اظهار الحق المجلد الثالث

Page 1

‫‪http://www.shamela.ws‬‬ ‫تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة‬

‫الكتاب ‪ :‬إظهار الحق‬

‫المؤلف ‪ :‬محمد رحمت ال بن خليل الرحمن الكيرانوي العثماني الهندي‬

‫الحنفي )المتوفى ‪1308 :‬هـ(‬

‫دراسة وتحقيق وتعليق ‪ :‬الدكتور محمد أحمد محمد عبد القادر خليل‬ ‫ملكاوي ‪ ،‬الستاذ المساعد بكلية التربية جامعة الملك سعود ‪ -‬الرياض‬

‫الناشر ‪ :‬الرئاسة العامة لدارات البحوث العلمية والفتاء والدعوة والرشاد ‪-‬‬ ‫السعودية‬

‫الطبعة ‪ :‬الولى‪ 1410 ،‬هـ ‪ 1989 -‬م )أول طبعة تصدر مقابلة على‬ ‫نسختي المؤلف الذهبيتين المخطوطة والمقروءة(‬

‫عدد الجزاء ‪ 4 :‬أجزاء في ترقيم مسلسل واحد‬ ‫]ترقيم الكتاب موافق للمطبوع[‬

‫وسماها القليس وأراد أن يصرف إليها الحاج وحلف أن يهدم الكعبة‪ ،‬فخرج بالحبشة ومعه فيل له‬ ‫اسمه محمود وكان قوي ا عظيم ا وأفيال أخرى‪ ،‬فخرج إليه عبد المطلب وعرض عليه ثلث أموال‬ ‫تهامة ليرجع فأبى‪ ،‬وعبأ جيشه‪ ،‬وقدم الفيل فكانوا كلما وجهوه إلى الحرم برك ولم يبرح وإذا‬

‫وجهوه إلى اليمن أو إلى غيره من الجهات هرول‪ ،‬فأرسل ال طيرا مع كل طائر حجر في منقاره‬

‫وحجران في رجليه أكبر من العدسة وأصغر‬

‫) ‪(4/1163‬‬


‫من الحمصة‪ ،‬فكان الحجر يقع على رأس الرجل فيخرج من دبره‪ ،‬وعلى كل حجر اسم من يقع‬ ‫عليه‪ ،‬ففروا وهلكوا في كل طريق ومنهل‪ ،‬وذوى أبرهة فتساقطت أنامله وآرابه وما مات حتى‬ ‫انصدع صدره عن قلبه‪ ،‬وانفلت وزيره أبو يكسوم‪ ،‬وطائر يحلق فوقه حتى بلغ النجاشي‪ ،‬فقص عليه‬ ‫القصة‪ ،‬فلما أتمها وقع عليه‬ ‫الحجر فخر ميتا بين يديه‪ ،‬وقد أخبر ال عن حال هؤلء في سورة الفيل وبحسب الوعد المذكور ل‬ ‫يدخل العور الدجال مكة ويرجع خائبا كما جاء في الحاديث الصحيحة‪.‬‬

‫)البشارة العاشرة( في الباب الخامس والستين من كتاب أشعيا هكذا‪) 1 :‬طلبني الذين لم يسألوني‬ ‫قبل ووجدني الذين لم يطلبوني قلت ها أنا ذا إلى المة الذين لم يدعوا باسمي( ‪) 2‬بسطت يدي‬ ‫طول النهار إلى شعب غير مؤمن الذي يسلك بطريق غير صالح وراء أفكارهم( ‪) 3‬الشعب الذي‬ ‫يغضبني أمام وجهي دائما الذين يذبحون في البساتين ويذبحون على اللبن( ‪) 4‬الذين يسكنون في‬ ‫القبور في مساجد الوثان يرقدون الذين يأكلون لحم‬

‫) ‪(4/1164‬‬

‫الخنزير والمرق المنجس في آنيتهم( ‪) 5‬الذين يقولون أبعد عني ل تقرب مني لنك نجس هؤلء‬ ‫يكونون دخانا في رجزي نارا متقدة طول النهار( ‪) 6‬ها مكتوب قدامي ل أسكت بل أردوا كافي‬

‫جزاء في حضنهم( ‪ .‬فالمراد بالذين لم يسألوني والذين لم يطلبوني العرب‪ ،‬لنهم كانوا غير واقفين‬

‫على ذات ال وصفاته وشرائعه‪ ،‬فما كانوا سائلين عن ال وطالبين له كما قال ال تعالى في سورة آل‬ ‫عمران‪} :‬لقد منن ال على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم‬

‫ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلل مبين{ ‪ .‬ول يجوز أن يراد بهم اليونانيين‬

‫كما عرفت في البشارة الثانية‪ ،‬والوصف المذكور في الية الثانية والثالثة يصدق على كل واحد من‬ ‫اليهود والنصارى‪ ،‬والوصاف المذكورة في الية الرابعة‬

‫) ‪(4/1165‬‬

‫ألصق بحال النصارى‪ ،‬كما أن الوصف المذكور في الخامسة ألصق بحال اليهود فردهم الباري‬ ‫واختار المة المحمدية‪.‬‬


‫)البشارة الحادية عشر( في الباب الثاني من كتاب دانيال في حال الرؤيا التي رآها بختنصر ملك‬ ‫بابل ونسي‪ ،‬ثم بين دانيال عليه السلم بحسب الوحي تلك الرؤيا وتفسيرها‪) :31 .‬فكنت أنت‬ ‫الملك ترى وإذ تمثال واحد جسيم وكان التمثال عظيم ا ورفيع القامة واقف ا قبالك ومنظره مخوفاا(‬ ‫‪) :32‬رأس هذا التمثال هو من ذهب إبريز والصدر والذراعان من فضة والبطن والفخذان من‬ ‫نحاس( ‪) :33‬والساقان من حديد والقدمان قسم منهما من حديد وقسم منهما من خزف( ‪:34‬‬ ‫)فكنت ترى هكذا حتى انقطع حجر من جبل ل بيدين وضرب التمثال في قدميه من حديد ومن‬ ‫خزف فسحقهما( ‪) :35‬فانسحق حينئذ مع الحديد والخزف والنحاس والفضة والذهب وصارت‬ ‫كغبار البيدر في الصيف فذرتها الريح ولم يوجد لها مكان والحجر الذي قد ضرب التمثال صار‬ ‫جبلا ومل الرض بأسرها( ‪) :36‬فهذا هو الحلم وتنبئ أيضا قدامك يا أيها الملك بتفسيره( ‪:37‬‬ ‫)أنت هو ملك الملوك وإله السماء أعطاك الملك والقوة والسلطان والمجد( ‪.‬‬

‫‪) :38‬وجميع ما يسكن فيه بنو الناس ووحوش الحقل وأعطى بيدك طير السماء أيض ا وجعل جميع‬ ‫الشياء تحت سلطانك فأنت هو الرأس من الذهب( ‪) :39‬وبعدك تقوم مملكة أخرى أصغر منك‬

‫من فضة ومملكة ثالثة أخرى من نحاس وتتسلط على جميع الرض( ‪) :40‬والمملكة الرابعة تكون‬ ‫مثل الحديد كما أن الحديد يسحق ويغلب الجميع هكذا هي تسحق وتكسر جميع هذه( ‪) :41‬أما‬ ‫فيما رأيت قسم القدمين وأصابعهما من الخزف الفاخوري وقسم ا من حديد تكون المملكة مفترقة‬

‫وإن كان يخرج من نصبة الحديد حسبما رأيت الحديد‬

‫) ‪(4/1166‬‬

‫مختلطا بالخزف من طين( ‪) :42‬وأصابع القدمين قسم من حديد وقسم من خزف فتكون المملكة‬ ‫بقسم صلبة وبقسم مسحوقة( ‪) :43‬فيما رأيت الحديد مختلط ا بالخزف من طين أنهم يختلطون‬

‫بزرع بشري بل ل يتلصقون مثل ما ليس بممكن أن يمتزج الحديد بالخزف( ‪) :44‬فأما في أيام‬ ‫تلك الممالك يبعث إله السماء مملكة وهي لن تنقضي قط‪ ،‬ملكها ل يعطى لشعب آخر وهي‬

‫تسحق وتفنى جميع هذه الممالك أجمعين وهي تثبت إلى البد( ‪) :45‬وكما رأيت أن من جبل‬ ‫انقطع حجر ل بيدين وسحق الخزف والحديد والنحاس والفضة والذهب‪ ،‬فالله العظيم أظهر‬ ‫للملك ما سيأتي من بعد والحلم هو حقيقي وتفسيره صحيح( ‪.‬‬

‫) ‪(4/1167‬‬


‫فالمراد بالمملكة الولى سلطنة بختنصر‪ ،‬وبالمملكة الثانية سلطنة المادئين الذين تسلطوا بعد قتل‬ ‫بلشاصر بن بختنصر كما هو مصرح به في الباب الخامس من الكتاب المذكور‪ ،‬وسلطنتهم كانت‬ ‫ضعيفة بالنسبة إلى سلطنة الكلدانيين‪ ،‬والمراد بالمملكة الثالثة سلطنة الكيانيين لن قورش ملك‬ ‫إيران الذي هو بزعم القسيسين كيخسر وتسلط على بابل قبل ميلد المسيح بخمسمائة وست‬ ‫وثلثين سنة‪ ،‬ولما كان الكيانيون على السلطنة القاهرة فكأنهم كانوا متسلطين على جميع الرض‬ ‫والمراد بالمملكة الرابعة سلطنة اسكندر بن فيلفوس الرومي الذي تسلط على ديار فارس قبل ميلد‬ ‫المسيح بثلثمائة وثلثين سنة‪ ،‬فهذا السلطان كان في القوة بمنزلة الحديد ثم جعل هذا السلطان‬ ‫سلطنة فارس منقسمة على طوائف الملوك فبقيت هذه السلطنة ضعيفة‬

‫) ‪(4/1168‬‬

‫إلى ظهور الساسانيين ثم صارت قوية بعد ظهورهم فكانت ضعيفة تارة وقوية تارة وتولد في عهد‬ ‫نوشيروان )محمد بن عبد ال( صلى ال عليه وسلم وأعطاه ال السلطنة الظاهرية والباطنية وقد‬ ‫تسلط متبعوه في مدة قليلة شرق ا وغرب ا وعلى جميع ديار فارس التي كانت هذه الرؤيا وتفسيرها‬ ‫متعلقين بها‪ ،‬فهذه هي السلطنة البدية التي ل تنقضي وملكها ل يعطى لشعب آخر وسيظهر‬

‫كمالها عن قريب في زمان المام المهدي رضي ال عنه لكن الوهن والضعف يقع قبل ظهوره بمدة‬ ‫قليلة كما يشاهد بعض علماته الن ثم يزول بظهوره ويكون الدين كله ل‪ ،‬فهذا الحجر الذي‬ ‫انقطع ل بيدين من جبل وسحق الخزف والحديد والنحاس والفضة والذهب وصار جبلا عظيم ا‬ ‫ومل الرض بأسرها هو محمد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬ ‫)البشارة الثانية عشر( نقل يهوذا الحواري في رسالته الخبر الذي تكلم‬

‫) ‪(4/1169‬‬

‫به أخنوخ الرسول الذي كان سابعا من آدم عليه السلم ومن عروجه إلى ميلد المسيح مدة ثلثة‬ ‫آلف وسبع عشرة سنة على زعم مؤرخيهم‪ .‬وأنا أنقل عبارته من الترجمة العربية المطبوعة سنة‬

‫‪) :1844‬الرب قد جاء في ربواته المقدسة ليدائن الجميع ويبكت جميع المنافقين على كل أعمال‬


‫نفاقهم التي نافقوا فيها وعلى كل الكلم الصعب الذي تكلم به ضد ال الخطاة المنافقون( وقد‬ ‫عرفت في مقدمة الباب الرابع أن استعمال لفظ الرب بمعنى المخدوم والمعلم شائع فل حاجة إلى‬ ‫العادة‪ ،‬وأما لفظ المقدس أو القديس فيطلق في العهدين على المؤمن الموجود في الرض إطلق ا‬ ‫شائعاا‪.‬‬ ‫]‪ [1‬الية الولى من الباب الخامس من سفر أيوب هكذا‪) :‬فادع الن أن كان لك مجيب وإلى‬ ‫أحد من القديسين التفت( فالمراد بالقديسين ههنا المؤمنون الموجودون على الرض‪ ،‬أما عند‬ ‫علماء‬

‫) ‪(4/1170‬‬

‫بروتستنت فظاهروا ما عند علماء كاتلك فلن مطهرهم الذي هو موضع آلم أرواح الصالحين إلى‬ ‫أن يحصل لها النجاة بمغفرة البابا‪ ،‬وجد بعد المسيح عليه السلم ولم يكن في زمن أيوب‪.‬‬ ‫]‪ [2‬والية الثانية من الباب الول من الرسالة الولى إلى أهل قورنيثوس هكذا‪) :‬إلى جماعة ال‬ ‫التي بقورنثية المقدسين بيسوع المسيح المدعوين قديسين( الخ‪ .‬فالمراد بالمقدسين والقديسين‬ ‫المؤمنون بالمسيح الموجودون في قورنثية‪.‬‬ ‫]‪ [3‬والية الثالثة عشر من الباب الثاني عشر من الرسالة الرومية هكذا‪) :‬مشاركين لحاجة‬ ‫القديسين( الخ‪.‬‬ ‫]‪ [5 ،4‬في الباب الخامس عشر منها هكذا‪) :‬ولكن الن أنا ذاهب إلى أورشليم لخدم‬ ‫القديسين( ‪) 26‬لن أهل مكدونية واحائية استحسنوا أن يصنعوا توزيعا لفقراء القديسين الذين في‬

‫أورشليم‬

‫) ‪(4/1171‬‬

‫فالمراد بالقديسين في الموضعين المؤمنون الموجودون في أورشليم‪.‬‬ ‫]‪ [6‬والية الولى من الباب الول من الرسالة إلى أهل فيلبسيوس هكذا‪) :‬من بولس وطيماثاوس‬ ‫عبدي يسوع المسيح إلى جميع القديسين بيسوع المسيح بفيلبسيوس( الخ‪ .‬فالمراد بالقديسين‬ ‫ههنا المؤمنون الموجودون بفيلبسيوس( ‪.‬‬


‫]‪ [7‬ووقع في الية العاشرة من الباب الخامس من الرسالة الولى إلى طيماثاوس في حال‬ ‫الشماسات هكذا‪) :‬غسلت أرجل القديسين( فالمراد بالقديسين ههنا المؤمنون الموجودون على‬ ‫الرض بوجهين‪ :‬الول‪ :‬أن القديسين الموجودون في السماء أرواح ليس لهم أرجل والثاني‪ :‬أن‬ ‫الشماسات ل يمكنهن العروج إلى السماء وإذا عرفت استعمال لفظ الرب والمقدس أو القديس‬ ‫فأقول إن المراد بالرب محمد صلى ال عليه وسلم وبالربوات المقدسة الصحابة والتعبير عن مجيئه‬ ‫بقد جاء لكونه أمرا يقينيا فجاء محمد صلى ال عليه وسلم في ربواته المقدسة فدان الكفار‪،‬‬ ‫وبكت المنافقين والخطاة على أعمال النفاق وعلى أقوالهم القبيحة في ال ورسله‪ ،‬فبكت‬

‫المشركين لعدم تسليم توحيد ال ورسالة رسله مطلق ا وعبادتهم الصنام والوثان‪ ،‬وبكت اليهود‬

‫على تفريطهم في حق عيسى‬

‫) ‪(4/1172‬‬

‫ومريم عليهما السلم وبعض عقائدهم الواهية‪ ،‬وبكت أهل التثليث مطلق ا على تفريطهم في توحيد‬ ‫ال وإفراطهم في حق عيسى عليه السلم‪ ،‬وبكت أكثرهم على عبادة الصليب والتماثيل وبعض‬

‫عقائدهم الواهية‪.‬‬ ‫)البشارة الثالثة عشر( في الباب الثالث من إنجيل متى هكذا‪) :‬وفي تلك اليام جاء يوحنا‬ ‫المعمدان يكرز في برية اليهودية( ‪) 2‬قائلا توبوا لنه قد اقترب ملكوت السماوات( ‪ .‬وفي الباب‬

‫الرابع من إنجيل متى هكذا‪) 12 :‬ولما سمع يسوع أن يوحنا أسلم انصرف إلى الجليل( ‪) 17‬من‬ ‫ذلك الزمان ابتدأ يسوع يكرز ويقول توبوا لنه قد اقترب ملكوت السماوات( ‪) 23‬وكان يسوع‬ ‫يطوف كل الجليل ويعلم في مجامعهم ويكرز ببشارة الملكوت الخ( ‪ .‬وفي الباب السادس من‬ ‫إنجيل متى في بيان الصلة التي علمها عيسى عليه السلم تلميذه هكذا‪) :‬ليأت ملكوتك( ولما‬ ‫أرسل الحواريين إلى البلد السرائيلية للدعوة والوعظ‪ ،‬وصاهم بوصايا منها هذه الوصية أيضاا‪:‬‬ ‫)وفيما أنتم ذاهبون اكرزوا قائلين أنه قد اقترب ملكوت السماوات( كما هو مصرح به في الباب‬ ‫العاشر من إنجيل متى‬

‫) ‪(4/1173‬‬


‫ووقع في الباب التاسع من إنجيل لوقا هكذا‪) 1 :‬ودعا تلميذه الثني عشر وأعطاهم قوة وسلطانا‬ ‫على جميع الشياطين وشفاء أمراض( ‪) 2‬وأرسلهم ليكرزوا بملكوت ال يشفوا المرضى( ‪ .‬وفي‬ ‫الباب العاشر من إنجيل لوقا هكذا‪) :‬وبعد ذلك عين الرب سبعين آخرين أيض ا وأرسلهم( الخ‬

‫)فقال لهم( الخ ‪) 8‬وأية مدينة دخلتموها وقبلوكم فكلوا مما يقدم لكم( ‪) 9‬واشفوا المرضى الذين‬ ‫فيها وقولوا لهم قد اقترب منكم ملكوت ال( ‪) 10‬وأية مدينة دخلتموها ولم يقبلوكم فاخرجوا إلى‬ ‫شوارعها وقولوا( ‪) 11‬حتى الغبار الذي لصق بنا من مدينتكم ننفضه لكم ولكن اعلموا هذا أنه قد‬ ‫اقترب منكم ملكوت ال( ‪.‬‬ ‫فظهر أن كلا من يحيى وعيسى والحواريين والتلميذ السبعين بشر بملكوت السماوات‪ ،‬وبشر‬

‫عيسى عليه السلم باللفاظ التي بشر بها يحيى عليه السلم‪ ،‬فعلم أن هذا الملكوت كما لم يظهر‬ ‫في عهد يحيى عليه السلم فكذلك لم يظهر في عهد عيسى عليه السلم ول في عهد الحواريين‬

‫والسبعين بل كل منهم مبشر به ومخبر عن فضله ومترجج لمجيئه‪ ،‬فل يكون المراد بملكوت‬

‫السماوات طريقة النجاة التي ظهرت بشريعة عيسى عليه السلم‪ ،‬وإل لما قاله عيسى عليه السلم‬

‫والحواريون والسبعون أن ملكوت السماوات قد اقترب‪ ،‬ولما علم التلميذ أن يقولوا في الصلة‬ ‫وليأت ملكوتك لن هذه طريقة قد ظهرت بعد ادعاء عيسى عليه السلم النبوة بشريعته‪ ،‬فهو عبارة‬ ‫عن طريقة النجاة التي ظهرت بشريعة محمد صلى ال عليه وسلم‪،‬‬

‫) ‪(4/1174‬‬

‫فهؤلء كانوا يبشرون بهذه الطريقة الجليلة‪ ،‬ولفظ ملكوت السماوات بحسب الظاهر يدل على أن‬ ‫هذا الملكوت يكون في صورة السلطنة ل في صورة المسكنة‪ ،‬وأن المحاربة والجدال فيه مع‬ ‫المخالفين يكونان لجله‪ ،‬وأن مبنى قوانينه ل بد أن يكون كتاب ا سماوياا‪ ،‬وكل من هذه المور يصدق‬ ‫على الشريعة المحمدية‪ ،‬وما قال العلماء المسيحية أن المراد بهذا الملكوت‪ ،‬شيوع الملة‬

‫المسيحية في جميع العالم وإحاطتها كل الدنيا بعد نزول عيسى عليه السلم‪ ،‬فتأويل ضعيف‬ ‫خلف الظاهر‪ ،‬ويرده التمثيلت المنقولة عن عيسى عليه السلم في الباب الثالث عشر من إنجيل‬ ‫متى‪ ،‬مثلا قال‪) :‬يشبه ملكوت السماوات إنسان ا زرع زرع ا جيدا في حقله( ‪ ،‬ثم قال‪) :‬يشبه‬

‫ملكوت السماوات حبة خردل أخذها إنسان وزرعها في حقله( ‪ ،‬ثم قال‪) :‬يشبه ملكوت السماوات‬

‫خميرة أخذتها امرأة وخبأتها في ثلثة أكيال دقيق حتى اختمر الجميع( ‪.‬‬


‫فشبه ملكوت السماوات بإنسان زارع ل بنمو الزراعة وحصادها‪ ،‬وكذلك شبه بحبة خردل ل‬ ‫بصيرورتها شجرة عظيمة‪ ،‬وشبه بخميرة ل باختمار جميع الدقيق‪ .‬وكذا يرد هذا التأويل قول عيسى‬ ‫عليه السلم بعد بيان التمثيل المنقول في الباب الحادي والعشرين من إنجيل متى هكذا‪) :‬لذلك‬ ‫أقول أن ملكوت ال ينزع منكم ويعطى لمة تعمل أثماره( فإن هذا القول يدل على أن المراد‬ ‫بملكوت السماوات طريقة النجاة نفسها ل شيوعها في جميع العالم وإحاطتها كل العالم‪ ،‬وإل ل‬ ‫معنى لنزع‬

‫) ‪(4/1175‬‬

‫الشيوع والحاطة من قوم وإعطائهما لقوم آخرين‪ ،‬فالحق أن المراد بهذا الملكوت هي المملكة‬ ‫التي أخبر عنها دانيال عليه السلم في الباب الثاني من كتابه‪ ،‬فمصداق هذا الملكوت‪ ،‬وتلك‬ ‫المملكة نبوة محمد صلى ال عليه وسلم وال أعلم وعلمه أتم‪.‬‬ ‫)البشارة الرابعة عشر( في الباب الثالث عشر من إنجيل متى هكذا‪) 31 :‬قدم لهم مثلا آخر قائلا‬ ‫يشبه ملكوت السماوات حبة خردل أخذها إنسان وزرعها في حقله( ‪) 32‬وهي أصغر جميع البذور‬ ‫ولكن متى نمت فهي أكبر البقول وتصير شجرة حتى أن طيور السماء تأتي وتأوي في أغصانها( ‪،‬‬ ‫فملكوت السماء طريقة النجاة التي ظهرت بشريعة محمد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬لنه نشأ في قوم‬ ‫كانوا حقراء عند العالم لكونهم أهل البوادي غالباا‪ ،‬وغير واقفين على العلوم والصناعات‪ ،‬محرومين‬ ‫عن اللذات الجسمانية والتكلفات الدنيوية سيما عند اليهود لكونهم من أولد هاجر‪ ،‬فبعث ال‬

‫منهم محمد ا صلى ال عليه وسلم فكانت شريعته في ابتداء المر بمنزلة حبة خردل أصغر الشرائع‬ ‫بحسب الظاهر‪ ،‬لكنها لعمومها نمت في مدة قليلة وصارت أكبرها وأحاطت شرقا وغرباا‪ ،‬حتى أن‬

‫الذين لم يكونوا مطيعين لشريعة من الشرائع تشبثوا بذيل شريعته‪.‬‬

‫)البشارة الخامسة عشر( في الباب العشرين من إنجيل متى هكذا‪) 1 :‬فإن ملكوت السماوات‬ ‫يشبه رجلا رب بيت خرج مع الصبح ليستأجر‬

‫) ‪(4/1176‬‬


‫فعلة لكرمه( ‪) 2‬فاتفق مع العملة على دينار في اليوم وأرسلهم إلى كرمه( ‪) 3‬ثم خرج نحو الساعة‬ ‫الثالثة‪ ،‬ورأى آخرين قياما في السوق بطالين( ‪) 4‬فقال لهم اذهبوا أنتم أيضا إلى الكرم فأعطيكم ما‬

‫يحق لكم فمضوا( ‪) 5‬وخرج أيض ا نحو الساعة السادسة والتاسعة وفعل كذلك( ‪) 6‬ثم نحو‬

‫الساعة الحادية عشرة خرج ووجد آخرين قيام ا بطالين فقال لهم لماذا وقفتم ههنا كل النهار‬

‫بطالين( ‪) 7‬قالوا له لنه لم يستأجرنا أحد قال لهم اذهبوا أنتم أيضا إلى الكرم فتأخذوا ما يحق‬

‫لكم( ‪) 8‬فلما كان المساء قال صاحب الكرم لوكيله ادع الفعلة وأعطهم الجر مبتدئا من الخرين‬

‫إلى الولين( ‪) 9‬فجاء أصحاب الساعة الحادية عشرة وأخذوا دينارا ديناراا( ‪) 10‬فلما جاء الولون‬ ‫ظنوا أنهم يأخذون أكثر فأخذوا هم دينارا ديناراا( ‪) 11‬وفيما هم يأخذون تذمروا على رب البيت(‬

‫‪) 12‬قائلين هؤلء الخرون عملوا ساعة واحدة وقد ساويتهم بنا نحن الذين احتملنا ثقل النهار‬ ‫والحر( ‪) 13‬فأجاب وقال لواحد منهم يا صاحب ما ظلمتك أما اتفقت معي على دينار( ‪14‬‬

‫)فخذ الذي لك واذهب فإني أريد أن أعطي هذا الخير مثلك( ‪) 15‬أو ما يحل لي أن أفعل ما‬ ‫أريد بما لي أم عينك شريرة لني أنا صالح( ‪) 16‬هكذا يكون الخرون أولين والولون آخرين لن‬ ‫كثيرين يدعون وقليلين ينتخبون( ‪.‬‬

‫) ‪(4/1177‬‬

‫فالخرون أمة محمد صلى ال عليه وسلم فهم يقدمون في الجر‪ ،‬وهم الخرون الولون كما قال‬ ‫النبي صلى ال عليه وسلم‪) :‬نحن الخرون السابقون( وقال‪) :‬إن الجنة حرمت على النبياء كلهم‬ ‫حتى أدخلها‪ ،‬وحرمت على المم حتى تدخلها أمتي( ‪.‬‬ ‫)البشارة السادسة عشر( في الباب الحادي والعشرين من إنجيل متى هكذا‪) 33 :‬اسمعوا مثلا‬ ‫آخر كان إنسان رب بيت غرس كرم ا وأحاطه بسياج وحفر فيه معصرة وبنى برج ا وسلمه إلى كرامين‬

‫وسافر( ‪) 34‬ولما قرب‬

‫) ‪(4/1178‬‬

‫وقت الثمار أرسل عبيده إلى الكرامين وسافر ليأخذ أثماره( ‪) 35‬فأخذ الكرامون عبيده وجلدوا‬ ‫بعض ا وقتلوا بعض ا ورجموا بعضاا( ‪) 36‬ثم أرسل أيض ا عبيدا آخرين أكثر من الولين ففعلوا بهم‬


‫كذلك( ‪) 37‬فأخبرا أرسل إليهم ابنه قائلا يهابون ابني( ‪) 38‬وأما الكرامون فلما رأوا البن قالوا‬

‫فيما بينهم هذا هو الوارث هلموا نقتله ونأخذ ميراثه( ‪) 39‬فأخذوه وأخرجوه خارج الكرم وقتلوه(‬

‫‪) 40‬فمتى جاء صاحب الكرم ماذا يفعل بأولئك الكرامين( ‪) 41‬قالوا له أولئك الردياء يهلكهم‬ ‫هلك ا ردي ا ويسلم الكرم إلى كرامين آخرين يعطونه الثمار في أوقاتها( ‪) 42‬قال لهم يسوع أما‬

‫قرأتم قط في الكتب‪ ،‬الحجر الذي رفضه البناءون‪ ،‬هو قد صار رأس الزاوية من قبل الرب كان هذا‬

‫وهو عجيب في أعيننا( ‪) 43‬لذلك أقول لكم إن ملكوت ال ينزع منكم ويعطى لمة تعمل أثماره(‬ ‫‪) 44‬ومن سقط على هذا الحجر يترضض‪ ،‬ومن سقط هو عليه يسحقه( ‪) 45‬ولما سمع رؤساء‬ ‫الكهنة‪ ،‬والفريسيون أمثاله‪ ،‬عرفوا أنه تكلم عليهم( ‪.‬‬ ‫أقول‪ :‬إن رب بيت كناية عن ال‪ ،‬والكرم كناية عن الشريعة‪ ،‬وإحاطته بسياج وحفر المعصرة فيه‬ ‫وبناء البرج‪ ،‬كنايات عن بيان المحرمات والمباحات والوامر والنواهي‪ ،‬وأن الكرامين الطاغين كناية‬ ‫عن اليهود‪ ،‬كما فهم رؤساء الكهنة‪ ،‬والفريسيون‪ ،‬أنه تكلم عليهم‪ ،‬والعبيد المرسلين كناية عن‬ ‫النبياء عليهم السلم‪ ،‬والبن كناية عن عيسى عليه السلم‪ ،‬وقد عرفت في الباب الرابع أنه ل بأس‬ ‫بإطلق هذا اللفظ عليه‪ ،‬وقد قتله اليهود أيضا في زعمهم‪ .‬والحجر الذي رفضه البناءون كناية عن‬

‫محمد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬والمة‬

‫) ‪(4/1179‬‬

‫التي تعمل أثماره كناية عن أمته صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وهذا هو الحجر الذي كل من سقط عليه‬ ‫ترضض‪ ،‬وكل من سقط هو عليه سحقه‪ ،‬وما ادعى العلماء المسيحية بزعمهم‪ ،‬أن هذا الحجر عبارة‬ ‫عن عيسى عليه السلم‪ ،‬فغير صحيح لوجوه‪:‬‬ ‫)الول( أن داود عليه السلم‪ ،‬قال في الزبور المائة والثامن عشر هكذا‪) 22 :‬الحجر الذي رذله‬ ‫البناءون هو صار رأس ا للزاوية( ‪) 23‬من قبل الرب كانت هذه‪ ،‬وهي عجيبة في أعيننا( ‪ .‬فلو كان‬

‫هذا الحجر عبارة عن عيسى عليه السلم وهو من اليهود من آل يهوذا من آل داود عليه السلم‪،‬‬

‫فأي عجب في أعين اليهود عموما لكون عيسى عليه السلم رأس الزاوية سيما في عين داود عليه‬

‫السلم خصوص ا لن مزعوم المسيحيين‪ ،‬أن داود عليه السلم يعظم عيسى عليه السلم في مزاميره‬

‫تعظيم ا بليغ اا‪ ،‬ويعتقد اللوهية في حقه بخلف آل إسماعيل‪ ،‬لن اليهود كانوا يحقرون أولد‬ ‫إسماعيل غاية التحقير‪ ،‬وكان كون أحد منهم رأسا للزاوية عجيبا في أعينهم‪.‬‬


‫)والثاني( أنه وقع في وسط هذا الحجر كل من سقط على هذا الحجر ترضض‪ ،‬وكل من سقط هو‬ ‫عليه سحقه‪ ،‬ول يصدق هذا الوصف على عيسى عليه السلم لنه قال‪) :‬وإن سمع أحد كلمي‪،‬‬ ‫ولم يؤمن‪ ،‬فأنا ل أدينه لني لم آت لدين العالم‪ ،‬بل لخلص العالم( ‪ .‬كما هو في الباب الثاني‬ ‫عشر من إنجيل يوحنا‪ ،‬وصدقه على محمد صلى ال عليه وسلم غير محتاج إلى البيان‪ ،‬لنه كان‬ ‫مأمورا بتنبيه الفجار الشرار‪ ،‬فإن سقطوا عليه ترضضوا‪ ،‬وإن سقط هو عليهم سحقهم‪.‬‬

‫) ‪(4/1180‬‬

‫)الثالث( قال النبي صلى ال عليه وسلم‪) :‬مثلي ومثل النبياء‪ ،‬كمثل قصر أحسن بنيانه‪ ،‬وترك منه‬ ‫موضع لبنة‪ ،‬فطاف به النظار‪ ،‬يتعجبون من حسن بنيانه‪ ،‬إل موضع تلك اللبنة‪ ،‬ختم بي البنيان‪،‬‬ ‫وختم بي الرسل( ‪ .‬ولما ثبتت نبوته بالدلة الخرى كما ذكرت نبذا منها في المسالك السابقة‪ ،‬فل‬

‫بأس بأن استدل في هذه البشارة بقوله أيضاا‪.‬‬ ‫)والرابع( أن المتبادر من كلم المسيح أن هذا الحجر غير البن‪.‬‬

‫)البشارة السابعة عشر( في الباب الثاني من المشاهدات هكذا‪) 26 :‬ومن يغلب‪ ،‬ويحفظ أعمالي‬ ‫إلى النهاية‪ ،‬فسأعطيه سلطانا على المم( ‪) 27‬فيرعاهم بقضيب من حديد‪ ،‬كما تكسر آنية من‬

‫خزف‪ ،‬كما أخذت أيضا من عند أبي( ‪) 28‬وأعطيه كوكب الصبح( ‪) 29‬من له أذن فليسمع ما‬ ‫يقول الروح بالكنائس( ‪ .‬فهذا الغالب الذي أعطى سلطان ا على المم‪ ،‬ويرعاهم بالقضيب من‬

‫حديد‪،‬‬

‫) ‪(4/1181‬‬

‫هو محمد صلى ال عليه وسلم‪ .‬كما قال ال في حقه‪} :‬وينصرك ال نصرا عزيزاا{ وقد سماه سطيح‬ ‫الكاهن صاحب الهراوة‪ ،‬روى أن ليلة ولدته صلى ال عليه وسلم انشق إيوان كسرى أنو شروان‪،‬‬ ‫وسقط من ذلك أربع عشرة شرافة‪ ،‬وخمدت نار فارس‪ ،‬ولم تخمد قبل ذلك بألف عام‪ ،‬وغارت‬ ‫بحيرة ساوة بحيث صارت يابسة‪ ،‬ورأى الموبذان في نومه أن إبلا صعابا تقود خيلا عرابا فقطعت‬

‫) ‪(4/1182‬‬


‫دجلة وانتشرت في بلدها‪ ،‬فخاف كسرى من حدوث هذه المور وأرسل عبد المسيح إلى سطيح‬ ‫الكاهن الذي كان في الشام‪ ،‬ولما وصل عبد المسيح إليه‪ ،‬وجده في سكرات الموت فذكر هذه‬ ‫المور عنده‪ ،‬فأجاب سطيح‪) :‬إذا كثرت التلوة‪ ،‬وظهر صاحب الهراوة‪ ،‬وغاضت بحيرة ساوة‪،‬‬ ‫وخمدت نار فارس‪ ،‬فليست بابل للفرس مقاماا‪ ،‬ول الشام لسطيح مناماا‪ ،‬يملك منهم ملوك‬

‫وملكات على عدد الشرافات‪ ،‬وكل ما هو آت آت( ‪ .‬ثم مات سطيح من ساعته‪ ،‬ورجع عبد‬

‫المسيح‪ ،‬فأخبر أنو شروان بما قال سطيح‪ ،‬قال كسرى إلى أن يملك أربعة عشر ملكاا‪ ،‬كانت أمور‬ ‫وأمور‪ ،‬فملك منهم عشرة في أربع سنين‪ ،‬وملك الباقون إلى خلفة عثمان رضي ال عنه‪ ،‬فهلك‬

‫آخرهم يزدجر في خلفته‪ .‬والهراوة بكسر الهاء العصا الضخمة‪ ،‬وكوكب الصبح عبارة عن القرآن‪،‬‬ ‫قال ال تعالى في سورة النساء‪:‬‬

‫) ‪(4/1183‬‬

‫}وأنزلنا إليكم نورا مبيناا{ ‪ ،‬وفي سورة التغابن‪} :‬فآمنوا بال ورسوله والنور الذي أنزلنا{ ‪.‬‬

‫قال صاحب صولة الضيغم بعد نقل هذه البشارة‪ ،‬قلت للقسيسين ويت‪ ،‬ووليم عند المناظرة‪ :‬إن‬

‫صاحب هذا القضيب من حديد محمد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فاضطربا بسماع هذا المر‪ ،‬وقال‪ :‬إن‬ ‫عيسى عليه السلم‪ ،‬حكم بهذا الكنيسة ثياثيراا‪ ،‬فل بد أن يكون ظهور مثل هذا الشخص هناك‪،‬‬ ‫ومحمد صلى ال عليه وسلم ما راح هناك‪ ،‬قلت‪ :‬هذه الكنيسة في أية ناحية كانت‪ .‬فرجعا إلى‬ ‫كتب اللغة‪ ،‬وقال‪ :‬كانت في أرض الروم‪ ،‬قريبة من استانبول‪ .‬قلت‪ :‬راح أصحاب محمد‬

‫) ‪(4/1184‬‬

‫صلى ال عليه وسلم في خلفة الفاروق العظم‪ ،‬عمر رضي ال عنه‪ ،‬إلى هذه البلد‪ ،‬وفتحوها‪،‬‬ ‫وبعد الصحابة‪ ،‬رضي ال عنهم‪ ،‬كان المسلمون أيض ا متسلطين عليها في أكثر الوقات‪ ،‬ثم تسلط‬ ‫سلطين آل عثمان‪ ،‬أدام ال سلطنتهم من المدة المديدة‪ ،‬وهم متسلطون إلى هذا الحين‪ ،‬فهذا‬

‫الخبر صريح في حق محمد‪ ،‬صلى ال عليه وسلم‪ ،‬انتهى كلمه‪.‬‬ ‫قلت‪ :‬الفاضل عباس علي الجاجموي الهندي‪ ،‬صنف أولا كتاباا‪ ،‬كبيرا في رد أهل التثليث‪ ،‬وسماه‬


‫صولة الضيغم على أعداء ابن مريم‪ ،‬ثم ناظر هو رحمه ال ويت‪ ،‬ووليم القسيسين في البلد كانفور‬ ‫من بلد الهند وألزمهما‪ ،‬ثم اختصر كتابه‪ ،‬وسمجى المختصر خلصة صولة الضيغم‪ ،‬ومناظرته كانت‬ ‫قبل أن ناظر صاحب ميزان الحق في أكبر آباد بمقدار اثنتين وعشرين سنة‪.‬‬

‫)البشارة الثامنة عشر( وهذه البشارة واقعة في آخر أبواب إنجيل يوحنا‪ ،‬وأنا أنقل عن التراجم‬ ‫العربية المطبوعة سنة ‪ 1821‬وسنة ‪ 1831‬وسنة ‪ 1844‬في بلدة لندن‪ ،‬فأقول‪ :‬في الباب الرابع‬ ‫عشر من إنجيل يوحنا هكذا‪) 15 :‬إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي( ‪) 16‬وأنا أطلب من الب‬ ‫فيعطيكم فارقليط آخر ليثبت معكم إلى البد( ‪) 17‬روح الحق الذي لن يطيق العالم أن يقبله لنه‬ ‫ليس يراه ول يعرفه وأنتم تعرفونه لنه مقيم عندكم وهو ثابت فيكم( ‪) 26‬والفارقليط روح القدس‬ ‫الذي يرسله الب باسمي هو يعلمكم كل شيء وهو يذكركم كل ما قلته لكم( ‪) 30‬والن قد قلت‬ ‫لكم قبل أن يكون حتى إذا كان تؤمنون( ‪.‬‬

‫) ‪(4/1185‬‬

‫وفي الباب الخامس عشر من إنجيل يوحنا هكذا‪) :‬فأما إذا جاء الفارقليط الذي أرسله أنا إليكم من‬ ‫الب روح الحق الذي من الب ينبثق هو يشهد لجلي( ‪) 27‬وأنتم تشهدون لنكم معي من‬ ‫البتداء( ‪ .‬وفي الباب السادس عشر من إنجيل يوحنا هكذا‪) 7 :‬لكني أقول لكم الحق أنه خير‬ ‫لكم أن انطلق لني إن لم أنطلق لم يأتكم الفارقليط فأما إن انطلقت أرسلته إليكم( ‪) 8‬فإذا جاء‬ ‫ذاك فهو يوبخ العالم على خطية وعلى بر وعلى حكم( ‪) 9‬أما على الخطية فلنهم لم يؤمنوا بي(‬ ‫‪) 10‬وأما على البر فلني منطلق إلى الب ولستم ترونني بعد( ‪) 11‬وأما على الحكم فإن أركون‬ ‫هذا العالم قد دين( ‪) 12‬وأن لي كلما كثيرا أقوله لكم ولكنكم لستم تطيقون حمله الن( ‪13‬‬ ‫)وإذا جاء روح الحق ذاك فهو يعلمكم جميع الحق لنه ليس ينطق من عنده بل يتكلم بكل ما‬

‫يسمع ويخبركم بما سيأتي( ‪) 14‬وهو يمجدني لنه يأخذ مما هو لي ويخبركم( ‪) 15‬جميع ما هو‬ ‫الب فهو لي فمن أجل هذا قلت أن مما هو لي يأخذ ويخبركم( ‪.‬‬

‫) ‪(4/1186‬‬


‫وأنا أقدم قبل بيان وجه الستدلل بهذه العبارات أمرين‪:‬‬ ‫المر الول‪ :‬أنك قد عرفت في المر السابع‪ ،‬أن أهل الكتاب سلفا وخلفا عادتهم أن يترجموا‬

‫غالب ا السماء‪ ،‬وأن عيسى عليه السلم كان يتكلم باللسان العبراني ل باليوناني‪ ،‬فإذا ل يبقى شك‬ ‫في أن النجيلي الرابع ترجم اسم المبشر به باليوناني بحسب عادتهم‪ ،‬ثم مترجمو العربية عربوا‬

‫اللفظ اليوناني بفارقليط‪ ،‬وقد وصلت إلى رسالة صغيرة في لسان أردو من رسائل القسيسين في‬ ‫سنة ألف ومائتين وثمان وستين من الهجرة‪ ،‬وكانت هذه الرسالة طبعت في كلكته وكانت في تحقيق‬ ‫لفظ فارقليط‪ ،‬وادعى مؤلفها أن مقصوده أن ينبه المسلمين على سبب وقوعهم في الغلط من لفظ‬ ‫فارقليط‪ ،‬وكان ملخص كلمه‪) :‬أن هذا اللفظ معرب من اللفظ اليوناني فإن قلنا أن هذا اللفظ‬ ‫اليوناني الصل باراكلي طوس فيكون بمعنى المعزي والمعين والوكيل‪ ،‬وإن قلنا أن اللفظ الصل‬ ‫بيركلو طوس يكون قريبا من معنى محمد وأحمد‪ ،‬فمن استدل من علماء السلم بهذه البشارة فهم‬ ‫أن اللفظ الصل بيركلو طوس ومعناه قريب من معنى محمد وأحمد‪ ،‬فادعى أن عيسى عليه السلم‬

‫أخبر بمحمد أو أحمد لكن الصحيح أنه باراكلي طوس( انتهى ملخص ا من كلمه‪.‬‬

‫فأقول أن التفاوت بين اللفظين يسير جدا وأن الحروف اليونانية كانت متشابهة‪ ،‬فتبدل بيركلو طوس‬ ‫بياراكلي طوس في بعض النسخ من الكاتب قريب القياس‪ ،‬ثم رجح أهل التثليث المنكرين هذه‬

‫النسخة على النسخ الخر‪ ،‬ومن تأمل في الباب الثاني من هذا الكتاب والمر السابع من هذا‬ ‫المسلك‬

‫) ‪(4/1187‬‬

‫السادس بنظر النصاف‪ ،‬اعتقد يقينا بأن مثل هذا المر من أهل الديانة من أهل التثليث ليس‬ ‫ببعيد‪ ،‬بل ل يبعد أن يكون من المستحسنات‪.‬‬

‫والمر الثاني‪ :‬أن البعض ادعوا قبل ظهور محمد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬أنهم مصاديق لفظ‪ ،‬فارقليط‬ ‫مث لا منتنس المسيحي الذي كان في القرن الثاني من الميلد‪ ،‬وكان مرتاضا شديدا وأتقى عهده‪،‬‬

‫ادعى في قرب سنة ‪ 177‬من الميلد في آسيا الصغير الرسالة وقال إني هو الفارقليط الموعود به‬ ‫الذي وعد بمجيئه عيسى عليه السلم وتبعه أناس كثيرون في ذلك كما هو مذكور في بعض‬

‫التواريخ‪.‬‬ ‫وذكر وليم ميور حاله وحال متبعيه في القسم الثاني من الباب الثالث من تاريخه بلسان أردو‬


‫المطبوع سنة ‪ 1848‬من الميلد هكذا‪) :‬أن البعض قالوا أنه ادعى أني فارقليط يعني المعزي روح‬ ‫القدس وهو كان أتقى ومرتاضا شديدا ولجل ذلك قبله الناس قبولا زائداا( انتهى كلمه‪ .‬فعلم أن‬ ‫انتظار فارقليط كان في القرون الولى المسيحية أيض ا ولذلك كان الناس يدعون مصاديقه وكان‬

‫المسيحيون يقبلون دعاويهم‪ .‬وقال صاحب لب التواريخ‪) :‬أن اليهود والمسيحيين من معاصري‬

‫محمد صلى ال عليه وسلم كانوا منتظرين لنبي فحصل لمحمد من هذا المر نفع عظيم لنه ادعى‬ ‫أني هو ذاك المنتظر( انتهى ملخص كلمه‪.‬‬ ‫فيعلم من كلمه أيض ا أن أهل الكتاب كانوا منتظرين لخروج نبي في زمان النبي صلى ال عليه‬

‫وسلم‪ ،‬وهو الحق لن النجاشي ملك الحبشة لما وصل إليه كتاب محمد صلى ال عليه وسلم‬

‫)فقال أشهد بال أنه للنبي الذي ينتظره أهل الكتاب( وكتب‬

‫) ‪(4/1188‬‬

‫الجواب وكتب في الجواب )أشهد أنك رسول ال صادق ا ومصدقاا‪ ،‬وقد بايعتك وبايعت ابن عمك‬ ‫أي جعفر بن أبي طالب‪ ،‬وأسلمت على يديه ل رب العالمين( وهذا النجاشي قبل السلم كان‬

‫نصرانياا‪ ،‬وكتب المقوقس ملك القبط في جواب كتاب النبي صلى ال عليه وسلم هكذا‪) :‬لمحمد‬

‫بن عبد ال من المقوقس عظيم القبط سلم عليك أما بعد فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه‬

‫وما تدعوا إليه‪ ،‬وقد علمت أن نبي ا قد بقي وقد كنت أظن أنه يخرج بالشام وقد أكرمت رسولك(‬

‫والمقوقس هذا وإن لم يسلم لكنه أقر في كتابه أني قد علمت أن نبي ا قد بقي وكان نصرانياا‪ ،‬فهذان‬ ‫الملكان ما كانا يخافان في ذلك الوقت من محمد صلى ال عليه وسلم لجل شوكته الدنيوية‪،‬‬ ‫وجاء الجارود بن العلء في قومه إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬وال لقد‬

‫) ‪(4/1189‬‬

‫جئت بالحق ونطقت بالصدق‪ ،‬والذي بعثك بالحق نبي ا لقد وجدت وصفك في النجيل وبشر بك‬ ‫ابن البتول فطول‪ ،‬التحية لك والشكر لمن أكرمك‪ ،‬ل أثر بعد عين ول شك بعد يقين‪ ،‬مد يدك‬

‫فأنا أشهد أن ل إله إل ال وأنك محمد رسول ال( ‪ ،‬ثم آمن قومه وهذا الجارود كان من علماء‬ ‫النصارى وقد أقر بأنه قد بشر بك ابن البتول أي عيسى عليه السلم‪ ،‬فظهر أن المسيحيين أيض ا‬


‫كانوا منتظرين لخروج نبي بشر به عيسى عليه السلم‪ ،‬فإذا علمت ذلك فأقول أن اللفظ العبراني‬ ‫الذي قاله عيسى عليه السلم مفقود‪ ،‬واللفظ اليوناني الموجود ترجمة‪ ،‬لكني أترك البحث عن‬ ‫الصل‪ ،‬وأتكلم على هذا اللفظ اليوناني الصل بيركلو طوس فالمر ظاهر‪ ،‬وتكون‬ ‫بشارة المسيح في حق محمد صلى ال عليه وسلم بلفظ هو قريب من محمد‪ ،‬وأحمد‪ ،‬وهذا وإن‬ ‫كان قريب القياس بلحاظ عاداتهم لكني أترك هذا الحتمال‪ ،‬لنه ل يتم عليهم إلزاما وأقول إن‬

‫كان اللفظ اليوناني الصل بارا كلي طوس كما يدعون فهذا ل ينافي الستدلل أيضاا‪ ،‬لن‬

‫) ‪(4/1190‬‬

‫معناه المعزي‪ ،‬والمعين‪ ،‬والوكيل‪ ،‬على ما بين صاحب الرسالة‪ ،‬أو الشافع‪ ،‬كما يوجد في الترجمة‬ ‫العربية المطبوعة سنة ‪ ،1816‬وهذه المعاني كلها تصدق على محمد صلى ال عليه وسلم‪ .‬وأنا‬ ‫أبين الن أولا أن المراد بفارقليط النبي المبشر به أعني محمدا صلى ال عليه وسلم ل الروح‬ ‫النازل على تلميذ عيسى عليه السلم يوم الدار‪ ،‬الذي جاء ذكره في الباب الثاني من كتاب‬

‫العمال‪ .‬وأذكر ثاني ا شبهات العلماء المسيحية وأجيب عنها فأقول‪:‬‬ ‫أما الول‪ :‬فيدل عليه أمور‪:‬‬

‫ل‪ ،‬إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي( ثم أخبر عن فارقليط‬ ‫]‪ [1‬أن عيسى عليه السلم قال‪) :‬أو ا‬

‫فمقصوده عليه السلم‪ ،‬أن يعتقد السامعون بأن ما يلقى عليهم يعد ضروري واجب الرعاية‪ ،‬فلو كان‬ ‫فارقليط عبارة عن الروح النازل يوم الدار لما كانت الحاجة إلى هذه الفقرة‪ ،‬لنه ما كان مظنون ا أن‬

‫يستبعد الحواريون نزول الروح عليهم مرة أخرى‪ ،‬لنهم كانوا مستفيضين به من قبل أيضاا‪ ،‬بل ل‬

‫مجال للستبعاد أيضا لنه إذا نزل على قلب أحد وحل فيه يظهر أثره ل محالة ظهورا بيناا‪ ،‬فل‬

‫يتص جور إنكار المتأثر منه وليس ظهوره عندهم في صورة يكون فيه مظنة يكون الستبعاد‪ ،‬فهو عبارة‬ ‫عن النبي المبشر به‪ ،‬فحقيقة المر أن المسيح عليه السلم لما علم بالتجربة وبنور النبجوة أن‬

‫الكثيرين من أمته ينكرون النبي المبشر به عند ظهوره‪ ،‬فأكد أولا بهذه الفقرة ثم أخبر عن مجيئه‪.‬‬

‫) ‪(4/1191‬‬


‫]‪ [2‬أن هذا الروح متحد بالب مطلقا وبالبن‪ ،‬نظرا إلى لهوته اتحادا حقيقيا فل يصدق في حقه‬ ‫)فارقليط آخر( بخلف النبي المبشر به فإنه يصدق هذا القول في حقه بل تكلف‪.‬‬

‫]‪ [3‬أن الوكالة والشفاعة من خواص النبجوة ل من خواص هذا الروح المتحد بال‪ ،‬فل يصدقان على‬ ‫الروح ويصدقان على النبي المبشر به بل تكلف‪.‬‬

‫]‪ [4‬أن عيسى عليه السلم قال‪) :‬هو يذكركم كل ما قلته لكم( ‪ .‬ولم يثبت من رسالة من رسائل‬ ‫العهد الجديد‪ ،‬أن الحواريين كانوا قد نسوا ما قاله عيسى عليه السلم‪ ،‬وهذا الروح النازل يوم الدار‬ ‫ذكرهم إياه‪.‬‬ ‫]‪ [ 5‬أن عيسى عليه السلم قال‪) :‬والن قد قلت لكم قبل أن يكون حتى إذا كان تؤمنون( ‪ .‬وهذا‬ ‫يدل على أن المراد به ليس الروح لنك قد عرفت في المر الول أنه ما كان عدم اليمان مظنونا‬ ‫منهم وقت نزوله‪ ،‬بل ل مجال للستبعاد أيضاا‪ ،‬فل حاجة إلى هذا القول‪ ،‬وليس من شأن الحكيم‬

‫العاقل أن يتكلم بكلم فضول فضلا عن شأن النبي العظيم الشأن‪ ،‬فلو أردنا به النبي المبشر به‬ ‫يكون هذا الكلم في محله‪ ،‬وفي غاية الستحسان لجل التأكيد مرة ثانية‪.‬‬

‫]‪ [6‬أن عيسى عليه السلم قال‪) :‬هو يشهد لجلي( ‪ .‬وهذا الروح ما شهد لجله بين يدي أحد‪،‬‬ ‫لن تلميذه الذين نزل عليهم ما كانوا محتاجين إلى الشهادة‪ ،‬لنهم كانوا يعرفون المسيح حق‬ ‫المعرفة قبل نزوله أيضاا‪ ،‬فل فائدة للشهادة بين أيديهم‪ ،‬والمنكرون الذين كانوا محتاجين للشهادة‬

‫فهذا الروح ما شهد بين أيديهم بخلف محمد صلى ال عليه وسلم فإنه شهد لجل المسيح عليه‬

‫]ص ‪ [284‬السلم وصدقه وبرأه عن ادعاء اللوهية‪ ،‬الذي هو أشد أنواع‬

‫) ‪(4/1192‬‬

‫الكفر والضلل‪ ،‬وبرأ أمه عن تهمة الزنا‪ ،‬وجاء ذكر براءتهما في القرآن في مواضع متعددة‪ ،‬وفي‬ ‫الحاديث في مواضع غير محصورة‪.‬‬ ‫]‪ [7‬أن عيسى عليه السلم قال‪) :‬وأنتم تشهدون لنكم معي من البتداء‪ ،‬وهذه الية في الترجمة‬ ‫العربية المطبوعة سنة ‪ 1816‬هكذا‪) :‬وتشهدون أنتم أيضا لنكم كنتم معي من البتداء( ‪ .‬وفي‬

‫الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪ 1860‬هكذا‪) :‬وتشهدون أنتم أيض ا لنكم معي من البتداء( فيوجد‬

‫في هذه التراجم الثلث لفظ أيضاا‪ ،‬وكذا يوجد في التراجم الفارسية المطبوعة سنة ‪ 1816‬وسنة‬

‫‪ 1828‬وسنة ‪ 1841‬وفي ترجمة أردو المطبوعة سنة ‪ 1814‬ترجمة لفظ أيضاا‪ ،‬فلفظ أيضا سقط‬


‫من التراجم التي نقلت عنها عبارة يوحنا سهوا أو قصداا‪ ،‬فهذا القول يدل دللة ظاهرة على أن‬ ‫شهادة الحواريين غير شهادة فارقليط‪ ،‬فلو كان المراد به الروح النازل يوم‬

‫) ‪(4/1193‬‬

‫الدار فل توجد مغايرة الشهادتين‪ ،‬لن الروح المذكور لم يشهد شهادة مستقلة غير شهادة‬ ‫الحواريين‪ ،‬بل شهادة الحواريين هي شهادته بعينها‪ ،‬لن هذا الروح مع كونه إلها متحدا بال اتحادا‬ ‫حقيقيا بريا من النزول والحلول والستقرار والشكل التي هي من عوارض الجسم والجسمانيات‪،‬‬

‫نزل مثل ريح عاصفة وظهر في أشكال ألسنة منقسمة كأنها من نار‪ ،‬واستقرت على كل واحد منهم‬

‫يوم الدار‪ ،‬فكان حالهم كحال من عليه أثر الجن‪ ،‬فكما أن قول الجن يكون قوله في تلك الحالة‬ ‫فكذلك كانت شهادة الروح هي شهادة الحواريين‪ ،‬فل يصح هذا القول بخلف ما إذا كان المراد‬ ‫به النبي المبشر به‪ ،‬فإن شهادته غير شهادة الحواريين‪.‬‬ ‫]‪ [8‬أن عيسى عليه السلم قال‪) :‬إن لم أنطلق لم يأتكم الفارقليط فأما إن انطلقت أرسلته‬ ‫إليكم( ‪ .‬فعلق مجيئه بذهابه وهذا الروح عندهم نزل على الحواريين في حضوره لما أرسلهم إلى‬ ‫البلد السرائيلية‪ ،‬فنزوله ليس بمشروط بذهابه‪ ،‬فل يكون مرادا بفارقليط‪ ،‬بل المراد به شخص لم‬ ‫يستفض منه أحد من الحواريين قبل زمان صعوده‪ ،‬وكان مجيئه موقوفا على ذهاب عيسى عليه‬

‫السلم‪ ،‬ومحمد صلى ال عليه وسلم كان كذلك‪ ،‬لنه جاء بعد ذهاب عيسى عليه السلم‪ ،‬وكان‬

‫مجيئه موقوف ا على ذهاب عيسى عليه السلم‪ ،‬لن وجود رسولين ذوي شريعتين مستقلتين في زمان‬ ‫واحد غير جائز‪ ،‬بخلف ما إذا كان الخر متبعا لشريعة الول أو يكون كل من الرسل متبعا لشريعة‬ ‫واحدة‪ ،‬لنه يجوز في هذه الصورة وجود اثنين أو أكثر في زمان واحد ومكان واحد‪ ،‬كما ثبت‬

‫وجودهم ما بين زمان موسى عليه السلم وعيسى عليه السلم‪.‬‬

‫) ‪(4/1194‬‬

‫]‪ [9‬أن عيسى عليه السلم قال‪) :‬يوبخ العالم( ‪ .‬فهذا القول بمنزلة النص الجلي لمحمد صلى ال‬ ‫عليه وسلم‪ ،‬لنه وبخ العالم سيما اليهود على عدم إيمانهم بعيسى عليه السلم توبيخا ل يشك فيه‬

‫إل معاند بحت‪ ،‬وسيكون ابنه الرشيد محمد المهدي رفيق ا لعيسى عليه السلم في زمان قتل‬


‫الدجال العور ومتابعيه‪ ،‬بخلف الروح النازل يوم الدار‪ ،‬فإن توبيخه ل يصح على أصول أحد‪ ،‬وما‬ ‫كان التوبيخ منصب الحواريين بعد نزوله أيضاا‪ ،‬لنهم كانوا يدعون إلى الملة بالترغيب والوعظ‪ ،‬وما‬ ‫قال رانكين في كتابه المسمى بدافع البهتان الذي هو بلسان أردو في رده على خلصة صولة‬

‫الضيغم‪) :‬إن لفظ التوبيخ ل يوجد في النجيل ول في ترجمة من تراجم النجيل‪ ،‬وهذا المستدل‬ ‫أورد هذا اللفظ ليصدق على محمد صدقا بينا لجل أن محمد صلى ال عليه وسلم وبخ وهدد‬

‫كثيراا‪ ،‬إل أن مثل هذا التغليط ليس من شأن المؤمنين والخائفين من ال( انتهى كلمه فمردوده‪.‬‬

‫وهذا القسيس إما جاهل غالط أو مغلط ليس له إيمان ول خوف من ال‪ ،‬لن هذا اللفظ يوجد في‬

‫التراجم العربية المذكورة التي نقلت عنها عبارة يوحنا‪ ،‬وفي الترجمة المطبوعة ‪ 1671‬في الرومية‬ ‫العظمى‪ ،‬وعبارة الترجمة العربية المطبوعة في بيروت سنة ‪ 1860‬هكذا‪) :‬ومتى جاء ذاك يبكت‬ ‫العالم على خطية الخ( ‪.‬‬ ‫وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪ 1816‬وسنة ‪ ،1825‬وفي التراجم الفارسية المطبوعة سنة‬ ‫‪ 1816‬وسنة ‪ 1828‬وسنة ‪ 1841‬يوجد لفظ اللزام‪ ،‬ولفظ التبكيت واللزام أيض ا قريبان من‬ ‫التوبيخ لكن ل شكاية منه‪ ،‬لن مثل هذا المر من عادات علماء بروتستنت ولذلك ترى أن‬

‫مترجمي‬

‫) ‪(4/1195‬‬

‫الفارسية وأردو تركوا لفظ فارقليط لشهرته عند المسلمين في حق محمد صلى ال عليه وسلم‪،‬‬ ‫ومترجم ترجمة أردو المطبوعة سنة ‪ 1839‬فإن هؤلء أسلفه أيضاا‪ ،‬حيث أرجع إلى الروح ضمائر‬ ‫المؤنث ليحصل الشتباه للعوام أن مصداق هذا اللفظ مؤنث وليس بمذكر‪.‬‬

‫]‪ [10‬قال عيسى عليه السلم‪) :‬أما على الخطية فلنهم لم يؤمنوا بي( وهذا يدل على أن فارقليط‬ ‫يكون ظاهرا على منكري عيسى عليه السلم موبخ ا لهم على عدم اليمان به‪ ،‬والروح النازل يوم‬ ‫الدار ما كان ظاهرا على الناس موبخا لهم‪.‬‬

‫]‪ [11‬قال عيسى عليه السلم‪) :‬إن لي كلما كثيرا أقوله لكم‪ ،‬ولكنكم لستم تطيقون حمله‬

‫الن( ‪ .‬وهذا ينافي إرادة الروح النازل يوم الدار لنه ما زاد حكم ا على أحكام عيسى عليه السلم‪،‬‬ ‫لنه على زعم أهل التثليث كان أمر الحواريين بعقيدة التثليث وبدعوة أهل العالم كله‪ ،‬فأي أمر‬

‫حصل لهم أزيد من أقواله التي قال لهم إلى زمان صعوده‪ .‬نعم بعد نزول هذا الروح‪ ،‬أسقطوا جميع‬


‫أحكام التوراة التي هي ما عدا بعض الحكام العشرة المذكورة في الباب العشرين من سفر الخروج‪،‬‬ ‫وحللوا جميع المحرمات وهذا المر ل يجوز في حقه أن يقال أنهم ما كانوا يستطيعون حمله‪،‬‬ ‫لنهم استطاعوا حمل سقوط حكم تعظيم السبت الذي هو أعظم أحكام التوراة‪ ،‬الذي كان اليهود‬ ‫ينكرون كون عيسى عليه السلم مسيح ا موعودا به لجل عدم مراعاته هذا الحكم‪ ،‬فقبول سقوط‬

‫جميع الحكام كان أهون عندهم‪ ،‬نعم قبول زيادة الحكام لجل ضعف اليمان‪ ،‬وضعف القوة إلى‬

‫زمان صعوده كما يعترف به علماء بروتستنت‪،‬‬

‫) ‪(4/1196‬‬

‫كان خارج ا عن استطاعتهم‪ .‬فظهر أن المراد بفارقليط نبي تزاد في شريعته أحكام بالنسبة إلى‬ ‫الشريعة العيسوية ويثقل حملها على المكلفين الضعفاء وهو محمد صلى ال عليه وسلم‪.‬‬

‫]‪ [12‬أن عيسى عليه السلم قال‪) :‬ليس ينطق من عنده بل يتكلم بكل ما يسمع( ‪.‬‬ ‫وهذا يدل على أن فارقليط يكون بحيث يكذبه بنو إسرائيل‪ ،‬فاحتاج عيسى عليه السلم أن يقرر‬ ‫حال صدقه فقال هذا القول‪ ،‬ول مجال لمظنة التكذيب في حق الروح النازل يوم الدار‪ ،‬على أن‬ ‫هذا الروح عندهم عين ال فل معنى لقوله بل يتكلم بما يسمع‪ .‬فمصداقه محمد صلى ال عليه‬ ‫وسلم‪ ،‬فإنه كان في حقه مظنة التكذيب وليس هو عين ال وكان يتكلم بما يوحى إليه كما قال ال‬ ‫تعالى‪} :‬وما ينطق عن الهوى إن هو إل وحي يوحى{ وقال‪} :‬إن اتبع إل ما يوحى إلني{ ‪.‬‬

‫]‪ [13‬أن عيسى عليه السلم قال‪) :‬أنه يأخذ مما هو لي( ‪ .‬وهذا ل يصدق على الروح‪ ،‬لنه عند‬ ‫أهل التثليث قديم وغير مخلوق وقادر مطلق ليس له كمال منتظر بل كل كمال من كمالته حاصل‬ ‫له بالفعل‪ ،‬فل بد أن يكون الموعود به من الجنس الذي يكون له كمال منتظر‪ ،‬ولما كان هذا‬ ‫الكلم موهم ا أن يكون هذا النبي مطيع ا لشريعته‪ ،‬دفعه بقوله فيما بعد‪:‬‬

‫) ‪(4/1197‬‬

‫)جميع ما للب فهو لي فلجل هذا قلت مما هو لي يأخذ( ‪ .‬يعني أن كل شيء يحصل لفارقليط‬ ‫من ال فكأنه يحصل مني‪ ،‬كما اشتهر من كان ل كان ال له‪ ،‬فلجل هذا قلت أن مما هو لي‬ ‫يأخذ‪.‬‬


‫وأما الثاني أعني الشبهات التي توردها علماء بروتستنت فخمسة‪:‬‬ ‫الشبهه على البشارة الثامنة عشر‪:‬‬ ‫)الشبهة الولى( جاء في هذه العبارة تفسير فارقليط بروح القدس وروح الحق وهما عبارتان عن‬ ‫الفنوم الثالث‪ ،‬فكيف يصح أن يراد بفارقليط محمد صلى ال عليه وسلم أقول في الجواب‪ :‬أن‬ ‫صاحب ميزان الحق يدعي في تأليفاته كون ألفاظ روح ال وروح القدس وروح الحق وروح الصدق‬ ‫وروح فم ال بمعنى واحد‪ ،‬وقال في الفصل الول من الباب الثاني من مفتاح السرار في الصفحة‬ ‫‪ 53‬من النسخة الفارسية المطبوعة سنة ‪) :1850‬أن لفظ روح ال ولفظ روح القدس في التوراة‬ ‫والنجيل بمعنى واحد( انتهى‪ .‬فادعى أن هذين اللفظين يستعملن بمعنى واحد في العهدين وقال‬ ‫في حل الشكال في جواب كشف الستار‪) :‬من له شعور ما بالتوراة والنجيل فهو يعرف أن ألفاظ‬ ‫روح القدس وروح الحق وروح فم ال وغيرها بمعنى روح ال فلذلك ما رأيت إثباته ضرورياا( انتهى‪.‬‬ ‫فإذا عرفت هذا القول نحن نقطع النظر عن صحة ادعائه وعدم صحته ههنا ونسلم ترادف هذه‬

‫اللفاظ على زعمه لكنا ننكر أن استعمالها في كل موضع من مواضع العهدين بمعنى القنوم الثالث‬ ‫ونقول قولا مطابقا‬

‫) ‪(4/1198‬‬

‫لقوله من له شعور ما بكتب العهدين‪ ،‬يعرف أن هذه اللفاظ تستعمل في غير القنوم كثيراا‪ ،‬في‬

‫الية الرابعة عشر من الباب السابع والثلثين من كتاب حزقيال قول ال تعالى في خطاب ألوف من‬ ‫الناس الذين أحياهم بمعجزة حزقيال عليه السلم هكذا‪) :‬فأعطى فيكم روحي( ‪.‬‬ ‫ففي هذا القول روح ال بمعنى النفس الناطقة النسانية ل بمعنى القنوم الثالث الذي هو عين ال‬ ‫على زعمهم‪ ،‬وفي الباب الرابع من الرسالة الولى ليوحنا هكذا ترجمة عربية سنة ‪) 1 :1760‬أيها‬ ‫الحباء ل تصدقوا كل روح‪ ،‬بل امتحنوا الرواح هل هي من ال‪ ،‬لن النبياء الكذبة كثيرون قد‬ ‫خرجوا إلى العالم( ‪) 2‬بهذا تعرفون روح ال‪ ،‬كل روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد‬ ‫فهو من ال( ‪) 6‬نحن من ال فمن يعرف ال يسمع لنا‪ ،‬ومن ليس من ال ل يسمع لنا‪ ،‬من هذا‬ ‫نعرف روح الحق وروح الضلل( ‪ .‬وهذه الجملة الواقعة في الية الثانية‪) :‬بهذا تعرفون روح ال( ‪.‬‬ ‫وفي التراجم الخر هكذا ترجمة عربية سنة ‪ ،1821‬وسنة ‪ ،1831‬وسنة ‪) :1844‬وبهذا يعرف‬ ‫روح ال( ‪ .‬ترجمة عربية سنة ‪) :1825‬فإنكم تميزون روح ال ولفظ روح ال في الية الثانية‪ ،‬ولفظ‬


‫روح الحق في الية السادسة‪ ،‬بمعنى الواعظ الحق ل بمعنى القنوم الثالث‪ ،‬ولذلك ترجم مترجم‬ ‫ترجمة أردو المطبوعة سنة ‪ 1845‬لفظ كل روح بكل واعظ‪ ،‬ولفظ الرواح‬

‫) ‪(4/1199‬‬

‫بالواعظين في الية الولى ولفظ روح في الية الثانية بالواعظ من جانب ال‪ ،‬ولفظ روح الحق في‬ ‫الية السادسة بالواعظ الصادق‪ ،‬وترجم لفظ روح الضلل بالواعظ المضل‪ ،‬وليس المراد بروح ال‬ ‫وروح الحق القنوم الثالث الذي هو عين ال على زعمهم وهو ظاهر فتفسير فارقليط بروح القدس‬ ‫وروح الحق ل يضرنا لنهما بمعنى الواعظ الحق‪ ،‬كما أن لفظ روح الحق وروح ال بهذا المعنى في‬ ‫الرسالة الولى ليوحنا‪ ،‬فيصح إطلقهما على محمد صلى ال عليه وسلم بل ريب‪.‬‬ ‫)الشبهة الثانية( أن المخاطبين بضميرهم الحواريون‪ ،‬فل بد أن يظهر فارقليط في عهدهم‪ ،‬ومحمد‬ ‫صلى ال عليه وسلم لم يظهر في عهدهم‪ ،‬أقول هذا أيضا ليس بشيء‪ ،‬لن منشأه أن الحاضرين‬

‫وقت الخطاب ل بد أن يكونوا مراضين بضمير الخطاب وهو ليس بضروري في كل موضع‪ ،‬أل ترى‬ ‫أن قول عيسى عليه السلم في الية الرابعة والستين من الباب السادس والعشرين من إنجيل متى‬

‫في خطاب رؤساء الكهنة والشيوخ والمجمع هكذا‪) :‬وأيضا أقول لكم من الن تبصرون ابن‬

‫النسان جالسا عن يمين القوة وآتيا على سحاب السماء( ‪ .‬وهؤلء المخاطبون قد ماتوا ومضت‬ ‫على موتهم مدة هي أزيد من ألف وثمانمائة سنة‪ ،‬وما رأوه آتي ا على سحاب السماء‪ ،‬فكما أن‬ ‫المراد بالمخاطبين ههنا الموجودون من قومهم وقت نزوله من السماء‪ ،‬فكذلك فيما نحن فيه‬

‫المراد الذين يوجدون وقت ظهور فارقليط‪.‬‬ ‫)الشبهة الثالثة( أنه وقع في حق فارقليط أن العالم ل يراه ول يعرفه‪ ،‬وأنتم تعرفونه وهو ل يصدق‬ ‫على محمد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬لن الناس رأوه وعرفوه‬

‫) ‪(4/1200‬‬

‫أقول هذا أيضا ليس بشيء‪ ،‬وهم أحوج الناس تأويلا في هذا القول بالنسبة إلينا‪ ،‬لن روح القدس‬

‫عين ال عندهم والعالم يعرف ال أكثر من معرفة محمد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فل بد أن نقول أن‬ ‫المراد بالمعرفة المعرفة الحقيقية الكاملة‪ ،‬ففي صورة التأويل ل اشتباه في صدق هذا القول على‬


‫محمد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ويكون المقصود أن العالم ل يعرفه معرفة حقيقية كاملة‪ ،‬وأنتم تعرفونه‬ ‫معرفة حقيقية كاملة‪ ،‬والمراد بالرؤية المعرفة‪ ،‬ولذا لم يعد عيسى عليه السلم لفظ الرؤية بعد لفظ‬ ‫أنتم بل قال وأنتم تعرفونه‪.‬‬ ‫ولو حملنا الرؤية على الرؤية البصرية يكون نفي الرؤية محمولا على ما هو المراد في قول النجيلي‬ ‫الول في الباب الثالث عشر من إنجيله‪ ،‬وأنقل عبارته عن الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪1816‬‬

‫وسنة ‪) 13 :1825‬فلذلك أضرب لهم المثال لنهم ينظرون ول يبصرون‪ ،‬ويسمعون ول يستمعون‬ ‫ول يفهمون( ‪) 14‬وقد كمل فيهم تنبأ أشعيا حيث قال إنكم تستمعون سمع ا ول تفهمون وتنظرون‬

‫نظرا ول تبصرون( ‪ .‬فل إشكال أيض ا وأمثال هذين المرين وإن كانت معاني مجازية لكنها بمنزلة‬

‫الحقيقة العرفية‪ .‬ووقعت في كلم عيسى عليه السلم كثيراا‪ :‬في الية السابعة والعشرين من الباب‬ ‫الحادي عشر من إنجيل متى هكذا‪) :‬وليس أحد يعرف البن إل الب ول أحد يعرف الب إل‬

‫البن ومن أراد البن أن يعلن له( ‪.‬‬

‫) ‪(4/1201‬‬

‫وفي الية الثامنة والعشرين من الباب السابع من إنجيل يوحنا هكذا‪) :‬الذي أرسلني حق الذي أنتم‬ ‫لستم تعرفونه( ‪.‬‬ ‫وفي الباب الثامن من إنجيل يوحنا هكذا‪) :‬لستم تعرفوني أنا ول أبي‪ ،‬لو عرفتموني لعرفتم أبي‬ ‫أيضاا( ‪) 55‬ولستم تعرفونه أي ال( الخ‪.‬‬

‫وفي الية الخامسة والعشرين من الباب السابع عشر من إنجيل يوحنا هكذا‪) :‬أيها الب إن العالم‬

‫لم يعرفك أما أنا فعرفتك( ‪.‬‬ ‫وفي الباب الرابع عشر من إنجيل يوحنا هكذا‪) 7 :‬لو كنتم قد عرفتموني لعرفتم أبي أيض ا ومن الن‬

‫تعرفونه وقد رأيتموه( ‪) 8‬قال له فيلبس يا سيد أرنا الب وكفانا( ‪) 9‬قال له يسوع أنا معكم زمان ا‬ ‫هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس الذي رآني فقد رأى الب‪ ،‬فكيف تقول أنت أرنا الب( ‪.‬‬

‫فالمراد في هذه القوال بالمعرفة المعرفة الكاملة وبالرؤية المعرفة‪ ،‬وإل ل تصح هذه القوال يقيناا‪،‬‬ ‫لن العوام من الناس كانوا يعرفون عيسى عليه السلم فضلا عن رؤساء اليهود‪ ،‬والكهنة‪ ،‬والمشايخ‪،‬‬

‫والحواريين‪ ،‬ورؤية ال بالبصر في هذا العالم ممتنعة عند أهل التثليث أيضاا‪.‬‬ ‫)الشبهة الرابعة( أنه وقع في حق فارقليط‪) :‬أنه مقيم عندكم‪ ،‬وثابت فيكم( ‪ .‬ويظهر من هذا القول‬


‫أن فارقليط كان في وقت الخطاب مقيما عند الحواريين‪ ،‬وثابتا فيهم‪ ،‬فكيف يصدق على محمد‬

‫صلى ال عليه وسلم‪.‬‬

‫أقول‪ :‬إن هذا القول في التراجم الخرى هكذا ترجمة عربية سنة‬

‫) ‪(4/1202‬‬

‫‪ ،1816‬وسنة ‪) :1825‬لنه مستقر معكم‪ ،‬وسيكون فيكم( ‪ .‬والتراجم الفارسية المطبوعة سنة‬ ‫‪ ،1816‬وسنة ‪ ،1828‬وسنة ‪ .1841‬وترجمة أردو المطبوعة سنة ‪ ،1814‬وسنة ‪ ،1839‬كلها‬ ‫مطابقة لهاتين الترجمتين‪ ،‬وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪ 1860‬هكذا‪) :‬ماكث معكم‪ ،‬ويكون‬ ‫فيكم( ‪ .‬فظهر أن المراد بقوله ثابت فيكم الثبوت الستقبالي يقيناا‪ ،‬فل اعتراض به لوجه من‬

‫الوجوه‪ ،‬وبقي قوله مقيم عندكم فأقول‪ :‬ل يصح حمل هذا القول على معنى هو مقيم عندكم الن‪،‬‬ ‫لنه ينافي قوله‪) :‬أنا أطلب من الب فيعطيكم فارقليط آخر( ‪ ،‬وقوله‪) :‬قد قلت لكم قبل أن‬

‫يكون‪ ،‬حتى إذا كان تؤمنون( ‪ ،‬وقوله‪) :‬إن لم أنطلق لم يأتكم الفارقليط( ‪ ،‬وإذا أأول نقول أنه‬ ‫بمعنى الستقبال‪ ،‬كما أن القول الذي بعده بمعنى الستقبال‪ ،‬ومعناه يكون مقيم ا عندكم في‬

‫الستقبال‪ ،‬فل خدشة في صدقه أيضا على محمد صلى ال عليه وسلم‪ .‬والتعبير عن الستقبال‬

‫بالحال بل بالماضي في المور المتيقنة كثير في العهدين‪ ،‬أل ترى أن حزقيال عليه السلم أخبر أولا‬ ‫عن خروج يأجوج ومأجوج‪ ،‬في الزمان المستقبل‪ ،‬وإهلكهم حين وصولهم إلى جبال إسرائيل‪.‬‬ ‫ثم قال في الية الثامنة من الباب التاسع والثلثين من كتابه هكذا‪) :‬ها هو جاء وصار يقول الرب‬ ‫الله هذا هو اليوم الذي قلت عنه( ‪ .‬فانظروا إلى قوله ها هو جاء وصار‪ ،‬وهذا القول في الترجمة‬

‫الفارسية المطبوعة سنة ‪ 1839‬هكذا‪) :‬ابنك رسيد وبوقوع يبوست( فعبر عن الحال المستقبل‬ ‫بالماضي لكونه يقين ا ل شك فيه وقد مضت مدة أزيد من ألفين‬

‫) ‪(4/1203‬‬

‫وأربعمائة وخمسين سنة ولم يظهر خروجهم‪.‬‬ ‫وفي الية الخامسة والعشرين من الباب الخامس من إنجيل يوحنا هكذا‪) :‬الحق الحق أقول لكم‬ ‫أنه تأتي ساعة وهي الن حين يسمع الموات صوت ابن ال والسامعون يحيون( فانظروا إلى قوله‬


‫وهي الن وقد مضت مدة أزيد من ألف وثمانمائة ولم تجيء هذه الساعة والى الن أيضا مجهولة‬

‫ل يعرف أحد متى تجيء‪.‬‬

‫)الشبهة الخامسة( في الباب الول من كتاب العمال هكذا‪) 4 :‬وفيما هو مجتمع معهم أوصاهم‬ ‫أن ل يبرحوا من أورشليم بل ينتظروا موعد الب الذي سمعتموه مني( ‪) 5‬لن يوحنا عمد بالماء‬ ‫وأما أنتم فستعمدون بالروح القدس ليس بعد هذه اليام بكثير( ‪ .‬وهذا يدل على أن فارقليط‪ ،‬هو‬ ‫الروح النازل يوم الدار‪ .‬لن المراد بوعد الب هو فارقليط‪ ،‬أقول الدعاء بأن المراد بموعد الب‬ ‫هو فارقليط‪ ،‬ادعاء محض‪ ،‬بل هو غلط لثلثة عشر وجه ا وقد عرفتها‪ ،‬بل الحق أن الخبار عن‬ ‫فارقليط شيء‪ ،‬والوعد بإنزال الروح عليه مرة أخرى شيء آخر وقد وفى ال بالوعدين‪ ،‬وقد عبر‬

‫بالوعد الول بمجيء فارقليط‪ ،‬وههنا بموعد الب‪ .‬غاية المر أن يوحنا نقل بشارة فارقليط‪ ،‬ولم‬ ‫ينقلها النجيليون الباقون‪ ،‬ولوقا نقل موعد نزول الروح الذي نزل يوم الدار ولم ينقله يوحنا‪.‬‬ ‫ول بأس فيه فإنهم قد يتفقون في نقل القوال الخسيسة‪ ،‬كركوب عيسى عليه السلم على الحمار‬ ‫وقت الذهاب إلى‬

‫) ‪(4/1204‬‬

‫أورشليم‪ ،‬اتفق على نقله الربعة‪ ،‬وقد يتخالفون في نقل الحوال العظيمة‪ ،‬أل ترى أن لوقا انفرد‬ ‫بذكر إحياء ابن الرملة من الموات في نابين‪ ،‬وبذكر إرسال عيسى عليه السلم سبعين تلميذاا‪،‬‬ ‫وبذكر إبراء عشرة برص‪ ،‬ولم يذكر هذه الحالت أحد النجيليين مع أنها من الحالت العظيمة‪،‬‬ ‫وأن يوحنا انفرد بذكر وليمة العرس في قانا الجليل وظهر من يسوع فيه معجزة تحويل الماء خمراا‪،‬‬ ‫وهذه المعجزة أول معجزاته‪ ،‬وسبب ظهور مجده وإيمان التلميذ به‪ ،‬وبذكر إبراء السقيم في بيت‬ ‫صيدا في أورشليم‪ ،‬وهذه أيض ا معجزة عظيمة‪ ،‬والمريض كان مريض ا من ثمان وثلثين سنة‪ ،‬وبذكر‬

‫قصة امرأة أخذت في زنا‪ ،‬وبذكر إبراء الكمه وهذا أيض ا من أعظم معجزاته‪ ،‬وهي مصرحة بهما في‬

‫الباب التاسع‪ ،‬وبذكر إحياء‬

‫) ‪(4/1205‬‬


‫العاذار من بين الموات‪ ،‬ولم يذكرها أحد من النجيليين مع أنها حالت عظيمة‪ .‬وهكذا حال متى‬ ‫ومرقس فإنهما انفردا بذكر بعض المعجزات والحالت التي لم يذكرهما غيرهما‪.‬‬ ‫ولما طال البحث في هذا المسلك‪ ،‬فلنقتصر على هذا القدر من البشارات التي نقلتها عن كتبهم‬ ‫المعتبرة عندهم في زماننا‪ ،‬وأما البشارات التي توجد في كتب أخرى هي ليست معتبرة عندهم في‬ ‫زماننا فما نقلتها‪ .‬وبعد ما فرغت أنقل عنها بشارة واحدة أيضا على سبيل النموذج‪.‬‬

‫فأقول‪ :‬القسيس سيل نقل في مقدمة ترجمته للقرآن المجيد من إنجيل برنايا بشارة محمدية هكذا‪:‬‬

‫)اعلم يا برنابا أن الذنب وإن كان صغيرا يجزي ال عليه لن ال غير راض عن الذنب‪ ،‬ولما اجتنى‬ ‫أمي وتلميذي لجل الدنيا سخط ال لجل هذا المر‪ ،‬وأراد باقتضاء عدله أن يجزيهم في هذا‬

‫العالم على هذه العقيدة الغير اللئقة ليحصل لهم النجاة من عذاب جهنم‪ ،‬ول يكون لهم أذية‬ ‫هناك‪ ،‬وإني وإن كنت بريا لكن بعض الناس لما قالوا في حقي أنه ال وابن ال‪ ،‬كره ال هذا القول‬ ‫واقتضت مشيئته بأن ل تضحك الشياطين يوم القيامة علي ول يستهزئون بي‪ ،‬فاستحسن بمقتضى‬

‫لطفه ورحمته أن يكون الضحك والستهزاء في الدنيا بسبب موت يهوذا‪ ،‬ويظن كل شخص أني‬ ‫صلبت‪ ،‬لكن هذه الهانة والستهزاء تبقيان إلى أن يجيء محمد رسول ال‪ ،‬فإذا جاء في الدنيا‬ ‫ينبه كل مؤمن على هذا الغلط‪ ،‬وترتفع هذه الشبهة من قلوب الناس( انتهت ترجمة كلمه‪.‬‬

‫) ‪(4/1206‬‬

‫)أقول( هذه البشارة عظيمة وإن اعترضوا أن هذا النجيل رده مجالس علمائنا السلف )أقول( ل‬ ‫اعتبار لردهم وقبولهم كما علمت بما ل مزيد عليه في الباب الول‪ ،‬وهذا النجيل من الناجيل‬ ‫القديمة ويوجد ذكره في كتب القرن الثاني والثالث‪ ،‬فعلى هذا كتب هذا النجيل قبل ظهور محمد‬ ‫صلى ال عليه وسلم بمئتين سنة‪ ،‬ول يقدر أحد أن يخبر بغير اللهام بمثل هذا المر قبل وقوعه‬ ‫بمئتين سنة‪ ،‬فل بد أن يكون هذا قول عيسى عليه السلم‪ ،‬وإن قالوا أن أحدا من المسلمين حرف‬

‫هذا النجيل بعد ظهور محمد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬قلت‪ :‬هذا الحتمال بعيد جدا لن المسلمين‬

‫ما التفتوا إلى هذه الناجيل الربعة أيضاا‪ ،‬فكيف إلى إنجيل برنابا‪ ،‬ويبعد أن يؤثر تحريف أحد من‬

‫المسلمين في إنجيل برنابا تأثيرا يتغير به النسخ الموجودة عند المسيحيين أيضاا‪ ،‬وهم يزعمون أن‬ ‫علماء أهل الكتاب من اليهود والنصارى الذين أسلموا‪ ،‬نقلوا‬

‫) ‪(4/1207‬‬


‫عن كتب العهدين البشارات المحمدية وحرفوها‪ ،‬فعلى زعمهم أقول أن هؤلء العلماء الكبار حرفوا‬ ‫على زعمهم‪ ،‬ولم يؤثر تحريف هؤلء في كتبهم التي كانت موجودة عندهم في مواضع هذه‬ ‫البشارات‪ ،‬فكيف أثر تحريف بعض المسلمين في إنجيل برنابا في النسخ التي كانت عندهم‪ ،‬فهذا‬ ‫الحتمال واه ضعيف جدا واجب الرد‪.‬‬

‫)تنبيه( نقلنا هذا الخبار أولا في الكتاب العجاز العيسوي‪ ،‬عن الترجمة المطبوعة سنة ‪ 1850‬من‬

‫الميلد‪ ،‬وطبع هذا الكتاب سنة ‪ 1271‬من الهجرة وسنة ‪ 1854‬من الميلد واشتهر في أقطار‬

‫الهند وتراجمهم‪ ،‬وكتبهم تتغير في الطبع المتأخر بالنسبة إلى الطبع المتقدم تغيرا ما‪ ،‬كما قد نبهت‬

‫في مقدمة الكتاب أيضاا‪ ،‬فإن لم يجد الناظر هذه البشارة في بعض نسخ الترجمة المذكورة‬

‫المطبوعة في سنة غير السنة المذكورة ل يقع في شك سيما إذا كان هذا البعض من النسخ‬ ‫المطبوعة في سنة متأخرة عن ألف وثمانمائة وأربع وخمسين من الميلد‪ ،‬لن علماء بروتستنت لو‬ ‫أسقطوا في طبعهم هذه البشارة من الترجمة المذكورة فل يستبعد من عادتهم التي صارت‪ ،‬بمنزلة‬

‫المر الطبيعي لهم‪.‬‬ ‫وقال الفاضل حيدر علي القرشي في كتابه المسمى بخلصة سيف المسلمين الذي هو بلسان أردو‬ ‫في الصفحة ‪ 63‬و ‪) :64‬أن القسيس أو سكان الرمني ترجم كتاب أشعيا باللسان الرمني في سنة‬ ‫ألف وستمائة وست‬

‫) ‪(4/1208‬‬

‫وستين سنة‪ ،‬وطبعت هذه الترجمة في سنة ألف وسبعمائة وثلث وثلثين في مطبع انتوني بورتولي‬ ‫ويوجد في هذه الترجمة في الباب الثاني والربعين هذه الفقرة‪) :‬سبحوا ال تسبيحا جديدا وأثر‬

‫سلطنة على ظهره واسمه أحمد( انتهت‪ .‬وهذه الترجمة موجودة عند الرامن فانظروا فيها( انتهى‬

‫كلمه‪.‬‬ ‫)أقول( هذه الترجمة لم تصل إلي وما اطلعت عليها لكن هذا الفاضل لعله رآها واطلع عليها‪ ،‬ول‬ ‫شك أن هذه الفقرة عظيمة النفع‪ ،‬وإن لم تكن هذه الترجمة معتبرة عند علماء بروتستنت‪ ،‬ومن‬ ‫أسلم من علماء اليهود والنصارى في القرن الول شهد بوجود البشارات المحمدية في كتب‬ ‫العهدين‪ ،‬مثل عبد ال بن سلم وابني سعية‬


‫) ‪(4/1209‬‬

‫وبنيامين ومخيريق وكعب الحبار وغيرهم‪ ،‬من علماء اليهود‪ ،‬ومثل بحير‬

‫) ‪(4/1210‬‬ ‫اونسطور الحبشي وضفاطر وهو السسقف الرومي الذي أسلم على يد دحية الكلبي وقت الرسالة‬ ‫فقتلوه‪ ،‬والجارود‪ ،‬والنجاشي‪ ،‬والسوس‪ ،‬والرهبان الذين جاؤوا مع جعفر بن أبي طالب رضي ال‬ ‫عنه‪ ،‬وغيرهم من علماء النصارى‪ ،‬وقد اعترف بصحة نبوته‪ ،‬وعموم رسالته‪ ،‬هرقل قيصر الروم‪،‬‬ ‫ومقوقس صاحب مصر‪ ،‬وابن صوريا‪ ،‬وحيي بن أخطب‪ ،‬وأبو ياسر بن أخطب وغيرهم ممن حملهم‬ ‫الحسد على الشقاء‪ ،‬ولم يسلموا‪.‬‬

‫) ‪(4/1211‬‬

‫وروي أنه عليه السلم لما أراد الدلئل على نصارى نجران‪ ،‬ثم إنهم أصروا على جهلهم‪ ،‬فقال عليه‬ ‫السلم‪ :‬إن ال أمرني إن لم تقبلوا الحجة أن أباهلكم‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا أبا القاسم بل نرجع فننظر في‬ ‫أمرنا ثم نأتيك‪ ،‬فلما رجعوا قالوا للعاقب وكان ذا رأيهم‪ :‬ما ترى؟ فقال‪ :‬وال لقد عرفتم نبوته‪ ،‬وقد‬ ‫جاءكم بالفصل في أمر صاحبكم‪ ،‬وال ما باهل قوم نبي ا إل هلكوا وإن أبيتم إل ألف دينكم‪.‬‬

‫فوادعوا الرجل وانصرفوا‪ ،‬فأتوا رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وقد غدا محتضنا الحسين‪ ،‬وآخذا‬ ‫بيد الحسن‪ ،‬وفاطمة تمشي خلفه‪ ،‬وعلي رضي ال عنه خلفها‪ ،‬وهو يقول‪ :‬إذا أنا دعوت فأمنوا‪.‬‬

‫فقال أسقفهم‪ :‬يا معشر النصارى إني لرى وجوهاا‪ ،‬لو سألوا ال أن يزيل جبلا من مكانه لزاله‪ ،‬فل‬ ‫تباهلوا فتهلكوا‪ .‬فأذعنوا لرسول ال صلى ال عليه وسلم وبذلوا له الجزية ألفي حلة حمراء وثلثين‬

‫درع ا من حديد‪ .‬فقال عليه الصلة والسلم‪ :‬لو باهلوا لمسخوا قردة‪ ،‬وخنازير ولضطرم عليهم‬ ‫الوادي ناراا‪ ،‬ولستأصل ال نجران وأهله‪ ،‬حتى الطير على الشجر‪،‬‬

‫) ‪(4/1212‬‬


‫وهذه الواقعة دلت على نبوته بوجهين‪:‬‬ ‫)الول( أنه عليه الصلة والسلم خجوفهما بنزول العذاب عليهم‪ ،‬ولو لم يكن واثقا بذلك لكان‬

‫ذلك منه سعي ا في إظهار كذب نفسه‪ ،‬لنه لو باهل ولم ينزل العذاب ظهر كذبه‪ ،‬ومعلوم أنه كان من‬ ‫أعقل الناس‪ ،‬فل يليق به أن يعمل عملا يفضي إلى ظهور كذبه‪ ،‬فلما أصر على ذلك علمنا أنه إنما‬

‫أصر عليه لكونه واثقا بوعد ال‪.‬‬

‫)والثاني( أن القوم كانوا يبذلون النفوس‪ ،‬والموال‪ ،‬في المنازعة مع الرسول صلى ال عليه وسلم‪،‬‬

‫فلو لم يعرفوا أنه نبي لما تركوا مباهلته‪.‬‬

‫) ‪(4/1213‬‬

‫الفصل الثاني‪) :‬في دفع المطاعن( ‪.‬‬ ‫اعلم أرشدك ال تعالى في الدارين أن المسيحيين يدعون أن النبياء إنما يكونون معصومين في‬ ‫تبليغ الوحي فقط‪ ،‬تقريرا كان أو تحريراا‪ .‬وأما في غير التبليغ‪ ،‬فليسوا بمعصومين ل قبل النبجوة ول‬

‫بعدها‪ .‬فيصدر عنهم بعدها جميع الذنوب قصداا‪ ،‬فضلا عن الخطأ والنسيان‪ ،‬فيصدر عنهم الزنا‬

‫بالمحارم فضلا عن الجنبيات‪ ،‬ويصدر عنهم عبادة الوثان‪ ،‬وبناء المعابد لها‪ ،‬ول يخرج عندهم‬

‫نبي من إبراهيم إلى يحيى عليهما السلم ل يكون زانيا أو من أولد الزنا أعاذنا ال من أمثال هذه‬

‫العقائد الفاسدة في حق النبياء عليهم السلم‪.‬‬

‫وقد عرفت في المر السابع من مقدمة الكتاب‪ ،‬وفي الفصل الثالث والرابع من الباب الول‪ ،‬وفي‬ ‫المقصد الول من الباب الثاني أن ادعاءهم العصمة في التبليغ أيضا باطل ل أصل له على‬

‫أصولهم‪ .‬ويصدر هذا الدعاء عنهم لتغليط العوام‪ ،‬فمطاعنهم على محمد صلى ال عليه وسلم في‬

‫بعض المور التي يفهمونها ذنوب ا في زعمهم الفاسد‪ ،‬ل تقدح في نبوته على أصولهم‪ .‬وإني وإن‬ ‫كنت أستكره أن أنقل ذنوب النبياء والكفريات المفتريات عن كتبهم ولو إلزاماا‪ ،‬ول أعتقد في‬

‫حضرات النبياء إنصافهم بهذه الذنوب والكفريات حاشا وكل‪ .‬لكني لما رأيت أن علماء‬

‫بروتستنت أطالوا ألسنتهم إطالة فاحشة في حق محمد صلى ال عليه وسلم في المور الخفيفة‪،‬‬ ‫وجعلوا الخردلة جبلا لتغليط العوام الغير الواقفين على كتبهم‪ ،‬وكان مظنة وقوع السذج في الشتباه‬ ‫بتمويهاتهم الباطلة‪ ،‬نقلت بعضها إلزاماا‪ ،‬وأتبرأ عن اعتقادها بألف‬


‫) ‪(4/1214‬‬

‫لسان وليس نقلها إل كنقل كلمات الكفر‪ ،‬ونقل الكفر ليس بكفر‪ ،‬وقدمت نقلها على نقل‬ ‫مطاعنهم في محمد صلى ال عليه وسلم والجواب عنها‪ ،‬وكتب القسيس وليم اسمت من علماء‬ ‫بروتستنت كتابا في لسان أردو وطبعه في البلد مرزابور من بلد الهند في سنة ‪ 1848‬من الميلد‪،‬‬ ‫وسماه طريق الولياء‪ ،‬وكتب فيه حال النبياء من آدم إلى يعقوب عليهم السلم ناقلا عن سفر‬

‫التكوين وتفاسيره المعتبرة عند علماء بروتستنت‪ ،‬فأنقل في بعض المواضع عن هذا الكتاب أيضاا‪.‬‬ ‫]‪ [1‬قصة آدم عليه السلم عندهم مشهورة‪ ،‬وفي الباب الثالث من سفر التكوين مسطورة‪ ،‬وهم‬ ‫يعترفون أنه أذنب عمدا ولم يعترف بذنبه لما طلبه ال‪ ،‬ولم تثبت توبته عندهم إلى آخر حياته في‬

‫الصفحة ‪ 23‬من طريق الولياء‪) :‬يا أسفي على أنه لم تثبت توبته وعلى أنه ما استغفر ال لذنبه مرة‬ ‫واحدة أيضاا( انتهى‪.‬‬

‫]‪ [2‬في الباب التاسع من سفر التكوين هكذا‪) 18 :‬فكان بنو نوح الذين خرجوا من الفلك سام‬ ‫وحام ويافت وحام أبو كنعان( ‪) 20‬وبدا‬

‫) ‪(4/1215‬‬

‫نوح فلح يحرث في الرض وغرس كرماا( ‪) 21‬وشرب خمرا فسكر وتكشف في خبا( ‪) 22‬فلما‬

‫نظر حام أبو كنعان ذلك أي عورة أبيه أنها مكشفة أخبر أخوته خارجاا( ‪) 24‬فلما استيقظ نوح من‬

‫الخمر‪ ،‬وعلم بما عمل به ابنه الصغر( ‪) 25‬فقال ملعون كنعان‪ ،‬فيكون عبد العبيد لخوته( ‪ .‬ففيه‬ ‫تصريح بأن نوح ا شرب الخمر وسكر وصار عرياناا‪ ،‬والعجب أن المذنب بالنظر إلى عورة أبيه هو‬ ‫حام أبو كنعان‪ ،‬والذي عوقب باللعنة ابنه كنعان‪ ،‬وأخذ البن بذنب الب خلف العدل‪ .‬قال‬

‫حزقيال في الية العشرين من الباب الثامن عشر من كتابه‪) :‬النفس التي تخطئ فهي تموت‪ ،‬والبن‬ ‫ل يحمل إثم الب‪ ،‬والب ل يحمل إثم البن وعدل العادل يكون عليه‪ ،‬ونفاق المنافق يكون‬ ‫عليه( ‪.‬‬ ‫ولو فرضنا أنه حمل إثم الب على البن خلف العدل‪ .‬فما وجه تخصيص كنعان لن أبناء حام‬ ‫كانوا أربعة‪ ،‬كوش ومصرايم وفوط وكنعان‪ ،‬كما هو مصرح به في الباب العاشر( ‪.‬‬


‫]‪ [3‬في الصفحة ‪ 74‬من طريق الولياء في حال إبراهيم هكذا‪) :‬ل يعلم حاله إلى سبعين سنة من‬ ‫عمره وهو تربى في الوثنيين‪ ،‬ومضى أكثر عمره فيهم ويعلم أن أبويه ما كانا يعرفان الله الحق‪.‬‬ ‫ويحتمل أن إبراهيم أيض ا‬

‫) ‪(4/1216‬‬

‫كان يعبد الصنام ما لم يظهر ال عليه‪ ،‬ثم ظهر عليه وانتخبه من أبناء العالم‪ ،‬وجعله عبدا خاصاا(‬ ‫انتهى‪ .‬فظهر أن المظنون عند المسيحيين أن إبراهيم إلى سبعين سنة من عمره كان يعبد الصنام‪.‬‬ ‫أقول كونه عابد الصنام إلى أن بلغ سبعين سنة‪ ،‬قريب اليقين‪ ،‬نظرا إلى أصولهم‪ .‬لن أهل العالم‬

‫في هذا الوقت عندهم كانوا وثنيين‪ ،‬وهو تربى فيهم‪ ،‬وأبواه أيض ا كانا منهم‪ .‬ولم يظهر عليه الرب‬

‫إلى ذلك الوقت‪ ،‬والعصمة عن عبادة الوثان ليست بشرط بعد النبوة‪ ،‬فضلا عن أن تكون شرطا‬ ‫قبل النبوة‪ .‬وإذا ظهر حال أبي النبياء هذا إلى سبعين سنة من عمره قبل النبجوة‪ ،‬فانقل حاله بعد‬

‫النبوة‪.‬‬

‫]‪ [4‬في الباب الثاني عشر من سفر التكوين هكذا‪) 11 :‬فلما قرب أن يدخل إلى مصر‪ ،‬قال‬ ‫لسارة زوجته إني علمت أنك امرأة حسنة( ‪) 12‬ويكون إذا رآك المصريون فإنهم سيقولون أنها‬ ‫امرأته ويقتلوني ويستبقونك( ‪) 13‬والن أرغب منك فقولي أنك أختي‪ ،‬ليكون لي خير بسببك‪،‬‬ ‫وتحيي نفس من أجلك( ‪ .‬فسبب الكذب ما كان مجرد الخوف‪ ،‬بل رجاء حصول الخير أيضاا‪ ،‬بل‬

‫الخير كان أقوى‪ .‬ولذلك قدمه وقال ليكون لي خير بسببك‪ ،‬وتحيي نفسي من أجلك‪ .‬وحصل له‬ ‫الخير أيض اا‪ ،‬كما هو مصرح به في الية السادسة عشر‪ .‬على أن خوفه من القتل مجرد وهم‪ ،‬ل‬

‫ل‪ ،‬وكيف يجوز العقل أن يرضى إبراهيم‬ ‫سيما إذا كان راضيا بتركها فإنه ل وجه لخوفه بعد ذلك أص ا‬ ‫بترك حريمه وتسليمها ول يدافع دونها‪ ،‬ول يرضى بمثله من له غيرة ما‪ ،‬فكيف يرضى مثل إبراهيم‬

‫الغيور‪.‬‬

‫) ‪(4/1217‬‬

‫]‪ [5‬في الباب العشرين من سفر التكوين هكذا‪) 1 :‬وارتحل إبراهيم من هناك إلى أرض التيمن‪،‬‬ ‫وسكن بين قادس وسور والتحى في جرارا( ‪) 2‬قال عن سارة امرأته إنها أختي‪ ،‬ووجه أبي مالك‬


‫ملك جرارا وأخذها( ‪) 3‬فجاء ال إلى أبي مالك في الحلم بالليل‪ ،‬وقال له‪ :‬هو ذا أنت تموت من‬ ‫أجل المرأة التي أخذتها لنها ذات بعل( ‪) 4‬ولم يكن أبو مالك قربها‪ ،‬فقال‪ :‬يا رب أتهلك شعبا‬ ‫بارا ل علم له( ‪) 5‬أليس هو القائل إنها أختي‪ ،‬وهي قالت إنه أخي( ‪ .‬كذب هناك إبراهيم وسارة‬ ‫مرة ثانية‪ ،‬ولعل السبب هاهنا ما عدا الخوف أيضاا‪ ،‬كان حصول المنفعة‪ ،‬وقد حصلت كما هي‬

‫مصرحة بها في الية الرابعة عشر‪ ،‬على أنه ل وجه للخوف إذا كان راضيا بتسليمها بدون المقاتلة‬

‫في الصفحة ‪ 99‬من طريق الولياء هكذا‪) :‬لعل إبراهيم لما أنكر كون سارة زوجة له في المرة‬

‫الولى‪ ،‬عزم في قلبه أنه ل يصدر عنه مثل هذا الذنب‪ ،‬لكنه وقع في شبكة الشيطان السابقة مرة‬ ‫أخرى بسبب الغفلة( انتهى‪.‬‬ ‫]‪ [6‬في الصفحة ‪ 92‬و ‪ 93‬من طريق الولياء‪) :‬ل يمكن أن يكون إبراهيم غير مذنب في نكاح‬ ‫هاجر‪ ،‬لنه كان يعلم جيدا قول المسيح المكتوب في‬

‫) ‪(4/1218‬‬

‫النجيل‪ ،‬أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكرا وأنثى‪ ،‬وقال من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه‪،‬‬

‫ويلتصق بامرأته ويكون الثنان جسدا واحداا( انتهى‪ .‬أقول كما ل يمكن هذا‪ ،‬فكذا ل يمكن أن‬

‫يكون غير مذنب في نكاح سارة‪ ،‬لنه كان يعلم جيدا قول موسى المكتوب في التوراة‪) :‬ل تكشف‬

‫أختك من أبيك كانت أو من أمك التي ولدت في البيت أو خارج ا من البيت‪ .‬وكذا قوله‪) :‬أي رجل‬ ‫تزوج أخته ابنة أبيه أو أخته ابنة أمه‪ ،‬ورأى عورتها ورأت عورته‪ ،‬فهذا عار شديد‪ ،‬فيقتلن أمام‬

‫شعبهما‪ .‬وذلك لنه كشف عورة أخته فيكون إثمهما في رأسهما( ‪ .‬وكذا قوله‪) :‬يكون ملعونا من‬

‫يضاجع أخته من أبيه أو أمه( ‪ .‬كما عرفت في الباب الثالث من هذا الكتاب‪ ،‬ومثل هذا النكاح‬ ‫مساسو للزنا عند علماء بروتستنت‪ .‬فيلزم أن يكون إبراهيم عليه السلم زاني ا قبل النبوة وبعدها‪،‬‬

‫ويكون أولده كلهم من سارة أولد الزنا‪ ،‬ولو جوز نكاح الخت في شريعته لزم عليهم تجويز تعدد‬

‫النكاح أيض ا في تلك الشريعة‪ ،‬فل اعتراض باعتبار هاجر ول باعتبار سارة وهو الحق عندنا‪ ،‬لكنه‬ ‫يلزم على أصلهم الفاسد أن هذا النبي‬

‫) ‪(4/1219‬‬


‫أبا النبياء‪ ،‬كما كان كاذباا‪ ،‬فكذا كان زانيا من أول عمره إلى آخره‪ ،‬ومع هذا كان خليل ال‪ ،‬أيكون‬

‫خليل ال مثله‪.‬‬

‫]‪ [7‬في الباب التاسع عشر من سفر التكوين هكذا‪) 30 :‬فصعد لوط من صاغر وسكن الجبال‬ ‫وابنتاه معه وخاف أن يسكن صاغر وأوى إلى كهف هو وابنتاه معه( ‪) 31‬فقالت الكبرى منهما‬ ‫للصغرى إن أبانا قد شاخ وليس رجل على الرض يستطيع يدخل علينا كالمرسوم لكل الرض( ‪32‬‬ ‫)فهلمي نسقيه خمرا ونضطجع معه ونقيم من أبينا خلفاا( ‪) 33‬فسقتا أباهما خمرا في تلك الليلة‬

‫ودخلت الكبرى فاضطجعت مع أبيها وهو لم يعلم عند انضجاع ابنته ول نهوضها( ‪) 34‬ولما كان‬

‫الغد قالت الكبرى للصغرى هو ذا قد اضطجعت البارحة مع أبي فلنسقه خمرا في ليلتنا هذه أيض ا‬ ‫وادخلي فاضطجعي معه فنقيم نسلا من أبينا( ‪) 35‬فسقتا أباهما خمرا في تلك الليلة أيضا ودخلت‬ ‫الصغرى فاضطجعت مع أبيها ولم يعلم عند انضجاعها ول نهوضها( ‪) 36‬فحملت ابنتا لوط من‬

‫أبيهما( ‪) 37‬وولدت الكبرى ابن ا ودعت اسمه مواب وهو أبو الموابيين‬

‫) ‪(4/1220‬‬

‫إلى يومنا هذا( ‪) 38‬وولدت الصغرى أيضا ابنا ودعت اسمه عمان‪ ،‬أي ابن جنسي فهو أبو‬ ‫العمانيين إلى اليوم( ‪.‬‬

‫وفي الصفحة ‪ 128‬من طريق الولياء بعد نقل هذا الحال هكذا‪) :‬حاله حري أن يبكى عليه ونحن‬ ‫بعد التأسف والخوف والخشية على أنفسنا نتعجب منه‪ ،‬أهو الذي بقي نقي الثوب عن جميع شرور‬ ‫سادوم‪ ،‬وكان قويا في السلوك على صراط ال‪ ،‬وبعيدا عن جميع نجاسات تلك البلدة وغلب عليه‬ ‫الفسق بعد ما خرج إلى البر‪ ،‬فأي شخص يكون مأمونا في بلد أو بر أو كهف( انتهى كلمه‪ .‬فلما‬

‫بكى ]ص ‪ [304‬القسيسون على حاله فل حاجة لنا إلى الطالة‪ ،‬وبكاؤهم يكفي غير أني أقول أن‬ ‫مواب وعمان الذين تولدا بالزنا ما قتلهما ال‪ ،‬وقتل الولد الذي تولد بزنا داود عليه السلم بامرأة‬ ‫أوريا‪ ،‬لعل الزنا بامرأة الغير أشد من الزنا بالبنات عندهم‪ ،‬بل هم كانا من المقبولين عند ال‪ .‬أما‬ ‫مواب فلن عوبيد جد داود عليه السلم اسم أمه راعوث كما هو مصرح به في الباب الول من‬ ‫إنجيل متى وراعوث هذه كانت موابية من أولد مواب‪ ،‬فهي من جدات داود وسليمان وعيسى‬ ‫عليهم السلم‪ ،‬وداود ابن ال البكر وسليمان أيض ا ابن ال وعيسى ابن ال الوحيد‪ ،‬بل ال على‬

‫زعم المسيحيين‪.‬‬


‫) ‪(4/1221‬‬

‫وأما عمان فلن رحبعام ابن سليمان‪ ،‬من أجداد عيسى عليه السلم‪ ،‬كما هو مصرح به في الباب‬ ‫الول من إنجيل متى أيضاا‪ ،‬وأمه كانت عمانية من أولد عمان كما هو مصرح به في الباب الرابع‬ ‫عشر من سفر الملوك الول‪ ،‬فهي أيضا من جدات ابن ال الوحيد‪ ،‬بل ال على زعمهم‪.‬‬

‫والية التاسعة عشر من الباب الثاني من سفر الستثناء هكذا‪) :‬وتدنو إلى قرب بني عمان احذر‬

‫تقاتلهم ول تحترك إلى محاربهم فإني ل أعطيك شيئ ا من أرض بني عمان إني أعطيتها بني لوط‬

‫ميراث اا( ‪ .‬فأي شرف لمواب وعمان ولدي الزنا‪ ،‬أزيد من أن بعض بنات الول صارت جدة معظمة‬ ‫لبناء ال‪ ،‬بل ال على زعمهم‪ .‬وبعض بنات الثاني صارت جدة لبن ال الوحيد‪ ،‬بل ال على‬

‫زعمهم‪ .‬وأن ال منع بني إسرائيل الذين كانوا أبناء ال بنص التوراة عن توريث أرض أولده‪ ،‬لكنه‬ ‫بقيت خدشة وهي أنه إذا وصل نسب عيسى عليه السلم باعتبار هاتين الجدتين المعظمتين إلى‬ ‫مواب وعمان صار موابيا وعمانياا‪ ،‬وما كان للعمانيين والموابيين أن يدخلوا جماعة الرب إلى البد‪.‬‬ ‫الية الثالثة من الباب الثالث والعشرين من كتاب الستثناء هكذا‪:‬‬

‫) ‪(4/1222‬‬

‫)والعمانيون والموابيون بعد عشر أحقاب أيض ا ل يدخلون جماعة الرب إلى البد( ‪.‬‬

‫فكيف دخل عيسى عليه السلم جماعة الرب بل صار رئيسهم‪ ،‬بل ابن ال على زعمهم‪ ،‬وإن قيل‬

‫أن اعتبار النسب بالباء ل بالمهات‪ ،‬فل يكون عيسى عليه السلم عمانيا ول موابياا‪ ،‬قلت لو كان‬

‫كذا يلزم أن ل يكون إسرائيلي ا يهودي ا أو داودي ا سليماني ا أيضاا‪ ،‬إذ حصول هذه الوصاف له أيض ا‬ ‫من جانب الم ل الب‪ ،‬فل يكون مسيح ا موعودا به‪ ،‬واعتبار هذه الوصاف باعتبار الم وعدم‬

‫اعتبار كونه عمانيا وموابيا من جهة الجدات‪ ،‬ترجيح بل مرجح‪ ،‬وهذا وارد على داود وسليمان‬

‫عليهما السلم أيضا باعتبار راعوث‪ ،‬لكني ل أطيل الكلم في هذا وأرجع إلى أصل القصة‪ ،‬وأقول‪:‬‬

‫أن لوط ا عليه السلم هذا الذي حاله حري بأن يبكى عليه عند القسيسين‪ ،‬ل شك أنه بحكم‬

‫النجيل بار قديس‪ ،‬لم يقع الوهن عندهم في قديسيته بعد هذه الحركة الشنيعة التي لم يسمع‬

‫مثلها في الراذل الذين يكونون مخمورين أكثر الوقات‪ ،‬لنهم يميزون في حال الخمر أيضا بناتهم‬


‫عن الجنبيات‪ ،‬وإذ سقط المتياز بين البنات وغيرها لشدة الخمر‪ ،‬ل يبقى السكران في هذا‬ ‫الوقت قابلا للجماع كما شهد به المولعون بشرب الخمر‪ ،‬وما سمعنا إلى الن في الهند أن رذيلا‬ ‫من الراذل فعل هذا المر في الخمر ببنته أو بأمه‪ ،‬فإذا كان الخمر موصلا إلى هذه الرتبة‪ ،‬فوا‬ ‫أسفي على حال أهل أوربا من المسيحيين‪ ،‬كيف يرجى نجاة أمهاتهم وبناتهم وأخواتهم من أيدي‬

‫البناء والباء والخوة‪ ،‬لنهم في أغلب الوقات يكونون سكرانين رجالهم‬

‫) ‪(4/1223‬‬

‫ونساؤهم‪ ،‬سيما إذا قسنا الحال بالنسبة إلى أراذلهم‪.‬‬ ‫والعجب أن هذا القديس كما ابتلي في الليلة الولى‪ ،‬ابتلي في الليلة الثانية‪ ،‬إل أن يقال إن هذا‬ ‫المر كان أمرا مقضيا ليتولد أبناء ال‪ ،‬بل ال من بعض بناته ويدخل هو في سلسلة نسب ابن ال‬

‫الوحيد‪ ،‬ومثل هذا لو وقع لبعض آحاد الناس ضاقت عليه الرض بما رحبت حزنا وهماا‪ ،‬فالعجب‬ ‫من لوط‪ .‬أعوذ بال من هذه الخرافات‪ ،‬وأقول إن هذه القصة الكاذبة من المفتريات‪ :‬في الباب‬

‫الثاني من الرسالة الثانية لبطرس هكذا‪) 7 :‬وأنقذ لوط ا البار مغلوب ا من سيرة الردياء في الدعارة( ‪8‬‬ ‫)إذا كان البار بالنظر والسمع وهو الساكن بينهم يعذب يوما فيوما نفسه البارة بالفعال الثيمة( ‪.‬‬

‫فأطلق بطرس البار على لوط عليه السلم ومدحه‪ ،‬فأنا أشهد أيضا أنه كان بارا بريا مما نسبوه إليه‪.‬‬

‫]‪ [8‬في الباب السادس والعشرين من سفر التكوين هكذا‪) 6 :‬فمكث إسحاق في جرارة( ‪7‬‬

‫)وسأله رجال ذلك الموضع عن زوجته‪ ،‬فقال هي أختي لنه خاف أن يقول أنها زوجته لئل يقتلوه‬ ‫من أجل حسنها( ‪ .‬فكذب إسحاق عمدا أيضا مثل أبيه‪ ،‬وقال لزوجته أنها أخته‪ .‬في الصفحة‬

‫‪ 168‬من طريق الولياء‪) :‬زل إيمان إسحاق لنه قال لزوجته أنها أخته( ‪ .‬ثم في الصفحة ‪) 169‬يا‬ ‫أسفي إنه ل يوجد كمال في أحد من بني آدم غير الواحد العديم النظير‪ ،‬والعجب أن شبكة‬ ‫الشيطان التي وقع فيها إبراهيم‪ ،‬وقع فيها إسحاق أيضاا‪ ،‬وقال عن زوجته أنها أخته‪ ،‬فيا أسفي أن‬

‫أمثال هؤلء المقربين عند ال محتاجون إلى الوعظ( انتهى كلمه‪ .‬ولما تأسف القسيسون تأسفا‬ ‫بليغا على مزلة إيمانه وعدم وجود كمال فيه‬

‫) ‪(4/1224‬‬


‫ووقوعه في شبكة الشيطان التي وقع فيها إبراهيم عليه السلم وكونه محتاجا إلى الوعظ فل نطيل‬

‫الكلم فيه‪.‬‬

‫]‪ [9‬في الباب الخامس والعشرين من سفر التكوين هكذا‪) 29 :‬فطبخ يعقوب طبيخ ا ولما جاء‬

‫عيسو إليه تعبان من الحقل( ‪) 30‬فقال له أطعمني من هذا الطبيخ الحمر فإني تعبان جدا ولهذا‬

‫السبب دعى اسمه أدوم( ‪) 31‬فقال له يعقوب بع لي بكوريتك( ‪) 32‬فأجاب وقال هو ذا أنا‬

‫أموت فماذا تنفعني البكورية( ‪) 33‬فقال له يعقوب احلف لي فحلف له عيسو وباع البكورية( ‪34‬‬ ‫)فقدم يعقوب لعيسو خبزا ومأكولا من العدس فأكل وشرب ومضى وتهاون في أنه باع البكورية( ‪.‬‬

‫فانظروا إلى ديانة عيسو الذي هو الولد الكبر لسحاق عليه السلم‪ ،‬أنه باع البكورية‪ ،‬التي كان بها‬ ‫استحقاق منصب النبوة والبركة عنده ما كانا في رتبة هذا الخبز والدام من العدس‪ ،‬وكذا انظروا إلى‬

‫محبة يعقوب عليه السلم وإلى جوده‪ ،‬أنه ما أعطى للخ الكبر الجائع التعبان هذا المأكول إل‬ ‫بالبيع وما راعى المحبة الخوية والحسان بل عوض‪.‬‬ ‫]‪ [10‬من طالع الباب السابع والعشرين من سفر التكوين‪ ،‬علم يقين ا أن يعقوب عليه السلم كذب‬

‫ثلث مرات وخادع أباه‪ ،‬وخداعه كما أثر عند إسحاق عليه السلم‪ ،‬أثر عند ال أيضاا‪ ،‬لن إسحاق‬

‫عليه السلم كان بصميم قلبه واعتقاده داعيا لعيسو ل ليعقوب عليه السلم‪ ،‬فكما لم يميز إسحاق‬

‫بين‬

‫) ‪(4/1225‬‬

‫الخوين في الدعاء‪ ،‬فكذا لم يميز ال بينهما عند إجابة الدعاء‪ ،‬فالعجب أن ولية ال والنبوة‬ ‫والصلح تحصل بالمحال‪ .‬وأنا تذكرت قصة مناسبة لهذا المقام وهي‪ :‬أن فاجرا من فرقة بانو طلب‬

‫حشيش ا من الحجمار لجل حصانه وما أعطاه الحمار فقال إن لم تعطني أدع على حمارك فيموت‬ ‫الليلة‪ ،‬وراح فمات حصانه في تلك الليلة‪ ،‬فلما استيقظ ووجد حصانه ميتاا‪ ،‬حرك رأسه متعجب ا‬ ‫فقال‪ :‬يا عجبا يا عجبا أنه مضى مليونات من السنين على ألوهية إلهنا ول يميز الحصان من‬ ‫الحمار إلى هذا الحين‪ ،‬دعوت على الحمار وأهلك حصاني‪ ،‬ولو كان حال ديانة أبي النبياء‬

‫السرائيلية هكذا أو حال علم ال هكذا‪ ،‬فللمنكر أن يقول‪ :‬يجوز أن يكون مبنى معاملت النبياء‬ ‫السرائيلية مع ال أيض ا على الخداع كأبيهم العلى‪ ،‬ويجوز أن يكون عيسى عليه السلم وعد ال‬

‫أن تعطيني قدرة الكرامات‪ ،‬أدع الخلق إلى توحيدك وربوبيتك‪ ،‬لكن ال ما ميز الصدق عن الكذب‬


‫فأعطاه القدرة فدعا إلى ربوبية نفسه وبغى على ال‪ .‬أعوذ بال من هذه المور الواهية‪.‬‬ ‫ل‪) :‬هذا مقام غاية‬ ‫وأنقل بعض فقرات طريق الولياء من الصفحة ‪ 179‬و ‪ 180‬و ‪ ،181‬قال أو ا‬

‫الخوف أن مثل هذا الشخص تفوه بكذب بعد كذب وأشرك اسم ال في خداعه( ‪ ،‬ثم قال ثانياا‪:‬‬ ‫)قال يعقوب قولا هو نهاية الكفران إرداة ال كانت أني وجدت الصيد سريعاا( ‪،‬‬

‫) ‪(4/1226‬‬

‫ثم قال ثالث اا‪) :‬نحن ل نعتذر من جانب يعقوب في هذا المر بعذر ما وليتنفر كل صالح وليفر عن‬

‫مثل هذا المر( ‪ ،‬ثم قال رابعاا‪) :‬خلصة الكلم أنه أساء ليحصل الخير وفي النجيل يجب الجزاء‬ ‫على مثله( ‪ ،‬ثم قال خامساا‪) :‬كما أذنب يعقوب أذنبت أمه أزيد منه لنها كانت بانية هذا الفساد‬ ‫وهي أمرت يعقوب بفعل هذه المور الخادعة( انتهى‪.‬‬

‫]‪ [11‬في الباب التاسع والعشرين من سفر التكوين هكذا‪) 15 :‬ثم قال ليعقوب لعل أنك أخي‬ ‫مجان ا تخدمني ما أجرتك( ‪) 16‬فكانت له ابنتان اسم الكبرى ليا واسم الصغرى راحيل( ‪) 17‬وكان‬ ‫بعيني ليا استرخاء وراحيل جميلة الوجه وحسنة المنظر( ‪) 18‬فأحب يعقوب راحيل وقال أنا أتعبد‬

‫لك براحيل ابنتك الصغرى سبع سنين( ‪) 19‬فقال له لبان أنت أحق بها من غيرك فأقم عندي(‬ ‫‪) 20‬وتعبد يعقوب براحيل سبع سنين وكانت عنده مثل أيام قليلة لما دخله من محبتها( ‪) 21‬فقال‬ ‫للبان أعطني امرأتي لني قد أكملت اليام لكي أدخل إليها( ‪) 32‬فجمع لبان جمع ا كثيرا من‬

‫المحبين وصنع عرساا( ‪) 23‬ولما كان المساء أدخل ابنته ليا على يعقوب( ‪) 34‬وأعطى لبان أمة‬

‫اسمها زلفا لبنته ودخل عليها يعقوب كالعادة ولما كان الصبح رآها أنها ليا( ‪) 25‬فقال للبان ما‬

‫هذا الذي صنعت بي ألم أتعبد لك براحيل فلم خدعتني( ‪) 26‬أجاب لبان ليس في أرضنا عادة‬ ‫أن تزوج الصغرى قبل الكبرى( ‪) 27‬فأكمل السبوع هذه فأعطيك الخرى عوض ا عن العمل الذي‬

‫تعمل لي سبع سنين أخرى( ‪) 28‬ففعل يعقوب هكذا وبعد ما دخل السبوع‬

‫) ‪(4/1227‬‬

‫تزوج براحيل( ‪) 29‬ودفع لبان إلى ابنته راحيل أمة اسمها بلها( ‪) 30‬فدخل على راحيل وأحبها‬ ‫أكثر من ليا وتعبد له وخدمه سبع سنين أخرى( ويرد عليه ثلثة اعتراضات‪:‬‬


‫)الول( أن يعقوب عليه السلم كان يقيم في بيت لبان وكان يرى بنتيه ويعرفهما معرفة جيدة‪،‬‬ ‫باعتبار وجوههما وأجسامهما وأصواتهما‪ ،‬وكان في ليا علمة بينة هي استرخاء العينين‪ ،‬فالعجب كل‬ ‫العجب أن تكون ليا في فراشه جميع الليل ويراها ويضاجعها ويلمسها ول يعرفها‪ ،‬إل أن يقولوا أنه‬ ‫كان سكران ا كلوط عليه السلم‪ ،‬فكما لم يميز لوط عليه السلم فكذا هو‪.‬‬

‫)والثاني( أنه أحب راحيل وخدم لجلها أباها أولا سبع سنين‪ ،‬وكانت عنده مثل أيام قليلة لجل‬

‫عشقها وفرط محبتها‪ ،‬ثم لما خادع لبان وزوجه بنته الكبرى‪ ،‬خاصمه يعقوب‪ ،‬وأخذ راحيل بخدمة‬ ‫سبع سنين أخرى‪ ،‬وهذه المور على زعم المسيحيين ل تناسب رتبة النبوة‪ ،‬وكما خادع أباه خودع‬

‫من صهره‪.‬‬ ‫)والثالث( أنه ما اكتفى على زوجة واحدة‪ ،‬ول يجوز نكاح امرأتين سيما أختين على زعمهم الفاسد‪.‬‬ ‫واعتذر صاحب طريق الولياء في الصفحة ‪ 189‬من كتابه هكذا‪) :‬الظاهر أن يعقوب إن لم يخادعه‬ ‫لبان لم يتزوج غير راحيل ول يستدل بها على جواز تعدد الزوجات‪ ،‬لنه ما كان بحكم ال ول‬ ‫برضا يعقوب( انتهى‪.‬‬ ‫أقول‪ :‬هذا العذر بارد ل يسمن ول يغني ول يحصل النجاة ليعقوب عليه السلم عن الحرمة‪ ،‬لنه‬ ‫ما كان مكرها ومجبورا على النكاح الثاني‪ ،‬وكان عليه أن يكتفي بزوجة واحدة‪.‬‬

‫) ‪(4/1228‬‬

‫وأقول‪ :‬كما قال هذا المعتذر في طعن إبراهيم عليه السلم‪ ،‬أن يعقوب عليه السلم كان يعلم جيدا‬ ‫قول المسيح المكتوب في النجيل‪ ،‬أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكرا وأنثى الخ‪ .‬وكذا كان‬

‫يعلم جيدا قول موسى عليه السلم إن الجمع بين الختين حرام قطعاا‪ ،‬كما علمت في الباب‬

‫الثالث‪ .‬فأحد النكاحين باطل‪ ،‬والمرأة التي كان نكاحها باطلا يلزم أن يكون أولدها وأولد أولدها‬ ‫أولد الزنا‪ ،‬فيلزم على كل التقديرين كون كثير من النبياء السرائيلية كذلك والعياذ بال‪ .‬فانظروا‬

‫إلى ديانة المسيحيين إنهم لجل صيانة أصولهم الفاسدة كيف يتهمون النبياء‪ ،‬وينسبون القبائح‬ ‫إليهم‪ .‬على أن هذا العذر العرج‪ ،‬ل يمشي في زلفا‪ ،‬وبلها اللتين تزوجهما يعقوب بإشارة ليا‬ ‫وراحيل كما هو مصرح به في الباب الثلثين من سفر التكوين‪ ،‬وأولدهما كافة تكون أولد الزنا‬ ‫على أصولهم‪.‬‬ ‫]‪ [12‬في الباب الحادي والثلثين من سفر التكوين هكذا‪) 19 :‬وقد كان لبان ذهب ليجز غنمه‪،‬‬


‫وراحيل سرقت أصنام أبيها( ‪) 20‬فكتم يعقوب عليه السلم أمره عن حميه‪ ،‬ولم يعلمه أنه هارب(‬ ‫‪) 21‬وهرب هو‪ ،‬وجميع ما كان له‪ ،‬وعبر النهر‪ ،‬وتوجه نحو جبل جلعاد( ‪) 22‬وبلغ لبان في اليوم‬ ‫الثالث أن يعقوب قد هرب( ‪) 23‬فأخذ لبان أخوته‪ ،‬وتبعه مسيرة سبعة أيام ولحقه في جبل‬ ‫جلعاد( ‪) 29‬وقال ليعقوب‪ :‬لماذا فعلت هكذا‪ ،‬وسقت بناتي خفي ا عني مثل من قد‬

‫) ‪(4/1229‬‬

‫سبي بالسيف( ‪) 30‬والن قد انطلقت‪ ،‬وإنما حملك على ذلك الشهوة أن تمضي إلى بيت أبيك‬ ‫فلم سرقت آلهتي( ‪) 31‬أجاب يعقوب الخ( ‪) 32‬وأما ما توبخني به في سرقته فمن وجدت عنده‬ ‫آلهتك يقتل قدام أخوتنا الخ( ‪) 33‬فدخل لبان إلى خباء يعقوب وليا والمتين فلم يجدها‪ ،‬ولما‬ ‫دخل إلى خباء راحيل( ‪) 34‬فهي أسرعت‪ ،‬وخبت الصنام تحت حداجة جمل‪ ،‬وجلست عليه‪،‬‬ ‫ففتش لبان الخباء كله‪ ،‬ولم يجد شيئاا( ‪) 35‬وقالت ل تؤاخذني يا سيدي إني ل أستطيع النهوض‬ ‫نحوك لني في علة النساء‪ ،‬وفتش لبان جميع ما في البيت فلم يجد( ‪.‬‬

‫فانظروا إلى راحيل كيف سرقت أصنام أبيها‪ ،‬وكيف كذبت‪ ،‬والظاهر أنها سرقت لعباداتها‪ ،‬كما يدل‬ ‫عليه ظاهر عبارة الباب الخامس والثلثين من سفر التكوين‪ ،‬كما ستعرف في الشاهد التي‪ ،‬ولنها‬ ‫كانت من بيت الوثنيين وأن أباها كان وثنيا يعبد الصنام‪ ،‬كما دلت عليه الية الثلثون‪ ،‬والثانية‬ ‫والثلثون والظاهر أنها تكون على دين أبيها‪ ،‬فهذه الزوجة المحبوبة ليعقوب عليه السلم كانت‬

‫سارقة‪ ،‬كاذبة‪ ،‬وعابدة للصنام‪.‬‬ ‫]‪ [13‬في الباب الخامس والثلثين من سفر التكوين هكذا‪) 2 :‬وقال يعقوب لهله‪ ،‬وجميع من‬ ‫معه اعزلوا اللهة الغرباء من بينكم وتطهروا‪ ،‬وأبدلوا ثيابكم( ‪) 4‬فدفعوا له جميع اللهة الغرباء التي‬ ‫كانت في أيديهم والقرطة التي كانت في آذانهم‪ ،‬فدفنها تحت البطمة التي عند شخيم( ‪.‬‬ ‫والظاهر من هذه العبارة أن أهل بيت يعقوب عليه السلم‪ ،‬ومن معه إلى هذا الحين كانوا يعبدون‬ ‫الصنام‪ ،‬وهذا المر بالنظر إلى بيته شنيع جدا أما نهاهم‬

‫) ‪(4/1230‬‬


‫قبل هذا عن عبادة الوثان‪ ،‬وإذا دفعوا إليه جميع اللهة الغرباء‪ ،‬فالظاهر أن راحيل أيضا دفعت‬

‫اللهة المسروقة أيضاا‪ ،‬فكان على يعقوب عليه السلم أن يرسلها إلى لبان ل أن يدفنها تحت‬ ‫البطمة التي عند شخيم‪ ،‬ويعذر راحيل على سرقتها‪.‬‬

‫]‪ [14‬في الباب الرابع والثلثين من سفر التكوين هكذا‪) 1 :‬وخرجت دينا ابنة ليا لتنظر إلى بنات‬ ‫ذلك البلد( ‪) 2‬فنظرها شخيم بن حمور الحاوي‪ ،‬رئيس الرض فأحبها فأخذها وضاجعها وذلها( ‪3‬‬ ‫)وتعلقت نفسه بها‪ ،‬وأحبها وكلمها بما وافقها‪ ،‬ووقع بقلبها( ‪) 4‬فقال شخيم لحمور أبيه خذ هذه‬ ‫الجارية لي زوجة( ‪) 8‬فكلمهم حمور( الخ ‪) 13‬فأجاب بنو يعقوب الخ( ‪) 14‬ل نستطيع نصنع ما‬ ‫تطلبان‪ ،‬ول أن نعطي أختنا لرجل أغلف فإن ذلك عار علينا( ‪) 15‬بهذا نشبهكم إذا ما صرتم مثلنا‬ ‫لكي تختنوا كل ذكوركم( ‪) 24‬فارتضى جميعهم واختتن كل من كان منهم ذكراا( ‪) 25‬فلما كان‬

‫اليوم الثالث وقد بلغ منهم الوجع جداا‪ ،‬أخذ ابنا يعقوب شمعون ولوى أخوا دينا‪ ،‬كل واحد منهما‬ ‫سيفه‪ ،‬ودخل المدينة على طمأنينة‪ ،‬وقتل كل ذكر( ‪) 26‬وحمور‪ ،‬وشخيم ابنه‪ ،‬وأخذا دينا ]ص‬

‫‪ [312‬أختهما من بيت شخيم( ‪) 27‬وخرجا ودخل بنو يعقوب على القتلى‪ ،‬ونهبوا المدينة التي‬ ‫فضحت فيها دينا أختهم( ‪) 28‬وأخذوا غنمهم‪ ،‬وبقرهم‪ ،‬وحميرهم‪ ،‬وكل ما في البيوت‪ ،‬وكل ما في‬ ‫الحقل وسبوا صبيانهم‪ ،‬ونساءهم( ‪.‬‬ ‫فانظروا إلى عصمة دينا بنت يعقوب أنها زنت‪ ،‬وتعشقت بشخيم كما يدل عليه قوله‪ :‬ووقع بقلبها‪.‬‬ ‫وانظروا إلى ظلم أبناء يعقوب‪ ،‬أنهم قتلوا ذكور‬

‫) ‪(4/1231‬‬

‫أهل البلدة كلهم‪ ،‬وسبوا نساءهم وصبيانهم‪ ،‬ونهبوا جميع أموالهم‪ .‬فخطؤهم وظلمهم ظاهر‪ ،‬وخطأ‬ ‫يعقوب عليه السلم أنه لم يمنعهم عن هذه الحركة الشنيعة قبل وقوعها‪ ،‬وما أخذ القصاص منهم‪،‬‬ ‫وما رد النساء والصبيان والموال المسلوبة‪ ،‬وإن كان غير قادر على منعهم‪ ،‬ورد هذه الشياء‪ ،‬وأخذ‬ ‫القصاص‪ ،‬فكان عليه أن يترك رفاقة هذه الظلمة‪ ،‬على أنه يبعد كل البعد أن يقتل رجلن أهل البلدة‬ ‫كلهم‪ ،‬ولو فرضنا أنهم كانوا في وجع الختان‪.‬‬ ‫]‪ [15‬في الباب الخامس والثلثين من سفر التكوين هكذا‪) :‬مضى روبيل‪ ،‬وضاجع بلها سرية أبيه‬ ‫فسمع إسرائيل( ‪.‬‬ ‫فانظروا إلى روبيل الولد الكبر ليعقوب عليه السلم‪ ،‬أنه زنى بزوجة أبيه‪ ،‬وإلى يعقوب أنه ما أجرى‬


‫الحد أو التعزيز‪ ،‬ل على ابنه‪ ،‬ول على هذه الزوجة‪ ،‬والظاهر أن حد الزنا في هذا الوقت كان‬ ‫إحراق الزاني والزانية بالنار‪ ،‬كما يفهم من الية الرابعة والعشرين من الباب الثامن والثلثين من سفر‬ ‫التكوين‪ ،‬ودعا على هذا البن في آخر حياته كما هو مصرح به في الباب التاسع والربعين من هذا‬ ‫السفر‪.‬‬ ‫]‪ [16‬في الباب الثامن والثلثين من سفر التكوين‪) 6 :‬وأن يهوذا زوج ابنه بكره عير امرأة اسمها‬ ‫ثامار( ‪) 7‬وكان عبر بكر يهوذا رديئا بين أيدي الرب فقتله الرب(‬

‫) ‪(4/1232‬‬

‫)وقال يهوذا لبنه أونان‪ :‬ادخل على امرأة أخيك‪ ،‬وكن معها‪ ،‬وأقم زرع ا لخيك( ‪) 9‬فلما علم أونان‬ ‫أن الخلف لغيره كان إذا دخل إلى امرأة أخيه‪ ،‬يفسد على الرض لئل يكون زرعا لخيه( ‪10‬‬

‫)فظهر ذلك منه سوء أمام الرب لفعله ذلك‪ ،‬وقتله الرب( ‪) 11‬فقال يهوذا لثامار كنته اجلسي‬ ‫أرملة في بيت أبيك حتى يكبر شيل ابني( الخ ‪) 13‬فاعلموا ثامار قائلين هو ذا حموك صاعدا إلى‬

‫تمنت ليجز غنمه( ‪) 14‬فطرحت عنها ثامار ثياب الترمل وأخذت رداء وتزينت‪ ،‬وجلست في قارعة‬ ‫الطريق( الخ ‪) 15‬فلما رآها يهوذا ظن أنها زانية لنها كانت قد غطت وجهها لئل تعرف( ‪16‬‬ ‫)ودخل عندها وقال لها دعيني أدخل إليك‪ ،‬لنه لم يعلم أنها كنته‪ .‬فقالت له‪ :‬ماذا تعطيني حتى‬ ‫تدخل إلجي( ‪) 17‬فقال لها‪ :‬أنا أرسل لك جدي ا ماعزا من القطان‪ ،‬وهي قالت له‪ :‬أعطني رهن ا حتى‬

‫ترسله( ‪) 18‬فقال يهوذا‪ :‬أي شيء أعطيك رهناا‪ .‬فقالت‪ :‬خاتمك‪ ،‬وعمامتك‪ ،‬وعصاك التي بيدك‪.‬‬ ‫فأعطاها لها‪ ،‬ودخل عليها فحبلت منه( ‪) 19‬وقامت فمضت‪ ،‬وطرحت عنها لبسها ورداءها‪،‬‬

‫ولبست ثياب ترملها( ‪) 24‬فلما كان بعد ثلثة أشهر أخبروا يهوذا قائلين‪ :‬زنت ثامار كنتك وهو ذا‬ ‫قد حبلت من الزنا‪.‬‬

‫فقال يهوذا أخرجوها لتحرق( ‪) 25‬وإذا هم أخرجوها‪ ،‬أرسلت إلى حميها قائلة‪ :‬ممنن الرجل الذي‬

‫هذه له‪ ،‬حبلت أنا‪ ،‬فاعرف لمن هو الخاتم والعمامة‪ ،‬والعصا( ‪) 26‬فعرفها يهوذا‪ ،‬وقال تبررت هي‬ ‫أكثر مني لموضع أني لم أعطها لشيل ابني‪ ،‬ولكنه لم يعد يعرفها بعد ذلك( ‪) 27‬وكان لما دنا‬

‫) ‪(4/1233‬‬


‫وقت الولدة وإذا توأم في بطنها فعند طلقها‪ ،‬الواحد سبق وأخرج يده فأخذت القابلة قرمزا وربطته‬

‫ل( ‪) 29‬فهاضم يده إليه للوقت‪ ،‬وخرج أخوه فقالت‪ :‬هي لماذا من‬ ‫في يده قائلة‪ :‬هذا يخرج أو ا‬ ‫أجلك انقطع السياح‪ ،‬ولذلك دعت اسمه فارض( ‪) 30‬وبعد ذلك خرج أخوه الذي على يده‬

‫القرمز‪ ،‬فدعت اسمه زارح( ‪.‬‬ ‫ههنا أمور‪ :‬الول‪ :‬أن الرب قتل عير لكونه رديئا ورداءته لم تبين أكانت هذه الرداءة أشد من رداءة‬ ‫عمه الكبير حيث زنا بزوجة أبيه‪ ،‬ومن رداءة عميه الخرين شمعون ولوى حيث قتل ذكور أهل‬

‫البلدة كلهم‪ ،‬ومن رداءة أبيه وجميع أعمامه حيث نهبوا أموال تلك البلدة وسبوا نساءها وأطفالها‪،‬‬ ‫ومن رداءة أبيه حيث زنى بزوجته بعد موته‪ .‬أهؤلء كانوا قابلين للرأفة وعدم القتل وكان عير قابلا‬ ‫للقتل فقتله الرب‪.‬‬ ‫والثاني‪ :‬العجب أن الرب قتل أونان على خطأ عزل المني‪ ،‬وما قتل أعمامه وأباه على الخطيآت‬ ‫المذكورة‪ .‬أهذا العزل أشد ذنب ا من هذه الخطيآت‪.‬‬

‫والثالث‪ :‬أن يعقوب لم يجر الحد ول التعزيز على هذا الولد العزيز ول على هذه المرأة الفاجرة‪،‬‬

‫بل لم يثبت من هذا الباب ول من باب آخر أنه تنغص لجل هذا المر من يهوذا‪ ،‬والباب التاسع‬ ‫والربعون من سفر التكوين شاهد صدق على عدم تكدره حيث ذم روبيل وشمعون ولوى على ما‬ ‫صدر عنهم‪ ،‬وما ذم يهوذا على ما صدر عنه‪ ،‬بل سكت عما صدر عنه ومدحه مدح ا‬

‫) ‪(4/1234‬‬

‫بليغا ودعا له دعاء كاملا ورجحه على أخوته‪.‬‬

‫والرابع‪ :‬أن ثامار شهد في حقها يهوذا صهرها بشدة البر‪ ،‬فسبحان ال نعم البار ونعمت البارة‬

‫الفائقة في البر من الباب المذكور كيف ل تكون بارة شديدة حيث لم تكشف عورتها إل لبي‬ ‫زوجها وما زنت إل بحميها أو حصلت منه بهذا الزنا الواحد ابنين كاملين‪.‬‬ ‫والخامس‪ :‬أن داود وسليمان وعيسى عليهم السلم كلهم في أولد فارض الذي حصل بالزنا كما‬ ‫هو مصرح به في الباب الول من إنجيل متى‪.‬‬ ‫والسادس‪ :‬أن ال ما قتل فارض وزارح مع كونهما ولدي الزنا‪ ،‬بل أبقاهما كابني لوط اللذين كانا‬ ‫ولدي زنا‪ ،‬وما قتلهما كما قتل ولد داود عليه السلم الذي تولد بزناه بامرأة أوريا‪ ،‬لعل الزنا بامرأة‬ ‫الغير أشد من الزنا بزوجة البن‪.‬‬


‫]‪ [17‬في الباب الثاني والثلثين من سفر الخروج هكذا‪) 1 :‬ورأى الشعب أن موسى قد تأخر أن‬ ‫يهبط من الجبل فاجتمع الشعب إلى هارون وقالوا له قم فاجعل لنا آلهة يسيرون أمامنا من أجل أن‬ ‫موسى هذا الرجل الذي‬

‫) ‪(4/1235‬‬

‫أصعدنا من أرض مصر ل ندري ماذا أصابه( ‪) 2‬فقال لهم هارون‪ :‬انزعوا قرطة الذهب التي في‬ ‫آذان نسائكم وأبنائكم وبناتكن وائتوني بها( ‪) 3‬فنزع الشعب القرطة التي في آذانهم وأتوا بها إلى‬ ‫هارون( ‪) 4‬فأخذها منهم وصيرها عجلا سبيك ا وقالوا هذه آلهتك يا إسرائيل الذين أصعدوك من‬ ‫أرض مصر( ‪) 5‬فلما نظر هارون ذلك بنى مذبح ا أمامه ونادى وقال غدا عيد للرب( ‪) 6‬فقاموا‬

‫بالغداة وقربوا وقودا وذبائح مسلمة وجلس الشعب يأكلون ويشربون وقاموا يلعبون( ‪ .‬فظهر من‬

‫هذه العبارة أن هارون صنع عجلا وبنى مذبحا أمامه ونادى وقال‪ :‬غدا عيد للرب‪ .‬فعبد العجل وأمر‬ ‫بني إسرائيل بعبادته فقربوا وقودا وذبائح‪ ،‬ول شك أنه رسول‪.‬‬

‫كتب القسيس اسمت في القسم الول من كتابه المسمى بتحقيق الدين الحق المطبوع سنة‬

‫‪ 1842‬في الصفحة ‪) :42‬كما أنه لم يكن بينهم( أي بين بني إسرائيل )سلطان لم يكن بينهم نبي‬ ‫غير موسى وهارون وسبعين من المعينين( انتهى‪ .‬ثم قال‪) :‬لم يكن غير موسى وهارون ومعينيهما‬ ‫نبي ا لهم( انتهى‪ .‬فظهر أن هارون نبي عند المسيحيين‪.‬‬

‫ول بد أن يعلم الناظر أني نقلت هاتين العبارتين من النسخة المطبوعة سنة ‪ 1842‬وكتبت الرد على‬

‫هذه النسخة‪ ،‬وسميته تقليب المطاعن‪ ،‬ورد صاحب الستفسار أيضا على هذه النسخة‪ ،‬وسمعت‬

‫أن هذا القسيس بعد الرد حرف كتابه فزاد في بعض المواضع ونقص في البعض‪ ،‬وبدل البعض‪ ،‬كما‬

‫فعل صاحب ميزان الحق‬

‫) ‪(4/1236‬‬

‫في نسخة الميزان مثله‪ ،‬فل أعلم أن هذا القسيس ألقى هاتين العبارتين في النسخة الخيرة‬ ‫المحرفة أم ل‪ ،‬وعبارات العهد العتيق تدل على نبوته أيضا وكونه متبعا لشريعة موسى عليه السلم ل‬ ‫ينافي نبوته‪ ،‬كما ل ينافي هذا المر نبوة يوشع وداود وأشعيا وأرمياء وحزقيال وغيرهم من النبياء‬


‫السرائيلية‪ ،‬الذين كانوا ما بين زمان موسى وعيسى عليهم السلم‪ .‬في الية السابعة والعشرين من‬ ‫الباب الرابع من سفر الخروج هكذا‪) :‬فقال الرب لهارون اذهب وتلق موسى إلى البرية فمضى‬ ‫وتلقى به إلى جبل ال وقبله( ‪ .‬وفي الباب الثامن عشر من سفر العدد هكذا‪) 1 :‬وقال الرب‬ ‫لهارون( الخ ‪) 8‬ثم كلم الرب هارون وقال له( الخ ‪) 20‬ثم قال الرب لهارون( الخ‪ .‬وفي هذا الباب‬ ‫من الول إلى الخر هو المخاطب حقيقة‪ .‬وفي الباب الثاني والرابع والرابع عشر والسادس عشر‬ ‫والتاسع عشر توجد هذه العبارة‪) :‬وكلم الرب موسى وهارون وقال لهما( في ستة مواضع‪ .‬وفي الية‬ ‫الثالثة عشر من الباب السادس من سفر الخروج هكذا‪) :‬فكلم الرب موسى وهارون وأوصاهما‬ ‫وأرسلهما إلى بني إسرائيل وإلى فرعون ملك مصر ليخرجا بني إسرائيل من مصر( ‪.‬‬ ‫فظهر من هذه العبارات أن ال أوحى إلى هارون عليه السلم منفردا وبشركة موسى عليه السلم‪،‬‬

‫وأرسله إلى بني إسرائيل وفرعون كما أرسل موسى‬

‫) ‪(4/1237‬‬

‫عليه السلم‪ ،‬ومن طالع كتاب الخروج يظهر له أن المعجزات التي صدرت في مقابلة فرعون‪ ،‬ظهر‬ ‫أكثرها على يد هارون عليه السلم‪ ،‬وكانت مريم أخت موسى وهارون عليهما السلم أيضاا‪ ،‬نبيئة‬ ‫كما هو مصرح به في الية العشرين من الباب الخامس عشر من سفر الخروج هكذا‪) :‬وأخذت‬

‫مريم النبيئة أخت هارون دف ا في يدها( الخ‪ .‬والية السادسة والعشرون من الزبور المائة والخامس‬

‫هكذا‪) :‬أرسل موسى عبده وهارون الذي انتخبه( ‪ .‬والية السادسة عشر من الزبور المائة والسادس‬

‫هكذا‪) :‬واغضبوا موسى في المعسكر وهارون قديس الرب( ‪ .‬فإنكار صاحب ميزان الحق نبوة‬ ‫هارون في الصفحة ‪ 105‬من كتابه المسمى بحل الشكال المطبوع سنة ‪ 1847‬ليس بشيء‪.‬‬ ‫]‪ [18‬في الباب الثاني من سفر الخروج هكذا‪) 11 :‬وفي تلك اليام لما شب موسى خرج إلى‬ ‫أخوته وأبصر تعبدهم ورأى رجلا من أهل مصر يضرب رجلا من أخوته العبرانيين( ‪) 12‬فالتفت إلى‬

‫الجانبين فلم ير أحد ا فقتل المصري ودفنه( ‪ .‬فقتل موسى عليه السلم بعصبية قومه المصري‪.‬‬

‫]‪ [19‬في الباب الرابع من سفر الخروج هكذا‪) 10 :‬فقال موسى أرغب إليك يا رب إني لست‬ ‫برجل فصيح الكلم من أمس ول من أول منه أيض ا‬

‫) ‪(4/1238‬‬


‫ول من حين خاطبت عبدك إني ألثغ وثقيل اللسان( ‪) 11‬فقال له الرب من الذي خلق فم‬ ‫النسان‪ ،‬أو من صنع الخرس والصم والبصير والعمى أليس أنا( ‪) 12‬فاذهب وأنا أكون في‬ ‫فيك وأعلمك ما تتكلم( ‪) 13‬فأما هو فقال أرغب إليك يا رب أن ترسل من أنت ترسل( ‪24‬‬ ‫)فاشتد غضب الرب على موسى( الخ‪ .‬فاستعفى موسى عليه السلم عن النبوة‪ ،‬وقد كان الرب‬ ‫وعده وجعله مطمئناا‪ ،‬فاشتد عليه غضب الرب‪.‬‬

‫]‪ [20‬في الية التاسعة عشر من الباب الثاني والثلثين من سفر الخروج هكذا‪) :‬فلما دنا من‬ ‫المحلة وأبصر العجل وجوق المغنيين فاشتد غضب موسى ورمى باللوحين من يده فكسرهما في‬ ‫أسفل الجبل( ‪ .‬وهذان اللوحان كانا من عمل ال وخط ال‪ ،‬كما هو مصرح به في هذا الباب‪،‬‬ ‫فكسرهما خطأ‪ ،‬ولم يحصل بعد ذلك مثلهما‪ ،‬لن اللوحين اللذين حصل بعدهما كانا من عمل‬ ‫موسى ومن خطه‪ ،‬كما هو مصرح به في الباب الرابع والثلثين من سفر الخروج‪.‬‬ ‫]‪ [21‬الية الثانية عشر من الباب العشرين من سفر العدد هكذا‪) :‬وقال الرب لموسى وهارون من‬ ‫أجل إنكما لم تصدقاني وتقدساني قدام بني إسرائيل‪ ،‬من أجل ذلك ل تدخلن أنتما بهذه الجماعة‬ ‫إلى الرض التي وهبت لهم( ‪.‬‬

‫) ‪(4/1239‬‬

‫وفي الباب الثاني والثلثين من سفر الستثناء هكذا‪) 48 :‬وكلم الرب موسى في ذلك اليوم وقال‬ ‫له( ‪) 49‬ارق هذا الجبل عبريم وهو جبل المجازاة إلى جبل نابو الذي في أرض مواب تلقاء‬ ‫أريحاء‪ ،‬ثم انظر إلى أرض كنعان التي أنا أعطيها لبني إسرائيل ليرثوها ثم مت في الجبل( ‪50‬‬ ‫)الذي تصعد إليه ويجتمع إلى شعوبك‪ ،‬كما مات أخوك هارون في هور الطور واجتمع إلى شعبه(‬ ‫‪) 51‬على أنكما عصيتماني في بني إسرائيل عند ماء الخصام في قادس برية صين ولم تطهراني في‬ ‫بني إسرائيل( ‪) 52‬فإنك ستنظر إلى الرض التي أنا أعطيها بني إسرائيل من تلقائها‪ ،‬وأما أنت فل‬ ‫تدخلها( ‪ .‬ففي هاتين العبارتين تصريح بصدور الخطأ عن موسى وهارون عليهما السلم بحيث‬ ‫صارا محرومين عن الدخول في الرض المقدسة‪ ،‬وقد قال ال زاجراا‪ :‬إنكما لم تصدقاني وتقدساني‬

‫وإنكما عصيتماني‪.‬‬


‫) ‪(4/1240‬‬

‫]‪ [ 22‬زنى شمسون الرسول بامرأة زانية‪ ،‬كانت في غزة‪ ،‬ثم تعشق امرأة اسمها دليلي التي كانت‬ ‫من أهل وادي شوارق‪ ،‬وكان يدخل إليها‪ ،‬فأمرها كفار فلسطين أن تسأله‪ ،‬كيف يقدر الفلسطانيون‬ ‫عليه ويوثقونه‪ ،‬ول يقدر هو على كثر الوثاق‪ ،‬ووعدوا العطية الجزيلة‪ .‬فسألته فكذب ثلث مرات‪،‬‬ ‫فقالت له هذه الفاجرة كيف تقول أنك تحبني وقلبك ليس معي وقد كذبتني ثلث دفعات‪ ،‬وضيقت‬ ‫عليه بكلمها أيام ا كثيرة فأطلعها على كل شيء‪ ،‬وقال‪ :‬إن حلقوا شعر رأسي زالت عني قوتي‬

‫وصرت كواحد من الناس‪ .‬فلما رأت أنه قد أظهر ما في قلبه فدعت رؤساء أهل فلسطين‪ ،‬وأنامته‬ ‫على ركبتها‪ ،‬ودعت الحلق فحلق سبع خصال شعر رأسه‪ .‬فزالت عنه قوته‪ ،‬فأسروه وقلعوا عينيه‬

‫وحبسوه في السجن‪ ،‬ثم‬

‫) ‪(4/1241‬‬

‫استشهد هناك‪ .‬وهذه القصة مصرح بها في الباب السادس عشر من سفر القضاة وشمسون نبي‬ ‫وتدل على نبوته الية ‪ 5‬و ‪ 25‬من الباب الثالث عشر‪ .‬والية ‪ 6‬و ‪ 19‬من الباب الرابع عشر‪،‬‬ ‫والية ‪ 14‬و ‪ 18‬و ‪ 19‬من الباب الخامس عشر من السفر المذكور‪ ،‬والية الثانية والثلثون من‬ ‫الباب الحادي عشر من الرسالة العبرانية‪.‬‬ ‫]‪ [23‬في الباب الحادي والعشرين من سفر صموئيل الول في حال داود‪ ،‬لما فر من خوف‬ ‫شاوول ملك إسرائيل‪ ،‬ووصل إلى نوبا عند أخيملك الكاهن هكذا‪) 1 :‬وأتى داود إلى نوبا أخيملك‬ ‫الحبر‪ ،‬فتعجب أخيملك من إتيان داود وقال له لماذا جئت وحدك وليس معك أحد( ‪) 2‬فقال‬ ‫داود لخيملك الكاهن إن الملك أمرني بشيء وقال لي ل يعلم أحد بهذا فيما أبعثك وأمرتك‪ ،‬فأما‬ ‫الفتيان فقد فرضت لهم ذلك الموضع وذلك( ‪) 3‬والن إن كان‬

‫) ‪(4/1242‬‬


‫شيء تحت يدك أو خمسة من الخبز فادفع إلي أو مهما وجدت( ‪) 6‬وأعطاه الخبز خبز القدس‬ ‫الخ( ‪) 8‬وقال داود لخيملك أهنا تحت يدك سيف أو حربة‪ ،‬لن سيفي وحربتي لم آخذ معي‪،‬‬ ‫لن كان أمر الملك مسرعاا( ‪ .‬فكذب داود عليه السلم كذب ا بعد كذب‪ ،‬وصارت ثمرة هذا الكذب‬ ‫أن شاوول السفاك ملك بني إسرائيل قتل أهل نوبا كلهم‪ ،‬ذكورهم ونساءهم وأطفالهم ودوابهم من‬

‫البقر والغنم والحمر‪ ،‬وقتل في هذه الحادثة خمسة وثمانون كاهناا‪ ،‬ونجا في هذه الحادثة ابن‬

‫لخيملك اسمه ابيثار‪ ،‬وفر ووصل إلى داود عليه السلم‪ .‬وأقر داود عليه السلم بأني سبب لقتل‬

‫أهل بيتك كلهم‪ ،‬كما هو مصرح به في الباب الثاني والعشرين من السفر المذكور‪.‬‬ ‫]‪ [24‬في الباب الحادي عشر من سفر صموئيل الثاني هكذا‪) :‬قام داود عليه السلم من فراشه‬ ‫بعد الظهر يتمشى على سطح مجلس ملكه‪ ،‬فأبصر امرأة تغتسل على سطحها وكانت جميلة جداا‪،‬‬ ‫فأرسل داود عليه السلم وسأل عن المرأة وقالوا له إنها بنت شباع امرأة أوريا‪ ،‬فأرسل داود رسلا‬ ‫وأخذها ونام معها‪ ،‬ثم رجعت إلى بيتها فحبلت وأخبرته وقالت إني قد حبلت‪ .‬فأرسل داود عليه‬

‫السلم إلى يواب قائلا له‪ :‬أرسل إلى أوريا‪ ،‬فأرسل يواب أوريا‪ ،‬وسأل داود عليه السلم أوريا عن‬ ‫سلمة يواب وعن سلمة الشعب وعن الحرب‪ ،‬ثم قال‪ :‬انزل إلى بيتك‪.‬‬

‫) ‪(4/1243‬‬

‫فخرج أوريا فرقد بباب بيت الملك ولم ينحدر إلى بيته‪ ،‬وأخبروا داود عليه السلم‪ ،‬أن أوريا لم‬ ‫ينزل إلى بيته‪ .‬فقال داود عليه السلم‪ :‬لماذا لم تنحدر إلى بيتك‪ .‬فقال أوريا‪ :‬تابوت ال وإسرائيل‬ ‫ويهوذا في الخيام وسيدي يواب وعبيد سيدي في القفر وأنا أنطلق إلى بيتي وآكل وأشرب وأنام مع‬ ‫امرأتي‪ ،‬ل وحياتك وحياة نفسك أني ل أفعل هذا‪ .‬وقال داود عليه السلم‪ :‬أقم اليوم أيضا ههنا‪،‬‬

‫وإذا كان الغد أرسلك‪.‬‬

‫وبقي أوريا في أورشليم ذلك اليوم‪ ،‬وفي اليوم الخر داعه داود عليه السلم ليأكل قدامه ويشرب‬ ‫فسكره‪ ،‬وخرج وقت المساء فنام مكانه على جانب عبيد سيده ولم ينحدر إلى بيته‪ ،‬فلما كان‬ ‫الصباح كتب داود عليه السلم صحيفة إلى يواب‪ ،‬وأرسلها بيد أوريا وقال صيروا أوريا في أول‬ ‫الحرب‪ ،‬وإذا اشتبك الحرب ارجعوا واتركوه وحده ليقتل‪ ،‬فلما نزل يواب حول القرية أقام أوريا في‬ ‫المكان الذي يعلم أن الرجال الشجعان هناك‪ ،‬فخرج أهل القرية فقاتلوا يواب فسقط من الشعب‬ ‫قوم من عبيد داود عليه السلم وأوريا فمات‪ ،‬وأرسل يواب إلى داود عليه السلم وأخبره‪ ،‬وسمعت‬


‫امرأة أوريا أن زوجها قد مات فناحت عليه‪ ،‬فلما انقضت مناحتها‪ ،‬أرسل داود عليه السلم فأدخلها‬ ‫بيته وصارت له امرأة وولدت له ابناا‪ ،‬وساء هذا الفعل الذي فعل داود أمام الرب( انتهى ملخصاا‪.‬‬ ‫وفي الباب الثاني عشر من سفر صموئيل الثاني حكم الرب لداود على لسان ناثان النبي عليهما‬ ‫السلم هكذا‪) 9 :‬ولماذا أزريت بوصية الرب وارتكبت القبيح أمام عيني وقتلت أوريا الحيتاني في‬ ‫الحرب وامرأته أخذتها لك امرأة وقتلته بسيف بني عمون( ‪) 14‬ولكن لنك أشمت بك أعداء‬ ‫الرب‬

‫) ‪(4/1244‬‬

‫بهذه الفعلة فالبن الذي ولد لك موت ا يموت( فصدر عن داود ثمانية خطيئات‪:‬‬

‫)الولى( أنه نظر إلى امرأة أجنبية بنظر الشهوة‪ ،‬وقد قال عيسى عليه السلم أن كل من ينظر إلى‬

‫امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه‪ ،‬كما هو مصرح به في الباب الخامس من إنجيل متى‪.‬‬ ‫)والثانية( أنه ما اكتفى على نظر الشهوة‪ ،‬بل طلبها وزنى بها‪ ،‬وحرمة الزنا قطعية‪ ،‬ومن الحكام‬ ‫العشرة المشهورة‪ .‬كما قال ال في التوراة ل تزن‪.‬‬ ‫)والثالثة( أن هذا الزنا كان بزوجة الجار‪ ،‬وهذا أشد أنواع الزنا‪ ،‬وذنب آخر كما هو مصرح به في‬ ‫الحكام العشرة المشهورة‪.‬‬ ‫)والرابعة( ما أجرى حد الزنا ل على نفسه‪ ،‬ول على هذه المرأة‪ .‬والية العاشرة من الباب العشرين‬ ‫من سفر الحبار هكذا‪) :‬ومن زنى بامرأة لها رجل فليقتل الزاني‪ ،‬والزانية( ‪ .‬والية الثانية والعشرون‬ ‫من الباب الثاني والعشرين من سفر الستثناء هكذا‪) :‬إن اضطجع رجل مع امرأة غيره فكلهما‬ ‫يموتان الزاني والزانية‪ ،‬وارفع الشر من إسرائيل( ‪.‬‬ ‫)والخامسة( أن داود عليه السلم طلب أوريا من المعسكر‪ ،‬وأمره أن يذهب إلى بيته‪ ،‬وجل غرض‬ ‫داود عليه السلم أن يلقي على عيبه ستراا‪ ،‬ويكون هذا الحبل منسوب ا إلى أوريا‪ .‬ولما لم يذهب‬

‫لجل ديانته‪ ،‬وحلف أنه ل يروح‪ ،‬فأقامه‬

‫) ‪(4/1245‬‬


‫داود عليه السلم اليوم الثاني‪ ،‬وجعله سكران يسقي الخمر الكثير ليروح إلى بيته في حالة الخمار‪،‬‬ ‫لكنه لم يرح في هذه الحالة أيضا مراعيا لديانته‪ ،‬ولم يلتفت إلى زوجته الجميلة التي كانت جائزة له‬

‫ل‪ .‬فسبحان ال العزيز حال ديانة العوام عند أهل الكتاب في ترك المر الجائز لجل‬ ‫شرع ا وعق ا‬ ‫الديانة هكذا‪ ،‬وحال ديانة النبياء السرائيلية في ارتكاب الفواحش هكذا‪.‬‬

‫)والسادسة( أنه لما لم تحصل ثمرة مقصوده على إسكار أوريا‪ ،‬عزم داود عليه السلم على قتله‪،‬‬ ‫فقتله بسيف بني عمون‪ ،‬وفي الية السابعة من الباب الثالث والعشرين من سفر الخروج‪) :‬ل تقتل‬ ‫البار الزكي( ‪.‬‬ ‫)والسابعة( أنه لم يتنبه على خطأه‪ ،‬ولم يتب ما لم يعاتبه ناثان النبي عليه السلم‪.‬‬ ‫)والثامنة( أنه قد وصل إليه حكم ال بأن هذا الولد الذي تولد بالزنا يموت‪ ،‬ومع هذا دعا لجل‬ ‫عافيته‪ ،‬وصام وبات على الرض‪.‬‬ ‫]‪ [25‬في الباب الثالث عشر من سفر صموئيل الثاني‪ ،‬أن حمنون الولد الكبر لداود زنى بثامار‬ ‫قهرا ثم قال لها أخرجي‪ ،‬ولما امتنعت عن الخروج أمر خادمه فأخرجها‪ ،‬وأغلق الباب خلفها‬

‫فخرجت صارخة‪ ،‬وسمع داود عليه السلم هذه المور‪ ،‬وشقت عليه‪ ،‬لكنه لم يقل لحمنون شيئا‬ ‫لمحبته له ول لثامار‪ ،‬وكانت ثامار هذه أختا لبي شالوم بن داود عليه السلم يقيناا‪،‬‬

‫) ‪(4/1246‬‬

‫ولذلك بغض أبيشالوم حمنون‪ ،‬وعزم على قتله‪ ،‬ولما قدر عليه قتله‪.‬‬ ‫]‪ [26‬في الية الثانية والعشرين من الباب السادس عشر من سفر صموئيل الثاني هكذا‪) :‬فضربوا‬ ‫لبيشالوم خيمة على السطح‪ ،‬ودخل على سراري أبيه تجاه جميع إسرائيل( ثم حارب أبيشالوم‬ ‫الب حتى قتل في تلك المحاربة عشرون ألف ا من بني إسرائيل كما هو مصرح به في الباب الثامن‬ ‫عشر‪ ،‬فابن داود عليه السلم هذا فاق روبيل الولد الكبر ليعقوب عليه السلم بثلثة أوجه‪:‬‬

‫)الول( أنه زنى بجميع سراري أبيه بخلف روبيل فإنه زنى بسرية واحدة‪.‬‬ ‫)والثاني( أنه زنى تجاه جميع إسرائيل علنية بخلف روبيل فإنه زنى خفية‪.‬‬ ‫)والثالث( أنه حارب أباه حتى قتل عشرون ألف ا من بني إسرائيل‪ .‬وداود عليه السلم مع صدور هذه‬ ‫المور عن هذا الخلف السوء‪ ،‬كان وصى رؤساء العسكر أن ل يقتله أحد‪ ،‬لكن يواب خالف أمره‪،‬‬

‫وقتل هذا الخلف السوء‪ ،‬ولما سمع داود عليه السلم بكى بكاءا شديداا‪ ،‬وحزن عليه‪ .‬وأنا ل‬


‫أتعجب من هذه المور لن أمثالها لو صدرت عن أولد النبياء‪ ،‬بل النبياء‪ ،‬ليست عجيبة على‬ ‫حكم كتبهم المقدسة‪ ،‬بل أتعجب ان زناءه بسراري‬

‫) ‪(4/1247‬‬

‫أبيه كان بعدل الرب‪ ،‬وهو كان هيج هذا الزاني‪ ،‬لنه كان وعده على لسان ناثان النبي عليه السلم‬ ‫لما زنى داود عليه السلم بامرأة أوريا‪ .‬في الباب الثاني عشر من السفر المذكور هكذا‪) 11 :‬فهذا‬ ‫ما يقول الرب هو ذا أنا مثير عليك شرا من بيتك‪ ،‬وآخذ نساءك عيانك فأعطي صاحبك فينضجع‬

‫مع نسائك عيان هذه الشمس( ‪) 12‬فإنك أنت فعلت هذا خفياا‪ ،‬وأنا أجعل هذا الكلم أمام جميع‬ ‫إسرائيل‪ ،‬ومقابل الشمس( فوفى ال بما وعد‪.‬‬

‫]‪ [27‬في الباب الحادي عشر من سفر الملوك الول هكذا‪) 1 :‬وكان سليمان الملك قد أحب‬ ‫نساء كثيرة غريبة‪ ،‬وابنة فرعون‪ ،‬ونساء من بنات الموابيين‪ ،‬ومن بنات عمون‪ ،‬ومن بنات أدوم‪ ،‬ومن‬ ‫بنات الصيدانيين‪ ،‬ومن بنات الحيثانيين( ‪) 2‬من الشعوب الذين قال الرب لبني إسرائيل ل تدخلوا‬ ‫إليهم‪ ،‬ول يدخلوا إليكم لئل يميلوا قلوبكم إلى آلهتكم‪ ،‬وهؤلء التصق بهم سليمان بحب شديد(‬ ‫‪) 3‬وصار له سبعمائة امرأة حرة‪ ،‬وثلثمائة سرية‪ ،‬وأغوت نساءه قلبه( ‪) 4‬فلما كان عند كبر سليمان‬ ‫أغوت نساءه إلى آلهة أخر‪ ،‬ولم يكن قلبه سليما ل ربه مثل قلب داود أبيه( ‪) 5‬وتبع سليمان‬

‫عستروت إله الصيدانيين وملكوم‬

‫) ‪(4/1248‬‬

‫صنم بني عمون( ‪) 6‬وارتكب سليمان القبح أمام الرب ولم يتم أن يتبع الرب مثل داود أبيه( ‪) 7‬ثم‬ ‫نصب سليمان نصبة لكاموش صنم مواب في الجبل الذي قدام أورشليم‪ ،‬ولملكوم وثن بني عمون(‬ ‫‪) 8‬وكذلك صنع لجميع نسائه الغرباء‪ ،‬وهن يبخرن‪ ،‬ويذبحن للهتهن( ‪) 9‬فغضب الرب على‬ ‫سليمان حيث مال قلبه عن الرب إله إسرائيل الذي ظهر له مرتين( ‪) 10‬ونهاه عن هذا الكلم أن‬ ‫ل يتبع آلهة الغرباء‪ ،‬ولم يحفظ ما أمره به الرب( ‪) 11‬فقال الرب لسليمان‪ :‬إنك فعلت هذا‬ ‫الفعل‪ ،‬ولم تحفظ عهدي ووصاياي التي أمرتك بهن‪ ،‬أشق شقا ملكك‪ ،‬وأصيره إلى عبدك( ‪.‬‬

‫فصدر عن سليمان عليه السلم خمس خطيئات‪:‬‬


‫)الولى( وهي أعظمها أنه ارتد في آخر عمره‪ ،‬الذي هو حين التوجه إلى ال‪ .‬وجزاء المرتد في‬ ‫الشريعة الموسوية الرجم‪ ،‬ولو كان نبيا ذا معجزات كما هو مصرح به في الباب الثالث عشر‪،‬‬

‫والسابع عشر من سفر الستثناء‪ ،‬ول يعلم من موضع من مواضع التوراة‪ ،‬أنه يقبل توبة المرتد‪ ،‬ولو‬ ‫كان توبة المرتد مقبولة‪ ،‬لما أمر موسى عليه السلم بقتل عبدة العجل‪ ،‬حتى قتل ثلثة وعشرين‬

‫ألف رجل على خطأ عبادته‪.‬‬ ‫)والثانية( أنه بنى المعابد العالية للصنام في الجبل قدام أورشليم‪ ،‬وهذه المعابد كانت باقية مئتين‬ ‫سنة حتى نجسها‪ ،‬وكسر الصنام يوسنا بن آمون ملك‬

‫) ‪(4/1249‬‬

‫يهوذا في عهده‪ ،‬بعد موت سليمان عليه السلم بأزيد من ثلثمائة وثلثين سنة‪ ،‬كما هو مصرح به‬ ‫في الباب الثالث والعشرين من سفر الملوك الثاني‪.‬‬ ‫)والثالثة( أنه تزوج نساء من سفر الشعوب‪ ،‬التي كان ال منع من اللتصاق بهم‪ ،‬في الباب السابع‬ ‫من الستثناء هكذا‪) :‬ول تجعل معهم زيجة فل تعط ابنتك لبنه‪ ،‬ول تتخذ ابنته لبنك( ‪.‬‬ ‫)والرابعة( تزوج ألف امرأة‪ ،‬وقد كانت كثرة الزواج محرمة على من يكون سلطان بني إسرائيل في‬ ‫الية السابعة عشر من الباب السابع عشر من سفر الستثناء هكذا‪) :‬ول تكثر نساؤه لئل يخدعن‬ ‫نفسه( ‪.‬‬ ‫)والخامسة( أن نساءه كن يبخرن ويذبحن للوثان‪ ،‬وقد صرح في الباب الثاني والعشرين من سفر‬ ‫الخروج‪) :‬من يذبح للوثان فليقتل( ‪ .‬فكان قتلهن واجباا‪ ،‬وأيضا أنهن أغوين قلبه‪ ،‬فكان رجمهن‬

‫واجبا على ما هو مصرح به في الباب الثالث عشر من سفر الستثناء‪ ،‬وهو ما أجرى عليهم‬ ‫الحدود إلى آخر حياته‪.‬‬

‫) ‪(4/1250‬‬

‫فالعجب أن داود وسليمان عليهما السلم ما أجريا حدود التوراة على أنفسهما‪ ،‬ول على أهل‬ ‫بيتهما فأية مداهنة أزيد من هذا‪ ،‬أهذه الحدود التي فرضها ال للجراء على المساكين المفلوكين‬ ‫فقط‪ .‬ولم تثبت توبة سليمان عليه السلم من موضع من مواضع العهد العتيق‪ ،‬بل الظاهر عدم توبته‬


‫لنه لو تاب لهدم المعابد التي بناها‪ ،‬وكسر الصنام التي وضعها في تلك المعابد‪ ،‬ورجم تلك‬ ‫النساء المغويات‪ .‬على أن توبته ما كانت نافعة لن حكم المرتد في التوراة ليس إل الرجم‪ ،‬وما‬ ‫ادعى صاحب ميزان الحق في الصفحة الخامسة والخمسين من طريق الحياة المطبوعة سنة ‪1847‬‬ ‫من توبة آدم وسليمان عليهما السلم‪ ،‬فادعاء بحت وكذب صرف‪.‬‬ ‫]‪ [28‬قد عرفت في المر السابع من مقدمة الكتاب أن النبي الذي كان في بيت أيل كذب في‬ ‫تبليغ الوحي‪ ،‬وخدع رجل ال المسكين‪ ،‬وألقاه في غضب الرب وأهلكه‪.‬‬ ‫]‪ [29‬في الباب العاشر من سفر صموئيل الول في حق شاوول ملك إسرائيل السفاك المشهور‬ ‫هكذا‪) 10 :‬وأتوا إلى الرابية وإذا صف من النبياء استقبله‪ ،‬وحل عليه روح الرب فتنبأ بينهم( ‪11‬‬ ‫)وحينما نظره الذين يعرفونه من أمس‪ ،‬وقبل من المس فإذا هو مع النبياء متنبي‪ ،‬قال كل امرئ‬ ‫منهم لصاحبه‪ :‬ما هذا الذي أصاب ابن قيس شاوول في النبياء( ‪) 12‬فأجاب بعضهم البعض‬ ‫وقالوا‪ :‬من أبوهم من أجل هذا صار مثلا هل أيض ا شاوول في‬

‫) ‪(4/1251‬‬

‫النبياء( ‪) 13‬وفرغ مما تنبيء فأتى إلى الخضيرة( ‪.‬‬ ‫والية السادسة من الباب الحادي عشر من سفر صموئيل الول هكذا‪) :‬فاستقام روح ال على‬ ‫شاوول حين سمع هذا القول‪ ،‬واحتمى غضبه جداا( ‪.‬‬

‫يعلم من هذه العبارات أن شاوول كان مستفيض ا بروح القدس‪ ،‬وكان يخبر عن الحالت المستقبلة‪.‬‬ ‫وفي الباب السادس عشر من السفر المذكور‪) :‬وابتعد روح ال من شاوول وصار روح ردي يعذبه‬

‫بأمر الرب( ‪.‬‬ ‫ويعلم منه أن هذا النبي سقط عن درجة النبوة فابتعد عنه روح ال‪ ،‬وتسلط عليه روح الشيطان‪.‬‬ ‫وفي الباب التاسع عشر من السفر المذكور هكذا‪) 23 :‬فانطلق شاوول إلى نويت التي في الرامة‪،‬‬ ‫وحلت عليه أيض ا روح الرب‪ ،‬فجعل يسير ويتنبأ حتى انتهى المر إلى نويت في الرامة( ‪) 24‬وخلع‬

‫هو ثيابه وتنبا هو أيضا أمام صموئيل‪ ،‬وسقط عريان نهاره ذلك كله وليلته تلك كلها‪ ،‬فصار مثلا هل‬ ‫شاوول في النبياء( ‪.‬‬

‫فحصل لهذا النبي الساقط عن درجة النبوة هذه الدرجة العليا مرة أخرى‪ ،‬ونزل عليه روح القدس‬


‫نزولا قوياا‪ ،‬بحيث رمى ثيابه وصار عرياناا‪ ،‬وكان على هذه الحالة يوما بليلته‪ ،‬فهذا النبي الجامع بين‬ ‫الروح الشيطاني والرحماني‪ ،‬كان‬

‫) ‪(4/1252‬‬

‫مجمع العجاب‪ ،‬فمن شاء فلينظر حال ظلمه وعتوه في السفر المذكور‪.‬‬ ‫]‪ [30‬يهوذا السخريوطي كان أحد الحواريين‪ ،‬وكان مستفيضا بروح القدس‪ ،‬وممتلئا عنة‪ ،‬صاحب‬ ‫الكرامات‪ ،‬كما هو مصرح به في الباب العاشر من إنجيل متى‪ ،‬وهذا النبي باع دينه بدنياه‪ ،‬وسلم‬

‫عيسى عليه السلم بأيدي اليهود بطمع ثلثين درهماا‪ ،‬ثم خنق نفسه ومات‪ ،‬كما هو مصرح به في‬

‫الباب السابع والعشرين من إنجيل متى‪ ،‬وشهد يوحنا في حقه في الباب الثاني عشر من إنجيله أنه‬

‫كان سارق اا‪ ،‬وكان الكيس عنده‪ ،‬وكان يحمل ما يلقى فيه‪ .‬أيكون النبي مثل هذا السارق البائع دينه‬

‫بدنياه‪.‬‬

‫]‪ [31‬فر الحواريون الذين هم في زعمهم أفضل من موسى وسائر النبياء السرائيلية عليهم‬ ‫السلم‪ ،‬في الليلة التي أخذ اليهود فيها عيسى عليه السلم وتركوه في أيدي العداء‪ ،‬وهذا ذنب‬ ‫عظيم‪ ،‬وإن قيل أن هذا المر إن صدر عنهم لجبنهم‪ ،‬والجبن أمر طبعي‪ .‬أقول‪ :‬لو سلم هذا‬ ‫فلعذر لهم في شيء آخر‪ ،‬هو كان أسهل الشياء‪ ،‬وهو أن عيسى عليه السلم كان في غاية‬ ‫الضطراب في هذه الليلة‪ ،‬وقال لهم إن نفسي حزينة جداا‪ ،‬امكثوا ههنا واسهروا معي‪ ،‬ثم تقدم‬

‫قليلا للصلة‪ ،‬ثم جاء إليهم فوجدهم نياماا‪ ،‬فقال لبطرس أهكذا ما قدرتم أن تسهروا معي ساعة‬ ‫واحدة‪ ،‬اسهروا وصلوا‪ .‬فمضى مرة ثانية للصلة ثم جاء فوجدهم نياما فتركهم ومضى ثم جاء‬

‫) ‪(4/1253‬‬

‫إلى تلميذه وقال لهم ناموا واستريحوا‪ .‬كما هو مصرح به في الباب السادس والعشرين من إنجيل‬ ‫متى‪ .‬ولو كان لهم محبة ما لما فعلوا هذا المر‪ ،‬أل ترى أن العصاة من أهل الدنيا إذا كان مقتداهم‬ ‫أو قريب من أقاربهم في غاية الضطراب‪ ،‬أو المرض الشديد في ليلة‪ ،‬ل ينامون في تلك الليلة ولو‬ ‫كانوا أفسق الناس‪.‬‬ ‫]‪ [ 32‬أن بطرس الحواري الذي هو رئيس الحواريين‪ ،‬وخليفة عيسى عليه السلم على ادعاء فرقة‬


‫كاتلك‪ ،‬وإن كان متساوي القدام في المر المتقدم مع الحواريين الباقين‪ ،‬لكنه حصل له الفضل‬ ‫بأن اليهود لما أخذوا عيسى عليه السلم‪ ،‬تبعه من بعيد إلى دار رئيس الكهنة‪ ،‬فجلس خارج الدار‬ ‫فجاءت جارية قائلة‪ :‬وأنت كنت مع يسوع الجليلي‪ .‬فأنكر قدام الجميع‪ ،‬ثم رأى أخرى وقالت‬ ‫للذين هناك‪ ،‬هذا كان مع يسوع الناصري‪ .‬فأنكر أيض ا يقسم إني لست أعرف هذا الرجل‪ ،‬وبعد‬

‫قليل جاء القيام وقالوا لبطرس حقا أنت أيضا منهم‪ ،‬فابتدأ حينئذ يلعن ويحلف‪ :‬إني ل أعرف هذا‬ ‫الرجل‪ .‬وللوقت صاح الديك‪ ،‬فتذكر بطرس كلم عيسى عليه السلم‪ ،‬إنك قبل أن يصيح الديك‬ ‫تنكرني ثلث مرات كما هو مصرح به في الباب السادس والعشرين من إنجيل متى‪ .‬وقد قال‬ ‫المسيح عليه السلم له‪ :‬اذهب عني يا شيطان أنت معثرة لي لنك ل تهتم بما ل‪ ،‬لكن تهتم بما‬ ‫للناس‪ ،‬كما هو مصرح به في الباب السادس عشر من إنجيل متى‪.‬‬

‫) ‪(4/1254‬‬

‫وكتب مقدسهم بولس في الباب الثاني من رسالته إلى أهل غلطية هكذا‪) 11 :‬ولكن لما أتى‬ ‫بطرس إلى أنطاكية‪ ،‬قاومته مواجهة لنه كان ملوماا( ‪) 12‬لنه قبل ما أتى قوم من عند يعقوب كان‬ ‫يأكل مع المم‪ ،‬ولكن لما أتوا كان يؤخر ويفرز نفسه خائفا من الذين هم من أهل الختان( ‪13‬‬

‫)ورأى معه باقي اليهود أيضا حتى أن برنابا أيضا انقاد إلى ريائهم( ‪) 14‬لكن لما رأيت أنهم ل‬

‫يسلكون باستقامة حسب حق النجيل‪ ،‬قلت لبطرس قدام الجميع إن كنت وأنت يهودي تعيش‬

‫أممياا‪ ،‬فلماذا تلزم المم أن يتهودوا( ‪.‬‬

‫وكان بطرس يتقدم على الحواريين في القول‪ ،‬لكنه في بعض الوقات ل يدري ما يقول كما صرح به‬

‫في الية الثالثة والثلثين من الباب التاسع من إنجيل لوقا‪ ،‬وفي الرسالة الثانية من كتاب الثلث‬ ‫عشرة رسالة المطبوعة سنة ‪ 1849‬في بيروت في الصفحة ‪) :60‬أن أحد الباء يقول إنه كان به‬ ‫شديدا داء التجبر والمخالفة( ‪ .‬يوحنا فم الذهب مقاله ‪ 82‬و ‪ 83‬في متى ثم في الصفحة ‪:61‬‬

‫)يقول فم الذهب أنه كان ضعيفا متخلخل العقل‪ ،‬والقديس اغوستينوس يقول عن بطرس‪ :‬أنه كان‬

‫غير ثابت لنه كان يؤمن أحيانا ويشك أحياناا‪ ،‬وتارة يعرف أن المسيح غير مائت‪ ،‬وتارة يخاف أن‬ ‫يموت‪ ،‬وكان المسيح يقول له مرة طوبى لك‪ ،‬وأخرى يقول له يا شيطان( انتهى بلفظه‪.‬‬

‫فهذا الحواري عندهم أفضل من موسى وسائر‬

‫) ‪(4/1255‬‬


‫النبياء السرائيلية‪ ،‬فإذا كان حال الفضل من موسى كما علمت‪ .‬فماذا يعتقد في حق المفضولين‪.‬‬ ‫]‪ [33‬كان رئيس الكهنة قيافا نبيا بشهادة يوحنا في الية الحادية والخمسين من الباب الحادي‬

‫عشر من إنجيل يوحنا‪ ،‬قوله في حق قيافا في الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪ 1841‬وسنة ‪1844‬‬ ‫هكذا‪) :‬ولم يقل هذا من نفسه‪ ،‬لكن من أجل أنه كان عظيم الكهنة في تلك السنة‪ ،‬فتنبأ أن يسوع‬

‫كان مزمعا أن يموت بدل المة( ‪ .‬فقوله تنبأ يدل على نبوته‪ ،‬وهذا النبي أفتى بقتل عيسى عليه‬ ‫السلم‪ ،‬وكفره وأهانه‪ ،‬فلو كانت هذه المور بالنبوة واللهام‪ ،‬فعيسى عليه السلم واجب الرد‬

‫والعياذ بال‪ .‬وإن كانت بإغواء الشيطان‪ ،‬فأي ذنب أكبر من هذه‪ .‬وأكتفي على هذا القدر وأقول‬ ‫أن الذنوب المذكورة وأمثالها‪ ،‬مصرح بها في كتب العهدين‪ ،‬ولم تقدح هذه الذنوب في نبوة‬ ‫أنبيائهم‪ ،‬أفل يستحيون أن يعترضوا على )محمد( صلى ال عليه وسلم في أمور خفيفة‪.‬‬ ‫وإذا عرفت هذا فالن أشرع في نقل مطاعنهم والجواب عنها وأقول‪:‬‬ ‫)المطعن الول( مطعن الجهاد ‪ ،‬وهو من أعظم المطاعن في زعمهم‪ ،‬ويقررونه في رسائلهم بتقريرات‬ ‫عجيبة مموهة‪ ،‬منشؤها العناد الصرف‪ ،‬وأنا أمهد قبل تحرير الجواب أمورا خمسة‪:‬‬

‫)المر الول( أن ال يبغض الكفر ويجازي عليه في الخرة يقيناا‪ ،‬وكذا‬

‫) ‪(4/1256‬‬

‫يبغض العصيان وقد يعاقب الكفار والعصاة في الدنيا أيضاا‪ ،‬فيعاقب الكفار تارة بالغراق عموم ا في‬ ‫عهد نوح عليه السلم‪ ،‬فإنه أهلك كل ذي حياة غير أهل السفينة بالطوفان‪ ،‬وتارة بالغراق‬

‫خصوص اا‪ ،‬كما في عهد موسى عليه السلم حيث أغرق فرعون وجنوده‪ ،‬وتارة بالهلك مفاجأة‪ ،‬كما‬ ‫أهلك أكبر الولد لكل إنسان وبهيمة من أهل مصر في ليلة خرج بنو إسرائيل فيها من مصر‪ ،‬كما‬

‫هو مصرح به في الباب الثاني عشر من سفر الخروج‪ ،‬وتارة بإمطار الكبريت والنار من السماء‪،‬‬ ‫وقلب المدن‪ ،‬كما في عهد لوط عليه السلم‪ ،‬فإنه أهلك سادوم وعمورة ونواحيهما بإمطار‬ ‫الكبريت والنار وقلب المدن‪ ،‬وتارة بإهلكهم بالمراض‪ ،‬كما أهلك السدوديين بالبواسير‪ ،‬كما هو‬ ‫مصرح به في الباب الخامس من سفر صموئيل الول‪ ،‬وتارة بإرسال الملك لهلكهم‪ ،‬كما فعل‬ ‫بعسكر الثوريين‪ ،‬حيث أرسل ملكاا‪ ،‬فقتل منهم في ليلة واحدة مائة وخمسة وثمانين ألفاا‪ ،‬كما هو‬ ‫مصرح به في الباب التاسع عشر من سفر الملوك الثاني‪ ،‬وتارة بجهاد النبياء ومتبعيهم‪ ،‬كما‬


‫ستعرف في المر الثاني‪ ،‬وكذا يعاقب العصاة أيضا تارة بالخسف والنار‪ ،‬كما أهلك قورح وداثان‬ ‫وأبيرم وغيرهم لما خالفوا موسى عليه السلم‪ ،‬فانفلقت الرض وابتلعت‬

‫) ‪(4/1257‬‬

‫قورح وداثان وأبيرم ونسائهم وأولدهم وأثقالهم‪ ،‬ثم خرجت نار فأكلت مائتين وخمسين رجلا كما‬

‫هو مصرح به في الباب السادس عشر من سفر العدد‪.‬‬

‫وتارة بالهلك مفاجأة كما أهلك أربعة عشر ألفا وسبعمائة لما خالف بنو إسرائيل في غد هلك‬

‫قورح وغيره‪ ،‬ولو لم يقم هارون عليه السلم بين الموتى والحياء‪ ،‬ولم يستغفر للقوم‪ ،‬لهلك الكل‬

‫بغضب الرب في هذا اليوم‪ ،‬كما هو مصرح به في الباب المذكور‪ .‬وكما أهلك خمسين ألف ا وسبعين‬

‫رج لا من أهل بيت الشمس على أنهم رأوا تابوت ال‪ ،‬كما هو مصرح به في الباب السادس من‬ ‫سفر صموئيل الول‪ .‬وتارة بإرسال الحيات المؤذية‪ ،‬كما أن بني إسرائيل لما خالفوا موسى عليه‬

‫السلم مرة أخرى‪ ،‬أرسل ال عليهم الحيات المؤذية‪ ،‬فجعلت تلدغهم‪ ،‬فمات كثير منهم كما هو‬ ‫مصرح به في الباب الرابع والعشرين من سفر العدد‪ .‬وتارة بإرسال الملك كما أهلك سبعين ألف ا في‬

‫يوم واحد‪ ،‬على أن داود عليه السلم عد بني إسرائيل‪ ،‬كما هو مصرح به في الباب الرابع والعشرين‬

‫من سفر صموئيل الثاني‪ .‬وقد ل يعاقب الكفار والعصاة في الدنيا‪ .‬أل ترى أن الحواريين على زعم‬ ‫المسيحيين كانوا أفضل من موسى وسائر النبياء السرائيلية‪ ،‬ومن تابوت ال‪ .‬وأن قاتليهم عند‬ ‫المسيحيين أسوأ من كفار عهد نوح ولوط وموسى عليهم السلم‪ .‬وقتل نيرو الظالم المشرك‪ ،‬الذي‬ ‫كان ملك ملوك الروم‪ ،‬بطرس الحواري وزوجته وبولس وكثيرا من المسيحيين بأشد أنواع القتل‪.‬‬

‫) ‪(4/1258‬‬

‫وكذا أكثر الكفار الحواريين وتابعيهم‪ .‬وما أهلكهم ال بالغراق ول بإمطار الكبريت والنار وقلب‬ ‫المدن‪ ،‬ول بقتل أكبر أولدهم‪ ،‬ول بابتلئهم بالمراض ول بإرسال الملك‪ ،‬ول بإرسال الحيات‪،‬‬ ‫ول بوجه آخر‪.‬‬ ‫)المر الثاني( أن النبياء السابقين أيضا قتلوا الكفار وسبوا نسائهم وذراريهم‪ ،‬ونهبوا أموالهم‪ .‬ول‬

‫تختص هذه المور بشريعة محمد صلى ال عليه وسلم‪ .‬كما ل يخفى على من طالع كتب العهدين‪.‬‬


‫وله شواهد كثيرة أكتفي على إيراد بعضها‪.‬‬ ‫‪ -1‬في الباب العشرين من كتاب الستثناء هكذا‪) 10 :‬وإذا دنوت من قرية لتقاتلها ادعهم أولا‬ ‫إلى الصلح( ‪) 11‬فإذا قبلت وفتحت لك البواب فكل الشعب الذي بها يخلص ويكونون لك‬ ‫عبيدا يعطونك الجزية( ‪) 12‬وإن لم ترد تعمل معك عهدا وتبتدئ بالقتال معك فقاتلها أنت( ‪13‬‬

‫)وإذا سلمها الرب إلهك بيدك اقتل جميع من بها من جنس الذكر بفم السيف( ‪) 14‬دون النساء‬ ‫والطفال والدواب وما كان في القرية غيرهم‪ ،‬واقسم للعسكر الغنيمة بأسرها وكل من سلب‬

‫أعدائك الذي يعطيك الرب إلهك( ‪) 15‬وهكذا فافعل بكل القرى البعيدة منك جدا وليست من‬

‫هذه القرى التي ستأخذها ميراثاا( ‪) 16‬فأما القرى التي تعطى أنت إياها فل تستحي منها نفس ا البتة(‬

‫‪) 17‬ولكن أهلكهم إهلكا كلهم بحد السيف الحيثي والموري والكنعاني والفرزي‬

‫) ‪(4/1259‬‬

‫والحوايي واليابوسي كما أوصاك الرب إلهك( ‪ .‬فظهر من هذه العبارة أن ال أمر في حق القبائل‬ ‫الست‪ ،‬أعني الحيثانيين والموريين والكنعانيين والفرزيين والحوايين واليابوسيين‪ ،‬أن يقتل بحد‬ ‫السيف كل ذي حياة منهم ذكورهم وإناثهم وأطفالهم‪ .‬وأمر فيما عداهم‪ ،‬أن يدعوا أولا إلى الصلح‪،‬‬ ‫فإن رضوا به وقبلوا الطاعة وأداء الجزية فيها‪ ،‬وإن لم يرضوا يحاربوا‪ ،‬فإذا حصل الظفر عليهم‪،‬‬

‫يقتل كل ذكر منهم بالسيف ويسبي نساؤهم وأطفالهم‪ ،‬وينهب دوابهم وأموالهم‪ ،‬وتقسم على‬ ‫المجاهدين‪ ،‬وهكذا يفعل بكل القرى التي هي بعيدة من قرى المم الست‪ .‬وهذه العبارة الواحدة‬ ‫تكفي من جوابهم عن تقريراتهم الواهية‪ ،‬وقد نقلها العلماء السلمية سلفا وخلفا في مقابلتهم‬

‫لكنهم يسكتون عنها كأنهم لم يروها في كلم المخالف‪ ،‬ول يجيبونه عنها ل بالتسليم ول بالتأويل‪.‬‬

‫‪ -2‬في الباب الثالث والعشرين من سفر الخروج هكذا‪) 23 :‬وينطلق ملكي أمامك فيدخلونك‬ ‫على الموريين والحيثانيين والفرزانيين والكنعانيين والحوايين واليابوسانيين الذين أنا أخرجهم( ‪24‬‬ ‫)ل تسجدن للهتهم ول تعبدها‪ ،‬ول تعمل كأعمالهم‪ ،‬ولكن خربهم تخريباأ واكسر أوثانهم( ‪.‬‬

‫‪ -3‬في الباب الرابع والثلثين من سفر الخروج في حق المم الست هكذا‪) 12 :‬فاحذر أن تعاهد‬ ‫البتة سكان تلك الرض الذين تأتيهم لئل يكونوا لك عثرة( ‪) 13‬ولكن اهدم مذابهحم وكسر‬ ‫أصنامهم واقطع أنساكهم( ‪.‬‬ ‫‪ -4‬في الباب الثالث والثلثين من سفر العدد‪) 51 :‬مر بني إسرائيل‬


‫) ‪(4/1260‬‬

‫وقل لهم إذا عبرتم الردن وأنتم داخلون أرض كنعان( ‪) 25‬فأبيدوا كل سكان تلك الرض‬ ‫واسحقوا مساجدهم واكسروا أصنامهم المنحوتة جميعها واعقروا مذابحها كلها( ‪) 55‬ثم أنتم إن لم‬ ‫تبيدوا سكان الرض فالذين يبقون منهم يكونون لكم كأوتاد في أعينكم ورماح في أجنابكم ويشقون‬ ‫عليكم في الرض التي تسكنونها( ‪) 56‬وما كنت عزمت أني أفعل بهم سأفعله بكم( ‪.‬‬ ‫‪ - 5‬في الباب السابع من سفر الستثناء هكذا‪) 1 :‬إذا أدخلك الرب إلهك الرض التي تدخل‬ ‫لترثها‪ ،‬وتبيد الشعوب الكثيرة من قدامك الحيثي والجرحيثاني والموراني والكنعاني والفرزاني‬ ‫والحوايي واليوساني‪ ،‬سبعة أمم أكثر منكم عددا وأشد منكم( ‪) 2‬وسلمهم الرب إلهك بيدك‬

‫فاضربهم حتى إنك ل تبقي منهم بقية‪ ،‬فل تواثقهم ميثاق ا ول ترحمهم( ‪) 5‬ولكن فافعلوا بهم هكذا‬ ‫خربوا مذابحهم وكسروا أصنامهم وقطعوا مناسكهم وأوقدوا أوثانهم( ‪ .‬فعلم من هذه العبارات أن‬

‫ال أمر بإهلك كل ذي حياة من المم السبع وعدم الرحمة عليهم‪ ،‬وعدم المعاهدة معهم وتخريب‬ ‫مذابحهم‪ ،‬وكسر أصنامهم‪ ،‬وإحراق أوثانهم‪ ،‬وقطع مناسكهم‪ ،‬وشدد في إهلكهم تشديدا بليغاا‪،‬‬ ‫وقال‪ :‬إن لم تهلكوهم أفعل بكم ما كنت عزمت أن أفعله بهم‪ .‬ووقع في حق هذه المم السبعة‬ ‫)أنهم أكثر منكم عددا وأشد منكم( ‪ .‬وقد‬

‫) ‪(4/1261‬‬

‫ثبت في الباب الول من سفر العدد أن عدد بني إسرائيل الذين كانوا صالحين لمباشرة الحروب‪،‬‬ ‫ل‪ ،‬وأن‬ ‫وكانوا أبناء عشرين سنة وما فوقها‪ ،‬كان ستمائة ألف وثلثة آلف وخمسمائة وخمسين رج ا‬

‫اللويين مطلق ا ذكورا أو إناثاا‪ ،‬وكذا إناث سائر السباط الحدى عشر مطلقاا‪ ،‬وكذا ذكورهم الذين‬ ‫لم يبلغوا عشرين سنة خارجون عن هذا العدد‪ ،‬ولو أخذنا عدد جميع بني إسرايل‪ ،‬وضممنا‬

‫المتروكين والمتروكات كلهم بالمعدودين‪ ،‬ل يكون الكل أقل من ألفي ألف وخمسمائة ألف‪ ،‬أعني‬ ‫مليونين ونصف مليون‪ ،‬وهذه المم السبعة إذا كانت أكثر منهم عددا وأشد منهم‪ ،‬فل بد أن يكون‬

‫عدد هذه المم‪ ،‬أكثر من عددهم‪ .‬وألف القسيس دقتركيث كتاب ا باللسان النكليزي‪ ،‬في بيان‬

‫صدق الخبارات عن الحوادث المستقبلة المندرجة في كتبهم المقدسة‪ ،‬وترجمه القسيس مريك‬


‫باللسان الفارسي وسماه كشف الثار في قصص أنبياء بني إسرائيل‪.‬‬ ‫وهذه الترجمة طبعت في أدن برغ سنة ‪ 1846‬من الميلد وسنة ‪ 1262‬من الهجرة‪ .‬ففي الصفحة‬ ‫‪ 26‬من هذه الترجمة‪) :‬علم من الكتب القديمة أن البلد اليهودية كان فيها قبل خمسمائة‬ ‫وخمسين سنة من الهجرة ثمانية كرورات( أي ثمانون مليون ا )من ذي حياة( انتهى‪ .‬فالغالب أن هذه‬

‫البلد في عهد موسى عليه السلم‪ ،‬كانت معمورة مثلها أو أزيد منها‪ ،‬فأمر ال بقتل ثمانين مليونات‬

‫أو أكثر منها من ذي حياة‪.‬‬ ‫‪ - 6‬في الية العشرين من الباب الثاني والعشرين من سفر الخروج هكذا‪) :‬من يذبح للوثان‬ ‫فليقتل( ‪.‬‬

‫) ‪(4/1262‬‬

‫‪ -7‬من طالع الباب الثالث عشر من سفر الستثناء‪ ،‬علم أن الداعي إلى عبادة غير ال‪ ،‬ولو كان‬ ‫نبي ا صاحب معجزات‪ ،‬واجب القتل‪ ،‬وكذا الداعي إلى عبادة الوثان واجب الرجم‪ ،‬وإن كان من‬

‫القارب أو من الصدقاء‪ .‬وإن عبدها أهل القرية‪ ،‬يقتل هؤلء كلهم ودوابهم بحد السلح وتحرق‬

‫ل‪ ،‬ثم ل تبنى‪.‬‬ ‫القرية ومتاعها وأموالها بالنار وتجعل ت ا‬

‫‪ -8‬في الباب السابع عشر من سفر الستثناء هكذا‪) 2 :‬إذا وجد عندك جوأة أحد أبوابك التي‬ ‫يعطيك الرب إلهك رجل أو امرأة‪ ،‬تعمل سيئة قدام الرب إلهك ويعدوا ميثاقه( ‪) 3‬ليذهبوا ويعبدوا‬ ‫آلهة أخرى ويسجدوا لها ويسجدوا للشمس والقمر‪ ،‬ولكل أجناد السماء ما لم آمر به أنا( ‪4‬‬ ‫)وأنت أخبرت بذلك وسمعت ذلك‪ ،‬وفحصت عنه بحرص فوجدت أن ذلك حق‪ ،‬وأنها قد صنعت‬ ‫رجاسة فاخرج الرجل الذي فعل الفعل السيء أو المرأة إلى أبواب قريتك وارجموه بالحجارة( ‪.‬‬ ‫‪ -9‬في الباب الثالث من سفر الخروج هكذا‪) 21 :‬وأعطى نعمة لهذا الشعب قدام المصريين وإذا‬ ‫ما أردتم الخروج‪ ،‬فل تخرجوا فارغين( ‪) 22‬بل تسأل المرأة ممنن جارتها‪ ،‬وممن التي هي ساكنة‬ ‫دارها‪ ،‬أواني فضة‪ ،‬وذهب‪ ،‬وثيابا وتضعونها على بنيكم‪ ،‬وبناتكم‪ ،‬وتسلبون مصر( ‪ .‬ثم في الباب‬ ‫الحادي عشر من السفر المذكور قول ال لموسى عليه السلم هكذا‪) 1 :‬فتحدث في مسمع‬ ‫الشعب أن يسأل الرجل صاحبه‪ ،‬والمرأة من صاحبتها أواني فضة‪ ،‬وأواني ذهب( ‪) 3‬والرب يعطي‬ ‫لشعبه نعمة قدام المصريين( ‪.‬‬

‫) ‪(4/1263‬‬


‫ثم في الباب الثاني عشر من السفر المذكور هكذا‪) 35 :‬وفعل بنو إسرائيل كما أمر موسى‪،‬‬ ‫واستعاروا من المصريين أواني فضة‪ ،‬وذهب‪ ،‬وشيئان كثيرا من الكسوة( ‪) 36‬فأما الرب أوهب نعمة‬ ‫لشعبه أمام المصرين أن يعيروهم واستلبوا المصريين( ‪ .‬فإذا كان عدد بني إسرائيل كما علمت‪،‬‬

‫واستعار رجالهم ونساؤهم من المصريين‪ ،‬يكون ما استعاروه مالا غير محصور‪ ،‬كما وعد ال أولا‬ ‫بأنكم تسلبون مصر‪ ،‬ثم أخبر ثانيا واستلبوا المصريين لكنه أجاز لهم السلب بحيلة الستعارة‪ ،‬التي‬

‫هي في الظاهر خديعة وغدر‪.‬‬

‫‪ -10‬في الباب الثاني والثلثين من سفر الخروج في حال عبادة العجل هكذا‪) 25 :‬فنظر موسى‬ ‫عليه السلم الشعب أنه قد صار عريان ا إنما عراه هارون لعار النجاسة‪ ،‬وجعله عريان ا بين العداء(‬

‫‪) 26‬فوقف في باب المحلة‪ ،‬وقال من كان من حزب الرب فليقبل إلي فاجتمع إليه جميع بني‬

‫لوى( ‪) 27‬وقال لهم هذا ما يقول الرب إله إسرائيل ليتقلد كل رجل منكم سيفه فجوزوا في وسط‬ ‫المحلة من باب إلى باب‪ ،‬وارتدوا وليقتل الرجل منكم أخاه‪ ،‬وصاحبه‪ ،‬وقريبه( ‪) 28‬فصنع بنو‬ ‫لوى كما أمرهم موسى عليه السلم فقتلوا في ذلك اليوم من الشعب نحو ثلثة وعشرين ألف‬ ‫رجل( ‪ .‬فقتل موسى عليه السلم على عبادة العجل ثلثة وعشرين ألفاا‪ .‬واعلم أنه وقع في الترجمة‬

‫العربية سنة ‪ ،1831‬وسنة ‪ ،1844‬وسنة ‪ 1848‬التي نقلت عنها هذه العبارة لفظ ثلثة وعشرين‬ ‫ألف رجل‪.‬‬ ‫‪ -11‬في الباب الخامس والعشرين من سفر العدد‪ ،‬أن بني إسرائيل لما زنوا‬

‫) ‪(4/1264‬‬

‫ببنات الموات‪ ،‬وسجدوا للهتهن‪ ،‬أمر الرب بقتلهم‪ ،‬فقتل موسى أربعة وعشرين ألفا منهم‪.‬‬

‫‪ - 12‬من طالع الباب الحادي والثلثين من سفر العدد‪ ،‬ظهر له أن موسى عليه السلم لما أرسل‬ ‫اثني عشر ألف رجل مع فنيحاس بن العازار لمحاربة أهل مديان‪ ،‬فحاربوا وانتصروا عليهم‪ ،‬وقتلوا‬ ‫كل ذكر منهم‪ ،‬وخمسة ملوكهم وبلعام‪ ،‬وسبوا نسائهم‪ ،‬وأولدهم‪ ،‬ومواشيهم كلها‪ ،‬وأحرقوا القرى‬ ‫والدساكر والمدائن بالنار‪ ،‬فلما رجعوا غضب عليهم موسى عليه السلم‪ ،‬وقال‪ :‬لمنم استحييتم‬ ‫النساء‪ ،‬ثم أمر بقتل كل طفل مذكر‪ ،‬وكل امرأة ثيبة‪ ،‬وإبقاء البكار‪ ،‬ففعلوا كما أمر‪ ،‬وكانت الغنيمة‬ ‫من الغنم ستمائة وخمسة وسبعين ألفاا‪ ،‬ومن البقر اثنين وسبعين ألفاا‪ ،‬ومن الحمير أحدا وستين ألفاا‪،‬‬


‫ومن البكار اثنتين وثلثين ألفاا‪ ،‬وكان لكل مجاهد ما نهب من غير الدواب‪ ،‬والنسان‪ ،‬وما بين‬

‫مقداره في هذا الباب غير أن رؤساء اللوف والمئين‪ ،‬أعطوا الذهب لموسى والعازار ستة عشر ألفا‬ ‫ل‪ .‬وإذا كان عدد النساء البكار اثنتين وثلثين ألفاا‪ ،‬فكم يكون مقدار‬ ‫وسبعمائة وخمسين مثقا ا‬

‫المقتولين من الذكور مطلقاا‪ ،‬شيوخ ا كانوا أو شبان ا أو صبياناا‪ ،‬ومن النساء الثيبات‪.‬‬

‫‪ -13‬عمل يوشع عليه السلم بعد موت موسى عليه السلم على الحكام المندرجة في التوراة‪،‬‬ ‫فقتل المليونات الكثيرة‪ ،‬ومن شاء فليطالع هذا في كتابه من الباب الول إلى الباب الحادي عشر‪،‬‬ ‫وقد صرح في الباب الثاني‬

‫) ‪(4/1265‬‬

‫عشر من كتابه‪ ،‬أنه قتل إحدى وثلثين سلطانا من سلطين الكفار‪ ،‬وتسلط بنو إسرائيل على‬

‫مملكتهم‪.‬‬

‫‪ -14‬في الباب الخامس عشر من سفر القضاة في حال شمشون هكذا‪) :‬ووجد فك ا أعني خد‬ ‫حمار‪ ،‬فمد يده وأخذه‪ ،‬وقتل به ألف رجل( ‪.‬‬

‫‪ - 15‬في الباب السابع والعشرين من سفر صموئيل الول‪) 8 :‬وصعد داود ورجاله‪ ،‬وكانوا ينهبون‬ ‫أهل جاسور وجرز وعمالق‪ ،‬لن هؤلء كانوا سكان الرض من الدهر من حد سورا حتى حد مصر(‬

‫ل‪ ،‬ول امرأة‪ ،‬ويأخذ الغنم‪ ،‬والبقر‪،‬‬ ‫‪) 9‬وكان يخرب داود كل الرض‪ ،‬ولم يكن يبقى منهم رج ا‬

‫والحمير‪ ،‬والجمال‪ ،‬والمتعة‪ ،‬وكان يرجع ويأتي إلى أخيس( ‪ .‬انظروا إلى فعل داود عليه السلم أنه‬

‫ل‪ ،‬ول امرأة من أهل جاسور‪ ،‬وجرز‪ ،‬وعمالق‪ ،‬وينهب دوابهم‬ ‫كان يخرب الرض‪ ،‬وما كان يبقي رج ا‬

‫وأمتعتهم‪.‬‬

‫‪ -16‬في الباب الثامن من سفر صموئيل الثاني‪) 2 :‬وضرب الموابيين ومسحهم بالحبال وأضجعهم‬ ‫على الرض‪ ،‬ومسح حبلين للقتل وكمل حبلا‬

‫) ‪(4/1266‬‬

‫واحدا للستحياء‪ ،‬وكان الموابيون عبيدا لداود يؤدون إليه الخراج( ‪) 3‬وضرب داود أيضا هدر‬

‫عازار بن راحوب ملك صوبا( الخ ‪) 5‬فأتت أرام دمشق ليعينوا هدر عازار ملك صوبا‪ ،‬وضرب داود‬


‫من أرام اثنين وعشرين ألف رجل( ‪ .‬فانظروا إلى فعل داود عليه السلم بالموابيين‪ ،‬وهدر عازار‪،‬‬ ‫وجيشه وجيش أرام‪.‬‬ ‫‪ - 17‬الية الثامنة عشر من الباب العاشر من سفر صموئيل الثاني هكذا‪) :‬وهرب السريانيون من‬ ‫بين يدي إسرائيل‪ ،‬وقتل داود من السريانيين سبعمائة مركب‪ ،‬وأربعين ألف فارس‪ ،‬وسوباك رئيس‬ ‫الجيش ضربه فمات في ذلك المكان( ‪.‬‬ ‫‪ -18‬وفي الباب الثاني عشر من سفر صموئيل الثاني هكذا‪) 29 :‬فجمع داود جميع الشعب‪،‬‬ ‫وسار إلى راية فحارب أهلها‪ ،‬وفتحها( ‪) 30‬وأخذ تاج ملكهم عن رأسه وكان وزنه قنطارا من‬ ‫الذهب‪ ،‬وكان فيه جواهر مرتفعة ووضعوه على داود‪ ،‬وغنيمة القرية أخرجها كثيرة جداا( ‪31‬‬

‫)والشعب الذي كانوا فيها أخذهم ونشرهم بالمناشير وداسهم بموارج حديد‪ ،‬وقطعهم‬

‫) ‪(4/1267‬‬

‫بالسكاكين وأجازهم بقمين الجاجر‪ ،‬كذلك صنع بجميع قرى بني عمون‪ ،‬ورجع داود وجميع‬ ‫الشعب إلى أورشليم( ‪ .‬ونقلت هذه العبارة لفظ ا لفظاا‪ ،‬عن الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪،1831‬‬

‫وسنة ‪ .1844‬فانظروا كيف قتل داود عليه السلم بني عمون قتلا شنيعاا‪ ،‬وأهلك جميع القرى‬ ‫بمثل هذا العذاب العظيم الذي ل يتصور فوقه‪.‬‬

‫‪ -19‬في الباب الثامن عشر من سفر الملوك الول‪ :‬أن إيليا عليه السلم ذبح أربعمائة وخمسين‬ ‫رجلا من الذين يدعون أنهم أنبياء بعل‪.‬‬

‫‪ -20‬لما فتح أربعة ملوك سادوم‪ ،‬وعامورة‪ ،‬ونهبوا جميع أموال أهاليهما‪ ،‬وأسروا لوطا عليه‬

‫السلم‪ ،‬ونهبوا ماله أيضاا‪ .‬ووصل هذا الخبر إلى إبراهيم عليه السلم‪ ،‬خرج إبراهيم عليه السلم‬

‫ليخلص لوط ا عليه السلم‪.‬‬

‫) ‪(4/1268‬‬

‫ففي بيان هذا الحال في الباب الرابع عشر من سفر التكوين هكذا‪) 14 :‬فلما سمع إبرام أن لوطا‬ ‫ابن أخيه سبي فأحصى غلمانه أولد بيته ثلثمائة وثمانية عشر‪ ،‬وانطلق في أثرهم حتى أتى دان( ‪15‬‬ ‫ل‪ ،‬وضربهم‪ ،‬وطردهم إلى حوبا التي هي من شمال دمشق( ‪16‬‬ ‫)وفرق أرفاقه‪ ،‬ونزل عليهم لي ا‬


‫)واسترد المقتنى كله‪ ،‬ولوطا ابن أخيه وماله‪ ،‬والنسوة أيضاا‪ ،‬والشعب( ‪) 17‬وخرج ملك سادوم‬

‫للقائه بعد ما رجع من قتل كدرلغمور‪ ،‬والملوك الذين معه في وداي شوا الذي هو وادي الملك( ‪.‬‬

‫‪ -21‬في الباب الحادي عشر من الرسالة العبرانية هكذا‪) 32 :‬وماذا أقول أيض ا لنه يعوزني‬

‫الوقت أن أخبرت عن جدعون‪ ،‬وباراق‪ ،‬وشمسون ويفتاح‪ ،‬وداود‪ ،‬وصموئيل‪ ،‬والنبياء( ‪) 33‬الذين‬

‫باليمان قهروا ممالك صنعوا برا نالوا مواعيد سدوا أفواه أسود( ‪) 34‬أطفؤا قوة النار نجوا من حد‬ ‫السيف تقووا من ضعف صاروا أشداء في الحرب‪ ،‬هزموا جيوش غرباء( ‪ .‬فظهر من كلم مقدسهم‬ ‫بولس‪ ،‬أن قهر هؤلء النبياء ممالك‪ ،‬وإطفائهم النار ونجاتهم من حد السيف‪ ،‬وهزمهم جيوش‬ ‫الكفار‪ ،‬كان من جنس البر‪ ،‬ل من جنس الثم‪ .‬وكان منشؤها قوة اليمان‪ ،‬ونيل مواد الرحمن‪ ،‬ل‬ ‫قساوة القلب‬

‫) ‪(4/1269‬‬

‫والظلم‪ .‬وإن كان أفعال بعضهم في صورة أشد أنواع الظلم‪ ،‬سيما في قتل الصغار الذين ما كانوا‬ ‫متدنسين بدنس الذنوب‪ ،‬وقد عد داود عليه السلم جهاداته من الحسنات حيث قال في الزبور‬ ‫الثامن عشر‪) 20 :‬ويجازيني الرب مثل بري ومثل طهارة يدي يكافئني( ‪) 21‬لني حفظت طرق‬ ‫الرب‪ ،‬ولم أكفر بإلهي( ‪) 22‬لن جميع أحكامه قدامي‪ ،‬وعدله لم أبعده عني( ‪) 23‬وأكون طهارة‬ ‫يدي قدام عينيه( ‪ .‬وقد شهد ال أن جهاداته وسائر أفعاله الحسنة كانت مقبولة عند ال في الية‬ ‫الثامنة من الباب الرابع عشر من سفر الملوك‪ .‬الول قول ال هكذا‪) :‬داود عبدي الذي حفظ‬ ‫وصاياي‪ ،‬وتبعني من كل قلبه وعمل بما حسن أمامي( ‪.‬‬ ‫فما قال صاحب ميزان الحق وغيره من علماء بروتستنت‪ ،‬أن جهادات داود عليه السلم كانت‬ ‫لجل سلطنته ومملكته‪ ،‬فمنشؤه قلة الديانة‪ ،‬لن قتل النساء والطفال وكذا جميع أهل بعض البلد‬ ‫ما كان ضروري ا لجل هذا المصلحة‪ ،‬على أنا نقول أنا لو فرضنا أن هذا القتل كان لجل السلطنة‪،‬‬ ‫لكنه ل يخلو إما أن يكون مرضيا ل وحللا له‪ ،‬أو يكون مبغوضا عند ال ومحرما عليه‪ ،‬فإن كان‬ ‫الول ثبت مطلوبنا‪ ،‬وإن كان الثاني لزم كذب قوله وقول مقدسهم‪ ،‬وكذب شهادة ال في حقه‪،‬‬

‫ولزوم أن يكون دماء ألوف من المعصومين‪ ،‬وغير واجبي القتل في ذمته‪ .‬ودم البريء الواحد يكفي‬ ‫للهلك‪ ،‬فكيف تحصل له النجاة الخروية‪.‬‬

‫) ‪(4/1270‬‬


‫في الباب الثالث من الرسالة الولى ليوحنا‪) :‬وأنتم تعلمون أن كل قاتل نفس ليس له حياة أبدية‬ ‫ثابتة فيه( ‪ .‬وفي الباب الحادي والعشرين من المشاهدات‪) :‬وأما الجبانون والكفار والمرذولون‬ ‫والقتلة والزناة والسحرة وعبدة الوثان‪ ،‬وكل الكذابين يكون نصيبهم في البحيرة الموقدة بالنار‬ ‫والكبريت( ‪ .‬هذا هو المر الثاني والعياذ بال‪ ،‬وحذرا من التطويل أكتفي على هذا القدر‪.‬‬

‫)المر الثالث( ل يشترط أن تكون الحكام العملية الموجودة في الشريعة السابقة‪ ،‬باقية في‬ ‫الشريعة اللحقة بعينيها‪ ،‬بل ل يشترط أن تكون هذه الحكام العملية في شريعة واحدة من أولها‬

‫إلى آخرها‪ ،‬بل يجوز أن تختلف هذه الحكام بحسب اختلف المصالح والزمنة والمكلفين‪ ،‬وقد‬ ‫عرفت هذه المور في الباب الثالث بما ل مزيد عليه‪ ،‬فكان الجهاد مشروع ا في الشريعة الموسوية‬ ‫على طريق هو أشنع أنواع الظلم عند منكري النبوة‪ ،‬ولم تبق مشروعيته في الشريعة العيسوية‪ ،‬وما‬

‫كان بنو إسرائيل مأمورين بالجهاد قبل خروجهم عن مصر‪ ،‬وصاروا مأمورين به بعد خروجهم‪،‬‬ ‫وعيسى عليه السلم يقتل الدجال وعسكره بعد نزوله‪ .‬كما هو مصرح به في الباب الثاني من‬ ‫الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيقي‪ ،‬والباب التاسع عشر من المشاهدات‪ .‬وكذا ل يشترط أن تكون‬ ‫معاملة تنبيه الكفار والعصاة على طريقة واحدة‬

‫) ‪(4/1271‬‬

‫كما علمت في المر الول‪ ،‬فل يجوز لمن يعتقد النبوة والوحي أن يعترض في مثل هذه المور‬ ‫على شريعته‪ ،‬فل يجوز له أن يقول أن إهلك كل ذي حياة غير أهل السفينة في طوفان نوح عليه‬ ‫السلم‪ ،‬وإهلك أهل سادوم وعامورة ونواحيهما في عهد لوط عليه السلم‪ ،‬وإهلك كل ولد أكبر‬ ‫من أولد النسان والبهيمة من أهل مصر‪ ،‬ليلة خروج بني إسرائيل عنها في عهد موسى عليه‬ ‫السلم‪ ،‬كان ظلم ا سيما إهلك ألوف في حادثة الطوفان‪ ،‬وإهلك ألوف في الحادثتين الخيرتين من‬ ‫أولد النسان الصغار‪ ،‬وأولد البهيمة التي هي ما كانت مدنسة بذنب من الذنوب‪.‬‬

‫وكذا ل يجوز أن يقول أن قتل المم السبعة كلها بحيث ل تبقى منهم بقية ما سيما قتل أولدهم‬ ‫الصغار الذين ما كانوا اقترفوا ذنبا ظلم‪ ،‬أو أن يقول أن قتل الرجال وسبي الذراري ونهب الموال‬ ‫من غير المم السبعة‪ ،‬أو أن قتل ذكور المديانيين كلهم حتى الطفل الرضيع‪ ،‬وكذا قتل نسائهم‬

‫الثيبات كلها وإبقاء البكار لجل أنفسهم‪ ،‬ونهب الموال والدواب ظلم‪ ،‬أو أن يقول أن جهادات‬


‫داود عليه السلم‪ ،‬وجهادات سائر النبياء السرائيلية عليهم السلم‪ ،‬أو أن ذبح إيليا عليه السلم‬ ‫أربعمائة وخمسين رج لا من أنبياء بعل‪ ،‬أو أن قتل عيسى عليه السلم بعد نزوله الدجال وعسكره‬ ‫ظلم‪ ،‬ل يجوز العقل أن يفعل ال أو يأمر أحدا بأمثال هذا الظلم‪ ،‬وكذا ل يجوز أن يقول أن قتل‬ ‫الذابح للوثان‪ ،‬وكذا قتل من يرغب إلى عبادة غير ال‪ ،‬وكذا قتل أهل القرية كلها إذا ثبت منهم‬

‫الترغيب‪ ،‬وكذا قتل موسى عليه السلم ثلثة وعشرين ألفا من عبدة العجل‪ ،‬وكذا قتل موسى عليه‬

‫السلم أربعة وعشرين ألفا من الذين زنوا ببنات مواب وسجدوا للهتهن ظلم شنيع‪،‬‬

‫) ‪(4/1272‬‬

‫وفي هذه الحكام إجبار بأن يثبت النسان على الشريعة الموسوية لجل خوف القتل والرجم‪،‬‬ ‫وظاهر أن اليمان القلبي ل يمكن أن يحصل بالجبار بل يستحيل أن يحصل للنسان محبة ال‬ ‫أيضا بالجبار‪ .‬فأمثال هذه الحكام ل تكون من جانب ال‪ ،‬نعم من ل يكون معتقدا بالنبوة‬

‫والشرائع‪ ،‬ويكون ملحدا وزنديق ا وينكر أمثال هذه المور لم تستبعد منه‪ ،‬لكنا ل كلم لنا معه في‬ ‫هذا الكتاب‪ ،‬بل كلمنا فيه مع المسيحيين عموم ا وعلماء بروتستنت خصوصاا‪.‬‬ ‫)المر الرابع( أن علماء بروتستنت يدعون كذبا أن دين السلم شاع بالسيف‪ ،‬وهذا الدعاء غير‬ ‫صحيح كما علمت في المر السابع من مقدمة الكتاب‪ ،‬وأفعالهم غير أقوالهم‪ ،‬فإنهم وكذا‬

‫أسلفهم من أهل التثليث إذا تسلطوا تسلط ا تاماا‪ ،‬اجتهدوا في إمحاء المخالفين‪ ،‬وأنا أنقل بعض‬ ‫الحالت من كتبهم ورسائلهم فأنقل حالهم بالنسبة إلى اليهود من كتاب كشف الثار في قصص‬

‫أنبياء بني إسرائيل الذي عرفته في بيان المر الثاني فأقول‪:‬‬ ‫قال صاحبه في الصفحة ‪) :27‬القسطنطين العظم الذي كان قبل الهجرة بثلثمائة سنة تقريبا أمر‬

‫بقطع آذان اليهود وإجلئهم إلى أقاليم مختلفة‪ ،‬ثم أمر ملك الملوك الرومي في القرن الخامس من‬

‫القرون المسيحية‪ ،‬بإخراجهم من البلدة السكندرية التي كانت مأمنهم من مدة‪ ،‬وكانوا يجيئون إليها‬ ‫من كل جانب‪ ،‬فيستريحون فيها‪ .‬وأمر بهدم كنائسهم ومنع عبادتهم‪ ،‬وعدم قبول شهادتهم وعدم‬ ‫نفاذ الوصية أن أوصى أحد منهم لحد في ماله‪ ،‬ولما ظهر‬

‫) ‪(4/1273‬‬


‫منهم بغاوة ما لجل هذه الحكام نهب جميع أموالهم وقتل كثيرا منهم‪ ،‬وسفك الدماء بظلم ارتعد‬

‫به جميع يهود هذا القليم‪.‬‬

‫ثم قال في الصفحة ‪) :28‬أن يهود البلد انطيوح لما أسروا بعد ما صاروا مغلوبين‪ ،‬قطع أعضاء‬ ‫البعض‪ ،‬وقتل البعض‪ ،‬وأجلى الباقين منهم كلهم‪ ،‬وظلم ملك الملوك في جميع مملكته هؤلء‬ ‫المشاركين بأنواع الظلم‪ ،‬ثم أجلهم من مملكته آخر المر‪ .‬وهيج ولة الممالك الخرى على أن‬ ‫يعاملوا اليهود هذه المعاملة‪ ،‬فكان حالهم أنهم تحملوا الظلم من آسيا إلى أقصى حد أوربا‪ ،‬ثم بعد‬ ‫مدة قليلة كلفوا في مملكة اسبنيول لقبول شرط من الشروط الثلثة‪ :‬أن يقبلوا الملة المسيحية فإن‬ ‫أبوا عن قبولها يكونون محبوسين‪ ،‬وإن أبوا عن كليهما يجلون من أوطانهم‪ ،‬وصار مثل هذه المعاملة‬ ‫معهم في ديار فرانس‪ .‬فهؤلء المساكين كانوا ينتقلون من إقليم إلى إقليم ول يحصل لهم موضع‬ ‫القرار‪ ،‬ولم يحصل لهم المن في آسيا الكبير أيضا بل قتلوا في كثير من‬

‫) ‪(4/1274‬‬

‫الوقات كما قتلوا في ممالك الفرنج‪.‬‬ ‫ثم قال في الصفحة ‪) :29‬أن أهل ملة كتلك كانوا يظلمونهم باعتقاد أنهم كفار وعظماء هذه الملة‬ ‫عقدوا مجلسا للمشورة‪ ،‬وأجروا عليهم عدة أحكام‪) :‬الول( ‪ :‬من حمى يهوديا على ضد مسيحي‬ ‫يكون ذا خطأ‪ ،‬ويخرج عن الملة‪) .‬والثاني( ‪ :‬أنه ل يعطى يهودي منصب ا في دولة من الدول‪.‬‬

‫)والثالث( ‪ :‬لو كان مسيحي عبد يهودي فهو حر‪) .‬والرابع( ‪ :‬ل يأكل أحد مع اليهودي‪ ،‬ول‬ ‫يعامله‪) .‬والخامس( ‪ :‬أن ينزع الولد منهم وتربى في الملة المسيحية‪ ،‬وهكذا كان أحكام أخر( ‪.‬‬

‫أقول ل شك أن الحكم الخامس أشد أنواع الكراه‪ .‬ثم قال‪) :‬كانت عادة أهل البلدة ثولوس من‬ ‫إقليم فرانس أنهم كانوا يلطمون وجوه اليهود في عيد الفصح‪ ،‬وكان رسم البلدة بزيرس أن أهلها من‬ ‫أول يوم الحد من أيام العيد إلى يوم العيد‪ ،‬كانوا يرمون اليهود بالحجارة‪ ،‬وكان‬

‫) ‪(4/1275‬‬

‫يكثر القتل أيضا في هذا الرمي‪ ،‬وكان حاكم البلدة المسيحي المذهب يهيج أهلها على هذا الفعل‪.‬‬

‫ثم قال في الصفحة ‪ 30‬و ‪) :31‬دبر سلطين فرانس في حق اليهود أمراا‪ ،‬وهو أنهم كانوا يتركون‬


‫اليهود إلى أن يصيروا متمولين بالكسب والتجارة‪ ،‬ثم يسلبون أموالهم‪ ،‬وبلغ هذا الظلم لجل‬ ‫الطمع غايته‪ ،‬ثم لما صار فلب أوك سطس سلطانا في فرانس‪ ،‬أخذ أولا الخمس من ديون اليهود‬ ‫التي كانت على المسيحيين‪ ،‬وأبرأ من الباقي ذمة المسيحيين‪ ،‬وما أعطى اليهود حبة‪ ،‬ثم أجلى‬

‫اليهود كلهم من مملكته‪ ،‬ثم جلس على سرير السلطنة سنط لوئيس وهو يطلب اليهود مرتين في‬ ‫مملكته وأجلهم مرتين‪ ،‬ثم أجلى جرلس السادس اليهود من مملكة فرانس‪ ،‬وقد ثبت من التواريخ‪،‬‬ ‫أن اليهود أجلوا من مملكة فرانسا‬

‫) ‪(4/1276‬‬

‫سبع مرات‪ ،‬وعدد اليهود الذين أخرجوا من مملكة اسبنيول لو فرض في جانب القلة‪ ،‬ل يكون أقل‬ ‫من ألف وسبعين ألف بيت‪ ،‬وفي مملكة نمسا قتل كثير منهم ونهب كثير منهم ونجا منهم قليل‬ ‫وهم الذين تنصروا‪ ،‬ومات كثير منهم بأن سدوا أولا أبوابهم‪ ،‬ثم أهلكوا أنفسهم وأولدهم وأزواجهم‬ ‫وأموالهم‪ ،‬إما بالغراق في البحر أو بالحراق بالنار‪ ،‬وقتل غير المحصورين منهم في الجهاد‬

‫المقدس‪ ،‬وكان النكليز اتفقوا على أن يظلموا اليهود‪ ،‬فلما حصل اليأس العظيم ليهود البلدة يرك‬ ‫بسبب الظلم‪ ،‬قتل بعضهم بعضا فقتل ألف وخمسمائة من الرجال والنساء والطفال‪ ،‬وصاروا أذلء‬ ‫في هذه المملكة بحيث إذا بغى المراء على السلطان قتلوا سبعمائة يهودي ونهبوا أموالهم‪ ،‬لجل‬

‫أن يظهروا شوكتهم على الناس‪ ،‬وسلب رجار دوجان وهنري‬

‫) ‪(4/1277‬‬

‫الثالث من سلطين إنكلترة مراراا‪ ،‬أموال اليهود ظلما سيما هنري الثالث‪ ،‬فإنه كانت عادته أنه كان‬ ‫ينهب اليهود بكل طريق على وجه الظلم‪ ،‬وعدم الرحم‪ ،‬وكان جعل أغنيائهم الكبار فقراء وظلمهم‬

‫بحيث رضوا على الجلء‪ ،‬واستجازوا أن يخرجوا من مملكته‪ ،‬لكنه ما قبل هذا المر منهم أيضاا‪.‬‬ ‫ولما جلس ادورد الول على سرير السلطنة‪ ،‬ختم المر بأن نهب أموالهم كلها ثم أجلهم من‬ ‫مملكته‪ ،‬فأجلى أزيد من خمسة عشر ألف يهودي في غاية العسر( ‪.‬‬ ‫ثم قال في الصفحة ‪) :32‬نقل مسافر اسمه سوتي أنه كان حال قوم برتكال قبل خمسين عاماا‪،‬‬


‫أنهم كانوا يأخذون اليهودي ويحرقونه بالنار‪ ،‬ويجتمع رجالهم ونساؤهم يوم إحراقه كاجتماع يوم‬ ‫العيد‪ ،‬وكانوا يفرحون وكانت النساء يصحن وقت إحراقه لجل الفرح( ‪.‬‬

‫) ‪(4/1278‬‬

‫ثم قال في الصفحة ‪) :33‬أن البابا الذي هو عظيم فرقة كاتلك قرر عدة قوانين شديدة في حق‬ ‫اليهود( ‪ .‬انتهى كلم كشف الثار في قصص أنبياء بني إسرائيل‪.‬‬ ‫وقال صاحب سير المتقدمين‪) :‬أن السلطان السادس من قسطنطين الول‪ ،‬أمر بمشورة أمرائه في‬ ‫سنة ‪ 379‬أن يتنصر كل من هو في السلطنة الرومية ويقتل من لم يتنصر( انتهى‪ .‬وأي إكراه أزيد‬ ‫من هذا‪.‬‬ ‫ولطامس نيوتن تفسير على الخبار عن الحوادث المستقبلة المندرجة في الكتب المقدسة‪ .‬وطبع‬ ‫هذا التفسير سنة ‪ 1803‬في البلد لندن‪ .‬ففي الصفحة ‪ 65‬من المجلد الثاني في بيان تسلط أهل‬ ‫التثليث على أورشليم هكذا‪) :‬فتحوا أورشليم في الخامس عشر من شهور تموز الرومي سنة‬ ‫‪ 1099‬بعد ما حاصروا خمس أسبوعات وقتلوا غير المسيحيين‪ ،‬فقتلوا أزيد من سبعين ألف ا من‬ ‫المسلمين وجمعوا اليهود وأحرقوهم ووجدوا في المساجد غنائم عظيمة( انتهى‪.‬‬

‫) ‪(4/1279‬‬

‫وإذا عرفت حال ظلمهم في حق اليهود خصوصاا‪ ،‬وفي حق رعية السلطنة عموماا‪ ،‬وما فعلوا عند‬

‫تسلطهم على أورشليم‪ ،‬فالن أذكر نبذا مما فعل كاتلك بالنسبة إلى غيرهم من المسيحيين‪ ،‬وأنقل‬ ‫هذه الحالت عن كتاب الثلث عشرة رسالة الذي طبع في بيروت سنة ‪ ،1849‬من الميلد‬

‫باللسان العربي فأقول‪:‬‬ ‫قال في الصفحة ‪ 15‬و ‪) :16‬أما الكنيسة الرومانية فقد استعملت مرات كثيرة الضطهادات‬ ‫والطرد المزعج ضد البروتستانت‪ ،‬أي الشهود أو بالحري الشهداء‪ ،‬وذلك في ممالك أوربا‪ .‬ويظن‬ ‫أنها أحرقت في النار أقل ما يكون مائتين وثلثين ألفا من الذين آمنوا بيسوع دون البابا‪ ،‬واتخذوا‬

‫الكتب المقدسة وحدها هدى وإرشادا ليمانهم وأعمالهم‪ ،‬وقد قتلت أيضا منهم ألوف وربوات‬

‫بحد السيف والحبوس والكلبتين‪ ،‬وهي آلة لتخليع المفاصل بالجذب‪ ،‬وأفظع العذابات المتنوعة‪.‬‬


‫ففي فرنسا قتل في يوم واحد ثلثون ألف رجل وذلك في اليوم الملقب بيوم ماريرثو لماوس‪ ،‬وعلى‬ ‫هذا السلوب أذيالها مختضبة بدماء القديسين( انتهى كلمه بلفظه‪.‬‬ ‫وفي الصفحة ‪ 338‬في الرسالة الثانية عشر من الكتاب المذكور‪) :‬يوجد‬

‫) ‪(4/1280‬‬

‫قانون وضع في المجمع الملتم في توليد وفي سبانيا يقول أننا نضع قانوناا‪ :‬أن كل من يقبل إلى هذه‬ ‫المملكة فيما بعد‪ ،‬ل تأذن له أن يصعد إلى الكرسي إن لم يحلف أولا أنه ل يترك أحدا غير‬

‫كاثوليكي يعيش في مملكته‪ ،‬وإن كان بعد ما أخذ الحكم يخالف هذا العهد فليكن محروماا‪ ،‬فدام‬

‫الله السرمدي وليصر كالحطب للنار البدية( ‪ .‬مجموع المجامع من كارتراوجه ‪) 404‬والمجمع‬ ‫اللتراني يقول أن جميع الملوك والولة وأرباب السلطنة فليحلفوا أنهم بكل جهدهم وقلوبهم‬

‫يستأصلون جميع رعاياهم المحكوم عليهم من رؤساء الكنيسة بأنهم أراتقة‪ ،‬ول يتركون أحدا منهم‬

‫في نواحيهم‪ ،‬وأن كانوا ل يحفظون هذه اليمين فشعبهم محلول من الطاعة لهم( ‪.‬‬

‫) ‪(4/1281‬‬

‫رأس ‪) 3‬وهذا القانون قد ثبت أيضا في مجمع قسطنطيا( جلسة ‪) 45‬ومن رسم البابا مرتينوس‬ ‫الخامس( عن ضلل فيكل‪) .‬وفي اليمين التي حلفت بها الساقفة تحت رياسة البابا بولينوس‬

‫الثالث سنة ‪ 1551‬يوجد هذا الكلم‪ :‬أن الراتقة وأهل النشقاق والعصاة على سيدنا البابا‬ ‫وخلفائه هؤلء بكل قوتي أطردهم وأبيدهم( ‪ .‬والمجمع اللتراني ومجمع قسطنطيا يقولون‪) :‬أن‬ ‫الذي يمسك الراتقة له إذن وسلطة أن يأخذ منهم كل ما لهم ويستعمله لنفسه من غير مانع(‬ ‫مجمع ل تراني ‪ 4‬مجلد ‪ 2‬فصل ‪ 1‬وجه ‪ 152‬ومجمع قسطنطيا جلسة ‪ 45‬مجلد ‪) 7‬والبابا‬ ‫اينوشنيسوس الثالث يقول أن هذا القصاص على الراتقة نحن نأمر به كل الملوك والحكام ونلزمهم‬ ‫إياه تحت القصاصات الكنائسية( رسم ‪ 7‬كتاب ‪.5‬‬ ‫وفي سنة ‪ 1724‬وضع الملك لويس الحادي عشر ثمانية عشر قانوناا‪.‬‬

‫) ‪(4/1282‬‬


‫أولها‪ :‬أننا نأمر أن الديانة الكاتوليكية وحدها‪ ،‬مأذونة في مملكتنا‪ ،‬وأما الذين يتمسكون بديانة‬ ‫أخرى فليذهبوا إلى العتقال طول حياتهم‪ ،‬والنساء فلتقطع شعورهن ويحبسن إلى الموت‪.‬‬ ‫وثانيها‪ :‬أننا نأمر أن جميع الواعظين الذي جمعوا جماعات على غير العقائد الكاتوليكية‪ ،‬والذين‬ ‫علموا أو مارسوا عبادة مخالفة لها يعاقبون بالموت‪ .‬وفي مخاطبة الساقفة في سبانيا للملك سنة‬ ‫‪ 1765‬يقولون له أعط الرسوم كل قوتها‪ ،‬والديانة كل مجدها‪ ،‬لكن تسبب هذه المقالة منا تجديد‬ ‫قوانين سنة ‪ 1724‬المذكورة‪) :‬وكان من جملة رسوم إنكلترا تحت رياسة البابا أن كل من يقول أنه‬ ‫ل يجوز أن يسجد لليفونات يحبس في السجن الشديد حتى يحلف أنه يسجد لها‪ ،‬والسقف أو‬ ‫القاضي الكنايسي له سلطان أن يحضر إليه‪ ،‬أو يحبس كل من يقع عليه الشبهة أنه أراتيكي‪،‬‬ ‫والراتيكي العنيد فليحرق بالنار قدام الشعب‪ ،‬وجميع الحكام فليحلفوا أنهم يعينون هذا القاضي‬ ‫على استئصال الراتقة الذين عندما تظهر أرتقتهم تسلب أموالهم ويسلمون إليه‪ ،‬وتمحى خطاياهم‬ ‫بلهيب النار( ‪ .‬كوك فرائض عدد ‪ 3‬وجه ‪ 40‬و ‪ 41‬وأيض ا عدد ‪ 4‬وجه ‪) 15‬وبارونيوس يقول أن‬ ‫الملك كارلوس الخامس‪ ،‬كان يظن برأيه الباطل‪ ،‬أنه‬

‫) ‪(4/1283‬‬

‫يستأصل الراتقة ليس بالسيف بل بالكلم‪ ،‬وفي فهرس الكتاب المقدس المطبوع في رومية‬ ‫باللتيني والعربي تحت حرف الهاء يوجد هذا التعليم‪ :‬أن الراتقة ينبغي لنا أن نهلكهم ويورد‬ ‫الثبات على ذلك أن الملك ياهو قتل الكهنة الكذبة وإيليا ذبح كهنة باعل‪ ،‬وغير ذلك‪ .‬فإذن‬ ‫هكذا ينبغي لولد الكنيسة أن يهلكوا الراتقة( ‪.‬‬ ‫ثم في الصفحة ‪ 347‬و ‪) :348‬المؤرخ منتوان المتقدم في رياسة الكرمليين مع غيره من‬ ‫المؤرخين‪ ،‬يخبرنا عن كاروز بالنجيل معتبر يقال له ثوما من رودن‪ ،‬أحرقه البابا بالنار لنه كرز ضد‬ ‫فسادات الكنيسة الرومانية‪ ،‬والمؤرخون يدعونه قديس ا وشهيدا حقيقي ا للمسيح( ‪.‬‬

‫وفي الصفحة ‪ 350‬إلى ‪) :355‬في سنة ‪ 1194‬أمر الديفونسو ملك‬

‫) ‪(4/1284‬‬


‫اراغون في إسبانيا بنفي الواضيين من بلده‪ ،‬لنهم أراتقة‪ ..‬وفي سنة ‪ 1206‬رغما عن المير‬

‫رايمون وإلى مدينة ثولوس‪ ،‬أرسل البابا قضاة بيت التفتيش إلى تلك المدينة‪ ،‬لن المير المذكور‬ ‫كان قد أبى أن ينفي هؤلء الواضيين‪ ،‬ثم بعد قليل أرسل ملك فرنسا بطلب البابا إلى تلك المدينة‬

‫ونواحيها عسكراا‪ ،‬عدده ثلثمائة ألف‪ ،‬فحاصر المير رايمون في مدينته لجل المحاماة عن نفسه‪،‬‬ ‫ولكي يدفع القوة بالقوة‪ ،‬فانذبح في ذلك القتال ألف ألف‪ ،‬وانكسر أهل رايمون وأحاط بهم كل‬

‫صنف من الهانات والعذابات‪ ،‬وكان البابا في حركة هذه الحروب يقول لقومه‪ :‬إننا نعظمكم ونحتم‬ ‫عليكم أن تجتهدوا في ملشاة هذه الرتقة الخبيثة أرتقة اللبجيين‬

‫) ‪(4/1285‬‬

‫أي الواضيين وتطردوهم بيد قوية أشد مما يكون ضد الساراجين أي المسلمين‪ ..‬وفي سنة ‪1400‬‬ ‫في آخر شهر كانون الول‪ ،‬قام أهل البابا بغتة على الواضيين في أوديابيت مونت بلد ملك‬ ‫سردينيا‪ ،‬فهربوا من وجوههم بل قتال‪ ،‬ولكن قتل كثيرون بالسيف وكثيرون ماتوا بالثلج‪ ،‬ثم أن البابا‬ ‫بعد ذلك بسبع وثمانين سنة‪ ،‬كلف البرتوس ارشيديا كونوس في مدينة كريمونا أن يحارب الواضيين‬ ‫في النواحي القبلية من فرنسا‪ ،‬وفي أوديابيت مونت‪ ،‬حيث بقي البعض منهم من الذين رجعوا بعد‬ ‫الحرب في سنة ‪ ،1400‬وهذا الرجل المذكور تقدم حالا ومعه ثمانية عشر ألف محارب‪ ،‬وأقام‬ ‫تلك الحرب التي استمرت نحو ثلثين سنة على المسيحيين الذين قالوا‪:‬‬

‫) ‪(4/1286‬‬

‫نحن في كل وقت نكرم الملك ونؤدي الجزية‪ ،‬ولكن أرضنا وديانتنا التي ورثناها من ال ومن آبائنا‬ ‫ل نريد أن نتركها‪ ،‬وفي كالبريا من بلد إيطاليا سنة ‪ 1560‬قتل ألوف ألوف‪ ،‬من البروتستنتيين‪،‬‬ ‫بعضهم قتل من العسكر وبعضهم من محكمة بيت التفتيش‪.‬‬ ‫قال أحد المعلمين الرومانيين‪ :‬إنني أرتعد كلما أفتكر بذلك الجلد والخنجر الدموي بين أسنانه‬ ‫والمنديل يقطر دما بيده وهو متلطخ بيديه إلى الكارع‪ ،‬يسحب واحدا بعد واحد من السجن‪ ،‬كما‬

‫يفعل الجزار بالغنم‪ ..‬وفي سنة ‪ 1601‬نفى دوك السافوي خمسمائة عيلة من الواضيين‪ ..‬وأيضا‬ ‫سنة ‪ 1655‬وسنة ‪ 1676‬تجددت الضطهادات عليهم في أوديابيد مونت‪ ،‬لن الملك لويس‬


‫الرابع عشر بإشارة من البابا تقدم إليهم بجيشه‪ ،‬وهم في بيوتهم بغاية الطمأنينة‪ ،‬فذبح العسكر‬ ‫خلقا كثيرا منهم‪ ،‬ووضعوا في الحبس أكثر من عشرة آلف‪ ،‬فمات كثير منهم من الزحام والجوع‪،‬‬ ‫والذين سلموا أخرجوهم لكي ينزحوا من تلك البلد‪ ،‬وكان ذلك اليوم شديد البرد والرض مغطاة‬

‫) ‪(4/1287‬‬

‫بالثلج‪ .‬والجليد‪ ،‬فكان كثير من المهات وأولدهن في أحضانهن موتى على جانب الطريق من‬ ‫البرد‪ ..‬وكارلوس الخامس سنة ‪ ،1521‬أخرج أمرا في طرد البروتستنتيين في بلد فلمنك عن رأي‬ ‫البابا‪ ،‬وبسبب ذلك قتل خمسمائة ألف نفر‪..‬‬

‫وبعد كارلوس تولى ابنه فيلبس‪ ،‬ولما ذهب إلى إسبانيا سنة ‪ ،1559‬استخلف المير ألف ا على طرد‬ ‫البروتستنتيين‪ ،‬والمذكور في أشهر قليلة قتل على يد الجلد الملوكي الشرعي ثمانية عشر ألفاا‪،‬‬ ‫وبعد ذلك كان يفتخر بأنه قتل في كل المملكة ستة وثلثين ألفاا‪ ،‬والقتيل الذي يذكره المعلم كين‬

‫في عيد ماربرثولماس‪ ،‬كان في ‪ 24‬آب سنة ‪ 1572‬في وقت السلمة الكاملة وكان )الملك ملك‬ ‫فرنسا قد وعد بأخته لمير نافار وهو من علماء البروتستنتيين وأشرافهم‪ ،‬ثم اجتمع هو‬

‫) ‪(4/1288‬‬

‫وأصدقاء أعيان كنيستهم في باريس لجل استتمام الوعد بالزواج‪ ،‬ولما ضربت النواقيس لجل‬ ‫الصلة الصباحية‪ ،‬قاموا بغتة حسب اتفاقهم السابق على المير وأصحابه‪ ،‬وعلى جميع‬ ‫البروتستنتيين في باريس‪ ،‬فذبحوا منهم للوقت عشرة آلف نفر‪ ،‬وهكذا جرى أيض ا في روين وليون‬

‫وأكثر المدن في تلك البلد‪ ،‬حتى قال البعض من المؤرخين أنه قتل نحو ستين ألفاا‪ ،‬واستمر هذا‬

‫الضطهاد مدة ثلثين سنة‪ ،‬لن البروتستنتيين مسكوا سلحهم لكي يدفعوا القوة بالقوة‪ ،‬ومات في‬

‫هذا الحرب منهم تسعمائة ألف‪ ،‬ولما سمع في رومية فعل ملك فرنسا في عيد ماربرثولماوس‬ ‫أطلقوا المدافع من البراج‪ ،‬وذهب البابا مع الكرديناليين ليرتل مزمور الشكر في كنيسة ماربطرس‪،‬‬

‫) ‪(4/1289‬‬


‫وكتب شكرا وتعظيما للملك على الخير والجميل الذي صنعه مع الكنيسة الرومانية بهذا العمل‪،‬‬

‫فلما جلس الملك هنري الرابع على كرسي فرنسا قطع هذا الضطهاد سنة ‪ .1593‬ولكن يظن أنه‬

‫قتل لجل عدم تسليمه بالغتصاب في أمر الدين‪ .‬ثم إنه في سنة ‪ 1675‬تجدد الضطهاد وبعد ما‬ ‫قتل خلق كثير يقول المؤرخون أن خمسين ألف ا اضطروا أن يتركوا بلدهم لكي ينجوا من الموت(‬ ‫انتهى كلمه‪ ،‬ونقلت عبارة هذا الكتاب بألفاظها من الرسالة الثانية عشر‪.‬‬

‫وإذا عرفت حال ظلم فرقة كاتلك‪ ،‬فاعلم أن حال ظلم فرقة بروتستنت قريب منه‪ ،‬وأنقل هذا‬ ‫الحال عن كتاب مرآة الصدق الذي ترجمه القسيس طامس انكلس من علماء كاتلك‪ ،‬من اللسان‬ ‫النكليزي إلى أردو‪ ،‬وطبع سنة ‪ 1851‬من الميلد‪ .‬ويوجد هذا الكتاب عند أهل هذه الفرقة في‬ ‫الهند كثيراا‪ .‬في الصفحة ‪ 41‬و ‪) :42‬سلب بروتستنت في ابتداء أمرهم ستمائة وخمسة وأربعين‬

‫رباط اا‪ ،‬وتسعين مدرسة‪ ،‬وألفين وثلثمائة وستة وسبعين كنيسة‪ ،‬ومائة وعشر مارستانات من ملكها‪،‬‬ ‫فباعوا بثمن بخس وقاسمها المراء‬

‫) ‪(4/1290‬‬

‫فيما بينهم‪ ،‬وأخرجوا ألوفا من المساكين المفلوكين عريانين من هذه المكنة( ‪ .‬ثم قال في الصفحة‬

‫‪) :54‬امتد طمعهم أنهم ما تركوا الموات أيضا آذوا أجسادهم في نوم العدم وسلبوا أكفانهم( ‪.‬‬ ‫ثم قال في الصفحة ‪ 48‬و ‪) :49‬وضاعت في هذه الغنائم كتبخانات ذكرها جيء بيل متحسرا‬ ‫بهذه اللفاظ‪ :‬إنهم سلبوا كتب ا واستعملوا أوراقها في الشواء‪ ،‬وفي تطهير الشمعدانات والنعال‪،‬‬ ‫وباعوا بعض الكتب على العطارين وباعة الصابون‪ ،‬وباعوا كثيرا منها ما وراء البحر على أيدي‬

‫المجلدين‪ ،‬وما كانت هذه الكتب مائة أو خمسين‪ ،‬بل المراكب كانت مملوءة منها‪ ،‬وأضاعوها‬ ‫بحيث تعجب القوام الجنبية‪ ،‬وإني أعلم تاجر اشترى كتبخانتين كل منهما بعشرين ربية‪ .‬وبعد هذه‬

‫المظالم ما تركوا من خزائن الكنائس إل جدارا عريانة‪ ،‬ثم ظنوا أنفسهم من أهل الوقار وملؤوا‬

‫الكنائس من أناس من أهل ملتهم( ‪ .‬ثم قال في الصفحة الثانية والخمسين إلى الصفحة السادسة‬ ‫والخمسين‪) :‬فلنلحظ الن أفعال الجور التي فعلها بروتستنت في حق فرقة كاتلك إلى هذا الحين‪،‬‬

‫أنهم قرروا أزيد من مائة قانون كلها خلف العدل والرحمة‪ ،‬لجل الظلم‪ ،‬ونحن نذكر عدة من هذه‬ ‫القوانين الجورية‪:‬‬

‫) ‪(4/1291‬‬


‫]‪ [1‬ل يرث كاتلك تركة أبويه‪.‬‬ ‫]‪ [2‬ل يشتري واحد منهم أرضا بعد ما يجاوز عمره ثماني عشر سنة إل أن يصير بروتستنت‪.‬‬ ‫]‪ [3‬ل يكون لهم مكتب‪.‬‬

‫]‪ [4‬ل يشتغل أحد منهم بالتعليم ومن خالف هذا الحكم يحبس دائماا‪.‬‬ ‫]‪ [5‬من كان من هذه الملة يؤدي ضعف الخراج‪.‬‬ ‫]‪ [ 6‬إن صلى أحد من قسوسهم فعليه أداء ثلثمائة وثلثين ربية من ماله‪ ،‬وإن صلى أحد منهم ول‬ ‫يكون قسيس ا فعليه أداء ربية ويسجن سنة‪.‬‬

‫]‪ [ 7‬إن أرسل أحد منهم ولده خارج إنكلترا للتعليم‪ ،‬يقتل هو وولده ويسلب أمواله ومواشيه كلها‪.‬‬ ‫]‪ [8‬ل يعطى لهم منصب من الدولة‪.‬‬ ‫]‪ [9‬من لم يحضر منهم يوم الحد أو العيد في كنيسة بروتستنت‪ ،‬تؤخذ منه مائتا ربية في كل‬ ‫شهر‪ ،‬ويكون خارج ا عن الجماعة‪ ،‬ول يعطى له منصب‪.‬‬

‫]‪ [10‬من ذهب منهم بعيدا من لندن مسافة خمسة أميال‪ ،‬يؤخذ منه ألف ربية مصادرة‪.‬‬ ‫]‪ [11‬ل يسمع استغاثة أحد منهم عند الحكام بحسب القانون‪.‬‬

‫]‪ [12‬ما كان أحد منهم يسافر أزيد من خمسة أميال‪ ،‬مخافة أن ينهب ماله ومتاعه‪ ،‬وكذا ما كان‬ ‫أحد منهم يقدر على الستغاثة في أمر عند‬

‫) ‪(4/1292‬‬

‫الحكام‪ ،‬مخافة أن يؤخذ منه ألف ربية مصادرة‪.‬‬ ‫]‪ [13‬ل تنفذ أنكحتهم ول تجهيز موتاهم ول تكفين الموتى ول تعميد أولدهم‪ ،‬إل إذا كانت هذه‬ ‫المور على طريقة كنيسة إنكلترا‪.‬‬ ‫]‪ [14‬إن تزوجت إحدى نساء هذه الملة‪ ،‬تأخذ الدولة من جهازها ثلثين‪ ،‬ول ترث من تركة زوجها‪،‬‬ ‫ول يوصي زوجها لها من تركته بشيء‪ ،‬ونساؤهم كن يحبسن إلى أن يعطي أزواجهن عشر ربيات في‬ ‫كل شهر أو يعطوا ثلث أراضيهم إلى الدولة‪.‬‬ ‫]‪ [15‬ثم صدر الحكم عاقبة المر إن لم يصر كلهم بروتستنت يسجنون ثم يجلون من أوطانهم‬ ‫مدة حياتهم‪ ،‬وإن أبوا عن الحكم أو رجعوا من الجلء بدون المر كانوا ملزمين بإلزام عظيم‪.‬‬


‫]‪ [16‬ل يحضر القسيس عند قتلهم ول عند تجهيزهم وتكفينهم‪.‬‬ ‫]‪ [17‬ل يكون السلح في بيت أحد منهم‪.‬‬ ‫]‪ [18‬ل يركب أحد منهم على حصان يكون ثمنه أزيد من خمسين ربية‪.‬‬ ‫]‪ [19‬إن أدى قسيس منهم أمرا من الخدمات المتعلقة به يسجن دائماا‪.‬‬ ‫]‪ [ 20‬القسيس الذي يكون مولده إنكلترا‪ ،‬ول يكون من ملة بروتستنت‪ ،‬إن أقام أزيد من ثلثة أيام‬ ‫في إنكلترا يتصور أنه غدار ويقتل‪.‬‬ ‫]‪ [21‬من أنزل القسيس المذكور على مكانه يقتل‪.‬‬ ‫]‪ [22‬ل تقبل شهادة كاتلك في العدالة‪ ..‬وقتل على هذه القوانين الجورية في عهد الملكة‬ ‫اليصابت مائتان وأربعة‬

‫) ‪(4/1293‬‬

‫أشخاص‪ .‬كان مائة وأربعة منهم قسيسين والباقون من أهل الغنى‪ ،‬وما كان ذنبهم غير أنهم أقروا‬ ‫أنهم من ملة كاتلك‪ ،‬ومات تسعون قسيس ا وكبار آخرون في السجن‪ ،‬وأجلى مائة وخمسة أشخاص‬

‫مدة حياتهم‪ ،‬وضرب كثيرا منهم بالسياط وصودروا وحرموا من أموالهم‪ ،‬حتى هلك عشيرتهم‪،‬‬

‫وقتلت ميري المشهورة ملكة أسكات‪ ،‬وكانت بنت الخالة للملكة اليصابت‪ ،‬لجل كونها من ملة‬

‫كاتلك( ‪.‬‬

‫) ‪(4/1294‬‬

‫ثم قال في الصفحة الحادية والستين إلى السادسة والستين‪) :‬حمل كثير من رهبانهم وعلمائهم بأمر‬ ‫الملكة اليصابت في المراكب‪ ،‬ثم أغرقوا في البحر‪ .‬جاء عساكرها إلى إيرلند ليدخلوا أهل ملة‬ ‫كاتلك في ملة بروتستنت‪ ،‬فأحرقوا كنائس كاتلك وقتلوا علماءهم‪ ،‬وكان يصطادونهم كاصطياد‬ ‫الوحوش البرية‪ ،‬وكانوا ل يؤمنون أحدا وإن أمنوا أحد قتلوه أيض ا بعد المان‪ ،‬وذبحوا العسكر الذي‬ ‫كان في حصن سمروك وأحرقوا القرى والبلد‪ ،‬وأفسدوا الحبوب والمواشي وأجلوا أهلها بل امتياز‬

‫المنزلة والعمر‪ .‬ثم أرسل بارلمنت سنة ‪ 1643‬وسنة ‪ 1644‬الباشوات ليسلبوا جميع‬


‫) ‪(4/1295‬‬

‫أموال كاتلك وأراضيهم بل امتياز بينهم‪ ،‬وبقي أنواع الظلم إلى زمن الملك جيمس الول وحصل‬ ‫التخفيف في الظلم في عهده ثم رحمهم الملك سنة ‪ ،1778‬لكن البروتستنتيين سخطوا عليه‬ ‫وقدموا عرضحال إلى السلطان من جانب أربعة وأربعين ألفا من فرقة بروتستنت في ثاني حزيران‬

‫سنة ‪ ،1780‬واستدعوا أن يبقى بارلمنت القوانين الجورية في حق ملة كاتلك كما كانت‪ .‬لكن‬

‫بارلمنت ما التفتوا إليه فاجتمع مائة ألف من بروتستنت في لندن وأحرقوا الكنائس وهدموا أمكنة‬ ‫كاتلك‪ .‬وكان الحريق يرى من موضع واحد في ستة وثلثين مكاناا‪ ،‬وكانت هذه الفتنة قائمة إلى ستة‬

‫أيام‪ ،‬ثم أوجد الملك قانونا آخر سنة ‪ 1791‬وأعطى ملة كاتلك حقوقا هي حاصلة لهم إلى هذا‬

‫الحين‪.‬‬

‫ثم قال في الصفحة ‪ 73‬و ‪) :74‬ما سمعتم حال جارتراسكول الذي هو في ايرلند هذا المر‬ ‫محقق‪ ،‬أن بروتستنت يجمعون في كل سنة مقدار مائتي ألف وخمسين ألف ربية‪ ،‬وكراء أكثر‬ ‫المكانات الكبيرة‪ ،‬ويشترون بها أولد فرقة كاتلك الذين هم من المساكين المفلوكين‪ .‬ويرسلوا بهم‬ ‫في العربيات إلى إقليم آخر بالخفية‪ ،‬لئل يرى آباؤهم وأمهاتهم‪ ،‬ويقع كثيرا أن هؤلء الشقياء إذا‬

‫رجعوا إلى أوطانهم‪ ،‬تزوجوا بأخواتهم أو إخوتهم أو آبائهم أو أمهاتهم للجهل وعدم المتياز( انتهى‬

‫كلمه‪.‬‬ ‫والظلم الذي صدر عن بعض فرق بروتستنت بالنسبة إلى بعض آخر‪ ،‬ل أنقله حذرا من التطويل‪،‬‬

‫وأكتفي على هذا القدر‪ ،‬وأقول‪ :‬انظروا إلى هؤلء الطاعنين على الملة المحمدية إنهم كيف أشاعوا‬

‫ملتهم بالجور والظلم‪.‬‬

‫) ‪(4/1296‬‬

‫)المر الخامس( أن حكم الجهاد في الشريعة المحمدية هكذا يدعى الكفار أولا بالموعظة الحسنة‬ ‫إلى السلم‪ ،‬فإن قبلوه فبها ويكونون كأمثالنا‪ ،‬وإن لم يقبلوا فإن كانوا من مشركي العرب فحكمهم‬

‫القتل‪ ،‬كما كان هذا الحكم في الشريعة الموسوية في حق المم السبعة والمرتد والذابح للوثان‬ ‫والداعي إلى عبادتها‪ ،‬وإن كانوا من غيرهم يدعون إلى الصلح بقبول الجزية والطاعة‪ ،‬فإن قبلوا‬


‫صارت دماؤهم كدمائنا‪ ،‬وأموالهم كأموالنا‪ ،‬وإن لم يقبلوا فيحاربون‪ ،‬مع مراعاة الشروط التي هي‬ ‫مصرح بها في كتب الفقه‪ .‬كما كان مثله في الشريعة الموسوية في حق غير المم السبعة‪.‬‬ ‫والخرافات الني نقلها علماء بروتستنت في بيان هذه المسألة بعضها مفتريات وبعضها هذيانات‪.‬‬ ‫وأنقل كتاب خالد بن الوليد رضي ال عنه إلى رئيس عسكر فارس وكتاب المان من عمر رضي ال‬ ‫عنه لنصارى الشام ليظهر الحال على الناظر اللبيب‪.‬‬ ‫أما الول فصورته هكذا‪) :‬بسم ال الرحمن الرحيم من خالد ابن الوليد إلى رستم ومهران في مل‬ ‫فارس‪ .‬سلم على من اتبع الهدى أما بعد‪ :‬فإنا ندعوكم إلى السلم فإن أبيتم فأعطوا الجزية عن يد‬ ‫وأنتم صاغرون‪ ،‬فإن أبيتم فإن معي قوم ا يحبون القتل في سبيل ال‪ ،‬كما يحب فارس الخمر‪.‬‬ ‫والسلم على من اتبع الهدى( ‪.‬‬

‫) ‪(4/1297‬‬

‫وأما الثاني فصورته هكذا‪) :‬بسم ال الرحمن الرحيم هذا ما أعطى عبد ال عمر أمير المؤمنين أهل‬ ‫إيلياء من المان أمان ا لنفسهم وكنائسهم‬

‫) ‪(4/1298‬‬

‫وصلبانهم سقيمها وبرها وسائر ملتها‪ ،‬أنها ل تسكن كنائسهم ول تهدم ول ينقص منها ول من‬ ‫صلبانهم ول شيء من أموالهم‪ ،‬ول يكرهون على دينهم‪ ،‬ول يضار أحد منهم ول يسكن إيلياء أحد‬ ‫من اليهود‪ ،‬وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطي أهل المدائن‪ ،‬وعليهم أن يخرجوا منها الروم‬ ‫واللصوص فمن خرج منهم فهو آمن على نفسه وماله حتى يبلغوا مأمنهم‪ ،‬ومن أقام منهم فهو آمن‪،‬‬ ‫وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية‪ ،‬ومن أحب من إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم‬ ‫ويخلي بيعتهم وصليبهم‪ ،‬فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بيعتهم وعلى صليبهم حتى يبلغوا مأمنهم‪،‬‬ ‫ومن كان فيها من أهل الرض‪ ،‬فمن شاء منهم قعدوا عليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية‪ ،‬ومن‬ ‫شاء رجع إلى أرضه وأنه ل يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم‪ ،‬وعلى ما في هذا الكتاب عهد‬ ‫ال وذمته وذمة رسوله صلى ال عليه وسلم وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من‬ ‫الجزية‪.‬‬


‫شهد على ذلك من الصحابة رضي ال عنهم خالد بن الوليد رضي ال عنه وعمرو بن العاص رضي‬ ‫ال عنه وعبد الرحمن بن عوف رضي ال عنه‬

‫) ‪(4/1299‬‬

‫ومعاوية بن أبي سفيان رضي ال عنه( وكل الناس يعترفون أن أمير المؤمنين عمر رضي ال عنه كان‬ ‫شديد ا في السلم في غاية الشدة‪ ،‬وكان جهاد الشام من أعظم جهاداته وكان جاء بنفسه الشريف‬ ‫عند محاصرة إيلياء‪ ،‬ولما تسلط على إيلياء وقبل المسيحيون الجزية ما قتل أحدا ول أكره على‬

‫اليمان وأعطاهم شروط ا حسنة‪ ،‬وقد اعترف به مؤرخوهم ومفسروهم أيضاا‪ ،‬كما عرفت من كلم‬

‫طامس نيوتن في الفصل الثالث من الباب الول‪ ،‬وقد عرفت في المر الرابع من هذا المبحث من‬ ‫كلم المفسر المذكور ما فعل المسيحيون في حق المسلمين واليهود إذ تسلطوا على إيلياء‪.‬‬ ‫والفرق بين الشريعة المحمدية والموسوية في مسألة الجهاد أن الشريعة المحمدية أن يدعى الكافر‬

‫فيها‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬بالموعظة الحسنة إلى السلم بخلف الشريعة الموسوية وظاهر أنه ل قبح في هذه الدعوة‪،‬‬

‫والمتناع بعد اليمان عن القتل عين النصاف‪ ..‬في الية الحادية عشر من الباب الثالث والثلثين‬ ‫من كتاب حزقيال‪) :‬يقول الرب الله لست أريد موت المنافق بل أن يتوت المنافق من طريقه( ‪.‬‬

‫والية السابعة من الباب الخامس والخمسين من كتاب أشعيا هكذا‪:‬‬

‫) ‪(4/1300‬‬

‫)فليترك المنافق طريقه ورجل السوء أفكاره‪ ،‬وليرجع إلى الرب فيرحمه وإلى آلهنا لنه كثير الغفران(‬ ‫‪.‬‬ ‫والثاني‪ :‬أنه كان حكم قتل النساء والصبيان إذا كانوا من المم السبعة في الشريعة الموسوية‪،‬‬ ‫بخلف الشريعة المحمدية‪ ،‬فإن هؤلء ل يقتلون وإن كانوا من مشركي العرب‪ ،‬كما كانوا ل يقتلون‬ ‫في الشريعة الموسوية أيضا إذا كانوا من غير القوام السبعة‪.‬‬

‫ل‪ .‬أما نقلا‬ ‫فإذا تمهدت هذه المور الخمسة أقول ل شناعة في مسألة الجهاد السلمي نقلا وعق ا‬ ‫فلما عرفته في المور المذكورة وأما عقلا فلنه قد ثبت بالبرهان الصحيح أن إصلح القوة النظرية‬


‫مقدم على إصلح القوة العملية فإصلح العقائد مقدم على إصلح العمال‪ ،‬وهذه مقدمة مسلمة‬ ‫عند كافة الملبين‪ ،‬ولذلك ل تفيد العمال الصالحة بدون اليمان عندهم‪ .‬ول يعاندنا المسيحيون‬ ‫أيض ا في هذا الباب لن العمال الصالحة بدون اليمان بالمسيح ل تنجي عندهم أيضاا‪ .‬وأن‬

‫الجواد الحليم المتواضع الكافر بعيسى عليه السلم أشر عندهم من البخيل الغضوب المتكبر‬ ‫المؤمن بعيسى عليه السلم‪ .‬وكذا قد ثبت بالتجربة الصحيحة أن النسان قد تنبه على خطأه وقبحه‬

‫بتنبيه الغير‪ ،‬وكذا قد ثبت بالتجربة الصحيحة أن النسان ل يطيع الحق غالبا لجل وجاهة قومه‬

‫وشوكتهم‪ ،‬ول يصغي إلى قول رجل من صنف آخر بل يأنف من سماع كلمه‪ ،‬سيما إذا كان هذا‬

‫القول مخالف ا لطبائع صنفه وأصولهم‪ ،‬ويكون في قبوله لزوم المشقة في أداء العبادات البدنية‬ ‫والمالية بخلف ما إذا انكسرت وجاهة قومه وشوكتهم فل يأنف من الصغاء‪.،‬‬

‫) ‪(4/1301‬‬

‫وكذا قد ثبت بالتجربة أن العدو إذا رأى أن مخالفه مائل إلى الدعة والسكون يطمع في التسلط‬ ‫على مملكته‪ ،‬وهذا هو السبب الغلبي في زوال الدول القديمة وبعد تسلطه تحصل المضرة‬ ‫العظيمة للدين والديانة ولذلك أضطر المسيحيون كافة إلى ما يخالف إنجيلهم المتداول‪:‬‬ ‫فقال أهل ملة كاتلك‪ :‬أن الكنيسة الرومانية لها سلطان حقيقي على كل مسيحي بواسطة العماد‪،‬‬ ‫لكون كل معتمد خاضع ا للكنيسة الرومانية ومرؤوس ا منها وهي ملتزمة بقصاص العصاة بالعقوبات‬ ‫الكنائسية‪ ،‬وبأن تسلم المصرين على ضللهم والمضرين للجمهور‪ ،‬إلى ذوي الولية ليعاقبوهم‬

‫بالموت‪ ،‬وبالتالي يمكنها إلزامهم بحفظ اليمان الكاتلكي والشرائع الكنائسية تحت أي قصاص‬ ‫كان‪.‬‬

‫) ‪(4/1302‬‬

‫وقد نقل قولهم هذا إسحاق برد كان من علماء بروتستنت‪ ،‬في كتابه المسمى بكتاب الثلث عشرة‬ ‫رسالة في الرسالة الثانية عشر في الصفحة ‪ 360‬من النسخة المطبوعة سنة ‪ 1849‬في بيروت‪.‬‬ ‫وقال علماء بروتستنت من أهل إنكلترا سعادة الملك له الحكم العلى في مملكة إنكلترا هذه وفي‬ ‫ولياته الخر‪ ،‬وله السلطنة الولى على جميع متعلقات هذه المملكة سواء كانت كنائسية أو مدنية‬


‫في كل حال‪ ،‬وما هي خاضعة بل ل يصح أن تخضع لحاكم أجنبي‪ ،‬ويجوز للمسيحيين أن يتقلدوا‬ ‫السلح بأمر الحكام ويباشروا الحروب‪ .‬كما هو مصرح به في العقيدة السابعة والثلثين من عقائد‬ ‫دينهم‪ ،‬فترك كل الفريقين ظاهر أقوال عيسى عليه السلم أعني )ل تقاوموا الشر بل من لطمك‬ ‫على خدك اليمن فحول له الخر‪ ،‬ومن أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضاا‪ ،‬ومن‬

‫سخرك ميلا واحدا فاذهب معه اثنين من سألك فأعطه( ‪ .‬فإن هذه القوال تخالف ما مهدوه ولو‬

‫عملوا على هذه القوال ل أقوال أزيد من هذا‪ ،‬إن سلطنة النكليز تزول من الهند في أيام معدودة‬

‫ويخرجهم أهل الهند بل كلفة‪.‬‬ ‫ولذلك قال بعض الظرفاء الذكياء أطال ال حياته قادح ا‬

‫) ‪(4/1303‬‬

‫على هذه القوال إلزاماا‪) :‬تكليف للنسان بما ليس في وسعه‪ ،‬ول يمكن لدولة ما أن تعمل به‪ ،‬ول‬ ‫يمكن إلزام أحد به إل بعض الصيادين الذين ل رداء لهم فيؤخذ منهم ول يعبؤون بإضاعة الوقت(‬

‫انتهى كلمه‪.‬‬ ‫ثم قال‪) :‬وذلك كله غير مذكور في مرقص ويوحنا مع أن النصارى كافة على إلقائهم العمل بهذه‬ ‫الحكام ما زالوا يحتجون بها وبها يستدلون على أفضلية مذهبهم‪ ،‬فكيف ساغ إذا لمرقس ويوحنا‬ ‫أن يهمل ذلك ويتواطآ مع ا على قصة حل الجحش‪ .‬فهل من دأب المؤرخين أن يذكروا الخسيس‬ ‫من المور ويسكتوا عن الجليل‪ ،‬ول سيما أنهم هم المخاطبون به ويمكن أن يقال أن من ذكره‬ ‫فإنما نظر إلى تكليف غيره‪ ،‬ومن سكت عنه فإنما خشي تكليف نفسه( انتهى كلمه بلفظه‪.‬‬ ‫وقال بعض الملحدة‪ :‬إن هذه الحكام التي يفخر بها المسيحيون ل تخلوا إما أن تكون مستحبة‬ ‫نظرا إلى بعض الحالت أو واجبة‪ .‬فإن كانت مستحبة فل بأس بها‪ .‬لكنها ل تختص بالملة‬

‫المسيحية فإن هذا الستحباب نظرا إلى بعض الحالت يوجد في غير ملتهم أيضاا‪ ،‬وإن كانت‬

‫واجبة فل شك أنها منابع المفاسد والشرور وأسباب زوال الدول والراحة والطمئنان والسرور وإذ‬

‫ثبت ما ذكرت فل شك في استحسان الجهاد عقلا إذا كان جامعا للشروط المذكورة في الشريعة‬

‫المحمدية‪.‬‬

‫) ‪(4/1304‬‬


‫وتذكرت حكاية مناسبة للمقام‪:‬‬ ‫جاء بعض القسيسين في محكمة المفتي من محكمات الدولة النكليزية في الهند فقال‪ :‬يا جناب‬ ‫المفتي لي سؤال على المسلمين أمهل المجيب إلى سنة لداء جوابه‪ .‬فأشار المفتي إلى ناظر‬ ‫المحكمة وكان رجلا ظريف ا فقال‪ :‬أي سؤال هذا قال القسيس‪ :‬إن نبيكم ادعى أنه مأمور بالجهاد‬ ‫وما كان موسى مأمور به ول عيسى‪ .‬فقال الناظر‪] :‬ص ‪ [359‬أهذا هو السؤال الذي تمهلنا إلى‬ ‫سنة لنتفكر في جوابه‪ .‬قال القسيس‪ :‬نعم‪ .‬قال الناظر‪ :‬ل نستمهلك‪ ،‬وأجيبك الن لسببين‪ :‬أما‬ ‫أولا فلنا متعلقون بالدولة النكليزية ول فرصة لنا إل في أيام التعطيل فمن يمهلنا إلى سنة‪ .‬وأما‬

‫ثاني ا فلن هذا السؤال ل يحتاج في جوابه إلى تأمل‪ ..‬ماذا تقول في حق لجج )يعني الحاكم‬

‫النكليزي الذي يكون بمنزلة القاضي في الشرع( أيجوز له بحسب القوانين النكليزية أن يقتل‬

‫القاتل قصاص ا إذا ثبت القتل عليه عنده‪ ،‬قال القسيس‪ :‬ل‪ ،‬لنه ليس بمأمور بهذا‪ ،‬بل منصبه أن‬ ‫يرسل هذا القاتل إلى شيشن جج )يعني الحاكم الكبير منه( ‪ .‬قال‪ :‬أيجوز لهذا الحاكم الكبير‬

‫بحسب القوانين أن يقتله إذا ثبت القتل عنده‪ .‬قال القسيس‪ :‬ل‪ ،‬لنه ليس بمأمور أيضاا‪ ،‬بل منصبه‬

‫أن يحقق المر ثانيا ويخبر الحاكم الذي هو أعلى منه حتى يصدر حكم القتل عن هذا العلى ثم‬ ‫يحكم هذا الكبير بقتله‪ .‬فقال الناظر‪ :‬أهؤلء الحكام الثلثة ليسوا بمتعلقين بالدولة الواحدة‬

‫النكليزية‪ .‬قال القسيس‪ :‬بلى لكن اختلف القتدار لجل مناصبهم‪ .‬فقال الناظر‪ :‬الن ظهر‬ ‫الجواب من كلمك‪ ،‬فل بد أن تعلم أن موسى وعيسى عليهما السلم بمنزلة الحاكمين الولين‬ ‫ونبينا بمنزلة الحاكم الثالث العلى‪ ،‬فكما ل يلزم من عدم اقتدار الحاكمين الولين عدم اقتدار‬ ‫الثالث فكذا ل يلزم من عدم اقتدار موسى وعيسى عليه السلم عدم اقتدار محمد صلى ال عليه‬ ‫وسلم‪.‬‬ ‫فسكت القسيس وخرج خائباا‪.‬‬

‫) ‪(4/1305‬‬

‫فمن نظر إلى ما ذكرت بنظر النصاف‪ ،‬وتجنب عن العناد والعتساف‪ ،‬علم يقينا أن التشدد في‬ ‫مسألة الجهاد‪ ،‬وقتل المرتد والمرغب إلى عبادة الوثان في الشريعة الموسوية‪ ،‬أشد وأكثر من‬

‫التشدد الذي فيها في الشريعة المحمدية‪ ،‬وأن طعن المسيحيين خلف النصاف جداا‪ ،‬وأتعجب‬


‫من حالهم أنهم ل ينظرون إلى أن أسلفهم كيف أشاعوا ملتهم بالظلم وكيف قرروا القوانين الجورية‬ ‫لمخالفيهم‪ .‬ولما طال هذا البحث ل أتعرض لهوساتهم المندرجة في رسائلهم‪ .‬وفيما ذكرت كفاية‬ ‫لذفع هذه الهوسات وبال التوفيق‪.‬‬ ‫)المطعن الثاني( عدم ظهور المعجزات على يد محمد صلى ال عليه وسلم‬ ‫من شروط النبوة ظهور المعجزات على يد من يدعيها وما ظهرت معجزة على يد محمد صلى ال‬ ‫عليه وسلم‪ .‬كما يدل عليه ما وقع في سورة النعام‪} :‬ما عندي ما تستعجلون به إن الحكم إل ل‬ ‫يقص الحق‪ ،‬وهو خير الفاصلين{ ‪ .‬وكذا ما وقع في تلك السورة‪} :‬وأقسموا بال جهد أيمانهم لئن‬ ‫جاءتهم آية ليؤمنن بها‪ ،‬قل إنما اليات عند ال‪ ،‬وما يشعركم أنها إذا جاءت ل يؤمنون( ‪ .‬وكذا ما‬ ‫وقع في سورة بني إسرائيل‪} :‬وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الرض ينبوعا أو تكون لك جنة‬

‫من نخيل وعنب‪ ،‬فتفجر النهار خللها تفجيراا‪ ،‬أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاا‪ ،‬أو تأتي‬

‫ل‪ ،‬أو يكون لك بيت من زخرف‪ ،‬أو ترقى في السماء‪ ،‬ولن نؤمن لرقيك حتى‬ ‫بال‪ ،‬والملئكة قبي ا‬

‫ل{ ‪ .‬وكذا بعض اليات الخر‪.‬‬ ‫تنزل علينا كتابا نقرؤه‪ ،‬قل سبحان ربي هل كنت إل بشرا رسو ا‬

‫) ‪(4/1306‬‬

‫)والجواب( أن المور الثلثة التي ذكرها السائل تغليطات‪.‬‬ ‫أما الول‪ :‬فلن صدور المعجزة ليس من شروط النبوة على حكم هذا النجيل المتعارف‪ ،‬فعدم‬ ‫صدورها ل يدل على عدم النبوة‪ ..‬في الية الحادية والربعين من الباب العاشر من إنجيل يوحنا‬ ‫هكذا‪) :‬فأتى إليه كثيرون‪ ،‬وقالوا إن يوحنا لم يفعل آية واحدة( ‪ ..‬وفي الية السابعة والعشرين من‬ ‫الباب الحادي والعشرين من إنجيل متى هكذا‪) :‬يوحنا عند الجميع نبي( ‪ ..‬وفي الترجمة العربية‬ ‫المطبوعة سنة ‪) 1835‬كلهم يحسبون يحيى نبياا( ‪ .‬وقد وقع في الباب الحادي عشر من إنجيل‬ ‫متى قول عيسى عليه السلم في حقه‪) :‬إنه أفضل من نبي( ‪ .‬فهذا الفضل من النبياء لم تصدر‬ ‫عنه معجزة من المعجزات على شهادة كثيرين مع أن نبوته مسلمة عند المسيحيين‪.‬‬ ‫وأما المر الثاني‪ :‬فغلط بحت كما عرفت في الفصل الول‪.‬‬ ‫والمر الثالث‪ :‬إما غلط منهم أو تغليط‪ .‬لن المراد بما في قوله‬

‫) ‪(4/1307‬‬


‫تعالى ما تستعجلون به الواقع في الية الولى‪ ،‬العذاب الذي استعجلوه بقولهم‪} :‬فأمطر علينا‬ ‫حجارة من السماء أو أتنا بعذاب أليم{ ‪ ،‬ومعنى الية }ما عندي ما تستعجلون به{ أي العذاب‬ ‫الذي تستعجلون به }إن الحكم إل ل{ في تعجيل العذاب‪ ،‬وتأخيره }يقص الحق{ أي يقضي‬ ‫القضاء الحق من تعجيل وتأخير‪} ،‬وهو خير الفاصلين{ أي القاضين‪ .‬فحاصل الية أن العذاب‬ ‫ينزل عليكم في الوقت الذي أراد ال إنزاله‪ ،‬ول قدرة لي على تقدمه‪ ،‬أو تأخيره‪ .‬وقد نزل عليهم‬ ‫يوم بدر وما بعده فل تدل هذه الية على أن محمدا صلى ال عليه وسلم لم تصدر عنه معجزة‪.‬‬

‫وأما الية الثانية فمعناها }وأقسموا بال جهد أيمانهم{ مصدر في موضع الحال }لئن جاءتهم آية{‬

‫من مقترحاتهم }ليؤمنن بها قل إنما اليات عند ال{ هو قادر عليها يظهر منها ما يشاء }وما‬ ‫يشعركم{ استفهام إنكار }أنها{ أي الية المقترحة }إذا جاءت ل يؤمنون{ أي ل تدرون أنهم ل‬ ‫يؤمنون بها‪ ،‬وهذا القول يدل على أنه تعالى إنما لم ينزلها لعلمه بأنها إذا جاءت ل يؤمنون‪.‬‬ ‫وأما الية الثالثة فمعناها }وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الرض{ أي أرض مكة }ينبوعاا{‬ ‫أي عين ا غزيرة ل ينضب ماؤها }أو تكون لك جنة من نخيل وعنب‪ ،‬فتفجر النهار خللها تفجيرا‬ ‫أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاا{ يعنون قوله تعالى‪} :‬إن نشأ نخسف بهم الرض أو‬

‫ل{ أي شاهدا على صحة ما تدعيه‬ ‫نسقط عليهم كسفا من السماء{ ‪} ،‬أو تأتي بال والملئكة قبي ا‬

‫ضامن ا لدركه }أو يكون‬

‫) ‪(4/1308‬‬

‫لك بيت من زخرف{ أي من ذهب }أو ترقى في السماء{ أي في معارجها }ولن نؤمن لرقيك{‬ ‫وحده }حتى تنزل علينا كتاباا{ من السماء فيه تصديقك‪ .‬عن ابن عباس‪ :‬قال عبد ال بن أبي أمية‪:‬‬ ‫لن نؤمن لك حتى تتخذ إلى السماء سلماا‪ ،‬ثم ترقى فيه وأنا أنظر حتى تأتيها‪ ،‬ثم تأتي معك بصك‬ ‫منشور معه أربعة من الملئكة يشهدون لك أنك كما تقول }نقرؤه قل سبحان ربي{ تعجب ا من‬

‫ل{ كسائر الرسل‪ .‬وما كان مقصودهم بهذه القتراحات إل‬ ‫اقتراحاتهم }هل كنت إل بشرا رسو ا‬

‫العناد‪ ،‬واللجاج‪ ،‬ولو جاءتهم كل آية لقالوا هذا سحر‪ .‬كما قال ال عز وجل‪} :‬ولو نزلنا عليك‬

‫كتاب ا في قرطاس{ ‪} ،‬ولو فتحنا عليهم باب ا من السماء{ ‪ ،‬وكذا حال بعض آيات أخر‪ ،‬يفهم منه‬

‫في الظاهر نفي إظهار الية‪ ،‬لكن المقصود به نفي المعجزة المقترحة‪ ،‬ول يلزم من هذا النفي‪ ،‬نفي‬


‫المعجزات مطلق اا‪ ،‬ول يلزم على النبياء أن يظهروا معجزة كلما طلبها المنكرون‪ ،‬بل هم ل يظهرون‬ ‫إذا طلب المنكرون عنادا أو امتحانا أو استهزاء‪ ،‬وأورد لهذا المر شواهد من العهد الجديد‪:‬‬

‫) ‪(4/1309‬‬

‫)الول( في الباب الثامن من إنجيل مرقس هكذا‪) 11 :‬فخرج الفريسيون وابتدؤوا يحاورونه طالبين‬ ‫منه آية من السماء لكي يجربوه( ‪) 12‬فتنهد بروحه وقال لماذا يطلب هذا الجيل آية الحق‪ ،‬أقول‬ ‫لكم لن يعطى هذا الجيل آية‪ ،‬فالفريسيون طلبوا معجزة من عيسى عليه السلم على سبيل‬ ‫المتحان‪ ،‬فما أظهر معجزة‪ ،‬ول أحال في ذلك الوقت إلى معجزة صدرت عنه فيما قبل‪ ،‬ول وعد‬ ‫بإظهارها فيما بعد أيضاا‪ ،‬بل قوله لن يعطى هذا الجيل آية‪ ،‬يدل على أن المعجزة ل تصدر عنه فيما‬ ‫بعد هذا البتة‪ ،‬لن لفظ الجيل يشمل الجميع الذين كانوا في زمانه‪.‬‬

‫)الثاني( في الباب الثالث والعشرين من إنجيل لوقا هكذا‪) 8 :‬وأما هيردوس فلما رأى يسوع فرح‬ ‫جدا لنه كان يريد من زمان طويل أن يراه لسماعه عنه أشياء كثيرة‪ ،‬وترجى أن يرى آية تصنع منه(‬ ‫‪) 9‬وسأله بكلم كثير فلم يجبه بشيء( ‪) 10‬ووقف رؤوساء الكهنة‪ ،‬والكتبة يشتكون عليه‬

‫باشتداده( ‪) 11‬فاحتقره هيردوس مع عسكره واستهزأ به‪ ،‬وألبسه لباسا لمعا ورده إلى بيلطس(‬ ‫فعيسى عليه السلم ما أظهر معجزة في ذلك الوقت‪ ،‬وقد كان هيردوس‬

‫) ‪(4/1310‬‬

‫يترجى أن يرى منه آية‪ ،‬والغلب أنه لو رأى للزم اليهود على اشتكائهم ولما احتقر مع عسكره‬ ‫ولما استهزأ‪.‬‬ ‫)الثالث( في الباب الثاني والعشرين من إنجيل لوقا هكذا‪) 63 :‬والرجال الذين كانوا ضابطين يسوع‬ ‫كانوا يستهزؤون به وهم يجلدونه( ‪) 64‬وغطوه‪ ،‬وكانوا يضربون وجهه‪ ،‬ويسألونه قائلين تنبأ من هو‬ ‫الذي ضربك‪ ،‬وأشياء أخر كثيرة‪ ،‬كانوا يقولون عليه مجدفين( ‪ .‬ولما كان سؤالهم استهزاء وتوهيناا‪،‬‬ ‫ما أجابهم عيسى عليه السلم‪.‬‬ ‫)الرابع( في الباب السابع والعشرين من إنجيل متى هكذا‪) 39 :‬وكان المجتازون يجدفون عليه‪،‬‬ ‫وهم يهزؤن رؤوسهم( ‪) 40‬قائلين يا ناقض الهيكل وبانيه في ثلثة أيام‪ ،‬خلص نفسك إن كنت ابن‬


‫ال فانزل الن عن الصليب( ‪) 41‬وكذلك رؤساء الكهنة أيضا وهم يستهزؤون مع الكتبة والشيوخ‬ ‫قالوا خلص آخرين وأما نفسه فما يقدر أن يخلصها إن كان هو ملك إسرائيل فلينزل الن عن‬

‫الصليب فنؤمن به( ‪) 43‬قد اتكل على ال فلينقذه الن إن أراده لنه قال أنا ابن ال( ‪) 44‬وبذلك‬ ‫أيض ا كان اللصان اللذان صلبا معه ليعيرانه( فما خلص نفسه عيسى عليه السلم في هذا الوقت‪،‬‬ ‫وما نزل عن الصليب وإن عيره المجتازون‪ ،‬ورؤساء الكهنة‪ ،‬والكتبة‪ ،‬والشيوخ‪ ،‬واللصان‪ .‬ورؤساء‬ ‫الكهنة‪ ،‬والكتبة‪ ،‬والشيوخ كانوا يقولون إنه إن نزل عن الصليب نؤمن به‪ ،‬فكان عليه لدفع العار‪،‬‬ ‫وللزام الحجة أن ينزل مرة عن الصليب‬

‫) ‪(4/1311‬‬

‫ثم يصعد‪ ..‬ولكنهم لما كان مقصودهم العناد‪ ،‬والستهزاء‪ ،‬ما أجابهم عيسى عليه السلم‪.‬‬ ‫)الخامس( في الباب الثاني عشر من إنجيل متى هكذا‪) 38 :‬حينئذ أجاب قوم من الكتبة‪،‬‬ ‫والفريسيين قائلين يا معلم نريد أن نرى منك آية( ‪) 39‬فأجاب وقال لهم‪ :‬جيل شرير وفاسق يطلب‬ ‫آية‪ ،‬ول تعطى له آية إل آية يونان النبي( ‪) 40‬لنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلثة أيام‪،‬‬ ‫وثلث ليال‪ ،‬هكذا يكون ابن النسان في قلب الرض ثلثة أيام‪ ،‬وثلث ليال( فطلب الكتبة‬ ‫والفريسيون معجزة‪ ،‬فما أظهرها عيسى عليه السلم في هذا الوقت‪ ،‬وما أحالهم إلى معجزة صدرت‬ ‫عنه فيما قبل هذا السؤال‪ ،‬بل سبهم وأطلق عليهم لفظ الفاسق والشرير‪ ،‬ووعد بالمعجزة التي لم‬ ‫تصدر عنه‪ ،‬لن قوله كما كان يونان في بطن الحوت الخ‪ ،‬غلط بل شبهة كما علمت في الفصل‬ ‫الثالث من الباب الول وإن قطعنا النظر عن كونه غلطا فمطلق قيامه لم ير الكتبة‪ ،‬والفريسيون‬

‫بأعينهم‪ ،‬ولو قام عيسى عليه السلم من الموات‪ ،‬كان عليه أن يظهر نفسه على هؤلء المنكرين‬ ‫الطالبين آية ليصير حجة عليهم‪ ،‬ووفاء بالوعد‪ .‬وهو ما أظهر نفسه عليهم‪ ،‬ول على اليهود‬ ‫الخرين‪ ،‬ولو مرة واحدة‪ ،‬ولذلك ل يعتقدون هذا القيام‪ ،‬بل هم يقولون من ذاك العهد إلى هذا‬

‫ل‪.‬‬ ‫الحين‪ ،‬أن تلميذه سرقوا جثته من القبر لي ا‬ ‫)السادس( في الباب الرابع من إنجيل متى هكذا‪) :‬فتقدم إليه المجرب‪ ،‬وقال له إن كنت ابن ال‬ ‫فقل أن تصير هذه الحجارة خبزاا( ‪) 4‬فأجاب وقال مكتوب ليس بالخبز وحده يحيى النسان بل‬

‫بكل كلمة تخرج من‬

‫) ‪(4/1312‬‬


‫فم ال( ‪) 5‬ثم أخذه إبليس إلى المدينة المقدسة‪ ،‬وأوقفه على جناح الهيكل( ‪) 6‬وقال له إن كنت‬ ‫ابن ال فاطرح نفسك إلى السفل لنه مكتوب أنه يوصي ملئكته بك فعلى أياديهم يحملونك ل‬ ‫تصدم بحجر رجلك( ‪) 7‬قال له يسوع مكتوب أيض ا ل تجرب الرب إلهك( ‪ .‬فطلب إبليس على‬ ‫سبيل المتحان من عيسى عليه السلم معجزتين‪ ،‬فما أجاب بواحدة منهما‪ ،‬واعترف في المرة‬ ‫الثانية أنه ل يليق بالمربوب أن يجرب ربه‪ ،‬بل مقتضى العبودية مراعاة الدب وعدم التجربة‪.‬‬ ‫)السابع( في الباب السادس من إنجيل يوحنا هكذا‪) 29 :‬أجاب يسوع وقال لهم هذا هو عمل ال‬ ‫لن تؤمنوا بالذي هو أرسله( ‪) 30‬فقالوا له‪ :‬فأية آية تصنع لنرى ونؤمن بك( ‪) 31‬ماذا تعمل آباؤنا‬ ‫أكلوا المن في البرية كما هو مكتوب أنه أعطاهم خبزا من السماء ليأكلوا( ‪ .‬فاليهود طلبوا معجزة‬ ‫فما أظهرها عيسى عليه السلم‪ ،‬ول أحال إلى معجزة فعلها قبل هذا السؤال‪ ،‬بل تكلم بكلم‬ ‫مجمل‪ ،‬لم يفهمه أكثر السامعين بل ارتد كثير من تلميذه بسببه‪ .‬كما هو مصرح به في الية‬ ‫السادسة والستين من الباب المذكور وهي في الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪ 1860‬هكذا‪) :‬ومن‬ ‫هذا الوقت رجع كثيرون من تلميذه إلى الوراء‪ ،‬ولم يعودوا يمشون معه( ‪.‬‬

‫) ‪(4/1313‬‬

‫وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪) :1835‬ومن ثم ارتد كثير من تلميذه على أعقابهم ولم‬ ‫يماشوه بعد ذلك أبداا( ‪.‬‬

‫)الثامن( في الباب الول من الرسالة إلى أهل قورنيثوس هكذا‪) 22 :‬فإن اليهود يسألون معجزة‬

‫واليونانيون يطلبون حكمة( ‪) 23‬ونحن نكرز بالمسيح المصلوب وذلك معثرة لليهود وحماقة‬ ‫لليونانيين( ‪ .‬فاليهود كما كانوا يطلبون المعجزة من المسيح عليه السلم كانوا يطلبونها من‬ ‫الحواريين أيض اا‪ ،‬وأقر مقدسهم بولس بأنهم يطلبون المعجزة ونحن نكرز بالمسيح المصلوب‪ .‬فظهر‬ ‫من هذه العبارات المنقولة أن عيسى عليه السلم والحواريين ما أظهروا معجزة بين أيدي الطالبين‬

‫في الوقات التي طلبوا المعجزات فيها‪ ،‬ول أحالوا المنكرين إلى معجزة فعلوها قبل هذه الوقات‪،‬‬ ‫فلو استدل أحد باليات المذكورة على أن عيسى عليه السلم والحواريين‪ ،‬ما كان لهم قدرة على‬ ‫إظهار أمر خارق للعادات‪ ،‬وإل لصدر عنهم في الوقات المذكورة وأحالوا المنكرين إلى أمر خارق‬ ‫صدر عنهم قبل هذه الوقات‪ .‬فلما لم يظهر منهم أحد المرين ثبت أنهم ما كان لهم قدرة على‬


‫إظهاره‪ ،‬يكون هذا الستدلل عند القديسين محمولا على العتساف ويكون قوله خلف‬

‫النصاف‪ ،‬فكذا قول القسيسين عندنا بالتمسك ببعض اليات القرآنية التي عرفت حالها خلف‬ ‫النصاف وعين العتساف‪ ،‬كيف ل وأن المعجزات المحمدية مصرح بها في القرآن والحاديث‬

‫الصحيحة‪ ،‬كما عرفت في الفصل الول وجاء ذكرها إجمالا أيض ا في مواضع متعددة من القرآن‪:‬‬

‫) ‪(4/1314‬‬

‫‪ -1‬في سورة الصافات‪} :‬وإذا رأوا آية يستسخرون وقالوا إن هذا إل سحر مبين( ‪ ..‬في الكشاف‬ ‫}وإذا رأوا آية{ من آيات ال البينة كانشقاق القمر ونحوه }يستسخرون{ يبالغون في السخرية أو‬ ‫يستدعي بعضهم من بعض أن يسخر منها‪ ..‬وفي التفسير الكبير‪) :‬والرابع من المور التي حكاها‬ ‫ال تعالى عنهم أنهم قالوا إن هذا إل سحر مبين‪ ،‬يعني أنهم إذا رأوا آية ومعجزة سخروا منها‪،‬‬ ‫والسبب في تلك السخرية اعتقادهم أنها من باب السحر‪ ،‬وقوله مبين‪ :‬معناه أن كونه سحرا أمر‬

‫بين ل شبهة لحد فيه( انتهى كلمه‪ ..‬وفي البيضاوي‪} :‬وإذا رأوا آية{ تدل على صدق القائل‬

‫}يستسخرون{ يبالغون في السخرية ويقولون إنه سحر أو يستدعي بعضهم من بعض أن يسخر منها‬ ‫}وقالوا إن هذا{ يعنون ما يرونه }إل سحر مبين{ ظاهر سحريته انتهى‪ ..‬وفي الجللين }وإذا رأوا‬ ‫آية{ كانشقاق القمر }يستسخرون{‬

‫) ‪(4/1315‬‬

‫يستهزؤون بها }وقالوا{ فيها }إن{ ما }هذا إل سحر مبين{ بين‪ .‬انتهى‪ ،‬ومثله في الحسيني‪.‬‬ ‫‪ - 2‬وفي سورة القمر‪} :‬وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر{ وقد عرفتها في الفصل الول‪.‬‬ ‫‪ -3‬وفي سورة آل عمران‪} :‬كيف يهدي ال قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق‬

‫وجاءهم البينات{ ‪ ..‬في الكشاف في تفسير قوله )البينات( الشواهد من القرآن وسائر المعجزات‬

‫التي تثبت بمثلها النبجوة‪ .‬انتهى كلمه‪ ،‬ولفظ البينات إذا كان موصوفه مقدرا فيستعمل في القرآن‬

‫غالبا بمعنى المعجزات‪ ،‬واستعماله في غيرها في تلك الصورة قليل جدا فل يحمل على المعنى‬

‫القليل‪ ،‬بدون القرينة القوية في سورة البقرة‪} :‬وآتينا عيسى بن مريم البينات{ ‪ ،‬وفي سورة النساء‪:‬‬

‫}ثم اتخذوا العجل من بعد ما جاءتهم البينات{ ‪ ،‬وفي سورة المائدة‪} :‬إذ جئتهم بالبينات{ ‪ ،‬وفي‬


‫سورة العراف‪} :‬ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات{ وفي سورة يونس‪} :‬وجاءتهم رسلهم بالبينات{ ‪،‬‬ ‫ثم في تلك السورة‪} :‬فجاؤوهم بالبينات{ ‪ ،‬وفي سورة النحل‪} :‬بالبينات والزبر{ ‪ ،‬وفي سورة طه‪:‬‬

‫) ‪(4/1316‬‬

‫}لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات{ ‪ ،‬وفي سورة المؤمن‪} :‬وقد جاءكم بالبينات من ربكم{ ‪،‬‬ ‫وفي سورة الحديد‪} :‬لقد أرسلنا رسلنا بالبينات{ ‪ ،‬وفي سورة التغابن‪} :‬ذلك بأنه كانت تأتيهم‬ ‫رسلهم بالبينات{ وكذا في غير هذه المواضع‪.‬‬ ‫‪ -4‬في سورة النعام‪} :‬ومن أظلم ممن افترى على ال كذب ا أو كذب بآياته إنه ل يفلح‬

‫الظالمون{ ‪ ..‬في البيضاوي‪} :‬ومن أظلم ممن افترى على ال كذباا{ كقولهم الملئكة بنات ال‬

‫وهؤلء شفعاؤنا عند ال }أو كذب بآياته{ كأن كذبوا بالقرآن والمعجزات وسموها سحراا‪ ،‬وإنما‬

‫ذكر أو وهم جمعوا بين المرين تنبيها على أن كلا منها وحده بالغ غاية الفراط في الظلم على‬

‫النفس انتهى‪.‬‬

‫‪ ..‬وفي الكشاف جمعوا بين أمرين متناقضين فكذبوا على ال وكذبوا بما ثبت بالحجة والبينة‬ ‫والبرهان الصحيح‪ ،‬حيث قالوا لو شاء ال ما أشركنا ول آباؤنا‪ ،‬وقالوا وال أمرنا بها‬

‫) ‪(4/1317‬‬

‫وقالوا الملئكة بنات ال وهؤلء شفعاؤنا عند ال‪ ،‬ونسبوا إليه تحريم البحائر والسوائب‪ ،‬وذهبوا‬ ‫فكذبوا بالقرآن والمعجزات‪ ،‬وسموها سحرا ولم يؤمنوا بالرسول‪ ،‬انتهى‪.‬‬

‫‪ ..‬وفي التفسير الكبير والنوع الثاني من خسارتهم تكذيبهم بآيات ال والمراد منه قدحهم في‬

‫معجزات النبي صلى ال عليه وسلم وطعنهم فيها‪ ،‬وإنكارهم كون القرآن معجزة باهرة بينة‪ ،‬انتهى‪.‬‬ ‫‪ ..‬وفي تلك السورة أيضاا‪} :‬وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل مثل ما أوتي رسل ال‬ ‫ال أعلم حيث يجعل رسالته‪ ،‬سيصيب الذين أجرموا صغار‬

‫) ‪(4/1318‬‬


‫عند ال وعذاب شديد بما كانوا يمكرون{ ‪.‬‬ ‫‪..‬وفي التفسير الكبير في تفسير قوله‪} :‬وإذا جاءتهم{ أنهم متى ظهرت لهم معجزة باهرة‪ .‬انتهى‪.‬‬ ‫والبابا الكزندر كان يعتقد أن محمدا صلى ال عليه وسلم صاحب اللهام‪ ،‬وإن لم يكن ذلك‬

‫اللهام عنده واجب التسليم‪ ،‬وقع في المجلد الخامس من كتابه المسمى بدنيد هي هذه الفقرة )يا‬

‫محمد إن الحمامة عند أذنك( ونقلت هذه الفقرة عن المجلد المطبوع سنة ‪ 1897‬وسنة ‪1806‬‬ ‫في لندن‪ ،‬لكنها في النسخة الولى في الصفحة ‪ ،267‬وفي النسخة الثانية في الصفحة ‪،303‬‬ ‫ولعل البابا أسند إلهام محمد صلى ال عليه وسلم إلى الحمامة‪ ،‬لن اللهام عند المسيحيين يكون‬ ‫بواسطة روح القدس‪ ،‬وقد نزل روح القدس على عيسى عليه السلم بعد ما فرغ من الصطباغ على‬ ‫صورة الحمامة‪ .‬كما هو مصرح به في الباب الثالث من إنجيل متى‪ ،‬فظن أن إلهام محمد صلى ال‬ ‫عليه وسلم يكون بواسطة الحمامة‪.‬‬ ‫)المطعن الثالث( باعتبار النساء وهو على خمسة أوجه‪:‬‬ ‫)الول( أن المسلمين ل يجوز لهم أزيد من أربع زوجات‪ ،‬ومحمد صلى ال عليه وسلم لم‬

‫) ‪(4/1319‬‬

‫يكتف بها بل أخذ تسع ا لنفسه‪ ،‬وأظهر حكم ال في حقه أن ال أجازني لن أتزوج بأزيد من أربع‪.‬‬ ‫)والثاني( أن المسلمين يجب العدل عليهم بين نسائهم‪ ،‬وأظهر حكم ال في حقه أن هذا العدل‬

‫ليس بواجب عليه‪.‬‬ ‫)والثالث( أنه دخل بيت زيد بن حارثة رضي ال عنه‪ ،‬فلما رفع الستر وقع نظره على زينب بنت‬ ‫جحش زوجة زيد رضي ال عنهما‪ ،‬فوقعت في نفسه وقال سبحان ال‪ .‬فلما اطلع زيد على هذا‬ ‫المر طلقها فتزوج بها‪ ،‬وأظهر أن ال أجازني للتزويج‪.‬‬ ‫)والرابع( أنه خل بمارية القبطية رضي ال عنها‪ ،‬في بيت حفصة‬

‫) ‪(4/1320‬‬

‫رضي ال عنها‪ .‬في يوم نوبتها‪ ،‬فغضبت حفصة رضي ال عنها‪ ،‬فقال محمد صلى ال عليه وسلم‪:‬‬ ‫حرمت مارية على نفسي‪ ،‬ثم لم يقدر أن يبقى على التحريم‪ .‬فأظهر أن ال أجازه لبطال اليمين‬


‫بأداء الكفارة‪.‬‬ ‫)والخامس( أنه يجوز في حق متبعيه‪ ،‬إن مات أحد منهم أن يتزوج الخر زوجته‪ ،‬بعد انقضاء‬ ‫عدتها‪ ،‬وأظهر حكم ال في حقه أنه ل يجوز لحد أن يتزوج زوجة من زوجاته بعد مماته‪.‬‬ ‫وهذه الوجوه الخمسة منتهى جهدهم في المطعن باعتبار النساء‪ .‬وتوجد هذه الوجوه كلها أو‬ ‫بعضها في أكثر رسائلهم مثل ميزان الحق‪ ،‬وتحقيق الدين الحق‪ ،‬ودافع البهتان‪ ،‬ودلئل إثبات‬ ‫رسالة المسيح‪ ،‬ودلئل النبوة‪ ،‬ورد اللغو وغيرها‪ .‬وأنا أمهد أمورا ثمانية يظهر منها جواب هذه‬

‫الوجوه كلها فأقول‪:‬‬

‫)المر الول( أن تزوج أكثر من امرأة واحدة كان جائزا في الشرائع السابقة‪:‬‬

‫لن إبراهيم عليه السلم تزوج بسارة ثم بهاجر في حياة سارة‪ ،‬وهو كان خليل ال‪ ،‬وكان ال يوحي‬

‫إليه ويرشده إلى أمور الخير‪ ،‬فلو لم يكن النكاح الثاني جائزا لما أبقاه عليه بل أمره بفسخه‬

‫وحرمته‪.‬‬

‫) ‪(4/1321‬‬

‫ولن يعقوب عليه السلم تزوج بأربع نسوة‪ ،‬ليا وراحيل وبلها وزلفا‪ ،‬فالوليان منهما أختان ابتنا‬ ‫لبان خاله‪ ،‬والخريان جاريتان‪ .‬والجمع بين الختين حرام قطعي في شريعة موسى عليه السلم‪،‬‬ ‫كما علمت في الباب الثالث‪ .‬فلو كان التزوج بأكثر من امرأة واحدة حراماا‪ ،‬لزم أن يكون أولده‬ ‫من تلك الزواج‪ ،‬أولد حرام والعياذ بال‪ ،‬وكان ال يوحي إليه ويرشده إلى أمور الخير‪ ،‬فكيف‬

‫يتصور أن يرشده في أمور خسيسة‪ ،‬ول يرشده في هذا المر العظيم‪ .‬فإبقاء ال يعقوب عليه السلم‬ ‫على نكاح تلك الربعة سيما الختين دليل بين على جواز مثل هذا التزوج في شريعته‪.‬‬ ‫ولن جدعون بن يواش تزوج نساء كثيرة في الباب الثامن من سفر القضاة هكذا‪) 30 :‬وكان له‬ ‫سبعون ابن ا خرجوا من صلبه لن كانت له نساء كثيرة( ‪) 31‬وسريته التي كانت له في شخيم ولدت‬ ‫له ابن ا اسمه ابيمالك( ‪ .‬ونبوته ظاهرة من الباب السادس والسابع من السفر المذكور‪ ،‬ومن الباب‬ ‫الحادي عشر من الرسالة العبرانية‪.‬‬

‫) ‪(4/1322‬‬


‫ولن داود عليه السلم تزوج نساء كثيرة‪ .‬تزوج أولا ميخال بنت شاوول‪ ،‬وكان بدل المهر مائة غلفة‬ ‫من غلف الفلسطانيين‪ ،‬وأعطاه داود عليه السلم مائتي غلفة من غلفهم‪ ،‬فأعطى شاوول داود عليه‬ ‫السلم ابنته ميخال‪ ..‬الية السابعة والعشرون من الباب الثامن عشر من سفر صموئيل الول‬ ‫هكذا‪) :‬فمضت أيام قليلة وقام داود عليه السلم وانطلق هو ورجاله وقتل من الفلسطانيين مائتي‬ ‫رجل وأتى داود عليه السلم بغلفهم إلى الملك ودفعها للملك بالتمام ليكون له ختنا فأعطى‬

‫شاوول ميخال ابنته له امرأة( ‪.‬‬

‫والملحدة يستهزؤون بهذا البدل من المهر‪ ،‬ويقولون أكان شاوول يريد أن يسوي من هذه الغلف‬ ‫حميلا ويعيطه بنته في الجهاز‪ ،‬أم كان غرضه شيئ ا آخر‪ .‬لكني أقطع النظر عن استهزائهم وأقول‪:‬‬

‫لما بغى داود عليه السلم على شاوول‪ ،‬أعطى شاوول ميخال فلطى بن ليس الذي هو من جليم‪،‬‬ ‫كما هو مصرح به في آخر الباب الخامس والعشرين من السفر المذكور‪ .‬وتزوج داود عليه السلم‬

‫بست نساء أخرى ‪ -‬احينعام الزراعايلية ‪ 1‬بيغال ‪2‬‬

‫) ‪(4/1323‬‬

‫ومعهما ابنة تلمى ملك جاشور ‪ 3‬وحجبت ‪ 4‬وابيطل ‪ 5‬وعجل ‪ - 6‬كما هو مصرح به في الباب‬ ‫الثالث من سفر صموئيل الثاني‪ .‬ومع كون هذه الست‪ ،‬ما زالت محبة ميخال عن قلبه الشريف‪،‬‬ ‫وإن كانت في فراش الغير فلذلك لما قتل شاوول‪ ،‬طلب داود من اسباسوت بن شاوول زوجته‬ ‫ميخال‪ ،‬وقال له‪ :‬رد على امرأتي ميخال التي خطبتها بمائة غلفة من غلف أهل فلسطين‪ .‬فأخذها‬ ‫أسباسوت قهرا من فلطى بن ليس وأرسلها إلى داود‪ ،‬فجاء هذا فلطى باكيا خلفها إلى بحوريم ثم‬ ‫رجع‪ .‬كما هو مصرح به في الباب المذكور‪ .‬فبعد ما وصلت ميخال إلى داود عليه السلم مرة‬

‫أخرى صارت له زوجة‪ ،‬وكمل عدد الزوجات السبع‪ ،‬ثم أخذ داود نساء أخرى‪ ،‬وسراري لم يصرح‬ ‫بعددها في كتبهم المقدسة‪..‬‬

‫) ‪(4/1324‬‬

‫الية الثالثة عشر من الباب الخامس من سفر صموئيل الثاني هكذا‪) :‬وأخذ داود أيضا نساء‬

‫وسراري من أورشليم من بعد أن أتى من هارون وولد لداود أيض ا بنون وبنات( ‪.‬‬


‫‪ ..‬ثم زنى بامرأة أوريا وقتل زوجها بالحيلة‪ ،‬ثم أخذها‪ .‬فعاتبه ال على هذا الزنا كما علمت في أول‬ ‫هذا الفصل‪ .‬وداود عليه السلم‪ ،‬وإن كان خاطئا في هذا الزنا والتزويج بتلك المرأة‪ ،‬لكنه لم يكن‬

‫عاصي ا في تزوج جم غفير من نساء أخرى‪ ،‬وإل لعاتبه ال على تزوجهن كما عاتبه على تزوج امرأة‬ ‫أوريا‪ ،‬فعاتبه ال على تزوجها‪ .‬بل أظهر رضاه على هذا التزوج‪ ،‬ونسب إعطاءها إلى نفسه وقال‪:‬‬ ‫وإذا كانت هذه قليلة أزيد مثلهن ومثلهن‪ ،‬وقول ال تعالى في حق داود عليه السلم على لسان‬ ‫ناثان النبي عليه السلم‪ ..‬في الية الثامنة من الباب الثاني عشر من سفر صموئيل الثاني‪ ،‬في‬

‫الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪ 1822‬وسنة ‪ 1831‬وسنة ‪ 1844‬في لندن على النسخة المطبوعة‬ ‫في رومية العظمى سنة ‪ 1671‬هكذا‪) :‬ووهبت لك بيت مولك ونساء سيدك اضطجعت في‬ ‫حضنك ووهبت لك بيت إسرائيل ويهوذا وإذا كانت هذه قليلة فأزيدك مثلهن ومثلهن( ‪ .‬فقوله‬ ‫وهبت على صيغة المتكلم في الموضعين‪ ،‬وقوله إذا كانت هذه قليلة فأزيدك مثلهن ومثلهن يدلن‬ ‫على ما قلت‪ .‬وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪ 1811‬الجملة الخيرة هكذا‪) :‬فإذا كانت عندك‬ ‫قليلة كان ينبغي لك أن تقول فأزيد مثلهن ومثلهن( ‪.‬‬

‫) ‪(4/1325‬‬

‫‪ .‬وتزوج في آخر عمره شابة عذراء أخرى اسمها أبى شاغ الشونامية وكانت جميلة جداا‪ ،‬كما هو‬

‫مصرح به في الباب الول من سفر السلطين الول‪.‬‬

‫ولن سليمان عليه السلم‪ ،‬تزوج بألف امرأة‪ ،‬سبعمائة منهن حرات من بنات السلطين وثلثمائة‬ ‫جوار‪ .‬وارتد بإغوائهن في آخر عمره وبنى المعابد للصنام‪ ،‬كما هو مصرح به في الباب الحادي‬ ‫عشر من سفر الملوك الول‪.‬‬ ‫ول يفهم من موضع من مواضع التوراة‪ ،‬حرمة التزوج بأزيد من امراة واحدة‪ ،‬ولو كان حرام ا لصرح‬

‫موسى عليه السلم بحرمته‪ ،‬كما صرح بسائر المحرمات وشدد في إظهار تحريمها‪ ،‬بل يفهم جوازه‬ ‫من مواضع‪ .‬لنك قد علمت في جواب الطعن الول أن البكار التي كانت من غنيمة المديانيين‪،‬‬ ‫كانت اثنتين وثلثين ألفا وقسمت على بني إسرائيل‪ ،‬سواء كانوا ذوي زوجات أو لم يكونوا‪ ،‬ول‬

‫يوجد فيه تخصيص العزب‪.‬‬

‫وفي الباب الحادي والعشرين من سفر الستثناء هكذا‪) 10 :‬وإذا خرجت إلى القتال مع أعدائك‬ ‫وأسلمهم الرب إلهك في يدك وسبيتهم( ‪) 11‬ورأيت في جملة المسبيين امرأة حسنة وأحببتها‪،‬‬


‫وأردت أن تتخذها لك امرأة( ‪) 12‬فأدخلها إلى بيتك وهي تحلق رأسها وتقص أظفارها( ‪13‬‬ ‫)وتنزع عنها الرداء الذي سبيت به وتجلس في بيتك وتبكي على أبيها وأمها مدة شهر ثم تدخل‬ ‫إليها‬

‫) ‪(4/1326‬‬

‫وترقد معها ولتكن لك امرأة( ‪) 14‬فإن كانت بعد ذلك ل تهواها نفسك فسرحها حرة ول تستطيع‬ ‫أن تبيعها بثمن ول تقهرها أنك قد ذليتها( ‪) 15‬وإن كان لرجل امرأتان الواحدة محبوبة والخرى‬ ‫مبغوضة ويكون لهما منه بنون وكان ابن المبغوضة بكراا( ‪) 16‬وأراد أن يقسم رزقه بين أولده فل‬

‫يستطيع يعمل ابن المحبوبة بكرا ويقدمه على ابن المبغوضة( ‪) 17‬ولكنه يعرف ابن المبغوضة أنه‬

‫هو البكر ويعيطه من كل ما كان له الضعف من أجل أنه هو أول بنيه ولهذا تجب البكورية( ‪ .‬فقوله‬

‫ورأيت في جملة المسبيين الخ‪ .‬ل تختص بمخاطب ل تكون له زوجة بل أعم‪ ،‬سواء كانت له زوجة‬ ‫أو لم تكن‪ ،‬ول يوجد فيه التصريح أيض ا بأن هذا الحكم يختص بمسبية واحدة فقط‪ ،‬بل الظاهر أنه‬ ‫إذا رأى المخاطب أزيد من واحدة‪ ،‬وأراد أن يتخذها نساء كان له جائزاا‪ ،‬فجاز لكل إسرائيلي أخذ‬ ‫نساء كثيرة‪ .‬ودللة قوله وإن كان لرجل امرأتان الواحدة محبوبة والخرى مبغوضة الخ‪ .‬على ما‬

‫ادعينا ظاهرة غير محتاجة إلى البيان‪ .‬فثبت أن كثرة الزواج ما كانت محرمة في شريعة موسى‪،‬‬ ‫فلذلك أخذ جدعون وداود وغيرهما من صالحي المة الموسوية نساء‪.‬‬ ‫)المر الثاني( الصحيح في قصة زينب رضي ال عنها‪ ،‬أنها بنت عمة رسول ال صلى ال عليه‬ ‫وسلم‪ ،‬وكانت عند موله زيد بن حارثة رضي ال عنه ثم طلقها زيد ولما انقضت عدتها تزوج بها‬ ‫رسول ال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬ ‫وأنا أنقل بعض آيات سورة الحزاب المتعلقة بهذه القصة مع عبارة التفسير الكبير وهي هكذا‪:‬‬

‫) ‪(4/1327‬‬

‫}وإذ تقول للذي أنعم ال عليه{ وهو زيد‪ ،‬أنعم ال عليه بالسلم }وأنعمت عليه{ بالتحرير‬ ‫والعتاق }أمسك عليك زوجك{ هنم زيد بطلق زينب فقال له النبي صلى ال عليه وسلم‪ :‬أمسك‪،‬‬ ‫أي ل تطلقها }واتق ال{ قيل في الطلق وقيل في الشكوى من زينب فإن زيد قال فيها إنها تتكبر‬


‫علي بسبب النسب وعدم الكفاءة }وتخفي في نفسك ما ال مبديه{ من أنك تريد التزوج بزينب‬ ‫}وتخشى الناس{ من أن يقولوا أخذ زوجة الغير أو البن }وال أحق أن تخشاه{ ‪ .‬ليس إشارة إلى‬ ‫أن النبي صلى ال عليه وسلم‪ ،‬خشي الناس ولم يخش ال‪ ،‬بل المعنى ال أحق أن تخشاه وحده‬ ‫ول تخش أحدا معه‪ ،‬وأنت تخشاه وتخشى الناس أيضاا‪ ،‬فاجعل الخشية له وحده كما قال تعالى‪:‬‬ ‫}الذين يبلغون رسالت ال ويخشونه ول يخشون أحدا إل ال{ ثم قال تعالى‪} :‬فلما قضى زيد‬

‫منها وطرا زوجناكها{ أي لما طلقها زيد وانقضت عدتها‪ ،‬وذلك لن الزوجة ما دامت في نكاح‬

‫الزوج فهي تدفع حاجته‪ ،‬وهو محتاج إليها فلم يقض منها الوطر بالكلية ولم يستغن‪ ،‬وكذلك إذا‬ ‫كانت في العدة‪ ،‬له بها تعلق لمكان شغل الرحم‪ ،‬فلم يقض منها بعد وطره‪ ،‬وأما إذا طلق وانقضت‬

‫عدتها استغنى عنها‪ ،‬ولم يبق له معها تعلق فيقضي منها الوطر‪ .‬وهذا موافق لما في الشرع لن‬ ‫التزوج بزوجة الغير أو بمعتدته ل يجوز‪ ،‬فلهذا قال‪ :‬فلما قضى‪.‬‬ ‫وكذلك قوله‪} :‬لكي ل يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطراا{ أي إذا‬

‫طلقوهن وانقضت عدتهن‪ ،‬وفيه إشارة إلى أن التزويج من النبي صلى ال عليه وسلم لم يكن لقضاء‬ ‫شهوة النبي عليه السلم بل لبيان الشريعة بفعله‪ ،‬فإن الشرع يستفاد من فعل النبي صلى ال عليه‬

‫ل{ أي مقضيا ما قضاه كائن‪ .‬ثم بين أن تزوجه عليه السلم‬ ‫وسلم }وكان أمر ال مفعو ا‬

‫) ‪(4/1328‬‬

‫بها‪ ،‬مع أنه كان مبين ا لشرع مشتمل على فائدة‪ ،‬كان خالي ا عن المفاسد‪ ،‬انتهى كلمه بلفظه‪.‬‬

‫فظهر أن زينب رضي ال عنها‪ ،‬كانت تتكبر على زيد بسبب النسب وعدم الكفاءة‪ ،‬وهذا المر كان‬

‫سبب عدم المحبة بينهما‪ ،‬فأراد زيد رضي ال عنه أن يطلقها‪ ،‬فمنعه النبي صلى ال عليه وسلم‪،‬‬ ‫لكنه طلقها آخر المر‪ .‬فلما انقضت عدتها تزوجها رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬لبيان الشريعة‬ ‫ل لجل قضاء الشهوة‪ .‬وكان قبل نزول الحكم مخفي ا لهذا المر لجل عادة العرب‪ ،‬ول بأس فيه‬ ‫كما ستعرف في المر الثالث إن شاء ال تعالى‪ .‬والرواية التي وقعت في البيضاوي‪ ،‬ضعيفة عند‬

‫محققي أهل الحديث‪ .‬كما صرح به المحقق المحدث الشيخ عبد الحق الدهلوي في بعض‬ ‫تصنيفاته وفي شرح المواقف‪) :‬وما يقال أنه أحبها‬

‫) ‪(4/1329‬‬


‫حين رآها فما يجب صيانة النبي صلى ال عليه وسلم عن مثله( انتهى‪.‬‬ ‫)المر الثالث( أن المور الشرعية‪ ،‬ل يجب أن تكون متحدة في جميع الشرائع‪ ،‬أو مطابقة لعادات‬ ‫القوام وآرائهم‪ .‬أما الول فقد عرفت بما ل مزيد عليه في الباب الثالث‪ ،‬وقد عرفت فيه أن سارة‬ ‫زوجة إبراهيم عليه السلم كانت أخت ا علنية له‪ ،‬وأن يعقوب عليه السلم جمع بين الختين‪ ،‬وأن‬ ‫عمران أبا موسى عليه السلم تزوج بعمته‪ ،‬وهذه الزوجات الثلث محرمة في الشريعة الموسوية‬ ‫والعيسوية والمحمدية‪ ،‬وبمنزلة الزنا سيما نكاح الخت العلنية والعمة‪ ،‬وهذه الزوجات أقبح‬ ‫القبائح عند علماء مشركي الهند‪ ،‬فهم يشنعون تشنيع ا بليغ ا ويستهزؤون بهؤلء المتزوجين غاية‬ ‫الستهزاء‪ ،‬وينسبون أولدهم إلى أشد أنواع الزنا‪.‬‬

‫وفي الباب الخامس من إنجيل لوقا هكذا‪) 29 :‬والذين كانوا متكئين معه كانوا جمعا كثيرا من‬

‫عشارين وآخرين( ‪) 30‬فتذمر كتبتهم والفريسيون على تلميذه قائلين لماذا تأكلون وتشربون مع‬ ‫عشارين وخطاة( ‪) 33‬وقالوا لماذا يصوم تلميذ يوحنا كثيرا ويقدمون طلبات وكذلك تلميذ‬

‫الفريسيين أيض ا وأما تلميذك فيأكلون ويشربون فالكتبة والفريسيون الذين من أعظم فرق اليهود‬ ‫وأشرفها كانوا يشنعون على‬

‫) ‪(4/1330‬‬

‫تلميذ عيسى عليه السلم بأنهم يأكلون ويشربون مع الخطاة والعشارين وأنهم ل يصومون( ‪.‬‬ ‫وفي الباب الخامس عشر من إنجيل لوقا هكذا‪) 1 :‬وكان جميع العشارين والخطاة يدنون منه‬ ‫ليسمعوه( ‪) 2‬فتذمر الفريسيون‪ ،‬والكتبة قائلين هذا يقبل الخطاة ويأكل معهم( فالفريسيون كانوا‬ ‫يشنعون على عيسى عليه السلم أنه يأكل مع الخطاة ويقبلهم‪.‬‬ ‫وفي الباب الحادي عشر من كتاب العمال‪) 2 :‬ولما صعد بطرس إلى أورشليم خاصمه الذين من‬ ‫أهل الختان( ‪) 3‬قائلين إنك دخلت إلى رجال ذوي غلفة وأكلت معهم( ‪.‬‬ ‫وفي الباب السادس من إنجيل مرقس هكذا‪) 1 :‬واجتمع إليه الفريسيون وقوم من الكتبة قادمين من‬ ‫أورشليم( ‪) 2‬ولما رأوا بعضا من تلميذه يأكلون خبزا بأيد دنسة أي غير مغسولة لموا( ‪) 3‬لن‬

‫الفريسيين وكل اليهود إن لم يغسلوا أيديهم باعتناء ل يأكلون متمسكين بتقليد الشيوخ( ‪) 4‬ومن‬

‫السوق إن لم يغتسلوا ل يأكلون‪ ،‬وأشياء أخر كثيرة تسلموها للتمسك بها من غسل كؤوس وأباريق‪،‬‬


‫وآنية نحاس‪ ،‬وأسرة( ‪) 5‬ثم سأله الفريسيون‪ ،‬والكتبة لماذا ل يسلك تلميذك حسب تقاليد‬ ‫الشيوخ بل يأكلون خبزا بأيد غير مغسولة( ‪.‬‬

‫) ‪(4/1331‬‬

‫وفي ملة براهمة الهند‪ ،‬وغيرهم من أقوام مشركي الهند تشددات عظيمة‪ ،‬وعندهم لو أكل أحد‬ ‫منهم مع المسلم أو اليهودي والنصراني خرج عن ملته‪ ،‬ونكاح زوجة المتبنى بعد الطلق‪ ،‬كان‬ ‫قبيح ا عند مشركي العرب‪ .‬ولما كان زيد بن حارثة رضي ال عنه متبنى محمد صلى ال عليه وسلم‪،‬‬ ‫كان محمد صلى ال عليه وسلم أيض ا يخاف أولا من طعن عوام المشركين في نكاح زينب رضي‬ ‫ال عنها‪ ،‬فلما أمره ال تزوج بها لبيان الشريعة‪ ،‬ولم يبال بعادة المشركين‪.‬‬

‫)المر الرابع( أن الطاعنين من علماء بروتستنت‪ ،‬ل يستحيون ول ينظرون إلى بضاعات كتبهم‬ ‫المقدسة من الختلفات‪ ،‬والغلط‪ ،‬والحكام التي عرفت نبذا منها في الباب الول‪ ،‬والفصل‬

‫الثاني والثالث من الباب الخامس‪ .‬ومن ذنوب النبياء وعشائرهم وأصحابهم التي قد عرفتها في‬

‫ابتداء هذا الفصل‪ .‬وأريد أن ل أترك هذا الموضع أيض ا خالي ا عن ذكر بعض المور المندرجة في‬ ‫التوراة‪ ،‬وإن حصل للناظر إطلع على أمور كثيرة فيما سبق‪:‬‬

‫‪ - 1‬في الباب الثلثين من سفر التكوين هكذا‪) 37 :‬فأخذ يعقوب‬

‫) ‪(4/1332‬‬

‫عصي ا خضرة من حور‪ ،‬ولوز‪ ،‬ومن دلب‪ ،‬وكشف من بياضها والخضرة ظاهرة فيها فظهرت العصي‬ ‫المقشرة بلقاء‪ ،‬وبيضاء( ‪) 38‬ووتد العصى في مساقي الماء لكي إذا جاءت الغنم لتشرب تتوحم‬ ‫الغنم على العصى‪ ،‬وفي نظرها إليها تحمل( ‪) 39‬وصار أنه في حمية التوحم‪ ،‬النعاج تتبصر‬ ‫بالعصى‪ ،‬وتنتج منقطة ومتمرة مختلفة اللون( ‪) 40‬وعزل يعقوب القطيع‪ ،‬ووضع القضبان في‬ ‫المساقي أمام الكباش فكانت البيض‪ ،‬والسود كلها للبان‪ ،‬والباقي ليعقوب‪ ،‬والقطعان مفترقة‬ ‫بعضها عن بعض( ‪) 41‬فكان في كل عام ما حمل من الغنم أولا جعل يعقوب القضبان قدام الغنم‬

‫في المساقي ليتوحم الغنم على العصى( ‪) 42‬وما حمل منها أخيرا لم يجعلها فصار آخر نتاج الغنم‬

‫للبان‪ ،‬وأوله ليعقوب( ‪) 43‬فاستغنى الرجل جدا جداا‪ ،‬وصارت له مواشي كثيرة‪ ،‬وإماء‪ ،‬وعبيد‪،‬‬


‫وإبل‪ ،‬وحمير( ‪.‬‬ ‫وهذا عجيب أيضاا‪ ،‬فإن الولد بحسب جرى العادة‪ ،‬غالبا تكون على شبه ألوان أصولهم‪ ،‬وأما‬

‫ل‪ ،‬وإل يلزم أن يكون‬ ‫كونهم على شبه ما يرونه من العصى وغيرها‪ ،‬فل يتوهمه أحد من العقلء أص ا‬

‫الولد المتولدة في الربيع خضرا كلهم‪.‬‬

‫) ‪(4/1333‬‬

‫‪ -2‬في الباب الثالث عشر من سفر الحبار هكذا‪) 46 :‬وإن كان في رداء أو في ثوب ضربة‬ ‫البرص من الصوف كان الثوب أو من الكتان( ‪) 47‬في السدا أو في اللحمة أو في جلدة أو في‬ ‫عمل أديم( ‪) 48‬فإن كانت الضربة بيضاء أو حمراء في الرداء أو في الجلد في السداء أو في‬ ‫اللحمة‪ ،‬أو في كل جلود الديم فإنها ضربة برص فليروه( ‪) 49‬فينظر الحبر إلى الضربة ويحجز‬ ‫الحبر عليها سبعة أيام( ‪) 50‬وينظر إليها في اليوم السابع فإن رآها قد مشت في الرداء أو في‬ ‫السدا أو اللحمة أو في أديم أو في كل أدم يصنع الصنعة فإنها ضربة برص مر وهو نجس( ‪51‬‬ ‫)فليحرق الحبر الرداء أو السدا أو لفافة الصوفة أو الكتان أو كل أديم من جلد يكون فيه ضربة من‬ ‫أجل أنه برص فيحرقونه بالنار( ‪) 52‬وإن رأى الحبر أن الضربة لم تفش في الثوب أو في السدا أو‬ ‫في اللحمة أو في كل أديم من جلود( ‪) 53‬فليأمر الحبر فليغسل ما فيه الضربة‪ ،‬ويحجز عليه‬ ‫الحبر سبعة أيام أخر( ‪) 54‬وينظر الحبر إلى الضربة من بعد ما غسلوها فإن لم تكن تغير لونها‪،‬‬ ‫والضربة لم تتغير فإنه خبيث أحرقوه بالنار فإنها ضربة في جدته أو في بله( ‪) 55‬وإن رأى الحبر‬ ‫أنها قد استوت من بعد ما غسلت فليأمر الحبر فليلقط من الرداء أو من الجلد أو من السدا أو من‬ ‫اللحمة( ‪) 56‬فإن رأى أيضا في الرداء أو في السدا أو في اللحمة أو في كل جلود الدم جميع ما‬

‫يستعمل من الجلود‪ ،‬فألقوه في النار فإن الضربة قد كثرت فيه( ‪) 57‬وكل رداء أو سدا أو لحمة أو‬

‫أديم يذهب منه إذا غسل‪ ،‬فيغسل مرتين فيطهر( ‪) 58‬هذه سنة البرص في رداء الصوف أو الكتان‬ ‫أو السدا أو اللحمة أو كل جلود الدم يطهره أو ينجسه( ‪.‬‬

‫) ‪(4/1334‬‬


‫فانظروا إلى هذه الحكام فإنها ثمرات الوهام‪ ،‬أيليق إحراق الجلود والثياب بأمثال هذه الوساوس‪.‬‬ ‫‪ -3‬في الباب الرابع عشر من سفر الحبار هكذا‪) 34 :‬إذا دخلتم أرض كنعان التي أعطيكم ميراثا‬ ‫إن كان ضربة برص في بيت( ‪) 35‬يخبر رب البيت الكاهن ويقول له إن ظهر في بيتي ضربة كأنها‬ ‫برص( ‪) 36‬يأمرهم الكاهن فيفرغون البيت قبل أن يدخل البيت لينظر إليه لئل يتنجس كل ما في‬ ‫البيت ثم يدخل الكاهن لينظر ضربة البيت( ‪) 37‬فإن كان ضربة في حيطان البيت قشورا صفراء أو‬

‫حمراء ومنظرها أغمق من الحائط( ‪) 38‬فليخرج الكاهن خارجا من البيت‪ ،‬وليقم بابه‪ ،‬ويحجز‬

‫على ذلك البيت سبعة أيام( ‪) 39‬ثم يرجع في اليوم السابع فينظر‪ ،‬فإن رأى الضربة قد فشت في‬ ‫حيطان البيت( ‪) 40‬فليأمر الكاهن بالحجارة التي فيها الضربة فتنقض‪ ،‬وتلقى خارج ا من القرية في‬

‫موضع نجس( ‪) 41‬ويقشر ذلك البيت من داخل باستدارته‪ ،‬ويلقي التراب الذي قشر خارجا من‬ ‫القرية في موضع نجس( ‪) 42‬تدخل حجارة أخرى في مكان تلك الحجارة‪ ،‬ويأخذون ترابا غير‬

‫ذلك ويطلون به ويطين( ‪) 43‬فإن فشت الضربة‪ ،‬وكثرت في البيت من بعد ما قشر البيت وطين(‬

‫‪) 44‬فيدخل الكاهن وينظر إن كانت الضربة قد فشت في البيت‪ ،‬فليعلم أن في البيت برص ا مرا‬ ‫وهو نجس( ‪) 45‬ولساعته يهدمونه‪ ،‬ويلقون حجارته‪ ،‬وخشبه‪ ،‬وطينه بأسرها خارجة من القرية في‬ ‫موضع نجس( ‪) 46‬ومن دخل ذلك البيت وهو محجوز عليه يكون نجسا إلى الليل( ‪) 47‬ومن‬

‫رقد فيه أو أكل فيه شيئ ا فليغسل كسوته( ‪) 48‬وإن دخل الكاهن‪ ،‬ورأى البرص لم يفش في البيت‬

‫بعد ما طين ثاني ا فليطهره الكاهن من أجل أنه قد برئ من ضربته( ‪.‬‬

‫فهذه الحكام أيضا من ثمرات الوهام‪ ،‬أتهدم البيوت بمثل هذه الوهام‪،‬‬

‫) ‪(4/1335‬‬

‫التي هي أوهن من نسج العنكبوت‪ ،‬أيعتقد عقلء أوربا أن يكون الثوب‪ ،‬أو الجلد‪ ،‬أو البيت‪ ،‬أبرص‬ ‫قابلا للحراق أو الهدم‪.‬‬

‫‪ -4‬في الباب الخامس عشر من سفر الحبار هكذا‪) 12 :‬وأي إناء من فخار مسه من يقطر زرعه‬ ‫فليكسر‪ ،‬وإن كان إناء من خشب أو نحاس فليغسل بالماء( ‪) 16‬وأيما رجل جنب أو خرجت منه‬ ‫جنابة يغسل جسده كله بالماء‪ ،‬ويكون نجس ا إلى الليل( ‪) 23‬ومن مس ثوب ا جلست عليه امرأة‪،‬‬

‫وهي طامث يغسل ثيابه‪ ،‬ويستحم بالماء‪ ،‬ويكون نجس ا إلى الليل( ‪) 24‬وإن اضطجع معها رجل‬

‫فأصابه من حيضتها فإنه يكون جنبا سبعة أيام‪ ،‬وكل مضطجع يضطجع فإنه يكون نجساا( ‪.‬‬


‫ففي الحكم الول بالنسبة إلى إناء الفخار إضاعة المال‪ ،‬وظاهر أنه ل يسري شيء بمجرد المس‬ ‫فيه وإن توهم سريان شيء فيه‪ ،‬فنلمنم لننم يكتف فيه بغسله بالماء‪ ،‬كما اكتفى في إناء الخشب‪،‬‬ ‫والنحاس‪ .‬وفي الحكم الثاني ما معنى كونه نجس ا إلى الليل بعد ما غسل الجسد كله بالماء‪ .‬وفي‬

‫الحكم الثالث أيض ا نظر لن الظاهر أنه ل يسري شيء بمجرد مس الثوب‪ ،‬الذي جلست عليه‬

‫الحائض في جسد الماس‪ ،‬وإن توهم سريان شيء‪ ،‬كان غسل العضو الذي به مس الثوب كافياا‪،‬‬ ‫وإن توهم سريان شيء بمجرد المس في سائر جسده‪ ،‬فما معنى كونه نجسا إلى الليل‪ ،‬بعد ما‬

‫غسل الثياب‪ ،‬والجسد كلها‪ ،‬والعجب أن الرجل إذا جامع‪ ،‬أو احتلم‪ ،‬وصار جنباا‪ ،‬ل يجب عليه‬

‫غسل الثياب بل يكفي غسل الجسد‪ .‬وههنا بمجرد مس الثوب يلزم غسل الثياب أيضاا‪ .‬والحكم‬

‫الرابع أعجب من الثلثة فإن الرجل بمجرد إصابة شيء من الحيض بم صار حكمه حكم الحائض‪،‬‬

‫فكما هي تكون نجسة إلى سبعة أيام يكون هو أيضا نجسا إلى سبعة أيام‪،‬‬

‫) ‪(4/1336‬‬

‫وفي أحكام الحائض والمستحاضة أيضاا‪ ،‬تشددات عجيبة مذكورة في هذا الباب‪ .‬وبالنظر إلى هذه‬

‫الحكام نجد النصارى كلهم أنجس الناس لنهم ل يراعونها مطلقاا‪.‬‬ ‫‪ -5‬في الباب السادس عشر من سفر الحبار هكذا‪) 7 :‬ثم يأخذ الجديين ويقيمهما أمام الرب‬

‫مذبوحين في باب قبة الزمان( ‪) 8‬ويقترع عليهما قرعتين قرعة واحدة للرب وقرعة أخرى لعزرائيل(‬ ‫‪) 9‬ويقرب هارون الجدي الذي أصابته قرعة الرب ويصيره قربان ا بدل الخطيئة( ‪) 10‬والجدي الذي‬ ‫وقعت قرعة عزرائيل يقوم حيا أمام الرب ليستغفر عليه ويسرحه لعزرائيل إلى القفر( ‪.‬‬

‫وهذا الحكم عجيب أيض اا‪ ،‬وما معنى القربان لعزرائيل وتسريحه إلى القفر‪ ،‬ول ريب إنه لقربان لغير‬ ‫ال‪ ،‬ورأيت مشركي الهند أنهم يتركون الثيران على أسماء آلهتهم‪ ،‬لكنهم يتركونها في السواق ل‬

‫في القفر حتى تموت جوع ا وعطشاا‪.‬‬ ‫‪ -6‬في الباب الخامس والعشرين من سفر الستثناء هكذا‪) 5 :‬إذا سكن أخوة جميعا فمات‬

‫أحدهم وليس له ولد فل تتزوج امرأة الميت برجل غريب‪ ،‬ولكن يأخذها أخوه ويقيم زرع أخيه( ‪6‬‬

‫)والولد البكر الذي يكون منها فليسمه باسم أخيه لئل يبطل اسمه من إسرائيل( ‪) 7‬فإن لم يرض‬ ‫أن يأخذ امرأة أخيه التي تحق له بالسنة فتذهب المرأة إلى باب القرية إلى المشيخة وتقول لهم أن‬ ‫أخا زوجي ل يريد أن يقيم اسم أخيه في إسرائيل ول يريد أن يأخذني له زوجة( ‪) 8‬ولوقتهم يطلبونه‬


‫ويسألونه فإن أجاب وقال ل أريد أن أتزوجها( ‪) 9‬فتدنو المرأة منه قدام المشايخ وتخلع الخف من‬ ‫رجله وتبصق في وجهه وتقول‬

‫) ‪(4/1337‬‬

‫هكذا يفعل بكل رجل ل يعمر بيت أخيه( ‪) 10‬ويدعي اسمه في إسرائيل بيت مخلوع الخلف( ‪.‬‬ ‫وهذا الحكم عجيب أيضاا‪ ،‬لن امرأة الميت‪ ،‬قد تكون عوراء‪ ،‬أو عمياء‪ ،‬أو عرجاء‪ ،‬أو شوهاء‬

‫قبيحة الصورة‪ ،‬أو غير عفيفة‪ ،‬أو معيبة بعيب آخر‪ ،‬فكيف يرضى بها الرجل‪ ،‬وهذه القامة لزرع‬

‫أخيه أيض ا عجيبة‪ ،‬وأعجب منها أن علماء بروتستنت تركوا هذا الحكم العظيم الشأن وقالوا‪) :‬ل‬

‫يحل للرجل أن يتزوج زوجة أخيه( ‪ .‬كما هو مصرح به في جدول القرابة والنسب‪ ،‬من كتاب الصلة‬

‫العامة‪ ،‬وغيرها من رسوم الكنيسة وطقوسها‪ ،‬على موجب استعمال الكنيسة النكليزية والرلندية‬ ‫المطبوع سنة ‪ 1840‬في قالته‪ ،‬مع أن بيان المحرمات‪ ،‬ل يوجد في النجيل‪ ،‬وما أخذوها إل من‬ ‫التوراة‪.‬‬ ‫)المر الخامس( أن المتقشف‪ ،‬إذا كان جل همته العتساف‪ ،‬يعترض بأمثال اعتراضاتهم على‬ ‫المسيح عليه السلم والحواريين‪.‬‬ ‫في الباب السابع من إنجيل لوقا هكذا‪) 33 :‬جاء يوحنا المعمدان ل يأكل خبزا ول يشرب خمرا‬ ‫فتقولون به شيطان( ‪) 34‬وجاء ابن النسان يأكل‬

‫) ‪(4/1338‬‬

‫ويشرب فتقولون هو ذا إنسان أكول وشريب خمر محب للعشارين والخطاة( ‪) 36‬وسأله واحد من‬ ‫الفريسيين أن يأكل معه فدخل بيت الفريسي واتكأ( ‪) 37‬وإذا امراة في المدينة كانت خاطئة إذ‬ ‫علمت أنه متكئ في بيت الفريسي جاءت بقارورة طيب( ‪) 38‬ووقفت عند قدميه من ورائه باكية‬ ‫وابتدأت تبل قدميه بالدموع وكانت تمسحهما بشعر رأسها وتقبل قدميه وتدهنهما بالطيب( ‪39‬‬ ‫)فلما رأى الفريسي الذي دعاه ذلك تكلم في نفسه قائلا لو كان هذا نبيا لعلم نمنن هذه المرأة التي‬

‫تلمسه وما هي إنها خاطئة( ‪) 44‬ثم التفت إلى المرأة وقال لسمعان انتظر هذه المرأة أني دخلت‬ ‫بيتك وماء لجل رجلي لم تعط وأما هي فقد غسلت رجلي بالدموع ومسحتهما بشعر رأسها( ‪45‬‬


‫)قبلة لم تقبلني وأما هي فمنذ دخلت لم تكف عن تقبيل رجلي( ‪) 46‬بزيت لم تدهن رأسي وأما‬ ‫هي فقد دهنت بالطيب رجلي( ‪) 47‬من أجل ذلك أقول قد غفرت خطاياها الكثيرة لنها أحبت‬ ‫ل( ‪) 48‬ثم قال لها مغفور لك خطاياك( ‪) 49‬فابتدأ المتكؤون‬ ‫كثيرا والذي يغفر له قليل يحب قلي ا‬ ‫معه يقولون في أنفسهم من هذا الذي يغفر خطايا أيضاا( ‪) 50‬فقال للمراة إيمانك قد خلصك‬

‫اذهبي بسلم( ‪.‬‬

‫وفي الباب الحادي عشر من إنجيل يوحنا هكذا‪) 1 :‬وكان إنسان مريضا وهو لعازر من بيت عينا‬ ‫قرية مريم ومرثا أختها( ‪) 2‬وكانت مريم التي كان لعازر أخوها هي التي دهنت الرب بطيب ومسحت‬ ‫رجليه بشعرها( ‪) 5‬وكان يسوع يحب مرثا وأختها ولعازر( ‪.‬‬

‫) ‪(4/1339‬‬

‫فهذه المحبوبة مريم هي التي كانت دهنت ومسحت رجلي عيسى عليه السلم‪.‬‬ ‫وفي الباب الثالث عشر من إنجيل يوحنا‪) 21 :‬لما قال يسوع هذا اضطرب بالروح وشهد وقال‬ ‫الحق الحق أقول لكم أن واحدا منكم سيسلمني( ‪) 22‬فكان التلميذ ينظرون بعضهم إلى بعض‬

‫وهم محتارون فيمن قال عنه( ‪) 23‬وكان متكئا في حضن يسوع واحد من تلميذه كان يسوع يحبه(‬

‫‪) 24‬فأومأ إليه سمعان بطرس أن يسأل من عسى أن يكون الذي قال عنه( ‪) 25‬فاتكأ ذاك على‬ ‫صدر يسوع وقال له يا سيد من هو( ‪ .‬ووقع في حق التلميذ‪ ،‬في الية السادسة والعشرين من‬ ‫الباب التاسع عشر‪ ،‬والية الثانية من الباب العشرين‪ ،‬والية السابعة والية العشرين من الباب‬ ‫الحادي والعشرينمن إنجيل يوحنا‪ ،‬أن يسوع كان يحبه‪.‬‬

‫وفي الباب الثامن من إنجيل لوقا هكذا‪) 1 :‬وعلى أثر ذلك كان يسير في مدينة وقرية يكرز ويبشر‬ ‫بملكوت ال ومعه الثنا عشر( ‪) 2‬وبعض نساء كن قد شفين من أرواح شريرة وأمراض مريم التي‬ ‫تدعي المجدلية التي خرج منها سبعة شاطين( ‪) 3‬وبونا امرأة خوزي وكيل هيرودس وسوسنة وأخر‬ ‫كثيرات كن يخدمنه من أموالهن( ‪.‬‬

‫) ‪(4/1340‬‬


‫وظاهر أن الخمر أم الخبائث وقبيحة عند ال وسبب للضلل والكفر والهلك ول يناسب شربها‬ ‫للتقياء وإزالة العقل من خواصها اللزمة سواء كان الشارب نبيا أو غير نبي ولذلك حرم ال شربها‬ ‫على هارون وأولده إذا أرادوا الدخول في قبة الشهادة لجل الخدمة وجعلها سبب الموت وجعل‬

‫حرمتها عهدا أبدي ا معهم‪.‬‬

‫في الباب العاشر من سفر الخبار هكذا‪) 8 :‬وقال الرب لهارون( ‪) 9‬ل تشربوا خمرا ول شيئا آخر‬ ‫يسكر ل أنت ول بنوك إذا أردتم الدخول في قبة الشهادة لئل تموتوا ويكون هذا عهدا لكم إلى‬ ‫البد في أجيالكم( ‪ .‬ولذلك منع ملك الرب‪ ،‬زوجة ما نوح من شرب الخمر‪ ،‬وشرب كل مسكر‬

‫وقت حملها‪ ،‬ليكون ولدها من التقياء‪ ،‬ول يسري خبث المسكرات في هذا الولد التقي‪ ،‬وأكد‬ ‫على زوجها أيضاا‪ ،‬في هذا الباب في الباب الثالث عشر من سفر القضاء هكذا‪) 4 :‬إياك من شرب‬ ‫الخمر والمسكر ول تأكلي شيئا نجساا( ‪) 13‬فقال ملك الرب لمنوح فليحذر عن جميع ما قلت‬

‫لمرأتك( ‪) 14‬ول تأكل شيئ ا مما يخرج من الكرم ول تشرب خمرا ول مسكرا ول تأكل شيئ ا‬ ‫نجس ا وتحفظ بكل ما أمرتها به وتفعل ما قلت لها( ولذلك لما بشر الملك زكريا‪ ،‬بولدة يحيى‬ ‫عليهما السلم‪ ،‬بين من أوصاف تقوى يحيى‪ ،‬أنه ل يشرب خمرا ول مسكرا آخر‪.‬‬

‫) ‪(4/1341‬‬

‫الية الخامسة عشر من الباب الول من إنجيل لوقا هكذا‪) :‬لنه يكون عظيم ا أمام الرب وخمرا‬ ‫ومسكرا ل يشرب( ‪ .‬ولذلك أشعيا عليه السلم‪ ،‬ذم شارب المسكر‪ ،‬وشهد أن النبياء والكهنة‪،‬‬ ‫ضلوا بسبب شرب الخمر والمسكرات‪.‬‬

‫الية الثانية والعشرون من الباب الخامس من كتاب أشعيا هكذا‪) :‬الويل للقوياء منكم على شرب‬ ‫الخمر والمقتدرين أن يمزجوا المسكرة( ‪.‬‬ ‫والية السابعة من الباب الثامن والعشرين من كتابه هكذا‪) :‬وهؤلء أيض ا لم يفهموا بسبب الخمر‬

‫وضلوا من المسكر الكاهن والنبي لم يعلموا للمسكر غرقوا في الخمر تاهوا من المسكر لم يعلموا‬

‫الرؤيا ولم يفهموا القضاء( ‪.‬‬ ‫وقد عرفت في أول هذا الفصل‪ ،‬أن نوح ا عليه السلم‪ ،‬شرب الخمر‪ ،‬وزال عقله‪ ،‬وصار عرياناا‪.‬‬ ‫وأن لوط ا شرب الخمر‪ ،‬وزال عقله‪ ،‬وفعل بابنتيه ما فعل‪ ،‬بحيث لم يسمع مثله من المولعين‬ ‫بشربها‪.‬‬


‫وفي الباب الثالث عشر من إنجيل يوحنا هكذا‪) :‬قام عن العشاء وخلع ثيابه وأخذ منشفة واتزر بها‬ ‫ثم صب ماء في مغسل وابتدأ يغسل أرجل التلميذ ويمسحها بالمنشفة التي كان متزرا بها( ‪.‬‬

‫وقال اللوذعي اللمعي الظريف فارس مضمار البلغة أطال ال بقاءه إلزام ا هكذا‪) :‬هذا يوهم أن‬

‫عيسى عليه السلم وقتئذ كان قد سرت فيه الخمرة حتى لم يكن يدري ما يفعل‪ ،‬فإن غسل القدام‬

‫ل يوجب التجرد عن الثياب( انتهى كلمه بلفظه‪.‬‬

‫) ‪(4/1342‬‬

‫وقال سليمان الحكيم النبي عليه السلم في ذم الشراب في كتابه سفر المثال في الباب الثالث‬ ‫والعشرين هكذا‪) 31 :‬ل تنظر إلى الخمر إذا اصفر وإذا شعشع لونه في الزجاج ويدخل لذيذاا(‬ ‫‪) 32‬وفي نهاية أمره يلدغ كالحية ومثل ملك الحيات يسكب سمومه( ‪.‬‬ ‫وكذا اختلط النساء الشواب الجنبيات مع الرجال الشبان‪ ،‬آفة شديدة ل ترجى العصمة‪ ،‬سيما إذا‬ ‫كان الرجل شاب ا عزب ا شارب الخمر‪ ،‬والمرأة فاحشة محبوبة وهي تدور معه وتخدمه بمالها ونفسها‪.‬‬ ‫وقد عرفت حال داود عليه السلم‪ ،‬أن نظرا واحدا إلى المرأة الجنبية‪ ،‬بلغه إلى ما بلغ‪ ،‬مع أنه‬

‫كان كثير الزواج وجاوز الخمسين‪ .‬وكذا قد عرفت حال سليمان عليه السلم‪ ،‬أن النساء قد أزلن‬

‫عقله وجعلناه مرتدا وثنيا في شيخوخته‪ ،‬بعد ما كان نبيا صالحا في شبابه‪ ،‬ولما حصل له التجربة‬ ‫الكاملة من حال أبيه وأمه‪ ،‬ومن حال أخيه وأخته أمنون وثامار‪ ،‬ومن حال أسلفه مثل روبيل‬

‫ويهودا‪ ،‬سيما من حال نفسه‪ .‬شدد في هذا الباب تشديدا بليغ ا في سفر المثال فقال‪:‬‬ ‫في الباب الخامس‪) :‬ل تصغ إلى مكر المرأة( ‪) 3‬لن شفتي‬

‫) ‪(4/1343‬‬

‫ل‪ ،‬وحنجرتها ألطف من الدهن( ‪) 4‬ثم عاقبتها مرة كالعلقم‪ ،‬ومرهفة‬ ‫المرأة الجنبية تسكبان عس ا‬

‫كسيف ذي فمين( ‪) 5‬رجلها تنحدران إلى الموت وخطوتها تنفذ إلى الجحيم( ‪) 6‬تسلك أنت‬ ‫سبيل الحيات لن طرقها ضالة ل تدرك( ‪) 7‬والن يا ابني اسمع مني‪ ،‬ول تبعد عن أقوال فمي‬ ‫أجعل طريقك منها بعيداا‪ ،‬ول تدن إلى أبواب منزلها( ‪) 20‬لماذا تضلك يا ابني المرأة الغريبة‬

‫وتحاضنك أجنبية( ‪.‬‬


‫ثم قال في الباب السادس‪) 24 :‬لنحفظك من امرأة رضية ومن لطافة لسان غريبة ل يشتهي قلبك‬ ‫جمالها ول تقتنصك غمزاتها( ‪) 26‬فإن قيمة الزانية مقدارها خبزة واحدة وامرأة الرجل تصطاد‬ ‫النفس الكريمة( ‪) 27‬أيستطيع رجل أن يخفي في حجره نارا وما تحترق ثيابه( ‪) 28‬أم يتمشى على‬ ‫جمر وما تحترق رجله( ‪) 29‬هكذا من يدخل إلى امرأة غريبة ل يتبرأ إذا لمسها( ‪.‬‬

‫ثم قال في الباب السابع‪) 24 :‬فالن يا ابني استمعني وأصغ إلى أقوال فمي( ‪) 25‬ل تحنحن‬ ‫قلبك إلى طرقها ول تضلن في مناهجها( ‪) 26‬فإنها قد طرحت كثيرين جرحى وهي قتلت كل قوي(‬ ‫‪) 28‬بيتها هو طرق الجحيم محدرة إلى مطابق الموت( ‪.‬‬ ‫ثم قال في الباب الثالث والعشرين‪) 33 :‬عيناك تنظران الجنبيات وقلبك يتكلم بالملتويات( ‪34‬‬ ‫)وتكون كنائم في قلب البحر وكمدير راقد إذ تلفت الدفة( ‪.‬‬

‫) ‪(4/1344‬‬

‫وكذا اختلط المارد آفة بل أخوف من اختلط النساء وأشنع كما شهد به المجربون‪ ،‬وإذا عرفت‬ ‫هذا‪ ،‬أقول أن عيسى عليه السلم لما كان شارب الخمر‪ ،‬حتى كان معاصروه يقولون أنه أكول‬ ‫شريب خمر‪ ،‬وكان شابا عزباا‪ ،‬فإذا بلت مريم قدميه بدموعها‪ ،‬ولم تكف عن تقبيلهما منذ دخلت‪،‬‬ ‫وكانت تمسحهما بشعر رأسها‪ ،‬وكانت في هذا الوقت فاحشة مشهورة‪ .‬فكيف نسى عيسى عليه‬ ‫السلم حال أسلفه‪ ،‬يهوذا وداود وسليمان عليهما السلم‪ ،‬وكيف نسي أقوال سليمان عليه‬ ‫السلم‪ ،‬وكيف لم يعلم أن قيمتها مقدار خبزة واحدة‪ ،‬وأن من لمسها ل يتبرأ‪ ،‬كما ل يمكن أن‬ ‫يخفى رجل في حجره ناراا‪ ،‬وما تحترق ثيابه‪ ،‬أو يمشي على جمر النار‪ ،‬وما تحترق رجله‪ .‬فكيف‬

‫أجاز لها بهذه المور‪ ،‬حتى اعترض عليه الفريسي‪ ،‬وكيف يتصور أن هذه المور لم تكن من مقتضى‬ ‫الشهوات النفسانية‪ ،‬وكيف غفر خطاياها وذنوبها على هذا الفعل‪ .‬أهذه المور هي اللئقة لذات‬

‫ال العادل المقدس‪.‬‬ ‫ولذلك قال اللوذعي السابق ذكره‪) :‬وقد كانت وقتئذ بغيا مباحة‪ ،‬فهل يليق الن بأحد مطارنة‬

‫النصارى‪ ،‬إذا كان ضيفا في بيت أحد معارفه‪ ،‬أن يأذن لقبيحة فاحشة في أن تغسل رجليه بمحضر‬ ‫مل من الناس‪ ،‬من غير أن تبدي أمارة التوبة من قبل‪ ،‬ل سرا ول جهراا( انتهى كلمه‪.‬‬

‫وكان يحب مريم‪ ،‬ويدور هو والثنا عشر تلميذه ومعهم نساء كثيرة يخدمنه من أموالهن‪ .‬فكيف‬


‫يتصور أنه لم تزل أقدامهم مع هذه المخالطة الشديدة‪ ،‬كما زل قدم روبيل‪ ،‬حتى زنى بزوجة أبيه‪،‬‬ ‫وقدم يهودا حتى زنى بكنته‪ ،‬وقدم‬

‫) ‪(4/1345‬‬

‫داود عليه السلم حتى زنى بامرأة أوريا‪ ،‬وقدم أمنون حتى زنى بأخته‪.‬‬ ‫ولذلك قال اللوذعي السابق ذكره‪) :‬وأغرب منه ما ذكره لوقا من أن عيسى وتلميذه كانوا يجولون‬ ‫في القرى ومعهم نساء‪ ،‬منهن مريم هذه التي كان أمرها مشهورا بالفجور والزنا‪ ،‬وأنت خبير بأنه ل‬

‫يتأتى لكل واحد في البلد الشرقية‪ ،‬وخصوص ا في القرى‪ ،‬أن يبيت وحده في محل مخصوص‪ .‬فل‬ ‫بد أن هؤلء الولياء كانوا يبيتون مع تلك الوليات معاا( انتهى كلمه بلفظه‪.‬‬

‫واحتمال مزلة أقدام الحواريين أقوى‪ ،‬لنهم ما كانوا كاملين في اليمان‪ ،‬قبل صعود المسيح عليه‬

‫السلم‪ ،‬على ما أقر علماؤهم‪ .‬فل يظن في حقهم العصمة من الزنا‪ ،‬أل ترى أن الساقفة‬ ‫والشمامسة من فرقة كاتلك‪ ،‬ل يتزوجون ويدعون أن هذا المر من العفاف‪ ،‬ويفعلون ما ل يفعله‬ ‫الفاسق الغني من أهل الدنيا‪ ،‬كأن كنائسهم بيوت الفاحشات الزانيات‪.‬‬ ‫في الصفحة ‪ 144‬و ‪ 145‬من كتاب الثلث عشرة رسالة‪ ،‬في الرسالة الثانية هكذا‪) :‬القديس‬ ‫برنردوس يقول ]‪ [1‬وعظ عدد ‪ 66‬في نشيد النشاد )نزعوا من الكنيسة الزواج المكرم والمضجع‬ ‫الذي هو بل دنس فملؤوها بالزنا في المضاجع مع الذكور والمهات والخوات وبكل أنواع‬ ‫الدناس( ‪.‬‬ ‫والفاروس بيلجيوس أسقف سلفا في بلد البورتكال سنة ‪ 1300‬يقول‪:‬‬

‫) ‪(4/1346‬‬

‫يا ليت أن الكليروسيين لم يكونوا نذروا العفة‪ ،‬ول سيما أكليروس سبانيا‪ ،‬لن أبناء الرعية هناك‬ ‫أكثر عددا بيسير من أبناء الكهنوت‪.‬‬

‫ويوحنا أسقف سالتزبرج في الجيل الخامس عشر‪ ،‬كتب‪) :‬أنه وجد قسوسا قلئل غير معتادين على‬ ‫نجاسة متكاثرة مع النساء‪ ،‬وأن أديرة الراهبات متدنسة مثل البيوت المخصوصة للزنا( انتهى كلمه‬

‫بلفظه ملخصاا‪.‬‬


‫وشهادة قدمائهم هذه‪ ،‬تكفي في حق عصمة هؤلء القسوس التي ادعوها‪ ،‬فل حاجة إلى أن أزيد‬ ‫على هذه‪ ،‬بل أترك ذكرهم وأقول‪ :‬مثلهم حال فقراء مشركي الهند الذين يدعون العصمة‪ ،‬ويفهمون‬ ‫الزواج أنه أشد المعائب لفقرهم وطريقتهم‪ ،‬وهم أفجر الناس وأفسقهم‪ ،‬ل يحصل للمراء الفساق‬ ‫ما يحصل لهم‪.‬‬ ‫وتذكرت حكاية‪ :‬أن بعض المسافرين‪ ،‬لما وصل إلى قرية من قرى الهند‪ ،‬رأى جارية كاعبة تجيء‬ ‫من القرية‪ ،‬فسألها يا بنت أنت من بنات القرية أم من كناتها؟ فأجابت هذه اللكعة‪ :‬أيها السائل إني‬ ‫من بنات القرية‪ ،‬لكني أفضل من كناتها في قضاء الشهوة يحصل لي ما لم يحصل لحداهن في‬ ‫الرؤيا والمنام‪.‬‬

‫) ‪(4/1347‬‬

‫فهؤلء المجردون ذوو حظ جسيم من المتزوجين‪ ،‬فعند المنكرين كان عيسى عليه السلم‪ ،‬مستغنيا‬ ‫عن الزواج مطلقاا‪ ،‬وكان تلميذه مستغنين إما عن الزواج مطلقاا‪ ،‬أو عن كثرة الزواج مثل حضرات‬ ‫الشمامسة والقسوس من فرقة كاتلك‪ ،‬ومثل فقراء مشركي الهند‪ .‬وكذا محبة عيسى عليه السلم‬

‫لتلميذه‪ ،‬محل تهمة عند الذين ابتلوا بهذا الفحش القبيح‪.‬‬ ‫ولذلك قال اللمعي السابق ذكره‪ ،‬على قول النجيلي الرابع أعني‪ ،‬فاتكأ ذاك على صدر يسوع‪،‬‬ ‫هكذا‪) :‬كالمرأة التي تحاول شيئ ا من عاشقها فتتغنج له( انتهى كلمه بلفظه‪.‬‬

‫واعلم أني ما كتبت في هذا المر الخامس‪ ،‬كتبته إلزاماا‪ ،‬وإل فإني أتبرأ من أمثال هذه التقريرات‪.‬‬

‫ول اعتقد أمرا منها في حق عيسى عليه السلم‪ ،‬ول في حق حواريه المجاد‪ ،‬كما صرحت في‬ ‫مقدمة الكتاب‪ ،‬ومواضع متعددة‪.‬‬

‫)المر السادس( في الجللين في سورة التحريم هكذا‪) :‬من اليمان تحريم المة( انتهى‪ .‬فقول‬ ‫النبي صلى ال عليه وسلم حرمت مارية على نفسي يمين بهذا المعنى‪.‬‬ ‫)المر السابع( إذا قال النبي ل أفعل هذا المر ثم فعل‪ ،‬لجل أنه كان جائزا من الصل‪ ،‬أو جاء‬

‫إليه حكم ال‪ ،‬ل يقال أنه أذنب‪ ،‬بل في الصورة الثانية لو لم يفعل يكون عاصيا البتة‪ .‬وعندهم‬

‫يوجد مثله في حق ال في كتب العهد العتيق‪ ،‬فضلا عن النبياء كما عرفت بما ل مزيد عليه‪ ،‬في‬

‫أمثلة‬

‫) ‪(4/1348‬‬


‫القسم الثاني من الباب الثالث‪ ،‬وفي جواب الشبهة الخامسة من الفصل الرابع من الباب الخامس‪.‬‬ ‫ويوجد في العهد الجديد‪ ،‬في حق عيسى عليه السلم‪ ،‬في الباب الخامس عشر من إنجيل متى‪ ،‬أن‬ ‫امرأة كنعانية استغاثت لجل شفاء بنتها‪ ،‬فأبى عيسى عليه السلم فأجابت جواب ا حسن ا استحسنه‬ ‫عيسى عليه السلم‪ ،‬ودعا لبنتها فشفيت‪ .‬وفي الباب الثاني من إنجيل يوحنا أن أم عيسى عليه‬

‫السلم استدعت منه في عرس قانا الجليلي‪ ،‬أن يحول الماء خمراا‪ ،‬وقال ما لي ولك يا امرأة لم‬

‫تأت ساعتي‪ ،‬ثم حوله‪.‬‬

‫)المر الثامن( ل بأس بأن يخصص أولياء ال بخصائص‪ ،‬أل ترى أن هارون وأولده كانوا مخصصين‬ ‫بأمور كثيرة‪ ،‬من خدمة قبة الشهادة‪ ،‬وما يتعلق بها‪ ،‬وما كانت هذه المور جائزة لبني لوى‬ ‫الخرين‪ ،‬فضلا عن غيرهم من بني إسرائيل‪.‬‬

‫وإذا عرفت المور الثمانية‪ ،‬ظهر لك جواب مطعنهم بالوجوه الخمسة‪ ،‬لكني أتعجب كل العجب‬

‫من هؤلء المعاندين‪ ،‬أنهم لو رأوا في شريعة الغير أمرا ل يكون حسن ا في آرائهم‪ ،‬يقولون أن هذا‬ ‫المر ل يجوز أن يكون من جانب ال‪ .‬المقدس الحكيم العادل‪ ،‬أو يقولون أن هذا ليس بلئق‬

‫بمنصب النبوة‪ .‬ولو وجد أمر أشنع منه في شرائعهم‪ ،‬يكون من جانب ال‪ ،‬أو لئقا بمنصب النبوة‪.‬‬

‫فأمر ال لحزقيال عليه السلم أن يحمل إثم آل إسرائيل وآل يهوذا على‬

‫) ‪(4/1349‬‬

‫نفسه‪ ،‬وأن يأكل إلى ثلثمائة وتسعين يوماا‪ ،‬خبزا ملطخ ا ببراز النسان‪ .‬وكذا أمر ال لشعيا عليه‬

‫السلم‪ ،‬أن يمشي مكشوف العورة الغليظة‪ ،‬وعريانا بين النساء والرجال إلى ثلث سنين‪ ،‬مع كونه‬ ‫في قيد العقل‪ .‬وكذا أمره لهوشع أن يأخذ لنفسه زوجة زانية وأولد الزنا‪ ،‬وأن يتعشق بامرأة فاسقة‬

‫محبوبة لزوجها‪ .‬يكون كلها عندهم أمورا من جانب ال الحكيم المقدس‪ ،‬ولئق ا بمناصب هؤلء‬ ‫النبياء المقدسين‪ .‬وإجازة نكاح زينب بعد طلق زوجها وانقضاء عدتها ل يمكن أن يكون من‬

‫جانب ال‪ ،‬ول يكون لئقا بمنصب نبوة محمد صلى ال عليه وسلم‪ .‬وكذا ل يسقط عن درجة‬

‫النبوة‪ ،‬يعقوب عليه السلم الذي هو ابن ال البكر بنص التوراة‪ ،‬بسبب أن تعشق راحيل‪ ،‬وخدم‬ ‫أباها أربع عشرة سنة‪ ،‬وأخذ أربع زوجات‪ ،‬وجمع بين الختين‪ ،‬وكذا ل يسقط عنها داود ابن ال‬ ‫البكر الخر‪ ،‬بنص الزبور‪ ،‬بسبب أن أخذ نساء كثيرة‪ ،‬وجواري كثيرة‪ ،‬قبل أن يزني بامرأة أوريا بل‬


‫تكون هذه النساء كلها بهبة ال ورضاه‪ ،‬ويكون داود عليه السلم قابلا لن يقول ال في حقه‪ :‬فإذا‬ ‫كانت عندك قليلة كان ينبغي لك أن تقول فأزيد مثلهن‪ .‬ول يصدر العتاب عليه على تكثير النساء‪،‬‬

‫بل على أنه زنى بامرأة الغير‪ ،‬وقتل ذلك الغير بالحيلة‪ ،‬وأخذ تلك المرأة‪.‬‬ ‫وكذا ل يسقط عنها سليمان عليه السلم‪ ،‬الذي هو ابن ال بشهادة كتبهم المقدسة‬

‫) ‪(4/1350‬‬

‫بسبب أن أخذ ألف امرأة من الزوجات والجواري‪ ،‬وارتد في آخر عمره وعبد الصنام‪ ،‬بل يبقى‬ ‫مسلم النبوة ويكون كتبه الثلثة‪ ،‬أعني المثال والجامعة ونشيد النشاد‪ ،‬كتب ا إلهية‪ .‬وكذا ل يسقط‬ ‫لوط عنها‪ ،‬بسبب الزنا بابنتيه‪ .‬وكذا ل يسقط عنها ابن ال الوحيد وحواريه المجاد‪ ،‬بسبب حب‬

‫الفاحشة‪ ،‬وبعض التلميذ‪ ،‬والجولن مع النساء في قرى البلد الشرقية‪ .‬بل ل يتهمون أيضا بشيء‬

‫مع هذه المخالطة الشديدة وكونهم شاربي الخمر وشباناا‪ .‬ويسقط محمد صلى ال عليه وسلم عن‬

‫درجة النبوة بكثرة الزواج‪ ،‬ونكاح زينب‪ ،‬وتحليل جاريته بعد تحريمها‪ .‬لعل منشأ هذه المور أن ال‬

‫لما كان واحدا حقيقياا‪ ،‬ل تكثر في ذاته بوجه من الوجوه عند أهل السلم‪ ،‬فذاته المقدسة ل تسع‬ ‫أمرا غير مناسب‪ ،‬وعندهم لما كان ذاته مشتملة على القانيم الثلثة المتصف كل منهم بصفات‬ ‫اللوهية كلها‪ ،‬الممتاز كل منهم عن الخر امتيازا حقيقيا تسع أمرا غير مناسب‪ .‬لن المتياز‬

‫الحقيقي‪ ،‬ل يمكن أن يفارق التعدد‪ ،‬بل يستلزمه البتة وإن لم يقروا بحسب الظاهر به‪ ،‬كما عرفت‬

‫في الباب الرابع والثلثة أكثر من الواحد‪.‬‬ ‫فلعل إلههم في زعمهم أقوى من إله المسلمين‪ ،‬وكذلك لما لم تكن العصمة من ذنب من الذنوب‪،‬‬ ‫حتى الشرك وعبادة العجل والصنام والزنا والسرقة والكذب حتى في تبليغ الوحي وغيرها من‬ ‫المعاصي‪ ،‬شرط للنبوة عندهم‪ ،‬كانت ساحة النبوة عندهم أوسع من ساحتها عند المسلمين‬

‫) ‪(4/1351‬‬

‫أو لعل‪ .‬منشأها أن يعقوب وداود وسليمان وعيسى لما كانوا أبناء ال‪ ،‬فلهم أن يفعلوا في مملكة‬ ‫أبيهم ما يشاؤون‪ ،‬بخلف محمد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فإنه لما كان عبد ال بن عبد ال‪ ،‬ل يجوز‬ ‫له أن يفعل في مملكة مالكه وسيده ما يشاء‪ .‬نعوذ بال من التعصب الباطل والعتساف ومن‬


‫المكابرة وعدم النصاف‪.‬‬ ‫)المطعن الرابع( أن محمد صلى ال عليه وسلم كان مذنباا‪ ،‬وكل مذنب ل يصح أن يكون شافعا‬ ‫للمذنبين الخرين‪ .‬أما الصغرى فلما وقع‪:‬‬ ‫في سورة المؤمن‪} :‬فاصبر إن وعد ال حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والبكار{ ‪.‬‬ ‫وفي سورة محمد‪} :‬فاعلم أنه ل إله إل ال واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات{ ‪.‬‬ ‫وفي سورة الفتح‪} :‬إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر ال لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر{ ‪.‬‬

‫وفي الحديث‪) :‬فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني أنت‬

‫المقدم وأنت المؤخر ل إله إل أنت( ‪ .‬ونحوه مما وقع في الحاديث الخرى‪.‬‬

‫) ‪(4/1352‬‬

‫)والجواب( أن الصغرى والكبرى كلتاهما غير صحيحتين‪ ،‬فالنتيجة كاذبة يقيناا‪ ،‬وأنا أمهد لتوضيح‬

‫بطلنهما أمورا خمسة‪:‬‬

‫)المر الول( أن ال رب وخالق‪ ،‬والخلق كله مربوب ومخلوق‪ ،‬فكل ما صدر عن حضرة الرب‬

‫الخالق في حق العبد المربوب المخلوق‪ ،‬من الخطاب والعتاب والستعلء فهو في محله ومقتضى‬ ‫المالكية والخالقية‪ .‬وكذا كل ما يصدر عن العباد‪ ،‬من الدعية والتضرعات إليه‪ ،‬فهو في موقعه‬ ‫أيضاا‪ ،‬ومقتضى المخلوقية والعبودية والنبياء عباد ال المخلصون‪ ،‬فهم أحق من غيرهم‪ ،‬والحمل‬ ‫على المعنى الحقيقي في كل موضع‪ ،‬من أمثال هذه المواضع‪ ،‬في كلم ال وفي أدعية النبياء‬

‫وتضرعاتهم خطأ وضلل وشواهده كثيرة في كتب العهدين‪ ،‬سيما الزبور‪ .‬وأنا أنقل على سبيل‬ ‫النموذج بعضا منها‪:‬‬

‫]‪ [1‬في الباب العاشر من إنجيل مرقس‪ ،‬والثامن عشر من إنجيل لوقا هكذا‪) 17 :‬وفيما هو خارج‬ ‫إلى الطريق‪ ،‬ركض واحد وجثا له وسأله أيها المعلم الصالح ماذا أعمل لرث الحياة البدية( ‪18‬‬ ‫)فقال له يسوع لماذا تدعوني صالحا ليس أحد صالحا إل واحد وهو ال( انتهى بعبارة مرقس‪ .‬فأقر‬ ‫عيسى عليه السلم بأني لست صالحا ول صالح إل ال وحده‪.‬‬

‫]‪ [2‬في الزبور الثاني والعشرين هكذا‪) 1 :‬إلهي إلهي انظر لماذا تركتني تباعد عني خلصي بكلم‬ ‫جهلي( ‪) 2‬إلهي بالنهار أدعوك فلم تستجب لي وبالليل فلم تحفل بي( ‪ .‬ولما كان آيات هذا‬


‫الزبور راجعة إلى عيسى عليه السلم‪ ،‬على زعم أهل التثليث‪ ،‬فكان القائل بها عندهم هو عيسى‬ ‫عليه السلم‪.‬‬

‫) ‪(4/1353‬‬

‫]‪ [3‬الية السادسة والربعون من الباب السابع والعشرين من إنجيل متى هكذا‪) :‬ونحو الساعة‬ ‫التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا إيلي إيلي لما شبقتني أي إلهي إلهي لماذا تركتني( ‪.‬‬

‫]‪ [4‬في الباب الول من إنجيل مرقس هكذا‪) 4 :‬كان يوحنا يعمد في البرية ويكرز بمعمودية‬ ‫التوبة لمغفرة الخطايا( ‪) 5‬وخرج إليه جميع كورة اليهودية وأهل أورشليم واعتمدوا جميعهم منه في‬ ‫نهر الردن معترفين بخطاياهم( ‪) 9‬وفي تلك اليام جاء يسوع من ناصرة الجليل واعتمد من يوحنا‬ ‫في الردن( ‪.‬‬ ‫وكانت هذه المعمودية‪ ،‬معمودية التوبة‪ ،‬بمغفرة الخطايا‪ .‬كما صرح مرقس في الية الرابعة‬ ‫والخامسة‬

‫) ‪(4/1354‬‬

‫والية الثالثة من الباب الثالث من إنجيل لوقا هكذا‪) :‬فجاء إلى جميع الكورة المحيطة بالردن‬ ‫يكرز بمعمودة التوبة لمغفرة الخطايا( ‪ .‬وفي الية الحادية عشر من الباب الثالث من إنجيل متى‬ ‫هكذا‪) :‬أنا أعمدكم بماء للتوبة( الخ‪ .‬وفي الية الرابعة والعشرين من الباب الثالث عشر من كتاب‬ ‫العمال هكذا‪) :‬إذ سبق يوحنا فكرز قبل مجيئه بمعمودية التوبة لجميع شعب إسرائيل( ‪ .‬والية‬ ‫الرابعة من الباب التاسع عشر من كتاب العمال هكذا‪) :‬فقال بولس أن يوحنا عمد بمعمودية‬ ‫التوبة( الخ‪.‬‬ ‫فهذه اليات كلها‪ ،‬تدل على أن هذه المعمودية‪ ،‬كانت معمودية التوبة لمغفرة الخطايا‪ ،‬فمتى سلم‬ ‫اعتماد عيسى من يحيى عليهما السلم‪ ،‬لزم تسليم اعترافه بالخطايا والتوبة منهما أيضاا‪ ،‬لن حقيقة‬

‫هذا العتماد ليست غير ذلك‪.‬‬

‫وفي الباب السادس من إنجيل متى في الصلة التي علمها عيسى عليه السلم تلميذه هكذا‪:‬‬ ‫)اغفر لنا ذنوبنا كما نحن نغفر أيض ا للمذنبين إلينا ول تدخلنا في تجربة لكن نجنا من الشرير( ‪.‬‬


‫والظاهر أن عيسى عليه السلم‪ ،‬كان يصلي تلك الصلة التي علمها تلميذه‪ ،‬ولم يثبت من موضع‬ ‫من مواضع النجيل أنه ما كان يصلي هذه الصلة‪ .‬وستعرف في المر الثاني أنه كان كثير الصلة‪،‬‬ ‫فلزم أن يكون دعاؤه باغفر لنا ذنوبنا مرات كثيرة بلغت اللف‪.‬‬ ‫والعصمة من الذنوب‪ ،‬وإن لم تكن من شروط النبوة عند أهل التثليث‪ ،‬لكنهم يدعونها في حق‬ ‫عيسى عليه السلم‪ ،‬باعتبار‬

‫) ‪(4/1355‬‬

‫الناسوت أيضاا‪ .‬وكان عيسى عليه السلم بهذا العتبار أيض ا عندهم‪ ،‬صالح ا ومقبولا ل ل متروك ا‬ ‫فهذه الجمل‪:‬‬ ‫]‪ [1‬لماذا يدعوني صالحا الخ‪ [2] .‬إلهي إلهي لماذا تركتني‪ [3] .‬تباعد عني خلصي بكلم‬

‫جهلي‪ [4] .‬بالنهار أدعوك فلم تستجب لي‪ [5] .‬ألفاظ التوبة والعتراف بالخطايا عند العتماد‪.‬‬

‫]‪ [6‬اغفر لنا ذنوبنا‪ .‬ل تكون محمولة على المعاني الحقيقية الظاهرية عند أهل التثليث‪ ،‬وإل يلزم‬ ‫أنه لم يكن صالحاا‪ ،‬وكان متروك ا ل بعيدا عن الخلص‪ ،‬بسبب كلم الجهل‪ .‬غير مستجاب الدعاء‪،‬‬

‫خاطئا مذنباا‪ .‬فل بد أن يقال أن هذه التضرعات بمقتضى المخلوقية والمربوبية باعتبار الناسوت‪.‬‬

‫وفي الزبور الثالث والخمسين هكذا‪) 3 :‬الرب من السماء اطلع على بني البشر لينظر هل من يفهم‬

‫أو يطلب ال( ‪) 4‬كلهم قد زاغوا جميع ا والتطخوا وليس من يعمل صلح ا حتى ول أحد( ‪.‬‬

‫وفي الباب التاسع والخمسين من كتاب أشعيا هكذا‪) 9 :‬فلذلك تباعد الحكم عنا ول يدركنا‬ ‫العدل انتظرنا النور فيها الظلم انتظرنا الشعاع فها سرنا في الظلمة( ‪) 12‬من أجل أن آثامنا‬ ‫تكاثرت قدامك وخطايانا أجابتنا لن فجورنا معنا وآثامنا عرفناها( ‪) 13‬أن نخطئ ونكذب على‬

‫الرب واندبرنا إلى‬

‫) ‪(4/1356‬‬

‫خلف حتى أن ل نسلك وراء إلهنا لنتكلم بالظلم والتعدي حبلنا وتكلمنا من القلب بكلم‬ ‫كاذب( ‪.‬‬ ‫وفي الباب الرابع والستين من كتاب أشعيا هكذا‪) 6 :‬وصرنا جميعنا كالنجس وكخرقة الحائض كل‬


‫براتنا وسقطنا مثل الورق نحن جميعا وآثامنا كالريح ذرونا( ‪) 7‬ليس من يدعو باسمك ومن يقوم‬

‫ويمسكك أخفيت وجهك عنا واطرحتنا بيد إثمنا( ‪ ..‬ول شك أن كثيرا من الصلحاء كانوا موجودين‬ ‫في زمان داود عليه السلم‪ ،‬مثل ناثان النبي وغيره‪ ،‬ولو فرضنا أنهم لم يكونوا معصومين على زعم‬

‫أهل التثليث‪ ،‬فل ريب أنهم لم يكونوا مصداق الية الرابعة من الزبور المذكور أيضاا‪ ،‬ووقعت في‬

‫عبارتي أشعيا عليه السلم‪ ،‬صيغ التكلم مع الغير‪ ،‬وأشعيا وغيره من أنبياء عهده وصلحاء زمانه‪ ،‬وإن‬

‫لم يكونوا معصومين لكنهم لم يكونوا مصاديق الوصاف المصرحة‪ ،‬في العبارتين قطعا أيضاا‪ ،‬فل‬ ‫تكون عبارة الزبور وهاتان العبارتان محمولت على معانيها الحقيقية الظاهرية‪ ،‬بل ل بد فيها من‬

‫الرجوع إلى أن تلك التضرعات بمقتضى العبودية‪ .‬وكذا وقع في الباب التاسع من كتاب دانيال‪،‬‬ ‫والباب الثالث والخامس من مراثي أرمياء‪ ،‬والباب الرابع من الرسالة الولى لبطرس‪.‬‬ ‫)المر الثاني( أن أفعال النبياء كثيرا ما تكون لتعليم المة‪ ،‬لتستن بهم‪.‬‬

‫) ‪(4/1357‬‬

‫ول يكونون محتاجين إلى هذه الفعال لجل أنفسهم‪.‬‬ ‫في الباب الرابع من إنجيل متى‪ ،‬أن عيسى عليه السلم صام أربعين نهاراا‪ ،‬أو أربعين ليلة‪ .‬والية‬

‫الخامسة والثلثون من الباب الول من إنجيل مرقص هكذا‪) :‬وفي الصبح باكرا جدا قام وخرج‬

‫ومضى إلى موضع خلء وكان يصلي هناك( ‪ .‬والية السادسة عشر من الباب الخامس من إنجيل‬

‫لوقا هكذا‪) :‬وفي تلك اليام خرج إلى الجبل ليصلي وقضى الليل كله في الصلة ل( ‪.‬‬ ‫ولما كان اتحاد المسيح بذات ال على زعم أهل التثليث‪ ،‬فل حاجة له إلى هذه التكاليف‬ ‫الشديدة‪ ،‬فل بد أن تكون هذه الفعال لجل التعليم‪.‬‬ ‫)المر الثالث( أن اللفاظ المستعملة في الكتب الشرعية‪ ،‬مثل الصلة والزكاة والصوم والحج‬ ‫والنكاح والطلق وغيرها‪ ،‬يجب أن تحمل على معانيها الشرعية ما لم يمنع عنها مانع‪ ،‬ولفظ الذنب‬ ‫في هذا الصطلح الشرعي‪ ،‬إذا استعمل في حق ألنبياء‪ ،‬يكون بمعنى الزلة‪ .‬وهي عبارة عن أن‬ ‫يقصد معصوم عبادة أو أمرا مباحاا‪ ،‬ويقع بل قصد وشعور في ذنب لمجاورة العبادة أو المر المباح‬ ‫بهذا الذنب‪ ،‬كما أن السالك يكون قصده قطع الطريق‪ ،‬لكنه قد يزل قدمه أو يعثر بسبب طين أو‬

‫حجر واقع في ذلك الطريق‪ ،‬أو يكون‬

‫) ‪(4/1358‬‬


‫بمعنى ترك الولى‪.‬‬ ‫)المر الرابع( أن وقوع المجاز في كلم ال وكلم النبياء كثير‪ ،‬كما عرفت بما ل مزيد عليه‪ ،‬في‬ ‫مقدمة الباب الرابع‪ .‬وقد عرفت أيض ا في جواب الشبهة الرابعة من الفصل الرابع من الباب‬ ‫الخامس‪ ،‬أن حذف المضاف كثير في كتبهم المقدسة‪.‬‬

‫)المر الخامس( أن الدعاء قد يكون المقصود به محض التعبد كما في قوله تعالى‪} :‬ربنا وآتنا ما‬ ‫وعدتنا على رسلك{ فإن إيتاء ذلك الشيء واجب‪ ،‬ومع ذلك أمرنا بطلبه‪ .‬كقوله تعالى‪} :‬رب‬ ‫احكم بالحق( مع أنا نعلم أنه ل يحكم إل بالحق‪.‬‬ ‫وإذا عرفت المور الخمسة‪ ،‬أقول أن الستغفار طلب الغفران‪ ،‬والغفران الستر على القبيح‪ ،‬وهذا‬ ‫الستر يتصور على وجهين‪:‬‬ ‫الول‪ :‬بالعصمة منه لن من عصم فقد ستر عليه قبائح الهوى‪.‬‬ ‫والثاني‪ :‬بالستر بعد الوجود‪.‬‬ ‫فالغفران في اليتين الوليين بالوجه الول‪ ،‬في حق النبي صلى ال عليه وسلم‪ .‬وفي الثانية بالوجه‬ ‫الثاني في حق المؤمنين والمؤمنات‪.‬‬

‫) ‪(4/1359‬‬

‫قال المام الهمام الفخر الرازي قدس سره في ذيل تفسير الية الثانية هكذا‪:‬‬ ‫)وفي هذه الية لطيفة‪ ،‬وهي أن النبي صلى ال عليه وسلم له أحوال ثلثة‪ :‬حال مع ال‪ ،‬وحال مع‬ ‫نفسه‪ ،‬وحال مع غيره‪ ،‬فأما مع ال فوحده‪ ،‬وأما مع نفسه فاستغفر لذنبك واطلب العصمة من ال‪،‬‬ ‫وأما مع المؤمنين فاستغفر لهم‪ ،‬واطلب الغفران لهم من ال( انتهى كلمه بلفظه‪.‬‬ ‫أو أن المقصود من المر بالستغفار في اليتين محض التعبد كما في قوله تعالى‪} :‬ربنا وآتنا ما‬ ‫وعدتنا على رسلك{ وكقوله‪} :‬رب احكم بالحق{ كما عرفت في المر الخامس‪.‬‬ ‫أو أن المقصود من هذا المر أن يكون الستغفار مسنونا في أمته‪ ،‬فاستغفاره صلى ال عليه وسلم‬

‫كان لتعليم المة‪ ..‬في الجللين ذيل تفسير الية الثانية هكذا‪) :‬قيل له ذلك مع عصمته ليستن به‬

‫أمته( انتهى‪.‬‬ ‫أو أن المضاف في اليتين محذوف‪ .‬والتقدير في الية الولى‪) :‬فاصبر إن وعد ال حق واستغفر‬


‫لذنب أمتك( الية‪ .‬وفي الثانية‪) :‬فاعلم أنه ل إله إل ال واستغفر لذنب أهل بيتك ولذنب المؤمنين‬ ‫والمؤمنات الذين ليسوا من أهل بيتك‪ ،‬فل بعد في ذكر المؤمنين والمؤمنات( ‪ .‬وقد عرفت في‬ ‫المر الرابع‪ ،‬أن حذف المضاف كثير شائع في كتبهم‪ ،‬أو أن المراد بالذنب في اليتين الزلة أو ترك‬ ‫الفضل‪.‬‬

‫) ‪(4/1360‬‬

‫وسمعت من الحباء‪ ،‬أن بعض من بلغ سن الخرافة من علماء بروتستنت‪ ،‬اعترض على هذا التوجيه‬ ‫في بعض تأليفه الجديد وقال‪ :‬فرضنا أنه ما ظهر من محمد صلى ال عليه وسلم ذنب من الذنوب‬ ‫غير ترك الولى‪ ،‬فترك الولى أيض ا ذنب على ما يحكم به كلم ال أعني التوراة والنجيل فيكون‬

‫محمد صلى ال عليه وسلم مذنباا‪.‬‬ ‫قال يعقوب في الية السابعة عشر من الباب الرابع من رسالته هكذا‪) :‬فمن يعرف أن يعمل حسنا‬ ‫ول يعمل فذلك خطيئة له( انتهى‪.‬‬

‫أقول‪ :‬هذا منشؤه خرافة السن‪ ،‬لنه ل شك أن ترك شرب الخمر حسن‪ ،‬حتى مدح ال يحيى عليه‬ ‫السلم على هذا‪ ،‬وقال النبياء في حقها ما قالوا‪ ،‬وكذا ل شك أن عدم الذن لفاحشة مباحة بغي‬ ‫في غسل الرجلين ومسحهما بشعر رأسها بمحضر مل من الناس حسن‪ .‬وكذا ترك المخالفة‬ ‫الشديدة بالنساء الجنبيات الشواب‪ ،‬والجولن معهن في القرى الشرقية حسن‪ ،‬سيما إذا كان‬ ‫الرجل المخالط شاب ا عزباا‪ .‬وما فعل هذه المور الحسنة عيسى عليه السلم‪ ،‬حتى أن المخالفين‬

‫طعنوا عليه كما عرفت في جواب المطعن الثالث‪ ،‬فيلزم على رأيه أن يكون إلهه أيضا مذنباا‪ .‬على‬

‫أن هذا المعترض زاد لفظ التوراة لجل تغليط العوام‪ ،‬ول يوجد هذا الحكم في التوراة‪ ،‬وهو ما أورد‬

‫سندا لهذا‪ ،‬إل من رسالة يعقوب التي ليست إلهامية‪ ،‬على تحقيق العلماء العلم من فرقة‬

‫بروستنت‪ ،‬سيما على تحقيق إمامه ومقتداه لوطر‪ ،‬كما عرفت في الفصل الرابع من الباب الول‪.‬‬

‫فكلم يعقوب على هؤلء العلماء ليس بحجة‬

‫) ‪(4/1361‬‬


‫فاعتراضه واه بل شبهة‪.‬‬ ‫وأما الية الثالثة فالمضاف محذوف‪ ،‬أو المراد بالذنب ترك الفضل‪ ،‬أو المراد بالغفران العصمة‪.‬‬ ‫وقال المام السبكي وابن عطية‪ :‬أن المقصود من هذه الية‪ ،‬ليس إثبات صدور ذنب وغفرانه‪ ،‬بل‬ ‫المقصود منها تعظيم رسول ال صلى ال عليه وسلم وإكرامه فقط‪ .‬لن ال أظهر تعظيمه وإحسانه‬ ‫في أول هذه السورة‪ ،‬فبشر أولا بالفتح المبين‪ ،‬ثم جعل غاية هذا الفتح الغفران وإتمام النعمة‬

‫وهداية الصراط المستقيم وإعطاء النصر العزيز‪ .‬فلو فرض صدور ذنب ما يكون مخلا لبلغة‬

‫الكلم‪ ،‬فمقتضاها التكريم والتعظيم‪ .‬كما أن السيد إذا رضي عن خادمه يقول تارة لكرامه وإظهار‬

‫رضاه‪ :‬عفوت عنك خطيئاتك المتقدمة والمتأخرة‪ ،‬ول أؤاخذك عليها وإن لم يصدر عن هذا الخادم‬ ‫خطيئات‪.‬‬ ‫وأما الدعاء المذكور في الحديث‪ ،‬فتوجيهه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬لما كان أرفع الخلق‬ ‫عند ال درجة وأتمهم به معرفة‪ ،‬وكان حاله عند خلوص قلبه عن ملحظة غير ربه‪ ،‬إقباله بكليته‬ ‫عليه أرفع حاليه‪ ،‬بالنسبة إلى غير ذلك كان يرى شغله بما سواه‪ ،‬وإن كان ضروري ا نقص ا وانحطاط ا‬ ‫من رفيع كماله‪ ،‬فكان يستغفر ال من ذلك طلبا للمقام العلى‪ ،‬فكان هذا الشغل الضروري أيضا‬ ‫عنده‪ ،‬بمنزلة الذنب الذي ل بد أن يستغفر عنه بالنسبة إلى أعلى حاله‪ ،‬أو كان صدور مثل هذا‬

‫الدعاء بمقتضى العبودية‪ .‬كما أن عيسى عليه السلم‬

‫) ‪(4/1362‬‬

‫أيضا بمقتضى العبودية‪ ،‬نفى الصلح عن نفسه‪ ،‬واعترف بالخطايا عند العتماد‪ ،‬ودعا مرارا باغفر‬

‫لنا ذنوبنا‪ ،‬وتفوه بهذه الجمل‪) 1 :‬إلهي إلهي لماذا تركتني( ‪) 2‬وتباعد عني خلصي بكلم جهلي(‬

‫‪) 3‬إلهي بالنهار أدعوك فلم تستجب لي( أو كان هذا الدعاء لجل التعبد المحض كما عرفت في‬ ‫المر الخامس ‪ 4‬أو كان لجل تعليم المة ‪ 5‬وأن الذنب المذكور فيها بمعنى الزلة‪ ،‬وترك الولى‪،‬‬ ‫كما عرفت في المر الثالث‪ ،‬وعلى كل تقدير ل يرد شيء‪ ،‬وهذه التوجيهات الخمسة تجري كلها‬ ‫أو بعضها في الحاديث‪ ،‬التي تكون مثل الحديث المذكور‪ .‬وإذا لم يثبت من اليات والحاديث‬ ‫المذكورة التي استدل بها المعترض‪ ،‬كون محمد صلى ال عليه وسلم مذنباا‪ ،‬ثبت كذب الصغرى‪.‬‬ ‫وأما كذب الكبرى‪ ،‬فلن كليتها ممنوعة‪ ،‬لنها إما أن يثبتها المعترض بعندية أهل التثليث‪ ،‬أو‬

‫بالبرهان النقلي‪.‬‬


‫فإذا كان الول فعنديتهم هذه ل تتم علينا‪ ،‬كما ل تتم أكثر عندياتهم على ما عرفت في الفصل‬ ‫الثاني من الباب الخامس‪.‬‬ ‫وإن كان الثاني فعليهم بيان ذلك البرهان‪ ،‬وعلينا النظر في مقدماته‪ ،‬وأنى لهم ذلك ول استبعاد في‬ ‫أن يغفر ال ذنوب واحد بل واسطة‪ ،‬ثم يقبل‬

‫) ‪(4/1363‬‬

‫شفاعته في حق الخرين‪ ،‬على أن قبح الذنب عقلا ما لم يغفر‪ ،‬فإذا غفر ل يبقى قبحه لوجه ما‪،‬‬ ‫وقد يوجد التصريح في الية الثالثة التي نقلوها بزعمهم الفاسد‪ ،‬لثبات الذنب بأن قال‪} :‬ليغفر‬

‫لك ال ما تقدم من ذنبك وما تأخر{ ‪ .‬فإن صارت ذنوب محمد صلى ال عليه وسلم متقدمة كانت‬ ‫أو متأخرة مغفورة‪ ،‬في هذه الدار الدنيا‪ ،‬فما بقي شيء مانع في أن يكون شفيعا للخرين في الدار‬

‫الخرى‪.‬‬

‫وإن كان الثالث فغلط يقيناا‪ ،‬أل ترى أن بني إسرائيللما عبدوا العجل‪ ،‬أراد ال أن يهلك الكل‪،‬‬

‫فشفع موسى عليه السلم لهم‪ ،‬فقبل ال شفاعته‪ ،‬وما أهلك‪ .‬كما هو مصرح به في الباب الثاني‬ ‫والثلثين من سفر الخروج‪ ،‬ثم قال الرب لموسى‪ :‬اذهب أنت وبنو إسرائيل إلى أرض كنعان وأنا ل‬

‫أذهب معكم‪ ،‬فشفع موسى فقبل ال شفاعته‪ ،‬وقال‪ :‬أنا أذهب معك‪ .‬كما هو مصرح به في الباب‬ ‫الثالث والثلثين من سفر الخروج‪ .‬ثم لما عصوا أراد ال مرة أخرى أن يهلكهم‪ ،‬فشفع موسى‬ ‫وهارون عليهما السلم فقبل ال شفاعتهما‪ .‬ثم لما عصوا مرة أخرى أرسل ال عليهم حيات‬ ‫تلدغهم‪ ،‬فجاؤوا إلى موسى مستشفعين‪ ،‬فشفع لهم فقبل ال شفاعته‪ ،‬كما هو مصرح به في الباب‬ ‫السادس عشر والباب الحادي والعشرين من سفر العدل‪ .‬فل استحالة عقلا ول نقلا في كون‬

‫محمد صلى ال عليه وسلم شفيع المذنبين‪ ،‬اللهم ابعثه مقام ا محمودا الذي وعدته‪ ،‬وارزقنا شفاعته‬

‫يوم القيامة‪ .‬وليكن هذا آخر الباب‪.‬‬

‫) ‪(4/1364‬‬

‫وقد ابتدأت في تأليف هذا الكتاب‪ ،‬في اليوم السادس عشر من شهر رجب المنسلك في سنة ألف‬ ‫ومائتين وثمانين من هجرة سيد النبياء والمرسلين صلى ال عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين‪،‬‬


‫وفرغت منه في آخر ذي الحجة من السنة المذكورة‪ ،‬والحمد ل رب العالمين وصار تاريخ ختمه‬ ‫)تأييد الحق برحمة ال ‪. (1280‬‬ ‫ل‪ ،‬ول ينال من الملئكة إل لعنة‬ ‫فأعوذ بال من الحاسد الذي ل ينال من المجالس إل مذمة وذ ا‬

‫ل‪ ،‬ول ينال عند‬ ‫وبغضاا‪ ،‬ول ينال من الخلق إل جزع ا وغماا‪ ،‬ول ينال عند النزع إل شدة وهو أ‬

‫الموقف إل فضيحة ونكاال‪ .‬وأفوض أمري إلى اللطيف الخبير‪ ،‬إنه نعم المولى ونعم النصير‪ .‬وأقول‬

‫متضرعا ومترجياا‪:‬‬ ‫ربنا ل تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا‪ .‬ربنا ول تحمل علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا‪ .‬ربنا‬ ‫ول تحملنا ما ل طاقة لنا به‪ ،‬واعف عنا‪ ،‬واغفر لنا‪ ،‬وارحمنا‪ ،‬أنت مولنا فانصرنا على القوم‬ ‫الكافرين‪.‬‬

‫) ‪(4/1365‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.