اظهار الحق المجلد الثاني

Page 1

‫‪http://www.shamela.ws‬‬ ‫تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة‬

‫الكتاب ‪ :‬إظهار الحق‬

‫المؤلف ‪ :‬محمد رحمت ال بن خليل الرحمن الكيرانوي العثماني الهندي‬

‫الحنفي )المتوفى ‪1308 :‬هـ(‬

‫دراسة وتحقيق وتعليق ‪ :‬الدكتور محمد أحمد محمد عبد القادر خليل‬ ‫ملكاوي ‪ ،‬الستاذ المساعد بكلية التربية جامعة الملك سعود ‪ -‬الرياض‬

‫الناشر ‪ :‬الرئاسة العامة لدارات البحوث العلمية والفتاء والدعوة والرشاد ‪-‬‬ ‫السعودية‬

‫الطبعة ‪ :‬الولى‪ 1410 ،‬هـ ‪ 1989 -‬م )أول طبعة تصدر مقابلة على‬ ‫نسختي المؤلف الذهبيتين المخطوطة والمقروءة(‬

‫عدد الجزاء ‪ 4 :‬أجزاء في ترقيم مسلسل واحد‬ ‫]ترقيم الكتاب موافق للمطبوع[‬

‫وهكذا حال كتب أخر أيض ا فلو كانت شهادة المسيح والحواريين مثبتة لصدق كل جزء جزء من‬

‫كتب العهد العتيق لما كان لمثال هذه الختلفات الفاحشة الواقعة بين العلماء المسيحية سلف ا‬ ‫ل‪ ،‬فالنصاف أن ما قال بيلي هو غاية السعي في هذا الباب من جانبهم‪ ،‬وبدون‬ ‫وخلفا ممساغغ أص ا‬ ‫العتراف بما قال ل يوجد لهم المفر‪ ،‬كيف ل وقد عرفت في الشاهد‬

‫السادس عشر من المقصد الول أن علماء اليهود والمسيحيين متفقون على أن عزرا غلط في‬ ‫السفر الول من أخبار اليام‪ ،‬وهذا السفر أيض ا داخل في الكتب التي شهد المسيح حقيتها على‬

‫زعمهم‪ ،‬فإذا لم يسلموا تحقيق بيلي فماذا يقولون في تصديق هذا الغلط؟‪ ،‬ثم أقول‪ :‬رابعا لو سلمنا‬ ‫على فرض التقدير والمحال أن شهادة المسيح والحواريين تصديق لكل جزء جزء ولكل قول قول‬

‫من هذه الكتب فل يضرنا أيض ا لنه قد ثبت أن مذهب جمهور العلماء المسيحيين وجستن‬

‫واكستاين وكريزاستم من القدماء ومذهب كافة الكاثلك وسلبر جيس ودكتر كريب ووائي يتكر وآي‬


‫كلرك وهمفري وواتسن من علماء البروتستنت أن اليهود حررفوا الكتب بعد المسيح والحواريين‪،‬‬

‫كما عرفت في الهداية الثالثة مفصلا‪ً.‬ا‬ ‫وكافة علماء البروتستنت أيض ا يضطرون في أكثر المواضع‪ ،‬ويقولون‪ :‬إن اليهود حررفوا كما عرفت‬ ‫في المقاصد الثلثة فالن نسألهم‪ :‬إن المواضع التي يقرون بالتحريف فيها أكانت محرفة زمان‬

‫المسيح عليه السلم والحواريين ومع ذلك شهدوا بصدق كل جزء جزء وقول قول من هذه الكتب‬ ‫أو لم تكن كذلك بل حرفت بعدهم؟‪ ،‬والول أمر ل يجترئ عليه من له ديانة‪ ،‬والثاني ل ينافي‬ ‫الشهادة‪ ،‬وهو المقصود فل تضر الشهادة للتحريف الذي وقع بعدها وما قالوا لو ثبت التحريف‬ ‫من اليهود للزمهم المسيح على هذا‬

‫) ‪(2/594‬‬

‫الفعل )أقول( على مذاق جمهور القدماء من المسيحيين ل مساغ لهذا الكلم‪ ،‬بل وقع التحريف‬ ‫في عهدهم وكانوا يلزمونهم ويوبخونهم‪ ،‬ولو قطعنا النظر عن مذاقهم فأقول‪ :‬إن اللزام ليس‬ ‫بضروري على مذهبهم‪ ،‬أل ترون أن النسخة العبرانية والسامرية مختلفتان في كثير من المواضع‬ ‫اختلفا موجبا لكون أحدهما غلطا محرفا ألبتة‪ ،‬ومن هذه المواضع موضع مر ذكره في الشاهد‬ ‫الثالث من المقصد الول‪ ،‬وبين الفريقين نزاع سلفا وخلفا يدعي كل منهما أن المحرف الفريق‬

‫الخر‪ ،‬ودكتر كني كات ومتبعوه على أن الحق مع السامريين‪ ،‬وجمهور علماء البروتستنت على أن‬

‫الحق مع اليهود‪ ،‬ويزعمون أن السامرية حرفوا هذا الموضع بعد موت موسى عليه السلم‬ ‫بخمسمائة سنة‪ ،‬فهذا التحريف على زعمهم صدر عن السامرية قبل ميلد المسيح بتسعمائة‬ ‫وإحدى وخمسين سنة‪ ،‬وما ألزم المسيح ول الحواريون السامريين ول اليهود‪ ،‬بل سألت امرأة‬ ‫سامرية عن المسيح في هذا الباب خاصة فما ألزم قومها بل سكت وسكوته في هذا الوقت مؤيد‬ ‫للسامريين‪ ،‬ولذلك استدل دكتر كني كات بهذا السكوت وقال‪ :‬إن السامريين ما حررفوا بل اليهودد‬ ‫هم المحررفون كما عرفت في الشاهد الثاني والثالث من المقصد الول‪ ،‬وكذا من المواضع‬ ‫المذكورة هذا الموضع إنه يوجد حكم‬ ‫واحد زائد على‬

‫) ‪(2/595‬‬


‫الحكام العشرة في السامرية بالنسبة إلى العبرانية‪ ،‬وفيه نزاع أيضا سلفا وخلفاا‪ ،‬وما ألزم المسيح ول‬

‫الحواريون أحد الفريقين‪ً.‬ا‬

‫)المغالطة الثالثة( إن اليهود والمسيحيين أيض ا كانوا من أهل الديانة كما تدعون في حقكم فيبعد أن‬ ‫يتجاسر أهل الديانة على مثل هذا المر القبيح )أقول( ‪ :‬جوابها ظاهر على من طالع المقاصد‬

‫الثلثة وجواب المغالطة الولى‪ ،‬وإذا وقع التحريف بالفعل يقيناا‪ ،‬وأقرر به علماؤهم سلفا وخلفا فما‬ ‫بقي لقول المغالط‪ ،‬فيبعد أن يتجاسر إلى آخر محل بل كان هذا المر في القدماء من اليهود‬

‫والمسيحيين بمنزلة المستحبات الدينية بحسب المقولة المشهورة التي مر نقلها في القول السادس‬ ‫من الهداية الثالثة من جواب المغالطة الولى‪ً.‬ا‬ ‫)المغالطة الرابعة( إن نسخ الكتب المقدسة كانت منتشرة شرقا وغربا فل يمكن التحريف لحد كما‬

‫ل يمكن في كتابكم )أقول( ‪ :‬جوابها ظاهر على من طالع المقاصد الثلثة وجواب المغالطة الولى‪،‬‬ ‫فإذا وقع التحريف بالفعل بإقرارهم فأي محل لعدم إمكانه‪ ،‬وقياس هذه الكتب على القرآن المجيد‬

‫قياس مع الفارق لن هذه الكتب قبل إيجاد صنعة‬

‫) ‪(2/596‬‬

‫الطبع كانت قابلة للتحريف‪ ،‬وما كان اشتهارها بحيث يكون مانعا عن التحريف‪ ،‬أل ترى كيف‬

‫حرف اليهود وملحدو المشرق على ما أقرت به فرقة البروتستنت وفرقة الكاثلك الترجمة اليونانية‪،‬‬

‫مع أن اشتهارها شرق ا وغرب ا كان أزيد من اشتهار النسخة العبرانية‪ ،‬وكيف أثر تحريفهم كما علمت‬

‫في القول التاسع عشر من الهداية الثالثة من جواب المغالطة الولى بخلف القرآن المجيد فإن‬ ‫اشتهاره وتواتره كانا في كل قرن من القرون ماننمعيين عن التحريف‪ ،‬والقرآن في كل طبقة كما كان‬ ‫محفوظ ا في الصحائف فكذا كان محفوظ ا في صدور أكثر المسلمين‪ ،‬ومن كان شاك ا في هذا‬

‫الباب فليجرب في هذا الزمان أيض ا لنه لو رأى المجرب في الجامع الزهر فقط من جوامع مصر‬ ‫وجد في كل وقت أكثر من ألف شخص يكونون حافظين للقرآن كله على سبيل التجويد التام‪،‬‬

‫ووجد كل قرية صغيرة من قرى السلم من مصر ل تخلو عن الحفاظ‪ ،‬ول يوجد في جميع ديار‬ ‫أوربا في هذه الطبقة من المسيحيين مع فراغ بالهم وتوجههم التام إلى العلوم والصنائع وكونهم أكثر‬ ‫من المسلمين عددا عدد حفاظ النجيل بحيث يساوي عدد الحفاظ الموجودين في الجامع الزهر‬


‫فقط‪ ،‬بل ل يكون عددهم في جميع ديار أوربا يبلغ عشرة‪ ،‬ونحن ما سمعنا أحدا أيضا يكون حافظا‬ ‫لجميع النجيل فقط في هذه الطبقة فضلا أن يكون حافظا للتوراة وغيره أيضاا‪ ،‬فجميع ديار أوربا‬

‫) ‪(2/597‬‬

‫من المسيحيين في هذا الباب ليسوا في مقابلة قرية صغيرة من قرى‬ ‫مصر‪ ،‬وليس الكبار من القسيسين في هذا المر خاصة في مقابلة الحمارين والبغالين من أهل‬ ‫مصر‪ ،‬وكان عدمزييز النبي عليه السلم يديممددح بحفظ التوراة في أهل الكتاب‪ ،‬ويوجد في المة‬

‫المحمدية في هذه الطبقة أيض ا مع ضعف السلم في أكثر القطار أزيد من مائة ألف من حفاظ‬ ‫القرآن في جميع ديار السلم‪ ،‬وهذا هو الفضل البديهي لمة محمد صلى ال عليه وسلم‬

‫ولكتابهم‪ ،‬وهذا المر أيضا معجزة لنبيهم ترى في كل طبقة من الطبقات‪ً.‬ا‬

‫)حكاية( جاء يوم ا أمير من أمراء النكليز في مكتب في بلدة سهار تفور من بلد الهند ورأى‬

‫الصبيان مشتغلين بتعلم القرآن وحفظه‪ ،‬فسأل المعلم‪ :‬أي كتاب هذا‪ً.‬ا فقال‪ :‬القرآن المجيد‪ ،‬فقال‬ ‫المير‪ :‬أحفظ أحد منهم القرآن كله؟‪ ،‬فقال المعلم‪ :‬نعم‪ ،‬وأشار إلى عدة منهم فلما سمع استبعد‬

‫فقال‪ :‬اطلب واحدا منهم وأعطني القرآن أمتحن‪ ،‬فقال المعلم‪ :‬اطلب أيهم شئت فطلب واحدا‬ ‫منهم كان ابن ثلثة عشرة أو أربعة عشر وامتحنه في مواضع فلما تيقن أنه حافظ لجميع القرآن‬ ‫تعجب‪ ،‬وقال‪ :‬أشهد أنه ما ثبت تواتر لكتاب من الكتب كما ثبت للقرآن‪ ،‬يمكن كتابته من صدر‬ ‫صبي من الصبيان مع غاية صحة اللفاظ‪ ،‬وضبط العراب‪ً.‬ا‬ ‫وأنا أورد عليك‬ ‫ذكر أمورا يزول بها استبعاد وقوع التحريف في كتبهم‬

‫)المر الول( كان موسى عليه السلم كتب نسخة التوراة وسلمها إلى الحبار وسائر كبراء بني‬ ‫إسرائيل وأوصاهم بمحافظتها ووضعها في جنب صندوق‬

‫) ‪(2/598‬‬

‫الشهادة وإخراجها إلى الناس بعد كل سبعة سبعة من السنين في يوم العيد لجل سماع بني‬ ‫إسرائيل‪ ،‬فكانت هذه النسخة موضوعة في جنب الصندوق وكانت الطبقة الولى على وصية موسى‬


‫عليه السلم‪ ،‬فلما انقرضت هذه الطبقة تغير حال بني إسرائيل فكانوا يرتدون تارة ويديسلمون أخرى‪،‬‬

‫صيدمر‬ ‫وهكذا كان حالهم إلى أول سلطنة داود عليه السلم‪ ،‬وحسنت حالهم في تلك السلطنة و م‬ ‫سلطنة سليمان عليه السلم وكانوا مؤمنين‪ ،‬لكن لجل النقلبات المذكورة ضاعت تلك النسخة‬ ‫الموضوعة في جنب الصندوق‪ ،‬ول يدـيعلم جزم ا متى ضاعت ولما فتح‬

‫) ‪(2/599‬‬

‫سليمان الصندوق في عهده ما وجد فيه غير ال ليوحين اللذين كانت الحكام العشرة فقط مكتوبة‬

‫فيهما كما هو مصرح في الية التاسعة من الباب الثامن من سفر الملوك الول وهي هكذا‪" :‬ولم‬

‫يكن في التابوت إل اللوحان الحجريان اللذان وضعهما موسى بحوريت حيث عاهد الرب بني‬ ‫إسرائيل وأخرجهم من أرض مصر" ثم وقع النقلب العظيم في آخر سلطنة سليمان عليه السلم‬ ‫على ما تشهد به كتبهم المقدسة بأن ارتد سليمان والعياذ بال تعالى في آخر عمره بترغيب الزواج‬ ‫ومعمبد الصنام وبنى المعابد لها‪ ،‬فإذا صار مرتد أو وثني ا ما بقي له غرض بالتوراة‪ ،‬وبعد موته وقع‬

‫انقلب أعظم وأشد من الول بأن تفرق أسباط بني إسرائيل وصارت السلطنة الواحدة سلطنتين‪،‬‬

‫فصارت عشرة أسباط في جانب والسبطان في جانب‪ ،‬وصار يوربعام سلطانا على عشرة أسباط‬

‫وسميت تلك السلطنة السرائيلية‪ ،‬وصار رحبعام بن سليمان‬

‫) ‪(2/600‬‬

‫سلطان ا على السبطين وسميت تلك السلطنة سلطنة يهودا‪ ،‬وشاع الكفر والرتداد بين‬

‫السلطنتين لن يوربعام بعد ما جلس على سرير السلطنة ارتد‪ ،‬وارتدت السباط العشرة معه‪ ،‬وعبدوا‬

‫الصنام‪ ،‬ومن بقي منهم على ملة التوراة من الكهنة هاجر إلى مملكة يهودا‪ ،‬فهذه السباط من هذا‬ ‫العهد إلى مائتين وخمسين سنة كانوا كافرين عابدين الصنام ثم أبادهم ال بأن سلط السوريين‬ ‫عليهم فأسروهم وفرقوهم في الممالك‪ ،‬وما أبقوا في تلك المملكة إل شرذمة قليلة‪ ،‬وعمروا تلك‬ ‫المملكة من الوثنيين فاختلطت هذه الشرذمة‬

‫) ‪(2/601‬‬


‫القليلة بالوثنيين اختلطا شديداا‪ ،‬فتزاوجوا وتناكحوا وتوالدوا وسميت أولدهم السامريين فمن عهد‬ ‫يوربعام إلى آخر السلطنة السرائيلية ما كان لهذه السباط غرض بالتوراة‪ ،‬وكان وجود نسخ التوراة‬

‫في تلك المملكة كوجود العنقاء‪ً.‬ا هذا حال السباط العشرة والسلطنة السرائيلية‪ً.‬ا‬ ‫وجلس على سرير سلطنة يهودا من بعد موت سليمان عليه السلم إلى ثلثمائة واثنتين وسبعين سنة‬ ‫عشرون سلطاناا‪ ،‬وكان المرتدون من هؤلء السلطين أكثر من المؤمنين‪ ،‬وشاع عبادة الصنام في‬

‫عهد رحبعام‪ ،‬ووضعت تحت كل شجرة ودعبدت‪ ،‬وفي عهد آخذ بنيت المذابح للبعل في كل جانب‬ ‫وناحية من بلدة أورشليم‪ ،‬وسدت أبواب بيت المقدس وكان قبل عهده نهب أورشليم وبيت‬

‫المقدس مرتين ففي المرة الولى تسلط سلطان مصر ونهب جميع أثاث بيت ال وبيت السلطان‪،‬‬ ‫وفي المرة الثانية تسلط سلطان إسرائيل المرتد ونهب بيت ال وبيت السلطان نهبا شديدثم اشتد‬

‫الكفر في عهد‬

‫) ‪(2/602‬‬

‫منسا حتى صار أكثر أهل تلك المملكة وثنيين وبنى مذبح الصنام في فناء بيت المقدس‪ ،‬ووضع‬ ‫الوثن الذي كان يعبده في بيت المقدس‪ ،‬وهكذا كان حال الكفر في عهد آمون ابنه‪ ،‬ولما جلس‬ ‫يوشيا بن آمون على سرير السلطنة تاب إلى ال توبة نصوحاا‪ ،‬وكان هو وأراكينه متوجهين لترويج‬

‫الملة الموسوية‪ ،‬وهدم رسوم الكفر والشرك في غاية الجد والجتهاد‪ ،‬ولكنه مع ذلك ما رأى أحد‬

‫ول سمع وجود نسخة التوراة إلى سبع عشرة سنة من سني سلطنته‪ ،‬ثم ادعى حلقيا الكاهن في‬ ‫العام الثامن عشر من سلطنته أنه وجد نسخة التوراة في بيت المقدس وأعطاها‬

‫) ‪(2/603‬‬

‫شافان الكاتب‪ ،‬فقرأ على يوشيا فلما سمع يوشيا مضمونه شق ثيابه لجل الحزن على عصيان بني‬ ‫إسرائيل‪ ،‬كما هو مصرح في الباب الثاني والعشرين من سفر الملوك الثاني‪ ،‬والباب الرابع والثلثين‬ ‫والسفر الثاني من أخبار اليام‪ ،‬لكن ل يعتمد على هذه النسخة‪ ،‬ول على قول حلقيا لن البيت‬ ‫نهب مرتين قبل عهد آخذ‪ ،‬ثم جعل بيت الصنام وسدنة الصنام كانوا يدخلون البيت كل يوم‪ ،‬وما‬


‫سمع أحد إلى سبعة عشرة عاما من سلطنة يوشيا أيضا اسم التوراة‪ ،‬ول رآه‪ ،‬مع أن السلطان‬ ‫والمراء والرعايا كانوا في غاية الجتهاد لتباع‬

‫الملة الموسوية‪ ،‬وكانت الكهنة يدخلون كل يوم إلى هذه المدة‪ ،‬فالعجب كل العجب أن تكون‬ ‫النسخة في البيت ول يراها أحد‪ ،‬فهذه النسخة ما كانت إل من مخترعات حلقيا فإنه لما رأى توجه‬ ‫السلطان والراكين إلى اتباع‬

‫) ‪(2/604‬‬

‫الملة الموسوية‪ ،‬جمعها من الروايات اللسانية التي وصلت إليه من أفواه الناس سواء كانت صادقة‬ ‫أو غير صادقة‪ ،‬وكان إلى هذه المدة في جمعها وتأليفها‪ ،‬فبعد ما جمع نسب إلى موسى عليه‬ ‫السلم‪ ،‬ومثل هذا الفتراء والكذب لترويج الملة وإشاعة الحق كان من المستحبات الدينية عند‬ ‫متأخري اليهود وقدماء المسيحيين كما عرفت‪ ،‬لكني أقطع النظر ههنا عن هذا وأقول إنه وجدت‬ ‫نسخة التوراة في العام الثامن عشر من سلطنة يوشيا وبقيت معمولة إلى ثلث عشرة سنة مدة‬ ‫حياته‪ ،‬ولما مات وجلس ياهوحاز على سرير السلطنة ارتد وأشاع الكفر وتسلط عليه سلطان مصر‬ ‫وأسره وأجلس أخاه على سرير السلطنة‪ ،‬وهو كان مرتدا أيضا كأخيه ولما مات جلس ابنه على‬

‫صر مع جم‬ ‫السرير وكان مرتدا كأبيه وعمه‪ ،‬وأسره بختن ل‬

‫) ‪(2/605‬‬

‫غفير من بني إسرائيل ونهب بيت المقدس‪ ،‬وكنز بيت الملك‪ ،‬وأجلس عمه على سرير السلطنة‪،‬‬ ‫وكان مرتدا أيض ا مثل ابن أخيه ‪ -‬فإذا علمت هذا فأقول‪ :‬إن تواتر التوراة في اليهود عندي منقطع‬

‫قبل زمان يوشيا والنسخة التي وجدت في عهده ل اعتماد عليها ول يثبت بها التواتر‪ ،‬ومع ذلك ما‬

‫كانت معمولة إل إلى ثلث عشرة سنة‪ ،‬وبعدها لم يعلم حالها‪ً.‬ا والظاهر أنه لما رجع الرتداد‬ ‫والكفر بين أولد يوشيا زالت قبل حادثة بختنصر وكان وجودها بين أزمنة الرتداد كالطهر المتخلل‬ ‫صر وهذه الحادثة هي‬ ‫بين الدمين‪ ،‬ولو فرض بقاؤها أو بقاء نقلها فالمظنون زوالها في حادثة بختن ل‬

‫الولى‪ً.‬ا‬


‫) ‪(2/606‬‬

‫)المر الثاني( لما بغى هذا السلطان الذي أجلسه بختنصر عليه فأسره وذبح أولده قدام عينيه‬ ‫أوال‪ ،‬ثم قلع عينيه وربطه بالسلسل وأرسله إلى بابل وأحرق بيت ال وبيت الملك وجميع بيوت‬ ‫أورشليم وكل منزل جليل وجميع بيوت الكبراء أحرقها بالنار‪ ،‬وهدم سور أورشليم وأسر سائر‬

‫شعوب بني إسرائيل وسباهم‪ ،‬وعمر تلك المملكة من مساكين الرض وضعفائها كررامين وفلحين‪،‬‬ ‫وهذه هي الحادثة الثانية لبختنصر‪ ،‬وفي هذه الحادثة انعدم التوراة وكذا جميع كتب العهد العتيق‬

‫التي كانت مصنفة قبل هذه الحادثة عن صفحة العالم رأساا‪ ،‬وهذا المر مسلم عند أهل الكتاب‬

‫أيضا كما عرفت مفصلا في الشاهد السادس عشر من المقصد الول‪ً.‬ا‬

‫)المر الثالث( لما كتب عزرا عليه السلم كتب العهد العتيق مرة أخرى على زعمهم ووقعت حادثة‬ ‫أخرى جاء ذكرها في الباب الول من الكتاب الول للمقابيين هكذا‪" :‬لما فتح انتيوكس ملك‬ ‫ملوك الفرنج أورشليم أحرق جميع نسخ كتب العهد العتيق التي حصلت له من أي مكان بعد ما‬ ‫قطعها وأمر أن من يوجد عنده نسخة من نسخ كتب العهد العتيق أو يؤدي رسم الشريعة يقتل‪،‬‬ ‫وكان تحقيق هذا المر في كل شهر فكان يقتل من وجد عنده نسخة من كتب العهد العتيق‪ ،‬أو‬ ‫ثبت أنه أدى رسم ا من رسوم الشريعة وتعدم تلك النسخة" انتهى ملخص ا‪ً.،‬ا‬

‫) ‪(2/607‬‬

‫وكانت هذه الحادثة قبل ميلد المسيح بمائة وإحدى وستين سنة‪ ،‬وكانت ممتدة إلى ثلث سنين‬ ‫ونصف كما فصلت في تواريخهم وتاريخ يوسيفس‪ ،‬فانعدمت في هذه الحادثة جميع النسخ التي‬ ‫كتبها عزرا كما عرفت في الشاهد السادس عشر من المقصد الول من كلم جان ملنر كاثلك "لما‬ ‫ظهرت نقولها الصحيحة بواسطة عزرا ضاعت تلك النقول أيضا في حادثة أنتيوكس" انتهى ثم قال‬ ‫جان ملنر‪" :‬فلم تكن شهادة لصداقة هذه الكتب ما لم يشهد المسيح والحواريون" )أقول( قد‬

‫عرفت حال هذه الشهادة في جواب المغالطة الثانية‪ً.‬ا‬ ‫)المر الرابع( وقعت على اليهود بعد هذه الحادثة المذكورة حوادث أخرى أيض ا من أيدي ملوك‬

‫الفرنج انعدمت فيها نقول عزرا ونسخ ل تحصى‪ ،‬ومنها حادثة طيطوس الرومي وهي حادثة عظيمة‬


‫وقعت بعد عروج المسيح بسبع وثلثين سنة‪ ،‬وهذه الحادثة مكتوبة بالتفصيل التام في تاريخ‬ ‫يوسيفس وتواريخ أخرى‪ ،‬وهلك في هذه الحادثة من اليهود في أورشليم ونواحيه ألف ألف ومائة‬ ‫ألف بالجوع والنار والسيف والصلب‪ ،‬وأسر سبعة وتسعون ألف ا وبيعوا في القاليم المختلفة‪ ،‬وهلك‬

‫جموع كثيرة في أقطار أرض اليهودية أيض ا‪ً.‬ا‬

‫) ‪(2/608‬‬

‫)المر الخامس( أن القدماء المسيحيين ما كانوا ملتفتين إلى النسخة العبرانية من العهد العتيق بل‬ ‫جمهورهم كانوا يعتقدون تحريفها وكانت الترجمة اليونانية معتبرة عندهم سيما إلى آخر القرن الثاني‬ ‫من القرون المسيحية فإنه لم يلتفت أحد منهم إلى النسخة العبرانية‪ ،‬وكانت هذه الترجمة مستعملة‬ ‫في جميع معابد اليهود أيضا إلى آخر القرن الول فكانت نسخ العبرانية لهذا الوجه أيضا قليلة‪،‬‬ ‫ومع كونها قليلة كانت عند اليهود كما ظهر لك في الهداية الثالثة من جواب المغالطة الولى‪ً.‬ا‬

‫)المر السادس( إن اليهود أعدموا نسخ ا كتبت في المائة السابعة والثامنة لنها كانت تخالف‬

‫مخالفة كثيرة للنسخ التي كانت معتمدة عندهم‪ ،‬ولذلك ما وصلت إلى مصححي العهد العتيق‬ ‫النسخة المكتوبة في هاتين المائتين فبعد ما أعدموا بقيت النسخ التي كانوا يرضون بها فكان لهم‬

‫مجال واسع للتحريف كما عرفت في القول العشرين من الهداية المذكورة‪ً.‬ا‬ ‫)المر السابع( كان في المسيحيين أيض ا في الطبقات الول أمر موجب لقلة النسخ وإمكان‬

‫تحريف المحرفين‪ ،‬لن تواريخهم تشهد بأنهم إلى ثلثمائة سنة كانوا مبتلين بأنواع المحن والبليا‬

‫ووقع عليهم عشر قتلت عظيمة )الول( في عهد السلطان نيرون في سنة ‪ 64‬واستشهد فيه‬ ‫بطرس‬

‫) ‪(2/609‬‬

‫الحواري وزوجته‪ ،‬وقتل بولس أيضاا‪ ،‬وكان هذا القتل في دار السلطنة وإيالته‪ ،‬وبقي الحال هكذا‬ ‫إلى حياة هذا السلطان وكان القرار بالمسيحية يدـمعدد جرما عظيما في حق المسيحيين )والثاني( في‬ ‫عهد السلطان دومشيان وكان هذا السلطان مثل نيرون عدوا للملة المسيحية فأمر بالقتل فظهر‬


‫القتل العام الذي حصل منه خوف استئصال هذه الملة وأجلى يوحنا الحواري وقتل فليوبس‬ ‫كليمنس )والثالث( في عهد السلطان ترجان وكان ابتداؤه سنة ‪ 101‬وبقي‬

‫) ‪(2/610‬‬

‫الحال هكذا إلى ثماني عشرة سنة‪ ،‬وقتل فيه إكناسش أسقف كورنتيه‪ ،‬وكليمنت أسقف الروم‪،‬‬ ‫وشمعون أسقف أورشليم )والرابع( في عهد السلطان مرقس أنتونيس وكان ابتداؤه سنة ‪ 161‬وبقي‬ ‫الحال هكذا إلى أزيد من عشر سنين‪ ،‬وبلغ القتل شرقا وغربا وكان هذا السلطان فلسفيا مشهورا‬ ‫متعصب ا في الوثنية )والخامس( في عهد السلطان سويرس وكان ابتداؤه سنة ‪202‬‬

‫) ‪(2/611‬‬

‫وقتل ألوف في مصر وكذا في ديار فرانس وكارتهيج‪ ،‬وكان القتل في غاية الشدة بحيث ظن‬ ‫المسيحيون أن هذا الزمان زمان الدجال )والسادس( في عهد السلطان مكسيمن وكان ابتداؤه سنة‬ ‫‪ 237‬وصدر أمره وقتل فيه أكثر العلماء لنه ظن أنه إذا قتل أهل العلم جعل العوام مطيعين في‬ ‫غاية السهولة‪ ،‬وقتل فيه البابا بونتيانوس والبابا انتيروس )والسابع( في عهد السلطان دي شس سنة‬ ‫‪ 253‬وأراد هذا السلطان استئصال الملة المسيحية‪ ،‬فصدر أوامره إلى حكام اليالت وارتد‬

‫) ‪(2/612‬‬

‫في هذه الحادثة بعض المسيحيين‪ ،‬وكان مصر وأفريكا وإتالي والمشرق مواضع تفرج ظلمه‬ ‫)والثامن( في عهد السلطان ولريان سنة ‪ 257‬وقتل فيه ألوف‪ ،‬ثم صدر أمره في غاية الشدة بأن‬ ‫يقتل الساقفة وخدام الدين‪ ،‬ويذل العزة وتؤخذ أموالهم‪ ،‬فلو بقوا بعد هذا أيضا مسيحيين يقتلون‪،‬‬ ‫وتسلب أموال النساء الشرائف ويجلين من الوطان‪ ،‬ويؤخذ المسيحيون الباقون عبيدا ويحبسون‬ ‫ويلقى في أرجلهم سلسل ويستعملون في أمور الدولة )التاسع( في عهد السلطان أريلين وكان‬

‫ابتداؤه سنة ‪ 274‬وصدر أمره لكن ما قتل فيه كثير لن السلطان قد قتل )والعاشر( في سنة ‪302‬‬


‫وامتلت الرض شرقا وغربا في هذا القتل وأحرقت بلدة فريجيا كلها دفعة واحدة بحيث لم يبق‬ ‫فيها أحد من المسيحيين‪ً.‬ا‬

‫) ‪(2/613‬‬

‫فهذه الوقائع لو كانت صادقة كما يدعون ل يتصور فيها كثرة النسخ ول محافظة الكتب كما ينبغي‬ ‫ول تصحيحها ول تحقيقها‪ ،‬ويكون للمحرفين في أمثال هذه الوقات مجال كثير للتحريف‪ ،‬وقد‬ ‫عرفت في جواب المغالطة الولى أن الفرق الكثيرة المبتدعة من المسيحيين قد كانوا في القرن‬ ‫الول وكانوا يحرفون‪ً.‬ا‬ ‫)المر الثامن( أراد يوكليشين أن يمحو وجود الكتب المقدسة لهم عن صفحة العالم واجتهد في‬ ‫هذا الباب وأمر في سنة ‪ 303‬بهدم الكنائس وإحراق الكتب وعدم اجتماع المسيحيين للعبادة‬ ‫فهدمت الكنائس وأحرق كل كتاب حصل له بالجد التام‪ ،‬ومن أبى أو دظن أنه أخفى كتابا عدرذب‬

‫) ‪(2/614‬‬

‫عذاب ا شديدا وامتنعوا عن الجتماع للعبادة كما هو مصرح به في تواريخهم‪ً.‬ا‬

‫وقال لردن في الصفحة ‪ 522‬من المجلد السابع من تفسيره‪" :‬صدر أمر يوكليشين في شهر مارج‬ ‫من السنة التاسعة عشرة من جلوسه أن يهدم الكنائس ويحرق الكتب المقدسة" ثم قال‪" :‬يقول‬ ‫يوسى بيس بالحزن التام إنه رأى بعينيه أن الكنائس هدمت والكتب المقدسة أحرقت في السواق"‬ ‫ول أقول إن النسخ كلها بإعدامه انعدمت عن صفحة العالم‪ ،‬لكن ل شك أنها قلت جدا وضاعت‬ ‫من النسخ الغير المحصورة النفيسة الصحيحة‪ ،‬لن كثرة المسيحيين وكثرة كتبهم كما كانت في‬

‫مملكته ودياره ما كانت بمنزلة عشرها في غيرها‪ ،‬وانفتح باب التحريف ول عجب أن انعدم بعض‬ ‫الكتب رأس ا أيضاا‪ ،‬ويكون الموجود باسمه بعده جعلي ا مختلقاا‪ ،‬لن هذا المر قبل إيجاد صنعة‬

‫الطبع كان أمرا ممكن ا كما علمت في القول العشرين من الهداية الثالثة من جواب المغالطة الولى‬ ‫أن النسخ المخالفة لنسخة اليهود‬

‫) ‪(2/615‬‬


‫انعدمت رأس ا بإعدامهم بعد المائة الثامنة‪ ،‬وقال آدم كلرك في مقدمة تفسيره‪" :‬إن أصل التفسير‬

‫المنسوب إلى تي شن انعدم‪ ،‬والمنسوب إليه الن مشكوك عند العلماء وشكهم حق" وقال واتسن‬

‫في المجلد الثالث من كتابه‪" :‬كان التفسير المنسوب إلى تي شن موجودا في عهد تهيودورت‪،‬‬ ‫وكان يقرأ في كل كنيسة‪ ،‬لكن تهيودورت أعدم جميع نسخه ليقيم النجيل مقامه" انظروا كيف‬

‫انعدم هذا التفسير عن صفحة العالم بإعدام تهيودورت وكيف اخترع واختلق المسيحيون بدله‪ ،‬ول‬ ‫شك أن اقتدار ديوكليشين الذي ملك ملوك الفرنج أزيد من اقتدار اليهود‪ ،‬وكذا زمان إعدامه كان‬ ‫أقرب من زمان إعدامهم‪ ،‬وكذا اقتداره أزيد من اقتدار تهيودورت‪ ،‬فل استبعاد أن ينعدم بعض كتب‬ ‫العهد الجديد بحادثة ديوكليشين والحوادث التي ظهرت في عهد السلطين المذكورين الذين كانوا‬ ‫ملوك الملوك في عهدهم‪ ،‬ثم يكون الموجود باسمه مختلقا كما سمعت في تفسير تي شن‪،‬‬

‫والهتمام إلى‬

‫اختلق بعض كتب العهد الجديد كان أهم عندهم من اختلق التفسير المذكور‪ ،‬وكانت المقولة‬ ‫المقبولة عندهم التي مر ذكرها في القول السادس من الهداية الثالثة من جواب المغالطة الولى‬ ‫حاكمة باستحسان هذا الختلق واستحبابه‪ ،‬ولجل الحوادث المذكورة في هذه المور الثمانية‬ ‫المسطورة فقدت السانيد المتصلة بكتبهم ول يوجد عندهم سند متصل لكتاب من كتب العهد‬ ‫العتيق والجديد ل عند اليهود ول عند المسيحيين‪ ،‬كما عرفت نبذا منه‪ ،‬وطلبنا مرارا من القسيسين‬

‫العظام السند المتصل فما قدروا عليه واعتذر بعض القسيسين‬

‫) ‪(2/616‬‬

‫في محفل المناظرة التي كانت بيني وبينهم‪ ،‬فقال إن سبب فقدان السناد عندنا وقوع المصائب‬ ‫والفتن على المسيحيين إلى مدة ثلثمائة وثلث عشرة سنة‪ ،‬ونحن تصفحنا كتب السناد لهم فما‬ ‫رأينا فيها غير الظن والتخمين‪ ،‬وبهذا القدر ل يثبت السند‪ً.‬ا‬ ‫)المغالطة الخامسة( إن بعض نسخ الكتب المقدسة التي كتبت قبل زمان محمد صلى ال عليه‬ ‫وسلم موجودة إلى الن عند المسيحيين وهذه النسخ موافقة لنسخنا أقول‪ :‬أولا إن في هذه‬

‫المغالطة دعوتين الولى أن هذه النسخ الموجودة كتبت قبل محمد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬والثانية‬ ‫أنها موافقة لنسخنا وكلتاهما غير صحيحتين‪ً.‬ا‬


‫أما الولى فلنك قد عرفت في القول العشرين من الهداية الثالثة من جواب المغالطة الولى أنه لم‬ ‫يصل إلى مصححي العهد العتيق نسخة عبرانية كتبت في المائة السابعة والثامنة‪ ،‬بل لم تصل إليهم‬ ‫نسخة عبرانية كاملة تكون مكتوبة قبل المائة العاشرة‪ ،‬لن النسخة القديمة التي حصلت لكني كات‬ ‫هي نسخة تسمى بكودكس لديانوس وقال إنها كتبت في المائة العاشرة‪ ،‬وقال موشيودي روسي‬ ‫إنها كتبت في المائة الحادية عشرة‪ ،‬ولما طبع واندرهوت النسخة العبرانية بادعاء التصحيح الكامل‬ ‫خالف هذه النسخة في أربعة عشر ألف موضع‪ ،‬منها أزيد من ألفي موضع في التوراة فقط فانظر‬ ‫إلى كثرة غلطها‪،‬‬

‫) ‪(2/617‬‬

‫وأما نسخ الترجمة اليونانية فثلث منها قديمة عندهم جدا الولى كودكس اسكندر يانوس‪ ،‬والثانية‬ ‫كودكس واطيكانوس‪ ،‬والثالثة كودكس أفريمي والولى موجودة في لندن‪ ،‬وكانت هذه النسخة عند‬ ‫المصححين في المرتبة الولى من النسخ معلمة بعلمة الول‪ ،‬والثانية موجودة في بلدة روما من‬ ‫إقليم إطالية‪ ،‬وكانت عند المصححين في المرتبة الثانية ومعلمة بعلمة الثاني‪ ،‬والثالثة موجودة في‬ ‫بلدة بارس‪ ،‬وفيها كتب العهد الجديد فقط‪ ،‬وليس‬

‫) ‪(2/618‬‬

‫فيها كتاب من كتب العهد العتيق‪ ،‬ول بد من بيان حال هذه النسخ الثلث فأقول‪ :‬قال هورن في‬ ‫المجلد الثاني من تفسيره في بيان كودكس اسكندر يانوس‪" :‬هذه النسخة في أربعة مجلدات‪ ،‬ففي‬ ‫المجلدات الثلثة الولى الكتب الصادقة والكاذبة من كتب العهد العتيق‪ ،‬ويوجد في المجلد الرابع‬ ‫العهد الجديد‪ ،‬والرسالة الولى لكليمنت إلى أهل قورنثيوس والزبور الكاذب المنسوب إلى سليمان‬ ‫عليه السلم" ثم قال‪" :‬وتوجد قبل الزبور رسالة انهاني سيش‪ ،‬وبعده فهرست ما يقرأ في صلة كل‬ ‫ساعة ساعة من الليل والنهار‪ ،‬وأربعة عشرة زبورا إيماني ا الحادي عشر منها في نعت مريم رضي ال‬

‫عنها‪ ،‬وبعضها كاذبة وبعضها‬

‫مأخوذة من النجيل‪ ،‬ودلئل يوسي بيس مكتوبة على الزبورات وقوانينه على الناجيل‪ ،‬وبالغ البعض‬ ‫في مدح هذه النسخة والبعض الخرون في ذمها‪ ،‬ورئيس أعدائها وتستين وفي قدامتها كلم فظن‬


‫كريب وشلز هكذا‪ :‬لعل هذه النسخة كتبت في آخر المائة الرابعة‪ ،‬وقال ميكايلس هو محدد‬ ‫قدامتها‪ ،‬ول يمكن أن يفرض أقدم منه‪ ،‬لن رسالة انهاني سيش توجد فيها‪ ،‬وفهم أودن‬

‫) ‪(2/619‬‬

‫أنها كتبت في القرن العاشر‪ ،‬وقال وتستين إنها كتبت في القرن الخامس وظن هكذا لعل هذه‬ ‫نسخة من النسخ التي جمعت في اسكندرية سنة ‪ 615‬لجل الترجمة السريانية‪ ،‬وفهم داكتر سملر‬ ‫أنها كتبت في القرن السابع‪ ،‬وقال مونت فاكن ل يمكن أن يقال جزما في حق نسخة من نسخ‬

‫اسكندر يانوس كانت أو غيرها إنها كتبت قبل القرن السادس‪ ،‬وقال ميكايلس إنها كتبت في زمان‬

‫صار لسان أهل مصر فيه لسان ا عربياا‪ ،‬يعني بعد مائة أو مائتين من تسلط المسلمين على اسكندرية‪،‬‬

‫لن كاتبه بردل في كثير من المواضع الميم من الباء وبالعكس‪ ،‬كما تبدل في اللسان العربي فاستدل‬ ‫بهذا أنها ل يمكن أن تكون مكتوبة قبل القرن الثامن‪ ،‬وفهم وايد أنها كتبت في وسط القرن الرابع‬

‫أو في آخره‪ ،‬ول يمكن أن يكون أقدم من هذا لنها ل توجد فيها البواب والفصول‪ ،‬ويوجد فيها‬ ‫س‪ ،‬واعتراض إسباين على دلئل وايد‪ ،‬وأدلة كونها مكتوبة في القرن الرابع‬ ‫نقل قانون يوسي بمـيم ي‬

‫والخامس هذا الول ل يوجد التقسيم بالبواب في رسائل بولس وقد كان هذا التقسيم في سنة‬

‫‪ ، 396‬والثاني يوجد فيها رسائل كليمنت التي منع قراءتها محفل لوديسيا وكارتهيج‪ ،‬فاستدل شلز‬ ‫بهذا أن هذه النسخة كتبت قبل سنة ‪ ،364‬والثالث استدل شلز بدليل جديد آخر وهو أنه يوجد‬ ‫في الزبور الرابع عشر اليماني فقرة كانت توجد سنة ‪ 444‬وسنة ‪ ،446‬فهذه‬

‫) ‪(2/620‬‬

‫النسخة كتبت قبل هذه السنين‪ ،‬وظن وتستين أنها كتبت قبل زمان‬ ‫جيروم لنه ب لدل فيها المتن اليوناني بترجمة إتالك القديم‪ ،‬وكاتبه ل يعلم أنهم كانوا يقولون للعرب‬ ‫هكارين لنه كتب أكوراو بدل أكاراو‪ ،‬وأجابه الخرون بأن هذا غلط كاتب فقط لنه جاء لفظ‬ ‫أكاراوون في الية الخيرة‪ ،‬وقال ميكايلس ل يثبت بهذه الدلئل شيء لن هذه النسخة منقولة عن‬ ‫نسخة أخرى بالضرورة فعلى تقدير كونها منقولة بالهتمام تتعلق هذه الدلئل بالنسخة التي هي‬ ‫منقولة عنها ل بهذه النسخة‪ ،‬نعم يمكن تصفية المر شيئ ا بالخط وأشكال الحروف وعدم‬


‫العراب‪ ،‬ودليل عدم كونها مكتوبة في القرن الرابع هذا ظن داكتر نسيملر أن رسالة اتهاني سيش في‬ ‫ل‪ ،‬فاستدل أيوندن بهذا أنها كتبت في القرن‬ ‫حسن الزبورات يوجد فيها وإدخالها في حياته كان محا ا‬ ‫العاشر‪ ،‬لن هذه الرسالة كاذبة ول يمكن جعلها في حياته‪ ،‬وكان الجعل في القرن العاشر في غاية‬ ‫القوة"‪ ،‬ثم قال هورن في المجلد المذكور في بيان كودكس واطيكانوس‪" :‬كتب في مقدمة الترجمة‬ ‫اليونانية التي طبعت في سنة ‪ :1590‬دكنتبت هذه النسخة قبل سنة ‪ 388‬يعني في القرن الرابع‬

‫وقال موت فاكن وبلين جيني‪ :‬كتبت في القرن الخامس أو السادس‪ ،‬وقال ديوين في القرن السابع‪،‬‬

‫وقال هك في ابتداء القرن الرابع‪،‬‬ ‫وقال مارش في آخر القرن الخامس ول يوجد الختلف بين نسختين من نسخ العهد العتيق‬ ‫والجديد‬

‫) ‪(2/621‬‬

‫مثل الختلف الذي يوجد بين كودكس اسكندر يانوس وهذه النسخة"‪ ،‬ثم قال‪" :‬استدل كني كات‬ ‫بأن هذه النسخة وكذا نسخة اسكندر يانوس ليستا بمنقولتين عن نسخة أرجن ول عن نقولها التي‬ ‫كانت نقلت في قرب زمانه‪ ،‬بل هما منقولتان عن النسخ التي ما كانت علمات أرجن فيها يعني في‬ ‫زمان تركت علماته في النقول" ثم قال في المجلد المذكور في بيان كودكس افريمي‪" :‬ظن نوتميستين‬

‫أن هذه النسخة من النسخ التي جمعت في اسكندرية لتصحيح الترجمة السريانية لكن ل دليل على‬

‫هذا المر‪ ،‬واستدل بالحاشية التي على الية السابعة من الباب الثامن من الرسالة العبرانية أن هذه‬ ‫النسخة كتبت قبل سنة ‪ ،542‬لكن ميكايلس ل يفهم استدلله قويا ويقول بهذا القدر فقط أنها‬ ‫قديمة‪ ،‬وقال مارش‪ :‬كتبت في القرن السابع" انتهى‪ً.‬ا‬

‫فظهر لك أنه لم يوجد دليل قطعي على أن هذه النسخ كتبت في القرن الفلني وليس مكتوب ا في‬

‫آخر كتاب من كتبها أيض ا أن كاتبه فرغ في السنة الفلنية كما يكون هذا مكتوب ا في آخر الكتب‬

‫السلمية غالباا‪ ،‬وعلماؤهم يقولون رجما بالغيب بالظن الذي نشأ لهم عن بعض القرائن لعلها كتبت‬

‫في قرن كذا أو قرن كذا‪ ،‬ومجرد الظن والتخمين ل يتم دليلا على المخالف‪ ،‬وقد عرفت أن أدلة‬ ‫القائلين بأن نسخة اسكندر يانوس كتبت في القرن الرابع أو الخامس ضعيفةغ منقوضة‪ ،‬وظدن نسيملر‬ ‫أيض ا بعي غد لن تغير لسان إقليم بلسان إقليم آخر في مدة قليلة خلف العادة‪ ،‬وقد تسلط العرب‬

‫على‬


‫) ‪(2/622‬‬

‫السكندرية في القرن السابع من القرون المسيحية لنهم تسلطوا في السنة العشرين من الهجرة‬ ‫على الصح‪ ،‬إل أن يكون مراده آخر هذا القرن‪ ،‬ودليل ميكايلس سالم عن العتراض‪ ،‬فل بد أن‬ ‫يسلم‪ ،‬فهذه النسخة ل يمكن أن تكون مكتوبة قبل القرن الثامن‪ ،‬والغلب كما قال أودن أنها‬ ‫كتبت في القرن العاشر الذي كان بحدر التحريف فيه مرواجاا‪ ،‬ويؤيده أن هذه النسخة تشتمل على‬

‫الكتب الكاذبة أيضاا‪ ،‬فالظاهر أن كاتبها كان في زمان كان فيه تمييز الكاذب عن الصادق متعسراا‪،‬‬ ‫وهذا كان على وجه الكمال في القرن العاشر‪ ،‬وأن بقاء القرطاس والحروف إلى ألف وأربعمائة سنة‬ ‫أو أزيد مستبعد عادة سيما إذا لحظنا أن طريقة المحافظة‪ ،‬وكذا طريقة الكتابة في الطبقات الول‬ ‫ما كانتا‬

‫) ‪(2/623‬‬

‫جيدتين‪ ،‬ورد ميكايلس استدلل وتستين في حق كودكس افريمي‪ ،‬وعرفت قول مونت فاكن وكني‬ ‫كات أيضاا‪ ،‬وعرفت قول ديوين في حق كودكس واطيكانوس‪ ،‬وقول مارش في حق كودكس افريمي‬

‫أنهما كتبتا في القرن السابع‪ ،‬فظهر أن الدعوى الولى ليست بثابتة لن ظهور محمد صلى ال عليه‬ ‫وسلم على آخر القرن السادس من القرون المسيحية‪ ،‬وإذا ثبت أن كودكس اسكندر يانوس تشتمل‬

‫على‬ ‫كتب كاذبة أيضاا‪ ،‬وأن البعض ذرمها ذما بليغا وأن وتستين رئيس أعدائه الرذارمين‪ ،‬ول يوجد‬

‫الختلف بين نسختين من نسخ العهد العتيق والجديد مثل الختلف الذي يوجد بين كودكس‬

‫واطيكانوس ‪ -‬ظهر أن الدعوى الثانية أيض ا ليست بصحيحة‪ ،‬وأقول ثانياا‪ :‬لو قطعنا النظر عما قلنا‬ ‫وفرضنا أن هذه النسخ الثلث كتبت قبل محمد صلى ال عليه وسلم فل يضرنا لنا ل ندعي أن‬

‫الكتب المقدسة لهم كانت غير محرفة إلى زمان ظهور محمد صلى ال عليه وسلم وبعد ذلك‬ ‫حرفت‪ ،‬بل ندعي أن هذه الكتب كانت قبل ظهور محمد صلى ال عليه وسلم لكنها بل إسناد‬ ‫متصل وأن التحريف كان فيها قبله يقين ا ووقع في بعض المواضع بعده أيضاا‪ ،‬فل ينافي هذه‬


‫الدعوى وجود النسخ الكثيرة فضلا عن ثلث نسخ‪ ،‬بل لو وجدت ألف نسخة مثل اسكندر يانوس‬

‫ل يضرنا بل كان نافعا لنا باعتبار أن اشتمال هذه النسخ على الكتب الجعلية‬

‫) ‪(2/624‬‬

‫يقين ا واختلفها بينها اختلف ا شديدا كما في كودكس اسكندر يانوس وكودكس واطيكانوس من أعظم‬ ‫الدلة الدالة على تحريف أسلفهم‪ ،‬ول يلزم من المقمدامة الصحة أل ترى إلى بعض الكتب الكاذبة‬

‫المندرجة في اسكندر يانوس‪ً.‬ا‬

‫]اللحاق‪ :‬في الرسالة الثانية من كتاب الثلث عشرة رسالة المطبوع سنة ‪ 1849‬م في بيروت‬ ‫‪-‬وأرلفه إسحاق بردكان‪ -‬في الصفحة ‪" :95‬ثم تتذكرون قول ايرونيموس كأنه قال‪ :‬أنا الذي ليس‬

‫يتبع غير بطرس أرتفق مشتركا مع طوباويتك‪ ،‬والحال أرنه قال ليس يتبع غير المسيح كما ترون ذلك‬ ‫في الرسالة اللتينية‪ ،‬فهذا تحريف عظيم ولكن ل نظرن أرنه منكم بل من سلفائكم الذين أرادوا‬

‫إضللكم" انتهى كلمه بلفظه‪ً.‬ا‬

‫ولعمري إرنه صادق فيما قال راردا على الكاثوليك‪) :‬إرن هذا التحريف من أسلفكم( ؛ لرن مثل هذا‬ ‫التحريف من أسلف اليهود والنصارى وقع كثيرا‪ً.‬ا‬ ‫وقال صاحب الرسالة الحدى عشرية‪" :‬إرن في النجيل الموجود في اللغة اللتينية يذكر على أرن‬

‫المسيح رسم اثنين وسبعين تلميذاا‪ ،‬وأرما النجيل الموجود في اللغة اليونانية يذكر بأرن المسيح رسم‬

‫سبعين" انتهى كلمه بلفظه‪ً.‬ا‬

‫فعند البروتستانت إقرار تحريف الرول‪ ،‬وعند الكاثوليك إقرار تحريف الثاني لزم البرتة[ ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(2/625‬‬

‫الباب الثالث‪ :‬في إثبات النسخ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/641‬‬


‫الن يسخ في اللغة الزالة‪ ،‬وفي اصطلح أهل السلم بيان مدة انتهاء الحكم العملي الجامع للشروط‬ ‫لن النسخ ل يطرأ عندنا على القصص ول على المور القطعية العقلية مثل أن صانع العالم موجود‪،‬‬ ‫ول على المور الحسية مثل ضوء النهار وظلمة الليل‪ ،‬ول على الدعية‪ ،‬ول على الحكام التي‬ ‫تكون واجبة نظرا إلى ذاتها مثل آمنوا ول تشركوا‪ ،‬ول على الحكام المؤلبدة مثل }ول تقبلوا لهم‬

‫شهادة أبداا{ً ول على الحكام المؤقتة قبل وقتها المعين مثل }فاعفوا واصفحوا حتى يأتي ال‬ ‫بأمره{ً ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/643‬‬

‫بل يطرأ على الحكام التي تكون عملية محتملة للوجود والعدم غير مؤبدة وغير مؤقتة‪ ،‬وتسمى‬ ‫الحكام المطلقة‪ ،‬ويشترط فيها أن ل يكون الوقت والمكلف والوجه متحدة‪ ،‬بل ل بد من‬ ‫الختلف في الكل أو البعض من هذه الثلثة‪ ،‬وليس معنى النسخ المصطلح أن ال أمر أو نهى‬ ‫أولا وما كان يعلم عاقبته ثم بدا له رأغي فنسخ الحكم الول ليلزم الجهل‪ ،‬أو أمر أو نهى ثم نسخ‬ ‫مع التحاد في المور المسطورة ليلزم الشناعة عقلا‪ً.‬ا‬ ‫وإن قلنا إنه كان عالما بالعاقبة فإن هذا النسخ ل يجوز عندنا‪ ،‬تعالى ال عن ذلك عددلوا كبيراا‪ ،‬بل‬

‫معناه أن ال كان يعلم أن هذا الحكم يكون باقيا على المكلفين إلى الوقت الفلني ثم دينسدخ فلما‬

‫جاء الوقت أرسل حكم ا آخر ظهر منه الزيادة والنقصان أو الرفع مطلقاا‪ ،‬ففي الحقيقة هذا بيان‬ ‫انتهاء الحكم الول‪ ،‬لكن لما لم يكن الوقت مذكورا في الحكم الول فعند ورود الثاني يتخيل‬

‫لقصور علمنا في الظاهر أنه تغير‪ ،‬ونظيره بل تشبيه أن تأمر خادمك الذي تعلم حاله لخدمة من‬

‫ل‪ ،‬وبعد السنة يكون على خدمة‬ ‫الخدمات ويكون في نيتك أنه يكون على هذه الخدمة إلى سنة مث ا‬

‫أخرى لكن ما أظهرت عزمك ونيتك عليه‪ ،‬فإذا مضت المدة وعينته على خدمة أخرى فهذا بحسب‬ ‫الظاهر عند الخادم‪ ،‬وكذا عند غيره الذي ما أخبرته عن نيتك تغييره وأما في الحقيقة وعندك فليس‬

‫بتغيير‪ ،‬ول استحالة في هذا المعنى ل بالنسبة إلى ذات ال ول إلى صفاته‪ ،‬فكما‬

‫) ‪(3/644‬‬


‫أن في تبديل المواسم مثل الربيع والصيف والخريف والشتاء‪ ،‬وكذا في تبديل الليل والنهار وتبديل‬ ‫حالت الناس مثل الفقر والغنى والصحة والمرض وغيرها نحمكماا‪ ،‬ومصالح ل تعالى سواء ظهرت لنا‬

‫أو لم تظهر فكذلك في نسخ الحكام حكم ومصالح له نظرا إلى حال المكلفين والزمان والمكان‪،‬‬ ‫أل ترى أن الطبيب الحاذق يبدل الدوية والغذية بملحظة حالت المريض وغيرها على حسب‬ ‫المصلحة التي يراها‪ ،‬ول يحمل أحد فعله على العبث والسفاهة والجهل‪ ،‬فكيف يظن عاقل هذه‬ ‫المور في الحكيم المطلق العالم بالشياء بالعلم القديم الزلي البدي‪ ،‬وإذا علمت هذا فأقول‬ ‫ليست قصة من القصص المندرجة في العهد العتيق والجديد منسوخة عندنا‪ً.‬ا‬ ‫نعم بعضها كاذب مثل أن لوط ا عليه السلم زنى بابنتيه وحملتا بالزنا من الب كما هو مصرح به في‬ ‫الباب التاسع عشر من سفر التكوين‪ ،‬أو أن يهود بن يعقوب عليه السلم زنى بثامار زوجة ابنه‬

‫وحملت بالزنا منه وولدت توأمين فارض وزارح كما هو مصرح به في الباب الثامن والثلثين من‬ ‫السفر المذكور‪ ،‬وداود وسليمان وعيسى عليهم السلم كلهم من أولد فارض المذكور كما هو‬ ‫مصرح به في الباب الول من إنجيل متى‪ً.،‬ا‬

‫) ‪(3/645‬‬

‫أو أن داود عليه السلم زنى بامرأة أوريا‪ ،‬وحملت بالزنا منه فأهلك زوجها بالمكر وأخذها زوجة له‬ ‫كما هو مصرح به في الباب الحادي عشر من سفر صموئيل الثاني‪ ،‬أو أن سليمان عليه السلم‬ ‫ارتد في آخر عمره وكان يعبد الصنام بعد الرتداد وبنى المعابد لها كما هو مصرح به في الباب‬ ‫الحادي عشر من سفر الملوك الول‪ ،‬أو أن هارون عليه السلم بنى معبدا للعجل وعبده‪ ،‬وأمر بني‬ ‫إسرائيل بعبادته كما هو مصرح به في الباب الثاني والثلثين من سفر الخروج‪ ،‬فنقول‪ :‬إن هذه‬

‫القصص وأمثالها كاذبة باطلة عندنا ول نقول إنها منسوخة والمور القطعية العقلية والحسية‬ ‫والحكام الواجبة والحكام المؤبدة والحكام الوقتية قبل أوقاتها والحكام المطلقة التي يفرض‬ ‫فيها الوقت والمكلف والوجه متحدة ل تكون هذه الشياء كلها منسوخة ليلزم الشناعة‪ ،‬وكذا ل‬ ‫تكون الدعية منسوخة فل يكون الزبور الذي هو أدعية منسوخا بالمعنى المصطلح عندنا‪ ،‬ول نقول‬

‫ب ميزان‬ ‫قطع ا إنه ناسخ للتوراة ومنسوخ من النجيل كما افترى هذا المر على أهل السلم صاح د‬

‫الحق وقال إن هذا مصرح به في القرآن والتفاسير‪ ،‬وإنما منعنا عن استعمال الزبور والكتب الخرى‬


‫من العهد العتيق والجديد لنها مشكوكة يقينا بسبب عدم أسانيدها المتصلة وثبوت وقوع التحريف‬ ‫اللفظي فيها بجميع أقسامه كما عرفت في الباب الثاني‪ً.،‬ا‬

‫) ‪(3/646‬‬

‫ويجوز‬ ‫النسخ في غير المذكورات من الحكام المطلقة الصالحة للنسخ فنعترف بأن بعض أحكام التوراة‬ ‫والنجيل من الحكام التي هي من جنس الصالحة للنسخ منسوخة في الشريعة المحمدية ول نقول‬ ‫إن كل حكم من أحكامهما منسوخة‪ ،‬كيف وإن بعض أحكام التوراة لم تنسخ يقين ا مثل‪ :‬حرمة‬

‫اليمين الكاذبة والقتل والزنا واللواطة والسرقة وشهادة الزور والخيانة في مال الجار وعرضه ووجوب‬

‫إكرام البوين‪ ،‬وحرمة نكاح الباء والبناء والمهات والبنات والعمام والعمات والخوال‬ ‫والخالت‪ ،‬وجمع الختين وغيرها من الحكام الكثيرة وكذا بعض أحكام النجيل لم تنسخ يقيناا‪،‬‬ ‫مثلا وقع في الباب الثاني عشر من إنجيل مرقس هكذا‪" 29 :‬فقال له عيسى وهو يحاوره‪ :‬إن أول‬ ‫الحكام قوله اسمع يا إسرائيل فإن الرب إلهنا رب واحد" ‪ " 30‬وأن تحب الرب إلهك بقلبك كله‬

‫وروحك كله وإدراكك كله وقواك كلها هذا هو الحكم الول" ‪" 31‬والثاني مثله وهو أن تحب‬ ‫جارك كنفسك وليس حكم آخر أكبر من هذين" فهذان الحكمان باقيان في شريعتنا على أوكد‬ ‫وجه‪ ،‬وليسا بمنسوخين والنسخ ليس بمختص بشريعتنا بل وجد في الشرائع السابقة أيض ا بالكثرة‬

‫بكل قسميه أعني النسخ الذي يكون في شريعة نبي لحق لحكم كان في شريعة نبي سابق‪ ،‬والنسخ‬ ‫الذي يكون في شريعة نبي لحكم آخر من شريعة‬

‫) ‪(3/647‬‬

‫هذا النبي‪ ،‬وأمثلة القسمين في العهد العتيق والجديد غير محصورة لكن أكتفي ههنا ببعضها‬ ‫فأقول‪:‬‬ ‫أمثلة القسم الول هذه‬ ‫)الول( تزوجت الخوة بالخوات في عهد آدم عليه السلم‪ ،‬وسارة زوجة إبراهيم عليه السلم‬ ‫أيض ا كانت أخت ا علنية له كما يفهم من قوله في حقها المندرج في الية الثانية عشرة من الباب‬


‫العشرين من سفر التكوين ترجمة عربية سنة ‪ 1625‬وسنة ‪" 1648‬إنها أختي بالحقيقة ابنة أبي‬ ‫وليست ابنة أمي وقد تزوجت بها" والنكاح بالخت حرام مطلقا في الشريعة‬ ‫الموسوية عينية كانت الخت أو علنية أو خفية ومساوو للزنا‪ ،‬والناكح ملعون وقتل الزوجين‬ ‫واجب‪ً.،‬ا‬

‫) ‪(3/648‬‬

‫الية التاسعة من الباب الثامن عشر من سفر الخبار هكذا‪" :‬ل تكشف عورة أختك من أبيك‬ ‫كانت أو من أمك التي ولدت في البيت أو خارج ا من البيت"‪ ،‬وفي تفسير دوالي ورجردمينت في‬ ‫ذيل شرح هذه الية‪" :‬مثل هذا النكاح مساوو للزنا"‪ ،‬والية السابعة عشرة من الباب العشرين من‬ ‫السفر المذكور هكذا‪" :‬أي رجل تزوج أخته ابنة أبيه أو أخته ابنة أمه ورأى عورتها ورأت عورته فهذا‬ ‫عار شديد فيقتلن أمام شعبهما‪ ،‬وذلك لنه كشف عورة أخته فيكون إثمهما في رأسهما" والية‬ ‫الثانية والعشرون من الباب السابع والعشرين من كتاب الستثناء هكذا‪" :‬يكون ملعون ا من يضاجع‬

‫أخته من أبيه أو أمه" فلو لم يكن هذا النكاح جائزا في شريعة آدم وإبراهيم عليهما السلم يلزم أن‬ ‫يكون الناس كلهم أولد الزنا والناكحون زانين وواجبي القتل وملعونين‪ ،‬فكيف يظن هذا في حق‬

‫النبياء عليهم السلم‪ ،‬فل بد من العتراف بأنه كان جائزا في شريعتهما ثم نسخ‪ً.‬ا‬

‫)فائدة( ترجم صاحب الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪ 1811‬الية الثانية عشرة من الباب العشرين‬ ‫من سفر التكوين هكذا‪" :‬هي قريبتي من أبي ل من أمي" فالظاهر أنه حرف قصدا لئل يلزم النسخ‬ ‫بالنسبة إلى نكاح سارة لن قريبة الب تشمل بنت العم والعمة وغيرهما‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/649‬‬

‫)الثاني( قول ال في خطاب نوح وأولده في الية الثالثة من الباب التاسع من سفر التكوين هكذا‬ ‫ترجمة عربية سنة ‪ 1625‬وسنة ‪" 1648‬وكلما يتحرك على الرض وهو حي يكون لكم مأكولا‬ ‫كالبقل الخضر" فكان جميع الحيوانات حللا في شريعة نوح كالبقولت‪ ،‬وحرمت في الشريعة‬

‫الموسوية الحيوانات الكثيرة منها الخنزير أيضا كما هو مصرح به في الباب الحادي عشر من سفر‬ ‫الخبار والباب الرابع عشر من سفر الستثناء‪ً.‬ا‬


‫)فائدة( حرف هنا أيضا صاحب الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪ 1811‬وترجم الية الثالثة المذكورة‬ ‫هكذا‪" :‬كل دبيب طاهر حي يكون لكم مأكلا كخضر العشب" فزاد لفظ الطاهر من جانبه لئل‬ ‫تشمل الحيوانات المحرمة في شريعة موسى لنه قيل في حقها في التوراة أنها نجسة‪ً.‬ا‬

‫)الثالث( جمع يعقوب بين الختين ليا وراحيل ابنتي خاله كما هو مصرح به في الباب التاسع‬ ‫والعشرين من سفر التكوين‪ ،‬وهذا الجمع حرام في الشريعة الموسوية الية الثامنة عشرة من الباب‬ ‫الثامن عشر من سفر الخبار هكذا‪ :‬ول تتزروج أخت امرأتك في حياتها فتحزنها‪ ،‬ول تكشف‬

‫عورتهما جميع ا فتحزنهما" فلو لم يكن الجمع بين الختين جائزا في شريعة يعقوب يلزم أن يكون‬ ‫أولدهما أولد الزنا والعياذ بال وأكثر النبياء السرائيلية في أولدهما‪ً.‬ا‬

‫)الرابع( قد عرفت في الشاهد الول من المقصد الثالث أن يوخابذ زوجة عمران كانت عمته‪ ،‬وقد‬ ‫حرف المترجمون للترجمة العربية المطبوعة سنة ‪ 1635‬وسنة ‪ 1648‬تحريفا قصديا لخفاء العيب‬

‫فكان أبو موسى تزروج عمته‪ ،‬وهذا النكاح حرام في الشريعة الموسوية‪ ،‬الية الثانية عشرة من الباب‬ ‫الثامن عشر من سفر الخبار هكذا‪:‬‬

‫) ‪(3/650‬‬

‫"ل تكشف عورة عمتك لنها قرابة أبيك" وكذا في الية التاسعة عشرة من الباب العشرين من‬ ‫السفر المذكور‪ ،‬فلو لم يكن هذا النكاح جائزا قبل شريعة موسى لزم أن يكون موسى وهارون ومريم‬ ‫أختهما من أولد الزنا والعياذ بال‪ ،‬ولزم أن ل يدخلوا جماعة الرب إلى عشرة أحقاب كما هو‬

‫مصرح به في الية الثالثة من الباب الثالث والعشرين من سفر الستثناء‪ ،‬ولو كانوا هم قابلين‬ ‫للخراج عن جماعة الرب فمن يكون صالحا لدخولها‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/651‬‬

‫)الخامس( في الباب الحادي والثلثين من كتاب أرمياء هكذا‪" 31 :‬ها ستأتي أيام ‪ -‬يقول الرب‬ ‫ وأعاهد بيت إسرائيل وبيت يهودا عهدا جديداا" ‪" 32‬ليس مثل العهد الذي عاهدت آباءهم في‬‫اليوم الذي أخذت بأيديهم لخرجهم من أرض مصر عهدا نقضوه وأنا تسلطت عليهم بقول الرب"‬

‫والمراد من العهد الجديد الشريعة الجديدة‪ ،‬فيفهم أن هذه الشريعة الجديدة تكون ناسخة للشريعة‬


‫الموسوية‪ ،‬وادعى مق لدسهم بولس في الباب الثامن من رسالته إلى العبرانيين أن هذه الشريعة شريعة‬ ‫عيسى‪ ،‬فعلى اعترافه شريعة عيسى عليه السلم ناسخة لشريعة موسى عليه السلم‪ ،‬وهذه المثلة‬ ‫الخمسة للزام اليهود والمسيحيين جميع ا وللزام المسيحيين أمثلة أخرى‪ً.‬ا‬

‫)السادس( يجوز في الشريعة الموسوية أن يطلق الرجل امرأته بكل علة وأن يتزوج رجل آخر بتلك‬ ‫المطلقة بعد ما خرجت من بيت الول كما هو مصرح به في الباب الرابع والعشرين من كتاب‬ ‫الستثناء‪ ،‬ول يجوز الطلق في الشريعة العيسوية إل بعلة الزنا‪ ،‬هكذا ل يجوز لرجل آخر نكاح‬ ‫المطلقة‪ ،‬بل هو بمنزلة الزنا كما صرح به في الباب الخامس والتاسع عشر من إنجيل متى‪ ،‬ولما‬ ‫اعترض الفريسيون على عيسى عليه السلم في هذه المسألة قال في جوابهم إن موسى ما مجلوز لكم‬

‫طلق نسائكم إل لقساوة قلوبكم وأما من قبل فإنه لم‬

‫) ‪(3/652‬‬

‫يكن كذلك‪ ،‬وأنا أقول لكم إن كل من طلق زوجته لغير علة الزنا وتزروج بأخرى فقد زنى ومن يتزوج‬

‫بتلك المطلقة يزني" فعلم من جوابه أنه ثبت النسخ في هذا الحكم مرتين مرة في الشريعة الموسوية‬

‫ومرة في شريعته وأنه قد ينزل الحكم تارة موافقا لحال المكلفين وإن لم يكن حسنا في نفس المر‪ً.‬ا‬

‫)السابع( كان الحيوانات الكثيرة محرمة في الشريعة الموسوية ونسخت حرمتها في الشريعة‬

‫العيسوية وثبتت الباحة العامة بفتوى بولس‪ ،‬الية الرابعة عشرة من الباب الرابع عشر من رسالة‬ ‫بولس إلى أهل رومية هكذا‪" :‬فإني أعلم وأعتقد بالرب عيسى أن ل شيء نجس العين بل إن كل‬ ‫شيء نجس لمن يحسبه نجساا" والية الخامسة عشرة من الباب الول من رسالته إلى طيطوس‬ ‫هكذا‪" :‬فإن جميع الشياء طاهرة للطاهرين وليس شئ بطاهر للنجسين والمنافقين لنهم كلهم‬

‫نجسون حتى عقلهم وضميرهم"‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/653‬‬

‫وهاتان الكليتان‪ :‬إن كل شيء نجس لمن يحسبه نجساا‪ ،‬وجميع الشياء طاهرة للطاهرين عجيبتان‬ ‫في الظاهر‪ ،‬لعل بني إسرائيل لم يكونوا طاهرين فلم تحصل لهم هذه الباحة العامة‪ ،‬ولما كان‬

‫المسيحيون طاهرين حصل لهم الباحة العامة وصار كل شيء طاهرا لهم‪ ،‬وكان مقدسهم جاهدا في‬


‫إشاعة حكم الباحة العامة ولذلك كتب إلى تيموتاس في الباب الرابع من رسالته الولى ]‪" [4‬لن‬ ‫كل ما خلق ال حسن ول يجوز أن يرفض منه شيء إذا أكلناه ونحن شاكرون ]‪ [5‬لنه يتقدس‬ ‫بكلمة ال وبالتضرع ]‪ [6‬فإن ذكرت الخوة بهذا فقد صرت للمسيح خادم ا جيدا متربي ا في كلم‬ ‫اليمان والتعليم الصحيح الذي اتبعت أثره"‪ً.‬ا‬

‫)الثامن( أحكام العياد التي فصلت في الباب الثالث والعشرين من كتاب الخبار كانت واجبة‬ ‫أبدية في الشريعة الموسوية ووقعت في حقها في الية ‪ 14‬و ‪ 21‬و ‪ 31‬و ‪ 41‬من الباب المذكور‬ ‫ألفاظ تدل على كونها أبدية‪ً.‬ا‬ ‫)التاسع( كان تعظيم السبت حكم ا أبدي ا في الشريعة الموسوية‪،‬‬

‫) ‪(3/654‬‬

‫وما كان لحد أن يعمل فيه أدنى عمل‪ ،‬وكان من عمل فيه عملا ومن لم يحافظه واجبي القتل‪ ،‬وقد‬ ‫تكرر بيان هذا الحكم والتأكيد في كتب العهد العتيق في مواضع كثيرة مثلا في الية الثالثة من‬

‫الباب الثاني من سفر التكوين‪ ،‬وفي الباب العشرين من سفر الخروج من الية الثامنة إلى الحادية‬

‫عشرة‪ ،‬وفي الية الثانية عشرة من الباب الثالث والعشرين من سفر الخروج‪ ،‬وفي الية الحادية‬ ‫والعشرين من الباب الرابع والثلثين من سفر الخروج‪ ،‬وفي الية الثالثة من الباب التاسع عشر وكذا‬ ‫من الباب الثالث والعشرين من سفر الخبار‪ ،‬وفي الباب الخامس من كتاب الستثناء من الية‬ ‫الثانية عشرة إلى الخامسة عشرة‪ ،‬وفي الباب السابع عشر من كتاب أرميا‪ ،‬وفي الباب السادس‬ ‫والخمسين والثامن والخمسين من كتاب أشعياء‪ ،‬وفي الباب التاسع من كتاب نحميا‪ ،‬وفي الباب‬ ‫العشرين من كتاب حزقيال ووقع في الباب الحادي والثلثين من سفر الخروج هكذا‪" [13] :‬كرلم‬ ‫بني إسرائيل وقل لهم أن يحفظوا يومي يوم السبت من أجل أنه علمة بيني وبينكم في أجيالكم‬ ‫لتعلموا أنني أنا الرب الذي أطهركم ]‪ [14‬فاحفظوا يومي يوم السبت فإنه طهر لكم‪ ،‬ومن ل‬ ‫ل‪ ،‬من عمل فيه فتهلك تلك‬ ‫يحفظه فليقتل قت ا‬

‫) ‪(3/655‬‬


‫النفس من شعبها )‪ (15‬اعملوا عملكم ستة أيام واليوم السابع هو يوم سبت راحة طهر للرب‪ ،‬وكل‬ ‫من عمل عملا في هذا اليوم فليقتل ]‪ [16‬وليحفظ بنو إسرائيل السبت وليتخذوه عيدا بأجيالهم‬

‫ميثاق ا إلى الدهر ]‪ [17‬بيني وبين بني إسرائيل علمة إلى البد لن الرب خلق السماء والرض في‬ ‫ستة أيام وفي اليوم السابع استراح من عمله" ووقع في الباب الخامس والثلثين من سفر الخروج‬

‫هكذا‪" [2] :‬ستة أيام تعملون عملكم واليوم السابع يكون لكم مقدسا سبت وراحة الرب ممين معنمل‬ ‫فيه‬

‫عملا فليقتل ]‪ [3‬ل تشعلوا النار في جميع مساكنكم يوم السبت" ووقع في الباب الخامس عشر‬

‫من سفر العدد هكذا‪" [32] :‬ولما كان بنو إسرائيل في البرية وجدوا رجلا يلقط حطب ا يوم السبت‬

‫]‪ [33‬فأقبلوا به إلى موسى وهارون والجماعة كلها ]‪ [34‬فألقوه في السجن لنهم لم يكونوا‬

‫يعرفون ما يجب أن يفعلوا به ]‪ [35‬فقال الرب لموسى فليقتل هذا النسان ويرجمه كل الشعب‬ ‫بالحجارة خارج ا من المحلة ]‪ [36‬فأخرجوه ورجموه بالحجارة ومات كما أمر الرب‪ً.‬ا وكان اليهود‬

‫المعاصرون للمسيح عليه السلم يؤذونه ويريدون قتله لجل عدم تعظيم السبت‪ ،‬وكان هذا أيض ا‬ ‫من أدلة إنكارهم" الية السادسة عشرة من الباب الخامس من إنجيل يوحنا هكذا‪" :‬ومن أجل ذلك‬ ‫طرد اليهود عيسى وطلبوا قتله لنه كان قد فعل تلك الشياء يوم السبت" الية السادسة عشرة من‬ ‫الباب التاسع من إنجيل يوحنا هكذا‪" :‬فقال بعض الفريسين إن هذا الرجل ليس من عند ال لنه ل‬

‫يحافظ على السبت" الخ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/656‬‬

‫وإذا علمت هذا أقول‪ :‬إن مقدسهم بولس نسخ هذه الحكام التي مر ذكرها في المثال السابع‬ ‫ل‪ ،‬في الباب الثامن من رسالته إلى أهل‬ ‫والثامن والتاسع‪ ،‬وبين أن هذه الشياء كلها كانت إضل ا‬

‫قول سايس ‪" 16‬فل يدينكم أحد بالمأكول أو المشروب أو بالنظر إلى العياد أو الهلة أو‬

‫السبوت ‪ 17‬فإن هذه الشياء ظلل للمور المزمعة باليتان وأما الجسد فإنه للمسيح" في تفسير‬ ‫دوالي ورجرد مينت ذيل شرح الية السادسة عشرة هكذا‪ :‬قال بركت وداكتروت بي "كانت أي‬ ‫العياد في اليهود على ثلثة أقسام في كل سنة سنة وفي كل شهر شهر وفي كل أسبوع أسبوع‬ ‫ب هارسلي ذيل‬ ‫فنسخت هذه كلها بل يوم السبت أيض ا وأقيم سبت المسيحيين مقامه" وقال بن د‬ ‫ش ي‬


‫شرح الية المذكورة‪" :‬زال سبت كنيسة اليهود وما مشى المسيحيون في عمل سبتهم على رسوم‬ ‫طفولية الفريسين"‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/657‬‬

‫وفي تفسير هنري واسكات‪" :‬إذ نسخ عيسى شريعة الرسومات‪ ،‬ليس لحد أن يلزم القوال الجنبية‬ ‫بسبب عدم لحاظها‪ ،‬قال ياسوبر وليا‪ :‬فإنه لو كانت محافظة يوم السبت واجبة على جميع الناس‪،‬‬ ‫وعلى جميع أقوام الدنيا لما أمكن نسخها قط‪ ،‬كما نسخت الن حقيقة‪ ،‬ولكان يلزم على‬ ‫المسيحيين أن يحافظوه طبقة بعد طبقة كما فعلوا في البتداء لجل تعظيم اليهود ورضاهم" وما‬ ‫ادعى مقدسهم بولس من كون الشياء المذكورة إضللا ل يناسب عبارة التوراة لن ال بين علة‬

‫حرمة الحيوانات بأنها "نجسة فل بد أن تكونوا مقدسين لني قدوس" كما هو مصرح به في الباب‬ ‫الحادي عشر من نسيفر الخبار‪ ،‬وبرين نعلة عيد الفطير "بأني أخرج جيوشكم من أرض مصر‬ ‫فاحفظوا هذا اليوم إلى أجيالكم دسلنة إلى الدهر" كما هو مصرح به في الباب الثاني عشر من سفر‬ ‫الخروج‪ ،‬وبين علة عيد الخيام هكذا‪" :‬لتعلم أجيالكم أني أجلست بني إسرائيل في الخيام إذ‬

‫أخرجتهم من أرض مصر" كما هو مصرح به في‬ ‫الباب الثالث والعشرين من سفر الخبار‪ ،‬وبين في مواضع متعددة علة تعظيم السبت‪" :‬بأن الرب‬ ‫خلق السماء والرض في ستة أيام واستراح في اليوم السابع من عمله"‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/658‬‬

‫)العاشر( حكم الختان كان أبديا في شريعة إبراهيم عليه السلم كما هو مصرح به في الباب السابع‬ ‫عشر من سفر التكوين‪ ،‬ولذلك بقي هذا الحكم في أولد إسماعيل وإسحاق عليهما السلم‪ ،‬وبقي‬

‫في شريعة موسى عليه السلم أيضاا‪ ،‬الية الثالثة من الباب الثاني عشر من سفر الخبار هكذا‪:‬‬

‫"وفي اليوم الثامن يختن الصبي" وختن عيسى عليه السلم أيض ا كما هو مصرح به في الية الحادية‬ ‫والعشرين من الباب الثاني من إنجيل لوقا‪ ،‬وفي المسيحيين إلى هذا الحين صلة معينة يؤدونها في‬

‫يوم ختان عيسى عليه السلم تذكرة لهذا اليوم‪ ،‬وكان هذا الحكم باقيا إلى عروج عيسى عليه‬

‫السلم‪ ،‬وما نسخ بل نسخه الحواريون في عهدهم كما هو مشروح في الباب الخامس عشر من‬


‫أعمال الحواريين‪ ،‬وستعرف في المثال الثالث عشر أيضاا‪ ،‬ويشدد مقدسهم بولس في نسخ هذا‬

‫الحكم تشديدا بليغا في الباب الخامس من رسالته إلى أهل غلطية هكذا‪" :‬وها أنا بولس أقول‬ ‫لكم إنكم إن اختتنتم لن ينفعكم المسيح بشيء ‪ 3‬لني أشهد أن كل مختون ملزم بإقامة جميع‬

‫أعمال الناموس ‪ 4‬إنكم إن تزكيتم بالناموس فل فائدة لكم من المسيح وسقطتم عن نيل النعمة ‪6‬‬ ‫فإن الختانة ل منفعة لها في المسيح ول للقلفة بل‬

‫) ‪(3/659‬‬

‫اليمان الذي يعمل بالمحبة" والية الخامسة عشرة من الباب السادس من الرسالة المذكورة هكذا‪:‬‬ ‫"ل منفعة للختان في المسيح عيسى ول للقلفة بل الخلق الجديد"‪ً.‬ا‬ ‫)الحادي عشر( أحكام الذبائح كانت كثيرة وأبدية في شريعة موسى وقد نسخت كلها في الشريعة‬ ‫العيسوية‪ً.‬ا‬ ‫)الثاني عشر( الحكام الكثيرة المختصة بآل هارون من الكهانة واللباس وقت الحضور للخدمة‬ ‫وغيرها كانت أبدية وقد نسخت كلها في الشريعة العيسوية‪ً.‬ا‬ ‫)الثالث عشر( نسخ الحواريون بعد المشاورة التامة جميع الحكام العملية للتوراة إل أربعة‪ :‬ذبيحة‬ ‫الصنم‪ ،‬والدم‪ ،‬والمخنوق‪ ،‬والزنا فأبمقيوا حرمتها وأرسلوا كتابا إلى الكنائس‪ ،‬وهو منقول في الباب‬ ‫الخامس عشر من أعمال الحواريين وبعض آياته هكذا‪ " 24 :‬ثم إنا قد سمعنا أن نفرا من الذين‬ ‫خرجوا من عندنا يضطربونكم بكلمهم ويزعجون أنفسكم ويقولون إنه يجب عليكم أن تختتنوا‬

‫وتحافظوا على الناموس‪ ،‬ونحن لم نأمرهم بذلك ‪ 28‬لنه قد حسن للروح القدس ولنا أن ل‬ ‫نحملكم غير هذه الشياء الضرورية ‪ 29‬وهي أن تجتنبوا من قرابين الوثان والدم والمخنوق والزنا‬ ‫التي إن تجنبتم عنها فقد‬

‫) ‪(3/660‬‬

‫أحسنتم والسلم" وإنما أبقوا حرمة هذه الربعة لئل يتنفر اليهود الذين دخلوا في الملة المسيحية‬ ‫عن قريب‪ ،‬وكانوا يحبون أحكام التوراة ورسومها تنفرا تاماا‪ ،‬ثم لما رأى مقدسهم بولس بعد هذا‬

‫الزمان أن هذه الرعاية ليست بضرورية نسخ حرمة الثلثة الولى بفتوى الباحة العامة التي مر نقلها‬


‫في المثال السابع‪ ،‬وعليه اتفاق جمهور البروتستنت‪ ،‬فما بقي من أحكام التوراة العملية إل الزنا‬ ‫ولما لم يكن فيه حد في الشريعة العيسوية‪ ،‬فهو منسوخ من هذا الوجه أيضا فقد حصل الفراغ في‬

‫هذه الشريعة من نسخ جميع الحكام العملية التي كانت في الشريعة الموسوية أبدية كانت أو غير‬

‫أبدية‪ً.‬ا‬ ‫)الرابع عشر( في الباب الثاني من رسالة بولس إلى أهل غلطية ‪" 30‬وصلبت مع المسيح وأنا الن‬ ‫حي لكني أنا لست بحي بل إن المسيح هو الحي فلي‪ ،‬وما نلت الن من الحياة الجسمانية فهو‬

‫متعلق باليمان بابن ال الذي أحبني وجعل نفسه فدية لجلي" ‪" 21‬وأنا ل أبطل نعمة ال لنه إن‬ ‫كانت العدالة بالناموس فقد مات المسيح عبثاا" قال داكتر همند في ذيل شرح الية العشرين‪:‬‬

‫"خلصني ببذل روحه لجلي عن شريعة موسى"‪ ،‬وقال في شرح الية الحادية والعشرين‪" :‬استعمل‬

‫هذا العتق لجل ذلك ول أعتمد في النجاة على شريعة موسى ول أفهم أن أحكام موسى ضرورية‬ ‫لنه يجعل إنجيل المسيح كأنه بل فائدة"‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/661‬‬

‫وقال داكتر وت بي في ذيل شرح الية الحادية والعشرين‪" :‬ولو كان كذا فاشترى النجاة بموته ما‬ ‫كان ضروريا وما كان في موته حس رما" وقال يايل "لو كان شريعة اليهود تعصمنا وتنجينا فأية ضرورة‬ ‫كانت لموت المسيح‪ ،‬ولو كانت الشريعة جزءا لنجاتنا فل يكون موت المسيح لها كافياا" فهذه‬ ‫القوال كلها ناطقة بحصول الفراغ من شريعة موسى ونسخها‪ً.‬ا‬

‫)الخامس عشر( في الباب الثالث من الرسالة المذكورة هكذا‪" :‬جميع ذوي أعمال الشريعة ملعونون‬ ‫ل يتزكى أحغد عند ال بالناس فإن الناموس ل يتعلق باليمان وإن المسيح قد افتدانا من لعنة‬

‫الناموس لما صار لجلنا لعنة" انتهى ملخصاا‪ ،‬قال لرد في الصفحة ‪ 478‬من المجلد التاسع من‬ ‫تفسيره بعد نقل هذه اليات‪" :‬الظن أن مراد الحواري ههنا المعنى الذي يعلمه كثير يعني نسخت‬

‫الشريعة أو صارت بل فائدة بموت المسيح وصلبه" ثم قال في الصفحة ‪ 487‬من المجلد‬ ‫المذكور‪" :‬بين الحواري صراحة في هذه المواضع أن منسوخية أحكام الشريعة الرسومية نتيجة موت‬ ‫عيسى"‪ً.‬ا‬ ‫)السادس عشر( في الباب الثالث المذكور هكذا ‪" :23‬وقد حصرنا قبل إتيان اليمان بالناموس‬


‫وقيدنا في انتظار اليمان المزمع بالظهور" ‪" 24‬فكان الناموس مؤدبنا الذي يهدينا إلى المسيح‬ ‫لنتزكى باليمان" ‪" 25‬ولما جاء اليمان لم‬

‫) ‪(3/662‬‬

‫نبق تحت المؤدب" فصرح مقدسهم "أنه ل طاعة لحكام التوراة بعد اليمان بعيسى عليه السلم"‪ً.‬ا‬ ‫في تفسير دوالي ورجرد مينت قول دين استان هوب هكذا‪" :‬نسخ رسومات الشريعة بموت عيسى‬ ‫وشيوع إنجيله"‪ً.‬ا‬ ‫)السابع عشر( في الية الخامسة عشرة من الباب الثاني من رسالة بولس إلى أهل افسس هكذا‪:‬‬ ‫"وأبطل بجسده العداوة أعني ناموس أحكام السنن"‪ً.‬ا‬ ‫)الثامن عشر( الية الثانية عشرة من الباب السابع من الرسالة العبرانية هكذا‪" :‬لن الكهانة لما‬ ‫بدلت بدل الناموس أيضا بالضرورة" ففي هذه الية إثبات التلزم بين تبدل المامة وتبدل الشريعة‬ ‫فإن قال المسلمون أيض ا نظرا إلى هذا التلزم بنسخ الشريعة العيسوية فهم مصيبون في قولهم ل‬

‫مخطئون‪ ،‬في تفسير دوالي ورجرد مينت ذيل شرح هذه الية قول داكتر سيكنائت هكذا‪" :‬بدلت‬

‫الشريعة قطعا بالنسبة إلى أحكام الذبائح والطهارة وغيرها" يعني رفعت‪ً.‬ا‬

‫)التاسع عشر( الية الثامنة عشرة من الباب السابع المذكور هكذا‪" :‬لن نسخما تقدم من الحكم‬ ‫قد عرض لما فيه من الضعف وعدم الفائدة"‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/663‬‬

‫ففي هذه الية تصريح بأن نسخ أحكام التوراة لجل أنها كانت ضعيفة بل فائدة في تفسير هنري‬ ‫واسكات‪" :‬رفعت الشريعة والكهانة اللتان ل يحصل منهما التكميل‪ ،‬وقام كاهن وعفو جديد يكمل‬ ‫منهما المصدقون الصادقون"‪ً.‬ا‬ ‫)العشرون( في الباب الثامن من العبرانية‪" :‬فلو كان العهد الول غير معترض عليه لم يوجد للثاني‬ ‫موضع ‪ 13‬فبقوله عهدا جديدا صرير الول عتيقا والشيء العتيق والبالي قريب من الفناء" ففي هذا‬ ‫القول تصريح بأن أحكام التوراة كانت معيبة وقابلة للنسخ لكونها عتيقة بالية‪ ،‬في تفسير دوالي‬

‫ورجرد مينت في ذيل شرح الية الثالثة عشرة قول يايل هكذا‪" :‬هذا ظاهر جدا أن ال تعالى يريد‬


‫أن ينسخ العتيق النقص بالرسالة الجديدة الحسنى‪ ،‬فلذلك يرفع المذهب الرسومي اليهودي ويقوم‬ ‫المذهب المسيحي مقامه"‪ً.‬ا‬ ‫)الحادي والعشرون( في الية التاسعة من الباب العاشر من العبرانية "فينسخ الول حق يثبت‬ ‫الثاني" في تفسير دوالي ورجرد مينت في شرح الية الثامنة والتاسعة قول يايل هكذا‪" :‬استدل‬ ‫الحواري في هاتين اليتين وفيهما إشعار بكون ذبائح اليهود غير كافية ولذا تحمل المسيح على‬ ‫نفسه الموت ليجبر نقصانها‪ ،‬ونسخ بفعل أحدهما استعمال الخر"‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/664‬‬

‫فظهر على اللبيب من المثلة المذكورة أمور )الول( نسخ بعض الحكام في الشريعة اللحقة ليس‬ ‫بمختص بشريعتنا بل وجد في الشرائع السابقة أيضا )والثاني( أن الحكام العملية للتوراة كلها أبدية‬ ‫كانت أو غير أبدية نسخت في الشريعة العيسوية )والثالث( أن لفظ النسخ أيضا موجود في كلم‬

‫مقدسهم بالنسبة إلى التوراة وأحكامها )والرابع( أن مقدسهم أثبت الملزمة بين تبدل المامة وتبدل‬ ‫الشريعة )والخامس( أن مقدسهم يدعي أن الشيء العتيق البالي قريب من الفناء‪ ،‬فأقول لما كانت‬ ‫الشريعة العيسوية بالنسبة إلى الشريعة المحمدية عتيقة فل استبعاد في نسخها بل هو ضروري على‬ ‫وفق المر الرابع‪ ،‬وقد عرفت في المثال الثامن عشر والسادس أن مقدسهم ومفسريهم استعملوا‬

‫ألفاظ ا غير ملئمة بالنسبة إلى التوراة وأحكامها مع أنهم معترفون أنها كلم ال )السابع( أنه ل‬

‫إشكال في نسخ أحكام التوراة بالمعنى المصطلح عندنا إل في الحكام التي صرح فيها أنها أبدية‬

‫أو يجب رعايتها دائما طبقة بعد طبقة‪ ،‬لكن هذا الشكال ل يرد علينا لنا ل نسلم أولا أن هذه‬ ‫التوراة هي التوراة المنزلة أو تصنيف موسى كما علم في الباب الول‪ ،‬ول نسلم ثانيا أنها غير‬

‫مصونة عن التحريف كما عرفت مبرهن ا في الباب الثاني‪ً.،‬ا‬

‫) ‪(3/665‬‬

‫ونقول ثالثا إلزام ا بأن ال قد يظهر له بدأ وندامة عما أمر أو فعل فيرجع عنه وكذلك يعد مويعدا‬ ‫دائميا ثم يخلف وعده‪ ،‬وهذا المر الثالث أقوله إلزاما فقط لنه يفهم من كتب العهد العتيق هكذا‬

‫من مواضع كما ستعرف عن قريب‪ ،‬وإني وجميع علماء أهل السنة بريئون ومتبرؤن عن هذه العقيدة‬


‫الفاسدة‪ ،‬نعم يرد هذا الشكال عن المسيحيين الذين يعترفون بأن هذه التوراة كلم ال ومن‬ ‫تصنيف موسى ولم تحرف‪ ،‬والندامة والبدء محالن في حق ال والتأويل الذي يذكرونه في اللفاظ‬ ‫المذكورة‬ ‫بعيد عن النصاف وركيك جدا بهذه اللفاظ في كل شيء يكون بالمعنى الذي يناسبه‪ ،‬مثلا إذا قيل‬ ‫لشخص معين إنه دائما يكون كذا فل يكون المراد بالدوام ههنا إل المدة الممتدة إلى آخر عمره‬

‫لنا نعلم بديهة أنه ل يبقى إلى فناء العالم‪ ،‬وقيام القيامة‪ ،‬وإذا قيل لقوم عظيم يبقى إلى فناء العالم‬

‫ولو تبدلت أشخاصه في كل طبقة بعد طبقة أنهم ل بد أن يفعلوا كذا دائم ا طبقة بعد طبقة أو إلى‬ ‫البد أو إلى آخر الدهر فيفهم منه الدوام إلى فناء العالم بل شبهة‪ ،‬وقياس أحدهما على الخر‬

‫مستبعد جداا‪ ،‬ولذلك علماء اليهود يستبعدون تأويلهم سلفا وخلفا وينسبون العتساف والغواية‬ ‫إليهم‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/666‬‬

‫)و‬ ‫أمثلة القسم الثاني( هذه‪:‬‬ ‫)الول( أن ال أمر إبراهيم عليه السلم بذبح إسحاق عليه السلم ثم نسخ هذا الحكم قبل العمل‬ ‫كما هو مصرح به في الباب الثاني والعشرين من سفر التكوين‬ ‫)الثاني( أنه نقل قول نبي من النبياء في حق عالي الكاهن في الباب الثاني من سفر صموئيل الول‬ ‫هكذا‪" 30 :‬فال إله إسرائيل يقول‪ :‬إني قلت إن بيتك وبيت أبيك يخدمون بين يدي دائما لكن‬ ‫يقول ال الن حاشا لي ل يكون المر كذلك بل أكرم من يكرمني ومن يحقرني يصير ذليلا ‪34‬‬

‫وأنا أقيم لنفسي كاهن ا متدين ا الخ" فكان وعد ال أن منصب الكهانة يبقى في بيت عالي الكاهن‬ ‫وبيت ابنه‪ ،‬ثم أخلف وعده ونسخه وأقام كاهن ا آخر‪ ،‬في تفسير دوالي ورجردمينت قول الفاضل‬

‫باترك هكذا‪" :‬ينسخ ال ههنا حكما كان وعده وأقرر به بأن رئيس الكهنة يكون منكم إلى البد‪،‬‬

‫أعطى‬

‫) ‪(3/667‬‬


‫هذا المنصب لعازار الولد الكبر لهارون‪ ،‬ثم اعطى تامار الولد الصغر لهارون ثم انتقل الن بسبب‬ ‫ذنب أولد عالي الكاهن إلى أولد العازار" فوقع الخلف في وعد ال مرتين إلى زمان بقاء الشريعة‬ ‫الموسوية‪ ،‬وأما الخلف الذي وقع في هذا الباب عند ظهور الشريعة العيسوية مرة ثالثة فهذا لم يبق‬ ‫ح به في‬ ‫أثر ما لهذا المنصب ل في أولد العازار‪ ،‬ول في أولد تامارا‪ ،‬الوعد الذي كان للعازار دمصلر غ‬

‫الباب الخامس والعشرين من سفر العدد هكذا‪" :‬إني قد وهبت له ميثاقي بالسلم فيكون له ميثاق‬

‫الحبورة والخلفة من بعده إلى الدهر" ول يتحير الناظر من دخلف وعد ال على مذاق أهل الكتاب‪،‬‬

‫لن كتب العهد العتيق ناطقة به‪ ،‬وبأن ال يفعل أمرا ثم يندم‪ ،‬نقل في الية التاسعة والثلثين من‬

‫الزبور الثامن والثمانين أو التاسع والثمانين على اختلف التراجم قول داود عليه السلم في خطاب‬

‫ال عز وجل هكذا‪" :‬نقضت عهد عبدك‬

‫) ‪(3/668‬‬

‫وبخست في الرض‬ ‫مقدسه" فيقول داود عليه السلم "نقضت عهد عبدك" وفي الباب السادس من سفر التكوين‬ ‫هكذا‪" 6 :‬فندم على عمله النسان على الرض فتأسف بقلبه داخلا ‪ 7‬وقال امحوا البشر الذي‬ ‫خلقته عن وجه الرض من البشر حتى الحيوانات من الدبيب حتى طير السماء لني نادم أني‬

‫عملتهم" فالية السادسة كلها‪ ،‬وهذا القول ‪ -‬لني نادم أني عملتهم ‪ -‬يدلن على أن ال ندم‬ ‫وتأسف على خلقه النسان‪ ،‬وفي الزبور الخامس بعد المائة هكذا‪" 44 :‬فنظر الرب في أحزانهم إذ‬ ‫سمع صوت تضرعهم ‪ 45‬وذكر ميثاقهم وندم لكثرة رحمته"‪ ،‬في الية الحادية عشرة من الباب‬ ‫الخامس عشر من سفر صموئيل الول قول ال هكذا‪" :‬ندمت على أني صيرت شاول ملكا أنه‬

‫رجع من ورائي ولم يعمل بما أمرته"‪ ،‬ثم في الية الخامسة والثلثين من الباب المذكور هكذا‪" :‬أن‬

‫صموئيل حزن على شاول لن الرب أسف على أنه مرلك شاول على إسرائيل"‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/669‬‬

‫وههنا خدشة يجوز لنا أن نوردها إلزاما فقط‪ً.‬ا وهي أنه لما ثبتت الندامة في حق ال وثبت أنه ندم‬

‫على خلق النسان وعلى جعل شاول ملك ا فيجوز أن يكون قد ندم على إرسال المسيح عليه‬


‫السلم‪ ،‬بعد ما أظهر دعوى اللوهية على ما هو زعم أهل التثليث‪ ،‬لن هذه الدعوى من البشر‬ ‫الحادث أعظدم جرما من عدم إطاعة شاول أمر الرب‪ ،‬وكما لم يكن ال واقفا على أن شاول يعصي‬

‫أمره فكذا يجوز أن يكون واقف ا على أن المسيح عليه السلم يدعي اللوهية‪ ،‬وإنما قلت هذا إلزام ا‬ ‫فقط لنا ل نعتقد بفضل ال ندامة ال ول ادعاء المسيح عليه السلم اللوهية‪ ،‬بل عندنا ساحة‬ ‫اللوهية وكذا ساحة نبوة المسيح عليه السلم صافيتان عن قمامة هذه الكدورات والمنكرات‪ً.‬ا‬

‫)الثالث( في الباب الرابع من كتاب حزقيال هكذا ترجمة عربية سنة ‪] 1844‬الية[ ‪:10‬‬ ‫"وطعامك الذي تأكله يكون بالوزن عشرين مثقالا في كل يوم من وقت إلى وقت تأكله ‪ 12‬وكخبز‬

‫من شعير تأكلهد وتلطخه بزبل يخرج من النسان في عيونهم ‪ 14‬فقلت آه آه آه يا رب الله ها هو‬ ‫ذا نفسي لم تتنجس‪ ،‬والميت والفريسة من السبع لم آكل منه منذ صباي حتى الن ولم يدخل في‬

‫فمي كل لحم نجس ‪ 15‬فقال لي ها أعطيك زبل البقر عوض رجيع الناس وتصنع خبزك فيه" أمر‬ ‫ال أولا بأن "تلطخه بزبل يخرج من النسان" ثم لما استغاث حزقيال عليه السلم نسخ هذا‬ ‫الحكم قبل العمل فقال‪" :‬أعطيك زبل البقر عوض رجيع الناس"‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/670‬‬

‫)الرابع( في الباب السابع عشر من سفر الخبار هكذا‪" 3 :‬أيما رجل من بني إسرائيل ذبح ثورا أو‬

‫خروف ا أو عنزا في المحلة أو خارج ا عن المحلة ‪ 4‬ول يأتي بقربانه إلى باب قبة الزمان ليقربه قربان ا‬ ‫للرب فلديحسب على ذلك الرجل سيفك مدم من أنه أراق دم ا ويهلك ذلك الرجل من شعبه" وفي‬ ‫الباب الثاني عشر من كتاب الستثناء هكذا‪" 15 :‬فأما إن شئت أن تأكل وتستلذ بأكل اللحم‬

‫فاذبح وكل بالبركة التي أعطاك الرب إلهك في قراك الخ ‪ 20‬وإذا أوسع الرب إلهك تخومك مثل‬ ‫ما قال لك وأردت أن تأكل اللحم ما تشتهيه نفسك ‪ 21‬وكان بعيد المكان الذي اصطفاه الرب‬ ‫إلهك ليكون اسمه هناك فاذبح من البقر والغنم الذي لك كما أمرتك وكل في قراك كما تريد ‪22‬‬ ‫كما يؤكل من الظبي والبل هكذا فتأكلون منها جميعا طاهرا كان أو غير طاهر" فنسخ حكم سفر‬

‫الخبار بحكم سفر التثنية‪،‬‬

‫) ‪(3/671‬‬


‫قال هورن في الصفحة ‪ 619‬من المجلد الول من تفسيره بعد نقل هذه اليات هكذا‪" :‬في هذين‬ ‫الموضعين تناقض في الظاهر لكن إذا لوحظ أن الشريعة الموسوية كانت تزاد وتنقص على موفق حال‬ ‫بني إسرائيل وما كانت بحيث ل يمكن تبديلها فالتوجيه في غاية السهولة"‪ ،‬ثم قال‪" :‬نسخ موسى‬ ‫في السنة الربعين من هجرتهم قبل دخول فلسطين ذلك الحكم" أي حكم سفر الخبار "بحكم‬ ‫سفر الستثناء نسخا صريحاا‪ ،‬وأمر أنه يجوز لهم بعد دخول فلسطين أن يذبحوا البقر والغنم في‬ ‫أي موضع شاؤوا ويأكلوا" انتهى ملخصاا‪ ،‬فاعترف بنسخ الحكم المذكور وأن الشريعة الموسوية‬

‫كانت تزاد وتنقص على وفق حال بني إسرائيل‪ ،‬فالعجب من أهل الكتاب أنهم يعترضون على مثل‬

‫هذه الزيادة والنقصان في شريعة أخرى ويقولون إنه مستلزم لجهل ال‪ً.‬ا‬ ‫)الخامس( في الية ‪ 3‬و ‪ 23‬و ‪ 30‬و ‪ 35‬و ‪ 39‬و ‪ 43‬و ‪ 46‬من الباب الرابع من سفر العدد أن‬ ‫خدام قبة العهد ل بد أن ل يكونوا أنقص من ثلثين وأزيد من خمسين‪ ،‬وفي الية ‪ 24‬و ‪ 25‬من‬ ‫الباب الثامن من السفر المذكور أن ل يكونوا أنقص‬

‫) ‪(3/672‬‬

‫من خمس وعشرين وأزيد من خمسين‪ً.‬ا‬ ‫)السادس( في الباب الرابع من سفر الخبار أن فداء خطأ الجماعة ثوغر واحد‪ ،‬وفي الباب الخامس‬ ‫عشر من سفر العدد أنه ل بد أن يكون ثورا مع لوازمه مومجيدي ا فنسخ الول‪ً.‬ا‬

‫)السابع( يعلم أمر ال من الباب السادس من سفر التكوين أن يدخل في الدفلك اثنان اثنان من كل‬ ‫جنس الحيوانات طيرا كان أو بهيمة مع نوح عليه السلم‪ ،‬ويعلم من الباب السابع من السفر‬

‫المذكور أن يدخل سبع سبع ذكر وأنثى من البهائم الطاهرة‪ ،‬ومن الطيور مطلقا ومن البهائم الغير‬ ‫الطاهرة اثنان اثنان‪ ،‬ثم يعلم من الباب المذكور أنه دخل من كل جنس اثنان اثنان‪ ،‬فنسخ هذا‬

‫الحكم مرتين‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/673‬‬

‫)الثامن( في الباب العشرين من سفر الملوك هكذا‪" :‬وفي تلك اليام مرض حزقيا وأشرف على‬ ‫الموت‪ ،‬وأتاه أشعياء النبي ابن عاموص‪ ،‬وقال له هكذا يقول الرب الله أوص على بيتك لنك‬


‫ميت وغير حي ‪ 2‬فأقبل حزقيا بوجهه إلى الحائط وصلى أمام الرب وقال ‪ 3‬يا رب اذكر أني سرت‬ ‫بين يديك بالعدل والقلب السليم وعملت الحسنات أمامك وبكى حزقيا بكاء" شديدا ‪" 4‬فلما‬

‫خرج أشعياء أوحى إليه الرب قبل أن يصل إلى وسط الدار وقال ‪ 5‬ارجع إلى حزقيا مدبر شعبي‪،‬‬ ‫وقل له هكذا يقول الرب إله داود أبيك‪ :‬قد سمعت صلتك ورأيت دموعك‪ ،‬وها أنا أشفيك سريع ا‬ ‫حتى إذا كان في اليوم الثالث تصعد إلى بيت الرب ‪ 6‬وأزيد على عمرك خمس عشرة سنة" الخ‬ ‫فأمر ال حزقيا على لسان أشعياء بأن أوص على بيتك لنك ميت‪ ،‬ثم نسخ هذا الحكم قبل أن‬ ‫يصل أشعياء إلى وسط الدار بعد تبليغ الحكم‪ ،‬وزاد على عمره خمس عشرة سنة‪ً.‬ا‬ ‫)التاسع( في الباب العاشر من إنجيل متى هكذا‪" :‬هؤلء الثني عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائلا‬ ‫إلى طريق أمم ل تمضوا‪ ،‬وإلى مدينة للسامريين ل تدخلوا ‪ ،6‬ولكن انطلقوا خاصة إلى الخراف‬ ‫التي هلكت من بني إسرائيل" وفي الباب الخامس عشر من إنجيل متى قول المسيح عليه السلم‬

‫في حقه هكذا‪" :‬لم أديرسل إل إلى خراف بيت إسرائيل الضالة"‬

‫) ‪(3/674‬‬

‫فعلى وفق هذه اليات كان عيسى عليه السلم يخصص رسالته إلى بني إسرائيل‪ ،‬ونقل قوله في‬ ‫الية الخامسة عشرة من الباب السادس عشر من إنجيل مرقس هكذا‪" :‬اذهبوا إلى العالم أجمع‬ ‫واكرزوا بالنجيل للخليقة كلها" فالحكم الول منسوخ‪ً.‬ا‬ ‫)العاشر( في الباب الثالث والعشرين من إنجيل متى هكذا‪" 1 :‬حينئذ خاطب يسوع الجموع‬ ‫وتلميذه ‪ 2‬قائلا جلس الكتبة والفريسيون على كرسي موسى ‪ 3‬فكل ما قالوا لكم أن تحفظوه‬ ‫فاحفظوه وافعلوه" فحكم بأن كل ما قالوا لكم فافعلوه‪ ،‬ول شك أنهم يقولون بحفظ جميع‬

‫الحكام العملية للتوراة سيما البدية على زعمهم وكلها منسوخة في الشريعة العيسوية كما علمت‬ ‫مفصلة في أمثلة القسم الول‪ ،‬فهذا الحكم منسوخ ألبتة‪ ،‬والعجب من علماء البروتستنت أنهم‬ ‫يوردون في رسائلهم هذه اليات تغليطا لعوام أهل السلم مستدلين بها على بطلن النسخ في‬

‫التوراة‪ ،‬فيلزم أن يكونوا واجبي القتل لنهم ل يعظمون السبت‪ ،‬وناقض تعظيمه على حكم التوراة‬

‫واجب القتل‪ ،‬كما عرفت في المثال التاسع من أمثلة القسم الول‪ً.‬ا‬ ‫)الحادي عشر( قد عرفت في المثال الثالث عشر أن الحواريين بعد المشاورة نسخوا جميع أحكام‬ ‫التوراة العملية غير الربعة ثم نسخ بولس حرمة الثلثة منها‪ً.‬ا‬


‫) ‪(3/675‬‬

‫)الثاني عشر( في الية السادسة والخمسين من الباب التاسع من إنجيل لوقا قول المسيح عليه‬ ‫السلم هكذا‪" :‬إن ابن النسان لم يأت ليهلك أنفس الناس بل ليخلص" ومثله في إنجيل يوحنا في‬ ‫الية السابعة عشرة من الباب الثالث‪ ،‬وفي الية السابعة والربعين من الباب الثاني عشر‪ ،‬ووقع في‬ ‫الية الثامنة من الباب الثاني من الرسالة الثانية إلى أهل تسالو نبقي هكذا‪" :‬وحينئذ سيستعلن الثيم‬ ‫الذي الرب يبيده بنفخة فمه ويبطله بظهوره" فالقول الثاني ناسخ للول‪ ،‬وقد علم من هذه المثلة‬ ‫الربعة الخيرة أعني من التاسع إلى الثني عشر أن نسخ أحكام النجيل واقع بالفعل فضلا عن‬

‫المكان حيث نسخ عيسى عليه السلم بعض حكمه بحكمه الخر‪ ،‬ونسخ الحواريون بعض‬ ‫أحكامه بأحكامهم‪ ،‬ونسخ بولس بعض أحكام الحواريون‪ ،‬بل بعض قول عيسى عليه السلم‬

‫بأحكامه وقوله‪ ،‬وظهر لك أن ما نقل عن المسيح عليه السلم في الية الخامسة والثلثين من‬ ‫الباب الرابع والعشرين من إنجيل متى‪ ،‬والية الثالثة والثلثين من الباب الحادي والعشرين من‬ ‫إنجيل لوقا ليس المراد به أن قولا من أقوالي وحكما‬

‫) ‪(3/676‬‬

‫من أحكامي ل ينسخ وأل يلزم تكذيب إنجيلهم‪ ،‬بل المراد بقوله كلمي هو الكلم المعهود الذي‬ ‫أخبر به عن الحادثات التي تقع بعده‪ ،‬وهي مذكورة قبل هذا القول في النجيلين‪ ،‬فالضافة في‬ ‫قوله كلمي للعهد ل للستغراق‪ ،‬وحمل مفسروهم أيضا هذا القول على ما قلت في تفسير دوالي‬ ‫ورجرد مينت في ذيل شرح عبارة إنجيل متى هكذا‪" :‬قال القسيس بيروس‪ :‬مراده أنه تقع المور‬

‫التي أخبرت بها يقيناا‪ ،‬دين استاين هوب‪ :‬إن السماء والرض وإن كانتا غير قابلتين للتبديل بالنسبة‬ ‫إلى الشياء الخر لكنهما ليستا بمحكمتين مثل أحكام إخباري بالمور التي أخبرت بها‪ ،‬فتلك‬

‫كلها تزول وإخباري بالمور التي أخبرت بها ل تزول‪ ،‬بل القول‬ ‫الذي قلته الن ل يتجاوز شيء منه عن مطلبه" فالستدلل بهذا القول ضعيف جداا‪ ،‬والقول‬

‫المذكور هكذا‪" :‬السماء والرض تزولن ولكن كلمي ل يزول"‪ً.‬ا‬

‫وإذا عرفت أمثلة القسمين ما بقي لك شك من وقوع النسخ بكل قسميه في الشريعة الموسوية‬


‫والعيسوية‪ ،‬وظهر أن ما يدعيه أهل الكتاب من امتناع النسخ باطل ل ريب فيه‪ ،‬كيف ل وإن‬ ‫المصالح قد تختلف باختلف الزمان والمكان‬

‫) ‪(3/677‬‬

‫والمكلفين فبعض الحكام يكون مقدورا للمكلفين في بعض الوقات ول يكون مقدورا في بعض‬

‫آخر‪ ،‬ويكون البعض مناسبا لبعض المكلفين دون بعض‪ ،‬أل ترى أن المسيح عليه السلم قال‬

‫مخاطبا للحواريين‪" :‬إن لي أمورا كثيرة أيضا لقول لكم ل تستطيعون الن أن تحتملوا‪ ،‬وأما متى‬

‫جاء ذاك‪ ،‬روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق" كما هو مصرح به في الباب السادس عشر من‬

‫إنجيل يوحنا‪ ،‬وقال للبرص الذي شفاه‪ :‬ل تخبر عن هذه الحال أحداا‪ ،‬كما هو مصرح به في‬

‫الباب الثامن من إنجيل متى‪ ،‬وقال للعميين اللذين فتح أعينهما‪ :‬ل تخبرا أحدا عن هذا الحال‪،‬‬

‫كما هو مصرح به في الباب التاسع من إنجيل متى‪ ،‬وقال لبوي الصبية التي أحياها ل تخبرا أحدا‬ ‫عما كان‪ ،‬كما هو مصرح به في الباب الثامن من إنجيل لوقا‪ ،‬وأمر الذي أخرج الشياطين منه بأن‬

‫ارجع إلى بيتك وأخبر بما صنع ال بك‪ ،‬كما هو مصرح به في الباب المذكور‪ ،‬وقد علمت في‬ ‫المثال السادس والثالث عشر من أمثلة القسم الول‪ ،‬وفي المثال الرابع من أمثلة القسم الثاني ما‬ ‫يناسب هذا المقام‪ ،‬وكذلك ما أمر بنو إسرائيل بالجهاد على الكفار ما داموا في مصر وأمروا بعد ما‬ ‫خرجوا‪ً.‬ا‬ ‫]وقال المعلم ميخائيل مشاقة في الفصل الثالث من القسم الثاني من كتابه‬

‫) ‪(3/678‬‬

‫المسرمى بـ )أجوبة النجيلريين على أباطيل التقليدريين( المطبوع سنة ‪ 852‬م في بيروت في الصفحة‬ ‫‪ 71‬و ‪" :72‬إن الشريعة الموسوية ثلثة أقسام وهي‪ :‬الشريعة الدبرية‪ ،‬والشريعة الطقسرية‪ ،‬والشريعة‬

‫السياسرية‪ ،‬فالشريعة الدبرية ينحصر ملرخصها في وصايا ال العشر‪ ،‬ول ديعفى أحد من حفظها‪ ،‬وهي‬ ‫الناموس الذي أشار إليه السيد المسيح بقوله‪" :‬ما جئت لجل نيق ن‬ ‫ض الناموس بل لكرمل وإرن‬ ‫السماء والرض تزولن وحرف واحد من الناموس ل يتغرير حتى يكون كرله"‪ ،‬والدليل على ذلك هو‬

‫أرن السيد المسيح بعد قوله هذا أخذ يفسر لهم الوصايا ويكرملها بقوله‪ :‬قيل للولين‪ :‬ل تقتل‪ ،‬وأنا‬


‫أقول لكم‪ :‬من غضب على أخيه فقد وجبت عليه الدينونة‪ ،‬وقيل للرولين‪ :‬لتزن‪ ،‬وأنا أقول لكم‪:‬‬ ‫من نظر إلى امرأة إلى أن يشتهيها فقد زني بها في قلبه‪ ،‬وإرنه قيل للولين‪ :‬ل تحنث في يمينك‪،‬‬

‫وأنا أقول لكم ل تحلفوا البتة وليكن كلمكم )نعم‪ً.‬ا نعم( و )ل‪ً.‬ا ل( ‪ ،‬وأما الشريعتان الخريان فلم‬

‫يعلم بهما بل حرلهما برتة بمنعه الطلق وعدم إجازته رجم الزانية‪ ،‬مع أشياء كثيرة كتب الرسدل في‬

‫حرلها كالختانة وتمييز المطاعم إلى غير ذلك من المور الطقسرية والسياسرية‪ ،‬فالشريعة الطقسرية‬ ‫صة‬ ‫تتعرلق بكيفرية إجراء الطقوس وتيقدمة القرابين في الهيكل‪ ،‬وقد بطلت حين خرابه‪ ،‬وهي خا ر‬ ‫باليهود إيذ كان الهيكل عامراا‪ ،‬وأرما‬

‫) ‪(3/679‬‬

‫الشريعة السياسرية فهي تتعرلق بالحكام الزمنرية ‪-‬كتوزيع المواريث وبيع العقارات وقصاص‬

‫صة بدولة اليهود‪ ،‬فعندما زال حكمهم لم يبقوا ملتزمين بحفظها‪ ،‬وبالجملة‪:‬‬ ‫الجنايات‪ -‬وكانت خا ر‬

‫صة باليهود مدة‬ ‫إرن أحكام الشريعتين الطقسرية والسياسية ل يلتزم بها المسيحيون؛ لرنها كانت خا ر‬ ‫حكمهم وعمارة الهيكل فزالتا بزوالهما" انتهى كلمه بعبارته‪ً.‬ا‬

‫وعلم من كلمه أمران‪:‬‬ ‫الرول‪ :‬أرن المراد بالناموس في قول المسيح المنقول في الباب الخامس من إنجيل مرتى‪ :‬الحكام‬ ‫العشرة فقط‪ ،‬وهي عبارة عن الشريعة الدبية وهو الحق‪ً.‬ا‬

‫والثاني‪ :‬أرن المسيح أبقى الشريعة الدبية فقط وكرملها‪ ،‬ونسخ وأبطل يقينا الشريعتيين الباقيتيين اللتيين‬ ‫هما عبارتان من غير الحكام العشرة‪ً.‬ا‬ ‫وأقول‪ :‬إرن حكم السبت من هذه الحكام العشرة أيضا منسوخ في الشريعة العيسوية‪ ،‬فحصل لهم‬ ‫الفراغ عن جميع أحكام التوراة ما عدا الحكام التسعة‪ ،‬وهذه الحكام التسعة باقية في الشريعة‬

‫سك بعض‬ ‫المحرمدية أيضاا‪ ،‬فل يلزم علينا اعتراض رما بالنسبة إلى نسخ أحكام التوراة‪ ،‬وظهر أرن تم ر‬ ‫القسيسين بقول المسيح المذكور على عدم نسخ أحكام التوراة فهو ناشيء عن جهله أو تغليطه‬

‫وعدم ديانته[ ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/680‬‬


‫الباب الرابع في إبطال التثليث وهو مشتمل على مقدمة وثلثة فصول‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/681‬‬

‫مقدمة‬ ‫أما‬ ‫المقدمة ففي بيان اثني عشر أمرا تفيد الناظر بصيرة في الفصول‪ً.‬ا‬

‫)المر الول( أن كتب العهد العتيق ناطقة بأن ال واحد أزلي أبدي ل يموت‪ ،‬قادر يفعل ما يشاء‬ ‫ليس كمثله شيء ل في الذات ول في الصفات‪ ،‬بريء عن الجسم والشكل‪ ،‬وهذا المر لشهرته‬ ‫وكثرته في تلك الكتب غير محتاج إلى نقل الشواهد‪ً.‬ا‬ ‫)المر الثاني( أن عبادة غير ال حرام‪ ،‬وحرمتها مصرحة في مواضع شتى من التوراة مثل الباب‬ ‫العشرين والرابع والثلثين من سفر الخروج‪ ،‬وقد صرح به في الباب الثالث عشر من سفر الستثناء‬ ‫أنه لو دعا نبي أو من يدعي اللهام في المنام إلى عبادة غير ال يقتل هذا الداعي‪ ،‬وإن كان ذا‬ ‫معجزات عظيمة‪ ،‬وكذا لو أغرى أحغد من القرباء أو الصدقاء إليها يدـيرمجم هذا الدميغري ول يرجم‬

‫عليه‪ ،‬وفي الباب السابع عشر من السفر المسطور أنه لو ثبتت على أحد عبادة غير ال يدـيرمجم رجلا‬ ‫كان أو امرأة‪ً.‬ا‬

‫)المر الثالث( في اليات الكثيرة الغير المحصورة من العهد العتيق إشعار بالجسمية والشكل‬ ‫والعضاء ل تعالى مثلا في الية ‪ 26‬و ‪ 27‬من الباب الول من سفر التكوين والية ‪ 6‬من الباب‬ ‫التاسع من السفر المذكور إثبات الشكل والصورة ل‪،‬‬

‫) ‪(3/682‬‬

‫وفي الية ‪ 17‬من الباب التاسع والخمسين من كتاب أشعياء إثبات الرأس‪ ،‬وفي الية ‪ 9‬من الباب‬ ‫السابع من كتاب دانيال إثبات الرأس والشعر‪ ،‬وفي الية ‪ 3‬من الزبور الثالث والربعين إثبات الوجه‬ ‫واليد والعضد‪ ،‬وفي الية ‪ 22‬و ‪ 23‬من الباب الثالث والثلثين من كتاب الخروج إثبات الوجه‬ ‫والقفا‪ ،‬وفي الية ‪ 15‬من الباب الثالث والثلثين إثبات العين والذن‪ ،‬وكذا في الية ‪ 18‬من الباب‬


‫التاسع من كتاب دانيال إثبات العين والذن‪ ،‬وفي الية ‪ 29‬و ‪ 52‬من الباب الثامن من سفر‬ ‫الملوك الول وفي الية ‪ 17‬من الباب السادس عشر والية ‪ 19‬من الباب الثاني والثلثين من‬ ‫كتاب أرمياء والية ‪ 21‬من الباب الرابع والثلثين من كتاب أيوب‪ ،‬والية ‪21‬‬

‫) ‪(3/683‬‬

‫من الباب الخامس والية ‪ 3‬من الباب الخامس عشر من كتاب المثال إثبات العين‪ ،‬وفي الية ‪4‬‬ ‫من الزبور العاشر إثبات العين والجفان‪ ،‬وفي الية ‪ 6‬و ‪ 8‬و ‪ 9‬و ‪ 15‬من الزبور السابع عشر‬ ‫إثبات الذن والرجل والنف والنفس والفم‪ ،‬وفي الية ‪ 27‬من الباب الثلثين من كتاب أشعياء‬ ‫إثبات ال لشفة واللسان‪ ،‬وفي الباب الثالث والثلثين من سفر الستثناء إثبات اليد والرجل‪ ،‬وفي الية‬ ‫‪ 18‬من الباب الحادي والثلثين من سفر الخروج إثبات الصابع‪ ،‬وفي الية ‪ 19‬من الباب الرابع‬ ‫من كتاب أرمياء إثبات البطن والقلب‪ ،‬وفي الية ‪ 3‬من الباب الحادي والعشرين من كتاب أشعياء‬ ‫إثبات الظهر‪ً.،‬ا‬

‫) ‪(3/684‬‬

‫وفي الية ‪ 7‬من الزبور الثاني إثبات الفرج‪ ،‬وفي الية ‪ 28‬من الباب العشرين من أعمال الحواريين‬ ‫إثبات الدم‪ ،‬وللتنزيه في التوراة آيتان وهما‬ ‫الية الثانية عشرة والية الخامسة عشرة من الباب الرابع من سفر الستثناء وهما هكذا‪12 :‬‬ ‫"فكلمكم الرب من جوف النار فسمعتم صوت كلمه ولم تروا الشبه ألبتة" ‪" 15‬فاحفظوا أنفسكم‬ ‫بحرص فإنكم لم تروا شبيها يوما كلمكم الرب في حوريب من جوف النار" ولما كان مضمون هاتين‬

‫اليتين مطابقا للبرهان العقلي‪ ،‬وجب تأويل اليات الغير المحصورة ل ]عدم[ تأويلهما‪ ،‬وأهل‬

‫الكتاب ههنا أيض ا يوافقوننا ول يرجحون اليات الغير المحصورة على هاتين اليتين‪ ،‬وكما يوجد‬ ‫الشعار بالجسمية ل تعالى فكذا يوجد بإثبات المكان ل تعالى في اليات الغير محصورة من‬

‫العهد العتيق والجديد مثل الية ‪ 8‬باب ‪ ،25‬والية ‪ 45‬و ‪ 46‬من باب ‪ 29‬من سفر الخروج‪ ،‬وفي‬ ‫الية ‪ 3‬باب ‪ 5‬و ‪ 34‬باب ‪ 35‬من سفر العدد‪ ،‬وفي الية ‪ 15‬من الباب السادس والعشرين من‬


‫سفر الستثناء‪ ،‬وفي الية ‪ 5‬و ‪ 6‬من الباب السابع من سفر صموئيل الثاني‪ ،‬وفي الية ‪ 30‬و ‪32‬‬ ‫و ‪ 34‬و ‪ 36‬و ‪ 39‬و ‪ 45‬و ‪ 49‬من الباب الثامن من سفر الملوك الول‪ً.،‬ا‬

‫) ‪(3/685‬‬

‫وفي الية ‪ 11‬من الزبور التاسع‪ ،‬وفي الية ‪ 4‬من الزبور العاشر‪ ،‬وفي الية ‪ 8‬من الزبور الخامس‬ ‫والعشرين‪ ،‬وفي الية ‪ 16‬من الزبور السابع والستين‪ ،‬وفي الية ‪ 2‬من الزبور الثالث والسبعين وفي‬ ‫الية ‪ 2‬من الزبور الخامس والسبعين وفي الية ‪ 1‬من الزبور الثامن والتسعين وفي الية ‪ 21‬من‬ ‫الزبور المائة والرابع والثلثين‪ ،‬وفي الية ‪ 17‬و ‪ 21‬من الباب الثالث من كتاب يوتيل‪ ،‬وفي الية ‪2‬‬ ‫من الباب الثامن من كتاب زكريا وفي الية ‪ 45‬و ‪ 48‬باب ‪ 5‬و ‪ 1‬و ‪ 9‬و ‪ 14‬و ‪ 26‬باب ‪ 6‬و‬ ‫‪ 11‬و ‪ 21‬باب ‪ 7‬و ‪ 32‬و ‪ 33‬باب ‪ 10‬و ‪ 50‬باب ‪ 2‬و ‪ 13‬باب ‪ 15‬و ‪ 17‬باب ‪ 16‬و ‪10‬‬ ‫و ‪ 14‬و ‪ 19‬و ‪ 35‬باب ‪ 18‬و ‪ 19‬و ‪ 22‬باب ‪ 23‬من إنجيل متى‪ ،‬ول توجد في العهد العتيق‬ ‫والجديد اليات الدالة على تنزيه ال عن المكان إل قليلة مثل الية‬ ‫‪ 1‬و ‪ 2‬من الباب السادس والستين من كتاب أشعياء‪ ،‬والية ‪ 48‬من الباب السابع من أعمال‬ ‫الحواريين‪ ،‬لكن لما كان مضمون هذه اليات القليلة موافقا للبراهين أولت اليات الكثيرة الغير‬

‫المحصورة المشعرة بالمكان ل تعالى ل هذه اليات القليلة‪ ،‬وأهل الكتاب أيضا يوافقوننا في هذا‬

‫التأويل‪ً.،‬ا‬

‫) ‪(3/686‬‬

‫فقد ظهر من هذا المر الثالث أن الكثير إذا كان مخالفا للبرهان يجب إرجاعه إلى القليل الموافق‬ ‫له‪ ،‬ول يعتد بكثرته فكيف إذا كان الكثير موافقا والقليل مخالفا فإن التأويل فيه ضروري ببداهة‬

‫العقل‪ً.‬ا‬

‫)المر الرابع( قد علمت في المر الثالث أنه ليس ل شبه وصورة وقد صرح به في العهد الجديد‬ ‫أيض ا في مواضع عديدة أن رؤية ال في الدنيا غير واقعة‪ ،‬في الية الثامنة عشرة من الباب الول من‬ ‫إنجيل يوحنا هكذا‪" :‬ال لم يره أحد قط" وفي الية السادسة عشرة من الباب السادس من الرسالة‬ ‫الولى إلى تيموثاوس‪" :‬لم يره أحد من الناس ول يقدر أن يراه" وفي الية الثانية عشرة من الباب‬


‫الرابع من رسالة يوحنا الولى‪" :‬ال لم ينظره أحد قط" فثبت من هذه اليات أن من كان مرئيا ل‬

‫يكون إله ا قط‪ ،‬ولو أطلق عليه في كلم ال أو النبياء أو الحواريين لفظ ال ومثله فل يغتر أحغد‬ ‫بمجرد إطلق مثل لفظ ال‪ ،‬ول يدعي أن التأويل مجاز فكيف يرتكب لن المصير إلى المجاز‬ ‫يجب عند القرينة المانعة عن إرادة الحقيقة سيما إذا دل البرهان القطعي على المنع‪ ،‬نعم يكون‬ ‫لطلق مثل هذه اللفاظ على غير ال وجه مناسب لكل محل‪ ،‬مثلا إن إطلقها في الكتب‬

‫الخمسة المنسوبة إلى موسى عليه السلم على بعض الملئكة لجل ظهور جلل ال فيه أزيد من‬

‫الغير‪ً.،‬ا‬

‫) ‪(3/687‬‬

‫وفي الباب الثالث والعشرين من سفر الخروج قول ال سبحانه هكذا‪" 20 :‬أنا أرسل ملكي أمامك‬ ‫ليحفظك في الطريق ويدخلك إلى المكان الذي أن استعديت ‪ 21‬فاحتفظ به وأطع أمره ول‬ ‫تشارقه‪ ،‬إنه ل يغفر إذا أخطأت‪ ،‬إن اسمي معه ‪ 23‬وينطلق ملكي أمامك فيدخلك على الموريين‬ ‫والحيثانيين والفرزانيين والكنعانيين والحوايين واليانوسانيين الذين أنا أخرجهم"‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/688‬‬

‫فقوله‪ :‬أرسل ملكي أمامك‪ ،‬وكذا قوله ينطلق ملكي‪ ،‬نصان على أن الذي كان يسير مع بني‬ ‫إسرائيل في عمود سحاب في النهار وعمود نار في الليل كان ملك ا من الملئكة وقد أطلق عليه‬

‫مثل هذه اللفاظ كما سترطلع عليه لجل ما قلت‪ ،‬كما يظهر من قوله إن اسمي معه‪ ،‬وقد جاء‬ ‫إطلقها في‬

‫مواضع غير محصورة على الملك والنسان الكامل‪ ،‬بل على آحاد الناس‪ ،‬بل على الشيطان‬ ‫الرجيم‪ ،‬بل على غير ذوي العقول أيضاا‪ ،‬وقد علم من بعض المواضع تفسير بعض هذه اللفاظ‪،‬‬ ‫وفي بعض المواضع يدل سوق الكلم بحيث ل يشتبه على الناظر في بادئ الرأي‪ ،‬وها أنا أورد‬

‫عليك شواهد هذا الباب وأنقل في هذا الباب عبارة كتب العهد العتيق عن الترجمة العربية التي‬ ‫طبعت في لندن سنة ‪ 1844‬من الميلد وعبارة العهد الجديد‪ ،‬إما من الترجمة المذكورة وإما من‬ ‫الترجمة العربية التي طبعت في بيروت سنة ‪ 1860‬ول أنقل جميع عبارة الموضع المستشهد به بل‬


‫أنقل اليات التي يتعلق الغرض بها في هذا المقام وأترك اليات الغير المقصودة‪ ،‬في الباب السابع‬ ‫عشر من سفر التكوين هكذا‪" 1 :‬ولما صار أبرام ابن تسعة وتسعين سنة تراءى له الرب وقال أنا‬ ‫ال ضابط الكل فسر أمامي وكن تاماا" ‪ " 4‬وقال له ال أنا هو وعهدي معك وستكون أب ا لمم‬

‫كثيرة" ‪" 7‬وأقيم‬

‫) ‪(3/689‬‬

‫ميثاقي بيني وبينك وبين نسلك من بعدك بأجيالهم ميثاقا أبديا لكون إلها لك ولنسلك من بعدك"‬ ‫‪" 8‬وسأعطي لك ولنسلك أرض غدربتك جميع أرض كنعان نميلك ا إلى الدهر‪ ،‬وأكون لهم إلهاا" ‪9‬‬ ‫"فقال ال لبراهيم ثانية الخ" ‪ 15‬وقال "ال أيض ا لبراهيم الخ" ‪" 18‬وقال ال الخ" ‪" 22‬ولما‬

‫فرغ ال من خطابه صعد عن إبراهيم" وكان هذا المتكلم المرئي ملكا لما علمت‪ ،‬ولقوله صعد عن‬ ‫إبراهيم‪ ،‬ففي هذه العبارة أطلق عليه لفظ ال والرب والله‪ ،‬وأطلق هو على نفسه "أنا ال ضابط‬

‫الكل لكون إلهك ولنسلك من بعدك وأكون إله ا لهم" وكذا أطلق أمثال هذه اللفاظ في الباب‬ ‫الثامن عشر من سفر التكوين على الملك الذي ظهر على إبراهيم عليه السلم مع الملكين‬

‫الخرين‪ ،‬وبشره بولدة إسحاق وأخبر بأن قرى لوط ستخرب‬

‫) ‪(3/690‬‬

‫في أزيد من أربعة عشر موضعاا‪ ،‬وفي الباب‬

‫الثامن والعشرين من السفر المذكور في حال يعقوب عليه السلم إذ سافر إلى بلد حاله هكذا‪10 :‬‬

‫"وخرج يعقوب من بير سبع ماضيا إلى حرران" ‪" 11‬وأتى إلى موضع وبات هناك فأخذ حجرا من‬

‫حجارة ذلك الموضع ووضعه تحت رأسه ونام هناك" ‪" 12‬فنظر في الحلم سلما قائما على الرض‬ ‫ورأسه يصل إلى السماء وملئكة ال يصعدون ويهبطون فيه" ‪" 13‬والرب كان ثابت ا على رأس‬

‫السلم‪ ،‬وقال أنا هو ال إله إبراهيم أبيك وإله إسحاق فالرض التي أنت عليها راقد أعطيكها لك‬

‫ولنسلك" ‪" 14‬ويكون نسلك مثل رمل الرض‪ ،‬ويتسع إلى المغرب والمشرق‪ ،‬ويتيمن ويتبارك بك‬ ‫وبزرعك جميع قبائل الرض" ‪" 15‬وأحفظك حيثما انطلقت‪ ،‬وأعيدك إلى هذه الرض ول أخليك‬ ‫حتى أعمل ما قلته لك" ‪" 16‬فاستيقظ يعقوب من نومه وقال حق ا إن الرب في هذا المكان وأنا لم‬


‫أكن أعلم" ‪ " 17‬وخاف وقال ما أخوف هذا الموضع ما هذا إل بيت ال وباب السماء" ‪" 18‬وقام‬ ‫يعقوب بالغداة وأخذ الحجر الذي كان توسد به وأقامه نصبة وسكب عليه دهناا" ‪" 19‬ودعا اسم‬

‫المدينة بين إيل التي كانت أولا لوزاا" ‪" 20‬ونذر نذرا‬

‫) ‪(3/691‬‬

‫قائ لا إن كان ال يكون معي ويحفظني في الطريق الذي أنا سائر به ويرزقني خبزا آكل وكسوة‬

‫ألبس" ‪" 21‬ورجعت بسلم إلى بيت أبي فالرب يكون لي إلهاا" ‪" 22‬وهذا الحجر الذي أقمته‬ ‫نصبة يدعى بيت ال وكل ما أعطيتني أديت إليك عشوره"‪ً.‬ا‬

‫وفي الباب الحادي والثلثين من السفر المذكور قول يعقوب عليه السلم في خطاب زوجته لنميا‬ ‫وراحيل هكذا‪" 11 :‬فقال لي ملك ال في الحلم يا يعقوب فقلت هو ذا أنا" ‪" 12‬فقال لي الخ"‬ ‫‪" 13‬أنا إله بيت إيل حيث مسحت قائمة الحجر ونذرت لي نذرا والن قم فاخرج من هذه الرض‬ ‫وارجع إلى أرض ميلدك" وفي الباب الثاني والثلثين من السفر المذكور هكذا‪" 9 :‬وقال يعقوب يا‬ ‫إله أبي إبراهيم وإله أبي إسحاق أيها الرب الذي قلت لي ارجع إلى أرضك وإلى مكان ميلدك‬ ‫وأباركك" ‪" 12‬فأنت تكلمت وقلت إنك تحسن إلي وتوسع نسلي مثل رمل البحر الذي ل يحصى‬ ‫لكثرته" وفي الباب الخامس والثلثين من السفر المذكور هكذا‪" :‬وقال ال ليعقوب قم فاصعد إلى‬ ‫بيت إيل واسكن هناك‪ ،‬وانصب هناك مذبح ا ل الذي ظهر لك وأنت هارب من وجه عيصو أخيك"‬

‫‪" 2‬وقال يعقوب لهله الخ" ‪" 3‬نصعد إلى بيت إيل لنصنع هناك مذبح ا ل الذي استجاب لي في‬

‫ضيقتي وكان معي في طريقي" ‪" 6‬فجاء يعقوب إلى لوزا التي في أرض كنعان هذه بيت إيل الخ" ‪7‬‬

‫"وبنى هناك مذبحا ودعا اسم المكان بيت ال لن هناك ظهر له ال الخ"‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/692‬‬

‫وفي الباب الثامن والربعين من السفر المذكور هكذا‪" 3 :‬إن ال الضابط الكل استعلن علري في‬

‫لوزا بأرض كنعان وباركني" ‪" 4‬وقال لي أني منميك وجاعلك بجماعة الشعوب وأعطيك هذه الرض‬ ‫ولنسلك من بعدك ميراث ا إلى الدهر" فظهر من الية الحادية عشرة والثالثة عشرة من الباب الحادي‬ ‫والثلثين أن الذي ظهر على يعقوب عليه السلم‪ ،‬ووعده وعهد ونذر يعقوب عليه السلم معه كان‬


‫ملك اا‪ ،‬وجاء إطلق لفظ مثل ال عليه في العبارات المذكورة في أزيد من ثمانية عشر موضعا وقال‬

‫هذا الملك‪" :‬أنا هو الرب إله إبراهيم أبيك وإله إسحاق‪ ،‬وقال يعقوب عليه السلم في حقه "يا إله‬

‫أبي إبراهيم وإله أبي إسحاق أيها الرب وإن‬ ‫ال ضابط الكل استعلن علري" وفي الباب الثاني والثلثين من السفر المذكور هكذا‪" 24 :‬وتخلف‬ ‫هو وحده وهو ذا رجل فكان يصارعه إلى الفجر" ‪" 25‬وحين نظر أنه ل يقوى به فجس عرق وركه‬

‫ولساعته ذبل" ‪" 26‬وقال له أطلقني لنه قد أسفر الصبح وقال له ل أطلقك أو تباركني" ‪27‬‬ ‫"فقال له ما اسمك فقال يعقوب" ‪" 28‬قال ل يدعي اسمك يعقوب بل إسرائيل من أجل أنك إن‬ ‫كنت قويت مع ال فكم بالحري لك قوة في الناس" ‪" 19‬فسأله يعقوب عرفني ما اسمك فقال له‬ ‫لم تسأل عن اسمي وباركه فيذلك المكان" ‪" 30‬فدعا يعقوب اسم ذلك المكان فنوائل قائلا رأيت‬

‫ال وجها لوجه وتخلصت نفسي"‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/693‬‬

‫وهذا المصارع كان ملك ا لما عرفت ولنه يلزم أن يكون إله بني إسرائيل في غاية العجز والضعف‬

‫حيث صارع يعقوب عليه السلم إلى الفجر‪ ،‬ولم يغلب عليه بدون الحيلة‪ ،‬ولن كلم هوشع نص‬

‫في هذا الباب في الباب الثاني عشر من كتابه هكذا‪" 3 :‬في البطن عقب أخاه وفي جبروته أفلح‬ ‫معه الملك" ‪" 4‬وغلب الملك وتقروى وبكى وسأله ووجده في بيت إيل وهناك كلمنا" فأطلق عليه‬ ‫لفظ ال في الموضعين وفي الباب الخامس والثلثين من سفر التكوين هكذا‪" 9 :‬فظهر ال‬

‫ليعقوب أيضا من بعد ما رجع من بين نهري سورية وباركه" ‪" 10‬قائلا ل يدعي اسمك بعدها يعقوب‬ ‫بل يكون اسمك إسرائيل ودعا اسمه إسرائيل" ‪" 11‬وقال له أنا ال الضابط الكل أتم وأكثر المم‬ ‫ومجامع الشعوب تكون منك والملوك من صلبك يخرجون ‪ 12‬والرض التي أعطيت إبراهيم‬ ‫وإسحاق فلك أعطيها وأعطي نسلك هذه الرض من بعدك ‪ 13‬وارتفع ال عنه ‪ 14‬ونصب يعقوب‬ ‫حجرا في الموضع الذي كلمه فيه ال قائمة حجرية ودفق عليه مدفوقا وصب عليه دهنا ‪ 15‬ودعا‬

‫اسم الموضع الذي كلمه ال هناك بيت إيل" وهذا الذي ظهر هو الملك المذكور فأطلق عليه لفظ‬

‫ال في خمسة مواضع وقال هو‬ ‫"أنا ال الضابط الكل" وفي الباب الثالث من سفر الخروج ‪" 2‬وتراءى له الرب بلهيب النار من‬ ‫وسط العليقة فنظر إلى العليقة تتوقد فيها النار‪ ،‬وهي لم تحترق ‪ 4‬ورأى ال‬


‫) ‪(3/694‬‬

‫أنه جاء الخ ‪ ،6‬وقال له إني أنا ال إله آبائك إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب‪ ،‬فغطى موسى‬ ‫وجهه من أجل أنه خشي أن ينظر نحو ال ‪ 7‬فقال له الرب الخ ‪ 11‬فقال موسى ل الخ ‪ 12‬فقال‬ ‫له ال أنا أكون معك وهذه علمة لك أني أنا أرسلتك إذا أخرجت شعبي من مصر يعملون ذبيحة‬ ‫قردام ال على هذا الجبل ‪ 13‬فقال موسى ل هو ذا أنا أذهب إلى بني إسرائيل‪ ،‬وأقول لهم إله‬

‫آبائكم أرسلني إليكم‪ ،‬فإن قالوا لي ما اسمه ماذا أقول لهم؟ ‪ 14‬فقال ال لموسى اهية اشراهيه‪،‬‬ ‫وقال له‪ :‬هكذا تقول لبني إسرائيل اهية أرسلني إليكم ‪ 15‬وقال ال أيضا لموسى هكذا تقول لبني‬ ‫إسرائيل الرب إله آبائكم إله إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب أرسلني إليكم هكذا اسمي إلى‬

‫الدهر‪ ،‬وهذا هو ذكري إلى جيل الجيال ‪ 16‬فاذهب اجمع شيوخ بني إسرائيل وقل لهم الرب إله‬ ‫آبائكم استعلن علري إله إبراهيم وإله يعقوب الخ"‪ً.‬ا‬

‫فالذي ظهر على موسى وكلمه قال في حقه "إني أنا ال إله آبائك إله إبراهيم وإله إسحاق وإله‬ ‫يعقوب" ثم قال "اهية اشراهية" ثم أمر موسى عليه السلم أن يقول لبني إسرائيل "اهية أرسلني‬

‫والرب إله آبائكم إله‬

‫) ‪(3/695‬‬

‫إبراهيم وإله إسحاق وإله يعقوب أرسلني إليكم" وقال "هذا اسمي إلى الدهر وهذا هو ذكري إلى‬ ‫جيل الجيال" وأطلق عليه في هذه العبارة لفظ ال والرب وأمثالهما في أزيد من خمسة وعشرين‬ ‫موضعاا‪ ،‬وأطلق عليه المسيح عليه السلم أيض ا لفظ ال كما نقل مرقس في الباب الثاني عشر‪،‬‬

‫ومتى في الباب الثاني والعشرين‪ ،‬ولوقا في الباب العشرين قول المسيح عليه السلم في خطاب‬

‫الصدوقيين هكذا‪" :‬أفما قرأتم في كتاب موسى في أمر العليقة كيف كلمه ال قائلا أنا إله إبراهيم‬

‫وإله إسحاق وإله يعقوب" انتهى بعبارة مرقس‪ ،‬وهذا كان مملكا لما عرفت‪ ،‬ولذلك في أكثر التراجم‬ ‫الهندية والفارسية بدل لفظ ال لفظ فرشته الذي هو ترجمة الملك‪ ،‬والية الولى من الباب السابع‬

‫من سفر الخروج هكذا‪" :‬فقال الرب لموسى انظر فإني قد جعلتك إله ا لفرعون وهارون أخوك‬

‫يكون لك نبي اا" والية السادسة عشرة من الباب الرابع من سفر الخروج هكذا‪" :‬هو يتكلم مع‬


‫الشعب عوضك‪ ،‬وهو يكون لك وأنت تكون له في أمور ال" فوقع لفظ الله وال في حق موسى‬ ‫عليه السلم‪ ،‬ومن ههنا يظهر ترجيح اليهود على المسيحيين في هذه العقيدة لنهم مع ادعاء‬ ‫محبتهم لموسى وترجيحه على سائر النبياء ما أوصلوه إلى رتبة اللوهية متمسكين بمثل هذه‬ ‫القوال‪ً.،‬ا‬

‫) ‪(3/696‬‬

‫وفي الباب الثالث عشر من سفر الخروج هكذا‪" 21 :‬وكان الرب يسير أمامهم ليريهم الطريق في‬ ‫النهار بعمود سحاب وفي الليل بعمود نار ليهديهم الطريق نهارا وليلا ‪ 22‬لم يزل قط عمود‬

‫السحاب نهارا ول عمود النار ليلا من قدام الشعب" ثم في الباب الرابع عشر من السفر‬

‫المذكور هكذا‪" 19 :‬فانطلق ملك ال الذي كان يسير قردام عسكر إسرائيل‪ ،‬ومشى خلفهم وعمود‬

‫الغمام أيضا معه فتحرول من قدام وجوههم إلى ورائهم ‪ 24‬فلما كان عند محرس السحر نظر الرب‬

‫إلى محلة المصريين بعمود النار والغمامة وقتل عسكرهم"‪ ،‬وهذا السائر كان ملك ا كما صرح به في‬

‫الية ‪ 19‬وأطلق عليه لفظ الرب على وفق الترجمة العربية ولفظ يمـدهواه على وفق الهندية الموجودة‬ ‫عندي‪ ،‬وفي الباب الول من سفر الستثناء هكذا‪" 30 :‬فإن الرب الله الذي يسير أمامكم فهو‬

‫يقاتل عنكم كما عمل في مصر‪ ،‬والكل ينظرون ‪ 31‬وفي البرية أنت رأيت بعينيك‪ ،‬حملك الرب‬ ‫إلهك كما أنه يحمل الرجل ولده الخ" ‪" 32‬ولم تؤمنوا في ذلك بالرب إلهكم ‪ 33‬الذي سار‬ ‫أمامكم في الطريق‪ ،‬وحدد لكم المكان الذي كان فيه يجب أن تنصبوا الخيام‪ ،‬في الليل يريكم‬ ‫الطريق بالنار‪ ،‬وفي النهار بعمود الغمام‪ ،‬فجاء إطلق لفظ الرب الله في ثلثة مواضع على الملك‬ ‫المذكور‪ ،‬لنه كان سائرا أمامهم وقاتلا لعسكر المصريين‪ً.‬ا‬

‫وفي الباب الحادي والثلثين من السفر المذكور هكذا‪" 3 :‬فالرب إلهك هو يعبر قدامك الخ" ‪4‬‬

‫"فيصنع الرب الخ" ‪" 5‬فإذا‬

‫) ‪(3/697‬‬

‫أمكنكم الرب الخ" ‪ 6‬فاجترءوا عليهم وتقووا ول تخافوا ول ترهبوا إذا نظرتموهم "إن الرب إلهك‬ ‫فهو يسير أمامك الخ ‪ 8‬والرب الذي هو السائر أمامكم فهو يكون معك الخ" ففي هذه العبارة‬


‫أيضا إطلق لفظ الرب إلهك والرب على الملك المذكور‪ :‬والية ‪ 22‬من الباب الثالث عشر من‬

‫كتاب القضاة في حق الذي تكلم مع نوح وامرأته وبشرهما بالولد هكذا‪" :‬فقال منوح لمرأته بموت‬

‫نموت لننا عاينا ال" وصرح به في الية ‪ 3‬و ‪ 9‬و ‪ 13‬و ‪ 15‬و ‪ 16‬و ‪ 18‬و ‪ 21‬من هذا الباب‬ ‫أنه كان ملك ا فأطلق عليه لفظ ال‪ ،‬وكذا جاء هذا الطلق على الملك في الباب السادس من‬

‫كتاب أشعياء‪ ،‬والباب الثالث من سفر صموئيل الول‪ ،‬والباب الرابع والتاسع من كتاب حزقيال‪،‬‬

‫والباب السابع من كتاب عاموص والية السادسة من الزبور الحادي والثمانين على وفق الترجمة‬ ‫العربية‪ ،‬ومن الزبور الثاني والثمانين على وفق التراجم الخر هكذا‪" :‬أنا قلت إنكم آلهة وبنو العلى‬ ‫كلكم" فجاء ههنا إطلق اللهة وأبناء ال على العوام فضلا عن الخواص‪ً.،‬ا‬

‫) ‪(3/698‬‬

‫وفي الباب الرابع من الرسالة الثانية إلى أهل قورنيثوس هكذا‪" 3 :‬ولكن إن كان إنجيلنا مكتوما‬ ‫فإنما هو مكتوم في الهالكين ‪ 4‬الذين فيهم إله هذا الدهر قد أعمى أذهان الغير المؤمنين لئل‬ ‫تضيء لهم نارة إنجيل مجد المسيح" والمراد بإله الدهر الشيطان على ما زعم علماء البروتستنت‪،‬‬ ‫فجاء مثل هذا الطلق على الشيطان الرجيم على زعمهم فضلا عن النسان‪ ،‬وإنما قلت على‬

‫زعمهم لنهم يريدونه ههنا لئل يلزم نسبة العماء إلى ال تعالى‪ ،‬فيلزم كون ال خالق الشر‪ ،‬وهذا‬

‫هو هوس من هوساتهم لن خالق الشر على وفق كتبهم المقدسة يقين ا هو ال تعالى‪ ،‬وأنقل ههنا‬

‫شاهدين وستطلع على شواهد أخر أيض ا في موضعه‪ً.‬ا‬

‫الية السابعة من الباب الخامس والربعين من كتاب أشعياء هكذا‪" :‬المصور النور والخالق الظلمة‬

‫الصانع السلم والخالق الشر أنا الرب الصانع هذه جميعاا" وقال مقدسهم بولس في الباب الثاني‬

‫من الرسالة الثانية إلى أهل تسالو نيقي‪" :‬سيرسل إليهم ال عمل الضلل حتى يصدقوا الكذب لكي‬ ‫يدان جميع الذين لم يصدقوا الحق بل سروا بالثم" ولما كان زعمهم كما ذكرنا والمقصود النقل‬ ‫على سبيل اللزام فالمقصود حاصل‪ ،‬وهو أن إطلق إله الدهر جاء على الشيطان والية ‪ 16‬من‬ ‫الباب الثالث من رسالة بولس إلى أهل فيلبس هكذا‪" :‬الذين نهايتهم الهلك الذين إلههم بطنهم‬

‫ومجدهم في خزيهم" فأطلق مقدسهم على البطن لفظ الله‪ً.،‬ا‬

‫) ‪(3/699‬‬


‫وفي الباب الرابع من الرسالة الولى ليوحنا هكذا‪" 8 :‬ومن ل يحب لم يعرف ال لن ال محبة‬ ‫‪ ، 16‬ونحن قد عرفنا وصدقنا المحبة التي ل فينا ال محبة ومن يثبت في المحبة يثبت في ال وال‬ ‫فيه" فيوحنا أثبت اتحاد المحبة بال‪ ،‬وقال في الموضعين ال محبة ثم أثبت التلزم هكذا من يثبت‬ ‫في المحبة يثبت في ال وال فيه‪ ،‬وإطلق اللهة على الصنام كثير جدا في الكتب السماوية‪ ،‬فل‬

‫حاجة إلى نقل شواهد‪ً.‬ا وكذا إطلق الرب بمعنى المخدوم والمعلم كثير جدا يعني عن نقل‬

‫شواهده‪ً.‬ا التفسير الواقع في الية ‪ 38‬من الباب الول من إنجيل يوحنا هكذا‪" :‬فقال ربي تفسيره يا‬ ‫معلم" إذا علمت ما ذكرت فقد حصلت لك البصيرة التامة أنه ل يجوز لعاقل أن يستدل بإطلق‬ ‫بعض هذه اللفاظ على بعض الحوادث التي حدوثها وتغيرها وعجزها من الحسيات أنه إله أو ابن‬ ‫ال‪ ،‬وينبذ جميع البراهين العقلية القطعية‪ ،‬وكذا البراهين النقلية وراءه‪ً.‬ا‬ ‫)المر الخامس( إن وقوع المجاز في غير المواضع التي مرر ذكرها في المر الثالث والرابع كثير‪:‬‬

‫مث لا وعد ال إبراهيم عليه السلم في تكثير أولده هكذا الية السادسة عشرة من الباب الثالث‬

‫عشر من سفر التكوين‪" :‬وأجعل نسلك مثل تراب الرض فإن استطاع أحد من الناس أن يحصي‬

‫تراب الرض فإنه يستطيع أن يحصي نسلك"‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/700‬‬

‫والية السابعة عشرة من الباب الثاني والعشرين من السفر المذكور‪" :‬أباركك وأكثر نسلك كنجوم‬ ‫السماء ومثل الرمل الذي على شاطئ البحر الخ" وهكذا وعد يعقوب عليه السلم بأن نسلك‬ ‫يكون مثل رمل الرض كما عرفت في المر الرابع‪ ،‬وأولدهما لم يبلغ مقدارهم عدد رطل رمل في‬ ‫الدنيا في وقت من الوقات فضلا عن مقدار رمل شاطئ البحر أو رمل الرض‪ ،‬ووقع في مدح‬

‫الرض التي كان وعد ال إعطاءها في الية الثامنة من الباب الثالث من سفر الخروج وغيرها من‬ ‫اليات بأنه يسيل فيها اللبن والعسل ول أرض في الدنيا كذلك‪ ،‬ووقع في الباب الول من سفر‬

‫صنة إلى السماء" ووقع في الباب التاسع من السفر المذكور‬ ‫الستثناء هكذا‪" :‬والقرى عظيمة مح ر‬

‫هكذا‪" :‬وأشد منك مدنا كبيرة حصينة مشيدة إلى السماء" وفي الزبور السابع والسبعين هكذا‪:‬‬

‫‪" :65‬واستيقظ الرب كالنائم مثل الجبار المفيق من الخمر ‪ 66‬فضرب أعداءه في الوراء وجعلهم‬


‫عارا إلى الدهر"‪ ،‬والية الثالثة من الزبور المائة والثالث في وصف ال هكذا‪" :‬والمسقف بالمياه‬ ‫علليه الذي جعل السحاب مركبه الماشي على أجنحة الرياح"‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/701‬‬

‫وكلم يوحنا مملوء من المجاز قلما تخلو فقرة ل يحتاج فيها إلى تأويل كما ل يخفى على ناظر‬ ‫إنجيله ورسائله ومشاهداته‪ ،‬وأكتفي ههنا على نقل عبارة واحدة من عبارته قال في الباب الثاني‬ ‫عشر من المشاهدات هكذا‪" 1 :‬وظهرت آية عظيمة في السماء‪ :‬امرأة متسربلة بالشمس‪ ،‬والقمر‬ ‫تحت رجليها‪ ،‬وعلى رأسها‬ ‫إكليل من اثني عشر كوكب ا ‪ 2‬وهي حبلى تصرخ متمخضة ومتوجعة لتلده ‪ 3‬وظهرت آية أخرى في‬ ‫السماء هو ذا تنين عظيم أحمر له سبعة رؤوس وعشرة قرون‪ ،‬وعلى رؤوسه سبعة تيجان ‪ 4‬وذنبه‬

‫يجر ثلث نجوم السماء‪ ،‬فطرحها إلى الرض‪ ،‬والتنين وقف أمام المرأة العتيدة أن تلد حتى يبتلع‬ ‫ولدها متى ولدت ‪ 5‬فولدت ابن ا ذكرا أن يرعى جميع المم بعصى من حديد واختطف ولدها إلى‬ ‫ال وإلى عرشه ‪ 6‬والمرأة هربت إلى البرية حيث لها موضع معد من ال لكي يعولوها هناك ألف ا‬ ‫ومائتين وستين يوما ‪ 7‬وحدثت حرب في السماء ميخائيل وملئكته حاربوا التنين وحارب التنين‬

‫وملئكته" إلى آخر كلمه وهذا الكلم في الظاهر كلم المجاذيب فلو لم يؤول فمستحيل قطعاا‪،‬‬ ‫وتأويله أيض ا يكون بعيدا ل سهلا وأهل الكتاب يؤرولون اليات المذكورة وأمثالها يقين ا ويعترفون‬

‫بكثرة وقوع المجاز في الكتب السماوية قال صاحب )مرشد الطالبين إلى الكتاب المقدس الثمين(‬ ‫في الفصل الثالث عشر من كتابه‪" :‬وأما اصطلح الكتاب المقدس فإنه ذو استعارات وافرة غامضة‬

‫وخاصة العهد العتيق" ثم قال‪" :‬واصطلح العهد الجديد أيضا هو استعاري جدا وخاصة مسامرات‬

‫مخلصنا وقد اشتهرت آراء كثيرة فاسدة لكون بعض معلمي‬

‫) ‪(3/702‬‬

‫النصارى شرحوها شرحا حرفياا‪ ،‬ولجل ذلك نقدم بعض أمثال لنرى بها أن تأويل الستعارات حرفيا‬ ‫ليس صواباا‪ ،‬وذلك كقول المسيح عن هيرودس اذهبوا وقولوا لذلك الثعلب‪ ،‬فمن المعلوم أن المراد‬ ‫بلفظة الثعلب في هذه العبارة جبار ظالم لن ذلك الحيوان المدعو هكذا معروف بالحيلة والغدر‬


‫أيض اا‪ ،‬قال ربنا لليهود‪ :‬أنا هو الخبز الحي الذي نزل من السماء فكل من أكل من هذا الخبز يحيا‬ ‫إلى البد‪ ،‬والخبز الذي أنا أعطيه هو جسدي سوف أعطيه لحياة العالم‪ ،‬يوحنا ص ‪ 6‬عدد ‪،15‬‬

‫فاليهود الشهوانيون فهموا هذه العبارة بالمعنى الحرفي‬ ‫وقالوا كيف يقدر هذا الرجل أن يعطينا جسده لنأكله؟ آية ‪ 52‬ولم يلحظوا أنه عني بذلك ذبيحته‬ ‫التي وهبها كفارة لخطايا العالم‪ ،‬وقد قال مخلصنا أيضا عن الخبز عند تعيينه العشاء السري‪ :‬هذا‬

‫هو جسدي‪ ،‬وعن الخمر هذا هو دمي‪ ،‬مرتى ص ‪ 26‬عدد ‪ ،26‬فمنذ الدهر الثاني عشر جعلت‬

‫الرومانيون الكاثوليكيون لهذا القول معنى آخر معكوس ا ومغايرا لشواهد أخرى في الكتب المقدسة‬

‫وللدليل الصحيح‪ ،‬وحتموا أن ينتجوا من ذلك تعليمهم عن الستحالة أي تحويل الخبز والخمر إلى‬ ‫جسد المسيح ودمه الجوهريين عندما يلفظ الكاهن بكلمات التقديس الموهوم‪ ،‬مع أنه قد يظهر‬

‫لكل الحواس الخمسة أن الخبز والخمر باقيان على جوهرهما ولم يتغيرا‪ً.،‬ا‬

‫) ‪(3/703‬‬

‫فأما التأويل الصحيح لقول ربنا فهو أن الخبز بمثل جسده والخمر بمثل دمه" انتهى كلمه بلفظه‪ً.‬ا‬ ‫فاعترافه بين ل خفاء فيه لكن ل بد من النظر في قوله فمنذ الدهر الثاني عشر إلى آخره فإنه رد‬ ‫على الرومانيين في اعتقاد استحالة الخبز والخمر إلى جسد المسيح عليه السلم ودمه بشهادة‬ ‫الحس‪ ،‬وأرومل قول المسيح عليه السلم بحذف المضاف وإن كان ظاهر القول كما فهموا لنه‬

‫هكذا‪" 26 :‬وفيم هم يأكلون أخذ يسوع الخبز وبارك وكسر وأعطى التلميذ قال خذوا كلوا هذا‬ ‫هو جسدي ‪ 27‬وأخذ الكأس وشكر وأعطاهم قائلا اشربوا منها كلكم ‪ 28‬لن هذا هو دمي الذي‬ ‫للعهد الجديد الذي يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا"‪ ،‬فقالوا‪ :‬إن لفظ هذا يدل على جوهر‬

‫الشيء الحاضر كله‪ ،‬ولو كان جوهر الخبز باقي ا لما صح هذا الطلق‪ ،‬وإنهم كانوا قبل ظهور فرقة‬

‫) ‪(3/704‬‬

‫البروتستنت أكثر المسيحيين في العالم وأنهم كثيرون من هذه الفرقة إلى هذا الحين أيضا‪ً.‬ا‬ ‫فكما أن هذه العقيدة غلط بشهادة الحس عند هذه الفرقة فكذلك عقيدة التثليث غلط‪ ،‬ولو‬ ‫فرضنا دللة بعض القوال المتشابهة بحسب الظاهر عليها بل محال بالدلة القطعية‪ ،‬فإن قالوا‬


‫ل؟ قلنا أليس الرومانيون من ذوي العقول‬ ‫ألسنا من ذوي العقول فكيف نعترف بها لو كانت محا ا‬

‫مثلكم‪ ،‬وفي المقدار أكثر منكم إلى هذا الحين فضلا عن سالف الزمان‪ ،‬فكيف اعترفوا وأجمعوا‬

‫على ما هو غير صحيح عندكم ويشهد ببطلنه الحس أيضاا؟ وهو باطل في نفس المر أيض ا بوجوه‪:‬‬

‫)الول( أن الكنيسة الرومانية تزعم أن الخبز وحده يستحيل جسد المسيح ودمه ويصير مسيح ا‬ ‫ل‪ ،‬فأقول إذا استحال مسيحا كاملا حيا بلهوته وناسوته الذي أخذه من مريم عليهما السلم‪،‬‬ ‫كام ا‬

‫فل بد أن يشاهد فيه عوارض الجسم النساني ويوجد فيه الجلد والعظام والدم وغيرها من العضاء‬ ‫لكنها ل توجد فيه بل جميع عوارض الخبز باقية الن كما كانت فإذا نظره أحد أو لمسه أو ذاقه ل‬

‫يحس شيئ ا غير الخبز‪ ،‬وإذا حفظه يطرأ عليه الفساد الذي يطرأ على الخبز ل الفساد الذي يطرأ‬

‫على الجسم النساني‪ ،‬فلو ثبتت الستحالة تكون استحالة المسيح خبزا ل استحالة الخبز مسيحاا‪،‬‬ ‫فلو قالوا إن المسيح استحال خبزا لكان أقل بعدا من هذا‪ ،‬وإن كان هو أيضا باطلا ومصادما‬

‫للبداهة‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/705‬‬

‫)الثاني( إن حضور المسيح بلهوته في أمكنة متعددة في آن واحد وإن كان ممكنا في زعمهم لكنه‬ ‫باعتبار ناسوته غير ممكن لنه بهذا العتبار كان مثلنا حتى كان يجوع ويأكل ويشرب وينام ويخاف‬

‫من اليهود ويفر وهلم جررا‪ ،‬فكيف يمكن تعدده بهذا العتبار بالجسم الواحد في أمكنة غير‬

‫محصورة في آن واحد حقيقة؟ والعجب أنه ما دوجد قبل عروجه إلى السماء بهذا العتبار في‬

‫مكانين أيضا فضلا عن المكنة الغير المتناهية وكذا بعد عروجه إلى السماء فكيف يوجد بعد‬

‫القرون بعد اختراع هذا العتقاد الفاسد بالعتبار المذكور في أمكنة غير محصورة في آن واحد‪ً.‬ا‬ ‫)الثالث( إذا فرضنا أن مليونات من الكهنة في العالم قدسوا في آن واحد واستحالت تقدمة كل إلى‬

‫المسيح الذي تولد من العذراء‪ ،‬فل يخلو إرما أن يكون كل من هؤلء المسيحيين الحادثين عين‬ ‫الخر أو غيره‪ ،‬والثاني باطل على زعمهم والول باطل في نفس المر لن مادة كل غيدر مادة‬

‫الخر‪ً.‬ا‬

‫)الرابع( إذا استحال الخبز مسيح ا كاملا تحت يد الكاهن فكسر هذا الكاهن هذا الخبز كسرات‬

‫كثيرة وأجزاء صغيرة فل يخلوا إرما أن يتقطع المسيح قطعة قطعة على عدد الكسرات والجزاء أو‬

‫يستحيل كل كسرة وجزء مسيحا كاملا أيضا فعلى الول ل يكون المتناول متناول مسيح كامل‪،‬‬


‫وعلى الثاني من أين جاءت هؤلء المسحاء لنه ما حصل بالتقدمة إل المسيح الواحد؟‪ً.‬ا‬ ‫)الخامس( لو كان العشاء الرباني الذي كان قبل صلبه بيسير نفس الذبيحة التي حصلت على‬ ‫الصليب لزم أن يكون كافي ا لخلص العالم‪ً.،‬ا‬

‫) ‪(3/706‬‬

‫فل حاجة إلى أن يصلب على الخشبة من أيدي اليهود مرة أخرى لن المسيح ما جاء إلى العالم‬ ‫في زعمهم إل ليخلص الناس بذبيحة مرة واحدة‪ ،‬وما أنى لكي يتألم مرارا كما يدل عليه عبارة آخر‬

‫الباب التاسع من الرسالة العبرانية صراحة‪ً.‬ا‬

‫)السادس( لو صح ما ادعوه لزم أن يكون المسيحيون أخبث من اليهود لن اليهود ما آلموه إل مرة‬ ‫واحدة فتركوا وما أكلوا لحمه‪ ،‬وهؤلء يؤلمونه ويذبحونه كل يوم في أمكنة غير محصورة‪ ،‬فإن كان‬ ‫القاتل مرة واحدة كافرا وملعونا فما بال الذين يذبحونه مرات غير محصورة ويأكلون لحمه ويشربون‬ ‫دمه؟ نعوذ بال من الذين يأكلون إلههم ويشربون دمه حقيقة فإذا لم ينج من أيدي هؤلء إلههم‬

‫الضعيف المسكين فمن ينجو‪ ،‬برعدنا ال من ساحتهم‪ ،‬ولنعم ما قيل "دوستي نادان سرامسر ددشمني‬ ‫ست " )توضع على الهامش‪ (:‬يتضمن معنى المثل العربي‪ :‬عدو عاقل خير من صديق جاهل‬ ‫والترجمة الحرفية‪ :‬الصديق الجاهل مثل العدو‪ً.‬ا ‪ً.‬ا‬ ‫)السابع( وقع في الباب الثاني والعشرين من لوقا قول المسيح في العشاء الرباني هكذا‪" :‬اصنعوا‬ ‫هذا لذكري" فلو كان هذا العشاء هو نفس الذبيحة لما صح أن يكون تذكرة لن الشيء ل يكون‬ ‫تذكرة لنفسه‪ ،‬فالعقلء الذين عقولهم السليمة تحكم بأمثال هذه الوهام في الحسيات لو وهموا‬ ‫في ذات ال أو في العقليات فأي استبعاد منهم؟ لكني أقطع النظر عن هذا وأقول في مقابلة علماء‬ ‫البروتستنت‪ :‬إنه كما اجتمع هؤلء العقلء عندكم على هذه العقيدة المخالفة للحس والعقل تقليدا‬ ‫للباء أو لغرض آخر‬

‫) ‪(3/707‬‬

‫فكذلك اجتماعهم واجتماعكم في عقيدة التثليث المخالفة للحس والبراهين‪ ،‬والناس الكثيرون‬ ‫الذين تسمونهم ملحدة ومقدارهم في هذا الزمان أزيد من مقدار فرقتكم بل من فرقة الرومانيين‬


‫أيضا وهم عقلء مثلكم ومن أبناء أصنافكم ومن أهل دياركم وكانوا مسيحيين مثلكم فتركوا هذا‬ ‫المذهب لشتماله على أمثال هذه المور يستهزؤون بها استهزاء بليغا ل يستهزؤون بشيء آخر‬ ‫مثلها‪ ،‬كما ل يخفى على من طالع كتبهم‪ ،‬وفرقة يوني نيرين من فرق المسيحيين أيض ا ينكرونها‬

‫والمسلمون واليهود سلف ا وخلف ا يفهمونها من جنس أضغاث الحلم‪ً.‬ا‬

‫)المر السادس( كان الجمال يوجد كثيرا في أقوال المسيح عليه السلم بحيث ل يفهمها‬

‫معاصروه وتلميذه في كثير من الحيان ما لم يفسرها بنفسه‪ ،‬فالقوال التي فسرها من هذه القوال‬ ‫المجملة فهموها‪ ،‬وما لم يفسره منها فهموا بعضها بعد مدة مديدة وبقي البعض عليهم مبهم ا إلى‬

‫آخر الحياة‪ ،‬ونظائره كثيرة أكتفي هنا على بعضها‪ً.‬ا‬

‫وقع في الباب الثاني من إنجيل يوحنا مكالمة المسيح عليه السلم مع اليهود الذين كانوا يطلبون‬ ‫المعجزة هكذا‪" 19 :‬أجاب يسوع وقال لهم انقضوا هذا الهيكل وفي ثلثة أيام أقيمه" ‪" 20‬فقال‬ ‫اليهود في ست وأربعين سنة بني هذا الهيكل أفأنت في ثلثة أيام تقيمه؟ " ‪" 21‬وأما هو فكان‬ ‫يقول عن هيكل جسده" ‪" 22‬فلما قام من الموات تذكر تلميذه أنه قال هذا فآمنوا بالكتاب‬ ‫والكلم الذي قاله يسوع" فهنا لم يفهم التلميذ فضلا عن اليهود‪ ،‬لكن فهم التلميذ بعد ما قام من‬

‫الموات‪،‬‬

‫) ‪(3/708‬‬

‫وقال المسيح لينقود بموس من علماء اليهود‪ :‬إن كان أحد ل يولد من فوق ل يقدر أن يرى‬ ‫ملكوت ال‪ ،‬فلم يفهم ينقود بموس مقصوده‪ ،‬وقال كيف يمكن أن يولد النسان وهو شيخ أيقدر‬ ‫أن يدخل في بطن أمه ثانية ويولد ففهمه المسيح مرة أخرى فلم يفهم مقصوده في هذه المرة أيضاا‪،‬‬ ‫وقال كيف يمكن هذا فقال المسيح أل تفهم وأنت معلم إسرائيل؟‪ ،‬وهذه القصة مفصلة في الباب‬ ‫الثالث من إنجيل يوحنا‪ ،‬وقال المسيح في مخاطبة اليهود‪" :‬أنا خبز الحياة إن أكل أحد من هذا‬ ‫الخبز يحيا إلى البد‪ ،‬والخبز الذي أنا أعطي هو جسدي"‪ ،‬فخاصم اليهود بعضهم بعضا قائلين‬

‫كيف يقدر هذا أن يعطينا جسده لنأكل‪ ،‬فقال لهم المسيح‪" :‬إن لم تأكلوا جسد ابن النسان ولم‬ ‫تشربوا دمه فليس لكم حياة‪ ،‬فيكم من يأكل جسدي ويشرب دمي فله حياة أبدية لن جسدي‬

‫مأكل حق ودمي مشرب حق‪ ،‬من يأكل جسدي ويشرب دمي يثبت في وأنا فيه كما أرسلني الب‬ ‫الحي وأنا حي بالب‪ ،‬فمن يأكلني فهو يحيا بي" فقال كثيرون من تلميذه إن هذا الكلم ممين يقدر‬


‫أن يسمعه؟ فرجع كثير منهم عن صحبته‪ ،‬وهذه القصة مفصلة في الباب السادس من إنجيل يوحنا‪،‬‬ ‫فهنا لم يفهم اليهود كلم المسيح والتلميذ استصعبوه‪ ،‬وارتد كثير منهم‪ً.‬ا‬ ‫وفي الباب الثامن من إنجيل يوحنا هكذا‪" 21 :‬قال لهم يسوع أيض ا أنا أمضي وستطلبونني وتموتون‬

‫في خطبتكم حيث أمضي أنا ل تقدرون أنتم أن‬

‫) ‪(3/709‬‬

‫تأتوا ‪ 22‬فقال اليهود‪ :‬لعله يقتل نفسه حتى يقول حيث أمضي أنا ل تقدرون أنتم أن تأتوا ‪51‬‬ ‫الحق الحق أقول لكم إن كان أحد يحفظ كلمي فلن يرى الموت إلى البد ‪ 52‬فقال له اليهود‬ ‫الن علمنا أن بك شيطاناا‪ ،‬قد مات إبراهيم والنبياء وأنت تقول إن كان أحد يحفظ كلمي فلن‬

‫يذوق الموت إلى البد" وههنا أيضا لم يفهم اليهود مقصوده في الموضعين بل نسبوه في الموضع‬

‫الثاني إلى الجنون‪ً.‬ا‬

‫وفي الباب الحادي عشر من إنجيل يوحنا هكذا‪" 11 :‬قال لهم لعاذر حبيبنا قد نام لكني أذهب‬ ‫لوقظه ‪ 12‬فقال تلميذه يا سيد إن كان قد نام فهو ديشفى ‪ 13‬وكان يسوع يقول عن موته وهم‬

‫ظنوا أنه يقول عن رقاد النوم ‪ 14‬فقال لهم يسوع حينئذ علنية لعاذر مات" وههنا لم يفهم تلميذ‬ ‫المسيح عليه السلم كلمه حتى صرح به‪ ،‬وفي الباب السادس عشر من إنجيل متى هكذا‪6 :‬‬ ‫"وقال لهم يسوع انظروا وتحررزوا من خمير الفريسيين والصدوقيين ففكروا في أنفسهم أننا لم نأخذ‬

‫خبزا ‪ 8‬فعلم يسوع وقال لهم لماذا تفكرون في أنفسكم يا قليلي اليمان إنكم لم تأخذوا خبزا ‪11‬‬ ‫كيف ل تفهمون أني ما قلت لكم عن الخبز أن تتحرزوا من خمير الفريسيين والصدوقيين" ‪12‬‬

‫"حينئذ فهموا أنه لم يقل أن يتحرزوا من خمير الخبز بل من تعليم الفريسيين والصدوقيين" وههنا‬ ‫أيض ا لم يفهم تلميذ المسيح عليه السلم مقصوده قبل التنبيه‪ً.،‬ا‬

‫) ‪(3/710‬‬

‫وفي الباب الثامن من إنجيل لوقا في حال الصبية التي أحياها المسيح عليه السلم بإذن ال هكذا‪:‬‬ ‫‪" 52‬وكان الجميع يبكون عليها ويلطمون فقال ل تبكوا لم تمت لكنها نائمة" ‪" 53‬فضحكوا عليه‬ ‫عارفين أنها ماتت" وههنا لم يفهم الجميع مقصود المسيح عليه السلم‪ ،‬ولذلك ضحكوا عليه‪،‬‬


‫وفي الباب التاسع من إنجيل لوقا قول المسيح في مخاطبة الحواريين هكذا‪" 44 :‬ضعوا أنتم هذا‬ ‫الكلم في آذانكم إن ابن النسان سوف يسلم إلى أيدي الناس" ‪" 25‬وأما هم فلم يفهموا هذا‬ ‫القول وكان مخفي عنهم لكيل يفهموه وخافوا أن يسألوه عن هذا القول" وههنا لم يفهم الحواريون‬ ‫ولم يسألوه خوف ا منه‪ ،‬وفي الباب الثامن عشر من إنجيل لوقا هكذا‪" 31 :‬وأخذ الثني عشر وقال‬ ‫لهم ها نحن صاعدون إلى أورشليم وسيتم كل ما هو مكتوب بالنبياء عن ابن النسان" ‪" 32‬لنه‬

‫يسلم إلى المم ويستهزؤ به ويشتم ويد يـتـمفل عليه" ‪33‬‬

‫"ويجلدونه ويقتلونه وفي اليوم الثالث يقوم" ‪" 34‬وأما هم فلم يفهموا من ذلك شيئ ا وكان هذا المر‬

‫مخفي ا عنهم‪ ،‬ولم يعلموا ما قيل" وههنا أيض ا لم يفهم الحواريون مع أن هذا التفهيم كان في المرة‬ ‫الثانية ولم يكن في الكلم إجمال أيضا بحسب الظاهر‪ ،‬لعل سبب عدم الفهم هو أنهم كانوا‬

‫سمعوا من اليهود أن المسيح يكون سلطانا عظيم الشأن فلما آمنوا بعيسى عليه السلم وصدقوه‬

‫) ‪(3/711‬‬

‫بالمسيحية فكانوا يظنون أنه سيجلس على سرير السلطنة‪ ،‬ونحن أيض ا نجلس على أسرة السلطنة‪،‬‬

‫لن عيسى عليه السلم كان وعدهم أنهم يجلسون على اثني عشر سريرا ويحكم كل منهم على‬

‫فرقة من فرق بني إسرائيل‪ ،‬وكانوا حملوا هذه السلطنة الدنياوية كما هو الظاهر‪ ،‬وكان هذا الخبز‬

‫مخالف ا لما ظنوه‪ ،‬ولما يرجونه‪ ،‬فلذا لم يفهموا‪ ،‬وستعرف عن قريب أنهم كانوا يرجون هكذا‪ ،‬وأيض ا‬ ‫قد دشربه على تلميذ عيسى عليه السلم من بعض القوال المسيحية أمران ولم يزل هذا الشتباه من‬ ‫أكثرهم أو كلهم إلى الموت )الول( أنهم كانوا يعتقدون أن يوحنا ل يموت إلى القيامة )الثاني(‬

‫أنهم كانوا يعتقدون أن القيامة تقوم في عهدهم كما عرفت مفصلا في الباب الول‪ ،‬وهذا المر‬ ‫يقيني أن ألفاظ عيسى عليه السلم بعينها ليست بمحفوظة في إنجيل من الناجيل‪ ،‬بل في كل‬

‫توجد ترجمتها باليوناني على ما فهم الرواة‪ ،‬وقد عرفت مفصلا في الشاهد الثامن عشر من المقصد‬

‫الثالث من الباب الثاني أن إنجيل متى لم يبق بل الباقي ترجمته‪ ،‬ولم يعلم أيضا اسم مترجمه بالجزم‬ ‫إلى الن‪ ،‬ول يثبت بالسند المتصل أن الكتب الباقية من الشخاص المنسوبة إليهم‪ ،‬وقد ثبت أن‬

‫التحريف وقع في هذه الكتب يقين ا وثبت أن أهل الدين والديانة كانوا يحرفون قصد التأييد مسألة‬ ‫مقبولة أو لدفع اعتراض‪ ،‬وقد عرفت في الشاهد الحادي والثلثين من المقصد الثاني بالدلة‬

‫القوية أنه ثبت‬


‫) ‪(3/712‬‬

‫تحريفهم في هذه المسألة فزادوا في الباب الخامس من الرسالة الولى ليوحنا هذه العبارة‪" :‬في‬ ‫السماء وهم ثلثة الب والكلمة والروح القدس‪ ،‬وهؤلء الثلثة هم واحد‪ ،‬والذين يشهدون في‬ ‫الرض"‪ ،‬وزادوا بعض اللفاظ في الباب الول من إنجيل لوقا وأسقطوا بعض اللفاظ من الباب‬ ‫الول من إنجيل مرتى‪ ،‬وأسقطوا الية الثامنة من الباب الثاني والعشرين من إنجيل لوقا‪ ،‬ففي هذه‬ ‫الصورة لو وجد بعض القوال المسيحية المتشابهة الدالة على التثليث ل اعتماد عليها مع أنها‬

‫ليست صريحة كما ستعرف في المر الثاني عشر من المقدمة‪ً.‬ا‬ ‫)المر السابع( قد ل يدرك العقل ماهية بعض الشياء وكنهها كما هي لكن مع ذلك يحكم بإمكانها‬ ‫ول يلزم من وجودها عنده استحالة ما ولذا تعد هذه الشياء من الممكنات‪ ،‬وقد يحكم بداهة أو‬ ‫بدليل قطعي بامتناع بعض‬

‫) ‪(3/713‬‬

‫الشياء‪ ،‬ويلزم من وجودها عنده محال ما‪ ،‬ولذا تعد هذه الشياء من الممتنعات‪ ،‬وبين الصورتين‬ ‫فرق جل ري‪ ،‬ومن القسم الثاني اجتماع النقيضين الحقيقيين وارتفاعهما‪ ،‬وكذا اجتماع الوحدة والكثرة‬ ‫الحقيقيتين في زمان واحد من جهة واحدة‪ ،‬وكذا اجتماع الزوجية والفردية وكذا اجتماع الفراد‬

‫المختلفة‪ ،‬وكذا اجتماع الضداد مثل النور والظلمة والسواد والبياض والحرارة والبرودة والرطوبة‬ ‫واليبوسة‪ ،‬والعمى والبصر‪ ،‬والسكون والحركة في المادة الشخصية مع اتحاد الزمان والجهة‪،‬‬ ‫واستحالةد هذه الشياء بديهية يحكم بها عقل كل عاقل‪ ،‬وكذا من القسم الثاني لزوم الدور‬ ‫والتسلسل وأمثالهما يحكم العقل ببطلنها بأدلة قطعية‪ً.‬ا‬

‫)المر الثامن( إذا تعارض القولن فل بد من إسقاطهما إن لم يمكن التأويل‪ ،‬أو من تأويلهما إن‬ ‫أمكن‪ ،‬ول بد أن يكون التأويل بحيث ل يستلزم المحال أو الكذب‪ ،‬مثلا اليات الدالة على‬

‫الجسمية والشكل تعارضت ببعض اليات الدالة على التنزيه فيجب تأويلها كما عرفت في المر‬ ‫الثالث‪ ،‬لكن ل بد أن ل يكون التأويل بأن ال متصف بصفتين أعني الجسمية والتنزيه‪ ،‬وإن لم‬

‫تدرك عقولنا هذا المر فإن هذا التأويل باطل محض واجب الرد ل يرفع التناقض‪ً.‬ا‬


‫) ‪(3/714‬‬ ‫)المر التاسع( العددد لما كان قنسم ا من المكم ل يكون قائم ا بنفسه بل بالغير‪ ،‬وكل موجود ل بد أن‬

‫يكون معروضا للوحدة أو الكثرة‪ً.‬ا والذوات الموجودة بالمتياز الحقيقي المتشخصة بالتشخص‬

‫تكون معروضة للكثرة الحقيقية‪ ،‬فإذا صارت معروضة لها ل تكون معروضة للوحدة الحقيقية وإل‬

‫يلزم اجتماع الضدين الحقيقيين كما عرفت في المر السابع‪ ،‬نعم يجوز أن تكون معروضة للوحدة‬ ‫العتبارية بأن يكون المجموع كثيرا حقيقي ا وواحدا اعتباري ا‪ً.‬ا‬ ‫)المر العاشر( المنازعة بيننا وبين أهل التثليث والتوحيد كليهما حقيقيان وإن قالوا التثليث حقيقي‬ ‫والتوحيد اعتباري فل نزاع بيننا وبينهم لكنهم يقولون إن كلا منهما حقيقي كما هو مصرح به في‬ ‫كتب علماء البروتستنت‪ ،‬قال صاحب ميزان الحق في الباب الول من كتابه المسمى بحل‬

‫الشكال هكذا‪" :‬إن المسيحيين يحملون التوحيد والتثليث كليهما على المعنى الحقيقي"‪ً.‬ا‬ ‫)المر الحادي عشر( قال العلمة المقريزي في كتابه المسمى بالخطط في بيان الفرق المسيحية‬ ‫التي كانت في عصره‪" :‬النصارى فرق كثيرة الملكانية والنسطورية واليعقوبية والبوذعانية والمرقولية‬ ‫وهم الرهاويون الذين كانوا بنواحي حران وغير هؤلء" ثم قال "والملكانية واليعقوبية والنسطورية‬ ‫كلهم متفقون على‬

‫) ‪(3/715‬‬

‫أن معبودهم ثلثة أقانيم‪ ،‬وهذه القانيم الثلثة هي واحد وهو جوهر قديم ومعناه أب وابن وروح‬ ‫القدس إله واحد" ثم قال "قالوا البن اتحد بإنسان مخلوق فصار هو وما اتحد به مسيح ا واحداا‪،‬‬ ‫وإن المسيح هو إله العباد وربهم‪ ،‬ثم اختلفوا في صفة التحاد فزعم بعضهم أنه وقع بين جوهر‬ ‫لهوتي وجوهر ناسوتي اتحاد‪ ،‬ولم يخرج التحاد كل واحد منهما عن جوهريته وعنصره‪ ،‬وإن‬ ‫المسيح إله معبود وإنه ابن مريم الذي حملته وولدته‪ ،‬وإنه قتل وصلب‪ ،‬وزعم قوم أن المسيح بعد‬ ‫التحاد جوهران أحدهما لهوتي والخر ناسوتي‪ ،‬وأن القتل والصلب وقعا من جهة ناسوته ل من‬ ‫جهة لهوته‪ ،‬وأن مريم حملت بالمسيح وولدته من جهة ناسوته‪ ،‬وهذا قول النسطورية‪ ،‬ثم يقولون‬ ‫إن المسيح بكماله إله معبود وإنه ابن ال تعالى ال عن قولهم‪ً.،‬ا‬


‫) ‪(3/716‬‬

‫وزعم قوم أن التحاد وقع بين جوهرين لهوتي وناسوتي فالجوهر اللهوتي بسيط غير منقسم ول‬ ‫متجزئ‪ ،‬وزعم قوم أن التحاد على جهة حلول البن في الجسد ومخالطته إياه‪ ،‬ومنهم من زعم أن‬ ‫التحاد على جهة الظهور كظهور كتابة الخاتم والنقش‪ ،‬إذا وقع على طين أو شمع وكظهور صورة‬ ‫النسان في المرآة إلى غير ذلك من الختلف الذي ل يوجد مثله في غيرهم‪ ،‬والملكانية تنسب‬ ‫إلى ملك الروم وهم يقولون إن ال اسم لثلثة معان فهو واحد ثلثة وثلثة واحد‪ ،‬واليعقوبية يقولون‬ ‫إنه واحد قديم‪ ،‬وإنه كان ل جسم ول إنسان ثم تجسم وتأنس‪ ،‬والمرقولية قالوا ال واحد علمه‬ ‫غيره قديم معه‬ ‫والمسيح ابنه على جهة الرحمة‪ ،‬كما يقال إبراهيم خليل ال" انتهى كلمه بلفظه‪ً.،‬ا‬

‫) ‪(3/717‬‬

‫فظهر لك أن آراءهم في بيان علمة التحاد بين أقنوم البن وجسم المسيح كانت مختلفة في غاية‬ ‫الختلف‪ ،‬ولذا ترى البراهين المومردة في الكتب القديمة السلمية مختلفة‪ ،‬ول نزاع لنا في هذه‬ ‫العقيدة مع المرقولية إل باعتبار إطلق اللفظ الموهم‪ ،‬وفرقة البروتستنت لما رأوا أن بيان علقة‬

‫التحاد ل يخلو عن الفساد البين تركوا آراء السلف‪ ،‬وعجزوا أنفسهم واختاروا السكوت عن‬ ‫بيانها وعن بيان العلقة بين القانيم الثلثة‪ً.‬ا‬ ‫)المر الثاني عشر( عقيدة التثليث ما كانت في أمة من المم السابقة من عهد آدم إلى عهد موسى‬ ‫عليه السلم‪ ،‬ومهيوسات أهل التثليث بتمسكهم ببعض آيات سفر التكوين ل تتم علينا لنها في‬

‫الحقيقة تحريف لمعانيها‪ ،‬ويكون المعنى على تمسكهم من قبيل كون المعنى في بطن الشاعر‪ ،‬ول‬

‫أدعي أنهم‬

‫) ‪(3/718‬‬


‫ل يتمسكون بزعمهم بآية من آيات السفر المذكور بل أدعي أنه لم يثبت بالنص كون هذه العقيدة‬ ‫لمة من المم السالفة‪ ،‬وأما أنها ليست بثابتة في الشريعة الموسوية وأمته فغير محتاج إلى البيان‬ ‫لنه من طالع هذه التوراة المستعملة ل يخفى عليه هذا المر‪ ،‬ويميحيى عليه السلم كان إلى آخر‬

‫عمره‬

‫) ‪(3/719‬‬

‫شاك ا في المسيح عليه السلم بأنه المسيح الموعود به أم ل‪ ،‬كما صرح به في الباب الحادي عشر‬ ‫من إنجيل متى أنه أرسل اثنين من تلميذه وقال له أنت هو التي أم ننتظر آخر؟‪ ،‬فلو كان عيسى‬

‫عليه السلم إله ا يلزم كفره إذ الشك في الله كفر‪ ،‬وكيف يتصرور أنه ل يعرف إلهه وهو نبيه‪ ،‬بل هو‬ ‫أفضل النبياء بشهادة المسيح كما هي مصرحة في هذا الباب‪ ،‬وإذا لم يعرف الفضل مع كونه‬

‫معاصرا فعدم معرفة النبياء الخرين السابقين على عيسى أحق بالعتبار‪ ،‬وعلماء اليهود من لدن‬

‫موسى عليه السلم إلى هذا الزمان ل يعترفون بها‪ ،‬وظاهر أن ذات ال وصفاته الكمالية قديمة غير‬

‫متغيرة موجودة أزلا وأبداا‪ ،‬فلو كان التثليث حتم ا لكان الواجب على موسى عليه السلم وأنبياء بني‬ ‫إسرائيل أن يبينوه حق التبيين‪ ،‬فالعجب كل العجب أن تكون الشريعة الموسوية التي كانت واجبة‬

‫الطاعة لجميع النبياء إلى عهد عيسى عليه السلم خالية عن بيان هذه العقيدة التي هي مدار‬ ‫النجاة على زعم أهل التثليث‪ ،‬ول يمكن نجاة أحد بدونها نبي ا كان أو غير نبي‪ ،‬ول يبين موسى ول‬

‫نبي من النبياء السرائيلية هذه العقيدة ببيان واضح‪،‬‬

‫بحيث تفهم منه هذه العقيدة صراحة ول يبقى شك ما‪ ،‬ويبين موسى عليه السلم الحكام التي هي‬ ‫عند مقدس أهل التثليث ضعيفة ناقصة جدا بالتشريح التام ويكررها مرة بعد أولى وكرة بعد أخرى‪،‬‬

‫ويؤكد على‬

‫) ‪(3/720‬‬

‫ب منه أن عيسى عليه السلم أيضا‬ ‫محافظتها تأكيدا بليغاا‪ ،‬ويوجب القتل على تارك بعضها‪ ،‬وأعج د‬ ‫ما بين هذه العقيدة إلى عروجه ببيان واضح مثلا بأن يقول إن ال ثلثة أقانيم الب والبن وروح‬

‫القدس‪ ،‬وأقنوم البن تعلق بجسمي بعلقة فلنية أو بعلقة فهمها خارج عن إدراك عقولكم فاعلموا‬


‫أني أنا ال ل غير‪ ،‬لجل العلقة المذكورة أو يقول كلما آخر مثله في إفادة هذا المعنى صراحة‪،‬‬

‫وليس في أيدي أهل التثليث من أقواله إل بعض القوال المتشابهة‪ :‬قال صاحب ميزان الحق في‬ ‫كتابه المسمى بمفتاح السرار‪" :‬إن قلت لنمم لميم يبين المسيح ألوهيته ببيان أوضح مما ذكره‪ ،‬ولنمم لميم‬ ‫يقل واضح ا ومختصرا أني أنا ال ل غير؟ " فأجاب أولا بجواب غير مقبول ل يتعلق غرضنا بنقله‬ ‫في هذا المحل‪ ،‬ثم أجاب ثانيا "بأنه ما كان أحد يقدر على فهم هذه العلقة والوحدانية قبل قيامه"‬ ‫يعني من الموات "وعروجه فلو قال صراحة لفهموا أنه إله بحسب الجسم النساني وهذا المر‬

‫كان باطلا جزم ا فدرك هذا المطلب أيض ا من المطالب التي قال في حقها لتلميذه إن لي أمورا‬ ‫كثيرة أيض ا‬

‫) ‪(3/721‬‬

‫لقول لكم‪ ،‬ولكن ل تستطيعون أن تحتملوا الن‪ ،‬وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى‬ ‫جميع الحق لنه ل يتكلم من نفسه بل كان ما يسمع يتكلم ويخبركم بأمور آتية" ثم قال "إن كبار‬ ‫ملة اليهود أرادوا مرارا أن يأخذوه ويرجموه‪ ،‬والحال أنه ما كان بمـلين ألوهيته بين أيديهم إل على‬ ‫طريق اللغاز" فعلم من كلمه عذران‪) :‬الول( عدم قدرة فهم أحد قبل العروج )والثاني( خوف‬

‫اليهود وكلهما ضعيفان في غاية‬ ‫الضعف‪ ،‬أما الول فإنه كان هذا القدر يكفي لدفع الشبهة‪ :‬أن علقة التحاد التي بين جسمي‬ ‫وبين أقنوم البن فهمها خارج عن وسعكم فاتركوا تفتيشها واعتقدوا بأني لست إله ا باعتبار الجسم‬

‫بل بعلقة التحاد المذكور‪ ،‬وأما نفس عدم القدرة على فهمها فباقية بعد العروج أيضا حتى لم يعلم‬

‫عالم من علمائهم إلى هذا الحين كيفية هذه العلقة والوحدانية‪ ،‬ومن قال ما قال فقوله مريجم بالغيب‬

‫ل يخلو عن مميفمسدة عظيمة‪ ،‬ولذا ترك علماء فرقة البروتستنت بيانها رأساا‪ ،‬وهذا القسيس يعترف‬

‫في مواضع من تصانيفه بأن هذا المر من السرار خارج عن درك العقل‪ ،‬وأما الثاني فلن المسيح‬

‫عليه السلم ما جاء عندهم إل لجل أن يكون كفارة لذنوب الخلق ويصلبه اليهود‪ ،‬وكان يعلم يقينا‬ ‫أنهم يصلبونه ومتى يصلبونه فأي محل للخوف من اليهود في بيان العقيدة؟‪ ،‬والعجب أن خالق‬

‫) ‪(3/722‬‬


‫الرض والسماء والقادر على ما يشاء يخاف من عباده الذين هم من أذل أقوام الدنيا‪ ،‬ول يبين‬ ‫لجل خوفهم العقيدة التي هي مدار النجاة‪ً.‬ا‬ ‫وعباده من النبياء مثل أرمياء وأشعياء ويحيى عليهم السلم ل يخافون منهم في بيان الحق ويؤمذيون‬ ‫إيذاء شديدا ويقتل بعضهم‪ ،‬وأعجب منه أن المسيح عليه السلم يخاف منهم في بيان هذه‬ ‫المسألة العظيمة‪ ،‬ويشدد عليهم في المر بالمعروف والنهي عن المنكر غاية التشديد حتى تصل‬ ‫النوبة إلى السب‪ ،‬ويخاطب الكتبة والفريسيين مشافهة بهذه اللفاظ‪ :‬ويل لكم أيها الكتبة‬ ‫والفريسيون المراءون‪ ،‬وويل لكم أيها القادة العميان وأيها الجهال العميان‪ ،‬وأيها الفريسي العمى‪،‬‬ ‫وأيها الحيات والفاعي كيف تهربون من دينونة جهنم‪ ،‬ويظهر قبائحهم على رؤوس الشهاد‪ ،‬حتى‬ ‫شكا بعضهم بأنك تشتمنا كما هو مصرح به في الباب الثالث والعشرين من إنجيل مرتى والحادي‬

‫) ‪(3/723‬‬

‫عشر من إنجيل لوقا‪ ،‬وأمثال هذا مذكورة في المواضع الخر من النجيل أيضاا‪ ،‬فكيف يظن‬

‫بالمسيح عليه السلم أن يترك بيان العقيدة التي هي مدار النجاة لجل خوفهم؟‪ً.‬ا حاشا ثم حاشا أن‬

‫يكون جنابه هكذا‪ ،‬وعلم من كلمه أن المسيح عليه السلم ما بين هذه المسألة عند اليهود قط إل‬ ‫بطريق اللغاز وأنهم كانوا ينكرون هذه العقيدة أشد النكار حتى أرادوا رجمه مرارا على البيان‬

‫اللغازي‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/724‬‬

‫الفصل الول‪ :‬في إبطال التثليث بالبراهين العقلية‬ ‫)البرهان الول( لما كان التثليث والتوحيد حقيقيين عند المسيحيين بحكم المر العاشر من‬ ‫المقدمة فإذا وجد التثليث الحقيقي ل بد من أن توجد الكثرة الحقيقية أيض ا بحكم المر التاسع‬

‫من المقدمة ول يمكن بعد ثبوتها التوحيد الحقيقي وإل يلزم اجتماع الضدين الحقيقيين بحكم المر‬

‫السابع من المقدمة وهو محال‪ ،‬فلزم تعدد الوجباء وفات التوحيد يقينا‪ً.‬ا فقائل التثليث ل يمكن أن‬

‫يكون موحد ا ل تعالى بالتوحيد الحقيقي‪ ،‬والقول بأن التثليث الحقيقي والتوحيد الحقيقي وإن كانا‬ ‫ضدين حقيقين في غير الواجب لكنهما ما ليسا كذلك‪ ،‬فيه سفسطة محضة لنه إذا ثبت أن‬


‫الشيئين بالنظر إلى ذاتيهما ضدان حقيقيان أو نقيضان في نفس المر فل يمكن اجتماعهما في أمر‬ ‫واحد شخصي في زمان واحد من جهة واحدة واجبا كان ذلك المر أو غير واجب‪ ،‬كيف وإن‬

‫الواحد الحقيقي ليس له ثلث صحيح والثلثة لها ثلث صحيح‪ ،‬وهو واحد وأن الثلثة مجموع‬

‫آحاد ثلثة‪ ،‬والواحد الحقيقي ليس مجموع آحاد رأس ا‪ً.،‬ا‬

‫) ‪(3/725‬‬

‫وإن الواحد الحقيقي جزء الثلثة فلو اجتمعا في محل واحد يلزم كون الجزء كلا والكل جزءا وأن‬

‫هذا الجتماع يستلزم كومن ال مرركب ا من أجزاء غير متناهية بالفعل لتحاد حقيقة الكل والجزء على‬ ‫هذا التقدير‪ ،‬والكل مركب‪ ،‬فكل جزء من أجزائه أيض ا مركب من الجزاء التي تكون عين هذا‬

‫الجزء وهلم جررا‪ ،‬وكون الشيء مرركبا من أجزاء غير متناهية بالفعل باطل قطعاا‪ ،‬وأن هذا الجتماع‬

‫يستلزم كون الواحد دثلث نفسه وكون الثلثة ثلثة أمثال نفسها‪ ،‬والواحد ثلثة أمثال الثلثة‪ً.‬ا‬ ‫)البرهان الثاني( لو دونجد في ذات ال ثلثة أقانيم ممتازة بامتياز حقيقي كما قالوا فمع قطع النظر‬ ‫صلة بل مركب ا اعتباري ا فإن التركيب الحقيقي ل بد‬ ‫عن تعدد الوجباء يلزم أن ل يكون ال حقيقة مح ل‬ ‫فيه من الفتقار بين الجزاء‪ ،‬فإن الحجر الموضوع يجنب النسان ل يحصل منهما أحدية‪ ،‬ول‬

‫افتقار بين الواجبات‪ ،‬لنه من خواص الممكنات‪ ،‬فالواجب ل يفتقر إلى الغير وكل جزء منفصل عن‬ ‫الخر وغيدره وإن كان داخلا في المجموع‪ ،‬فإذا لم يفتقر بعض الجزاء إلى بعض آخر لم تتألف‬ ‫منها الذات الحدية‪ ،‬على أنه يكون ال في الصورة المذكورة مركباا‪ ،‬وكل مركب يفتقر في تحققه‬

‫إلى تحقق كل واحد من أجزائه‪ ،‬والجزء غير الكل بالبداهة‪ ،‬فكل مركب مفتقر إلى غيره‪ ،‬وكل مفتقر‬

‫إلى غيره ممكن لذاته فيلزم أن يكون ال ممكنا لذاته وهذا باطل‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/726‬‬

‫)البرهان الثالث( إذا ثبت المتياز الحقيقي بين القانيم فالمرالذي حصل به هذا المتياز إما أن‬ ‫يكون من صفات الكمال أو ل يكون‪ ،‬فعلى الرشق الول لم يكن جميع صفات الكمال مشتركا فيه‬ ‫بينهم‪ ،‬وهو خلف ما تقرر عندهم أن كل أقنوم من هذه القانيم متصف بجميع صفات الكمال‪،‬‬

‫وعلى الشق الثاني فالموصوف به يكون موصوف ا بصفة ليست من صفات الكمال‪ ،‬وهذا نقصان‬


‫يجب تنزيه ال عنه‪ً.‬ا‬ ‫)البرهان الرابع( التحاد بين الجوهر اللهوتي والناسوتي إذا كان حقيقيا لكان أقنوم البن محدودا‬ ‫متناهي ا وكل ما كان كذلك كان قبوله للزيادة والنقصان ممكناا‪ ،‬وكل ما كان كذلك كان اختصاصه‬

‫بالمقدار المعين لتخصيص مخصص وتقدير مقردر‪ ،‬وكل ما كان كذلك فهو محدث فيلزم أن يكون‬

‫أقنوم البن محدثا ويستلزم حدوثه حدوث ال‪ً.‬ا‬

‫)البرهان الخامس( لو كان القانيم الثلثة ممتازة بامتياز حقيقي وجب أن يكون الممريز غير الوجوب‬ ‫الذاتي‪ ،‬لنه مشترك بينهم‪ ،‬وما به الشتراك غير ما به المتياز فيكون كل واحد منهم مركب ا من‬

‫جزأين وكل مركب ممكن لذاته‪ ،‬فيلزم أن يكون كل واحد منهم ممكن ا لذاته‪ً.‬ا‬

‫)البرهان السادس( مذهب اليعقوبية باطل صريح لنه يستلزم انقلب القديم بالحادث والمجرد‬ ‫بالمادي‪ ،‬وأما مذهب غيرهم فيقال في إبطاله‪ :‬إن هذا التحاد إما بالحلول أو بغيره فإن كان الول‬ ‫فهو باطل من وجوه ثلثة على موفق عدد التثليث‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/727‬‬

‫أما أولا فلن ذلك الحلول ل يخلو إما أن يكون كحلول ماء الورد في الورد والدهن في السمسم‬

‫والنار في الفحم‪ ،‬وهذا باطل لنه إنما يصح لو كان أقنوم البن جسماا‪ ،‬وهم وافقونا على أنه ليس‬

‫بجسم‪ ،‬وإما أن يكون كحصول اللون في الجسم وهذا أيض ا باطل لن المعقول من هذه التبعية‬

‫صور في الجسام‪ ،‬وإما‬ ‫حصول اللون في الحريز لحصول محله في هذا الحيز‪ ،‬وهذا أيض ا إنما يدـتم ر‬ ‫أن يكون كحصول الصفات الضافية للذوات‪ ،‬وهذا أيضا باطل لن المعقول من هذه التبعية‬

‫الحتياج‪ ،‬فلو ثبت حلول أقنوم البن بهذا المعنى في شيء كان محتاجا فكان ممكنا مفتقرا إلى‬ ‫المؤثر وذلك محال‪ ،‬وإذا ثبت بطلن جميع التقارير امتنع إثباته‪ً.‬ا‬

‫وأما ثاني ا فلنا لو قطعنا النظر عن معنى الحلول نقول‪ :‬إن أقنوم البن لو حرل في الجسم فذلك‬

‫الحلول إما أن يكون على سبيل الوجوب أو على سبيل الجواز‪ ،‬ول سبيل إلى الول لن ذاته إما‬

‫أن تكون كافية في اقتضاء هذا الحلول أو ل تكون كافية في ذلك‪ ،‬فإن كان الول استحال توقف‬ ‫ذلك القتضاء على حصول شرط فيلزم إما حدوث ال أو قدم المحل‪ ،‬وكلهما باطلن وإن كان‬ ‫الثاني كان كونه مقتضي ا لذلك الحلول أمرا زائدا على ذاته حادث ا فيه‪ ،‬فيلزم من حدوث الحلول‬


‫حدوث شيء فيه فيكون قابلا للحوادث‪ ،‬وذلك محال لنه لو كان كذلك لكانت تلك القابلية من‬

‫لوازم‬

‫) ‪(3/728‬‬

‫ذاته‪ ،‬وكانت حاصلة أزال‪ ،‬وذلك محال لن وجود الحوادث في الزل محال‪ ،‬ول سبيل إلى الثاني‬ ‫على هذا التقدير يكون ذلك الحلول زائدا على ذات القنوم فإذا حل في الجسم وجب أن يحل‬ ‫فيه صفة محدثة‪ ،‬وحلولها يستلزم كونه قابلا للحوادث‪ ،‬وهو باطل كما عرفت‪ً.‬ا‬

‫وأما ثالث ا فلن أقنوم البن إذا حل في جسم عيسى عليه السلم فل يخلو إما أن يكون باقي ا في‬

‫ذات ال أيض ا أو ل فإن كان الول لزم أن يوجد الحال الشخصي في محلين‪ ،‬وإن كان الثاني لزم‬ ‫أن يكون ذات ال خالية عنه فينتفي لن انتفاء الجزء يستلزم انتفاء الكل‪ ،‬وإن كان ذلك التحاد‬

‫بدون الحلول فنقول إرن أقنوم البن إذا اتحد بالمسيح عليه السلم فهما في حال التحاد إن كانا‬

‫موجودين فهما اثنان ل واحد فل اتحاد‪ ،‬وإن عدما وحصل ثالث فهو أيض ا ل يكون اتحادا بل عدم‬ ‫الشيئين وحصول شيء ثالث‪ ،‬وإن بقي أحدهما وعدم الخر فالمعدوم يستحيل أن يتحد بالموجود‬ ‫لنه يستحيل أن يقال المعدوم بعينه هو الموجود‪ ،‬فظهر أن التحاد محال‪ ،‬ومن قال إن التحاد‬ ‫على جهة الظهور كظهور كتابة الخاتم إذا وقع على طين أو شمع أو كظهور صورة النسان في‬ ‫المرآة فقوله ل يثبت التحاد الحقيقي بل يثبت التغاير‪ ،‬لنه كما أن كتابة الخاتم الظاهرة على طين‬ ‫أو شمع غير الخاتم وصورة النسان في المرآة غير النسان‪ ،‬فكذلك يكون أقنوم البن غير‬ ‫المسيح عليه السلم‪ ،‬بل غاية ما يلزم أن يكون ظهور أثر صفة القنوم فيه أكثر‬

‫) ‪(3/729‬‬

‫من ظهوره في غيره‪ ،‬كما أن ظهور تأثير شعاع الشمس في بدخشان في بعض الحجار التي تتولد‬ ‫منها الجواهر المعروفة أزيد من تأثيره في الحجار التي هي غير تلك الحجار‪ ،‬ولنعم ما قيل‪:‬‬ ‫محال ل يساويه محال * وقول في الحقيقة ل يقال‬ ‫وفكر كاذب وحديث زور * بدا منهم ومنشؤه الخيال‬ ‫تعالى ال ما قالوه كفر * وذنب في العواقب ل يقال‪ً.‬ا‬


‫)البرهان السابع( فرقة البروتستنت ترد على فرقة الكاثلك في استحالة الخبز إلى المسيح في‬ ‫العشاء الرباني بشهادة الحس وتستهزئ بها‪ ،‬فهذا الرد والهزء يرجعان إليهما أيضا لن الذي رأى‬

‫المسيح ما رأى منه إل شخص ا واحدا إنساناا‪ ،‬وتكذيب أصدق الحواس الذي هو البصر يفتح باب‬

‫السفسطة في الضروريات‪ ،‬فيكون القول به باطلا كالقول بالستحالة‪ ،‬والجهلء من المسيحيين من‬ ‫أية فرقة من فرق أهل التثليث كانوا قد ضلوا في هذه العقيدة ضللا بيناا‪ ،‬ول يميزون بين الجوهر‬ ‫اللهوتي والناسوتي كما يميز بحسب الظاهر علماؤهم‪ ،‬بل يعتقدون ألوهية المسيح عليه السلم‬

‫باعتبار الجوهر الناسوتي ويخبطون خبط ا عظيم ا‪ً.،‬ا‬

‫) ‪(3/730‬‬

‫نقل أنه تنصر ثلثة أشخاص وعلمهم بعض القسيسين العقائد الضرورية سيما عقيدة التثليث أيضاا‪،‬‬ ‫وكانوا في خدمته فجاء محب من أحلباء هذا القسيس وسأله عمن تنصر؟ فقال‪ :‬ثلثة أشخاص‬

‫تنصروا‪ ،‬فسأل هذا المحب‪ :‬هل تعلموا شيئ ا من العقائد الضرورية‪ ،‬فقال‪ :‬نعم‪ ،‬وطلب واحدا منهم‬ ‫ليرى محبه فسأله عن عقيدة التثليث‪ ،‬فقال‪ :‬إنك علمتني أن اللهة ثلثة أحدهم الذي هو في‬

‫السماء والثاني تولد من بطن مريم العذراء والثالث الذي نزل في صورة الحمام على الله الثاني بعد‬ ‫ما صار ابن ثلثين سنة‪ ،‬فغضب القسيس وطرده‪ ،‬وقال‪ :‬هذا مجهول‪ ،‬ثم طلب الخر منهم وسأله‬ ‫فقال‪ :‬إنك علمتني أن اللهة كانوا ثلثة‬

‫) ‪(3/731‬‬

‫وصلب واحد منهم فالباقي إلهان‪ ،‬فغضب عليه القسيس أيضا وطرده‪ ،‬ثم طلب الثالث وكان ذكيا‬ ‫بالنسبة إلى الولين وحريصا في حفظ العقائد فسأله فقال‪ :‬يا مولي حفظت ما علمتني حفظا جيدا‬

‫وفهمت فهم ا كاملا بفضل الرب المسيح أن الواحد ثلثة والثلثة واحد وصلب واحد منهم ومات‬ ‫فمات الكل لجل التحاد‪ ،‬ول إله الن وإل يلزم نفي التحاد )أقول( ل تقصير للمسؤولين فإن‬

‫هذه العقيدة يخبط‬ ‫فيها الجهلء هكذا ويتحير علماؤهم‪ ،‬ويعترفون بأنا نعتقد ول نفهم‪ ،‬ويعجزون عن تصويرها وبيانها‪،‬‬ ‫ولذا قال الفخر الرازي في تفسيره ذيل تفسير سورة النساء‪" :‬واعلم أن مذهب النصارى مجهول‬


‫جداا" ثم قال‪" :‬ل نرى مذهبا في الدنيا أشرد ركاكة وبعدا من العقل من مذهب النصارى" وقال في‬ ‫تفسير سورة المائدة‪" :‬ول نرى في الدنيا مقالة أشد فسادا وأظهر بطلنا من مقالة النصارى" فإذا‬

‫علمت بالبراهين العقلية القطعية أن التثليث الحقيقي ممتنع في ذات ال فلو وجد قول من القوال‬

‫المسيحية دالا بحسب الظاهر على التثليث يجب تأويله‪ ،‬لنه ل يخلو إما أن نعمل بكل واحد من‬ ‫دللة البراهين ودللة القول‪ً.‬ا‬

‫وإما أن نتركهما‪ ،‬وإما أن نرجح النقل على العقل‪ ،‬وإما أن نرجح العقل على النقل‪،‬‬

‫) ‪(3/732‬‬

‫والول باطل قطع ا ول يلزم كون الشيء الواحد ممتنع ا وغير ممتنع في نفس المر‪ ،‬والثاني أيض ا‬ ‫محال وإل يلزم ارتفاع النقيضين‪ ،‬والثالث أيضا ل يجوز لن العقل أصل النقل فإن ثبوت النقل‬

‫موقوف على وجود الصانع وعلمه وقدرته وكونه مرسلا للرسل‪ ،‬وثبوتها بالدلئل العقلية‪ ،‬فالقدح في‬

‫العقل قدح في العقل والنقل معاا‪ ،‬فلم يبق إل أن نقطع بصحة العقل ونشتغل بتأويل النقل‪ ،‬والتأويل‬ ‫عند أهل الكتاب ليس بنادر ول قليل لما عرفت في المر الثالث من المقدمة أنهم يؤولون اليات‬

‫الغير المحصورة الدالة على جسمية ال وشكله لجل اليتين اللتين مضمونهما مطابق للبرهان‬ ‫العقلي‪ ،‬وكذلك يؤولون اليات الكثيرة الغير المحصورة الدالة على المكان ل تعالى لجل اليات‬ ‫القليلة الموافقة للبرهان‪ ،‬وعرفت في المر الرابع والخامس أيض ا مثله مشروح ا لكن العجب من‬

‫عقلء الكاثلك وممين تبعهم أنهم تاراة يبطلون حكم الحس والعقل معاا‪ ،‬ويحكمون أن الخبز والخمر‬ ‫اللذين حدثا بين أعيننا بعد مدة أزيد من ألف وثمانمائة سنة من عروج المسيح عليه السلم‬

‫يتحولن في العشاء الرباني إلى لحمه ودمه حقيقة فيعبدونهما ويسجدون لهما‪ ،‬وتاراة يبطلون حكم‬

‫العقل والبداهة وينبذون البراهين العقلية وراء ظهورهم‪ ،‬ويقولون‪:‬‬

‫) ‪(3/733‬‬

‫التثليث الحقيقي والتوحيد الحقيقي يمكن اجتماعهما في أمر واحد شخصي في زمان واحد من‬ ‫جهة واحدة‪ ،‬والعجب من فرقة البروتستنت أنهم خالفوهم في الولى دون الثانية‪ ،‬فلو كان العمل‬ ‫على ظاهر النقل ضروري ا وإن كان مخالف ا للحس والعقل فالنصاف أن فرقة الكاثلك خير من‬


‫فرقتهم لنها بالغت في إطاعة ظاهر قول المسيح عليه السلم حتى اعترفت بمعبودية ما يصادمه‬ ‫الحس والبداهة‪ ،‬وكما أن أهل التثليث‬ ‫يغالون في شأن المسيح عليه السلم ويوصلونه إلى رتبة اللوهية فكذلك يفرطون في شأنه وشأن‬ ‫آبائه فيعتقدون أنه لعن وبعد ما مات نزل جهنم وأقام فيها ثلثة أياوم كما ستعرف‪ ،‬وأن داود‬ ‫وسليمان عليهما السلم وكذا الباء الخرون للمسيح عليه السلم في أولد فارض الذي ولدته‬ ‫تامارا بالزنا من يهوذا‪ ،‬وأن داود عليه السلم زنى بامرأة أوريا وأن سليمان عليه السلم ارتد في آخر‬ ‫عمره كما عرفت‪ً.‬ا‬ ‫وكان سيل من العلماء المسيحية‪ ،‬وكان قد حصل بعض العلوم السلمية أيضاا‪ ،‬وكان ترجم القرآن‬

‫صى قومه في بعض المور‪ ،‬وأنقل وصيته عن‬ ‫المجيد بلسانه وترجمته مقبولة عند المسيحيين و ل‬

‫ترجمته المطبوعة سنة ‪ 1836‬من الميلد‪ :‬الول‪" :‬ل يقع الجبر منكم على المسلمين‪ ،‬والثاني‪ :‬ل‬ ‫تعلموهم المسائل التي هي مخالفة للعقل‪ ،‬لنهم ليسوا حمقاء نغلب عليهم في هذه المسائل‬ ‫كعبادة الصنم والعشاء الرباني‪ ،‬لنهم يعثرون كثيرا من هذه‬

‫) ‪(3/734‬‬

‫المسائل‪ ،‬وكل كنيسة فيها هذه المسائل ل تقدر أن تجذبهم إلى نفسها" فانظر كيف وصى وأظهر‬ ‫أن مثل عبادة الصنم ومسألة العشاء الرباني مخالفة للعقل النصاف‪ ،‬إن أهل هذه المسائل مشركون‬ ‫يقين ا هداهم ال إلى الصراط المستقيم‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/735‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬في إبطال التثليث بأقوال المسيح عليه السلم‪ً.‬ا‬ ‫بسم ال الرحمن الرحيم‬ ‫)القول الول( ‪ :‬في الية الثالثة من الباب السابع عشر من إنجيل يوحنا قول عيسى عليه السلم‬ ‫في خطاب ال هكذا‪) :‬وهذه هي الحياة البدية أن يعرفوك أنت الله الحقيقي وحدك ويسوع‬ ‫المسيح الذي أرسلته( فبين عيسى عليه السلم أن الحياة البدية‪ ،‬عبارة عن أن يعرف الناس أن ال‬ ‫واحد حقيقي وأن عيسى عليه السلم رسوله‪ً.‬ا وما قال إن الحياة البدية‬


‫) ‪(3/736‬‬

‫أن يعرفوا أن ذاتك ثلثة أقانيم ممتازة بامتياز حقيقي وأن عيسى إنسان وإله‪ ،‬أو أن عيسى إله‬ ‫مجسم ولما كان هذا القول في خطاب ال في الدعاء فل احتمال ههنا للخوف من اليهود فلو كان‬ ‫اعتقاد التثليث مدار النجاة لبينه‪ ،‬وإذ ثبت أن الحياة البدية اعتقاد التوحيد الحقيقي ل واعتقاد‬ ‫الرسالة للمسيح فضدهما يكون موت ا أبدي ا وضللا بين ا ألبتة‪ ،‬والتوحيد الحقيقي ضد للتثليث‬

‫الحقيقي كما عرفت مفصلا في الفصل الول‪ ،‬وكون المسيح رسولا ضد لكونه إلهاا‪ ،‬لن التغاير بين‬ ‫المرنسل والمرمسل ضروري‪ ،‬وهذه الحياة البدية توجد في أهل السلم بفضل ال‪ً.‬ا وأما غيرهم‬ ‫فالمجوس ومشركو الهند والصين محرومون منها لنتفاء العتقادين فيهم‪ ،‬وأهل التثليث من‬ ‫المسيحيين محرومون منها لنتفاء العتقاد الول‪ ،‬واليهود كافة محرومون منها لنتفاء العتقاد‬ ‫الثاني‪ً.‬ا‬ ‫)القول الثاني( ‪ :‬في الباب الثاني عشر من إنجيل مرقس هكذا ‪) :28‬فجاء واحد من الكتبة‬ ‫وسمعهم يتحاورون‪ ،‬فلما رأى أنه أجابهم حسنا سأله‪ :‬أية وصية هي أول الكل( ‪) :29‬فأجابه يسوع‬ ‫أن أول كل الوصايا اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد‪ً.‬ا ]‪ : [30‬وتحب الرب إلهك من كل‬ ‫قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك هذه هي الوصية الولى ]‪[31‬‬

‫) ‪(3/737‬‬

‫وثانية مثلها هي أن تحب قريبك كنفسك ليس وصية أخرى أعظم من هاتين ]‪ [32‬فقال له الكاتب‬ ‫جيدا يا معلم بالحق قلت لنه( أي ال )واحد وليس آخر سواه( ‪) 33‬ومحبته من كل القلب ومن‬ ‫كل الفهم ومن كل النفس ومن كل القدرة ومحبة القريب كالنفس هي أفضل من جميع المحرقات‬

‫والذبائح( ‪) 34‬فلما رآه يسوع أنه أجاب بعقل قال له لست بعيدا عن ملكوت ال( ‪ً.‬ا وفي الباب‬

‫الثاني والعشرين من إنجيل متى في قوله عليه السلم بعد بيان الحكمين المذكورين هكذا‪) :‬بهاتين‬

‫الوصيتين يتعلق الناموس والنبياء( ‪ً.‬ا فعلم أن أول الوصايا الذي هو مصرح به في التوراة وفي جميع‬ ‫كتب النبياء وهو الحق وهو سبب قرب الملكوت‪ ،‬أن يعتقد أن ال واحد ول إله غيره ولو كان‬ ‫اعتقاد التثليث مدار النجاة لكان مبينا في التوراة وجميع كتب النبياء لنه أول الوصايا‪ ،‬ولقال‬


‫عيسى عليه السلم‪ :‬أول الوصايا الرب واحد ذو أقانيم ثلثة ممتازة بامتياز حقيقي‪ ،‬لكنه لم يبين‬ ‫في كتاب من كتب النبياء صراحة ولم يقل عيسى عليه السلم هكذا فلم يكن مدار النجاة‪ً.‬ا‬ ‫فثبت أن مدارها هو اعتقاد التوحيد الحقيقي ل اعتقاد التثليث‪ ،‬وهوسات التثليثيين باستنباطه من‬ ‫بعض كتب النبياء ل يتم على المخالف لن هذا الستنباط خفي جدا مردود بمقابلة النص‪،‬‬

‫وغرض المخالف هذا أن اعتقاد التثليث لو كان له دخل ما في النجاة لبينه النبياء السرائيلية بيانا‬

‫) ‪(3/738‬‬

‫واضحاا‪ ،‬كما بينوا التوحيد في الباب الرابع من كتاب الستثناء ‪) 35 -‬لتعلم أن الرب هو ال وليس‬ ‫غيره( ‪) 39‬فاعلم اليوم واقبل بقلبك أن الرب هو الله في السماء من فوق وعلى الرض من تحت‬ ‫وليس غيره( ‪ً.‬ا وفي الباب السادس من السفر المذكور ‪) 4‬اسمع يا إسرائيل إن الرب إلهنا فإنه رب‬ ‫واحد( ‪) 5‬نحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك( وفي الباب الخامس‬ ‫والربعين من كتاب أشعياء ‪) 5‬أنا هو الرب وليس غيري وليس دوني إله شددتك ولم تعرفني( ‪6‬‬ ‫)ليعلم الذين هم من مشرق الشمس والذين هم من المغرب أنه ليس غيري أنا الرب وليس آخر( ‪ً.‬ا‬ ‫فالواجب على أهل المشرق والمغرب أن يعلموا أن ل إله إل ال وحده ل أن يعلموا أن ال ثالث‬ ‫ثلثة‪ً.‬ا وفي الية التاسعة من الباب السادس والربعين من كتاب أشعياء ‪) 2‬إني أنا ال وليس غيري‬ ‫إله ا وليس لي شبه( ‪ً.‬ا‬

‫)تنبيه( حررف صاحب الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪ 1811‬م قول المسيح عليه السلم بتبديل‬ ‫ضمير المتكلم بضمير الخطاب‪ ،‬وترجم هكذا‪) :‬الرب إلهك إله واحد( وضيع بهذا التحريف‬

‫المقصود العظم لن ضمير المتكلم ههنا دال على أن عيسى ليس برب بل عبد مربوب بخلف‬ ‫ضمير الخطاب والظاهر أن هذا التحريف قصدي‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/739‬‬

‫)القول الثالث( في الية الثانية والثلثين من الباب الثالث عشر من إنجيل مرقس قول المسيح‬ ‫عليه السلم هكذا‪) :‬وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فل يعلم بهما أحد ول الملئكة الذين في‬ ‫السماء ول البن إل الب( وهذا القول ينادي على بطلن التثليث لن المسيح عليه السلم‬


‫خصص علم القيامة بال ونفى عن نفسه كما نفى عن عباد ال الخرين وسوى بينه وبينهم في هذا‪،‬‬ ‫ول يمكن هذا في صورة كونه إلها سيما إذا لحظنا أن الكلمة وأقنوم البن عبارتان عن علم ال‬ ‫وفرضنا اتحادهما بالمسيح وأخذنا هذا التحاد على مذهب القائلين بالحلول أو على مذهب‬

‫اليعقوبية القائلين بالنقلب فإنه يقتضي أن يكون المر بالعكس ول أقل من أن يعلم البن كما‬ ‫يعلم الب‪ ،‬ولما لم يكن العلم من صفات الجسد فل يجري فيه عذرهم المشهور أنه نفى عن‬ ‫نفسه باعتبار جسميته فظهر أنه ليس إلها ل باعتبار الجسمية ول باعتبار غيرها‪ً.‬ا‬ ‫)القول الرابع( ‪ :‬في الباب العشرين من إنجيل متى هكذا‪) 20 :‬تقدمت إليه أم ابني زيدي مع ابنيها‬ ‫وسجدت وطلبت منه شيئاا( ‪) 21‬فقال لها ماذا تريدين قالت له قل أن يجلس ابناي هذان واحد‬ ‫عن يمينك والخر عن اليسار في ملكوتك( ‪) 22‬فأجاب يسوع( إلخ ‪) 23‬الجلوس عن يميني‬

‫وعن يساري فليس لي أن أعطيه إل للذين أعدلهم من أبي( انتهى ملخص ا فنفى عيسى عليه السلم‬

‫ههنا عن نفسه القدرة وخصصها بال كما نفى عن نفسه علم الساعة وخصصه بال ولو كان إله ا لما‬

‫صح هذا‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/740‬‬

‫)القول الخامس( ‪ :‬في الباب التاسع عشر من إنجيل متى هكذا‪) 16 :‬وإذا واحد تقدم وقال له‬ ‫أيها المعلم الصالح أي صلح أعمل لتكون لي الحياة البدية( ‪) 17‬فقال له لماذا تدعوني صالح ا‬ ‫ليس أحد صالحا إل واحد وهو ال( فهذا القول يقلع أصل التثليث وما رضي تواضعا أن يطلق عليه‬

‫لفظ الصالح أيضا ولو كان إلها لما كان لقوله معنى ولكان عليه أن يبين ل صالح إل الب وأنا‬

‫وروح القدس‪ ،‬ولم يؤخر البيان عن وقت الحاجة‪ ،‬وإذا لم يرض بقوله الصالح فكيف يرضى بأقوال‬

‫أهل التثليث التي يتفوهون بها في أوقات صلتهم )يا ربنا وإلهنا يسوع ل تضيع من خلقت بيدك(‬ ‫حاشا جنابه أن يرضى بها‪ً.‬ا‬ ‫)القول السادس( ‪ :‬في الباب السابع والعشرين من إنجيل متى هكذا‪) 46 :‬ونحو الساعة التاسعة‬ ‫صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا إيلي إيلي لما شبقتني أي إلهي إلهي لماذا تركتني( ‪) 50‬فصرخ‬

‫يسوع أيض ا بصوت عظيم وأسلم الروح( ‪ً.‬ا وفي الية السادسة والربعين من الباب الثالث والعشرين‬ ‫من إنجيل لوقا هكذا‪) :‬ونادى يسوع بصوت عظيم وقال يا أبتاه في يديك أستودع روحي( وهذا‬


‫]ص ‪ [7‬القول ينفي ألوهية المسيح رأسا سيما على مذهب القائلين بالحلول أو النقلب لنه لو‬ ‫كان إلها لما استغاث بإله آخر بأن قال إلهي إلهي لماذا تركتني‪ ،‬ولما‬

‫) ‪(3/741‬‬

‫قال يا أبتاه في يدك أستودع روحي ولمتنع العجز والموت عليه‪ً.‬ا‪ً.‬ا الية الثامنة والعشرون من الباب‬ ‫الربعين من كتاب أشعيا هكذا‪) :‬أما عرفت أو ما سمعت إله سرمدي الرب الذي خلق أطراف‬ ‫الرض لن يضعف ولن يتعب وليس فحصا عن حكمته( ‪ً.‬ا والية السادسة من الباب الرابع والربعين‬ ‫من الكتاب المذكور هكذا‪) :‬هكذا يقول الرب ملك إسرائيل وفاديه رب الجنود أنا الول وأنا‬

‫الخر وليس إله غيري( ‪ً.‬ا والية العاشرة من الباب العاشر من كتاب أرسياء هكذا‪) :‬أما الرب هو إله‬ ‫حق هو إله حي وملك سرمدي( إلخ‪ً.‬ا وفي الية الثانية عشرة من الباب الول من كتاب حقوق‬ ‫هكذا‪) :‬يا رب إله قدوسي ول تموت( ‪ً.‬ا وفي الية السابعة عشرة من الباب الول من الرسالة‬ ‫الولى إلى تيموثاوس هكذا‪) :‬وملك الدهور الذي ل يفنى ل يرى الله الحكيم وحده( ‪ً.‬ا فكيف‬ ‫يعجز ويموت الذي هو إله سرمدي بريء من الضعف والتعب حي قدوس ل يموت ول إله غيره‬ ‫أيكون الفاني العاجز إلها حاشا وكل بل الله الحقيقي هو الذي كان عيسى عليه السلم يستغيث‬

‫به هذا الوقت على زعمهم‪ً.‬ا والعجب أنهم ل يكتفون بموت الله بل يعتقدون أنه بعد ما مات دخل‬

‫جهنم أيض ا‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/742‬‬

‫نقل جواد ابن ساباط هذه العقيدة من كتاب الصلة المطبوع سنة ‪ 1506‬هكذا‪) :‬كما أن المسيح‬ ‫مات لجلنا ودفن فكذا ل بد أن نعتقد أنه دخل جهنم( انتهى‪ً.‬ا‬ ‫)وفيلبس كوادنولس( الراهب كتب في رد رسالة أحمد الشريف ابن زين العابدين الصفهاني كتاب ا‬ ‫بلسان العرب سماه بخيالت فيلبس وطبع هذا الكتاب سنة ‪ 1669‬في الرومية الكبرى في‬ ‫بسلوقيت وحصلت لي بطريق العارية نسخة قديمة من هذا الكتاب من كتبخانة إنكليز في بلدة‬ ‫دهلي فكتب الراهب المستور في كتابه المذكور هكذا‪) :‬الذي تألم لخلصنا وهبط إلى الجحيم ثم‬


‫في اليوم الثالث قام من بين الموات( انتهى‪ً.‬ا وفي بريئربوك في بيان عقيدة أتهانييش التي تؤمن بها‬ ‫المسيحيون لفظ‬

‫) ‪(3/743‬‬

‫)هل( موجود ومعناه الجحيم وقال جواد بن ساباط إن القسيس مارطيروس قال لي في توجيه هذه‬ ‫العقيدة إن المسيح لما قبل الجسم النساني فل بد عليه أن يتحمل جميع العوارض النسانية‬ ‫فدخل جهنم ودعذب أيضا ولما خرج من جهنم أخرج منها كل من كان معذبا فيها قبل دخوله‪ً.‬ا‬

‫فسألته هل لهذه العقيدة دليل نقلي قال إنها غير محتاجة إلى الدليل‪ ،‬فقال رجل مسيحي من أهل‬

‫ذلك المحفل على وجه الطرافة إن الب كان قاسي القلب وإل لما ترك البن في الجحيم فغضب‬ ‫القسيس وطرده من المحفل فجاء هذا الرجل عندي وأسلم لكن أخذ العهد مني أل أظهر حال‬ ‫إسلمه ما دام حيا ودخل يوسف ولف بلدة لكهنو سنة ‪ 1248‬من الهجرة وسنة ‪ 1833‬من‬

‫الميلد وكان من القسيسين المشهورين وكان يدعي اللهام لنفسه وكان يدعي أن نزول المسيح‬

‫يكون في سنة ‪ 1847‬من الميلد ووقعت المناظرة فيما بينه وبين مجتهد الشيعة تحريرا وتقريرا في‬ ‫هذا الباب فسأله مجتهد الشيعة عن هذه العقيدة أيضا فقال نعم دخل المسيح الجحيم وعذب‬

‫لكن‬

‫) ‪(3/744‬‬

‫ل بأس فيه لن هذا الدخول كان لنجاة أمته‪ ،‬وبعض فرقهم يعتقدونها بأشنع حالة‪ ،‬قال بل في‬ ‫تاريخه في بيان فرقة مارسيوني‪ً.‬ا هذه الفرقة كانت تعتقد أن عيسى عليه السلم بعد ما مات دخل‬ ‫جهنم ونجى أرواح قابيل وأهل سدوم لنهم حضروا عنده وكانوا غير مطيعين لله خالق الشر وأبقى‬ ‫أرواح هابيل ونوح وإبراهيم والصلحاء الخرين من القدماء في جهنم لنهم خالفوا الفرقة الولى‪ً.‬ا‬ ‫)وهذه الفرقة كانت تعتقد أن خالق العالم ليس منحصرا في الله الذي أرسل عيسى ولذلك ما‬ ‫كانت تسلم كون كتب العهد العتيق إلهامية( انتهى‪ً.‬ا‬

‫فكانت عقيدة هذه الفرقة مشتملة على أمور‪:‬‬ ‫‪ -1‬جميع الرواح سواء كانت أرواح النبياء والصلحاء أو الشقياء كانت معذبة في جهنم قبل‬


‫دخول عيسى عليه السلم‪ً.‬ا‬ ‫‪ -2‬أن عيسى عليه السلم دخل جهنم‪ً.‬ا‬ ‫‪ -3‬أن عيسى عليه السلم نجى أرواح الشقياء من العذاب وأبقى أرواح النبياء والصلحاء فيه‪ً.‬ا‬ ‫‪ -4‬أن هؤلء الصلحاء مخالفون لعيسى والشقياء موافقون له‪ً.‬ا‬ ‫‪ -5‬أن خالق العالم إلهان خالق الخير وخالق الشر وعيسى عليه السلم رسول الول والنبياء‬ ‫الخرون المشهورون رسل الثاني‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/745‬‬

‫‪-6‬كتب العهد العتيق ليست إلهامية‪ً.‬ا‬ ‫وقال صاحب ميزان الحق في كتابه المسمى بحل الشكال في جواب كشف الستار هكذا‪) :‬الحق‬ ‫أنه توجد في العقيدة المسيحية أن المسيح دخل جهنم وقام في اليوم الثالث وعرج إلى السماء‬ ‫لكن المراد ههنا من جهنم هاوس وهو موضع ما بين جهنم والفلك الصلي والمعنى أنه دخل‬ ‫هاوس ليرى أهله جلله وينبههم على أني مالك الحياة وأني أعطيت كفارة الذنب بالموت الصليبي‬ ‫وجعلت الشيطان وجهنم مغلوبين وللمؤمنين كالمعدومين( انتهى ملخصا‪ً.‬ا‬ ‫)أقول( أوال‪ :‬ثبت من ظاهر كتاب الصلة وكلم فيلبس كوادلونس وثبت صراحة من إقرار‬

‫مارطيروس ويوسف ولف ومن عقيدة اتهاني سيش أن جهنم على معناه‪ ،‬واعترف هو أيض ا أنه يوجد‬

‫هذا في العقيدة ثم أول‪ ،‬فتأويله بدون الدليل ل يقبل ول بد عليه أن يثبت من كتبه أن ما بين جهنم‬

‫والفلك الصلي مكان يسمى بهاوس ثم يثبت من هذه الكتب أن دخول المسيح في جهنم كان‬ ‫لجل الراءة والتنبيه المذكورين على أنه ل وجود للفلك عند حكماء أوروبا‪ ،‬وعلماء بروتستنت‬ ‫من المتأخرين يتابعونهم في هذا الرأي فكيف يصح هذا التوجيه على زعمهم‪ً.‬ا‬ ‫)ثم أقول( ثانياا‪ :‬إن هذا الهاوس محل السرور والثواب أو محل المحن والعقاب‪ ،‬فإن كان الول‬

‫فل حاجة إلى تنبيه أهله لنهم كانوا قبل هذا في سرور وعيشة راضية‪ ،‬وإن كان الثاني فل فائدة في‬

‫التأويل لن جهنم الرواح ل يكون إل محل عذابها‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/746‬‬


‫)ثم أقول( ثالثاا‪ :‬إن كون الموت الصليبي كفارة الذنب غير معقول يقينا لن المراد بهذا الذنب على‬ ‫زعمهم الذنب الصلي الذي صدر عن آدم عليه السلم ل الذنب الذي يصدر عن أولده‪ ،‬ول‬

‫يجوز أن يعاقب أولده على هذا الذنب الصلي لن البناء ل يؤاخذون بذنوب الباء ول بالعكس‬ ‫بل هو خلف العدل‪ً.‬ا‪ً.‬ا الية العشرون من الباب الثامن عشر من كتاب حزقيال هكذا‪) :‬النفس التي‬ ‫تخطئ فهي تموت والبن ل يحمل إثم الب والب ل يحمل إثم البن وعدل العادل يكون عليه‬ ‫ونفاق المنافق يكون عليه( ‪ً.‬ا‬ ‫)ثم أقول( رابعاا‪ :‬ما معنى جعل الشيطان مغلوب ا بالموت لنه على حكم إنجيلهم مقيد بقيود أبدية‬

‫قبل ميلد عيسى عليه السلم‪ً.‬ا الية السادسة من رسالة يهودا هكذا‪) :‬والملئكة الذين لم يحفظوا‬ ‫رياستهم بل تركوا مسكنهم حفظهم إلى دينونة اليوم العظيم بقيود أبدية تحت الظلم( ‪ً.‬ا ثم العجب‬

‫أنهم ل يكتفون بموت إلههم المزعوم ودخوله جهنم بل يزيدون عليهما أنه صار ملعونا أيضا والعياذ‬

‫بال وملعونيته مسلمة عند المسيحيين ويسلمها صاحب ميزان الحق أيض ا بكمال رضا الخاطر‬

‫ويصرح بها في كتبه وصرح بها مقدسهم بولس أيض ا‪ً.‬ا الية الثالثة عشرة من الباب الثالث من‬

‫رسالته إلى أهل غلطية هكذا‪) :‬المسيح افتدانا من لعنة الناموس إذ صار لعنة لجلنا لنه مكتوب‬

‫ملعون كل من علق على خشبة( وعندنا إطلق مثل هذا اللفظ شنيع جدا بل لعن ال واجب‬ ‫الرجم بحكم التوراة ورجم واحد على هذا الخطأ في عهد موسى عليه السلم كما‬

‫) ‪(3/747‬‬

‫هو مصرح به في الباب الرابع والعشرين من سفر الخبار‪ ،‬بل لعن البوين أيضا واجب القتل‬

‫فضلا عن لعن ال كما هو مصرح في الباب العشرين من السفر المذكور‪ً.‬ا‬

‫)القول السابع( ‪ :‬في الية السابعة عشرة من الباب العشرين من إنجيل يوحنا قول المسيح عليه‬ ‫السلم في خطاب مريم المجدلية هكذا‪) :‬ل تلمسيني لني لم أصعد بعد إلى أبي ولكن اذهبي إلى‬ ‫إخوتي وقولي لهم إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم( فسوى بينه وبين الناس في هذا القول‬ ‫)أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم( لكيل يتقولوا عليه الباطل فيقولوا إنه إله أو ابن إله فكما أن تلميذه‬ ‫عباد ال وليسوا بأبناء ال حقيقة بل بالمعنى المجازي فكذلك هو عبد ال وليس بإبن ال حقيقة‬ ‫ولما كان هذا القول بعد ما قام عيسى عليه السلم من الموات على زعمهم قبل العروج بقليل ثبت‬


‫أنه كان يصرح بأني عبد ال إلى زمان العروج وهذا القول يطابق ما حكى ال عنه في القرآن‬ ‫المجيد‪} :‬ما قلت لهم إل ما أمرتني به أن اعبدوا ال ربي وربكم{ً ‪ً.‬ا‬ ‫)القول الثامن( ‪ :‬في الية الثامنة والعشرين من الباب الرابع عشر من إنجيل يوحنا قول المسيح‬ ‫عليه السلم هكذا‪) :‬إن أبي أعظم مني( ففيه أيضا نفي للوهيته لن ال ليس كمثله شيء فضلا عن‬

‫أن يكون أعظم منه‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/748‬‬

‫)القول التاسع( ‪ :‬في الية الرابعة والعشرين من الباب الرابع عشر من إنجيل يوحنا قول المسيح‬ ‫عليه السلم هكذا‪) :‬الكلم الذي تسمعونه ليس لي بل للب الذي أرسلني( ففيه أيضا تصريح‬

‫بالرسالة وبأن الكلم الذي تسمعونه وحي من جانب ال‪ً.‬ا‬

‫)القول العاشر( ‪ :‬في الباب الثالث والعشرين من إنجيل متى قول المسيح عليه السلم في خطاب‬ ‫تلميذه هكذا‪) 9 :‬ول تدعوا لكم أب ا على الرض لن أباكم واحد الذي في السماوات( ‪) 10‬ول‬ ‫تدعوا معلمين لن معلمكم واحد المسيح( فهنا أيضا صرح )بأن ال واحد وإني معلم لكم( ‪ً.‬ا‬

‫)القول الحادي عشر( ‪ :‬في الباب السادس والعشرين من إنجيل متى هكذا‪) 36 :‬حينئذ جاء معهم‬ ‫يسوع إلى ضيعة يقال لها جشيماني فقال للتلميذ اجلسوا ههنا حتى أمضي وأصلي هناك( ‪) 37‬ثم‬ ‫أخذ معه بطرس وابني زيدي وابتدأ يحزن ويكتئب( ‪) 38‬فقال لهم نفسي حزينة جدا حتى الموت‬

‫امكثوا ههنا واسهروا معي( ‪) 39‬ثم تقدم قليلا وخر على وجهه وكان يصلي قائلا يا أبتاه إن أمكن‬ ‫فلتعبر عني هذه الكأس ليس كما أريد بل كما تريد أنت( ‪) 40‬ثم جاء إلى التلميذ الخ( ‪42‬‬

‫)فمضى أيض ا ثانية وصلى قائلا يا أبتاه إن لم يكن أن تعبر عني هذه الكأس أل أشربها فلتكن‬

‫مشيئتك( ‪) 43‬ثم جاء الخ( ‪) 44‬فتركهم ومضى أيض ا وصلى ثالثة قائلا ذلك الكلم بعينه( فأقواله‬ ‫وأحواله المندرجة في هذه العبارات تدل على عبوديته ونفى ألوهيته‪ً.‬ا أيحزن ويكتئب الله ويموت‬

‫ويصلي لله آخر ويدعو بغاية التضرع‬

‫) ‪(3/749‬‬


‫ل وال‪ً.‬ا ولما جاء جنابه الشريف إلى العالم وتجسد ليخلص العالم بدمه الكريم من عذاب الجحيم‬ ‫فما معنى الحزن والكتئاب وما معنى الدعاء‪ :‬بأن أمكن فلتعبر عني هذه الكأس‪ً.‬ا‬ ‫)القول الثاني عشر( ‪ :‬كان من عادته الشريفة أنه إذا عبر عن نفسه كان يعبر بابن النسان غالب ا كما‬ ‫ل يخفى على ناظر هذا النجيل المروج أيضاا‪ :‬مثلا في الية ‪ 20‬باب ‪ 8‬و ‪ 6‬باب ‪ 9‬و ‪ 13‬و‬

‫‪ 27‬باب ‪ 16‬و ‪ 9‬و ‪ 12‬و ‪ 22‬باب ‪ 17‬و ‪ 11‬باب ‪ 18‬و ‪ 28‬باب ‪ 19‬و ‪ 18‬و ‪ 28‬باب‬ ‫‪ 20‬و ‪ 27‬باب ‪ 24‬و ‪ 24‬و ‪ 45‬و ‪ 64‬باب ‪ 26‬من إنجيل متى وهكذا في غيره وظاهر أن ابن‬ ‫النسان ل يكون إل إنسان ا‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/750‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬في إبطال الدلة النقلية على ألوهية المسيح‬ ‫قد عرفت في المر الخامس من المقدمة أن كلم يوحنا مملوء من المجاز قلما تجد فقرة ل تحتاج‬ ‫إلى التأويل وقد عرفت في المر السادس أن الجمال يوجد كثيرا في أقوال المسيح عليه السلم‬ ‫بحيث لم يفهمها معاصروه ول تلميذه في كثير من الحيان ما لم يفسرها بنفسه وقد عرفت في‬

‫المر الثاني عشر أن عيسى عليه السلم ما بين ألوهيته إلى العروج ببيان ل يبقى فيه شبهة ويفهم‬ ‫منه صراحة هذا المعنى‪ ،‬فالقوال الذي يتمسك بها المسيحيون غالبا مجملة منقولة من إنجيل‬

‫يوحنا وعلى ثلثة أقسام‬

‫بعضها ل يدل بحسب معانيها الحقيقية على مقصودهم فاستنباط اللوهية منها مجرد زعمهم‪،‬‬‫وهذا الستنباط والزعم ليسا بمعتردين ول جائزين في مقابلة البراهين العقلية القطعية والنصوص‬

‫العيسوية كما عرفت في الفصلين المذكورين‪،‬‬

‫وبعضها أقوال يفهم تفسيرها من القوال المسيحية الخرى ومن بعض مواضع النجيل ففيها‬‫أيض ا ل اعتبار لرأيهم‬

‫وبعضها أقوال يجب تأويلها عندهم أيضا فإذا وجب التأويل فنقول ل بد أن يكون هذا التأويل‬‫بحيث ل يخالف البراهين والنصوص‪ ،‬وأنى لهم‬

‫) ‪(3/751‬‬


‫ذلك؟! فل حاجة إلى نقل الكل بل أنقل الكثر ليتضح منه للناظر حال استدللهم ويقيس الباقي‬ ‫عليه‪ً.‬ا‬ ‫الدليل )الول( ‪ :‬من إطلق لفظ ابن ال على المسيح عليه السلم‪ :‬أقول هذا الدليل في غاية‬ ‫الضعف بوجهين‪:‬‬ ‫أما أولا فلن هذا الطلق معارض بإطلق ابن النسان كما عرفت وبإطلق ابن داود فل بد من‬ ‫التطبيق بحيث ل يثبت المخالفة للبراهين العقلية ول يلزم منه محال‪ ،‬وأما ثانيا فلنه ل يصح أن‬

‫يكون لفظ البن بمعناه الحقيقي لن معناه الحقيقي باتفاق لغة أهل العالم من تولد من نطفة البوين‬

‫وهذا محال ههنا‪ ،‬فل بد من الحمل على المعنى المجازي المناسب لشأن المسيح وقد علم من‬ ‫النجيل أن هذا اللفظ في حقه بمعنى الصالح‪ً.‬ا الية التاسعة والثلثون من الباب الخامس عشر من‬ ‫إنجيل مرقس هكذا‪) :‬ولما رأى قائد المائة الواقف مقابله أنه صرح هكذا وأسلم الروح قال حقا‬ ‫كان هذا النسان ابن ال( ونقل لوقا قول القائد في الية السابعة والربعين‬

‫) ‪(3/752‬‬

‫من الباب الثالث والعشرين من إنجيله هكذا‪) :‬بالحقيقة كان هذا النسان باراا( ففي إنجيل مرقس‬

‫لفظ ابن ال وفي إنجيل لوقا بدله لفظ البار واستعمل مثل هذااللفظ في حق الصالح غير المسيح‬

‫أيض اا‪ ،‬كما استعمل مثل ابن إبليس في حق الصالح في الباب الخامس من إنجيل متى هكذا‪) :‬و(‬ ‫)طوبى لصانعي السلم لنهم أبناء ال يدعون( ‪) 44‬وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعدائكم باركوا‬

‫لعينكم أحسنوا إلى مبغضيكم وصلوا لجل الذين يسبونكم( ‪) 54‬لكي تكون أبناء أبيكم الذي‬ ‫في السماوات( فأطلق عيسى عليه السلم على صانعي السلم والصلح على العاملين بالعمال‬ ‫المذكورة لفظ أبناء ال وعلى ال لفظ الب بالنسبة إليهم‪ً.‬ا‬ ‫وفي الباب الثامن من إنجيل يوحنا في المكالمة التي وقعت بين اليهود والمسيح هكذا‪) 41 :‬أنتم‬ ‫تعملون أعمال أبيكم فقالوا له إننا لم نولد من زنا لنا أب واحد وهو ال( ‪) 42‬فقال لهم يسوع لو‬ ‫كان ال أباكم لكنتم تحبونني( الخ ‪) 44‬أنتم من أب هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا‬ ‫ذاك كان قتالا للناس من البدء ولم يثبت في الحق لنه ليس فيه حق متى تكلم بالكذب فإنما‬

‫يتكلم مما له لنه كذب وأبو الكذب( فاليهود ادعوا أن لنا أب ا واحدا وهو ال وقال المسيح عليه‬ ‫السلم ل بل أبوكم الشيطان وظاهر أن ال والشيطان ليس أبا لهم بالمعنى الحقيقي فل بد من‬


‫الحمل على المعنى المجازي فغرض اليهود نحن صالحون ومطيعون لمر ال‪ ،‬وغرض المسيح عليه‬ ‫السلم إنكم لستم كذلك بل أنتم طالحون مطيعون للشيطان‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/753‬‬

‫وفي الباب الثالث من الرسالة الولى ليوحنا هكذا‪) 9 :‬كل من هو مولود من ال ل يفعل خطيئة‬ ‫لن زرعه يثبت فيه ول يستطيع أن يخطئ لنه مولود من ال( ‪) 10‬بهذا أولد ال ظاهرون وأولد‬ ‫إبليس( الخ وفي الية السابعة من الباب الرابع من الرسالة المذكورة‪) :‬وكل من يحب فقد ولد من‬ ‫ال( وفي الباب الخامس من الرسالة المذكورة‪) :‬كل من يؤمن أن يسوع هو المسيح فقد ولد من‬ ‫ال وكل من يحب الوالد يحب المولود منه أيضاا( ‪) 2‬بهذا نعرف أننا نحب أولد ال إذا أحببنا ال‬ ‫وحفظنا وصاياه( والية الرابعة عشرة من الباب الثامن من الرسالة الرومية هكذا‪) :‬لن كل الذين‬

‫ينقادون بروح ال فأولئك هم أبناء ال( وفي الباب الثاني من رسالة بولس إلى أهل فيلبس هكذا‪:‬‬ ‫‪) 14‬افعلوا كل شيء بل دمدمة ول مجادلة( ‪) 15‬لكي تكونوا بل لوم وبسطاء أولد ال بل عيب(‬ ‫ودللة هذه القوال على ما قلت غير خفية‪ ،‬وإذا لم يفهم من إطلق لفظ ال ومثله اللوهية كما‬ ‫عرفت في المر الرابع من المقدمة فكيف يفهم من لفظ ابن ال ومثله سيما إذا لحظنا كثرة وقوع‬ ‫المجاز في كتب العهد العتيق والجديد‪ ،‬كما عرفت في المقدمة وسيما إذا لحظنا أن استعمال‬ ‫الب والبن في كتب العهدين جاء في المواضع الغير المحصورة وأنقل بعضها بطريق النموذج‪:‬‬ ‫]‪ [1‬قال لوقا في الباب الثالث من إنجيله في بيان نسب المسيح عليه السلم أنه ابن يوسف‬‫وآدم ابن ال وظاهر أن آدم عليه السلم ليس‬

‫) ‪(3/754‬‬

‫ابن ا ل بالمعنى الحقيقي ول إله ا لكن لما ولد بل أبوين نسبه إلى ال‪ً.‬ا ول در لوقا لقد أجاد ههنا‬

‫لنه لما كان المسيح عليه السلم مولودا بل أب فقط نسبه إلى يوسف النجار ولما كان آدم عليه‬

‫السلم مولودا بل أبوين نسبه إلى ال‪ً.‬ا‬


‫]‪ [2‬في الباب الرابع من سفر الخروج قول ال هكذا‪) 22 :‬وتقول له هذا ما يقول الرب ابني‬‫بكري إسرائيل( ‪) 33‬فقلت له أطلق ابني ليعبدني وإن أبيت أن تطلقه هو ذا أنا سأقتل ابنك بكرك(‬ ‫فأطلق على إسرائيل لفظ ابن ال في الموضعين بل أطلق عليه لفظ البن البكر‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [3‬في الزبور الثامن والثمانين قول داود عليه السلم في خطاب ال هكذا‪) 19 :‬حينئذ كلمت‬‫نبيك بالوحي وقلت إني وضعت عونا على القوي ورفعت منتخبا من شعبي( ‪) 20‬وجدت داود‬

‫عبدي فمسحته بدهن قدسي( ‪) 26‬هو يدعونني أنت أبي وإلهي وناصر خلصي( ‪) 27‬وأنا أيض ا‬ ‫أجعله بكرا أعلى من كل ملوك الرض( فأطلق على ال لفظ الب وعلى داود لفظ القوي‬

‫) ‪(3/755‬‬

‫والمنتخب والمسيح وابن ال البكر وأعلى من كل ملوك الرض‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [4‬الية التاسعة من الباب الحادي والثلثين من كتاب أرساء قول ال هكذا‪) :‬إني صرت أب ا‬‫لسرائيل وأفرام هو بكري( فأطلق على أفرام لفظ ابن ال البكر فلو كان إطلق مثل هذه اللفاظ‬ ‫موجب ا لللوهية لكان إسرائيل وداود وأفرام أحقاء باللوهية لن البن البكر أحق بالكرام من غيره‬

‫بحسب الشرائع السابقة وبحسب الزواج العام أيضا وإن قالوا جاء في حق عيسى عليه السلم لفظ‬ ‫البن الوحيد قلنا إن الوحيد ل يمكن أن يكون بمعناه لن ال أثبت له أخوة كثيرين وقال في حق‬

‫الثلثة منهم لفظ البن البكر بل ل بد أن يكون بالمعنى المجازي مثل البن‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [5‬في الباب السابع من سفر صموئيل الثاني قول ال تعالى في حق سليمان هكذا‪) :‬وأنا أكون‬‫له أب ا وهو يكون لي ابناا( فلو كان إطلق هذا اللفظ سبب ا لللوهية لكان سليمان عليه السلم أحق‬ ‫من المسيح عليه السلم لسبقه وكونه من آباء المسيح عليه السلم‪ً.‬ا‬

‫]‪ [6‬في الية الولى من الباب الرابع عشر والية التاسعة عشرة من الباب الثاني والثلثين من‬‫كتاب الستثناء‪ ،‬والية الثانية من الباب الول والية الولى‬

‫) ‪(3/756‬‬


‫من الباب الثلثين‪ ،‬والية الثامنة من الباب الثالث والستين من كتاب أشعيا‪ ،‬والية العاشرة من‬ ‫الباب الول من كتاب هوشع‪ ،‬جاء إطلق أبناء ال على جميع بني إسرائيل‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [7‬في الية السادسة عشرة من الباب الثالث والستين من كتاب أشعيا‪ ،‬قول أشعيا في خطاب‬‫ال هكذا‪) :‬فإنك أنت أبونا وإبراهيم لم يعرفنا وإسرائيل جهلنا أنت يا رب أبونا فخلصنا من الدهر‬ ‫اسمك( ‪ً.‬ا الية الثامنة من الباب الرابع والستين من الكتاب المذكور هكذا‪) :‬والن يا رب أنت‬ ‫أبونا( الخ‪ ،‬فصرح أشعيا عليه السلم في حقه وحق غيره من بني إسرائيل‪ :‬بأن ال أبونا‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [8‬الية السابعة من الباب الثامن والثلثين من كتاب أيوب هكذا‪) :‬إذا كان تسبح لي نجوم‬‫الصبح جميعا ويفرحون جميع بني ال( ‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [9‬قد عرفت في صدر الجواب أنه جاء إطلق أبناء ال على الصالحين وعلى المؤمنين‬‫بالمسيح وعلى المحبين وعلى المطيعين لمر ال‪ ،‬وعلى العاملين بالعمال الحسنة‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [ 10‬الية الخامسة من الزبور السابع والستين هكذا‪) :‬أبو اليتامى وحاكم الرامل ال في موضع‬‫قدسه( ‪ً.‬ا فأطلق على ال لفظ أبي اليتامى‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [11‬في الباب السادس من سفر الخليقة هكذا ‪) :2‬فرأى بنو ال بنات الناس أنهن حسنات‪،‬‬‫واتخذوا لهم نساء من كل ما اختاروا( ‪) :4‬فأما الجبابرة كانوا في تلك اليام على الرض لن من‬ ‫بعد ما دخل أبناء ال على بنات الناس وولدن‪ ،‬فهؤلء هم أقوياء منذ الدهر مشهورون( ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/757‬‬

‫والمراد بأبناء ال بنو الشراف وببنات الناس بنات العامة‪ ،‬ولذا ترجم مترجم الترجمة العربية‬ ‫المطبوعة سنة ‪ 1811‬م الية الولى هكذا‪) :‬رأى بنو الشراف بنات العامة حسانا فاتخذوا لهم‬

‫نساء( فجاء إطلق أبناء ال على أبناء الشراف مطلقاا‪ ،‬وفهم منه صحة إطلق ال على الشريف‬

‫أيض ا‪ً.‬ا‬


‫]‪ [12‬جاء في المواضع الكثيرة من النجيل‪ ،‬إطلق لفظ أبيكم على ال في خطاب التلميذ‬‫وغيرهم‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [13‬قد يضاف لفظ البن والب إلى شيء له مناسبة ما‪ ،‬بمعناها الحقيقي كإطلق أبي الكذب‬‫على الشيطان كما عرفت‪ ،‬وكإطلق أبناء جهنم وأولد أورشليم على اليهود في كلم المسيح عليه‬ ‫السلم في الباب الثالث والعشرين من إنجيل متى‪ ،‬وجاء إطلق أبناء الدهر على أهل الدنيا‪ ،‬وجاء‬ ‫إطلق أبناء ال وأبناء القيامة على أهل الجنة‪ ،‬في قول المسيح عليه السلم في الباب العشرين من‬ ‫لوقا‪ً.‬ا وفي الية الخامسة من الباب الخامس من الرسالة الولى إلى أهل تسالونيقي جاء إطلق أبناء‬ ‫النور وأبناء النهار‬

‫) ‪(3/758‬‬

‫على أهل تسالونيقي‪ً.‬ا‬ ‫الدليل الثاني في الية الثالثة والعشرين من الباب الثامن من إنجيل يوحنا هكذا‪) :‬فقال لهم أنتم من‬ ‫أسفل أما أنا فمن فوق‪ ،‬أنتم من هذا العالم أما أنا فلست من هذا العالم( يعني أني إله نزلت من‬ ‫السماء وتجسمت‪ً.‬ا‬ ‫)أقول( ‪ :‬لما كان هذا القول مخالف ا للظاهر لن عيسى عليه السلم كان من هذا العالم فأولوا بهذا‬

‫التأويل وهو غير صحيح بوجهين‪) :‬الول( ‪ :‬أنه مخالف للبراهين العقلية والنصوص‪ً.‬ا )والثاني( ‪ :‬أن‬

‫عيسى عليه السلم قال مثل هذا القول في حق تلميذه أيضا في الية التاسعة عشرة من الباب‬

‫الخامس عشر من إنجيل يوحنا هكذا‪) :‬لو كنتم من العالم لكان العالم يحب خاصته‪ ،‬ولكن إنكم‬

‫لستم من العالم بل أنا اخترتكم من العالم لذلك يبغضكم العالم( ‪ً.‬ا وفي الباب السابع من إنجيل‬ ‫يوحنا هكذا ‪) :14‬لنهم ليسوا من العالم كما أني أنا لست من العالم( ]‪) [16‬ليسوا من العالم‬ ‫كما أني أنا لست من العالم( فقال في حق تلميذه‪ :‬إنهم ليسوا من العالم‪ ،‬وسروى بينه وبينهم في‬

‫عدم الكون من هذا العالم‪ ،‬فلو كان هذا مستلزما لللوهية كما زعموا‪ ،‬لزم أن يكونوا كلهم آلهة‬ ‫والعياذ بال‪ ،‬بل التأويل الصحيح‪ :‬أنتم طالبو الدنيا الدنية وأنا لست كذلك‪ ،‬بل طالب الخرة‬

‫ورضاء ال‪ ،‬وهذا المجاز شائع في اللسنة يقال للزهاد والصلحاء إنهم ليسوا من الدنيا‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/759‬‬


‫الدليل الثالث ‪ :‬في الية الثلثين من الباب العاشر من إنجيل يوحنا هكذا‪) :‬أنا والب واحد( فهذا‬ ‫يدل على اتحاد المسيح بال‪ً.‬ا أقول هذا الستدلل غير صحيح بوجهين‪) :‬الول( ‪ :‬أن المسيح‬ ‫عليه السلم عندهم أيض ا إنسان ذو نفس ناطقة‪ ،‬وليس بمتحد بهذا العتبار‪ً.‬ا فيحتاجون إلى‬

‫التأويل فيقولون‪ :‬كما أنه إنسان كامل فكذلك إله كامل‪ ،‬فبالعتبار الول مغاير‪ ،‬وبالعتبار الثاني‬

‫متحد‪ً.‬ا وقد عرفت أن هذا التأويل باطل‪ً.‬ا )والثاني( ‪ :‬إن مثل هذا وقع في حق الحواريين في الباب‬ ‫السابع عشر من إنجيل يوحنا هكذا ‪) :21‬ليكون الجميع واحدا كما أنك أنت أيها الب فري وأنا‬

‫فيك ليكونوا هم أيض ا واحدا فينا ليؤمن العالم أنك أرسلتني( ‪) 22‬وأنا قد أعطيتهم المجد الذي‬

‫أعطيتني ليكونوا واحدا كما أننا نحن واحد( ‪) 33‬أنا فيهم وأنت فري ليكونوا مكملين إلى واحد( ‪ً.‬ا‬ ‫فقوله ليكون الجميع واحدا وقوله ]ص ‪ [20‬ليكونوا واحدا كما أننا نحن واحد‪ً.‬ا وقوله يكونوا‬

‫مكملين إلى واحد‪ ،‬تدل على اتحادهم‪ً.‬ا وسروى في القول الثاني بين اتحاده بال وبين اتحاده فيما‬

‫بينهم‪ً.‬ا وظاهر أن اتحاده فيما بينهم ليس حقيقياا‪ ،‬فكذا اتحاده بال‪ ،‬بل الحق أن التحادبال عبارة‬ ‫عن إطاعة أحكامه والعمل بالعمال الصالحة‪ ،‬وفي نفس هذا التحاد المسيح والحواريون وجميع‬

‫أهل اليمان متساوية القدام‪ ،‬وإنما الفرق باعتبار القوة والضعف‪ ،‬فاتحاد المسيح بهذا المعنى أشد‬ ‫وأقوى من اتحاد غيره‪ً.‬ا والدليل على كون التحاد عبارة عن هذا المعنى قول يوحنا في الباب الول‬ ‫من رسالته الولى وهو هكذا ‪) :5‬وهذا هو الخبر الذي سمعناه منه ونخبركم به أن ال نور‬

‫) ‪(3/760‬‬

‫وليس فيه ظلمة ألبتة ‪ 6‬إن قلنا إن لنا شركة معه وسلكنا في الظلمة نكذب ولسنا نعمل الحق ‪7‬‬ ‫ولكن إن سلكنا في النور كما هو في النور فلنا شركة بعضنا مع بعض( ‪ً.‬ا‬ ‫والية السادسة والسابعة في التراجم الفارسية هكذا‪) 6 :‬اكر كونييم كه باوى متحديم ودرظلمت‬ ‫رفتا رنماييم در وغكوييم ودر راستي عمل نتماييم( ‪ً.‬ا ‪ 7‬وأكردر رو شنائى رفتا رنماييم جنا نجه‬ ‫أودر روشنائي مى باشد بايكد يكر متحد هستيم( فوقع فيها بدل لفظ الشركة لفظ التحاد فعلم أن‬ ‫التحاد بال أو الشركة بال عبارة عما قلنا‪ً.‬ا‬ ‫الدليل الرابع‪ :‬في الباب الرابع عشر من إنجيل يوحنا هكذا‪) 9 :‬الذي رآني فقد رأى الب فكيف‬ ‫تقول أنت أرنا الب ‪ 10‬ألست تؤمن أني أنا في الب والب فري الكلم الذي أكلمكم به لست‬


‫أتكلم به من نفسي لكن الب الحارل فري هو يعمل العمال( فقوله‪ :‬الذي رآني فقد رأى الب‪،‬‬

‫وقوله أنا في الب والب فري‪ ،‬وقوله الب الحارل فري دالة على اتحاد المسيح بال‪ ،‬وهذا‬

‫الستدلل أيض ا ضعيف بوجهين‪) :‬أما الول( ‪ :‬فلن رؤية ال في الدنيا ممتنعة عندهم كما عرفت‬ ‫في المر الرابع من المقدمة فيؤلونها بالمعرفة‪ ،‬ومعرفة المسيح باعتبار الجسمية أيض ا ل تفيد‬

‫التحاد‪ ،‬فيقولون إن المراد بالمعرفة باعتبار اللوهية‪ ،‬والحلول الذي وقع في القول الثاني والثالث‬

‫واجب التأويل عند جمهور أهل التثليث‪ ،‬فيقولون إن المراد به التحاد الباطني‪ً.‬ا فبعد هذه‬ ‫التأويلت‬

‫) ‪(3/761‬‬

‫ل‪ ،‬وإلها عاملا‪ً.‬ا صح أقواله الثلثة بالعتبار الثاني‪ ،‬وقد عرفت مرارا‬ ‫يقولون إنه لما كان إنسانا كام ا‬ ‫أنه باطل لن التأويل يجب أن ل يخالف البراهين والنصوص‪ً.‬ا )وأما الثاني( ‪ :‬فلن الية العشرين‬ ‫من الباب المذكور هكذا‪) :‬في ذلك اليوم تعلمون أني أنا في أبي وأنتم فري وأني فيكم( وقد عرفت‬ ‫في جواب الدليل الثالث أن المسيح قال في حق الحواريين‪) :‬أنا فيهم وأنت فري( وبديهي أن حال‬ ‫الحال‪ ،‬حال في محل الحال‪ً.‬ا والية التاسعة عشرة من الباب السادس من الرسالة الولى إلى أهل‬

‫قورنيثوس هكذا‪) :‬أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم‪ ،‬الذي لكم من‬ ‫ال وأنكم لستم لنفسكم( ‪ً.‬ا والية السادسة عشرة من الباب السادس من الرسالة الثانية إلى‬ ‫قورنيثوس هكذا‪) :‬وآية موافقة لهيكل ال مع الوثان فإنكم أنتم هيكل ال الحي( الخ‪ً.‬ا‬ ‫والية السادسة من الباب الرابع من الرسالة إلى أهل أفسس هكذا‪) :‬إله وأب واحد للكل الذي‬ ‫على الكل وبالكل وفي كلكم( ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/762‬‬

‫فلو كان الحلول مشعرا بالتحاد ومثبت ا لللوهية لزم أن يكون الحواريون بل جميع أهل قورنيثوس‬ ‫وكذا جميع أهل أفسس آلهة بل الحق أن الدنى إذا كان من اتباع العلى كأن يكون رسوله أو‬

‫عبده أو تلميذه أو قريبا من أقربائه‪ً.‬ا فالمر المنسوب إلى الدنى من التعظيم والتحقير والمحبة‬

‫وغيرها‪ ،‬ينسب إلى العلى مجازا ولذلك قال المسيح عليه السلم في حق الحواريين‪) :‬من يقبلكم‬


‫يقبلني ومن يقبلني يقبل الذي أرسلني( ‪ً.‬ا كما وقع في الية الربعين من الباب العاشر من إنجيل‬ ‫متى وقال في حق الولد الصغير‪) :‬من قبل هذا الولد باسمي يقبلني ومن قبلني يقبل الذي أرسلني(‬ ‫كما هو مصرح في الية في الية الثامنة والربعين من الباب التاسع من إنجيل لوقا‪ً.‬ا وقال في حق‬ ‫السبعين الذين أرسلهم اثنين اثنين إلى البلد )الذي يسمع منكم يسمع مني والذي يرذلكم يرذلني‬ ‫والذي يرذلني يرذل الذي أرسلني( كما هو مصرح في الية السادسة عشرة في الباب العاشر من‬ ‫إنجيل لوقا‪ً.‬ا‪ً.‬ا وهكذا وقع في حق أصحاب اليمين وأصحاب الشمال في الباب الخامس والعشرين‬ ‫من إنجيل متى ولذلك قال ال على لسان أرمياء‪) :‬أكلني ابتلعني يختنصر ملك بابل جعلني كإناء‬ ‫فارغ مل بطنه من رخصتي وطردني( كما هو مصرح في الباب الحادي والخمسين من كتاب أرمياء‬

‫) ‪(3/763‬‬

‫ومثل هذا وقع في القرآن المجيد أيضاا‪} :‬إن الذين يبايعونك إنما يبايعون ال يد ال فوق أيديهم{ً ‪ً.‬ا‬

‫وقال مولنا المعنوي قدس سره في مثنويه‪:‬‬

‫كرتو خواهي همنشيتي باخدا * رونشين تودر حضور اوليا‬ ‫فمعرفة المسيح بهذا العتبار بمنزلة معرفة ال وأما حلول الغير في ال أو حلول ال فيه‪ ،‬وكذا‬ ‫حلول الغير في المسيح أو حلول المسيح فيه‪ ،‬فعبارة عن إطاعة أمرهما‪ً.‬ا في الباب الثالث من‬ ‫الرسالة الولى ليوحنا هكذا‪) :‬من يحفظ وصاياه يثبت فيه وهو فيه‪ً.‬ا وبهذا نعرف أنه يثبت فينا من‬ ‫الروح الذي أعطانا( ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/764‬‬

‫وقد يتمسكون على ألوهيته ببعض حالته فيستدلون تارة أنه ولد بل أب وهذا الستدلل ضعيف‬ ‫جداا‪ ،‬لن العالم حادث بأسره وما مضى على حدوثه إلى هذا الزمان ستة آلف سنة على زعمهم‪ً.‬ا‬ ‫وكل مخلوق من السماء والرض والجماد والنبات والحيوان وآدم‪ ،‬خلق عندهم في أسبوع واحد‬

‫فجميع الحيوانات مخلوقة بل أب وأم فكل من هذه يشارك المسيح في كونه مخلوقا بل أب‪،‬‬

‫ويفوق عليه في كونه بل أم‪ ،‬وتتولد أصناف من الحشرات في كل سنة في موسم نزول المطر بل‬


‫أب وأم فكيف يكون هذا المر سببا لللوهية‪ً.‬ا )ولو نظرنا إلى نوع النسان فآدم عليه السلم يفوق‬ ‫عليه‪ ،‬وكذلك ملكي صادوق الكاهن الذي هو معاصر إبراهيم عليه السلم( ‪ً.‬ا في الية الثالثة من‬ ‫الباب السابع من الرسالة العبرانية حاله هكذا‪) :‬بل أب بل أم بل نسب ل بداية أيام له ول نهاية‬ ‫حياة( فيفوق المسيح في كونه بل أم وفي كونه ل بداية له ويستدلون تارة بمعجزاته‪ ،‬وهذا أيض ا‬ ‫ضعيف لن من أعظم معجزاته إحياء الموتى مع قطع النظر عن ثبوته‪ ،‬وعن أنه يفهم من هذا‬ ‫النجيل المتعارف تكذيبه‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/765‬‬

‫أقول إن عيسى عليه السلم بحسب هذا النجيل ما أحيا إلى زمان الصلب إل ثلثة أشخاص كما‬ ‫عرفت في الباب الول‪ ،‬وأحيا حزقيال عليه السلم ألوفا كما هو مصرح في الباب السابع والثلثين‬

‫من كتابه‪ ،‬فهو أولى بأن يكون إلهاا‪ ،‬وأحيا إيليا عليه السلم ميتا كما هو مصرح في الباب السابع‬

‫عشر من سفر الملوك الول‪ ،‬وأحيا اليسع عليه السلم أيض ا ميت ا كما هو مصرح في الباب الرابع‬ ‫من سفر الملوك الثاني‪ ،‬وصدرت هذه المعجزة عن اليسع بعد موته‪ ،‬أن ميت ا ألقي في قبره فحيي‬

‫بإذن ال كما هو مصرح في الباب الثالث عشر من السفر المذكور‪ ،‬وأبرأ البرص من برصه‪ ،‬كما‬

‫هو مصرح في الباب الخامس من السفر المذكور‪ً.‬ا وقد يتمسكون ببعض آيات كتب العهد العتيق‬ ‫وببعض أقوال‬

‫) ‪(3/766‬‬

‫الحواريين‪ً.‬ا‬ ‫وإني قد نقلت هذه التمسكات مع أجوبتها في كتاب إزالة الوهام‪ ،‬فمن أراد الطلع عليها‬ ‫فليرجع إليه‪ ،‬وتركت ذكرها في هذا الكتاب لن التمسكات الولية ضعيفة جدا ومع قطع النظر عن‬

‫الضعف ل يثبت منها اللوهية على زعمهم أيض ا ما لم يعترف أن المسيح إنسان كامل وإله كامل‪،‬‬

‫وهذا التأويل باطل‪ ،‬كما عرفت مراراا‪ ،‬والتمسكات الثانوية حالها كحال التمسكات بالحوال‬

‫المسيحية غالبا فيعامل بها معاملة أقوال المسيح من الحالت الثلث كما عرفت في صدر هذا‬

‫الفصل‪ً.‬ا ولو فرضنا أن بعض القول منهم نص على هذا المر‪ ،‬فيحمل على أنه بحسب اجتهادهم‪ً.‬ا‬


‫وقد عرفت في الباب الول أن جميع تحريراتهم ليست باللهام‪ ،‬وأنه قد وقع منهم الغلط‬ ‫والختلفات والتناقض يقيناا‪ ،‬وقول مقدسهم بولس غير مسلم عندنا لنه ليس بحواري ول واجب‬ ‫التسليم عندنا‪ ،‬بل ل نسلم وثاقته‪ً.‬ا واعلم أرشك ال تعالى إنما نقلت القوال المسيحية وأولتها‬

‫لجل إتمام اللزام وإثبات أن تمسكهم بها ضعيف‪ ،‬وكذا ما قلت من أقوال الحواريين إنما هو على‬ ‫تقدير تسليم أنها أقوالهم‪ ،‬ول يثبت عندنا أنها أقوال المسيح عليه السلم والحواريين لجل فقدان‬ ‫إسناد هذه الكتب كما عرفت في الباب الول‪ ،‬ولجل وقوع التحريف فيها عموما وفي هذه‬

‫المسألة خصوص ا أيض ا كما عرفت في الباب الثاني أن عادتهم في مثل هذه المور كانت كذلك‬

‫وعقيدتي أن المسيح والحواريين كانوا برآء من هذه العقيدة الكفرية يقيناا‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال‬

‫وأن محمدا عبده ورسوله وأن عيسى عبد ال ورسوله وأن الحواريين رسل رسول ال‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/767‬‬

‫ووقعت بين المام الهمام الفخر الرازي عليه الرحمة وبين بعض القسيسين مناظرة بخوارزم ولما كان‬ ‫نقلها ل يخلو عن فائدة فأنقلها‪ :‬قال قدس سره في المجلد الثاني من تفسيره في سورة آل عمران‬ ‫تحت تفسير قوله تعالى‪} :‬فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم{ً الية‪ً.‬ا اتفق أني حين كنت‬ ‫بخوارزم أخبرت أنه جاء نصراني يدعي التحقيق والتعمق في مذهبهم فذهبت إليه وشرعنا في‬ ‫الحديث‪ ،‬فقال لي ما الدليل على نبوة محمد صلى ال عليه وسلم‪ً.‬ا فقلت له‪ :‬كما نقل إلينا ظهور‬ ‫الخوارق على يد موسى وعيسى وغيرهما من النبياء عليهم السلم‪ ،‬نقل إلينا ظهور الخوارق على‬ ‫يد محمد صلى ال عليه وسلم فإن رددنا التواتر أو قبلناه لكن قلنا إن المعجزة ل تدل على‬ ‫الصدق فحينئذ بطلت نبوة سائر النبياء عليهم السلم‪ ،‬وإن اعترفنا بصحة التواتر واعترفنا بدللة‬

‫) ‪(3/768‬‬

‫المعجزة على الصدق ثم إنهما حاصلن في حق محمد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وجب العتراف‬ ‫قطعا بنبوة محمد عليه السلم ضرورة‪ً.‬ا إذ عند الستواء في الدليل ل بد من الستواء في حصول‬

‫المدلول‪ً.‬ا‪ً.‬ا فقال النصراني ل أقول في عيسى عليه السلم إنه كان نبياا‪ ،‬بل أقول إنه كان إلها‪ً.‬ا فقلت‬

‫له الكلم في النبوة ل بد وأن يكون مسبوق ا بمعرفة الله‪ ،‬وهذا الكلم الذي تقوله باطل ويدل عليه‬


‫أن الله عبارة عن موجود واجب الوجود لذاته‪ ،‬يجب أل يكون جسما ول متحيزا ول عرضاا‪ً,‬‬ ‫وعيسى عبارة عن هذا الشخص البشري الجسماني الذي وجد بعد أن كان معدوماا‪ ،‬وقتل بعد أن‬ ‫كان حي ا على قولكم‪ ،‬وكان طفلا أولا ثم صار مترعرعاا‪ ،‬ثم صار شاب ا‪ً.‬ا وكان يأكل ويشرب مويديحندث‬ ‫وينام ويستيقظ‪ً.‬ا وقد تقرر في بداهة العقول أن المحدث ل يكون قديم ا‪ً.‬ا والمحتاج ل يكون غني ا‬ ‫والممكن ل يكون واجبا والمتغير ل يكون دائما‪ً.‬ا‬ ‫)والوجه الثاني( في إبطال هذه المقالة أنكم تعترفون بأن اليهود أخذوه وصلبوه وتركوه حيا على‬

‫الخشبة‪ ،‬وقد مزقوا ضلعه وأنه كان يحتال في الهرب منهم وفي الختفاء عنهم‪ ،‬وحين عاملوه بتلك‬

‫المعاملت أظهر الجزع الشديد‪ً.‬ا فإن كان إله ا أو كان الله حالا فيه أو كان جزء من الله حالا فيه‬ ‫فملنمم لميم يدفعهم عن نفسه ولنمم لميم يهلكهم بالكلية‪ ،‬وأية حاجة به إلى إظهار الجزع منهم والحتيال‬ ‫في الفرار منهم‪ً.‬ا وبال إنني لتعجب جدا أن العاقل كيف يليق به أن يقول هذا القول‪ ،‬ويعتقد‬ ‫صحته‪ً.‬ا فتكاد أن تكون بداهة العقل شاهدة بفساده‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/769‬‬

‫)الوجه الثالث( وهو أنه إما أن يقال بأن الله هو هذا الشخص الجسماني المشاهد‪ ،‬أو يقال حل‬ ‫الله بكليته‪ً.‬ا أو حل بعض الله وجزأ منه فيه والقسام الثلثة باطلة‪ :‬أما الول‪ ،‬فلن إله العالم لو‬ ‫كان هو ذلك الجسم فحين قتله اليهود كان ذلك قولا بأن اليهود قتلوا إله العالم فكيف بقي العالم‬

‫بعد ذلك من غير إله‪ً.‬ا ثم إن أشد الناس ذلا ودناءة اليهود فالله الذي تقتله اليهود إله في غاية‬

‫العجز‪ً.‬ا وأما الثاني وهو أن الله بكليته حل في هذا الجسم فهو أيضا فاسد لن الله إن لم يكن‬

‫جسما ول عرضا امتنع حلوله في الجسم‪ ،‬وإن كان جسما فحينئذ يكون حلوله في جسم آخر‬

‫عبارة عن اختلط أجزائه بأجزاء ذلك الجسم‪ ،‬وذلك يوجب وقوع التفرق في أجزاء ذلك الله‪ً.‬ا‬

‫وإن كان عرض ا كان محتاج ا إلى المحل وكان الله محتاج ا إلى غيره‪ً.‬ا وكل ذلك سخيف‪ً.‬ا وأما‬

‫الثالث وهو أنه حل فيه بعض من أبعاض الله وجزء من أجزائه فذلك أيضا محال‪ ،‬لن ذلك الجزء‬

‫إن كان معتبرا في اللهية فعند انفصاله عن الله وجب أن ل يبقى الله إلها وإن لم يكن معتبرا في‬

‫تحقيق اللهية لم يكن جزءا من الله‪ً.‬ا فثبت فساد هذه القسام فكان قول النصارى باطلا‪ً.‬ا‬ ‫)الوجه الرابع( في بطلن قول النصارى ما ثبت بالتواتر من أن عيسى عليه السلم كان عظيم الرغبة‬ ‫في العبادة والطاعة ولو كان إلها لستحال ذلك لن الله ل يعبد نفسه‪ً.‬ا فهذه وجوه في غاية‬


‫الجلء والظهور دالة على فساد قولهم‪ً.‬ا‬ ‫ثم قلت للنصراني وما الذي دلك على كونه إلها‬

‫) ‪(3/770‬‬

‫فقال الذي دل عليه ظهور العجائب عليه من إحياء الموتى وإبراء الكمه والبرص‪ ،‬وذلك ل يمكن‬ ‫حصوله إل بقدرة الله تعالى‪ً.‬ا فقلت له هل تسلم أنه ل يلزم من عدم الدليل عدم المدلول أم ل‪ً.‬ا‬ ‫فإن لم تسلم لزمك من نفي العالم في الزل نفي الصانع‪ ،‬وإن سلمت أنه ل يلزم من عدم الدليل‬ ‫عدم المدلول فأقول لما جوزت حلول الله في بدن عيسى عليه السلم فكيف عرفت أن الله ما‬ ‫حل بدني وبدنك ومن بدن كل حيوان ونبات وجماد‪ً.‬ا فقال الفرق ظاهر وذلك لني إنما حكمت‬ ‫بذلك الحلول لنه ظهرت تلك الفعال العجيبة عليه‪ ،‬والفعال العجيبة ما ظهرت على يدي ول‬ ‫على يدك فعلمنا أن ذلك الحلول مفقود ههنا‪ً.‬ا فقلت له تبين الن أنك ما عرفت معنى قولي إنه ل‬ ‫يلزم من عدم الدليل عدم المدلول‪ ،‬وذلك لن ظهور تلك الخوارق دالة على حلول الله في بدن‬ ‫عيسى عليه السلم‪ ،‬فعدم ظهور تلك الخوارق مني ومنك ليس فيه إل أنه لم يوجد ذلك الدليل‪،‬‬ ‫فإذا ثبت أنه ل يلزم من عدم الدليل عدم المدلول ل يلزم من عدم ظهور تلك الخوارق مني ومنك‬ ‫عدم الحلول في حقي وفي حقك بل وفي حق الكلب والسنور والفأر‪ ،‬ثم قلت إن مذهبا يؤدي‬ ‫القول به إلى تجويز حلول ذات ال في بدن الكلب والذباب لفي غاية الخسة والركاكة‪ً.‬ا ثم إن‬

‫قلب العصا حية أبعد في العقل من إعادة الميت‬

‫) ‪(3/771‬‬

‫حي اا‪ ،‬لن المشاكلة بين بدن الحي وبدن الميت أكثر من المشاكلة بين الخشبة وبين بدن الثعبان‪،‬‬ ‫فإذا لم يوجب قلب العصا حية كون موسى عليه السلم إله ا وابن ا للله فبأن ل يدل إحياء الموتى‬ ‫على اللهية كان ذلك أولى وعند هذا انقطع النصراني ولم يبق له كلم وال أعلم‪ً.‬ا انتهى كلمه‬

‫بعبارته الشريفة‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/772‬‬


‫الباب الخامس‪ :‬في إثبات كون القرآن كلم ال ومعجزا ورفع شبهات القسيسين وضممت إلى‬ ‫مبحث القرآن مبحث إثبات صحة الحاديث النبوية المروية في كتب الصحاح من كتب‪ :‬أهل‬

‫السنة والجماعة‪ً.‬ا‬ ‫وجعلت هذا الباب مشتملا على أربعة فصول‪:‬‬

‫) ‪(3/773‬‬

‫الفصل الول‪ :‬المور التي تدل على أن القرآن كلم ال‬ ‫في اثبات أن القرآن كلم ال‬ ‫المور التي تدل على أن القرآن كلم ال كثيرة‪ ،‬أكتفي منها على اثني عشر أمرا على عدد حواري‬

‫المسيح وأترك الباقي‪ ،‬مثل أن يقال إن الخائب المخالف وقت بيان أمر من المور الدنيوية والدينية‬

‫أيض ا يكون ملحوظ ا في القرآن‪ ،‬وأن بيان كل شيء ترغيب ا كان أو ترهيب ا رأفة كان أو عتاب ا يكون على‬

‫درجة العتدال ل بالفراط ول بالتفريط‪ ،‬وهذان المران ل يوجدان في كلم النسان لنه يتكلم في‬

‫بيان كل حال بما يناسب ذلك الحال‪ ،‬فل يلحظ في العتاب حال الذين هم قابلون للرأفة‬ ‫وبالعكس‪ ،‬ول يلحظ عند ذكر الدنيا حال الخرة وبالعكس‪ً.‬ا ويقول في الغضب زائدا على الخطأ‬

‫وهكذا أمور أخر‪ً.‬ا‬

‫)المر الول( ‪ :‬كونه في الدرجة العالية من البلغة التي لم يعهد مثلها في تراكيبهم وتقاصرت عنها‬ ‫درجات بلغتهم‪ ،‬وهي عبارة عن التعبير باللفظ المعجب عن المعنى المناسب للمقام الذي أورد‬ ‫فيه الكلم‪ ،‬بل زيادة ول نقصان في البيان‪ ،‬والدللة عليه‪ ،‬وعلى هذا كلما ازداد شرف اللفاظ‬ ‫ورونق المعاني ومطابقة الدللة كان الكلم أبلغ وتدل على كونه في هذه الدرجة وجوه‪:‬‬ ‫)أولها( أن فصاحة العرب أكثرها في وصف المشاهدات مثل وصف بعير أو فرس أو جارية أو ملك‬ ‫أو ضربة أو طعنة أو وصف حرب أو وصف غارة‪ً.‬ا وكذا فصاحة العجم سواء كانوا شاعرين أو كاتبين‬ ‫أكثرها في أمثال هذه‬


‫) ‪(3/775‬‬

‫الشياء‪ً.‬ا ودائرة الفصاحة والبلغة فيها متسعة جدا لن طبائع أكثر الناس تكون مائلة إليها‪ً.‬ا وظهر‬ ‫من الزمان القديم في كل وقت وفي كل إقليم من شاعر أو كاتب مضمون جديد ونكتة لطيفة في‬

‫بيان لشيء من هذه الشياء المذكورة ويكون المتأخر المتتبع واقفاد على تدقيقات المتقدم غالبا‪ً.‬ا‬ ‫فلو كان الرجل سليم الذهن وتوجه إلى تحصيل ملكة في وصفها يحصل له بعد الممارسة‬ ‫والشتغال ملكة البيان في وصف شيء من هذه الشياء على قدر سلمة فكره وجودة ذهنه‪ ،‬وليس‬ ‫القرآن في بيان خصوص هذه الشياء فكان يجب أن ل تحصل فيه اللفاظ الفصيحة التي اتفقت‬ ‫عليها العرب في كلمهم‪ً.‬ا‬ ‫)ثانيها( أنه تعالى راعى فيه طريقة الصدق وتنزه عن الكذب في جميعه‪ ،‬وكل شاعر ترك الكذب‬ ‫والتزم الصدق نزل شعره ولم يكن جيداا‪ ،‬ولذلك قيل أحسن الشعر أكذبه‪ً.‬ا وترى أن لبيد بن ربيعة‬ ‫وحسان بن ثابت رضي ال عنهما لما أسلما نزل شعرهما ولم يكن شعرهما السلمي كشعرهما‬

‫الجاهلي‪ ،‬والقرآن جاء فصيح ا مع التنزه عن الكذب والمجازفة‪ً.‬ا‬ ‫)ثالثها( أن الكلم الفصيح إنما يتفق في القصيدة في البيت والبيتين والباقي ل يكون كذلك‪،‬‬ ‫بخلف القرآن فإنه مع طوله فصيح كله‪،‬‬

‫) ‪(3/776‬‬

‫بحيث يعجز الخلق عنه‪ً.‬ا ومن تأمل في قصة يوسف عليه السلم عرف أنها مع طولها وقعت على‬ ‫الدرجة العالية من البلغة‪ً.‬ا‬ ‫)رابعها( أن الشاعر أو الكاتب إذا كرر مضمونا أو قصة ل يكون كلمه الثاني مثل الول‪ ،‬وقد‬

‫تكررت قصص النبياء وأحوال المبدأ والمعاد والحكام والصفات اللهية‪ ،‬واختلفت العبارات‬

‫إيجازا وإطناب ا وتفنن ا في بيانها غيبة وخطاباا‪ ،‬ومع ذلك كل واحد منها في نهاية الفصاحة ولم يظهر‬ ‫التفاوت أصلا‪ً.‬ا‬


‫)خامسها( أنه اقتصر على إيجاب العبادات وتحريم القبائح والحث على مكارم الخلق وترك‬ ‫الدنيا واختيار الخرة‪ ،‬وأمثال هذه المور توجب تقليل الفصاحة‪ً.‬ا ولذلك إذا قيل لشاعر فصيح أو‬ ‫كاتب بليغ أن يكتب تسع أو عشر من مسائل الفقه أو العقائد في عبارة فصيحة مشتملة على‬ ‫التشبيهات البليغة والستعارات الدقيقة يعجز‪ً.‬ا‬ ‫)سادسها( أن كل شاعر يحسن كلمه في فن فإنه يضعف كلمه في غير ذلك الفن‪ ،‬كما قالوا في‬ ‫شعراء العرب‪ :‬إن شعر امرئ القيس يحسن‬

‫) ‪(3/777‬‬

‫عند الطرب وذكر النساء وصفة الخيل‪ ،‬وشعر النابغة عند الخوف وشعر العشى عند الطلب‬ ‫ووصف الخمر وشعر زهير عند الرغبة والرجاء‪ً.‬ا وقالوا في شعراء فارس إن النظامي والفردوسي‬ ‫وحيدان في بيان‬

‫) ‪(3/778‬‬

‫الحرب‪ ،‬والسعدي فريد في الغزل‪ ،‬والنوري في القصائد‪ً.‬ا‪ً.‬ا والقرآن جاء فصيحا على غاية الفصاحة‬

‫في كل فن ترغيبا كان أو ترهيباا‪ ،‬زجرا كان أو وعظا أو غيرهما‪ً.‬ا )وأورد ههنا بطريق النموذج من كل‬ ‫فن آية آية( ففي الترغيب قوله }فل تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين{ً وفي الترهيب قوله‬

‫}وخاب كل جبار عنيد‪ً.‬ا من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد‪ً.‬ا يتجرعه ول يكاد يسيغه ويأتيه‬ ‫الموت من كل مكان وما هو بميت‪ً.‬ا ومن ورائه عذاب غليظ{ً ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/779‬‬

‫وفي الزجر والتوبيخ قوله }فكل أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصب ا‪ً.‬ا ومنهم من أخذته‬

‫الصيحة‪ً.‬ا ومنهم من خسفنا به الرض‪ً.‬ا ومنهم من أغرقنا‪ً.‬ا وما كان ال ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم‬


‫يظلمون{ً وفي الوعظ قوله }أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغني عنهم ما‬ ‫كانوا يمتعون{ً وفي اللهيات قوله }ال يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الرحام وما تزداد وكل‬ ‫شيء عنده بمقدار‪ً.‬ا عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال{ً ‪ً.‬ا‬ ‫)سابعها( الغلب أنه إذا انتقل الكلم من مضمون إلى مضمون آخر‪ ،‬واشتمل على بيان أشياء‬ ‫مختلفة ل يبقى حسن ربط الكلم ويسقط عن الدرجة العالية للبلغة‪ً.‬ا والقرآن يوجد فيه النتقال‬ ‫من قصة إلى قصة إلى قصة أخرى‪ ،‬والخروج من باب إلى باب‪ ،‬والشتمال على أمر ونهي‪ ،‬وخبر‬ ‫واستخبار‪ ،‬ووعد وعيد‪ ،‬وإثبات النبوة‪ ،‬وتوحيد الذات‪ ،‬وتفريد الصفات‪ ،‬وترغيب وترهيب‪ ،‬وضرب‬ ‫مثال‪ ،‬وبيان حال‪ً.‬ا ومع ذلك يوجد فيه كمال الربط والدرجة العالية للبلغة الخارجة عن العادة‬ ‫فتحير فيها عقول بلغاء العرب‪ً.‬ا‬ ‫)ثامنها( أن القرآن في أغلب المواضع يأتي بلفظ يسير متضمن لمعنى كثير ويكون اللفظ أعذب‪،‬‬ ‫ومن تأمل في سورة )ص( علم ما قلت كيف صدرها وجمع فيها من أخبار الكفار وخلفهم‬ ‫وتقريعهم بإهلك القرون من قبلهم ومن تكذيبهم لمحمد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وتعجبهم مما أتى‬ ‫به‪ ،‬والخبر‬

‫) ‪(3/780‬‬

‫عن إجماع ملئهم على الكفر‪ ،‬وظهور الحسد في كلمهم‪ ،‬وتعجيزهم وتحقيرهم ووعيدهم بخزي‬ ‫الدنيا والخرة‪ ،‬وتكذيب المم قبلهم وإهلك ال لهم‪ ،‬ووعيد قريش وأمثالهم مثل مصابهم‪ً.‬ا وحمل‬ ‫النبي على الصبر على أذاهم وتسليته في قصص النبياء مثل داود وسليمان وأيوب وإبراهيم‬ ‫ويعقوب وغيرهم عليهم السلم‪ً.‬ا وكل هذا الذي ذكر من أولها إلى آخرها في ألفاظ يسيرة متضمنة‬ ‫لمعان كثيرة‪ ،‬وكذلك قوله تعالى }ولكم في القصاص حياة{ً فإن هذا القول لفظه يسير ومعناه كثير‪ً.‬ا‬ ‫ومع كونه بليغ ا مشتملا على المطابقة بين المعنيين المتقابلين وهما القصاص والحياة‪ً.‬ا وعلى الغرابة‪،‬‬ ‫بجعل القتل الذي هو مفوت للحياة ظرفا لها وأولى من جميع القوال المشهورة عند العرب في‬

‫هذا الباب‪ ،‬لنهم عبروا عن هذا المعنى بقولهم‪) :‬قتل البعض إحياء الجميع( وقولهم‪) :‬أكثروا القتل‬ ‫ليقل القتل( وقولهم‪) :‬القتل أنفى للقتل( ‪ً.‬ا وأجود القوال المنقولة عن القول الخير ولفظ القرآن‬ ‫أفصح منه بستة أوجه‪) :‬أحدها( ‪ :‬أنه أخصر من الكل لن قوله }ولكم{ً ل يدخل في هذا الباب‬ ‫لنه ل بد من تقدير ذلك في الكل لن قول القائل قتل البعض إحياء للجميع ل بد فيه من تقدير‬


‫مثله وكذلك في قولهم القتل أنفى للقتل‪ً.‬ا )وثانيها( ‪ :‬أن قولهم القتل أنفى للقتل ظاهرة يقتضي كون‬ ‫الشيء سببا‬

‫) ‪(3/781‬‬

‫لنتفاء نفسه بخلف لفظ القرآن فإنه يقتضي أن نوع ا من القتل وهو القصاص سبب لنوع من أنواع‬ ‫الحياة‪ً.‬ا )وثالثها( ‪ :‬أن قولهم الجود تكرير لفظ القتل بخلف لفظ القرآن‪ً.‬ا‬

‫)ورابعها( ‪ :‬أن قولهم الجود ل يفيد إل الردع عن القتل‪ ،‬بخلف لفظ القرآن فإنه يفيد الردع عن‬ ‫القتل والجرح فهو أفيد‪ً.‬ا‬ ‫)وخامسها( ‪ :‬أن قولهم الجود دال على ما هو المطلوب بالتبع بخلف لفظ القرآن فإنه دال على‬ ‫ما هو مقصود أصلي‪ ،‬لن نفي القتل مطلوب تبعا من حيث إنه يتضمن حصول الحياة الذي هو‬

‫مطلوب أصالة‪ً.‬ا )وسادسها( ‪ :‬أن القتل ظلما أيضا قتل مع أنه ليس بناف للقتل بخلف القصاص‬

‫فظاهر قولهم باطل وأما لفظ القرآن فصحيح ظاهرا وباطن ا‪ً.‬ا وكذلك قوله تعالى‪} :‬مع يطع ال{ً في‬

‫فرائضه }ورسوله{ً في سننه أو في جميع ما يأمرانه وينهيانه }ويخشى ال{ً أي يخف خلفه وعقابه‬

‫وحسابه }ويتقه{ً فيما بقي من عمره في جميع أمره }فأولئك هم الفائزون{ً بالمراد في المبدأ‬ ‫والمعاد‪ ،‬فإن هذا القول مع وجازة لفظه جامع لجميع الضروريات )حكي( أن عمر بن الخطاب‬ ‫رضي ال عنه كان يوم ا نائم ا في المسجد فإذا‬

‫) ‪(3/782‬‬

‫هو بقائم على رأسه يتشهد شهادة الحق فأعلمه أنه من بطارقة الروم ومن جملة من يحسن فهم‬ ‫اللسن من العرب وغيرها‪ ،‬وأنه سمع رجلا من أسراء المسلمين يقرأ آية من كتابكم فتأملها فإذا هي‬ ‫جامعة لكل ما أنزل ال على عيسى بن مريم من أحوال الدنيا والخرة‪ ،‬وهي قوله }ومن يطع ال‬

‫ورسوله{ً الية‪ً.‬ا وحكي أن طبيب ا نصراني ا حاذق ا سأل الحسين بن علي الواقدي‪ :‬لماذا لم‬

‫) ‪(3/783‬‬


‫ينقل شيء في كتابكم عن علم الطب‪ً.‬ا‪ً.‬ا والعلم علمان علم البدان وعلم الديان‪ً.‬ا فقال الحسين‪:‬‬ ‫إن ال بين علم الطب كله في نصف آية‪ ،‬فسأل الطبيب النصراني عن هذه الية‪ً.‬ا فقال‪ :‬هي قوله‪:‬‬ ‫}كلوا واشربوا{ً ما أحل ال لكم من المطعومات والمشروبات }ول تسرفوا{ً أي ل تتعدوا إلى‬ ‫الحرام ول تكثروا النفاق المستقبح‪ ،‬ول تناولوا مقدارا كثيرا يضركم ول تحتاجون إليه‪ً.‬ا‬

‫ثم سأل الطبيب أقال نبيكم أيضا شيئا في هذا المر‪ ،‬فقال الحسين‪ :‬إن نبينا أيضا جمع الطب في‬ ‫ألفاظ يسيرة‪ ،‬فسأل الطبيب عنها‪ ،‬فقال الحسين‪ :‬هي هذه‪" :‬المعدة بيت الداء والحمية رأس كل‬

‫دواء وأعط كل بدن ما عودته" فقال الطبيب‪ :‬النصاف أن كتابكم ونبيكم ما تركا حاجة إلى‬ ‫جالينوس‪،‬‬

‫) ‪(3/784‬‬

‫يعني بينا المر الذي هو رأس حفظ الصحة وإزالة المرض وأصلهما ومضارهما‪ً.‬ا‬ ‫)تاسعها( ‪ :‬أن الجزالة والعذوبة بمنزلة الصفتين المتضادتين‪ ،‬واجتماعهما على ما هو ينبغي في كل‬ ‫جزء من الكلم الطويل خلف العادة المعتادة للبلغاء‪ ،‬فاجتماعهما في كل موضع من مواضع‬ ‫القرآن كله دليل على كمال بلغته وفصاحته الخارجتين عن العادة‪ً.‬ا‬ ‫)عاشرها( ‪ :‬أنه مشتمل على جميع فنون البلغة من ضروب التأكيد وأنواع التشبيه والتمثيل‪،‬‬ ‫وأصناف الستعارة وحسن المطالع والمقاطع‪ ،‬وحسن الفواصل‪ ،‬والتقديم والتأخير والفصل والوصل‬ ‫اللئق بالمقام‪ ،‬وخلوه عن اللفظ الركيك والشاذ الخارج عن القياس النافر عن الستعمال‪ ،‬وغير‬ ‫ذلك من أنواع البلغات‪ً.‬ا ول يقدر أحد من البلغاء والكملء من العرب العرباء إل على نوع أو‬ ‫نوعين من النواع المذكورة‪ ،‬ولو رام غيره في كلمه لم يتأت له‪ ،‬وكان مقصرا‪ً.‬ا والقرآن محتو عليها‬ ‫كلها فتلك عشرة كاملة‪ ،‬وهذه الوجوه العشرة تدل على أن القرآن في الدرجة العالية من البلغة‬

‫الخارجة عن العادة‪ ،‬يعرفه فصحاء العرب بسليقتهم‪ ،‬وعلماء الفرق بمهارتهم في فن البيان‬ ‫وإحاطتهم بأساليب الكلم‪ ،‬ومن كان أعرف بلغة العرب وفنون بلغتها كان أعرف بإعجاز القرآن‪ً.‬ا‬ ‫)المر الثاني( ‪ :‬تأليفه العجيب وأسلوبه الغريب في المطالع والمقاطع والفواصل‪ ،‬مع اشتماله على‬ ‫دقائق البيان وحقائق العرفان‪ ،‬وحسن العبارة‪ ،‬ولطف الشارة‪ ،‬وسلمة التركيب‪ ،‬وسلمة الترتيب‪،‬‬ ‫فتحيرت فيه عقول‬


‫) ‪(3/785‬‬

‫العرب العرباء‪ ،‬وفهوم الفصحاء‪ً.‬ا والحكمة في هذه المخالفة أن ل يبقى لمتعسف عنيد مظنة‬ ‫السرقة‪ ،‬ويمتاز هذا الكلم عن كلمهم ويظهر تفوقه‪ ،‬لن البليغ ناظما كان أو ناثرا يجتهد في هذه‬

‫ل‪ ،‬ويمدح ويعاب عليه غالبا في هذه المواضع كما عيب على مطلع امرئ‬ ‫المواضع اجتهادا كام ا‬

‫القيس‪:‬‬

‫قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل‪ً.‬ا‪ً.‬ا بسقط اللوى بين الدخول فحومل‬ ‫بأن صدر البيت جمع بين عذوبة اللفظ وسهولة السبك وكثرة المعاني فإنه وقف واستوقف وبكى‬ ‫واستبكى وذكر الحبيب والمنزل‪ ،‬وأن الشطر الثاني ل يوجد فيه شيء من ذلك ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا وعيب على‬ ‫مطلع أبي النجم الشاعر المشهور فإنه دخل على هشام بن عبد الملك‪ ،‬فأنشده‪:‬‬

‫) ‪(3/786‬‬

‫صفراء قد كادت ولما تفعل‪ً.‬ا‪ً.‬ا كأنها في الفق عين الحوال‬ ‫وكان هشام أحول فأخرجه وأمر بحبسه‪ً.‬ا‬ ‫وعيب على مطلع جرير‪ ،‬فإنه دخل على عبد الملك وقد مدحه بقصيدة حائية‪ً.‬ا أولها‪:‬‬ ‫أتصحو أم فؤداك غير صاح‬ ‫فقال له عبد الملك‪ :‬بل فؤادك يا ابن الفاعلة‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/787‬‬


‫وعيب على مطلع البحتري فإنه أنشد يوسف بن محمد قصيدته التي مطلعها‪:‬‬ ‫لك الويل من ليل تقاصر آخره‬ ‫فقال‪ :‬بل لك الويل والخزي ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا وعيب على مطلع إسحاق الموصلي الديب الحاذق‪ ،‬فإنه دخل‬ ‫على المعتصم وقد فرغ من بناء قصره بالميدان وأنشده قصيدته التي‬

‫) ‪(3/788‬‬

‫مطلعها‪:‬‬ ‫يا دار غيرك البلى ومحاك * يا ليت شعري ما الذي أبلك!!‬ ‫فتطير المعتصم من هذا المطلع وأمر بهدم القصر على الفور‪ً.‬ا وهكذا قد خطئ أكثر الشعراء‬ ‫المشهورين في المواضع المذكورة‪ً.‬ا وأشراف العرب‪ ،‬مع كمال حذاقتهم في أسرار الكلم وشدة‬ ‫عداوتهم للسلم‪ ،‬لم يجدوا في بلغة القرآن وحسن نظمه وأسلوبه مجالا لم يوردوا في القدح‬

‫مقا ال‪ ،‬بل اعترفوا أنه ليس من جنس خطب الخطباء وشعر الشعراء‪ ،‬ونسبوه تاراة إلى‬

‫) ‪(3/789‬‬

‫السحر تعجب ا من فصاحته وحسن نظمه‪ ،‬وقالوا تاراة إنه إفك افتراه وأساطير الولين‪ ،‬وقالوا تاراة‬ ‫لصحابهم وأحبابهم ل تسمعوا لهذا القرآن وألغوا فيه لعلكم تغلبون‪ً.‬ا وهذه كلها دأب المحجوج‬ ‫المبهوت‪ً.‬ا فثبت أن القرآن معجز ببلغته وفصاحته وحسن نظمه‪ً.‬ا وكيف يتصور أن يكون الفصحاء‬ ‫والبلغاء من العرب العرباء كثيرين كثرة رمال الدهناء وحصى البطحاء‪ ،‬ومشهورين بغاية العصبية‬ ‫والحمية الجاهلية‪ ،‬وتهالكهم على المباراة والمباهاة‪ ،‬والدفاع عن الحساب‪ً.‬ا فيتركون المر السهل‬ ‫الذي هو اليتان بمقدار أقصر سورة ويختارون الشد الصعب مثل الجلء وبذل المهج والرواح‪،‬‬ ‫ويبتلون بسبي الذراري ونهب الموال‪ ،‬ومخالفهم المتحدي يقرعهم إلى مدة على رؤوس المل‬ ‫بأمثال هذه القوال‪} :‬فأتوا بسورة من مثله وادعوا من استطعتم من دون ال إن كنتم صادقين{ً ‪ً.‬ا‬


‫) ‪(3/790‬‬

‫}وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون ال إن كنتم‬ ‫صادقين‪ً.‬ا فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة{ً ‪ً.‬ا }قل لئن اجتمعت‬ ‫النس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن ل يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراا{ً ‪ً.‬ا‬

‫ولو كانوا يظنون أن محمدا صلى ال عليه وسلم استعان بغيره‪ ،‬لمكنهم أيض ا أن يستعينوا بغيرهم‬ ‫لنه كأولئك المنكرين في معرفة اللغة وفي المكنة من الستعانة‪ ،‬فلما لم يفعلوا ذلك وآثروا‬

‫المقارعة على المعارضة والمقاتلة على المقاولة‪ ،‬ثبت أن بلغة القرآن كانت مسلمة عندهم وكانوا‬ ‫عاجزين عن المعارضة‪ ،‬غاية المر أنهم صاروا مفترقين بين مصدق به وبمن أنزل عليه‪ ،‬وبين متحير‬ ‫في بديع بلغته‪ً.‬ا روي أنه سمع الوليد بن المغيرة من النبي صلى ال عليه وسلم }إن ال يأمر‬ ‫بالعدل والحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون{ً‬ ‫فقال‪ :‬وال إن له لحلوة وإن عليه لطلوة وإن أسفله‬

‫) ‪(3/791‬‬

‫لمغدق وإن أعله لمثمر ما يقول هذا بشر‪ً.‬ا‪ً.‬ا وروي أيض ا أنه لما سمع القرآن رق قلبه‪ ،‬فجاءه أبو‬

‫جهل وكان ابن أخيه منكرا عليه قال‪ :‬وال ما منكم أحد أعلم بالشعار مني‪ ،‬وال ما يشبه الذي‬

‫يقول شيئا من هذا‪ً.‬ا وروي أيضا أنه جمع قريشا عند حضور الموسم وقال‪ :‬إن وفود العرب ترد‬ ‫العرب فاجمعوا فيه رأيا ل يكذب بعضكم بعضاا‪ ،‬قالوا‪ :‬نقول كاهن‪ ،‬قال‪ :‬وال ما هو بكاهن‬

‫بزمزمته ول سجعته‪ً.‬ا قالوا‪ :‬مجنون‪ ،‬قال‪ :‬ما هو بمجنون ول بحنقه ول وسوسته‪ ،‬قالوا‪ :‬فنقول‬

‫شاعر‪ ،‬قال‪ :‬ما هو بشاعر‬

‫) ‪(3/792‬‬

‫قد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه‪ ،‬وقريضه ومبسوطه ومقبوضه‪ً.‬ا قالوا‪ :‬فنقول ساحر‪ ،‬قال‪ :‬ما هو‬ ‫بساحر ول نفثه ول عقده‪ ،‬قالوا‪ :‬فما نقول‪ً.‬ا قال‪ :‬ما أنتم بقائلين شيئ ا من هذا إل وأنا أعرف أنه‬


‫باطل وأن أقرب القول إنه ساحر‪ً.‬ا ثم قال‪ :‬فإنه سحر يفرق به بين المرء وابنه‪ ،‬والمرء وأخيه‪ ،‬والمرء‬ ‫وزوجه‪ ،‬والمرء وعشيرته‪ ،‬فتفرقوا وجلسوا على السبل يحذرون الناس عن متابعة النبي صلى ال عليه‬ ‫وسلم‪ ،‬فأنزل ال تعالى في الوليد‪} :‬ذروني ومن خلقت وحيداا{ً ‪ً.‬ا‪ً.‬االيات‪ً.‬ا‬

‫وروي أن عتبة كلم النبي صلى ال عليه وسلم فيما جاء به من خلف قومه‪ ،‬فتل عليه‪:‬‬

‫) ‪(3/793‬‬

‫}حم‪ً.‬ا تنزيل من الرحمن الرحيم‪ً.‬ا كتاب فصلت‪ً.‬ا‪ً.‬ا{ً إلى قوله‪} :‬أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد‬ ‫وثمود{ً ‪ً.‬ا فأمسك عتبة بيده على فيه وناشده الرحم أن يكف‪ ،‬وفي رواية فجعل النبي صلى ال‬ ‫عليه وسلم يقرأ وعتبة مصغ ملق بيديه خلف ظهره معتمد عليهما حتى انتهى إلى السجدة فسجد‬ ‫النبي صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وقام عتبة ل يدري بما يراجعه‪ ،‬ورجع إلى أهله ولم يخرج إلى قومه‬ ‫حتى أتوه‪ ،‬فاعتذر لهم وقال وال لقد كلمني بكلم ما سمعت أذناي بمثله قط فما دريت ما أقول‬ ‫له ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا وذكر أبو عبيدة أن أعرابي ا سمع رجلا يقرأ‬

‫) ‪(3/794‬‬

‫}فاصدع بما تؤمر{ً فسجد وقال سجدت لفصاحته‪ ،‬وسمع رجل آخر من المشركين رجلا من‬

‫المسلمين يقرأ‪} :‬فما استيأسوا منه خلصوا نجياا{ً فقال‪ :‬أشهد أن مخلوقا ل يقدر على مثل هذا‬ ‫الكلم‪ً.‬ا‪ً.‬ا وحكى الصمعي أنه سمع جارية تتكلم بعبارة فصيحة وإشارة بليغة وهي خماسية أو‬

‫سداسية‪ ،‬وهي تقول أستغفر ال من ذنوبي كلها‪ ،‬فقال‪ :‬مم تستغفرين ولم يجر عليك قلم؟ فقالت‪:‬‬ ‫أستغفر ال لذنبي كله *‬

‫) ‪(3/795‬‬

‫قتلت إنسان ا بغير حله‬

‫مثل غزال ناعم في دله * انتصف الليل ولم أصله‬


‫فقال لها‪ :‬قاتلك ال ما أفصحك‪ ،‬فقالت‪ :‬أو بعد هذا فصاحة بعد قوله تعالى‪} :‬وأوحينا إلى أم‬ ‫موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ول تخافي ول تحزني‪ً.‬ا إنا رادوه إليك وجاعلوه من‬ ‫المرسلين{ً فجمع في آية واحدة بين أمرين ونهيين وخبرين وبشارتين‪ً.‬ا‪ً.‬ا وفي حديث إسلم أبي ذر‬ ‫ووصف أخاه أنيس ا فقال‪ :‬وال ما سمعت بأشعر من أخي أنيس لقد ناقض اثني عشر شاعرا في‬

‫الجاهلية أنا أحدهم‪ ،‬وأنه انطلق إلى مكة وجاءني‪ ،‬قلت‪ :‬فما يقول الناس‪ ،‬قال‪ :‬يقولون شاعر كاهن‬ ‫ساحر ثم قال‪ :‬لقد سمعت ما قال الكهنة فما هو قولهم ولقد وضعته على إقراء الشعر فلم يلتئم‬

‫وما يلتئم على لسان أحد بعدي إنه‬

‫) ‪(3/796‬‬

‫شعر وإنه لصادق وإنهم لكاذبون‪ً.‬ا وروي في الصحيحين عن جبير بن مطعم رضي ال عنه قال‪:‬‬ ‫سمعت النبي صلى ال عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور‪ ،‬فلما بلغ هذه الية‪} :‬أم خلقوا من غير‬ ‫شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والرض بل ل يوقنون‪ ،‬أم عندهم خزائن ربك أم هم‬ ‫المسيطرون{ً ‪ً.‬ا كاد قلبي أن يطير للسلم‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/797‬‬

‫وقد حكي أن ابن المقفع طلب معارضة القرآن وشرع فيه فمر بصبي يقرأ‪} :‬وقيل يا أرض ابلعي‬ ‫ماءك{ً فرجع فمحا ما عمل وقال‪ :‬أشهد أن هذا ل يعارض وما هو من كلم البشر‪ً.‬ا وكان يحيى بن‬ ‫حكم الغزالي بليغ الندلس في زمنه فحكى أنه رام شيئ ا من هذا فنظر في سورة الخلص ليأتي‬

‫على أسلوبها وينظم الكلم على منوالها‪ ،‬قال‪ :‬فاعترتني منه خشية ورقة حملتني على التوبة والنابة‪ً.‬ا‬

‫وقال النظام من المعتزلة‪ :‬إعجاز القرآن بالصرف‪ ،‬على معنى أن العرب‬

‫) ‪(3/798‬‬


‫كانت قادرة على كلم مثل القرآن قبل مبعث النبي صلى ال عليه وسلم‪ ،‬لكن ال صرفهم عن‬ ‫معارضته بسبب الدواعي بعد المبعث فهذا الصرف خارق للعادة فيكون معجزاا‪ ،‬فهو أيضا يسلم أن‬ ‫القرآن معجز لجل الصرف ومثله غير مقدور لهم بعد المبعث‪ ،‬وإنما نزاعه في كونه مقدور قبل‬

‫المبعث وقوله غير صحيح بوجوه‪) :‬الول( ‪ :‬أنه لو كان كذا لعارضوا القرآن بالكلم الذي صدر‬ ‫عنهم قبل المبعث ويكون مثل القرآن‪ً.‬ا )والثاني( ‪ :‬أن فصحاء العرب إنما كانوا يتعجبون من حسن‬ ‫نظمه وبلغته وسللته في جزالته‪ ،‬ل لعدم تأتي المعارضة مع سهولتها في نفسها‪ً.‬ا )والثالث( ‪ :‬أنه‬ ‫لو قصد العجاز بالصرف لكان النسب ترك العتناء ببلغته وعلو طبقته‪ ،‬لن القرآن على هذا‬ ‫التقدير كلما كان أنزل في البلغة‪ ،‬وأدخل في الركاكة‪ ،‬كان عدم تيسر المعارضة أبلغ في خرق‬ ‫العادة‪ً.‬ا )والرابع( ‪ :‬يأباه قوله تعالى‪} :‬قل لئن اجتمعت النس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن‬ ‫ل يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا{ً ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‬ ‫فإن قيل‪ :‬إن فصحاء العرب لما كانوا قادرين على التكلم بمثل مفردات السورة ومركباتها القصيرة‪،‬‬ ‫كانوا قادرين على التيان بمثلها )قلت( هذه الملزمة ممنوعة لن حكم الجملة قد يخالف حكم‬ ‫الجزاء‪ ،‬أل ترى أن كل شعرة شعرة ل يصلح أن يربط بها الفيل أو السفينة‪ ،‬وإذا سوى‬

‫) ‪(3/799‬‬

‫من الشعرات حبل متين يصلح أن يربط بهذا الحبل الفيل أو السفينة‪ ،‬ولنها لو صحت لزم أن‬ ‫يكون كل آحاد العرب قادر على التيان بمثل قصائد فصحائهم كامرئ القيس وأضرابه‪ً.‬ا‬ ‫)المر الثالث( ‪ :‬كون القرآن منطوي ا على الخبار عن الحوادث التية‪ ،‬فوجدت في اليام اللحقة‬ ‫على الوجه الذي أخبر‪ً.‬ا‬

‫‪ -1‬كقوله تعالى‪} :‬لتدخلن المسجد الحرام إن شاء ال آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين ل‬ ‫تخافون{ً ‪ً.‬افوقع كما أخبر‪ ،‬ودخل الصحابة المسجد الحرام آمنين محلقين رؤوسهم ومقصرين غير‬ ‫خائفين‪ً.‬ا ‪ -2‬وكقوله تعالى‪} :‬وعد ال الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الرض‬ ‫كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمن ا‬ ‫يعبدونني ل يشركون بي شيئاا{ً ‪ً.‬ا فكان ال وعد المؤمنين بجعل الخلفاء منهم وتمكين الدين‬


‫المرضي لهم‪ ،‬وتبديل خوفهم بالمن‪ ،‬فوفى وعده في مدة قليلة بأن ظهر في حياة الرسول صلى ال‬ ‫عليه وسلم أن أهل السلم تسلطوا على مكة‪ ،‬وخيبر والبحرين‪ ،‬ومملكة اليمن‪ ،‬وأكثر ديار‬

‫) ‪(3/800‬‬

‫العرب‪ ،‬وأن إقليم الحبش صار دار السلم بإيمان النجاشي الملك‪ ،‬وأن أناس ا من هجر وبعض‬

‫المسيحيين من نواحي الشام قبلوا الطاعة وأداء الجزية‪ ،‬وأن هذا التسلط زاد في خلفة الصديق‬

‫الكبر رضي ال عنه بأن تسلط أهل السلم على بعض ديار فارس وعلى بصرى ودمشق‪ ،‬وبعض‬ ‫الديار الخرى من الشام أيضاا‪ ،‬ثم زاد هذا التسلط في خلفة الفاروق رضي ال عنه بأن تسلطوا‬

‫على سائر ديار الشام وجميع مملكة مصر‪ ،‬وعلى أكثر ديار فارس أيضاا‪ ،‬ثم زاد هذا التسلط في‬

‫خلفة ذي النورين رضي ال عنه‪ ،‬بأن تسلطوا‬

‫) ‪(3/801‬‬

‫في جانب الغرب إلى أقصى الندلس والقيروان‪ ،‬وفي جانب الشرق إلى حد الصين‪ ،‬ففي مدة‬ ‫ثلثين سنة تسلط أهل السلم على هذه الممالك تسلط ا تاماا‪ ،‬وغلب دين ال المرضي على سائر‬

‫الديان في هذه المماليك فكانوا يعبدون ال آمنين غير خائفين‪ً.‬ا وفي خلفة أمير المؤمنين علي بن‬ ‫أبي طالب كرم ال وجهه وإن لم يتسلط أهل السلم على الممالك الجديدة لكنه ل شبهة في‬

‫ترقي الملة السلمية في عهده الشريف أيض ا‪ً.‬ا‬ ‫‪ -4‬وكقوله تعالى‪} :‬ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم أو يسلمون{ً ‪ً.‬ا ووقع كما أخبر لن‬ ‫المراد بقوم أولي بأس على أظهر الوجوه وأشهرها‪ ،‬بنو حنيفة قوم مسيلمة الكذاب والداعي الصديق‬ ‫الكبر رضي ال‬

‫) ‪(3/802‬‬


‫عنه‪ً.‬ا ‪ -5‬وكقوله تعالى‪} :‬هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله{ً ‪ً.‬ا‬ ‫وحال هذا القول كحال القول الثاني وسيظهر الوفاء الكامل لهذا الوعد عن قريب على ما هو‬ ‫المرجو إن شاء ال‪ً.‬ا وهو على كل شيء قدير‪ً.‬ا ‪ -5‬وكقوله تعالى‪} :‬لقد رضي ال عن المؤمنين إذ‬ ‫يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتح ا قريب ا‪ً.‬ا ومغانم كثيرة‬

‫يأخذونها وكان ال عزيزا حكيما‪ً.‬ا وعدكم ال مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي‬

‫الناس عنكم‪ً.‬ا ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما‪ً.‬ا وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط ال‬

‫بها وكان ال على كل شيء‬

‫) ‪(3/803‬‬

‫قديراا{ً ‪ً.‬ا والمراد بالفتح القريب فتح خيبر‪ ،‬وبالمغانم الكثيرة في الموضع الول مغانم خيبر أو‬

‫هجر وبالمغانم الكثيرة في الموضع الثاني المغانم التي تحصل للمسلمين من يوم الوعد إلى يوم‬ ‫القيامة‪ ،‬وبأخرى مغانم هوازن أو فارس أو الروم وقد وقع كما أخبر‪ً.‬ا ‪ -6‬وكقوله تعالى‪} :‬وأخرى‬ ‫تحبونها نصر من ال وفتح قريب{ً ‪ً.‬ا فقوله أخرى أي يعطيكم خصلة أخرى‪ ،‬وقوله نصر من ال‬ ‫مفسر للخرى وقوله فتح قريب‪ ،‬أي عاجل وهو فتح مكة‪ً.‬ا وقال الحسن‪ :‬هو فتح فارس والروم‬

‫وقد وقع كما أخبر‪ً.‬ا ‪ -7‬وكقوله تعالى‪} :‬إذا جاء نصر ال والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين ال‬ ‫أفواجاا{ً ‪ً.‬ا‬

‫والمراد بالفتح فتح مكة‪ ،‬لن الصح أن هذه السورة نزلت قبل فتح مكة لن }إذا{ً يقتضي‬

‫الستقبال ول يقال فيما وقع إذا جاء وإذا وقع‪ ،‬فحصل فتح مكة ودخل الناس في السلم فوجا‬ ‫بعد فوج من أهل مكة والطائف‬

‫) ‪(3/804‬‬

‫وغيرها في حياته صلى ال عليه وسلم‪ً.‬ا ‪ -8‬وكقوله تعالى‪} :‬قل للذين كفروا ستغلبون{ً ‪ً.‬ا وقد وقع‬ ‫كما أخبر فصاروا مغلوبين‪ً.‬ا ‪ -9‬وكقوله تعالى‪} :‬وإذ يعدكم{ً أي اذكروا إذ يعدكم }ال إحدى‬ ‫الطائفتين{ً القافلة الراجعة من الشام والقافلة التية من بيت ال الحرام }أنها لكم وتودون أن غير‬ ‫ذات الشوكة{ً أي القافلة الراجعة }تكون لكم ويريد ال أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر‬


‫الكافرين{ً فوقع كما أخبر‪ً.‬ا‬ ‫‪ -10‬وكقوله تعالى‪} :‬إنا كفيناك المستهزئين{ً ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/805‬‬

‫لما نزلت هذه الية بشر النبي صلى ال عليه وسلم أصحابه بأن ال كفاه شرهم وأذاهم وكان‬ ‫المستهزئون نفرا بمكة ينفرون الناس عنه ويؤذونه فهلكوا بضروب البلء وفنون العناء فتم نوره وكمل‬

‫ظهوره‪ً.‬ا ‪ -11‬وكقوله تعالى‪} :‬وال يعصمك من الناس{ً ‪ً.‬ا وقد وقع كما أخبر مع كثرة من قصد‬

‫ضره فعصمه ال تعالى‪ ،‬حتى انتقل من الدار الدنيا إلى منازل الحسنى في العقبى‪ً.‬ا ‪ -12‬وكقوله‬ ‫تعالى‪} :‬الم غلبت الروم في أدنى الرض{ً أي أرض العرب }وهم{ً أي الروم }من بعد غلبهم‬ ‫سيغلبون{ً أي الفرس }في بضع سنين{ً أي ما بين الثلث والعشر }ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر‬ ‫ال ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم‪ً.‬ا وعد‬

‫) ‪(3/806‬‬

‫ال ل يخلف ال وعده ولكن أكثر الناس ل يعلمون‪ً.‬ا يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن‬

‫الخرة غافلون{ً ‪ً.‬ا الفرس كانوا مجوسا والروم نصارى‪ ،‬فورد خبر غلبة الفرس إياهم مكة ففرح‬

‫المشركون وقالوا أنتم والنصارى أهل الكتاب ونحن وفارس أميون ل كتاب لنا‪ ،‬وقد ظهر إخواننا‬ ‫على إخوانكم‪ ،‬ولنظهرن عليكم‪ً.‬ا فنزلت هذه اليات‪ً.‬ا فقال أبو بكر رضي ال عنه‪ :‬ل يقرن ال‬

‫أعينكم فو ال لتظهرن الروم على فارس في بضع سنين فقال أدبمري بن خلف‪ :‬كذبت اجعل بيننا‬

‫وبينك أجلا فراهنه على عشر قلئص من كل واحد منهما وجعل الجل ثلث سنين فأخبر أبو بكر‬ ‫رضي ال عنه رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬البضع ما بين الثلث إلى التسع فزايده في‬ ‫البل وماده في الجل‪ ،‬فجعلها مائة قلوص إلى تسع سنين‪ ،‬ومات أبي بعد ما رجع من أحد‬ ‫وظهرت الروم على فارس في السنة السابعة من مغلوبيتهم فأخذ‬

‫) ‪(3/807‬‬


‫أبو بكر القلئص من ورثة أبي‪ ،‬فقال النبي صلى ال عليه وسلم‪ :‬تصدق بها‪ً.‬ا‬ ‫قال صاحب ميزان الحق في الفصل الرابع من الباب الثالث‪) :‬لو فرضنا صدق ادعاء المفسرين أن‬ ‫هذه الية نزلت قبل غلبة الروم الفرس فنقول إن محمدا صلى ال عليه وسلم قال بظنه أو بصائب‬

‫فكره لتسكين قلوب أصحابه‪ ،‬وقد سمع مثل هذه القوال من أصحاب العقل والرأي في كل زمان(‬ ‫انتهى‪ً.‬ا فقوله لو فرضنا صدق ادعاء المفسرين‪ ،‬يشير إلى أن هذا المر ليس بمسلم عنده‪ ،‬وهذا‬

‫عجيب لن قوله تعالى }سيغلبون في بضع سنين{ً ‪ ،‬نص في أن هذا المر يحصل في الزمان‬ ‫المستقبل القريب في زمان أقل من عشر سنين كما هو مقتضى لفظ السنين والبضع‪ ،‬وكذا قوله‬ ‫}ويومئذ يفرح المؤمنون{ً ‪ ،‬وقوله }وعد ال ل يخلف ال وعده{ً ‪ ،‬لنهما يدلن على حصول فرح‬ ‫في الزمان التي وحصول هذا المر فيه‪ ،‬ول معنى للوعد وعدم الخلف في المر بعد وقوعه وقوله‬ ‫إن محمد ا صلى ال عليه وسلم قال بظنه أو بصائب فكره مردود بوجهين‪) :‬الول( ‪ :‬أن محمدا‬ ‫صلى ال عليه وسلم كان من العقلء عند المسيحيين أيض ا ويعترف بهذا القسيس النبيل ههنا وفي‬ ‫المواضع الخر من تصانيفه‪ ،‬وليس من شأن العاقل المدعي للنبوة أن يدعي ادعاء قطعي ا أن المر‬ ‫الفلني يكون في المدة القليلة هكذا ألبتة ويأمر معتقديه بالرهان على هذا‪ ،‬سيما في مقابلة‬

‫المنكرين الطالبين‬

‫) ‪(3/808‬‬

‫لمذلته‪ ،‬المتفحصين لمزلة أقدامه في أمر ل يكون وقوعه مفيدا فائدة يعتد بها‪ ،‬ويكون عدم وقوعه‬

‫سببا لمذلته وكذبه عندهم‪ ،‬ويحصل لهم سند عظيم لتكذيبه‪ً.‬ا‬

‫)والثاني( ‪ :‬أن العقلء وإن كانوا يقولون في بعض المور بعقولهم ويكون ظنهم صحيحا تاراة وخطأ‬

‫أخرى لكن جرت العادة اللهية بأن القائل لو كان مدعي النبوة كذب ا ويخبر عن الحادثة التية‪،‬‬

‫ويفتري على ال بنسبة هذا الخبر إلى ال‪ ،‬ل يكون هذا الخبر صحيح ا بل يخرج خطأ وغلط ا ألبتة‬

‫كما ستعرف في آخر هذا المبحث إن شاء ال‪ً.‬ا ‪ -13‬وكقوله تعالى‪} :‬أم يقولون نحن جميع‬

‫منتصر سيهزم الجمع ويولون الدبر{ً ‪ً.‬ا عن عمر رضي ال تعالى عنه أنه قال لما نزلت‪ :‬لم أعلم ما‬ ‫هو حتى كان يوم بدر سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو يلبس درعه ويقول‪} :‬سيهزم‬ ‫الجمع{ً ‪ً.‬ا فعلمته‪ً.‬ا‬


‫‪ -14‬وكقوله تعالى‪} :‬قاتلوهم يعذبهم ال بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم‬ ‫مؤمنين{ً ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/809‬‬

‫وقد وقعت هذه الحوال كما أخبر‪ً.‬ا ‪ -15‬وكقوله تعالى‪} :‬لن يضروكم إل أذى{ً إما بالطعن في‬ ‫محمد وعيسى عليهما السلم‪ ،‬وإما بتخويف الضعفة من المسلمين }وإن يقاتلوكم يولوكم الدبار‬ ‫ثم ل ينصرون{ً فأخبر فيه عن ثلث مغيبات‪) :‬الول( ‪ :‬أن المؤمنين يكونون آمنين من ضرر‬ ‫اليهود‪ً.‬ا )والثاني( ‪ :‬لو قاتلوا المؤمنين ينهزمون‪ً.‬ا )والثالث( ‪ :‬أنه ل يحصل لهم قوة وشوكة بعد‬ ‫النهزام وكلها وقع‪ً.‬ا ‪ -16‬وكقوله تعالى‪} :‬ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إل بحبل من ال وحبل‬ ‫من الناس وباءوا بغضب من ال وضربت عليهم المسكنة{ً ‪ً.‬ا وقد وقع كما أخبر وليس لليهود‬ ‫حكومة في موضع من المواضع وفي كل إقليم يوجدون رعايا مضروبا عليهم الذلة‬

‫) ‪(3/810‬‬

‫‪ -17‬وكقوله تعالى‪} :‬سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب{ً وقد وقع يوم أحد بوجهين كما أخبر‪ً.‬ا‬ ‫)الول( ‪ :‬أن المشركين لما استولوا يوم أحد على المسلمين وهزموهم أوقع ال الرعب في قلوبهم‬ ‫فتركوهم وفروا منهم من غير سبب‪ً.‬ا )والثاني( ‪ :‬أنهم لما ذهبوا إلى مكة‪ ،‬فلما كانوا في بعض‬ ‫الطريق ندموا فقالوا بئس ما صنعتم إنكم قتلتموهم حتى إذا لم يبق إل الشريد تركتموهم ارجعوا‬ ‫فاستأصلوهم قبل أن يجدوا قوة وشوكة‪ ،‬فقذف ال في قلوبهم الرعب فذهبوا إلى مكة‪ً.‬ا‬ ‫‪ - 18‬وكقوله تعالى‪} :‬إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون{ً أي من التحريف والزيادة والنقصان مما‬ ‫تواتر عند علماء العيان من قراء الزمان‪ ،‬وقد وقع كما أخبر فما قدر أحد من الملحدة والمعطلة‬ ‫والقرامطة أن‬

‫) ‪(3/811‬‬


‫يحرف شيئا منه‪ ،‬ل حرفا من حروف مبانيه ول من حروف معانيه ول إعرابا من إعراباته إلى هذه‬

‫المدة التي نحن فيها‪ ،‬أعني ألفا ومائتين وثمانين من الهجرة بخلف التوراة والنجيل وغيرهما كما‬ ‫عرفت في الباب الول والثاني‪ ،‬والحمد ل على إتمام هذه النعمة‪ً.‬ا‬

‫‪ - 19‬وكقوله تعالى‪} :‬ل يأتيه الباطل{ً أي التحريف بالزيادة والنقصان }من بين يديه ول من خلفه‬ ‫تنزيل من حكيم حميد{ً ‪ ،‬وحال هذا القول كالقول السابق‪ً.‬ا ‪ -20‬وكقوله تعالى‪} :‬إن الذي فرض‬ ‫عليك القرآن{ً أي أحكامه وفرائضه }لرادك إلى معاد{ً ‪ً.‬ا وروي أنه عليه السلم لما خرج من الغار‬ ‫وسار في غير الطريق مخافة الطلب فلما أمن رجع إلى الطريق‪ ،‬ونزل بالجحفة بين مكة والمدينة‪،‬‬ ‫وعرف الطريق إلى مكة واشتاق إليها‪ ،‬وذكر مولده ومولد أبيه‪ ،‬فنزل جبريل عليه السلم وقال‪:‬‬ ‫تشتاق إلى بلدك ومولدك؟ فقال عليه السلم‪ :‬نعم‪،‬‬

‫) ‪(3/812‬‬

‫فقال جبريل عليه السلم‪ :‬فإن ال تعالى يقول‪} :‬إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد{ً‬ ‫يعني إلى مكة ظاهرا عليهم‪ً.‬ا ‪ -21‬وكقوله تعالى‪} :‬قل إن كانت لكم{ً أيها اليهود }الدار الخرة‬

‫عند ال خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولن يتمنوه أبداا{ً أي ما عاشوا }بما‬ ‫قدمت أيديهم وال عليم بالظالمين{ً ‪ً.‬ا والمراد بالتمني التمني بالقول‪ ،‬ول شك أنه عليه الصلة‬ ‫والسلم مع تقدمه في الرأي والحزم وحسن النظر في العاقبة كما هو المسلم به عند المخالف‬ ‫والموافق والوصول إلى المنزل الذي وصل إليه في الدارين‪ ،‬والوصول إلى الرياسة العظيمة‪ ،‬ل يجوز‬ ‫له ‪ -‬وهو غير واثق من جهة الرب بالوحي ‪ -‬أن يتحدى أعدى العداء بأمر ل يأمن عاقبة الحال‬ ‫فيه‪ ،‬ول يأمن من خصمه أن يقهره بالدليل والحجة‪ ،‬لن العاقل الذي لم يجرب المور ل يكاد‬ ‫يرضى بذلك‪ ،‬فكيف الحال في أعقل العقلء‪ً.‬ا فثبت أنه ما أقدم على هذا التحدي إل بعد الوحي‬

‫واعتماده التام‪ً.‬ا‬ ‫وكذا‬

‫) ‪(3/813‬‬


‫ل شك أنهم كانوا من أشد أعدائه‪ ،‬وكانوا أحرص الناس في تكذيبه‪ ،‬وكانوا متفكرين في المور التي‬ ‫بها ينمحي السلم أو تحصل الذلة لهله‪ ،‬وكان المطلوب منهم أمرا سهلا ل صعباا‪ ،‬فلو لم يكن‬

‫النبي صلى ال عليه وسلم صادق ا في دعواه عندهم لبادروا إلى القول به لتكذيبه‪ ،‬بل أعلنوا هذا‬

‫التمني بالقول مرارا وشهروا أنه كاذب يفتري على ال أنه قال كذا‪ ،‬ويدعي من جانب نفسه ادعاء‬

‫ويقول تاراة‪ :‬والذي نفسي بيده ل يقولها رجل منهم إل غص بريقه‪ ،‬يعني مات مكانه‪ ،‬ويقول تاراة‪:‬‬ ‫لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ونحن تمنينا مرارا وما متنا مكاننا فظهرت بصرفهم عن تمنيهم مع‬ ‫كونهم على تكذيبه أحرص الناس معجزته وبانت حجته‪ ،‬وفي هذه الية إخباران عن الغيب‪:‬‬

‫)الول( أن قوله }لن يتمنوه{ً يدل دللة بينة على أن ذلك ل يقع في المستقبل من أحد منهم‬ ‫فيفيد عموم الشخاص‪ً.‬ا‬ ‫)والثاني( أن قوله أبدا يدل على أنه ل يوجد في شيء من الزمنة التية في المستقبل يفيد عموم‬

‫الوقات فبالنظر إلى العمومين هما غيبان ‪ -22‬وكقوله تعالى‪} :‬وإن كنتم في ريب مما نزلنا على‬ ‫عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون ال إن كنتم صادقين‪ ،‬فإن لم تفعلوا ولن‬ ‫تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين{ً فأخبر بأنهم ل يفعلون ألبتة‪،‬‬

‫ووقع كما أخبر‪،‬‬

‫) ‪(3/814‬‬

‫وهذه الية دالة على العجاز من وجوه أربعة‪) :‬أولها( أنا نعلم بالتواتر أن العرب كانوا في غاية‬ ‫العداوة لرسول ال صلى ال عليه وسلم وفي غاية الحرص على إبطال أمره‪ ،‬لن مفارقة الوطان‬ ‫والعشيرة وبذل النفوس والمهج من أقوى الدلة على ذلك‪ ،‬فإذا انضاف إليه مثل هذا التقريع وهو‬ ‫قوله‪} :‬فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا{ً صار حرصهم أشد‪ ،‬فلو كانوا قادرين على التيان بمثل القرآن أو‬ ‫بمثل سورة منه لتوا به‪ ،‬فحيث ما أتوا به ظهر العجاز‪ً.‬ا )وثانيها( أن النبي صلى ال عليه وسلم‬ ‫وإن كان متهما عندهم في أمر النبوة‪ ،‬لكنه كان معلوم الحال في وفور العقل والفضل والمعرفة‬

‫بالعواقب‪ ،‬فلو كان كاذبا لما تحداهم بالغا في التحدي إلى النهاية‪ ،‬بل كان عليه أن يخاف مما‬

‫يتوقعه من فضيحة يعود وبالها على جميع أموره‪ ،‬فلو لم يعلم بالوحي عجزهم عن المعارضة لما جاز‬

‫أن يحملهم عليها بهذا التقريع‪ً.‬ا‬ ‫)وثالثها( أنه لو لم يكن قاطعا في أمره لما قطع في أنهم ل يأتون بمثله لن المزور ل يجزم‬


‫بالكلم‪ ،‬فجزمه يدل على كونه جازما في أمره‪ً.‬ا‬

‫)ورابعها( أنه وجد مخبر هذا الخبر على ذلك الوجه‪ ،‬لنه من عهده عليه السلم إلى عصرنا هذا لم‬ ‫يحل وقت من الوقات من يعادي الدين والسلم‪ ،‬وتشددوا عليه في الوقيعة فيه‪ ،‬ثم إنه مع هذا‬

‫الحرص الشديد لم توجد المعارضة قط‪ً.‬ا فهذه الوجوه الربعة في الدللة على العجاز مما تشتمل‬ ‫عليه هذه الية‪ً.،‬ا‬

‫) ‪(3/815‬‬

‫فهذه الخبار وأمثالها تدل على كون القرآن كلم ال‪ ،‬لن عادة ال جارية على أن مدعي النبوة لو‬ ‫أخبر عن شيء ونسب إلى ال كذب ا ل يخرج خبره صحيح ا‪ً.‬ا في الباب الثامن عشر من كتاب‬

‫الستثناء هكذا‪) :‬فإن أحببت وقلت في قلبك كيف أستطيع أن أميز الكلم الذي لم يتكلم به‬

‫الرب( ‪ً.‬ا ‪ -22‬فهذه تكون لك آية أن ما قاله ذلك النبي باسم الرب ولم يحدث فهذا الرب لم‬ ‫يكن تكلم به‪ ،‬بل ذلك النبي صوره في تعظيم نفسه ولذلك ل تخشاه( ‪ً.‬ا‬ ‫)المر الرابع( ما أخبر من أخبار القرون السالفة والمم الهالكة‪ ،‬وقد علم أنه كان أميا ما قرأ ول‬ ‫كتب ول اشتغل بمدارسة مع العلماء ول مجالسة مع الفضلء‪ ،‬بل تربى بين قوم كانوا يعبدون‬

‫الصنام ول يعرفون الكتاب‪ ،‬وكانوا عارين عن العلوم العقلية أيضاا‪ ،‬ولم يغب عن قومه غيبة يمكن‬

‫له التعلم فيها من غيرهم‪ ،‬والمواضع التي خالف القرآن فيها في بيان القصص والحالت المذكورة‬

‫]في[ كتب أهل الكتاب كقصة صلب المسيح عليه السلم وغيرها فهذه لمخالفة قصدية‪ :‬إما لعدم‬ ‫كون بعض هذه الكتب أصلية كالتوراة والنجيل المشهورين‪ ،‬وإما لعدم كونها إلهامية‪ ،‬ويدل على ما‬ ‫ذكرت قوله تعالى‪} :‬إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون{ً ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/816‬‬

‫)المر الخامس( ما فيه من كشف أسرار المنافقين حيث كانوا يتواطئون في السر على أنواع كثيرة‬ ‫ل‪ ،‬ويخبره عنها على سبيل‬ ‫من المكر والكيد‪ ،‬وكان ال يطلع رسوله على تلك الحوال حالا فحا ا‬ ‫التفصيل‪ ،‬فما كانوا يجدون في كل ذلك إل الصدق‪ ،‬وكذا ما فيه من كشف حال اليهود‬


‫وضمائرهم‪ً.‬ا‬ ‫)المر السادس( جمعه لمعارف جزئية وعلوم كلية لم تعهد العرب عامة ول محمد صلى ال عليه‬ ‫وسلم خاصة من علم الشرائع والتنبيه على طرق الحجج العقلية والسير والمواعظ والحكم‪ ،‬وأخبار‬ ‫الدار الخرة ومحاسن الداب والشيم‪ً.‬ا وتحقيق الكلم في هذا الباب أن العلوم إما دينية أو غيرها‬ ‫ول شك أن الولى أعظمها شأنا وأرفعها مكاناا‪ ،‬فهي إما علم العقائد والديان‪ ،‬وإما علم العمال‪ً.‬ا‬

‫أما علم العقائد والديان فهو عبارة عن معرفة ال وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر‪ ،‬أما معرفة ال‬ ‫تعالى فهي عبارة عن معرفة ذاته ومعرفة صفات جلله ومعرفة صفات إكرامه وأفعاله ومعرفة أحكامه‬

‫ومعرفة أسمائه‪ ،‬والقرآن مشتمل على دلئل هذه المسائل وتفاريعها وتفاصيلها على وجه ل يساويه‬ ‫شيء من الكتب‪ ،‬بل ل يقرب منه‪ ،‬وأما علم العمال فهو إما أن يكون عبارة عن علم التكاليف‬ ‫المتعلقة بالظواهر‪ ،‬وهو علم الفقه‪ً.‬ا ومعلوم أن جميع الفقهاء إنما استنبطوا مباحثهم من‬

‫) ‪(3/817‬‬

‫القرآن‪ ،‬وإما أن يكون علم التصوف المتعلق بتصفية الباطن ورياضة القلوب‪ ،‬وقد حصل في القرآن‬ ‫من مباحث هذا العلم ما ل يوجد في غيره‪ ،‬كقوله‪} :‬خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين{ً‬ ‫وقوله‪} :‬إن ال يأمر بالعدل والحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي{ً‬ ‫وقوله‪} :‬ول تستوي الحسنة ول السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي‬ ‫حميم{ً فقوله‪} :‬ادفع بالتي هي أحسن{ً يعني ارفع سفاهتهم وجهالتهم بالخصلة التي هي أحسن‬ ‫وهي الصبر ومقابلة السيئة بالحسنة‪ً.‬ا وقوله }فإذا الذي{ً إلخ يعني إذا قابلت إساءتهم بالحسان‬ ‫وأفعالهم القبيحة بالفعال الحسنة تركوا أفعالهم القبيحة وانقلبوا من العداوة إلى المحبة‪ ،‬ومن‬ ‫البغضة إلى المودة‬

‫) ‪(3/818‬‬

‫ونحو هذه القوال كثيرة فيه‪ً.‬ا‬ ‫فثبت أنه جامع لجميع العلوم النقلية أصولها وفروعها‪ ،‬ويوجد فيه التنبيه على أنواع الدللت‬ ‫العقلية والرد على أرباب الضلل ببراهين قاهرة وأدلة باهرة سهلة المباني مختصرة المعاني‪ ،‬كقوله‬


‫تعالى‪} :‬أوليس الذي خلق السماوات والرض بقادر على أن يخلق مثلهم{ً وكقوله تعالى‪} :‬يحيها‬ ‫الذي أنشأها أول مرة{ً وكقوله تعالى‪} :‬لو كان فيهما آلهة إل ال لفسدتا{ً ولنعم ما قيل‪ :‬جميع‬ ‫العلم في القرآن‪ ،‬لكن تقاصرت عنه أفهام الرجال‪ً.‬ا‬ ‫)المر السابع( كونه بريئا عن الختلف والتفاوت مع أنه كتاب كبير مشتمل على أنواع كثيرة من‬ ‫العلوم‪ ،‬فلو كان ذلك من عند غير ال لوقعت فيه أنواع من الكلمات المتناقضة‪ ،‬لن الكتاب‬

‫الكبير الطويل ل ينفك عن ذلك‪ً.‬ا ولما لم يوجد فيه ذلك علمنا أنه ليس من عند غير ال كما قال‬ ‫ال تعالى‪} :‬أفل يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير ال لوجدوا فيه اختلف ا كثيراا{ً وإلى هذه‬

‫المور السبعة المذكورة أشار ال تعالى بقوله‪} :‬أنزله الذي يعلم السر في السماوات والرض{ً لن‬

‫مثل هذه البلغة والسلوب العجيب والخبار‬

‫) ‪(3/819‬‬

‫عن الغيوب والشتمال على أنواع العلوم والبراءة من الختلف والتفاوت‪ ،‬مع كون الكتاب كبيرا‬ ‫مشتملا على أنواع العلوم ل يأتي إل من العالم الذي ل يغيب عن علمه مثقال ذرة مما في‬ ‫السماوات والرض‪ً.‬ا‬

‫)المر الثامن( كونه معجزة باقية متلروة في كل مكان مع تكفل ال بحفظه‪ ،‬بخلف معجزات النبياء‬ ‫فإنها انقضت بانقضاء أوقاتها‪ ،‬وهذه المعجزة باقية على ما كانت عليه من وقت النزول إلى زماننا‬

‫هذا‪ ،‬وقد مضت مدة ألف ومائتين وثمانين وحجتها قاهرة‪ ،‬ومعارضته ممتنعة وفي الزمان كلها‬ ‫القرى والمصار مملوءة بأهل اللسان وأئمة البلغة‪ ،‬والملحد فيهم كثير والمخالف العنيد حاضر‬ ‫ومهيأ‪ ،‬وتبقى إن شاء ال هكذا ما بقيت الدنيا وأهلها في خير وعافية‪ً.‬ا ولما كان المعجز منه بمقدار‬ ‫أقصر سورة فكل جزء منه بهذا المقدار معجزة‪ ،‬فعلى هذا يكون القرآن مشتملا على أكثر من ألفي‬

‫معجزة‪ً.‬ا‬

‫)المر التاسع( أن قارئه ل يسأمه وسامعه ل يمجه‪ ،‬بل تكراره يوجب زيادة محبته كما قيل‪:‬‬ ‫وخير جليس ل يمل حديثه * وترداده يزداد فيه تجمل‬


‫وغيره من الكلم‪ ،‬ولو كان بليغا في الغاية يمل مع الترديد في السمع ويكره في الطبع‪ ،‬ولكن هذا‬ ‫المر بالنسبة إلى من له قلب سليم ل إلى من له طبع سقيم‪ً.‬ا‬

‫)المر العاشر( كونه جامعا بين الدليل ومدلوله فالتالي له إذا كان ممن يدرك معانيه يفهم مواضع‬ ‫الحجة والتكليف معا في كلم واحد باعتبار منطوقه‬

‫) ‪(3/820‬‬

‫ومفهومه‪ ،‬لنه ببلغة الكلم يستدل على العجاز‪ ،‬وبالمعاني يقف على أمر ال ونهيه ووعده‬ ‫ووعيده‪ً.‬ا‬ ‫)المر الحادي عشر( حفظه لمتعلميه بالسهولة‪ ،‬كما قال ال تعالى‪} :‬ولقد يسرنا القرآن للذكر{ً‬ ‫فحفظه ميسر على الولد الصغار في أقرب مدة ويوجد في هذه المة في هذا الزمان أيض ا مع‬

‫ضعف السلم في أكثر القطار أزيد من مائة ألف من حفاظ القرآن بحيث يمكن أن يكتب القرآن‬ ‫من حفظ كل منهم من الول إلى الخر‪ ،‬بحيث ل يقع الغلط في العراب فضلا عن اللفاظ ول‬

‫يخرج في جميع ديار أوربا عدد حفاظ النجيل بحيث يساوي الحفاظ في قرية من قرى مصر مع‬ ‫فراغ بال المسيحيين وتوجههم إلى العلوم والصنائع منذ ثلثمائة سنة‪ ،‬وهذا هو الفضل البديهي لمة‬

‫محمد صلى ال عليه وسلم ولكتابهم‪ً.‬ا‬ ‫)المر الثاني عشر( الخشية التي تلحق قلوب سامعيه وأسماعهم عند سماع القرآن‪ ،‬والهيبة التي‬ ‫تعتري تاليه‪ ،‬وهذه الخشية قد تعتري من ل يفهم معانيه ول يعلم تفسيره‪ ،‬فمنهم من أسلم لها لول‬ ‫وهلة ومنهم من استمر على كفره‪ ،‬ومنهم من كفر حينئذ ثم رجع بعده إلى ربه‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/821‬‬

‫روي أن نصرانيا مر بقارئ فوقف يبكي فسئل عن سبب البكاء فقال الخشية التي حصلت له من‬ ‫أثر كلم الرب‪ ،‬وأن جعفر الطيار رضي ال عنه لما قرأ القرآن على النجاشي وأصحابه ما زالوا‬


‫يبكون حتى فرغ جعفر رضي ال عنه من القراءة‪ ،‬وأن النجاشي أرسل سبعين عالما من العلماء‬

‫المسيحية إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم فقرأ عليهم سورة )يس( فبكوا وآمنوا فنزل في حق‬ ‫الفريقين أو أحدهما قوله تعالى‪} :‬وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما‬

‫عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين{ً وقد عرفت حال جبير بن مطعم رضي ال‬ ‫عنه‪ ،‬وعتبة‪ ،‬وابن المقفع‪ ،‬ويحيى بن حكم الغزالي‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/822‬‬

‫وقال نور ال الشوستري في تفسيره‪ :‬إن العلمة علي القوشجي لما راح من وراء النهر إلى الروم‬ ‫جاء إليه حبر من أحبار اليهود لتحقيق السلم وناظره إلى شهر وما سلم دليلا من أدلة العلمة إلى‬

‫هذا الحين فجاء يوما وقت الصبح وكان العلمة مشتغلا بتلوة القرآن على سطح الدار‪ ،‬وكان كريه‬ ‫الصوت في الغاية‪ ،‬فلما دخل الباب وسمع القرآن أثر القرآن في قلبه تأثيرا بليغاا‪ ،‬فلما وصل إلى‬ ‫العلمة قال‪ :‬إني أدخل في السلم فأدخله العلمة في السلم ثم سئل عن السبب فقال‪ :‬ما‬

‫سمعت مدة عمري كريه الصوت مثلك‪ ،‬فلما وصلت إلى الباب سمعت منك القرآن وقد حصل‬ ‫تأثيره البليغ فلي فعلمت أنه وحي‪ً.‬ا فثبت من المور المذكورة أن القرآن معجز وكلم ال‪ ،‬كيف ل‬

‫وحسن الكلم يكون لجل ثلثة أشياء‪ :‬أن تكون ألفاظه فصيحة وأن يكون نظمه مرغوباا‪ ،‬وأن يكون‬

‫مضمونه حسن ا‪ً.‬ا وهذه المور الثلثة متحققة في القرآن بل ريب ونختم هذا الفصل ببيان ثلث‬ ‫فوائد‪:‬‬

‫) ‪(3/823‬‬

‫)الفائدة الولى( سبب كون معجزة نبينا من جنس البلغة أيضا أن بعض المعجزات تظهر في كل‬

‫زمان من جنس ما يغلب على أهله أيضاا‪ ،‬لنهم يبلغون فيه الدرجة العليا فيقفون فيه على الحد‬

‫الذي يمكن للبشر الوصول إليه‪ ،‬فإذا شاهدوا ما هو خارج عن الحد المذكور علموا أنه من عند‬

‫ال‪ ،‬وذلك كالسحر في زمن موسى عليه السلم فإنه كان غالبا على أهله وكاملين فيه‪ ،‬ولما علم‬ ‫السحرة الكملة أن حد السحر تخييل لما ل ثبوت له حقيقة ثم رأوا عصاه انقلبت ثعبانا يتلقف‬

‫سحرهم الذي كانوا يقلبونه من الحق الثابت إلى المتخيل الباطل من غير أن يزداد حجمها‪ ،‬علموا‬


‫أنه خارج عن السحر ومعجزة من عند ال فآمنوا به‪ً.‬ا وأما فرعون فلما كان قاصرا في هذه الصناعة‬

‫ظن أنه سحر أيضاا‪ ،‬وإن كان أعظم من سحر سحرته‪ً.‬ا وكذا الطب لما كان غالبا على أهل زمن‬

‫عيسى عليه السلم‪ ،‬وكانوا كاملين فيه‪ ،‬فلما رأوا إحياء الميت وإبراء الكمه علموا بعلمهم الكامل‬ ‫أنهما ليسا من حد الصناعة الطبية‪ ،‬بل هو من عند ال‪ً.‬ا والبلغة قد بلغت في عهد الرسول عليه‬ ‫السلم إلى الدرجة العليا وكان بها فخارهم حتى علقوا القصائد السبع بباب الكعبة تحديا‬ ‫لمعارضتها كما تشهد به كتب السير‪ ،‬فلما أتى النبي صلى ال عليه وسلم بما عجز عن مثله جميع‬

‫البلغاء دعلم أن ذلك من عند ال قطع ا‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/824‬‬

‫)الفائدة الثانية( نزول القرآن منجما ومفرقا ولم ينزل دفعة واحدة بوجوه‪) :‬أحدها( أن النبي صلى‬ ‫ال عليه وسلم لم يكن من أهل القراءة‪ ،‬فلو نزل عليه ذلك جملة واحدة كان ل يضبطه‪ ،‬ولجاز‬

‫عليه السهو‪ً.‬ا )وثانياا( أنه لو أنزل عليه الكتاب دفعة فربما اعتمد على الكتاب وتساهل في الحفظ‪،‬‬

‫فلما أنزل ال منجم ا حفظه وبقي سنة الحفظ في أمته‪ً.‬ا )وثالثها( في صورة نزول الكتاب دفعة لو‬

‫كان نزول جميع الحكام دفعة واحدة على الخلق لكان يثقل عليهم ذلك‪ ،‬ولما نزل مفرقا ل جرم‬

‫ل‪ ،‬فكان تحملها أسهل‪ ،‬كما روي عن بعض الصحابة أنه قال‪ :‬لقد أحسن‬ ‫نزلت التكاليف قليلا قلي ا‬ ‫ال إلينا كل الحسان‪ ،‬كنا مشركين فلو جاءنا رسول ال بهذا الدين جملة وبالقرآن دفعة لثقلت‬

‫هذه التكاليف علينا فما كنا ندخل في السلم ولكنه دعانا إلى كلمة واحدة فلما قبلناها وذقنا‬ ‫حلوة اليمان قبلنا ما وراءها كلمة بعد كلمة إلى أن تم الدين وكملت الشريعة‪ً.‬ا )ورابعها( أنه إذا‬ ‫شاهد جبريل حالا بعد حال يقوى قلبه بمشاهدته‬

‫) ‪(3/825‬‬

‫فكان أقوى على أداء ما حمل‪ ،‬وعلى الصبر على عوارض النبوة‪ ،‬وعلى احتمال أذية القوم‪ً.‬ا‬ ‫)وخامسها( أنه لما تم شرط العجاز فيه مع كونه منجما ثبت كونه معجز‪ ،‬فإنهم لو قدروا لوجب‬

‫أن يأتوا بمثله منجما مفرقا‪ً.‬ا )وسادسها( كان القرآن ينزل بحسب أسئلتهم والوقائع الواقعة لهم‪،‬‬

‫فكانوا يزدادون بصيرة‪ ،‬لن الخبار عن العيوب كان ينضم بسبب ذلك إلى الفصاحة‪ً.‬ا )وسابعها(‬


‫أن القرآن لما نزل منجما مفرقا وتحداهم النبي صلى ال عليه وسلم من أول المر فكأنه تحداهم‬ ‫بكل واحد من نجوم القرآن‪ ،‬فلما عجزوا عنه كان عجزهم عن معارضة الكل أولى فثبت بهذا‬

‫الطريق أن القوم عاجزون عن المعارضة ل محالة‪ً.‬ا‬ ‫)وثامنها( أن السفارة بين ال وبين أنبيائه وتبليغ كلمه إليهم منصب عظيم‪ ،‬فلو نزل القرآن دفعة‬ ‫واحدة كان زوال هذا المنصب عن جبريل عليه السلم محتملا‪ً.‬ا فلما نزل مفرقا منجما بقي ذلك‬

‫المنصب العظيم عليه‪ً.‬ا‬

‫)الفائدة الثالثة( سبب تكرار بيان التوحيد وحال القيامة وقصص النبياء في مواضع أن العرب كانوا‬ ‫مشركين وثنيين ينكرون هذه الشياء‪ ،‬وغير العرب‬

‫) ‪(3/826‬‬

‫بعضهم مثل أهل الهند والصين والمجوس كانوا مثل العرب في النكار‪ ،‬وبعضهم كأهل التثليث‬ ‫كانوا في الفراط والتفريط في اعتقاد هذه الشياء‪ ،‬فلجل التقرير والتأكيد كرر بيان هذه الشياء‪ً.‬ا‬ ‫ولتكرار القصص أسباب أخر أيضاا‪ ،‬منها‪ :‬أن إعجاز القرآن لما كان باعتبار البلغة أيض ا وكان‬ ‫التحدي بهذا العتبار فكررت القصص بعبارات مختلفة إيجازا وإطنابا مع حفظ الدرجة العليا‬

‫للبلغة في كل مرتبة ليعلم أن القرآن ليس كلم البشر‪ ،‬لن هذا المر عند البلغاء خارج عن القدرة‬

‫البشرية‪ً.‬ا ومنها أنه كان لهم أن يقولوا إن اللفاظ الفصيحة التي كانت مناسبة لهذه القصص‬ ‫استعملتها وما بقيت اللفاظ الخرى مناسبة لها‪ ،‬وأن يقولوا إن طريق كل بليغ يخالف طريق الخر‪،‬‬ ‫فبعضهم يقدر على الطريق المطنب‪ ،‬وبعضهم يقدر على الموجز فل يلزم من عدم القدرة على نوع‬ ‫عدم القدرة مطلقا‪ً.‬ا أو أن يقولوا إن دائرة البلغة ضيقة في بيان القصص وما صدر عنك بيانها مرة‬ ‫محمول على البخت والتفاق فلما كررت القصص إيجازا وإطناب ا لم يبق عذر من هذه العذار‬

‫الثلثة‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/827‬‬

‫ومنها أنه صلى ال عليه وسلم كان يضيق صدره بإيذاء القوم وشرهم كما أخبر ال تعالى‪} :‬ولقد‬ ‫نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون{ً فيقص ال قصة من قصص النبياء مناسبة لحاله في ذلك‬


‫الوقت لتثبيت قلبه‪ ،‬كما أخبر ال تعالى‪} :‬وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك‬ ‫وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين{ً ‪ً.‬ا‬

‫ومنها أن المسلمين كان يحصل لهم اليذاء من أيدي الكفار‪ ،‬أو أن قوم ا كانوا يسلمون‪ ،‬أو أن‬

‫الكفار كان المقصود تنبيههم فكان ال ينزل في كل موضع من هذه القصص ما يناسبه‪ ،‬لن حال‬ ‫السلف تكون عبرة للخلف‪ً.‬ا ومنها أن القصة الواحدة قد تشتمل على أمور كثيرة فتذكر تاراة وتقصد‬

‫بها بعض المور قصداا‪ ،‬وبعضها تبعا وتعكس مرة أخرى )‪ً. (1‬ا‬

‫__________‬ ‫)‪ (1‬قال دمنعدد الكتاب للشاملة‪ :‬في بعض النسخ هنا زيادة ليست في المطبوعة‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫والحق أنها ل تملك من مقومات الدولة أي شيء فما زالت تعيش على إعانات بعض الدول‬ ‫الجنبية في فزع ورعب دائم‪ً.‬ا‪ً.‬ا وعن قريب سيطردها العرب من أرضهم شر طردة ولن يلتئم لهم‬ ‫شمل‪ ،‬ولن يتنصر لهم جيش وسيهزم الجمع ويولون الدبر }وعد ال ل يخلف ال وعده{ً ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/828‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬في رفع شبهات القسيسين على القرآن‪ً.‬ا‬ ‫)الشبهة الولى( ل نسلم بأن عبارة القرآن في الدرجة القصوى من البلغة الخارجة عن العادة‪ ،‬ولو‬ ‫سلمنا بذلك فهو يكون دليلا ناقص ا على العجاز‪ ،‬لنه ل يظهر إل لمن كانت له معرفة تامة بلسان‬ ‫العرب‪ ،‬ويلزم أن تكون جميع الكتب التي توجد في اللسن الخرى مثل اليوناني واللطيني‬ ‫وغيرهما في الدرجة العالية من بلغة كلم ال‪ ،‬على أنه يمكن أن تؤدي المطالب الباطلة‬ ‫والمضامين القبيحة بألفاظ فصيحة وعبارات بليغة في الدرجة القصوى‪ً.‬ا‬ ‫)والجواب( عدم تسليم كون عبارة القرآن في الدرجة العليا ‪ -‬مكابرة محضة‪ ،‬لما عرفت في المر‬ ‫الول والثاني من الفصل الول‪ ،‬وقولهم لنه ل يظهر إل لمن كانت له معرفة تامة حقة بلسان‬ ‫العرب‪ ،‬لكن التقريب غير تام لن هذه المعجزة لما كانت لتعجيز البلغاء والفصحاء وقد ثبت‬ ‫عجزهم ولم يعارضوا واعترفوا بها وعرفها أهل اللسان بسليقتهم وغيرهم من العلماء بمهارتهم في‬ ‫فن البيان وإحاطتهم بأساليب الكلم وعرفها العوام من الفرق بشهادة ألوف ألوف من أهل اللسان‬


‫والعلماء‪ ،‬فظهر أنها معجزة يقيناا‪ ،‬ودليل كامل ل ناقص كما زعموا‪ ،‬وصارت سببا من السباب‬

‫الكثيرة التي يعلم بها أن القرآن كلم ال‬

‫) ‪(3/829‬‬

‫ول يدعي أهل السلم أن سبب كون القرآن كلم ال منحصر في كونه بليغ ا فقط وكذا ل يدعون‬ ‫أن معجزة النبي صلى ال عليه وسلم منحصرة في بلغة القرآن فقط بل يدعون إن هذه البلغة‬

‫سبب من السباب الكثيرة لكون القرآن كلم ال‪ ،‬وأن القرآن بهذا العتبار أيضا معجزة من‬

‫المعجزات الكثيرة للنبي صلى ال عليه وسلم كما عرفت في الفصل الول‪ ،‬وستعرف في الباب‬

‫السادس إن شاء ال تعالى‪ً.‬ا‬ ‫وهذه المعجزة ظاهرة في هذا الزمان أيضا للوف ألوف من أهل اللسان وماهري علم البيان‪ ،‬وعجز‬ ‫المخالفين ثابت من ظهورها إلى هذا الحين وقد مضت مدة ألف ومائتين وثمانين من الهجرة‪ ،‬وقد‬ ‫عرفت في المر الثاني من الفصل الول أن قول النظام مردود وما قال أبو موسى الملقب بمزدار‬ ‫راهب المعتزلة من أن الناس قادرون على مثل هذا القرآن فصاحة ونظم ا وبلغة فهو مردود أيض ا‬ ‫كقول النظام‪ ،‬على أن مزدار هذا كان رجلا مجنونا استولت على دماغه اليبوسة بسبب كثرة الرياضة‬

‫فهذى بأمثال هذه الهذيات كثيرا فكان يقول مثلا إن ال قادر على أن يكذب ويظلم ولو فعل لكان‬

‫إله ا كاذب ا ظالم ا وإن من لبس السلطان‬

‫) ‪(3/830‬‬

‫كافر ل يرث ول يورث‪ ،‬وقوله يلزم أن يكون جميع الكتب إلخ غير مسلم‪ ،‬لن هذه الكتب لم‬ ‫تثبت بلغتها في الدرجة القصوى باعتبار الوجوه التي مر ذكرها في المر الول والثاني من الفصل‬ ‫الول‪ ،‬ولم يثبت ادعاء مصنفيها بالعجاز‪ ،‬ول عجز فصحاء هذه اللسن عن معارضتها‪ً.‬ا فإن‬ ‫ادعى أحد هذه المور بالنسبة إلى هذه الكتب فعليه الثبات‪ً.‬ا وإل فل بد أن يمتنع عن مثل هذا‬ ‫الدعاء الباطل‪ً.‬ا‬ ‫على أن شهادة بعض المسيحيين في حق الكتب المذكورة بأنها في هذه اللسن مثل القرآن في‬ ‫اللسان العربي في الدرجة العليا من البلغة غير مقبولة‪ ،‬لنهم إذا لم يكونوا من أهل اللسان فل‬


‫يميزون غالب ا في لسان الغير بين المذكر والمؤنث‪ ،‬ول بين المفرد والتثنية والجمع ول بين المرفوع‬ ‫والمنصوب والمجرور‪ ،‬فضلا عن أن يميزوا البلغ عن البليغ وعدم تميزهم هذا ل يختص بالعربي‪،‬‬ ‫بل فيه وفي العبراني واليوناني واللطيني على طريقة واحدة‪ ،‬ومنشأ عدم التمييز سذاجة كلمهم‬

‫سيما إذا كان هذا البعض من أهل إنكلترة فإنهم يشاركون في هذه السذاجة غيرهم من المسيحيين‬ ‫ويمتازون عنهم بعادة أخرى أيضاا‪ ،‬وهي أنهم إذا عرفوا ألفاظا معدودة من لسان الغير يظنون أنهم‬ ‫تبحروا في المعرفة‪ ،‬وإذا تعلموا مسائل معدودة من علم يعدون أنفسهم من علماء هذا العلم‪،‬‬

‫والفرنساويون واليونانيون طاعنون عليهم في هذه العادة‪ً.‬ا‬ ‫ويشهد على الدعوى الولى أن الب سركيس الهاروني مطران الشام جمع بإذن البابا أربانوس‬ ‫الثامن كثيرا من القسيسين والرهبان والعلماء ومعلمي‬

‫) ‪(3/831‬‬

‫اللسان العبراني والعربي واليوناني وغيرها ليصلحوا الترجمة العربية التي كانت مملوءة بالغلط‬ ‫الكثيرة والنقصانات الغزيرة فاجتهدوا في هذا الباب اجتهادا تام ا في سنة ألف وستمائة وخمس‬

‫وعشرين من الميلد فأصلحوا‪ ،‬لكنه لما بقيت بعد الصلح التام في تراجمهم النقصانات التي هي‬

‫لزمة لسجية المسيحيين اعتذروا عنه في المقدمة التي كتبوها في أول تلك الترجمة‪ ،‬وإني أنقل‬ ‫عذرهم عن المقدمة المذكورة بعبارتهم وألفاظهم وهي هذه‪) :‬ثم إنك في هذا النقل تجد شيئ ا من‬ ‫الكلم غير موافق قوانين اللغة بل مضاد لها كالجنس المذكر بدل المؤنث‪ ،‬والعدد المفرد بدل‬ ‫الجمع‪ ،‬والجمع بدل المثنى والرفع مكان الجر والنصب في السم والجزم في الفعل وزيادة‬ ‫الحروف عوض الحركات وما يشابه ذلك‪ ،‬فكان سببا لهذا كله سذاجة كلم المسيحيين فصار لهم‬

‫نوع تلك اللغة مخصوص اا‪ ،‬ولكن ليس في اللسان العربي فقط‪ ،‬بل في اللطيني واليوناني والعبراني‬ ‫تغافلت النبياء والرسل والباء الولون عن قياس الكلم‪ ،‬لنه لم يرد روح القدس أن نقيد اتساع‬ ‫الكلمة اللهية بالحدود الضيقة التي حددتها الفرائض فقدم لنا السرار السماوية بغير فصاحة‬ ‫وبلغة( انتهى كلمهم‪ً.‬ا‬ ‫ويشهد على الدعوى الثانية أن أبا طالب خان السياح ألف كتاب ا باللسان الفارسي سماه بـ )المسير‬

‫الطالبي( وهو مشتمل على أحوال سياحته‪ ،‬وكتب فيه من حالت كل إقليم ساح فيه ما رأى فيه من‬


‫المحاسن والذمائم‪ ،‬فكتب محاسن أهل إنكلترة وذمائمهم‪ ،‬وإني أترجم الذميمة الثامنة من كتابه‬ ‫لتعلق الحاجة‬

‫) ‪(3/832‬‬

‫بها في هذا المقام‪ً.‬ا قال‪) :‬الثامنة( خطؤهم في معرفة حد العلوم ولسان الغير‪ ،‬لنهم يحسبون‬ ‫أنفسهم عارفي كل لسان ومن أهل كل علم إذا عرفوا ألفاظا معدودة من ذلك اللسان أو مسائل‬

‫معدودة من ذلك العلم ويؤلفون الكتب فيهما وينشرون هذه المزخرفات بعد الطبع‪ ،‬ووقفت على‬ ‫هذا المعنى بشهادة الفرنساويين واليونانيين لن تحصيل ألسنتهم رائج في أهل إنكلترة‪ ،‬وحصل لي‬ ‫اليقين بمشاهدة تصرفاتهم في اللسان الفارسي( انتهى‪ ،‬ثم قال‪) :‬اجتمع في لندن الكتب الكثيرة‬ ‫من هذا النوع بحيث كادت تبقى الكتب الحقة بعد برهة من الزمان غير مميزة( ‪ ،‬انتهى كلمه‪ً.‬ا‬ ‫وقولهم على أنه يمكن أن تؤدي المطالب الباطلة إلخ ‪-‬ل ورود له في حق القرآن‪ ،‬لنه مملوء من‬ ‫أوله إلى آخره بذكر هذه المور السبعة والعشرين‪ ،‬ول تجد آية طويلة فيه تكون خالية من ذكر أمر‬

‫من هذه المور‪:‬‬ ‫)الول( الصفات الكاملة اللهية مثل كونه واحدا وقديما وأزليا وأبديا وقادرا وعالما وسميعا وبصيرا‬ ‫ومتكلما وحكيما وخبيرا وخالق السماوات والرض ورحيما ورحمانا وصبورا وعادلا وقدوسا ومحييا‬ ‫ومميت ا وغيرها‪ً.‬ا )الثاني( تنزيه ال عن المعايب والنقائص مثل الحدوث والعجز والجهل‬

‫) ‪(3/833‬‬

‫والظلم وغيرها‪ً.‬ا )الثالث( الدعوة إلى التوحيد الخالص والمنع عن الشرك مطلقا وعن التثليث الذي‬

‫هو شعبة الشرك يقينا كما علمت في الباب الرابع‪ً.‬ا )الرابع( ذكر النبياء عليهم السلم‪ً.‬ا )الخامس(‬ ‫تنزيههم عن عبادة الوثان والكفر وغيرها‪ً.‬ا )السادس( مدح المؤمنين بالنبياء‪ً.‬ا )السابع( ذم‬

‫منكريهم‪ً.‬ا )الثامن( تأكيد اليمان بالنبياء عموم ا وبالمسيح خصوص ا‪ً.‬ا )التاسع( الوعد بأن المؤمنين‬ ‫يغلبون المنكرين عاقبة المر‪ً.‬ا )العاشر( حقيقة القيامة وجزاء العمال في يومها‪ً.‬ا )الحادي عشر(‬

‫ذكر الجنة والنار‪ً.‬ا )الثاني عشر( ذم الدنيا وبيان عدم ثباتها‪ً.‬ا )الثالث عشر( مدح العقبى وبيان‬ ‫ثباتها‪ً.‬ا )الرابع عشر( بيان حل الشياء وحرمتها‪ً.‬ا )الخامس عشر( بيان أحكام تدبير المنزل‪ً.‬ا‬


‫)السادس عشر( بيان أحكام سياسات المدن‪ً.‬ا )السابع عشر( التحريض على محبة ال وأهل ال‪ً.‬ا‬ ‫)الثامن عشر( بيان الشياء التي هي ذريعة الوصول إلى ال‪ً.‬ا )التاسع عشر( الزجر عن مصاحبة‬ ‫الفجار والفساق‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/834‬‬

‫)العشرون( تأكيد خلوص النية في العبادات البدنية والمالية‪ً.‬ا )الحادي والعشرون( التهديد على‬ ‫الرياء والسمعة‪ً.‬ا )الثاني والعشرون( التأكيد على تهذيب الخلق بالجمال والتفصيل‪ً.‬ا )الثالث‬ ‫والعشرون( التهديد على الخلق الذميمة بالجمال‪ً.‬ا )الرابع والعشرون( مدح الخلق الحسنة‪،‬‬ ‫مثل الحلم والتواضع والكرم والشجاعة والعفة وغيرها‪ً.‬ا )الخامس والعشرون( ذم الخلق القبيحة‬ ‫مثل الغضب والتكبر والبخل والجبن والظلم وغيرها‪ً.‬ا‬ ‫)السادس والعشرون( وعظ التقوى‪ً.‬ا )السابع والعشرون( الترغيب إلى ذكر ال وعبادته‪ ،‬ول شك أن‬ ‫ل‪ ،‬وجاء ذكر هذه المور في القرآن مرارا للتأكيد‪ ،‬والتقرير‪ ،‬ولو‬ ‫هذه المور محمودة عقلا ونق ا‬ ‫كانت هذه المضامين قبيحة فأي مضمون يكون حسن ا‪ً.‬ا‬ ‫نعم ل يوجد في القرآن‪ [1]- :‬أن النبي الفلني زنى بابنته‪ً.‬ا ‪ [2]-‬أو زنى بزوجة الغير وقتله‬

‫بالحيلة‪ً.‬ا ‪ [3]-‬أوعبد العجل‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/835‬‬

‫]‪ [4‬أو ارتد في آخر عمره وعبد الصنام وبنى المعابد لها‪ً.‬ا ‪ [5]-‬أو افترى على ال الكذب‪،‬‬‫وكذب في التبليغ وخدع بكذبه نبيا آخر مسكينا وألقاه في غضب الرب‪ً.‬ا ‪ [6]-‬أو أن داود‬ ‫وسليمان وعيسى عليهم السلم كلهم من أولد ولد الزنا وهو فارض بن يهودا‪ً.‬ا ‪ [7]-‬أو أن‬

‫الرسول العظم ابن ال البكر أبا النبياء زنى ابنه الكبر بزوجة أبيه‪ً.‬ا ‪ [8]-‬وابنه الثاني بزوجة ابنه‪،‬‬ ‫وسمع هذا النبي العظيم الشأن ما صدر عن ابنيه المحبوبين وما أجرى عليهما الحد‪ ،‬غير أنه دعا‬ ‫على الكبر وقت موته لجل هذه الحركة الشنيعة ولم ينقل في حق الخر الغضب أيضاا‪ ،‬بل دعا له‬

‫بالبركة التامة عند الموت‪ً.‬ا ‪ [9]-‬أو أن الرسول العظيم الخر البكر الثاني أيضا الزاني بزوجة الغير‬


‫زنى ابنه الحبيب ببنته الحبيبة وسمع‪ ،‬وما أجرى عليهما الحد لعله امتنع عن الحد لنه كان مبتلى‬ ‫بالزنا أيضا في زعمهم‪ ،‬فكيف يجري على الغير سيما على‬

‫) ‪(3/836‬‬

‫أولده وهذا القدر مسلم بين اليهود والنصارى ومصرح به في كتب العهد العتيق المسلمة عند‬ ‫الفريقين‪ً.‬ا ‪ [10]-‬أو أن يحيى عليه السلم الرسول الذي هو أعظم النبياء السرائيلية بشهادة‬ ‫عيسى عليه السلم وإن كان الصغر في ملكوت السماوات أعظم منه بشهادة عيسى عليه السلم‬ ‫أيض ا لم يعرف إلهه الثاني ومرسله الذي هو عيسى باعتبار العلقة المجهولة معرفة جيدة إلى ثلثين‬ ‫سنة ما لم يصر هذا الله مريدا لعبده هذا وما لم يحصل الصطباغ منه وما لم ينزل على هذا الله‬ ‫الثاني الله الثالث في شكل الحمامة‪ ،‬وبعد ما رأى نزول الثالث على الثاني في الشكل المذكور‬ ‫تذكر أمر الله الول الب أن الله الثاني هو ربه ومالكه وخالق الرض والسماوات‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [11‬أو أن الرسول الخر السارق الذي كان عنده الكيس للسرقة أعني يهود السخريوطي‬‫الذي هو صاحب الكرامات والمعجزات وأحد الحواريين الذين هم أعلى منزلة من موسى بن عمران‬ ‫وسائر النبياء السرائيلية على زعمهم باع دينه بدنياه بثلثين درهماا‪ ،‬ورضي بتسليم إلهه بأيدي‬

‫اليهود على هذه المنفعة القليلة حتى أخذوا إلهه وصلبوه لعل هذه المنفعة كانت عظيمة عنده‪ ،‬لنه‬

‫كان صيادا مفلوك ا لصاا‪ ،‬وإن كان رسولا صاحب معجزات أيض ا على زعمهم فثلثون درهم ا عنده‬ ‫كانت أحب وأعظم رتبة من هذا الله‬

‫) ‪(3/837‬‬

‫المصلوب‪ً.‬ا ‪ [12]-‬أو أن قيافا رئيس الكهنة الذي ثبتت نبوته بشهادة يوحنا النجيلي أفتى بقتل‬ ‫إلهه وكذبه وكفره وأهانه ووقع في حق هذا الله المصلوب ثلثة أمور عجيبة من ثلثة أنبياء عدد‬ ‫التثليث أن اعظم أنبيائه السرائيلية لم يعرفه معرفة جيدة إلى ثلثين سنة ما لم يصر هذا الله مريدا‬ ‫له ولم ينزل عليه الله الثالث في شكل الحمامة‪ ،‬وأن نبيه الثاني رضي بتسليمه ورجح منفعة ثلثين‬ ‫درهم ا منزلة ألوهيته ووعده‪ ،‬وأن رسوله الثالث أفتى بقتله وكذبه وكفره أعاذنا ال من أمثال هذه‬

‫العتقادات السوء في حق النبياء عليهم السلم‪ً.‬ا ول يؤاخذني على ما نقلت هذه المزخرفات على‬


‫سبيل اللزام وال ثم بال ل أعتقد في حق النبياء هذه الكذبات وهم بريئون منها‪ ،‬وأقول القدر‬ ‫الذي نقلت من حال يحيى عليه السلم إلى حال قيافا مصرح به في العهد الجديد‪ً.‬ا‬ ‫وكذا ل يوجد في القرآن هذه المسائل الفخيمة التي عجزت في أكثرها عقولنا‪ ،‬بل عقول العالم‬ ‫ويعتقدها الفرقة القديمة العظيمة الشأن‪ ،‬أعني فرقة كاثلك التي عددها بحسب ادعاء بعض آبائها‬ ‫في هذا الزمان أيضا بقدر مائتي مليون‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/838‬‬

‫]‪ [1‬إن مريم عليها السلم قد حبلت بها أمها بل قرب الزوج كما انكشفت هذه الحقيقة على‬‫البابويين من مدة قريبة‪ً.‬ا ومثل ]‪ [2‬أن مريم والدة ال حقيقة‪ً.‬ا ومثل ]‪ [3‬أن كل خبز من الخبزات‬ ‫وإن كانت بمقدار مليونات غير متعددة يستحيل في العشاء الرباني في آن واحد في أمكنة مختلفة‬ ‫إلى المسيح الكامل بلهوته وناسوته الذي تولد من العذراء إذا فرض أن مليونات من الكهنة في‬ ‫أطراف العالم شرق ا وغرب ا وشمالا وجنوب ا قدسوا في آن واحد‪ً.‬ا ومثل ]‪ [4‬أن خبزا واحدا إذا كسره‬ ‫الكاهن ولو إلى مائة ألف كسرة يصير كل كسرة منه أيض ا مسيح ا كاملا وإن كان وجود الحبوب ثم‬ ‫الطحن ثم العجن ثم وجود الخبز ثم الكسرة كلها من الحوادث بمشاهدة فتعطل حكم الحبس‬

‫عندهم في هذه المور كلها‪ً.‬ا ومثل ]‪ [5‬أنه ل بد أن يصطنع الصورة والتماثيل ويسجد قدامهن‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/839‬‬

‫ومثل ]‪ [6‬أنه ل خلص بدون اليمان بالبابا وإن كان غير صالح في نفس المر‪ً.‬ا‬ ‫ومثل ]‪ [7‬أن أسقف رومية هو البابا دون غيره وهو رأس الكنيسة ومعصوم من الغلط‪ ،‬وأن ]‪[8‬‬ ‫كنيسة رومية هي أم الكنائس كلها ومعلمتها‪ً.‬ا ومثل ]‪ [9‬أن للبابا ولمتعلقيه خزانة من قدر جزيل من‬ ‫استحقاقات القديسين أن يمنحوا الغفرانات سيما إذا استوفوا ثمن ا وافي ا لجلها كما هو المروج‬

‫عندهم‪ً.‬ا ومثل ]‪ [10‬أن البابا له منصب تحليل الحرام وتحريم الحلل‪ً.‬ا قال المعلم ميخائيل‬

‫مشاقة من علماء بروتستنت في الصفحة ‪ 66‬من كتابه المسمى بأجوبة النجيليين على أباطيل‬ ‫التقليديين المطبوع سنة ‪ 1852‬في بيروت هذا‪) :‬والن تراهم يزوجون العم بابنة أخيه‪ ،‬والخال‬


‫بابنة أخته‪ ،‬والرجل بامرأة أخيه ذات الولد خلفا لتعليم الكتب المقدسة ولمجامعهم المعصومة‪ً.‬ا‬

‫وقد أضحت هذه المحرمات حللا عند أخذهم‬

‫) ‪(3/840‬‬

‫الدراهم عليها‪ ،‬وكم من التحديدات وضعوها على الكليريكيين بتحريم الزيجة الناموسية المأمور بها‬ ‫من رب الشريعة( انتهى كلمه بلفظه‪ً.‬ا ثم قال‪) :‬وكم حرموا أصناف الطعمة ثم أباحوا ما حرموه‪،‬‬ ‫وفي عصرنا أباحوا أكل اللحوم في صومهم الكبير الذي طالما شددوا بتحريهما فيه( انتهى كلمه‬ ‫بلفظه‪ً.‬ا وفي الرسالة الثانية من كتاب الثلث عشرة رسالة في الصفحة ‪:88‬‬ ‫)فرنسيس ذابادل الكردينال يقول‪ :‬إن البابا مأذون أن يعمل ما يريد حتى‬

‫) ‪(3/841‬‬

‫ما ل يحل أيضاا‪ ،‬وهو أكبر من ال سبحان ال عما يصفون( انتهى كلمه بلفظه‪ً.‬ا‬

‫ومثل ]‪ [11‬أن أنفس الصديقين تتوجه إلى العذاب في المطهر وتتقلب في نيرانه حتى يمنحها‬ ‫البابا الغفران أو يخلصها القسوس بقداساتهم بعد استيلئهم على أثمانها‪ ،‬وهو غير جهنم‪ً.‬ا وأهل‬ ‫هذه يحصلون السندات من نواب البابا وخلفائه لتحصيل النجاة من عذابه‪ً.‬ا لكن العجب من هؤلء‬ ‫العقلء أنهم إذا اشتروا سندات من خليفة ال النافذ أمره في الرض والسماء فلم ل يطلبون منه‬ ‫وصولت ممضية بختم الذين أعتقهم من العذاب‪ ،‬ولما كانت قدرة الباباوات تزيد يوم ا فيوم ا بفيض‬

‫روح القدس اخترع البابا لون العاشر للمغفرة تذاكر تعطى منه أو من وكيله للمشتري بمغفرة خطاياه‬

‫الماضية والمستقبلة أيضاا‪ ،‬وكان مكتوبا فيها هكذا‪) :‬ربنا يسوع المسيح يرحمك ويعفو عنك‬

‫باستحقاقات آلمه المقدسة‪ً.‬ا وبعد فقد وهب لي بقدرة سلطان رسله بطرس وبولس والبابا الجليل‬

‫في هذه النواحي أن أغفر لك أولا عيوبك الكليروسية مهما كانت ثم خطاياك ونقائصك مهما‬

‫كانت تفوت الحصاء‪ ،‬بل أيض ا الخطايا المحفوظ حلها للبابا‪ ،‬وبقدر امتداد مفاتيح الكنيسة‬ ‫الرومانية أغفر لك كل العذابات التي سوف تستحقها في المطهر وأردك إلى أسرار الكنيسة‬

‫المقدسة وإلى اتحادها وإلى ما كنت حاصلا عليه عند‬


‫) ‪(3/842‬‬

‫عمادك من العفة والطهارة حتى أنك متى مت تغلق في وجهك أبواب العذابات وتفتح لك أبواب‬ ‫الفردوس وإن لم تمت الن فهي باقية لك بفاعلية تامة إلى آخر ساعة موتك باسم الب والبن‬ ‫والروح القدس آمين( كتب بيد الخ يوحنا تنزل الوكيل الثاني‪ً.‬ا ومثل ]‪ [12‬أن مسافة جهنم فراغ‬ ‫مكعب في قلب الرض كل من أضلعه مائتا ميل‪ً.‬ا ومثل ]‪ [13‬أن البابا يرسم الصليب على نعليه‬ ‫وغيره على وجهه لعل نعلي البابا ليسا أدون من الصليب ومن وجوه الساقفة الخرين‪ً.‬ا ومثل ]‪[14‬‬ ‫أن بعض القديسين وجهه كوجه الكلب وجسده كجسد النسان‪ ،‬وهو يشفع لهم عند ال‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/843‬‬

‫قال المعلم المذكور في الصفحة ‪ 114‬من كتابه المذكور طاعن ا على تلك الفرقة أو الكتابة‪) :‬وربما‬ ‫صوروا بعض قديسين على صورة لم يخلق ال مثلها‪ ،‬كتصويرهم رأس كلب على جسم إنسان‬

‫يسمونه القديس خريسطفورس ويقدمون له أنواع العبادة إذ يلقبونه ويسجدون أمامه ويشعلون له‬ ‫الشموع ويطلقون البخور ويلتمسون شفاعته‪ ،‬فهل يليق بالمسيحيين العتقاد بوجود العقل النطقي‬ ‫والقداسة في أدمغة الكلب؟ أي هي من عصمة كنائسهم من الغلط؟ انتهى كلمه بلفظه‪ً.‬ا‬ ‫وهذا القول هل يليق بالمسيحيين الخ صادق يقيناا‪ ،‬وهذا القديس مشابه لبعض قديسي مشركي‬

‫الهند‪ ،‬ولعل محبة المسيحيين من أهل أوربا للكلب لجل كونها على صورة هذا القديس المكرم‪ً.‬ا‬

‫ومثل ]‪ [15‬أن خشبة الصليب وتصاوير الب الزلي والبن والروح القدس يسجد لها بالسجود‬ ‫الحقيقي العبادي وأن صور القديسين يسجد لها بالسجود الكرامي‪ ،‬وإني متحير ما معنى استحقاق‬ ‫الشياء الولية للسجود العبادي‪ ،‬لن تعظيمهم لخشبة الصليب ل يخلو إما أن يكون مثلها قد‬ ‫مس جسد المسيح‪ ،‬وهو ارتفع عليه بحسب‬

‫) ‪(3/844‬‬


‫زعمهم‪ ،‬وإما لجل أنها واسطة فداء‪ ،‬وإما لجل أن دمه سال عليه‪ً.‬ا فإن كان الول يلزم أن يكون‬ ‫نوع الحمير معبودا لهم أعلى من الصليب عندهم‪ ،‬لن المسيح عليه السلم ركب على التان‬

‫والجحش ومساجد المسيح وكانا موضوعي راحته ودخوله ممجدا إلى أورشليم‪ ،‬والحمار يشارك‬

‫النسان في الجنس القريب والحيوانية‪ ،‬فهو جسم نام حساس متحرك بالرداة بخلف الخشب‬ ‫الذي ليست له قدرة الحس والحركة‪ً.‬ا وإن كان الثاني فيهودا السخريوطي الدافع أحق بالتعظيم لنه‬

‫الواسطة الولى والذريعة الكبرى للفداء‪ ،‬فإنه لول تسليمه لما أمكن لليهود مسك المسيح وصلبه‪،‬‬ ‫ولنه مسا و للمسيح عليه السلم في النسانية وعلى صورة النسان الذي هو صورة ال‪ ،‬وكان‬ ‫ممتلئ ا بروح القدس صاحب الكرامات والمعجزات فالعجب أن هذه الواسطة الولى عندهم ملعونة‬ ‫والصغرى مباركة معظمة‪ً.‬ا‬

‫وأما الثالث فلن الشوك المضفور إكليلا على رأس المسيح عليه السلم قد فاز أيضا بالمنصب‬

‫العلى‪ ،‬وهو سيلن الدم عليه فما باله ل يعظم ول يعبد ويشعل بالنار‪ ،‬وهذا الخشب يعبد إل أن‬ ‫يقولوا إن هذا سر مثل سر التثليث والستحالة خارج عن إدراك العقول البشرية وأفحش منه تعظيم‬

‫صورة أقنوم الب‪ ،‬لنك قد عرفت في المر الثالث والرابع من مقدمة الباب الرابع أن ال بريء‬ ‫من الشبه وما رآه أحد ول يقدر أن يراه أحد في‬

‫) ‪(3/845‬‬

‫الدنيا فإذا كان كذلك فأي أب من آبائهم رآه فصوره؟ ومن أين علموا أن هذه الصورة مطابقة‬ ‫لصورته تعالى وليست مطابقة لصورة شيطان من الشياطين‪ ،‬أو لصورة كافر من الكفار؟ ولم ل‬ ‫تعبدون كل إنسان سواء أكان مسلما أم كافرا لن النسان على صورة ال بحسب نص التوراة‪ً.‬ا‬

‫والعجب أن البابا يسجد لهذه الصورة الوهمية الجمادية التي ل حس ول حركة لها ويحقر صورة‬

‫ال التي هي النسان ويمد رجله لذلك النسان لكي يقبل حذاءه وما ظهر لي فرق بين هؤلء أهل‬ ‫الكتاب ومشركي الهند وجدت عوامهم كعوامهم وخواصهم كخواصهم في هذه العبادة وعلماء‬ ‫مشركي الهند يقولون مثل قول علمائهم في العتذار‪ً.‬ا ومثل ]‪ [16‬أن البابا هو القاضي العلى في‬ ‫الحكم على تفسير معاني الكتب واخترعت هذه العقيدة في الجيال المتأخرة وإل لما قدر‬ ‫اكستاين وفم الذهب وغيرهما من القدماء الذين لم يكونوا باباوات ولم يستأذنوهم أن يفسروا‬


‫جميع الكتب المقدسة من تلقاء أنفسهم‪ ،‬وتفاسيرهم قبلت عند جميع كنائس عصرهم لعل‬ ‫الباباوات حصل لهم هذا القضاء العلى بمطالعة تفاسيرهم بعد ما صنفوها‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/846‬‬

‫ومثل ]‪ [17‬أن الساقفة والشمامسة ممنوعون من الزواج‪ ،‬ولذلك يفعلون ما ل يفعله المتزوجون‪،‬‬ ‫وقاوم في كثير من الحيان بعض معلميهم اجتهاد الباباوات فأنقل بعض أقوالهم عن كتاب الثلث‬ ‫عشرة رسالة في الرسالة الثالثة في الصفحة ‪ 144‬و ‪:145‬‬ ‫القديس برنردوس يقول ‪ -‬وعظ عدد ‪ 66‬في نشيد النشاد‪ :‬نزعوا من الكنيسة الزواج المكرم‬ ‫والمضجع الذي هو بل دنس فملؤها بالزنا في المضاجع مع الذكور والمهات والخوات وبكل‬ ‫أنواع الدناس‪ً.‬ا والفاروس بيلجيوس أسقف‬

‫) ‪(3/847‬‬

‫سلف ا في بلد البورتكال سنة ‪ 1300‬يقول‪ :‬يا ليت إن الكليروسيين لم يكونوا نذروا العفة ول‬

‫سيما أكليروس سبانيا لن أبناء الرعية هناك أكثر عددا بيسير من أبناء الكهنوت‪ ،‬ويوحنا أسقف‬

‫سالتزبرج في الجيل الخامس عشر كتب أنه وجد قسوسا قلئل غير معتادين على نجاسة متكاثرة‬

‫مع النساء‪ ،‬وأن أديرة الراهبات متدنسة مثل البيوت المخصوصة للزنا‪ً.‬ا انتهى كلمه بلفظه ملخصا‪ً.‬ا‬ ‫وكيف يعتقد العصمة في حقهم إذا كانوا شابين شاربي الخمر وما نجا‬

‫) ‪(3/848‬‬

‫روبيل ابن يعقوب عليه السلم فزنى ببلهاء سرية أبيه‪ ،‬ول يهوذا بن يعقوب عليه السلم فزنى بزوجة‬ ‫ابنه‪ ،‬ول داود عليه السلم فزنى بزوجة أوريا مع كونه ذا زوجات كثيرة ول لوط عليه السلم فزنى‬ ‫في حالة خمار الخمر بابنتيه‪ ،‬وهكذا‪ً.‬ا فإذا كان حال النبياء وأبنائهم على عقائدهم هكذا فكيف‬ ‫يرجى منهم العصمة‪ ،‬بل الحق أن الفاروس بيلجيوس ويوحنا صادقان في أن أبناء الرعية هناك أكثر‬


‫عددا بيسير من أبناء الكهنوت‪ ،‬وأن أديرة الراهبات متدنسة مثل البيوت المخصوصة للزنا‪ً.‬ا‬ ‫وأمثال هذه المسائل كثيرة أطوي الكشح عن بيانها خوف ا من التطويل‪ً.‬ا فأقول‪:‬‬

‫لعل هذه المضامين العالية التي نقلتها وأمثالها لو وجدوها في القرآن لعترفوا بأنه كلم ال وقبلوه‪،‬‬

‫لكنهم لما وجدوه خاليا منها ومن أمثالها فكيف يعترفون ويقبلون لن المضامين الحسنة المألوفة‬

‫عندهم هي هذه المضامين وأمثالها‪ ،‬ل المضامين التي ذكرت في القرآن‪ً.‬ا وأما بعض المضامين التي‬ ‫توجد في القرآن في ذكر الجنة والنار وغيرهما ويزعمون أنها قبيحة فأذكرها إن شاء ال تعالى في‬

‫الشبهة الثالثة بأجوبتها فانتظر‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/849‬‬

‫)الشبهة الثانية( أن القرآن مخالف لكتب العهد العتيق والجديد في مواضع‪ ،‬فل يكون كلم ال‪ً.‬ا‬ ‫والجواب‪ :‬أولا ‪ -‬أن هذه الكتب لما لم تثبت أسانيدها المتصلة إلى مصنفيها وكذا لم يثبت أن كل‬ ‫كتاب منها إلهامي قد ثبت أنها مختلفة اختلفا معنويا في مواضع كثيرة ومملوءة بالغلط الكثيرة‬

‫يقينا ‪ -‬كما عرفت هذه المور في الباب الول ‪ -‬وقد ثبت التحريف فيها أيضا كما عرفت في‬

‫الباب الثاني فل تضر مخالفتها القرآن في المواضع المذكورة‪ ،‬بل تكون دليلا على كون المواضع‬

‫المذكورة غلط ا أو محرفة في الكتب المذكورة كسائر الغلط والتحريفات التي عرفتها في البابين‬ ‫الولين‪ ،‬وقد عرفت في المر الرابع من الفصل الول من هذا الباب أن هذه المخالفة قصدية‬ ‫لجل التنبيه على أن ما خالف القرآن غلط أو محرف ل أنها سهوية‪ً.‬ا )والجواب الثاني( أن‬ ‫المخالفة التي بين القرآن وبين كتب العهدين في ذم القسيسين على ثلثة أنواع‪) :‬الول( باعتبار‬ ‫الحكام المنسوخة‪ً.‬ا )والثاني( باعتبار بعض الحالت التي جاء ذكرها في القرآن ل يوجد ذكرها في‬ ‫العهدين‪ً.‬ا )والثالث( باعتبار أن بيان بعض الحالت في القرآن يخالف بيان هذه الكتب‪ ،‬ول مجال‬ ‫لهم أن يطعنوا على القرآن باعتبار هذه النواع‪ً.‬ا‬ ‫)أما الول( فلنك قد عرفت في الباب السادس بما ل مزيد عليه أن النسخ ل يختص بالقرآن‪ ،‬بل‬ ‫وجد في الشرائع السابقة بالكثرة‪ ،‬وأنه ل استحالة‬

‫) ‪(3/850‬‬


‫فيه‪ ،‬وأن الشريعة العيسوية نسخت جميع أحكام التوراة إل تسعة أحكام من الحكام العشرة‬ ‫المشهورة‪ ،‬وقد وقع فيها التكميل أيضا على زعمهم‪ ،‬والتكميل أيضا نوع من أنواع النسخ‪ ،‬فصارت‬

‫هذه الحكام أيض ا منسوخة بهذا الوجه فبعد ذلك ليس من شأن المسيحي العاقل أن يطعن على‬ ‫القرآن باعتبار هذا النوع‪ً.‬ا‬

‫)وأما الثاني( فهو كالول أيضاا‪ ،‬وشواهده كثيرة أكتفي منها على ثلثة عشر شاهداا‪:‬‬ ‫)الشاهد الول( الية التاسعة من رسالة يهودا هكذا‪) :‬وأما ميخائيل رئيس الملئكة فلما خاصم‬ ‫إبليس محاج ا عن جسد موسى لم يجسر أن يورد حكم افتراء‪ ،‬بل قال لينتهرك الرب( فمخاصمة‬

‫ميخائيل إبليس عن جسد موسى لم تذكر في كتاب من كتب العهد العتيق‪ً.‬ا )الشاهد الثاني( ثم في‬

‫ل‪ :‬هو ذا قد جاء الرب‬ ‫تلك الرسالة هكذا ‪) :14‬وتنبأ عن هؤلء أيضا أخنوخ السابع من آدم قائ ا‬ ‫في ربوات قديسية( ‪15‬‬

‫) ‪(3/851‬‬

‫)ليصنع دينونة على الجميع ويعاقب جميع فجارهم على جميع أعمال فجورهم التي فجروا بها‪،‬‬ ‫وعلى جميع الكلمات الصعبة التي تكلم بها عليه خطاط فجار( ول أثر لهذا الخبر أيضا في كتاب‬ ‫من كتب العهد العتيق‪ً.‬ا )الشاهد الثالث( الية الحادية والعشرون من الباب الثاني عشر من الرسالة‬

‫العبرانية هكذا‪) :‬وكان المنظر هكذا مخيف ا حتى قال موسى أنا مرتعب ومرتعد( ‪ ،‬وهذا الحال‬

‫مذكور في الباب التاسع عشر من سفر الخروج‪ ،‬لكن ل توجد فيه ول في كتاب من كتب العهد‬ ‫العتيق هذه الفقرة‪) :‬حتى قال موسى أنا مرتعب ومرتعد( ‪ً.‬ا( الشاهد الرابع( الية الثامنة من الباب‬ ‫الثالث من الرسالة الثانية إلى تيموثاوس هكذا‪) :‬وكما قاوم ينيس ويمبريس موسى( إلخ‪ ،‬وهذا الحال‬ ‫مذكور في الباب السابع من سفر الخروج ول أثر لهذين السمين في هذا الباب ول في باب آخر‬ ‫ول في كتاب آخر من كتب العهد العتيق‪ً.‬ا )الشاهد الخامس( الية السادسة من الباب الخامس‬ ‫عشر من الرسالة الولى إلى أهل قورنيثوس هكذا‪) :‬وبعد ذلك ظهر دفعة واحدة لكثر من‬

‫خمسمائة أخ أكثرهم باق إلى الن ولكن بعضهم قد رقدوا(‬

‫) ‪(3/852‬‬


‫ول يوجد لهذا أثر في إنجيل من الناجيل الربعة‪ ،‬ول في كتاب أعمال الحواريين مع أن لوقا‬ ‫أحرص الناس على تحرير أمثال هذه الحوال‪ً.‬ا‬ ‫)الشاهد السادس( في الية الخامسة والثلثين من الباب العشرين من كتاب العمال هكذا‪:‬‬ ‫)متذكرين كلمات الرب يسوع أنه قال مغبوط هو العطاء أكثر من الخذ( ‪ ،‬وهذا القول ل يوجد له‬ ‫أثر في إنجيل من الناجيل الربعة‪ً.‬ا‬ ‫)الشاهد السابع( السماء التي ذكرت في الباب الول من إنجيل متى بعد زربابل ل توجد في كتاب‬ ‫من كتب العهد العتيق‪ً.‬ا )الشاهد الثامن( في الباب السابع من كتاب العمال هكذا‪) 23 :‬ولما‬ ‫كملت له مدة أربعين سنة خطر على باله أن يفتقد إخوته بني إسرائيل( ‪ً.‬ا ‪) :24‬وإذا رأى واحدا‬ ‫مظلوما حامى عنه وأنصف المغلوب إذ قتل المصري( ‪ً.‬ا ‪) :25‬فظن أن إخوته يفهمون أن ال على‬

‫يده يعطيهم نجاة وأما هم فلم يفهموا( ‪ً.‬ا ‪) :26‬وفي اليوم الثاني ظهر لهم وهم يتخاصمون فساقهم‬

‫ل‪ :‬أيها الرجال أنتم أخوة لماذا تظلمون بعضكم بعضاا( ‪) :27‬فالذي كان يظلم‬ ‫إلى السلمة قائ ا‬ ‫ل‪ :‬من أقامك رئيس ا وقاضي ا علينا( ‪) :28‬أتريد أن تقتلني كما قتلت أمس‬ ‫قريبه دفعه قائ ا‬

‫المصري( ‪ً.،‬ا‬

‫) ‪(3/853‬‬

‫وهذا الحال مذكور في الباب الثاني من كتاب الخروج‪ ،‬لكن بعض الشياء ذكرت في كتاب‬ ‫العمال وما جاء ذكرها في كتاب الخروج‪ ،‬وعبارة الخروج هكذا‪ -11 :‬وفي تلك اليام لما شب‬ ‫موسى خرج إلى إخوته وأبصر تعبدهم ورأى رجلا من أهل مصر يضرب رجلا من إخوته العبرانيين( ‪ً.‬ا‬

‫‪) :12‬فالتفت إلى الجانبين فلم ير أحدا‪ً.‬ا فقتل المصري ودفنه في الرمل( ‪) :13‬وأنه خرج من‬

‫اليوم الثاني ونظر إلى رجلين عبرانيين يختصمان فقال للظالم منهما‪ :‬لم تضرب صاحبك؟( ‪ً.‬ا ‪:14‬‬

‫)فقال له ذلك الرجل‪ :‬من جعلك سلطان ا علينا أو قاضي ا لعلك تريد قتلي كما بالمس قتلت‬

‫المصري( ‪ً.‬ا )الشاهد التاسع( الية السادسة من رسالة يهودا هكذا‪) :‬والملئكة الذين لم يحفظوا‬ ‫رياستهم بل تركوا مسكنهم حفظهم إلى دينونة اليوم العظيم بقيود أبدية تحت الظلم( ‪ً.‬ا‬ ‫)الشاهد العاشر( في الية الرابعة من الباب الثاني من الرسالة الثانية لبطرس‪) :‬ال لم يشفق على‬

‫ملئكة قد أخطئوا‪ ،‬بل في سلسل الظلم طرحهم في جهنم وسلمهم محروسين للقضاء( وهذا‬


‫الحال الذي نقله بطرس ويهودا الحواريان ل يوجد في كتاب من كتب العهد العتيق‪ ،‬بل الظاهر أنه‬ ‫كاذب لن المراد بهؤلء الملئكة المحبوسين الشياطين‪ ،‬والشياطين ليسوا بمحبوسين بقيود أبدية‬ ‫كما يشهد عليه الباب الول من كتاب أيوب والية الثانية عشرة من الباب الول من إنجيل‬

‫) ‪(3/854‬‬

‫مرقس‪ ،‬والية الثامنة من الباب الخامس من الرسالة الولى لبطرس وغيرها من اليات‪ً.‬ا )الشاهد‬ ‫الحادي عشر( الية الثامنة عشرة من الزبور المائة والرابع على وفق الترجمة العربية‪ ،‬ومن الزبور‬ ‫المائة والخامس على وفق التراجم الخر هكذا‪) :‬وذلت بالقيود رجله وبالحديد عبرت نفسه(‬ ‫وحال كون يوسف مسجوننا مذكور في الباب التاسع والثلثين من سفر التكوين وليس ذلت رجليه‬ ‫بالقيود وعبرت نفسه بالحديد مذكورين فيه‪ ،‬ول يلزم هذان المران للمسجون وإن كانا غالبين‪ً.‬ا‬ ‫)الشاهد الثاني عشر( في الية الرابعة من الباب الثاني عشر من كتاب هوشع هكذا‪) :‬وغلب‬ ‫الملك وتقوى وبكى وسأله( إلخ وحال مصارعة الملك يعقوب مذكور في الباب الثاني والثلثين من‬ ‫سفر التكوين ول يوجد فيه بكاء يعقوب‪ً.‬ا )الشاهد الثالث عشر( يوجد في النجيل ذكر الجنة‬ ‫والجحيم والقيامة وجزاء العمال فيها وإن كان بالجمال‪ ،‬ول أثر لهذا في الكتب الخمسة‬ ‫لموسى‪ ،‬بل ل يوجد فيها سوى المواعيد الدنيوية للمطيعين والتهديدات الدنيوية للعاصين‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/855‬‬

‫وهكذا توجد مواضع كثيرة‪ً.‬ا فظهر مما ذكرنا أنه إذا ذكر بعض الحوال في كتاب ول يوجد ذكره‬ ‫في الكتاب المتقدم ل يلزم منه تكذيب الكتاب المتأخر وإل يلزم أن يكون النجيل كاذبا لشتماله‬

‫على الحالت التي لم تذكر في التوراة ول في كتاب آخر من كتب العهد العتيق‪ً.‬ا فالحق أن الكتاب‬ ‫المتقدم ل يلزم أن يكون مشتملا على الحالت كلها‪ً.‬ا أل ترى أن أسماء جميع أولد آدم وشيث‬

‫وأنوس وغيرهم وكذا أحوالهم ليست مذكورة في التوراة؟ وفي تفسير دوالي ورجردمييت ذيل شرح‬

‫الية الخامسة والعشرين من الباب الرابع عشر من سفر الملوك الثاني هكذا‪) :‬ل يوجد ذكر هذا‬ ‫الرسول يونس إل في هذه الية( ‪ً.‬ا وفي البلغ المشهور الذي كان إلى أهل نينوى‪) :‬ول يوجد في‬ ‫كتاب من الكتب إخباراته عن الحوادث التية التي جرأ بها يوربعام السلطان على محاربة سلطين‬


‫السريا وسببه ليس منحصرا في أن الكتب الكثيرة للنبياء ل توجد عندنا‪ ،‬بل سببه هذا أيضا أن‬

‫النبياء لم يكتبوا كثيرا من أخبارهم عن الحوادث التية( انتهى‪ً.‬ا فهذا القول يدل صراحة على ما‬

‫قلت‪،‬‬

‫) ‪(3/856‬‬

‫والية الثلثون من الباب العشرين من إنجيل يوحنا هكذا‪) :‬وآيات أخر كثيرة صنع يسوع قدام‬ ‫تلميذه لم تكتب في هذا الكتاب( والية الخامسة والعشرون من الباب الحادي والعشرين من‬ ‫إنجيل يوحنا هكذا‪) :‬وأشياء أخر كثيرة صنعها يسوع إن كتبت واحدة واحدة فلست أظن أن العالم‬ ‫نفسه يسع الكتب المكتوبة( ‪ً.‬ا وهذا الكلم وإن لم يخل من المبالغة الشاعرية‪ ،‬لكنه ل شك يفيد‬ ‫أن جميع حالت عيسى عليه السلم ما كتبت‪ ،‬فالطاعن باعتبار النوع الثاني على القرآن حاله‬ ‫كحال الطاعن باعتبار النوع الول بل تفاوت‪ً.‬ا‬ ‫)وأما النوع الثالث( فلن مثل هذه الختلفات توجد بين كتب العهد العتيق بعضها مع بعض وبين‬ ‫الناجيل بعضها مع بعض وبين النجيل والعهد العتيق‪ ،‬كما عرفت في الفصل الثالث من الباب‬ ‫الول‪ً.‬ا وتوجد في النسخ الثلث للتوراة‪ ،‬أعني العبرانية واليونانية والسامرية‪ ،‬وقد حصل لك‬ ‫الطلع على بعض الختلفات أيضا في الباب الثاني‪ ،‬لكن القسيسين من عادتهم أنهم يغلطون‬ ‫عوام المسلمين في كثير من الوقات بهذه الشبهة فالنسب أن أذكر بعض هذه الختلفات ول‬

‫أخاف من التطويل اليسير لنه ل يخلو من الفائدة المهمة‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/857‬‬

‫)الختلف الول( أن الزمان من خلق آدم إلى زمن الطوفان باعتبار العبرانية ألف وستمائة وست‬ ‫وخمسون سنة ]‪ [1656‬وباعتبار اليونانية ألفان ومائتان واثنتان وستون سنة ]‪ [2262‬وعلى وفق‬ ‫السامرية ألف وثلثمائة وسبع سنين ]‪ً. [1307‬ا )الختلف الثاني( أن الزمان من الطوفان إلى ولدة‬ ‫إبراهيم عليه السلم باعتبار العبرانية مائتان واثنتان وتسعون سنة ]‪ [292‬وباعتبار اليونانية ألف‬ ‫واثنتان وسبعون سنة ]‪ [1072‬وباعتبار السامرية تسعمائة واثنتان وأربعون سنة ]‪ً. [942‬ا‬ ‫)الختلف الثالث( يوجد في النسخة اليونانية بين أرفخشد وشالح بطن واحد‪ ،‬هو قينان‪ ،‬ول يوجد‬


‫في العبرانية والسامرية ول في السفر الول من أخبار اليام‪ ،‬وفي تاريخ يوسيفس‪ ،‬لكن لوقا‬ ‫النجيلي اعتمد على اليونانية فزاد قينان في بيان نسب المسيح فيجب على المسيحيين أن يعتقدوا‬ ‫صحة اليونانية وكون غيرها غلط ا لئل يلزم كذب إنجيلهم‪ً.‬ا‬

‫)الختلف الرابع( أن موضع بناء الهيكل أعني المسجد باعتبار العبرانية جبل عيبال‪ ،‬وباعتبار‬

‫السامرية جبل جرزيم‪ ،‬وقد عرفت حال هذه الختلفات في الباب الثاني فل أطول الكلم في‬ ‫توضيحها‪ً.‬ا )الختلف الخامس( إن الزمان من خلق آدم إلى ميلد المسيح باعتبار العبرانية ]‬ ‫‪ [4004‬وباعتبار اليونانية ]‪ [5872‬وباعتبار السامرية ]‪ [4700‬وفي المجلد الول من تفسير‬ ‫هنري واسكات )أن اهليز‬

‫) ‪(3/858‬‬

‫أخذ التاريخ بعد تصحيح أغلط يوسيفس واليونانية وعلى تحقيقه من خلق العالم إلى ميلد المسيح‬ ‫]‪ [5411‬ومن الطوفان إلى الميلد ]‪ [3155‬انتهى‪ً.‬ا وجارلس روجر في كتابه الذي قابل فيه‬ ‫التراجم النجليزية نقل خمسة وعشرين قولا من أقوال المؤرخين في بيان المدة التي من خلق العالم‬

‫إلى ميلد المسيح وإلى سنة ألف وثمانمائة وسبع وأربعين‪ ،‬ثم اعترف أنه ل يطابق قولن منها أو أن‬

‫تمييز الصحيح عن الغلط محال‪ ،‬وأنا أنقل ترجمة كلمه وأكتفي ببيانها إلى ميلد المسيح لن‬ ‫المدة التي بعدها ل اختلف فيها للمؤرخين فل حاجة إلى نقل الغاية الخرى‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/859‬‬

‫أسماء المؤرخين ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا المدة التي من خلق آدم إلى ميلد المسيح‬ ‫]‪ [1‬ماريانوس سكونوس ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا ‪4192‬‬ ‫]‪ [2‬لرنت يوس كودومانوس ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا ‪4141‬‬ ‫]‪ [3‬توماليديت ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا ‪4103‬‬


‫]‪ [4‬ميكائيل مستلي نوس ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا ‪4079‬‬ ‫]‪ [5‬جي بابتست رك كيولس ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا ‪4062‬‬ ‫]‪ [6‬جيكب سليانوس ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا ‪4053‬‬ ‫]‪ [7‬هنري كوس بوندانوس ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا ‪4051‬‬ ‫]‪ [7‬وليم لينك ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا ‪4041‬‬ ‫]‪ [9‬ارازمس ربن هولت ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا ‪4021‬‬ ‫]‪ [10‬جيكوبوس كيبالوس ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا ‪4005‬‬ ‫]‪ [11‬أرج بشب أشر ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا ‪4003‬‬ ‫]‪ [12‬ديوني سيوس بتاويوس ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا ‪4983‬‬ ‫]‪ [13‬بشب بك ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا ‪3973‬‬ ‫]‪ [14‬كرن زيم ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا ‪3971‬‬ ‫]‪ [15‬ايلي اس ريوس نيروس ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا ‪3970‬‬ ‫]‪ [16‬جوهانيس كلوريوس ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا ‪3968‬‬ ‫]‪ [17‬كرستيانوس لونكرمونتانوس ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا ‪3966‬‬


‫]‪ [18‬فلب ملتختون ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا ‪3964‬‬ ‫]‪ [19‬جيكب هين لي نوس ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا ‪3963‬‬ ‫]‪ [20‬الفون سوس سال مرون ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا ‪3958‬‬ ‫]‪ [21‬إسكي ليكر ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا ‪3949‬‬ ‫]‪ [22‬ميتهيوس برول ديوس ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا ‪3927‬‬ ‫]‪ [23‬اندرياس هل وي كيوس ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا ‪2836‬‬ ‫]‪ [24‬الرواج العام لليهود ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا ‪3760‬‬ ‫]‪ [25‬الرواج العام للمسيحيين‬

‫) ‪(3/860‬‬

‫)ول يطابق قولن من هذه القوال‪ ،‬ومن لم يتأمل في هذا المر في حين من الحيان يفهم أن هذا‬ ‫المر العجيب في غاية الشكال‪ ،‬لكن الظاهر أن المؤرخين المقدسين لم يريدوا في حين من‬ ‫الحيان أن يكتبوا التاريخ بالنظم ول يمكن الن لحد أن يعلم العدد الصحيح( انتهى كلم جارلس‬ ‫روجر‪ً.‬ا فظهر من كلمه أن معرفة الصحيح الن محال جداا‪ ،‬وأن المؤرخين من أهل العهد العتيق‬

‫أيضا كتبوا ما كتبوا رجم ا بالغيب‪ ،‬وأن الرائج العام في اليهود يخالف الرائج العام في المسيحيين‪،‬‬

‫فأنصف أيها اللبيب‪ ،‬إنه لو فهمت مخالفة القرآن المجيد لتاريخ من تواريخهم المقدسة التي حالها‬

‫كما عرفت‪ ،‬ل تشك لجل هذه المخالفة في القرآن‪ ،‬ل وال بل نقول إن مقدسيهم غلطوا وكتبوا‬ ‫ما كتبوا سيما إذا لحظنا تواريخ العالم جزمنا أن تحرير مقدسيهم في أمثال هذه المور ليس له إل‬ ‫رتبة الظن والتخمين‪ ،‬ولذلك ل نعتمد على هذه القوال الضعيفة‪ً.‬ا‬


‫قال العلمة تقي الدين أحمد بن علي المقريزي في المجلد الول من تاريخه‪ ،‬ناقلا عن الفقيه‬

‫الحافظ أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم‪:‬‬ ‫)وأما‬

‫) ‪(3/861‬‬

‫نحن ‪ -‬يعني أهل السلم ‪ -‬فل نقطع على علم عدد معروف عندنا ومن ادعى في ذلك سبعة‬ ‫آلف سنة أو أكثر أو أقل‪ ،‬فقد قال ما لم يأت قط عن رسول ال صلى ال عليه وسلم فيه لفظة‬ ‫تصح عنه عليه السلم خلفه‪ ،‬بل نقطع على أن للدنيا أمدا ل يعلمه إل ال تعالى قال ال تعالى‪:‬‬ ‫}ما أشهدتهم خلق السماوات والرض ول خلق أنفسهم{ً وقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪:‬‬

‫)ما أنتم في المم قبلكم إل كالشعرة البيضاء في الثور السود أو الشعرة السوداء في الثور البيض(‬ ‫‪ ،‬وهذه نسبة من تدبرها وعرف مقدار عدد أهل السلم ونسبة ما بأيديهم من معمور الرض وأنه‬ ‫الكثر علم أن للدنيا أمدا ل يعلمه إل ال تعالى( انتهى كلمه بلفظه‪ ،‬وهو مختار الفقير أيض ا‬ ‫والعلم التام عند ال وهو أعلم‪ً.‬ا‬ ‫)الختلف السادس( أن الحكم الحادي عشر الزائد على الحكام العشرة المشهورة يوجد في‬ ‫السامرية ول يوجد في العبرانية‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/862‬‬

‫)الختلف السابع( الية الربعون من الباب الثاني عشر من سفر الخروج في العبرانية هكذا‪:‬‬ ‫)فكان جميع ما سكن بنو إسرائيل في أرض مصر أربعمائة وثلثين سنة( وفي السامرية واليونانية‬ ‫هكذا‪) :‬فكان جميع ما سكن بنو إسرائيل وآباؤهم وأجدادهم في أرض كنعان وأرض مصر أربعمائة‬ ‫وثلثين سنة( والصحيح ما فيهما وما في العبرانية غلط يقين ا‪ً.‬ا )الختلف الثامن( في الية الثامنة‬ ‫من الباب الرابع من سفر التكوين في العبرانية هكذا‪) :‬وقال قائين لهابيل أخيه ولما صار في‬

‫الحقل( وفي السامرية واليونانية هكذا‪) :‬وقال قائين لهابيل أخيه تعال نخرج إلى الحقل ولما صارا‬ ‫في الحقل( والصحيح ما فيهما عند محققيهم‪ً.‬ا )الختلف التاسع( في الية السابعة عشرة من‬


‫الباب السابع من سفر التكوين في العبرانية هكذا‪) :‬وصار الطوفان أربعين يوما على الرض( ‪ً.‬ا وفي‬

‫اليونانية هكذا‪) :‬وصار الطوفان أربعين يوما وليلة على الرض( والصحيح ما في اليونانية‪ً.‬ا‬

‫)الختلف العاشر( في الية الثامنة من الباب التاسع والعشرين من سفر التكوين في العبرانية‬

‫هكذا‪) :‬حتى تجتمع الماشية( ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/863‬‬

‫وفي السامرية واليونانية وكني كات والترجمة العربية لهيوبي كينت هكذا‪) :‬حتى تجتمع الرعاة( ‪ً.‬ا‬ ‫والصحيح ما في هذه الكتب ل ما في العبرانية‪ً.‬ا )الختلف الحادي عشر( في الية الثانية‬ ‫والعشرين من الباب الخامس والثلثين من سفر التكوين في العبرانية هكذا‪) :‬وضاجع بلها سرية أبيه‬ ‫فسمع إسرائيل( وفي اليونانية هكذا‪) :‬وضاجع بلها سرية أبيه فسمع إسرائيل وكان قبيحا في نظره(‬

‫والصحيح ما في اليونانية‪ً.‬ا‬

‫)الختلف الثاني عشر( في أول الية الخامسة من الباب الرابع والربعين من سفر التكوين توجد‬ ‫في اليونانية هذه الجملة‪) :‬لما سرقتم صواعي( ول توجد في العبرانية والصحيح ما في اليونانية‪ً.‬ا‬ ‫)الختلف الثالث عشر( في الية الخامسة والعشرين من الباب الخمسين من سفر التكوين في‬ ‫العبرانية هكذا‪) :‬فاذهبوا بعظامي من ههنا( وفي اليونانية والسامرية هكذا‪) :‬فاذهبوا بعظامي من ههنا‬ ‫معكم( ‪ً.‬ا )الختلف الرابع عشر( في آخر الية الثانية والعشرين من الباب الثاني من سفر الخروج‬ ‫في اليونانية هذه العبارة‪) :‬وولدت أيض ا غلم ا ثاني ا ودعا اسمه‬

‫) ‪(3/864‬‬

‫العازار فقال من أجل أن إله أبي أعانني وخلصني من سيف فرعون( ول توجد في العبرانية‪،‬‬ ‫والصحيح ما في اليونانية وأدخلها مترجمو العربية في تراجمهم‪ً.‬ا )الختلف الخامس عشر( في‬ ‫الية العشرين من الباب السادس من سفر الخروج في العبرانية هكذا‪) :‬فولدت له هارون وموسى(‬ ‫وفي السامرية واليونانية هكذا‪) :‬فولدت له هارون وموسى ومريم أختهما( والصحيح ما فيهما‪ً.‬ا‬ ‫)الختلف السادس عشر( توجد في آخر الية السادسة من الباب العاشر من سفر العدد في‬ ‫الترجمة اليونانية هذه العبارة‪) :‬وإذا نفخوا مرة ثالثة ترفع الخيام الغربية للرتحال‪ ،‬وإذا نفخوا مرة‬


‫رابعة ترفع الخيام الشمالية للرتحال( ول توجد في العبرانية والصحيح ما في اليونانية‪ً.‬ا‬ ‫)الختلف السابع عشر( توجد في النسخة السامرية في الباب العاشر من سفر العدد ما بين الية‬ ‫العاشرة والحادية عشرة هذه العبارة‪) :‬قال الرب مخاطب ا لموسى‪ :‬إنكم جلستم في هذا الجبل كثيرا‬ ‫فارجعوا وهلموا إلى جبل المورانيين وما يليه إلى العرباء وإلى أماكن الطور والسفل قبالة التيمن‬ ‫وإلى شط‬

‫) ‪(3/865‬‬

‫البحر أرض الكنعانيين ولبنان وإلى النهر الكبر نهر الفرات هو ذا أعطيتكم الرض فادخلوا ورثوا‬ ‫الرض التي خلف الرب لبائكم إبراهيم وإسحاق ويعقوب أنه سيعطيكم إياها ولخلفكم من بعدكم(‬ ‫انتهت‪ً.‬ا ول توجد هذه العبارة في العبرانية‪ً.‬ا قال المفسر هارسلي في الصفحة ‪ 161‬من المجلد‬ ‫الول من تفسيره‪) :‬توجد في النسخة السامرية ما بين الية العاشرة والحادية عشرة من الباب‬ ‫العاشر من سفر العدد العبارة التي توجد في الية السادسة والسابعة والثامنة من الباب الول من‬ ‫سفر الستثناء‪ ،‬وظهر هذا المر في عهد بروكوبيس( ‪ً.‬ا‬ ‫)الختلف الثامن عشر( في الباب العاشر من الستثناء في العبرانية هكذا‪) :6 :‬ثم ارتحل بنو‬ ‫إسرائيل من بيروت بني يعقن إلى موشرا ومات هناك هارون وقبر هناك ثم حبر بعده العازار ابنه( ‪:7‬‬ ‫)ومن ثم أتوا إلى غدغادوا وارتحلوا من هناك وحلوا في يطبشا أرض المياه والسواقي( ‪) :8‬في ذلك‬ ‫الزمان اعتزل سبط لوى ليحمل التابوت الذي فيه ميثاق الرب ويقوم قدامه في الخدمة‬

‫) ‪(3/866‬‬

‫ويبارك باسمه حتى إلى هذا اليوم( ‪ً.‬ا‬ ‫وهذه العبارة تخالف عبارة الباب الثالث والثلثين من سفر العدد في تفصيل المراحل‪ً.‬ا وتوجد في‬ ‫السامرية في كتاب الستثناء أيض ا العبارة التي في سفر العدد وعبارة سفر العدد هكذا‪:30 :‬‬

‫)وارتحلوا من حشمونا وأتوا مشروت( ‪) :31‬ومن مشروت نزلوا في بني عقان( ‪) :32‬وارتحلوا من‬

‫بني عقان وأتوا جبل جد جاد( ‪) :33‬وارتحلوا من ثم ونزلوا في يطبث( ‪) :34‬ومن يطبث أتوا‬ ‫عفرونا( ‪) :35‬وارتحلوا من عفرونا ونزلوا في عصينجير( ‪) :36‬وارتحلوا من ثم وأتوا برية سين‪،‬‬


‫فهذه هي قادس( ‪) :37‬وارتحلوا من قادس في هور الطور الذي في أقصى أرض أدوم( ‪) :38‬ثم‬ ‫صعد هارون الحبر إلى هور الجبل عن أمر الرب فمات هناك في سنة أربعين من خروج بني إسرائيل‬ ‫من مصر في الشهر الخامس في اليوم الول من الشهر( ‪) :39‬وهارون يومئذ ابن مائة وثلث‬ ‫وعشرون سنة( ‪) :40‬وسمع الكنعاني ملك غارد الذي كان يسكن التيمن‬

‫) ‪(3/867‬‬

‫في أرض كنعان أن جاء بنو إسرائيل( ‪) :41‬ثم ارتحلوا من هور الطور ونزلوا في صلمونا( ‪:42‬‬ ‫)وارتحلوا من ثم وأتوا فينون( الخ‪ً.‬ا ونقل آدم كلرك في الصفحة ‪ 779‬و ‪ 780‬من المجلد الول‬ ‫من تفسيره في شرح الباب العاشر من كتاب الستثناء تقرير كني كات في غاية الطناب وخلصته‪:‬‬ ‫)أن عبارة المتن السامري صحيحة‪ ،‬وعبارة العبري غلط وأربع آيات ما بين الية الخامسة والعاشرة‬ ‫أعني الية السادسة إلى التاسعة ههنا أجنبية محضة لو أسقطت ارتبط جميع العبارة ارتباطا حسناا‪،‬‬ ‫فهذه اليات الربع كتبت من غلط الكاتب ههنا وكانت من الباب الثاني من كتاب الستثناء(‬ ‫انتهى‪ً.‬ا وبعد نقل هذا التقرير أظهر رضاه عليه وقال‪) :‬ل يعجل في إنكار هذا التقرير( ‪ً.‬ا أقول يدل‬ ‫على إلحاقية اليات الربع في الجملة الخيرة التي توجد في آخر الية الثامنة‪ً.‬ا‬ ‫)الختلف التاسع عشر( الية الخامسة من الباب الثاني والثلثين من كتاب الستثناء في العبرانية‬ ‫هكذا‪) :‬هم أخرجوا نفوسهم‪ً.‬ا عيبهم ليس عيب ا يكون على أبنائه هم الجيل العوج المتعسف( وفي‬ ‫اليونانية والسامرية هكذا‪) :‬أخربوهم ليسوا له هم أبناء الغلط والعيب( وفي تفسير هنري واسكات‬

‫)هذه العبارة أقرب إلى الصل( انتهى‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/868‬‬

‫وقال المفسر هارسلي في الصفحة ‪ 215‬من المجلد الول هكذا‪) :‬فلتقرأ هذه الية على وفق‬ ‫السامرية واليونانية وهينولي كينت وكني كات والمتن العبري محرف ههنا( انتهى‪ ،‬وهذه الية في‬ ‫الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪ 1831‬وسنة ‪ 1844‬وسنة ‪ 1848‬هكذا‪) :‬أخطوا إليه‪ ،‬وهو بريء‬ ‫من أبناء القبائح أيها الجيل العوج المتلوي( ‪ً.‬ا‬


‫)الختلف العشرون( الية الثانية من الباب العشرين من سفر التكوين في العبرانية هكذا‪) :‬قال عن‬ ‫سارة امرأته إنها أختي ووجه أبي ملك جرارا وأخذها( ‪ً.‬ا وفي تفسير هنري واسكات أن هذه الية في‬ ‫اليونانية هكذا‪) :‬وقال عن سارة امرأته أنها أختي لنه كان خائف ا من أن يقول إنها امرأته ظان ا أن أهل‬

‫البلدة يقتلونه بسببها فوجه أبي ملك سلطان فلسطين أناس ا وأخذها( انتهى‪ً.‬ا فهذه العبارة‪) :‬لنه كان‬

‫خائفا من أن يقول إنها امرأته ظانا أن أهل البلدة يقتلونه بسببها( ‪ً.‬ا ل توجد في العبرانية‪ً.‬ا‬

‫)الختلف الحادي والعشرون( توجد في الباب الثلثين من سفر التكوين بعد الية السادسة‬ ‫والثلثين هذه العبارة في السامرية‪) :‬وقال ملك الرب ليعقوب‪ :‬يا يعقوب‪ ،‬فقال لبيك‪ً.‬ا قال الملك‬ ‫ارفع طرفك وانظر إلى التيوس والفحول التي تضرب النعاج والمعز فإنهم بلقاء ومثمرة ومنقطة فقد‬

‫رأيت ما فعل‬

‫) ‪(3/869‬‬

‫بك لبان‪ ،‬أنا إله بيت ايل حيث مسحت قائمة الحجر ونذرت لي نذرا والن قم فاخرج من هذه‬ ‫الرض إلى أرض ميلدك( ول توجد في العبرانية‪ً.‬ا‬

‫)الختلف الثاني والعشرون( توجد بعد الجملة الولى من الية الثالثة من الباب الحادي عشر من‬ ‫سفر الخروج هذه العبارة في النسخة السامرية‪) :‬وقال موسى لفرعون الرب يقول إسرائيل ابني‪ ،‬بل‬ ‫بكري‪ ،‬فقلت لك أطلق ابني ليعبدني وأنت أبيت أن تطلقه‪ ،‬ها أنا ذا سأقتل ابنك بكرك( ول توجد‬ ‫في العبرانية‪ً.‬ا‬ ‫)الختلف الثالث والعشرون( الية السابعة من الباب الرابع والعشرين من سفر العدد في العبرانية‬ ‫هكذا‪) :‬يجري الماء من دلوه وذريته بماء كثير فيتعالى من أجاج ملكه وترفع مملكته( وفي اليونانية‪:‬‬ ‫)ويظهر منه إنسان وهو يحكم على القوام الكثيرة وتكون‬

‫) ‪(3/870‬‬

‫مملكته أعظم من مملكة أجاج وترتفع مملكته( ‪ً.‬ا‬


‫)الختلف الرابع والعشرون( توجد في الية الحادية والعشرين من الباب التاسع من سفر الحبار‬ ‫في العبرانية هذه الجملة‪) :‬كما أمر موسى( وتوجد بدلها في اليونانية والسامرية هذه الجملة‪) :‬كما‬ ‫أمر الرب موسى( ‪ً.‬ا‬ ‫)الختلف الخامس والعشرون( الية العاشرة من الباب السادس والعشرين من سفر العدد في‬ ‫العبرانية هكذا‪) :‬ففتحت الرض فاها وابتلعت قورح في موت الجماعة مع المائتين والخمسين‬ ‫الذين أحرقتهم النار وكانت آية عظيمة( ‪ ،‬وفي السامرية هكذا‪) :‬وابتلعتهم الرض ولما ماتت‬ ‫الجماعة وأحرقت النار قورح مع المائتين والخمسين فصار عبرة( وفي تفسير هنري واسكات‪) :‬إن‬ ‫هذه العبارة مناسبة للسياق والية السابعة عشرة من الزبور المائة والسادس( انتهى‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/871‬‬

‫)الختلف السادس والعشرون( استخرج محققهم المشهور ليكلرك اختلفات بين السامرية‬ ‫والعبرانية وقسمها إلى ستة أقسام‪:‬‬ ‫)القسم الول( الختلفات التي فيها السامرية أصح من العبرانية وهي أحد عشر اختلف ا‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/872‬‬

‫)والقسم الثاني( الختلفات التي تقتضي القرينة والسياق فيها صحة ما في السامرية وهي سبعة‬ ‫اختلفات‪ً.‬ا‬ ‫)والقسم الثالث( الختلفات التي توجد فيها زيادة في السامرية وهي ثلثة عشر اختلف ا‪ً.‬ا‬ ‫)والقسم الرابع( الختلفات التي فيها حرفت السامرية والمحرف محقق فطن‪ ،‬وهي سبعة عشر‬ ‫اختلفا‪ً.‬ا‬ ‫)والقسم الخامس( الختلفات التي فيها السامرية ألطف مضمون ا وهي عشرة اختلفات‪ً.‬ا‬

‫)والقسم السادس( الختلفات التي فيها السامرية ناقصة‪ ،‬وهما اختلفان‪ً.‬ا وتفصيل الختلفات‬

‫المذكورة هكذا‪:‬‬ ‫القسم الول‪ :‬أحد عشر اختلفا ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا القسم الثاني‪ :‬سبعة اختلفات‬


‫في سفر التكوين ‪ 9‬درس ‪ 4‬باب ‪ 2‬و ‪ 3‬باب ‪ 7‬و ‪ 19‬باب ‪ 19‬و ‪ 2‬باب ‪ 20‬و ‪ 16‬باب ‪23‬‬ ‫و ‪ 14‬باب ‪ 34‬و ‪ 10‬و ‪ 11‬باب ‪ 49‬باب ‪ً. 50‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا في سفر الخروج ‪ 2 2‬باب ‪ 1‬و ‪ 2‬باب‬ ‫‪ً. 4‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا في سفر التكوين ‪ 49 6‬باب ‪ 31‬و ‪ 26‬باب ‪ 35‬و ‪ 17‬باب ‪ 37‬و ‪ 34‬و ‪ 43‬باب ‪41‬‬ ‫و ‪ 3‬باب ‪ً. 47‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا في سفر الستثناء ‪ 5 1‬باب ‪32‬‬ ‫القسم الثالث‪ :‬ثلثة عشر اختلفا‬

‫) ‪(3/873‬‬

‫‪ً.‬ا‪ً.‬ا القسم الرابع‪ :‬سبعة عشر اختلفا‬ ‫في سفر التكوين ‪ 15 3‬باب ‪ 29‬و ‪ 36‬باب ‪ 30‬و ‪ 16‬باب ‪ً. 41‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا في سفر الخروج ‪18 7‬‬ ‫باب ‪ 7‬و ‪ 23‬باب ‪ 8‬و ‪ 5‬باب ‪ 9‬و ‪ 20‬باب ‪ 21‬و ‪ 5‬باب ‪ 22‬و ‪ 10‬باب ‪ 32‬و ‪ 9‬باب‬ ‫‪ً. 32‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا في سفر التكوين ‪ 2 13‬باب ‪ 2‬و ‪ 10‬باب ‪ 4‬و ‪ 5‬باب ‪ 9‬و ‪ 19‬باب ‪ 10‬و ‪ 21‬باب‬ ‫‪ 11‬و ‪ 3‬باب ‪ 18‬و ‪ 12‬باب ‪ 19‬و ‪ 16‬باب ‪ 20‬و ‪ 38‬و ‪ 55‬باب ‪ 24‬و ‪ 7‬باب ‪ 35‬و ‪6‬‬ ‫باب ‪ 36‬و ‪ 50‬باب ‪ً. 31‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا في سفر الخروج ‪ 3‬باب ‪ 5‬و ‪ 6‬باب ‪ 13‬و ‪ 5‬باب ‪15‬‬ ‫في سفر الحبار ‪ 10 2‬باب ‪ 1‬و ‪ 4‬باب ‪ً. 17‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا في سفر الستثناء ‪ 21 1‬باب ‪5‬‬ ‫في سفر العدد ‪ 32 1‬باب ‪22‬‬

‫) ‪(3/874‬‬

‫القسم الخامس‪ :‬عشرة اختلفات ‪ً.‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا القسم السادس‪ :‬اختلفان‬ ‫في سفر التكوين ‪ 8 6‬باب ‪ 5‬و ‪ 31‬باب ‪ 11‬و ‪ 9‬باب ‪ 19‬و ‪ 34‬باب ‪ 27‬و ‪ 3‬باب ‪ 39‬و‬ ‫‪ 25‬باب ‪ً. 43‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا في سفر الخروج ‪ 40 2‬باب ‪ 12‬و ‪ 17‬باب ‪ً. 40‬ا‪ً.‬ا‪ً.‬ا في سفر التكوين ‪16 2‬‬ ‫باب ‪ 20‬و ‪ 13‬باب ‪25‬‬


‫في سفر العدد ‪ 14 1‬باب ‪4‬‬ ‫في سفر الستثناء ‪ 16 1‬باب ‪20‬‬

‫) ‪(3/875‬‬

‫قال محققهم المشهور هورن في المجلد الثاني من تفسيره المطبوع سنة ‪) :1822‬إن المحقق‬ ‫المشهور ليكلرك قابل العبرانية بالسامرية بالجد والتدقيق واستخراج هذه المواضع‪ ،‬وفي هذه‬ ‫المواضع للسامرية بالنسبة إلى العبرانية نوع صحة( انتهى‪ً.‬ا‬ ‫ول يظن أحد انحصار مواضع المخالفة بين العبرانية والسامرية في الستين على ما حقق ليكلرك‪،‬‬ ‫لن الختلف الرابع والثامن والعاشر والخامس عشر والسابع عشر والثامن عشر والثاني والعشرين‬ ‫والرابع والعشرين والخامس والعشرين ليست بداخلة في هذه الستين‪ ،‬بل مقصود ليكلرك ضبط‬ ‫المواضع التي فيها مخالفة كثيرة بين النسختين عنده‪ ،‬ولم يدخل في هذه الستين مما ذكرت إل‬ ‫أربعة اختلفات‪ ،‬فإذا أخذنا جميع الختلفات المذكورة في الشواهد الستة والعشرين بعد إسقاط‬ ‫المشترك صار اثنين وثمانين شاهدا من الختلفات التي بين النسخ الثلث للتوراة‪ ،‬فأكتفي عليها‬

‫ول أذكر الختلفات التي بين العبرانية واليونانية بالنسبة إلى الكتب الخرى من العهد العتيق خوفا‬ ‫من التطويل‪ ،‬وهذا القدر يكفي اللبيب‪ً.‬ا وظهر أن قول الطاعن باعتبار النوع‬

‫) ‪(3/876‬‬

‫الثالث أيضا ساقط عن العتبار بمثل سقوطه باعتبار النوعين الولين‪ً.‬ا‬

‫)الشبهة الثالثة( يوجد في القرآن أن الهداية والضلل من جانب ال تعالى‪ ،‬وأن الجنة مشتملة على‬ ‫النهار والحور والقصور‪ ،‬وأن الجهاد على الكفار مأمور به وهذه المضامين قبيحة تدل على أن‬ ‫القرآن ليس كلم ال‪ ،‬وهذه الشبهة أيض ا من أقوى شبههم قلما تخلو رسالة من رسائلهم تكون في‬ ‫رد أهل السلم ول توجد فيها هذه الشبهة‪ ،‬ولهم في بيانها على قدر اختلف أذهانهم تقريرات‬

‫عجيبة يتحير الناظر من تعصباتهم بعد ملحظة هذه التقريرات‪ً.‬ا‬ ‫)أقول( في الجواب عن المر الول أنه قد وقع في مواضع من كتبهم المقدسة أمثال هذا‬


‫المضمون فيلزم عليهم أن يقولوا إن كتبهم المقدسة ليست من جانب ال يقيناا‪ ،‬وأنا أنقل بعض‬ ‫اليات عنها ليظهر الحال للناظر ‪ -‬الية الحادية والعشرون من الباب الرابع من سفر الخروج‬

‫هكذا‪) :‬وقال له الرب وهو راجع إلى مصر انظر جميع العجائب التي وضعتها بيدك أعملها قدام‬ ‫فرعون فأنا أقسي قلبه فل يطلق الشعب( ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/877‬‬

‫ثم قول ال في الية الثالثة من الباب السابع من سفر الخروج هكذا‪) :‬إني أقسي قلب فرعون‬ ‫وأكثر آياتي وعجائبي في أرض مصر( وفي الباب العاشر من سفر الخروج هكذا‪) :1 :‬وقال الرب‬ ‫لموسى ادخل عند فرعون لني قسيت قلبه وقلوب عبيده لكي أصنع به آياتي هذه( ‪) :20‬وقسى‬ ‫الرب قلب فرعون ولم يطلق بني إسرائيل( ‪) :27‬فقسى الرب قلب فرعون ولم يشأ أن يرسلهم(‬ ‫وفي الية العاشرة من الباب الحادي عشر من سفر الخروج هكذا‪) :‬وقسى الرب قلب فرعون فلم‬ ‫يرسل بني إسرائيل من أرضه( فظهر من هذه اليات أن ال كان قد قسى قلوب فرعون وعبيده‬ ‫لتكثير معجزات موسى عليه السلم في أرض مصر‪ً.‬ا‬ ‫والية الرابعة من الباب التاسع والعشرين من كتاب الستثناء هكذا‪) :‬ولم يعطيكم الرب قلبا فهيما‬ ‫ول عيونا تنظرون بها ول آذانا تسمعون بها حتى اليوم( ‪ً.‬ا والية العاشرة من الباب السادس من‬

‫كتاب أشعيا هكذا‪) :‬أعم قلب هذا الشعب وثقل آذانه وغمض عيونه لئل يبصر بعينه ويسمع بأذنه‬ ‫ويفهم بقلبه ويتوب فأشفيه( ‪ً.‬ا والية الثامنة من الباب الحادي عشر من الرسالة الرومية هكذا‪:‬‬

‫)كما هو مكتوب أعطاهم ال روح سبات وعيونا ل يبصرون بها وآذانا ل يسمعون بها حتى اليوم( ‪ً.‬ا‬ ‫وفي الباب الثاني عشر من إنجيل يوحنا هكذا‪) :‬لم يقدروا أن يؤمنوا لن‬

‫) ‪(3/878‬‬

‫أشعيا قال أيض ا قد عمى عيونهم وأغلظ قلوبهم لئل يبصروا بعيونهم ويشعروا بقلوبهم ويرجعوا‬

‫فأشفيهم( فعلم من التوراة وكتاب أشعيا والنجيل أن ال أعمى عيون بني إسرائيل وأغلظ قلوبهم‬ ‫وأثقل آذانهم لئل يتوبوا فيشفيهم فلذلك ل يبصرون الحق ول يتفكرون فيه ول يسمعونه‪ ،‬ول يزيد‬

‫معنى ختم ال على القلوب والسمع على هذا‪ً.‬ا والية السابعة عشرة من الباب الثالث والستين من‬


‫كتاب أشعيا في الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪ 1671‬وسنة ‪ 1831‬وسنة ‪ 1844‬هكذا‪) :‬لماذا‬ ‫أضللتنا يا رب عن طرقك أقسيت قلوبنا أن ل نخشاك فالتفت بسبب عبيدك سبط ميراثك( ‪ً.‬ا‬ ‫والية التاسعة من الباب الرابع عشر من كتاب حزقيال في التراجم المسطورة هكذا‪) :‬والنبي إذا‬ ‫ضل وتكلم بكلم فأنا الرب أضللت ذلك النبي وأمد يدي عليه وأهلكه من بين شعبي إسرائيل(‬ ‫فوقع في كلم أشعيا صراحة‪) :‬أضللتنا يا رب وأقسيت قلوبنا( وفي كلم حزقيال‪) :‬أنا الرب أضللت‬ ‫ذلك النبي( ‪ً.‬ا‬ ‫وفي الباب الثاني والعشرين من سفر الملوك الول هكذا‪) :19 :‬ثم قال ميخا أيض ا من أجل هذا‬

‫فاسمع قول الرب‪ :‬رأيت الرب جالسا على كرسيه وجميع أجناد السماء قياما حوله عن يمينه وعن‬

‫شماله( ‪) :20‬فقال الرب من يخدع أخاب ملك إسرائيل فيصعد ليسقط تراموث جلعاد وقال‬ ‫بعضهم قولا‬

‫) ‪(3/879‬‬

‫وقال بعضهم قويل أخر( ‪) :21‬فخرج روح وقام قدام الرب وقال أنا أخدعه فقال له الرب بماذا(‬ ‫‪) : 22‬فقال أنا أخرج فأكون روح ضللة في أفواه جميع أنبيائه‪ ،‬فقال له الرب تخدع وتقدر على‬ ‫ذلك اخرج وافعل وكذلك( ‪) :23‬والن قد جعل الرب روح ضللة في أفواه جميع أنبيائك( وكانوا‬ ‫نحو أربعمائة )هؤلء والرب قال عليك بالشر( وهذه الرواية صريحة في أن ال تعالى يجلس على‬ ‫كرسيه وينعقد عنده محفل المشاورة للغواء والخدع )كما ينعقد محفل بارلمنت في لندن لجل‬ ‫بعض أمور السلطنة( فيحضر جميع أجناد السماء‪ ،‬فبعد المشاورة يرسل روح الضللة فيقع هذا‬ ‫الروح في الفواه ويضل الناس‪ً.‬ا فانظر أيها اللبيب إذا كان ال وأجناد السماء يريدون إغواء النسان‬ ‫فكيف ينجو النسان الضعيف‪ ،‬وههنا عجب آخر وهو أن ال شاور وأرسل روح الضللة بعد‬ ‫المشاورة ليخدع أخاب فكيف أظهر ميخا الرسول سر محفل الشورى ونبه أخاب عليه‪ً.‬ا‬ ‫وفي الباب الثاني من الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيقي هكذا‪) :11 :‬ولجل هذا( أي لعدم قبولهم‬ ‫محبة الحق )سيرسل إليهم عمل الضلل حتى يصدقوا‬

‫) ‪(3/880‬‬


‫الكذب( ‪) :34‬لكي يدان جميع الذين لم يصدقوا الحق بل سروا بالثم( ‪ً.‬ا فمقدسهم ينادي أن ال‬ ‫يرسل إلى الهالكين عمل الضلل أولا فيصدقون الكذب فيدينهم‪ ،‬وإذا فرغ المسيح عليه السلم‬ ‫من توبيخ المدن التي لم يتب أهلها فقال‪) :‬أحمدك أيها الب رب السماء والرض لنك أخفيت‬

‫هذه عن الحكماء والفهماء وأعلنتها للطفال‪ ،‬نعم أيها الب لن هكذا صارت المسرة أمامك( كما‬ ‫هو مصرح في الباب الحادي عشر من إنجيل متى‪ ،‬فالمسيح عليه السلم يصرح بأن ال أخفى‬ ‫الحق عن الحكماء فأظهره للطفال ويحمد على هذا المر ويقول وكان رضا ال هكذا‪ ،‬والية‬ ‫السابعة من الباب الخامس والربعين من كتاب أشعيا في الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪1671‬‬ ‫وسنة ‪ 1831‬هكذا‪) :‬المصور النور والخالق الظلمة الصانع السلم والخالق الشر أنا الرب الصانع‬ ‫هذه جميعها( ‪ً.‬ا‬ ‫وفي الترجمة الفارسية المطبوعة سنة ‪ 1838‬هكذا‪) :‬سازنده نور وافر يننده تاريكي منم صلح‬ ‫دهنده وظاهر كننده شر منكه خداوندم ابن همه أشيار بوجود مي آرام( وفي الية الثامنة والثلثين‬ ‫من الباب الثالث من مراثي أرمياء هكذا‪) :‬أمن فم الرب ل يخرج الشر والخير( وفي الترجمة‬ ‫الفارسية المطبوعة سنة ‪) :1838‬آياخير وشرازدهان خداصادر نمي شود( والستفهام إنكاري‬ ‫والمراد أن الخير والشر كلهما يصدران عن ال تعالى‪ً.‬ا وفي الية الثانية عشرة من الباب الول من‬ ‫كتاب ميخا في التراجم المذكورة هكذا‪ :‬فإن الشر نزل من قبل الرب إلى باب أورشليم( ‪ً.‬ا وفي‬ ‫الترجمة الفارسية المطبوعة سنة ‪) :1838‬أما هربدي بردر وازه أورشليم أزخد أوندنازل شد( فظهر‬ ‫أن خالق الشر هو ال تعالى كما هو خالق الخير‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/881‬‬

‫وفي الباب الثامن من الرسالة الرومية هكذا‪) :29 :‬لن الذين عرفهم بسبق علم قصدهم أن يكونوا‬ ‫شركاء لشبه ابنه ليكون هو بكر الخوة كثيرين( ‪) :30‬والذين سبق فعينهم فهؤلء دعاهم أيضاا( الخ‬

‫وفي الباب التاسع من الرسالة المذكورة ‪) :11‬وهما لم يولدا بعد ول فعلا خيرا وشرا لكي يثبت‬

‫قصد ال حسب الختيار ليس من العمال بل من الذي يدعو( ‪) :12‬قيل لها إن الكبير يستعبد‬

‫للصغير( ‪) :13‬كما هو مكتوب أحببت يعقوب وأبغضت عيسو( ‪) :14‬فإذا نقول ألعل عند ال‬ ‫ظلم ا حاشا( ‪) :15‬لنه يقول لموسى ارحم من أرحم وترأف على من أترأف( ‪) :16‬فإذن ليس لمن‬


‫يشأ ول لمن يسعى بل ال الذي يرحم( ‪) :17‬لنه يقول الكتاب لفرعون إني لهذا بعينه أقمتك‬ ‫لكي أظهر فيك قوتي ولكي ينادي‬

‫) ‪(3/882‬‬

‫باسمي في كل الرض( ‪) :18‬فإذن هو يرحم من يشاء ويقسي من يشاء( ‪) :19‬فستقول لي‪ :‬لماذا‬ ‫يلوم بعد لن من يقاوم مشيئته( ‪) :20‬بل من أنت أيها النسان الذي تجاوب ال ألعل الجبلة تقول‬ ‫لجابلها لماذا صنعتني هكذا؟( ‪) :21‬أم ليس للخزاف سلطان على الطين أن يصنع من كتلة واحدة‬ ‫إناء للكرامة وآخر للهوان( فهذه العبارة من مقدسهم كافية لثبات القدر‪ ،‬وكون الهداية والضلل‬ ‫من جانبه‪ً.‬ا‬ ‫ولنعم ما قال أشعيا عليه السلم في الية التاسعة من الباب الخامس والربعين من كتابه‪) :‬الويل‬ ‫لمن يخالف جابلة خزف من خزاف الرض هل يقول الطين لجابله ماذا تصنع هل يقول عملك‬ ‫ليس اليدان لك( وبالنظر إلى هذه اليات لعل مقتدى فرقة بروتستنت لو طرمال إلى الجبر كما يدل‬ ‫عليه ظاهر كلمه ذكر في الصفحة ‪ 277‬من المجلد التاسع من كاثلك هرلد أقوال المقتدى‬ ‫الممدوح فأنقل عنها قولين‪) 1 :‬طبع النسان كالفرس إن ركبه ال يمشي كما يريد وإن ركبه‬ ‫الشيطان يمشي كما يمشي الشيطان‪ ،‬وهو ل يختار راكبا من نفسه بل يجتهد الركبان أن أيا منهم‬

‫يحصله ويتسلط عليه( ‪) 2‬إذا وجد أمر في الكتب المقدسة بأن افعلوا هذا المر فافهموا أن هذه‬ ‫الكتب تأمر عدم فعل هذا المر الحسن لنك ل تقدر على فعله( انتهى‪ً.‬ا فالظاهر من كلمه أنه‬ ‫يعتقد الجبر‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/883‬‬

‫وقال القسيس طامس أنكلس كاتلك في الصفحة ‪ 33‬من كتابه المسمى بمرآة الصدق المطبوع‬ ‫سنة ‪ 1851‬طاعن ا على فرقة بروتستنت هكذا‪) :‬وعاظهم القدماء علموهم هذه القوال المكروهة(‬ ‫‪) 1‬أن ال موجد العصيان( ‪) 2‬وأن النسان ليس مختارا على أن يجتنب عن الثم( ‪) 3‬وأن العمل‬ ‫على الحكام العشرة غير ممكن( ‪) 4‬وأن الكبائر وإن كانت عظيمة ل توصل النسان إلى النقص‬

‫في نظر ال( ‪) 5‬وأن اليمان فقط ينجي النسان لننا ندان باليمان فقط وهذا التعليم أنفع وتعليم‬


‫مملوء بالطمأنينة( ‪) 6‬وأن أب إصلح الدين يعني لوطر قال آمنوا فقط واعلموا يقينا أنه يحصل‬

‫لكم النجاة بل مشقة الصوم وبل مؤنة التقوى وبل مشقة العتراف وبل مشقة المور الحسنة ولكم‬ ‫نجاة نفيسة بل شبهة كما للمسيح نفسه أذنبوا بالجرأة التامة أذنبوا وآمنوا فقط وينجيكم باليمان‬ ‫وإن ابتليتم في يوم واحد ألف مرة بالزنا أو القتل آمنوا فقط أنا أقول إن إيمانكم ينجيكم( انتهى‪ً.،‬ا‬

‫) ‪(3/884‬‬

‫فظهر أن ما قال علماء بروتستنت في المر الول في حق القرآن مردود بل شبهة مخالف لكتبهم‬ ‫المقدسة‪ ،‬ولقول مقتداهم‪ :‬ول يلزم من خلق الشر أن يكون ال شريرا كما ل يلزم من خلق السواد‬

‫والبياض وغيرهما من العراض أن يكون أسود أو أبيض‪ ،‬والحكمة في خلق الشر كما هي في خلق‬

‫الشيطان الذي هو أصل الشرور ورأس المفاسد مع علم ال الزلي بأن الشيطان يصدر عنه كذا‬ ‫وكذا‪ ،‬وكما هي في خلق الشهوة والحرص في طبع النسان مع علمه الزلي بما يترتب عليهما في‬ ‫كل فرد من أفراد النسان وكما كان ال قادرا على أن ل يخلق الشيطان أو يخلقه ول يعطيه القدرة‬ ‫على الغراء ويمنعه عن الشر‪ ،‬ومع ذلك خلق ولم يمنعه عن الشر لحكمة ما‪ ،‬فكذلك قادر على‬

‫أن ل يخلق الشر ولكنه في خلقه له حكمة ما‪ً.‬ا‬ ‫)وأما الجواب عن المر الثاني( فهو أنه ل قبح في كون الجنة مشتملة على الحور والقصور وسائر‬ ‫النعيم عند العقل‪ ،‬ول يقول أهل السلم إن لذات الجنة مقصورة على اللذات الجسمانية فقط كما‬ ‫يقول علماء بروتستنت غلط ا أو تغليط ا للعوام‪ ،‬بل يعتقدون بنص القرآن أن الجنة تشتمل على‬

‫اللذات الروحانية والجسمانية‪ ،‬والولى أفضل من الثانية ويحصل كل النوعين للمؤمنين‪ً.‬ا قال ال في‬

‫سورة التوبة‪} :‬وعد ال المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها النهار خالدين فيها ومساكن‬ ‫طيبة في جنات عدن ورضوان من ال أكبر ذلك هو الفوز العظيم{ً فقوله ورضوان من ال ‪ -‬الية‬ ‫‪ -‬معناه أن رضوان ا من ال أكبر‬

‫) ‪(3/885‬‬

‫منزلة من كل ما سلف ذكره من الجنات والنهار والمساكن الطيبة وهذا القول يدل على أن أفضل‬ ‫ما يعطي ال في الجنة هي اللذات الروحانية وإن كان يعطي اللذات الجسمانية أيض ا‪ً.‬ا ولذلك قال‬


‫ذلك هو الفوز العظيم‪ ،‬لن النسان مخلوق من جوهرين لطيف علوي وكثيف سفلي جسماني‪،‬‬ ‫وانضم إليهما حصول سعادة وشقاوة‪ ،‬فإذا حصلت الخيرات الجسمانية وانضم إليها حصول‬ ‫السعادات الروحانية‪ ،‬كان الروح فائزا بالسعادات اللئقة به والجسد واصلا إلى السعادات اللئقة‬ ‫به‪ ،‬ول شك أن ذلك هو الفوز العظيم‪ ،‬وإن قال علماء بروتستنت إن اجتماعهما أيض ا في الجنة‬ ‫قبيح في عقولنا‪ً.‬ا أقول لهم ل تضطربوا فإنه ل يحصل لكم إن شاء ال‪ ،‬وقد عرفت في الباب‬

‫الول أن النجيل عندنا عبارة عما أنزل على عيسى عليه السلم فقط‪ ،‬فلو وجد في قول من‬ ‫القوال المسيحية ما يخالف ظاهره حكم القرآن‪ ،‬فمع قطع النظر عن أنه مروي برواية الحاد‪،‬‬ ‫وعن أن مخالفة كتبهم المقدسة ل تضر القرآن‪ ،‬كما عرفت في جواب الشبهة الثانية‪ً.‬ا‬ ‫أقول إن ذلك القول يكون مئولا ألبتة‪ ،‬وكون أهل الجنة كالملئكة في زعمهم ل ينافي الكل‬

‫والشرب على حكم كتبهم‪ ،‬أل يرون أن الملئكة الثلثة الذين ظهروا لبراهيم وأحضر لهم إبراهيم‬

‫عليه السلم عجلا حنيذا وسمن ا ولبن ا أكلوا هذه الشياء كما صرح به في الباب الثامن عشر من‬ ‫سفر التكوين‪ ،‬وأن‬

‫) ‪(3/886‬‬

‫الملكين اللذين جاءا إلى لوط عليه السلم وصنع لهما وليمة وخبزا فطيرا أكل كما صرح به في‬

‫الباب التاسع عشر من سفر التكوين‪ ،‬والعجب أنهم لما اعترفوا بالحشر الجسماني فأي استبعاد‬

‫في اللذات الجسمانية‪ ،‬نعم لو كانوا منكرين للحشر مطلق ا كمشركي العرب‪ ،‬أو كانوا منكرين‬ ‫للحشر الجسماني ومعترفين بالحشر الروحاني كاتباع أرسطو لكان لستبعادهم وجه بحسب‬

‫الظاهر‪ً.‬ا وعندهم تجسد ال وما انفك عنه الكل والشرب وسائر اللوازم الجسدانية باعتبار أنه‬ ‫إنسان‪ ،‬ولما لم يكن عيسى عليه السلم مرتاض ا مثل يحيى في الجتناب عن الطعمة النفسية‬

‫وشرب الخمر كان المنكرون يطعنون عليه بأنه أكول وشريب كما هو مصرح به في الباب الحادي‬

‫عشر من إنجيل متى‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/887‬‬


‫وعندنا هذا الطعن مردود لكنا نقول إنه ل شك أن عيسى عليه السلم باعتبار الجسمية كان إنسانا‬ ‫فقط‪ ،‬فكما أن الطعمة النفيسة وشرب الخمر ما كانا مانعين في حقه عليه السلم عن اللذات‬ ‫الروحانية مع كونه في هذه الدار الدنيا بل كان على حضرته غلبة الحكام الروحانية‪ ،‬فكذلك‬ ‫اللذات الجسمانية ل تكون مانعة عن اللذات الروحانية لهل الجنة مع كونهم في النشأة الخرى‪ً.‬ا‬ ‫)وأما الجواب عن المر الثالث( فيجيء في الباب السادس إن شاء ال لن الجهاد في مطاعن‬ ‫النبي صلى ال عليه وسلم عندهم من أعظم المطاعن فأذكره في المطاعن هناك‪ً.‬ا‬ ‫)الشبهة الرابعة( أن القرآن ل يوجد فيه ما يقتضيه الروح ويتمناه‪ً.‬ا )والجواب( أن ما يقتضيه الروح‬ ‫ويمتناه أمران‪ :‬العتقادات الكاملة والعمال الصالحة‪ ،‬والقرآن مشتمل على بيان كل النوعين على‬ ‫أكمل وجه كما عرفت في جواب الشبهة الولى‪ ،‬ول يلزم من عدم بعض المور التي هي مقتضيات‬ ‫الروح على زعم علماء بروتستنت نقصان القرآن كما ل يلزم نقصان التوراة والنجيل والقرآن من‬ ‫عدم المر الذي هو مقتضى الروح على زعم علماء مشركي الهند من البراهمة‪ ،‬كما سمعت منهم‬ ‫أنهم يقولون إن ذبح الحيوان لجل الكل والتلذذ خلف مقتضى الروح وغير مستحسن عند العقل‬ ‫جداا‪ ،‬ول يتصور أن يحصل له الجازة فيه من جانب ال‪ ،‬فالكتاب المشتمل عليه ل يكون من‬ ‫جانب ال‪ً.‬ا‬

‫)الشبهة الخامسة(‬

‫) ‪(3/888‬‬

‫ل‪ ،‬قوله‪} :‬ل إكراه في الدين{ً وقوله في سورة الغاشية‪:‬‬ ‫يوجد في القرآن الختلفات المعنوية مث ا‬ ‫}فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر{ً وقوله في سورة النور‪} :‬قل أطيعوا ال وأطيعوا‬

‫الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما دحرمل وعليكم ما دحرملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إل‬ ‫البلغ المبين{ً ‪ً.‬ا وهذه اليات تخالف اليات التي فيها أمر الجهاد‪ً.‬ا ووقع في أكثر اليات أن‬

‫المسيح إنسان ورسول فقط‪ ،‬ووقع في موضع بضدها أنه ليس من جنس البشر بل منزلته أعلى منه‪ً.‬ا‬ ‫الول قوله في سورة النساء‪} :‬إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول ال وكلمته ألقاها إلى مريم وروح‬ ‫منه{ً والثاني قوله في سورة التحريم‪} :‬ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا{ً‬ ‫وهذان الختلفان من أعظم الختلفات في زعم القسيسين ولذا اكتفى عليهما صاحب ميزان‬ ‫الحق في الفصل الثالث من الباب الثالث منه‪ً.‬ا )وأقول( في الجواب عن الختلف الول أن هذا‬


‫ليس باختلف‪ ،‬بل هذا الحكم كان قبل الجهاد فلما نزل حكم الجهاد نسخ هذا الحكم‪ ،‬والنسخ‬ ‫ليس باختلف معنوي وإل يلزم أن يكون بين النجيل والتوراة في جميع الحكام المنسوخة‬ ‫اختلف معنوي‪ ،‬وكذا في نفس أحكام التوراة وكذا في نفس أحكام النجيل كما عرفت في الباب‬ ‫الثالث بما ل مزيد عليه‪ ،‬على أن‬

‫) ‪(3/889‬‬

‫قوله تعالى‪} :‬ل إكراه في الدين{ً ليس بمنسوخ وقد عرفت الجواب عن الختلف الثاني في المر‬ ‫السابع من مقدمة الكتاب وظهر لك هناك أن القولين المذكورين ل يدلن على أن عيسى بن مريم‬ ‫ليس من جنس البشر وفهم هذا المعنى وهم صرف وظن فاسد‪ ،‬والعجب من هؤلء العقلء أنهم ل‬ ‫يرون الختلفات والغلط التي وقعت في كتبهم كما علمت بعضا منها في الفصل الثالث من‬

‫الباب الول‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/890‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬في إثبات صحة الحاديث النبوية في كتب الصحاح من كتب أهل السنة والجماعة‪ً.‬ا‬ ‫وهذا الفصل مشتمل على ثلث فوائد‪:‬‬ ‫)الفائدة الولى( جمهور أهل الكتاب من اليهود والمسيحيين كانوا يعتبرون سلفا وخلفا الروايات‬ ‫اللسانية كالمكتوب‪ ،‬بل جمهور اليهود يعتبرونها اعتبارا أزيد من المكتوب‪ ،‬وفرقة كتلك تعتبرها‬

‫مساوية له وتعتقد أن كليهما واجبا التسليم وأصلن لليمان وجمهور بروتستنت من المسيحيين‬ ‫أنكروها كما أنكرها الصادوقيون من فرقة اليهود‪ ،‬وهؤلء المنكرون من بروتستنت كانوا مضطرين‬ ‫في إنكارها‪ ،‬لنهم لو لم ينكروها لما أمكن لهم بيان أصول ملتهم وعقائدهم الجديدة‪ ،‬لكنهم مع‬ ‫ذلك يحتاجون إليها في مواضع كثيرة ويوجد سند اعتبارها من كتبهم المقدسة‪ ،‬كما سيظهر لك‬

‫جميع هذه المور إن شاء ال تعالى‪ً.‬ا‬ ‫قال آدم كلرك في شرح ديباجة كتاب عزرا في المجلد الثاني من تفسيره المطبوع سنة ‪:1751‬‬ ‫)قانون اليهود كان منقسما على نوعين‪ ،‬مكتوب ويقولون له التوراة‪ ،‬وغير مكتوب ويقولون له‬ ‫الروايات اللسانية التي وصلت إليهم بوساطة المشايخ‪ ،‬ويدعون أن ال كان أعطى موسى كل‬


‫) ‪(3/891‬‬

‫النوعين على جبل الطور فوصل إلينا أحدهما بواسطة الكتابة وثانيهما بواسطة المشايخ بأن نقلوها‬ ‫جي لا بعد جيل‪ ،‬ولهذا يعتقدون أن كليهما مساويان في المرتبة ومن جانب ال وواجبا التسليم‪ ،‬بل‬ ‫يرجحون الثاني ويقولون إن القانون المكتوب ناقص مغلق في كثير من المواضع‪ ،‬ول يمكن أن‬

‫يكون أصل اليمان على الوجه الكامل بدون اعتبار الرواية اللسانية‪ ،‬وهذه الرواية واضحة وأكمل‪،‬‬ ‫وتشرح القانون المكتوب وتكمله‪ ،‬ولهذا يردون معاني القانون المكتوب إذا كانت مخالفة للروايات‬ ‫اللسانية‪ ،‬واشتهر فيما بينهم أن العهد المأخوذ من بني إسرائيل ما كان لجل القانون المكتوب‪ ،‬بل‬ ‫كان لجل هذه الروايات اللسانية‪ ،‬فكأنهم بهذه الحيلة نبذوا القانون المكتوب وجعلوا الروايات‬ ‫اللسانية مبنى دينهم وإيمانهم‪ ،‬كما أن الرومانيين الكاتوليكيين في ملتهم اختاروا هذه الطريقة‬ ‫ويفسرون كلم ال على حسب هذه الروايات‪ ،‬وإن كان هذا المعنى الروايتي مخالف ا لمواضع كثيرة‪،‬‬ ‫ووصلت حالتهم في زمان ربنا إلى مرتبة ألزمهم الرب في هذا المر بأنهم يبطلون كلم ال لجل‬

‫سنتهم‪ ،‬ومن عهد الرب أفرطوا فيه جدا حتى عظموا هذه الروايات أزيد من المكتوب‪ً.‬ا وفي كتبهم‬ ‫أن ألفاظ المشايخ أحب من ألفاظ التوراة وألفاظ التوراة بعضها جيدة وبعضها غير جيدة‪ ،‬وألفاظ‬

‫المشايخ كلها جيدة‪ ،‬وألفاظهم أجود جدا من ألفاظ النبياء‪ً.‬ا‬

‫ومرادهم بألفاظ المشايخ هذه الروايات اللسانية التي وصلت إليهم بواسطة المشايخ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/892‬‬

‫وأيض ا في كتبهم أن المكتوب كالماء ومسنا وطالموت الذين رواياتهم مضبوطة فيهما مثل الخمر‬

‫ذات الباريز‪ ،‬وأيض ا في كتبهم أن القانون المكتوب كالملح ومسنا وطالموت مثل الفلفل والبازير‬ ‫العذبة ومثلها أقوال أخر يعلم منها أنهم يعظمون الروايات اللسانية أزيد من القانون المكتوب‬

‫ويفهمون كلم ال على ما يفهم شرحه من هذه الروايات فكان القانون المكتوب عندهم بمنزلة‬ ‫الجسد الميت والروايات اللسانية بمنزلة الروح الذي به الحياة‪ ،‬ويقولون في كون هذه الروايات‬ ‫أصلا أن ال لما أعطى موسى التوراة فأعطاه معاني التوراة أيض ا وأمر أن يكتب الول ويحفظ الثاني‬ ‫ويبلغه بالرواية اللسانية فقط‪ ،‬وهكذا تنقل جيل بعد جيل‪ ،‬ولذلك يطلقون على الول لفظ القانون‬


‫المكتوب وعلى الثاني لفظ القانون اللساني‪ ،‬والفتاوى التي تكون مطابقة لهذه الروايات يسمونها‬ ‫قوانين موسى التي حصلت على جبل سيناء ويدعون كما أن موسى حصل له التوراة في الربعين‬ ‫يوم ا التي كانت المكالمة بينه وبين ال على جبل سيناء‪ ،‬فكذلك حصلت له هذه الروايات اللسانية‬

‫أيض ا وجاء بهما موسى من الجبل وبلغهما إلى بني إسرائيل بأن طلب هارون في الخيمة بعد ما‬ ‫راجع عن الجبل فعلمه القانون المكتوب أولا ثم الروايات اللسانية التي هي معاني القانون‬

‫المكتوب كما وجدهما من ال وقام هارون بعد ما تعلم وجلس على يمين موسى ودخل العازار‬ ‫وأيتامار ابنا هارون وتعلما كما تعلم أبوهما‪ ،‬وقال فجلس أحدهما على يسار موسى والخر على‬ ‫يمين هارون فدخل المشايخ السبعون وتعلموا القانونين وجلسوا في الخيمة‪ ،‬ثم تعلم الناس الذين‬ ‫كانوا مشتاقين للتعلم‪ ،‬ثم قام موسى وقرأ هارون ما تعلم وقام‪ ،‬ثم قرأ العازار وايتامار وقام ثم قرأ‬

‫المشايخ‬ ‫السبعون ما تعلموا على الناس فسمع كل من هؤلء الناس هذا القانون أربع مرات وحفظوا حفظ ا‬ ‫جيدا ثم أخبر هؤلء بعد ما خرجوا سائر بني إسرائيل فبلغوا‬

‫) ‪(3/893‬‬

‫القانون المكتوب بواساطة الكتابة وبلغوا معانيها بالرواية إلى الجيل الثاني‪ ،‬وكانت الحكام في‬ ‫المتن المكتوب ستمائة وثلثة عشر فقسموا القانون بحسبها ويقولون إن موسى جمع بني إسرائيل‬ ‫كلهم في أول الشهر الحادي عشر من السنة الربعين من خروج مصر وأخبرهم بموته‪ ،‬وأمر بأن‬ ‫أحدا إن نسي قولا من القانون اللهي الذي وصل بواسطتي إليه يجيء إلي ويسألني وكذلك إن كان‬ ‫لحد اعتراض على قول من أقوال القانون يجيء إلي لرفع ذلك العتراض وكان مشتغلا بالتعليم‬ ‫إلى حياته الباقية يعني من أول الشهر الحادي عشر إلى السادس من الشهر الثاني عشر وعن‬

‫القانون المكتوب وغير المكتوب وأعطى بني إسرائيل من القانون المكتوب ثلث عشرة نسخة‬ ‫مكتوبة بيده بأن أعطى كل فرقة فرقة نسخة نسخة لتبقى محفوظة فيما بينهم جيلا بعد جيل‪،‬‬

‫وأعطى بني لوى نسخة أخرى أيضا لتبقى محفوظة أيضا في الهيكل وقرأ القانون الغير المكتوب‬ ‫أعني الروايات اللسانية على يوشع‪ً.‬ا‬

‫وصعد على جبل نبو في اليوم السابع من الشهر ومات هناك وفوض يوشع بعد موت موسى هذه‬ ‫الروايات إلى المشايخ وهم فوضوا إلى النبياء فكان نبي يوصلها إلى نبي آخر إلى أن أوصل أرمياء‬


‫إلى باروخ وباروخ إلى عذرا وعذرا إلى مجمع العلماء الذين كان شمعون صادق آخرهم وهو أوصل‬ ‫إلى اينيتي كونوس وهو إلى يوثي بن يختان وهو إلى يوسي بن يوسير وهو إلى نتهان الريلي ويوشع‬ ‫بن برخيا وهما إلى يهودا بن‬

‫) ‪(3/894‬‬

‫يحيى وشمعون بن شطاه‪ ،‬وهما إلى شمايا وأبي طليون وهما إلى هلل وهو إلى ابنه شمعون‪،‬‬ ‫والمظنون أن شمعون هذا هو شمعون الذي أخذ ربنا المنجي على اليدين إذ جاءت مريم به إلى‬ ‫الهيكل بعد ما تمت أيام تطهيرها وهو أوصل إلى كملئيل ابنه وكملئيل هذا هو الذي تعلم منه بولس‬ ‫وهو أوصل إلى شمعون ابنه وهو إلى كملئيل ابنه وهو إلى شمعون ابنه وهو إلى رب يهودا حق‬ ‫دوش ابنه‪ ،‬وجمع يهودا هذا هذه الروايات في كتاب سماه مسنا انتهى‪ً.‬ا‬ ‫)ثم قال إن اليهود يعظمون هذا الكتاب تعظيما بليغا ويعتقدون أن ما فيه هو كله من جانب ال‬

‫أوحى إلى موسى على جبل سيناء مثل القانون المكتوب ولهذا هو واجب التسليم مثله ومنذ صنف‬

‫هذا الكتاب صار رائج ا بينهم رواج ا تام ا بالدرس والتدريس‪ ،‬وكتب عليه علماؤهم الكبار شرحين‬

‫أحدهما في القرن الثالث في أورشليم والثاني في ابتداء القرن السادس في بابل واسم كل من هذين‬

‫الشرحين كمرالن‪ ،‬معنى كمرا في اللغة الكمال‪ ،‬وقد حصل التوضيح التام للمتن في هذين‬ ‫الشرحين في ظنهم وإذا جمع الشرح والمتن يقال لهذا المجموع طالموت ويقال للتمييز طالموت‬ ‫أورشليم وطالموت بابل‪ ،‬وكان مذهبهم‬

‫) ‪(3/895‬‬

‫الرائج الن كله مندرجا في هذين الطالموتين اللذين كتب النبياء خارجة عنهما ولما كان طالموت‬

‫أورشليم مغلق ا فلذلك الن اعتبار طالموت بابل عندهم زائد( انتهى وقال هورن في الباب السابع‬

‫من الحصة الولى من المجلد الثاني من تفسيره المطبوع سنة ‪) :1822‬مسنا كتاب مشتمل على‬ ‫روايات اليهود المختلفة وشروح متون الكتب المقدسة‪ ،‬وظنهم في حقه ان ال لما أعطى موسى‬

‫التورات على جبل طور سيناء أعطاه هذه الروايات أيضا في ذلك الحين ووصلت من موسى إلى‬

‫هارون والعازار ويوشع ومنهم إلى النبياء الخرين ومن هؤلء النبياء إلى المشايخ الخرين وهكذا‬


‫وصلت من جيل إلى جيل إلى أن وصلت إلى شمعون وهذا شمعون هو شمعون الذي أخذ ربنا‬ ‫المنجي على يديه ووصلت منه إلى كملئيل ومنه إلى يهودا حق دوش أي المقدس وهو جمعها في‬ ‫آخر القرن الثاني بمشقة في أربعين سنة في كتاب‪ ،‬وهذا الكتاب من هذا الوقت بطن ا بعد بطن‬

‫مستعمل في اليهود وكثيرا ما يكون عزة هذا الكتاب زائدا على القانون المكتوب( انتهى‪ً.‬ا‬

‫)ثم قال على مسنا شرحان يسمى كل منهما كمرا أحدهما كمر أورشليم الذي كتب في أورشليم‬ ‫على رأي بعض المحققين في القرن الثالث وعلى رأي فادرمون في القرن الخامس والثاني كمرا بابل‬ ‫الذي كتب في القرن السادس في بابل‪ ،‬وكمرا هذا مملوء بالحكايات الواهية لكنه عند اليهود معتبر‬ ‫عظيم ودرسه وتدريسه رائجان فيهم‪ ،‬ويرجعون إليه في كل مشكل مذعنين بأنه مرشد لهم‪ ،‬ويقال‬ ‫كمرا لن معنى كمرا الكمال‪ ،‬وظنهم أن هذا الشرح كمال التوراة ول يمكن أن يكون شرح أفضل‬

‫منه‪ ،‬ول حاجة إلى شرح آخر‪ ،‬وإذا انضم بالمتن كمرا أورشليم يقال للمجموع طالموت أورشليم‬ ‫وإذا انضم به كمرا بابل يقال للمجموع طالموت بابل(‬

‫) ‪(3/896‬‬

‫انتهى‪ ،‬فظهر من تحرير هذين المفسرين أربعة أشياء‪:‬‬ ‫)الول( أن اليهود يعتبرون الرواية اللسانية كالتوراة بل كثيرا ما يعظمونها تعظيما زائدا عليه ويفهمون‬ ‫أنها بمنزلة الروح والتوراة بمنزلة الجسد وإذا كان حال التوراة هكذا فكيف حال الكتب الخر‪ً.‬ا‬

‫)والثاني( أن هذه الروايات جمعها يهودا حق دوش في آخر القرن الثاني وكانت محفوظة بالحفظ‬ ‫اللساني إلى ألف وسبعمائة سنة‪ ،‬ووقع على اليهود في أثناء هذه المدة آفات عظيمة ودواهي‬ ‫جسيمة مثل حادثة بخت نصر‬

‫) ‪(3/897‬‬

‫وانيتوكس وطيطوس وغيرها بحيث انقطع التواتر في هذه الحوادث وضاعت الكتب كما عرفت في‬ ‫الباب الثاني‪ ،‬ومع ذلك عندهم اعتبارها أزيد من التوراة‪ً.‬ا‬ ‫)والثالث( أن هذه الروايات في أكثر الطبقات مروية برواية واحد واحد مثل كلمئيل الول والثاني‬ ‫شمعون الثاني والثالث‪ ،‬وهؤلء ما كانوا من النبياء عند اليهود وكانوا عند المسيحيين من أشد‬


‫الكفار المنكرين للمسيح ومع ذلك هذه الروايات عند اليهود مبنى اليمان وأصل العقائد وعندنا‬ ‫الحديث الصحيح المروي برواية الحاد ل يكون مبنى العقائد‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/898‬‬

‫)والرابع( أن كمرا بابل لما كتب في القرن السادس فحكاياته الواهية على قول هورن كانت محفوظة‬ ‫بالرواية اللسانية فقط إلى مدة هي أزيد من ألفين‪ ،‬فإذا عرفت حال اليهود باعتراف محققي فرقة‬ ‫بروتستنت فاعلم الن حال جمهور القدماء المسيحية‪ً.‬ا قال يوسي بيس الذي تاريخه معتبر عند‬ ‫علماء كاتلك وبروتستنت في الباب التاسع من الكتاب الثاني من تاريخه المطبوع سنة ‪ 1848‬في‬ ‫الصفحة ‪ 87‬في بيان حال يعقوب الحواري )أن كليمنس نقل حكاية قابلة للحفظ في كتابه السابع‬ ‫في بيان حال يعقوب‪ ،‬هذا والظاهر أن كليمنس نقل هذه الحكاية عن الروايات اللسانية التي‬ ‫وصلت إليه من الباء والجداد( ‪ً.‬ا‬ ‫ثم نقل ‪ 2‬في الباب الثالث والعشرين من الكتاب الثالث قول أرينيوس في الصفحة ‪) :123‬كنيسة‬ ‫أفسس التي بناها بولس وأقام فيها يوحنا الحواري إلى عهد سلطنة ترجان شاهد ذو إيمان لحاديث‬ ‫الحواريين( ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/899‬‬

‫ثم نقل ‪ 3‬في تلك الصفحة قول كلمينس‪) :‬اسمعوا في حق يوحنا الحواري حكاية ليست بكاذبة‬ ‫بل هي صادقة محققة بقيت في الصدور محفوظة( ثم قال ‪ 4‬في الباب الرابع والعشرين من الكتاب‬ ‫الثالث في الصفحة ‪) :126‬تلميذ المسيح مثل الحواريين الثني عشر والسبعين رسولا وكثير من‬ ‫أناس آخرين لم يكونوا غير واقفين على الحالت المذكورة( ‪ً.‬ا أي الحالت التي كتبها النجيليون‬

‫)لكن كتبها منهم متى ويوحنا فقط وعلم من الرواية اللسانية أن تحريرهما أيض ا كان لجل‬

‫الضرورة( ‪ً.‬ا ثم قال ‪ 5‬في الباب الثامن والعشرين من الكتاب الثالث في الصفحة ‪) :132‬كتب‬ ‫أرينيوس في كتابه الثالث حالا هو حري بأن يكتب‪ ،‬ووصل إليه هذا الحال من يوليكارب بالرواية‬

‫اللسانية( ‪ً.‬ا ثم قال ‪ 6‬في الباب الخامس من الكتاب الرابع في الصفحة ‪) :147‬لم أر حال أساقفة‬ ‫أورشليم بالترتيب في كتاب لكنه ثبت بالرواية اللسانية أنهم بقوا مدة قليلة( ‪ً.‬ا ثم قال ‪ 7‬في الباب‬


‫السادس والثلثين من الكتاب الثالث في الصفحة ‪) :138‬وصل إلينا بالرواية اللسانية أنهم لما‬ ‫أذهبوا اكناثيوث إلى الروم‬

‫) ‪(3/900‬‬

‫ليقتلوه بإلقائه بين أيدي السباع لجل كونه مسيحي ا ومريابشيا في حفاظة العسكريين فقوى الكنائس‬ ‫المختلفة في أثناء الطريق بنصائحه وأقواله وأخبرهم عن البدعات التي كانت منتشرة في تلك اليام‬

‫أو كانت حدثت‪ ،‬ووصاهم باللصوق بالروايات اللسانية لصوقا قويا واستحسن أيضا لجل زيادة‬ ‫الحفظ أن كتب هذه الروايات وأثبت شهادته عليها( ‪ً.‬ا‬

‫ثم قال ‪ 8‬في الباب التاسع والثلثين من الكتاب الثالث في الصفحة ‪) :142‬قال بي ببس في‬ ‫ديباجة كتابه اكتب لنتفاعكم جميع الشياء التي وصلت من المشايخ إلي وحفظتها بعد التحقيق‬ ‫التام ليثبت زيادة تحقيقها بشهادتي عليها لني ما رضيت من قديم الزمان بسماع الحاديث من‬ ‫الذين يلغون كثيرا ويعلمون نصائح أخرى أيضاا‪ ،‬بل سمعت الحاديث من الذين ل يعلمون إل‬

‫النصائح الحقة التي هي مروية من ربنا الصادق‪ ،‬ومن لقيته من متبعي المشايخ سألته عن هذا أن‬ ‫اندراوس أو بطرس أو فيلبس أو ثوما أو يعقوب أو متى أو شخص آخر من تلميذ ربنا أو أرستيون‬

‫أو القسيس يوحنا مريد ربنا ماذا قال‪ ،‬لن الفائدة التي حصلتها من ألسنة الحباء ما حصلتها من‬ ‫الكتب( ‪ً.‬ا ثم قال ‪ 9‬في الباب الثامن من الكتاب الرابع في الصفحة ‪) :151‬هجيسي بوس من‬ ‫مؤرخي الكنيسة مشهور ونقلت عن تأليفاته أشياء كثيرة‬

‫) ‪(3/901‬‬

‫نقلها عن الحواريين بالروايات اللسانية وكتب هذا المصنف مسائل الحواريين التي وصلت إليه‬ ‫بالرواية اللسانية بعبارة سهلة في خمس كتب( ‪ً.‬ا‬ ‫ثم نقل ‪ 10‬في الباب الرابع عشر من الكتاب الرابع قول أرينيوس في بيان حال بوليكارت في‬ ‫الصفحة ‪) :158‬علم بوليكارت دائما ما تعلمه من الحواريين وبلغته الكنيسة بالرواية وكانت مسألة‬ ‫صادقة( ‪ً.‬ا ثم نقل ‪ 11‬في الباب السادس من الكتاب الخامس عن قول أرينوس فهرست أساقفة‬

‫الروم وقال في الصفحة ‪) :201‬الن إلى تهيروس أسقفها الثاني عشر من السلسلة التي وصل إلينا‬


‫بواسطتها الصدق والروايات اللسانية من الحواريين( ‪ً.‬ا ثم نقل ‪ 12‬في الباب الحادي عشر من‬ ‫الكتاب الخامس قول كليمنس في الصفحة ‪) :206‬ما كتبت هذه الكتب لطلب الرفعة بل لظن‬ ‫كبرسني ولن تكون ترياقات لنسياني جمعتها على طريق التفسير كأنها شروح للمسائل اللهامية‬ ‫التي صرت بها معظم ا بعد ما تعلمتها من الصادقين المباركين‪ ،‬ومنهم بوني كوس الذي كان في‬

‫يونان والثاني الذي كان يقيم في ميكنيا كريشيا كان أحدهما سريانيا والخر مصريا وكان الباقون من‬

‫سكان المشرق كان واحد منهم أشوريا وواحد منهم عبرانيا من أهل فلسطين والشيخ الذي‬

‫) ‪(3/902‬‬

‫وصلت آخر إلى خدمته كان مختفي ا في مصر وكان أفضل من المشايخ كلهم‪ ،‬وما طلبت شيخ ا‬ ‫آخر بعده لن أحدا ما كان أفضل منه وهؤلء المشايخ حفظوا الروايات الصادقة التي هي منقولة‬ ‫من بطرس ويعقوب ويوحنا وبولس جيلا بعد جيل( ‪ً.‬ا‬

‫ثم نقل ‪ 13‬في الباب العشرين من الكتاب الخامس قول أرينيوس في الصفحة ‪) :219‬سمعت‬ ‫بفضل ال هذه الحاديث بالمعان التام وكتبتها في صدري ل في القرطاس وعادتي من قديم اليام‬ ‫أني أكررها بالديانة( ‪ً.‬ا ثم قال ‪ 14‬في الباب الرابع والعشرين من الكتاب الخامس في الصفحة‬ ‫‪) : 222‬كتب بولي كراتيس السقف رواية وصلت إليه بالرواية اللسانية في كتابه الذي أرسله إلى‬ ‫وكتر وكنيسة الروم( ‪ً.‬ا ثم قال ‪ 15‬في الباب الخامس والعشرين من الكتاب الخامس في الصفحة‬ ‫‪) :226‬ناركثوس وتهيوفلوس وكاسيوس من أساقفة فلسطين وأسقف كنيسة اسور وأسقف تولمائي‬ ‫كلروس والشخاص الخرون الذين جاؤوا مع هؤلء الساقفة قدموا أمورا كثيرة في حق الرواية التي‬ ‫وصلت إليهم في باب عيد الفصح من الحواريين منقولة بالرواية اللسانية جيلا بعد جيل وكتبوا في‬

‫آخر الكتاب أن أرسلوا نقوله إلى الكنائس لئل يبقى للذين يضلون عن الصراط المستقيم سريع ا‬ ‫موضع الفرار( ‪ً.‬ا ثم قال ‪ 16‬في الباب الثالث عشر من الكتاب السادس في بيان حال كليمنس‬

‫اسكندريانوس الذي كان من أتباع تابعي الحواريين في الصفحة ‪) :246‬أنه قال في كتابه الذي ألف‬ ‫في بيان عيد الفصح أن الحباء طلبوا مني أن أكتب لنفع الجيال التية‪ ،‬الروايات التي سمعتها من‬ ‫الساقفة( ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/903‬‬


‫ثم قال ‪ 17‬في الباب الحادي والثلثين من الكتاب السادس في الصفحة ‪) :263‬ايفريكاتوس في‬ ‫رسالته التي هي موجودة إلى هذا الحين وكان أرسلها إلى ارستيديس يبين التطبيق بين بياني متى‬ ‫ولوقا في نسب المسيح باعتبار الرواية التي وصلت إليه من الباء والجداد( انتهى كلمه‪ً.‬ا‬ ‫وعلم من أقواله السبعة عشر أن القدماء المسيحية كانوا يعتبرون الرواية اعتبارا عظيم ا وقال جان‬

‫ملتر كاتلك في كتابه الذي طبع في بلد دربي سنة ‪ 1843‬في رسالته العاشرة التي أرسلها إلى‬

‫جيمس برون‪) :‬إني كتبت فيما قبل أيضا أن مبنى إيمان كاتلك ليس كلم ال الذي هو مكتوب‬

‫فقط بل أعم مكتوب ا كان أو غير مكتوب‪ ،‬يعني الكتب المقدسة والروايات اللسانية على ما‬

‫شرحتهما كنيسة كاتلك به( ‪ً.‬ا ثم قال في تلك الرسالة ‪) 2‬أن أرينيوس قال في الباب الخامس من‬ ‫المجلد الثالث من كتابه إنه ل يوجد لطالبي الحق أمر سهل من أن يتفحصوا في كل كنيسة عن‬ ‫الروايات اللسانية التي هي منقولة عن الحواريين وأظهروها في العالم كله( ‪ً.‬ا ثم قال في تلك الرسالة‬

‫‪) :3‬أن أرينيوس قال في الباب الثالث من المجلد الول من كتابه أن ألسنة القوام وإن كانت‬ ‫مختلفة‪ ،‬لكن حقيقة الرواية اللسانية في كل موضع متحدة‪ ،‬كنائس الجرمن ليست مخالفة في‬ ‫التعليم والعقائد لكنائس فرانس وأسبانيا والمشرق ومصر وليبيا( ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/904‬‬

‫ثم قال في تلك الرسالة ‪) :4‬إن أرينيوس قال في الباب الثاني من المجلد الثالث ولما كان تحرير‬ ‫سلسل الكنائس كلها يفضي إلى التطويل فلذلك نرجع إلى رواية وعقيدة كنيسة الروم التي هي‬ ‫قديمة وعظيمة ومشهورة جدا وبناها بطرس وبولس والكنائس كلها موافقة لها لن الروايات اللسانية‬ ‫المنقولة عن الحواريين جيلا بعد جيل كلها محفوظة فيها( ‪ً.‬ا‬

‫ثم قال في تلك الرسالة ‪) :5‬أن أرينيوس قال في الباب الرابع والستين من الكتاب الرابع ولو‬ ‫فرضنا أن الحواريين لم يتركوا الكتب لنا فنقول إنه أما كان لزم ا علينا أن نطيع الحكام التي ثبتت‬ ‫بالرواية اللسانية التي هي منقولة عن الحواريين وكانوا سلموها للناس الذين سلموها للكنيسة وهذه‬

‫الروايات هي التي يعمل بحسبها الوحشيون الذين آمنوا بالمسيح بل استعمال الحروف والمداد( ‪ً.‬ا‬ ‫ثم قال في تلك الرسالة ‪) :6‬إن ترتولين قال في كتابه الذي ألفه لرد أهل البدعة وطبع في بلد‬ ‫رهنان في الصفحة ‪ 36‬و ‪ :37‬إن عادة أهل البدعة أنهم يتمسكون بالكتب المقدسة ويستدلون‬


‫ويقولون إنه ليس غير الكتب المقدسة المكتوبة شيئا قابلا لن يجعل مبنى اليمان‪ ،‬ويقال بحسبه‪،‬‬

‫ويعجزون بهذه الحيلة القوياء ويلقون الضعفاء في شبكاتهم‪ ،‬ويوقعون المتوسطين في الشك‪ ،‬ولذا‬

‫نقول ل تجيزوا هؤلء أبدا أن يناظروا مستدلين بالكتب المقدسة لنه ل تترتب على المباحثة التي‬ ‫تكون بالكتب المقدسة فائدة ما غير أن يصير الدماغ والبطن خاليين فلذلك طريقة الرجوع إلى‬

‫الكتب المقدسة غلط‪ ،‬لنه ل يحصل انفصال أمر من هذه الكتب‪ ،‬وإن حصل شيء يكون على‬ ‫الوجه الناقص‪ ،‬ولو لم يكن هذا المر أيضا كانت طريقة المباحثة في تلك الصورة أيضا أن يحقق‬

‫أولا أن الكتب المقدسة علقتها من أي الناس‬

‫) ‪(3/905‬‬

‫وبلغ أي شخص إلى أي شخص في أي وقت الرواية التي صرنا بسببها مسيحيين‪ ،‬لن الموضع‬ ‫الذي يوجد فيه أحكام الدين المسيحي وعقائده يوجد فيه صدق النجيل ومعانيه وجميع روايات‬ ‫الدين المسيحي التي هي لسانية‪ً.‬ا ثم قال في تلك الرسالة ‪) :7‬إن أرجن قال إنه ل يليق بنا أن نعتبر‬ ‫الناس الذين ينقلون عن الكتب المقدسة ثم يقولون إن الكلم في بيتكم فانظروا فيه لنه ل يليق بنا‬ ‫أن نترك الرواية الولى التي في الكنيسة أو نعتقد غير ما بلغ إلينا كنائس ال برواية مسلسلة( ‪ً.‬ا ثم‬ ‫قال في تلك الرسالة ‪ :8‬كتب باسليوس أن المسائل الكثيرة محفوظة في الكنيسة يوعظ بها أخذت‬ ‫بعضها من الكتب المقدسة وبعضها من الروايات اللسانية وقوتهما في الدين مساوية‪ ،‬ومن كان له‬ ‫وقوف ما على الشريعة العيسوية ل يعترض على هذا( ‪ً.‬ا‬ ‫ثم قال في تلك الرسالة‪ :‬قال أبي فانيس في كتابه الذي ألفه في مقابلة المبتدعين ولنستعمل الرواية‬ ‫اللسانية لن جميع الشياء ل توجد في الكتب المقدسة( ‪ً.‬ا ثم قال في تلك الرسالة ‪) :19‬إن‬ ‫كريزاستم صرح في شرح الية ‪ 3‬الرابعة عشر من الباب الثاني من الرسالة الثانية إلى أهل‬ ‫تسالونيقي ظهر من هذا صراحة أن الحواريين لم يبلغوا الشياء كلها إلينا بواسطة التحرير‪ ،‬بل بلغوا‬ ‫أشياء كثيرة بدون التحرير أيضا وكلتاهما متساويتان في العتبار ولذلك‬

‫) ‪(3/906‬‬


‫فلنلحظ أن رواية الكنيسة منشأ اليمان‪ ،‬وإذا ثبت شيء بالرواية اللسانية فل نطلب زائدا عليه( ‪ً.‬ا‬

‫ثم قال في تلك الرسالة ‪) :11‬إن اكستائن كتب في حق الشخص الذي حصل له الصطباغ من‬

‫المبتدعين أنه وإن لم يوجد السند التحريري في هذا الباب لكنه فليلحظ أن هذا الرسم أخذ من‬ ‫الرواية اللسانية لن الشياء الكثيرة تسلم الكنيسة العامة أن الحواريين قرروها وهي ليست‬ ‫بمكتوبة( ‪ً.‬ا ثم قال في تلك الرسالة ‪) :12‬إن السقف وان سنت قال‪ :‬فليفسر المبتدعون الكتب‬ ‫المقدسة على وفق رواية الكنيسة العامة( انتهى كلمه‪ً.‬ا وعلم من أقواله الثني عشر أن الروايات‬ ‫اللسانية مبنى إيمان فرقة كاتلك وكانت معتبرة عند القدماء‪ً.‬ا وفي الصفحة ‪ 64‬من المجلد الثالث‬ ‫من كاتلك هرلد‪) :‬أورد رب موسى قدسي شواهد كثيرة على أن متن الكلم المقدس ل يفهم بدون‬ ‫معونة الحديث والرواية اللسانية‪ ،‬واقتدى مشايخ كاتلك بهذه القاعدة في كل وقت( ‪ً.‬ا‬ ‫]‪) [2‬وقال ترتولين فليرجع لدراك الشيء الذي علم المسيح الحواريين إلى الكنائس التي بناها‬ ‫الحواريون وعلموها بتحريراتهم ورواياتهم اللسانية انتهى‪ً.‬ا فعلم من هذه العبارات المذكورة أن اليهود‬ ‫عندهم تعظيم الروايات والحاديث أزيد من تعظيم التوراة‪ ،‬وأن جمهور القدماء المسيحية مثل‬ ‫كليمنس وأرينيوس وهجيسي بوس وبوليكارب وبولي كراتيس وتاركثوس وتهيوفلوس وكاسيوس‬ ‫وكلروس وكليمنس اسكندريانوس وايفريكانوس‬

‫) ‪(3/907‬‬

‫وترتولين وأرجن وباسلنوس وأبي فانيس وكريزاستم واكستاين وون سنت السقف وغيرهم‪ ،‬كانوا‬ ‫يعظمون الروايات اللسانية ويعتبرونها‪ ،‬واكناثيوس كان من وصاياه في آخر عمره التشبث بالروايات‬ ‫اللسانية تشبثا قوياا‪ ،‬وكليمنس قال في وصف مشايخه إنهم حفظوا الروايات الصادقة المروية عن‬ ‫بطرس ويعقوب ويوحنا وبولس جيلا بعد جيل‪ ،‬وأبي فانيس قال الفائدة التي حصلتها من ألسنة‬

‫الحياء ما حصلتها من الكتب‪ ،‬وأرينوس قال سمعت الحاديث بفضل ال بالمعان التام وكتبتها في‬

‫صدري ل في القرطاس‪ ،‬وعادتي من قديم اليام أني أكررها دائما بالديانة‪ ،‬وقال أيضا أنه ل يوجد‬ ‫لطالبي الحق أمر أسهل من أن يتفحصوا في كل كنيسة عن الروايات اللسانية التي هي منقولة عن‬

‫الحواريين وأظهروها في العالم كله‪ ،‬وقال أيض ا لو فرضنا أن الحواريين لم يتركوا الكتب لنا فنقول‬

‫إنه أما كان لزم ا علينا أن نطيع الحكام التي ثبتت بالروايات اللسانية التي هي منقولة عن‬

‫الحواريين‪ ،‬وارجن وترتولين يلومان على منكري الحاديث‪ ،‬وباسليوس قال المسائل المأخوذة من‬


‫الكتب المقدسة والمأخوذة من الحاديث كلتاهما متساويتان في القوة‪ ،‬وكريزاستم قال كلتاهما‬ ‫متساويتان في العتبار ورواية الكنيسة منشأ اليمان‪ ،‬وإذا ثبت شيء بالرواية اللسانية فل نطلب‬ ‫زائدا عليه‪،‬‬

‫) ‪(3/908‬‬

‫واكستائن صرح أن الشياء الكثيرة تسلم‬ ‫الكنيسة العامة أن الحواريين قرروها وإنها ليست بمكتوبة‪ ،‬فالنصاف أن رد الجميع ل يخلو عن‬ ‫تعصب وجهل‪ ،‬ويكذب هذا المر إنجيلهم أيض ا في الية‪ً.‬ا‬

‫]‪ [ 1‬الرابعة والثلثين من الباب الرابع من إنجيل مرقس هكذا‪) :‬وبدون مثل لم يكن يكلمهم وإما‬ ‫على انفراد‪ ،‬فكان يفسر لتلميذه كل شيء( ويبعد أن ل يكون هذه التفسيرات كلها أو بعضها‬ ‫مروية‪ ،‬وأن يكون الحواريون محتاجين إلى التفسير ومعاصرونا ل يكونون كذلك‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [ 2‬والية الخامسة والعشرون من الباب الحادي والعشرين من إنجيل يوحنا هكذا‪) :‬وأشياء أخرى‬ ‫كثيرة صنعها يسوع إن كتبت واحدة واحدة فلست أظن أن العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة‪،‬‬ ‫وكلم النجيل وإن لم يخل عن المبالغة والغلو لكنه ل شك أن قوله وأشياء أخرى كثيرة يشمل‬ ‫جميع أفعال المسيح معجزات كانت أو غيرها‪ ،‬ويبعد أن ل يكون شيء منها مرويا بالرواية اللسانية(‬

‫‪ً.‬ا‬

‫]‪ [3‬والية الخامسة عشر من الباب الثاني من الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيقي هكذا‪) :‬فاثبتوا‬ ‫إذن أيها الخوة وتمسكوا بالتعاليم التي تعلمتموها سواء كان بالكلم أم برسالتنا( ‪ً.‬ا وقوله سواء كان‬ ‫بالكلم أم برسالتنا‪ ،‬يدل صراحة على أن بعض الشياء وصلت إليهم بواسطة التحرير وبعضها‬ ‫بالكلم مشافهة‪ ،‬فل بد أن يكون كلهما معتبرين عند المسيحيين كما صرح كريزاستم في شرح‬ ‫هذا الموضع على ما عرفت‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [4‬وفي الية الرابعة والثلثين من الباب الحادي عشر من الرسالة الولى‬

‫) ‪(3/909‬‬


‫إلى أهل فورنيثوس في الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪ 1844‬هكذا‪:‬‬ ‫)فأما سائر الشياء فسأوصيكم بها إذا قدمت إليكم( ومن البين أن هذه الشياء الباقية أوصاهم بها‬ ‫شفاه ا عندما جاء إليهم وهذه لم تكتب ويبعد أن ل يكون شيء منها مروي ا‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [5‬والية الثالثة عشر من الباب الول من الرسالة الثانية إلى تيموثاوس هكذا‪) :‬تمسك بصورة‬ ‫الكلم الصحيح الذي سمعته مني في اليمان والمحبة التي في المسيح يسوع( ‪ً.‬ا فقوله الذي‬ ‫سمعته مني يدل على أنه سمع بعض الشياء شفاها‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [6‬والية الثانية من الباب الثاني من الرسالة المذكورة هكذا‪ :‬وما سمعته مني بشهود كثيرين‬ ‫أودعه أناس ا أمناء يكونون كفؤا أن يعلموا آخرين أيضاا( فهنا مقدسهم يأمر تيموثاوس أن يعلم الناس‬ ‫المناء الحاديث التي سمعها منه‪ ،‬وأن يعلم المناء أناسا آخرين فل بد أن تكون هذه الروايات‬

‫مروية‪ً.‬ا‬

‫)‪ (7‬وفي آخر الرسالة الثانية ليوحنا هكذا‪) :‬إذ كان لي كثير لكتب إليكم لم أرد أن يكون بورق‬ ‫ل( ‪ً.‬ا‬ ‫وحبر لني أرجو أن آتي إليكم وأتكلم بالفم لكي يكون فرحنا كام ا‬

‫]‪ [ 8‬وفي آخر الرسالة الثالثة هكذا‪) :‬وكان لي كثير لكتبه لكنني لست أريد أن أكتب إليك بحبر‬ ‫وقلم ولكنني أرجو أن أراك عن قريب فنتكلم بالفم( ‪ ،‬فهاتان اليتان تدلن على أن يوحنا قال في‬ ‫المشافهة أشياء كثيرة على‬

‫) ‪(3/910‬‬

‫ما وعد ويبعد أن ل تكون هذه الشياء كلها أو بعضها مروية برواية‪ً.‬ا فظهر مما ذكرنا أن من أنكر‬ ‫من فرقة بروتستنت اعتبار الحاديث مطلقا في الملة المسيحية فهو إما جاهل أو متعسف عنيد‪،‬‬ ‫وقوله مخالف لكتبه المقدسة ولجمهور علمائه من القدماء‪ ،‬وهو داخل في زمرة المبتدعين على‬

‫قول بعض القدماء‪ ،‬ومع ذلك ل بد له من اعتبارها في كثير من هوسات فرقته مثل أن البن مساوو‬ ‫للب في الجوهر‪ ،‬وأن الروح القدس منشق من الب والبن‪ ،‬وأن المسيح ذو طبيعتين وأقنوم‬ ‫واحد‪ ،‬وأنه ذو إرادتين إلهية وإنسانية‪ ،‬وأنه بعد ما مات نزل الجحيم‪ ،‬وغيرها من هوساتهم‪ ،‬مع أن‬

‫هذه الكلمات ل توجد بعينها في العهد الجديد‪ ،‬وما اعتقدوا هذه المور إل من الحاديث‬ ‫والتقليدات‪ ،‬وأيض ا يلزم عليه أن ينكر كثير من أجزاء كتبه المقدسة مثل أن ينكر إنجيل مرقص‬

‫ولوقا وتسعة عشر بابا من كتاب أعمال الحواريين‪ ،‬لنها كتبت بالروايات اللسانية ل بالمشاهدة ول‬


‫بالوحي كما عرفت في الباب الول‪ ،‬ومثل أن ينكر خمسة أبواب من الخامس والعشرين إلى التاسع‬ ‫والعشرين من سفر المثال لنها جمعت في عهد حزقيا من الروايات اللسانية التي كانت جارية‬ ‫بينهم‪ ،‬وما بين زمان الجمع وموت سليمان عليه السلم مدة مائتين وسبعين سنة‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/911‬‬

‫الية الولى من الباب الخامس والعشرين من السفر المذكور هكذا‪ :‬هذه أيضا أمثال سليمان التي‬

‫استكتبتها أصدقاء حزقيا ملك يهوذا( قال آدم كلرك المفسر في تفسيره المطبوع سنة ‪ 1851‬ذيل‬

‫شرح هذه الية‪) :‬يعلم أن في آخر هذا السفر أمثالا جمعت بأمر حزقيا السلطان من الروايات‬

‫اللسانية التي كانت جارية من عهد سليمان فجمعوا هذه المثال منها وجعلوها ضميمة هذا السفر‪،‬‬

‫ويمكن أن يكون المراد بأحباء حزقيا أشعيا وشنيا وغيرهما من النبياء الذين كانوا في ذلك العهد‪ً.‬ا‬ ‫فتكون تلك الضميمة مثل السفر الباقي سندا وإل كيف ضموها بالكتاب المقدس( انتهى‪ ،‬فقوله‬

‫جمعت بأمر حزقيا السلطان من الروايات اللسانية صريح فيما قلت‪ ،‬وقوله ويمكن أن يكون المراد‬ ‫إلخ‪ ،‬مردود لنه مجرد احتمال ل يتم على المخالف بدون السند الكامل وليس عنده سند بل يقول‬

‫احتمالا ورجما بالغيب‪ ،‬وقوله كيف ضموها بالكتاب المقدس مردود‪ ،‬لن اليهود كان عندهم اعتبار‬ ‫الروايات أزيد من اعتبار التوراة‪ ،‬فإذا صارت التوراة سندا عندهم معتبرا مع أنها جمعت من روايات‬

‫المشايخ بعد ألف وسبعمائة سنة تقريباا‪ ،‬وكذا صارت قصص كمرا بابل معتبرة مع أنها جمعت بعد‬

‫ألفي سنة‪ ،‬فأي مانع من اعتبار البواب الخمسة التي جمعت بعد مائتين وسبعين سنة‪ ،‬ولقد أنصف‬

‫بعض المحققين من علماء بروتستنت واعترف أن الروايات اللسانية أيضا معتبرة مثل المكتوب في‬

‫الصفحة ‪ 63‬من المجلد الثاني من كاتلك هرلد هكذا‪) :‬إن داكتر‬

‫) ‪(3/912‬‬

‫بريت الذي هو من فضلء بروتستنت قال في الصفحة ‪ 73‬من كتابه إن هذا المر ظاهر من الكتب‬ ‫المقدسة أن الدين العيسوي صار مفوضا إلى الساقفة الولين وتابعي الحواريين بالرواية اللسانية‬

‫وكانوا مأمورين بأن يحافظوا عليه‪ ،‬ويفوضوه إلى الجيل المتأخر‪ ،‬ول يثبت من كتاب مقدس سواء‬ ‫كان كتاب بولس أو غيره من الحواريين أنهم كتبوا متفقين أو منفردين جميع الشياء التي لها دخل‬


‫في النجاة‪ ،‬وجعلوا قانونا يفهم منه أنه ل يوجد فيه شيء ضروري له دخل في النجاة غير المكتوب‪،‬‬

‫وقال في الصفحة ‪ 32‬و ‪ 33‬من الكتاب المذكور ترى بولس وغيره من الحواريين أنهم كما بلغوا‬ ‫إلينا الحاديث بواسطة التحرير كذلك بلغوا بواسطة الرواية اللسانية أيض ا والويل للذين ل‬

‫يحفظونهما‪ ،‬والحاديث العيسوية في أمر اليمان سند كالمكتوب‪ ،‬انتهى كلم داكتربريت‪ً.‬ا‬ ‫وقال أسقف مون نيك‪) :‬إن أحاديث الحواريين سند كمكتوباتهم ول ينكر أحد من بروتستنت أن‬ ‫تقرير الحواريين اللساني أزيد من تحريرهم( وقال جلنك ورتهه‪) :‬إن هذا النزاع أن أي إنجيل قانوني‬ ‫وأي إنجيل ليس بقانوني يزول بالرواية اللسانية التي هي قاعدة النصاف لكل نزاع( انتهى كلم‬

‫كاتلك هرلد‪ً.‬ا وقال القسيس طامس أنكلس كاتلك في الصفحة ‪ 180‬و ‪ 181‬من كتابه المسمى‬ ‫بمرآة الصدق المطبوع سنة ‪) :1851‬يشهد أسقف ماني سيك من علماء بروتستنت أن ستمائة أمر‬ ‫قررها ال في الدين وتؤمر الكنيسة بها ويقبل في حقها أن الكتاب المقدس ما بينها في موضع وما‬ ‫عملها( انتهى‪ً.‬ا فعلى اعتراف هذا الفاضل ستمائة أمر ثبتت بالرواية اللسانية وواجبه التسليم عند‬ ‫فرقة بروتستنت‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/913‬‬

‫)الفائدة الثانية( ‪ :‬هذا المر ظاهر بالتجربة الصحيحة أن المر العجيب أو المهتم بشأنه يكون‬ ‫محفوظ ا لكثر الناس‪ ،‬وخلفه ل يبقى محفوظ ا غالب ا لعدم الهتمام‪ ،‬ولذلك إذا سألت الناس الذين‬ ‫ل يكونون متعودين على أكل طعام واحد مخصوص أو أطعمة مخصوصة ماذا أكلتم أمس أو قبل‬

‫أمس ل يكون محفوظا لكثرهم غالبا لعدم الهتمام بهذا المر وعدم كونه عجيبا أو عظيما وهكذا‬ ‫الحال في أكثر الفعال العامة‪ ،‬والقوال العامة وإذا سألت عن حال الكوكب الذي كان من ذوات‬

‫الذناب وظهر في شهر صفر سنة ‪ 1259‬من الهجرة وشهر مارس سنة ‪ 1843‬من الميلد وكان‬ ‫ظاهرا في الجو إلى شهر وكان في غاية الطول يكون محفوظ ا للكثيرين من ناظريه وإن لم يكن شهر‬ ‫ظهوره‪ ،‬وعامه محفوظين لهم وقد مضت عليه مدة أزيد من إحدى وعشرين سنة وكذلك حال‬

‫الزلزل العظيمة والمحاربات الشديدة والمور النادرة‪ ،‬ولما كان اهتمام المسلمين بحفظ القرآن في‬ ‫كل قرن‪ ،‬يوجد فيهم من حفاظ القرآن في هذا العصر أيض ا أزيد من مائة ألف في الديار السلمية‬ ‫كلها وإن زالت سلطنة أهل السلم من أكثر أقطار الممالك ووقع الفتور في المور الدينية في‬

‫أكبر أقطارهم ومن كان شاكا في هذا المر من المسيحيين فليجرب وليدخل في الجامع الزهر‬


‫فقط فيجد في كل وقت أكثر من ألف حافظ من حفاظ القرآن الذين حفظوه بالتجويد التام‪ ،‬ولو‬ ‫تتبع قرى مصر ل يجد قرية من قرى أهل السلم تكون خالية عن حفاظ القرآن ووجد كثيرا من‬

‫البغالين والحمارين من أهل مصر أيض ا حافظين للقرآن‪ ،‬فإن أنصف اعترف البتة أن هؤلء الحمارين‬ ‫والبغالين فائقون في هذا الباب على البابا والساقفة والقسوس الذين يوجدون شرق ا وغرب ا في هذا‬

‫الزمان الذي هو زمان شيوع العلم في المسيحيين‪ ،‬فضلا عن القرون السالفة المسيحية من الجيل‬

‫السابع إلى‬

‫) ‪(3/914‬‬

‫الجيل الخامس‬ ‫عشر التي كان الجهل فيها بمنزلة شعار العلماء في تلك القرون على اعتراف علماء بروتستنت‪،‬‬ ‫وظني أنه ل يوجد في جميع ديار أوربا كلها عشرة من حفاظ النجيل أو التوراة أو كليهما بحيث‬ ‫يساوي حفظهم لحدهما أو لكليهما حفظ هؤلء البغالين والحمارين للقرآن‪ ،‬وقد عرفت في‬ ‫الفائدة الولى قول أرينيوس أنه قال‪) :‬سمعت بفضل ال هذه الحاديث بالمعان التام وكتبتها في‬ ‫صدري ل في قرطاس وعادتي من قديم اليام أني أكررها بالديانة( ‪ً.‬ا وقال أيضاا‪) :‬ألسنة القوام وإن‬

‫كانت مختلفة لكن حقيقة الرواية اللسانية متحدة في كل موضع‪ ،‬فإن كنائس الجرمن ليست مخالفة‬

‫في التعليم والعقائد لكنائس فرانس وأسبانيا والمشرق ومصر وليبيا( ‪ً.‬ا‬ ‫وقال وليم ميور في الباب الثالث من تاريخ كليسيا المطبوع سنة ‪) :1848‬القدماء المسيحية ما‬ ‫كان عندهم عقيدة مكتوبة من عقائد اليمان التي اعتقادها ضروري للنجاة وكانت تعلم للطفال‬ ‫وللذين كانوا يدخلون في الملة المسيحية تعليما لسانياا‪ ،‬وهذه العقائد كانت متحدة قربا وبعداا‪ ،‬ثم‬ ‫لما ضبطوها بالكتابة وقابلوها وجدوها مطابقة وما وجدوا فيها غير الختلف القليل اللفظي وما‬

‫كان فرق في أصل المطلب( انتهى كلمه‪ ،‬فعلم أن المر الذي يكون مهتم ا بشأنه يكون محفوظ ا‬ ‫ول يتطرق فيه خلل بمرور مدة طويلة‪ ،‬وهذا المر ظاهر في القرآن وقد مضت مدة ألف ومائتين‬

‫) ‪(3/915‬‬


‫وثمانين سنة وهو كما أنه محفوظ بواسطة الكتابة في كل قرن فكذلك محفوظ في كل قرن أيضا‬ ‫بواسطة صدور ألوف من الرجال‪ ،‬وأكثر فرق المسيحيين في هذا الزمان أيضا بحيث لو لحظنا‬

‫حال كبار علمائهم وخواصهم فضلا عن عوامهم‪ ،‬وجدناهم أنه ل يحصل لهم تلوة كتبهم‬

‫المقدسة‪ ،‬قال المعلم ميخائيل مشاقة من علماء بروتستنت في خاتمة كتابه المسمى بالدليل إلى‬

‫طاعة النجيل المطبوع سنة ‪ 1849‬في الصفحة ‪) :316‬أنني ذات يوم سألت كاهناا( من كهنة‬

‫كاتلك )أن يجيبني بالصدق عن مطالعة الكتاب المقدس وكم مرة قرأه في مدة حياته فقال إنه كان‬

‫يقرأ أحيان ا وربما جملة أسفار لم يقرأها ولكن منذ اثنتي عشرة سنة لجل انهماكه في خدمة الرعية‬ ‫لم يبق له فرصة المطالعة فيه‪ ،‬ول يخلو أن كثيرين من الشعب يعرفون جهالة هؤلء الكليرس‬

‫ولكنهم مع ذلك ينقادون إلى إرشادهم في المنع عن مطالعة الكتب المفيدة التي ترشدهم إليها(‬ ‫انتهى كلمه بلفظه‪ً.‬ا‬ ‫)الفائدة الثالثة( الحديث الصحيح أيض ا معتبر عند أهل السلم على الوجه الذي سنفصله ولما كان‬ ‫قول رسول ال صلى ال عليه وسلم )اتقوا الحديث عني إل ما علمتم فمن كذب عللي متعمدا‬ ‫فليتبوأ مقعده من النار( متواتر رواه‬

‫) ‪(3/916‬‬

‫اثنان وستون صحابي ا منهم العشرة المبشرة‪ً.‬ا كان أهل السلم مهتمين بالحاديث النبوية من القرن‬

‫الول‪ ،‬وكان اهتمامهم في حفظ الحاديث أزيد من اهتمام المسيحيين كما أن اهتمامهم في حفظ‬ ‫القرآن في كل قرن أشد من اهتمام المسيحيين في حفظ كتبهم المقدسة‪ ،‬لكن الصحابة لم يدونوها‬ ‫في الكتب في عهدهم لبعض العذار منها الحتياط التام لجل أن ل يختلط كلم الرسول بكلم‬ ‫ال‪ ،‬وتابعو الصحابة كالزهري والربيع بن صبيح وسعيد وغيرهم رحمهم ال شرعوا في تدوينها لكنهم‬

‫ما كتبوها مرتبة على ترتيب أبواب الفقه‪ ،‬ولما كان هذا الترتيب حسن ا ضبط تبع التابعين على هذا‬

‫) ‪(3/917‬‬


‫الترتيب‪ ،‬فالمام مالك رحمه ال الذي ولد سنة خمس وتسعين من الهجرة صنف الموطأ في‬ ‫المدينة‪ ،‬وصنف أبو محمد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج في مكة‪ ،‬وعبد الرحمن بن‬ ‫الوزاعي في الشام‪ ،‬وسفيان الثوري‬

‫) ‪(3/918‬‬

‫في الكوفة‪ ،‬وحماد بن سلمة في البصرة‪ ،‬ثم صنف البخاري ومسلم صحيحيهما واقتصرا فيهما على‬ ‫ذكر الحاديث الصحيحة وترك غيرها من الضعاف‪ ،‬واجتهد الئمة المحدثون في أمر الحاديث‬ ‫اجتهادا عظيم ا وقد صنف فن عظيم الشأن في أسماء الرجال يعلم به حال كل راو من رواة‬

‫الحديث بأنه كيف كان حاله في الديانة والحفظ‪ ،‬وروى كل من أصحاب الصحاح الحاديث‬ ‫بالسناد منهم إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وبعض أحاديث البخاري ثلثيات تصل بثلث‬

‫وسائط إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/919‬‬

‫وينقسم الحديث الصحيح إلى ثلثة أقسام متواتر ]‪ [1‬ومشهور ]‪ [2‬وخبر الواحد ]‪ [3‬فالمتواتر‬ ‫ما نقله جماعة عن جماعة ل يجوز العقل توافقهم على الكذب‪ ،‬مثاله كنقل أعداد ركعات الصلة‬ ‫ومقادير الزكاة ونحوهما‪ً.‬ا والمشهور ما كان في عصر الصحابة كأخبار الحاد ثم اشتهر في عصر‬ ‫التابعين أو عصر تبع التابعين وتلقته المة بالقبول في أحد العصرين الخيرين فصار كالمتواتر‪،‬‬ ‫كالرجم في باب الزنا‪ً.‬ا وخبر الواحد ما نقله واحد عن واحد أو واحد عن جماعة أو جماعة عن‬ ‫واحد‪ ،‬والمتواتر منها يوجب العلم القطعي ويكون إنكاره كفراا‪ ،‬والمشهور يوجب علم الطمأنينة‬

‫ويكون إنكاره بدعة وفسقاا‪ ،‬وخبر الواحد ل يوجب أحد العلمين المذكورين ويعتبر في العمل ل في‬ ‫إثبات العقائد وأصول الدين‪ً.‬ا وإذا خالف الدليل القطعي عقلي ا كان أو نقلي ا يؤول إن أمكن التأويل‪،‬‬ ‫وإل يترك ول يعمل بالدليل العقلي‪ً.‬ا والفرق بين الحديث الصحيح والقرآن بثلثة أوجه‪ :‬الول أن‬

‫القرآن كله منقول بالتواتر كما نزل على رسول ال صلى ال عليه وسلم وما بدل‬

‫) ‪(3/920‬‬


‫ناقلوه لفظا بلفظ آخر مرادف له‪ ،‬بخلف الحديث الصحيح لن نقله بالمعنى أيضا كان جائزا‬ ‫للناقل الثقة الماهر بلغة العرب وأسلوب كلمهم‪ ،‬والثاني أن القرآن لما كان كله متواترا يلزم الكفر‬ ‫بإنكار جملة منه أيض ا بخلف الحديث الصحيح فإنه ل يلزم الكفر إل بإنكار قسم منه وهو‬

‫المتواتر دون المشهور وخبر الواحد‪ ،‬والثالث أن الحكام تتعلق بألفاظ القرآن ونظمه أيض ا كصحة‬

‫الصلة وكون عبارته معجزة‪ ،‬بخلف الحديث فإنه ل تتعلق الحكام بألفاظه‪ً.‬ا وإذا عرفت ما ذكرت‬

‫في الفوائد الثلثة تحقق لك أنه ل يلزم من اعتبارنا الحديث الصحيح بالطريق المذكور شيء من‬ ‫القبائح والستبعادات‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/921‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬في دفع شبهات القسيسين الواردة على الحاديث‪ً.‬ا‬ ‫وهي خمس شبهات‪:‬‬ ‫)الشبهة الولى( أن رواة الحديث أزواج محمد صلى ال عليه وسلم وأقرباؤه وأصحابه ول اعتبار‬ ‫لشهادتهم في حقه‪ً.‬ا )والجواب( أن هذه الشبهة ترد عليهم بأدنى تغير بأن يقال إن رواة الحالت‬ ‫المسيحية وأقواله المندرجة في هذه الناجيل أم عيسى عليهما السلم وأبوه الجعلي يوسف‬ ‫النجاري وتلميذه ول اعتبار لشهادتهم في حقه‪ ،‬وإن قالوا إنه يحتمل أن إيمان أقارب محمد صلى‬ ‫ال عليه وسلم وأصحابه كان لجل الرياسة الدنيوية‪ ،‬قلت إن هذا الحتمال ساقط لنه صلى ال‬ ‫عليه وسلم إلى ثلث عشرة سنة كان في غاية اللم من إيذاء الكفار وأصحابه رضي ال عنهم كانوا‬ ‫أيضا مبتلين بغاية إيذائهم إلى المدة المذكورة حتى تركوا الوطان وهاجروا إلى الحبشة والمدينة‪،‬‬ ‫ول يتصور أن يتخيل أحد منهم إلى هذه المدة طمع الدنيا‪ ،‬على أن هذا الحتمال قائم في‬

‫الحواريين أيض ا لنهم كانوا مساكين صيادين‪ ،‬وكانوا سمعوا من اليهود أن المسيح يكون سلطان ا‬ ‫عظيم الشأن‪ ،‬فلما ادعى عيسى بن مريم عليهما السلم أنه هو المسيح الموعود آمنوا به وفهموا‬ ‫أنه يحصل لهم باتباعه المناصب الجليلة‪ ،‬وينجون عن مشقة الشبكة والصطياد ولما وعدهم‬

‫) ‪(3/922‬‬


‫عيسى عليه السلم‪) :‬بأني إذا جلست على السرير تجلسون أنتم أيضا على اثني عشر سريرا‬ ‫تدينون أسباط إسرائيل الثني عشر( كما هو مصرح به في الباب التاسع عشر من إنجيل متى‪ً.‬ا‬ ‫وكذا وعدهم‪) :‬أن من ترك لجلي ولجل النجيل شيئ ا يجد مائة ضعف الن في هذا الزمان ويجد‬ ‫الحياة البدية في الدهر التي( ‪ ،‬كما هو مصرح به في الباب العاشر من إنجيل مرقس‪ ،‬وكذا وعد‬

‫بأشياء أخر‪ ،‬فتيقنوا أنهم يصيرون سلطين يحكم كل منهم على سبط من أسباط إسرائيل وإن فات‬ ‫منهم شيء لجل اتباعه يحصل لهم في هذه الدنيا بدله مائة ضعف هذا الشيء‪ ،‬ورسخ في أذهانهم‬ ‫هذا المر حتى طلب يعقوب ويوحنا ابن ا زيدي‪ ،‬أو طلبت أمهما ‪ -‬على اختلف رواية النجيلين ‪-‬‬ ‫منصب الوزارة العظمى بأن يجلس أحدهما على يمين عيسى عليه السلم والخر على يساره في‬ ‫ملكوته كما هو مصرح به في الباب العشرين من إنجيل متى‪ ،‬والباب العاشر من إنجيل مرقس‪،‬‬ ‫لكنهم لما رأوا أنه لم تحصل لهم السلطنة الخيالية ول مائة ضعف في هذه الدنيا بل لم يحصل له‬ ‫أيض ا شيء من الدولة الدنياوية وهو مسكين كما كان يخاف من اليهود ويفر من موضع إلى موضع‪،‬‬

‫ورأوا أن اليهود في صدد أن يأخذوه ويقتلوه تنبهوا أن فهمهم كان خطأ والمواعيد المذكورة كسراب‬ ‫يحسبه الظمآن ماء‪ ،‬فرضي واحد منهم بدل هذه السلطنة الخيالية وهذه الضعاف الموهومة‬

‫بثلثين درهما أخذها من اليهود على شرط تسليمه لهم‪ ،‬وتركه سائرهم حين ما أخذه اليهود وفروا‬ ‫وأنكروه ثلث مرات‪ ،‬ولعنه أرشد الحواريين وأعظمهم الذي كان مبنى كنيسة‬

‫) ‪(3/923‬‬

‫وراعي خرافه وخليفته أعني حضرة بطرس‪ ،‬وحلف أني ل أعرفه‪ ،‬وصاروا آيسين مطلقا من‬

‫متخيلتهم بعد ما صلب على زعمهم ثم لما رأوه مرة أخرى بعد القيام رجع رجاؤهم مرة أخرى‬ ‫وظنوا أنهم يصيرون سلطين في هذه المرة فسألوه مجتمعين في وقت صعوده قائلين‪ :‬هل في هذا‬ ‫الوقت ترد الملك إلى إسرائيل‪) ،‬كما هو مصرح به في الباب الول من كتاب العمال( وبعد‬ ‫الصعود وقعوا في خيال آخر هو أعظم من السلطنة الدنياوية التي لم تحصل لهم إلى‬ ‫زمان الصعود‪ ،‬وهو أن المسيح ينزل في عهدهم من السماء‪ ،‬وأن القيامة قريبة كما عرفت مفصلا‬ ‫من الفصل الثالث والرابع من الباب الول‪ ،‬وأنه بعد نزوله يقتل الدجال ويحبس الشيطان إلى ألف‬ ‫سنة‪ ،‬وأنهم يجلسون على السرة بعد نزوله ويعيشون عيشة مرضية إلى المدة المذكورة في هذه‬ ‫الدنيا‪ ،‬كما يفهم من الباب التاسع عشر والعشرين من كتاب المشاهدات‪ ،‬والية الثانية من الباب‬


‫السادس من الرسالة الولى إلى أهل قورنيثوس ثم يحصل لهم السرور الدائمي في الجنة إلى البد‬ ‫عند القيامة الثانية‪ ،‬فلجل هذه المور بالغوا في مدحه وتقرير حالته كما قال النجيلي الرابع في‬ ‫آخر إنجيله‪) ،‬إن أشياء أخر كثيرة صنعها يسوع إن كتبت واحدة واحدة فلست أظن أن العالم نفسه‬ ‫يسع الكتب( ول شك أنه كذب محض ومبالغة شاعرية قبيحة فكانوا يبالغون بأمثال‬

‫) ‪(3/924‬‬

‫هذه القوال ليوقعوا السفهاء في شبكاتهم حتى ماتوا غير واصلين إلى مرادهم‪ ،‬فل اعتبار‬ ‫لشهادتهم في حقه‪ ،‬وهذا التقرير على سبيل اللزام ل العتقاد كما صرحت به مرارا‪ً.‬ا فكما أن هذا‬

‫الحتمال في حق عيسى وحواريه الحقة عليهم السلم ساقط فكذلك احتمالهم في حق أصحاب‬

‫محمد صلى ال عليه وسلم ساقط‪ً.‬ا وقد يشير القسيسون لجل تغليط العوام إلى ما يتفوه به الفرقة‬ ‫المامية الثني عشرية في حق الصحابة رضي ال عنهم أجمعين‪ ،‬والجواب عنه إلزاما وتحقيقا هكذا‬

‫إما إلزام ا فلن موشيم المؤرخ قال في المجلد الول من تاريخه‪) :‬إن الفرقة البيونية التي كانت في‬ ‫القرن الول كانت تعتقد أن عيسى عليه السلم إنسان فقط تولد من مريم ويوسف النجار مثل‬

‫الناس الخرين وطاعة الشريعة الموسوية ليست منحصرة في حق اليهود فقط‪ ،‬بل تجب على غيرهم‬ ‫أيضا والعمل على أحكامه ضروري للنجاة‪ً.‬ا‬ ‫ولما كان بولس ينكر وجوب هذا العمل‬

‫) ‪(3/925‬‬

‫ويخاصمهم في هذا الباب مخاصمة شديدة كانوا يذمونه ذما شديدا ويحقرون تحريراته تحقيرا بليغا‬ ‫انتهى‪ً.‬ا وقال لردنر في الصفحة ‪ 376‬من المجلد الثاني من تفسيره‪) :‬إن القدماء أخبرونا أن هذه‬ ‫الفرقة كانت ترد بولس ورسائله( انتهى‪ً.‬ا وقال بل في تاريخه في بيان هذه الفرقة‪) :‬هذه الفرقة كانت‬ ‫تسلم من كتب العهد العتيق التوراة فقط وكانت تنفر من اسم داود وسليمان وأرمياء وحزقيال عليهم‬ ‫السلم‪ ،‬وكان من العهد الجديد عندها إنجيل متى فقط لكنها كانت حرفته في كثير من المواضع‬ ‫وأخرجت البابين الولين منه( انتهى‪ ،‬وقال في تاريخه في بيان الفرقة المارسيونية‪) :‬إن هذه الفرقة‬ ‫كانت تعتقد أن الله إلهان أحدهما خالق الخير وثانيهما خالق الشر وكانت تقول التوراة وسائر‬


‫كتب العهد العتيق من جانب الله الثاني وكلها مخالف للعهد الجديد ثم قال إن هذه الفرقة كانت‬ ‫تعتقد أن عيسى نزل الجحيم بعد موته وأنجى أرواح قابيل وأهل سدوم من عذابها لنهم حضروا‬ ‫عنده وما أطاعوا الله خالق الشر وأبقى أرواح هابيل ونوح وإبراهيم والصالحين الخرين في‬

‫) ‪(3/926‬‬

‫الجحيم‪ ،‬لنهم كانوا خالفوا الفريق الول‪ً.‬ا وكانت تعتقد أن خالق العالم ليس منحصرا في الله‬

‫الذي أرسل عيسى‪ ،‬ولذلك ما كانت تسلم أن كتب العهد العتيق إلهامية وكانت تسلم من العهد‬

‫الجديد إنجيل لوقا فقط لكنها ما كانت تسلم البابين الولين منه وكانت تسلم من رسائل بولس‬ ‫عشرة رسائل لكنها كانت ترد ما كان مخالف ا لخيالها( انتهى‪ً.‬ا‬

‫ونقل لردنر في المجلد الثالث من تفسيره قول اكستائن في بيان فرقة ماني كبز هكذا‪) :‬هذه الفرقة‬

‫تقول أن الله الذي أعطى موسى التوراة وكلم النبياء السرائيلية ليس بإله بل شيطان من الشياطين‪،‬‬ ‫وتسلم بكتب العهد الجديد‪ ،‬لكنها تقر بوقوع اللحاق فيها وتأخذ ما رضيت به وتترك الباقي‬ ‫وترجح بعض الكتب الكاذبة عليها وتقول إنها صادقة البتة( ثم قال لردنر في المجلد المذكور‪:‬‬ ‫)اتفق المؤرخون أن هذه الفرقة كلها ما كانت تسلم الكتب المقدسة للعهد العتيق في كل وقت( ‪ً.‬ا‬ ‫وكتب في أعمال اركلس عقيدة هذه الفرقة هكذا‪) :‬خدع الشيطان أنبياء اليهود‪ ،‬والشيطان كلم‬ ‫موسى وأنبياء اليهود وكانت تتمسك بالية الثامنة من الباب العاشر من إنجيل يوحنا بأن المسيح‬ ‫قال لهم سراق ولصوص وكانت أخرجت العهد الجديد( انتهى‪ ،‬وهكذا حال الفرق الخرى‪ ،‬لكني‬ ‫اكتفيت في نقل مذاهب الفرق الثلثة المذكورة على عدد التثليث وأقول هل تتم أقوال هذه الفرق‬ ‫على علماء بروتستنت أم ل فإن تمت فيلزم عليهم العتقاد بهذه المور العشرة‪:‬‬ ‫]‪ [1‬أن عيسى عليه السلم إنسان فقط تولد من يوسف النجار‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/927‬‬

‫]‪ [2‬وأن العمل على أحكام التوراة ضروري للنجاة‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [3‬وأن بولس شرير ورسائله واجبة الرد‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [4‬وأن الله إلهان خالق الخير وخالق الشر‪ً.‬ا‬


‫]‪ [5‬وأن أرواح قابيل وأهل سدوم حصل لها النجاة من عذاب جهنم بموت عيسى عليه السلم‬ ‫وأرواح هابيل ونوح وإبراهيم والصلحاء القدماء معذبة في جهنم بعد موته أيضا‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [6‬وأن هؤلء كانوا مطيعين للشيطان‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [7‬وأن التوراة وسائر كتب العهد العتيق من جانب الشيطان‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [8‬وأن الذي كلم موسى والنبياء السرائيلية ليس بإله بل شيطان‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [9‬وأن كتب العهد الجديد وقع فيها التحريف بالزيادة‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [10‬وأن بعض الكتب الكاذبة صادقة البتة وإن لم تتم أقوال هذه الفرق عليهم فل يتم قول‬ ‫بعض الفرق السلمية على جمهور أهل السلم سيما إذا كان هذا القول مخالف ا للقرآن ولقوال‬

‫الئمة الطاهرين رضي ال عنهم أيضا كما ستعرف‪ً.‬ا )‪(1‬‬

‫وإذا عرفت هذا فأقول إن القرآن ناطق بأن الصحابة الكبار رضي ال عنهم لم يصدر عنهم شيء‬

‫يوجب الكفر ويخرجهم عن اليمان‪ً.‬ا‬ ‫‪ -1‬قال ال تعالى في سورة التوبة‪} :‬والسابقون الولون من المهاجرين والنصار والذين اتبعوهم‬ ‫بإحسان رضي ال عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري من تحتها النهار خالدين فيها أبدا‬ ‫ذلك الفوز العظيم{ً فقال ال في حق السابقين الولين من المهاجرين والنصار أربعة أمور‪) :‬الول(‬ ‫رضوانه عنهم )والثاني( رضوانهم عنه‬ ‫__________‬ ‫)‪ (1‬قال دمنعدد الكتاب للشاملة‪ :‬في بعض النسخ هنا زيادة ليست في المطبوعة‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫وأما الجواب عنه تحقيقا فلن القرآن المجيد عند جمهور علماء الشيعة المامية الثني عشرية‬

‫محفوظ عن التغير والتبديل‪ ،‬ومن قال منهم بوقوع النقصان فيه فقوله مردود غير مقبول عندهم‪ً.‬ا‬

‫]‪ [1‬قال الشيخ الصدوق أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه الذي هو من أعظم علماء المامية‬ ‫الثني عشرية في رسالته العتقادية‪) :‬اعتقادنا في القرآن أن القرآن الذي أنزل ال تعالى على نبيه‬ ‫هو ما بين الدفتين وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع‬ ‫عشرة سورة وعندنا الضحى وألم نشرح سورة واحدة وليلف وألم تر كيف سورة واحدة ومن نسب‬ ‫إلينا أنا نقول أنه أكثر من ذلك فهو كاذب( انتهى‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [ 2‬وفي تفسير مجمع البيان الذي هو تفسير معتبر عند الشيعة‪) :‬ذكر السيد الجل المرتضى‬ ‫علم الهدى ذو المجد أبو القاسم علي بن الحسين الموسوي أن القرآن كان على عهد رسول ال‬ ‫صلى ال عليه وسلم مجموع ا مؤلف ا على ما هو الن واستدل على ذلك بأن القرآن كان يدرس‬

‫ويحفظ جميعه في ذلك الزمان حتى عين على جماعة من الصحابة في حفظهم وأنه كان يعرض‬


‫على النبي صلى ال عليه وسلم ويتلى عليه وأن جماعة من الصحابة كعبد ال بن مسعود وأبي بن‬ ‫كعب وغيرهما ختموا القرآن على النبي صلى ال عليه وسلم عدة ختمات‪ ،‬وكل ذلك بأدنى تأمل‬ ‫يدل على أنه كان مجموع ا مرتب ا غير منشور ول مبثوث‪ ،‬وذكر أن من خالف من المامية والحشوية‬ ‫ل يعتد بخلفهم فإن الخلف مضاف إلى قوم من أصحاب الحديث نقلوا أخبارا ضعيفة ظنوا‬

‫صحتها ل يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحته( انتهى‪ً.‬ا‬

‫]‪ [3‬وقال السيد المرتضى أيضاا‪) :‬إن العلم بصحة القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار‬

‫والوقائع العظام المشهورة وأشعار العرب المسطورة‪ ،‬فإن العناية اشتدت والدواعي توفرت على نقله‬

‫وبلغت حدا لم تبلغ إليه فيما ذكرناه لن القرآن معجزة النبوة ومأخذ العلوم الشرعية والحكام‬

‫الدينية‪ ،‬وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وعنايته الغاية حتى عرفوا كل شيء فيه من إعرابه‬

‫وقراءته وحروفه وآياته فكيف يجوز أن يكون مغيرا أو منقوصا مع العناية الصادقة والضبط الشديد(‬

‫انتهى‪ً.‬ا‬

‫]‪ [4‬وقال القاضي نور ال الشوستري الذي هو من علمائهم المشهورين في كتابه المسمى‬ ‫بمصائب النواصب‪" :‬ما نسب إليه الشيعة المامية بوقوع التغير في القرآن ليس مما قال به جمهور‬ ‫المامية إنما قال به شرذمة قليلة منهم ل اعتداد بهم فيما بينهم" انتهى‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [5‬وقال المل صادق في شرح الكليني‪) :‬يظهر القرآن بهذا الترتيب عند ظهور المام الثاني‬ ‫عشر ويشهر به( انتهى‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [6‬وقال محمد بن الحسن الحر العاملي الذي هو من كبار المحدثين في الفرقة المامية في‬ ‫رسالة كتبها في رد بعض معاصريه‪" :‬هركسيكه تتبع أخبار وتفحص تواريخ وآثار نموده بعلم يقيني‬ ‫ميداندكه قرآن درغايه وأعلى درجة تواتر بوده وآلف صحابة حفظ ونقل ميكردندآن راودر عهد‬ ‫رسول خدا صلى ال عليه وسلم مجموع ومؤلف بود( انتهى‪ً.‬ا فظهر أن المذهب المحقق عند علماء‬ ‫الفرقة المامية الثني عشرية أن القرآن الذي أنزله ال على نبيه هو ما بين الدفتين وهو ما في أيدي‬ ‫الناس ليس بأكثر من ذلك‪ ،‬وأنه كان مجموعا مؤلفا في عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم‪،‬‬

‫وحفظه ونقله ألوف من الصحابة وجماعة من الصحابة كعبد ال بن مسعود وأبي بن كعب وغيرهما‬

‫ختموا القرآن على النبي عدة ختمات ويظهر القرآن ويشهر بهذا الترتيب عند ظهور المام الثاني‬ ‫عشر رضي ال عنه والشرذمة القليلة التي قالت بوقوع التغير‪ً.‬ا فقولهم مردود ول اعتداد بهم فيما‬ ‫بينهم‪ ،‬وبعض الخبار الضعيفة التي رويت في مذهبهم ل يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على‬ ‫صحته وهو حق لن خبر الواحد إذا اقتضى علم ا ولم يوجد في الدلة القاطعة ما يدل عليه وجب‬

‫رده‪ ،‬على ما صرح ابن المطهر الحلي في كتابه المسمى )بمبادئ الوصول إلى علم الصول( ‪ ،‬وقد‬


‫قال ال تعالى‪} :‬إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون{ً ‪ً.‬ا في تفسير الصراط المستقيم الذي هو‬ ‫تفسير معتبر عند علماء الشيعة )أي إنا لحافظون له من التحريف والتبديل والزيادة والنقصان( ‪ً.‬ا‬ ‫انتهى‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/928‬‬

‫)والثالث( تبشيرهم بالجنة )والرابع( وعد خلودهم فيها‪ ،‬ول شك أن أبا بكر الصديق وعمر الفاروق‬ ‫وعثمان ذا النورين رضي ال عنهم من السابقين الولين من المهاجرين‪ ،‬كما أن أمير المؤمنين عليا‬ ‫رضي ال عنه منهم فثبت لهم هذه المور الربعة وثبت صحة خلفتهم‪ ،‬فقول الطاعن في الثلثة‬ ‫رضي ال عنهم مردود‪ ،‬كما أن قول الطاعن في حق الرابع رضي ال عنه مردود‪ً.‬ا‬ ‫‪ -2‬وقال ال تعالى في سورة التوبة أيضاا‪} :‬الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل ال بأموالهم‬ ‫وأنفسهم أعظم درجة عند ال وأولئك هم الفائزون يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم‬

‫فيها نعيم مقيم خالدين فيها أبدا إن ال عنده أجر عظيم{ً فقال ال في حق المؤمنين المهاجرين‬ ‫المجاهدين في سبيل ال بأموالهم وأنفسهم أربعة أمور‪) :‬الول( كون درجتهم أعظم عند ال‬ ‫)والثاني( كونهم فائزين بمرادهم )والثالث( كونهم مبشرين بالرحمة والرضوان والجنات‬

‫) ‪(3/929‬‬

‫)والرابع( خلودهم في الجنات أبداا‪ ،‬وأكد المر الرابع غاية التأكيد بثلث عبارات أعني قوله مقيم‪،‬‬

‫وقوله خالدين فيها أبداا‪ ،‬وقوله ]أجر عظيم[ ‪ ،‬ول شك أن الخلفاء الثلثة رضي ال عنهم من‬

‫المؤمنين المهاجرين المجاهدين في سبيل ال بأموالهم وأنفسهم‪ ،‬كما أن عليا رضي ال عنه منهم‬

‫فثبت لهم المور الربعة‪ً.‬ا‬

‫‪ -3‬وقال ال تعالى في سورة التوبة أيضاا‪} :‬لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم‬

‫وأنفسهم وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون‪ ،‬أعد ال لهم جنات تجري من تحتها النهار‬

‫خالدين فيها ذلك الفوز العظيم{ً فقال ال في حق المؤمنين المجاهدين أربعة أمور‪) :‬الول( كون‬ ‫الخيرات لهم )والثاني( كونهم مفلحين‬


‫) ‪(3/930‬‬

‫)والثالث( وعد الجنات )والرابع( خلودهم فيها‪ً.‬ا ول شك أن الثلثة رضي ال عنهم من المؤمنين‬ ‫المجاهدين فثبت هذه المور الربعة لهم‪ً.‬ا‬ ‫‪ -4‬وقال ال تعالى في سورة التوبة أيضاا‪} :‬إن ال اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم‬

‫الجنة يقاتلون في سبيل ال فميقتلون وديقتلون وعدا عليه حق ا في التوراة والنجيل والقرآن ومن أوفى‬ ‫بعهده من ال فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم‪ً.‬ا التائبون العابدون‬

‫الحامدون السائحون الراكعون الساجدون المرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون‬ ‫لحدود ال وبشر المؤمنين{ً فوعد ال الجنة للمؤمنين المجاهدين وعدا موثق ا وذكر تسعة أوصاف‬

‫لهم فثبت أنهم كانوا كذلك ويفوزون بالجنة‪ً.‬ا‬

‫‪ -5‬وقال ال في سورة الحج‪} :‬الذين إن مكلناهم في الرض أقاموا الصلة وآتوا الزكاة وأمروا‬ ‫بالمعروف ونهوا عن المنكر وللله عاقبة المور{ً فقوله الذين إن مكناهم صفة لمن تقدم وهو قوله‬ ‫الذين أخرجوا‪ ،‬فيكون المراد به المهاجرين ل النصار لنهم ما أخرجوا من ديارهم فوصف ال‬ ‫المهاجرين بأنه إن مكنهم في الرض وأعطاهم السلطنة أتوا بالمور الربعة وهي إقامة الصلة وإيتاء‬ ‫الزكاة والمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬لكن قد ثبت أن ال مكن الخلفاء الربعة رضي ال‬ ‫عنهم في الرض‪ ،‬فوجب كونهم آتين بالمور الربعة‪ ،‬وإذا كانوا كذلك ثبت كونهم‬

‫) ‪(3/931‬‬

‫على الحق‪ ،‬وفي قوله ل عاقبة المور دللة على أن الذي تقدم ذكره من تمكينهم في الرض كائن‬ ‫ل محالة‪ ،‬ثم إن المور ترجع إلى ال تعالى بالعاقبة فإنه هو الذي ل يزول ملكه‪ً.‬ا‬ ‫‪ -6‬وقال ال تعالى في سورة الحج‪} :‬وجاهدوا في ال حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في‬ ‫الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا‬ ‫عليكم وتكونوا شهداء على الناس‪ ،‬فأقيموا الصلة وآتوا الزكاة واعتصموا بال هو مولكم فنعم‬


‫المولى ونعم النصير{ً فسمى ال في هذه الية الصحابة بالمسلمين‪ً.‬ا‬ ‫‪ -7‬وقال ال تعالى في سورة النور‪} :‬وعد ال الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم‬ ‫في الرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد‬ ‫خوفهم أمن ا يعبدونني ل يشركون بي شيئ ا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون{ً ولفظ "من" في‬ ‫قوله منكم للتبعيض وكم ضمير الخطاب فيدلن على أن المراد بهذا الخطاب بعض المؤمنين‬

‫الموجودين في زمان نزول هذه السورة ل الكل‪ ،‬ولفظ الستخلف يدل على أن حصول ذلك‬ ‫الوعد يكون بعد الرسول صلى ال عليه وسلم ومعلوم أنه ل نبي بعده لنه خاتم النبياء‪ ،‬فالمراد‬ ‫بهذا الستخلف طريقة المامة‪ ،‬والضمائر الراجعة إليهم في قوله ليستخلفنهم إلى قوله ل يشركون‬ ‫وقعت كلها على صيغة الجمع‪ ،‬والجمع حقيقة ل يكون‬

‫) ‪(3/932‬‬

‫محمولا على أقل من ثلثة‪ ،‬فتدل على أن هؤلء الئمة الموعود لهم ل يكونون أقل من ثلثة وقوله‬ ‫ليمكنن لهم إلى آخره وعد لهم بحصول القوة والشوكة والنفاذ في العالم فيدل على أنهم يكونون‬

‫أقوياء ذوي شوكة‪ ،‬نافذ أمرهم في العالم‪ ،‬وقوله دينهم الذي ارتضى لهم يدل على أن الدين الذي‬ ‫يظهر في عهدهم هو الدين المرضي ل وقوله ليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يدل على أنهم في عهد‬

‫خلفتهم يكونون آمنين غير خائفين‪ ،‬ول يكونون في الخوف والتقية‪ ،‬وقوله يعبدونني ل يشركون بي‬

‫شيئ ا يدل على أنهم في عهد خلفتهم أيض ا يكونون مؤمنين ل مشركين‪ً.‬ا‬

‫فدلت الية على صحة إمامة الئمة الربعة رضي ال عنهم سيما الخلفاء الثلثة أعني أبا بكر‬

‫الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذا النورين رضي ال عنهم‪ ،‬لن الفتوحات العظيمة والتمكين التام‬ ‫وظهور الدين والمن الذي كان في عهدهم لم يكن في عهد أمير المؤمنين علي رضي ال عنه‬ ‫لشتغاله بمحاربة أهل الصلة في عهده الشريف‪ ،‬فثبت أن ما يتفوه به الشيعة في حق الثلثة رضي‬ ‫ال عنهم أو الخوارج في حق عثمان وعلي رضي ال عنهما قول غير قابل لللتفات‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/933‬‬


‫‪ -8‬وقال ال تعالى في سورة الفتح في حق المهاجرين والنصار الذين كانوا مع رسول ال صلى‬ ‫ال عليه وسلم في صلح الحديبية‪} :‬إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل‬ ‫ال سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان ال بكل‬ ‫شيء عليماا{ً فقال في حقهم أربعة أمور‪:‬‬

‫)الول( إنهم شركاء للرسول في نزول السكينة‪ً.‬ا )والثاني( إنهم مؤمنون‪ً.‬ا )والثالث( إن كلمة التقوى‬ ‫لزمة غير منفكة عنهم‪ً.‬ا )والرابع( إنهم كانوا أحق بكلمة التقوى وأهلها‪ ،‬ول شك أن أبا بكر وعمر‬

‫رضي ال عنهما في هؤلء المهاجرين فثبت لهما ولسائرهم هذه المور الربعة‪ ،‬ومن اعتقد في‬ ‫حقهم غير هذه فعقيدته باطلة مخالفة للقرآن‪ً.‬ا‬ ‫‪ -9‬وقال ال تعالى أيضا في سورة الفتح‪} :‬محمد رسول ال والذين معه أشداء على الكفار رحماء‬

‫بينهم تراهم ركع ا سجدا يبتغون فضلا من ال ورضواناا‪ ،‬سيماهم في وجوههم من أثر السجود{ً ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/934‬‬

‫فمدح الصحابة بكونهم أشداء على الكفار رحماء فيما بينهم وكونهم راكعين‪ ،‬وساجدين‪ ،‬ومبتغين‬ ‫فضل ال ورضوانه‪ ،‬فمن اعتقد من مدعي السلم في حقهم غير هذا فهو مخطئ‪ً.‬ا‬ ‫‪ -10‬وقال ال تعالى في سورة الحجرات‪} :‬ولكن ال حبب إليكم اليمان وزينه في قلوبكم‪ ،‬وكره‬ ‫إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون{ً ‪ً.‬ا فعلم أن الصحابة كانوا محبي اليمان‬ ‫كارهي الكفر والفسق والعصيان وكانوا راشدين‪ ،‬فاعتقاد ضد هذه الشياء في حقهم خطأ‪ً.‬ا‬ ‫‪ -11‬وقال ال تعالى في سورة الحشر‪} :‬للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم‬ ‫يبتغون فضلا من ال ورضواناا‪ ،‬وينصرون ال ورسوله أولئك هم الصادقون‪ ،‬والذين تبوؤوا الدار‬

‫واليمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ول يجدون في صدورهم حاجة مما أتوا ويؤثرون على‬

‫أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون{ً ‪ً.‬ا‬ ‫فمدح ال المهاجرين والنصار بستة أوصاف‪) :‬الول( أن هجرة هؤلء المهاجرين ما كانت لجل‬ ‫الدنيا بل كانت لجل ابتغاء مرضات ال‪ً.‬ا )والثاني( أنهم كانوا ناصرين لدين ال ورسوله‪ً.‬ا )والثالث(‬


‫أنهم كانوا صادقين قولا وفع لا‪ً.‬ا )والرابع( أن النصار كانوا يحبون من هاجر إليهم‪ً.‬ا )والخامس( إنهم‬ ‫كانوا يسرون إذا حصل شيء للمهاجرين‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/935‬‬

‫)والسادس( أنهم كانوا يقدمونهم على أنفسهم مع احتياجهم‪ ،‬وهذه الوصاف الستة تدل على‬ ‫كمال اليمان ومن اعتقد في حقهم غير هذا فهو مخطئ وهؤلء الفقراء من المهاجرين كانوا‬ ‫يقولون لبي بكر رضي ال عنه يا خليفة رسول ال وال يشهد على كونهم صادقين فوجب أن‬ ‫يكونوا صادقين في هذا القول أيض ا ومتى كان المر كذلك وجب الجزم بصحة إمامته‪ً.‬ا‬

‫‪ -12‬وقال ال تعالى في سورة آل عمران‪} :‬كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف‬ ‫وتنهون عن المنكر وتؤمنون بال{ً ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/936‬‬

‫فمدح ال الصحابة بثلثة أوصاف‪) :‬الول( أنهم خير أمة‪ً.‬ا )والثاني( أنهم كانوا يأمرون بالمعروف‬ ‫وينهون عن المنكر‪ً.‬ا )والثالث( أنهم كانوا مؤمنين بال‪ ،‬وهكذا اليات الخر لكني لخوف التطويل‬ ‫أكتفي على اثني عشر موضعاد على عدد الحواريين لعيسى عليه السلم وعدد الئمة الطاهرين‬ ‫الثني عشر رضي ال عنهم أجمعين‪ً.‬ا‬

‫وأنقل خمسة أقوال من أقوال أهل البيت عليهم السلم على عدد الخمسة الطاهرين عليهم‬ ‫السلم‪ً.‬ا‬ ‫‪ [1]-‬في نهج البلغة الذي هو كتاب معتبر عند الشيعة قول علي رضي‬

‫) ‪(3/937‬‬

‫ال عنه هكذا‪) :‬للله در فلن فلقد ‪ :1‬قوم الود‪ :2 ،‬وداوي العمد‪ :3 ،‬وأقام السنة‪ :4 ،‬وخلف‬ ‫البدعة‪ :5 ،‬ذهب نقي الثوب‪ :6 ،‬قليل العيب‪ :7 ،‬أصاب خيرها‪ :8 ،‬وسبق شرها‪ :9 ،‬أدى إلى‬


‫ال طاعته‪ :10 ،‬واتقاه بحقه رحل وتركهم في طرق متشعبة ل يهتدي فيه الضال ويستيقن‬ ‫المهتدي( انتهى‪ً.‬ا‬ ‫والمراد بفلن على مختار أكثر الشارحين منهم البحراني‪ ،‬أبو بكر الصديق رضي ال عنه وعلى‬ ‫مختار بعض الشارحين عمر الفاروق رضي ال عنه‪ ،‬فذكر علي رضي ال عنه عشرة أوصاف من‬ ‫أوصاف أبي بكر أو عمر رضي ال عنه فل بد من وجودها‪ ،‬ولما ثبتت هذه الوصاف له بعد مماته‬ ‫بإقرار علي رضي ال عنه فما بقي في صحة خلفته شك‪ً.‬ا‬ ‫‪ [2]-‬وفي كشف الغمة الذي هو تصنيف علي بن عيسى الردبيلي الثني‬

‫) ‪(3/938‬‬

‫عشري الذي هو من الفضلء المعتمدين عند المامية )سئل المام جعفر عليه السلم عن حلية‬ ‫السيف هل يجوز‪ ،‬فقال‪ :‬نعم قد حلى أبو بكر الصديق سيفه‪ ،‬فقال الراوي‪ :‬أتقول هكذا‪ ،‬فوثب‬ ‫المام عن مكانه فقال‪ :‬نعم الصديق نعم الصديق نعم الصديق ‪ -‬فمن لم يقل له الصديق فل صدق‬ ‫ال قوله في الدنيا والخرة( ‪ً.‬ا فثبت بإقرار المام الهمام أن أبا بكر الصديق رضي ال عنه صديق‬ ‫حق‪ ،‬منكره كاذب في الدنيا والخرة‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [3‬ووقع في بعض مكاتيب علي رضي ال عنه على ما نقل شارحو نهج البلغة في حق أبي‬‫بكر وعمر رضي ال عنهما هكذا‪) :‬لعمري إن مكانهما من السلم لعظيم وإن المصاب بهما‬ ‫لحرج في السلم شديد‪ ،‬رحمهما ال وجزاهما ال بأحسن ما عمل( ‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [4‬ونقل صاحب الفصول الذي هو من كبار علماء المامية الثني عشرية عن المام الهمام‬‫محمد الباقر رضي ال عنه هكذا‪) :‬إنه قال لجماعة خاضوا في أبي بكر وعمر وعثمان أل تخبروني‬ ‫أنتم من المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من ال ورضوان ا‬

‫) ‪(3/939‬‬

‫وينصرون ال ورسوله‪ً.‬ا قالوا‪ :‬ل ‪ -‬قال‪ :‬فأنتم من الذين تبوؤوا الدار واليمان من قبلهم يحبون من‬ ‫هاجر إليهم‪ً.‬ا قالوا‪ :‬ل ‪ -‬قال‪ :‬أما أنتم فقد برئتم أن تكونوا أحد هذين الفريقين وأنا أشهد أنكم‬ ‫لستم من الذين قال ال تعالى‪} :‬والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولخواننا الذين‬


‫سبقونا باليمان ول تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم{ً ‪ً.‬ا‬

‫فالخائض في الصديق والفاروق وذي النورين رضي ال عنهم خارج عن الفرق الثلث الذين مدحهم‬ ‫ال بشهادة المام الهمام رضي ال عنه‪ً.‬ا وفي التفسير المنسوب إلى المام الهمام الحسن‬ ‫العسكري رضي ال عنه وعن آبائه الكرام‪) :‬إن ال أوحى إلى آدم ليفيض على كل واحد من محبي‬

‫محمد وآل محمد وأصحاب محمد ما لو قسمت على كل عدد ما خلق ال من طول الدهر إلى‬ ‫آخره وكانوا كفارا لداهم إلى عاقبة محمودة وإيمان بال حتى يستحقوا به الجنة‪ً.‬ا وإن من يبغض‬ ‫آل محمد وأصحابه أو واحدا منهم يعذبه ال عذاب ا لو قسم على مثل خلق ال لهلكهم‬ ‫أجمعين( ‪ً.‬ا‬

‫فعلم أن المحبة ما يكون بالنسبة إلى الل والصحاب رضي ال عنهم ل بالنسبة إلى أحدهما وإن‬ ‫بغض واحد من الل والصحاب كاف‬

‫) ‪(3/940‬‬

‫للهلك‪ً.‬ا نجانا ال من سوء العتقاد في حق الصحابة والل رضوان ال عليهم أجمعين وأماتنا على‬ ‫حبهم‪ ،‬ونظرا إلى اليات الكثيرة والحاديث الصحيحة اتفق أهل الحق على وجوب تعظيم الصحابة‬ ‫رضي ال عنهم‪ً.‬ا‬

‫)الشبهة الثانية( أن مؤلفي كتب الحديث ما رأوا الحالت المحمدية والمعجزات الحمدية بأعينهم‬ ‫وما سمعوا أقوال محمد صلى ال عليه وسلم منه بل واسطة بل سمعوها بالتواتر بعد مائة سنة أو‬ ‫مائتي سنة من وفاة محمد صلى ال عليه وسلم وجمعوها وأسقطوا مقدار نصفها لعدم العتبار‪ً.‬ا‬ ‫)والجواب( قد عرفت في الفصل الثالث أن الرواية اللسانية معتبرة عند جمهور أهل الكتاب‬ ‫واعتبارها ثابت من هذا النجيل المتداول‪ ،‬وأن فرقة بروتستنت تحتاج إلى اعتبارها في أمور كثيرة‬ ‫هي على إقرار )ماني سيك( السقف بمقدار ستمائة‪ ،‬وأن خمسة أبواب من سفر المثال جمعت‬ ‫من الروايات اللسانية‪ ،‬في عهد حزقيا بعد مدة مائتين وسبعين سنة من موت سليمان عليه السلم‪،‬‬ ‫وأن إنجيل مرقس ولوقا وتسعة عشر بابا من كتاب العمال كتبت بالرواية اللسانية وأن المر المهتم‬

‫بشأنه يكون محفوظ ا ول يتطرق فيه خلل بمرور مدة‪ ،‬وأن التابعين كانوا شرعوا في تدوين الحاديث‬ ‫في الكتب لكنهم دونوها على غير ترتيب أبواب الفقه‪ ،‬وأن طبقة تبع التابعين دونوها على ترتيبها‪،‬‬

‫ثم إن البخاري وباقي مؤلفي الكتب الصحاح اقتصروا على ذكر الحاديث‬


‫) ‪(3/941‬‬

‫الصحيحة وتركوا الضعاف وروى كل من أصحاب الصحاح الحاديث بالسناد منهم إلى رسول ال‬ ‫صنف في أسماء الرجال فن عظيم الشأن يعلم به حال كل راوو من رواة‬ ‫صلى ال عليه وسلم‪ً.‬ا وقد د‬ ‫الحديث‪ ،‬وكذا قد عرفت أن أهل السلم كيف يعتبرون الحديث الصحيح فل يرد عليهم شيء‪،‬‬

‫وقولهم سمعوها بالتواتر وأسقطوا مقدار النصف لعدم العتبار غلط لنهم ما أسقطوا لعدم العتبار‬ ‫حديث ا من الحاديث التي سمعوها بالتواتر لن الحديث المتواتر عندهم واجب العتبار‪ ،‬نعم تركوا‬ ‫الضعاف التي لم تكن أسانيدها كاملة وتركها ل يضر كما قد عرفت‪ً.‬ا‬

‫في الباب الثاني من قول آدم كلرك‪) :‬إن هذا المر محقق أن الناجيل الكثيرة الكاذبة كانت رائجة‬ ‫في أول القرون المسيحية وكثرة هذه الحوال الكاذبة الغير الصحيحة هيجت لوقا على تحرير‬ ‫النجيل‪ ،‬ويوجد ذكر أكثر من سبعين من هذه الناجيل الكاذبة والجزاء الكثيرة من هذه الناجيل‬ ‫باقية وكان )ثابري سيوس جمع( هذه الناجيل الكاذبة وطبعها في ثلث مجلدات( انتهى‪ً.‬ا‬ ‫)الشبهة الثالثة( إن كل عاقل إذا ترك التعصب علم أن أكثر الحاديث ل يمكن أن يكون معانيها‬ ‫صادقة مطابقة لما في نفس المر‪ً.‬ا‬ ‫)والجواب( ل يوجد في الحاديث الصحيحة شيء يكون مضمونه ممتنع ا عند العقل‪ ،‬وأما بعض‬

‫المعجزات التي هي خلف العادة‪ ،‬وبعض أحوال الجنة‬

‫) ‪(3/942‬‬

‫والجحيم والملئكة التي ل يوجد لها نظائر في هذه الدنيا فإن كان استبعادهم لها لجل أنها ممتنعة‬ ‫بالبرهان فعليهم ذكر هذا البرهان وعلينا جوابه‪ ،‬وإن كان لجل أنها خلف العادة أو ل يوجد لها‬ ‫نظائر في هذا العالم فل يضرنا لن المعجزة لو كانت على مجرى العادة ل تكون معجزة‪ ،‬أليس‬ ‫صيرورة العصا ثعبانا وابتلعها جميع تنانين السحرة ثم صيرورتها كما كانت بل زيادة حجم‪ ،‬وهكذا‬

‫جميع معجزات موسى عليه السلم على خلف مجرى العادة‪ ،‬وقياس العالم الخر على هذا العالم‬

‫قياس مع الفارق‪ ،‬نعم لو قام البرهان القطعي على امتناع شيء يقطع بامتناعه في العالم الخر أيضاا‪،‬‬ ‫وبدون قيام البرهان‪ ،‬ل يتجاسر على إنكاره في العالم الخر‪ ،‬أل يرون إلى اختلف أحوال القاليم‬


‫فإن بعض الشياء توجد في بعض دون بعض‪ ،‬فمن كان من إقليم وسمع حال بعض الشياء العجيبة‬ ‫المختصة بإقليم آخر يستبعد‪ ،‬بل كثيرا ما ينكر بشرط أن ل يكون سماعه بالتواتر‪ً.‬ا‬

‫وقد يكون بعض المور مستبعدة في بعض الحيان دون بعض كما أن قطع هذه المسافة البحرية‬ ‫بهذه السرعة التي تقطع بالمراكب الدخانية‪ ،‬أو البرية التي تقطع بالعربيات الدخانية كان من‬ ‫المستبعدات عند الناس قبل إيجاد المراكب الدخانية‪ ،‬والعربيات الدخانية وكذا وصول الخبر في‬ ‫دقيقة أو دقيقتين إلى مسافة بعيدة بواسطة السلك المعروف كان من المستبعدات قبل إيجاده وما‬

‫بقيت مستبعدة بعد اختراع هذه الشياء وامتحانها‪ً.‬ا‬ ‫لكن النصاف أن عادة المنكرين أنهم يغمضون عين النصاف ويحكمون على كل شيء يرى‬ ‫مستبعد ا في آرائهم أنه محال‪ ،‬وتعلم علماء بروتستنت هذه العادة من أبناء صنفهم الذين يسمونهم‬ ‫الملحدة‪ ،‬لكن العجيب من هؤلء العلماء أنهم ل يرون أن كتبهم مملوءة بالغلط الصريحة كما‬

‫نقلت بعضها على سبيل النموذج في الفصل الثالث من الباب الول وأنهم ما تنبهوا باستبعادات‬ ‫أبناء صنفهم وعاملوا المسلمين بما‬

‫) ‪(3/943‬‬

‫عاملتهم أبناء صنفهم وقد كانت استبعادات أبناء صنفهم غالبا أقوى من استبعاداتهم الناقصة‪ ،‬وأنا‬ ‫ل‪:‬‬ ‫أنقل بعض المواضع من المواضع التي يستهزؤون بها ويستبعدونها‪ً.‬ا‪ً.‬ا مث ا‬

‫]‪ [1‬وقع في الباب الثاني والعشرين من كتاب العدد هكذا‪) :28 :‬ففتح الرب فم التانة وقالت‬ ‫لبلعام‪ :‬ما الذي فعلت بك هذه ثلث مرات قد ضربتني( ‪) :29‬فقال بلعام للتان‪ :‬لنك استأهلت‬ ‫ذلك مني إلخ( ‪) :30‬فقالت التانة لبلعام‪ :‬لست أنا أتانك التي تركب منذ كنت غلم ا إلى يومك‬ ‫هذا فهل فعلت بك مثل هذا فقال‪ :‬ل( ‪ً.‬ا‬

‫قال هورن في الصفحة ‪ 636‬من المجلد الثاني من تفسيره المطبوع سنة ‪) :1822‬إن الكفار من‬ ‫زمان قليل يستهزؤون بتكلم أتان بلعام( انتهى‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [2‬ووقع في الباب السابع عشر من سفر الملوك الول أن الغربان ‪ 2‬كانت‬

‫) ‪(3/944‬‬


‫تجيب اللحم والخبز للياء الرسول إلى مدة وهذا المر ضحكة عند أبناء صنفهم حتى مال‬ ‫محققهم المشهور هورن إلى رأيهم وسفه مفسريهم ومترجميهم بوجوه ثلثة كما عرفتها في الفصل‬ ‫الثالث من الباب الول‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [ 3‬ووقع في الباب الرابع من كتاب حزقيال هكذا وأنقل عبارته عن الترجمة العربية المطبوعة سنة‬ ‫‪) : [4] :1844‬وأنت تنام على جانبك اليسر وتجعل آثام بيت إسرائيل عليها على عدد أيام‬ ‫ترقد عليها وتتخذ إثمهم ]‪ [5‬أما أنا أعطيتك سني آثامهم على عدد أيام ثلثمائة وتسعين يوما‬ ‫وتحمل إثم آل إسرائيل( ‪) :6‬ثم إذا كملت هذا تنام على جانبك اليمين ثانية وتتخذ إثم آل يهوذا‬ ‫أربعين يوم ا إن يوم ا عوض سنة جعلته لك( ‪) :7‬وتقبل بوجهك إلى محاصرة أورشليم وذراعك تكون‬ ‫مشدودة وتبني عليها( ‪) :8‬هوذ شددتك بوثاق ول تلتفت من جانبك إلى الجانب الخر حتى تتم‬

‫أيام محاصراتك( ‪) :9‬وأنت خذ لك حنطة وشعيرا وفولا وعدسا ودخنا وجاروس وتجعلهن في إناء‬

‫واحد وتخبز لك خبزا على عدد اليام التي ترقد فيها على جانبك ثلثمائة وتسعين يوم ا تأكله( ‪:10‬‬ ‫)وطعامك الذي تأكله يكون بالوزن عشرين مثقالا في كل يوم من وقت إلى وقت تأكله( ‪:11‬‬

‫)وتشرب ماء بمقدار السدس من القسط من وقت إلى وقت تشربه( ‪) :12‬وكخبز ملة من شعير‬

‫تأكله وتلطخه بزبل يخرج من النسان في عيونهم( ‪ً.‬ا‬ ‫فأمر ال حزقيال عليه السلم بثلثة أحكام‪:‬‬ ‫)الول( أن يرقد على جانبه اليسر ثلثمائة وتسعين يوم ا ويحمل إثم آل إسرائيل ثم يرقد على جانبه‬

‫اليمن أربعين يوما ويحمل إثم آل يهوذا‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/945‬‬

‫)والثاني( أن يقبل بوجهه إلى محاصرة أورشليم ويكون ذراعه مشدودة ول يلتفت من جانب إلى‬ ‫جانب آخر حتى تتم أيام المحاصرة‪ً.‬ا‬ ‫)والثالث( أن يأكل إلى ثلثمائة وتسعين يوما خبزا ملطخا ببراز النسان وأبناء صنفهم يستهزئون‬

‫بهذه الحكام ويستبعدون أن تكون من جانب ال‪ ،‬ويقولون إنها واهية بعيدة عن العقل ول يأمر ال‬

‫أن يأكل نبيه المقدس إلى مدة ثلثمائة وتسعين يوم ا خبزا ملطخ ا ببراز النسان‪ ،‬أما كان الدام غير‬

‫هذا‪ ،‬إل أن يقال إن البراز في حق الطاهرين يكون طاهرا كما يفهم من ظاهر كلم مقدسهم بولس‬


‫في الية الخامسة عشرة من الباب الول من رسالته إلى تيطس‪ ،‬على أن ال قد أخبر بواسطته )إن‬ ‫النفس التي تخطئ فهي تموت والبن ل يحمل إثم الب والب ل يحمل إثم البن‪ ،‬وعدل العادل‬ ‫يكون عليه ونفاق المنافق يكون عليه( كما هو مصرح به في الية العشرين من الباب الثامن عشر‬ ‫من كتابه‪ ،‬فكيف أمره أن يحمل آثام إسرائيل ويهوذا إلى أربعمائة وثلثين يوم ا‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [4‬ووقع في الباب العشرين من كتاب أشعيا أن ال أمره ان يكون عريانا حافيا إلى ثلث سنين‬

‫ويمشي على هذه الحالة وأبناء صنفهم يستهزئون بهذا الحكم ويقولون استهزااء‪ ،‬يأمر ال نبيه الذي‬

‫يكون في قيد العقل‬

‫) ‪(3/946‬‬

‫ول يكون مجنونا أن يمشي مكشوف العورة الغليظة بين النساء والرجال إلى ثلث سنين‪ً.‬ا‬

‫]‪ [5‬ووقع في الباب الول من كتاب هوشع أن ال أمره أن يأخذ لنفسه زوجة زانية وأولد الزنا‪ ،‬ثم‬ ‫وقع في الباب الثالث من الكتاب المذكور أن يتعشق بامرأة فاسقة محبوبة لزوجها‪ ،‬وقد وقع في‬ ‫الية الثالثة عشرة من الباب الحادي والعشرين من سفر الحبار هكذا‪) :‬ول يتزوج الكاهن إل امرأة‬ ‫عذراء ول يتزوج أرملة ول مطلقة ول منجسة بالزنا فل يتزوج من هؤلء البتة بل يتزوج عذراء من‬ ‫قومه( ‪ً.‬ا‬ ‫وفي الباب الخامس من إنجيل متى هكذا‪) :‬كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه(‬ ‫فكيف أمر ال نبيه بما ذكر‪ ،‬وهكذا استبعادات أخر فمن شاء فليرجع إلى كتب أبناء صنفهم‪ً.‬ا‬ ‫)الشبهة الرابعة( الحاديث الكثيرة مخالفة للقرآن لنه وقع في القرآن أن محمدا صلى ال عليه‬ ‫وسلم ما ظهر منه معجزة وفي الحاديث أنه صدر منه معجزات كثيرة وأنه وقع في القرآن أن‬

‫محمدا صلى ال عليه وسلم كان مذنباا‪ ،‬وفي أكثر الحاديث أنه كان معصوماا‪ ،‬وأنه وقع في القرآن‬ ‫أن محمدا صلى ال عليه وسلم كان في البتداء في الجهل والضللة كقوله في سورة الضحى‪:‬‬

‫}ووجدك ضالا فهدى{ً‬

‫) ‪(3/947‬‬


‫وكقوله في سورة الشورى‪} :‬ما كنت تدري ما الكتاب ول اليمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من‬

‫نشاء من عبادنا{ً وفي الحاديث أنه تولد في اليمان ولذلك ظهرت منه معجزات كثيرة‪ً.‬ا هذا غاية‬

‫جهدهم في إثبات المخالفة بين القرآن والحاديث‪ً.‬ا‬ ‫)والجواب( أن المرين الولين لما كانا من أعظم مطاعن النبي صلى ال عليه وسلم أردت أن‬ ‫أتعرض لهما في الباب السادس في المطاعن وأجيب عنهما هناك فانتظر‪ً.‬ا‬ ‫)والجواب عن الثالث( أن الضال في الية الولى ليس المراد به الضال عن اليمان ليكون بمعنى‬ ‫الكافر فيرد اعتراضهم بل في تفسير هذه الية وجوه‪:‬‬ ‫)الول( ما روي مرفوع ا أنه عليه الصلة والسلم قال ضللت عن جدي عبد المطلب وأنا صبي‬ ‫ضائع وكاد الجوع يقتلني فهداني ال‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/948‬‬

‫)والثاني( أن معناها وجدك ضالا عن شريعتك أي ل تعرفها إل بإلهام أو وحي فهداك إليها تارة‬

‫بالوحي الجلي وأخرى بالخفي وهو مختار البيضاوي والكشاف والجللين‪ً.‬ا في البيضاوي ووجدك‬

‫ضالا عن علم الحكم والحكام فهدى‪ ،‬فعلمك بالوحي واللهام والتوفيق للنظر وجاء بهذا المعنى‬ ‫في حق موسى عليه السلم أيضا في قوله تعالى‪} :‬فعلتها إذا وأنا من الضالين{ً ‪ً.‬ا‬

‫)والثالث( أنه يقال ضل الماء في اللبن إذ صار مغموراا‪ ،‬فمعنى الية كنت مغمورا بين الكفار بمكة‬ ‫فقواك ال تعالى حتى أظهرت دينه‪ً.‬ا وجاء بهذا المعنى في قوله تعالى‪} :‬أئذا ضللنا في الرض أئنا‬

‫لفي خلق جديد{ً ‪ً.‬ا‬ ‫)والرابع( أن معناها كنت ضالا عن النبوة ما كنت تطمع ول خطر شيء في قلبك منها‪ ،‬فإن اليهود‬

‫والنصارى كانوا يزعمون أن النبوة في بني إسرائيل فهديتك إلى النبوة التي ما كنت تطمع فيها البتة‪ً.‬ا‬

‫)والخامس( أن معناها وجدك ضالا عن الهجرة لعدم نزول الذن فهداك بالذن‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/949‬‬

‫)والسادس( أن العرب تسمي الشجرة في الفلة ضالة كأنه تعالى يقول كانت تلك البلد كالمفازة‬ ‫ليس فيها شجرة تحمل ثمر اليمان إل أنت فأنت شجرة فريدة في مفازة الجهل فوجدتك ضالا‬


‫فهديت بك الخلق ونظيره قوله عليه السلم الحكمة ضالة المؤمن‪ً.‬ا‬ ‫)والسابع( أن معناها وجدك ضالا عن القبلة فإنه كان يتمنى أن تجعل الكعبة قبلة له وما كان يعرف‬ ‫أن ذلك يحصل له أم ل فهدى ال بقوله‪} :‬فلنولينك قبلة ترضاها{ً فكأنه سمى ذلك التحير‬

‫بالضلل‪ً.‬ا‬ ‫)والثامن( الضلل بمعنى المحبة كما في قوله تعالى‪} :‬إنك لفي ضللك القديم{ً أي محبتك ومعناه‬ ‫أنك محب فهديتك إلى الشرائع التي بها تتقرب إلى خدمة محبوبك‪ً.‬ا‬ ‫)والتاسع( أن معناها وجدك ضالا أي ضائع ا في قومك كانوا يؤذونك ول يرضون بك رعية فقوى‬ ‫أمرك وهداك إلى أن صرت والي ا عليهم‪ً.‬ا‪ً.‬ا‬

‫)والعاشر( أن معناها ما كنت تهتدي على طريق السماوات فهديتك إذ عرجت بك إليها ليلة‬

‫المعراج‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/950‬‬

‫)والحادي عشر( أن معناها وجدك ضالا أي ناسي ا فهدى أي ذكرك وذلك أنه ليلة المعراج نسي ما‬ ‫يجب أن يقال بسبب الهيبة فهداه ال تعالى إلى كيفية الثناء حتى قال ل أحصي ثناء عليك وجاء‬

‫الضلل بهذا المعنى في قوله تعالى‪} :‬أن تضل إحداهما{ً ‪ً.‬ا‬ ‫)والثاني عشر( قال الجنيد قدس سره‪ :‬وجدك متحيرا في بيان ما أنزل عليك فهداك لبيانه لقوله‬ ‫تعالى‪} :‬وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم{ً ويؤيده قوله تعالى‪} :‬ل تحرك به لسانك‬

‫لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه{ً وقوله عز وجل‪} :‬ول‬ ‫تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علماا{ً ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/951‬‬

‫وعلى كل تقدير ل تمسك لهم بهذه الية ويجب تفسير الية بالوجوه التي ذكرتها وبأمثالها التي‬ ‫ذكرها المفسرون لقوله تعالى‪} :‬ما ضل صاحبكم وما غوى{ً إذ المراد به نفي الضللة والغواية في‬ ‫أمور الدين بل شبهة ومعناه ما كفر ول أقل من ذلك فما فسق‪ً.‬ا‬ ‫والمراد في الية الثانية بالكتاب القرآن وباليمان تفاصيل شرائع السلم‪ً.‬ا ومعنى الية ما كنت‬


‫تدري قبل الوحي أن تقرأ القرآن ول الفرائض والحكام‪ ،‬وهذا حق لن النبي صلى ال عليه وسلم‬ ‫كان قبل الوحي مؤمنا بتوحيد الرب إجمالا وما كان عارفا بتفاصيل السلم بل صار عارفا بعد‬

‫الوحي أو المراد باليمان الصلة كما في قوله تعالى‪} :‬وما كان ال ليضيع إيمانكم{ً أي صلتكم‬

‫فمعنى الية ما كنت تدري ما الكتاب أي القرآن ول اليمان أي الصلة وما كان رسول ال صلى‬ ‫ال عليه وسلم عالما بكيفية هذه الصلة المشروعة في ملته قبل النبوة أو المراد باليمان أهل‬

‫اليمان على حذف المضاف أي ما كنت تدري ما الكتاب ومن أهل اليمان يعني من الذي يؤمن‬

‫بك‪ً.‬ا‬ ‫وحذف المضاف كثير في كتبهم المقدسة أيضاا‪ ،‬الية الثانية والعشرون من الزبور الثامن والسبعين‬

‫هكذا‪) :‬من أجل ذلك‬

‫) ‪(3/952‬‬

‫سمع الرب فغضب واشتعلت النار في يعقوب وطلع السخط على إسرائيل( ‪ً.‬ا‬ ‫وفي الية الرابعة من الباب السابع عشر من كتاب أشعيا هكذا‪) :‬يضعف مجد يعقوب ويهزل سمن‬ ‫جسمه( ‪ً.‬ا‬ ‫وفي الباب الثالث والربعين من كتاب أشعيا هكذا‪) :22 :‬ل دعوتني يعقوب ولن تتعب لجلي‬ ‫إسرائيل( ‪) :28‬فنجست الرؤساء القديسين وجعلت يعقوب قتلا وإسرائيل تجديفاا( ‪ً.‬ا‬

‫وفي الباب الثالث من كتاب أرمياء هكذا‪) :6 :‬وقال لي الرب في أيام يوسيا الملك هل رأيت ما‬ ‫فعلته معاصية إسرائيل انطلقت لنفسها إلى كل جبل رفيع وتحت كل شجرة مورقة وزنت هناك( ‪:7‬‬ ‫)فقلت بعد ما فعلت هذه جميعها ارجعي إلي ولم ترجع فرأت أختها يهوذا الفاجرة( ‪) :8‬لن من‬ ‫أجل أن زنت إسرائيل المعاصية فأنا طلقتها ودفعت إليه كتاب طلقها فلم تخف يهوذا أختها‬

‫الفاجرة بل ذهبت وزنت هي أيضاا( ‪) :11‬وقال لي الرب قد بررت نفسها إسرائيل المعاصية بمقابلة‬

‫يهوذا الفاجرة( ‪) :12‬ارجعي يا إسرائيل المعاصية( وفي الباب الرابع من كتاب هوشع هكذا‪:15 :‬‬ ‫)إن كنت يا إسرائيل أنت‬

‫) ‪(3/953‬‬


‫تزني فل يأثم يهوذا( إلخ ‪) :16‬لن إسرائيل كبقرة شاغبة( إلخ ‪) :17‬صاحب الوثان إفرام( إلخ‬ ‫وفي الباب الثامن من كتاب هوشع هكذا‪) :3 :‬أرذل إسرائيل الخير( إلخ ‪) :8‬ابتلع إسرائيل الن‬ ‫صار في المم كإناء نجس إفرام أكثر مذابح للخطية( إلخ‪) ،‬ونسي إسرائيل خالقه( إلخ‪ً.‬ا‬ ‫ففي هذه العبارات يجب حذف المضاف وإل يلزم والعياذ بال أن يكون يعقوب عليه السلم‬ ‫مغضوبا عليه وضعيف المجد وغير داع ل وقتلا وتجديفا ومعاصية زانية تحت كل شجرة وغير‬ ‫راجع إلى ال وكبقرة شاغبة ومرذل الخير وكإناء نجس وناسيا لخالقه‪ً.‬ا‬

‫)الشبهة الخامسة( الحاديث مختلفة‪ً.‬ا‬

‫)والجواب( أن العتبار عندنا للحاديث الصحيحة المروية في كتب الصحاح والحاديث التي هي‬ ‫مروية في كتب غير معتبرة ل اعتبار لها عندنا ول تعارض الصحيحة كما أن الناجيل الكثيرة الزائدة‬ ‫على السبعين في القرون الولى ل تعارض عند المسيحيين هذه الناجيل الربعة‪ً.‬ا‬ ‫والختلف الذي يوجد في الحاديث الصحيحة يرتفع غالب ا بأدنى تأويل وليس ذلك الختلف مثل‬ ‫الختلف الذي يوجد في روايات كتبهم المقدسة إلى الن كما عرفت مائة وأربعة وعشرين منها في‬

‫الباب الول ولو نقلنا عن كتبهم المقبولة الختلفات التي تكون مثل اختلف يثبتونه في بعض‬ ‫الحاديث‬

‫) ‪(3/954‬‬

‫الصحيحة قلما يخرج باب يكون خالي ا عن مثل هذا الختلف‪ً.‬ا‬

‫والذين تسميهم علماء بروتستنت ملحدة نقلوا كثيرا من هذه الختلفات في كتبهم واستهزؤوا بها‪،‬‬

‫فمن شاء فليرجع إلى كتبهم‪ً.‬ا‬

‫]خمسون اختلف ا نقلوها في ذات ال وصفاته عن كتب العهدين[‬ ‫وأنقل أيضا بطريق النموذج عن كتاب جان كلرك المطبوع سنة ‪ 1839‬في لندن وكتاب اكسيهومو‬

‫المطبوع سنة ‪ 1813‬في لندن وغيرهما خمسين اختلفا نقلوها في ذات ال وصفاته عن كتب‬

‫العهدين وأكتفي على نقل هذه الختلفات‪ً.‬ا لن المعترضين هداهم ال تعالى وإن جاوزوا فيها حد‬

‫الدب لكن هذه المجاوزة أقل من المجاوزة التي توجد في كلمهم عند التشنيع على النبياء عليهم‬ ‫السلم سيما وقت التشنيع على مريم وعيسى عليهما السلم كما ستعرفه في الختلف الرابع‬


‫والعشرين من القول الذي أنقله طردوا‪ ،‬إنما نقلت هذه العتراضات لتحصل البصيرة للناظر أن‬ ‫اعتراضات علماء بروتستنت على الحاديث النبوية أضعف من اعتراضات أبناء صنفهم على‬ ‫مضامين كتبهم المقدسة وما نقلتها لجل أنها مستحسنة عندي بل أتبرأ من أكثر خرافات الفريقين‬ ‫ونقل الكفر ليس بكفر‪ً.‬ا‬ ‫)‪ (1‬الية الثامنة من الزبور المائة والخامس والربعين هكذا‪) :‬الرب حنان رحوم بطيء عن الغضب‬ ‫وعظيم النعمة( والية التاسعة عشر من الباب السادس من سفر صموئيل الول هكذا‪) :‬وضرب‬ ‫الرب من أهل بيت شمس لنهم رأوا تابوت الرب وضرب من الشعب خمسين ألف رجل وسبعين(‬ ‫فانظروا إلى شدة رحمته وبطء غضبه أنه قتل خمسين ألف رجل وسبعين من قومه الخاص على خطأ‬ ‫خفيف‪ً.‬ا‬ ‫)‪ (2‬الية العاشرة من الباب الثاني والثلثين من سفر الستثناء هكذا‪) :‬وجده‬

‫) ‪(3/955‬‬

‫في الرض القفر في المكان المخيف والبرية المتسعة طاف به وعلمه وحفظه مثل حدقة عينه( وفي‬ ‫الباب الخامس والعشرين من سفر العدد ‪) 3‬وقال ال لموسى انطلق برؤساء الشعب كلهم وصلبهم‬ ‫قدام ال تلقاء الشمس فترتد شدة غضبي عن إسرائيل( ‪) 9‬وكان من مات أربعة وعشرون ألفا من‬ ‫البشر( فانظروا إلى حفظه الشعب مثل حدقة عينه أنه أمر موسى بصلب رؤساء الشعب كلهم‬

‫وأهلك منهم أربعة وعشرين ألف ا‪ً.‬ا‬ ‫)‪ (3‬الية الخامسة من الباب الثامن من سفر الستثناء هكذا‪) :‬أحسب في قلبك أنه كما أن الرجل‬ ‫يؤدب ابنه كذلك أدبك الرب إلهك( والية الثانية والثلثون من الباب الحادي عشر من سفر العدد‬ ‫هكذا‪) :‬واللحم إلى هذا الحين كان بين أسنانهم ولم يفرغوا من أكله فإذا غضب الرب اشتد على‬ ‫الشعب فضربه ضربة عظيمة جداا( فانظروا إلى تأديبه كتأديب الب ابنه أن هؤلء المفلوكين لما‬ ‫حصل لهم اللحم وشرعوا في الكل ضربهم ضربة عظيمة‪ً.‬ا‬

‫)‪ (4‬في الية الثامنة عشر من الباب السابع من كتاب ميخا في حق ال هكذا‪) :‬أنه مريد الرحمة(‬ ‫وفي الباب السابع من سفر الستثناء في حق سبعة شعوب عظيمة هكذا‪) 2 :‬يسلمهم الرب إلهك‬ ‫بيدك فاضربهم حتى أنك ل تبقي منهم بقية فل تواثقهم ميثاق ا ول ترحمهم( ‪) 16‬فتبتلعالشعوب‬

‫جميعهم الذين الرب إلهك يعطيك إياهم فل تعف عنهم عيناك( إلخ‪ً.‬ا‬


‫) ‪(3/956‬‬

‫فانظروا إلى كونه مريد الرحمة أنه أمر بني إسرائيل بقتل سبعة شعوب عظيمة وعدم الرحمة عليهم‬ ‫وعدم العفو عنهم‪ً.‬ا‬ ‫)‪ (5‬في الية الحادية عشر من الباب الخامس من رسالة يعقوب هكذا‪) :‬ورأيتم عاقبة الرب لن‬ ‫الرب كثير الرحمة ورؤوف( ‪ً.‬ا والية السادسة عشر من الباب الثالث عشر من كتاب هوشع هكذا‪:‬‬ ‫)فلتهلك سامرة لنها بغت على إلهها فيبادون بالسيف وأطفالهم ينطرحون وحبالهم تشقق‬ ‫بطونهن( ‪ً.‬ا فانظروا إلى كثرة رأفته في حق الطفال والحبالى‪ً.‬ا‬ ‫)‪ ( 6‬في الية الثالثة والثلثين من الباب الثالث من مراثي أرمياء هكذا‪) :‬أنه من قلبه ل يؤذي بني‬ ‫آدم ول يحزنهم( ‪ ،‬لكن عدم إيذائه بني آدم وعدم تحزينهم بمرتبة أنه أهلك الشدوديين بالبواسير‬ ‫كما هو مصرح به في الباب الخامس من سفر صموئيل الول‪ ،‬وأهلك ألوف ا من عساكر الملوك‬

‫الخمسة بإمطار الحجارة الكبيرة من السماء حتى‬

‫) ‪(3/957‬‬

‫كان الذين ماتوا بالحجارة أكثر من الذين قتلهم بنو إسرائيل بالسيف كما هو مصرح به في الباب‬ ‫العاشر من كتاب يوشع‪ ،‬وأهلك كثيرا من بني إسرائيل بإرسال الحيات كما هو مصرح به في الباب‬ ‫الحادي والعشرين من سفر العدد‪ً.‬ا‬

‫)‪ ( 7‬في الية الحادية والربعين من الباب السادس عشر من سفر اليام الول هكذا‪) :‬أن فضله‬ ‫أبدي( والية التاسعة من زبور المائة والخامس والربعين هكذا‪) :‬الرب صالح للكل ورأفته على‬ ‫جميع خلقه( لكن أبدية فضله وعموم رأفته على جميع الخلق بمرتبة أنه أهلك جميع الحيوانات‬ ‫والنسان غير أهل السفينة في عهد نوح عليه السلم بإرسال الطوفان وأهلك أهل سادوم وعاموره‬ ‫ونواحيها بإمطار الكبريت والنار من السماء كما هو مصرح به في الباب السابع والتاسع عشر من‬ ‫سفر التكوين‪ً.‬ا‬ ‫)‪ ( 8‬الية السادسة عشر من الباب الرابع والعشرين من سفر الستثناء هكذا‪) :‬ل تقتل الباء عوض‬ ‫البناء ول البناء بدل الباء ولكن كل واحد يموت بذنبه( ‪ً.‬ا وفي الباب الحادي والعشرين من سفر‬


‫صموئيل الثاني أن داود عليه السلم سلم سبعة أشخاص من أولد شاول بأمر الرب بأيدي أهل‬ ‫جيعون ليقتلوهم بخطأ شاول فصلبوهم وقد كان داود عليه السلم عاهد شاول وحلف‬

‫) ‪(3/958‬‬

‫أن ل يهلك ذريته بعد موته كما هو مصرح به في الباب الرابع والعشرين من سفر صموئيل الول‬ ‫فوجد نقض العهد أيضا بأمر ال‪ً.‬ا‬

‫)‪ ( 9‬في الية السابعة من الباب الرابع والثلثين من سفر الخروج هكذا‪) :‬يجازى البناء وأبناؤهم‬ ‫بإثم آبائهم إلى ثلثة وأربعة أجيال( وفي الية العشرين من الباب الثامن عشر من كتاب حزقيال‬ ‫هكذا‪) :‬النفس التي تخطئ فهي تموت والبن ل يحمل إثم الب‪ ،‬والب ل يحمل إثم البن‬ ‫وعدل العادل يكون عليه وشر الشرير يقع عليه( ‪ً.‬ا فيعلم منه أن البناء ل يحملون إثم الباء إلى‬ ‫جيل واحد فضلا عن أربعة أجيال وهذا الحمل لو كان إلى أربعة أجيال فقط كان مغتنما لكن الله‬

‫الب نقض هذا الحكم أيض ا وأمر بحمل إثم الباء على البناء بعد أجيال كثيرة أيض ا‪ً.‬ا‬ ‫في الباب الخامس عشر من سفر صموئيل الول هكذا‪) :‬هكذا يقول الرب الصباووت إني ذكرت‬ ‫كل ما صنع عماليق بإسرائيل أنه قاومه في الطريق حيث صعدوا من مصر ‪ 3‬فالن اذهب فاضرب‬ ‫عماليق وأهلك جميع ما لهم ول ترحمهم ول ترغب من مالهم شيئا بل اقتل من الرجال والنساء‬

‫) ‪(3/959‬‬

‫والغلمان حتى الطفال والبقر والغنم والحمير أيضاا( ‪ً.‬ا فانظروا إنه ذكر بقوة حافظته بعد أربعمائة‬ ‫سنة ما صنع عماليق بإسرائيل فأمر بعد هذه المدة بالنتقام من أولدهم وقتل رجالهم ونسائهم‬

‫وأطفالهم الصغار جد ا ومواشيهم من البقر والغنم والحمير ولما لم يعمل شاول على أمره الشريف‬

‫ندم على جعله ملك ا وترقى ابنه الوحيد الله الثاني فأمر بحمل إثم الباء على البناء بعد أربعة‬

‫آلف سنة‪ً.‬ا‬

‫في الباب الثالث والعشرين من إنجيل متى قول هذا الله الثاني في خطاب اليهود هكذا‪) :‬يأتي‬ ‫عليكم كل دم زكي سفك على الرض من دم هابيل الصديق إلى دم زكريا بن برخيا الذي قتلتموه‬ ‫بين الهيكل والمذبح الحق أقول لكم أن هذا كله يأتي على هذا الجيل( ثم ترقى الب الله الول‬


‫وتخيل أن إثم آدم محمول على أولده إلى هذه المدة وقد مضت أزيد من أربعة آلف وثلثين سنة‬ ‫وقد مضى من آدم إلى يسوع خمس وسبعون جيلا على ما صرح به لوقا في الباب الثالث من‬

‫إنجيله ورأى أن أولد آدم كلهم مستحقون للنار لو لم تكن الكفارة كاملة جيدة وما رأى غير ابنه‬

‫الله الثاني حري ا بها بأن يصلب من أيدي أرذل أقوام الدنيا وهم اليهود‪ ،‬وما ظهر له طريق النجاة‬ ‫غير هذا فأمره أن يصلب وتركه ولم يغثه في شدته حتى صرح لجل شدة العذاب ونادى الب‬

‫إلهي‬

‫) ‪(3/960‬‬

‫إلهي لماذا تركتني ثم صرخ ثاني ا ومات وبعد موته صار ملعون ا ودخل الجحيم )والعياذ بال( ‪ً.‬ا على‬

‫أنه لم يثبت من كتاب من كتب العهد العتيق أن زكريا بن برخيا قتل بين الهيكل والمذبح‪ً.‬ا نعم صرح‬ ‫في الباب الرابع والعشرين من سفر اليام الثاني أن زكريا بن يهويا داع الحبر قتل في صحن بيت‬

‫الرب في عهد بواش الملك ثم عبيد الملك قتلوه بانتقام دم زكريا فحرف النجيل يهويا داع ببرخيا‬ ‫ولعل لوقا لجل ذلك اكتفى في الباب الحادي عشر من إنجيله على اسم زكريا ولم يذكر اسم أبيه‬

‫) ‪(3/961‬‬

‫فانظروا إلى هذه المور التسعة كيف يثبت منها رحمة ال تعالى‪ً.‬ا‬ ‫)‪ ( 10‬في الية الخامسة من الزبور الثلثين هكذا‪) :‬أن غضبه لحظة( وفي الية الثالثة عشر من‬ ‫الباب الثاني والثلثين من سفر العدد هكذا‪) :‬فاشتد غضب الرب على بني إسرائيل فأتاهم في‬ ‫القفار أربعين سنة حتى باد ذلك الخلف كله وهلك أولئك الذين أساؤوا قدامه( فانظروا إلى غضبه‬ ‫اللحظي أنه كيف عامل بني إسرائيل‪ً.‬ا‬ ‫)‪ ( 11‬في الية الولى من الباب السابع عشر من سفر التكوين‪) :‬أنا ال القادر( وفي الية التاسعة‬ ‫عشر من الباب الول من كتاب القضاة هكذا‪) :‬وكان الرب مع يهوذا وورث الجبال ولم يستطع‬ ‫يستأصل أهل الوادي لن كانت لهم مراكب كثيرة من حديد( فانظروا إلى قدرته أنه لم يقدر على‬ ‫استئصال أهل الوادي لكونهم ذوي مراكب كثيرة من حديد‪ً.‬ا‬


‫) ‪(3/962‬‬

‫)‪ (12‬في الية السابعة عشر من الباب العاشر من سفر الستثناء هكذا‪) :‬أن الرب إلهكم هو إله‬ ‫اللهة ورب الرباب إله عظيم جبار( ‪ً.‬ا والية الثالثة عشر من الباب الثاني من كتاب عاموص هكذا‬ ‫ترجمة عربية سنة ‪) :1844‬ها أنا ذا أصر من تحتكم كما تصر العجلة المحملة حشيشاا( ترجمة‬

‫فارسية سنة ‪) :1838‬ابنك من درزير شما جسبيده شدم جنانجه أرابه برازاقد جسبيده مي شود(‬ ‫انظروا إلى عظمته وجباريته أنه صر تحت بني إسرائيل كما تصر العجلة المحملة حشيش ا‪ً.‬ا‬ ‫)‪ ( 13‬في الية الثامنة والعشرين من الباب الربعين من كتاب أشعيا هكذا‪) :‬الرب الذي خلق‬ ‫أطراف الرض ل يضعف ول يتعب( والية الثالثة والعشرون من الباب الخامس من كتاب القضاة‬ ‫هكذا‪) :‬العنوا أرض ما روض قال ملك الرب العنوا سكانها لنهم لم يأتوا إلى معونة الرب في‬ ‫مقابلة القوياء( ‪ً.‬ا فانظروا إلى عدم ضعفه أنه كان محتاج ا إلى العانة في مقابلة القوياء ويلعن من‬

‫لم يجيء لعانته‪ ،‬ووقع في الية التاسعة من الباب الثالث من كتاب ملخيا هكذا‪) :‬صرتم ملعونين‬

‫باللعنة لنكم نعم هذا القوم كلهم نهبوني( ‪ً.‬ا وهذا أيضا يدل على أن بني إسرائيل نهبوه فيلعنهم‬

‫) ‪(3/963‬‬

‫وظهر من هذه المثلة الربعة حال قدرته‪ً.‬ا‬ ‫)‪ (14‬الية الثالثة من الباب الخامس عشر من سفر المثال هكذا‪) :‬عينا الرب في كل مكان‬ ‫يترقبان الصالحين والطالحين( وفي الية التاسعة من الباب الثالث من سفر التكوين هكذا‪) :‬فدعا‬ ‫الرب الله آدم وقال له أين أنت( ‪ً.‬ا فانظروا إلى ترقب عينه في كل مكان أنه احتاج إلى الستفهام‬ ‫من آدم حين اختفى في وسط شجرة الفردوس‪ً.‬ا‬ ‫)‪ (15‬في الية التاسعة من الباب السادس عشر من سفر اليام الثاني هكذا‪) :‬عينا الرب محيطتان‬ ‫بكل الرض( والية الخامسة من الباب الحادي عشر من سفر التكوين هكذا‪) :‬فنزل الرب لينظر‬ ‫المدينة والبرج الذي كان يبنيه بنو آدم( ‪ً.‬ا‬ ‫فانظروا إلى إحاطة عينيه بكل الرض أنه احتاج إلى النزول والنظر ليعلم حال المدينة والبرج‪ً.‬ا‬ ‫)‪ (16‬الية الثانية من الزبور المائة والتاسع والثلثين هكذا‪) :‬وميزت سعيي وسكوني وأطلعت على‬


‫طرقي كلها( يعلم منه أن ال عالم طرق العباد كلها وأفعالهم وفي الباب الثامن عشر من سفر‬ ‫التكوين هكذا‪) 2 :‬فقال الرب أن صراخ سادوم وعاموره قد كثر وخطيتهم ثقلت جداا( ‪) 21‬أنزل‬ ‫أنظر أن فعلهم يشاكل الصراخ التي أم ل لعلم ذلك( ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/964‬‬

‫فانظروا إلى كونه عالم طرق العباد وأفعالهم كلها أنه احتاج إلى النزول والنظر ليعلم أن فعل أهل‬ ‫سادوم وعاموره يشاكل الصراخ الواصل إليه أم ل‪ً.‬ا‬ ‫)‪ (17‬الية الخامسة من الزبور المذكور هكذا‪) :‬فما أعجب هذا العلم عندي فهو أرفع من أن‬ ‫أدركه( ‪ ،‬وفي الية الخامسة من الباب الثالث والثلثين من سفر الخروج هكذا‪) :‬أما الن فاعزلوا‬ ‫عنكم زينتكم فاعلم ما أفعله بكم( ‪ً.‬ا فانظروا إلى علمه الخارج عن الدراك أنه لم يعلم ما يفعل بهم‬ ‫ما لم يعزلوا زينتهم والية الرابعة من الباب السادس عشر من سفر الخروج هكذا‪) :‬فقال الرب‬ ‫لموسى إني أمطر عليكم خبزا من السماء فليخرج الشعب ويلقطوا يوم ا بيوم طعامهم من أجل أني‬

‫أمتحنهم( والية الثانية من الباب الثاني من سفر الستثناء هكذا‪) :‬واذكر كل الطريق الذي ساسك‬ ‫به الرب إلهك أربعين سنة في القفار ليعذبك ويبتليك وبيان كل ما في قلبك أتحفظ وصاياه أم‬

‫ل( ‪ً.‬ا‬ ‫فالرب محتاج إلى المتحان ليعلم ما في قلوبهم فامتحنهم بإمطار الخبز وبسياستهم أربعين سنة في‬ ‫القفار فعلم من هذه المثلة الستة حال كونه عالم الغيب( ‪ً.‬ا‬ ‫)‪ (18‬في الية السادسة من الباب الثالث من كتاب ملخيا هكذا‪) :‬فإني أنا الرب ول أتغير( ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/965‬‬

‫وفي الباب الثاني والعشرين من سفر العدد هكذا‪) 20 :‬فأتى ال بلعام في الليل وقال له إن كان‬ ‫هؤلء القوم إنما جاؤوا ليدعوك فانطلق معهم ولكن ل تفعل إل الذي أقوله لك ‪ 21‬فقام بلعام‬ ‫غدوة وركب أتانة وانطلق مع عظماء مواب ‪ 22‬فغضب ال عليه لما ذهب( الخ‪ً.‬ا فانظروا إلى عدم‬ ‫تغيره أنه أتى في الليل وأمر بلعام بالنطلق مع عظماء مواب ولما فعل بلعام ما أمر غضب عليه‪ً.‬ا‬ ‫)‪ (19‬في الية السابعة عشر من الباب الول من رسالة يعقوب هكذا‪) :‬ليس عنده تغير ول ظل‬


‫دوران( وقد أمر بمحافظة السبت في أكثر المواضع من كتب العهد العتيق وصرح في كثير منها أنه‬ ‫أبدي والقسيسون بدلوا السبت بالحد فيلزم عليهم العتراف بأنه متغير‪ً.‬ا‬ ‫)‪ (20‬في الباب الول من سفر التكوين وقع في حق السماء والكواكب والحيوانات أنها حسنة‬ ‫وفي الية الخامسة عشر من الباب الخامس عشر من كتاب أيوب هكذا‪) :‬والسماء ليست بظاهرة‬ ‫قدامه( وفي الية الخامسة من الباب الخامس والعشرين هكذا‪) :‬والكواكب ل تزكو بين يديه( ووقع‬ ‫في الباب الحادي عشر من سفر الحبار في حق كثير من البهائم والطيور وحشرات الرض أنها‬ ‫قبيحة محرمة‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/966‬‬

‫)‪ (21‬في الية الخامسة والعشرين من الباب الثامن عشر من كتاب حزقيال هكذا‪) :‬فاسمعوا يا‬ ‫بيت إسرائيل‪ ،‬طريقي ليس بمستقيم أم ل ليس بالحري أن طرقكم خبيثة( ‪ً.‬ا وفي الباب الول من‬ ‫كتاب ملخيا هكذا‪) 2 :‬أني أجبتكم قال الرب وقلتم في أي شيء أجبتنا أليس إنه عيسو أخ‬ ‫ليعقوب‪ ،‬يقول الرب وأحببت يعقوب( ‪) 3‬وبغضت عيسو وجعلت جباله قفرا وميراثه لتنانين البرية(‬ ‫انظروا إلى استقامة طريقه أنه بغض عيسو بل سبب وجعل جباله قفرا وميراثه لتنانين البرية‪ً.‬ا‬

‫)‪ (22‬في الية الثالثة من الباب الخامس عشر من المشاهدات هكذا‪) :‬أيها الرب الله القادر على‬ ‫كل شيء طرفك عادلة وحق( ‪ً.‬ا‬ ‫والية الخامسة والعشرون من الباب العشرين من كتاب حزقيال هكذا‪ :‬إذا أعطيتهم أنا وصايا غير‬ ‫حسنة وأحكاما ل يعيشون بها‪ً.‬ا‬

‫)‪ (23‬الية الثامنة والستون من الزبور المائة والتاسع عشر هكذا‪) :‬رب إنك صالح ومصلح فعلمني‬ ‫سننك( والية الثالثة والعشرون من الباب التاسع من كتاب القضاة هكذا‪) :‬وسلط الرب روح ا ردي ا‬ ‫بين أبي مالك وسكان شخيم وبدوا يبغضوه( ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/967‬‬

‫فانظروا إلى إصلحه أنه سلط الروح الرديء لهيجان الفتنة‪ً.‬ا‬ ‫)‪ ( 24‬يوجد في اليات الكثيرة حرمة الزنا ولو فرض أن القسيسين صادقون في قولهم يلزم أن‬


‫الرب نفسه زنى بزوجة يوسف النجار المسكين فحملت من هذا الزنا )والعياذ بال( ‪ً.‬ا والملحدة‬ ‫في هذا الموضع يتجاوزون عن الحد ويستهزئون استهزاءا بليغا بحيث تقشعر منه جلود المؤمنين‪،‬‬

‫وأنا أنقل لتنبه الناظر ما قال صاحب اكسيهومو وأحذف استهزاءه‪ً.‬ا قال هذا الملحد في الصفحة‬

‫‪ 44‬من كتابه المطبوع سنة ‪) :1813‬ذكر في إنجيل( اسمه تي تي وتي أف ميري ويعد في هذا‬ ‫الزمان من الناجيل الكاذبة أن مريم عليها السلم كانت محررة لخدمة بيت المقدس وكانت هناك‬ ‫إلى أن بلغت ست عشرة سنة واختار فادر جيروم زاوير هذا المذكور بعد ما اعتقد صحته فحينئذ‬ ‫يحتمل أن مريم حبلت من كاهن من كهنة البيت وهو علمها أن تقول أني حبلت من روح القدس(‬ ‫انتهى‪ً.‬ا ثم استهزأ هذا الملحد بتحرير لوقا استهزاءا بليغ ا فقال‪ :‬إن هذا الحال ثبت عند اليهود‬

‫هكذا‪) :‬أن ولد عسكري كان يحبها ومن حركته الشنيعة تولد‬

‫) ‪(3/968‬‬

‫مسيح اليسوعيين فسخط عليها يوسف النجار لجل هذا المر وترك هذه الزوجة الخائنة وذهب‬ ‫إلى بابل وذهبت مريم مع يسوع إلى مصر وتعلم يسوع هناك النيرنجات وجاء بعد تعلمها إلى‬ ‫اليهودية ليريها الناس( انتهى‪ً.‬ا ثم قال‪) :‬اشتهرت الحكايات الكذائية الواهية الكثيرة بين الوثنيين‬ ‫مثل أنهم يعتقدون أن إلههم منرو تولد من دماغ جوبتر وكان بي كس في فخذ جوبتر‪ ،‬وإله أهل‬ ‫الصين فتولد من العذراء التي حبلت من شعاع الشمس( انتهى ملخص ا‪ً.‬ا‬ ‫ويناسب هذا المقام حكاية نقلها جان ملنر في كتابه المطبوع سنة ‪) :1838‬ادعت جؤانا سوأت‬ ‫كوت اللهام قبل هذا الزمان بمدة قليلة وقالت‪ :‬إني أنا المرأة التي قال ال في حقها في الية‬ ‫الخامسة عشر من الباب الثالث من سفر التكوين‪) :‬هي تستحق رأسك( ‪ً.‬ا ووقع في حقها في‬ ‫الباب الثاني عشر من المشاهدات هكذا‪ [1] :‬وظهرت آية عظيمة في السماء امرأة متسربلة‬ ‫بالشمس والقمر تحت رجليها وعلى رأسها أكليل من اثني عشر كوكب ا ]‪ [2‬وهي حبلى تصرخ‬

‫متمخضة ومتوجعة لتلد‪ً.‬ا وإني حبلت من عيسى عليه‬

‫) ‪(3/969‬‬


‫السلم وتبعها كثير من المسيحيين وحصل لهم من هذا الحمل فرح كثير وصنعوا أظرف الذهب‬ ‫والفضة( انتهى كلمه‪ً.‬ا لكنا ما سمعنا أنها ولدت من هذا الحمل ولدا مباركا أم ل وفي الصورة‬

‫الولى هل حصلت رتبة اللوهية لهذا الولد السعيد مثل أبيه أم ل‪ ،‬وفي صورة الحصول هل بدل‬ ‫في معتقدية اعتقاد التثليث بالتربيع أم ل‪ ،‬وكذا هل بدل لقب ال الب بالجد أم ل‪ً.‬ا‬

‫)‪ ( 25‬في الية التاسعة عشر من الباب الثالث والعشرين من سفر العدد هكذا‪) :‬ليس ال برجل‬ ‫فيكذب ول ابن لنسان فيندم( ‪ً.‬ا‬ ‫وفي الباب السادس من سفر التكوين هكذا‪ 6 :‬فندم على عمله النسان على الرض فتأسف بقلبه‬ ‫داخلا ‪ 7‬وقال فامحوا البشر الذي خلقته عن وجه الرض من البشر حتى الحيوانات من الدبيب‬ ‫حتى طير السماء لني نادم أني عملتهم‪ً.‬ا‬

‫)‪ ( 26‬الية التاسعة والعشرون من الباب الخامس عشر من سفر صموئيل الول هكذا‪) :‬فإن عزيز‬ ‫إسرائيل ل يكذب ول يندم( لنه ليس بإنسان فيندم‪ً.‬ا وفي الباب المذكور هكذا‪) :10 :‬وكان قول‬ ‫الرب على صموئيل قائلا ‪ 11‬ندمت على أني صيرت شاول ملكاا( الخ ‪ ،35‬الرب أسف على أنه‬

‫ملك شاول‪ً.‬ا‬

‫)‪ ( 27‬في الية الثانية والعشرين من الباب الثاني من سفر المثال هكذا‪) :‬من الشفة الكاذبة نفرة‬ ‫للرب( ‪ً.‬ا وفي الباب الثالث من سفر الخروج هكذا‪) 17 :‬وقلت إني أصعدكم من استعباد أهل‬ ‫مصر إلى أرض الكنعانيين والحبشيين والموريين والفرزيين‬

‫) ‪(3/970‬‬

‫ل( ‪) 18‬وهم يسمعون صوتك وتدخل أنت‬ ‫والحوريين واليابوسيين إلى الرض التي تجري لبنا وعس ا‬ ‫وشيوخ إسرائيل إلى ملك مصر وتقول له الرب إله العبرانيين دعانا فنمضي مسيرة ثلثة أيام في‬

‫البرية لكي نذبح ذبيحة للرب إلهنا( ‪ً.‬ا والية الثالثة من الباب الخامس من السفر المذكور فقال‪:‬‬ ‫أي موسى وهارون له أي لفرعون‪) :‬إله العبرانيين دعانا لنذهب مسيرة ثلثة أيام في البرية ونذبح‬ ‫ذبائح للرب إلهنا لئل يصيبنا وباء أو حرب( ‪ً.‬ا‬ ‫وفي الية الثانية من الباب الحادي عشر من السفر المذكور قول ال تعالى في خطاب موسى عليه‬ ‫السلم هكذا‪) :‬فتحدث في مسمع الشعب أن يسأل الرجل صاحبه والمرأة من صاحبتها أواني‬ ‫فضة وأواني ذهب( ‪ً.‬ا والية الخامسة والثلثون من الباب الثاني عشر من سفر الخروج هكذا‪:‬‬


‫)وفعل بنو إسرائيل كما أمر موسى واستعاروا من المصريين أواني فضة وذهب وشيئا كثيرا من‬

‫الكسوة( ‪ً.‬ا فانظروا إلى نفرته من الكذب أنه أمر موسى وهارون أن يكذبا عند فرعون فكذبا وكذلك‬ ‫كذب كل رجل وكل امرأة وأمر بالخداع وأخذ كل مال جاره بالخديعة وتصرف به‪ ،‬وقد أمر في‬ ‫مواضع من التوراة بأداء حق الجار‪ ،‬أيكون أداء حقه كما أمر وقت خروجهم وأيليق بال أن يعلمهم‬

‫الغدر والخيانة‪ً.‬ا وفي الباب السادس عشر من سفر صموئيل الول )قال الرب‬

‫) ‪(3/971‬‬

‫لصموئيل‪ :‬امل قرنك دهن ا وتعال أبعثك إلى أيسي الذي من بيت لحم فإني قد رأيت لي في بنيه‬

‫ملكاا( قال صموئيل‪ :‬كيف أذهب فيسمع شاول فيقتلني‪ً.‬ا فقال الرب‪ :‬خذ بيدك عجلة من البقر‬ ‫وقل إني جئت لقرب ذبيحة للرب‪ً.‬ا فصنع صموئيل كما أمر الرب وأتى إلى بيت لحم( انتهى‬

‫ملخصا‪ً.‬ا فأمر ال صموئيل أن يكذب لنه كان أرسله لمسح داود وجعله سلطانا ل للذبح‪ ،‬وعرفت‬ ‫في جواب الشبهة الثالثة في الفصل الثاني من هذا الباب أن ال أرسل روح الضللة ليقع في أفواه‬

‫نحو أربعمائة نبي كذبة )ويضلهم فيكذبون( فمن هذه المثلة الربعة يظهر نفرته من الشفة الكاذبة‪ً.‬ا‬ ‫)‪ (28‬الية السادسة والعشرون من الباب العشرين من سفر الخروج هكذا‪) :‬ل تصعد على مذبحي‬ ‫بدرج لئل تنكشف عليه عورتك( ‪ً.‬ا‬ ‫فعلم منه أنه ل يجب انكشاف عورة الرجل فضلا عن عورة المرأة‪ً.‬ا وفي الية السابعة عشر من‬ ‫الباب الثالث من كتاب أشعيا‪) :‬الرب يقلع عورات بنات صهيون( ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/972‬‬

‫وفي الباب السابع والربعين من كتاب أشعيا هكذا‪) 2 :‬خذي الرحى واطحني دقيقا أعرى عارك‬ ‫اكشفي كتفك أظهري ساقيك جوزي النهار( ‪) 3‬ينكشف عيبك ويظهر عارك أنتقم ول يقاومني‬

‫بشر( ‪ً.‬ا والية الثامنة عشر من الباب العشرين من سفر التكوين هكذا‪) :‬لن الرب أعقم جميع من‬ ‫في بيت أبي مالك من أجل سارة امرأة إبراهيم( ‪ً.‬ا والية الحادية والثلثون من الباب التاسع‬ ‫والعشرين هكذا‪) :‬فلما رأى الرب أن ليا مبغوضة فتح رحمها وكانت راحيل عاقراا( ‪ً.‬ا والية الثانية‬

‫والعشرون من الباب الثلثين من السفر المذكور هكذا‪) :‬فذكر الرب راحيل واستجاب لها وفتح‬


‫رحمها( ‪ً.‬ا فانظروا إلى نفرته من كشف عورة الرجال ورغبته إلى قلع عورات النساء وأعرائهن وفتح‬ ‫أرحامهن وسدها‪ً.‬ا‬ ‫)‪ ( 29‬في الية الرابعة والعشرين من الباب التاسع من كتاب أرمياء هكذا‪) :‬أنا الرب الصانع الرحمة‬ ‫والقضاء والعدل في الرض( ‪ً.‬ا‬ ‫وقد عرفت حال ارتضائه بالرحمة والصدق فاعرف حال عدله في الباب الحادي والعشرين من‬ ‫كتاب حزقيال هكذا‪) [3] :‬وتقول لرض إسرائيل هكذا‪) :‬يقول الرب الله ها أنا ذا إليك وأسل‬ ‫سيفي من غمده وأقتل فيك البار والمنافق( ]‪ [4‬ومن أجل أني قتلت فيك بارا ومنافق ا فلهذا يخرج‬

‫) ‪(3/973‬‬

‫سيفي من غمده إلى كل جسد من التيمن إلى الشمال( ‪ً.‬ا فلو سلم أن أقتل المنافق عند علماء‬ ‫بروتستنت عدل لكن كيف يكون قتل البار عدلا عندهم‪ً.‬ا وفي الباب الثالث عشر من كتاب أرمياء‬

‫هكذا‪) 13 :‬فنقول لهم هكذا يقول الرب ها أنا ذا أملي سكرا جميع سكان هذه الرض والملوك‬

‫الجالسين من ذرية داود على كرسيه والكهنة والنبياء وجميع سكان أورشليم ‪ 14‬وأبددهم رجلا‬ ‫عن أخيه‪ ،‬والباء والبناء جميعا‪ً.‬ا يقول الرب لست أرحم ول أعفي ول أتحنن حتى أهلكهم( فأمل‬

‫جميع سكان هذه الرض سكرا ثم قتلهم أي عدل‪ً.‬ا‬

‫والية التاسعة والعشرون من الباب الثاني عشر من سفر الخروج هكذا‪) :‬ولما انتصف الليل قتل‬

‫الرب كل أبكار أهل مصر من بكر فرعون الجالس على كرسيه حتى إلى بكر المسبية التي في‬ ‫السجن وكل أبكار البهائم( ‪ً.‬ا فقتل جميع أبكار أهل مصر وأبكار البهائم أي عدل‪ ،‬لن الوفاء من‬ ‫أبكار أهل مصر كانوا أطفالا معصومين‪ ،‬وكان أبكار البهائم أيضا غير مذنبين‪ً.‬ا‬

‫)‪ (30‬الية الثالثة والعشرون من الباب الثامن عشر من كتاب حزقيال هكذا‪) :‬العلى مرضاتي هو‬ ‫موت المنافق يقول الرب الله إل أن يتوب من طرقه فيعيش( ‪ً.‬ا والية الحادية عشر من الباب‬ ‫الثالث والثلثين هكذا‪) :‬فقل لهم حتى أنا يقول الرب الله لست أريد موت المنافق بل أن يتوب‬ ‫المنافق من طريقه ويعيش( الخ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/974‬‬


‫فعلم من هاتين اليتين أن ال ل يحب موت الشرير بل يحب أن يتوب الشرير وينجو‪ً.‬ا والية‬ ‫العشرون من الباب الحادي عشر من كتاب يوشع هكذا‪) :‬فقسى الرب قلوبهم وأهلكهم( ‪ً.‬ا‬ ‫)‪ (31‬الية الرابعة من الباب الثاني من الرسالة الولى إلى تيموثاوس هكذا‪) :‬الذي يريد أن جميع‬ ‫الناس يخلصون وإلى معرفة الحق يقبلون( ‪ً.‬ا‬ ‫وفي الباب الثاني من الرسالة الثانية إلى أهل تسالونيقي هكذا‪ 11 :‬ولجل هذا سيرسل إليهم ال‬ ‫عمل الضلل حتى يصدقوا الكذب ‪ 12‬لكي يدان جميع الذين لم يصدقوا الحق بل سروا بالثم‪ً.‬ا‬ ‫)‪ (32‬الية الثامنة عشر من الباب الحادي والعشرين من سفر المثال هكذا‪) :‬عوض الصديق‬ ‫يسلم المنافق وعوض المستقيمين الثيم( ‪ً.‬ا‬ ‫والية الثانية من الباب الثاني من الرسالة الولى ليوحنا هكذا‪) :‬وهو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا‬ ‫فقط بل لخطايا كل العالم أيضاا( ‪ً.‬ا‬

‫ففهم من الية الولى أن الشرار يكونون كفارات للصلحاء ومن الثانية أن المسيح عليه السلم‬

‫الذي هو معصوم عند المسيحيين صار كفارة للشرار‪ً.‬ا‬ ‫)فائدة( ما ادعى بعض القسيسين من أن المسلمين ليس لهم كفارة جيدة غلط‪ ،‬لنا لو تأملنا في‬ ‫حكم عبارة المثال ونظرنا إلى طوائف بني آدم وجدنا أن الكفارات المتعددة من المنكرين لمحمد‬ ‫صلى ال عليه وسلم موجودة لكل فرد من المسلمين‪ ،‬على أن المسيح عليه السلم لما كان كفارة‬ ‫لخطايا كل العالم على ما اعترف يوحنا‪ ،‬فكيف ل يكون كفارة للمسلمين الذين يعترفون بتوحيد ال‬

‫) ‪(3/975‬‬

‫ونبوته وصدقه وكون أمه صادقة بريئة بل لو أنصف أحد عرف أن أهل الحياة البدية هؤلء‬ ‫المسلمون ل غيرهم كما عرفت في الباب الرابع‪ً.‬ا‬ ‫)‪ ( 33‬وقع في الباب العشرين من سفر الخروج ل تقتل ول تزن‪ً.‬ا والية الثانية من الباب الرابع عشر‬ ‫من كتاب زكريا هكذا‪) :‬وأجمع جميع المم إلى أورشليم للقتال وتؤخذ المدينة وتخرب البيوت‬ ‫وتفضح النساء( ‪ً.‬ا فوعد الرب أن يجمع المم ليقتلوا قومه الخاص ويفضحوا نساءهم ويزنوا بها‪ً.‬ا‬ ‫)‪ (34‬في الية الثالثة عشر من الباب الول من كتاب حيقوق هكذا‪) :‬نقبت عيناك لئل ترى السوء‬ ‫ول تقدر أن تنظر إلى الثم( ‪ً.‬ا‬ ‫والية السابعة من الباب الخامس والربعين من كتاب أشعيا‪) :‬المصور ]ص ‪ [165‬النور‪ ،‬والخالق‬


‫الظلمة‪ ،‬الصانع السلم‪ ،‬والخالق الشر أنا الرب الصانع جميعها( ‪ً.‬ا‬ ‫)‪ (35‬في الزبور الرابع والثلثين هكذا‪) 15 :‬فإن عيني الرب إلى البرار ومسامعه إلى صراخهم(‬ ‫‪) 17‬أولئك الذين صرخوا فاستجاب لهم ونجاهم من جميع إضرارهم( ‪) 18‬فإن الرب قريب من‬ ‫منكسري القلب ومخلص متواضعي الروح( ‪ً.‬ا وفي الزبور الثاني والعشرين هكذا‪) :1 :‬إلهي إلهي‬ ‫لماذا تركتني بعيدا عن خلصي وكلم صراخي( ‪) :2‬إلهي إلهي إني في النهار أدعو وأنت ل‬ ‫تستجيب وفي الليل ول سكوت لي( ‪ً.‬ا‬

‫والية السادسة والربعون من الباب السابع والعشرين من إنجيل متى‬

‫) ‪(3/976‬‬

‫هكذا‪) :‬ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا إيلي إيلي لما شبقتني أي إلهي إلهي‬

‫لماذا تركتني( أما كان داود وعيسى عليهما السلم من البرار ومنكسري القلوب ومتواضعي الروح‬ ‫فملنمم تركهما ولميم يسمع صراخهما‪ً.‬ا‬ ‫)‪ (36‬الية الثالثة عشر من الباب التاسع والعشرين من كتاب أرمياء هكذا‪) :‬تطلبونني وتجدونني‬ ‫إذا طلبتموني بكل قلبكم( ‪ً.‬ا‬ ‫والية الثالثة من الباب الثالث والعشرين من كتاب أيوب هكذا‪) :‬من يعطيني أن أعرف فأجده‬ ‫وأستطيع البلوغ إلى مجلسه( ‪ً.‬ا‬ ‫وقد شهد ال في حق أيوب أنه صالح مستقيم‪ ،‬خائف من ال‪ ،‬بعيد من السوء كما هو مصرح به‬ ‫في الباب الول والثاني من كتابه‪ً.‬ا فهذا المقدس لم يحصل له علم طريق وجدان ال فضلا عن‬

‫وجدانه‪ً.‬ا‬

‫)‪ ( 37‬في الية الرابعة من الباب العشرين من سفر الخروج هكذا‪) :‬ل نتخذ لك صورة ول تمثيل‬ ‫من كل ما في السماء وما في الرض وما في الماء من تحت الرض( ‪ً.‬ا والية الثامنة عشر من‬ ‫الباب الخامس والعشرين من السفر المذكور هكذا‪) :‬وأصنع كار وبين من ذهب سبيك تجعل على‬ ‫كل جانبي الغشاء( ‪ً.‬ا‬ ‫)‪ (38‬الية السادسة من رسالة يهوذا هكذا‪) :‬والملئكة الذين لم يحفظوا‬

‫) ‪(3/977‬‬


‫رياستهم بل تركوا مسكنهم حفظهم إلى دينونة اليوم العظيم بقيود أبدية تحت الظلم( ‪ً.‬ا فعلم منها‬ ‫أن الشياطين مربوطة بقيود عظيمة إلى يوم القيامة‪ً.‬ا ويعلم من الباب الول والثاني من كتاب أيوب‬ ‫أن الشيطان ليس بمقيد بل هو مطلق ويحضر عند ال‪ً.‬ا‬ ‫)‪ ( 39‬في الية الرابعة من الباب الثاني من الرسالة الثانية لبطرس هكذا‪) :‬أن ال لم يشفق على‬ ‫ملئكة قد أخطئوا بل في سلسل الظلم طرحهم في جهنم وسلمهم محروسين للقضاء( ‪ً.‬ا وفي‬ ‫الباب الرابع من إنجيل متى أن الشيطان جرب عيسى عليه السلم‪ً.‬ا‬ ‫)‪ ( 40‬الية الرابعة في الزبور التسعين هكذا‪) :‬فإن ألف سنة لديك كالمس الغابر وكهجيع من‬ ‫الليل( ‪ً.‬ا والية الثامنة من الباب الثالث من الرسالة الثانية لبطرس هكذا‪) :‬أن يوم ا واحدا عند الرب‬ ‫كألف سنة‪ ،‬وألف سنة كيوم واحد( ومع ذلك قال في الية السادسة عشر من الباب التاسع من‬

‫سفر التكوين هكذا‪) :‬ويكون القوس في الغمام وأراه وأذكر الميثاق البدي الذي قام بين ال وبين‬ ‫كل نفس حية من كل ذي جسد هو على الرض( ‪ً.‬ا على أن كون القوس علمة العهد ل يحسن‪،‬‬ ‫لن القوس ل يكون في كل غمام بل في قليل من أوقات الغمام وهو وقت رقة الغمام غالباا‪ ،‬وهذا‬

‫الوقت ل يكون موجبا لكثرة المطار التي يخاف منها الطوفان فل تحصل العلمة وقت الحاجة‬ ‫إليها بل وقت الستغناء عنها‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/978‬‬

‫)‪ (41‬في الية العشرين من الباب الثالث والثلثين من سفر الخروج قول ال في خطاب موسى‬ ‫عليه السلم هكذا‪) :‬إنك ل تقدر على النظر إلى وجهي لنه ل يراني بشر فيحيا( ‪ً.‬ا وفي الية‬ ‫الثلثين من الباب الثاني والثلثين من سفر التكوين قول يعقوب عليه السلم هكذا‪) :‬رأيت ال‬ ‫وجه ا لوجه وتخلصت نفسي( ‪ً.‬ا فرأى يعقوب عليه السلم ال وجه ا لوجه وبقي حياا‪ ،‬وفي القصة‬

‫التي وقع فيها هذا القول أشياء أخرى أيض ا ل تليق‪ً.‬ا الول‪ :‬ذكر المصارعة بين ال وبين يعقوب‪ً.‬ا‬ ‫والثاني‪ :‬كونها ممتدة إلى طلوع الفجر‪ً.‬ا والثالث‪ :‬أنه لم يقو أحدهما بالخر‪ً.‬ا والرابع‪ :‬أن ال لم‬

‫يقدر أن ينطلق بذاته فقال أطلقني‪ً.‬ا والخامس‪ :‬أن يعقوب لم يطلقه إل بعوض وهو أن يباركه‪ً.‬ا‬ ‫والسادس‪ :‬أن ال سأله عن اسمه فعلم أنه ما كان يعلم اسمه‪ً.‬ا‬ ‫)‪ ( 42‬الية الثانية عشر من الباب الرابع من الرسالة الولى ليوحنا هكذا‪) :‬ال لم ينظره أحد قط( ‪ً.‬ا‬


‫وفي الباب الرابع والعشرين من سفر الخروج هكذا‪) 9 :‬وصعد موسى وهارون وناد أب وأبيهو‬ ‫وسبعون رجلا من شيوخ إسرائيل ‪ 10‬ونظروا‬

‫) ‪(3/979‬‬

‫إلى إله إسرائيل وتحت رجليه مثل الحجر السمانجوني وكمثل لون السماء ونور ظاهر( ‪) 11‬فلم‬ ‫يبسط يده على شيوخ إسرائيل وأبصروا ال وأكلوا وشربوا( فموسى ]ص ‪ [168‬وهارون والمشايخ‬ ‫ل‪ :‬أن الجملة الخيرة بحسب‬ ‫السبعون عليهم السلم قد أبصروا ال وأكلوا وشربوا معه أقول أو ا‬

‫الظاهر تدل على أنهم أكلوا ال وشربوه‪ ،‬لكن المقصود لعله ما فهمه المعترضون‪ً.‬ا وثانياا‪ :‬أن إله‬

‫بني إسرائيل )والعياذ بال( كان على صورة آلهة مشركي الهند مثل رامجند روكرشن لن ألوانهم على‬

‫ما صرح به في كتبهم على لون السماء‪ً.‬ا‬ ‫)‪ (43‬في الية السادسة عشر من الباب السادس من الرسالة الولى إلى تيموثاوس هكذا‪) :‬الذي‬ ‫لم يره أحد من الناس ول يقدر أن يراه( ‪ً.‬ا‬ ‫وفي الباب الرابع من المشاهدات أن يوحنا رآه جالس ا على العرش وكان‬

‫) ‪(3/980‬‬

‫الجالس في المنظر شبه حجر اليشب والعقيق‪ً.‬ا‬ ‫)‪ (44‬الية السابعة والثلثون من الباب الخامس من إنجيل يوحنا قول يسوع في خطاب اليهود‬ ‫هكذا‪) :‬لم تسمعوا صوته قط ول أبصرتم هيئته( ‪ً.‬ا وقد علمت حال رؤية ال في المثال السابق‪ً.‬ا‬ ‫بقي حال سماع صوته‪ً.‬ا في الية الرابعة والعشرين من الباب الخامس من سفر الستثناء هكذا‪) :‬قد‬ ‫أرانا الرب إلهنا مجده وعظمته وسمعنا صوته من وسط النهار( ‪ً.‬ا‬ ‫)‪ ( 45‬في الية الرابعة والعشرين من الباب الرابع من إنجيل يوحنا هكذا‪) :‬ال روح( ‪ً.‬ا وفي الية‬ ‫التاسعة والثلثين من الباب الرابع والعشرين من إنجيل لوقا هكذا‪) :‬أن الروح ليس له لحم وعظام(‬ ‫ويعلم من هاتين العبارتين أن ال ليس له لحم وعظام‪ ،‬وقد ثبت له في كتبهم كل عضو من الرأس‬ ‫إلى الرجل ونقلوا أمثلة لثبات هذه العضاء وقد عرفتها في مقدمة الباب الرابع‪ً.‬ا ثم قالوا استهزااء‪:‬‬


‫"لم يعلم إلى الن أنه بستاني أم بناء أو خزاف أو خياط أو جراح أو حلق أو قابلة أو جزار أو‬ ‫فلح‬

‫) ‪(3/981‬‬

‫أو تاجر أو غيره لن أقوال كتبهم مضطربة"‪ً.‬ا‬ ‫في الية الثامنة من الباب الثامن من سفر التكوين هكذا‪) :‬وغرس الرب الله فردوس النعيم من‬ ‫البدي( فيعلم منه أنه بستاني‪ً.‬ا‬ ‫وكذا يعلم من الية التاسعة عشر من الباب الحادي والربعين من كتاب أشعيا وفي الية الخامسة‬ ‫والثلثين من الباب الثاني من سفر صموئيل الول هكذا‪) :‬وبنى له بيت ا أميناا( وهكذا في الية ‪11‬‬

‫و ‪ 27‬من الباب السابع من سفر صموئيل الثاني والية ‪ 38‬من الباب الحادي عشر من سفر‬

‫الملوك الول والية ‪ 1‬من الزبور ‪ 127‬ويعلم من هذه اليات أنه بناء‪ً.‬ا والية الثامنة من الباب‬ ‫الرابع والستين من كتاب أشعيا هكذا‪) :‬والن يا رب أنت أبونا ونحن الطين وأنت جابلنا ونحن‬ ‫جميعنا أعمال يديك( فيعلم منها أنه خزاف‪ً.‬ا والية الحادية والعشرون من الباب الثالث من سفر‬ ‫التكوين هكذا‪) :‬وصنع الرب الله لدم وزوجته ثيابا من جلود وألبسهما( فيعلم أنه خياط‪ً.‬ا وفي‬

‫الية ‪ 17‬من الباب الثلثين من كتاب أشعيا هكذا‪) :‬أشفي جرحك( ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/982‬‬

‫فيعلم أنه جراح‪ً.‬ا والية العشرون من الباب السابع من كتاب أشعيا هكذا‪) :‬في ذلك اليوم يحلق‬ ‫الرب بموسى مستنكرا في أولئك الذين هم عبروا النهر بملك الثوريين الرأس وأوبار الرجلين‬

‫واللحية كلها( فيعلم أنه حلق‪ً.‬ا ويعلم من الية ‪ 31‬من الباب التاسع والعشرين والية ‪ 22‬من‬ ‫الباب الثلثين من سفر التكوين أنه قابلة‪ً.‬ا وقد مر نقلهما عن قريب في بيان الختلف الثامن‬ ‫والعشرين‪ً.‬ا والية السادسة من الباب الرابع والثلثين من كتاب أشعيا هكذا‪) :‬سيف الرب امتل دم ا‬ ‫سمن من شحم من دم الخرفان والتيوس من دم الكباش المعلوفة( فيعلم أنه جزار‪ً.‬ا والية الخامسة‬ ‫عشر من الباب الحادي والربعين من كتاب أشعيا هكذا‪) :‬ها جعلتك مثل البكرات الجدد التي‬ ‫للعجلة شبه المناشير التي تدوس فتدوس الجبال وتسحق الكام وتصنعهم مثل التراب( فيعلم أنه‬


‫فلح‪ً.‬ا وفي الية الثامنة من الباب الثالث من كتاب يوئيل هكذا‪) :‬وأبيع بنيكم وبناتكم في أيدي‬ ‫بني يهوذا( فيعلم أنه تاجر‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/983‬‬

‫وفي الية الثالثة عشر من الباب الرابع والخمسين من كتاب أشعيا هكذا‪) :‬يتعلم جميع بنيك من‬ ‫الرب( فيعلم أنه معلم‪ً.‬ا ويعلم من الباب الثاني والثلثين من سفر التكوين أنه مصارع‪ً.‬ا‬ ‫)‪ (46‬الية التاسعة من الباب الثاني والعشرين من سفر صموئيل الثاني هكذا‪) :‬ارتفع دخان من‬ ‫أنفه‪ ،‬والتهبت النار من فمه تأكل‪ ،‬والجمر اشتعل منها( ‪ً.‬ا والية العاشرة من الباب السابع والثلثين‬ ‫من كتاب أيوب هكذا‪) :‬يكون الثلج من نفس ال ويجمد الماء السائل( ‪ً.‬ا‬ ‫)‪ (47‬الية الثانية عشر من الباب الخامس من كتاب هوشع هكذا‪) :‬وأنا مثل السوس لفرام ومثل‬ ‫الدودة لبيت يهوذا( ‪ً.‬ا‬ ‫والية السابعة من الباب الثالث عشر من الكتاب المذكور هكذا‪) :‬وأنا أكون لهم مثل أسد‪ ،‬مثل‬ ‫نمر‪ ،‬في طريق الثوريين( فتارة مثل السوس والدودة وتارة مثل السد والنمر‪ً.‬ا‬ ‫)‪ ( 48‬الية العاشرة من الباب الثالث من مراثي أرمياء هكذا‪) :‬دبارا صدا صار لي أسدا في الخفية(‬ ‫‪ً.‬ا والية الحادية عشر من الباب الربعين من كتاب أشعيا هكذا‪) :‬مثل الراعي هو يرعى قطيعه( الخ‬ ‫فتارة مثل الدب والسد وتارة كالراعي‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/984‬‬

‫)‪ ( 49‬في الية الثالثة من الباب الخامس عشر من سفر الخروج هكذا‪) :‬الرب مثل الرجل المقاتل(‬ ‫‪ً.‬ا وفي الية العشرين من الباب الثالث عشر من الرسالة العبرانية هكذا‪) :‬وإله السلم( ‪ً.‬ا‬ ‫)‪ ( 50‬في الية الثامنة من الباب الرابع ليوحنا هكذا‪) :‬ال محبة( ‪ً.‬ا والية الخامسة من الباب‬ ‫الحادي والعشرين من كتاب أرمياء هكذا‪) :‬وأنا أغليكم بيد ممدودة وبذراع قوية وبزجر وبغضب‬ ‫وبسخط شديد( ‪ً.‬ا ولما وصلت النوبة إلى الخمسين أكتفي في نقل هذه الختلفات على هذا‬ ‫القدر خوفا من التطويل فمن شاء أزيد منه فليتصفح كتب المعترضين المذكورين يجد فيها‬

‫اختلفات أخرى‪ً.‬ا والية الخامسة عشر من الباب الحادي والعشرين من سفر الستثناء هكذا‪) :‬وإن‬


‫كانت لرجل امرأتان الواحدة محبوبة والخرى مبغوضة( الخ‪ً.‬ا والية السابعة والعشرون من الباب‬ ‫التاسع من كتاب يوشع هكذا‪) :‬وفرض عليهم( أي أهل جبعون اليوم أن يكونوا في خدمة الشعب‬ ‫بأسره وخدمة‬

‫) ‪(3/985‬‬

‫مذبح الرب محطبين حطبا ومستقين ماء في الموضع الذي يختاره الرب‪ً.‬ا وفي الباب السادس‬

‫والخمسين من كتاب أشعيا هكذا‪) :‬يقول الرب للخصيين الذين يحفظون سبوتي ويختارون ما أنا‬

‫شئته ويمسكون بعهدي أعطيهم في بيتي وفي حيطاني موضع ا واسم ا أفضل من البنين والبنات‪،‬‬

‫أعطيهم اسم ا أبدي ا ل يبيد( يعلم من هذه اليات أن ال مجوز لتزوج زوجتين واحد القوم في‬

‫العبودية والرق وراض عن الخصيين‪ً.‬ا )وهذه( الشياء كلها مذمومة عند النكليز شرعا أو عقلا‬ ‫والية الخامسة والعشرون من الباب الول من الرسالة الولى إلى أهل قورنثيوس هكذا‪) :‬لن جهالة‬ ‫ال أحكم من الناس وضعف ال أقوى من الناس( ‪ً.‬ا والية التاسعة من الباب الرابع عشر من كتاب‬ ‫حزقيال هكذا‪) :‬والنبي إذا ضل وتكلم بكلم فأنا الرب أضللت ذلك النبي( الخ‪ً.‬ا ويعلم من هاتين‬ ‫اليتين جهل ال وإضلله لنبيائه )والعياذ بال( ‪ً.‬ا وقال جان كلرك الملحد بعد ما نقل بعض‬

‫القاويل المنقولة فيما قبل‪) :‬أن إله بني إسرائيل هذا ليس قاتلا ظالما كاذبا أحمق مضلا فقط بل‬

‫هو نار محرقة أيضاا( ‪ً.‬ا‬

‫كما قال بولس في الية التاسعة والعشرين من الباب الثاني عشر من الرسالة العبرانية إلهنا نار آكلة‬

‫والوقوع في يدي هذا الله مخيف‪ً.‬ا كما قال بولس في الية الحادية والثلثين من الباب العاشر من‬ ‫الرسالة العبرانية )مخيف هو الوقوع في يدي ال الحي( ‪ً.‬ا فتحصيل الحرية من رقية مثل هذا الله‬

‫) ‪(3/986‬‬

‫بالعجلة المقدورة أحسن لنه إذا لم ينج ابنه الوحيد فمن يرجو منه الرحمة واللطف‪ ،‬وهذا الله‬ ‫الذي تحكم هذه الكتب أنه إله ليس بقابل أن يعتمد عليه‪ ،‬بل هو شيء غير محقق جامع للضداد‬ ‫والوهام مضل أنبيائه( انتهى‪ً.‬ا فانظروا إلى أبناء صنف القسيسين إلى أين وصلت نوبتهم وليعلم أن‬


‫اعتراضاتهم على ما وقع في تراجمهم النكليزية وغيرها فإن وجد الناظر في بيان عدد الية أو في‬ ‫بعض المضامين ما يخالف الترجمة العربية‪ ،‬فهو لجل اختلف التراجم‪ً.‬ا‬

‫) ‪(3/987‬‬

‫الباب السادس‪) :‬في إثبات نبوة محمد صلى ال عليه وسلم ودفع مطاعن القسيسين وهو مشتمل‬ ‫على فصلين(‬

‫) ‪(4/999‬‬

‫صل الول‪) :‬في إثبات نبوة محمد صلى ال عليه وسلم‬ ‫الف ل‬ ‫وفيه ستة مسالك( ‪ً.‬ا‬

‫]معجزات النبي صلى ال عليه وسلم[‬ ‫)المسلك الول( أنه ظهرت معجزات كثيرة على يده صلى ال عليه وسلم وأذكر نبذا منها في هذا‬

‫المسلك من القرآن والحاديث الصحيحة بحذف السناد وأوردها في نوعين‪ً.‬ا‬

‫وقد عرفت في الفصل الثالث من الباب الخامس على أتم تفصيل أنه ل شناعة عقلا ونقلا في‬ ‫اعتبار الروايات اللسانية المشتملة على شروط الرواية المعتبرة عند علمائنا رحمهم ال تعالى‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1000‬‬

‫وفيه نوعان‬ ‫)أما النوع الول( ففي بيان أخباره عن المغيبات الماضية والمستقبلة‪ ،‬أما الماضية فكقصص النبياء‬ ‫عليهم السلم وقصص المم البالية من غير سماع من أحد ول تلقن من كتاب كما عرفت في المر‬ ‫الرابع من الفصل الول من الباب الخامس وقد أشير إليه بقوله تعالى‪} :‬تلك من أنباء الغيب‬ ‫نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ول قومك من قبل هذا{ً ‪ً.‬ا‬ ‫والمخالفة التي وقعت بين القرآن وكتب أهل الكتاب في بيان بعض هذه القصص فقد عرفت حالها‬


‫في الفصل الثاني من الباب الخامس في جواب الشبهة الثانية‪ ،‬وأما المستقبلة فكثيرة‪ً.‬ا عن حذيفة‬ ‫رضي ال عنه أنه قال‪) :‬قام فينا مقاما فما ترك شيئا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إل حدثه‬

‫حفظه من حفظه ونسيه من نسيه قد علمه أصحابي هؤلء وإنه ليكون منه الشيء فأعرفه وأذكره كما‬ ‫يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه ثم إذا رآه عرفه( رواه البخاري ومسلم‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1001‬‬

‫وقد عرفت في المر الثالث من الفصل الول من الباب الخامس اثنين وعشرين خبرا من الخبار‬

‫المندرجة في القرآن وقال ال تعالى‪} :‬أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من‬ ‫قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر ال أل إن‬ ‫نصر ال قريب{ً ‪ً.‬ا‬ ‫فوعد ال المسلمين في هذا القول بأنهم يزلزلون حتى يستقيؤه ويستنصروه‪ً.‬ا وقال النبي صلى ال‬ ‫عليه وسلم لصحابه‪) :‬سيشتد المر باجتماع الحزاب عليكم والعاقبة لكم عليهم( ‪ً.‬ا وقال أيضاا‪:‬‬ ‫)أن الحزاب سائرون إليكم تسع ا أو عشراا( ‪ً.‬ا فجاء الحزاب كما وعد ال ورسوله وكانوا عشرة‬

‫آلف وحاصروا المسلمين وحاربوهم محاربة شديدة إلى مدة شهر وكان المسلمون في غاية الضيق‬ ‫والشدة والرعب وقالوا هذا ما وعدنا ال ورسوله وأيقنوا بالجنة والنصر‪ً.‬ا كما أخبر ال تعالى بقوله‪:‬‬ ‫}ولما رأى المؤمنون الحزاب قالوا هذا ما وعدنا ال ورسوله وصدق ال ورسوله وما زادهم إل‬

‫إيمان ا وتسليماا{ً ‪ً.‬ا وقد خرج أئمة الحديث رضي ال عنهم‪:‬‬

‫‪ -1‬أن النبي صلى ال عليه وسلم أخبر الصحابة بفتح مكة وبيت المقدس واليمن والشام والعراق‪ً.‬ا‬ ‫‪ -2‬وأن المن يظهر حتى ترحل المرأة من الحيرة إلى مكة ل تخاف‬

‫) ‪(4/1002‬‬

‫إل ال‪ً.‬ا‬ ‫‪ -3‬وأن خيبر تفتح على يد علي رضي ال عنه في غد يومه‪ً.‬ا‬ ‫‪ -4‬وأنهم يقسمون كنوز ملك فارس وملك الروم‪ً.‬ا‬


‫‪ -5‬وأن بنات فارس تخدمهم‪ً.‬ا وهذه المور كلها وقعت في زمن الصحابة رضي ال عنهم كما‬ ‫أخبر‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1003‬‬

‫‪ -6‬وأن أمته ستفترق على ثلث وسبعين فرقة‪ً.‬ا‬ ‫‪ -7‬وأن فارس نطحة أو نطحتان ثم ل فارس بعد هذا أبداا‪ ،‬والروم ذات قرون كلما هلك قرن خلف‬ ‫مكانه قرن أهل صخر وبحر هيهات آخر الدهر‪ً.‬ا والمراد بالروم الفرنج والنصارى وكان كما أخبر ما‬

‫بقي من سلطنة الفرس أثر ما بخلف الروم‪ ،‬فإن سلطنتهم وإن زالت عن الشام في عهد خلفة عمر‬ ‫رضي ال عنه وانهزم هرقل من الشام إلى أقصى بلده لكن لم تزل سلطنتهم بالكلية بل كلما هلك‬ ‫قرن خلفه قرن آخر‪ً.‬ا‬ ‫‪ -8‬وأن ال زوى لي الرض فرأيت مشارقها ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي‬

‫) ‪(4/1004‬‬

‫ما زوى لي منها( ‪ً.‬ا والمعنى جمع ال لي الرض مرة واحدة بتقريب بعيدها إلى قريبها حتى اطلعت‬ ‫على ما فيها‪ ،‬وستفتحها أمتي جزءا فجزءا حتى تمتلك جميع أجزائها‪ ،‬ولجل تقييدها بمشارقها‬

‫ومغاربها انتشرت ملته في المشارق والمغارب ما بين أرض الهند التي هي أقصى المشرق إلى بحر‬

‫طنجة الذي في أقصى المغرب‪ ،‬ولم تنتشر في الجنوب والشمال مثل انتشارها في المشرق‬ ‫والمغرب‪ ،‬ولعل في إتيانهما بلفظ الجمع‪ ،‬وفي تقديم المشارق‪ ،‬إيماء إلى ما هنالك وإلى ظهور‬ ‫كثرة العلماء منهما بالنسبة إلى غيرهما‪ ،‬وأن علماء المشرق أكثر وأظهر من علماء المغرب‪ً.‬ا‬ ‫‪ -9‬وأنه ل يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة( ‪ً.‬ا وفي حديث آخر رواية أبي‬ ‫أمامة‪) :‬ل تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتيهم أمر ال وهم كذلك وقيل‪ :‬يا رسول‬ ‫ال وأين هم قال‪ :‬ببيت المقدس( والمراد عند جمهور العلماء بأهل الغرب أهل الشام لنه‬

‫) ‪(4/1005‬‬


‫غرب الحجاز بدللة رواية وهم بالشام‪ً.‬ا‬ ‫‪ -10‬وأن الفتن ل تظهر ما دام عمر حيا وكان كما أخبر‪ ،‬وكان عمر رضي ال عنه سد باب الفتنة‪ً.‬ا‬ ‫‪ -11‬وأن المهدي رضي ال عنه يظهر‪ً.‬ا‬ ‫‪ -12‬وأن عيسى عليه السلم ينزل‪ً.‬ا‬ ‫‪ -13‬وأن الدجال يخرج‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1006‬‬

‫وهذه المور الثلثة ستظهر إن شاء ال تعالى وال أعلم‪ً.‬ا‬ ‫‪ -14‬أن عثمان يقتل وهو يقرأ في المصحف‪ً.‬ا‬ ‫‪ - 15‬وأن أشقى الخرين من يصبغ هذه من هذه‪ً.‬ا يعني لحية علي من دم رأسه‪ ،‬يعني يقتله وهما‬ ‫رضي ال عنهما استشهدا كما أخبر‪ً.‬ا‬ ‫‪ -16‬وأن عمارا تقتله الفئة الباغية فقتله أصحاب معاوية‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1007‬‬

‫‪ -17‬وأن الخلفة بعدي في أمتي ثلثون سنة ثم تصير ملكا عضوضا بعد ذلك( فكانت الخلفة‬ ‫الحقة كذلك بمضي مدة خلفة الحسن بن علي رضي ال عنهما‪ ،‬لن خلفة أبي بكر رضي ال‬

‫عنه كانت سنتين وثلثة أشهر وعشرين يوماا‪ ،‬وخلفة عمر رضي ال عنه عشر سنين وستة أشهر‬

‫وأربعة أيام‪ ،‬وخلفة عثمان رضي ال عنه إحدى عشرة سنة وإحدى عشر شهرا وثمانية عشر يوماا‪،‬‬ ‫وخلفة علي رضي ال عنه أربع سنين وعشرة أشهر وتسعة أيام‪ ،‬وبتمامها خلفة الحسن رضي ال‬

‫عنه‪ً.‬ا‬ ‫‪ -18‬وأن هلك أمتي على يدي أغيلمة من قريش والمراد يزيد وبنو‬

‫) ‪(4/1008‬‬


‫مروان‪ً.‬ا‬ ‫‪ -19‬وأن النصار يقلون حتى يكونوا كالملح في الطعام‪ ،‬فلم يزل أمرهم يتفرق حتى لم يبق لهم‬ ‫جماعة‪ً.‬ا ووقع كما أخبر‪ً.‬ا‬ ‫‪ -20‬وأنه يكون في ثقيف كذاب ومبير أي مهلك‪ ،‬فرأوهما‬

‫) ‪(4/1009‬‬

‫المختار والحجاج‪ً.‬ا‬ ‫‪ -20‬وأن الموتتين أي الوباء والطاعون يكون بعد فتح بيت المقدس‪ ،‬وكان هذا الوباء في خلفة‬ ‫عمر رضي ال عنه بعمواس من قرى بيت المقدس‪ ،‬وبها كان عسكره‪ ،‬وهو أول طاعون وقع في‬ ‫السلم مات به سبعون ألفا في‬

‫) ‪(4/1010‬‬

‫ثلثة أيام‪ً.‬ا‬ ‫‪ -22‬وأنهم يغزون في البحر كالملوك على السرة ففي الصحيحين‪) :‬كان رسول ال صلى ال عليه‬ ‫وسلم يدخل على أم حرام بنت ملحان من خالت النبي صلى ال عليه وسلم من الرضاع وكانت‬ ‫تحت عبادة بن الصامت فدخل عليها يوما فأطعمته ثم جلست تفلي رأسه فنام‪ ،‬ثم استيقظ‬

‫يضحك فقالت‪ :‬ملم تضحك؟ قال‪ :‬ناس من أمتي عرضوا على غزاة في سبيل ال يركبون ثبج هذا‬

‫البحر ‪ 2‬ملوك ا على السرة أو كالملوك على السرة‪ً.‬ا فقالت‪ :‬ادع ال أن يجعلني منهم ‪ 3‬فقال‪:‬‬ ‫أنت من الولين‪ً.‬ا فركبت البحر في زمن معاوية فصرعت عن دابتها بعد خروجها منه فهلكت( ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1011‬‬


‫‪ -23‬وأن اليمان لو كان منوطا بالثريا لناله رجال من أبناء فارس وفيه إشارة إلى المام العظم أبي‬ ‫حنيفة الكوفي رحمه ال تعالى أيضا‪ً.‬ا‬ ‫‪ -24‬وأن فاطمة أول أهله لحوق ا به فماتت رضي ال عنها بعد ستة‬

‫) ‪(4/1012‬‬

‫أشهر من وفاته صلى ال عليه وسلم‪ً.‬ا‬ ‫‪) -25‬وأن ابني هذا( أي الحسن ابن علي رضي ال عنهما )سيد وسيصلح ال به بين فئتين‬ ‫عظيمتين( ووقع كما أخبر‪ ،‬فأصلح ال به بين أتباعه وأهل الشام‪ً.‬ا‬ ‫‪ -26‬وأن أبا ذر يعيش وحيداا‪ ،‬ويموت‪ً.‬ا فكان كما أخبر‪ً.‬ا‬

‫‪) -27‬وأن أسرع أزواجه لحوقا به أطولهن يداا( فكانت زينب بنت جحش رضي ال عنها أسرعهن‬

‫لحوقا به لطول يدها بالصدقة‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1013‬‬

‫‪) -28‬وأن الحسين بن علي رضي ال عنهما يقتل بالطف( وهو بفتح الطاء وتشديد الفاء مكان‬ ‫بناحية الكوفة على شط نهر الفرات‪ ،‬والن اشتهر بكربلء‪ ،‬فاستشهد الحسين رضي ال عنه في‬ ‫الطف كما أخبر‪ً.‬ا‬ ‫‪ -29‬وقال لسراقة بن جعشم‪ :‬كيف بك إذا لبست سواري كسرى؟‬

‫) ‪(4/1014‬‬

‫فلما أتى بهما عمر رضي ال عنه ألبسهما إياه وقال‪ :‬الحمد ل الذي سلبهما كسرى وألبسهما‬ ‫سراقة‪ً.‬ا‬ ‫‪ -30‬وقال لخالد رضي ال عنه حين وجهه لكيدر‪ :‬إنك تجده يصيد البقر‪ً.‬ا فكان كما أخبر‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1015‬‬


‫وفي حديث أبي هريرة رضي ال عنه عند الشيخين‪) :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪ :‬ل‬ ‫تقوم الساعة حتى تخرج نار من أرض الحجاز يضيء لها أعناق البل ببصرى( ‪ً.‬ا‬ ‫وقد خرجت نار عظيمة على قرب مرحلة من المدينة‪ ،‬وكان ابتداؤها يوم الحد مستهل جمادى‬ ‫الخرة سنة أربع وخمسين وستمائة‪ ،‬وكانت خفيفة إلى ليلة الثلثاء بيومها‪ ،‬ثم ظهرت ظهورا اشترك‬

‫فيه الخاص والعام‪ ،‬ولعدم ظهورها ظهورا معتدا إلى يوم الثلثاء خفي عن البعض وقال ابتداؤها كان‬ ‫ثالث الشهر‪ ،‬وفي يوم الربعاء ظهرت ظهورا شديداا‪ ،‬واشتدت حركتها واضطربت الرض بمن‬

‫عليها‪ ،‬وارتفعت الصوات‬

‫) ‪(4/1016‬‬

‫لخالقها‪ ،‬ودامت آثار الحركة حتى أيقن أهل المدينة بوقوع الهلك وزلزلوا زلزالا شديدا فلما كان‬ ‫يوم الجمعة نصف النهار ثار في الجو دخان متراكم أمره متفاقم ثم شاع النار وعل حتى غشى‬

‫البصار‪ ،‬فسكنت بقريظة عند قاع التنعيم بطرف الحرة ترى في صورة البلد العظيم عليها سور‬ ‫محيط عليه شراريف كشراريف الحصون وأبراج ومآذن‪ ،‬ويرى رجال يقودونها ل تمر على جبل إل‬ ‫دكته وأذابته‪ ،‬ويخرج من مجموع ذلك نهر أحمر ونهر أزرق له دوي كدوي الرعد يأخذ الصخور‬ ‫والجبال بين يديه‪ً.‬ا‬ ‫وكان يأتي المدينة ببركة النبي صلى ال عليه وسلم نسيم بارد‪ً.‬ا وكان انطفاؤها في السابع والعشرين‬ ‫من شهر رجب ليلة السراء والمعراج وللشيخ قطب الدين القسطلني تأليف في بيان حال هذه‬ ‫النار سماه بحمل اليجاز في العجاز بنار الحجاز‪ً.‬ا فهذا الخبر من الخبار العظيمة أيضا لن‬

‫النبي صلى ال عليه وسلم أخبر بخروج هذه النار قبل ظهورها بمقدار ستمائة وخمسين سنة تقريباا‪،‬‬ ‫وكتب في البخاري قبل ظهورها بمقدار أربعمائة سنة تقريباا‪ ،‬وصحيح البخاري في غاية درجة القبول‬

‫من زمان التأليف إلى هذا الحين حتى‬

‫) ‪(4/1017‬‬


‫أخذ تسعون ألف رجل سنده من المام المرحوم بل واسطة في مدة حياته فل مجال لعناد معاند في‬ ‫تكذيب هذا الخبر الصريح الصادق‪ً.‬ا‬ ‫وروى مسلم في كتاب الفتن من حديث ابن مسعود رضي ال عنه في أمر الدجال من طريق أبي‬ ‫قتادة عن يسير بن جابر قال‪ :‬هاجت ريح حمراء بالكوفة فجاء رجل ليس له هجيري فقال‪ :‬أل يا‬ ‫عبد ال بن مسعود جاءت الساعة‪ً.‬ا قال‪ :‬فقعد وكان متكئاا‪ ،‬فقال‪ :‬إن الساعة ل تقوم حتى ل يقسم‬ ‫ميراث ول يفرح بغنيمة‪ً.‬ا ثم قال‪ :‬بيده هكذا ونحاها نحو الشام‪ً.‬ا‬

‫فقال‪ :‬عدو يجتمعون لهل الشام ويجتمع لهم أهل الشام‪ً.‬ا قلت‪ :‬الروم يعني‪ً.‬ا قال‪ :‬نعم‪ً.‬ا ويكون‬ ‫عند ذلك القتال ردة شديدة أي هزيمة‪ ،‬فيشترط المسلمون شرطة الموت ل ترجع إل غالبة‬ ‫فيقتتلون حتى‬

‫) ‪(4/1018‬‬

‫يحجز بينهم الليل‪ ،‬فيبقى هؤلء وهؤلء كل غير غالب وتفنى الشرطة‪ ،‬ثم يشترط المسلمون شرطة‬ ‫الموت ل ترجع إل غالبة‪ ،‬فيقتتلون حتى يحجز بينهم الليل‪ ،‬فيبقى هؤلء وهؤلء كل غير غالب‬ ‫وتفنى الشرطة‪ ،‬ثم يشترط المسلمون شرطة الموت ل ترجع إل غالبة‪ ،‬فيقتتلون حتى يمسوا فيبقى‬ ‫هؤلء وهؤلء كل غير غالب وتفنى الشرطة‪ ،‬فإذا كان اليوم الرابع نهد إليهم بقية السلم فيجعل‬ ‫ال الدبرة عليهم )أي الروم( فيقتتلون مقتلة‪ ،‬أما قال‪ :‬ل يرى مثلها‪ ،‬وأما قال‪ :‬لم ير مثلها حتى أن‬ ‫الطائر ليمر بجنباتهم فما يخلفهم حتى يخر ميت ا فيتعاد بنو الب‪ ،‬كانوا مائة فل يجدون بقي منهم‬ ‫إل الرجل الواحد‪ ،‬فبأي غنيمة يفرح أو أي ميراث يقاسم‪ً.‬ا فبينما هم كذلك إذ سمعوا بناس هم‬

‫أكثر من ذلك فجاءهم الصريخ أن الدجال قد خلفهم في ذراريهم‪ ،‬فيرفضون ما في أيديهم ويقبلون‬ ‫الحديث‪ً.‬ا عصمنا ال من فتنة الدجال‪ً.‬ا‬ ‫واعلم أن علماء بروتستنت على ما هو عادتهم يغلطون العوام باعتراضات مموهة على الخبارات‬ ‫المستقبلة المندرجة في القرآن والحديث‪ ،‬فأنقل ههنا بعض الخبارات المنسوبة إلى النبياء‬ ‫السرائيلية عليهم السلم عن كتبهم المقدسة ليعلم المخاطب أن اعتراضاتهم ليست بشيء‪ ،‬وليس‬ ‫غرضي سوء العتقاد في أقوال النبياء عليهم السلم لنها ليست بثابتة السناد إليهم ثبوت ا قطعياا‪،‬‬ ‫بل حكمها حكم الروايات الضعيفة المروية بروايات الحاد‪ ،‬فالغلط منها ليس بقولهم يقين ا‬


‫والعتراض عليه حق فأقول‪:‬‬ ‫الول‪ :‬الخبر المنقول في الباب السادس من سفر التكوين‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1019‬‬

‫والثاني‪ :‬الخبر المنقول في الية الثامنة من الباب السابع من كتاب أشعيا‪ً.‬ا‬ ‫والثالث‪ :‬الخبر المنقول في الباب التاسع والعشرين من كتاب أرمياء‪ً.‬ا‬ ‫والرابع‪ :‬الخبر المندرج في الباب السادس والعشرين من كتاب حزقيال‪ً.‬ا‬ ‫والخامس‪ :‬الخبر المندرج في الباب الثامن من كتاب دانيال‪ً.‬ا‬ ‫والسادس‪ :‬الخبر المندرج في الباب التاسع من الكتاب المذكور‪ً.‬ا‬ ‫والسابع‪ :‬الخبر المندرج في الباب الثاني عشر من الكتاب المذكور‪ً.‬ا‬ ‫والثامن‪ :‬الخبر المندرج في الباب السابع من سفر صموئيل الثاني‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1020‬‬

‫والتاسع‪ :‬الخبر المندرج في الية ‪ 39‬و ‪ 40‬من الباب الثاني عشر من إنجيل متى‪ً.‬ا‬ ‫والعاشر‪ :‬الخبر المندرج في الية السابعة والعشرين والثامنة والعشرين من الباب السادس عشر من‬ ‫إنجيل متى‪ً.‬ا‬ ‫والحادي عشر‪ :‬الخبر المندرج في الباب الرابع والعشرين من إنجيل متى‪ً.‬ا‬ ‫والثاني عشر‪ :‬الخبر المندرج في الباب العاشر من إنجيل متى‪ً.‬ا‬ ‫وكلها غلط كما عرفت هذه المور في الباب الول‪ ،‬فإن أراد أحد منهم أن يعترض على أخباره من‬ ‫الخبارات المستقبلة المندرجة في القرآن والحديث فعليه أن يبين أولا صحة هذه الخبارات‬

‫المندرجة في كتبهم التي أشرت إليها الن ثم يعترض‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1021‬‬


‫وأما‬ ‫النوع الثاني ففي الفعال التي ظهرت منه عليه السلم على خلف العادة وهي تزيد على ألف‬ ‫وأكتفي على ذكر أربعين‪:‬‬ ‫‪ -1‬قال ال تعالى في سورة بني إسرائيل‪} :‬سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى‬ ‫المسجد القصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا{ً ‪ً.‬ا‬

‫فهذه الية والحاديث الصحيحة تدل على أن المعراج كان في اليقظة بالجسد‪ ،‬أما دللة‬ ‫الحاديث ففي غاية الظهور‪ ،‬وأما دللة الية فلن لفظ العبد يطلق على مجموع الجسد والروح‪ً.‬ا‬ ‫قال ال تعالى‪} :‬أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى( ‪ ،‬وقال أيض ا في سورة الجن‪} :‬وأنه لما قام عبد‬

‫ال يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا{ً ‪ً.‬ا‬

‫ول شك أن المراد في الموضعين من العبد مجموع الروح والجسد‪ ،‬فكذا المراد بالعبد ههنا‪ً.‬ا ولن‬ ‫الكفار استبعدوا هذا المعراج وأنكروه وارتد بسماعه ضعفاء المسلمين وافتتنوا به فلو لم يكن‬ ‫المعراج بالجسد وفي اليقظة لما كان سبب ا لستبعاد الكفار وإنكارهم وارتداد ضعفاء المسلمين‬

‫وافتتانهم‪ً.‬ا إذ مثل هذا في المنامات ل يعد من المحال ول يستبعد ول ينكر أل ترى أن أحدا لو‬

‫ادعى أنه‬

‫) ‪(4/1022‬‬

‫سار في نومه مرة في الشرق ومرة في الغرب وهو لم يتحول عن مكانه ولم تتبدل حاله الولى‪ ،‬لم‬ ‫ينكره أحد ولم يستبعد‪ ،‬ول استحالة فيه عقلا ونقلا‪ً.‬ا‬ ‫أما عق لا فلن خالق العالم قادر على كل الممكنات‪ ،‬وحصول الحركة البالغة في السرعة إلى هذا‬ ‫الحد في جسد محمد صلى ال عليه وسلم ممكن‪ ،‬فوجب كونه تعالى قادرا عليه وغاية ما في‬

‫الباب أنه خلف العادة والمعجزات كلها تكون كذلك‪ً.‬ا‬

‫وأما نقلا فلن صعود الجسم العنصري إلى الفلك ليس بممتنع عند أهل الكتاب‪ً.‬ا‬

‫‪ - 1‬قال القسيس وليم اسمت في كتابه المسمى بطريق الولياء في بيان حال أخنوخ الرسول الذي‬ ‫كان قبل ميلد المسيح بثلث آلف سنة وثلثمائة واثنتين وثمانين سنة هكذا‪) :‬أن ال نقله حي ا إلى‬

‫السماء لئل يرى الموت كما هو مرقوم أنه لم يوجد لن ال نقله فترك الدنيا من غير أن يحمل‬ ‫المرض والوجع واللم والموت ودخل بجسده في ملكوت السماء( انتهى‪ً.‬ا‬


‫وقوله كما هو مرقوم إشارة إلى الية الرابعة والعشرين من الباب الخامس من سفر التكوين‪ً.‬ا‬ ‫وفي الباب الثاني من سفر الملوك الثاني هكذا‪) 1 :‬وكان لما أراد الرب أن يصعد ايليا بالعجاج إلى‬ ‫السماء انطلق ايليا واليسع من الجلجال‬

‫) ‪(4/1023‬‬

‫‪ 11‬وبينما هما يسيران ويتكلمان إذ بعجلة من نار وخيل من نار فاقتربت فيما بينهما وصعد ايليا‬ ‫بالعجاج إلى السماء( ‪ً.‬ا‬ ‫وقال آدم كلرك المفسر في شرح هذا المقام‪) :‬ل شك أن إيليا رفع إلى السماء حياا( انتهى كلمه‪ً.‬ا‬ ‫والية التاسعة عشر من الباب السادس عشر من إنجيل مرقس هكذا‪) :‬ثم الرب بعد ما كلمهم‬

‫ارتفع إلى السماء وجلس عن يمين ال( ‪ً.‬ا‬ ‫وقال بولس في حال معراجه في الباب الثاني عشر من رسالته الثانية إلى أهل قورنيثوس هكذا‪2 :‬‬ ‫)أعرف إنسان ا في المسيح قبل أربع عشرة سنة أفي الجسد لست أعلم أم خارج الجسد لست‬

‫أعلم ال يعلم اختطف هذا إلى السماء الثالثة ‪ 3‬وأعرف هذا النسان أفي الجسد أم خارج الجسد‬ ‫لست أعلم ال يعلم أنه اختطف إلى الفردوس ‪ 4‬وسمع كلمات ل ينطق بها ول يسوغ لنسان أن‬

‫يتكلم بها(‬

‫) ‪(4/1024‬‬

‫فادعى معراجه إلى السماء الثالثة وإلى الفردوس وبسماع كلمات ل ينطق بها‪ ،‬وليس لنسان أن‬ ‫يتكلم بها ‪ 5‬وقال يوحنا في الباب الرابع من المكاشفات ‪) 1‬وبعد هذا نظرت وإذا باب مفتوح في‬ ‫السماء والصوت الول الذي سمعته كبوق يتكلم قائلا اصعد إلى ههنا فأريك ما ل بد أن يصير بعد‬

‫هذا ‪ 2‬وللوقت صرت في الروح وإذا عرش موضوع في السماء وعلى العرش جالس( ‪ً.‬ا‬

‫فهذه المور مسلمة عند المسيحيين فل مجال للقسيسين أن يعترضوا على معراج النبي صلى ال‬ ‫عليه وسلم عقلا أو نقلا‪ً.‬ا نعم يرد عليهم أنه ل وجود للسماوات على حكم علم الهيئة الجديد‪،‬‬

‫فكيف يصدق عندهم أن أخنوخ وإيليا والمسيح عليهم السلم رفعوا إلى السماء وجلس المسيح‬ ‫على يمين ال واختطف مقدسهم إلى السماء الثالثة وإلى الفردوس‪ً.‬ا وقد عرفنا مطهر البابويين‬


‫وجهنمهم كما مر في الفصل الثاني من الباب الخامس لكنا ما عرفنا فردوس المسيحيين أهو على‬ ‫السماء الثالثة الموهومة كأنياب الغوال عندهم أو فوقها أو هو عبارة عن جهنم كما يفهم بملحظة‬ ‫النجيل وكتاب عقائدهم‪ ،‬لن المسيح قال للسارق المصلوب معه وقت الصلب إنك اليوم تكون‬ ‫معي في الفردوس‪ً.‬ا‬ ‫وهم يصرخون في‬

‫) ‪(4/1025‬‬

‫العقيدة الثالثة من عقائدهم أنه نزل إلى جهنم‪ ،‬فإذا لحظنا المرين يعلم أن الفردوس عندهم‬ ‫جهنم‪ً.‬ا‬ ‫قال جواد بن ساباط في البرهان السادس عشر من المقالة الثانية من كتابه أن القسيس كياروس‬ ‫سألني في حضور المترجمين‪ :‬ماذا يعتقد المسلمون في معراج محمد صلى ال عليه وسلم؟ قلت‪:‬‬ ‫إنهم يعتقدون أنه من مكة إلى أورشليم ومنه إلى السماء‪ً.‬ا‬ ‫قال‪ :‬ل يمكن صعود الجسم إلى السماء‪ً.‬ا قلت‪ :‬سألت بعض المسلمين عنه فأجاب أنه يمكن كما‬ ‫أمكن لجسم عيسى عليه السلم‪ً.‬ا قال القسيس‪ :‬لنمم لميم تستدل بامتناع الخرق واللتئام على‬ ‫الفلك؟ قلت‪ :‬استدللت به لكنه أجاب أنهما ممكنان لمحمد صلى ال عليه وسلم كما كانا‬ ‫ممكنين لعيسى عليه السلم‪ً.‬ا‬ ‫قال القسيس‪ :‬لنمم لميم تقل أن عيسى إله له أن يتصرف ما يشاء في مخلوقاته؟ قلت‪ :‬قد قلت ذلك‬ ‫لكنه قال أن ألوهية عيسى باطلة لنه يستحيل أن يطرأ على ال علمات العجز كالمضروبية‬ ‫والمصلوبية والموت والدفن‪ً.‬ا انتهى‪ً.‬ا‬ ‫ونقل بعض الحياء أن قسيس ا في بلد بنارس من بلد الهند كان يقول في‬

‫) ‪(4/1026‬‬

‫بعض المجامع تغليطا لجهال المسلمين البدويين كيف تعتقدون المعراج وهو أمر مستبعد فأجابه‬

‫مجوسي من مجوس الهند أن المعراج ليس بأشد استبعادا من كون العذراء حاملة من غير زوج‪ ،‬فلو‬

‫كان مطلق المر المستبعد كاذب ا فهذا أيض ا يكون كاذب ا فكيف تعتقدونه فبهت القسيس‪ً.‬ا‬


‫‪ - 2‬قال ال تعالى‪} :‬اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر{ً أخبر‬ ‫ال بوقوع النشقاق بلفظ الماضي فيجب تحققه‪ ،‬وحمله على معنى سينشق بعيد لربعة أوجه‪:‬‬ ‫الول‪ :‬أن قراءة حذيفة وقد انشق القمر وهي صريحة في الزمان الماضي والصل توافق القراءتين‪ً.‬ا‬ ‫والثاني‪ :‬أن ال أخبر بإعراضهم عن آياته والعراض الحقيقي عنها ل يتصور قبل وقوعها‪ً.‬ا‬ ‫والثالث‪ :‬أن المفسرين المشهورين صرحوا بأن انشق بمعناه‪ ،‬وردوا قول من قال بمعنى سينشق‪ً.‬ا‬ ‫والرابع‪ :‬أن الحاديث الصحيحة تدل على وقوعه قطعا‪ً.‬ا ولذلك قال‬

‫) ‪(4/1027‬‬

‫شارح المواقف‪) :‬وهذا متواتر قد رواه جمع كثير من الصحابة كابن مسعود وغيره( انتهى كلمه‪ً.‬ا‬ ‫وقال العلمة أبو نصر عبد الوهاب ابن المام علي بن عبد الكافي بن تمام النصاري السبكي في‬ ‫شرحه لمختصر ابن الحاجب في الصول‪) :‬والصحيح عندي أن انشقاق القمر متواتر منصوص‬ ‫عليه في القرآن مروي في الصحيحين وغيرهما( انتهى كلمه‪ً.‬ا‬ ‫وأقوى شبهات المنكرين أن الجرام العلوية ل يتأتى فيها الخرق واللتئام وأن هذا النشقاق لو وقع‬ ‫لم يخف على أهل الرض كلهم ونقله مؤرخو العالم‪ً.‬ا‬ ‫)والجواب( أن هذه الشبهة ضعيفة جدا نقلا وعقلا‪ً.‬ا أما نقلا فلسبعة أوجه‪:‬‬

‫) ‪(4/1028‬‬

‫الوجه الول‪ :‬أن حادثة طوفان نوح عليه السلم كانت ممتدة إلى سنة‪ ،‬وفنى فيه كل ذي حياة من‬ ‫الطيور والبهائم والحشرات والنسان غير أهل السفينة‪ ،‬وما نجا من النسان غير ثمانية أشخاص‬ ‫على ما هو مصرح به في الباب السابع والثامن من سفر التكوين‪ً.‬ا‬ ‫وفي الية العشرين من الباب الثالث من الرسالة الولى لبطرس هكذا‪) :‬في أيام نوح إذ كان الفلك‬ ‫يبني الذي فيه خلص قليلون أي ثمانية أنفس بالماء( ‪ً.‬ا‬ ‫والية الخامسة من الباب الثاني من رسالته الثانية هكذا‪) :‬ولم يشفق على العالم القديم بل إنما‬ ‫حفظ نوحا ثامنا كارزا للبر إذ جلب طوفانا على عالم الفجار( ‪ً.‬ا وما مضت على هذه الحادثة مدة‬ ‫إلى هذا اليوم على زعم أهل الكتاب إل مقدار أربعة آلف ومائتين واثنتي عشرة سنة شمسية ول‬


‫يوجد هذا الحال في تواريخ مشركي الهند وكتبهم‪ً.‬ا وهم ينكرون هذا المر إنكارا بليغا ويستهزئ به‬

‫علماؤهم كافة ويقولون‪ :‬لو قطع النظر عن الزمان السالف ونظر إلى زمان كرشن الوتار‪ ،‬الذي كان‬ ‫قبل هذا اليوم بمقدار أربعة آلف وتسعمائة وستين سنة على شهادة كتبهم‪ ،‬ل مجال لصحة هذه‬ ‫الحادثة العامة لن المصار العظيمة الكثيرة من ذلك العهد إلى هذا الحين مغمورة وثبت بشهادة‬

‫تواريخهم أنه يوجد من ذلك العهد إلى هذا الحين في إقليم الهند‬

‫) ‪(4/1029‬‬

‫مليونات كثيرة في كل زمان من الزمنة‪ ،‬ويدعون أن حال زمان كرشن لوجود كثرة التواريخ كحال‬ ‫أمس‪ً.‬ا‬ ‫وقال ابن خلدون في المجلد الثاني من تاريخه‪) :‬واعلم أن الفرس والهند ل يعرفون الطوفان وبعض‬ ‫الفرس يقولون كان ببابل فقط( انتهى كلمه بلفظه‪ً.‬ا وقال العلمة تقي الدين أحمد بن علي بن عبد‬ ‫القادر بن محمد المعروف بالمقريزي في المجلد الول من كتابه المسمى بكتاب المواعظ‬ ‫والعتبار بذكر الخطط والثار‪) :‬الفرس وسائر المجوس والكلدانيون أهل بابل والهند وأهل الصين‬ ‫وأصناف المم المشرقية ينكرون الطوفان‪ ،‬وأقر به بعض الفرس لكنهم قالوا لم يكن الطوفان بسوى‬ ‫الشام والمغرب ولم يعم العمران كله ول غرق إل بعض الناس ولم يجاوز عقبة حلوان ول بلغ إلى‬ ‫ممالك المشرق( انتهى كلمه بلفظه‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1030‬‬

‫وأبناء صنف القسيسين ينكرون هذا الطوفان ويستهزئون به‪ً.‬ا وأنقل كلم جان كلرك الملحد عن‬ ‫رسالته الثالثة المندرجة في كتابه المطبوع سنة ‪ 1839‬في ليدس فقال في الصفحة ‪) :54‬هذا(‬ ‫يعني الطوفان‪ ،‬غير صحيح على شهادة علم الفلسفة وأنا أتعجب! أمات الحيتان في ماء هذا‬ ‫الطوفان؟‪ً.‬ا‬ ‫ولما كان بحكم الية الخامسة من الباب السادس من سفر التكوين أفكار قلوب النسان ذميمة‬ ‫فلماذا أبقى ال ثمانية أشخاص‪ً.‬ا لنمم لميم يخلق النسان مرة أخرى بعد إهلك الكل؟ ولماذا أبقى‬ ‫بضاعته القديمة التي بقيت الفكار الذميمة باقية بسببها؟ لن الشجرة الرديئة ل تثمر ثمرة جيدة‬


‫كما قال متى في الية السادسة عشر من الباب السابع‪ ،‬هل يجتنبون من الشوك عنبا أو من‬

‫الحسك تينا؟‪ً.‬ا ونوح كان شارب الخمر وبهيمة وظالما )والعياذ بال( ‪ً.‬ا كما يفهم من الية ‪ 21‬و‬ ‫‪ 25‬من الباب التاسع من سفر التكوين فكيف يرجى منه أن يكون نسله صالح ا‪ً.‬ا‬ ‫وانظروا أنه لم يكن صالح ا كما يظهر من الية الثانية من الباب الثاني من رسالة بولس إلى أهل‬ ‫أفسيس والية الثالثة من الباب الثالث من‬

‫) ‪(4/1031‬‬

‫رسالته إلى تيطس والية الثالثة من الباب الرابع من الرسالة الولى لبطرس والية ]ص ‪[190‬‬ ‫الخامسة من الزبور الحادي والخمسين( انتهى كلمه‪ً.‬ا ثم استهزأ في هذه الصفحة ‪ 93‬استهزاءا‬ ‫بليغا جاوز الحد في إساءة الدب‪ ،‬فل أرضى بنقل كلمه القبيح‪ً.‬ا‬ ‫)الوجه الثاني( في الباب العاشر من كتاب يوشع‪ ،‬على وفق الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪1844‬‬ ‫هكذا‪ 12 :‬حينئذ تكلم يسوع أمام الرب في اليوم الذي دفع الموري في يدي بني إسرائيل‪ ،‬وقال‬ ‫أمامهم أيتها الشمس مقابل جبعون ل تتحركي والقمر مقابل قاع ايلون ‪) 13‬فوقف الشمس والقمر‬ ‫حتى انتقم الشعب من أعدائهم‪ ،‬أليس هذا مكتوبا في سفر البرار فوقفت الشمس في كبد السماء‬

‫ولم تكن تعجل إلى الغروب يوما تاماا( ‪ً.‬ا‬

‫وفي الباب الرابع من الحصة الثالثة من كتاب تحقيق الدين الحق‪ ،‬المطبوع سنة ‪ 1846‬في‬

‫الصفحة ‪ 362‬هكذا‪) :‬أما غربت الشمس بدعاء يوشع إلى أربع وعشرين ساعة( انتهى كلمه‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1032‬‬

‫وهذه الحادثة عظيمة وكانت على زعم المسيحيين قبل ميلد المسيح بألف وأربعمائة وخمسين سنة‬ ‫فلو وقعت لظهرت على الكل ول يمنع السحاب الغليظ علمه أيضاا‪ ،‬وهو ظاهر ول اختلف في‬

‫الفاق لنا لو فرضنا أن بعض المكنة كان فيها الليل في هذا الوقت لجل الختلف فل بد أن‬ ‫تظهر لمتداد ليلهم بقدر أربع وعشرين ساعة‪ً.‬ا وهذه الحادثة العظيمة ليست مكتوبة في كتب‬ ‫تواريخ أهل الهند ول أهل الصين ول الفرس‪ً.‬ا وأنا سمعت من علماء مشركي الهند تكذيبها‪ ،‬وهم‬

‫يجزمون بأنها غلط يقيناا‪ ،‬وأبناء صنف القسيسين يكذبونها ويستهزئون بها وأوردوا عليها‬


‫اعتراضات‪:‬‬ ‫العتراض الول‪ :‬أن قول يوشع أيتها الشمس ل تتحركي‪ ،‬وقوله فوقفت الشمس‪ ،‬يدلن على أن‬ ‫الشمس متحركة والرض ساكنة‪ ،‬وإل كان عليه أن يقول أيتها الرض ل تتحركي فوقفت الرض‪،‬‬ ‫وهذا المر باطل بحكم علم الهيئة الجديد الذي يعتمد عليه حكماء أوروبا كلهم الن ويعتقدون‬ ‫ببطلن القديم‪ ،‬لعل يوشع ما كان يعلم هذه الحال‪ ،‬أو هذه القصة كاذبة‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1033‬‬

‫والعتراض الثاني‪ :‬أن قوله فوقفت الشمس في كبد السماء يدل على أن هذا الوقت كان نصف‬ ‫النهار وهذا مخدوش أيض ا بوجوه‪ :‬أما أو ا‬ ‫ل‪ :‬فلن بني إسرائيل كانوا قتلوا من المخالفين ألوف ا‬ ‫وهزموهم ولما هربوا أمطر الرب عليهم حجارة كبارا من السماء‪ ،‬وكان الذين ماتوا بالحجارة أكثرمن‬ ‫الذين قتلهم بنو إسرائيل‪ ،‬وهذه المور حصلت قبل نصف النهار على ما هو مصرح به في الباب‬

‫فل وجه لضطراب يوشع عليه السلم في هذا الوقت لن المظفرين من بني إسرائيل كانوا كثيرين‬ ‫جدا والباقون من المخالفين قليلين جدا وكان الباقي من النهار مقدار النصف‪ ،‬فقتلهم قبل الغروب‬ ‫كان في غاية السهولة‪ً.‬ا وأما ثانياا‪ :‬فلن الوقت لما كان نصف النهار فكيف رأوا القمر في هذا‬

‫الوقت على أن توقيفه لغو على قواعد الفلسفة‪ً.‬ا وأما ثالثاا‪ :‬فلن الوقت لما كان نصف النهار وكان‬ ‫بنو إسرائيل مشتغلين بالمحاربة والضطراب‪ ،‬وما كان لهم شك في المقدار الباقي من النهار‪ ،‬وما‬

‫كانت الساعات عندهم في ذلك الزمان‪ً.‬ا فكيف علموا أن الشمس قامت على دائرة نصف النهار‬ ‫بمقدار اثنتي عشرة ساعة وما مالت إلى هذه المدة إلى جانب المغرب‪ً.‬ا‬ ‫والعتراض الثالث‪ :‬قال جان كلرك‪) :‬إن ال كان وعد أن جميع أيام الرض زرع وحصاد‪ ،‬برد‬ ‫وحر‪ ،‬صيف وشتاء‪ ،‬ليل ونهار‪ ،‬ل تهدأ كما هو مصرح به في الية الثانية والعشرين من الباب‬ ‫الثامن من سفر التكوين فإذا‬

‫) ‪(4/1034‬‬

‫لم تغرب الشمس إلى المدة المذكورة هدأ الليل في ذلك الوقت( ‪ً.‬ا‬ ‫)الوجه الثالث( في الية الثامنة من الباب الثامن والثلثين في بيان رجوع الشمس بمعجزة أشعيا‬


‫هكذا‪) :‬فرجعت الشمس عشر درجات في المراقي التي كانت قد انحدرت( ‪ً.‬ا‬ ‫وهذه الحادثة عظيمة‪ ،‬ولما كانت في النهار فل بد أن تظهر لكثر أهل العالم‪ ،‬وكانت قبل ميلد‬ ‫المسيح بسبعمائة وثلث عشرة سنة شمسية‪ ،‬وهذه الحادثة ليست مكتوبة في تواريخ أهل الهند‬ ‫والصين والفرس‪ً.‬ا وأيض ا يفهم منها حركة الشمس وسكون الرض‪ ،‬وهذا أيض ا باطل على حكم علم‬

‫الهيئة الجديد‪ً.‬ا‬

‫على أنا لو قطعنا النظر عن هذا‪ ،‬فنقول أن ههنا ثلثة احتمالت أما أن رجع النهار فقط بمقدار‬ ‫عشر درجات‪ ،‬أو الشمس رجعت في السماء بهذا المقدار كما هو الظاهر‪ ،‬أو رجعت حركة الرض‬ ‫من المشرق إلى المغرب بهذا المقدار‪ً.‬ا وهذه الحتمالت الثلثة باطلة بحكم الفلسفة‪ً.‬ا وهذه‬ ‫الحوادث الثلثة مسلمة عند اليهود والنصارى والحوادث الباقية التي أذكرها تختص بالنصارى‪ً.‬ا‬ ‫)الوجه الرابع( في الباب السابع والعشرين من إنجيل متى‪) 51 :‬وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى‬ ‫اثنين من فوق إلى أسفل والرض تزلزلت‪ ،‬والصخور تشققت ‪ 52‬والقبور تفتحت وقام كثير من‬ ‫أجسام القديسين الراقدين ‪ 53‬وخرجوا من القبور بعد قيامه ودخلوا المدينة المقدسة وظهروا‬ ‫لكثيرين( ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1035‬‬

‫وهذه الحادثة كاذبة يقين ا كما عرفت في الفصل الثالث من الباب الول‪ ،‬ول توجد في تواريخ‬

‫المخالفين القديمة من الرومانيين واليهود‪ ،‬ولم يذكر مرقس ولوقا تشقق الصخور‪ ،‬وتفتح القبور‪،‬‬

‫وخروج كثير من أجساد القديسين ودخولهم في المدينة المقدسة‪ ،‬مع أن ذكرها كان أولى من ذكر‬ ‫صراخ عيسى عليه السلم عند الموت الذي اتفقا على ذكره‪ً.‬ا وتشقق الصخور من المور التي يبقى‬ ‫أثرها بعد الوقوع‪ ،‬والعجب أن متى لم يذكر أمر هؤلء الموتى بعد انبعاثهم لي الناس ظهروا‪ ،‬وكان‬ ‫اللئق ظهورهم على اليهود وبيلطس ليؤمنوا بعيسى عليه السلم كما كان اللئق على عيسى عليه‬ ‫السلم أن يظهر على هؤلء بعد قيامه من الموات ليزول الشتباه ول يبقى المجال لليهود أن‬ ‫تلميذه أتوا ليلا وسرقوا جثته‪ً.‬ا وكذا لم يذكر أن هؤلء الموتى بعد النبعاث رجعوا إلى أجسادهم أو‬ ‫بقوا في الحياة‪ً.‬ا وقال بعض الظرفاء‪ :‬لعل متى فقط رأى هذه المور في المنام‪ً.‬ا على أنه يفهم من‬

‫عبارة لوقا أن انشقاق حجاب الهيكل كان قبل وفاة عيسى عليه السلم خلف ا لمتى ومرقس‪ً.‬ا‬

‫)الوجه الخامس( كتب متى ومرقس ولوقا في بيان صلب المسيح‪ ،‬أن الظلمة كانت على الرض‬


‫كلها من الساعة السادسة إلى الساعة التاسعة‪ ،‬وهذه الحادثة لما كانت في النهار على الرض كلها‬ ‫وممتدة إلى أربع ساعات‪ ،‬فل بد أن ل تخفى على أكثر أهل العالم‪ ،‬ول يوجد ذكرها في تواريخ‬ ‫أهل الهند والصين والفرس‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1036‬‬

‫)الوجه السادس( أن متى كتب في الباب الثاني قصة قتل الطفال‪ ،‬ولم يكتبها غيره من النجيليين‬ ‫والمؤرخين‪ً.‬ا‬ ‫)الوجه السابع( في الباب الثالث من إنجيل متى ولوقا‪ ،‬وفي الباب الول من إنجيل مرقس هكذا‪:‬‬ ‫)فساعة طلع من الماء رأى السماوات قد انشقت والروح مثل حمامة نازلا عليه‪ ،‬وكان صوت من‬ ‫السماوات )أنت ابني الحبيب الذي به سررت( انتهى بعبارة مرقس‪ً.‬ا‬

‫فانشقاق السماوات لما كان في النهار‪ ،‬فل بد أن ل يخفى على أكثر أهل العالم‪ ،‬وكذا رؤية‬ ‫الحمامة وسماع الصوت ل يختص بواحد دون واحد من الحاضرين‪ ،‬ولم يكتب أحد هذه المور‬ ‫غير النجيليين‪ً.‬ا‬ ‫وقال "جان كلرك" مستهزئا بهذه الحادثة‪) :‬إن متى أبقانا محرومين من الطلع العظيم‪ ،‬وهو أنه‬

‫لم يصرح أن السماوات لما انفتحت هل انفتحت أبوابها الكبيرة؟ أم المتوسطة؟ أم الصغيرة؟ وهل‬

‫كانت هذه البواب في هذا الجانب من الشمس أو في ذلك الجانب؟ ولجل هذا السهو الذي‬ ‫صدر عن متى قسوسنا يضربون الرؤوس متحيرين في تعيين الجانب‪ ،‬ثم قال‪ :‬وما أخبرنا أيض ا أن‬ ‫هذه الحمامة هل أخذها أحد وحبسها في القفص‪ ،‬أم رأوها راجعة إلى جانب السماء‪ً.‬ا ولو رأوها‬

‫راجعة ففي هذه الصورة ل بد أن تبقى أبواب السماوات مفتوحة إلى هذه المدة‪ ،‬فل بد أنهم رأوا‬ ‫باطن السماء بوجه حسن لنه ل يعلم أن بواب ا كان عليها قبل وصول بطرس هناك‪ ،‬لعل هذه‬

‫الحمامة كانت جنية( انتهى كلمه‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1037‬‬

‫ل( فلوجوه ثمانية‪ً.‬ا‬ ‫)وأما بطلنها عق ا‬

‫)الول( أن انشقاق القمر كان في الليل وهو وقت الغفلة والنوم والسكون عن المشي والتردد في‬


‫الطرق سيما في موسم البرد‪ ،‬فإن الناس يكونون مستريحين في دواخل البيوت وزواياها مغلقين‬ ‫أبوابها‪ ،‬فل يكاد يعرف من أمور السماء شيئا إل من انتظره واعتنى به‪ ،‬أل ترى إلى خسوف القمر‬

‫فإنه يكون كثيراا‪ ،‬وأكثر الناس ل يحصل لهم العلم به حتى يخبرهم أحد به في السحر‪ً.‬ا‬

‫)والثاني( أن هذه الحادثة ما كانت ممتدة إلى زمان كثير‪ ،‬فما كان للناظر أن يذهب إلى الغير الذي‬

‫هو بعيد عنه وينبهه‪ ،‬أو يوقظ النائم ويريه‪ً.‬ا‬ ‫)والثالث( أنها لم تكن متوقع الحصول لهل العلم لينظروها في وقتها ويروها كما أنهم يرون هلل‬ ‫رمضان والعيدين والكسوف والخسوف في أوقاتها غالب ا لجل كونها متوقع الحصول‪ ،‬ول يكون‬

‫نظر كل واحد إلى السماء في كل جزء من أجزاء النهار أيض ا فضلا عن الليل‪ً.‬ا فلذلك رأى الذين‬

‫كانوا طالبين‬

‫) ‪(4/1038‬‬

‫لهذه المعجزة وكذلك من وقع نظره في هذا الوقت إلى السماء كما جاء في الحاديث الصحيحة‬ ‫أن الكفار لما رأوها قالوا‪ :‬سحركم ابن أبي كبشة فقال أبو جهل‪ :‬هذا سحر فابعثوا إلى أهل الفاق‬ ‫حتى تنظروا رأوا ذلك أم ل؟ فأخبر أهل آفاق مكة أنهم رأوه منشقاا‪ ،‬وذلك لن العرب يسافرون في‬

‫الليل غالبا ويقيمون بالنهار فقالوا‪ :‬هذا سحر مستمر‪ً.‬ا‬

‫وفي المقالة الحادية عشر من تاريخ "فرشته" أن أهل مليبار من إقليم الهند رأوه أيضاا‪ ،‬وأسلم والي‬

‫تلك الديار التي كانت من مجوس الهند بعد ما تحقق له هذا المر‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1039‬‬

‫وقد نقل الحافظ المري عن ابن تيمية ‪ 6‬أن بعض المسافرين ذكر أنه وجد في بلد الهند بناءا‬ ‫قديم ا مكتوب ا عليه‪" :‬بني ليلة انشق القمر"‪ً.‬ا‬

‫)والرابع( أنه قد يحول في بعض المكنة وفي بعض الوقات بين الرائي والقمر‪ ،‬سحاب غليظ أو‬

‫جبل‪ ،‬ويوجد التفاوت الفاحش في بعض الوقات في الديار التي ينزل فيها المطر كثيراا‪ ،‬بأنه يكون‬ ‫في بعض المكنة سحاب غليظ ونزول المطر بحيث ل يرى الناظر في النهار الشمس ول هذا‬

‫اللون الزرق إلى ساعات متعددة‪ ،‬وكذا ل يرى في الليل القمر والكواكب ول اللون المذكور‪ً.‬ا وفي‬


‫بعض أمكنة أخرى ل أثر للسحاب ول للمطر وتكون المسافة بين تلك المكنة والمكنة الولى‬ ‫قليلة‪ ،‬وأهل البلد الشمالية كالروم والفرنج في موسم نزول الثلج والمطر ل يرون الشمس إلى أيام‪،‬‬ ‫فضلا عن القمر‪ً.‬ا‬

‫)والخامس( أن القمر‬

‫) ‪(4/1040‬‬

‫لختلف مطالعه ليس في حد واحد لجميع أهل الرض‪ ،‬فقد يطلع على قوم قبل أن يطلع على‬ ‫آخرين‪ ،‬فيظهر في بعض الفاق وبعض المنازل على أهل بعض البلد دون بعض‪ ،‬ولذلك نجد‬ ‫الخسوف في بعض البلد دون بعض‪ ،‬ونجده في بعض البلد باعتبار بعض أجزاء القمر‪ ،‬وفي‬ ‫بعضها مستوفي ا أطرافه كلها‪ ،‬وفي بعضها ل يعرفها إل الحادقون في علم النجوم‪ ،‬وكثيرا ما يحدث‬

‫الثقات من العلماء بالهيئة الفلكية بعجائب يشاهدونها من أنوار ظاهرة ونجوم طالعة عظام تظهر في‬

‫بعض الوقات أو الساعات من الليل‪ ،‬ول علم لحد بها من غيرهم‪ً.‬ا‬ ‫)والسادس( أنه قلما يقع أن يبلغ عدد ناظري أمثال هذه الحوادث النادرة الوقوع إلى حد يفيد‬ ‫اليقين‪ ،‬وأخبار بعض العوام ل يكون معتبرا عند المؤرخين في الوقائع العظيمة‪ ،‬نعم يعتبر أخبارهم‬

‫أيض ا في الحوادث التي يبقى أثرها بعد وقوعها‪ ،‬كالريح الشديد‪ ،‬ونزول الثلج الكثير‪ ،‬والبرد‪ً.‬ا فيجوز‬ ‫أن مؤرخي بعض الديار لم يعتبروا أخبار بعض العوام في هذه الحادثة‪ ،‬وحملوه على تخطئة أبصار‬

‫المخبرين العوام‪ ،‬وظنوا أنها تكون نحوا من الخسوف‪ً.‬ا‬

‫)والسابع( أن المؤرخين كثيرا ما يكتبون الحوادث الرضية ول يتعرضون للحوادث السماوية إل‬

‫قلي لا سيما مؤرخي السلف‪ ،‬وكان في زمان النبي صلى ال عليه وسلم في ديار إنكلترة وفرانس‬

‫شيوع الجهل‪ ،‬واشتهارها بالصنائع والعلوم إنما هو بعد زمانه صلى ال عليه وسلم بمدة طويلة‪ً.‬ا‬ ‫)والثامن( أن المنكر إذا علم أن المر الفلني معجزة أو كرامة للشخص الذي ينكره تصدى‬

‫لخفائها‪ ،‬ول يرضى بذكرها وكتابتها غالبا‪ً.‬ا كما ل يخفى على من طالع الباب الحادي عشر من‬ ‫إنجيل يوحنا‪ ،‬والباب الرابع والخامس‬

‫) ‪(4/1041‬‬


‫من كتاب العمال‪ ،‬فظهر أن ل اعتراض عقلا ونقلا على معجزة شق القمر‪ً.‬ا‬

‫وقال صاحب ميزان الحق في النسخة المطبوعة سنة ‪ 1843‬في مر زابور‪) :‬معنى الية على قاعدة‬ ‫التفسير منسوب إلى يوم القيامة‪ ،‬لن لفظ الساعة المعروف باللم‪ ،‬قصد منه الساعة المعلومة‬ ‫والوقت المعلوم أعني القيامة‪ ،‬كما أن هذا اللفظ جاء بهذا المعنى في اليات التي هي في آخر‬ ‫هذه السورة‪ ،‬ولجل ذلك فسر بعض المفسرين منهم القاضي البيضاوي وغيره لفظ الساعة بمعنى‬ ‫القيامة وقالوا‪ :‬أن من علمات يوم القيامة بحكم هذه الية هذه العلمة أيضاا‪ ،‬أن القمر سينشق(‬

‫انتهى كلمه‪ً.‬ا‬

‫فادعى أمرين الول‪ :‬أن الصحيح على قاعدة التفسير أن يكون انشق بمعنى سينشق‪ً.‬ا والثاني‪ :‬أن‬ ‫بعض المفسرين منهم القاضي البيضاوي وغيره فسروه هكذا‪ً.‬ا‬ ‫وكلهما غلطان‪ً.‬ا‬ ‫أما )الول( فلن انشق صيغة ماض‪ ،‬وحمله على معنى سينشق مجاز ول يصار إلى المجاز ما لم‬ ‫يتعذر الحمل على الحقيقة‪ ،‬وههنا لم يتعذر بل يجب الحمل على معناه الحقيقي كما عرفت آنف ا‪ً.‬ا‬ ‫أما )الثاني( فلنه بهتان صرف على البيضاوي‪ ،‬وهو ما فسر انشق بينشق بل فسر بمعناه الماضي‪،‬‬ ‫لكنه بعد ما فسر على مختاره‪ ،‬نقل قول البعض بصيغة التمريض‪ ،‬ثم رد قوله فهذا القول مردود‬ ‫عنده‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1042‬‬

‫ولما اعترض صاحب الستفسار على مؤلف الميزان على العبارة المذكورة وقال‪) :‬أن القسيس إما‬ ‫غالط أو مغلط للعوام( ‪ً.‬ا تنبه المؤلف المذكور وغير هذه العبارة في النسخة الجديدة الفارسية‬ ‫المطبوعة سنة ‪ ،1849‬ونسخة أردو المطبوعة سنة ‪ 1850‬وقال‪) :‬لفظ الساعة المعرف باللم في‬ ‫حالة الفراد جاء في كل موضع من القرآن بمعنى يوم القيامة‪ ،‬وجملة انشق القمر بسبب واو‬ ‫العطف ألحقت بجملة اقتربت الساعة‪ ،‬وتوجد في كل من الجملتين صيغة الماضي‪ ،‬فكما أن الفعل‬ ‫الول اقتربت بمعنى المستقبل يعني سيجيء يوم القيامة‪ ،‬فكذا الفعل الثاني انشق أيضا بمعنى‬

‫سينشق يعني إذا جاء يوم القيامة ينشق القمر‪ ،‬وبعض العلماء المفسرين أيض ا فسروا هكذا مثل‬

‫الزمخشري والبيضاوي‪ ،‬وإن اعتقدا في تفسيرهما أن هذه الية معجزة محمد صلى ال عليه وسلم‪،‬‬


‫لكنهما صرحا هكذا أيضا‪ً.‬ا وعن بعض الناس أن معناه ينشق يوم القيامة‪ ،‬وفي قراءة حذيفة وقد‬ ‫انشق القمر أي اقتربت الساعة‪ ،‬وقد‬

‫) ‪(4/1043‬‬

‫حصل من آيات اقترابها أن القمر قد انشق وقال البيضاوي‪ :‬وقيل معناه سينشق يوم القيامة( انتهى‬ ‫كلمه‪ً.‬ا‬ ‫فتنبه صاحب الميزان وغير العبارة‪ ،‬لكنه أعجب في تلخيص عبارة الكشاف حيث أسقط بعض‬ ‫العبارة زاعم ا أنها غير مفيدة ونقل قوله‪ :‬وفي قراءة حذيفة وقد انشق القمر الخ‪ً.‬ا وهذا القول ل‬

‫يناسب مقصوده لنه نص في ثبوت المعجزة المذكورة أن قيل‪ :‬نقل هذا القول طردا قلت فحينئذ‬ ‫ل وجه لسقاط بعض العبارة‪ ،‬وعبارة الكشاف هكذا‪) :‬وعن بعض الناس أن معناه ينشق يوم‬

‫القيامة‪ً.‬ا وقوله‪ :‬وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر يرده وكفى به ردا قراءة حذيفة قد انشق‬ ‫القمر أي اقتربت الساعة‪ ،‬وقد حصل من آيات اقترابها إن القمر قد انشق كما تقول أقبل المير‬

‫وقد جاء البشير بقدومه وعن حذيفة أنه خطب بالمدائن ثم قال‪ :‬أل إن الساعة قد اقتربت وأن‬ ‫القمر قد انشق على عهد نبيكم( انتهى كلمه بلفظه‪ً.‬ا‬ ‫قوله‪ :‬لفظ الساعة المعروف باللم الخ‪ً.‬ا وكذا قوله جملة‪ :‬انشق القمر بسبب واو العطف الخ‪ً.‬ا ل‬ ‫يحصل منهما مقصوده‪ ،‬لعله فهم أن لفظ الساعة لما كان بمعنى القيامة وانشقاق القمر من‬ ‫علماته‪ ،‬فل بد أن‬

‫) ‪(4/1044‬‬

‫يكون متصلا بها واقعا فيها‪ ،‬وهذا غلط نشأ من عدم التأمل‪ً.‬ا قال ال تعالى في سورة محمد‪} :‬فهل‬ ‫ينظرون إل الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها{ً ‪ً.‬ا فقوله‪ :‬فقد جاء أشراطها يدل على أن‬

‫أشراطها قد تحققت‪ ،‬لن لفظة قد إذا دخلت على الماضي تكون نص ا على وجود الفعل في الزمان‬

‫الماضي القريب من الحال‪ ،‬فلذلك فسر المفسرون هذا القول هكذا في البيضاوي )لنه قد ظهرت‬

‫إماراتها كمبعث النبي وانشقاق القمر( ‪ً.‬ا‬ ‫وفي التفسير الكبير )الشراط العلمات قال المفسرون‪ :‬هي مثل انشقاق القمر ورسالة محمد عليه‬


‫السلم‪ ،‬وفي الجللين أي علماتها منها مبعث النبي صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وانشقاق القمر‬ ‫والدخان( ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1045‬‬

‫وعبارة الحسيني كالبيضاوي قوله‪ :‬فكما أن الفعل الول اقتربت بمعنى المستقبل غلط لنه بمعناه‬ ‫الماضي وترجمته بالفارسية يعني )رزو قيامت خواهد آمد( ليست بصحيحة‪ ،‬وما روي عن بعض‬ ‫الناس مردود عند المفسرين‪ً.‬ا‬ ‫ثم قال‪) :‬ولو سلمنا أن شق القمر وقع‪ ،‬ل يكون معجزة محمد صلى ال عليه وسلم أيضاا‪ ،‬لنه لم‬ ‫يصرح في هذه الية ول في آية أخرى أن هذه المعجزة ظهرت على يد محمد صلى ال عليه‬

‫وسلم( انتهى‪ً.‬ا‬ ‫أقول‪ :‬يدل على كونها معجزة الية الثانية والحاديث الصحيحة التي صحتها بحسب الضابطة‬ ‫العقلية زائدة على صحة هذه الناجيل المحرفة المملوءة بالغلط‪ ،‬والختلفات المروية برواية‬ ‫الحاد المفقود أسانيدها المتصلة‪ ،‬كما علمت في الباب الول والثاني‪ً.‬ا‬ ‫ثم قال‪) :‬إن علقة الية الثانية بالية الولى أن المنكرين يرون في آخر الزمان علمات القيامة ول‬ ‫يؤمنون بها‪ ،‬بل يقولون على عادة كفار السلف أنها سحر فاحش ل غير( انتهى كلمه‪ً.‬ا‬ ‫وهذا أيض ا غلط بوجهين‪:‬‬

‫الول‪ :‬أن المنكر ل ينكر عناداا‪ ،‬والكافر ل ينسب المر الخارق للعادة إلى السحر إل إذا كان‬ ‫أحد ادعى أن هذا المر الخارق من معجزاتي أو كراماتي‪ً.‬ا وإذا ظهرت علمات القيامة في آخر‬

‫الزمان من غير الدعاء فكيف ينكرها المنكرون‪ ،‬وكيف يقولون‪ :‬أنها سحر فاحش ل غير‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1046‬‬

‫والثاني‪ :‬أن انشقاق القمر في المستقبل ل يكون إل في يوم القيامة‪ ،‬خاصة وفي هذا اليوم ل يقول‬ ‫الكفار إنه سحر مستمر لظهور أمر القيامة في هذا اليوم على كل أحد‪ً.‬ا إل أن يكون أحد منهم‬ ‫عاقلا معاند ا مثل هذا الموجه فلعله يقول بزعمه‪ ،‬أو يتفوه بهذا القول هذا الموجه بنفسه أو أمثاله‬ ‫من علماء بروتستنت‪ ،‬بعد انبعاثهم من أحداثهم لرسوخ عناد الدين المحمدي في قلوبهم‪ً.‬ا‬


‫ثم قال‪) :‬لو ظهرت هذه المعجزة على يد محمد لخبر المعاندين الذين كانوا يطلبون منه معجزة‬ ‫بأني شققت القمر في الوقت الفلني فل تكفروا( وستطلع على جوابه في الفصل الثاني على أتم‬ ‫وجه إن شاء ال‪ً.‬ا‬ ‫وقال صاحب وجهة اليمان منكرا لهذه المعجزة‪) :‬عدة أشخاص من المفسرين مثل الزمخشري‬ ‫والبيضاوي فسروا هذا المقام بأن القمر ينشق يوم القيامة‪ ،‬ولو وقع لشتهر في جميع العالم ول‬

‫معنى لشتهاره في إقليم واحد( انتهى كلمه ملخصا‪ً.‬ا‬ ‫وقد ظهر لك مما ذكرنا أن كل المرين ليسا بصحيحين يقيناا‪ ،‬وهذا القسيس فاق مؤلف الميزان‪،‬‬ ‫حيث أورد الدليل النقلي والعقلي‪ ،‬وصرح باسم الكشاف‪ ،‬أيض ا لعله رأى في النسخة القديمة‬

‫للميزان لفظ ا كالبيضاوي وغيره‪ ،‬فظن أن المراد بالغير الكشاف‪ ،‬لن البيضاوي له مناسبة كثيرة‬ ‫بالكشاف بالنسبة إلى التفاسير الخر‪ ،‬فصرح باسم الكشاف ليحصل له الفضل على مؤلف‬

‫الميزان‪ً.‬ا‬ ‫وصاحب الكشاف قال في مبدأ تفسير هذه‬

‫) ‪(4/1047‬‬

‫السورة‪) :‬انشقاق القمر من آيات رسول ال صلى ال عليه وسلم ومن معجزاته النيرة( انتهى كلمه‪ً.‬ا‬ ‫وقال صاحب الرسالة التي ألفها في جواب مكتوب الفاضل نعمت على الهند معترض ا على هذه‬

‫المعجزة‪) :‬ل يثبت من هذه الية أن هذه المعجزة صدرت عن محمد صلى ال عليه وسلم‪ ،‬ول‬

‫يثبت هذا المر من التفاسير( انتهى‪ً.‬ا‬ ‫وهذا الثالث بالخير المنبثق من الولين فاق كليهما حيث قال‪ :‬ل يثبت هذا المر من التفاسير لعله‬ ‫اعتقد أن القسيس الول صادق في قوله كالبيضاوي وغيره‪ ،‬والقسيس الثاني صادق في قوله مثل‬ ‫الزمخشري والبيضاوي‪ ،‬ثم قاس حال سائر التفاسير على هذين التفسيرين فقال‪ :‬ول يثبت هذا‬ ‫المر من التفاسير‪ ،‬ليحصل له الفضل على القسيسين الولين‪ ،‬ويظهر تبحره عند قومه بأنه طالع‬ ‫التفاسير كلها‪ ،‬فظهر أن كل لحق من هؤلء الثلثة على سابقه‪ ،‬وهذا ليس بعجيب لن مثل هذا‬ ‫المر قد شاع بين المسيحيين في القرن الول كما يظهر من رسائل الحواريين‪ ،‬وصار من‬ ‫المستحسنات الدينية في القرن الثاني من القرون المسيحية كما قال المؤرخ موشيم في بيان حال‬ ‫علماء القرن الثاني من القرون المسيحية في الصفحة ‪ 65‬من المجلد الول من تاريخه المطبوع‬


‫سنة ‪) :1832‬كان بين متبعي رأي أفلطون وفيثاغورس مقولة مشهورة أن الكذب والخداع لجل‬ ‫أن يزداد الصدق وعبادة ال ليسا بجائزين فقط بل قابلن للتحسين‪ ،‬وتعلم أولا منهم يهود مصر‬

‫هذه المقولة قبل المسيح‪ ،‬كما يظهر هذا جزم ا من كثير من الكتب القديمة‪ ،‬ثم أثر‬

‫) ‪(4/1048‬‬

‫وباء هذا الغلط السوء في المسيحيين كما يظهر هذا المر من الكتب الكثيرة التي نسبت إلى‬ ‫الكبار كذباا( انتهى كلمه‪ً.‬ا‬

‫وقال آدم كلرك في المجلد السادس من تفسيره في شرح الباب الول من رسالة بولس إلى أهل‬

‫غلطية‪:‬‬ ‫)هذا المر محقق أن الناجيل الكثيرة الكاذبة كانت رائجة في أول القرون المسيحية وكثرة هذه‬ ‫الحوال الكاذبة الغير الصحيحة هيجت لوقا على تحرير النجيل‪ ،‬ويوجد ذكر أكثر من سبعين من‬ ‫هذه الناجيل الكاذبة‪ ،‬والجزاء الكثيرة من هذه الناجيل باقية( انتهى‪ً.‬ا‬ ‫وإذا نسب أسلفهم أكثر من سبعين إنجيلا إلى المسيح والحواريين ومريم عليهم السلم‪ ،‬فأي‬

‫عجب لو نسب هؤلء القسوس لجل تغليط عوام أهل السلم بعض المور إلى تفاسير القرآن‪ً.‬ا‬ ‫واعلم أن الرسالة الخيرة كانت مشتهرة في الهند‪ ،‬وكان القسيسيون يقسمونها كثيرا في بلده‪ ،‬لكن‬

‫لما كتب عدة من علماء السلم عليها ردا واشتهر ما كتبوا تركوها وطبع ثلثة كتب من كتب الرد‬

‫عليها‪ً.‬ا الول‪" :‬التحفة المسيحية" لسيد الدين الهاشمي‪ً.‬ا والثاني‪" :‬تأييد المسلمين" لبعض أقارب‬

‫مجتهد شيعة لكنهوا‪ً.‬ا والثالث‪" :‬خلصة سيف المسلمين" للفاضل حيدر علي القرشي‪ً.‬ا‬ ‫‪ -3‬في البيضاوي‪) :‬روى أنه لما طلعت قريش من العقنقل‪ ،‬قال صلى ال عليه وسلم‪ :‬هذه قريش‬ ‫جاءت بخيلئها وفخرها يكذبون رسولك‪ ،‬اللهم إني أسألك ما وعدتني‪ً.‬ا فأتاه جبريل عليه السلم‬ ‫وقال له‪ :‬خذ قبضة من تراب فارمهم بها‪ ،‬فلما التقى الجمعان تناول كف ا من الحصباء فرمى بها في‬

‫وجوههم‪ً.‬ا وقال‪:‬‬

‫) ‪(4/1049‬‬


‫شاهت الوجوه فلم يبق مشرك إل شغل بعينه فانهزموا وردفهم المؤمنون يقتلونهم ويأسرونهم‪ ،‬ثم لما‬ ‫انصرفوا أقبلوا على التفاخر فيقول الرجل قتلت وأسرت( انتهى‪ً.‬ا‬ ‫وقال ال تعالى‪} :‬وما رميت إذ رميت ولكن ال رمى{ً يعني }وما رميت{ً يا محمد رمي ا توصلها إلى‬

‫أعينهم ولم تقدر عليه }إذ رميت{ً أي أتيت بصورة الرمي }ولكن ال رمى{ً أتى بما هو غاية الرمي‪،‬‬

‫فأوصلها إلى أعينهم جميعا حتى انهزموا‪ ،‬وتمكنتم من قطع دابرهم‪ً.‬ا‬

‫وقال الفخر الرازي عليه الرحمة‪) :‬والصح( أن هذه الية نزلت في يوم بدر‪ ،‬وإل لدخل في أثناء‬

‫القصة كلم أجنبي عنها وذلك ل يليق بل ل يبعد أن يدخل تحته سائر الوقائع لن العبرة بعموم‬ ‫اللفظ ل بخصوص السبب( انتهى كلمه‪ً.‬ا‬ ‫وقد عرفت في المقدمة حال ما تفوه به صاحب ميزان الحق على هذه المعجزة فل أعيده‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1050‬‬

‫‪ -4‬نبع الماء من بين أصابع النبي صلى ال عليه وسلم في مواطن متعددة‪ ،‬وهذه المعجزة أعظم‬ ‫من تفجر الماء من الحجر كما وقع لموسى عليه السلم‪ ،‬فإن ذلك من عادة الحجر في الجملة‪،‬‬ ‫وأما من لحم ودم فلم يعهد من غيره صلى ال عليه وسلم‪ً.‬ا عن أنس بن مالك رضي ال عنه أنه‬ ‫قال‪) :‬رأيت رسول ال صلى ال عليه وسلم وحانت صلة العصر‪ ،‬فالتمس الناس الوضوء فلم‬ ‫يجدوه‪ ،‬فأتى رسول ال صلى ال عليه وسلم بوضوء فوضع رسول ال صلى ال عليه وسلم في‬ ‫ذلك الناء يده وأمر الناس أن يتوضؤوا منه قال‪ :‬فرأيت الماء ينبع من بين أصابعه صلى ال عليه‬ ‫وسلم فتوضأ الناس حتى توضؤوا عن آخرهم( وهذه المعجزة صدرت بالزوراء عند سوق المدينة‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1051‬‬

‫‪ -5‬عن جابر رضي ال عنه‪) :‬عطش الناس يوم الحديبية ورسول ال صلى ال عليه وسلم بين يديه‬ ‫ركوة فتوضأ منها وأقبل الناس نحوه وقالوا‪ :‬ليس عندنا ماء إل ما في ركوتك فوضع النبي صلى ال‬ ‫عليه وسلم يده في الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون( وكان الناس ألفا‬ ‫وأربعمائة‪ً.‬ا‬


‫‪ -6‬عن جابر رضي ال عنه )قال‪ :‬قال لي رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬يا جابر ناد بالوضوء‬ ‫وذكر الحديث بطوله وأنه لم نجد إل قطرة في عزلء شجب‬

‫) ‪(4/1052‬‬

‫فأتى به النبي صلى ال عليه وسلم فغمره وتكلم بشيء ل أدري ما هو وقال‪ :‬ناد بجفنة الركب‬ ‫فأتيت بها فوضعتها بين يديه‪ ،‬وذكر أن النبي صلى ال عليه وسلم بسط يده في الجفنة وفرق‬ ‫أصابعه وصب جابر عليه وقال‪ :‬بسم ال‪ً.‬ا قال‪ :‬فرأيت الماء يفور من بين أصابعه ثم فارت الجفنة‬ ‫واستدارت حتى امتلت‪ً.‬ا وأمر الناس بالستقاء فاستقوا حتى رووا‪ً.‬ا فقلت‪ :‬هل بقي أحد له حاجة؟‬ ‫فرفع رسول ال صلى ال عليه وسلم يده من الجفنة وهي ملى( وهذه المعجزة صدرت في غزوة‬ ‫بواط‪ً.‬ا‬ ‫‪ -7‬عن معاذ بن جبل في قصة غزوة تبوك‪ ،‬وأنهم وردوا العين وهي‬

‫) ‪(4/1053‬‬

‫تبض بشيء من ماء مثل الشراك‪ ،‬فغرفوا من العين بأيديهم حتى اجتمع في شيء‪ ،‬ثم غسل رسول‬ ‫ال صلى ال عليه وسلم وجهه فيه ويديه ثم أعاده فيها‪ ،‬فجرت بماء كثير فاستقى الناس‪ً.‬ا قال في‬ ‫حديث ابن إسحاق‪ :‬فانهرق من الماء ما له حس كحس الصواعق‪ ،‬ثم قال‪ :‬يوشك يا معاذ إن‬ ‫طالت بك الحياة أن ترى ما ههنا قد مليء جناناا( ‪ً.‬ا‬

‫‪ -8‬عن عمران بن الحصين رضي ال عنهما أنه قال‪) :‬حين أصاب النبي صلى ال عليه وسلم‬ ‫وأصحابه عطش في بعض أسفارهم‪ ،‬فوجه رجلين من أصحابه‬

‫) ‪(4/1054‬‬

‫وأعلمهما أنهما يجدان امرأة بمكان كذا معها بعير عليه مزادتان الحديث فوجداها وأتيا بها النبي‬ ‫صلى ال عليه وسلم فجعل في إناء من مزاديتها وقال فيه ما شاء ال‪ ،‬ثم أعاد الماء في المزادتين‬


‫ثم فتحت عزليها وأمر الناس فملؤوا أسقيتهم حتى لم يدعوا شيئا إل ملؤه‪ً.‬ا قال عمران‪ :‬ويخيل لي‬ ‫أنهما لم تزدادا إل امتلء‪ ،‬ثم أمر فجمع للمرأة من الزواد حتى ملؤوا ثوبها وقال‪ :‬اذهبي فإنا لم‬

‫نأخذ من مائك شيئ ا ولكن ال سقانا( ‪ً.‬ا‬

‫‪ -9‬في حديث عمر رضي ال عنه في جيش العسرة وذكر ما أصابهم من العطش‪ ،‬حتى أن الرجل‬ ‫ينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه‪ ،‬فرغب أبو بكر إلى النبي في الدعاء‪ ،‬فرفع يديه فلم يرجعهما حتى‬

‫قالت ‪ 2‬السماء فانسكبت فملؤوا ما معهم من آنية ولم تجاوز العسكر‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1055‬‬

‫‪ -10‬عن جابر رضي ال عنه أن رجلا أتى النبي صلى ال عليه وسلم يستطعمه‪ ،‬فاستطعمه شطر‬ ‫وسق شعير‪ ،‬فما زال يأكل منه وامرأته وضيفه حتى كاله‪ ،‬فأتى النبي صلى ال عليه وسلم فأخبره‪ً.‬ا‬

‫فقال‪ :‬لو لم تكله لكلتم منه ولقام بكم‪ً.‬ا‬ ‫‪ -11‬عن أنس رضي ال عنه أن النبي صلى ال عليه وسلم أطعم ثمانين رجلا من أقراص من‬ ‫شعير‪ ،‬جاء بها أنس تحت يده أي إبطه‪ً.‬ا‬

‫‪ -12‬عن جابر رضي ال عنه أن النبي صلى ال عليه وسلم أطعم يوم الخندق ألف رجل من صاع‬ ‫شعير وعناق ‪ 3‬قال جابر رضي ال عنه‪ :‬فأقسم بال لكلوا حتى تركوه وانحرفوا وأن برمتنا لتغط‬ ‫كما هي وأن عجيننا ليخبز‪ ،‬وكان رسول ال صلى ال عليه وسلم بصق في العجين والبرمة وبارك‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1056‬‬

‫‪ -13‬عن أبي أيوب رضي ال عنه أنه صنع لرسول ال صلى ال عليه وسلم ولبي بكر زهاء ما‬ ‫يكفيهما فقال له النبي صلى ال عليه وسلم‪ :‬ادع ثلثين من أشراف النصار فدعاهم فأكلوا حتى‬ ‫تركوا‪ ،‬ثم قال‪ :‬ادع ستين فكان مثل ذلك‪ ،‬ثم قال‪ :‬ادع سبعين فأكلوا حتى تركوه‪ً.‬ا وما خرج منهم‬ ‫أحد حتى أسلم وبايع‪ً.‬ا قال أبو أيوب رضي ال عنه‪ :‬فأكل من طعامي مائة وثمانون رجلا‪ً.‬ا‬ ‫‪ -14‬عن سمرة بن جندب أتى النبي صلى ال عليه وسلم بقصعة فيها لحم‬

‫) ‪(4/1057‬‬


‫فتعاقبوها من غدوة حتى الليل‪ ،‬يقوم قوم ويقعد آخرون‪ً.‬ا‬ ‫‪ -15‬عن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي ال عنهما قال‪ :‬كنا عند النبي صلى ال عليه وسلم ثلثين‬ ‫ومائة‪ً.‬ا وذكر في الحديث أنه عجن صاع من طعام وصنعت شاة فشوى سواد بطنها‪ً.‬ا وقال‪ :‬وأيم ال‬ ‫ما من الثلثين ومائة إل قد حز له حزة‪ ،‬ثم جعل منها قصعتين فأكلنا أجمعون وفضل في القصعتين‬ ‫فحملته على البعير‪ً.‬ا‬ ‫‪ -16‬عن سلمة بن الكوع وأبي هريرة وعمر بن الخطاب رضي ال‬

‫) ‪(4/1058‬‬

‫عنهم فذكروا مخمصة أصابت الناس مع رسول ال صلى ال عليه وسلم في بعض مغازيه فدعا ببقية‬ ‫الزواد‪ ،‬فجاء الرجل بالحثية ‪ 4‬من الطعام وفوق ذلك‪ ،‬وأعلهم الذي يأتي بالصاع من التمر فجمع‬ ‫على نطع وقال سلمة‪ :‬فحززته كربضة العنز‪ ،‬ثم دعا الناس بأوعيتهم فما بقي في الجيش وعاء إل‬ ‫ملؤه وبقي منه‪ً.‬ا‬ ‫‪ -17‬عن أنس بن مالك أن النبي صلى ال عليه وسلم حين ابتنى بزينب‪ ،‬أمره أن يدعو له قوم ا‬ ‫سماهم حتى امتل البيت والحجرة‪ ،‬فقدم لهم تورا فيه قدر من تمر جعل‬

‫) ‪(4/1059‬‬

‫حيس اا‪ ،‬فوضعه وغمس ثلث أصابعه‪ ،‬وجعل القوم يتغدون ويخرجون‪ ،‬وبقي التور نحوا مما كان‪ً.‬ا‬ ‫‪ -18‬عن علي بن أبي طالب رضي ال عنه أن فاطمة طبخت قدرا لغدائهما‪ ،‬ووجهت عليا إلى‬

‫النبي صلى ال عليه وسلم ليتغذى معهما‪ ،‬فأمرها فغرفت لجميع نسائه صحفة صحفة‪ ،‬ثم له عليه‬

‫السلم‪ ،‬ثم لعلي‪ ،‬ثم لها‪ ،‬ثم رفعت القدر وأنها لتفيض‪ً.‬ا قالت‪ :‬فأكلنا منها ما شاء ال‪ً.‬ا‬ ‫‪ -19‬عن جابر رضي ال عنه في دين أبيه بعد موته‪ ،‬وقد كان بذل لغرماء أبيه أصل ماله فلم‬ ‫يقبلوه‪ ،‬ولم يكن في ثمرها كفاف دينهم‪ ،‬فجاءه النبي صلى ال عليه وسلم بعد أن أمره بجذها‬ ‫وجعلها بيادر في أصولها‪ ،‬فمشى فيها ودعا‪ً.‬ا فأوفى منه جابر غرماءه وفضل مثل ما كانوا يجدون‬ ‫كل سنة‪ً.‬ا‬


‫) ‪(4/1060‬‬

‫‪ -20‬قال أبو هريرة رضي ال عنه‪ :‬أصاب الناس مخمصة فقال لي رسول ال صلى ال عليه‬ ‫وسلم‪ :‬هل من شيء؟ فقلت‪ :‬نعم شيء من التمر في المزود‪ً.‬ا قال‪ :‬فآتى به‪ً.‬ا فأدخل يده فأخرج‬ ‫قبضة فبسطها ودعا بالبركة‪ً.‬ا ثم قال‪ :‬ادع عشرة فأكلوا حتى شبعوا‪ ،‬ثم عشرة كذلك حتى أطعم‬ ‫الجيش كلهم وشبعوا‪ً.‬ا وقال‪ :‬خذ ما جئت به وأدخل يدك واقبض منه ول تكبه‪ ،‬فقبضت على أكثر‬ ‫ما جئت به فأكلت منه وأطعمت حياة رسول ال صلى ال عليه وسلم وأبي بكر وعمر إلى أن قتل‬ ‫عثمان فانتهب مني فذهب‪ً.‬ا‬ ‫ومعجزة تكثير الطعام ببركة دعائه مروية عن بضعة عشر صحابياا‪ ،‬ورواه عنهم أضعافهم من التابعين‪،‬‬

‫ثم من ل يعد بعدهم‪ ،‬وأكثرها وردت في قصص مشهورة ومجامع مشهورة‪ ،‬ول يمكن التحدث‬

‫عنها إل على وفق الصدق حذرا من التكذيب‪ ،‬وإنما حصل النبي صلى ال عليه وسلم أولا الماء‬ ‫القليل أو الطعام القليل ثم كثره‪ ،‬ولم يخترع من بدء المر من العدم إلى الوجود الماء الكثير‪ ،‬أو‬

‫الطعام الكثير‪ ،‬مراعاة للدب بحسب الظاهر ليعلم أن الموجد هو ال‪ً.‬ا وإنما حصلت البركة بسبب‬ ‫النبي صلى ال عليه وسلم‪ً.‬ا وإن كان التكثير أيض ا في الحقيقة من جانب ال كاليجاد‪ً.‬ا وهكذا فعله‬ ‫النبياء كما يظهر من معجزة ايلياء عليه السلم في تكثير الدقيق والزيت في بيت امرأة أرملة على‬

‫ما صرح به في الباب السابع عشر من سفر الملوك الول‪،‬‬

‫) ‪(4/1061‬‬

‫ومن معجزة اليسع عليه السلم في تكثير عشرين خبزا من شعير وسنبل مفروك في منديل حتى أكل‬ ‫مائة رجل وفضل‪ ،‬كما هو مصرح به في الباب الرابع من سفر الملوك الثاني‪ ،‬ومن معجزة عيسى‬

‫عليه السلم في تكثير خمسة أرغفة وسمكتين على ما صرح به في الباب الرابع عشر من إنجيل‬ ‫متى‪ً.‬ا‬ ‫‪ -21‬عن ابن عمر رضي ال عنهما قال‪ :‬كنا مع رسول ال صلى ال عليه وسلم في سفر فدنا منه‬ ‫أعرابي‪ ،‬فقال‪ :‬يا أعرابي أين تريد؟ قال‪ :‬أهلي‪ ،‬قال‪ :‬هل لك إلى خير؟ قال‪ :‬وما هو؟ قال‪ :‬أن‬ ‫تشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له وأن محمدا عبده ورسوله‪ ،‬قال‪ :‬من يشهد لك على ما‬


‫تقول‪ ،‬قال‪ :‬هذه الشجرة السمرة‪ ،‬وهي بشاطئ الوادي‪ ،‬فأقبلت تخد الرض حتى قامت بين يديه‬ ‫فاستشهدها ثلثا‪ً.‬ا فشهدت أنه كما قال ثم رجعت إلى مكانها‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1062‬‬

‫‪ -22‬عن جابر رضي ال عنه ذهب رسول ال صلى ال عليه وسلم يقضي حاجته فلم ير شيئ ا‬ ‫يستتر به‪ ،‬فإذا بشجرتين بشاطئ الوادي‪ ،‬فانطلق رسول ال صلى ال عليه وسلم إلى إحداهما‪،‬‬ ‫فأخذ بغصن من أغصانها فقال‪ :‬انقادي علي بإذن ال‪ ،‬فانقادت معه كالبعير المخشوش الذي‬ ‫يصانع قائده‪ً.‬ا وذكر جابر أنه فعل بالخرى كذلك حتى إذا كان بالمنصف بينهما قال‪ :‬التئما علي‬ ‫بإذن ال فالتأمتا‪ ،‬فجلس خلفهما فخرجت أخضر‪ً.‬ا وجلست أحدث نفسي فالتفت فإذا رسول ال‬ ‫صلى ال عليه وسلم مقبلا والشجرتان قد افترقتا فقامت كل واحدة منهما على ساق‪ً.‬ا‬ ‫‪ -23‬عن ابن عباس رضي ال عنهما قال لعرابي‪ :‬أرأيت‬

‫) ‪(4/1063‬‬

‫إن دعوت هذا العذق من هذه النخلة أتشهد أني رسول ال؟ قال‪ :‬نعم‪ً.‬ا فدعاه فجعل ينقد حتى أتاه‬ ‫فقال‪ :‬ارجع‪ً.‬ا فعاد إلى مكانه‪ً.‬ا‬ ‫‪ -24‬عن جابر رضي ال عنه كان المسجد مسقوفا على جذوع نخل‪ ،‬وكان النبي صلى ال عليه‬ ‫وسلم إذا خطب يقوم إلى جذع منها‪ ،‬فلما صنع له المنبر‪ ،‬سمعنا لذلك الجذع صوت ا كصوت‬

‫العشار‪ ،‬وفي رواية أنس‪ :‬حتى ارتج المسجد لخواره‪ ،‬وفي رواية سهل‪ :‬وكثر بكاء الناس لما رأوا به‪،‬‬

‫وفي رواية المطلب‪ :‬حتى تصدع وانشق حتى جاء النبي صلى ال عليه وسلم فوضع يده عليه‬ ‫فسكت‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1064‬‬


‫والخبر بأنين الجذع وحنينه باعتبار مبناه مشهور عند السلف والخلف‪ ،‬وباعتبار معناه متواتر يفيد‬

‫العلم القطعي‪ً.‬ا رواه من الصحابة بضعة عشر منهم أدبمري بن كعب‪ ،‬وأنس بن مالك‪ ،‬وعبد ال بن‬ ‫عمر‪ ،‬وعبد ال بن عباس‪ ،‬وسهل بن سعد الساعدي‪ ،‬وأبو سعيد الخدري‪ ،‬وبريدة‪ ،‬وأم سلمة‪،‬‬

‫) ‪(4/1065‬‬

‫والمطلب بن أبي وداعة‪ ،‬رضي ال عنهم كلهم يحدثون بمعنى هذا الحديث وإن كانت ألفاظهم‬ ‫مختلفة في باب التحديث‪ ،‬فل شك في حصول التواتر المعنوي‪ً.‬ا‬ ‫‪ -25‬عن ابن عباس رضي ال عنهما قال‪ :‬كان حول البيت ستون وثلثمائة صنم مثبتة الرجل‬ ‫بالرصاص في الحجارة‪ ،‬فلما دخل رسول ال صلى ال عليه وسلم المسجد عام الفتح‪ ،‬جعل يشير‬ ‫بقضيب في يده إليها ول يمسها ويقول‪ :‬جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاا‪ ،‬فما أشار‬ ‫إلى وجه صنم إل وقع لقفاه ول لقفاه إل وقع لوجهه حتى ما بقي منها صنم‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1066‬‬

‫‪ -26‬دعا النبي صلى ال عليه وسلم رجلا إلى السلم‪ ،‬فقال‪ :‬ل أؤمن بك حتى تحيي لي ابنتي‪ً.‬ا‬

‫فقال صلى ال عليه وسلم‪ :‬أرني قبرها فأراه إياه‪ ،‬فقال صلى ال عليه وسلم‪ :‬يا فلنة‪ً.‬ا قالت‪ :‬لبيك‬

‫وسعديك‪ً.‬ا فقال النبي صلى ال عليه وسلم‪ :‬أتحبين أن ترجعي إلى الدنيا؟ فقالت‪ :‬ل وال يا رسول‬ ‫ال إني وجدت ال خيرا لي من أبوي‪ ،‬ووجدت الخرة خيرا من الدنيا‪ً.‬ا‬

‫‪ -27‬ذبح جابر رضي ال عنه شاة وطبخها وثرد في جفنة‪ً.‬ا وأتى بها رسول ال صلى ال عليه‬ ‫وسلم فأكل القوم‪ ،‬وكان عليه الصلة والسلم يقول لهم‪ :‬كلوا ول تكسروا عظما‪ً.‬ا ثم إنه صلى ال‬ ‫عليه وسلم جمع العظام ووضع يده عليها ثم تكلم بكلم فإذا الشاة قامت تنفض ذنبها‪ً.‬ا‬

‫‪ -28‬عن سعد بن ابى وقاص رضي ال عنه قال‪ :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم ليناولني‬

‫) ‪(4/1067‬‬


‫السهم لتصل به فيقول‪ :‬ارم به‪ ،‬وقد رمى رسول ال صلى ال عليه وسلم يومئذ عن قوسه‪ ،‬حتى‬ ‫اندقت وأصيبت يومئذ عين قتادة يعني ابن النعمان حتى وقعت على وجنتيه‪ ،‬فردها رسول ال صلى‬ ‫ال عليه وسلم فكانت أحسن عينيه‪ً.‬ا‬ ‫‪ -29‬عن عثمان بن حنيف أن أعمى قال لرسول ال‪ :‬ادع ال أن يكشف لي عن بصري‪ً.‬ا قال‪:‬‬ ‫فانطلق فتوضأ ثم ص نل ركعتين‪ ،‬ثم قل‪ :‬اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة‪ ،‬يا‬ ‫محمد إني أتوجه بك إلى ربك أن يكشف لي عن بصري‪ ،‬اللهم شفعه في‪ً.‬ا قال‪ :‬فرجع وقد كشف‬ ‫ال عن بصره‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1068‬‬

‫‪ -30‬ابن ملعب السنة أصابه استسقاء‪ ،‬فبعث إلى النبي صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فأخذ بيده حثوة‬ ‫من الرض فتفل عليها فأعطاها رسوله‪ ،‬فأخذها متعجبا يرى أن قد هزئ به فأتاه بها وهو على شفاء‬ ‫فشربها فشفاه ال تعالى‪ً.‬ا‬

‫‪ -31‬عن حبيب بن فديك‪ ،‬أن أباه ابيضت عيناه فكان ل يبصر بهما شيئ ا فنفث رسول ال صلى‬ ‫ال عليه وسلم في عينيه فأبصر‪ ،‬فرأيته يدخل البرة وهو ابن ثمانين‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1069‬‬

‫‪ -31‬تفل في عيني علي رضي ال عنه يوم خيبر وكان رمدا فأصبح بارئ ا‪ً.‬ا‬ ‫‪ -33‬نفث على ضربة بساق سلمة بن الكوع يوم خيبر فبرأت‪ً.‬ا‬ ‫‪ -34‬أتته امرأة من خثعم معها صبي به بلء ل يتكلم فأتى بماء فمضمض فاه وغسل يديه ثم‬ ‫أعطاها إياه‪ ،‬وأمرها بسقيه ومسه به‪ ،‬فبرأ الغلم وعقل عقلا يفضل عقول الناس‪ً.‬ا‬

‫‪ - 25‬عن ابن عباس رضي ال عنهما‪ :‬جاءت امرأة بابن لها به جنون‪ ،‬فمسح صدره‪ ،‬فثع ثعة‪،‬‬ ‫فخرج من جوفه مثل الجرو السود فشفي‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1070‬‬


‫‪ -36‬انكفأت القدر على ذراع محمد بن حاطب وهو طفل‪ ،‬فمسح عليه‪ ،‬ودعا له وتفل فيه‪ ،‬فبرأ‬ ‫لحينه‪ً.‬ا‬ ‫‪ -37‬كانت في كف شرحبيل الجعفي سلعة تمنعه القبض على السيف وعنان الدابة‪ ،‬فشكاها للنبي‬ ‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فما زال يطحنها حتى رفعها ولم يبق لها أثر‪ً.‬ا‬ ‫‪ -38‬عن أنس بن مالك رضي ال عنه قال‪ :‬قالت أمي‪ :‬يا رسول ال خادمك أنس ادع ال له‪ً.‬ا‬ ‫فقال‪ :‬اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما آتيته‪ً.‬ا قال أنس‪ :‬فوال إن مالي لكثير وإن ولدي وولد‬ ‫ولدي ليعادون اليوم على نحو المائة‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1071‬‬

‫‪ -39‬دعا على كسرى حين مزق كتابه أن يمزق ال ملكه‪ ،‬فلم تبق له باقية ول بقيت لفارس رياسة‬ ‫في سائر أقطار الدنيا‪ً.‬ا‬ ‫‪ -40‬عن أسماء بنت أبي بكر رضي ال عنهما أخرجت جبة طيانسة وقالت‪ :‬إن رسول ال صلى‬ ‫ال عليه وسلم كان يلبسها‪ ،‬فنحن تغسلها للمرضى يستشفى بها‪ً.‬ا وهذه المعجزات‪ ،‬وإن لم يتواتر‬ ‫كل واحد منها‪ ،‬فالقدر المشترك بينها متواتر بل شبهة‪ ،‬كشجاعة علي‪ ،‬وسخاوة حاتم‪ ،‬وهذا القدر‬ ‫يكفي‪ ،‬والحالت التي‬

‫) ‪(4/1072‬‬

‫نقلها مرقس ولوقا كلها آحاد ليس اعتبارها مثل الحاديث الصحيحة المروية بروايات الحاد الثابتة‬ ‫أسانيدها المتصلة‪ ،‬بل الحالت التي اتفق على نقلها النجيليون الربعة آحاد ل يزيد اعتبارها عندنا‬ ‫على رواية الحاد كما عرفت في الباب الول‪ً.‬ا‬ ‫المسلك الثاني‪ :‬أخلقه وأوصافه صلى ال عليه وسلم‬ ‫]أخلق النبي صلى ال عليه وسلم[‬ ‫أنه قد اجتمع فيه من الخلق العظيمة‪ ،‬والوصاف الجزيلة‪ ،‬والكمالت العلمية والعملية‪،‬‬ ‫والمحاسن الراجعة إلى النفس والبدن والنسب والوطن‪ ،‬ما يجزم العقل بأنه ل يجتمع في غير نبي‪،‬‬


‫فإن كل واحد منها وإن كان يوجد في غير النبي أيضاا‪ ،‬لكن مجموعها مما ل يحصل إل للنبياء‪،‬‬

‫فاجتماعها في ذاته صلى ال عليه وسلم من دلئل النبوة وقد أقر المخالفون أيضا بوجود أكثر هذه‬

‫المحاسن في ذاته صلى ال عليه وسلم‪ ،‬مثلا "اسبان هميس المسيحي" من الذين هم أشد أعداء‬

‫النبي صلى ال عليه وسلم والطاعنين في حقه‪ ،‬لكنه اضطر في القرار بوجود أكثر المور المذكورة‬ ‫في ذاته صلى ال عليه وسلم‪ً.‬ا كما نقل سيل قوله في مقدمة ترجمة القرآن في الصفحة السادسة‬

‫من النسخة المطبوعة سنة ‪ 1850‬هكذا‪) :‬أنه كان حسن الوجه وزكايا وكانت طريقته مرضية‪ ،‬وكان‬ ‫الحسان إلى المساكين شيمته‪ ،‬وكان يعامل الكل بالخلق الحسن‪ ،‬وكان شجاع ا على العداء‪،‬‬

‫وكان يعظم اسم ال تعظيم ا عظيماا‪ ،‬وكان يشدد على المفترين‪ ،‬والذين يرمون البرآء‪ ،‬والزانين‪،‬‬

‫والقاتلين‪ ،‬وأهل الفضول‪ ،‬والطامعين‪ ،‬وشهود الزور‪ ،‬تشديدا بليغاا‪ ،‬وكانت كثرة وعظه في الصبر‬

‫والجود والرحم والبر والحسان وتعظيم البوين والكبار وتوقيرهم وتكريمهم‪ ،‬وكان عابدا مرتاضا في‬

‫الغاية( انتهى كلمه‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1073‬‬

‫)المسلك الثالث( ممين نظر إلى ما اشتملت شريعته الغراء عليه مما يتعلق بالعتقادات والعبادات‬

‫والمعاملت والسياسات والداب والحكم‪ ،‬علم قطعا أنها ليست إل من الوضع اللهي‪ ،‬والوحي‬

‫السماوي‪ ،‬وأن المبعوث بها ليس إل نبي ا‪ً.‬ا وقد عرفت في الباب الخامس‪ ،‬أن اعتراضات القسيسين‬

‫عليها ضعيفة جداا‪ ،‬منشؤها العناد الصرف والعتساف‪ً.‬ا‬

‫)المسلك الرابع( ظهور دينه على سائر الديان في مدة قليلة‬ ‫أنه عليه السلم ادعى بين قوم ل كتاب لهم ول حكمة فيهم‪ :‬أني بعثت من عند ال بالكتاب المنير‬ ‫والحكمة الباهرة لنور العالم باليمان والعمل الصالح‪ً.‬ا وانتصب مع ضعفه وفقره وقلة أعوانه‬

‫وأنصاره‪ ،‬مخالف ا لجميع أهل الرض آحادهم وأوساطهم وسلطينهم وجبابرتهم‪ ،‬فضلل آراءهم‬

‫وسفه أحلمهم وأبطل مللهم وهدم دولهم‪ ،‬وظهر دينه على الديان في مدة قليلة شرقا وغرباا‪ ،‬وزاد‬

‫على مر العصار والزمان‪ ،‬ولم يقدر العداء مع كثرة عددهم وعددهم وشدة شوكتهم وشكيمتهم‪،‬‬ ‫وفرط تعصبهم وحميتهم وبذل غاية جهدهم في إطفاء نور دينه وطمس آثار مذهبه‪ً.‬ا فهل يكون‬ ‫ذلك إل بعون إلهي وتأييد سماوي‪ ،‬ولنعم ما قال غمالئيل معلم اليهود لهم في حق الحواريين‪) :‬يا‬


‫أيها الرجال السرائيليون احترزوا لنفسكم من جهة هؤلء الناس فيما أنتم مزمعون أن تفعلوا( ‪ً.‬ا ‪36‬‬ ‫)لنه قبل هذه اليام قام ثوداس قائلا عن نفسه‪ :‬أنه‬

‫) ‪(4/1074‬‬

‫شيء الذي التصق به عدد من الرجال نحو أربعمائة‪ ،‬الذي قتل وجميع الذين انقادوا إليه تبددوا‬ ‫وصاروا ل شيء( ‪ً.‬ا ‪) 37‬بعد هذا قام يهودا الجليلي في أيام الكتتاب‪ ،‬وأزاغ وراءه شعبا غفيراا‪،‬‬ ‫فذاك أيضا هلك وجميع الذين انقادوا إليه تشتتوا( ‪ً.‬ا ‪) 38‬والن أقول لكم تنحوا عن هؤلء الناس‬ ‫واتركوهم لنه إن كان هذا الرأي وهذا العمل من الناس فسوف ينتقض( ‪) 39‬وإن كان من ال فل‬

‫تقدرون أن تنتقضوه لئل توجدوا محاربين ل أيضاا( كما هو مصرح به في الباب الخامس من كتاب‬

‫العمال‪ ،‬والية السابعة من الزبور الول هكذا‪) :‬لن الرب يعرف طريق الصديقين وطريق المنافقين‬

‫تهلك( والية السادسة من الزبور الخامس هكذا‪) :‬وتهلك كل الذين يتكلمون بالكذب‪ ،‬الرجل‬ ‫السافك الدماء والغاش يرذله الرب( ‪ً.‬ا‬ ‫والية السادسة عشرة من الزبور الرابع والثلثين هكذا‪) :‬وجه الرب على الذين يعملون المساوئ‬ ‫ليبيد من الرض ذكرهم( وفي الزبور السابع والثلثين هكذا ‪) :17‬لن سواعد الخطاة تنكر‪ ،‬والرب‬ ‫يعضد الصديقين( ‪) 20‬الخطاة فيهلكون‪ ،‬وأعداء الرب جميعا إذ يمجدون ويرتفعون‪ ،‬يبيدون‪،‬‬ ‫وكالدخان يفنون( ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1075‬‬

‫فلو لم يكن محمد صلى ال عليه وسلم من الصديقين لهلك الرب طريقه ورذله وأباد ذكره من‬ ‫الرض‪ ،‬وكسر سواعده وأفناه كالدخان‪ً.‬ا لكنه لم يفعل شيئا منها‪ ،‬فكان محمد صلى ال عليه وسلم‬ ‫من الصديقين‪ ،‬ولعمري أن علماء بروتستنت في تكذيب الدين المحمدي محاربون ال لكن الوقت‬ ‫قريب فسوف يعلمون }وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون{ً ول يقدرون على نقضه البتة كما‬ ‫وعد ال }يريدون ليطفئوا نور ال{ً أي دين السلم }بأفواههم{ً أي بأقوالهم الباطلة }وال متم‬ ‫نوره{ً أي مبلغه غايته }ولو كره الكافرون{ً أي اليهود والنصارى والمشركون‪ ،‬ولنعم ما قيل‪:‬‬ ‫أل قل لمن ظل لي حاسدا * أتدري على من أسأت الدب‬


‫أسأت على ال في فعله * لنك لم ترض لي ما وهب‬ ‫)المسلك الخامس( أنه ظهر في وقت كان الناس محتاجين إلى من يهديهم إلى الطريق المستقيم‪،‬‬ ‫ويدعوهم إلى الدين القويم لن العرب كانوا على عبادة الوثان‪ ،‬ووأد البنات‪ً.‬ا والفرس على اعتقاد‬ ‫اللهين ووطء المهات والبنات‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1076‬‬

‫والترك على تخريب البلد وتعذيب العباد‪ً.‬ا والهند على عبادة البقر‪ ،‬والسجود للشجر والحجر‪ً.‬ا‬ ‫واليهود على الجحود ودين التشبيه‪ ،‬وترويج الكاذيب المفتريات‪ً.‬ا والنصارى على القول بالتثليث‪،‬‬ ‫وعبادة الصليب وصور القديسين والقديسات‪ً.‬ا وهكذا سائر الفرق في أودية الضلل والنحراف‬ ‫عن الحق والشتغال بالمحال‪ ،‬ول يليق بحكمة ال الملك المبين أن ل يرسل في هذا الوقت أحدا‬ ‫يكون رحمة للعالمين‪ ،‬وما ظهر أحد يصلح لهذا الشأن العظيم ويؤسس هذا البنيان القويم غير‬ ‫محمد بن عبد ال صلى ال عليه وسلم‪ً.‬ا فأزال الرسوم الزائغة والمقالت الفاسدة‪ ،‬وأشرقت شموس‬ ‫التوحيد وأقمار التنزيه‪ ،‬وزالت ظلمة الشرك والوثنية والتثليث والتشبيه‪ ،‬عليه من الصلة أفضلها‬ ‫ومن التحيات أكملها‪ ،‬وإليه أشار ال تعالى بقوله‪} :‬يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم‬ ‫على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ول نذير فقد جاءكم بشير ونذير وال على كل‬ ‫شيء قدير{ً ‪ً.‬ا قال الفخر الرازي قدس سره في‬

‫) ‪(4/1077‬‬

‫تفسير هذه الية‪) :‬الفائدة في بعثة محمد صلى ال عليه وسلم عند فترة من الرسل هي أن التغير‬ ‫والتحريف قد تطرق إلى الشرائع المتقدمة لتقادم عهدها وطول زمانها‪ ،‬وبسبب ذلك اختلط الحق‬ ‫بالباطل والصدق بالكذب وصار ذلك عذرا ظاهرا في إعراض الخلق عن العبادات‪ ،‬لن لهم أن‬

‫يقولوا يا إلهنا عرفنا أنه ل بد من عبادتك ولكنا ما عرفنا كيف نعبد‪ ،‬فبعث ال تعالى في هذا الوقت‬

‫محمدا صلى ال عليه وسلم إزالة لهذا العذر( انتهى كلمه بلفظه‪ً.‬ا‬

‫)المسلك السادس( أخبار النبياء المتقدمين عليه‪ ،‬عن نبوته عليه السلم‪ ،‬ولما كان القسيسون‬

‫يغلطون العوام في هذا الباب تغليط ا عظيم ا استحسنت أن أقدم على نقل تلك الخبار أمورا ثمانية‬


‫تفيد للناظر بصيرة‪:‬‬ ‫وقدم فيه قبل تلك الخبار أمورا ثمانية‪:‬‬

‫)المر الول( أن النبياء السرائيلية مثل أشعيا وأرميا ودانيال وحزقيال وعيسى عليهم السلم‪،‬‬ ‫أخبروا عن الحوادث التية كحادثة بختنصر وقورش واسكندر وخلفائه وحوادث أرض أدوم ومصر‬ ‫ونينوى وبابل‪ ،‬ويبعد كل البعد أن ل يخبر أحد منهم عن خروج محمد صلى ال عليه وسلم الذي‬ ‫كان وقت ظهوره كأصغر البقول‪ ،‬ثم صار شجرة عظيمة تأوي طيور السماء في أغصانها‪ ،‬فكسر‬ ‫الجبابرة والكاسرة وبلغ دينه شرق ا وبلغ دينه شرق ا وغرب ا وغلب الديان وامتد دهرا بحيث مضى‬

‫على ظهوره مدة ألف ومائتين وثمانين إلى هذا الحين ويمتد إن شاء ال إلى آخر بقاء الدنيا‪ ،‬وظهر‬

‫في أمته ألوف ألوف من العلماء الربانيين‬

‫) ‪(4/1078‬‬

‫والحكماء المتقنين والولياء ذوي الكرامات والمجاهدات والسلطين العظام‪ ،‬وهذه الحادثة كانت‬ ‫أعظم الحوادث‪ ،‬وما كانت أقل من حادثة أرض أدوم ونينوى وغيرهما فكيف يجوز العقل السليم‬ ‫أنهم أخبروا عن الحوادث الضعيفة وتركوا الخبار عن الحادثة العظيمة‪ً.‬ا‬ ‫)المر الثاني( أن النبي المتقدم إذا أخبر عن النبي المتأخر‪ ،‬ل يشترط في إخباره أن يخبر بالتفصيل‬ ‫التام بأنه يخرج من القبيلة الفلنية في السنة الفلنية في البلد الفلني‪ ،‬وتكون صفته كيت وكيت‪،‬‬ ‫بل يكون هذا الخبار في غالب الوقات مجملا عند العوام‪ ،‬وأما عند الخواص فقد يصير جلي ا‬ ‫بواسطة القرائن‪ ،‬وقد يبقى خفيا عليهم أيضا ل يعرفون مصداقه إل بعد ادعاء النبي اللحق أن النبي‬ ‫المتقدم أخبر عني وظهور صدق ادعائه بالمعجزات وعلمات النبوة‪ ،‬وبعد الدعاء وظهور صدقه‬

‫يصير جلي ا عندهم بل ريب ولذلك يعاتبون كما عاتب المسيح عليه السلم علماء اليهود بقوله‪:‬‬

‫)ويل لكم أيها الناموسيون لنكم أخذتم مفتاح المعرفة ما دخلتم أنتم والداخلون منعتموهم( كما‬

‫هو مصرح به في الباب الحادي عشر من إنجيل لوقا‪،‬‬

‫) ‪(4/1079‬‬


‫وعلى مذاق المسيحيين قد يبقى خفيا على النبياء فضلا عن العلماء بل قد يبقى خفيا على النبي‬

‫المخبر عنه على زعمهم في الباب الول من إنجيل يوحنا هكذا‪) 19 :‬وهذه هي شهادة يوحنا حين‬ ‫أرسل اليهود من أورشليم كهنة ولويين ليسألوه من أنت( ‪) 20‬فاعترف ولم ينكروا قرأني لست أنا‬

‫المسيح( ‪) 21‬فسألوه ماذا إذا أنت‪ ،‬إيلياء؟ فقال لست أنا إيلياء فسألوه أنت النبي فأجاب ل(‬ ‫‪) 22‬فقالوا له من أنت لنعطي جوابا للذين أرسلونا ماذا تقول عن نفسك( ‪) 23‬قال أنا صوت‬

‫صارخ في البرية قروموا طريق الرب كما قال أشعيا النبي( ‪) 24‬وكان المرسلون من الفريسيين( ‪25‬‬ ‫)فسألوه وقالوا له فما بالك تعمد إن كنت لست المسيح ول إيليا ول النبي( ‪ً.‬ا‬

‫واللف واللم في لفظ النبي الواقع في الية ‪ 21‬و ‪ 25‬للعهد‪ ،‬والمراد النبي المعهود الذي أخبر‬ ‫عنه موسى عليه السلم في الباب الثامن عشر من سفر الستثناء على ما صرح به العلماء‬ ‫المسيحية‪ ،‬فالكهنة واللويون كانوا من علماء اليهود وواقفين على كتبهم وعرفوا أيضا أن يحيى‬

‫عليه السلم نبي‪ ،‬لكنهم شكوا في أنه المسيح عليه السلم أو إيلياء عليه السلم أو النبي المعهود‬

‫الذي أخبر عنه موسى عليه السلم‪ ،‬فظهر منه أن علمات هؤلء النبياء الثلثة لم تكن مصرحة في‬ ‫كتبهم بحيث ل يبقى الشتباه للخواص فضلا عن العوام فلذلك سألوا أولا أنت المسيح فبعد ما‬

‫أنكر يحيى عليه السلم عن كونه مسيحا سألوه أنت إيلياء فبعد ما أنكر عن كونه إيلياء أيضا سألوه‬

‫أنت النبي المعهود‪ً.‬ا‬ ‫ولو كانت‬

‫) ‪(4/1080‬‬

‫العلمات مصرحة لما كان للشك محل بل ظهر منه أن يحيى عليه السلم لم يعرف نفسه أنه إيلياء‬ ‫حتى أنكر‪ ،‬فقال لست أنا وقد شهد عيسى أنه إيلياء في الباب الحادي عشر من إنجيل متى‪ً.‬ا قول‬ ‫عيسى عليه السلم في حق يحيى عليه السلم هكذا‪) :‬وإن أردتم أن تقبلوا فهذا هو إيلياء المزمع‬ ‫أن يأتي( وفي الباب السابع عشر من إنجيل متى هكذا‪) 10 :‬وسأله تلميذه قائلين فلماذا يقول‬ ‫ل( ‪) 11‬فأجاب يسوع وقال لهم أن إيلياء يأتي أولا ويرد كل‬ ‫الكتبة أن إيلياء ينبغي أن يأتي أو ا‬

‫شيء( ‪) 12‬ولكني أقول لكم أن إيلياء قد جاء ولم يعرفوه بل عملوا به كل ما أرادوا‪ ،‬كذلك ابن‬ ‫النسان أيض ا سوف يتألم منهم( ‪) 13‬حينئذ فهم التلميذ أنه قال لهم عن يوحنا المعمدان( ‪ً.‬ا‬

‫وظهر من العبارة الخيرة أن علماء اليهود لم يعرفوه بأنه إيلياء وفعلوا به ما فعلوا وأن الحواريين‬


‫أيضا لم يعرفوه بأنه إيلياء مع أنهم كانوا أنبياء في زعم المسيحيين وأعظم رتبة من موسى عليه‬ ‫السلم وكانوا اعتمدوا من يحيى ورأوه مراراا‪ ،‬وكان مجيئه ضروريا قبل إلههم ومسيحهم‪ً.‬ا‬

‫وفي الية ‪ 33‬من الباب الول من إنجيل يوحنا قول يحيى هكذا‪) :‬وأنا لم أكن أعرفه لكن الذي‬ ‫أرسلني لعمد بالماء ذاك قال لي الذي ترى الروح نازلا ومستقرا عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح‬ ‫القدس( ومعنى قوله‪) :‬وأنا لم أكن أعرفه( على زعم القسيسين أنا لم أكن أعرفه معرفة جيدة بأنه‬

‫المسيح الموعود‪ ،‬فعلم أن يحيى عليه السلم ما كان يعرف عيسى عليه السلم معرفة يقينية بأنه‬ ‫المسيح الموعود به إلى ثلثين سنة ما لم ينزل الروح القدس‪ ،‬لعل كون ولدة المسيح من العذراء‬ ‫لم يكن من العلمات المختصة بالمسيح‪،‬‬

‫) ‪(4/1081‬‬

‫وإل فكيف يصح هذا‪ ،‬لكني أقطع النظر عن هذا وأقول أن يحيى أشرف النبياء السرائيلية‬ ‫بشهادة عيسى عليه السلم كما هو مصرح به في الباب الحادي عشر من إنجيل متى وأن عيسى‬ ‫عليه السلم إلهه وربه على زعم المسيحيين‪ ،‬وكان مجيئه ضروري ا قبل المسيح‪ ،‬وكان كونه إيلياء‬

‫يقيني اا‪ ،‬فإذا لم يعرف هذا النبي الشرف نفسه إلى آخر العمر‪ ،‬ولم يعرف إلهه وربه إلى المدة‬

‫المذكورة‪ ،‬وكذا لم يعرف الحواريون الذين هم أفضل من موسى وسائر النبياء السرائيلية مدة حياة‬ ‫يحيى أنه إيلياء‪ ،‬فماذا رتبة العلماء والعوام عندهم في معرفة النبي اللحق بخبر النبي المتقدم عنه‬

‫وترددهم فيه‪ ،‬وقيافا رئيس الكهنة كان نبي ا على شهادة يوحنا‪ ،‬كما هو مصرح به في الية الحادية‬ ‫والخمسين من الباب الحادي عشر من إنجيله وهو أفتى بقتل عيسى عليه السلم وكفره وأهانه‪،‬‬

‫كما هو مصرح به في الباب السابع والعشرين من إنجيل متى‪ ،‬ولو كانت علمات المسيح في‬ ‫كتبهم مصرحة بحيث ل يبقى الشتباه على أحد‪ ،‬ما كان لهذا النبي المفتي بقتل إلهه وبكفره أن‬ ‫يفتي بقتله وكفره‪ً.‬ا‬ ‫ونقل متى ولوقا في الباب الثالث‪ ،‬ومرقس ويوحنا في الباب الول من أناجيلهم خبر أشعيا في حق‬ ‫يحيى عليهما السلم‪ ،‬وأقر يحيى عليه السلم‬

‫) ‪(4/1082‬‬


‫بأن هذا الخبر في حقه على ما صرح به يوحنا‪ً.‬ا وهذا الخبر في الية الثالثة من الباب الربعين من‬ ‫كتاب أشعيا هكذا‪) :‬صوت المنادي في البرية‪ ،‬سهلوا طريق الرب‪ ،‬أصلحوا في البوادي سبيلا‬ ‫للهنا( ولم يذكر فيه شيء من الحالت المختصة بيحيى عليه السلم ل من صفاته ول من زمان‬ ‫خروجه‪ ،‬ول مكان خروجه‪ ،‬بحيث ل يبقى الشتباه‪ ،‬ولو لم يكن ادعاء يحيى عليه السلم بأن هذا‬ ‫الخبر في حقه‪ ،‬وكذا ادعاء مؤلفي العهد الجديد‪ ،‬لما ظهر هذا للعلماء المسيحية وخواصهم فضلا‬ ‫عن العوام‪ ،‬لن وصف النداء في البرية يعم أكثر النبياء السرائيلية الذين جاؤوا من بعد أشعيا عليه‬ ‫السلم‪ ،‬بل يصدق على عيسى عليه السلم أيض ا‪ً.‬ا لنه كان ينادي مثل نداء يحيى عليه السلم‪:‬‬

‫توبوا لنه قد اقترب ملكوت السماء‪ً.‬ا‬

‫وسيظهر لك في المر السادس حال الخبارات التي نقلها النجيليون في حق عيسى عليه السلم‬ ‫عن النبياء المتقدمين عليهم السلم‪ ،‬ول ندعي أن النبياء الذين أخبروا عن محمد صلى ال عليه‬ ‫وسلم كان إخبار كل منهم بصفته مفصلا بحيث ل يكون فيه مجال التأويل للمعاند‪ً.‬ا‬

‫قال المام الفخر الرازي في ذيل تفسير قوله تعالى‪} :‬ول تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم‬

‫تعلمون{ً واعلم أن الظهر في الباء في‬

‫) ‪(4/1083‬‬

‫قوله بالباطل أنها باء ]ص ‪ [220‬الستعانة كالتي في قولك كتبت بالقلم‪ً.‬ا والمعنى ل تلبسوا الحق‬ ‫بسبب الشبهات التي توردونها على السامعين‪ ،‬وذلك لن النصوص الواردة في التوراة والنجيل في‬ ‫أمر محمد عليه السلم نصوصا خفية تحتاج في معرفتها إلى الستدلل‪ ،‬ثم إنهم كانوا يجادلون‬ ‫فيها ويشوشون وجه الدللة على المتأملين فيها بسبب إلقاء الشبهات( ‪ً.‬ا انتهى كلمه بلفظه‪ً.‬ا‬

‫قال المحقق عبد الحكيم السيالكوتي في حاشيته على البيضاوي‪) :‬هذا فصل يحتاج إلى مزيد‬ ‫شرح وهو يجب أن يتصور أن كل نبي أتى بلفظة معرضة وإشارة مدرجة ل يعرفها إل الراسخون في‬ ‫العلم وذلك لحكمة إلهية‪ ،‬وقد قال العلماء‪ :‬ما انفك كتاب منزل من السماء من تضمن ذكر النبي‬ ‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬لكن بإشارات‪ ،‬ولو كان منجليا للعوام لما عوتب علماؤهم في كتمانه‪ ،‬ثم‬

‫ازداد ذلك غموض ا بنقله من لسان إلى لسان من العبراني إلى السرياني ومن السرياني إلى العربي‪،‬‬ ‫وقد ذكرت محصلة ألفاظ من التوراة والنجيل إذا اعتبرتها وجدتها دالة على صحة نبوته عليه‬

‫السلم بتعريض هو عند الراسخين في العلم جلي وعند العامة خفي( ‪ً.‬ا انتهى كلمه بلفظه‪ً.‬ا‬


‫) ‪(4/1084‬‬

‫)المر الثالث( ادعاء أن أهل الكتاب ما كانوا ينتظرون نبي ا آخر غير المسيح وإيلياء‪ ،‬ادعاء باطل ل‬ ‫أصل له بل كانوا منتظرين لغيرهما أيضاا‪ ،‬لما علمت في المر الثاني أن علماء اليهود المعاصرين‬ ‫ل‪ :‬أنت المسيح؟ ولما أنكر سألوه‪ :‬أنت إيلياء؟‬ ‫لعيسى عليه السلم سألوا يحيى عليه السلم أو ا‬ ‫ولما أنكر سألوه‪ :‬أنت النبي؟ أي النبي المعهود الذي أخبر به موسى‪ ،‬فعلم أن هذا النبي كان‬

‫منتظرا مثل المسيح وإيلياء وكان مشهورا بحيث ما كان محتاج ا إلى ذكر السم بل الشارة إليه‬ ‫كانت كافية‪ً.‬ا‬

‫وفي الباب السابع من إنجيل يوحنا بعد نقل قول عيسى عليه السلم هكذا‪) :40 :‬فكثيرون من‬ ‫الجمع لما سمعوا هذا الكلم قالوا هذا بالحقيقة هو النبي( ‪) :41‬وآخرون قالوا هذا هو المسيح(‬ ‫وظهر من هذا الكلم أيض ا أن النبي المعهود عندهم كان غير المسيح ولذلك قابلوا بالمسيح‪ً.‬ا‬

‫)المر الرابع( ادعاء أن المسيح خاتم النبيين ول نبي بعده باطل‪ ،‬لما عرفت في المر الثالث أنهم‬ ‫كانوا منتظرين للنبي المعهود الخر الذي يكون غير المسيح وإيلياء عليهم السلم‪ ،‬ولما لم يثبت‬ ‫بالبرهان مجيئه قبل المسيح فهو بعده ولنهم يعترفون بنبوة الحواريين وبولس بل بنبوة غيرهم أيض ا‪ً.‬ا‬ ‫وفي الباب الحادي عشر من كتاب العمال هكذا‪) 27 :‬في تلك اليام انحدر النبياء من أورشليم‬ ‫إلى أنطاكية( ‪) 28‬وقام واحد معهم اسمه أغابوس وأشار بالروح أن جوعا عظيما كان عتيدا أن‬

‫يصير على جميع‬

‫) ‪(4/1085‬‬

‫المسكونة الذي صار في أيام كلوديوس( )قيصر( فهؤلء كلهم كانوا أنبياء على تصريح إنجيلهم‬ ‫وأخبر واحد منهم اسمه أغابوس عن وقوع الجدب العظيم‪ً.‬ا‬ ‫وفي الباب الحادي والعشرين من الكتاب المذكور هكذا‪) 10 :‬وبينما نحن مقيمون أياما كثيرة‬

‫انحدر من اليهودية نبي اسمه أغابوس( ‪) 11‬فجاء إلينا وأخذ منطقة بولس وربط يد نفسه ورجليه‬ ‫وقال هذا بقوله الروح القدس‪ ،‬الرجل الذي له هذه المنطقة‪ ،‬هكذا سيربطه اليهود في أورشليم‬ ‫ويسلمونه إلى أيدي المم( ‪ً.‬ا‬


‫وفي هذه العبارة أيضا تصريح بكون أغابوس نبياا‪ ،‬وقد يتمسكون لثبات هذا الدعاء بقول المسيح‬ ‫المنقول في الية الخامسة عشر من الباب السابع من إنجيل متى هكذا‪) :‬احترزوا من النبياء‬

‫الكذبة الذين يأتوكم بثبات الحملن ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة( ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1086‬‬

‫والتمسك به عجيب لن المسيح عليه السلم أمر بالحتراز من النبياء الكذبة ل النبياء الصدقة‬ ‫أيضا ولذلك قيد بالكذبة‪ ،‬نعم لو قال احترزوا من كل نبي يجيء بعدي لكان بحسب الظاهر وجه‬ ‫للتمسك وإن كان واجب التأويل عندهم‪ ،‬لثبوت نبوة الشخاص المذكورين‪ ،‬وقد ظهر النبياء‬

‫الكذبة الكثيرون في الطبقة الولى بعد صعوده كما يظهر من الرسائل الموجودة في العهد الجديد‬ ‫في الباب الحادي عشر من الرسالة الثانية إلى أهل قورنثيوس هكذا‪) 12 :‬ولكن ما أفعله لقطع‬ ‫فرصة الذين يريدون فرصة كي يوجدوا كما نحن أيضا فيما يفتخرون به( ‪) 13‬لن مثل هؤلء رسل‬

‫كذبة فعله ماكرون مغيرون شكلهم إلى شبه رسل المسيح( فمقدسهم ينادي بأعلى نداء أن الرسل‬

‫الكذبة الغدارين ظهروا في عهده وقد تشبهوا برسل المسيح‪ً.‬ا‬ ‫وقال آدم كلرك المفسر في شرح هذا المقام‪) :‬هؤلء الشخاص كانوا يدعون كذبا أنهم رسل‬

‫المسيح‪ ،‬وما كانوا رسل المسيح في نفس المر وكانوا يعظون ويجتهدون‪ ،‬لكن مقصودهم ما كان‬

‫إل جلب المنفعة( ‪ً.‬ا‬ ‫وفي الباب الرابع من الرسالة الولى ليوحنا هكذا‪) :‬أيها الحياء ل تصدقوا كل روح‪ ،‬بل امتحنوا‬ ‫الرواح هل هي من ال‪ ،‬لن النبياء الكذبة كثيرون قد خرجوا إلى العالم( ‪ً.‬ا فظهر من العبارتين أن‬ ‫النبياء الكذبة قد ظهروا في عهد الحواريين‪ً.‬ا‬ ‫وفي الباب الثامن من كتاب العمال هكذا‪) 9 :‬وكان قبلا في المدينة‬

‫) ‪(4/1087‬‬

‫رجل اسمه سيمون يستعمل السحر‪ ،‬ويدهش شعب السامرة قائلا أنه شيء عظيم( ‪) 10‬وكان‬ ‫الجميع يتبعونه من الصغير إلى الكبير قائلين هذا هو قوة ال العظيمة( ‪ً.‬ا‬

‫وفي الباب الثالث عشر من الكتاب المذكور هكذا‪) :‬ولما اجتازا الجزيرة إلى باقوس وجدا رجلا‬


‫ساحرا نبيا كذابا يهوديا اسمه باريشوع( وكذا سيظهر الدجالون الكذابون يدعي كل منهم أنه‬

‫المسيح كما أخبر عيسى عليه السلم وقال‪) :‬ل يضلكم أحد فإن كثيرين سيأتون باسمي قائلين أنا‬

‫هو ]ص ‪ [223‬المسيح ويضلون كثيرين( كما هو مصرح به في الباب الرابع والعشرين من إنجيل‬ ‫متى فمقصود المسيح عليه السلم التحذير من هؤلء النبياء الكذبة والمسحاء‬

‫) ‪(4/1088‬‬

‫الكذبة ل من النبياء الصادقين أيضاا‪ ،‬ولذلك قال بعد القول المذكور في الباب السابع )من‬ ‫ثمارهم تعرفونهم‪ ،‬هل يجتنون من الشوك عنب ا أو من الحسك تيناا( ‪ً.‬ا‬

‫ومحمد صلى ال عليه وسلم من النبياء الصادقين‪ ،‬كما يدل عليه ثماره على ما عرفت في‬ ‫المسالك المتقدمة‪ ،‬ول اعتبار لمطاعن المنكرين كما ستعرف في الفصل الثاني‪ ،‬ولن كل شخص‬ ‫يعلم أن اليهود ينكرون عيسى بن مريم عليهما السلم ويكذبونه وليس عندهم رجل أشر منه‪ ،‬من‬ ‫ابتداء العالم إلى زمان خروجه‪ ،‬وكذا ألوف من الحكماء والعلماء الذين هم من أبناء صنف‬ ‫القسيسين وكانوا مسيحيين ثم خرجوا عن هذه الملة لستقباحهم إياها‪ ،‬ينكرونه ويستهزؤون به‬ ‫وبملته وألفوا رسائل كثيرة لثبات آرائهم واشتهرت هذه الرسائل في أكناف العالم‪ ،‬ويزيد متبعوهم‬ ‫كل يوم في ديار أوربا‪ ،‬فكما أن إنكار اليهود وهؤلء الحكماء والعلماء في حق عيسى عليه السلم‬ ‫غير مقبول عندنا‪ ،‬فكذا إنكار أهل التثليث في حق محمد صلى ال عليه وسلم غير مقبول عندنا‪ً.‬ا‬

‫)المر الخامس( الخبارات التي نقلها المسيحيون في حق عيسى عليه السلم ل تصدق عليه‪،‬‬ ‫على تفاسير اليهود وتأويلتهم‪ ،‬ولذلك هم ينكرونه أشد‬

‫) ‪(4/1089‬‬

‫النكار‪ ،‬والعلماء المسيحية ل يلتفتون في هذا الباب إلى تفاسيرهم وتأويلتهم ويفسرونها ويؤولونها‬ ‫بحيث تصدق في زعمهم على عيسى عليه السلم‪ً.‬ا قال صاحب ميزان الحق في الفصل الثالث من‬ ‫الباب الول في الصفحة ‪ 46‬من النسخة الفارسية المطبوعة سنة ‪) :1849‬المعلمون القدماء من‬ ‫الملة المسيحية ادعوا هذه الدعوى الصحيحة فقط أن اليهود أرولوا اليات التي كانت إشارة إلى‬ ‫يسوع المسيح بتأويلت غير صحيحة وغير لئقة وبينوها خلف الواقع( انتهى‪ً.‬ا‬


‫وقوله اردعوا هذه الدعوى الصحيحة فقط غلط يقينا لن المعلمين القدماء كما ادعوا هذه الدعوى‬

‫ادعوا أن اليهود حرفوا الكتب تحريفا لفظيا كما عرفت في الباب الثاني‪ ،‬لكني أقطع النظر عن هذا‬ ‫وأقول كما أن تأويلت اليهود في اليات المذكورة مردودة غير صحيحة وغير لئقة عند‬

‫المسيحيين‪ ،‬كذلك تأويلت المسيحيين في الخبارات التي هي في حق محمد صلى ال عليه‬ ‫وسلم مردودة غير مقبولة عندنا‪ ،‬وسترى أن الخبارات التي ننقلها في حق محمد صلى ال عليه‬ ‫وسلم أظهر صدقا من الخبارات التي نقلها النجيليون في حق عيسى عليه السلم‪ ،‬فل بأس علينا‬ ‫إن لم نلتفت إلى تأويلتهم الفاسدة‪ ،‬وكما أن اليهود ادعوا في حق بعض الخبارات التي هي في‬ ‫حق عيسى عليه السلم على زعم المسيحيين أنها في حق مسيحهم المنتظر أو في حق غيره أو‬ ‫ليست في حق أحد‪ ،‬والمسيحيون يدعون أنها في حق عيسى عليه السلم ول يبالون بمخالفتهم‪،‬‬ ‫فكذا نحن ل نبالي بمخالفة المسيحيين في حق بعض الخبارات التي هي في حق محمد صلى ال‬ ‫عليه وسلم‬

‫) ‪(4/1090‬‬

‫لو قالوا أنها في حق عيسى عليه السلم‪ ،‬وسترى أيضا أن صدقها في حق محمد صلى ال عليه‬ ‫وسلم أليق من صدقها في حق عيسى عليه السلم‪ ،‬فادعاؤنا أحق من ادعائهم‪ً.‬ا‬

‫)المر السادس( مؤلفوا العهد الجديد باعتقاد المسيحيين ذوو إلهام وقد نقلوا الخبارات في حق‬ ‫عيسى عليه السلم فيكون هذا النقل على زعمهم باللهام‪ ،‬فأذكر نبذا منها بطريق النموذج ليقيس‬ ‫المخاطب حال هذه الخبارات بالخبارات التي أنقلها في هذا المسلك في حق محمد صلى ال‬

‫عليه وسلم‪ ،‬وإن سلك أحد من القسيسين مسلك العتساف وتصدى لتأويل الخبارات التي أنقلها‬ ‫في هذا المسلك يجب عليه أن يوجه أولا الخبارات التي نقلها مؤلفوا العهد الجديد في حق‬

‫عيسى عليه السلم‪ ،‬ليظهر للمنصف اللبيب حال الخبارات التي نقلها الجانبان‪ ،‬ويقابلهما باعتبار‬

‫القوة والضعف وإن غمض النظر عن توجيه الخبارات العيسوية التي نقلها المؤلفون المذكورون‪ً.‬ا‬ ‫وأول الخبارات المحمدية التي أنقلها في هذا المسلك يكون محمولا على عجزه وتعصبه‪ ،‬لنك‬

‫قد علمت في المر الثاني والخامس أن المعاند له مجال واسع للتأويل في أمثال هذه الخبارات‪،‬‬

‫وإنما اكتفيت على نبذ مما نقله مؤلفو العهد الجديد‪ ،‬لنه إذا ظهر أن البعض منها غلط يقيناا‪،‬‬ ‫والبعض منها محرف‪ ،‬والبعض منها ل يصدق على عيسى عليه السلم إل بالدعاء البحت‬


‫والتحكم الصرف‪ ،‬ظهر أن حال الخبارات الخر التي نقلها المسيحيون الذين ليسوا ذوي إلهام‬ ‫ووحي‪ ،‬يكون أسوأ‪ ،‬فل حاجة إلى نقلها‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1091‬‬

‫)الخبر الول( ما هو المنقول في الباب الول من إنجيل متى‪ ،‬وقد عرفت في بيان الغلط‬ ‫الخمسين في الفصل الثالث من الباب الول أنه غلط‪ ،‬على أن كون مريم عذراء وقت الحبل غير‬ ‫مسلم عند اليهود والمنكرين‪ ،‬ول يتم عليهم حجة‪ ،‬لنها قبل ولدة عيسى عليه السلم‪ ،‬كانت في‬ ‫نكاح يوسف النجار على تصريح النجيل واليهود المعاصرون لعيسى عليه السلم‪ ،‬ويقولون أنه ولد‬ ‫يوسف النجار كما هو مصرح به في الية ‪ 55‬من الباب ‪ 13‬من إنجيل متى والية ‪ 45‬من الباب‬ ‫‪ 1‬والية ‪ 42‬من الباب السادس من إنجيل يوحنا‪ ،‬وإلى الن يقولون هكذا بل أشنع منه‪ ،‬والعلمة‬ ‫الخرى المختصة بعيسى عليه السلم غير مذكورة في هذا الخبر‪ً.‬ا‬ ‫)والخبر الثاني( ما هو المنقول في الية السادسة من الباب الثاني من إنجيل متى‪ ،‬وهو إشارة إلى‬ ‫الية الثانية من الباب الخامس من كتاب ميخا‪ ،‬ول تطابق عبارة متى عبارة ميخا‪ ،‬وأحدهما محرفة‪،‬‬ ‫وقد عرفت في الشاهد‬

‫) ‪(4/1092‬‬

‫الثالث والعشرين من المقصد الول من الباب الثاني‪ ،‬أن محققيهم اختاروا تحريف عبارة ميخا‪،‬‬ ‫لكن ادعاؤهم هذا لجل محافظة النجيل فقط‪ ،‬وعند المخالف باطل‪ً.‬ا‬ ‫)والخبر الثالث( ما هو المنقول في الية الخامسة عشر‪ ،‬من الباب المذكور من إنجيل متى‪ً.‬ا‬ ‫)والخبر الرابع( ما هو منقول في الية ‪ 17‬و ‪ 18‬من الباب المذكور‪ً.‬ا‬ ‫)والخبر الخامس( ما هو المنقول في الية الثالثة والعشرين من الباب المذكور‪ً.‬ا وهذه الخبار‬ ‫الثلثة غلط كما عرفت في الفصل الثالث من الباب الول‪ً.‬ا‬ ‫)والخبر السادس( الية التاسعة من الباب السابع والعشرين من إنجيل متى‪ ،‬وقد عرفت في الشاهد‬ ‫التاسع والعشرين من المقصد الثاني من الباب الثاني أنه غلط‪ ،‬على أن هذا الحال يوجد في الباب‬


‫الحادي عشر من كتاب زكريا‪ ،‬ول مناسبة له بالقصة التي نقلها متى‪ ،‬لن زكريا عليه السلم بعد ما‬ ‫ذكر اسمي‬

‫) ‪(4/1093‬‬

‫عصوين ورعى قطيع يقول هكذا ترجمة عربية سنة ‪) 12 :1844‬وقلت لهم إن حسن في أعينكم‬ ‫فهاتوا أجري وإل فكفوا فوزنوا أجري ثلثين من الفضة( ‪) 13‬وقال لي الرب ألقها إلى صناع‬ ‫التماثيل ثمنا كريما أثموني به فأخذت الثلثين من الفضة وألقيتها في بيت الرب إلى صناع التماثيل(‬ ‫‪ً.‬ا فظاهر كلم زكريا أنه بيان حال‪ ،‬ل إخبار عن الحادثة التية‪ ،‬وأن يكون آخذ الدراهم من‬

‫الصالحين مثل زكريا عليه السلم ل من الكافرين مثل يهودا‪ً.‬ا‬ ‫)والخبر السابع( ما نقله مقدسهم بولس في الية السادسة من الباب الول من الرسالة العبرانية‪،‬‬ ‫وقد عرفت حاله في الفصل الثالث أنه غلط ل يصدق على عيسى عليه السلم‪ً.‬ا‬ ‫)والخبر الثامن( الية الخامسة والثلثون من الباب الثالث عشر من إنجيل متى هكذا‪) :‬لكي يتم ما‬ ‫قيل بالنبي القائل سأفتح بأمثال فمي وأنطق بمكتوبات منذ تأسيس العالم( وهو إشارة إلى الية‬ ‫الثانية من الزبور الثامن والسبعين‪ ،‬لكنه ادعاء محض وتحكم بحت‪ ،‬لن عبارة هذا الزبور هكذا‪2 :‬‬ ‫)أفتح بالمثال فمي وأنطق بالذي كان قديماا( ‪) 3‬كل ما سمعناه وعرفناه وآباؤنا أخبرونا( ‪) 4‬ولم‬

‫يخفوه عن‬

‫) ‪(4/1094‬‬

‫أولدهم إلى الجيل الخر إذ يخبرون بتسابيح الرب وقواته وعجائبه التي صنع( ‪) 5‬إذ أقام الشهادة‬ ‫في يعقوب‪ ،‬ووضع الناموس في إسرائيل كل الذي أوصى آباؤنا ليعرفوا به أبناءهم( ‪) 6‬لكيما يعلم‬ ‫الجيل الخر بينهم المولدين( ‪) 7‬فيقومون أيض ا ويخبرون به أبناؤهم( ‪) 8‬لكي يجعلوا اتكالهم على‬ ‫ال ول ينسوا أعمال ال ويلتمسوا وصايا( ‪) 9‬لئل يكونوا مثل آبائهم الجيل العرج المتمرد الذي‬ ‫لم يستقم قلبه ول آمنت بال روحه( ‪ً.‬ا وهذه اليات صريحة في أن داود عليه السلم يريد نفسه‪،‬‬ ‫ولذا عبر عن نفسه بصيغة المتكلم‪ ،‬ويروي الحالت التي سمعها من الباء ليبلغ إلى البناء على‬ ‫حسب عهد ال لتبقى الرواية محفوظة‪ ،‬وبين من الية العاشرة إلى الخامسة والستين‪ ،‬حال إنعامات‬


‫ال والمعجزات الموسوية‪ ،‬وشرارة بني إسرائيل وما لحقهم بسببها‪ً.‬ا ثم قال‪) 65 :‬واستيقظ الرب‬ ‫كالنائم مثل الجبار المفيق من الخمر( ‪) 66‬فضرب أعداءه في الوراء وجعلهم عارا إلى الدهر( ‪67‬‬ ‫)وأبعد محله يوسف ولم يختر سبط إفرام( ‪) 68‬بل اختار سبط يهوذا لجيل صهيون الذي أحب(‬

‫‪) 69‬وبنى مثل وحيد القرن قدسه وأسسه في الرض إلى البد( ‪) 70‬واختار داود عبده وأخذه من‬ ‫مراعي الغنم( ‪) 71‬ومن خلف المرضعات‪ ،‬أخذه ليرعى يعقوب عبده وإسرائيل ميراثه( ‪) 72‬فرعاهم‬ ‫بدعة قلبه وبفهم يديه أهداهم( ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1095‬‬

‫وهذه اليات الخيرة أيض ا دالة صراحة في أن هذا الزبور في حق داود عليه السلم فل علقة لهذا‬

‫بعيسى عليه السلم‪ً.‬ا‬

‫)والخبر التاسع( في الباب الرابع من إنجيل متى هكذا‪) 14 :‬لكي يتم ما قيل بأشعيا النبي القائل(‬ ‫‪) 15‬أرض زبولون وأرض نفتاليم طريق البحر عبر الردن جليل المم( ‪) 16‬الشعب الجالس في‬ ‫ظلمة‪ ،‬أبصر نورا عظيم ا والجالسون في كورة الموت وظلله‪ ،‬أشرق عليهم نور( وهو إشارة إلى الية‬ ‫الولى والثانية من الباب التاسع من كتاب أشعيا وعبارته هكذا‪) :‬في الزمان استخفت أرض زبلون‬

‫وأرض نفتالي وفي الخر تثقلت طريق البحر عبر الردن جليل المم( ‪) 2‬الشعب السالك في‬ ‫الظلمة رأى نورا عظيماا‪ ،‬الساكنون في بلد ظلل الموت أشرق عليهم نور( ‪ً.‬ا وفرق ما بين العبارتين‬ ‫فإحداهما محرفة ومع قطع النظر عن هذا‪ ،‬ل دللة لكلم أشعيا على ظهور شخص‪ ،‬بل الظاهر أن‬

‫أشعيا عليه السلم يخبر أن حال سكان أرض زبلون ونفتالي كان سقيما في سالف الزمان ثم صار‬

‫حسنا‬

‫) ‪(4/1096‬‬

‫كما تدل عليه صيغ الماضي‪ ،‬أعني استخفت وتثقلت ورأى وأشرق وإن عدلنا عن الظاهر وحملنا‬ ‫على المجاز بمعنى المستقبل وقلنا أن رؤية النور وإشراقه عليهم‪ ،‬عبارة عن مرور الصلحاء بأرضهم‪،‬‬ ‫فادعاء أن مصداق هذا الخبر عيسى عليه السلم فقط تحكم صرف‪ ،‬لن كثيرا من الولياء‬

‫والصلحاء مر بتلك الرض‪ ،‬سيما أصحاب محمد صلى ال عليه وسلم وأولياء أمته أيض ا الذين‬


‫زالت ظلمة الكفر والتثليث من هذه الديار بسببهم‪ ،‬وظهر نور التوحيد وتصديق المسيح كما ينبغي‪ً.‬ا‬ ‫وأكتفي خوفا من التطويل على هذا القدر ونقلت الخبار الخر أيضا في إزالة الوهام وغيره من‬ ‫مؤلفاتي وبينت وجوه ضعفها‪ً.‬ا‬

‫)المر السابع( أن أهل الكتاب سلف ا وخلف ا عادتهم جارية بأنهم يترجمون غالب ا السماء في‬

‫تراجمهم ويوردون بدلها معانيها‪ ،‬وهذا خبط عظيم ومنشأ للفساد وأنهم يزيدون تارة شيئا بطريق‬

‫التفسير في الكلم الذي هو كلم ال في زعمهم‪ ،‬ول يشيرون إلى المتياز‪ً.‬ا وهذان المران بمنزلة‬

‫المور العادية عندهم‪ ،‬ومن تأمل في تراجمهم المتداولة بألسنة مختلفة وجد شواهد تلك المور‬ ‫كثيرة وأنا أورد أيض ا بطريق النموذج بعض ا منها‪ً.‬ا‬

‫‪ - 1‬في الية الرابعة عشر من الباب السادس عشر من سفر التكوين في الترجمة العربية المطبوعة‬ ‫سنة ‪ 1625‬وسنة ‪ 1831‬وسنة ‪ 1844‬هكذا‪) :‬لذلك دعت اسم تلك البيرني بير الحي الناظر‪،‬‬ ‫فترجموا اسم البئر الذي كان في العبراني بالعربي‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1097‬‬

‫‪ - 2‬وفي الية الرابعة عشر من الباب الثاني والعشرين من سفر التكوين في الترجمة العربية‬ ‫المطبوعة سنة ‪ 1811‬هكذا‪) :‬سمى إبراهيم اسم الموضع مكان يرحم ال زائره( وفي الترجمة‬ ‫العربية المطبوعة سنة ‪) :1844‬دعا اسم ذلك الرب يرى( فترجم المترجم الول السم العبراني‬ ‫بمكان يرحم ال زائره والمترجم الثاني بالرب يرى‪ً.‬ا‬ ‫‪ - 3‬وفي الية العشرين من الباب الحادي والثلثين من سفر التكوين في الترجمة العربية المطبوعة‬ ‫سنة ‪ 1625‬وسنة ‪ 1844‬هكذا‪) :‬فكتم يعقوب أمره عن حميه( وفي ترجمة أردو المطبوعة سنة‬ ‫‪ 1825‬لفظ لبان موضع حميه فوضع مترجمو العربية لفظ الحمى موضع السم‪ً.‬ا‬ ‫‪ - 4‬وفي الية العاشرة من الباب التاسع والربعين من سفر التكوين في الترجمة العربية المطبوعة‬ ‫سنة ‪ 1625‬وسنة ‪) :1844‬فل يزول القضيب من يهودا والمدير من فخذه حتى يجيء الذي له‬ ‫الكل وإياه تنتظر المم( ‪ً.‬ا فقوله )الذي له الكل( ترجمة لفظ شيلوه وهذه الترجمة موافقة الترجمة‬ ‫اليونانية‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1098‬‬


‫وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪) :1811‬فل يزول القضيب من يهودا والرسم من تحت أمره‬ ‫إلى أن يجيء الذي هو له وإليه يجتمع الشعوب( ‪ً.‬ا وهذا المترجم ترجم لفظ شيلوه )بالذي هو له(‬ ‫وهذه الترجمة موافقة للترجمة السريانية وترجم هذا اللفظ محققهم المشهور ليكلرك بعاقبته‪ ،‬وفي‬ ‫ترجمة أردو المطبوعة سنة ‪ 1825‬وقع لفظ شيل‪ ،‬وفي الترجمة اللتينية ولتكيت )الذي سيرسل( ‪ً.‬ا‬ ‫فالمترجمون ترجموا لفظ شيلوه بما ظهر وترجح عندهم وهذا اللفظ كان بمنزلة السم للشخص‬ ‫المبشر به‪ً.‬ا‬ ‫‪ - 5‬وفي الية الرابعة عشر من الباب الثالث من سفر الخروج في الترجمة العربية المطبوعة سنة‬ ‫‪ 1625‬وسنة ‪ 1844‬فقال ال لموسى )أهيه أشراهيه( وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪:1811‬‬ ‫)قال له الزلي الذي ل يزال( ‪ً.‬ا فلفظ أهيه أشراهيه كان بمنزلة اسم الذات فترجمه المترجم الثاني‬ ‫بالزلي الذي ل يزال‪ً.‬ا‬ ‫‪ - 6‬وفي الية الحادية عشر من الباب الثامن من سفر الخروج في الترجمة العربية المطبوعة سنة‬ ‫‪ 1625‬وسنة ‪ 1844‬هكذا‪) :‬تبقى في النهر فقط( ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1099‬‬

‫وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪ 1811‬هكذا‪) :‬تبقى في النيل فقط( ‪ً.‬ا‬ ‫‪ - 7‬وفي الية الخامسة عشر من الباب السابع من سفر الخروج في الترجمة العربية المطبوعة سنة‬ ‫‪ 1625‬وسنة ‪ 1844‬هكذا‪) :‬فابتنى موسى مذبح ا ودعا اسمه الرب عظمتي( ‪ً.‬ا وفي الترجمة‬

‫العربية المطبوعة سنة ‪) :1811‬وبنى مذبحا وسماه ال علمي( ‪ً.‬ا وترجمة أردو موافقة لهذه الخيرة‪،‬‬ ‫فأقول مع قطع النظر عن الختلف أن المترجمين ترجموا السم العبراني‪ً.‬ا‬

‫‪ -8‬وفي الية الثالثة والعشرين من الباب الثلثين من سفر الخروج في الترجمتين المذكورتين‬ ‫هكذا‪) :‬من ميعة فائقة( ‪ً.‬ا وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪) :1811‬من المسك الخالص‪ ،‬وبين‬ ‫الميعة والمسك فرق ما‪ ،‬ففسروا السم العبراني بما ترجح عندهم( ‪ً.‬ا‬ ‫‪ - 9‬وفي الية الخامسة من الباب الرابع والثلثين من سفر الستثناء في الترجمتين المذكورتين‬ ‫هكذا‪) :‬فمات هناك موسى عبد الرب( ‪ً.‬ا‬


‫) ‪(4/1100‬‬

‫وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪ 1811‬هكذا‪) :‬فمات هناك موسى رسول ال( ‪ً.‬ا فهؤلء‬ ‫المترجمون لو بدلوا في البشارات المحمدية‪ ،‬لفظ رسول ال بلفظ آخر فل استبعاد منهم‪ً.‬ا‬ ‫‪ -10‬وفي الية الثالثة عشر من الباب العاشر من كتاب يوشع‪ ،‬في الترجمة المطبوعة سنة ‪1844‬‬ ‫هكذا‪) :‬أليس هذا مكتوب ا في سفر البرار( ‪ً.‬ا وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪) :1811‬أليس هو‬

‫مكتوب ا في سفر المستقيم( ‪ً.‬ا وفي الترجمة الفارسية المطبوعة سنة ‪ 1838‬لفظ )يا صار( موضع‬

‫البرار أو المستقيم‪ً.‬ا وفي الترجمة الفارسية المطبوعة سنة ‪ 1845‬لفظ )ياشر( ‪ً.‬ا وفي ترجمة أردو‬

‫المطبوعة سنة ‪ 1835‬لفظ )يا شا لعل يا صار( أو )يا شر أو يا شا( اسم مصنف الكتاب‪ ،‬فترجم‬ ‫مترجمو العربية‪ ،‬هذا السم على آرائهم بالبرار أو المستقيم‪ً.‬ا‬ ‫‪ -11‬وفي الباب الثامن من كتاب أشعيا‪ ،‬في الترجمة الفارسية المطبوعة سنة ‪ 1839‬هكذا‪1 :‬‬ ‫)وخدا وندمر افرمودكه لوحي بزرك بكيرواز قلم كند كاردر باب مهر شالل جاشنر بنويس( ‪3‬‬ ‫)أورامهر شالل جشنر نام ينه( ‪ً.‬ا وترجمة أردو المطبوعة سنة ‪ 1825‬توافقها‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1101‬‬

‫وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪ 1844‬هكذا‪) 1 :‬وقال لي الرب خذ لك مدرج ا عظيم ا واكتب‬

‫ل( ‪ً.‬ا وفي‬ ‫فيه بكتابة إنسان انتهب مستعجلا أسلب سريعاا( ‪) 3‬ادع اسمه أغنم بسرعة وانهب عاج ا‬ ‫الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪ 1811‬هكذا‪) :‬وقال لي الرب‪ :‬خذ لك مدرجا صحيحا صحيفة‬

‫جديدة كبيرة‪ ،‬واكتب فيها بكتابة إنسان حاد ليضع نهب الغنائم لنه حضر( ‪) 3‬ادع اسمه أغنم‬ ‫بسرعة وانهبوا نجده( ‪ً.‬ا فكان اسم البن مهر شالل جاشنر‪ ،‬فترجم مترجمو العربية هذا السم على‬ ‫آرائهم‪ ،‬وخالفوا فيما بينهم‪ً.‬ا ومع قطع النظر عن المخالفة‪ ،‬زاد مترجم العربية المطبوعة سنة ‪1811‬‬

‫ألفاظا من قبل نفسه‪ ،‬فأمثال هؤلء لو بدلوا في البشارات المحمدية أسماء من أسماء النبي صلى‬ ‫ال عليه وسلم أو زادوا شيئاا‪ ،‬فل استبعاد منهم‪ ،‬لن هذا المر يصدر عنهم بحسب عادتهم‪ً.‬ا‬

‫‪ - 12‬وفي الية الرابعة عشر من الباب الحادي عشر من إنجيل متى‪ ،‬في الترجمة العربية المطبوعة‬ ‫سنة ‪ 1811‬وسنة ‪ 1844‬هكذا‪) :‬فإن أردتم أن تقبلوه فهو إيلياء المزمع أن يأتي( ‪ ،‬وفي الترجمة‬


‫العربية المطبوعة سنة ‪) :1816‬فإن أردتم أن تقبلوه فهذا هو المزمع بالتيان( ‪ً.‬ا فالمترجم الخير‬ ‫بدل لفظ إيلياء بهذا‪ ،‬فأمثال هؤلء لو بدلوا اسما من أسماءالنبي صلى ال عليه وسلم في البشارة‪،‬‬

‫فل عجب‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1102‬‬

‫‪ - 13‬وفي الية الولى من الباب الرابع من إنجيل يوحنا في الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪،1811‬‬ ‫وسنة ‪ ،1831‬وسنة ‪ 1844‬هكذا‪) :‬لما علم يسوع( ‪ً.‬ا وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة‬ ‫‪ ،1816‬وسنة ‪) :1860‬لما علم الرب( ‪ً.‬ا فبدل المترجمان الخيران لفظ يسوع‪ ،‬الذي كان علم‬ ‫عيسى عليه السلم بالرب الذي هو من اللفاظ التعظيمية‪ ،‬فلو بدلوا اسم ا من أسماء النبي صلى‬ ‫ال عليه وسلم باللفاظ التحقيرية لجل عادتهم وعنادهم‪ ،‬فل عجب‪ً.‬ا وهذه الشواهد تدل على‬

‫ترجمة السماء‪ ،‬وإيراد لفظ آخر بدلها‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [1‬في الباب السابع والعشرين من إنجيل متى هكذا‪) :‬ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت‬ ‫ل‪ :‬إيلي إيلي‪ ،‬لما شبقتني‪ ،‬أي إلهي إلهي لماذا تركتني( ‪ً.‬ا وفي الباب الخامس عشر من‬ ‫عظيم قائ ا‬ ‫ل‪ :‬الوى الوى لما‬ ‫إنجيل مرقس هكذا‪) :‬وفي الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائ ا‬

‫شبقتني‪ ،‬الذي تفسيره إلهي إلهي لماذا تركتني( ‪ً.‬ا فلفظ أي إلهي إلهي لماذا تركتني في إنجيل متى‪،‬‬

‫وكذا لفظ الذي تفسيره إلهي إلهي لماذا تركتني في إنجيل مرقس‪ ،‬ليسا من كلم الشخص‬ ‫المصلوب يقيناا‪ ،‬بل ألحقا بكلمه‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1103‬‬

‫]‪ [ 2‬في الية السابعة عشر من الباب الثالث من إنجيل مرقس هكذا‪) :‬لقبهما ببوان رجس أي ابني‬ ‫الرعد( ‪ً.‬ا فلفظ أي ابني الرعد ليس من كلم عيسى عليه السلم بل هو إلحاقي‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [3‬في الية الحادية والربعين من الباب الخامس من إنجيل مرقس هكذا‪) :‬وقال لها طليثا قومي‬ ‫الذي تفسيره يا صبية لك أقول قومي( ‪ً.‬ا فهذا التفسير إلحاقي ليس من كلم عيسى عليه السلم‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [ 4‬في الية الرابعة والثلثين من الباب السابع من إنجيل مرقس في الترجمة المطبوعة سنة‬ ‫‪) : 1816‬ونظر إلى السماء وتأوه وقال افثا يعني انفتح( ‪ ،‬وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة‬


‫‪) : 1811‬ونظر إلى السماء وتنهد وقال افاثا الذي هو انفتح( ‪ً.‬ا وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة‬ ‫‪ 1844‬هكذا‪) :‬ونظر إلى السماء وتنهد وقال له انفتح الذي هو انفتح( ‪ً.‬ا‬ ‫وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪ 1860‬هكذا‪) :‬ورفع نظره نحو السماء وأرن وقال له افثا أي‬

‫انفتح( ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1104‬‬

‫ومن هذه العبارة‪ ،‬وإن لم يعلم صحة اللفظ العبراني أهو افثا أو افاثا‪ ،‬لجل اختلف التراجم التي‬ ‫منشأ اختلفها عدم صحة ألفاظ أصولها‪ ،‬لكنه يعلم يقين ا أن لفظ أي انفتح أو الذي هو انفتح‪،‬‬

‫إلحاقي ليس من كلم عيسى عليه السلم‪ً.‬ا وهذه القوال المسيحية الربعة التي نقلتها من الشاهد‬

‫الول إلى ههنا‪ ،‬تدل على أن المسيح عليه السلم كان يتكلم باللسان العبراني الذي كان لسان‬ ‫قومه‪ ،‬وما كان يتكلم باليوناني وهو قريب القياس أيضاا‪ ،‬لنه كان عبرانيا ابن عبرانية‪ ،‬نشأ في قومه‬ ‫العبرانيين‪ً.‬ا فنقل أقواله في هذه الناجيل في اليوناني نقل بالمعنى‪ ،‬وهذا أمر آخر زائد على كون‬

‫أقواله مروية برواية الحاد‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [ 5‬في الية الثامنة والثلثين من الباب الول‪ ،‬من إنجيل يوحنا هكذا‪) :‬فقال له ربي الذي تفسيره‬ ‫يا معلم( ‪ً.‬ا فقوله الذي تفسيره يا معلم إلحاقي‪ ،‬ليس من كلمهما‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [6‬في الية الحادية والربعين من الباب المذكور في الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪ 1811‬وسنة‬ ‫‪) :1844‬قد وجدنا مسيا الذي تأويله المسيح( ‪ً.‬ا وفي الترجمة الفارسية المطبوعة سنة ‪:1816‬‬ ‫)ما مسيح راكه ترجمة آن كرسطوس ميبا شديا فتيم( ‪ً.‬ا وترجمة أردو المطبوعة سنة ‪ 1814‬توافق‬ ‫الفارسية‪ ،‬فيعلم من الترجمتين العربيتين أن اللفظ الذي قاله أندراوس هو مسيا‬

‫) ‪(4/1105‬‬

‫وأن المسيح ترجمته‪ ،‬ومن الترجمة الفارسية وأردو أن اللفظ الصل هو المسيح وكرسطوس ترجمته‪،‬‬ ‫ويعلم من ترجمة أردو المطبوعة سنة ‪ 1839‬أن اللفظ الصل خرسته وأن المسيح ترجمته‪ ،‬فل‬ ‫يعلم من كلمهم أن اللفظ الصل أي لفظ كان أمسيا أو المسيح أو خرسته‪ ،‬وهذه اللفاظ وإن‬ ‫كان معناها واحدا لكن ل شك أن الذي قاله أندراوس هو واحد من هذه الثلثة يقيناا‪ ،‬وإذا ذكر‬


‫اللفظ والتفسير فل بد من ذكر اللفظ الصل أولا ثم من ذكر تفسيره‪ً.‬ا لكني أقطع النظر عن هذا‬

‫وأقول أن التفسير المشكوك أيا ما كان إلحاقيا ليس من كلم أندراوس‪ً.‬ا‬

‫]‪ [7‬في الية الثانية والربعين من الباب الول من إنجيل يوحنا‪ ،‬قول عيسى عليه السلم في حق‬ ‫بطرس الحواري في الترجمة العربية سنة ‪ 1811‬هكذا‪) :‬أنت تدعى ببطرس الذي تأويله الصخرة( ‪ً.‬ا‬ ‫وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪) :1816‬ستسمى أنت بالصفا المفسر ببطرس( ‪ً.‬ا وفي الترجمة‬ ‫الفارسية المطبوعة سنة ‪) :1816‬ترابكيفاس كه ترجمة آن سنك است ندا خواهند كرد( أمطر ال‬ ‫حجارة على تحقيقهم وتصحيحهم ل يتميز من كلمهم المفسر عن المفسر‪ ،‬لكني أقطع النظر عن‬ ‫هذا وأقول أن التفسير ليس من كلم المسيح عليه السلم بل هو إلحاقي‪ ،‬وإذا كان حال تراجمهم‬ ‫وحال تحقيقهم في لقب إلههم ولقب خليفته كما علمت فكيف نرجو منهم صحة بقاء لفظ محمد‬ ‫أو أحمد أو لقب من ألقابه صلى ال عليه وسلم‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1106‬‬

‫]‪ [ 8‬في الية الثانية من الباب الخامس من إنجيل يوحنا في حق البركة في الترجمة العربية‬ ‫المطبوعة سنة ‪) :1844‬تسمى بالعبرانية بيت صيدا( ‪ً.‬ا وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪:1860‬‬ ‫)يقال لها بالعبرانية بيت حسدا( ‪ً.‬ا وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪) :1811‬تسمى بالعبرانية‬ ‫بيت حصدا أي بيت الرحمة( ‪ً.‬ا فالختلف بين صيدا وحسدا وحصدا وإن كان ثمرة من ثمرات‬ ‫تصحيحهم الكتب السماوية‪ ،‬لكني أقطع النظر عنه وأقول المترجم الخير زاد التفسير من جانب‬ ‫نفسه في الكلم الذي هو كلم ال في زعمه‪ ،‬فلو زادوا شيئا بطريق التفسير من جانب أنفسهم في‬

‫البشارات المحمدية فل بعد منهم‪ً.‬ا‬

‫]‪ [9‬في الية السادسة والثلثين من الباب التاسع من كتاب العمال هكذا‪) :‬وكان في يافا تلميذة‬ ‫اسمها طابيثا الذي ترجمته غزالة( ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1107‬‬

‫]‪ [10‬في الية الثامنة من الباب الثالث عشر من كتاب العمال‪ ،‬في الترجمة العربية المطبوعة سنة‬ ‫‪) :1844‬فناصبهما اليماس الساحر لن هكذا يترجم اسمه( ‪ً.‬ا وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة‬


‫‪) :1860‬فقاومهما عليم الساحر لن هكذا يترجم( ‪ً.‬ا وفي بعض تراجم أردو لفظ الماس‪ ،‬وفي‬ ‫بعضها الماء‪ ،‬فمع قطع النظر عن الختلف في أن اسمه اليماس أو عليم أو الماس أو الماء‪،‬‬ ‫أقول أن ترجمة اسمه إلحاقية‪ً.‬ا‬ ‫]‪ [11‬في آخر رسالة بولس الولى إلى أهل قورنثيوس‪ ،‬في الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪:1816‬‬ ‫)أل ومن ل يحب المسيح فليكن ملعونا مارن أتى( ‪ً.‬ا وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪1844‬‬

‫هكذا‪) :‬ومن ل يحب ربنا يسوع المسيح فليكن محروما ماران أتى( ‪ً.‬ا وفي الترجمة العربية‬

‫المطبوعة سنة ‪) :1860‬إن كان أحد ل يحب الرب يسوع المسيح فليكن أنا ثيما ماران أثا( ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1108‬‬

‫وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪) :1811‬من ل يحب الرب يسوع المسيح فليكن مفروزا مارن‬

‫أتى أي الرب قد جاء( ‪ً.‬ا فمع قطع النظر عن صحة اللفظ الصل‪ ،‬أقول أن المترجم الخير قد زاد‬

‫من جانب نفسه التفسير وقال أي الرب قد جاء‪ً.‬ا‬ ‫وهذه شواهد التفسير فثبت مما ذكرنا أن ترجمة السماء أو تبديلها بألفاظ أخر‪ ،‬وكذا إلحاق‬ ‫التفسيرات من جانب أنفسهم‪ ،‬من عاداتهم الجبلية سلفا وخلفاا‪ ،‬فل بعد في أن ترجموا اسما من‬

‫أسماء النبي صلى ال عليه وسلم أو بدلوه بلفظ آخر‪ ،‬أو زادوا بطريق التفسير أو غير التفسير شيئا‬ ‫بحيث يخل الستدلل بحسب الظاهر‪ ،‬ول شك أن اهتمامهم في هذا المر كان زائدا على‬ ‫الهتمام الذي كان لهم في مقابلة فرقهم‪ ،‬وما قصروا في التحريف في مقابلتهم على ما عرفت في‬

‫الباب الثاني من قول هورن‪) :‬أن هذا المر أيضا محقق أن بعض التحريفات القصدية صدرت عن‬

‫الذين كانوا من أهل الديانة والدين‪ ،‬وكانت هذه التحريفات ترجح بعدهم لتؤيد بها مسألة مقبولة أو‬

‫يدفع بها العتراض الوارد‪ ،‬مثلا ترك قصدا الية الثالثة والربعين من الباب الثاني والعشرين من‬

‫إنجيل لوقا لن بعض أهل الديانة ظنوا أن تقوية الملك للرب مناف للوهيته‪ ،‬وتركت قصدا في‬

‫الباب الول من إنجيل متى‪ ،‬هذه اللفاظ قبل أن يجتمعا في الية الثامنة عشر‪ ،‬وهذه اللفاظ ابنها‬

‫البكر في الية‬

‫) ‪(4/1109‬‬


‫الخامسة والعشرين‪ ،‬لئل يقع الشك في البكارة الدائمة لمريم عليها السلم‪ ،‬وبدل لفظ اثنتي عشرة‬ ‫بأحد عشر في الية الخامسة من الباب الخامس عشر من الرسالة الولى إلى أهل قورنيثوس‪ ،‬لئل‬ ‫يقع إلزام الكذب على بولس‪ ،‬لن يهوذا السخريوطي كان قد مات قبل وترك بعض اللفاظ في‬ ‫الية الثانية والثلثين من الباب الثالث عشر من إنجيل مرقس‪ ،‬ورد هذه اللفاظ بعض المرشدين‬ ‫أيض ا لنهم تخيلوا أنها مؤيدة لفرقة أيرين وزيد بعض اللفاظ في الية الخامسة والثلثين من الباب‬ ‫الول من إنجيل لوقا في الترجمة السريانية والفارسية والعربية واتهيوبك وغيرها من التراجم‪ ،‬وفي‬

‫كثير من نقول المرشدين في مقابلة فرقة يؤتى كينس لنها كانت تنكر‬ ‫أن عيسى فيه صفتان( انتهى كلمه‪ً.‬ا‬ ‫فإذا كانت خصلة أهل الدين والديانة ما عرفت‪ ،‬فما ظنك بغير أهل الديانة بل الحق أن التحريف‬ ‫القصدي بالتبديل والزيادة والنقصان من خصالهم كلهم أجمعين‪ ،‬فبعض الخبارات التي نقلها‬ ‫العلماء السلف من أهل السلم مثل المام‬

‫) ‪(4/1110‬‬

‫القرطبي وغيره‪ ،‬ول تجدها موافقة في بعض اللفاظ للتراجم المشهورة الن‪ ،‬فسببه غالبا هذا‬

‫التغير‪ ،‬لن هؤلء العلماء من أهل السلم نقلوا عن الترجمة العربية التي كانت رائجة في عهدهم‪،‬‬ ‫وبعد زمانهم وقع الصلح في تلك الترجمة‪ ،‬ويحتمل أن يكون ذاك السبب‪ ،‬اختلف التراجم‪،‬‬

‫لكن الول هو المعتمد لنا نرى أن هذه العادة جارية إلى الن في تراجمهم ورسائلهم أل ترى إلى‬ ‫ميزان الحق أن نسخه ثلث‪ ،‬الولى النسخة القديمة ورد عليها صاحب الستفسار‪ ،‬ولما رد عليها‬ ‫وتنبه مصنفها أصلح النسخة القديمة‪ ،‬فزاد في بعض المواضع ونقص في البعض وبدل في البعض‪،‬‬ ‫ثم طبع هذه النسخة المصلحة وكتب جواب الستفسار وسماه بحل الشكال‪ ،‬ثم كتبت الرد على‬ ‫تلك النسخة الثانية لميزان الحق‪ ،‬ونبهت في كل موضع خالفت فيه هذه النسخة الجديدة للنسخة‬ ‫القديمة‪ ،‬وسميته بمعدل اعوجاج الميزان‪ً.‬ا‬ ‫لكن كتابي هذا لم يطبع في الهند لجل بعض الحوادث‪ ،‬وكتب بعض أحبابي الرد على حل‬ ‫الشكال في جواب الستفسار وسماه بالستبشار‪ ،‬وطبع هذا الرد واشتهر في الهند وفي زمان‬ ‫طبعه واشتهاره كان مؤلف الميزان في الهند‪ ،‬ومضت مدةعشر سنين على طبعه وما كتب المؤلف‬ ‫المذكور في جوابه شيئاا‪،‬‬


‫) ‪(4/1111‬‬

‫وسمعت من بعض الثقات أنه أصلح في المرة الثالثة الميزان الذي طبعه بالتركي وغير في المواضع‬ ‫التي رأى فيها التغير واجباا‪ ،‬مثل التغير في ابتداء الفصل الثاني من الباب الول وغيره‪ ،‬ومن رأى‬

‫الستفسار ولم تصل إليه النسخة القديمة للميزان ‪ ً,‬بل وصلت إليه النسخة الثانية أو الثالثة‪ ،‬وأراد‬

‫أن يصحح نقل صاحب الستفسار كلم مؤلف الميزان بهاتين النسختين‪ ،‬وجده غير مطابق لهما‬ ‫في بعض المواضع‪ ،‬وكذا من رأى معدل اعوجاج الميزان‪ ،‬ولم تصل إليه النسخة الولى ول الثانية‬ ‫بل وصلت إليه النسخة الثالثة التركية‪ ،‬وأراد تصحيح النقل بهذه التركية‪ ،‬وجد في بعض المواضع‬ ‫النقل مطابق لها‪ ،‬فإن لم يكن واقفا على هذا التغير والصلح‪ ،‬يظن أن الراد والناقل أخطأ في‬

‫النقل‪ ،‬وليس كذلك بل حصل هذا المر من تغير المردود عليه وتحريفه والراد ]و[ الناقل مصيب‪،‬‬

‫فالحاصل أن أمثال هذا الصلح والتحريفات جارية في كتبهم وتراجمهم ورسائلهم إلى هذا الحين‪ً.‬ا‬ ‫)المر الثامن( أن بولس وإن كان عند أهل التثليث في رتبة الحواريين‪ ،‬لكنه غير مقبول عندنا ول‬ ‫نعده من المؤمنين الصادقين‪ ،‬بل من المنافقين الكذابين ومعلمي الزور والرسل الخداعين‪ ،‬الذين‬ ‫ظهروا بالكثرة بعد عروج المسيح‪ ،‬كما عرفت في المر الرابع‪ ،‬وهو خرق الدين المسيحي‪ ،‬وأباح‬ ‫كل محرم لمعتقديه‪ ،‬وكان في ابتداء المر مؤذي ا للطبقة الولى من المسيحيين‪ ،‬جهراا‪ ،‬لكنه لما‬

‫رأى أن هذا اليذاء الجهري ل ينفع نفعا معتدا به‪ ،‬دخل على سبيل النفاق في هذه الملة وادعى‬

‫رسالة المسيح‪ ،‬وأظهر الزهد الظاهري‪ً.‬ا ففعل في هذا الحجاب ما فعل‪ ،‬وقبله أهل التثليث لجل‬

‫زهده الظاهري‪ ،‬ولجل فراغ ذمتهم عن جميع التكاليف الشرعية‪ً.‬ا كما قبل أناس كثيرون من‬ ‫المسيحيين في‬

‫) ‪(4/1112‬‬

‫القرن الثاني منتش الذي كان زاهدا مرتاضا وادعى أنه هو الفارقليط الموعود به‪ ،‬فقبلوه لجل زهده‬

‫ورياضته كما سيجيء ذكره في البشارة الثامنة عشر‪ ،‬ورده المحققون من علماء السلم سلف ا‬ ‫وخلف ا‪ً.‬ا‬

‫قال المام القرطبي رحمه ال في كتابه في حق بولس هذا‪ ،‬مجيبا لبعض القسيسين في بحث مسألة‬


‫الصوم هكذا‪) :‬قلنا ذلك( أي بولس )هو الذي أفسد عليكم أديانكم وأعمى بصائركم وأذهانكم‪،‬‬ ‫ذلك هو الذي غير دين المسيح الصحيح‪ ،‬الذي لم تسمعوا له بخبر ول وقفتم منه على أثر‪ ،‬هو‬ ‫الذي صرفكم عن القبلة وحلل لكم كل محرم كان في الملة‪ ،‬ولذلك كثرت أحكامه عندكم‬ ‫وتداولتموها بينكم( انتهى كلمه بلفظه‪ً.‬ا وقال صاحب تخجيل من حرف النجيل في الباب التاسع‬ ‫من كتابه‪ ،‬في بيان فضائح النصارى في حق بولس هذا هكذا‪) :‬وقد سلبهم بولس هذا من الدين‬ ‫بلطيف خداعه إذ رأى عقولهم قابلة لكل ما يلقى إليها وقد طمس هذا الخبيث رسوم التوراة( انتهى‬ ‫كلمه بلفظه‪ً.‬ا‬ ‫]وفي المجلد الثاني من فتوح الشام قول مقوقس سلطان مصر في خطاب أركان دولته هكذا‪" :‬وقد‬ ‫أضرلكم بولس وأغواكم حين غرر بكم وبردل شرعكم‬

‫) ‪(4/1113‬‬

‫وسرماكم باسم ل يليق بكم‪ ،‬وكيف وقد عاد بكم من الطريق الواضح وأحرل لكم جميع ما دحررم‬ ‫عليكم من قبل‪ ،‬وهذا هو عين المحال وداعية العمى أن تتعردوا ما قال نبيكم‪ ،‬وكيف ينبغي لروح‬ ‫ال عيسى بن مريم أن يكلمكم بما لم يرسله ال إليكم‪ً.‬ا ثم إرن بولس قال لكم إرنه أحرل لكم‬

‫الخنزير وشيرب الخمر وارتكاب المعاصي ما ظهر منها وما بطن‪ ،‬فأطعتم أمره وصردقتم قوله‪ ،‬وحاشا‬ ‫المسيح أن يفعل ذلك"‪ً.‬ا انتهى كلمه‪ً.‬ا‬

‫وقال يوقرنا صاحب حلب ‪-‬وقد كان أسلم‪ -‬في خطاب بنته ناصح ا لها هكذا‪" :‬وإرنما غررر‬ ‫بالنصارى وحريدهم عن طريق الحق رجل يقال له بولس‪ ،‬كان من اليهود‪ ،‬أضرلهم عن الطريق‬ ‫المستقيم وشرع لهم الضلل‬

‫) ‪(4/1114‬‬

‫القديم" انتهى كلمه[ ‪ً.‬ا‬ ‫وهكذا أقوال علمائنا الخرين فكلمه عندنا مردود ورسائله المتضمنة بالعهد العتيق كلها واجبة الرد‬ ‫ول نشتري قوله بحبة خردل فل أنقل عن أقواله في هذا المسلك شيئا ول يكون قوله حجة علينا‪،‬‬ ‫وإذ عرفت هذه المور الثمانية أقول أن الخبارات الواقعة في حق محمد صلى ال عليه وسلم‬


‫توجد كثيرة إلى الن أيضا مع وقوع التحريفات في هذه الكتب‪ ،‬ومن عرف أولا طريق أخبار النبي‬ ‫المتقدم عن النبي المتأخر على ما عرفت في المر الثاني‪ ،‬ثم نظر ثانيا بنظر النصاف إلى هذه‬

‫الخبارات‪ ،‬وقابلها بالخبارات التي نقلها النجيليون في حق عيسى عليه السلم‪ ،‬وقد عرفت نبذا‬ ‫منها في المر السادس‪ ،‬جزم بأن الخبارات المحمدية في غاية القوة‪ً.‬ا وأنقل في هذا المسلك عن‬

‫الكتب المعتبرة عند علماء بروتستنت ثماني عشرة بشارة‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1115‬‬

‫البشارات‪:‬‬ ‫)البشارة الولى( في الباب الثامن عشر من سفر الستثناء هكذا‪) 17 :‬فقال الرب لي نعم جميع ما‬ ‫قالوا( ‪) 18‬وسوف أقيم لهم نبيا مثلك من بين إخوتهم وأجعل كلمي في فمه ويكلمهم بكل شيء‬

‫آمره به( ‪) 19‬ومن لم يطع كلمه الذي يتكلم به باسمي فأنا أكون المنتقم من ذلك( ‪) 20‬فأما‬ ‫النبي الذي يجترئ بالكبرياء ويتكلم في اسمي ما لم آمره بأنه يقوله أم باسم إلهه غيري فليقتل(‬ ‫‪) 21‬فإن أحببت وقلت في قلبك كيف أستطيع أن أميز الكلم الذي لم يتكلم به الرب( ‪22‬‬

‫)فهذه تكون لك آية أن ما قاله ذلك النبي في اسم الرب ولم يحدث فالرب لم يكن تكلم به‪ ،‬بل‬ ‫ذلك النبي صورة في تعظيم نفسه ولذلك ل تخشاه( ‪ً.‬ا‬ ‫وهذه البشارة ليست بشارة يوشع عليه السلم كما يزعم الن أحبار اليهود‪ ،‬ول بشارة عيسى عليه‬ ‫السلم كما زعم علماء بروتستنت‪ ،‬بل هي بشارة محمد صلى ال عليه وسلم لعشرة أوجه‪:‬‬ ‫)الوجه الول( قد عرفت في المر الثالث أن اليهود المعاصرين لعيسى عليه السلم كانوا ينتظرون‬ ‫نبيا آخر مبشرا به في هذا الباب‪ ،‬وكان هذا المبشر به عندهم غير المسيح‪ ،‬فل يكون هذا المبشر‬ ‫به يوشع‪ ،‬ول عيسى عليهما السلم‪ً.‬ا‬

‫)والوجه الثاني( أنه وقع في هذه البشارة لفظ مثلك ويوشع وعيسى عليهما السلم ل يصح أن‬ ‫يكونا مثل موسى عليه السلم‪،‬‬

‫) ‪(4/1116‬‬


‫أما أوال‪ :‬فلنهما من بني إسرائيل‪ ،‬ول يجوز أن يقوم أحد من بني إسرائيل مثل موسى كما تدل عليه‬ ‫الية العاشرة من الباب الرابع والثلثين من سفر الستثناء وهي هكذا‪) 5 :‬ولم يقم بعد ذلك من‬

‫بني إسرائيل مثل موسى يوفه الرب وجه ا لوجه( فإن قام أحد مثل موسى بعده من بني إسرائيل‪ ،‬يلزم‬

‫تكذيب هذا القول‪ً.‬ا وأما ثانياا‪ :‬فلنه ل مماثلة بين يوشع وبين موسى عليهما السلم لن موسى عليه‬ ‫السلم صاحب كتاب وشريعة جديدة مشتملة على أوامر ونواهي‪ ،‬ويوشع ليس كذلك‪ ،‬بل هو متبع‬ ‫لشريعته‪ ،‬وكذا ل توجد المماثلة التامة بين موسى وعيسى عليهما السلم‪ ،‬لن عيسى عليه السلم‬ ‫كان إله ا ورب ا على زعم النصارى وموسى عليه السلم كان عبدا له‪ ،‬وأن عيسى عليه السلم على‬

‫زعمهم‪ ،‬صار ملعون ا لشفاعة الخلق كما صرح به بولس في الباب الثالث من رسالته إلى أهل‬

‫غلطية‪ ،‬وموسى عليه السلم ما صار ملعونا لشفاعتهم‪ ،‬وأن عيسى عليه السلم دخل الجحيم بعد‬ ‫موته كما هو مصرح به في عقائد أهل التثليث‪ ،‬وموسى عليه السلم ما دخل الجحيم‪ ،‬وأن عيسى‬

‫عليه السلم صلب على زعم النصارى ليكون كفارة لمته‪ ،‬وموسى عليه السلم ما صار كفارة لمته‬ ‫بالصلب‪،‬‬

‫) ‪(4/1117‬‬

‫وأن شريعة موسى مشتملة على الحدود والتعزيزات وأحكام الغسل والطهارات والمحرمات من‬ ‫المأكولت والمشروبات‪ ،‬بخلف شريعة عيسى عليه السلم‪ ،‬فإنها فارغة عنها على ما يشهد به‬ ‫هذا النجيل المتداول بينهم‪ ،‬وأن موسى عليه السلم كان رئيس ا مطاع ا في قومه نفاذا لوامره‬

‫ونواهيه‪ ،‬وعيسى عليه السلم لم يكن كذلك‪ً.‬ا‬

‫)الوجه الثالث( أنه وقع في هذه البشارة لفظ من بين إخوتهم‪ ،‬ول شك أن السباط الثني عشر‬ ‫كانوا موجودين في ذاك الوقت مع موسى عليه السلم حاضرين عنده‪ ،‬فلو كان المقصود كون النبي‬ ‫المبشر به منهم‪ ،‬قال منهم ل من بين إخوتهم‪ً.‬ا لن الستعمال الحقيقي لهذا اللفظ أن ل يكون‬ ‫المبشر به له علقة الصلبية والبطنية ببني إسرائيل كما جاء لفظ الخوة بهذا الستعمال الحقيقي‬ ‫في وعد ال هاجر في حق إسماعيل عليه السلم في الية الثانية عشر من الباب السادس‬

‫) ‪(4/1118‬‬


‫عشر من سفر التكوين‪ ،‬وعبارتها في الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪ 1844‬هكذا‪) :‬وقبالة جميع‬ ‫إخوته ينصب المضارب( وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪ 1811‬هكذا‪) :‬بحضرة جميع أخوته‬ ‫يسكن( ‪ً.‬ا وجاء بهذا الستعمال أيضاا‪ ،‬في الية الثامنة عشر من الباب الخامس والعشرين من سفر‬

‫التكوين في حق إسماعيل في الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪ 1844‬هكذا‪) :‬منتهى إخوته جميعهم‬

‫سكن( ‪ً.‬ا وفي الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪ 1811‬هكذا‪) :‬أقام بحضرة جميع أخوته( ‪ً.‬ا والمراد‬ ‫بالخوة ههنا بنو عيسو وإسحاق وغيرهم من أبناء إبراهيم عليه السلم‪ً.‬ا وفي الية الرابعة عشرة من‬ ‫الباب العشرين من سفر العدد هكذا‪) :‬ثم‬

‫) ‪(4/1119‬‬

‫أرسل موسى رسلا من قادس إلى ملك الروم قائلا هكذا‪) :‬يقول أخوك إسرائيل أنك قد علمت كل‬ ‫البلء الذي أصابنا( وفي الباب الثاني من سفر الستثناء هكذا‪) 2 :‬وقال لي الرب ‪ 4‬ثم أوص‬

‫الشعب أنكم ستجوزون في تخوم أخوتكم بني عيسو الذين في ساعير وسيخشونكم ‪ 8‬فلما جزنا‬ ‫أخوتنا بني عيسو الذين يسكنون ساعير الخ( ‪ً.‬ا‬ ‫والمراد بأخوة بني إسرائيل بنو عيسو‪ ،‬ول شك أن استعمال لفظ أخوة بني إسرائيل في بعض منهم‬ ‫كما جاء في بعض المواضع من التوراة‪ ،‬استعمال مجازي ول تترك الحقيقة ول يصار إلى المجاز ما‬ ‫لم يمنع عن الحمل على المعنى الحقيقي مانع قوي‪ ،‬ويوشع وعيسى عليهما السلم كانا من بني‬ ‫إسرائيل‪ ،‬فل تصدق هذه البشارة عليهما‪ً.‬ا‬ ‫)الوجه الرابع( أنه وقع في هذه البشارة لفظ سوف أقيم‪ ،‬ويوشع عليه السلم كان حاضرا عند‬

‫موسى عليه السلم‪ ،‬داخلا في بني إسرائيل‪ ،‬نبيا في هذا الوقت‪ ،‬فكيف يصدق عليه هذا اللفظ‪ً.‬ا‬

‫)الوجه الخامس( أنه وقع في هذه البشارة لفظ أجعل كلمي في فمه‪ ،‬وهو إشارة إلى أن ذلك النبي‬

‫ينزل عليه الكتاب‪ ،‬وإلى أنه يكون أمي ا حافظ ا‬

‫) ‪(4/1120‬‬

‫للكلم‪ ،‬وهذا ل يصدق على يوشع عليه السلم لنتفاء كل المرين فيه‪ً.‬ا‬ ‫)الوجه السادس( أنه وقع في هذه البشارة‪ ،‬ومن لم يطع كلمه الذي يتكلم به‪ ،‬فأنا أكون المنتقم‬


‫من ذلك‪ً.‬ا فهذا المر لما ذكر لتعظيم هذا النبي المبشر به فل بد أن يمتاز ذلك المبشر به بهذا‬ ‫المر عن غيره من النبياء‪ ،‬فل يجوز أن يراد بالنتقام من المنكر العذاب الخروي‪ ،‬الكائن في‬ ‫جهنم‪ ،‬أو المحن والعقوبات الدنيوية التي تلحق المنكرين من الغيب‪ ،‬لن هذا النتقام ل يختص‬ ‫بإنكار نبي دون نبي‪ ،‬بل يعم الجميع فحينئذ يراد بالنتقام‪ ،‬النتقام التشريعي‪ ،‬فظهر منه أن هذا‬ ‫النبي يكون مأمورا من جانب ال بالنتقام من منكره‪ً.‬ا فل يصدق على عيسى عليه السلم لن‬ ‫شريعته خالية عن أحكام الحدود‪ ،‬والقصاص‪ ،‬والتعزيز‪ ،‬والجهاد‪ً.‬ا‬

‫)الوجه السابع( في الباب الثالث من كتاب العمال في الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪1844‬‬ ‫هكذا‪) :‬فتوبوا وارجعوا كي تمحى خطاياكم ‪ 20‬حتى إذا تأتي أزمنة الراحة من قدام وجه الرب‪،‬‬ ‫ويرسل المنادي به لكم وهو يسوع المسيح ‪ 21‬الذي إياه ينبغي للسماء أن تقبله إلى الزمان الذي‬ ‫يسترد فيه كل شيء تكلم به ال على أفواه أنبيائه القديسين منذ الدهر ‪ 22‬أن موسى قال إن الرب‬ ‫إلهكم يقيم لكم نبي ا من أخوتكم مثلي له تسمعون في كل ما يكلمكم به ‪ 23‬ويكون كل نفس ل‬ ‫تسمع ذلك النبي تهلك من الشعب( ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1121‬‬

‫وفي الترجمة الفارسية المطبوعة سنة ‪ ،1816‬وسنة ‪ ،1828‬وسنة ‪ ،1841‬وسنة ‪ ،1842‬هكذا‪:‬‬ ‫‪) 19‬تونيه نما يدوباز كشت كند تاكه كناهان شمامحو شودتا كه زمان تازه كيراز حضور خداوند‬ ‫بيابيد( ‪) 20‬ويسوع مسيح راكه ندا بشمامي شودباز فرستد( ‪) 21‬زيراكه بايد كه آسمان أورنكا‬ ‫هدارد تاوقت ثبوت انجه خداوندبزبان بيغمبران مقدس خودازايام قديم فرموده است( ‪ً.‬ا ‪) 22‬كه‬ ‫موسى بيدران ما كفت كه خداى شماخداوند بيغمبري رامثل من ازبراى شما ازميان برادران شما‬ ‫مبعوث خواهد ثمود وهرجه أوبشما كويد شمار است كه أطاعت نماييد( ‪) 23‬واينجنين خواهد‬ ‫بودكه هركس كه سخن آن بيغمبر رانشنودازقوم بريده خواهدشد( ‪ً.‬ا فهذه العبارة سيما بحسب‬ ‫التراجم الفارسية تدل صراحة على أن هذا النبي غير المسيح عليه السلم‪ ،‬وأن المسيح ل بد أن‬ ‫تقبله السماء إلى زمان ظهور هذا النبي‪ً.‬ا‬ ‫ومن ترك التعصب الباطل من المسيحيين‪ ،‬وتأمل في عبارة بطرس ظهر له هذا القول من بطرس‬ ‫يكفي لبطال ادعاء علماء بروتستنت أن هذه البشارة في حق عيسى عليه السلم‪ ،‬وهذه الوجوه‬ ‫السبعة التي ذكرتها تصدق في حق محمد صلى ال عليه وسلم على أكمل صدق لنه غير المسيح‬


‫عليه السلم ويماثل موسى عليه السلم في أمور كثيرة‪:‬‬ ‫]‪ [1‬كونه عبد ال‪ ،‬ورسوله‪ً.‬ا ]‪ [2‬كونه ذا الوالدين‪ً.‬ا ]‪ [3‬كونه ]ص ‪ [244‬ذا نكاح وأولد‪ً.‬ا ]‪[4‬‬ ‫كون شريعته مشتملة على السياسات المدنية‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1122‬‬

‫]‪ [5‬كونه مأمورا بالجهاد‪ً.‬ا ]‪ [6‬اشتراط الطهارة وقت العبادة في شريعته‪ً.‬ا ]‪ [7‬وجوب الغسل‬

‫للجنب والحائض والنفساء في شريعته‪ً.‬ا ]‪ [8‬اشتراط طهارة الثوب من البول‪ ،‬والبراز‪ً.‬ا ]‪ [9‬حرمة‬

‫غير المذبوح‪ ،‬وقرابين الوثان‪ً.‬ا ]‪ [10‬كون شريعته مشتملة على العبادات البدنية‪ ،‬والرياضات‬ ‫الجسمانية‪ً.‬ا ]‪ [11‬أمره بحد الزنا‪ً.‬ا ]‪ [12‬تعيين الحدود‪ ،‬والتعزيرات‪ ،‬والقصاص‪ً.‬ا ]‪ [13‬كونه‬ ‫قادرا على إجرائها‪ً.‬ا ]‪ [14‬تحريم الربا‪ً.‬ا ]‪ [15‬أمره بإنكار من يدعو إلى غير ال‪ً.‬ا ]‪ [16‬أمره‬

‫بالتوحيد الخاص‪ً.‬ا ]‪ [17‬أمره المة بأن يقولوا له عبد ال ورسوله‪ ،‬ل ابن ال أو ال والعياذ بال‪ً.‬ا ]‬

‫‪ [18‬موته على الفراش‪ً.‬ا ]‪ [19‬كونه مدفون ا كموسى‪ً.‬ا ]‪ [20‬عدم كونه ملعون ا لجل أمته‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1123‬‬

‫وهكذا أمور أخر تظهر إذا تؤمل في شريعتهما‪ ،‬ولذلك قال ال تعالى في كلمه المجيد‪} :‬إنا أرسلنا‬ ‫ل{ً ‪ً.‬ا‬ ‫إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسو ا‬

‫وكان من أخوة بني إسرائيل لنه من بني إسماعيل‪ ،‬وأنزل عليه الكتاب وكان أمي ا جعل كلم ال في‬

‫فمه‪ ،‬وكان ينطق بالوحي كما قال ال تعالى‪} :‬وما ينطق عن الهوى إن هو إل وحي يوحى{ً وكان‬

‫مأمورا بالجهاد‪ ،‬وقد انتقم ال لجله من صناديد قريش والكاسرة والقياصرة وغيرهم‪ ،‬وظهر قبل‬

‫نزول المسيح من السماء وكان للسماء أن تقبل المسيح عليه السلم إلى ظهوره ليرد كل شيء إلى‬ ‫أصله‪ ،‬ويمحق الشرك والتثليث وعبادة الوثان ول يرتاب أحد من كثرة أهل التثليث في هذا الزمان‬

‫الخير‪ ،‬لن هذا الصادق المصدوق قد أخبرنا على أتم تفصيل وأكمل وجه‪ ،‬بحيث ل يبقى ريب‬ ‫ما بكثرتهم وقت قرب ظهور المهدي رضي ال عنه‪ ،‬وهذا الوقت قريب إن شاء ال‪ ،‬وسيظهر‬ ‫المام ويظهر الحق عن قريب‪ ،‬ويكون الدين كله ل‪ ،‬جعلنا ال من أنصاره وخدامه آمين‪ً.‬ا‬ ‫)الوجه الثامن( أنه صرح في هذه البشارة بأن النبي الذي ينسب إلى ال ما لم يأمره يقتل‪ ،‬فلو لم‬


‫يكن محمد صلى ال عليه وسلم نبيا حقا لكان يقتل‪ ،‬وقد قال ال في القرآن المجيد أيضاا‪} :‬ولو‬ ‫تقول علينا بعض القاويل لخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين{ً وما قتل بل قال ال في حقه‪:‬‬

‫}وال يعصمك من‬

‫) ‪(4/1124‬‬

‫الناس{ً وأوفى وعده ولم يقدر على قتله أحد حتى لقي الرفيق العلى صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وعيسى‬ ‫عليه السلم قتل وصلب على زعم أهل الكتاب‪ً.‬ا فلو كانت هذه البشارة في حقه لزم أن يكون نبيا‬ ‫كاذب ا كما يزعمه اليهود والعياذ بال‪ً.‬ا‬ ‫)الوجه التاسع( أن ال بين علمة النبي الكاذب أن إخباره عن الغيب المستقبل ل يخرج صادق ا‬ ‫ومحمد صلى ال عليه وسلم أخبر عن المور الكثيرة المستقبلة كما علمت في المسلك الول‪،‬‬

‫وظهر صدقه فيها فيكون نبيا صادقا ل كاذبا‪ً.‬ا‬ ‫)الوجه العاشر( أن علماء اليهود سلموا كونه مبشرا به في التوراة لكن بعضهم أسلم وبعضهم بقي‬ ‫في الكفر‪ ،‬كما أن قيافا وكان رئيس الكهنة ونبي ا على زعم يوحنا عرف أن عيسى هو المسيح‬

‫الموعود به‪ ،‬ولم يؤمن بل أفتى بكفره وقتله‪ ،‬كما صرح به يوحنا في الباب الحادي عشر والثامن‬

‫عشر من إنجيله من حديث مخيريق وكان حبرا عالما كثير المال من النخل‪ ،‬وكان يعرف رسول ال‬ ‫صلى ال عليه وسلم بصفته‪ ،‬وغلبت عليه ألفة دينه فلم يزل على ذلك حتى كان يوم‬

‫) ‪(4/1125‬‬

‫أحد وكان يوم السبت‪ ،‬فقال‪ :‬يا معشر اليهود وال إنكم لتعلمون أن نصر محمد عليكم لحق‪،‬‬ ‫قالوا‪ :‬فإن اليوم يوم السبت قال‪ :‬ل سبت ثم أخذ سلحه وخرج حتى أتى إلى النبي صلى ال عليه‬ ‫وسلم بأحد وكان يوم السبت وعهد إلى من وراءه من قومه إن قتلت هذا اليوم فمالي لمحمد يصنع‬ ‫فيه ما أراه ال تعالى‪ ،‬فقاتل حتى قتل فكان رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول‪ :‬مخيريق خير‬ ‫يهودي‪ ،‬وقبض رسول ال صلى ال عليه وسلم أمواله‪ ،‬فعامة صدقات رسول ال صلى ال عليه‬ ‫وسلم بالمدينة منها‪ً.‬ا وعن أبي هريرة رضي ال عنه قال‪ :‬أتى رسول ال صلى ال عليه وسلم بيت‬ ‫المدراس فقال‪ :‬أخرجوا إلي أعلمكم‪ ،‬فقال‪ :‬عبد ال بن صوريا‪ ،‬فخل به رسول ال صلى ال عليه‬


‫وسلم فناشده بدينه وبما أنعم ال عليهم وأطعمهم من المن والسلوى وظللهم من الغمام‪ ،‬أتعلم أني‬ ‫رسول ال قال‪ :‬اللهم نعم‪ ،‬وأن القوم يعرفون ما أعرف وأن صفتك ونعتك لمبين في التوراة ولكن‬ ‫حسدوك قال‪ :‬فما يمنعك أنت‪ ،‬قال‪ :‬أكره خلف قومي عسى أن يتبعوك ويسلموا فأسلم‪ً.‬ا‬ ‫وعن صفية بنت حيي رضي ال عنها‪ ،‬لما قدم رسول ال صلى ال عليه وسلم المدينة‬

‫) ‪(4/1126‬‬

‫ونزل قباء‪ ،‬غدا عليه أبي حيي بن أخطب وعمي أبو ياسر بن أخطب مفلسين فلم يرجعا حتى كان‬ ‫غروب الشمس فأتيا‪ ،‬كالين‪ ،‬كسلنين‪ ،‬ساقطين‪ ،‬يمشيان الهوينا‪ ،‬فهششت إليهما فالتفت إلى أحد‬ ‫منهما مع ما بهما من الهم فسمعت عمى أبا ياسر يقول لبي‪ :‬أهو هو )أي المبشر به في التوراة(‬ ‫قال‪ :‬نعم وال‪ ،‬قال‪ :‬أتثبته وتعرفه قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فما‬

‫) ‪(4/1127‬‬

‫في نفسك منه قال‪ :‬عداوته وال ما بقيت أبدا فتلك عشرة كاملة فإن قيل أن أخوة بني إسرائيل ل‬ ‫تنحصر في بني إسماعيل لن بني عيسو وبني أبناء قطورا زوجة إبراهيم عليهما السلم من أخوتهم‬

‫أيضاا‪ ،‬قلت‪ :‬نعم هؤلء أيضا من أخوة بني إسرائيل لكنهم لم يظهر أحد منهم يكون موصوفا‬ ‫بالمور المذكورة‪ ،‬ولم يكن وعد ال في حقهم أيضا بخلف بني إسماعيل فإنهم كان وعد ال في‬ ‫حقهم لبراهيم ولهاجر عليهما السلم‪ ،‬مع أنه ل يصلح أن يكون مصداق هذا الخبر بني عيسو‬ ‫على ما هو مقتضى دعاء إسحاق عليه السلم المصرح به في الباب السابع والعشرين من سفر‬ ‫التكوين‪ً.‬ا‬ ‫ولعلماء بروتستنت اعتراضان‪ ،‬نقلهما صاحب الميزان في كتابه المسمى بحل الشكال في جواب‬ ‫الستفسار‪ً.‬ا‬ ‫الول‪ :‬أنه وقع في الية الخامسة عشر من الباب الثامن عشر من سفر الستثناء هكذا‪) :‬فإن الرب‬ ‫إلهك يقيم من بينك من بين أخوتك( الخ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1128‬‬


‫فلفظ من بينك يدل دللة ظاهرة على أن هذا النبي يكون من بني إسرائيل ل من بني إسماعيل‪ً.‬ا‬ ‫والثاني‪ :‬أن عيسى عليه السلم نسب هذه البشارة إلى نفسه فقال في الية السادسة والربعين من‬ ‫الباب الخامس من إنجيل يوحنا أن موسى كتب في حقي أقول آية الستثناء على وفق التراجم‬ ‫الفارسية وتراجم أردو هكذا‪) :‬فإن الرب إلهك يقيم من بينك من بين أخوتك نبي ا مثلي فاسمع منه(‬

‫والقسيس أيضا نقلها هكذا )والجواب( أن اللفظ المذكور ل ينافي مقصودنا لن محمدا عليه‬

‫السلم لما هاجر إلى المدينة وبها تكامل أمره‪ ،‬وقد كان حول المدينة بلد اليهود كخيبر وبني‬ ‫قينقاع والنضير وغيرهم‪ ،‬فقد قام من بينهم ولنه إذا كان من أخوتهم فقد قام من بينهم‪ ،‬ولن قوله‬ ‫من بين أخوتك بدل من قوله من بينك‪ ،‬بدل اشتمال على رأي ابن الحاجب ومتبعيه القائلين بكفاية‬ ‫علقة الملبسة غير الكلية والجزئية في تحقيق هذا البدل‪ ،‬نحو جاءني زيد أخوه وجاءني زيد‬

‫غلمه‪ ،‬وبدل إضراب على رأي ابن مالك‪ ،‬وعلى كل التقديرين‬

‫) ‪(4/1129‬‬

‫المبدل منه غير مقصود ويدل على كونه غير مقصود‪ ،‬أن موسى عليه السلم لما أعاد هذا الوعد‬ ‫من كلم ال في الية الثامنة عشر ل يوجد فيه لفظ من بينك‪ ،‬ونقل بطرس الحواري أيضا هذا‬

‫القول ول يوجد فيه هذا اللفظ كما علمت في الوجه السابع‪ ،‬وكذا نقله استفانوس أيضا ول يوجد‬

‫في نقله أيض ا هذا اللفظ كما صرح به في الباب السابع من كتاب العمال وعبارته هكذا‪) :‬هذا هو‬ ‫موسى الذي قال لبني إسرائيل نبي ا مثلي سيقيم لكم الرب إلهكم من أخوتكم له تسمعون( فسقوطه‬

‫في هذه المواضع دليل على كونه غير مقصود فاحتمال البدل قوي جدا‪ً.‬ا وقال صاحب الستفسار‪:‬‬

‫)إن لفظ من بينك إلحاقي زيد تحريفا ويدل عليه ثلثة أمور‪:‬‬

‫)الول( أن المخاطبين في هذا الموضع كانوا بني إسرائيل كلهم ل البعض‪ ،‬فقوله من بينك خطاب‬

‫إلى جميع القوم فصار لفظ من أخوتك لغوا محض ا ل معنى له‪ ،‬لكن لفظ من أخوتك جاء في‬

‫الموضع الخر فيكون صحيحاا‪ ،‬ولفظ من بينك إلحاقيا زيد تحريفا‪ً.‬ا‬ ‫)والثاني( أن موسى عليه السلم لما نقل كلم ال لثبات قوله‪ ،‬ل يوجد فيه هذا اللفظ ول يجوز أن‬ ‫يكون ما قال موسى مخالف ا لما قاله ال‪ً.‬ا‬

‫)والثالث( أن الحواريين كلما نقلوا هذا الكلم ل يوجد فيه لفظ من بينك‪،‬‬


‫) ‪(4/1130‬‬ ‫وإن قلتم‪ :‬إن المحرف إذا حرف فملنمم لميم يحرف الكلم كله‪ ،‬قلت‪ :‬نحن نرى في محكمات العدالة‬

‫دائم ا أن القبالجات المحرفة يثبت تحريف اللفاظ المحرفة فيها من مواضع أخرى منها غالباا‪ ،‬وأن‬ ‫شهود الزور يؤخذون ببعض بياناتهم‪ ،‬فالوجه الوجيه على أن عادة ال جارية بأنه ل يهدي كيد‬

‫الخائنين ويظهر خيانة خائن الدين بمقتضى مرحمته‪ ،‬فبمقتضى هذه العادة يصدر عن الخائن شيء‬ ‫ما تظهر به خيانته‪ ،‬على أنه ل توجد ملة يكون أهلها كلهم خائنين‪ ،‬فالخائنون الذين حرفوا كتب‬ ‫العهدين كان لهم لحاظ ما من جانب بعض المتدينين فلذلك ما بدلوا الكل‪ ،‬انتهى‪ً.‬ا‬ ‫أقول هذا الجواب بالنسبة إلى عادة أهل الكتاب النسيب كما عرفت في المر السابع وأقول في‬ ‫)الجواب( عن العتراض الثاني أن آية النجيل هكذا‪) :‬لنكم لو كنتم تصدقون موسى لكنتم‬ ‫تصدقونني لنه هو كتب عني( وليس فيها تصريح بأن موسى عليه السلم كتب في حقه في‬ ‫المواضع الفلني‪ ،‬بل المفهوم منه أن موسى كتب في حقه‪ ،‬وهذا يصدق إذا وجد في موضع من‬ ‫مواضع التوراة إشارة إليه‪ ،‬ونحن نسلم هذا المر كما ستعرف في ذيل بيان البشارة الثالثة‪ ،‬لكنا‬ ‫ننكر أن يكون قوله إشارة إلى هذه البشارة للوجوه التي عرفتها وقد ادعى هذا المعترض في الفصل‬ ‫الثالث من الباب الثالث من الباب الثاني من الميزان أن‬

‫) ‪(4/1131‬‬

‫الية الخامسة عشر من الباب الثالث من سفر التكوين إشارة إليه‪ ،‬فهذا القدر يكفي لتصحيح قول‬ ‫عيسى عليه السلم‪ ،‬نعم لو قال عيسى عليه السلم أن موسى عليه السلم ما أشار في أسفاره‬ ‫الخمسة إلى نبي من النبياء إل إلري لكان لهذا التوهم مجال في ذلك الوقت‪ً.‬ا‬

‫)البشارة الثانية( الية الحادية والعشرون من الباب الثاني والثلثين من سفر الستثناء هكذا‪) :‬هم‬ ‫أغاروني بغير إله وأغضبوني بمعبوداتهم الباطلة وأنا أيضا أغيرهم بغير شعب وبشعب جاهل‬

‫أغضبهم( والمراد بشعب جاهل العرب لنهم كانوا في غاية الجهل والضلل‪ ،‬وما كان عندهم علم‬ ‫ل من العلوم الشرعية ول من العلوم العقلية‪ ،‬وما كانوا يعرفون سوى عبادة الوثان والصنام‪ ،‬وكانوا‬ ‫محقرين عند اليهود لكونهم من أولد هاجر الجارية‪ً.‬ا فمقصود الية أن بني إسرائيل أغاروني بعبادة‬


‫المعبودات الباطلة فأغيرهم باصطفاء الذين هم عندهم محقرون وجاهلون‪ ،‬فأوفى بما وعد فبعث‬ ‫من العرب النبي صلى ال عليه وسلم فهداهم إلى الصراط المستقيم كما قال ال تعالى في سورة‬ ‫الجمعة‪} :‬هو الذي بعث في الميين رسولا منهم يتلو‬

‫) ‪(4/1132‬‬

‫عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلل مبين{ً ‪ً.‬ا‬ ‫وليس المرد بالشعب الجاهل اليونانيين كما يفهم من ظاهر كلم مقدسهم بولس في الباب العاشر‬ ‫من الرسالة الرومية‪ ،‬لن اليونانيين قبل ظهور عيسى عليه السلم بأزيد من ثلثمائة سنة كانوا فائقين‬ ‫على أهل العالم كلهم في العلوم والفنون‪ ،‬وكان جميع الحكماء المشهورين مثل سقراط وبقراط‬ ‫وفيساغورس وأفلطون وأرسطاطاليس وأرشميدس وبليناس وأقليدس وجالينوس وغيرهم الذين كانوا‬ ‫أئمة اللهيات والرياضيات‬

‫) ‪(4/1133‬‬

‫والطبيعيات وفروعها قبل عيسى عليه السلم‪ ،‬وكان اليونانيين في عهده على غاية درجة الكمال في‬ ‫فنونهم‪ ،‬وكانوا واقفين على أحكام التوراة وقصصها وسائر كتب العهد العتيق أيضا بواسطة ترجمة‬

‫سبتوجنت التي ظهرت باللسان اليوناني قبل المسيح بمقدار مائتين وست وثمانين سنة‪ ،‬لكنهم ما‬

‫كانوا معتقدين للملة الموسوية وكانوا متفحصين عن الشياء الحكمية الجديدة كما قال مقدسهم‬ ‫هذا في الباب الول من الرسالة الولى إلى أهل قورنيثوس هكذا‪) :‬لن اليهود يسألون آية‬ ‫واليونانيين يطلبون حكمة( ‪) 23‬ولكننا نحن نكرز بالمسيح مصلوبا لليهود عثرة ولليونانيين جهالة(‬

‫فل يجوز أن يكون المراد بالشعب الجاهل اليونانيين‪ ،‬فكلم مقدسهم في الرسالة الرومية إما مؤرول‬ ‫أو مردود وقد عرفت في المر الثامن أن قوله ساقط عن العتبار عندنا‪ً.‬ا‬

‫)البشارة الثالثة( في الباب الثالث والثلثين من سفر الستثناء في الترجمة العربية المطبوعة سنة‬ ‫‪ 1844‬هكذا‪) :‬وقال جاء الرب من سينا وأشرق لنا من ساعيرا ستعلن من جبل فاران ومعه ألوف‬ ‫الطهار في يمينه سنة من‬


‫) ‪(4/1134‬‬

‫نار( ‪ً.‬ا‬ ‫فمجيئه من سيناء وإعطاؤه التوراة لموسى عليه السلم وإشراقه من ساعير وإعطاؤه النجيل لعيسى‬ ‫عليه السلم‪ ،‬واستعلنه من جبل فاران إنزاله القرآن لن فاران جبل من جبال مكة في الباب‬ ‫الحادي والعشرين من سفر التكوين في حال إسماعيل عليه السلم هكذا‪) 20 :‬وكان ال معه ونما‬ ‫وسكن في البرية وصار شاب ا يرمي بالسهام ‪ 21‬وسكن برية فاران وأخذت له أمه امرأة من أرض‬ ‫مصر( ‪ً.‬ا ول شك أن إسماعيل عليه السلم كانت سكونته بمكة‪ ،‬ول يصح أن يراد أن النار لما‬

‫ظهرت من طور سينا ظهرت من ساعير ومن فاران أيضا فانتشرت في هذه المواضع‪ ،‬لن ال لو‬

‫خلق نارا في موضع‪ ،‬ل يقال جاء ال من ذلك الموضع إل إذا أتبع تلك الواقعة وحي نزل في ذلك‬ ‫الموضع أو عقوبة أو ما أشبه ذلك‪ ،‬وقد اعترفوا أن الوحي اتبع تلك في طور سيناء فكذا ل بد أن‬

‫يكون في ساعير وفاران‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1135‬‬

‫)البشارة الرابعة( في الية العشرين من الباب السابع عشر من سفر التكوين‪ ،‬وعد ال في حق‬ ‫إسماعيل عليه السلم لبراهيم عليه السلم في الترجمة العربية المطبوعة سنة ‪ 1844‬هكذا‪:‬‬ ‫)وعلى إسماعيل أستجيب لك هو ذا أباركه وأكبره وأكثره جدا فسيلد اثني عشر رئيسا وأجعله‬

‫لشعب كبير( ‪ً.‬ا وقوله أجعله لشعب كبير يشير إلى محمد صلى ال عليه وسلم لنه لم يكن في ولد‬

‫إسماعيل من كان لشعب كبير غيره وقد قال ال تعالى ناقلا دعاء إبراهيم وإسماعيل في حقه عليهم‬

‫السلم في كلمه المجيد أيضاا‪} :‬ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب‬ ‫والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم{ً ‪ً.‬ا‬

‫وقال المام القرطبي في الفصل الول من القسم الثاني من كتابه وقد تفطن بعض النبهاء ممن نشأ‬ ‫على لسان اليهود وقرأ بعض كتبهم‪ ،‬فقال يخرج مما ذكر من عبارة التوراة في موضعين اسم محمد‬ ‫صلى ال عليه وسلم بالعدد على ما يستعمله اليهود فيما بينهم الول‪ :‬قوله جدا جدا بتلك اللغة‬


‫بمادماد وعدد هذه الحروف اثنان وتسعون لن الباء اثنان والميم أربعون واللف واحد والدال أربعة‬ ‫والميم الثانية أربعون واللف واحد والدال أربعة‪ ،‬وكذلك‬

‫) ‪(4/1136‬‬

‫الميم من محمد أربعون والحاء ثمانية والميم أربعون والدال أربعة‪ً.‬ا والثاني‪ :‬قوله لشعب كبير بتلك‬ ‫اللغة لغوي غدول‪ ،‬فاللم عندهم ثلثون والغين ثلثة لنه عندهم في مقام الجيم إذ ليس في لغتهم‬ ‫جيم ول صاد والواو ستة والياء عشرة والغين أيضا ثلثة والدال أربعة والواو ستة واللم ثلثون‪،‬‬

‫فمجموع هذه أيض ا اثنان وتسعون انتهى كلمه‪ً.‬ا‬

‫بتلخيص ما وعبد السلم كان من أحبار اليهود ثم أسلم في عهد السلطان المرحوم بايزيد خان‪،‬‬ ‫وصنف رسالة صغيرة سماها بالرسالة الهادية فقال فيها‪) :‬أن أكثر أدلة أحبار اليهود بحرف الجمل‬

‫الكبير وهو حرف أبجد‪ ،‬فإن‬

‫) ‪(4/1137‬‬

‫أحبار اليهود حين بنى سليمان النبي عليه السلم بيت المقدس‪ ،‬اجتمعوا وقالوا يبقى هذا البناء‬ ‫أربعمائة وعشرة سنين ثم يعرض له الخراب‪ ،‬لنهم حسبوا لفظة بزات( ثم قال‪) :‬واعترضوا ]ص‬ ‫‪ [252‬على هذا الدليل بأن الباء في بمادماد ليست من نفس الكلمة بل هي أداة وحرف جيء به‬ ‫للصلة فلو أخرج منه اسم محمد لحتاج إلى باء ثانية ويقال ببمادماد‪ ،‬قلنا من المشهور عندهم إذا‬ ‫اجتمع الباآن أحدهما أداة والخر من نفس الكلمة تحذف الداة وتبقى التي هي من نفس الكلمة‪،‬‬ ‫وهذا شائع عندهم في مواضع غير معدودة فل حاجة إلى إيرادها( انتهى كلمه بلفظه‪ً.‬ا أقول قد‬ ‫صرح العلماء بأن أسمائه صلى ال عليه وسلم مادماد كما في شفاء القاضي عياض‪ً.‬ا‬ ‫)البشارة الخامسة( الية العاشرة من الباب التاسع والربعين من سفر التكوين هكذا ترجمة عربية‬ ‫سنة ‪ 1722‬وسنة ‪:1831‬‬

‫) ‪(4/1138‬‬


‫)فل يزول القضيب من يهوذا والمدبر من فخذه حتى يجيء الذي له الكل وإياه تنتظر المم( وفي‬ ‫ترجمة عربية سنة ‪) 1811‬فل يزول القضيب من يهوذا والرسم من تحت أمره إلى أن يجيء الذي‬ ‫هو له وإليه تجتمع الشعوب( ‪ً.‬ا ولفظ الذي له الكل أو الذي هو له‪ ،‬ترجمة لفظ شيلوه‪ ،‬وفي‬ ‫ترجمة هذا اللفظ اختلف كثير فيما بينهم وقد عرفت في المر السابع أيضاا‪ ،‬وقال عبد السلم في‬

‫الرسالة الهادية هكذا‪) :‬ل يزول الحاكم من يهوذا ول راسم من بين رجليه حتى يجيء الذي له وإليه‬

‫تجتمع الشعوب( ‪ً.‬ا‬ ‫وفي هذه الية دللة على أن يجيء سيدنا )محمد( صلى ال عليه وسلم بعد تمام حكم موسى‬ ‫وعيسى‪ ،‬لن المراد من الحاكم هو موسى‪ ،‬لنه بعد يعقوب ما جاء صاحب شريعة إلى زمان موسى‬ ‫إل موسى‪ ،‬والمراد من الراسم هو عيسى‪ ،‬لنه بعد موسى إلى زمان عيسى ما جاء صاحب شريعة‬ ‫إل عيسى وبعدهما ما جاء صاحب شريعة إل محمد‪ ،‬فعلم أن المراد من قول يعقوب في آخر‬ ‫اليام هو نبينا محمد عليه السلم‪ ،‬لنه في آخر الزمان بعد مضي حكم الحاكم والراسم ما جاء إل‬ ‫سيدنا محمد عليه السلم‪ ،‬ويدل عليه أيض ا قوله حتى يجيء الذي له أي الحكم بدللة مساق الية‬

‫وسياقها‪،‬‬

‫) ‪(4/1139‬‬

‫وأما قوله‪ :‬وإليه تجتمع الشعوب فهي علمة صريحة ودللة واضحة على أن المراد منها هو سيدنا‪،‬‬ ‫لنه ما اجتمع الشعوب إل إليه وإنما لم يذكر الزبور لنه ل أحكام فيه‪ ،‬وداود النبي تابع لموسى‬ ‫والمراد من خبر يعقوب هو صاحب الحكام( انتهى كلمه بلفظه‪ً.‬ا‬ ‫أقول إنما أراد من الحاكم موسى عليه السلم‪ ،‬لن شريعته جبرية انتقامية‪ ،‬ومن الراسم عيسى عليه‬ ‫السلم‪ ،‬لن شريعته ليست بجبرية ول انتقامية‪ ،‬وأن أريد من القضيب السلطنة الدنيوية ومن المدبر‬ ‫الحاكم الدنيوي‪ ،‬كما يفهم من رسائل القسيسين من فرقة بروتستنت ومن بعض تراجمهم‪ ،‬فل يصح‬ ‫أن يراد بشيلوه مسيح اليهود كما هو مزعومهم‪ ،‬ول عيسى عليه السلم كما هو مزعوم النصارى‪ً.‬ا‬ ‫أما الول‪ :‬فظاهر لن السلطنة الدنيوية والحاكم الدنيوي زال من آل يهوذا من مدة هي أزيد من‬ ‫ألفي سنة من عهد بختنصر ولم يسمع إلى الن حسيس مسيح اليهود‪ً.‬ا‬ ‫وأما الثاني‪ :‬فلنهما زالتا من آل يهوذا أيض ا قبل ظهور عيسى عليه السلم بمقدار ستمائة سنة من‬

‫عهد بختنصر وهو أجلى بني يهوذا إلى بابل وكانوا‬


‫) ‪(4/1140‬‬

‫في الجلء ثلث ا وستين سنة ل سبعين كما يقول بعض علماء بروتستنت تغليط ا للعوام وقد عرفت‬ ‫في الفصل الثالث من الباب الول‪ ،‬ثم وقع عليهم أنتيوكس ما وقع فإنه عزل أونياس حبر اليهود‬

‫وباع منصبه لخيه ياسون بثلثمائة وستين وزنة ذهب يقدمها له خراجا كل سنة‪ ،‬ثم عزله وباع ذلك‬ ‫لخيه مينالوس بستمائة وستين وزنة‪ ،‬ثم شاع خبر موته فطلب ياسون أن يسترد لنفسه الكهنوت‬

‫ودخل أورشليم بألوف من الجنود فقتل كل من كان يظنه عدوا له وهذا الخبر كان كاذب ا فهجم‬

‫أنتيوكس على أورشليم وامتلكها ثانية في سنة ‪ 170‬قبل ميلد المسيح وقتلمن أهلها أربعين ألفا‬ ‫وباع مثل ذلك عبيداا‪ ،‬وفي الفصل العشرين من الجزء الثاني من مرشد الطالبين في بيان الجدول‬

‫التاريخي في الصفحة ‪ 481‬من النسخة المطبوعة سنة ‪ 1852‬من الميلد )أنه نهب أورشليم وقتل‬

‫ثمانين ألف اا( انتهى‪ً.‬ا وسلب ما كان في الهيكل من المتعة النفيسة التي كانت قيمتها ثمانمائة وزنة‬ ‫ذهب وقرب خنزيرة وقودا على المذبح للهانة‪ ،‬ثم رجع إلى إنطاكية وأقام فيلبس أحد الراذل‬

‫حاكم ا على اليهودية‪ ،‬وفي رحلته الرابعة إلى مصر أرسل أبولوينوس بعشرين ألفا من جنوده وأمرهم‬ ‫أن يخربوا أورشليم ويقتلوا كل من بها من الرجال ويسبو النساء والصبيان فانطلقوا إلى هناك‪ً.‬ا‬

‫وبينما كان الناس في المدينة مجتمعين للصلة يوم السبت هجموا عليهم على غفلة فقتلوا الكل‪،‬‬ ‫إل من أفلت إلى الجبال واختفى في المغاير‪ ،‬ونهبوا أموال المدينة وأحرقوها وهدموا أسوارها‬ ‫وأخربوا منازلها ثم ابتنوا لهم من بسائط ذلك الهدم قلعة حصينة‬

‫) ‪(4/1141‬‬

‫على جبل اكرا‪ ،‬وكانت العساكر تشرف منها على جميع نواحي الهيكل ومن دنا منه يقتلونه‪ ،‬ثم‬ ‫أرسل انتيوكس أثانيوس ليعلم اليهود طقوس عبادة الصنام اليونانية ويقتل كل من ل يمتثل ذلك‬ ‫المر‪ ،‬فجاء أثانيوس إلى أورشليم وساعده على ذلك بعض اليهود الكافرين‪ ،‬وأبطل الذبيحة اليومية‬ ‫ونسخ كل طاعة للدين اليهودي عموم ا وخصوصاا‪ ،‬وأحرق كل ما وجده من نسخ كتب العهد العتيق‬

‫بالفحص التام‪ ،‬وكرس الهيكل للمشتري ونصب صورة ذلك على مذبح اليهود وأهلك كل من وجده‬

‫مخالف أمر انتيوكس‪ ،‬ونجا متاثياس الكاهن مع أبنائه الخمسة في هذه الداهية وفروا إلى وطنهم‬


‫مودين في سبط دان فانتقم من هؤلء الكفار انتقاما ما قدروا عليه على استطاعته كما هو مصرح به‬ ‫في التواريخ‪ ،‬فكيف يصدق هذا الخبر على عيسى عليه السلم وإن قالوا أن المراد ببقاء السلطنة‬

‫والحكومة امتياز القوم كما يقول بعضهم الن‪ ،‬قلنا هذا المر كان باقي ا إلى ظهور محمد صلى ال‬

‫عليه وسلم‪ ،‬وكانوا في أقطار العرب ذوي حصون وأملك غير مطيعين لحد مثل يهود خيبر وغيرهم‬ ‫كما يشهد به التواريخ‪ ،‬وبعد ظهور محمد صلى ال عليه وسلم ضربت عليهم الذلة والمسكنة‬ ‫وصاروا في كل إقليم مطيعين للغير‪ ،‬فالليق أن يكون المراد بشيلوه النبي صلى ال عليه وسلم ل‬

‫مسيح‬

‫) ‪(4/1142‬‬

‫اليهود ول عيسى عليه السلم‪ً.‬ا‬ ‫)البشارة السادسة( الزبور الخامس والربعون هكذا‪) :‬فاض قلبي كلمة صالحة أنا أقول أعمالي‬ ‫للملك( ‪) 1‬لساني قلم كاتب سريع الكتابة( ‪) 2‬بهي في الحسن أفضل من بني البشر( ‪3‬‬ ‫)انسكبت النعمة على شفتيك لذلك باركك ال إلى الدهر( ‪) 4‬تقلد سيفك على فخذك أيها القوي‬ ‫بحسنك وجمالك( ‪) 5‬أستله وأنجح وأملك من أجل الحق والدعة والصدق وتهديك بالعجب‬ ‫يمينك( ‪) 6‬نبلك مسنونة أيها القوي في قلب أعداء الملك الشعوب تحتك يسقطون( ‪) 7‬كرسيك‬ ‫يا ال إلى دهر الداهرين عصا الستقامة عصا ملكك( ‪) 8‬أحببت البر وأبغضت الثم لذلك‬ ‫مسحك ال إلهك بدهن الفرح أفضل من أصحابك( ‪) 9‬المر والميعة والسليخة من ثيابك من‬ ‫منازلك الشريفة العاج التي أبهجتك( ‪) 10‬بنات الملوك في كرامتك قامت الملكة من عن يمينك‬ ‫مشتملة بثوب مذهب موشى( ‪) 11‬اسمعي يا بنت وانظري وأنصتي بأذنيك وانسي شعبك وبنت‬ ‫أبيك( ‪) 12‬فيشتهي الملك حسنك لنه هو الرب إلهك وله تسجدين( ‪) 13‬بنات صور يأتينك‬ ‫بالهدايا لوجهك يصلي كل أغنياء الشعب( ‪) 14‬كل مجد ابنة الملك من داخل مشتملة بلباس‬ ‫الذهب‬

‫) ‪(4/1143‬‬


‫الموشى( ‪) 15‬يبلغن إلى الملك عذارى في أثرها قريباتها إليك يقدمن( ‪) 16‬يبلغن بفرح وابتهاج‬ ‫يدخلن إلى هيكل الملك( ‪) 17‬ويكون بنوك عوضا من آبائك وتقيمهم رؤساء على سائر الرض(‬

‫‪) 18‬سأذكر اسمك في كل جيل وجيل من أجل ذلك تعترف لك الشعوب إلى الدهر والى دهر‬ ‫الداهرين( ‪ً.‬ا‬ ‫وهذا المر مسلم عند أهل الكتاب أن داود عليه السلم يبشر في هذا الزبور بنبي يكون ظهوره‬ ‫بعد زمانه‪ ،‬ولم يظهر إلى هذا الحين عند اليهود نبي يكون موصوفا بالصفات المذكورة في هذا‬

‫الزبور‪ ،‬ويدعى علماء بروتستنت أن هذا النبي عيسى عليه السلم‪ ،‬ويدعي أهل السلم سلف ا وخلف ا‬ ‫أن هذا النبي محمد صلى ال عليه وسلم‪ً.‬ا فأقول أنه ذكر في هذا الزبور من صفات النبي المبشر‬

‫به هذه الصفات‪:‬‬ ‫]ص ‪ [1] [256‬كونه حسنا‪ً.‬ا ]‪ [2‬كونه أفضل البشر‪ً.‬ا ]‪ [3‬كون النعمة منسكبة على شفتيه‪ً.‬ا ]‪[4‬‬ ‫كونه مبارك ا إلى الدهر‪ً.‬ا ]‪ [5‬كونه متقلدا بالسيف‪ً.‬ا ]‪ [6‬كونه قوي ا‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1144‬‬

‫]‪ [7‬كونه ذا حق ودعة وصدق‪ً.‬ا ]‪ [8‬كونه هداية يمينه بالعجب‪ً.‬ا ]‪ [9‬كون نبله مسنونة‪ً.‬ا ]‪[10‬‬ ‫سقوط الشعب تحته‪ً.‬ا ]‪ [11‬كونه محبا للبر ومبغضا للثم‪ً.‬ا ]‪ [12‬خدمة بنات الملوك إياه‪ً.‬ا ]‪[13‬‬ ‫إتيان الهدايا إليه‪ً.‬ا ]‪ [14‬انقياد كل أغنياء الشعب له‪ً.‬ا ]‪ [15‬كون أبنائه رؤساء الرض بدل آبائهم‪ً.‬ا‬

‫]‪ [16‬كون اسمه مذكورا جيلا بعد جيل‪ً.‬ا ]‪ [17‬مدح الشعوب إياه إلى دهر الداهرين‪ً.‬ا‬ ‫وهذه الوصاف كلها توجد في محمد صلى ال عليه وسلم على أكمل وجه‪ً.‬ا‬

‫أما الول‪ :‬فلن أبا هريرة رضي ال عنه قال‪) :‬ما رأيت شيئا أحسن من رسول ال صلى ال عليه‬ ‫وسلم‪ ،‬كأن الشمس تجري في وجهه وإذا ضحك يتلل في الجدار( ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1145‬‬

‫وعن أم معبد رضي ال عنها قالت في بعض ما وصفته به‪) :‬أجمل الناس من بعيد وأحلهم‬ ‫وأحسنهم من قريب( ‪ً.‬ا‬ ‫وأما الثاني‪ :‬فلن ال تعالى قال في كلمه المحكم‪} :‬تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض( الية‪ً.‬ا‬


‫وقال أهل التفسير أراد بقوله }ورفع بعضهم درجات{ً محمدا صلى ال عليه وسلم أي رفعه على‬

‫سائر النبياء من وجوه متعددة‪ ،‬وقد أشبع الكلم في تفسير هذه الية المام الهمام الفخر الرازي‬

‫في تفسيره الكبير‪ً.‬ا وقال صلى ال عليه وسلم‪) :‬أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ول فخر( أي ل أقول‬ ‫ذلك فخرا لنفسي بل تحدث ا بنعمة ربي‪ً.‬ا‬

‫وأما الثالث‪ :‬فغير محتاج إلى البيان حتى أقر بفصاحته الموافق والمخالف‪ ،‬وقال الرواة في وصف‬

‫كلمه‪ :‬إنه كان أصدق الناس لهجة فكان من‬

‫) ‪(4/1146‬‬

‫الفصاحة بالمحل الفضل والموضع الكمل‪ً.‬ا‬ ‫وأما الرابع‪ :‬فلن ال تعالى قال‪} :‬إن ال وملئكته يصلون على النبي{ً وألوف ألوف من الناس‬ ‫يصلون عليه في الصلوات الخمس‪ً.‬ا‬ ‫وأما الخامس‪ :‬فظاهر وقد قال هو بنفسه أنا رسول ال بالسيف‪ً.‬ا‬ ‫وأما السادس‪ :‬فكانت قوته الجسمانية على الكمال‪ ،‬كما ثبت أن ركانة خل برسول ال صلى ال‬ ‫عليه وسلم في بعض شعاب مكة قبل أن يسلم فقال‪ :‬يا ركانة أل تتقي ال وتقبل ما أدعوك إليه‪ً.‬ا‬ ‫فقال‪ :‬لو أعلم وال ما تقول حقا لتبعتك‪ً.‬ا فقال‪ :‬أرأيت إن صرعتك أتعلم أن ما أقول حق قال‪:‬‬

‫نعم‪ ،‬فلما بطش به صلى ال تعالى عليه وسلم أضجعه ل يملك من أمره شيئاا‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا محمد‬

‫عد فصرعه أيض ا فقال‪ :‬يا محمد إن ذا لعجب‪ً.‬ا فقال صلى ال عليه وسلم‪ :‬وأعجب من ذلك إن‬ ‫شئت أن أريكه إن اتقيت ال وتبعت أمري‪ً.‬ا قال‪ :‬ما هو قال‪ :‬أدعو لك هذه الشجرة فدعاها‬

‫فأقبلت حتى وقفت بين يديه صلى ال تعالى عليه وسلم‪ً.‬ا فقال لها‪ :‬ارجعي مكانك‪ً.‬ا فرجع ركانة إلى‬ ‫قومه فقال‪ :‬يا بني عبد مناف ما رأيت أسحر منه ثم أخبرهم بما رأى‪ً.‬ا وركانة‬

‫) ‪(4/1147‬‬

‫هذا كان من القوياء والمصارعين المشهورين‪ً.‬ا وأما شجاعته فقد قال ابن عمر رضي ال عنهما‪) :‬ما‬ ‫رأيت أشجع ول أنجد ول أجود من رسول ال صلى ال عليه وسلم( وقال علي كرم ال وجهه‪) :‬وإنا‬ ‫كنا إذا حمى البأس واحمرت الحدق اتقينا برسول ال صلى ال عليه وسلم فما يكون أحد أقرب‬


‫إلى العدو منه‪ ،‬ولقد رأيتني يوم بدر ونحن نلوذ برسول ال صلى ال عليه وسلم وهو أقربنا إلى‬ ‫العدو وكان من أشد الناس يومئذ بأساا( ‪ً.‬ا‬

‫وأما السابع‪ :‬فلن المانة والصدق من الصفات الجليلة له صلى ال عليه وسلم‪ ،‬كما قال النضر بن‬

‫الحارث لقريش‪) :‬قد كان محمد فيكم غلم ا حدث ا أرضاكم‬

‫) ‪(4/1148‬‬

‫فيكم‪ ،‬وأصدقكم حديثاا‪ ،‬وأعظمكم أمانة‪ً.‬ا حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب وجاءكم بما جاءكم‬

‫قلتم إنه ساحر‪ ،‬ل وال ما هو بساحر( ‪ً.‬ا وسأل هرقل عن حال النبي صلى ال عليه وسلم أبا سفيان‬

‫فقال‪ :‬هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال‪ً.‬ا قال‪ :‬ل‪ً.‬ا‬ ‫وأما الثامن‪ :‬فلنه رمى يوم بدر وكذا يوم حنين وجوه الكفار بقبضة‬

‫) ‪(4/1149‬‬

‫تراب فلم يبق مشرك إل شغل بعينه فانهزموا وتمكن المسلمون منهم قتلا وأسرا فأمثال هذه من‬

‫عجيب هداية يمينه‪ً.‬ا‬

‫وأما التاسع‪ :‬فلن كون أولد إسماعيل أصحاب النبل في سالف الزمان‪ ،‬غير محتاج إلى البيان‬ ‫وكان هذا المر مرغوبا له وكان يقول‪) :‬ستفتح عليكم الروم ويكفيكم ال فل يعجز أحدكم أن يلهو‬

‫بأسهمه( ‪ً.‬ا ويقول‪) :‬ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياا( ‪ً.‬ا ويقول عليه السلم‪) :‬من تعلم الرمي‬

‫ثم تركه فليس منا( ‪ً.‬ا‬

‫وأما العاشر‪ :‬فلن الناس دخلوا أفواجا في دين ال في مدة حياته‪ً.‬ا‬

‫وأما الحادي عشر‪ :‬فمشهور يعترف به المعاندون أيضاا‪ ،‬كما عرفت في المسلك الثاني‪ً.‬ا‬ ‫وأما الثاني عشر‪ :‬فقد صارت بنات الملوك والمراء‪ ،‬خادمة للمسلمين في‬

‫) ‪(4/1150‬‬


‫الطبقة الولى‪ ،‬ومنها شهربانو بنت يزدجرد‪ ،‬كسرى فارس‪ ،‬كانت تحت المام الهمام الحسين رضي‬ ‫ال عنه‪ً.‬ا‬ ‫وأما الثالث عشر والرابع عشر‪ :‬فلن النجاشي ملك الحبشة ومنذر بن ساوى ملك البحرين وملك‬ ‫عمان انقادوا وأسلموا‪ ،‬وهرقل قيصر الروم أرسل إليه بهدية‪ ،‬والمقوقس ملك القبط أرسل إليه ثلث‬ ‫جوار‪ ،‬وغلما أسود وبغلة شهباء‪ ،‬وحمار أشهب‪ ،‬وفرسا وثيابا وغيرها‪ً.‬ا‬

‫وأما الخامس عشر‪ :‬فقد وصل من أبناء المام الحسن رضي ال عنه إلى الخلفة‪ ،‬وألوف في أقاليم‬

‫مختلفة من الحجاز واليمن ومصر والمغرب والشام‬

‫) ‪(4/1151‬‬

‫وفارس والهند وغيرها‪ً.‬ا وفازوا بالسلطنة والمارة العلية‪ ،‬وإلى الن أيضا في ديار الحجاز واليمن‪،‬‬

‫وفي غيرهما توجد المراء والحكام من نسله صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وسيظهر إن شاء ال المهدي‬

‫رضي ال عنه من نسله‪ ،‬ويكون خليفة ال في الرض‪ ،‬ويكون الدين كله ل في عهده الشريف‪ً.‬ا‬ ‫وأما السادس عشر والسابع عشر‪ :‬فلنه ينادي ألوف ألوف جيلا بعد جيل في الوقات الخمسة‪،‬‬

‫بصوت رفيع في أقاليم مختلفة‪) :‬أشهد أن ل إله إل ال وأشهد أن محمدا رسول ال( ‪ً.‬ا ويصلي‬

‫عليه في الوقات المذكورة الغير المحصورين من المصلين‪ ،‬والقراء يحفظون منشوره‪ ،‬والمفسرين‬ ‫يفسرون معاني فرقانه‪ ،‬والوعاظ يبلغون وعظه‪ ،‬والعلماء والسلطين يصلون إلى خدمته‪ ،‬ويسلمون‬

‫عليه من وراء الباب‪ ،‬ويمسحون وجوههم بتراب روضته ويرجون شفاعته‪ً.‬ا‬ ‫ل‪ ،‬لنهم‬ ‫ول يصدق هذا الخبر في حق عيسى عليه السلم‪ً.‬ا كما يدعيه علماء بروتستنت ادعاء باط ا‬ ‫يدعون أن الخبر المندرج‪ ،‬في الباب الثالث والخمسين من كتاب أشعيا‪ ،‬في حق عيسى عليه‬ ‫السلم‪ ،‬ووقع في هذا الخبر في حقه هكذا‪) :‬ليس له منظر وجمال ورأيناه ولم يكن له منظر‬ ‫واشتهيناه مهاناا‪ ،‬وآخر الرجال رجل الوجاع مختبرا بالمراض‪ ،‬وكان مكتوم ا وجهه ومزدولا ولم‬

‫نحسبه‪ ،‬ونحن‬

‫) ‪(4/1152‬‬


‫حسبناه كأبرص ومضروبا من ال ومخضوعاا‪ ،‬والرب شاء أن يستحقه( ‪ً.‬ا‬

‫وهذه الوصاف ضد الوصاف التي في الزبور المذكور‪ ،‬فل يصدق عليه كونه حسناا‪ ،‬ول كونه قويا‪ً.‬ا‬ ‫وكذا ل يصدق عليه كونه متقلدا بالسيف‪ ،‬ول كون نبله مسنونة‪ ،‬ول انقياد الغنياء‪ ،‬ول إرسالهم‬ ‫إليه الهدايا‪ ،‬بل هو على زعم النصارى‪ ،‬أخذوه وأهانوه واستهزؤوا به‪ ،‬وضربوه بالسياط‪ ،‬ثم صلبوه‪ً.‬ا‬ ‫وما كان له زوجة ول ابن‪ ،‬فل يصدق دخول البنات في بيته‪ ،‬ول كون أبنائه بدل آبائه رؤساء‬

‫الرض‪ً.‬ا‬ ‫)فائدة( ترجمة الية الثامنة التي نقلتها مطابقة للترجمة الفارسية للزبور كانت عندي‪ ،‬ولتراجم أردو‬ ‫للزبور‪ ،‬وموافقة لنقل مقدسهم بولس‪ ،‬لنه نقل هذه الية في الباب الول من رسالته العبرانية‪ً.‬ا‬ ‫هكذا ترجمة عربية سنة ‪ ،1821‬وسنة ‪ ،1831‬وسنة ‪) :1844‬أحببت البر وأبغضت الثم‪ ،‬لذلك‬ ‫مسحك ال إلهك بدهن الفرح أفضل من أصحابك( ‪ً.‬ا والتراجم الفارسية المطبوعة سنة ‪،1816‬‬ ‫وسنة ‪ ،1828‬وسنة ‪ً.1841‬ا وتراجم أردو المطبوعة سنة ‪ ،1839‬وسنة ‪ ،1840‬وسنة ‪ً.1841‬ا‬ ‫مطابقة للتراجم العربية‪ً.‬ا فالترجمة التي تكون مخالفة لما نقلت تكون غير صحيحة‪ً.‬ا ويكفي لردها‬ ‫إلزاما كلم مقدسهم‪ً.‬ا وقد عرفت في مقدمة الباب الرابع أن‬

‫) ‪(4/1153‬‬

‫إطلق لفظ الله والرب وأمثالهما‪ ،‬جاء على العوام فضلا عن الخواص‪ً.‬ا والية السادسة من الزبور‬ ‫الثاني والثمانين هكذا‪) :‬أنا قلت إنكم آلهة وبنو العلى كلكم( ‪ً.‬ا فل يرد ما قال صاحب مفتاح‬

‫السرار أنه وقع في الية المذكورة هكذا‪) :‬أحببت البر وأبغضت الشر‪ ،‬من أجل ذلك يا ال مسح‬ ‫إلهك بدهن البهجة أفضل من رفقائك‪ ،‬ول يقال لشخص غير المسيح يا ال مسح إلهك( الخ‪ ،‬لنا‬ ‫ل نسلم أوال‪ :‬صحة ترجمته لكونها مخالفة لكلم مقدسهم‪ً.‬ا وثانياا‪ :‬لو قطعنا النظر عن عدم‬

‫صحتها‪ ،‬أقول ادعاؤه صريح البطلن‪ً.‬ا لن لفظ ال ههنا بالمعنى المجازي ل الحقيقي ويدل عليه‬

‫قوله إلهك‪ ،‬لن الله الحقيقي ل إله له‪ً.‬ا فإذا كان بالمعنى المجازي يصدق في حق محمد صلى‬ ‫ال عليه وسلم كما يصدق في حق عيسى عليه السلم‪ً.‬ا‬ ‫)البشارة السابعة( في الزبور المائة والتاسع والربعين هكذا‪) 1 :‬سبحوا الرب تسبيح ا جديداا‪،‬‬ ‫سبحوه في مجمع البرار( ‪) 2‬فليفرح إسرائيل بخالقه‪ ،‬وبنو صهيون يبتهجون بملكهم( ‪3‬‬ ‫)فليسبحوا اسمه بالمصاف بالطبل والمزمار يرتلوا له( ‪) 4‬لن الرب يسر بشعبه ويشرف‬


‫المتواضعين بالخلص( ‪) 5‬تفتخر البرار بالمجد‪ ،‬ويبتهجون على مضاجعهم( ‪) 6‬ترفيع ال في‬ ‫حلوقهم وسيوف ذات فمين في أياديهم( ‪) 7‬انتقاما في المم وتوبيخات في الشعوب( ‪) 8‬ليقيدوا‬ ‫ملوكهم بالقيود وأشرافهم بأغلل من حديد ليضعوا بهم حكم ا مكتوماا( ‪) 9‬هذا المجد يكون‬

‫لجميع أبراره( ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1154‬‬

‫ففي هذا الزبور عبر عن المبشر به بالملك وعن مطيعه بالبرار‪ ،‬وذكر من أوصافهم افتخارهم‬ ‫بالمجد وترفيع ال في حلوقهم‪ ،‬وكون سيوف ذات فمين في أياديهم‪ ،‬وانتقامهم من المم‬ ‫وتوبيخاتهم للشعوب‪ ،‬وأسرهم الملوك والشراف بالقيود والغلل من حديد‪ً.‬ا فأقول المبشر به‬ ‫محمد صلى ال عليه وسلم وأصحابه رضي ال عنهم ويصدق جميع الوصاف المذكورة في هذا‬ ‫الزبور عليه وعلى أصحابه‪ ،‬وليس المبشر به سليمان عليه السلم لنه ما وسع مملكته على مملكة‬ ‫أبيه على زعم أهل الكتاب‪ ،‬ولنه صار مرتدا عابدا الصنام في آخر عمره على زعمهم‪ ،‬ول عيسى‬ ‫ابن مريم عليهما السلم لنه بمراحل عن الوصاف المذكورة فيه لنه أسر ثم قتل على زعمهم‪،‬‬

‫وكذا أسر أكثر حواريه بالقيود والغلل‪ ،‬ثم قتلوا بأيدي الملوك والشراف الكفار‪ً.‬ا‬ ‫)البشارة الثامنة( في الباب الثاني والربعين من كتاب أشعيا هكذا‪) 9 :‬التي قد كانت أولها قد‬ ‫أتت وأنا مخبر أيض ا بأحداث قبل أن تحدث وأسمعكم إياها( ‪) 10‬سبحوا للرب تسبيحة جديدة‬

‫حمده من أقاصي الرض راكبين في البحر وملؤه الجزائر وسكانهن( ‪) 11‬يرتفع البرية ومدتها في‬

‫البيوت نحل قيدار سبحوا يا سكان الكهف من رؤوس الجبال يصيحون( ‪) 12‬يجعلون للرب كرامة‬ ‫وحمده يخبرون به في الجزائر( ‪) 13‬الرب كجبار‪ ،‬يخرج مثل‬

‫) ‪(4/1155‬‬

‫رجل مقاتل يهوش الغير يصوت ويصيح‪ ،‬على أعدائه يتقوى( ‪) 14‬سكت دائم ا صمت صبرت‬

‫صبرا فأتكلم مثل الطائفة ما بدد وابتلع معاا( ‪) 15‬أخرب الجبال والكام وكل نباتهن أجفف واجعل‬ ‫النهار جزائر والبحيرات أجففهن( ‪) 16‬وأقيد العمى في طريف لم يعرفوها والسبل لم يعلموا‬

‫أسيرهم فيها أصير أمامهم الظلمة نورا والعقب سهلا هذا الكلم صنعته لهم ول أخذلهم( ‪17‬‬


‫)اندبروا إلى ورائهم والمتكلمون على المنحوتة القائلون للمسبوكة أنكم آلهتنا ليخزون خزياا( ‪ً.‬ا‬

‫والية السابعة عشر في الترجمة الفارسية هكذا‪) :‬كسانيكة برشكل تراشيده توكل دارند هزيمت‬

‫وبشيماني تمام خواهند يافت( ‪ً.‬ا‬ ‫وظهر من الية التاسعة أن أشعيا عليه السلم أخبر أولا عن بعض الشياء‪ ،‬ثم يخبر عن الخبار‬ ‫الجديدة التية في المستقبل‪ ،‬فالحال الذي يخبر عنه من هذه الية إلى آخر الباب غير الحال‬

‫الذي أخبر عنه قبلها‪ ،‬ولذلك قال في الية الثالثة والعشرين هكذا‪) :‬من هو بينكم أن يسمع هذا‬ ‫يصغي ويسمع الية( ‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1156‬‬

‫والتسبيحة الجديدة عبارة عن العبادة على النهج الجديد التي هي في الشريعة المحمدية‪ ،‬وتعميمها‬ ‫على سكان أقاصي الرض وأهل الجزائر وأهل المدن والبراري‪ ،‬إشارة إلى عموم نبوته صلى ال‬ ‫عليه وسلم‪ ،‬ولفظ قيدار أقوى إشارة إليه لن محمدا صلى ال عليه وسلم في أولد قيدار بن‬

‫إسماعيل‪ ،‬وقوله من رؤوس الجبال يصيحون إشارة إلى العبادة المخصوصة التي تؤدى في أيام‬ ‫الحج‪ ،‬يصيح ألوف ألوف من الناس بلبيك اللهم لبيك‪ ،‬وقوله حمده يخبرون به في الجزائر إشارة‬ ‫إلى الذان يخبر به ألوف ألوف في أقطار العالم في الوقات الخمسة بالجهر‪ ،‬وقوله الرب كجبار‬ ‫يخرج مثل رجل مقاتل يهوش الغيرة يشير إلى مضمون الجهاد إشارة حسنة‪ ،‬بأن جهاده وجهاد‬

‫تابعيه يكون ل وبأمره‪ ،‬خالي ا عن حظوظ الهوى النفسانية‪ ،‬ولذلك عبر ال عن خروج هذا النبي‬

‫وخروج تابعيه بخروجه‪ ،‬وبين في الية الرابعة عشر سبب مشروعية الجهاد وأشار في الية السادسة‬

‫عشر إلى حال العرب لنهم كانوا غير واقفين على أحكام ال وكانوا يعبدون الصنام وكانوا مبتلين‬ ‫بأنواع الرسوم القبيحة الجاهلية‪ ،‬كما قال ال تعالى في حقهم‪} :‬وإن كانوا من قبل لفي ضلل‬ ‫مبين{ً وقوله ل أخذلهم إشارة إلى كون أمته مرحومة }غير المغضوب عليهم ول الضالين{ً وإلى‬ ‫تأييد شريعته‪ ،‬وقوله والمتوكلون على المنحوتة القائلون للمسبوكة أنكم آلهتنا ليخزون خزياا‪ ،‬وعد‬

‫بأن عابدي الصنام والوثان كمشركي العرب وعابدي الصليب‬

‫) ‪(4/1157‬‬


‫وصور القديسين يحصل لهم الخزي والهزيمة التامة‪ ،‬ووفى بما وعد‪ً.‬ا فإن مشركي العرب وهرقل‬ ‫عظيم الروم وكسرى فارس ما قصروا في إطفاء النور الحمدي لكنهم ما حصل لهم سوى الخزي‬ ‫التام وعاقبة المر‪ ،‬لم يبق أثر الشرك في إقليم العرب‪ ،‬وزالت دولة كسرى مطلق ا وزالت حكومة‬

‫أهل الصليب من الشام مطلق ا‪ً.‬ا‬ ‫وأما في القاليم الخر‪ ،‬فمن بعضها انمحى أثره مطلقا كبخارى وكابل وغيرهما‪ ،‬ومن بعضها قل‬

‫كالهند والسند وغيرهما وانتشر التوحيد شرقا وغربا‪ً.‬ا‬ ‫)البشارة التاسعة( في الباب الرابع والخمسين من كتاب أشعيا هكذا‪) 1 :‬سبحي أيتها العاقر التي‬ ‫لست تلدين انشدي بالحمد وهللي التي لم تلدي‬

‫) ‪(4/1158‬‬

‫من أجل أن الكثيرين من بني الوحشة أفضل من بني ذات رجل يقول الرب( ‪) 2‬أوسعي موضع‬ ‫خيمتك وسرادق مضاربك ابسطي ل تشفقي طول حبالك ثبتي أوتادك( ‪) 3‬لنك تنفذين يمنة‬ ‫ويسرة وزرعك يرث المم ويعمر المدن الخربة( ‪) 4‬ل تخافي لنك ل تخزين ول تخجلين فإنك ل‬ ‫تستحيين من أجل أنك خزي صبائك تنسين وعار ترملك ل تذكرين أيضاا( ‪) 5‬فإنه يتولى عليك‬ ‫الذي صنعك رب الجنود اسمه وفاديك قدوس إسرائيل إله جميع الرض يدعى( ‪) 6‬إنما الرب‬

‫دعاك مثل المرأة المطلقة والحزينة الروح وزوجة منذ الصبا مرذولة قال إلهك( ‪) 7‬الساعة في قليل‬ ‫تركتك وبرحمات عظيمة أجمعك( ‪) 8‬في ساعة الغضب أخفيت قليلا وجهي عنك وبالرحمة البدية‬

‫رحمتك قال فاديك الرب( ‪) 9‬مثلما في أيام نوح لي هذا الذي حلفت له أن ل أصب مياه نوح‬

‫على الرض‪ ،‬هكذا حلفت أن ل أغضب عليك وأن ل أوبخك( ‪) 10‬فإن الجبال ترتجف والتلل‬ ‫تتزلزل ورحمتي ل تزول عنك‪ ،‬وعهد سلمي ل يتحرك قال رحيمك الرب( ‪) 11‬فقيرة مستأصلة‬ ‫بعاصف بل تعزية ها أنا ذا أبلط بالرتبة حجارتك وأوئسسك بالسفير( ‪) 12‬وأجعل يسبا محاضك‬ ‫وأبوابك حجارة منقوشة وجميع حدودك الحجار مشتهية( ‪) 13‬جميع بنيك متعلمين من الرب‬ ‫وكثرة السلم لبنيك( ‪) 14‬وبالبر تؤسسين فابتعدي من الظلم لنك ل تخافين ومن الهيبة لنها ل‬ ‫تقرب منك( ‪) 15‬ها يأتي الجار الذي لم يكن معي والذي قد كان قريب ا يقترب إليك( ‪) 16‬ها أنا‬

‫ذا خلقت صائغ ا الذي ينفخ في النار جمرا ويخرج إناء لعمله وأنا خلقت‬


‫قتولا للهلك( ‪) 17‬كل إناء مجبول ضدك ل ينجح وكل لسان يخالفك في القضاء تحكمين عليه‬ ‫هذا هو ميراث عبيد الرب وعدلهم‬

‫) ‪(4/1159‬‬

‫عندي يقول الرب( ‪ً.‬ا‬ ‫فأقول‪ :‬المراد بالعاقر في الية الولى مكة المعظمة‪ ،‬لنها لم يظهر منها نبي بعد إسماعيل عليه‬ ‫السلم ولم ينزل فيها وحي‪ ،‬بخلف أورشليم لنه ظهر فيها النبياء الكثيرون‪ ،‬وكثر فيها نزول‬ ‫الوحي‪ً.‬ا وبني الوحشة عبارة عن أولد هاجر لنها كانت بمنزلة المطلقة المخرجة عن البيت ساكنة‬ ‫في البر‪ ،‬ولذلك وقع في حق إسماعيل في وعد ال هاجر )هذا سيكون إنسان ا وحشياا( كما هو‬

‫مصرح به في الباب السادس عشر من سفر التكوين‪ً.‬ا‬

‫) ‪(4/1160‬‬

‫وبنو ذات رجل عبارة عن أولد سارة‪ً.‬ا‬ ‫فخاطب ال مكة آمرا لها بالتسبيح والتهليل وإنشاد الشكر‪ ،‬لجل أن كثيرين من أولد هاجر‬

‫صاروا أفضل من أولد سارة‪ ،‬فحصلت الفضيلة لها بسبب حصول الفضيلة لهلها‪ ،‬ووفى بماوعد‬

‫بأن بعث محمدا صلى ال عليه وسلم رسولا أفضل البشر خاتم النبيين من أهلها في أولد هاجر‪،‬‬

‫وهو المراد بالصائغ الذي ينفخ في النار جمراا‪ ،‬وهو القتول الذي خلق لهلك المشركين‪ ،‬وحصل‬

‫لها السعة بواسطة هذا النبي وما حصل لغيرها من المعابد في الدنيا إذ ل يوجد معبد مثل الكعبة من‬

‫ظهور محمد صلى ال عليه وسلم إلى هذا الحين‪ ،‬والتعظيم الذي يحصل لها من القرابين في كل‬ ‫سنة من مدة ألف ومائتين وثمانين‪ ،‬لم يحصل لبيت المقدس إل مرتين‪ ،‬مرة في عهد سليمان عليه‬ ‫السلم لما فرغ من بنائه‪ ،‬ومرة في السنة الثامنة عشر من سلطنة يوشيا‪ ،‬ويبقى هذا التعظيم لمكة‬ ‫إلى آخر الدهر إن شاء ال كما وعد ال بقوله‪) :‬ل تخافي لنك ل تخزين ول تخجلين لنك ل‬ ‫تستحين( وبقوله‪) :‬برحمات عظيمة أجمعك وبالرحمة البدية رحمتك( وبقوله‪) :‬حلفت أن ل‬ ‫أغضب عليك وأن ل أوبخك( ‪ ،‬وبقوله‪) :‬رحمتي ل تزول عنك وعهد سلمي ل يتحرك( ‪ ،‬وملك‬


‫زرعها شرقا وغربا وورثوا المم وعمروا المدن في مدة قليلة ل تتجاوز اثنين وعشرين سنة من‬ ‫الهجرة‪ ،‬ومثل هذه الغلبة في مثل هذه‬

‫) ‪(4/1161‬‬

‫المدة القليلة‪ ،‬لم يسمع من عهد آدم عليه السلم إلى زمان محمد صلى ال عليه وسلم لمن يدعي‬ ‫الدين الجديد‪ً.‬ا‬ ‫وهذا مفاد قول ال‪ ،‬وزرعك يرث المم‪ ،‬ويعمر المدن الخربة سلطين السلم سلفا وخلفا اجتهدوا‬

‫اجتهادا تام ا في بناء الكعبة والمسجد الحرام وتزيينهما‪ ،‬وحفر البار والبرك والعيون في مكة‬

‫ونواحيها‪ ،‬ومن المدة الممتدة هذه الخدمة الجليلة متعلقة بسلطين آل عثمان‪ ،‬غفر ال لسلفهم‬ ‫ورضي ال عنهم وزاد ال إقبال أخلفهم ووسع مملكتهم في الجهات‪ ،‬ووفقهم للعدل والحسنات‪،‬‬

‫فهم خدموا ويخدمون الحرمين المعظمين أدام ال شرفهما من هذه المدة إلى هذا الحين كما هي‪،‬‬ ‫حتى صار لقب خادم الحرمين الشريفين عندهم أشرف اللقاب وأعزها‪ ،‬والغرباء يحبون مجاورتها‬ ‫من ظهور السلم إلى هذا الحين‪ ،‬سيما في هذا الزمان‪ ،‬وألوف من الناس يصلون إليها في كل سنة‬ ‫من أقاليم مختلفة وديار بعيدة‪ ،‬ووفى بما وعد بقوله كل إناء مجبول بضدك ل ينجح‪ ،‬لن كل‬ ‫شخص من المخالف قام بضدها أذله ال كما وقع بأصحاب الفيل‪ ،‬روي أن أبرهة بن الصباح‬ ‫الشرم لما ملك اليمن من قبل أصحمة النجاشي‪ ،‬بنى كنيسة بصنعاء‬

‫) ‪(4/1162‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.