http://www.shamela.ws تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة
الكتاب :إظهار الحق
المؤلف :محمد رحمت ال بن خليل الرحمن الكيرانوي العثماني الهندي
الحنفي )المتوفى 1308 :هـ(
دراسة وتحقيق وتعليق :الدكتور محمد أحمد محمد عبد القادر خليل ملكاوي ،الستاذ المساعد بكلية التربية جامعة الملك سعود -الرياض
الناشر :الرئاسة العامة لدارات البحوث العلمية والفتاء والدعوة والرشاد - السعودية
الطبعة :الولى 1410 ،هـ 1989 -م )أول طبعة تصدر مقابلة على نسختي المؤلف الذهبيتين المخطوطة والمقروءة(
عدد الجزاء 4 :أجزاء في ترقيم مسلسل واحد ]ترقيم الكتاب موافق للمطبوع[
وسماها القليس وأراد أن يصرف إليها الحاج وحلف أن يهدم الكعبة ،فخرج بالحبشة ومعه فيل له اسمه محمود وكان قوي ا عظيم ا وأفيال أخرى ،فخرج إليه عبد المطلب وعرض عليه ثلث أموال تهامة ليرجع فأبى ،وعبأ جيشه ،وقدم الفيل فكانوا كلما وجهوه إلى الحرم برك ولم يبرح وإذا
وجهوه إلى اليمن أو إلى غيره من الجهات هرول ،فأرسل ال طيرا مع كل طائر حجر في منقاره
وحجران في رجليه أكبر من العدسة وأصغر
) (4/1163
من الحمصة ،فكان الحجر يقع على رأس الرجل فيخرج من دبره ،وعلى كل حجر اسم من يقع عليه ،ففروا وهلكوا في كل طريق ومنهل ،وذوى أبرهة فتساقطت أنامله وآرابه وما مات حتى انصدع صدره عن قلبه ،وانفلت وزيره أبو يكسوم ،وطائر يحلق فوقه حتى بلغ النجاشي ،فقص عليه القصة ،فلما أتمها وقع عليه الحجر فخر ميتا بين يديه ،وقد أخبر ال عن حال هؤلء في سورة الفيل وبحسب الوعد المذكور ل يدخل العور الدجال مكة ويرجع خائبا كما جاء في الحاديث الصحيحة.
)البشارة العاشرة( في الباب الخامس والستين من كتاب أشعيا هكذا) 1 :طلبني الذين لم يسألوني قبل ووجدني الذين لم يطلبوني قلت ها أنا ذا إلى المة الذين لم يدعوا باسمي( ) 2بسطت يدي طول النهار إلى شعب غير مؤمن الذي يسلك بطريق غير صالح وراء أفكارهم( ) 3الشعب الذي يغضبني أمام وجهي دائما الذين يذبحون في البساتين ويذبحون على اللبن( ) 4الذين يسكنون في القبور في مساجد الوثان يرقدون الذين يأكلون لحم
) (4/1164
الخنزير والمرق المنجس في آنيتهم( ) 5الذين يقولون أبعد عني ل تقرب مني لنك نجس هؤلء يكونون دخانا في رجزي نارا متقدة طول النهار( ) 6ها مكتوب قدامي ل أسكت بل أردوا كافي
جزاء في حضنهم( .فالمراد بالذين لم يسألوني والذين لم يطلبوني العرب ،لنهم كانوا غير واقفين
على ذات ال وصفاته وشرائعه ،فما كانوا سائلين عن ال وطالبين له كما قال ال تعالى في سورة آل عمران} :لقد منن ال على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم
ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلل مبين{ .ول يجوز أن يراد بهم اليونانيين
كما عرفت في البشارة الثانية ،والوصف المذكور في الية الثانية والثالثة يصدق على كل واحد من اليهود والنصارى ،والوصاف المذكورة في الية الرابعة
) (4/1165
ألصق بحال النصارى ،كما أن الوصف المذكور في الخامسة ألصق بحال اليهود فردهم الباري واختار المة المحمدية.
)البشارة الحادية عشر( في الباب الثاني من كتاب دانيال في حال الرؤيا التي رآها بختنصر ملك بابل ونسي ،ثم بين دانيال عليه السلم بحسب الوحي تلك الرؤيا وتفسيرها) :31 .فكنت أنت الملك ترى وإذ تمثال واحد جسيم وكان التمثال عظيم ا ورفيع القامة واقف ا قبالك ومنظره مخوفاا( ) :32رأس هذا التمثال هو من ذهب إبريز والصدر والذراعان من فضة والبطن والفخذان من نحاس( ) :33والساقان من حديد والقدمان قسم منهما من حديد وقسم منهما من خزف( :34 )فكنت ترى هكذا حتى انقطع حجر من جبل ل بيدين وضرب التمثال في قدميه من حديد ومن خزف فسحقهما( ) :35فانسحق حينئذ مع الحديد والخزف والنحاس والفضة والذهب وصارت كغبار البيدر في الصيف فذرتها الريح ولم يوجد لها مكان والحجر الذي قد ضرب التمثال صار جبلا ومل الرض بأسرها( ) :36فهذا هو الحلم وتنبئ أيضا قدامك يا أيها الملك بتفسيره( :37 )أنت هو ملك الملوك وإله السماء أعطاك الملك والقوة والسلطان والمجد( .
) :38وجميع ما يسكن فيه بنو الناس ووحوش الحقل وأعطى بيدك طير السماء أيض ا وجعل جميع الشياء تحت سلطانك فأنت هو الرأس من الذهب( ) :39وبعدك تقوم مملكة أخرى أصغر منك
من فضة ومملكة ثالثة أخرى من نحاس وتتسلط على جميع الرض( ) :40والمملكة الرابعة تكون مثل الحديد كما أن الحديد يسحق ويغلب الجميع هكذا هي تسحق وتكسر جميع هذه( ) :41أما فيما رأيت قسم القدمين وأصابعهما من الخزف الفاخوري وقسم ا من حديد تكون المملكة مفترقة
وإن كان يخرج من نصبة الحديد حسبما رأيت الحديد
) (4/1166
مختلطا بالخزف من طين( ) :42وأصابع القدمين قسم من حديد وقسم من خزف فتكون المملكة بقسم صلبة وبقسم مسحوقة( ) :43فيما رأيت الحديد مختلط ا بالخزف من طين أنهم يختلطون
بزرع بشري بل ل يتلصقون مثل ما ليس بممكن أن يمتزج الحديد بالخزف( ) :44فأما في أيام تلك الممالك يبعث إله السماء مملكة وهي لن تنقضي قط ،ملكها ل يعطى لشعب آخر وهي
تسحق وتفنى جميع هذه الممالك أجمعين وهي تثبت إلى البد( ) :45وكما رأيت أن من جبل انقطع حجر ل بيدين وسحق الخزف والحديد والنحاس والفضة والذهب ،فالله العظيم أظهر للملك ما سيأتي من بعد والحلم هو حقيقي وتفسيره صحيح( .
) (4/1167
فالمراد بالمملكة الولى سلطنة بختنصر ،وبالمملكة الثانية سلطنة المادئين الذين تسلطوا بعد قتل بلشاصر بن بختنصر كما هو مصرح به في الباب الخامس من الكتاب المذكور ،وسلطنتهم كانت ضعيفة بالنسبة إلى سلطنة الكلدانيين ،والمراد بالمملكة الثالثة سلطنة الكيانيين لن قورش ملك إيران الذي هو بزعم القسيسين كيخسر وتسلط على بابل قبل ميلد المسيح بخمسمائة وست وثلثين سنة ،ولما كان الكيانيون على السلطنة القاهرة فكأنهم كانوا متسلطين على جميع الرض والمراد بالمملكة الرابعة سلطنة اسكندر بن فيلفوس الرومي الذي تسلط على ديار فارس قبل ميلد المسيح بثلثمائة وثلثين سنة ،فهذا السلطان كان في القوة بمنزلة الحديد ثم جعل هذا السلطان سلطنة فارس منقسمة على طوائف الملوك فبقيت هذه السلطنة ضعيفة
) (4/1168
إلى ظهور الساسانيين ثم صارت قوية بعد ظهورهم فكانت ضعيفة تارة وقوية تارة وتولد في عهد نوشيروان )محمد بن عبد ال( صلى ال عليه وسلم وأعطاه ال السلطنة الظاهرية والباطنية وقد تسلط متبعوه في مدة قليلة شرق ا وغرب ا وعلى جميع ديار فارس التي كانت هذه الرؤيا وتفسيرها متعلقين بها ،فهذه هي السلطنة البدية التي ل تنقضي وملكها ل يعطى لشعب آخر وسيظهر
كمالها عن قريب في زمان المام المهدي رضي ال عنه لكن الوهن والضعف يقع قبل ظهوره بمدة قليلة كما يشاهد بعض علماته الن ثم يزول بظهوره ويكون الدين كله ل ،فهذا الحجر الذي انقطع ل بيدين من جبل وسحق الخزف والحديد والنحاس والفضة والذهب وصار جبلا عظيم ا ومل الرض بأسرها هو محمد صلى ال عليه وسلم. )البشارة الثانية عشر( نقل يهوذا الحواري في رسالته الخبر الذي تكلم
) (4/1169
به أخنوخ الرسول الذي كان سابعا من آدم عليه السلم ومن عروجه إلى ميلد المسيح مدة ثلثة آلف وسبع عشرة سنة على زعم مؤرخيهم .وأنا أنقل عبارته من الترجمة العربية المطبوعة سنة
) :1844الرب قد جاء في ربواته المقدسة ليدائن الجميع ويبكت جميع المنافقين على كل أعمال
نفاقهم التي نافقوا فيها وعلى كل الكلم الصعب الذي تكلم به ضد ال الخطاة المنافقون( وقد عرفت في مقدمة الباب الرابع أن استعمال لفظ الرب بمعنى المخدوم والمعلم شائع فل حاجة إلى العادة ،وأما لفظ المقدس أو القديس فيطلق في العهدين على المؤمن الموجود في الرض إطلق ا شائعاا. ] [1الية الولى من الباب الخامس من سفر أيوب هكذا) :فادع الن أن كان لك مجيب وإلى أحد من القديسين التفت( فالمراد بالقديسين ههنا المؤمنون الموجودون على الرض ،أما عند علماء
) (4/1170
بروتستنت فظاهروا ما عند علماء كاتلك فلن مطهرهم الذي هو موضع آلم أرواح الصالحين إلى أن يحصل لها النجاة بمغفرة البابا ،وجد بعد المسيح عليه السلم ولم يكن في زمن أيوب. ] [2والية الثانية من الباب الول من الرسالة الولى إلى أهل قورنيثوس هكذا) :إلى جماعة ال التي بقورنثية المقدسين بيسوع المسيح المدعوين قديسين( الخ .فالمراد بالمقدسين والقديسين المؤمنون بالمسيح الموجودون في قورنثية. ] [3والية الثالثة عشر من الباب الثاني عشر من الرسالة الرومية هكذا) :مشاركين لحاجة القديسين( الخ. ] [5 ،4في الباب الخامس عشر منها هكذا) :ولكن الن أنا ذاهب إلى أورشليم لخدم القديسين( ) 26لن أهل مكدونية واحائية استحسنوا أن يصنعوا توزيعا لفقراء القديسين الذين في
أورشليم
) (4/1171
فالمراد بالقديسين في الموضعين المؤمنون الموجودون في أورشليم. ] [6والية الولى من الباب الول من الرسالة إلى أهل فيلبسيوس هكذا) :من بولس وطيماثاوس عبدي يسوع المسيح إلى جميع القديسين بيسوع المسيح بفيلبسيوس( الخ .فالمراد بالقديسين ههنا المؤمنون الموجودون بفيلبسيوس( .
] [7ووقع في الية العاشرة من الباب الخامس من الرسالة الولى إلى طيماثاوس في حال الشماسات هكذا) :غسلت أرجل القديسين( فالمراد بالقديسين ههنا المؤمنون الموجودون على الرض بوجهين :الول :أن القديسين الموجودون في السماء أرواح ليس لهم أرجل والثاني :أن الشماسات ل يمكنهن العروج إلى السماء وإذا عرفت استعمال لفظ الرب والمقدس أو القديس فأقول إن المراد بالرب محمد صلى ال عليه وسلم وبالربوات المقدسة الصحابة والتعبير عن مجيئه بقد جاء لكونه أمرا يقينيا فجاء محمد صلى ال عليه وسلم في ربواته المقدسة فدان الكفار، وبكت المنافقين والخطاة على أعمال النفاق وعلى أقوالهم القبيحة في ال ورسله ،فبكت
المشركين لعدم تسليم توحيد ال ورسالة رسله مطلق ا وعبادتهم الصنام والوثان ،وبكت اليهود
على تفريطهم في حق عيسى
) (4/1172
ومريم عليهما السلم وبعض عقائدهم الواهية ،وبكت أهل التثليث مطلق ا على تفريطهم في توحيد ال وإفراطهم في حق عيسى عليه السلم ،وبكت أكثرهم على عبادة الصليب والتماثيل وبعض
عقائدهم الواهية. )البشارة الثالثة عشر( في الباب الثالث من إنجيل متى هكذا) :وفي تلك اليام جاء يوحنا المعمدان يكرز في برية اليهودية( ) 2قائلا توبوا لنه قد اقترب ملكوت السماوات( .وفي الباب
الرابع من إنجيل متى هكذا) 12 :ولما سمع يسوع أن يوحنا أسلم انصرف إلى الجليل( ) 17من ذلك الزمان ابتدأ يسوع يكرز ويقول توبوا لنه قد اقترب ملكوت السماوات( ) 23وكان يسوع يطوف كل الجليل ويعلم في مجامعهم ويكرز ببشارة الملكوت الخ( .وفي الباب السادس من إنجيل متى في بيان الصلة التي علمها عيسى عليه السلم تلميذه هكذا) :ليأت ملكوتك( ولما أرسل الحواريين إلى البلد السرائيلية للدعوة والوعظ ،وصاهم بوصايا منها هذه الوصية أيضاا: )وفيما أنتم ذاهبون اكرزوا قائلين أنه قد اقترب ملكوت السماوات( كما هو مصرح به في الباب العاشر من إنجيل متى
) (4/1173
ووقع في الباب التاسع من إنجيل لوقا هكذا) 1 :ودعا تلميذه الثني عشر وأعطاهم قوة وسلطانا على جميع الشياطين وشفاء أمراض( ) 2وأرسلهم ليكرزوا بملكوت ال يشفوا المرضى( .وفي الباب العاشر من إنجيل لوقا هكذا) :وبعد ذلك عين الرب سبعين آخرين أيض ا وأرسلهم( الخ
)فقال لهم( الخ ) 8وأية مدينة دخلتموها وقبلوكم فكلوا مما يقدم لكم( ) 9واشفوا المرضى الذين فيها وقولوا لهم قد اقترب منكم ملكوت ال( ) 10وأية مدينة دخلتموها ولم يقبلوكم فاخرجوا إلى شوارعها وقولوا( ) 11حتى الغبار الذي لصق بنا من مدينتكم ننفضه لكم ولكن اعلموا هذا أنه قد اقترب منكم ملكوت ال( . فظهر أن كلا من يحيى وعيسى والحواريين والتلميذ السبعين بشر بملكوت السماوات ،وبشر
عيسى عليه السلم باللفاظ التي بشر بها يحيى عليه السلم ،فعلم أن هذا الملكوت كما لم يظهر في عهد يحيى عليه السلم فكذلك لم يظهر في عهد عيسى عليه السلم ول في عهد الحواريين
والسبعين بل كل منهم مبشر به ومخبر عن فضله ومترجج لمجيئه ،فل يكون المراد بملكوت
السماوات طريقة النجاة التي ظهرت بشريعة عيسى عليه السلم ،وإل لما قاله عيسى عليه السلم
والحواريون والسبعون أن ملكوت السماوات قد اقترب ،ولما علم التلميذ أن يقولوا في الصلة وليأت ملكوتك لن هذه طريقة قد ظهرت بعد ادعاء عيسى عليه السلم النبوة بشريعته ،فهو عبارة عن طريقة النجاة التي ظهرت بشريعة محمد صلى ال عليه وسلم،
) (4/1174
فهؤلء كانوا يبشرون بهذه الطريقة الجليلة ،ولفظ ملكوت السماوات بحسب الظاهر يدل على أن هذا الملكوت يكون في صورة السلطنة ل في صورة المسكنة ،وأن المحاربة والجدال فيه مع المخالفين يكونان لجله ،وأن مبنى قوانينه ل بد أن يكون كتاب ا سماوياا ،وكل من هذه المور يصدق على الشريعة المحمدية ،وما قال العلماء المسيحية أن المراد بهذا الملكوت ،شيوع الملة
المسيحية في جميع العالم وإحاطتها كل الدنيا بعد نزول عيسى عليه السلم ،فتأويل ضعيف خلف الظاهر ،ويرده التمثيلت المنقولة عن عيسى عليه السلم في الباب الثالث عشر من إنجيل متى ،مثلا قال) :يشبه ملكوت السماوات إنسان ا زرع زرع ا جيدا في حقله( ،ثم قال) :يشبه
ملكوت السماوات حبة خردل أخذها إنسان وزرعها في حقله( ،ثم قال) :يشبه ملكوت السماوات
خميرة أخذتها امرأة وخبأتها في ثلثة أكيال دقيق حتى اختمر الجميع( .
فشبه ملكوت السماوات بإنسان زارع ل بنمو الزراعة وحصادها ،وكذلك شبه بحبة خردل ل بصيرورتها شجرة عظيمة ،وشبه بخميرة ل باختمار جميع الدقيق .وكذا يرد هذا التأويل قول عيسى عليه السلم بعد بيان التمثيل المنقول في الباب الحادي والعشرين من إنجيل متى هكذا) :لذلك أقول أن ملكوت ال ينزع منكم ويعطى لمة تعمل أثماره( فإن هذا القول يدل على أن المراد بملكوت السماوات طريقة النجاة نفسها ل شيوعها في جميع العالم وإحاطتها كل العالم ،وإل ل معنى لنزع
) (4/1175
الشيوع والحاطة من قوم وإعطائهما لقوم آخرين ،فالحق أن المراد بهذا الملكوت هي المملكة التي أخبر عنها دانيال عليه السلم في الباب الثاني من كتابه ،فمصداق هذا الملكوت ،وتلك المملكة نبوة محمد صلى ال عليه وسلم وال أعلم وعلمه أتم. )البشارة الرابعة عشر( في الباب الثالث عشر من إنجيل متى هكذا) 31 :قدم لهم مثلا آخر قائلا يشبه ملكوت السماوات حبة خردل أخذها إنسان وزرعها في حقله( ) 32وهي أصغر جميع البذور ولكن متى نمت فهي أكبر البقول وتصير شجرة حتى أن طيور السماء تأتي وتأوي في أغصانها( ، فملكوت السماء طريقة النجاة التي ظهرت بشريعة محمد صلى ال عليه وسلم ،لنه نشأ في قوم كانوا حقراء عند العالم لكونهم أهل البوادي غالباا ،وغير واقفين على العلوم والصناعات ،محرومين عن اللذات الجسمانية والتكلفات الدنيوية سيما عند اليهود لكونهم من أولد هاجر ،فبعث ال
منهم محمد ا صلى ال عليه وسلم فكانت شريعته في ابتداء المر بمنزلة حبة خردل أصغر الشرائع بحسب الظاهر ،لكنها لعمومها نمت في مدة قليلة وصارت أكبرها وأحاطت شرقا وغرباا ،حتى أن
الذين لم يكونوا مطيعين لشريعة من الشرائع تشبثوا بذيل شريعته.
)البشارة الخامسة عشر( في الباب العشرين من إنجيل متى هكذا) 1 :فإن ملكوت السماوات يشبه رجلا رب بيت خرج مع الصبح ليستأجر
) (4/1176
فعلة لكرمه( ) 2فاتفق مع العملة على دينار في اليوم وأرسلهم إلى كرمه( ) 3ثم خرج نحو الساعة الثالثة ،ورأى آخرين قياما في السوق بطالين( ) 4فقال لهم اذهبوا أنتم أيضا إلى الكرم فأعطيكم ما
يحق لكم فمضوا( ) 5وخرج أيض ا نحو الساعة السادسة والتاسعة وفعل كذلك( ) 6ثم نحو
الساعة الحادية عشرة خرج ووجد آخرين قيام ا بطالين فقال لهم لماذا وقفتم ههنا كل النهار
بطالين( ) 7قالوا له لنه لم يستأجرنا أحد قال لهم اذهبوا أنتم أيضا إلى الكرم فتأخذوا ما يحق
لكم( ) 8فلما كان المساء قال صاحب الكرم لوكيله ادع الفعلة وأعطهم الجر مبتدئا من الخرين
إلى الولين( ) 9فجاء أصحاب الساعة الحادية عشرة وأخذوا دينارا ديناراا( ) 10فلما جاء الولون ظنوا أنهم يأخذون أكثر فأخذوا هم دينارا ديناراا( ) 11وفيما هم يأخذون تذمروا على رب البيت(
) 12قائلين هؤلء الخرون عملوا ساعة واحدة وقد ساويتهم بنا نحن الذين احتملنا ثقل النهار والحر( ) 13فأجاب وقال لواحد منهم يا صاحب ما ظلمتك أما اتفقت معي على دينار( 14
)فخذ الذي لك واذهب فإني أريد أن أعطي هذا الخير مثلك( ) 15أو ما يحل لي أن أفعل ما أريد بما لي أم عينك شريرة لني أنا صالح( ) 16هكذا يكون الخرون أولين والولون آخرين لن كثيرين يدعون وقليلين ينتخبون( .
) (4/1177
فالخرون أمة محمد صلى ال عليه وسلم فهم يقدمون في الجر ،وهم الخرون الولون كما قال النبي صلى ال عليه وسلم) :نحن الخرون السابقون( وقال) :إن الجنة حرمت على النبياء كلهم حتى أدخلها ،وحرمت على المم حتى تدخلها أمتي( . )البشارة السادسة عشر( في الباب الحادي والعشرين من إنجيل متى هكذا) 33 :اسمعوا مثلا آخر كان إنسان رب بيت غرس كرم ا وأحاطه بسياج وحفر فيه معصرة وبنى برج ا وسلمه إلى كرامين
وسافر( ) 34ولما قرب
) (4/1178
وقت الثمار أرسل عبيده إلى الكرامين وسافر ليأخذ أثماره( ) 35فأخذ الكرامون عبيده وجلدوا بعض ا وقتلوا بعض ا ورجموا بعضاا( ) 36ثم أرسل أيض ا عبيدا آخرين أكثر من الولين ففعلوا بهم
كذلك( ) 37فأخبرا أرسل إليهم ابنه قائلا يهابون ابني( ) 38وأما الكرامون فلما رأوا البن قالوا
فيما بينهم هذا هو الوارث هلموا نقتله ونأخذ ميراثه( ) 39فأخذوه وأخرجوه خارج الكرم وقتلوه(
) 40فمتى جاء صاحب الكرم ماذا يفعل بأولئك الكرامين( ) 41قالوا له أولئك الردياء يهلكهم هلك ا ردي ا ويسلم الكرم إلى كرامين آخرين يعطونه الثمار في أوقاتها( ) 42قال لهم يسوع أما
قرأتم قط في الكتب ،الحجر الذي رفضه البناءون ،هو قد صار رأس الزاوية من قبل الرب كان هذا
وهو عجيب في أعيننا( ) 43لذلك أقول لكم إن ملكوت ال ينزع منكم ويعطى لمة تعمل أثماره( ) 44ومن سقط على هذا الحجر يترضض ،ومن سقط هو عليه يسحقه( ) 45ولما سمع رؤساء الكهنة ،والفريسيون أمثاله ،عرفوا أنه تكلم عليهم( . أقول :إن رب بيت كناية عن ال ،والكرم كناية عن الشريعة ،وإحاطته بسياج وحفر المعصرة فيه وبناء البرج ،كنايات عن بيان المحرمات والمباحات والوامر والنواهي ،وأن الكرامين الطاغين كناية عن اليهود ،كما فهم رؤساء الكهنة ،والفريسيون ،أنه تكلم عليهم ،والعبيد المرسلين كناية عن النبياء عليهم السلم ،والبن كناية عن عيسى عليه السلم ،وقد عرفت في الباب الرابع أنه ل بأس بإطلق هذا اللفظ عليه ،وقد قتله اليهود أيضا في زعمهم .والحجر الذي رفضه البناءون كناية عن
محمد صلى ال عليه وسلم ،والمة
) (4/1179
التي تعمل أثماره كناية عن أمته صلى ال عليه وسلم ،وهذا هو الحجر الذي كل من سقط عليه ترضض ،وكل من سقط هو عليه سحقه ،وما ادعى العلماء المسيحية بزعمهم ،أن هذا الحجر عبارة عن عيسى عليه السلم ،فغير صحيح لوجوه: )الول( أن داود عليه السلم ،قال في الزبور المائة والثامن عشر هكذا) 22 :الحجر الذي رذله البناءون هو صار رأس ا للزاوية( ) 23من قبل الرب كانت هذه ،وهي عجيبة في أعيننا( .فلو كان
هذا الحجر عبارة عن عيسى عليه السلم وهو من اليهود من آل يهوذا من آل داود عليه السلم،
فأي عجب في أعين اليهود عموما لكون عيسى عليه السلم رأس الزاوية سيما في عين داود عليه
السلم خصوص ا لن مزعوم المسيحيين ،أن داود عليه السلم يعظم عيسى عليه السلم في مزاميره
تعظيم ا بليغ اا ،ويعتقد اللوهية في حقه بخلف آل إسماعيل ،لن اليهود كانوا يحقرون أولد إسماعيل غاية التحقير ،وكان كون أحد منهم رأسا للزاوية عجيبا في أعينهم.
)والثاني( أنه وقع في وسط هذا الحجر كل من سقط على هذا الحجر ترضض ،وكل من سقط هو عليه سحقه ،ول يصدق هذا الوصف على عيسى عليه السلم لنه قال) :وإن سمع أحد كلمي، ولم يؤمن ،فأنا ل أدينه لني لم آت لدين العالم ،بل لخلص العالم( .كما هو في الباب الثاني عشر من إنجيل يوحنا ،وصدقه على محمد صلى ال عليه وسلم غير محتاج إلى البيان ،لنه كان مأمورا بتنبيه الفجار الشرار ،فإن سقطوا عليه ترضضوا ،وإن سقط هو عليهم سحقهم.
) (4/1180
)الثالث( قال النبي صلى ال عليه وسلم) :مثلي ومثل النبياء ،كمثل قصر أحسن بنيانه ،وترك منه موضع لبنة ،فطاف به النظار ،يتعجبون من حسن بنيانه ،إل موضع تلك اللبنة ،ختم بي البنيان، وختم بي الرسل( .ولما ثبتت نبوته بالدلة الخرى كما ذكرت نبذا منها في المسالك السابقة ،فل
بأس بأن استدل في هذه البشارة بقوله أيضاا. )والرابع( أن المتبادر من كلم المسيح أن هذا الحجر غير البن.
)البشارة السابعة عشر( في الباب الثاني من المشاهدات هكذا) 26 :ومن يغلب ،ويحفظ أعمالي إلى النهاية ،فسأعطيه سلطانا على المم( ) 27فيرعاهم بقضيب من حديد ،كما تكسر آنية من
خزف ،كما أخذت أيضا من عند أبي( ) 28وأعطيه كوكب الصبح( ) 29من له أذن فليسمع ما يقول الروح بالكنائس( .فهذا الغالب الذي أعطى سلطان ا على المم ،ويرعاهم بالقضيب من
حديد،
) (4/1181
هو محمد صلى ال عليه وسلم .كما قال ال في حقه} :وينصرك ال نصرا عزيزاا{ وقد سماه سطيح الكاهن صاحب الهراوة ،روى أن ليلة ولدته صلى ال عليه وسلم انشق إيوان كسرى أنو شروان، وسقط من ذلك أربع عشرة شرافة ،وخمدت نار فارس ،ولم تخمد قبل ذلك بألف عام ،وغارت بحيرة ساوة بحيث صارت يابسة ،ورأى الموبذان في نومه أن إبلا صعابا تقود خيلا عرابا فقطعت
) (4/1182
دجلة وانتشرت في بلدها ،فخاف كسرى من حدوث هذه المور وأرسل عبد المسيح إلى سطيح الكاهن الذي كان في الشام ،ولما وصل عبد المسيح إليه ،وجده في سكرات الموت فذكر هذه المور عنده ،فأجاب سطيح) :إذا كثرت التلوة ،وظهر صاحب الهراوة ،وغاضت بحيرة ساوة، وخمدت نار فارس ،فليست بابل للفرس مقاماا ،ول الشام لسطيح مناماا ،يملك منهم ملوك
وملكات على عدد الشرافات ،وكل ما هو آت آت( .ثم مات سطيح من ساعته ،ورجع عبد
المسيح ،فأخبر أنو شروان بما قال سطيح ،قال كسرى إلى أن يملك أربعة عشر ملكاا ،كانت أمور وأمور ،فملك منهم عشرة في أربع سنين ،وملك الباقون إلى خلفة عثمان رضي ال عنه ،فهلك
آخرهم يزدجر في خلفته .والهراوة بكسر الهاء العصا الضخمة ،وكوكب الصبح عبارة عن القرآن، قال ال تعالى في سورة النساء:
) (4/1183
}وأنزلنا إليكم نورا مبيناا{ ،وفي سورة التغابن} :فآمنوا بال ورسوله والنور الذي أنزلنا{ .
قال صاحب صولة الضيغم بعد نقل هذه البشارة ،قلت للقسيسين ويت ،ووليم عند المناظرة :إن
صاحب هذا القضيب من حديد محمد صلى ال عليه وسلم ،فاضطربا بسماع هذا المر ،وقال :إن عيسى عليه السلم ،حكم بهذا الكنيسة ثياثيراا ،فل بد أن يكون ظهور مثل هذا الشخص هناك، ومحمد صلى ال عليه وسلم ما راح هناك ،قلت :هذه الكنيسة في أية ناحية كانت .فرجعا إلى كتب اللغة ،وقال :كانت في أرض الروم ،قريبة من استانبول .قلت :راح أصحاب محمد
) (4/1184
صلى ال عليه وسلم في خلفة الفاروق العظم ،عمر رضي ال عنه ،إلى هذه البلد ،وفتحوها، وبعد الصحابة ،رضي ال عنهم ،كان المسلمون أيض ا متسلطين عليها في أكثر الوقات ،ثم تسلط سلطين آل عثمان ،أدام ال سلطنتهم من المدة المديدة ،وهم متسلطون إلى هذا الحين ،فهذا
الخبر صريح في حق محمد ،صلى ال عليه وسلم ،انتهى كلمه. قلت :الفاضل عباس علي الجاجموي الهندي ،صنف أولا كتاباا ،كبيرا في رد أهل التثليث ،وسماه
صولة الضيغم على أعداء ابن مريم ،ثم ناظر هو رحمه ال ويت ،ووليم القسيسين في البلد كانفور من بلد الهند وألزمهما ،ثم اختصر كتابه ،وسمجى المختصر خلصة صولة الضيغم ،ومناظرته كانت قبل أن ناظر صاحب ميزان الحق في أكبر آباد بمقدار اثنتين وعشرين سنة.
)البشارة الثامنة عشر( وهذه البشارة واقعة في آخر أبواب إنجيل يوحنا ،وأنا أنقل عن التراجم العربية المطبوعة سنة 1821وسنة 1831وسنة 1844في بلدة لندن ،فأقول :في الباب الرابع عشر من إنجيل يوحنا هكذا) 15 :إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي( ) 16وأنا أطلب من الب فيعطيكم فارقليط آخر ليثبت معكم إلى البد( ) 17روح الحق الذي لن يطيق العالم أن يقبله لنه ليس يراه ول يعرفه وأنتم تعرفونه لنه مقيم عندكم وهو ثابت فيكم( ) 26والفارقليط روح القدس الذي يرسله الب باسمي هو يعلمكم كل شيء وهو يذكركم كل ما قلته لكم( ) 30والن قد قلت لكم قبل أن يكون حتى إذا كان تؤمنون( .
) (4/1185
وفي الباب الخامس عشر من إنجيل يوحنا هكذا) :فأما إذا جاء الفارقليط الذي أرسله أنا إليكم من الب روح الحق الذي من الب ينبثق هو يشهد لجلي( ) 27وأنتم تشهدون لنكم معي من البتداء( .وفي الباب السادس عشر من إنجيل يوحنا هكذا) 7 :لكني أقول لكم الحق أنه خير لكم أن انطلق لني إن لم أنطلق لم يأتكم الفارقليط فأما إن انطلقت أرسلته إليكم( ) 8فإذا جاء ذاك فهو يوبخ العالم على خطية وعلى بر وعلى حكم( ) 9أما على الخطية فلنهم لم يؤمنوا بي( ) 10وأما على البر فلني منطلق إلى الب ولستم ترونني بعد( ) 11وأما على الحكم فإن أركون هذا العالم قد دين( ) 12وأن لي كلما كثيرا أقوله لكم ولكنكم لستم تطيقون حمله الن( 13 )وإذا جاء روح الحق ذاك فهو يعلمكم جميع الحق لنه ليس ينطق من عنده بل يتكلم بكل ما
يسمع ويخبركم بما سيأتي( ) 14وهو يمجدني لنه يأخذ مما هو لي ويخبركم( ) 15جميع ما هو الب فهو لي فمن أجل هذا قلت أن مما هو لي يأخذ ويخبركم( .
) (4/1186
وأنا أقدم قبل بيان وجه الستدلل بهذه العبارات أمرين: المر الول :أنك قد عرفت في المر السابع ،أن أهل الكتاب سلفا وخلفا عادتهم أن يترجموا
غالب ا السماء ،وأن عيسى عليه السلم كان يتكلم باللسان العبراني ل باليوناني ،فإذا ل يبقى شك في أن النجيلي الرابع ترجم اسم المبشر به باليوناني بحسب عادتهم ،ثم مترجمو العربية عربوا
اللفظ اليوناني بفارقليط ،وقد وصلت إلى رسالة صغيرة في لسان أردو من رسائل القسيسين في سنة ألف ومائتين وثمان وستين من الهجرة ،وكانت هذه الرسالة طبعت في كلكته وكانت في تحقيق لفظ فارقليط ،وادعى مؤلفها أن مقصوده أن ينبه المسلمين على سبب وقوعهم في الغلط من لفظ فارقليط ،وكان ملخص كلمه) :أن هذا اللفظ معرب من اللفظ اليوناني فإن قلنا أن هذا اللفظ اليوناني الصل باراكلي طوس فيكون بمعنى المعزي والمعين والوكيل ،وإن قلنا أن اللفظ الصل بيركلو طوس يكون قريبا من معنى محمد وأحمد ،فمن استدل من علماء السلم بهذه البشارة فهم أن اللفظ الصل بيركلو طوس ومعناه قريب من معنى محمد وأحمد ،فادعى أن عيسى عليه السلم
أخبر بمحمد أو أحمد لكن الصحيح أنه باراكلي طوس( انتهى ملخص ا من كلمه.
فأقول أن التفاوت بين اللفظين يسير جدا وأن الحروف اليونانية كانت متشابهة ،فتبدل بيركلو طوس بياراكلي طوس في بعض النسخ من الكاتب قريب القياس ،ثم رجح أهل التثليث المنكرين هذه
النسخة على النسخ الخر ،ومن تأمل في الباب الثاني من هذا الكتاب والمر السابع من هذا المسلك
) (4/1187
السادس بنظر النصاف ،اعتقد يقينا بأن مثل هذا المر من أهل الديانة من أهل التثليث ليس ببعيد ،بل ل يبعد أن يكون من المستحسنات.
والمر الثاني :أن البعض ادعوا قبل ظهور محمد صلى ال عليه وسلم ،أنهم مصاديق لفظ ،فارقليط مث لا منتنس المسيحي الذي كان في القرن الثاني من الميلد ،وكان مرتاضا شديدا وأتقى عهده،
ادعى في قرب سنة 177من الميلد في آسيا الصغير الرسالة وقال إني هو الفارقليط الموعود به الذي وعد بمجيئه عيسى عليه السلم وتبعه أناس كثيرون في ذلك كما هو مذكور في بعض
التواريخ. وذكر وليم ميور حاله وحال متبعيه في القسم الثاني من الباب الثالث من تاريخه بلسان أردو
المطبوع سنة 1848من الميلد هكذا) :أن البعض قالوا أنه ادعى أني فارقليط يعني المعزي روح القدس وهو كان أتقى ومرتاضا شديدا ولجل ذلك قبله الناس قبولا زائداا( انتهى كلمه .فعلم أن انتظار فارقليط كان في القرون الولى المسيحية أيض ا ولذلك كان الناس يدعون مصاديقه وكان
المسيحيون يقبلون دعاويهم .وقال صاحب لب التواريخ) :أن اليهود والمسيحيين من معاصري
محمد صلى ال عليه وسلم كانوا منتظرين لنبي فحصل لمحمد من هذا المر نفع عظيم لنه ادعى أني هو ذاك المنتظر( انتهى ملخص كلمه. فيعلم من كلمه أيض ا أن أهل الكتاب كانوا منتظرين لخروج نبي في زمان النبي صلى ال عليه
وسلم ،وهو الحق لن النجاشي ملك الحبشة لما وصل إليه كتاب محمد صلى ال عليه وسلم
)فقال أشهد بال أنه للنبي الذي ينتظره أهل الكتاب( وكتب
) (4/1188
الجواب وكتب في الجواب )أشهد أنك رسول ال صادق ا ومصدقاا ،وقد بايعتك وبايعت ابن عمك أي جعفر بن أبي طالب ،وأسلمت على يديه ل رب العالمين( وهذا النجاشي قبل السلم كان
نصرانياا ،وكتب المقوقس ملك القبط في جواب كتاب النبي صلى ال عليه وسلم هكذا) :لمحمد
بن عبد ال من المقوقس عظيم القبط سلم عليك أما بعد فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه
وما تدعوا إليه ،وقد علمت أن نبي ا قد بقي وقد كنت أظن أنه يخرج بالشام وقد أكرمت رسولك(
والمقوقس هذا وإن لم يسلم لكنه أقر في كتابه أني قد علمت أن نبي ا قد بقي وكان نصرانياا ،فهذان الملكان ما كانا يخافان في ذلك الوقت من محمد صلى ال عليه وسلم لجل شوكته الدنيوية، وجاء الجارود بن العلء في قومه إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال :وال لقد
) (4/1189
جئت بالحق ونطقت بالصدق ،والذي بعثك بالحق نبي ا لقد وجدت وصفك في النجيل وبشر بك ابن البتول فطول ،التحية لك والشكر لمن أكرمك ،ل أثر بعد عين ول شك بعد يقين ،مد يدك
فأنا أشهد أن ل إله إل ال وأنك محمد رسول ال( ،ثم آمن قومه وهذا الجارود كان من علماء النصارى وقد أقر بأنه قد بشر بك ابن البتول أي عيسى عليه السلم ،فظهر أن المسيحيين أيض ا
كانوا منتظرين لخروج نبي بشر به عيسى عليه السلم ،فإذا علمت ذلك فأقول أن اللفظ العبراني الذي قاله عيسى عليه السلم مفقود ،واللفظ اليوناني الموجود ترجمة ،لكني أترك البحث عن الصل ،وأتكلم على هذا اللفظ اليوناني الصل بيركلو طوس فالمر ظاهر ،وتكون بشارة المسيح في حق محمد صلى ال عليه وسلم بلفظ هو قريب من محمد ،وأحمد ،وهذا وإن كان قريب القياس بلحاظ عاداتهم لكني أترك هذا الحتمال ،لنه ل يتم عليهم إلزاما وأقول إن
كان اللفظ اليوناني الصل بارا كلي طوس كما يدعون فهذا ل ينافي الستدلل أيضاا ،لن
) (4/1190
معناه المعزي ،والمعين ،والوكيل ،على ما بين صاحب الرسالة ،أو الشافع ،كما يوجد في الترجمة العربية المطبوعة سنة ،1816وهذه المعاني كلها تصدق على محمد صلى ال عليه وسلم .وأنا أبين الن أولا أن المراد بفارقليط النبي المبشر به أعني محمدا صلى ال عليه وسلم ل الروح النازل على تلميذ عيسى عليه السلم يوم الدار ،الذي جاء ذكره في الباب الثاني من كتاب
العمال .وأذكر ثاني ا شبهات العلماء المسيحية وأجيب عنها فأقول: أما الول :فيدل عليه أمور:
ل ،إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي( ثم أخبر عن فارقليط ] [1أن عيسى عليه السلم قال) :أو ا
فمقصوده عليه السلم ،أن يعتقد السامعون بأن ما يلقى عليهم يعد ضروري واجب الرعاية ،فلو كان فارقليط عبارة عن الروح النازل يوم الدار لما كانت الحاجة إلى هذه الفقرة ،لنه ما كان مظنون ا أن
يستبعد الحواريون نزول الروح عليهم مرة أخرى ،لنهم كانوا مستفيضين به من قبل أيضاا ،بل ل
مجال للستبعاد أيضا لنه إذا نزل على قلب أحد وحل فيه يظهر أثره ل محالة ظهورا بيناا ،فل
يتص جور إنكار المتأثر منه وليس ظهوره عندهم في صورة يكون فيه مظنة يكون الستبعاد ،فهو عبارة عن النبي المبشر به ،فحقيقة المر أن المسيح عليه السلم لما علم بالتجربة وبنور النبجوة أن
الكثيرين من أمته ينكرون النبي المبشر به عند ظهوره ،فأكد أولا بهذه الفقرة ثم أخبر عن مجيئه.
) (4/1191
] [2أن هذا الروح متحد بالب مطلقا وبالبن ،نظرا إلى لهوته اتحادا حقيقيا فل يصدق في حقه )فارقليط آخر( بخلف النبي المبشر به فإنه يصدق هذا القول في حقه بل تكلف.
] [3أن الوكالة والشفاعة من خواص النبجوة ل من خواص هذا الروح المتحد بال ،فل يصدقان على الروح ويصدقان على النبي المبشر به بل تكلف.
] [4أن عيسى عليه السلم قال) :هو يذكركم كل ما قلته لكم( .ولم يثبت من رسالة من رسائل العهد الجديد ،أن الحواريين كانوا قد نسوا ما قاله عيسى عليه السلم ،وهذا الروح النازل يوم الدار ذكرهم إياه. ] [ 5أن عيسى عليه السلم قال) :والن قد قلت لكم قبل أن يكون حتى إذا كان تؤمنون( .وهذا يدل على أن المراد به ليس الروح لنك قد عرفت في المر الول أنه ما كان عدم اليمان مظنونا منهم وقت نزوله ،بل ل مجال للستبعاد أيضاا ،فل حاجة إلى هذا القول ،وليس من شأن الحكيم
العاقل أن يتكلم بكلم فضول فضلا عن شأن النبي العظيم الشأن ،فلو أردنا به النبي المبشر به يكون هذا الكلم في محله ،وفي غاية الستحسان لجل التأكيد مرة ثانية.
] [6أن عيسى عليه السلم قال) :هو يشهد لجلي( .وهذا الروح ما شهد لجله بين يدي أحد، لن تلميذه الذين نزل عليهم ما كانوا محتاجين إلى الشهادة ،لنهم كانوا يعرفون المسيح حق المعرفة قبل نزوله أيضاا ،فل فائدة للشهادة بين أيديهم ،والمنكرون الذين كانوا محتاجين للشهادة
فهذا الروح ما شهد بين أيديهم بخلف محمد صلى ال عليه وسلم فإنه شهد لجل المسيح عليه
]ص [284السلم وصدقه وبرأه عن ادعاء اللوهية ،الذي هو أشد أنواع
) (4/1192
الكفر والضلل ،وبرأ أمه عن تهمة الزنا ،وجاء ذكر براءتهما في القرآن في مواضع متعددة ،وفي الحاديث في مواضع غير محصورة. ] [7أن عيسى عليه السلم قال) :وأنتم تشهدون لنكم معي من البتداء ،وهذه الية في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1816هكذا) :وتشهدون أنتم أيضا لنكم كنتم معي من البتداء( .وفي
الترجمة العربية المطبوعة سنة 1860هكذا) :وتشهدون أنتم أيض ا لنكم معي من البتداء( فيوجد
في هذه التراجم الثلث لفظ أيضاا ،وكذا يوجد في التراجم الفارسية المطبوعة سنة 1816وسنة
1828وسنة 1841وفي ترجمة أردو المطبوعة سنة 1814ترجمة لفظ أيضاا ،فلفظ أيضا سقط
من التراجم التي نقلت عنها عبارة يوحنا سهوا أو قصداا ،فهذا القول يدل دللة ظاهرة على أن شهادة الحواريين غير شهادة فارقليط ،فلو كان المراد به الروح النازل يوم
) (4/1193
الدار فل توجد مغايرة الشهادتين ،لن الروح المذكور لم يشهد شهادة مستقلة غير شهادة الحواريين ،بل شهادة الحواريين هي شهادته بعينها ،لن هذا الروح مع كونه إلها متحدا بال اتحادا حقيقيا بريا من النزول والحلول والستقرار والشكل التي هي من عوارض الجسم والجسمانيات،
نزل مثل ريح عاصفة وظهر في أشكال ألسنة منقسمة كأنها من نار ،واستقرت على كل واحد منهم
يوم الدار ،فكان حالهم كحال من عليه أثر الجن ،فكما أن قول الجن يكون قوله في تلك الحالة فكذلك كانت شهادة الروح هي شهادة الحواريين ،فل يصح هذا القول بخلف ما إذا كان المراد به النبي المبشر به ،فإن شهادته غير شهادة الحواريين. ] [8أن عيسى عليه السلم قال) :إن لم أنطلق لم يأتكم الفارقليط فأما إن انطلقت أرسلته إليكم( .فعلق مجيئه بذهابه وهذا الروح عندهم نزل على الحواريين في حضوره لما أرسلهم إلى البلد السرائيلية ،فنزوله ليس بمشروط بذهابه ،فل يكون مرادا بفارقليط ،بل المراد به شخص لم يستفض منه أحد من الحواريين قبل زمان صعوده ،وكان مجيئه موقوفا على ذهاب عيسى عليه
السلم ،ومحمد صلى ال عليه وسلم كان كذلك ،لنه جاء بعد ذهاب عيسى عليه السلم ،وكان
مجيئه موقوف ا على ذهاب عيسى عليه السلم ،لن وجود رسولين ذوي شريعتين مستقلتين في زمان واحد غير جائز ،بخلف ما إذا كان الخر متبعا لشريعة الول أو يكون كل من الرسل متبعا لشريعة واحدة ،لنه يجوز في هذه الصورة وجود اثنين أو أكثر في زمان واحد ومكان واحد ،كما ثبت
وجودهم ما بين زمان موسى عليه السلم وعيسى عليه السلم.
) (4/1194
] [9أن عيسى عليه السلم قال) :يوبخ العالم( .فهذا القول بمنزلة النص الجلي لمحمد صلى ال عليه وسلم ،لنه وبخ العالم سيما اليهود على عدم إيمانهم بعيسى عليه السلم توبيخا ل يشك فيه
إل معاند بحت ،وسيكون ابنه الرشيد محمد المهدي رفيق ا لعيسى عليه السلم في زمان قتل
الدجال العور ومتابعيه ،بخلف الروح النازل يوم الدار ،فإن توبيخه ل يصح على أصول أحد ،وما كان التوبيخ منصب الحواريين بعد نزوله أيضاا ،لنهم كانوا يدعون إلى الملة بالترغيب والوعظ ،وما قال رانكين في كتابه المسمى بدافع البهتان الذي هو بلسان أردو في رده على خلصة صولة
الضيغم) :إن لفظ التوبيخ ل يوجد في النجيل ول في ترجمة من تراجم النجيل ،وهذا المستدل أورد هذا اللفظ ليصدق على محمد صدقا بينا لجل أن محمد صلى ال عليه وسلم وبخ وهدد
كثيراا ،إل أن مثل هذا التغليط ليس من شأن المؤمنين والخائفين من ال( انتهى كلمه فمردوده.
وهذا القسيس إما جاهل غالط أو مغلط ليس له إيمان ول خوف من ال ،لن هذا اللفظ يوجد في
التراجم العربية المذكورة التي نقلت عنها عبارة يوحنا ،وفي الترجمة المطبوعة 1671في الرومية العظمى ،وعبارة الترجمة العربية المطبوعة في بيروت سنة 1860هكذا) :ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية الخ( . وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1816وسنة ،1825وفي التراجم الفارسية المطبوعة سنة 1816وسنة 1828وسنة 1841يوجد لفظ اللزام ،ولفظ التبكيت واللزام أيض ا قريبان من التوبيخ لكن ل شكاية منه ،لن مثل هذا المر من عادات علماء بروتستنت ولذلك ترى أن
مترجمي
) (4/1195
الفارسية وأردو تركوا لفظ فارقليط لشهرته عند المسلمين في حق محمد صلى ال عليه وسلم، ومترجم ترجمة أردو المطبوعة سنة 1839فإن هؤلء أسلفه أيضاا ،حيث أرجع إلى الروح ضمائر المؤنث ليحصل الشتباه للعوام أن مصداق هذا اللفظ مؤنث وليس بمذكر.
] [10قال عيسى عليه السلم) :أما على الخطية فلنهم لم يؤمنوا بي( وهذا يدل على أن فارقليط يكون ظاهرا على منكري عيسى عليه السلم موبخ ا لهم على عدم اليمان به ،والروح النازل يوم الدار ما كان ظاهرا على الناس موبخا لهم.
] [11قال عيسى عليه السلم) :إن لي كلما كثيرا أقوله لكم ،ولكنكم لستم تطيقون حمله
الن( .وهذا ينافي إرادة الروح النازل يوم الدار لنه ما زاد حكم ا على أحكام عيسى عليه السلم، لنه على زعم أهل التثليث كان أمر الحواريين بعقيدة التثليث وبدعوة أهل العالم كله ،فأي أمر
حصل لهم أزيد من أقواله التي قال لهم إلى زمان صعوده .نعم بعد نزول هذا الروح ،أسقطوا جميع
أحكام التوراة التي هي ما عدا بعض الحكام العشرة المذكورة في الباب العشرين من سفر الخروج، وحللوا جميع المحرمات وهذا المر ل يجوز في حقه أن يقال أنهم ما كانوا يستطيعون حمله، لنهم استطاعوا حمل سقوط حكم تعظيم السبت الذي هو أعظم أحكام التوراة ،الذي كان اليهود ينكرون كون عيسى عليه السلم مسيح ا موعودا به لجل عدم مراعاته هذا الحكم ،فقبول سقوط
جميع الحكام كان أهون عندهم ،نعم قبول زيادة الحكام لجل ضعف اليمان ،وضعف القوة إلى
زمان صعوده كما يعترف به علماء بروتستنت،
) (4/1196
كان خارج ا عن استطاعتهم .فظهر أن المراد بفارقليط نبي تزاد في شريعته أحكام بالنسبة إلى الشريعة العيسوية ويثقل حملها على المكلفين الضعفاء وهو محمد صلى ال عليه وسلم.
] [12أن عيسى عليه السلم قال) :ليس ينطق من عنده بل يتكلم بكل ما يسمع( . وهذا يدل على أن فارقليط يكون بحيث يكذبه بنو إسرائيل ،فاحتاج عيسى عليه السلم أن يقرر حال صدقه فقال هذا القول ،ول مجال لمظنة التكذيب في حق الروح النازل يوم الدار ،على أن هذا الروح عندهم عين ال فل معنى لقوله بل يتكلم بما يسمع .فمصداقه محمد صلى ال عليه وسلم ،فإنه كان في حقه مظنة التكذيب وليس هو عين ال وكان يتكلم بما يوحى إليه كما قال ال تعالى} :وما ينطق عن الهوى إن هو إل وحي يوحى{ وقال} :إن اتبع إل ما يوحى إلني{ .
] [13أن عيسى عليه السلم قال) :أنه يأخذ مما هو لي( .وهذا ل يصدق على الروح ،لنه عند أهل التثليث قديم وغير مخلوق وقادر مطلق ليس له كمال منتظر بل كل كمال من كمالته حاصل له بالفعل ،فل بد أن يكون الموعود به من الجنس الذي يكون له كمال منتظر ،ولما كان هذا الكلم موهم ا أن يكون هذا النبي مطيع ا لشريعته ،دفعه بقوله فيما بعد:
) (4/1197
)جميع ما للب فهو لي فلجل هذا قلت مما هو لي يأخذ( .يعني أن كل شيء يحصل لفارقليط من ال فكأنه يحصل مني ،كما اشتهر من كان ل كان ال له ،فلجل هذا قلت أن مما هو لي يأخذ.
وأما الثاني أعني الشبهات التي توردها علماء بروتستنت فخمسة: الشبهه على البشارة الثامنة عشر: )الشبهة الولى( جاء في هذه العبارة تفسير فارقليط بروح القدس وروح الحق وهما عبارتان عن الفنوم الثالث ،فكيف يصح أن يراد بفارقليط محمد صلى ال عليه وسلم أقول في الجواب :أن صاحب ميزان الحق يدعي في تأليفاته كون ألفاظ روح ال وروح القدس وروح الحق وروح الصدق وروح فم ال بمعنى واحد ،وقال في الفصل الول من الباب الثاني من مفتاح السرار في الصفحة 53من النسخة الفارسية المطبوعة سنة ) :1850أن لفظ روح ال ولفظ روح القدس في التوراة والنجيل بمعنى واحد( انتهى .فادعى أن هذين اللفظين يستعملن بمعنى واحد في العهدين وقال في حل الشكال في جواب كشف الستار) :من له شعور ما بالتوراة والنجيل فهو يعرف أن ألفاظ روح القدس وروح الحق وروح فم ال وغيرها بمعنى روح ال فلذلك ما رأيت إثباته ضرورياا( انتهى. فإذا عرفت هذا القول نحن نقطع النظر عن صحة ادعائه وعدم صحته ههنا ونسلم ترادف هذه
اللفاظ على زعمه لكنا ننكر أن استعمالها في كل موضع من مواضع العهدين بمعنى القنوم الثالث ونقول قولا مطابقا
) (4/1198
لقوله من له شعور ما بكتب العهدين ،يعرف أن هذه اللفاظ تستعمل في غير القنوم كثيراا ،في
الية الرابعة عشر من الباب السابع والثلثين من كتاب حزقيال قول ال تعالى في خطاب ألوف من الناس الذين أحياهم بمعجزة حزقيال عليه السلم هكذا) :فأعطى فيكم روحي( . ففي هذا القول روح ال بمعنى النفس الناطقة النسانية ل بمعنى القنوم الثالث الذي هو عين ال على زعمهم ،وفي الباب الرابع من الرسالة الولى ليوحنا هكذا ترجمة عربية سنة ) 1 :1760أيها الحباء ل تصدقوا كل روح ،بل امتحنوا الرواح هل هي من ال ،لن النبياء الكذبة كثيرون قد خرجوا إلى العالم( ) 2بهذا تعرفون روح ال ،كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فهو من ال( ) 6نحن من ال فمن يعرف ال يسمع لنا ،ومن ليس من ال ل يسمع لنا ،من هذا نعرف روح الحق وروح الضلل( .وهذه الجملة الواقعة في الية الثانية) :بهذا تعرفون روح ال( . وفي التراجم الخر هكذا ترجمة عربية سنة ،1821وسنة ،1831وسنة ) :1844وبهذا يعرف روح ال( .ترجمة عربية سنة ) :1825فإنكم تميزون روح ال ولفظ روح ال في الية الثانية ،ولفظ
روح الحق في الية السادسة ،بمعنى الواعظ الحق ل بمعنى القنوم الثالث ،ولذلك ترجم مترجم ترجمة أردو المطبوعة سنة 1845لفظ كل روح بكل واعظ ،ولفظ الرواح
) (4/1199
بالواعظين في الية الولى ولفظ روح في الية الثانية بالواعظ من جانب ال ،ولفظ روح الحق في الية السادسة بالواعظ الصادق ،وترجم لفظ روح الضلل بالواعظ المضل ،وليس المراد بروح ال وروح الحق القنوم الثالث الذي هو عين ال على زعمهم وهو ظاهر فتفسير فارقليط بروح القدس وروح الحق ل يضرنا لنهما بمعنى الواعظ الحق ،كما أن لفظ روح الحق وروح ال بهذا المعنى في الرسالة الولى ليوحنا ،فيصح إطلقهما على محمد صلى ال عليه وسلم بل ريب. )الشبهة الثانية( أن المخاطبين بضميرهم الحواريون ،فل بد أن يظهر فارقليط في عهدهم ،ومحمد صلى ال عليه وسلم لم يظهر في عهدهم ،أقول هذا أيضا ليس بشيء ،لن منشأه أن الحاضرين
وقت الخطاب ل بد أن يكونوا مراضين بضمير الخطاب وهو ليس بضروري في كل موضع ،أل ترى أن قول عيسى عليه السلم في الية الرابعة والستين من الباب السادس والعشرين من إنجيل متى
في خطاب رؤساء الكهنة والشيوخ والمجمع هكذا) :وأيضا أقول لكم من الن تبصرون ابن
النسان جالسا عن يمين القوة وآتيا على سحاب السماء( .وهؤلء المخاطبون قد ماتوا ومضت على موتهم مدة هي أزيد من ألف وثمانمائة سنة ،وما رأوه آتي ا على سحاب السماء ،فكما أن المراد بالمخاطبين ههنا الموجودون من قومهم وقت نزوله من السماء ،فكذلك فيما نحن فيه
المراد الذين يوجدون وقت ظهور فارقليط. )الشبهة الثالثة( أنه وقع في حق فارقليط أن العالم ل يراه ول يعرفه ،وأنتم تعرفونه وهو ل يصدق على محمد صلى ال عليه وسلم ،لن الناس رأوه وعرفوه
) (4/1200
أقول هذا أيضا ليس بشيء ،وهم أحوج الناس تأويلا في هذا القول بالنسبة إلينا ،لن روح القدس
عين ال عندهم والعالم يعرف ال أكثر من معرفة محمد صلى ال عليه وسلم ،فل بد أن نقول أن المراد بالمعرفة المعرفة الحقيقية الكاملة ،ففي صورة التأويل ل اشتباه في صدق هذا القول على
محمد صلى ال عليه وسلم ،ويكون المقصود أن العالم ل يعرفه معرفة حقيقية كاملة ،وأنتم تعرفونه معرفة حقيقية كاملة ،والمراد بالرؤية المعرفة ،ولذا لم يعد عيسى عليه السلم لفظ الرؤية بعد لفظ أنتم بل قال وأنتم تعرفونه. ولو حملنا الرؤية على الرؤية البصرية يكون نفي الرؤية محمولا على ما هو المراد في قول النجيلي الول في الباب الثالث عشر من إنجيله ،وأنقل عبارته عن الترجمة العربية المطبوعة سنة 1816
وسنة ) 13 :1825فلذلك أضرب لهم المثال لنهم ينظرون ول يبصرون ،ويسمعون ول يستمعون ول يفهمون( ) 14وقد كمل فيهم تنبأ أشعيا حيث قال إنكم تستمعون سمع ا ول تفهمون وتنظرون
نظرا ول تبصرون( .فل إشكال أيض ا وأمثال هذين المرين وإن كانت معاني مجازية لكنها بمنزلة
الحقيقة العرفية .ووقعت في كلم عيسى عليه السلم كثيراا :في الية السابعة والعشرين من الباب الحادي عشر من إنجيل متى هكذا) :وليس أحد يعرف البن إل الب ول أحد يعرف الب إل
البن ومن أراد البن أن يعلن له( .
) (4/1201
وفي الية الثامنة والعشرين من الباب السابع من إنجيل يوحنا هكذا) :الذي أرسلني حق الذي أنتم لستم تعرفونه( . وفي الباب الثامن من إنجيل يوحنا هكذا) :لستم تعرفوني أنا ول أبي ،لو عرفتموني لعرفتم أبي أيضاا( ) 55ولستم تعرفونه أي ال( الخ.
وفي الية الخامسة والعشرين من الباب السابع عشر من إنجيل يوحنا هكذا) :أيها الب إن العالم
لم يعرفك أما أنا فعرفتك( . وفي الباب الرابع عشر من إنجيل يوحنا هكذا) 7 :لو كنتم قد عرفتموني لعرفتم أبي أيض ا ومن الن
تعرفونه وقد رأيتموه( ) 8قال له فيلبس يا سيد أرنا الب وكفانا( ) 9قال له يسوع أنا معكم زمان ا هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس الذي رآني فقد رأى الب ،فكيف تقول أنت أرنا الب( .
فالمراد في هذه القوال بالمعرفة المعرفة الكاملة وبالرؤية المعرفة ،وإل ل تصح هذه القوال يقيناا، لن العوام من الناس كانوا يعرفون عيسى عليه السلم فضلا عن رؤساء اليهود ،والكهنة ،والمشايخ،
والحواريين ،ورؤية ال بالبصر في هذا العالم ممتنعة عند أهل التثليث أيضاا. )الشبهة الرابعة( أنه وقع في حق فارقليط) :أنه مقيم عندكم ،وثابت فيكم( .ويظهر من هذا القول
أن فارقليط كان في وقت الخطاب مقيما عند الحواريين ،وثابتا فيهم ،فكيف يصدق على محمد
صلى ال عليه وسلم.
أقول :إن هذا القول في التراجم الخرى هكذا ترجمة عربية سنة
) (4/1202
،1816وسنة ) :1825لنه مستقر معكم ،وسيكون فيكم( .والتراجم الفارسية المطبوعة سنة ،1816وسنة ،1828وسنة .1841وترجمة أردو المطبوعة سنة ،1814وسنة ،1839كلها مطابقة لهاتين الترجمتين ،وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1860هكذا) :ماكث معكم ،ويكون فيكم( .فظهر أن المراد بقوله ثابت فيكم الثبوت الستقبالي يقيناا ،فل اعتراض به لوجه من
الوجوه ،وبقي قوله مقيم عندكم فأقول :ل يصح حمل هذا القول على معنى هو مقيم عندكم الن، لنه ينافي قوله) :أنا أطلب من الب فيعطيكم فارقليط آخر( ،وقوله) :قد قلت لكم قبل أن
يكون ،حتى إذا كان تؤمنون( ،وقوله) :إن لم أنطلق لم يأتكم الفارقليط( ،وإذا أأول نقول أنه بمعنى الستقبال ،كما أن القول الذي بعده بمعنى الستقبال ،ومعناه يكون مقيم ا عندكم في
الستقبال ،فل خدشة في صدقه أيضا على محمد صلى ال عليه وسلم .والتعبير عن الستقبال
بالحال بل بالماضي في المور المتيقنة كثير في العهدين ،أل ترى أن حزقيال عليه السلم أخبر أولا عن خروج يأجوج ومأجوج ،في الزمان المستقبل ،وإهلكهم حين وصولهم إلى جبال إسرائيل. ثم قال في الية الثامنة من الباب التاسع والثلثين من كتابه هكذا) :ها هو جاء وصار يقول الرب الله هذا هو اليوم الذي قلت عنه( .فانظروا إلى قوله ها هو جاء وصار ،وهذا القول في الترجمة
الفارسية المطبوعة سنة 1839هكذا) :ابنك رسيد وبوقوع يبوست( فعبر عن الحال المستقبل بالماضي لكونه يقين ا ل شك فيه وقد مضت مدة أزيد من ألفين
) (4/1203
وأربعمائة وخمسين سنة ولم يظهر خروجهم. وفي الية الخامسة والعشرين من الباب الخامس من إنجيل يوحنا هكذا) :الحق الحق أقول لكم أنه تأتي ساعة وهي الن حين يسمع الموات صوت ابن ال والسامعون يحيون( فانظروا إلى قوله
وهي الن وقد مضت مدة أزيد من ألف وثمانمائة ولم تجيء هذه الساعة والى الن أيضا مجهولة
ل يعرف أحد متى تجيء.
)الشبهة الخامسة( في الباب الول من كتاب العمال هكذا) 4 :وفيما هو مجتمع معهم أوصاهم أن ل يبرحوا من أورشليم بل ينتظروا موعد الب الذي سمعتموه مني( ) 5لن يوحنا عمد بالماء وأما أنتم فستعمدون بالروح القدس ليس بعد هذه اليام بكثير( .وهذا يدل على أن فارقليط ،هو الروح النازل يوم الدار .لن المراد بوعد الب هو فارقليط ،أقول الدعاء بأن المراد بموعد الب هو فارقليط ،ادعاء محض ،بل هو غلط لثلثة عشر وجه ا وقد عرفتها ،بل الحق أن الخبار عن فارقليط شيء ،والوعد بإنزال الروح عليه مرة أخرى شيء آخر وقد وفى ال بالوعدين ،وقد عبر
بالوعد الول بمجيء فارقليط ،وههنا بموعد الب .غاية المر أن يوحنا نقل بشارة فارقليط ،ولم ينقلها النجيليون الباقون ،ولوقا نقل موعد نزول الروح الذي نزل يوم الدار ولم ينقله يوحنا. ول بأس فيه فإنهم قد يتفقون في نقل القوال الخسيسة ،كركوب عيسى عليه السلم على الحمار وقت الذهاب إلى
) (4/1204
أورشليم ،اتفق على نقله الربعة ،وقد يتخالفون في نقل الحوال العظيمة ،أل ترى أن لوقا انفرد بذكر إحياء ابن الرملة من الموات في نابين ،وبذكر إرسال عيسى عليه السلم سبعين تلميذاا، وبذكر إبراء عشرة برص ،ولم يذكر هذه الحالت أحد النجيليين مع أنها من الحالت العظيمة، وأن يوحنا انفرد بذكر وليمة العرس في قانا الجليل وظهر من يسوع فيه معجزة تحويل الماء خمراا، وهذه المعجزة أول معجزاته ،وسبب ظهور مجده وإيمان التلميذ به ،وبذكر إبراء السقيم في بيت صيدا في أورشليم ،وهذه أيض ا معجزة عظيمة ،والمريض كان مريض ا من ثمان وثلثين سنة ،وبذكر
قصة امرأة أخذت في زنا ،وبذكر إبراء الكمه وهذا أيض ا من أعظم معجزاته ،وهي مصرحة بهما في
الباب التاسع ،وبذكر إحياء
) (4/1205
العاذار من بين الموات ،ولم يذكرها أحد من النجيليين مع أنها حالت عظيمة .وهكذا حال متى ومرقس فإنهما انفردا بذكر بعض المعجزات والحالت التي لم يذكرهما غيرهما. ولما طال البحث في هذا المسلك ،فلنقتصر على هذا القدر من البشارات التي نقلتها عن كتبهم المعتبرة عندهم في زماننا ،وأما البشارات التي توجد في كتب أخرى هي ليست معتبرة عندهم في زماننا فما نقلتها .وبعد ما فرغت أنقل عنها بشارة واحدة أيضا على سبيل النموذج.
فأقول :القسيس سيل نقل في مقدمة ترجمته للقرآن المجيد من إنجيل برنايا بشارة محمدية هكذا:
)اعلم يا برنابا أن الذنب وإن كان صغيرا يجزي ال عليه لن ال غير راض عن الذنب ،ولما اجتنى أمي وتلميذي لجل الدنيا سخط ال لجل هذا المر ،وأراد باقتضاء عدله أن يجزيهم في هذا
العالم على هذه العقيدة الغير اللئقة ليحصل لهم النجاة من عذاب جهنم ،ول يكون لهم أذية هناك ،وإني وإن كنت بريا لكن بعض الناس لما قالوا في حقي أنه ال وابن ال ،كره ال هذا القول واقتضت مشيئته بأن ل تضحك الشياطين يوم القيامة علي ول يستهزئون بي ،فاستحسن بمقتضى
لطفه ورحمته أن يكون الضحك والستهزاء في الدنيا بسبب موت يهوذا ،ويظن كل شخص أني صلبت ،لكن هذه الهانة والستهزاء تبقيان إلى أن يجيء محمد رسول ال ،فإذا جاء في الدنيا ينبه كل مؤمن على هذا الغلط ،وترتفع هذه الشبهة من قلوب الناس( انتهت ترجمة كلمه.
) (4/1206
)أقول( هذه البشارة عظيمة وإن اعترضوا أن هذا النجيل رده مجالس علمائنا السلف )أقول( ل اعتبار لردهم وقبولهم كما علمت بما ل مزيد عليه في الباب الول ،وهذا النجيل من الناجيل القديمة ويوجد ذكره في كتب القرن الثاني والثالث ،فعلى هذا كتب هذا النجيل قبل ظهور محمد صلى ال عليه وسلم بمئتين سنة ،ول يقدر أحد أن يخبر بغير اللهام بمثل هذا المر قبل وقوعه بمئتين سنة ،فل بد أن يكون هذا قول عيسى عليه السلم ،وإن قالوا أن أحدا من المسلمين حرف
هذا النجيل بعد ظهور محمد صلى ال عليه وسلم ،قلت :هذا الحتمال بعيد جدا لن المسلمين
ما التفتوا إلى هذه الناجيل الربعة أيضاا ،فكيف إلى إنجيل برنابا ،ويبعد أن يؤثر تحريف أحد من
المسلمين في إنجيل برنابا تأثيرا يتغير به النسخ الموجودة عند المسيحيين أيضاا ،وهم يزعمون أن علماء أهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين أسلموا ،نقلوا
) (4/1207
عن كتب العهدين البشارات المحمدية وحرفوها ،فعلى زعمهم أقول أن هؤلء العلماء الكبار حرفوا على زعمهم ،ولم يؤثر تحريف هؤلء في كتبهم التي كانت موجودة عندهم في مواضع هذه البشارات ،فكيف أثر تحريف بعض المسلمين في إنجيل برنابا في النسخ التي كانت عندهم ،فهذا الحتمال واه ضعيف جدا واجب الرد.
)تنبيه( نقلنا هذا الخبار أولا في الكتاب العجاز العيسوي ،عن الترجمة المطبوعة سنة 1850من
الميلد ،وطبع هذا الكتاب سنة 1271من الهجرة وسنة 1854من الميلد واشتهر في أقطار
الهند وتراجمهم ،وكتبهم تتغير في الطبع المتأخر بالنسبة إلى الطبع المتقدم تغيرا ما ،كما قد نبهت
في مقدمة الكتاب أيضاا ،فإن لم يجد الناظر هذه البشارة في بعض نسخ الترجمة المذكورة
المطبوعة في سنة غير السنة المذكورة ل يقع في شك سيما إذا كان هذا البعض من النسخ المطبوعة في سنة متأخرة عن ألف وثمانمائة وأربع وخمسين من الميلد ،لن علماء بروتستنت لو أسقطوا في طبعهم هذه البشارة من الترجمة المذكورة فل يستبعد من عادتهم التي صارت ،بمنزلة
المر الطبيعي لهم. وقال الفاضل حيدر علي القرشي في كتابه المسمى بخلصة سيف المسلمين الذي هو بلسان أردو في الصفحة 63و ) :64أن القسيس أو سكان الرمني ترجم كتاب أشعيا باللسان الرمني في سنة ألف وستمائة وست
) (4/1208
وستين سنة ،وطبعت هذه الترجمة في سنة ألف وسبعمائة وثلث وثلثين في مطبع انتوني بورتولي ويوجد في هذه الترجمة في الباب الثاني والربعين هذه الفقرة) :سبحوا ال تسبيحا جديدا وأثر
سلطنة على ظهره واسمه أحمد( انتهت .وهذه الترجمة موجودة عند الرامن فانظروا فيها( انتهى
كلمه. )أقول( هذه الترجمة لم تصل إلي وما اطلعت عليها لكن هذا الفاضل لعله رآها واطلع عليها ،ول شك أن هذه الفقرة عظيمة النفع ،وإن لم تكن هذه الترجمة معتبرة عند علماء بروتستنت ،ومن أسلم من علماء اليهود والنصارى في القرن الول شهد بوجود البشارات المحمدية في كتب العهدين ،مثل عبد ال بن سلم وابني سعية
) (4/1209
وبنيامين ومخيريق وكعب الحبار وغيرهم ،من علماء اليهود ،ومثل بحير
) (4/1210 اونسطور الحبشي وضفاطر وهو السسقف الرومي الذي أسلم على يد دحية الكلبي وقت الرسالة فقتلوه ،والجارود ،والنجاشي ،والسوس ،والرهبان الذين جاؤوا مع جعفر بن أبي طالب رضي ال عنه ،وغيرهم من علماء النصارى ،وقد اعترف بصحة نبوته ،وعموم رسالته ،هرقل قيصر الروم، ومقوقس صاحب مصر ،وابن صوريا ،وحيي بن أخطب ،وأبو ياسر بن أخطب وغيرهم ممن حملهم الحسد على الشقاء ،ولم يسلموا.
) (4/1211
وروي أنه عليه السلم لما أراد الدلئل على نصارى نجران ،ثم إنهم أصروا على جهلهم ،فقال عليه السلم :إن ال أمرني إن لم تقبلوا الحجة أن أباهلكم ،فقالوا :يا أبا القاسم بل نرجع فننظر في أمرنا ثم نأتيك ،فلما رجعوا قالوا للعاقب وكان ذا رأيهم :ما ترى؟ فقال :وال لقد عرفتم نبوته ،وقد جاءكم بالفصل في أمر صاحبكم ،وال ما باهل قوم نبي ا إل هلكوا وإن أبيتم إل ألف دينكم.
فوادعوا الرجل وانصرفوا ،فأتوا رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وقد غدا محتضنا الحسين ،وآخذا بيد الحسن ،وفاطمة تمشي خلفه ،وعلي رضي ال عنه خلفها ،وهو يقول :إذا أنا دعوت فأمنوا.
فقال أسقفهم :يا معشر النصارى إني لرى وجوهاا ،لو سألوا ال أن يزيل جبلا من مكانه لزاله ،فل تباهلوا فتهلكوا .فأذعنوا لرسول ال صلى ال عليه وسلم وبذلوا له الجزية ألفي حلة حمراء وثلثين
درع ا من حديد .فقال عليه الصلة والسلم :لو باهلوا لمسخوا قردة ،وخنازير ولضطرم عليهم الوادي ناراا ،ولستأصل ال نجران وأهله ،حتى الطير على الشجر،
) (4/1212
وهذه الواقعة دلت على نبوته بوجهين: )الول( أنه عليه الصلة والسلم خجوفهما بنزول العذاب عليهم ،ولو لم يكن واثقا بذلك لكان
ذلك منه سعي ا في إظهار كذب نفسه ،لنه لو باهل ولم ينزل العذاب ظهر كذبه ،ومعلوم أنه كان من أعقل الناس ،فل يليق به أن يعمل عملا يفضي إلى ظهور كذبه ،فلما أصر على ذلك علمنا أنه إنما
أصر عليه لكونه واثقا بوعد ال.
)والثاني( أن القوم كانوا يبذلون النفوس ،والموال ،في المنازعة مع الرسول صلى ال عليه وسلم،
فلو لم يعرفوا أنه نبي لما تركوا مباهلته.
) (4/1213
الفصل الثاني) :في دفع المطاعن( . اعلم أرشدك ال تعالى في الدارين أن المسيحيين يدعون أن النبياء إنما يكونون معصومين في تبليغ الوحي فقط ،تقريرا كان أو تحريراا .وأما في غير التبليغ ،فليسوا بمعصومين ل قبل النبجوة ول
بعدها .فيصدر عنهم بعدها جميع الذنوب قصداا ،فضلا عن الخطأ والنسيان ،فيصدر عنهم الزنا
بالمحارم فضلا عن الجنبيات ،ويصدر عنهم عبادة الوثان ،وبناء المعابد لها ،ول يخرج عندهم
نبي من إبراهيم إلى يحيى عليهما السلم ل يكون زانيا أو من أولد الزنا أعاذنا ال من أمثال هذه
العقائد الفاسدة في حق النبياء عليهم السلم.
وقد عرفت في المر السابع من مقدمة الكتاب ،وفي الفصل الثالث والرابع من الباب الول ،وفي المقصد الول من الباب الثاني أن ادعاءهم العصمة في التبليغ أيضا باطل ل أصل له على
أصولهم .ويصدر هذا الدعاء عنهم لتغليط العوام ،فمطاعنهم على محمد صلى ال عليه وسلم في
بعض المور التي يفهمونها ذنوب ا في زعمهم الفاسد ،ل تقدح في نبوته على أصولهم .وإني وإن كنت أستكره أن أنقل ذنوب النبياء والكفريات المفتريات عن كتبهم ولو إلزاماا ،ول أعتقد في
حضرات النبياء إنصافهم بهذه الذنوب والكفريات حاشا وكل .لكني لما رأيت أن علماء
بروتستنت أطالوا ألسنتهم إطالة فاحشة في حق محمد صلى ال عليه وسلم في المور الخفيفة، وجعلوا الخردلة جبلا لتغليط العوام الغير الواقفين على كتبهم ،وكان مظنة وقوع السذج في الشتباه بتمويهاتهم الباطلة ،نقلت بعضها إلزاماا ،وأتبرأ عن اعتقادها بألف
) (4/1214
لسان وليس نقلها إل كنقل كلمات الكفر ،ونقل الكفر ليس بكفر ،وقدمت نقلها على نقل مطاعنهم في محمد صلى ال عليه وسلم والجواب عنها ،وكتب القسيس وليم اسمت من علماء بروتستنت كتابا في لسان أردو وطبعه في البلد مرزابور من بلد الهند في سنة 1848من الميلد، وسماه طريق الولياء ،وكتب فيه حال النبياء من آدم إلى يعقوب عليهم السلم ناقلا عن سفر
التكوين وتفاسيره المعتبرة عند علماء بروتستنت ،فأنقل في بعض المواضع عن هذا الكتاب أيضاا. ] [1قصة آدم عليه السلم عندهم مشهورة ،وفي الباب الثالث من سفر التكوين مسطورة ،وهم يعترفون أنه أذنب عمدا ولم يعترف بذنبه لما طلبه ال ،ولم تثبت توبته عندهم إلى آخر حياته في
الصفحة 23من طريق الولياء) :يا أسفي على أنه لم تثبت توبته وعلى أنه ما استغفر ال لذنبه مرة واحدة أيضاا( انتهى.
] [2في الباب التاسع من سفر التكوين هكذا) 18 :فكان بنو نوح الذين خرجوا من الفلك سام وحام ويافت وحام أبو كنعان( ) 20وبدا
) (4/1215
نوح فلح يحرث في الرض وغرس كرماا( ) 21وشرب خمرا فسكر وتكشف في خبا( ) 22فلما
نظر حام أبو كنعان ذلك أي عورة أبيه أنها مكشفة أخبر أخوته خارجاا( ) 24فلما استيقظ نوح من
الخمر ،وعلم بما عمل به ابنه الصغر( ) 25فقال ملعون كنعان ،فيكون عبد العبيد لخوته( .ففيه تصريح بأن نوح ا شرب الخمر وسكر وصار عرياناا ،والعجب أن المذنب بالنظر إلى عورة أبيه هو حام أبو كنعان ،والذي عوقب باللعنة ابنه كنعان ،وأخذ البن بذنب الب خلف العدل .قال
حزقيال في الية العشرين من الباب الثامن عشر من كتابه) :النفس التي تخطئ فهي تموت ،والبن ل يحمل إثم الب ،والب ل يحمل إثم البن وعدل العادل يكون عليه ،ونفاق المنافق يكون عليه( . ولو فرضنا أنه حمل إثم الب على البن خلف العدل .فما وجه تخصيص كنعان لن أبناء حام كانوا أربعة ،كوش ومصرايم وفوط وكنعان ،كما هو مصرح به في الباب العاشر( .
] [3في الصفحة 74من طريق الولياء في حال إبراهيم هكذا) :ل يعلم حاله إلى سبعين سنة من عمره وهو تربى في الوثنيين ،ومضى أكثر عمره فيهم ويعلم أن أبويه ما كانا يعرفان الله الحق. ويحتمل أن إبراهيم أيض ا
) (4/1216
كان يعبد الصنام ما لم يظهر ال عليه ،ثم ظهر عليه وانتخبه من أبناء العالم ،وجعله عبدا خاصاا( انتهى .فظهر أن المظنون عند المسيحيين أن إبراهيم إلى سبعين سنة من عمره كان يعبد الصنام. أقول كونه عابد الصنام إلى أن بلغ سبعين سنة ،قريب اليقين ،نظرا إلى أصولهم .لن أهل العالم
في هذا الوقت عندهم كانوا وثنيين ،وهو تربى فيهم ،وأبواه أيض ا كانا منهم .ولم يظهر عليه الرب
إلى ذلك الوقت ،والعصمة عن عبادة الوثان ليست بشرط بعد النبوة ،فضلا عن أن تكون شرطا قبل النبوة .وإذا ظهر حال أبي النبياء هذا إلى سبعين سنة من عمره قبل النبجوة ،فانقل حاله بعد
النبوة.
] [4في الباب الثاني عشر من سفر التكوين هكذا) 11 :فلما قرب أن يدخل إلى مصر ،قال لسارة زوجته إني علمت أنك امرأة حسنة( ) 12ويكون إذا رآك المصريون فإنهم سيقولون أنها امرأته ويقتلوني ويستبقونك( ) 13والن أرغب منك فقولي أنك أختي ،ليكون لي خير بسببك، وتحيي نفس من أجلك( .فسبب الكذب ما كان مجرد الخوف ،بل رجاء حصول الخير أيضاا ،بل
الخير كان أقوى .ولذلك قدمه وقال ليكون لي خير بسببك ،وتحيي نفسي من أجلك .وحصل له الخير أيض اا ،كما هو مصرح به في الية السادسة عشر .على أن خوفه من القتل مجرد وهم ،ل
ل ،وكيف يجوز العقل أن يرضى إبراهيم سيما إذا كان راضيا بتركها فإنه ل وجه لخوفه بعد ذلك أص ا بترك حريمه وتسليمها ول يدافع دونها ،ول يرضى بمثله من له غيرة ما ،فكيف يرضى مثل إبراهيم
الغيور.
) (4/1217
] [5في الباب العشرين من سفر التكوين هكذا) 1 :وارتحل إبراهيم من هناك إلى أرض التيمن، وسكن بين قادس وسور والتحى في جرارا( ) 2قال عن سارة امرأته إنها أختي ،ووجه أبي مالك
ملك جرارا وأخذها( ) 3فجاء ال إلى أبي مالك في الحلم بالليل ،وقال له :هو ذا أنت تموت من أجل المرأة التي أخذتها لنها ذات بعل( ) 4ولم يكن أبو مالك قربها ،فقال :يا رب أتهلك شعبا بارا ل علم له( ) 5أليس هو القائل إنها أختي ،وهي قالت إنه أخي( .كذب هناك إبراهيم وسارة مرة ثانية ،ولعل السبب هاهنا ما عدا الخوف أيضاا ،كان حصول المنفعة ،وقد حصلت كما هي
مصرحة بها في الية الرابعة عشر ،على أنه ل وجه للخوف إذا كان راضيا بتسليمها بدون المقاتلة
في الصفحة 99من طريق الولياء هكذا) :لعل إبراهيم لما أنكر كون سارة زوجة له في المرة
الولى ،عزم في قلبه أنه ل يصدر عنه مثل هذا الذنب ،لكنه وقع في شبكة الشيطان السابقة مرة أخرى بسبب الغفلة( انتهى. ] [6في الصفحة 92و 93من طريق الولياء) :ل يمكن أن يكون إبراهيم غير مذنب في نكاح هاجر ،لنه كان يعلم جيدا قول المسيح المكتوب في
) (4/1218
النجيل ،أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكرا وأنثى ،وقال من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه،
ويلتصق بامرأته ويكون الثنان جسدا واحداا( انتهى .أقول كما ل يمكن هذا ،فكذا ل يمكن أن
يكون غير مذنب في نكاح سارة ،لنه كان يعلم جيدا قول موسى المكتوب في التوراة) :ل تكشف
أختك من أبيك كانت أو من أمك التي ولدت في البيت أو خارج ا من البيت .وكذا قوله) :أي رجل تزوج أخته ابنة أبيه أو أخته ابنة أمه ،ورأى عورتها ورأت عورته ،فهذا عار شديد ،فيقتلن أمام
شعبهما .وذلك لنه كشف عورة أخته فيكون إثمهما في رأسهما( .وكذا قوله) :يكون ملعونا من
يضاجع أخته من أبيه أو أمه( .كما عرفت في الباب الثالث من هذا الكتاب ،ومثل هذا النكاح مساسو للزنا عند علماء بروتستنت .فيلزم أن يكون إبراهيم عليه السلم زاني ا قبل النبوة وبعدها،
ويكون أولده كلهم من سارة أولد الزنا ،ولو جوز نكاح الخت في شريعته لزم عليهم تجويز تعدد
النكاح أيض ا في تلك الشريعة ،فل اعتراض باعتبار هاجر ول باعتبار سارة وهو الحق عندنا ،لكنه يلزم على أصلهم الفاسد أن هذا النبي
) (4/1219
أبا النبياء ،كما كان كاذباا ،فكذا كان زانيا من أول عمره إلى آخره ،ومع هذا كان خليل ال ،أيكون
خليل ال مثله.
] [7في الباب التاسع عشر من سفر التكوين هكذا) 30 :فصعد لوط من صاغر وسكن الجبال وابنتاه معه وخاف أن يسكن صاغر وأوى إلى كهف هو وابنتاه معه( ) 31فقالت الكبرى منهما للصغرى إن أبانا قد شاخ وليس رجل على الرض يستطيع يدخل علينا كالمرسوم لكل الرض( 32 )فهلمي نسقيه خمرا ونضطجع معه ونقيم من أبينا خلفاا( ) 33فسقتا أباهما خمرا في تلك الليلة
ودخلت الكبرى فاضطجعت مع أبيها وهو لم يعلم عند انضجاع ابنته ول نهوضها( ) 34ولما كان
الغد قالت الكبرى للصغرى هو ذا قد اضطجعت البارحة مع أبي فلنسقه خمرا في ليلتنا هذه أيض ا وادخلي فاضطجعي معه فنقيم نسلا من أبينا( ) 35فسقتا أباهما خمرا في تلك الليلة أيضا ودخلت الصغرى فاضطجعت مع أبيها ولم يعلم عند انضجاعها ول نهوضها( ) 36فحملت ابنتا لوط من
أبيهما( ) 37وولدت الكبرى ابن ا ودعت اسمه مواب وهو أبو الموابيين
) (4/1220
إلى يومنا هذا( ) 38وولدت الصغرى أيضا ابنا ودعت اسمه عمان ،أي ابن جنسي فهو أبو العمانيين إلى اليوم( .
وفي الصفحة 128من طريق الولياء بعد نقل هذا الحال هكذا) :حاله حري أن يبكى عليه ونحن بعد التأسف والخوف والخشية على أنفسنا نتعجب منه ،أهو الذي بقي نقي الثوب عن جميع شرور سادوم ،وكان قويا في السلوك على صراط ال ،وبعيدا عن جميع نجاسات تلك البلدة وغلب عليه الفسق بعد ما خرج إلى البر ،فأي شخص يكون مأمونا في بلد أو بر أو كهف( انتهى كلمه .فلما
بكى ]ص [304القسيسون على حاله فل حاجة لنا إلى الطالة ،وبكاؤهم يكفي غير أني أقول أن مواب وعمان الذين تولدا بالزنا ما قتلهما ال ،وقتل الولد الذي تولد بزنا داود عليه السلم بامرأة أوريا ،لعل الزنا بامرأة الغير أشد من الزنا بالبنات عندهم ،بل هم كانا من المقبولين عند ال .أما مواب فلن عوبيد جد داود عليه السلم اسم أمه راعوث كما هو مصرح به في الباب الول من إنجيل متى وراعوث هذه كانت موابية من أولد مواب ،فهي من جدات داود وسليمان وعيسى عليهم السلم ،وداود ابن ال البكر وسليمان أيض ا ابن ال وعيسى ابن ال الوحيد ،بل ال على
زعم المسيحيين.
) (4/1221
وأما عمان فلن رحبعام ابن سليمان ،من أجداد عيسى عليه السلم ،كما هو مصرح به في الباب الول من إنجيل متى أيضاا ،وأمه كانت عمانية من أولد عمان كما هو مصرح به في الباب الرابع عشر من سفر الملوك الول ،فهي أيضا من جدات ابن ال الوحيد ،بل ال على زعمهم.
والية التاسعة عشر من الباب الثاني من سفر الستثناء هكذا) :وتدنو إلى قرب بني عمان احذر
تقاتلهم ول تحترك إلى محاربهم فإني ل أعطيك شيئ ا من أرض بني عمان إني أعطيتها بني لوط
ميراث اا( .فأي شرف لمواب وعمان ولدي الزنا ،أزيد من أن بعض بنات الول صارت جدة معظمة لبناء ال ،بل ال على زعمهم .وبعض بنات الثاني صارت جدة لبن ال الوحيد ،بل ال على
زعمهم .وأن ال منع بني إسرائيل الذين كانوا أبناء ال بنص التوراة عن توريث أرض أولده ،لكنه بقيت خدشة وهي أنه إذا وصل نسب عيسى عليه السلم باعتبار هاتين الجدتين المعظمتين إلى مواب وعمان صار موابيا وعمانياا ،وما كان للعمانيين والموابيين أن يدخلوا جماعة الرب إلى البد. الية الثالثة من الباب الثالث والعشرين من كتاب الستثناء هكذا:
) (4/1222
)والعمانيون والموابيون بعد عشر أحقاب أيض ا ل يدخلون جماعة الرب إلى البد( .
فكيف دخل عيسى عليه السلم جماعة الرب بل صار رئيسهم ،بل ابن ال على زعمهم ،وإن قيل
أن اعتبار النسب بالباء ل بالمهات ،فل يكون عيسى عليه السلم عمانيا ول موابياا ،قلت لو كان
كذا يلزم أن ل يكون إسرائيلي ا يهودي ا أو داودي ا سليماني ا أيضاا ،إذ حصول هذه الوصاف له أيض ا من جانب الم ل الب ،فل يكون مسيح ا موعودا به ،واعتبار هذه الوصاف باعتبار الم وعدم
اعتبار كونه عمانيا وموابيا من جهة الجدات ،ترجيح بل مرجح ،وهذا وارد على داود وسليمان
عليهما السلم أيضا باعتبار راعوث ،لكني ل أطيل الكلم في هذا وأرجع إلى أصل القصة ،وأقول:
أن لوط ا عليه السلم هذا الذي حاله حري بأن يبكى عليه عند القسيسين ،ل شك أنه بحكم
النجيل بار قديس ،لم يقع الوهن عندهم في قديسيته بعد هذه الحركة الشنيعة التي لم يسمع
مثلها في الراذل الذين يكونون مخمورين أكثر الوقات ،لنهم يميزون في حال الخمر أيضا بناتهم
عن الجنبيات ،وإذ سقط المتياز بين البنات وغيرها لشدة الخمر ،ل يبقى السكران في هذا الوقت قابلا للجماع كما شهد به المولعون بشرب الخمر ،وما سمعنا إلى الن في الهند أن رذيلا من الراذل فعل هذا المر في الخمر ببنته أو بأمه ،فإذا كان الخمر موصلا إلى هذه الرتبة ،فوا أسفي على حال أهل أوربا من المسيحيين ،كيف يرجى نجاة أمهاتهم وبناتهم وأخواتهم من أيدي
البناء والباء والخوة ،لنهم في أغلب الوقات يكونون سكرانين رجالهم
) (4/1223
ونساؤهم ،سيما إذا قسنا الحال بالنسبة إلى أراذلهم. والعجب أن هذا القديس كما ابتلي في الليلة الولى ،ابتلي في الليلة الثانية ،إل أن يقال إن هذا المر كان أمرا مقضيا ليتولد أبناء ال ،بل ال من بعض بناته ويدخل هو في سلسلة نسب ابن ال
الوحيد ،ومثل هذا لو وقع لبعض آحاد الناس ضاقت عليه الرض بما رحبت حزنا وهماا ،فالعجب من لوط .أعوذ بال من هذه الخرافات ،وأقول إن هذه القصة الكاذبة من المفتريات :في الباب
الثاني من الرسالة الثانية لبطرس هكذا) 7 :وأنقذ لوط ا البار مغلوب ا من سيرة الردياء في الدعارة( 8 )إذا كان البار بالنظر والسمع وهو الساكن بينهم يعذب يوما فيوما نفسه البارة بالفعال الثيمة( .
فأطلق بطرس البار على لوط عليه السلم ومدحه ،فأنا أشهد أيضا أنه كان بارا بريا مما نسبوه إليه.
] [8في الباب السادس والعشرين من سفر التكوين هكذا) 6 :فمكث إسحاق في جرارة( 7
)وسأله رجال ذلك الموضع عن زوجته ،فقال هي أختي لنه خاف أن يقول أنها زوجته لئل يقتلوه من أجل حسنها( .فكذب إسحاق عمدا أيضا مثل أبيه ،وقال لزوجته أنها أخته .في الصفحة
168من طريق الولياء) :زل إيمان إسحاق لنه قال لزوجته أنها أخته( .ثم في الصفحة ) 169يا أسفي إنه ل يوجد كمال في أحد من بني آدم غير الواحد العديم النظير ،والعجب أن شبكة الشيطان التي وقع فيها إبراهيم ،وقع فيها إسحاق أيضاا ،وقال عن زوجته أنها أخته ،فيا أسفي أن
أمثال هؤلء المقربين عند ال محتاجون إلى الوعظ( انتهى كلمه .ولما تأسف القسيسون تأسفا بليغا على مزلة إيمانه وعدم وجود كمال فيه
) (4/1224
ووقوعه في شبكة الشيطان التي وقع فيها إبراهيم عليه السلم وكونه محتاجا إلى الوعظ فل نطيل
الكلم فيه.
] [9في الباب الخامس والعشرين من سفر التكوين هكذا) 29 :فطبخ يعقوب طبيخ ا ولما جاء
عيسو إليه تعبان من الحقل( ) 30فقال له أطعمني من هذا الطبيخ الحمر فإني تعبان جدا ولهذا
السبب دعى اسمه أدوم( ) 31فقال له يعقوب بع لي بكوريتك( ) 32فأجاب وقال هو ذا أنا
أموت فماذا تنفعني البكورية( ) 33فقال له يعقوب احلف لي فحلف له عيسو وباع البكورية( 34 )فقدم يعقوب لعيسو خبزا ومأكولا من العدس فأكل وشرب ومضى وتهاون في أنه باع البكورية( .
فانظروا إلى ديانة عيسو الذي هو الولد الكبر لسحاق عليه السلم ،أنه باع البكورية ،التي كان بها استحقاق منصب النبوة والبركة عنده ما كانا في رتبة هذا الخبز والدام من العدس ،وكذا انظروا إلى
محبة يعقوب عليه السلم وإلى جوده ،أنه ما أعطى للخ الكبر الجائع التعبان هذا المأكول إل بالبيع وما راعى المحبة الخوية والحسان بل عوض. ] [10من طالع الباب السابع والعشرين من سفر التكوين ،علم يقين ا أن يعقوب عليه السلم كذب
ثلث مرات وخادع أباه ،وخداعه كما أثر عند إسحاق عليه السلم ،أثر عند ال أيضاا ،لن إسحاق
عليه السلم كان بصميم قلبه واعتقاده داعيا لعيسو ل ليعقوب عليه السلم ،فكما لم يميز إسحاق
بين
) (4/1225
الخوين في الدعاء ،فكذا لم يميز ال بينهما عند إجابة الدعاء ،فالعجب أن ولية ال والنبوة والصلح تحصل بالمحال .وأنا تذكرت قصة مناسبة لهذا المقام وهي :أن فاجرا من فرقة بانو طلب
حشيش ا من الحجمار لجل حصانه وما أعطاه الحمار فقال إن لم تعطني أدع على حمارك فيموت الليلة ،وراح فمات حصانه في تلك الليلة ،فلما استيقظ ووجد حصانه ميتاا ،حرك رأسه متعجب ا فقال :يا عجبا يا عجبا أنه مضى مليونات من السنين على ألوهية إلهنا ول يميز الحصان من الحمار إلى هذا الحين ،دعوت على الحمار وأهلك حصاني ،ولو كان حال ديانة أبي النبياء
السرائيلية هكذا أو حال علم ال هكذا ،فللمنكر أن يقول :يجوز أن يكون مبنى معاملت النبياء السرائيلية مع ال أيض ا على الخداع كأبيهم العلى ،ويجوز أن يكون عيسى عليه السلم وعد ال
أن تعطيني قدرة الكرامات ،أدع الخلق إلى توحيدك وربوبيتك ،لكن ال ما ميز الصدق عن الكذب
فأعطاه القدرة فدعا إلى ربوبية نفسه وبغى على ال .أعوذ بال من هذه المور الواهية. ل) :هذا مقام غاية وأنقل بعض فقرات طريق الولياء من الصفحة 179و 180و ،181قال أو ا
الخوف أن مثل هذا الشخص تفوه بكذب بعد كذب وأشرك اسم ال في خداعه( ،ثم قال ثانياا: )قال يعقوب قولا هو نهاية الكفران إرداة ال كانت أني وجدت الصيد سريعاا( ،
) (4/1226
ثم قال ثالث اا) :نحن ل نعتذر من جانب يعقوب في هذا المر بعذر ما وليتنفر كل صالح وليفر عن
مثل هذا المر( ،ثم قال رابعاا) :خلصة الكلم أنه أساء ليحصل الخير وفي النجيل يجب الجزاء على مثله( ،ثم قال خامساا) :كما أذنب يعقوب أذنبت أمه أزيد منه لنها كانت بانية هذا الفساد وهي أمرت يعقوب بفعل هذه المور الخادعة( انتهى.
] [11في الباب التاسع والعشرين من سفر التكوين هكذا) 15 :ثم قال ليعقوب لعل أنك أخي مجان ا تخدمني ما أجرتك( ) 16فكانت له ابنتان اسم الكبرى ليا واسم الصغرى راحيل( ) 17وكان بعيني ليا استرخاء وراحيل جميلة الوجه وحسنة المنظر( ) 18فأحب يعقوب راحيل وقال أنا أتعبد
لك براحيل ابنتك الصغرى سبع سنين( ) 19فقال له لبان أنت أحق بها من غيرك فأقم عندي( ) 20وتعبد يعقوب براحيل سبع سنين وكانت عنده مثل أيام قليلة لما دخله من محبتها( ) 21فقال للبان أعطني امرأتي لني قد أكملت اليام لكي أدخل إليها( ) 32فجمع لبان جمع ا كثيرا من
المحبين وصنع عرساا( ) 23ولما كان المساء أدخل ابنته ليا على يعقوب( ) 34وأعطى لبان أمة
اسمها زلفا لبنته ودخل عليها يعقوب كالعادة ولما كان الصبح رآها أنها ليا( ) 25فقال للبان ما
هذا الذي صنعت بي ألم أتعبد لك براحيل فلم خدعتني( ) 26أجاب لبان ليس في أرضنا عادة أن تزوج الصغرى قبل الكبرى( ) 27فأكمل السبوع هذه فأعطيك الخرى عوض ا عن العمل الذي
تعمل لي سبع سنين أخرى( ) 28ففعل يعقوب هكذا وبعد ما دخل السبوع
) (4/1227
تزوج براحيل( ) 29ودفع لبان إلى ابنته راحيل أمة اسمها بلها( ) 30فدخل على راحيل وأحبها أكثر من ليا وتعبد له وخدمه سبع سنين أخرى( ويرد عليه ثلثة اعتراضات:
)الول( أن يعقوب عليه السلم كان يقيم في بيت لبان وكان يرى بنتيه ويعرفهما معرفة جيدة، باعتبار وجوههما وأجسامهما وأصواتهما ،وكان في ليا علمة بينة هي استرخاء العينين ،فالعجب كل العجب أن تكون ليا في فراشه جميع الليل ويراها ويضاجعها ويلمسها ول يعرفها ،إل أن يقولوا أنه كان سكران ا كلوط عليه السلم ،فكما لم يميز لوط عليه السلم فكذا هو.
)والثاني( أنه أحب راحيل وخدم لجلها أباها أولا سبع سنين ،وكانت عنده مثل أيام قليلة لجل
عشقها وفرط محبتها ،ثم لما خادع لبان وزوجه بنته الكبرى ،خاصمه يعقوب ،وأخذ راحيل بخدمة سبع سنين أخرى ،وهذه المور على زعم المسيحيين ل تناسب رتبة النبوة ،وكما خادع أباه خودع
من صهره. )والثالث( أنه ما اكتفى على زوجة واحدة ،ول يجوز نكاح امرأتين سيما أختين على زعمهم الفاسد. واعتذر صاحب طريق الولياء في الصفحة 189من كتابه هكذا) :الظاهر أن يعقوب إن لم يخادعه لبان لم يتزوج غير راحيل ول يستدل بها على جواز تعدد الزوجات ،لنه ما كان بحكم ال ول برضا يعقوب( انتهى. أقول :هذا العذر بارد ل يسمن ول يغني ول يحصل النجاة ليعقوب عليه السلم عن الحرمة ،لنه ما كان مكرها ومجبورا على النكاح الثاني ،وكان عليه أن يكتفي بزوجة واحدة.
) (4/1228
وأقول :كما قال هذا المعتذر في طعن إبراهيم عليه السلم ،أن يعقوب عليه السلم كان يعلم جيدا قول المسيح المكتوب في النجيل ،أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكرا وأنثى الخ .وكذا كان
يعلم جيدا قول موسى عليه السلم إن الجمع بين الختين حرام قطعاا ،كما علمت في الباب
الثالث .فأحد النكاحين باطل ،والمرأة التي كان نكاحها باطلا يلزم أن يكون أولدها وأولد أولدها أولد الزنا ،فيلزم على كل التقديرين كون كثير من النبياء السرائيلية كذلك والعياذ بال .فانظروا
إلى ديانة المسيحيين إنهم لجل صيانة أصولهم الفاسدة كيف يتهمون النبياء ،وينسبون القبائح إليهم .على أن هذا العذر العرج ،ل يمشي في زلفا ،وبلها اللتين تزوجهما يعقوب بإشارة ليا وراحيل كما هو مصرح به في الباب الثلثين من سفر التكوين ،وأولدهما كافة تكون أولد الزنا على أصولهم. ] [12في الباب الحادي والثلثين من سفر التكوين هكذا) 19 :وقد كان لبان ذهب ليجز غنمه،
وراحيل سرقت أصنام أبيها( ) 20فكتم يعقوب عليه السلم أمره عن حميه ،ولم يعلمه أنه هارب( ) 21وهرب هو ،وجميع ما كان له ،وعبر النهر ،وتوجه نحو جبل جلعاد( ) 22وبلغ لبان في اليوم الثالث أن يعقوب قد هرب( ) 23فأخذ لبان أخوته ،وتبعه مسيرة سبعة أيام ولحقه في جبل جلعاد( ) 29وقال ليعقوب :لماذا فعلت هكذا ،وسقت بناتي خفي ا عني مثل من قد
) (4/1229
سبي بالسيف( ) 30والن قد انطلقت ،وإنما حملك على ذلك الشهوة أن تمضي إلى بيت أبيك فلم سرقت آلهتي( ) 31أجاب يعقوب الخ( ) 32وأما ما توبخني به في سرقته فمن وجدت عنده آلهتك يقتل قدام أخوتنا الخ( ) 33فدخل لبان إلى خباء يعقوب وليا والمتين فلم يجدها ،ولما دخل إلى خباء راحيل( ) 34فهي أسرعت ،وخبت الصنام تحت حداجة جمل ،وجلست عليه، ففتش لبان الخباء كله ،ولم يجد شيئاا( ) 35وقالت ل تؤاخذني يا سيدي إني ل أستطيع النهوض نحوك لني في علة النساء ،وفتش لبان جميع ما في البيت فلم يجد( .
فانظروا إلى راحيل كيف سرقت أصنام أبيها ،وكيف كذبت ،والظاهر أنها سرقت لعباداتها ،كما يدل عليه ظاهر عبارة الباب الخامس والثلثين من سفر التكوين ،كما ستعرف في الشاهد التي ،ولنها كانت من بيت الوثنيين وأن أباها كان وثنيا يعبد الصنام ،كما دلت عليه الية الثلثون ،والثانية والثلثون والظاهر أنها تكون على دين أبيها ،فهذه الزوجة المحبوبة ليعقوب عليه السلم كانت
سارقة ،كاذبة ،وعابدة للصنام. ] [13في الباب الخامس والثلثين من سفر التكوين هكذا) 2 :وقال يعقوب لهله ،وجميع من معه اعزلوا اللهة الغرباء من بينكم وتطهروا ،وأبدلوا ثيابكم( ) 4فدفعوا له جميع اللهة الغرباء التي كانت في أيديهم والقرطة التي كانت في آذانهم ،فدفنها تحت البطمة التي عند شخيم( . والظاهر من هذه العبارة أن أهل بيت يعقوب عليه السلم ،ومن معه إلى هذا الحين كانوا يعبدون الصنام ،وهذا المر بالنظر إلى بيته شنيع جدا أما نهاهم
) (4/1230
قبل هذا عن عبادة الوثان ،وإذا دفعوا إليه جميع اللهة الغرباء ،فالظاهر أن راحيل أيضا دفعت
اللهة المسروقة أيضاا ،فكان على يعقوب عليه السلم أن يرسلها إلى لبان ل أن يدفنها تحت البطمة التي عند شخيم ،ويعذر راحيل على سرقتها.
] [14في الباب الرابع والثلثين من سفر التكوين هكذا) 1 :وخرجت دينا ابنة ليا لتنظر إلى بنات ذلك البلد( ) 2فنظرها شخيم بن حمور الحاوي ،رئيس الرض فأحبها فأخذها وضاجعها وذلها( 3 )وتعلقت نفسه بها ،وأحبها وكلمها بما وافقها ،ووقع بقلبها( ) 4فقال شخيم لحمور أبيه خذ هذه الجارية لي زوجة( ) 8فكلمهم حمور( الخ ) 13فأجاب بنو يعقوب الخ( ) 14ل نستطيع نصنع ما تطلبان ،ول أن نعطي أختنا لرجل أغلف فإن ذلك عار علينا( ) 15بهذا نشبهكم إذا ما صرتم مثلنا لكي تختنوا كل ذكوركم( ) 24فارتضى جميعهم واختتن كل من كان منهم ذكراا( ) 25فلما كان
اليوم الثالث وقد بلغ منهم الوجع جداا ،أخذ ابنا يعقوب شمعون ولوى أخوا دينا ،كل واحد منهما سيفه ،ودخل المدينة على طمأنينة ،وقتل كل ذكر( ) 26وحمور ،وشخيم ابنه ،وأخذا دينا ]ص
[312أختهما من بيت شخيم( ) 27وخرجا ودخل بنو يعقوب على القتلى ،ونهبوا المدينة التي فضحت فيها دينا أختهم( ) 28وأخذوا غنمهم ،وبقرهم ،وحميرهم ،وكل ما في البيوت ،وكل ما في الحقل وسبوا صبيانهم ،ونساءهم( . فانظروا إلى عصمة دينا بنت يعقوب أنها زنت ،وتعشقت بشخيم كما يدل عليه قوله :ووقع بقلبها. وانظروا إلى ظلم أبناء يعقوب ،أنهم قتلوا ذكور
) (4/1231
أهل البلدة كلهم ،وسبوا نساءهم وصبيانهم ،ونهبوا جميع أموالهم .فخطؤهم وظلمهم ظاهر ،وخطأ يعقوب عليه السلم أنه لم يمنعهم عن هذه الحركة الشنيعة قبل وقوعها ،وما أخذ القصاص منهم، وما رد النساء والصبيان والموال المسلوبة ،وإن كان غير قادر على منعهم ،ورد هذه الشياء ،وأخذ القصاص ،فكان عليه أن يترك رفاقة هذه الظلمة ،على أنه يبعد كل البعد أن يقتل رجلن أهل البلدة كلهم ،ولو فرضنا أنهم كانوا في وجع الختان. ] [15في الباب الخامس والثلثين من سفر التكوين هكذا) :مضى روبيل ،وضاجع بلها سرية أبيه فسمع إسرائيل( . فانظروا إلى روبيل الولد الكبر ليعقوب عليه السلم ،أنه زنى بزوجة أبيه ،وإلى يعقوب أنه ما أجرى
الحد أو التعزيز ،ل على ابنه ،ول على هذه الزوجة ،والظاهر أن حد الزنا في هذا الوقت كان إحراق الزاني والزانية بالنار ،كما يفهم من الية الرابعة والعشرين من الباب الثامن والثلثين من سفر التكوين ،ودعا على هذا البن في آخر حياته كما هو مصرح به في الباب التاسع والربعين من هذا السفر. ] [16في الباب الثامن والثلثين من سفر التكوين) 6 :وأن يهوذا زوج ابنه بكره عير امرأة اسمها ثامار( ) 7وكان عبر بكر يهوذا رديئا بين أيدي الرب فقتله الرب(
) (4/1232
)وقال يهوذا لبنه أونان :ادخل على امرأة أخيك ،وكن معها ،وأقم زرع ا لخيك( ) 9فلما علم أونان أن الخلف لغيره كان إذا دخل إلى امرأة أخيه ،يفسد على الرض لئل يكون زرعا لخيه( 10
)فظهر ذلك منه سوء أمام الرب لفعله ذلك ،وقتله الرب( ) 11فقال يهوذا لثامار كنته اجلسي أرملة في بيت أبيك حتى يكبر شيل ابني( الخ ) 13فاعلموا ثامار قائلين هو ذا حموك صاعدا إلى
تمنت ليجز غنمه( ) 14فطرحت عنها ثامار ثياب الترمل وأخذت رداء وتزينت ،وجلست في قارعة الطريق( الخ ) 15فلما رآها يهوذا ظن أنها زانية لنها كانت قد غطت وجهها لئل تعرف( 16 )ودخل عندها وقال لها دعيني أدخل إليك ،لنه لم يعلم أنها كنته .فقالت له :ماذا تعطيني حتى تدخل إلجي( ) 17فقال لها :أنا أرسل لك جدي ا ماعزا من القطان ،وهي قالت له :أعطني رهن ا حتى
ترسله( ) 18فقال يهوذا :أي شيء أعطيك رهناا .فقالت :خاتمك ،وعمامتك ،وعصاك التي بيدك. فأعطاها لها ،ودخل عليها فحبلت منه( ) 19وقامت فمضت ،وطرحت عنها لبسها ورداءها،
ولبست ثياب ترملها( ) 24فلما كان بعد ثلثة أشهر أخبروا يهوذا قائلين :زنت ثامار كنتك وهو ذا قد حبلت من الزنا.
فقال يهوذا أخرجوها لتحرق( ) 25وإذا هم أخرجوها ،أرسلت إلى حميها قائلة :ممنن الرجل الذي
هذه له ،حبلت أنا ،فاعرف لمن هو الخاتم والعمامة ،والعصا( ) 26فعرفها يهوذا ،وقال تبررت هي أكثر مني لموضع أني لم أعطها لشيل ابني ،ولكنه لم يعد يعرفها بعد ذلك( ) 27وكان لما دنا
) (4/1233
وقت الولدة وإذا توأم في بطنها فعند طلقها ،الواحد سبق وأخرج يده فأخذت القابلة قرمزا وربطته
ل( ) 29فهاضم يده إليه للوقت ،وخرج أخوه فقالت :هي لماذا من في يده قائلة :هذا يخرج أو ا أجلك انقطع السياح ،ولذلك دعت اسمه فارض( ) 30وبعد ذلك خرج أخوه الذي على يده
القرمز ،فدعت اسمه زارح( . ههنا أمور :الول :أن الرب قتل عير لكونه رديئا ورداءته لم تبين أكانت هذه الرداءة أشد من رداءة عمه الكبير حيث زنا بزوجة أبيه ،ومن رداءة عميه الخرين شمعون ولوى حيث قتل ذكور أهل
البلدة كلهم ،ومن رداءة أبيه وجميع أعمامه حيث نهبوا أموال تلك البلدة وسبوا نساءها وأطفالها، ومن رداءة أبيه حيث زنى بزوجته بعد موته .أهؤلء كانوا قابلين للرأفة وعدم القتل وكان عير قابلا للقتل فقتله الرب. والثاني :العجب أن الرب قتل أونان على خطأ عزل المني ،وما قتل أعمامه وأباه على الخطيآت المذكورة .أهذا العزل أشد ذنب ا من هذه الخطيآت.
والثالث :أن يعقوب لم يجر الحد ول التعزيز على هذا الولد العزيز ول على هذه المرأة الفاجرة،
بل لم يثبت من هذا الباب ول من باب آخر أنه تنغص لجل هذا المر من يهوذا ،والباب التاسع والربعون من سفر التكوين شاهد صدق على عدم تكدره حيث ذم روبيل وشمعون ولوى على ما صدر عنهم ،وما ذم يهوذا على ما صدر عنه ،بل سكت عما صدر عنه ومدحه مدح ا
) (4/1234
بليغا ودعا له دعاء كاملا ورجحه على أخوته.
والرابع :أن ثامار شهد في حقها يهوذا صهرها بشدة البر ،فسبحان ال نعم البار ونعمت البارة
الفائقة في البر من الباب المذكور كيف ل تكون بارة شديدة حيث لم تكشف عورتها إل لبي زوجها وما زنت إل بحميها أو حصلت منه بهذا الزنا الواحد ابنين كاملين. والخامس :أن داود وسليمان وعيسى عليهم السلم كلهم في أولد فارض الذي حصل بالزنا كما هو مصرح به في الباب الول من إنجيل متى. والسادس :أن ال ما قتل فارض وزارح مع كونهما ولدي الزنا ،بل أبقاهما كابني لوط اللذين كانا ولدي زنا ،وما قتلهما كما قتل ولد داود عليه السلم الذي تولد بزناه بامرأة أوريا ،لعل الزنا بامرأة الغير أشد من الزنا بزوجة البن.
] [17في الباب الثاني والثلثين من سفر الخروج هكذا) 1 :ورأى الشعب أن موسى قد تأخر أن يهبط من الجبل فاجتمع الشعب إلى هارون وقالوا له قم فاجعل لنا آلهة يسيرون أمامنا من أجل أن موسى هذا الرجل الذي
) (4/1235
أصعدنا من أرض مصر ل ندري ماذا أصابه( ) 2فقال لهم هارون :انزعوا قرطة الذهب التي في آذان نسائكم وأبنائكم وبناتكن وائتوني بها( ) 3فنزع الشعب القرطة التي في آذانهم وأتوا بها إلى هارون( ) 4فأخذها منهم وصيرها عجلا سبيك ا وقالوا هذه آلهتك يا إسرائيل الذين أصعدوك من أرض مصر( ) 5فلما نظر هارون ذلك بنى مذبح ا أمامه ونادى وقال غدا عيد للرب( ) 6فقاموا
بالغداة وقربوا وقودا وذبائح مسلمة وجلس الشعب يأكلون ويشربون وقاموا يلعبون( .فظهر من
هذه العبارة أن هارون صنع عجلا وبنى مذبحا أمامه ونادى وقال :غدا عيد للرب .فعبد العجل وأمر بني إسرائيل بعبادته فقربوا وقودا وذبائح ،ول شك أنه رسول.
كتب القسيس اسمت في القسم الول من كتابه المسمى بتحقيق الدين الحق المطبوع سنة
1842في الصفحة ) :42كما أنه لم يكن بينهم( أي بين بني إسرائيل )سلطان لم يكن بينهم نبي غير موسى وهارون وسبعين من المعينين( انتهى .ثم قال) :لم يكن غير موسى وهارون ومعينيهما نبي ا لهم( انتهى .فظهر أن هارون نبي عند المسيحيين.
ول بد أن يعلم الناظر أني نقلت هاتين العبارتين من النسخة المطبوعة سنة 1842وكتبت الرد على
هذه النسخة ،وسميته تقليب المطاعن ،ورد صاحب الستفسار أيضا على هذه النسخة ،وسمعت
أن هذا القسيس بعد الرد حرف كتابه فزاد في بعض المواضع ونقص في البعض ،وبدل البعض ،كما
فعل صاحب ميزان الحق
) (4/1236
في نسخة الميزان مثله ،فل أعلم أن هذا القسيس ألقى هاتين العبارتين في النسخة الخيرة المحرفة أم ل ،وعبارات العهد العتيق تدل على نبوته أيضا وكونه متبعا لشريعة موسى عليه السلم ل ينافي نبوته ،كما ل ينافي هذا المر نبوة يوشع وداود وأشعيا وأرمياء وحزقيال وغيرهم من النبياء
السرائيلية ،الذين كانوا ما بين زمان موسى وعيسى عليهم السلم .في الية السابعة والعشرين من الباب الرابع من سفر الخروج هكذا) :فقال الرب لهارون اذهب وتلق موسى إلى البرية فمضى وتلقى به إلى جبل ال وقبله( .وفي الباب الثامن عشر من سفر العدد هكذا) 1 :وقال الرب لهارون( الخ ) 8ثم كلم الرب هارون وقال له( الخ ) 20ثم قال الرب لهارون( الخ .وفي هذا الباب من الول إلى الخر هو المخاطب حقيقة .وفي الباب الثاني والرابع والرابع عشر والسادس عشر والتاسع عشر توجد هذه العبارة) :وكلم الرب موسى وهارون وقال لهما( في ستة مواضع .وفي الية الثالثة عشر من الباب السادس من سفر الخروج هكذا) :فكلم الرب موسى وهارون وأوصاهما وأرسلهما إلى بني إسرائيل وإلى فرعون ملك مصر ليخرجا بني إسرائيل من مصر( . فظهر من هذه العبارات أن ال أوحى إلى هارون عليه السلم منفردا وبشركة موسى عليه السلم،
وأرسله إلى بني إسرائيل وفرعون كما أرسل موسى
) (4/1237
عليه السلم ،ومن طالع كتاب الخروج يظهر له أن المعجزات التي صدرت في مقابلة فرعون ،ظهر أكثرها على يد هارون عليه السلم ،وكانت مريم أخت موسى وهارون عليهما السلم أيضاا ،نبيئة كما هو مصرح به في الية العشرين من الباب الخامس عشر من سفر الخروج هكذا) :وأخذت
مريم النبيئة أخت هارون دف ا في يدها( الخ .والية السادسة والعشرون من الزبور المائة والخامس
هكذا) :أرسل موسى عبده وهارون الذي انتخبه( .والية السادسة عشر من الزبور المائة والسادس
هكذا) :واغضبوا موسى في المعسكر وهارون قديس الرب( .فإنكار صاحب ميزان الحق نبوة هارون في الصفحة 105من كتابه المسمى بحل الشكال المطبوع سنة 1847ليس بشيء. ] [18في الباب الثاني من سفر الخروج هكذا) 11 :وفي تلك اليام لما شب موسى خرج إلى أخوته وأبصر تعبدهم ورأى رجلا من أهل مصر يضرب رجلا من أخوته العبرانيين( ) 12فالتفت إلى
الجانبين فلم ير أحد ا فقتل المصري ودفنه( .فقتل موسى عليه السلم بعصبية قومه المصري.
] [19في الباب الرابع من سفر الخروج هكذا) 10 :فقال موسى أرغب إليك يا رب إني لست برجل فصيح الكلم من أمس ول من أول منه أيض ا
) (4/1238
ول من حين خاطبت عبدك إني ألثغ وثقيل اللسان( ) 11فقال له الرب من الذي خلق فم النسان ،أو من صنع الخرس والصم والبصير والعمى أليس أنا( ) 12فاذهب وأنا أكون في فيك وأعلمك ما تتكلم( ) 13فأما هو فقال أرغب إليك يا رب أن ترسل من أنت ترسل( 24 )فاشتد غضب الرب على موسى( الخ .فاستعفى موسى عليه السلم عن النبوة ،وقد كان الرب وعده وجعله مطمئناا ،فاشتد عليه غضب الرب.
] [20في الية التاسعة عشر من الباب الثاني والثلثين من سفر الخروج هكذا) :فلما دنا من المحلة وأبصر العجل وجوق المغنيين فاشتد غضب موسى ورمى باللوحين من يده فكسرهما في أسفل الجبل( .وهذان اللوحان كانا من عمل ال وخط ال ،كما هو مصرح به في هذا الباب، فكسرهما خطأ ،ولم يحصل بعد ذلك مثلهما ،لن اللوحين اللذين حصل بعدهما كانا من عمل موسى ومن خطه ،كما هو مصرح به في الباب الرابع والثلثين من سفر الخروج. ] [21الية الثانية عشر من الباب العشرين من سفر العدد هكذا) :وقال الرب لموسى وهارون من أجل إنكما لم تصدقاني وتقدساني قدام بني إسرائيل ،من أجل ذلك ل تدخلن أنتما بهذه الجماعة إلى الرض التي وهبت لهم( .
) (4/1239
وفي الباب الثاني والثلثين من سفر الستثناء هكذا) 48 :وكلم الرب موسى في ذلك اليوم وقال له( ) 49ارق هذا الجبل عبريم وهو جبل المجازاة إلى جبل نابو الذي في أرض مواب تلقاء أريحاء ،ثم انظر إلى أرض كنعان التي أنا أعطيها لبني إسرائيل ليرثوها ثم مت في الجبل( 50 )الذي تصعد إليه ويجتمع إلى شعوبك ،كما مات أخوك هارون في هور الطور واجتمع إلى شعبه( ) 51على أنكما عصيتماني في بني إسرائيل عند ماء الخصام في قادس برية صين ولم تطهراني في بني إسرائيل( ) 52فإنك ستنظر إلى الرض التي أنا أعطيها بني إسرائيل من تلقائها ،وأما أنت فل تدخلها( .ففي هاتين العبارتين تصريح بصدور الخطأ عن موسى وهارون عليهما السلم بحيث صارا محرومين عن الدخول في الرض المقدسة ،وقد قال ال زاجراا :إنكما لم تصدقاني وتقدساني
وإنكما عصيتماني.
) (4/1240
] [ 22زنى شمسون الرسول بامرأة زانية ،كانت في غزة ،ثم تعشق امرأة اسمها دليلي التي كانت من أهل وادي شوارق ،وكان يدخل إليها ،فأمرها كفار فلسطين أن تسأله ،كيف يقدر الفلسطانيون عليه ويوثقونه ،ول يقدر هو على كثر الوثاق ،ووعدوا العطية الجزيلة .فسألته فكذب ثلث مرات، فقالت له هذه الفاجرة كيف تقول أنك تحبني وقلبك ليس معي وقد كذبتني ثلث دفعات ،وضيقت عليه بكلمها أيام ا كثيرة فأطلعها على كل شيء ،وقال :إن حلقوا شعر رأسي زالت عني قوتي
وصرت كواحد من الناس .فلما رأت أنه قد أظهر ما في قلبه فدعت رؤساء أهل فلسطين ،وأنامته على ركبتها ،ودعت الحلق فحلق سبع خصال شعر رأسه .فزالت عنه قوته ،فأسروه وقلعوا عينيه
وحبسوه في السجن ،ثم
) (4/1241
استشهد هناك .وهذه القصة مصرح بها في الباب السادس عشر من سفر القضاة وشمسون نبي وتدل على نبوته الية 5و 25من الباب الثالث عشر .والية 6و 19من الباب الرابع عشر، والية 14و 18و 19من الباب الخامس عشر من السفر المذكور ،والية الثانية والثلثون من الباب الحادي عشر من الرسالة العبرانية. ] [23في الباب الحادي والعشرين من سفر صموئيل الول في حال داود ،لما فر من خوف شاوول ملك إسرائيل ،ووصل إلى نوبا عند أخيملك الكاهن هكذا) 1 :وأتى داود إلى نوبا أخيملك الحبر ،فتعجب أخيملك من إتيان داود وقال له لماذا جئت وحدك وليس معك أحد( ) 2فقال داود لخيملك الكاهن إن الملك أمرني بشيء وقال لي ل يعلم أحد بهذا فيما أبعثك وأمرتك ،فأما الفتيان فقد فرضت لهم ذلك الموضع وذلك( ) 3والن إن كان
) (4/1242
شيء تحت يدك أو خمسة من الخبز فادفع إلي أو مهما وجدت( ) 6وأعطاه الخبز خبز القدس الخ( ) 8وقال داود لخيملك أهنا تحت يدك سيف أو حربة ،لن سيفي وحربتي لم آخذ معي، لن كان أمر الملك مسرعاا( .فكذب داود عليه السلم كذب ا بعد كذب ،وصارت ثمرة هذا الكذب أن شاوول السفاك ملك بني إسرائيل قتل أهل نوبا كلهم ،ذكورهم ونساءهم وأطفالهم ودوابهم من
البقر والغنم والحمر ،وقتل في هذه الحادثة خمسة وثمانون كاهناا ،ونجا في هذه الحادثة ابن
لخيملك اسمه ابيثار ،وفر ووصل إلى داود عليه السلم .وأقر داود عليه السلم بأني سبب لقتل
أهل بيتك كلهم ،كما هو مصرح به في الباب الثاني والعشرين من السفر المذكور. ] [24في الباب الحادي عشر من سفر صموئيل الثاني هكذا) :قام داود عليه السلم من فراشه بعد الظهر يتمشى على سطح مجلس ملكه ،فأبصر امرأة تغتسل على سطحها وكانت جميلة جداا، فأرسل داود عليه السلم وسأل عن المرأة وقالوا له إنها بنت شباع امرأة أوريا ،فأرسل داود رسلا وأخذها ونام معها ،ثم رجعت إلى بيتها فحبلت وأخبرته وقالت إني قد حبلت .فأرسل داود عليه
السلم إلى يواب قائلا له :أرسل إلى أوريا ،فأرسل يواب أوريا ،وسأل داود عليه السلم أوريا عن سلمة يواب وعن سلمة الشعب وعن الحرب ،ثم قال :انزل إلى بيتك.
) (4/1243
فخرج أوريا فرقد بباب بيت الملك ولم ينحدر إلى بيته ،وأخبروا داود عليه السلم ،أن أوريا لم ينزل إلى بيته .فقال داود عليه السلم :لماذا لم تنحدر إلى بيتك .فقال أوريا :تابوت ال وإسرائيل ويهوذا في الخيام وسيدي يواب وعبيد سيدي في القفر وأنا أنطلق إلى بيتي وآكل وأشرب وأنام مع امرأتي ،ل وحياتك وحياة نفسك أني ل أفعل هذا .وقال داود عليه السلم :أقم اليوم أيضا ههنا،
وإذا كان الغد أرسلك.
وبقي أوريا في أورشليم ذلك اليوم ،وفي اليوم الخر داعه داود عليه السلم ليأكل قدامه ويشرب فسكره ،وخرج وقت المساء فنام مكانه على جانب عبيد سيده ولم ينحدر إلى بيته ،فلما كان الصباح كتب داود عليه السلم صحيفة إلى يواب ،وأرسلها بيد أوريا وقال صيروا أوريا في أول الحرب ،وإذا اشتبك الحرب ارجعوا واتركوه وحده ليقتل ،فلما نزل يواب حول القرية أقام أوريا في المكان الذي يعلم أن الرجال الشجعان هناك ،فخرج أهل القرية فقاتلوا يواب فسقط من الشعب قوم من عبيد داود عليه السلم وأوريا فمات ،وأرسل يواب إلى داود عليه السلم وأخبره ،وسمعت
امرأة أوريا أن زوجها قد مات فناحت عليه ،فلما انقضت مناحتها ،أرسل داود عليه السلم فأدخلها بيته وصارت له امرأة وولدت له ابناا ،وساء هذا الفعل الذي فعل داود أمام الرب( انتهى ملخصاا. وفي الباب الثاني عشر من سفر صموئيل الثاني حكم الرب لداود على لسان ناثان النبي عليهما السلم هكذا) 9 :ولماذا أزريت بوصية الرب وارتكبت القبيح أمام عيني وقتلت أوريا الحيتاني في الحرب وامرأته أخذتها لك امرأة وقتلته بسيف بني عمون( ) 14ولكن لنك أشمت بك أعداء الرب
) (4/1244
بهذه الفعلة فالبن الذي ولد لك موت ا يموت( فصدر عن داود ثمانية خطيئات:
)الولى( أنه نظر إلى امرأة أجنبية بنظر الشهوة ،وقد قال عيسى عليه السلم أن كل من ينظر إلى
امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه ،كما هو مصرح به في الباب الخامس من إنجيل متى. )والثانية( أنه ما اكتفى على نظر الشهوة ،بل طلبها وزنى بها ،وحرمة الزنا قطعية ،ومن الحكام العشرة المشهورة .كما قال ال في التوراة ل تزن. )والثالثة( أن هذا الزنا كان بزوجة الجار ،وهذا أشد أنواع الزنا ،وذنب آخر كما هو مصرح به في الحكام العشرة المشهورة. )والرابعة( ما أجرى حد الزنا ل على نفسه ،ول على هذه المرأة .والية العاشرة من الباب العشرين من سفر الحبار هكذا) :ومن زنى بامرأة لها رجل فليقتل الزاني ،والزانية( .والية الثانية والعشرون من الباب الثاني والعشرين من سفر الستثناء هكذا) :إن اضطجع رجل مع امرأة غيره فكلهما يموتان الزاني والزانية ،وارفع الشر من إسرائيل( . )والخامسة( أن داود عليه السلم طلب أوريا من المعسكر ،وأمره أن يذهب إلى بيته ،وجل غرض داود عليه السلم أن يلقي على عيبه ستراا ،ويكون هذا الحبل منسوب ا إلى أوريا .ولما لم يذهب
لجل ديانته ،وحلف أنه ل يروح ،فأقامه
) (4/1245
داود عليه السلم اليوم الثاني ،وجعله سكران يسقي الخمر الكثير ليروح إلى بيته في حالة الخمار، لكنه لم يرح في هذه الحالة أيضا مراعيا لديانته ،ولم يلتفت إلى زوجته الجميلة التي كانت جائزة له
ل .فسبحان ال العزيز حال ديانة العوام عند أهل الكتاب في ترك المر الجائز لجل شرع ا وعق ا الديانة هكذا ،وحال ديانة النبياء السرائيلية في ارتكاب الفواحش هكذا.
)والسادسة( أنه لما لم تحصل ثمرة مقصوده على إسكار أوريا ،عزم داود عليه السلم على قتله، فقتله بسيف بني عمون ،وفي الية السابعة من الباب الثالث والعشرين من سفر الخروج) :ل تقتل البار الزكي( . )والسابعة( أنه لم يتنبه على خطأه ،ولم يتب ما لم يعاتبه ناثان النبي عليه السلم. )والثامنة( أنه قد وصل إليه حكم ال بأن هذا الولد الذي تولد بالزنا يموت ،ومع هذا دعا لجل عافيته ،وصام وبات على الرض. ] [25في الباب الثالث عشر من سفر صموئيل الثاني ،أن حمنون الولد الكبر لداود زنى بثامار قهرا ثم قال لها أخرجي ،ولما امتنعت عن الخروج أمر خادمه فأخرجها ،وأغلق الباب خلفها
فخرجت صارخة ،وسمع داود عليه السلم هذه المور ،وشقت عليه ،لكنه لم يقل لحمنون شيئا لمحبته له ول لثامار ،وكانت ثامار هذه أختا لبي شالوم بن داود عليه السلم يقيناا،
) (4/1246
ولذلك بغض أبيشالوم حمنون ،وعزم على قتله ،ولما قدر عليه قتله. ] [26في الية الثانية والعشرين من الباب السادس عشر من سفر صموئيل الثاني هكذا) :فضربوا لبيشالوم خيمة على السطح ،ودخل على سراري أبيه تجاه جميع إسرائيل( ثم حارب أبيشالوم الب حتى قتل في تلك المحاربة عشرون ألف ا من بني إسرائيل كما هو مصرح به في الباب الثامن عشر ،فابن داود عليه السلم هذا فاق روبيل الولد الكبر ليعقوب عليه السلم بثلثة أوجه:
)الول( أنه زنى بجميع سراري أبيه بخلف روبيل فإنه زنى بسرية واحدة. )والثاني( أنه زنى تجاه جميع إسرائيل علنية بخلف روبيل فإنه زنى خفية. )والثالث( أنه حارب أباه حتى قتل عشرون ألف ا من بني إسرائيل .وداود عليه السلم مع صدور هذه المور عن هذا الخلف السوء ،كان وصى رؤساء العسكر أن ل يقتله أحد ،لكن يواب خالف أمره،
وقتل هذا الخلف السوء ،ولما سمع داود عليه السلم بكى بكاءا شديداا ،وحزن عليه .وأنا ل
أتعجب من هذه المور لن أمثالها لو صدرت عن أولد النبياء ،بل النبياء ،ليست عجيبة على حكم كتبهم المقدسة ،بل أتعجب ان زناءه بسراري
) (4/1247
أبيه كان بعدل الرب ،وهو كان هيج هذا الزاني ،لنه كان وعده على لسان ناثان النبي عليه السلم لما زنى داود عليه السلم بامرأة أوريا .في الباب الثاني عشر من السفر المذكور هكذا) 11 :فهذا ما يقول الرب هو ذا أنا مثير عليك شرا من بيتك ،وآخذ نساءك عيانك فأعطي صاحبك فينضجع
مع نسائك عيان هذه الشمس( ) 12فإنك أنت فعلت هذا خفياا ،وأنا أجعل هذا الكلم أمام جميع إسرائيل ،ومقابل الشمس( فوفى ال بما وعد.
] [27في الباب الحادي عشر من سفر الملوك الول هكذا) 1 :وكان سليمان الملك قد أحب نساء كثيرة غريبة ،وابنة فرعون ،ونساء من بنات الموابيين ،ومن بنات عمون ،ومن بنات أدوم ،ومن بنات الصيدانيين ،ومن بنات الحيثانيين( ) 2من الشعوب الذين قال الرب لبني إسرائيل ل تدخلوا إليهم ،ول يدخلوا إليكم لئل يميلوا قلوبكم إلى آلهتكم ،وهؤلء التصق بهم سليمان بحب شديد( ) 3وصار له سبعمائة امرأة حرة ،وثلثمائة سرية ،وأغوت نساءه قلبه( ) 4فلما كان عند كبر سليمان أغوت نساءه إلى آلهة أخر ،ولم يكن قلبه سليما ل ربه مثل قلب داود أبيه( ) 5وتبع سليمان
عستروت إله الصيدانيين وملكوم
) (4/1248
صنم بني عمون( ) 6وارتكب سليمان القبح أمام الرب ولم يتم أن يتبع الرب مثل داود أبيه( ) 7ثم نصب سليمان نصبة لكاموش صنم مواب في الجبل الذي قدام أورشليم ،ولملكوم وثن بني عمون( ) 8وكذلك صنع لجميع نسائه الغرباء ،وهن يبخرن ،ويذبحن للهتهن( ) 9فغضب الرب على سليمان حيث مال قلبه عن الرب إله إسرائيل الذي ظهر له مرتين( ) 10ونهاه عن هذا الكلم أن ل يتبع آلهة الغرباء ،ولم يحفظ ما أمره به الرب( ) 11فقال الرب لسليمان :إنك فعلت هذا الفعل ،ولم تحفظ عهدي ووصاياي التي أمرتك بهن ،أشق شقا ملكك ،وأصيره إلى عبدك( .
فصدر عن سليمان عليه السلم خمس خطيئات:
)الولى( وهي أعظمها أنه ارتد في آخر عمره ،الذي هو حين التوجه إلى ال .وجزاء المرتد في الشريعة الموسوية الرجم ،ولو كان نبيا ذا معجزات كما هو مصرح به في الباب الثالث عشر،
والسابع عشر من سفر الستثناء ،ول يعلم من موضع من مواضع التوراة ،أنه يقبل توبة المرتد ،ولو كان توبة المرتد مقبولة ،لما أمر موسى عليه السلم بقتل عبدة العجل ،حتى قتل ثلثة وعشرين
ألف رجل على خطأ عبادته. )والثانية( أنه بنى المعابد العالية للصنام في الجبل قدام أورشليم ،وهذه المعابد كانت باقية مئتين سنة حتى نجسها ،وكسر الصنام يوسنا بن آمون ملك
) (4/1249
يهوذا في عهده ،بعد موت سليمان عليه السلم بأزيد من ثلثمائة وثلثين سنة ،كما هو مصرح به في الباب الثالث والعشرين من سفر الملوك الثاني. )والثالثة( أنه تزوج نساء من سفر الشعوب ،التي كان ال منع من اللتصاق بهم ،في الباب السابع من الستثناء هكذا) :ول تجعل معهم زيجة فل تعط ابنتك لبنه ،ول تتخذ ابنته لبنك( . )والرابعة( تزوج ألف امرأة ،وقد كانت كثرة الزواج محرمة على من يكون سلطان بني إسرائيل في الية السابعة عشر من الباب السابع عشر من سفر الستثناء هكذا) :ول تكثر نساؤه لئل يخدعن نفسه( . )والخامسة( أن نساءه كن يبخرن ويذبحن للوثان ،وقد صرح في الباب الثاني والعشرين من سفر الخروج) :من يذبح للوثان فليقتل( .فكان قتلهن واجباا ،وأيضا أنهن أغوين قلبه ،فكان رجمهن
واجبا على ما هو مصرح به في الباب الثالث عشر من سفر الستثناء ،وهو ما أجرى عليهم الحدود إلى آخر حياته.
) (4/1250
فالعجب أن داود وسليمان عليهما السلم ما أجريا حدود التوراة على أنفسهما ،ول على أهل بيتهما فأية مداهنة أزيد من هذا ،أهذه الحدود التي فرضها ال للجراء على المساكين المفلوكين فقط .ولم تثبت توبة سليمان عليه السلم من موضع من مواضع العهد العتيق ،بل الظاهر عدم توبته
لنه لو تاب لهدم المعابد التي بناها ،وكسر الصنام التي وضعها في تلك المعابد ،ورجم تلك النساء المغويات .على أن توبته ما كانت نافعة لن حكم المرتد في التوراة ليس إل الرجم ،وما ادعى صاحب ميزان الحق في الصفحة الخامسة والخمسين من طريق الحياة المطبوعة سنة 1847 من توبة آدم وسليمان عليهما السلم ،فادعاء بحت وكذب صرف. ] [28قد عرفت في المر السابع من مقدمة الكتاب أن النبي الذي كان في بيت أيل كذب في تبليغ الوحي ،وخدع رجل ال المسكين ،وألقاه في غضب الرب وأهلكه. ] [29في الباب العاشر من سفر صموئيل الول في حق شاوول ملك إسرائيل السفاك المشهور هكذا) 10 :وأتوا إلى الرابية وإذا صف من النبياء استقبله ،وحل عليه روح الرب فتنبأ بينهم( 11 )وحينما نظره الذين يعرفونه من أمس ،وقبل من المس فإذا هو مع النبياء متنبي ،قال كل امرئ منهم لصاحبه :ما هذا الذي أصاب ابن قيس شاوول في النبياء( ) 12فأجاب بعضهم البعض وقالوا :من أبوهم من أجل هذا صار مثلا هل أيض ا شاوول في
) (4/1251
النبياء( ) 13وفرغ مما تنبيء فأتى إلى الخضيرة( . والية السادسة من الباب الحادي عشر من سفر صموئيل الول هكذا) :فاستقام روح ال على شاوول حين سمع هذا القول ،واحتمى غضبه جداا( .
يعلم من هذه العبارات أن شاوول كان مستفيض ا بروح القدس ،وكان يخبر عن الحالت المستقبلة. وفي الباب السادس عشر من السفر المذكور) :وابتعد روح ال من شاوول وصار روح ردي يعذبه
بأمر الرب( . ويعلم منه أن هذا النبي سقط عن درجة النبوة فابتعد عنه روح ال ،وتسلط عليه روح الشيطان. وفي الباب التاسع عشر من السفر المذكور هكذا) 23 :فانطلق شاوول إلى نويت التي في الرامة، وحلت عليه أيض ا روح الرب ،فجعل يسير ويتنبأ حتى انتهى المر إلى نويت في الرامة( ) 24وخلع
هو ثيابه وتنبا هو أيضا أمام صموئيل ،وسقط عريان نهاره ذلك كله وليلته تلك كلها ،فصار مثلا هل شاوول في النبياء( .
فحصل لهذا النبي الساقط عن درجة النبوة هذه الدرجة العليا مرة أخرى ،ونزل عليه روح القدس
نزولا قوياا ،بحيث رمى ثيابه وصار عرياناا ،وكان على هذه الحالة يوما بليلته ،فهذا النبي الجامع بين الروح الشيطاني والرحماني ،كان
) (4/1252
مجمع العجاب ،فمن شاء فلينظر حال ظلمه وعتوه في السفر المذكور. ] [30يهوذا السخريوطي كان أحد الحواريين ،وكان مستفيضا بروح القدس ،وممتلئا عنة ،صاحب الكرامات ،كما هو مصرح به في الباب العاشر من إنجيل متى ،وهذا النبي باع دينه بدنياه ،وسلم
عيسى عليه السلم بأيدي اليهود بطمع ثلثين درهماا ،ثم خنق نفسه ومات ،كما هو مصرح به في
الباب السابع والعشرين من إنجيل متى ،وشهد يوحنا في حقه في الباب الثاني عشر من إنجيله أنه
كان سارق اا ،وكان الكيس عنده ،وكان يحمل ما يلقى فيه .أيكون النبي مثل هذا السارق البائع دينه
بدنياه.
] [31فر الحواريون الذين هم في زعمهم أفضل من موسى وسائر النبياء السرائيلية عليهم السلم ،في الليلة التي أخذ اليهود فيها عيسى عليه السلم وتركوه في أيدي العداء ،وهذا ذنب عظيم ،وإن قيل أن هذا المر إن صدر عنهم لجبنهم ،والجبن أمر طبعي .أقول :لو سلم هذا فلعذر لهم في شيء آخر ،هو كان أسهل الشياء ،وهو أن عيسى عليه السلم كان في غاية الضطراب في هذه الليلة ،وقال لهم إن نفسي حزينة جداا ،امكثوا ههنا واسهروا معي ،ثم تقدم
قليلا للصلة ،ثم جاء إليهم فوجدهم نياماا ،فقال لبطرس أهكذا ما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة ،اسهروا وصلوا .فمضى مرة ثانية للصلة ثم جاء فوجدهم نياما فتركهم ومضى ثم جاء
) (4/1253
إلى تلميذه وقال لهم ناموا واستريحوا .كما هو مصرح به في الباب السادس والعشرين من إنجيل متى .ولو كان لهم محبة ما لما فعلوا هذا المر ،أل ترى أن العصاة من أهل الدنيا إذا كان مقتداهم أو قريب من أقاربهم في غاية الضطراب ،أو المرض الشديد في ليلة ،ل ينامون في تلك الليلة ولو كانوا أفسق الناس. ] [ 32أن بطرس الحواري الذي هو رئيس الحواريين ،وخليفة عيسى عليه السلم على ادعاء فرقة
كاتلك ،وإن كان متساوي القدام في المر المتقدم مع الحواريين الباقين ،لكنه حصل له الفضل بأن اليهود لما أخذوا عيسى عليه السلم ،تبعه من بعيد إلى دار رئيس الكهنة ،فجلس خارج الدار فجاءت جارية قائلة :وأنت كنت مع يسوع الجليلي .فأنكر قدام الجميع ،ثم رأى أخرى وقالت للذين هناك ،هذا كان مع يسوع الناصري .فأنكر أيض ا يقسم إني لست أعرف هذا الرجل ،وبعد
قليل جاء القيام وقالوا لبطرس حقا أنت أيضا منهم ،فابتدأ حينئذ يلعن ويحلف :إني ل أعرف هذا الرجل .وللوقت صاح الديك ،فتذكر بطرس كلم عيسى عليه السلم ،إنك قبل أن يصيح الديك تنكرني ثلث مرات كما هو مصرح به في الباب السادس والعشرين من إنجيل متى .وقد قال المسيح عليه السلم له :اذهب عني يا شيطان أنت معثرة لي لنك ل تهتم بما ل ،لكن تهتم بما للناس ،كما هو مصرح به في الباب السادس عشر من إنجيل متى.
) (4/1254
وكتب مقدسهم بولس في الباب الثاني من رسالته إلى أهل غلطية هكذا) 11 :ولكن لما أتى بطرس إلى أنطاكية ،قاومته مواجهة لنه كان ملوماا( ) 12لنه قبل ما أتى قوم من عند يعقوب كان يأكل مع المم ،ولكن لما أتوا كان يؤخر ويفرز نفسه خائفا من الذين هم من أهل الختان( 13
)ورأى معه باقي اليهود أيضا حتى أن برنابا أيضا انقاد إلى ريائهم( ) 14لكن لما رأيت أنهم ل
يسلكون باستقامة حسب حق النجيل ،قلت لبطرس قدام الجميع إن كنت وأنت يهودي تعيش
أممياا ،فلماذا تلزم المم أن يتهودوا( .
وكان بطرس يتقدم على الحواريين في القول ،لكنه في بعض الوقات ل يدري ما يقول كما صرح به
في الية الثالثة والثلثين من الباب التاسع من إنجيل لوقا ،وفي الرسالة الثانية من كتاب الثلث عشرة رسالة المطبوعة سنة 1849في بيروت في الصفحة ) :60أن أحد الباء يقول إنه كان به شديدا داء التجبر والمخالفة( .يوحنا فم الذهب مقاله 82و 83في متى ثم في الصفحة :61
)يقول فم الذهب أنه كان ضعيفا متخلخل العقل ،والقديس اغوستينوس يقول عن بطرس :أنه كان
غير ثابت لنه كان يؤمن أحيانا ويشك أحياناا ،وتارة يعرف أن المسيح غير مائت ،وتارة يخاف أن يموت ،وكان المسيح يقول له مرة طوبى لك ،وأخرى يقول له يا شيطان( انتهى بلفظه.
فهذا الحواري عندهم أفضل من موسى وسائر
) (4/1255
النبياء السرائيلية ،فإذا كان حال الفضل من موسى كما علمت .فماذا يعتقد في حق المفضولين. ] [33كان رئيس الكهنة قيافا نبيا بشهادة يوحنا في الية الحادية والخمسين من الباب الحادي
عشر من إنجيل يوحنا ،قوله في حق قيافا في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1841وسنة 1844 هكذا) :ولم يقل هذا من نفسه ،لكن من أجل أنه كان عظيم الكهنة في تلك السنة ،فتنبأ أن يسوع
كان مزمعا أن يموت بدل المة( .فقوله تنبأ يدل على نبوته ،وهذا النبي أفتى بقتل عيسى عليه السلم ،وكفره وأهانه ،فلو كانت هذه المور بالنبوة واللهام ،فعيسى عليه السلم واجب الرد
والعياذ بال .وإن كانت بإغواء الشيطان ،فأي ذنب أكبر من هذه .وأكتفي على هذا القدر وأقول أن الذنوب المذكورة وأمثالها ،مصرح بها في كتب العهدين ،ولم تقدح هذه الذنوب في نبوة أنبيائهم ،أفل يستحيون أن يعترضوا على )محمد( صلى ال عليه وسلم في أمور خفيفة. وإذا عرفت هذا فالن أشرع في نقل مطاعنهم والجواب عنها وأقول: )المطعن الول( مطعن الجهاد ،وهو من أعظم المطاعن في زعمهم ،ويقررونه في رسائلهم بتقريرات عجيبة مموهة ،منشؤها العناد الصرف ،وأنا أمهد قبل تحرير الجواب أمورا خمسة:
)المر الول( أن ال يبغض الكفر ويجازي عليه في الخرة يقيناا ،وكذا
) (4/1256
يبغض العصيان وقد يعاقب الكفار والعصاة في الدنيا أيضاا ،فيعاقب الكفار تارة بالغراق عموم ا في عهد نوح عليه السلم ،فإنه أهلك كل ذي حياة غير أهل السفينة بالطوفان ،وتارة بالغراق
خصوص اا ،كما في عهد موسى عليه السلم حيث أغرق فرعون وجنوده ،وتارة بالهلك مفاجأة ،كما أهلك أكبر الولد لكل إنسان وبهيمة من أهل مصر في ليلة خرج بنو إسرائيل فيها من مصر ،كما
هو مصرح به في الباب الثاني عشر من سفر الخروج ،وتارة بإمطار الكبريت والنار من السماء، وقلب المدن ،كما في عهد لوط عليه السلم ،فإنه أهلك سادوم وعمورة ونواحيهما بإمطار الكبريت والنار وقلب المدن ،وتارة بإهلكهم بالمراض ،كما أهلك السدوديين بالبواسير ،كما هو مصرح به في الباب الخامس من سفر صموئيل الول ،وتارة بإرسال الملك لهلكهم ،كما فعل بعسكر الثوريين ،حيث أرسل ملكاا ،فقتل منهم في ليلة واحدة مائة وخمسة وثمانين ألفاا ،كما هو مصرح به في الباب التاسع عشر من سفر الملوك الثاني ،وتارة بجهاد النبياء ومتبعيهم ،كما
ستعرف في المر الثاني ،وكذا يعاقب العصاة أيضا تارة بالخسف والنار ،كما أهلك قورح وداثان وأبيرم وغيرهم لما خالفوا موسى عليه السلم ،فانفلقت الرض وابتلعت
) (4/1257
قورح وداثان وأبيرم ونسائهم وأولدهم وأثقالهم ،ثم خرجت نار فأكلت مائتين وخمسين رجلا كما
هو مصرح به في الباب السادس عشر من سفر العدد.
وتارة بالهلك مفاجأة كما أهلك أربعة عشر ألفا وسبعمائة لما خالف بنو إسرائيل في غد هلك
قورح وغيره ،ولو لم يقم هارون عليه السلم بين الموتى والحياء ،ولم يستغفر للقوم ،لهلك الكل
بغضب الرب في هذا اليوم ،كما هو مصرح به في الباب المذكور .وكما أهلك خمسين ألف ا وسبعين
رج لا من أهل بيت الشمس على أنهم رأوا تابوت ال ،كما هو مصرح به في الباب السادس من سفر صموئيل الول .وتارة بإرسال الحيات المؤذية ،كما أن بني إسرائيل لما خالفوا موسى عليه
السلم مرة أخرى ،أرسل ال عليهم الحيات المؤذية ،فجعلت تلدغهم ،فمات كثير منهم كما هو مصرح به في الباب الرابع والعشرين من سفر العدد .وتارة بإرسال الملك كما أهلك سبعين ألف ا في
يوم واحد ،على أن داود عليه السلم عد بني إسرائيل ،كما هو مصرح به في الباب الرابع والعشرين
من سفر صموئيل الثاني .وقد ل يعاقب الكفار والعصاة في الدنيا .أل ترى أن الحواريين على زعم المسيحيين كانوا أفضل من موسى وسائر النبياء السرائيلية ،ومن تابوت ال .وأن قاتليهم عند المسيحيين أسوأ من كفار عهد نوح ولوط وموسى عليهم السلم .وقتل نيرو الظالم المشرك ،الذي كان ملك ملوك الروم ،بطرس الحواري وزوجته وبولس وكثيرا من المسيحيين بأشد أنواع القتل.
) (4/1258
وكذا أكثر الكفار الحواريين وتابعيهم .وما أهلكهم ال بالغراق ول بإمطار الكبريت والنار وقلب المدن ،ول بقتل أكبر أولدهم ،ول بابتلئهم بالمراض ول بإرسال الملك ،ول بإرسال الحيات، ول بوجه آخر. )المر الثاني( أن النبياء السابقين أيضا قتلوا الكفار وسبوا نسائهم وذراريهم ،ونهبوا أموالهم .ول
تختص هذه المور بشريعة محمد صلى ال عليه وسلم .كما ل يخفى على من طالع كتب العهدين.
وله شواهد كثيرة أكتفي على إيراد بعضها. -1في الباب العشرين من كتاب الستثناء هكذا) 10 :وإذا دنوت من قرية لتقاتلها ادعهم أولا إلى الصلح( ) 11فإذا قبلت وفتحت لك البواب فكل الشعب الذي بها يخلص ويكونون لك عبيدا يعطونك الجزية( ) 12وإن لم ترد تعمل معك عهدا وتبتدئ بالقتال معك فقاتلها أنت( 13
)وإذا سلمها الرب إلهك بيدك اقتل جميع من بها من جنس الذكر بفم السيف( ) 14دون النساء والطفال والدواب وما كان في القرية غيرهم ،واقسم للعسكر الغنيمة بأسرها وكل من سلب
أعدائك الذي يعطيك الرب إلهك( ) 15وهكذا فافعل بكل القرى البعيدة منك جدا وليست من
هذه القرى التي ستأخذها ميراثاا( ) 16فأما القرى التي تعطى أنت إياها فل تستحي منها نفس ا البتة(
) 17ولكن أهلكهم إهلكا كلهم بحد السيف الحيثي والموري والكنعاني والفرزي
) (4/1259
والحوايي واليابوسي كما أوصاك الرب إلهك( .فظهر من هذه العبارة أن ال أمر في حق القبائل الست ،أعني الحيثانيين والموريين والكنعانيين والفرزيين والحوايين واليابوسيين ،أن يقتل بحد السيف كل ذي حياة منهم ذكورهم وإناثهم وأطفالهم .وأمر فيما عداهم ،أن يدعوا أولا إلى الصلح، فإن رضوا به وقبلوا الطاعة وأداء الجزية فيها ،وإن لم يرضوا يحاربوا ،فإذا حصل الظفر عليهم،
يقتل كل ذكر منهم بالسيف ويسبي نساؤهم وأطفالهم ،وينهب دوابهم وأموالهم ،وتقسم على المجاهدين ،وهكذا يفعل بكل القرى التي هي بعيدة من قرى المم الست .وهذه العبارة الواحدة تكفي من جوابهم عن تقريراتهم الواهية ،وقد نقلها العلماء السلمية سلفا وخلفا في مقابلتهم
لكنهم يسكتون عنها كأنهم لم يروها في كلم المخالف ،ول يجيبونه عنها ل بالتسليم ول بالتأويل.
-2في الباب الثالث والعشرين من سفر الخروج هكذا) 23 :وينطلق ملكي أمامك فيدخلونك على الموريين والحيثانيين والفرزانيين والكنعانيين والحوايين واليابوسانيين الذين أنا أخرجهم( 24 )ل تسجدن للهتهم ول تعبدها ،ول تعمل كأعمالهم ،ولكن خربهم تخريباأ واكسر أوثانهم( .
-3في الباب الرابع والثلثين من سفر الخروج في حق المم الست هكذا) 12 :فاحذر أن تعاهد البتة سكان تلك الرض الذين تأتيهم لئل يكونوا لك عثرة( ) 13ولكن اهدم مذابهحم وكسر أصنامهم واقطع أنساكهم( . -4في الباب الثالث والثلثين من سفر العدد) 51 :مر بني إسرائيل
) (4/1260
وقل لهم إذا عبرتم الردن وأنتم داخلون أرض كنعان( ) 25فأبيدوا كل سكان تلك الرض واسحقوا مساجدهم واكسروا أصنامهم المنحوتة جميعها واعقروا مذابحها كلها( ) 55ثم أنتم إن لم تبيدوا سكان الرض فالذين يبقون منهم يكونون لكم كأوتاد في أعينكم ورماح في أجنابكم ويشقون عليكم في الرض التي تسكنونها( ) 56وما كنت عزمت أني أفعل بهم سأفعله بكم( . - 5في الباب السابع من سفر الستثناء هكذا) 1 :إذا أدخلك الرب إلهك الرض التي تدخل لترثها ،وتبيد الشعوب الكثيرة من قدامك الحيثي والجرحيثاني والموراني والكنعاني والفرزاني والحوايي واليوساني ،سبعة أمم أكثر منكم عددا وأشد منكم( ) 2وسلمهم الرب إلهك بيدك
فاضربهم حتى إنك ل تبقي منهم بقية ،فل تواثقهم ميثاق ا ول ترحمهم( ) 5ولكن فافعلوا بهم هكذا خربوا مذابحهم وكسروا أصنامهم وقطعوا مناسكهم وأوقدوا أوثانهم( .فعلم من هذه العبارات أن
ال أمر بإهلك كل ذي حياة من المم السبع وعدم الرحمة عليهم ،وعدم المعاهدة معهم وتخريب مذابحهم ،وكسر أصنامهم ،وإحراق أوثانهم ،وقطع مناسكهم ،وشدد في إهلكهم تشديدا بليغاا، وقال :إن لم تهلكوهم أفعل بكم ما كنت عزمت أن أفعله بهم .ووقع في حق هذه المم السبعة )أنهم أكثر منكم عددا وأشد منكم( .وقد
) (4/1261
ثبت في الباب الول من سفر العدد أن عدد بني إسرائيل الذين كانوا صالحين لمباشرة الحروب، ل ،وأن وكانوا أبناء عشرين سنة وما فوقها ،كان ستمائة ألف وثلثة آلف وخمسمائة وخمسين رج ا
اللويين مطلق ا ذكورا أو إناثاا ،وكذا إناث سائر السباط الحدى عشر مطلقاا ،وكذا ذكورهم الذين لم يبلغوا عشرين سنة خارجون عن هذا العدد ،ولو أخذنا عدد جميع بني إسرايل ،وضممنا
المتروكين والمتروكات كلهم بالمعدودين ،ل يكون الكل أقل من ألفي ألف وخمسمائة ألف ،أعني مليونين ونصف مليون ،وهذه المم السبعة إذا كانت أكثر منهم عددا وأشد منهم ،فل بد أن يكون
عدد هذه المم ،أكثر من عددهم .وألف القسيس دقتركيث كتاب ا باللسان النكليزي ،في بيان
صدق الخبارات عن الحوادث المستقبلة المندرجة في كتبهم المقدسة ،وترجمه القسيس مريك
باللسان الفارسي وسماه كشف الثار في قصص أنبياء بني إسرائيل. وهذه الترجمة طبعت في أدن برغ سنة 1846من الميلد وسنة 1262من الهجرة .ففي الصفحة 26من هذه الترجمة) :علم من الكتب القديمة أن البلد اليهودية كان فيها قبل خمسمائة وخمسين سنة من الهجرة ثمانية كرورات( أي ثمانون مليون ا )من ذي حياة( انتهى .فالغالب أن هذه
البلد في عهد موسى عليه السلم ،كانت معمورة مثلها أو أزيد منها ،فأمر ال بقتل ثمانين مليونات
أو أكثر منها من ذي حياة. - 6في الية العشرين من الباب الثاني والعشرين من سفر الخروج هكذا) :من يذبح للوثان فليقتل( .
) (4/1262
-7من طالع الباب الثالث عشر من سفر الستثناء ،علم أن الداعي إلى عبادة غير ال ،ولو كان نبي ا صاحب معجزات ،واجب القتل ،وكذا الداعي إلى عبادة الوثان واجب الرجم ،وإن كان من
القارب أو من الصدقاء .وإن عبدها أهل القرية ،يقتل هؤلء كلهم ودوابهم بحد السلح وتحرق
ل ،ثم ل تبنى. القرية ومتاعها وأموالها بالنار وتجعل ت ا
-8في الباب السابع عشر من سفر الستثناء هكذا) 2 :إذا وجد عندك جوأة أحد أبوابك التي يعطيك الرب إلهك رجل أو امرأة ،تعمل سيئة قدام الرب إلهك ويعدوا ميثاقه( ) 3ليذهبوا ويعبدوا آلهة أخرى ويسجدوا لها ويسجدوا للشمس والقمر ،ولكل أجناد السماء ما لم آمر به أنا( 4 )وأنت أخبرت بذلك وسمعت ذلك ،وفحصت عنه بحرص فوجدت أن ذلك حق ،وأنها قد صنعت رجاسة فاخرج الرجل الذي فعل الفعل السيء أو المرأة إلى أبواب قريتك وارجموه بالحجارة( . -9في الباب الثالث من سفر الخروج هكذا) 21 :وأعطى نعمة لهذا الشعب قدام المصريين وإذا ما أردتم الخروج ،فل تخرجوا فارغين( ) 22بل تسأل المرأة ممنن جارتها ،وممن التي هي ساكنة دارها ،أواني فضة ،وذهب ،وثيابا وتضعونها على بنيكم ،وبناتكم ،وتسلبون مصر( .ثم في الباب الحادي عشر من السفر المذكور قول ال لموسى عليه السلم هكذا) 1 :فتحدث في مسمع الشعب أن يسأل الرجل صاحبه ،والمرأة من صاحبتها أواني فضة ،وأواني ذهب( ) 3والرب يعطي لشعبه نعمة قدام المصريين( .
) (4/1263
ثم في الباب الثاني عشر من السفر المذكور هكذا) 35 :وفعل بنو إسرائيل كما أمر موسى، واستعاروا من المصريين أواني فضة ،وذهب ،وشيئان كثيرا من الكسوة( ) 36فأما الرب أوهب نعمة لشعبه أمام المصرين أن يعيروهم واستلبوا المصريين( .فإذا كان عدد بني إسرائيل كما علمت،
واستعار رجالهم ونساؤهم من المصريين ،يكون ما استعاروه مالا غير محصور ،كما وعد ال أولا بأنكم تسلبون مصر ،ثم أخبر ثانيا واستلبوا المصريين لكنه أجاز لهم السلب بحيلة الستعارة ،التي
هي في الظاهر خديعة وغدر.
-10في الباب الثاني والثلثين من سفر الخروج في حال عبادة العجل هكذا) 25 :فنظر موسى عليه السلم الشعب أنه قد صار عريان ا إنما عراه هارون لعار النجاسة ،وجعله عريان ا بين العداء(
) 26فوقف في باب المحلة ،وقال من كان من حزب الرب فليقبل إلي فاجتمع إليه جميع بني
لوى( ) 27وقال لهم هذا ما يقول الرب إله إسرائيل ليتقلد كل رجل منكم سيفه فجوزوا في وسط المحلة من باب إلى باب ،وارتدوا وليقتل الرجل منكم أخاه ،وصاحبه ،وقريبه( ) 28فصنع بنو لوى كما أمرهم موسى عليه السلم فقتلوا في ذلك اليوم من الشعب نحو ثلثة وعشرين ألف رجل( .فقتل موسى عليه السلم على عبادة العجل ثلثة وعشرين ألفاا .واعلم أنه وقع في الترجمة
العربية سنة ،1831وسنة ،1844وسنة 1848التي نقلت عنها هذه العبارة لفظ ثلثة وعشرين ألف رجل. -11في الباب الخامس والعشرين من سفر العدد ،أن بني إسرائيل لما زنوا
) (4/1264
ببنات الموات ،وسجدوا للهتهن ،أمر الرب بقتلهم ،فقتل موسى أربعة وعشرين ألفا منهم.
- 12من طالع الباب الحادي والثلثين من سفر العدد ،ظهر له أن موسى عليه السلم لما أرسل اثني عشر ألف رجل مع فنيحاس بن العازار لمحاربة أهل مديان ،فحاربوا وانتصروا عليهم ،وقتلوا كل ذكر منهم ،وخمسة ملوكهم وبلعام ،وسبوا نسائهم ،وأولدهم ،ومواشيهم كلها ،وأحرقوا القرى والدساكر والمدائن بالنار ،فلما رجعوا غضب عليهم موسى عليه السلم ،وقال :لمنم استحييتم النساء ،ثم أمر بقتل كل طفل مذكر ،وكل امرأة ثيبة ،وإبقاء البكار ،ففعلوا كما أمر ،وكانت الغنيمة من الغنم ستمائة وخمسة وسبعين ألفاا ،ومن البقر اثنين وسبعين ألفاا ،ومن الحمير أحدا وستين ألفاا،
ومن البكار اثنتين وثلثين ألفاا ،وكان لكل مجاهد ما نهب من غير الدواب ،والنسان ،وما بين
مقداره في هذا الباب غير أن رؤساء اللوف والمئين ،أعطوا الذهب لموسى والعازار ستة عشر ألفا ل .وإذا كان عدد النساء البكار اثنتين وثلثين ألفاا ،فكم يكون مقدار وسبعمائة وخمسين مثقا ا
المقتولين من الذكور مطلقاا ،شيوخ ا كانوا أو شبان ا أو صبياناا ،ومن النساء الثيبات.
-13عمل يوشع عليه السلم بعد موت موسى عليه السلم على الحكام المندرجة في التوراة، فقتل المليونات الكثيرة ،ومن شاء فليطالع هذا في كتابه من الباب الول إلى الباب الحادي عشر، وقد صرح في الباب الثاني
) (4/1265
عشر من كتابه ،أنه قتل إحدى وثلثين سلطانا من سلطين الكفار ،وتسلط بنو إسرائيل على
مملكتهم.
-14في الباب الخامس عشر من سفر القضاة في حال شمشون هكذا) :ووجد فك ا أعني خد حمار ،فمد يده وأخذه ،وقتل به ألف رجل( .
- 15في الباب السابع والعشرين من سفر صموئيل الول) 8 :وصعد داود ورجاله ،وكانوا ينهبون أهل جاسور وجرز وعمالق ،لن هؤلء كانوا سكان الرض من الدهر من حد سورا حتى حد مصر(
ل ،ول امرأة ،ويأخذ الغنم ،والبقر، ) 9وكان يخرب داود كل الرض ،ولم يكن يبقى منهم رج ا
والحمير ،والجمال ،والمتعة ،وكان يرجع ويأتي إلى أخيس( .انظروا إلى فعل داود عليه السلم أنه
ل ،ول امرأة من أهل جاسور ،وجرز ،وعمالق ،وينهب دوابهم كان يخرب الرض ،وما كان يبقي رج ا
وأمتعتهم.
-16في الباب الثامن من سفر صموئيل الثاني) 2 :وضرب الموابيين ومسحهم بالحبال وأضجعهم على الرض ،ومسح حبلين للقتل وكمل حبلا
) (4/1266
واحدا للستحياء ،وكان الموابيون عبيدا لداود يؤدون إليه الخراج( ) 3وضرب داود أيضا هدر
عازار بن راحوب ملك صوبا( الخ ) 5فأتت أرام دمشق ليعينوا هدر عازار ملك صوبا ،وضرب داود
من أرام اثنين وعشرين ألف رجل( .فانظروا إلى فعل داود عليه السلم بالموابيين ،وهدر عازار، وجيشه وجيش أرام. - 17الية الثامنة عشر من الباب العاشر من سفر صموئيل الثاني هكذا) :وهرب السريانيون من بين يدي إسرائيل ،وقتل داود من السريانيين سبعمائة مركب ،وأربعين ألف فارس ،وسوباك رئيس الجيش ضربه فمات في ذلك المكان( . -18وفي الباب الثاني عشر من سفر صموئيل الثاني هكذا) 29 :فجمع داود جميع الشعب، وسار إلى راية فحارب أهلها ،وفتحها( ) 30وأخذ تاج ملكهم عن رأسه وكان وزنه قنطارا من الذهب ،وكان فيه جواهر مرتفعة ووضعوه على داود ،وغنيمة القرية أخرجها كثيرة جداا( 31
)والشعب الذي كانوا فيها أخذهم ونشرهم بالمناشير وداسهم بموارج حديد ،وقطعهم
) (4/1267
بالسكاكين وأجازهم بقمين الجاجر ،كذلك صنع بجميع قرى بني عمون ،ورجع داود وجميع الشعب إلى أورشليم( .ونقلت هذه العبارة لفظ ا لفظاا ،عن الترجمة العربية المطبوعة سنة ،1831
وسنة .1844فانظروا كيف قتل داود عليه السلم بني عمون قتلا شنيعاا ،وأهلك جميع القرى بمثل هذا العذاب العظيم الذي ل يتصور فوقه.
-19في الباب الثامن عشر من سفر الملوك الول :أن إيليا عليه السلم ذبح أربعمائة وخمسين رجلا من الذين يدعون أنهم أنبياء بعل.
-20لما فتح أربعة ملوك سادوم ،وعامورة ،ونهبوا جميع أموال أهاليهما ،وأسروا لوطا عليه
السلم ،ونهبوا ماله أيضاا .ووصل هذا الخبر إلى إبراهيم عليه السلم ،خرج إبراهيم عليه السلم
ليخلص لوط ا عليه السلم.
) (4/1268
ففي بيان هذا الحال في الباب الرابع عشر من سفر التكوين هكذا) 14 :فلما سمع إبرام أن لوطا ابن أخيه سبي فأحصى غلمانه أولد بيته ثلثمائة وثمانية عشر ،وانطلق في أثرهم حتى أتى دان( 15 ل ،وضربهم ،وطردهم إلى حوبا التي هي من شمال دمشق( 16 )وفرق أرفاقه ،ونزل عليهم لي ا
)واسترد المقتنى كله ،ولوطا ابن أخيه وماله ،والنسوة أيضاا ،والشعب( ) 17وخرج ملك سادوم
للقائه بعد ما رجع من قتل كدرلغمور ،والملوك الذين معه في وداي شوا الذي هو وادي الملك( .
-21في الباب الحادي عشر من الرسالة العبرانية هكذا) 32 :وماذا أقول أيض ا لنه يعوزني
الوقت أن أخبرت عن جدعون ،وباراق ،وشمسون ويفتاح ،وداود ،وصموئيل ،والنبياء( ) 33الذين
باليمان قهروا ممالك صنعوا برا نالوا مواعيد سدوا أفواه أسود( ) 34أطفؤا قوة النار نجوا من حد السيف تقووا من ضعف صاروا أشداء في الحرب ،هزموا جيوش غرباء( .فظهر من كلم مقدسهم بولس ،أن قهر هؤلء النبياء ممالك ،وإطفائهم النار ونجاتهم من حد السيف ،وهزمهم جيوش الكفار ،كان من جنس البر ،ل من جنس الثم .وكان منشؤها قوة اليمان ،ونيل مواد الرحمن ،ل قساوة القلب
) (4/1269
والظلم .وإن كان أفعال بعضهم في صورة أشد أنواع الظلم ،سيما في قتل الصغار الذين ما كانوا متدنسين بدنس الذنوب ،وقد عد داود عليه السلم جهاداته من الحسنات حيث قال في الزبور الثامن عشر) 20 :ويجازيني الرب مثل بري ومثل طهارة يدي يكافئني( ) 21لني حفظت طرق الرب ،ولم أكفر بإلهي( ) 22لن جميع أحكامه قدامي ،وعدله لم أبعده عني( ) 23وأكون طهارة يدي قدام عينيه( .وقد شهد ال أن جهاداته وسائر أفعاله الحسنة كانت مقبولة عند ال في الية الثامنة من الباب الرابع عشر من سفر الملوك .الول قول ال هكذا) :داود عبدي الذي حفظ وصاياي ،وتبعني من كل قلبه وعمل بما حسن أمامي( . فما قال صاحب ميزان الحق وغيره من علماء بروتستنت ،أن جهادات داود عليه السلم كانت لجل سلطنته ومملكته ،فمنشؤه قلة الديانة ،لن قتل النساء والطفال وكذا جميع أهل بعض البلد ما كان ضروري ا لجل هذا المصلحة ،على أنا نقول أنا لو فرضنا أن هذا القتل كان لجل السلطنة، لكنه ل يخلو إما أن يكون مرضيا ل وحللا له ،أو يكون مبغوضا عند ال ومحرما عليه ،فإن كان الول ثبت مطلوبنا ،وإن كان الثاني لزم كذب قوله وقول مقدسهم ،وكذب شهادة ال في حقه،
ولزوم أن يكون دماء ألوف من المعصومين ،وغير واجبي القتل في ذمته .ودم البريء الواحد يكفي للهلك ،فكيف تحصل له النجاة الخروية.
) (4/1270
في الباب الثالث من الرسالة الولى ليوحنا) :وأنتم تعلمون أن كل قاتل نفس ليس له حياة أبدية ثابتة فيه( .وفي الباب الحادي والعشرين من المشاهدات) :وأما الجبانون والكفار والمرذولون والقتلة والزناة والسحرة وعبدة الوثان ،وكل الكذابين يكون نصيبهم في البحيرة الموقدة بالنار والكبريت( .هذا هو المر الثاني والعياذ بال ،وحذرا من التطويل أكتفي على هذا القدر.
)المر الثالث( ل يشترط أن تكون الحكام العملية الموجودة في الشريعة السابقة ،باقية في الشريعة اللحقة بعينيها ،بل ل يشترط أن تكون هذه الحكام العملية في شريعة واحدة من أولها
إلى آخرها ،بل يجوز أن تختلف هذه الحكام بحسب اختلف المصالح والزمنة والمكلفين ،وقد عرفت هذه المور في الباب الثالث بما ل مزيد عليه ،فكان الجهاد مشروع ا في الشريعة الموسوية على طريق هو أشنع أنواع الظلم عند منكري النبوة ،ولم تبق مشروعيته في الشريعة العيسوية ،وما
كان بنو إسرائيل مأمورين بالجهاد قبل خروجهم عن مصر ،وصاروا مأمورين به بعد خروجهم، وعيسى عليه السلم يقتل الدجال وعسكره بعد نزوله .كما هو مصرح به في الباب الثاني من الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيقي ،والباب التاسع عشر من المشاهدات .وكذا ل يشترط أن تكون معاملة تنبيه الكفار والعصاة على طريقة واحدة
) (4/1271
كما علمت في المر الول ،فل يجوز لمن يعتقد النبوة والوحي أن يعترض في مثل هذه المور على شريعته ،فل يجوز له أن يقول أن إهلك كل ذي حياة غير أهل السفينة في طوفان نوح عليه السلم ،وإهلك أهل سادوم وعامورة ونواحيهما في عهد لوط عليه السلم ،وإهلك كل ولد أكبر من أولد النسان والبهيمة من أهل مصر ،ليلة خروج بني إسرائيل عنها في عهد موسى عليه السلم ،كان ظلم ا سيما إهلك ألوف في حادثة الطوفان ،وإهلك ألوف في الحادثتين الخيرتين من أولد النسان الصغار ،وأولد البهيمة التي هي ما كانت مدنسة بذنب من الذنوب.
وكذا ل يجوز أن يقول أن قتل المم السبعة كلها بحيث ل تبقى منهم بقية ما سيما قتل أولدهم الصغار الذين ما كانوا اقترفوا ذنبا ظلم ،أو أن يقول أن قتل الرجال وسبي الذراري ونهب الموال من غير المم السبعة ،أو أن قتل ذكور المديانيين كلهم حتى الطفل الرضيع ،وكذا قتل نسائهم
الثيبات كلها وإبقاء البكار لجل أنفسهم ،ونهب الموال والدواب ظلم ،أو أن يقول أن جهادات
داود عليه السلم ،وجهادات سائر النبياء السرائيلية عليهم السلم ،أو أن ذبح إيليا عليه السلم أربعمائة وخمسين رج لا من أنبياء بعل ،أو أن قتل عيسى عليه السلم بعد نزوله الدجال وعسكره ظلم ،ل يجوز العقل أن يفعل ال أو يأمر أحدا بأمثال هذا الظلم ،وكذا ل يجوز أن يقول أن قتل الذابح للوثان ،وكذا قتل من يرغب إلى عبادة غير ال ،وكذا قتل أهل القرية كلها إذا ثبت منهم
الترغيب ،وكذا قتل موسى عليه السلم ثلثة وعشرين ألفا من عبدة العجل ،وكذا قتل موسى عليه
السلم أربعة وعشرين ألفا من الذين زنوا ببنات مواب وسجدوا للهتهن ظلم شنيع،
) (4/1272
وفي هذه الحكام إجبار بأن يثبت النسان على الشريعة الموسوية لجل خوف القتل والرجم، وظاهر أن اليمان القلبي ل يمكن أن يحصل بالجبار بل يستحيل أن يحصل للنسان محبة ال أيضا بالجبار .فأمثال هذه الحكام ل تكون من جانب ال ،نعم من ل يكون معتقدا بالنبوة
والشرائع ،ويكون ملحدا وزنديق ا وينكر أمثال هذه المور لم تستبعد منه ،لكنا ل كلم لنا معه في هذا الكتاب ،بل كلمنا فيه مع المسيحيين عموم ا وعلماء بروتستنت خصوصاا. )المر الرابع( أن علماء بروتستنت يدعون كذبا أن دين السلم شاع بالسيف ،وهذا الدعاء غير صحيح كما علمت في المر السابع من مقدمة الكتاب ،وأفعالهم غير أقوالهم ،فإنهم وكذا
أسلفهم من أهل التثليث إذا تسلطوا تسلط ا تاماا ،اجتهدوا في إمحاء المخالفين ،وأنا أنقل بعض الحالت من كتبهم ورسائلهم فأنقل حالهم بالنسبة إلى اليهود من كتاب كشف الثار في قصص
أنبياء بني إسرائيل الذي عرفته في بيان المر الثاني فأقول: قال صاحبه في الصفحة ) :27القسطنطين العظم الذي كان قبل الهجرة بثلثمائة سنة تقريبا أمر
بقطع آذان اليهود وإجلئهم إلى أقاليم مختلفة ،ثم أمر ملك الملوك الرومي في القرن الخامس من
القرون المسيحية ،بإخراجهم من البلدة السكندرية التي كانت مأمنهم من مدة ،وكانوا يجيئون إليها من كل جانب ،فيستريحون فيها .وأمر بهدم كنائسهم ومنع عبادتهم ،وعدم قبول شهادتهم وعدم نفاذ الوصية أن أوصى أحد منهم لحد في ماله ،ولما ظهر
) (4/1273
منهم بغاوة ما لجل هذه الحكام نهب جميع أموالهم وقتل كثيرا منهم ،وسفك الدماء بظلم ارتعد
به جميع يهود هذا القليم.
ثم قال في الصفحة ) :28أن يهود البلد انطيوح لما أسروا بعد ما صاروا مغلوبين ،قطع أعضاء البعض ،وقتل البعض ،وأجلى الباقين منهم كلهم ،وظلم ملك الملوك في جميع مملكته هؤلء المشاركين بأنواع الظلم ،ثم أجلهم من مملكته آخر المر .وهيج ولة الممالك الخرى على أن يعاملوا اليهود هذه المعاملة ،فكان حالهم أنهم تحملوا الظلم من آسيا إلى أقصى حد أوربا ،ثم بعد مدة قليلة كلفوا في مملكة اسبنيول لقبول شرط من الشروط الثلثة :أن يقبلوا الملة المسيحية فإن أبوا عن قبولها يكونون محبوسين ،وإن أبوا عن كليهما يجلون من أوطانهم ،وصار مثل هذه المعاملة معهم في ديار فرانس .فهؤلء المساكين كانوا ينتقلون من إقليم إلى إقليم ول يحصل لهم موضع القرار ،ولم يحصل لهم المن في آسيا الكبير أيضا بل قتلوا في كثير من
) (4/1274
الوقات كما قتلوا في ممالك الفرنج. ثم قال في الصفحة ) :29أن أهل ملة كتلك كانوا يظلمونهم باعتقاد أنهم كفار وعظماء هذه الملة عقدوا مجلسا للمشورة ،وأجروا عليهم عدة أحكام) :الول( :من حمى يهوديا على ضد مسيحي يكون ذا خطأ ،ويخرج عن الملة) .والثاني( :أنه ل يعطى يهودي منصب ا في دولة من الدول.
)والثالث( :لو كان مسيحي عبد يهودي فهو حر) .والرابع( :ل يأكل أحد مع اليهودي ،ول يعامله) .والخامس( :أن ينزع الولد منهم وتربى في الملة المسيحية ،وهكذا كان أحكام أخر( .
أقول ل شك أن الحكم الخامس أشد أنواع الكراه .ثم قال) :كانت عادة أهل البلدة ثولوس من إقليم فرانس أنهم كانوا يلطمون وجوه اليهود في عيد الفصح ،وكان رسم البلدة بزيرس أن أهلها من أول يوم الحد من أيام العيد إلى يوم العيد ،كانوا يرمون اليهود بالحجارة ،وكان
) (4/1275
يكثر القتل أيضا في هذا الرمي ،وكان حاكم البلدة المسيحي المذهب يهيج أهلها على هذا الفعل.
ثم قال في الصفحة 30و ) :31دبر سلطين فرانس في حق اليهود أمراا ،وهو أنهم كانوا يتركون
اليهود إلى أن يصيروا متمولين بالكسب والتجارة ،ثم يسلبون أموالهم ،وبلغ هذا الظلم لجل الطمع غايته ،ثم لما صار فلب أوك سطس سلطانا في فرانس ،أخذ أولا الخمس من ديون اليهود التي كانت على المسيحيين ،وأبرأ من الباقي ذمة المسيحيين ،وما أعطى اليهود حبة ،ثم أجلى
اليهود كلهم من مملكته ،ثم جلس على سرير السلطنة سنط لوئيس وهو يطلب اليهود مرتين في مملكته وأجلهم مرتين ،ثم أجلى جرلس السادس اليهود من مملكة فرانس ،وقد ثبت من التواريخ، أن اليهود أجلوا من مملكة فرانسا
) (4/1276
سبع مرات ،وعدد اليهود الذين أخرجوا من مملكة اسبنيول لو فرض في جانب القلة ،ل يكون أقل من ألف وسبعين ألف بيت ،وفي مملكة نمسا قتل كثير منهم ونهب كثير منهم ونجا منهم قليل وهم الذين تنصروا ،ومات كثير منهم بأن سدوا أولا أبوابهم ،ثم أهلكوا أنفسهم وأولدهم وأزواجهم وأموالهم ،إما بالغراق في البحر أو بالحراق بالنار ،وقتل غير المحصورين منهم في الجهاد
المقدس ،وكان النكليز اتفقوا على أن يظلموا اليهود ،فلما حصل اليأس العظيم ليهود البلدة يرك بسبب الظلم ،قتل بعضهم بعضا فقتل ألف وخمسمائة من الرجال والنساء والطفال ،وصاروا أذلء في هذه المملكة بحيث إذا بغى المراء على السلطان قتلوا سبعمائة يهودي ونهبوا أموالهم ،لجل
أن يظهروا شوكتهم على الناس ،وسلب رجار دوجان وهنري
) (4/1277
الثالث من سلطين إنكلترة مراراا ،أموال اليهود ظلما سيما هنري الثالث ،فإنه كانت عادته أنه كان ينهب اليهود بكل طريق على وجه الظلم ،وعدم الرحم ،وكان جعل أغنيائهم الكبار فقراء وظلمهم
بحيث رضوا على الجلء ،واستجازوا أن يخرجوا من مملكته ،لكنه ما قبل هذا المر منهم أيضاا. ولما جلس ادورد الول على سرير السلطنة ،ختم المر بأن نهب أموالهم كلها ثم أجلهم من مملكته ،فأجلى أزيد من خمسة عشر ألف يهودي في غاية العسر( . ثم قال في الصفحة ) :32نقل مسافر اسمه سوتي أنه كان حال قوم برتكال قبل خمسين عاماا،
أنهم كانوا يأخذون اليهودي ويحرقونه بالنار ،ويجتمع رجالهم ونساؤهم يوم إحراقه كاجتماع يوم العيد ،وكانوا يفرحون وكانت النساء يصحن وقت إحراقه لجل الفرح( .
) (4/1278
ثم قال في الصفحة ) :33أن البابا الذي هو عظيم فرقة كاتلك قرر عدة قوانين شديدة في حق اليهود( .انتهى كلم كشف الثار في قصص أنبياء بني إسرائيل. وقال صاحب سير المتقدمين) :أن السلطان السادس من قسطنطين الول ،أمر بمشورة أمرائه في سنة 379أن يتنصر كل من هو في السلطنة الرومية ويقتل من لم يتنصر( انتهى .وأي إكراه أزيد من هذا. ولطامس نيوتن تفسير على الخبار عن الحوادث المستقبلة المندرجة في الكتب المقدسة .وطبع هذا التفسير سنة 1803في البلد لندن .ففي الصفحة 65من المجلد الثاني في بيان تسلط أهل التثليث على أورشليم هكذا) :فتحوا أورشليم في الخامس عشر من شهور تموز الرومي سنة 1099بعد ما حاصروا خمس أسبوعات وقتلوا غير المسيحيين ،فقتلوا أزيد من سبعين ألف ا من المسلمين وجمعوا اليهود وأحرقوهم ووجدوا في المساجد غنائم عظيمة( انتهى.
) (4/1279
وإذا عرفت حال ظلمهم في حق اليهود خصوصاا ،وفي حق رعية السلطنة عموماا ،وما فعلوا عند
تسلطهم على أورشليم ،فالن أذكر نبذا مما فعل كاتلك بالنسبة إلى غيرهم من المسيحيين ،وأنقل هذه الحالت عن كتاب الثلث عشرة رسالة الذي طبع في بيروت سنة ،1849من الميلد
باللسان العربي فأقول: قال في الصفحة 15و ) :16أما الكنيسة الرومانية فقد استعملت مرات كثيرة الضطهادات والطرد المزعج ضد البروتستانت ،أي الشهود أو بالحري الشهداء ،وذلك في ممالك أوربا .ويظن أنها أحرقت في النار أقل ما يكون مائتين وثلثين ألفا من الذين آمنوا بيسوع دون البابا ،واتخذوا
الكتب المقدسة وحدها هدى وإرشادا ليمانهم وأعمالهم ،وقد قتلت أيضا منهم ألوف وربوات
بحد السيف والحبوس والكلبتين ،وهي آلة لتخليع المفاصل بالجذب ،وأفظع العذابات المتنوعة.
ففي فرنسا قتل في يوم واحد ثلثون ألف رجل وذلك في اليوم الملقب بيوم ماريرثو لماوس ،وعلى هذا السلوب أذيالها مختضبة بدماء القديسين( انتهى كلمه بلفظه. وفي الصفحة 338في الرسالة الثانية عشر من الكتاب المذكور) :يوجد
) (4/1280
قانون وضع في المجمع الملتم في توليد وفي سبانيا يقول أننا نضع قانوناا :أن كل من يقبل إلى هذه المملكة فيما بعد ،ل تأذن له أن يصعد إلى الكرسي إن لم يحلف أولا أنه ل يترك أحدا غير
كاثوليكي يعيش في مملكته ،وإن كان بعد ما أخذ الحكم يخالف هذا العهد فليكن محروماا ،فدام
الله السرمدي وليصر كالحطب للنار البدية( .مجموع المجامع من كارتراوجه ) 404والمجمع اللتراني يقول أن جميع الملوك والولة وأرباب السلطنة فليحلفوا أنهم بكل جهدهم وقلوبهم
يستأصلون جميع رعاياهم المحكوم عليهم من رؤساء الكنيسة بأنهم أراتقة ،ول يتركون أحدا منهم
في نواحيهم ،وأن كانوا ل يحفظون هذه اليمين فشعبهم محلول من الطاعة لهم( .
) (4/1281
رأس ) 3وهذا القانون قد ثبت أيضا في مجمع قسطنطيا( جلسة ) 45ومن رسم البابا مرتينوس الخامس( عن ضلل فيكل) .وفي اليمين التي حلفت بها الساقفة تحت رياسة البابا بولينوس
الثالث سنة 1551يوجد هذا الكلم :أن الراتقة وأهل النشقاق والعصاة على سيدنا البابا وخلفائه هؤلء بكل قوتي أطردهم وأبيدهم( .والمجمع اللتراني ومجمع قسطنطيا يقولون) :أن الذي يمسك الراتقة له إذن وسلطة أن يأخذ منهم كل ما لهم ويستعمله لنفسه من غير مانع( مجمع ل تراني 4مجلد 2فصل 1وجه 152ومجمع قسطنطيا جلسة 45مجلد ) 7والبابا اينوشنيسوس الثالث يقول أن هذا القصاص على الراتقة نحن نأمر به كل الملوك والحكام ونلزمهم إياه تحت القصاصات الكنائسية( رسم 7كتاب .5 وفي سنة 1724وضع الملك لويس الحادي عشر ثمانية عشر قانوناا.
) (4/1282
أولها :أننا نأمر أن الديانة الكاتوليكية وحدها ،مأذونة في مملكتنا ،وأما الذين يتمسكون بديانة أخرى فليذهبوا إلى العتقال طول حياتهم ،والنساء فلتقطع شعورهن ويحبسن إلى الموت. وثانيها :أننا نأمر أن جميع الواعظين الذي جمعوا جماعات على غير العقائد الكاتوليكية ،والذين علموا أو مارسوا عبادة مخالفة لها يعاقبون بالموت .وفي مخاطبة الساقفة في سبانيا للملك سنة 1765يقولون له أعط الرسوم كل قوتها ،والديانة كل مجدها ،لكن تسبب هذه المقالة منا تجديد قوانين سنة 1724المذكورة) :وكان من جملة رسوم إنكلترا تحت رياسة البابا أن كل من يقول أنه ل يجوز أن يسجد لليفونات يحبس في السجن الشديد حتى يحلف أنه يسجد لها ،والسقف أو القاضي الكنايسي له سلطان أن يحضر إليه ،أو يحبس كل من يقع عليه الشبهة أنه أراتيكي، والراتيكي العنيد فليحرق بالنار قدام الشعب ،وجميع الحكام فليحلفوا أنهم يعينون هذا القاضي على استئصال الراتقة الذين عندما تظهر أرتقتهم تسلب أموالهم ويسلمون إليه ،وتمحى خطاياهم بلهيب النار( .كوك فرائض عدد 3وجه 40و 41وأيض ا عدد 4وجه ) 15وبارونيوس يقول أن الملك كارلوس الخامس ،كان يظن برأيه الباطل ،أنه
) (4/1283
يستأصل الراتقة ليس بالسيف بل بالكلم ،وفي فهرس الكتاب المقدس المطبوع في رومية باللتيني والعربي تحت حرف الهاء يوجد هذا التعليم :أن الراتقة ينبغي لنا أن نهلكهم ويورد الثبات على ذلك أن الملك ياهو قتل الكهنة الكذبة وإيليا ذبح كهنة باعل ،وغير ذلك .فإذن هكذا ينبغي لولد الكنيسة أن يهلكوا الراتقة( . ثم في الصفحة 347و ) :348المؤرخ منتوان المتقدم في رياسة الكرمليين مع غيره من المؤرخين ،يخبرنا عن كاروز بالنجيل معتبر يقال له ثوما من رودن ،أحرقه البابا بالنار لنه كرز ضد فسادات الكنيسة الرومانية ،والمؤرخون يدعونه قديس ا وشهيدا حقيقي ا للمسيح( .
وفي الصفحة 350إلى ) :355في سنة 1194أمر الديفونسو ملك
) (4/1284
اراغون في إسبانيا بنفي الواضيين من بلده ،لنهم أراتقة ..وفي سنة 1206رغما عن المير
رايمون وإلى مدينة ثولوس ،أرسل البابا قضاة بيت التفتيش إلى تلك المدينة ،لن المير المذكور كان قد أبى أن ينفي هؤلء الواضيين ،ثم بعد قليل أرسل ملك فرنسا بطلب البابا إلى تلك المدينة
ونواحيها عسكراا ،عدده ثلثمائة ألف ،فحاصر المير رايمون في مدينته لجل المحاماة عن نفسه، ولكي يدفع القوة بالقوة ،فانذبح في ذلك القتال ألف ألف ،وانكسر أهل رايمون وأحاط بهم كل
صنف من الهانات والعذابات ،وكان البابا في حركة هذه الحروب يقول لقومه :إننا نعظمكم ونحتم عليكم أن تجتهدوا في ملشاة هذه الرتقة الخبيثة أرتقة اللبجيين
) (4/1285
أي الواضيين وتطردوهم بيد قوية أشد مما يكون ضد الساراجين أي المسلمين ..وفي سنة 1400 في آخر شهر كانون الول ،قام أهل البابا بغتة على الواضيين في أوديابيت مونت بلد ملك سردينيا ،فهربوا من وجوههم بل قتال ،ولكن قتل كثيرون بالسيف وكثيرون ماتوا بالثلج ،ثم أن البابا بعد ذلك بسبع وثمانين سنة ،كلف البرتوس ارشيديا كونوس في مدينة كريمونا أن يحارب الواضيين في النواحي القبلية من فرنسا ،وفي أوديابيت مونت ،حيث بقي البعض منهم من الذين رجعوا بعد الحرب في سنة ،1400وهذا الرجل المذكور تقدم حالا ومعه ثمانية عشر ألف محارب ،وأقام تلك الحرب التي استمرت نحو ثلثين سنة على المسيحيين الذين قالوا:
) (4/1286
نحن في كل وقت نكرم الملك ونؤدي الجزية ،ولكن أرضنا وديانتنا التي ورثناها من ال ومن آبائنا ل نريد أن نتركها ،وفي كالبريا من بلد إيطاليا سنة 1560قتل ألوف ألوف ،من البروتستنتيين، بعضهم قتل من العسكر وبعضهم من محكمة بيت التفتيش. قال أحد المعلمين الرومانيين :إنني أرتعد كلما أفتكر بذلك الجلد والخنجر الدموي بين أسنانه والمنديل يقطر دما بيده وهو متلطخ بيديه إلى الكارع ،يسحب واحدا بعد واحد من السجن ،كما
يفعل الجزار بالغنم ..وفي سنة 1601نفى دوك السافوي خمسمائة عيلة من الواضيين ..وأيضا سنة 1655وسنة 1676تجددت الضطهادات عليهم في أوديابيد مونت ،لن الملك لويس
الرابع عشر بإشارة من البابا تقدم إليهم بجيشه ،وهم في بيوتهم بغاية الطمأنينة ،فذبح العسكر خلقا كثيرا منهم ،ووضعوا في الحبس أكثر من عشرة آلف ،فمات كثير منهم من الزحام والجوع، والذين سلموا أخرجوهم لكي ينزحوا من تلك البلد ،وكان ذلك اليوم شديد البرد والرض مغطاة
) (4/1287
بالثلج .والجليد ،فكان كثير من المهات وأولدهن في أحضانهن موتى على جانب الطريق من البرد ..وكارلوس الخامس سنة ،1521أخرج أمرا في طرد البروتستنتيين في بلد فلمنك عن رأي البابا ،وبسبب ذلك قتل خمسمائة ألف نفر..
وبعد كارلوس تولى ابنه فيلبس ،ولما ذهب إلى إسبانيا سنة ،1559استخلف المير ألف ا على طرد البروتستنتيين ،والمذكور في أشهر قليلة قتل على يد الجلد الملوكي الشرعي ثمانية عشر ألفاا، وبعد ذلك كان يفتخر بأنه قتل في كل المملكة ستة وثلثين ألفاا ،والقتيل الذي يذكره المعلم كين
في عيد ماربرثولماس ،كان في 24آب سنة 1572في وقت السلمة الكاملة وكان )الملك ملك فرنسا قد وعد بأخته لمير نافار وهو من علماء البروتستنتيين وأشرافهم ،ثم اجتمع هو
) (4/1288
وأصدقاء أعيان كنيستهم في باريس لجل استتمام الوعد بالزواج ،ولما ضربت النواقيس لجل الصلة الصباحية ،قاموا بغتة حسب اتفاقهم السابق على المير وأصحابه ،وعلى جميع البروتستنتيين في باريس ،فذبحوا منهم للوقت عشرة آلف نفر ،وهكذا جرى أيض ا في روين وليون
وأكثر المدن في تلك البلد ،حتى قال البعض من المؤرخين أنه قتل نحو ستين ألفاا ،واستمر هذا
الضطهاد مدة ثلثين سنة ،لن البروتستنتيين مسكوا سلحهم لكي يدفعوا القوة بالقوة ،ومات في
هذا الحرب منهم تسعمائة ألف ،ولما سمع في رومية فعل ملك فرنسا في عيد ماربرثولماوس أطلقوا المدافع من البراج ،وذهب البابا مع الكرديناليين ليرتل مزمور الشكر في كنيسة ماربطرس،
) (4/1289
وكتب شكرا وتعظيما للملك على الخير والجميل الذي صنعه مع الكنيسة الرومانية بهذا العمل،
فلما جلس الملك هنري الرابع على كرسي فرنسا قطع هذا الضطهاد سنة .1593ولكن يظن أنه
قتل لجل عدم تسليمه بالغتصاب في أمر الدين .ثم إنه في سنة 1675تجدد الضطهاد وبعد ما قتل خلق كثير يقول المؤرخون أن خمسين ألف ا اضطروا أن يتركوا بلدهم لكي ينجوا من الموت( انتهى كلمه ،ونقلت عبارة هذا الكتاب بألفاظها من الرسالة الثانية عشر.
وإذا عرفت حال ظلم فرقة كاتلك ،فاعلم أن حال ظلم فرقة بروتستنت قريب منه ،وأنقل هذا الحال عن كتاب مرآة الصدق الذي ترجمه القسيس طامس انكلس من علماء كاتلك ،من اللسان النكليزي إلى أردو ،وطبع سنة 1851من الميلد .ويوجد هذا الكتاب عند أهل هذه الفرقة في الهند كثيراا .في الصفحة 41و ) :42سلب بروتستنت في ابتداء أمرهم ستمائة وخمسة وأربعين
رباط اا ،وتسعين مدرسة ،وألفين وثلثمائة وستة وسبعين كنيسة ،ومائة وعشر مارستانات من ملكها، فباعوا بثمن بخس وقاسمها المراء
) (4/1290
فيما بينهم ،وأخرجوا ألوفا من المساكين المفلوكين عريانين من هذه المكنة( .ثم قال في الصفحة
) :54امتد طمعهم أنهم ما تركوا الموات أيضا آذوا أجسادهم في نوم العدم وسلبوا أكفانهم( . ثم قال في الصفحة 48و ) :49وضاعت في هذه الغنائم كتبخانات ذكرها جيء بيل متحسرا بهذه اللفاظ :إنهم سلبوا كتب ا واستعملوا أوراقها في الشواء ،وفي تطهير الشمعدانات والنعال، وباعوا بعض الكتب على العطارين وباعة الصابون ،وباعوا كثيرا منها ما وراء البحر على أيدي
المجلدين ،وما كانت هذه الكتب مائة أو خمسين ،بل المراكب كانت مملوءة منها ،وأضاعوها بحيث تعجب القوام الجنبية ،وإني أعلم تاجر اشترى كتبخانتين كل منهما بعشرين ربية .وبعد هذه
المظالم ما تركوا من خزائن الكنائس إل جدارا عريانة ،ثم ظنوا أنفسهم من أهل الوقار وملؤوا
الكنائس من أناس من أهل ملتهم( .ثم قال في الصفحة الثانية والخمسين إلى الصفحة السادسة والخمسين) :فلنلحظ الن أفعال الجور التي فعلها بروتستنت في حق فرقة كاتلك إلى هذا الحين،
أنهم قرروا أزيد من مائة قانون كلها خلف العدل والرحمة ،لجل الظلم ،ونحن نذكر عدة من هذه القوانين الجورية:
) (4/1291
] [1ل يرث كاتلك تركة أبويه. ] [2ل يشتري واحد منهم أرضا بعد ما يجاوز عمره ثماني عشر سنة إل أن يصير بروتستنت. ] [3ل يكون لهم مكتب.
] [4ل يشتغل أحد منهم بالتعليم ومن خالف هذا الحكم يحبس دائماا. ] [5من كان من هذه الملة يؤدي ضعف الخراج. ] [ 6إن صلى أحد من قسوسهم فعليه أداء ثلثمائة وثلثين ربية من ماله ،وإن صلى أحد منهم ول يكون قسيس ا فعليه أداء ربية ويسجن سنة.
] [ 7إن أرسل أحد منهم ولده خارج إنكلترا للتعليم ،يقتل هو وولده ويسلب أمواله ومواشيه كلها. ] [8ل يعطى لهم منصب من الدولة. ] [9من لم يحضر منهم يوم الحد أو العيد في كنيسة بروتستنت ،تؤخذ منه مائتا ربية في كل شهر ،ويكون خارج ا عن الجماعة ،ول يعطى له منصب.
] [10من ذهب منهم بعيدا من لندن مسافة خمسة أميال ،يؤخذ منه ألف ربية مصادرة. ] [11ل يسمع استغاثة أحد منهم عند الحكام بحسب القانون.
] [12ما كان أحد منهم يسافر أزيد من خمسة أميال ،مخافة أن ينهب ماله ومتاعه ،وكذا ما كان أحد منهم يقدر على الستغاثة في أمر عند
) (4/1292
الحكام ،مخافة أن يؤخذ منه ألف ربية مصادرة. ] [13ل تنفذ أنكحتهم ول تجهيز موتاهم ول تكفين الموتى ول تعميد أولدهم ،إل إذا كانت هذه المور على طريقة كنيسة إنكلترا. ] [14إن تزوجت إحدى نساء هذه الملة ،تأخذ الدولة من جهازها ثلثين ،ول ترث من تركة زوجها، ول يوصي زوجها لها من تركته بشيء ،ونساؤهم كن يحبسن إلى أن يعطي أزواجهن عشر ربيات في كل شهر أو يعطوا ثلث أراضيهم إلى الدولة. ] [15ثم صدر الحكم عاقبة المر إن لم يصر كلهم بروتستنت يسجنون ثم يجلون من أوطانهم مدة حياتهم ،وإن أبوا عن الحكم أو رجعوا من الجلء بدون المر كانوا ملزمين بإلزام عظيم.
] [16ل يحضر القسيس عند قتلهم ول عند تجهيزهم وتكفينهم. ] [17ل يكون السلح في بيت أحد منهم. ] [18ل يركب أحد منهم على حصان يكون ثمنه أزيد من خمسين ربية. ] [19إن أدى قسيس منهم أمرا من الخدمات المتعلقة به يسجن دائماا. ] [ 20القسيس الذي يكون مولده إنكلترا ،ول يكون من ملة بروتستنت ،إن أقام أزيد من ثلثة أيام في إنكلترا يتصور أنه غدار ويقتل. ] [21من أنزل القسيس المذكور على مكانه يقتل. ] [22ل تقبل شهادة كاتلك في العدالة ..وقتل على هذه القوانين الجورية في عهد الملكة اليصابت مائتان وأربعة
) (4/1293
أشخاص .كان مائة وأربعة منهم قسيسين والباقون من أهل الغنى ،وما كان ذنبهم غير أنهم أقروا أنهم من ملة كاتلك ،ومات تسعون قسيس ا وكبار آخرون في السجن ،وأجلى مائة وخمسة أشخاص
مدة حياتهم ،وضرب كثيرا منهم بالسياط وصودروا وحرموا من أموالهم ،حتى هلك عشيرتهم،
وقتلت ميري المشهورة ملكة أسكات ،وكانت بنت الخالة للملكة اليصابت ،لجل كونها من ملة
كاتلك( .
) (4/1294
ثم قال في الصفحة الحادية والستين إلى السادسة والستين) :حمل كثير من رهبانهم وعلمائهم بأمر الملكة اليصابت في المراكب ،ثم أغرقوا في البحر .جاء عساكرها إلى إيرلند ليدخلوا أهل ملة كاتلك في ملة بروتستنت ،فأحرقوا كنائس كاتلك وقتلوا علماءهم ،وكان يصطادونهم كاصطياد الوحوش البرية ،وكانوا ل يؤمنون أحدا وإن أمنوا أحد قتلوه أيض ا بعد المان ،وذبحوا العسكر الذي كان في حصن سمروك وأحرقوا القرى والبلد ،وأفسدوا الحبوب والمواشي وأجلوا أهلها بل امتياز
المنزلة والعمر .ثم أرسل بارلمنت سنة 1643وسنة 1644الباشوات ليسلبوا جميع
) (4/1295
أموال كاتلك وأراضيهم بل امتياز بينهم ،وبقي أنواع الظلم إلى زمن الملك جيمس الول وحصل التخفيف في الظلم في عهده ثم رحمهم الملك سنة ،1778لكن البروتستنتيين سخطوا عليه وقدموا عرضحال إلى السلطان من جانب أربعة وأربعين ألفا من فرقة بروتستنت في ثاني حزيران
سنة ،1780واستدعوا أن يبقى بارلمنت القوانين الجورية في حق ملة كاتلك كما كانت .لكن
بارلمنت ما التفتوا إليه فاجتمع مائة ألف من بروتستنت في لندن وأحرقوا الكنائس وهدموا أمكنة كاتلك .وكان الحريق يرى من موضع واحد في ستة وثلثين مكاناا ،وكانت هذه الفتنة قائمة إلى ستة
أيام ،ثم أوجد الملك قانونا آخر سنة 1791وأعطى ملة كاتلك حقوقا هي حاصلة لهم إلى هذا
الحين.
ثم قال في الصفحة 73و ) :74ما سمعتم حال جارتراسكول الذي هو في ايرلند هذا المر محقق ،أن بروتستنت يجمعون في كل سنة مقدار مائتي ألف وخمسين ألف ربية ،وكراء أكثر المكانات الكبيرة ،ويشترون بها أولد فرقة كاتلك الذين هم من المساكين المفلوكين .ويرسلوا بهم في العربيات إلى إقليم آخر بالخفية ،لئل يرى آباؤهم وأمهاتهم ،ويقع كثيرا أن هؤلء الشقياء إذا
رجعوا إلى أوطانهم ،تزوجوا بأخواتهم أو إخوتهم أو آبائهم أو أمهاتهم للجهل وعدم المتياز( انتهى
كلمه. والظلم الذي صدر عن بعض فرق بروتستنت بالنسبة إلى بعض آخر ،ل أنقله حذرا من التطويل،
وأكتفي على هذا القدر ،وأقول :انظروا إلى هؤلء الطاعنين على الملة المحمدية إنهم كيف أشاعوا
ملتهم بالجور والظلم.
) (4/1296
)المر الخامس( أن حكم الجهاد في الشريعة المحمدية هكذا يدعى الكفار أولا بالموعظة الحسنة إلى السلم ،فإن قبلوه فبها ويكونون كأمثالنا ،وإن لم يقبلوا فإن كانوا من مشركي العرب فحكمهم
القتل ،كما كان هذا الحكم في الشريعة الموسوية في حق المم السبعة والمرتد والذابح للوثان والداعي إلى عبادتها ،وإن كانوا من غيرهم يدعون إلى الصلح بقبول الجزية والطاعة ،فإن قبلوا
صارت دماؤهم كدمائنا ،وأموالهم كأموالنا ،وإن لم يقبلوا فيحاربون ،مع مراعاة الشروط التي هي مصرح بها في كتب الفقه .كما كان مثله في الشريعة الموسوية في حق غير المم السبعة. والخرافات الني نقلها علماء بروتستنت في بيان هذه المسألة بعضها مفتريات وبعضها هذيانات. وأنقل كتاب خالد بن الوليد رضي ال عنه إلى رئيس عسكر فارس وكتاب المان من عمر رضي ال عنه لنصارى الشام ليظهر الحال على الناظر اللبيب. أما الول فصورته هكذا) :بسم ال الرحمن الرحيم من خالد ابن الوليد إلى رستم ومهران في مل فارس .سلم على من اتبع الهدى أما بعد :فإنا ندعوكم إلى السلم فإن أبيتم فأعطوا الجزية عن يد وأنتم صاغرون ،فإن أبيتم فإن معي قوم ا يحبون القتل في سبيل ال ،كما يحب فارس الخمر. والسلم على من اتبع الهدى( .
) (4/1297
وأما الثاني فصورته هكذا) :بسم ال الرحمن الرحيم هذا ما أعطى عبد ال عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من المان أمان ا لنفسهم وكنائسهم
) (4/1298
وصلبانهم سقيمها وبرها وسائر ملتها ،أنها ل تسكن كنائسهم ول تهدم ول ينقص منها ول من صلبانهم ول شيء من أموالهم ،ول يكرهون على دينهم ،ول يضار أحد منهم ول يسكن إيلياء أحد من اليهود ،وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطي أهل المدائن ،وعليهم أن يخرجوا منها الروم واللصوص فمن خرج منهم فهو آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم ،ومن أقام منهم فهو آمن، وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية ،ومن أحب من إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلي بيعتهم وصليبهم ،فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بيعتهم وعلى صليبهم حتى يبلغوا مأمنهم، ومن كان فيها من أهل الرض ،فمن شاء منهم قعدوا عليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية ،ومن شاء رجع إلى أرضه وأنه ل يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم ،وعلى ما في هذا الكتاب عهد ال وذمته وذمة رسوله صلى ال عليه وسلم وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية.
شهد على ذلك من الصحابة رضي ال عنهم خالد بن الوليد رضي ال عنه وعمرو بن العاص رضي ال عنه وعبد الرحمن بن عوف رضي ال عنه
) (4/1299
ومعاوية بن أبي سفيان رضي ال عنه( وكل الناس يعترفون أن أمير المؤمنين عمر رضي ال عنه كان شديد ا في السلم في غاية الشدة ،وكان جهاد الشام من أعظم جهاداته وكان جاء بنفسه الشريف عند محاصرة إيلياء ،ولما تسلط على إيلياء وقبل المسيحيون الجزية ما قتل أحدا ول أكره على
اليمان وأعطاهم شروط ا حسنة ،وقد اعترف به مؤرخوهم ومفسروهم أيضاا ،كما عرفت من كلم
طامس نيوتن في الفصل الثالث من الباب الول ،وقد عرفت في المر الرابع من هذا المبحث من كلم المفسر المذكور ما فعل المسيحيون في حق المسلمين واليهود إذ تسلطوا على إيلياء. والفرق بين الشريعة المحمدية والموسوية في مسألة الجهاد أن الشريعة المحمدية أن يدعى الكافر
فيها: أوال :بالموعظة الحسنة إلى السلم بخلف الشريعة الموسوية وظاهر أنه ل قبح في هذه الدعوة،
والمتناع بعد اليمان عن القتل عين النصاف ..في الية الحادية عشر من الباب الثالث والثلثين من كتاب حزقيال) :يقول الرب الله لست أريد موت المنافق بل أن يتوت المنافق من طريقه( .
والية السابعة من الباب الخامس والخمسين من كتاب أشعيا هكذا:
) (4/1300
)فليترك المنافق طريقه ورجل السوء أفكاره ،وليرجع إلى الرب فيرحمه وإلى آلهنا لنه كثير الغفران( . والثاني :أنه كان حكم قتل النساء والصبيان إذا كانوا من المم السبعة في الشريعة الموسوية، بخلف الشريعة المحمدية ،فإن هؤلء ل يقتلون وإن كانوا من مشركي العرب ،كما كانوا ل يقتلون في الشريعة الموسوية أيضا إذا كانوا من غير القوام السبعة.
ل .أما نقلا فإذا تمهدت هذه المور الخمسة أقول ل شناعة في مسألة الجهاد السلمي نقلا وعق ا فلما عرفته في المور المذكورة وأما عقلا فلنه قد ثبت بالبرهان الصحيح أن إصلح القوة النظرية
مقدم على إصلح القوة العملية فإصلح العقائد مقدم على إصلح العمال ،وهذه مقدمة مسلمة عند كافة الملبين ،ولذلك ل تفيد العمال الصالحة بدون اليمان عندهم .ول يعاندنا المسيحيون أيض ا في هذا الباب لن العمال الصالحة بدون اليمان بالمسيح ل تنجي عندهم أيضاا .وأن
الجواد الحليم المتواضع الكافر بعيسى عليه السلم أشر عندهم من البخيل الغضوب المتكبر المؤمن بعيسى عليه السلم .وكذا قد ثبت بالتجربة الصحيحة أن النسان قد تنبه على خطأه وقبحه
بتنبيه الغير ،وكذا قد ثبت بالتجربة الصحيحة أن النسان ل يطيع الحق غالبا لجل وجاهة قومه
وشوكتهم ،ول يصغي إلى قول رجل من صنف آخر بل يأنف من سماع كلمه ،سيما إذا كان هذا
القول مخالف ا لطبائع صنفه وأصولهم ،ويكون في قبوله لزوم المشقة في أداء العبادات البدنية والمالية بخلف ما إذا انكسرت وجاهة قومه وشوكتهم فل يأنف من الصغاء.،
) (4/1301
وكذا قد ثبت بالتجربة أن العدو إذا رأى أن مخالفه مائل إلى الدعة والسكون يطمع في التسلط على مملكته ،وهذا هو السبب الغلبي في زوال الدول القديمة وبعد تسلطه تحصل المضرة العظيمة للدين والديانة ولذلك أضطر المسيحيون كافة إلى ما يخالف إنجيلهم المتداول: فقال أهل ملة كاتلك :أن الكنيسة الرومانية لها سلطان حقيقي على كل مسيحي بواسطة العماد، لكون كل معتمد خاضع ا للكنيسة الرومانية ومرؤوس ا منها وهي ملتزمة بقصاص العصاة بالعقوبات الكنائسية ،وبأن تسلم المصرين على ضللهم والمضرين للجمهور ،إلى ذوي الولية ليعاقبوهم
بالموت ،وبالتالي يمكنها إلزامهم بحفظ اليمان الكاتلكي والشرائع الكنائسية تحت أي قصاص كان.
) (4/1302
وقد نقل قولهم هذا إسحاق برد كان من علماء بروتستنت ،في كتابه المسمى بكتاب الثلث عشرة رسالة في الرسالة الثانية عشر في الصفحة 360من النسخة المطبوعة سنة 1849في بيروت. وقال علماء بروتستنت من أهل إنكلترا سعادة الملك له الحكم العلى في مملكة إنكلترا هذه وفي ولياته الخر ،وله السلطنة الولى على جميع متعلقات هذه المملكة سواء كانت كنائسية أو مدنية
في كل حال ،وما هي خاضعة بل ل يصح أن تخضع لحاكم أجنبي ،ويجوز للمسيحيين أن يتقلدوا السلح بأمر الحكام ويباشروا الحروب .كما هو مصرح به في العقيدة السابعة والثلثين من عقائد دينهم ،فترك كل الفريقين ظاهر أقوال عيسى عليه السلم أعني )ل تقاوموا الشر بل من لطمك على خدك اليمن فحول له الخر ،ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضاا ،ومن
سخرك ميلا واحدا فاذهب معه اثنين من سألك فأعطه( .فإن هذه القوال تخالف ما مهدوه ولو
عملوا على هذه القوال ل أقوال أزيد من هذا ،إن سلطنة النكليز تزول من الهند في أيام معدودة
ويخرجهم أهل الهند بل كلفة. ولذلك قال بعض الظرفاء الذكياء أطال ال حياته قادح ا
) (4/1303
على هذه القوال إلزاماا) :تكليف للنسان بما ليس في وسعه ،ول يمكن لدولة ما أن تعمل به ،ول يمكن إلزام أحد به إل بعض الصيادين الذين ل رداء لهم فيؤخذ منهم ول يعبؤون بإضاعة الوقت(
انتهى كلمه. ثم قال) :وذلك كله غير مذكور في مرقص ويوحنا مع أن النصارى كافة على إلقائهم العمل بهذه الحكام ما زالوا يحتجون بها وبها يستدلون على أفضلية مذهبهم ،فكيف ساغ إذا لمرقس ويوحنا أن يهمل ذلك ويتواطآ مع ا على قصة حل الجحش .فهل من دأب المؤرخين أن يذكروا الخسيس من المور ويسكتوا عن الجليل ،ول سيما أنهم هم المخاطبون به ويمكن أن يقال أن من ذكره فإنما نظر إلى تكليف غيره ،ومن سكت عنه فإنما خشي تكليف نفسه( انتهى كلمه بلفظه. وقال بعض الملحدة :إن هذه الحكام التي يفخر بها المسيحيون ل تخلوا إما أن تكون مستحبة نظرا إلى بعض الحالت أو واجبة .فإن كانت مستحبة فل بأس بها .لكنها ل تختص بالملة
المسيحية فإن هذا الستحباب نظرا إلى بعض الحالت يوجد في غير ملتهم أيضاا ،وإن كانت
واجبة فل شك أنها منابع المفاسد والشرور وأسباب زوال الدول والراحة والطمئنان والسرور وإذ
ثبت ما ذكرت فل شك في استحسان الجهاد عقلا إذا كان جامعا للشروط المذكورة في الشريعة
المحمدية.
) (4/1304
وتذكرت حكاية مناسبة للمقام: جاء بعض القسيسين في محكمة المفتي من محكمات الدولة النكليزية في الهند فقال :يا جناب المفتي لي سؤال على المسلمين أمهل المجيب إلى سنة لداء جوابه .فأشار المفتي إلى ناظر المحكمة وكان رجلا ظريف ا فقال :أي سؤال هذا قال القسيس :إن نبيكم ادعى أنه مأمور بالجهاد وما كان موسى مأمور به ول عيسى .فقال الناظر] :ص [359أهذا هو السؤال الذي تمهلنا إلى سنة لنتفكر في جوابه .قال القسيس :نعم .قال الناظر :ل نستمهلك ،وأجيبك الن لسببين :أما أولا فلنا متعلقون بالدولة النكليزية ول فرصة لنا إل في أيام التعطيل فمن يمهلنا إلى سنة .وأما
ثاني ا فلن هذا السؤال ل يحتاج في جوابه إلى تأمل ..ماذا تقول في حق لجج )يعني الحاكم
النكليزي الذي يكون بمنزلة القاضي في الشرع( أيجوز له بحسب القوانين النكليزية أن يقتل
القاتل قصاص ا إذا ثبت القتل عليه عنده ،قال القسيس :ل ،لنه ليس بمأمور بهذا ،بل منصبه أن يرسل هذا القاتل إلى شيشن جج )يعني الحاكم الكبير منه( .قال :أيجوز لهذا الحاكم الكبير
بحسب القوانين أن يقتله إذا ثبت القتل عنده .قال القسيس :ل ،لنه ليس بمأمور أيضاا ،بل منصبه
أن يحقق المر ثانيا ويخبر الحاكم الذي هو أعلى منه حتى يصدر حكم القتل عن هذا العلى ثم يحكم هذا الكبير بقتله .فقال الناظر :أهؤلء الحكام الثلثة ليسوا بمتعلقين بالدولة الواحدة
النكليزية .قال القسيس :بلى لكن اختلف القتدار لجل مناصبهم .فقال الناظر :الن ظهر الجواب من كلمك ،فل بد أن تعلم أن موسى وعيسى عليهما السلم بمنزلة الحاكمين الولين ونبينا بمنزلة الحاكم الثالث العلى ،فكما ل يلزم من عدم اقتدار الحاكمين الولين عدم اقتدار الثالث فكذا ل يلزم من عدم اقتدار موسى وعيسى عليه السلم عدم اقتدار محمد صلى ال عليه وسلم. فسكت القسيس وخرج خائباا.
) (4/1305
فمن نظر إلى ما ذكرت بنظر النصاف ،وتجنب عن العناد والعتساف ،علم يقينا أن التشدد في مسألة الجهاد ،وقتل المرتد والمرغب إلى عبادة الوثان في الشريعة الموسوية ،أشد وأكثر من
التشدد الذي فيها في الشريعة المحمدية ،وأن طعن المسيحيين خلف النصاف جداا ،وأتعجب
من حالهم أنهم ل ينظرون إلى أن أسلفهم كيف أشاعوا ملتهم بالظلم وكيف قرروا القوانين الجورية لمخالفيهم .ولما طال هذا البحث ل أتعرض لهوساتهم المندرجة في رسائلهم .وفيما ذكرت كفاية لذفع هذه الهوسات وبال التوفيق. )المطعن الثاني( عدم ظهور المعجزات على يد محمد صلى ال عليه وسلم من شروط النبوة ظهور المعجزات على يد من يدعيها وما ظهرت معجزة على يد محمد صلى ال عليه وسلم .كما يدل عليه ما وقع في سورة النعام} :ما عندي ما تستعجلون به إن الحكم إل ل يقص الحق ،وهو خير الفاصلين{ .وكذا ما وقع في تلك السورة} :وأقسموا بال جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها ،قل إنما اليات عند ال ،وما يشعركم أنها إذا جاءت ل يؤمنون( .وكذا ما وقع في سورة بني إسرائيل} :وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الرض ينبوعا أو تكون لك جنة
من نخيل وعنب ،فتفجر النهار خللها تفجيراا ،أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاا ،أو تأتي
ل ،أو يكون لك بيت من زخرف ،أو ترقى في السماء ،ولن نؤمن لرقيك حتى بال ،والملئكة قبي ا
ل{ .وكذا بعض اليات الخر. تنزل علينا كتابا نقرؤه ،قل سبحان ربي هل كنت إل بشرا رسو ا
) (4/1306
)والجواب( أن المور الثلثة التي ذكرها السائل تغليطات. أما الول :فلن صدور المعجزة ليس من شروط النبوة على حكم هذا النجيل المتعارف ،فعدم صدورها ل يدل على عدم النبوة ..في الية الحادية والربعين من الباب العاشر من إنجيل يوحنا هكذا) :فأتى إليه كثيرون ،وقالوا إن يوحنا لم يفعل آية واحدة( ..وفي الية السابعة والعشرين من الباب الحادي والعشرين من إنجيل متى هكذا) :يوحنا عند الجميع نبي( ..وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة ) 1835كلهم يحسبون يحيى نبياا( .وقد وقع في الباب الحادي عشر من إنجيل متى قول عيسى عليه السلم في حقه) :إنه أفضل من نبي( .فهذا الفضل من النبياء لم تصدر عنه معجزة من المعجزات على شهادة كثيرين مع أن نبوته مسلمة عند المسيحيين. وأما المر الثاني :فغلط بحت كما عرفت في الفصل الول. والمر الثالث :إما غلط منهم أو تغليط .لن المراد بما في قوله
) (4/1307
تعالى ما تستعجلون به الواقع في الية الولى ،العذاب الذي استعجلوه بقولهم} :فأمطر علينا حجارة من السماء أو أتنا بعذاب أليم{ ،ومعنى الية }ما عندي ما تستعجلون به{ أي العذاب الذي تستعجلون به }إن الحكم إل ل{ في تعجيل العذاب ،وتأخيره }يقص الحق{ أي يقضي القضاء الحق من تعجيل وتأخير} ،وهو خير الفاصلين{ أي القاضين .فحاصل الية أن العذاب ينزل عليكم في الوقت الذي أراد ال إنزاله ،ول قدرة لي على تقدمه ،أو تأخيره .وقد نزل عليهم يوم بدر وما بعده فل تدل هذه الية على أن محمدا صلى ال عليه وسلم لم تصدر عنه معجزة.
وأما الية الثانية فمعناها }وأقسموا بال جهد أيمانهم{ مصدر في موضع الحال }لئن جاءتهم آية{
من مقترحاتهم }ليؤمنن بها قل إنما اليات عند ال{ هو قادر عليها يظهر منها ما يشاء }وما يشعركم{ استفهام إنكار }أنها{ أي الية المقترحة }إذا جاءت ل يؤمنون{ أي ل تدرون أنهم ل يؤمنون بها ،وهذا القول يدل على أنه تعالى إنما لم ينزلها لعلمه بأنها إذا جاءت ل يؤمنون. وأما الية الثالثة فمعناها }وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الرض{ أي أرض مكة }ينبوعاا{ أي عين ا غزيرة ل ينضب ماؤها }أو تكون لك جنة من نخيل وعنب ،فتفجر النهار خللها تفجيرا أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاا{ يعنون قوله تعالى} :إن نشأ نخسف بهم الرض أو
ل{ أي شاهدا على صحة ما تدعيه نسقط عليهم كسفا من السماء{ } ،أو تأتي بال والملئكة قبي ا
ضامن ا لدركه }أو يكون
) (4/1308
لك بيت من زخرف{ أي من ذهب }أو ترقى في السماء{ أي في معارجها }ولن نؤمن لرقيك{ وحده }حتى تنزل علينا كتاباا{ من السماء فيه تصديقك .عن ابن عباس :قال عبد ال بن أبي أمية: لن نؤمن لك حتى تتخذ إلى السماء سلماا ،ثم ترقى فيه وأنا أنظر حتى تأتيها ،ثم تأتي معك بصك منشور معه أربعة من الملئكة يشهدون لك أنك كما تقول }نقرؤه قل سبحان ربي{ تعجب ا من
ل{ كسائر الرسل .وما كان مقصودهم بهذه القتراحات إل اقتراحاتهم }هل كنت إل بشرا رسو ا
العناد ،واللجاج ،ولو جاءتهم كل آية لقالوا هذا سحر .كما قال ال عز وجل} :ولو نزلنا عليك
كتاب ا في قرطاس{ } ،ولو فتحنا عليهم باب ا من السماء{ ،وكذا حال بعض آيات أخر ،يفهم منه
في الظاهر نفي إظهار الية ،لكن المقصود به نفي المعجزة المقترحة ،ول يلزم من هذا النفي ،نفي
المعجزات مطلق اا ،ول يلزم على النبياء أن يظهروا معجزة كلما طلبها المنكرون ،بل هم ل يظهرون إذا طلب المنكرون عنادا أو امتحانا أو استهزاء ،وأورد لهذا المر شواهد من العهد الجديد:
) (4/1309
)الول( في الباب الثامن من إنجيل مرقس هكذا) 11 :فخرج الفريسيون وابتدؤوا يحاورونه طالبين منه آية من السماء لكي يجربوه( ) 12فتنهد بروحه وقال لماذا يطلب هذا الجيل آية الحق ،أقول لكم لن يعطى هذا الجيل آية ،فالفريسيون طلبوا معجزة من عيسى عليه السلم على سبيل المتحان ،فما أظهر معجزة ،ول أحال في ذلك الوقت إلى معجزة صدرت عنه فيما قبل ،ول وعد بإظهارها فيما بعد أيضاا ،بل قوله لن يعطى هذا الجيل آية ،يدل على أن المعجزة ل تصدر عنه فيما بعد هذا البتة ،لن لفظ الجيل يشمل الجميع الذين كانوا في زمانه.
)الثاني( في الباب الثالث والعشرين من إنجيل لوقا هكذا) 8 :وأما هيردوس فلما رأى يسوع فرح جدا لنه كان يريد من زمان طويل أن يراه لسماعه عنه أشياء كثيرة ،وترجى أن يرى آية تصنع منه( ) 9وسأله بكلم كثير فلم يجبه بشيء( ) 10ووقف رؤوساء الكهنة ،والكتبة يشتكون عليه
باشتداده( ) 11فاحتقره هيردوس مع عسكره واستهزأ به ،وألبسه لباسا لمعا ورده إلى بيلطس( فعيسى عليه السلم ما أظهر معجزة في ذلك الوقت ،وقد كان هيردوس
) (4/1310
يترجى أن يرى منه آية ،والغلب أنه لو رأى للزم اليهود على اشتكائهم ولما احتقر مع عسكره ولما استهزأ. )الثالث( في الباب الثاني والعشرين من إنجيل لوقا هكذا) 63 :والرجال الذين كانوا ضابطين يسوع كانوا يستهزؤون به وهم يجلدونه( ) 64وغطوه ،وكانوا يضربون وجهه ،ويسألونه قائلين تنبأ من هو الذي ضربك ،وأشياء أخر كثيرة ،كانوا يقولون عليه مجدفين( .ولما كان سؤالهم استهزاء وتوهيناا، ما أجابهم عيسى عليه السلم. )الرابع( في الباب السابع والعشرين من إنجيل متى هكذا) 39 :وكان المجتازون يجدفون عليه، وهم يهزؤن رؤوسهم( ) 40قائلين يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلثة أيام ،خلص نفسك إن كنت ابن
ال فانزل الن عن الصليب( ) 41وكذلك رؤساء الكهنة أيضا وهم يستهزؤون مع الكتبة والشيوخ قالوا خلص آخرين وأما نفسه فما يقدر أن يخلصها إن كان هو ملك إسرائيل فلينزل الن عن
الصليب فنؤمن به( ) 43قد اتكل على ال فلينقذه الن إن أراده لنه قال أنا ابن ال( ) 44وبذلك أيض ا كان اللصان اللذان صلبا معه ليعيرانه( فما خلص نفسه عيسى عليه السلم في هذا الوقت، وما نزل عن الصليب وإن عيره المجتازون ،ورؤساء الكهنة ،والكتبة ،والشيوخ ،واللصان .ورؤساء الكهنة ،والكتبة ،والشيوخ كانوا يقولون إنه إن نزل عن الصليب نؤمن به ،فكان عليه لدفع العار، وللزام الحجة أن ينزل مرة عن الصليب
) (4/1311
ثم يصعد ..ولكنهم لما كان مقصودهم العناد ،والستهزاء ،ما أجابهم عيسى عليه السلم. )الخامس( في الباب الثاني عشر من إنجيل متى هكذا) 38 :حينئذ أجاب قوم من الكتبة، والفريسيين قائلين يا معلم نريد أن نرى منك آية( ) 39فأجاب وقال لهم :جيل شرير وفاسق يطلب آية ،ول تعطى له آية إل آية يونان النبي( ) 40لنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلثة أيام، وثلث ليال ،هكذا يكون ابن النسان في قلب الرض ثلثة أيام ،وثلث ليال( فطلب الكتبة والفريسيون معجزة ،فما أظهرها عيسى عليه السلم في هذا الوقت ،وما أحالهم إلى معجزة صدرت عنه فيما قبل هذا السؤال ،بل سبهم وأطلق عليهم لفظ الفاسق والشرير ،ووعد بالمعجزة التي لم تصدر عنه ،لن قوله كما كان يونان في بطن الحوت الخ ،غلط بل شبهة كما علمت في الفصل الثالث من الباب الول وإن قطعنا النظر عن كونه غلطا فمطلق قيامه لم ير الكتبة ،والفريسيون
بأعينهم ،ولو قام عيسى عليه السلم من الموات ،كان عليه أن يظهر نفسه على هؤلء المنكرين الطالبين آية ليصير حجة عليهم ،ووفاء بالوعد .وهو ما أظهر نفسه عليهم ،ول على اليهود الخرين ،ولو مرة واحدة ،ولذلك ل يعتقدون هذا القيام ،بل هم يقولون من ذاك العهد إلى هذا
ل. الحين ،أن تلميذه سرقوا جثته من القبر لي ا )السادس( في الباب الرابع من إنجيل متى هكذا) :فتقدم إليه المجرب ،وقال له إن كنت ابن ال فقل أن تصير هذه الحجارة خبزاا( ) 4فأجاب وقال مكتوب ليس بالخبز وحده يحيى النسان بل
بكل كلمة تخرج من
) (4/1312
فم ال( ) 5ثم أخذه إبليس إلى المدينة المقدسة ،وأوقفه على جناح الهيكل( ) 6وقال له إن كنت ابن ال فاطرح نفسك إلى السفل لنه مكتوب أنه يوصي ملئكته بك فعلى أياديهم يحملونك ل تصدم بحجر رجلك( ) 7قال له يسوع مكتوب أيض ا ل تجرب الرب إلهك( .فطلب إبليس على سبيل المتحان من عيسى عليه السلم معجزتين ،فما أجاب بواحدة منهما ،واعترف في المرة الثانية أنه ل يليق بالمربوب أن يجرب ربه ،بل مقتضى العبودية مراعاة الدب وعدم التجربة. )السابع( في الباب السادس من إنجيل يوحنا هكذا) 29 :أجاب يسوع وقال لهم هذا هو عمل ال لن تؤمنوا بالذي هو أرسله( ) 30فقالوا له :فأية آية تصنع لنرى ونؤمن بك( ) 31ماذا تعمل آباؤنا أكلوا المن في البرية كما هو مكتوب أنه أعطاهم خبزا من السماء ليأكلوا( .فاليهود طلبوا معجزة فما أظهرها عيسى عليه السلم ،ول أحال إلى معجزة فعلها قبل هذا السؤال ،بل تكلم بكلم مجمل ،لم يفهمه أكثر السامعين بل ارتد كثير من تلميذه بسببه .كما هو مصرح به في الية السادسة والستين من الباب المذكور وهي في الترجمة العربية المطبوعة سنة 1860هكذا) :ومن هذا الوقت رجع كثيرون من تلميذه إلى الوراء ،ولم يعودوا يمشون معه( .
) (4/1313
وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة ) :1835ومن ثم ارتد كثير من تلميذه على أعقابهم ولم يماشوه بعد ذلك أبداا( .
)الثامن( في الباب الول من الرسالة إلى أهل قورنيثوس هكذا) 22 :فإن اليهود يسألون معجزة
واليونانيون يطلبون حكمة( ) 23ونحن نكرز بالمسيح المصلوب وذلك معثرة لليهود وحماقة لليونانيين( .فاليهود كما كانوا يطلبون المعجزة من المسيح عليه السلم كانوا يطلبونها من الحواريين أيض اا ،وأقر مقدسهم بولس بأنهم يطلبون المعجزة ونحن نكرز بالمسيح المصلوب .فظهر من هذه العبارات المنقولة أن عيسى عليه السلم والحواريين ما أظهروا معجزة بين أيدي الطالبين
في الوقات التي طلبوا المعجزات فيها ،ول أحالوا المنكرين إلى معجزة فعلوها قبل هذه الوقات، فلو استدل أحد باليات المذكورة على أن عيسى عليه السلم والحواريين ،ما كان لهم قدرة على إظهار أمر خارق للعادات ،وإل لصدر عنهم في الوقات المذكورة وأحالوا المنكرين إلى أمر خارق صدر عنهم قبل هذه الوقات .فلما لم يظهر منهم أحد المرين ثبت أنهم ما كان لهم قدرة على
إظهاره ،يكون هذا الستدلل عند القديسين محمولا على العتساف ويكون قوله خلف
النصاف ،فكذا قول القسيسين عندنا بالتمسك ببعض اليات القرآنية التي عرفت حالها خلف النصاف وعين العتساف ،كيف ل وأن المعجزات المحمدية مصرح بها في القرآن والحاديث
الصحيحة ،كما عرفت في الفصل الول وجاء ذكرها إجمالا أيض ا في مواضع متعددة من القرآن:
) (4/1314
-1في سورة الصافات} :وإذا رأوا آية يستسخرون وقالوا إن هذا إل سحر مبين( ..في الكشاف }وإذا رأوا آية{ من آيات ال البينة كانشقاق القمر ونحوه }يستسخرون{ يبالغون في السخرية أو يستدعي بعضهم من بعض أن يسخر منها ..وفي التفسير الكبير) :والرابع من المور التي حكاها ال تعالى عنهم أنهم قالوا إن هذا إل سحر مبين ،يعني أنهم إذا رأوا آية ومعجزة سخروا منها، والسبب في تلك السخرية اعتقادهم أنها من باب السحر ،وقوله مبين :معناه أن كونه سحرا أمر
بين ل شبهة لحد فيه( انتهى كلمه ..وفي البيضاوي} :وإذا رأوا آية{ تدل على صدق القائل
}يستسخرون{ يبالغون في السخرية ويقولون إنه سحر أو يستدعي بعضهم من بعض أن يسخر منها }وقالوا إن هذا{ يعنون ما يرونه }إل سحر مبين{ ظاهر سحريته انتهى ..وفي الجللين }وإذا رأوا آية{ كانشقاق القمر }يستسخرون{
) (4/1315
يستهزؤون بها }وقالوا{ فيها }إن{ ما }هذا إل سحر مبين{ بين .انتهى ،ومثله في الحسيني. - 2وفي سورة القمر} :وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر{ وقد عرفتها في الفصل الول. -3وفي سورة آل عمران} :كيف يهدي ال قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق
وجاءهم البينات{ ..في الكشاف في تفسير قوله )البينات( الشواهد من القرآن وسائر المعجزات
التي تثبت بمثلها النبجوة .انتهى كلمه ،ولفظ البينات إذا كان موصوفه مقدرا فيستعمل في القرآن
غالبا بمعنى المعجزات ،واستعماله في غيرها في تلك الصورة قليل جدا فل يحمل على المعنى
القليل ،بدون القرينة القوية في سورة البقرة} :وآتينا عيسى بن مريم البينات{ ،وفي سورة النساء:
}ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات{ ،وفي سورة المائدة} :إذ جئتهم بالبينات{ ،وفي
سورة العراف} :ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات{ وفي سورة يونس} :وجاءتهم رسلهم بالبينات{ ، ثم في تلك السورة} :فجاؤوهم بالبينات{ ،وفي سورة النحل} :بالبينات والزبر{ ،وفي سورة طه:
) (4/1316
}لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات{ ،وفي سورة المؤمن} :وقد جاءكم بالبينات من ربكم{ ، وفي سورة الحديد} :لقد أرسلنا رسلنا بالبينات{ ،وفي سورة التغابن} :ذلك بأنه كانت تأتيهم رسلهم بالبينات{ وكذا في غير هذه المواضع. -4في سورة النعام} :ومن أظلم ممن افترى على ال كذب ا أو كذب بآياته إنه ل يفلح
الظالمون{ ..في البيضاوي} :ومن أظلم ممن افترى على ال كذباا{ كقولهم الملئكة بنات ال
وهؤلء شفعاؤنا عند ال }أو كذب بآياته{ كأن كذبوا بالقرآن والمعجزات وسموها سحراا ،وإنما
ذكر أو وهم جمعوا بين المرين تنبيها على أن كلا منها وحده بالغ غاية الفراط في الظلم على
النفس انتهى.
..وفي الكشاف جمعوا بين أمرين متناقضين فكذبوا على ال وكذبوا بما ثبت بالحجة والبينة والبرهان الصحيح ،حيث قالوا لو شاء ال ما أشركنا ول آباؤنا ،وقالوا وال أمرنا بها
) (4/1317
وقالوا الملئكة بنات ال وهؤلء شفعاؤنا عند ال ،ونسبوا إليه تحريم البحائر والسوائب ،وذهبوا فكذبوا بالقرآن والمعجزات ،وسموها سحرا ولم يؤمنوا بالرسول ،انتهى.
..وفي التفسير الكبير والنوع الثاني من خسارتهم تكذيبهم بآيات ال والمراد منه قدحهم في
معجزات النبي صلى ال عليه وسلم وطعنهم فيها ،وإنكارهم كون القرآن معجزة باهرة بينة ،انتهى. ..وفي تلك السورة أيضاا} :وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل مثل ما أوتي رسل ال ال أعلم حيث يجعل رسالته ،سيصيب الذين أجرموا صغار
) (4/1318
عند ال وعذاب شديد بما كانوا يمكرون{ . ..وفي التفسير الكبير في تفسير قوله} :وإذا جاءتهم{ أنهم متى ظهرت لهم معجزة باهرة .انتهى. والبابا الكزندر كان يعتقد أن محمدا صلى ال عليه وسلم صاحب اللهام ،وإن لم يكن ذلك
اللهام عنده واجب التسليم ،وقع في المجلد الخامس من كتابه المسمى بدنيد هي هذه الفقرة )يا
محمد إن الحمامة عند أذنك( ونقلت هذه الفقرة عن المجلد المطبوع سنة 1897وسنة 1806 في لندن ،لكنها في النسخة الولى في الصفحة ،267وفي النسخة الثانية في الصفحة ،303 ولعل البابا أسند إلهام محمد صلى ال عليه وسلم إلى الحمامة ،لن اللهام عند المسيحيين يكون بواسطة روح القدس ،وقد نزل روح القدس على عيسى عليه السلم بعد ما فرغ من الصطباغ على صورة الحمامة .كما هو مصرح به في الباب الثالث من إنجيل متى ،فظن أن إلهام محمد صلى ال عليه وسلم يكون بواسطة الحمامة. )المطعن الثالث( باعتبار النساء وهو على خمسة أوجه: )الول( أن المسلمين ل يجوز لهم أزيد من أربع زوجات ،ومحمد صلى ال عليه وسلم لم
) (4/1319
يكتف بها بل أخذ تسع ا لنفسه ،وأظهر حكم ال في حقه أن ال أجازني لن أتزوج بأزيد من أربع. )والثاني( أن المسلمين يجب العدل عليهم بين نسائهم ،وأظهر حكم ال في حقه أن هذا العدل
ليس بواجب عليه. )والثالث( أنه دخل بيت زيد بن حارثة رضي ال عنه ،فلما رفع الستر وقع نظره على زينب بنت جحش زوجة زيد رضي ال عنهما ،فوقعت في نفسه وقال سبحان ال .فلما اطلع زيد على هذا المر طلقها فتزوج بها ،وأظهر أن ال أجازني للتزويج. )والرابع( أنه خل بمارية القبطية رضي ال عنها ،في بيت حفصة
) (4/1320
رضي ال عنها .في يوم نوبتها ،فغضبت حفصة رضي ال عنها ،فقال محمد صلى ال عليه وسلم: حرمت مارية على نفسي ،ثم لم يقدر أن يبقى على التحريم .فأظهر أن ال أجازه لبطال اليمين
بأداء الكفارة. )والخامس( أنه يجوز في حق متبعيه ،إن مات أحد منهم أن يتزوج الخر زوجته ،بعد انقضاء عدتها ،وأظهر حكم ال في حقه أنه ل يجوز لحد أن يتزوج زوجة من زوجاته بعد مماته. وهذه الوجوه الخمسة منتهى جهدهم في المطعن باعتبار النساء .وتوجد هذه الوجوه كلها أو بعضها في أكثر رسائلهم مثل ميزان الحق ،وتحقيق الدين الحق ،ودافع البهتان ،ودلئل إثبات رسالة المسيح ،ودلئل النبوة ،ورد اللغو وغيرها .وأنا أمهد أمورا ثمانية يظهر منها جواب هذه
الوجوه كلها فأقول:
)المر الول( أن تزوج أكثر من امرأة واحدة كان جائزا في الشرائع السابقة:
لن إبراهيم عليه السلم تزوج بسارة ثم بهاجر في حياة سارة ،وهو كان خليل ال ،وكان ال يوحي
إليه ويرشده إلى أمور الخير ،فلو لم يكن النكاح الثاني جائزا لما أبقاه عليه بل أمره بفسخه
وحرمته.
) (4/1321
ولن يعقوب عليه السلم تزوج بأربع نسوة ،ليا وراحيل وبلها وزلفا ،فالوليان منهما أختان ابتنا لبان خاله ،والخريان جاريتان .والجمع بين الختين حرام قطعي في شريعة موسى عليه السلم، كما علمت في الباب الثالث .فلو كان التزوج بأكثر من امرأة واحدة حراماا ،لزم أن يكون أولده من تلك الزواج ،أولد حرام والعياذ بال ،وكان ال يوحي إليه ويرشده إلى أمور الخير ،فكيف
يتصور أن يرشده في أمور خسيسة ،ول يرشده في هذا المر العظيم .فإبقاء ال يعقوب عليه السلم على نكاح تلك الربعة سيما الختين دليل بين على جواز مثل هذا التزوج في شريعته. ولن جدعون بن يواش تزوج نساء كثيرة في الباب الثامن من سفر القضاة هكذا) 30 :وكان له سبعون ابن ا خرجوا من صلبه لن كانت له نساء كثيرة( ) 31وسريته التي كانت له في شخيم ولدت له ابن ا اسمه ابيمالك( .ونبوته ظاهرة من الباب السادس والسابع من السفر المذكور ،ومن الباب الحادي عشر من الرسالة العبرانية.
) (4/1322
ولن داود عليه السلم تزوج نساء كثيرة .تزوج أولا ميخال بنت شاوول ،وكان بدل المهر مائة غلفة من غلف الفلسطانيين ،وأعطاه داود عليه السلم مائتي غلفة من غلفهم ،فأعطى شاوول داود عليه السلم ابنته ميخال ..الية السابعة والعشرون من الباب الثامن عشر من سفر صموئيل الول هكذا) :فمضت أيام قليلة وقام داود عليه السلم وانطلق هو ورجاله وقتل من الفلسطانيين مائتي رجل وأتى داود عليه السلم بغلفهم إلى الملك ودفعها للملك بالتمام ليكون له ختنا فأعطى
شاوول ميخال ابنته له امرأة( .
والملحدة يستهزؤون بهذا البدل من المهر ،ويقولون أكان شاوول يريد أن يسوي من هذه الغلف حميلا ويعيطه بنته في الجهاز ،أم كان غرضه شيئ ا آخر .لكني أقطع النظر عن استهزائهم وأقول:
لما بغى داود عليه السلم على شاوول ،أعطى شاوول ميخال فلطى بن ليس الذي هو من جليم، كما هو مصرح به في آخر الباب الخامس والعشرين من السفر المذكور .وتزوج داود عليه السلم
بست نساء أخرى -احينعام الزراعايلية 1بيغال 2
) (4/1323
ومعهما ابنة تلمى ملك جاشور 3وحجبت 4وابيطل 5وعجل - 6كما هو مصرح به في الباب الثالث من سفر صموئيل الثاني .ومع كون هذه الست ،ما زالت محبة ميخال عن قلبه الشريف، وإن كانت في فراش الغير فلذلك لما قتل شاوول ،طلب داود من اسباسوت بن شاوول زوجته ميخال ،وقال له :رد على امرأتي ميخال التي خطبتها بمائة غلفة من غلف أهل فلسطين .فأخذها أسباسوت قهرا من فلطى بن ليس وأرسلها إلى داود ،فجاء هذا فلطى باكيا خلفها إلى بحوريم ثم رجع .كما هو مصرح به في الباب المذكور .فبعد ما وصلت ميخال إلى داود عليه السلم مرة
أخرى صارت له زوجة ،وكمل عدد الزوجات السبع ،ثم أخذ داود نساء أخرى ،وسراري لم يصرح بعددها في كتبهم المقدسة..
) (4/1324
الية الثالثة عشر من الباب الخامس من سفر صموئيل الثاني هكذا) :وأخذ داود أيضا نساء
وسراري من أورشليم من بعد أن أتى من هارون وولد لداود أيض ا بنون وبنات( .
..ثم زنى بامرأة أوريا وقتل زوجها بالحيلة ،ثم أخذها .فعاتبه ال على هذا الزنا كما علمت في أول هذا الفصل .وداود عليه السلم ،وإن كان خاطئا في هذا الزنا والتزويج بتلك المرأة ،لكنه لم يكن
عاصي ا في تزوج جم غفير من نساء أخرى ،وإل لعاتبه ال على تزوجهن كما عاتبه على تزوج امرأة أوريا ،فعاتبه ال على تزوجها .بل أظهر رضاه على هذا التزوج ،ونسب إعطاءها إلى نفسه وقال: وإذا كانت هذه قليلة أزيد مثلهن ومثلهن ،وقول ال تعالى في حق داود عليه السلم على لسان ناثان النبي عليه السلم ..في الية الثامنة من الباب الثاني عشر من سفر صموئيل الثاني ،في
الترجمة العربية المطبوعة سنة 1822وسنة 1831وسنة 1844في لندن على النسخة المطبوعة في رومية العظمى سنة 1671هكذا) :ووهبت لك بيت مولك ونساء سيدك اضطجعت في حضنك ووهبت لك بيت إسرائيل ويهوذا وإذا كانت هذه قليلة فأزيدك مثلهن ومثلهن( .فقوله وهبت على صيغة المتكلم في الموضعين ،وقوله إذا كانت هذه قليلة فأزيدك مثلهن ومثلهن يدلن على ما قلت .وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة 1811الجملة الخيرة هكذا) :فإذا كانت عندك قليلة كان ينبغي لك أن تقول فأزيد مثلهن ومثلهن( .
) (4/1325
.وتزوج في آخر عمره شابة عذراء أخرى اسمها أبى شاغ الشونامية وكانت جميلة جداا ،كما هو
مصرح به في الباب الول من سفر السلطين الول.
ولن سليمان عليه السلم ،تزوج بألف امرأة ،سبعمائة منهن حرات من بنات السلطين وثلثمائة جوار .وارتد بإغوائهن في آخر عمره وبنى المعابد للصنام ،كما هو مصرح به في الباب الحادي عشر من سفر الملوك الول. ول يفهم من موضع من مواضع التوراة ،حرمة التزوج بأزيد من امراة واحدة ،ولو كان حرام ا لصرح
موسى عليه السلم بحرمته ،كما صرح بسائر المحرمات وشدد في إظهار تحريمها ،بل يفهم جوازه من مواضع .لنك قد علمت في جواب الطعن الول أن البكار التي كانت من غنيمة المديانيين، كانت اثنتين وثلثين ألفا وقسمت على بني إسرائيل ،سواء كانوا ذوي زوجات أو لم يكونوا ،ول
يوجد فيه تخصيص العزب.
وفي الباب الحادي والعشرين من سفر الستثناء هكذا) 10 :وإذا خرجت إلى القتال مع أعدائك وأسلمهم الرب إلهك في يدك وسبيتهم( ) 11ورأيت في جملة المسبيين امرأة حسنة وأحببتها،
وأردت أن تتخذها لك امرأة( ) 12فأدخلها إلى بيتك وهي تحلق رأسها وتقص أظفارها( 13 )وتنزع عنها الرداء الذي سبيت به وتجلس في بيتك وتبكي على أبيها وأمها مدة شهر ثم تدخل إليها
) (4/1326
وترقد معها ولتكن لك امرأة( ) 14فإن كانت بعد ذلك ل تهواها نفسك فسرحها حرة ول تستطيع أن تبيعها بثمن ول تقهرها أنك قد ذليتها( ) 15وإن كان لرجل امرأتان الواحدة محبوبة والخرى مبغوضة ويكون لهما منه بنون وكان ابن المبغوضة بكراا( ) 16وأراد أن يقسم رزقه بين أولده فل
يستطيع يعمل ابن المحبوبة بكرا ويقدمه على ابن المبغوضة( ) 17ولكنه يعرف ابن المبغوضة أنه
هو البكر ويعيطه من كل ما كان له الضعف من أجل أنه هو أول بنيه ولهذا تجب البكورية( .فقوله
ورأيت في جملة المسبيين الخ .ل تختص بمخاطب ل تكون له زوجة بل أعم ،سواء كانت له زوجة أو لم تكن ،ول يوجد فيه التصريح أيض ا بأن هذا الحكم يختص بمسبية واحدة فقط ،بل الظاهر أنه إذا رأى المخاطب أزيد من واحدة ،وأراد أن يتخذها نساء كان له جائزاا ،فجاز لكل إسرائيلي أخذ نساء كثيرة .ودللة قوله وإن كان لرجل امرأتان الواحدة محبوبة والخرى مبغوضة الخ .على ما
ادعينا ظاهرة غير محتاجة إلى البيان .فثبت أن كثرة الزواج ما كانت محرمة في شريعة موسى، فلذلك أخذ جدعون وداود وغيرهما من صالحي المة الموسوية نساء. )المر الثاني( الصحيح في قصة زينب رضي ال عنها ،أنها بنت عمة رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وكانت عند موله زيد بن حارثة رضي ال عنه ثم طلقها زيد ولما انقضت عدتها تزوج بها رسول ال صلى ال عليه وسلم. وأنا أنقل بعض آيات سورة الحزاب المتعلقة بهذه القصة مع عبارة التفسير الكبير وهي هكذا:
) (4/1327
}وإذ تقول للذي أنعم ال عليه{ وهو زيد ،أنعم ال عليه بالسلم }وأنعمت عليه{ بالتحرير والعتاق }أمسك عليك زوجك{ هنم زيد بطلق زينب فقال له النبي صلى ال عليه وسلم :أمسك، أي ل تطلقها }واتق ال{ قيل في الطلق وقيل في الشكوى من زينب فإن زيد قال فيها إنها تتكبر
علي بسبب النسب وعدم الكفاءة }وتخفي في نفسك ما ال مبديه{ من أنك تريد التزوج بزينب }وتخشى الناس{ من أن يقولوا أخذ زوجة الغير أو البن }وال أحق أن تخشاه{ .ليس إشارة إلى أن النبي صلى ال عليه وسلم ،خشي الناس ولم يخش ال ،بل المعنى ال أحق أن تخشاه وحده ول تخش أحدا معه ،وأنت تخشاه وتخشى الناس أيضاا ،فاجعل الخشية له وحده كما قال تعالى: }الذين يبلغون رسالت ال ويخشونه ول يخشون أحدا إل ال{ ثم قال تعالى} :فلما قضى زيد
منها وطرا زوجناكها{ أي لما طلقها زيد وانقضت عدتها ،وذلك لن الزوجة ما دامت في نكاح
الزوج فهي تدفع حاجته ،وهو محتاج إليها فلم يقض منها الوطر بالكلية ولم يستغن ،وكذلك إذا كانت في العدة ،له بها تعلق لمكان شغل الرحم ،فلم يقض منها بعد وطره ،وأما إذا طلق وانقضت
عدتها استغنى عنها ،ولم يبق له معها تعلق فيقضي منها الوطر .وهذا موافق لما في الشرع لن التزوج بزوجة الغير أو بمعتدته ل يجوز ،فلهذا قال :فلما قضى. وكذلك قوله} :لكي ل يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطراا{ أي إذا
طلقوهن وانقضت عدتهن ،وفيه إشارة إلى أن التزويج من النبي صلى ال عليه وسلم لم يكن لقضاء شهوة النبي عليه السلم بل لبيان الشريعة بفعله ،فإن الشرع يستفاد من فعل النبي صلى ال عليه
ل{ أي مقضيا ما قضاه كائن .ثم بين أن تزوجه عليه السلم وسلم }وكان أمر ال مفعو ا
) (4/1328
بها ،مع أنه كان مبين ا لشرع مشتمل على فائدة ،كان خالي ا عن المفاسد ،انتهى كلمه بلفظه.
فظهر أن زينب رضي ال عنها ،كانت تتكبر على زيد بسبب النسب وعدم الكفاءة ،وهذا المر كان
سبب عدم المحبة بينهما ،فأراد زيد رضي ال عنه أن يطلقها ،فمنعه النبي صلى ال عليه وسلم، لكنه طلقها آخر المر .فلما انقضت عدتها تزوجها رسول ال صلى ال عليه وسلم ،لبيان الشريعة ل لجل قضاء الشهوة .وكان قبل نزول الحكم مخفي ا لهذا المر لجل عادة العرب ،ول بأس فيه كما ستعرف في المر الثالث إن شاء ال تعالى .والرواية التي وقعت في البيضاوي ،ضعيفة عند
محققي أهل الحديث .كما صرح به المحقق المحدث الشيخ عبد الحق الدهلوي في بعض تصنيفاته وفي شرح المواقف) :وما يقال أنه أحبها
) (4/1329
حين رآها فما يجب صيانة النبي صلى ال عليه وسلم عن مثله( انتهى. )المر الثالث( أن المور الشرعية ،ل يجب أن تكون متحدة في جميع الشرائع ،أو مطابقة لعادات القوام وآرائهم .أما الول فقد عرفت بما ل مزيد عليه في الباب الثالث ،وقد عرفت فيه أن سارة زوجة إبراهيم عليه السلم كانت أخت ا علنية له ،وأن يعقوب عليه السلم جمع بين الختين ،وأن عمران أبا موسى عليه السلم تزوج بعمته ،وهذه الزوجات الثلث محرمة في الشريعة الموسوية والعيسوية والمحمدية ،وبمنزلة الزنا سيما نكاح الخت العلنية والعمة ،وهذه الزوجات أقبح القبائح عند علماء مشركي الهند ،فهم يشنعون تشنيع ا بليغ ا ويستهزؤون بهؤلء المتزوجين غاية الستهزاء ،وينسبون أولدهم إلى أشد أنواع الزنا.
وفي الباب الخامس من إنجيل لوقا هكذا) 29 :والذين كانوا متكئين معه كانوا جمعا كثيرا من
عشارين وآخرين( ) 30فتذمر كتبتهم والفريسيون على تلميذه قائلين لماذا تأكلون وتشربون مع عشارين وخطاة( ) 33وقالوا لماذا يصوم تلميذ يوحنا كثيرا ويقدمون طلبات وكذلك تلميذ
الفريسيين أيض ا وأما تلميذك فيأكلون ويشربون فالكتبة والفريسيون الذين من أعظم فرق اليهود وأشرفها كانوا يشنعون على
) (4/1330
تلميذ عيسى عليه السلم بأنهم يأكلون ويشربون مع الخطاة والعشارين وأنهم ل يصومون( . وفي الباب الخامس عشر من إنجيل لوقا هكذا) 1 :وكان جميع العشارين والخطاة يدنون منه ليسمعوه( ) 2فتذمر الفريسيون ،والكتبة قائلين هذا يقبل الخطاة ويأكل معهم( فالفريسيون كانوا يشنعون على عيسى عليه السلم أنه يأكل مع الخطاة ويقبلهم. وفي الباب الحادي عشر من كتاب العمال) 2 :ولما صعد بطرس إلى أورشليم خاصمه الذين من أهل الختان( ) 3قائلين إنك دخلت إلى رجال ذوي غلفة وأكلت معهم( . وفي الباب السادس من إنجيل مرقس هكذا) 1 :واجتمع إليه الفريسيون وقوم من الكتبة قادمين من أورشليم( ) 2ولما رأوا بعضا من تلميذه يأكلون خبزا بأيد دنسة أي غير مغسولة لموا( ) 3لن
الفريسيين وكل اليهود إن لم يغسلوا أيديهم باعتناء ل يأكلون متمسكين بتقليد الشيوخ( ) 4ومن
السوق إن لم يغتسلوا ل يأكلون ،وأشياء أخر كثيرة تسلموها للتمسك بها من غسل كؤوس وأباريق،
وآنية نحاس ،وأسرة( ) 5ثم سأله الفريسيون ،والكتبة لماذا ل يسلك تلميذك حسب تقاليد الشيوخ بل يأكلون خبزا بأيد غير مغسولة( .
) (4/1331
وفي ملة براهمة الهند ،وغيرهم من أقوام مشركي الهند تشددات عظيمة ،وعندهم لو أكل أحد منهم مع المسلم أو اليهودي والنصراني خرج عن ملته ،ونكاح زوجة المتبنى بعد الطلق ،كان قبيح ا عند مشركي العرب .ولما كان زيد بن حارثة رضي ال عنه متبنى محمد صلى ال عليه وسلم، كان محمد صلى ال عليه وسلم أيض ا يخاف أولا من طعن عوام المشركين في نكاح زينب رضي ال عنها ،فلما أمره ال تزوج بها لبيان الشريعة ،ولم يبال بعادة المشركين.
)المر الرابع( أن الطاعنين من علماء بروتستنت ،ل يستحيون ول ينظرون إلى بضاعات كتبهم المقدسة من الختلفات ،والغلط ،والحكام التي عرفت نبذا منها في الباب الول ،والفصل
الثاني والثالث من الباب الخامس .ومن ذنوب النبياء وعشائرهم وأصحابهم التي قد عرفتها في
ابتداء هذا الفصل .وأريد أن ل أترك هذا الموضع أيض ا خالي ا عن ذكر بعض المور المندرجة في التوراة ،وإن حصل للناظر إطلع على أمور كثيرة فيما سبق:
- 1في الباب الثلثين من سفر التكوين هكذا) 37 :فأخذ يعقوب
) (4/1332
عصي ا خضرة من حور ،ولوز ،ومن دلب ،وكشف من بياضها والخضرة ظاهرة فيها فظهرت العصي المقشرة بلقاء ،وبيضاء( ) 38ووتد العصى في مساقي الماء لكي إذا جاءت الغنم لتشرب تتوحم الغنم على العصى ،وفي نظرها إليها تحمل( ) 39وصار أنه في حمية التوحم ،النعاج تتبصر بالعصى ،وتنتج منقطة ومتمرة مختلفة اللون( ) 40وعزل يعقوب القطيع ،ووضع القضبان في المساقي أمام الكباش فكانت البيض ،والسود كلها للبان ،والباقي ليعقوب ،والقطعان مفترقة بعضها عن بعض( ) 41فكان في كل عام ما حمل من الغنم أولا جعل يعقوب القضبان قدام الغنم
في المساقي ليتوحم الغنم على العصى( ) 42وما حمل منها أخيرا لم يجعلها فصار آخر نتاج الغنم
للبان ،وأوله ليعقوب( ) 43فاستغنى الرجل جدا جداا ،وصارت له مواشي كثيرة ،وإماء ،وعبيد،
وإبل ،وحمير( . وهذا عجيب أيضاا ،فإن الولد بحسب جرى العادة ،غالبا تكون على شبه ألوان أصولهم ،وأما
ل ،وإل يلزم أن يكون كونهم على شبه ما يرونه من العصى وغيرها ،فل يتوهمه أحد من العقلء أص ا
الولد المتولدة في الربيع خضرا كلهم.
) (4/1333
-2في الباب الثالث عشر من سفر الحبار هكذا) 46 :وإن كان في رداء أو في ثوب ضربة البرص من الصوف كان الثوب أو من الكتان( ) 47في السدا أو في اللحمة أو في جلدة أو في عمل أديم( ) 48فإن كانت الضربة بيضاء أو حمراء في الرداء أو في الجلد في السداء أو في اللحمة ،أو في كل جلود الديم فإنها ضربة برص فليروه( ) 49فينظر الحبر إلى الضربة ويحجز الحبر عليها سبعة أيام( ) 50وينظر إليها في اليوم السابع فإن رآها قد مشت في الرداء أو في السدا أو اللحمة أو في أديم أو في كل أدم يصنع الصنعة فإنها ضربة برص مر وهو نجس( 51 )فليحرق الحبر الرداء أو السدا أو لفافة الصوفة أو الكتان أو كل أديم من جلد يكون فيه ضربة من أجل أنه برص فيحرقونه بالنار( ) 52وإن رأى الحبر أن الضربة لم تفش في الثوب أو في السدا أو في اللحمة أو في كل أديم من جلود( ) 53فليأمر الحبر فليغسل ما فيه الضربة ،ويحجز عليه الحبر سبعة أيام أخر( ) 54وينظر الحبر إلى الضربة من بعد ما غسلوها فإن لم تكن تغير لونها، والضربة لم تتغير فإنه خبيث أحرقوه بالنار فإنها ضربة في جدته أو في بله( ) 55وإن رأى الحبر أنها قد استوت من بعد ما غسلت فليأمر الحبر فليلقط من الرداء أو من الجلد أو من السدا أو من اللحمة( ) 56فإن رأى أيضا في الرداء أو في السدا أو في اللحمة أو في كل جلود الدم جميع ما
يستعمل من الجلود ،فألقوه في النار فإن الضربة قد كثرت فيه( ) 57وكل رداء أو سدا أو لحمة أو
أديم يذهب منه إذا غسل ،فيغسل مرتين فيطهر( ) 58هذه سنة البرص في رداء الصوف أو الكتان أو السدا أو اللحمة أو كل جلود الدم يطهره أو ينجسه( .
) (4/1334
فانظروا إلى هذه الحكام فإنها ثمرات الوهام ،أيليق إحراق الجلود والثياب بأمثال هذه الوساوس. -3في الباب الرابع عشر من سفر الحبار هكذا) 34 :إذا دخلتم أرض كنعان التي أعطيكم ميراثا إن كان ضربة برص في بيت( ) 35يخبر رب البيت الكاهن ويقول له إن ظهر في بيتي ضربة كأنها برص( ) 36يأمرهم الكاهن فيفرغون البيت قبل أن يدخل البيت لينظر إليه لئل يتنجس كل ما في البيت ثم يدخل الكاهن لينظر ضربة البيت( ) 37فإن كان ضربة في حيطان البيت قشورا صفراء أو
حمراء ومنظرها أغمق من الحائط( ) 38فليخرج الكاهن خارجا من البيت ،وليقم بابه ،ويحجز
على ذلك البيت سبعة أيام( ) 39ثم يرجع في اليوم السابع فينظر ،فإن رأى الضربة قد فشت في حيطان البيت( ) 40فليأمر الكاهن بالحجارة التي فيها الضربة فتنقض ،وتلقى خارج ا من القرية في
موضع نجس( ) 41ويقشر ذلك البيت من داخل باستدارته ،ويلقي التراب الذي قشر خارجا من القرية في موضع نجس( ) 42تدخل حجارة أخرى في مكان تلك الحجارة ،ويأخذون ترابا غير
ذلك ويطلون به ويطين( ) 43فإن فشت الضربة ،وكثرت في البيت من بعد ما قشر البيت وطين(
) 44فيدخل الكاهن وينظر إن كانت الضربة قد فشت في البيت ،فليعلم أن في البيت برص ا مرا وهو نجس( ) 45ولساعته يهدمونه ،ويلقون حجارته ،وخشبه ،وطينه بأسرها خارجة من القرية في موضع نجس( ) 46ومن دخل ذلك البيت وهو محجوز عليه يكون نجسا إلى الليل( ) 47ومن
رقد فيه أو أكل فيه شيئ ا فليغسل كسوته( ) 48وإن دخل الكاهن ،ورأى البرص لم يفش في البيت
بعد ما طين ثاني ا فليطهره الكاهن من أجل أنه قد برئ من ضربته( .
فهذه الحكام أيضا من ثمرات الوهام ،أتهدم البيوت بمثل هذه الوهام،
) (4/1335
التي هي أوهن من نسج العنكبوت ،أيعتقد عقلء أوربا أن يكون الثوب ،أو الجلد ،أو البيت ،أبرص قابلا للحراق أو الهدم.
-4في الباب الخامس عشر من سفر الحبار هكذا) 12 :وأي إناء من فخار مسه من يقطر زرعه فليكسر ،وإن كان إناء من خشب أو نحاس فليغسل بالماء( ) 16وأيما رجل جنب أو خرجت منه جنابة يغسل جسده كله بالماء ،ويكون نجس ا إلى الليل( ) 23ومن مس ثوب ا جلست عليه امرأة،
وهي طامث يغسل ثيابه ،ويستحم بالماء ،ويكون نجس ا إلى الليل( ) 24وإن اضطجع معها رجل
فأصابه من حيضتها فإنه يكون جنبا سبعة أيام ،وكل مضطجع يضطجع فإنه يكون نجساا( .
ففي الحكم الول بالنسبة إلى إناء الفخار إضاعة المال ،وظاهر أنه ل يسري شيء بمجرد المس فيه وإن توهم سريان شيء فيه ،فنلمنم لننم يكتف فيه بغسله بالماء ،كما اكتفى في إناء الخشب، والنحاس .وفي الحكم الثاني ما معنى كونه نجس ا إلى الليل بعد ما غسل الجسد كله بالماء .وفي
الحكم الثالث أيض ا نظر لن الظاهر أنه ل يسري شيء بمجرد مس الثوب ،الذي جلست عليه
الحائض في جسد الماس ،وإن توهم سريان شيء ،كان غسل العضو الذي به مس الثوب كافياا، وإن توهم سريان شيء بمجرد المس في سائر جسده ،فما معنى كونه نجسا إلى الليل ،بعد ما
غسل الثياب ،والجسد كلها ،والعجب أن الرجل إذا جامع ،أو احتلم ،وصار جنباا ،ل يجب عليه
غسل الثياب بل يكفي غسل الجسد .وههنا بمجرد مس الثوب يلزم غسل الثياب أيضاا .والحكم
الرابع أعجب من الثلثة فإن الرجل بمجرد إصابة شيء من الحيض بم صار حكمه حكم الحائض،
فكما هي تكون نجسة إلى سبعة أيام يكون هو أيضا نجسا إلى سبعة أيام،
) (4/1336
وفي أحكام الحائض والمستحاضة أيضاا ،تشددات عجيبة مذكورة في هذا الباب .وبالنظر إلى هذه
الحكام نجد النصارى كلهم أنجس الناس لنهم ل يراعونها مطلقاا. -5في الباب السادس عشر من سفر الحبار هكذا) 7 :ثم يأخذ الجديين ويقيمهما أمام الرب
مذبوحين في باب قبة الزمان( ) 8ويقترع عليهما قرعتين قرعة واحدة للرب وقرعة أخرى لعزرائيل( ) 9ويقرب هارون الجدي الذي أصابته قرعة الرب ويصيره قربان ا بدل الخطيئة( ) 10والجدي الذي وقعت قرعة عزرائيل يقوم حيا أمام الرب ليستغفر عليه ويسرحه لعزرائيل إلى القفر( .
وهذا الحكم عجيب أيض اا ،وما معنى القربان لعزرائيل وتسريحه إلى القفر ،ول ريب إنه لقربان لغير ال ،ورأيت مشركي الهند أنهم يتركون الثيران على أسماء آلهتهم ،لكنهم يتركونها في السواق ل
في القفر حتى تموت جوع ا وعطشاا. -6في الباب الخامس والعشرين من سفر الستثناء هكذا) 5 :إذا سكن أخوة جميعا فمات
أحدهم وليس له ولد فل تتزوج امرأة الميت برجل غريب ،ولكن يأخذها أخوه ويقيم زرع أخيه( 6
)والولد البكر الذي يكون منها فليسمه باسم أخيه لئل يبطل اسمه من إسرائيل( ) 7فإن لم يرض أن يأخذ امرأة أخيه التي تحق له بالسنة فتذهب المرأة إلى باب القرية إلى المشيخة وتقول لهم أن أخا زوجي ل يريد أن يقيم اسم أخيه في إسرائيل ول يريد أن يأخذني له زوجة( ) 8ولوقتهم يطلبونه
ويسألونه فإن أجاب وقال ل أريد أن أتزوجها( ) 9فتدنو المرأة منه قدام المشايخ وتخلع الخف من رجله وتبصق في وجهه وتقول
) (4/1337
هكذا يفعل بكل رجل ل يعمر بيت أخيه( ) 10ويدعي اسمه في إسرائيل بيت مخلوع الخلف( . وهذا الحكم عجيب أيضاا ،لن امرأة الميت ،قد تكون عوراء ،أو عمياء ،أو عرجاء ،أو شوهاء
قبيحة الصورة ،أو غير عفيفة ،أو معيبة بعيب آخر ،فكيف يرضى بها الرجل ،وهذه القامة لزرع
أخيه أيض ا عجيبة ،وأعجب منها أن علماء بروتستنت تركوا هذا الحكم العظيم الشأن وقالوا) :ل
يحل للرجل أن يتزوج زوجة أخيه( .كما هو مصرح به في جدول القرابة والنسب ،من كتاب الصلة
العامة ،وغيرها من رسوم الكنيسة وطقوسها ،على موجب استعمال الكنيسة النكليزية والرلندية المطبوع سنة 1840في قالته ،مع أن بيان المحرمات ،ل يوجد في النجيل ،وما أخذوها إل من التوراة. )المر الخامس( أن المتقشف ،إذا كان جل همته العتساف ،يعترض بأمثال اعتراضاتهم على المسيح عليه السلم والحواريين. في الباب السابع من إنجيل لوقا هكذا) 33 :جاء يوحنا المعمدان ل يأكل خبزا ول يشرب خمرا فتقولون به شيطان( ) 34وجاء ابن النسان يأكل
) (4/1338
ويشرب فتقولون هو ذا إنسان أكول وشريب خمر محب للعشارين والخطاة( ) 36وسأله واحد من الفريسيين أن يأكل معه فدخل بيت الفريسي واتكأ( ) 37وإذا امراة في المدينة كانت خاطئة إذ علمت أنه متكئ في بيت الفريسي جاءت بقارورة طيب( ) 38ووقفت عند قدميه من ورائه باكية وابتدأت تبل قدميه بالدموع وكانت تمسحهما بشعر رأسها وتقبل قدميه وتدهنهما بالطيب( 39 )فلما رأى الفريسي الذي دعاه ذلك تكلم في نفسه قائلا لو كان هذا نبيا لعلم نمنن هذه المرأة التي
تلمسه وما هي إنها خاطئة( ) 44ثم التفت إلى المرأة وقال لسمعان انتظر هذه المرأة أني دخلت بيتك وماء لجل رجلي لم تعط وأما هي فقد غسلت رجلي بالدموع ومسحتهما بشعر رأسها( 45
)قبلة لم تقبلني وأما هي فمنذ دخلت لم تكف عن تقبيل رجلي( ) 46بزيت لم تدهن رأسي وأما هي فقد دهنت بالطيب رجلي( ) 47من أجل ذلك أقول قد غفرت خطاياها الكثيرة لنها أحبت ل( ) 48ثم قال لها مغفور لك خطاياك( ) 49فابتدأ المتكؤون كثيرا والذي يغفر له قليل يحب قلي ا معه يقولون في أنفسهم من هذا الذي يغفر خطايا أيضاا( ) 50فقال للمراة إيمانك قد خلصك
اذهبي بسلم( .
وفي الباب الحادي عشر من إنجيل يوحنا هكذا) 1 :وكان إنسان مريضا وهو لعازر من بيت عينا قرية مريم ومرثا أختها( ) 2وكانت مريم التي كان لعازر أخوها هي التي دهنت الرب بطيب ومسحت رجليه بشعرها( ) 5وكان يسوع يحب مرثا وأختها ولعازر( .
) (4/1339
فهذه المحبوبة مريم هي التي كانت دهنت ومسحت رجلي عيسى عليه السلم. وفي الباب الثالث عشر من إنجيل يوحنا) 21 :لما قال يسوع هذا اضطرب بالروح وشهد وقال الحق الحق أقول لكم أن واحدا منكم سيسلمني( ) 22فكان التلميذ ينظرون بعضهم إلى بعض
وهم محتارون فيمن قال عنه( ) 23وكان متكئا في حضن يسوع واحد من تلميذه كان يسوع يحبه(
) 24فأومأ إليه سمعان بطرس أن يسأل من عسى أن يكون الذي قال عنه( ) 25فاتكأ ذاك على صدر يسوع وقال له يا سيد من هو( .ووقع في حق التلميذ ،في الية السادسة والعشرين من الباب التاسع عشر ،والية الثانية من الباب العشرين ،والية السابعة والية العشرين من الباب الحادي والعشرينمن إنجيل يوحنا ،أن يسوع كان يحبه.
وفي الباب الثامن من إنجيل لوقا هكذا) 1 :وعلى أثر ذلك كان يسير في مدينة وقرية يكرز ويبشر بملكوت ال ومعه الثنا عشر( ) 2وبعض نساء كن قد شفين من أرواح شريرة وأمراض مريم التي تدعي المجدلية التي خرج منها سبعة شاطين( ) 3وبونا امرأة خوزي وكيل هيرودس وسوسنة وأخر كثيرات كن يخدمنه من أموالهن( .
) (4/1340
وظاهر أن الخمر أم الخبائث وقبيحة عند ال وسبب للضلل والكفر والهلك ول يناسب شربها للتقياء وإزالة العقل من خواصها اللزمة سواء كان الشارب نبيا أو غير نبي ولذلك حرم ال شربها على هارون وأولده إذا أرادوا الدخول في قبة الشهادة لجل الخدمة وجعلها سبب الموت وجعل
حرمتها عهدا أبدي ا معهم.
في الباب العاشر من سفر الخبار هكذا) 8 :وقال الرب لهارون( ) 9ل تشربوا خمرا ول شيئا آخر يسكر ل أنت ول بنوك إذا أردتم الدخول في قبة الشهادة لئل تموتوا ويكون هذا عهدا لكم إلى البد في أجيالكم( .ولذلك منع ملك الرب ،زوجة ما نوح من شرب الخمر ،وشرب كل مسكر
وقت حملها ،ليكون ولدها من التقياء ،ول يسري خبث المسكرات في هذا الولد التقي ،وأكد على زوجها أيضاا ،في هذا الباب في الباب الثالث عشر من سفر القضاء هكذا) 4 :إياك من شرب الخمر والمسكر ول تأكلي شيئا نجساا( ) 13فقال ملك الرب لمنوح فليحذر عن جميع ما قلت
لمرأتك( ) 14ول تأكل شيئ ا مما يخرج من الكرم ول تشرب خمرا ول مسكرا ول تأكل شيئ ا نجس ا وتحفظ بكل ما أمرتها به وتفعل ما قلت لها( ولذلك لما بشر الملك زكريا ،بولدة يحيى عليهما السلم ،بين من أوصاف تقوى يحيى ،أنه ل يشرب خمرا ول مسكرا آخر.
) (4/1341
الية الخامسة عشر من الباب الول من إنجيل لوقا هكذا) :لنه يكون عظيم ا أمام الرب وخمرا ومسكرا ل يشرب( .ولذلك أشعيا عليه السلم ،ذم شارب المسكر ،وشهد أن النبياء والكهنة، ضلوا بسبب شرب الخمر والمسكرات.
الية الثانية والعشرون من الباب الخامس من كتاب أشعيا هكذا) :الويل للقوياء منكم على شرب الخمر والمقتدرين أن يمزجوا المسكرة( . والية السابعة من الباب الثامن والعشرين من كتابه هكذا) :وهؤلء أيض ا لم يفهموا بسبب الخمر
وضلوا من المسكر الكاهن والنبي لم يعلموا للمسكر غرقوا في الخمر تاهوا من المسكر لم يعلموا
الرؤيا ولم يفهموا القضاء( . وقد عرفت في أول هذا الفصل ،أن نوح ا عليه السلم ،شرب الخمر ،وزال عقله ،وصار عرياناا. وأن لوط ا شرب الخمر ،وزال عقله ،وفعل بابنتيه ما فعل ،بحيث لم يسمع مثله من المولعين بشربها.
وفي الباب الثالث عشر من إنجيل يوحنا هكذا) :قام عن العشاء وخلع ثيابه وأخذ منشفة واتزر بها ثم صب ماء في مغسل وابتدأ يغسل أرجل التلميذ ويمسحها بالمنشفة التي كان متزرا بها( .
وقال اللوذعي اللمعي الظريف فارس مضمار البلغة أطال ال بقاءه إلزام ا هكذا) :هذا يوهم أن
عيسى عليه السلم وقتئذ كان قد سرت فيه الخمرة حتى لم يكن يدري ما يفعل ،فإن غسل القدام
ل يوجب التجرد عن الثياب( انتهى كلمه بلفظه.
) (4/1342
وقال سليمان الحكيم النبي عليه السلم في ذم الشراب في كتابه سفر المثال في الباب الثالث والعشرين هكذا) 31 :ل تنظر إلى الخمر إذا اصفر وإذا شعشع لونه في الزجاج ويدخل لذيذاا( ) 32وفي نهاية أمره يلدغ كالحية ومثل ملك الحيات يسكب سمومه( . وكذا اختلط النساء الشواب الجنبيات مع الرجال الشبان ،آفة شديدة ل ترجى العصمة ،سيما إذا كان الرجل شاب ا عزب ا شارب الخمر ،والمرأة فاحشة محبوبة وهي تدور معه وتخدمه بمالها ونفسها. وقد عرفت حال داود عليه السلم ،أن نظرا واحدا إلى المرأة الجنبية ،بلغه إلى ما بلغ ،مع أنه
كان كثير الزواج وجاوز الخمسين .وكذا قد عرفت حال سليمان عليه السلم ،أن النساء قد أزلن
عقله وجعلناه مرتدا وثنيا في شيخوخته ،بعد ما كان نبيا صالحا في شبابه ،ولما حصل له التجربة الكاملة من حال أبيه وأمه ،ومن حال أخيه وأخته أمنون وثامار ،ومن حال أسلفه مثل روبيل
ويهودا ،سيما من حال نفسه .شدد في هذا الباب تشديدا بليغ ا في سفر المثال فقال: في الباب الخامس) :ل تصغ إلى مكر المرأة( ) 3لن شفتي
) (4/1343
ل ،وحنجرتها ألطف من الدهن( ) 4ثم عاقبتها مرة كالعلقم ،ومرهفة المرأة الجنبية تسكبان عس ا
كسيف ذي فمين( ) 5رجلها تنحدران إلى الموت وخطوتها تنفذ إلى الجحيم( ) 6تسلك أنت سبيل الحيات لن طرقها ضالة ل تدرك( ) 7والن يا ابني اسمع مني ،ول تبعد عن أقوال فمي أجعل طريقك منها بعيداا ،ول تدن إلى أبواب منزلها( ) 20لماذا تضلك يا ابني المرأة الغريبة
وتحاضنك أجنبية( .
ثم قال في الباب السادس) 24 :لنحفظك من امرأة رضية ومن لطافة لسان غريبة ل يشتهي قلبك جمالها ول تقتنصك غمزاتها( ) 26فإن قيمة الزانية مقدارها خبزة واحدة وامرأة الرجل تصطاد النفس الكريمة( ) 27أيستطيع رجل أن يخفي في حجره نارا وما تحترق ثيابه( ) 28أم يتمشى على جمر وما تحترق رجله( ) 29هكذا من يدخل إلى امرأة غريبة ل يتبرأ إذا لمسها( .
ثم قال في الباب السابع) 24 :فالن يا ابني استمعني وأصغ إلى أقوال فمي( ) 25ل تحنحن قلبك إلى طرقها ول تضلن في مناهجها( ) 26فإنها قد طرحت كثيرين جرحى وهي قتلت كل قوي( ) 28بيتها هو طرق الجحيم محدرة إلى مطابق الموت( . ثم قال في الباب الثالث والعشرين) 33 :عيناك تنظران الجنبيات وقلبك يتكلم بالملتويات( 34 )وتكون كنائم في قلب البحر وكمدير راقد إذ تلفت الدفة( .
) (4/1344
وكذا اختلط المارد آفة بل أخوف من اختلط النساء وأشنع كما شهد به المجربون ،وإذا عرفت هذا ،أقول أن عيسى عليه السلم لما كان شارب الخمر ،حتى كان معاصروه يقولون أنه أكول شريب خمر ،وكان شابا عزباا ،فإذا بلت مريم قدميه بدموعها ،ولم تكف عن تقبيلهما منذ دخلت، وكانت تمسحهما بشعر رأسها ،وكانت في هذا الوقت فاحشة مشهورة .فكيف نسى عيسى عليه السلم حال أسلفه ،يهوذا وداود وسليمان عليهما السلم ،وكيف نسي أقوال سليمان عليه السلم ،وكيف لم يعلم أن قيمتها مقدار خبزة واحدة ،وأن من لمسها ل يتبرأ ،كما ل يمكن أن يخفى رجل في حجره ناراا ،وما تحترق ثيابه ،أو يمشي على جمر النار ،وما تحترق رجله .فكيف
أجاز لها بهذه المور ،حتى اعترض عليه الفريسي ،وكيف يتصور أن هذه المور لم تكن من مقتضى الشهوات النفسانية ،وكيف غفر خطاياها وذنوبها على هذا الفعل .أهذه المور هي اللئقة لذات
ال العادل المقدس. ولذلك قال اللوذعي السابق ذكره) :وقد كانت وقتئذ بغيا مباحة ،فهل يليق الن بأحد مطارنة
النصارى ،إذا كان ضيفا في بيت أحد معارفه ،أن يأذن لقبيحة فاحشة في أن تغسل رجليه بمحضر مل من الناس ،من غير أن تبدي أمارة التوبة من قبل ،ل سرا ول جهراا( انتهى كلمه.
وكان يحب مريم ،ويدور هو والثنا عشر تلميذه ومعهم نساء كثيرة يخدمنه من أموالهن .فكيف
يتصور أنه لم تزل أقدامهم مع هذه المخالطة الشديدة ،كما زل قدم روبيل ،حتى زنى بزوجة أبيه، وقدم يهودا حتى زنى بكنته ،وقدم
) (4/1345
داود عليه السلم حتى زنى بامرأة أوريا ،وقدم أمنون حتى زنى بأخته. ولذلك قال اللوذعي السابق ذكره) :وأغرب منه ما ذكره لوقا من أن عيسى وتلميذه كانوا يجولون في القرى ومعهم نساء ،منهن مريم هذه التي كان أمرها مشهورا بالفجور والزنا ،وأنت خبير بأنه ل
يتأتى لكل واحد في البلد الشرقية ،وخصوص ا في القرى ،أن يبيت وحده في محل مخصوص .فل بد أن هؤلء الولياء كانوا يبيتون مع تلك الوليات معاا( انتهى كلمه بلفظه.
واحتمال مزلة أقدام الحواريين أقوى ،لنهم ما كانوا كاملين في اليمان ،قبل صعود المسيح عليه
السلم ،على ما أقر علماؤهم .فل يظن في حقهم العصمة من الزنا ،أل ترى أن الساقفة والشمامسة من فرقة كاتلك ،ل يتزوجون ويدعون أن هذا المر من العفاف ،ويفعلون ما ل يفعله الفاسق الغني من أهل الدنيا ،كأن كنائسهم بيوت الفاحشات الزانيات. في الصفحة 144و 145من كتاب الثلث عشرة رسالة ،في الرسالة الثانية هكذا) :القديس برنردوس يقول ] [1وعظ عدد 66في نشيد النشاد )نزعوا من الكنيسة الزواج المكرم والمضجع الذي هو بل دنس فملؤوها بالزنا في المضاجع مع الذكور والمهات والخوات وبكل أنواع الدناس( . والفاروس بيلجيوس أسقف سلفا في بلد البورتكال سنة 1300يقول:
) (4/1346
يا ليت أن الكليروسيين لم يكونوا نذروا العفة ،ول سيما أكليروس سبانيا ،لن أبناء الرعية هناك أكثر عددا بيسير من أبناء الكهنوت.
ويوحنا أسقف سالتزبرج في الجيل الخامس عشر ،كتب) :أنه وجد قسوسا قلئل غير معتادين على نجاسة متكاثرة مع النساء ،وأن أديرة الراهبات متدنسة مثل البيوت المخصوصة للزنا( انتهى كلمه
بلفظه ملخصاا.
وشهادة قدمائهم هذه ،تكفي في حق عصمة هؤلء القسوس التي ادعوها ،فل حاجة إلى أن أزيد على هذه ،بل أترك ذكرهم وأقول :مثلهم حال فقراء مشركي الهند الذين يدعون العصمة ،ويفهمون الزواج أنه أشد المعائب لفقرهم وطريقتهم ،وهم أفجر الناس وأفسقهم ،ل يحصل للمراء الفساق ما يحصل لهم. وتذكرت حكاية :أن بعض المسافرين ،لما وصل إلى قرية من قرى الهند ،رأى جارية كاعبة تجيء من القرية ،فسألها يا بنت أنت من بنات القرية أم من كناتها؟ فأجابت هذه اللكعة :أيها السائل إني من بنات القرية ،لكني أفضل من كناتها في قضاء الشهوة يحصل لي ما لم يحصل لحداهن في الرؤيا والمنام.
) (4/1347
فهؤلء المجردون ذوو حظ جسيم من المتزوجين ،فعند المنكرين كان عيسى عليه السلم ،مستغنيا عن الزواج مطلقاا ،وكان تلميذه مستغنين إما عن الزواج مطلقاا ،أو عن كثرة الزواج مثل حضرات الشمامسة والقسوس من فرقة كاتلك ،ومثل فقراء مشركي الهند .وكذا محبة عيسى عليه السلم
لتلميذه ،محل تهمة عند الذين ابتلوا بهذا الفحش القبيح. ولذلك قال اللمعي السابق ذكره ،على قول النجيلي الرابع أعني ،فاتكأ ذاك على صدر يسوع، هكذا) :كالمرأة التي تحاول شيئ ا من عاشقها فتتغنج له( انتهى كلمه بلفظه.
واعلم أني ما كتبت في هذا المر الخامس ،كتبته إلزاماا ،وإل فإني أتبرأ من أمثال هذه التقريرات.
ول اعتقد أمرا منها في حق عيسى عليه السلم ،ول في حق حواريه المجاد ،كما صرحت في مقدمة الكتاب ،ومواضع متعددة.
)المر السادس( في الجللين في سورة التحريم هكذا) :من اليمان تحريم المة( انتهى .فقول النبي صلى ال عليه وسلم حرمت مارية على نفسي يمين بهذا المعنى. )المر السابع( إذا قال النبي ل أفعل هذا المر ثم فعل ،لجل أنه كان جائزا من الصل ،أو جاء
إليه حكم ال ،ل يقال أنه أذنب ،بل في الصورة الثانية لو لم يفعل يكون عاصيا البتة .وعندهم
يوجد مثله في حق ال في كتب العهد العتيق ،فضلا عن النبياء كما عرفت بما ل مزيد عليه ،في
أمثلة
) (4/1348
القسم الثاني من الباب الثالث ،وفي جواب الشبهة الخامسة من الفصل الرابع من الباب الخامس. ويوجد في العهد الجديد ،في حق عيسى عليه السلم ،في الباب الخامس عشر من إنجيل متى ،أن امرأة كنعانية استغاثت لجل شفاء بنتها ،فأبى عيسى عليه السلم فأجابت جواب ا حسن ا استحسنه عيسى عليه السلم ،ودعا لبنتها فشفيت .وفي الباب الثاني من إنجيل يوحنا أن أم عيسى عليه
السلم استدعت منه في عرس قانا الجليلي ،أن يحول الماء خمراا ،وقال ما لي ولك يا امرأة لم
تأت ساعتي ،ثم حوله.
)المر الثامن( ل بأس بأن يخصص أولياء ال بخصائص ،أل ترى أن هارون وأولده كانوا مخصصين بأمور كثيرة ،من خدمة قبة الشهادة ،وما يتعلق بها ،وما كانت هذه المور جائزة لبني لوى الخرين ،فضلا عن غيرهم من بني إسرائيل.
وإذا عرفت المور الثمانية ،ظهر لك جواب مطعنهم بالوجوه الخمسة ،لكني أتعجب كل العجب
من هؤلء المعاندين ،أنهم لو رأوا في شريعة الغير أمرا ل يكون حسن ا في آرائهم ،يقولون أن هذا المر ل يجوز أن يكون من جانب ال .المقدس الحكيم العادل ،أو يقولون أن هذا ليس بلئق
بمنصب النبوة .ولو وجد أمر أشنع منه في شرائعهم ،يكون من جانب ال ،أو لئقا بمنصب النبوة.
فأمر ال لحزقيال عليه السلم أن يحمل إثم آل إسرائيل وآل يهوذا على
) (4/1349
نفسه ،وأن يأكل إلى ثلثمائة وتسعين يوماا ،خبزا ملطخ ا ببراز النسان .وكذا أمر ال لشعيا عليه
السلم ،أن يمشي مكشوف العورة الغليظة ،وعريانا بين النساء والرجال إلى ثلث سنين ،مع كونه في قيد العقل .وكذا أمره لهوشع أن يأخذ لنفسه زوجة زانية وأولد الزنا ،وأن يتعشق بامرأة فاسقة
محبوبة لزوجها .يكون كلها عندهم أمورا من جانب ال الحكيم المقدس ،ولئق ا بمناصب هؤلء النبياء المقدسين .وإجازة نكاح زينب بعد طلق زوجها وانقضاء عدتها ل يمكن أن يكون من
جانب ال ،ول يكون لئقا بمنصب نبوة محمد صلى ال عليه وسلم .وكذا ل يسقط عن درجة
النبوة ،يعقوب عليه السلم الذي هو ابن ال البكر بنص التوراة ،بسبب أن تعشق راحيل ،وخدم أباها أربع عشرة سنة ،وأخذ أربع زوجات ،وجمع بين الختين ،وكذا ل يسقط عنها داود ابن ال البكر الخر ،بنص الزبور ،بسبب أن أخذ نساء كثيرة ،وجواري كثيرة ،قبل أن يزني بامرأة أوريا بل
تكون هذه النساء كلها بهبة ال ورضاه ،ويكون داود عليه السلم قابلا لن يقول ال في حقه :فإذا كانت عندك قليلة كان ينبغي لك أن تقول فأزيد مثلهن .ول يصدر العتاب عليه على تكثير النساء،
بل على أنه زنى بامرأة الغير ،وقتل ذلك الغير بالحيلة ،وأخذ تلك المرأة. وكذا ل يسقط عنها سليمان عليه السلم ،الذي هو ابن ال بشهادة كتبهم المقدسة
) (4/1350
بسبب أن أخذ ألف امرأة من الزوجات والجواري ،وارتد في آخر عمره وعبد الصنام ،بل يبقى مسلم النبوة ويكون كتبه الثلثة ،أعني المثال والجامعة ونشيد النشاد ،كتب ا إلهية .وكذا ل يسقط لوط عنها ،بسبب الزنا بابنتيه .وكذا ل يسقط عنها ابن ال الوحيد وحواريه المجاد ،بسبب حب
الفاحشة ،وبعض التلميذ ،والجولن مع النساء في قرى البلد الشرقية .بل ل يتهمون أيضا بشيء
مع هذه المخالطة الشديدة وكونهم شاربي الخمر وشباناا .ويسقط محمد صلى ال عليه وسلم عن
درجة النبوة بكثرة الزواج ،ونكاح زينب ،وتحليل جاريته بعد تحريمها .لعل منشأ هذه المور أن ال
لما كان واحدا حقيقياا ،ل تكثر في ذاته بوجه من الوجوه عند أهل السلم ،فذاته المقدسة ل تسع أمرا غير مناسب ،وعندهم لما كان ذاته مشتملة على القانيم الثلثة المتصف كل منهم بصفات اللوهية كلها ،الممتاز كل منهم عن الخر امتيازا حقيقيا تسع أمرا غير مناسب .لن المتياز
الحقيقي ،ل يمكن أن يفارق التعدد ،بل يستلزمه البتة وإن لم يقروا بحسب الظاهر به ،كما عرفت
في الباب الرابع والثلثة أكثر من الواحد. فلعل إلههم في زعمهم أقوى من إله المسلمين ،وكذلك لما لم تكن العصمة من ذنب من الذنوب، حتى الشرك وعبادة العجل والصنام والزنا والسرقة والكذب حتى في تبليغ الوحي وغيرها من المعاصي ،شرط للنبوة عندهم ،كانت ساحة النبوة عندهم أوسع من ساحتها عند المسلمين
) (4/1351
أو لعل .منشأها أن يعقوب وداود وسليمان وعيسى لما كانوا أبناء ال ،فلهم أن يفعلوا في مملكة أبيهم ما يشاؤون ،بخلف محمد صلى ال عليه وسلم ،فإنه لما كان عبد ال بن عبد ال ،ل يجوز له أن يفعل في مملكة مالكه وسيده ما يشاء .نعوذ بال من التعصب الباطل والعتساف ومن
المكابرة وعدم النصاف. )المطعن الرابع( أن محمد صلى ال عليه وسلم كان مذنباا ،وكل مذنب ل يصح أن يكون شافعا للمذنبين الخرين .أما الصغرى فلما وقع: في سورة المؤمن} :فاصبر إن وعد ال حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والبكار{ . وفي سورة محمد} :فاعلم أنه ل إله إل ال واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات{ . وفي سورة الفتح} :إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر ال لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر{ .
وفي الحديث) :فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني أنت
المقدم وأنت المؤخر ل إله إل أنت( .ونحوه مما وقع في الحاديث الخرى.
) (4/1352
)والجواب( أن الصغرى والكبرى كلتاهما غير صحيحتين ،فالنتيجة كاذبة يقيناا ،وأنا أمهد لتوضيح
بطلنهما أمورا خمسة:
)المر الول( أن ال رب وخالق ،والخلق كله مربوب ومخلوق ،فكل ما صدر عن حضرة الرب
الخالق في حق العبد المربوب المخلوق ،من الخطاب والعتاب والستعلء فهو في محله ومقتضى المالكية والخالقية .وكذا كل ما يصدر عن العباد ،من الدعية والتضرعات إليه ،فهو في موقعه أيضاا ،ومقتضى المخلوقية والعبودية والنبياء عباد ال المخلصون ،فهم أحق من غيرهم ،والحمل على المعنى الحقيقي في كل موضع ،من أمثال هذه المواضع ،في كلم ال وفي أدعية النبياء
وتضرعاتهم خطأ وضلل وشواهده كثيرة في كتب العهدين ،سيما الزبور .وأنا أنقل على سبيل النموذج بعضا منها:
] [1في الباب العاشر من إنجيل مرقس ،والثامن عشر من إنجيل لوقا هكذا) 17 :وفيما هو خارج إلى الطريق ،ركض واحد وجثا له وسأله أيها المعلم الصالح ماذا أعمل لرث الحياة البدية( 18 )فقال له يسوع لماذا تدعوني صالحا ليس أحد صالحا إل واحد وهو ال( انتهى بعبارة مرقس .فأقر عيسى عليه السلم بأني لست صالحا ول صالح إل ال وحده.
] [2في الزبور الثاني والعشرين هكذا) 1 :إلهي إلهي انظر لماذا تركتني تباعد عني خلصي بكلم جهلي( ) 2إلهي بالنهار أدعوك فلم تستجب لي وبالليل فلم تحفل بي( .ولما كان آيات هذا
الزبور راجعة إلى عيسى عليه السلم ،على زعم أهل التثليث ،فكان القائل بها عندهم هو عيسى عليه السلم.
) (4/1353
] [3الية السادسة والربعون من الباب السابع والعشرين من إنجيل متى هكذا) :ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا إيلي إيلي لما شبقتني أي إلهي إلهي لماذا تركتني( .
] [4في الباب الول من إنجيل مرقس هكذا) 4 :كان يوحنا يعمد في البرية ويكرز بمعمودية التوبة لمغفرة الخطايا( ) 5وخرج إليه جميع كورة اليهودية وأهل أورشليم واعتمدوا جميعهم منه في نهر الردن معترفين بخطاياهم( ) 9وفي تلك اليام جاء يسوع من ناصرة الجليل واعتمد من يوحنا في الردن( . وكانت هذه المعمودية ،معمودية التوبة ،بمغفرة الخطايا .كما صرح مرقس في الية الرابعة والخامسة
) (4/1354
والية الثالثة من الباب الثالث من إنجيل لوقا هكذا) :فجاء إلى جميع الكورة المحيطة بالردن يكرز بمعمودة التوبة لمغفرة الخطايا( .وفي الية الحادية عشر من الباب الثالث من إنجيل متى هكذا) :أنا أعمدكم بماء للتوبة( الخ .وفي الية الرابعة والعشرين من الباب الثالث عشر من كتاب العمال هكذا) :إذ سبق يوحنا فكرز قبل مجيئه بمعمودية التوبة لجميع شعب إسرائيل( .والية الرابعة من الباب التاسع عشر من كتاب العمال هكذا) :فقال بولس أن يوحنا عمد بمعمودية التوبة( الخ. فهذه اليات كلها ،تدل على أن هذه المعمودية ،كانت معمودية التوبة لمغفرة الخطايا ،فمتى سلم اعتماد عيسى من يحيى عليهما السلم ،لزم تسليم اعترافه بالخطايا والتوبة منهما أيضاا ،لن حقيقة
هذا العتماد ليست غير ذلك.
وفي الباب السادس من إنجيل متى في الصلة التي علمها عيسى عليه السلم تلميذه هكذا: )اغفر لنا ذنوبنا كما نحن نغفر أيض ا للمذنبين إلينا ول تدخلنا في تجربة لكن نجنا من الشرير( .
والظاهر أن عيسى عليه السلم ،كان يصلي تلك الصلة التي علمها تلميذه ،ولم يثبت من موضع من مواضع النجيل أنه ما كان يصلي هذه الصلة .وستعرف في المر الثاني أنه كان كثير الصلة، فلزم أن يكون دعاؤه باغفر لنا ذنوبنا مرات كثيرة بلغت اللف. والعصمة من الذنوب ،وإن لم تكن من شروط النبوة عند أهل التثليث ،لكنهم يدعونها في حق عيسى عليه السلم ،باعتبار
) (4/1355
الناسوت أيضاا .وكان عيسى عليه السلم بهذا العتبار أيض ا عندهم ،صالح ا ومقبولا ل ل متروك ا فهذه الجمل: ] [1لماذا يدعوني صالحا الخ [2] .إلهي إلهي لماذا تركتني [3] .تباعد عني خلصي بكلم
جهلي [4] .بالنهار أدعوك فلم تستجب لي [5] .ألفاظ التوبة والعتراف بالخطايا عند العتماد.
] [6اغفر لنا ذنوبنا .ل تكون محمولة على المعاني الحقيقية الظاهرية عند أهل التثليث ،وإل يلزم أنه لم يكن صالحاا ،وكان متروك ا ل بعيدا عن الخلص ،بسبب كلم الجهل .غير مستجاب الدعاء،
خاطئا مذنباا .فل بد أن يقال أن هذه التضرعات بمقتضى المخلوقية والمربوبية باعتبار الناسوت.
وفي الزبور الثالث والخمسين هكذا) 3 :الرب من السماء اطلع على بني البشر لينظر هل من يفهم
أو يطلب ال( ) 4كلهم قد زاغوا جميع ا والتطخوا وليس من يعمل صلح ا حتى ول أحد( .
وفي الباب التاسع والخمسين من كتاب أشعيا هكذا) 9 :فلذلك تباعد الحكم عنا ول يدركنا العدل انتظرنا النور فيها الظلم انتظرنا الشعاع فها سرنا في الظلمة( ) 12من أجل أن آثامنا تكاثرت قدامك وخطايانا أجابتنا لن فجورنا معنا وآثامنا عرفناها( ) 13أن نخطئ ونكذب على
الرب واندبرنا إلى
) (4/1356
خلف حتى أن ل نسلك وراء إلهنا لنتكلم بالظلم والتعدي حبلنا وتكلمنا من القلب بكلم كاذب( . وفي الباب الرابع والستين من كتاب أشعيا هكذا) 6 :وصرنا جميعنا كالنجس وكخرقة الحائض كل
براتنا وسقطنا مثل الورق نحن جميعا وآثامنا كالريح ذرونا( ) 7ليس من يدعو باسمك ومن يقوم
ويمسكك أخفيت وجهك عنا واطرحتنا بيد إثمنا( ..ول شك أن كثيرا من الصلحاء كانوا موجودين في زمان داود عليه السلم ،مثل ناثان النبي وغيره ،ولو فرضنا أنهم لم يكونوا معصومين على زعم
أهل التثليث ،فل ريب أنهم لم يكونوا مصداق الية الرابعة من الزبور المذكور أيضاا ،ووقعت في
عبارتي أشعيا عليه السلم ،صيغ التكلم مع الغير ،وأشعيا وغيره من أنبياء عهده وصلحاء زمانه ،وإن
لم يكونوا معصومين لكنهم لم يكونوا مصاديق الوصاف المصرحة ،في العبارتين قطعا أيضاا ،فل تكون عبارة الزبور وهاتان العبارتان محمولت على معانيها الحقيقية الظاهرية ،بل ل بد فيها من
الرجوع إلى أن تلك التضرعات بمقتضى العبودية .وكذا وقع في الباب التاسع من كتاب دانيال، والباب الثالث والخامس من مراثي أرمياء ،والباب الرابع من الرسالة الولى لبطرس. )المر الثاني( أن أفعال النبياء كثيرا ما تكون لتعليم المة ،لتستن بهم.
) (4/1357
ول يكونون محتاجين إلى هذه الفعال لجل أنفسهم. في الباب الرابع من إنجيل متى ،أن عيسى عليه السلم صام أربعين نهاراا ،أو أربعين ليلة .والية
الخامسة والثلثون من الباب الول من إنجيل مرقص هكذا) :وفي الصبح باكرا جدا قام وخرج
ومضى إلى موضع خلء وكان يصلي هناك( .والية السادسة عشر من الباب الخامس من إنجيل
لوقا هكذا) :وفي تلك اليام خرج إلى الجبل ليصلي وقضى الليل كله في الصلة ل( . ولما كان اتحاد المسيح بذات ال على زعم أهل التثليث ،فل حاجة له إلى هذه التكاليف الشديدة ،فل بد أن تكون هذه الفعال لجل التعليم. )المر الثالث( أن اللفاظ المستعملة في الكتب الشرعية ،مثل الصلة والزكاة والصوم والحج والنكاح والطلق وغيرها ،يجب أن تحمل على معانيها الشرعية ما لم يمنع عنها مانع ،ولفظ الذنب في هذا الصطلح الشرعي ،إذا استعمل في حق ألنبياء ،يكون بمعنى الزلة .وهي عبارة عن أن يقصد معصوم عبادة أو أمرا مباحاا ،ويقع بل قصد وشعور في ذنب لمجاورة العبادة أو المر المباح بهذا الذنب ،كما أن السالك يكون قصده قطع الطريق ،لكنه قد يزل قدمه أو يعثر بسبب طين أو
حجر واقع في ذلك الطريق ،أو يكون
) (4/1358
بمعنى ترك الولى. )المر الرابع( أن وقوع المجاز في كلم ال وكلم النبياء كثير ،كما عرفت بما ل مزيد عليه ،في مقدمة الباب الرابع .وقد عرفت أيض ا في جواب الشبهة الرابعة من الفصل الرابع من الباب الخامس ،أن حذف المضاف كثير في كتبهم المقدسة.
)المر الخامس( أن الدعاء قد يكون المقصود به محض التعبد كما في قوله تعالى} :ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك{ فإن إيتاء ذلك الشيء واجب ،ومع ذلك أمرنا بطلبه .كقوله تعالى} :رب احكم بالحق( مع أنا نعلم أنه ل يحكم إل بالحق. وإذا عرفت المور الخمسة ،أقول أن الستغفار طلب الغفران ،والغفران الستر على القبيح ،وهذا الستر يتصور على وجهين: الول :بالعصمة منه لن من عصم فقد ستر عليه قبائح الهوى. والثاني :بالستر بعد الوجود. فالغفران في اليتين الوليين بالوجه الول ،في حق النبي صلى ال عليه وسلم .وفي الثانية بالوجه الثاني في حق المؤمنين والمؤمنات.
) (4/1359
قال المام الهمام الفخر الرازي قدس سره في ذيل تفسير الية الثانية هكذا: )وفي هذه الية لطيفة ،وهي أن النبي صلى ال عليه وسلم له أحوال ثلثة :حال مع ال ،وحال مع نفسه ،وحال مع غيره ،فأما مع ال فوحده ،وأما مع نفسه فاستغفر لذنبك واطلب العصمة من ال، وأما مع المؤمنين فاستغفر لهم ،واطلب الغفران لهم من ال( انتهى كلمه بلفظه. أو أن المقصود من المر بالستغفار في اليتين محض التعبد كما في قوله تعالى} :ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك{ وكقوله} :رب احكم بالحق{ كما عرفت في المر الخامس. أو أن المقصود من هذا المر أن يكون الستغفار مسنونا في أمته ،فاستغفاره صلى ال عليه وسلم
كان لتعليم المة ..في الجللين ذيل تفسير الية الثانية هكذا) :قيل له ذلك مع عصمته ليستن به
أمته( انتهى. أو أن المضاف في اليتين محذوف .والتقدير في الية الولى) :فاصبر إن وعد ال حق واستغفر
لذنب أمتك( الية .وفي الثانية) :فاعلم أنه ل إله إل ال واستغفر لذنب أهل بيتك ولذنب المؤمنين والمؤمنات الذين ليسوا من أهل بيتك ،فل بعد في ذكر المؤمنين والمؤمنات( .وقد عرفت في المر الرابع ،أن حذف المضاف كثير شائع في كتبهم ،أو أن المراد بالذنب في اليتين الزلة أو ترك الفضل.
) (4/1360
وسمعت من الحباء ،أن بعض من بلغ سن الخرافة من علماء بروتستنت ،اعترض على هذا التوجيه في بعض تأليفه الجديد وقال :فرضنا أنه ما ظهر من محمد صلى ال عليه وسلم ذنب من الذنوب غير ترك الولى ،فترك الولى أيض ا ذنب على ما يحكم به كلم ال أعني التوراة والنجيل فيكون
محمد صلى ال عليه وسلم مذنباا. قال يعقوب في الية السابعة عشر من الباب الرابع من رسالته هكذا) :فمن يعرف أن يعمل حسنا ول يعمل فذلك خطيئة له( انتهى.
أقول :هذا منشؤه خرافة السن ،لنه ل شك أن ترك شرب الخمر حسن ،حتى مدح ال يحيى عليه السلم على هذا ،وقال النبياء في حقها ما قالوا ،وكذا ل شك أن عدم الذن لفاحشة مباحة بغي في غسل الرجلين ومسحهما بشعر رأسها بمحضر مل من الناس حسن .وكذا ترك المخالفة الشديدة بالنساء الجنبيات الشواب ،والجولن معهن في القرى الشرقية حسن ،سيما إذا كان الرجل المخالط شاب ا عزباا .وما فعل هذه المور الحسنة عيسى عليه السلم ،حتى أن المخالفين
طعنوا عليه كما عرفت في جواب المطعن الثالث ،فيلزم على رأيه أن يكون إلهه أيضا مذنباا .على
أن هذا المعترض زاد لفظ التوراة لجل تغليط العوام ،ول يوجد هذا الحكم في التوراة ،وهو ما أورد
سندا لهذا ،إل من رسالة يعقوب التي ليست إلهامية ،على تحقيق العلماء العلم من فرقة
بروستنت ،سيما على تحقيق إمامه ومقتداه لوطر ،كما عرفت في الفصل الرابع من الباب الول.
فكلم يعقوب على هؤلء العلماء ليس بحجة
) (4/1361
فاعتراضه واه بل شبهة. وأما الية الثالثة فالمضاف محذوف ،أو المراد بالذنب ترك الفضل ،أو المراد بالغفران العصمة. وقال المام السبكي وابن عطية :أن المقصود من هذه الية ،ليس إثبات صدور ذنب وغفرانه ،بل المقصود منها تعظيم رسول ال صلى ال عليه وسلم وإكرامه فقط .لن ال أظهر تعظيمه وإحسانه في أول هذه السورة ،فبشر أولا بالفتح المبين ،ثم جعل غاية هذا الفتح الغفران وإتمام النعمة
وهداية الصراط المستقيم وإعطاء النصر العزيز .فلو فرض صدور ذنب ما يكون مخلا لبلغة
الكلم ،فمقتضاها التكريم والتعظيم .كما أن السيد إذا رضي عن خادمه يقول تارة لكرامه وإظهار
رضاه :عفوت عنك خطيئاتك المتقدمة والمتأخرة ،ول أؤاخذك عليها وإن لم يصدر عن هذا الخادم خطيئات. وأما الدعاء المذكور في الحديث ،فتوجيهه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم ،لما كان أرفع الخلق عند ال درجة وأتمهم به معرفة ،وكان حاله عند خلوص قلبه عن ملحظة غير ربه ،إقباله بكليته عليه أرفع حاليه ،بالنسبة إلى غير ذلك كان يرى شغله بما سواه ،وإن كان ضروري ا نقص ا وانحطاط ا من رفيع كماله ،فكان يستغفر ال من ذلك طلبا للمقام العلى ،فكان هذا الشغل الضروري أيضا عنده ،بمنزلة الذنب الذي ل بد أن يستغفر عنه بالنسبة إلى أعلى حاله ،أو كان صدور مثل هذا
الدعاء بمقتضى العبودية .كما أن عيسى عليه السلم
) (4/1362
أيضا بمقتضى العبودية ،نفى الصلح عن نفسه ،واعترف بالخطايا عند العتماد ،ودعا مرارا باغفر
لنا ذنوبنا ،وتفوه بهذه الجمل) 1 :إلهي إلهي لماذا تركتني( ) 2وتباعد عني خلصي بكلم جهلي(
) 3إلهي بالنهار أدعوك فلم تستجب لي( أو كان هذا الدعاء لجل التعبد المحض كما عرفت في المر الخامس 4أو كان لجل تعليم المة 5وأن الذنب المذكور فيها بمعنى الزلة ،وترك الولى، كما عرفت في المر الثالث ،وعلى كل تقدير ل يرد شيء ،وهذه التوجيهات الخمسة تجري كلها أو بعضها في الحاديث ،التي تكون مثل الحديث المذكور .وإذا لم يثبت من اليات والحاديث المذكورة التي استدل بها المعترض ،كون محمد صلى ال عليه وسلم مذنباا ،ثبت كذب الصغرى. وأما كذب الكبرى ،فلن كليتها ممنوعة ،لنها إما أن يثبتها المعترض بعندية أهل التثليث ،أو
بالبرهان النقلي.
فإذا كان الول فعنديتهم هذه ل تتم علينا ،كما ل تتم أكثر عندياتهم على ما عرفت في الفصل الثاني من الباب الخامس. وإن كان الثاني فعليهم بيان ذلك البرهان ،وعلينا النظر في مقدماته ،وأنى لهم ذلك ول استبعاد في أن يغفر ال ذنوب واحد بل واسطة ،ثم يقبل
) (4/1363
شفاعته في حق الخرين ،على أن قبح الذنب عقلا ما لم يغفر ،فإذا غفر ل يبقى قبحه لوجه ما، وقد يوجد التصريح في الية الثالثة التي نقلوها بزعمهم الفاسد ،لثبات الذنب بأن قال} :ليغفر
لك ال ما تقدم من ذنبك وما تأخر{ .فإن صارت ذنوب محمد صلى ال عليه وسلم متقدمة كانت أو متأخرة مغفورة ،في هذه الدار الدنيا ،فما بقي شيء مانع في أن يكون شفيعا للخرين في الدار
الخرى.
وإن كان الثالث فغلط يقيناا ،أل ترى أن بني إسرائيللما عبدوا العجل ،أراد ال أن يهلك الكل،
فشفع موسى عليه السلم لهم ،فقبل ال شفاعته ،وما أهلك .كما هو مصرح به في الباب الثاني والثلثين من سفر الخروج ،ثم قال الرب لموسى :اذهب أنت وبنو إسرائيل إلى أرض كنعان وأنا ل
أذهب معكم ،فشفع موسى فقبل ال شفاعته ،وقال :أنا أذهب معك .كما هو مصرح به في الباب الثالث والثلثين من سفر الخروج .ثم لما عصوا أراد ال مرة أخرى أن يهلكهم ،فشفع موسى وهارون عليهما السلم فقبل ال شفاعتهما .ثم لما عصوا مرة أخرى أرسل ال عليهم حيات تلدغهم ،فجاؤوا إلى موسى مستشفعين ،فشفع لهم فقبل ال شفاعته ،كما هو مصرح به في الباب السادس عشر والباب الحادي والعشرين من سفر العدل .فل استحالة عقلا ول نقلا في كون
محمد صلى ال عليه وسلم شفيع المذنبين ،اللهم ابعثه مقام ا محمودا الذي وعدته ،وارزقنا شفاعته
يوم القيامة .وليكن هذا آخر الباب.
) (4/1364
وقد ابتدأت في تأليف هذا الكتاب ،في اليوم السادس عشر من شهر رجب المنسلك في سنة ألف ومائتين وثمانين من هجرة سيد النبياء والمرسلين صلى ال عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين،
وفرغت منه في آخر ذي الحجة من السنة المذكورة ،والحمد ل رب العالمين وصار تاريخ ختمه )تأييد الحق برحمة ال . (1280 ل ،ول ينال من الملئكة إل لعنة فأعوذ بال من الحاسد الذي ل ينال من المجالس إل مذمة وذ ا
ل ،ول ينال عند وبغضاا ،ول ينال من الخلق إل جزع ا وغماا ،ول ينال عند النزع إل شدة وهو أ
الموقف إل فضيحة ونكاال .وأفوض أمري إلى اللطيف الخبير ،إنه نعم المولى ونعم النصير .وأقول
متضرعا ومترجياا: ربنا ل تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا .ربنا ول تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا .ربنا ول تحملنا ما ل طاقة لنا به ،واعف عنا ،واغفر لنا ،وارحمنا ،أنت مولنا فانصرنا على القوم الكافرين.
) (4/1365