23_جريدة كلنا سوريون العدد

Page 1

‫حناول أن تكون فضا ًء إعالميّاً مفتوحاً على‬ ‫الشأن السور ّي‪ ،‬وتشارك السوريّني حياتهم يف‬ ‫بالد النزوح‪ ،‬ونسعى ألن تكون ساحة لتبادل‬ ‫الرأي وتبادل املعلومة‪ ،‬حماولة جادّة للمساهمة‬ ‫يف صناعة إعالم سور ّي جديد وج ّدي‪ ،‬يساهم‬ ‫ب��دوره يف صياغة وعي وط ّ‬ ‫ين س��ور ّي جامع‪،‬‬ ‫يؤ ّسس لصياغة اهلويّة الوطنيّة اجلامعة ‪.‬‬

‫سياسية ثقافية نصف شهرية‬ ‫العدد ‪ - 23 -‬السنة األوىل‬

‫‪ /21‬كانونالثاني‪2015 /‬‬

‫‪newspaper.allsyrians.org‬‬

‫‪ 12‬صفحة‬

‫دب ّي وموسكو والقاهرة‪ ،‬سورية إىل أين؟‬

‫البحث عن أسس للحوار‪ ،‬هدف النظام‬ ‫«هدى» السور ّي وحيداً يف وجه الريح‬

‫الثورة‪...‬‬ ‫يأكلها أبناؤها‬ ‫أوّ ل مايفعله االستبداد في المجتمعات التي يحكمها هو منع‬ ‫قيام المجتمع السياسيّ ‪ ،‬أي أ ّنه يمنع إرساء أسس تطوّ ر هذا‬ ‫المجتمع وامتالكه ألدوات التطوّ ر والمعاصرة‪ ،‬واالستبداد‬ ‫السياسيّ ال يطال الحقل السياسيّ فقط‪ ،‬كما هو معروف بل‬ ‫يشمل ك ّل أوجه المجتمع األخرى‪ ،‬الدينيّة واالقتصاديّة والثقافيّة‬ ‫واألخالقيّة‪ ،‬فتصبح كلّها امتداداً لهذا االستبداد وأوجه أخرى‬ ‫له‪ ،‬وبالتالي فإ ّنه يوقف تطوّ ر ك ّل البُنى والصيغ لهذا المجتمع‪،‬‬ ‫فيمنع اإلصالح الدينيّ والثقافيّ واالقتصاديّ واألخالقيّ ‪ ،‬مبقيا ً‬ ‫المجتمع المس َت َب َّد به أسير لحظة مشلولة محكومة بالقوّ ة‪ ،‬يريد‬ ‫المستب ُّد لها أن تطول إلى األبد‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تشظي‬ ‫ي��ؤ ّدي انفالت هذه القوّ ة إلى انفجار ‪ -‬وربّما‬ ‫ المجتمع المقموع‪ ،‬وغالبا ً ماتغيب القدرة على ضبط هذا‬‫ّ‬ ‫والتشظي طرداً مع ش ّدة‬ ‫االنفالت‪ ،‬ويتناسب حجم االنفجار‬ ‫االستبداد وعمره‪ ،‬فكلّما كانت قوّ ة هذا االستبداد عاتية وعمره‬ ‫ّ‬ ‫التشظي كبيراً‪.‬‬ ‫طويل‪ ،‬كلّما كان حجم‬ ‫إذا كانت الثورة السوريّة في أه ّم تكثيف لها هي انفالت‬ ‫المجتمع السوريّ من سيطرة القوّ ة القامعة له‪ ..‬أي انفجاره‬ ‫بوجه االستبداد الطويل والشديد الذي رزح تحته‪ ،‬فإنّ أه ّم‬ ‫عيوب هذه الثورة هو عدم امتالك سياسيّيها ومث ّقفيها للرؤى‬ ‫التي تشتغل على فهم هذا االنفجار وعلى ضبطه وتوجيهه‬ ‫لتحقيق غايات ومصالح هذا المجتمع‪ ،‬هذه المصالح التي‬ ‫ال تح ّددها اإليديولوجيّات وال المصالح الضيّقة لألحزاب‬ ‫واألشخاص‪ ،‬بل تح ّددها الحاجة الموضوعيّة للمجتمع ‪ ..‬والتي‬ ‫أرى أ ّنها ّ‬ ‫تتكثف باالنتقال إلى الصيغة التي لم تعرفها سورية‬ ‫سابقا ً وهي األه ّم واألش ّد ملحاحيّة‪ ،‬وأعني االنتقال من صيغة‬

‫تحقيقات العدد‬ ‫ وهذا العام بال كتب يف ماردين‬‫ من حتت ال ّدلف لتحت املزراب‬‫ متلّح الرتبة خطر يه ّدد دير الزور‬‫ عام دمو ّي يف درعا وريفها‬‫‪ -‬نصف الكوب اململوءة علقم‬

‫ر ّد‬ ‫وتوضيح‬

‫السورّيون وفوضى‬ ‫االنتماء‬

‫ص‪6‬‬ ‫ص‪6‬‬ ‫ص‪7‬‬ ‫ص‪7‬‬ ‫ص‪7‬‬

‫ص‪8‬‬

‫اإللكتروني ردّ وتوضيح‬ ‫وردنا عبر البريد‬ ‫ّ‬ ‫التنفيذي لتج ّمع المحامين‬ ‫من «المجلس‬ ‫ّ‬ ‫يخص تحقيقا ً ُنشر‬ ‫السور ّيين األحرار» فيما‬ ‫ّ‬ ‫اجمللس التنفيذ ّي لتجمّع‬ ‫لدينا بتاريخ‬ ‫احملامني السوريّني األحرار‬ ‫‪ 7‬كانون الثاني ‪2014‬‬

‫اللجوء إلى الحشيش‪،‬‬ ‫هروب أم تحفيز؟‬

‫ص‪9‬‬

‫انتشر في اآلونة األخيرة تعاطي الحشيش‬ ‫خاصة وفي المناطق الخاضعة لسيطرة‬ ‫بشكل كبير بين فئة الشباب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحر أو تنظيم «داعش» أو غيرها من الكتائب المسلحة‪،‬‬ ‫الجيش‬ ‫ّ‬ ‫إضافة إلى اإلقبال عليه بين السور ّيين خارج حدود سورية‪ ،‬سواء‬ ‫في تركيا أو لبنان أو األردنّ أو العراق أو في الدول األورب ّية التي‬ ‫استقبلت السور ّيين كالجئين على أراضيها‪.‬‬ ‫ريم احلاج‬

‫المرأة والفردوس قراءة‬ ‫في لوحات إسماعيل نصرة‬

‫ص ‪11‬‬

‫التشكيلي إسماعيل نصرة‬ ‫الف ّنان‬ ‫ّ‬ ‫سلم ّية ‪ -‬حماة عام‬ ‫من مواليد مدينة َ‬ ‫تخرج من ك ّل ّية الفنون الجميلة‬ ‫‪ّ ،1965‬‬ ‫عام‪ 1987‬قسم التصوير‪ ،‬له العديد من‬ ‫المعارض الفرد ّية‪ ،‬وحائز على العديد من‬ ‫الجوائز‪.‬‬

‫سهف عبد الرمحن‬

‫االستبداد إلى صيغة الدولة الحديثة التي تؤمّن استقرار هذا‬ ‫المجتمع وتطوّ ره‪.‬‬

‫ص‪2‬‬

‫ينقض دون أن يترك‬ ‫�رض عام ‪ 2014‬أن‬ ‫ِ‬ ‫لم ي� َ‬ ‫ضجة إعالم ّية في أواخر أ ّيامه يتناقلونها‬ ‫للسور ّيين‬ ‫ّ‬ ‫االجتماعي‪ ،‬كانت تلك‬ ‫في القنوات ومواقع التواصل‬ ‫ّ‬ ‫صحفي لشخص ّية معارضة في‬ ‫الضجة حول مؤتمر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلعالمي على القنوات الفضائ ّية‬ ‫الخارج لها حضورها‬ ‫ّ‬ ‫منذ بداية الثورة‪ُ ،‬عقد المؤتمر في بيروت «عرين‬ ‫الرحال فيه عن تخ ّليه‪...‬‬ ‫األسد» تحدّ ث‬ ‫ّ‬

‫السّيد رئيس الحكومة‬ ‫السورّية المؤ ّقتة‬

‫إنّ المأزق الذي وصلت إليه الثورة السوريّة ليس مر ّده إلى‬ ‫عنف النظام فحسب‪ ،‬وال إلى تسلّح الثورة كما يسفسط متب ّنو‬ ‫ّ‬ ‫التدخل الخارجيّ فقط‪ ،‬بل هو اجتماع ك ّل‬ ‫فكرة السلميّة وليس‬ ‫ما ُذكر سابقاً‪ ،‬مضافا ً له غياب الرؤى والبرامج والقوّ ة التي‬

‫رعد أطلي‬

‫تعرف كيف تقود المجتمع ‪ -‬الذي عانى من االستبداد لعقود‬ ‫طويلة‪ ،‬استبداد من قبل نظام هو من أش ّد أنظمة العالم عسفا ً‬ ‫و ظلما ً ‪ -‬في لحظة انفالت القوّ ة القامعة له‪ ،‬وبالتالي فإنّ ما‬ ‫يُخرج الثورة السوريّة من مأزقها هو إعادة وعي أطراف‬ ‫هذه الثورة ألسبابها الحقيقيّة وألهدافها الحقيقيّة‪ ...‬أسبابها التي‬ ‫تنطلق من فهم الواقع جيّداً‪ ،‬وأهدافها التي تستجيب لحاجات‬

‫ص‪3‬‬

‫�وري سيدخل قلوب السور ّيين‪ ،‬إنْ‬ ‫أي زعيم س� ّ‬ ‫إنّ ّ‬ ‫أمامهم وأخلص لهم وخدمهم بما يرضي هللا شرط ألاّ‬ ‫ألي سبب من األسباب‪ ،‬وأن يعمل ليل نهار‬ ‫بينهم‬ ‫ّ‬ ‫أجل البالد وقضاء حاجات العباد‪ ،‬وأن يضحي من أجل‬ ‫واالستقرار‪ ،‬وأن يضرب بيد من حديد على أي��دي كل ّ‬ ‫والعابثين والقتلى والمجرمين‪ .‬إنّ كل ّ إنسان يخطئ‪،‬‬ ‫أجمل من يتو ّلى المسؤول ّية ويعترف بخطئه ويتع ّلم من‬ ‫ومختصين عقالء‪ ،‬فال خاب من استشار‪..‬‬ ‫ويستشير خبراء‬ ‫ّ‬

‫نحو بناء جسور بين القوى‬ ‫السياسَية في سورية‬

‫تو ا ضع‬ ‫ي���ف���رق‬ ‫م���������ن‬ ‫األم��������ن‬ ‫ا لفا سد ين‬ ‫ول��ك��ن ما‬ ‫ت��ج��ارب��ه‬ ‫حممّد احلاج بكري‬

‫ص ‪5- 4‬‬

‫هل االصطفافات بين القوى السياس ّية والمدن ّية السور ّية هو لصالح الشعب‬ ‫السوري ولصالح سور ّية الجديدة التي نسعى إليها؟ ولماذا ال تقام جسور تواصل‬ ‫ّ‬ ‫السوري‪ ،‬وما هي العوائق حيال ذلك؟‬ ‫بين كل ّ هذه التشكيالت العاملة بالشأن‬ ‫ّ‬ ‫توجهت «ك ّلنا سور ّيون» بهذا السؤال إلى مجموعة من‬ ‫حول هذا الموضوع‬ ‫ّ‬ ‫العاملين في الشأن العا ّم في سور ّية‪ ،‬محاولة منها في رسم صورة ّأول ّية حول هذه‬ ‫القض ّية‪.‬‬ ‫ومتنوعة‬ ‫حاولنا أن تكون مروحة األصدقاء الذين ت ّم توجيه السؤال إليهم متعدّدة‬ ‫ّ‬ ‫وال تستثني أحداً‪ ،‬بعض هذه اإلجابات ـ والتي ُتنشر كما هي ـ جاءت طويلة جدّ اً‪،‬‬ ‫المحرر من عدد للكلمات في الردّ ‪ ،‬هيئة التحرير‬ ‫قرره‬ ‫ّ‬ ‫والبعض اآلخر التزم بما ّ‬ ‫وأله ّم ّية الموضوع‪ ،‬ورغبة منها بخلق حوار مفتوح حوله ستنشر كل ّ المواد التي‬ ‫وصلتها‪ ،‬رغم طولها‪ ،‬محترمة آراء الجميع‪ ،‬وتعلن أ ّنها مستعدّ ة لنشر كل ّ ما يصلها‬ ‫حول هذا الموضوع في عددها القادم‪...‬‬ ‫إعداد‪ :‬باسل العبداهلل‬

‫هذا الواقع‪ ،‬فإذا ك ّنا مقتنعين أنّ الثورة السوريّة قامت إلسقاط‬ ‫نظام استبداديّ مافياويّ ‪ ،‬وأ ّنها ليست ثورة إسالميّة ولم تقم‬ ‫على أساس طائفيّ وهي كانت منذ بدايتها تهدف إلى استعادة‬ ‫الحريّة والكرامة والعيش الكريم لك ّل أبناء الشعب السوريّ ‪،‬‬ ‫فإنّ ما تفعله اآلن القوى السياسيّة‪ ،‬أو التي تعتبر نفسها ّ‬ ‫ممثلة‬ ‫للثورة السوريّة‪ ،‬هو باختصار‪ ،‬نسف ك ّل ما قامت من أجله‬ ‫هذه الثورة‪.‬‬ ‫أمراء حرب يقيمون مزارعهم الخاصّة‪ ...‬واجهات سياسيّة‬ ‫تبحث عن مصالحها الحزبيّة والشخصيّة‪ ..‬نظام مستع ّد ألن‬ ‫يبيع ك ّل الوطن من أجل كرسيّه‪...‬‬ ‫كم هم جا ّدون في شعارهم‪ ،‬أولئك الذاهبون إلى القاهرة‬ ‫لتوحيد المعارضة السوريّة؟؟؟‬ ‫كم يقترب الذاهبون إلى موسكو من فهم حقيقة هذه الثورة‬ ‫وفهم أهدافها األساسيّة ؟؟؟‬ ‫السياسة ليست فنّ الكذب‪ ،‬وليست فنّ الممكن فقط‪ ،‬كما‬ ‫يحبّ االنتهازيّون الكثر أن ير ّددوا هذه األيّام‪ ،‬إ ّنها أوّ الً وقبل‬ ‫ك ّل شيء فه ٌم لحقيقة الواقع ولحاجاته وقواه وفه ٌم لمآالته‬ ‫وصيرورته‪.‬‬

‫ب ّسام يوسف‬


‫‪2‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪ /21‬كانون الثاني ‪2015/‬‬

‫سورية‪ ..‬شبهة األشباه‬

‫ّ‬ ‫للحق‪ ،‬بقدر انطباق الصفة على الموصوف‪،‬‬ ‫إلاّ أ ّنها ال تخلو من شبهة العنوان الصحفيّ‬ ‫الالفت لالنتباه للسادة القرّ اء‪ .‬وكوننا بشر‪ ،‬نحمل‬ ‫معنا «شبهة الفضول» سنبقى ّ‬ ‫نتأثر بالغريب من‬ ‫األشياء‪ ،‬ومنها «شبه الشيء» من ك ّل شيء‪،‬‬ ‫ح ّتى نتبيّن كنهه حقيقة‪ ،‬أو نكاد‪.‬‬ ‫عندما رمى «الوريث الجمهوريّ » عبارته‪،‬‬ ‫في واحدة من خطاباته الناريّة «الالدغة» عن‬ ‫«أشباه الرجال» لم يكن يعي بأ ّنه في األصل‪ ،‬لم‬ ‫ينضج رجالً بعد‪ ،‬فكيف برئيس بلد؟! فهو لمّا يزل‬ ‫ميل نحو حركات‬ ‫صب ّيا ً مراهقاً‪ ،‬ال يكاد يخلو من ٍ‬ ‫الولدنة بظهوره المفاجئ في أماكن عامّة‪ ،‬األمر‬ ‫الذي كان يربك حركة الناس‪ ،‬ويو ّتر الجوّ العا ّم‬ ‫حيثما حلّ؛ وفي ك ّل حركاته تلك‪ ،‬كانت مجموعات‬ ‫الحراسة من عناصر الحرس الجمهوريّ ‪ ،‬ومن‬ ‫حرسه الشخصيّ الخاصّ (المنتقون من المنتقين‪،‬‬ ‫المنتقون بدورهم) يملؤون أماكن تواجده‪ ،‬أ ّنى‬ ‫مال يميلون معه‪ ،‬كأ ّنهم سرب ذباب يتبع رائحة‬ ‫غذائه أينما ّ‬ ‫حط‪ ،‬يستعرضون ك ّل مظاهر القوّ ة‬ ‫والعنجهيّة‪ ،‬وحتى العدائيّة أحياناً‪ ،‬تجاه المارّ ة من‬ ‫الناس الذين يصادف مرورهم حينها (بالمناسبة‪،‬‬ ‫بعد م��رور سنوات‪ ،‬في موقع المسؤوليّة‪ ،‬ت ّم‬ ‫الكشف‪ ،‬من خالل البريد االلكترونيّ المسرّ ب‪،‬‬ ‫عن استمراره باللعب على ألعاب «اآلي باد» وما‬ ‫شابه‪ ،‬تظهر كم ال يزال يتوق للعب‪ ،‬هو لم يشبع‬ ‫لعبا ً بعد! يلعب بالثلج‪ ،‬وعلى مقربة منه أطفال‬ ‫وشيوخ سوريّون يموتون من البرد والجوع!)‪.‬‬ ‫لقد ُحمّل هذا «الشاب الواعد» ‪ -‬كما كان‬ ‫يحلو للغرب‪ ،‬ولبعض العرب التم ّني ‪ -‬المسؤوليّة‬ ‫باكراً‪ ،‬مسؤوليّة بلد وشعب‪ ،‬في جمهوريّة ُخ ّ‬ ‫طط‬ ‫لها أنّ تكون على مقاس عائلة‪ ،‬أي «جمهوريّة‬ ‫وراثيّة» وقد حدث ذلك بفعل الموت المفاجئ‬ ‫ألخيه المجهّز أصالً وأوّ الً‪ ،‬ومن ث ّم بفعل موت‬ ‫أبيه الحقاً‪ ،‬حيث لم يعد من خيار أمام «سدنة‬ ‫الحكم» سوى توريثه الكرسيّ ‪ ،‬أن يُجلس على‬ ‫كرسيّ أبيه‪ ،‬لقد صار رئيسا ً بالصدفة‪ .‬وجد نفسه‬

‫فجأة رئيساً‪ ،‬ولمّا‬ ‫ينضج لهذه المكانة‬ ‫بعد‪ ،‬رغم سنوات‬ ‫ال��ت��دري��ب تحت‬ ‫إشراف والده‪ ،‬لقد‬ ‫أظهر بالفعل بأ ّنه‬ ‫«ش��ب��ه رئ��ي��س»‬ ‫حقا ً وفعالً‪ ،‬وليس‬ ‫ف��ي��ه م��ن صفات‬ ‫الرئيس في شيء‪،‬‬ ‫بل لقد أثبت بأ ّنه‬ ‫مجرّ د ولد‪ ،‬يقوم بحرق البلد‪ ،‬بلد بكامل ناسه‬ ‫وعمرانه وأشيائه‪ ،‬كأ ّنها ألعاب ناريّة يتلهّى بها‬ ‫بك ّل بالهة الولد‪ ،‬واستخفاف الولد ‪ -‬وليست حالة‬ ‫بشر حقيقيّين من لحم ودم‪ ،‬يُفترض أ ّنهم أهله‪،‬‬ ‫وبنو وطنه‪ ،‬وأ ّنه مسؤول عن حمايتهم‪ ،‬وليس‬ ‫قتلهم وتشريدهم‪ ،‬ودمار بنيان احتاج دهراً من‬ ‫عمر السوريّين وك ّدهم وشقائهم إلنجازه ‪ُ -‬تضحكه‬ ‫الحالة فرحا ً عوض أن تبكيه ألما؛ تزيده انتشا ًء‬ ‫واستمرا ًء عوض أن تعقله وتوقفه عند حد (أو ّد‬ ‫اإلشارة هنا‪ ،‬إلى أ ّني أقصد بما سبق‪ ،‬تشريح‬ ‫الشخصيّة االعتباريّة‪ ،‬ذات المكانة الخطيرة في‬ ‫إدارة البلد‪ ،‬ولست معن ّيا ً بإهانة شخص المعنيّ ‪،‬‬ ‫رغم امتالئها‪ ،‬ح ّد التخمة‪ ،‬بما يهين لناضج‪،‬‬ ‫ولذي كرامة)‪.‬‬ ‫وليكمل القدر سخريته في وج��ه الشعب‬ ‫السوريّ ‪ ،‬كانت «األشباه»‪ ،‬تحيط بهذا الشعب‬ ‫أ ّنى ا ّتجه‪ ،‬ولمن توجّ ه!‬ ‫فنحن بعد أن سلّمنا بأنّ من يحكم الشعب‬ ‫السوريّ هو «شبه رئيس» فال ب ّد من التسليم‬ ‫كذلك بأنّ من ي ّدعون تمثيله (الشعب السوريّ ) هم‬ ‫أيضا ً «شبه معارضة» وهذا ينطبق على األغلبيّة‬ ‫الساحقة منها‪ ،‬سواء أكانت في الداخل‪ ،‬أم في‬ ‫الخارج‪ ،‬ال فرق بينهما سوى بدرجة «الشبه»‬ ‫من المعارضة المسؤولة‪ ،‬وأي��ض�ا ً بمستوى‬ ‫«الشبهة» في اإلساءة لقضيّة الشعب السوريّ ‪،‬‬ ‫بما هي في األصل ثورة كرامة وحرّ يّة‪ ،‬وال‬ ‫ّ‬ ‫تشذ عن هذه القاعدة المعارضة المسلّحة‪ ،‬بك ّل‬ ‫تلويناتها‪ ،‬وأيديولوجيّاتها‪ ،‬فأصبح لدينا أشباه من‬ ‫الجميع «شبه ثائر» و»شبه جيش حرّ » و»شبه‬ ‫إسالميّ » وح ّتى «شبه إنسان»!‬ ‫ّ‬ ‫الخط سلك «أصدقاء» الشعب‬ ‫وعلى نفس‬ ‫السوريّ ‪ ،‬حيث أظهروا بأ ّنهم هم أيضا ً «شبه‬ ‫أصدقاء» بك ّل انتماءاتهم اإلقليميّة والدوليّة‪،‬‬ ‫العربيّة وغير العربيّة‪ ،‬اإلس�لام� ّي��ة وغير‬ ‫اإلسالميّة‪ ،‬وحتى التحالف الدوليّ الذي تقوده‬

‫ينقض دون أن‬ ‫�رض ع��ام ‪ 2014‬أن‬ ‫لم ي� َ‬ ‫ِ‬ ‫يترك للسوريّين ضجّ ة إعالميّة في أواخ��ر‬ ‫أيّامه يتناقلونها في القنوات ومواقع التواصل‬ ‫االجتماعيّ ‪ ،‬كانت تلك الضجّ ة حول مؤتمر‬ ‫صحفيّ لشخصيّة معارضة في الخارج لها‬ ‫حضورها اإلعالميّ على القنوات الفضائيّة منذ‬ ‫بداية الثورة‪ ،‬عُقد المؤتمر في بيروت «عرين‬ ‫األس���د» ت��ح� ّدث ال��رحّ ��ال فيه ع��ن تخلّيه عن‬ ‫المعارضة الداعمة لإلرهاب‪« ،‬اإلرهاب» الذي‬ ‫نادى به مراراً وطالب به تكراراً لص ّد وحشيّة‬ ‫األسد ودمويّته‪ ،‬لقد كان من أكثر الوجوه التي‬ ‫تظهر على القنوات اإلعالميّة مطالبا ً بتسليح‬ ‫الثوار وعسكرة الثورة‪ ،‬إن وضعت اسمه اآلن‬ ‫على محرّ ك البحث (غوغل) لظهرت أكثر عبارة‬ ‫مرافقة لذلك االسم هذه األيّام «حضن الوطن»‪،‬‬ ‫إذاً قرّ ر الرحال أن يش ّد رحاله إلى حضن الوطن‪،‬‬ ‫في الفترة نفسها ضجّ ت مواقع التواصل والقنوات‬ ‫اإلع�لام� ّي��ة بخبر مبايعة أح��د أب��رز الوجوه‬ ‫اإلعالميّة في الداخل لتنظيم الدولة اإلسالميّة‪،‬‬ ‫مطرب الثورة عبد الباسط الساروت انض ّم لتنظيم‬ ‫الدولة بعد أن خذله الجميع حسب ما وصل عنه‪،‬‬ ‫وأكثر ما يتبادر للذهن بعد سماع هذا الخبر‪ ،‬ماذا‬ ‫لو تقابل اليوم حارس الثورة الساروت مع الف ّنانة‬ ‫فدوى سليمان «تلك النصيريّة العلمانيّة الكافرة‬ ‫السافرة المرت ّدة» وقل ما شئت من أوصاف‬ ‫ّ‬ ‫يشمئز لسماعها عناصر وأم��راء التنظيم‪ ،‬هي‬ ‫نفسها طبعا ً فدوى سليمان التي صدح صوتها‬ ‫جنبا ً إلى جنب مع الساروت متوسّطا ً الحشود التي‬ ‫تتغ ّنى بالحرّ يّة في بداية الثورة‪ ،‬هي نفسها التي‬ ‫متساو‬ ‫تعرّ ضت لخطر االعتقال أو الموت بشكل‬ ‫ٍ‬ ‫ إن لم يكن أكثر ‪ -‬مع رفيق نضالها عبد الباسط‪،‬‬‫إن قابلها اليوم ماذا سيفعل؟ هل ّ‬ ‫يحز عنقها وتمأل‬ ‫دماؤها يديه وكنزته في الوقت الذي تمأل دموع‬ ‫النشوة عينيه وهو ينظر إلى السماء مناجيا ً قائالً‬ ‫«يا هلل خذ من دمائنا ح ّتى ترضى»؟‬

‫لقد علّل عبد الباسط الساروت مبايعته بخذالن‬ ‫الجميع له‪ ،‬كما أنّ توقيت الرحّ ال أيضا ً يعلّل‬ ‫سبب حنينه للحضن بخذالن الجميع ل��ه‪ ،‬ألم‬ ‫يخسر معركته في رئاسة الحكومة المؤ ّقتة أمام‬ ‫«العنصر الفريد» أحمد طعمة‪ ،‬إلاّ أنّ االثنين لم‬ ‫يكونا أوّ ل الذين غادروا صفوف ثوّ ار الحرّ يّة‪،‬‬ ‫سبقهم كثيرون في االلتحاق بالنظام أو تنظيم‬ ‫الدولة من عسكريّين وإعالميّين وغيرهم‪ ،‬لكن‬ ‫حضورهم اإلعالميّ هو الذي أثار تلك الضجّ ة‪.‬‬ ‫رغم وجود كالم كثير حول عدم صحّ ة مبايعة‬ ‫الساروت للدولة‪ ،‬لكن ما نبغي تسليط الضوء‬ ‫عليه حال ّيا ً هو السبب الذي أ ّدى إلى مبايعته‪،‬‬ ‫لقد قال إ ّنه بايع بعد أن خذله الجميع‪ ،‬وكان هذا‬ ‫السبب الوحيد المنطقيّ لما فعله الرحّ ال الذي يبدو‬ ‫أنّ الجميع قد خذله أيضاً‪.‬‬ ‫إذاً‪ ،‬فالسبب ليس بقناعة أو إيمان بقضيّة ما‪،‬‬ ‫بل اليأس من تحقيق مشروع ما عبر الجميع‪ ،‬أ ّيا ً‬ ‫كان هذا المشروع وأ ّيا ً كانت نواياه الطيّبة ففي‬ ‫النهاية يبقى شخص ّياً‪ ،‬هل من المنطقيّ إن خذلني‬ ‫الجميع أن أتخلّى عن مبادئي وقيمي وأتب ّنى مبادئ‬ ‫وقيم من يمنحني تلك الوسائل؟ هل هذه ميكيافيليّة‬ ‫بالمقلوب؟ وسيلة تبرّ ر غاية؟ وهل هذه المشكلة‬ ‫تقتصر على الرحّ ال والساروت؟ أم أ ّنها قد تكون‬ ‫شاملة لكثيرين غيرهم؟‬ ‫من يؤمن بقضيّة ما وال يساعده أحد على‬ ‫بلورة إيمانه يمكن أن يعتزل األمر كلّه إن يئس‪،‬‬ ‫ال أن يبلور إيمانه على مقاس قضيّة أخرى تؤمّن‬ ‫له الدعم الالزم‪ ،‬هذا ال يد ّل إلاّ على أمر واحد‬ ‫فحسب‪ ،‬هو ضعف االنتماء لتلك القضيّة منذ‬ ‫البداية‪ ،‬وهذه المشكلة كما أسلفنا ال تقتصر على‬ ‫أشخاص معيّنين لألسف‪ ،‬هذا مرض يضربنا نحن‬ ‫السوريّون عموماً‪ ،‬انتماؤنا الضعيف للوطن هو‬ ‫ما خلّف ذلك‪ ،‬آالف من الذين نسمّيهم مستفيدين‬ ‫ما زالوا مع األسد‪ ،‬يرون الذبح والقتل والتدمير‬ ‫في ك ّل زاوية من البالد وال يعتبرون هذا وال ح ّتى‬

‫السورّيون وفوضى االنتماء‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫الواليات الم ّتحدة لمكافحة اإلرهاب‪ ،‬بهجومها‬ ‫الجوّ يّ على جماعات إسالميّة معيّنة‪ ،‬دون‬ ‫غيرها‪ ،‬ضمن األراض���ي ال��س��ور ّي��ة‪ ،‬طبعا ً‬ ‫والعراقيّة‪ ،‬يُقيّم على أ ّنه «شبه موقف» ويحمل‬ ‫من الشبهات الكثير لدى الشارع السوريّ ‪ ،‬وكذلك‬ ‫ّ‬ ‫كمنظمة معنيّة باألمن‬ ‫موقف هيئة األمم الم ّتحدة‪،‬‬ ‫والسلم الدوليّين‪ ،‬تجاه ما جرى وال يزال يجري‬ ‫في سورية‪ ،‬لآلن‪ ،‬هو «شبه موقف» وال تبتعد‬ ‫ّ‬ ‫والمنظمات المدنيّة والدينيّة‬ ‫مواقف الهيئات‬ ‫على اختالفها‪ ،‬في منحاها العا ّم عن هكذا تقييم‪،‬‬ ‫باعتبارها «شبه مواقف» ح ّتى تاريخه (طبعا ً‬ ‫دون الدخول في تفصيالت موقف ك ّل طرف من‬ ‫األطراف‪ ،‬كون األمر سيحتاج لسرد طويل من‬ ‫األسباب والمبرّ رات)‪.‬‬ ‫في الخالصة لك ّل ما قيل أعاله‪ ،‬وأمام هذه‬ ‫الحالة الحزينة‪ ،‬والمؤلمة من «شبه المواقف»‬ ‫للجميع‪ ،‬دون أن نستثني أح��داً ‪ -‬اللّه ّم إلاّ في‬ ‫الدرجة ‪ -‬أال يدفعنا هذا الوضع للتساؤل عن‬ ‫طبيعتنا كـ «شعب سوريّ » ضمن هذه اللوحة‬ ‫الال متجانسة؟ أين موقعنا فيها؟ ماذا عن دورنا‬ ‫نحن كـ «شعب» إزاء ما ا ّتخذ من مواقف داخليّة‬ ‫وخارجيّة ح ّتى اآلن؟‬ ‫فمن خالل لوحة الصراع الدمويّ القائمة أمامنا‬ ‫منذ أربع سنوات إلاّ قليالً‪ ،‬بمكوّ ناتها المتذرّ رة‬ ‫(هل أقول‪ ،‬لوحة الفسيفساء المتنافرة!) عرضا ً‬ ‫وعمقاً‪ ،‬والمتصارعة ليالً نهاراً‪ ،‬لكسر العظم من‬ ‫قبل ك ّل طرف للطرف اآلخر‪ ،‬يُطرح علينا هنا‬ ‫التساؤل التالي‪ُ :‬ترى هل بدونا نحن أيضاً‪ ،‬في‬ ‫سورية‪ ،‬كـ «شبه شعب»؟ ح ّتى استطاعت ك ّل‬ ‫شبه المواقف تلك‪ ،‬أن تحيط بنا من ك ّل حدب‬ ‫وصوب‪ ،‬وتفعل بنا‪ ،‬وتؤثر على وجودنا الفعليّ ‪،‬‬ ‫ككيان سوريّ وكشعب سوريّ ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بالرغم من ذلك‪ ،‬شخص ّياً‪ ،‬وحتى تاريخه‪،‬‬ ‫لن أتنازل عن مقولة «الشعب السوريّ العظيم»‬ ‫كمفهوم قيميّ ‪ ،‬يحمل في طيّاته إمكانيّة صيرورته‬ ‫شعبا ً سور ّيا ً بكلّيّته أوّ الً‪ ،‬ومن ث ّم قابليّته ألن‬ ‫يكون عظيماً‪ ،‬بفعل الثورة ‪ -‬بما لها وبما عليها‬ ‫من خبرة ألم ودم ‪ -‬رغم ك ّل تفاصيل األحداث‬ ‫المأساويّة السوداويّة والمحبطة في المدى العيانيّ‬ ‫والقصير‪ ،‬قد نختصر درب اآلالم السوريّ ‪ ،‬إن‬ ‫وجد «ص ّناع» سوريّون مهرة في هذا الوقت‬ ‫المناسب‪ ،‬إلعادة التناغم للوحة التنوّ ع‪ ،‬وهي‬ ‫هنا صناعة الهويّة الوطنيّة السوريّة‪ ،‬عن سابق‬ ‫تصوّ ر وتصميم!‬

‫مروان حممّد‬

‫قراءة سياسية‬

‫أي حوار‬ ‫عن ّ‬ ‫سيجري التشاور؟‬ ‫أيّام قليلة هي الفاصلة عن الموعد المحدد‪ ،‬ســيحاول الحاضرون‬ ‫ممّن ت ّم اختيارهم من ك ّل األطياف كمعارضين‪ ،‬وممّن حاول الروس‬ ‫نسبهم للمعارضة‪ ،‬البدء بالتعرّ ف على ما ســـيطرحون من وجهات‬ ‫النظر المتباعدة في اليومين األوّ لين‪ ،‬لينضمّوا الحقا ً إلى عمليّة‬ ‫تشاوريّة في اليومين األخرين مع وفد النظام القادم من دمشق‪،‬‬ ‫محاولين التوصّل معه إلى أســس لحوار ســوريّ مســتقبليّ ‪،‬‬ ‫وكأ ّنما يسعون لخلق اصطفاف جديد مع النظام القائم‪ ،‬في ظ ّل‬ ‫التوسّع الحاصل لإلســالم المتطرّ ف على األرض‪ ،‬واســتعصاء‬ ‫المأساة الســوريّة المتفاقمة على الحلّ‪ ،‬فما يمكن أن يتح ّقق ممّا‬ ‫يسمّيه البعض عودة لبعض الشخصيّات المحسوبة على المعارضة‬ ‫إلى أحضان النظام‪ ،‬وماهي التطوّ رات والمتغيّرات التي سيعكسها‬ ‫مثل هكذا لقاء‪.‬‬ ‫ربّما يكون من الطبيعيّ القول‪ ،‬بأنّ ما يجري من تهديدات‬ ‫إرهابيّة جديدة في العالم الغربيّ ‪ ،‬قد يدفع بالواليات الم ّتحدة وحلفائها‬ ‫الغربيّين للقبول بأيّ ح ّل كان على الساحة السوريّة‪ ،‬لكنّ المباركة‬ ‫األمريكيّة واهتمام المجتمع الدوليّ بهذا اللقاء‪ ،‬ال يمكن النظر إليها‬ ‫كأكثر من صيغة شكليّة في رفع العتب‪ ،‬حيث تأتي متزامنة مع‬ ‫تكثيف التصريحات األمريكيّة للبدء بتدريب المعارضة دون انتظار‬ ‫لما سيصدر عنه من نتائج؛ وإذا كان الجلوس إلى طاولة حوار‬ ‫وطنيّ هو األساس في ح ّل الصراع الداخليّ في أيّ مجتمع‪ ،‬فإنّ‬ ‫جلسات التشاور على أسس الحوار تعتبر مق ّدمة مهمّة إلنجاحه‪ ،‬أو‬ ‫لمنع حصول نكسة حا ّدة مع الوصول إلى طريق مسدود‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫التدخل المباشر في المعادلة‬ ‫لكنّ المواقف المتع ّنتة لألطراف ذات‬ ‫ّ‬ ‫محطة لالنتقال إلى‬ ‫السوريّة‪ ،‬قد ال تجعل من أيّ حوار كان‪ ،‬سوى‬ ‫جولة جديدة من التصعيد‪ ،‬وربّما تخلق متغيّرات جديدة تزيد من‬ ‫تعقيدات التوصّل إلى الح ّل الذي كان ممكناً‪ ،‬فالحوار الذي يفترض‬ ‫في أساسه تو ّفر إمكانيّة التنازل عن بعض المواقف لصالح التفاهم‬ ‫المشترك‪ ،‬ال يستقيم مع تلك االستماتة من النظام إلبقاء األسد على‬ ‫رأس نظام حكم فرديّ ‪ ،‬وال مع تلك الحرب التي يخوضها حزب هللا‬ ‫اللبنانيّ ض ّد المعارضة السوريّة‪ ،‬وال مع ك ّل ذلك الدعم اإليرانيّ‬ ‫المعلن بأن يكون هو شخص ّيا ً محوراً أليّ ح ّل في سورية‪.‬‬ ‫في المقابل فإنّ قوى المعارضة المختلفة‪ ،‬مع السيطرة التي‬ ‫حصلت لقوى اإلسالم المتطرّ ف على ما يقرب من ثلث الجغرافيا‬ ‫السوريّة‪ ،‬لم تعد ّ‬ ‫ممثلة سوى في انتشار بعض تشكيالت المعارضة‬ ‫المسلّحة على مناطق متناثرة‪ ،‬مبتعدة في عملها عن الرؤية السياسيّة‬ ‫للمعارضة‪ ،‬وغير ممتلكة للقدرة على تنظيم أو تنسيق فعليّ ‪ ،‬فيما‬ ‫تعاني الهيئات السياسيّة والمدنيّة من الضعف‪ ،‬ح ّتى في قدرتها على‬ ‫التخفيف من بؤس التشرّ د والجوع والبرد للسوريّين الهاربين من‬ ‫الموت‪.‬‬ ‫إنّ تلك الوقائع ال تشير كما في المشهد الليبيّ ‪ ،‬إلى إمكانيّة‬ ‫التوصّل لما يشبه حالة الحوار الحالي في جنيف‪ ،‬كبحث عن ح ّل‬ ‫ينقذ البالد من دوامة العنف‪ ،‬فالذاهبون إلى موسكو عن أيّ أسس‬ ‫للحوار سيبحثون؟ وعن أيّ إيقاف للقتال يمكن أن يتوصّلوا؟ وعن‬ ‫أيّة حكومة إنقاذ سيكون حوارهم الالحق؟‬

‫نقيصة‪ ،‬أل ّنهم ال يرون في تلك القضيّة قضيّتهم‪،‬‬ ‫وال يشعرون حقيقة باالنتماء لهذا الوطن‪ ،‬على‬ ‫الطرف اآلخر قادة كبار في الجيش الحرّ تتغيّر‬ ‫أسماء كتائبهم وراياتهم يوم ّيا ً حسب الفكرة الجديدة‬ ‫التي يعتنقونها‪ ،‬آالف من النشطاء في الثورة ومن‬ ‫بينهم كاتب هذه الكلمات غادروا البالد في أقرب‬ ‫فرصة سنحت لهم وأوجدوا ألف مبرّ ر لبقائهم في‬ ‫الخارج في حين لم يف ّكروا بمبرّ ر واحد لعودتهم‪،‬‬ ‫آخرون بعددهم موجودون في الداخل يعتبرون‬ ‫بقاءهم هناك امتيازاً يخوّ لهم سبّ وتخوين ك ّل من‬ ‫هم ليسوا تحت خطر البرميل؛ السبب الرئيسيّ‬ ‫في ذلك أ ّننا لم نكن يوما ً شركاء في القضيّة أو‬ ‫في الوطن‪ ،‬عمل النظام على سلخ وقمع أه ّم‬ ‫قيمة يمكن أن تحافظ على السالم الداخليّ للفرد‬ ‫والمجتمع ‪ -‬في الوقت المعاصر‪ -‬خالل أمد حكمه‬ ‫الطويل‪ ،‬لقد قمع قيمة المواطنة ومفهومها‪ ،‬فقتل‬ ‫معها شكالً مح ّدداً واضحا ً النتمائنا لسورية؛ نعم‬ ‫نحن ننتمي لسورية النشيد الوطنيّ ‪ ،‬واألغنية‬ ‫التراثيّة الجميلة‪ ،‬لتاريخ يحمل أمجاد وانتصارات‬ ‫كبيرة مملّة‪ ،‬لمسيرة ترفرف فيها اإلعالم وتستعر‬ ‫فيها الطبول‪ ،‬هذا ما ننتمي إليه‪ ،‬وما من وطن‬ ‫حقيقيّ ‪.‬‬ ‫رعد أطلي‬

‫إن ك ّل المؤ ّ‬ ‫شرات ال تشي بأكثر من التوصّل إلى صيغة حوار‬ ‫لال ّتفاق على آليّات الحرب على اإلرهاب‪ ،‬ولك ّنها لن تكون حربا ً‬ ‫إلاّ وفقا ً لما قام بها النظام على مدار السنوات األربع‪ ،‬كتدمير لتلك‬ ‫المناطق التي خرجت عن سيطرته‪ ،‬بعد أن فقد اإلمكانيّة لبسط‬ ‫سيطرته على كامل البالد‪ ،‬مكتفيا ً بالمنطقة الغربيّة من البالد‪ ،‬و‬ ‫ممّا بقي بحوزته من مراكز بعض المدن الكبرى‪ ،‬تدميراً لم ولن‬ ‫يكون سوى بوابة لعبور المزيد من اإلرهابيّين بصيغتهم اإلسالميّة‬ ‫المتطرّ فة‪ ،‬بعد أن تغدو تلك المناطق المنكوبة أكثر جاهزيّة لتوسيع‬ ‫سيطرتهم نحوها‪ ،‬وبعد أن تقذف بالمزيد من السوريّين خارج‬ ‫بيوتهم‪ ،‬في استمرار للمأساة الكبرى التي لم يشهد العالم مثيلها منذ‬ ‫الحرب العالميّة الثانية‪.‬‬ ‫على الرغم من بعض أوجه التشابه الملحوظة لألحداث الدائرة‬ ‫في المنطقة‪ ،‬وارتباطها بالصراع اإلقليميّ ذو البعد الطائفيّ ‪،‬‬ ‫واستقطابها الحا ّد لإلسالم المتطرّ ف عالم ّياً‪ ،‬فإنّ ما يُطرح من‬ ‫مخارج متباينة في ك ّل مجتمع من مجتمعاتها‪ ،‬يفترض أن يكون‬ ‫متناسبا ً مع ما هو حاصل في ك ّل منها‪ ،‬وعلى ما يبدو أن وصلت‬ ‫إليه الحالة السوريّة الصعبة‪ ،‬ال يفتح المجال أمام أيّ طريق للخروج‬ ‫ّ‬ ‫المتمثلة‬ ‫منها‪ ،‬ما لم يرتكز إلى إنهاء االشكاليّة األساسيّة لتلك الحالة‬ ‫برحيل األسد أوّ الً‪ ،‬حيث ال يتو ّقع أن تكون ذرائع بقائه أكثر سوء‬ ‫من تلك الحالة‪ ،‬التي تنذر باستمراريّتها ألعوام طويلة بانهيار‬ ‫الوجود السوريّ أرضا ً وشعباً‪ ،‬وإذا كان خطر اإلسالم المتطرّ ف‬ ‫الناشئ في سورية قد بات يش ّكل تهديداً عالم ّياً‪ ،‬بهيمنته على جزء‬ ‫واسع من سورية وتحويلها إلى مركز لإلرهاب العالميّ ‪ ،‬فإنّ توحيد‬ ‫جهود السوريّين لدحر قوى التطرّ ف من بالدهم والقضاء عليهم‬ ‫بالتعاون مع المجتمع الدوليّ ‪ ،‬يتطلّب وبشكل شبه واضح‪ ،‬قيام حكم‬ ‫انتقاليّ قادر على إنجاز سيادته على كامل األرض السوريّة‪ ،‬بدءاً‬ ‫من إعادة تشكيل جيش سوريّ كشكل مختلف عن جيش األسد في‬ ‫البنية وفي األهداف‪ ،‬وصوالً إلى تحرير تلك المناطق الواقعة تحت‬ ‫سيطرة جميع الغرباء القادمين‪ ،‬من أجل حماية اإلسالم‪ ،‬أم من أجل‬ ‫حمايه المق ّدسات ‪.‬‬

‫لؤي حاج بكري‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫قراءة سياسية‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪ /21‬كانون الثاني ‪2015/‬‬

‫السّيد رئيس الحكومة السورّية المؤ ّقتة‬ ‫أناشدك وأنت تبدأ مهامّك من جديد أن تكون‬ ‫مخلصاً‪ ،‬وأن تكون خطواتك مباركة وتصاحبها‬ ‫قررات ذكيّة بانتشال العمليّة السياسيّة ومعالجة‬ ‫الوضع السياسيّ بحنكة وخبرة ووفقا ً للمبادئ‬ ‫التي ضحّ ى الشعب من أجلها ووفاء لدماء شهدائنا‬ ‫األبرار‪.‬‬ ‫أكتب إليك عسى أن تو ّفق في خدمة وطن‬ ‫ّ‬ ‫ومزقته الضغائن واألحقاد وعبث به‬ ‫ذبحه األشقياء‬ ‫اإلرهاب والميليشيات وسرقه اللصوص واخترقه‬ ‫الطارئون القادمون من ك ّل حدب وصوب مع تش ّتت‬ ‫وتشرّ د أهله وضياع قيمه ومعانيه‪.‬‬ ‫إنّ أيّ زعيم سوريّ سيدخل قلوب السوريّين‪،‬‬ ‫إنْ تواضع أمامهم وأخلص لهم وخدمهم بما يرضي‬ ‫هللا شرط ألاّ يفرق بينهم أليّ سبب من األسباب‪،‬‬ ‫وأن يعمل ليل نهار من أجل البالد وقضاء حاجات‬ ‫العباد‪ ،‬وأن يضحي من أجل األمن واالستقرار‪،‬‬ ‫وأن يضرب بيد من حديد على أيدي ك ّل الفاسدين‬ ‫والعابثين والقتلى والمجرمين‪.‬‬ ‫إنّ ك ّل إنسان يخطئ‪ ،‬ولكن ما أجمل من يتولّى‬ ‫المسؤوليّة ويعترف بخطئه ويتعلّم من تجاربه‬ ‫ويستشير خبراء ومختصّين عقالء‪ ،‬فال خاب من‬ ‫استشار والعبرة في النهايات‪.‬‬ ‫أتم ّنى عليك في دورتك الجديدة أن تبقى مواطنا ً‬ ‫سور ّيا ً حقيق ّيا ً ترعى شؤون الجميع بعدالة وإنصاف‬ ‫وتواضع وال تفرّ ق بين الناس‪ ،‬وأتم ّنى ألاّ تنام ليلتك‬ ‫وفي أرض سورية الحبيبة قتيل أو جريح أو جائع‬ ‫أو مشرد أو مظلوم أو مخطوف‪ ،‬وألاّ تسمّي نفسك‬ ‫ّ‬ ‫مفخمة وال تجعل من نفسك ظ ّل هللا في‬ ‫بأسماء‬ ‫األرض أو مختاراً للعصر أو قائداً للضرورة أو‬ ‫زعيما ً أوحداً أو دولة الرئيس‪.‬‬ ‫أطالبك – مخلصا ً ‪ -‬أن تتجرّ د من حزبيّتك‪،‬‬ ‫ح ّتى وإن كانت قد أوصلتك إلى س ّدة الحكم‪ ،‬فاهلل‬ ‫وحده ّ‬ ‫يعز من يشاء ويذ ّل من يشاء‪ ،‬وأتم ّنى عليك‬ ‫أن ال تنظر إلى مدينتك وحدها دون النظر إلى بقاع‬ ‫سورية األخ��رى‪ ،‬وأن تكون منصفا ً وع��ادالً في‬ ‫حكمك‪ ،‬بحيث ال تجعل أجندتك وفقا ً إلى أحزاب‬

‫سياسيّة مهترئة ليس لها وجود شعبيّ ‪ ،‬وأن ال تعتمد‬ ‫على السياسيّين الحاليّين‪ ،‬فقد ثبت فشلهم وأضحت‬ ‫سمعة معظمهم في الحضيض‪ ،‬وأن تعتمد أهل العلم‬ ‫والمعرفة والكفاءات‪ ،‬فال فرق بين سوريّ وآخر‬ ‫إلاّ بذكائه ومقدار وطنيّته‪ ،‬وبما يق ّدمه‬ ‫من خدمات إلى وطنه‪ ،‬وأنت أدرى‬ ‫بما تملكه سورية من قوى فاعلة‬ ‫متخصّصة مبدعة مغيّبة؛ وهنا‬ ‫يأتي دورك في رعاية المبدعين‬ ‫والعلماء والمث ّقفين‪ ،‬واسمح لي‬ ‫بأن أطلب منك ألاّ تحيط نفسك‬ ‫بحاشية فاسدة‪ ،‬وألاّ تنصّب أهلك‬ ‫ومعارفك في مناصب ومواقع هم‬ ‫ليسوا أهالً لها‪.‬‬ ‫وأن تكون مستق ّل اإلرادة في‬ ‫صنع قرراتك بما يمليه عليك‬ ‫ضميرك الوطنيّ وال شيء‬ ‫آخر‪ ،‬وعليك بالحفاظ على‬ ‫أرواح ك ّل السوريّين‪،‬‬ ‫وأن تق ّدس ك ّل شبر في‬ ‫سورية وأن تدافع عن‬ ‫ترابها وأنهارها ومدنها‬ ‫وقراها‪.‬‬ ‫أت��م� ّن��ى م��ن ك�� ّل قلبي أن‬ ‫أرى زعيما ً سور ّيا ً وطن ّيا ً ذك ّيا ً‬ ‫متواضعا ً يتم ّتع بمؤهّالت قياديّة‬ ‫وكاريزما رياديّة‪ ،‬كي يعيد البناء‬ ‫من خالل إرادة وطنيّة مستقلّة‪،‬‬ ‫فتعاد الثقة بين أبناء المجتمع‪،‬‬ ‫وخ���اصّ���ة ف���ي ال��م��ن��اط��ق‬ ‫ال��م��ح��رّ رة‪ ،‬ويتح ّدث باسم‬ ‫السوريّين كلّهم ويهتف معهم‬ ‫اًّ‬ ‫ومستقل‬ ‫بمبادئ الثورة محرّ راً شعبه‬ ‫ب��ق��راره عن أيّ ضغط أجنبيّ ‪،‬‬ ‫ويحسن اختيار األذكياء من ذوي‬ ‫الخبرة إلدارة المؤسّسات المتو ّفرة وإعادة بنائها‪،‬‬

‫ويسعى جاهداً للحفاظ على أموال العباد‪ .‬وثق أيّها‬ ‫الرئيس بأنّ من ي ّتخذ هذه المبادئ ويرسم خارطة‬ ‫طريق وال يقبع في جدران مكتبه‪ ،‬بل ينزل إلى‬ ‫الشارع ويزور المدن والقرى ويجالس الناس‪،‬‬ ‫فسوف يعشقه أبناء شعبه‪ ،‬وسيكتب‬ ‫التاريخ سيرته بأحرف من نور‪ ،‬أمّا‬ ‫من يسلك سلوك الطغاة فسوف يُقتل‬ ‫أو يُشنق غير مأسوف عليه‪.‬‬ ‫وأ ُ ّك����د على أن ت��ق � ّدم األه�� ّم‬ ‫على المه ّم‪ ،‬وأتم ّنى أن ترى أين‬ ‫الضرورة التي يحتاجها السوريّون‬ ‫في مثل هذه المرحلة العصيبة‪ .‬إنّ‬ ‫الحاجة تستدعي عالقة وثيقة مع ك ّل‬ ‫جيراننا‪ ،‬شرط المحافظة على استقاللنا‬ ‫ّ‬ ‫بتدخل اآلخرين في شؤوننا أبداً‪،‬‬ ‫وألاّ يسمح‬ ‫نظراً لما تتطلّبه مصالح ثورتنا‬ ‫وبالدنا‪.‬‬ ‫تعلّم من شكري القوّ تلي‬ ‫الحكمة والتواضع واستشارة‬ ‫الحكماء‪ ،‬وتعلّم م��ن يوسف‬ ‫العظمة الوطنيّة والتضحية‪ ،‬ومن‬ ‫أدي��ب الشيشكلي ال��ده��اء وسرعة‬ ‫البديهة وال��ظ��راف��ة‪ ،‬وم��ن إبراهيم‬ ‫هنانو الكتمان والصبر‪ ،‬ومن سلطان‬ ‫باشا محبّة الناس‪ ،‬ومن جول جمال‬ ‫الشجاعة‪ ،‬وأرج��وك ألاّ تتعّلم من‬ ‫حافظ وب ّ‬ ‫شار أيّ شيء‪.‬‬ ‫وأخيراً‪ ،‬أن تعمل لتغيير العمليّة‬ ‫السياسيّة الحاليّة‪ ،‬وأن تقتنع تماما ً بأنّ‬ ‫هذا النظام ال يسقط إلاّ بالقوّ ة وعن طريق‬ ‫السوريّين ال عن طريق الخارج‪ ،‬فلربّما‬ ‫ساعدتك ه��ذه النصائح على النجاح في‬ ‫عملك‪ .‬فهل ستنجح في ذلك؟ األيّام‬ ‫القادمة ‪ -‬طالت أم قصرت ‪ -‬س ُتظهر‬ ‫ّ‬ ‫الحق و ُتزهق الباطل‪.‬‬

‫د‪.‬حممد حاج بكري‬

‫الروسي‬ ‫الدب‬ ‫في مواجهة اقتصاد ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإليراني‬ ‫والنووي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫بشكل‬ ‫في كتب التاريخ كانت الحروب ُتشنّ‬ ‫ٍ‬ ‫مباشر‪ ،‬ال سياسات وال حرب اقتصاديّة‪ ،‬وإ ّنما كانت‬ ‫تقتصر على حصار لمدينة ما‪ ،‬ومن ث ّم شنّ هجوم‬ ‫كامل عليها الحتاللها أو تحريرها‪ ،‬ولكن في عصرنا‬ ‫اختلف األمر كثيراً‪ ،‬فباتت للحرب أشكا ٌل ع ّدة‪ ،‬منها‬ ‫الحرب النفسيّة والعسكريّة والدبلوماسيّة‪ ،‬وأيضا ً‬ ‫الحرب االقتصاديّة‪ ،‬واألخيرة ّ‬ ‫تتمثل بعقوبات دوليّة‬ ‫اقتصاديّة منها قطع العالقات والصفقات التجاريّة‬ ‫مع الدولة المستهدفة‪ ،‬ولك ّنها ّ‬ ‫تتأثر كثيراً بالسياسة‬ ‫النفطيّة وخاصة إنْ كانت دولة ذات إنتاج نفط كبير‬ ‫وبكلفة قليلة‪.‬‬ ‫نعلم أنّ المملكة العربيّة السعوديّة هي من أبرز‬ ‫دول العالم في إنتاج النفط‪ ،‬حيث يبلغ إنتاجها (‪)12‬‬ ‫مليون برميل يوم ّياً‪ ،‬ولم ال وهي تملك أكبر حقل‬ ‫نفط في العامل حقل الغوار‪ ،‬وتع ّد السعوديّة من‬ ‫أكبر حلفاء الواليات الم ّتحدة األمريكيّة‪ ،‬ولع ّل من‬ ‫أبرز الحروب النفطيّة عندما قامت القيادة السعوديّة‬ ‫بتخفيض سعر برميل النفط في منتصف الثمانينات‬ ‫للتعجيل بانهيار اال ّتحاد السوف ّي ّتي‪ ،‬وعام ‪1988‬لخنق‬ ‫الرئيس العراقيّ الراحل ص ّدام حسين ونظامه‪ ،‬حيث‬

‫وصلت أسعار النفط إلى ‪6‬دوالرات‪ ،‬ممّا دفع األخير‬ ‫إلى إط�لاق مقولته الشهيرة «قطع األرزاق من‬ ‫قطع األعناق» و ُمهّد الطريق لسقوطه في المصيدة‬ ‫الكويتيّة التي أُع ّدت له بعناية فائقة‪ ،‬ومن ث ّم انهيار‬ ‫أكثر من ‪ %50‬من قوّ ته العسكريّة‪ ،‬واآلن تعود‬ ‫السعوديّة الستخدام ذات السالح وتقوم بتخفيض سعر‬ ‫النفط إلى ‪ 60‬دوالر للبرميل الواحد بعد أن تجاوز‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫سعره ‪100‬دوالر‪،‬‬ ‫ولكن ض ّد روسيا‬ ‫وإي���ران بالدرجة‬ ‫األول��ى‪ ،‬وبتنسيق‬ ‫كامل مع الواليات‬ ‫ال��م� ّت��ح��دة‪ ،‬بهدف‬ ‫الضغط المباشر‬ ‫والقويّ على هاتين‬ ‫ال��دول��ت��ي��ن بسبب‬ ‫ّ‬ ‫ت���دخ���ل األول����ى‬ ‫عسكر ّيا ً في أوكرانيا ودعمها اللوجستيّ المباشر‬ ‫ّ‬ ‫المتمثل بإرسال‬ ‫لنظام األسد‪ ،‬ودعم الثانية للنظام‬ ‫المئات من المقاتلين والمليشيات الطائفيّة وعشرات‬ ‫الضبّاط والدعم المالي‪ ،‬إضافة إلى تمسّكها (بح ّقها‬ ‫المشروع) في تخصيب اليورانيوم‪ ،‬ورفضها‬ ‫تقديم تنازالت في مفاوضات فيي ّنا حول طموحاتها‬ ‫ومنشآتها النوويّة‪ ،‬فعندما تنخفض أسعار برميل‬ ‫النفط إلى أق ّل من سبعين دوالراً بعد أن كانت تتجاوز‬ ‫‪100‬دوالر قبل بضعة أشهر‪ ،‬أي بمع ّدل يقترب من‬ ‫األربعين في المائة‪ ،‬فإنّ دوالً مثل ايران وروسيا‬ ‫ تش ّكل صادرات النفط أكثر‬‫من خمسين في المئة من دخلها‬ ‫ ستجد نفسها أم��ام ظروف‬‫اقتصاديّة صعبة للغاية في‬ ‫األش��ه��ر المقبلة‪ ،‬وال تخفى‬ ‫أه ّميّة الدور الذي يلعبه النفط‬ ‫والغاز في االقتصاد الروسيّ ‪،‬‬ ‫وي��ش��ار إل���ى أنّ ال��ع��ائ��دات‬ ‫الروسيّة من ص��ادرات النفط‬ ‫تفوق عائدات تصدير الغاز‬ ‫بأكثر من أرب��ع م���رّ ات‪ ،‬أي‬ ‫أنّ تصدير النفط هو المصدر‬ ‫الرئيسيّ للعملة الصعبة في روسيا‪ ،‬ووفق خبراء فإنّ‬ ‫خفض سعر النفط إلى أق ّل من ‪ 90‬دوالراً للبرميل‪،‬‬ ‫سيسبّب خسائر لالقتصاد الروسيّ تصل إلى ‪40‬‬ ‫مليار دوالر‪ ،‬حيث شهدت الفترة الزمنيّة األخيرة‬ ‫تراجعا ً كبيراً في قيمة الروبل الروسيّ ‪ ،‬األمر الذي‬ ‫جعل أكبر شركتين منتجتين للنفط في روسيا تعلنان‬ ‫مواجهتهما مشاكل ماليّة كبيرة‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫في الحالة اإليرانيّة يأتي انخفاض األسعار ليُكمل‬ ‫ما بدأته العقوبات الغربيّة من تأثير في االقتصاد‪،‬‬ ‫واأله ّم من ذلك أ ّنه يح ّد من قدرتها على المناورة‬ ‫ويسرّ ع وتيرة تفاوضها مع الغرب للوصول إلى‬ ‫اتفاق بشأن برنامجها النوويّ ‪ ،‬ويمنح القوى الغربيّة‬ ‫مجاالً أوسع للتش ّدد في موقفها‪ .‬ووفق إحصاءات‪،‬‬ ‫خسرت إيران أكثر من ‪ 45‬في المائة من عائداتها‬ ‫السنويّة لمبيعات النفط خالل السنتين الماضيتين‬ ‫بسبب العقوبات الغربيّة‪ ،‬ونظراً لألزمة االقتصاديّة‬ ‫الخانقة التي تعانيها إي��ران وعدم تم ّكنها من بيع‬ ‫كميات أكثر من النفط‪ ،‬سيواجه اقتصادها خطر‬ ‫االنهيار‪ ،‬وإذا استمرّ ت أسعار النفط باالنخفاض‬ ‫رفع أكثر ألسعار‬ ‫س ُتجبر الحكومة اإليرانيّة على‬ ‫ٍ‬ ‫السلع والخدمات‪ ،‬ما يُعرّ ض النظام إلى خطر اندالع‬ ‫احتجاجات شعبيّة‪.‬‬ ‫ك ّل هذه العقبات والنتائج أجبرت روسيا على‬ ‫أن تلعب في آخر أوراقها في الحفاظ على جزيرة‬ ‫القرم‪ ،‬وهي التخلّي عن نظام األسد‪ ،‬والدعوة إلى‬ ‫انعقاد مؤتمر عاجل لح ّل األزمة السوريّة في نظرها‪.‬‬ ‫وتبقى إيران الخاسر األكبر‪ ،‬فسوف تخسر اليمن‬ ‫وسورية‪ ،‬وسوف تخضع للمفاوضات النوويّة من‬ ‫أجل أن تحافظ على بقاء حكم نظامها في إيران‪ ،‬فهل‬ ‫نجحت السعوديّة وأمريكا في إخضاع الدبّ الروسيّ‬ ‫والنوويّ اإليرانيّ ؟‬ ‫األيّام كفيلة بأن ُترينا من الرابح‪ ،‬إ ّنها حرب باردة‬ ‫في المنطقة فالدول األربعة استغلّوا ثورتنا من أجل‬ ‫كسر النفوذ‪ ،‬وبدء حرب باردة ثانية‪ ،‬متجاهلين الدم‬ ‫السوريّ الذي هُدر من أجل مصالحهم‪...‬‬

‫أمري جنم الدين‬

‫سأخون ثورتي‬ ‫مؤسسات الثورة السياسّية‬ ‫ّ‬ ‫‪ ..‬الحمل الذي أرهقنا‬ ‫لم تستطع المعارضة السياسيّة بك ّل أطيافها ومؤسّساتها‬ ‫السابقة على الثورة كأحزاب وتجمّعات وجماعات‪ ،‬وال‬ ‫الناشئة بعدها وعلى رأسها االئتالف الوطنيّ ‪ ،‬أن تق ّدم‬ ‫حالة واحدة حقيقة تبرّ ر الدفاع عنها والتمسّك بها باعتبارها‬ ‫(مؤسّسات ثوريّة)‪.‬‬ ‫لقد حاولنا جاهدين (ومتروكين) أن نوجد مبرّ رات تقنع‬ ‫بضرورة وجود هذه المؤسّسات والواجهات والشخصيّات‬ ‫في البداية‪ ،‬لكن ومع استمرار فشلها وصوالً إلى دخولها‬ ‫مرحلة ما بعد الفشل واألخطاء‪ ،‬عملنا كشباب ‪ -‬نعتقد أنّ‬ ‫من الواجب الحفاظ على أيّ منجز ثوريّ ‪ -‬على الحرب‬ ‫في جبهة الفصل بين المؤسّسات (الثوريّة) واألشخاص‬ ‫القائمين عليها‪.‬‬ ‫ث ّم عندما سقطت هذه المؤسّسات بك ّل مستنقعات الخطأ‪،‬‬ ‫وأُصيبت بك ّل أمراض مؤسّسات النظام‪ ،‬ضيّقنا زاوية‬ ‫الرؤية نحو التركيز على شخصيّات في هذه المؤسّسات‪،‬‬ ‫شخصيّات لها اسمها ووزنها التاريخيّ والنضاليّ في‬ ‫المعارضة والتضحيات‪ ،‬لكنّ الضربة القاضية تلقيناها من‬ ‫هذه الشخصيّات ذاتها في النهاية‪ ،‬لتغدو معركتنا في ص ّفها‬ ‫معركة محسومة النتيجة‪ ،‬بالخسارة طبعاً‪.‬‬ ‫في كتابه (شروط النهضة) يتح ّدث «مالك بن نبي»‬ ‫عن تجربة اليقظة الشعبيّة الجزائريّة بين عامي ‪1925‬‬ ‫– ‪ 1936‬ويقرّ ر أنّ هذه التجربة الرائعة انتهت تماما ً‬ ‫مع انعقاد المؤتمر الجزائريّ العام في باريس‪ ،‬ويعتبر أنّ‬ ‫الحكومة الفرنسيّة استطاعت وأد هذه الحركة النهضويّة‬ ‫بتحويلها إلى مشروع سياسيّ حرف ك ّل أبطالها‪.‬‬ ‫لقد أقحمت فرنسا مف ّكري النهضة وموقدي أنوارها‬ ‫في لعبة السياسة‪ ،‬فبدأ هؤالء يحاولون مجاراة السياسيّين‬ ‫الذين سبقوهم في التخلّي عن الصحوة المجتمعيّة لصالح‬ ‫المنافسة السياسيّة‪ ،‬فاشتبك الطرفان في صراع ال ينتهي‬ ‫على حساب األمّة‪ ،‬وكذلك إقحام السياسة العشوائيّ في‬ ‫تجربة غير سياسيّة‪ ،‬عدا عن توجّ ه الجماهير من السير‬ ‫نحو النهضة الشاملة‪ ،‬إلى االنشغال بتأييد األط��راف‬ ‫ّ‬ ‫فتمزق الناس بين هذا الحزب وذاك‪ ،‬وبين‬ ‫المتناحرة‪،‬‬ ‫هذه اإليديولوجيّة وتلك‪ ،‬وبدأ الجميع يتصارع على النسب‬ ‫والتحاصص‪ ،‬ويتنازعون المؤسّسات وقيادتها ح ّتى قبل‬ ‫أن توجد‪ ،‬بينما جلس الفرنسيّون يراقبون بسعادة وهم‬ ‫ير ّددون «عندما تنهون خالفاتكم وت ّتفقون تعالوا إلينا»‬ ‫لتنتهي التجربة بفشل ذريع جعل الجزائريّين يدفعون ثمنا ً‬ ‫باهظا ً من أجل استقاللهم الحقا ً بأكثر من مليون شهيد‪.‬‬ ‫ال يقول (اب��ن نبي) في ذل��ك ب��أنّ السياسة قتلت‬ ‫الصحوة‪ ،‬بل يشرح أنّ سقوط العلماء والمف ّكرين وقادة‬ ‫المجتمع المدنيّ في ف ّخ اللعبة السياسيّة خلّف فراغا ً كامالً‬ ‫في األماكن والمنابر التي يجب أن يكونوا فيها‪ ،‬وأوقف‬ ‫مسيرة الصحوة الفكريّة الشعبيّة‪ ،‬مترافقا ً ك ّل ذلك مع ال‬ ‫مسؤوليّة الدور الذي لعبوه في السياسيّة وهم يجارون‬ ‫رجاالت السياسة (غير المسؤولين أصالً)‪ ،‬وصوالً إلى‬ ‫انعدام الضمير العا ّم لصالح الحزبيّة واالنتماءات الضيّقة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫والحق‪ ،‬أنّ هذا ينطبق تماما ً على تجربتي المجلس‬ ‫الوطنيّ والحقا ً االئتالف‪ ،‬فلم يكفِ أنّ هاتين المؤسّستين‬ ‫تحوّ لتا لحلبة صراع بين القوى السياسيّة التقليديّة التي لم‬ ‫تكن قد استعادت‪ ،‬أو سعت لتستعيد‪ ،‬أيّ وجود حقيقيّ لها‬ ‫على األرض‪ ،‬فكان ك ّل ما في المؤسّستين تناحر وخالفات‬ ‫ّ‬ ‫الممثل للشعب أو الثورة‪ ،‬بل لقد سرقت‬ ‫بدل أن تقوما بدور‬ ‫من حضن الثورة رجاالت ووجوها ً صمدوا في الداخل مع‬ ‫شبابها لشهور وكانوا قوّ ة دفع معنويّة كبيرة لهم‪ ،‬وصوالً‬ ‫إلى الكارثة الكبرى التي حصلت مع تخصيص نسبة من‬ ‫المقاعد (لقوى الحراك الثوريّ ) ما أ ّدى لخروج عدد كبير‬ ‫من شباب الثورة إلى مكاتب المجلس واالئتالف بشكل‬ ‫نهائيّ ‪.‬‬ ‫ومن نجا من إغراء هاتين المؤسّستين‪ ،‬سقط في شبّاك‬ ‫مؤسّستي الحكومة المؤ ّقتة ووحدة تنسيق الدعم‪ ،‬ومن‬ ‫ّ‬ ‫والمنظمات‬ ‫نجا منهما وقع في مهلكة الجمعيّات الخيريّة‬ ‫ّ‬ ‫الحظ منها جميعا ً سقط في ف ّخ‬ ‫األخ��رى‪ ،‬ومن أسعفه‬ ‫االنشغال بك ّل هذه المؤسّسات على حساب الثورة‪.‬‬ ‫وإذا كان من مبرّ رات لسقوط شباب الثورة وكوادرها‬ ‫في هذه الفخاخ بشكل أو بآخر‪ ،‬فإ ّنه ال مبرّ ر على اإلطالق‬ ‫للكوارث التي ارتكبتها القوى السياسيّة والسياسيّون‬ ‫بسقوطهم في هذا الف ّخ ابتداء‪ ،‬ومن ث ّم مشاركتهم في ك ّل‬ ‫ما وقعت به هذه المؤّ سسات من فساد ومفاسد حشرت‬ ‫الثوّ ار في زواية ضيّقة‪ ،‬فكان علينا بدل أن نلقي بهمومنا‬ ‫عليهم وعليها‪ ،‬أن زادوا همّنا هموم‪.‬‬

‫عقيل حسني‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪4‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪ /21‬كانون الثاني ‪2015/‬‬

‫أحوال‬

‫نحو بناء جسور بين القوى السياسّية في سورية‬ ‫منذ بداية الثورة السوريّة تو ّجهت األنظار حيال خلق آليّات عمل هلا طابع مجع ّي‪ ،‬كالتنسيقيّات‪ ،‬وبعدها جمموعات العمل‬ ‫املدن ّي‪ ،‬ومن ث ّم تو ّسع العمل بعد سنتني ليتّجه إىل حاالت أكثر تعقيداً حنو تشكيل تيّارات أو أحزاب مدنيّة أو سياسيّة‪،‬‬ ‫وهنا برزت بقوّة اإليديولوجيّات بك ّل توزّعاتها «دينيّة أو مذهبيّة أو علمانيّة أو قوميّة»‪.‬‬ ‫رغم أ ّن هذه الكيانات املدنيّة أو السياسيّة تشكّل حالة صحيّة يف سوريّة بعد تغييب العمل السياس ّي طوال نصف قرن من‬ ‫تسلّط احلزب الواحد‪ ،‬إلاّ أ ّن املتابعني الحظوا أ ّن هذه احلالة قادت إىل ختندقات إيديولوجيّة‪ ،‬حبيث بات ك ّل طرف يعترب‬ ‫أ ّن ما يؤمن به هو الصحيح وك ّل ما عداه باطل‪.‬‬ ‫سؤالنا هو‪:‬‬ ‫هل االصطفافات بني القوى السياسيّة واملدنيّة السوريّة هو لصاحل الشعب السور ّي ولصاحل سوريّة اجلديدة اليت نسعى‬ ‫إليها؟ وملاذا ال تقام جسور تواصل بني ك ّل هذه التشكيالت العاملة بالشأن السور ّي‪ ،‬وما هي العوائق حيال ذلك؟‬ ‫حول هذا املوضوع تو ّجهت «كلّنا سوريّون» بهذا السؤال إىل جمموعة من العاملني يف الشأن العامّ يف سوريّة‪ ،‬حماولة منها‬ ‫يف رسم صورة أوّليّة حول هذه القضيّة‪.‬‬ ‫حاولنا أن تكون مروحة األصدقاء الذين ّ‬ ‫مت توجيه السؤال إليهم متع ّددة ومتنوّعة وال تستثين أحداً‪ ،‬بعض هذه اإلجابات‬ ‫ـ واليت ُتنشر كما هي ـ جاءت طويلة ج ّداً‪ ،‬والبعض اآلخر التزم مبا ق ّرره احمل ّرر من عدد للكلمات يف الردّ‪ ،‬هيئة التحرير‬ ‫وألهمّيّة املوضوع‪ ،‬ورغبة منها خبلق حوار مفتوح حوله ستنشر ك ّل املواد اليت وصلتها‪ ،‬رغم طوهلا‪ ،‬حمرتمة آراء اجلميع‪،‬‬ ‫وتعلن أنّها مستع ّدة لنشر ك ّل ما يصلها حول هذا املوضوع يف عددها القادم‪ ،‬كما تعلن أنّها تفتح صفحاتها لألصدقاء الذين‬ ‫قيّدهم عدد الكلمات من التعبري الكامل عن آرائهم‪..‬‬ ‫هي فسحة سوريّة حلوار منتِج‪ ،‬تعالوا جن ّربها معاً‪.‬‬ ‫طالل أبو دان‪ /‬عضو اللجنة المركز ّية لحزب الشعب‬ ‫السوري‬ ‫الديمقراطي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫إنّ العمل على بناء تك ّتالت سياسيّة ليس باألمر‬ ‫الجديد في الواقع السوريّ ‪ ،‬فمنذ أواخر السبعينات‪،‬‬ ‫تداعت مجموعة من القوى اليساريّة والقوميّة ومنها‬ ‫حزبنا‪ ،‬لتأسيس التجمّع الوطنيّ الديموقراطيّ كجبهة‬ ‫معارضة‪ ،‬في مواجهة سياسيات النظام في حينه‪ ،‬وكان‬ ‫ّ‬ ‫المحطات التي مرّ ت‬ ‫للتجمّع دوراً ها ّما ً في العديد من‬ ‫بها البالد‪.‬‬ ‫وكان لبيان التجمّع في الثمانينيّات‪ ،‬أه ّميّة بالغة‪ ،‬ليس‬ ‫أل ّنه ّ‬ ‫شخص طبيعة األزمة التي عصفت في البالد‪ ،‬بل‬ ‫أل ّنه قرع ناقوس الخطر لما يته ّدد الوطن‪ ،‬واعتبر أنّ‬ ‫الحوار الوطنيّ هو الطريق للخروج من أزمته‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وبعد موت حافظ األسد في عام‪ ٢٠٠٠‬وتوريث بشار‬ ‫السلطة‪ ،‬إضافة للمتغيّرات الكبيرة التي حصلت في‬ ‫العالم‪ ،‬وانتهاء الحرب الباردة‪ ،‬وما تبعها‪ .‬وحرب‬ ‫الخليج وتأثيراتها العميقة والمباشرة على دول المنطقة‪،‬‬ ‫انطلق ما عُرف بربيع دمشق‪ ،‬وفُتح الكثير من المنتديات‬ ‫السياسيّة‪ ،‬واس ّتتبعت بحركة إحياء المجتمع المدنيّ ‪،‬‬ ‫ولم يقتصر هذا النشاط على األحزاب السياسيّة‪ ،‬إ ّنما‬ ‫شملت قطاعا ً واسعا ً من المث ّقفين والطلبة‪ ،‬ولم يكن حال‬ ‫تلك التحرّ كات بأفضل ممّا سبقها‪ ،‬فقد تعرّ ضت أيضا ً‬ ‫لإلغالق والمالحقة واالعتقال بين صفوف نشطائها‬ ‫من السياسيّين والمث ّقفين‪.‬‬ ‫ك أنّ انطالق الربيع العربيّ في العديد من‬ ‫ال ش ّ‬ ‫الدول العربيّة‪ ،‬كان له دور مح ّفز لمختلف التيّارات‬ ‫الوطنيّة والسياسيّة للبحث عن أدوات جديدة تتالءم‬ ‫مع طبيعة المرحلة‪ ،‬وتكون حاملة لمشروع التغيير‬ ‫الوطنيّ الديمقراطيّ في سوريّة‪ ،‬فكان اإلعالن عن‬ ‫تجمّع سياسيّ يض ّم مختلف اال ّتجاهات السياسيّة‬ ‫واإليدولوجيّة إضافة للشخصيّات الوطنيّة المستقلّة‬ ‫وسمّي بـ (إعالن دمشق) حيث ُ‬ ‫طرح مشروع التغيير‬ ‫الوطنيّ الديمقراطيّ السلميّ والتدريجيّ إدراكا ً منه‬ ‫للطبيعة الوحشيّة للنظام السوريّ ‪ ،‬ومحاولة لتجنيب‬ ‫البالد ّ‬ ‫هزات أمنيّة أو اجتماعيّة واقتصاديّة‪ ،‬إلاّ أنّ‬ ‫النظام لم يستجب لدعوات اإلصالح وأمعن في خياره‬ ‫األمنيّ ‪.‬‬ ‫لم تكن الثورة السوريّة مختلفة بطبيعتها عن باقي‬ ‫ثورات الربيع العربيّ ‪ ،‬من حيث عفويّتها وطبيعتها‬ ‫االنفجاريّة‪ ،‬رغم خصوصيّة الوضع السوريّ من‬ ‫حيث ش ّدة قمع النظام‪ ،‬وغياب أيّ شكل من أشكال‬ ‫المجتمع المدنيّ ‪ ،‬والتفتيت الممنهج لتركيبته االجتماعيّة‬ ‫على مدى نصف قرن‪ ،‬إضافة أله ّميّة موقع سورية‬ ‫الجيوسياسيّ ‪ ،‬ومؤسّسة عسكريّة تابعة بالمطلق للنظام‪.‬‬ ‫هذه الخصوصيّة كان لها دور في مسارات الثورة‪،‬‬ ‫وجعلها تمرّ بالعديد من المنعطفات الحا ّدة‪ ،‬ونعيش‬ ‫اليوم أخطر تلك المنعطفات ليس على الثورة فحسب‬ ‫وإ ّنما على مصير الوطن‪.‬‬ ‫يمكن القول بأنّ الثورة السوريّة كانت مبدعة‪ ،‬في‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫معظم مراحلها‪ ،‬فقد استطاعت أن ّ‬ ‫تنظم نفسها في‬ ‫تنسيقيّات وهيئات إغاثة وإع�لام ومشا ٍ‬ ‫ف ميدانيّة‪،‬‬ ‫ومنذ مراحلها األولى وتطوّ رت لتكون مجالس محليّة‬ ‫ومجالس محافظات وهيئات قضائيّة‪.‬‬ ‫إلاّ أنّ اإلرباك الذي تعيشه القوى السياسيّة اليوم‪،‬‬ ‫فهو ناجم عن ضعف إمكاناتها على أكثر من صعيد‪،‬‬ ‫إلدارة ثورة بهذا الحجم من التعقيد‪ ،‬إضافة لحاجتها‬ ‫للدعم لتلبية االحتياجات المتصاعدة نتيجة ألعمال‬ ‫النظام المدمّرة‪ .‬وتزايد أعداد النازحين والمهجّ رين‬ ‫والجرحى‪ ،‬ممّا فتح الباب واسعا ً‬ ‫ّ‬ ‫للتدخالت الخارجيّة‬ ‫بمصالحها وتناقضاتها المختلفة‪ ،‬والذي انعكس فعالً‬ ‫مدمّراً على الثورة وعمق الخالف بين أطراف قوى‬ ‫المعارضة والقوى الثوريّة‪ ،‬وخلق تح ّديات ووقائع لم‬ ‫يكن تصوّ رها ممكنا ً في بداية الثورة‪ ،‬ولذا ما نراه‬ ‫اليوم ليس خالفا ً سياس ّيا ً بالمعنى التقليديّ ‪ ،‬وإ ّنما هو‬ ‫ّ‬ ‫المؤثرة‬ ‫نتيجة فرضها الظرف القائم ومجمل العوامل‬ ‫فيه‪ ،‬والطموحات التي ت ّم تغذيتها لألسف‪ ،‬وإلاّ كيف‬ ‫استطاعت هذه القوى أن تلتقي على برامج مشتركة‬ ‫ّ‬ ‫المحطات‪ ،‬وال يمكنها التالقي في أخطر‬ ‫في العديد من‬ ‫مرحلة تمرّ بها البالد والعباد‪.‬‬ ‫صخر إدريس‪ /‬ت ّيار الوعد‬

‫من حيث المبدأ فاالختالف والتنوّ ع السياسيّ والفكريّ‬ ‫واإليديولوجيّ هو ظاهرة صحّ يّة في أيّ مجتمع وفي‬ ‫أيّ حدث سياسيّ ‪ ،‬وما جرى في سوريّة هو تماما ً ما‬ ‫ورد في مق ّدمة السؤال‪ ،‬فبعد خمسين عاما ً من تغييب‬ ‫العمل السياسيّ ‪ ،‬وفرض الخطاب الواحد واللون الواحد‬ ‫واإليديولوجيا الواحدة‪ ،‬كان من الطبيعيّ والمنطقيّ‬ ‫أن تظهر تك ّتالت وتيّارات تعبّر عن تنوّ ع المجتمع‬ ‫السوريّ ‪.‬‬ ‫بالتأكيد ال تصبّ هذه الخالفات واالصطفافات بشكلها‬ ‫الحاليّ في صالح الشعب السوريّ ‪ ،‬وال في صالح‬ ‫ثورته وال مستقبله‪.‬‬ ‫وأسباب هذه الحالة هي ذات األسباب التي تعيق خلق‬ ‫جسور التواصل بين هذه الكتل‪:‬‬ ‫فهناك التداخل الدوليّ اإلقليميّ المحليّ على المستوى‬ ‫الســياســيّ ‪ ،‬فالكثير من التك ّتالت الــسياســيّة‬ ‫ترتبط بشــكل مباشــر بدول إقليميّة ترتبط بدورها‬ ‫بقوى دوليّة‪ ،‬ومصالح وأجندات هذه الدول والقوى‬ ‫تتضارب وتتقاطع وتتناقض‪ ،‬وتجرّ معها مواقف‬ ‫الكتل الســياســيّة الســوريّة المرتبطة بها‪ ،‬باإلضافة‬ ‫طبعا ً ألالعيب أجهزة االستخبارات المختلفة‪ ،‬ومنها‬ ‫النظام‪ ،‬والتي نجحت في اختراق بعض الكتل السياسيّة‬ ‫وزرعت فيها أشخاصا ً يقومون بدور التشويش على‬ ‫أيّ رؤية وطنيّة جامعة‪.‬‬ ‫والسبب الثاني‪ ،‬هو الواقع الميدانيّ إنسان ّيا ً واقتصاد ّيا ً‬ ‫وعسكر ّيا ً والذي يش ّكل عامل ضغط على أيّ تك ّتل‬ ‫سياسيّ ‪ ،‬فهو يتكلّم باسم الشعب السوريّ وهو عاجز‬ ‫في الوقت نفسه عن تقديم أيّ شيء له‪ ،‬أو تعديل أيّ‬ ‫شيء من أوضاعه التي تزداد سوءاً يوما ً بعد يوم‪ ،‬ممّا‬

‫ال يُبقي له سوى التش ّدد بالخطاب واتهام اآلخرين‬ ‫بأ ّنهم سبب المأساة اإلنسانيّة‪.‬‬ ‫والسبب الثالث‪ ،‬أ ّننا في مرحلة انتقاليّة‪ ،‬ولم نتملّك‬ ‫ّ‬ ‫كسوريّين أدوات ومنصّات ّ‬ ‫وتشذذب‬ ‫تنظم االختالف‬ ‫الخالف‪ ،‬فقد ظهرت اختالفاتنا على شكل اصطفافات‬ ‫وتخندقات‪ ،‬ونزعات إلغائيّة محمولة معنا جميعا ً من‬ ‫المرحلة السابقة‪.‬‬ ‫والدول التي تميل لالستقرار ّ‬ ‫تنظم خالفاتها عبر‬ ‫صناديق االقتراع وعبر المؤسّسات الدستوريّة وعبر‬ ‫الحوارات الوطنيّة ووسائل اإلعالم‪ ،‬وهي ما قصدناه‬ ‫باألدوات والمنصّات‪.‬‬ ‫نحن بعيدون عن ذل��ك كلّه‪ ،‬وحين تنتهي هذه‬ ‫الحرب ونبدأ ببناء بلدنا‪ ،‬ك ّل هذه االختالفات ستجد‬ ‫لها مسارات دستوريّة ومجتمعيّة لتنتظم من خاللها‬ ‫وتصبّ في الصالح العا ّم‪.‬‬ ‫سر الكتلة الديمقراط ّية‬ ‫زكر ّيا الص ّقال‪ /‬أمين ّ‬

‫إنّ تفجّ ر الشارع السوريّ في الشهر الثالث عام‬ ‫‪ ،2011‬لم يباغت النخبة السوريّة وعقلها السياسيّ‬ ‫فحسب‪ ،‬بل عكس بنية عاجزة متورّ مة باألمراض‬ ‫حيث لم تستطع أن تقرأ ما حصل وكيفيّة قيادته‪ ،‬وما‬ ‫هي المخاطر التي تواجهه؟‬ ‫هذا العجز الذي يمكن تفسيره‪ ،‬ورغم ما ق ّدمته هذه‬ ‫المعارضة من تضحيات‪ ،‬نزفت بها سنوات طويلة‬ ‫بسجون ومعتقالت االستبداد‪ ،‬إلاّ أنّ نقداً حقيق ّيا ً لما‬ ‫حصل وطرأ من تطوّ رات أفرزت وبالضرورة عالقات‬ ‫وخطاب جديد كان علينا هضمه وعيش روحه‪ ،‬بالمعنى‬ ‫البنيويّ وليس على طريقة «الموضة»‪.‬‬ ‫كما أنّ عقوداً طويلة من االستبداد والفساد عمّت‬ ‫مجتمعات ال��ش��ارع ال��س��وريّ ‪ ،‬فساد ط��ال البنية‬ ‫االجتماعيّة‪ ،‬ممّا أسفر على جمود وتصلّب‪ ،‬بل وتأثير‬ ‫االستبداد على مجمل التشكيالت السياسيّة‪ ،‬حيث‬ ‫تجربة الربيع األوّ ل والمنتديات وإعالن دمشق‪ ،‬أعطت‬ ‫نموذجا ً واضحا ً لإلقصاء وعدم االعتراف باآلخر‪،‬‬ ‫وفتح ملفّ المسألة الديمقراطيّة باعتبارها المهمّة التي‬ ‫توهّم المعارضون التق ّدم لبنائها‪.‬‬ ‫هذا العقل المهزوم الذي لم يقيّم وينقد عوامل هزيمته‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تنطح لثورة هي حلم السوريّين ومبتغاهم لينتقلوا إلى‬ ‫الدولة الناظمة للمجتمعات باعتبارها فوق الجميع‬ ‫فوق اإليديولوجيا والدين والحزب‪ ،‬تجمعها تحتهم‬ ‫وتترك للدستور والقانون والقضاء تشريع حقوقهم‬ ‫وواجباتهم‪ ،‬دولة مواطنة ومواطنين‪ ،‬ال عجب أنّ‬ ‫هذه الكلمات والمصطلحات تتر ّدد كثيراً على ألسنة‬ ‫النخب والمعارضة‪ ،‬إلاّ أنّ بنية ه ّ‬ ‫شة تركت حدود‬ ‫الوطن مفتوحة على غاربها متوهّمة أ ّنها ستصل للدولة‬ ‫والديمقراطيّة بمساعدة اآلخر‪ ،‬أو بتنازالت من قبل‬ ‫النظام كما توهّم جزء منهم‪.‬‬ ‫بهذا المعنى يكون عقل النخبة السوريّة مُبتسراً وه ّ‬ ‫شاً‪،‬‬ ‫حيث لم يتعامل مع الثورة باعتبارها سيرورة تتطلّب‬ ‫هضم مل ّفات عدوّ ها ومكائده وما يمتلكه من أسلحة قابلة‬ ‫للتفجير بمواجهة هذا االستحقاق‪ ،‬سيرورة ستفجّ ر ‪-‬‬ ‫ّ‬ ‫يخططه أعداؤها ‪ -‬كثيراً من األمراض التي‬ ‫إضافة لما‬ ‫يجب تو ّقعها وتج ّنبها ووضع عالجات لقاحها بحالة‬ ‫الجاهزيّة واالستنفار‪.‬‬ ‫بهذا المعنى من القصور الفاضح لبنية المعارضة‪،‬‬ ‫انعكس هذا على مجمل البُنى واألدوات التي نشأت‬ ‫بسياق هذه الثورة من تنسيقيّات‪ ،‬وقوى حراك مدنيّ ‪،‬‬ ‫ومجالس محليّة حيث استندت لنفس العقل المهزوم‪،‬‬ ‫الذي رهن السيادة والقرار لقوى إقليميّة ودوليّة‪.‬‬ ‫ال يمكن لثورة تريد تعايش بنى اجتماعيّة ومكوّ نات‬ ‫لم تتذوّ ق أفكار التنوير والنهضة والحداثة‪ ،‬أن تنجز‬ ‫مهام التوصّل لدولة حديثة تسود بها الحرّ يّة والكرامة‪،‬‬ ‫ه��ذا إذا افترضنا ال��ث��ورة‪ ،‬رغ��م سرقتها ورهنها‪،‬‬ ‫سرقتها بمعنى استالب إرادتها‪ ،‬ورهنها بين الطاغية‬ ‫واإلره��اب‪ ،‬هذان المحوران ال يمكن الفكاك منهما‪،‬‬ ‫إلاّ بأن يعي السوريّون توحّ دهم وتجمّعهم على وطن‬ ‫ودستور وقانون ُتسيّجه دولة ُتبنى بإرادة السوريّين‬ ‫ويسوّ ق ضمانها دول ّيا ً وإقليم ّيا ً وهذا خارج اإليديولوجيا‬ ‫والتمحور والتعصّب‪.‬‬

‫المنسق العا ّم الئتالف القوى العلمان ّية‬ ‫حسام ميرو‪/‬‬ ‫ّ‬ ‫الديمقراط ّية‬

‫بعد عقود من غياب العمل السياسيّ الفعليّ ‪ ،‬وجد‬ ‫السوريّون أنفسهم أمام حالة جديدة سمحت بعودة‬ ‫العمل العا ّم‪ ،‬ومهما كانت طبيعة األشكال السياسيّة‬ ‫التي ظهرت منذ آذار ‪ 2011‬فهي أتت من رحم الواقع‬ ‫السوريّ ‪ ،‬وعلينا ألاّ نضفي رغباتنا على شكل الواقع‬ ‫الذي اتخذه الحراك السياسّي‪ ،‬فالمسألة تتجاوز رغباتنا‬ ‫إلى ممكنات الواقع نفسه بأبعاده المختلفة‪ ،‬وما يو ّفره‬ ‫من معطيات‪.‬‬ ‫وبنا ًء عليه‪ ،‬فإنّ مقاربة ما ظهر من تشكيالت سياسيّة‬ ‫يجب أن تأتي في سياق الحراك العا ّم وتعقيداته السوريّة‬ ‫واإلقليميّة والدوليّة‪ ،‬وعلينا ألاّ نجلد ذواتنا كثيراً‪ ،‬لكن‪،‬‬ ‫وعلى التوازي‪ ،‬يجب أن يواكب العمل السياسيّ عمالً‬ ‫نقد ّيا ً لمجمل الحراك السياسيّ ‪ ،‬وهو ضروريّ كي‬ ‫يكون هناك مراجعة دائمة للفعل السياسيّ ‪ ،‬بما يخلق‬ ‫إمكانيّة تصويبه باستمرار‪ ،‬ويفتح المجال لنموّ عالقة‬ ‫تفاعليّة بين الفكر النقديّ والعمل السياسيّ ‪.‬‬ ‫ومن الطبيعيّ أن يكون أيّ حراك سياسيّ ‪ ،‬بما هو‬ ‫حراك ع��ا ّم‪ ،‬لمصلحة الشعب السوريّ ‪ ،‬ولمصلحة‬ ‫مستقبل سوريّة‪ ،‬بل إنّ ما هو أخطر هو عزوف‬ ‫الناس عن العمل السياسيّ ‪ ،‬وابتعادهم عنه‪ ،‬ال سيّما‬ ‫جيل الشباب‪ ،‬وذلك ألسباب عديدة‪ ،‬أهمّها عدم قناعتهم‬ ‫بجدوى هذا العمل‪ ،‬أو لغياب قوّ ة المثل فيما ظهر من‬ ‫أح��زاب وتك ّتالت‪ ،‬لم تتم ّكن من طرح نماذج ت ّتسم‬ ‫بالكثير من اإليجابيّة‪ ،‬خصوصا ً لجهة ديمقراطيّة البنية‬ ‫التنظيميّة‪.‬‬ ‫أمّا غياب التواصل والتنسيق بين المكوّ نات السياسيّة‪،‬‬ ‫فهو يعود ألسباب ذاتيّة وموضوعيّة‪ ،‬فنحن ال نعيش‬ ‫ظروفا ً طبيعيّة‪ ،‬وأعضاء الكتل السياسيّة ّ‬ ‫موزعون في‬ ‫بلدان عديدة‪ ،‬وهو ما يُفقد العمل السياسيّ الكثير من‬ ‫حيويّته وقدراته‪ ،‬لكنّ األخطر هو تبعيّة بعض الكيانات‬ ‫السياسيّة للدول «الداعمة للثورة السوريّة»‪ ،‬ونتيجة‬ ‫ظروف عديدة ال مجال لذكرها هنا‪ ،‬وتلك التبعيّة تجعل‬ ‫القرار السياسيّ لبعض الكتل فاقداً لالستقالليّة‪ ،‬وهو ما‬ ‫ّ‬ ‫أخر ح ّتى اللحظة الكثير من التفاهمات الضروريّة‪،‬‬ ‫والتي كانت في حال وجودها‪ ،‬أن تسهم بشكل فاعل‬ ‫في بلورة بُعد وطنيّ للعمل السياسيّ يسمو فوق األبعاد‬ ‫اإليديولوجيّة والعقائديّة ويتجاوزها بما يخدم المرحلة‬ ‫الراهنة من النضال الوطنيّ والديمقراطيّ ‪.‬‬ ‫المدني‬ ‫خالد بيطار‪ /‬عضو مجلس اإلدارة في التج ّمع‬ ‫ّ‬ ‫السوري‬ ‫ّ‬

‫شهدت الحياة العامّة في سوريّة استقطابات شديدة خالل‬ ‫السنوات المنصرمة على خلفيّة النزاع الدائر وعلى‬ ‫خلفيّة محاوالت الحشد المستمرّ ة على أسّس عائليّة أو‬ ‫طائفيّة أو إيديولوجيّة‪ ،‬وامت ّدت هذه االستقطابات لتطال‬ ‫أيضا ً العديد من ّ‬ ‫منظمات المجتمع المدنيّ ولم تقتصر‬ ‫فقط على التيّارات السياسيّة‪.‬‬ ‫في حقيقة األم��ر‪ ،‬وفي الحاالت الطبيعيّة‪ ،‬أوقات‬ ‫االستقرار وعلى افتراض وج��ود حالة من الحياة‬ ‫الديمقراطيّة‪ ،‬فاألمر طبيعيّ ويت ّم حسم الخصومات في‬ ‫االنتخابات ويكون هناك دوما ً قنوات للتعبير وللمشاركة‬ ‫وللمحاسبة والمساءلة‪ ،‬وي ّتخذ المجتمع المدنيّ في هذه‬ ‫الحالة موقفا ً أكثر حياديّة من االستقطابات السياسيّة‪،‬‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫أحوال‬ ‫ويعمل على الدفاع عن المصلحة العامّة للناس أينما‬ ‫و ِجدت وفي مواجهة أيّ كان‪.‬‬ ‫ال شكّ‪ ،‬أنّ االصطفافات السياسيّة في شكلها الحاليّ‬ ‫وبعدم وجود سبل ديمقراطيّة إلدارتها ال تخدم مصالح‬ ‫الشعب السوريّ ‪ ،‬فمن حيث المبدأ فإنّ االصطفافات‬ ‫السياسيّة هي أمر طبيعيّ وصحّ يّ ‪ ،‬لكن علينا أيضا ً أن‬ ‫نوجد الطرق الديمقراطيّة التي يت ّم من خاللها إدارة هذه‬ ‫االصطفافات مع وجود ثقافة الثقة واألمان المشترك‬ ‫بين ك ّل األفرقاء السياسيّين‪ ،‬بما معناه‪ ،‬أ ّنه في حال فوز‬ ‫فريق سياسيّ معيّن في انتخابات حرّ ة و ش ّفافة ونزيهة‬ ‫فإنّ باقي األفرقاء يقرّ ون بنتائج االنتخابات ويتحوّ لون‬ ‫إلى صفوف المعارضة والتحضير لجوالت االنتخابات‬ ‫المقبلة‪.‬‬ ‫أمّا فيما يخصّ موضوع إقامة جسور التواصل بين‬ ‫األطراف السياسيّة والمدنيّة‪ ،‬فعلى المستوى السياسيّ‬ ‫تعني بالضرورة خلق بيئة سالم وحوار‪ ،‬تفضي إلى‬ ‫اعتراف جميع األطراف السياسيّة الموجودة والفاعلة‬ ‫على الساحة السوريّة ببعضنا البعض والمضي نحو‬ ‫صياغة اإلطار القانونيّ والتشريعيّ لح ّل المعضلة‬ ‫السوريّة‪ ،‬ويضع المجتمع المدنيّ في موقعه الصحيح‬ ‫والمناسب الحياديّ والمستقل‪.‬‬ ‫وال يمكن القول بأ ّنه ال وج��ود لجسور للتعاون‬ ‫ّ‬ ‫منظمات المجتمع المدنيّ ‪ ،‬فقد كانت‬ ‫والتواصل بين‬ ‫تجربة التحالف المدنيّ السوريّ من التجارب الملفتة‬ ‫في الحالة السوريّة‪ ،‬حيث ض ّم في عضويّته ما يقارب‬ ‫ّ‬ ‫منظمة غير حكوميّة سوريّة‪ ،‬وهي محاولة‬ ‫الـ ‪80‬‬ ‫لتعزيز استقالليّة وحياديّة العمل المدنيّ والحفاظ عليه‬ ‫في طبيعته المدنيّة وإقامة روابط التعاون والتنسيق‬ ‫ّ‬ ‫المنظمات‪ ،‬كما هناك أيضا ً‬ ‫والعمل المشترك بين هذه‬ ‫محاوالت وتجارب أخرى مختلفة‪.‬‬ ‫السياسي ‪-‬منبر النداد‬ ‫عبد هللا الحسن‪ /‬المكتب‬ ‫ّ‬ ‫الوطني‬ ‫ّ‬

‫االصطفافات السياسيّة قد نفهم طبيعتها وطموحها‬ ‫كحالة عاديّة متبعة‪ ،‬ولكنّ التخندق اإليديولوجيّ هو‬ ‫ضارّ بأيّ جسد يراد له أن يكون وطن ّيا ً كما نحلم في‬ ‫سوريّة‪ ،‬وللمالحظة في الحالة السوريّة فإنّ المال‬ ‫السياسيّ كان له فعل وأث��ر كبيرين في الكثير من‬ ‫االصطفافات السياسيّة واإليديولوجيّة وهذا خلل كبير‪،‬‬ ‫ولألسف تبع ذلك اصطفافات وشراء والءات في العمل‬ ‫المدنيّ واإلغاثيّ وهذا خلل أكبر‪.‬‬ ‫نحن في المنبر الديمقراطيّ السوريّ ومنذ تأسيسه‬ ‫في حزيران ‪ ٢٠١٢‬كان عملنا وهدفنا (كما ورد في‬ ‫بيان التأسيس) هو توحيد قوى المعارضة وم ّد جسور‬ ‫التواصل بين كافة القوى السياسيّة ‪ -‬بغضّ النظر عن‬ ‫اتجاهاتها وتحالفاتها ‪ -‬كي نخرج بموقف مشترك‬ ‫ورؤية واحدة في وجه االستبداد الذي تمارسه السلطة‬ ‫المستب ّدة في سوريّة‪ ،‬والذي كان مطلبا ً شعب ّيا ً ودول ّيا ً‬ ‫أيضاً‪.‬‬ ‫رغم صعوبة العمل في الواقع السوريّ السياسيّ‬ ‫ّ‬ ‫المعطل بأفعال وتجاذبات دوليّة وإقليميّة‪ ،‬لكن استطعنا‬ ‫تحقيق ما يمكن تسميته وحدة المعارضة السوريّة على‬ ‫رؤية واحدة «المشروع الوطنيّ » في مؤتمر القاهرة‬ ‫في تمّوز ‪ ٢٠١٢‬حين اجتمعت كا ّفة القوى المعارضة‬ ‫السياسيّة والثوريّة السوريّة في القاهرة وخرجت‬ ‫برؤية سياسيّة واضحة المعالم للمرحلة االنتقاليّة‪،‬‬ ‫وبعهد وطنيّ جامع يؤسّس لدستور الجمهوريّة التي‬ ‫نسعى لتحقيقها‪ ،‬وهذا ما و ّقع عليه كا ّفة المجتمعون في‬ ‫القاهرة يومها‪.‬‬ ‫وتحقيقا ً لما ورد في وثائق القاهرة كانت «لجنة‬ ‫المتابعة» التي انبثقت عن المؤتمر والتي كانت مهمّتها‬ ‫متابعة ما جاء في تلك الوثائق تمهيداً لتحقيق أكبر‬ ‫انجاز للمعارضة السوريّة في وقتها‪ ،‬وهذا ما أفشلته‬ ‫المصالح اإلقليميّة رغم تمسّكنا وسعينا لتحقيقه‪.‬‬ ‫ال زلنا في المنبر الديمقراطيّ السوريّ متمسكين‬ ‫ّ‬ ‫بخطنا ونهجنا نحو توحيد المعارضة السوريّة‪ ،‬وهذا‬ ‫ّ‬ ‫مؤخراً اندماج «حركة النداء الوطنيّ » و‬ ‫نتج عنه‬ ‫«المنبر الديمقراطيّ السوريّ » بشكل كامل تحت اسم‬ ‫«منبر النداء الوطنيّ » والذي حمل نفس اله ّم ونفس‬ ‫الرؤية في توحيد قوى المعارضة السوريّة‪ ،‬وهذا‬ ‫ما تجلّى واضحا ً في سعينا اليوم لتحقيق لقاء يجمع‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫العدد ‪23‬‬ ‫مكوّ نات المعارضة السوريّة في القاهرة للخروج‬ ‫برؤية واحدة تمهّد الطريق للمشاركة الفعّالة في مؤتمر‬ ‫موسكو المزمع عقده قريباً‪.‬‬ ‫ال ن ّدعي بأنّ ك ّل العمل هو إنجاز لنا‪ ،‬ولكن ك ّنا طرفا ً‬ ‫مه ّما ً في تحقيقه وال زلنا نسعى له‪ ،‬ونؤ ّكد بأنّ هناك‬ ‫الكثير من القوى والشخصيّات الوطنيّة التي تسعى‬ ‫بجهد وقوّ ة لتحقيق ذلك‪.‬‬ ‫منهل باريش‪ /‬إعالن دمشق‬

‫بالطبع‪ ،‬االصطفاف الحاليّ ليس لصالح الشعب‬ ‫السوريّ أو الثورة السوريّة‪ ،‬ولماذا ال تقام جسور‬ ‫تواصل بين ك ّل هذه التشكيالت العاملة بالشأن السوريّ ‪،‬‬ ‫وما هي العوائق حيال ذلك؟ أعتقد أنّ المشكلة ُتر ّد إلى‬ ‫ثالثة أسباب‪:‬‬ ‫أوّ الً‪ :‬انحدار أغلب المعارضة السياسيّة تاريخ ّيا ً من‬ ‫جذور إيديولوجيّة شموليّة (قوميّة وشيوعيّة) وهذا نمّى‬ ‫صراع باطنيّ دفين تحوّ ل إلى شخصيّ في كثير من‬ ‫األحيان‪ ،‬ولم تعد السياسة أحد أوجهه‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬فشل الشباب المدنيّ الذي التحق بالثورة في‬ ‫بلورة قوى سياسيّة وازنة تستطيع فرض أولويّات‬ ‫الثورة وتقديم رؤية لح ّل سياسيّ أو لسوريّة حرّ ة‬ ‫ديمقراطيّة‪ ،‬وسبب هذا أنّ أغلب الشباب السوريّ الذي‬ ‫انتفض بوجه النظام ولد في مرحلة التصحّ ر السياسيّ‬ ‫التي عاشتها سوريّة بعد فرض الح ّل األمنيّ وتدمير‬ ‫المعارضة السياسيّة وسحقها بالسجون‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬تدويل القضيّة السورية ما سمح بوجود قوى غير‬ ‫سوريّة (بالمعنى الوطنيّ ) في المعارضة السوريّة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تمثل مصالح دول إقليميّة وتص ّدر أولويّات هذه الدول‬ ‫على أولويّة المصلحة الوطنيّة السوريّة‪.‬‬ ‫نوار‪ /‬ت ّيار مواطنة‬ ‫برهان أبو ّ‬

‫أوّ الً‪ :‬هناك مشكلة في السؤال نفسه فاألطراف‬ ‫العلمانيّة ليست كلّها حاملة إليديولوجيا‪ ،‬والليبراليّة مثل‬ ‫ساطع‪ ،‬وهي المعنيّة األساسيّة بالسؤال؛ بالمقابل لم‬ ‫يقف (اليساريّون والقوميّون) إلى جانب الثورة كما كان‬ ‫مأموالً من هاتين اإليديولوجيّتين‪ ،‬ال بل على العكس‪،‬‬ ‫وقفت معظم ه��ذه األح��زاب الحاملة لإليديولوجيا‬ ‫اليساريّة والقوميّة إلى جانب السلطة‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬وهو األه ّم‪ ،‬لم تبرز نزعة وطنيّة جامعة لدى‬ ‫معظم األطراف الداعمة للثورة‪ ،‬ألنّ األساس الفكريّ‬ ‫الذي أسّس للتيارات والتجمّعات السياسيّة يقوم غالبا ً‬ ‫على مرجعيّة قبل وطنيّة ‪ -‬العشائريّة والقوميّة الضيّقة‬ ‫ أو على مرجعيّة فوق وطنيّة – األمّة اإلسالميّة أو‬‫األمّة العربيّة أو األمميّة‪ ،‬أمّا الدعوة على أساس وطنيّ‬ ‫(سوريّ ) يجعل االعتبارات السابقة مؤجّ لة وفي المرتبة‬ ‫الثانية من األه ّميّة فلم يبرز بتلك القوّ ة الالزمة وبقيت‬ ‫حوامله التنظيميّة والقاعدة الشعبيّة القوّ ة األضعف بين‬ ‫جميع االصطفافات‪.‬‬ ‫ثالثاً‪ :‬وهي نقطة يجب البحث الجديّ فيها ويمكن‬ ‫اعتبارها األساس السياسيّ – االجتماعيّ للخروج‬ ‫ّ‬ ‫وتتمثل بإيجاد برنامج (وطنيّ ) متجاوز‬ ‫من المأزق‪،‬‬ ‫لإليديولوجيّات التفريقيّة للهويّة الوطنيّة‪ ،‬هل لهذا‬ ‫البرنامج قاعدة اجتماعيّة‪ ،‬وهل يتم ّتع بدعم وقبول‬ ‫إقليميّ ودول���يّ ؟ هل له ب��ذور تنظيميّة في الواقع‬ ‫السوريّ ؟‬ ‫من دون أدنى تر ّدد‪ ،‬اإلجابة على هذا السؤال تنبع‬ ‫اآلن من المأزق الذي تعيشه سوريّة شعبا ً ومعارضة‬ ‫وسلطة‪ ،‬وهي حالة أق ّل ما يقال فيها‪ :‬إ ّنها تف ّتت اجتماعيّ‬ ‫إلى أصغر المكوّ نات االجتماعيّة للمجتمع‪ ،‬وأق ّل ما يقال‬

‫‪ /21‬كانون الثاني ‪2015/‬‬ ‫فيها‪ :‬إنّ جميع تلك االصطفافات اإلسالميّة واليساريّة‬ ‫والقوميّة قد أوصلتنا إلى هذه الحالة‪ ،‬وبالتالي ال يبقى‬ ‫مخرج خارج هذه األزمة إلاّ عبر (عقيدة) وطنيّة على‬ ‫قاعدة المواطنة المتساوية‪.‬‬ ‫نعم‪ ،‬القاعدة االجتماعيّة المذرّ رة في الوضع الراهن‬ ‫ال تق ّدم الكثير من التفاؤل كذلك الموقف الدوليّ‬ ‫واإلقليميّ ‪ ،‬لكنّ وعي هذه الضرورة من قبل القوى‬ ‫السياسيّة القائمة والتي ستنشأ قريبا ً بحكم الضرورة‬ ‫ستجعل من هذا البرنامج الوطنيّ الجامع ضرورة‬ ‫ال تقوم دولة بدونه وسواء انتمى الفرد المواطن إلى‬ ‫اإلسالم بك ّل طوائفه أو مذاهبه أو إلى العرب أو الكرد‬ ‫أو إلى أيّ مكوّ ن سوريّ آخر‪ ،‬فإنّ ضمانته المستقبليّة‬ ‫تقوم على اعتبار أ ّنه جزء من ك ّل جامع هو سوريّة‪.‬‬ ‫الديمقراطي ‪/PYD/‬‬ ‫حزب اال ّتحاد‬ ‫ّ‬

‫كلّنا يعرف أنّ الثورة السوريّة بدأت بشكل عفويّ‬ ‫وسلميّ وبدون تنظيم وبرنامج ممّا جعلها عشوائيّة‪،‬‬ ‫وأ ّدى تدخل الكثير من الدول خاصّة من الدول اإلقليميّة‬ ‫والنظام‪ ،‬حرف الثورة عن مسارها السلميّ وبدأت‬ ‫بعض القوى بتنفيذ أجندات الجهات الخارجيّة الداعمة‬ ‫لها بغضّ النظر عن مصالح الجماهير‪ ،‬وبعدها ت ّم‬ ‫تغذية المفاهيم الطائفيّة والمذهبيّة والقوميّة وتسلّحت‬ ‫الثورة‪ .‬استغ ّل النظام هذه النقطة ليقوم بقمع الثورة‬ ‫بكافة األسلحة وح ّتى المحرّ مة دول ّياً‪ .‬ونحن في حزب‬ ‫اال ّتحاد الديمقراطيّ ك ّنا معارضين ح ّتى قبل بداية‬ ‫الثورة السوريّة أل ّننا جزء من المكوّ ن السوريّ ‪ ،‬وبعد‬ ‫انحراف الثورة عن سلميّتها ا ّتخذنا ألنفسنا ّ‬ ‫صا ً‬ ‫خطا ً خا ّ‬ ‫وهو بناء اإلدارة الذاتيّة الديمقراطيّة وذلك إيمانا ً م ّنا‬ ‫بسوريّة واحدة تع ّدديّة ديمقراطيّة ال مركزيّة وبوادر‬ ‫نجاح مشروعنا واضحة للعيان في هذا الوقت‪.‬‬ ‫ونحن في حزب اال ّتحاد الديمقراطيّ ‪ -‬ومنذ البداية‬ ‫ نسعى لم ّد جسور التواصل بين التشكيالت العاملة‬‫في الشأن السوريّ وفتح باب الحوار أمام جميع إثنيّات‬ ‫الشعب السوريّ ‪ ،‬أل ّنهم هم أصحاب القضيّة والكلمة‬ ‫األخيرة‪.‬‬ ‫المحامي رشيد شعبان‪ /‬عضو اللجنة السياس ّية في‬ ‫الكردي في سور ّية (يكيتي)‪:‬‬ ‫الديمقراطي‬ ‫حزب الوحدة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫وجود األحزاب هو غاية وليس هدفا ً وعلى األحزاب‬ ‫أن تكون في خدمة المجتمع وأن تعمل األحزاب لتحقيق‬ ‫مصالح الجماهير وليس أن تكون عبئا ً على المجتمع‬ ‫وأن تضع المجتمع لخدمة مصالحها لتخلق في النهاية‬ ‫ديكتاتوريّات استبداديّة وهذا مانعاني منه في واقعنا‬ ‫الحاضر‪ ،‬مستغلّين عواطف الجماهير باسم الدين أو‬ ‫القوميّة‪.‬‬ ‫وبما أنّ سوريّة متع ّددة القوميّات واألديان والطوائف‪،‬‬ ‫لذا فهي بحاجة إلى ثقافة جديدة مبنيّة على الحوار الب ّناء‬ ‫وقبول اآلخر بعيداً عن النزعات القوميّة والطائفيّة‬ ‫والمذهبيّة‪ ،‬وأن يت ّم األخ��ذ بعين االعتبار مصالح‬ ‫المجتمع العليا لتحقيق العدل والمساواة الحرّ يّة‪.‬‬ ‫ثوار حلب‪ /‬نبيه مستريح مكتب العالقات‬ ‫مجلس ّ‬ ‫العا ّمة‬ ‫كانت تلك االصطفافات السياسيّة التابعة إليديولوجيّات‬ ‫متع ّددة هي ميزة للتجمّعات السياسيّة التي ظهرت‬ ‫ببداية الثورة في الخارج السوريّ أو بالداخل ولك ّنها‬ ‫كانت م ّتفقة لح ّد معيّن ومترابطة كشكل خارجيّ والذي‬

‫‪5‬‬

‫كان ظاهراً في المجلس الوطنيّ واالئتالف‪ ،‬والذي‬ ‫كان متوافقا ً إلى ح ّد كبير سياس ّيا ً بين تك ّتالته المؤسّسة‬ ‫له‪ ،‬أ ّم��ا في الداخل فقد كان االختالف ظاهراً بين‬ ‫اإليديولوجيّات للمجموعات الفاعلة على األرض بسبب‬ ‫االختالف الذي ظهر جل ّيا ً في الشعارات التي رُفعت‬ ‫في المظاهرات‪ ،‬والتي كان فاعالً فيها عدد قليل من‬ ‫األشخاص الذين كانوا يسوّ قون بشكل أو بآخر حيث‬ ‫تش ّكلت التجمّعات بالتوافق بين األشخاص القريبين‬ ‫من اإليديولوجيّات الخاصّة بهم ليظهروا فعاليتهم‬ ‫على األرض ضمن مناطق مح ّددة ببداية الحراك‪،‬‬ ‫وانتقلوا إلى مناطق أخرى ليبدأ العمل بتلك المناطق‬ ‫وظهورهم كعنصر غريب لح ّد معيّن والذي دفع الكثير‬ ‫من األشخاص الذين التحقوا بالثورة وكانوا بعيدين عن‬ ‫العمل السياسيّ وليطلعوا على اإليديولوجيّات الجديدة‬ ‫والغريبة عن مناطقهم وكان له الدور اإليجابيّ الكبير‬ ‫لتع ّدد اإليديولوجيّات وانتقالها من منطقة إلى أخرى‪،‬‬ ‫وبدأ هذا التنافس بين أصحاب تلك اإليديولوجيّات‬ ‫بالعمل على األرض وكان لذلك التنافس التأثير على‬ ‫التجمّعات السياسيّة في الخارج‪ ،‬كون أنّ قوّ ة التجمّعات‬ ‫السياسيّة في الخارج من قوّ ة تجمّعات الحراك في‬ ‫الداخل الشبيهة لها إيديولوج ّيا ً أو المنتمية لها وكانت‬ ‫ّ‬ ‫مؤثرة على إعادة تشكيل تجمّعات الخارج وأ ّدت لتغير‬ ‫المناخ السياسيّ وعدم سيطرة تامّة أليّة إيديولوجيّة‬ ‫مقابل غيرها‪ ،‬وبدء ظهور تجربة ديمقراطيّة متماشية‬ ‫مع الواقع االجتماعيّ السياسيّ في زمن قبل الثورة ‪.‬‬ ‫كانت هذه االصطفافات مفيدة للمرحلة القادمة في‬ ‫مرحلة ما بعد الثورة ح ّتى تكون التجارب الديمقراطيّة‬ ‫قد نضجت بين التجمّعات المدنيّة والسياسيّة التي ستكون‬ ‫هي عماد لعمليّة بناء الدولة السوريّة الجديدة لتكون‬ ‫هي المؤسّس لتشكيل السلطة القادمة بعد أن تكون لها‬ ‫تجاربها في تناقل السلطة سلم ّيا ً وفقا ً لتوازنات القوى‬ ‫على األرض في مرحلة ما بعد سقوط النظام أو في‬ ‫مرحلة أيّ ح ّل سياسيّ قادم‪.‬‬ ‫ولماذا ال تقام جسور تواصل بين ك ّل هذه التشكيالت‬ ‫العاملة بالشأن السوريّ وما هي العوائق حيال ذلك؟‬ ‫لم يكن يوجد أيّ تمثيل سياسيّ للثورة السوريّة منذ‬ ‫بداياتها‪ ،‬ولكن بدأت محاوالت ظهور لتمثيل سياسيّ‬ ‫لهذه الثورة من ع ّدة تك ّتالت سياسيّة معارضة للنظام‬ ‫في الوقت السابق‪ ،‬وكان لديها تلك التجارب السياسيّة‬ ‫القديمة‪ ،‬ولك ّنها لم تكن تلك التجارب القويّة ولم تكن‬ ‫بظرف صحيّ سياس ّيا ً لتكوين جسور تواصل فيما بينها‬ ‫والتي ظهرت جل ّيا ً أثناء الثورة‪ ،‬حيث كان التواصل‬ ‫فيما بينها سريعا ً وتوافق ّيا ً للبدء بظهور جسم سياسيّ‬ ‫موحّ د‪ ،‬ح ّتى ولو شكل ّيا ً ليُقبل من طرف المجتمع‬ ‫الدوليّ ‪ ،‬ويكون وجها ً سياس ّيا ً لتلك الثورة‪ ،‬ولك ّنها‬ ‫مع الوقت بدأت تتنافس فيما بينها لدعم قوى الحراك‬ ‫المشابهة لك ّل تك ّتل إيديولوجيّ ‪ ،‬والذي أ ّدى إلى تو ّقف‬ ‫التواصل بين تلك التجمّعات بسبب خالفات كانت‬ ‫تظهر لدى التك ّتالت السياسيّة التي كانت في ك ّل من‬ ‫االئتالف والمجلس الوطنيّ الداعمة لتجمّعات الحراك‬ ‫الثوريّ على األرض‪ ،‬وهنا بدأ القطع شبه ال ّتام بين تلك‬ ‫التجمّعات‪ ،‬والتي كانت ُتكسر ك ّل م ّدة بسبب ظهور‬ ‫حاجات عمليّة تحتاج للتنسيق بين ك ّل قوى الحراك‬ ‫الموجودة على األرض وكانت عصيّة على قرارات‬ ‫سياسيّة أتت من خارج دوائر قرار الداخل‪ ،‬لتكون‬ ‫خبرة جيّدة لتلك المجموعات الموجودة في الحراك‪،‬‬ ‫الذي كان من أهداف هذا الحراك هو المحرّ ك األساسيّ‬ ‫للتشبيك بين تلك المجموعات المختلفة إيديولوج ّيا ً إلى‬ ‫ح ّد كبير‪.‬‬ ‫تنويه‬ ‫وصلت ردود أخرى للجريدة حول سؤال المحرّ ر‪،‬‬ ‫ولكون هذه ال��ردود طويلة‪ ،‬وتعبّر عن وجهة نظر‬ ‫قائليها والقوى التي ّ‬ ‫يمثلون‪ ،‬باإلضافة إلى أ ّننا لم‬ ‫نسمح ألنفسنا بأن نختزل ولو كلمة واحدة من الردود‬ ‫التي وصلتنا‪ ،‬فسننشر في عددنا القادم ما وردنا من‬ ‫األستاذين منصور األتاسي وحسن النيفي‪ ،‬وما قد يصل‬ ‫من ردود الحقاً‪.‬‬ ‫هيئة التحرير تشكر ك ّل السادة المساهمين في الر ّد‬ ‫على سؤالنا وبحثنا عمّا يجمع السوريّين نحو مستقبل‬ ‫جديد‪.‬‬

‫إعداد‪ :‬باسل العبداهلل‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪6‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫تحقيقات‬

‫‪ /21‬كانون الثاني ‪2015/‬‬

‫وهذا العام بال كتب في ماردين‬

‫ينال التعب من المرء عندما ينزل من جبل ماردين‬ ‫قاصداً مدرسة السوريّين التي تقع في أسفله‪ ،‬حيث‬ ‫يلزمه سيّارة خاصّة للوصول إليها‪ ،‬كونها ليست على‬ ‫طريق عا ّم‪ ،‬وهي عبارة عن مبنى قديم نوعا ً ما؛ وقد‬ ‫ُ‬ ‫كث ْ‬ ‫رت االنتقادات من الطلاّ ب واألهالي لهذه المدرسة‬ ‫في اآلونة األخيرة‪.‬‬

‫إستياء وإنتقادات‬ ‫وصلنا إلى المدرسة المسمّاة «كويت الرحمة»‬ ‫وأردنا أن نستفسر من اإلدارة عن صوابيّة االنتقادات‬ ‫الموجّ هة‪ ،‬والتي استخلصناها من بعض اللقاءات كما‬ ‫يلي‪:‬‬ ‫أخبرنا السيّد «ماهر سنقر» وهو حقوقيّ من‬ ‫محافظة إدلب‪ ،‬لديه ثالثة أوالد في الحلقة األولى‬ ‫والثانية من التعليم األساسيّ في المدرسة‪ ،‬عن معاناته‬ ‫قائالً‪ :‬المعاناة األولى‪ ،‬تجسّدت في عدم تأمين الما ّدة‬ ‫األساسيّة للتعليم أال وهي الكتاب المدرسيّ ‪ ،‬فقد إنتهى‬ ‫العام الدراسيّ الفائت دون تأمين كتب مدرسيّة لكا ّفة‬ ‫الصفوف‪ ،‬وكانت المعاناة األكبر لطلاّ ب الصّف‬ ‫التاسع‪ ،‬فقد كانوا يدرسون المنهاج الليبيّ ‪ ،‬وت ّم تزويد‬ ‫الطلاّ ب بنسخ مصوّ رة عن المنهاج‪ ،‬ولكن قبل شهر‬ ‫من االمتحانات النهائيّة‪ ،‬ت ّم فرض المنهاج السوريّ‬ ‫الموضوع من قبل االئتالف‪ ،‬وأيضا ً دون تأمين الكتب‬ ‫ّ‬ ‫الملخصات‬ ‫المقرّ رة‪ ،‬بعدها ت ّم تزويد الطلاّ ب ببعض‬ ‫المختصرة ج ّداً‪ ،‬ث ّم إمتحانهم بها‪ ،‬وكانت النتيجة نجاح‬ ‫أربعة طلاّ ب من أصل خمسة عشر طالباً‪.‬‬ ‫ويضيف األستاذ «سنقر» هذا العام ‪ -‬وح ّتى اآلن‬

‫ زوِّ د الطلاّ ب ببعض الكتب فقط‪ .‬أمّا طلاّ ب الصفّ‬‫التاسع الذين يتراوح عددهم بين خمسة إلى سبعة بين‬ ‫طالب وطالبة – وبينهم ابني ‪ -‬فلم تفتتح المدرسة لهم‬ ‫ص ّفاً‪ ،‬وهم اآلن في مهبّ الريح!‬ ‫معاناة أخرى‪ ،‬يح ّدثنا عنها السيّد «سنقر» والتي‬ ‫امت ّدت من العام الفائت وح ّتى الوقت الحالي‪ ،‬هي‬ ‫أجور باصات نقل الطلاّ ب من أماكن إقاماتهم إلى‬ ‫المدرسة الكائنة خلف الفندق الكبير في ماردين‬ ‫القديمة‪ ،‬فيقول‪ :‬أدفع شهر ّيا ً مبلغ مائة وستين ليرة‬ ‫تركيّة أجرة باصات‪ ،‬وهذا يعتبر مبلغا ً كبيراً بالنسبة‬ ‫للاّ جئ السوريّ ‪ ،‬أمّا طلاّ ب الشهادة الثانوّ ية فهؤالء لم‬ ‫يحسب حسابهم إطالقاً‪ ،‬وليس لهم أيّ نصيب أو مكان‬ ‫في المدرسة‪ ،‬والسبب إمّا عدم كفاية عددهم‪ ،‬أو عدم‬ ‫تو ّفر مكان لهم‪ ،‬أو نقص الكادر التدريسيّ ‪ ،‬ال أدري!‬ ‫هكذا أنهى الحقوقيّ «ماهر سنقر» حديثه‪.‬‬

‫حلم بالعودة‬ ‫استكماالً للصورة‪ ،‬أخذنا رأي وليّ أمر طالب‬ ‫آخر‪ ،‬حيث قال‪ :‬اسمي «سربست حسين» من دمشق‪،‬‬ ‫ومقيم حال ّيا ً كالجئ في ماردين‪ ،‬بعثت ابني وهو من‬ ‫الصفّ الثاني في بداية الفصل األوّ ل إلى المدرسة‬ ‫ودفعت أجرة الباص‪ ،‬ولك ّنني لم أعد أرسله إليها‪ ،‬ألنّ‬ ‫المدرسة لم تعطه كتبا ً مثل العام الماضي‪ ،‬إذ لم تكن‬ ‫هنالك كتب‪ .‬اآلن ولدي في البيت‪ ،‬وهنالك الكثير من‬ ‫أوالدنا على هذه الحال‪.‬‬ ‫لاّ‬ ‫كذلك‪ ،‬لمعرفة آراء الط ب التقينا بالطالب محمّد‬

‫الكادر التدريسيّ في هذه السنة بدون راتب كون الجهة‬ ‫الداعمة أوقفت التمويل‪ .‬يتابع «أبو طارق» بالنسبة‬ ‫للمواصالت‪ ،‬في السنة الماضية قمنا بتأمين باصات‬ ‫وكان ك ّل طالب يدفع أجرة شهريّة للباص خمسا ً‬ ‫وثالثين ليرة تركيّة‪ ،‬ولألسف‪ ،‬لم يكونوا ينتظمون‬ ‫بالدفع‪ ،‬والبعض منهم لم يكن يدفع أبداً والمعلّمون‬ ‫كانوا يساعدون الطلاّ ب في األجرة‪ ،‬أمّا هذ العام فعالقة‬ ‫أصحاب الباصات أصبحت مع األولياء مباشرة‪ ،‬وال‬ ‫دخل لنا بهم‪ ،‬والزالت مشكلة عدم الدفع المنتظم أو‬ ‫ْ‬ ‫تركت‬ ‫دفع نصف األجرة بدالً عن الك ّل موجودة‪ ،‬لذلك‬ ‫أربعة باصات المدرسة‪ ،‬وقد ق ّدمنا طلبا ً لوالي ماردين‬ ‫من أجل تأمين باصات وال جواب ح ّتى اآلن‪ ،‬والكادر‬ ‫التدريسيّ لدينا يتألّف من واحد وعشرين معلّما ً ال‬ ‫يتقاضون راتباً‪ ،‬وهم مشكورون أل ّنهم يداومون‬ ‫تطوّ عا ً وبعد الدوام يعملون في أعمال ال تليق بمعلّم‪،‬‬ ‫وأتساءل ماذا يفعل مكتب ماردين التابع للحكومة‬

‫حسين (مواليد دمشق ‪ )1996‬الذي بدأ بالحديث وكأ ّنه‬ ‫ينتظر أحداً ليشكو له همّه‪ ،‬فقال‪ :‬كنت مقيما ً في دمشق‪،‬‬ ‫وكنت طالباً‪ ،‬اضطرّ رت لترك سورية مع أهلي منذ‬ ‫عامين والمجيء لتركيا واإلقامة في ماردين‪ ،‬عملت‬ ‫في أعمال ش ّتى وبأجور منخفضة‪ ،‬وعندما سمعت‬ ‫في السنة الماضية بأ ّنه ت ّم إفتتاح مدرسة للسوريّين‬ ‫في ماردين ذهبت أنا وأختي‪ ،‬وهي أيضا ً في الصفّ‬ ‫الثالث الثانويّ ‪ ،‬وق ّدمنا أوراقنا للمدرسة وسجّ لونا‬ ‫وقالوا لنا بأنّ الدوام سيبدأ في الشهر السادس ‪2013‬‬ ‫واالمتحانات ستكون في الشهر السادس من العام‬ ‫‪ ،2014‬ولكن ‪ -‬لألسف ‪-‬لم يكن هنالك ال دوام وال‬ ‫امتحان ولم ي ّتصلوا بنا (هادا وجه الضيف) واآلن‬ ‫أعمل في (كازيّة) من الصباح إلى المساء‪ ،‬والزلت‬ ‫أحلم بالعودة إلى سورية وتكملة دراستي‪.‬‬ ‫انتقادات مضادّة‬ ‫نقلنا ك ّل ما سبق من معاناة األهالي والطلاّ ب إلى‬ ‫مدير مدرسة «كويت الرحمة» األستاذ «خالد أبو‬ ‫طارق» فتح ّدث إلينا عن المدرسة ومشاكلها‪ ،‬واشتكى‬ ‫بدوره من أهالي الطلاّ ب على النحو التالي‪:‬‬ ‫اف ُّتتحت المدرسة السنة الماضية‪ ،‬وكان الراعي‬ ‫لها «جمعيّة الشفقة» ومقرّ ها إستانبول ومدير‬ ‫الجمعيّة «محمّد الماضي»‪ .‬وأضاف المدير‪ :‬الطلاّ ب‬ ‫المسّجلون لدينا هذه السنة أربعمائة وعشر طلاّ ب‪،‬‬ ‫إضافة إلى مائتين وس ّتين طالبا ً من السنة الماضية‪.‬‬ ‫ث ّم قال‪ :‬ك ّل مشاكلنا هي عدم تفهّم األهالي وإهمالهم‬ ‫للمشروع التربويّ الخاصّ بأبنائهم‪ ،‬مع العلم أنّ‬

‫السوريّة المؤ ّقتة لهذه المدارس؟ وماهي الخدمات التي‬ ‫ّ‬ ‫موظفي المكتب يتقاضون رواتب‬ ‫يق ّدمها؟ علما ً أنّ‬ ‫عالية ودون عمل‪ ،‬والمعلّمون يخدمون وبدون راتب‬ ‫فما مهمّة هذا المكتب! على األق ّل عليهم تأمين الكتب‪،‬‬ ‫علما ً أنّ طلاّ ب الشهادة الثانويّة (الفرع العلميّ ) يلزمهم‬ ‫ألفا كتاب‪ ،‬ومكتب أورفا لم يبعث سوى ألف كتاب‪،‬‬ ‫ومتفرّ قات أيضاً‪ ،‬فال منهاج كامل لصفّ واحد‪ ،‬ولدينا‬ ‫س ّتمائة طالب بحاجة إلى منهاج كامل‪ ،‬ونتيجة ش ّح‬ ‫الكتب‪ ،‬وأجرة المواصالت‪ ،‬فإنّ نصف الطلاّ ب فقط‬ ‫يداومون! وك ّنا قد أرسلنا جداول بحاجاتنا منذ بداية‬ ‫العام إلى وزارة التربية في الحكومة المؤ ّقتة‪.‬‬ ‫أين وزارة الرتبية والتعليم؟‬ ‫طلاّ ب يُحرمون من التعليم بسبب عدم وجود كتب‪،‬‬ ‫وهنالك وزارة في الحكومة السوريّة المؤ ّقتة اسمها‬ ‫وزارة التربية والتعليم‪ ،‬فلماذا ال تؤمّن هذه الوزارة‬ ‫الكتب؟ هذا ما يجب أن تجيب عنه هذه الوزارة‪ ،‬أليس‬ ‫كذلك؟‬

‫ماردين ‪ -‬احملامي‪ :‬علي كولو‬

‫من تحت ال ّدلف لتحت المزراب‬

‫البيت بأكمله اُسعفنا إلى تركيّا أنا والصغيرة وتمّت‬ ‫معالجة حروقنا معالجة أوليّة‪ ،‬ومن ث ّم رُحّ لنا إلى‬ ‫المخيّم‪ ،‬لم نكن نملك أيّ شيء سوى مالبسنا التي‬ ‫خرجنا بها‪ ،‬لم يكن حالنا في المخيّم جيّد بل كان يزداد‬ ‫سوءاً‪ ،‬لقد التهبت الحروق التي أُصبنا بها أنا والطفلة‬ ‫ولم نجد أيّة عناية‪ ،‬حينها قرّ رنا المجيء إلى تركيّا علّنا‬ ‫نجد مأوىً وعمالً‪.‬‬ ‫البحث عن مأوى‬

‫أكثر من عشر مرّ ات كان الطفل حسن يجوب الحديقة‬ ‫ذهابا ً وإياباً‪ ،‬يجرّ خلفه حقيبة بالية تزيده حجماً‪ ،‬راقبته‬ ‫من بعيد وهو يف ّتش في جميع الحاويات ويلتقط عبوات‬ ‫بالستيكيّة يجمعها في حقيبته‪ ،‬دفعني فضولي لسؤاله‬ ‫عن اسمه واسم البلد الذي جاء منه‪ ،‬ولماذا استبدل‬ ‫حقيبته الدراسيّة بهذه الحقيبة‪ ،‬عندها أخبرنا بأ ّنه يسكن‬ ‫مع عائلته في مكان قريب‪ ،‬وقرّ رنا الذهاب معه‪ ،‬دخلنا‬ ‫إلى المنزل وهو عبارة عن مكان مهجور غير صالح‬ ‫للسكن وفيه قابلنا عائلة الطفل «حسن ربيع»‬ ‫نزوح آخر‬ ‫«ما جبنا معنا شي ‪ ..‬هربنا وما معنا أي شي ‪..‬‬ ‫ح ّتى لباس للوالد ما في ‪ ..‬وأوراقنا كلّها انحرقت»‬ ‫ه��ذا م��ا قالته «أ ّم حسن رب��ي��ع» ل��دى لقائنا بها‪.‬‬ ‫أ ّم حسن ربيع المرأة التي سقطت على بيتها قذيفة‬ ‫وأحرقت رقبتها ويدها اليمنى وأحرقت البيت‪ ،‬وأحرقت‬ ‫وجه طفلتها «ب��راء» البالغة من العمر ‪ 5‬سنوات‪.‬‬ ‫تتألّف عائلة «حسن ربيع» من األب واأل ّم وأربعة‬ ‫أطفال قدِموا من منطقة الباب في حلب إلى تركيّا‪.‬‬ ‫تروي لنا أ ّم حسن قصّة نزوحها‪ :‬بعد سقوط قذيفة‬ ‫في الشتاء على بيتنا الكائن في منطقة الباب واحتراق‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫تقول أ ّم حسن‪ :‬هذا البيت الخرب الذي نسكن فيه‬ ‫اآلن‪ ،‬هو بدون أبواب وبدون كهرباء وال ح ّتى ماء‪،‬‬ ‫ورغم ذلك فقد طلب م ّنا صاحب البيت إخالءه أل ّننا‬ ‫غير قادرين على دفع أجرته‪ ،‬فنحن ال نستطيع ذلك‬ ‫أل ّننا ح ّتى الطعام ال نستطيع تأمينه‪ ،‬فصاحب المطعم‬ ‫التركيّ الذي بجانبنا يجلب لنا ما تب ّقى من الطعام الذي‬ ‫يتركه الزبائن (ك ّتر هللا خيره) البارحة – مثالً ‪ -‬لم‬ ‫يكن لدينا ما نأكله ألنّ صاحب المطعم لم يجلب لنا‬ ‫شيئاً‪ ،‬وك ّل هذا نتحمّله أنا واألوالد‪ ،‬لكن ما ال أطيقه‬ ‫هذه الحروق التي يزيد التهابها يوما ً بعد يوم وطفلتي‬ ‫«براء» التي تشوّ ه وجهها بالكامل وما من مساعد لنا‪،‬‬ ‫وح ّتى عندما ذهبنا إلى المشفى التركيّ لم نحصل إلاّ‬

‫على بعض المراهم التي ال تفيدنا بشيء‪ ،‬وتضيف‪ :‬ما‬ ‫يزيد من التهاب الحروق لديّ ولدى الطفلة هذا المكان‬ ‫الذي ال ماء فيه والمليء بالجراثيم‪ ،‬هذا وتضيف‪( :‬أنا‬ ‫راحت علييّ ‪ ،‬بس البنت ما بريد يبقى وجهها مشوّ ه‬ ‫بهادا الشكل‪ ،‬حرام بكرة رح تكبر ويبقى وجهها مشوّ ه)‬ ‫وأجهشت بالبكاء‪ ،‬وهنا طرحنا عليها السؤال التالي‪:‬‬ ‫هل تعرفين أنّ مقرّ الحكومة المؤ ّقتة ال يبعد عن بيتكم‬ ‫سوى بضعة أمتار؟ أجابت‪ :‬لم أسمع أبداً بما يُسمّى‬ ‫حكومة (ويمكن تكون الحكومة ما سمعت فينا كمان)‬ ‫هناك جمعيّة تق ّدم لنا مساعدة بسيطة ك ّل شهر تقريباً‪.‬‬ ‫أمّا الزوج «أبو حسن ربيع» الذي كان يعمل بائع‬ ‫خضرة على عربة في منطقة الباب سابقاً‪ ،‬كان من‬ ‫فقراء المنطقة فهو المعيل الوحيد للعائلة‪ ،‬هو واحد من‬ ‫آالف السوريّين الذين يعانون الفقر المدقع قبل الثورة‪،‬‬ ‫لكن كان لديهم بيت يأويهم مع أطفالهم‪ ،‬أمّا اآلن فهم‬ ‫مشرّ دون بدون عمل وبدون بيت‪ ،‬بدون وطن‪ ،‬لقد‬ ‫زادت الحرب من معاناتهم ومن معاناة آالف السوريّين‬ ‫أمثالهم الذين يه ّددهم الفقر والجهل والمرض إضافة‬ ‫إلى التشرّ د‪،‬‬ ‫أطفال يه ّددهم اجلهل‬ ‫أخت «حسن ربيع» األكبر التي تبلغ من العمر‬ ‫‪ 11‬سنة أجابتنا على سؤالنا لها إنْ كانت تعرف القراءة‬ ‫أم ال؟ قائلة‪ :‬لم أعد أتذ ّكر األحرف التي تعلّمتها في‬ ‫المدرسة لقد نسيت ك ّل األحرف والكلمات التي تعلّمتها‬ ‫أل ّنني لم أتابع تعليمي‪ ،‬فقد درست فقط الصفّ األوّ ل‬ ‫ونجحت إلى الصفّ الثاني وعندها بدأت الثورة ولم‬ ‫نعد نذهب إلى المدرسة‪ ،‬وهنا قال الطفل حسن (البالغ‬ ‫من العمر ‪9‬سنوات) وأنا لم أدخل المدرسة أيضا ً ألنّ‬ ‫القذائف كانت تتساقط على منطقتنا ك ّل يوم‪ ،‬أمّا األخ‬ ‫األصغر الذي يبلغ من العمر ‪ 8‬سنوات فهو اآلخر ال‬ ‫يعرف الكتابة أل ّنه لم يدخل المدرسة أصالً‪.‬‬ ‫إذاً نحن أمام عائلة كاملة ال يعرف أحد منها أن‬ ‫يقرأ حرف واحد‪ ،‬وهذه كارثة بح ّد ذاتها‪ ،‬فالكثير من‬ ‫السوريّين هذا وضعهم وإذا ما أجرينا إحصائيّة بعدد‬ ‫هؤالء األطفال الذين هم بدون تعليم فإ ّننا سنشعر بحجم‬ ‫الكارثة التي ينتظرها جيل كامل من األطفال السوريّين‪.‬‬

‫مجع البالستيك‬

‫وعند سؤالنا أل ّم حسن عن سبب عدم ذهاب أطفالها‬ ‫األربعة إلى المدرسة هنا في «غازي عينتاب» أجابتنا‪:‬‬ ‫إنْ سجّ لتهم في المدرسة هذا يعني أ ّنني سأدفع على‬ ‫األق ّل ك ّل شهر ما يعادل ‪ 400‬ليرة تركيّة وهذا يعني‬ ‫أنّ األوالد لن يذهبوا إلى العمل‪ ،‬وباألصل نحن ال نملك‬ ‫هذا المبلغ لدفعه‪ ،‬وعند سؤالنا عن طبيعة عمل األطفال‬ ‫أجابتنا‪ :‬يعمل األوالد بجمع العبوات البالستيكيّة من‬ ‫الحاويات ونبيعها بمبلغ يُق ّدر ك ّل يوم بما يعادل ‪10‬‬ ‫إلى ‪ 15‬ليرة تركيّة‪ ،‬وهنا قال حسن‪ :‬أنا أذهب في ك ّل‬ ‫يوم الساعة ‪ 6‬صباحا ً ألبحث عن العبوات في الحديقة‬ ‫وأبقى ح ّتى السادسة مساءً‪ ،‬وأردف مبتسما ً وألعب‬ ‫بجميع األلعاب الموجودة في الحديقة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫هنا نتساءل‪ ،‬أين الحكومة المؤقتة والمنظمات‬ ‫اإلنسانيّة وحقوق الطفل من وضع هؤالء السوريّين؟‬ ‫أم أ ّنها لم تسمع بهم؟ كما أخبرتنا «أ ّم حسن ربيع»‪.‬‬ ‫هذا‪ ،‬ويبقى األطفال السوريّون سواء أكانوا في الداخل‬ ‫أم في الخارج هم الضحيّة التي تطحنها رحى الطغيان‪.‬‬

‫فلك اخلالد‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫تحقيقات‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪ /21‬كانون الثاني ‪2015/‬‬

‫تملّح التربة خطر يه ّدد دير الزور‬

‫ّ‬ ‫يمثل تملّح التربة مشكلة مزمنة بالنسبة لألراضيّ‬ ‫الزراعيّة على حوض الفرات وخاصّة في مدينة‬ ‫دير الزور‪ ،‬هذه المشكلة تتسبّب في خروج مساحات‬ ‫كبيرة من عمليّة اإلنتاج الزراعيّة إضافة إلى نقص‬ ‫في اإلنتاج والغالل‪.‬‬ ‫قدمية جديدة‬ ‫أب��و محمّد م��زارع من الريف الغربيّ لدير‬ ‫الزور وأحد الذين تضرّ روا من تملّح التربة في‬ ‫وادي الفرات تحدث لـ كلّنا سوريّون» قائالً «إنّ‬ ‫مشكلة التملّح مشكلة قديمة‪ ،‬ولك ّنها ازدادت في‬ ‫ظ ّل الثورة‪ ،‬بسبب غياب الجهات الرسميّة التي‬ ‫كانت تقوم بتأهيل وصيانة أقنية تصريف المياه‬ ‫الزائدة‪ ،‬إضافة لعدم توافر المع ّدات التي تساعد‬ ‫على تسوية األراض��ي بالليزر‪ ،‬كما أنّ الجهات‬ ‫اإلداريّة التي حلّت بدل مؤسّسات النظام األسديّ‬ ‫ال تملك اإلمكانيّات الالزمة للمعالجة‪ ،‬ممّا أ ّدى‬ ‫إلى تراجع إنتاج األراض��ي الزراعيّة‪ ،‬وبالتالي‬ ‫تد ّني المردود في المساحات المزروعة و زيادة‬ ‫في تكاليف اإلنتاج‪ ،‬حيث نضطرّ إلضافة كميات‬ ‫مضاعفة من األسمدة والبذور وحراثة حقولنا أكثر‬ ‫من مرّ ة ح ّتى يتس ّنى لنا الزراعة‪ ،‬وبسب ارتفاع‬ ‫ُ‬ ‫أوقفت الزراعة بنصف‬ ‫التكاليف وانعدام المع ّدات‬ ‫األراضي التي أملكها» ويضيف أبو محمّد «إنّ‬ ‫ربع األراضي الزراعيّة على النهر اآلن خارجة‬ ‫عن العمليّة اإلنتاجيّة بانتظار إيجاد جهات تساعد‬ ‫على ح ّل مشكلة التملّح التي تصيب المساحات‬ ‫الزراعيّة»‪.‬‬ ‫محمّد ع‪ .‬رئيس جمعيّة فالحيّة من ريف دير‬ ‫الزور الشرقيّ قال «إنّ نسبة األراضي الزراعيّة‬

‫الخارجة عن العمليّة اإلنتاجيّة بسبب‬ ‫تملّح التربة تق ّدر بـنحو ‪ %35‬من مساحة‬ ‫األراضي الزراعيّة المستثمرة بشكل مرويّ‬ ‫في المحافظة والبالغ مساحتها ‪150834‬‬ ‫هكتاراً»‪.‬‬ ‫تآكل اإلمسنت‬ ‫مشكلة التملّح لم يكن تأثيرها فقط على‬ ‫األراض��ي الزراعيّة‪ ،‬ولكن امت ّد ليشمل‬ ‫أم���وراً أخ��رى مثل التلف ال��ذي يصيب‬ ‫األبنية السكنيّة المنتشرة في داخل األراضي‬ ‫الزراعيّة إضافة لمشكلة تصيب شبكات‬ ‫الهاتف األرضيّ والكهرباء المدفونة في‬ ‫األراضي المتملّحة‪.‬‬ ‫عبد الحميد الشعيبيّ خبير جيولوجيّ مختصّ‬ ‫بطبقات األرض والتربة قال «إنّ مشكلة التملّح‬ ‫تش ّكل خطراً على المباني السكنيّة المتواجدة على‬ ‫األراضي حول نهر الفرات وقد تؤ ّدي مع مرور‬ ‫الزمن إلى تآكل القواعد اإلسمنتيّة‪ ،‬ممّا يؤ ّدي‬ ‫النهيارها‪ ،‬فاألمالح الموجودة في التربة تتفاعل‬ ‫كيميائ ّيا ً مع مواد البناء وتؤ ّدي لتآكلها مع مرور‬ ‫الزمن‪ ،‬رغم ك ّل اإلجراءات االحتياطيّة من استخدام‬ ‫العوازل وغيرها كـ (الزفت ‪ -‬والبالستيك) التي‬ ‫يضعها األهالي كعازل إضافيّ بين البناء والتربة‬ ‫«‪.‬‬ ‫جذر املشكلة‬ ‫المهندس الزراعيّ محسن العلي مسؤول الملفّ‬ ‫الزراعيّ في مجلس المحافظة الحرّ تح ّدث لـ «كلّنا‬ ‫سوريّون» عن أسباب تملّح األراضي الزراعيّة في‬ ‫حوض الفرات بقوله «تعاني األراضي الزراعيّة‬ ‫على ح��وض ال��ف��رات والتي مضى على ريّها‬ ‫بالطرق التقليديّة أكثر من ‪20‬عاما ً من تملّح التربة‬ ‫(تسبّخها) وذلك بسبب استخدام كميات زائدة من‬ ‫المياه في عمليات الريّ ‪ ،‬وعدم وجود صيانة ألقنية‬ ‫تصريف المياه الزائدة‪ ،‬ما تسبّب بنمو الحشائش‬ ‫وتراكم الطين فيها‪ ،‬وما جعل من الصعوبة جريان‬ ‫المياه الزائدة با ّتجاه نهر الفرات‪ ،‬كما أنّ استخدام‬ ‫مياه اآلبار المالحة في عمليّة الريّ كان سببا ً إضاف ّيا ً‬ ‫لتملّح التربة‪ .‬أضاف المهندس العلي‪ ،‬أنّ السبب‬ ‫الرئيسيّ الذي خلق هذه المشكلة‪ ،‬في المحافظة يكمن‬ ‫في عدم تسوية األرض الزراعيّة‪ ،‬وبشكل يتناسب‬

‫والميول الطبيعيّة ل�لأرض‪ ،‬ممّا ي��ؤ ّدي لتخزين‬ ‫كميات كبيرة من المياه داخل األراضي لتقترب هذه‬ ‫المياه من جذور النبات‪ ،‬وتلك المياه الجوفيّة هي‬ ‫مياه مالحة وذلك بسبب طبيعة األرض في وادي‬ ‫الفرات والقريبة من منجم الملح في مدينة التبني‬ ‫غرب دير الزور‪ ،‬ومع مرور الزمن تصاب الطبقة‬ ‫السطحيّة من التربة بالتملّح‪ ،‬نتيجة زيادة نسبة‬ ‫األمالح فيها‪ ،‬وتصبح فائدتها االقتصاديّة محدودة‪،‬‬ ‫وال تنحصر أضرار تملّح (تسبّخ) األراضي على‬ ‫الحقول الزراعيّة المرويّة بطرق الريّ التقليديّ ‪ ،‬بل‬ ‫تشمل األراضي المجاورة لها‪ ،‬وإن كانت تستخدم‬ ‫أساليب الريّ الحديثة‪.‬‬ ‫ما احل ّل؟‬ ‫وحول سبل معالجة تملّح األراضي الزراعيّة‬ ‫وتسبّخها واألساليب الحديثة الم ّتبعة في المعالجة‬ ‫تح ّدث المهندس العلي قائالً «إنّ استخدام األساليب‬ ‫العلميّة الحديثة في تسوية األراض��ي الزراعيّة‬ ‫فالتسوية الليزرية لألراضي تمنع تجمّع المياه‬ ‫الزائدة المستخدمة بالريّ في األرض‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫استخدام الريّ المتطوّ ر والحديث مثل (الريّ بالرذاذ‬ ‫والتنقيط) والصيانة ألقنية تصريف المياه الزائدة‪،‬‬ ‫التي تلعب دوراً كبيراً في التخلّص من المياه غير‬ ‫الالزمة لعمليّة الريّ ‪.‬‬ ‫وغياب احلكومة‬ ‫التملّح ال��ذي أص��اب األراض��ي الزراعيّة في‬ ‫دير ال��زور أصبح كارثة ته ّدد السهول الممت ّدة‬ ‫على ضفاف النهر‪ ،‬والتي كانت من أجود أنواع‬ ‫التربة وأكثر األراضي الزراعيّة إنتاجا ً في سورية‪.‬‬ ‫ففي بلدة الشميطيّة بريف دير الزور الغربيّ تق ّدر‬ ‫المساحة الخارجة عن الزراعة والتي ّ‬ ‫تأثرت‬ ‫بظاهرة التملّح بـنحو ‪ %30‬من مساحة األراضي‬ ‫الزراعيّة في البلدة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تمضي األ ّي��ام‪ ،‬وت��زداد مشكلة التملح ويتوسّع‬ ‫انتشارها في دير ال��زور في ظ ّل عجز يصيب‬ ‫الفالحين عن تجاوز هذه المشكلة‪ ،‬وخاصّة في ظ ّل‬ ‫ّ‬ ‫ومنظمات‬ ‫غياب الجهات الرسميّة من حكومة مؤ ّقتة‬ ‫داعمة تقوم بدعم مشاريع تعزيل أقنية التصريف‪،‬‬ ‫إضافة لتزويد المحافظة بمع ّدات متطوّ رة لمكافحة‬ ‫هذه الظاهرة‪.‬‬

‫من دير الزور ‪ -‬حممّد ح ّسان‬

‫نصف الكوب المملوءة علقم‬

‫ّ‬ ‫منظمات إغاثيّة كثيرة متواجدة في ك ّل مكان‬ ‫ظهرت في خضم األزمة السوريّة‪ ،‬وأسماء متع ّددة‬ ‫جالت كا ّفة البلدان تحت اسم إغاثة للشعب السوريّ ‪،‬‬ ‫لكن وعلى الرغم من كثرتها وك ّل ما ت ّقدمه‪ ،‬لم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كمنظمة‬ ‫المنظمات اإلغاثيّة‬ ‫تخف يوما ً حقيقة بعض‬ ‫َ‬ ‫الهالل األحمر السوريّ ؛ فعند ذكرنا السم هذه‬ ‫ّ‬ ‫المنظمة فإنّ أوّ ل ما يجول في مخيّلتنا هو تبعية‬ ‫ّ‬ ‫المنظمة لقوّ ات النظام‪ ،‬وأوّ ل ما نراه هو حجم الفساد‬ ‫ِّ‬ ‫المنظمين وبين الكادر العامل‪،‬‬ ‫الكبير المتواجد بين‬ ‫إلى ما هنالك من السرقات الكثيرة الخفيّة‪ ،‬ومن أكل‬ ‫ّ‬ ‫حق الكثير من الناس وسوء معاملة للوافدين‪ ،‬كما‬ ‫أنّ سوء معاملتهم لم يطل فقط الناس المستفيدة‪ ،‬بل‬ ‫طال أيضا ً المتطوّ عين ضمن الفريق‪.‬‬ ‫فتّش عن األقارب‬ ‫وبناء على ذل��ك‪ ،‬وجّ هنا بعض األسئلة ألحد‬ ‫ّ‬ ‫للمنظمة في مدينة‬ ‫المسؤولين في الشعب التابعة‬ ‫«الكسوة» وهو «أبو سامر» فقلنا له‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫المنظمة بتبعيتها للنظام‬ ‫مار ّدكم على وصف‬ ‫السوريّ ‪ ،‬وعدم حياديّتكم؟‬ ‫فر ّد أبو سامر‪ :‬لك ّل نجاح عدوّ ‪ ،‬وتواجدنا في‬ ‫أماكن النظام ال يمنع تواجدنا في أيّ منطقة أخرى‬ ‫إنْ أمكننا ذلك‪.‬‬ ‫وسألناه‪:‬‬ ‫عند دخولكم األماكن المحاصرة يالحظ تواجدكم‬ ‫دائما ً إلى جانب النظام ما السبب؟‬ ‫أبو سامر‪ :‬أغلب التأمين يكون من جهة النظام‪،‬‬ ‫ودخولنا أيّة منطقة هدفه المساعدة بغضّ النظر أمام‬ ‫من نقف‪.‬‬ ‫وحول شكاوى بعض الناس سألناه أيضاً‪ :‬برأيك‬ ‫ّ‬ ‫مستحق يأخذ ح ّقه لديكم؟‬ ‫هل ك ّل‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫أجاب أبو سامر‪ :‬هذا شيء مؤ ّكد‪ ،‬وليس من‬ ‫ّ‬ ‫لمنظمة ح ّققت‬ ‫الصواب طرح مثل هذا السؤال‬ ‫ّ‬ ‫الكثير ومازالت‪ ،‬توجَّ ه إلينا الكثير من االتهامات‬ ‫بخصوص هذا الموضوع‪ ،‬لكن ك ّل ما يبقى في‬ ‫مستودعاتنا هو حاجتنا أليّ استجابة طارئة‪.‬‬ ‫وعند سؤالنا عن الكادر العامل وما المؤهّالت‬ ‫المطلوبة للعمل؟‬ ‫ولماذا يش ّكل األقارب أغلب العاملين؟‬ ‫قال أبو سامر‪ :‬نقبل الجميع‪،‬‬ ‫ونفضّل ذوي الشهادات الجامعيّة‬ ‫وذوي الخبرات‪ ،‬وليس الكادر‬ ‫بالكامل من األقارب‪.‬‬ ‫قال املتطوّعون‬ ‫«رزان «متطوّ عة خرّ يجة معهد‬ ‫إدارة قالت لنا‪ :‬رغم عدم تقاضيّ‬ ‫أيّة أجور على عملي لك ّني سعيدة‬ ‫ج�� ّداً فرؤية ابتسامة من شخص‬ ‫ق ّدمت له المساعدة تنسيني تعبي‪.‬‬ ‫أمّا «أبو محمّد» سائق الشعبة‬ ‫فحدثنا‪ :‬ك�� ّل ش��ي بعملو بسوق‬ ‫هالسيارة لوين مابدن‪ ،‬وهللا ساترها‬ ‫والحمد هللا‪ ،‬وبيطلعلي متلي متل ك ّل هالناس بآخر‬ ‫الشهر أل ّني مهجّ ر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الموظفين الحديث معنا نهائ ّياً‪.‬‬ ‫ورفض بعض‬ ‫أين الرجال؟‬ ‫الحظنا وقوف ام��رأة يناهز عمرها الخمسين‬ ‫عاماً‪ ،‬ولم ّدة تجاوزت الساعتين‪ ،‬بادرتنا هي‪:‬‬ ‫لك بنتي! وعدوني اليوم يعطوني حصّتي هيك‬ ‫قالو لي مبارح‪ ،‬هللا وكيلك صار لي أسبوع عم روح‬ ‫واجي ولو مالي بعازة ما بجي لهون‪ ...‬طلعنا أنا‬

‫ّ‬ ‫الدخانيّة (ريف القنيطرة) من تحت‬ ‫ووالدي من‬ ‫القصف‪.‬‬ ‫ث ّم اقتربت وهمست‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫جوزي (زوجي) ضل هنيك بالدخانيّة مو‬ ‫مارق وال مرّ ة ع حاجز‪ .‬وعادت تشكو‪:‬‬ ‫قال ب ّدن وراق ثبوتية اني مالي من س ّكان‬ ‫«الكسوة» شو بدي احمل وراق!؟‬ ‫إذا البيت كله راح‪.‬‬ ‫ماحدا حاطط ع راسو خيمة‪ ،‬ش ّدة وبدا تزول‪...‬‬ ‫بس كيف عطو جيراني؟‬ ‫ألنو إلهن معارفن‪ ،‬وأنا عوضي ع هللا‪.‬‬ ‫إحدى النساء من وسط الزحام تطالب بتنظيم دور‬ ‫ّ‬ ‫الموزعين‪:‬‬ ‫للرجال وآخر للنساء‪ ،‬ليأتي الر ّد من أحد‬ ‫اختي وين الرجال دلّيني‪ ،‬ليكون أنا مفكرتيني‬ ‫رجال؟! لك من خمسين سنة مافي رجال‪ ...‬عند‬ ‫مين صار الدور؟‬ ‫البقاء‬

‫والحقيقة‪ ،‬إنْ أعجبنا نصف الكوب المملوء أم‬ ‫لم يعجبنا فإنّ ‪ %95‬من الس ّكان المحليّين والوافدين‬ ‫ّ‬ ‫المنظمة رغم الشوائب بل وعلقم‬ ‫المستفيدين تعجبهم‬ ‫الذلّ‪ ،‬وليس المه ّم لديهم إن كان من يس ّد رمقهم هو‬ ‫قاتلهم‪ ،‬ك ّل ما يهمّهم هو أن يبقوا مستفيدين من تلك‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫لتغطي ولو جزءاً بسيطا ً من احتياجاتهم‪،‬‬ ‫المنظمة‬ ‫ليبقوا على قيد األحياء‪.‬‬

‫ريف دمشق – عروبة اهلادي‬

‫‪7‬‬

‫دموي في درعا وريفها‬ ‫عام‬ ‫ّ‬ ‫‪ 2990‬شهيداً من بينهم‬ ‫‪ 431‬طفالً‬ ‫انقضى عام دمويّ عاشه أهالي محافظة درعا حيث فقدوا‬ ‫فيه ‪ 2990‬شخصا ً من أبنائهم على أيدي قوّ ات النظام السوريّ‬ ‫سواء داخل المحافظة أو خارجها حسب ما ّ‬ ‫وثقه الناشطون في‬ ‫مكتب توثيق شهداء الثورة السوريّة في درعا‪.‬‬ ‫حتت التعذيب‬ ‫ّ‬ ‫العزل ب‬ ‫كانت النسبة العظمى من الشهداء هي للمدنيّين‬ ‫‪ 1775‬شهيداً أي ‪ 62‬بالمائة‪ ،‬من بينهم ‪ 431‬طفل بنسبة‬ ‫تتجاوز ‪ 14‬بالمائة من عموم الشهداء‪ ،‬كما قُتل ‪ 10‬أج ّنة رفقة‬ ‫أمّهاتهم‪ ،‬فيما استشهد ‪ 302‬معتقالً تحت التعذيب على أيدي‬ ‫قوّ ات النظام‪ ،‬ومن المتو ّقع أن يكون العدد أكبر من ذلك بكثير‪،‬‬ ‫ومن بين الشهداء ‪ 24‬شهيداً في سجن صيدنايا العسكريّ لوحده‪.‬‬ ‫وكانت للمرأة حصّتها في القتل الوحشيّ ‪ ،‬حيث بلغ عدد‬ ‫اإلناث اللواتي استشهدن على أيدي قوّ ات النظام ‪ 411‬شهيدة‬ ‫أنثى خالل العام المنصرم بينهن ‪ 153‬طفلة معظمهن قتل‬ ‫بقصف الطيران المروحيّ بالبراميل المتفجّ رة‪.‬‬ ‫ولم يغب القتل عن ناقلي الحقيقة واألحداث حيث استشهد ‪39‬‬ ‫ناشطا ً إعالم ّيا ً من بينهم ‪ 20‬إعالم ّيا ً قتلوا أثناء تغطيتهم للمعارك‬ ‫بين قوّ ات النظام والمعارضة‪ ،‬في حين ت ّم توثيق ‪ 87‬شهيداً‬ ‫قامت قوّ ات النظام بإعدامهم ميدان ّيا ً بينهم ‪ 17‬طفالً و‪15‬سيّدة‪،‬‬ ‫كما استشهد ‪ 59‬من المنش ّقين عن قوّ ات النظام‪ ،‬بينهم ‪ 22‬شهيداً‬ ‫تحت التعذيب‪ ،‬أحدهم برتبة عقيد و‪ 5‬برتبة نقيب‪.‬‬ ‫يف اجلوالن‬ ‫وشهد العام قيام قوّ ات النظام بتفجير عدد من السيّارات‬ ‫ّ‬ ‫المفخخة في مدن و قرى وبلدات محافظة درعا‪ ،‬أبرزها مجزرتا‬ ‫اليادودة و نمر‪ ،‬التي ارتقى على أثرها ‪ 92‬شهيداً غالبيّتهم من‬ ‫الذكور‪ ،‬حيث ت ّم استهدافهم أثناء أداء صالة الجمعة في مساجد‬ ‫البلدات‪ ،‬كما لم تغب المقابر الجماعيّة عن المشهد‪ ،‬حيث عثر‬ ‫األهالي على ‪ 45‬شهيداً مجهول الهويّة‪ ،‬ت ّم توثيقهم خالل العام‬ ‫من بينهم ‪ 4‬نساء و طفل‪ ،‬غالبيّتهم في مقابر جماعيّة ت ّم العثور‬ ‫عليها قرب مدينة نوى‪ ،‬وفي المناطق التي كانت قوّ ات النظام‬ ‫تسيطر عليها قبل انسحابها تحت ضربات قوّ ات المعارضة في‬ ‫المنطقة‪.‬‬ ‫ونال أبناء الجوالن المحت ّل في محافظة درعا حصّتهم من‬ ‫القتل على أيدي قوّ ات النظام حيث استشهد ‪ 74‬شخصا ً بينهم‬ ‫‪ 12‬طفل و‪ 6‬نساء و‪ 4‬شهداء تحت التعذيب‪ ،‬فيما استشهد ‪52‬‬ ‫شخصا ً من الالجئين الفلسطينيّين في درعا معظمهم من أبناء‬ ‫مخيّم درعا بينهم ‪ 14‬طفل و‪ 6‬نساء و‪ 3‬شهداء تحت التعذيب‪.‬‬ ‫ولم يغب الق ّناصة عن ممارسة إجرامهم ّ‬ ‫بحق األهالي‪ ،‬حيث‬ ‫ّ‬ ‫وثق المكتب استشهاد ‪ 78‬مدن ّيا ً برصاص ق ّناص قوّ ات النظام‬ ‫خالل العام الماضي من بينهم ‪ 8‬أطفال و‪ 13‬سيّدة‪ ،‬ومنهم ‪33‬‬ ‫شهيداً في الشيخ مسكين وبصرى الشام فقط‪ ،‬في حين ارتقى ‪50‬‬ ‫شهيداً مدن ّيا ً من أبناء درعا أثناء تواجدهم في محافظات أخرى‪،‬‬ ‫بينهم شهيد مات جوعا ً في حصار أحياء دمشق الجنوبيّة‪.‬‬ ‫ويف املخيّمات‬ ‫وكان شهر شباط األكثر دمويّة في العام الماضي حيث‬ ‫استشهد فيه ‪ 339‬شهيداً‪ ،‬فقد شهد الشهر مجازر في طفس‬ ‫وجاسم والمزيريب‪ ،‬باإلضافة لمجزرة اليادودة في حين ش ّكلت‬ ‫البراميل المتفجّ رة السالح األكثر تدميراً وفتكا ً في ممتلكات‬ ‫وأرواح األهالي فقد بلغ عدد ضحاياها ‪ 421‬شهيداً من بينهم‬ ‫‪ 147‬طفالً و‪ 91‬سيّدة و‪ 33‬مقاتل فقط‪.‬‬ ‫وكان لمقاتلي المعارضة نصيب من أعداد الشهداء‪ ،‬حيث بلغ‬ ‫عددهم ‪ 942‬شهيداً جرّ اء االشتباكات المباشرة مع قوّ ات النظام‬ ‫وكان شهر تشرين الثاني األكثر عدداً بارتقاء ‪ 120‬شهيداً بعد‬ ‫توسّع معارك الريف الشماليّ من المحافظة‪.‬‬ ‫احتلّت مدينة درعا الصدارة بأعداد الشهداء حيث استشهد من‬ ‫أبنائها ‪ 323‬شخصا ً بينهم ‪ 52‬طفالً و ‪ 36‬امرأة و ‪ 17‬شهيداً‬ ‫تحت التعذيب‪ ،‬في حين جاءت مدينة نوى في شمال المحافظة‬ ‫ثانيا ً بـ ‪ 304‬شهيداً بينهم ‪ 69‬طفالً و ‪ 74‬سقطوا نتيجة إلقاء‬ ‫الطيران المروحيّ للبراميل المتفجّ رة على المدينة‪ ،‬واحتلّت‬ ‫مدينة جاسم ‪ -‬المجاورة لنوى ‪ -‬المركز الثالث بـ ‪ 187‬شهيداً‬ ‫بينهم ‪ 47‬شهيداً من المقاتلين و‪ 22‬شهيداً تحت التعذيب و‪54‬‬ ‫نتيجة القصف المدفعيّ والصاروخي‪.‬‬ ‫ولم يكن الموت داخل أسوار الوطن فقط‪ ،‬بل الحق الجرحى‬ ‫والالجئين في خيمهم‪ ،‬حيث استشهد ثالثة أطفال جرّ اء احتراق‬ ‫خيمتهم في مخيّم الزعتري باألردن‪ ،‬واستشهد ‪ 244‬جريحا ً‬ ‫أثناء تل ّقيهم للعالج في مشافي دول الجوار بينهم ‪ 242‬في‬ ‫األردن و‪ 2‬في فلسطين المحتلّة‪.‬‬ ‫قبل االنسحاب‬ ‫مورس ّ‬ ‫بحق أهالي حوران ش ّتى أنواع القتل والترهيب‪ ،‬فقد‬ ‫شهدت مدينة الشيخ مسكين في ريف درعا الشماليّ أبشع الجرائم‬ ‫أواخر العام المنصرم‪ ،‬حيث عثر على عدد من العوائل التي ت ّم‬ ‫احتجازها في الحيّ الشرقيّ من قبل قوّ ات النظام والمليشيّات‬ ‫اللبنانيّة والعراقيّة المتواجدة في المدينة‪ ،‬وت ّم اعدامهم بعد‬ ‫حفالت التعذيب والتنكيل‪ ،‬غالبيّة الضحايا من النساء واألطفال‬ ‫والطاعنين في السنّ ‪ ،‬وكان لعائلة «الجالل» العدد األكبر من‬ ‫بين الضحايا حيث قتل ‪ 14‬شخصا ً من أفرادها نحراً ومن ث ّم‬ ‫حرقا ً وح ّتى اللحظة ليصل عدد الضحايا الذين ت ّم توثيقهم في‬ ‫الحي الشرقيّ بعد انسحاب قوّ ات النظام منه ‪ّ 80‬‬ ‫جثة متفحّ مة‬ ‫ّ‬ ‫ومقطعة األوصال‪.‬‬

‫درعا – سارة احلوراني‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪8‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫اقتصاد و قانون‬

‫‪ /21‬كانون الثاني ‪2015/‬‬

‫الهتك مريم‪« ،‬شاهدة ملكة» في محكمة جنايات دولّية ‪2/2‬‬ ‫َ‬ ‫(تنشر بالتزامن مع جمموعة من وسائل اإلعالم السوريّة)‬‬

‫في الثاني من أيلول من ذات العام ‪ ،2012‬اع ُتقلت‬ ‫مريم للمرّ ة الثانية‪ ،‬حين كانت تعمل في معالجة‬ ‫الجرحى في المنطقة التي كانت لجأت إليها بين جوبر‬ ‫وعربين‪ ،‬أُلقي القبض عليها في مشفى ميدانيّ بعد‬ ‫أن ت ّم اإلبالغ عن المشفى وأسماء الطاقم الطبّيّ ‪ ،‬في‬ ‫المعتقل أنكرت مريم ك ّل التهم التي وُ جِّ هت إليها‪ ،‬إلاّ‬ ‫أنّ عناصر المخابرات عرضوا عليها مقاطع فيديو‬ ‫تظهر نشاطها‪ ،‬فاعترفت‪ ،‬وتصف التعذيب الذي تال‬ ‫ذلك بالوحشيّ ‪.‬‬ ‫مريم قالت‪ :‬إ ّنها أمضت أكثر من شهرين في‬ ‫المخابرات الجويّة قبل أن ُتنقل إلى األمن السياسيّ‬ ‫وتمضي فيه عام ونصف‪ ،‬رئيس الرابطة السوريّة‬ ‫للدفاع عن حقوق اإلنسان عبد الكريم ريحاوي‪ ،‬الذي‬ ‫ّ‬ ‫اطلع على شهادة مريم‪ ،‬قال‪ :‬إنّ المكان الذي ُنقلت‬ ‫إليه مريم من المخابرات الجويّة‪ ،‬هو على األغلب‬ ‫فرع آخر للجويّة‪ ،‬مرجّ حا ً أن يكون فرع المعلومات‬ ‫في ساحة العباسيّين‪ ،‬معتمداً في هذا االستنتاج على‬ ‫ع ّدة نقاط من أهمّها أنّ منطقة جوبر تخضع أمن ّيا ً‬ ‫للمخابرات الجوّ يّة فقط‪ ،‬فضالً عن أنّ األمن السياسيّ‬

‫أق ّل وحشيّة في عمليّات التعذيب‬ ‫من الجوّ يّة‪ ،‬وأنّ مريم ذكرت أ ّنها‬ ‫شاهدت ضابطا ً في المعتقل الثاني‬ ‫كانت قد شاهدته في اعتقالها األوّ ل‪،‬‬ ‫وعمليّة النقل للضباط بين الجهتين‪،‬‬ ‫الجويّة والسياسيّة أمر ال يحدث‬ ‫عادة‪ ،‬ث ّم إنّ المعلومة التي تستند‬ ‫إليها مريم حول مكان وجودها في‬ ‫األمن السياسيّ كانت قد حصلت‬ ‫ت معتقال ٍ‬ ‫عليها من زميال ٍ‬ ‫ت معها‪،‬‬ ‫ريحاويّ يقول‪ :‬إنّ المعتقلين في‬ ‫جميع األف��رع األمنيّة‪ ،‬يُقال لهم‬ ‫معلومات مُضلّلة عن اسم الفرع الذي هم فيه‪ ،‬ما يعني‬ ‫في النهاية‪ ،‬أنّ مريم أمضت الفترة كاملة في المخابرات‬ ‫الجويّة لكن في مكانين مختلفين‪.‬‬ ‫تقول الشاهدة‪ :‬إنّ عمليّات االغتصاب أخذت‬ ‫شكالً جديداً تماما ً خالل اعتقالها الثاني‪ ،‬إذ تعرّ ضت‬ ‫ت لها لمرّ ا ٍ‬ ‫الغتصاب جماعيّ مع زميال ٍ‬ ‫ت عديدة‪ ،‬فيما‬ ‫ن ّفذ العناصر والضبّاط االغتصاب بشكل يوميّ وألكثر‬ ‫من مرّ ة في ذات اليوم‪ ،‬فضالً عن عمليّات التعذيب‬ ‫األخرى‪ ،‬وتقول‪« :‬في يوم واحد ت ّم االعتداء عليّ من‬ ‫قبل ثالثة عشر رجالً مختلفاً‪ ،‬وذلك بآليّة عشوائيّة‬ ‫وغير منتظمة» تقول الشاهدة‪ :‬إنّ عمليّات التعذيب‬ ‫أجبرتها على تقبيل حذاء عنصر كان يه ّم باغتصابها‬ ‫كي ال يفعل‪ ،‬ولمرّ ة واحدة تو ّقف اغتصابها بعد أن‬ ‫رجت عنصراً كان يه ّم بذلك‪ ،‬العنصر أشعل سيجارة‬ ‫وراقبها طويالً‪ ،‬ث ّم مضى من دون اغتصابها‪ ،‬لك ّنه‬ ‫بصق على األرض قبل أن يرحل‪.‬‬ ‫تذكر الشاهدة عدداً من أسماء المعتقالت اللواتي كنَّ‬ ‫معها‪ ،‬وبعضهنّ فقدن الحياة نتيجة الضرب المباشر‬ ‫على الصدر‪ ،‬األمر الذي كان يؤ ّدي إلى ظهور كدمات‬

‫الحرّ​ّية لمتط ّوعي‬ ‫الهالل األحمر‬ ‫اب���ت���دأ ال��م��ت��ط��وّ ع‬ ‫ص�لاح الدين الطبّاع‬ ‫مشاركته ف��ي أعمال‬ ‫ّ‬ ‫منظمة الهالل األحمر‬ ‫م��ن��ذ أن ك���ان يافعا ً‬ ‫بعمر ‪13‬رب��ي��ع�اً‪ ،‬من‬ ‫خ�لال مخيّم األطفال‬ ‫الصيفيّ ‪ ،‬وق��د شارك‬ ‫ب��األع��م��ال اإلنسانيّة‬ ‫ّ‬ ‫للمنظمة عبر مساعدة‬ ‫النازحين اللبنانيّين في‬ ‫عام ‪ 2006‬عندما كان‬ ‫بعمر ‪16‬ربيعاً‪.‬‬ ‫ت�� ّم إي��ق��اف صالح‬ ‫على الجانب السوريّ من الحدود وهو في طريقه إلى لبنان‪،‬‬ ‫بعد أن غادر منزله الكائن في العاصمة السوريّة دمشق‪ ،‬وأخبر‬ ‫أحد أصدقائه ‪ -‬مقيم في الخارج ‪ّ -‬‬ ‫منظمة العفو الدوليّة أنّ ضبّاط‬ ‫الحدود قالوا لصالح أ ّنه يوجد مذ ّكرة توقيف بح ّقه صادرة عن‬ ‫الفرع ‪ 227‬التابع لالستخبارات العسكريّة‪ُ ،‬نقل الطبّاع إلى فرع‬ ‫االستخبارات العسكريّة في اليوم التالي‪ ،‬وانقطعت أخباره منذ‬ ‫ذلك الحين‪.‬‬ ‫قامت ّ‬ ‫منظمة العفو الدوليّة (أمنيستي) بإصدار النسخة العربيّة‬ ‫من «التحرّ ك العاجل» المتعلّق بالمتطوّ ع وهذا نصّه‪:‬‬ ‫«تعرّ ض الطالب صالح الدين الطبّاع الذي يعمل متطوّ عا ً‬ ‫مع الهالل األحمر لإلخفاء القسريّ على أيدي السلطات السوريّة‬ ‫وألقي القبض عليه بتاريخ ‪ 2014/9/5‬عند الحدود السوريّة‬ ‫اللبنانيّة‪ ،‬ويواجه الطبّاع خطر التعرّ ض للتعذيب وغير ذلك من‬ ‫ضروب سوء المعاملة»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫منظمة العفو الدوليّة (أمنيستي) السلطات السوريّة‬ ‫وتطالب‬ ‫بالكشف عن مصيره والسماح لمحاميه وذويه بزيارته‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إلى إطالق سراحه وفق القوانين المرعيّة‪.‬‬ ‫يدرس صالح (مواليد ‪ )1990‬في معهد صناعة األسنان‪،‬‬ ‫وبحسب ما أفاد به أقاربه ومعارفه فليس له أيّ نشاط سياسيّ ‪.‬‬ ‫ويُذكر أنّ ممارسات التعذيب‪ ،‬وغير ذلك من ضروب سوء‬ ‫المعاملة‪ ،‬تنتشر على نطاق واسع في األفرع األمنيّة واالستخباراتيّة‬ ‫في سوريّة‪ ،‬وقد توجّ هت عائلة صالح إلى المخابرات العسكريّة‬ ‫وغيرها من األجهزة األمنيّة والسلطات القضائيّة‪ ،‬في محاولة‬ ‫للحصول على معلومات بشأن مكان تواجده وسبب إلقاء القبض‬ ‫عليه‪ ،‬دون أن تصيب النجاح في مساعيها تلك ح ّتى اآلن‪،‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫كبيرة‪ ،‬ما تلبث المعتقلة بعدها أن تفارق الحياة‪ ،‬كما‬ ‫سُجّ لت حاالت وفاة ألسباب منها سوء التغذية والبرد‬ ‫واالغتصاب‪ ،‬فيما كانت تقيم في زنزانة كبيرة ت ّتسع‬ ‫ألكثر م��ن ‪ ٢٠٠‬معتقلة‪ ،‬دخلت وخ��رج��ت مئات‬ ‫المعتقالت خالل الفترة التي قضتها هناك‪.‬‬ ‫السجود لآللهة‬ ‫تتح ّدث مريم عن حادث ٍة شهدتها أثناء االعتقال‪ ،‬حيث‬ ‫أمر عناصر المخابرات المعتقالت بأن يسجدن ويصلين‬ ‫لصورة ب ّ‬ ‫شار األسد‪ ،‬وأن يحرِّ فن في سورة الصمد من‬ ‫القرآن الكريم ليقلن «ب ّ‬ ‫شار الصمد» فرفضت معتقلة‬ ‫من إدلب تدعى «إيمان» ‪ -‬ال تذكر الشاهدة اسمها‬ ‫الكامل أو التهمة التي وجّ هت إليها ‪ -‬تنفيذ األمر‪،‬‬ ‫فقُتلت بيد العناصر بعد ضربها لترضخ ألمر الصالة‬ ‫للصورة‪ ،‬فيما قامت بقيّة المعتقالت بتنفيذه‪ ،‬بعد أن‬ ‫أدركن خطورة رفض التحريف في المق ّدسات‪ ،‬وبعد أن‬ ‫نصحتهنّ معتقلة من دوما باالمتثال لألمر‪ُ ،‬تركت ّ‬ ‫جثة‬ ‫«إيمان» في مكان إقامة المعتقالت ألكثر من ساعتين‪،‬‬ ‫وحين طلبت المعتقالت نقل ّ‬ ‫الجثة‪ ،‬ر َّد العناصر عليهنّ‬ ‫الجثة ّ‬ ‫ّ‬ ‫تمثل مصيرهنّ جميعاً‪.‬‬ ‫بأنّ‬ ‫تؤ ّكد مريم في شهادتها‪ ،‬أنّ المعتقالت كنّ يجبرن‬ ‫على تناول أدوية بشكل منتظم‪ ،‬منها على شكل حبوب‬ ‫ومنها عن طريق حقن وريديّة‪ ،‬هذه الجرعات كانت‬ ‫تمنع مريم ومن معها من النوم‪ ،‬وتشير إلى أنّ السجانين‬ ‫كانوا يعلمون في حال لم تأخذ المعتقلة الجرعة التي‬ ‫أعطيت لها‪.‬‬ ‫عبد الكريم ريحاوي رئيس الرابطة السوريّة لحقوق‬ ‫اإلنسان يؤ ّكد أنّ هذه الجرعات هي من ّ‬ ‫شطات ُتعطى‬ ‫عادة للمعتقلين والمعتقالت في أجهزة األمن السوريّة‪،‬‬ ‫و ُتعرف باسم «الكبتاغون» ولها تأثير المن ّ‬ ‫شط الجنسيّ‬ ‫مع عدم القدرة على المقاومة‪ ،‬فيما يشير أيضا ً إلى أنّ‬ ‫دراسة حاالت االعتقال المماثلة تقول إنّ الضحايا تق ُّل‬

‫مقاومتهن مع الزمن وعدد مرّ ات االعتقال‪.‬‬ ‫ومحمّد‬ ‫غادرت مريم المعتقل في المخابرات الجوّ يّة في‬ ‫تاريخ ال تستطيع تحديده تماماً‪ ،‬كانت في الشهر الثامن‬ ‫ٍ‬ ‫من الحمل الذي أتى نتيجة االغتصاب‪ ،‬من دمشق إلى‬ ‫النبك ث ّم حمص ث ّم حلب انتقلت مع حملها ث ّم طفلها الذي‬ ‫وضعته وأسمته محمّد‪ ،‬وال تزال تربّيه ح ّتى اآلن‪ ،‬بعد‬ ‫ع ّدة محاوالت للتخلّص منه عبر تركه في الطريق‪،‬‬ ‫لك ّنها كانت تعود لحمله حين يبكي‪ ،‬وال تستطيع اليوم‬ ‫أن تح ّدد مشاعرها تجاهه‪ ،‬تشعر بالكره له في بعض‬ ‫األحيان‪.‬‬ ‫المعالِجة النفسيّة آية مه ّنا تقول‪ :‬إنّ عالقة مريم‬ ‫ّ‬ ‫التدخل‬ ‫بطفلها محمّد هي من أكثر النقاط تعقيداً أثناء‬ ‫العالجي في حالتها‪ ،‬وتقول‪ :‬إنّ حالة من اإلسقاط‬ ‫النفسيّ من الممكن أن تقوم بها مريم تجاه الطفل الذي‬ ‫يش ّكل بالنسبة لها رمزاً لالعتقال واالغتصاب‪ ،‬ما‬ ‫سيعني أيضا ً إفراطا ً في التعامل العاطفيّ مع طفلها‪،‬‬ ‫مريم كانت أ ّما ً قبل ذلك من زواجها في سوريّة‪ ،‬اليوم‬ ‫ال تعلم أيّ شيء عن طفلها األوّ ل‪ ،‬الذي نخفي اسمه‬ ‫هنا‪ ،‬مه ّنا تقول‪ :‬إنّ الحالة المزدوجة التي تعيشها‬ ‫مريم بين طفل أنجبته في ظروف طبيعيّة وآخر نتيجة‬ ‫االعتقال واالغتصاب‪ ،‬سيتركها أمام وضع نفسيّ أكثر‬ ‫تعقيداً بالذات في مشاعر األمومة التي تعيشها‪ ،‬فمن‬ ‫حالة فقد ابن البن آخر لم تكن تريده سيجعلها غير‬ ‫متقبّلة للواقع الجديد‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تعيش مريم اليوم بعيدا عن بلدها وما تب ّقى من‬ ‫عائلتها‪ ،‬حيث اعتبر زوجها أ ّنها د ّنست شرف العائلة‪،‬‬ ‫فنبذها وه ّدد بقتلها‪ ،‬وحرمها من أيّة معلومة قد توصلها‬ ‫إلى ابنها األوّ ل‪ ،‬فوقعت في اعتقال اجتماعيّ يعاملها ال‬ ‫ّ‬ ‫تستحق القصاص‪.‬‬ ‫كضحيّة أو ناجية بل كمذنبة‬

‫عامر حممّد‬

‫ر ّد وتوضيح‬

‫كان قد أطلق منذ أكثر من عام (مشروع‬ ‫التوثيق الوطنيّ ) الذي يسعى من خالله‬ ‫لنسخ السجلاّ ت العقاريّة وسجلاّ ت المحاكم‬ ‫بشكل إلكترونيّ وحفظها ف��ي ذواك��ر‬ ‫الكترونيّة حماية لها ولما تتضمّنه من‬ ‫حقوق للمواطنين السوريّين من االستهداف‬ ‫أو العبث أو التلف في ظ ّل الظروف التي‬ ‫تعيشها سورية‪.‬‬

‫وردنا عبر البريد اإللكترونيّ ر ّد وتوضيح من‬ ‫«المجلس التنفيذيّ لتجمّع المحامين السوريّين‬ ‫األحرار» فيما يخصّ تحقيقا ً ُنشر لدينا بتاريخ ‪7‬‬ ‫كانون الثاني ‪ ،2014‬وها نحن ننشره كما ورد‪:‬‬ ‫السادة المحترمون هيئة تحرير صحيفة «كلّنا‬ ‫سوريّون»‬ ‫نشر في العدد رقم ‪22‬من صحيفتكم المو ّقرة‪،‬‬ ‫وفي الصفحة ‪ 8‬تحقيقا ً صحف ّيا ً تحت عنوان (حقوق‬ ‫الناس ‪ ..‬إلى أين ؟) للزميل المحامي عبّاس‬ ‫الموسى حول مصير مل ّفات الدعاوى وسجلاّ ت‬ ‫القرارات القضائيّة التي تم ّكن الزمالء في هيئة‬ ‫«محامو حلب األحرار» من إنقاذها إثر استهداف‬ ‫سلطة العصابة لمقرّ المحاكم المدنيّة بالقصف‪ ،‬وما‬ ‫يته ّدد تلك المل ّفات بما تتضمّنه من حقوق ماليّة‬ ‫وعينيّة لعشرات اآلالف من المواطنين السوريّين‬ ‫من تلف أو استهداف‪.‬‬ ‫ويهمّنا في هذا السياق توضيح التالي‪:‬‬ ‫‪ -1‬إنّ «تجمّع المحامين السوريّين األحرار»‬

‫وق��د قامت مؤسّسة «ال��ي��وم التالي»‬ ‫مشكورة بتمويل هذا المشروع وتغطية‬ ‫كا ّفة التكاليف واألتعاب التي يتقاضاها‬ ‫الزمالء العاملين على تنفيذه بالداخل‪ ،‬فضالً عن‬ ‫تدريب الكوادر التي تعمل به قبل مباشرتها للعمل؛‬ ‫وبالفعل ت ّم نسخ السجلاّ ت العقاريّة في ك ّل من‬ ‫مناطق حارم وأعزاز واألتارب وسراقب‪ ،‬فضالً‬ ‫عن سجلاّ ت محاكم‬ ‫منطقة حارم‪ ،‬وت ّم تسليم نسخة إلكترونيّة عن تلك‬ ‫الوثائق إلى السيّد رئيس الحكومة المؤ ّقتة ووزارة‬ ‫العدل‪ .‬وتجري التحضيرات اآلن لتنفيذ العمل‬ ‫فيما يتعلّق بسجلاّ ت‬ ‫المحاكم في العديد‬ ‫من المناطق‪ ،‬التي‬ ‫لن تعلن اآلن حرصا ً‬ ‫على سالمة عمليّة‬ ‫التنفيذ‪.‬‬ ‫‪ -2‬منذ بدء العمل‬ ‫ب��ال��م��ش��روع ب��ادر‬ ‫الزميل غزوان قرنفل‬ ‫رئيس التجمّع ومدير‬ ‫م��ش��روع التوثيق‬ ‫الوطنيّ بالتواصل‬ ‫مع الزمالء في هيئة‬ ‫«محامو حلب األح��رار» بهدف التعاون لتنفيذ‬ ‫المشروع فيما يتعلّق بالمل ّفات القضائيّة موضوع‬ ‫تحقيقكم المومأ إليه أعاله‪ ،‬لكنّ جواب الهيئة في‬ ‫إدارتها السابقة كان سلب ّياً‪ ،‬ورفضت العمل بهذا‬ ‫الموضوع مع التجمّع دون اإلفصاح عن أسباب هذا‬ ‫الموقف‪ ،‬ومع ذلك سعينا تكراراً وكاد العمل يثمر‬ ‫عن إنجاز سجلاّ ت المحاكم في مدينة الباب أوّ الً‬ ‫لتكون مدخالً يُسهّل العمل على إنجاز المشروع‬ ‫بكلّيّته‪ ،‬لكن مع األسف جاءت سيطرة « داعش»‬ ‫على المنطقة لتجهض تلك الفرصة ‪.‬‬

‫قرنفل والزميل محمّد العبد هللا مسؤول العالقات‬ ‫الخارجيّة بهيئة «محامو حلب األحرار» بحضور‬ ‫ّ‬ ‫ممثل عن‬ ‫بعض الزمالء من الهيئة وبحضور‬ ‫مؤسّسة «اليوم التالي» المموِّ ل الرئيسيّ والوحيد‬ ‫للمشروع‪ ،‬وت ّم التوافق بين تجمّع المحامين وهيئة‬ ‫«محامو حلب األحرار» على العمل معا ً إلنقاذ تلك‬ ‫المل ّفات على مرحلتين‪ ،‬وت ّم اال ّتفاق على الخطوط‬ ‫العريضة آلليّات العمل التي من شأنها الوصول إلى‬ ‫النتيجة المرجوّ ة في حفظ تلك المل ّفات إلكترون ّياً‪،‬‬ ‫حفاظا ً على حقوق الناس وأموالهم‪ .‬ورغم أنّ‬ ‫الموضوع يحتاج إلى ميزانيّة ليست قليلة إلاّ أنّ‬ ‫مؤسّسة «اليوم التالي» لن تتوانى عن بذل الكثير‬ ‫من الجهد لتأمين الدعم الالزم له‪.‬‬

‫نختم أخيراً بالقول‪ :‬إنّ تجمّع المحامين السوريّين‬ ‫األحرار‪ ،‬كانت وستبقى يده ممدودة لجميع الزمالء‬ ‫في أيّ مكان كان للعمل معا ً على استكمال عناصر‬ ‫هذا المشروع الوطنيّ الذي يسمو العمل به على‬ ‫أيّة خالفات في الرأي أو الرؤية‪ ،‬فالجامع الوطنيّ‬ ‫هو السقف الذي نستظ ّل به جميعا ً كسوريّين‪.‬‬

‫التنفيذي لتج ّمع المحامين‬ ‫المجلس‬ ‫ّ‬ ‫السور ّيين األحرار‬ ‫الجمعة ‪2015\1\16‬‬

‫‪ -3‬ت ّم التواصل ّ‬ ‫مؤخراً وعُقد اجتماع بين الزميل‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫مجتمع‬

‫العدد ‪23‬‬

‫‪9‬‬

‫‪ /21‬كانون الثاني ‪2015/‬‬

‫اللجوء إلى الحشيش‪ ،‬هروب أم تحفيز؟‬ ‫انتشر في اآلونة األخيرة تعاطي الحشيش بشكل‬ ‫كبير بين فئة الشباب خاصّة وفي المناطق الخاضعة‬ ‫لسيطرة الجيش الحرّ أو تنظيم “داعش” أو غيرها‬ ‫من الكتائب المسلّحة‪ ،‬إضافة إلى اإلقبال عليه بين‬ ‫السوريّين خارج حدود سورية‪ ،‬سواء في تركيا أو‬ ‫لبنان أو األردنّ أو العراق أو في الدول األوربيّة‬ ‫التي استقبلت السوريّين كالجئين على أراضيها‪.‬‬ ‫والمالحظ أيضا ً إقبال الكثير على تعاطي الحشيش‬ ‫مقارنة مع السّابق ضمن المناطق التي يسيطر عليها‬ ‫النظام‪.‬‬ ‫والسؤال‪ ،‬هل هذا اإلقبال يعتبر وسيلة هروبيّة‬ ‫من الواقع السيّئ المعاش أو الحرب أم هو وسيلة‬ ‫للتحفيز؟‬ ‫عندما طرحنا السؤال التالي‪ :‬لماذا‬ ‫تتعاطى الحشيش؟ على الذين‬ ‫ي��ت��ع��اط��ون��ه ب��اس��ت��م��رار كانت‬ ‫اإلجابات متفاوتة ج � ّداً‪ ،‬تفاوتت‬ ‫ما بين صيغ توحي بالحاجة إلى‬ ‫الهروب من الواقع وبين الصيغ‬ ‫التي تعطي معنى التحفيز على‬ ‫توليد األفكار والتحرّ ر من قيود العقل‬ ‫المسيطر والموجّ ه في اتجاه واحد‪.‬‬ ‫وكأمثلة‪ ،‬كان الجواب على هذا السؤال هو‬ ‫“ح ّتى ما حس بشي” وفي إجابة أخرى كان‬ ‫الر ّد “ألن بريحني وبطالعني من التعب اللي‬ ‫عايشو” وفي إجابة ثالثة كان الر ّد “منشان زهزه”‬ ‫و “منشان ما ف ّكر بشي” بينما وردت العديد من‬ ‫اإلجابات المختلفة كلّ ّيا ً عن السابقة مثل “لمن ب ّدي‬ ‫فكر بشي أعملو وبالقي ّ‬ ‫مخي مس ّكر الحشيش بخلّي‬ ‫األفكار تطلع عراسي لحالها” و اإلجابة “في أسئلة‬ ‫ما بالقيال جواب غير لمن بحشش” و “بخليني ف ّكر‬ ‫باألمور وشوفا بطريقة مختلفة” و “بيفتحلي آفاق‬ ‫بتكون مس ّكرة وقت بكون صاحي” و “منشان حسّ‬

‫أكتر” وفي إجابة أتت على شكل سؤال كانت “السؤال‬ ‫الصح هو أ ّنه ليه الحشيش ممنوع من األساس؟”‬ ‫من خالل اإلجابات ال��واردة السّابقة يمكننا أن‬ ‫ندرك مدى تفاوت األسباب التي يلجأ بسببها البعض‬ ‫لتعاطي الحشيش وفي بعض األحيان تناقضها‪،‬‬ ‫فهو يح ّفز التفكير عند البعض ويثبّطه عند آخر‪،‬‬ ‫اإلحساس عند البعض ويخ ّفضه‬ ‫ويرفع عتبة‬ ‫ويمكننا مالحظة أنّ األسباب في‬ ‫عند آخر‪،‬‬ ‫تختلف بشكل شبه كامل عن‬ ‫ت��ع��اط��ي��ه‬ ‫شرب الكحول‬ ‫أس���ب���اب‬ ‫أو تعاطي‬ ‫المخ ّدرات‪.‬‬ ‫ول�����ذا‪،‬‬

‫فإ ّنه يمكننا استنتاج أنّ أسباب تدخين الحشيش تختلف‬ ‫من شخص آلخر تبعا ً لطريقة تفكيره وتعاطيه‬ ‫لألمور ونظرته إليها‪ ،‬وتبعا ً لشخصيّته في ح ّد ذاتها‪،‬‬ ‫هل هو انسحابيّ أم ال؟ كما يمكننا استنتاج تفاوت‬ ‫تأثير الحشيش على اإلنسان تبعا ً له أيضاً‪ ،‬أي أنّ‬ ‫السبب والنتيجة تختلفان من شخص إلى آخر وليست‬ ‫عامّة عند الجميع‪.‬‬ ‫وفي نظرة على الناحية اإلدمانيّة لتعاطي الحشيش‬

‫فوضى التفويض‬

‫بداية‪ ،‬ال أكتب هذا الكالم ليرضى ع ّني الغرب‪،‬‬ ‫كتهمة استباقيّة‪ ،‬وال يهمّني كثيراً رض��اه‪ ،‬وال‬ ‫ليرضى ع ّني أهل اللحى الحليقة‪ ،‬وال لترضى ع ّني‬ ‫الفصائل المسلّحة المعتدلة‪ ،‬أو المتش ّددة‪ ،‬وال أل ّني‬ ‫أريد للفاحشة أن تنتشر بين الناس‪ ،‬فتنتهك األعراض‬ ‫وتضيّع األنساب‪.‬‬ ‫لقد تع ّدت جبهة النصرة‪ ،‬وكثيرون ممّن حملوا‬ ‫السالح مثلها‪ ،‬بتنفيذ حكم اإلعدام هذا على مقاصد‬ ‫الشريعة‪ ،‬حيث في العرف العقديّ اإلسالميّ ‪،‬‬ ‫تحاسب المسبّبات‪ ،‬وتعالج قبل اإلي��ذان باستفحال‬ ‫األمراض‪ ،‬والوصول لتنفيذ األحكام‪ ،‬حيث لم نجد‬ ‫ح ّتى اآلن معالجة صحيحة ألوضاع متفاقمة‪ ،‬تقوم‬ ‫بتيسير شؤون ال��زواج بين الناس كأحد مسبّبات‬ ‫انتشار الرذيلة‪ ،‬ما شاهدناه هو فقط معالجة بتراء‪،‬‬ ‫لمرض اجتماعيّ أصاب ويصيب ك ّل المجتمعات‬ ‫ّ‬ ‫المتأخرة‪ ،‬كما المتق ّدمة‪ ،‬المتش ّددة كما المتحرّ رة‪ ،‬هذا‬ ‫إن ت ّم اإلجماع على أنّ قتل الزاني أو الزانية هو من‬ ‫الشريعة اإلسالميّة‪ ،‬بالنصّ القرآنيّ الواضح‪.‬‬ ‫ال أعرف كيف اع ُتبر الموضوع من الحدود‪ ،‬ذات‬ ‫الضرورة واجبة التنفيذ‪ ،‬ومن المعلوم للجاهل قبل‬ ‫ّ‬ ‫تعطل في أوقات الحرب‪ ،‬ويكون‬ ‫العالم أنّ الحدود‬ ‫هناك االستتابة‪ ،‬ومحاصرة األسباب لوأدها‪ ،‬حيث‬ ‫يمكن أن نشاهد عقوبات مفيدة‪ ،‬تتعلّق بالحفاظ على‬ ‫األرواح‪ ،‬يكون هدفها األس��اس إصالحا ً للذكور‬ ‫واإلناث‪ ،‬على ح ّد سواء‪ ،‬تصبّ في خدمة المجتمع‬ ‫من استصالح لألرض واألعمال الزراعيّة‪ ،‬أو عمل‬ ‫في الشؤون المدنيّة‪ ،‬أو ح ّتى تنظيف الشوارع وتخديم‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫تشير الكثير من الدراسات على أنّ الحشيش ال‬ ‫يؤ ّدي إلى إدمان فيزيولوجيّ لمتعاطيه‪ ،‬ولك ّنه قد‬ ‫يؤ ّدي إلى إدمان نفسيّ ‪ .‬أي أ ّنه بذلك يختلف عن‬ ‫الكحول والمخ ّدرات بشكل كبير‪ .‬ويمكننا أن نتو ّقع‬ ‫أنّ األشخاص الذين قد يؤ ّدي تعاطي الحشيش عندهم‬ ‫إلى إدمان نفسيّ هم من ذوي الشخصيّة التج ّنبيّة‬ ‫بالدرجة األولى‪ .‬حيث تسبّب سمات شخصيّاتهم إلى‬ ‫اإلدمان على تعاطي الحشيش‪ .‬ويمكن مالحظة أنّ‬ ‫نسبة األشخاص المدمنين نفس ّيا ً على تعاطيه‬ ‫هي أق� ّل بكثير من نسبة‬ ‫األف��راد الذين يتعاطونه‬ ‫دون الوصول إلى اإلدمان‬ ‫النفسيّ ‪.‬‬ ‫ف���ي ب��ع��ض ال��ب��ل��دان‬ ‫األور ّبيّة يعتبر بيع وشراء‬ ‫الماريجوانا قانون ّيا ً تماما ً‬ ‫كبيع وش��راء التبغ مثالً‪ .‬وفي‬ ‫بلدان أخرى ال يعتبر هذا األمر‬ ‫قانون ّياً‪ ،‬إلاّ أ ّنه غير ممنوع‬ ‫بمعنى أ ّن���ه غير محارب‬ ‫قانون ّيا ً رغم عدم وجود قانون‬ ‫يبيح بيعه وش��راءه وتعاطيه‬ ‫كمصر واليمن مثالً‪ .‬إذاً‪ ،‬لماذا‬ ‫يعتبر مقبوالً في دول وممنوعا ً‬ ‫في دول أخرى؟‬ ‫في رأي الكثيرين أنّ هذا األمر مرتبط بالناحية‬ ‫االجتماعيّة أكثر من ارتباطه بالناحية القانونيّة‪،‬‬ ‫بمعنى أنّ بدء التقبّل اليوم لوجود الحشيش بهذا‬ ‫الشكل في المجتمع قد ي��ؤ ّدي إلى إص��دار قانون‬ ‫يقضي بعدم منعه في الفترة القادمة‪ .‬فالقبول أو‬ ‫ّ‬ ‫ومؤثراً‬ ‫الرفض االجتماعيّ لهذا األمر يعتبر أساس ّيا ً‬ ‫على الناحية القانونيّة وليس العكس‪.‬‬

‫ريم احلاج‬

‫(خبصوص تنفيذ حكم اإلعدام حب ّق امرأة يف‬ ‫ريف إدلب من قبل جبهة النصرة)‬

‫المرافق العامّة‪ ،‬مع مراقبة متواصلة‪.‬‬ ‫جبهة النصرة‪ ،‬وغيرها من الفصائل ذات الشوكة‬ ‫العسكريّة‪ ،‬ليست وص ّيا ً على الشعب السوريّ ‪ ،‬وال‬ ‫يمكن نسيان أ ّنها تتبع جهة خارجيّة‪ ،‬شأنها شأن‬ ‫الذين يأخذون تمويالت خارجيّة من بقيّة الفصائل‬ ‫ال��ع��س��ك��ر ّي��ة‪ ،‬وه��ؤالء‬ ‫ليسوا المخوّ لين بتنفيذ‬ ‫األحكام القضائيّة‪ ،‬التي‬ ‫ه��ي ش��أن القانونيّين‬ ‫وال��م��ت��خ��صّ��ص��ي��ن‪،‬‬ ‫وه�������ؤالء ج��م��ي��ع��ه��م‬ ‫مخوّ لين حال ّيا ً فقط‪،‬‬ ‫بإسقاط النظام السوريّ‬ ‫المجرم‪ ،‬باعتبار أن ال‬ ‫أحد تق ّدم لنجدة الشعب‬ ‫ال��س��وريّ ‪ ،‬ال��ذي ُترك‬ ‫وحيداً ليواجه أع��زالً‬ ‫أعتى األنظمة البوليسيّة‬ ‫ّ‬ ‫ممثالً‬ ‫إجراما ً وعنفاً‪،‬‬ ‫بعصابة األسد ومواالة‬ ‫نظام الماللي الشيعيّ‬ ‫في إيران وعصابة حزب الالت‪ .‬هذا الفصل ضرورة‬ ‫حتميّة في ظروف الفوضى التي تعاني منها المناطق‬ ‫التي تخلّصت من سيطرة النظام‪ ،‬ح ّتى ال تتشبّه بمن‬ ‫دفع الشعب ثمنا ً باهظا ً إلسقاطه‪ ،‬وال يكون هناك‬ ‫الحقا ً من تبعات تالحق من ين ّفذون مثل هذه األحكام‪،‬‬ ‫بدون دراية شرعيّة وقضائيّة كافية وبدون اثباتات‬ ‫في بعض األحيان‪.‬‬

‫ينبغي أيضا ً أن يت ّم اإلشارة لمبدأ أساسيّ في الثورة‬ ‫السوريّة وهو االبتعاد عن وضع العمل المدنيّ الذي‬ ‫ّ‬ ‫منظمة تحت مؤسّسات‬ ‫يقوم به مجموعات مدنيّة‬ ‫ّ‬ ‫منظمات المجتمع المدنيّ ‪ ،‬والتي من الممكن أن يت ّم‬ ‫ّ‬ ‫المنظم وبين األيديولوجيا‬ ‫الخلط بين عملها المدنيّ‬ ‫الفكريّة لهذه التنظيمات‪.‬‬ ‫وبخصوص ما يحدث من انفالت في التشريعات‪،‬‬ ‫أطالب المجمع اإلس�لام��يّ للعلوم الشرعيّة بأن‬ ‫يأخذ دوره بإعالن عا ّم يستقطب فيه علماء األمّة‬ ‫من ذوي العلوم االجتماعيّة والشرعيّة وأهل الفكر‬ ‫والمعرفة‪ ،‬من ذوي الفقه والرشاد‪ ،‬غير المشهورين‬ ‫إعالم ّياً‪ ،‬قبل المشهورين‪ ،‬ليقوموا بوضع تصوّ رات‬ ‫عامّة للحدود اإلسالميّة وتخرج بقوالب ي ّتفق عليها‬ ‫المجتمعون بالغالبيّة أو اإلجماع مع السند كي‬ ‫نخرج من فوضى التفويض الحصريّ للجماعة‬ ‫(التي تحصر نفسها وصيّة لتنفيذ حدود هللا) بإزهاق‬ ‫األرواح عبر القتل المقصود أو غير المقصود‪ ،‬وألنّ‬ ‫جريرة تلك األرواح معلّقة في رقاب القادرين على‬ ‫مثل هذا االجتماع‪ ،‬علّنا نتخلّص من أحكام القتل باسم‬ ‫هللا الرحمن‪ ،‬أرحم الراحمين‪.‬‬ ‫ولع ّل كلمة فقهاء األ ّم��ة من اجتهادات فقهيّة‬ ‫وشرعيّة تكون الفصل في انقطاع دام قرونا ً عن‬

‫مجتمعات باتت تواجه تحديّات كبيرة من حيث‬ ‫الواقع الجديد لمفاهيم ومقاييس ينبغي أن يطالها الفكر‬ ‫اإلسالميّ المرن والخاضع لمرونة الزمان والمكان‬ ‫دون المساس بالفروض والواجبات‪.‬‬ ‫وهللا من وراء القصد‬

‫عبد الكريم أنيس‬

‫«ديستوبيا» اإلرهاب‬ ‫واالستبداد‬

‫ال شيء يقضي على أحالم الشعوب بالحرّ يّة والديمقراطيّة‬ ‫أكثر من اإلرهاب‪ ،‬ذاك اإلرهاب الذي يضعك أمام خيارين‬ ‫ال ثالث لهما‪ ،‬إمّا أن تخضع للحياة تحت وطأة االستبداد‪،‬‬ ‫وإمّا أن تدع اإلرهاب يبتلعك ح ّتى تتالشى في ثقبه األسود‪،‬‬ ‫حيث ال فرار من الدمار الكلّيّ ‪.‬‬ ‫وكثيراً ما نظنّ أنّ هذا اإلرهاب مستق ّل عن االستبداد‪،‬‬ ‫ولك ّنه في الحقيقة هو الوجه اآلخر له‪ ،‬غير أنّ طابعه‬ ‫الخصوصيّ الذي يقابل الطابع الشموليّ ألنظمة االستبداد‪،‬‬ ‫فضالً عن ارتباط اإلرهاب الوثيق بالمعتقدات الدينيّة‪ ،‬ما‬ ‫يمنحه صفة الثأر والتعصّب الدموي‪ ،‬يوهمنا بأ ّنه مستق ّل‬ ‫عن االستبداد‪ ،‬غير أنّ اإلرهاب هو ّ‬ ‫الفزاعة التي تخيف بها‬ ‫األنظمة االستبداديّة شعوبها التواقة إلى الحرّ يّة‪ ،‬كما أنّ هذا‬ ‫اإلرهاب هو ما يحفظ ماء وجه األنظمة االستبداديّة أمام‬ ‫شعوبها في حروبها ض ّد الشعوب األخرى‪.‬‬ ‫ولع ّل ما نقوله هنا‪ ،‬يدخل في حيّز الكالم العا ّم والمتداول‬ ‫الذي ال يختلف فيه اثنان‪ ،‬غير أنّ األحداث األخيرة في‬ ‫فرنسا‪ ،‬والتي أصبحت حديث الساعة‪ ،‬وعلى خلفيّة الظهور‬ ‫الشرس لـ “داعش” وحروبها الدينيّة التوسّعيّة‪ ،‬ك ّل ذلك‬ ‫يجعلنا نتناسى قناعاتنا تلك أمام اللحظة الموجعة‪ ،‬اللحظة‬ ‫الدمويّة الغادرة التي تخضعنا لالستبداد بتلقائيّة غريزة‬ ‫البقاء خوفا ً من ذلك اإلرهاب ومن إبادته للحياة‪ ،‬ليبرز اليوم‬ ‫ما يسمّى مصطلح “ديستوبيا” أي التخيّل المستقبليّ للمكان‬ ‫الفاسد الذي يمتاز باالنهيار المجتمعيّ ‪ ،‬وهو ما يستثمره‬ ‫الك ّتاب والسينمائيّون في أعمالهم التي تصوّ ر مستقبالً قاتما ً‬ ‫للبشريّة غير أنّ استخدامهم لهذه التقنية تراوح ما بين ترسيخ‬ ‫فكرة اإلرهاب وتعزيز الخوف من نتائجه‪ ،‬وما بين تحديد‬ ‫األسس التي ينهض عليها اإلره��اب وهي األساس التي‬ ‫يخلقها له االستبداد ليحافظ على ديمومته‪ .‬فقبل حادثة مجلّة‬ ‫شارلي المأساويّة في فرنسا بأيّام ضجّ ت الصحف األور ّبيّة‬ ‫باألخبار حول رواية تدعى “االستسالم” ص ّنفت ضمن أدب‬ ‫“الديستوبيا” لكاتب فرنسيّ معاصر يدعى “ميشال ويلبيك”‬ ‫تدور أحداثها المتخيّلة في فرنسا سنة ‪ ٢٠٢٢‬حيث يفوز‬ ‫حزب اإلخاء اإلسالميّ ويحصل على السلطة في فرنسا‪،‬‬ ‫وأعتقد أنّ ذكر ذلك كفيل بالقارئ لكي يتخيّل ما سيدرجه‬ ‫الكاتب من أحداث تعبّر عن النظرة االستشراقيّة للغرب‬ ‫التي ستصوّ ر الحياة في ظ ّل حكم إسالميّ يشرّ ع الحجاب‪،‬‬ ‫ويمنع االختالط‪ ،‬ويبيح تع ّدد الزوجات‪ .‬غير أ ّنه من منظور‬ ‫آخر لتخيّل المستقبل ال يغيب عن ذهننا ما جاء به فيلم‬ ‫“‪ ”V for Vendetta‬والذي عُرض عام ‪ ،2006‬حيث‬ ‫تدور أحداثه في لندن عام ‪ 2038‬إذ يتخيّل كاتب السيناريو‬ ‫المستقبل في لندن‪ ،‬بعد إرساء الحكم لسلطة استبداديّة‬ ‫نهضت على ا ّدعاءات بأ ّنها حاربت إرهابا ً بيولوج ّيا ً كاد‬ ‫أن يفتك بالشعب‪ ،‬ممّا سوّ غ لها تحويل إنكلترة إلى دولة‬ ‫ديكتاتوريّة يحكمها طاغية يحرم شعبها من الحرّ يّة‪ ،‬فاقتناء‬ ‫اللوحات وامتالك الكتب الفكريّة أو الدينيّة جريمة يعاقب‬ ‫عليها القانون باإلعدام‪ ،‬أي حياة مجتمع “الديستوبيا”‬ ‫المحكوم بحظر التجوال تحت رقابة نظام ينهشه الفساد‬ ‫واالستبداد‪ ،‬ليظهر ثائر مق ّنع يكشف للشعب أنّ ما جرى‬ ‫من أحداث إرهابيّة هو من صنيع السلطة التي كانت تقوم‬ ‫بتجارب بيولوجيّة على أجساد المعتقلين والمغيّبين انتهت‬ ‫بكارثة بيئيّة تمّت االستفادة منها بقمع الشعب تحت حجّ ة‬ ‫اإلرهاب‪.‬‬ ‫هذا التأرجح في ماهيّة اإلرهاب يضعنا أمام أسئلة الب ّد أن‬ ‫نبحث عن أجوبة لها‪ ،‬إذ يكفي اليوم أن نرى قادة اإلرهاب‪،‬‬ ‫فيما أُطلق عليه مظاهرة ض ّد اإلرهاب‪ ،‬لنسأل أنفسنا ما هو‬ ‫اإلرهاب؟ السيّما وأنّ هذا المصطلح بات ّ‬ ‫مطاط ّيا ً نختلف‬ ‫في تفسيره ويستخدمه الطغاة لتطويعنا‪ ،‬فكيف سنتم ّكن‬ ‫من التمييز بينه وبين ما تأتي به الجماعات التكفيريّة التي‬ ‫توافدت على العالم لقرون وقرون من مختلف المعتقدات‬ ‫الدينيّة؟ كيف سنفصل بينهما؟ ومن سيغلب في الغد؟ ربّما‬ ‫لن نصل إلى أجوبة شافية في حضرة الدم وغياب األدلّة‪،‬‬ ‫غير أ ّننا لن ننسى أن السياسيّين يستخدمون الحقائق لقول‬ ‫األكاذيب‪ ،‬في حين يستخدم الك ّتاب الكذب لقول الحقيقة‪.‬‬

‫م ّي الفارس‬ ‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪10‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫حوار مع المعارض‬ ‫السوري مروان األطرش‬ ‫ّ‬

‫في سعيها لفتح فضاءات الحوار السوريّ ‪،‬‬ ‫التقت صحيفة «كلّنا سوريّون» باألستاذ مروان‬ ‫األطرش‪ ،‬وأجرت معه الحوار التالي‪:‬‬ ‫أنتم في اللجنة التحضير ّية لمؤتمر‬ ‫• ‬ ‫القاهرة أستاذ األطرش‪ ،‬ما هو المغزى من هذه‬ ‫التحركات والمبادرات األخيرة؟ وماذا يمكن أن‬ ‫ّ‬ ‫ينتج عن مؤتمر القاهرة؟‬ ‫م���روان األط���رش‪ :‬هناك أزم��ة حقيقيّة في‬ ‫المعارضة السوريّة عموماً‪ ،‬وصلت إلى ح ّد عدم‬ ‫الثقة بها سور ّيا ً وإقليم ّيا ً ودول ّياً؛ ينسبها البعض‬ ‫لدواعي ذاتيّة وموضوعيّة‪ ،‬لك ّنها أزمة حقيقيّة‪.‬‬ ‫هذا ما دعانا‪ ،‬ومنذ فترة طويلة‪ ،‬للعمل عبر‬ ‫لقاءات متتالية إليجاد قاعدة معارضة واسعة‬ ‫منسجمة‪ ،‬تتعامل مع الواقع ‪ -‬دون أن يعني ذلك‬ ‫التنازل عن الثوابت ‪ -‬ومحاولة بعث األمل لدى‬ ‫شعبنا في إمكانيّة الخروج من هذه المأساة‪ .‬وكنت‬ ‫أعمل ‪ -‬وما أزال ‪ -‬بصمت وج ّديّة‪.‬‬ ‫ال��واق��ع على األرض وال��ق��رارات الدوليّة‬ ‫واإلقليميّة‪ ،‬المعلنة وغير المعلنة‪ ،‬أوصلتنا إلى أنّ‬ ‫الح ّل الوحيد هو الح ّل السياسيّ الوطنيّ ‪.‬‬ ‫ولمصر بوزنها‪ ،‬وابتعادها عن تب ّني أيّ طرف‬ ‫في سورية‪ ،‬دور يمكن أن يساعدنا في إيجاد مخارج‬ ‫لمأساتنا‪ ،‬ولما لها أيضا ً من عالقات متقاطعة مع‬ ‫الدول اإلقليميّة والعربيّة‪.‬‬ ‫لقاء القاهرة كان في األصل حين ف ّكرنا به ‪ -‬وما‬ ‫زال ‪ -‬مرحلة لتحضير مؤتمر وطنيّ واسع يض ّم‬ ‫معظم أطراف المعارضة الحاليّة‪ ،‬وتلك الصامتة‬ ‫أو المضطرّ ة الموجودة في الداخل والخارج؛‬ ‫يجب اإلعداد له بما يتناسب مع تعقيدات الوضع‬ ‫السوريّ ‪.‬‬ ‫وقد أصبح واضحاً‪ ،‬ألاّ مستقبل لألسد ح ّتى‬ ‫بنظر القريبين منه‪ .‬وأ ّننا جميعا ً بين ف ّكي تطرّ ف‬ ‫ووحشية النظام أو التطرّ ف «الداعشي» ومن‬ ‫شابهه‪ ،‬لذلك علينا العمل على جمع ك ّل القوى التي‬ ‫يمكن أن تدفع باتجاه سقوط النظام‪ ،‬انطالقا ً من‬

‫‪ /21‬كانون الثاني ‪2015/‬‬

‫مروان األطرش‪ ،‬نائب رئيس اهليئة التنفيذيّة‬ ‫للكتلة الوطنيّة الدميقراطيّة السوريّة‪ .‬مقيم يف‬ ‫اإلمارات العربيّة‪.‬‬

‫الح ّل السياسيّ الوطنيّ المبني على جنيف‪.‬‬

‫ك بأنّ وجود معارضة جامعة تض ّم أطيافا ً‬ ‫وال ش ّ‬ ‫واسعة‪ ،‬أوّ ل همومها هو إنهاء المأساة‪ ،‬بعيداً عن‬ ‫الثأريّة واالنتقام‪ ،‬سيش ّكل الضمانة لك ّل مكوّ نات‬ ‫شعبنا نحو الوطن الديموقراطيّ الموحّ د‪ ،‬المبنيّ‬ ‫على المواطنة واإلنسانيّة‪.‬‬ ‫وصلت بعض األح��زاب اإلسالم ّية إلى‬ ‫• ‬ ‫السلطة (تونس‪ ،‬مصر) كيف تق ّيمون أداءه��ا‬ ‫السياسي‬ ‫في السلطة؟ وما هو مستقبل اإلسالم‬ ‫ّ‬ ‫برأيكم؟‬ ‫مروان األطرش‪ :‬األحزاب اإلسالميّة لألسف‬ ‫لم تتخلّص من مرض العصبويّة وإقصاء اآلخر‪،‬‬ ‫ولذلك انتهت حيث هي اآلن‪ .‬هناك فرق ملحوظ‬ ‫بين مصر وتونس وذلك ناتج عن دور المجتمع‬ ‫المدنيّ في تونس ودور المرأة وحرّ يّتها‪.‬‬ ‫أمّا عن مستقبل اإلسالم السياسيّ ‪ ،‬فهو مرتبط‬ ‫بنضوج وعي القوى السياسيّة اإلسالميّة‪ ،‬التي‬ ‫عليها أن تخرج من انغالقها وسرّ يّتها‪ ،‬لتكوّ ن‬ ‫حزبا ً ديموقراط ّيا ً ش ّفافا ً بعيداً عن األدلجة وخلط‬ ‫الدين بالسياسة‪ ..‬الدين هلل والوطن للجميع‪ .‬وتاريخ‬ ‫سورية في التعايش بين مكوّ ناتها الدينيّة واإلثنيّة‬ ‫والمذهبيّة شاهد على ذلك عبر التاريخ وإغناء لنا‬ ‫وللمستقبل ولشعبنا‪.‬‬ ‫صحيح أنّ الثورة تمرّ بأزمة لك ّنها قائمة مستمرّ ة‬

‫وسبيلها الوحيد هو في وحدة الوطن عبر الدولة‬ ‫الديموقراطيّة المدنيّة‪ ،‬حيث نتساوى جميعا ً نسا ًء‬ ‫ورجاالً وبمختلف تنوّ عاتنا‪.‬‬ ‫هل بقي بيد السور ّيين ولو طرف خيط‬ ‫• ‬ ‫الوطني؟ فالمؤ ّ‬ ‫شرات تدل ّ ‪ -‬لألسف‬ ‫السياسي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫للحل ّ‬ ‫ أن ال شيء بيدنا‪ ،‬أليس كذلك؟‬‫مروان األطرش‪ :‬نعم الح ّل بأيدي القوى الدوليّة‬ ‫واإلقليميّة‪ ،‬لكن الب ّد من العمل على بناء معارضة‬ ‫توحّ د أطيافها وتتهيّأ لمعارضة ذات مصداقيّة‬ ‫يتعامل معها العالم‪.‬‬ ‫ال ب ّد من بعث األمل لدى شعبنا للخروج من‬ ‫المأساة‪ ..‬وعلينا أن ندرك أنّ العمليّة طويلة طويلة‪،‬‬ ‫إ ّنما علينا العمل في هذا اال ّتجاه‪.‬‬ ‫األستاذ مروان األطرش‪ ،‬صحيفة «ك ّلنا‬ ‫• ‬ ‫سور ّيون» تشكركم شكراً جزيالً‪ ،‬وتترك لكم‬ ‫الكلمة‪.‬‬ ‫مروان األط��رش‪ :‬أريد أن أقول‪ ،‬إنّ التعامل‬ ‫في السياسة وبين ال��دول مبنيّ على المصالح؛‬ ‫وسيكون استقرار المنطقة مصلحة مشتركة‬ ‫ّ‬ ‫المؤثرة‪ ،‬خصوصا ً بعد انتشار التطرّ ف‬ ‫لألطراف‬ ‫«الداعشيّ » ح ّتى في أوطانهم‪.‬‬

‫حاوره‪ّ :‬‬ ‫بشار فستق‬

‫الديني‬ ‫التطرّف‬ ‫ّ‬ ‫ليس األمر وكأنّه حماولة «لرتقيع» ما ال ميكن ترقيعه‪ ،‬مّ‬ ‫إنا هو عرض جملريات تارخييّة ومعاصرة‪،‬‬ ‫وإرهاب قام بأي ٍد خمتلفة‪ ،‬يف عصور خمتلفة‪ ،‬ولكن حتت اسم واحد‪ ،‬هو تلبية نداء الر ّب وإعالء كلمته‬ ‫حين يت ّم سرد تاريخ اإلرهاب‬ ‫عند اليهود والمسيحيّين‪،‬‬ ‫وع��رض التطرّ ف المعاصر‬ ‫في صفوفهم‪ ،‬سيقرؤها القارئ‬ ‫المسلم بابتسامة المتش ّفي‪،‬‬ ‫أ ّم��ا ع��رض تاريخ اإلره��اب‬ ‫اإلس�لام��يّ س���واء القديم أو‬ ‫المعاصر‪ ،‬ي���ؤ ّدي إل��ى رفع‬ ‫السيوف إلى األعناق‪ ،‬فهم ال‬ ‫يقبلون تسميتها باإلرهاب‪،‬‬ ‫فقديما ً كانت فتوحات‪ ،‬وهي‬ ‫اليوم جهاد في سبيل هللا‪.‬‬ ‫مع النظر إلى الفرق الزمنيّ‬ ‫بين ظ��ه��ور ك�� ّل دي���ن‪ ،‬فمن‬ ‫البديهيّ ‪ ،‬تبعا ً لـ «الصيرورة التاريخيّة» أن يزخر‬ ‫عصرنا هذا بالتطرّ ف واإلرهاب اإلسالميّ ‪ ،‬سواء‬ ‫كانت بدايته بنشوء القاعدة وتطوّ رها التطرّ فيّ لـ‬ ‫«داعش» أو كأفراد بعيداً عن التنظيمات ممّن يجد‬ ‫مبرّ رات وفتاوى ألحقيّة هذه المجازر والجرائم‬ ‫التي تجري تحت راية اإلسالم‪.‬‬ ‫من قبيل المصادفة أن يأتي العدد الذي كنت‬ ‫أنوي فيه الحديث عن التطرّ ف المعاصر لدى‬ ‫المسلمين مع تداعيات أح��داث باريس ومقتل‬ ‫رسّامين من جريدة «شارلي إبدو» التي كانت قد‬ ‫نشرت رسومات ساخرة عن الرسول‪ ،‬بالتزامن مع‬ ‫رسومات ساخرة عن المسيح واليهود والبوذيّين‬ ‫وكا ّفة األديان‪ ،‬فذاك هو ّ‬ ‫خطهم التحريريّ ‪ ،‬لكنّ‬ ‫الجريمة لم تقع سوى على أيدي مسلمين‪ ،‬ليبدأ‬ ‫مسلسل جديد من اإلس�لام وارتباطه باإلرهاب‬ ‫بحسب السياسة العالميّة‪ ،‬وانتشار ألحاديث‬ ‫وقصص تجيز فيها قتل من يسخر من الرسول‬ ‫ضمن شبكات التواصل االجتماعيّ ‪.‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫في طريقها نحو العلمانيّة‪،‬‬ ‫فالتسلّط الدينيّ هو الذي أ ّدى‬ ‫إل��ى ث���ورات شعبيّة إلسقاط‬ ‫ظلمها وتسلّطها ونشوء دول‬ ‫علمانيّة تتم ّتع بحريّات التعبير‬ ‫واإليمان واإللحاد‪ ،‬تماما ً كما‬ ‫يفجّ ر االستبداد والديكتاتوريّات‬ ‫للثورات الشعبيّة للحصول على‬ ‫نظام حكم ديمقراطيّ وحرّ ‪.‬‬

‫يقف العديد من المسلمين موقف الذي يتعرّ ض‬ ‫لمؤامرة كونيّة ض ّد دينهم في الوقت الذي يقومون‬ ‫هم بإعطاء الذرائع لتثبيتها‪ ،‬فبين أعمال القاعدة‬ ‫وتفجيراتها‪ ،‬و»داعش» ومجازرها وجرائمها‪،‬‬ ‫الجلد وقطع األعناق تحت صيحات «هللا‬ ‫وأعمال َ‬ ‫أكبر» وجماعة «بوكو حرام النيجيريّة» واألمر‬ ‫ّ‬ ‫منظمات شديدة التطرّ ف‪،‬‬ ‫ليس مقتصراً على‬ ‫فقيام الممّلكة العربيّة السعوديّة في القرن الحادي‬ ‫والعشرين بجلد المدوّ ن السعوديّ رائف بدوي‬ ‫‪َ 1000‬جلدة‪ ،‬إضافة إلى حكم بالسجن لعشر‬ ‫سنوات‪ ،‬بتهمة اإلساءة إلى الدين اإلسالميّ ‪ ،‬علما ً‬ ‫أ ّنه واجه في أوائل العام ‪ 2013‬محاكمة بتهمة‬ ‫الر ّدة التي لم تثبت ض ّده والتي كان سيحكم عليها‬ ‫باإلعدام إن ثبتت عليه تهمة الر ّدة‪.‬‬ ‫إنّ ربط اإلسالم باإلرهاب ليس مؤامرة ض ّده‬ ‫حقيقة‪ ،‬فهناك من يثبت ذلك بأفعاله وجرائمه‪،‬‬ ‫وهذه الجماعات تزداد يوما ً بعد يوم‪ ،‬ولكن بالنظر‬ ‫إلى التاريخ ال ب ّد لنا من أن نفهم أ ّنه أمر «طبيعيّ »‬ ‫ومفهوم‪ ،‬وهو الطريق الذي سلكته كا ّفة الدول‬

‫في اإلعادة إفادة‬ ‫تثقيف العقل*‬

‫فرنسيس فتح اهلل م ّراش (‪)1873 – 1836‬‬

‫يبدو أنّ ال��ح�ل ّ األمريكي(التحالف)‬ ‫• ‬ ‫تتوسع هذه‬ ‫للتطرف يعطي مفعوالً معاكساً‪ ،‬إذ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التنظيمات وتنتشر‪ ،‬ما هو مخططكم لمواجهة‬ ‫هكذا تنظيمات وأفكار؟ وماذا تعملون لمواجهة‬ ‫اإلسالمي؟‬ ‫التطرف‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يحارب عندما تزال‬ ‫مروان األطرش‪ :‬التطرّ ف‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫مسبّباته‪ ،‬وأوّ لها أنظمة االستبداد التي تولده وتزيد‬ ‫حاضنته عبر وحشيّتها وتسلّطها‪ .‬كما أن العمل‬ ‫على الح ّل السياسيّ الوطنيّ سيعيد ثقة الناس‬ ‫ببعضها‪...‬ألم نكن كذلك قبل الثورة؟ ألم تقم داعية‬ ‫للكرامة‪ ،‬وأنّ الشعب السوريّ واحد؟؟‬

‫ثقافة‬

‫ليس األم��ر وكأ ّنه محاولة‬ ‫«لترقيع» ما ال يمكن ترقيعه‪،‬‬ ‫إ ّن��م��ا ه��و ع��رض لمجريات‬ ‫تاريخيّة ومعاصرة‪ ،‬وإرهاب‬ ‫قام بأي ٍد مختلفة‪ ،‬في عصور‬ ‫مختلفة‪ ،‬ولكن تحت اسم واح��د‪ ،‬هو تلبية نداء‬ ‫الربّ وإعالء كلمته‪ ،‬وقد يقول قائل إنّ في هذا‬ ‫الكالم إساءة إلى األديان كا ّفة‪ ،‬على غرار سياسة‬ ‫جريدة «شارلي إبدو» ربّما‪ ،‬ولك ّنه ليس اعتراضا ً‬ ‫على الدين بقدر ما هو اعتراض على تابعي هذه‬ ‫األديان‪ ،‬وسبلهم في نشره ومحاولة إعالء شأنه‬ ‫بين األمم‪ ،‬خاصّة في عصر بات ي ّتسم بسياسات‬ ‫دوليّة وقوانين لم تكن موجودة سابقاً‪ ،‬ممّا يعني‬ ‫تداعيات وعواقب أكبر حجما ً بكثير في زمن‬ ‫اإلعالم والشحن العاطفيّ وغسل األدمغة‪ ،‬وأحداث‬ ‫‪ 11‬أيلول خير شاهدة على ذلك‪ ،‬فما زالت عواقب‬ ‫تلك العمليّة اإلرهابيّة تتفاقم وترمي بأوزارها على‬ ‫كا ّفة بقاع العالم‪ ،‬اإلسالميّ منه خاصّة‪.‬‬ ‫يبقى السؤال‪ ،‬في ظ ّل عصر السرعة‪ ،‬هل‬ ‫سيستغرق عصر الظلمات اإلسالميّ قرونا ً ليعلن‬ ‫نهايته؟ أم أنّ الثورة الشعبيّة ض ّده واالنفتاح نحو‬ ‫اآلخ��ر والتحرّ ر من «البارانويا» اإلسالميّة‪،‬‬ ‫ستكون خالل النصف المقبل من القرن؟‬

‫لينا احلكيم‬

‫إ ّن���ه إذا فحص‬ ‫الجوهر اإلنسانيّ‬ ‫م��ن ح��ي��ث فطرته‬ ‫األول������ى وأص��ل��ه‬ ‫الطبيعيّ ‪ ،‬إ ّنما يشاهد‬ ‫المعا ً بك ّل الصفات‬ ‫الساذجة والخصال‬ ‫ال��ب��س��ي��ط��ة حسبما‬ ‫يتبيّن ذل��ك من ك ّل‬ ‫إنسان يتربّى منفرداً‬ ‫عن ازدحامات عالم‬ ‫ال��م��خ��ال��ط��ة‪ ،‬ول� ّم��ا‬ ‫ك���ان ع��ظ��م لطافة‬ ‫هذا الجوهر وش ّدة‬ ‫احتياجه إلى وقاية‬ ‫نفسه سببا ً ف � ّع��االً‬ ‫ّ‬ ‫التأثر بك ّل‬ ‫لقبوله‬ ‫ص����ورة ت��ل��وح له‬ ‫والتخلّق بك ّل سمة يحافظ بها على ذاته‪ ،‬كان انضمامه في سلك‬ ‫الجمعيّة ‪ -‬إذ ذاك ‪ -‬موجبا ً النطباع صور الحوادث االجتماعيّة‬ ‫والوقائع األدبيّة على ستائر قلبه‪ ،‬وتطبّعه بأخالق وطباع بها‬ ‫يمكنه أن يعارك ويزاحم أمواج العالم البشريّ ويعيش تحت لواء‬ ‫حوادثه‪.‬‬ ‫غير أنّ كثرة تقلّبات األحوال واألجيال تأ ّدت به إلى أن‬ ‫يفقد ك ّل أطوار تلك الفطرة األولى ويصير من أشرّ المخلوقات‬ ‫وأوحشها‪ .‬ومن ث ّم لم يعد اإلنسان قادراً على الدخول في دائرة‬ ‫التم ّدن الذي يطلب سذاجة الصفات وسالمة الطباع‪ ،‬إلاَ إذا كان‬ ‫متزيّنا ً بتثقيف العقل الذي يعتبر كآلة عظيمة بها يمكن لك ّل من‬ ‫البشر أن يسترجع إلى طبيعته ما أفقدها التوحّ ش‪ ،‬وال يت ّم هذا‬ ‫التثقيف إلاّ بالتروض في العلوم والفنون ودراسة المعارف‬ ‫الطبيعيّة واألدبيّة‪ .‬ومن المعلوم أنّ العلم يخلق في اإلنسان قلبا َ‬ ‫نق ّيا ً وروحا ً مستقيمة ويجعله ظافراً بك ّل الصفات الصافية ونافراً‬ ‫عن ك ّل ما يُشين الجوهر اإلنسانيّ ‪ ،‬وال يترك له سبيالً إلى التف ّكر‬ ‫في األمور الدنيّة واألميال المنحرفة‪ ،‬وهو األمر الذي ُت ّ‬ ‫شتق‬ ‫منه ك ّل أفعال الشرّ ‪ ،‬وعليه ُتبنى ك ّل دعائم التوحش؛ فكيف‬ ‫يف ّكر اإلنسان – مثالً ‪ -‬في دناءة السلوك‪ ،‬عندما يكون الفُلك‬ ‫طائراً به إلى أعالي األجرام السماويّة‪ ،‬حيثما يرى ألوف ألوف‬ ‫وربوات ربوات من النجوم‪ ،‬التي هي شموس هائلة الحجم‪،‬‬ ‫وك ّل منها جالس على عرش الفضاء ثابت في مركزه وتدور‬ ‫حوله كواكب سيّارة مختلفة األبعاد واألشكال‪ ،‬وجميع ذلك له‬ ‫من السموّ والعظمة ما يخبر بعظم أعمال هللا؟ وكيف يأخذ بذهنه‬ ‫الهتك بالقريب‪ ،‬بينما تكون الطبيعة هاتكة له أسرارها ومبدية‬ ‫لديه غوامضها‪ ،‬فإذا نظر إلى األرض يراها تدعوه إلى تمييز‬ ‫تراكيب طبقاتها وتعديد مفردات عناصرها ومعرفة نسبة ك ّل من‬ ‫موادها إلى غيره؟ وإذا تأمّل في الحيوان يراهُ باسطا ً أنواعه لدى‬ ‫حكمه وطالبا ً منه فصل ك ّل عن اآلخر‪ ،‬وإذا لحظ النباتات يراها‬ ‫كأ ّنها تدعوه إلى معاينة عجائب نموّ ها وماهيّة جوهرها وكي ّفية‬ ‫تغذيتها وعمليّة إنتاجها وتأثير خاصيّاتها وكأ ّنها تكلّفه إحصاء‬ ‫ك ّل من أنواعها وتحديده‪ ،‬تكليفا ً فوق وسعه؟‬ ‫وكيف يرتضي بعمل المنكرات حينما تكون الكيمياء مق ّدمة له‬ ‫مشكالتها وطارحة عليه مسائل غوامضها‪ ،‬فما ينتهي من معرفة‬ ‫عنصر منها وإدراك نسبة ا ّتحاده بغيره وكيفيّة قوامه إلاّ‬ ‫صفات‬ ‫ٍ‬ ‫ً‬ ‫ويبرز لديه عنصر آخر ويدعوه إلى تفنيده؟ فيذهب خابطا في‬ ‫عباب المشكالت حيثما يقابله مولد الحوامض بإيقاده وإنارته‬ ‫ويطارحه مولد الماء برشاقته ولهيبه ويناقشه حامل األنوار‬ ‫بلمعانه وإضاءته‪ ،‬ويدهشه الذهب بثباته وثقله‪ ،‬وتذهله الفضّة‬ ‫بوضاءتها ونقاوتها ويلطمه الحديد بكثافته وصدئه ويحيّره‬ ‫الزئبق بفراره ونقائه‪.‬‬ ‫وكيف يسمح ألمياله أن تسرح في عالم الشرور والمعاصي‬ ‫حيثما تكون الجغرافيّة سارحة به على ظهر هذه الكرة األرضيّة‬ ‫المملوءة من عجائب الخليقة وغرائب الحوادث؟ ‪...‬فيقف متف ّكراً‬ ‫فيما جمّد اليابسة وجمع السوائل إلى مكان واحد‪ ،‬ويستوقفه‬ ‫اختالف العرض والطول في ميدان التأمّل لتباين المناخات‬ ‫واألهوية‪ .‬وطوراً تترحّ ل به إلى بالد ال عدد لها وأماكن ال‬ ‫تحصى‪ ،‬وجميعها تختلف باختالف المواقع والوقائع فيقف‬ ‫متحيّراً بما تحويه األرض من األمم والقبائل المختلفة بالمذاهب‬ ‫والمشارب والهيئات‪ ،‬ومندهشا ً لما يراه من أحوال البلدان‬ ‫والسياسات والشرائع‪ ،‬وممعنا ً فيما يعانيه من الصنائع المتنوّ عة‬ ‫األشكال والتجارات المتش ّكلة األحوال‪ ،‬وهكذا يطوف به هذا‬ ‫العلم إلى أقاصي العالم بدون أن يترك له سبيالً للجوالن في عالم‬ ‫المآثم‪ ،‬وهو جالس على وسادته غير مبارح صديقا ً وال مفارق‬ ‫حبيباً‪...‬‬ ‫فبدون تثقيف العقل إذن‪ ،‬ال يع ّد اإلنسان إلاّ مع البهائم التي ال‬ ‫عقل لها‪ ،‬وال يمكن أن يُدعى متم ّدنا ً ّ‬ ‫قط‪».‬‬ ‫مراش‪،‬‬ ‫*الصفحات (‪ )71 – 64‬من كتاب «غابة الحقّ » لـ فرنسيس فتح هللا ّ‬ ‫مطبعة القدّ يس جاورجيوس للروم األرثوذكس – بيروت سنة ‪1881‬‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫العدد ‪23‬‬

‫ثقافة‬

‫‪ /21‬كانون الثاني ‪2015/‬‬

‫فنّ ٌ‬ ‫إنساني الهوّية‬ ‫ان‬ ‫ّ‬

‫منذ اللحظة التي جمعتنا سويّة كطلاّ ب في المعهد الموسيقيّ‬ ‫بحلب كان مسكونا ً به ّم إنسانيّ ‪ ،‬وقد اختار أن يدرس الموسيقى‬ ‫كونها اللغة العالميّة التي يستطيع أن يُحمّل نوتاتها هذا اله ّم‪.‬‬ ‫«غني ميرزو» الموسيقار السوريّ من أصل كرديّ من مواليد‬ ‫مدينة «قامشلو» تن ّقل منذ الطفولة بين مدينته األ ّم ومدينة حلب‬ ‫تخرّ ج من معهد حلب للموسيقى عام ‪ 1987‬وفي عام ‪1993‬‬ ‫سافر إلى إسبانيا والتحق بالمعهد العالي للموسيقى (‪)liceo‬‬ ‫قسم دراسات «الفالمينكو» في مدينة برشلونة ليكمل دراسته‬ ‫بعد تخرّ جه‪ ،‬تن ّقل مع فرقته الموسيقيّة وأحيا ع ّدة حفالت في‬ ‫أغلب المدن اإلسبانيّة (برشلونة‪ ،‬قرطبة) كما أحيا ع ّدة حفالت‬ ‫في مدن أور ّبيّة أخرى (المعهد العربيّ بباريس‪ ،‬بروكسل‪،‬‬ ‫لندن) قام بالتعاون مع الف ّنان اإلسبانيّ البروفسور «مانويل‬ ‫غرانادوس» بالعديد من البحوث المتعلّقة «بالفالمينكو» ويحاول‬ ‫«ميرزو» في أغلب أعماله الموسيقيّة والغنائيّة أن يُوجد تناغما ً‬ ‫بين خصوصيّة الموسيقى الكرديّة والعربيّة والشرقيّة بشكل‬ ‫عام مع موسيقى الفالمينكو والجاز؛ لذا‪ ،‬وانطالقا ً من إيمانه أنّ‬ ‫خصوصيّتك هي طريقك إلى العالميّة إذا أتقنت أسلوب تقديمها‪،‬‬ ‫أنشأ في عام ‪ 1995‬الثالثي مجموعة «ميرزو غني» المعترف‬ ‫بها لألبحاث الموسيقيّة‪.‬‬ ‫ألّف «ميرزو» الموسيقى التصويريّة لعدد من األفالم الوثائقيّة‬ ‫منها (نشطاء في العراق) في عام ‪ 2005‬وكذلك الموسيقى‬ ‫التصويريّة لمسرحيّة (ألف ليلة وليلة) للفرقة الكتاالنيّة‪ ،‬وفي‬

‫‪ 2012‬كتب موسيقى فيلم «الحرق» حول الثورة التونسيّة‪.‬‬ ‫بعد انطالق الثورة السوريّة زار «ميرزو» مخيّم «دوميز»‬ ‫في كردستان العراق ليرى ويتلمّس عن كثب الكارثة اإلنسانيّة‬ ‫التي ألمّت بالشعب السوريّ ‪ -‬بكرده وعربه ‪ -‬ويعيش آالم‬ ‫النازحين وألم أطفالهم ويعود إلى مدينة برشلونة حيث إقامته‪،‬‬ ‫لكنّ آالم النازحين ظلّت تحاصره وسعى وبإصرار على‬ ‫إصدار ألبومه الرابع «كامبود وميرزو» الذي أنتجته له شركة‬ ‫«روس��ازول» اإلسبانيّة‪ ،‬وخصّص عائداته لدعم الالجئين‬ ‫السوريّين في مخيّمات كردستان العراق ولبنان‪ ،‬وخصوصا ً‬ ‫مخيّم «دوميز» ومخيّم «هاتاي» و «الزعتري» واأللبوم هو‬ ‫أغان عربيّة أخذ‬ ‫عبارة عن عمل موسيقيّ وغنائيّ ‪ ،‬مؤلّف من‬ ‫ٍ‬ ‫كلماتها من الشاعر نزار قبّاني كقصائد (يدك ‪...‬ومرفأ) وأغاني‬ ‫«كتالنيّة وكرديّة وإسبانيّة» وبعض المقطوعات الموسيقيّة‪.‬‬ ‫ي ّتجه «ميرزو» في أعماله الموسيقيّة نحو أعمال إنسانيّة‬ ‫أكثر التصاقا ً بواقع أمّته الكرديّة‪ ،‬حيث تم ّكن من إيصال‬ ‫الموسيقى الكرديّة إلى المحافل الدوليّة عندما ق ّدم نموذجا ً فريداً‬ ‫من نوعه في المزج بين الموسيقى الكرديّة والفالمينكو والجاز‬ ‫ليح ّقق شهرة في إسبانيا‪ ،‬بينما لم ينل ما تستح ّقه موسيقاه في‬ ‫المنطقة‪.‬‬ ‫تشارك الف ّنانة الجزائريّة «نايلة بن بي» مع «ميرزو»‬ ‫في أداء األغاني باللغات العربيّة واإلسبانيّة والكتالنيّة‬ ‫والكرديّة‪ ،‬باإلضافة لف ّنانين من إسبانيا وكاتالونيا وكوبا‬ ‫والمغرب والجزائر‪ ،‬يحاول «ميرزو» في تجربته الخاصّة‬ ‫أن ّ‬ ‫يوظف تقنيّات العزف على آلة الغيتار في العزف على آلة‬ ‫العود والبزق‪ ،‬أي طريقة العزف باألصابع‪ ،‬بحيث يعمل على‬ ‫تسخيرهما إلصدار توافقات هارمونيّة‪ ،‬ويفسّر ذلك بقوله‪ :‬في‬ ‫الغرب هنالك ع ّدة طرق للعزف على الغيتار‪ ،‬أمّا بالنسبة آللة‬ ‫العود فتقريبا ً لم يطرأ أيّ جديد في طريقة تناول هذه اآللة منذ‬ ‫مئات السنين‪ .‬ويرى أنّ آلة العود تحمل إمكانيّات التطوّ ر إذا ما‬ ‫تطوّ ر العازف‪.‬‬ ‫وهو يرأس فرقة موسيقيّة مكوّ نة من ع ّدة عازفين على اآلالت‬ ‫الموسيقيّة التالية «العود‪ ،‬البزق‪ ،‬الغيتار اإلسبانيّ ‪ ،‬وت ّم تطوير‬ ‫ّ‬ ‫مؤخراً بإضافة آالت موسيقيّة أخرى مثل «الفيولونسيل‪،‬‬ ‫الفرقة‬ ‫والكالرينيت» وآالت إيقاعيّة جديدة وال زالت الفرقة قائمة باسم‬ ‫فرقة «غني ميرزو» الموسيقيّة ومستمرّ ة في تقديم أعمالها‬ ‫ونشاطاتها الف ّنيّة في المهرجانات الموسيقيّة التي تقام في إسبانيا‬ ‫وأوربّا‪ ،‬حيث يق ّدم الف ّنان «ميرزو» أعماالً ومعزوفات موسيقيّة‬ ‫نالت إعجاب اإلسبان وهذا ما جعله يكتسب شهرة عالية في‬ ‫الوسط الموسيقيّ اإلسبانيّ حيث يق ّدم عروضه الموسيقيّة‬ ‫«كونسرتو» في أشهر صاالت برشلونة مثل «الوديتوريو» كما‬ ‫يق ّدم عروضه الموسيقيّة في معظم المدن األوربيّة وخاصّة في‬ ‫«مدريد وبرشلونة وباريس وبرلين وامستردام»‪.‬‬ ‫نال «غني ميرزو» جائزة ‪ mini max‬للمسرح في إسبانية‬ ‫في عام ‪ ،2007‬واليوم يستع ّد الف ّنان «ميرزو» إلحياء ع ّدة‬ ‫حفالت في إسبانيا والجزائر‪ ،‬ليتابع عمله في إيصال همّه‬ ‫اإلنسانيّ بلغة الموسيقى كما كان يحلم منذ الطفولة‪.‬‬

‫المرأة والفردوس‬

‫قراءة في لوحات إسماعيل نصرة‬ ‫يف الشكل الفنيّ ‪:‬‬ ‫نلحظ تغيّرات أسلوبيّة وتن ّقالت عديدة في لوحة‬ ‫ّ‬ ‫والخطيّة واالشتقاقات‬ ‫الف ّنان من حيث المعالجة اللونيّة‬ ‫الشكليّة‪ ،‬يجمع فيما بينها الموضوع الواحد بمعالجات‬ ‫مختلفة‪.‬‬ ‫ال يوجد بداية واضحة ومستقرّ ة للوحة‪ ،‬فال تستطيع‬ ‫ّ‬ ‫الخط أم اللون؟ هل يبدأ الف ّنان‬ ‫أن تعرف أيّهما أسبق‬ ‫لوحته بدراسة ّ‬ ‫ّ‬ ‫خطيّة يرسم من خاللها إناثه ويوزع‬ ‫المساحات وبناء اللوحة؟ أم أ ّنه يشت ّقها من تداعيات‬ ‫حرّ ة باللون والفرشاة وصوالً إلى صياغتها األخيرة؟‬ ‫ّ‬ ‫الخطيّ وراء‬ ‫في بعض لوحاته يختفي الحضور‬ ‫المساحة اللونيّة التصويريّة‪ ،‬وم��رّ ة يظهر واضحا ً‬ ‫جل ّيا ً ليضفي على اللوحة طابعا ً مميّزاً من حيث متانة‬ ‫التكوين ووضوح اإليقاع ونضوجه‪.‬‬

‫عيونها تحمل إغماضة حالمة وحيدة‪ ،‬وإن تجمّع‬ ‫حولها العالم بأسره‪ ،‬ال يستقرّ لها حال أو عاطفة‪،‬‬ ‫مجهولة لآلخرين معروفة ل��ه‪ ،‬يكاد يلمسها حين‬ ‫يرسمها‪ ،‬إ ّنها هي تلك التي لم تزل صورتها في عمق‬ ‫الذاكرة بعيداً‪ ،‬حيث ك ّل شيء دافئ وال يعود‪.‬‬ ‫الف ّنان التشكيليّ إسماعيل نصرة من مواليد مدينة‬ ‫َسلميّة ‪ -‬حماة عام ‪ ،1965‬تخرّ ج من كلّيّة الفنون‬ ‫الجميلة ع���ام‪ 1987‬قسم التصوير‪ ،‬له العديد من‬ ‫المعارض الفرديّة‪ ،‬وحائز على العديد من الجوائز‪.‬‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫إيقاع لوحاته متغيّر‪ ،‬ال يوجد إيقاع ثابت مح ّدد‬ ‫للعمل‪ ،‬فمرّ ة يكون إيقاعا ً متناوبا ً بين فترات ووحدات‬ ‫متغيّرة‪ ،‬ومرّ ة يغدو منفلتا ً من الضوابط‪ ،‬متصاعداً‬ ‫حيناً‪ ،‬وتنازل ّيا ً حينا ً آخر‪.‬‬ ‫منهج التلوين لديه يجعل من السطح التصويريّ‬ ‫قو ّيا ً وحاضراً دوماً؛ وتختلف طرق فرشه للون‪ ،‬فمن‬ ‫الضربات الحرّ ة والواضحة إلى المعالجات الناعمة‬ ‫الكالسيكيّة للشكل‪ ،‬فالوجوه ملوّ نة لديه بأسلوب‬ ‫كالسيكيّ يخفي ضربة الريشة ويحافظ على البعد‬ ‫الثالث من خالل وحدة المنبع الضوئيّ ‪ ،‬في حين تصير‬ ‫الخلفيّات لديه معالجة بضربات قويّة أقرب إلى منهج‬ ‫التلوين الحديث‪ ،‬ويعتمد الف ّنان نصرة على األلوان‬

‫‪11‬‬

‫أسعد شالش‬

‫مشاهد يومّية‬

‫يعتبر الشاعر السوريّ «رياض الصالح‬ ‫الحسين» المولود درعا في ‪1954/3/10‬‬ ‫والمتو ّفى في دمشق ‪ ،1982 /11/21‬من‬ ‫أه ّم شعراء قصيدة النثر في سورية والوطن‬ ‫العربيّ الحديث‪.‬‬ ‫كتب في الشعر‪ ،‬القصّة القصيرة‪،‬‬ ‫قصص األطفال‪ ،‬المقالة الصحفيّة‪ ،‬والنقد‬ ‫األدبيّ ‪.‬‬ ‫أص��در ث�لاث مجموعات شعريّة في‬ ‫حياته‪:‬‬ ‫خ��راب ال��دورة الدمويّة ‪ -‬مطابع‬ ‫وزارة الثقافة ‪ -‬دمشق ‪1979‬‬ ‫أساطير يوميّة ‪ -‬مطابع وزارة الثقافة‬ ‫ دمشق ‪1980‬‬‫بسيط كالماء واضح كطلقة مس َّدس ‪-‬‬ ‫دار الجرمق ‪ -‬دمشق ‪1982‬‬ ‫أنجز مجموعته الشعريّة «وعل في‬ ‫الغابة» قبل وفاته‪ ،‬ومنها نقتطف‪:‬‬ ‫مشاهد يوميّة‬ ‫‪ -1‬المكتب‬ ‫ك ّل صباح‬ ‫حينما أفتح باب غرفتك بهدوء كاذب‬ ‫م��ح��اوالً إخ��ف��اء ارت��ج��اف أصابعي‬ ‫وشراييني‬ ‫ك ّل صباح‬ ‫حينما أراكِ تعبثين بالبطاقات البيضاء‬ ‫بالصحف والمجلاّ ت‬ ‫بالزمن والقهوة‬ ‫ك ّل صباح‬ ‫أتم ّنى‬ ‫حينما أدخل غرفتك بهدوء كاذب‬ ‫أن أكون قلما ً أو ممحاة‬ ‫صحيفة أو فنجان قهوة‬ ‫بين أصابعك التي تعبث باألشياء‬

‫كما يعبث عازف مبتدئ بمفاتيح البيانو‪.‬‬ ‫‪ -2‬الطريق‬ ‫في الطريق حينما أكون معك‬ ‫في الخريف الذي طال‬ ‫حيث تشتعل الشمس وتنطفئ‬ ‫بطريقة غريبة‬ ‫بطريقة ّ‬ ‫أخاذة‬ ‫في الطريق‪ ،‬في الطريق‬ ‫حيث تسقط ورقة شجر صفراء‬ ‫فوق َشعرك األسود المشتعل‬ ‫أقول لك‪ :‬اقتربي‬ ‫لقد وقع طائر أصفر فوق رأسك‬ ‫وها هو ينقر حبوب العدس‬ ‫طائر أصفر صغير يغ ّني‬ ‫فوق أغصان َشعرك الغزير‬ ‫َشعرك الذي كقطيع من الماعز‬ ‫يرعى في برّ يّة القلب‬ ‫‪ -3‬البيت‬ ‫حذاؤك في الزاوية‬ ‫ثوبك فوق الكرسيّ‬ ‫وفوق المنضدة دبابيس َشعرك‬ ‫خاتمك الذهبيّ‬ ‫وحقيبتك السوداء‬ ‫وأنت معي‬ ‫عارية وخائفة‬ ‫ م ّم تخافين؟‬‫من قنبلة تسقط فوق زهرة!‬ ‫من زهرة تحت عجالت قطار!‬ ‫عارية وترتجفين‬ ‫ م ّم ترتجفين؟‬‫من بركان يتفجر!‬ ‫من رغبة تئن!‬ ‫عارية وتلتصقين بي‬ ‫سأترك النافذة مفتوحة‬ ‫انظري‪ ..‬انظري‬ ‫ها هي السماء الزرقاء‬ ‫وها هي ّ‬ ‫قطة بيضاء ورماديّة‬ ‫ّ‬ ‫تتنزه فوق حا ّفة الجدار المقابل للنافذة‬ ‫وها نحن‬ ‫نقتسم رغيف الحبّ‬ ‫نأكل من صحن واحد‬ ‫بملعقة واحدة‬ ‫وك ّل ما نملكه وما ال نملكه‬ ‫سنقتسمه أيضا ً‬ ‫تماما ً‬ ‫كرفيقين في رحلة طويلة‪.‬‬

‫الفنّان التشكيل ّي إمساعيل نصرة من مواليد مدينة َسلميّة ‪ -‬محاة‬ ‫عام ‪ ،1965‬خت ّرج من كلّيّة الفنون اجلميلة عام‪ 1987‬قسم التصوير‪،‬‬ ‫له العديد من املعارض الفرديّة‪ ،‬وحائز على العديد من اجلوائز‪.‬‬ ‫الباردة والترابيّة‪ ،‬إلاّ أنّ استخدام األبيض في بعض‬ ‫اللوحات يضعف أصل اللون وقيمته‪ ،‬ممّا يجعل أفضل‬ ‫لوحاته تلك التي تعتمد على األلوان الصريحة‪ ،‬التي‬ ‫ينعدم امتزاجها باألبيض‪ ،‬وبمنهجيّة تلوينيّة أقرب‬ ‫للعفويّة والحداثة‪ ،‬إ ّنه يجيد التلوين باأللوان الصريحة‪،‬‬ ‫لكن قلّما يستخدمها في لوحاته‪.‬‬ ‫يتنوّ ع التكوين لديه ما بين الخطوط المستقيمة‬ ‫المتقاطعة وما تنتجه من بناء هندسيّ للخلفيّات‪ ،‬ونادراً‬ ‫ّ‬ ‫الخط المنحني والتكوينات الدائريّة‬ ‫ما نالحظ وجود‬ ‫ّ‬ ‫الخطيّ والحلول البصريّة‬ ‫في لوحاته‪ ،‬إلاّ أنّ التأليف‬ ‫للتكوين تقضي على التشابه الذي تنتجه الوجوه األنثويّة‬ ‫المتكرّ رة والواحدة‪.‬‬ ‫إنّ االخ��ت�لاف في األس��ل��وب والمعالجة ما بين‬ ‫الخلفيّات والموضوع‪ ،‬يجعل المتل ّقي وكأ ّنه أمام‬ ‫لوحتين منفصلتين‪ ،‬ما يثير في النفس رغبة بسيادة أحد‬ ‫األسلوبين على كامل اللوحة‪.‬‬ ‫يف اخلطاب البصريّ‪:‬‬ ‫تر ّكز معظم لوحات الف ّنان على المرأة كمركز‬ ‫للموضوع والخطاب‪ ،‬وك ّل المفردات األخ��رى في‬ ‫اللوحة ليست س��وى تنويعات على العالم النفسيّ‬ ‫والداخليّ للمرأة‪.‬‬ ‫في لوحته‪ ،‬تصبح المرأة كائنا ً مستقرّ اً في الماضي‬ ‫مجمّدة في لحظة زمانيّة واحدة تتب ّدل من حولها األمكنة‪،‬‬ ‫إلاّ أ ّنها ال تخرج من عالمها الخاصّ ‪ ،‬مستغرقة في‬ ‫ذاتها ال ترى ما حولها‪ ،‬فالجميع مرايا لفتنتها‪ ،‬ح ّتى‬ ‫وهي مفتوحة العينين ال ترى إلاّ ذاتها العميقة البعيدة‪،‬‬ ‫وكأنّ الف ّنان يصرّ على تأكيد عزلتها واستغراقها في‬

‫أناها‪ ،‬فيب ّدل ك ّل ما حولها وتبقى هي أسيرة لحظتها‬ ‫الصامتة؛ هنا المكان ليس بالفردوس وال هو بالمقهى‬ ‫ليس بواقعيّ وليس بمتخيّل‪ ،‬إ ّنه المكان ‪ -‬العناصر‬ ‫المكان ‪ -‬المفردات الصغيرة المتناثرة‪ ،‬والمرأة ليست‬ ‫الحلم‪ ،‬إ ّنها الطفلة الفاتنة العابثة‪ ،‬في كثير من تب ّدالتها‬ ‫ترى (لوليتا) متخ ّفية وراء مالمحها ال تبتسم‪ ،‬وتخفي‬ ‫وراء شفاهها المكتنزة رغبة ال ترتوي وال ُتطال‪.‬‬ ‫إذاً‪ ،‬خرجت المرأة في لوحات إسماعيل نصرة‬ ‫من فضاء الحلم لتدخل في الذات والخاصّ ‪ ،‬إ ّنها بالغة‬ ‫الخصوصيّة‪ ،‬رغم أ ّنها تشبه في ارتسام مالمحها‬ ‫الكثير من النسوة الحلم‪.‬‬ ‫والمكان تحوّ ل من ف��ردوس إل��ى مجموعة من‬ ‫التفاصيل واألشياء لنقف أمام تج ٍّل جديد لمثنويّة المرأة‬ ‫والفردوس إ ّننا أمام (المرأة – الذات في المكان –‬ ‫الخاصّ )‪.‬‬

‫سهف عبد الرمحن‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


‫‪12‬‬

‫العدد ‪23‬‬

‫مقامات‬

‫‪ /21‬كانون الثاني ‪2015/‬‬

‫بدنا حنكي‬

‫ّ‬ ‫لكل‬ ‫مقام‬ ‫مقال‬

‫في سيرته األخيرة‬

‫قيادة آلّية لسّيارات جنرال موتورز بالتعاون مع غوغل‬

‫احللم‬ ‫ّ‬ ‫موعدك‬ ‫متأخراً‪ ،‬عن‬ ‫لماذا ُتولد‬ ‫َ‬ ‫المح ّدد‪ ،‬ك ّل ليلة؟‬ ‫�ك تعاني من المخاض‬ ‫أعرف أ َّن� َ‬ ‫وحيداً‪،‬‬ ‫وأنَّ األلم كان يرفرف فوق السرير‬

‫لماذا تولد‪ ،‬بشام ٍة خضراء‪ ،‬خلف األذن‬ ‫ربمّا‪ ،‬نكاية بالذكريات التي ال تموت‪.‬‬ ‫ال ّرصاص‬

‫الرّ صاصْ ؛ مؤ ّك ٌد أ ّن َك َلسْ َ‬ ‫الجه َلة‬ ‫ت الحيَّ ‪ ،‬كما‬ ‫يصفك بعضُ َ‬ ‫َ‬ ‫َج َس ُد َك المعدنيُّ ‪ ،‬الذي بال أُلفةٍ‪،‬‬ ‫ُك مِقعداً واحداً‬ ‫للجلوس بيّننا‬ ‫ال َيمنح َ‬ ‫ِ‬ ‫لك الب ّتة‪ ،‬سوى في دفاتر الجُرحْ‬ ‫ب َ‬ ‫ال َن َس َ‬ ‫ْ‬ ‫الجهات‬ ‫َتحْ ِم ُل وف ّياً‪ ،‬رسائل الغدر‪ ،‬لك ّل‬ ‫ِك الفاسدة؛‬ ‫مُسْ ِرعا ً َتحْ ِم ُل أمتعت َ‬ ‫الرائح ُة الكريهة‪،‬‬

‫يف سريت ِه األخريةِ؛‬ ‫ت كثيراً‪،‬‬ ‫لم يختلفْ عن الوق ِ‬ ‫يأتي خ ً‬ ‫ِلسة‪ ،‬دون سابق إنذار‬

‫هذه العبارة مأخوذة من رسالة‬ ‫أحد المعتقلين في سجون نظام الذين‬ ‫ازداد عددهم ومأساتهم‪ ،‬لدرجة موت‬ ‫‪ 250‬معتقالً تحت التعذيب في سجون‬ ‫النظام بشهر آب الماضي؛ أي بمعدل ‪ 8‬أشخاص ك ّل يوم!‬

‫ُشب ُه الخطأ‪ ،‬إذا وقع دون عم ٍد أيضا ً ‪...‬‬ ‫أحيانا ً ي ِ‬ ‫في بعض حاالته الطارئة ينتظ ُر طويالً‪،‬‬ ‫ل َمنْ ينادي عليه‪،‬‬

‫إ ّنها أكبر جريمة ّ‬ ‫موثقة في العالم‪ ،‬إذ قام «قيصر» المنشق عن نظام األسد‬ ‫بتوثيق صور ‪ 11000‬ضحيّة‪ ،‬وال يمكننا الوقوف أمامها عاجزين؛ من هنا‬

‫خجول حين يضح ُ‬ ‫ك بأعلى صوت ِه‬ ‫كطفل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وغالبا ً يرح ُل إلى جه ٍة مجهول ٍة تماماً‪ ،‬خوفا ً من االنتقام‬ ‫ُ‬ ‫حال‪،‬‬ ‫هو ال‬ ‫يثبت على ٍ‬ ‫تشبّها ً بالماء‪ ،‬أو النار‪ ،‬أو النسيان‬

‫حيطان سراقب في هولندا‬

‫كائن خرافيّ ‪،‬‬ ‫ومث َل ك ِّل‬ ‫ٍ‬

‫اختار مهرجان روتردام الدوليّ‬ ‫فيلم «دفاتر الع ّ‬ ‫شاق» ليكون بين‬ ‫عروضه لعام ‪2015‬ضمن قائمة‬ ‫األفالم الوثائقيّة‪ ،‬في الفترة ما بين‬ ‫‪ 21‬كانون الثاني و‪ 1‬شباط‪.‬‬

‫يبتك ُر بصماته المشبوهة‪ ،‬بمختلف األلوان‬ ‫يجهل متى يكونُ عليه الحضور أو الغياب‬ ‫أن يأتيّ مكحّ ل العينين‪ ،‬أو م ّتشحا ً بالبياض‬ ‫ننتظر مجي َئ ُه ـ وقد ّ‬ ‫يتأخر قليالً ـ‬ ‫بشغ ٍ‬ ‫عميق‬ ‫حزن‬ ‫ف أو‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ربمّا هو الحبُ ‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫الموت‪.‬‬ ‫وربمّا هو‬ ‫أعمال شغب‪:‬‬ ‫أكسر زجاج نوافذكم‪ ،‬دونما سب ٍ‬ ‫ب وجيه‪..‬‬ ‫أستطي ُع أن‬ ‫َ‬ ‫أستطي ُع أن أذرف دمعا ً غزيراً على تلك التماثيل المتأل ّم ِة‬ ‫هناك‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫استطعت‪ ،‬أكرّ ر ك َّل أخطائي القبيحة ج ّداً‪ ،‬دون الجميلة‬ ‫و إن‬ ‫منها ‪..‬‬ ‫جاهداً؛ أنتز ُع شوك االحتماالت‪ ،‬هي الع ّدو الوحيد لت ّفاحة‬ ‫«نيوتن»‬ ‫لك ّنني الضح ّي ُة الوحيدة التي تسقط بينهما ‪..‬‬ ‫إفراطا ً في الحبّ أُطقطق أصابع الموتى‪،‬‬ ‫وأ ُ ّ‬ ‫كذبُ اختبار الصراط المستقيم من سرديّات هللا الموحشة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سأكذب مثل جميع البشر‪.‬‬ ‫سأكذبُ كثيراً‪،‬‬

‫حممّد ّ‬ ‫جنار‬

‫توفيــق دنيـــا‬

‫بسام يوسف‬ ‫َ‬

‫‪newspaper@allsyrians.org‬‬

‫حسني برو‬

‫انطلقت حملة ‪#‬أنقذوا_البقيّة لتطالب‬ ‫بـ‪:‬‬

‫ما فقدته ليس بمقدور أح��د أن‬ ‫يعيده لي‪ ،‬فقد فقدت عمري ولحظاتي‬ ‫مع عائلتي‪ ،‬لقد فقدت أجمل وأرقى‬ ‫األصدقاء‪»...‬‬

‫والكثير من ثمر المفاجآت‪.‬‬

‫المدير العام‬

‫درس جديد في المنطق يق ّدمه لنا ب ّ‬ ‫شار األسد‪.‬‬ ‫فها هو وفي حوار صحفيّ ‪ ،‬يشرح لنا مفهوم الحوار وماهيّة الحوار‪ ،‬وكيف يمكن أن‬ ‫نقيم الحوار؟‬ ‫وماذا يعني الحوار؟‬ ‫وهل من الممكن أن يكون هناك حوار دون أسس لهذا الحوار؟ كيف من الممكن أن‬ ‫نكتشف هذه األسس؟‬ ‫ليختتم الحصّة األولى من درس المنطق بضرورة الذهاب إلى موسكو للتشاور وإجراء‬ ‫الدراسات المستفيضة الكتشاف هذه األسس‪ ،‬وبعدها ـ أي بعد أن نح ّدد األسس ـ من الممكن‬ ‫أن نبدأ بالحوار!‬ ‫هكذا يفسّر ب ّ‬ ‫شار األسد رحلة موسكو‪..‬‬ ‫مستعجل‪ ،‬وال يقبل أن ُتسلق األمور سلقاً‪ ،‬وال أن يكون الحوار‬ ‫ببساطة‪ ،‬يبدو الرجل غير‬ ‫ٍ‬ ‫على حين غِ رّ ة‪ ،‬وال يمنع أن تكون الجلسة األولى‪ ،‬أو الجلسات األولى مخصّصة لوضع‬ ‫أسس منطقيّة للحوار‪ ،‬وليكن بعدها الحوار مُنت ِجاً‪ ،‬الرجل ال يُحبّ أن يحشره الوقت في‬ ‫زاوية ميتة‪ ،‬يأخذ من سائقي ميكرو الباص في شوارع دمشق‪ ،‬حكمته اليوميّة التي يكتبها‬ ‫السائقون على خلفيّة سياراتهم‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫متأخراً خير من ألاّ تصل أبداً»‬ ‫«أن تصل‬ ‫رغم أنّ السائقين يُسرعون ويش ّفطون ويسوقون ببهلوانيّة عجيبة إلاّ أ ّنهم ال يتنازلون عن‬ ‫هذه الحكمة‪ ،‬وهو أيضا ً رغم أنّ طائراته وبراميله تنشر الموت والدمار في أغلب المدن‬ ‫السوريّة‪ ،‬إلاّ أ ّنه غير مستعجل‪ ،‬وال يمكن أن يقبل بحوار لم تتوضّح أسسه بعد‪.‬‬ ‫نذكر في أوّ ل التسعينيّات‪ ،‬وبعد أن جرّ ت قوّ ات التحالف حافظ األسد من أذنه للمشاركة‬ ‫في عاصفة الصحراء‪ ،‬وكيف قادته بعدها لجلسات حوار بدأت في مدريد‪ ،‬وكيف حاول‬ ‫الرجل أن يعلّمهم دروسه في المنطق‪ ،‬ودخل معهم في قصّة «تعريف اإلرهاب» وناور بها‬ ‫ح ّتى مات‪ ،‬وأورثنا البنه‪ ،‬وما زال العالم كلّه مشغوالً في البحث عن تعريف لإلرهاب يُقنع‬ ‫حافظ األسد أو يتماشى مع منطقه‪.‬‬ ‫اليوم‪ ،‬تعود قصّة إبريق الزيت من جديد‪ ،‬ويعود ب ّ‬ ‫شار إلى طرح مفهومه بالبحث عن‬ ‫أسس الحوار قبل البدء بالحوار ذاته‪.‬‬ ‫وكون هذا الشبل من ذاك األسد‪ ،‬ربّما ستتع ّدد الجلسات والشبل مستع ّد ألن يصل إلى ما‬ ‫بعد بعد موسكو ح ّتى يكتشف األسس!!‬ ‫الرحلة طويلة‪ ،‬ومن يسعى الكتشاف األسس عليه أن يتحمّل طول الوقت‪.‬‬ ‫تذ ّكروا تاريخ درس ب ّ‬ ‫شار جيّداً‪ ،‬وتعالوا نحسب كم من الجلسات‪ ،‬وكم من اللقاءات‪،‬‬ ‫سيستغرق معنا اكتشاف األسس؟؟!!‬

‫حملة ‪#‬أنقذوا_البقّية‬

‫الصوت الخجول‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫المسافات الطارئة‪،‬‬

‫رئيس التحرير‬

‫أعلن رئيس قطاع التكنولوجيا بشركة جنرال موتورز‬ ‫األمريكيّة لصناعة السيّارات جون لوكنر أنّ الشركة تتعاون مع‬ ‫شركة غوغل البتكار تقنيات سيّارات القيادة اآلليّة‪.‬‬ ‫وتتنافس ع ّدة شركات لصناعة السيّارات منها جنرال موتورز‬ ‫على تطوير مواصفات القيادة اآلمنة‪ ،‬وتتضمّن هذه الرؤية إنتاج‬ ‫سيّارات تسير ذات ّياً‪.‬‬

‫ال حوار ‪ ..‬قبل‬ ‫اكتشاف األسس‬

‫الفيلم من تصوير وإخ��راج‬ ‫إياد الجرود وإنتاج ‪ ،2014‬وهو‬ ‫يحكي الطابع السلميّ للثورة‬ ‫السوريّة من خالل الكتابات على حيطان بلدة سراقب بريف إدلب‪ ،‬شمال‬ ‫غرب سورية‪.‬‬

‫إطالق سراح كا ّفة معتقلي الرأي‪،‬‬ ‫وكشف مكانهم ومصيرهم‪ ،‬وإلغاء‬ ‫كا ّفة المحاكم العسكريّة ومحاكم‬ ‫اإلرهاب‪ ،‬ومحاسبة ومحاكمة ك ّل من‬ ‫قام باعتقال وتعذيب وانتهاك حقوق‬ ‫الناس‪ ،‬وإرس��ال لجان تفتيش إلى‬ ‫سجون النظام وفروعه األمنيّة السرّ يّة والعلنيّة لتقف على الظروف اإلنسانيّة‬ ‫للمعتقل‪ ،‬وتقديم الرعاية الط ّبيّة الالزمة لكا ّفة المعتقلين تحت إشراف الصليب‬ ‫األحمر الدوليّ والهالل األحمر السوريّ ‪ ،‬واإلفصاح عن أماكن دفن المعتقلين‬ ‫المتو ّفين تحت التعذيب‪.‬‬

‫مجموعة ‪18‬من ‪18‬‬

‫صدر في نهاية ‪2014‬‬ ‫المجموعة القصصية‪:‬‬ ‫الحا ّفة – نقطة تقاطع‬ ‫‪18‬‬ ‫ق����ص����ص‬ ‫ام��رأة سوريّة‪ .‬والكتاب‬ ‫محاولة لتوصيف الحياة‬ ‫اليوميّة لنساء عشن نار‬ ‫الحرب‪ ،‬ووصف لمقاومة‬ ‫االستبداد‪ ،‬ولك ّنه – كما يقول الغالف – حكاية األمل في الحصول على‬ ‫مستقبل مشرق‪.‬‬ ‫الكتاب يقع في ‪ 120‬صفحة‪ ،‬ويض ّم ‪18‬حكاية من ‪ 18‬كاتبة سوريّة‪.‬‬

‫س��يّ��د الف�����روف ما‬ ‫يستقبل ال��س��وري��ون‬ ‫أوّ ل اعتصام منزليّ نسائيّ‬ ‫العواصف الثلجية برضا‬ ‫في سورية‪ ،‬تمّوز ‪،2011‬‬ ‫ف��ي داع��ي تشبّح علينا‬ ‫ممزوج باأللم والخوف‪،‬‬ ‫في فيديو ولم ّدة دقيقتين‪،‬‬ ‫وعالمعارضة‪ ،‬ثورتنا‬ ‫فتبقى الثلوج بما تحمله‬ ‫ألقت فيه إح��دى السيّدات‬ ‫ص��ار عمرها ‪ 4‬سنين‬ ‫من عبء وعواقب صعبة‪،‬‬ ‫كلمة المعتصمات‪ ،‬وطالبت‬ ‫وتعمّدت بالدم مشان ما‬ ‫وخ���اص���ة ع��ل��ى قاطني‬ ‫برحيل النظام‪ ،‬ورفعت‬ ‫حدا يشبّح علينا‪..‬‬ ‫المخيمات في الداخل السوري‪ ،‬والنازحين خارج النسوة الفتات عديدة منها‪ :‬ال شرعيّة لنظام يحتمي‬ ‫ناقص تهددنا بفرع فلسطين!‬ ‫بيوتهم‪ ،‬وف��ي ظل ن��درة م��واد التدفئة وصعوبة بالشبّيحة‪ .‬سورية للجميع‪ .‬ال لسفك الدماء‪ .‬كان‬ ‫أمّا المعارضة فستطلق على نفسها رصاصة تأمينها‪ ،‬تبقى أخف وطأة من طائرات األسد التي ال العلم المعتمد ذو النجمتين الخضراوين‪ ،‬وقد ر ّددت‬ ‫تفارق أجواء المنطقة في األيام العادية‪.‬‬ ‫المعتصمات‪ :‬عاشت سوريّة‪ ...‬حرّ ة أبيّة‪.‬‬ ‫الرحمة إن صدقتكم!!‬ ‫‪Maisa‬‬ ‫‪Akbik‬‬ ‫‪http://www.youtube.com/watch?v=5Vdbz9SWhck‬‬ ‫عبد الكريم أبو أحمد@‬

‫هيئة التحرير‬ ‫حسين برو ‪ّ -‬‬ ‫بشار فستق‬ ‫غزوان قرنفل ‪ -‬ثائر موسى ‪ -‬عزّة البحرة‬

‫االخراج الفني‬ ‫منير األيوبي‬

‫فريق العمل‬ ‫هلّ‬ ‫العبدال‬ ‫سكرتاريا ‪ :‬نور‬ ‫التدقيق اللغوي ‪ :‬فلك الخالد‬ ‫الموقع اإللكتروني ‪ :‬باسل العبداهلل‬

‫اآلراء الواردة في كلّنا سورّيون تعبّر عن رأي الكاتب‬ ‫و ال تعبّر بالضرورة عن رأي الصحيفة‬

‫‪www.allsyrians.org‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.