عدد خاص
بالمجان
ورطة القرن السبت -األحد 11-10نونبر 3 - 2 /2018ربيع األول 1440
مديرالنشـر:يونسمسكين
بعد معتقلي الريف وجرادة والمهداوي..
القضاء يحكم على بوعشرين بـ
12
سنة سجنا
محاكمة بو عشرين.. قصة صمود حضور حقوقي وسياسي وازن في وقفة تضامنية أمام البرلمان
وأخيرا ،قالت املحكمة كلمتها -إن كانت ،فعال، كلمتها -وص��در حكم ق��اس ،ص��ادم ،ومؤلم ضد الصحافي توفيق بوعشرين .حكم أدار ظهره لكل النداءات الحكيمة ولكل القوى الحية في البالد. حكم أدار ظهره ملثقفني وحقوقيني وسياسيني وصحافيني .أدار ظهره لعلمانيني وإسالميني. أدار ظهره لشريفات وشرفاء ال يمكن أن يغامروا بنزاهتهم وبرصيدهم الفكري والنضالي ،ملؤازرة رجل لو أنهم علموا بأنه ،فقط ،أهان امرأة بعبارة غير الئقة ،فكيف يؤازروه لو تبني لهم أنه مغتصب ومتاجر في البشر ،وما إلى ذلك من التهم التي ال يقبلها عاقل ،كما قال رئيس الحكومة السابق عبداإلله بنكيران. لقد خ��رج خيرة أبناء ه��ذا ال��وط��ن ،وأغلبهم يخالفون توفيق بوعشرين ال���رأي والقناعة، وص��رخ��وا ف��ي وج��ه مهندس ه��ذا امللف :رفقا بصحافي متزن ..رفقا بوطن محتقن .لكن هيهات، فكلمة املحكمة – إن كانت ،فعال ،كلمتها -ذهبت ضد إرادة الجميع ،وأدانت توفيق بوعشرين بـ12
حكم الشعب ..البراءة لبوعشرين
سنة سجنا نافذا ،ولسان حالها -إن كان لها ،فعال، لسان حال -يقول :هذا ملف طويناه ،أما القضية فال تعنينا .وال يهمنا أننا بهذا الحكم نوقع إلى جانب رجل السلطة الذي تزعجه قضية الصحافة املستقلة كما تؤرقه قضية استقالل القضاء ،على خطة خنق حرية الرأي والتعبير ،وإقبار الصحافة النقدية املستقلة ،وإخراس أبرز رموز هذا النوع م��ن الصحافة ،الصحافي توفيق بوعشرين، وإل��ى جانب هذا وذاك تقديم هدية إلى خصوم املغرب ليشنعوا بنا في املحافل الدولية .ومثلما يطلقون العنان لخيالهم الحاقد ليقارن بيننا وبني إسرائيل ،سيطلقونه ليقارنوننا بالدول التي تغتال صحافييها ،ماديا أو رمزيا ،ويقولون :أوالئ��ك يذيبون صحافييهم في أسيد الهيدروفلوريك، وهؤالء يذيبونهم في أسيد إشاعة االتجار بالبشر. لقد كان القاضي املحترم جعفر حسون يقول إن القضاء في املغرب ينظر إلى قضايا الناس على أنها ملفات ،فيقول :ملف عدد كذا ،بينما كنت أنا أصر على أن أقول :قضية عدد كذا ،ألنني كنت أعرف أن
akhbartahrir@gmail.com
الناس يريدون من القاضي أن يهتم بقضاياهم ال أن يفتح لهم ملفات تحمل أرقاما ثم يطويها .إن ما قامت به محكمة االستيناف بالدار البيضاء ،منذ االعتقال التحكمي الالقانوني لتوفيق بوعشرين، وما تاله من مساطر مخالفة للقانون ،هو اختزال هذه القضية إلى مجرد ملف كانت تسارع الزمن وتطوي املراحل ،من قبيل القفز على إحالته على قاضي التحقيق ،إليصال امللف إلى حيث أريد لها أن توصله .وها قد استطاعت أن تقفله ابتدائيا، فهل نجحت في إقناع املغاربة بأن قضية اعتقال ومحاكمة توفيق بوعشرين هي قضية ذات طبيعة أخالقية؟ بالتأكيد ال ،ومن يشكك في هذا األمر فليقم بجولة على مواقع التواصل االجتماعي ليرى بأم عينيه تعليقات األغلبية الساحقة من املغاربة على ما ُينشر في هذه القضية ،وكيف
ترقب كبير ونداءات بالتعقل قبل الحكم وصدمة بعد صدوره
أن تلك التعليقات بقدر ما تؤكد مظلومية توفيق بوعشرين و"مخدومية" هذا امللف ،تزيد من تعميق هوة الالثقة بني الشعب ومؤسساته الوطنية وعلى رأسها القضاء .لقد أصدر الشعب حكمه ببراءة بوعشرين ،منذ تهاوت صكوك اتهامه وتهافتت تصريحات طابور املحامني الذين تم "توكيلهم" للصراخ في وجهه ،ثم الهرولة نحو كاميرات الصحافة إلدانته قبل حتى أن يدينه القضاء. ختاما ،هل نجح الحكم القاسي ضد توفيق ب��وع��ش��ري��ن ف��ي ح��ل إش��ك��ال��ي��ة قضية اعتقاله التحكمي الالقانوني ،التي سينظر فيها مجلس األمم املتحدة لحقوق اإلنسان في جنيف ،نهاية الشهر الجاري؟ ال ،لم ينجح في ذلك ،ألن األحكام النافذة بالسجن ال مفعول لها قبل انقضاء مراحل االستئناف والنقض ،فاملادة 398من املسطرة الجنائية تمنع تنفيذ عقوبة الحبس أو السجن النافذ الصادر ضد املتهم ،داخل أجل استئناف هذا الحكم وأثناء سريان مسطرة استئنافه ،كما أن املادة 532من املسطرة ذاتها تمنع تنفيذ العقوبة
الجنائية داخل أجل الطعن بالنقض وأثناء الطعن بالنقض ،وبالتالي ،فإن توفيق بوعشرين اليزال يقبع في سجن عني البرجة بمقتضى أمر باإليداع في السجن غير محدود املدة ،صادر -بشكل غير قانوني -عن السيد جمال الزنوري ،نائب الوكيل العام للملك ،وه��و ما ال يمكن اعتباره موافقا لسندات االعتقال القانونية املنصوص عليها في امل��ادة 608من املسطرة الجنائية التي تنص صراحة على أنه ال يمكن حرمان شخص من حريته إال بمقتضى سند صادر عن السلطة القضائية يأمر باعتقاله احتياطيا ،أو بناء على سند يأمر بتنفيذ مقرر مكتسب لقوة الشيء املقضي به ،صادر عن هيئة قضائية يقضي عليه بعقوبة السجن أو الحبس أو االعتقال أو اإلكراه البدني. لقد أصبحت هذه القضية مثل ذلك الحيوان األسطوري الذي كلما سال دمه ،خرجت منه جراء شرسة تنفث النار في وجه خالقها .لذلك ،ال حل لها إلى بمواءمة حكم القضاء مع حكم الشعب ،وتبرئة توفيق بوعشرين6.