المملكة العربية السعودية وزارة التعليم العالي الجامعة اللسلمية بالمدينة المنورة كلية الدعوة وأصول الدين قسم التربية ماجستير مسائي
عنوان البحث
إن بعض الظن ..أثم ! في مادة /تاريخ التربية اللسلمية إعداد الطالب /يولسف ملسلم صالح البلدي بأشراف الدكتور /عيد حجيج عيد الفايدي الجهني
حفظه ا ورعاه
التستاذ المشارك بقتسم التربية بكلية الدعوة بالجامعة التسلمية بالمدينة المنورة
الملستوى الثالث– الشعبة الولى
العام الجامعي الفصل الدرالسي الول 1434ـ 1435هـ
1
شكر وتقدير الحمد لله وحده والصلة والسلم على من ل نبي بعده ,وعلى آله وصحبه ومن تبعه وبعد: ل يسعني بعد اكتمال هذا البحث المعنون له بـــ ) إن بعض الظن ..اثم !( إل أن أحمد ا سبحانه وتعالى وأشكره على
عظيم نعمته ,وجليل منته ,وأسأله تعالى أن يبارك
لي فيها ,وأن يجعلها عونا لي على طاعته ,ومحبته ومرضاته ,وإنني لشكر بعد شكر ا تعالى أستاذي القدير سعادة الدكتور عيد حجيج الفائدي الجهني الستاذ في قسم التربية بكلية الدعوة وأصول الدين الذي لم يدخر وسعا في تقديم المادة بأسلوب شيق وعرض جيد ،ويوزع اهتمامه على جميع زملئي الدارسين ،ويعطي كل جليس نصيبه من الكلم والحترام والتقدير ،وفي اغلب أوقات المحاضرة يكون مبتسما مع الدارسين م المربي ,ولقد كان لرائه ع َ م الستاذ و ِن ْ ع َ ,ولقد استفدت من خلقه وعلمه الكثير فكان ِن ْ جع لي على إتمام هذا البحث ,فله مني ش ّ القيمة ,ولرحابة صدره ,وطيب معاملته ,أكبر ُم َ جزيل الشكر ومن ا المثوبة والجر.
2
فهرس المحتويات الصفحة
الموضوع -المقدمة.
4
-موضع الدرالسة.
4
-ألسئلة الدرالسة.
4
-أهمية الدرالسة.
5
-أهداف الدرالسة.
5
-التمهيد
5
-منهج الدرالسة.
6
-مصطلحات الدرالسة.
6 7 7
الفصل الول المبحث الول :.ظن السوء في ضوء القران الكريم المبحث الثاني: .ظن السوء في ضوء السنةالمبحث الثالث :سوء الظن في ضوء موقف السلفالصالح منه
الفصل الثاني
آثار ظن السوء.الفصل الثالث :علج ظن السوء المبحث الول :عل ج المجتمع. -المبحث الثاني :عل ج المظنون به
8 9 10 11 12-16 17-21 22-24 25
-الخاتمة :النتائج
26
-المصادر والمراجع.
3
بسم ا الرحمن الرحيم المقدمة: إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ،من يهده ا فل مضل له ،ومن يضلل فل هادي له ،وأشهد أن
محمد عبده ورسوله . فهذا بحث موجز حول مسألة خطيرة ،أل وهي إساءة الظن .وقد شاعت هذه المسألة إلى ح ٍد كبير جدا بين الناس ،فأصبح الحديث في العراض والحرمات والمعتقدات حديث يؤنس به في المجالس والعياذ بالله . ل ،فكل من خطر بباله خاطر ،أو جالت فالحرمات أصبحت عند الكثير أمرا هينا سه ً بخلده فكرة ،أو رأى زلة ،أو وجد له مخالف ،ظن به الظنون الزائفة ،ثم حكم على أساسها أحكاما ج ّد باطلة .وا المستعان .وهذا المر هو أهم المور التي ل ا أن ينفعني به أو ل ً ،وينفع به من قرأه أو جعلتني أكتب في هذا الموضوع ع ّ أطلع عليه ؛ وا ولي ذلك والقادر عليه . أهمية البحث) الدراسة( : -1تكمن في تربية الفرد والسرة والمجتمع فيما نتناوله من اقسام الظن في صورة تطبيقية بالواقع الذي نحياه -2تغير الواقع والسلوك من سلوك غير سوي الى سلوك سوي في التعامل مع افراد المجتمع . أهداف الدراسة : /1التعرف على نظرة السلم لمفهوم الظن بأنواعه. /2ربط حياة المسلم بكل سكناته بمنهج مصدره كتاب ا وسنة نبيه ليحصل على سعادة الدارين . وقد تسعت الدراتسة إلى الجابة عن التسئلة التالية : /1ما تعريف الظن وحالته وأقتسامه ؟ /2ماذا تعرف عن ظن في ضوء القران الكريك والتسنة المطهرة ؟ /3ماهي اثار الظن على الفرد والمجتمع؟ 4
/4ماهي كيفية علج ظن السوء؟ منهج البحث : اتخذت في هذا البحث منهجا علميا استقرائي وصفي تحليلي لليات القرآنية والحاديث النبوية وما وقف عليه علماء السلف الصالح .
وقد كانت خطتي فيه على النحو التي : او ل ً -التمهيد :ويشمل ثلثة محاور: المبحث الول :تعريف الظن . المبحث الثاني :حالت الظن. المبحث الثالث :أقسام الظن ،والمراد منه في البحث. ثاني ا -الموضوع :
إن بعض الظن ..أثم !
.ويشمل ثلث فصول : الفصل الول :المبحث الو ل /ظن السوء في ضوء القرآن الكريم . المبحث الثاني /ظن السوء في ضوء السنة النبوية. المبحث الثالث /ظن السوء و موقف السلف الصالح منه. الفصل الثاني :آثار ظن السوء . الفصل الثالث :علج ظن السوء :المبحث الو ل /لزالته من المة . المبحث الثاني /علج المبتلى وذلك فيما يتعلق بالمتهم نفسه أي المضنون به ،ولشك في أن موقف المضنون به مما أصابه يعين على إزالته بشكل عام ،وبشكل خاص أيضا . قد يجعل المضنون به فيما لو كان ضعيفا جزعا؛ يحيد عن الطريق . الخاتمة :نتائج البحث .– المراجع والمصادر 5
التمهيد: اوًل :تعريف الظن تعريف الظن :هو التردد الراجح بين طرفي العتقاد الغير جازم( 1) . وقال ابن منظور :هو شك ويقين إل أنه ليس بيقين عيانًا ،إنما هو يقين تدبر ،فأما يقين العيان فل يقال فيه إل علم . )( 2 الّظنة :بالكتسرة التهمة . والظنن :المتهم الذي تظن به التهمة . والّظنون :الرجل التسيُئ الظّن .وقيل :التسيئ الظن بكل أحد. وأظنه :أتهمه. والّتظني :إعمال الظن وأصله الّتَظُنُن. وأظننته :عرضته للتهمة.( 3). أما تعريف الصوليين: قال المدي :هو ترجح أحد الحتمالين في النفس من الرخر من غير قطع. ( 4). وقيل :ما عنه ذكٌر حكمي ،يحتمل متعلُقُة النقيض بتقديره )أي لو قّدر الذاكر النقيض لكان محتملً عنده( مع كونه راجحًا( 5) . وعرفه ابن عثيمين -رحمه ا : -إدارك الشيء مع احتمال ضد مرجوح( 6). ثانيا :حالت الظن: 6
-1حالة تعرف وتقوى بوجه من وجوه الدلة فيجوز الحكم بها وأكثر أحكام الشريعة مبنية على غلبة الظن كالقياس ....وغير ذلك من قيم المتلفات وأروش الجنايات. -2أن يقع في النفس شيء من غير دللة فل يكون ذلك أولى من ضده فهذا هو الشك فل يجوز الحكم به وهو المنهي عنه)
(7
ثالثا :أقسام الظن
-1محمود :هو ما سلم معه دين الظان من المظنون به عند بلوغه. -2مذموم :ضده.
-3بدللة قوله تعالى ) :إن بعض الظن إثم( ] الحجرات [12 :وقوله تعالى ) :ولول إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا( ] النور [12 :وقوله تعالى ) وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا( ] الفتح [12 :وقال النبي صلى ا عليه وسلم: (8
)) إذا كان أحدكم مادحا فليقل أحسب كذا ول أزكي على ا أحدا(( . وأكثر العلماء على أن الظن القبيح بمن ظاهره الخير ل يجوز وأنه ل حرج في )(9
الظن القبيح بمن ظاهره القبح قاله المهدوي
وبعضهم من قسمه إلى ثلثة
أقسام فقط: -1مباح :كالظن في المور المعاشية. -2واجب :كالظن حيث ل قاطع فيه من العمليات الواجبة الثابتة بغير دليل قطعي وحسن الظن بالله. -3محرم :كالظن في اللهيات والنبوات وحيث يخالفه قاطع وظن السوء بالمؤمنين
)(.
وجميع هذه التقسيمات متقاربة إل أن أوضحها وأشملها الول وا أعلم . والمقصود
بالبحث إن بعض الظن ..أثم . 7
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ )(1
)(2 )(3 )(4 )(5 )(6
القاموس المحيط .الفيروز ابادي ص . 1213 : لسان العرب لبن منظور .ص . 2762-2712 : القاموس المحيط ص.1213 : الحكام في أصول الحكام للمدي ص.15 : شرح الكوكب المنير ج 1ص .76 :أي مفهوم الكلم الخبري. الصول من علم الصول لبن عثيمين ص.13 :
) (7تفسير القرطبي .16/330 ل رج ل ً كفاه .3/158 .كتاب الدب باب ) (8أخرجه البخاري في كتاب الشهادات باب إذا زكى رج ً مايكره من التمادح .7/87مسلم :كتاب الزهد .باب النهي عن المدح إذا كان فيه افراط وخيف منه فتنة على الممدوح .18/125أبو داوود كتاب الدب ،باب في كراهية التمادح ، 4/255وابن ماجة ابواب الدب ،باب المدح ص ، 2/323 3789 :مسند المام أحمد .47 ، 46 ، 45 ، 5/41عن أبي بكرة. ) (7تفسير القرطبي .16/331 ) (9تفسير ابي السعود ، 8/122روح المعاني لللوسي .26/176
الفصل الول المبحث الول :ظن السوء في ضوء القرآن الكريم قال تعالى ) :يا أيها الذين ءامنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ول تجسسوا ول يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا ا إن ا تواب رحيم((
)(1
).يا أيها الذين ءامنوا( :نداء من
ا عز وجل لعباده المؤمنين وتصدير الحكم بهذا النداء يدل على :أهميته. -2إن نداء المؤمنين باسم اليمان يدل أن هذا العمل من اليمان ،وأن مخالفته مما ينقص اليمان. 1
)(
سورة الحجرات.12 :
8
-3الغراء :يعني الحث على التزام الحكم
)(2
.
فيقول ا تعالى ناهيا عباده المؤمنين عن كثير من الظن ،وهو التهمة والتخون للهل والقارب والناس في غير محله ،لن بعض ذلك يكون إثما محضا فليتجنب كثيرا منه احتياطا
)(3
.
) اجتنبوا( :أي تباعدوا عنه ،وأصله اجتنبه ،أي كان على جانب منه ثم شاع في التباعد اللزم له.
)(4
يقال جنبه الشر :إذا أبعده عنه ،وحقيقته جعله في جانب ،فيعدى إلى مفعولين. قال تعالى )) :واجنبني وبني أن نعبد الصنام(( ومطاوعه اجتنب الشر فنقص مفعو ل ً والمأمور باجتنابه بعض الظن).(5 وقوله ) كثيرا( جاءت نكرة ليحتاط في كل ظن ،ويتأمل حتى يعلم أنه من أي القبيل فإن من الظن ما يباح اتباعه كالظن في المور المعاشية ،ومنه ما يجب كحسن الظن بالله ،ومنه ما يحرم كالظن في اللهيات والنبوات ،وحيث يخالفه قاطع ،وظن السوء بالمؤمنين .وفي الحديث ما يدل على أن ا حرم من المسلم دمه وعرضه وأن يظن به إل خيرا.
)(6
وعن عائشة رضي ا عنها
مرفوعا ) من أساء الظن بأخيه فقد أساء بربه الظن ،إن ا تعالى يقول ) اجتنبوا كثيرا من الظن( ).....(7 ) من الظن( :الظن هنا مجرد التهمة التي ل سبب لها يوجبها كمن يتهم بشيء من الفواحش ولم يظهر عليه ما ينفي ذلك).(7
2 3 4 5 6
7
تفسير سورة النور لبن عثيمين. )( تفسير ابن كثير ج .6/398 )( روح المعاني ج .26/176 )( تفسير القرآن الجليل ج .3/398 )( يدل عليه حديث رواه ابن ماجه في كتاب الفتن باب حرمة دم المؤمن وماله ، 2/364 )( ح د 398/فعن عبد ا بن عمرو رضي ا عنه أنه راى رسول ا صلى ا عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول )ما أطيبك ،وأطيب ريحك ،ما أعظمك وما أعظم حرمتك ،والذي نفس محمد بيده ن به إل خيرا( .وذكره مسلم في كتاب ظ َّ لحرمة المؤمن أعظم عند ا حرمًة منك ماله ودمه ،وأن َن ُ البر ،وابو داوود في كتاب الدب ،والترمذي في البر وأحمد بن حنبل بألفاظ أخرى ليس فيها وأن نظن به إل خيرا (. ذكره السيوطي في الدر المنثور وقال أخرجه ابن مردويه وابن النجار .566-6/565 )( 9
ودليل كون الظن هنا بمعنى التهمة قوله تعالى ) :ول تجسسوا( وذلك أنه يقع له خاطر التهمة ابتداء ،ويريد أن يتجسس خبر ذلك ويبحث عنه ،ليتحقق له ما وقع له من تلك التهمة. والذي يميز الظن الذي يجب اجتنابه عما سواه ،أن كل ما لم تعرف له إمارة صحيحة وسبب ظاهر كان حراما ،وهذا يكون فيما لو كان المظنون به ممن شوهد منه التستر والصلح ،وأونست منه المانة في الظاهر ،فظن الفساد به والخيانة محرم. بخلف من اشتهر بين الناس بالفساد والمجاهرة بالخبائث
).(8
) إن بعض الظن إثم( :تعليل لما قبلها من المر باجتناب كثير من الظن ،وهذا هو ظن السوء بأهل الخير
)( 9
.
والمعيار في ذلك هو عرض هذا الظن على ما بينته الشريعة في أ حكامها من الكتاب والسنة ،وما أجمعت عليه علماء المة ،وما دل عليه الجتهاد الصحيح ،ومقاصد الشريعة ،فيمكن من خلل ذلك معرفة من هو أهل لسوء الظن ممن سواه.(10) . وقد أمرنا ا بذلك لعلمه – سبحانه -ما يترتب على ذلك المر من شرور عظيمة ،وأخطار جسيمة قد تسري إلى المة بأسرها. وذلك أن سوء الظن الذي في القلب ل يزال بصاحبه حتى يقول ما ل ينبغي ،ويفعل ما ل ينبغي. ) إثم( :هو ما يستحقه الظان من العقوبة ،وهو إثم كبير لما قد يترتب عليه من قول باطل أو فعل سوء أو تعطيل معروف
)(11
.
ونحن مسئولون أمام ا – تعالى -عن كل ما نقول أو نفعل.
8
)(
9
)(
10
)(
11
)(
تفسير القرطبي .16/320وتفسير الشوكاني5/64 : تفسير الشوكاني.5/64 : تفسير التحرير والتنوير.26/251 : تفسير الشوكاني ،5/64 :تفسير الجزائري.4/295 : 10
فل ينبغي أن يكون قولنا السيئ مبني على جهل وظن ووهم ،قال تعالى : )) ول تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئول(( ] السراء[36 : فذم الخرين بما ليس للمرء به علم ،وتتبع الحدس والظنون والقذف بالباطل ،كل ذلك داخل في هذا النهي).(12 والمرء يوم القيامة يسأل عن أفعال جوارحه ،فيقال له :لم سمعت ما ل يحل لك سماعه! ؟ ولم نظرت إلى ما ل يحل لك النظر إليه! ؟ ولم عزمت على ما لم يحل لك العزم عليه! ؟... ويدل على هذا المعنى آيات كثيرة في كتاب ا – تعالى -منها قوله عز وجل )) ولتسألن عما كنتم تعملون(( ] النحل .[93 :ونحو ذلك من اليات
)(13
.
ومما سبق يتبين لنا أن موقف الكتاب من سوء الظن بالمسلمين كان موقفا واضحا
بارزا جليا ل ينبغي الستهانة أو التساهل به.
المبحث الثاني ظن السوء في ضوء السنة: إن السنة المطهرة كذلك كان لها موقفا حاسما مع ظن السوء فها هو رسول ا صلى ا عليه وسلم يقول ) :إ َّياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث(
).(14
ففي هذا الحديث نهي صريح عن ظن السوء بالمسلم السالم في دينه وعرضه.
12 13 14
15
)(15
تفسير القرطبي.258-1/257 : )( تفسير الشنقيطي.590-3/589 : )( البخاري ،كتاب الدب ،باب ما ينهى من التحاسد والتدابر )يا أيها الذين ءامنوا اجتنبوا كثيرا من )( الظن( ،10/484حد6066-6064 :ـ فتح الباري ،484 ،10/481حد .6066 ،6064 )( 11
ومعنى الحديث :أن ظن السوء غالبا يكون خلف الواقع فيكون أكذب الحديث ،أي من أحاديث النفس التي تقع في القلب بل مستند لها يجوز اتباعها )(16
.
ومعنى كونه أكذب الحديث ،مع أن الكذب خلف الواقع ،فل يقبل النقص وضده ،أي أن الظن اكثر كذبا ،أو أن إثم هذا الظن أزيد من إثم الحديث الكاذب ،أو أن المظنونات التي يقع الكذب فيها أكثر من المجزومات.
)(17
وقد خاف رسول ا صلى ا عليه وسلم على أصحابه رضي ا عنهم من سوء الظن به ووسوسة الشيطان مما قد يفضي إلى هلكهم ،فقال عندما لقيه صحابيان وقد كان خرج من معتكفه يوصل صفية – رضي ا عنها )-إنها صفية( فقال :يا رسول ا – سبحان ا -قال ) :إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ،وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا فتهلكا(
)(18
وإذا كان هذا الحال بالنسبة للصحابة – رضوان ا عليهم -وهم خير هذه المة ،فينبغي لنا نحن الحذر أكثر من مغبة هذا المر،ومراعاة حرمة المؤمن، فهي حرمة عظيمة قال عنها رسول ا – صلى ا عليه وسلم )) :-إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا((
16 17 18
19
)(19
.
بذل المجهود في حل أبي داوود .19/158 : )( تحفة الحوذي.6/106 : )( فتح الباري ،10/484 :تخريج حديث البخاري كتاب الدب باب التكبير والتسبيح عند العجب ،10/958 )( ،6219مسلم كتاب السلم ،باب من رؤي خاليا بامرأة كانت زوجه ،4/156حد .25 -24 البخاري :كتاب التوحيد .باب قول ا تعالى )وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة( ، 13/424 )( ،7447مسلم :كتاب القسامة .باب تغليظ تحريم الدماء والعراض والموال .30 ،11/170 12
المبحث الثالث سوء الظن في ضوء موقف السلف الصالح منه لقد كان السلف الصالح – رضوان ا عليهم -عاملين بما في الكتاب والسنة من النهي عن ظن السوء،مانعين منه أنفسهم ،محذرين منه غيرهم. فهاهم – رضوان ا عليهم ُ-تنقل عنهم جملة من القوال والفعال الدالة على ذلك. فمن أقوالهم الدالة على التحذير من ظن السوء ،قول عمر بن الخطاب
)(20
–
رضي ا عنه ) :-من تعرض للتهمة فل يلومن من أساء به الظن ،ومن كتم سره كان الخيار إليه ،ومن أفشاه كان الخيار عليه،وضع أمر أخيك على أحسنه ،حتى يأتيك منه ما يغلبك ،ول تظنن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن إل خيرا ،وأنت تجد لها في الخير محم ل ً ( )(22
وكذا قال بن عباس
يظن بالمؤمن شرا(
)(23
)(21
.
– رضي ا عنه وعن أبيه ) :-نهى ا تعالى المؤمن أن .
وقال سعيد بن جبير) – (24رحمه ا -في تفسيره لية الحجرات ) :هو الرجل ء ،أو يدخل مدخ ل ً ل يريد به سوء فيراه يسمع من أخيه كلما ل يريد به سو ً أخوه المسلم فيظن به سوء( ).(25
20
21 22
23 24
25
عمر بن الخطاب :هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن كعب بن لؤي أول )( خليفة ُدعي بأمير المؤمنين ،وأول من كتب التاريخ للمسلمين ،وأول من جمع الناس على التراويح... توفي 23هـ )صفة الصفوة.(1/746 : الدر المنثور.7/566 : )( ابن عباس هو عبد ا بن عباس ابن عم رسول ا × ولد قبل الهجرة بثلث سنين وتوفي )( النبي –×-وهو ابن ثلث عشرة سنة وكان حبر المة توفي 68هـ )صفة الصفوة.(1/746 : تفسير ابن كثير.6/379 : )( سعيد بن جبير :هو سعيد بن جبير بن هشام السدي أحد أعلم التابعين ،أخد العلم عن ابن )( عباس وابن عمر ،قتله الحجاج ،قال أحمد بن حنبل عنه :قتل الحجاج سعيد بن جبير وما على وجه الرض أحد إل وهو مفتقر إلى علمه توفي سنة ،95وقيل ) ،94وفيات العيان ،2/371صفة الصفوة .(4/77 زاد المسير.7/469 : )( 13
الفصل الثاني :آثار ظن السوء ظن السوء له آثار خطيرة وجسيمة على الفرد والمجتمع والمة ،ومن هذه الثار: -1العداوة والبغضاء :وهو أمر عظيم وخطير ،حيث أن إساءة الظن توجب بغض المظنون به وعداوته والمرء مأمور بخلفها. وفي هذا يقول الشيخ عبد الرحمن ناصر السعدي) –(26رحمه ا )) :-نهى ا عن كثير من الظن السيئ بالمؤمنين حيث قال تعالى ) :إن بعض الظن إثم( وذلك كالظن الخالي من الحقيقة والقرينة ،وكظن السوء الذي يقترن به كثير من القوال والفعال المحرمة ،فإن بقاء ظن السوء بالقلب ل يقتصر صاحبه على مجرد ذلك ،بل ل يزال به حتى يقول ما ل ينبغي ويفعل ما ل ينبغي وفي ذلك أيضا إساءة ظن بالمسلم وبغضه وعداوته المأمور بخلفها منه((
)(27
نعم المأمور هو الولية والمحبة فيما بين المؤمنين ،فالمؤمن ولي المؤمن كل واحد منهما يحب الخر ،وينصره ،ويتعاون معه ،ول يدعي عليه دعوى باطلة ،هكذا المؤمنون والمؤمنات أولياء).(28
26
27 28
عبد الرحمن ناصر السعدي :هو ابو عبد ا عبد الرحمن بن ناصر بن عبد ا آل سعدي من )( قبيلة تميم ولد في عنيزة عام 1307هـ .من مصنفاته :تسير الكريم الرحمن في تفسير كلم المنان، ارشاد أولي البصائر واللباب لمعرفة الفقه بأقرب الطرق وأيسر السباب ،الدرة المختصرة في محاسن السلم وفاته 1376هـ و)تفسيره 1/5 :معجم المؤلفين .(13/396 تيسير الكريم الرحمن.7/137 : )( اخلق المؤمنين و المؤمنات شريط لبن باز. )( 14
ول يجوز تحكيم الهوى المجرد ،والظنون الباطلة الناتجة عن وهم وحدس في هذا المبدأ أل وهو الولء و البراء ،بل يجب تحكيم دين ا في كل شيء. يقول الشيخ ابن باز ) –(29رحمه ا ) :-يجب على المسلم أن يتمسك بالسلم كله ،وأن يحذر أسباب الفرقة والختلف في جميع الحوال ،فعليك أن تحكم شرع ا ..مع العدو والصديق ، ..دين ا يجب أن يحكم في كل شيء ،وإياك أن توالي أخاك ،لنه وافقك في كذا ،وتعادي الخر لنه خالفك في رأي أو مسألة ،فليس هذا من النصاف فالصحابة – رضي ا عنهم -اختلفوا في مسائل ،ومع ذلك لم يؤثر ذلك في الصفاء بينهم والموالة والمحبة ،فالمؤمن يعمل بشرع ا ويدين بالحق ويقدمه على كل أحد بالدليل ،ولكن ل يحمله ذلك على ظلم أخيه ،وعدم إنصافه إذا خالفه في الرأي في مسائل الجتهاد التي قد يخفى دليلها(
)(30
.
-2تفويت المنفعة :فمن ظن بأحد سوء وكان الخر ذا علم وفضل ترك الستفادة منه ،مما يفوت عليه منفعته،فيخسر النتفاع بمن ظنه ضارا ،أو ل ،أو تحصيل علم ممن ظنه جاه ل ً ونحو ذلك الهتداء بمن ظنه ضا ً
)(31
.
-3الضيق والحزن :فظن السوء يؤدي إلى الضيق والحزن فالنسان الذي يسيء الظن هو الذي يتضايق ويحزن . وذلك قد يمثل فيما لو مث ل ً نظر أحدهم للخر نظرة غريبة أو لم يبال حين سلم عليه ،أو لم يأت منزله أو نحو ذلك ،فيظن الخر أنه كاره له ...أو نحو ذلك من الظنون فيضيق ويحزن ،فحسن الظن يؤدي إلى طمأنينة القلب بعكس سوء الظن
29
30 31 32
). (32
عبد العزيز بن باز :هو أبو عبد ا عبد العزيز بن باز ولد في الرياض 1330هـ من مشايخه: )( محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ ،سعد بن محمد العتيق وهو رئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء اليوم من مؤلفاته :الفوائد الجلية في المباحث الفرضية ،التحذير من البدع ،،العقيدة الصحيحة وما يضادها )المم الشيخ عائض القرني(. مجموع فتاوى ومقالت 347 – 346بإختصار . )( تفسير التحرير والتنوير.26/251 . )( انظر الحزن والكتئاب على ضوء الكتاب والسنة.41-4 : )( 15
-4القطيعة :فظن السوء يؤدي إلى الشقاق والخلف والقطيعة في صفوف المسلمين ،وقد حذرنا ا من ذلك فقال تعالى )) :واعتصموا بحبل ا جميعا ول تفرقوا((] آل عمران[1: فل ينبغي أن يجعل لسوء الظن سبي ل ً للتفرقة بين أفراد المة. وقد حذرنا من ذلك رسول ا – صلى ا عليه وسلم -فقال ) :تفتح أبواب الجنة يوم الثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد ل يشرك بالله شيئا إل رج ل ً كانت بينه وبين أخيه شحناء( ).(33 وهذا المر له خطورته فيما لو كان المظنون به امرء مسلما فحسب ،ولكن يزداد المر خطورة فيما لو كان المظنون به من ذوي الرحام والقارب ،وقد أمرنا ا بصلة الرحام فقال تعالى )) :واتقوا ا الذي تساءلون به والرحام((] النساء[1 :
وحذرنا من قطيعتها فقال تعالى )) :فهل عسيتم إن
توليتم أن تفسدوا في الرض وتقطعوا أرحامكم، – صلى ا عليه وسلم
] محمد[23 ، 22 :
وقال الرسول
ل يدخل الجنة قاطع رحم( ).(34 )-
-5الغيبة والنميمة :والغيبة أمر يترتب على سوء الظن في كثير من أحيانه، وقد ذكر ا في آية الحجرات إساءة الظن وأردف بالنهي عن الغيبة. فقال تعالى )) :ول يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه(( ] الحجرات.[12 : وفي هذه الية يقول ابن القيم
)(35
– رحمه ا ) :-هذا من أحسن القياس
التمثيلي فإنه شبه تمزيق عرض الخ بتمزيق لحمه،ولما كان المغتاب عاجزا عن دفعه عن نفسه بكونه غائبا عن مجلس ذمه ،كان بمنزلة الميت الذي يقطع لحمه ول يستطيع أن يدفع عن نفسه ولما كان مقتضى الخوة التراحم والتواصل والتناصر ،فعلق عليها المغتاب ضد مقتضاها من الذم والعيب والطعن :كان ذلك نظير تقطيع لحم أخيه ،والخوة تقتضي حفظه وصيانته 33 34
35
)( مسلم :كتاب البر والصلة والداب باب النهي عن الشحناء .36-35 ،16/122 البخاري :كتاب الدب ،باب إثم القاطع ،5984 ،10/414مسلم :كتاب البر والصلة والداب ،باب )( صلة الرحم وتحريم قطيعتها ،19-18 ،114-16/113 ابن القيم :هو محمد بن أبي بكر بن أيوب ثم الدمشقي الحنبلي ولد سنة 691وله مؤلفات )( عديدة منها زاد المعاد في هدي خير العباد ،إغاثة اللهفان من مكايد الشيطان أعلم الموقعين وغيرها )معجم المؤلفين ) (9/106البداية والنهاية (7/246 16
والذب عنه .ولما كان المغتاب متمتعا بعرض أخيه متفكها بغيبته وذمه ،متحليا بذلك شبه بآكل لحم أخيه بعد تقطيعه.(36) (... ا ورسوله وقال الرسول ا – صلى ا عليه وسلم ) :-أتدرون ما الغيبة؟ قالوا : أعلم ،قال :ذكرك أخاك بما يكره ،فقيل :أرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ فقال :إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه فقد بهته( ).(37 وكذا سوء الظن يؤدي إلى نشر النميمة ،فهذا يظن ظنا مشينا يسير به بين الناس .وأمر النميمة خطير جدا وقد حذرنا ا منها فقال تعالى )) :ول تطع كل حلف مهين هماز مشاء بنميم(( ] القلم [11-10 :وقال الرسول صلى ا ل يدخل الجنة نمام(( عليه وسلم ))
).(38
-6التحقير والسخرية :وهو أثر آخر لساءة الظن فيسيء الظن ثم يحتقر ل يسخر قوم من قوم عسى ويسخر متناسيا إثم ذلك ومغبته ،قال تعالى )) : أن يكونوا خيرا منهم ] ((...الحجرات[11 : وقال رسول ا – صلى ا عليه وسلم )-بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم((
).(39
-7التحسس والتجسس :أمر قد يكون الحركة التالية للظن ،وقد يكون حركة ابتدائية لمن كانت هوايته البحث عن الستار والكشف عن العورات – والعياذ بالله- وا تعالى نهى عن هذا العمل الدنيء فقال تعالى )) :ول تجسسوا(( ] الحجرات.[12 : وقال الرسول – صلى ا عليه وسلم ) :-يا معشر من أسلم بلسانه ،ولم يفض اليمان إلى قلبه ،ل تؤذوا المسلمين ول تعيروهم ،ول تتبعوا عوراتهم ،فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع ا عورته ،ومن يتبع ا عورته يفضحه ولو 36 37 38 39
أعلم الموقعين 170-1/169ـ. )( مسلم كتاب البر والصلة والداب ،باب تحريم الغيبة .70 ،16/142 )( مسلم كتاب اليمان ،باب بيان غلظ تحريم النميمة .168 ،1/142 )( مسلم كتاب البر والصلة والداب ،باب تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وعرضه وماله )( .32-16/120 17
في جوف رحله(
)(40
وفي هذا الحديث وعيد شديد لمن كان هذا ديدنه
وسلوكه. كما قد ورد عن السلف الصالح – رضوان ا عليهم -ما يدل على عنايتهم باجتناب هذا المر ،فعن ابن مسعود
)(41
– رضي ا عنه -أنه أتي برجل ،فقيل
له :هذا فلن تقطر لحيته خمرا ،فقال عبد ا ) :قد نهينا عن التجسس ولكن إن يظهر لنا شيء نأخذ به(
).(42
-8شيوع الفاحشة :وذلك أن كثرة الحديث عن الفواحش والذنوب والثام، وإن كانت غير صحيحة وإنما مبناها على ظنون وأوهام هي سبب كبير في تفشى الفاحشة وشيوعها. فل يزال يتكرر حديث الفحش حتى يصبح أمرا مألوفا ل يستنكره أحد ،بل قد يزيد حتى يستمرئ الحديث ولذا كان موقف السنة حاسما من المجاهرة بالفواحش والذنوب فقال الرسول – صلى ا عليه وسلم ) :-كل أمتي معافى إل المجاهرون(
)(43
،وما
كان ذلك التوعد إل لعظم خطره ،وكبير أثره . -9الطعن في النساب وانتهاك العراض :وهكذا فإن الظنون الواهية قد تصبح سببا في الطعن في النساب ،وانتهاك العراض فبين يوم وليلة؛ قد يصبح المرء متهم في عرضه ،مقدوح في نسبه ،وما ذاك إل لنه في اليوم الول قال فلن :أظن فلنا زانيا ،أو خبيثا ،وفي اليوم التالي :أصبح ذاك يقينا. وهكذا يتناسى الناس ويتغافلون عن هذه الجرائم ،تاركين المنهج السديد ،قال الرسول – صلى ا عليه وسلم ) :-اثنتان هما بالناس كفر :الطعن في النسب ،والنياحة عل الميت(
40 41
42 43
صحيح الترمذي :كتاب البر ،باب ما جاء في تعظيم المؤمن .1655 ،2/200 )( ابن مسعود :هو عبد ا بن مسعود يكنى أبا عبد الرحمن ،أسلم قبل دخول الرسول –×-دار )( الرقم ،وهاجر إلى الحبشة الهجرتين ،وشهد بدرا والمشاهد كلها ،وكان صاحب رسول ا –×-ووساده وسواكه ونعليه وكان عالما ،مات سنة 32هـ )صفة الصفوة .(1/395 تفسير ابن كثير .60/379 )( البخاري :كتاب الدب ،باب ستر المؤمن عن نفسه .6069 ،10/486مسلم كتاب الزهد ،باب )( النهي عن هتك النسان ستر نفسه .52 ،18/119 18
)(44
.وقال عليه الصلة والسلم ):إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام ،كحرمة يومكم
هذا في شهركم هذا ،في بلدكم هذا(
)(45
.
ومن كان هذا صنيعه فأين هو من هذا المنهج السديد .وا المستعان. -10التكفير والتفسيق :هو أمر أخطر مما سبقه ،ينبغي التنبه إليه ،والحذر منه ،قال الرسول – صلى ا عليه وسلم )-ل يرمي رجل رج ل ً بالفسوق ،ول يرميه بالكفر إل ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك(
)(46
.
نعم هو أمر خطير ل ينبغي التساهل فيه ،وترك العنان له يسير في المة كيف يشاء؟ يسير بل ضابط سليم ،ول أساس صحيح؟ يسير وفق هوى مجرد ،وظن موهم. فإذا رأى أحدهم من يخالفه ،ولو في أمر هين يسير ،كفره أو فسقه. قال ابن تيمية– رحمه ا ) :-وما زال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل ،ولم يشهد أحد منهم على أحد بكفر ول بفسق ول معصية، ...كمسألة رؤية النبي – صلى ا عليه وسلم -ربه ،ومسألة سماع الميت كلم الحي ،وتعذيب الميت ببكاء أهله ،وغير ذلك( ) .(47وهذا فيما عدا الواجبات والمحرمات ،وما كان من شرائع السلم الظاهرة ،فهذا بل شك ،يكفر الواحد بجحودها بل يقاتل
).(48
وإذا كان المر بهذا الخطورة كان لزاما التثبت فيه ،والسير على منهج سديد فيه ،وهذا النهج هو كما يذكره لنا الشيخ محمد بن صالح العثيمين
)(49
– رحمه
ا -حيث قال ) :الحكم بالتكفير والتفسيق ليس إلينا بل هو إلى ا – تعالى- ورسوله – صلى ا عليه وسلم -فهو من الحكام الشرعية التي مردها إلى الكتاب والسنة ،فيجب التثبت فيه غاية التثبت ،فل يكفر ول يفسق إل من دل 44 45 46 47 48 49
مسلم :كتاب اليمان ،باب إطلق اسم الكفر على الطعن في النسب والنياحة .121 ،1/57 )( سبق تخريجه ص: )( البخاري :كتاب الدب ،باب النهي عن السباب والفسوق .6045 ،10/464 )( مجموع الفتاوى .231-3/229 :بتصرف يسير واختصار. )( دحض شبهات على التوحيد من سوء الفهم لثلثة أحاديث.55-53 : )( محمد بن صالح العثيمين :هو محمد بن صالح بن محمد بن عثمين الوهيبي ،ولد في عنيزة )( عام 1347هـ من مشايخه ،عبد الرحمن السعدي ،وابن باز ،من مؤلفاته تلخيص الجزرية ،تفسير آيات الحكام شرح عمدة الحكام ،نيل الرب في قواعد ابن رجب )علماؤنا فهد البورابي ،فهد البراك( 19
الكتاب والسنة على كفره أو فسقه ،والصل في المسلم الظاهر العدالة بقاء إسلمه ،وبقاء عدالته حتى يتحقق زوال ذلك عنه بمقتضى الدليل الشرعي، ول يجوز التساهل في تكفيره أو تفسيقه ،لن في ذلك محذورين عظيمين: الول :افتراء الكذب على ا في الحكم وعلى المحكوم عليه في الوصف الذي نبزه به. والثاني :الوقوع فيما نبز به أخاه إن كان سالما منه ...وعلى هذا فيجب قبل الحكم على المسلم بكفر أو فسق أن ينظر في أمرين :أحدهما :دللة الكتاب والسنة على هذا القول أو الفعل الموجب للكفر أو الفسق. ولخر :انطباق هذا الحكم على القائل المعين ،أو الفاعل المعين بحيث تتم شروط التكفير و التفسيق في حقه وتنتفي الموانع.(50) (.. -11إزهاق النفس وإهدار الموال :فكم نفس أزهقت ،وأموال أهدرت بكلمة زور وبهتان خرجت – وا المستعان -وقتل النفس من أبشع الجرائم قال تعالى )) :من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الرض فكأنما قتل الناس جميعا(( ] المائدة.[32 : ل يزال المرء في فسحة من دينه ما لم وقال الرسول – صلى ا عليه وسلم ) :- يصب دما حراما(
).(51
وكذا غرم الناس أموا ل ً طائلة بظنون خاطئة ،والمال له حرمة ل تخفى ،قال تعالى )) :ول تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل((] النساء[29 : وقال الرسول – صلى ا عليه وسلم ) :-من ظلم قيد شبر من الرض طوقه من سبع أرضين(
)(52
.
-12استغلل العداء لهذا المر والستفادة منه:
50 51
52
القواعد المثلي في صفات ا وأسمائه الحسنى. 89-78 : )( البخاري :كتاب الديات ،باب قوله ا تعالى)) :ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم(( )( .6862 ،12/1871 البخاري :كتاب المظالم ،باب إثم من ظلم شيئا من الرض ،2453 ،5/13مسلم :كتاب )( المساقاة .142 ،11/50 20
قد يستغل العداء هذا المر في التفرقة بين المسلمين وإثارة الشكوك بين الصفوف ،ومن ثم اجتذاب ضعاف النفوس إلى جانبهم ،والتغلب عليهم. وهذا يتضح جليا من حادثة الفك ،فمن آثارها ما أراد سوى التفرقة بين المسلمين والنيل منهم. وكذا يتضح من محنة ابن تيمية
)(53
– رحمه ا -حيث حسد بعض العلماء ذلك
العالم الجليل وقد وجد الحسد الحطب الذي ينفث فيه النار وتحرق بها المحسود. فقول الحق الذي كان يجري على لسانه ،الطوائف الكثيرة أغضبها ذلك وأغضبها محاربته لهل الباطل كالشيعة والصوفية ...فكان هؤلء ممن ثاروا وأوغروا الصدور ،وأزعجوا المراء بالشكوى منه المرة بعد المرة ،وأثاروا الغبار حوله ...لينالوا ما يريدون).(54 وكذا الحال بالنسبة للشيخ – محمد بن عبد لوهاب) -(55رحمه ا -فلما اشتهر الشيخ وكتب الكتابات الكثيرة ،وألف المؤلفات القيمة ونشرها بين الناس ظهر جماعة كبيرة من حساده ومخالفيه ،وظهر أيضا أعداء آخرون وصار أعداؤه وخصومه قسمين :قسم عادوه باسم العلم واليمان وقسم عادوه باسم السياسة ،ولكن تستروا باسم العلم والدين ؛ فتارة يقولون عنه أنه من الخوارج ،وتارة يخرق الجماع ...وهكذا).(56 الفصل الثالث :علج ظن السوء المبحث الول :علج المجتمع. يكون بأمور :المر الول ) :معرفة عظم هذا المر(
53
54 ( (53انظر :ابن تيمية حياته وعصره وآراؤه وفقهه.51-50 : (54)55محمد بن عبد الوهاب :هو محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي النجدي زعيم النهضة الدينية الصلحية الحديثة في جزيرة العرب ولد 1115هـ ونشأ في العيينة بنجد وله مصنفات أكثرها رسائل منها: كتاب التوحيد ورسالة كشف الشبهات وتفسير الفاتحة وتفسير شهادة أن ل إله إل ا ،توفي 1206هـ )العلم للزركلي .(7/137 (55)56مجموع فتاوى ومقالت لبن باز.369-1/368 :
21
فمعرفة عظم هذا المر ،ومدى خطورته وأثره ،وحكم الشرع قبل ذلك فيه، بل شك سبب عظيم في تركه واجتنابه. فل بد دوما من معرفة الداء حتى يعرف الدواء. فإذا علم هذا المر ،وما موقف الكتاب والسنة ،وما كان من نهج السلف الصالح فيه ،وما مدى تأثيره البالغ وأذاه الجسيم؟ أمكن تسطير العلج وذكره ومن ثم العمل به – بأذن ا.- المر الثاني ) :التقوى والورع والمراقبة( فالتقوى والورع والمراقبة ،كل هذه أساسيات في عمل كل طاعة ،وترك كل معصية. فمتى اتقى ا المرء هذب أقواله وأفعاله ،وحرص أن يكون كل ما يصنعه في مرضاة ا – تعالى –. ولو أحس كل فرد أن ا معه يحصي حركاته ،ويسجل أعماله فلبد أن ينضبط سلوكه وفكره ،وينضبط شعوره وقلبه ،ل لن الناس معه ،وهو مضطر إزاءهم أن يكون تقيا ومنضبطا ،وإنما لن ا معه )) إل هو معهم أينما كانوا(( ] المجادلة.[7 : والتاريخ السلمي حافل بنماذج من الرجال والنساء الذين صفت أنفسهم، وطهرت سرائرهم ،ولم يكن في مقدور الفرد منهم أن ينال من غيره في غيبته ،وهو يعلم أن كلمه يكتب ،وحديثه يسجل )) ما يلفظ من قول إل لديه رقيب عتيد(( ] ق [18 :رقيب مسجل كل حركة كل همسة ،كل كلمة )) ...إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئول(( ] السراء[36 :
)(57
فهو موقن بأنه سيسأل يوم القيامة عن أفعال جوارحه كلها. المر الثالث ) :عدم استدعاؤه(:
57
)( انظر الجتهاد في الشريعة السلمية ،وبحوث أخرى من البحوث المقدمة لمؤتمر الفقه السلمي الذي عقدته جامعة المام محمد بن سعود.291-290 / 22
فالظن يبدأ غالبا كخاطرة؛ فهو يحصل في خاطر النسان اضطرارا عن غير اختيار).(58 وقد قال ابن القيم – رحمه ا )-واعلم أن ورود الخواطر ل يضر ،وإنما يضر استدعاؤه ومحادثته ،فالخاطر كالمار على الطريق ،فإن لم تستدعه وتركته مر وانصرف عنك ،وإن استدعيته سحرك بحديثه ،وخدعه ،وغره ،وهو أخف شيء على النفس الفارغة الباطلة ،وأثقل شيء على القلب والنفس الشريفة السماوية المطمئنة(
).(59
وحيث كان المر كذلك ،لزم مراعاة الخواطر ،وعدم تركها كما تشاء تلهو بعقل المرء وقلبه ،فيحكم بها على مال سند له ول استدلل عليه. المر الرابع ) :صون الذن عن استماع الغمز( ول شك أن استماع الغمز واللمز ،مما يورث مساوئ الظنون ،وما من جارحة هي أشد ضررا على العبد بعد لسانه من سمعه. وقد صدق القائل: فإنك عند استماع القبيح وقد قال ابن حجر
)(61
شريك لقائله فانتبه
)(60
– رحمه ا -ضمن ما ذكره من فوائد حادثة الفك:
) وفيه ذم الغيبة ،وذم سماعها ،وزجر من يتعاطاها لسيما إن تضمنت تهمة المؤمن بما لم يقع منه( ).(62 المر الخامس ):الشتغال بعلج عيوب النفس واللتفات إليها دون عيوب الخرين( فاللتفات إلى عيوب الخرين وتفصيلها بل داع ،أو مبرر ،أنما هو هوى دافع لساءة الظنون.
58 59 60 61
62
)( تفسير التحرير والتنوير .260/251 )( الجواب الكافي.138 : )( أدب الدنيا والدين.274 : )( ابن حجر:هو أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلني الشافعي ،محدث مؤرخ أديب شاعر ولد عام 773وتوفي 852زادت تصانيفه التي معظمها في الحديث والتريخ والدب والفقه على مائة وخمسين مصنفا منها :فتح الباري ،الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة)تذكرة الحفاظ (5/326 )( فتح الباري.8/482 : 23
وقد قال ابن القيم – رحمه ا ) :-من عرف نفسه اشتغل بإصلحها عن عيوب الناس ،ومن عرف ربه اشتغل به عن هوى نفسه( ).(63 نعم من عرف نفسه اشتغل بإصلحها وتهذيبها وتقويمها عن تتبع أخطاء الناس وزلتهم ،ولما كان حاله كما ذكر أبو هريرة
)(64
– رضي ا عنه )-يبصر
أحدكم القذاة في عين أخيه وينسى الجذع في عين نفسه( ).(65 وقال أبو حاتم) ) :(66وإذا كان من السلمة ترك التجسس على عيوب الناس، مع الشتغال بإصلح عيوب نفسه ،فإن اشتغل بعيوبه عن عيوب غيره ،أراح بدنه ولم يتعب قلبه ،فكلما اطلع على عيب لنفسه هان عليه ما يرى مثله من أخيه ،ومن اشتغل بعيوب الناس عن عيوب نفسه ،عمى قلبه ،وتعب بدنه، وتعذر عليه ترك عيوب نفسه( ).(67 المر السادس ) ستر عيوب الناس( فإذا ظهر لحد عيب في أخيه فعليه ستره ،وعدم إشاعته وإذاعته ،أو التكلم به في كل حين وفي كل مجلس. وكل ذلك منهي عنه قال تعالى )) :إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين ءامنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والخرة وا يعلم وأنتم ل تعلمون(( ] النور[19 : وهذا تأديب لمن سمع شيئا من الكلم السيئ ،فقام بذهنه شيء منه ،وتكلم به ،فل يكثر منه ،ول يشيعه ول يذيعه. وتوعد ا من فعل ذلك بالعذاب الليم في الدنيا والخرة ،وأمرهم برد المور كلها إليه ليرشدوا. 63 64
65 66
67 68
)(68
الفوائد.104 : )( ل ،وأشهرها عبد شمس بن عامر أبو هريرة :اختلفوا في اسمه واسم أبيه على ثمانية عشر قو ً )( فسمي في السلم عبد ا ،وكان له هرة صغيرة فكنى بها ،وهو من أكثر المحدثين توفي سنة 57هـ وقيل تسع وخمسين )صفة الصفوة .(1/685 الدب المفرد للبخاري.13 : )( أبو حاتم :محمد بن حبان بن أحمد السبتي محدث حافظ مؤرخ فقيه لغوي واعظ من تصانيفه )( الثقات ،المسند الصحيح في الحديث ،معرفة القبلة توفي 354هـ )تذكرة الحفاظ ،3/920سير أعلم النبلء .(1/166 روضة العقلء ونزهة الفضلء.125 : )( تفسير ابن كثير .5/70 )( 24
وقال ابن تيمية– رحمه ا )-وفي الية نهي عن تلقي مثل هذا باللسان ،ونهي عن أن يقول النسان ما ليس له به علم ،لقوله تعالى )) :ول تقف ما ليس لك به علم((] السراء [36 :وا جعل في فعل الفاحشة والقذف من العقوبة ما لم يجعله في شيء من المعاصي(
).(69
المر السابع ) تقديم الظن الحسن( وهذا امتثا ل ً لقوله تعالى )) :لول إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا أفك مبين((] النور.[12: فيجب على المؤمنين إذا سمعوا سوء عن إخوانهم أن يقدموا الظن الحسن والخير بهم ،ويقولون هذا أفك مبين. المر الثامن ) :التثبت والتمحيص والتشكك في صدقه إلى أن يتبين موجبه( المر التاسع ) :أن يعرضه على ما بينته الشريعة( وهو أمر تابع لما سبقه ،فإن المرء إذا وجد شيئا قادحا كما يراه ،ل يكتفي برؤيته هو ،بل عليه أن يعرضه على ما بينته الشريعة ،قبل أن يقرر القرار النهائي. وفي هذا يقول الشيخ ابن عثيمين– رحمه ا )-يجب قبل الحكم على المسلم بكفر أو فسق ،أن ينظر في أمرين:
أحدهما :دللة الكتاب أو السنة على أن هذا القول أو الفعل موجب للكفر أو الفسق. الثاني :انطباق هذا الحكم على القائل المعين أو الفاعل المعين(...
).(70
المر العاشر ) عدم التحقق والتجسس( وقد يظن أن هذا يخالف ما سبق من حث على التثبت والتمحيص ،ولكن المر ليس كذلك، فالتثبت والتمحيص يكون بعد ظهور أمر يوجبه ،أما التجسس المقصود هنا فهو البحث عن الخبايا والستار ،دون أن يكون هناك ما يوجبه ،بل كل ما في المر أوهام وخواطر وظنون ،ل أساس لها بل باطلة.
69
)(
70
)(
الفتاوى.15/331 : القواعد المثلى في صفات ا وأسمائه الحسنى.89-87 : 25
وهذا السلوك وهو التحسس والتجسس كثيرا ما يلجأ إليه من يتهم غيره بسوء ،فيقول: سأحاول أن أتحقق فيتجسس على غيره بغير حق ،وبذلك يرتكب ذنبا آخر ،وأحيانا بعد التجسس ،يصل إلى نتيجة تحقق له ظنه ،فيغتاب أخاه المسلم ،ويذكره بسوء ،فيرتكب ثلث آثام ،وهكذا يجر ظن السوء إلى آثام عديدة ،إن لم يبتره المرء ،ويقطع مادته من جذورها .ولذلك نهى ا عن التجسس والغيبة ،بعد النهي عن سوء الظن ،تنبيها للمسلم، وتحذيرا له من التورط فيما يجره سوء الظن بالمسلم الظاهر العدالة المستور.
)(71
المر الحادي عشر ) عدم العمل بموجبه والتحدث به( وفي هذا المر يقول ا تعالى )) :ولول إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم((] النور .[16 :فهذا تأديب من ا للمرء إن علق بنفسه شيء من ظن السوء على أخيه ،وسوسة ،أو خيال ،فل ينبغي أن يتكلم به
).(72
ويستهين كثير من الناس في هذا المر ،فكل من وسوس له الشيطان بشيء، أو خطر بباله خاطر أخذ يحدث به ،ويذيعه بين الناس بغير تحفظ أو احتراز أو اعتبار ،وهذا من المور العجيبة ،إذ أنه قد يسهل على هؤلء ،ويهون عليهم التحفظ من أكل الحرام والظلم والزنى والسرقة وشرب الخمر ...وغير ذلك، ويصعب عليهم التحفظ من حركة اللسان حتى أننا نرى الواحد منهم يشار إليه ل، بالدين والزهد والعبادة ،وهو يتكلم بالكلمة من سخط ا ل يلقي لها با ً يزل بالكلمة الواحدة منها أبعد ما بين المشرق والمغرب ،وكم نرى من متورع عن الفواحش والظلم ؛ولسانه يفري في أعراض الناس الحياء والموات ،ول يبالي ما يقول .ومما يدل على ذلك قوله – صلى ا عليه وسلم ) :-قال رجل :وا ل يغفر ا لفلن ،فقال ا – عز وجل -من ذا الذي يتألى علي أني ل أغفر لفلن؟ قد غفرت له وأحبطت عملك(
).(73
فهذا العابد الذي عبد ا ما شاء أن يعبده ،أحبطت هذه الكلمة الواحدة عمله كله؟
71 72 73
)( السلوك الجتماعي في السلم.92 : )( تفسير ابن كثير.5/70 : )( مسلم :كتاب البر والصلة والداب ،باب النهي عن تقنيط النسان من رحمه ا تعالى: .16/174،137 26
فمن سمع قائ ل ً يقول سوء في أحد فل يخبر به ،ويحدث لسيما إذا كان القائل عيابة وقاعا في الناس ،سليط اللسان ،أو دافع معرة عن نفسه ،يريد أن يكثر أمثاله في الناس وهذا كثير جدا.
)(74
وبالجملة فل يحدث النسان إل بالحق.
)(75
المر الثاني عشر ) :علج أهم السباب الدافعة إلى إساءة الظن( من أهم السباب الدافعة إلى إساءة الظن أمور أربعة:
-1الهوى -2الجهل -3العجب بالنفس -4الحسد أما الهوى :فما خالط شيئا إل أ فسده ،وإذا وقع في القوال والخبار كان دافعا إلى الكذب والفتراء وسوء الظن ؛قال تعالى)) إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند ا عظيم(( ] النور.[15: وأما الجهل والحسد :فهما سببان لسوء الظن كذلك ،وقد كان من أهم السباب التي دفعت في أساءة الظن ،وإثارة الشكوك حول الشيخ محمد بن عبد الوهاب– رحمه ا -حيث يقول الشيخ عبد العزيز بن
باز– رحمه ا -أثناء ذكره
قصته ) :فأجاب دعوته كثيرون من العلماء في نجد ،وعلماء الحرمين وعلماء اليمن وغيرهم ،وكتبوا إليه بالموافقة ،وخالفه آخرون ،وعابوا ما دعى إليه وذموه ،ونفروا عنه وهم بين أمرين:
ما بين جاهل خرافي ل يعرف دين ا ،ول يعرف التوحيد ،وإنما يعرف ما هو عليه آباؤه وأجداده من الجهل والضلل والشرك ،والبدع والخرافات ،كما قال ا – عز وجل -عن أمثال أولئك )) إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون((] الزخرف.[23: وطائفة أخري ردوا عنادا وحسدا لئل يقول العامة :ما بالكم لم تنكروا علينا هذا الشيء؟ لماذا جاء ابن عبد الوهاب وصار على الحق وأنتم علماء ولم تنكروا هذا الباطل؟! فحسدوه وخجلوا من العامة ،وأظهروا العناد للحق،
74
)(
75
)(
الجواب الكافي.138 : مداواة النفوس وتهذيب الخلق والزهد في الرذائل.39 : 27
إيثارا للعاجل على الجل ،واقتداء باليهود في إيثارهم الدنيا على الخرة، نسأل ا العافية والسلمة(
).(76
وهذا المران وهما الجهل والحسد ،بل شك سببان عظيمان من أسباب إساءة الظنون وإثارتها وإشاعتها.
أما بالنسبة للعجب بالنفس :فذلك أن أكثر من يصاب بهذا المرض ،ذوو المناصب والوجاهات والغنياء؛ والمترفون والمشتركون في عمل واحد).(77 وأما علج هذه المور الربعة باختصار شديد فكما يلي: فأما الهوى والعجب بالنفس فعلجه :أن يصلح المرء باطنه ،ويحرص على استقامة قلبه وطهارته ،وعليه بخشية ا وخوفه ومراقبته ،والخلص له واليمان به. وأما بالنسبة للجهل :فعلجه هو طلب العلم النافع. وأما بالنسبة للحسد :فعلجه كما يذكره شيخ السلم ابن تيمية– رحمه ا:- ) فمن وجد في نفسه حسدا لغيره ،فعليه أن يستعمل معه التقوى والصبر، فيكره ذلك من نفسه ،وكثير من الناس الذين عندهم دين ل يعتدون على المحسود ،فل يعينون من ظلمه ،ولكنهم أيضا ل يقومون بما يجب من حقه، بل إذا ذمه أحد لم يوافقوه على ذمه ،ولم يذكروا محامده ،وكذلك لو مدحه أحد لسكتوا ،وهؤلء مدينون في ترك المأمور في حقه ،مفرطون في ذلك ل معتدون عليه ،وجزاؤهم أنهم يبخسون حقوقهم فل ينصفون أيضا في مواضع ،ول ينصرون على من ظلمهم ،كما لم ينصروا هذا المحسود ،وأما من اعتدى بقول أو فعل فذلك يعاقب( ).(78 المبحث الثاني علج المظنون به المر الول ) التقوى(
76
)(
77
)(
78
)(
مجموع فتاوى ومقالت 363-1/362 :بتصريف يسير. انظر السلوك الجتماع في السلم.92 : مجموع الفتاوى .10/125 28
فمن اتقى ا جعل له مخرجا من مضائق الدنيا ومضائق الخرة ،فالتقوى باب لتفريج كل الكرب ،ومنها كربة الظلم والبهتان؛ قال تعالى )) :ومن يتق ا يجعل له مخرجا((] الطلق.[2 : المر الثاني ) :الصبر والحتساب( الحياة الدنيا دار ابتلء وفناء ،والخرة هي دار الجزاء والبقاء ،وقد قال تعالى )) :أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا ءامنا وهم ل يفتنون((] العنكبوت: .[2 وقد حثنا ا على مقابلة هذا البتلء بالصبر والثبات والحتساب ،وعدم الجزع أو السخط أو النحراف. ول بد من العلم الجازم بأن لله تعالى حكما عظيمة في هذا البتلء ،وفي هذا يقول ابن القيم– رحمه ا ) :-وإذا تأملت حكمته – سبحانه -فيما ابتلى به عباده وصفوته ،بما ساقهم به إلى أجل الغايات ،وأكمل النهايات التي لم يكونوا يعبرون إليها إل على جسر من البتلء والمتحان . وكان ذلك البتلء والمتحان عين المنهج في حقهم والكرامة ،فصورته صورة ابتلء وامتحان ،وباطنه فيه الرحمة والنعمة ،فكم لله من نعمة جسيمة ومنة عظيمة ،تجنى من قطوف البتلء ولمتحان(
)(79
فالبتلء للمؤمن كالدواء له ،يستخرج منه الدواء ،وتظهر به عبوديته وذله لله وانكساره له وافتقاره إليه).(80 المر الثالث ) الدعاء( وهذا سبب عظيم لحصول المطالب والمقاصد ،يغفل عنه كثير من الناس،فالله أمرنا بالدعاء وواعدنا بالستجابة فقال – عز من قائل ))-أدعوني استجب لكم((] غافر.[60 : المر الرابع ) :مقابلة من أساء بالحسنى(
79
)(
80
)(
مفتاح دار السعادة 301-1/299 :بتصريف يسير إغاثة اللهفان.149-2/148 : 29
وفي هذا المر يقول الشيخ محمد المين الشنقيطي
)(81
– رحمه ا )) :-ولما
كان المجتمع ل يسلم فرد من أفراده كائنا من كان من مناوىء يناؤه ،ومعاد يعاديه ،من مجتمعه النسي والجني ،ليس يخلو من ضد ولو حاول العزلة في رأس الجبل ،وكان كل فرد محتاجا إلى علج هذا الداء الذي عمت به البلوى، أوضح – تعالى -علجه في ثلثة مواضع من كتابه بين فيها أن علج مناوأة النسي هو :العراض عن إساءته ،ومقابلتها بالحسان ،وأن شيطان الجن ل علج لدائه إل الستعاذة بالله من شره. الموضع الول :قوله تعالى في أخريات العراف في النسي )) :خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين((] العراف.[169 : الموضع الثاني :في سورة المؤمنين قال فيه في الية )) :ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون((] المؤمنون.[96 : الموضوع الثالث :في فصلت وقد زاد فيه تعالى التصريح بأن ذلك العلج السماوي يقطع ذلك الداء الشيطاني ،وزاد فيه أيضا أن ذلك العلج السماوي ل يعطي لكل الناس بل ل يعطاه إل صاحب النصيب الوفر والحظ الكبر قال فيه في الية )) :ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم((] فصلت [34:ومن عمل ذلك حصل على خير كثير(().(82 وقال الشيخ عبد الرحمن ناصر السعدي– رحمه ا ) :-ولما كان ل بد للعبد من أذية الجاهلين له بالقول أو الفعل ،أمر ا بالعراض عنهم ،وعدم مقابلة الجاهلين بجهلهم ،فمن آذاك بقوله أو فعله فل تؤذه ،ومن حرمك فل تحرمه، ومن قطعك فصله ،ومن ظلمك فاعدل معه. فبذالك يحصل لك من الثواب من ا ،ومن راحة القلب وسكونه ،ومن السلمة من الجاهلين ،ومن انقلب العدو صديقا ،ومن التبوء من مكارم الخلق أعلها أكبر حظ ،وأوفر نصيب( ).(83 81
82 83
محمد المين الشنقيطي :اسمه محمد المين ولقبه :آبا ،واسم أبيه :محمد المختار بن عبد )( القادر بن محمد بن المختار ،ولد عام 1325هـ من القطر المسمى شنقيط وهو دولة موريتانيا السلمية الن ،درس في المسجد النبوي ،وكان أحد هيئة كبار العلماء ،وكان عضو المجلس التأسيسي للرابطة ،من مؤلفات :مذكرة الصول على روضة الناظر ،رفع إيهام الضطراب من آي الكتاب ،ومنع جواز المجاز في المنزل للتعبد والعجاز توفي 1393هـ )أضواء البيان الجزء (1 السلم دين كامل.6 : )( )( تيسير اللطيف المنان.43-42 : 30
المر الخامس ) التأسي بمن قد سلف(: من أنفع المور للمبتلى بهذا المر ،أو ما سواه من البتلءات ،التأسي بمن سبق وسلف. وليعلم أنه ما من قرية أو مدينة ،بل ول في أي بيت من لم يصب ،بل لبد أن يكون هناك من أصيب ،فمنهم من أصيب مرة ،ومنهم من أصيب مرارا ؛وليس ذلك بمنقطع حتى يأتي على الجميع. حتى نفس المصاب ،فيصاب أسوة بأمثاله ممن تقدمه ،فإنه إن نظر يمنة فل يرى إل محنة ،وإن نظر يسرة فل يرى إل حسرة ،فلو علم المصاب أنه لو فتش العالم لم ير فيهم إل مبتلى ،أما بفوات محبوب أو حصول مكروه ،فسرور الدنيا أحلم نوم ،أو كظل زائل ،إن أضحكت قلي ل ً أبكت كثيرا ،إن علم ذلك سلت نفسه وتصبرت
).(84
فإن ا ابتلى آدم ونوحا وموسى وعيسى ومحمد – صلوات ا وسلمه عليهم أجمعين -فلما صبروا مكنهم ،فل يظن أحد أنه يخلص من اللم البتة وهذا أصل عظيم ينبغي معرفته).(85 وقد ابتلي بهذا المر خاصة كثير ممن هم من خير هذه المة ،مما يوجب التسلية والصبر والتعزية. وهذه ثلث نماذج من أولئك: أو ل ً :عائشة
)(86
– رضي ا عنها :-فها هي أم المؤمنين زوج رسول ا – صلى
ا عليه وسلم -بنت أبي بكر الصديق – رضي ا عنه -هاهي ذي ترمي في أمانتها ووفائها ،ترمى وهي بريئة غافلة ل تحتاط لشيء ول تتوقع شيئا ،فل تجد ما يبرؤها مما رميت به ،والوحي يتلبث مدة لحكمة يريدها ا ،وهي في مثل هذا الموقف الخطير ،وهذا البتلء العظيم. 84 85 86
)( انظر :تسلية أهل المصائب.21-20 : )( انظر الفوائد.155-154 : عائشة –رضي ا عنها-هي أم المؤمنين زوج رسول ا –صلى ا عليه وسلم-تزوجها بمكة )( قبل الهجرة بثلث سنين ،وكان لها ست سنين ،وقبض عنها وهي بنت ثمان عشر سنة تكنى أم عبد ا، وكانت عالمة فقيه ،دفنت بالبقيع ،في خلفة معاوية سنة 58هـ )صفة الصفوة ،2/15وفيات العيان: (.3/16 31
ويا لله لها ورسوله – صلى ا عليه وسلم -يقول لها ) :أما بعد :فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا ،فإن كنت بريئة فسيبرؤك ا – تعالى -وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري ا وتوبي إليه ،فإن العبد إذا أعترف بذنبه ثم تاب ،تاب ا عليه( ).(87 وها هو ذا أبو بكر الصديق – رضي ا عنه -في وقاره وحساسيته ،وطيب نفسه يلزمه اللم ،وهو يرمي في عرضه ،في ابنته... وها هو ذا رسول ا – صلى ا عليه وسلم -يرمى في زوجه – بل أحب زوجاته إليه
)(88
ومهما أردنا أن نصور ذلك المر لن نستطع.
ثانيا :ابن تيمية – رحمه ا :-فها هو ذا شيخ السلم ابن تيمية – رحمه ا- ينسب تارة إلى التجسم ،وتارة إلى الزندقة ،وتارة يقال عنه أن يسعى للمامة الكبرى ،وتارة يقال أنه مبتدع ...وهو من ذلك كله بريء).(89 ثالثا :محمد بن عبد الوهاب وهذا الشيخ الفاضل أيضا نسب إليه بغض الولياء والنبياء ،وقيل فيه أنه ضال مضل ،جاهل بمعنى ل إله إل ا ،وأنه أتى المة من الباب الضيق وهو تكفيرها ،ولم يأتها من الباب الواسع ؛إلى غير ذلك من الفتراءات
).(90
وهذه ثلث نماذج ممن افتري عليهم ،وظن بهم ظن السوء – والعياذ بالله- فليكن كل مبتلى متأسيا بهؤلء ،ومن سواهم من الخيار ممن لم يذكروا – وا المستعان.-
87
)(
88
)(
89
)(
90
)(
البخاري كتاب التفسير ،باب قول ا تعالى)) :لول إذ سمعتموه قلتم ما يكون .8/452 ((.. في ظلل القرآن .2499-4/2498 حياة شيخ السلم.47-43 : مجموع فتاوى مقالت ،1/369الرسائل المفيدة .298 32
الخاتمة الحمد لله رب العالمين والصلة والسلم على أفضل المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فبعد استعراضنا في هذا البحث الموجز ظن السوء نستنتج أمور عدة منها: -1
أن ظن السوء بالمسلم الظاهر العدالة محرم.
-2
أن ظن السوء هو ما كان مبنيا على وهم أو هوى مجرد،مما ل أساس له يعتمد عليه سوى أباطيل زائفة .
-3
أن للكتاب والسنة موقف حازم وحاسم من هذا المر ،فقد نهى ا عنه، وأكد نهيه بأمور عدة ،ونهى عن ذلك نبينا محمد – صلى ا عليه وسلم - وبين مدى كذبه وبهتانه ،وبعض دوافعه ومن أهمها هو الشيطان الذي يجري من ابن آدم مجرى الدم.
-4
أن السلف الصالح – رضوان ا عليهم -ممن التزموا بالمنهج السديد السليم ،كان لهم كذلك موقفا صحيح ُا تجاه هذا المر ،فحذروا منه غيرهم ،واجتنبوه هم بأنفسهم ووضعوا مقاييس دقيقة تحدد لهم ظن السوء من غيره.
-5 -6
آثاره :وهي كثيرة وخطيرة جداعلى هذه المة. العلج :وهو علج للمة لتجتث جذور هذا الذنب من أصولها ،وتستطيع التغلب على ذلك ،وعلج آخر للمجتمع لكي ل يضعف ويخور ويتغلب على الباطل مهما كان. والحمد لله رب العالمين ،والصلة والسلم على أفضل المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه. 33
المصادر والمراجع /1ابن كثير,تفتسير القرآن الكريم1403,هـ,ط ,4دار المعرفة ,لبنان,بيروت /2ابن تسعدي ,عبدالرحمن بن ناصر ,تيتسير الكريم الرحمن في تفتسير كلم المنان,المؤتستسة التسعدية ,الرياض /3ابن عاشور,محمد الطاهر,تفتسير التحرير والتنوير1988,م,ط ,2الدار التونتسية للنشر ,تونس /4ابي داوود,تسنن ابي داوود,1408,ط,دار الريان,لبنان,بيروت /5الفيروزابادي,مجدالدين محمد,القاموس المحيط1989,م,دار الكتاب العربي,القاهرة ,مصر /6ابن عثيمين,محمد صالح,الصول في علم الصول,ط ,,1409,2دار طيبة ,الرياض /7ابو الحتسن الماوردي,علي بن محمدالبصري,أدب الدنيا والدين1398,م,ط ,4دار الكتب العلمية,بيروت /8ابوالحتسن اللمدي,علي محمد,الحكام في اصول الحكام1978,م,ط ,1دارالحديث,القاهرة,مصر /9ابوحاتمبن حبان البتسنفي,روضة العقلء ونزهة الفضلء1337,هـ,دار الكتب العلمية,بيروت ,لبنان /10ابن النجار,محمد بن احمد التنوحي ,شرح الكوكب المنير1400,هـ,ط,جامعة ام القرى مكه المكرمة /11ابن القيم الجوزية,محمد بن ابي بكر,الفوائد,1987,ط ,1دار الريان للتراث ,القاهرة ,مصر /12الجتهاد في الشريعة التسلمية ,من البحوث المقدمة لموتمر الفقه التسلمي ,جامعة المام محمد بن تسعود /13عبدا لعزيز بن باز,مجموعة فتاوي ومقالت 1407,هـ,ط ,2موتستسة ابن باز الرخيرية ,الرياض /14ابن باز,أرخل ق المؤمنين والمؤمنات,درس علمي متسجل ,الموقع الرتسمي لشيح عبدالعزيز بن باز رحمه ا /15ابن حميد,صالح عبدا بن حميد,تسوء الظن,محاضرة متسجلة,الموقع الرتسمي لشيخ صالح بن حميد
34