The struggle continues: February - 2015

Page 1


‫العدد ‪ | 7‬شباط | ‪7th Issue | February‬‬

‫بيانُ الهو ّية‪:‬‬

‫ْ‬ ‫فريق مجلّة الهويّة إلى تسليط الضوء على بعض الحقائق التاريخيّة الفلسطينيّة‪.‬‬ ‫يسعى‬ ‫كما يعمل على كتابة الواقع الفلسطينيّ ثقاف ّيا ً وفنياً‪ .‬آخذاً‬ ‫بعين ملؤها االعتبا ُر القضية الفلسطينية بين األرض وبين ال ّ‬ ‫شتات‪ .‬كما ويُوثق النضا ُل‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫الماضي والحاضر بأصوا ٍ‬ ‫وحق العودة‪.‬‬ ‫ت طالبيّة من أجل فلسطين‬

‫فريق الهو ّية‪:‬‬ ‫الفرا‬ ‫رئيس التحرير‪ :‬شهيد ّ‬ ‫مدقق اللّغة العربية‪ :‬فراس سليم جورج يونس‬ ‫الفرا عالء كيالي نورس عكروش وداد عنبتاوي نور صادق علي الموعد فرح الدربي‬ ‫الكتاب المساهمون‪ :‬هنادي أبي علي نوافل ال ِّشهابي شهيد ّ‬ ‫حنين يوسف‪.‬‬ ‫الفرا و إصدار النادي الثقافي الفلسطيني في الجامعة األمريكية في بيروت‪.‬‬ ‫تصميم‪ :‬شهيد ّ‬ ‫برعاية يوليب‪.‬‬

‫تواصلوا معنا‪:‬‬ ‫تريد‪/‬ين المساهمة في المجلة بأي نوع من المساهمة؟ أو أيّة آراء؟ اتّصل‪/‬ي بنا على ‪pcc.alhawiyya@gmail.com‬‬


‫‪3‬‬

‫ُ‬ ‫شعلة الشرق‬ ‫هنادي أبي علي‬ ‫قالئ ٌل هم العرب الذين يغادرون إلى الغرب‪ ،‬ث ّم يعودون إلى بالدهم‬ ‫كبير من هو يّتهم ّ‬ ‫الثقاف ّي ِة والعرب ّيةِ‪ .‬ففي أغلب األحيان‪،‬‬ ‫بجز ٍء‬ ‫ٍ‬ ‫يتناسى المغتربون لغتهم األم‪ ،‬ويتحدّثون بلغة البالد الّتي عادوا منها‬ ‫إلبرازامتياز عيشهم في دول ٍة من دول عالم ال ّ‬ ‫شمال‪ ،‬أو يباشرون بشتم‬ ‫األنظمة العربيّة وعجزها عن تأمين معيش ٍة الئقةٍ‪ .‬فيسترسلون في‬ ‫الحديث عن سبب تخلّفنا نحن العرب‪ ،‬وتفوّ ق الغرب علينا‪ .‬قالئل هم‬ ‫من ابتعدوا عن بالدهم‪ ،‬وبقوا معنيّين بسياستها وقضاياها‪ ،‬وأخذوا‬ ‫على عاتقهم مه ّم َة تغيير حال أمّتهم‪ ،‬علّها تنهض‪ .‬وقالئ ُل أيضًا‪ ،‬هم‬ ‫من ناضلوا واستمرّوا في الدّفاع عن قضيّة فلسطين‪ ،‬الّتي يتناساها أبناء‬ ‫العرب‪ ،‬ويشيحون بأنظارهم عنها‪ ،‬أل ّنها باتت عب ًئا ال يقدرون على‬ ‫صغرعددهم‪ ،‬يبقى هؤالء القالئل جمرً ا مشتعلاً في‬ ‫حمله‪ .‬لكن‪ ،‬رغم‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫رماد البالد العربيّة‪ ،‬منتظرين أن تأتي اللحظة المناسبة لي ّتقدوا بنيران‬ ‫اليقظة وينبعثوا من جديد‪.‬‬

‫شباط ‪February 2015 |2015‬‬ ‫ً‬ ‫وممارسة في إطار المؤسّسات‬ ‫فواكب ال ّنضال الوطنيّ الفلسطينيّ فكرً ا‬ ‫الفلسطينيّة بعد اليقظة الفلسطينيّة الحديثة في مطلع السّتينيّات من القرن‬ ‫ً‬ ‫رمزا عالم ًّيا للقوميّة الفلسطينيّة‪ ،‬الّتي‬ ‫الماضي‪ .‬كثيرون اعتبروا سعيد‬ ‫مواطن أميركيٍّ ‪ ،‬رغم موتها في قلوب الكثير من‬ ‫بقيت حي ًّة في قلب‬ ‫ٍ‬ ‫المواطنين العرب‪ .‬فال شهرته الواسعة‪ ،‬وال حياته الجديدة في أميركا‪،‬‬ ‫وقفتا عائ ًقا إلبعاده عن القضيّة الفلسطينيّة‪ ،‬فظ ّل الصّوت ال ّناشط والفعّال‬ ‫ّ‬ ‫وحق‬ ‫في عقر دار المطبخ السّياسي الصّهيوني‪ ،‬من أجل قضيّة فلسطين‬ ‫ال ّ‬ ‫شعب الفلسطينيّ بالعودة وإقامة دولته المستقلّة‪ .‬كما أ ّنه أنكر ك ّل‬ ‫المزاعم اليهوديّة واإلستعماريّة المروّ جة ألكذوبة أنّ « ال شعب في‬ ‫أرض فلسطين»‪ ،‬وقدّم ً‬ ‫بحثا ّ‬ ‫موث ًقا للخصائص ال ّتاريخيّة واإلجتماعيّة‬ ‫ً‬ ‫عضوا‬ ‫لفلسطين وشعبها‪ ،‬حيث يعيش مجتم ٌع متمدّنٌ ‪ .‬كان إدوارد سعيد‬ ‫اًّ‬ ‫مستقل في المجلس الوطنيّ الفلسطينيّ لعقو ٍد طويلةٍ‪ ،‬إلى أن استقال في‬ ‫عام ‪ 1991‬بعد مؤتمر مدريد‪ ،‬لعوامل صحّ يّة‪ .‬كما كان من المحتجّ ين‬ ‫على ا ّتفاق أوسلو بين ّ‬ ‫منظمة ال ّتحرير والحكومة اإلسرائيليّة‪ ،‬مؤ ّك ًدا‬ ‫أنّ هذا اإل ّتفاق لن يؤدّي إلى بناء الدّولة الفلسطينيّة المنشودة‪ .‬أصدر‬ ‫ّ‬ ‫«غزة أريحا‪:‬‬ ‫سعيد كتابين في عام ‪ 1995‬حول ا ّتفاق أوسلو بعنوان‬ ‫سالم أميركيّ »و»أوسلو سالم بال أرض» ث ّم كتابًا بعنوان «نهاية‬ ‫عمليّة السّالم» الذي صدر في عام ‪ .2000‬وبعدها‪ ،‬شارك سعيد في‬ ‫إطالق المبادرة الوطنيّة الفلسطينيّة مع مصطفى البرغوثي وحيدر عبد‬ ‫الشافعي بهدف خلق قوّ ة فلسطينيّة ثالثة تقوم على مبدأ الديمقراطيّة بعد‬ ‫احتدام الخالفات بين حركتي فتح وحماس‪.‬‬ ‫رغم كتابته العديد من المؤلّفات المتعلّقة بالقضيّة والقوميّة‬ ‫ ‬ ‫الفلسطينيّة‪ ،‬باإلضافة إلى سيرته الذاتيّة «خارج المكان» التي دحض‬ ‫فيها ك ّل المزاعم الصّهيونيّة واإلسرائيليّة‪ ،‬يبقى كتابه «اإلستشراق»‬ ‫أحد أه ّم أعماله‪ .‬ففيه قدّم نق ًدا عن حركة اإلستشراق السّائدة‪ ،‬واعتبرها‬ ‫ً‬ ‫وسيلة لخدمة األهداف اإلستعماريّة للدّول األوروبيّة والواليات الم ّتحدة‬

‫األميركيّة من أجل السّيطرة على ال ّدول العربيّة واإلسالميّة‪ .‬رأى‬ ‫سعيد أنّ تصوير الغرب لل ّ‬ ‫شرق مغرضٌ ‪ ،‬ويبرّ ر الهيمنة السّياسيّة على‬ ‫شرق‪ .‬اعتقد سعيد أنّ ال ّ‬ ‫ال ّ‬ ‫شرق يجب أن يُدرس من منطلق ثقافاته‬ ‫ومجتمعاته‪ ،‬وليس من منطلق رؤية الغرب ونظرتهم التي تنسب إلى‬ ‫ال ّ‬ ‫شرقيّين الضّعف والالعقالنيّة‪.‬‬ ‫إدوارد سعيد جمرةٌ في رماد هذه البالد‪ .‬وُ لِد سعيد في األوّ ل من‬ ‫نوفمبر من العام ‪ 1935‬في القدس‪ ،‬أل ٍ‬ ‫ب مقدسيٍّ وأ ٍّم من ال ّناصرة‪.‬‬ ‫بدأ دراسته في القدس‪ ،‬ث ّم انتقل مع عائلته إلى القاهرة وبعدها إلى‬ ‫درس ودرَّ س في جامعاتها‪ .‬كان‬ ‫الواليات الم ّتحدة األميركيّة‪ ،‬حيث َ‬ ‫سعيد طالبًا متفوّ ًقا رغم شعوره بالغربة والمنفى‪ ،‬فتعلّم في مدرس ٍة‬ ‫داخل ّي ٍة في ماساتشوستس‪ ،‬وتابع دراساته العليا في جامعة برينستون‪ ،‬ث ّم‬ ‫نال الدّكتوراه في اللّغة اإلنجليزيّة واألدب المُقارن من جامعة هارفارد‪.‬‬ ‫بعدها‪ ،‬انض ّم سعيد إلى هيئة ال ّتدريس في جامعة كولومبيا في قسم الّلغة‬ ‫اإلنجليزيّة واألدب المُقارن‪ ،‬حيث حاز على لقب أستاذ جامعيّ متميّز‬ ‫زائر‬ ‫وهي أعلى درجة أكاديميّة في تلك الجامعة‪ .‬كما عمل برتبة أستا ٍذ‬ ‫ٍ‬ ‫في األدب المُقارن في جامعة هارفارد عام ‪ ،1974‬جونز هوبكينز في‬ ‫عام ‪ ،1979‬وعضو إدارة في جامعة ستانفورد في العامين ‪1975‬‬ ‫و‪.1976‬‬ ‫رغم انخراطه ّ‬ ‫بالثقافة الغربيّة‪ ،‬وتخصّصه بمعالمها األدبيّة‪ ،‬كان لألمّة‬ ‫ً‬ ‫قسطا كبيرً ا من حياته‪.‬‬ ‫العربيّة عمومًا‪ ،‬ولبلده فلسطين خصوصًا‪،‬‬

‫حجر على مركز حراسة‬ ‫في العام ‪ ،2000‬قام إدوارد سعيد برمي‬ ‫ٍ‬ ‫لاّ‬ ‫ّ‬ ‫إسرائيلي على الحدود اللّبنانيّة‪ .‬أثار هذا التصرّ ف استنكارط به في‬ ‫جامعة كولومبيا ‪ ،‬فطلبوا من الجامعة فصله أل ّنه أستاذ إرهابيّ ‪ ،‬لكنّ‬ ‫الجامعة رفضت طبعًا‪،‬كونه أحد ألمع أساتذتها‪ ،‬وكونه يتم ّتع بحرّ يّة‬ ‫أكاديميّة‪ .‬ال أعتقد أن إنسا ًنا بفكر سعيد ظنّ أ ّنه برميه حجرً ا عبر‬ ‫الحدود اللّبنانيّة سيكون قد ألحق ضررً ا بالعدوّ ‪ ،‬لك ّنه على األرجح‬ ‫أرض مسلوب ٍة ويرميه بوجه‬ ‫أحبّ ‪ ،‬ولو لمرّ ةٍ‪ ،‬أن يغمر حجرً ا من على‬ ‫ٍ‬ ‫إسرائيل‪ ،‬أسو ًة بغيره من أطفال فلسطين‪ ،‬أطفال الحجارة‪ .‬ذاك الحجر‬ ‫شامل‪ .‬هو رمز انتفاض ٍة وتمرّ دٍ‪ ،‬وُ جد في‬ ‫دمار‬ ‫سالح‬ ‫ليس اعتداءًا وال‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫األرض ليكون‪ ،‬برميه‪ ،‬أملاً باستردادها يومًا ما‪.‬‬ ‫مضى إثنا عشر عامًا على رحيل سعيد‪ ،‬لكنّ أعماله ما زالت موضوع‬ ‫نق ٍد ودراس ٍة في األواسط األكاديميّة‪ .‬عاش سعيد حياته في عقر دار‬ ‫اإلمبرياليّة العالميّة‪ ،‬وحاربها وحارب سياساتها المعادية للعرب‪.‬‬ ‫وصنع ألبناء أ مّته هيكل هو ّي ٍة يستطيعون منه اإلنعتاق من هيمنة‬ ‫الغرب وصنع كيانهم العلمانيّ ال ّديمقراطيّ الخاص‪.‬‬


‫شباط ‪February 2015 |2015‬‬

‫‪4‬‬

‫حاول جاه ًدا تعلّم العربيّة لكي يتقن كتابتها‪ ،‬بدل إهمالها‪ ،‬ويوصل ويقو ُل بثق ٍة تامة حين يُسْ أ َ ُل عن هويته ‪:‬‬ ‫صوته إلى أبناء وطنه‪ .‬لكن ولألسف‪ ،‬مع انطفاء شعلة سعيد‪ ،‬انطفأت‬ ‫«أنا ابنُ مُري ٍد ورضوى‬ ‫ّ‬ ‫الرق الغربيّ ‪ .‬فال فلسطين‬ ‫معه ك ّل اآلمال بال ّنهوض وال ّتخلّص من‬ ‫تحرّ رت‪ ،‬وال العرب توحّ دوا‪ .‬ال بل أنكر بعضهم وجود فلسطين‪ ،‬ذلك بالدي فلسطين‪ ،‬واسمي تمي ْم »‬ ‫ألنّ ألسنة ح ّكامهم معقودةٌ بخيوطٍ أجنب ّي ٍة تحرّ كها مثلما شاءت‪ .‬وال‬ ‫نهر ال ّنيل‪ ،‬وُ لد تميم البرغوثي في حزيران ‪ ،1977‬عندها‬ ‫ب‬ ‫بجان‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العالم العربيّ سادته الدّيمقراطيّة‪ ،‬بل طغاه اإلرهاب واألنظمة الفاشيّة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫أصرّ ت والدته‪-‬الروائية المصرية رضوى عاشور‪ -‬أن يُكتب في‬ ‫مزقتها اإلنشقاقات ّ‬ ‫وال سادت العلمانيّة مجتمعاتنا‪ ،‬بل ّ‬ ‫الطائفيّة‪ .‬لو كان‬ ‫ير بالده إال حين صار يافعًا‪ .‬عندما‬ ‫سعيد ح ًيا اليوم‪ ،‬ألسف على حال أمّتنا‪ .‬فليرقد بسالم بعي ًدا عن عالم شهاد ِة ميالد ِه «فلسطيني» لك ّنه لم َ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫اصطحبه والده – ال ّ‬ ‫شاعر الفلسطيني مُريد البرغوثي‪ -‬إلى هُناك‪.‬‬ ‫لن يعرف السّالم‪.‬‬

‫واسمي تمي ْم‬

‫كانت هذه الرّ حلة التي جمعت االبن بأرض ِه ألول مرة‪ ،‬و هي التي زار‬ ‫كتب قصيدته ال ّ‬ ‫شهيرة «في القدس»‬ ‫فيها القدس ألول مر ٍة أيضًا‪ .‬حتى َ‬ ‫دس‬ ‫والتي صورّ ت المدينة تصويرً ا دقي ًقا وكأنما قد عاش كاتبُها في القُ ِ‬ ‫منذ أ َمد‪.‬‬ ‫ليس ينكرُها العِبا ُد‪،‬‬ ‫«في القدس يرتا ُح التناقضُ ‪ ،‬والعجائبُ َ‬ ‫ُون َقدِيمها َو َجدِيدَ ها‪،‬‬ ‫اش ُي َقلِّب َ‬ ‫كأنها ق َِط ُع ال ِق َم ِ‬ ‫ُ‬ ‫هناك ُت ْل َمسُ بال َيدَ يْنْ‬ ‫والمعجزات‬ ‫َ‬ ‫‪...‬‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫بناية‬ ‫لمست‬ ‫صافحت شيخا ً أو‬ ‫في القدس لو‬

‫نوافل ِّ‬ ‫الشهابي‬ ‫ُرح في خاصر ِة هذه األرض‪،‬‬ ‫يا أقد َم ج ٍ‬ ‫األخبار التي تشر ُح ألمكِ ك ّل ليلة‪ .‬صارت‬ ‫لم َيع ُْد يُبكينا أن نستمع لنشر ِة‬ ‫ِ‬ ‫ال ُّدمو ُع فيكِ ثور ًة‪ ،‬يترجمها أبناؤُ كِ في البنادق والرُّ سومات واألغاني‬ ‫والقصائد‪.‬‬

‫َل َو َج ْد َ‬ ‫يك َنصَّ قصيدَ ٍة‬ ‫ت منقوشا ً على َك َّف َ‬ ‫الكرام أو ْاث َن َتيْنْ »‬ ‫ياب َْن‬ ‫ِ‬ ‫يك ُتبُ تميم وط َنه ويحي ُ‬ ‫أوجاع‬ ‫ك من‬ ‫شعبه القصائدَ ‪ .‬تعلّق تميم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫البرغوثي بال ّ‬ ‫شعر وتعلَّم األ ْبح َُر الشعرية صغيرً ا‪ .‬كما كان شديد‬ ‫االهتمام بالموسيقى العربية ُ‬ ‫منذ صِ غره‪ .‬أصدر ديوانه األول بالدّارجة‬ ‫الفلسطينية‪ .‬انض َّم إلى برنامج «أمير ال ّ‬ ‫شعراء» في أبوظبي ليُالقي‬ ‫تشجيعًا كبيرً ا من المهتمين بال ّ‬ ‫درس البرغوثي العلوم‬ ‫شعر العربيّ ‪.‬كما‬ ‫َ‬ ‫السّياسية في جامعة القاهرة وحصل على شهادة الدكتوراه من جامعة‬ ‫بوسطن‪ .‬يعم ُل حاليًا في جامعة جورجتاون بواشنطن‪.‬‬

‫ً‬ ‫ُ‬ ‫مؤمنة بما أنشدناهُ صغارً ا‪ ،‬مؤمنة‬ ‫مازلت‬ ‫ال أعرفُ لماذا‪ ،‬ولك ّنني‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َّ‬ ‫وراية ترفرف» وبأن الشباب الذي أنجبته‬ ‫غاية تشرّ ف‬ ‫«عزنا‬ ‫بأنّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫أنهك‬ ‫ا‪«.‬مازلت مؤمنة‪ ،‬رغم ك ِّل الوجع الذي‬ ‫هذه األرض لن يك َّل حق‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫األمل‬ ‫مقدار‬ ‫ُالحظ‬ ‫هذ ِه األمة أنَّ فيها صفوفا ستخرج وهي تشع ُر بالحرية وتقدّس العزة ليس صعبًا على من يقرأ تميم البرغوثي أن ي‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫وتؤمنُ بالكرامة كما قال عبد الناصر‪ .‬واإليمان ال يحتا ُج إلى تبرير‪ ،‬المُختزن في كلماته‪ .‬وكأ َّنه يروح حين يكتب ليُضمِّد جراح وطنه وأن‬ ‫ت حلكة‪ ،‬ف ُي ْنعشُ عروقنا باألمل‪.‬‬ ‫إ ّنه يومِضُ في أش ِّد األوقا ِ‬ ‫يطمئن أهله ويمتدح صبرهم‪:‬‬ ‫َ‬ ‫آمن بأ ّنها «لن تتل َّقح تلك‬ ‫أرضُكِ العطشى يا فلسطين سيرويها من َ‬ ‫سار أهلي فالدّه ُر ي ّتبعُ‪ ،‬يشه ُد أحوالهم ويستم ُع‬ ‫إن َ‬ ‫وجل‬ ‫األرض بغير اللغ ِة العربية» مظ َّفر النوَّ اب‪ .‬بمن يخاطبكِ على‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الكثير وابتدعوا‬ ‫يأخذ عنهم فنَّ البقا ِء فقد زادوا عليه‬ ‫َ‬ ‫ارتبكي قليالً‪ ،‬إ ّنه أم ٌر طبيعيٌ ‪ ،‬ثم قومي إ ّنه أم ٌر‬ ‫المحبة ‪« :‬يا أمتي‬ ‫ِ‬ ‫طبيعيٌ كذلك!»‬

‫ي َ‬ ‫ُتعبين من أبنائِكِ أنْ ‪:‬‬ ‫ُطمْ ئنُ الم َ‬ ‫«ال تحزنوا إن غزوا بالدك ُم‬ ‫ُبح سنبتني بلدا»‬ ‫في ك ّل ص ٍ‬

‫وكلّما ه َّم أن يقو َل لهم بأ َّنهم مهزومون ما اقتنعوا‬ ‫تميم البرْ غوثي شاع ٌر يؤمنُ في قضيّته ويؤمن بأنَّ الكلم َة سال ٌح وبأنَّ‬ ‫للقصيدة كدبابة الميركافا وأعتى‪ ،‬فلها أنْ ُتقاوم ولها أنْ تنتصر‪.‬‬


‫‪5‬‬

‫ما بعد الحرب‪ :‬التحدّي‬ ‫شهيد الفرّا‬ ‫انتهت الحرب‪ .‬هذا ما اعتقده أه ُل ّ‬ ‫غزة بعدما خاضوا ثالثة حروب‬ ‫مدمرة في مد ٍة ال تق ُّل عن ثمانية سنوا ٍ‬ ‫ت ‪ .‬ولكن في الواقع‪ ،‬ألهل‬ ‫فلسطين‪ ،‬هي هدنة ظالمة لحرب لن تضع أوزارها حتى تعود األرض‬ ‫ألهلها‪« .‬ال ّناجين من الحرب هم الضحايا»‪ -‬حمزة صفتاوي‪« :‬عليهم‬ ‫أن يعيشوا في أعقاب ما بعد الحرب»‪ .‬الوضع في ّ‬ ‫غزة حاليا ً هو‬ ‫ٌ‬ ‫األسوء من أيِّ وق ٍ‬ ‫ممتلئة‬ ‫ت مضى‪ .‬المالجئ مزدحمة والمدارس‬ ‫ّ‬ ‫ليحتمي به هو‬ ‫منزل‬ ‫باألطفال ومن ليس لديه‬ ‫بالطالب و إ ّنما‬ ‫ليس‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫وعائلته‪ .‬وقدّر أنّ حوالي ‪ 108000‬من السّكان أضحوا دون سقف‪.‬‬ ‫شوارع في أسوء ّ‬ ‫ال بل هناك العديد ممّن يعيشون في ال ّ‬ ‫الظروف‪ ،‬من‬ ‫البرد والفقر المدقع والبطالة وإنتفاء األمان‪ ،‬فإسرائيل التزال تحلّق‬ ‫طائراتها الحربية فوق القطاع تذكيرً ا بأنّ الحرب لن تنتهي إال بموتهم‬ ‫أو بخروجهم وترك ديارهم‪ .‬أصبحت أصوات الطائرات ال ّنفاثة جزءًا‬ ‫مبال‪ ،‬يسعى في طلب رزقه‪،‬‬ ‫من حيا ِة الفلسطيني لك ّنه يستمر غير‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫واضحة للمحتلّ‪ :‬هي أرضنا‬ ‫رسالة‬ ‫وأطفاله يلهون في العراء يرسلون‬ ‫ولن نرحل منها مهما كلّف ّ‬ ‫الثمن‪ .‬خسائر ّ‬ ‫غزة لم تكن بالبناء والبشر‬ ‫فقط‪ ،‬فالحرب دمّرت وسرقت ّ‬ ‫أعين كانت قد شهدت تدمير‬ ‫الطفولة من‬ ‫ٍ‬ ‫منازلها وقتل أهلها وإخوانها‪ .‬وآباء قامت بدفن أبنائها‪ .‬وكأ ّنه لم يكن‬ ‫أصيب العديد‬ ‫فقدان كل ما يجعل معنى للحياة كافياً‪ ،‬ففوق ك ّل هذا‬ ‫َ‬ ‫بإعاقة دائمة نتيجة قذيفة أصابتهم شظاياها‪ .‬لقد سببت الحرب مشاكل‬ ‫نفسية وعقلية وجسدية لك ِّل من شهدها‪.‬‬ ‫لقد تجاوزت ضحايا ّ‬ ‫غزة جميع األصعدة ح ّتى اإلقتصاد منها‪ ،‬إذ‬ ‫غدا اإلقتصاد ّ‬ ‫الغزي كذلك أحد ضحايا هذه الحرب‪ .‬تدمرت عشرات‬ ‫المصانع وأًضيعت آالف الفرص للعمل‪ .‬لم يعد ّ‬ ‫الطالب قادرين على‬ ‫تحمّل رسوم الفصل الدراسي والكتب والمواصالت‪ ،‬وبات ه ُّم األُسر‬ ‫ُ‬ ‫حيث تعتبر ال ّد راسة الجامعيّة‬ ‫يوم بيومه‪،‬‬ ‫توفير لقمة العيش‪ ،‬ك َّل ٍ‬ ‫تر ًفا التستطيع العائالت تحمّله‪ .‬هذا ولم يستلم العديد شهاداتهم كونهم‬ ‫مديونين للجامعة‪ ،‬ومن دون شهادة التوجد فرص عمل‪.‬‬ ‫ح ّتى القطاع الحيواني في ّ‬ ‫غزة لم يسلم من بطش إسرائيل‪ .‬يشير رئيس‬ ‫مكتب منظمة األغذية ّ‬ ‫والزراعة في الضفة الغربية وقطاع غزة‪« :‬أكثر‬ ‫من ‪ 15000‬حيوان نفقوا‪ ،‬ال يمكن الجزم كيف نفقت‪ ،‬تعود األسباب‬ ‫إلى عدم توافر المياه أو العلف‪ ،‬وهذا معناه أنّ ‪ 20‬بالمئة من الكثافة‬ ‫الحيوانية فُقدت‪» .‬معظم ّ‬ ‫الطعام في ّ‬ ‫غزة مستورد من الخارج‪ ،‬ولكن‬ ‫خالل الحرب وبعدها ‪ ،‬الغنيُّ هو من يتمكن من شرا ِء البضائع المحليّة‬

‫شباط ‪February 2015 |2015‬‬

‫فقط‪ ،‬لندرتها وتضاعف أسعارها ثالث مرّ ات على األقل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫المنظمة الدّولية في تقريرها‬ ‫وإن لم تكن هذه األضرار كافية! أوضحت‬ ‫إن الحرب اإلسرائيلية على قطاع غزة تسببت في إلحاق أضرار كبيرة‬ ‫ومباشرة بـ ‪ 170‬ألف دونم من أراضي ّ‬ ‫غزة الزراعية وكذلك جزء‬ ‫كبير من البنية التحتية الزراعية‪ ،‬بما في ذلك البيوت المحمية وأنظمة‬ ‫الري والمزارع الحيوانية ومخازن العلف وقوارب الصّيد‪.‬‬ ‫إضطرّ المزارعون للّجوء إلى المالجئ‪ ،‬وترك مزارعهم‪ ،‬فتلفت جميع‬ ‫المحاصيل التي لم َ‬ ‫تلق أي عناية منذ شهر تموز‪« .‬في ك ِّل حربٍ‪،‬‬ ‫إسرائيل تغزو األرض لنزرعها من جديد»‪ -‬مزارع من ّ‬ ‫غزة‪.‬‬ ‫أمّا بال ّنسبة إلسرائيل‪ ،‬خسائرها أكثرها إقتصاديّة إلنفاقها الماليين على‬ ‫حملتها العسكريّة‪ ،‬ولكن بدعم من الواليات الم ّتحدة األميركيّة ومعظم‬ ‫دول العالم‪ ،‬عاد إقتصادها إلى ما كان عليه قبل الحرب‪ 71 .‬قتيالً‬ ‫سجّلوا باألرشيف‪ ،‬أكثرهم نتيجة نيران صديقة‪ ،‬و‪ 14‬منزالً تضرّ ر‬ ‫خالل الحرب‪ .‬اليوجد مكان للمقارنة سواء على مستوى األرواح أو‬ ‫غيرها من أضرار جسدية أو نفسية أو إقتصاديّة‪ .‬خسائر ّ‬ ‫غزة قدرت‬ ‫بحوالي ‪ 7.8‬مليار دوالراً أميركيّا‪ .‬هنا يبدأ التحدي الحقيقي ألهل ّ‬ ‫غزة‪.‬‬ ‫وعالج المرضى وال ّتغلب‬ ‫ودفن للشهداء‬ ‫وزرع للمحاصيل‬ ‫إعمار‬ ‫من‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫شعب‪ .‬وهل يعتبر هذا ً‬ ‫على الحزن والمآسي الّتي أصابت هذا ال ّ‬ ‫فوزا‬ ‫للفلسطينييّن؟ ماذا ح ّققت إلى اآلن حركة حماس لل ّ‬ ‫شعب؟ الجميع مقتنع‬ ‫بفوز الحركة‪ ،‬وتحقيق شروطها‪ .‬ولكنّ الحصار أسوء من قبل‪ ،‬ميناء‬ ‫ِ‬ ‫غزة مغلق وبناء المطار غير مطروح والوعود بإمداد ّ‬ ‫ّ‬ ‫غزة بما تحتاجه‬ ‫أشهر مرّت على انتهاء الحرب‬ ‫لإلعمار مازالت وعود على ورق‪ .‬ثالثة‬ ‫ٍ‬ ‫وأكثر م ّدة بقي فيها معبر رفح مفتوح كانت بضع ساعات‪ .‬النعبأ‬ ‫ما هي الخالفات بين الشعوب العربية ومسؤولي الحركة والسّلطة‪،‬‬ ‫المعابر حق لل ّ‬ ‫شعب ليتنفس‪ ،‬ليعيش وهذه أبسط الحقوق اإلنسانية التي‬ ‫يطلبها الشعب من إخوانه العرب‪ .‬أطفا ٌل يعيشون على ضوء الشمع‬ ‫تحت الحطام والركام‪ .‬معين نعيم‪ ،‬رجل هرم عاش االحتالل والقهر‬ ‫وهو اآلن في عقده السادس‪ ،‬يعيش مع عائلته في حي الشجاعية حيث‬ ‫المنزل منشطر إلى نصفين‪« :‬نستطيع أن نرى من حيث نجلس بأنّ‬ ‫لديهم كهرباء على الحدود وال يوجد بشر‪ ،‬وهنا شعب يعيش من دون‬ ‫كهرباء»‪ .‬وردّد قهراً‪« :‬ألسنا بشر!!»‪ .‬من الممكن َتفهُّم عدم إلتزام‬ ‫إسرائيل بجانبها من اإل ّتفاقية ولكن عدم إلتزام الشعوب العريبة غير‬ ‫مبرّ ر مهما كانت األسباب‪.‬‬ ‫الشعب الفلسطيني لم يقاوم العدو ليحقق شروط العيش فقط‪ .‬فلو كانت‬ ‫تلك الشروط هي همّه الوحيد لهاجر الفلسطينيّون جميعا ً ولما واجهوا‬ ‫حتفهم‪ 2147 .‬شهيداً ضحّ وا بأنفسهم لسب ٍ‬ ‫ب أسمى‪ ،‬للمقاومة وللصمود‬ ‫في األرض‪ ،‬أرضٌ كانت وستبقى دوما ً أرضهم‪.‬‬


‫‪6‬‬

‫الخطاب السياسي أم‬ ‫آر ‪ 160‬وبراق ‪70‬؟‬ ‫عالء كيَّالي‬ ‫ْ‬ ‫بدأت«إسرائيل»العدوان على قطاع غزة يوم ‪ 8‬يوليو‪/‬تموز‪.2014‬‬ ‫ممَّا أدى إلى سقوط مئات الشهداء وآالف المصابين‪ .‬وقد ر َّدت فصائل‬ ‫مدن مُحتلَّة عديدة وقتل عد ٍد من جنود‬ ‫المقاومة من جانبها بقصف‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ارتفعت بعض أصوات السياسيِّين الفلسطينين والعرب‬ ‫االحتالل‪.‬‬ ‫كما األوربيين منقسمين على محورين أساسيَّين هما المؤيِّد للمقاومة‬ ‫الفلسطينيَّة من جهة وال َّداعم للعمليَّة اإلسرائيليَّة من جهة أخرى باإلضافة‬ ‫إلى طرف ثالث دائمًا ما كان يدعو للسَّالم ووقف إطالق ال َّنار على‬ ‫الجانبيين الفلسطيني واإلسرائيلي‪ .‬ال جديد فيما سبق ذكره بالمقارنة مع‬ ‫حروب غزة السَّابقة‪ ،‬فهناك من يشجب ومن ي َّتهم ومن يقوم بال َّتصعيد‬ ‫وآخر يدعم الجانب اإلسرائيلي بشكل هزلي ومخيف في ذات الوقت‪.‬‬ ‫ولكن ما اختلف في حرب غزة ‪ 2014‬هو تمحور بعض السِّياسيين‬ ‫واإلعالميِّين حو َل أفكار ومعتقدات غريبة بعض ال ِّشيء وعلى األخص‬ ‫اإلعالم المصري الَّذي كان بأغلبيَّته يدعم العدوان على َّ‬ ‫غزة ويرفع‬ ‫ظهر اإلعالمي المصري «عمرو أديب»‬ ‫القبَّعات لجيش االحتالل‪ .‬كما‬ ‫َ‬ ‫لاً‬ ‫َّ‬ ‫عبر برنامجه «القاهرة اليوم» قائ ‪« :‬الناس دي تستحق اللي هي‬ ‫في وتستحق كمان إ َّنها تنتهي‪ .‬والخواجة اإلسرائيلي‪ ،‬سالم يا عمي»‬ ‫مع تقديم عمرو أديب ال َّتحيَّة العسكريَّة للجيش اإلسرائيلي‪ .‬قد يدرك‬ ‫َّ‬ ‫المطلع أنَّ عمرو أديب قد وص َل إلى هذا الموقف بسبب مقتل‬ ‫المشاهد‬ ‫الجندي المصري على الحدود الفلسطينيَّة‪-‬المصريَّة‪ ،‬وا ِّتهام الحكومة‬ ‫المصريَّة حركة «حماس» بتلك العملية‪ .‬كان موقف اإلعالم المصري‬ ‫ُ‬ ‫حيث تحوَّ ْ‬ ‫لت معظم نشرات األخبار‬ ‫شديد ال َّتطرُّ ف في الحرب األخيرة‬ ‫َّ‬ ‫المحطات المصريَّة إلى مواجهة حركة حماس ودعم العدوان‬ ‫على‬ ‫اإلسرائيلي عليها‪.‬‬

‫شباط ‪February 2015 |2015‬‬ ‫واالستقرار في المنطقة‪ .‬ليست المرَّ ة األولى الَّتي يستعمل فيها رئيسٌ‬ ‫عربي ورقة فلسطين لتكون ورقة لعب على طاولته السِّياسيَّة‪ .‬يملي‬ ‫الرَّ ئيس المصري ما تق َّد َم ذكره موقعًا الَّلوم األكبر على حركة حماس‬ ‫وفصائل المقاومة األخرى المتواجدة في قطاع َّ‬ ‫غزة‪ .‬هذه العبارات من‬ ‫االلتزام با ِّتفاقيَّة السَّالم إلى لوم حركة حماس لم تكن جديدة في الخطاب‬ ‫الرِّ ئاسي المصري فقد تكرَّ ْ‬ ‫رت قبل ذلك ع َّدة مرَّ ات ابتدا ًء من خطاب‬ ‫ال َّتنصيب فالتأكيد على ا ِّتفاقيَّة السَّالم بين مصر والكيان اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫وغير بعيد عن تفاعل اإلعالم المصري الغير مسبوق مع الحرب‬ ‫األخيرة على َّ‬ ‫غز ة‪ ،‬يُصرُّ اإلعالميُّون المصر يُّون أنَّ االحتالل‬ ‫ِّ‬ ‫المتمثلين بحركة حماس قد‬ ‫اإلسرائيلي قد ربح الحرب وأنَّ الفلسطينيِّين‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫قاسية‪ .‬على الرُّ غم من أنَّ العديد من المصادر اإلسرائيليَّة‬ ‫ضربة‬ ‫تل ُّقوا‬ ‫قالت بهزيمة االحتالل ففي بداية الحرب وبتاريخ ‪ 15‬تموز يقول‬ ‫المحلِّل السياسي اإلسرائيلي»شمعون شيفر» ليديعوت أحرنوت‪« :‬غزة‬ ‫جعلت ماليين اإلسرائيليِّين ينبطحون أرضًا»‪.‬وفي ذات ال َّتاريخ يقول‬ ‫الحاخام األكبر للجيش اإلسرائيلي «أفيخاي رونتساكي»‪« :‬حماس‬ ‫نجحت في تركيع دولة بأكملها على ركبتيها»‪ .‬ويقول داني دانون‪،‬‬ ‫نائب وزير الحرب اإلسرائيلي‪« :‬لقد هُزمنا في هذه الحرب وعلى‬ ‫نتنياهو االستقالة»‪ .‬ونقلاً عن القناة اإلسرائيليَّة األولى‪ ،‬يقول الرَّ ئيس‬ ‫أوباما في مكالمة هاتفيَّة شديدة الَّلهجة مع رئيس الوزراء اإلسرائيلي‬ ‫«نتنياهو»‪« :‬إسرائيل ليست في وضع َيسمح لها باختيار الوُ سطاء»‪.‬‬ ‫وال يزال معظم اإلعالميِّين المصر يِّين ينادون بانتصار الكيان‬ ‫الصُّهيوني وهزيمة حماس‪ .‬والغريب أنْ يصرِّ ح المحلِّل اإلسرائيلي‬ ‫«إيهود يعاري» أنَّ إركاع َّ‬ ‫غزة سيتم بال َّتعاون مع الرَّ ئيس السِّيسي‬ ‫طلب من‬ ‫وما صدر عن موقع ديبكا اإلسرائيلي أنَّ الرَّ ئيس السيسي قد‬ ‫َ‬ ‫غزة بهدف تركيع حماس‪ .‬ك ُّل ذلك ُ‬ ‫نتنياهو ضرب َّ‬ ‫يأخذ المشاهد العربي‬ ‫ْصر جيلاً جدي ًدا من البطش العربي بال َّشعب الفلسطيني‪.‬‬ ‫ل ُيب َ‬

‫أمَّا الرَّ ئيس عبَّاس فقد تخيَّر السَّالم‪ .‬ففي خطا ٍ‬ ‫ب له في ‪ 5‬آب ‪2014‬‬ ‫من رام هللا يقول‪« :‬هل ُنعيد للذاكرة أوشفيتز‪ ،‬دير ياسين؟ طب ليش‬ ‫هذا‪ ،‬أبو خضير ي َّ‬ ‫ُعذب ث َّم يقتل؟ هل هذا يعني أ َّننا نريد أنْ نتعايش في‬ ‫أ مَّا الرَّ ئيس السِّيسي وبذكرى ثورة ‪ 23‬يوليو فيقول‪« :‬إحنا قلنا‪ ،‬دولتين جارتين؟ نحن نريد العيش في دولتين جارتين بأمن واستقرار‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫األوَّ ل نخفف االحتقان ونوقف إطالق النيران‪ ،‬وتتفتح المعابر وتخش أرجو أنْ يعاد ال َّنظر عندهم بهذا الموضوع»‪ .‬إنَّ طبيعة خطاب الرَّ ئيس‬ ‫َّ‬ ‫المساعدات للناس‪ .‬ويقعد َّ‬ ‫الطرف ده‬ ‫الذاكرة َّ‬ ‫والطرف ده وك ِّل واحد يطرح الفلسطيني في آخر يوم من الحرب يُرجع إلى َّ‬ ‫الثالث عشر‬ ‫ُ‬ ‫حيث ت َّم توقيع ا ّتفاقيَّة أوسلو وتمَّت‬ ‫المل َّفات اللي هو عايز يتفاوض عليها‪ .‬ونحن نتحرك عشان نحل من أيلول سبتمبر من عام ‪1993‬‬ ‫مع بعضنا»‪ .‬فاقتصر دور مصر على ال َّتح ُّكم المزاجي بمعبر رفح المصافحة المشهورة بين الرَّ ئيس الفلسطيني الرَّ احل ياسر عرفات‬ ‫فت َّم إسعاف بعض المصابين من الجانب الفلسطيني وتأمين بعض ورئيس الوزراء اإلسرائيلي آنذاك إسحق رابين براعية الرَّ ئيس‬ ‫المساعدات الماديَّة لس َّكان القطاع‪ .‬كما وتب َّنى الرَّ ئيس المصري مؤتمر األمريكي بيل كلنتون‪ .‬وبعد مرور عقدين على ا ِّتفاقيَّة أوسلو وقيام‬ ‫إعادة إعمار َّ‬ ‫غزة وق َّدم المؤتمر بكلمة جاء فيها‪« :‬السَّبيل الوحيد الكيان الصُّهيوني بعدد قد ال يمكن حصره من االنتهاكات بحق ال َّشعب‬ ‫الستدامة السَّالم واألمن لك ِّل شعوب المنطقة‪ ،‬هي الوصول إلى تسوية الفلسطيني‪ ،‬اليزال الرَّ ئيس عبَّاس يسير على درب الرَّ ئيس الرَّ احل‬ ‫عادلة ودائمة‪ .‬استكمالاً لمسيرة السَّالم الَّتي بدأتها مصر في سبعينيَّات عرفات‪ ،‬فيدعو لقيام دولة فلسطين بحدود ال ‪ 67‬وعاصمتها القدس‬ ‫القرن الماضي‪ .‬فال بديل عن هذه ال َّتسوية ح َّتى يتس َّنى للشعب الفلسطيني ال َّشرقيَّة وينادي الكيان الصُّهيوني بتحسين عالقات الصَّداقة والجوار‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫المتمثلتين بك ٍّل‬ ‫ال َّتفرُّ غ للبناء‪ ...‬كما أ َّنه ال يخفى عليكم أنَّ حرمان الفلسطينيِّين من ال يجد المشاهد العربي تناس ًقا بين الَّلهجتين الفلسطينيَّتين‬ ‫حقوقهم المشروعة طالما و َّفر َّ‬ ‫الذرائع لمن ي َّدعون ال ِّدفاع عنها لزرع من فتح وحماس وبين لهجة الخطاب العسكري اإلسرائيلي‪ .‬فتح كانت‬ ‫بذور االستعداء وال ِّشقاق‪ ،‬ولمحاولة فرض الوصاية على شعب والزالت تقول بأحقيَّة اليهود في إقامة ال َّدولة اإلسرائيليَّة بحدود ال‪67‬‬ ‫فلسطين ال َّشقيق»‪ .‬يلوم الرَّ ئيس المصري في افتتاحيَّته للمؤتمر حركة وحماس تطالب بتحرير كامل األرض الفلسطينيَّة‪ .‬أمَّا إسرائيل فتظه ُر‬ ‫ِّ‬ ‫حماس على خلق ال ِّشقاق بين الجانبين الفلسطيني واإلسرائيلي دون بعيد ًة ُك َّل البعد عن موقف َّ‬ ‫متمث ً‬ ‫لة بعرفات‬ ‫منظمة ال َّتحرير الفلسطينيَّة‬ ‫َّ‬ ‫مؤخرً ا‪ .‬لتكون تفاعالت الجانب اإلسرائيلي مع حركة‬ ‫أ َّي ِة إدانة للجانب اإلسرائيلي‪ .‬كما ويؤ ِّكد الرَّ ئيس المصري وقوفه عند أوَّ لاً وعبَّاس‬ ‫ا ِّتفاقية السَّالم المصريَّة‪-‬اإلسرائيليَّة وأ َّنها السَّبيل الوحيد لتحقيق األمن حماس دليل صراع حقيقي ومحوري بين َّ‬ ‫الطرفين‪،‬‬


‫‪7‬‬ ‫لم تقتصر حركة المقاومة الفلسطينيَّة على ر َّدات الفعل الخجولة وإ َّنما‬ ‫وصلت صواريخها لمعظم األراضي المحتلَّة بما فيها حيفا وتل أبيب‪.‬‬ ‫ليس الهدف اآلن رفض السَّالم مع الكيان الصُّهيوني المحتل وإ َّنما‬ ‫الغريب هو طبيعة الخطاب لدى الرَّ ئيسين الفلسطيني والمصري الَّتي‬ ‫َّ‬ ‫والطيران اإلسرائيلي الَّذي يقصف غزة‬ ‫ال تتناسق مع الحرب ال َّدائرة‬ ‫في ذات الَّلحظة الَّتي يدعو بها الرَّ ئيس عبَّاس إلى السَّالم وإلى خلق‬ ‫«ال َّدولتين الصَّديقتين»‪.‬‬ ‫أمّا نتنياهو فيصرِّ ح أنَّ «إسرائيل» ليست على خالف مع المدنيِّين‬ ‫المسالمين في غزة‪ ،‬وبطريقة هزليَّة يقول أ َّنه يشعر باألسف ال َّشديد‬ ‫ُرح أو قُت َل خالل الحرب األخيرة‪ .‬ويتابع‬ ‫ِتجاه كل مواطن فلسطيني ج َ‬ ‫قائلاً أنَّ حماس تريد أن تقتل ال َّشعب الفلسطيني إلعتقادها أنَّ المجتمع‬ ‫ال َّدولي سيلوم «إسرائيل» على معاناة الفلسطينيِّين‪ .‬وعلى عادته‪ ،‬يقوم‬ ‫َّ‬ ‫ومنظمات حقوق اإلنسان الَّتي‬ ‫نتنياهو باالستهزاء بالمجتمع ال َّدولي‬ ‫صارت أدوا ٍ‬ ‫ت فعَّالة ومسهمة في قتل ال ُّشعوب ال في ال ِّدفاع عنها‪ .‬الك ُّل‬ ‫مطلعًا على دور َّ‬ ‫أصبح َّ‬ ‫منظمات حقوق اإلنسان‪ ،‬من شج ٍ‬ ‫ب واستنكار‬ ‫ال يتع َّديان ساعات الخطاب األولى ومن ث َّم يُنسى ال َّدور أو يُحفظ في‬ ‫أجل غير مس ًّمى‪.‬‬ ‫مستندات األمم الم َّتحدة إلى ٍ‬ ‫يقول الدكتور أحمد عيش يونس‪ ،‬أستاذ األعصاب وال َّتأهيل بكليَّة‬ ‫سان جورج‪« :،‬األوضاع الحديثة وبالذات الحرب األخيرة على غزة‬ ‫أ َّدت إلى تدهور غير عادي في األوضاع الصحيَّة في القطاع‪ .‬مأساويَّة‬ ‫الوضع في غزة بعد الحرب األخيرة غير مسبوقة لها في العالم»‪.‬‬ ‫الوضع الصِّحي في القطاع‪ ،‬وبعد انتهاء الحرب وإلى يومنا هذا‪ ،‬يزداد‬ ‫سوءاً‬ ‫بشكل يجعل المستشفيات والمراكز الصِّحيَّة عاجزة عن تلبية‬ ‫ٍ‬ ‫الخدمات الطبيَّة المناسبة ألهالي القطاع ومصابي الحرب األخيرة‪ .‬كما‬ ‫ْ‬ ‫فقدت منازلها تعاني من ال َّتشرُّ د في ظ ِّل فصل ال ِّشتاء‬ ‫أنَّ العائالت الَّتي‬ ‫وظروف َّ‬ ‫الطقس شديدة الصُّعوبة‪.‬‬ ‫وحسب المرصد األورومتوسطي فإنَّ إحصائيَّات الضَّحايا والمنشآت‬ ‫المس َتهدَ فة في قطاع َّ‬ ‫غز ة خالل الحرب الماضية تجاوزت‪2147‬‬ ‫شهيد و‪ 10870‬جريح و‪ 17132‬منزل متضرر‪ ,‬منهم ‪ 2456‬منزل‬ ‫مدمر بالكامل‪ ,‬باإلضافة إلى ‪ 62‬مسجد و‪10‬مشافي و‪ 222‬مدرسة تم‬ ‫تدميرهم بشكل كلِّي‪.‬‬ ‫هذا األمر يبعث بال َّتساؤل عن حاالت االستنكار ال َّدوليَّة التي مألت‬ ‫َّ‬ ‫اإلعالم وص َّد ْ‬ ‫الغزاوي والفلسطيني وعن مؤتمر‬ ‫عت رؤوس ال َّشعب‬ ‫إعادة اإلعمار وعن الماليين الَّتي قي َل أ َّنها قُ ِّدمت إلعادة تأهيل القطاع‪.‬‬ ‫دخلت بعض الوفود األوروبيَّة قطاع َّ‬ ‫غز ة لتعاين ال َّد مار وجرائم‬ ‫االحتالل الصُّهيوني أثناء الحرب‪ ،‬وكان من الحاضرين في الوفود‬

‫شباط ‪February 2015 |2015‬‬ ‫السِّياسي وال َّنائب السَّابق في البرلمان البريطاني «جورج غاالوي»‬ ‫المعروف بمناهضته لالحتالل الصُّهيوني ومناصرته للقضيَّة‬ ‫مؤتمر صحفيٍّ تكلَّ َم غاالوي عن زيارته للقطاع وعن‬ ‫الفلسطينيَّة‪ .‬وفي‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫أحواله ال َّدمويَّة‪ .‬وممَّا أتى في خطابه التفريق بين النازيَّة واليهوديَّة‬ ‫ودعمه الكامل والمطلق لحق ال َّشعب الفلسطيني بممارسة جميع أشكال‬ ‫المقاومة المتو ِّفرة من القتال باأليدي إلى قصف المدن الفلسطينيَّة‬ ‫المحتلَّة‪ .‬وممَّا جاء في مؤتمره الصَّحافي عن حرب َّ‬ ‫غزة والَّذي عُقدَ‬ ‫في َّ‬ ‫الثالث والعشرين من يوليو ‪ 2014‬قوله‪« :‬اإلسرائيليُّون ليسوا‬ ‫ال َّنازيِّين ولك َّنهم يتعاملون مثلهم‪ .‬وقطاع َّ‬ ‫غزة هو «الورسو غيتو»‬ ‫تمامًا‪ .‬ال َّنازيُّون بنوا الغيتو في الورسو وأحاطوه باألسالك والكالب‬ ‫والحرَّ اس وأدخلوا يهود الغيتو في المجاعة وانتشرت األمراض بينهم‪،‬‬ ‫ممَّا أ َّدى إلى قتلهم واح ًدا تلو اآلخر‪ .‬لكنَّ اليهود قرَّ روا أنْ يموتوا على‬ ‫أقدامهم على أنْ يموتوا متوسِّلين لل َّنازيِّين فكتبوا أسماءهم على النجوم‪.‬‬ ‫ال َّنازيُّون قالوا عنهم إرهابيِّين ولكنَّ العالم احتسبهم أبطالاً ومقاتلين من‬ ‫أجل الحريَّة‪ .‬الحال في َّ‬ ‫غزة هي بال َّتحديد كحال يهود الغيتو»‪ .‬هكذا‬ ‫يقارن غاالوي وضع َّ‬ ‫غزة الخطير بعد زيارته لها‪ .‬ويتابع قائلاً ‪« :‬إذا‬ ‫ُ‬ ‫كنت أعيشُ في غزة سوف أطلق الصَّواريخ‪ .‬إذا كان أطفالكم معرَّ ضين‬ ‫للقتل‪ ،‬إذا كنت ترى أرضك مغتصبة من وراء السِّياج‪ ،‬ماذا كنت‬ ‫ك ستنتحر في البحر؟‬ ‫ستفعل؟ هل ستحمل السِّالح وتفجِّ ر عدوَّ َك أ ْم أ َّن َ‬ ‫هل ستقبل الوضع أم ستقاتل؟ لو كنت أنا لقاتلتهم بيدي»‪ .‬ال يتعجَّ ب‬ ‫المشاهد من ر َّدة فعل ال َّسيِّد غاالوي على الحرب األخيرة فقد رفض‬ ‫اجتياح العراق عام ‪ 2003‬وسعى إلى كسر الحصار االقتصادي على‬ ‫العراق عبر زيارته ص َّدام حسين سنة ‪ 1994‬و‪.2002‬‬ ‫وبينما يظهر جورج غاالوي بهذه الَّلهجة الحادة لين ِّدد باالحتالل‪،‬‬ ‫يسأل بعض المشاهدون عن مضامين الخطاب السِّياسي للرَّ ئيس‬ ‫الفلسطيني محمود عبَّاس والرَّ ئيس المصري السِّيسي‪ .‬يرى البعض‬ ‫دون أنْ يؤتي الشعب‬ ‫الخطاب األوَّ ل توسُّل ًّيا امت َّد ألكثر من عقدين‬ ‫َ‬ ‫الفلسطيني أيَّة منفعة‪ ،‬ويرى البعض اآلخر أنَّ هذا الخطاب ال َّتوسُّلي‬ ‫أو العفوي أو الالمنطقي والمنفصل عن حيِّزه َّ‬ ‫الزمني مشروع أل َّنه قد‬ ‫يؤدّي إلى حفظ بعض األرواح الفلسطينيَّة وال َّدم َّ‬ ‫الغزاوي‪ .‬أمّا خطاب‬ ‫الرَّ ئيس المصري فعدّه آخرون طريقة تسعى للسيطرة على قطاع َّ‬ ‫غزة‬ ‫عن طريق إزاحة حركات المقاومة وعلى رأسها حماس لما حص َل‬ ‫بينهما من تجاذبات وا ِّتهامات في الفترة األخيرة‪.‬‬ ‫ولكنْ السُّؤال‪ ،‬هل سيعيد رئيس الجيش أو رئيس الوزراء‬ ‫اإلسرائيليَّين ال َّنظر بهمجيَّة حربهم على الشعب الفلسطيني بعد سماعهم‬ ‫هذه الخطابات الفلسطينيَّة والعربيَّة‪ ،‬في وق ٍ‬ ‫ت ال يُحرِّ ُ‬ ‫ك فيه عقارب‬ ‫السَّاعة إلاَّ آر ‪ 160‬وبراق ‪70‬؟‬


‫شباط ‪February 2015 |2015‬‬

‫‪8‬‬

‫تداعيات العدوان‬ ‫على الحكومة االسرائيلية‬ ‫نورس عكروش‬ ‫تداعيات الحرب االسرائيلية األخيرة على غزة بدأت تظهر بوضوح‬ ‫اآلن وبعد مرور أكثر من أربعة أشهر على إعالن وقف إطالق ال ّنار‪.‬‬ ‫بعي ًدا عن الجانب العربي و فشل إيصال المساعدات إلى القطاع وغياب‬ ‫أموال إعادة اإلعمار إلى اآلن‪ ،‬جدي ٌر بنا أن نسلّط الضّوء على ما‬ ‫يحدث في الدّاخل اإلسرائيلي من تداعيات مهمّة وخطيرة‪ .‬ففي داخل‬ ‫حكومة العدوّ يحدث انقسامات كثيرة وتبادل ا ّتهامات بين العديد من‬ ‫كبار السّياسة والقائمين على حرب غزة‪.‬‬ ‫في مستوطنات غالف غزة‪ ،‬نزح العديد من المستوطنين خالل أيام‬ ‫الحرب هربًا من صواريخ المقاومة الّتي طالت بيوتهم و مصالحهم‪.‬‬ ‫وبعد الحرب‪ ،‬رفض العشرات من ال ّس ّكان العودة إلى منازلهم خو ًفا من‬ ‫تهديد صواريخ وأنفاق المقاومة في ّ‬ ‫غزة‪ .‬وفي أيلول طالب سكان هذه‬ ‫المستوطنات السّلطات اإلسرائيليّة بإيجاد ح ّل طويل األمد لل ّتهديد الّذي‬ ‫يعيشونه وخوفهم الدّائم‪ .‬وفي هذا السّياق‪ ،‬تجدر اإلشارة إلى ضعف‬ ‫إيمان المستوطنين بقدرة جيشهم عل ردع حماس والحفاظ على أمن‬ ‫المستوطنات‪ .‬تزايد ال ّتظاهرات في هذه المستوطنات وغيرها ش ّكل‬ ‫ً‬ ‫ضغطا كبيرً ا على القادة اإلسرائيليّين وزاد من حدّة االنقسام ال ّناتج عن‬ ‫هذه الحرب‪.‬‬ ‫أمّا ما يص ّنف «يسار» في إسرائيل فهو عبارة عن منظمات غير‬ ‫حكومية كان أبرزها «بتسيليم» الدّاعية إلى الحل السلمي مع الفلسطينين‬ ‫وإنهاء حالة الحرب الدائمة مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة‪.‬‬ ‫وتجلّى الرّ أي العام والغالب بين االسرائيليّين إزاء معاداتهم لمفاهيم‬ ‫تلك المنظمات التي تعارض الفكر العنصري الصّهيوني المتر ّكز في‬ ‫غالبية الشعب االسرائيلي‪ .‬فحصل ما يشبه بانسالخ هذه المنظمات عن‬ ‫ال ّ‬ ‫شارع االسرائيلي وتل ّقي القائمين بأعمالها العديد من ال ّتهديدات بالقتل‬ ‫ورفض قوّ ات األمن االسرائيليّة حمايتهم‪ .‬على الرّ غم من أن معظم‬ ‫تلك المنظمات تعتبر حماس و الفصائل األخرى جماعات إرهابيّة إلاّ‬ ‫ا ّنها بدأت تبرز كوجه معتدل معادي ل«يمين» االسرائيلي المتطرف‪.‬‬ ‫هذا يعني بشكل أو بآخر أنّ هناك بداية حركات ضغط على الحكومة‬ ‫االسرائيليّة إلعادة ال ّنظر في عالقة ال ّ‬ ‫شعبين الفلسطيني والمستوطنين‪.‬‬

‫واألهم من هذا أن حكومة نتينياهو المتطرّ فة تعاني الكثير من‬ ‫االنتقادات واإلنقسامات‪ .‬هذا لفشل ما أسموه بعملية «الجرف الصامد»‬ ‫حيث أعلن وقف إطالق النار دون كسر قدرة المقاومة على إطالق‬ ‫الصواريخ‪ ،‬فأصبح ضمن نطاق قدرتها ثلثا المناطق المسيطر عليها‬ ‫من اإلسرائيليين‪ .‬بعد انتهاء الحرب على غزة ظهرت الحقيقة حول‬ ‫قوة جيش نتنياهو على ردع فصائل المقاومة‪ ،‬وكاد أن يؤدّي ذلك إلى‬ ‫تآكل صورته أمام اإلسرائيليين وإبطال مزاعمه بقدرته على حمايتهم‬ ‫و ضمان أمن «اسرائيل»‪ .‬فدارت الحرب بينه وبين اليسار اإلسرائيلي‬ ‫بقيادة الحزبين هاتنوغا وحزب العمل اإلسرائيلي بقيادة تسيبي ليفني‬ ‫ويتزحاق هرتسوغ‪ ،‬واستمرت االتهامات تعصف بالرئاسة اإلسرائيلية‬ ‫وشبهات الفساد والفضائح الجنسية تحيط وزراء اليمين وقادة الجيش‬ ‫واأللوية المشاركة في العدوان‪.‬‬ ‫وكان فوز نتينياهو في االنتخابات الماضية‪ ،‬بالرغم من موجة‬ ‫االحتجاجات العارمة في الشارع االسرائيلي المعارضة لسياساته‬ ‫االقتصادية‪ ،‬ناتج عن كونه قد سوق نفسه كالرجل الذي يجلب األمن‬ ‫إلسرائيل ومستوطنيها‪ .‬أما بعد الفشل في الحرب على ّ‬ ‫غزة وتزايد‬ ‫العمليات الفردية من طعن ودهس وغيرها في الضفة الغربية والقدس‬ ‫ضد االسرائيليين فان صورة نتينياهو السّاهر على األمان قد ال تكون‬ ‫ذات قيمة في االنتخابات المقبلة‪ .‬و تشير استطالعات الرأي األخيرة‬ ‫ان الليكود سيخسر لصالح تحالف ليفني وهرتسوغ‪.‬‬ ‫إن وصول أحزاب اليسار اإلسرائيلي إلى الحكم لن ينهي االحتالل‬ ‫وال معاناة ال ّ‬ ‫شعب الفلسطيني‪ ،‬ولكن من المرجح أن تهدأ الساحة‬ ‫الفلسطينية مؤق ًتا مما قد يزيد فرص إعادة إعمار القطاع وتخفيف‬ ‫معاناته‪ ،‬وتخفيف احتقان الضفة الغربية‪ .‬اما إن أتت االنتخابات برئاسة‬ ‫يمينيّة أكثر تطر ًفا فقد تتضاعف معاناة الشعب الفلسطيني في الداخل‬ ‫ّ‬ ‫وغزة‪.‬‬ ‫المحتل والضفة‬ ‫وعلى الصّعيد العسكري‪ ،‬أدت المقاومة دورً ا حس ًنا في ّ‬ ‫بث الرعب‬ ‫في نفوس نخبة ألوية الجيش االسرائيلي‪ ،‬فارتفعت حاالت االنتحار‬ ‫واالضطرابات النفسية في صفوف األلويه المشاركة في الحرب على‬ ‫غزة‪.‬‬ ‫قد يكون من الصعب حسم اآلراء حيال نتائج الحرب على غزة‪،‬‬ ‫فالبعض قد يصفها بانتصار واآلخر بهزيمة كبيرة‪ ،‬لقد سقط ما يزيد‬ ‫عن ألفي شهيد واالف الجرحى والمتضررين‪ ،‬لكن المقاومة كانت‬ ‫قوية كفاية لتزلزل أروقة الحكومة اإلسرائيلية وتجعل الرجل األول في‬ ‫الحكومة يبدو ضعي ًفا ومهزومًا‪ِ.‬‬

‫ّ‬ ‫خزاعة‬ ‫أسماء الغول‬ ‫شرق خانيونس‪ ،‬قطاع غزة ‪ -‬انتهت الحرب‪ ،‬ولكن أهالي منطقة‬ ‫خزاعة الذين ال يتجاوز عددهم العشرة آالف ال يؤمنون بذلك بعد‪ ،‬إذ‬ ‫إنّ صوت طائرة االستطالع التي تحلّق عن قرب تجعلهم ال يف ّكرون‬ ‫سوى بالموت‪.‬‬ ‫وقال محمد ال ّنجار (‪ 23‬عاماً) الذي يقف على حطام منزله‪:‬‬


‫شباط ‪February 2015 |2015‬‬

‫‪9‬‬

‫«ستعود الحرب‪ ،‬نعرف ذلك‪ ،‬اسمعي صوت الزنانة‪ ،‬ال يكفيهم أ ّنهم نخرج‪ ،‬وحين مشينا وسط القنابل والصواريخ التي تتساقط كالمطر‬ ‫تركوا لنا دمار بيوتنا وذاكرة أليمة‪ ،‬بل يصروّ ن على أن يبقى ال ّتهديد أطلقوا علينا النار‪ ،‬فاستشهد أمامي خالي وابن خالي‪ ،‬وقد تركناهما‬ ‫قائماً»‪.‬‬ ‫خلفنا‪ ،‬وكان من يموت ونحن نمشي‪ ،‬ال نستطيع الرجوع إليه أو سحبه‪،‬‬ ‫ليس محمّد وحده يشعر بعدم األمان‪ ،‬بل هو شعور مشترك عند أهل فنستمرّ بالمشي»‪.‬‬ ‫هذه القرية الطيّبين الذين فضّلوا الرّ جوع إلى بيوتهم المهدّمة‪ ،‬عوضا ً ولقد أشارت مؤسّسة «هيومن رايتس ووتش» (‪Human rights‬‬ ‫عن البقاء في مدارس الالّجئين‪ ،‬ليرووا من جديد األحداث نفسها التي ‪ )watch‬إلى أ ّنها «ح ّققت في وقائع عدّة بين ‪ 23‬و‪ 25‬تمّوز (يوليو)‬ ‫تكرّ رت في جميع أنحاء قطاع ّ‬ ‫غزة‪ .‬لكن مشاهد غير مألوفة لم تحصل حين قامت قوّ ات إسرائيليّة‪ ،‬بحسب س ّكان محليّين‪ ،‬بفتح ال ّنار على‬ ‫إلاّ في خزاعة؛ مشاهد اعتقال وإعدام‪.‬‬ ‫مدنيّين يحاولون الفرار من خزاعة»‪ ،‬معتبرة أ ّنها جريمة حرب‬ ‫لقد حاول «المونيتور» دخول خزاعة خالل الحرب مرّ تين‪ ،‬ولكن ارتكبتها قوّ ات االحتالل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫االحتالل اإلسرائيليّ كان قد أعلنها منطقة عسكريّة‬ ‫وحظر االقتراب وفي هذا المجال‪ ،‬قالت فضّة ال ّنجار (‪ 63‬عاماً)‪ ،‬وهي تطبخ البامية‬ ‫منها‪.‬‬ ‫على غاز صغير في خيمة صنعها أبناؤها من األغطية والعصي‪،‬‬ ‫ال ينبئ مدخل القرية كثير اً بما ستلقاه بعد مسافة قصيرة داخلها‪ ،‬بجانب منزلها المهدّم‪ ،‬وتبدو صابرة على فقدان ابنها ومنزلها‪« :‬كان‬ ‫ّ‬ ‫فالطقوس المفضّلة لطائرات مقاوماً‪ ،‬وأحتسبه عند هللا‪ .‬لقد استشهد في ‪ ،2014-7-24‬وأنا أشتاق‬ ‫حيث يقع حيّ عائلة ال ّنجار في وسطها‪،‬‬ ‫االحتالل في الهدم الجماعيّ للمنازل‪ ،‬تجعلك تعرف أنّ الحرب لم تمر إليه‪ ،‬ولكن أعرف أ ّنه اختار هذه الطريق‪ ،‬وأنا راضية عنه»‪.‬‬ ‫من هنا فقط‪ ،‬بل جلست وأكلت وشربت أيضاً‪.‬‬ ‫وليس بعيداً عن منزل فضّة المهدّم هناك‪ ،‬منزل محمد محمود ال ّنجار‬ ‫وقال رياض ال ّنجار (‪ 42‬عاماً)‪ ،‬وهو يقف بجانب أحد خزانات الماء وهو يقع في الطابق األرضي ويشبه القبو‪ ،‬وتفترش أرضه عشرات‬ ‫التي يحاولون إصالحها‪« :‬لقد استخدموا المتفجّ رات في هدم المنازل‪ ،‬األحذية لنساء وأطفال ورجال‪ ،‬األمر الذي يساعد بسهولة في استرجاع‬ ‫فوجدنا الديناميت وسط التبن»‪.‬‬ ‫المشهد الذي كان سائداً فجر ‪ ،2014-7-25‬حين كان يحتمي في القبو‬ ‫شهداء‪ ،‬قصصهم‪ ،‬أكثر من ثمانين مواطنا ً من القرية‪ ،‬وقصفته قوّ ات االحتالل‪ .‬وفي هذا‬ ‫الجميع هنا يعرف تفاصيل ما حدث‪ ،‬أسماء ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫وخلفيّاتهم‪ ،‬غدت ذاكرة جديدة مقدّسة للقرية‪ .‬وفي هذا السّياق‪ ،‬قال اإلطار‪ ،‬قال عالء النجار (‪ 20‬عاما)‪ ،‬الذي كان من بين الالجئين‬ ‫ممدوح ال ّنجار (‪ 22‬عاماً)‪« :‬للمرّ ة األولى‪ ،‬استطعنا دخول خزاعة في المنزل‪« :‬أوّ الً قصفوه بالمدفعيّة‪ ،‬ث ّم بصاروخ طائرة االستطالع‪.‬‬ ‫بعد خروجنا بسبب االجتياح البريّ ‪ ،‬فوجدنا هناك عند المدخل‪ ،‬طفلة وبعدها بقنبلة طائرة أف ‪ ،16‬وسط صراخ األطفال والنساء‪ ،‬فأصيب‬ ‫تبلغ حوالى ال ّتاسعة من العمر على كرسيّ متحرّ ك مقتولة بالرّ صاص‪ ،‬العديد منهم‪ ،‬وسقط من بينهم شهيدان كبيران في السنّ ‪ ،‬هما‪ :‬كامل‬ ‫وجسدها متحلّل‪ ،‬وهي من عائلة أبو رجيلة‪ .‬وليس بعيداً عنها‪ ،‬وجدنا ال ّنجار وسالم قديح»‪.‬‬ ‫رجالً مس ّنا ً جسده متحلّالً أيضاً‪ ،‬وكان يبدو أ ّنهما يحاوالن الفرار‪ .‬أمّا وهنا‪ ،‬ت ّتخذ الحكاية مسار اً آخر حين تتابعها سوزان ال ّنجار (‪37‬‬ ‫في المنازل المهدّمة فوجدنا بعض جثث المقاومين‪ .‬وكنا حين نحاول عاماً) قائلة‪« :‬أصيب زوجي في القصف‪ ،‬وكان ابننا المعتصم وعمره‬ ‫سحبها تخرج معنا قدم الشهيد أو يده»‪.‬‬ ‫س ّتة أعوام خائفا ً ج ّداً‪ ،‬فحملناه وخرجنا به‪ ،‬ولكن رصاصة من جنود‬ ‫لقد كانت خزاعة‪ ،‬التي تقع شرق محافظة خانيونس ‪ -‬جنوب القطاع‪ ،‬االحتالل ه ّ‬ ‫شمت رأسه أمامنا‪ ،‬فعرفت أ ّننا إذا لم نتحرّ ك سيموت بقية‬ ‫إحدى خطوط المواجهة الرئيسيّة في الحرب‪ ،‬بسبب وقوعها عند‬ ‫الحدود مع إسرائيل‪.‬‬ ‫وقال بكر ال ّنجار (‪ 26‬عاماً)‪« :‬لقد نادى علينا الجيش من أجل أن‬

‫أطفالي األربعة»‪.‬‬

‫ومشت سوزان‪ ،‬وهي تشير إلى المكان الذي وضعت فيه مع زوجها‬ ‫جثة ابنها الشهيد المعتصم‪ ،‬فوق مجموعة من البالط التي يعلوها الرمل‪,‬‬


‫‪10‬‬ ‫وتظلّلها إحدى الشجرات الوارفة‪ .‬هناك أراحته وتركته‪ ،‬لتركض مع‬ ‫زوجها وبقية أطفالها آية ونظمي ورغد وزيد‪.‬‬ ‫وأضافت‪« :‬لقد عرفت أ ّنه إذا لم أترك ابني وأركض سنموت جميعنا‪،‬‬ ‫فقد كان الرصاص مصوّ با ً نحو الذين خرجوا من القبو»‪.‬‬ ‫وقالت ودموعها في عينيها‪« :‬تركت ابني تسعة أيّام‪ ،‬وأنا أسأل خايف‬ ‫من العتمة يا ماما؟‪ ،‬أكلوك الكالب يا ماما؟ بردان يا ماما؟ ولم أرتح إالّ‬ ‫حين عدنا ودفناه‪ ،‬ولم يتركوني أراه‪ ،‬إذ كانت ّ‬ ‫جثته متحلّلة»‪.‬‬ ‫وعن اعتقال األهالي‪ ،‬قال أحمد ال ّنجار (‪ 39‬عاماً) الذي جال بنا داخل‬ ‫منزله البسيط‪« :‬دخلت قوّ ات خاصّة إسرائيليّة منزلي بعد تفجير الجدار‬ ‫الخلفيّ ‪ ،‬واعتقلتني إضافة إلى ‪ 30‬رجالً من القرية‪ ،‬ووضعونا جميعنا‬ ‫في الدبّابات بعد أن ّ‬ ‫غطوا عيوننا‪ ،‬وأمرونا بأن نخلع مالبسنا وأخذونا‬ ‫إلى مساحة بقينا فيها ّ‬ ‫ست ساعات‪ .‬ث ّم نقلونا مرّ ة أخرى إلى داخل‬ ‫إسرائيل‪ ،‬وهناك بقينا أربعة أيّام يح ّققون معنا‪ ،‬ورجعنا جميعا ً عبر‬ ‫معبر ايرز‪ ،‬لكن بقي من عائلتنا أربعة معتقلين»‪.‬‬ ‫ويشارك شحدة ال ّنجار (‪ 44‬عاماً) قريبه أحمد القصّة ذاتها‪ ،‬ولكن‬ ‫الفرق أ ّنه حين أمروه بأن يصعد إلى الدبابة قام جنديّ من مكان آخر‬ ‫بإطالق النار عليه‪ ،‬فدخلت رصاصة متفجّ رة في رقبته وأخرى في‬ ‫ذراعه‪ ،‬وقال لـ»المونيتور»‪« :‬حين أطلق الجنديّ اآلخر عليّ ال ّنار‪،‬‬ ‫قام الضابط الذي يحتجزنا بالصراخ عليه‪ ،‬فبقيت أنزف ّ‬ ‫ست ساعات‬ ‫أثناء اعتقالي‪ ،‬حتى ا ّتصلوا بالصليب األحمر ليتم نقلي إلى المستشفى‬ ‫األوروبيّ ‪ .‬واستغرب األطبّاء هناك‪ ،‬بأ ّني ال أزال على قيد الحياة»‪.‬‬ ‫ألسنتهم ال تتو ّقف عن وصف الحرب وأيّام الرعب التي عاشوها في‬ ‫خزاعة‪ ،‬إذ كان القتل متح ّكمًا بالمشهد‪ .‬ووحدها الصّدف تركت شهود‬ ‫العيان على قيد الحياة‪ ،‬ويبدو أنّ جروحهم ستظ ّل طريّة إلى أن تختفي‬ ‫طائرات االستطالعات‪ ،‬ويبنون منازلهم من جديد‪.‬‬

‫غطرسة الصهاينة‬ ‫وداد عنبتاوي‬ ‫بعد عدة أشهر من انتهاء الحرب في غزة وبعد سقوط المئات من أطفال‬ ‫فلسطين‪ ،‬زهرة أخرى من أزهار فلسطين اختطفتها غطرسة صهيوني‬ ‫لتصبح تحت التراب‪ ،‬هذه الزهرة هي ايناس دار خليل‪ .‬كانت إيناس‬ ‫وابنة جيرانها «تولين عصفور» في طريق العودة من روضة األطفال‬ ‫ظهر األحد‪ .‬وبينما كانت أمها وجارتها تنتظران الطفلتين في الجهة‬ ‫المقابلة للشارع‪ ،‬جاء مستوط ًنا إسرائيليًا مسرعًا وصدم الطفلتين‪ ،‬وفرّ‬ ‫مسرعاً‪ .‬أدّى هذا الحادث إلى مقتل ايناس وإصابة رفيقتها الصغيرة‬ ‫بجروح خطيرة‪.‬‬

‫شباط ‪February 2015 |2015‬‬ ‫ولدى تشييعها االثنين‪ ،‬قالت األم للجزيرة نت «الحظت سيارة‬ ‫المستوطن قبل وصوله‪ ،‬صرخت به ولوحت له كي يخفف من سرعته‪،‬‬ ‫وكان بعي ًدا بضعة أمتار‪ ،‬لكنه لم يستجب‪ ،‬وصدم الطفلتين‪ ،‬وطار جسد‬ ‫إيناس عدة أمتار قبل أن تقع أرضًا‪ .‬نظرت باتجاهي‪ ،‬حاولت رفع يديها‬ ‫وجسدها قبل أن تفقد الوعي‪ .‬وبعد وقت قصير أُعلن عن استشهاد‬ ‫إيناس دار خليل‪ ،‬بينما جرى تحويل تولين عصفور إلى مستشفى هداسا‬ ‫بالقدس المحتلة لخطورة حالتها الصحية »‪.‬‬ ‫لم يتحرك أحد من رؤساء السلطة التي تدعى «السلطة الفلسطينية»‬ ‫اليقاف القاتل لتنام تلك الطفلة في قبرها بسالم‪ ،‬بل إلتزمت الصمت‬ ‫كالعادة‪ .‬ولكن شابًا مقدسيًا رفض الصمت عن هذه الجريمة وقرر‬ ‫الثأر إليناس‪ .‬قام الشاب المقدسي عبد الرحمن إدريس الشلودي (‪20‬‬ ‫عاماً) بعملية دهس أدت إلى مقتل «إسرائيلية» وإصابة ‪ 8‬آخرين‬ ‫بجراح مختلفة‪ ،‬ولكنه تعرض إلطالق نار أطلقه عليه حراس القطار‬ ‫الخفيف بمدينة القدس المحتلة وبقي ينزف على األرض دون اسعافه‬ ‫حتى استشهد‪.‬‬ ‫عقب ذلك‪ ،‬اندلعت مواجهات عنيفة في بلدة سلوان وعدة أحياء ومناطق‬ ‫مقدسية كالعيسوية والطور ومخيم شعفاط بعد اإلعالن عن اطالق‬ ‫النار على الشلودي‪ ،‬وقامت السلطة االسرائيلية باغالق االقصى بوجه‬ ‫المصلين كأول خطوة للتهويد كما قالت السلطة الفلسطينية‪ .‬وبعد عدة‬ ‫أيام‪ ،‬عادت قضية الثأر ولكن اآلن هو الثأر ل»عبد هللا الشلودي»‬ ‫ورفضًا للتهويد‪ ،‬حيث قام راكب دراجة نارية مجهول بإطالق النار‬ ‫على الحاخام يهودا غليك‪ ،‬المعروف باقتحامات االقصى والمسؤول‬ ‫عما يسمى (أمناء جبل الهيكل)‪ ،‬من مسافة صفر حين خرج من‬ ‫محاضرة له في مركز بيغن في القدس عند الساعة العاشرة وعشر‬ ‫دقائق‪ .‬فبات وضعه الصحي حرج للغاية‪.‬‬ ‫صباح يوم الخميس‪ ،‬وصلت وحدة محاربة اإلرهاب بيت المتهم‬ ‫الفلسطيني «معتز حجازي» (‪ 32‬عا مًا)‪ ،‬والذي كان سجي ًنا في‬ ‫السّجون اإلسرائيلية في الماضي‪ ،‬في أبو طور‪ ،‬واطلقت النيران من‬ ‫رشاشاتها عليه‪ ،‬وبعد تأكد القوات من إصابته وعدم قدرته على الحركة‬ ‫ألقت عليه «االلواح الشمسية لتسخين المياه»‪ ،‬وتركته ينزف دون تقديم‬ ‫العالج الالزم له‪.‬‬ ‫أربع فجوات خلفتها الرصاصات‪ ،‬التي اطلقتها الشرطة االسرائيلية‬ ‫على الشاب‪ ،‬على حائط سقف منزل عائلة حجازي في القدس الشرقية‬ ‫المحتلة‪ .‬ويقول أقارب وجيران الشاب انه قتل «بدم بارد» بينما تدعي‬ ‫الشرطة االسرائيلية انه فتح النيران على عناصر كانت تستعد العتقاله‬ ‫لالشتباه باطالقه النار على احد قادة اليمين االسرائيلي المتطرف ليل‬ ‫االربعاء‪.‬‬ ‫لكن شقيقة الشهيد حجازي‪ ،‬شيماء‪ ،‬نفت‪ ،‬في حديث إلى «السفير»‪،‬‬ ‫الرواية اإلسرائيلية‪ ،‬ووصفتها بـ«الكاذبة والمفبركة»‪ ،‬مؤكدة أن‬ ‫الشرطة االسرائيلية «حاصرت المنزل عند ساعات الفجر األولى‪،‬‬ ‫وبدأت بإطالق النار‪ ،‬ثم اقتحمته بعد ذلك‪ ،‬واعتقلت معتز حياً‪ ،‬واقتادته‬ ‫إلى سطح المنزل‪ ،‬حيث تم االعتداء عليه بالضرب المبرح‪ ،‬قبل أن‬ ‫تطلق النار عليه من مسافة قريبة‪».‬‬ ‫وأكدت شيماء ان شقيقها « ُترك ينزف ألكثر من ساعتين حتى استشهد‪،‬‬ ‫ثم أخذ جنود االحتالل جثمانه وغادروا المكان‪ ،‬بعدما حطموا محتويات‬ ‫المنزل‪».‬‬


‫شباط ‪February 2015 |2015‬‬

‫‪11‬‬ ‫وتمالك خليل (‪ 34‬عامًا) شقيق معتز نفسه وهو يستقبل المعزين قائال‬ ‫«اقتحموا المنزل بعد الساعة السادسة صباحً ا وخربوا غرفة معتز‬ ‫وقتلوه على السطح‪».‬‬ ‫ومن غير الواضح ما اذا كان حجازي هرب الى السطح او ما اذا كان‬ ‫مسلحً ا‪ ،‬ولكن بحسب اقوال عائلته والجيران فان قوات الشرطة جرته‬ ‫من غرفة نومه الى السطح وقتلته هناك‪.‬‬ ‫ولم يؤكد الجيران او العائلة ان الشاب كان مسلحً ا‪ ،‬ولكن يبدو شقيقه‬ ‫متأك ًدا من انه لم يقم باطالق النار ويقول «لم يطلق النار على أحد‪».‬‬ ‫ولقد كان الجار ايمن شويكي يجمع اغلفة الرصاص في كيس بالستيكي‬ ‫وقال‪« :‬هذه عملية اغتيال‪ ،‬تصفية‪ .‬قاموا باقتياده الى السطح واطلقوا‬ ‫النار عليه‪ .‬هذا من الرصاص الذي قاموا باطالقه‪ ».‬وأضاف‪« :‬كان‬ ‫بامكانهم ان يصيبوه في رجليه ولكنهم اطلقوا عليه النار واصابوه في‬ ‫كامل جسده‪».‬‬ ‫ناطق بإسم الشرطة رفض التعليق على التقارير‪ ،‬ولكنه قال بأن‬ ‫البحث عن مطلق النار ما زال مستمرً ا‪ .‬في الوقت ذاته أعلن مفوض‬ ‫الشرطة بأنه تم رفع مستوى تأهب األمن القومي‪ .‬مما يظهر أن القوات‬ ‫االسرائيلية قتلت الشهيد دون أن تثبت إدانته‪.‬‬

‫‪ 2174‬مقابل ‪ ..70‬غموض‬ ‫نور صادق‬ ‫«ال ّنكبة» مصطلح دخل في كل قواميس العالم لوصف أحداث ‪1948‬م‪،‬‬ ‫عندما استخدمت القوات اليهودية الطرد واإلرهاب والمجازر لتسهيل‬ ‫قيام دولة إسرائيل‪ .‬مرت ‪ 67‬سنة على هذا اليوم‪ ،‬استمرت النكبة على‬ ‫مر العقود وأرغمت األجيال العربية على العيش المحاط باالحتالل‬ ‫العسكري الصهيوني الذي تتحكم به أيادي إقليمية كبرى‪ .‬أدى هذا‬ ‫الكيان اإلقليمي العسكري المتوغلة جذوره في شتى دول العالم العربي‬ ‫إلى اندالع الحروب وخلق قضية عالمية كبرى هي قضية الصراع‬ ‫العربي اإلسرائيلي‪ .‬ربما يحتاج المرء إلى عدة عقود ليحصي عدد‬ ‫قتلى وضحايا وشهداء فلسطين والعرب منذ قيام الدولة اليهودية‪ ،‬لكن‬ ‫لم الرجوع إلى الوراء؟ فجرائم إسرائيل استمرت وما زالت مستمرة‬ ‫والهجوم األخير على غزة هو أكبر دليل على ذلك‪.‬‬ ‫‪ 2147‬شهيداً فلسطينيا ً مقابل ‪ 70‬قتيالً إسرائيل ّياً! من الطبيعي أن يشعر‬ ‫المرء بصدمة عند رؤية هذه األرقام التي أحصيت خالل وبعد الحرب‬ ‫األخيرة على غزة‪ ،‬فشتان بين الرقم ‪ 2147‬والرقم ‪ .70‬لكن الحقيقة‬ ‫وواقع الزمان الذي نعيش فيه ينفيان وجود أي نوع من الصدمات أو‬ ‫الذهول في هذه األرقام‪ ،‬بل هي أرقام طبيعية‪ .‬كيف ذلك؟ وأين المنطق‬ ‫المكمون في طبيعية هذه األرقام؟ وكيف يمكن للمرء ألاّ ينتابه الغموض‬ ‫في هذه التساؤالت؟‬

‫غداة تصفية متعمّدة لذلك األسير المقدسي المحرر‪ ،‬سارعت اجهزة‬ ‫االمن التابعة لالحتالل في التضييق على المقدسيين‪ ،‬واتخاذ قرار‬ ‫يقضي بإغالق المسجد االقصى‪ .‬ولقد وصفها الفلسطينيون بأنها‬ ‫«إعالن حرب» على مدينة القدس‪ ،‬وخطوة متقدّمة نحو تهويد المدينة‬ ‫المحتلة‪ ،‬واقامة «الهيكل اليهودي» المزعوم‪ .‬ممّا فجّ ر مواجهات عنيفة الماء ال يمكن تفسيره بماء ألنه مركب كيميائي‪ ،‬وتفسير المركب قائم‬ ‫بين المقدسيين واالحتالل‪.‬‬ ‫على تفسير الجزيئات والذرات التي كونته‪ ،‬ولهذا أطلق المثل الساخر‬ ‫وفي ما يبدو أنه محاولة احتواء لرد الفعل القوي الذي من الممكن لكل من عجز عن تفسير ظاهرة معينة‪« :‬فسر الماء بالماء!» لكن‬ ‫أن يواجهه االحتالل‪ ،‬تراجعت إسرائيل عن قرارها بإغالق المسجد لإلجابة عن هذه األسئلة يمكن االستعانة بهذا المثل‪« :‬فسر األرقام‬ ‫األقصى في القدس الشرقية المحتلة‪ ،‬وقررت إعادة فتحه‪ ،‬مع اإلبقاء باألرقام»‪ .‬هنا يكمن التفسير المنطقي الذي يزيل الغموض عن رقمي‬ ‫على منع الرجال الذين تقل أعمارهم عن خمسين عاما ً من دخوله‪ 2147 ،‬و ‪ .70‬إن العالم العربي يتكون من ‪ 23‬دولة عربية ويبلغ عدد‬ ‫السكان العرب بما يقارب ‪ 300‬مليون نسمة‪ ،‬أما إسرائيل فهي دولة‬ ‫بحسب ما أعلنت المتحدثة باسم الشرطة اإلسرائيلية لوبا السمري‪.‬‬ ‫وفي خضم هذه التطوّ رات‪ ،‬اندلعت مواجهات بين شبان فلسطينيين واحدة وال يزيد عدد سكانها عن ‪ 4‬ماليين حسب إحصائيات العام‬ ‫وقوات االحتالل االسرائيلي في حي الثوري في سلوان‪ ،‬بعد استشهاد الماضي أي تقريبا ً ‪ %1.3‬من عدد العرب في العالم العربي فقط! فإذا‬ ‫كانت هذه النسبة الضئيلة التي تمثل قطرة ماء في بحر هي التي غلبت‬ ‫حجازي‪ ،‬وقد أسفرت عن عشرات اإلصابات‪.‬‬ ‫األكثر من مليار أضحى الغموض معدوما ً بين ال‪ 2174‬وال‪ .70‬لكن‬ ‫ولكن ماذا جرى لالتفاق بين اسرائيل وحماس؟ ألم يكن لوقف قتل‬ ‫ألسنا نتحدث هنا عن بالد العرب التي منها انتعشت معظم حضارات‬ ‫األبرياء؟‬ ‫العالم؟ ألسنا نتحدث عن بالد الشام الّتي سجل التاريخ حضاراتها‬ ‫منذ شهرين تقريبًا‪ ،‬أعلنت حماس انتصار المقاومة‪ ،‬وقال سامي أبو بأحرف من ذهب؟ ألسنا نتحدث عن بالد ما بين النهرين منبع الثقافة‬ ‫زهري في مؤتمر صحافي‪« :‬اليوم‪ ،‬نقف بعد هذه األيام الطويلة في والعلم؟ ألسنا نتحدث عن معجزة األهرامات؟ ألسنا نتحدث عن أهم‬ ‫هذه المعركة لنعلن أننا انتصرنا واستطعنا أن ننجز ما عجزت عنه المعادن والكنوز التي تتدفق في أراضي العرب؟ أولسنا نتحدث عن‬ ‫جيوش العرب مجتمعة»‪ .‬وتابع‪« :‬بدأنا بقوة وأنهينا بقوة‪ ،‬ونتنياهو القدس التي طمعت بها أعرق حضارات عرفها اإلنسان‪ ،‬والتي جمعت‬ ‫فشل»‪ .‬وأردف‪« :‬اليوم‪ ،‬نهنئ شعبنا باالنتصار ونهنئ أمتنا العربية‪ ،‬بين كل األديان التي أنزلت من السماء؟ فما الذي أدار الزمن ليسجل‬ ‫ونقول لشعبنا سنبقى إلى جانبه ولن نتخلى عنه في الميدان وبعد انتهاء هذه األرقام التي ال تدل سوى على الخزي والعار؟‬ ‫المعركة»‪ .‬ولكن أين حماس اليوم؟ لماذا لم تقف الى جانب الفلسطينيين الخنوع‪ّ ،‬‬ ‫الذل‪ ،‬الخيانة‪ ،‬ال ّتقسيم‪ ،‬والعمالة‪ ...‬هذه هي العوامل التي‬ ‫وتدافع عن ايناس وعبد هللا ومعتز وغيرهم؟ كل ذلك يعيدنا الى انقسام‬ ‫انتشرت كمرض الطاعون في كل أنحاء الوطن العربي‪،‬فبدون هذه‬ ‫اآلراء وكون الفصائل ال يهمها اال السلطة وليس الشعب الفلسطيني‪.‬‬ ‫العوامل لما كان إلسرائيل كيانٌ في المنطقة العربية ح ّتى اآلن‪.‬‬ ‫ولألسف‪ ،‬لقد و ّفر العرب‪ ،‬بدون استثناء‪ ،‬هذه العوامل ممّا ساعد‬ ‫على بناء الدولة الصهيونية‪ .‬فلم نلوم إسرائيل؟ ‪ 50‬يوما ً‬ ‫ّ‬ ‫وغزة تحت‬ ‫القصف‪ ،‬الحصار (من كل الجهات)‪ ،‬الدمار‪ ،‬الدماء‪ ،‬والموت ولم‬


‫‪12‬‬ ‫نسمع حتى بهمسة خبر عن بدايات تبشر بانتفاضة جديدة‪ ،‬ولم نر‬ ‫النار موقداً بشدة سوى في غزة‪« .‬ثوروا‪ ..‬ثوروا‪ ..‬ثوروا يا جماهير‬ ‫األرض المحتلّة» ألم تنبع ألحان ّ‬ ‫الثورة هذه من قلب الضفة؟ ألم تنطلق‬ ‫شعلة الثورة من تلك المنطقة التي هبت ناراً بوجه المحتل؟ ألم يعلمنا‬ ‫أهل الضفة أن ال ّ‬ ‫شغب والخروج عن القانون وال ّتمرد بوجه مغتصب‬ ‫نر‬ ‫األراضي هو القانون؟ فلم انطفأت نار الثورة بالضفة الغربية؟ ِلم َل ْم َ‬ ‫بوادر للشعلة في آخر هجوم على غزة؟ هل انطمست بالتراب لوحدها‬ ‫أم أن هنالك من أخمد هذه النار؟‬

‫شباط ‪February 2015 |2015‬‬ ‫الصهيوني»‪ .‬لقد كان هذا الرأي متفق عليه من معظم سكان الضفة‬ ‫الذين أجريت معهم المقابلة‪ .‬لكن في الوقت نفسه‪ ،‬عرضت آراء مشينة‬ ‫ومخزية من بعض السكان المحليين في الضفة‪« :‬إننا اآلن نعيش عيشة‬ ‫هنية ومستقرة وال يهمنا ما حدث في غزة فقد سئمنا الحرب وال نريد‬ ‫أية مقاومة وفوضى بل نريد السالم» وذكرت الجريدة أن معظم هؤالء‬ ‫المحليين هم موظفون في السّلطة الفلسطينية قد أسكتتهم الرواتب‪.‬‬ ‫وكيف ننسى حمالت دايتون األمنية التي بدأت قبل تسع سنوات بعد‬ ‫عملية حسم غزة حيث قامت األجهزة األمنية بعمليات إجثاث على‬ ‫المقاومة وكل من يدعمها وعلى جميع الفصائل سواء كانت حماس‬ ‫أوكتائب األقصى أوالجهاد اإلسالمي أوالجبهة ال ّ‬ ‫شعبية مما أدى إلى‬ ‫اعتقال معظم قادتها وأفرادها ومصادرة األسلحة واألموال؟ إن كثيراً‬ ‫من الفلسطينيين والعرب في غفلة عن الدور الصهيوني الممارس‬ ‫باستمرار في قطاع الضفة‪ ،‬فاألجهزة األمنية التابعة للسلطة الفلسطينية‬ ‫قائمةعلى كشف جميع المعلومات لليهود والتنسيق األمني العتقال كل‬ ‫من يفكر بالمقاومة‪ .‬لقد قاموا بمالحقة المقاوميين وكشف مناديبهم‬ ‫الواعيين في كل مكان‪ :‬في الشوارع والحارات والجامعات‪ .‬أما‬ ‫األشخاص الناشطين سياسيا ً فيما يخدم القضية الفلسطينية ويفضح ما‬ ‫تمارسه إسرائيل هي وأعوانها فتم مراقبة تحركاتهم‪ ،‬منهم من اعتقل‪،‬‬ ‫ومنهم من قتل سراً‪ ...‬والناس ما زالوا على غفلة! وعامة الشعب لن‬ ‫يتحرك إن لم يحركه قادة الثورة وأبطال المقاومة في الضفة الذين كبلوا‬ ‫بالسالسل وطمست أصواتهم داخل سجون السلطة الفلسطينية‪.‬‬ ‫هل هو غريب إذاً هذا العدد المهول من الوفيات في آخر حرب على‬

‫ك أب ًدا من وجود األبطال ّ‬ ‫والثوار الّذين إن بردت الشمس لن تبرد‬ ‫ال ش ّ‬ ‫نارهم‪ ،‬لكن البطولة والشجاعة وحدها ال تكفي لتحرير وطن مستبد غزة؟ وهذه المخاسر الضخمة من المباني والمدارس والمستشفيات التي‬ ‫من أقوى دول العالم‪ .‬فبدون الوحدة الجماعية وبدون وجود من يحكم تحولت إلى رماد؟ لِم التعجب واالستغراب عندما يكون الحصار من‬ ‫الفلسطينيين تحت قانون عادل لن ترجع لنا أراضينا وسنظل نحلم الشقيق‪ ،‬وصواريخ العدو مختومة ببترول العرب‪،‬وعندما يكون بعض‬ ‫ببيوتنا التي ربما تكون قد دفنت تحت تراب الوطن‪ .‬فأي قانون هذا الفلسطينيين يقضون أيام العطلة في بارات تل أبيب وينظرون إلى‬ ‫الذي يسمح للموت أن يغتصب شعب كامل ويسلب منه كل ما يملك؟ اليهود وهم يقصفون أبناء وطنهم بال مباالة؟ فها هي غزة اآلن مدينة‬ ‫وأي قانون هذا الذي يحاكم البطل الشريف الذي يدافع عن حق وطنه بال بنية تحتية تطفوا على األشباح‪ ،‬وها هي فلسطين حروفها فقدت‬ ‫بتهمة اإلرهاب فيفنى داخل سجونهم أو داخل سجوننا؟ قامت جريدة ألن العرب لم يجيدوا نطقها‪ ،‬فأضحت خارطتها بال حدود‪ ،‬وكبدت‬ ‫القدس العربي بدراسة الوضع المستجد في الضفة الغربية خاصة بعد حريتها بأغالل القيود‪ ،‬فوهبت روحها لالستشهاد وخلقت للموت راية‬ ‫الهجوم األخير على غزة‪« .‬من يستطيع تحمل العيش تحت سقف كبرى لتحرير البالد‪ ،‬وأوقفت نداءها للعرب لتنادي البطل الذي حمل‬ ‫دولتين بوقت واحد‪ ،‬من يستطيع تحمل العيش عندما يرى التعاون رايتها‪ :‬اخرج من قبرك يا صالح الدين لتعلمهم أن العيش تحت راية‬ ‫بشكل وقح أمام أعيننا بين السلطة الفلسطينية التي ترأسنا والعدو األنذال جريمة‪.‬‬


‫شباط ‪February 2015 |2015‬‬

‫‪13‬‬

‫مذكرات سجين‪..‬‬ ‫علي املوعد‬ ‫لي وراء القضبان عالمي الخاص الصامت و البشع‪ .‬بالرغم من حرارة‬ ‫استقباله لي لم أرض به إﻻ بعد فترة غير محددة من الكره و الجفاء‪.‬‬ ‫اعتدت عليه ألنني تجرعت الصبر مع قطرات الحليب مذ كنت طفال‬ ‫رضيعاً‪ ،‬ثم وجدت الصبر أنيس وحدتي بعد ما مات من أحببت تحت‬ ‫ركام القصف اللعين‪ .‬أحالمي لم تكن تشبه سني و طموحاتي‪ ،‬لطالما‬ ‫بقيت غريبة عما اعتاد عليه البشر‪ .‬إختلطت اإلبتسامة بغبار البيوت‬ ‫المهدمة و إمتزج نداء الحب بآهات األمهات الثكالى‪ ،‬و الوردة الحمراء‬ ‫سقطت من يدي بعد يوم بريء مضى لم أعرف حينها معنى القتل و‬ ‫الدمار‪ .‬كان األحمر هو الحب و كان السواد منبوذا في داخلي‪ ،‬وفجأة‪،‬‬ ‫اسود كل شيء في حتى وردتي الحمراء التي سجنت في الظالم و‬ ‫تلونت بما أحاطها من عتمة و أسى و نحيب‪ .‬أنا اليوم أعيش ليس لحب‬ ‫قديم أو فرح منتظر أو وردة حمراء‪ .‬لم يعد يعنيني أي شيء من عادات‬ ‫البشر تلك‪ .‬ال آبه إذا بقيت في هذا العالم القبيح مسجونا‪ .‬ال آبه حتى إن‬ ‫ُّ‬ ‫مت طالما هناك سجن أكبر ينتظرني بكل وقاحة و يمسك بحريتي بين‬ ‫يديه و بتباهى بتعذيبها‪ .‬أموت مرة و أعيدها ألف مرة لكي أرى قاتل‬ ‫شعبي و مغتصب أرضي مطأطأ الرأس مذلوال‪ .‬حينها فقط‪ ،‬يصبح‬ ‫لحريتي معنى وتمحى من قلبي أثار القضبان التي رسمت من قبل‬ ‫أن تنطق شفاهي حروف الحب و الحزن و الورد و السجن‪.‬‬

‫ّ‬ ‫فلسطيني‬ ‫فرح الدربي‬ ‫ول ِْد ُ‬ ‫جدار فصل أمُّي وأبي‬ ‫ت َتحت‬ ‫ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫صريخ أبي يُناديني وراء صو ِ‬ ‫سمعت َ‬ ‫القنابل‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫الموت ْ‬ ‫بعد إستشها ِد أخي‬ ‫خنقني‬

‫ُ‬ ‫الميادن‬ ‫ودفنت أحال َم ُه في ك ِّل‬ ‫ِ‬ ‫أنا طف ٌل فلسطيني‪ ،‬دموع أمُّي تجري في‬ ‫عُروقي‬ ‫أنا ُم و جفوني مفتوحة‪ ،‬تنزفُ دماءاً‬ ‫واأللم تعو ُم في قلبي‬ ‫الحزن‬ ‫أموا ُج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بنور ال ُ‬ ‫شهدا ِء‬ ‫والسماء تضي ُء ليلي‬ ‫ِ‬

‫ُ‬ ‫تشرق حين ُتعكسُ على وجهي‬ ‫الشمسُ ال‬ ‫األرض ال َتطير في‬ ‫والطيور تزحفُ على‬ ‫ِ‬

‫السما ِء‬ ‫ُ‬ ‫حفرت إبتسامتي على بقايا جدران بيتي‬ ‫ورفضت دفن هويتي تحت األشال ِء‬ ‫ت رفح و حيفا‬ ‫سأتجو ُل في ساحا ِ‬ ‫سوف تعود أراضي الثمانية و األربعين‬ ‫وأستنشق هواء جنين و يافا‬ ‫سيولد أبطا ٌل حاملون أعال َم فِلسْ طين‬


‫‪14‬‬

‫حكايات‬ ‫حنني يوسف‬ ‫ْ‬ ‫زالت تحيا‬ ‫بأرض رغم ك ّل ما شهدت ما‬ ‫ان مررت‬ ‫ٍ‬ ‫فاعل ْم أ ّنك في ّ‬ ‫غزة‬

‫إن شاهدت أطفاالً لعبتهم الموت واقصوصة طفولتهم الحرب‬ ‫فاعل ْم ا ّنهم أطفال ّ‬ ‫غزة‬

‫شباط ‪February 2015 |2015‬‬ ‫اسمع أيها العالم الصامت النائم ‪ ،‬من نيكاراغوا إلى حدود الصين‬ ‫أطفال فلسطين ‪ ،‬أطفال فلسطين يصرخون و ما أنتم بمستيقظين‬ ‫فمن يوقظ األحالم من عيون العمر الهارب ؟ من يكتب السنين؟‬ ‫هم أبطال فلسطين بقوا على عهدهم و على نهجهم سنكون الباقين‬ ‫و يا شرفاء العالم ! و يا أصحاب األقالم أال تسمعون األنين؟‬ ‫ألم تعودوا تملكون عيونأ ! و أنتم تملكون الحقوق و تملكون السكاكين‬ ‫فلم يعد للعدالة من مكان سوى ان تسكن دفاتر المجانين‬

‫الطيور فوق سماء مغبرة‬ ‫ان حلّقت أسراب‬ ‫ِ‬ ‫فحتما ً ا ّنها سما ُء ّ‬ ‫غزة‬

‫و لم يعد للحق من وجود إال في بنادق المجاهدين‬ ‫قد عرفنا اليوم أننا نبقى جباالً ‪ ،‬جسوراً وبراكين‬

‫في ّ‬ ‫غزة مدارس تعلّم الحياة‬

‫إذا ما أسمعنا العالم صوتنا ‪ ،‬إذا ما كتبنا بالدم «فلسطين»‬ ‫عندها سيركض التاريخ فاتحا ً ابوابه و سيحق الحق رب العالمين‬

‫و تعطي لها معنى‬ ‫في ّ‬ ‫غزة تدرس مناهج األمل واإلرادة‬ ‫هناك على تلك األرض الف حِكاية وحكاية‬ ‫ٌ‬ ‫حكايات ابطالها عشاّق الشهادة‬ ‫هناك حكاي ُة ام ربّت أبناءها ولقنتهم حبّ الشهادة‬ ‫واب غرز فيهم بذور العبادة‬ ‫في ّ‬ ‫غزة حكاية شاب وصبية رسما حلمهم سويا‬ ‫أنجبا طفالن صبي أسموه جهاد وبنت اسموها بندقية‬ ‫وكالهما يعيشان فديا للقضية‬ ‫و عازفو لحن الحرية‬ ‫صامِدون فوق دمار العبثية‬ ‫وصرخات نساء تنادي اإلنسانية‬ ‫فتصمت فليس للمنادي نجيا‬ ‫كالنجوم في سما ِء ّ‬ ‫ّ‬ ‫العزة األبدية‬ ‫غزة حروفٌ تتألق‬ ‫ِ‬

‫فليسمع العالم!‬ ‫علي املوعد‬ ‫فلسطين قلوبنا عليك تحترق ‪ ،‬و هي في صمت قاتل لعين !‬ ‫اه متى ينتهي زمن السبات ؟ أعندما يفنى شعب فلسطين؟‬ ‫فلو كانوا حجارة أو حديداً ‪ ،‬فو هللا لكانوا متحركين‬ ‫أصبح المشهد و ال أجمل‪ ،‬يُبكي و يُضحك المشاهدين‬ ‫و صارت الصورة تسافر يتيمة ‪ ،‬ثكلى ‪ ،‬بفضا ٍء حزين‬ ‫فيا شعب فلسطين الصامد ‪ ،‬كن ناراً و جحيما ً على المعتدين‬ ‫فسالمهم أصبح ظالمنا ‪ ،‬و جرائمهم يكفر بها كل دين‬ ‫فلينظر العالم ‪ ،‬فليعرف العالم ‪ ،‬فليسمع صرخات الماليين‬ ‫أصبحنا نموت و ال ندري ما ذنبنا ‪ ،‬و العدالة أصبحت سكين‬ ‫فليسمع العالم !! صرخات األطفال و أهات األمهات و نداء المسنين‬ ‫أكان ذنبهم أنهم ولدوا فلسطينيين ‪ ،‬فعُذبوا و قتلوا و قُدموا قرابين‬

‫فهذا الدرب مكتوب علينا ‪،‬و ذاك النصر آت ولو بعد حين‬ ‫يكفن بعضنا بعضا ً ‪ ،‬و نزرع الورود ‪ ،‬ونبتسم للشهادة طالبين‬ ‫فما عاد الذل لقمة عيشنا ‪ ،‬و ال عادت المهانة تسكن الشرايين‬ ‫بل بات الدم الفلسطيني و العزة الفلسطينية للمجد عناوين‬ ‫فبوركت أياد تضرب ‪ ،‬تنسف ‪ ،‬تعصف ‪ ،‬تكسر الذل‪ ،‬ترفع الجبين‬ ‫فما عاد العالم يسمع !! فليسمع العالم االن ‪ ،‬من هو شعب فلسطين!‬


February 2015 |2015 ‫شباط‬

Weeping Tears for Gaza Marguerite Rami They are weeping tears that will never cease Burying children killed in their sleep They are seeking refuge where none exists Blood coursing like rivers on sun baked streets Faith cannot grow on the graves of the many Hatred will flourish when none can find peace An eye for an eye will make the world blind In the darkness that follows who will be left?

O my O my ! Nahida Izzat Didn’t I bomb your village to smithereens? Didn’t I crush your bones last July ? Didn’t I blow your head up to pieces? Didn’t I shoot you in the eye? What are you doing here? Why are you still alive? Just tell me why?

15 *** Yes, indeed You did kill us all But We… forgot… to… die


February 2015 |2015 ‫شباط‬

16

These patients find themselves unable to change the

would go overboard in their behavior, such as trea-

new reality, which causes disorders in their behav-

son or deviance,” Ashour said. “This is especially

ior, lack of balance, depression and aggressiveness, true despite politicians saying that the people remain especially when they recall what happened or have

steadfast and ready to sacrifice. They fail to see the

nightmares about it. When they go through an expe- accumulating problems and tragedies in Gaza’s socirience that might remind them of what happened to ety.” them, they become short of breath, with increasing

He added that society is in need of a state with liberal

heart rates.

political mechanisms, instead of an ideological rule,

Some observers say that the frustration and distress in even if the latter was the people’s choice at a certain Gaza is unprecedented, and that Gazans’ morale was time. Nevertheless, people have rejected the ideologimuch higher during the war than after it. To understand this dilemma, psychiatrist Fadel Ashour told Al-Monitor: “The war was an existential shock to Gaza’s community. As a result, people stopped rationalizing and tended to look after their selfish individual interests instead of collective benefits. They lost their empathy. This is not to mention the hidden consequences of war, including social ruptures such as marital disputes, deviant sexual behavior, and lack of trust, self-esteem and confidence. This suggests that people have shallow faith and their political affiliations are much stronger than their religious faith.” Ashour said a collective obsession exists among Gazans on getting out of Gaza, whether in boats by risking their lives to Europe, or through total isolation from reality. This is when they turn to drug addiction or isolation and become doubtful about everything and everyone. “I want to warn against the fact that some people

cal style of life, since Gaza - as any other society - is

not a mere dogmatic and ideological system, as many faction leaders perceive it. It is rather a human community. We left Mustafa waiting for her daughter’s next weekly visit. She sits with the television remote control in hand and the prayer rug next to her, as she waits alone for visitors.


February 2015 |2015 ‫شباط‬

Torned Apart: A New Reality

17

“During crises such as wars, people usually become more spiritual. However, once the war is over, mateAsma Al-Ghoul rial things become of great value, pushing people to look after their own interests at the expense of others. GAZA CITY, Gaza Strip - Zakia Mustafa, 86, used to In their subconscious, people believe that making sit in front of her house under the sun, chatting with financial gains means that they are still alive,” he told her neighbors to ease her loneliness. Her ground-floor Al-Monitor. home however, was what eased the loneliness as she He emphasized the fact that the majority of Gazans was a few steps away from her loved ones. are seeking to obtain food aid and to register their During the war, Mustafa’s home got demolished. As a names for home reconstruction. Some of them go as result, she moved in with her children, who placed her far as to lie to receive aid. Nafeh added that lack of on the second floor of their building. Not long after, trust and safety is the most obvious outcome of major her health began to deteriorate; her weight dropped by wars, such as the most recent one in Gaza. half, as weeping and praying became her only conso“We receive in our clinics, on a daily basis, dozens lation in her solitude. of cases suffering from social problems and personal “I sit most of the times by myself. I cannot get used to conflicts as a result of the destruction of their houses, the flat. I can’t even hear the call for prayer and I don’t and from fear resulting from the war,” Nafeh said, see the sun,” Mustafa told Al-Monitor. conceding there are no statistics on the number of She added that, until today, she has not received any patients at the moment. compensation. Her son registered the whole house in Another social problem emerged as a result of the his name, knowing that a wall separated his place from psychological effect of the war. Atef Mohamed (a his mother’s house, and cheated her on compensation. pseudonym), who is 26 and lives in one of the refugee This phenomenon of seeking personal benefit is not schools in the Shati refugee camp, told Al-Monitor: only limited to Mustafa’s son, as it has become a “I was about to abandon my family and divorce my common feature among people in the postwar period. wife. I used to have violent fits of anger and would Ahmad Khaled (a pseudonym), whose son died on hit my wife and four children, to the extent of almost July 25, told Al-Monitor: “My daughter-in-law was killing them. pregnant and gave birth on Oct. 1. However, I saw my grandson only once. He is 65 days old now and I think about him every day. He is all I have left from my son.”

“Everything changed after the war. Everything I owned no longer existed. My house in the Shajaiya neighborhood had been flattened, as well as my small shop where I used to sell cellphones. Life is unbearThe man from the city of Beit Hanoun in north- able. I suffered from depression and used to lose my ern Gaza said that his son’s widow has deliberately temper. Had it not been for the medication I have banned him from seeing her child, because of the been on for about a month, I would have destroyed financial entitlements to his son. “I tried to marry her my family.” off to my other son but she refused. She also canceled, His wife, who also wished to remain anonymous, told in her capacity as his wife, the power of attorney that Al-Monitor: “During his fits of anger, he used to beat would allow me to receive the entitlements for my me if I ever spoke or if I fell silent. However, I put dead son. I do not wish any financial compensation for up with his violent temper because I love him. Even my martyred son. All I wish for is to see my grandson, when he decided to leave us, I clung at him until he found psychological help and started to take the mediwho is said to look like his father.” Psychologist Akram Nafeh confirmed that Gaza’s cation.” society is in a state of distress and general frustration following the harsh war and its unexpected repercussions.

Nafeh said the man is suffering from PTSD (posttraumatic stress disorder), which is the case of dozens of other people who visit his clinic.


February 2015 |2015 ‫شباط‬ Human Rights Watch reported on August 4 that it had “investigated several incidents between July 23-25 when, local residents said, Israeli forces opened fire on civilians trying to flee Khuza’a, but no Palestinian fighters were present at the time, and no firefights were taking place.”

18 inside his modest home and spoke about what happened there. He said, “Special Israeli forces stormed into my home after bombing the back wall. They arrested me and 30 other men from the town. They put us all in tanks, covered our eyes and ordered us to take off our clothes. They took us to an area where we stayed for six hours and then took us inside Israel. I remained there for four days, during which I was subject to interrogations. We all returned through the Erez crossing, but four members of my family are still detained.”

Fodda al-Najjar, 63, cooks okra on a small stove in a tent that her sons made out of blankets and sticks near her demolished home. She lost her son as well. “He was a resistance fighter, and I believe he is now in heaven. He became a martyr on July 24, 2014. I miss him, but it was his choice, and he has my blessing,” Shehada al-Najjar, 44, shared the same experience as his cousin Ahmed, except when Shehada was ordered she said. Alaa al-Najjar, 20, took us to Mohammed Mahmoud to climb into the tank, a soldier shot him from afar. al-Najjar’s house, not far from Fodda’s former home. One bullet penetrated his neck, and another hit him At dawn on July 25, more than 80 residents from the in the arm. Shehada told Al-Monitor, “When the soldier fired, the officer who was detaining us shouted at him. I kept Alaa, who was among the refugees in the house, bleeding for six hours during my arrest. Then they recalled, “First, the house was hit by artillery, fol- called the Red Cross to transport me to the European lowing which a rocket was fired by a reconnaissance [Gaza] hospital where doctors were surprised that I plane. Then a bomb was dropped by an F-16 plane.” was still alive.” He said, “This occurred amid the screams of women Eyewitnesses to the horror of the war and terrifying and children. Many of them were wounded. Two old days in Khuza’a survived by chance. However, their men were killed, Kamel al-Najjar and Salem Kodeih.” wounds remain unhealed. town had taken shelter in his basement when it was hit by Israeli forces.

Susan al-Najjar, 37, told Al-Monitor, “My husband was wounded by the shelling. Our 6-year-old son Mutassim was terrified, so we carried him and left, but a bullet shot by Israeli soldiers smashed into his head, right in front of our eyes. I knew that if we did not move, the rest of my four children would also die.” Susan walks along and points to the place where she and her husband left Mutassim’s body - on a pile of tiles topped with sand, under the shadow of a lush tree - to continue fleeing with her husband and the rest of her children Aya, Nazmi, Raghad and Zaid. “I knew that if I did not leave my son and run, we would have all died, because bullets targeted those coming out of the basement,” Susan said with tears in her eyes. “I left my son for nine days. I always wondered if he was afraid of the dark, was eaten by dogs or felt cold. I was only relieved when we came back and buried him. They did not let me see his decomposed body.” Ahmed al-Najjar, 39, took Al-Monitor on a tour


February 2015 |2015 ‫شباط‬

19 rampant fear of any criticism of the Arab cause.” In used to be his home, said, “The war will be resumed, fact, when two countries are in conflict, other coun- we know it. Can’t you hear the sound of drones? It is tries might interfere. Such interferences, if made not enough for them that they left us with destroyed public, will definitely attract people’s attention; the homes and painful memories. They want to maintain problem encountered would be if the people are not the threat.” happy with the decision of their government. ConseMohammed is not the only one who feels insecure. quently, I believe this is why American Media sets its These days, insecurity is a shared feeling for all the agenda as much as possible to be pro-Israel. residents of this town who preferred to return to their This mainstream media problem is being questioned destroyed homes rather than stay in refugee school by the public. So, to keep their market blooming, one shelters. They tell the same stories heard elsewhere in can see American mainstream media trying to “Bal- Gaza. The mass destruction of houses by the Israeli air ance” what is being covered by showing that both force has left a heavy burden on Khuza’a. Al-Monitor Palestine and Israel are being harmed. This so called tried twice to enter the town during the war, but Israeli “Balance” is however not so balanced. In the recent forces had declared it a military zone and prohibited news, CNN chose “The Israeli teens killed: Promis- anyone from approaching it. The entrance to the town ing lives, grieving families” as headline and The New does not indicate much about the current situation York time chose “Israel’s Search for 3 Teenagers Ends in the town. Al-Monitor visited the Najjar family’s in Grief”. These two headlines would most probably neighborhood. cause empathy in many readers. However, none of Standing next to some water storage tanks being these media sources spoke of the two Palestinian repaired, Riad al-Najjar, 42, told Al-Monitor, “They teens shot by Israeli soldiers in May during a proused explosives to demolish houses. We found dynatest against the expulsion of Palestinians from Israel mite among the hay.” Everyone here knows the details (B’Tselem, 4/20/14). They chose to start the conflict of what happened, the names of the martyrs, their by the kidnapping of the two Israeli teenagers and not stories and their backgrounds. This is a new sacred the 84 Palestinian minors killed by Israeli security memory for the town.” forces on the last five years (B’Tselem). Also, other assaults were not presented in the mainstream media Mahmoud al-Najjar, 22, told Al-Monitor, “The first like “Operation Cast Lead” during which 1391 Pales- time we were able to enter Khuza’a after leaving it foltinians were killed including 318 children in 2008-9. lowing the ground invasion, we found at the entrance, Finally the ongoing land, air and sea blockade that a 9-year-old girl in a wheelchair shot dead. Her body Israel has maintained against Gaza since 2007 was was decomposed. Not far away from her, we found the decomposed body of an old man. They were from barely mentioned. the Abou Rjeily family, and it seemed that they were This technique of starting the attack cycle with Paltrying to escape. In the demolished houses, we found estinian aggressions followed by Israeli response has the bodies of some of the resistance fighters. As we been widely used in the media framing of the conflict. tried to pull them out [from under the rubble], their feet or hands would come off.”

Located in the southern Gaza Strip, east of Khan Yunis on the border with Israel, Khuza’a was one of Asmaa Al-Ghoul the main confrontation lines during the war. Bakr alNajjar, 26, said, “The army told us to get out, and as KHAN YUNIS, Gaza Strip. The war in Gaza is over, we walked amid the bombs and rockets falling on us but the approximately 10,000 residents of Khuza’a do like rain, they opened fire on us. My uncle and my not yet believe it. The sound of reconnaissance air- cousin died in front of me. We were unable to turn craft flying nearby reminds them of the eminent death. back. We had to leave the bodies behind. We just had Mohammed al-Najjar, 23, standing near the rubble that to keep walking.”

Haunted by war


February 2015 |2015 ‫شباط‬ This is not surprising at all, knowing that Gaza has been at war three times in the past six years. With Operation Protective Edge being the longest of the three, and attacks spanning over 50 days, trauma and other war-induced disorders are sure to surface.

20 even tried to throw himself off the roof.” Muntasser does not limit the violence and rage he feels inside onto himself, though. “The other day, we found him trying to hang his cousins,” his father tells the MEE helplessly.

Sami Owaida, a child psychiatrist of the Gaza ComWhen Muntasser finally looks up, he screams: “I just munity Mental Health Program, told the Middle East want to get a Kalashnikov and kill them all to avenge Eye (MEE) that “the most worrying cases are [the] Zakaria [his brother] and my cousins.” parents… Parents are the immune system for children, the source of security and warmth for them.” But when adults are terrified and at a loss themselves, children have no one else to turn to. Hence it is expected that “many youngsters [will] be mentally ill or emotionally disturbed, likely showing aggressive, disobedient, nervous, or irritating behaviours,” Mohamed Kafina of the Palestine Trauma Centre (PTC) stated. Matters are made that much worse with the lack of facilities needed for psychosocial support and counselling in Gaza. The PTC, one of the few units that immediately stepped in for psychological help and intervention after the ceasefire was announced, offered as much as it could. But much more was still needed. With 373,000 Palestinian children in “need [of] immediate psycho-social first aid as a result of the… war on Gaza”, as Pernilla Ironside, Chief of the UNICEF, declared the facilities available can hardly stand on their own and face the challenges ahead. “Coping with the flashbacks, nightmares and severe anxiety is made even harder by the lack of mental health clinics and professionals working in the battered territory,” says Samir Zaqqut, a health professional. Of the hundreds of children affected, one glowing case is that of Muntasser Bakr, an eleven-year old boy who survived two missiles’ attacks in the first week of war while playing football with his relatives. He was the only survivor; his younger brother and three cousins all died in the attack. The counselling and medication Muntasser receives can barely make up for the horrors he has witnessed. His father worriedly notes that “he [Muntasser] becomes extremely violent, he breaks everything and then he starts banging his head against the walls. He

Media Bias Sarah Abou Raad Every day we are exposed to images and information that were created and purposely put to influence people’s opinions and perceptions. Mainstream media can be biased and agenda oriented depending on the public they target. An American newspaper would choose to present to its readers American friendly, Anti-Arabs articles while an Arab friendly source would do the opposite. The worst thing in these tendencies is that people targeted by these media sources sometimes forget that the information might not be accurate and might lack some context and details that the author/editor has chosen to leave out. This applies to the Israeli-Palestinian conflict coverage. Rebecca Mavin stated in an article that appeared on the 27th of July 2014 “This is as much a war for the control of discourse and minds as it is for the control of land, and the media is guilty of perpetuating it for as long as it continues to propagate unhelpful ideas: blind condemnation of Israel, blind support of Zionism, the demonization of Palestinian resistance, or the


February 2015 |2015 ‫شباط‬

mobile containers, referred to as caravans. Some families claimed that they fear that the containers’ texture would not protect them from the harsh winter. All the while knowing, the few hundred caravans are in no way enough for the several thousand displaced Palestinians. The Head of the committee, Imad Haddad, reported to Safa news agency that there have been attempts to bring in more caravans to Gaza, “for the moment we cannot bring in more, and we are waiting to have the opportunity to do so.” Every aim at humanitarian aid has been ‘regulated’ by the malicious Israeli government. One of the main reasons as to why the reconstruction process has been moving at a glacial pace, if at all, is due to the lack of building material in Gaza. Further, the UN and Israel have been controlling the supplies fearing that the material would fall into the hands of militant groups (i.e. Hamas). This intense form of regulation, especially which it includes Israel, has made the success of the reconstructing process near impossible. The Oxfam report states that 287 truckloads had entered Gaza in November and that “at this rate, reconstruction and development could take decades”.

21

that not only clean water is not coming into the houses but also sewage water is not leaving them. In short, while several families gather under the roof of their house protected from the harsh winter storms of Zeina or Huda, thousands of Gazan families lie in ruined crippled houses, or even on the streets, vulnerable to the curse of the winter season.

Fighting the War Within: Psychological Impact of War among the Children of Gaza Farah Taha

The damages created as a result of war are not limited to tangible materials, but surpass that onto the mental health of individuals, survivors, of the conflict zone and Gaza is no exception. In a study published in The Arab Journal of Psychiatry last year, just before the July-August 2014 aggression started, Abdelaziz Thabet, a child psychiatrist at Al-Quds University, and colleagues found that, after the 2009 war on Gaza, a whooping majority of Gazan adolescents had witnessed traumatic events, such as seeing mutilated To add to the misery of the Gazans, on 28 July the Israel bodies on TV and being exposed to heavy artillery, Defense Force (IDF) attacked the only power plant in with around thirty percent of participants meeting criGaza, leaving around 1.86 million people in darkness. teria for a diagnosis of post-traumatic stress disorder Further, according to the guardian outages that last 18 (PTSD). This time around, co-author Panos Vostanis hours a day are common. In addition, during the war warns that “the rates of full-blown PTSD may be of 2014, IDF bombed wells that provide the Gazans worse… at least 60 to 70 percent in the three to six with water. IDF also targeted sewage plants, meaning months afterwards.”


February 2015 |2015 ‫شباط‬

22 the borders, the percentage of Palestinians entering standing the possibility of the house collapsing on the district was higher than the percentage leaving. them. Further, 62-year-old Souad al-Zaza and her However, several people claim that Gaza won the war, daughter reported to the Daily Star from “a bed made as it has achieved its demanded goals; the goals of of a wooden door on breeze blocks, ‘I wake up cold, I which basically state: let us live, give us our rights sleep on the bed, afraid that it [the house] will break. and freedom to farm, fish, work or travel. Unfortu- I’m covered with two blankets that we were given,’ nately, the siege has tightened, and even more rights she says as rain drips through the ceiling inside the were taken, promises were made and broken, no food, wreckage of her home in Gaza City’s Shujaiyeh water, shelter nor even electricity provided. Moaeeen neighborhood. ‘Before the war, I was happy, safe, and Naiem, 54, lives with his family in a half-standing comfortable in my life and now we are living in the home in Shujaiya, and from where they sit the lights middle of this destruction.’” of the Israeli kibbutz and military base of Nahal Oz Several Gazan citizens stay in their destroyed houses are visible just several hundred meters away. “We hoping that authorities would begin the overly advercan see they have electricity even on their borders tised reconstruction process they speak of. Umm Raed, where there aren’t any people. But there are people a Shujaiyeh resident told Al-Monitor that her husband living here without electricity,” he explained. “Aren’t spends most of his time in a tent located on the rubble we human, or what? Our life is hell. We are living of their destroyed home, hoping the committees in like animals — maybe the cows live better than us.” charge of drafting the inventory and conducting the Hamas, along with all Gazans, did not wage a war to assessment of the devastation and damage will show only achieve basic human rights, the reason Gaza won up. “Until this moment no authority has provided the war was due to those 2147 people who have died any alternative housing for our family. We only hear to preserve the land and defend it. They’ve died for promises,” she told Al-Monitor. a higher cause, for the resistance, for the only place in the world where they can call home. So, it’s our Most of these families’ conditions are made more responsibility as Arabs to honor this bloodshed by dreadful by the landlords who exploit the situation by keeping the promises made and making sure that the demanding high rental prices. war was not for nothing.

The Curse of the Winter Season Tasnim Chaaban Winter is creeping into the bones of more than 20,000 Gazan families displaced within their country. According to a statement by the United Nations Relief and Works Agency for Palestine Refugees (UNRWA), around 60,000 housing units were damaged during the While some families endured staying in what resemwar on Gaza, of which 20,000 are uninhabitable. bled their homes and other sought refuge with host Further, during Israel’s last war on Gaza, nearly 40% families or relatives most families were placed in colof Gaza’s urban area was reduced to mere rubbles lective centers/ or camps. Further, some families reside and ashes. This in return left what the United Nations now within schools. Others aimed at building tents Office for the Coordination of Humanitarian Affairs from weak pieces of wood, and used clothes, quilts, or (OCHA) estimated to around 100,000 people on the even carpets. However, several families remain bound streets seeking protection from the harsh winter on to sympathy of the world watching them. For instance, 2014/2015. the United Arab Emirates Committee for Charitable Some decided to stay in their damaged home, with- Works in Gaza distributed around a hundred small


February 2015 |2015 ‫شباط‬

Living in the Aftermath Shaheed El Farra War is over. That is what the people of Gaza thought after enduring 3 wars so far, thinking that the worst part is over. However, the real war begins after it ends. “The survivors are the real victims of war” Hamza Saftawi, said, “they have to live in the aftermath”. Gaza is in a shape worse than ever as the promises to rebuild are gone to waste. The shelters are filled with people and there are no places to live but the streets, under the worst conditions of weather. The food isn’t enough to feed everyone; people are dying, either from hunger or lack of medicine. The promised open borders with Egypt are only words on a piece of paper. It’s been more than three months, and the borders were opened for a few hours since “the end of the war”. The damage in Gaza is devastating. Further, not only that the infrastructure of the city is destroyed - along with its all economic sectors, but even the families are destroyed and chattered. Israel’s prolonged onslaught cases long-term mental and physical catastrophic consequences on the Palestinians and their children especially. More than half of Gaza’s population is under the age of 18. These kids’ childhood was murdered as they had to watch their family members die in front of them. All the while knowing that several of them would’ve lost limbs, got crippled, or handicapped for the rest of their lives. And of course, it will not be easy for the fathers and mothers, who had to bury their sons and daughters, they will not be capable to cope with life anymore. This is where the real war begins for the Palestinians. The very least a person can do to these families, is keeping the promises made. One does not expect Israeli authority to maintain its part of the bargain, but what about the Arabs? Their so called brothers and sisters.

The Aftermath

23

Further, even if there were problems at the borders or such, what of the innocent citizens of Gaza, what of the children who want to live just like you and I. Even the animals did not escape the bombardment done by Israel. “More than 15,000 animals are missing. We don’t know if these have died because there is no fodder or water, which means that something like 20 percent of the animal population has been lost. This is a huge value” says Ciro Fiorillo, local head of the UN Food and Agriculture Organization (FAO). Even though, most food in Gaza is imported, but also, local food is important and affordable. During the war, the price of most of the food tripled meaning only the richest in Gaza were able to buy fresh and locally produced goods. In addition, during the seven weeks of shelling approximately 17000 hectares of cropland were destroyed, as well as agriculture infrastructure such as; green houses, pumping facilities, irrigation systems and animal shelters. Also, since farmers had to leave their lands almost all crops that had not been harvested before July were lost. In the hopes of reviving what is left, a Gazan farmer states, “In every war, Israel invades the land, but we plant it again.” On the other hand, Israel has lost one child, and 71 Israeli soldiers, some died by friendly fire. And 14 houses were damaged throughout the war. It’s absurd to even compare the damage done. In Palestine, approximately 108000 Palestinians are homeless, and the repairs of Gaza are estimated to be $7.8 billion dollars. Hamas won the elections by the majority of votes, meaning people of Gaza has chosen Hamas to lead them - they chose to fight regardless of Hamas political views, they didn’t escape they chose to stay. To further prove their commitment, when Egypt opened


February 2015 |2015 ‫شباط‬

24

guilty for allowing the massacres to commence and ers and the press is remarkable in its own right. The did nothing to stop them, his “punishment” was to be complicity of the West to whitewash his bloodstained relegated from defense minister to a minister without career with adulations and empathy is unsurprising portfolio in Menachem Begin’s cabinet. As Israel’s and, by now, expected. history has shown since the Jewish state’s inception,

Sharon, later in his political career, once made the

putting war criminals in high positions of government following observation in an interview to the BBC, is something endemic in Israeli society. “Israel may have the right to put others on trial, but In the year 2000, in a bid to boost his popularity for certainly no one has the right to put the Jewish people the upcoming prime minister elections, Sharon visited and the State of Israel on trial.” This statement epitothe Haram al-Sharif accompanied by more than 1000

mizes the culture of impunity all Israeli leaders have

soldiers. He wanted to “prove” he was able to set foot

enjoyed, despite whatever atrocities they may have

in any place in the country. This sparked the second

been responsible for in the past or during their tenure

intifada and allowed Sharon to unilaterally fulfill his

in office. So we should expect nothing short of the

political vision. More than one million bullets were procession Sharon received when the time comes for fired at Palestinians in occupied West Bank and Gaza

Peres, Barak, Olmert and Netanyahu and whatever

Strip by Israeli forces within the first few days of the

future heads of state Israel produces.

intifada. “A bullet for every child,” an Israeli officer

Going back to the original question of whether we

boasted

should write anymore about Sharon; there are two

If his vision for Israel was expansionist in his early simple points to make regarding this. The short answer political career, his new vision during the intifada

is no, we should not continue to waste anymore time

overwhelmingly sought to consolidate the land and or energy writing about a heinous man whose life was create an apartheid regime in the occupied Palestinian already over before he died. The other point to be territories. In 2002 he began the construction of an made is as follows: For us to believe that if we were apartheid wall that unilaterally served as a land grab to merely stop writing about Sharon he’ll remain a which has been deemed to be in violation of interna-

relic of the past, and we will finally close an abhorrent

tional law. In the same year he was responsible for

chapter of history with his departure, is delusional.

the massacre in the refugee camp in Jenin. Finally,

This is because there are dozens of Sharons ready to

before he slipped into a coma for the next eight years,

step in and continue where he left off. A new Sharon

his last major act as prime minister was to withdraw

will inevitably emerge unless instrumental change

the Jewish settlers from the Gaza Strip. This effec-

somehow comes from within and outside of Israel,

tively made it the largest open-air prison in the world which appears unlikely at the current impasse. So let where Israelis could commit atrocity after atrocity

us not forget his legacy to remind us that there will

with impunity against the Palestinians living in Gaza. always be a new Sharon on the horizon, but let us no To have been able to achieve such a distinguished

longer give him the public exposure to normalize his

military and political career as his, and come out of it presence. being called “a man of peace” by some Western lead-


February 2015 |2015 ‫شباط‬ In it, he criticized the methods in which the occident studied the orient. He examined the attitudes to the Middle East in which Said aimed to prevail how a wide variety of texts had reinforced negative stereotypes of Arabs as lazy, ignorant, and irrational, which serves as an allure for the rule of European colonial powers. Said believed that the orient should be studied independently from the prejudices of the occident. In 2000, he prompted a controversy when he threw a rock toward an Israeli guardhouse on the Lebanese border. Students at Columbia University protested against Said, and ordered he be fired from the university. However, Columbia did not abide to their orders, saying that his actions were protected by principles of academic freedom. They were not ready to let go of one of their brightest academics. Personally, I don›t think that a bright person as Said would have thought that by this act, he would have caused any harm whatsoever to the enemy. It was merely a desire to grasp, for once, a rock of a stolen land and throw it in the face of Israel, just like what thousands of Palestinian children do. That rock was not a weapon of mass destruction, but rather a symbol of rebellion. That rock was found on that land to be thrown, in the hopes of retrieving what is rightfully the Palestinian›s one day. It has been 12 years since the death of Edward Said, and his works are still a subject of criticism and thorough studying in academic circles. He lived his life in the heart of worldwide imperialism, fought its antiArab policies, and created a structure for a new Arab identity built on democracy and secularism, away from the slavery of the West. He strived to learn Arabic, instead of neglecting his mother tongue, in an attempt to write in it so his voice can reach all the people of his nation. But unfortunately, with him gone, all the hopes of an Arab renaissance faded away, for Palestine was not freed, and the Arabs did not unite. On the contrary, some were even audacious to deny the presence of Palestine simply because they are puppets in the hands of the foreigners. Democracy did not reign over the Arab world, but was rather ruled with fascist and terrorist regimes. Secularism did not rule our societies, but the latter was rather torn by sectarian divide. If Said were alive today, he would have lamented our nation. May he rest in peace, far away from a world that knows none of it.

25

Sharon’s Journey was Israel’s Journey

Sami Tayeb Ariel Sharon is dead. Should any more ink be wasted on a man who has been in a coma and out of the public spotlight for the last eight years? Let’s see if we have learned anything from Sharon’s legacy. Sharon has been given several names: the bulldozer (by Israelis), the butcher (by Arabs) and a man of peace (by former U.S. President George W. Bush). Mass murderer can also be included on this list and is perhaps the most fitting description of the man who left behind a trail of carnage wherever he went. Upon Sharon’s death, U.S. Secretary of State John Kerry said that, “Ariel Sharon’s journey was Israel’s journey.” This is perhaps the most accurate description a Western leader has attributed to Sharon. By a decades-long career distinguished by bloodshed, torture, imprisonment, land confiscation, settlement expansion and the erection of an apartheid wall, his journey has certainly been Israel’s journey as well. Fighting with the Hagana in the 1948 war, also known as al-Nakba by Palestinians, Sharon rapidly moved up the ranks of Israel’s military regime. In 1953, while he was commander of the infamous Unit 101 he ordered the Qibya massacre where 69 Palestinian villagers were murdered. Sharon’s reign over Gaza Strip as military governor after the 1967 war can be characterized as one of torture, imprisonment and extra-judicial killings. As defense minister, the Kahan Commission found Sharon to be indirectly responsible for the massacres in the Sabra and Shatila Palestinian refugee camps in Beirut in 1982. These massacres left more than 3,000 men, women, children and elderly dead in a matter of three days time. Even though he was found


February 2015 |2015 ‫شباط‬

A flame of the Orient Hanadi Abi Ali Few are the Arabs who leave for the West, and come back with a semblance of a cultural and oriental identity. In most cases, expatriates tend to neglect their mother tongue to speak amongst themselves and within their communities, with the language of the land from which they returned, to showcase the privilege they were given in living in a developed country. Or sometimes, they would go on cursing the Arab regimes, and their inability of providing a good living to its people. And they would go on talking about why the Orient is backward, and the occident is advanced. Few are those who left their countries and still held attachments with its causes and events, and took responsibility in changing their nation’s plight into prosperity. Few are those who also struggled for, and defended the Palestinian cause, which seems to be deliberately neglected by the Arabs, who see it as a burden that they no longer can bear. As Few as these people might be, they remain the burning coal in the Arabian ashes, waiting the moment when the fire of awakening will rise again.

Edward Said is one of the most prominent flaming coals in the ashes of the orient. He was born on the 1st of November in the year of 1935 to a father from Jerusalem, and a mother from Nazareth. He started his education in Jerusalem, and then moved to Cairo with his family, and later on to the US. There, he studied in a boarding school in Massachusetts, got a Bachelor’s and a Master’s Degree in Art from Princeton, and a PhD in English literature from Harvard. Later on, Said joined the staff at Columbia University, and became

26 the Parr Professor of English and Comparative Literature, which is one of the highest academic ranks at Columbia. He was also a visiting professor at Harvard (1974) and Johns Hopkins (1979), as well as a Fellow at Stanford, California, from 1975 to 1976. Even though he was involved in Western culture, and majored in its arts and literature, Said dedicated his life to fight for the rights of his country, Palestine, and the Arab nation. He pursued the Palestinian National Struggle Front, and was involved, both intellectually and practically, through Palestinian institutions established after the modern Palestinian awakening in the early sixties. Many considered Said an international icon of Palestinian nationality, which remained alive in the heart of an American citizen, despite its death in the hearts of many Arabs, for neither his acclaimed fame, nor his American lifestyle hindered him from pursuing the Palestinian cause. Thus, he became an active voice for the right of Palestinians in regaining their land and establishing a state, in a pro-Zionism environment. Said also denied the Zionistic and colonial allegations which promoted the motto “ A land without a people for a people without a land”, and presented a thoroughly referenced research of the historic and social characteristics of the land of Palestine and its people, which stands as a proof of the presence of a civilized community. Said served on the Palestinian National Council from 1978 to 1991, until he resigned because of poor health. He was one of the stern critics of the Madrid talks and Oslo Declaration between the Palestine Liberation Organization (PLO) and Israel, claiming that this agreement will not lead to the establishment of the desired Palestine. Said released several books concerning the Oslo Declaration, some of which are titled “ Gaza-Jericho: American Peace,” and “The End of the Peace Process: Oslo and after.” Said then participated in the founding of the Palestinian National Initiative alongside Mustapha Al Barghouthi and Haidar Abdel Shafii’, in an attempt to create a third Palestinian power based on pillars of democracy, after feuds ignited between Fatah and Hamas. Even though he wrote many books about the cause and Palestinian nationality, in addition to his memoir “Out of Place”, in which he refuted all Zionistic claims, “Orientalism” remains one of his noted works.


7th Issue | February | ‫ | شباط‬7 ‫العدد‬

Mission Statement: Al-Hawiyya offers current perspectives on the history, culture and conscience of Palestine and the Diaspora, documenting through student voice the past and present struggle for Palestine and our imagined trajectories of return.

The Team: EDITOR IN CHIEF: Shaheed El Farra EDITORS: Tasnim Chaaban CONTRIBUTING AUTHORS: Asma Al-Ghoul Farah Taha Hanadi Abi Ali Marguerite Rami Nahida Izzat Sarah Abou Raad Sami Tayeb Shaheed El Farra Tasnim Chaaban Layout: Shaheed El Farra. And a publication by Palestinian Cultural Club at the American University of Beirut. Supported by Unite Lebanese Youth Project

Contact us: If interested in joining the Al-Hawiyya team, or for any comments, email us at pcc.alhawiyya@gmail.com



Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.