naffahat.tarik2012@gmail.com
16
الرأي
العدد 06من 24فبراير إلى 01مارس 2012
الطريقة القادرية البودشيشية والربيع املغربي جتندت الطريقة القادرية البودشيشية لدعم األمر التصويت اإليجابي على دستور اململكة من منطلق حرصها الدائم على اإلسهام في كل ما يدعم استقرار بالدنا ويساهم في إسعاد شعبنا .وهو أمر تعتبره الطريقة من واجب كل مواطن ومواطنة. فالطريقة كانت دائما حاملة ألمال املغاربة ،حاضرة فيما بينهم ،بوصفها جزء ال يتجزأ من النسيج الصوفي املبارك املكون من كافة الطرق الصوفية ببالدنا احملروسة. إن الطريقة القادرية البودشيشية طريقة صوفية ربانية تدعو إلى إفراد العبودية لله تعالى ،وال تريد توظيف دعوتها خلدمة أهداف سياسية ،كما أنها ال تنخرط في أية أجندة كيفما كان نوعها .وقد أعلن شيخ الطريقة ،سيدي حمزة بن العباس ،أطال الله عمره ،على رؤوس األشهاد ،ومنذ عقود ،حرصه الكامل على أن يسير كل املنتمون للطريقة على هذا املنوال. ومن هذا املنطلق ،فإن الطريقة أعلنت وتعلن، ولن تفتأ تكرر ذلك ،أنها ال تناصب العداء ألحد كائنا من ك��ان ،وأنها ،بوصفها طريقة صوفية ،مفتوحة أمام جميع املغاربة ،بل وحتى أمام غير املغاربة ،من الراغبني في تطهير قلوبهم مما سوى الله تعالى، والتوجه اخلالص له ،واستمطار رحمته. والقرارات التي تتخذها الطريقة ال ميليها عليها إال ضمير أبنائها ورغبتهم في خدمة بلدهم وفي حث إخوانهم املغاربة ،الذين نحبهم جميعا ،مبختلف تياراتهم وأفكارهم ،سواء منهم من كان موافقا على رؤيتنا لألمور ،أو من كان مخالفا لها ،نحثهم جميعا على التوحد خلدمة الصالح العام وتغليب ما يجمع شمل البالد ويعلى من شأنها بني األمم. ونحن ال نريد تلقني الدروس ألحد ،لكننا نهيب بجميع الفرقاء أن يغلبوا جانب املسؤولية والضمير الوطني وأن يرفعوا من مستوى النقاش الذي يفرضه التداول الدميوقراطي ويرقوا به إلى تبادل النظر حول البرامج النافعة للبالد والعباد ،دون السقوط في فخ املزايدات الكالمية التي ال طائل من ورائها ،فضال عن ضرورة أن ينأى اجلميع بنفسه عن السقوط في اتهام نوايا اآلخرين ،وخلفيات مواقفهم. إن سر اخلصوصية املغربية التي نعتز بها اليوم ،والتي جعلت بالدنا ،ولله احلمد والشكر ،ال تقع فيما وقعت فيه بلدان عربية أخ��رى ،هو حتلي أبنائها بهذه ال��روح ،فاملغرب ليس من ال��دول التي نشأت إث��ر التوزيع االستعماري للعالم ،نحن أمة معتزة بتاريخها وبحضارتها ،بالد كانت ذات سيادة منذ قرون خلت ،بالد كان للدولة فيها حضور متميز ظل ،عبر التاريخ ،معبرا عن ضمير الشعب املغربي، مما أثمر وعيا تاريخيا عزله نظير في البالد العربية األخرى. وطيلة كل هذا التاريخ ،كانت الطرق الصوفية حاضرة ،بشيوخها العارفني بالله ،من أمثال موالي ب��وع��زة ،وس�ي��دي ح ��رازم ،وم ��والي عبد ال�س�لام بن مشيش ،وسيدي سليمان اجلزولي ،وسيدي الهادي بنعيسى ،وموالي العربي الدرقاوي ،وسيدي أحمد التيجاني ،وغ�ي��ره��م ،ه��ؤالء ال��رج��ال ال��ذي��ن تعدى تعليمهم املغرب لينتقل إلى كل ربوع العالم اإلسالمي، دون أن يوجهوا القوة العظيمة التي كانت لديهم غير الوجهة التربوية ،أو أن يقوموا بتوظيفها سياسيا. وفي فترة احلماية ،وقف رجال من أمثال الشيخ ماء العينني وسيدي املختار القادري البودشيشي وسيدي رحو اإلدريسي وسيدي احلجامي وغيرهم ملواجهة دخول القوات االستعمارية إلى بالدنا. لقد حرص هؤالء الرجال ،وغيرهم كثير ،رضوان الله عليهم جميعا ،كما يحرص سيدي حمزة بن
العباس اليوم ،على أن يسير مريدوهم في الطريق إل��ى ال�ل��ه وال��دع��وة ل��ه تعالى باحلكمة واملوعظة احلسنة ،في احترام للسلطة القائمة ،التي كانت كذلك حريصة ،في هذا التاريخ الطويل ،على معانقة قضايا الوطن. أما وأن يكون قياس الصدق واملواطنة والنزاهة باملعارضة املنهجية ،فهذا غريب عن التصوف ،بل ميكن القول إنه كذلك ال يوافق املقاربة املوضوعية لألمور. أمن الالزم أن نكون معارضني للدولة لكي نثبت إخالصنا؟ وملاذا هذا املوقف العدائي من الدولة التي أراد لها املغاربة أن تكون وسيلة جلمع شمل مجتمعهم املتعدد املكونات؟ أال يجب اإلقرار بأن هذا املوقف العدائي ال ميت إل��ى املعارضة بصلة ،ألن املعارضة ض��روري��ة في كل نظام دميقراطي ،وألن واجبها التقومي والنقد املسئول؟ مت ما هو الهدف اليوم من كل هذا احلراك الذي كان لفئة من شبابنا الفضل في إعالن انطالقة؟ وم��ا الغاية من دمقرطة املجتمع إن لم تكن جعل الدولة معبرا عن آمال الناس؟ وملاذا هذا التنكر لتاريخنا واللجوء إلى نعوت غريبة عنا لوصف الصوفية الذين عانقوا دائما
قضايا الوطن واملجتمع ولم يتعلقوا في املغرب ال باخلوارق وال بالكرامات؟ وهل يستطيع من يتهمهم باالبتعاد عن العقالنية أن يفسر كيف أن كبار علماء هذه األمة ،من املغرب وم��ن امل �ش��رق ،ك��ان��وا م��ن املنتمني ل�ه��ذه الطريقة الصوفية أو تلك؟
مريدي الطريقة القادرية البودشيشية مواطنون مغاربة، معتزون مبغربيتهم، ومن حقهم التعبير عن رأيهم كلما تعلق األمر بقضايا الوطن املصيرية
إن م��ري��دي ال�ط��ري�ق��ة ال �ق��ادري��ة البودشيشية مواطنون مغاربة ،معتزون مبغربيتهم ،ومن حقهم التعبير عن رأيهم كلما تعلق األمر بقضايا الوطن املصيرية ،وهم يعبرون عن موقف ثابت ال يبتغون به إال وجه الله ،ويدعمون دعما كامال خطوات أمير املؤمنني ،جاللة امللك محمد السادس ،الذي يحرص، منذ اعتالئه عرش اململكة ،على خدمة البالد ،والذي استجاب ملطالب شبابنا الذي نعتز بحيويته. إن س��ر ق��وة ب�لادن��ا ،وال���ذي جعل منها دول��ة مهابة اجلانب إب��ان املرحلة الذهبية من تاريخها، قوة صمدت في معركة وادي املخازن ضد املعتدين، وواجهت االستعمار لتحقق استقاللها ،وتوحدت من أجل استكمال وحدتها الترابية ،إن سر قوة بالدنا في توحد أبنائها ،فلنعمل جميعا على دعم هذا التوحد مغلبني املصالح العليا للوطن على كل االعتبارات األخ��رى ،ساعني إلى جتنب بالدنا السقوط في فخ األعداء الذين يتربصون بنا الدوائر ،والذين يعز في نفوسهم أن يروا املغرب مستقرا موحدا من طنجة إلى الكويرة ،مجندا لتنمية اقتصاده وإلسعاد أبنائه.