29_كلنا سوريون العدد

Page 1

‫لم‬

‫تكن فرنسا لتعترف باستقالل سورية ببساطة‪ ،‬لوال‬ ‫جهود رجاالت سورية على اختالف مللهم وأطيافهم في السعي‬ ‫الستقالل بالدهم‪.‬‬ ‫ص‪8‬‬

‫ن���ال���ت ال��ص��ح��اف�� ّي��ة‬ ‫ال��س��ور ّي��ة زينة أرح� ّي��م‪،‬‬ ‫ج����ائ����زة «م��ص��ط��ف��ى‬ ‫الحسيني»‪ ،‬عن مقالها‬ ‫ّ‬ ‫«كريمته الحرمة تنتصر‬ ‫ع��ل��ى زي��ن��ة الصحاف ّية‬ ‫بفارق شريط ح��دودي»‪،‬‬ ‫لتكون بذلك ّأول سور ّية‬ ‫تحصل على هذه الجائزة‪.‬‬

‫كيف تقرأ الواقع السياس ّي للمعارضة‬ ‫السوريّة اليوم؟ هل استطاعت أحزاب‬ ‫املعارضة مواكبة الثوّار؟‬ ‫ما الذي ق ّدمه اجمللس الوط ّ‬ ‫ين واالئتالف‬ ‫ال��س��ور ّي بعد أرب��ع سنوات من الثورة‬ ‫السوريِّة؟ هل كانت الثورة حباجة إىل قيادة‬ ‫سياسيّة؟ ما املطلوب من النخب السياسيّة‬ ‫اليوم إلجناح الثورة والواقع السياس ّي‬ ‫للمعارضة؟‬ ‫هذه احملاور‪ ،‬نناقشها مع أستاذ علم االجتماع ومدير دراسات الشرق املعاصر يف جامعة‬ ‫السوربون بباريس‪ ،‬املعارض السور ّي برهان غليون‪.‬‬ ‫ص‪5‬‬

‫ص‪12‬‬

‫سياسية ثقافية نصف شهرية‬

‫السنة الثانية‬

‫‪ /17‬نيسان ‪2015 /‬‬

‫السوري‬ ‫إذاً‪ ،‬هل‬ ‫ّ‬ ‫الج��ئ ب��ش��روط أم‬ ‫هو تحت الحماية‬ ‫الثانو ّية؟‬

‫العدد ‪- 29 -‬‬

‫‪newspaper.allsyrians.org‬‬

‫‪ 12‬صفحة‬

‫«ف���ال���ون «‪ Falun‬مدينة‬ ‫سويديّة تقع إلى الشمال الغربيّ‬ ‫من «إستوكهولم»‪ ،‬تبعد عنها ما‬ ‫يقارب ‪ 250‬كم‪ ،‬استقبلت وتستقبل‬ ‫أعداداً من الالجئين السوريّين‪.‬‬

‫«أبو يزن الحلبي» شهيداً جميالً‬

‫ال��ل�اج����ـ����ـ����ئ‬ ‫ب��ش��ـ��ـ��روط هــو‬ ‫ل��ي��ـ��ـ��س الج��ئ��ـ��ـ �ا ً‬ ‫ب���ال���م���ع���ن���ـ���ـ���ى‬ ‫القانونــيّ الدقيــق‬ ‫للمصطلــح‪ ،‬إ ّنمــا هــو شــخص يخضــع للحمايــة التركيــّة‬ ‫وفــق وضــع خــاصّ يتــ ّم بموجبــه تســجيله فــي جــداول‬ ‫أمنيـّـة كمــا يســجّ ل لــدى المفوضيـّة الســامية لشــؤون‬ ‫الالجئيــن التابعــة لألمــم الم ّتحــدة لحيــن تو ّفــر بلــد لجــوء‬ ‫لــه يقبــل اســتقباله وتوطينــه‪ ،‬وخـالل ذلــك يمنــح هــذا‬ ‫الشــخص بطاقــة هويــّة خاصّــة كمــا يمنــح الخدمــات‬ ‫التعليميـّـة والصحّ يّة المجّ انيـّـة‪ ،‬وكذلــك أذونــات العمــل‬ ‫‪ ..‬لك ّنــه مقيّــد اإلقامــة فــي عــدد مــن المــدن ليــس مــن‬ ‫بينهــا المــدن الكبــرى كإســطنبول وأنقــرة وإزميــر‪ ،‬كمــا‬ ‫يتعيــّن عليــه إثبــات وجــوده أســبوع ّيا ً أمــام الشــرطة‪.‬‬ ‫أمّــا الحمايــة الثانويــّة‪ ،‬فهــي وضــع قانونــيّ يمنــح‬ ‫لــك ّل شــخص ال ينــدرج ضمــن الصنفيــن الســابقين لك ّنــه‬ ‫مهــ ّدد بخطــر العنــف أو المــوت أو التعذيــب فــي حــال‬ ‫ص‪9‬‬ ‫عــاد أو أعيــد لوطنــه‪.‬‬

‫“همّام نجّ ار”‪ ،‬حاصل على شهادة الحقوق في جامعة حلب ويبلغ ‪34‬عاماً‪،‬‬ ‫عمل مراسالً لشبكة شام اإلخباريّة‪ ،‬ومراسالً سابقا ً لوكالة “شهبا برس”‪،‬‬ ‫ومصوّ راً ميدان ّيا ً في كتائب الصفوة اإلسالميّة حلب القديمة‪ ،‬ومديراً‬ ‫للمكتب اإلعالميّ لجيش المجاهدين لم ّدة ‪ 3‬أشهر‪.‬‬ ‫عاد إلى حلب قادما ً من دولة الكويت ليشارك الثوّ ار حلم الحريّة وسقوط‬ ‫االستبداد والطغيان‪ ،‬استشهد في استهداف “داعش” مدينة مارع‬ ‫بسيّارة ّ‬ ‫مفخخة‪.‬‬

‫استغلّت جبهة النصرة هذا األمر وحشدت‬ ‫قوّ اتها في الريف واستغلّت انشغال باقي‬ ‫الفصائل بالتق ّدم وباقتتالها مع النظام‪ ،‬وكذلك‬ ‫عمل اإلع�لام على إظهار النصرة الفاتح‬ ‫والمقاتل‪ ،‬إلى أن استتبّ األمر اآلن لها‬

‫ص‪2‬‬

‫الثورة ضرورة وحركة‬ ‫لقد عبّرت الثورة السوريّة عبر شعاراتها‬ ‫األولى‪ ،‬في أشهرها األولى‪ ،‬عن أفق طموحاتها‬ ‫في ح ّل التناقض األساس بين درجة نموّ المجتمع‪،‬‬ ‫في مجاالته جميعها‪ ،‬وبين سلطة اﻻستبداد التي‬ ‫صارت معيقا ً مانعا ً وكاتما ً ﻻستحقاقات هذا‬ ‫النموّ ‪ ،‬ويمكن اختصارها بالمواطنة الديمقراطيّة‬ ‫العلمانيّة‪ ،‬في وطن للجميع محرّ ر وسيّد على‬ ‫مجاله‪ ،‬هذه اﻻستحقاقات التي تفترض بالضرورة‬ ‫تحرير المجتمع‪ ،‬من خالل‪ :‬فتح وتحرير الحقل‬ ‫السياسيّ ‪ ،‬وفتح وتحرير الحقل الثقافيّ الذي من‬ ‫طبيعته أن يشتغل على نقد وبناء القيم العامّة‬ ‫وتعميمها‪ ،‬فتصير المواطنة عند عموم السوريّين‬ ‫ً‬ ‫قيمة وح ّقا ً وواجباً‪ ،‬فتتم ّكن ‪ -‬من موقعها كضمير‬ ‫ع��ا ّم ‪ -‬أن تضبط نشاطات القوى في الحقل‬ ‫السياسيّ ‪.‬‬ ‫هذا المكوّ ن األصيل‪ ،‬والدافع األصيل‪ ،‬في‬ ‫الثورة السوريّة ﻻ يمكن أن ينتهي‪ ،‬ولم ينته‪،‬‬ ‫أل ّن��ه ليس خياراً يو ّفر عند الالعبين إمكانيّة‬ ‫التصرّ ف فيه‪ ،‬لك ّنه يمكن أن ينطمر فيختفي‪،‬‬ ‫ولقد انطمر واختفى بفعل إرادات الالعبين التي‬ ‫تخدم مصالح شخصيّة ّ‬ ‫توظف الحزبيّ واإلقليميّ‬ ‫والدوليّ لمصلحتها فتنخرط‪ ،‬هي بدورها‪ ،‬في‬ ‫خدمة الحزبيّ واإلقليميّ والدوليّ ‪ ،‬الحال الذي‬ ‫يحصل في ك ّل يوم سوري‪ ،‬ومع ذلك‪ ،‬فإنّ الدافع‬ ‫األصيل في الثورة السوريّة ال يزال يتململ‬ ‫ويتوالد ويتحرّ ك تحت هذا الركام معبّراً عن‬ ‫نفسه بظهور وتكاثر المنابر اﻹعالميّة السوريّة‪،‬‬ ‫ومراكز الدراسات السوريّة‪ ،‬ولجان اﻹغاثة‬ ‫وغيرها‪ ،‬وفي قلق البحث عن تعبيرات سياسيّة‬ ‫جديدة في بنائها ومنطوقها وفي عالقاتها‪ ،‬بما‬ ‫هي‪ ،‬جميعها‪ ،‬نزوع إلى المعرفة‪ ،‬فالحريّة‪،‬‬ ‫فالتضامن الوطنيّ ‪ ،‬فامتالك القوّ ة لبناء سورية‬ ‫الوطن‪ ،‬وبناء دولة المواطنة‪.‬‬ ‫إنّ الذي انطمر واختفى هو الممارسة‬ ‫األولى‪ ،‬لموجة الثورة األولى‪ ،‬في ناسها الذين‬

‫حناول أن تكون فضا ًء إعالميّاً مفتوحاً على الشأن السور ّي‪ ،‬وتشارك السوريّني‬ ‫حياتهم يف بالد النزوح‪ ،‬ونسعى ألن تكون ساحة لتبادل الرأي وتبادل املعلومة‪،‬‬ ‫حماولة جادّة للمساهمة يف صناعة إعالم سور ّي جديد وج ّدي‪ ،‬يساهم بدوره‬ ‫يف صياغة وعي وط ّ‬ ‫ين سور ّي جامع‪ ،‬يؤ ّسس لصياغة اهلويّة الوطنيّة اجلامعة ‪.‬‬

‫اندفعوا إل��ى ال��ح��واري والساحات مبتهجين‬ ‫ومهلّلين لخالصهم من قمقم اﻻستبداد‪ ،‬بريئين‬ ‫وفقيرين إلى ك ّل شيء ماعدا الحلم والحماس‪.‬‬ ‫أمّا وقد انتهى عهد الحماسة‪ ،‬وعاد المجتمع‬ ‫السوريّ إلى انكفاء أكثر‪ ،‬وفقر أكثر‪ ،‬وخوف‬ ‫أك��ث��ر‪ ،‬وم��وت أك��ث��ر‪ ،‬وت��ش��رّ د ق��د خ��رق ك ّل‬ ‫الصفات‪ ،‬وقد صار إلى االنشغال بالسقف الذي‬ ‫يحمي‪ ،‬وباللقمة التي تشبع‪ ،‬وبالح َيل التي تحميه‬ ‫من ك ّل أصناف القتلة‪ ،‬لك ّنه أخفى‪ ،‬كعادته‪ ،‬طعم‬ ‫س ّكر الحريّة خميرة إلى أيّام قادمة‪ ،‬ال ب ّد ستأتي‪،‬‬ ‫وربّما تكون على مرمى غده‪ ،‬ﻻ يغيّر من هذه‬ ‫الحقيقة المر ّكبة‪ :‬نهيق خبراء اإلعالم الذين بال‬ ‫خبرة‪ ،‬الذين يلوكون مفاهيم لم ينشغلوا‪ ،‬يوماً‪،‬‬ ‫في معاناة إنتاجها‪ ،‬وﻻ بمعاناة فهمها‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫الحواضن االجتماعيّة والحرب األهليّة وغيرها‪،‬‬ ‫يعن لهم السوريّ ‪ ،‬يوماً‪ ،‬سوى أ ّنه قرص‬ ‫ولم ِ‬ ‫الغنيمة في عرس المقتلة‪.‬‬ ‫باختصار إذاً‪ ،‬وبغضّ النظر عن بهلوانات‬ ‫السياسة ومرتزقتها‪ ،‬وعن اللعبة السمجة لمصالح‬ ‫اآلخرين والخادمين لها‪ ،‬ثمّة حقيقة راسخة ال‬ ‫يغيّر منها تشبيح سياسيّ أو عسكريّ أو ثقافيّ ‪،‬‬ ‫يمكن تلخيصها بالقول‪:‬‬ ‫لقد انهار زمن ‪..‬وثمّة زمن قادم‪ ،‬صحيح‬ ‫أ ّنه زمن يبدو اآلن مرتهنا ً لمصالح الالعبين‬ ‫اإلقليميّين والدوليّين‪ ،‬زم��ن يحاول البعض‬ ‫مصادرته وتفصيله على مقاسات مصالحهم‪،‬‬ ‫لك ّنه ورغم ذلك ‪ ....‬وحين سيستعيد المجتمع‬ ‫السوريّ – إن لم يته ّدم بالكامل – قدرته على‬ ‫الفعل سيطلق ثورته في موجة ثانية‪ ،‬وستكون‬ ‫ّ‬ ‫منظمات وأح��زاب جديدة‪،‬‬ ‫أدواتها بالضرورة‬ ‫موجة لن تكون إلاّ كما يريدها الشعب السورّ ي‬ ‫أن تكون‪ ،‬فأسماء الطغاة ونهجهم حفظها الشعب‬ ‫السوريّ جيّداً على اختالفها وتع ّدد ألوانها‪،‬‬ ‫وخميرة طعم الحريّة اليزال مخبّأ في فمه‪.‬‬

‫ب ّسام يوسف‬

‫ص‪2‬‬

‫ح ّتى أواخ���ر السنة األول���ى م��ن الثورة‬ ‫السوريّة نستطيع القول‪ :‬إنّ الثورة حافظت‬ ‫على حركيّتها األولى السلميّة الواسعة وعلى‬ ‫خطابها المدنيّ وشعاراتها في الحريّة والكرامة‬ ‫والشعب الواحد رغم استمرار قتل واعتقال‬ ‫وتهجير كوادرها السلميّة‪.‬‬ ‫ص‪3‬‬

‫في بيت عائلة سورية قدمت‬ ‫م� ّ‬ ‫��ؤخ���راً إل���ى ال��س��وي��د التقت‬ ‫صحيفة «كلّنا س��وريّ��ون» مع‬ ‫اآلنسة «شيشتين» ‪Kerstin‬‬ ‫‪ Wickander‬عمرها ‪ 35‬سنة‬ ‫ّ‬ ‫ويتلخص‬ ‫تعمل في بلدية «فالون»‬ ‫عملها بمساعدة المهجّ رين الجدد‬ ‫ع��ل��ى تسهيل إق��ام��ت��ه��م وتتابع‬ ‫شؤونهم القانونيّة واحتياجاتهم في‬ ‫السكن‪ ،‬وتؤمّن وثائقهم الالزمة‬ ‫وتتواصل معهم في ح ّل المشاكل‬ ‫التي تعترضهم‪ ،‬باختصار تعمل‬ ‫ك ّل ما من شأنه أن يساعد القادمين‬ ‫على سير حياتهم بشكل طبيعيّ ‪.‬‬ ‫ك���ان ال��ح��دي��ث م��ط��وّ الً ح��ول‬ ‫المهاجرين إل��ى السويد وحول‬ ‫اآلليّات الم ّتبعة الستيعابهم ضمن‬ ‫المجتمع السويديّ ‪.‬‬ ‫ص‪6‬‬

‫رامي سليمان‬ ‫«رغم الظالم المحيط»‬ ‫ص‪9‬‬ ‫تشاهد أخوي‪ ..‬تشاهد أخوي‪..‬‬ ‫هذا ما قاله المسعف عندما أصيب «ميشيل عبجي» في‬ ‫منطقة المعادي سوق الخضار إثر استهداف طيران النظام‬ ‫للسوق في األسبوع الفائت ضمن الحملة الشرسة التي يقوم‬ ‫بها النظام على المناطق الخارجة عن سيطرته‬ ‫ص‪7‬‬

‫(عمل جديد كل ّ يوم‪ ..‬صفحة مفتوحة لكل ّ الف ّنانين السور ّيين والعرب‪ ،‬للتضامن مع الشعب‬ ‫مرحب بها… توقيع‬ ‫الحر ّية‪ ،‬ضدّ العنف‪ ..‬كل ّ أشكال التعبير التشكيل ّية المعروفة‬ ‫السوري‪ ،‬مع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والحر ّية» عن‬ ‫الف ّنان الصريح مطلوب‪ ،‬أل ّنه بحدّ ذاته فعل تضامن) هذا تعريف صفحة «الفنّ‬ ‫ّ‬ ‫نفسها‪ ،‬وهي تكون بذلك من ّأوائل صفحات (الفيسبوك) التي تسهم في نشر الفنّ الجديد‪ ،‬وقد‬ ‫يصرحوا عن أسمائهم‬ ‫طالبت الف ّنانين الراغبين باالنضمام إليها ألاّ يو ّقعوا بأسماء مستعارة بل أن‬ ‫ّ‬ ‫الحقيق ّية‪...‬‬ ‫ص‪11‬‬


‫‪2‬‬

‫نشر اإلع�لام ال��روس��يّ عبر (قناة‬ ‫‪« )RT‬تسريبات» عمّا أسماه النقاط‬ ‫التي قيل إ ّنه ت ّم التوافق عليها بين النظام‬ ‫و‪ 33‬شخصا ً حضروا من «المعارضة»‬ ‫السوريّة‪ ،‬التي قبل النظام وموسكو‬ ‫الجلوس معها في الفترة من ‪ 6‬وح ّتى ‪9‬‬ ‫نيسان الحاليّ في مقرّ مركز االستشراق‬ ‫ال��روس��يّ التابع ل���وزارة الخارجيّة‬ ‫الروسيّة‪ ،‬وهذه النقاط العشر هي‪:‬‬ ‫‪ -1‬تسوية األزمة السوريّة بالوسائل‬ ‫السياسيّة على أساس توافقيّ وفق مبادئ‬ ‫جنيف ‪1 -‬‬ ‫‪ -2‬مطالبة المجتمع الدوليّ بممارسة الضغوط‬ ‫الج ّديّة والفوريّة على كا ّفة األط��راف العربيّة‬ ‫واإلقليميّة والدوليّة التي تساهم في سفك الدم‬ ‫السوريّ لتنفيذ قرارات مجلس األمن ذات الصلة‬ ‫بمكافحة اإلرهاب‪ ،‬ووقف كا ّفة األعمال الداعمة‬ ‫ّ‬ ‫المتمثلة بتسهيل مرور اإلرهابيّين إلى‬ ‫لإلرهاب‬ ‫داخ��ل األراض��ي السوريّة وتدريبهم وإيوائهم‬ ‫وتمويلهم وتسليحهم‪.‬‬ ‫‪ -3‬مطالبة المجتمع الدوليّ بالرفع الفوري‬ ‫والكامل للحصار ولكا ّفة اإلجراءات االقتصاديّة‬ ‫القسريّة أحاديّة الجانب المفروضة على الشعب‬ ‫السوريّ ومؤسّساته‪.‬‬

‫السنة الثانية‬

‫النقاط العشر‬

‫العدد ‪29‬‬

‫‪ / 17‬نيسان ‪2015/‬‬

‫ االلتزام بتحرير األراضي السوريّة‬‫المحتلّة كا ّفة‪.‬‬ ‫ الطريق الوحيد إلن��ج��از الح ّل‬‫السياسيّ هو الحوار الوطني السوريّ ‪-‬‬ ‫السوريّ بقيادة سورية وبدون أيّ ّ‬ ‫تدخل‬ ‫خارجيّ ‪.‬‬

‫المؤمنين بالح ّل السياسيّ ‪.‬‬ ‫‪ -6‬دعم وتعزيز المصالحات الوطنيّة التي‬ ‫تساهم في تحقيق التسوية السياسيّة‪ ،‬ومؤازرة‬ ‫الجيش وال��ق��وّ ات المسلّحة في دع��م وتعزيز‬ ‫المصالحات الوطنيّة التي تساهم في تحقيق‬ ‫التسوية السياسيّة‪ ،‬وم��ؤازرة الجيش والقوّ ات‬ ‫المسلّحة في عمليّة مكافحة اإلرهاب‪.‬‬ ‫‪ -7‬مطالبة المجتمع الدوليّ بالمساعدة في‬ ‫إعادة الالجئين السوريّين إلى وطنهم والعمل على‬ ‫تهيئة الظروف المناسبة لعودة المهجّ رين‪.‬‬ ‫‪ -8‬إنّ أسّس أيّة عمليّة سياسيّة تكمن في‬ ‫المحددات التالية‪:‬‬ ‫ الحفاظ على السيادة الوطنيّة‪.‬‬‫‪ -‬وحدة سورية أرضا ً وشعباً‪.‬‬

‫‪ -4‬نتائج أيّة عمليّة سياسيّة يجب أن تستند إلى‬ ‫السيادة الوطنيّة واإلرادة الشعبيّة التي يت ّم التعبير‬ ‫عنها عبر الوسائل والطرق الديمقراطيّة‪.‬‬

‫ الحفاظ على مؤسّسات الدولة وتطويرها‬‫واالرتقاء بأدائها‪.‬‬

‫‪ -5‬إنتاج أيّة عمليّة سياسيّة يت ّم بالتوافق بين‬ ‫السوريّين حكومة وقوى وأحزابا ً وفعاليّات من‬

‫ رفض أيّة تسوية سياسيّة تقوم على أساس‬‫أيّة محاصصة عرقيّة أو مذهبيّة أو طائفيّة‪.‬‬

‫‪ -9‬إنّ التسوية السياسيّة ستؤ ّدي إلى‬ ‫تكاتف وحشد طاقات الشعب في مواجهة‬ ‫اإلرهاب وهزيمته‪ ،‬ويجب أن تؤ ّدي إلى‬ ‫حصر السالح بيد مؤسّسات الدولة‪.‬‬ ‫‪ -10‬مطالبة المجتمع الدوليّ بدعم االتفاق‬ ‫الذي سيت ّم التوصّل إليه حول الح ّل السياسيّ‬ ‫الشامل في لقاءات موسكو تمهيداً العتماده في‬ ‫مؤتمر جنيف‪.3-‬‬ ‫لكن أطرافا ً سوريّة حضرت ث ّم انسحبت من‬ ‫اللقاء صرّ حت في المؤتمر الصحفيّ أ ّنها لم توافق‬ ‫على هذه النقاط التي ذكرها اإلعالم الروسيّ ‪ .‬منها‬ ‫الدكتور عارف دليلة‪ ،‬ومحمّد رحال‪ ،‬كما صرّ ح‬ ‫عدد ممّن شاركوا في بيانات أصدروها فشل‬ ‫اللقاء‪ ،‬ومنهم هيئة التنسيق الوطنيّة المعارضة‬ ‫التي قال منسقها العام «عبد العظيم»‪« :‬لقد باءت‬ ‫بالفشل»‪.‬‬ ‫وقد أعلن عدد من الشخصيّات والكيانات‬ ‫المعارضة وتشكيالتها مقاطعة موسكو‪ 2‬أصالً‬ ‫بعدم الحضور‪ ،‬مثل تيّار بناء الدولة‪ ،‬واالئتالف‬ ‫الوطنيّ لقوى الثورة والمعارضة السوريّة بكا ّفة‬ ‫مكوّ ناته‪.‬‬

‫هيئة التحرير‬

‫جبهة النصرة تحاول استغالل األحداث إلبراز نفسها‬ ‫يعلم أغلب المتواجدين في مدينة حلب أنّ وجود‬ ‫جبهة النصرة في الشمال السوريّ ما هو إلاّ‬ ‫تواجد ضئيل‪ ،‬فقد حشدت النصرة ج ّل قوّ اتها في‬ ‫منطقة إدلب‪ ،‬بعد العديد من المعارك مع الفصائل‬ ‫السوريّة مثل «حركة حزم» وقبلها «جبهة ثوّ ار‬ ‫سوريا»‪.‬‬ ‫أمّا في الريف الحلبيّ فهناك تقسيمات أخرى‪،‬‬ ‫من «داعش» إلى الجبهة الشاميّة بكا ّفة فصائلها‬ ‫إلى الجبهة اإلسالميّة بفصائلها أيضاً‪ ،‬أمّا لجبهة‬ ‫النصرة فال يوجد لديها إلاّ حواجز صغيرة حاولت‬ ‫أن تفرض وجودها من خالل تلك الحواجز‪ ،‬حيث‬ ‫استقرّ ت النصرة بالقرب من شركة الكهرباء في‬ ‫المناطق المحرّ رة (بقرب مدينة هنانو) واإلساءات‬ ‫التي سُجّ لت في تلك المنطقة على النصرة عديدة‬ ‫وكان أهمّها‪ :‬محاولتها فرض مبالغ ما ّديّة على‬ ‫الس ّكان مقابل الكهرباء‪ ،‬عوضا ً عن تفتيش‬ ‫واعتقال من أرادت‪ ،‬إلى أنّ ت ّم التفاهم معهم على‬ ‫صيغة ال تت ّم إلاّ بموافقة كاّفة الفصائل المتواجدة‬ ‫في المنطقة‪ ،‬عوضا ً عن حاالت الجلد وتجريم‬ ‫ّ‬ ‫التأخر عن الصالة أو قطع اليد في حالة‬ ‫حاالت‬ ‫السرقة‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬وإلى اآلن‪ ،‬فإنّ اإلعالم في ك ّل انتصار‬ ‫للثوّ ار أو بعد إح��راز أيّ تق ّدم نجده ‪ -‬خاصّة‬ ‫األورينت والجزيرة ‪ -‬ينسب األمر إلى النصرة‬ ‫ويهلّل ويكبّر لها ويق ّدم صور الطاعة بكا ّفة‬ ‫أشكالها‪ .‬لكنّ النصرة حاولت في األيّام األخيرة‬ ‫اللعب مع الفصائل األخرى على إقواء شوكتها‬ ‫باسم الدين ومحاولة فرض سيطرتها وفرض‬ ‫رايتها رغما ً عن الفصائل وعن أهل المنطقة‪.‬‬ ‫فتحالفت مع حزب التحرير الذي ال يملك بدوره‬ ‫أيّ فصيل‪ ،‬لك ّنه يرفع نفس الراية ويساند الفكر‬ ‫الجهاديّ ‪ .‬وت ّم من خالل هذا التحالف إرهاب‬ ‫المنطقة ورفع راية النصرة في أغلب المناطق‬ ‫الخارجة عن سيطرة النظام في حلب وريفها‪،‬‬ ‫وقاموا باالعتداء على المواطنين الذين حملوا أو‬ ‫رفعوا العلم السوريّ (علم الثورة) وت ّم اختطاف‬ ‫أحد الناشطين (ريّان) بتهم جاهزة منها «الكفر‬ ‫– علمانيّ ‪ »...‬وك ّل هذا إلرهابهم والعمل على‬ ‫فرض أفكارها وفرض ورايتها‪.‬‬ ‫هذا األمر ت ّم بعد أن قام النظام األسديّ بعدد من‬ ‫العمليّات في الشمال وهجومه على قرية ريتان‬ ‫واستقراره في قرية بشكوي‪ ،‬والتي كان للنصرة‬ ‫في تلك المنطقة أكبر حاجز تابع لها‪ ،‬ولم يعرف‬ ‫أحد سبب انسحابها تلك الليلة من ذاك الحاجز‬ ‫دون إخبار أحد من الفصائل المتواجدة؛ ربّما‬ ‫النشغال بعض القادة بالزواج من القاصرات‪.‬‬ ‫في ريف إدلب‬ ‫كان لفصيل أحرار الشام وصقور الشام الفضل‬ ‫األكبر في العمل في إدلب مدينة وريفاً‪ ،‬واشتراك‬ ‫جبهة النصرة في تلك العمليّات باإلضافة إلى‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫العديد من الفصائل الثوريّة المحسوبة على‬ ‫الجيش الحرّ من باقي المناطق في ريف إدلب‪.‬‬ ‫لكن استغلّت جبهة النصرة هذا األمر وحشدت‬ ‫قوّ اتها في الريف واستغلّت انشغال باقي الفصائل‬ ‫بالتق ّدم وباقتتالها مع النظام‪ ،‬وكذلك عمل اإلعالم‬ ‫على إظهار النصرة الفاتح والمقاتل‪ ،‬إلى أن‬ ‫استتبّ األمر اآلن لها‪ ،‬وأخذت تقرّ ر وتفرض‬ ‫آرائها‪ ،‬وأصبحت كما يقول بعض الثوّ ار في‬ ‫منطقة إدلب «إمارة المحيسني» وهنالك ا ّتهامات‬ ‫بأنّ حركة أحرار الشام قد بايعت النصرة‪ ،‬علما ً‬ ‫أنّ الحركة قد أنكرت هذه االتهامات‪.‬‬ ‫مخيّم اليرموك‪:‬‬ ‫خالل مقابلته مع قناة القدس الفضائيّة قال‬ ‫أحد قادة كتائب أكناف بيت المقدس‪ :‬نسّقنا مع‬ ‫جبهة النصرة فقط لتحييد المخيّم عن المعارك‬ ‫الخارجيّة‪ ،‬وأخذنا عهداً منهم‪ ،‬وكان بيننا ميثاق‬ ‫ألاّ تدخل «داع��ش» إلى مخيّم اليرموك‪ ،‬لكن‬ ‫الغدر والخيانة والكذب من قبل جبهة النصرة التي‬ ‫بايعت «داعش» وبعض المجموعات الفلسطينيّة‬ ‫التي سارت على نهجها ونهج «داعش» أ ّدت‬ ‫القتحام المخيّم‪ ،‬بعد إدخ��ال تلك المجموعات‬ ‫لعناصر من «داعش» في بيوتهم داخل المخيّم‪.‬‬ ‫حاولت النصرة مراراً وتكرار اللعب على مصير‬ ‫المخيّم والسيطرة عليه لك ّنها بعد أن اصطدمت‬ ‫بالفصائل الفلسطينيّة وقوّ تها في المخيّم عملت‬ ‫على التحالف مع داعش للقضاء على الفصائل‬ ‫المتواجدة بالمخيّم رغم أنّ الحالة اإلنسانيّة في‬ ‫مخيّم اليرموك ال يمكن وصفها من السوء‪ ،‬وهناك‬ ‫آالف الفلسطينيّين السوريّين والعديد من العائالت‬ ‫السوريّة التي نزحت إلى المخيّم في فترة ما‪ .‬وقد‬ ‫حوصر المخيّم من قبل كتائب األسد وميليشياته‬ ‫من طرف والتحالف المستتر بين النصرة و‬ ‫«داعش» من الطرف اآلخر؛ ممّا جعل المخيّم‬ ‫من المناطق األكثر رداءة عالم ّياً‪ ،‬فقد ذكر «بيير‬ ‫كرينبول» المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل‬ ‫الالجئين الفلسطينيّين (أون���روا) أنّ أوض��اع‬ ‫الالجئين داخل مخيّم اليرموك‪ ،‬الذي يسيطر‬ ‫تنظيم «داعش» على أجزاء واسعة منه‪ُ ،‬تح ّتم‬ ‫على المجتمع الدوليّ االستجابة للمآسي‪ ،‬وتقديم‬ ‫المساعدة اإلنسانيّة آلالف المدنيّين المحاصرين‬ ‫فيه‪ .‬وقد ت ّم انسحاب التنظيم من المخيّم واستئثار‬ ‫النصرة حال ّيا ً بالسيطرة على أغلب ّ‬ ‫المخيم بعد أن‬ ‫أصبحت هي القوّ ة الكبرى في المخيّم‪.‬‬

‫قال أنور عبد الهادي مبعوث ّ‬ ‫منظمة التحرير‬ ‫الفلسطينيّة‪« :‬إنّ جبهة النصرة هي اآلن الجماعة‬ ‫الرئيسيّة في المخيّم‪ ،‬وأضاف لـ (رويترز) أنّ‬ ‫التنظيم وجبهة النصرة كيان واحد ويتبادالن‬ ‫المواقع‪ .‬وواجهت جبهة النصرة ا ّتهامات من‬ ‫خصومها بتسهيل دخ��ول متش ّددي «داع��ش»‬ ‫إلى المخيم‪ ،‬وبانسحابه من اليرموك تكون جبهة‬ ‫النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة هي جماعة‬ ‫المعارضة الرئيسيّة داخل المخيّم‪.‬‬ ‫في الجنوب السوريّ ‪:‬‬ ‫أعلن الجيش السوريّ الحرّ في الجبهة الجنوبيّة‬ ‫رفض أيّ تعامل مع جبهة النصرة بعد أن حاول‬ ‫كثيراً تجاوز انتهاكات واعتداءات النصرة على‬ ‫قاعدة أنّ الهدف اليوم «إسقاط النظام السوريّ »‬ ‫وأنّ «المعارك الثانويّة ليست لصالحنا»‪ .‬ولكن‬ ‫ما عانى منه أهالي المناطق من ظلم التش ّدد‬ ‫وآالم الجلد والتسلّط التي فرضتها جبهة النصرة‪،‬‬ ‫واحتدام األمر بعد أن اعتدت على امرأة كبيرة‬ ‫السنّ واعتقلت بعض القياديّين في الجيش السوريّ‬ ‫الحرّ ‪ ،‬وكذلك ما قامت به عند دخولها معبر‬ ‫نصيب‪ ،‬بعد أن قام الجيش الحرّ بتحريره «فقامت‬ ‫بالدخول إلى المعبر بالقوّ ة مستغلّة انشغال مقاتلينا‬ ‫بتمشيط المعبر و لوال أن ك ّنا حريصين على‬ ‫عدم سفك الدماء لحصلت هناك الفتنة‪ ،‬وعندما‬ ‫قاموا بالدخول إلى درعا واعتقال مقاتل من لواء‬ ‫التوحيد دون أمر محكمة‪ ،‬وأيضا ً لوال أ ّننا ك ّنا‬ ‫حريصين على عدم سفك الدماء لحصلت الفتنة»‪.‬‬ ‫ك ارتباطه مع‬ ‫وقد أعلن الجيش السوريّ الحرّ ف ّ‬ ‫النصرة التي ك ّفرت الفصائل السوريّة المعروفة‬ ‫باعتدالها والتزامها بمبادئ الثورة رغم أنّ‬ ‫النصرة ‪ -‬عبر تصريحات األمراء وخطاباتهم ‪-‬‬ ‫تهدر الدماء وتك ّفر الجميع على قاعدة أنّ «كل‬ ‫من ال يؤمن بفكرها فهو كافر» وقد ر ّد الجيش‬ ‫الحرّ «نحن ال نريد الطعن ولكن أين هي مصلحة‬ ‫الشعب السوريّ ومصلحة المسلمين في أن تعلن‬ ‫االرتباط بتنظيم القاعدة؟ هل كان ذلك اإلعالن‬ ‫لمصلحة المسلمين أم لمصلحة نظام األسد‪ ،‬هل‬ ‫ك ّل من يقول ال يصبح خائن وعميل؟ إذاً لماذا‬ ‫نلوم النظام على ظلمه وطغيانه؟»‪ .‬الشعب‬ ‫السوريّ طالب بتسليح الجيش الحرّ ولم يطالب‬ ‫باالنضمام للقاعدة فهل هو خائن أيضاً؟ هل يعتبر‬ ‫رفض القاعدة خيانة وعمالة‪ ،‬وتكفير االئتالف‬ ‫واألرك��ان والجيش الحرّ بطولة ورجولة؟ هل‬ ‫أصابتنا غشاوة‪ ،‬ح ّتى أصبح التخوين ديدن ك ّل‬ ‫مطبّل ومزمّر على الفيس بوك والتويتر‪ ،‬وهل‬ ‫يعتبر من أدخ��ل صواريخ التاو التي غيرت‬ ‫موازين القوى على األرض خائن وعميل؟‬ ‫ما لكم كيف تحكمون‪ ،‬لماذا يعتبر ك ّل عمل‬ ‫للجيش الحرّ مؤامرة وعمالة وك ّل عمل للقاعدة‬ ‫بطولة وشجاعة؟‬

‫باسل العبداهلل‬

‫قراءة سياسية‬

‫العربي‬ ‫إخفاقات الربيع‬ ‫ّ‬ ‫اإليراني‬ ‫ومشروع االحتالل‬ ‫ّ‬ ‫في التطوّ رات الجارية‪ ،‬منذ أن أشعل «البوعزيزي» النار في‬ ‫جسده وح ّتى اليوم‪ ،‬وفي تونس وليبيا ومصر واليمن وسورية‪،‬‬ ‫ثمّة الكثير من اإلخفاقات المتالحقة‪ ،‬فإذا كان القاسم المشترك في‬ ‫هذه البلدان متجسّداً في تشابه صور الح ّكام الدكتاتوريّين‪ ،‬وتماثل‬ ‫أساليب سيطرتهم ونهبهم‪ ،‬وفي تقارب الحياة السياسيّة‪ ،‬من أحزاب‬ ‫وهيئات شعبيّة‪ ،‬ومن مجالس تشريعيّة وتنفيذيّة‪ ،‬تسبّح بحمد القائد‬ ‫الفرد وبوريثه من بعده‪ ،‬فإنّ ما ظهر بانفجار الغضب الشعبيّ‬ ‫إلسقاط تلك األنظمة‪ ،‬قد كان مختلفا ً ج ّداً عمّا يمكن لثورات أن‬ ‫تنجزه‪.‬‬ ‫ربّما ينظر الكثيرون إلى فشل ثورات الربيع العربيّ ‪ ،‬نتيجة‬ ‫لدور التنظيمات اإلسالميّة‪ ،‬في سعيها لفرض قوانينها االستبداديّة‬ ‫على الجميع‪ ،‬سواء باألغلبيّة النسبيّة لصناديق االنتخاب‪ ،‬أو بقوّ ة‬ ‫السالح تحت راية الجهاد ورفض المبدأ الديمقراطيّ ذي الصبغة‬ ‫الغربيّة العلمانيّة‪ ،‬في حين يرى قسم آخر بأنّ ذلك الربيع ليس إلاّ‬ ‫فعالً خارج ّياً‪ ،‬إلعادة رسم الخارطة السياسيّة للمنطقة‪ ،‬وكأنّ هذه‬ ‫الدول التي نهضت بعد األزمان العثمانيّة واالستعماريّة األور ّبيّة‪،‬‬ ‫قد ح ّققت من عوامل التنمية ما يجعلها خطراً داهما ً على المجتمع‬ ‫الدوليّ ودوله الكبرى‪.‬‬ ‫إنّ البحث في تلك اإلخفاقات‪ ،‬قد فتح ويفتح الباب أمام الكثير‬ ‫من التحليالت‪ ،‬لكنّ ذلك ال يعفي من إلقاء نظرة مختلفة لما يمكن‬ ‫أن تش ّكل سببا ً لتلك اإلخفاقات‪ ،‬نظرة قد تكون بعيدة عن األسباب‬ ‫ّ‬ ‫التدخل الخارجيّ ‪،‬‬ ‫المتعلّقة بأسلمة هذه الثورات أو بكونها حالة من‬ ‫ومتعلّقة بطبيعة تلك األنظمة الدكتاتوريّة الفريدة‪ ،‬التي لم تكتفِ‬ ‫بإظهار عجزها وهشاشتها‪ ،‬أمام ذلك الغضب الشعبيّ الذي طالبها‬ ‫بالرحيل‪ ،‬فاالغتصاب الحقيقيّ للسلطة من قبل المؤسّسة العسكريّة‪،‬‬ ‫قبل أن تترسّخ مؤسّسات الدولة الحديثة التي زرعها المحتلّ‪ ،‬جعل‬ ‫من الجنرال المسيطر على الجيش أمينا ً عا ّما ً للحزب السياسيّ‬ ‫الحاكم‪ ،‬ورئيسا ً ال يقبل المنافسة في االنتخابات‪ ،‬التي يجب أن ال‬ ‫تق ّل أصواته فيها عن ال‪ ،%99‬ورسّخ نظاما ً ب ّدل بموجبه كا ّفة‬ ‫المؤسّسات العامّة من البرلمان إلى النقابات‪ ،‬بهيئات لمن يج ّندهم‬ ‫كحرّ اس لبقاء القائد األبديّ ‪ ،‬كما حوّ ل عمليّة التنمية االقتصاديّة‬ ‫لمق ّدرات البالد‪ ،‬إلى شكل ّ‬ ‫منظم من النهب المستمرّ ‪ ،‬من قبل الحاكم‬ ‫وحاشيته‪ ،‬األمر الذي أوقع هذه المجتمعات في قبضة عصابات‬ ‫ّ‬ ‫العزل‪ ،‬عصابات اختلفت‬ ‫من اللصوص المه ّددين لحياة الس ّكان‬ ‫سلوكيّاتها مع شعورهم بالخطر القادم‪ ،‬من الهروب إلى إطالق‬ ‫النيران العشوائيّة‪ ،‬للحيلولة دون وقوعهم بأيدي أصحاب ال ّدار‪.‬‬ ‫إنّ ما آلت إليه تلك الثورات المتفجّ رة ض ّد هذا النوع من الطغاة‪،‬‬ ‫بعدم وصولها إلى أهدافها في إقامة أنظمة ديمقراطيّة‪ ،‬ال يمكن‬ ‫النظر إليها من زاوية المشاريع السياسيّة الفاشلة‪ ،‬بقدر ما كانت‬ ‫شكالً موضوع ّيا ً النفجار األزمات الحا ّدة التي خلّفها الطغاة في‬ ‫هذه البلدان‪ ،‬هذه االنفجارات التي لم تستطع تحقيق الهزيمة‬ ‫الكاملة لألنظمة الدكتاتوريّة‪ ،‬وإن ظهرت بعض مالمح الهزيمة أو‬ ‫التف ّكك عليها‪ ،‬بل ويمكن القول‪ :‬إنّ ك ّل ما جرى الحقا ً وبُعيد أيّام‬ ‫االنفجار الشعبيّ الحقيقيّة‪ ،‬من إعاقة إلقامة أنظمة ديمقراطيّة‪ ،‬وما‬ ‫مآس متباينة في النوع والش ّدة؛ ليس إلاّ نتيجة‬ ‫حصل ويحصل من‬ ‫ٍ‬ ‫الستمراريّة سيطرة تلك األنظمة في سيطرتها‪ ،‬وارتباط حجم تلك‬ ‫المآسي ونوعيّتها بشكل وحجم تلك االستمراريّة فيما يبدو‪.‬‬ ‫ففي تونس التي حصل فيها انهيار قسم كبير من نظامها‬ ‫الدكتاتوريّ ‪ ،‬بالفرار المب ّكر لحاكمها‪ ،‬تجري محاوالت إنشاء نظام‬ ‫أكثر ديمقراطيّة‪ ،‬وبوجود الكثيرين من رموز النظام السابق‪ ،‬ممّا‬ ‫قد خ ّفف من ح ّدة الصراعات العنفيّة‪ ،‬بل وإلى ضعف نشاط اإلسالم‬ ‫المتطرّ ف‪ ،‬على الرغم من تصدير تلك البالد للعدد األكبر من‬ ‫مجاهدي تنظيم «داعش» التكفيرين‪ ،‬في حين أنّ مقتل الطاغية‬ ‫الليبيّ مب ّكراً وقبل التم ّكن من ضرب البنية االقتصاديّة واالجتماعيّة‬ ‫والعسكريّة لذلك النظام الذي ارتبط باسمه‪ ،‬قد ساهم في خلق تفتيته‬ ‫إلى نويّات دكتاتوريّة متصارعة‪ ،‬تعيق ك ّل عمليّات التوصّل إلى‬ ‫ح ّل سياسيّ توافقيّ ‪ ،‬كذلك فإنّ ما جرى في مصر من تنازل سريع‬ ‫وشبه إجباريّ من قبل رأس النظام‪ ،‬لمؤسّسة الجيش الصانعة‬ ‫للدكتاتوريّات المصريّة المتالحقة‪ ،‬قد أعاد العسكر للسيطرة على‬ ‫الحياة السياسيّة‪ ،‬بعد أن حاول اإلخوان فرض قوانين دولتهم التي‬ ‫عملوا ألجلها أكثر من خمسين عاماً‪ ،‬ممّا أفشل عمليّة التحوّ ل‬ ‫السلميّ إلى نظام ديمقراطيّ ‪ ،‬أمّا ما يتعلّق باليمن التي ماطل‬ ‫دكتاتورها كثيراً بالرحيل أمام ثورة عارمة‪ ،‬فقد كان أصغر من‬ ‫هيئة دكتاتور‪ ،‬بدخوله من الشبّاك بعد أن خرج من الباب‪ ،‬ليكون‬ ‫سنداً للميليشيات الحوثيّة المرتبطة بالمشروع التوسّعيّ اإليرانيّ ‪،‬‬ ‫عبر قوّ اته العسكريّة التي لم يت ّم التم ّكن من تحويلها إلى مؤسّسة‬ ‫للدولة‪.‬‬ ‫كذلك فإنّ الدكتاتور االبن في سورية‪ ،‬الذي لم ينجح بإطفاء‬ ‫الثورة التي انتشرت رغم استخدامه للعنف الدمويّ الحا ّد‪ ،‬لجأ‬ ‫سريعا ً نحو الصيغة الطائفيّة للصراع‪ ،‬ليشهد المجتمع السوريّ‬ ‫أسوأ حاالت العنف المستعصية على الحلّ‪ ،‬مع توافد اإلسالميّين‬ ‫المتطرّ فين‪ ،‬ومع استقدامه العلنيّ للميليشيات الشيعيّة اإلقليميّة‪.‬‬ ‫إنّ هذه اإلخفاقات المختلفة باختالف النسب الدالة على تفكيك‬ ‫آليّات األنظمة الدكتاتوريّة‪ ،‬تش ّكل على ما يبدو نقطة جوهريّة‪،‬‬ ‫يمكن االستناد إليها في تحديد المالمح القادمة للمنطقة‪ ،‬وفي تحديد‬ ‫شكل األنظمة السياسيّة فيها على وجه الخصوص‪ ،‬لكنّ ما يحصل‬ ‫في سورية واليمن‪ ،‬وما هو مرتبط به في العراق ولبنان‪ ،‬يدلّل على‬ ‫ما هو مختلف كلّ ّيا ً عن تحديد هذه المالمح‪ ،‬حيث لم تعد مسألة قوى‬ ‫مدافعة عن األنظمة الدكتاتوريّة‪ ،‬بقدر ما تحوّ لت هذه القوى إلى‬ ‫جزء من مشروع التوسّع اإليرانيّ الساعي لتحقيق احتالل حقيقيّ‬ ‫في المنطقة‪ ،‬ال يتع ّدى دور من يسيرون في ركبه من العرب‪ ،‬أكثر‬ ‫من كونهم عمالء مأجورين في وطن لم ّ‬ ‫يمثل لهم يوما ً أكثر من‬ ‫مسرح لجرائمهم التي ارتكبوها ّ‬ ‫بحق أبنائه‪.‬‬

‫لؤي حاج بكري‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫قراءات‬

‫العدد ‪29‬‬

‫السنة الثانية‬

‫‪ / 17‬نيسان ‪2015/‬‬

‫وعي دور الذات الثورّية‬

‫«ما في لألبد‪ ،‬ما في لألبد‪ ..‬سوريا لنا وما هيّ‬ ‫لبيت األسد‪»..‬‬ ‫يعرف السوريّون كلّهم ماذا يعني هذا الشعار الذي‬ ‫يبدو غريبا ً ببداهته الساذجة بالنسبة لمراقب خارجيّ‬ ‫أو لمن كان من ثقافة أخرى‪ .‬لك ّنه بالنسبة للسوريّين‬ ‫لحمل عزيز ال‬ ‫ولجيرانهم على األقلّ‪ ،‬بدا وكأ ّنه تجّ ٍل َ‬ ‫يحدث أكثر من مرّ ة في العمر‪.‬‬ ‫وبصرف النظر عمّا ستؤول إليه األوض��اع في‬ ‫سورية بعد زمن قريب أو بعيد‪ ،‬ورغم استمرار ب ّ‬ ‫شار‬ ‫األسد في الرئاسة‪ ،‬إلاّ أنّ سقوط فكرة األبد «السوريّة»‪،‬‬ ‫دين العهد األسديّ ‪ ،‬تعتبر من أه ّم محرّ كات ودوافع‬ ‫الثورة‪ ،‬وبالتالي من أه ّم انجازاتها التي تحصّلت‬ ‫بالغالي من الدم والمرير من الوقت والخسائر‪.‬‬ ‫رغم انقضاء سنوات أربع على بداية الثورة‪ ،‬ورغم‬ ‫ك ّل ما قيل وفُعل من أطراف عديدة ألجل إثارة حرب‬ ‫أهليّة طائفيّة‪ ،‬إلاّ أّن االخفاق عموما ً (هناك استثناءات‬ ‫مهمّة ينبغي رؤيتها والتعامل معها) في تحويل الثورة‬ ‫إلى قتال طائفيّ ص��رف‪ ،‬يعّد واح��داً آخر من أه ّم‬ ‫إنجازات الثورة‪.‬‬ ‫إنّ عودة السوريّين إلى الوجود والفعل والعمل على‬ ‫انتزاع مكان ومكانة‪ ،‬وفتح إمكانيّة لصيرورة مختلفة‬ ‫ومخالفة لسيرة االستبداد عبر الت ّدرب على ممارسة‬ ‫الحياة السياسيّة بك ّل مجاالتها‪ ،‬رغم ك ّل االخفاقات‬ ‫والعثرات واألم��راض‪ ،‬هو بح ّد ذاته أيضا ً من ثمار‬ ‫الثورة التي أعادت السوريّين إلى الواقع االجتماعيّ‬ ‫والسياسيّ منه بشكل خاصّ ‪.‬‬ ‫وكجزء من عودة السوريّين إلى الواقع‪ ،‬يتقبّل‬ ‫السوريّون اليوم ‪ -‬ولو على مضض ‪ -‬حقيقة ّ‬ ‫أن‬

‫التغيّرات الكبرى في حياة الشعوب والثورات‪ ،‬ال‬ ‫تنتصر بالرغبات والوعود والنوايا‪ ،‬وال بضربة‬ ‫قاضية؛ إ ّنها صيرورة مع ّقدة تتطلّب إنتاج ثقافة ثوريّة‬ ‫جذريّة شجاعة ومكافحة وطويلة النفس‪ ،‬تصحّ ح نفسها‬ ‫باستمرار‪ ،‬وتستدرك ما فاتها من عثرات وارتجال‬ ‫ومساومة في ش ّتى صنوف اإلنتاج الثوريّ فكر ّيا ً‬ ‫ونضال ّياً‪ .‬كما تطوّ ر إمكانات استنباط أشكال تحالف‬ ‫ونضاالت متع ّددة المستويات في الداخل والخارج‪.‬‬ ‫باختصار‪ ،‬وعلى ضوء تجربة السنوات األربع‬ ‫المنصرمة ينبغي حسم معركة تمثيل الثورة‪ ،‬لصالح‬ ‫قواها الحقيقيّة الشعبيّة السوريّة حصراً‪ .‬األمر الذي‬ ‫ير ّتب مواجهات حقيقيّة مع المعارضة الرسميّة‪ ،‬ومع‬ ‫قوى األمر الواقع الموجودة على األرض بدواعي‬ ‫وأهداف ال عالقة لها بالثورة السوريّة‪ ،‬بل تعمل بالض ّد‬ ‫منها‪.‬‬ ‫وقد كشفت الثورة السوريّة زيف ادعاءات المؤسّسات‬ ‫العالميّة وعجزها عن الوفاء بالتزاماتها اإلنسانيّة‪،‬‬ ‫ناهيك عن القانونيّة والسياسيّة حيال إعالء شأن حقوق‬ ‫اإلنسان والديمقراطيّة في العالم‪ ،‬ما يؤ ّ‬ ‫شر إلى المزيد‬ ‫من العقبات والصعوبات في وجه السوريّين‪ ،‬ومزيد‬ ‫من االستفراد بهم من قبل النظام والقوى المتطرّ فة التي‬ ‫تخوض حروبها «العالميّة» على األرض السوريّة‪ ،‬ما‬ ‫يجعل الصراع متع ّدد المستويات واألقطاب واألهداف‪،‬‬ ‫وما يعني أنّ تاريخا ً وجغرافيا جديدين يت ّم ارتسامهما‬ ‫في المنطقة (واستطراداً في العالم)‪ ،‬وما يتر ّتب على‬ ‫ذلك من مسؤوليّات تقع على عاتق شعوب المنطقة‬ ‫والعالم كا ّفة‪.‬‬ ‫ُكثر ينعون الثورة السوريّة‪ ،‬ويب ّ‬ ‫شرون بالصوملة‬ ‫واألفغنة وغيرهما‪ ..‬وعلى المقلب اآلخر‪ ،‬يستبشر‬ ‫آخرون بالنصر عبر «تحرير» هنا وتصريح هناك؛‬ ‫التفاؤل والتشاؤم وجهان لعملة واحدة‪ ،‬هي القفز فوق‬ ‫الواقع والهروب من تعقيداته‪.‬‬ ‫الواقع الدامي الذي يتطلّب فهما ً وحلاّ ً سواء أكان‬ ‫صوماالً أم سورية جديدة تولد من رحم الدماء واآلالم‬ ‫فالصراع مستمرّ ‪ ،‬ولع ّل مرارته تأتي من االستقرار‬ ‫النسبيّ لتوازن القوى وع��دم ق��درة أح��د الطرفين‬ ‫(وحلفائهما) على إنهاء اآلخر‪ ،‬ما يحيل إلى ضرورة‬ ‫وعي دور الذات الثوريّة في التأثير على مجريات‬ ‫الصراع رغم تداخله وتشعّبه‪.‬‬

‫رسالة السّيدة فدوى‬ ‫محمود إلى «موسكو‪»2‬‬ ‫السادة المحترمون ‪ ...‬تحيّة طيّبة؛‬ ‫أنا فدوى محمود والدة المعتقل ماهر طحّ ان‪ ،‬ورفيقة ك ّل من‬ ‫المعتقلين الدكتور عبد العزيز الخيّر‪ ،‬والمهندس إياس عيّاش‪.‬‬ ‫أو ّد أوّ الً أن أحيّيكم متمنيّة للقائكم كامل النجاح كخطوة على‬ ‫طريق الح ّل السياسّي للمأساة السوريّة‪ ،‬النتيجة الطبيعيّة لسنوات‬ ‫الحكم األمنيّ الشموليّ القمعيّ الذي مارسه نظام االستبداد طوال‬ ‫أربعة عقود‪ .‬وكان من الممكن أن يكون ملتقاكم هذا مناسبة‬ ‫للتذكير بقضيّة المعتقلين والمغيّبين والمخطوفين‪ ،‬لو كان من‬ ‫ضمن المدعوين بعض من ذويهم‪ ،‬وقد ارتأينا بسبب عدم الدعوة‬ ‫أن نتوجّ ه لكم بهذه الرسالة للمطالبة بإطالق سراح ك ّل من‬ ‫المعتقلين الثالثة الوارد ذكرهم وهم‪ :‬الدكتور عبد العزيز الخيّر‪،‬‬ ‫وإياس عيّاش اللذين ت ّم اعتقالهما لدى عودتهما من الصين‬ ‫في حرم مطار دمشق الدوليّ برفقة ماهر طحّ ان الذي حضر‬ ‫الصطحابهم‪ ،‬وذلك لحضور مؤتمر اإلنقاذ الوطنيّ بتاريخ‬ ‫‪ 2012/9/20‬والذي ضمنت حكومة روسيا اال ّتحاديّة سالمة‬ ‫المشاركين به‪ ،‬وما أن ت ّم اعتقال الثالثة ح ّتى تنصّلت من تعهّدها‬ ‫ومسؤوليّتها تجاه حمايتهم‪.‬‬ ‫غنيّ عن القول‪ ،‬إنّ أيّة عمليّة سياسيّة في سورية يجب أن تبدأ‬ ‫باإلفراج عن المعتقلين وفي مق ّدمتهم الثالثة السابق ذكرهم سيّما‬ ‫وأ ّنهم من دعاة السلميّة والح ّل السياسيّ ولم يدعموا أيّ طرف‬ ‫مسلّح وقد تناقل بعض الناشطين الجملة الشهيرة للدكتور الخيّر‬ ‫والتي يقول فيها (ال تدعوا كرهكم للنظام القمعيّ يفوق حبّكم‬ ‫لبلدكم) إنّ الدكتور الخيّر من الشخصيّات الوطنيّة والتي تحظى‬ ‫بإجماع الشارع السوريّ على أه ّميّة دوره الوطنيّ وإنّ تغييبه‬ ‫ورفيقيّه وأمثالهم من دعاة الح ّل السياسيّ السلميّ ال يخدم قضيّة‬ ‫االنتقال الديمقراطيّ في سورية وغير خا ٍ‬ ‫ف على أحد أ ّنه ال بديل‬ ‫عن الح ّل السياسيّ التفاوضيّ وفق إعالن جينيف‪ 1‬الذي يؤسّس‬ ‫لعمليّة االنتقال الديمقراطيّ في سورية وبناء دولة مدنيّة‪ ،‬دولة‬ ‫المؤسّسات‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫في الختام‪ ،‬إننا ندين اعتقالهم ونحمّل النظام السوريّ المسؤوليّة‬ ‫الكاملة عن سالمتهم ونطالبه بإطالق سراح جميع المعتقلين وفي‬ ‫مق ّدمتهم الدكتور الخيّر وماهر طحّ ان وإياس عيّاش‪.‬‬ ‫إ ّنني مثلي مثل آالف أمّهات المعتقلين أطالب السلطات‬ ‫ّ‬ ‫بالتدخل إلطالق‬ ‫الروسيّة وعلى رأسها الرئيس فالديمير بوتين‬ ‫سراح ابني ماهر ورفيقيه وكا ّفة المعتقلين السلميّين لدى النظام‬ ‫السوريّ ‪.‬‬ ‫مع تم ّنياتي لملتقاكم بالنجاح‪.‬‬ ‫والدة المعتقل ماهر طحّ ان‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫ضحى عاشور‬

‫‪3‬‬

‫هل مازالت في سورية ثورة؟‬

‫قبل محاولة اإلجابة عن سؤال هل مازال هناك‬ ‫ثورة في سورية‪ ،‬دعونا نح ّدد معنى الثورة‪ ،‬لنرى‬ ‫بعدها إن كان ما يحدث اآلن في سورية ينطبق على‬ ‫معنى كلمة ثورة‪.‬‬ ‫باختصار الثورة هي انفجار سلميّ عفويّ أو‬ ‫مدروس لمجتمع أو شعب احتجاجا ً على ظرف ال‬ ‫يمكن احتماله‪ ،‬يهدف لتغيير الظرف المرفوض‬ ‫من الشعب ليح ّل بدالً منه ظرف أفضل‪ ،‬وقد يح ّقق‬ ‫الشعب هدفه وقد ال يح ّققه‪ ،‬في كال الحالتين تبقى‬ ‫الثورة ثورة‪.‬‬ ‫ح ّتى أواخ��ر السنة األول��ى من الثورة السوريّة‬ ‫نستطيع القول‪ :‬إنّ الثورة حافظت على حركيّتها‬ ‫األول��ى السلميّة الواسعة وعلى خطابها المدنيّ‬ ‫وشعاراتها في الحريّة والكرامة والشعب الواحد رغم‬ ‫استمرار قتل واعتقال وتهجير كوادرها السلميّة‪.‬‬ ‫لكن في السنة الثانية بدا أنّ الثورة انقسمت قسمين‬ ‫قسم يحاول االستمرار بالتظاهر السلميّ ‪ ،‬هم شباب‬ ‫ورج��ال ونساء وأطفال‪ ،‬وقسم هم الشباب حملوا‬ ‫السالح بعد ازدياد القناعة أنّ النظام ال يمكن إسقاطه‬ ‫إلاّ بحركة مسلّحة‪ ،‬تعايش الخيارين معا ً لوقت تجاوز‬ ‫السنة‪ ،‬لكنّ الحراك السلميّ ‪-‬أي الثورة بمعناها‬ ‫الحرفيّ ‪ -‬تو ّقف لع ّدة أسباب أوّ لها أنّ معظم األحياء‬ ‫في المدن والبلدات التي كانت منخرطة في الحراك‬ ‫الثوريّ ت ّم قصفها وتهجير أهلها‪ ،‬وثانيها أنّ معظم‬ ‫الكوادر السلميّة ت ّم قتلها أو اعتقالها أو ذهبت إلى‬ ‫حمل السالح بعد أن تغلغل الخطاب اإلخوانيّ والمال‬ ‫الخليجيّ في إعالم الثورة وعلى األرض ح ّتى أصبح‬ ‫عدد المجموعات العسكريّة المعارضة يزيد عن‬ ‫األلف مجموعة‪.‬‬ ‫في السنة الثالثة بدا أنّ التظاهرات بدأت تتالشى‬ ‫لألسباب سابقة الذكر‪ ،‬ولم يكن هناك سوى المعارك‬ ‫والمجازر التي افتعلها النظام محاولة منه لحرب‬ ‫الصراع في سورية إلى صراع عسكريّ ومن ث ّم‬

‫طائفيّ ‪ ،‬على األق ّل كان الحدث العسكريّ هو الطاغي‬ ‫على اهتمام شاشات التلفزة وأحاديث وسائل التواصل‬ ‫االجتماعيّ ‪ ،‬وزادت قناعة السوريّين أنّ الح ّل الذي‬ ‫يوقف النظام عن إيغاله في القتل هو الح ّل العسكريّ ‪،‬‬ ‫األمر الذي منح حاملي السالح شرعيّة خوّ لتهم إقامة‬ ‫محميّات وإم��ارات محليّة ومناطقيّة أكثرها ذات‬ ‫واجهة إسالميّة‪ ،‬وبعضها إم��ارات محليّة مغلقة‪،‬‬ ‫كانت تدير أمورها بمعزل عن المحميّات واإلمارات‬ ‫األخ��رى‪ ،‬كما تح ّدد حاالت الصراع والسالم مع‬ ‫النظام وفق مصالح أمرائها‪ ،‬وكذلك عالقاتها مع‬ ‫المحميّات واإلمارات األخرى‪ ،‬ح ّتى أنّ بعضها كانت‬ ‫تدير معارك محليّة مع بعضها البعض‪ ،‬وتقاتل النظام‬ ‫ك ّل لوحدها بمعزل عن أيّة استراتيجيّة مشتركة‪ ،‬أو‬ ‫غرف عمليّات موحّ دة مع باقي المحميّات واإلمارات‬ ‫والمجموعات و»الجيوش» المعارضة إلاّ ما ندر‪،‬‬ ‫األمر الذي أفسح أمام النظام فسحة وحريّة نسبيّة‬ ‫في التعامل مع هذه الجيوش والمجموعات ك ّل على‬ ‫حدى‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كان دخول «داع��ش» على الخط منذ أن سلمها‬ ‫النظام مدينة الر ّقة‪ ،‬ومن ث ّم إعالن الخالفة اإلسالميّة‬ ‫من قبلها بمثابة تحوّ ل في المشهد السياسيّ في سورية‪،‬‬ ‫وفي أغلب األحيان كان «داعش» جيش رديف لجيش‬ ‫النظام‪ ،‬مارس اضطهاداً لك ّل حالة ثوريّة مدنيّة في‬ ‫المناطق التي احتلتها فقام بإعدام وتجفيف الثورة في‬ ‫مناطقه‪ ،‬األمر الذي واجهه الشعب بتظاهرات ض ّدها‬ ‫وض ّد جبهة النصرة‪.‬‬ ‫اليوم مع نهاية السنة الرابعة نرى أنّ ما يحدث في‬ ‫سوريّة هو حرب الجميع ض ّد الجميع‪ ،‬حرب بين‬ ‫قوى شعبيّة ض ّد النظام وحرب قوى إسالميّة ض ّد‬ ‫النظام ظاهر ّياً‪ ،‬لك ّنها قوى منسجمة مع استراتيجيّة‬ ‫النظام العسكريّة والسياسيّة‪ ،‬كما هي حرب بين هذه‬ ‫القوى اإلسالميّة فيما بينها‪ ،‬مثلما هي حرب صامتة‬ ‫بين هذه القوى اإلسالميّة والشعب السوريّ ‪ ،‬إضاقة‬ ‫لحرب إقليميّة تت ّم بحضور إيرانيّ ولبنانيّ وإقليميّ‬ ‫من جهة في مواجهة الشعب السوريّ ‪ ،‬والتنظيمات‬ ‫اإلسالميّة المدعومة من قوى إقليميّة بدورها‪.‬‬ ‫باختصار إنّ ما يجري وما هو قائم اليوم في سورية‪،‬‬ ‫ومنذ سنتين على األق ّل هو حرب إبادة وإفناء‪ ،‬حرب‬ ‫الجميع ض ّد الجميع‪ ،‬أمّا الثورة فهي كحلم وإرادة‬ ‫ورغبة مازالت موجودة لك ّنها في حالة كمون‪ ،‬ربّما‬ ‫تتج ّدد في حال وقفت الحرب وعاد العشرة ماليين‬ ‫سوريّ إلى بلداتهم ومدنهم‪.‬‬ ‫فادي‪.‬أ‪.‬أسعد‬

‫ّ‬ ‫الحل في سورية أكبر من األسد‬ ‫ترمجة‪ :‬شام احلليب‬

‫عندما أعلن مبعوث األم��م الم ّتحدة لسورية‬ ‫مؤخراً أنّ ب ّ‬ ‫ّ‬ ‫شار األسد هو‬ ‫ستافان دي ميتسورا‬ ‫«جزء من الح ّل في سورية» كان يعرف بأنّ‬ ‫تصريحه سوف يثير عاصفة‪.‬‬ ‫وا ّتهمت المعارضة السوريّة المبعوث األمميّ‬ ‫بأ ّنه يريد العودة عن اإلطار المح ّدد في مؤتمر‬ ‫جنيف‪ ،‬الذي يدعو إلى تشكيل حكومة انتقاليّة تح ّل‬ ‫مح ّل األسد‪ ،‬أي أنّ الخطوط العريضة للمؤتمر‬ ‫هي ح ّل بدون األسد‪.‬‬ ‫ربّما كان تصوّ ر دي ميتسورا يعكس ببساطة‬ ‫تغير المزاج الدوليّ العا ّم‪ ،‬حيث لم تعد إزالة األسد‬ ‫هي األولويّة‪ ،‬بعد تصاعد الحاجة لمكافحة تصاعد‬ ‫«داعش»‪.‬‬ ‫أو ربّما يكون قد استخدم هذه العبارة لدفع‬ ‫األسد لقبول ّ‬ ‫خطة وقف إطالق النار في حلب‪،‬‬ ‫دون الخوض في‬ ‫النتائج الواسعة‬ ‫ل��م��اه� ّي��ة مصير‬ ‫الرئيس السوريّ ‪.‬‬ ‫الدبلوماسيّة في‬ ‫كثير من األحيان توحي بالغموض‪ ،‬وهذا ما ينطبق‬ ‫على تصريح السيد دي ميتسورا‪ ،‬الدبلوماسيّ‬ ‫الدوليّ الخبير‪.‬‬ ‫لكنّ تطوّ راً ها ّما ً حدث األسبوع الماضي ووضع‬ ‫جهود المبعوث األمميّ تحت المجهر‪ .‬حيث اجتمع‬ ‫في مدينة القامشلي ّ‬ ‫ممثلين عن األحزاب الرئيسيّة‬ ‫الكرديّة في سورية‪ ،‬ودعوا إلى «وحدة سياسيّة‬ ‫وجغرافية» لألكراد في شمال وشمال شرق‬ ‫سورية ضمن سياق «دولة فدراليّة سوريّة»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الممثلون أيضا ً إلى توافق عمليّة التنسيق‬ ‫سعى‬

‫بين اثنين من األحزاب الكرديّة السوريّة‪ ،‬حزب‬ ‫اال ّتحاد الديمقراطيّ المقرّ ب من حزب العمّال‬ ‫الكردستانيّ بقيادة عبد هللا أوج�لان‪ ،‬والمجلس‬ ‫الوطنيّ الكرديّ المقرّ ب من مسعود برزاني‬ ‫رئيس إقليم كردستان العراق‪.‬‬ ‫وجاء هذا التحرّ ك نحو إجماع كرديّ بسبب قيام‬

‫«‪The National» Michael Young‬‬

‫قوّ ات البشمركة التابعة للبرزاني بمساعدة وحدات‬ ‫حماية الشعب ‪ YPG‬في عين العرب (كوباني)‬ ‫العام الماضي‪ ،‬على الرغم من النزاعات السابقة‬ ‫بين أوجالن والبرزاني‪ .‬ومن المفارقات أنّ هذا‬ ‫لم يثر استياء تركيا التي تربطها عالقات جيّدة‬ ‫ّ‬ ‫التدخل وسيلة لضبط الـ‬ ‫مع البرزاني‪ ،‬ورأت هذا‬ ‫‪.YPG‬‬ ‫وعلى الرغم من أنّ األسد يحاول أن يرسّخ‬ ‫نفسه سياس ّيا ً ببطء وثبات‪ ،‬يبقى السؤال حول أيّ‬ ‫نوع من سورية سوف يحكم في حال تم ّكنه من‬ ‫البقاء في السلطة‪.‬‬ ‫يشير منطق معاداة «داع��ش» إلى أنّ األسد‬ ‫قد يبقى من منصبه في نهاية المطاف‪ ،‬لك ّنه‬ ‫يشير أيضا ً إلى أنّ الحكم الذاتيّ الكرديّ سوف‬ ‫يكون مقبوالً من قبل العديد من البلدان‪ .‬وفي كلتا‬

‫الحالتين فإنّ الهدف الدوليّ األساسيّ هو تنظيم‬ ‫هياكل ووضعها في المكان الذي يم ّكنها من هزيمة‬ ‫الدولة اإلسالميّة‪ ،‬ومنع إحياء جماعات مماثلة‪.‬‬ ‫إنّ سبب نجاح «داع��ش» هو وج��ود أنظمة‬ ‫سياسيّة حاكمة مختلة منقسمة‪ .‬لذلك سوف ت ّتخذ‬ ‫جميع التدابير التي تزيد من التماسك السياسيّ في‬ ‫الدول والكيانات العربيّة والتي تم ّكنها من درء‬ ‫إحياء المزيد من الجهاديّين الذين يستفيدون من‬ ‫الفراغات المنتشرة في المنطقة‪.‬‬ ‫وبما أ ّنه تت ّم إعادة رسم خارطة الشرق األوسط‪،‬‬ ‫خاصّة في سورية والعراق‪ ،‬فإنّ مصير األسد‬ ‫لم يعد بتلك األه ّميّة‪ ،‬والمناطق التي يسيطر‬ ‫عليها والممت ّدة من دمشق ح ّتى الساحل السوريّ‬ ‫والمتوافقة على حكمه بشكل أق ّل أو أكثر‪ ،‬داخل‬ ‫هذه المناطق سوف لن يت ّم التسامح مع ضعف‬ ‫األسد من قبل المجتمع الدوليّ ‪.‬‬

‫ويبدو أنّ األكراد في سورية والعراق قد فهموا‬ ‫هذه الديناميكيّة بشكل جيّد‪ .‬حيث أ ّنهم لم يدعوا‬ ‫إلقامة دولة كرديّة مستقلّة‪ ،‬حيث أ ّنها سوف تكون‬ ‫غير مقبولة من قبل ك ّل من إيران وتركيا‪ .‬ويمكن‬ ‫للمرء أن يتو ّقع نسخة فيدرالية خاصّة لهم تكون‬ ‫أقرب إلى نوع من الترتيب لكونفدراليّة فضفاضة‪.‬‬ ‫وبعبارة أخرى فإنّ األكراد بدالً من الحنق على‬ ‫السيّد دي ميستورا‪ ،‬فيمكن أ ّنهم قد قرؤوا نهاية‬ ‫اللعبة في سورية كشكل من االنفصال الفعّال‪.‬‬ ‫وهذا ما يخ ّفف من نظرتهم حول مزايا وعيوب‬ ‫بقاء األسد في السلطة‪.‬‬ ‫كما أنّ هناك معلّقين مثل حازم أمين في صحيفة‬ ‫«الحياة» الحظوا بذكاء تطوّ رات مماثلة لهذه اللعبة‬ ‫في العراق‪ ،‬حيث خلق األكراد والس ّنة والشيعة‬ ‫الخطوط العريضة لكيانات طائفيّة أو عرقيّة‬ ‫ج���دي���دة‪ .‬وس��اع��دت‬ ‫إي���ران ف��ي دف��ع هذه‬ ‫العمليّة ليكون لها دول‬ ‫أكبر بكثير في منطقة‬ ‫ّ‬ ‫مجزأة ممّا كان عليه‬ ‫دورها حين تسود دولة عربيّة قويّة‪.‬‬ ‫وكانت إي��ران على ما يبدو قد وضعت أوّ ل‬ ‫استراتيجيّة لألسد لما يشار إليه بـ «سورية‬ ‫مفيدة»‪ ،‬وسمحت للشمال والشمال الشرقي للبالد‬ ‫أن يقع خ��ارج سيطرة النظام‪ .‬وهجوم النظام‬ ‫ّ‬ ‫مؤخراً في منطقة القنيطرة هو في المقام األوّ ل‬ ‫محاولة من جانب إيران لضمان أن تحتفظ لنفسها‬ ‫بحدود المواجهة المفتوحة مع إسرائيل‪.‬‬

‫لهذا السبب يجب عدم المبالغة في تفسير عبارة‬ ‫السيّد دي ميتسورا‪ ،‬إطار جنيف هو ك ّل شيء‬ ‫ولك ّنه مات‪ ،‬والمبعوث األمميّ يعرف ذلك‪ .‬وهذا‬ ‫هو سبب تج ّنبه الخوض من مناقشة كاملة حول‬ ‫مستقبل األسد‪ ،‬حيث أنّ قيمة هذه المناقشة في‬ ‫الوقت الحالي هي قيمة دعائيّة فقط‪ .‬يمكن للمرء‬ ‫أن يتعاطف مع خصوم األسد‪ ،‬لكنّ الوضع اآلن‬ ‫أكبر منهم‪ ،‬ومنه‪.‬‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪4‬‬

‫السنة الثانية‬

‫العدد ‪29‬‬

‫‪ / 17‬نيسان ‪2015/‬‬

‫من الصحف‬

‫«مفاوضات» الوطن الواحد والطرف األوحد والمرجع الوحيد‬ ‫معضلة ّ‬ ‫السياسي في الحالة السورّية‬ ‫الحل‬ ‫ّ‬ ‫سامل األخرس ‪ -‬عن صحيفة املستقبل‬ ‫خ�لال عامي ‪ 2014-2103‬بُ��ذل ف��ي اإلع�لام‬ ‫مصطلح «المفاوضات» إليجاد ح ّل للمسألة السوريّة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫المكثف‪ ،‬بقي هذا المصطلح غريبا ً عن‬ ‫ورغم تداوله‬ ‫تجر العادة على‬ ‫طبيعة السياسة الداخليّة السوريّة‪ ،‬فلم ِ‬ ‫تداوله أو استخدامه أو التطرّ ق إليه‪ ،‬لدى طرح أيّة‬ ‫مشكلة تتعلّق بالشأن الداخليّ ‪ .‬رغم كثرة المصطلحات‬ ‫والمقوالت والمفاهيم السيّالة في الخطاب السوريّ في‬ ‫مختلف المراحل والمنعطفات التي مرّ ت بها سورية‪،‬‬ ‫والتي لغزارتها وتنوّ ع مشاربها وتع ّدد مرجعيّاتها‬ ‫ّ‬ ‫تستحق‬ ‫وكثرة منحوتاتها‪ ،‬المنقول منها والمستورد‪،‬‬ ‫متحفا ً ضخما ً يحفظها تحت عنوان «هذه المصطلحات‬ ‫مرّ ت من هنا»‪ ،‬وهذا يدلّل على حيويّة وديناميكيّة‬ ‫معان ليست موضع بحثنا في‬ ‫خطابيّة‪ ،‬كما يد ّل على‬ ‫ٍ‬ ‫هذا المقام‪.‬‬ ‫فمصطلح «المفاوضات» الذي يستخدم للداللة على‬ ‫شروع بالحوار والبحث من أجل التوصّل إلى اتفاق‪،‬‬ ‫استخدم ح ّتى غدا من مألوف الحياة السوريّة بمختلف‬ ‫المجاالت‪ ،‬السيّما السياسة واإلع�لام‪ ،‬وكان حصراً‬ ‫للتعبير عن مباحثات تجري مع أط��راف خارجيّة‪،‬‬ ‫أي بين الجانب السوريّ وآخرين ال يحملون الجنسيّة‬ ‫ّ‬ ‫ويمثلون جهات خارجيّة‪ ،‬دوالً أو مؤسّسات‬ ‫السوريّة‬ ‫سياسيّة أو اقتصاديّة وغيرها‪ .‬وتج ّنبا ً للمبالغة والوقوع‬ ‫في خطأ النفي المطلق للمفاوضات في الفضاء السياسيّ‬ ‫الداخليّ ‪ ،‬يمكن اإلشارة إلى وجود مساومات وتسويات‬ ‫وترتيبات وصفقات‪ ،‬وعموالت؛ ضمن آليّات إدارة‬ ‫المصالح والمنافع‪ ،‬وأيديولوجيّاتها‪ ،‬ولكن‪ ،‬تحت‬ ‫تسميات‪ ،‬اجتماعات أو لقاءات تختتم بصيغة مؤتمرات‬ ‫ومهرجانات‪.‬‬ ‫المهم أ ّنها ليست «مفاوضات»‪ ،‬التي تطلق عادة‬

‫عمر ق ّدور ‪ -‬عن موقع املدن اإللكرتون ّي‬ ‫لم تكن النكتة في أن يذهب معارضون سوريّون‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ممثل النظام في‬ ‫ويتحمّلوا للمرّ ة الثانية إهانات‬ ‫منتدى موسكو‪ ،‬فهذه ربما يُسوّ ق تبريرها بذريعة‬ ‫تجاوز اإلهانات الشخصيّة كرمى لتحقيق اختراق‬ ‫سياسيّ ‪ .‬وليست النكتة في أن يرفض ّ‬ ‫ممثل النظام‪،‬‬ ‫للمرّ ة الثانية أيضاً‪ ،‬مجرّ د استالم قائمة بجزء من‬ ‫أسماء المعتقلين‪ ،‬وأن يُع ّد رفضه داللة على التع ّنت‬ ‫والعنجهيّة‪ ،‬وعلى عدم احترامه السورييّن! فوق ذلك‬ ‫ليست النكتة في جلوس شخصيّات موالية في مقاعد‬ ‫«المعارضة»‪ ،‬ومنها شخصيّات تعلن مؤازرتها قوّ ات‬ ‫النظام في الحرب على السوريّين‪ ،‬فهذه كانت نكتة في‬ ‫«موسكو‪ ،»1‬وتكرارها يفقدها الطرافة‪.‬‬ ‫النكتة الحقيقيّة أتت من ورقة النظام المق َّدمة إلى‬ ‫المنتدى‪ ،‬وأُقرّ منها البند األوّ ل‪ ،‬أل ّنها ورقة ال تخفي‬ ‫طموحها في تشغيل المجتمعين‪ ،‬ومن ث ّم المجتمع‬

‫وعرفا ً وقانوناً‪ ،‬على مباحثات طرفين أو ع ّدة أطراف‪،‬‬ ‫لك ّل منهم حقوقه ومكانته واعتباره‪ ،‬ومطامح ومصالح‪،‬‬ ‫يطالب اآلخر باإلقرار بها‪ ،‬والتعامل على أساسها‪ .‬وهذا‬ ‫ما كان غائبا ً ومغيّباً‪ ،‬منذ أكثر من نصف قرن‪ ،‬عن‬ ‫الخطاب السياسيّ السوريّ الداخليّ ‪ ،‬لصالح حضوره‬ ‫داخل غرف خاصّة بحلقة صلبة مغلقة‪ ،‬تحتكر ترجمة‬ ‫هذه المصطلحات‪ ،‬وتسبغ عليها ثوب المعاني العمليّة‪.‬‬ ‫كما يترك للحلقة الصلبة ّ‬ ‫حق إشهار نتائج المفاوضات‬ ‫في المهرجانات والمؤتمرات‪ ،‬واالحتفال بها برفع‬ ‫أنخابها ابتهاجا‪ ،‬وعقد الرقصات فرحاً‪ ،‬لتض ّم إلى‬ ‫أرشيف االنتصارات‪ ،‬وألبوم الصور‪.‬‬ ‫بهذه الطريقة كان يت ّم تج ّنب فلسفة وجود أطراف‬ ‫أخرى‪ ،‬لها حقوق ومصالح واعتبار اجتماعيّ وسياسيّ‬ ‫أو بمعنى ّ‬ ‫أدق أ ّنهم شركاء وأنداد‪ ،‬األمر المرفوض‬ ‫داخل الفضاء السياسيّ السوريّ ‪ ،‬والذي ال يقبل أيضا ً‬ ‫بتداعياته اإلجرائيّة والقانونيّة والدستوريّة إلاّ بحدود‬ ‫الضرورات البروتوكوليّة‪.‬‬ ‫وذلك ألنّ «الوطن» واح��د‪ّ ،‬‬ ‫تمثله جهة واحدة‪،‬‬ ‫ذات مرجع وحيد‪ .‬وهو الطرف الذي يتملك السلطة‬ ‫والسالح‪ ،‬ويتبّنى فلسفة الغلبة الخلدونيّة‪.‬‬ ‫ويذكر أ ّن��ه عام ‪ 2010‬وبعد أن كثرت دعوات‬ ‫المعارضة السوريّة لعقد مؤتمر مصالحة وطنيّة‪،‬‬ ‫طرح صحافيّ سؤاالً على السلطة حول موقفها من‬ ‫فكرة المصالحة الوطنيّة‪ ،‬فجاءه الجواب‪ ،‬سؤاالً بصيغة‬ ‫االستهجان واالستنكار‪ :‬وهل هناك خالف ونزاع ح ّتى‬ ‫ُتطرح فكرة المصالحة الوطنيّة؟! وأعقبه توضيح‪،‬‬ ‫مفاده أنّ المصالحة تعني وجود خالف بين طرفين‬ ‫أو أكثر وهذا ما ال يوجد في سورية‪ .‬حيث أ ّكد هذا‬ ‫التوضيح جهاراً نهاراً‪ ،‬عدم وجود أطراف في السياسة‬ ‫الداخليّة‪ ،‬فليس هناك سوى طرف أوحد ومرجع وحيد‪.‬‬ ‫ومصطلح أطراف‪ ،‬إ ّنما هو مُتخيّل أو مبالغ فيه وإذا‬ ‫كان قائما ً فهو يد ّل على أفراد أو جماعات صغيرة‪،‬‬ ‫لها ارتباطات خارجيّة معادية‪ ،‬تتحرّ ك بأوامر وخدمة‬ ‫لمصالحها‪ ،‬شيء ما أشبه بأعشاب طفيليّة ه ّ‬ ‫شة في‬ ‫حقل خصيب‪ .‬وال يُغير من هذه الحقيقة‪ ،‬أي عدم‬

‫وجود أطراف‪ ،‬إنشاء وزارة سمّيت (وزارة المصالحة‬ ‫الوطنيّة) تمّت فبركتها على عجل نتيجة النفجار‬ ‫األوضاع الداخليّة‪ ،‬وأنيطت مهام هذه الوزارة بجهة‬ ‫داخليّة تتب ّنى فلسفة وطن واحد لجهة واحدة وبفكر‬ ‫وحيد‪ ،‬ولها ميراث مديد فيها‪.‬‬ ‫ورغم رسوخ فكرة انعدام وجود أطراف داخليّة‪،‬‬ ‫لها حقوق واعتبار‪ ،‬وغياب مصطلح المفاوضات في‬ ‫الحيّز الداخليّ ‪ ،‬إلاّ أنّ الحياة السياسيّة السوريّة فرضتها‬ ‫مرّ تين‪ ،‬األولى عام ‪ 1936‬وسمّيت (معاهدة التعاون‬ ‫والصداقة) والثانية عام ‪ 2013‬وسمّيت مؤتمر جنيف‪.‬‬ ‫ففي عام ‪ 1936‬ظهر مصطلح المفاوضات وع ّم‬ ‫تداوله ضمن النخبة السياسية التي تش ّكلت وتبلورت‬ ‫آنذاك‪ ،‬فتص ّدرت عناوين الصحف المحلّيّة‪ ،‬وتوسّعت‬ ‫ح ّدة التظاهرات الشعبيّة في ك ّل المناطق السوريّة‪،‬‬ ‫لدى انخراط أوساط اجتماعيّة وسياسيّة جديدة لم يسبق‬ ‫لها التواجد على الساحة السياسيّة‪ ،‬بحيث يمكن القول‬ ‫عنها‪ ،‬إ ّنها الموجة الثانية العميقة لتش ّكل الوعي الوطنيّ‬ ‫السوريّ ‪ ،‬التي تلت الموجة األولى للثورة السوريّة‬ ‫الكبرى عام ‪.1925‬‬ ‫ففي عام ‪ 1936‬كانت الحركة الشعبيّة قد بدأت‬ ‫تتطوّ ر وتقوى شوكتها عبر مطالب‪ ،‬ذات طابع‬ ‫اقتصاديّ وش ّكلت الدعوات لمقاطعة شركة الكهرباء‬ ‫مدخالً لها‪ ،‬فكان االض��راب عن استخدام القطار‬ ‫الكهربائيّ واالستهالك المنزليّ ‪ ،‬والتظاهر في الساحات‬ ‫العامّة‪ ،‬وسيلة لرفض االحتكار الفرنسيّ للشركة التي‬ ‫كانت بلجيكيّة في العهد العثمانيّ ‪ ،‬ث ّم أصبحت امتيازاً‬ ‫برأسمال فرنسيّ ‪ .‬وسبق هذه التظاهرات المطلبيّة‪،‬‬ ‫تظاهرات في ك ّل من لبنان وسورية‪ ،‬رفضا ً إلعالن‬ ‫إدخال نظام احتكار التبغ في آذار ‪ 1935‬القاضي‬ ‫بمنح شركة فرنسيّة ‪ -‬لبنانية (شركة التبغ اللبنانيّة ‪-‬‬ ‫السوريّة) ّ‬ ‫حق نظام الدمغة بنسخة جديدة من الريجي‪.‬‬ ‫فدعا رج��االت الكتلة الوطنيّة في سورية إلى‬ ‫تظاهرات سلميّة انطلقت من الجامع األمويّ بدمشق‪،‬‬ ‫لمناهضة احتكار الشركات الفرنسيّة‪ ،‬ر ّدت عليها‬ ‫سلطات االنتداب الفرنسيّ باعتقال قادة المتظاهرين‪،‬‬

‫نكتة موسكو‬

‫الدولي قاطبة‪ ،‬بإعادة الوضع في سورية إلى ما كان‬ ‫عليه قبل الثورة‪ .‬ولع ّل البند السادس منها يحمل أبلغ‬ ‫إشارة عن تصوّ رات النظام للح ّل فهو ينصّ على‪:‬‬ ‫«مطالبة المجتمع ال��دول��يّ بالمساعدة على إع��ادة‬ ‫الالجئين إلى وطنهم وتهيئة الظروف المناسبة إلعادة‬ ‫المهجّ رين»‪ .‬لندع جانبا ً إغفال المسؤوليّة عن تهجير‬ ‫ماليين السوريّين وح ّتى عن استخدام كلمة عامّة مثل‬ ‫«وطنهم»‪ ،‬ففحوى هذا البند هو تحميل المجتمع الدوليّ‬ ‫مسؤوليّة الدمار الذي ألحقه النظام بالبالد‪ ،‬ومطالبته‬ ‫بتولّي إعادة إعمارها أو باألحرى تمويل إعادة اإلعمار‬ ‫عن طريق النظام نفسه‪ ،‬ليتس ّنى لألخير ممارسة ما‬ ‫اعتاد عليه من نهب‪.‬‬ ‫ومع أنّ شرح أيّة نكتة يفقدها تأثيرها المضحك‬ ‫إلاّ أنّ قراءة ورقة النظام ضروريّة لفهم ما يريده‬ ‫من الح ّل السياسيّ العتيد‪ ،‬وضروريّة أيضا ً لمعرفة‬ ‫مقدار «التق ّدم» في موقع حلفائه الروس لجهة فهمهم‬ ‫للمتغيّرات السوريّة‪ ،‬فإمّا أ ّنهم غير قادرين على إقناع‬ ‫النظام بالح ّد األدنى من متطلّبات الحلّ‪ ،‬أو أ ّنهم م ّتفقون‬ ‫معه على ورقته ويريدون تسويقها في منتداهم‪ ،‬على‬ ‫أمل تسويقها دول ّيا ً فيما بعد‪.‬‬ ‫نحن ح ّقا ً إزاء ورقة «طموحة» ج ّداً‪ ،‬فبعد استهاللها‬ ‫بالحديث عن تسوية «األزم��ة السوريّة» بالوسائل‬ ‫السياسيّة على أساس توافقي بناء على جنيف‪ 1‬تذهب‬ ‫إلى إفراغ هذا البند من مضمونه‪ ،‬وسيكون واضحا ً في‬

‫البنود التالية إبراز ما يرفضه النظام مع عدم وجود‬ ‫أدنى إشارة إلى تصوّ ره عن المستقبل‪ .‬على سبيل‬ ‫المثال‪ ،‬النظام يرفض أيّة تسوية تقوم على المحاصصة‬ ‫العرقيّة أو المذهبيّة أو الطائفيّة‪ ،‬لك ّنه في المقابل ال‬ ‫يشير إلى نوع النظام السياسيّ الذي يكفل للسوريّين‬ ‫حقوقهم‪ .‬وبعد تطرّ ق ورقته إلى ما تسميه مح ّددات أيّة‬ ‫عمليّة سياسيّة تخلّص في البند الالحق إلى أن «التسوية‬ ‫السياسيّة ستؤ ّدي إلى تكاتف وحشد طاقات الشعب في‬ ‫مواجهة اإلره��اب وهزيمته‪ ،‬ويجب أن ت��ؤ ّدي هذه‬ ‫التسوية إلى حصر السالح في أيدي مؤسّسات الدولة»‪.‬‬ ‫وكما نعلم للنظام تفسير خ��اصّ لإلرهاب وصم‬ ‫به الثورة منذ اندالعها وقبل وجود اإلرهاب الدوليّ‬ ‫وسيطرته على جزء من األراضي السوريّة‪ .‬أي أنّ‬ ‫التسوية من وجهة نظره ينبغي أن تخلص إلى تكاتف‬ ‫وحشد طاقات الشعب حوله ونزع السالح من أيدي‬ ‫معارضيه جميعاً‪ ،‬على اعتبار أنّ التسوية المنشودة‬ ‫ستكون بقيادته‪ ،‬بل ستعززها هذه المرّ ة بتفويض دوليّ‬ ‫غير مسبوق‪ .‬أمّا رفضه المحاصصة فال يمكن فهمه‬ ‫على منوال رفضها من قبل آخرين يريدون دولة‬ ‫ديمقراطيّة‪ ،‬رفض النظام مبني على رفض اقتسام‬ ‫السلطة تحت أيّ بند‪ ،‬وعلى رفض أيّ مح ّددات‬ ‫ّ‬ ‫ملخص ورقة‬ ‫دستوريّة تمنعه من احتكار السلطة‪.‬‬ ‫النظام هو إبطال ك ّل ما جرى خالل السنوات األربع‬ ‫األخيرة‪ ،‬والطلب من اآلخرين مساعدته على إعادة‬

‫منهم فخري البارودي ونسيب البكري وسيف الدين‬ ‫مأمون وتوفيق الشيشكلي‪ ،‬ونفيهم إلى الحسكة‪ .‬أعقب‬ ‫ذلك االضراب الس ّتيني (‪ 60‬يوماً) الذي شمل دمشق‬ ‫وعدد من المدن السوريّة‪ ،‬وسط تعاطف عربيّ إقليميّ‬ ‫أجبر سلطات االنتداب على اإلقرار بوجود أطراف‬ ‫سياسيّة محلّيّة‪ ،‬لها مكوّ نات الطرف السياسيّ الوطنيّ ‪،‬‬ ‫بعد أن تجاهلت هذا الواقع لسنوات‪ ،‬تهرّ با ً من مطالب‬ ‫السوريّين وح ّقهم بالحرّ يّة واالستقالل‪ .‬وجاء هذا‬ ‫اإلقرار بوجود طرف سياسيّ وطنيّ ليفرض استحقاق‬ ‫الحوار والتفاوض مع وفد س��وريّ ‪ ،‬ترأّسه هاشم‬ ‫األتاسي وض ّم فارس الخوري وجميل مردم وسعد هللا‬ ‫الجابري عن الكتلة الوطنيّة‪ ،‬وإدمون حمصي واألمير‬ ‫ّ‬ ‫كممثلين عن الحكومة المحلّيّة‪،‬‬ ‫مصطفى الشهابي‬ ‫وألحق بالوفد سكرتيران‪ ،‬وهما المحاميان إدمون‬ ‫رباط ونعيم أنطاكي‪ ،‬وعدد من المستشارين السياسيين‬ ‫الشباب منهم محسن برازي وخالد بكداش‪.‬‬ ‫كانت هذه المفاوضات التي اعتبر مجرّ د خوضها‬ ‫نصراً‬ ‫ّ‬ ‫مؤزراً للسوريّين‪ ،‬بمثابة مدرسة عمليّة لتعلم‬ ‫الوطنيّة السوريّة ونموّ ها‪ ،‬بك ّل ما رافقها من احتجاجات‬ ‫ومطالب متعارضة‪ ،‬خصوصا ً خارج المدن الرئيسيّة‪.‬‬ ‫وكذا الحال مع الدعوة إلى مؤتمر جنيف األوّ ل‪،‬‬ ‫والتي بدأت بحدي ٍ‬ ‫ث عن مفاوضات بين ع ّدة أطرف‬ ‫سوريّة‪ ،‬بهدف إيجاد ح ّل للمسألة السوريّة‪ ،‬وت ّم ُ‬ ‫طرح‬ ‫مصطلح «المفاوضات» للتداول‪ ،‬فشاع الحديث عن‬ ‫وج��ود أط��راف وجهات وجبهات سورية معارضة‬ ‫ش ّتى‪ ،‬كافحته وسائل اإلعالم الرسميّة‪ ،‬تارة بربط ك ّل‬ ‫األطراف المعارضة للنظام‪ ،‬بجهات خارجيّة معادية‪،‬‬ ‫تماشيا ً مع رؤيته لمصطلح المفاوضات‪ ،‬المتنافي مع‬ ‫وجود طرف سوريّ خارج عن النظام وسقفه‪ ..‬وتارة‬ ‫أخرى بفبركة أطراف معارضة من حظيرة النظام‪،‬‬ ‫تصلح «لمفاوضات» الوقت المستقطع والدعاية‬ ‫واإلعالم برعاية ووصاية حلفاء السلطة‪ .‬وهذا األمر‬ ‫يُكسب ظروف وأح��داث عام ‪ 1936‬بسورية بهاء‬ ‫التجربة وغنى المعاني والخبرات‪ ،‬ويؤ ّكد قول العرب‬ ‫ما أقرب األمس من غدِ‪.‬‬

‫الزمن إلى الوراء‪ ،‬وربّما مساعدته أيضا ً على امتالك‬ ‫قدر من القوّ ة أمام االحتالل الحليف الذي استقدمه‪.‬‬ ‫مع انعقاد منتدى موسكو كانت قوّ ات النظام تمطر‬ ‫مدينتي حلب وإدلب بالبراميل المتفجّ رة‪ .‬ستكون نكتة‬ ‫إضافية لو ربطنا بين الحدثين‪ ،‬أو اعتبرنا تصعيده ذاك‬ ‫نوعا ً من الضغط على مفاوضيه‪ .‬ففي الواقع هو ليس‬ ‫في وارد اإلعالء من شأنهم على هذا النحو‪ ،‬وال ح ّتى‬ ‫في وارد إضفاء صفة تمثيليّة من أيّ نوع عليهم‪ ،‬بل‬ ‫يروقه أكثر طوال المفاوضات إفهامهم ألاّ وزن لهم‪،‬‬ ‫وأنّ مجرّ د التحاور معهم هو تنازل منه‪ .‬لن يكون‬ ‫مه ّما ً أن تنتهي جلسات موسكو بإقرار بند وحيد من‬ ‫ورقة النظام‪ ،‬وعدم التطرّ ق إلى ورقة «المعارضين»‬ ‫على علاّ تها‪ ،‬فحلقات منتدى موسكو ستستمرّ إلى أن‬ ‫ُتقرّ كا ّفة بنود الورقة‪ ،‬وفي ك ّل مرّ ة سيرفض ب ّ‬ ‫شار‬ ‫الجعفري استالم الئحة بأسماء المعتقلين‪ ،‬الذين ربّما‬ ‫يقتلون في هذه األثناء تحت التعذيب؛ وفي ك ّل مرّ ة‬ ‫سيتش ّكى أعضاء الوفد «المعارض» من عنجهيّة وفد‬ ‫النظام‪ ،‬ويعتقدون «عن براءة» أ ّنهم يفضحونه أمام‬ ‫وسائل اإلعالم‪ .‬من هذه الجهة على األق ّل أظهر مقاتلو‬ ‫المعارضة حنكة سياسيّة أكبر في مفاوضة النظام‪،‬‬ ‫إذ طالبوا في أكثر من جولة بحضور إيرانيّ ضامن‬ ‫وكان لهم ما أرادوا‪ ،‬واأله ّم أ ّنهم لم يتصاغروا أمام وفد‬ ‫النظام بل وضعوه في موقعه الصحيح‪.‬‬

‫لقاء موسكو وفضيحة النظام‬ ‫راتب شعبو – عن «العرب ّي اجلديد»‬ ‫ال حاجة ألن يقرأ المرء بوستات المعارضين‬ ‫السوريين الذين شاركوا في لقاء موسكو‪ ،‬لكي يتخيّل‬ ‫مقدار التعالي واالستخفاف الذي عوملوا به في العاصمة‬ ‫الروسيّة من وفد النظام‪ .‬ليس مفاجئاً‪ ،‬مثالً‪ ،‬أن يرفض‬ ‫رئيس وفد النظام السوريّ أن يستلم من المعارضين‬ ‫قائمة بأسماء حوالي تسعة آالف معتقل لدى النظام‬ ‫(مع اإلشارة إلى أ ّنها قائمة ال ّ‬ ‫تمثل سوى نسبة ضئيلة‬ ‫من أعداد المعتقلين)‪ .‬وليس مفاجئا ً أن يتجاوز ب ّ‬ ‫شار‬ ‫الجعفري حدود اللباقة‪ ،‬في حديثه الصحافيّ ‪ ،‬ويسخر‬ ‫من هؤالء الذاهبين (أغلبهم بني ٍة صادقة)‪ ،‬في محاولة‬ ‫لفتح ثغرة في هذا الجدار‪ ،‬لعلّها تساهم في كسر حلقة‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫الموت المفرغة‪.‬‬ ‫هذا ليس مفاجئا ً ألنّ أولئك المعارضين الذين ذهبوا‬ ‫إلى موسكو ال ّ‬ ‫يمثلون‪ ،‬في الواقع‪ ،‬قوّ ة على األرض‪،‬‬ ‫تفرض على النظام تنازالً‪ .‬وألنّ النظام السوريّ‬ ‫تعامل‪ ،‬دائما ً وفي ك ّل المواضيع‪ ،‬على مبدأ «من ال‬ ‫قوّ ة له ال ّ‬ ‫حق له»‪ ،‬فليمت في السجون اآلالف‪ ،‬وليحرم‬ ‫اآلالف من حرّ يّتهم‪ ،‬طالما أنّ النظام غير مرغم على‬ ‫إطالق سراحهم‪ ،‬أو ح ّتى على إطعامهم ومعالجتهم في‬ ‫السجون‪ .‬هذا هو الفارق بين الدولة والطغمة‪ .‬الدولة‬ ‫تستخدم القوّ ة التي يفوّ ضها بها المجتمع‪ ،‬لتطبّق القانون‬ ‫الم ّتفق عليه‪ ،‬بما يحمي حقوق المواطنين من تعديات‬ ‫مواطنين آخرين‪ ،‬أو مؤسّسات خاصّة‪ ،‬أو ح ّتى من‬ ‫مؤسّسات الدولة نفسها‪ ،‬أمّا الطغمة فتستخدم قوّ ة الدولة‬ ‫لمصالحها ولحفظ ديمومتها على حساب حقوق الناس‪،‬‬ ‫ح ّتى أ ّنها تفاوض على حقوق «مواطنيها» لدى القوى‬ ‫األخرى‪ ،‬فتعتبر إطالق سراح المعتقلين السياسيّين‬ ‫لديها تنازالً تق ّدمه في مقابل كسب سياسيّ ما من الدول‬ ‫التي تطالب باحترام حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫إذا استبعدنا صالح مسلم من الوفد المعارض في‬ ‫موسكو‪ ،‬سنجد أنّ كامل الوفد ال يملك أيّة قوّ ة عسكريّة‪،‬‬ ‫في الوقت الذي تحوّ ل فيه الصراع في سورية إلى‬ ‫صراع عسكريّ ‪ .‬يذهب الوفد المعارض إلى موسكو‬ ‫خاليا ً من أيّة قوّ ة‪ .‬ال توجد قوّ ة إقليميّة أو عالمية داعمة‬ ‫له‪ ،‬وال توجد قوّ ة عسكريّة تسانده‪ ،‬وال ّ‬ ‫يمثل أيّ حراك‬ ‫شعبيّ سلميّ ‪ ،‬بعد أن ت ّم سحق السلميّة‪ ،‬بفعل بطش‬ ‫النظام من جهة‪ ،‬وطيش المعارضة من جهة أخرى‪.‬‬ ‫إنّ وفد المعارضة هذا إلى موسكو‪ ،‬هو مجرّ د ّ‬ ‫ممثل‬ ‫افتراضيّ ‪ .‬أقصى ما يمكن لمثل هذا الوفد أن يق ّدمه أن‬ ‫يبرز مطالب السوريّين‪ ،‬وهذا ليس أمراً بال قيمة‪ .‬لكن‪،‬‬ ‫في المقابل‪ ،‬قد يسمح هذا الوفد للنظام بعرض صورة‬ ‫يريدها‪ ،‬وهي أ ّنه نظام منفتح على الحوار‪ .‬والواقع أنّ‬ ‫هذه الصورة الخارجيّة التي يريد النظام أن يص ّدرها‬ ‫للعالم هي الدافع الوحيد له في هذه المفاوضات‪.‬‬ ‫ولكن‪ ،‬بعد ك ّل شيء‪ ،‬كان النظام السوريّ الخاسر في‬ ‫جولة موسكو على عكس ما يقوله معلّقون كثيرون‪ .‬هذا‬ ‫الوفد من المعارضة الذي ذهب إلى موسكو ّ‬ ‫يمثل ما دأب‬

‫النظام على تسميتها «المعارضة الوطنيّة»‪ .‬أشخاص‬ ‫ّ‬ ‫التدخل الخارجيّ ‪،‬‬ ‫ض ّد اإلرهاب‪ ،‬وض ّد الطائفيّة‪ ،‬وض ّد‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فإنّ التعالي واالستخفاف الذي تعامل به‬ ‫رئيس وفد النظام كان كافيا ً لفضح حقيقة أنّ النظام‬ ‫السوريّ ال يعادي اإلرهاب أل ّنه إرهاب‪ ،‬وال الطائفيّة‬ ‫التدخل الخارجيّ أل ّنه ّ‬ ‫ّ‬ ‫تدخل خارجيّ ‪،‬‬ ‫أل ّنها طائفيّة‪ ،‬وال‬ ‫هو يعادي اإلرهاب والطائفيّة وخرق السيادة الوطنيّة‬ ‫فقط حين تكون موجهة ض ّده‪ .‬أمّا عداؤه الثابت الوحيد‬ ‫فهو لمن يطالب بالعدالة في توزيع السلطة والثروة‪.‬‬ ‫كيف يفهم الموالون للنظام غطرسة ب ّ‬ ‫شار الجعفري‬ ‫وطاووسيّته تجاه هؤالء المعارضين «الوطنيّين»‪،‬‬ ‫حسب وصف النظام نفسه؟ إذا كان النظام يتعامل بهذا‬ ‫القدر من االستخفاف مع من يعتبرهم‪ ،‬وتعتبرهم حليفته‬ ‫روسيا‪ ،‬معارضين معتدلين ووطنيّين‪ ،‬فمن الطبيعي‬ ‫أن يجد المتطرّ فون اإلسالميّون وك ّل أنواع التطرّ ف‬ ‫المزيد من األنصار والمتفهّمين‪ .‬هكذا يكشف النظام‬ ‫حقيقته أمام العالم‪ ،‬وأمام ك ّل مناصر للنظام يمتلك قدرة‬ ‫على التأمل والتفكير‪.‬‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫العدد ‪29‬‬

‫حوار العدد‬

‫السنة الثانية‬

‫‪ / 17‬نيسان ‪2015/‬‬

‫‪5‬‬

‫حوار مع‪:‬‬ ‫الدكتور برهان غليون‬ ‫كيف تقرأ الواقع السياس ّي للمعارضة السوريّة اليوم؟ هل استطاعت أحزاب املعارضة مواكبة الثوّار؟ ما الذي ق ّدمه اجمللس الوط ّ‬ ‫ين واالئتالف‬ ‫السور ّي بعد أربع سنوات من الثورة السوريِّة؟ هل كانت الثورة حباجة إىل قيادة سياسيّة؟ ما املطلوب من النخب السياسيّة اليوم إلجناح الثورة‬ ‫والواقع السياس ّي للمعارضة؟‬ ‫هذه احملاور‪ ،‬نناقشها مع أستاذ علم االجتماع ومدير دراسات الشرق املعاصر يف جامعة السوربون بباريس‪ ،‬املعارض السور ّي برهان غليون‪.‬‬ ‫السياسي‬ ‫دكتور برهان‪ ،‬كيف تقرأ الواقع‬ ‫• ‬ ‫ّ‬ ‫للمعارضة السور ّية اليوم؟‬ ‫د‪ .‬برهان‪ :‬أعرف أ ّنه يوجد نقمة عارمة من قبل الشارع‬ ‫السوريّ كلّه ‪ -‬ثوّ ار وغير ثوّ ار ‪ -‬على المعارضة‬ ‫السوريّة أل ّنها كانت تحت مستوى التو ّقعات بكثير‬ ‫وألنّ المتو ّقع كان إنشاء قيادة سياسيّة لثورة عظيمة‪،‬‬ ‫فالتضحيات فيها عظيمة‪ ،‬إلى اآلن والكارثة أيضا ً ال‬ ‫تقارن وهي أكبر كارثة من كوارث العصر‪ ،‬ولكن‬ ‫في الحقيقة التو ّقعات كانت أيضا ً غير صحيحة ألنّ‬ ‫النظام ولم ّدة خمسين عاما ً مارس التعقيم السياسيّ‬ ‫للمجتمع‪ ،‬وقتل أيّة إرادة للتحرّ ر أو للتواصل بين‬ ‫الناس‪ ،‬وكان المجتمع مك ّبالً باألحكام العرفيّة خالل‬ ‫نصف قرن وهناك أجيال متتالية لم تتعلّم التعامل مع‬ ‫بعضها البعض‪ ،‬أو أن ّ‬ ‫تنظم أمورها السياسيّة‪ ،‬وهي‬ ‫تدار كمسرح العرائس‪ ،‬مثل اللعب من قبل المخابرات‬ ‫المتواجدة في المؤسّسات وال��م��دارس وال��وزارات‬ ‫والشارع وفي ك ّل مكان‪ ،‬فكان من الصعب أن يظهر‬ ‫أشخاص قادرين على تنظيم شؤون المعارضة‪ .‬ولذلك‬ ‫يجب أن نفهم من أجل أن نعرف كسوريّين كيف ولماذا‬ ‫حصل لنا ذلك؟ ما كان يسمّى أحزابا ً في سورية‪ ،‬لم‬ ‫تكن كذلك‪ ،‬بل كانت عبارة عن مجموعات صغيرة‬ ‫مؤلّفة من ‪ 20‬إلى ‪ 30‬شخصا ً أو أكثر بقليل‪ ،‬يجتمعون‬ ‫في أماكن مغلقة وسرّ يّة ومه ّددين باالعتقال ك ّل يوم‪،‬‬ ‫وال يوجد لهم تواصل مع الشارع‪ ،‬وال يوجد أيّ‬ ‫حزب له تواصل مع الجمهور‪ ،‬لذلك كانت هذه بقايا‬ ‫معارضات بسيطة ال تملك موهبة التعامل مع الشارع‬ ‫أو تفهمه او تتعامل معه‪ ،‬وكان شغلها الوحيد هو‬ ‫الهروب من المخابرات ومن االعتقاالت‪ ،‬فلم تستطع‬ ‫هذه األحزاب توزيع بيان‪ ،‬ح ّتى ظهور إعالن دمشق‬ ‫في ‪ 2001‬وقد ساهم الناس بتأسيس المنتديات من‬ ‫أجل التفاعل فيما بينهم كمواطنين للتشاور واالتفاق‬ ‫على مستقبل البلد‪ ،‬وهنا بدأت اللحظة األساسيّة لربيع‬ ‫دمشق أي أ ّنهم حاولوا أن يصنعوا من ذاتهم شعبا ً يف ّكر‬ ‫بالمستقبل وبمصيره‪ ،‬ولكن قامت المخابرات بإغالق‬ ‫المنتديات واعتقال المشاركين وقمعهم وازداد القمع بعد‬ ‫تلك المرحلة عن قبل؛ لذلك يجب أن ال ننسى تلك‬ ‫الفترة‪ ،‬فال يوجد في سورية معارضة والثورة شيء‬ ‫آخر غير المعارضة هي شعب وقد يكون من بينهم من‬ ‫يحبّ األسد من الذين شاركوا بالثورة موهومين أ ّنه‬ ‫رجل شابّ ‪...‬إلخ‪ .‬لكنّ الثورة َهبّة شعبيّة واسعة حرّ كت‬ ‫ماليين الناس الذين شعروا أنّ مستقبلهم ضائع وأ ّنهم‬ ‫ُخدعوا خالل الـ ‪ 50‬سنة الماضية‪ ،‬وأنّ هنالك أمل‬ ‫بعد أن نجحت الثورة التونسيّة وقامت الثورة المصريّة‬ ‫واليمنيّة وبعد أن تحرّ كوا وح ّققوا نتائج عن طريق‬ ‫التجمّعات والتجمهرات‪ ،‬فشعر السوريّون أنّ هنالك‬ ‫أمل إنْ خرجوا ض ّد العبوديّة وهم لم يخرجوا أل ّنهم‬ ‫مؤمنون بالمعارضة أو ألنّ لديهم قيادة معارضة‪ ،‬هم‬ ‫خرجوا أل ّنهم لم يعودوا يستطيعون تحمّل هذا النظام‬ ‫الجائر‪.‬‬ ‫إذا هي انتفاضة شعب ّية‪ ،‬ولكن أنتم رجاالت‬ ‫• ‬ ‫السياسة في السنة األول��ى للثورة تناطحتم لقيادة‬ ‫الثورة‪ .‬أنت دكتور برهان في تصريح لك على قناة‬ ‫الوطني قلت إنّ تأسيس‬ ‫الجزيرة بعد تأسيس المجلس‬ ‫ّ‬ ‫الوطني جاء لخدمة الثورة‪ .‬هل كان كذلك‬ ‫المجلس‬ ‫ّ‬ ‫الوطني أم أ ّنه جاء وفق إرادات خارج ّية‬ ‫المجلس‬ ‫ّ‬ ‫وإقليم ّية؟‬ ‫د‪ .‬برهان‪ :‬ال‪ .‬نحن أيضا ً قد وقعنا ضمن الثورة بأحابيل‬ ‫الدعايات المغرضة للمخابرات وألعداء الثورة‪ .‬وبقينا‬ ‫خمسة أشهر ح ّتى ت ّم تكوين المجلس الوطنيّ وبعد ع ّدة‬ ‫مؤتمرات‪ ،‬وأنا رفضت المشاركة بها أساساً‪ .‬وأنا لست‬ ‫معارضا ً بمعنى أ ّني أنتمي لحزب أو تيّار معارض‪،‬‬ ‫ولم أدخل الثورة كمعارض وأريد قيادة المعارضة‪،‬‬ ‫أنا دخلت الثورة كمف ّكر ومث ّقف وأكاديمي يؤيّد ثورة‬ ‫شعبه ويؤيّد الحرّ يّة‪ ،‬وهذا موقفي قبل الثورة ولم‬ ‫يتغيّر‪ ،‬وأنا انتقدت النخب والمعارضة سابقاً‪ .‬وعندما‬ ‫أنشأنا المجلس الوطنيّ لم يكن بإرادات خارجيّة ومن‬ ‫ل ّقبه بمجلس استنبول هم من أرادوا إسقاطه‪ ،‬ومن آمن‬ ‫بهذا األمر أو ص ّدقه أيضا ً ساهم بإسقاطه والمجلس‬ ‫الوطنيّ كان عبارة عن ائتالف بين القوى السياسيّة‬ ‫الضعيفة واألح��زاب السابقة كإعالن دمشق‪ ،‬هيئة‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫التنسيق رفضت المشاركة به‪ ،‬واإلخوان المسلمون‬ ‫ّ‬ ‫والمنظمة األشوريّة واألكراد كلّهم تجمّعوا كأحزاب‬ ‫سياسيّة‪ ،‬وأُضيف لهم من اعتبروا أنفسهم ّ‬ ‫ممثلين عن‬ ‫الحراك الثوريّ كالتنسيقيّات ولجان التنسيق المحلّيّة‬ ‫وكانوا أكبر تمثيل من ك ّل اآلخرين‪ ،‬وأيضا ً ّ‬ ‫ممثلين‬ ‫لتحرّ كات سياسيّة داخليّة وخارجيّة‪ .‬والمجلس الوطنيّ‬ ‫كان أوّ ل صيغة تآلفيّة للدفاع عن الثورة السوريّة وكان‬ ‫من الممكن أن يكون القيادة للثورة السوريّة‪ ،‬إ ّنما دخلت‬ ‫عوامل أخرى‪ ،‬فاألحزاب لم تتعلّم أن تعمل مع بعضها‬ ‫البعض لخدمة قضيّة واحدة وأصبح ك ّل طرف يريد‬ ‫استغالل المجلس الوطنيّ لتحسين أوضاعه الحزبيّة‬ ‫والسياسيّة ولم يعملوا كفريق وطنيّ بصرف النظر‬ ‫عن انتماءاتهم‪ .‬واألشخاص والفئات الذين دخلوا في‬ ‫المجلس‪ ،‬أصبح المجلس بالنسبة لهم إطاراً لتجاذبات‬ ‫وتقاسم الفرص‪ ،‬ممّا أفشل المجلس الوطنيّ ‪ ،‬أي أ ّنه‬ ‫فشل بالتحوّ ل إلى قيادة يقود العسكر والمقاتلين‪ .‬وإنّ‬ ‫المجلس الوطنيّ في األشهر الس ّتة األولى خلق وأسّس‬ ‫لعالقات مع الدول كلّها‪ ،‬ودفع بثالثة قرارات في مجلس‬ ‫األمن الدوليّ وق��راراً في الجمعيّة العموميّة وأسّس‬ ‫تجمّع أصدقاء سورية وكان العنوان للثورة السوريّة‬ ‫وأصبح المحاور الرئيس لها‪ ،‬والشعب السوريّ قال إنّ‬ ‫«المجلس الوطنيّ ّ‬ ‫يمثلني»‪.‬‬ ‫هذا كان في لحظة ما‪ ،‬ولكن فشل المجلس‬ ‫• ‬ ‫الوطني‪ ،‬واجتمعتم في الدوحة وأُجبرتم على تشكيل‬ ‫ّ‬ ‫االئتالف‪ ،‬وكل ّ الناس تعلم أنّ المعارضة السور ّية‬ ‫أُجبرت على ذلك‪.‬‬ ‫د‪ .‬برهان‪ :‬أنت ّ‬ ‫تنط من الق ّفة إلى أذنها‪ ،‬إ ّنني أتح ّدث عن‬ ‫المجلس الوطنيّ ‪ ،‬وسأتح ّدث عن االئتالف فيما بعد‪،‬‬ ‫والمجلس الوطنيّ اغتيل من قِبل الناس المتسرّ عين‪،‬‬ ‫ح ّتى داخ��ل الثورة كان يقف ض� ّده العرعور الذي‬ ‫كان له شعبيّة من دول أنت ذكرتها وكان يدفع مبالغ‬ ‫ماليّة وكان يشتم وي ّتهم المجلس الوطنيّ باإلضافة إلى‬ ‫جماعات من الداخل كانت ت ّتهم المجلس أيضاً‪ .‬الذي‬ ‫دمّر المجلس هم من عملوا على ذلك‪ ،‬ولجان التنسيق‬ ‫أيضا ً ه ّددت باالنسحاب من المجلس إن لم نرضخ لما‬ ‫يريدون‪ ،‬وكذلك األطراف األخرى‪ ،‬ك ّل طرف يريد أن‬ ‫يأخذ من المجلس نصيبه قبل تحقيق أيّ شيء‪ ،‬تسرّ ع‬ ‫الناس‪ .‬وعدم وجود خبرة للعمل المشترك واعتقاد أنّ‬ ‫الثورة ستنتصر بعد شهرين أوصلنا إلى أنّ ك ّل طرف‬ ‫يريد أن يأخذ حصّته أو أن يمأل جيوبه قبل أن يسقط‬ ‫النظام‪ .‬هذه األمور جعلت المجلس يعجز عن تحقيق‬ ‫المهام التي يجب أن يح ّققها‪ .‬وأهمّها أن يكون قائداً‬ ‫للثورة السوريّة والتي يجب أن يكسب ثقة الناس ويجب‬ ‫أن يكون هناك تفاهم بين أطرافه تلتزم به دون ا ّتهامات‬ ‫له أو ألعضائه‪ .‬الذي قتل المجلس الوطنيّ نحن قتلناه‪،‬‬ ‫السوريّون الذين لم نستطع التفاهم داخله‪ .‬ولكنّ الشيء‬ ‫اإليجابيّ الوحيد الذي حصل في المجلس الوطنيّ هو‬ ‫أ ّننا نجحنا بالتفاهم مع بعض‪ .‬ولذلك أصبح المجلس‬ ‫الوطنيّ مه ّم وأل ّن��ه كرّ س تفاهم المعارضة وقوى‬ ‫الثورة مع بعض‪ ،‬وفشل المجلس أيضا ً أل ّننا أغلقناه‬ ‫بعد وصول أشخاص إلى المناصب ولم يريدوا التخلّي‬ ‫عنها‪ ،‬وهناك أيضا ً أشخاص أساؤوا للمجلس أل ّنهم لم‬ ‫يستفيدوا منه‪ ،‬أيّ أنّ خبرتنا ضمن النخبة غير مرتبطة‬ ‫بالشعب وهذا يجب أن نعترف به‪.‬‬ ‫ذهب المجلس وأتى االئتالف‪ ،‬أنا ليس لي عالقة به‪،‬‬ ‫لم نكوّ نه ولم يعرف أحد أ ّنه سيتكوّ ن‪ ،‬فقد كان هناك‬ ‫دعوة من قطر لمث ّقفين وسياسيّين وال أحد يعلم من هم‪،‬‬ ‫الحضور بحجّ ة وجود ندوة لمناقشة الوضع السوريّ‬ ‫فقط‪ ،‬ولم يكن هناك فكرة االئتالف‪ ،‬لذلك ذهبنا ألنّ‬ ‫الدعوة عن سورية ونحن أصحاب مسؤوليّة‪ ،‬وبعد‬ ‫نقاش وضغوط ت ّم تشكيل االئتالف وأصبح المجلس‬ ‫الوطنيّ ال يريد أحد االعتراف به‪.‬‬ ‫نحن ال نريد أن نغوص بالماضي‪ ،‬السؤال‬ ‫• ‬ ‫اليوم ما لذي قدّ مته المعارضة ح ّتى اآلن بعد أربع‬ ‫وطني؟‬ ‫سنوات كائتالف ومجلس‬ ‫ّ‬ ‫د‪ .‬برهان‪ :‬أيضا ً هذا الكالم ال معنى له فمن هي‬ ‫المعارضة؟ من أين جاءت؟ هل نزلت بالباراشوت؟‬ ‫المعارضة هي نحن‪ ،‬هي الناس في الشارع‪ ،‬المعارضة‬ ‫هي تفاعل الناس مع بعضهم‪ ،‬هي ثقة الناس والشارع‬ ‫باألشخاص الموجودين بالخارج‪ ،‬وإن فقدت الثقة ال‬

‫يوجد عندها معارضة‪ ،‬ما قيمة المعارضة إن‬ ‫لم يكن لها مصداقيّة مع الناس أو مثلما تكلّمت‬ ‫أنت عنها‪.‬‬ ‫االئتالف إلى اآلن يقول إ ّنه المم ّثل‬ ‫• ‬ ‫الشرعي الوحيد لكل ّ السور ّيين!‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الممثل الشرعيّ الوحيد‪ ،‬بل‬ ‫د‪ .‬برهان‪ :‬هو ال يقول إ ّنه‬ ‫ّ‬ ‫الممثل الشرعيّ ‪ ،‬وهذا هو المكسب الوحيد‬ ‫يقول إ ّنه‬ ‫الذي حصلنا عليه من المجتمع الدوليّ كشعب أيّ أ ّنه‬ ‫يوجد عنوان للتعاطي مع الثورة السوريّة‪ ،‬إنْ تمّت‬ ‫إزاحة هذا العنوان سيصبح لدينا ‪ 50‬عنوان آخر‪،‬‬ ‫ويصبح ك ّل شخص ّ‬ ‫يمثل الشعب السوريّ ‪ ،‬أي أ ّننا‬ ‫عدنا إلى أسوأ ممّا نحن عليه اآلن‪ ،‬والسوء اآلن أيضا ً‬ ‫في المعارضة أ ّنه ال يوجد من يتكلّم باسم الشعب‬ ‫السوريّ أو باسم الثورة‪ .‬ومشكلة االئتالف اليوم مع أ ّنه‬ ‫ّ‬ ‫وممثل شرعيّ أ ّنه ال يوجد هناك رئيس ونائب‬ ‫موجود‬ ‫ومسؤول عالقات خارجيّة للتعاطي مع دول العالم‪،‬‬ ‫أصبح الوضع أنّ الدول ووزراء الخارجيّة يجتمعون‬ ‫مع خمسين عضواً من االئتالف كي يعرفوا رأيهم‪ ،‬أي‬ ‫كأ ّنه ال يوجد تنظيم‪.‬‬ ‫في ظل الوضع الراهن لالئتالف إلى أين‬ ‫• ‬ ‫ي ّتجه مصيره؟‬ ‫د‪ .‬برهان‪ :‬هذا كلّه جزء من مشكلتنا كسوريّين جزء من‬ ‫غياب ثقافة التنظيم واإلدارة والعمل السياسيّ والعمل‬ ‫كفريق‪ ،‬ولذلك تكوّ نت المعارضة ولم تنجح لعدم الثقة‬ ‫الناس بعضهم ببعض‪ ،‬هذه هي مشكلتنا‪ ،‬ال يوجد ثقة‪،‬‬ ‫وهنا نجح النظام بترسيخ هذا المبدأ بين السوريّين‪.‬‬ ‫لكن بالنظر إلى واقع االئتالف فإ ّنه يعيش‬ ‫• ‬ ‫أزمة حقيق ّية بتجاذبات سياس ّية إقليمية ودول ّية‪ .‬هل‬ ‫الوطني أم‬ ‫سيكون مصير االئتالف كمصير المجلس‬ ‫ّ‬ ‫سيتش ّكل ائتالف أوسع؟‬ ‫د‪ .‬برهان‪ :‬أتم ّنى ألاّ نعود للخلف‪ ،‬فليس هناك إمكانيّة‬ ‫دائما ً للبناء بعد الهدم «إن هدمت بيتا ً قديما ً وال تملك‬ ‫مواد لبناء الجديد قد تبقى في العراء» وأتصوّ ر إنْ لم‬ ‫يت ّم إصالح االئتالف الوطنيّ ‪ -‬ويجب أن يصلّح وأن‬ ‫يصبح أقوى وأن يتطوّ ر إلى مؤسّسة فاعلة أكثر ‪-‬‬ ‫فسيخرج تشكيل آخر‪ ،‬هذا هو قانون التاريخ‪ ،‬وربّما‬ ‫ّ‬ ‫نتعذب ح ّتى ظهور الجسد اآلخر وربّما يظهر ما هو‬ ‫أسوأ من االئتالف‪ ،‬وكذلك اآلن فاالئتالف أسوأ من‬ ‫المجلس الوطنيّ ‪ ،‬الذي كان لديه هامش حرّ يّة أكبر في‬ ‫التعامل مع الدول وكان أعضاؤه اكثر تنوّ عا ً وكانت‬ ‫مكانته الدوليّة أقوى بكثير وكان احترامه الدولي أقوى‪،‬‬ ‫وأيضا ً عالقاته بالداخل كانت أفضل من االئتالف‪،‬‬ ‫ولكنه اآلن انتهى وال نريد أن نبكي على األموات‪،‬‬ ‫فاالئتالف لديه مشاكل كبيرة إن لم يصلحها فسيقع‬ ‫كالمجلس الوطنيّ ‪.‬‬ ‫المجلس سيطرت عليه فئة ال تريد مشاركة أو انضمام‬ ‫فئات وقوى أخرى‪ ،‬وأغلقت الباب رغم أنّ حال الثورة‬ ‫ك ّل يوم ينتج الجديد من أفراد ومجموعات وقوى‪ ،‬يجب‬ ‫أن ّ‬ ‫تمثل‪ ،‬وأيضا ً هناك آراء جديدة تتغيّر‪ ،‬وبذلك منعوا‬ ‫دخولهم‪ ،‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة أخرى لم يتفاعلوا‬ ‫مع قوى الثورة في الداخل من حيث تأمين الدعم‪.‬‬ ‫واالئتالف وصل إلى هذه النقطة‪ ،‬ال أحد من تلك القوى‬ ‫الجديدة تنض ّم له وقد أغلق الباب‪ ،‬رغم أ ّنى اقترحت‬ ‫تغيير ‪ %30‬منه ك ّل دورة ألنّ القوى الجديدة تنشأ ك ّل‬ ‫يوم‪ ،‬وكذلك أيضا ً في الميدان تتش ّكل جبهات جديدة‪،‬‬ ‫هذا كلّه يجب ان يكون ّ‬ ‫ممثالً بأيّة معارضة‪.‬‬ ‫أه ّم مشكلة يعانيها السور ّيون اليوم هي‬ ‫• ‬ ‫الثوري‪ .‬بالعودة إلى‬ ‫انفصال السياس ّيين عن الواقع‬ ‫ّ‬ ‫األحزاب السياس ّية السور ّية سواء أكانت إسالم ّية أو‬ ‫يسار ّية أو ليبرال ّية هناك من يقول إ ّنهم يتحدّ ثون عن‬ ‫السياسة‪ ،‬ولكن ال يمارسونها‪ ،‬هل توافق على هذا‬ ‫القول‪ ،‬ولماذا؟‬ ‫د‪ .‬برهان‪ :‬بالتأكيد‪ .‬ماهي السياسة‪ ،‬أنا حزب أو فريق‬ ‫لديّ وجهة نظر أعرضها وأطرحها على الجمهور‬ ‫وأتحاور معه‪ ،‬إلى أن يتش ّكل لديّ قاعدة اجتماعيّة‬ ‫وأصبح ّ‬ ‫ممثالً لها بنسبة ‪ %1‬أو أكثر كطبقة أو فئة أو‬ ‫مجموعة‪ .‬وتزداد القوى في داخل المجتمع وتتنافس‬ ‫بين بعضها للحصول على النفوذ أو السلطة وقد تكون‬ ‫السلطة ضمن البرلمان أو غيره‪ ،‬أي يصبح المجتمع‬ ‫ّ‬ ‫منظما ً ضمن قوى سياسيّة هي األحزاب التي تقترح‬

‫أفكاراً وقوانين تتنافس فيما بينها لطرح ما هي أفضل‬ ‫الطرق لتق ّدم المجتمع‪ .‬وهذا ال يمكن أن يتح ّقق ولم‬ ‫يتح ّقق في سورية رغم وجود برلمان وأحزاب لها‬ ‫اسم‪ ،‬ولكنها كانت ألعوبة بيد المخابرات‪ .‬فالبرلمان‬ ‫هو صنيعة األمن وعملهم الوحيد هو تمجيد الرئيس‪،‬‬ ‫وذاكرة السوريّين مليئة بالصور‪ ،‬هتافات بالدم والروح‬ ‫نفديك والتوقيع بالدم وبأالعيب سخيفة ليس لها معنى‬ ‫إلاّ إلغاء السياسة‪ ،‬وبأنّ هناك زعيم هو الملهم وهو‬ ‫العارف وعليكم أن تصمتوا وتمجّ دوا‪ ،‬ومن يتكلّم‬ ‫فالسجن مأواه‪ .‬ولم يكن هناك سياسة‪ ،‬ومن تكلّم في‬ ‫السياسة في الخمسين سنة الماضية هم فقط من كانوا‬ ‫خارج البالد‪ ،‬هل كان أحد يستطيع أن يكتب مقاالً‬ ‫سياس ّيا ً من دون أن يأخذه األمن؟ فكلمة صغيرة إن لم‬ ‫تعجبهم يسجنوه‪ ،‬أو يمنعوه من المغادرة‪ .‬نحن عايشنا‬ ‫نظاما ً ليس له مثيل‪ ،‬فقد كان يجرّ د الناس من حقوقهم‬ ‫المدنيّة والسياسيّة‪ .‬فالشعب جرّ د من تلك الحقوق‪،‬‬ ‫وأزالم النظام إن أرادوا السطو على منزل ما فيجدون‬ ‫مئات الطرق الستيالء عليه‪.‬‬ ‫الوطني‪ ،‬هل تفتقد الثورة‬ ‫بالعودة إلى الرمز‬ ‫• ‬ ‫ّ‬ ‫السور ّية إليه كــ «غيفارا ومانديال‪ ،‬وعرب ّيا ً ياسر‬ ‫عرفات‪ ،‬هل ينقص الثورة هذا الرمز؟‬ ‫د‪ .‬برهان‪ :‬نحن دمّرنا ك� ّل االمكانيّة لبناء رمز‬ ‫بالصراعات حسب اعتقادي‪ ،‬ولكنه ليس أمراً خطيراً‪،‬‬ ‫والرمز اليوم هو الشهيد فهو رمز الثورة السوريّة‪.‬‬ ‫اإلنسان الذي خرج ويعلم أ ّنه سيموت‪ ،‬أو األشخاص‬ ‫الذين كانوا يلبسون كفنهم ويخرجون في التظاهرات‪،‬‬ ‫أو األفراد الذين وقفوا عراة الصدر أمام الق ّناصات‪.‬‬ ‫والرمز أيضا ً هم المتواجدون على الجبهات ويعرفون‬ ‫أ ّنهم يقاتلون على دمهم وروحهم‪ .‬والرمز بالنسبة لي‬ ‫هو الالجئ‪ ،‬والجريح واإلنسان الذي ضحّ ى‪ ،‬فالثورة‬ ‫رمزها التضحية بك ّل معنى للكلمة‪.‬‬ ‫هل نجحت الثورة في أن تكون قض ّية وطن ّية‬ ‫• ‬ ‫للسوري ّين؟‬ ‫د‪ .‬برهان‪ :‬أنا أعتقد – اآلن ‪ -‬أ ّنها أصبحت أكثر‬ ‫من ذلك وأصبحت قضيّة إنسانيّة‪ ،‬والسوريّون اليوم‬ ‫منخرطون بها‪ .‬والثورة ليست صنيعة خارجيّة أو شيئا ً‬ ‫غريباً‪ ،‬وح ّتى الذين وقفوا ض ّدها اليوم انخرطوا بها‪.‬‬ ‫وال يوجد سوريّ خارج الثورة إمّا مع أو ض ّد‪.‬‬ ‫إذاً ما لمطلوب من النخب السياسية السور ّية‪،‬‬ ‫• ‬ ‫وخاصة أنتم‪ ،‬إلنجاح الثورة السور ّية واستمرارها؟‬ ‫ّ‬ ‫د‪ .‬برهان‪ :‬المه ّم أن نصل إلى مكان نستطيع أن نقرّ ر‬ ‫مصيرنا مع بعض وألاّ نكون عبارة عن أطراف مش ّتتة‬ ‫تتداولها دول أجنبيّة‪ ،‬ك ّل دولة لها منطقة نفوذ‪.‬‬ ‫أنا أتصوّ ر أ ّنه يجب أن يت ّم أمران‪ :‬األوّ ل‪ ،‬أن تقوم‬ ‫المعارضة بإلغاء ك ّل ما ت ّم من انتخابات وقرارات‬ ‫ومنافسات على السلطة وأن تش ّكل مجموعة من ‪20‬‬ ‫شخصاً‪ ،‬أي تشكيل مجلس حكماء‪ .‬وهذه كانت فكرتي‬ ‫وقد طرحتها ولكنها قُتلت في االئتالف‪ ،‬مجموعة‬ ‫ال تريد السلطة وتعلن أ ّنها في المستقبل ال تريد أيّ‬ ‫منصب وأن ُتظهر أنّ أهدافها – فقط ‪ -‬خدمة الثورة‬ ‫وإخ��راج الشعب من المحنة التي وصل إليها‪ ،‬أي‬ ‫إنتاج أهداف الشعب‪ .‬وهذا يلزمه عمل كثير وطويل‬ ‫وشخصيّات تترفع عن المناصب وعن المال السياسيّ‬ ‫وعن السرقة‪ .‬مشكلتنا نحن أ ّننا لم نصل إلى هذه النقطة‬ ‫وما زلنا في بداية الطريق‪.‬‬ ‫واألمر الثاني‪ ،‬هو خلق مؤسّسات بغضّ النظر عن‬ ‫السياسة‪ ،‬والقيادة السياسيّة ليست ك ّل شيء‪ ،‬ويجب أن‬ ‫نخلق مؤسّسات على مستوى المجتمع وأحزابا ً سياسيّة‪،‬‬ ‫ليس من أجل أن ترتزق من الخارج‪ ،‬بل أحزابا ً لتنظيم‬ ‫األف��راد بالداخل‪ .‬وتنظيم المجتمع المدنيّ من أجل‬ ‫األطفال واأليتام والمرأة والجرحى‪ ،‬وأن ك ّل هذا يجب‬ ‫أن يكون بالداخل‪ ،‬ولك ّنه ت ّم في الخارج ال بالداخل‪.‬‬ ‫ولذلك يجب أن نطوّ ر سياسة التضامن‪ ،‬ثقافة التضامن‬ ‫فيما بيننا نحن السوريّين على ك ّل المستويات‪.‬‬

‫ينشر بالتعاون بين إذاعة «نسائم سوريا» وصحيفة «ك ّلنا سور ّيون»‬

‫حاوره‪ :‬سامر نقشبندي‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪6‬‬

‫السنة الثانية‬

‫العدد ‪29‬‬

‫‪ / 17‬نيسان ‪2015/‬‬

‫تحقيقات‬

‫سورّيون في السويد‬

‫�وري أتم ّنى أن تحدثيني عن‬ ‫• ‬ ‫بما أ ّنني س� ّ‬ ‫السور ّيين تحديداً؟‬

‫خاص ‪ -‬استوكهومل ‪ -‬كلّنا سوريون‬ ‫«فالون «‪ Falun‬مدينة سويديّة تقع إلى الشمال‬ ‫الغربيّ من «إستوكهولم»‪ ،‬تبعد عنها ما يقارب ‪250‬‬ ‫كم‪ ،‬استقبلت وتستقبل أعداداً من الالجئين السوريّين‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مؤخراً إلى السويد‬ ‫في بيت عائلة سورية قدمت‬ ‫التقت صحيفة «كلّنا سوريّون» مع اآلنسة «شيشتين»‬ ‫‪ Kerstin Wickander‬عمرها ‪ 35‬سنة تعمل في‬ ‫ّ‬ ‫ويتلخص عملها بمساعدة المهجرين‬ ‫بلدية «فالون»‬ ‫الجدد على تسهيل إقامتهم وتتابع شؤونهم القانونيّة‬ ‫واحتياجاتهم في السكن‪ ،‬وتؤمّن وثائقهم الالزمة‬ ‫وتتواصل معهم في ح ّل المشاكل التي تعترضهم‪،‬‬ ‫باختصار تعمل ك ّل ما من شأنه أن يساعد القادمين‬ ‫على سير حياتهم بشكل طبيعيّ ‪.‬‬ ‫كان الحديث مطوّ الً حول المهاجرين إلى السويد‬ ‫وحول اآلليّات الم ّتبعة الستيعابهم ضمن المجتمع‬ ‫السويديّ ‪.‬‬ ‫برأيك ما هي أه ّم الصعوبات التي يواجهها‬ ‫• ‬ ‫القادم الجديد إلى السويد؟‬ ‫يمكن القول إنّ المشكلتين األساسيّتين هما السكن‬ ‫واللغة هناك نقص حا ّد في أمكنة السكن المخصّصة‬ ‫للقادمين الجدد‪ ،‬والمشكلة الثانية وهي اللغة التي‬ ‫تضعف من إمكانيّة التواصل مع السويديّين هذا‬ ‫التواصل الضروريّ ج ّداً أليّ قادم جديد‪ ،‬هناك عقبات‬ ‫أخرى ليست ضاغطة على القادم الجديد بنفس الدرجة‪،‬‬ ‫كاختالف الثقافات وتباين العالقة بالقانون واختالف‬ ‫العادات واختالف طبيعة ونوعيّة الطعام والطقس‪،‬‬ ‫ولك ّنها كلّها عموما ً هي عقبات الفترة األولى ويمكن‬ ‫التخلّص منها الحقاً‪.‬‬

‫برأيك ما هي الدوافع الحقيق ّية عند السويد ّيين‬ ‫• ‬ ‫إنساني بحت‬ ‫الستقبال المهاجرين‪ ،‬هل الموضوع هو‬ ‫ّ‬ ‫كما يحاول البعض تصويره‪ ،‬أو أنّ هناك مصلحة‬ ‫أخرى للسويد ّيين في ذلك؟‬ ‫لنكن صريحين أنّ الدوافع الحقيقيّة تكمن في العاملين‬ ‫معاً‪ ،‬فالسويد بلد غنيّ وقسم كبير من السويديّين‬ ‫يتقاعدون سنو ّياً‪ ،‬وألنّ المجتمع السويديّ هو مجتمع‬ ‫كبير بالسنّ نسب ّياً‪ ،‬أي أ ّننا باختصار سنجد أنفسنا أمام‬ ‫حاجة ماسّة لليد العاملة والتي يمكن تأمينها من خالل‬ ‫الهجرة‪ ،‬من ناحية أخرى أنت تعرف أنّ السويد بلد‬ ‫مستقرّ منذ فترة طويلة وهو بعيد عن ك ّل الحروب‬ ‫التي عرفتها البشريّة في القرن الماضي‪ ،‬وقد يكون‬ ‫لهذا دور في نشوء ثقافة التضامن مع الشعوب التي‬ ‫تتعرّ ض ألزمات وحروب‪ ،‬لكن الب ّد من القول إ ّنه‬ ‫ليس ك ّل السويديّين يتب ّنون هذا الرأي وإن كانت النسبة‬ ‫الكبيرة منهم تتب ّناه‪.‬‬ ‫شهدت السنوات األخ��ي��رة موجات لجوء‬ ‫• ‬ ‫كبيرة إلى السويد‪ ،‬هل تخافين بصفتك سويد ّية على‬ ‫الخصوص ّية السويد ّية؟‬ ‫شخص ّيا ً لست قلقة من هذا األمر أنا أميل لالعتقاد‬ ‫أنّ إعادة صياغة الهويّات الثقافيّة في المجتمعات هي‬ ‫إغناء لهذه المجتمعات وليست ضعف‪ ،‬لكن قد ينشأ‬ ‫نوع من التصادم بين القادمين الجدد وبين المجتمع‬ ‫السويديّ مصدره االمتناع عن العمل‪ ،‬باختصار يجب‬ ‫أن ينتقل القادمون الجدد من صفوف الحاصلين على‬ ‫المعونة االجتماعيّة إلى صفوف دافعي الضرائب وهذا‬ ‫االنتقال ال تكمن أهميّته في الناحية الماليّة فقط‪ ،‬إنّ‬ ‫أهميّته األساسيّة تكمن في تشكيل ثقافة جديدة للقادم‬ ‫تؤهّله لالنخراط بشكل ج ّدي داخل المجتمع السويديّ ‪.‬‬

‫قد يكون من المب ّكر الحديث عن السوريّين وتجربتهم‬ ‫الجديدة‪ ،‬لكن يمكنني إبداء مالحظات عامّة‪ ،‬ال أملك‬ ‫أرقاما ً دقيقة عن عدد السوريّين الجدد في «فالون»‪،‬‬ ‫أظنّ أ ّننا استقبلنا السنة الماضية ما يقارب ‪ 70‬سور ّياً‪،‬‬ ‫بصراحة تدهشني قدرة السوريّين على االنفتاح على‬ ‫المجتمعات الجديدة وتدهشني نزعة الفضول عندهم‬ ‫للمعرفة والمشاركة ومن الواضح أ ّنهم يحملون أفكاراً‬ ‫جيّدة عن السويد وهم يحاولون بشكل جا ّد االندماج مع‬ ‫المجتمع السويديّ ‪ ،‬ال يجد السوريّون مشكلة مثالً في‬ ‫المشاركة بنشاطات ليست مح ّل اهتمامهم بل يشاركون‬ ‫بدافع الفضول والمعرفة‪ ،‬يشاركون في نشاطات الكنيسة‬ ‫مثالً‪ ،‬هناك سوريّون يغامرون بافتتاح مطاعم ال تق ّدم‬ ‫إلاّ األكل السويديّ ويثقون بأ ّنهم سينافسون السويديّين‬ ‫في صناعة طعامهم‪ ،‬هذا يعكس ثقة السوريّين بأنفسهم‬ ‫وأ ّنهم قادرون على العمل والمنافسة‪ ،‬ويمكنني القول‬ ‫إنّ السوريّين مضيافين‪ ،‬وعندما سألتها عن األكالت‬ ‫السوريّة التي تعجبها قالت ضاحكة‪ :‬األكل السوريّ‬ ‫طيّب مثل «المقلوبة تبولة الفته الحمص وبابا غنوج‬ ‫‪ »....‬الب ّد من إيراد مالحظة شاهدتها عند السوريّين‬ ‫وهي تعكس اختالف الثقافة بين السوريّ والسويديّ‬ ‫مثالً‪:‬‬ ‫عندما يحدث أمر ما في الشارع ‪ ،‬حادث سيّارة‬ ‫مثالً‪ ،‬فإنّ السوريّين يسرعون للمشاركة بالحدث أو‬ ‫المساعدة بينما يبتعد السويديّون معتبرين أنّ ذلك ليس‬ ‫من شأنهم وأنّ هناك جهة ما هي المسؤولة عن هذا‪،‬‬ ‫قلت لها‪ :‬ربّما يعود هذا إلى غياب الحكومة في سورية‬ ‫وعدم قيامها بدورها‪ ،‬بينما في السويد فإنّ الحكومة‬ ‫تقوم بدورها بشكل جيّد وعلى هذا األساس فقد تعوّ د‬ ‫السوريّون أن يعالجوا األمور بأنفسهم‪ ،‬بينما تعوّ د‬ ‫السويديّون أن تعالج الحكومة األمر‪ ،‬قالت لي‪ :‬ربّما‬ ‫هذا هو السبب‪ ،‬لك ّنه في المحصّلة يعكس القدرة عند‬ ‫السوريّين على المبادرة والمساعدة‪.‬‬ ‫أحمد مصطفى‪ ،‬شابّ سوريّ عمره ‪ 25‬سنة‪ ،‬وصل‬ ‫إلى السويد عن طريق البحر في ‪،2014\5\26‬‬ ‫في «مالمو» المدينة التي تقع جنوب السويد وهي‬ ‫المدينة التي وصل إليها أوّ الً‪ ،‬أسكنوه يومين في أحد‬ ‫الفنادق (فندق ‪ ) Arlof‬ث ّم نقلوه إلى «كامب» خاصّ‬ ‫بالالجئين‪ ،‬بعد شهر وثالثة أيّام ت ّم إجراء المقابلة معه‬ ‫تمهيداً لمنحه اإلقامة الدائمة وفي ‪ 2014\12\30‬منح‬ ‫اإلقامة‪ ،‬أمضى في «الكامب» ما يقارب ستة أشهر‬ ‫يقول عن تلك الفترة‪:‬‬ ‫إنّ «الكامب» مزدحم إلى ح ّد ما‪ ،‬قد يسكن في‬ ‫الغرفة أربعة أشخاص أو ثالثة‪ ،‬يق ّدمون في «الكامب»‬ ‫الطعام مجّ انا ً ونوعيّة األكل جيّدة ويتقاضى ك ّل شخص‬

‫ما يقارب ‪« 800‬كرون» شهر ّياً‪ ،‬ك ّل أعمال النظافة‬ ‫تقوم بها إدارة «الكامب» وأغلب المشاكل التي‬ ‫تحصل داخله يمكن ر ّدها إلى الظروف التي يعيشها‬ ‫الالجئون داخل «الكامب» من حيث االزدحام وشروط‬ ‫اإلقامة‪ ،‬كان من الالفت أنّ ما يزيد عن ‪ 50‬بالمئة‬ ‫من الموجودين في «الكامب» هم سورّ يون وأغلبهم‬ ‫ّ‬ ‫«العزاب» الذين غامروا على أمل أن‬ ‫من الشباب‬ ‫ً‬ ‫يتم ّكنوا الحقا من القيام بإجراءات ل ّم الشمل مع آخرين‪،‬‬ ‫هناك أطفال سوريّون قدموا لوحدهم بدون عائالتهم‪،‬‬ ‫لكنّ هؤالء غالبا ً ال يوضعون في «الكامب» فإمّا أن‬ ‫يوضعوا مع عائالت سويديّة أو في بيوت مخصّصة‬ ‫ّ‬ ‫موظفون مختصّون‪.‬‬ ‫لهم يشرف عليها‬ ‫يكمل أحمد يمكنني تلخيص أه ّم الصعوبات التي‬ ‫واجهتها هي السكن واللغة والطقس‪ ،‬السويديّون شعب‬ ‫طيّب ويحبّ المساعدة‪ ،‬لك ّنهم يكرهون ج ّداً أن يخدعهم‬ ‫أحد وفي حال شعروا أنّ شخصا ً ما يخدعهم فإ ّنهم‬ ‫يغيّرون تعاملهم تماما ً معه‪ ،‬أمّا فيما يتعلّق بالصيغة‬ ‫القانونيّة والثبوتيّات الالزمة فإنّ األمور تبدو ميسّرة‬ ‫ّ‬ ‫الموظفون السويديّون بشكل جيّد مع‬ ‫وسهلة ويتعامل‬ ‫ّ‬ ‫الالجئين‪ .‬هناك سوريّون قدموا وهم يعتقدون أنهم‬ ‫سيجدون ك ّل شيء بالغ السهولة‪ ،‬وأنّ بإمكانهم أن‬ ‫يجنوا أم��واالً كبيرة بدون عمل‪ ،‬هذا وهم‪ ،‬فالسويد‬ ‫بلد يمنحك الفرصة على العمل واإلقامة ويفتح أمامك‬ ‫أبواب الحياة المستقرّ ة‪ ،‬ولك ّنك ال ب ّد من أن تعمل وال ب ّد‬ ‫من أن تحترم القانون لكي تعيش بشكل الئق‪ ،‬مشكلتنا‬ ‫كسوريّين تكمن في ثقافة العمل لدينا‪ ،‬نحن في سورية‬ ‫تعوّ دنا أنّ العمل شطارة وقدرة على التحايل وتحقيق‬ ‫الربح بكا ّفة الطرق األخالقيّة وغير األخالقيّة‪ ،‬هنا‬ ‫األمر يختلف يجب أن تعمل بشرف وبمهارة وفي ظ ّل‬ ‫القانون لكي تنجح‪ ،‬ال يصطدم السويديّون معك عندما‬ ‫ّ‬ ‫يستفزهم قد ينظرون إليك مستهجنين‪ ،‬لك ّنهم‬ ‫تقوم بفعل‬ ‫لن يصطدموا معك‪ ،‬وعندما يتطوّ ر األمر يستدعون‬ ‫البوليس‪.‬‬ ‫أنا اآلن أتعلّم اللغة السويديّة ومكتب العمل يساعدني‬ ‫في البحث عن عمل‪.‬‬

‫نساء وقفن في وجه العاصفة‬

‫يسترحن في الظ ّل كلّما‬ ‫يحملن أكياسا ً ممتلئة ثقيلة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫تعبن من المشي‪ ،‬راقبتهنّ من بعيد‪،‬‬ ‫اقتربت منهنّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وحملت‬ ‫وعندما سمعت اللهجة الحلبيّة‬ ‫طلبت مرافقتهنّ‬ ‫ً‬ ‫بعض األكياس‪ ،‬وبعد أن مشينا طويال في أز ّقة عنتاب‬ ‫القديمة وصلنا إلى مكان ظننته مهجوراً‪ ،‬دخلنا البيت‬ ‫ليستقبلنا مجموعة من األطفال بضحكاتهم المليئة‬ ‫بالفرح التي ال تعرف أيّ قدر أتى بها إلى هذا المكان‪.‬‬ ‫نفس المأساة‬ ‫رن السكن سوية في هذا المكان‪،‬‬ ‫الفتيات األربع قرّ َ‬ ‫ً‬ ‫جمعهنّ الفقر والتشرّ د والغربة معا‪ ،‬إكرام وشيرين‪،‬‬ ‫ضياء وأمينة‪ ،‬تقول إكرام‪ - :‬أ ّم لطفلين ‪ -‬لم نكن نعرف‬ ‫بعضنا في سورية لقد تعرفنا عندما عبرنا الحدود‬ ‫السوريّة التركيّة‪ ،‬وجمعنا ألم واحد‪ ،‬ألم الغربة‪ ،‬عندما‬ ‫ُ‬ ‫التقيت أنا وأختي شيرين بضياء وأمينة وبدون أن‬ ‫نتكلم مع بعضنا كان هناك شعور بما نحمله من ضياع‬ ‫أحسسنا أ ّننا بحاجة للمساعدة ولم نجد من يساعدنا‪،‬‬ ‫ساعدنا بعضنا البعض دون أن نعرف َمن نحن‪ ،‬ومن‬ ‫أين أتينا‪ ،‬عبرنا الحدود سويّة وتعرضنا إلطالق‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫الرصاص واحتمال الموت سويّة‪ ،‬كانت‬ ‫ك ّل واحدة م ّنا تنظر في عيون األخرى‬ ‫مح ّدثة إياها نفس المأساة‪ ،‬تقول شيرين‬ ‫ذو ‪ 19‬عاماً‪ :‬كان علينا أن نعبر الحدود‬ ‫وك ّل واحدة م ّنا مسؤولة عن طفلين تحمل‬ ‫طفل وتمسك باآلخر‪ ،‬كان الصغار يبكون‬ ‫وأحيانا ً كثيرة كنت أبكي لبكائهم وفي‬ ‫أحيان أخرى أشعر أ ّنني أكبر منهم وعليّ‬ ‫تحمّل مسؤوليّة عبورهم‪ ،‬هنا تبدأ بالحديث‬ ‫ضياء من عين العرب «كوباني» ‪26‬‬ ‫عاما ً قائلة‪ :‬بعد أن وصلنا إلى داخل‬ ‫الحدود التركية بدأ الخوف من الموت‬ ‫أق ّل مالحقة لنا‪ ،‬وهنا بدأت ك ّل واحدة م ّنا‬ ‫بسرد قصّتها علينا‪ ،‬كانت قصصنا متشابهة فالنتيجة‬ ‫واحدة – فقدان الزوج والهروب من الموت – وتتابع‪:‬‬ ‫لقد قتل زوجي في أحد االشتباكات وترك لي ثالثة‬ ‫أطفال خرجت بهم ألبحث لهم عن مكان آمن ووصلت‬ ‫ُ‬ ‫التقيت بصديقاتي وقرّ رنا‬ ‫بي األقدار إلى هنا بعد أن‬ ‫َ‬ ‫العيش سويّة‪ ،‬فك ّل واحدة م ّنا تشعر باألمان بمجرّ د‬ ‫وجود األخريات معها‪ ،‬نعمل بالتطريز على المالبس‪،‬‬ ‫لقد تعرّ فنا على مشغل لصاحبه التركيّ ‪ ،‬نذهب إليه‬ ‫ونحضر المالبس المطلوب تطريزها ونبدأ بالعمل‪،‬‬ ‫وبعد االنتهاء منها نعيدها له ليدفع لنا المقابل‪ ،‬وعند‬ ‫يحصلن عليه نتيجة هذا‬ ‫سؤالنا لها عن المبلغ الذي‬ ‫َ‬ ‫العمل والم ّدة الذي يستغرقها تطريز مثل هذه القطع‪،‬‬ ‫أجابت‪ :‬أجرة ك ّل قطعة نطرّ زها ‪ 5‬ليرات تركيّة‪ ،‬أمّا‬ ‫م ّدة ك ّل قطعة فهو يوم واحد‪ ،‬نحن األربعة دخلنا في‬ ‫اليوم الواحد ‪ 20‬ليرة تركيّة‪ ،‬علينا العيش بها ودفع‬ ‫أجرة البيت منها‪.‬‬ ‫عندما نعود‬ ‫أمّا أمينة من مساكن هنانو أ ّم لثالثة أطفال أيضاً‪،‬‬

‫تقول‪ :‬اعتقل زوجي منذ بداية الثورة وال أخبار عنه‬ ‫ح ّتى اآلن‪ ،‬ق��رّ رت النزوح عندما ازداد القصف‬ ‫وأصبحت الحياة صعبة ج� ّداً‪ ،‬أتيت إلى هنا برفقة‬ ‫وبدأن البحث عن العمل إلى أن وجدنا ما‬ ‫صديقاتي‬ ‫َ‬ ‫يس ّد حاجتنا نحن واألطفال‪ ،‬فنحن أمّهات ثالث لثمانية‬ ‫أطفال علينا تأمين الحليب والحفوضات الثنين منهم‪،‬‬ ‫وعلينا تأمين أجرة البيت وتأمين الدواء وإلى ما هنالك‬ ‫من ضروريّات العيش‪ ،‬فعشرون ليرة تركيّة في اليوم‬ ‫ال تكفي لك ّل ذلك‪ ،‬األطفال بحاجة لغذاء جيّد‪ ،‬نضطرّ‬ ‫لشراء الخبز «البايت» أل ّنه أرخص سعراً وعندما‬ ‫نريد أن نشتري الخضار أيضا ً نشتري ك ّل ما يبقى‬ ‫عند البائع من الخضر التي لم يستطع بيعها في اليوم‬ ‫األوّ ل‪ ،‬وهكذا نو ّفر بعض المال لدفع أجرة البيت‪،‬‬ ‫في كثير من األحيان يطلب األوالد بعض الحلوى‪،‬‬ ‫ال نعرف بما نجيبهم‪ ،‬وعند سؤالنا لهنّ عمّا إذا كانت‬ ‫إحداهنّ سمعت عن الحكومة المؤ ّقتة أو االئتالف‪،‬‬ ‫أجبن‪:‬‬ ‫َ‬

‫ال لم نسمع بهكذا اسم‪ ،‬أمّا عن وضع األطفال الذين‬ ‫هم بعمر الذهاب إلى المدرسة فاألطفال الس ّتة هم‬ ‫بعمر يؤهلهم للذهاب إليها‪ ،‬لكن إجابة األمّهات كانت‪:‬‬ ‫ال نستطيع أن نرسلهم إلى المدرسة وذلك ألسباب‬ ‫ع ّدة أهمّها الوضع الماديّ وما يترتب على ذلك من‬ ‫أقساط وتكاليف الدراسة كشراء الدفاتر واالحتياجات‬ ‫األخرى‪ ،‬تقول شيرين‪:‬‬ ‫أنا حصلت على شهادة الدراسة الثانويّة العامّة في‬ ‫سورية وانا حريصة على ايجاد الفرص دائما ً أحاول‬ ‫من خاللها تعليم األطفال بعض المبادئ العامّة في‬ ‫القراءة والحساب‪ ،‬وهنا يقاطعها أحد األطفال قائالً‪:‬‬ ‫كنت في الصفّ الرابع عندما غادرنا حلب وأنا لم‬ ‫أنس القراءة وأحبّ أن أعود لمدرستي لكنّ أمّي تقول‪:‬‬ ‫َ‬ ‫عندما نعود سوف تعيدني إلى مدرستي‪.‬‬

‫الر ّبان والشراع‬ ‫نتساءل‪ ،‬أيّ ه ّم تحملين أيّتها المرأة السوريّة؟ وكم‬ ‫رُمي على كاهلك من العذابات التي ال يستطيع مخلوق‬ ‫حملها‪ ،‬تتحملين مرارة الغربة وقسوة األيّام‪ ،‬أصبحت‬ ‫األ ّم واألب معا ً وفي ظروف غير عاديّة كنت قادرة‬ ‫على قهرها والوقوف في وجهها واالستمرار في‬ ‫خلق الحياة والتأقلم مع أسوأ الظروف وبدل من أن‬ ‫ّ‬ ‫ت التغلّب عليها‬ ‫تقهرك‬ ‫وتحط من عزيمتك استطع ِ‬ ‫ت فقط س ُتبنى سورية من‬ ‫وقهرها‪ ،‬بأمثالك أنتِ‪ ،‬وأن ِ‬ ‫ّ‬ ‫جديد‪ ،‬بأمثالك أيّتها القاهرة المتمرّ دة حتى على تعبها‬ ‫ستنشأ أجيال تفخرين بأ ّنك من أعالهم وعلّمهم كيفيّة‬ ‫االستمرار والثبات في وجه العاصفة‪ ،‬وأيّة عاصفة‬ ‫ّ‬ ‫وبحق كنت الربّان والشراع‬ ‫أقوى ممّا نواجه اليوم‪،‬‬ ‫الذي سيوصلنا إلى شاطئ األمان‪ .‬فلك اخلالد‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫تحقيقات‬

‫أطلق مركز «بيتنا سوريا» بتاريخ ‪ 26‬آذار ‪2015‬‬ ‫فعّاليّة ثقافيّة تحت اسم «مرايا سوريّة» والذي تضمّن‬ ‫أمسية موسيقيّة‪ ،‬وق��راءة مسرحيّة‪ ،‬وعرض فلمين‬ ‫سوريّين‪ ،‬وأمسية شعريّة‪ ،‬باإلضافة لمعرض لألشغال‬ ‫الفنيّة اليدويّة‪.‬‬ ‫«مرايا سوريّة» بدأت فعاليتها بحفلة موسيقيّة عربيّة‬ ‫تركيّة كرديّة‪ ،‬حيث أحيا الحفل ك ّل من «ميترا أستينج‬ ‫وأسامة دادا وعدنان هورو» واستمرّ هذا العرض لم ّدة‬ ‫ساعة ونصف الساعة‪ ،‬افتتح الحفل بأغنية «موطني»‬ ‫وبعدها قُ ّدمت باقة من األغاني التراثيّة الكرديّة‬ ‫والعربيّة والتركيّة التي تفاعل معها الجمهور الكبير‬ ‫والذي غصّت فيه قاعة الحفل‪.‬‬ ‫في اليوم التالي‪ ،‬واحتفاالً بيوم المسرح العالميّ قُ ّدمت‬ ‫احتفاليّة مسرحيّة تحت اسم «من مسرحيي المنافي إلى‬ ‫المسرح السوريّ »‬ ‫وت ّم إهداؤها للف ّنانين‬ ‫سمر‬ ‫المعتقلين‪:‬‬ ‫كوكش وليلى عوض‬ ‫وزك��ي كورديللو‪،‬‬ ‫أشرف عليها «ب ّ‬ ‫شار‬ ‫فستق» ال���ذي قرأ‬ ‫كلمة ي��وم المسرح‬ ‫العالميّ ‪ ،‬وقدم الف ّنان‬ ‫أسعد شالش تقاسيما ً‬ ‫ع��ل��ى آل���ة ال��ع��ود‪،‬‬ ‫فيما ق���رأ ك��� ّل من‬ ‫ياسمين األحدب وساندي عيّاش وحسين برو قراءات‬ ‫مسرحيّة للكاتب «سعد هللا ونوس»‪ ،‬وكتاب آخرين‪،‬‬ ‫حيث أ ّكد الحاضرون على أنّ هذه الفعّاليّة أعادتهم إلى‬ ‫زمن المسرح السوريّ ‪ ،‬فيما وُ جّ ه ثناء للقائمين على‬

‫العدد ‪29‬‬

‫‪ / 17‬نيسان ‪2015/‬‬

‫السنة الثانية‬

‫مرايا سورية في عنتاب‬

‫العرض‪ ،‬بسبب ما وصفوه باألداء الرائع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الممثل المسرحيّ «حسين برو» أ ّكد «أنّ كثير من‬ ‫المسرحيّين خاصّة الهواة منهم‪ ،‬باتوا اآلن في بالد‬ ‫المنافي بعد اندالع الثورة»‪ ،‬معتبراً «أنّ هذه الدعوة‬ ‫أ ّكدت أنّ الباب مازال مفتوحا ً للمسرح‪ ،‬ومازال الوقت‬ ‫أمامنا للعمل‪ ،‬وهي دعوة إلعادة تجميع قوانا‪ ،‬للقاء‬ ‫جديد مليء بالحبّ على هذه الخشبة»‪.‬‬

‫أمّ������ا «ب���ش���ار‬ ‫فستق» فقد وجّ ��ه‬ ‫كلمة بمناسبة «اليوم‬ ‫العالمي للمسرح»‬ ‫معتبراً «أنّ هذه‬ ‫الفعاليّة بداية جديدة‬ ‫للمسرح»‪ ،‬معبّراً‬ ‫«ع����ن أم��ل��ه ب��أن‬ ‫يستطيع المسرحيّون‬ ‫ال��س��وريّ��ون تقديم‬ ‫ش��يء جديد‪ ،‬يمسّ‬ ‫ع���م���ق اإلن���س���ان‬ ‫السوريّ »‪ ،‬وأشار‬ ‫إلى «ضرورة أن يغوص المسرح في القضايا‪ ،‬وال‬ ‫يقتصر على قشور المواضيع التي يطرحها»‪.‬‬

‫العشاق» وهو العرض الجماهيريّ األوّ ل للفيلم بعد‬ ‫مشاركته في أكثر من مهرجان‪ ،‬وهو من تصوير‬ ‫وإخ��راج الف ّنان «إي��اد الجرود»‪ ،‬وإش��راف وإنتاج‬ ‫المخرجة «عليا خ��اش��وق»‪ ،‬وتعاون ف ّني للكاتب‬ ‫والمخرج «علي سفر»‪ ،‬من إنتاج عام ‪ .2014‬الفيلم‬ ‫يسلّط الضوء على الطابع السلميّ للثورة السوريّة من‬ ‫خالل جدران بلدة «سراقب» بريف إدلب‪ ،‬يذكر أنّ‬ ‫إدارة «مهرجان روتردام الدولي ‪ »٢٠١٥‬الهولّنديّ‬ ‫اختارت الفيلم للمشاركة في دورته لهذا العام‪ ،‬ليكون‬ ‫بذلك الفيلم السوريّ الوحيد الذي يعرض في المهرجان‪،‬‬ ‫كما عرض الفيلم في النادي السينمائيّ السوريّ في‬ ‫فرنسا‪.‬‬ ‫في اليوم الرابع‪ ،‬حضر الجمهور رغم األمطار‬ ‫الغزيرة والعواصف لالستماع إلى أمسية شعريّة‬

‫في اليوم الثالث‪ ،‬عُرض الفيلم الوثائقي «دفاتر‬

‫للشعراء «عبدالسالم حلّوم ووداد نبي ووائل قيس»‬ ‫والتي جاءت حميمية مسكونة بهاجس الوطن والحبّ‬

‫الحب من األرض‪ ،‬الموت من السماء‬ ‫ّ‬

‫‪7‬‬

‫والسالم‪ ،‬قرأ فيها الشعراء باقة من قصائدهم الجميلة‪.‬‬ ‫وفي اليوم الخامس عرض فيلم «م��اء الفضّة»‬ ‫لـ «وئام بدرخان وأسامة محمّد» الفيلم شارك في‬ ‫مهرجان «كان»‪ ،‬كما حصل على جائرة أفضل فيلم‬ ‫وثائقي في مهرجان لندن‪ ،‬الفيلم تح ّدث عن حصار‬ ‫مدينة حمص من قبل قوّ ات النظام السوريّ ‪ ،‬حيث‬ ‫رصد مشاهد لق ّناص يستهدف الجماهير بالرصاص‬ ‫الحيّ ‪ ،‬وص��وّ ر جثث مشوّ هة ومرمية على قارعة‬ ‫الطريق‪ ،‬وقتلى يُجرّ ون بالحبال من داخل مباني الدمار‬ ‫الذي يذكر بلوحة «غويرنيكا» لبيكاسو‪.‬‬ ‫وطيلة أيّ��ام الفعّاليّة استمرّ معرض لمجموعة‬ ‫«س��ور ّي��ات» لألشغال الف ّنيّة اليدويّة من الصوف‬

‫والكروشيه والكنفا بإشراف السيّدة «ميّادة السيّد‬ ‫عيسى»‪.‬‬ ‫تك ّتالت ثقافيّة باتت تظهر بشكل ّ‬ ‫مكثف في مدينة‬ ‫«غازي عنتاب» التركيّة‪ ،‬بهدف إعادة إحياء روح‬ ‫الثقافة السوريّة‪ ،‬وللتأكيد على عراقة تاريخ البلد الذي‬ ‫خرجت منه أوّ ل أبجدية للعالم‪ ،‬وللتأكيد على أنّ ثورة‬ ‫ّ‬ ‫يتجزأ من الثورة السلميّة‪.‬‬ ‫الفنّ واإلبداع جزء ال‬

‫حممّد احلاج‬

‫تشاهد أخوي‪ ...‬تشاهد أخوي‪....‬‬ ‫أثناء وجودهم في حيّ طريق الباب بأحد‬ ‫االحتفاليّات الثوريّة‪ ،‬إذ قام النظام بقصفهم‬ ‫بقنابل عنقودية‪ .‬مُنع دفنه في مقابر الشهداء‬ ‫في ريف إدلب – فقط ‪ -‬أل ّنه ينتمي إلى‬ ‫مذهب آخر‪.‬‬

‫يدوّ ي أزيز طائرات األسد في السماء‪ ،‬قاطعا ً‬ ‫هدوء المكان وأمن القاطنين‪ ،‬يهرع الجميع من‬ ‫فورهم إلى خارج منازلهم‪ ،‬خوفا ً من الموت تحت‬ ‫أنقاضها‪ ،‬بينما يركض وحيداً إلى داخل غرف بيته‬ ‫الحنون‪ ،‬محتميا ً بجدرانه اآليلة إلى االنهيار‪.‬‬

‫لم يُصب بأيّة جروح‪ ،‬يقول‪« :‬لقد حمتني جدران‬ ‫البيت الحنونة من الموت واإلصابة‪ ،‬وت ّم إخراجي‬ ‫من تحت األنقاض سالماً»‪ ،‬ويعود السرّ في ذلك‬ ‫إلى الما ّدة الطينيّة التي بُني منها المنزل‪ ،‬فهي وإن‬ ‫سقطت ال تتسبّب سوى برضوض بسيطة‪ ،‬بينما‬ ‫تحمي طبقاتها المتك ّدسة َمن تحتها مِن النيران‬ ‫والشظايا‪.‬‬

‫ليالً يبدو نومه أكثر هناء ًة‪ ،‬فما أن يدخل مملكته‬ ‫الصغيرة المتبقيّة‪ ،‬ح ّتى يغمره شعور األمان‪،‬‬ ‫مستلقيا ً على ما يشبه السرير‪ ،‬ليأخذه النوم‪ ،‬دون‬ ‫قلق الغارات‪ ،‬إلى راحة ّ‬ ‫تعز على كثيرين هذه‬ ‫األيّام‪.‬‬

‫ويشير مركز دراسات الجمهوريّة الديمقراطيّة‬ ‫في تقريره اإلحصائيّ عن ضحايا جرائم النظام‬ ‫السوريّ ‪ ،‬إلى تجاوز عدد المفقودين المائة ألف‬ ‫س��وريّ ‪ ،‬ح ّتى تشرين األوّ ل ‪ ،2014‬يرجّ ح أنّ‬ ‫قسما ً كبيراً منهم لقوا حتفهم تحت أنقاض المنازل‬ ‫المدمّرة‪ ،‬في ظ ّل تواضع إمكانيّات إنقاذ المدنيّين أو‬ ‫إخراج جثثهم تحت األنقاض‪.‬‬

‫مفارقة ليست الوحيدة في بالد باتت تعيش على‬ ‫المفارقات‪.‬‬

‫أبو صبحي حا ّج خمسينيّ ‪ ،‬رغم إيحاء مالمحه‬ ‫أ ّنه على مشارف السبعين‪ ،‬آثر البقاء في مدينته‬ ‫«دوم��ا» إلى جانب بيت العائلة‪ ،‬على أن ينجو‬ ‫بنفسه دون منزله‪ ،‬الذي ناهز عمره المائة عام‪،‬‬ ‫رغم مرارة الحصار‪ ،‬وقسوة الحرب‪.‬‬ ‫وتشير إحصائيّات المجالس المحليّة إلى أنّ ما‬ ‫ال يق ّل عن ‪ 750‬ألف نسمة معظمهم من النساء‬ ‫واألطفال‪ ،‬محاصرون في مختلف بلدات ومدن‬ ‫الغوطة الشرقيّة منذ حوالي سنتين‪ ،‬في ظروف‬ ‫إنسانيّة صعبة‪ ،‬تشمل قطع التيّار الكهربائيّ ‪،‬‬ ‫وإم��دادات الماء‪ ،‬والموا ّد الغذائيّة والتموينيّة‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى توثيق األمم الم ّتحدة لحاالت اس ُتخدم‬ ‫فيها السالح الكيمائيّ وغاز الكلور ض ّد المدنيّين‬ ‫ّ‬ ‫العزل هناك‪.‬‬ ‫هروبه إلى داخل المنزل في الوقت الذي يخرج‬ ‫فيه اآلخرون إلى الشوارع‪ ،‬ليس ضربا ً من العبث‪،‬‬ ‫أو جنونا ً من الولع‪ ،‬ففي غ��ارة ش ّنها الطيران‬ ‫الحربيّ السوريّ على المدينة األسبوع الماضي‪،‬‬ ‫ألقت المروحيّة األسديّة برميالً شديد االنفجار‬ ‫على البلدة‪ ،‬وبينما هرع الحاج «أبو صحبي»‬ ‫إلى بيته‪ ،‬سقط البرميل على المنزل عينه‪ ،‬ورغم‬ ‫انهيار الغرفة التي كان يختبئ فيها فوقه‪ ،‬إلاّ أ ّنه‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫قرب نافورة ال تزال قائمة‪ ،‬وورود يهت ّم بسقايتها‬ ‫واالهتمام بها‪ ،‬يجلس «أبو صبحي» متأ ّمالً ما بقي‬ ‫من بيت العائلة‪ ،‬بيت تزوّ ج فيه ج ّده‪ ،‬ث ّم أبوه من‬ ‫بعده‪ ،‬ليتبعهما هو الحقاً‪ ،‬يستعيد «أبو صبحي»‬ ‫ذكرياته األخيرة قبل بدء الحرب‪ ،‬حينما كان يجهّز‬ ‫المنزل من جديد‪ ،‬ليزوّ ج فيه ابنه‪ ،‬لكن‪ ،‬ال يبدو أنّ‬ ‫الحرب تكترث بأحالم البسطاء أمثاله‪ ،‬كما يقول‪.‬‬ ‫عزاؤه الوحيد‪ ،‬أنّ مرارته هذه‪ ،‬يتقاسمها معه‬ ‫مئات األلوف‪ ،‬فبحسب تقرير نشرته األمم الم ّتحدة‬ ‫ّ‬ ‫مؤخراً حول أثر الصراع الدائر في البالد منذ‬ ‫أربع سنوات‪ ،‬على البنية التحتيّة والفوقيّة‪ ،‬فإنّ ما‬ ‫يقارب ‪ 1.2‬مليون منزل دمّر‪ ،‬جزئ ّيا ً أو كل ّياً‪ ،‬ما‬ ‫أجبر قرابة ‪ 4.25‬مليون شخص على التخلّي عن‬ ‫منازلهم‪.‬‬ ‫تنحدر دمعة «أبو صبحي» على خ ّده‪ ،‬ويغصّ‬ ‫حلقه بالمرارة‪ ،‬بينما يمرّ ر يديه على ما تب ّقى‬ ‫من جدران المنزل‪ ،‬معتنيا ً بالورود المتناثرة هنا‬ ‫وهناك‪ ،‬بعالق ٍة صوفيّة عميقة بينهما‪ ،‬يصرّ الحا ّج‬ ‫الخمسينيّ على أن يزرع الحبّ في األرض‪ ،‬بينما‬ ‫يُصبّ الموت من السماء‪.‬‬

‫طريف العتيق‬

‫هذا ما قاله المسعف عندما أصيب «ميشيل عبجي» في‬ ‫منطقة المعادي سوق الخضار إثر استهداف طيران النظام‬ ‫للسوق في األسبوع الفائت ضمن الحملة الشرسة التي‬ ‫يقوم بها النظام على المناطق الخارجة عن سيطرته والتي‬ ‫أسفرت عن عدد كبير من الضحايا والجرحى‪ ،‬وكانت‬ ‫تلك الهجمة أه ّم ما تناقله الناشطون على مواقع التواصل‬ ‫االجتماعيّ وعلى شاشات األخبار األسبوع الفائت‪.‬‬ ‫ولكن ضمن تناقل تلك األخبار وتداولها للرأي العام‬ ‫بدأت تعلو أصوات نشاز تشبه األصوات التي ع ّكرت‬ ‫صفو مرحلة جديدة تدخلها مدينة حلب مع إعادة إحياء‬ ‫المدينة المنكوبة والتي بدأت تتلوّ ن بع ّدة ألوان مع انطالقة‬ ‫ذكرى الثورة السوريّة لتبدأ عمليّة التخوين لقوى سواديّة‬ ‫كانت تك ّفر ك ّل من ليس معها فكر ّيا ً وأيديولوجيّا‪ ،‬مروراً‬ ‫بحادثة تمزيق العلم واالعتداء على الناشطين بحجّ ة أ ّنهم‬ ‫يرفعون «راية عمياء» أي علم االستقالل‪ ،‬والذي أطلق‬ ‫عليه اسم علم الثورة كرمز للثورة‪.‬‬ ‫وعند مرور تلك القوى على حادثة «ميشيل» صديق‬ ‫الثوّ ار كما ُسمّي في (فيديو) ّبثه ناشطون تخليداً لذكراه‬ ‫مستفيدين من لقاءات صوّ رت معه في فيلم اغتيال حلب‪،‬‬ ‫كونه رفض الخروج من المكان الذي اعتبره منزله ليدفن‬ ‫فيه أخيراً‪ ،‬ولكن رفضت تلك القوى التي تعمل على‬ ‫السيطرة والتي التحفت بعباءة الدين لتعتبر نفسها وصية‬ ‫على الشريعة والشرعيّة وتنصّب نفسها حاكما ً بقوّ ة هللا‬ ‫على األرض وتعطي صكوك غفران وت� ّ‬ ‫�وزع بطاقات‬ ‫الدخول إلى الجنة كونها الوصيّة على الدين‪ ،‬وتكون‬ ‫هي اآلمر الناهي في الحياة الدنيويّة لتص ّنف السوريّين‬ ‫ما بين كافر ومرت ّد‪ ،‬لتلغي من ال يناسبها وتخرج بكالم‬ ‫مفاده أنّ «ميشيل» ليس بشهيد ولك ّنها لم تطلق هذا الكالم‬ ‫ألنّ «ميشيل» لم ينطق الشهادتين قبل موته كما طلب‬ ‫من أسعفه‪ ،‬والذي لم يكن يعلم أ ّنه مسيحيّ ‪ ،‬بل كان قد‬ ‫ه ّم إلنقاذه كغيره من الضحايا‪ ،‬أل ّنه إنسان يجابه الموت‬ ‫المفروض عليه من النظام الطاغية؛ وهذا ما يرجعنا لحادثة‬ ‫مقتل «صالح ص��ادق» حين تعرّ ض ورفاقه للقصف‬

‫حاولت أن أبحث عن معنى الشهادة في‬ ‫القرآن الكريم‪ ،‬فأوّ ل ما وجدته معنى ال‬ ‫عالقة له بالجهاد‪ ،‬فالشهيد هو الذي يشهد‬ ‫المعامالت والبيع والشراء وغيرها من‬ ‫المعامالت قال تعالى (واستشهدوا شهيدين‬ ‫من رجالكم) أو كما خاطب السيّد المسيح بقوله (وكنت‬ ‫عليهم شهيداً ما دمت فيهم) أي حاضراً الحدث‪ ،‬والمعنى‬ ‫الثاني وهو الشهيد على الناس بعد إبالغ الرسالة‪( ،‬جئنا‬ ‫من ك ّل أمّة بشهيد وجئنا بك شهيداً على هؤالء) النساء‬ ‫‪( .41‬لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم‬ ‫شهيداً) البقرة ‪ .143‬ولم أجد في القرآن الكريم أيّة إشارة‬ ‫لكلمة الشهيد بمعنى من ضحّ ى بحياته أو مات من أجل‬ ‫ِين قُ ِتلُوا)‪ ،‬أمّا موضوع الشهادة فقد‬ ‫شيء ولكن وجدت (الَّذ َ‬ ‫ذكر في أحاديث الرسول الكريم حين قال (الشهداء خمسة‬ ‫المطعون والمبطون والغريق وصاحب الهدم والشهيد في‬ ‫سبيل هللا) أمّا اليوم فخرجت ثلّة تناطحت األمر ّ‬ ‫توزع‬ ‫الناس لفسطاطين ولم تكتف بذلك بل أيضا ً صادرت‬ ‫المفاهيم واعتبرتها أ ّنها تخصّ ما تنتمي إليه هي أو ما‬ ‫تريده هي فيقول قائل‪ :‬ليس من الحكمة أن نسمّي أخانا في‬ ‫اإلنسانيّة ميشيل شهيداً‪ ،‬فانبرى ّ‬ ‫أعزاء على قلبي وغيروا‬ ‫نقطة البحث إلى توزيع الناس على الج ّنة أو على النار‬ ‫وصبّ نسخ مفاتيح للج ّنة أو النار ومن الكالم غير الالئق‪،‬‬ ‫وهل هو في الج ّنة حقيقة أم ال؟ وكأنّ هذا األمر بيد البشر‪.‬‬ ‫فالرجل مسيحيّ ومصطلح الشهيد مصطلح إسالميّ وال‬ ‫يجوز أن تطلقه على غير المسلم‪ .‬وإن قلت ما هم ال‬ ‫ي ّتفقون عليه فتصبح أنت خارجا ً عن طاعة هللا وكاره‬ ‫لدين النبيّ ‪ ،‬وهذا ما قيل في أحد غرف النقاش السياسيّة‪:‬‬ ‫«أرى نفسا ً في هذه الغرفة غير صحّ يّ مطلقا ً فإمّا هو‬ ‫جهل بأبجديات الدين فهذا نعلّمه بتشديد الالم أو هو نفس‬ ‫قميء كاره لدين محمّد بن عبد هللا صلى هللا عليه وسلم‬ ‫فهذا ال ينبغي أن يكون بيننا»‪.‬‬ ‫بينما نجد النظام يحشد قوّ اته ومفاهيمه وح ّتى أبواقه‬ ‫الدينيّة كي ّ‬ ‫يوزعوا الناس أيضاً‪ ،‬أهل خير وأهل شر‪،‬‬ ‫دون التفرقة بين مذهب أو دين‪ ،‬ولكن النظام يتالعب‬ ‫بهذه المعاني ليخرج ك ّل من وقف معه هم أصحاب الح ّنة‪،‬‬ ‫ومن عاداه الويل لهم فهم في نار جه ّنم ونار صواريخه‬ ‫وبراميل حقده‪.‬‬ ‫نبيه مسرتيح‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪8‬‬

‫السنة الثانية‬

‫من حياة رجل‬

‫أُعلن استقالل سورية وهي تحت االنتداب الفرنسيّ‬ ‫في ‪ 28‬أيلول ‪ 1941‬بعد استعادة الحلفاء لسيطرتهم‬ ‫على البالد خالل الحرب العالميّة الثانية‪ ،‬وأُعلن في‬ ‫إثرها «تاج الدين الحسينيّ » كأوّ ل رئيس لسورية‬ ‫المستقلّة‪ .‬رغم بقاء أكثر أجهزة الدولة تابعة للمفوضيّة‬ ‫الفرنسيّة‪ ،‬وقد صرّ ح مسؤولو المفوضيّة بعدم وجود‬ ‫أيّة نيّة لتغير فعليّ قبل انتهاء الحرب العالميّة الثانية‪.‬‬ ‫وال يعتبر إعالن هذا االستقالل عيداً وطن ّياً‪ ،‬إ ّنما جالء‬ ‫القوّ ات الفرنسيّة عن سورية وخ��روج آخر جنديّ‬ ‫فرنسيّ منها في ‪ 17‬نيسان ‪ 1946‬هو ما يعتبر عيد‬ ‫الجالء واليوم الوطنيّ السوريّ ‪ ،‬الذي كان تتويجا ً‬ ‫لنضاالت السوريّين الطويلة والشا ّقة‪.‬‬ ‫لورنس جديد‬ ‫وليس عبثا ً أن يقال عن الرئيس «شكري القوّ تلي» إ ّنه‬ ‫«رجل االستقالل»‪ ،‬ففي حديث له مع مجلّة المصوّ ر‬ ‫المصريّة في آذار ‪ 1950‬قال الرئيس «القوّ تليّ » عن‬ ‫مرحلة ما قبل الجالء‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫«اعترفت دول العالم باستقالل سورية عدا دولة‬ ‫واحدة لم تعترف باالستقالل‪ ،‬هذه الدولة هي فرنسا‬ ‫التي احتلّت البالد بقوّ ة السالح في ‪ 24‬تمّوز ‪،1920‬‬ ‫ظ ّنا ً منها أنّ سورية هي امتداد لفرنسا عسكر ّيا ً وسياس ّيا ً‬ ‫واقتصاد ّياً‪ .‬وأضاف عن العالقات واألوضاع الدوليّة‪:‬‬ ‫لم تكن فرنسا لتعترف باستقالل سورية ببساطة‪ ،‬لوال‬ ‫جهود رجاالت سورية على اختالف مللهم وأطيافهم‬ ‫ُ‬ ‫شاركت في الكثير‬ ‫في السعي الستقالل بالدهم‪ ،‬وقد‬ ‫من المفاوضات مع البريطانيّين أصدقاء الفرنسيّين‬ ‫وشركائهم في الحرب على دول المحور في الحرب‬ ‫العالميّة الثانية‪ ،‬والمتعلّقة باستقالل سورية التا ّم عن‬ ‫فرنسا ودون أيّ قيد أو شرط»‪.‬‬ ‫وفصّل «القوّ تلي» في شخصيّة الجنرال البريطانيّ‬ ‫«سبيرس» المكلّف بمراقبة المفاوضات التي تدور بين‬ ‫سورية وفرنسا‪ ،‬قائالً‪:‬‬ ‫«في العام ‪ 1944‬كان الجنرال « السير إدوارد‬ ‫سبيرس» وزيراً مفوّ ضا ً ومندوبا ً فوق العادة لبريطانيا‬ ‫العظمى في سورية ولبنان وكان يراقب المفاوضات‬

‫التي تدور بين سورية وفرنسا باهتمام‪ ،‬إذ كان يهمّه أن‬ ‫تنجح وتؤ ّدي إلى حال من االستقرار بين البلدين‪ ،‬أل ّنه‬ ‫كان يحبّ الفرنسيّين ويعطف عليهم وأل ّنه كان يو ّد أن‬ ‫يكون شأنه في العرب شأن «لورنس العرب» الذي‬ ‫بزغ نجمه في الحرب العالميّة األولى ‪»..‬‬ ‫برق ّية للتفاهم‬

‫هنا‪ ،‬كشف الرئيس «القوّ تلي» للصحفيّ السوريّ‬ ‫«سعيد التلاّ وي» صاحب جريدة الفيحاء الدمشقيّة‬ ‫سابقاً‪ ،‬بعض األس��رار‪ ،‬فقد غ��ادر الرئيس سورية‬ ‫مضطرّ اً إلى مصر بعد أوّ ل انقالب عسكريّ في‬ ‫البالد‪ ،‬والذي قام به الزعيم «حسني الزعيم» عام‬ ‫‪ 1949‬فيقول‪:‬‬ ‫«في ذات يوم من أيّام صيف عام ‪ 1944‬زارني‬ ‫«السير سبيرس» في قصر الزبداني ليقول لي إنّ‬ ‫المستر «تشرشل» بعث ببرقيّة إليه يطلب فيها من‬ ‫رئيس الجمهوريّة السوريّة أن يعمل للتفاهم مع فرنسا‪،‬‬ ‫مؤ ّكداً لي أنّ بريطانيا شديدة الحرص على دوام‬ ‫عالقاتها الحسنة مع فرنسا‪ ،‬تلك العالقات التي تح ّتمها‬ ‫ضرورات الحرب المشتركة»‪.‬‬ ‫ويعلّق «القوّ تلي» على هذه الرسالة من خالل‬ ‫الحديث لمجلّة المصوّ ر‪:‬‬ ‫«‪ ..‬وق��د فهمت من ه��ذه الرسالة أ ّنها إن��ذار من‬ ‫«تشرشل» لسورية شبيه بإنذار الجنرال «غورو»‬ ‫الفرنسيّ ال��ذي احتلّت على إث��ره فرنسا سورية»‪.‬‬ ‫يضيف «القوّ تليّ » كيف ر ّد على رسالة «تشرشل»‬ ‫مذ ّكراً بتاريخ االنتداب ومواقفه مؤ ّكداً حتميّة رحيل‬ ‫فرنسا‪:‬‬ ‫«كظمت غيظي وقلت للجنرال «سبيرس» إ ّنك يا‬ ‫حضرة الجنرال ال تعرف التاريخ جيّداً‪ ،‬كان األمير‬ ‫فيصل صديقا ً حميما ً لبريطانيا‪ ،‬وكان يعلّق عليها اآلمال‬ ‫الكبار للوقوف إلى جانب العرب في سبيل الوصول‬ ‫لنيل حرّ يّتهم واستقاللهم‪ ،‬ولمّا ذهب إلى لندن عام‬ ‫‪ 1919‬بدعوة من رئيس الوزارة البريطانيّة المستر‬ ‫«لويد جورج» لمفاوضة الدولة العظمى في المسألة‬ ‫السوريّة‪ ،‬سلّمه الرئيس البريطانيّ مذ ّكرة تعني أنّ‬

‫العدد ‪29‬‬

‫بريطانيا قرّ رت جعل سورية‬ ‫مستعمرة فرنسيّة‪ ،‬ث ّم أحاله‬ ‫ل��وزي��ر الخارجيّة للبحث‬ ‫معه‪ ،‬وه��ذا ب��دوره ا ّتصل‬ ‫بـالمسيو «كيلمنصو» رئيس‬ ‫الوزراء الفرنسيّ وطلب منه‬ ‫موعداً لمقابلة األمير فيصل‬ ‫في باريس‪ ،‬وانتهت الوعود‬ ‫والعهود عند هذا الح ّد وسافر‬ ‫فيصل إل��ى باريس ودخل‬ ‫في مفاوضات مع الحكومة‬ ‫الفرنسيّة انتهت بوضع مشروع «فيصل – كيلمنصو»‬ ‫وحمله إلى دمشق‪ ،‬فقوبل المشروع بالرفض‪ ،‬ث ّم كان ما‬ ‫كان من أمر االحتالل الفرنسيّ وفرض االستعمار على‬ ‫هذه البالد‪ ،‬وغادرها فيصل وفي نفسه لوعة أل ّنه أراد‬ ‫من صميم قلبه أن تكون بالداً مستقلّة ولكنّ بريطانيا لم‬ ‫ترد ذلك؛ لقد غادر فيصل سورية وليس له فيها سوى‬ ‫كرسيّ بأربعة أرجل‪ ،‬أمّا أنا يا حضرة الجنرال فلي‬ ‫في هذه البالد تراث س ّتمائة سنة ولي فيها أهل وإخوان‬ ‫استشهدوا في سبيل االستقالل الذي أحرص عليه أنا‬ ‫وشعبي‪ ،‬فإذا كان المستر «تشرشل» يريد أن يفعل‬ ‫بي ما فعله المستر «لويد جورج» بالمرحوم فيصل‬ ‫فليثق بأنّ هذه الفعلة لن تت ّم‪ ،‬وليطمئنّ إلى أ ّنه لن يكون‬ ‫لفرنسا مقام في هذه البالد»‪.‬‬ ‫خاصة‬ ‫رسالة‬ ‫ّ‬ ‫يكمل الرئيس «القوّ تلي» سرد األحداث بالتفصيل‪:‬‬ ‫«‪ ..‬وبعد بضعة أيّام عاد الجنرال «سبيرس» إلى‬ ‫قصر الزبداني وقابلني هناك وقال لي‪ :‬يا سيّدي إ ّنني‬ ‫أحمل إليكم رسالة خاّصة من المستر «تشرشل» تناولت‬ ‫الرسالة‪ ،‬فإذا هي تنطوي على تأكيد من رئيس الوزارة‬ ‫البريطانيّة بالعطف على أماني الشعب السوريّ ‪ ،‬وقد‬ ‫صيغت بلهجة و ّديّة غير اللهجة السابقة‪ ،‬فسررت من‬ ‫ّ‬ ‫لحق الشعب السوريّ ‪ ،‬وسألت‬ ‫هذا التأكيد البريطانيّ‬ ‫الجنرال «سبيرس» عمّا كتب للمستر «تشرشل» فقال‬ ‫لي الجنرال إ ّنه أبرق لرئيس الوزارة بقصّة الكرسي‬ ‫ذو األربعة أرجل ‪ ...‬وهنا أ ّكدت له أنّ سورية ستكون‬

‫اإلنشائي‬ ‫عهدنا‬ ‫ّ‬

‫(من نصّ خطاب الرئيس األوّ ل لسورية شكري القوّ تلي في‬ ‫عهد االستقالل‪ ،‬والذي ألقي من شرفة الحكومة)‬ ‫بني وطني‪:‬‬ ‫هذا يوم تشرق فيه شمس الحرّ يّة ساطعة على وطنكم فال يخفق‬ ‫ّ‬ ‫الحق تدوّ ي فيه‬ ‫فيه إلاّ علمكم وال تعلو فيه إلاّ رايتكم‪ ،‬هذا يوم‬ ‫كلمته‪ ،‬ويوم االستقالل تتجلّى ّ‬ ‫عزته‪ ،‬يوم يرى الباطل فيه كيف‬ ‫تدول دولته وكيف تضمح ّل جولته‪...‬‬ ‫‪...‬أرى لزاما ً علينا في هذا اليوم التاريخيّ األغرّ أن أتوجّ ه‬ ‫ واإلكبار يتملّكني والخشوع يمأل جوانب نفسي ‪ -‬بالتحيّة‬‫والتمجيد إلى أرواح الشهداء األبرار الخالدين األطهار الذين‬ ‫غرسوا شجرة االستقالل بيدهم وسقوها بكريم دمهم فغدت‬ ‫في هذا اليوم المبارك وارفة الظالل أصلها ثابت وفرعها في‬ ‫السماء‪ ،‬أولئك الذين ماتوا ليحيا وطنهم قضوا لتبقى أمّتهم ‪..‬‬ ‫بني وطني‪:‬‬ ‫أتى على األمّة حين طويل من الدهر‪ ،‬فقدت فيه سيادتها‬ ‫وأضاعت مكانتها‪ ،‬جار عليها وتنافس في التح ّكم بها أجانب‬ ‫عنها ح ّتى أوشكت أن تفقد وجودها وتذوب في غيرها وتغدو‬ ‫حديثا ً يُروى وتاريخا ً غابراً يحكى‪ ،‬ولكنّ أصالة هذه األمّة وما‬ ‫أودعه هللا فيها من أسرار البقاء وما في نيّتها من مناعة ض ّد‬ ‫الفناء‪ ،‬جعل من هذه الحقبة الطويلة إغفاءة ال موتا ً وثباتا ال‬ ‫فناء‪..‬‬ ‫بني وطني‪:‬‬ ‫إنّ هذا االستقالل الذي ظفرنا به بفضل جهاد األمّة وقوّ ة‬ ‫عزمها وا ّتحادها هو أمانة الشهداء في أعناقنا لنورّ ثه أبناءنا‬ ‫سليما ً قو ّيا ً محترماً‪ ،‬فعلينا ألاّ نفرّ ط فيه وأن نتفانى دونه وأن‬ ‫نحيطه بسياج من دمائنا وأرواحنا‪ ،‬فاالستقالل مالكه التضحيّة‬ ‫وقوامه الفداء‪...‬‬ ‫يا أبناء الوطن‪:‬‬ ‫إ ّننا نطوي اليوم صفحة الجهاد في سبيل استقاللنا لنفتح صفحة‬ ‫الجهاد لصيانته وجعله واسطة إلسعاد األمّة ورقيّها وقد تكون‬ ‫صيانة االستقالل ّ‬ ‫أشق من الظفر به‪ ،‬وليس السبيل ‪ -‬إذاً ‪ -‬بهيّن‬ ‫وال بيسير وما هو أمام إرادة األمّة باألمر العسير‪ ،‬فلنتذرّ ع إذن‬ ‫بالعزم الماضي و اإلدارة المتينة‪...‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫لقد أورثتنا فقدان السيادة الوطنيّة أجياال وتحكم األجنبيّ فينا‬ ‫قرونا ً طواالً أمراضا ً ثقاالً‪ ،‬فواجبنا أن نعمل على تقوية أنفسنا‬ ‫وإصالح ما أفسده االستعمار الجتثاث بذور السوء التي بذرها‬ ‫في تربة الوطن الغالي‪ ،‬وإذا ك ّنا قد جاهدنا ح ّتى زوال االستعمار‬ ‫فعلينا أن نجاهد ح ّتى تعفى أثره ونقضي على ما خلّفه من أسواء‬ ‫ومفاسد‪...‬‬ ‫كان االستعمار عقبة كأداء تعترض تق ّدمنا ورقيّنا‪ ،‬ولن ترقى‬ ‫أمّة مستعبدة ما دامت الحرّ يّة عنصر التق ّدم األوّ ل‪ ،‬ث ّم ذهب‬ ‫هذا االستعمار إلى غير رجعة وجال الظالمون فما بكت عليهم‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫‪ / 17‬نيسان ‪2015/‬‬

‫ملف العدد‬

‫دعامة قويّة من دعائم السالم واالستقرار في الشرق‬ ‫األوسط وأ ّنها ستؤ ّدي رسالة الديمقراطيّة واإلنسانيّة‬ ‫خير أداء ي��وم تحرّ ر البالد نهائ ّيا ً من االحتالل‬ ‫األجنبيّ ‪..»...‬‬ ‫تاريخ رجل‬ ‫نال الشعب السوريّ استقالله التا ّم بعد ذلك الموقف‬ ‫بسنتين تقريباً‪ ،‬وغادر الرئيس «شكري القوّ تليّ » بعد‬ ‫انقالب ‪ 8‬آذار العسكريّ من عام ‪1963‬سورية إلى‬ ‫لبنان‪ ،‬حيث تو ّفي في بيروت عام ‪ 1967‬في دار‬ ‫مستأجرة‪...‬‬ ‫تقول ابنته الف ّنانة التشكيل ّية هالة‪:‬‬ ‫«عندما حملنا نعشه لندفنه في دمشق‪َ ،‬م َنعت السلطات‬ ‫آنذاك س ّكان المحافظات السوريّة من الحضور إليها‬ ‫كي ال يشاركوا في التشييع‪ ،‬وأبقتنا السلطات نحو أربع‬ ‫ساعات على الحدود إلى أن سمحت لنا بالدخول‪ ،‬ولما‬ ‫وصلنا إلى دمشق ظ ّل النعش محموالً على أصابع‬ ‫الناس‪ ،‬وهو يطوف ك ّل أحيائها‪ ،‬ح ّتى وصل إلى‬ ‫الجامع األمويّ حيث صلّوا عليه ثالث مرّ ات‪ ،‬وعند‬ ‫العودة إلى بيروت لم نستطع تجاوز الحدود إلاّ بعد‬ ‫ساعات من االنتظار الطويل والقاسي‪ .‬وعندما مُنعنا‬ ‫من إقامة حفل سنويّ على وفاته‪ ،‬أقمت له في بيروت‬ ‫معرضا ً ف ّن ّيا ً بعنوان (تاريخ أمّة في حياة رجل) وفيه‬ ‫ّ‬ ‫والمؤثرة في حياته»‪.‬‬ ‫ك ّل اللحظات التاريخيّة المهمّة‬

‫عبداهلل منديل‬

‫حفنات من الجالء‬

‫السماء واألرض وزال��ت العقبة وغدونا غير معذورين إذا‬ ‫نحن قصّرنا بعد اآلن في الجري مسرعين في مضمار التق ّدم‬ ‫واإلص�لاح‪ ...‬إ ّننا نو ّدع اليوم عهد الهدم وقد كانت له سبله‬ ‫وأساليبه‪ ،‬ونستقبل عهد البناء وله سبله وأساليبه‪ ،‬ك ّنا نقارع‬ ‫باألمس األجنبيّ المستعمر باعتباره مصدر ك ّل داء وأساس‬ ‫ك ّل بالء‪ ،‬فصار لزاما ً علينا أن نحارب اليوم الفقر وأن نب ّدد‬ ‫ظلمات الجهل وعلينا أن نكافح العلل الخلقيّة و النفسيّة كفاحنا‬ ‫لألوباء الجسميّة‪ ،‬علينا أن نصلح أداة الحكم وأن ننصرف إلى‬ ‫العمران وأن نع ّد الخطط والبرامج اإلنشائيّة بل والتجديديّة‬ ‫االنقالبيّة التي تؤ ّدي إلى رفع مستوى الفرد الخلقيّ والعلميّ‬ ‫واالقتصاديّ واالجتماعيّ ‪ ،‬وأن نفسح المجال أمام الكفايات وأن‬ ‫نصقل المواهب وأن نجلو الصدأ عن عبقريّة هذا الشعب الذي‬ ‫إذا أتيحت له الفرصة أتى في ميدان الحضارة بما أتى به آباؤه‬ ‫األوّ لون‪.‬‬ ‫علينا أن نرقى باقتصاديّاتنا بزراعتنا وصناعتنا وتجارتنا إلى‬ ‫المستوى الالئق بشعبنا الذكيّ الفعّال‪ ،‬علينا أن نقضي على‬ ‫البلبلة الثقافيّة والفوضى في مختلف مرافق العمل‪ ،‬علينا أن‬ ‫نصل بهمّتنا ودأبنا بين مجد الماضي ومجد اآلتي‪ ،‬على أنّ‬ ‫هذا المجد الذي نريد أن نشيّد بنيانه وأن ّ‬ ‫نوطد أركانه إ ّنما تقوم‬ ‫قواعده على تعاون أفراد األمّة وتكاتف القوى وتوجيه نشاطها‬ ‫نحو إسعاد الجموع وإعالء شأن الوطن‪.‬‬ ‫إنّ مثلنا األعلى الذي نتطلّع إليه ليدعو اليوم أبناء هذه األمّة‬ ‫إلى التجرّ د عن الهوى والترفع عن الصغار وإيثار المصلحة‬ ‫العامّة على الخاصّة والتفاني في رعاية القانون واحترام النظام‬ ‫والوالء للدولة‪ ،‬ومعرفة أنّ لقاء ك ّل ّ‬ ‫حق للفرد ال ب ّد من واجب‬ ‫عليه‪.‬‬ ‫وتقوم قواعد المجد اآلتي من الناحية األخرى على تحلّي‬ ‫الحكومة بالعدل مقرونا ً بالحزم وبالسهر على مصالح الشعب‬ ‫وتغليب سلطان القانون العادل على ك ّل سلطان وتنمية الكفايات‬ ‫ومعرفة أنّ ما كان يجوز في عهد االنتداب واالحتالل قد ال‬ ‫يجوز في عهد السيادة واالستقالل‪..‬‬ ‫وإ ّن��ي ألرج��و على ضوء ما أسلفت أن نمضي في عهدنا‬ ‫اإلنشائيّ في مساواة ال تفرّ ق بين األديان والمذاهب وال تقيم‬ ‫وزنا ً لعصبيّات األع��راق والطوائف‪ ،‬فنحن ح ّقا ً أمّة واحدة‬ ‫موحّ دة ال أقليّات فيها وال أكثريّات‪.‬‬

‫صباح يوم األربعاء في ‪ 17‬نيسان ‪،1946‬‬ ‫كانت سورية على موعد مع أوّ ل عيد وطنيّ‬ ‫حقيقيّ لها‪ ،‬فأفاقت لتستقبل عيد جالء آخر‬ ‫جنديّ فرنسيّ مستعمر‪ ،‬وكانت دمشق تض ّم‬ ‫في حناياها اآلالف المؤلّفة من الناس الوافدة‬ ‫من ك ّل حدب وصوب‪ ،‬ومن محافظات سورية‬ ‫ليشاهدوا أوّ ل حفل من نوعه يقام منذ ربع‬ ‫قرن‪.‬‬ ‫وقد كتبت جريدة «ب��ردى» الصادرة في‬ ‫نيسان من عام ‪:1946‬‬ ‫«وفي التاسعة والنصف تماما ً وصل موكب‬ ‫فخامة رئيس الجمهوريّة السيّد هاشم األتاسي‬ ‫على سيارة مكشوفة والى جانبه دولة رئيس‬ ‫مجلس ال��وزراء ووزي��ر الدفاع السيّد سعد‬ ‫هللا الجابري» ووصفت الجريدة جلوس‬ ‫الحاضرين من ملوك وأمراء ورؤساء‪ ،‬كما‬ ‫أوردت تفاصيل العرض العسكريّ الذي‬ ‫جرى في شارع القوّ تلي بدمشق‪ .‬والتقطت‬ ‫مرور وتسلسل الفرق المختلفة التي شاركت‬ ‫في االستعراض بالقول‪:‬‬ ‫«‪ ..‬ومرّ ت بعد ذلك‪ ،‬فرقة الموسيقى للك ّ‬ ‫شاف‬ ‫ووراءها مفرزة من الكشاف يحمل أفرادها‬ ‫أعالم البالد العربيّة‪ ،‬وكانت ظاهرة تحريريّة‬ ‫عرفتها دمشق ألوّ ل مرّ ة عندما مرّ ت السيّدات‬ ‫منتظمات في فرق الك ّ‬ ‫شافة فقوبلن بهتافات‬ ‫مجلجلة»‪.‬‬ ‫وأشارت الجريدة بعنوان «حفنات من تراب‬ ‫المحافظات» إلى لمحة مرهفة الحسّ قُ ّدمت‬ ‫برمزيّة عالية‪:‬‬ ‫«‪ ..‬وبعد انتهاء العرض العسكريّ تق ّدمت‬ ‫وفود المدن السوريّة لتضع بين يدي فخامة‬ ‫الرئيس حفنات من تراب المحافظات فكان‬ ‫لهذا الرمز الجميل معنى كبير في النفوس‬ ‫وهكذا انتهى العرض في جوّ حماسيّ ال‬ ‫يوصف»‪.‬‬ ‫ويذكر الكثيرون ممن حضروا مهرجانات‬ ‫واحتفاالت العيد األوّ ل للجالء أنّ المواكب‬ ‫الشعبيّة والعراضات في األحياء والساحات‬ ‫لم تتو ّقف أل ّي��ام‪ ،‬ليالً ونهاراً وفي مختلف‬ ‫المحافظات‪.‬‬ ‫ث ّم‪ ،‬كتب الشعراء السوريّون حول جالء‬ ‫قوّ ات االنتداب الفرنسيّ عن سورية العديد‬

‫من القصائد‪ ،‬ربّما كان من أشهرها قصيدة‬ ‫«ع��رس المجد» للشاعر عمر أبو ريشة‪،‬‬ ‫ومطلعها‪:‬‬ ‫يا عروس المجد تيهي واسحبي في مغانينا‬ ‫ب‬ ‫ذيول الشه ِ‬ ‫وأصبحت أغنية جميلة أيضاً‪ ،‬بعد أن لحّ نها‬ ‫الف ّنان اللبنانيّ فيلمون وهبه وغ ّنتها وقتئذ‬ ‫المطربة السوريّة سلوى مدحت‪ .‬كما لحن‬ ‫الف ّنان محمّد محسن قصيدة «جلونا الفاتحين»‬ ‫للشاعر بدوي الجبل وغ ّنتها المطربة الكبيرة‬ ‫سعاد محمّد‪.‬‬ ‫أمّا قصيدة «العذراء» للشاعر خير الدين‬ ‫الزركليّ التي تحكي درام ّيا ً دخول غريب إلى‬ ‫بيت سوريّ وقتل االبن ومحاولة اغتصاب‬ ‫االبنة‪ ،‬وتبدأ أوّ ل أبياتها‪:‬‬ ‫َس َكـ َن ْ‬ ‫ــت ْ‬ ‫ضوضــا ُء َمنْ في الحــيّ ‪ ،‬ال حـيَّ‬ ‫تــراهُ‬ ‫وغــفــــا الــثـّـائــــــــ ُر ال يـَ ْـلـ َهــ ُج إلاّ‬ ‫بـمُــنــــاهُ‬ ‫فقد ّأثرت بالف ّنان التشكيليّ عاصم زكريا‬ ‫الذي قال‪« :‬إنّ لوحة ميسلون استلهمتها من‬ ‫الملحمة الشعريّة التي كتبها الشاعر خير‬ ‫الدين الزركليّ ووصف فيها دخول المستعمر‬ ‫الفرنسيّ لسورية بقصيدة عنوانها «العذراء»‬ ‫فحكمت عليه السلطات الفرنسيّة باإلعدام‬ ‫وهرب على إثر ذلك إلى األردنّ »‪.‬‬ ‫وال تخلو أيّة قصيدة أو عمل ف ّني أو أدبيّ‬ ‫عن الجالء من ذكر معركة ميسلون ووزير‬ ‫الحربيّة البطل يوسف العظمة‪ ،‬لربط ذلك‬ ‫الموقف بالجالء النهائيّ ‪ ،‬ففي رائعة من‬ ‫روائ��ع الشاعر بدر الدين الحامد بمناسبة‬ ‫الجالء قصيدة شهيرة‪:‬‬ ‫يوم الجالء هو الدنيا وزهوتها‪ ،‬لنا ابتهاج‬ ‫وللباغين إرغا ُم‬ ‫يا راقداً في روابي ميسلون أفق‪ ،‬جلت فرنسا‬ ‫فما في الدار هضّا ُم‬ ‫ّ‬ ‫ولع ّل أغلب األعمال الفنيّة واألدبيّة الهامّة‬ ‫التي أنتجت وق ّدمت عن االستقالل ومقارعة‬ ‫االنتداب الفرنسيّ واالنتصارات التي ّ‬ ‫سطرها‬ ‫الشعب ال��س��وريّ ‪ ،‬هي تلك األعمال التي‬ ‫أنجزت بعد االستقالل‪ ،‬أمّا ما أنجز قبل ذلك‬ ‫فلم يبق منه شيء تقريباً‪ .‬طالل املفيت‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫اقتصاد و قانون‬

‫العدد ‪29‬‬

‫السوري‬ ‫االقتصادي‬ ‫قراءة في تقرير المنتدى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المنتدى االقتصاديّ السوريّ هو مؤسّسة فكريّة بحثيّة‬ ‫ابتكاريّة‪ ،‬يكرّ س عمله لبناء وطن حرّ ‪ ،‬تع ّدديّ مستق ّل‬ ‫يعتمد على اقتصاد قويّ يهدف إلى ضمان وتحقيق‬ ‫حياة حرّ ة لكا ّفة السوريّين‪.‬‬ ‫حلب هي أكبر مدينة في سورية والتي تع ّد أكبر‬ ‫المحافظات السوريّة من حيث تعداد الس ّكان‪ ،‬وتع ّد أكبر‬ ‫مدن بالد الشام‪ ،‬كانت المدينة عاصمة لمملكة يمحاض‬ ‫األموريّة وتعاقبت عليها بعد ذلك حضارات عديدة‪ ،‬تع ّد‬ ‫حلب من أقدم المدن المأهولة في العالم منذ بداية األلفيّة‬ ‫السادسة قبل الميالد‪ ،‬مثل هذا التاريخ ربّما يرجع إلى‬ ‫كونها نقطة تجاريّة استراتيجيّة في منتصف الطريق‬ ‫بين البحر المتوسّط وبالد ما بين النهرين وكونها في‬ ‫نهاية طريق الحرير الذي يمرّ عبر آسيا الوسطى وبالد‬ ‫ما بين النهرين‪ ،‬وبقيت هذه المدينة عاصمة اقتصاديّة‬ ‫لسوريّة رغم ك ّل المحن التي مرّ ت بها‪ ،‬وقد نالت لقب‬ ‫عاصمة الثقافة اإلسالميّة عام ‪ ،1986‬وخالل أحداث‬ ‫الثورة السوريّة تضرّ رت حلب بشكل كبير إنسان ّيا ً‬ ‫واقتصاد ّيا ً بفعل القصف‪ ،‬وتو ّقفت عجلة االقتصاد في‬ ‫المدينة وتعرّ ض الكثير من معالمها األثريّة للدمار‪.‬‬ ‫مدينة حلب في ظ ّل الثورة‪ :‬شهدت المدينة عدد من‬ ‫األح��داث بعد ان��دالع حركة االحتجاجات السوريّة‪،‬‬ ‫وأخذت بالتوسّع‪ ،‬وأصبحت يوميّة وتر ّكزت في ع ّدة‬ ‫أحياء مثل صالح الدين والسكري وبستان القصر‬ ‫وداخل جامعة حلب‪ ،‬وفي العديد من مناطق الريف‪،‬‬ ‫ومن ث ّم بدأت قوّ ات األسد في القصف العنيف لمدن‬ ‫الريف الحلبيّ وألحياء المدينة‪ .‬في حلب القوى‬ ‫المسيطرة حال ّيا ً تتقاسم أربع قوى رئيسيّة السيطرة‬ ‫على مختلف مساحات المحافظة دون أيّ تحديد لحجم‬ ‫السيطرة لك ّل جهة‪ ،‬وتعتبر االشتباكات الحاصلة بين‬ ‫القوّ ات الكرديّة وقوّ ات «داعش» من جهة وبين قوّ ات‬

‫األسد وقوّ ات الجيش الحرّ هي األكبر واألشرس بين‬ ‫الجهات المتصارعة‪ ،‬أمّا بالنسبة للمنافذ الحدوديّة‪،‬‬ ‫ترتبط حلب مع تركيّة بأربعة منافذ حدوديّة تسيطر‬ ‫قوّ ات الجيش الحرّ على اثنان منها‪ ،‬وتسيطر «داعش»‬ ‫على إحداها وقوّ ات الحزب الديمقراطيّ الكرديّ على‬ ‫المعبر المتب ّقي‪.‬‬ ‫االقتصاد في حلب «التجارة في حلب»‪:‬‬ ‫كانت حلب المدينة الثالثة من حيث النشاط التجاريّ‬ ‫في عهد الدولة العثمانيّة‪ ،‬فالتقاليد التجاريّة تضرب‬ ‫بجذورها العميقة في المدينة وتسري في دمها‪ ،‬وتعتبر‬ ‫غرف تجارة حلب من أقدم غرف التجارة في الشرق‬ ‫األوسط والعالم العربيّ التي تأسّست عام ‪،1885‬‬ ‫حيّ الشيخ نجّ ار أحد أضخم األحياء الصناعيّة في‬ ‫المنطقة يحت ّل مساحة ‪ 44121‬هكتاراً‪ ،‬وهناك الكثير‪،‬‬ ‫الفنادق الفخمة‪ ،‬مراكز معارض‪ ،‬وعدد من المنشآت‬ ‫الصناعيّة‪ ،‬اقتصاد حلب عماده صناعات النسيج‪،‬‬ ‫الصناعات الكيميائيّة‪ ،‬الصناعات الدوائيّة‪ ،‬الصناعات‬ ‫الغذائيّة الخفيفة‪ ،‬الصناعات الكهربائيّة‪ ،‬وهي مركز‬ ‫التصنيع األساسيّ في سوريّة وتصدير المنتجات‬ ‫الغذائيّة والصناعات الغذائيّة التحويليّة‪ ،‬وقد اكتسبت‬ ‫شهرة عالميّة بالصناعات المتعلّقة بزيت الزيتون‬ ‫وخاصّة العفرينيّ ‪ ،‬والفستق المعروف عالم ّيا ً باسمها‬ ‫الفستق الحلبيّ ‪ ،‬والزعتر الملكيّ المعروف‪.‬‬ ‫الصناعات التقليديّة في حلب‪ :‬حفظ الصناعات‬ ‫اليدويّة العريقة في أجزاء حلب القديمة كالحفر والنقش‬ ‫والصناعات النحاسيّة‪ ،‬وال تزال صناعة الصابون وفق‬ ‫الطرق القديمة المتوارثة أ ّبا ً عن ج ّد من أشهر األنواع‬ ‫وأجودها‪.‬‬ ‫قائمة الصناعات األساسيّة‪ :‬الكهربائيّات المنزليّة‪،‬‬ ‫صناعات هندسيّة مختلفة‪ ،‬صناعة األقمشة‪ ،‬صناعة‬

‫رامي سليمان‬ ‫«رغم الظالم المحيط»‬

‫«فلسطين ما بينعاش فيها‪ ،‬فلسطين هي لي بتعيش فيك‪ ،‬ومتلها‬ ‫الشام»‬ ‫ت ّم اعتقاله من قبل حاجز لجيش النظام قرب مدينة يبرود في‬ ‫‪ 7‬تموز ‪ ،2013‬رفض الفكرة التي طرحها أحدهم عليه السفر‬ ‫إلى أوروبا‪ ،‬شابّ سوريّ ‪ ،‬ليس بالهوية بل باالنتماء‪ ،‬عاش معظم‬ ‫حياته فيها‪ ،‬بعد أن ولد في ليبيا‪ ،‬لطالما ش ّكل ذلك معاناة له في‬ ‫إثبات هويّته‪ ،‬كانت هذه المشكلة أكثر ما يؤرقه‪ ،‬لكــنّ ألم فقــدان‬ ‫الوطـن والهــويّة لم يفقــده االنتماء الدائم لإلنسانيّة‪ ،‬تراه يحمل‬ ‫بعــض األغطــيّة لعائلة تشرّ دت‪ ،‬أو يناقش أوضاع النازحين‬ ‫وكيفيّة مساعدتهم في جلسة ما‪ ،‬وقد تراه متطوّ عا ً في إحدى‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات المحليّة أو الدوليّة ليساعد بعض الفاريّن من الحـرب‪،‬‬ ‫كما حــدث في حرب تمـوز ‪ ،2006‬حـين هـبّ كمعظم الشباب‬ ‫السوريّين لنجدة من فرّ من اللبنانيّين إلى سورية‪.‬‬ ‫رامي ســليمان‪ ،‬الشــابّ الضائع بين الهويّة وعتمة السجن‪،‬‬ ‫ال ب ّد أن يصرخ اآلن ألماً‪ ،‬أو لوالدة جديدة تعلن خروجه إلى‬ ‫النور ثانية‪ ،‬ومن يفتقده اآلن‪ ،‬بعض الالجئين الذين عمل على‬ ‫مساعدتهم بك ّل ما أوتي من محبة‪ ،‬ضاحكاً‪ ،‬غير آب ٍه بالموت‬ ‫المنتشر حوله‪.‬‬ ‫يح ّدثك عن مستقبل البالد‪ ،‬كما لو أ ّنه يراه بوضوح أمامه‪ ،‬ال‬ ‫يكفّ عن الحلم‪ ،‬ال تــعرف إن كان يح ّدثــك عن فلســطين أو‬ ‫عن ســورية‪ ،‬لكــنّ نــشاطه المستمرّ في القضايا السوريّة‪ ،‬منذ‬ ‫سنوات طويلة‪ ،‬وحديثه عن شوارع دمشق وحمص وسواهما‪،‬‬ ‫ينســيك فلسطينـــيّته‪ ،‬ويجــعــله سوريـّـا ً مـن القــلب‪ ،‬يبني‬ ‫مستقبله بدءاً من حجارة داريا وشوارعها التي ترعرع فيها‪ ،‬إلى‬ ‫جرمانا التي انتقاها ليعيــش شــبابه هناك‪.‬‬ ‫رامي‪ ،‬ذلك الشابّ الذي ال يم ّل الحبّ وال الحياة‪ ،‬يقبع اآلن في‬ ‫سجون ال يدخلها النور‪.‬‬ ‫رامي اآلن يبحث عــن أغنــية ينشـدها‪ ،‬ليُسمعها لزمالء‬ ‫الزنزانة‪ ،‬وليذ ّكرهم بأنّ ّ‬ ‫حق العودة إلى الحياة ما زال قائماً‪ ،‬رغم‬ ‫ك ّل الظالم المحيط‪.‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫السنة الثانية‬

‫‪ / 17‬نيسان ‪2015/‬‬

‫«اقتصادّيات حلب»‬

‫‪9‬‬

‫الخيوط‪ ،‬الصناعات الكيماويّة‪ ،‬صناعة األلبان‪ ،‬دباغة‬ ‫الجلود‪ .‬وتشير البيانات إلى االرتفاع الكبير في سعر‬ ‫الوقود والمحروقات‪ ،‬فعلى سبيل المثال فإنّ قيمة‬ ‫أسطوانة الغاز ارتفعت قيمتها من ‪ 1250‬إلى ‪5500‬‬ ‫ل‪.‬س وبشكل عام غير متو ّفرة‪ ،‬وكذلك بالنسبة ألسعار‬ ‫ليتر البنزين والمازوت أيضاً‪ ،‬هذا عن المحروقات‪،‬‬ ‫أمّا عن أسعار الموا ّد الغذائيّة فقد ازدادت أضعافا ً فقد‬ ‫بلغ كغ الفروج من ‪ 50‬ل‪.‬س إلى ‪ 580‬ل‪.‬س خالل‬ ‫األشهر الثالثة الماضية‪ ،‬وهذا ينطبق على جميع المواد‬ ‫الغذائيّة‪.‬‬ ‫تو ّفر المساعدات اإلنسانيّة لألسر‪ :‬تشير البيانات إلى‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات‬ ‫أنّ المساعدات اإلنسانيّة غير كافية‪ ،‬أمّا أه ّم‬ ‫التي تق ّدم مساعداتها اإلنسانيّة في محافظة حلب‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫منظمة‬ ‫منظمة ‪،ihh‬‬ ‫الهالل األحمر‪ ،‬جمعيّة البرّ ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ومنظمات أخرى‪.‬‬ ‫‪ ،acu‬جمعيّة اإلحسان‪،‬‬ ‫األحوال المعيشيّة لألسر في محافظة حلب‪:‬‬ ‫‪ -1‬ت��وف��ر الكهرباء ف��ي المساكن‪ :‬ت�� ّم جمع‬ ‫البيانات من نقاط االرتكاز حول مصادر الحصول‬ ‫على الكهرباء‪ ،‬ومتوسط ساعات استخدامها يوم ّياً‪،‬‬ ‫إنّ متوسّط استخدام الكهرباء في محافظة حلب ‪10‬‬ ‫ساعات يوم ّيا ً من مصادرها الثالثة‪ ،‬الشبكة العامّة أو‬ ‫من المولّدات الخاصّة أو من شراء األمبيرات‪.‬‬ ‫‪ -2‬إنّ ‪ %67‬من األسر في محافظة حلب أجابت‬ ‫بأنّ منازلها ما زالت موصولة على الشبكة العامّة‬ ‫للكهرباء الحكوميّة‪ ،‬إلاّ أ ّنها ال تصلها إلاّ نادراً ونسبة‬ ‫‪ %74‬يشترون الكهرباء عن طريق األمبيرات وجزء‬ ‫صغير من األس��ر ال يتجاوز ‪ %9,7‬لديه مولّدات‬ ‫خاصّة‪ ،‬وتسعى األسر لتأمين الكهرباء من الشبكة‬ ‫العامّة أو من شراء األمبيرات أو المولّدات الخاصّة‬ ‫لتأمين الكهرباء لفترة أطول من ‪ 10‬ساعات يوم ّيا ً‬ ‫وبمتوسّط تكلفة شهريّة تتجاوز ‪6042‬ل‪.‬س أي تقريبا ً‬ ‫ربع دخل األسرة الشهريّ ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫واقع المصانع في حلب‪ :‬من ناحية توفر عناصر‬ ‫اإلنتاج األساسيّة وحالة األمان في المصانع‪ ،‬علما ً أنّ‬ ‫هذه المصانع التي جمعت بياناتها ما زالت تعمل‪ ،‬وهي‬ ‫عبارة عن مصانع صغيرة الحجم‪ ،‬بينما هنالك أعداد‬

‫كبيرة من المصانع ال تعمل وهجرها أصحابها‪ ،‬حيث‬ ‫تبيّن أنّ نسبة المصانع التي أ ّكد أصحابها تو ّفر العمال‬ ‫بلغت ‪ %96,8‬ألنّ هنالك نسبة كبيرة من الس ّكان لم‬ ‫تهاجر‪ ،‬كما أنّ نسبة المصانع التي أ ّكد أصحابها تو ّفر‬ ‫الموا ّد األوليّة بلغت ‪ %80,6‬وذلك عن طريق االستيراد‬ ‫من تركيّة‪ ،‬بالنسبة لتو ّفر الكهرباء إ ّنها متو ّفرة بنسبة‬ ‫‪ %67,7‬من مصادرها المختلفة‪ ،‬لكن بمتوسّط عدد‬ ‫ساعات يوميّة منخفضة‪ ،‬أمّا بالنسبة للطلب على إنتاج‬ ‫المصانع هنالك طلب كبير تجاوز ‪ %77,4‬وبالنسبة‬ ‫لألمان أ ّكد أصحابها بنسبة ‪ %80‬أنّ األمان غير متو ّفر‪،‬‬ ‫لكن رغم الوضع الخطر هناك الكثير من المصانع ما‬ ‫زالت تعمل‪.‬‬ ‫التوصيات‪ :‬بناء على نتائج التقرير يوصي المنتدى‬ ‫االقتصاديّ السوريّ المجالس المحليّة بما يلي‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫‪ -1‬السعيّ لتأسّيس مكتب اقتصاديّ ممثال من‬ ‫ّ‬ ‫منظمات‬ ‫أعضاء المجالس المحليّة وأعضاء من‬ ‫المجتمع المدنيّ لالهتمام بالشأن االقتصاديّ ‪.‬‬ ‫‪ -2‬العمل على تأمين مياه الشرب عن طريق‬ ‫حفر اآلبار االتوازيّة‪.‬‬ ‫‪ -3‬تأمين اإلنارة للشوارع والمنازل عن طريق‬ ‫مشاريع تستخدم بطاريّات السيّارات‪.‬‬ ‫‪ -4‬تأمين ما ّدة الغاز من خالل مشاريع منزليّة‬ ‫بسيطة لضغط النفايات واستخراج غاز الميتان منها‪.‬‬ ‫‪ -5‬تتولّى المجالس المحليّة عمليّة توزيع‬ ‫المساعدات اإلنسانيّة‪.‬‬ ‫‪ -6‬إش��ادة منزل مسبقة الصنع لتأمين السكن‬ ‫لألسر النازحة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫‪ -7‬أخيراً نظرا للموقع الجغرافيّ لمدينة حلب‬ ‫وقربها من الحدود التركيّة ننصح أن يت ّم توحيد العمل‬ ‫االقتصاديّ من كا ّفة األطراف «المجالس المحليّة‪،‬‬ ‫الحكومة المؤ ّقتة‪ ،‬الفصائل الثوريّة» بوضع استراتيجيّة‬ ‫عمل موحّ دة يت ّم من خاللها االستفادة من المعابر‬ ‫الحدوديّة مع تركيّة‪ ،‬وإبرام اتفاقيّات يت ّم من خاللها‬ ‫تامين كا ّفة الموا ّد األساسيّة وتصدير الفائض الزراعيّ‬ ‫والصناعيّ من حلب إلى دول العالم من خالل المعابر‬ ‫التركيّة‪.‬‬

‫احملرر االقتصاد ّي‬

‫القانوني للسورّيين في تركيا‬ ‫المركز‬ ‫ّ‬

‫تعتبــر مســألة اللجــوء مــن أكبــر وأعقــد ما‬ ‫يتمخـّـض عــن الحــروب والنزاعــات المســلّحة‬

‫مــن معضــالت‪ ،‬ذلــك أنّ تشــريد مالييــن البشــر‬ ‫وخروجهــم مــن أماكــن ســكناهم ولجوئهــم إلــى‬ ‫دول مجــاورة التماســا ً لألمــان ال ّ‬ ‫يمثــل كارثــة‬ ‫إنســانيّة فحســب‪ ،‬وإ ّنمــا يرتــّب أيضــا ً نتائــج‬ ‫وأعبــاء تســتلزم جهــوداً دوليّــة جبــّارة لرعايــة‬ ‫هــؤالء الالجئيــن وضمان حقوقهــم ضمــن‬ ‫منظومــة قانونيــّة تحــ ّدد مركزهــم القانونــيّ ‪،‬‬ ‫وبالتالــي مــا يســبغ عليهــم هــذا المركــز مــن‬ ‫حقــوق وآليــّات عمــل تضمــن رعايــة وحفــظ‬ ‫هــذه الحقــوق‪.‬‬ ‫وفــق إحصــاءات غيــر رســميّة‪ ،‬فــإنّ أعــداد‬ ‫الالجئيــن الســوريّين فــي تركيــا تجــاوزت‬ ‫عتبــة المليــون إنســان ‪ ..‬وهــو أمــر خطيــر‬ ‫بــدأ يلقــي بظاللــه علــى الحيــاة االجتماعيــّة‬ ‫التركيّــة‪ ،‬وصــار مــا ّدة للتجــاذب السياســيّ‬ ‫فيهــا‪ ،‬فضــالً عــن مفاعيلــه االقتصاديــّة‬ ‫ومنعكســاتها علــى المجتمــع التركــيّ ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫حتـّـى وقــت‬ ‫متأخــر لــم يكــن للســوريّين أيّ‬ ‫توصيــف قانونــيّ لوجودهم فــي تركيــا بــل‬ ‫اكتفــت ســلطاتها بإســباغ صفــة (الضيــوف)‬ ‫علــى وجودهــم فيهــا‪ ،‬وتلــك الصفــة ال تمنــح‬ ‫ك حقوقــاً‪ ،‬إلاّ مــا‬ ‫هــؤالء (الضيــوف) بــال شــ ّ‬ ‫يجــود بــه المضيــف ‪ ..‬وبالتالــي لــم تكــن‬ ‫ثمّــة منظومــة قانونيّــة يمكــن االســتناد إليهــا‬ ‫ّ‬ ‫(حــق) يمكــن المطالبة بــه‬ ‫فــي معرفــة ما هــو‬ ‫والدفــاع عنــه‪ ،‬ومــا هــو (تفضّــل) ال يمكــن‬ ‫إلاّ أن تقبلــه كمــا هــو‪ ،‬وتشــكر المتفضـّـل بــه‬ ‫عليــك‪.‬‬ ‫ومــع صــدور (قانــون األجانــب والحمايــة‬ ‫الدوليـّـة) منتصــف عــام ‪ 2013‬بــدأ وضــع‬ ‫الســوريّين بالتبــ ّدل وصــار لهــم فــي تركيــا‬ ‫توصيفا ً ومركــزاً قانون ّياً‪ ،‬يفسّــر الصفــة التــي‬ ‫أُســبغت عليهــم بموجبــه والحقــوق التــي‬ ‫يكتســبونها تبعــا ً لتلــك الصفــة ‪ ..‬ما يعيدنــا‬ ‫لطــرح الســؤال‪ :‬هــل الســوريّ الجــئ أم هــو‬ ‫الجــئ بشــروط؟ أم تحــت الحمايــة الثانويـّـة؟‬ ‫الســور ّيون فــي تركيــا ليســوا الجئين‬ ‫لــم يكــن ممكنــا ً أن يص ّنف الســوريّون هنــا‬ ‫كالجئيــن‪ ،‬ألنّ تركيــا التــي و ّقعــت معاهــدة‬ ‫جنيــف الخاصّــة بوضــع الالجئيــن والمعتمــدة‬ ‫فــي ‪( 28\7\1951‬وهــي الوثيقــة الدوليــّة‬ ‫الوحيــدة التــي تعــرّ ف مــن هــو الالجــئ وما‬

‫هــي حقوقــه فــي الدولــة التــي لجــأ إليهــا‬ ‫واســتقبلته) قــد قيــّدت توقيعهــا علــى هــذه‬ ‫الوثيقــة بتح ّفظيــن أحدهمــا زمنــيّ واآلخــر‬ ‫جغرافــيّ ‪ ...‬فتركيــا ال تعتــرف وال تمنــح‬ ‫صفــة الالجــئ إلاّ ألشــخاص صــاروا الجئيــن‬ ‫تبعــا ً ألوضــاع حصلــت قبــل العــام ‪1951‬‬ ‫وحصلــت فــي أوروبــا حصــراً‪ ،‬وبالتالــي فهــي‬ ‫قيّــدت إســباغ هــذه الصفــة زمنيـّا ً ومكانيــّا ً علــى‬ ‫مــن تعــرّ ض ألوضــاع معيّنــة فــي أوروبّــا‬ ‫قبــل العــام ‪ ،1951‬وبالتالــي عمليّــا ً ليــس ثمــّة‬ ‫الجئيــن بالمعنــى القانونــيّ فــي تركيــا إطالقــاً‪.‬‬ ‫السوري الجئ بشروط أم هو تحت‬ ‫إذاً‪ ،‬هل‬ ‫ّ‬ ‫الحماية الثانو ّية؟‬

‫الالجــئ بشــروط هــو ليــس الجئــا ً بالمعنــى‬ ‫القانونــيّ الدقيــق للمصطلــح‪ ،‬إ ّنمــا هــو شــخص‬ ‫يخضــع للحمايــة التركيــّة وفــق وضــع خــاصّ‬ ‫يتــ ّم بموجبــه تســجيله فــي جــداول أمنيـّـة‬ ‫كمــا يســجّ ل لــدى المفوضيـّة الســامية لشــؤون‬ ‫الالجئيــن التابعــة لألمــم الم ّتحــدة لحيــن تو ّفــر‬ ‫بلــد لجــوء لــه يقبــل اســتقباله وتوطينــه‪،‬‬ ‫وخـالل ذلــك يمنــح هــذا الشــخص بطاقــة‬ ‫هويــّة خاصّــة كمــا يمنــح الخدمــات التعليميـّـة‬ ‫والصحّ يّة المجّ انيـّـة‪ ،‬وكذلــك أذونــات العمــل‬ ‫‪ ..‬لك ّنــه مقيّــد اإلقامــة فــي عــدد مــن المــدن‬ ‫ليــس مــن بينهــا المــدن الكبــرى كإســطنبول‬ ‫وأنقــرة وإزميــر‪ ،‬كمــا يتعيــّن عليــه إثبــات‬ ‫وجــوده أســبوع ّيا ً أمــام الشــرطة‪.‬‬ ‫أمّــا الحمايــة الثانويــّة‪ ،‬فهــي وضــع قانونــيّ‬ ‫يمنــح لــك ّل شــخص ال ينــدرج ضمــن الصنفيــن‬ ‫الســابقين لك ّنــه مهــ ّدد بخطــر العنــف أو المــوت‬ ‫أو التعذيــب فــي حــال عــاد أو أعيــد لوطنــه‪.‬‬ ‫وبالتالــي‪ ،‬فــإنّ الوضــع القانونــيّ للســورييّن‬ ‫هــو مزيج ما بيــن الحماية الثانويّــة والالجــئ‬ ‫بشــروط ‪ ..‬فالســوريّ هنــا – مــن غيــر‬ ‫أصحــاب اإلقامــات الســياحيّة أو االســتثماريّة‬ ‫– يــدرج اســمه فــي جــداول أمنيــّة ويمنــح‬ ‫بطاقــة هويــّة خاصّــة ومســتتبعاتها مــن‬ ‫خدمــات تعليميّــة وصحيّــة مجانيـّـة‪ ،‬فضـالً‬ ‫عــن أذونــات العمــل ‪ ..‬لك ّنــه ال يســجّ ل تلقائيّــا ً‬ ‫لــدى المفوضيــّة الســامية لشــؤون الالجئيــن‬ ‫كطالــب لجــوء وتوطيــن‪ ،‬بــل يتعيّــن عليــه‬ ‫القيــام بذلــك علــى نحــو فــرديّ ‪ ،‬كمــا أنـّـه‬ ‫غيــر مقيــّد اإلقامــة فــي مــدن معيّنــة كمــا هــو‬ ‫حــال الالجــئ بشــروط‪.‬‬

‫إذاً‪ ،‬يمكننــا القــول إنّ الســوريّ فــي تركيــا‬ ‫– طبعــا ً مــن غيــر الحاصلين علــى اإلقامــة‬ ‫الســياحيّة – هــو تحــت الحمايــة الثانويــّة‬ ‫التركيــّة مــع اســتفادته مــن بعــض مزايــا‬ ‫الالجــئ بشــروط‪ ،‬وهــو علــى مــا أعتقــد‬ ‫وضــع خــاصّ ومميـّـز بالســوريّين وحدهــم‪،‬‬ ‫وربّمــا مرتبــط باألعــداد الكبيــرة لهــم والتــي‬ ‫لــم تكــن منتظــرة أو متو ّقعــة‪.‬‬ ‫البطاقة التعريف ّية‪:‬‬ ‫مــن خـالل مــا تقــ ّدم علــى صعيــد التوصيــف‬ ‫القانونــيّ لوضع الســوريين فــي تركيــا‪،‬‬ ‫يمكننــا القــول‪ :‬إنّ البطاقــة التعريفيــّة التــي‬ ‫ُتمنــح للســوريّين ليســت إذن إقامــة بالمعنــى‬ ‫القانونــيّ ‪ ،‬وإ ّنمــا هــي هويــّة تعريفيـّة أمنيــّة‬ ‫تمنــح لمــن أُســبغت عليهــم الحمايــة وتتــداول‬ ‫بيــن النــاس علــى أ ّنهــا (إقامــة الجــئ) وهــي‬ ‫ّ‬ ‫الحــق فــي الحصــول علــى إذن‬ ‫تمنــح صاحبهــا‬ ‫ّ‬ ‫الحــق فــي‬ ‫عمــل مــن وزارة العمــل‪ ،‬وكذلــك‬ ‫الحصول علــى التعليم المجانــيّ فــي المــدارس‬ ‫التركيــّة‪ ،‬وكذلــك الطبابــة والرعايــة الصحّ يّــة‬ ‫المجانيّــة الكاملــة فــي المشــافي الحكوميّــة‬ ‫التركيــّة‪ ،‬كمــا ال تحــول دون ح ّقــه فــي‬ ‫قيــد نفســه وعائلتــه ضمــن طالبــي اللجــوء‬ ‫والتوطيــن فــي بـالد أخــرى عــن طريــق‬ ‫المفوضيــّة الســامية لشــؤون الالجئيــن ‪ ..‬لك ّنهــا‬ ‫ال تقيــّد الســوريّ بوجــوب اإلقامــة فــي مــدن‬ ‫محــ ّددة‪ ،‬وال تجبــره علــى مراجعــة مراكــز‬ ‫الشــرطة أســبوع ّيا ً إلثبــات وجــوده كمــا هــو‬ ‫حــال الالجــئ بشــروط‪.‬‬ ‫وهــذه البطاقــة ُتمنــح للســوريّين ح ّتــى لــو‬ ‫لــم يكــن لديهــم ثبوتيّــات كالهويّــة الســوريّة أو‬ ‫جــواز الســفر ‪.‬‬

‫احملامي غـزوان قرنفل‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪10‬‬

‫السنة الثانية‬

‫العدد ‪29‬‬

‫‪ / 17‬نيسان ‪2015/‬‬

‫في اإلعادة إفادة‬

‫الوعي والمعرفة‬

‫ق��راءة في كتاب «الوعي والمعرفة» من تأليف‬ ‫«تورغاي آلدمير» وترجمة عالء الدين حسّو من‬ ‫التركيّة إلى العربيّة‪ ،‬وقد صدرت طبعته األولى عن‬ ‫دار نشر «تيريكتاب» التركيّة‪ ،‬في كانون الثاني من‬ ‫عام ‪2015‬؛ ويقع الكتاب في ‪ 160‬صفحة من القطع‬ ‫المتوس ّ‬ ‫ّط‪ .‬ويتألّف الكتاب من مدخل وثالثة عشر قسما ً‬ ‫يبدأ عنوان ك ّل منها بكلمة «وعي»‪ ،‬وللمترجم «حسّو»‬ ‫مق ّدمة‪ ،‬وتعريف عنه في آخر الكتاب‪.‬‬ ‫المؤلّف «تورغاي آلدمير» من مواليد «ماالطيا»‬ ‫عام ‪ ،1967‬رئيس مجلس إدارة جمعيّة «بلبل زاده» و‬ ‫«منبر األناضول»‪.‬‬ ‫يقول «آلدمير» في مدخل كتابه «نحن واعون‬ ‫ومدركون لمسؤوليّتنا التاريخيّة‪ ،‬لذا ‪ -‬على الدوام‬ ‫– نج ّدد أنفسنا‪ ،‬نعرف ما هي مشكالتنا‪ ،‬نسعى‬ ‫إلى إيجاد وفتح طرق جديدة تالمس الواقع دون‬ ‫أن نتخلّى عن قيمنا الخاصّة» ويستدرك «ال‬ ‫يمكننا الصمت تحت مسمّى الواقعيّة عمّا يجري‬ ‫من ظلم وتعسّف»‪.‬‬ ‫في القسم األوّ ل يطالب المؤلّف بضرورة الوعي‬ ‫بالتج ّدد المستمرّ ‪ ،‬ويسأل «ما الذي فاتنا؟ وما الذي‬ ‫نملكه؟ وما الذي يمكن أن نفعله بما نملكه؟» ويؤ ّكد على‬ ‫أ ّنه بالتنظيم يمكن تحقيق الحرّ يّة والتحرّ ر‪ .‬أمّا قضيّة‬ ‫اليوم كما يراها في قسم وعي الزمان والمكان‪ ،‬فهي‬ ‫طرح األسئلة‪ :‬كيف؟ متى؟ وأين ستت ّم مقابلة األحداث‬ ‫الجارية؟ وه��ذه األح��داث بحسب الكتاب «واضحة‬ ‫كمشاعل‪ ،‬في الظلم واالحتالل والتهجير واإلبادة»‪ .‬في‬ ‫القسم ذاته يورد المؤلّف القيم التي يجب إشعالها في‬ ‫قلوب الشعوب المسلمة والتي يدعوها بالمواد األوّ ليّة‬ ‫ّ‬ ‫ويلخصها بالكلمات التالية‪ :‬التوحيد والعدالة والحرّ يّة‬ ‫والشرف‪.‬‬ ‫«ننهض ونتق ّدم خطوة إلى األم��ام» هكذا يفتتح‬ ‫«آلدمير» بعد عنوان‪ :‬وعي المسؤوليّة‪ ،‬استعراضه‬ ‫لتاريخ المنطقة ليستخرج الدروس بدءاً من ألف سنة‬ ‫قبل الميالد‪ ،‬ويذ ّكر بأنّ روّ اد األجيال ال ينجرّ ون خلف‬ ‫التاريخ‪ ،‬وإ ّنما هو من ينجرّ خلفهم‪ .‬هنا يبدو ارتباط‬ ‫القسم التالي والمتعلّق ب��اإلرث والوعي بالمسؤوليّة‬ ‫وثيقا ً الصلة بهذه الفكرة‪ ،‬إذ يرفض أن نبقى غائبين‬ ‫عمّا يجري من تطوّ رات‪ ،‬فالالمباالة ُتميت اإلنسانيّة‪،‬‬ ‫وخاصّة في موضوع يتعلّق بالمستقبل‪ .‬كما يرفض‬ ‫«الفراغ في الحياة» فسيأتي من يملؤه سريعاً‪.‬‬

‫في وعي ال��ذات‪ ،‬يعود مؤلّف الكتاب إلى مراحل‬ ‫االنقالبات من أيلول ‪ 1980‬مروراً بفترة «كابوس»‬ ‫‪ 1993‬إلى «القفزة اإليجابيّة عام ‪ »2007‬ليصل إلى‬ ‫«‪ 2010‬عام الوالدة من جديد» فيرى أ ّنه من الواجب‬ ‫معرفة إلى أين تذهب الجماعات؟ وكيف تطوّ رت ومع‬ ‫من تتح ّدث؟ وأنّ المفاهيم لوحدها لم تعد كافية‪ ،‬بل‬ ‫يجب بلورتها عبر مؤسّسات ليت ّم توضيحها للمجتمع‪،‬‬ ‫الذي يُبنى من خالل أفراد قادرين على استخدام عقولهم‬ ‫ي��ت��ط�لّ��ب م � ّن��ا‪:‬‬ ‫وإرادات��ه��م ال��ح��رّ ة‪ ،‬ف��ي عصر‬ ‫ال����م����رأة‪،‬‬ ‫التف ّكر مج ّدداً بقضيّة‬ ‫ي��ع��رف‬ ‫وإنشاء شباب‬

‫ك��ي��ف‬ ‫ي���ن���ت���ج‪،‬‬ ‫وأن تكون‬ ‫جوهر الشيء‬ ‫ال م���ظ���ه���ره‪.‬‬ ‫ف��ي القسم التالي‪،‬‬ ‫ي��وص��ل «آل��دم��ي��ر»‬ ‫الجذور‪،‬‬ ‫مفهوم األمانة باألمن من‬ ‫وعدم الخوف‪ ،‬و‬ ‫فالمعنى ي��ؤ ّدي إل��ى الثقة‬ ‫«علينا التحرّ ك في ك ّل أعمالنا وفق وعي األمانة» أمّا‬ ‫ضياعها فيعني «الخيانة»‪.‬‬ ‫يستند المؤلّف إلى أسطورة «العنقاء» من كتاب فريد‬ ‫ّ‬ ‫العطار «منطق الطير» ليؤ ّكد رؤيته لمفهوم وعي‬ ‫الدين‬ ‫ً‬ ‫المعيّة‪ ،‬فأن تكون فردا في مجتمع‪ ،‬يعني أن تق ّدم وتأخذ‪،‬‬ ‫ويفسّر أنّ «الروح العنقائيّة تولد من االعتقاد الفرديّ‬ ‫والكفاح معاً» كما يستشهد بمحمّد إقبال وناظم حكمت‪.‬‬ ‫كذلك‪ ،‬يسرد مؤلّف الكتاب قصّة ّ‬ ‫حذاء البلدة وطفل بقدم‬ ‫واحدة‪ ،‬ليرسم الرحمة كمنبع للصفات اإللهيّة الواجب‬ ‫ّ‬ ‫«تتجذر في أرواحنا» بما أ ّنها فطرة إنسانيّة‪ .‬هنا‪،‬‬ ‫أن‬

‫مذاهب أم طوائف؟‬ ‫ص ّنف «ع� ّ‬ ‫�زام أمين» الخطابات حول موضوع‬ ‫الطائف ّية في «كلمة مختصرة في مسألة الطائف ّية»‪،‬‬ ‫التي ُنشرت في العدد ‪ /28/‬من «ك ّلنا سور ّيون»‪،‬‬ ‫أساسي محدّد‬ ‫إلى قسمين‪ :‬قسم يرى أنّ الطائف ّية بعد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتوزع إلى‬ ‫«لما يحصل منذ آذار ‪ ،»2011‬وهو قسم‬ ‫ّ‬ ‫كعلوي‪ ،‬بالطائف ّية وتتهم‬ ‫فئتين‪ :‬واحدة «ت ّتهم النظام‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الطائفة بأكملها بالطائف ّية»‪ ،‬والثانية فئة‪ ،‬غالباً‪،‬‬ ‫توالي النظام «وت ّتهم الثورة والمعارضة بالطائف ّية»‪.‬‬ ‫أمّا القسم الثاني الذي ينكر وجود الطائفيّة فهو يتكون‪،‬‬ ‫غالباً‪ ،‬من فئتين‪ :‬فئة أولى تتكوّ ن من أشخاص لديهم‬ ‫دوافع وطنيّة مثاليّة زائ��دة‪ ،‬هي التي تعيقهم عن أن‬ ‫يكونوا واقعيّين فيعترفون بوجود الطائفيّة‪ ،‬وفئة ثانية‬ ‫من أشخاص مهووسين بإنكار الطائفيّة‪ ،‬ويتهمون بها‬ ‫مخالفيهم في الرأي‪ ،‬وهو حال يعتمده ّ‬ ‫عزام حين يتهم‪،‬‬ ‫في أغلب ظ ّنه‪ ،‬هذه الفئة المنخرطة «في تحليالت‬ ‫إيديولوجيّة ماركسيّة» عقيمة‪ ،‬في كتاباتهم المطوّ لة‬ ‫المع ّقدة المفلسفة والمتفلسفة التي هي ليست إلاّ إنكاراً‬ ‫عصاب ّيا ً مرض ّيا ً لدوافع طائفيّة دفينة تأصيلها يكون بـ‬ ‫«االنتماء بالالشعور لطائفة م ّتهمة بالطائفيّة»‪.‬‬ ‫هذه الفئة اﻷخيرة هي التي تثير حفيظة ّ‬ ‫عزام فيكتب‬ ‫في هجائها‪ ،‬وفي الحكم عليها‪ ،‬وفي فضح مسكوتها‪ ،‬في‬ ‫كلمة مختصرة تترفع عن محاورتها لسبب‪ ،‬قد يكون‪،‬‬ ‫أ ّننا نقرؤها وﻻ نفهم ما يريدون منها‪ ،‬فاقتصر ّ‬ ‫عزام‬ ‫لذلك على الرسالة المستفادة من كتاباتهم‪ ،‬والتي هي‬ ‫نكران مهوّ وس لوجود عيني للطائفيّة‪ ،‬هذا الوجود الذي‬ ‫يقرّ ره ّ‬ ‫عزام ويعتبره «من أخطر الظواهر التي يعاني‬ ‫منها المجتمع السوريّ قبل الثورة وبعدها»‪ ،‬غير أنّ هذه‬ ‫الظاهرة ليست بعداً وحيداً‪ ،‬بحسب ّ‬ ‫عزام‪ ،‬الذي يحرّ ك‬ ‫اﻷف��راد والفئات واألح��زاب ﻷ ّنه يتداخل مع العوامل‬ ‫«السياسيّة واﻻقتصاديّة والثقافيّة واﻻجتماعيّة والنفسيّة‬ ‫ويزداد تعقيداً بتشابكه معها»‪.‬‬ ‫بعد ه��ذا‪ ،‬وبالرغم من جهلي اﻷكيد بالذي كتبه‬ ‫متثاقفو اليسار الماركسيّ ‪ ،‬فإ ّني أ ّتفق مع ّ‬ ‫عزام مبدئ ّياً‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وأب��ادر بتوسيع هذا اﻻتفاق المبدئيّ قليال‪ ،‬فأقول‪:‬‬ ‫إنّ اإليديولوجيّات جميعها‪ :‬الماركسيّة‪ ،‬والقوميّة‪،‬‬ ‫والليبراليّة‪ ،‬وإيديولوجيا الخالفة‪ ،‬عاجزة عن مقاربة‬ ‫«واقع» على هذه الدرجة من التشابك والتعقيد‪ ،‬وأختلف‬ ‫معه في استخدام مفاهيم التحليل النفسيّ لمقاربه والحكم‬ ‫على مقاالت تتفلسف‪ ،‬ونقل الحكم على المقاﻻت إلى‬ ‫الحكم على اﻷشخاص‪ ،‬ﻷنّ هذا غير ذاك‪ ،‬وﻷنّ المقال‬ ‫المتفلسف ليس حلما ً خالل النوم‪ ،‬وال زلاّ ت اللسان في‬ ‫الحياة اليوميّة‪ ،‬وأختلف معه في توظيف أسطورة العلم‪،‬‬ ‫التي كانت مسيطرة في عصر اﻷنوار اﻷوروبيّ ‪ ،‬في‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫ظواهر اجتماعيّة سيّالة‬ ‫ومتغيّرة ف��ي طبيعتها‪،‬‬ ‫ت��ت��ج��اوب م��ع اﻻحتمال‬ ‫وت��ن��ف��ر م���ن ال��ت��ج��ري��ب‬ ‫المخبريّ ‪ ،‬فال يمكن‪ ،‬إذا‬ ‫كان اﻷمر كذلك‪ ،‬أن نماثل‬ ‫بين الظواهر اﻻجتماعيّة‬ ‫واﻷمراض إلاّ إذا ك ّنا نقرأ‬ ‫هذه الظواهر بالقياس إلى معيار ثابت مكتمل وقار‪ ،‬هو‬ ‫في حالتنا‪ :‬الحضارة اﻷوروبيّة!! الحال الذي يفسّر عمى‬ ‫اإليديولوجيّات ﻷ ّنها تشتغل بقياس الشاهد على الغائب‪.‬‬ ‫أمّا اﻷداة الثالثة التي يستخدمها ّ‬ ‫عزام في حكمه على‬ ‫المقاﻻت المذكورة‪ ،‬فهي‪ :‬مفهوم الواقع الذي يت ّم توظيفه‬ ‫في كلمته المختصرة بما هو مفهوم بسيط ﻻ يحتمل سوى‬ ‫قراءة واحدة صحيحة وما عداها انحراف مرضيّ ‪ ،‬رغم‬ ‫الذي قد صار معالجا ً ومفهوما ً عن هذا المفهوم بما هو‬ ‫تركيب يختزن العديد من العناصر المتباينة والمتناقضة‬ ‫التي تو ّفر له‪ ،‬بفعل تباينها وتناقضها‪ ،‬ديناميكيّة مفتوحة‬ ‫على اﻻحتماﻻت‪ ،‬إضافة إلى توسّط اللغة الذي يشترط‬ ‫مقاربات ه��ذا الواقع فتنضاف مشكالت اللغة إلى‬ ‫مشكالته‪ ،‬ممّا يفترض تع ّدداً في المقاربات والخيارات‬ ‫والخطابات‪ ،‬فتكون وتظهر المقاربة اﻷقرب إليه من‬ ‫خالل الحوار بين المقاربات الكثيرة‪ ،‬ﻷنّ الحوار فضاء‬ ‫رحب لتجديد وإغناء اﻹنسان في لغته وأدواته‪ ،‬ولهذا‬ ‫فهو الفضاء التي تتعاون على إغالقه قوى اﻻستبداد‬ ‫والعصبيّات‪.‬‬ ‫وبعد الذي سبق‪ ،‬قد صار من ح ّقي أن أعلن ا ّتفاقي‬ ‫مع متثاقفي اليسار‪ ،‬أولئك الذين ينكرون إنكاراً عصب ّيا ً‬ ‫مرض ّياً‪ :‬وجود الطائفيّة‪ ،‬مع الحذر والتح ّفظ ﻷنّ اﻵراء‬ ‫جميعها ﻻ تنبني على بحوث ميدانيّة في هذا الموضوع‬ ‫وﻻ بغيره‪ ،‬وﻻ تنبني على استطالعات رأيّ تتج ّدد في‬ ‫ك ّل مرّ ة‪ ،‬وهذا نقص خطير ﻻ يمكن معالجته اﻵن‪ ،‬ممّا‬ ‫يحكم على آرائنا جميعاً‪ :‬أ ّنها خيارات تنبني على موقع‬ ‫الشخص وثقافته وتجربته ومصالحه‪ ،‬وعلى المدى الذي‬ ‫ت ّتسق فيه أدواته المفهوميّة في عالقاتها البينيّة وفي‬ ‫عالقاتها بموضوعها‪.‬‬ ‫ولهذا‪ ،‬فقد تكون إحدى اﻹشكاالت هي في ضعف‬ ‫التمييز بين المذهب والطائفة‪ ،‬وهو ضعف قد تأسّس‬ ‫على التباس في المعاجم العربيّة‪ ،‬الحال الذي يفرض‬ ‫بمعان جديدة تحتملها ولم تكن‬ ‫شحنا ً لهذه المفهومات‬ ‫ٍ‬ ‫لها‪ ،‬ممّا يبيح لي القول‪ :‬إنّ المذهب تأويل لنصّ أساس‬ ‫مق ّدس‪ ،‬أو لنص قد تكرّ س كأساس دون أن يقترن‬ ‫بقدسيّة ما‪ ،‬وهو فعل ينشأ في حقل الثقافة وينحصر‬ ‫في مجالها‪ ،‬أمّا الطائفيّة فهي فعل في حقل السياسة يت ّم‬

‫ثقافة‬

‫يبرز مفهوم اإلحسان كضرورة مدعّمة بأرقام نستد ّل‬ ‫من خاللها على الحاجة اإلنسانيّة الواقعيّة الملحّ ة إليه‪.‬‬ ‫وفقدان الشعور باإلحسان والتعاون يسبّب الجوع‬ ‫والفقر‪ ،‬أمّا الغنى الحقيقيّ أليّ إنسان فهو عمل الخير‪.‬‬ ‫تأخذ «القدس» في وعي األمّة والقدس الحيّز األوسع‬ ‫من هذا القسم‪ ،‬ويضع «تورغاي آلدمير» نصّ العهدة‬ ‫العمريّة ليشير إلى مثال على القرارات التي تحمل بعداً‬ ‫سياس ّيا ً للمستقبل‪ .‬ويسلسل المؤلّف أه ّم األحداث التي‬ ‫مرّ ت في تاريخ القدس لنالحظ أنّ تحريرها كان دائما ً‬ ‫بتضافر الجهود بين عرب وترك وأكراد‪ ،‬وبمن فيهم‬ ‫النجّ ار الحلبيّ ‪.‬‬ ‫تبدأ قضيّة ما‪ ،‬لحظة اإليمان بها‪ .‬بهذا الفكرة يبدأ‬ ‫القسم الخاصّ بوعي الفرد – األسرة – المجتمع‪ .‬وير ّكز‬ ‫على إدراك أنّ «ك ّل أسرة من أسرنا هي مركز لتوليد‬ ‫القيم» وأنّ من أكبر التح ّديات التي نواجهها اليوم‬ ‫هي «انغالق الجماعات على ذاتها في زمن‬ ‫تشهد فيه الدولة والمجتمع تحوّ الً مدن ّياً»‬ ‫وينتقل الكاتب بذلك إل��ى المدينة‬ ‫والمدنيّة في قسم ّ‬ ‫يجزئه إلى أحد‬ ‫عشر عنوانا ً تعرّ ف بمراكز‬ ‫البحث في المدينة وأعمال‬ ‫المجتمع المدنيّ ووعي‬ ‫البيئة واألنشطة التعليميّة‬ ‫وال��ن��س��ويّ��ة وغ��ي��ره��ا‪،‬‬ ‫والفاعّليّات الثقافيّة وإدارة‬ ‫الموارد البشريّة‪.‬‬ ‫القسم األخ��ي��ر م��ن ك��ت��اب « الوعي‬ ‫والمعرفة» يتح ّدث عن وعي التعليم في تركيا الجديدة‪،‬‬ ‫وفيه يرى المؤلّف وجوب المحاسبة والمناقشة إليجاد‬ ‫الحلول للخروج من المناهج الجزئيّة‪ ،‬والتح ّدث عن‬ ‫«وجود يستند إلى مبادئ العقل واألخالق‪ ،‬علينا نهج‬ ‫طريق يتصالح مع ذاتنا ونقترب من العالم‪ ،‬دون أن‬ ‫نتغرّ ب»‪.‬‬ ‫ويخلص «آلدمير» إلى أنّ « التعليم والثقافة عنصران‬ ‫هامّان لنقل اإلنسان إلى الحرّ يّة والكرامة» وال يمكننا‬ ‫التفكير في الفصل بينهما‪.‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬يتناول كتاب « الوعي والمعرفة» القضايا‬ ‫األكثر حيويّة اليوم‪ ،‬واضعا ً يده على الجرح‪ ،‬مواجها ً‬ ‫األسئلة الملحّ ة‪ ،‬مقترحا ً الحلول عبر رؤية واضحة‬ ‫ودراسة موضوعيّة للتجارب اإلنسانيّة‪ّ .‬‬

‫بشار فستق‬

‫فيه تحويل الثقافيّ إلى سياسيّ عبر اإليديولوجيا من‬ ‫أجل اقتسام السلطة العامّة‪ ،‬فتكون الطائفيّة بهذا المعنى‬ ‫تشريح وتفتيت للسلطة‪ ،‬الحال اللبنانيّة نموذجاً‪ ،‬فالسلطة‬ ‫المركزيّة تتنافى مبدئ ّيا ً مع الطائفيّة‪ ،‬فال يمكن وصف‬ ‫سلطة اﻻستبداد المركزيّة بالطائفيّة إلاّ من باب الهجاء‬ ‫اإليديولوجيّ ‪ ،‬مع أنّ من طبيعة سلطة اﻻستبداد المركزيّة‬ ‫هذه أن تحافظ على التع ّدد المذهبيّ والقبليّ ‪ ،‬وأن ّ‬ ‫توظفه‬ ‫لصالحها فتعيق اﻻندماج الوطنيّ الذي تتو ّفر عناصره‬ ‫من خالل السوق اﻻقتصاديّة وفي التعليم وفي الجيش‪..‬‬ ‫إلخ من خالل إصرارها على إغالق الحقل السياسيّ ‪.‬‬ ‫المذهب مرن ويتحوّ ل ويستجيب لالندماج الوطنيّ‬ ‫والمواطنة نظر ّيا ً وتاريخ ّياً‪ ،‬محل ّيا ً وعالم ّياً‪ ،‬وهو يقبل‬ ‫أن يتحوّ ل إلى ما ّدة تتش ّكل طائف ّياً‪ ،‬غير الطائفة التي‬ ‫هي موقع عصبويّ قتاليّ يتنافى وجوده واستمراره مع‬ ‫الوطن والمواطنة‪.‬‬ ‫فالطائفيّة ليست جوهراً‪ ،‬إ ّنها مسار وصيرورة نحو‬ ‫السلطة عبر أحزاب إيديولوجيّة تندرج في صراع إقليميّ‬ ‫ودوليّ ‪ ،‬ﻻ تكتمل أدواتها إلاّ من خالل حصّة ك ّل منها‬ ‫في السلطة التي سترت ّد إلى مجتمع المذهب فتخلق تمايزه‬ ‫السياسيّ من خالل ضبطه وربطه بمصالحها‪،‬حينها‬ ‫يتحوّ ل المجتمع السوريّ إلى مجتمعات طائفيّة في‬ ‫سورية‪ ،‬وبال ّتالي‪ ،‬وح ّتى تتح ّقق هذه النتيجة البائسة‬ ‫والمخيفة‪ ،‬نحن في مسار متحوّ ل عالقات القوّ ة الحاكمة‬ ‫فيه‪ ،‬ح ّتى اللحظة‪ ،‬هي قوى طائفيّة مسلّحة‪ :‬اإلخوان‬ ‫والسلفيّون وأشباههم المدعومون من سلطات الخليج‬ ‫وحلفائها‪ ،‬وسلطة ماللي إيران المدعومة بحلفائها التي‬ ‫تشتغل على التشييع في المجتمع السوريّ كي يصير‬ ‫حزب إالهها‪ ،‬الذي يتش ّكل‪ّ ،‬‬ ‫مؤثراً في المستقبل السوريّ ‪،‬‬ ‫الحال الذي يستدعي ممّن يسعى إلى سورية الوطن‬ ‫والمواطنة إلى فضح هذه اﻷطراف وكشف غاياتها إلى‬ ‫أن تتو ّفر القدرة على تفكيكها وتذويبها في نظر وفعل‬ ‫وطنيّ جامع‪.‬‬ ‫وعليه‪ ،‬يصير مطلوبا ً من الذي يرى أنّ الطوائف‬ ‫واقع راكز في سورية‪ :‬أن ينسجم مع قناعته‪ ،‬نظر ّيا ً‬ ‫وأخالق ّياً‪ ،‬فيدعو إلى تمكين الطوائف من اقتسام السلطة‬ ‫طائف ّياً‪ ،‬لكي تسترخي الطوائف وترتاح ولو إلى حين‪.‬‬

‫فاضل فاضل‬

‫مدنّيتنا‪ ،‬عجيبة اإلنسان‬

‫*‬

‫ميخائيل نعيمة (‪)1988 – 1889‬‬ ‫ما بالنا نف ّتش عن األمن وقد دف ّناه في مجالس‬ ‫األمن؟ وعن السّلم وقد ك ّفناه بمعاهدات السلم؟‬ ‫وعن الحرّ يّة وقد بعناها في سوق النخاسة لعجوز‬ ‫شمطاء تدعى الديمقراطيّة؟ وعن اإلنسانيّة وقد‬ ‫ذبحناها وق ّدمناها إللهة عمياء اسمها الوطنيّة؟‬ ‫الله ّم أعطنا نوراً غير الذي يستقرّ في بؤبؤ العين‪،‬‬ ‫وسمعا ً غير الذي يقرع طبلة األذن‪ ،‬وش ّما ً غير‬ ‫الذي يسري في الخياشيم‪ .‬لعلّنا نبصر موكب‬ ‫الشمس خلف الغيوم‪ ،‬ونسمع معزوفة الريح في‬ ‫فحيح العواصف‪...‬‬ ‫لقد درج الناس على تقسيم السنة إلى أربعة‬ ‫فصول‪ .‬ث ّم شبّهوا العمر بالسنة‪ .‬فهم يتكلّمون عن‬ ‫ربيع العمر وصيفه وخريفه وشتائه‪ .‬ولك ّل كائن‬ ‫من الكائنات عمر‪ .‬بل لك ّل فكر ولك ّل عمل عمر‪.‬‬ ‫فليس من الغريب أن نتح ّدث عن أعمار الشعوب‬ ‫والممالك‪ ،‬وعن أعمار المدنيّات التي تشيدها‬ ‫الممالك والشعوب‪ .‬وإ ّني أللتفت إلى مدنيّة نحن‬ ‫فيها فأسأل نفسي‪ :‬ترى أين هي اليوم من عمرها‪،‬‬ ‫أهي في ربيعه أم صيفه أم خريفه أم شتائه؟‬ ‫من الناس من ال يتر ّدد في القول بأنّ مدنيّتنا في‬ ‫ميعة الربيع‪ .‬ومنهم من يقول إ ّنها اجتازت صيفها‬ ‫إلى الخريف‪ .‬ومنهم من يزعم أ ّنها في صميم‬ ‫الشتاء‪ .‬وهنالك فريق يؤمن أوثق اإليمان بأنّ‬ ‫مدنيّتنا قد اكتشفت سرّ الشباب الدائم فهي باقية‬ ‫ما بقي اإلنسان والزمان‪ .‬ولك ّل من هؤالء حجّ ة‬ ‫يسوقها وبرهان يدلي به ودالئل يستند إليها‪...‬‬ ‫أمّا األمر الذي ال يختلف فيه عاقالن فهو أنّ‬ ‫المدنيّة الحاضرة ما أدركت بعد وال هدفا ً من‬ ‫أهداف اإلنسان‪ .‬فهي ما أخرجتنا من ظلمة ح ّتى‬ ‫أوقعتنا في ظلمات‪ ،‬وال حرّ رتنا من وهم حتى‬ ‫كبّلتنا بأوهام‪ ،‬وال فتحت لنا بابا ً ح ّتى أقفلت في‬ ‫وجهنا أبواباً‪ .‬لئن ذلّلت لنا الماء والهواء فقد‬ ‫جعلتنا أر ّقاء للغاب والتراب‪ .‬ولئن وسّعت بطوننا‬ ‫ح ّتى ال تكاد تملؤها األرض والسماء فقد ضيّقت‬ ‫قلوبنا ح ّتى ال تكاد ت ّتسع لدرهم من العطف‬ ‫واللطف والحنان‪ .‬ولئن م� ّدت بأبصارنا إلى‬ ‫أقاصي الفضاء فقد حجبت بصائرنا عن أقرب‬ ‫ما ي ّتصل بنا من الكائنات‪ .‬وها نحن في مشاكلها‬ ‫كاألسماك في الشباك‪ .‬نتخبّط ذات اليمين وذات‬ ‫اليسار فما نهتدي إلى منف ٍذ للنجاة‪ .‬فنعود نتلهّى‬ ‫عن باليانا بإنزال أنواع الباليا بسوانا‪ .‬ونعود‬ ‫نتشاءم ونتعاير ونتقاتل‪ ،‬وكلّنا يلوم جاره ويحمله‬ ‫أوزاره‪ .‬فنحن ما فعلنا غير الخير ك ّل الخير‪.‬‬ ‫وجارنا ما فعل غير الشرّ ك ّل الشرّ ‪ .‬إذن فالموت‬ ‫لجارنا والحياة لنا‪...‬‬ ‫لقد تن ّكر اإلنسان لإلنسان‪ .‬فالقلوب جليد ونار‪،‬‬ ‫والعقول مك ٌر و َمين‪ ،‬والشفاه فخاخ وشراك‪،‬‬ ‫واأللسنة عقارب وأص�لال‪ ،‬والوجوه تضليل‬ ‫وتمويه‪ .‬تقاربت األجساد وتباعدت األرواح‪.‬‬ ‫وتشابكت المصالح الما ّديّة وتف ّككت األواصر‬ ‫المعنويّة‪ ،‬ح ّتى أصبح الناس وال شغل لهم إلاّ أن‬ ‫يقبّح بعضهم بعضاً‪ ،‬وأن يكيد بعضهم لبعض‪،‬‬ ‫وأن يرقص بعضهم في مآتم بعض‪...‬‬ ‫لعمري إنّ مدنيّة توغر قلب اإلنسان على أخيه‬ ‫اإلنسان لمدنيّة تقوّ ض أركانها بيدها‪ .‬وهل قامت‬ ‫المدنيات إلاّ بمجهود جميع الناس؟ وهل من غاية‬ ‫أليّة مدنيّة إلاّ النهوض باإلنسان من مستوى‬ ‫أدنى إلى مستوى أعلى؟ وأيّ خير في مدنيّة‬ ‫تحاول تعزيز اإلنسان بتذليله أو إحياءه بموته؟‬ ‫إ ّنها لمدنيّة ح ّل بها الخرف‪ ،‬فهي من عمرها في‬ ‫الشتاء‪.‬‬ ‫وأنا إذ أقول إنّ مدنيّتنا قد خرفت وإنّ ربيعها‬ ‫وصيفها وخريفها أصبحت وراءه��ا ال أقول‬ ‫ّ‬ ‫يحط من قدرها‪ .‬فقد قامت بواجبها وأ ّدت‬ ‫ما‬ ‫رسالتها‪ .‬بارك هللا فيها‪ .‬وال أنا أقول ما يزعج‬ ‫أو يزعل أحداً إلاّ الذين يعتقدون هذه المدنيّة‬ ‫أقوى من الزمان ومن تقلّبات اإلنسان‪ .‬وذلك‬ ‫اعتقاد صبياني‪ ،‬وإ ّنه لمن دالئل عظمة اإلنسانيّة‬ ‫وجبروتها وخلودها أن تخلع عنها المدنيّات كما‬ ‫تخلع األرض الفصول‪ ،‬وأن تتج ّدد بمدنيّاتها كما‬ ‫تتج ّدد األرض بفصولها‪.‬‬ ‫وإنّ فيما نشهده اليوم من زع��ازع وأعاصير‬ ‫تجتاح البشريّة لبشائر غالية كالبشائر التي‬ ‫تحملها إلينا أعاصير آذار وزعازعه‪ .‬فقريبا ً‬ ‫تنجلي السماء عن ربيع بكر إلنسانيّة ما فتئت‬ ‫تحبل بالعجائب وتلد العجائب وستبقى تحبل وتلد‬ ‫إلى أن تلد العجيبة الكبرى وهي عجيبة اإلنسان‬ ‫المنعتق من ربقة الفصول وقد عانق أخاه االنسان‬ ‫عناقا ً تص ّفق له المالئكة‪ ،‬وتباركه اآللهة‪ ،‬وتغ ّني‬ ‫له المسكونة بك ّل ما في قلبها من قوّ ة وغبطة‬ ‫وحياة‪.‬‬ ‫*الصفحات (‪ )61 – 53‬من كتاب «النور والديجور»‬ ‫مؤسسة نوفل – بيروت‪.‬‬ ‫بتصرف‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫ثقافة‬

‫االلتزام الجديد‬ ‫(عمل جديد ك ّل يوم‪ ..‬صفحة مفتوحة لك ّل الف ّنانين‬ ‫السوريّين والعرب‪ ،‬للتضامن مع الشعب السوريّ ‪،‬‬ ‫مع الحرّ يّة‪ ،‬ض ّد العنف‪ ..‬ك ّل أشكال التعبير التشكيليّة‬ ‫المعروفة مرحّ ب بها… توقيع الف ّنان الصريح مطلوب‪،‬‬ ‫أل ّنه بح ّد ذاته فعل تضامن)‬ ‫هذا تعريف صفحة «الفنّ والحرّ يّة» عن نفسها‪،‬‬ ‫وهي تكون بذلك من أوّ ائ��ل صفحات (الفيسبوك)‬ ‫التي تسهم في نشر الفنّ الجديد‪ ،‬وقد طالبت الف ّنانين‬ ‫الراغبين باالنضمام إليها ألاّ يو ّقعوا بأسماء مستعارة‬ ‫بل أن يصرّ حوا عن أسمائهم الحقيقيّة‪ ،‬وكان أن قبل‬ ‫ف ّنانون تشكيليّون – أكثرهم من الشباب ‪ -‬الشرط في‬ ‫مواجهة التشبيح المتو ّقع وحتى الحتماالت المالحقة‬ ‫من أجهزة النظام األمنيّة‪ ،‬وهذا يعني الكثير قياسا ً‬ ‫إلى ما قبل الثورة من حيث االلتصاق الجديد بمطالب‬ ‫المتظاهرين‪ ،‬فقد كان الفنّ التشكيليّ – عموما ً – ألصق‬ ‫بالنظام وأبعد عن الشعب‪ ،‬وكان بعض الف ّنانين ير ّدون‬ ‫ذلك إلى «جهل المجتمع» وال ن��دري كيف كانوا‬ ‫ينظرون إلى «فهم السلطة» للفنّ ؟!‬ ‫في أحاديث تمّت مع ف ّنانين تشكيليّن ساهموا في‬ ‫صفحة «الفنّ والحرّ يّة» على (الفيسبوك) عن تجاربهم‬ ‫ودور الثورة في بروز فنّ تشكيليّ سوريّ جديد يواكب‬ ‫عبر أدواته ومفرداته المتغيّرات الحاصلة في المجتمع‪،‬‬ ‫قال الف ّنان ياسر الصافي‪« :‬تحتل الصورة اليوم الحيّز‬ ‫األكبر في حاضرنا الثقافيّ ‪ ،‬من خالل وسائط االتصال‬ ‫اإللكترونيّة‪ ،‬التي كان لها دور في ّ‬ ‫الهزات العميقة التي‬ ‫أحدثتها الثورات في عالمنا العربيّ ‪ ..‬وأضاف‪ :‬التقط‬ ‫الشارع السوريّ مب ّكراً أه ّميّة تلك الوسائط إليصال‬ ‫صوته للداخل وللعالم‪ ،‬فكانت أشكال االحتجاجات‬ ‫الشعبيّة متنوّ عة ف��ي إط��اره��ا ال��م��رئ��يّ (فيديو‪،‬‬ ‫فوتوغراف‪ ،‬الفتات ساخرة‪ ،‬غرافيتي…)‪ ،‬وأمام تلك‬

‫العدد ‪29‬‬

‫السنة الثانية‬

‫‪ / 17‬نيسان ‪2015/‬‬

‫التحوّ الت لم يعد الف ّنان محايداً‪ ،‬فجاءت صفحة «الفنّ‬ ‫والحرّ يّة» استجابة لرغبة الف ّنانين بالتفاعل مع المحيط‪،‬‬ ‫ومن خالل وسيلة مشاهدة سهلة التداول عبر صفحات‬ ‫التواصل االجتماعيّ مثل (الفيسبوك)‪ ،‬فهي تقوم بدور‬ ‫مزدوج‪ :‬تعميق الحوار البصريّ بين مختلف الشرائح‪،‬‬ ‫وإدانة التسلّط السياسيّ وك ّل أشكال العنف الذي لحق‬ ‫بالمجتمع‪.‬‬ ‫أمّا الف ّنان أمجد وردة فيتح ّدث عن ال��دور الها ّم‬ ‫والوحيد لوسائل التواصل االجتماعيّ في تشجيع‬ ‫الحراك ودعمه ف ّن ّياً‪ ،‬قائالً‪ :‬بما أنّ (الفيس بوك)‬ ‫أحدث فرقا ً في العالم‪ ،‬وكان له دور في اندالع ثورات‬ ‫الربيع العربيّ ‪ ،‬فإنّ صفحة «الفنّ والحرّ يّة» كان لها‬ ‫هي األخرى دور في تشجيع الف ّنانين السوريّين على‬ ‫االنخراط بالحراك الشعبيّ ‪ ،‬خاصّة أ ّنها كانت في وقت‬ ‫من األوقات المنبر الوحيد‪ ،‬الذي يعرض معاناة الشعب‬ ‫السوريّ برؤية ف ّنيّة‪.‬‬ ‫وينظر الف ّنان محمّد عمران إلى الفنون األخرى فيجد‬ ‫تغيّراً أساس ّيا ً وإيجاب ّيا ً في تقبّل الحراك الثوريّ لها‪،‬‬ ‫أل ّنها – أي الفنون – رافقت تطلّعات الشعب السوريّ ‪،‬‬ ‫فتعاطف الشعب معها بدوره‪.‬‬ ‫ويعرّ ف الف ّنان ياسر الصافي مهمّة الفنّ بأ ّنه‪:‬‬ ‫عصيان الثابت مهمّة الفنّ المتحرّ ر من أيّ رقيب‬ ‫يح ّد من طاقته الالمحدودة‪ ،‬فالقليل من الوجدان يكفي‬ ‫كي ينحاز اإلنسان إلى صرخة األطفال في درعا‪،‬‬ ‫وإلى المظاهرات السلميّة المطالبة بالحرّ يّة والمساواة‬ ‫والعدالة‪ ،‬التي واجهتها السلطة بالرصاص والعنف‬ ‫ّ‬ ‫المكثف‪ ،‬الذي أدخل البالد في دوّ امة القتل اليوميّ‬ ‫(فعل ور ّد فعل) من بعض المجموعات المنفلتة من قيم‬ ‫الثورة‪ ،‬وهذا ما يجب إدانته بجرأة‪.‬‬ ‫وعن الحالة التي بدأ بها الف ّنان أمجد وردة تجربته‬ ‫قبيل التصريح باسمه للصفحة يقول‪ :‬تر ّددت طبعا ً قبل‬ ‫أن أرسل أعماالً مسجّ لة باسمي للصفحة‪ ،‬خاصّة وأ ّني‬ ‫كنت رابع أو خامس مشارك‪ ،‬غير أ ّنني قرّ رت المشاركة‬

‫‪11‬‬

‫باسمي ألشجّ ع غيري‬ ‫من الف ّنانين السوريّين‪،‬‬ ‫فال ب ّد ألحد أن يخطو‬ ‫الخطوة األولى‪ ،‬وكان‬ ‫الف ّنان يوسف عبدلكي‬ ‫بعمله الرائع «شهيد‬ ‫درع��ا» أوّ ل من قام‬ ‫بهذه الخطوة‪ ،‬وبعده‬ ‫تتالت المشاركات‪،‬‬ ‫وهكذا تشجّ عت‪.‬‬ ‫وي���وض���ح أم��ج��د‬ ‫وردة موقفه ومشاعره كف ّنان بالقول‪ :‬الشباب السوري‬ ‫يق ّدم الدم في الشارع‪ ،‬وأق ّل ما يمكن أن نق ّدمه نحن‪ ،‬هو‬ ‫اللون األحمر على لوحة معنونة باسمنا‪..‬‬ ‫زالت حدود الفنّ التي كان يضعها النظام كسلطة‬ ‫تطالب بالمديح وتمجيد رموزه‪ ،‬وأصبحت المطالبة‬ ‫بمفردات كالكرامة والحرّ يّة الهدف األعلى للفنّ ‪،‬‬ ‫وأصبح التطلّع إلى سورية الجديدة التي ي ُدفع ثمنها من‬ ‫دماء الشهداء موضوعا ً أساس ّيا ً لفنون الثورة التشكيليّة‬ ‫وغيرها‪.‬‬ ‫يد ّقق الف ّنان محمّد عمران مفهوم االلتزام الجديد‬ ‫قائالً‪ :‬إنّ االلتزام بشكل عا ّم ليس بالشيء الجديد على‬ ‫التشكيل السوريّ ‪ ،‬ولكنّ التناول للحدث السوريّ هو‬ ‫األمر المستحدث؛ الفنّ الملتزم هو حالة غير طارئة‬ ‫على التشكيل السوريّ ‪ ،‬غير أنّ المواضيع اليوم هي‬ ‫سوريّة بحتة‪ .‬ويعطي الحرّ يّة للف ّنان بقوله‪ :‬أعتقد أ ّنه‬ ‫من الواجب على التشكيليّ في هذا الظرف أن يدوّ ن ما‬ ‫يحدث بطريقته الخاصّة‪.‬‬ ‫وحول عالقة الف ّنانين فيما بينهم وعالقتهم بالمجتمع‪،‬‬ ‫وكيف يمكن أن تتطوّ ر يقول الف ّنان الصافي‪ :‬عبر أهداف‬ ‫ّ‬ ‫المتمثلة في تطوير قواعد االلتقاء‬ ‫العمل الجماعيّ الف ّني‬ ‫الفكريّ والحضاريّ ‪ ،‬وفتح نقاش يتناول المعوّ قات‬ ‫المحيطة باإلبداع (دينيّة‪ ،‬سياسيّة‪ ،‬اقتصاديّة)‪ ..‬وما‬

‫خلقته الثورة من عالقة ف ّنيّة مجتمعيّة جديدة‪ ،‬فهناك‬ ‫عالقة جديدة بين الف ّنان والمجتمع‪ ،‬فرضتها األسئلة‬ ‫المصيريّة للواقع الدامي في سورية‪ ،‬والدور التفاعليّ‬ ‫للف ّنان كفاعل في إعادة المنظومة األخالقيّة التي دمّرتها‬ ‫األنظمة الديكتاتوريّة‪ ،‬وما نتج عنها من خراب روحيّ‬ ‫عميق‪.‬‬ ‫وب��دوره يعرّ ف الصافي االلتزام الجديد بالثورة‬ ‫وسورية الجديدة‪ :‬االلتزام هنا ليس أيديولوج ّيا ً أو عقائد ّيا ً‬ ‫لتأطير القلب والعقل‪ ،‬كما لحق بجزء كبير من الرسم‬ ‫العربيّ لفترة طويلة في التاريخ الحديث‪ ،‬والذي ح ّددته‬ ‫المؤسّسات الرسميّة على مقاس خطابها التعبويّ ‪ ،‬من‬ ‫دون االنتباه أله ّميّة النزعة الفرديّة‪ ،‬والتي هي سبب‬ ‫لك ّل ابتكار‪ .‬ويضيف الصافي مش ّدداً على استقالليّة‬ ‫الف ّنان‪ :‬ال توجد مشكلة في معالجة الرسم للمضامين‬ ‫االجتماعيّة والسياسيّة بشرط أن تعالج وفق رؤية ف ّنية‬ ‫مستقلّة‪.‬‬ ‫ويُجمع أغلب الف ّنانين المساهمين في «الفنّ‬ ‫والحرّ يّة» على أه ّميّة (األنترنت) وما تتضمّنه من‬ ‫مواقع إلكترونيّة أو مواقع للتواصل االجتماعيّ ‪ ،‬ومنها‬ ‫(الفيسبوك) التي ش ّكلت منبراً حرّ اً حقيق ّيا ً للف ّنانين‬ ‫السوريّين‪ ،‬خاصّة وأ ّنهم حُرموا طويالً من ح ّقهم في‬ ‫التعبير عن أنفسهم ومجتمعهم‪.‬‬

‫حسيب م‪ .‬عدي‬

‫أغاني القبّة‬

‫إمكانّيات كبيرة ّ‬ ‫وحظ قليل‬ ‫ما هي بـ «ربا» بل هي جبال فنّ ‪ ،‬قوامها صوت‬ ‫جميل واسع في الجواب والقرار‪ ،‬له جاذبيّته ودفؤه‬ ‫الموسيقيّ ‪ ،‬وأداء كيّس متقن لك ّل النغمات‪ ،‬قال‬ ‫عنها الناقد الموسيقيّ صميم الشريف «صوت‬ ‫خارق لم يُسمع مثله منذ خمسين عاماً»‬ ‫ص ّنفها الكثيرون بأ ّنها الصوت األجمل في‬ ‫تاريخ الغناء العربيّ بعد صوت أ ّم كلثوم والبعض‬ ‫وضعها في صفّ أ ّم كلثوم‪.‬‬ ‫ولدت المغ ّنية ربا الجمال واسمها األصليّ‬ ‫«زوفيناز خجادور قره بتيان» في مدينة حلب‬ ‫بسورية عام ‪ 1966‬ألبّ حلبيّ من أصل أرمنيّ‬ ‫وأ ّم لبنانيّة‪ ،‬بدأت مشوارها الفنيّ بشكل فعليّ في‬ ‫عام ‪ 1975‬عندما اعتمدت كمطربة في إذاعتي‬ ‫بيروت ودمشق عام ‪ 1979‬التي كانت تفتخر بأ ّنها‬ ‫ح ّققت االنتشار من خاللهما وقد اشتهرت بأداء‬ ‫أغاني الكبار من أمثال أ ّم كلثوم وأسمهان‪ ،‬قيل‬ ‫إنّ عائلة ربا الجمال لم تكن في بداية مشوارها‬ ‫الفنيّ موافقة أن تكون مغنيّة‪ ،‬بل كانت تريدها أن‬ ‫تدرس الطبّ ‪ ،‬ولهذا سافرت إلى باريس ث ّم لندن‪،‬‬ ‫وهناك تعرّ فت على مدير فرقة األوبرا الذي أعجب بقوّ ة‬ ‫صوتها ال(سوبرانو) وطلب منها أن تشارك في مهرجان‬ ‫(ماريا كاالس) الذي ض ّم ‪ 30‬مشاركة من ع ّدة دول أوروبيّة‬ ‫وأجنبيّة‪ ،‬فنجحت فيه وأخذت المرتبة األولى وأخذت لقب‬ ‫أعلى صوت نسائيّ في العالم‪ ،‬ومن األلقاب التي حصلت‬ ‫عليها في المهرجان (سيّدة األناقة والرقيّ )‪( ،‬أفضل قرار‬ ‫سوبرانو)‪.‬‬ ‫يشاع أيضا ً أ َّنه كان لربا مزاجيّة حا ّدة دفعتها لتعاطي‬ ‫المه ّدئات بشكل كبير ويعزي المطلعون على حياتها ذلك إلى‬ ‫أنَّ السبب هو زواجها الفاشل الذي لم يستمرّ ألكثر من خمس‬ ‫سنوات‪.‬‬ ‫بداياتها االحترافيّة كانت في الثمانينيّات من القرن الماضي‪،‬‬ ‫حيث تب ّنى موهبتها الموسيقار الفلسطينيّ رياض البندك ولحّ ن‬ ‫لها العديد من األغنيات‪ ،‬ث ّم ق ّل نشاطها الفنيّ كثيراً إلى أن‬ ‫انطلقت االنطالقة القويّة عند زيارتها للقاهرة حيث شاركت‬ ‫في حفل المؤتمر الرابع للموسيقى العربيّة في تشرين الثاني‬ ‫عام ‪ 1995‬والذي أقيم في دار األوبرا المصريّة مع الفرقة‬ ‫القوميّة للموسيقى العربيّة بقيادة المايسترو سليم سحاب‪ ،‬وغ ّنت‬ ‫فيه العديد من األغاني الطربيّة منها (أنت عمري)‪( ،‬افرح يا‬ ‫قلبي)‪( ،‬عودت عيني)‪( ،‬يا ليلة العيد)‪ ،‬والتي أذهلت جميع‬ ‫الحاضرين بأدائها وظلّوا واقفين يص ّفقون لها لم ّدة ربع ساعة‪،‬‬ ‫وت ّم منحها كتاب شكر وتقدير من المؤتمر‪ ،‬وأعلن الموسيقار‬ ‫محمّد سلطان عام ‪ 1982‬أ ّنها «إذا قبلت أن تبقى في القاهرة‬ ‫لعام واحد فسيجعل منها أه ّم مطربة في عصرها»‪ ،‬لحّ ن‬ ‫لها مجموعة من الملحنين‪ ،‬منهم (سهيل عرفة‪ ،‬سعيد قطب‪،‬‬ ‫فاروق الشرنوبي‪ ،‬نجيب السرّ اج وغيرهم)‪.‬‬ ‫غ ّنت قصيدة (لماذا تخليت ع ّني) شعر نزار قبّاني وتلحين‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫األسدي»‬ ‫المؤرخ والشاعر «خير الدين‬ ‫ولد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ع��ام ‪ 1900‬في حلب‪ ،‬وتو ّفي فيها عام‬ ‫‪ ،1971‬استغرق في كتابة «موسوعة حلب‬ ‫وسجل فيها تراث حلب‬ ‫المقارنة» ‪ ٣٠‬عاماً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ي من حكم وأمثال وعادات وأخبار‪،‬‬ ‫غير المادّ ّ‬ ‫وبحث في جذور كلمات اللهجة الحلب ّية بحثا ً‬ ‫عميقا ً متم ّيزاً‪.‬‬

‫شاركت في إحياء مهرجان قرطاج بتونس سنة ‪1998‬‬ ‫وكتبت عنها الصحافة التونسيّة وقتها «إ ّنها صوت كلثوميّ‬ ‫من عيار ‪.»24‬‬ ‫شاركت في حفلة تكريم محمّد عبد الوهاب‪ ،‬حيث غ ّنت‬ ‫دويتو «قيس وليلى» مع وديع الصافي‪ ،‬كانت ربا تقول دائماً‪:‬‬ ‫إ ّنها ال تحبّ الفيديو كليب وال ترى نفسها فيه أل ّنها كانت‬ ‫تعتبره فقط من أجل عرض األزياء واألجساد على الشاشة‬ ‫وكأ ّنه سوق للرقيق يت ّم فيه التنافس إلظهار المفاتن فقط‪ ،‬وال‬ ‫ّ‬ ‫يمت للفنّ بأيّة صلة‪ ،‬ولهذا نراها مبتعدة بشكل كامل عن تقديم‬ ‫أغانيها على طريقة الفيديو كليب عربي‪.‬‬ ‫قال فيها الشاعر إلياس ناصر‪ :‬صوت ربا الجمال صوت‬ ‫المس العمالقة في النوعيّة وفي القدرات‪ ،‬إ ّنها زهرة في‬ ‫روض واسع اآلفاق‪ ،‬بقيت بريّة… ‪ .‬وتشهد لها المطربة‬ ‫جاهدة وهبه‪ :‬ربا الجمال صوت ماسيّ ‪..‬يتن ّقل بين أصناف‬ ‫الغناء بعمق وعذوبة ويرقص على سلّم الدرجات الموسيقيّة‬ ‫بخ ّفة وسالسة‪ ..‬يتسلّقها من خفيض إلى أعلى فأعلى بطواعية‬ ‫ودراية‪.‬‬ ‫تو ّفيت ربا الجمال عام ‪ 2005‬كانت جنازتها متواضعة‬ ‫ج ّداً لم يحضرها سوى المقرّ بين‪ ،‬وأخيراً فإنّ ربا الجمال‬ ‫عصفور غرّ د في غير زمانه‪ ،‬فكان ّ‬ ‫حظه قليالً رغم ضخامة‬ ‫قدراته وإمكانيّاته‪.‬‬

‫أسعد شالش‬

‫َ‬ ‫تحت البا ِء‪ ،‬أنا س ُْلطانُ َممْلك ِة‬ ‫فأنا ال ُّنقط ُة‬ ‫بحر ال ّتمجيدِ‪ ،‬أنا َقيّو ُم َّ‬ ‫ور‪ ،‬أنا ُربَّانُ‬ ‫مان‬ ‫الز ِ‬ ‫ِ‬ ‫ال ُّن ِ‬ ‫والمكان‪.‬‬ ‫ِ‬

‫�دي» الكثير من اآلثار معظمها‬ ‫ترك «األس� ّ‬ ‫الشعري‬ ‫مخطوطات‪ ،‬ومن مؤ ّلفاته في النثر‬ ‫ّ‬

‫َش ِه ْد ُ‬ ‫عوالم‬ ‫ت ال ُّنقط ُة دائ��ر َة‬ ‫ت عهدَ أنْ كان ِ‬ ‫ِ‬ ‫الحق إليها بال َه ْي َب ِة َف َسا َل ْ‬ ‫ُّ‬ ‫ت‬ ‫الحُروفِ ‪َ ،‬و َن َظ َر‬ ‫ْ‬ ‫وكانت ألِفاً‪.‬‬

‫الح ْب َر ِة‬ ‫س ْو َرةُ َ‬ ‫ُ‬

‫هللا‪ ،‬أنا ْ‬ ‫تطريب ُة السَّما ِء‪ ،‬أ ْف َل ُّ‬ ‫ت‬ ‫ُستان ِ‬ ‫أنا طائ ُر ب ِ‬ ‫الحبيبِ‪.‬‬ ‫مِنْ شِ بَاكِ ال ُّدنيا على ندا ِء َ‬

‫ديوان «أغاني الق ّبة» ومنه قصيدة‪:‬‬ ‫سعيد قطب‪ ،‬وقصيدة (لن أعود) من تلحين نجيب السرّ اج‪،‬‬ ‫لها ألبوم واح��د بعنوان «صعبها بتصعب» وهو األلبوم‬ ‫الوحيد الذي ض ّم أعمالها الخاصّة منها (فاكر والناسي‪،‬‬ ‫صعبها بتصعب هوّ نها بتهون)‪ ،‬أمّا باقي تسجيالتها وحفالتها‬ ‫فمعظمها عبارة عن حفالت طربيّة تألّقت فيها بإعادة غناء‬ ‫مجموعة من أغاني أم كلثوم وأسمهان‪.‬‬

‫وناداني الص َّْو ُ‬ ‫ْني َ‬ ‫راب‬ ‫ك َش َ‬ ‫أنت‪ ،‬ألس ِق َي َّن َ‬ ‫ت‪ِ :‬ب َعي َ‬ ‫َ‬ ‫الص ِّْد ِق‪َ ،‬و ْ‬ ‫هي الكريم‪،‬‬ ‫لك عن َوجْ َ‬ ‫ألكشِ َفنَّ َ‬ ‫ت في َّ‬ ‫الطي ِْر‬ ‫ت الصَّمْ ِ‬ ‫َوأل ُ ْطل َِع َّن َك على لُغا ِ‬ ‫َّ‬ ‫والزهْ ِر‪ ،‬وفي ك ِّل رفيفٍ‪.‬‬

‫لك‪ ،‬يا حاف ُ‬ ‫الج َسدِ‪،‬‬ ‫ِظ! هذا ال َق َفصُ ‪َ :‬ق َفصُ َ‬ ‫«أ َّنى َ‬ ‫وأ ْن َ‬ ‫الحالِ ُم على َش َف ِة‬ ‫الحب َْرةُ‪َ :‬ذل َِك ال َّن َغ ُم َ‬ ‫ت َ‬ ‫ال ُخلودِ؟‬ ‫الحي َْرى َتخ ِْذ ُ‬ ‫�ار‬ ‫ِم��نْ ُخيوطِ‬ ‫ت أوت� َ‬ ‫األنسام َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أفالذ‬ ‫حيث‬ ‫هللا‪،‬‬ ‫عُودي‪ ،‬لِ َتهي َم َمال ِحنِي في تِي ِه ِ‬ ‫الح ِْك َمةِ‪ ،‬وحي ُ َ‬ ‫ور‪.‬‬ ‫ْث أ َم ُم ال ُّن ِ‬ ‫ُطاو ُل عمودَ شِ عْ ري‪:‬‬ ‫َّباح ي ِ‬ ‫إزا َء َعمو ِد الص ِ‬ ‫ان مِنْ‬ ‫نور و َبها ٍء‪َ ،‬ي َت َم َّطى َف ْو َقهُما بُر ُج‬ ‫ٍ‬ ‫سار َي َت ِ‬ ‫ِ‬ ‫الجمال‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ناح ُّ‬ ‫الطه ِْر! َ‬ ‫وزحْ م َة‬ ‫فمُضِ ّياً‪ ،‬يا رُوحُ! يا َج َ‬ ‫اإللهام! في مَطافِ العا َل ِم القُدسِ يِّ ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِح ال ُم َك ْو َث ِر‬ ‫مُضِ ّيا ً إلى َنب ِْع ال َّش ِ‬ ‫مس الصَّاد ِ‬ ‫ُغر ِق‪ْ ،‬‬ ‫ألغسِ َل ِب َبها ِئ ِه أواسِ يَّ ِردائي‪،‬‬ ‫الغار ِق الم ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ليستقب َل َنسِ ي َم‬ ‫ى‪،‬‬ ‫ِو‬ ‫ق‬ ‫ال‬ ‫ء‬ ‫ِل‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫لبي‬ ‫ق‬ ‫باب‬ ‫ح‬ ‫ِ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫وأَ ْف َت َ‬ ‫ِ‬ ‫عاع مِنْ َم َهبِّ الحياةِ‪ْ ،‬‬ ‫وأك ُح َل ِح ْن َو َنجْ ِم‬ ‫ال ُّش ِ‬ ‫ً‬ ‫ب الحا َنةِ‪ ،‬فال أك ُتبُ أرقاما ً‬ ‫خاطئة‬ ‫ْن بترا ِ‬ ‫َ‬ ‫العي ِ‬ ‫حاس‬ ‫في َل ْو ِح ال َمعْ ِر َفةِ‪ ،‬وأ ْن ِز َع َعنْ وجُودي ُن َ‬ ‫الوُ جودِ‪ْ ،‬‬ ‫هللا ِبكِيمْيا ِء ُح ِّبهِ‪.‬‬ ‫ب ِ‬ ‫ألغ ُد َو ذ َه َ‬ ‫لقد ُسق ُ‬ ‫الجنابِ‪ ،‬و ُخ ِت َم‬ ‫ِيت السِّكين َة في ِرحا ِ‬ ‫ب َ‬ ‫شرب ُ‬ ‫صمْ ٍ‬ ‫ت‬ ‫ْت د َم قلبي في َ‬ ‫على شفتيَّ ‪َ ،‬ف ِ‬ ‫ُكون‪َ ،‬و ْأوالن َِي حبيبُ‬ ‫األزل َك ْن َز الح ُْز ِن‬ ‫ِ‬ ‫وس ٍ‬ ‫َّ‬ ‫�ون ال َمعْ َنى ال ُم ْب َه َم‬ ‫والرِّ ضا‬ ‫والط َربِ‪ ،‬ألك� َ‬ ‫اح يدو ُر في َخ َل ِد َّ‬ ‫مان‪.‬‬ ‫الح ُْل َو ال ّ‬ ‫ص َّد َ‬ ‫الز ِ‬

‫ب َّ‬ ‫الحضْ َرةِ‪،‬‬ ‫أنا َمزامي ُر مِحْ را ِ‬ ‫الز َم ِن‪ ،‬أنا َببَّغا ُء َ‬ ‫ِنقاري أُسْ ُ‬ ‫أ ُ َر ِّد ُد ما َي ْنفُ ُ‬ ‫تاذ َ‬ ‫األز ِل‪.‬‬ ‫ث في م‬ ‫َ‬ ‫أنا قُمْريُّ ال َفجْ ِر‪ ،‬أهِي ُم ِب َتسابيحي من َمرْ َف ٍه‬ ‫ِيس ال َم َر ِح في ضِ فافِ‬ ‫إلى َمرْ فهٍ‪ ،‬وأ ُ ْش ِع ُل َفوان َ‬ ‫الح َياةِ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َن َس َم ْ‬ ‫ت مِسا ِم ُع َم َشامِّي و َم َشا ُم َمسامِعي َتراتي َل‬ ‫الع ْ‬ ‫هللا‪.‬‬ ‫ِط ِر من قُمْ قُم ِ‬ ‫يار! فال ي َُسمِّرني‬ ‫ِا َّد َغ َم ِ‬ ‫ت الحواسُّ ‪ ،‬يا عبابيدَ ال ِّد ِ‬ ‫في أرضِ ُك ْم َس َببٌ وال وسيلٌ‪َ ،‬وهِمْ ُ‬ ‫ت في ْأودا ِء‬ ‫ال َه َوى‪َ ،‬ت ُنو ُء بي أحال ُم السَّما ِء‪ ،‬فأزجوها‬ ‫شِ عْ راً‬ ‫غريب ال َّن َغ ِم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫نان‪:‬‬ ‫وان ال ِج ِ‬ ‫َفقُ ْل ل ِ​ِرضْ ِ‬ ‫ِس حافظٍ ‪ ،‬اِجْ َع ْل ُه َبخوراً في‬ ‫هذا ُترابُ َمجل ِ‬ ‫َمجْ َم َر ِة فِرْ دَ ْوسِ َك‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الكون‬ ‫�ر ُق ساح َة‬ ‫ِ‬ ‫أ ْف َت ُح ممال َِك القُلوبِ‪ ،‬وأ ْغ� ِ‬ ‫ُ‬ ‫وأسوق بإسْ عا ِد‬ ‫اريبِ‪،‬‬ ‫بال َّنشو ِة لل َّ‬ ‫ص ْف َو ِة ال َم َط ِ‬ ‫ب هذ ِه ال ُّدنيا في ُه ُدو ٍء‪.‬‬ ‫الحبي ِ‬ ‫َ‬ ‫ُور‬ ‫ضا ِد َع ْهد َ‬ ‫أَرْ َعى َر َواسِ َخ أَعْ َ‬ ‫ِي َح َّتى دَ ْيج ِ‬ ‫س َفجْ ِر َ‬ ‫األز ِل‪:‬‬ ‫األ َبدِ‪ ،‬كما َر َع ْي ُت ُه ُم ْن ُذ َت َن ُّف ِ‬ ‫ُم ْن ُذ أنْ َل َّفنا ال ُّنو ُر في َمجالي ال ُّسعُودِ‪ ،‬و َل َّج بنا‬ ‫ال َه َوى‪َ ،‬فا ْف َت َر ْق َنا على مِيعادٍ»‪.‬‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪12‬‬

‫العدد ‪29‬‬

‫السنة الثانية‬

‫‪ / 17‬نيسان ‪2015/‬‬

‫بدنا حنكي‬

‫مقامات‬

‫طرائف من‬ ‫موسكو ‪2‬‬

‫ّ‬ ‫ألم(ملخص الجزء األوّ ل من موسكو‪ :1‬الدعوة إلى موسكو‪)2‬‬ ‫لقطات من موسكو‪:2‬‬

‫• الجعفري‪ :‬ح ّققنا «اختراقاً» لم يكن متاحا ً سابقاً‪ ،‬والمسنا مشاغل المواطن‬ ‫السوريّ !‬ ‫• ‬

‫نعومكين‪ :‬لقاء موسكو‪ 2‬أساس لح ّل سلميّ !!‬

‫• رندا قسيس‪ :‬المشاركون في المشاورات تم ّكنوا من تجاوز النقاط الخالفيّة‬ ‫«الحساسّة» واال ّتفاق على ورقة ح ّل بات وشيكاً!!‬ ‫ • ميس كريدي‪ :‬أدعو المجتمع الدوليّ إلى «الضغط» على بعض «الالعبين»‬ ‫ّ‬ ‫التدخل‪.‬‬ ‫للكفّ عن‬ ‫• سمير العيطة‪ :‬الجعفري أهانني مع أ ّنني احترمته وكنت أخاطبه بـ سيادة‬ ‫السفير‪...‬والنظام فوّ ت فرصة للمضي نحو ح ّل سياسيّ ‪.‬‬ ‫• أظهر رئيس وفد النظام وثائق قال إ ّنها تثبت تقديم النظام أسلحة وأمواالً لقوّ ات‬ ‫حزب االتحاد الديمقراطيّ الكرديّ (‪ ،)PYD‬ث ّم توجّ ه إلى أعضاء وفد «المعارضة»‬ ‫بالقول‪« :‬بإمكانكم أن تأخذوها وتصوّ روها»‬

‫ّ‬ ‫لكل‬ ‫مقام‬ ‫مقال‬

‫الذاكرة‬

‫ال شيء يؤلمني أكثر من تلك الذاكرة‬ ‫التي تتربّص بي بين الفينة واألخرى‪،‬‬ ‫تلك التي انسلخت ع ّني على حين‬ ‫فجيعة فاقت طاقتي وه ّ‬ ‫شمت ما تبقى‬ ‫من مقدرتي على االحتمال‪ ،‬أو لعلّه‬ ‫العجز المتفاقم من الخيبات المتتالية‬ ‫جعل من تلك الفجيعة الق ّ‬ ‫شة التي قصمت ظهر طاقتي‪ .‬ال أدري‬ ‫ُ‬ ‫انفصلت ع ّنها ح ّتى غدوت أتجاهل تد ّفق التفاصيل التي‬ ‫كيف‬ ‫تغمرها راضخة لفكرة واهمة بأ ّني ما عدت أحمل مالمح تلك‬ ‫الفتاة وال يجمعني معها أيّ تشابه‪ ،‬بل ربّما أقف على النقيض‬ ‫من بعض آرائها‪ .‬غير أ ّنها ال ترحمني رغم انفصام العروة‬ ‫الوثقى بيننا‪ ،‬تتحيّن فرصة مصادفتي لتواريخها المحفوظة بما‬ ‫فيها من صور حافلة بالالفتات أو مشاهد مسجّ لة تض ّج بأصوات‬ ‫كانت ثائرة يوما ً ما‪ ،‬لتقوّ ض بذلك ما تب ّقى من روحي باللوم‪ .‬وال‬ ‫يقنعها تبريري أ ّني عاجزة اليوم ولم أستطع أن أكون وفيّة لتلك‬ ‫المواقف فاألمر فاق استطاعة األفراد أمام دمويّة الوضع‪ ،‬وال‬ ‫إخباري لها بأنّ الكثيرين قد باتوا مثلي ظالالً لماضيهم‪ ،‬غرباء‬ ‫عن ذكرياتهم‪ ،‬مخذولين في حضرة مواقفهم السابقة‪ .‬فلم نعد‬ ‫نواجه عدوّ اً واحداً نحشد ض ّده ك ّل طاقاتنا بل من كان م ّنا أصبح‬ ‫عدوّ نا أيضاً‪ ،‬وآخر غادرنا هارباً‪ ،‬عالوة على تكالب العالم‬ ‫وحكوماته على إبادة أحالمنا‪ .‬وال مجال للّوم هنا ح ّتى تجاه الذين‬ ‫غادروا فكيف أقنعك أيّتها الذاكرة بأنّ الصمت اليوم ما عاد يت ّم‬ ‫وسمه بالعار؟ وهذا الصمت ال ينتمي إلى الحياد بل إلى العجز‪.‬‬ ‫فهل تريدين أن أغادر إلى ما وراء البحار ألجترّ أحداثك وأعيد‬ ‫وأكرر التباهي بأمجاد أفعالي السابقة على صفحات االفتراض‬ ‫في مجمّعات اللجوء؟ هل يكفيك أن أسجّ ل موقفا ً كالم ّيا ً ال‬ ‫يق ّدم وال ّ‬ ‫يؤخر وال يخ ّفف من مجانيّة الدم المهدور اليوم ليهدأ‬ ‫ضجيجك؟‪.‬‬ ‫ربّما أكون على خطأ‪ ،‬وربّما من نجا بجلده من المذبحة وغادر‬ ‫ليمارس حرّ يّة رأيه في الخارج هو على صواب‪ .‬يكفي أ ّنه‬ ‫لم يتقوقع على ذاته ولم ي ّتخذ الصمت لبوسا ً كما فعلت‪ .‬لكن‬ ‫أتراه يعاني من هجمات الذاكرة الموجعة أيضاً؟ وهل يُعيد إحياء‬ ‫تلك الصور والحكايات ليقنع ذاكرته بتخفيف اللوم؟ هل ثمّة‬ ‫اختالف بيني وبينه؟ أم أنّ الذاكرة تضع كالًّ م ّنا في دوامة أسئلة‬ ‫تحاصرنا للنفاذ منها وال تنفك تعيد البحث والتساؤل حول الخطأ‬ ‫الذي ارتكبناه ح ّتى بلغنا هذا اليوم مخذولين غارقين بالعبث من‬ ‫رؤوسنا ح ّتى أخمص أقدامنا؟‬ ‫هذا العبث الذي ما عاد يجدي معه نفعا ً االستسالم للذاكرة‬ ‫واجترار ما فعلناه في لحظة غياب الفعل اآلنيّ من جهة‪ ،‬كما أ ّنه‬ ‫ال يتالشى حين نرضخ لفكرة واهمة حول عجزنا المطبق على‬ ‫أفواهنا من جهة أخرى‪ .‬إذ ثمّة ارتباط وثيق بين إلحاح الذاكرة‬ ‫ّ‬ ‫وتضخم الذنب‪ ،‬سواء رضخت لها أم قاومتها بالتجاهل‪ ،‬سيتفاقم‬ ‫ذلك الذنب وسيحضر مع ك ّل قطرة دم مجّ انيّة تهدر على هذا‬ ‫التراب‪ ،‬سيرافقك كظ ّل أبدي‪ ،‬وال شيء أقسى من لعنة التخاذل‬ ‫إذا أصبحت قدر اإلنسان‪.‬‬ ‫فما العمل أيّتها الذاكرة التي تتربّص بالكثيرين من أبناء هذه‬ ‫األرض؟ كيف لنا أن نحرّ ك العالم ليوقف هدر دمائنا ليمنع‬ ‫المجازر‪ ،‬وهل باإلمكان أن نزيل الصدأ عن الحناجر التي تاقت‬ ‫إلى الهتاف لحرّ يّة البالد‪ ،‬أن نخرج من فرضهم علينا باالختيار‬ ‫ما بين االستبداد أو اإلرهاب؟ كيف لنا أن نتوحّ د مرّ ة أخرى‬ ‫على هدف واحد وحلم واحد؟ كيف لنا؟‬

‫مي الفارس‬

‫رئيس التحرير‬ ‫بسام يوسف‬ ‫َ‬

‫هيئة التحرير‬ ‫ّ‬ ‫بشار فستق ‪ -‬غزوان قرنفل‬ ‫ثائر موسى ‪ -‬عزّة البحرة‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫زينة أرحّيم تفوز‬

‫من المح ّددات في النقطة ‪ 8‬أنّ ‪ :‬الطريق الوحيد إلنجاز الح ّل السياسيّ هو‬ ‫• ‬ ‫الحوار الوطنيّ السوريّ ‪ -‬السوريّ بقيادة سورية وبدون أيّ ّ‬ ‫تدخل خارجيّ ‪.‬‬ ‫(مالحظة‪ :‬ورقة المعتقلين ليست على الطريق‪ ،‬إ ّنما هي ّ‬ ‫تدخل خارجيّ )‬ ‫• اقترح المعارضون المقبولون من قِبل دمشق وموسكو‪ ،‬توجيه رسالة إلى األمين‬ ‫العام لألمم الم ّتحدة بان كي مون بشأن ضرورة عقد مؤتمر «جنيف ‪ !»3 -‬لتخفيف القلق‬

‫• نشر اإلعالم الروسيّ (قناة ‪ )RT‬على شكل تسريب النقاط التي قيل إ ّنه ت ّم‬ ‫التوافق عليها بين النظام والمعارضة المقبولة من قِبل النظام وموسكو‪ ،‬من هذه النقاط‬ ‫نالت الصحافيّة السوريّة زينة أرحيّم‪ ،‬جائزة «مصطفى مثالً‪:‬‬ ‫‪ -6‬مؤازرة الجيش والقوّ ات المسلّحة في دعم وتعزيز المصالحات الوطنيّة‪.‬‬ ‫الحسينيّ »‪ ،‬عن مقالها «كريمته الحرمة تنتصر على زينة‬ ‫الصحافيّة بفارق شريط ح��دودي»‪ ،‬لتكون بذلك أوّ ل سوريّة‬ ‫(مالحظة‪ :‬استمرّ القصف بالبراميل المتفجّ رة على معظم أرجاء سورية من قبل‬ ‫تحصل على هذه الجائزة‪.‬‬ ‫الجيش والقوّ ات المسلّحة أثناء انعقاد جلسات موسكو‪)2‬‬ ‫وج��اء في البيان ال��ذي أصدرته جمعيّة أصدقاء مصطفى‬ ‫• «معارضون» حضروا ث ّم خرجوا من اللقاء صرّ حوا بأ ّنهم لم يوافقوا على‬ ‫الحسينيّ ‪ ،‬أ ّنه‪ :‬تقدم لجائزة (مصطفى الحسينيّ ألفضل مقال‬ ‫النقاط العشر التي (سرّ بها) اإلعالم الروسيّ ‪ .‬منهم الدكتور عارف دليلة‪ ،‬ومحمّد رحّ ال‪،‬‬ ‫لصحافيّ عربيّ شابّ ) هذه السنة ‪ 93‬مقاالً‪ ،‬كتبها ‪ 63‬كاتبة‬ ‫وكذلك سمير العيطة الذي تالمس جسد ّيا ً وبرفق مع معارض المعارضة – كما يسمّي‬ ‫وكاتباً‪ ،‬وقد قامت لجنة التحكيم باختيار ‪ 9‬مقاالت للقائمة القصيرة‬ ‫نفسه ‪ -‬قدري جميل‪ ،‬ألكثر من مرّ ة أثناء المؤتمر الصحفيّ ‪.‬‬ ‫للجائزة‪.‬‬ ‫• قدري جميل‪ :‬عندما نتح ّدث عن مرّ ة قادمة فإ ّننا نقصد جنيف ‪ 3‬وليس موسكو‬ ‫أضاف بيان الجمعيّة‪ :‬في النهاية استقر رأي غالبيّة أعضاء‬ ‫لجنة التحكيم على منح الجائزة لمقال زينة أرحيّم «كريمته الحرمة ‪ 3‬مع وجود وفد «جيّد» لتمثيل المعارضة السوريّة!‬ ‫(ختم جميل المؤتمر الصحفيّ بقوّ ة قائالً‪ :‬نحن محكومون باالنتصار)‪.‬‬ ‫تنتصر على زينة الصحافيّة بفارق شريط حدودي»‪.‬‬ ‫وتكوّ نت لجنة تحكيم الجائزة هذه السنة من «األستاذ جهاد‬ ‫وإلى اللقاء في الجزء الثالث من مسلسل جنيفسكو‪.‬‬ ‫الزين‪ ،‬األستاذ حسام بهجت‪ ،‬الدكتور خالد مطاوع‪ ،‬الدكتور سالم‬ ‫الكواكبيّ واألستاذة هبة صالح»‪.‬‬ ‫يذكر أنّ زينة أرحيّم صحافيّة سوريّة من مواليد العام ‪1985‬‬ ‫تعيش حال ّيا ً في حلب‪ .‬وقد درست زينة في جامعة دمشق ث ّم‬ ‫حصلت على ماجستير في اإلعالم الدولي من جامعة لندن‪ .‬وتعمل‬ ‫كمراسلة صحافيّة ومدرّ بة للصحافيّين المواطنين في سورية‪.‬‬ ‫وجائزة «مصطفى الحسينيّ ألفضل مقال لصحافيّ عربي‬ ‫شابّ » هي جائزة سنويّة تمنح لصحافيّ عربي ال يتجاوز عمره‬ ‫الخامسة والثالثين عن مقال منشور في إحدى الصحف أو المواقع‬ ‫اإللكترونيّة الصحافيّة‪.‬‬ ‫ت ّم تكريم أرحيّم من ضمن عشر صحافيّات ب��ارزات حول‬ ‫ّ‬ ‫منظمة «مراسلون بال حدود»‪ ،‬تقديراً لجهودها‬ ‫العالم‪ ،‬من قبل‬ ‫المبذولة خالل عملها في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في‬ ‫سورية‪.‬‬

‫مخالفة قوانين مكافحة االحتكار‬ ‫قرّ ر االتحاد األوروبّيّ فتح تحقيق للنظر في مدى التزام شركة «جوجل»‬ ‫بقوانين مكافحة االحتكار فيما يتعلّق بنظام «أندرويد» لتشغيل الهواتف‬ ‫المحمولة‪ .‬وا ّتهم االتحا ُد الشركة بخداع المنافسين من خالل التالعب في نتائج‬ ‫«جوجل شوبنج» على اإلنترنت لصالح خدمتها للتسوّ ق‪.‬‬ ‫وجرى إرسال قائمة باالعتراضات إلى «جوجل» التي تهيمن على سوق‬ ‫محرّ كات البحث عالم ّياً‪.‬‬ ‫هكذا في‬ ‫صباح عاديّ‬ ‫ٍ‬ ‫ال��م��رأةُ على الرصيف‬ ‫في الشارع الذي بآخره‬ ‫المدنُ المقصوفة والمدنُ‬ ‫المحروقة على وجهها‬ ‫ذهو ٌل عميق‪..‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫‪...‬في العاشرة صباحا‪ ،‬المرأة بوجه عاطفيّ‬ ‫على الرصيفِ وتنظر برع ٍ‬ ‫ب إلى عابرين ال‬ ‫يكترثون لشي ٍء‬ ‫لتوّ ها غادرت من باب الكواليـس من منتصـفِ‬ ‫مسـرح ّي ٍة ابتدأت بعد عشر سنين من اآلن حوالي‬ ‫العاشـرة ليالً‪...‬‬ ‫حازم العظمة‬

‫االخراج الفني‬ ‫منير األيوبي‬

‫بفن ّ‬ ‫مشاركة سورّية ّ‬ ‫الخط‬

‫دعت جامعة «مرمره» إلى حضور معرض‬ ‫تحت ع��ن��وان إرغ���وان ‪erguvan( 2015‬‬ ‫‪ )2015‬وذلك في الثامن عشر من نيسان الحاليّ ‪،‬‬ ‫في صالة العرض ضمن مبنى متحف جامعة‬ ‫مرمره في منطقة السلطان أحمد‪ ،‬وسط مدينة‬ ‫إستانبول التركيّة‪.‬‬ ‫ويشارك في هذا المعرض السنويّ للفنون‬ ‫ّ‬ ‫الخطاط السوريّ محمّد عماد محّ وك‪،‬‬ ‫التقليديّة‬ ‫ّ‬ ‫بمجموعة من أعماله باإلضافة إلى فنانين أتراك‪.‬‬

‫(ف��ي��دي��و) تحويل نفايات‬ ‫تحرير إدلب وبصرى‬ ‫البالستيك إل��ى وق��ود في‬ ‫الشام ومعبر نصيب وتدمير‬ ‫غ��وط��ة دم��ش��ق للتغلّب‬ ‫فرع المخابرات الجوّ يّة في‬ ‫على الحصار‪ ،‬يستخلص‬ ‫حلب‪ ،‬لم يرق للبعض ممّا‬ ‫البنزين ث ّم المازوت وكذلك‬ ‫يسمّون معارضة أو ثوّ ار‬ ‫الغاز من البخار الناتج عن‬ ‫ولم يسعد أسيادهم‪.‬‬ ‫الغلي‪ ،‬ويصف تقرير قناة‬ ‫العقيد رياض األسعد‬ ‫تغيّرات كبيرة تطرأ على الثورة السوريّة‪« ..‬أخبار اآلن» العمليّة بأ ّنها اختراع أشياء للعيش‪،‬‬ ‫فأسعار المحروقات غير معقولة‪ .‬أمّا عن المردود‬ ‫ولكن ال حياة لمن تنادي ‪..‬‬ ‫ففي الشمال السوريّ ‪ ،‬تم تحرير مدينة إدلب‪ ،‬فيقول أحد المن ّفذين‪ :‬ك ّل طنّ واحد ينتج ما يعادل‬ ‫ّ‬ ‫‪ 800‬كغ من مختلف المواد المكرّ رة‪.‬‬ ‫واقتراب تحرير حلب‪.‬‬ ‫‪https://www.youtube.com/watch?v=cDRSdXLzqz4‬‬ ‫عبد الهادي علّوش‬

‫فريق العمل‬ ‫هلّ‬ ‫العبدال‬ ‫سكرتاريا ‪ :‬نور‬ ‫التدقيق اللغوي ‪ :‬فلك الخالد‬ ‫الموقع اإللكتروني ‪ :‬باسل العبداهلل‬

‫اآلراء الواردة في كلّنا سورّيون تعبّر عن رأي الكاتب‬ ‫و ال تعبّر بالضرورة عن رأي الصحيفة‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.