First eddition by abed shalhoub

‫االنسان‬ ‫هــو خليفــة‬ ‫اهلل تعالــى علــى االرض‬ ‫ميّــزه عــن باقــي المخلوقــات‬ ‫بالعقــل وأرســل االنبيــاء والرســل لهدايتــه‬ ‫الــى الصــراط المســتقيم‪ ،‬وأول مــا كان يبــدأ بــه الرســل‬ ‫ّ‬ ‫بنــاء االنســان الصالــح المؤمــن الــذي يميّــز بيــن الخيــر والشــر‪ ،‬بــن‬ ‫الحــق والباطــل فيتبــع االول وينــأى بنفســه عــن الثانــي‪ ،‬فاالنســان هــو العنصــر‬ ‫ـم الخيــر ّ‬ ‫كل االرجــاء‪ .‬واالنســان هــو عمــاد‬ ‫االســاس الــذي يتوجــب عليــه بنــاء المعمــورة ليّعـ ّ‬ ‫ـم الســام والمحبــة واألمــان‬ ‫الحيــاة وركنهــا االساســي اذا كان بنــاؤه ســليمًا صحيحــً تزدهــر الدنيــا ويعـ ّ‬ ‫أمــا إذا كان بنــاء االنســان غيــر صحيــح تنتشــر الحــروب والظلــم والقهــر‬ ‫والمســاواة فــي الحقــوق والواجبــات‪ّ ،‬‬ ‫ـوي ّ‬ ‫الضعيــف فتعــم شــريعة الغــاب بيــن‬ ‫ـ‬ ‫والطبق‬ ‫ـري‬ ‫ـ‬ ‫العنص‬ ‫ـز‬ ‫ـ‬ ‫والتميي‬ ‫واالضطهــاد والقتــل واغتصــاب الحقــوق‬ ‫ـي فيــأكل القـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫قريــة صغيــرةٍ بفضــل التطــور التكنولوجــي واختصــار المســافات الــى أبعــد حــدود‪ ،‬إ ّلا‬ ‫ال ّناس‪.‬ونحــن اليــوم فــي العالــم نعيــش فــي‬ ‫ٍ‬ ‫أن للثــورة التكنولوج ّيــة‪ ،‬خاصـ ً‬ ‫ـة فــي عالــم االتصــاالت‪ ،‬تداعيــات ســلبيّة علــى المجتمعــات الــى جانــب االيجابيــات منهــا‪ ،‬اذ ّ‬ ‫أن ســوء اســتخدام‬ ‫التكنولوجيــا الحديثــة أوصــل الــى تفــكك المجتمعــات والروابــط االســرية والمجتمعيــة واالنســانيّة فاضمحلــت االخــاق والقيّــم‪ ،‬ومعهــا تالشــى االنتمــاء‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ـان‪.‬وألن وطننــا لبنــان بتركيبتــه‬ ‫الهدامــة عقــول الشــباب‪ ،‬وصــارت الرّوابــط الوطن ّيــة والقوم ّيــة فــي خبــر كــــــ‬ ‫لألوطــان وغــزت االفــكار الغريبــة‬ ‫ـكل مباشــرٍ‬ ‫الهشــة يتأثــر بشـ ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الســواد‪ ،‬وفــي ظـ ِّ‬ ‫بـ ِّ‬ ‫ـل االجــواء‬ ‫ـد مــن إضــاءة شـ‬ ‫ـكل مــا يجــري فيــه وحولــه‪،‬‬ ‫وألن عنصــر الشــباب‪ ،‬العامــود الفقـ ّ‬ ‫ٍ‬ ‫الدامــس ّ‬ ‫ـمعة فــي ال ّليــل ّ‬ ‫ـري للمجتمــع‪ ،‬هــو االكثــر تأثــرًا وتأثيــرًا‪ ،‬كان البـ ّ‬ ‫المكفهــرة فــي الوطــن وفــي مدينــة طرابلــس‪ ،‬مدينــة العلــم والعلمــاء‪ ،‬مدينــة العيــش المشــترك‪ ،‬مدينــة العــادات والتقاليــد الشــرقيّة‪ ،‬مدينــة العروبــة والنضــال والتضحيــات‪ ،‬وحرصــً‬ ‫الصحــف المحل ّيــة‪ ،‬حيــث تتم ّيــز طرابلــس عــن باقــي المناطــق اللبنان ّيــة‬ ‫منــا علــى اســتعادة هو ّيــة مدينــة الفيحــاء كانــت جريــدة «بنــاء االنســان» ليــس باعتبارهــا رقمــً إضافيــً الــى جانــب ّ‬ ‫الخاصة‪،‬بــل لتشــكل قيمــة مضافــة تســتقي أفكارهــا وتطلعاتهــا مــن خــال أهــداف ومبــادئ «جمعيــة بنــاء االنســان» والتــي تتجلــى بــأن تكــون نموذجيــة بعطائهــا‪ ،‬واضحــة‬ ‫بصحافتهــا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كالشــمس فــي عملهــا‪ ،‬صادقــة بإلتزامهــا بقضايــا االنســان والمجتمــع‪ ،‬منطلقــة بقراءتهــا بـ ّ‬ ‫والضيــاع التــي يعانــي منهــا شــباب اليــوم‪ ،‬وأزمــة التفــكك االســري‬ ‫الســلوك والفــراغ‬ ‫ـأن أزمــة ّ‬ ‫ضمــن االســرة الواحــدة‪ ،‬نــواة المجتمــع‪ ،‬تعــود الــى أزمــة بنــاء االنســان‪ ،‬هــذه االزمــة التــي تقــع مســؤوليتها‪ ،‬بالدرجــة االولــى‪ ،‬علــى عاتــق المؤسســات التربو ّيــة واألهل ّيــة والثقاف ّيــة والفكر ّيــة‬ ‫واالعالم ّيــة نظــرًا لغيــاب مشــروع وقواعــد البنــاء‪ ،‬ونظــرًا اللغــاء مــادة التربيــة الوطن ّيــة مــن المناهــج التعليم ّيــة ممــا تســبب بأزمــة إنتمــاء وخلــق شــروخًا عميقــة بيــن مختلــف مكونــات‬ ‫ـكل لــم نعهــده مــن قبــل‪ .‬والطاقــة الكبــرى‬ ‫الوطــن‪ ،‬تتجلــى إنقســامات حــادة سياســية وطائف ّيــة ومذهب ّيــة تعمــل بــكل وقاحــة علــى التحريــض والتعبئــة وبــث الكراه ّيــة واالحقــاد بشـ ٍ‬ ‫ـي‪ ،‬علمــً ّ‬ ‫ّ‬ ‫أن تداعياتــه الســلبيّة كبيــرة جــدًا وهــي بمثابــة معــاول هدامــة‬ ‫أن كل ذلــك يجــري عبــر مواقــع التواصــل االجتماعــي وعبــر االعــام المرئــي والمســموع والمقــروء دون ّ‬ ‫اي رادعٍ اخالقـ ّ‬

‫ِّ‬ ‫وأدق المراحــل‪ ،‬مرحلــة التــكاذب السياســي والخــداع اللذيــن يمارســهما تحالــف الكانتونــات الحزب ّيــة مــع االقطاعيــن السياســي والمالــي‪،‬‬ ‫تمعــن فــي تدميــر االنســان‪ .‬وألننــا نم ـ ّر فــي أخطــر‬ ‫ّ‬ ‫ـم بناؤهــم مــن جديــد إســتنادًا‬ ‫وألننــا نعيــش فــي أســوأ مرحلـ ٍ‬ ‫ـي‪ ،‬وألن الشــباب هــم أداة التغييــر واالنتفــاض علــى الواقــع المريــر‪ ،‬وألن إرادة الشــباب‪ ،‬بعــد أن يتـ ّ‬ ‫ـي والعربـ ّ‬ ‫ـة مــن تاريخنــا الوطنـ ّ‬ ‫ـتقيمة تمهيــدًا ألن يأخــذ الشــباب زمــام المبــادرة فــي‬ ‫ـة ومسـ‬ ‫ـس سـ‬ ‫ٍ‬ ‫ـليمة وقو ّيـ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫الســامية التــي تربــت عليهــا االجيــال الســابقة‪ ،‬فقــد حــان الوقــت العــادة «بنــاء االنســان» علــى أسـ ٍ‬ ‫الــى الق ّيــم ّ‬ ‫ـة جديــدة بهــدف الخــروج مــن عنــق زجاجــة االزمــة التــي تتخبــط فــي أتونهــا ووحولهــا علــى طريــق إســتعادة المســار الصحيــح‪ .‬مــن أجــل‬ ‫ـة ومدين ّيـ ٍ‬ ‫ـة ووطنيـ ٍ‬ ‫ـية وإنمائيـ ٍ‬ ‫صياغــة حيــاةٍ سياسـ ٍ‬ ‫ً‬ ‫ذلــك كلــه‪ ،‬ولتحقيــق األهــداف المتوخــاة كانــت جريــدة «بنــاء االنســان» الثقاف ّيــة‪ ،‬االجتماع ّيــة‪ ،‬المنفتحــة علــى مختلــف األطيــاف‪ ،‬والراغبــة بــأن تكــون صفحاتهــا واحــة حـر ًّة ملتزمــة بقضايــا‬ ‫ـمي‬ ‫طرابلــس وشــؤونها وشــجونها‪ ،‬والمدافعــة عــن حقــوق أهلهــا‪ ،‬تلــك الحقــوق التــي حرمــت منهــا منــذ عشــرات الســنين‪ ،‬منــذ االســتقالل وحتــى اليــوم بســبب ســوء التعاطــي الرسـ ّ‬ ‫ـافة واحــدةٍ مــن الجميــع‪ ،‬لــن تتوانــى عــن قــول‬ ‫معهــا مــن جهــة وتقصيــر أهلهــا فــي تحصيــل حقوقهــم المســلوبة مــن جهــة ثانيــة‪« .‬بنــاء االنســان» منبــر ح ـ ّر مســتقل‪ ،‬وهــي علــى مسـ ٍ‬ ‫الحـ ّ‬ ‫الدفــاع عــن طرابلــس وحمــل لوائهــا‪ ،‬وتأمــل أن تســتطيع بتعاونكــم مــن اّداء رســالتها علــى أكمــل وجــه مــن أجــل بنــاء اإلنســان فتكــون بذلــك إســمًا علــى مســمى‪.‬‬ ‫ـق‪ ،‬ولــن تتهــاون فــي ّ‬ ‫«بنــاء االنســان» وهــي تضــع بيــن أيديكــم عددهــا االول تتوجــه الــى الجميــع بــأن يتحلــوا بــروح المســؤولية‪ ،‬وبالخلــق الرفيــع‪ ،‬وبســعة الصــدر‪ ،‬وتأمــل مــن الجميــع االبتعــاد عــن الغرائــز الطائف ّيــة‬ ‫الســام والع ّيــش الواحــد‪،‬‬ ‫ـي موجهــً الــى عقــول ال ّنــاس ال الــى عواطفهــم‪ .‬طرابلــس المدينــة العريقــة‪ ،‬مدينــة العلــم والعلمــاء‪ ،‬مدينــة ّ‬ ‫والمذهب ّيــة والفئو ّيــة‪ ،‬وأن يكــون الخطــاب السياسـ ّ‬ ‫ّ‬ ‫ـتحق منــا ان نرتقــي الــى مســتوى تاريــخ وتضحيــات االجيــال التــي ســبقتنا والتــي مــا تــزال بصماتهــا محفــورة فــي مختلــف أرجائهــا وشــاهدة علــى هــذه‬ ‫مدينــة االغنيــاء والفقــراء‪ ،‬تسـ‬ ‫المدينــة المميــزة فــي ّ‬ ‫كل شــيء‪.‬‬

‫( ديانا ربيع مينا )‬