬‬ ‫‪2021/10/06‬‬ ‫‪2021/10/13‬‬ ‫‪2021/10/10‬‬ ‫‪2021/10/11‬‬ ‫‪2021-10-19 ،11‬‬ ‫‪2021/10/12‬‬ ‫‪2021/10/13‬‬

‫برنامج رواد الغد لألطفال (حديقتنا خضراء)‬ ‫برنامج رواد الغد لألطفال (أنا اقرأ)‪.‬‬ ‫برنامج رواد الغد لألطفال (ألعاب ذهنية)‬ ‫برنامج رواد الغد لألطفال (اسرار املكتبة)‬ ‫عرض القصص التالية‪:‬‬ ‫الثعلب املكار والنحلة الغاضبة‪ ،‬ميدو ال يحب السوسة‪ ،‬املزارع‬ ‫الكسول واألرنب‪ ،‬سارق اجلزر‪ ،‬ملتقى حكايا ‪-‬مكتبة منيرة امللحم‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫مبادرة منيرة امللحم التطوعية خلدمة املجتمع الثالثة بعنوان‪:‬‬ ‫(مساندة لرياض األطفال)‪.‬‬

‫برنامج رواد الغد‪ -1 :‬علوم الكمبيوتر‪ -2 ،‬سينما الطفل‪،‬‬ ‫‪ -3‬حفلة شواء‪ -4 ،‬تجارب علمية‪ -5 ،‬أنا أرسم‪ -6 ،‬نزهة سعيدة‪،‬‬ ‫‪ -7‬أسرار المكتبة‪ -8 ،‬ألعاب حركية‪ -٩ ،‬شخصية وقصة‬ ‫ملتقى القراءة للطفل‪( :‬أنا أقرأ)‪ ،‬مناقشة «قصة الغزالة الحزينة»‪.‬‬ ‫بروفات أنشودة المكتبة‬ ‫الطريقة الصحيحة لتأسيس طفلك‬ ‫ملتقى القراءة للطفل‪( :‬أنا أقرأ)‪ ،‬مناقشة قصة‪ :‬البقرة الطماعة‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫التاريخ‬ ‫مستمر‬

‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬

‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫دار العلوم ‪ -‬نساء‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬

‫‪2021/10/24‬‬ ‫‪2021/10/25‬‬ ‫‪2021/10/26‬‬ ‫‪2021/10/31‬‬ ‫‪2021-10-25-4‬‬

‫‪2021/10/10‬م‬ ‫من األحد ‪ -‬األربعاء‬ ‫مستمرة لمدة شهر‬ ‫‪2021 /11/29-1‬‬ ‫‪2021/11/04‬‬ ‫‪2021/11/04‬‬ ‫‪2021 /11/25-1‬‬ ‫‪2021/11/11‬‬

‫تقارير‬


‫‪25‬‬ ‫‪26‬‬

‫عرض الكتب التالية‪ :‬التداوي بالصوم‪ ،‬تطور سلوك االتصال عند دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫األطفال‪ ،‬اإلحساس الديني عند الطفل‪ ،‬موسوعة كنوز للثقافة‪،‬‬ ‫ملتقى كنوز ‪ -‬مكتبة منيرة الملحم‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫عرض القصص التالية‪ :‬السمكة المغرورة‪ ،‬المزارع الكسول‬ ‫واالرنب‪ ،‬العصفور الصغير‪ ،‬حكمة اهلل في خلقه‪ .‬ليلى وقطرة‬ ‫المطر‪ ،‬ملتقى حكايا ‪ -‬مكتبة منيرة الملحم‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫برنامج ترفيهي ثقافي للطفل في اليوم العالمي للطفل‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫مسابقة بعنوان‪( :‬الراوي الصغير)‪.‬‬

‫‪27‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪29‬‬ ‫الطريقة الصحيحة لتأسيس طفلك‬ ‫‪ 30‬ملتقى القراءة للطفل (أنا أقرأ)‬

‫دار العلوم – نساء‬

‫دار العلوم – نساء‬

‫‪ 31‬برنامج شخصية وقصة‬ ‫‪ 32‬لقاء (القطاف األول) مبادرة الطريقة الصحيحة لتأسيس طفلك دار العلوم – نساء‬ ‫‪ 33‬برنامج‪( :‬قصة األسبوع)‬ ‫دار العلوم – نساء‬ ‫برنامج رحالت املعرفة‪:‬‬ ‫مبدعا‬ ‫اللقاء األول‪ :‬هيا نشكل أسماءنا‪ ،‬اللقاء الثاني‪ :‬كن‬ ‫ً‬ ‫اللقاء الثالث‪ :‬سر جناحي‪ ،‬اللقاء الرابع‪ :‬أنا أرسم‬ ‫‪ 35‬برنامج‪ :‬هيا نلعب‬ ‫‪ 36‬دورة‪( :‬الطريقة السهلة لإلعراب من أول وهلة)‬ ‫‪ 37‬برنامج أسرار املكتبة‬ ‫‪ 38‬برنامج ألعاب ذهنية‬ ‫‪39‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪41‬‬

‫‪42‬‬

‫‪٤٣‬‬ ‫‪٤٤‬‬

‫‪2021/11/27‬‬ ‫‪2021 /11/29-1‬‬

‫‪2021/12/30-1‬‬

‫‪2021/12/7‬‬

‫‪2021/12/9‬‬

‫‪2021/12/12‬‬ ‫‪2021/12/14‬‬

‫دار العلوم – نساء‬

‫دار العلوم – نساء‬

‫‪2021/12/30-1‬‬

‫دار العلوم – نساء‬

‫‪2021/12/21‬‬ ‫‪2021/12/22‬‬

‫دار العلوم – نساء‬

‫‪2021/12/26‬‬

‫دار العلوم – نساء‬ ‫دار العلوم – نساء‬

‫دورة منت اجلزرية‬ ‫دار العلوم – نساء‬ ‫أمسية قصصية‪( :‬يحكى أن) قدمها أ‪ .‬محمد صوانة و أ‪ .‬محمد دار الرحمانية ‪ -‬رجال‬ ‫صالح‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫عرض الكتب التالية‪:‬‬ ‫ (املفاتيح العشرة للنجاح)‬‫ (غذاؤك طبيبك)‬‫ (مبادئ اخلياطة)‬‫ (والدان وألول مرة)‪.‬‬‫ملتقى كنوز ‪ -‬مكتبة منيرة امللحم‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫عرض القصص التالية‪:‬‬ ‫ (الليل والنهار)‬‫ (ميدو وصديقه اجلبل)‬‫ (الوردة املغرورة)‬‫ (الرفق باحليوان)‪.‬‬‫ملتقى حكايا ‪ -‬مكتبة منيرة امللحم‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫ورشة ‪ (:‬الرسم باخلط) احتفاء باليوم العاملي للغة العربية‬ ‫دار الرحمانية ‪ -‬نساء‬ ‫إقامة مسابقة‪ ( :‬الراوي الصغير)‬

‫تقارير‬

‫‪2021 /11/29-1‬‬

‫‪2021/12/30-2‬‬

‫دار العلوم – نساء‬

‫‪ 34‬برنامج‪( :‬رسمة ولون)‬

‫‪2021 /11/24-7‬‬

‫‪2021/12/28‬‬

‫مستمر‬

‫‪2021/12/1‬‬ ‫‪2021/12/26-5‬‬

‫‪2021/12/27-6‬‬

‫‪2021/12/16‬‬ ‫‪2021/12/30‬‬

‫‪ 74‬العدد‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫‪143‬‬


‫الـ ـ ـ ـصـ ـ ـ ـفـ ـ ـ ـح ـ ـ ــة األخ ـ ـ ـ ـ ـيـ ـ ـ ـ ــرة‬

‫فقدان‬ ‫ُ‬ ‫الذاكرة‬ ‫األدب َّية‬ ‫صالح القرشي‬

‫ـؤال معتادًا‪ ،‬ما هي‬ ‫مع نهاية كل عــام‪ ،‬كثيرًا ما نصادف سـ ً‬ ‫أجمل‪ ،‬أو ما هي أفضل الكتب التي طالعناها هذا العام؟‬ ‫لكننا‪ ،‬ويــا لألسف والـحـســرة‪ ،‬نكون قــد نسينا الكثير مما‬ ‫ق ــرأن ــاه‪ ،‬وشـخـصـ ًيــا كلما تـعــرضــت لـهــذا ال ـســؤال كلما تــذكــرت‬ ‫مالحظة كتبها صاحب (العطر) و( الحمامة) باتريك زوسكيند‬ ‫فــي كـتــاب صغير ولطيف بـعـنــوان ( ثــاث حـكــايــات ومالحظة‬ ‫تأملية)‪ ،‬ترجمها عــن األلمانية كــامـيــران ح ــوج‪ ،‬ونشرتها دار‬ ‫الجمل في العام ‪2007‬م‪.‬‬ ‫المالحظة أسماها زوسكيند (فقدان الذاكرة األدبية)‪ ،‬فهو‬ ‫يقف أمــام مكتبته‪ ،‬ويلتقط كتابًا يعود به إلــى الطاولة‪ ،‬يبدأ‬ ‫في مطالعته‪ ،‬يكتشف مالحظات مكتوبة بالقلم الرصاص على‬ ‫أطراف بعض الصفحات‪ ،‬إنها المالحظات نفسها التي تخطر‬ ‫بباله اآلن‪ ،‬بل هو خطه نفسه‪ ،‬يقول في نفسه‪ :‬أنا إذًا القارئ‬ ‫السابق لهذا الكتاب‪ ..‬لقد نسيت كل شيء!‬

‫يعود إلى المكتبة (هذا المجلد األبيض‪ ،‬قرأته والكتاب)‪.‬‬ ‫علم عنه‬ ‫ثالث مرات على األقل‪ ،‬ليس لديّ أيّ ٍ‬ ‫ثم يعود لمواساة نفسه (ربما كانت القراءة‬ ‫اآلن‪ ،‬كأنما ذهــب مع الــريــح‪ ،‬هــذان المجلدان‬ ‫بالدرجة األولى هي عملية تشرّب رغم أن الوعي‬ ‫الحمراوان‪ ،‬لقد قرأتهما‪ ،‬عشت معهما أسابيع‬ ‫يغرق فيها كليًا‪ ،‬هكذا فالقارئ المصاب بفقدان‬ ‫بعيد جدًا‪ ،‬أهـ (الشياطين)‬ ‫زمن ٍ‬ ‫طويلة‪ ،‬ليس من ٍ‬ ‫الذاكرة األدبية يتغير بفعل القراءة لكنه ال يلحظ‬ ‫لديستوفيسكي‪ ،‬نعم‪ ،‬نعم‪ ،‬لــديّ بعض الذاكرة‬ ‫ذلك)‪.‬‬ ‫الغامضة عنهما)‪.‬‬ ‫أيضا (بالنسبة لشخص يكتب‪ ،‬فقد يكون‬ ‫يعلق ً‬ ‫من المجلدين الكبيرين لرواية ديستوفيسكي‪،‬‬ ‫فقدان الذاكرة األدبية نعمة‪ ،‬بل شرطً ا ال ب ّد منه)‪.‬‬ ‫يتذكر زوسكيند الفترة التي تدور فيها األحداث‬ ‫شــخــص ـ ًيــا‪ ،‬أت ــذك ــر ذلـــك الــمــقــال اللطيف‬ ‫في القرن التاسع عشر‪ ،‬يتذكر أن أحدهم في‬ ‫تلك الرواية أطلق النار على نفسه‪ ،‬لكن ليس أكثر لزوسكيند كلما تعرضت لــســؤال نهاية العام‬ ‫من ذلك‪.‬‬ ‫المعتاد‪ ،‬ما هي أجمل الكتب التي قرأتها هذا‬ ‫يجلس زوسكيند مجددًا إلى الطاولة‪ ،‬يحدث العام؟‬ ‫نفسه (أستطيع القراءة منذ ثالثين عامًا‪ ،‬لكن كل‬ ‫أود لو قلت للسائل‪ :‬نسيتها واهلل! لكنني أعود‬ ‫ما تبقى هو مجرد ذكريات غامضة وضعيفة)‪.‬‬ ‫واتحدث عن بعض الكتب التي تخطر في بالي‬

‫(إذا أردت البحث عن جملة خطرت في بالي‪ ،‬ولعل بعضها قد قرأته منذ سنوات بعيدة كابتعاد‬ ‫فأحتاج أياما للبحث عنها؛ ألني نسيت الكاتب الذاكرة رويدًا رويدًا‪.‬‬ ‫* كاتب سعودي‪.‬‬

‫‪144‬‬

‫العدد ‪74‬‬ ‫ش ـتــاء ‪١٤٤٣‬هـ ـ ـ ـ (‪٢٠٢٢‬م)‬

‫الصفحة األخيرة‬


‫من إصدارات اجلوبة‬

‫¦ محور خاص ‪ :‬جدلية الوقت والكتابة‬ ‫¦ نصوص جديدة ونوافذ‬ ‫¦ رحلة الشتاء بني الدخول وحومل‬ ‫¦ مواجهات‪ :‬أحمد فضل شبلول‪،‬‬ ‫محمود خيراهلل‪ ،‬خالد عبدالكرمي احلَمْ د‪.‬‬

‫ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ ﺳﻤﻮ وﻟﻲ اﻟﻌﻬﺪ‬

‫ﺳﻤﻮ وزﻳﺮ اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻳﻔﺘﺘﺢ ﻣﺸﺮوع‬ ‫ﻣﺤﻄﺔ ﺳﻜﺎﻛﺎ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ اﻟﺸﻤﺴﻴﺔ‬

‫‪71‬‬


‫من إصدارات برنامج النشر في مركز عبدالرحمن السديري الثقافي‬

‫مركز عبدالرحمن السديري الثقايف‬ ‫اجلوف‪ :‬ص‪ .‬ب‪854 :‬‬ ‫الرياض‪ :‬ص‪.‬ب ‪ 94781‬الرياض ‪11614‬‬ ‫الغاط‪ :‬ص‪ .‬ب ‪ - 63‬دار الرحمانية‬ ‫‪info@alsudairy.org.sa‬‬ ‫‪0553308853‬‬

‫هاتف ‪014 6245992‬‬ ‫هاتف ‪011 4999946‬‬ ‫هاتف ‪016 4422497‬‬ ‫|‬

‫فاكس ‪014 6247780‬‬ ‫جــوال ‪055 3308853‬‬ ‫فاكس ‪016 4421307‬‬

‫‪www.alsudairy.org.sa‬‬

‫‪Alsudairy1385‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.