تحميل كتاب الخيال العلمى pdf

Page 1

‫‪m‬‬

‫• رئيس جملس اإلدارة •‬ ‫وزير الثقافة‬

‫د ‪ .‬رياض نعسان آغا‬ ‫• مدير عام هيئة الكتاب •‬

‫• رئيس التحرير •‬

‫د‪ .‬طالب عمران‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬

‫حممود عبد الواحد‬

‫‪ob‬‬

‫اهليئة اإلستشارية‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬ ‫• هيئة التحرير •‬

‫د‪ .‬خملص الريس ‪ -‬د‪ .‬هبجت حممد‬ ‫د‪ .‬حامد ابراهيم ‪ -‬م‪ .‬لينا كيالني‬ ‫علي القاسم ‪ -‬صالح معاطي‬ ‫رائد حامد‬

‫• اإلخراج الفين •‬

‫‪ww‬‬

‫وسيم قدورة‬

‫‪w.‬‬

‫• أمني التحرير •‬

‫سعر النسخة ‪ 50‬ل‪.‬س يف سورية أو مايعادهلا يف البلدان العربية‬ ‫االشرتاكات عشرة آالف لرية سورية لإلدارات واملؤسسات داخل القطر‬ ‫وأربعمائة دوالر أو مايعادهلا خارج القطر‬ ‫توجه كافة املراسالت واملواد باسم رئيس التحرير‬

‫‪E-mail: talebomran@yahoo.com‬‬ ‫‪www.moc.gov.sy‬‬ ‫‪www.alkottob.com‬‬

‫جملة علمية ثقافية شهرية تصدر عن‬ ‫وزارة الثقافة يف اجلمهورية العربية السورية‬

‫أ ‪ .‬هن������اد ش����ري����ف (م���ص���ر)‬ ‫د ‪ .‬حسام اخلطيب ( فلسطني)‬ ‫أ ‪ .‬عبد السالم البقايل (املغرب)‬ ‫د ‪ .‬اهل������ادي ع���ي���اد (ت���ون���س)‬ ‫د ‪ .‬ق���اس���م ق���اس���م (ل���ب���ن���ان)‬ ‫أ ‪ .‬طيبة اإلب��راه��ي��م (الكويت)‬ ‫د ‪ .‬حم��م��ود ك����روم (س���وري���ة)‬ ‫د ‪ .‬ك���وث���ر ع���ي���اد (ف���رن���س���ا)‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫اخليال العلمي وجتربيت مع املصطلح (د‪.‬طالب عمران)‬

‫‪14‬‬

‫األبعاد الرتبوية للخيال العلمي (د‪.‬عيسى مشاس)‬ ‫أدب اخليال العلمي بوصفه جنساً أدبياً (عبدو حممد)‬

‫‪22‬‬ ‫‪30‬‬

‫اخليال اإلستشرايف السياسي العربي (د‪.‬كوثر عياد)‬

‫‪38‬‬

‫اخليال العلمي يف األدب األمريكي (حممد ياسني)‬

‫‪50‬‬

‫أدب اخليال العلمي الضوء الكاشف للعلم (عزيزة السبيين)‬

‫‪62‬‬

‫بواكري أفالم اخليال العلمي (مسري جرب)‬

‫‪68‬‬

‫‪w.‬‬

‫اخليال العلمي الغربي يف أزمة (ترمجة اهلادي عياد)‬

‫‪6‬‬

‫اخليال العلمي بني الوهم واحلقيقة (لؤي عثمان)‬

‫‪ww‬‬

‫العني الثالثة ( د‪ .‬خملص الريس)‬

‫الثقوب السوداء يف الكون ( م‪.‬طارق نواف حامد)‬ ‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪84‬‬ ‫‪90‬‬

‫‪102‬‬


‫‪m‬‬

‫الرأس املفتوح (لينا كيالني)‬

‫‪120‬‬

‫بئر الوزير (اهلادي ثابت)‬

‫‪140‬‬

‫‪.co‬‬

‫لكي خيتفي اجلراد (هناد شريف)‬

‫‪112‬‬

‫سيد ماكسون (ترمجة توفيق السهلي)‬

‫‪156‬‬

‫إنسان على منت مركبة الفضاء (ترمجة عمر ألتنجي)‬

‫‪165‬‬

‫‪ob‬‬

‫مقاربات حول الزمن (د‪ .‬حممد حاج صاحل)‬ ‫ماذا عن الصحون الطائرة (وهدان وهدان)‬

‫‪186‬‬ ‫‪198‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫األقراص الصلبة يف تطور مستمر (وسيم قدورة)‬

‫‪170‬‬

‫برتراند رسل والنهج العلمي (سالم مراد)‬

‫‪204‬‬

‫قصة األطباق الطائرة (نضال غامن)‬

‫‪210‬‬

‫أهنار الربع اخلايل ( طارق حامد)‬

‫‪218‬‬

‫حممد وعنز الفضاء (طيبة االبراهيم)‬

‫‪228‬‬

‫املخبز األتوماتيكي (د‪.‬قدرية سعيد)‬

‫‪230‬‬

‫برفقة الكمبيوتر (سامر أنور الشمايل)‬

‫‪232‬‬

‫الوصية (لينا كيالني)‬

‫‪234‬‬

‫ترجو جملة اخليال العلمي من كافة الكتاب واملبدعني ارسال ابداعاهتم منضدة على‬ ‫احلاسوب والتأكد من تدقيقها وذلك لتسهيل عملية النشر السريع‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫احليوان يف احلضارات السورية القدمية (د‪.‬دارم طباع) ‪222‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪ob‬‬

‫يؤكد (جورج لوكمان) يف كتابه (قصة الكيمياء)‪( :‬إن أول صيدلية حتوز‬ ‫على استقالهلا وتفتح أبواهبا كما هو اآلن‪ ،‬ظهرت يف بغداد يف القرن الثامن‬ ‫امليالدي ‪ .‬بينما كانت أول صيدلية تفتح أبواهبا يف العامل الغربي قد أقيمت‬ ‫يف سالرنو يف القرن احلادي عشر امليالدي‪ ،‬وأول صيدلية يف أملانيا «وكان‬ ‫هلا شهرة عظيمة يف هذا املضمار» افتتحت يف القرن الثالث عشر امليالدي)‬ ‫‪..‬‬ ‫ويؤكد أوتو بامتان وفيليب هنش يف كتاهبما (تاريخ الطب املصور) أن‬ ‫العرب كانوا سبّاقني يف فروع علمية خمتلفة – ( مل يكن سبق عباقرة العرب‬ ‫يف علم اجلرب ونظام الرتقيم والفلك فقط‪ ،‬ولكنهم استطاعوا بعبقريتهم أن‬ ‫يفصلوا علم الصيدلة عن الطب وجيعلوه علماًَ مستقالً‪ ..‬كما كان هلم الباع‬ ‫الطويل يف حقل الكيمياء الذي يعترب مصدراً قوياً لصنع األدوية‪)..‬‬ ‫ومن العلماء املتميزين يف فروع العلوم‪ ،‬العامل العربي األندلسي ( أبو‬ ‫بكر حممد بن حييى بن الصائغ) املشهور بابن باجه‪ ..‬وقد ولد يف مدينة (سرقسطة)‬ ‫األندلسية وعاش فرتة من الزمن يف غرناطة‪ ،‬وكانت والدته كما يؤكد بعض املؤرخني عام‬ ‫(‪ )475‬هجرية املوافق (‪ )1082‬للميالد‪..‬‬ ‫درس ابن باجة فلسفة أرسطو واطلّع على كتب الفارابي وابن سينا والغزايل وكان له باع‬ ‫طويل يف علم األدوية‪ ،‬وقد شرح كتاب األدوية املفردة جلالينوس‪..‬‬ ‫كان ذا موهبة وبراعة يف كثري من العلوم‪ ،‬وقد متيّز يف الفلسفة والرياضيات والفلك‬ ‫والطب والصيدلة‪..‬‬ ‫ً‬ ‫يقول ابن القفطي عنه يف كتابه (تاريخ احلكماء) ‪( :‬كان عاملا بعلوم األوائل ومل يبلغ‬ ‫أحد درجته يف األدب من أهل عصره‪ ..‬له تصانيف يف الرياضيات واملنطق واهلندسة)‬ ‫تُرجم إنتاج ابن باجة إىل اللغة الالتينية‪ ،‬ثم إىل كل لغات أوربا األخرى‪..‬‬ ‫اهتم بدراسة قوى النفس وقسّمها إىل ست جمموعات ‪ :‬هي الروحانية‪ ،‬احلساسية ‪،‬‬ ‫املولدة‪ ،‬والطبيعية‪ ،‬واالضطرارية‪ ،‬والفكرية‪..‬‬ ‫يؤكد ابن باجة أن‪ :‬الفرد كي يعيش كما ينبغي جيب أن يهتدي بنور العقل‪..‬‬ ‫ويرى أن‪ :‬اإلنسان يتقلّب بني طفولته وشيخوخته يف أدوار كثرية صعوداً وهبوطاً‪ ،‬مع‬ ‫تقدمه يف السن‪..‬‬ ‫وهو يرى كل دور نتيجة لدور سبقه ثم توطئة ومتهيداً لدور سيأتي بعده‪ ..‬ولكل دور‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫وزير الثقافة‬ ‫د‪ .‬رياض نعسان آغا‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪ob‬‬

‫أعمال خاصة به‪ ..‬أما الذين يفعلون يف دور ماجيب أن يكونوا قد فعلوه يف دور سابق عليه‬ ‫فهؤالء يف طبعهم نقص كاملعتوهني‪..‬‬ ‫ويعتقد ابن باجة أن الذكاء املفرط هو نقص يف الشخصية‪ ..‬فالذكاء الباكر خيمد باكراً‬ ‫كالنار املشتعلة وفجأة أيضاً‪..‬‬ ‫كان ابن باجة متميزاً يف اللغة‪ ،‬حافظاً للقرآن‪ ،‬أديباً شاعراً بارعاً يف الغزل والرثاء‬ ‫واملديح‪ ..‬متقناً لصناعة املوسيقى‪ ،‬جيد الضرب على العود‪ ،‬وهو من األفاضل يف صناعة‬ ‫الطب والصيدلة مع املقدرة يف العلوم الفلسفية والرياضيات والفلك والطبيعيات‪ ..‬وبراعته‬ ‫يف الطب كانت الجتارى يف زمنه‪..‬‬ ‫وكثرت حماوالت قتله واغتياله‪ ،‬لكثرة حُساده الذين جنحوا بعد حماوالت كثرية يف دس‬ ‫السم له وقتله‪ ،‬حيث تويف رمحه اهلل عام (‪ )533‬للهجرة املوافق (‪ )1138‬للميالد عن عمر‬ ‫قارب ستة ومخسني عاماً‪..‬‬ ‫وعلى أمهية ابن باجه وموقعه العلمي والفلسفي ومتتعه باحرتام وتقدير كبريين يف العامل‬ ‫الغربي‪ ،‬مل يلق نفس املقدار من االهتمام بنتاجه وحبوثه يف العاملني العربي واالسالمي‪.‬‬ ‫لقد انتقد ابن باجة نظام بطليموس يف الفلك‪ ،‬وأثر ذلك على أعمال من أتى بعده مثل‬ ‫جابر بن أفلح اإلشبيلي‪ ،‬الفلكي املعروف‪ ..‬والبطروجي أبو اسحاق نور الدين‪..‬‬ ‫وقد قادت مالحظاته حول كتاب (اجملسطي) لبطليموس العامل الفلكي (البطروجي)‬ ‫ليكتشف احلركة اللولبية يف حركة الكواكب‪ ..‬واليت اعتربت كشفاً علمياً هاماً والتزال حتى‬ ‫يومنا هذا الذي شهد تقدماً كبرياً يف علم الفلك‪.‬‬ ‫مل يعش ابن باجه كثرياً‪ ..‬لكنه ترك عدداً كبرياً من املؤلفات من بينها ‪ :‬شرح كتاب‬ ‫السمح ألرسطو طاليس‪ ،‬تعليق على كتب أرسطو طاليس‪ ،‬رسالة الوداع‪ ،‬كتاب اتصال‬ ‫العقل باإلنسان‪ ،‬كتاب تدبري املتوحد‪ ،‬كتاب النفس‪ ،‬كتاب التجربتني على أدوية ابن وافد‪..‬‬ ‫كتاب اختصار احلاوي للرازي‪ ،‬شرح كتاب األدوية جلالينوس‪ ،‬القوة النزوعية‪ ،‬تعليق‬ ‫على كتاب أبي النصر يف الصناعة الذهنية‪..‬‬ ‫ووضع كثرياً من املؤلفات يف املنطق والطب والصيدلة واهلندسة والنبات والفلك والنفس‬ ‫والعقل وغري ذلك‪..‬‬ ‫ً‬ ‫كان ابن باجه وال يزال عالمة مضيئة من عالمات االبداع العلمي والفلسفي العربي‬ ‫وسيبقى ملهماً ألجيال من الباحثني واملفكرين ورمزاً لعظمة احلضارة العربية اليت حتتاج‬ ‫إىل كثري من اجلهد لنفض الغبار عن مكنون أسرارها‪.‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫اخليال كونيّ غري أنّ صيَ َغه تتغيّر واخلياالت اليت‬ ‫تبتدعه ختتلف باختالف الثقافات والعصور‪.‬‬ ‫يستمدّ اخل��ي��ال العلمي ج���ذوره العميقة‬ ‫من رؤية جديدة للعالَم‪ ،‬رؤي� ٌة غيّرت األدوات‬ ‫املعرفية الالّزمة حملاولة فهم الكون املادي يف‬ ‫الغرب‪ .‬وبالتحديد منذ القرن السادس عشر‬ ‫امليالدي‪.‬‬ ‫ونتيجة لذلك‪ ،‬ظهر حقل جديد يف ميدان‬ ‫اخليال ووُل �ـِ��دت أمن��اط جديدة من التخيـُّل‪.‬‬ ‫وكان أبرز روّاد التجديد «غاليو غاليلي»‪ .‬فهو‬ ‫مل يكن يعرف أنّ األرض تدور فحسب‪ ،‬بل أكـّد‬ ‫أنّ الكون وُجـِد لِيـُقرأ بلغة الرياضيات‪ .‬يعين‬ ‫أنـّه تُوجد للطبيعة قوانني يـُتَوَصّـ ُل إليها عن‬ ‫طريق القياسات واإلج���راءات الرياضية وعن‬ ‫طريق ابتكار أدوات أخرى أيضا‪ .‬من ذلك مثال‬ ‫أنّ التحسّن املستـمـرّ يف عدسات املنظار مـكـّن‬ ‫من حتقيق تواصل بني عالَـــم األرض وعالـَم‬ ‫الفضاء فأصبح من املمكن رؤية بـُقع مشسية‬ ‫وأجرام للمشرتي عوضاً عن قبّة السّماء‪ .‬ويف‬ ‫نفس العصر برهن «كِـبْلر» على أنّ الكواكب‬ ‫ت��دور ح��ول الشمس وق��ام حبساب املسارات‬ ‫اإلهليليجانية‪.‬‬ ‫تزامنت هذه التغيّرات‪ ،‬يف السياق الفكري‬ ‫يف ذلك العصر‪ ،‬مع اكتشاف « أمريكا» وهو أمر‬ ‫وَلـَّد صدمة من الصَّعب استيعاهبا‪ .‬هذه العوامل‬ ‫كلّها غيـّرت م��س��ار اخل��ي��ال الغربي وفتحت‬ ‫الطريق لتصـوّرات ستتخيّل «جت��ارب فكرية»‬ ‫مؤسَّسة على رؤية جديدة للعرفان‪.‬‬

‫روجيه بوزيتو‬ ‫ترمجة ‪ :‬د‪ .‬حممد اهلــادي عياد‬

‫‪ww‬‬

‫‪6‬‬

‫تصوّرات جديدة للخيال‪:‬‬ ‫استعمل (كبلر) رحلة خيالية للقمر لعرض‬ ‫رؤي����ة ل��ن��ظ��ام مش��س��يّ يف امل���رك���ز يف كتابه‬ ‫(الُحـُلْم)‪.‬‬ ‫وسيتطلـّع (سريانو دي برجرياك) أيضا‪ ،‬يف‬ ‫إطار عملية بَرْهَـنة عِلمية – فيزيائية ‪ -‬إىل‬ ‫ختـيـُّ ّ ٍل يف شكل «جتربة فكرية» فتحدّث عن‬ ‫مِعراج مُكتشِفٍ فوق مدينة باريس وبقائه يف‬ ‫مسائها دون حراكٍ‪ ،‬وبعد ساعات وجد نفسه‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫العلمي‪ ،‬أي تسمح بإعطاء رؤية نقدية يف إطار‬ ‫خيايل‪.‬‬

‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫الثورة الصناعية وبداية ظهور ما‬ ‫سيُسمَّى خيا ً‬ ‫ال علمي ًا‪:‬‬ ‫حدثت‪ ،‬انطالقاً من القرن التاسع عشر‪ ،‬ثورة‬ ‫جديدة يف الغرب‪ .‬فلم يعد مَوْرد الثراء استغالل‬ ‫األرض فحسب‪ ،‬بل الصناعة أيضاً‪ .‬وما نسمّيه‬ ‫الثورة الصناعية األوىل يتمثل بالنسبة إىل الغرب‬ ‫يف استعمال الفحم احلجري واستغالل املـَ َ ْكـنـَنـَة‬ ‫لتشييد مصانع إلنتاج األشياء واألسلحة من‬

‫‪ob‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫إنّ ت��راب��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ـ��ط‬ ‫العنصرين‪ :‬العلمــــــي‬ ‫واالجتماعي خـَلـَـــــق‬ ‫فضاءً جديد ًا مُبْدَع ًا‬ ‫مل���ا س��ي��ـُ��ع��ـ��ـ��ـ��ـ��رف بــ‬ ‫(اخليــــال العلمــــي)‪.‬‬

‫‪w.‬‬

‫ناحية‪ ،‬واالجت��اه إىل احتالل العالَم من ناحية‬ ‫ثانية‪ ،‬وذلك انطالقا من شعور الغربيني بتفوقهم‬ ‫التقين‪ .‬وقد استغل اخليال العلمي األمريكي يف‬ ‫الثالثينات من القرن املاضي وهْـمَ القوّة هذا إىل‬ ‫أبعد احلدود‪.‬‬ ‫وشهد القرن التاسع عشر اكتشافات طبيّة‬ ‫كبرية ونظريات جديدة تتعلّق بوضع اإلنسان‬ ‫ونشاطه يف عصور ما قبل التاريخ‪ ،‬مع داروين‪.‬‬ ‫ه���ذه ال��ع��وام��ل أوج����دت م��ا س�يُ��ع��رف بـرواية‬ ‫عصر ما قبل التاريخ مع ن�صّ «ح��رب النّـار»‬ ‫لصاحبه»روسين» سنة ‪1911‬م‪.‬‬ ‫كما كان الكتشاف الكهرباء واستعماالته يف‬ ‫جت��ارب طبية نتيجة مذهلة زادت يف توسيع‬ ‫دائرة اخليال «العلمي» لدى اإلنسان‪ .‬مت ّثل ذلك‬

‫‪ww‬‬

‫فوق مدينة كيباك الكندية‪ .‬النتيجة‪ :‬لقد دارت‬ ‫األرض‪ ،‬رغماً عمّـا تف ّكر فيه الكنيسة آنذاك‪.‬‬ ‫هذا هو أحد العناصر اليت ست ُكـون رَحِمًا‬ ‫ملا سيـُعتـَبـَر فيما بعد أح��د مكوّنات اخليال‬ ‫العلمي‪ .‬وهناك عنصر آخ��ر يرجع إىل نفس‬ ‫العصر يتمثـّل يف ابتكار «توماس مور» ٍّ‬ ‫حلل‪ -‬هو‬ ‫يف نفس الوقت عقالنيّ ومستحيل التطبيق‪-‬‬ ‫لألزمة االجتماعية األوروبية اليت ظهرت منذ‬ ‫العصر الوسيط اإلقطاعي‪ .‬يتمثـّل هذا احل ّل يف‬ ‫ابتداع دولة خيالية ولكنّها تسري بطريقة عادلة‪:‬‬ ‫الطوباوية‪ .‬املسألة هي «جتربة فكرية» يف إطار‬ ‫أزمة اجتماعية‪.‬‬ ‫إنّ ترابط العنصرين‪ :‬العلمي واالجتماعي‬ ‫خـَلـَق فضاءً ج��دي��داً مُ�بْ�دَع�اً ملا سيـُعرف بــ‬ ‫(اخليال العلمي)‪.‬‬ ‫يف ال��ق��رن ال��ث��ام��ن ع��ش��ر‪ ،‬ا ّت��ـ��خ��ذ «ل‪.‬س‪.‬‬ ‫مارسييه» ا ُ‬ ‫حللم وسيلة لإلحبار يف املستقبل‬ ‫لين ُقد جمتمعه عن بُعد وذلك يف روايته «العام‬ ‫‪ .»2440‬وه��ذا يُعترب عنصرا آخر يُضافُ إىل‬ ‫التحوّالت اليت ستكون هي ذاهتا حتوّالت اخليال‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪7‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫اخليال العلمي املعاصر‬ ‫ي���س�ي�ر يف ط���ري���ق‬ ‫م��س��دود‪ .‬ذل��ك أل ّن��ه‬ ‫يعاني مـــن صعوبات يف‬ ‫ختيّل العوالـم املقبلة‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫أوّال يف ظ��ه��ور رواي�����ة «ف��ران��ك��ن��ش��اي��ن أو‬ ‫برومثيوس اجل��دي��د» للكاتبة «م���اري شلّي»‬ ‫‪1818‬م ث �مّ رواي���ة «ج��زي��رة الدكتور م���ورو» لـ‬ ‫(هـ‪.‬ج‪ .‬وايلز) ‪1896‬م‪.‬‬ ‫َ‬ ‫هذا التغيّر اجلذري أحدثه أيضا‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إيل ما سبق‪ ،‬الولع باألدوات امليكانيكية‪ .‬الشيء‬ ‫ال���ذي أدى إيل ظ��ه��ور رواي���ات تنقد «العالَـم‬ ‫املمكن» كما يظهر ذلك يف رواي��ة «باريس يف‬ ‫القرن العشرين» (‪1863‬؟) لــ «جول فرين»‪ ،‬أو‬ ‫«العالَم كما سيكون» لـ «سوفسرت» (‪ .)1856‬هذه‬ ‫نصوص يصنّفها النّقاد على أ ّنها «ديستوبية»‬ ‫(كوابيسية)‪.‬‬ ‫وقد و ّل��د األخ��ذ يف احلسبان لالكتشافات‬ ‫ال َفـلكية ‪ -‬اليت تدّعي أ ّنه سيكون للكون هناية‬ ‫مادية ‪ -‬قصصاً سوداوية مثل «موت األرض»‬ ‫(‪ )1910‬لـ «روسين»‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وظ��ه��رت‪ ،‬يف نفس ال��وق��ت‪ ،‬كتابات تبارك‬ ‫ال ُقـدُرات اجلديدة اليت وفرها العلم لإلنسان‬ ‫مثل رواية «من األرض إىل القمر» (‪ )1865‬أو‬ ‫رواية « رحلة إىل باطن األرض» لـ «جول فرين»‬ ‫(‪.)1864‬‬ ‫وقع يف رواي��ات هذه الفرتة تصويرٌ ملخاطر‬ ‫ج��دي��دةٍ مثل اح��ت�لال امل��خ��ل��وق��ات الفضائية‬

‫‪8‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫لألرض كما يظهر ذلك يف رواية « حرب العوامل»‬ ‫(‪)1898‬‬ ‫كما وقع تصوّر إمكانيات جديدة الستكشاف‬ ‫املاضي واملستقبل‪ .‬يظهر ذلك يف رواي��ة «آلة‬ ‫اس��ت��ك��ش��اف ال��زم��ن»ل��ـ‪ :‬ه����ـ‪.‬ج‪ .‬واي��ل��ز» ‪1895‬‬ ‫وهو أكثر الكتّاب تطويرا لألسس اجلذرية ملا‬ ‫سيسمّيه «هوغو جارنسباك» يف أمريكا عام‬ ‫‪« 1929‬اخل��ي��ال العلمي» وك��ان ذل��ك يف جملّة‬ ‫‪( Amazing stories‬قصص مُسليّة)‪.‬‬ ‫ميادين «اخلياالت العلمية»‪:‬‬ ‫إنّ إنشاء الواليات املتحدة األمريكية للعديد‬ ‫من اجملالّت الشعبية يف الثالثينات من القرن‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫األش���كال املختلف���ة للخي���ال العلمي‬ ‫املعاصر‪:‬‬ ‫يبدو أنّ اخليال العلمي املعاصر يسري يف‬ ‫طريق مسدود‪ .‬ذلك أل ّنه يعاني من صعوبات يف‬ ‫ختيّل العوامل املقبلة‪ .‬وعالوة على ذلك جند أنّ‬ ‫أدب « الفنتازيا» ينافسه منافسة شديدة إذ يقدّم‬ ‫عوامل ثابتة ومؤسَّسة على أشكال «طـوطمية»‬ ‫(امللك‪ ،‬األمري‪ ،‬األبطال) وعوامل فاعلة وأساسية‬ ‫مثل السّحر مبختلف أنواعه (تأخذ الساحرات‬ ‫دور الكنائس يف العصر الوسيط)‪.‬‬ ‫وب��اإلض��اف��ة إىل ذل��ك‪ ،‬ت��دور أح���داث رواية‬ ‫«الفانتازيا» يف الطبيعة يف زمن ما قبل عصور‬ ‫ال��ث��ورة الصناعية وت��دع��و إىل امل��ص��احل��ة مع‬ ‫البيئة حيث يبدو من خالل اختيارها االبتعاد‬ ‫عن الزمن الراهن أ ّنها تستجيب متاما « ملبدأ‬ ‫االستمتاع « إذ ترى يف هذا االبتعاد مصدراً‬ ‫للنشوة‪ .‬فهي جتنح إىل تصوير ماض خيايل‬ ‫َ‬ ‫ومطـمْـئِن‪.‬‬ ‫كان اخليال العلمي بدوره ‪ -‬ويف جانب كبري‬ ‫منه ‪ -‬م َُطـمْئِـنا حتى سنوات ‪ .1980‬كانت رواياته‬ ‫تقوم على استنتاجات انطالقا من واقع يفرتض‬ ‫أ ّنه معروف‪ ،‬أو ميكن معرفته‪ .‬ظهرت نصوص من‬ ‫اخليال العلمي مثل «كواكب يف متناول اجلميع»‬ ‫(‪ )1853‬لـ‪« :‬بوهل» و «كورنبلوث» اللذين نقدا‬ ‫اإلشهار نقداً الذعاً‪ .‬كما ظهرت قصص غيّرت‬ ‫النظرة ع��ن غ��زو الفضاء مثل «وق��ائ��ع سكان‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫املاضي زاد من شعبية هذا «اخليال العلمي»‬ ‫ال��ذي أصبح اهلواية اجلماعية لذلك العصر‬ ‫إذ كان مبثابة التعبري عن ال ُقدُرات اليت بإمكان‬ ‫العلم والتقنيات إجنازها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫نشرت هذه اجملالّت آالف القصص املتأثرة‬ ‫باخلياالت اجلاحمة لـ «ج��ول ف�يرن» و«ويلز»‪.‬‬ ‫وب��ع��د احل���رب العاملية الثانية انتشر «أدب‬ ‫اخليال العلمي» عن طريق احملاكاة والرتمجات‬ ‫يف الغرب ووصل إىل اليابان‪ .‬لكنّ الوعي مبا‬ ‫للعِـلم والتقنية من إمكانات أدّي إىل نشأة فكر‬ ‫اجتماعيّ جديد‪.‬‬ ‫حاو َل هذا النّمط من األدب جهده ليبحث‬ ‫ع���ن ج�����ذور امل��س��ت��ق��ب��ل يف احل���اض���ر وذل���ك‬ ‫باستنتاجات وقياسات وقفزات فوق الفضاء‬ ‫والزمن‪ .‬فمنذ ‪ 1920‬أطلق التشيكي «كاباك»‬ ‫كلمة «روبوت» (اإلنسان اآليل) ثمّ طوّر الفكرة‬ ‫من بعده «إسحاق أزميوف» الذي خصّها بفضاء‬ ‫غري قابل للمنافسة مع اإلنسان وذلك بإنشائه‬ ‫للقوانني الثالثة لعلم «الروبوتيك»‪ .‬جتعل هذه‬ ‫القوانني اإلنسان اآليل يف خدمة البشر نظراً‬ ‫لضعف إرادة املقاومة عنده كما سنراه يف فلم‬ ‫« ‪Blade Runner 1982‬الذي استوحي من‬ ‫رواية «فيليب ديك»‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫حذرت روايات اخليال العلمي من «تشيئة»‬ ‫اإلن���س���ان ع��ن ط��ري��ق ال��ت�لاع��ب اجل��ي�ني منذ‬ ‫الثالثينات مثل رواية «أحسن العوامل املمكنة»‬ ‫لـ (هاكسلي)(‪.)1932‬‬ ‫إنّ تطوّر علم اجلينات فتح آفاقا واسعة‬ ‫للخيال وأوجد إمكانيات كبرية للتغيري ا َ‬ ‫خللقي‬ ‫لإلنسان‪ .‬فظهرت رواي��ات تصوّر أناساً جدداً‬ ‫مثل «أناس يف املستقبل» لـ «بيار بيلو» (‪،)1998‬‬ ‫أو «أطفال داروين» لـ «قراق بييار» (‪)2002‬‬ ‫ج���اءت ب��ع��د ه���ذه «ال��ت��ش��ي��ئ��ة» البيولوجية‬ ‫لإلنسان‪ ،‬مرحلة تشيئته سياسياً حتت أنظار‬ ‫الشاشات الدائمة التواجد اليت أوجدها «األخ‬ ‫األك�بر» (‪ )big brother‬يف ك� ّل مكان واليت‬ ‫وصفها (أورويل) يف روايته (‪ )1984‬اليت صدرت‬ ‫عام ‪.1948‬‬

‫إذا م��زج��ن��ا ه���ذه امل��واض��ي��ع اجل���دي���دة مع‬ ‫املواضيع اليت ابتكرها (ويلز) يكون بإمكاننا‬ ‫فهم حقول (اخليال العلمي)و أبعاده‪.‬‬ ‫عالوة على هذه النصوص املعامل‪ ،‬جند أنّ‬ ‫خيال ُكـتّاب اخليال العلمي الشعيب استغ ّل فكرة‬ ‫السفر ب�ين اجمل���رات بواسطة سفن فضائية‬ ‫تتجاوز سرعتها سرعة الضوء‪ ،‬مهمّتها نشر‬ ‫منط احلياة الغربية بني سكان الكواكب األخرى‪:‬‬ ‫أب��ط��ال خ���وارق حي��ارب��ون خم��ل��وق��ات فضائية‬ ‫عدمية الشرف ومتوحّشة تسعي الختطاف‬ ‫صبايانا اخل‪...‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪9‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪10‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫املرّيخ» لـ «راي برادبوري» (‪ )1950‬وظهرت‬ ‫كذلك روايات ذات بعد ميتافيزيقي مثل كتابات‬ ‫« ك‪ .‬ك�لارك « ال�تي وق��ع تصويرها يف فيلم»‬ ‫‪ 2001‬ملحمة الفضاء « (عام ‪ .)1958‬أو أعمال‬ ‫تُساءل الطوباوية مثل رواية « أرسال لو قني « «‬ ‫املسلوبون » (‪.)1974‬‬ ‫أصبح بإمكان اخليال العلمي إ ًذا‪ ،‬أن يقدّم‬ ‫ بسحرية ومحاس ‪ -‬ظواهر من نقد اجملتمع‬‫والسياسة والعالقات بني البشر وبني سكان‬ ‫الكواكب األخرى‪ ،‬أو بني النساء والرجال‪.‬‬ ‫يبدو احلاضر اليوم عسري الفهم مبا أنهّ‬

‫يف حركة دائمة‪ .‬ذلك أنّ االخرتاعات التقنية‬ ‫وقدرهتا على تغيري أشكال السلوك تسبق ما‬ ‫ميكن أن يتخيّله ك� ّت��اب اخل��ي��ال العلمي‪ .‬لذا‬ ‫أصبح من الصعوبة مبكان أن يتخيّل هؤالء‬ ‫صوراً للمستقبل‪ .‬ولع ّل األعمال « الديستوبية‬ ‫« تقوم خري شاهد على ذل��ك‪ .‬من ذلك مثال‪:‬‬ ‫رواي��ة « غلوباليا « لـ « روف��ان « (‪ )2001‬اليت‬ ‫ال جن��د فيها جت��دي��داً ك��ب�يراً إذا م��ا قار ّناها‬ ‫بـرواية « ‪ « 1984‬أو بـ « أحسن العوامل املمكنة‬ ‫«‪ .‬وبالطبع‪ ،‬فإنّ التكرار ليس تاماً‪ .‬إذ ميكن‬ ‫مالحظة أنّ بعض املواضيع شهدت تطوّرا مثل‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫ما يف العلم من ظواهر خطرية – من ذلك مثال‪،‬‬ ‫اجلدل القائم حول مسائل التعديل اجليين –‬ ‫أكثر ممّا يهتمّون مبا له من جوانب إجيابية‪.‬‬ ‫يُنظر إىل تطوّر «رقاقات « اهلاتف اجلوّال‬ ‫وتصغري أحجامها‪ ،‬وإىل تطبيقات علم األحياء‬ ‫على اإلنسان‪ ،‬وإىل سلطة علوم البيئة وقدرهتا‬ ‫على التح ّكم يف األجساد على أ ّنها اكتشافات‬ ‫تضع يف تصرّف كتّاب اخليال العلمي أدوات‬ ‫جديدة‪ ،‬ولكنّهم يشعرون ‪ -‬يف ذات الوقت‪ -‬أنّ‬ ‫هذه األدوات تستغلّها السّلطة كوسائل للرقابة‬ ‫االجتماعية عليهم‪.‬‬ ‫( ‪)Le Patriot Act Aux USA‬‬

‫‪ob‬‬ ‫موضوع «اإلنسان اآليل» الذي عرف تطوّرا منذ‬ ‫عهد «أزميوف»‪ ،‬حتى زمن «البشر‪-‬اآللة» الذي‬ ‫سلّط عليه الضوء فلم «‪.»Blade Runner‬‬ ‫وكان تطوّر اخليال العلمي يف موضوع علم‬ ‫اجل��ي��ن��ات أح��س��ن م��ن ال��ت��ج��ارب ال�تي ختيّلها‬ ‫«الدكتور مورو» إذ أصبح يُم ّكن من تو ّقع ظهور‬ ‫سلطة لعلم األح��ي��اء‪ ،‬مبختلف ف��روع��ه‪ ،‬على‬ ‫الصعيد السياسي‪.‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫ّ‬ ‫حذرت روايات اخليال‬ ‫العلمي من «تشيئة»‬ ‫اإلن��س��ان ع��ن طريق‬ ‫ال���ت�ل�اع���ب اجل��ي�ني‬ ‫م���ن���ذ ال��ث�لاث��ي��ن��ات‬ ‫م��ث��ل رواي����ة «أحسن‬ ‫ال��ع��وامل املمكنة» لـ‬ ‫(هاكسلي)( ‪.)1932‬‬

‫‪ww‬‬

‫ي��ق��ود اخل���ي���ال ال��ع��ل��م��ي امل��ع��اص��ر عالقة‬ ‫األش��خ��اص م��ع ال��ع��الَ��م‪ ،‬يف ه���ذا ال��ن��م��ط من‬ ‫الكتابة‪ ،‬إىل األسوأ‪ :‬يوحي هلم هذا اخليال أنّ‬ ‫هذه التقنيات تسجنهم‪.‬‬ ‫فعوضاَ عن أن يزفّ هلم‪ -‬كما كان يفعل ذلك‬ ‫من قبل‪ -‬أخباراً تبعث فيهم احلماس مثل غزو‬ ‫الفضاء‪ ،‬أو تطوّر اجملتمع وتفتّح األفراد وإقباهلم‬ ‫على احلياة‪ ،‬يُظهر اخليال العلمي املعاصر أنّ‬ ‫فكرة حول مستقبل اخليال العلمي‪:‬‬ ‫يُر ّكز الناس اليوم يف ال َغرْب اهتمامهم حول األفراد مُجبَرون على االنصياع لضوابط هذا‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪11‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬ ‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪12‬‬

‫اخليال اليت أصبحت تُـبَرمج حتى حياهتم‬ ‫اخلاصّة (الفضاء الروحي)‪.‬‬ ‫قليال ما يبعث الوضع العام يف الغرب اليوم‬ ‫على ال��ت��ف��اؤل‪ .‬إنّ تعاظم الشركات املتعدّدة‬ ‫اجلنسيات ونزعة احلكومات إىل امل��روق عن‬ ‫القانون واإلفالت من العقاب‪ ،‬ك ّل هذه اجلهات‬

‫تَستعمل أو تُحوّل ك ّل مبتكرات التقنية اليت كان‬ ‫قد حلم هبا اخليال العلمي امل��أل��وف‪ ،‬إمّ��ا إىل‬ ‫استعباد اإلنسان أو إىل إهانته كما يبيّن ذلك‬ ‫االستعمال السياسي هلذه التقنيات‪.‬‬ ‫وحيث كانت «فاعلية اخليال العلمي» تولد‬ ‫عندما مت��ت��زج ص���ورة م��ن العلم م��ع افرتاض‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫فلسفي فتنشأ قصة تبعث يف القارئ نوعاً من‬ ‫اإلنبهار (مسألة « تفخيم ميتافيزيقي» )‪.‬‬ ‫مل نعد نرى غري تكرار خميف‪ .‬بل إ ّننا نشعر‬ ‫أنّ ُكـتّاب اخليال العلمي مثلهم مثل أعضاء‬ ‫جملس النواب الذين يصنعون القوانني‪ ،‬يف حني‬ ‫أ ّنهم‪ -‬دوماً‪ -‬متخلّفون عن التقدّم التكنولوجي‬ ‫وعن استعماالته السياسية والتجارية‪.‬‬ ‫نشهد ال��ي��وم يف ال��غ��رب أزم���ة ع��امّ��ة يف‬ ‫التم ّثل‪ .‬فاإليديولوجية املُهيمنة ما تفتأ أن‬ ‫تُـنَ ِّغـر عندما تؤكد أ ّنه مل يعد هناك من جمال‬ ‫للمبادرات منذ اهنيار جدار برلني (‪.)1989‬‬ ‫ويكرّر النّ ّقاد‪ ،‬دائما‪ ،‬أنّ الواقع هو ذاته وما‬ ‫يتغيّر إ ّنما هو الشكل فحسب‪.‬‬ ‫تُـقدّم الرأمسالية نفسها ‪ -‬حتت امسها‬ ‫احلايل‪« :‬الليربالية» ‪ -‬على أ ّنها الكفيلة بإنتاج‬ ‫األشكال الوحيدة املمكنة للمجتمعات التّي‬ ‫تَصف نفسها بأ ّنها جمتمعات دميقراطية‪.‬‬ ‫هذه «البديهيات» تغلغلت يف نفوس ُكـتّاب‬ ‫اخليال العلمي إىل درجة أنّ تأثريها أدى إىل‬ ‫إقصاء ك ّل زخم طوباويّ‪.‬‬ ‫مع أنّ العلوم التقنية والتح ّكم البيولوجي‬ ‫وتكنولوجيا «النانو» واكتشاف الكواكب الشبيهة‬ ‫ب��األرض يف الفضاء اخلارجي والتجاوز إىل‬ ‫النظريات حول الكون مثل نظريات « الفضاء‬ ‫ الزمن » ال�تي بإمكاهنا أن تو ّفر مصطبة‬‫عظيمة خل��ي��الٍ أق��� ّل ان��ك��م��اش�اً وذل���ك على‬ ‫صعيدين‪ :‬صعيد التأويالت اإلبستيمولوجية‬ ‫املستقبلية وصعيد ال��ت��أث�يرات االجتماعية‬ ‫املمكنة املرتبطة بالتغيّرات العظيمة املتتالية‬ ‫املواكبة لطفرة البلدان الطالع جنمها على‬ ‫الساحة الرأمسالية‪ .‬لكن شيئاً من ذلك مل‬ ‫حيصل‪.‬‬ ‫قام «فريديريك جامسون» يف «حفريات‬ ‫املستقبل » (‪ )2007‬ب��إث��ب��ات م��ا ي��ل��ي‪« :‬إنّ‬ ‫تصوّر هنايةٍ للكون أسهل من تصوّر انقراض‬ ‫الرأمسالية»‪ .‬هذا ليس هدف اخليال العلمي‪،‬‬ ‫ولكن بإمكان هذا اخليال أن حيتفظ بأمل‬ ‫بناء عوامل جديدة‪ ،‬بوصفها بديالً للمجتمعات‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫احلاضرة وليست مهمّته نفي العالَم املعاصر‬ ‫أو تصوير نسخة منه‪ .‬باإلضافة إىل ذلك‪،‬‬ ‫على نصوص اخليال العلمي هذه‪ ،‬مهما كانت‬ ‫طاقاهتا التخيُّـلية‪ ،‬أن تثري عناصر االنبهار‪.‬‬ ‫مضي زمن كانت فيه جم�رّد اإلش��ارة إىل‬ ‫تنويـ ٍع يف فكرة قدمية (سفر يف الزمن)‪ ،‬أو يف‬ ‫شيء خيايل (مركبات فضائية تعمل بانعدام‬ ‫املادة‪ ،‬ال ّثـقب األسود‪ )...‬كافية لتجعل القارئ‬ ‫حيلم أحالما طوباوية وشاعرية‪ .‬هذه احلال‬ ‫نادرة يف أدب اخليال العلمي املعاصر‪ .‬إنّ جمرّد‬ ‫اإلشارة إىل أشياء جديدة أو أفكار جديدة يثري‬ ‫أحيانا لدى القارئ بعض االهتمام‪ ،‬لكن ذلك‬ ‫ال يغويه‪.‬‬ ‫إنّ اخل��ي��ال ال��ع��ل��م��ي ال����ذي أص��ب��ح منذ‬ ‫«ه�يروش��ي��م��ا» خ��ي��االً ن��ق��دي�اً متشائماً وله‬ ‫على الرغم من ذلك‪ ،‬ك ّل أسلحة الشاعرية‬ ‫وال��س��خ��ري��ة ك���ان ق���د اح��ت��ف��ظ ب��ش��يء من‬ ‫احلماس أيضاً‪ .‬هذا هو‪-‬غالبا‪ -‬عيب هذا‬ ‫األدب اليوم‪ .‬هناك‪ ،‬بالتأكيد‪ُ ،‬كـتّابٌ متميِّزون‬ ‫ول��ك��نّ ع��دده��م ق��ـ��ل��ي��ل‪ .‬واص��ل��ت «أرس�ل�ا‬ ‫لوقني» اكتشاف العوامل يف روايتها املناهضة‬ ‫لالستعمار‪« :‬اسم العالَم هو الغابة» (‪)1973‬‬ ‫وأنْ��ه��ت «إليزابات ف��ون��ارب��ورق» اجتيازها لـ‬ ‫«ع��الَ��م تري ّنيال » (اس��م رواي��ت��ه��ا) (‪-1994‬‬ ‫‪ )1997‬وأنشأ «داوود برين» بك ّل صرب‪ ،‬ثالثيته‬ ‫املـرّخيية (‪ )1996-1992‬واقرتح علينا «جان‬ ‫كلود دانتياش» العالَم الشاعري ألقاصيصه‬ ‫ّ‬ ‫«حمطة الرِّحلَة» (‪ .)1992‬على أنّ‬ ‫مثل قصّته‬ ‫احلماس الذي كان يدفع اخليال العلمي يف‬ ‫السنوات املاضية يبدو أنه قد انتكس‪.‬‬ ‫نأمل أن يكون ذلك أزمة عابرة‪ ،‬وأنّ اخليال‬ ‫العلميّ الذي هوى ْ‬ ‫جنـمُه يف الغرْب سيزدهر‬ ‫يف ث��ق��اف��ات أخ���رى‪ .‬ع��ن��دئ��ذ‪ ،‬ميكنه – مبا‬ ‫يقرتحه من ابتعاد عن الواقع اليومي ‪ -‬أن‬ ‫يعمل على تفهّ ٍم أحسن ملعطيات احلاضر‬ ‫املتجددة تفهماً قد يقوده إىل إجي��اد نظرة‬ ‫إجيابية ناقدة يبدو أ ّنها قد أفلتت منه اليوم‬ ‫يف الغرب‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪13‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪14‬‬ ‫د‪.‬طالب عمران‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫أعجبتين افتتاحيّة اخليال العلمي واملصطلح‬ ‫للسيّد وزي���ر ال��ث��ق��اف��ة ‪..‬وج��ل��ت ب�ين العوامل‬ ‫للتعرّف على أمهيّة اخليال والعلم ضمن نفس‬ ‫السياق‪..‬‬ ‫إن ال��ف��رق ب�ين مصطلحي اخل��ي��ال األدبي‪،‬‬ ‫واخليال العلمي‪ ،‬هو الفرق بني العلم واألدب‪..‬‬ ‫بني القصيدة اليت تدغدغ املشاعر وبني الواقع‬ ‫ال��ذي يشدك إىل رح��اب املنطق العلمي حيث‬ ‫اليعرتف العلم بالشعر كأفكار قابلة للتطبيق‪..‬‬ ‫األدب يعطيك احللم واخليال اجملنح‪ ،‬والعلم‬ ‫يعطيك املكننة واآللة والدواء الشايف للمرض‪،‬‬ ‫وكالمها الميكن االستغناء عنه‪..‬‬ ‫رمبا كان لوقيانوس السوري السميسطائي‬ ‫(‪ )Lucien de samosate‬هو األب احلقيقي‬ ‫للخيال العلمي‪ ،‬كتب حوارياته وقصصه اخليالية‬ ‫املقرونة بعلم ختيّل آفاقه يف شخوص وأحداث‪،‬‬ ‫ليكون أول رائد هلذا النوع من األدب‪..‬‬ ‫وميكننا أن نعرف مصطلح اخليال العلمي‪،‬‬ ‫يف رسالة الغفران للمعري‪ ،‬ويف آراء أهل املدينة‬ ‫الفاضلة للفارابي‪ ،‬ثم يف (حي بن يقظان) البن‬ ‫ط��ف��ي��ل‪ ..‬ون���رى م�لام��ح ه��ذا املصطلح – إن‬ ‫اتفقنا عليه‪ -‬يف بعض قصص ألف ليلة وليلة‬ ‫كاحلصان الطائر والبساط السحري واملرآة‬ ‫السحرية ومصباح عالء الدين وغري ذلك‪ ..‬رغم‬ ‫عدم التجانس بني هذا املصطلح وبني تفاصيل‬ ‫أحداث بعض هذه القصص‪...‬‬ ‫ظهر املصطلح إىل الوجود مع روايات الفرنسي‬ ‫(جول فرين) يف مغامرات علمية مدهشة عن‬ ‫غواصة أعماق مل تكن قد ظهرت وعن طائرات‬ ‫عمالقة وعن أرض نسيها الزمن وعن رحالت‬ ‫إىل الفضاء والقمر‪ ..‬إضافة لإلنكيزي املتفوق‬ ‫( هـ‪ .‬ج‪ .‬ويلز) الذي أعطى عمقاً هلذه املغامرات‬ ‫العلمية‪ ،‬بإضافة بعد فلسفي إنساني كما يف (‬ ‫آلة الزمن ) و (حرب العوامل) و (الرجال األوائل‬ ‫على القمر) وغريها كثري‪..‬‬ ‫ومن���ا ه���ذا األدب اخل����اص وك��ث��ر رواده‪،‬‬ ‫وانقسموا يف اجتاهني‪..‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬ ‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫اجت�����اه ج����اد حي��ك��ي ع���ن مه����وم اإلن���س���ان‬ ‫املستقبلية مع زي��ادة التلوث وتصنيع أسلحة‬ ‫الدمار‪ ،‬واحلصار على اإلنسان من قبل أنظمة‬ ‫متسلطة التلقي ب��االً للمشاعر واألحاسيس‬ ‫اإلنسانية‪..‬‬ ‫واجت��اه (فانتازي) وه��و مصطلح يعبّر عن‬ ‫اجت��اه املغامرة واملبالغات وشطحات اخلرافة‬

‫بقصد التسلية واإلمتاع‪...‬‬ ‫االجتاه اجلاد يف أدب اخليال العلمي هو الذي‬ ‫يؤرخ للمستقبل بأسلوب املكاشفة املريرة‪ ،‬رمبا‬ ‫بطريقة تبالغ أحياناً يف التحذير من املتاعب‬ ‫واملشاكل ورمبا الكوارث اليت قد يواجهها إنسان‬ ‫املستقبل‪ ..‬وهو أسلوب مشروع لدى كتاهبا‪،‬‬ ‫ن��ظ��راً لصعوبة املتاعب ال�تي ق��د نواجهها يف‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪15‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪16‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫أحداث كارثية متوقعة‪ ،‬بسبب استهتار صناع‬ ‫القرار بالنفس اإلنسانية‪ ،‬وقد أباحوا سحقها‬ ‫والعبث جبالهلا‪..‬‬ ‫يف وطننا العربي‪ ،‬بدأت بواكري هذا النوع من‬ ‫األدب مع توفيق احلكيم يف مسرحيته الذهنية‬ ‫(رحلة إىل الغد) اليت عدّها النقاد خياالً علمياً‪،‬‬ ‫ألهنا حتكي عن حمكومني باإلعدام يُنفيان إىل‬ ‫القمر فيقضيان فرتة‪ ،‬وحني يعودان إىل األرض‬ ‫جي���دان أن��ه م �رّ عليها (‪ )300‬ع���ام‪ ..‬بالطبع‬ ‫الفرضيات واألحكام ليست علمية هنا فالزمن‬ ‫القمر يسبق زمننا والزم��ن األرض يسبق زمن‬ ‫القمر‪..‬‬

‫وأصدر مصطفى حممود روايتيه (اخلروج من‬ ‫التابوت) ( رجل حتت الصفر) وعدّمها النقاد‬ ‫من اخليال العلمي وخاصة (رجل حتت الصفر)‬ ‫فهي أقرب إىل أدب اخلبال العلمي حيكي فيها‬ ‫مصطفى حممود ع��ن حتويل امل���ادة إىل طاقة‬ ‫مطلقة‪ ،‬حيث يتحول بطل القصة إىل كائن غري‬ ‫مرئي بعد حتول مادته إىل طاقة‪ ،‬تنطلق حملقة‬ ‫يف الكون تسرب النجوم والفضاء البعيد‪ ..‬بينما‬ ‫روايته األخ��رى التندرج حتت مصطلح اخليال‬ ‫العلمي‪..‬‬ ‫وأصدر صربي موسى (رجل من حقل السبانخ)‬ ‫يف أوائ��ل مثانينيات القرن العشرين وقد عدّت‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫أدب اخليال العلمــــــي‬ ‫ي��ش��م��ل ال��س��ي��اس��ة‬ ‫املستقبلية‪ ،‬البيئــــــة‪،‬‬ ‫ال���ت���ط���ور ال��ع��ل��م��ي‪،‬‬ ‫كشوفـــــــات الفضــاء‪،‬‬ ‫ال��ل��ق��اءات م��ع عوامل‬ ‫م��ن ك��واك��ب أخ���رى‪،‬‬ ‫السفر إىل املستقبـــل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ح����ل أل���غ���از امل��اض��ي‬

‫‪ww‬‬

‫منوذجاً ألدب اخليال العلمي‪ ،‬أما هناد شريف‬ ‫الذي بدأ بإصدار أعماله منذ أواخر الستينيات‬ ‫املنصرمة فقد شجعه الراحل يوسف السباعي‬ ‫على متابعة السري يف هذا اخلط واالجتاه اجلديد‪،‬‬ ‫ودعمه يف منشوراته‪ ،‬اليت تالحقت يف (قاهر‬ ‫الزمن) و(رقم ‪ 4‬يأمركم) و(أنا وكائنات الفضاء)‬ ‫و(ال��ش��يء) و(ب��اإلمج��اع) و(امل��اس��ات الزيتونية)‬ ‫و(سكان العامل الثاني) و(ابن النجوم) اخل‪..‬‬ ‫فقد حقق هن��اد ش��ري��ف امل��ف��ه��وم احلقيقي‬ ‫ملصطلح اخليال العلمي‪ ،‬مسلحاً مبعارف علمية‬ ‫موسوعية أفادته يف التحليق بني ع��وامل العلم‬ ‫املختلفة‪..‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪ob‬‬

‫وظهر كتاب آخرون انتشروا يف أصقاع الوطن‬ ‫العربي يؤسسون ألدب عربي جديد له نكهته‬ ‫وخصوصيته‪..‬‬ ‫وماذا عن املصطلح يف أدب اخليال العلمي؟‬ ‫سأبدأ من األدب الذي أكتبه منطلقاً بني عوامل‬ ‫وأسفار هذا األدب اهلام واجلاد‪ ،‬واملهمل إىل حد‬ ‫مايف أدبنا العربي‪..‬‬ ‫مصطلح اخليال العلمي‪ ،‬يعين اخليال املقرون‬ ‫بالعلم‪ ،‬املرتبط باألدب الذي يعاجل يف فروعه هذا‬ ‫املصطلح‪ ،‬كالقصة والرواية واملسرحية‪..‬‬ ‫فقصة اخل��ي��ال ال��ع��ل��م��ي‪ :‬ه��ي ق��ص��ة تدور‬ ‫يف فلك األدب العلمي املتخيل‪ ..‬قصة تلتقط‬ ‫حدثاً ما يف زم��ان ومكان حمددين لتقدمه يف‬ ‫أح��داث قصرية وشخصيات م��ع��دودة‪ ..‬ورواية‬

‫اخليال العلمي‪ :‬تأخذ مصطلح الرواية الواسع‬ ‫بشخوصه وت��ؤط��ره��ا ب��إط��ار العلم يف أحداث‬ ‫مستقبلية‪ ،‬حتكي عن هواجس عوامل املستقبل‬ ‫واره���اص���ات���ه‪ ..‬ه��ي رواي����ة حت��ك��ي ع��ن عوامل‬ ‫متخيلة بتقدمها العلمي أو بأزمنتها املقبلة‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪17‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫ألغاز املاضي‪ ..‬الصراعات بني العقل واآللة اليت‬ ‫ميكن أن تصبح آلة ذكية ختطط لسيادهتا على‬ ‫العقل‪..‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫أفكار عن مصطلحات نتناوهلا يف أدبنا‬ ‫وسألقي الضوء اآلن على جتربيت اخلاصة يف‬ ‫مصطلح اخليال العلمي مستعرضاً األدب الذي‬ ‫كتبته منذ جمموعيت القصصية األوىل (كوكب‬ ‫األحالم) اليت صدرت عام ‪.)1978 ( 1978‬‬ ‫يف كوكب األحالم حتدثت عن مصطلح السنة‬ ‫الفضائية‪ :‬وفسرته بأنه نتيجة لكثرة السفر بني‬ ‫الكواكب بالسرعات الكبرية املقرتبة من سرعة‬ ‫الضوء اليت تصل (‪ )300‬ألف كيلومرت يف الثانية‪،‬‬ ‫فإن بعض الناس يولدون يف املستقبل على منت‬ ‫السفن الفضائية يف رحالهتا بني الكواكب‪،‬‬ ‫وه��ذا يستدعي أن نصنف أعمارهم تصنيفاً‬ ‫آخر‪ ،‬فماجد بطل كوكب األحالم عمره عشر‬ ‫سنوات فضائية‪ ،‬وهي سنوات خاصة تقاس‬ ‫بتتايل الساعات املوضوعة يف السفن ودوران‬ ‫عقارهبا أليام ولسنوات وهكذا‪..‬‬ ‫ويف (العابرون خلف الشمس) ‪ :‬وهي الرواية‬ ‫اليت صدرت عام ‪ 1979‬حتدثت عن مصطلح‬ ‫(موجة احلس) وهي املوجة اليت ينتقل عربها‬ ‫ساكن الكوكب الفوسفوري عرب الفضاء حملقاً‬ ‫بسرعات خيالية‪ ،‬ومعه ك��ل أحاسيسه كما‬ ‫حتدثت يف هذه الرواية عن الطاقة املتحولة‪،‬‬ ‫وهو مصطلح فسرته بتحول امل��ادة إىل طاقة‪،‬‬ ‫ولكون الطاقة اليت حولتها بشرية‪ ،‬فإهنا خارقة‬ ‫شديدة القوة‪..‬‬ ‫ويف ال��رواي��ة مصطلح الكائن الفوسفوري‪:‬‬ ‫وفسرته بأنه كائن لديه ق��درة على التحول‬ ‫بأشكال خمتلفة‪ ،‬يف كون الكوكب الفوسفوري‪،‬‬ ‫فإن هؤالء ظهروا بأشكال شبيهة بالبشر‪..‬‬ ‫ويف جمموعة ضوء يف الدائرة املعتمة اليت‬ ‫ظهرت عام ‪ 1980‬أدخلت مصطلحات جديدة‬ ‫يف قصة (ض��وء يف ال��دائ��رة املعتمة) نفسها‪،‬‬ ‫كمصطلح الشغيلة‪ ،‬وهي كائنات تعيش على‬

‫‪18‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫الغامضة‪ ،‬تستشرف األح��داث وتطل على‬ ‫عواملها االفرتاضية‪..‬‬ ‫ومسرحية اخليال العلمي‪ :‬مسرحية حتكي‬ ‫بفصوهلا ومشاهدها عن املستقبل ومتاعب‬ ‫إنسان املستقبل‪ ،‬يف ديكورات وأحداث تستقي‬ ‫شخوصها من عوامل املستقبل أيضاً‪..‬‬ ‫أدب اخليال العلمي يشمل هذه التفرعات‪،‬‬ ‫وهو يشمل السياسة املستقبلية‪ ،‬البيئة‪ ،‬التطور‬ ‫العلمي‪ ،‬كشوفات الفضاء‪ ،‬اللقاءات مع عوامل‬ ‫من كواكب أخ��رى‪ ،‬السفر إىل املستقبل‪- ،‬ح ّل‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫الكوكب امل��ل��يء بالسحب امللبدة والصواعق‪،‬‬ ‫وتعنى بالعمل ال��ي��دوي فقط واألع��م��ال اليت‬ ‫تستخدم القوة العضلية‪ ..‬وهو مصطلح قديم‬ ‫أيضاً يف األيديولوجيا السياسية‪..‬‬ ‫كل املصطلحات اليت ذكرهتا تبدو مألوفة‪،‬‬ ‫وميكن أن تستخدم‪ ،‬فالسنة الفضائية ميكن‬ ‫أن تصبح مصطلحاً يستخدم يف أدب اخليال‬ ‫العلمي‪ ..‬وموجة احل��س ميكن أن يستخدم‬ ‫يف احلديث عن امل��ادة اإلنسانية العقلية أو‬ ‫البشرية املتفوقة عندما تتحول مادته بالكامل‬

‫إىل موجة حسّ‪..‬‬ ‫وهناك مصطلحات استخدمتها يف رواية‬ ‫(خلف جدار الزمن) ويف (كوكب شبيه باألرض)‬ ‫مثل (قمر احلب) وهو مصطلح يعرب عن تابع‬ ‫لكوكب شبيه باألرض‪ ،‬يذهب إليه العشاق الذين‬ ‫يشعرون باحلب على الكوكب الذي اليولد احلب‬ ‫فيه سوى مرة واحدة‪ ،‬ومن خيرت شريكه والحيبه‬ ‫هذا الشريك يصبح القمر لعنة عليهما‪ ..‬ورمبا‬ ‫اليكون هذا املصطلح معمماً ألن له خصوصية‬ ‫يف الرواية نفسها‪..‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪19‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪20‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫هناك مصطلح (اآليل) الذي وضعته بدالً‬ ‫عن الروبوت يف قصص كثرية‪ ..‬وهو مصطلح‬ ‫لغوي‪ ..‬فاللغة يف أدب اخليال العلمي خمتلفة‪،‬‬ ‫فهي حتكي عن عمليات خلق أمكنة وأجهزة‬ ‫وشخوص قصصية وروائية مستقبلية‪ ..‬وهي‬ ‫مصطلحات جديدة دائماً‪..‬‬ ‫فلو ختيلنا رحلة إىل كوكب بعيد يف اجملرة‪،‬‬ ‫يبعد مثالً عشر سنوات ضوئية قد نسمي‬ ‫الكوكب (زيلما) أو نسميه (أوريانا) والتسمية‬ ‫هلا عالقة باللغة‪ ،‬وهي مشروعة‪ ..‬وقد نسميه‬ ‫الكوكب الساخن إن كان سطحه ساخناً وفيه‬ ‫نباتات غريبة وأحياء باشكال غري مألوفة تعيش‬ ‫يف أج��واء ح��ارة‪ ،‬ورمب��ا عاشت كائنات عاقلة‬ ‫فوق سطح هذا الكوكب من نوع غري مألوف‬ ‫أيضاً‪ ..‬أنا أختيل عاملاً جديداً جيب أن يكون‬ ‫موصوفاً بشكل علمي‪ ،‬يف كائناته وتضاريسه‬ ‫وتفاصيله‪ ،‬وهي عملية ليست سهلة أبداً‪..‬‬ ‫ك��ث�يراً مانطلق أمس��اء ج��دي��دة على أمكنة‬ ‫وش��خ��ص��ي��ات وك��واك��ب وجن���وم وجم����رات قد‬ ‫التكون موجودة حقيقة‪ ،‬ولكنها عوامل متخيلة‬ ‫ممكنة الوجود‪..‬‬ ‫عندما أتكلم عن عامل قد نعيشه بعد عشر‬ ‫سنوات ‪ ،‬ميكن رسم هذا العامل بتقريب كبري‪،‬‬

‫فال يفصلنا عن حدوثه س��وى عشر سنوات‬ ‫وهو زمن ليس كبرياً‪ ،‬قد نتحدث عن إجناز‬ ‫علمي ممكن احلدوث أو حدث كارثي له عالقة‬ ‫بالبيئة أو م��رض ينتشر يف مدينة يتسرب‬ ‫اإلشعاع من مفاعلها النووي‪ ..‬ولكننا لن نكون‬ ‫دقيقني يف التنبؤ لوحكينا عن احلياة بعد مائة‬ ‫سنة‪ ..‬فكلما بعد املستقبل أصبح أكثر غموضاً‬ ‫وأكثر صعوبة يف التنبؤ‪..‬‬ ‫ك��ات��ب اخل��ي��ال العلمي كثري األح�ل�ام كثري‬ ‫اهلواجس واخلوف من املستقبل‪ ،‬فما حيدث‬ ‫اآلن قد يسرع يف الكوارث القاتلة‪ ،‬من جراء‬ ‫اضطراب الغالف اجل��وي وحنن نقذف هذا‬ ‫الغالف مباليني األطنان من امللوثات اليت أ ّثرت‬ ‫على ت��وازن هذا الغالف الذي انتظم لتأهيل‬ ‫وجود احلياة على األرض‪ ..‬وماحيدث اآلن من‬ ‫التلوث األخالقي الذي جعل الناس يعيشون‬ ‫يف دوائ���ر ضيقة‪ ،‬غ�ير منفتحة على احملبة‬ ‫والتعاون‪ ،‬واإلحساس بالغري‪ ..‬عدا عن الفساد‬ ‫الكبري يف الضمائر وانتشار الرشوة واملتعة على‬ ‫حساب العقل‪ ..‬عدا عن السباق يف التصنيع‬ ‫دون ضوابط وبناء املفاعالت النووية وتكديس‬ ‫األسلحة عند الدول العظمى وانتشار املشاريع‬ ‫ال�تي جتعل اإلن��س��ان يلغي أخ��اه‪ ،‬أي مشروع‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫إلغاء اآلخر وهو مشروع أنبتته القوة العظمى‬ ‫يف بيئات التطرف لتسيء إىل اإلسالم مثالً‪،‬‬ ‫الذي هو املثال النموذجي الستيعاب اآلخر‪..‬‬ ‫أن���ا ش��خ��ص��ي�اً خ��ائ��ف ع��ل��ى اإلن���س���ان من‬ ‫املستقبل‪ ،‬وكتبت رواية باسم (األزمان املظلمة)‬ ‫تتحدث عن تصور لقرن (هو القرن احلادي‬ ‫وال��ع��ش��ري��ن) بعد احل���ادي عشر م��ن الشهر‬ ‫التاسع‪ ،‬وهي مليئة باألحداث اليت هلا عالقة‬ ‫بامتهان اإلن��س��ان العربي‪ ،‬وح��ص��اره وسلبه‬ ‫مقومات اإلبداع‪ ..‬يف حوادث تبدأ باملنظمات‬ ‫املاسونية (البنائني األحرار) ثم زمن القوارض‪،‬‬ ‫احل��ك��ام ال��ذي��ن وضعتهم ال��ق��وة العظمى من‬ ‫قرضاي (حامد ك��رزاي) إىل مابعده وماقبله‬ ‫من القوارض‪ ..‬ثم األوبئة املربجمة يف خمابر‬ ‫الشيطان وغوانتانامو وأشكال التنكيل بعينات‬ ‫بشرية أصبحت مثل فئران التجارب‪ ،‬حيث‬ ‫جت��رى كل التجارب املرعبة عليها‪ ،‬من زرع‬ ‫خاليا واستنساخها‪ ،‬وجتربة أدوية وعقارات‬ ‫وأسلحة جرثومية آية يف الرعب‪..‬‬ ‫ورغم ذلك أحلم بعوامل خارج هذه اخلياالت‬ ‫امل��رع��ب��ة‪ ،‬ففي (أس���رار م��ن مدينة احلكمة)‬ ‫ختيلت وجود مدينة علمية عربية حتت أرض‬ ‫ال��ص��ح��راء ال��ع��رب��ي��ة‪ ،‬جتمع فيها علماء من‬ ‫كافة أصقاع العرب‪ ،‬ليعيدوا ألمتهم عصرها‬ ‫اإلبداعي‪ ،‬متحدّين كل طغاة الشر وجالديه‬ ‫بقوة العلم وطاقته اهلائلة‪..‬‬ ‫وكررت ذلك احللم يف (فضاء واسع كاحللم)‬ ‫حيث اجل��زي��رة العربية ال�تي مجعت علماء‬ ‫العرب يف جتربة إبداعية متفوقة خارج إطار‬ ‫حصارات الرعب واجلوع‪..‬‬ ‫حتى يف (م��زون) وهي رواي��ة عن اجلزيرة‬ ‫العربية‪ ،‬حكيت فيها عن تلك العجوز اخلارقة‬ ‫(أم العرب) اليت تنتسب لكل القبائل العربية‪،‬‬ ‫تستقدم حفيدها الشامي‪ ،‬ليحمل رسالة جده‬ ‫املنحدر م��ن ح��امت الطائي‪ ،‬يف سبيل تنبيه‬ ‫األجيال اجلديدة إىل ماينتظرها هذه األجيال‬ ‫املضيّعة بالكليبات واملواقع االلكرتونية واأللعاب‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫وحتى فرق الرياضة العاملية‪ ،‬لدرجة أهنا نست‬ ‫التاريخ والكتاب واغرتبت عن الثقافة لتصبح‬ ‫أجياالً رقمية‪..‬‬ ‫ومصطلح األج��ي��ال الرقمية‪ ،‬أو ( أجيال‬ ‫الدجييتال) هو مصطلح أوردته يف رواية (نفق‬ ‫األزم���ان املقبلة) حتدثت فيه ع��ن التاثريات‬ ‫اليت تؤثر على األجيال اجلديدة من ( ثقافة‬ ‫مسطحة استهالكية) وحمطات فضائية تقدم‬ ‫أغان ومشاهد رخيصة مبتذلة ورسائل تبثها‬ ‫بكلمات شديدة الدونية‪ ،‬تتكاثر هذه احملطات‬ ‫حتى زاد ع��دده��ا ع��ن (‪ )287‬حمطة فيديو‬ ‫كليب عدا عن مواقع الكرتونية مربجمة لتهديم‬ ‫أخالقيات اإلنسان يف عاملنا العربي‪ ،‬عدا عن‬ ‫أن احلاسوب أصبح أداة لأللعاب االلكرتونية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وغطى كل ذلك على الكتاب والقراءة والثقافة‪،‬‬ ‫ووص����ل إىل امل��ن��اه��ج ال�ت�ي ت��غ�يرت لتضرب‬ ‫الذاكرة العربية احلافلة باإلجنازات العلمية‬ ‫واحلضارات املتعاقبة وكانت آخرها (احلضارة‬ ‫العربية اإلسالمية) هذه األجيال غري القارئة‬ ‫املرتبطة باآللة‪ ،‬ستصبح جزءاً من هذه اآللة‬ ‫فيما بعد‪ ،‬وتتخلى عن الكتاب واخليال واملدّ‬ ‫امل��ع��ريف امل��خ��زون‪ ،‬كما خيطط هل��ا‪ ،‬لتنفصل‬ ‫عن مشاعرها وأخالقيات آبائها وأجدادها‪..‬‬ ‫ف��ع��ن��دم��ا ي��ن��ع��دم اخل���ي���ال‪ ،‬خت���ف املشاعر‬ ‫واألح��اس��ي��س حتى تتضاءل لتنعدم أيضاً‪..‬‬ ‫وه���ذا ه��و البنيان احلقيقي ل��رواي��ة (أنفاق‬ ‫األزمنة املقبلة)‪..‬‬ ‫املصطلح العلمي استوعبته لغتنا‪ ،‬والكتابة‬ ‫العلمية أصبحت منتشرة‪ ،‬مهما كانت اللغة‬ ‫املنقول منها الكتاب العلمي‪ ،‬دقيقة‪ ،‬وصعبة‪..‬‬ ‫اخليال العلمي هو ميدان جديد يف األدب‬ ‫وهو شديد األمهية‪ ،‬وقد أصبح كتاب اخليال‬ ‫العلمي جزءاً من اخلربات اليت تساهم يف رسم‬ ‫اسرتاتيجات الدول‪ ..‬ونتمنى أن يصبح اخليال‬ ‫العلمي العربي ظاهرة إبداعية تؤخذ بشكل‬ ‫جادّ من قبل النقاد واحملافل األدبية والعلمية‪..‬‬ ‫ألهنا تستحق ذلك‪...‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪21‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪22‬‬ ‫د‪.‬عيسى ّ‬ ‫مشاس‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫الأح��د يتجاهل أن الطفولة مرحلة مهمة‬ ‫ل��ذاهت��ا‪ ،‬ومهمة وض��روري��ة مل��ا ب��ع��ده��ا‪ ،‬فهي‬ ‫مرحلة مهمّة لذاهتا‪ ،‬ألهنا مرحلة متميّزة يف‬ ‫حياة الكائن البشري (الفرد) وحجر األساس‬ ‫يف بناء شخصية سليمة ومتوازنة‪ .‬وهي مرحلة‬ ‫مهمّة وضرورية ملا بعدها‪ ،‬ألنّ األساس املتني‬ ‫يؤدي إىل بناء متني‪ .‬ومبا أنّ العملية الرتبوية‪،‬‬ ‫مبجملها‪ ،‬ه��ي عملية ب��ن��اء اإلن���س���ان‪ ،‬فإنّ‬ ‫اخلربات العلمية واملعرفية اليت يتل ّقاها الطفل‪،‬‬ ‫واخل�برات واملهارات السلوكية اليت يكتسبها‪،‬‬ ‫تعدّ من املكوّنات األساسية هلذا البناء‪ ،‬حيث‬ ‫يكون الطفل أكثر استعداداً للتقبّل والتعلّم‬ ‫واالكتساب‪.‬‬ ‫فالطفل يرى ويف ّكر ويفهم ويتذوّق بطرائقه‬ ‫اخل���اص���ة‪ ،‬وم���ن خ�ل�ال امل���ث�ي�رات (احلسية‬ ‫واجملرّدة) اليت يتعرّض هلا‪ ،‬وحياول من خالهلا‬ ‫اكتشاف العامل من حوله ب��األدوات والوسائل‬ ‫اليت تتوافر له‪ ،‬وتكون يف مستوى استعداده‬ ‫النفسي ونضجه العقلي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وضمن هذه الوسائل الرتبوية‪ ،‬احتل أدب‬ ‫األط���ف���ال‪ ،‬ب��وص��ف��ه احمل���ور األس��اس��ي الذي‬ ‫تتمركز حوله ثقافة األطفال‪ ،‬مكانة بارزة بني‬ ‫الروافد الرتبوية احلديثة‪ ،‬نظراً للدور الفاعل‬ ‫الذي يؤديه يف تكوين جوانب شخصية الطفل‪،‬‬ ‫حاضراً ومستقبالً‪ ،‬وذلك من خالل املوضوعات‬ ‫اليت يعاجلها ويقدّمها لألطفال بوسائط تتّسم‬ ‫باجلاذبية واحليوية‪ ،‬وتثري عواطفه وحترّك‬ ‫خياالته‪ ،‬وتطلق قدراته الفكرية الكامنة‪ ،‬يف‬ ‫االجتاه الصحيح‪.‬‬ ‫وهنا تتجلّى أمهية أدب اخل��ي��ال العلمي‬ ‫لألطفال يف اجتاهني متوازيني ومتكاملني‪ ،‬فهو‬ ‫يسهم يف التكوين النفسي والعقلي والعاطفي‪،‬‬ ‫من جهة‪ ،‬وه��و أسلوب فعّال لتأصيل القيم‬ ‫االجتماعية واإلنسانية من جهة أخرى‪ .‬وذلك‬ ‫ألن األدب بوجه عام‪ ،‬يساعد الطفل يف تكوين‬ ‫الفهم األفضل‪ ،‬عن ذاته وعن اآلخرين‪ ،‬وعن‬ ‫الكون والعامل من حوله‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪.co‬‬

‫أو ً‬ ‫ال‪ - :‬اخليال والطفولة‬ ‫اخليال والتخيّل من الصفات األساسية اليت‬ ‫تتسم هبا الطفولة النشطة‪ ،‬والسيما يف املراحل‬ ‫األوىل‪،‬يسبغ الطفل ذاته وخياالته على كثري من‬ ‫األمور واألشياء‪ ،‬الواقعية وغري الواقعية‪ ،‬أي أن‬ ‫لديه قدرة (قوة ) معرفية ‪ /‬تركيبية‪ ،‬على دمج‬ ‫اخليايل بالواقعي‪ ،‬حيقق له التكيف والفاعلية‪.‬‬ ‫وهنا ت�برز العالقة بني اخليال العلمي وأدب‬ ‫األطفال‪.‬‬ ‫فإذا كان أدب األطفال هو‪ :‬كل مايقدم إىل‬ ‫األطفال من مواد ‪ /‬نصوص‪ ،‬مكتوبة أو مقروءة‬ ‫أو مصورة ‪ /‬مرئية‪ ،‬س��واء كانت قصصاً أو‬ ‫شعراً أو متثيليات‪ ،‬أو معارف علمية‪ ،‬أ ّلفت‬ ‫ووضعت خصيصاً لألطفال‪ ،‬مبا يتناسب مع‬ ‫ميزاهتم (النفسية والعقلية) ‪ ،‬يف مرحلة من‬ ‫امل��راح��ل‪ ،‬ف��إنّ أدب اخليال العلمي ه��و‪ :‬ذلك‬ ‫النوع من األدب الذي يعاجل موضوعات علمية‬ ‫بطريقة ختييلية ّ‬ ‫منظمة ومنضبطة‪ ،‬تكشف عن‬ ‫استجابات اإلنسان وتفاعالته مع ماحييط به‬ ‫من مظاهر التطور العلمي والتكنولوجي‪ ،‬يف‬ ‫حاضره أو مستقبله القريب أو البعيد‪ ،‬بقصد‬ ‫إجي���اد صيغة م��ن التكيّف اإلجي��اب��ي م��ع كل‬ ‫التوقعات واملستجدات‪.‬‬ ‫ول��ذل��ك ميكن ألدب األط��ف��ال ال��ذي يأخذ‬ ‫باخليال العلمي مطيّة إلي��ص��ال رسالته إىل‬ ‫الطفل املتل ّقي‪ ،‬أن ي��ؤدّي دوراً كبرياً يف ضبط‬ ‫ه��ذه القوة اخليالية‪ ،‬وتنظيمها‪ ،‬حيث ينقل‬ ‫الطفل من عامل اخليال اجلامح ‪ /‬الالمتناهي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫املنظم املبدع‪ ،‬أي أ ّن��ه يسهم‬ ‫إىل عامل اخليال‬ ‫يف عقلنة خيال الطفل وترقيته‪ ،‬م��ن خالل‬ ‫تقديم املفاهيم واحلقائق العلمية‪ ،‬أو الظواهر‬ ‫الطبيعية واملواقف املرتبطة هبا‪ ،‬مبوضوعية‬ ‫وشفافية‪ ،‬جتذب الطفل‪ ،‬وتقنعه مبا تتضمن‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫واس��ت��ن��اداً إىل ه��ذه ال��رؤي��ة‪ ،‬ف���إنّ األبعاد‬ ‫الرتبوية للخيال يف أدب األط��ف��ال‪ ،‬تكمن يف‬ ‫اجلوانب اآلتية ‪:‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬ ‫‪w.‬‬ ‫‪ww‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪23‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫بعيداً عن أية تأثريات سلبية‪.‬‬ ‫وب��ذل��ك يستطيع اخل��ي��ال العلمي يف أدب‬ ‫األطفال أن حي ّقق العناصر الرتبوية التالية‪:‬‬ ‫ضبط خيال الطفل وماينتج عنه من مشاعر‬ ‫وانفعاالت‪ ،‬حيث يعمل على تنظيمها وتعزيز‬ ‫اجلوانب اإلجيابية فيها‪ ،‬مبا يسهم يف التكيّف‬ ‫الذاتي للطفل‪ ،‬وهتذيب تفكريه وسلوكه‪.‬‬ ‫إبعاد الطفل‪ ،‬ماأمكن‪ ،‬عن األجواء املأساوية‬ ‫واملواقف املخيفة‪ ،‬واملشاهد املرعبة‪ ،‬وإضفاء‬ ‫أج�����واء احل��ي��وي��ة وامل�����رح ع��ل��ى الشخصيات‬ ‫واألح��داث‪ ،‬من خالل توفري عناصر التشويق‬ ‫واالستمتاع واملتابعة النشطة‪.‬‬ ‫تلبية حاجات الطفل إىل البحث واملعرفة‬ ‫واالك��ت��ش��اف‪ ،‬وم��ي��ل��ه إىل امل��غ��ام��رة املعقولة‪،‬‬ ‫وال��ف��ض��ول ملعرفة ك��ل ماجيهله‪ ،‬وم��ن خالل‬ ‫اإلجابة على كثري من التساؤالت اليت تشغله عن‬ ‫العامل الذي حييط به‪.‬‬ ‫توسيع آفاق الطفل العلمية ‪ /‬املعرفية‪ ،‬من‬ ‫خالل إعطائه املعلومات الصحيحة‪ ،‬والتفسريات‬ ‫العلمية املنطقية ملا حيدث وماميكن أن حيدث‬ ‫م��ن ظ��واه��ر علمية‪ ،‬ب��ع��ي��داً ع��ن التفسريات‬ ‫اخلرافية‪.‬‬ ‫وه��ذا يعين أن يتّصف أسلوب التخييل يف‬ ‫أدب األطفال العلمي‪ ،‬باحلكمة وال��ت��وازن من‬ ‫الناحيتني العاطفية والعقلية‪ ،‬فيكون العمل‬ ‫األدب��ي الطفلي مثرياً خليال الطفل من جهة‪،‬‬ ‫وقادراً على التأثري اإلجيابي به وإقناعه من جهة‬ ‫أخ��رى‪ ...‬وهنا تظهر براعة الكاتب ومقدرته‬ ‫اإلبداعية يف تقديم أدب اخليال العلمي اجليد‬ ‫لألطفال الذين يتوجّه إليهم‪.‬‬

‫األدب‪ ،‬والسيما يف قصص اجل�نّ والعمالقة‪،‬‬ ‫وتقديم بعض الظاهرات الطبيعية واملكتشفات‪،‬‬ ‫والتفسريات العلمية املرتبطة هبا؟‬ ‫اجل����واب ب�لا ش���ك‪ ،‬ه��و ال��ت��أك��ي��د ع��ل��ى أن‬ ‫اخليال العلمي يف أدب األطفال أمر ضروري‪،‬‬ ‫بل وحيوي لتحريك فاعلية الطفل النفسية‬

‫‪ob‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫بعض الكتاب يؤمنون‬ ‫مببد ًا (النقيض)‪ ،‬أي‬ ‫ط���رح بع���ض املواقف‬ ‫أو الظواه���ر م���ن‬ ‫خ�ل�ال األح���داث أو‬ ‫الشخصيـات السلبية‪،‬‬ ‫العتقادهم بأنّ الطفل‬ ‫يدرك ذلك‪ ،‬وبالتايل‬ ‫يبتع���د عن���ه ويأخذ‬ ‫باجلوان���ب اإلجيابية‬

‫‪24‬‬

‫ث��ان��ي�� ًا ‪ -‬ت��وظ��ي��ف اخل��ي��ال يف أدب‬ ‫األطفال‬ ‫إذا كان اخليال عنصراً أساسياً من العناصر‬ ‫احليوية والتشويقية يف أدب األط��ف��ال‪ ،‬فإنّ‬ ‫ال��س��ؤال ال���ذي مي��ك��ن أن ي��ط��رح ه���و‪ :‬إىل أي‬ ‫مدى ميكن استخدام اخليال العلمي يف هذا‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫وال��ع��ق��ل��ي��ة‪ ،‬ش��ري��ط��ة االب��ت��ع��اد ع��ن اخلياالت‬ ‫اجلاحمة‪ ،‬وعدم اخللط املضطرب بني احلقيقة‬ ‫واخليال‪ ،‬الذي يؤدي إىل التشويش أو التشويه‬ ‫يف ذه��ن الطفل‪ ،‬وع��دم ق��درت��ه على التمييز‬ ‫بني احلقيقة واخليال‪ ،‬فيضيع بالتايل اهلدف‬ ‫العلمي‪ /‬الرتبوي من املوضوع املطروح‪ .‬ورمبا‬ ‫يكتسب معارف أو خ�برات يكون هلا تأثريات‬ ‫سلبية على سلوكاته اخلاصة والعامة‪.‬‬ ‫فمن املعروف تربوياً أن الطفل مقلّد بارع‬ ‫والقط ممتاز‪ ،‬والسيما مايثري اهتمامه‪ ،‬ويلبّي‬ ‫حاجاته لالطالع واالكتشاف‪ ،‬فهو يقرأ أحياناً‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫تلك القصص املصورة‪ ،‬يف الكتب أو يف اجملالت‪،‬‬ ‫وتتحدث عن العوامل البعيدة‪ ،‬وتأخذه يف رحالت‬ ‫خيالية يكتشف من خالهلا ماهو جمهول‪ ،‬يسمع‬ ‫عنه أم حيلم به‪ ،‬أو تأخذه إليه خياالته‪ .‬كما‬ ‫يف (بساط الريح‪ ،‬واألطباق الطائرة‪ ،‬وكائنات‬ ‫العامل اآلخر‪ ،‬واكتشاف الفضاء‪ ...‬وغريها)‬ ‫وهنا ميكن للخيال العلمي يف أدب األطفال‬ ‫أن حي ّقق جمموعة من الوظائف الرتبوية‪ ،‬ميكن‬ ‫إمجاهلا مبا يأتي‪:‬‬ ‫تنمية الثقافة العلمية ل��دى األط��ف��ال‪ ،‬من‬ ‫خ�لال تقديم املوضوعات بأسلوب قصصي‪،‬‬ ‫شيق ّ‬ ‫وجذاب‪ ،‬ومقنع‪.‬‬ ‫التأكيد على العالقات املرتابطة بني الكائنات‬ ‫احل��ي��ة‪ ،‬والس��ي��م��ا البشرية منها‪ ،‬والظواهر‬ ‫الكونية‪ ،‬واملكتشفات وامل��خ�ترع��ات العلمية‪،‬‬

‫واآلث��ار النامجة عنها‪ ،‬ودور اإلنسان اإلجيابي‬ ‫يف ذلك‪.‬‬ ‫ربط القضايا العلمية املطروحة بشكل نظري‪،‬‬ ‫بإمكانية حتقيقها يف الواقع‪ ،‬أي تقديم العلم‬ ‫ضمن إط��ار تطبيقي من املواقف والسلوكات‬ ‫اإلجيابية‪ ،‬واالبتعاد عن املواقف السلبية‪.‬‬ ‫والبد من اإلشارة هنا‪ ،‬إىل أن بعض الكتاب‬ ‫يؤمنون مب��ب��داً ((ال��ن��ق��ي��ض))‪ ،‬أي ط��رح بعض‬ ‫امل��واق��ف أو ال��ظ��واه��ر م��ن خ�لال األح���داث أو‬ ‫الشخصيات السلبية‪ ،‬العتقادهم بأنّ الطفل‬ ‫يدرك ذلك‪ ،‬وبالتايل يبتعد عنه ويأخذ باجلوانب‬ ‫اإلجيابية‪ ،‬ولكن املسألة ليست هبذه البساطة‪،‬‬ ‫فكثريون هم األطفال الذين يكتسبون السلوكات‬ ‫السلبية‪ ،‬ويقلّدوهنا‪ ،‬وتسبّب هلم األذى النفسي‬ ‫أو اجلسدي‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪25‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫ف��ق��ص��ة (س���وب���رم���ان) ع��ل��ى س��ب��ي��ل املثال‪ ،‬املوضوعية‪ ،‬هو خيال مقبول يف أدب األطفال‪،‬‬ ‫منتشرة وش��ائ��ع��ة‪ ،‬م��ن خ�لال ق��راءهت��ا أو من بل مطلوب أيضاً‪ ،‬إذا ما أحسن توظيفه مبا‬ ‫خالل مشاهدهتا يف أفالم التلفزيون والسينما يتناسب مع قدرات الطفل من جهة‪ ،‬واملوضوع‬ ‫سوبرمان هذا الذي أرسله وال��ده‪ ،‬وهو طفل‪،‬‬ ‫يف صندوق من كوكب (كريبتون) قبل أن ينفجر‬ ‫هذا الكوكب‪ ،‬امتاز بقوته اليت راحت تنمو إىل‬ ‫أن وصلت إىل متكينه من إيقاف الزمن وانفجار‬ ‫الرباكني‪ ،‬ومقاومة اإلشعاعات الفتّاكة‪ .‬وهذه‬ ‫كلها أعمال مقبولة إىل حدّ ما من شخصية‬ ‫خرافية‪ ،‬لكنّ األطفال أحبوها إىل درجة اإلقتداء‬ ‫بأفعاهلا‪ ،‬ما جعل بعض األطفال يلقون أنفسهم‬ ‫من األسطح واألماكن العالية‪ ،‬مستخدمني يف‬ ‫ذلك خياالهتم اجملنحة‪ ،‬فتسبّب ذلك يف إيذائهم‬ ‫إىل حدّ مفارقة احلياة‪.‬‬ ‫واألم��ر ذات��ه ينطبق على الرجل احلديدي‪،‬‬ ‫وص��ان��ع امل��ع��ج��زات‪ ،‬ال���ذي ي��ع��زز السلوكات‬ ‫الفردانية بغية الوصول إىل هدفه اخلاص ولو‬ ‫على حساب حياة اآلخرين‪.‬‬ ‫واس��ت��ن��اداً إىل م��ات��ق��دم‪ ،‬ميكن ال��ق��ول‪ :‬إنّ‬ ‫اخليال العلمي الذي يستند إىل العلم وحقائقه‬

‫‪ob‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫إذا كان الطفل أحيان ًا‪،‬‬ ‫اليدرك احلدّ الفاصل‬ ‫بني اخليال واحلقيقة‪،‬‬ ‫ف���إنّ قص���ص اخليال‬ ‫واملغامرات هي أمجل‬ ‫ماجي���ذب األطف���ال‪،‬‬ ‫وجيعلهم أكث���ر إثارة‬ ‫وإعجاب��� ًا مبا يقرؤون‬

‫امل��خ�يّ��ل م��ن ج��ه��ة أخ����رى‪ .‬أمّ���ا اخل��ي��ال الذي‬ ‫يستند إىل األوه��ام اخلاطئة والتصوّرات غري‬ ‫املعقلنة‪ ،‬فهو يسيء إىل خيال الطفل وتفكريه‬ ‫العلمي‪ /‬املنطقي‪ ،‬ألنه خيرج عن نطاق العلمية‬ ‫واملوضوعية املقنعة‪.‬‬

‫‪26‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫ثالثا ‪ -‬لزومية اخليال العلمي يف أدب‬ ‫األطفال‬ ‫إذا ك���ان اخل��ي��ال والتخييل م��ن الصفات‬ ‫األس��اس��ي��ة للطفولة‪ ،‬وإذا ك���ان اخل��ي��ال من‬ ‫اخلصائص ال��ض��روري��ة ألدب األط��ف��ال‪ ،‬فإنّ‬ ‫اخل��ي��ال ع��ن��ص��ر الزم ألدب األط���ف���ال الذي‬ ‫ميتلئ بالشاعرية واخليال النشط‪ ،‬أي ميزج‬ ‫بني الشاعري والدرامي‪ ،‬فيثري مشاعر الطفل‬ ‫وخياالته ويوجّهها إىل حيث يريد‪.‬‬ ‫وه���ذا م��ا دع��ا ع���دداً ك��ب�يراً م��ن املختصني‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫واملهتمّني بأدب األطفال‪ ،‬منذ عام ‪ ،1971‬إىل‬ ‫عقد مؤمتر عاملي يف مدينة (نيس) الفرنسية‪،‬‬ ‫للبحث يف قضية ((خيال األطفال ومستقبل‬ ‫العامل))‪ .‬وكان املنطلق األساسي للمؤمتر هو‬ ‫الشعور السائد بأنّ خيال األطفال قد انتابه‬ ‫الوهن وامل���رض‪ ،‬بفعل التأثريات اإلعالمية‪/‬‬ ‫الرتبوية (املقولبة) ال�تي يتعرّضون هل��ا‪ ،‬واليت‬ ‫تسيطر على خياالهتم وحتدّ من فاعليتها يف‬ ‫كثري من األحيان‪.‬‬ ‫وإذا ك���ان ال��ط��ف��ل أح��ي��ان �اً‪ ،‬الي����درك احلدّ‬ ‫الفاصل بني اخليال واحلقيقة‪ ،‬ف��إنّ قصص‬ ‫اخليال واملغامرات هي أمجل ماجيذب األطفال‪،‬‬ ‫وجيعلهم أكثر إثارة وإعجاباً مبا يقرؤون‪ ،‬وبالتايل‬ ‫أكثر تفاعالً مع األح��داث والشخصيات اليت‬ ‫يُؤخذون هبا ويندجمون معها‪ .‬فقصة (رجل‬ ‫ال��ف��ض��اء) على سبيل امل��ث��ال‪ ،‬ترمجت‬ ‫إىل مسلسالت تلفازية لألطفال‪،‬‬ ‫وانتشرت على نطاق واسع بني‬ ‫األطفال يف العامل‪ ،‬ألهنا تأخذ‬ ‫الطفل إىل التحليق يف عوامل‬ ‫ب��ع��ي��دة وال��ت��ج��وال يف آفاق‬ ‫رحبة‪ ،‬ولكن بطريقة معقلنة‬ ‫ومقنعة‪ ،‬يغلّفها بريق غامض‬ ‫يستطيع الطفل أن يكتشفه‬ ‫وينفذ منها إىل عامل القصة‪،‬‬ ‫اليت وضعت على شكل مغامرة‬ ‫يقبلها الطفل ويتفاعل معها‬ ‫بإجيابية‪.‬‬ ‫ومث��ة قصص أخ��رى من‬ ‫اخليال العلمي لألطفال‪،‬‬ ‫كتبها روّاد ه���ذا األدب‬ ‫من أمثال ‪ :‬ج��ول ف�يرن ‪/‬‬ ‫الفرنسي‪ ،‬الذي كتب الكثري‬ ‫يف أدب اخل��ي��ال العلمي‪،‬‬ ‫وم��ن��ه��ا (ح�����ول ال���ع���امل يف‬ ‫مثانني يوماً) و (من األرض‬ ‫إىل ال���ق���م���ر)‪ ،‬وه����و جيعل‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪ob‬‬

‫شخصيات أبطاله يصعدون إىل القمر ويهبطون‬ ‫إىل باطن األرض وأع��م��اق حب��اره��ا بواسطة‬ ‫غواصات خاصة‪ ،‬ووسائل للنقل ميكن توظيفها‬ ‫وال�����ب�����ح�����ر‬ ‫ل��ل��س�ير يف الرب‬ ‫والفضاء‪.‬‬ ‫وك����ذل����ك‬ ‫ال�����ك�����ات�����ب‬ ‫ا إل نكليز ي‬ ‫‪ /‬هربرت‬ ‫ويلز‪ /‬الذي‬ ‫أس��ه��م بدور‬ ‫كبري يف كتابة‬ ‫اخليال‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪27‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪28‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫العلمي‪ ،‬ومن أبرز أعماله‪( :‬أمري املريخ) و (آلة‬ ‫الزمن)‪ .‬وجعل اإلنسان يصعد إىل القمر‪ ،‬ويقوم‬ ‫بالتجوال على ترابه‪ ،‬وخيوض معركة مريرة ضد‬ ‫أولئك الغزاة الذين حاولوا االستيالء على كوكب‬ ‫امل��ري��خ‪ ..‬فكان ذل��ك بداية عهد جديد يف علم‬ ‫ّ‬ ‫وحمطات‬ ‫الفضاء‪ ،‬وماتاله من أقمار صناعية‬ ‫فضائية‪ ،‬ت��ؤ ّك��د ق���درة اإلن��س��ان على اكتشاف‬ ‫ال��ك��واك��ب وال��ن��ج��وم‪ ،‬والتعامل معها مب��ا خيدم‬ ‫اجلنس البشري‪.‬‬ ‫ً‬ ‫والب��دّ أن نذكر أن مثة قصصا من اخليال‬ ‫العلمي يف تراثنا األدبي‪ /‬العربي‪ ،‬وإن كانت تبدو‬ ‫أهنا موجهة إىل الكبار‪ ،‬كرسالة الغفران للمعرّي‪،‬‬ ‫وجت��رب��ة ال��ط�يران ل��ع�بّ��اس ب��ن ف��رن��اس‪ ،‬وبعض‬

‫قصص أل��ف ليلة وليلة وم��ا حتمله م��ن السري‬ ‫واألساطري اخليالية‪ ،‬اليت ميكن االستفادة منها‬ ‫يف أدب األطفال‪.‬‬ ‫فاألطفال هم رجال الغد‪ ،‬وهم أمل البشرية‬ ‫يف حياة أفضل‪ ،‬ولذلك فإنّ االستمرار احلقيقي‬ ‫للحضارة البشرية وتطويرها‪ ،‬يعتمد على بناء‬ ‫ه���ؤالء األط���ف���ال‪ ،‬مب��ا مي�لأ ق��ل��وهب��م م��ن القيم‬ ‫االجتماعية واإلنسانية‪ ،‬ومبا يغ ّذي عقوهلم من‬ ‫الثقافة العلمية املوضوعية‪ ،‬اليت كانت ومازالت‪،‬‬ ‫تسهم ب���دور كبري يف إث���ارة اخل��ي��ال اإلنساني‬ ‫وتدفعه إىل التفكري واالبتكار واإلب���داع‪ ،‬واليت‬ ‫لوالها ملا استطاع اإلنسان أن يتخلّص من خوفه‬ ‫من الطبيعة ومظاهرها‪ ،‬وينطلق إىل املكتشفات‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪ /‬القارئ الذي يتوجّه إليه باملوضوعات اليت تثري‬ ‫اهتمامه وتفاعله‪ ،‬وأن يكون على مستوى علمي‬ ‫كاف لإلملام باملوضوع العلمي الذي يعاجله يف‬ ‫كتاباته‪ ،‬فمن يكتب عن القمر بطريقة علمية‪/‬‬ ‫أدبية‪ ،‬البدّ أن يعرف طبيعة هذا اجلرم السماوي‪،‬‬ ‫وعالقته باألجرام األخ��رى (الكواكب والنجوم)‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪ob‬‬

‫إنّ توظيف اخليال‬ ‫ال��ع��ل��م��ي يف أدب‬ ‫األطفال‪ ،‬توظيف ًا‬ ‫ت���رب���وي��� ًا‪ ،‬حيتاج‬ ‫إىل تقنيات فنية‬ ‫ع��ال��ي��ة (أدب���ي���ة‬ ‫وع��ل��م��ي��ة م���ع��� ًا)‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫واملخرتعات اليت أوصلت البشرية إىل ماهي عليه‬ ‫من التقدم والتطوّر‪ .‬وهذا ماجيب أن يتّسم به‬ ‫أدب األطفال يف إطار وظائفه األساسية (النفسية‬ ‫والعقلية واالجتماعية)‪.‬‬ ‫واخلالصة ‪ :‬إنّ توظيف اخليال العلمي يف‬ ‫أدب األطفال‪ ،‬توظيفاً تربوياً‪ ،‬حيتاج إىل تقنيات‬ ‫فنية عالية (أدبية وعلمية معاً) ‪ .‬وهبذا املعنى فإنّ‬ ‫على كاتب أدب األطفال أن يعرف طبيعة الطفل‬

‫وكيفية التعامل معها طبيعياً وفلكياًَ‪ ،‬ومن ثمّ كيفية‬ ‫تقديم ذلك كله يف عمل أدبي (قصة أو حكاية أو‬ ‫رواية) بأسلوب شيّق وشخصيات جذابة‪ ،‬خيرج‬ ‫فيها عن العرض التعليمي ‪ /‬التقليدي‪.‬‬ ‫ومن يريد أن يكتب عن عامل البحار‪ ،‬البدّ أن‬ ‫يعرف أعماقها وكمائنها ومكامنها‪ ،‬والكائنات‬ ‫ال�تي تعيش فيها وكيفية التعامل معها‪ .‬وهذا‬ ‫يتطلّب مراعاة أسس الكتابة العلمية ومعطياهتا‬ ‫وبأسلوب أدبي‪ ،‬يستطيع الكاتب معها أن يستند‬ ‫إىل خلفية علمية متكنه م��ن إي��ص��ال العلم‬ ‫الصحيح‪ ،‬م��ن خ�لال إع��ط��اء احلقائق العلمية‬ ‫دون تشويه أو غموض‪ ،‬أو مبالغة تصل إىل حد‬ ‫اخلرافة املرفوضة‪.‬‬ ‫وهذا اليتطلّب من كاتب أدب األطفال أن يكون‬ ‫متخصّصاً علمياً‪ ،‬وإمنا أن يكون على درجة من‬ ‫الثقافة العلمية اليت تؤهله هلكذا كتابة‪ ،‬حبيث‬ ‫حيرتم خيال الطفل وتفكريه‪ ،‬ويبتعد عن اخلطأ‬ ‫العلمي أو التناقض الذي ميكن أن يكتشفه الكثري‬ ‫من األطفال‪ ،‬والسيما األذكياء منهم‪ ،‬أو الذين‬ ‫على درجة معينة من الثقافة العلمية‪..‬‬ ‫وأخ�ي�راً ‪ ،‬ف��إن خ�ير ماخنتم ب��ه ه��ذه الرؤية‬ ‫املختصرة عن األمهية الرتبوية للخيال العلمي‬ ‫يف أدب األط��ف��ال‪ ،‬ه��و ذل��ك ال��ق��ول ل��ـ ‪/‬اسحق‬ ‫عظيموف‪ /‬ونقتبسه من إحدى مقاالت الدكتور‬ ‫طالب عمران‪ ،‬رائد أدب اخليال العلمي لألطفال‬ ‫يف سورية‪ ،‬حيث يقول ‪ /‬عظيموف‪ /‬مبيّناً أمهية‬ ‫هذا األدب لألطفال‪ (( :‬إنّ من بني مائة قارئ‬ ‫للخيال العلمي‪ ،‬مخسني على األق ّل يهتمون بالعلم‬ ‫ويتابعونه‪ ،‬ومن بني هؤالء اخلمسني‪ ،‬جند مخسة‬ ‫وعشرين طفالً يتابعون فيما بعد‪ ،‬ختصّصهم‬ ‫العلمي‪ ،‬وعشرة من ه��ؤالء يتابعون التخصّص‬ ‫العايل‪ .‬ومن بني هؤالء العشرة ينبع عامل واحد‬ ‫على األقل‪ .‬والنتيجة أنه من بني مائة طفل قارئ‬ ‫للخيال العلمي‪ ،‬سيخرج عامل واحد على األقل‬ ‫يسهم يف تطوّر البشرية‪...‬‬ ‫وهذه نسبة جيّدة تؤ ّكد دور اخليال العلمي يف‬ ‫أدب األطفال‪ ،‬يف تربية اإلنسان‪ ،‬العامل‪ /‬املبدع‪..‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪29‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪30‬‬ ‫عبدو حممــد‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫أو ً‬ ‫ال – ماهو اخليال‪:‬‬ ‫نستطيع أن نعرّف اخليال أو قدرة التخيّل‬ ‫عند البشر ببساطة شديدة فنقول‪ :‬إن اخليال‬ ‫ع��ن��د ال��ب��ش��ر ه��و جم��م��وع��ة ال����رؤى والصور‬ ‫واألش��ك��ال ال�تي يرمسها اإلن��س��ان يف ذهنه أو‬ ‫يف (عقله) ألشياء وأمور وأحداث غري موجودة‬ ‫يف الواقع‪ ،‬ويهدف من ورائها إشباع رغباته يف‬ ‫حتقيق مايريده يف الواقع واليستطيع حتقيقه‪،‬‬ ‫أو هو تفسري ملا ي��راه من ظواهر اليعرف هلا‬ ‫تفسرياً‪.‬‬ ‫وق��درة التخيّل عند البشر وج��دت معهم‪،‬‬ ‫وهي ق��درة خالّقة إبداعية‪ ،‬إذ هي تصوّر له‬ ‫مايريد عرب صور وأشكال ورؤى غري معروفة‬ ‫يف الواقع‪ ،‬وقد تكون عجيبة غريبة‪ ،‬وقد ينفيها‬ ‫العقل املعريف الذي وصل إليه البشر أثناء ذلك‬ ‫التخيّل‪ ،‬ولكنه ورغم ذلك قد يتحقق يوماً ما‪.‬‬ ‫فاإلنسان ومنذ القدم ختيّل نفسه طائراً‬ ‫يف الفضاء‪ ،‬أو غائصاً يف أعماق احمليطات‪،‬‬ ‫أو غري ذلك من خياالت تتعلّق باحلياة املادية‬ ‫للناس من حب التملك وكنز املال‪ ،‬أو الوصول‬ ‫للحبيب‪ ،‬وهذا التخيّل أو هذه األحالم – وهي‬ ‫غري األحالم اليت يراها املرء أثناء النوم – كانت‬ ‫سبباً رئيساً من أسباب جناح اإلنسان وتقدّمه‬ ‫واخرتاعاته الكثرية املتتالية‪ ،‬ومااخرتاع الكتابة‬ ‫إال شكل من أشكال التخيّل البشري الذي حوّل‬ ‫األقوال واألعداد إىل رسوم وصور تطوّرت فيما‬ ‫بعد إىل األجبدية املعروفة‪ ،‬ومااخلياالت اليت‬ ‫رمسها البشر يف أذهاهنم للطريان والتن ّقل عرب‬ ‫الفضاء‪ ،‬إال خطوة أوىل على طريق الطريان‬ ‫الذي حتقق عرب وسائل وآالت اخرتعها البشر‬ ‫فيما بعد‪ ،‬مثلها مثل املخرتعات األخ��رى اليت‬ ‫حققها البشر واليزالون‪.‬‬ ‫ثاني ًا – ماهو اخليال العلمي‪:‬‬ ‫واخليال العلمي‪ ،‬وهو مصطلح حديث لصور‬ ‫شتى‪ ،‬رمسها البشر يف أذهاهنم ألمور وأحداث‬ ‫وأشياء متخيّلة وجديدة‪ ،‬ولكنها ختتلف عن‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬ ‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫اجلوانب األخرى من اخليال عند البشر‪ ،‬بوجود‬ ‫أرضية أو أساس أو فكرة علميّة جمردة‪ ،‬علماً أن‬ ‫الفواصل بني جوانب اخليال رقيقة واهية‪.‬‬ ‫ولتبسيط الفكرة وتوضيحها نضرب املثل‬ ‫التايل‪ ،‬وال��ذي يقول بوجود إنسانني يتخيّالن‬ ‫رجالً قوياً قوة كبرية جداً‪ ،‬فيتخيّل أوهلما رجالً‬ ‫طويالً عريضاً قد يرتفع يف الفضاء ارتفاعاً‬

‫كبرياً‪ ،‬وله عضالت مفتولة قوية يستطيع أن يرفع‬ ‫هبا سيارة كبرية بيد واحدة‪ ،‬ويستطيع أن جيابه‬ ‫جيشاً من الرجال العاديني‪ ،‬بينما يتخيّل الثاني‬ ‫رجالً ذا ق��درات جسمية عادية ميتلكها الكثري‬ ‫من البشر‪ ،‬ولكنه خي�ترع آالت وأدوات حيمي‬ ‫هبا نفسه من أع��دائ��ه‪ ،‬ويستطيع بتلك اآلالت‬ ‫هزم اجليوش واخرتاق البحار واجلبال‪ ،‬فاألول‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪31‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬ ‫‪w.‬‬

‫ثالث ًا – هل للخيال واخليال العلمي‬ ‫خباصة حدود‪:‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪32‬‬

‫من الرجلني ختيّل رسوماً استمدّها من الواقع‬ ‫املعاش املعروف‪ ،‬وبالتايل خياله كان قاصراً أو‬ ‫عادياً‪ ،‬بينما ابتدع الثاني يف خياله آالت وأدوات‬ ‫منحت صاحبه قوّته‪ ،‬وهذا التخيّل ومثيله‪ ،‬هو‬ ‫مانطلق عليه مصطلح اخليال العلمي‪.‬‬

‫أرى أنه ليس للخيال البشري من حدود‪ ،‬بل‬ ‫وجيب حث البشر على التخيّل غري احملدود‪،‬‬ ‫وه��م أي البشر وج��دوا ووج��د اخليال معهم‪،‬‬ ‫فقد فسّروا كل مايرونه ومل جيدوا تفسرياً له‪،‬‬ ‫تفاسري خيالية‪ ،‬فهم تصوروا أن األرض حممولة‬ ‫فوق قوّة ما ( ظهر ثور أو سلحفاة أو فيل أوحتى‬ ‫فوق أكتاف اإلله أكطلس) ‪ ،‬كما ختيّلوا آهلة لكل‬ ‫منها عمله اخلاص به‪ ،‬كما أوجدوا يف خياالهتم‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫الحــدود للخيـــــــــال‪،‬‬ ‫واخليـــــال العلمــــــــي‬ ‫خباصة‪ ،‬وما مسعناه‬ ‫وم���اق���رأن���اه يف هذا‬ ‫اجمل����ال ي��ث��ب��ت ذل��ك‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫ناساً يطريون راكبني مكانس أو جرار أو أحصنة‬ ‫طائرة‪ ،‬وم��اذا نستطيع القول عن تلك املرايا‬ ‫اليت كانوا يرون هبا مايرغبون برؤيته من أماكن‬ ‫وأن��اس بعيدين عنهم‪ ،‬أما يف جوانب حيواهتم‬ ‫اليومية‪ ،‬فقد امتلك الفقري األموال بعثوره على‬ ‫الكنوز املخبّأة املتخيّلة‪ ،‬كما وص��ل احلبيب‬ ‫إىل حبيبه بصور وطرق الحصر هلا‪ ،‬وانتصر‬ ‫املظلوم أيضاً على ظامله انتصارات كبرية ختيّلها‬ ‫لين ّفس عن كربه‪ ،‬ويتخلّص من هوانه‪.‬‬ ‫إهنا أخيلة وأحالم وصل هبا‪ ،‬أو عن طريقها‬ ‫كل صاحب رغبة لتحقيق رغبته‪ ،‬وهبا حقق كل‬ ‫إنسان مايريد أو يطمح لتحقيقه يف الواقع‪،‬‬ ‫فتحقيق م��ان��ري��د س��ه��ل ن��اع��م إذا ماسلكنا‬ ‫درب اخليال‪ ،‬وهو درب سبله كثرية‪ ،‬وأسبابه‬ ‫متيّسرة‪.‬‬ ‫وإذا ماخصصنا اخليال العلمي حبديثنا‪،‬‬ ‫فنجد ساحته فسيحة الح���دود هل��ا الطوالً‬ ‫والع��رض�اً‪ ،‬ولقد جاء البشر يف هذه الساحة‬ ‫وصالوا كما شاؤوا ومنذ أقدم األزمنة‪ ،‬عرب تناول‬ ‫جوانب حياة البشر ورغباهتم‪ ،‬فقد جتوّلوا يف‬ ‫أرجاء الكون‪ ،‬وزاروا النجوم واألقمار‪ ،‬كما عادوا‬ ‫إىل أدراج املاضي فنبشوه مستحضرين املوتى‬ ‫ومن مروا‪ ،‬وهاحنن نرى اليوناني ( ايكاريوس)‬ ‫يلصق بالشمع جناحني م��ن ري��ش بذراعيه‪،‬‬ ‫وي��ط�ير هبما يف الفضاء كما ال��ط��ي��ور‪ ،‬ولكنه‬ ‫يرتكب خطيئة قاتلة‪ ،‬إذ يقرتب من الشمس اليت‬ ‫تذيب الشمع فيهوي ساقطاً يف البحر‪ ،‬لتنتهي‬ ‫مغامرته هناية حمزنة‪ ،‬يفسّر هبا اخليال عدم‬ ‫وصول اإلنسان للطريان ذلك الوقت‪ ،‬وهاحنن‬ ‫ن��رى األن��دل��س��ي (ع��ب��اس ب��ن ف��رن��اس) جيرّب‬ ‫ال��ط�يران جبناحني ألصقهما بذراعيه مقلّداً‬ ‫الطيور أيضاً‪ ،‬ولكنه يسقط وميوت حني يلقي‬ ‫بنفسه م��ن ع��ل ليطري‪ ،‬ويظل اإلن��س��ان حيلم‬ ‫بالطريان حتى نصل إىل األملاني (فون براون)‬ ‫املهندس الذي صمم مشروع (أبوللو) األمريكي‪،‬‬ ‫والذي وضع أول إنسان على سطح القمر‪ ،‬فما‬ ‫يرويه عن نفسه إنه حني كان صغرياً‪ ،‬أراد قطف‬

‫تفاحة من على شجرة عالية كانت يف حديقة‬ ‫داره���م‪ ،‬وأن��ه استخدم سلّماً للوصول إليها‬ ‫وقطفها‪ ،‬وأنه سأل نفسه يومها سؤاالً يقول‪:‬‬ ‫إذا كنت استطعت الوصول إىل التفاحة العالية‬ ‫بوسيلة‪ ،‬فما املانع أن أصل إىل القمر العايل‬ ‫بوسيلة أيضاً‪ ،‬فالفارق بني اهلدفني هو املسافة‬ ‫ف��ق��ط‪ .‬وه���ذا اخل��ي��ال اجل��ام��ح ق���اده ليصبح‬ ‫مهندساً خيرتع الصواريخ يف أملانيا‪ ،‬ثم انتقل‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫إىل أمريكا بعد احلرب الكونية الثانية‪ ،‬وهناك‬ ‫أصبح رئيساً لفرقة علمية تبحث يف الطريان‬ ‫وآالته‪ ،‬وقادته األقدار ليوصل فريقاً من الرجال‬ ‫ّ‬ ‫ليحطوا على سطح القمر‪.‬‬ ‫وه��ك��ذا ن��رى كما ي��رى غ�يرن��ا‪ ،‬أن��ه الحدود‬ ‫للخيال‪ ،‬واخليال العلمي خباصة‪ ،‬وما مسعناه‬ ‫وماقرأناه يف هذا اجملال يثبت ذلك‪ ،‬وماحتقق‬ ‫من إجن��ازات علمية هائلة ماكان ليتحقق لوال‬ ‫أح�لام البشر وخ��ي��االهت��م‪ ،‬وه��ذا م��ا جي��ب أن‬ ‫حنث عليه‪ ،‬فعلى العاملني يف جماالت العلوم‬ ‫ك��اف��ة إط�ل�اق ال��ع��ن��ان خل��ي��االهت��م‪ ،‬وإال فكيف‬ ‫سنحل مايعرتضنا وما سيعرتضنا من مشكالت‬ ‫وأحداث‪ ،‬وكيف سنطور ما حنن عليه‪ ،‬أو كيف‬ ‫سنخرتع أدوات وآالت أفضل مما هو عندنا؟‪ ،‬أو‬ ‫كيف سنسكن بيوتاً أرفه وأمج��ل؟‪ ،‬وباختصار‬ ‫كيف سنعيش حياة أفضل وأيسر إن مل نرسم‬ ‫صوراً ملا نريد يف خياالتنا أوالً‪.‬؟‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪33‬‬


‫رابع ًا – أدب اخليال العلمي بوصفه‬ ‫جنس ًا أدبي ًا‪:‬‬ ‫األدب وبتعريف مبسّط وب��ع��ي��داً ع��ن أي‬ ‫تعقيد‪ ،‬هو جمموعة التصورات واملشاهدات‬ ‫واملالحظات وال���رؤى ال�تي يراها شخص ما‪،‬‬ ‫واألقوال اليت يود قوهلا للناس‪ ،‬وينقل كل ذلك‬ ‫للناس ضمن وعاء لغوي مجيل‪ ،‬خيتلف كثرياً أو‬ ‫قليالً عن لغة احلياة اليومية‪ ،‬وبأسلوب سلس‬ ‫جذاب فيه الصور اجلميلة‪ ،‬واألحل��ان العذبة‪،‬‬ ‫والكلمات امل��ع �بّ��رة‪ ،‬حبيث ي��أس��ر ال��س��ام��ع أو‬ ‫القارئ‪ ،‬ويصل إىل أحاسيسه ومشاعره بيسر‬ ‫وسهولة‪.‬‬ ‫ويقسم األدب إىل أج��ن��اس ع��دة استناداً‬ ‫للوعاء اللغوي الناقل وشكله‪ ،‬وعموماً جند‬ ‫لألدب جنسني رئيسني أو فرعني مها‪ :‬الشعر‬ ‫وال��ن��ث��ر‪ ،‬ول��ك��ل منهما ف���روع وأغ��ص��ان‪ ،‬فإذا‬ ‫ماأخذنا النثر رأينا من فروعه القصة والرواية‪،‬‬ ‫والفرق بينهما هو طول زمن وتعدد شخوص‬ ‫كل منهما‪ ،‬وهذا تعريف ناقص أذكره حلاجيت‬ ‫إليه فيما أود توضيحه ‪ ،‬إذ أن معظم ماكتب‬ ‫حتت بند اخليال العلمي‪ ،‬كتب ضمن هذين‬ ‫الفرعني أو هذين اجلنسني‪ ،‬ولكن ماكتب يف‬ ‫اخليال العلمي خيتلف كثرياً أو قليالً عن جنس‬ ‫القصة والرواية األدبية املعروفة‪ ،‬ففي القصة‬ ‫والرواية تؤخذ األحداث والشخوص واملقوالت‬ ‫من الواقع‪ ،‬أو تستمد أحداثها منه‪ ،‬أو يرمز‬ ‫إليها بشكل ما‪ ،‬أي أهنا تتناول الواقع املعيش‬ ‫أو املفرتض‪ ،‬وهي تأخذه جبوانبه العديدة‪ ،‬املنري‬ ‫منها واملظلم‪ ،‬املاضي منها واحلاضر‪ ،‬وهي‪ ،‬أي‬ ‫القصة والرواية‪ ،‬وإن كانت تنتقد الواقع املعيش‬ ‫وتظهر عيوبه أو حسناته‪ ،‬فهي يف الوقت نفسه‬ ‫ترسم ص��وراً أفضل متمنّاة له‪ ،‬أو ملا جيب أن‬ ‫تكون عليه‪ ،‬وباختصار‪ ،‬هي الخترج من حتت‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫إننا قد نتخيل صوراً وأشكاالً غريبة ملا نريد‬ ‫أو ملا نراه يف خيالنا‪ ،‬ولكن ذلك الذي نراه غريباً‬ ‫اليوم‪ ،‬قد يتحقق يف يوم قادم‪.‬‬

‫عباءة الواقع‪.‬‬ ‫أم��ا اخل��ي��ال العلمي فهو الي��رس��م الواقع‬ ‫واليتحدث عنه‪ ،‬بل جيعله منطلقاً لينطلق منه‬ ‫إىل عوامل جمهولة متخيّلة‪ ،‬بل قد تكون مفرطة‬ ‫يف ختيّلها‪ ،‬إىل عوامل مل يشاهدها بشر‪ ،‬ومل‬ ‫يعشها أحد‪ ،‬تراها خبيال الكاتب‪ ،‬أو تقدرها‬ ‫وفق رؤيته‪ .‬واستناداً ملا سبق‪ ،‬نستطيع القول‪:‬‬ ‫إن أدب اخليال العلمي هو جنس أدبي خاص‪،‬‬ ‫يتميز أو خيتلف عن األجناس األدبية األخرى‪،‬‬ ‫وإن كان يشاركها يف اجل��ذور‪ ،‬وهلذا علينا أن‬ ‫نفرد له فرعاً خاصاً به‪.‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪34‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫خ��ام��س�� ًا – من���اذج م��ن أدب اخليال‬ ‫العلمي‪:‬‬ ‫كتاب كثريون كتبوا حتت هذا البند قدمياً‬ ‫وحديثاً‪ ،‬ولعلنا نتذ ّكر بسهولة أول مانتذكر‬ ‫الكاتب (ج��ول ف�يرن) ودوران��ه حول األرض أو‬ ‫رحلته إىل القمر‪...‬اخل‪ ،‬وهناك الكثريون من‬ ‫الكتاب الذين كتبوا والزال���وا يكتبون‪ ،‬وقسم‬ ‫منهم حتولت كتاباهتم إىل أف�لام سينمائية‪،‬‬ ‫أو مسلسالت ال��رس��وم املتحركة‪ ،‬وسأكتفي‬ ‫باحلديث عن جمموعة قصصية واحدة وأربع‬ ‫روايات من هذا اجلنس األدبي ((أدب اخليال‬ ‫العلمي)) ألربعة كتاب عرب‪ ،‬وأعتذر من الباقني‬ ‫فهم كثر‪ ،‬وهذه األعمال اليت انتقيتها هي من‬ ‫مطبوعات احت��اد الكتاب ال��ع��رب – دمشق‪-‬‬ ‫وميتد زمنها على مايقارب العشرين عاماً‬ ‫األخ�يرة‪ ،‬رواي��ة منها تتناول املاضي حبديثها‪،‬‬ ‫أما األعمال الباقية فتتناول املستقبل وماميكن‬ ‫أن يأتينا به‪ ،‬ويف الروايات الثالث واجملموعة‬ ‫القصصية تشابه مامن حيث التصورات اليت‬ ‫قد يؤدي إليها التطور العلمي الالحمدود‪ ،‬أو غري‬ ‫املنضبط‪ ،‬والذي قد تنتج عنه أضرار كبرية‪.‬‬ ‫وهذه األعمال هي ‪:‬‬ ‫اجملموعة القصصية ((باإلمجاع)) للكاتب‬ ‫((هن���اد ش��ري��ف)) وه��ي م��ن مطبوعات احتاد‬ ‫الكتاب العرب – دمشق‪ 1990 -‬م ‪ ،‬وهي تضم‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫سبع قصص قصرية‪ ،‬وسأحتدث عن ثالث منها‬ ‫هي ‪ :‬البداية اآلن – باإلمجاع‪ -‬واملزرعة الكونية‪،‬‬ ‫فالقصص الثالث تتناول املستقبل وماميكن أن‬ ‫تأتينا به األيام من تطور علمي قد يكون ضاراً‬ ‫باإلنسان‪ ،‬كما تتوقع القصص الثالث أن يتم‬ ‫التواصل بني خملوقات من الكواكب البعيدة‬ ‫وسكان األرض‪ ،‬والذي قد اليكون لصاحل سكان‬ ‫األرض‪ ،‬فسكان األرض مشغولون حبروهبم‬ ‫وص��راع��اهت��م‪ ،‬ل��ذا فهم متخلفون ع��ن سكان‬ ‫الكواكب األخرى العاقلة‪ ،‬كما ّ‬ ‫حتذرنا القصص‬ ‫املذكورة من حتوّل اإلنسان إىل آلة ميكانيكية‪،‬‬ ‫وهكذا نرى الكاتب هناد شريف حي ّذر أيضاً مثل‬ ‫الكتاب اآلخرين الذين تناولت أعماهلم‪ ،‬أو قبلهم‬ ‫من خماطر االنفالت العلمي غري املدروس‪.‬‬ ‫أما الروايات اليت تناولتها وحبسب تسلسل‬ ‫صدورها ‪ ،‬فهي‪:‬‬ ‫رواي����ة (( خ��ل��ف ح��اج��ز ال���زم���ن)) للكاتب‬ ‫((طالب عمران)) – دمشق ‪ 1985‬وقد اخرتهتا‬ ‫مل��رور أكثر من عشرين سنة على صدورها‪،‬‬ ‫وق��د ختيّل كاتبها رحلة علمية انطلقت من‬ ‫كوكب األرض‪ ،‬ووصلت إىل كوكب بعيد شبيه‬ ‫ب��األرض‪ ،‬تابع لشمس بعيدة جداً عن مشسنا‬

‫وكوكبنا‪ ،‬وهناك تعثر البعثة العلمية على حياة‬ ‫عاقلة شبيهة باحلياة على األرض‪ ،‬ولكن سكان‬ ‫ذلك الكوكب متطورون علمياً وحضارياً تطوراً‬ ‫يفوق تطور سكان األرض مبا اليقاس‪ ،‬وحتدث‬ ‫قصة حب بني رجل البعثة العلمية ومرافقته‬ ‫من سكان ذلك الكوكب‪ ،‬وبعد مغامرات يشاهد‬ ‫فيها ما وصلوا إليه من تطور علمي وحضاري‪،‬‬ ‫وبعد زواج��ه من تلك املرافقة اجلميلة‪ ،‬حينّ‬ ‫للعودة إىل موطنه األرض‪ ،‬وأثناء عودته يلتقي‬ ‫مبجموعة أخ��رى من خملوقات عاقلة ولكنها‬ ‫شريرة‪ ،‬احتلت تابعاً من توابع الكوكب وراحت‬ ‫تطغى وتتجرب على سكانه البسطاء املتخلفني‬ ‫علمياً‪ ،‬ب��ل راح��ت حت��اول السيطرة على ما‬ ‫حوهلا من كواكب وتوابع أيضاً‪ ،‬ولكن مغامرنا‬ ‫األرضي يستطيع خداعهم بل ومقاومتهم‪ ،‬ومن‬ ‫ثم اهلرب والوصول لسفينته الفضائية والعودة‬ ‫إىل األرض‪ ،‬ليجلس ساعة غروب على ساحل‬ ‫حبر شبيه مبا شاهده مع فتاته يف كوكبها‪،‬‬ ‫حاملاً بابنة قد تكون ولدت له هناك‪.‬‬ ‫رواية ((عيون ترقب األرض)) للكاتب ((عبدو‬ ‫حممد )) دمشق – ‪1991‬م وتسرد علينا الرواية‬ ‫مغامرة قام هبا رجل من سكان األرض‪،‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪35‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪36‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫مهموم مبا جيري ومبا قد تأتي به التطورات‬ ‫م��ن مصائب‪ ،‬يقوم ه��ذا ال��رج��ل وب��دع��وة من‬ ‫كائنات عاقلة ليست من سكان األرض‪ ،‬ولكنها‬ ‫حريصة عليه وعلى سالمته‪ ،‬ويعرف منهم أهنم‬ ‫مكلفون باحلفاظ على األرض من عبث أبنائها‬ ‫اجلهلة امل��غ��روري��ن‪ ،‬ال��ذي��ن مل يبلغوا مرحلة‬ ‫النضج العقلي بعد‪ ،‬لذا فهي تدعوه بل تأخذه‬ ‫لزيارة قاعدهتا البعيدة‪ ،‬لرتيه مافعله سكان‬ ‫كواكب أخرى كانت شبيهة باألرض بكواكبها‪،‬‬ ‫وما أحلقته هبا وبسكاهنا من دمار‪ ،‬وهكذا تريه‬ ‫عرب تسجيل منقول من كوكب بعيد كيف دمّرت‬ ‫احلياة حبرب ذري��ة‪ ،‬كما تريه مافعله التلوث‬ ‫البيئي بكوكب ثان‪ ،‬وتريه مافعله التطور العلمي‬ ‫الذي انفلت حني حاول علماؤه السيطرة على‬ ‫احلياة‪ ،‬وختليق البشر وفق مواصفات معيّنة‪،‬‬ ‫ليسيّرها كما تسيّر اآلالت‪ ،‬هذه اآلالت نصف‬ ‫اآلدمية يراها كيف تثور خلطأ ما‪ ،‬وتدمّر كل‬ ‫شيء بثورهتا‪ ،‬أي أن العبث باحلياة قد يدمّر‬ ‫احلياة‪.‬‬

‫الرواية الثالثة هي رواية ((الطوفان األزرق))‬ ‫للكاتب املغربي((أمحد عبد السالم البقايل))‬ ‫دمشق – ‪ 1997‬م ‪ ،‬وه��ي تلتقي مع ماقبلها‬ ‫بنتائج أح��داث��ه��ا بشكل م��ا‪ ،‬إذ تتحدث عن‬ ‫جمموعة من العلماء أقاموا مركزاً علمياً سرياً‪،‬‬ ‫أو مدينة علمية سرية‪ ،‬وراحوا جيرون أحباثهم‬ ‫وجتارهبم حلماية اإلنسان من أخطار اإلشعاع‬ ‫الذري وغري ذلك من أخطار قد تصيبه‪ ،‬ولكنهم‬ ‫يقعون حتت سيطرة عقل الكرتوني اخرتعوه‬ ‫– سيطرة اآلل��ة على اإلنسان – إذ خرج عن‬ ‫سيطرهتم‪ ،‬وأصبح طاغية يتصرف على هواه‪،‬‬ ‫وراح يفرض عليهم مايريده هو ال مايريدونه‬ ‫هم‪ ،‬وحني حاولوا مقاومته‪ ،‬سبقهم وزرع يف‬ ‫عقوهلم قبل أن ي��دم��روه م��ق��والت صدقوها‬ ‫وامتثلوا هلا‪ ،‬وبذلك جعلهم عبيداً لصنم صنعه‬ ‫لنفسه قبل زوال��ه‪ .‬وهكذا نرى ثالث روايات‬ ‫من روايات اخليال العلمي‪ ،‬وجمموعة قصصية‬ ‫واح��دة‪ ،‬ألربعة كتاب صدرت يف حوايل اثنني‬ ‫وعشرين عاماً‪ ،‬حتذرنا مما قد يسببه البشر‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪ob‬‬

‫األدب وبتعريــــــــــف‬ ‫مبسّط وبعيد ًا عن أي‬ ‫تعقيد‪ ،‬هو جمموعة‬ ‫التصورات واملشاهدات‬ ‫وامل�لاح��ظ��ات وال��رؤى‬ ‫اليت يراها شخص ما‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫ألنفسهم من دمار‪.‬‬ ‫ومن الواجب وإلعطاء صورة غري ناقصة‪،‬‬ ‫أن نضرب مثالً من اخليال العلمي الذي يتناول‬ ‫املاضي أيضاً‪ ،‬وسأحتدث باختصار عن رواية‬ ‫تناولت ه��ذا اجل��ان��ب‪ ،‬وه��ي رواي���ة ((الفتية‬ ‫األغ���رار وأس��ف��ار الكشف)) للكاتب ((طالب‬

‫شاشات الفضائيات العربية وغ�ير العربية‪،‬‬ ‫وكثري منها يتناول قصصاً وروايات من اخليال‬ ‫العلمي‪ ،‬وجن��د الكثري منها يتناول موضوعة‬ ‫الكون وماقد يكون فيه من خملوقات عاقلة يف‬ ‫كواكب بعيدة‪ ،‬بل ترينا أهنا كيف ستغزو األرض‬ ‫الحتالهلا والسيطرة على ما فيها‪ ،‬كما جند‬ ‫أفالماً ممثلة متثيالً تتحدث عن أشياء مشاهبة‪،‬‬ ‫أو عن قيام جمموعة بشرية بتطوير آالت وعدد‬ ‫ومواد تريد السيطرة هبا على األرض وما عليها‬ ‫لتسيّرها وفق رؤيتها وتصورها‪.‬‬ ‫أف�لام ورس��وم متحركة‪ ،‬تعرض ليل هنار‪،‬‬ ‫وأخطر مافيها أو مايف معظمها‪ ،‬أهنا تصوّر‬ ‫اآلخر معتدياً غازياً‪ ،‬وأنه عدو يأتي للسيطرة‬ ‫ولتدمري احلياة‪ ،‬لذا جيب حماربته وتدمريه‪.‬‬ ‫إهنا أفكار خطرية‪ ،‬تعرض يومياً وبأشكال‬ ‫خمتلفة‪ ،‬فهل يراد منها زرع العدوان يف النفوس‬ ‫ضد اآلخ��ر؟ وم��ن هو اآلخ��ر امل��زع��وم؟ سؤال‬ ‫جيب البحث عن أجوبته وأسبابه !‬

‫‪w.‬‬

‫سادسا – أفالم الرسوم املتحركة‪:‬‬ ‫وم��ادم��ن��ا يف ساحة أدب اخل��ي��ال العلمي‪،‬‬ ‫فمن الواجب علينا أن نشري ولو باختصار إىل‬ ‫أفالم ومسلسالت الرسوم املتحركة‪ ،‬واليت متأل‬

‫‪ww‬‬

‫عمران)) وقد صدرت عن احتاد الكتاب العرب‬ ‫دمشق – ‪ 2005‬م ‪ ،‬وتتمحور أحداثها أو تنطلق‬ ‫من حادثة أو واقعة تارخيية حقيقية هي ركوب‬ ‫فتية عرب عباب البحر احمليط منطلقني غرباً‬ ‫ليكتشفوا م����اوراءه‪ ،‬وق��د وصفهم املؤرخون‬ ‫بالفتية األغرار لسعيهم للوصول إىل اجملهول‪،‬‬ ‫أو للمغامرة الكبرية اليت غامروا بالقيام هبا‪،‬‬ ‫واليت اليقوم هبا إال غرّ‪ ،‬وال يقول لنا التاريخ‬ ‫عنهم شيئاً بعد مغادرهتم أو بعد انطالقتهم‬ ‫غرباً‪ ،‬ولكن الكاتب طالب عمران يقول لنا على‬ ‫لسان بطل روايته أنه عرف عنهم شيئاً كثرياً‪،‬‬ ‫وأنه التقى بأحفادهم على السواحل الشرقية‬ ‫ألمريكا‪.‬‬

‫سابع ًا – استنتاجات ‪:‬‬ ‫ونصل إىل استخالص االستنتاجات التالية‪،‬‬ ‫وباختصار شديد‪:‬‬ ‫اخل��ي��ال‪ ،‬واخل��ي��ال العلمي خب��اص��ة‪ ،‬قدرة‬ ‫بشرية خالقة كانت والتزال‪.‬‬ ‫أدب اخل���ي���ال ال��ع��ل��م��ي ج��ن��س أدب�����ي له‬ ‫خصوصيته‪.‬‬ ‫احل��ذر والتحذير من اإلف��راط أو التطرف‬ ‫غري احملدود يف موضوعات البحث العلمي‪ ،‬أي‬ ‫دخول ساحات اخللق البشري حتديداً‪.‬‬ ‫وجوب احلفاظ على إنسانية اإلنسان وعدم‬ ‫حتويله إىل آلة‪ ،‬ففي ذلك ضرر ودمار مابعده‬ ‫دمار‪.‬‬ ‫جيب التنبيه إىل خطورة األفكار اليت تصوّر‬ ‫اآلخر عدواً معتدياً غازياً‪ ،‬أو شريراً قادماً من‬ ‫الفضاء البعيد للغزو واالح��ت�لال‪ ،‬فما أدرانا‬ ‫ماهم عليه من رقي وعقل‪ ،‬هذا إذا وجدوا أو‬ ‫وصلوا يف يوم ما‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪37‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪38‬‬ ‫د‪ .‬كوثر عياد‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫املستقبل هو مسرح العديد من التأمّالت‬ ‫كما أ ّك��د ذل��ك (رمي���ون آرون) يف قوله‪(:‬من‬ ‫املستحسن أن يف ّكر اإلنسان باملستقبل‪ ،‬ال أن‬ ‫يعتقد أ ّنه مرسوم مسبقا) (‪. )1‬‬ ‫إنّ الغرض من أدب االستشراف الذي ظهر‬ ‫يف أوروبّ��ا يف القرن التاسع عشر هو مساءلة‬ ‫املستقبل على ضوء الراهن وختيّل سيناريوهات‬ ‫خمتلفة‪ ».‬فإذا ف ّكر َُت أنّ احلاضر الذي نعيشه‬ ‫هو وليد املاضي‪ ،‬فسأكون جمبَرا على القول‬ ‫بأنّ املستقبل سيولَد حتما من احلاضر‪ ،‬وأنّ‬ ‫حتليالً دقيقاً وجدّياً معمَّقاً للحاضر ميكن أن‬ ‫نستنتج منه بعض املعامل اليت سيكون عليها‬ ‫املستقبل‪.)2( ».‬‬ ‫املستقبل هو مآل احلاضر‪ ،‬وهذا احلاضر‬ ‫واق��ع حت��ت وط��أة نظرة مغرقة يف التشاؤم‬ ‫وباعثة على القلق أسهم يف ظهورها التوسّع‬ ‫االق��ت��ص��ادي احل����رّ ال����ذي ازدوج م��ع نشأة‬ ‫إيديولوجية نزعة االستهالك وإرهاق اإلنسان‬ ‫ب��ق��وان�ين ال��س��وق وان�����دالع احل����روب بشتّى‬ ‫أنواعها‪...‬فكان ردّ فعل أدب االستشراف (أن‬ ‫ردّ على اهلموم باهلموم»(‪ )3‬مستشرفاً) أشكاالً‬ ‫من احلكم م��وج��ودة يف ال��واق��ع‪ ،‬خاصة منها‬ ‫تلك اليت أنتجتها القوّة التقنية وأشكال احلكم‬ ‫اجلديدة قصد بيان التطوّرات املقبلة وما قد‬ ‫يقع فيها من أحداث‪. )4( ».‬‬ ‫كتب يف هذا احلقل األدبي يف الغرب الكثري‬ ‫من أمثال أوج��ان زامياتني‪ ،‬وج��ورج أورويل‪،‬‬ ‫و راي ب��رادب��وري‪ ،‬و ج��ان كريستوف روفان‪،‬‬ ‫وغريهم‪.‬‬ ‫وكان البعد السياسي الذي يسيّره اخليال‬ ‫االس��ت��ش��رايف عند ه���ؤالء ال��ك��ت��اب موضوعاً‬ ‫للجدل ومادة للتفكري‪.‬‬ ‫وما جيب مالحظته هو أنّ أدب االستشراف‬ ‫السياسي ليس أدب���اً خ��اصّ �اً ب��ال��غ��رب‪ .‬فقد‬ ‫ب��دأت تباشريه تظهر يف بلدان اجلنوب منذ‬ ‫اخلمسينيات من القرن املاضي وخاصّة منها‬ ‫البلدان العربية‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬ ‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫ورغم أنّ دائرة انتشار هذا النوع من الكتابة‬ ‫مل تتوسّع فيها بعدُ ‪ ،‬فإنّ األمر يستدعي منّا‬ ‫مساءلة اخليال العلمي العربي للوقوف على‬ ‫كيفية تصوّره للمستقبل‪.‬‬ ‫حاول العديد من الكتاب العرب اخلوض يف‬ ‫هذا النمط من األدب وتناولوا يف كتاباهتم ‪-‬‬

‫خبيبة أمل مريرة‪ -‬املواضيع السياسية وخاضوا‬ ‫يف خمتلف أالعيب أنظمة احلكم‪ .‬فقد غامروا‬ ‫ رغم الرقابة املفروضة عليهم – وكتبوا يف‬‫موضوع احلكم االستبدادي وح��اول��وا تعرية‬ ‫الطغيان وفضح هيمنة النظم السياسية‪.‬‬ ‫يف هذا البحث سنتناول األبعاد السياسية‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪39‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫هلذا النوع من الكتابة الذي ا ّتخذ الكوابيس‬ ‫مدخال للنقد السياسي والذي ومسناه باسم‬ ‫«اخل��ي��ال االس��ت��ش��رايف العربي» انطالقا من‬ ‫رواية «األزمان املظلمة» للكاتب السوري طالب‬ ‫عمران‪ )5(.‬تظهر لنا هذه الرواية عالَماً متغيِّراً‬ ‫بعد أح��داث احل��ادي عشر من شهر سبتمرب‪،‬‬ ‫فهي – كما يقول الكاتب‪« -‬تصوّرٌ لقرن بدَت‬ ‫مالحمه املرعبة يف احل��ادي عشر من الشهر‬ ‫التاسع»‪.‬‬ ‫تصوّر الكاتب أنّ العالَم سيعرف يف مستقبل‬ ‫األيّ��ام حروباً استعمارية نوعية تقوم هبا قوّة‬ ‫عظمى جديدة ضدّ بلدان اجلنوب وخاصّة‬ ‫منها البلدان العربية‪ .‬ستسيطر ه��ذه القوّة‬ ‫بيد من حديد على إمرباطورية عظمى متتدّ‬ ‫من آسيا الوسطى إىل البحر األبيض املتوسط‬ ‫م����روراً ب��ال��ش��رق األوس����ط‪ .‬وه��ك��ذا سيعرف‬ ‫الفضاء اجليوسياسي العربي تغيّرات كبرية‬ ‫عام ‪.2039-1939‬‬ ‫ستستعمل هذه القوّة العظمى أسلحة الدمار‬ ‫الشامل ض �دّ الشعوب الستعبادهاوستقوم‬ ‫بتجريب تقنيات حربية جديدة مثل القنابل‬ ‫اجلرثومية اليت تتساقط على بالد الدكتور‬ ‫هانئ‪ ،‬بطل الرواية‪ ،‬الذي يرسم مالمح عالَم‬ ‫جديد يسيطر عليه البؤس وتغمره األحزان‬ ‫وتتكاثر فيه الكوارث‪.‬‬ ‫باإلضافة إىل ذلك ستُفرَض على البلدان‬ ‫املستعمَرة أنظمة ملكية مستبدّة تتعاون‬ ‫مع املستعمر لقمع ك� ّل ث��ورة‪ ،‬بل لضرب ك ّل‬ ‫معارضة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ف��ال��رواي��ة إذا‪ ،‬ه��ي ع��ب��ارة ع��ن استبصار‬ ‫للمستقبل عرب كوابيس مُرعبة ترهق البطل‬ ‫وتؤمله أيّما إيالم ‪...‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪40‬‬

‫أحالم جهنّمية‬ ‫يتمّ استبصار املستقبل يف «األزمان املظلمة»‬ ‫عن طريق احللم وليس بواسطة آل��ة للسفر‬ ‫عرب الزمن‪ .‬جيد هانئ نفسه أثناء كوابيسه‪6‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫يف العام ‪ 2039‬ويُصاب بالرعب عندما يرى‬ ‫لتحوّالت ال�تي سيشهدها العامل بعد اندالع‬ ‫ح��رب مدمِّرة تسمَّى «ح��رب العدالة»‪ .‬يقول‬ ‫الراوي خماطِبا هانئ‪:‬‬ ‫وتستمرّ األحالم تعاودك يا هانئ وقد بدأ‬ ‫قرن جديد عشتَ يف بدايته أحداثا أعطتك‬ ‫عنواناً مؤملاً ل��ه‪ ...‬ربّما لن يكون أفضل من‬ ‫سابقه بالنسبة إىل احلصار و الدمار والقتل‬ ‫و امتهان كرامة اإلنسان وجتويعه‪ ...‬رأى هانئ‬ ‫أحالما عن هذا املستقبل أرعبته‪)7(.‬‬ ‫ّ‬ ‫متقطعة يرتاءى‬ ‫أح�ل�ام ه��ان��ئ ك��واب��ي��س‬ ‫فيها زم��ن��ان م��ن أزم��ن��ة املستقبل‪ .‬أحدمها‬ ‫يعكس الواقع الذي يعيشه إذ وُضع يف سياق‬ ‫مستقبليّ غري حمدَّد بزمن‪ .‬واآلخر أكثر إيغاالً‬ ‫يف املستقبل‪ ،‬وهو يوافق أحالمه وتدور أحداثه‬ ‫يف العام ‪.2039‬‬ ‫ت��ت��داخ��ل األح�����داث يف أح��ل�ام الفرتتني‬ ‫الزمنيتني طيلة الرواية ومها تقابالن مرحلتني‬ ‫أساسيتني‪ :‬مرحلة احللم ومرحلة اليقظة‪.‬‬ ‫فالنوم مي ّكن هانيء من القيام برحلة افرتاضية‬ ‫إىل عالَم املستقبل‪ ،‬وبالتحديد إىل عالَم ‪2039‬‬ ‫بينما تُرجعه اليقظة إىل الواقع الراهن‪ ،‬الواقع‬ ‫الذي مي ّثل مقدّمة للكوابيس االفرتاضية اليت‬ ‫يراها يف أحالمه‪ ،‬واليت ينعتها بأ ّنها منذِرة‪.‬‬ ‫فهو يقول عنها‪ »:‬إ ّنها داخل الوقائع املقبل ّة‪.‬‬ ‫أح�لام��ي ه��ي ن��وع م��ن االس��ت��ب��ص��ار الغريب‬ ‫للمستقبل»(‪.)8‬‬ ‫ال يري بطل األزمان املظلمة» املستقبل إالّ‬ ‫يف أحالمه اللّيلية‪ .‬وعندما يستيقظ جيد نفسه‬ ‫يف عالَمه الواقعيّ‪ .‬على عكس رواي��ة (ويلز)‬ ‫(عندما يستفيق النائم) (‪ )1899‬حيث تكون‬ ‫يقظة البطل بعد‪ 200‬عام وهو ما جيعله يتخيّل‬ ‫ما سيكون عليه القرن الواحد والعشرون‪.‬‬ ‫حنن نصرّ على أنّ اللجوء إىل احللم يف‬ ‫رواي���ات االستشراف السياسي ليس خاصاً‬ ‫بالروايات العربية‪ ،‬بل هو منط من الكتابة‬ ‫انتهجه من يكتبون يف املسائل السياسية (‪.)9‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫مطية لتصوِّر مستقبل اإلنسان املرُعِب‪.‬‬ ‫إنّ األح��ل�ام ال��ط��وب��اوي��ة ه��ي ال�ت�ي كانت‬ ‫هتدهد (فرانسيس امل��راشّ) (‪ )11‬و (سالمة‬ ‫موسى) حتوّلت إىل كوابيس عند طالب عمران‬ ‫ومصطفى الكيالني (‪)12‬‬ ‫إنّ اخت��اذ احللم كتقنية للكتابة ال جنده‪،‬‬ ‫تقريباً‪ ،‬يف غري ال��رواي��ات اليت تعاجل املسائل‬ ‫السياسية‪ .‬ويبدو أنّ تلك كانت وسيلة للهروب‬ ‫من الرقابة السياسية‪ ،‬فهؤالء الكتاب يعاجلون‬ ‫مواضيع حساّسة تتعلّق بالدكتاتوريات العربية‬ ‫وتنقد اهليمنة الغربية وخاصّة منها اهليمنة‬ ‫األمريكية‪ )13( .‬و نظرا لذلك رأينا أن نسِم‬ ‫هذه الروايات «بـالروايات الكوابيسية»‪.‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫إنّ أُوىل النصوص العربية الطوباوية كانت‬ ‫اس��ت��ش��راف�اً للمستقبل ع��ن ط��ري��ق األح�ل�ام‪،‬‬ ‫ولكنّها ‪ ،‬مبرور الزمن‪ ،‬ا ّتخذت أبعاداً كابوسية‪.‬‬ ‫إذ وق��ع االن��ت��ق��ال يف ظ��رف ق��رن م��ن الزمن‬ ‫من األح�لام املطمئِنة يف «مقدّمة لطوباوية‬ ‫مصرية» لسالمة موسى (عام ‪)10( ) 1924‬‬ ‫إىل حلم مرعِب مع طالب عمران يف األزمان‬ ‫املظلمة (عام ‪.)2003‬‬ ‫الدول الدميوقراطية امللكية واهليمنة‬ ‫مل ي��ك��ن ه���ذا االن��ت��ق��ال ف��ج��ائ��ي�اً‪ ،‬ب��ل وقع‬ ‫السياسية‪.‬‬ ‫التمهيد له عن طريق الروايات السياسية اليت‬ ‫يصوّر بطل «األزم��ان املظلمة» ديكتاتورية‬ ‫كان إطار أحداثها احللم‪ .‬فقد بدأت النزعة هدفها الرئيسي السيطرة على املواطنني‬ ‫ال��ط��وب��اوي��ة تنحصر ت��درجي��ي�اً وحت��� ّل حملّها ومراقبتهم مراقبة دائمة ومبالَغ فيها‪.‬‬ ‫النزعة التشاؤمية اليت تتّخذ من الكوابيس‬ ‫إنّ ال��ع�لاق��ة ب�ي�ن اخل���ي���ال االستشرايف‬ ‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪41‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪ob‬‬

‫واالس��ت��ب��داد ليست ج��دي��دة‪ ،‬إ ّنما اجلديد‬ ‫هو تسليط طالب عمران الضوء على الشكل‬ ‫اجل��دي��د ال����ذي س��ت� ّت��خ��ذه ه���ذه ال��ع�لاق��ة يف‬ ‫االستشراف السياسي العربي‪.‬‬ ‫لقد ت���واىل ظ��ه��ور ال���رواي���ات الكوابيسية‬ ‫الغربية وأصبحت تقنية معروفة الكتابة مثل‪»:‬‬ ‫اجل �بّ��ارون يف العصر احل��دي��ث» (‪ )14‬وهي‬ ‫رواي��ة أ ُ ِّلفت على أنقاض النماذج الطوباوية‬ ‫االشرتاكية والليبريالية و من هذه النماذج على‬ ‫ذلك أيضا «األخ األكرب» بنظراته املُراقِبة يف ك ّل‬ ‫مكان‪ .‬ولكن ليست لدينا فكرة عن األشكال‬ ‫الديكتاتورية الشمولية يف الرواية الكوابيسية‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫ص���وّرت رواي���ة «األزم����ان املظلمة» نظاماً‬ ‫سياسياً خاصاً ج �دّاً يسمَّى «ال��دول��ة امللكية‬ ‫الدميوقراطية أو الدميوقراطية امللكية؟» وهو‬ ‫نظام مفروض على الدّول اليت استعمرهتا القوة‬ ‫العاملية اجلديدة‪ .‬إ ّنه نظام ملكيّ مطلق يدّعي‬ ‫أ ّنه يعمل حسب مبادئ الدميوقراطية‪.‬‬ ‫ي��ق��ول ط��ال��ب ع���م���ران ع��ل��ى ل��س��ان أحد‬ ‫شخصيات ال��رواي��ة‪ »:‬كان «مديح» مسرتسالً‬ ‫يف احل��دي��ث ح���ول ت��رك��ي��ب��ة ال��ع��امل اجلديد‬ ‫وقلب األنظمة اجلمهورية إىل أنظمة ملكية‬ ‫دميوقراطية كما تطلق عليها القوّة العظمى‪».‬‬ ‫(‪)15‬‬ ‫ه��ذا النظام ه��و ول��ي��د م��زاوج��ة سياسية‬ ‫غريبة بني امللكية والدميوقراطية وهو حيظى‬ ‫برضاء النظام االستعماري‪ .‬وهو نظام ليس له‬ ‫من الدميوقراطية غري االسم وبعض املفاهيم‬

‫‪ww‬‬

‫‪42‬‬

‫اليت تنمّق اخلطاب السياسي مثل «السيادة‬ ‫للشعب» و»حقّ االنتخاب»‪...‬‬ ‫امللك يف هذا النظام منتخب كما هو الشأن‬ ‫بالنسبة للرئيس يف األنظمة الدميوقراطية‬ ‫ال��ك�لاس��ي��ك��ي��ة‪ ،‬ول��ك��ن ل��ه ال��س��ل��ط��ة املطلقة‪.‬‬ ‫فاالنتخابات يف الواقع ليست حقيقية وإ ّنما‬ ‫تُتَّخذ قناعاً إلخفاء الوجه احلقيقي للنظام‬ ‫الذي ين ّفذ إم�لاءات القوّة العظمى اجلديدة‪،‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬ ‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫وه��ذه األخ�يرة هي ال�تي ختتار املَلِك اجلديد‬ ‫وتعيِّنه وت��وه��م امل��واط��ن�ين ب��أ ّن��ه��م ه��م الذين‬ ‫اختاروه‪ ،‬بينما كان الشعب مغيَّباً متاماً على‬ ‫الساحة السياسية‪ ،‬فال يعدو كونه جمموعة‬ ‫من املم ِّثلني ليعطي الشرعية الستيالء هذا‬ ‫املَلك أو ذاك على السلطة‪.‬‬ ‫ر ّكز هانئ كثرياً على وصف ملك بالده (مل‬ ‫يذكر امسها) فصوّره يف ثوب مستبدّ جبّار‪،‬‬

‫خ��ائ��ن وم��غ��ت�صِ��ب‪ .‬فهو يتمتّع ب��دع��م القوّة‬ ‫العظمى العاملية مبا أ ّنه مسيطر على الشعب‪،‬‬ ‫بل مستع ِبد له (م��ع العلم أ ّن��ه ليس من أهل‬ ‫البالد وإ ّنما مدسوس عليها)‪ ،‬وبالتايل فهو‬ ‫يسمح لنفسه مبمارسة ك � ّل ما حيلو له من‬ ‫أفعال دون أيّ اعتبار لألخالق والقيم مثل‬ ‫االغتصاب و استئصال األعضاء واستغالل‬ ‫ذك���اء اآلخ���ري���ن‪ ...‬وبالفعل ينفتح الكابوس‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪43‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫على قصة اغتصاب امللك إلبنة زوجته‪ .‬كانت‬ ‫مؤامرة موضوعها التظاهر بتبديل أعضاء‬ ‫«تالفة» من جسم األمرية بأطراف سليمة من‬ ‫أجسام نساء أخريات‪ ،‬ثمّ تُقتل األم�يرة ويقع‬ ‫االدّع��اء بأنّ جسمها مل يقبل العضو املزروع‬ ‫وهكذا يتخلّص امللك من األمرية دون أن تُكشف‬ ‫جرمية االغتصاب‪.‬‬ ‫ولالغتصاب هنا أبعاد رمزية مبا أ ّنه حييل‬ ‫على مفهوم االستيالء على السلطة بالقوّة‬ ‫وااللتجاء إىل العنف لرتويض الشعب‪ .‬إنّ البلد‬ ‫كلّه يف الواقع ضحيّة‪ .‬ويبدو يف اللوحة اليت‬ ‫رمسها الكاتب ملالمح ع��امل املستقبل أن ال‬ ‫وجود فيها حلدود العنف الذي ميارسه النظام‬ ‫السياسي املزروع يف غياب مفهوم األخالق يف‬ ‫احلياة وجتريد اإلنسان من حقوقه‪ .‬ولكن عن‬ ‫أيّة حقوق لإلنسان ميكننا أن نتكلّم ؟ أين هو‬ ‫اإلنسان؟‬ ‫ُفقدت قيمة هذا اإلنسان‪ ،‬ووق��ع اعتباره‬ ‫عبداً هلذا النظام املدجَّن الذي ورث مساوئ‬ ‫األنظمة السياسية األخ���رى‪ .‬ه��ذه الوضعية‬ ‫ّ‬ ‫خلصها «كارل كراوس» أحسن تلخيص عندما‬ ‫حت���دّث ع��ن «ك��ائ��ن عظيم خميف ومتخلّف‬ ‫ذهنياً‪ ،‬ذي قوّة ورعونة‪ ،‬إ ّنه طفل جبّار للقوّة‬ ‫والقانون‪16».‬‬ ‫إنّ وظيفة الكائن البشري وتفاهته يف نظر‬ ‫هذا النظام مها وضعيتان مرعبتان يربزمها‬ ‫الكاتب طالب ع��م��ران على ام��ت��داد أحداث‬ ‫الرواية‪ ،‬وجيعل الشعور باإلحباط يطفو على‬ ‫ك ّل مشهد فيها‪.‬‬ ‫على ك ّل فرد أن يكون يف خدمة هذه الدولة‬ ‫املَلَكية‪ ،‬وإن كان ال يُحتاج إليه جيب أن يُقتَل‪.‬‬ ‫وبالفعل فإنّ هذا كان املصري احملتوم للبطل يف‬ ‫خامتة الرواية‪.‬‬ ‫لقد اختري الدكتور هانئ إلخصاب امللكة‬ ‫ال�تي كانت تريد نسالً مم��ت��ازاً‪ ،‬وبعد إمتام‬ ‫العملية يُقتَل يف القصر امللكي وتُقام له جنازة‬ ‫عظمى‪ .‬والقصر يف «األزم��ان املظلمة» مي ّثل‬

‫‪ob‬‬

‫‪44‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫شعار السلطة ورمز اهليمنة‪.‬‬ ‫إنّ الرتكيز على وصف املعمار (القصر) يزيد‬ ‫من تعميق اهلوّة بني السلطة والشعب‪ .‬واحلديث‬ ‫عن عظمة القصر يناقض املباني الضيّقة‬ ‫للمواطنني‪ .‬ولع ّل القصر وعظمته»األزمان‬ ‫املظلمة» حييل على مفهوم األه��رام يف رواية‬ ‫«‪ »1984‬جلورج أوروي��ل‪ ،‬وعلى رمزية القصر‬ ‫يف رواية «القصر» لغرانز كافكا‪.‬‬ ‫عندما يتحدّث طالب عمران عن امللوك‬ ‫امل��ف��روض�ين على الشعب ال يذكر أيّ اسم‪،‬‬ ‫وإ ّ‬ ‫منا يسمّيهم «القوارض»‪ ،‬وهي صورة رمزية‬ ‫ت�برز خ��اص�يّ��ة أس��اس��ي��ة هل���ؤالء امل��ل��وك وهي‬ ‫متزيق البالد وبثّ الفنت فيها وجعلها تتآكل‬ ‫من الداخل‪ ،‬بينما تُم ِزّق القوّة العظمى العالَم‬ ‫من اخل��ارج ‪ .‬إ ّن��ه رسم كاريكاتوري نستشفّ‬ ‫م��ن خالله ص��ورة مُشوَّهة مل��ا ستكون عليه‬ ‫السياسة يف عالَم الغد‪ .‬يقول البطل‪« :‬القوّة‬ ‫العظمى مستمرّة يف استهتارها يف سياسة‬ ‫السيطرة ونشر عيّنات من احل ّكام‪ :‬قارض‪،1‬‬ ‫قارض‪ 2‬ق��ارض‪ ...3‬القوارض تتكاثر وتزداد‬ ‫مقدِّمة ًف��روض الطاعة وال��والء لسادة القوّة‬ ‫العظمى الذين يبالغون يف استعباد الشعوب‬ ‫املقهورة‪17».‬‬ ‫ّ‬ ‫يبدو أنّ الكاتب يريد أن يؤكد على أنّ هذا‬ ‫الزمن هو زمن القوارض‪ ،‬فهم موجودون يف‬ ‫ك ّل مكان ويتكاثرون يف حمراب السلطة إلنشاء‬ ‫ديكاتوريات مقزَّمة متشيِّعة للقوّة العظمى‪.‬‬ ‫وبدالً من أن تـضيِّق القوّة العظمى اخلناق على‬ ‫هذه الدكتاتوريات قامت بتأسيس نُظم أكثر‬ ‫ديكتاتورية‪ ،‬هي مبثابة انعكاس لصورهتا‪.‬‬ ‫على هذا املستوى بالذات جند أنّ «األزمان‬ ‫املظلمة» حت ِّقق إضافة بالنسبة إىل الروايات‬ ‫الكوابيسية الغربية الكالسيكية اليت حتدّثت‬ ‫ع��ن االس��ت��ش��راف السياسي إذا م��ا قار ّناها‬ ‫مع رواي��ة «‪ »1984‬ألورويــل‪ ،‬أو رواي��ة «حنن‬ ‫اآلخ���رون» لــزامياتني‪ .‬فالرهان يأخذ عند‬ ‫طالب عمران أبعاداً أوسع‪ .‬وذلك نظراً للتزايد‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫السريع للديكاتوتوريات املقزَّمة م��ن جهة‪،‬‬ ‫ونظراً لالستعمار العسكري الذي ميسّ سيادة‬ ‫الكثري من البلدان من جهة أخرى‪ .‬فاألزمة إ ًذا‪،‬‬ ‫موجودة على مستوييْن‪ :‬فهذه الشعوب هي يف‬ ‫نفس الوقت مستعبَدة ومستعمَرة‪ ،‬وهذا أمر‬ ‫يزيد من بؤسها‪.‬‬ ‫جند يف ه��ذه ال��رواي��ة ص��ورة لعالَم موحَّد‬ ‫استعماريا حتت سيطرة ق �وّة عاملية فريدة‬ ‫‪ ،‬وجن����ده م��ت��ج��ان��س �اً ب��ف��ع��ل ق����وّة السالح‪.‬‬ ‫فاالستعمار حاضر يف ك ّل سياقات الرواية مثل‬ ‫فرض العوملة والتنويه بالقوّة العسكرية‪ .‬فبعد‬ ‫التوسّع االقتصادي والثقايف يأتي دور التوسّع‬ ‫العسكريّ‪.‬‬ ‫إنّ سيطرة هذه القوّة العظمى على بلدان‬ ‫عديدة هلا مربّرات كثرية وخاصّة منها االستغالل‬ ‫امل��ك� ّث��ف ل��ث��روات تلك األق��ط��ار‪ .‬ول��ي��س هلذا‬ ‫االستغالل من هدف حقيقي غري االستعمار‬

‫نفسه‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ال فما هو املعنى ال��ذي نفهمه من‬ ‫جلوء هذه القوّة العظمى إىل التدخّل العسكريّ‬ ‫يف هذه البلدان اليت أوْجدت فيها نُ ُظماً متعاوِنة‬ ‫معها ؟ وما هو تفسري االستعراضات العسكرية‬ ‫اليومية وإلقاء القنابل بصفة منتظمة على‬ ‫امل��ن��اط��ق امل��أه��ول��ة ب��ال��س� ّك��ان (املستشفيات‬ ‫واملدارس واألحياء السكنية إخل‪)...‬‬ ‫ي��ب��دو أنّ ت��ع� ّ‬ ‫�ط��ش ه���ذه ال���ق���وّة العظمى‬ ‫للهيمنة هو الذي ّ‬ ‫يغذي أيديولوجية االحتالل‬ ‫يف»األزمان املظلمة»‪.‬‬ ‫ولئن ختيّل الكاتب ال��س��وري «فرانسيس‬ ‫املراشّ» عام ‪ 1865‬يف حلمه الطوباوي عالَماً‬ ‫أفضل مادياً نظرا النتشار النموذج االقتصادي‬ ‫األمريكي يف ك ّل مكان من العالَم‪ ،‬فإنّ طالب‬ ‫عمران رأى يف كوابيسه يف «األزمان املظلمة»‬ ‫عكس ذل��ك‪ ،‬إذ ختيّل عالَماً مُخرَّبا نتيجة‬ ‫للعوملة املفروضة على الشعوب‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪45‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪46‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫البناؤون األحرار‪:‬‬ ‫ا ّتخذت القوّة العظمى لنفسها هدفاً مقدّساً‬ ‫يتم ّثل يف نشر الفوضى يف العامل باسم النظام‪،‬‬ ‫وشنّ احلروب باسم السلم‪ ،‬وتكريس العبودية‬ ‫باسم احلرية‪ .‬وقد يكون هذا االختيار هو الذي‬ ‫تبنّته الدكتاتوريات املعاصرة يف روايات اخليال‬ ‫العلمي االستشرايف‪.‬‬ ‫استعرض طالب ع��م��ران بعض األمناط‬ ‫م��ن النماذج األوّل��ي��ة للن ُ​ُّظم السياسية اليت‬ ‫جتسّد مفهوم الغرب للحكم االستبدادي واليت‬ ‫تلخصّها الشعارات اليت كان يردّدها احلزب يف‬ ‫رواية «‪ »1984‬جلورج أورويل واليت كتبها عام‬ ‫(‪:)1948‬‬ ‫احلرب هي الســالم‪...‬‬ ‫احلرية هي العبودية‪...‬‬ ‫اجلهل هو القوّة‪...‬‬ ‫املالح َُظ هو أنّ «القوّة العظمي «غرست يف‬

‫ك ّل البالدان اليت استعمرهتا فروعاً من ّ‬ ‫املنظمة‬ ‫العاملية ال�تي تسمّيها «ال��ب �نّ��اؤون األح���رار»‪.‬‬ ‫مهمّتها إعادة بناء العالَم على قواعد جديدة‬ ‫وتشكيله بطريقة أخرى‪.‬‬ ‫ومب��ا أنّ ك � ّل تغيري ال ب �دّ أن يُسبّب آالم‬ ‫لآلخرين‪ ،‬فإنّ القوّة العظمى تلجأ إىل إمطار‬ ‫البلدان املستعمَرة بالقنابل لتجعل النّاس يف‬ ‫حالة خوف مستمرّ وال يف ّكرون يف املقاومة‪.‬‬ ‫يناضل الدكتور هانئ ليجد مضادّات حيوية‬ ‫ل�لأم��راض الغريبة ال�تي ب��دأت تنتشر شيئاً‬ ‫فشيئاً يف بلده‪ ،‬وقد داخله الذعر وهو يرى‬ ‫نسبة األموات ترتفع بشكل مفزع‪ ،‬إ ّنه يواجه‬ ‫أنواعا من األورام الغريبة غري املعروفة علميا‪،‬‬ ‫وف�يروس��ات ذكية هتاجم أشخاصاً حمدَّدين‬ ‫ومع ّيَنني مسبقا حسب ما تقتضيه اخلطط‬ ‫احلربية‪ ،‬وبعوضاً مفرتساً‬ ‫ّ‬ ‫يتغذى من أجسام‬ ‫ضحاياه حموّالً إيّاها إىل أوكار للتفريخ‪.‬‬ ‫إنّ امل��س��أل��ة‪ ،‬حسب ال��دك��ت��ور ه��ان��ئ‪ ،‬هي‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫ُخط ٌ‬ ‫مسألة إجرامية م َّ‬ ‫ـط هلا‪ ،‬يقودها عمالء‬ ‫من َّ‬ ‫منظمة البنّاءين األح��رار‪ .‬تتم ّثل أعماهلم‬ ‫اإلجرامية يف تسميم مياه الشرب وذلك بوضع‬ ‫جراثيم وبيض حليوانات زاحفة معدَّلَة جينياً‬ ‫يف اخلزّانات الرئيسية للماء‪ ،‬أو بإلقاء قنابل‬ ‫بكترييولوجية على جهات معيَّنة من البالد‪.‬‬ ‫كما يتحدّث الكاتب عن «أوبئة مُربمَجة» يف‬ ‫عصر املوت اجملانيّ‪(.‬ص‪.)325:‬‬ ‫يقول هانئ‪:‬‬ ‫«إ ّنه عمل إجراميّ مُبَرمج‪ ...‬أعتقد أنّ ما‬ ‫ألقته الطائرات ليست سوى قنبلة جرثومية‬ ‫محلت بيوض البعوض املدجَّن يف املختربات‬ ‫املتطوِّرة للقوّة العظمى ال�تي تستخدم مثل‬ ‫هذه احلشرات اليت دخلت اهلندسة الوراثية‬ ‫يف التالعب جبيــناهتا من أجل خدمة هدف‬ ‫معيَّن‪»....‬‬ ‫وهكذا ف��إنّ مجعية البنائني األح��رار اليت‬ ‫ادّع��ت بأ ّنها صنعت املعادلة السحرية لتفتح‬

‫للناس أبواب جنّات عدْنٍ‪ ،‬بينما بـَـدتْ حارسة‬ ‫ألبواب جهنّم‪.‬‬ ‫يصاحب وصف املؤ ِّلف هلذه اجلمعية مسحة‬ ‫من السخرية ال�لاّذع��ة ت�برز امل���رارة العميقة‬ ‫اليت يشعر هبا الكاتب‪ ،‬فهو يتعجّب من قدرة‬ ‫اإلنسان على القيام بأفعال شرّيرة مقيتة‪».‬‬ ‫خرج هانئ من املخترب مُثقال باهلموم‪ ،‬ما الذي‬ ‫حيدث للناس يف هذا العالَم حتى تصبح احلياة‬ ‫البشرية رخيصة إىل هذا احلدّ ؟ كان وضعاً‬ ‫مأساوياً خميفاً بدأت املنطقة حتصد نتائجه‬ ‫يف سبيل إكمال سيطرة القوّة العظمى على‬ ‫ك� ّل ش��يء يف ه��ذا الكوكب امل��دجّ��ن باألحقاد‬ ‫والغدر‪18»...‬‬ ‫وباملقابل ف��إنّ املقاومة تكاد تكون مغيَّبَة‬ ‫يف ال��رواي��ة‪ ،‬فهي تأخذ فيها شكالً باهتاً‪.‬‬ ‫إنّ بعض املعارضني للنظام يقومون بأعمال‬ ‫فردية ويفشلون بسرعة‪ .‬مقاومتهم مفتوحة‬ ‫على جبهتني‪ :‬مقاومة دولة مست ِبدّة ومقاومة‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪47‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫االس��ت��ع��م��ار‪ .‬ه���ذان ال��ك��ي��ان��ان مرتبطان‬ ‫ببعضهما البعض مبا أنّ هلما مصاحل مشرتكة‪،‬‬ ‫لذلك ترامها حياصران ك ّل عمل من أعمال‬ ‫املقاومة‪ .‬إنّ ك ّل من حياول املقاومة يف «األزمان‬ ‫املظلمة» يصطدم بالدولة امللَـكِية الدميوقراطية‬ ‫من جهة‪ ،‬وبالقوّة العظمى من جهة أخرى‪.‬‬ ‫بينما جند «وينسطون» يف رواية ‪ 1984‬يواجه‬ ‫كياناً واحداً هو احلزب‪.‬‬ ‫إنّ ك ّل من يناهض النظام وك ّل من يرفض‬ ‫االحتالل يُنعَت بـــ»اإلرهابي»‪ .‬فقد أصبحت‬ ‫هذه العبارة طاغية على اخلطاب السياسي‬ ‫منذ عدّة سنوات‪.‬‬ ‫ثار قاسم‪ ،‬وهو أحد أبطال الرواية‪ ،‬ضدّ‬ ‫مشاريع ّ‬ ‫منظمة البنّائني األحرار اليت كان أحد‬ ‫مسئوليها الكبار ملدّة قصرية فوُسِمت ثورته‬ ‫باخليانة وحُكم عليه مبوت بطيء ومؤلِم إذ‬ ‫أصبح موضوعاً لتجارب بيولوجية‪.‬‬ ‫ال توجَد يف الرواية إذاً‪ ،‬مقاومة غري بعض‬ ‫األعمال اليت قام هبا بعض املنشقني األجانب‬ ‫املنتمني إىل القوّة العظمى وهي نقطة الضوء‬ ‫الوحيدة ال�تي مسح هلا الكاتب بالظهور يف‬ ‫«األزمان املظلمة» ‪.‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫مي ّكن هذا االلتجاء الكاتبَ من خلق منعرج‬ ‫يتم ّكن بواسطته م��ن ال��رج��وع إىل الرّاهن‬ ‫لينقده‪.‬‬ ‫ت��ق �دِّم رواي����ة «األزم�����ان امل��ظ��ل��م��ة» نفسَها‬ ‫على أ ّنها استشرافية وأنّ أحداثها ت��دور يف‬ ‫املستقبل‪ ،‬غري أ ّنها ويف نفس الوقت تو ِّلد لدى‬ ‫القارئ الشعور بالرعب واخلوف الذين يوحي‬ ‫هبما الواقع الراهن‪ .‬وهذا أمر يُضفي عليها‬ ‫نوعني من القراءة‪.‬‬ ‫هكذا إذاً‪ ،‬ينْظمّ طالب عمران إىل جمموعة‬ ‫األدباء الذين جيمعهم التعبري عن خيبة األمل‬ ‫الذي ّ‬ ‫تغذيه اهلموم املتزايدة لإلنسان خوفاً من‬ ‫مواجهة عالَم يسري حنو جحيم متعدّد األبعاد‪،‬‬ ‫غري أ ّنه جحيم على األرض‪.‬‬ ‫إنّ شأن هذا الكاتب السوري كشأن غريه‬ ‫م��ن الكتّاب ال��ع��رب أم��ث��ال «هن��اد ش��ري��ف» يف‬ ‫روايته «سكان العامل اآلخر»(مصر ‪،)1977‬‬ ‫أو «مصطفى الكيالني» يف رواي��ت��ه «مرايا‬ ‫الساعات امليِّتة»(تونس ‪ )2004‬الذين مدّوا‬ ‫جسور التواصل مع األدباء الغربيني مثل «جورج‬ ‫أورويل» و «جيمس بالّرد» و «جان كريستوف‬ ‫روفان» إخل‪...‬‬ ‫َ‬ ‫فعال‪ ،‬إ ّننا نتخيّل عالم الغد حبساسيات‬ ‫خمتلفة ولكن املظهر الكابوسي وخيبة األمل‬ ‫من عامل الغد مها الصفتان اللتان تطبعان هذا‬ ‫النوع من األدب يف الشرق أو يف الغرب‪ .‬وهذا‬ ‫أم��ر يدفعنا إىل حتليل رواي���ات االستشراف‬ ‫السياسي يف إطار حضاريّ‪.‬‬ ‫يقول «فيليب كورفال»‪:‬‬ ‫«إنّ إفالس اإليديولوجيات وعدم استقرار‬ ‫ال��دول والتهديد التكنولوجي وإخفاق النزعة‬ ‫ال��ف��ردي��ة وت��زاي��د الضغط اإلع�لام��ي وإحياء‬ ‫املصادمات الدينية‪ ،‬وتطوّر املعارف االفرتاضية‬ ‫ّ‬ ‫التجذر يف‬ ‫والغثيان اجليين ظواهر آخذة يف‬ ‫جمتمعنا املع ّقد معطية صورة متعدّدة األشكال‬ ‫لعامل املستقبل‪ .‬فكلّما واىل التسارعُ السرع َة‪،‬‬ ‫كلّما اقرتب املستقبل أكثر»‪19‬‬

‫‪48‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫خامتة‪:‬‬ ‫إنّ االلتجاء إىل املستقبل يسمح بقراءة‬ ‫أعمق لعالقات القوّة يف هذا الكون ولدواليب‬ ‫االقتصاد والسياسة فيه‪ ،‬وهي العناصر اليت‬ ‫يُعوَّل عليها إلعادة تشكيل العالَم املعاصر‪.‬‬ ‫ختيّل الكاتب املستقبل من مبدأ «أ ّن��ه مل‬ ‫يعد من اجملدي تزيني املنزل املشتعل باألوهام‬ ‫اخلدّاعة»‪ ،‬يف عالقة وثيقة مع الواقع الرّاهن‬ ‫حيث مل تعد أالعيب السلطة ورهاناهتا املبالغ‬ ‫فيها ترتك ذوى األلباب يف حالة ال مباالة‪.‬‬ ‫وال ب �دّ أن نشري إىل أنّ معاجلة املسألة‬ ‫ال��س��ي��اس��ي��ة ال��ع��رب��ي��ة يف ال���ظ���روف الراهنة‬ ‫مت ّثل مغامرة فكرية‪ .‬وم��ن هنا ج��اءت فكرة‬ ‫االستشراف اليت تكتسي بعداً رمزياً‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫اهلوامش‬

‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ - 1‬رميون آرون (‪ : )Raymond Aron‬وهم التطوّر‪ ،‬مقدّمة جلدلية احلداثة‪ .‬ط‪Calmann- /‬‬ ‫‪ ، 1969– Levy‬ص‪341 :‬‬ ‫‪ - 2‬رميون آرون (‪ :)Raymond Aron‬املؤرّخ بني عالِم األجناس البشرية والباحث يف علم املستقبل‬ ‫(تأليف مجاعي) ط‪ 1972 Mouton,Paris/Lahay /‬ص‪96:‬‬ ‫‪ - 3‬كورفال فيليب (‪ : ) Philippe Curval‬املستقبل غري املرئي‪ .‬اجمللة األدبية رقم ‪/422‬‬ ‫جويلية‪-‬أوت ‪ – 2003‬ص‪65 :‬‬ ‫‪ - 4‬جورج باالندييه (‪ : ) George Balandier‬املنعطف‪ :‬السلطة واملعاصَرة‪ .‬ط‪Paris,Fayard /‬‬ ‫‪ 1985‬ص‪16 :‬‬ ‫‪ - 5‬عمران طالب‪ :‬دكتور يف علم الفلك‪ ،‬مدرّس جبامعة دمشق‪ ،‬مؤ ّلف للعديد من روايات وأقاصيص‬ ‫اخليال العلمي‪ .‬رواية (األزمان املظلمة) هي موضوع حبثنا‪ ،‬نشرت عام ‪ ( 2003‬ط‪ /‬دار الفكر –‬ ‫سوريا) ‪ 432‬صفحة‪ .‬مكتوبة بالعربية الفصحى‪.‬‬ ‫‪ - 6‬يظهر الراوي أحيانا منذ املشهد األوّل عندما ينام هانئ فيحاول استبصار رحلته االفرتاضية‬ ‫يف األزمان القادمة‪ ،‬وهكذا يقوم بتضخيم املشهد‪ .‬فهو يتوجّه باحلديث إىل هانئ مباشرة عن طريق‬ ‫صيغة اخلطاب املباشر ثمّ حيتفي‪.‬‬ ‫‪ - 7‬األزمان املظلمة‪ :‬ط‪ - 1/‬ص‪131/130 :‬‬ ‫‪ - 8‬نفسه ‪ :‬ص‪171 :‬‬ ‫‪ - 9‬يف هناية القرن ‪ 19‬وبداية القرن ‪20‬‬ ‫‪ - 10‬موضوعها استشراف لطوباوية مصرية‪ .‬يتخيّل فيها سالمة موسى مصر بلداً اشرتاكياً جديداً‬ ‫حوّلتها العصا السحرية للتطوّر إىل قمّة التقدّم‬ ‫‪ - 11‬كاتب سوري كتب أوىل الروايات الطوباوية العربية بعنوان‪ :‬غابة احلق عام ‪1865‬‬ ‫‪ - 12‬كاتب تونسي كتب عام ‪ 2004‬رواية استشرافية (مرايا الساعات امليّتة)‪ .‬حاول فيها تعرية‬ ‫تالعب دولة استبدادية جعلت املواطنني عام ‪ 2725‬يعيشون يف عزلة خلف سياج كهربائي‪ .‬تتماشى‬ ‫هذه العزلة والتلوّث اخلطري الذي أصاب هذا البلد‪ ،‬كبقية بلدان اجلنوب‪ ،‬نتيجة إلجبار دول الشمال‬ ‫دول اجلنوب على ضرورة قبول دفن النفايات النووية فيها‪ ،‬وبالتايل تلوّثت البيئة إىل درجة انعدام‬ ‫األوكسجني‪ ،‬الشيء الذي جعل الناس يف هذا البلد يتنفسون عن طريق قوارير األوكسجني املوث َقة‬ ‫على أكتافهم‪ .‬والدولة هي اليت توزّع هذه القوارير‪ .‬من ترضى عنه تزوده‪ ،‬ومن ال ترضى عنه ميوت‬ ‫اختناقا‪ .‬هكذا يقع استعباد الشعب‪.‬‬ ‫‪ - 13‬التوسّل باحللم حييلنا إىل تقليد أدبي يف األدب الغربي الوسيط ‪ .‬كان األدباء يلجأون إليه‬ ‫ملراوغة الكنيسة والطبقة األرستقراطية‪ .‬مي ّكن احللم الكتّاب من التعبري حبرية أكرب‪.‬‬ ‫‪ - 14‬إيريك فاي ( ‪ : ) Eric Faye‬األوتوبيات املضادّة مقال ورد يف جملة «املاغازين األدبي» عدد‬ ‫‪ 387‬ماي ‪ 2000‬ص‪27 :‬‬ ‫‪ - 15‬األزمان املظلمة‪ :‬ص‪108 :‬‬ ‫‪ - 16‬ورد الشاهد يف (أفكار حول األدب) لتيودور أدرنو‪ ،‬ط‪ /‬فالماريون ‪ /1984‬ص‪119 :‬‬ ‫‪ - 17‬األزمان املظلمة‪ :‬ص‪343:‬‬ ‫‪ - 18‬األزمان املظلمة ص‪183 :‬‬ ‫‪ - 19‬فيليب كورفال‪ :‬مقال (املستقبل الغامض) يف جملّة‪ :‬املاقازين األدبي ‪ ،‬العدد‪ 422:‬جويلية‪ -‬أوت‬ ‫‪ 2003‬ص‪67 :‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪49‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪50‬‬ ‫حممد ياسني‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫يكاد يتفق مجيع النّقاد على أنّ قصص الرّعب‬ ‫أما يسمى بـ (القصص السّوداء) هي اجلدّ‬ ‫األكرب ألدب اخليال العلمي األمريكي ‪ ،‬إذ ال بد‬ ‫لك ّل ناقدٍ يريد التأريخ هلذا األدب من العودة‬ ‫إىل إبراهام مريت ‪ Abraham Merritt‬و‬ ‫هـ‪ .‬ب لوفكرافت ‪ H. P. Lovecraft‬والحقاً‬ ‫إدغ��ارآالن پو ‪Edgar Allan Poe‬و فيتز‬ ‫جيمس أوبرين‪Fitz James O΄Brien‬‬ ‫و إم�ب�روز ب�يرس ‪)1(Ambrose Bierce‬‬ ‫وغريهم من مشاهري القصّة ال��س��وداء‪ ،‬كما‬ ‫يشري كثريٌ م��ن ال �دّارس�ين إىل إدغ���ار رايس‬ ‫بورغس‪)2( Edgar Rice Burroughs‬‬ ‫بوصفه رائداً ألدب اخليال العلمي يف أمريكا‬ ‫‪ ،‬حيث كتب مغامراتٍ ع �دّة ج��رت أحداثها‬ ‫على كوكب املريخ ‪ ،‬كرواية (حتت قمر املريخ)‬ ‫لشخص‬ ‫(‪1912‬م) ال�تي تصف خم��اط��رات‬ ‫ٍ‬ ‫بشري واحد يدعى جون كارتر يواجه فيها‬ ‫ٍّ‬ ‫خملوقات مرخيية ذات أشكالٍ غريبةٍ ‪ ،‬كما‬ ‫كتب (العقل امل��وجِّ��ه للمريخ) (‪1928‬م) و‬ ‫بعدها بستّ سنوات نشر (قراصنة الزُّهرة)‬ ‫(‪1934‬م)‪.‬‬ ‫وتتّسم ه��ذه ال��رواي��ات مجيعاً بطابعها‬ ‫املغامر و الشّائق باستثناء رواية (العقل املوجّه‬ ‫للمريخ) اليت أبدى فيها بورغس بعض ا ِ‬ ‫جلدّية‬ ‫و الرّزانة العلميّة و إن مل خيرجها متاماً من‬ ‫دائرة املغامرة(‪.)3‬‬ ‫وق��د قسّم آسيموف تاريخ أدب اخليال‬ ‫العلمي إىل أربع فرتاتٍ هي ‪:‬‬ ‫أ‪ -‬فرتة سيادة املغامرة من سنة ‪1926‬م‬ ‫حتى سنة ‪1938‬م ‪.‬‬ ‫ب‪ -‬فرتة طغيان العلم علىأدب النّوع ابتداءً‬ ‫من ‪1938‬م و حتى ‪1950‬م ‪.‬‬ ‫ج���ـ‪ -‬ف�ت�رة س��ي��ادة ع��ل��م االج��ت��م��اع فيما‬ ‫بني‪1950‬م و حتى ‪1965‬م ‪.‬‬ ‫د‪ -‬فرتة سيادة األسلوب منذ ذلك احلني و‬ ‫حتى يومنا احلاضر (‪)4‬‬ ‫وقد رأى آسيموف – و من بعده الدّارسني‬ ‫‪ -‬أنّ هذه الفرتات ميكن أن تش ّكل عصرين‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬ ‫‪w.‬‬ ‫‪ww‬‬

‫‪ - 1‬ما قبل العصر الذهيب ( أو مرحلة‬ ‫ميثالن تاريخ اخليال العلمي يف الواليات‬ ‫املتحدة األمريكية مها ‪:‬‬ ‫البدايات ) ‪:‬‬ ‫يف هذه الفرتة كان بورغس ينشر قصصه‬ ‫‪ -1‬م��ا قبل العصر ال��ذه�بي (أو مرحلة‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫مسلسلة يف «أس��ب��وع��ي��ة ك���ل ال��ق��ص��ص ‪All‬‬ ‫البدايات) ‪.‬‬ ‫‪ -2‬العصر الذهيب ( أو مرحلة االزدهار)‪ »Stories Weekly .‬و كان على أيّ كاتبٍ يف‬ ‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪51‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬ ‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪52‬‬

‫اخليال العلمي أن خيضع ألذواق القرّاء آنذاك‬ ‫‪ ،‬حيث يتشوّق مجهورهم إىل الغرابة و الغموض‬ ‫والتّشويق‪ ،‬ومل تكن (أسبوعية ك ّل القصص)هذه‬ ‫ذات تأثريٍ كبريٍ على الكتاب و املبدعني‪ ،‬غري أنّ‬ ‫احل��دث اهل��ام يف مسرية أدب اخليال العلمي‬ ‫األمريكي هو ظهور جملتني متخصصتني مها‬ ‫‪ « :‬احلكايات الغريبة ‪ »Weird Tales‬يف عام‬

‫‪1923‬م ‪ ،‬وق��د ظهرت عليها قصص الكاتب‬ ‫األمريكي الشهري هـ ‪ .‬ب‪ .‬لوفكرافت اليت متيّزت‬ ‫بالرّعب و التّشويق‪ ،‬واعتمدت يف أحداثها على‬ ‫األماكن املهجورة و الشّخصيات املختلّة عقلياً‬ ‫و نفسياً‪ ،‬وكان لوفكرافت حيبّ إثارة الفزع يف‬ ‫نفوس قرّائه حبيث يقول عنه ولسون ‪(( :‬كان‬ ‫يهدف إىل جعل ( حلمك يرتعد فزعاً ) وكذلك‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫أدب اخليال العلمي و القصة املرعبة‪:‬‬ ‫و بفضل جرنسباك ب��دأت ه��ذه ّ‬ ‫الظاهرة‬ ‫بالتّراجع يف فرتةٍ الحقةٍ ‪ ،‬و حلّت حملّها صورٌ‬ ‫من اغ�تراب البطل و شعوره مبحدوديّة العامل‬ ‫من حوله‪.‬‬ ‫و يعزو جان غاتينيون ‪Jean Gatte′gno‬‬ ‫ذلك التغيّر إىل انكشاف البطل أمام القرّاء ‪ ،‬إذ‬ ‫مل يعد لديه ما يقدّمه من املفاجآت للمعجبني‬ ‫به حيث غدا ( ‪( ...‬السّالح السريّ) املستعمل‬ ‫يف اللحظـة األخيـرة متو ّقعـاً بشك ٍل منطقـيّ‬ ‫(كصليب أمّي) يف مآسي القرن الثامن عشر(‪)7‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫ّ‬ ‫ال��ذه�بي ( أو مرحلة‬ ‫‪ - 2‬ال��ع��ص��ر‬ ‫االزدهار)‪:‬‬ ‫ب��دأ العصر ال� ّ�ذه�بي ألدب اخل��ي��ال العلمي‬ ‫يف أمريكا بتحوّل جملة (القصص الصّاعق‬ ‫‪ )Astounding Stories‬إىل (اخليال‬ ‫العلمي الصّاعق ‪ )Astounding SF‬وتس ُّلم‬ ‫ج��ون كامبل األص��غ��ر ‪Gohn Campbell‬‬ ‫‪، Jr‬إدارة اجمللة‪ ،‬إذ ساعدت شخصية كامبل‬ ‫على إضفاء اجلدّية والرّزانة على أدب اخليال‬ ‫العلمي املنشور يف جملته‪ ،‬وحثّ الكتّاب على‬ ‫ترك العبث الغرائيبّ الذي ال طائل منه‪ ،‬والثبات‬ ‫على احلدود اليت تفصل العلم عن األدب (‪...‬‬ ‫كما أصبحت قصص اخليال العلمي رزين ًة يف‬ ‫أسلوهبا‪ ،‬فقد أراد كامبل مج��ه��وراً (حمرتماً)‬ ‫لذلك وجب أن يكون املؤلفون كتّاباَ حقيقيني)(‪)9‬‬ ‫ونتيجة جلهود كامبل و صرامته فقد ظهر جي ٌل‬ ‫جديدٌ من كتّاب النّوع املثمرين أمثال إسحق‬ ‫آسيموف ‪Isaac Asimov‬و روب��رت هينلني‬ ‫‪ )10( Robert Heinlein‬وراي ب��راد بوري‬ ‫‪ )11(Ray Brad Bury‬وف��ان فوغت ‪Van‬‬ ‫‪ Vogt‬وغريهم ‪ ...‬وقد أص�رّ كامبل على أن‬ ‫تكون القصص املرسلة إليه حتتوي على عل ٍم‬ ‫حقيقي ‪ ،‬مبعنى أنه أراد تقريب‬ ‫وتاريخ‬ ‫حقيقي‬ ‫ٍ‬ ‫ٍّ‬ ‫ٍّ‬ ‫اخل��ي��ال العلمي م��ن احلقيقة العلمية بقدر‬ ‫املستطاع ‪ ،‬كما طلب من املؤلفني عدم االكتفاء‬ ‫بوصف خمرتعات جديدة و إمنا إظهار تأثريات‬ ‫تلك املخرتعات على حياة اإلنسان‪.‬‬ ‫وق��د جن��ح كامبل إىل ح��دٍّ بعيدٍ يف وضع‬ ‫جل���ا ٍم ملخيّلة ال��ك � ّت��اب ال��ذي��ن ك��ان��وا ينفلتون‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫إىل زرع الشّك والفزع يف أذهان قرّائه‪ .‬ولو قيل‬ ‫له إنّ أحد قرائه مات من الرّعب‪ ،‬أو إنه قد‬ ‫سيق إىل مستشفىً للمجانني فإنّ ذلك سيسرّه‬ ‫بال شك )) (‪ )5‬وكانت رواي��ات اخليال العلمي‬ ‫وجمالته يف تلك الفرتة تُطبع على أوراق خشنة‬ ‫‪ Pulp Magazine‬وت��ب��اع بأسعا ٍر زهيدةٍ‪،‬‬ ‫وكانت تستهوي الفتيان خاص ًة‪ ،‬وتتوجّه إليهم‬ ‫خبطاهبا املثري غرائبياً وجنسياً أحياناً‪.‬‬ ‫أما جملة « حكايات مدهشة ‪Amazing‬‬ ‫‪ »Stories‬فقد أنشأها و أشرف على حتريرها‬ ‫هوغو جرنسباك ‪)6( Hugo Gernsback‬‬ ‫يف ع��ام (‪1926‬م) ‪ ،‬و بسببٍ من قلّة الكتّاب‬ ‫اجليّدين هلذا النّوع يف تلك الفرتة فقد اضطرّ‬ ‫جرنسباك إىل إع���ادة نشر أف��ض��ل األعمال‬ ‫لكتّابٍ مشاهري‪ :‬فرين و ويلز و مريت خباصةٍ‪،‬‬ ‫ثم بدأ يشجّع قرّاءه على إرسال قصصهم إىل‬ ‫جملته ‪ ،‬و أطلق جرنسباك على تلك القصص‬ ‫مصطلح « اخليال العلمي « ألوّل م�رّة ‪ ،‬و مل‬ ‫يدّخر جهداً يف حثّ الكتّاب على التّقليل من‬ ‫املبالغات الطفوليّة يف كتاباهتم ‪ ،‬و وقف بوجه‬ ‫الكتّاب الذين اندفعوا حنو النّوع ال �رّديء من‬ ‫أدب اخليال العلمي أو ما كان يُعرف بـ « أوبرا‬ ‫الفضاء ‪ »Space - Opera‬حيث تدور معظم‬ ‫األح��داث على شكل معارك ساذجة خيوضها‬ ‫أبطال ضدّ كائناتٍ فضائيةٍ شريرةٍ على سطح‬ ‫أحد الكواكب البعيدة ‪.‬‬

‫وميكن اختصار أسلوب جرنسباك يف النشر‬ ‫يقول جيمس جُن ‪ ...( :‬لكنّ جرنسباك وضع‬ ‫ال �شّ��روط األس��اس�يّ��ة بنفسه‪ ،‬ورأى أنّ (أدب‬ ‫خياله العلمي) اجلديد وسيل ٌة لتدعيم فهم‬ ‫العلم والتكنولوجيا من خالل القصص اخليايلّ‪،‬‬ ‫وهو نوع من تغليف حبّة الدّواء باحللوى‪ ،‬وكانت‬ ‫معادلته هي (‪ 75‬يف املئة) أدبٌ منسوج يف (‪25‬‬ ‫يف املئة) علم) (‪)8‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪53‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪54‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫باجتاه الفنتازيا ‪ ،‬فأصبحت فرتة الثالثينات‬ ‫بداية الفرتة ّ‬ ‫الذهبية ألدب اخليال العلمي يف‬ ‫أمريكا‪ ،‬إذ كان من نتيجة تقيّد الكتاب بالقواعد‬ ‫الكامبلية للنشر أن وصفوا آالتٍ و أجهزةً و‬ ‫اخرتاعاتٍ مل تلبث أن ظهرت إىل الوجود يف أق ّل‬ ‫من عقد من الزمن ‪ ،‬ويرى الكثري من النقاد أنّ‬ ‫ما كان على أجندة اخليال العلمي يف الثالثينات‬ ‫من القرن العشرين قد أصبح واقعاً معاشاً يف‬ ‫األربعينات منه ‪.‬‬ ‫ولع ّل القصة الشهرية لروبرت هينلني تثبت‬ ‫امل��دى ال��ذي وصلت إليها اجلهود ال�تي بذهلا‬ ‫جون كامبل‪ ،‬إذ نشر هنيلني أواخر العام ‪1944‬م‬ ‫علمي تتحدث عن ق��درة العلماء‬ ‫قصة خيا ٍل‬ ‫ٍّ‬ ‫األمريكيني على إنتاج قنبلةٍ من اليورانيوم ‪،235‬‬ ‫و وصف القنبلة الذرية بد ّقةٍ مدهشةٍ‪ ،‬مما دعا‬ ‫األوساط العسكرية األمريكية إىل إجراء حتقيقٍ‬ ‫ع��ن كيفية ت��س�رّب معلوماتٍ هب��ذه اخلطورة‬ ‫ووصوهلا إىل املؤلف‪ ،‬وتوصّل احملققون إىل أنّ‬ ‫ما جاء يف القصة مل يكن سوى خيال مؤ ّلفٍ‬ ‫بار ٍع‪ ،‬وال عالقة له مبعلوماتٍ عسكريةٍ مسرَّبة‪،‬‬ ‫وبعد أشه ٍر فجّر األمريكيون أوّل قنبلةٍ ذريّةٍ يف‬

‫العامل‪ .‬ومل يرتك جون كامبل مثل هذه الفرصة‬ ‫تفوته بل استفاد من احلادثة ليدلل على رصانة‬ ‫اخليال العلمي وأمهيته‪ ،‬ومدى ارتباطه بعصره‪،‬‬ ‫فازداد إقبال الناس على قراءة هذا النوع األدبي‬ ‫بشكل متزايد جداً ‪.‬‬ ‫وخالل هذه الفرتة أيضاً ظهرت قصص تعاجل‬ ‫موضوعاتٍ قدمي ًة كالسّفر يف الزمن والتغيّر‬ ‫ّ‬ ‫بالطفرة والقدرات اإلنسانية اخلارقة‪ ،‬وكلها‬ ‫موضوعات كان قد طرحها ويلز من قبل غري‬ ‫أ ّنها عوجلت يف تلك الفرتة بطريقةٍ فنيةٍ وأدبيةٍ‬ ‫جديدةٍ جعلتها تبدو أكثر جديّ ًة ومعقوليّة‪.‬‬ ‫ومن أهم الكتّاب األمريكيني الذين تناولوا‬ ‫ه��ذه املوضوعات باملعاجلة إسحق آسيموف‬ ‫‪ Isaac Asimov‬وت����ي����ودور ستورجن‬ ‫‪ Theodore Sturgeon‬وكليفورد سيماك‬ ‫‪1907 ( Cliffor Simak، Heinlein‬‬ ‫‪ : )1988‬ك��ات��ب أم��ري��ك��ي يظهر يف كتاباته‬ ‫تأثري العلم والتقنية على احلياة اإلنسانية ‪،‬‬ ‫والتغيّرات اليت تنشأ نتيجة السّفر يف الفضاء‪،‬‬ ‫و نتائج الثورة احليوية ( البيولوجية ) على‬ ‫اإلن��س��ان‪ .‬و يتمتّع هنيلني ب��ق��درة كبرية على‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪ob‬‬

‫اإلقناع باستخدامه مصطلحات جديدة تناسب‬ ‫أج���واء اخل��ي��ال العلمي م��ن أعماله ( صنيعة‬ ‫األسياد ‪1951 )Puppet Masters‬م‪ ( ،‬جنم‬ ‫مزدوج ‪1956 ) Double Star‬م اليت حازت‬ ‫على جائزة هوغو ( القمر عشيقة قاسية ‪The‬‬ ‫‪1966 ) Moon Is a Harsh Mistress‬م ‪،‬‬ ‫( اجلمعة ‪1982 ) Friday‬م ‪ .‬نال هنيلني أربع‬ ‫جوائز هوغو ويف عام ‪1974‬م حصل على جائزة‬ ‫ينبوال عن جممل أعماله ‪ ،‬و حوِّل العديد من‬ ‫رواياته إىل اخليالة كرواية ‪ ( :‬القمر املقصود‬ ‫‪ )Destinatition Moon‬و ( فرسان سفينة‬ ‫الفضاء ‪ ) Starship Trooper‬و ( غريب‬ ‫يف أرض غريبة ‪Stranger in a Stranger‬‬ ‫‪. ) Land‬‬ ‫وك��ل ه��ؤالء املبدعني تل ّقوا تأهيالً علمياً‬ ‫ساعدهم على طرح موضوعاهتم بطريقةٍ غري‬ ‫تقليدية (‪)12‬‬ ‫وابتداءً من منتصف ستينات القرن املاضي‬ ‫مُين اخليال العلمي األمريكي بنكسةٍ عظيمةٍ‬ ‫ترافق معها احنسار يف عدد الكتب املنشورة‪،‬‬ ‫وإعراض عدد ال بأس به من املؤلفني عن الكتابة‬ ‫يف أدب اخليال العلمي ليتّجهوا إىل التأليف يف‬ ‫جماالتٍ أدبيةٍ أخرى ‪ ،‬و يعزو معظم النقاد ‪-‬‬ ‫ومنهم آسيموف – ه��ذا االحنسار إىل حت ّقق‬ ‫معظم نبوءات اخليال العلمي فضاقت الدائرة‬ ‫عليه‪ ،‬إذ مل يعد لديه من سح ٍر أو أعاجيب‬ ‫يقدّمها للناس ‪ .‬وقد راهن الكثري من الدّارسني‬ ‫آنذاك على موت اخليال العلمي‪ ،‬ولكن ‪ -‬ومع‬ ‫هناية ستينات القرن املنصرم – راح اخليال‬ ‫العلمي ينهض من جديد متخذاً من فتوحات‬

‫علم النفس ثيماتٍ جديدةً له ‪ ،‬كما استفاد من‬ ‫الثورة البيولوجية واملعلوماتية فيما بعد ليعود‬ ‫إىل تبوّء مكانته من جديد على أيدي خنبةٍ من‬ ‫الكتّاب ‪ ،‬لكنه هذه املرة ختلّى عن األعاجيب إىل‬ ‫حدّ بعيدٍ‪ ،‬وخلع رداء املغامرة بعد أن كان يرتديه‬ ‫ألزما ٍن طويلة ‪ .‬باختصار فإنّ النوعية اجليّدة‬ ‫من اخليال العلمي األمريكي بدت تتمحّل صفة‬ ‫العقل و احلكمة بعد أن كانت ترتدي لباس‬ ‫املخاطرة و املغامرة ‪ .‬على أنّ ذلك ال يعين أنّ‬ ‫رواية املغامرات قد انقطعت عن ّ‬ ‫الظهور وإىل‬ ‫األب��د‪ ،‬فذلك أم �رٌ مستبعدٌ على أيّ ح��ال‪ ،‬إذ‬ ‫إننا ال نزال نشهد صدور رواية املغامرات حتى‬ ‫اليوم‪ ،‬وهذا يعين أنه ال يزال إىل جانبها أنصارٌ‬ ‫ومريدون ‪.‬‬ ‫وم��ن األس��ب��اب التارخيية ال�تي جعلت أدب‬ ‫اخليال العلمي األمريكي يزدهر ورمبا يتفوّق‬ ‫على آداب عامليّة أخ��رى مشاهبة هو االعتناء‬ ‫ّ‬ ‫الظاهر بالدوريّات واجملالت املتخصصة اليت‬ ‫ساعدت على انتشار أدب النوع لرخص مثنها‬ ‫وكثرهتا ‪ .‬فمع ب��داي��ة الثالثينات م��ن القرن‬ ‫املاضي كانت أكثر من ‪ 40‬جملة متخصصة يف‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية تنشر مئات املواضيع‬ ‫والقصص يف أحناء البالد(‪ ،)13‬ففي عام ‪1926‬م‬ ‫أسّس هوغو جرنسباك جملة «قصص مدهشة‬ ‫‪ »Amazing Stories‬ويف عام ‪1929‬م ظهرت‬ ‫جلرنسباك جمليت « قصص عجائب العلم‬ ‫‪ »Science Wonder Stories‬و» قصص‬ ‫عجائب اهل��واء ‪« Air Wonder Stories‬‬ ‫و أدجمهما يف جملةٍ واح��دةٍ أمساها «قصص‬ ‫العجائب ‪ « Wonder Stories‬وكانت قبل‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪55‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫ذل���ك ق��د ظ��ه��رت جم��ل��ة (ح��ك��اي��ات غريبة‬ ‫‪ ) Weird Tales‬اليت أُسّست يف عام ‪1923‬‬ ‫م بعد ذل��ك ت��واىل ص��دور كثريٍ من اجمل�لات و‬ ‫كان أشهرها «قصص العلم العظيم ‪Stories‬‬ ‫‪ »of Super-Science‬و (ك ّل القصص ‪All‬‬ ‫‪ )Stories‬و(اجملرّة ‪ )Galaxy‬وغريها ‪ .‬يقول‬ ‫ولسون ‪ (( :‬مل تكن معظم هذه اجملالت سيئ ًة‬ ‫كما ت��وح��ي عناوينها فقد كتب فيها بعض‬ ‫مشاهري الكتّاب واجمليدين ‪)14( )).‬‬ ‫وب��اإلض��اف��ة إىل ال���دّور ال��ذي اضطلعت به‬ ‫ه��ذه اجمل�لات يف نشر أدب ال��ن��وع واكتشاف‬ ‫كتّاب جدد موهوبني فإهنا (( كانت مؤ ّثرةً جداً‪.‬‬ ‫ل��درج��ة أهن��ا خصصت ج��ائ��زة ( أدب اخليال‬ ‫العلمي ) السّنوية اليت سُميت (هوغو) يف إشارة‬ ‫إىل احرتامه وأصبح أدب اخليال العلمي ناجحاً‬ ‫بطريقةٍ مذهلةٍ‪.‬‬ ‫ولكن النتيجة مل تكن يف مصلحة العدد الكبري‬ ‫من اجملالت اليت تطبع على ورق خشن‪.‬‬ ‫فاألفالم وماشاهبها من األشياء اليت أعطت‬ ‫ألدب اخل��ي��ال العلمي امس��ه السيئ م��ا زالت‬ ‫مصرّةً على االستمرار حتى اآلن )) (‪ )15‬ومع ذلك‬ ‫فما زال عددٌ غري قليل من هذه اجملالت يداوم‬

‫على الصّدور مثل جملة (اجملرة ‪ )Galaxy‬و‬ ‫(قصص مدهشة ‪ )Amazing Stories‬و‬ ‫(فنتازيا ‪ )Fantasy‬و ( إذا ‪ ... ) IF‬وغريها‬ ‫كما أنّ تأسيس احتاد كتّاب اخليال العلمي‬ ‫املشار إليه بـ ‪ )16( SFWA‬يف الواليات املتحدة‬ ‫عام ‪1965‬م مببادرة من الكاتب والناشر املعروف‬ ‫دامون نايت ‪ ، Damon Knight‬وختصيص‬ ‫جائزتي « هوغو ‪ »Hugo‬و « نيبوال ‪»Nebula‬‬ ‫ك ّل ذلك ساعد الكتّاب والناشرين واملهتمّني‬ ‫على حتدّي العقبات والعوائق اليت قد تعرتض‬ ‫طريقهم ‪ .‬ومن أشهر كتّاب النوع يف أمريكا ‪:‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪56‬‬

‫‪ -1‬إسحق آسيموف ‪ :‬ينظر كثريٌ من الدّارسني‬ ‫إىل األمريكي إسحق آسيموف بوصفه عمالق‬ ‫اخليال العلمي يف القرن العشرين بال منازع‬ ‫بسبب غزارة إنتاجه يف أدب النّوع واستخدامه‬ ‫أسلوباً ج ّذاباً يف الكتابة‪ ،‬يساعده على ذلك‬ ‫ول��ع��ه ال��ك��ب�ير باملطالعة وخت�صّ��ص��ه بدراسة‬ ‫الكيمياء يف جامعة فيالدلفيا ثم حصوله على‬ ‫شهادة الدكتوراه‪ ،‬وشغله منصب أستاذ الكيمياء‬ ‫احليويّة يف العديد من اجلامعات األمريكية ‪.‬‬ ‫وبالرّغم من شهرة آسيموف يف أدب اخليال‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫العلمي فإنه مل يكن خملصاً له متاما ً إذ كتب‬ ‫الرّواية البوليسيّة وأهتمّ بالتاريخ والسّرية‪ ،‬وأ ّلف‬ ‫موسوعاتٍ ثقافي ًة ودراساتٍ أكادميي ًة و علمية‬ ‫متعددة ناهيك عن سريته الذاتية املؤ ّلفة من‬ ‫جزأين‪ ،‬كما كتب أكربنقدٍ عن أدب اخليال العلمي‬ ‫يف كتابٍ من مثانية جملدات عرض فيها ملسرية‬ ‫أدب النوع وتطوّره مع اختيارات ألعمال كتبها‬ ‫مبدعون و مشاهري يف جمال اخليال العلمي من‬ ‫الواليات املتحدة والعامل‪ .‬غري أنّ النقاد ينظرون‬ ‫إىل إب��داع آسيموف القصصيّ حتديداً نظرة‬ ‫اإلعجاب والتقديرالشديدين ‪.‬‬ ‫وإلس��ح��ق آسيموف أع��م� ٌ‬ ‫�ال إب��داع��ي� ٌة كثريةٌ‬ ‫منها ‪ « :‬ت��ي��ارات الفضاء ‪The Currents‬‬ ‫‪ « of Space‬و» هناية اخللود ‪The End of‬‬ ‫‪ »Eternity‬و» مأساة القمر ‪The Tragedy‬‬ ‫‪ « of the Moon‬و» الشمس العارية ‪The‬‬ ‫‪ »Naked Sun‬على أنّ أشهر ما كتبه آسيموف‬ ‫يف هذا الباب هو رواية « أنا رابوط ‪I Robot‬‬ ‫« (‪1950‬م) و» املؤسّسة ‪The Foundation‬‬ ‫« (‪1957‬م)‪ ،‬وت��دور أح��داث قصصه غالباً يف‬ ‫الزّمن احلاضر واملستقبل القريب أو البعيد‪،‬‬ ‫ك��م��ا أنّ رواي����ات آس��ي��م��وف وق��ص��ص��ه متتلئ‬ ‫باملناظر الفلكيّة من كواكب ومشوس وفضاءات‬ ‫مثرية للخيال‪ ،‬وميتاز أدبه بالنهايات املفاجئة‬ ‫اليت ال ختطر للقارئ على بال ((‪ ...‬فهو يعشق‬ ‫خداع القارئ ومواجهته مبا اليتوقعه‪ .‬ولذلك‬ ‫فهو بارعٌ متاماً يف كتابة القصص القصرية جداً‬ ‫والطويلة ال�تي يتذ ّكرها القارئ كما لو كانت‬ ‫قصريةً ج��داً ألنّ ك� ّل ما يتذكره منها الفكرة‬ ‫الرئيسيّة القويّة)) (‪ )17‬باإلضافة إىل ذلك فقد‬ ‫أول��ع آسيموف باإلنسان اآليلّ أو (ال�رّاب��وط )‬ ‫فجعله بطالً لكثريٍ من أعماله ومل ينظر إليه‬ ‫دائماً كمصد ٍر للخطر على حياة اإلنسان ألنه‬ ‫قيّده بقوانني ثالثةٍ مشهورةٍ هي ‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬الينبغي لإلنسان اآليل أن يهدّد باخلطر‬ ‫حياة اإلنسان أو أن يعرّض حياة اإلنسان للخطر‬ ‫جرّاء نشاطه ‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬على اإلن��س��ان اآليل أن يطيع أوامر‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫اإلنسان على أن التتعارض هذه مع الشّرط (أ)‬ ‫ج ‪ -‬على اإلنسان اآليل أن يدافع عن ذاته‬ ‫على أن اليتعارض ذلك مع الشّرطني ( أ ) و‬ ‫(ب ) ‪.‬‬ ‫وهذه القوانني قد صيغت بطريقة تشبه طرق‬ ‫الربجمة العتماد الثاني على األول والثالث على‬ ‫األول والثاني أي بطريقةٍ تشبه اخلوارزمية اليت‬ ‫يستخدمها املربجمون يف أعماهلم االعتيادية‪.‬‬ ‫ولكنّ هذا ال يعين أن آسيموف نفسه قد تقيّد‬ ‫هبذه القوانني ‪ .‬وأنه مل يُظهر الرابوط بصورته‬ ‫الشّريرة ففي قصّة « لنلتقي « تتن ّكر الرابوطات‬ ‫ب ِزيّ عددٍ من العلماء يف إحدى مراكز األحباث‬ ‫وتقوم بعملياتٍ فدائيةٍ هتدف إىل تفجري مدينة‬ ‫نيويوروك ‪ .‬أما هناية القصة فقد جاءت مفاجئ ًة‬ ‫على طريقة آسيموف إذ يكشف الكاتب أنّ رجال‬ ‫األم��ن يف هذه القصّة ما هم إال رج� ٌ‬ ‫�ال آليّون‬ ‫أيضاً‪ .‬ويف قصة (املنطق) يصنع رائد الفضاء‬ ‫(جرجيوري پاول) و (دونوفان ) رابوطاً يطلقون‬ ‫عليه اسم ( كيوتي ) (‪ QT )18‬وهذا الرّابوط‬ ‫يُعدّ من ّ‬ ‫الطراز األوّل يف نوعه‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪57‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪58‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫ولكنّ (كيوتي) يتعلّق باملنطق ال��ذي بُرمج‬ ‫على أساسه فهو ال يصدّق بأهنم صنعوه أل ّنه‬ ‫أكثر إتقاناً منهم‪ ،‬فالناقص الينتج الكامل‪ ،‬وهنا‬ ‫وحسب منطقه فإنّ من خلقه هو (السيّد) فما‬ ‫من إلـه إال السيّد‪ ،‬ويتصرّف بوصفـه نبيـاً مرسالً‬ ‫إىل باقي الرابوطات اليت ختضع ملنطقه اآليل‬ ‫فتطيعه وخيرج األمر من أيدي رائدي الفضاء‬ ‫رغم غضب دونوفان الذي يعيّر الرابوط بأنه‬ ‫خ��ردةٌ مطليّة بالكروم ‪ .‬وعندما تنتهي مهمّة‬ ‫الرائدين يأتي طاقمٌ بدي ٌل فيسـأله جرجيوري ‪:‬‬ ‫كيف حال األرض ؟ فيجيب أحدمها ‪ « :‬مازالت‬ ‫تدور !! « ‪.‬‬ ‫أمّ��ا يف قصّته الطويلة « رجل املئيت عام «‬ ‫فإنه خيلع على رابوطه ك ّل الصّفات اإلنسانية‬ ‫اإلجيابية من نب ٍل وهدوءٍ وحمبّةٍ‪ ،‬و تبدأ أحداث‬ ‫القصة عند أهمّ حلظةٍ يف حياة الرّابوط (أندرو)‬ ‫إذ يقف أمام رابوطٍ جرّا ٍح آخر ليخربه بأنه يريد‬ ‫جراحي‪ ،‬ولكنّ الرابوط اجلرّاح‬ ‫أن يقوم بعم ٍل‬ ‫ٍّ‬ ‫يرفض القيام باجلراحة بناءً على القانون األوّل‬ ‫من قوانني آسيموف ألنه يعدّ أندرو إنساناً فهو‬ ‫ال يشبه الرابوطات األخ��رى يف ش��يء‪ ،‬إال أن‬ ‫أندرو يقنعه بأنه ليس بشراً وأن العمل اجلراحي‬ ‫أي من القوانني الثالثة‪ .‬ويعود‬ ‫اليتعارض مع ٍّ‬

‫الكاتب إىل ال��وراء ليحكي لنا السّرية الذاتية‬ ‫للرابوط أن��درو وكيف اش�تراه سيده ثم ربطته‬ ‫صداق ٌة رائع ٌة مع بنت سيده الصغرية اليت كان‬ ‫يناديها بـ (اآلنسة الصّغرية)‪.‬‬ ‫ويف ت���ط���وّر حي��ص��ل يف دوائ������ر دماغه‬ ‫البيزوتروني يشعر أندرو باحلرية وحياول أن‬ ‫يشرتي نفسه من سيده‪ ،‬ويوافق السيّد إال أن‬ ‫القوانني املدنيّة ال تسمح بذلك وهنا تتدخّل‬ ‫اآلنسة الصغرية ال�تي أصبحت فتاةً ناضج ًة‬ ‫وتدافع عن أندرو أمام احملكمة فينال حريته‪،‬‬ ‫ثم ينجح أندرو يف صنع دوائرَ وأجهزةً مت ّكنه من‬ ‫األكل والشّرب واجلنس بعد أن سكن منعزالً يف‬ ‫غرفتني بعيدتني ‪ ،‬وعندما مرّت سنون طويل ٌة‬ ‫على أندرو مات خالهلا سيّده والكثري من أفراد‬ ‫العائلة ال�تي ع��اش فيها شعر بأنه خالد ألنه‬ ‫رابوط والميكنه املوت‪.‬‬ ‫وبدأ الطموح للموت يساوره إىل أن قرّر أخرياً‬ ‫جراحي يستنزف دوائره البوزترونية‬ ‫إجراء عم ٍل‬ ‫ٍّ‬ ‫خالل عام ‪ ،‬وعندما أجرى له الرابوط اجلرّاح‬ ‫العملية عاد إىل البيت وكانت تزوره السيدة ( يل‬ ‫سنج ) وهي سيدة من جنوب شرق آسيا‪.‬‬ ‫وعندما حانت حلظة وفاته (( مدّ هلا يده يف‬ ‫وهن‪ .‬كانت صورهتا ختبو بينما أفكاره تتالشى‪.‬‬ ‫ٍ‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫لكن فكرةً واحدةً جاءته قبل أن يتو ّقف ُّ‬ ‫كل شيء‪:‬‬ ‫(اآلنسة الصغرية)‪ .‬قاهلا بصوتٍ خافتٍ ال ميكن‬ ‫ألحدٍ أن يسمعه )) (‪)19‬‬ ‫أمّ����ا أس��ل��وب آس��ي��م��وف فيعتمد اجلمل‬ ‫القصرية ذات املعاني الواضحة ‪ ،‬وتبدأ قصته‬ ‫عادةً بتسليط الضوء على الشخصية احملورية‬ ‫أو احلدث الرئيس يف القصة ليظهر من خالله‬ ‫املشكلة امل��ط��روح��ة وه��ن��ا تتجمع شخصيات‬ ‫القصة لتناقش احل��ل��ول ال�تي جي��ب ا ّتخاذها‬ ‫إلنقاذ املوقف واخلروج من املشكلة اليت تزداد‬ ‫إث��ارة مع التقدّم يف مسار احل��دث ‪ .‬وال يغفل‬ ‫آسيموف احلوار الدّاخلي أو املناجاة الذي يأتي‬ ‫مرافقاً للحوار العادي (‪)20‬‬ ‫‪ -2‬راى ب��راد ب��وري‪ :‬الب �دّ ألي ناقد ينظر‬ ‫يف األدب األمريكي احلديث من التّوقف عند‬ ‫راي براد بوري ألنه كتب يف أنواع ٍأدبيةٍ متنوّعةٍ‬ ‫كالقصة واملسرحية ورواي���ة اخل��ي��ال العلمي‬ ‫باإلضافة إىل ما يسمّى بالرواية الشعبية‪ .‬وقد‬ ‫دخل ب��راد ب��وري ميدان األدب يف سنّ مبكرة‬ ‫ونشر أوىل جمموعاته القصصية (رحلة املليون‬ ‫عام ‪ ) The Million Year Picnic‬يف عام‬ ‫(‪1946‬م) ‪ ،‬ومن أعماله أيضاً ( يوميات من‬ ‫كوكب املريخ ‪1950( )Journals of Mars‬م) و‬ ‫(تفاحات الشمس الذهبيّة ‪Golden Apples‬‬ ‫‪ )of the Sun‬كما نشر مسرحياتٍ من اخليال‬ ‫العلمي منها (عمود من نار ‪)Pillar of Fire‬‬ ‫و (كاليدوسكوب ‪ )Kleidoscope‬و (نفري‬ ‫ّ‬ ‫الضباب ‪ ،)The Fog Horn‬وقد ترجم رؤوف‬ ‫وصفي هذه املسرحيات إىل العربية ونُشرت يف‬ ‫سلسلة املسرح العاملي عام ‪1985‬م ‪.‬‬ ‫ويتّسم أسلوب ب��راد ب��وري بالتوجّه حنو‬ ‫الدّاخل أي داخل النّفس اإلنسانيّة ليس لبثّ‬ ‫الرّعب واخلوف يف نفس القارئ فقط‪ ،‬وإ ّنما‬ ‫النتقاد أسلوب احلياة اإلنسانية اليت تقف برأيه‬ ‫على شفري اهلاوية‪ ،‬فاملدينة واآلالت واألجهزة‬ ‫سامهت يف تشيؤ اإلنسان فأصبح منقاداً بال‬ ‫‪.‬إرادة‪ ،‬مسلوباً بال سعادة‪ ،‬الهثاً وراء أمنه يف‬ ‫حني جيهل أنه يركض با ّتجاه حتفه‪ .‬لكنّ ومن‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫ّ‬ ‫الطريف أن براد بوري ميزج الرّعب والتّوتر الذي‬ ‫تشيعه كتاباته بالشّاعرية واحليويّة واحلسّ‬ ‫امل��ره��ف‪ ،‬ي��ق��ول حم��م��ود ق��اس��م ‪ ... (( :‬كمـا‬ ‫يتميّز أسلـوب بـراد بـوري بالشّاعريـة واجلديّة‬ ‫وأ ّنه مفعمٌ باخليال‪ .‬فهو حريصٌ على اختيار‬ ‫الكلمات املناسبة واجملازية يف كتابتة؛ ومن ثم‬ ‫خيلق أسلوباً ميتلئ بالبالغة والشّاعرية‪ ،‬وهذا‬ ‫يضفى على تعامله سحراً أخّاذاً )) (‪.)21‬‬ ‫على أنّ أشهر أعمال براد بوري « فهرهنايت‬ ‫‪1953 ( »451 Fahrenheit 451‬م ) وتصوّر‬ ‫هذه الرّواية إحدى املدن بعد أن غيّرت احلرب‬ ‫العاملية الثالثة مالمح البشريّة ‪ .‬ففي هذه‬ ‫املدينة قوانني حتظر كل ماهو مكتوب‪ ،‬ومتنع‬ ‫تداول الكتب أو األوراق أو أيّ شيءٍ يؤدّي إىل‬ ‫ثقافةٍ حقيقيّةٍ‪ ،‬ألن الكتب والقراءة برأي السلطة‬ ‫مفسدةٌ لعقول الناس وأخالقهم‪ ،‬فما عليهم‬ ‫س��وى اجل��ل��وس لساعات طويلة أم��ام التلفاز‬ ‫ال��ذي يبثّ برامج التسلية والتّرفيه واألغاني‬ ‫واملسابقات التافهة‪ ،‬أو يشغلون أنفسهم حب ّل‬ ‫الكلمات املتقاطعة‪ ،‬وتطارد السلطات رجال‬ ‫الفكر والقرّاء‪ ،‬وتسعى لتصفيتهم و النيل منهم‬ ‫بطرقٍ متنوعةٍ‪.‬‬ ‫ويقوم رجال املطافئ بدور السلطة التنفيذية‬ ‫يف املطاردة والتع ّقب إذ تناط هبم مهمّة إحراق‬ ‫الكتب عند الدّرجة ‪ 451‬فهرهنايت ‪ .‬وقد قام‬ ‫هؤالء حبرق أعدادٍ هائلةٍ من الكتب تش ّكل تراث‬ ‫البشريّة يف الدّين والفلسفة والعلوم واآلداب ‪.‬‬ ‫ي��ق��وم م��ون��ت��اج وه���و أح���د رج���ال املطافئ‬ ‫مبطاردة اخلارجني على القانون أمّا كالريس‬ ‫فهي ف��ت��اة مولعة ب��ال��ق��راءة‪ ،‬وع��ن��دم��ا تنشأ‬ ‫ص��داق��ة ب�ين مونتاج وك�لاري��س ّ‬ ‫ويطلع على‬ ‫ما تقوم به يُعجب بثقافتها وا ّت��زاهن��ا وثقتها‬ ‫بنفسها ‪ ،‬و يدس رواي��ة « دافيد كوبرفيلد «‬ ‫يف ثيابه وم��ا إن يقرأها حتى تأخذ الرواية‬ ‫بعقله ومتلك عليه لبه‪ .‬وتظهر على مونتاج‬ ‫تصرفاتٌ غريب ٌة إذ مل يعد متحمساً حلرق‬ ‫الكتب كما ك��ان يف امل��اض��ي‪ .‬وراح يثور على‬ ‫زوجته ليندا وصديقتيها وه ّ​ّن يشاهدن الربامج‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪59‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫التافهة على التلفاز‪ ،‬وتضعف عالقته بزوجته‬ ‫ّ‬ ‫تتوطد صداقته مع كالريس ‪.‬‬ ‫بينما‬ ‫يداهم رج��ال املطافئ منزل كالريس بعد‬ ‫أن علموا بوجود كتبٍ يف منزهلا‪ ،‬فيحرقون‬ ‫كتبها وبداخلها صديقة كالريس العجوز ‪ .‬أمّا‬ ‫كالريس نفسها فقد هربت واختفت عن األنظار‬ ‫بعد أن علمت بأن رجال الشّرطة يالحقوهنا ‪.‬‬ ‫تشي ليندا بزوجها فيقتحمون منزله‪ ،‬ويأمره‬ ‫الرّئيس حبرق كتبه بنفسه لكنّ مونتاج يقذف‬ ‫النار باجتاه رئيسه فريديه قتيالً ثم يلوذ بالفرار‪،‬‬ ‫وينضمّ إىل كالريس ورفاقها فيقوم هؤالء مجيعاً‬ ‫حبفظ كثريٍ من الكتب غيباً‪ ،‬فينادون بعضهم‬ ‫بعضاً بأمساء الكتب أو املؤلفني الذين حيفظون‬ ‫هلم ‪ ،‬فهذا أرسطو وذاك ميكافيللي واآلخر «‬ ‫أليس يف بالد العجائب « وهكذا ‪ ...‬ك ّل ذلك‬ ‫من أجل استمرار الفكر واإلبداع يف اإلنسانية‬ ‫بعد أن ضلل التلفاز برباجمه التافهة اجلماهري‬ ‫وأبعدهم عن الرّوح اإلنسانية احلقيقية ‪.‬‬ ‫وتسيطر على أدب راي ب��راد ب��وري فكرة‬ ‫هناية البشريّة ‪ ،‬وأدب��اء اخليال العلماء عام ًة‬ ‫حسّاسون جداً جتاه هذه املسألة ‪ ،‬وهم غالباً‬ ‫يطلقون إنذاراهتم هبذا االجت��اه مشفقني من‬ ‫هن��اي �ةٍ ت��راج��ي��ديّ�ةٍ حل��ض��ارةٍ ب��ش��ريّ�ةٍ عمّرها‬ ‫اإلنسان باملخاطرة والكدح والعذاب ‪ .‬أمّا براد‬ ‫بوري فيطرح قصته على طريقة آالن پو‪ ،‬حيث‬ ‫يطغى الصّمت والرّعب على القصة ‪ ،‬وأحياناً‬ ‫يشعر القارئ أنّ الكاتب أراد إخافته فقط ‪،‬ألنّ‬ ‫القصة تنتهي بنهايةٍ مفتوحةٍ وال شيء بعد‬ ‫ذلك! ففي قصة (عطلة ) يتحدّث الكاتب عن‬ ‫رحلةٍ لزوجني برفقة طفلهما بعد أن تالشت‬

‫‪ob‬‬

‫اهلوامش‬

‫‪60‬‬

‫‪ -1‬أم��ب��روز ج��وي��ن��ت ب�ي�رس ‪Ambrose‬‬ ‫‪1842( Gwinett Bierce‬م ـ ‪1914‬م ) ‪:‬‬ ‫كاتب وصحفي أمريكي عثرف بقصصه شبه‬ ‫الواقعية وقصص الرّعب ‪ ،‬شخصيات قصصه‬ ‫تندفع بغريزةٍ نفسيّةٍ عميقةٍ كما تعكس الوحشية‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫مجيع املدن واجلنس البشريّ من على األرض‪،‬‬ ‫فهذان الزّوجان وطفلهما هم آخر ما تبقى من‬ ‫البشريّة ‪.‬‬ ‫ويف قصة « املطر سيأتي مب��اء ف��رات «‬ ‫يصوّر براد بوري حرباً تفين البشريّة مجعاء‪،‬‬ ‫أمّا بطل القصّة فهو بيتٌ مربمجٌ ال زال يعمل‬ ‫بطريقةٍ آليةٍ كما برجمه أهله قبل احلرب‪،‬‬ ‫فهو يوقظ السيد والسيدة يف ساعة حمددة‪،‬‬ ‫ويدعو األط��ف��ال إىل طعام اإلف��ط��ار‪ ،‬وجيهز‬ ‫الغداء حسب برنامج مسبق‪ ،‬وعندما تسقط‬ ‫ش��ج��رةٌ على ن��اف��ذة امل��ن��زل حي��دث خ��ل� ٌل ما‬ ‫فيحرتق املنزل وال يبقى منه سوى جدارٌ يصدر‬ ‫صوتاً يقول ‪ (( :‬اليوم هو التاسع والعشرون‬ ‫من آبريل سنة ‪ )22( ))1985‬وكثرياً ما يستغ ّل‬ ‫بـراد بـوري قـدرته على كشف خبايا النّفس‬ ‫برباعـةٍ ظاهـرةٍ فيجعل من جوّ القصة بطالً‬ ‫حقيقياً حتى وإن كان احلدث بطيئاً وعاديّاً‬ ‫جداً ‪ ،‬ولكن القارئ الميلك إال أن يتابع القصّة‬ ‫مأخوذاً بسحر أسلوبه الغامض ‪.‬‬ ‫وال ي��زال أدب اخليال العلمي حتى اليوم‬ ‫عريض من القرّاء ‪،‬‬ ‫حيوز على إعجاب مجهو ٍر‬ ‫ٍ‬ ‫ويظهر على السّاحة كتّاب موهوبون من أمثال‬ ‫صموئيل ‪ .‬ر‪ .‬ديالني ‪Samuel .R. Delany‬‬ ‫وروجر زيالزني ‪ Roger Zelazny‬و املؤلف‬ ‫األكثر مبيعاً يف الفرتة األخرية مايكل كرايتون‬ ‫‪ ، Michael Crichton‬أما وليام جيبسون‬ ‫‪ William Gibson‬فإنه يعدّ من أكرب كتّاب‬ ‫اخليال العلمي املعاصرين ملا يتميز به من‬ ‫معاجلات جديدةٍ و شائقةٍ تتناسب مع آخر ما‬ ‫توصّل إليه العلم املعاصر ‪.‬‬

‫والقسوة وامل��وت ‪ .‬وذلك بتأثري من حياة بريس‬ ‫الشخصية نفسها ‪ ،‬فقد ول��د يف عائلة فقرية‬ ‫فعانى وط���أة احل��رم��ان ‪ ،‬وش���ارك يف احلرب‬ ‫األهلية األمريكية ( ‪1861‬م ـ ‪1865‬م ) جُرح‬ ‫جرحاً بليغاً ع ّكر عليه صفو حياته‪ .‬اختفى‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫أمربوز يف رحلة إىل املكسيك يف ظروف غامضة‬ ‫مل تعرف مالبساهتا ‪ .‬من أشهر أعماله (حكايا‬ ‫اجلنود ‪ )Tales of Soldiers‬و (مدنيّون)‬ ‫‪1891 Civilians‬م‪ ،‬و( معجم الشيطان ‪The‬‬ ‫‪1906 )Devil′s Dictionary‬م ‪.‬‬ ‫‪ - 2‬إدغار أريس بوروغس ) ‪Edgar Rice‬‬ ‫‪1875 Burroughs‬م – ‪1950‬م ) ‪ :‬ولد بورغس‬ ‫يف شيكاغو و مارس أعماالً عدّة ‪ :‬جندي ‪ ،‬وعامل‬ ‫منجم ‪ ،‬و را ٍع للبقر‪ ،‬وعامل مكتبة ‪ ،‬ثم شرطي‬ ‫‪ ،‬قبل أن يتّجه للكتابة ‪،‬عُرف على حن ٍو خاص‬ ‫بأنه مبتكر شخصيته طرزان اليت ظهرت يف أكثر‬ ‫من ‪ 20‬رواي��ة له تُرمجت إىل ‪ 50‬لغة أجنبيّة ‪،‬‬ ‫و بيع منها أكثر من عشرين مليون نسخة عرب‬ ‫العامل ‪ ،‬كما نُقلت إىل اخليالة واإلذاعة والتلفاز‬ ‫‪ ،‬ويصنّف النقاد إلدغار رايس بوروغس أكثر من‬ ‫‪ 60‬عمالً منشوراً يف أدب اخليال العلمي ‪.‬‬ ‫‪ - 3‬انظر « أدب اخليال العلمي (جلاتينيون)‬ ‫واخليال العلمي أدب القرن العشرين حملمود‬ ‫قاسم ‪.‬‬ ‫‪ -4‬انظر ‪Before the Golden Age‬‬ ‫– ‪–Isaac Asimov- Fawlette Craest‬‬ ‫‪1973 - New York‬‬ ‫‪ - 5‬املعقول و الالمعقول يف األدب احلديث –‬ ‫كولن ولسون – تر ‪ :‬أنيس زكي حسن – منشورات‬ ‫دار اآلداب – بريوت – الطبعة الرابعة ‪1978 -‬م‬ ‫ ص‪. 29‬‬‫‪ - 6‬هوغو جرنسباك ‪:Hugo Gernsback‬‬ ‫هاجر جرنسباك من لوكسمورج إىل الواليات‬ ‫املتحدّة ‪ ،‬وأسّس هناك جملة ( قصص مدهشة)‬ ‫شجّع من خالهلا القراء على الكتابة إىل اجمللة‬ ‫وإىل بعضهم بعضاً ‪ ،‬واستأجر أح��د الفنانني‬ ‫املشهورين آنذاك فرانك ‪ .‬ر ‪ .‬پاول لرسم الصّور‬ ‫الغريبة على غالف اجمللة فبدت مبظه ٍر أنيقٍ‬ ‫ج���داً ‪ ،‬وبفضله ب��دا اخل��ي��ال العلمي منافساً‬ ‫حقيقياً لآلداب التقليدية األخرى ‪.‬‬ ‫‪ - 7‬أدب اخليال العلمي – ص‪.37‬‬ ‫‪ - 8‬آفاق أدب اخليال العلمي – ص‪. 66‬‬ ‫‪ - 9‬أدب اخليال العلمي – ص‪. 39‬‬ ‫‪ - 10‬روب����رت آن��س��ون هينلني ‪Robert‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪Anson‬‬ ‫‪ - 11‬راي راي براد بوري ‪Ray Brad Bury‬‬ ‫( ‪1920‬م ‪ : )...... -‬كتب األمريكي براد بوري‬ ‫أكثر من ‪ 600‬قصة قصرية ‪ ،‬و عد داً كبرياً من‬ ‫ال��رواي��ات و القصائد واملسرحيات ‪ ،‬كما كتب‬ ‫السيناريو السينمائي لعددٍ من األفال م يف جمليت‬ ‫« حكايات غريبة « و» قصص مدهشة « يف حوايل‬ ‫‪12‬من عمره ‪ .‬جُمعت قصص براد بوري يف كتابٍ‬ ‫ضخ ٍم من أشهرأعماله ( التواريخ املرخيية ‪The‬‬ ‫‪1950 )Martian Chroniles‬م ‪ ،‬و ( اإلنسان‬ ‫الواضح ‪ 1950 ) The Illustrated Man‬م ‪،‬‬ ‫و ( فهرهنايت‪1953 ) 451 Fahreheit 451‬م‬ ‫– و هي الدّرجة اليت حيرتق عندها الورق ‪ -‬و‬ ‫له جمموعات قصصيّة منها ( مهرجان مظلم‬ ‫‪1947 ) Dark Carnival‬م ‪ ،‬و ( تفاحات‬ ‫الشمس الذهبية ‪The Golden Apples‬‬ ‫‪1953 ) of the Sun‬م ‪ ،‬و( ع�لاج للكآبة‬ ‫‪)A Medicine for Mmelancholy‬‬ ‫‪1959‬م ‪ .‬و من رواياته ( مخر اهلندباء الربية‬ ‫‪ 1957 ) Danlion Wine‬م ‪ ،‬و (القتل عمل‬ ‫موحش ‪Death is a Lonely Busenisss‬‬ ‫) ‪1985‬م ‪ ،‬و ( اجلميع يقتلون بثبات ‪All Kill‬‬ ‫‪2003 )Constancy‬م ‪......‬‬ ‫‪ - 12‬أدب اخليال العلمي – ص‪.44‬‬ ‫‪ - 13‬انظر كراسات مستقبلية ص ‪.24‬‬ ‫‪ - 14‬املعقول والال معقول ص ‪.156‬‬ ‫‪Dictionary of Litrary Terms – P‬‬ ‫‪4 - 608‬‬ ‫‪ - 15‬رؤوف وصفي هو الكاتب العربي الوحيد‬ ‫الذي انتسب إىل ‪.SFWA‬‬ ‫‪ - 16‬العربي العدد ‪1993 - 413‬م‬ ‫‪ - 17‬قصص من آسيموف تر ‪ :‬د ‪ .‬أمحد‬ ‫خالد توفيق ‪ -‬املؤسسة العربية احلديثة للطبع‬ ‫والتوزيع ‪ -‬القاهرة ‪.‬‬ ‫‪ - 18‬انظر العربي ‪ -‬العدد ‪1993 - 413‬م‪.‬‬ ‫‪ - 19‬اخليال العلمي أدب القرن العشرين‬ ‫ص‪. 85‬‬ ‫‪ - 20‬من أدب اخليال العلمي راي براد بوري‬ ‫‪ -‬تر ‪ :‬حسن شكري ص ‪. 58‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪61‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪62‬‬ ‫عزيزة السبيين‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫يقال ‪( :‬إن األف��ك��ار ال هتبط من السماء‬ ‫بل تصعد إليها‪ ،‬وتتفق يف اجملرات لتعود إىل‬ ‫األرض من جديد لترتك بصمة يف كل األشياء‬ ‫من حولنا)‪ ،‬واملصطلحات ال�تي تطلق على‬ ‫األعمال اليت تبالغ يف تصوير املستقبل وتنقلنا‬ ‫إىل عامل امليتافيزيقيا‪ ،‬أو ما يعرف مبا وراء‬ ‫الظواهر احملسوسة هي نفسها اليت تعرف‬ ‫باخليال العلمي الذي ال ميكن للعقل البشري أن‬ ‫يصل إليه إال عن طريق التخمينات والتأمالت‪.‬‬ ‫وإن التغريات املتسارعة واملستجدات الطارئة‬ ‫اليت يشهدها العامل يف العقود األخ�يرة‪ ،‬تثري‬ ‫ك��ث�يراً م��ن ع�لام��ات االستفهام والتساؤالت‬ ‫عما سيكون عليه اجملتمع اإلنساني‪ ،‬بل وعن‬ ‫مصري اإلنسان نفسه إزاء ارتياد العلم احلديث‬ ‫جماالت للبحث كان حمرماً عليه يف السابق‬ ‫االق�تراب منها بسبب عوامل خمتلفة‪ ،‬أمهها‬ ‫التقاليد املتوارثة‪ ،‬والقيم األخالقية والعقائد‬ ‫الدينية‪ .‬إال أنه ومنذ النصف الثاني من القرن‬ ‫العشرين استطاع أن حيطم الكثري من هذه‬ ‫القيود‪ .‬وقد لعب اخليال العلمي دوراً كبرياً‬ ‫يف النفاذ إىل أعماق املستقبل واستشراف‬ ‫جزء كبري من معطياته‪ ،‬بل إن بعضه متكن من‬ ‫النجاح يف حتقيق نسب دقيقة من املقاربة بني‬ ‫اخليال من جهة‪ ،‬والواقع املعيش من جهة ثانية‪،‬‬ ‫لدرجة أذهلت يف كثري من األحيان املطلعني‬ ‫على بعض احلقائق من دقة هذا اخليال يف‬ ‫رسم صورة الواقع‪ ،‬خاصة‪ ،‬يف الوصول إىل‬ ‫االكتشافات واالخرتاعات العلمية‪.‬‬ ‫وم��ن امل��ؤك��د أن أدب اخل��ي��ال العلمي هو‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬

‫الرائد يف بلورة هذا الفن أو هذا العلم ومبعنى مهما تكن ضآلته عن الطريقة اليت من املمكن‬ ‫أدق‪ ،‬وضعه على احملك والرهان على حتوله أن يسري هبا العامل يف املستقبل ‪ ،‬ومبا حيمله من‬ ‫إىل حقيقة يف يوم ما‪ .‬وبالتايل فإنه ميكننا‬ ‫القول إن اخليال العلمي هو حمصلة‪،‬أوناتج عن‬ ‫اخليال البشري يف ضوء ما تتيحه اإلمكانات‬ ‫العلمية‪ ،‬واحتماالت تطورها‪ ،‬فهو يتناول مجيع‬ ‫احلقائق اليت يقدمها العلم ثم يضيف إليها‬ ‫اخليال‪ .‬فهو الضوء الكاشف للعلم‪ ،‬يبدأ من‬ ‫النقطة اليت يقف عندها العلم‪ ،‬ممهداً الطريق‬ ‫للمستقبل‪.‬‬ ‫ومن أهم أدوار أدب اخليال العلمي‪ ،‬عمله‬ ‫مرتمجاً للعلوم ل��دى البشرية‪ ،‬وه��ذا بالطبع‬ ‫س�ل�اح ذو ح��دي��ن‪ ،‬ف��ال��ع��ل��م ي��ب�ني ول��ك��ن��ه قد‬ ‫يدّمر (األسلحة النووية ‪ ،‬القنبلة الذرية)‪،‬‬ ‫والتكنولوجيا رمبا تنهي احلضارة أو ترفعها‬ ‫إىل أبعد زوايا خيالنا!!‪.‬‬ ‫وحتقيق اخليال العلمي له أمهيته العلمية‬ ‫والفكرية للشعوب‪ ،‬فالعلم حقق تقريباً كل ما مفاجآت وثورات علمية‪ ،‬وغزوات فضائية‪.‬‬ ‫م��ا نريد التأكيد عليه ه��و كيفية تنمية‬ ‫تنبأ به اخليال العلمي‪ ،‬فما كان خياالً قبل‬ ‫نصف قرن من الزمن أصبح حقيقية نلمسها اخل��ي��ال العلمي ب��اع��ت��ب��اره امل��ق��دم��ة األوىل‬ ‫اليوم ونعيشها‪ .‬واليوم نرى العلم قد كشف ل�لاب��ت��ك��ار واالخ���ت���راع وال����ذك����اء باكتشاف‬ ‫آالف احلقائق اجل��دي��دة املذهلة ال�تي ميكن ال��ع�لاق��ات وخت��ي��ل التطوير وال��ت��ق��دم الذي‬ ‫اعتبارها أجنحة حيلق هبا عقل كاتب اخليال ي��ف��ك��ر ف��ي��ه اإلن���س���ان ف��اخل��ي��ال ب��ش��ك��ل عام‬ ‫العلمي إىل آفاق مستقبلية قد تطلق حتذيراً ليس منفصالً ع��ن ال��واق��ع‪ ،‬ف��ال��ف��رد نفسه‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫إن األف��ك��ار ال هتبط‬ ‫من السماء بل تصعد‬ ‫إل���ي���ه���ا‪ ،‬وت���ت���ف���ق يف‬ ‫اجمل����رات ل��ت��ع��ود إىل‬ ‫األرض م���ن جديد‬ ‫لترتك بصمة يف كل‬ ‫األش��ي��اء م��ن حولنا‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪63‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪64‬‬

‫وكل ما يفكر فيه‪ ،‬ما هو إال حصيلة التجارب‬ ‫واخلربات اليت اكتسبها نتيجة التفاعل املستمر‬ ‫بينه وبني احمليط الذي يعيش فيه‪ ،‬فاخليال‬ ‫هو تلك القدرة على تصوير الواقع يف عالقات‬ ‫ج��دي��دة ‪ ،‬وع��ل��ى تقمص األش��ي��اء ومتثيلها‪.‬‬ ‫ويعرّف مصطفى فهمي التخيل بأنه‪( :‬القدرة‬ ‫على تفسري احلقائق بطريقة تدعو إىل حتسني‬ ‫احلياة‪ ،‬وهو هبذا النوع من التفكري تستعمل‬ ‫فيه احل��ق��ائ��ق حل��ل امل��ش��ك�لات يف املستقبل‬ ‫واحلاضر)‪.‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫وق��د لعب اخل��ي��ال العلمي وال ي��زال دوراً‬ ‫كبرياً يف الوصول إىل االكتشافات واالخرتاعات‬ ‫العلمية‪ ،‬فلو نظرنا إىل اإلجنازات العلمية اليت‬ ‫حتققت خالل النصف الثاني من القرن العشرين‬ ‫وبدايات القرن احلايل‪ ،‬بدءاً من الصعود للفضاء‪،‬‬ ‫وصوالً إىل العالج اجليين واالستنساخ‪ ،‬لوجدنا‬ ‫كل هذه احلقائق واإلجن��ازات وغريها كثري قد‬ ‫َّ‬ ‫مت التنبؤ هبا يف كتابات اخليال العلمي منذ‬ ‫أواخر القرن التاسع عشر‪ .‬ولقد أدركت الدول‬ ‫املتقدمة أمهية اخليال العلمي يف إعداد وتنشئة‬ ‫جيل من العلماء واملبدعني‪ ،‬فقامت بإدراجه يف‬ ‫مناهج التعليم املختلفة‪ ،‬وافتتاح أقسام دراسية‬ ‫باجلامعات يف ختصص أدب اخليال العلمي‪،‬‬ ‫وأكدت أن دراسة اخليال العلمي جزء ال يتجزأ‬ ‫من اسرتاتيجياهتا املستقبلية‪.‬‬ ‫ومن املعروف أن اخليال العلمي هو الذي‬ ‫يقرب مفردات العلم من عقلية الطفل‪ ،‬فربط‬ ‫العلوم النظرية بالتطبيق‪ ،‬أي تثقيف الطفل‬ ‫علمياً وبشكل صحيح ال يتأتى إال بربط العلوم‬ ‫النظرية بالواقع منذ املراحل األوىل للطفولة‪،‬‬ ‫وتقسم مراحل الطفولة إىل أطوار قد خيتلف‬ ‫يف تقسيمها علماء النفس‪ ،‬إال أن الغالبية‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫فيهم تتفق على أن الطفل بني السنة الثالثة‬ ‫واخل��ام��س��ة‪ ،‬يتميز خبياله اجل��ام��ح املرتبط‬ ‫بالبيئة ال�تي حييا فيها‪ ،‬ويقلد بأفعاله من‬ ‫حوله‪ ،‬ويقتبس عنهم أعماهلم وحتركاهتم‪ ،‬لذا‬ ‫يتحتم توجيه الطفل للتعلم اجلاد املنتج والعناية‬ ‫بتثقيفه العلمي‪ .‬وشحن ت��ص��ورات��ه وأفكاره‬ ‫بقصص تتحدث عن إجن��ازات العلم الباهرة‪،‬‬ ‫ومستقبله املضيء‪ ،‬فالتخيل عملية استحضار‬ ‫لصور مل يسبق إدراكها من قبل إدراكاً حسياً‬ ‫كامالً‪ ،‬مثل استحضار الطفل صورته لنفسه‬ ‫وه��و يقود مركبة فضاء‪ ،‬أو يلتقي بكائنات‬ ‫عاقلة من كواكب أخرى أو أن يتغلّب على بطل‬ ‫العامل يف املصارعة‪ .‬أو يتخيل نفسه العباً‬ ‫يف م��ب��اراة لكرة ال��ق��دم م��ع فريق ع��امل��ي‪ .‬إىل‬ ‫ما هنالك من الصور واإلحي��اءات اليت ترتبط‬ ‫بالعوامل اليت يتابعها‪ ،‬األمر الذي يؤدي إىل رسم‬ ‫ص��ورة ذهنية لديه حتاكي ظواهر عديدة يف‬ ‫الكون‪ ،‬ونصل من خالهلا إىل حقيقة مفادها‪،‬‬ ‫أن اخليال أميز صفات اإلن��س��ان‪ ،‬وكلما برع‬ ‫يف التخيل‪ ،‬برع يف االبتكار واالخ�تراع‪ .‬وال بد‬ ‫من اإلش��ارة هنا إىل النتائج اليت توصل إليها‬ ‫الباحث يف الرتبية (ماكميالن‪)mcmillan‬‬ ‫يف دراس��ة أج��راه��ا لتحديد مراحل االرتقاء‬ ‫خبيال الطفل وقد حددها يف ثالث مراحل‪،‬‬ ‫املرحلة األوىل يكون فيها اإلحساس باجلمال‬ ‫هو الطريق الذهيب للمعرفة‪ .‬واملرحلة الثانية‪،‬‬ ‫يكون االق�تراب املناسب من الواقع عن طريق‬ ‫التساؤل عن السبب يف وج��ود األش��ي��اء‪ .‬أما‬ ‫املرحلة الثالثة واألخ�ي�رة‪ ،‬فيبدأ الطفل فيها‬ ‫بالتعبري عن رؤيته األوىل لعامل األشياء كما‬ ‫هو موجود يف ال��واق��ع‪ .‬يف حني رأى (آندروز‬ ‫‪ )Andrews‬أن الدرجة الكلية للخيال تكون‬ ‫فيما بني سن الرابعة‪ ،‬والرابعة والنصف‪ ،‬ثم‬ ‫حيصل اخن��ف��اض مفاجئ يف درج���ة اخليال‬ ‫عند سن اخلامسة‪ ،‬وهي املرحلة اليت يدخل‬ ‫فيها الطفل إىل دور احلضانة‪ ،‬وتصل القدرة‬ ‫اخليالية إىل ذروهت��ا – حسب آن��دروز‪ -‬فيما‬

‫بني الثالثة والنصف والرابعة‪ .‬أم��ا ( ماركي‬ ‫‪ )Markey‬فرأيها مغاير حيث استنتجت أن‬ ‫السلوك اخليايل عند الطفل يتزايد يف مرحلة‬ ‫ما قبل املدرسة‪ ،‬وأشارت إىل السلوك اخليايل‪،‬‬ ‫وليس التفكري اخليايل‪ ،‬وه��ذا حييلنا إىل أن‬ ‫التفكري اخليايل عند الطفل مرتبط مبا يراه‬ ‫من سلوك اآلخرين‪.‬‬ ‫وإذا ما تعمقنا يف هذا الفن املتميز بني فنون‬ ‫الكتابة األدبية سنجد أن اخليال العلمي يف عاملنا‬ ‫العربي‪ ،‬ال يزال فقرياً بل إن هناك الكثري من‬ ‫التساؤالت اليت حتيط به‪ ،‬ولعل أمهها ما يرتبط‬ ‫مبدى الوعي بأمهية هذا األدب واملوضوعات‬

‫‪ob‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫اخل��ي��ال ال��ع��ل��م��ي يف‬ ‫عاملنا العربي‪ ،‬ال يزال‬ ‫ف��ق�ير ًا ب��ل إن هناك‬ ‫الكثري من التساؤالت‬ ‫ال���ت��ي حت���ي���ط به‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫ال�تي يتصدى هل��ا‪ .‬ولعل أخطر الثغرات اليت‬ ‫تعاني منها نظم التعليم العربية تكمن يف عدم‬ ‫إعطاء اخليال واإلب��داع حقهما من االهتمام‪،‬‬ ‫م��ا ي��ؤدي إىل إغ��ف��ال تنشيط ق���درات النشء‬ ‫اإلبداعية‪ ،‬فما زلنا ننظر حبساسية واستغراب‬ ‫هلذا النوع من األدب‪ ،‬وبالتايل حتجم الكثري من‬ ‫مؤسسات الثقافة ودور النشر عن نشر هذا‬ ‫األدب لعدم إدراك��ه��ا ألمهيته يف تطور العلم‬ ‫والتكنولوجيا‪ ،‬ويف إع��داد العلماء واملبدعني‪.‬‬ ‫وق��د توصلت نتائج بعض ال��دراس��ات إىل أن‬ ‫اخليال العلمي حيمل أمهية كبرية حني يستخدم‬ ‫يف التدريس حيث ينمي اخليال لدى التالميذ‪،‬‬ ‫وبالتايل يزيد من دافعيتهم للتعليم‪ .‬كما أنه‬ ‫يساعد يف حتديث طرق التدريس وتطويرها‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪65‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪66‬‬

‫وحسب الدراسات فإن التخيل يؤدي ثالث‬ ‫وظائف أساسية يف حياة الطفل‪:‬‬ ‫إن ال��ت��خ��ي��ل يعترب أح���د أش��ك��ال التفكري‬ ‫األساسية اليت يتمكن الطفل من خالهلا من‬ ‫متثل الواقع داخل نسقه التصوري‪ .‬فالتعقيد‬ ‫أو الرتكيب املتضمن يف خ�برات الكبار اليت‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫يريدون نقلها للطفل‪ ،‬وكذلك ما يشتمل عليه‬ ‫عاملهم من تكنولوجيا ومعلومات‪ ،‬كل ذلك‬ ‫ميكن توصيله إىل الطفل بشكل تدرجيي من‬ ‫خالل التعليم املنظم‪ ،‬وأيضاً‪ ،‬من خالل اللعب‬ ‫الرمزي الذي يقوم التخيل فيه بدور كبري‪.‬‬ ‫إن التخيل يقوم من خالل األلعاب الرمزية‬ ‫لألطفال بإتاحة الفرصة خلفض التوترات‬ ‫والتعبري عن األفكار واملشاعر واالندفاعات‬ ‫حيث إن الطفل ع��ن طريق التخيل خاصة‬ ‫يف مرحلة الطفولة املبكرة خيلق عاملاً ومهياً‬ ‫حيقق له رغباته اليت ال يستطيع حتقيقها يف‬ ‫عامله الواقعي‪ ،‬ومن ثم يصبح التخيل صمام‬ ‫أمان حلالة الطفل النفسية‪ ،‬فهو خيفف من‬ ‫التوتر النفسي ويقلل م��ن مشاعر النقص‬ ‫والعدوان والغرية‪.‬‬ ‫إن التخيل يقوم بوظيفة إح��داث التكامل‬ ‫يف الشخصية‪ ،‬فاللعب الرمزي اخليايل لدى‬ ‫األط��ف��ال ليس فقط وسيلة خلفض التوتر‬ ‫واحلصول على معلومات جديدة‪ ،‬لكنه أيضاً‪،‬‬ ‫يقوم بإحداث التكامل بني امل��زاج الشخصي‬ ‫والدافعية وال��ذك��اء وامل��وه��ب��ة‪ ،‬وم��ن ث��م فهو‬ ‫وسيلة لتحقيق الذات أو للوصول إىل صورة‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫مناسبة هلذه الذات‪.‬‬ ‫انطالقاً من هذه الوظائف احلساسة ال بد‬ ‫من السعي لتنمية اخليال العلمي عند الطفل‬ ‫ملا له من أمهية تربوية‪ ،‬وغالباً‪ ،‬ما تشرتك‬ ‫امل��درس��ة وامل��ن��زل يف ه��ذه العملية الرتبوية‬ ‫ع��ن طريق وس��ائ��ل متعددة أمهها القصص‬ ‫والروايات اليت يقرأها الكبار لألطفال بشرط‬ ‫أن تنطوي ه��ذه القصص واحل��ك��اي��ات على‬ ‫معايري أخالقية إجيابية‪ ،‬وأن تكون واضحة‬ ‫املعنى‪ ،‬بسيطة الفهم‪ ،‬وتثري اهتمامات الطفل‬ ‫وت��داع��ب مشاعره‪ .‬وأي��ض�اً‪ ،‬عن طريق كتب‬ ‫اخليال العلمي والكتب املرتمجة‪ ،‬حيث تعترب‬ ‫ذا أمهية ك��ب�يرة‪ ،‬كوهنا تساعد الطفل على‬ ‫االنفتاح على احل��ض��ارات املختلفة‪ ،‬وتنمي‬ ‫خياله‪ ،‬وتوسع مداركه ومعلوماته‪ .‬وأخرياً‪،‬‬ ‫عن طريق مساعدة الطفل يف اإلط�لاع على‬ ‫األدوات واألجهزة التقنية البسيطة‪ ،‬وحماولة‬ ‫فكها وإع���ادة تركيبها م��ع توجيهه املستمر‬ ‫إلتقان عمله‪.‬‬ ‫وأخرياً ال بد من اإلشارة إىل اللغة البسيطة‬ ‫اليت البد وأن ميتلكها كاتب اخليال العلمي‪،‬‬ ‫لتكون مفرداته بعيدة عن التعقيد وعصية‬

‫عن الفهم‪ .‬وأن ميتلك ثقافة علمية واسعة‪،‬‬ ‫فالعلم بالنسبة له‪ ،‬هو ما مي ّكن اإلنسان من‬ ‫فهم دقيق لعامل امل��ادة ولتفاعالهتا‪ ،‬للحياة‬ ‫وتشعباهتا‪ ،‬لإلنسان وتناقضاته‪ .‬ومنطلق‬ ‫كاتب اخليال العلمي عندما يستند إىل العلم‬ ‫يف سرده هو احلقيقة العلمية اليت توصل إليها‬ ‫العلماء ب��أدواهت��م وآلياهتم ومعادالهتم‪ .‬تلك‬ ‫احلقيقة اليت تفجر خيال الكاتب فيُنشئ هبا‬ ‫عاملاً خيالياً لكنه ممكن التحقق مبا أنه يستند‬ ‫إىل احلقيقة العلمية‪ .‬ففي هذا اجملال يسمح‬ ‫لكاتب اخليال العلمي بأن يستبق تطبيقات‬ ‫االكتشافات العلمية‪ ،‬ويصنع واقعاً رمبا يرى‬ ‫النور يف إحدى حمطات الزمن الراكض أبداً‬ ‫حنو املصري اجمل��ه��ول‪ .‬وخ�ير دليل على ذلك‬ ‫ما تنبأ به أحد رواد اخليال العلمي الفرنسي‬ ‫(جول فرين) فقد ظهرت خمرتعاته‪ ،‬وأصبح‬ ‫هلا وج��ودٌ فعليٌ بعد مائة سنة على وفاته‪.‬‬ ‫وهناك اليوم الكثري من العلماء من يرتقبون‬ ‫من كتاب اخليال العلمي جتسيداً لتصوراهتم‬ ‫العلمية‪ ،‬ألن صاحب اخليال عندما ميتلك‬ ‫املعرفة العلمية يصبح أكثر التصاقاً مبستقبل‬ ‫االخرتاعات العلمية‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪67‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪68‬‬ ‫مسري جرب‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫مل تكن األفالم السينمائية األوىل خيالية‪.‬‬ ‫فأول األفالم السينمائية لألخوة لوميري يف‬ ‫عام ‪ 1895‬كانت واقعية‪ ،‬فقد رأى الناس على‬ ‫الشاشة أماكن وأح��داث مألوفة لديهم‪ .‬من‬ ‫جهة أخرى قابل الناس هذه األفالم بشيء‬ ‫من الريبة‪ .‬يف احلقيقة ماهو الواقع الذي‬ ‫ميكن عرضه على شاشة مسطحة وباألبيض‬ ‫واألسود ؟‬ ‫مل يتأخر التحول من األف�لام الوثائقية‬ ‫إىل األف�لام اخليالية‪ .‬وأول من جسد ذلك‬ ‫على الشاشة املمثل واملخرج الفرنسي جورج‬ ‫ميلييس‪ .‬ل��ق��د ك��ان��ت أف�لام��ه األوىل اليت‬ ‫أخرجها يف عام ‪( 1896‬برتيّه يف ورق اللعب)‬ ‫وغريها مماثلة ألفالم األخوة لوميري‪ ،‬وكانت‬ ‫هذه األف�لام وثائقية‪ .‬ولكن عند هناية هذا‬ ‫العام وبداية العام ‪ 1897‬أدخل جورج ميلييس‬ ‫اخلدع إىل السينما‪ ،‬وقد كان ذلك صدفة‪.‬‬ ‫حيث كان ميلييس يصور يف ساحة األوبرا يف‬ ‫باريس حشداً من الناس‪ ،‬فتعطلت الكامريا‪،‬‬ ‫ويف الوقت الذي مت فيه إصالح الكامريا كان‬ ‫موكب عزاء قد حل حمل احلشد يف الساحة‪،‬‬ ‫وعندما أكمل التصوير حتول احلشد على‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫الشريط السينمائي إىل جنازة بشكل مفاجيء‪.‬‬ ‫فقد أوح��ى هذا احل��ادث إىل ميلييس خبدعة‬ ‫مانسميه يف علم السينما (ستوب كادر ) ‪.‬‬ ‫لقد أدخ���ل ميلييس يف أف�لام��ه الساحرة‬ ‫الكوميديا واخل��دع السينمائية باإلضافة إىل‬ ‫الوقائع احلقيقية‪ .‬لقد صور مشاهد متخيلة‬ ‫يف أفالمه ‪( :‬الصعود اخلطر إىل مونبالن) و‬ ‫(رحلة يف منطاد) و (بني دوفر وكايل) وغريها‪.‬‬ ‫لقد ك��ان ميلييس قبل السينما ميتهن مهنة‬ ‫السحر على املسارح الفرنسية‪ ،‬واستغل قدراته‬ ‫يف جتسيد السحر على الشاشة‪ .‬وكانت أفالمه‬ ‫(هلوسات كيميائي) و (املنوم املغناطيسي) و‬ ‫(بيت الشيطان) و (مكتب ميفوستوفل) مثاال‬ ‫على ذلك وأمساء هذه األفالم تدل عليها‪ .‬فقد‬ ‫حققت السينما مليلييس حلمه يف غزو العامل‬ ‫بسحره (‪. )15‬‬ ‫لقد كان ميلييس عاشقاً للخدع‪ ،‬حيث نرى‬ ‫يف أفالمه األشياء تتحول إىل شخصيات حية‪،‬‬ ‫واإلن��س��ان ال��ذي قطع إىل أش�لاء يعيد تركيب‬ ‫نفسه ويرجع إىل احلياة‪ ،‬ويتحول الناس بشكل‬ ‫مفاجيء إىل مهرجني‪ ،‬وغري ذلك الكثري‪.‬‬ ‫لقد استخدم ميلييس يف أفالمه النماذج‬

‫املصغرة (املاكيت) لقوارب حربية يف مشهد‬ ‫املعركة احلربية‪ ،‬وصوّر غرق هذه القوارب يف‬ ‫فيلمه « الغواصون يف العمل « ‪ 1897‬الذي‬ ‫مازال يدهش مشاهديه حتى اآلن بدجمه بني‬ ‫اخليال واحلقيقة‪ .‬ومن خدعه املشهورة تغيري‬ ‫رؤوس األشخاص‪ ،‬حيث يقوم الساحر بنزع‬ ‫الرأس من بني األكتاف ويضعه على الطاولة‪،‬‬ ‫ويف نفس اللحظة ينبت هلذا الشخص رأس‬ ‫جديد‪ .‬ونقف عند فيلمه املشهور « رحلة إىل‬ ‫القمر « ‪ 1902‬املأخوذ عن رواييت « من األرض‬ ‫إىل القمر « جلول فرين ‪ 1894‬و» أول ناس على‬ ‫القمر « هلربرت ويلز ‪ .1895‬واستمر عرض‬ ‫هذا الفيلم ‪ 16‬دقيقة‪ .‬وكان عدد مشاهد هذا‬ ‫الفيلم ‪ 30‬مشهداً‪ .‬وبدأ الفيلم باجتماع يف‬ ‫النادي الفضائي ومن ثم مشهد صنع القمرة‬ ‫الفضائية‪ ،‬وبعد ذلك صنع املدفع العمالق‬ ‫الذي سيطلق قمرة العربة الفضائية‪ ،‬وتاله‬ ‫مشهد اإلطالق إىل الفضاء و سقوط القمرة‬ ‫على سطح القمر‪،‬‬ ‫رحلة إىل القمر‬ ‫واملشاهد األخرية كانت عبارة عن الصراع‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪69‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪70‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫بني ركاب القمرة الفضائية وسكان القمر‪.‬‬ ‫وق��د أب��دع ميلييس يف تصوير أج���واء القمر‬ ‫واملناظر القمرية‪ ،‬والسماء ال��س��وداء املليئة‬ ‫بالنجوم وحمتويات القمر ‪.‬‬ ‫لقد أثبت ميلييس بأنه ميكننا تصوير ليس‬ ‫فقط احلقيقة الواقعة‪ ،‬وإمنا كل ما خيطر وماال‬ ‫خيطر على بال اإلنسان‪.‬‬ ‫لقد اعتمد املخرج على تنفيذ خدعه يف مكان‬ ‫التصوير‪ .‬فقد استخدم التصوير أكثر من مرة‬ ‫على نفس الشريط السينمائي‪ ،‬والتصوير على‬ ‫خلفية سوداء‪ ،‬وخدعة ستوب كادر‪ ،‬والتصوير‬ ‫العكسي والتصوير البطيء‪ .‬ونرى يف أفالمه‬ ‫القصرية بعض اخلدع املعقدة والصعبة واملنفذة‬ ‫مبهنية عالية‪ .‬ففي فيلم (اإلنسان األركسرتا)‬ ‫هناك لقطة م��ص��ورة سبع م��رات على نفس‬ ‫الشريط فوق بعضها البعض (‪. )16‬‬ ‫وإذا أردن��ا تقييم جتربة ج��ورج ميلييس يف‬ ‫السينما‪ ،‬الب��د أن نقر ب��أن��ه م��ؤس��س اخلدع‬ ‫السينمائية‪ .‬ولكنه مل يكن رائ��داً يف السينما‬ ‫كما كان املخرج األمريكي غريفت‪ .‬حيث أن كل‬

‫اهتمام ميلييس كان منصباً على إظهار براعته‬ ‫يف خلق السحر على الشاشة‪ ،‬ومل يعر اهتماما‬ ‫إلمكانيات هذا الفن الكبرية‪ .‬فقد بقي طوال‬ ‫حياته الفنية ساحرا ماهراً (ساحر الشاشة)‪.‬‬ ‫حيث كانت الكامريا بالنسبة له وسيلة سحرية‬ ‫نقلته من مسرح (روبري أودين ) يف باريس‪ ،‬حيث‬ ‫كان يقدم عروضه السحرية إىل الشاشة‪ .‬حيث‬ ‫كانت عروضه السينمائية عبارة عن عروض‬ ‫مسرحية مصورة على شريط سينمائي‪.‬‬ ‫إن أهم ماميز ميلييس‪ ،‬قدرته على تسخري‬ ‫ونقل ك��ل م��امت إجن���ازه يف امل��س��رح والتصوير‬ ‫الفوتوغرايف‪ ،‬إىل السينما ووضع األسس للخدع‬ ‫السينمائية حتى املعقدة منها‪ ،‬وال�تي مازالت‬ ‫تستخدم يف السينما حتى اآلن ‪.‬‬ ‫جند على سبيل املثال أن ميلييس استخدم‬ ‫ألول مرة يف تاريخ السينما نوعني من اخلدع ‪:‬‬ ‫اخلدع امليكانيكية واخلدع البصرية‪ .‬واملقصود‬ ‫يف اخل���دع امليكانيكية م��اه��و م��أخ��وذ بشكل‬ ‫ع��ام من املسرح ‪ :‬كالضباب واملطر والرياح‬ ‫واالن��ف��ج��ارات وغ�ير ذل���ك‪ ،‬وك��ذل��ك الروبتات‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫والوحوش األسطورية واحلشرات العمالقة وما‬ ‫شابه ذلك‪.‬‬ ‫من أشهر اخلدع امليكانيكية اليت أبدعها جورج‬ ‫ميلييس يف فيلم (أفعال الشيطان املضحكة)‬ ‫‪ ،1906‬يف أحد مشاهد هذا الفيلم أحد أبطال‬ ‫الفيلم م��ع خ��ادم��ه حي���اوالن اهل���رب م��ن بيت‬ ‫مسكون بالشيطان‪ ،‬يركبون العربة وينطلقون‬ ‫مسرعني‪ .‬مل يبتعدوا كثرياً‪ ،‬حتى حول الشيطان‬ ‫حصان العربة إىل هيكل عظمي يسارع السحاب‬ ‫وسط رعب اهلاربني حتى املوت‪ .‬إن حتول هذا‬ ‫احلصان إىل هيكل عظمي مازال يثري الدهشة‬ ‫واإلعجاب حتى اليوم‪ .‬لقد استخدم ميلييس‬ ‫يف هذه اخلدعة حصاناً من الكرتون باحلجم‬ ‫الكامل على شكل هيكل عظمي وك��ان عماله‬ ‫حيركونه بأسالك من أعلى الكادر‪ .‬ومن خدعه‬ ‫امليكانيكية األخرى كان العمالق الثلجي يف فيلم‬ ‫(غزو القطب) ‪ 1912‬حيث خيرج آكل البشر من‬ ‫وسط جليد القطب املتجمد ويبدأ يف أكل أفراد‬ ‫البعثة البحثية‪ .‬لقد كان هذا العمالق مصنوعاً‬ ‫على شكل لعبة عمالقة م��ادت��ه البالستيك‬ ‫والكرتون واخلشب وكان يتم حتريكها عن طريق‬ ‫آلة معقدة مبساعدة البكرات واحلبال ‪.‬‬ ‫وي��ع��ود ال��ف��ض��ل إىل ميلييس يف جتسيد‬ ‫األسطورة على الشاشة‪ ،‬عن طريق استخدامه‬ ‫املؤثرات البصرية ‪.‬‬ ‫إن املؤثرات البصرية تنفذ ليس عن طريق‬ ‫اخلدع امليكانيكية‪ ،‬وإمنا بتقنية التصوير وآلة‬ ‫الطباعة‪.‬‬ ‫وج����ذور ه���ذه امل���ؤث���رات يف ف��ن التصوير‬ ‫الفوتوغرايف ال��ذي ك��ان دارج���اً يف مثانينيات‬ ‫القرن التاسع عشر ‪.‬‬ ‫على سبيل املثال صورة المرأة حتمل بيدها‬ ‫رأس إنسان وتقدمه لضيوفها على الطاولة‪.‬‬ ‫واثنان يلعبان لعبة البوكس ومها يف احلقيقة‬ ‫شخص واحد‪ .‬لقد كانت هذه اخلدع وأمثاهلا‬ ‫دارجة يف ذلك الوقت‪ .‬وقد نفذت هذه اخلدع‬ ‫بتقنيات بسيطة وهي عبارة عن طباعة عدة‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫صور فوق بعضها البعض‪ ،‬أو باستخدام قناع‬ ‫أسود لتصوير الشخص الذي يقوم بدورين يف‬ ‫نفس الكادر ‪.‬‬ ‫من أهم ميزات ميلييس انه استخدم تقنيات‬ ‫التصوير الفوتوغرايف يف أفالمه‪ .‬عل سبيل‬ ‫املثال يف عدد من أفالمه القدمية‪ ،‬استخدم‬ ‫اخلدع السابق ذكرها ليستطيع إدخ��ال نفسه‬ ‫ممثالً يف املشهد‪ .‬لقد ص��ور نفسه يف أحد‬ ‫أطراف الكادر واضعا قناعاً من الكرتون أسود‬ ‫اللون على نصف العدسة الثاني‪ ،‬وبعد انتهاء‬ ‫التصوير أعاد الفيلم إىل بدايته‪ ،‬وأزال القناع من‬ ‫مكانه ووضعه على القسم الذي صوره لنفسه‪،‬‬ ‫وأكمل تصوير اجلزء الثاني من الشريط الذي‬ ‫مل يتعرض إىل الضوء يف امل��رة األوىل بفضل‬ ‫القناع األسود‪ .‬وبعد إظهار الشريط وطباعته‬ ‫أصبح لدينا صورة مر ّكبة من صورتني ‪.‬‬ ‫لقد استخدم ميلييس األسلوب الفوتوغرايف‬ ‫يف مطابقة عدة صور فوق بعضها يف أفالمه‪،‬‬ ‫مضيفا خدعة جديدة إىل فن السينما‪ .‬لقد‬ ‫استخدم هذه اخلدعة يف أحد أشهر أفالمه‬ ‫(الرجل ذو الرأس املطاطي) ‪ 1897‬الذي يتحدث‬ ‫عن كيميائي (يلعب الدور ميلييس نفسه كما يف‬ ‫أكثر أفالمه) صوَّر نسخة طبق األصل عن رأسه‬ ‫ووض��ع هذا ال��رأس على الطاولة يف منتصف‬ ‫املخترب‪ ،‬ونفخه ع��ن طريق املنفاخ إىل حجم‬ ‫ضخم‪ ،‬ومن ثم أعاده إىل حجمه الطبيعي عن‬ ‫طريق فتح صمام اهلواء وتنفيسه‪ .‬ولكن مساعده‬ ‫الذي يعمل على املنفاخ من شدة اندهاشه من‬ ‫ه��ذه التجربة تابع النفخ حتى انفجر الرأس‬ ‫كالبالون‪ .‬لقد م��زج ميلييس يف ه��ذا املشهد‬ ‫املدهش بني خدعتني‪ .‬يف البداية أثناء تصوير‬ ‫املخترب (ال��ذي صمم ديكوره ميلييس بنفسه)‬ ‫تظهر خلفية الطاولة اليت وضع عليها الرأس‪.‬‬ ‫ل��ق��د ص���ور امل��ش��ه��د احلقيقي للكيميائي‬ ‫ومساعده على خلفية ه��ذا الديكور املعتم‪،‬‬ ‫وبعد ذلك أعاد الشريط السينمائي املصور إىل‬ ‫بدايته وصور الرأس القابل للنفخ‪ .‬وكان الرأس‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪71‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫يكرب ويصغر بالطريقة التالية ‪ :‬وضع ميلييس‬ ‫نفسه يف صندوق خشيب حبيث ال يظهر منه‬ ‫إال رأسه‪ ،‬كان الصندوق مغطى بقماش أسود‬ ‫وكذلك خلفيته‪ ،‬وك��ان حمموالً على عجالت‬ ‫حبيث يستطع حتريكه بسهولة‪ .‬عند دفع‬ ‫هذا الصندوق جتاه الكامريا كان ال��رأس يكرب‬ ‫بالتدريج‪ ،‬وعندما كان يدفع بعيدا عن الكامريا‬ ‫كان يعود الرأس إىل حجمه الطبيعي (‪. )17‬‬ ‫ل��ق��د اس��ت��خ��دم ميلييس أس��ل��وب مطابقة‬ ‫الصور فوق بعضها البعض يف فيلمه ( الرجل‬ ‫االوركسرتا) الذي مثل فيه دور كافة العازفني‬ ‫السبعة يف االوركسرتا‪ ،‬مرة على الكمان ومرة‬ ‫على الكالرينيت وهكذا‪ .‬بعد إحدى وعشرين‬ ‫سنة استخدم املخرج الكوميدي باسرت كيتون‬ ‫هذه اخلدع يف فيلمه (املسرح) ‪. 1903‬‬ ‫كما ظ��ه��رت أي��ض��ا مخ��س رؤوس مليلييس‬ ‫معلقة على أشرطة اهلاتف يف فيلمه املوسيقي‬ ‫(ميلومان) ‪.‬‬ ‫م��ازال��ت اخل��دع ال�تي ق��ام هبا ميلييس تثري‬ ‫اإلع��ج��اب وال��ت��ق��دي��ر ح��ت��ى اآلن‪ .‬ل��ق��د أخرج‬ ‫ميلييس حوايل ‪ 4000‬فيلم (‪ ،)18‬احتوت يف‬ ‫أكثرها على عناصر أسطورية وخيالية غري‬ ‫عادية نفذها بواسطة اخلدع السينمائية اليت‬ ‫ابتكرها ‪.‬‬ ‫واليت أثبتت قدرة السينما على عكس ليس‬ ‫احلقائق اليومية فقط‪ ،‬وإمن��ا كل ماهو غري‬ ‫مألوف ومتخيل ‪.‬‬ ‫تعترب أفالم « رحلة إىل القمر « مليلييس ‪1902‬‬ ‫و « سائق الدراجة النارية « والرت بوث ‪ 1906‬و‬ ‫« حلم عن القمر « إ‪ .‬بيل ‪ ،1905‬أوائ��ل أفالم‬ ‫اخليال العلمي‪ .‬ويف احلقيقة كان عدد أفالم‬ ‫اخليال العلمي يف بداية القرن العشرين أكثر‬ ‫من ذلك‪ ،‬ولكن أكثرها اندثر وضاع يف خمازن‬ ‫األف�لام‪ .‬وان ماتبقى منها يعطينا داللة قوية‬ ‫على انطالق عصر أفالم اخليال العلمي ‪.‬‬ ‫لقد اعتمدت هذه األفالم كما ذكرنا سابقا‬ ‫على األدب وامليثيولوجيا واألساطري‪ .‬ومل تكن‬

‫‪ob‬‬

‫‪72‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫أكثر ه��ذه األف�ل�ام حتمل قيمة فكرية وإمنا‬ ‫اعتمدت على تقديم املتعة للمشاهدين ‪.‬‬ ‫واعتمدت بشكل أساسي كوسيلة للتعبري‪،‬‬ ‫املؤثرات واخل��دع البصرية وامليكانيكية‪ .‬فقد‬ ‫استخدم املخرجون النماذج املصغرة واألقنعة‬ ‫السوداء واملخمل األسود ومطابقة الصور فوق‬ ‫بعضها‪ .‬ويف كثري من األحيان كانوا يستخدمون‬ ‫أكثر من خدعة يف املشهد الواحد‪ .‬وان هذه‬ ‫الوسائل باإلضافة إىل حتسني تقنيات التصوير‬ ‫والطباعة‪ ،‬فتحت اجملال أمام املخرجني إلنتاج‬ ‫أفالم خيال علمي ذات قيمة فكرية هامة مثل «‬ ‫فرانكنشتني « ‪ 1910‬الذي أنتج يف استوديوهات‬ ‫( برونكس ب��ارك ) مستخدماً نفس اخلدع‬ ‫السينمائية ال�تي استخدمها ميلييس سابقاً‬ ‫فقط من أجل املتعة‪ .‬وكان فيلم « فرانكنشتني «‬ ‫أول فيلم أسس جليل أفالم الرعب‪ ،‬اليت كانت‬ ‫جت��ول هب��ا اخلفافيش وال��وح��وش ومصاصي‬ ‫الدماء يف املختربات مدمرة كل شيء‪ .‬ولنأخذ‬ ‫على سبيل املثال للبحث بعض هذه األفالم‪ .‬إن‬ ‫أحداث فيلم « فرانكنشتني « ‪ 1931‬جليس ويل‬ ‫جتري يف القرن العشرين‪ .‬يظهر بطل الفيلم‬ ‫على الشاشة وحيدث اجلمهور عن قصة الفيلم‬ ‫ويقيّم عمل العامل‪ :‬جيب تغيري مخ اجملرم حيث‬ ‫سرق العامل فيكتور فرانكنشتني جثة اجملرم‪.‬‬ ‫ولكن خ��ادم فرانكنشتني بدل إن��اء مخ الرجل‬ ‫الطيب بإناء مخ اجملرم وقدمه ملعلمه ‪.‬‬ ‫لقد أجرى فرانكنشتني العملية يف خمتربه‪.‬‬ ‫و رأى املشاهد عملية فك السالسل عن اجلثة‬ ‫ال�تي ي��ري��د أن حيييها فرانكنشتني حبضور‬ ‫زوجته وأصدقائه وهو يقول « انظروا إىل هذه‬ ‫اجلثة‪ ،‬لقد صنعتها من األشالء « وفتحت اجلثة‬ ‫عينيها وبدأ القلب يدق ‪.‬‬ ‫إن مصري ه��ذه ال��رج��ل امل��س��خ ال���ذي خلقه‬ ‫فرانكنشتني‪ ،‬والذي قام بدوره املمثل اإلنكليزي‬ ‫تشارل ادوارد ب��رات وامل��ع��روف باسم بوريس‬ ‫كارلوف‪ ،‬مأساوي‪ .‬فقد شوه خادمه فريتس‪،‬‬ ‫وخنق الربوفيسور‪ ،‬وقدمت له الفتاة الزهور‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫حماولة مالطفته‪ ،‬ليظهر بعد ذلك يف املشاهد‬ ‫الالحقة أن باقة الزهور اليت رتبتها الفتاة تسبح‬ ‫فوق املاء‪ ،‬ويظهر حشد كبري من الناس بيدهم‬ ‫طفل ميت‪ ،‬وينتهي الفيلم مبوت هذا املخلوق‬ ‫العجيب حرقا على يد حشد من البشر ‪.‬‬ ‫ك��ان��ت ال��ع��واص��ف وال��رع��د وال��ب�رق واملطر‬ ‫الشديد تعصف فوق القلعة القوطية اليت كان‬ ‫يقيم فيها فرانكنشتني خمتربه‪ ،‬حيث كانت جثة‬ ‫هذا املخلوق العجيب تصعقها الكهرباء‪ ،‬لقد‬ ‫كانت أجواء الفيلم مرعبة حقاً ‪.‬‬ ‫لقد حظي ه��ذا الفيلم ب��اح�ترام وإعجاب‬ ‫املشاهدين والنقاد‪ .‬لقد كان للميكياج الذي قام‬ ‫به جاك بريس لوجه بوريس كارلف رائعاً‪ ،‬حيث‬ ‫كان وجهه مشوهاً بطريقة مرعبة‪ ،‬وأصبح مثال‬ ‫حيتذى لألجيال السينمائية الالحقة (‪ .)19‬إن‬ ‫مشيته املتعثرة تشبه مشية األملاني (غوليم)‪،‬‬ ‫مشية رجل غري واث��ق من نفسه‪ ،‬وأفعاله غري‬ ‫امل�بررة من الغضب‪ ،‬تعكس يف طياهتا الرغبة‬ ‫يف مصاحلة الناس حيث شكله مل يكن يسمح‬ ‫بذلك‪ ،‬ال ختتلف كثريا حالته عن آالف املزارعني‬

‫الذين كانوا جيولون يف شوارع أمريكا حمرومني‬ ‫من أراضيهم وأمالكهم (‪. )20‬‬ ‫لقد حظيت شخصية فرانكنشتني بآراء‬ ‫م��ت��ف��اوت��ة‪ ،‬ف��ف��ي ف��ي��ل��م ج��ي��س وي���ل « عروس‬ ‫فرانكنشتني « هناك تعميق للحوادث املأساوية‬ ‫يف حياة هذا املخلوق العجيب ‪.‬‬ ‫هناك حوار يف هذا الفيلم بني بايرون وشيلي‬ ‫وزوجته ماري شيلي مؤلفة رواية فرانكنشتني‬ ‫( لقد كان عمر ماري شيلي عندما ألفت هذه‬ ‫الرواية تسعة عشر عاما )‪ ،‬ينصح بايرون ماري‬ ‫شيلي مبتابعة قصة فرانكنشتني‪.‬‬ ‫إن ه���ذا امل��خ��ل��وق العجيب مل حي�ت�رق يف‬ ‫النسخة األوىل‪ ،‬ولكنه جنا هارباً إىل الغابة‪.‬‬ ‫لقد عانى كثرياً من شكله البشع حيث مل يتقبله‬ ‫الناس‪ .‬وعندما رأت��ه الفتاة صرخت مرعوبة‬ ‫ومستنجدة‪ .‬ويقبض عليه بعضهم ويزجونه يف‬ ‫السجن‪ ،‬ولكنه يهرب‪ .‬ولكن أحد العميان فقط‬ ‫استطاع التواصل معه ألنه مل يرى وجهه ‪.‬‬ ‫لقد حلم هذا املخلوق يف فتاة أحالمه‪ .‬حيث‬ ‫حقق له فرانكنشتني هذا احللم‪ ،‬وخلق له فتاة‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪73‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪74‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫على شكل زوجته‪ .‬ولكنها نفرت منه‪ .‬يفجر‬ ‫هذا املخلوق الربج وهو يقول مقولته الشهرية‬ ‫(أنتم خملوقني للحياة‪ ،‬وحنن خلقنا للموت)‪.‬‬ ‫ولكن هذا املخلوق العجيب مل ميت‪ ،‬بل تابع‬ ‫احلياة يف أفالم أخرى كتبت على شاكلة رواية‬ ‫ماري شيلي ‪.‬‬ ‫يف أك��ث��ر ه���ذه األف��ل�ام ك���ان فرانكنشتني‬ ‫شخصية متوحشة‪ ،‬فهو رم��ز ال��دم��ار واملوت‬ ‫ومل يكن يتعاطف معه الناس كما يف شخصية‬ ‫بوريس كارلوف‪ .‬ففي فيلم تريينس فشر (عن‬ ‫فرانكنشتني) ي��رى املشاهد حب��راً من الدماء‬ ‫والكثري من املشاهد املقززة‪ .‬وقد استخدمت‬ ‫اخل���دع السينمائية يف إظ��ه��ار امل���وت والقتل‬ ‫وتعذيب الضحايا‪ .‬وينتهي فيلم (فرانكنشتني‬ ‫اللعني) ‪ 1957‬مب��وت ه��ذا املخلوق بتذويبه‬ ‫يف محض األسيد‪ ،‬حتى ال يبقى منه أي أثر‬ ‫(‪ .)21‬كما ظهرت مواضيع مشاهبة لفرنكنشتني‬ ‫الحقا‪ ،‬مثل (غزو الفضاء) و (الشيء) ‪1936‬‬ ‫و (‪ 20‬مليون ميل إىل األرض) و (الشخص‬ ‫الذي يصغر بشكل عجيب) ‪ ،1956‬وغريها من‬

‫األف�لام‪ .‬إن املسائل اليت عرضت يف كثري من‬ ‫األفالم مل تؤثر فقط على تطور اخليال العلمي‪،‬‬ ‫بل أثرت أيضا على الثقافة األوربية بشكل عام‪،‬‬ ‫حيث كانت احلرب العاملية األوىل‪ .‬ولقد ظهر‬ ‫هذا التأثري يف فيلم‬ ‫(كاليغاري) ‪ .)22( 1919‬إن املسافة القصرية‬ ‫بني الوقائع التارخيية احلقيقية وم��ا جيري‬ ‫على الشاشة يعطينا املربرات لرؤية هذا الفيلم‬ ‫كحكاية سياسية‪ ،‬حيث ي���دور الفيلم حول‬ ‫الوحش احملتجز زوميب‪ ،‬الذي يشبه فرنكنشتني‬ ‫وكينغ كونغ ‪.‬‬ ‫يف زوميب أيضا بعض من شخصيات غوته‬ ‫وهوفمان وفون شاميسو حيث يدور احلديث‬ ‫عن األنا الثانية عند االنسان امللبوسة بالروح‪،‬‬ ‫ويف نفس الوقت جمبولة بالروح الشيطانية ‪.‬‬ ‫لقد لفت بطل كاليغاري انتباه العديد من‬ ‫املخرجني‪ .‬حيث أخرج بول فاغنر الفيلم األول‬ ‫لرواية (غوليم) يف عام ‪ 1920‬وهي قصة من‬ ‫الفولكلور وامليثيولوجيا األورب��ي��ة القدمية‪،‬‬ ‫عن خلق احلياة صناعياً‪ .‬عمالق من الطني‪،‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫يشع من عينيه الشر‪ ،‬شبيه من حيث الفكرة‬ ‫بالشخصيات اليت جسدها بوريس كارلوف‪.‬‬ ‫وبغض النظر ع��ن الصبغة اخليالية‪ ،‬ف��ان «‬ ‫غوليم « وأف�لام فريتز النغ وبابست ومورناو‬ ‫فان هذه األفالم مازالت من روائع أفالم القرن‬ ‫العشرين ‪.‬‬ ‫لقد ظ��ه��رت الفاشية يف أملانيا وسرعان‬ ‫م��ا انعكس ذل��ك يف أف�لام��ه��م اخليالية ‪ :‬يف‬ ‫فيلم (نوسفرياتو ) ‪ 1922‬نرى مصاص دماء‬ ‫ال يرحم‪ ،‬وأحد أبطال فيلم (الدكتور مابوزو)‬ ‫جم��رم ي��دب ال��رع��ب يف ال��ق��ل��وب‪ ،‬وعبقري ال‬ ‫إنساني يف فيلم (يدي آرالك) ‪ ،1924‬ويف فيلم‬ ‫(فاوست) يتحدث عن اخلطايا السبع القاتلة‬ ‫‪ ،1926‬وال��ش��ر املستطري يف فيلم (الراوني)‬ ‫‪ .1928‬إن أثر األفكار اخليالية يف رؤية العامل‬ ‫على الشاشة مل يكن مستقراً‪ ،‬وبنفس الوقت‬ ‫كان العامل الواقعي يف تغري مستمر ‪.‬‬ ‫ب��ع��د أف�لام��ه (امل����وت امل��ت��ع��ب) و (الدكتور‬ ‫مابوزو) اليت اعتمدت على األساطري األملانية‬ ‫وامل�لاح��م االسكندينافية‪ ،‬أخ��رج فريتز النغ‬ ‫فيلمه الرائع (ميرتوبوليس)‪ .‬جتري أحداث هذا‬ ‫الفيلم يف عام ‪ 2000‬يف مدينة نيويورك اليت‬ ‫زارها النغ ‪.‬حيث يعيش عمال ميرتوبوليس يف‬ ‫الطابق العاشر حتت األرض‪ ،‬ويعيش صاحب‬ ‫املدينة الصناعية العمالقة فوق األرض مع ابنه‬ ‫يف جنة من احلدائق املعلقة ‪.‬‬ ‫تواسي ماريا اجلميلة العمال حتت األرض‬ ‫وحتثهم على الصرب‪ .‬يكلف مالك املدينة خمرتع‬ ‫جمنون باخرتاع إنسان آيل يشبه ماريا‪ ،‬حبيث‬ ‫حيل حمل ماريا احلقيقية ويقتل الروح الثورية‬ ‫عند العمال ‪.‬‬ ‫إن ش��خ��ص��ي��ة ال��ع��م��ال امل���ص���ورة بطريقة‬ ‫الغرافيك يف الكادر‪ ،‬هي رمز للرجال اآلليني‬ ‫الذين ينفذون األوام��ر دون تذمر‪ .‬إن مدينة‬ ‫املستقبل كما صورها فيلم (ميرتوبوليس) عبارة‬ ‫عن ناطحات سحاب وجسور وطرق تغرق يف‬ ‫سحب الدخان والغاز‪ .‬آالت عمالقة‪ ،‬وأسلحة‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫متطورة‪ ،‬وعمال كأهنم آليون‪ .‬ولكن يف النهاية‬ ‫ينتفض العمال ويدمرون اآلالت‪ ،‬ويسيطرون‬ ‫على كمية ك��ب�يرة م��ن امل��ي��اه ال�تي ك��ان��ت هتدد‬ ‫عائالهتم بالغرق حتت األرض مبساعدة ماريا‪،‬‬ ‫اليت يتزوجها ابن صاحب املدينة كرمز تصاحل‬ ‫العمال مع رأس املال ‪.‬‬ ‫لقد حققت جمموعة تصوير ميرتوبوليس‬ ‫مبساعدة النماذج املصغرة (املاكيت) واقعية‬ ‫مدهشة للمكان وللعربات املتحركة بفضل‬ ‫التفاصيل الدقيقة ال�تي اهتموا هب��ا يف هذه‬ ‫النماذج‪ .‬فقد كانت اآلليات تتنقل ليس فقط‬ ‫على األرض‪ ،‬وإمنا بني ناطحات السحاب يف‬ ‫األعلى ‪.‬‬ ‫إن أح��د الطرق املستخدمة وال�تي أظهرت‬ ‫ديكور األبنية وكأنه حقيقي‪ ،‬هي طريقة املنظور‬ ‫اخلطي‪ .‬حيث كان ماكيت األبنية كلما ابتعدنا‬ ‫عن الكامريا أصغر حجماً من املاكيت الذي أمام‬ ‫الكامريا‪ .‬ما أدى إىل عمق منظوري كبري‪ ،‬وبدت‬ ‫العمارات كلما ابتعدنا عن الكامريا أبعد فأبعد‪،‬‬ ‫ما أعطى واقعية هلذا املاكيت الضخم ‪.‬‬ ‫لقد أدخ���ل املمثلون يف ه��ذا امل��اك��ي��ت عن‬ ‫طريق التطابق االنعكاسي‪ .‬وتعترب هذه اخلدعة‬ ‫مسرحية يف األساس‪ .‬حيث كانت عملية إدخال‬ ‫اهليكل العظمي إىل املسرح عن طريق املرايا‬ ‫العاكسة من خلف كواليس املسرح ‪.‬‬ ‫استخدمت يف فيلم (ميرتوبوليس) مرايا‬ ‫نصفية ( نصف شفافة ونصف عاكسة نستطيع‬ ‫الرؤيا من خالهلا ) حبيث نستطيع الرؤيا من‬ ‫خ�لاهل��ا وأن نعكس ص���ورة م��ن اجل��ان��ب إىل‬ ‫الكامريا‪ .‬وكان املمثل يقف إىل جانب الكامريا‬ ‫حيث نراه من خالل املرآة النصفية املوضوعة‬ ‫أم��ام العدسة بزاوية ْ‪ ،45‬بينما ن��رى املاكيت‬ ‫مباشرة من خالل املرآة النصفية أمام الكامريا‪.‬‬ ‫وعن طريق حتريك زاوية املرآة وإبعاد املمثل يف‬ ‫األستوديو إىل مسافة معينة‪ ،‬نطابق دخول هذا‬ ‫املمثل من باب املاكيت رغم الفارق الكبري يف‬ ‫احلجم‪ .‬حيث كان انعكاس املمثل يف املرآة هو‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪75‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫ال��ذي يدخل من باب املاكيت وليس املمثل‬ ‫نفسه‪ .‬وهكذا بدا للمشاهد وكأن املمثل يدخل‬ ‫من باب عمارة ضخمة رغم أن حجم املاكيت‬ ‫أصغر من املمثل نفسه ‪.‬‬ ‫لقد كان (ميرتوبوليس) ‪ 1926‬من أهم أفالم‬ ‫فريتز الن��غ الصامتة وفخر األف�لام األملانية‬ ‫يف القرن العشرين‪ .‬لقد عكس النغ يف فيلمه‬ ‫محى التطور السريع‪ ،‬ومدى تأثري أدب اخليال‬ ‫العلمي على السينما‪ .‬حيث أثرت أعمال أدبية‬ ‫على سبيل املثال ‪( :‬عندما ينهض النائم) الذي‬ ‫يتحدث عن ثورة الرجال اآلليني لكارل تشابيك‪.‬‬ ‫و(مدمرو اآلالت) هلربرت ويلز‪ .‬و (قصة عن‬ ‫انتفاضة شعبية يف القرن ‪ )21‬للشاعر والكاتب‬ ‫الدرامي االملاني أرنست تولر‪ .‬تأثريا كبريا يف‬ ‫مسرية السينما العاملية ‪.‬‬ ‫ان جمموعة تصوير فيلم (ميرتوبوليس)‬ ‫كشفت النقاب عن تقنيات التصوير املستقبلية‪،‬‬ ‫وكذلك تقنيات عامل املستقبل من خالل هذا‬ ‫الفيلم‪ .‬إن جن��اح استخدام املاكيت يف فيلم‬ ‫ميرتوبوليس‪ ،‬سرعان ما وجد انعكاسا له يف‬ ‫الفيلم األمريكي « تصوّر فقط «‪ .1930‬يتحدث‬ ‫الفيلم ع��ن م��دن ع��ام ‪ .1980‬لقد استخدم‬ ‫املاكيت بنجاح كبري يف ناطحات السحاب اليت‬ ‫بلغت ‪ 250‬طابقاً‪ ،‬وقنوات املياه حتت األرض‬ ‫اليت متخر عباهبا السفن‪ ،‬واملطارات اخلاصة‪.‬‬ ‫لقد فاقت ه��ذه املاكيتات حبجمها وجودهتا‬ ‫املاكيتات اليت صنعت يف « ميرتوبوليس «‪.‬‬ ‫ول��ك��ن م��ع األس���ف ل��ق��د أس����اءت املوسيقا‬ ‫السطحية املرافقة هلذا الفيلم ‪.‬‬ ‫ويف عام ‪ 1936‬أخرج وليم كامريون مينتز‬ ‫فيلم « سيحدث شيء ما « عن قصة للكاتب‬ ‫هريبرت ويلز‪ .‬ال يقل أمهية من الناحية الدرامية‬ ‫عن الفيلمني املذكورين أعاله‪ .‬وقد شارك ويلز‬ ‫بنفسه يف اإلشراف على إنتاج هذا الفيلم‪.‬‬ ‫يبدأ الفيلم بعيد ميالد العامل بعد حرب‬ ‫مدمرة دامت قرابة عشرين عاماً‪ .‬حيث دمرت‬ ‫احلضارة‪ ،‬واستوىل على احلكم ديكتاتور‪ ،‬ومات‬

‫‪ob‬‬

‫‪76‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫الناس من م��رض جمهول‪ .‬وقدمت جمموعة‬ ‫من العلماء الذين عاشوا على أطراف اخلليج‬ ‫ال��ف��ارس��ي‪ ،‬ال���ذي ح��اف��ظ على ح��ض��ارت��ه إىل‬ ‫أوروب��ا على منت طائرة عمالقة‪ ،‬وقامت هذه‬ ‫اجملموعة بعزل الديكتاتور وبناء احلياة من‬ ‫جديد مستخدمني األساليب العلمية‪ ،‬وتبدأ‬ ‫حضارة جديدة‪ .‬يقف يف طريق هذه احلضارة‬ ‫فنان تشكيلي وحيرض زمرته على االنتفاضة‪،‬‬ ‫وحتاول هذه احلشود تدمري احملطة الفضائية‬ ‫اليت يسافر منها السواح يف رحلة اىل الفضاء‪،‬‬ ‫ول��ك��ن ج��ه��وده��م مل تفلح وتنطلق أول عربة‬ ‫فضائية اىل القمر ‪.‬‬ ‫كما أن فيلم « جرمية بشعة « ‪ 1929‬الذي‬ ‫أخرجه اإلجنليزي موريس إلفي عن رواية لنيل‬ ‫مبربتون‪ ،‬يتحدث أيضا عن املستقبل القريب‬ ‫يف عام ‪ .1940‬يبدأ الفيلم مبنظر ملدينة لندن‬ ‫م��ن األع��ل��ى‪ ،‬وف��وق ناطحات السحاب حتوم‬ ‫طائرات اهلليوكابرت‪ .‬ويليه لقطة حلادث على‬ ‫حدود مشال األطلنطي‪ .‬حيث تبدأ احلرب بني‬ ‫دولتني‪ .‬ينفجر نفق حتت املاء وميوت اآلالف‪.‬‬ ‫وبعد ذلك يقتل الرئيس ويشرف الفيلم على‬ ‫هنايته‪ .‬و يعيش بطل الفيلم وبطلته بسعادة‬ ‫وهناء‪ .‬إذا كان فيلم « ميرتوبوليس « قد اعتمد‬ ‫على املشهدية املبهرة بشكل أساسي‪ ،‬فان هذا‬ ‫الفيلم اعتمد على احلبكة الدرامية‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إىل املشاهد املبهرة‪ ،‬كمشهد الطائرات املقاتلة‬ ‫اليت غطت السماء‪ .‬لقد تنبأ هذا الفيلم باحلرب‬ ‫العاملية الثانية اليت بدأت بعد عشر سنوات ‪.‬‬ ‫لقد أنتج العديد من أفالم اخليال العلمي‬ ‫حول الطريان بني الكواكب قبل احلرب العاملية‬ ‫الثانية‪ .‬ففي االحتاد السوفيييت السابق القى‬ ‫فيلم « اليتا « ‪ 1924‬للمخرج ياكوف بروتازانوف‬ ‫وعن قصة الكساندر توليستوي جناحاً كبرياً ‪.‬‬ ‫حيث ص��ور الفيلم احل��ي��اة يف روس��ي��ا بني‬ ‫‪ 1910‬و ‪ 1920‬واملريخ ‪.‬حيث األدراج واألعمدة‬ ‫الضخمة يف قصر احلاكمة (اليتا) واحلشود‬ ‫شكلت وحدة غريبة وساحرة‪ .‬تشبه املرخيية‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫اليتا ملكات العصر القيصري جبماهلن ورقتهن‪.‬‬ ‫لقد ابتعد خمرج الفيلم عن سرد قصص الفضاء‬ ‫بشكل واع‪ ،‬الن ذل��ك يفقد امل��وض��وع حيويته‬ ‫ويلفت االنتباه عن تطور األحداث ‪.‬‬ ‫ويف ع��ام ‪ 1928‬أخ���رج فريتز الن��غ فيلمه‬ ‫الصامت « ام��رأة على القمر «‪ ،‬عن رحلة بني‬ ‫كوكب األرض والقمر‪.‬‬ ‫لقد أخرج هذا الفيلم بالتعاون مع مجعية‬ ‫رح�ل�ات ال��ف��ض��اء األمل��ان��ي��ة‪ .‬ح��ي��ث هت��ت��م هذه‬ ‫اجلمعية بتطوير حم��رك��ات س��ي��ارات السباق‬ ‫والطائرات واحملركات النفاثة‪ .‬نرى يف الفيلم‬ ‫ب��ن��اء سفينة ف��ض��اء‪ ،‬ورح��ل�ات فضائية بني‬ ‫الكواكب‪ .‬يرى ركاب السفينة واملشاهدون ابتعاد‬ ‫العربة الفضائية عن األرض‪ ،‬ش��روق وغروب‬ ‫الشمس‪ ،‬وي��رون اقرتاهبم من القمر‪ ،‬وم��ن ثم‬ ‫طرياهنم وهبوطهم على سطح القمر‪.‬‬ ‫إن هذه املشاهد خري دليل على تطور اخلدع‬ ‫السينمائية يف ذلك الزمن ‪.‬‬ ‫يف عام ‪ 1935‬ظهر الفيلم السوفيييت ( رحلة‬

‫الفضاء) للمخرج ف‪ .‬جورافلوف‪ .‬عن رحلة بني‬ ‫الكواكب ‪.‬‬ ‫وقد أشرف على هذا الفيلم مؤسس علم‬ ‫الفضاء السوفيييت قسطنطني تسيولكوفسكي‪.‬‬ ‫لقد قرأ السيناريو ووضع مالحظاته عليه‪ ،‬وأكد‬ ‫ضرورة وجود فضاء أسود وجنوم ثابتة ال تربق‪،‬‬ ‫وانفجار أثناء هبوط العربة‪ ،‬وض��رورة القفز‬ ‫على سطح القمر كالعصافري‪ .‬هكذا تصور‬ ‫تسيولكوفسكي املشي على القمر جباذبية أقل‬ ‫بست مرات من اجلاذبية على سطح األرض ‪.‬‬ ‫اعترب هذا الفيلم يف االحتاد السوفيييت‪ ،‬أول‬ ‫فيلم خيايل مبين على أسس علمية‪ .‬لقد أبدع‬ ‫م��ص��ور الفيلم أ‪.‬ب‪ .‬غ��ال��ب�يرن ال���ذي يعترب من‬ ‫مؤسسي السينما السوفييتية ( وه��و أستاذي‬ ‫يف معهد السينما مبوسكو ) يف تصوير مشاهد‬ ‫انعدام اجلاذبية‪ .‬قوبل الفيلم بنجاح كبري‪ .‬ولعل‬ ‫من أمجل املشاهد يف هذا الفيلم مشهد خروج‬ ‫الصاروخ من خمزنه‪ ،‬ومشاهد انعدام اجلاذبية‪.‬‬ ‫لقد كان إلشراف تسيولكوفسكي على الفيلم أثر‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪77‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫كبري يف إجناحه‪ ،‬جيب أن ننوه اىل أن تأثري‬ ‫أف��ك��ار تسيولكوفسكي ع��ل��ى ت��ط��ور صناعة‬ ‫الفضاء ليس فقط على العلماء وإمن��ا على‬ ‫احلركة الفنية بشكل كبري‪ .‬إن صعود اإلنسان‬ ‫يف الفضاء‪ ،‬والسيطرة على ق��وى الطبيعة‪،‬‬ ‫وال��ت��ع��رف ع��ل��ى اجمل��م��وع��ة ال��ش��م��س��ي��ة‪ .‬وكل‬ ‫اإلجن��ازات يف العلم والفنون يف هذه اجملاالت‬ ‫يف روسيا وأمريكا مرتبطة بشكل أو بآخر باسم‬ ‫العامل تسيولكوفسكي‪.‬‬ ‫يف تلك السنوات كانت رائجة يف السينما‬ ‫سيناريوهات و روايات هريبرت ويلز‪ .‬باإلضافة‬ ‫إىل األعمال اليت جئنا على ذكرها ظهر فيلم‬ ‫(الرجل اخلفي) ‪ 1933‬من إخراج جيمس وال‪.‬‬ ‫لقد أده��ش ه��ذا الفيلم املشاهدين‪ ،‬بالتقنية‬ ‫العالية للخدع السينمائية املستخدمة ولعلها‬ ‫األكثر إدهاشا يف تلك السنوات ‪.‬‬ ‫يف فيلم (الرجل اخلفي) جيري العامل التجربة‬ ‫على نفسه‪ .‬عندما يلبس العامل القميص‪ ،‬نرى‬ ‫على الشاشة القميص ويديه ورجليه ميشيان‬ ‫دون رأس‪ .‬وعندما يرتدي كافة مالبسه وحيل‬ ‫العصبة عن رأسه ال نرى حتت العصبة رأسا‬ ‫وإمنا فراغ ‪.‬‬ ‫لقد استخدم جيمس وال يف ه��ذا الفيلم‬ ‫اخل��دع��ة ال��ق��دمي��ة امل��ع��روف��ة ب��اس��م (السحر‬ ‫األسود)‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حيث يرتدي املمثل لباسا أسود يغطي كل‬ ‫أحناء جسمه من الرأس وحتى القدمني‪ ،‬ويصور‬ ‫على خلفية سوداء كاملخمل األسود الذي ميتص‬ ‫كامل األشعة الضوئية‪ ،‬ويف احلد األدن��ى من‬ ‫اإلضاءة‪ .‬عندما يرمي صحناً أبيض على سبيل‬ ‫املثال‪ ،‬ال يظهر على الشاشة إال الصحن يتحرك‬ ‫داخ��ل الكادر‪ .‬لقد كان املمثل يف هذا الفيلم‬ ‫يرتدي زي��ا أس��ود مالصق جلسده متاما من‬ ‫الرأس وحتى القدمني‪ ،‬حيث أن جسمه األسود‬ ‫واخللفية ال��س��وداء ال يعكسان اإلض���اءة‪ .‬وإذا‬ ‫ارت��دى قميصاً أبيض ال يسجل على الشريط‬ ‫السينمائي إال القميص‪ .‬وع��ن��دم��ا يتحرك‬

‫‪ob‬‬

‫‪78‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫أمام الكامريا ال نرى سوى القميص يتحرك‪.‬‬ ‫وأض��اف اخللفية ال�تي يتحرك أمامها املمثل‬ ‫عن طريق خدعة ( القناع املتحرك ) حيث مت‬ ‫تشكيل هذا القناع عن طريق طباعة الشريط‬ ‫السينمائي املوجب على شريط موجب عايل‬ ‫التباين‪ ،‬حيث تزداد نسبة التباين بني األبيض‬ ‫واألس���ود وب��ذل��ك حنصل على ق��ن��اع متحرك‬ ‫للقميص باللون األس���ود وم��ن ح��ول��ه شفاف‬ ‫متاما‪ .‬ونستفيد من تطابق القناع مع الشريط‬ ‫األصلي إلضافة اخللفية املطلوبة يف املخترب عن‬ ‫طريق الطباعة‪ ،‬حيث سيغطي القناع لباس‬ ‫املمثل ويسمح بإضافة الديكور املطلوب على كل‬ ‫ما حول هذا القناع‪ .‬وقد بدا مشهد حشد من‬ ‫الناس يركضون يف الغرفة وراء قميص‪ ،‬خيالياً‬ ‫ومدهشاً‪ .‬اعتمادا على نفس املبدأ‪ ،‬كان مشهد‬ ‫الرجل اخلفي ال��ذي يفك العصبة عن رأسه‬ ‫حيث حتت العصبة كان يرتدي طاقية سوداء‬ ‫على خلفية سوداء‪ ،‬وعندما يبدأ يف فك العصبة‬ ‫البيضاء اليت كان يراها اجلمهور على الشاشة‪،‬‬ ‫يبدأ ال��رأس باالختفاء حتى يظهر يف النهاية‬ ‫فراغ مكان الرأس ‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫لقد الق��ى تصغري األش��خ��اص إىل أحجام‬ ‫صغرية جناحاً كبرياً‪ .‬وقد كان تصغري األشخاص‬ ‫إىل أحجام الدمى معروفا منذ بداية استخدام‬ ‫اخلدع ‪.‬حيث ظهر أول فيلم حول ذلك يف عام‬ ‫‪( 1903‬الع�بي بوكس اجليب) للمخرج آر‪.‬ب‪.‬‬ ‫ب��ول‪ .‬وق��د ط��ور األم��ري��ك��ان ه��ذا األس��ل��وب يف‬ ‫فيلم (عروس فرانكنشتني ) ‪ 1935‬حيث يظهر‬ ‫البطل وهو يلعب مع رجل حبجم اللعبة‪ .‬ويف‬ ‫فيلم ال يقل أمهية عن هذا الفيلم يظهر فيلم‬ ‫(لعبة الشيطان) لتود براونينغ ‪ ،1936‬حيث‬ ‫يدور احلديث عن عامل يص ّغر اثنني من الرجال‬ ‫الستخدامهم ضد أعدائه‪ .‬وقد حصل يف عام‬ ‫‪ 1940‬فيلم (الدكتور سيكلوبس) امللون‪ ،‬األوسكار‬ ‫على أحسن خدع‪ .‬حيث بنيت ديكورات عمالقة‬ ‫يظهر فيها األشخاص يف حجم الدمى ‪.‬‬ ‫يف فيلم (الرجل الذي يصغر بشكل عجيب)‬ ‫جل��اك آرن��ول��د‪ ،‬القصة مبنية على أس��اس أن‬ ‫اإلشعاعات ميكن أن تغري من حجم اإلنسان‪.‬‬ ‫ففي الوقت الذي يبقى طول سكان (توركل) على‬ ‫حاهلم هناك رجل يصغر حجمه بشكل عجيب‪.‬‬ ‫وللحصول على هذا التأثري كانوا يلجأون إىل‬ ‫تغيري حجم الديكور باستمرار‪ .‬وق��د ك��ان يف‬ ‫الفيلم العديد من املشاهد اخليالية ‪.‬‬ ‫يف أفالم اخليال العلمي ما قبل مخسينيات‬ ‫القرن املاضي استعرض السينمائيون بشكل‬ ‫أساسي مدن املستقبل واخلدع اليت تتعلق بعمل‬ ‫األطباء اخليايل ‪.‬‬ ‫يف مخسينيات القرن املاضي ركز السينمائيون‬ ‫اهتمامهم على تطوير تقنيات تصوير الرحالت‬ ‫الفضائية‪ .‬لقد جنح فنانو اخلدع السينمائية يف‬ ‫إبداع مناذج العربات الفضائية‪ ،‬وطريان اإلنسان‬ ‫بني الكواكب والصحون الطائرة اليت هتبط على‬ ‫األرض‪ ،‬واليت استخدمت بشكل دائم يف العديد‬ ‫م��ن أف�ل�ام اخل��ي��ال العلمي‪ ،‬وخ��اص��ة األفالم‬ ‫األمريكية‪ .‬وكذلك استخدموا مهاراهتم يف ابداع‬ ‫مدن الفضاء ومدن املستقبل كل ذلك بفضل بناء‬ ‫النماذج املصغرة ( املاكيت ) ‪.‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫لقد أصبحت الرحالت الفضائية يف السينما‬ ‫األمريكية تقليداً‪ .‬ففي عام ‪ 1950‬أخرج ايرفينغ‬ ‫بيتشل فيلم (هدف الرحلة القمر )‪ .‬وهو سلسلة‬ ‫من أفالمه اليت استخدم هبا اخلدع السينمائية‬ ‫على نطاق واسع ‪.‬‬ ‫ولكن عندما رأى الناس على شاشة التلفاز‬ ‫أول رحلة فعلية إىل القمر‪ ،‬فقدت الرحالت‬ ‫الفضائية السينمائية مصداقيتها‪ .‬لقد كان‬ ‫إطالق وط�يران عربة الفضاء يف فيلم ايرفينغ‬ ‫بيتشل مؤثراً‪ ،‬ولكنه مل يكن مقنعاً ‪.‬‬ ‫و إن ‪ 1500‬ضوء من خالل املخمل األسود مل‬ ‫تعط أجواء النجوم يف الفضاء‪ ،‬واخللفية املرسومة‬ ‫لسطح القمر بدا واضحاً أهنا مرسومة‪.‬‬ ‫ولعل أكثر املشاهد إدهاشا للمشاهدين يف‬ ‫عام ‪ 1950‬مشهد رواد الفضاء يف حالة عدم‬ ‫اجلاذبية وهم يعملون ويطريون يف أجواء عربة‬ ‫الفضاء وميشون على اجلدران وسقف العربة‪.‬‬ ‫بعد النجاح الكبري الذي حققه فيلم (هدف‬ ‫الرحلة القمر) أخ��رج��ت جمموعة م��ن أفالم‬ ‫اخليال العلمي األخرى‪.‬‬ ‫ومن أشهر هذه األفالم ‪ « :‬عندما تتصارع‬ ‫العوامل « ‪ 1951‬لرودولف ماري و « غزو الفضاء‬ ‫« ‪ 1955‬و « آلة الزمن « ‪ 1960‬جلورج بال حيث‬ ‫حصل على س��ت ج��وائ��ز أوس��ك��ار على اخلدع‬ ‫السينمائية اليت استخدمها يف أفالمه ‪.‬‬ ‫إن اخلدع السينمائية األكثر أمهية‪ ،‬هي اليت‬ ‫استخدمها بايرون هاسكني يف فيلم « حرب‬ ‫العوامل « عن قصة هلربرت ويلز ‪ .1953‬حيث‬ ‫غزى املرخييون األرض ‪.‬‬ ‫يف هذا الفيلم استغرق تنفيذ اخلدع مدة ‪8‬‬ ‫أشهر‪ ،‬وباقي الفيلم أربعون يوما فقط‪ .‬وقد‬ ‫قال بول ( إن اخلدع السينمائية هي أحد جنوم‬ ‫الفيلم‪ ،‬متاماً كما أبطال الفيلم)‪.‬‬ ‫يف فيلم (ح��رب ال��ع��وامل) أثبتت مقولة بول‬ ‫مصداقيتها‪ .‬كل مناذج العربات الفضائية اليت‬ ‫صنعت يف هوليود يف مخسينيات القرن املاضي‬ ‫مل تكن مجيلة ومرعبة وذات شكل فضائي‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪79‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫كما عربة املرخييني الفضائية يف هذا الفيلم‪.‬‬ ‫عربة رائعة تتحرك حبرية على خمدة هوائية‪،‬‬ ‫ون��ت��وءاهت��ا ال�تي على شكل رقبة تطلق أشعة‬ ‫حرارية قاتلة‪ .‬وقد بدت هذه العربات كتنني‬ ‫عصر الفضاء‪ .‬لقد مجعت بني التقنية العالية‬ ‫وآلة التدمري الرهيبة‪ .‬لقد أخذ بايرون هاسكني‬ ‫واملصور جوردان جنينكز بعني االعتبار‪ ،‬فكرة‬ ‫أن املرخييني احندروا من السمك والربمائيات‪.‬‬ ‫لذلك البد أن توحي تقنيات املرخييني بذلك‪.‬‬ ‫وه��ك��ذا ك��ان��ت ال��ع��رب��ة على شكل السمكة ‪-‬‬ ‫الديناصور‪ .‬وقد صمم النسخة األخرية من هذه‬ ‫العربة ألربت نوزاكي ‪.‬‬ ‫يف فيلم فريد ماكليود ويلكوكس (الكوكب‬ ‫احملرْم ) ‪ 1956‬جتري األحداث بعد عدة قرون‪.‬‬ ‫حيث تذهب بعثة فضائية اىل كوكب ( التاير )‬ ‫ملعرفة ماجرى باجملموعة السابقة اليت أرسلت‬ ‫لغزو هذا الكوكب‪ .‬يقوم خبدمة البعثة رجل من‬ ‫كوكب التاير الذي اختطف رواد الفضاء ابنته‪،‬‬ ‫وكان من بينهم قائد الرحلة الفضائية آدامز‬ ‫ال��ذي حظي بقلبها‪ .‬يشرح موربيوس لقائد‬ ‫السفينة كيف كانت تعيش على هذا الكوكب‬ ‫خملوقات متطورة جداً على شكل البشر‪ .‬وهلم‬ ‫إجنازات حضارية كثرية‪ ،‬و ميكن استغالل هذه‬ ‫اإلجن���ازات بفضل ميكانيكية معينة‪ .‬حياول‬ ‫قائد السفينة احلصول على هذه اآللية اليت‬ ‫يستطيع من خالهلا استغالل اإلجن��ازات اليت‬ ‫حصل عليها سكان هذا الكوكب‪ .‬لقد فاق فيلم‬ ‫(الكوكب احملرم) كل أفالم اخليال العلمي الذي‬ ‫سبقته بكمية اخلدع املستخدمة‪ .‬منذ الكادر‬ ‫األول يف الفيلم حيث يهبط الصحن الطائر على‬ ‫سطح الكوكب‪ ،‬يسأل املشاهد نفسه‪ ،‬ما مدى‬ ‫اتساع هذا الفضاء ؟ يتقدم الصحن الطائر من‬ ‫مسافة بعيدة جداً عرب الفضاء جتاه الكامريا‬ ‫ويقرتب من الكامريا ببطء ويهبط على سطح‬ ‫الكوكب‪ .‬يف احلقيقة مت تصوير هذا املشهد‬ ‫داخل ديكور صغري باستخدام النماذج املصغرة‪،‬‬ ‫نفس الطريقة اليت استخدمها ميلييس وآخرون‬

‫‪ob‬‬

‫‪80‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫يف أفالمهم األوىل‪ .‬حيث صممت عدة مناذج‬ ‫للصحن الطائر طول أصغرها ‪ 50‬سم وطول‬ ‫اآلخر ‪ 110‬سم وكان طول النموذج األكرب ‪220‬‬ ‫سم ‪.‬‬ ‫لقد علْق املصور أرنولد جيليبسي أصغر‬ ‫منوذج على سلك رفيع حبيث ال تراه الكامريا يف‬ ‫عمق األستوديو وجعله يتقدم جتاه الكامريا حتى‬ ‫جتاوزها‪ ،‬بعد ذلك علق النموذج الثاني بنفس‬ ‫الطريقة وص��وره‪ ،‬وهكذا مت تصوير النموذج‬ ‫األكرب حتى وقف أمام الكامريا‪ .‬مت تصوير هذه‬ ‫اللقطات على خلفية واحدة‪ .‬وبعد املونتاج ظهر‬ ‫الصحن الطائر وهو يتقدم من مسافات بعيدة‬ ‫عرب الفضاء حتى يصل إىل الكامريا‪ ،‬وأعطى‬ ‫اإلحساس بضخامة مكان التصوير‪ .‬ومت رفع‬ ‫سرعة التصوير مبا يتناسب مع حجم املاكيت‬ ‫يف كل مرة حتى حيصل على واقعية احلدث‬ ‫وانسيابية الصحن الطائر عرب الفضاء ‪.‬‬ ‫لقد أعطت اخللفية الكبرية لديكور الكوكب‬ ‫اليت كانت مصنوعة من الكرتون املثقب آالف‬ ‫الثقوب‪ ،‬واملضاءة من اخللف‪ ،‬اإلحساس بسماء‬ ‫الكوكب املليئة بالنجوم‪ .‬ويعترب ذلك تطورا يف‬ ‫أسلوب صنع اخللفيات الفضائية الذي استخدم‬ ‫يف فيلم (هدف الرحلة القمر) حيث استخدم‬ ‫آالف مصابيح اإلضاءة بدل الثقوب املضاءة من‬ ‫اخللف ‪.‬‬ ‫وم��ن امل��ش��اه��د اهل��ام��ة وال��ن��اج��ح��ة يف هذا‬ ‫الفيلم عندما ينزلق البطل موربيوس واثنان من‬ ‫رجاله يف نفق التهوية‪ ،‬ويسقطون يف أعماقه‬ ‫الالهنائية‪ .‬حيث استخدمت خدعتان للحصول‬ ‫على هذا املشهد ‪ :‬الرسوم واملاكيت‪.‬‬ ‫حيث استخدم الفنان املصمم للماكيت جورج‬ ‫غيبسون وامل��ص��ور ارفينغ ري��ز ماكيت للنفق‬ ‫مساحته ‪ 2.7‬مرت مربع وطوله تسعة أمتار‬ ‫كجزء من الديكور قريب جدا من الكامريا‪ .‬وقد‬ ‫وضع الرسم الذي يوحي بالهناية النفق يف قعر‬ ‫هذا النفق‪ .‬ووضع الرسم بطريقة إذا نظرت‬ ‫إليه من وجهة نظر الكامريا ال تستطيع التمييز‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬ ‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫أي��ن ينتهي النفق وأي��ن يبدأ ال��رس��م‪ .‬لقد بدا‬ ‫هذا املاكيت كأنه ديكور باحلجم الكامل بفضل‬ ‫الشخصيات املصورة بطريقة القناع املتحرك‬ ‫لألشخاص الثالثة وال�تي مت شرحها سابقا‪.‬‬ ‫حيث مت تصوير األشخاص الثالثة من سطح‬ ‫بناء عال‪ .‬وحتى يقوى اإلحساس باملنظور مت‬ ‫تصوير ثالثة أقزام بدالً من املمثلني‪ .‬ومت بعد‬ ‫ذلك مونتاج األرضية اليت مشى عليها األقزام مع‬ ‫بداية فوهة منوذج النفق‪ .‬وقد أدخل األشخاص‬

‫إىل النفق مبساعدة التصوير ( كادر – كادر )‬ ‫ومع إضافة انفجارات املدفع الاليزري بنفس‬ ‫الطريقة‪ ،‬أعطى اإلح��س��اس بواقعية احلدث‬ ‫والهناية النفق الذي سقطوا فيه ‪.‬‬ ‫كما أن الرجل اآليل ( روبي ) الذي استخدم‬ ‫يف هذا الفيلم كان رائعاً يف أدائه‪ .‬حيث أدخل‬ ‫ممثل داخل لباس الرجل اآليل امليكانيكي‪ ،‬وكان‬ ‫رأسه وصدره يومضان بإشارات خمتلفة ولوحته‬ ‫االلكرتونية مليئة باملفاتيح ‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪81‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫وهكذا نرى رجل آيل مفكر‪ .‬لقد مت حتريكه‬ ‫عن بعد بواسطة أس�لاك كانت مربوطة يف‬ ‫كعيب قدميه‪ .‬ويف املشاهد اليت نرى هبا رجلي‬ ‫الرجل اآليل على الشاشة استخدمت البطارية‬ ‫لتحريكه ‪.‬‬ ‫لقد ك��ان ط��ول الرجل اآليل ‪ 207.5‬سم‬ ‫بينما كان طول املمثل الذي بداخله ‪ 165‬سم‪.‬‬ ‫لذلك كان رأس املمثل عند صدر الرجل اآليل‬ ‫وكان يرى أمامه من خالل شبك مكرب الصوت‪،‬‬ ‫وحتى ال يكون مرئيا من قبل الكامريا‪ ،‬مت دهن‬ ‫وجه املمثل باللون األسود‪.‬‬ ‫بالرغم من أن هذا الفيلم مليء مبشاهد‬ ‫حركة العربات الفضائية املعقدة‪ ،‬والديكورات‬ ‫الفخمة‪ ،‬وامل��ن��اظ��ر الفضائية اخل�لاب��ة‪ ،‬إال‬ ‫أن ه��ذه املشهدية املبهرة والرائعة مل تنقذ‬ ‫موضوع الفيلم‪ .‬وه��ذا يثبت مرة أخ��رى بأن‬ ‫املؤثرات اخلاصة واخلدع السينمائية ال ميكن‬ ‫أن تنجح دون توفر القصة احملبوكة درامياً‬ ‫بشكل جيد‪.‬‬ ‫كأحد أشكال أفالم اخليال العلمي‪ ،‬ظهرت‬ ‫يف مخسينيات ال��ق��رن امل��اض��ي األف�ل�ام اليت‬ ‫تعتمد على خملوقات عمالقة عجيبة كأبطال‬ ‫للفيلم‪ ،‬حيث تنتفض األرض ضد اإلنسان‪،‬‬ ‫وتبعث مبخلوقات عجيبة هت��اج��م البشر‪.‬‬ ‫من هذه األف�لام ‪( :‬عجيبة من أعماق بالك‬ ‫الغون) ‪ ،1954‬و (ترانتول) ‪ 1955‬و (الوحوش‬ ‫املونوليتية) و (هذه اجلزيرة األرض) ‪1957‬‬ ‫وغريها‪.‬‬ ‫لقد افتتحت شركة ( وورنر براذرز ) هذه‬ ‫األف�لام املونودرامية بفيلم (وح��ش من عمق‬ ‫‪ 20.000‬فرسخ ) ‪ ،1953‬من إخ��راج يوجني‬ ‫ل���وري‪ .‬حيث بعد ان��ف��ج��ار ن���ووي يظهر يف‬ ‫أركتيكا بيدوصور من فصيلة الديناصورات‪،‬‬ ‫يتجه هذا البيدوصور جتاه مدينة نيويورك‬ ‫مدمراً كل شيء يف طريقه‪ .‬لقد استخدمت يف‬ ‫هذا الفيلم ألول مرة خدعة التصوير ( كادر‬ ‫– كادر ) يف حتريك هذا البيدوصور‪ .‬حيث‬

‫‪ob‬‬

‫‪82‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫قام بتحريكه راي هاريكساوزن‪ .‬لقد كان هذا‬ ‫البيدوصور العمالق يف احلقيقة عبارة عن‬ ‫موديل صغري متحرك‪ ،‬مت حتريكه صورة بعد‬ ‫صورة بنفس الطريقة اليت استخدمها ميلييس‬ ‫يف أف�لام��ه‪ .‬وه��ك��ذا مت إخ���راج ه��ذا الفيلم‬ ‫مبساعدة هذه اخلدعة البسيطة باإلضافة‬ ‫إىل ماكيت األشياء اليت دمرها البيدوصور يف‬ ‫طريقه‪ ،‬حيث أدهش املشاهدين ملدة طويلة ‪.‬‬ ‫ويف االحت������اد ال��س��وف��ي��ي�تي ال��س��اب��ق يف‬ ‫مخسينيات القرن املاضي ظهر فيلم « سر‬ ‫َ‬ ‫احمليطني « يف ه��ذا الفيلم هناك مؤشرات‬ ‫خ��ي��ال��ي��ة ع��ل��م��ي��ة‪ ،‬ول��ك��ن��ه أق���رب إىل الفيلم‬ ‫البوليسي‪ .‬يتحدث ه��ذا الفيلم ع��ن عامل‬ ‫اجلاسوسية‪ ،‬ولكن مشاهد القطع البحرية‬ ‫العسكرية وأسلحتها يف العرض العسكري‬ ‫كانت سابقة لعصرها‪ .‬إن هذا الفيلم سرعان‬ ‫ما اختفى عن الشاشة ومل يلقى شعبية لدى‬ ‫اجلمهور ‪.‬‬ ‫يف السنوات العشر الالحقة وعلى أعتاب‬ ‫الثورة التكنولوجية‪ ،‬أظهر الروس يف أفالمهم‬ ‫الكثري من العربات الفضائية وتقنيات الفضاء‬ ‫املختلفة‪ ،‬مبا فيها الرجال اآلليون والصواريخ‬ ‫العابرة للقارات وألبسة الفضاء املختلفة‪.‬‬ ‫وكمثال على ذل��ك فيلم (األح�ل�ام تتحقق)‬ ‫‪ 1963‬ع��ن أمه��ي��ة التقاء ح��ض��ارت�ين‪ .‬حيث‬ ‫جيمع العامل األكادميي زم�لاءه يف الساحة‪،‬‬ ‫وخيربهم بأنه تلقى إشارة من حضارة أخرى‪.‬‬ ‫ولكن القائمني على هذا الفيلم مل يكن لديهم‬ ‫ال اخليال الواسع وال التقنية الالزمة إلظهار‬ ‫ه��ذا اللقاء ب�ين احلضارتني كما ك��ان يقول‬ ‫األك��ادمي��ي‪ ،‬وب��ق��ي ه��ذا اللقاء على هامش‬ ‫األح����داث‪ .‬حيث ي��رى امل��ش��اه��د جتمع كبري‬ ‫للعربات الفضائية والصواريخ‪ ،‬املنفذة بشكل‬ ‫سيء من وجهة النظر الفنية ‪.‬‬ ‫من أشهر األفالم السوفييتية يف ستينيات‬ ‫ال��ق��رن امل��اض��ي ك��ان فيلم (ال��رج��ل الربمائي‬ ‫) ‪ ،1961‬من إخ��راج غ‪ .‬كازانوفسكي و ف‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫تشيبوتاريف‪ .‬ع��ن رج��ل يعيش يف احمليط‪،‬‬ ‫ولكنه يف الشتاء ال يستطيع التنفس يف مياه‬ ‫احمليط فيخرج إىل األرض‪ .‬لقد صنع الفيلم‬ ‫حبس رومانسي مبرافقة موسيقى اجلاز اليت‬ ‫ألفها املوسيقار أ‪ .‬بيرتوف‪ .‬وكان موضوع هذا‬ ‫الفيلم جديداً على الساحة السينمائية يف ذلك‬ ‫الزمن ‪.‬‬ ‫بعد احل���رب العاملية الثانية زاد خمزون‬ ‫العاملني يف جمال اخليال العلمي‪ ،‬وأصبحت‬ ‫لديهم التقنيات واالم��ك��ان��ات ال��ق��ادرة على‬ ‫إقناع الناس بواقعية ما هو غري مقنع‪ .‬مثالً ‪:‬‬ ‫ظهور امرأة بطول ‪ 50‬قدم‪ ،‬والعقارب املخيفة‬ ‫والعنكبوت الضخم‪ .‬ويف فيلم (ه��م) ‪1954‬‬ ‫من��ل عمالق يهاجم ك��ل املخلوقات‪ .‬إن هذه‬ ‫املخلوقات بغض النظر عن مشهديتها املقنعة‬ ‫على الشاشة‪ ،‬بدت ألعاباً أمام اخلطر النووي‬ ‫الفعلي الذي داهم العامل‪.‬‬ ‫لقد أخرج األمريكي رودول��ف ماري الفيلم‬ ‫الذي حيمل امسه مغزى كبرياً (عندما تصطدم‬ ‫العوامل) ‪ 1951‬و كذلك يف عام ‪ 1953‬أخرج‬ ‫ب��اي��رون هاسكني (ح��رب ال��ع��وامل) ع��ن قصة‬ ‫هلربرت ويلز كما نوهنا سابقا‪ .‬حيث تقول‬ ‫الرواية ‪ ( :‬لقد ظهر لدى املرخييني عربات‬ ‫طائرة‪ ،‬تستطيع محل رؤوس نووية مدمرة ) لقد‬ ‫حاول املخرج أن يكون أميناً للرواية‪ .‬وكما يف‬ ‫الرواية‪ ،‬يهبط املرخييون إىل األرض‪ ،‬ويدمروا‬ ‫امل��دن والبشر بشعاع ح��راري‪ ،‬وعندما اقرتب‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫نصرهم انتشر بينهم وباء إنساني مل يبق منهم‬ ‫أحداً‪ .‬مل يظهر املخرج املرخييني‪ ،‬ولكنه عكس‬ ‫أفعاهلم بواسطة اخلدع السينمائية‪ .‬لقد رأى‬ ‫املشاهدون املدن تدمر‪ ،‬والناس ميوتون دون أن‬ ‫يظهر مصدر دمارهم وموهتم اجملهول‪ .‬لقد زاد‬ ‫ذلك من حدة التوتر واخلوف عند الناس‪ ،‬ما‬ ‫قوى الصراع الدرامي يف هذا الفيلم ‪.‬‬ ‫يف عشر السنوات الالحقة ت��وال��ت أفالم‬ ‫م��رع��ب��ة حت���ذر م��ن امل��س��ت��ق��ب��ل م��ث��ل (دكتور‬ ‫س�تري��ن��ج�لاف) لستانلي ك��وب��ري��ك ‪ 1963‬و‬ ‫(السقوط احلر) لسيدني لوميت ‪ 1964‬و (لعبة‬ ‫احلرب لإلنكليزي بيرت ووتكنز) ‪.1965‬‬ ‫لقد حذر مؤلفو هذه األفالم من حرب نووية‬ ‫مدمرة لإلنسان‪ .‬وتتالت على الشاشات العاملية‬ ‫أفالم أخرى‪( ،‬على الشاطيء) لألمريكي ستانلي‬ ‫كرامر ‪ 1959‬و (فهرينهيت ‪ ) 451‬للفرنسي‬ ‫فرانسوا تروفو ‪ 1966‬وغريها من األفالم‪.‬‬ ‫يف فيلم (ألفافيل) عكس جان لوك غودار‬ ‫‪ 1965‬أفكار اجتماعية فلسفية بقالب خيال‬ ‫علمي‪ .‬حيث الوقائع الوثائقية مدعمة مبشاهد‬ ‫اخل��ي��ال العلمي ال�تي سامهت يف فهم قصة‬ ‫الفيلم ‪.‬‬ ‫لقد ظهر يف ستينيات القرن املاضي هتديد‬ ‫آخر لإلنسان غري التهديد النووي ‪ ،‬وهو هتديد‬ ‫غسل األدمغة ‪ .‬يف الفيلم الكوميدي (املرشح‬ ‫املنشوري) ‪ 1962‬جلون فرانكنهامير ‪ ،‬يتحدث‬ ‫الفيلم عن تقنيات غسل األدمغة ‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪83‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪84‬‬ ‫لؤي عثمان‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫َّ‬ ‫لعل حم��اك��اة ال��واق��ع ال��ذي حنياه حن��ن بين‬ ‫البشر‪ ،‬من خمتلف اجلوانب ومقارباته احلياتية‪،‬‬ ‫اجتماعيّة كانت أم سياسيّة‪ ،‬أم أخالقية‪ ،‬هي‬ ‫السَّمة األه��م ال�تي يتميز هبا األدب على حدٍّ‬ ‫سواء‪.‬‬ ‫ف���األدب بوصفه جتسيداً مللكةٍ عقلية ما‬ ‫فتئت تُ ْقتَ ُل كتاب ًة‪ ،‬منذ األزل وحتى يومنا هذا ـ‬ ‫وبسعيه الالهث خلف مواجهة حُرَّة بني الكائنات‬ ‫والكون‪ ،‬من جهة‪ ،‬وبني الكائنات واملكوِّن‪ ،‬من‬ ‫جهة أُخرى‪ ،‬يبدو األدب وسيطاً بني العقل‪...‬‬ ‫الفكر‪ ...‬اخليال‪ ،...‬وما حتياه املخلوقات يف‬ ‫هذا الكون‪ ،‬لكن ما هو الواقع بغضِّ النظر عن‬ ‫الكثري من القوالب اليت صُنعت الحتوائه؟ هل‬ ‫هو احلياة اليت نعيشها حنن األحياء األموات‬ ‫على وجه األرض؟ أم هو احلياة اليت حتياها كل‬ ‫الكائنات يف هذا الكون الواسع ـ غري احملدود‪،‬‬ ‫وغري املدرك بعدْ؟‪.‬‬ ‫هل واقع حياتنا حمض خيال‪ ،‬أم ما نتخيله‬ ‫اآلن‪ ،‬ه��و واق���ع ال��غ��د؟ وع��ل��ى اعتبار (أحالم‬ ‫األمس‪ ،‬واقع الغد) كقول مأثور‪ ،‬حقيقة عاشها‬ ‫السلف‪ ،‬وسنعيشها حنن أيضاً‪ ،‬فما هو غريب‬ ‫ومستهجن اآلن‪ ،‬سيغدو طبيعياً ومقبوالً غداً‪،‬‬ ‫وما الذي سيبزغ عندما يتدخل اخليال ليكون‬ ‫أحد طريف الوساطة اليت يقوم هبا األدب‪ ،‬ليلعب‬ ‫لعبة‪ ،‬نلعبها بشكل متواصل طيلة اليوم ؟ ما‬ ‫ال��ذي سينتج حقاً؟ هل سيلفظ ذل��ك الرحم‬ ‫الثائر فناً أدبياً جديداً علينا على األقل حنن‬ ‫أم��ة ال��ع��رب‪ ،‬أرض الثقافات القدمية ومرتع‬ ‫احلضارات اإلنسانية‪ ،‬وقبلة العوامل األخرى‪،‬‬ ‫منذ األزل وليس اآلن‪.‬‬ ‫امل��ول��ود ه��و ف��ن ج��دي��د ليس جب��دي��د‪ ،‬وهو‬ ‫وسيط أيضاً بني العقل والكون ال بل األكوان‪..‬‬ ‫أمسوه أدب اخليال العلمي‪.‬‬ ‫يف احلقيقة‪ ،‬عندما نلجأ لوضع تعريف معني‬ ‫للخيال جتاهبنا مشكلة تكمن يف أن الكثري من‬ ‫الدارسني قد أحجم عن تعريف اخليال حيث‬ ‫أنه من الصعوبة مبكان وضعه يف قالب جامع‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬ ‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫مانع لكل التساؤالت‪ ،‬ملا هلذه امللكة العقلية من‬ ‫غموض يف ماهيتها وكنهها وعلى الرغم من كل‬ ‫ما سبق يبقى اخليال جبمالياته حمكوماً من‬ ‫قبل العقل ال��ذي يلجأ إىل احلجج والرباهني‬ ‫واألدلة إلثبات حدث أو واقعة ما‪ .‬لكنه عندما ال‬ ‫جيد منها إال القليل ذو التأثري اإلقناعي املقبول‬ ‫على األقل فإنه ينحاز إما إىل جتاهل املوضوع‬

‫أو لتسميته بغري حقيقته غري املدركة أصالً إما‬ ‫إلهبامه أو إلنكاره‪.‬‬ ‫وكون العلم ـ بكسر العني ـ توأماً للعقل يف‬ ‫كثري من األحيان فهل من السهل واملفيد أن جند‬ ‫تعريفاً جامعاً للعلم؟‪ .‬فالعلم يف اللغة كما أورده‬ ‫صاحب املصباح املنري ( العلم‪ :‬اليقني‪ ،‬يقال علم‬ ‫يعلم إذا تيقن‪ ،‬وجاء مبعنى املعرفة أيضاً كما‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪85‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫ج���اءت مب��ع��ن��اه‪ُ ،‬‬ ‫ض��م��ن ك��ل واح���د مبعنى‬ ‫اآلخر الشرتاكهما يف كون كل واحد مسبوقاً‬ ‫باجلهل)‪.‬‬ ‫أما العلم يف االصطالح فقد اختلف فيه هل‬ ‫حيد أم ال؟‬ ‫ً‬ ‫فقال البعض اصطالحا‪ :‬إنه ال حيد لعسر‬ ‫تصوره أو ألنه ضروري حيصل مبجرد التفات‬ ‫النفس إليه من غري نظر واكتساب‪.‬‬ ‫فما هي احملصلة إذاً؟ إذا كان العلم واخليال‬ ‫عند الكثري من الباحثني والدارسني ال ميكن‬ ‫حصر كل منهما ضمن تعريف معني‪ ،‬وإذا كان‬ ‫فهمنا لعاملنا ال بل لكوننا حم���دوداً حبدود‬ ‫العلم الذي نتعلمه ومرتبطاً بتطوره أو ال ميتد‬ ‫ألكثر من قشرة األرض أو مسائها مبا فيها من‬ ‫مشس وجنوم أو حتى جمرتنا درب التبانة‪.‬‬ ‫فهل من الصحيح والعادل أن نسمي بنات‬ ‫أفكارنا أو خميلتنا ومهاً؟ وعلى وجه التحديد‬ ‫إن ارتبطت تلك املخيلة باملاورائي وغري املمكن‬ ‫أو الالمعقول؟ وهل سنستمر باطالق مثل هذه‬ ‫التسميات على ظواهر مثل الصحون الطائرة‬

‫‪86‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫واملركبات والكائنات الفضائية إن مل تكن أرضية‬ ‫وحوادث أسبغنا عليها حنن طابعاً علمياً حتى‬ ‫يتسنى لنا الوقت إلجياد تفسري ممكن ميحو‬ ‫إهبامها يف حني أن الغرب املتقدم علينا علمياً‬ ‫يتحاشى اإلفصاح أو احلديث عن مطار نيفادا‬ ‫‪ /501/‬وهو املكان الذي يتم فيه استقبال مثل‬ ‫هذه الظواهر؟‪ .‬وملاذا نستمر حنن القاطنني‬ ‫يف امل��ن��ط��ق��ة ال��وس��ط��ى م��ن ال��ك��رة األرضية‬ ‫اليت من صفاهتا إجي��اد التوازن بني احلكمة‬ ‫والعلم بإنكار ذلك مع العلم بأن بالد ما بني‬ ‫النهرين حيث الثقافة السومرية وهي من أقدم‬ ‫اجملتمعات ال بل هي مهد احلضارة اإلنسانية‬ ‫وأقدم أمثلها املعروفة على االطالق فيها من‬ ‫النقوش واجمل��س��م��ات الصخرية واحلجرية‬ ‫والطينية يظهر فيها مشاهد وحوارات لآلٍهلة‬ ‫وهي تطري يف السماء ومن ثم مشاهد هلبوطها‬ ‫من السماء إىل األرض لتثقيفهم وتعليمهم فن‬ ‫احلياة على األرض‪.‬‬ ‫ناهيك عن أن اإلشارات والدالئل على هذه‬ ‫احلوادث موجودة منذ القدم فهناك عدد من‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫الفقرات يف التوراة يف الفصل السادس من سفر‬ ‫التكوين‪ ( :‬وحدث ملا ابتدأ الناس يتكاثرون على‬ ‫سطح األرض‪ ،‬وولد هلم بنات‪ ،‬اجنذبت أنظار‬ ‫أبناء اهلل إىل بنات الناس فرأوا أهنن مجيالت‪،‬‬ ‫فاختذوا ألنفسهم منهن زوجات حسب ماطال‬ ‫هلم ‪ .‬يف تلك احلقب كان يف األرض جبابرة‬ ‫وبعد أن دخل أبناء اهلل على بنات الناس ولدن‬ ‫هلم أبناء‪ ،‬صار هؤالء األبناء أنفسهم اجلبابرة‬ ‫املشهورين منذ القدم )‪.‬‬ ‫وهذا ما ميكن تفسريه أو ما قد فسر على‬ ‫أن��ه اختالط مت بني كائنات غريبة أت��ت من‬ ‫العامل اآلخر واجلنس البشري وتركت أجياالً‬ ‫هم بيننا حتى هذا اليوم‪ ،‬هذا باإلضافة لفقرة‬ ‫أخرى من التوراة باسم النيب (قزحيا) الذي كان‬ ‫مأسوراً يف إحدى املستعمرات يف بابل تصف‬ ‫مشهداً ملركبات فضائية أت��ت من الفضاء‪:‬‬ ‫(ن��ظ��رت وش��اه��دت زوب��ع��ة آت��ي��ة م��ن الشمال‬ ‫وغيوم كثيفة ون��ار تلتف على نفسها وشعاع‬ ‫من حوهلا ومن وسطها كان هناك لون يشبه‬ ‫لون العنرب يظهر من وسط كل هذا النار‪ .‬ومن‬ ‫وسط كل هذا خرج شيء يشبه أربعة خملوقات‬ ‫حية وهذا ما بدوا عليه‪ :‬يتشاهبون مع الرجال‬ ‫وكل واحد منهم له أربعة وجوه وأربعة أجنحة‬ ‫وأقدامهم كانت مستقيمة وكعاب أقدامهم‬ ‫تشبه حوافر العجول وانبثق منهم ملعان مثل‬ ‫ملعان النحاس امل��ص��ق��ول‪ ....‬واآلن كما أنين‬ ‫شاهدت الكائنات احلية مشاهداً عجلة واحدة‬ ‫على األرض هلؤالء املخلوقات احلية ذو األربعة‬ ‫وجوه حيث أن شكل العجالت وطريقتها مثل‬ ‫لون األحجار الكرمية اخلضراء وكانوا األربعة‬ ‫يشبهون بعضهم بعضاً كما أن هذه العجالت‬ ‫كانت واح���دة داخ��ل األخ���رى وعندما رحلوا‬ ‫رحلوا بأطرافهم األربعة ومل يلتفتوا وبالنسبة‬ ‫إىل العجالت كانت مرتفعة لدرجة مروعة‬ ‫وكان للعجالت األربعة عيون كثرية من حوهلا األرض ارتفعت عجالهتا معها)‪.‬‬ ‫يف ه���ذه ال��ف��ق��رة ي��ص��ف ال��ن�بي ق��زح��ي��ا بدقة‬ ‫وعندما ذهبت هذه املخلوقات ذهبت عجالهتا‬ ‫معها وعندما ارتفعت ه��ذه املخلوقات عن متناهية تلك املركبات الفضائية الغريبة ذلك كان‬

‫‪ob‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪87‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪88‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫جزءاً مما أورده كتاب التوراة يف العهد القديم‪.‬‬ ‫ومثة مشاهدات أخرى يف احلقيقة فقد ورد أن‬ ‫جيش اإلسكندر الكبري قد شاهد وج��ود بضع‬ ‫مركبات فضائية تراقبهم وتالحقهم من مكان‬ ‫إىل آخر وذلك يف عام ‪ 329/‬قبل ميالد السيد‬ ‫املسيح (عليه السالم)‪.‬‬ ‫ويف القرن اخلامس عشر بعد ميالد السيد‬ ‫امل��س��ي��ح (ع��ل��ي��ه ال��س�لام) مت��ت م��ش��اه��دة عدة‬ ‫صحون طائرة يف مساء مدن بازل يف سويسرا‬ ‫نورمبريغ يف أملانيا ويف عام ‪ /1881/‬عندما كان‬ ‫امللك جورج اخلامس شاباً رأى مركبة فضائية‬ ‫فوق منطقة ساحلية أسرتالية‪ .‬وقد استمرت‬ ‫مثل هذه املشاهدات حتى هناية احلرب العاملية‬ ‫الثانية ومطلع ال��ق��رن العشرين إىل م��ا ميكن‬ ‫تسميته عصر املشاهدات احلديثة اليت أشارت‬ ‫التقارير إىل ب��داي��اهت��ا وحت��دي��داً يف ي��وم ‪/24‬‬ ‫‪ 1947/6‬مع أحد الطيارين اهلواة الذي كان يقود‬ ‫طائرته فوق جبال يف والية واشنطن وقد أكد‬ ‫هذا الطيار املدعو (كني أرنولد) أنه رأى سرباً‬ ‫من املركبات الفضائية اليت تطري بسرعة ال تقل‬ ‫عن ‪ /1350/‬ميالً بالساعة وهي سرعة ال تصل‬

‫إليها أية طائرة كانت قد صنعت يف ذلك الزمان‬ ‫ومنذ ذلك الوقت حصلت العديد من املشاهدات‬ ‫للمركبات الفضائية املوصوفة على أهنا تشبه‬ ‫الصحون فصارت التسمية (الصحون الطائرة)‬ ‫فقد بلغ عدد التقارير ما يقارب ‪ /1500/‬بالغاً‬ ‫يف أمريكا الشمالية وحدها إن كانت من قبل‬ ‫القاطنني احملليني أم طيارين جويني وبالفعل‬ ‫أثارت هذه التقارير حفيظة احلكومة األمريكية‬ ‫من حيث الشك واجل��دل العلمي الكبري‪ .‬ففي‬ ‫خريف ع��ام ‪ 1969‬حصلت مشاهدة من قبل‬ ‫الرئيس األمريكي جيمي كارتر‪ ،‬وكان هناك حوايل‬ ‫‪ 12‬شخصاً آخرين كانوا قد شاهدوا أيضاً هذا‬ ‫اجلسم املضيء الذي وصف حجمه حبجم مشهد‬ ‫كوكب القمر الذي يطل ع��ادةً فوق مساء والية‬ ‫جورجيا‪ .‬وقام حاكم والية جورجيا جيمي كارتر‬ ‫بإبالغ السلطات األمريكية رمسياً عن مشاهدته‬ ‫الفعلية ملركبة فضائية غريبة‪ .‬وعندما انتخب‬ ‫كارتر رئيساً للواليات املتحدة‪ ،‬أصدر أمراً إلدارة‬ ‫وكالة الفضاء األمريكية «ناسا» بالقيام بدراسة‬ ‫تفصيلية دقيقة عن هذا املوضوع‪.‬‬ ‫فقامت احلكومة األمريكيةباختيار الربوفسور‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫ج‪ .‬أالن هينيك لتقييم ه��ذه التقارير الواردة‬ ‫بطريقة علمية‪ ،‬وهو بروفسور يف علم الفلك يف‬ ‫جامعة أوهايو األمريكية‪.‬‬ ‫وكان الربوفسور هيتيك مثل كل العلماء أنذاك‬ ‫له شكوكه القوية‪ ،‬ولكن بعد التحقق من هذه‬ ‫التقارير وعلى مدى عشرين عاماً‪ ،‬أخذ رأيه‬ ‫يتغري شيئاً فشيئاً‪ .‬ففي عام ‪ ،1966‬وأمام جلنة‬ ‫خاصة من أعضاء الكونغرس األمريكي كانت‬ ‫عينتهم احلكومة لتتبع ه��ذه املشاهدات‪ ،‬قال‬ ‫الربوفسور هينيك أن��ه بالرغم من سياستكم‬ ‫املبنية على التعامل مع هذه املواضيع على أهنا‬ ‫أخطاء إنسانية أو نوعاً من أنواع اهللوسة العقلية‪،‬‬ ‫فإن هذه األقلية القليلة من الناس تتحدى كل‬ ‫قناعاتنا ومفاهيمنا العلمية عن مثل هذه األمور‬ ‫الغريبة‪ .‬وبعد عدة سنوات‪ ،‬قال هينيك أمام‬ ‫جلنة من الكونغرس أن سبب تغيري رأيه ودعوته‬ ‫للدخول يف مزيد من التحقيقات الدقيقة سببه‬ ‫ه��ذا اإلرت��ف��اع املستمر ح��ول ال��ع��امل يف ورود‬ ‫تقارير من قبل الكثريين الذين يتمتعون بقدرة‬ ‫عقلية عالية ال ريب وال شك فيها عن تدخالت‬ ‫فضائية خارجية غريبة وتأثريها الفيزيائي على‬

‫احليوانات والسيارات والنباتات واألرض‪.‬‬ ‫ويف عام ‪ 1969‬وعقب تقرير مغاير لتقرير‬ ‫هينيك‪ ،‬وضعت جلنة تابعة جلامعة كولورادو‬ ‫برئاسة الفيزيائي إدوارد كوندون تقريراً ينص‬ ‫على أن كل هذه األحباث اليت جرت يف اإلحدى‬ ‫والعشرين سنة املاضية مل تضف شيئاً على‬ ‫مفاهيمنا العلمية‪ ،‬مشرياً اىل أن أي أحباث الحقة‬ ‫هلده البعثة قد تكون غري م�بررة‪ ،‬مما استدعى‬ ‫النقاد اىل اإلعرتاض على تقرير كوندون املبين‬ ‫على تقييم ثالثني باملئة من احلاالت الغامضة‪،‬‬ ‫وأن كوندون كان ضد هذه األحباث حتى قبل أن‬ ‫يبدأ مراجعة امللفات اليت كانت بني يديه‪ ،‬ما أدى‬ ‫اىل جعل التحقيقات احلكومية تتوقف عند هذا‬ ‫احلد‪ .‬علماً أن هذا مل يوقف املشاهدات الكثرية‬ ‫اليت استمر حصوهلا حول العامل‪.‬‬ ‫ومبا أننا لسنا من العلماء يف جمال الفضاء‬ ‫والفلك فجل ما نصبو إليه يقظة يف الوعي تعبد‬ ‫الطريق حنو حالة من التفكر والعقل والتعقل‬ ‫حتى نصل من خالهلا إىل رؤية جديدة للكثري من‬ ‫مل ال بل كو ٍن مدرك بكل‬ ‫األمور الغامضة يف عا ٍ‬ ‫ما هو غريب ال بل رائع فيه‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪89‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪90‬‬ ‫د‪ .‬خملص عبد احلليم الريس‬ ‫أستاذ الفيزياء يف جامعة دمشق‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫دهش العامل الفيزيائي حينما دخل قاعة‬ ‫ال��وث��ائ��ق ال��ف��رع��ون��ي��ة ال��ق��دمي��ة أث��ن��اء زيارته‬ ‫للمتحـف املصري ملا حي��وي من وثائق تضم‬ ‫الكثري من األمور العلمية‪ ،‬وأكثر ما لفت نظره‬ ‫برديـة مكتوبة باللغة اهلريوغليفية تعود لأللف‬ ‫الرابعة قبل امليالد‪ ،‬كتب جبوارها (هذه الوثيقة‬ ‫مت اكتشافها يف مقربة أحد كبار كهنة الفراعنة‬ ‫عاش يف تلك احلقبة من الزمن)‪ ،‬وجبوار تلك‬ ‫الربدية ترمجة حملتواها وهو ‪:‬‬ ‫(لتصبح خالداً أزلياً جتوب السماء‪ ،‬وأبناً‬ ‫لإلله رع ختضع لك موجودات الوجود ويفتـح‬ ‫لك العامل خباياه ‪ ..‬اغمر جسدك بأشعة آمون‬ ‫‪ ..‬واستحم برتاب حورس ‪ ..‬وتعطر بعطر إيزيس‬ ‫كل هنار ‪ ..‬تدخل قدس األق��داس ‪ ...‬يلني لك‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫احلديد وختضع لك اهلامات)‪.‬‬ ‫وك��ان التساؤل التايل !! ما عالقة خضوع‬ ‫اهلامات باحلديد وقدس األقداس ؟‬ ‫ً‬ ‫يفتح هذا التساؤل فصالً جديدا يف علوم‬ ‫ما وراء الطبيعة ‪ ..‬فقد فتح هذا السؤال ملفاً‬ ‫كان قد أمهل أو مت جتاهله متاماً منذ أزمنة‬ ‫طويلة جداً‪ ،‬والغريب يف األمر هو أن األطباء‬ ‫هم الذين أمهلوه‪ ،‬وهم يف حقيقة األمر من أشد‬ ‫الناس حاجة إليه ملعاجلة مرضاهم ‪ ..‬ولغاية‬ ‫اليـوم م��ازال األطباء يتجاهلونه ويستبعدونه‬ ‫من املعاجلات الطبية‪ ،‬مع أن فيه دواء وشفاء‬ ‫كثرياً‪.‬‬ ‫لعل سبب ذل��ك هو اخل��وف والرعب الذي‬ ‫مارسه كهنة قدماء على مر العصور إلبقاء‬

‫علـوم املغناطيس سرية‪ ،‬فهم حالوا على الدوام‬ ‫دون تسرب أسراره للعوام كي تبقى تلك األسرار‬ ‫حمصورة ال يتداوهلا سواهم من الناس‪ ،‬لتبقى‬ ‫السيطرة النفسية والروحية والفكرية بيدهم‪،‬‬ ‫وجنحوا يف مسعاهم فصنعوا ملوكاً فراعنة‬ ‫جبارين ادعوا األلوهية والربوبية ‪.‬‬ ‫الشيء املدهش يف هذه الربدية أهنا تربط‬ ‫النفس البشرية (ال��روح) باملغناطيسية (مادة)‬ ‫والوسيط بينهما هو (معدن احلديد) ‪.‬‬ ‫ك��م��ا ب���دأت احل��ض��ارة امل��ع��اص��رة احلديثة‬ ‫من بالدنا العربية وبالتحديد على يد أفضل‬ ‫عامل عاش قبل ميالد السيد املسيح بثالمثائة‬ ‫ع��ام ه��و أيراتوستني ال��ع��امل العربي املصري‬ ‫اإلسكندراني‪،‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪91‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫كذلك تبدأ قصتنا حنن اليوم يف كشف بعض‬ ‫أسرار املغناطيسية ودورها فينا ‪ .‬والبدايتـان‬ ‫م��ت��ش��اهب��ت��ان ‪ ....‬األوىل ب����دأت م���ن مكتبة‬ ‫اإلسكندرية‪ ،‬والثانية بدأت من املتحف املصـري‬ ‫بالقاهرة ‪ ..‬ففي أحد أيام ذلك الزمان البعيد‬ ‫لفت نظر العامل إيرتوستني وكان مدير مكتبة‬ ‫اإلسكندريـة بردية كتب فيها ‪:‬‬ ‫أن ع��م��وداً مغروساً شاقولياً يف أس��وان ال‬ ‫يلقي ظالً يف يوم ‪ 22‬حزيران من كل عام‪ ،‬يف‬ ‫حني أن عموداً مماثالً مغروساً يف اإلسكندرية‬ ‫يلقي يف نفس اليوم ظالً ملحوظاً‪ ،‬فما كـان من‬ ‫إيراتوستني إال أن استأجر رجالً قـاس املسافـة‬ ‫بني أسوان واإلسكندرية بعصاه و ِبعـدِ اخلطوات‬ ‫بني املدينتني واكتشف من ذلك كروية األرض‬ ‫وحسب حميطها وحجمها ومساحـة سطحها‪.‬‬ ‫فكانت تلك املالحظة بداية احلضارة احلديثة‬ ‫الصحيحة وانطالقتها عربية ‪.‬‬ ‫يف حالتنا‪ ..‬أثارت بردية املتحف لدى العامل‬ ‫الفيزيائي ت��س��اؤالت ع��دة منها‪ ..‬ه��ل توجد‬ ‫هناك عالقة بني حمتويات هذه الربدية ومنهج‬ ‫الفراعنة يف السيطرة على شعوهبم‪ ،‬وبالتايل مـا‬ ‫هي الوسائل املادية (الفيزيائية) اليت استطاع‬ ‫هبا الفراعنة امتالك ناصية اإلنسان واحليوان‬ ‫وحتى اجلماد؟ ‪ ..‬وبتحديد أكثر ما هي القوى‬ ‫اخلفية اليت متتلكها تلك الوسائل اليت استطاعوا‬ ‫هبا إخضاع الناس لسيطرهتم ملدة تزيد عن أربعة‬ ‫آالف ع��ام‪ ،‬ومت هلم ذل��ك مبنتهى السهولة!!‪.‬‬ ‫فهم مارسوا سحراً و كهان ًة وطقوساً أقل ما‬ ‫يقال عنها أهنا كانت غريبة‪ ،‬كما أتقنوا علـوم‬ ‫الفراسة والطباع واإلحياء والتنويم املغناطيسي‬ ‫‪ ...‬وجنحوا فعالً يف إيقاظ طاقات خفية لدى‬ ‫البعض منهم‪ ،‬حبيث أجادوا موهبة قراءة األفكار‬ ‫والتخاطر واالستبصار عن بعد ‪ ...‬وأغلب الظن‬ ‫(وامل��ؤش��رات تدل على ذل��ك) أن هذا األم��ر مت‬ ‫إجنازه فعالً من قبل الكهنة الفرعونيني عندما‬ ‫درسوا خصائص الكهرباء الساكنة وخصائص‬ ‫احلجارة املغناطيسية‪ ،‬وأتقنوا التعامل معهما‬

‫‪ob‬‬

‫‪92‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫واحتفظوا بأسرارها ألنفسهم فقط‪ ،‬فتمكنوا‬ ‫من السيطرة على عقول الناس وإخضاعهم‬ ‫ألل��وف السنني وجعلوهم سخرة وع��ب��ي��داً ‪..‬‬ ‫فكيف مت هلم ذلك ؟‬ ‫السر هنا هو يف املغناطيس وقوته وآثاره‬ ‫اليت يؤثر هبا يف األجسام احلديدية عن بعد‪،‬‬ ‫وكان السؤال األكثر جرأة يف هذا املقام هو ‪..‬‬ ‫ماذا عن أثر املغناطيسية يف اإلنسان ؟ وما هو‬ ‫العامل امل��ادي ال��ذي يربط بني جسم اإلنسان‬ ‫احلي (نفس وروح) باملغناطيسية (مادة) ؟‪.‬‬ ‫ويأتي اجلواب ‪ ...‬الـدم !! ‪.‬‬ ‫الدم هو أول سائل جيري يف جسد الكينونة‬ ‫احلية حتى قبل أن تتشكل فيه أول خلية حيـة‪،‬‬ ‫وخاليا الدماغ العصبية هي أول اخلاليا تشكالً‪،‬‬ ‫وبالتايل تكون أول خلية تتشكل عقب جناح‬ ‫عملية تلقيح البويضة األنثوية حبيوان منوي‬ ‫وجيري فيها الدم هي خلية عصبية‪ ،‬إذاً الـدم‬ ‫هو نسيج سائل تعوم فيه كل خاليا اجلسد‪ ،‬أو‬ ‫بكلمة أخرى هو نسيج يغمر كل خاليا اجلسد‪،‬‬ ‫وبإمكان كرياته احلمراء الوصول جلميع خاليا‬ ‫اجلسد دومنا استثناء حتى لو اضطرت الكرية‬ ‫احلمراء ألن تنطوي على نفسها يف األماكن‬ ‫الضيقة ه��ذا م��ن ناحية‪ ،‬وم��ن ناحية أخرى‬ ‫حيمل ال��دم كل ما يلزم الكائن احل��ي لبقائه‬ ‫واستمرارية وجوده وحياته ‪ ..‬مثل مواد غذائية‬ ‫وعناصر وأم�ل�اح معدنية وت��أث�يرات كهربية‬ ‫ومغناطيسية مرئية وأخ��رى تأثريات غيبية ال‬ ‫مرئية أي ينضوي هذا النسيج السائل احلي‬ ‫على كل عناصر نشـأة وحيـاة وحركة وبقـاء‬ ‫النفس احلية ‪ ..‬حقاً ال��دم هو العضو األكثر‬ ‫أمهية عما سواه يف اجلسم البشري‪ ..‬لكن ما‬ ‫أمهية هذا األمر ؟ وما معنى ذلك ؟ ‪ ...‬اجلواب‬ ‫يكمن يف التساؤل اآلتي !! ‪.‬‬ ‫طاملا أن الدم ينطوي على مقومات طبيعة‬ ‫احلياة وب��ذوره��ا وج��ذور مظاهرها النفسية‬ ‫روحاً ومادة‪ ،‬فلماذا ال نصرح بأن هذا السائل‬ ‫ال��ع��ج��ي��ب ي��ف��ص��ح خ�ل�ال ع��م��ل��ه خ�ل�ال جسم‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫العضوية عن أشياء متس جوهر النفس ولبها‪،‬‬ ‫لكونه ينم ويبدي أشياء نفسية ال ميكن أن يكون‬ ‫مصدرها سوى العقل الباطن !!‬ ‫مل��اذا ال نعرتف ب��أن ال��دم ينطوي على قوة‬ ‫عقلية حية ؟ وأنه ميتلك وعياً من نوع مـا ؟‬ ‫ملاذا ال نقول بأن العقل الباطن لإلنسان يكمن‬ ‫يف كريات دم مح��راء ختضع مجيع نشاطاهتا‬ ‫لشوارد حديد مكهربة ؟‪ ..‬بكلمة أخرى إن هذا‬ ‫السائل العجيب يتضمن العقل الباطن وحيتويه‬ ‫كما يتضمن ال�ت�راب ج���ذور ال��ن��ب��ات‪ ،‬فالعقل‬ ‫الباطن هو لب النفس وينبوع تنبثق منه املظاهر‬ ‫النفسية !! ‪.‬‬ ‫يعترب اهليموغلوبني أس��اس تركيب ال��دم يف‬ ‫الكائنات احلية وحامل وظائفها اجلسدية‪.‬‬ ‫وبنية جزيئاته يدخل يف تركيبها شوارد‬ ‫احلديد ذات الكهربائية املوجبة ( أي��ون��ات )‬ ‫بشكلها الثنائي والثالثي ‪ .‬حيتوي اهليموغلوبني‬ ‫على ك��ل حديد ال���دم‪ ،‬أي م��ا ي��ع��ادل (‪)2500‬‬ ‫ميليغرام مـن عنصر حديد‪ ،‬وعملية التنفس‬ ‫برمتها عند الكائنات احلية ال تتم إال عن طريق‬ ‫شوارد احلديد يف الدم‪ ،‬وبالتايل حياة الكائنات‬ ‫احلية بكاملها قائمة عليه‪ ،‬ولوال وجود احلديد‬ ‫يف الدم ملا كان هناك تنفس وال حياة‪ ،‬وعملية‬ ‫إدخ��ال األوكسجيـن اجلوي إىل اخلاليا احلية‬ ‫من الرئتني وإطراح غاز الكربون منها ‪ ..‬ما هي‬ ‫إال عملية مغناطيسية حبتة‪ ،‬لكن األمر حيتاج‬ ‫لتجربـة فيزيائية تثبت وجود عالقة بني كريات‬ ‫ال��دم احل��م��راء واملغناطيس‪ ،‬هل��ذا ق��ام العامل‬ ‫الفيزيائـي املهتم هبذا األمر بالتجربة التالية ‪:‬‬ ‫وضع يف وعاء زجاجي شفاف ماءاً مقطرا‪ً،‬‬ ‫ثم أسقط فيه بضع قطرات من دم ‪ ..‬وقرَّب من‬ ‫طرف الوعاء قطب مغناطيس ذي قوة متوسطة‪،‬‬ ‫فالحظ أن قطرات الدم بدأت بالتفكك لدقائق‬ ‫(كريات مح��راء) والتحرك هبدوء حنو القطب‬ ‫املغناطيسي‪ ،‬حيث جتمعت عنده‪ ،‬وكأن شوارد‬ ‫احلديد ضمن الكريات احلمراء هي اليت قادهتا‬ ‫حن��و القطب املغناطيسي املعترب ‪ ...‬وكانـت‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫إذا م��ا ث��بُ��تَ بالدليل‬ ‫القاطــــــع مستقبــــــالً‬ ‫وجــود عالقة بني الدم‬ ‫والعقل الباطن‪ ،‬فهذا‬ ‫ي��ع�ني ال��ت��وص��ل ألداة‬ ‫م���ادي���ة ي��س��ت��ط��ي��ع هبا‬ ‫األط��ب��اء يف املستقبل‬ ‫معاجلة وبرجمة اإلنسان‬ ‫نفسيـــــــــ ًا و سلوكيــــــــ ًا‬ ‫املفاجأة ‪ ...‬فقد أدرك هذا الباحث وتأكـد لديه‬ ‫دور عنصر احلديد واملغناطيسية يف تأسيس‬ ‫وبناء ورعاية العقل الباطن‪ ،‬ويأتي القول املنزل‬ ‫الذي ال يزول أبد الدهور ‪...‬‬ ‫(فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪93‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫حديد)‪ ......‬قرآن كريم ( سورة ق ‪)22‬‬ ‫(ي����ا ج��ب��ال أوب����ي م��ع��ه وال���ط�ي�ر وأل���ن���ا له‬ ‫احلديد)‪ ....‬قرآن كريم ( سبأ ‪) 10‬‬ ‫كلمة حديد هنا توحي بأن للمرء عقل باطن‬ ‫كاشف وخ��ارق لكل احلواجز والعوائق املاديـة‬ ‫وما هو خلف امل��ادة‪ ،‬أي له بصر فائق (رؤيـة‬ ‫عن بعد) ومسع خارق وبصرية حدسيـة (إهلام)‬ ‫وأحاسيس فائقة (غيبية)‪ ،‬هو شيء غريب يف‬ ‫ارتباط العقل الباطن بعنصر احلديد ولغة هذا‬ ‫االرتباط هو املغناطيسية‪.‬‬ ‫احلقيقة أن��ه إذا ما ثبُتَ بالدليل القاطع‬ ‫مستقبالً وجود عالقة بني الدم والعقل الباطن‪،‬‬ ‫فهذا يعين التوصل ألداة مادية يستطيع هبا‬ ‫األطباء يف املستقبل معاجلة وبرجمة اإلنسان‬ ‫نفسياً و سلوكياً خبوارزميات حتقق له وجملتمعه‬ ‫س��ع��ادات ال ح��دود هل��ا‪ ،‬مثل ه��ذا األم��ر كفيل‬ ‫بتفسري كل أسرار الظاهرة البشرية والسلوك‬ ‫البشري اليت بقيت جمهـولة طيلة وجود اإلنسان‬ ‫فـي هذا الكون‪ ،‬أي سيمكن أخرياً تفسري ظواهر‬ ‫ال حصر هلا‪ ،‬فاملغناطيسية تؤثر يف املادة اليت‬ ‫هي مقر وسكن العقل الباطن‪ ،‬واملغناطيسية‬ ‫ق���ادرة على شحنه وإث��ارت��ه وإي��ق��اظ طاقاته‬ ‫اخلارقة اخلفية‪ ،‬مما ينشط اتصاالته بالعوامل‬ ‫األخرى املرئية منها والال مرئية مما سيمكن‬ ‫اإلنسـان من االلتقاء مبن يف تلك العوامل ‪ ..‬مثل‬ ‫اجل��ان‪ ،‬حيث ورد يف حديث شريف عن النيب‬ ‫(ص) أن‪:‬‬ ‫(الشيطان جي��ري جم��رى ال��دم يف العروق‬ ‫فضيقوا جمراه بالصوم) ‪.‬‬ ‫هذا بالطبع إشارة روحية مباشرة إىل أن دم‬ ‫اإلنسان هو مقر العقل الباطن عند اإلنسان‬ ‫ولبه ومتضمناً كل نواصي حياته ‪.‬‬ ‫قدمياَ كانت امللكة املصرية كليوباترا تضع‬ ‫قطعة مغناطيس على جبينها لتبقى مجيلة‬ ‫يقظة حم��روس��ة بقوى خفية حتميها م��ن كل‬ ‫أذى‪ ،‬وكان معظم ملوك األزمنة الغابرة يفعلون‬ ‫مثل ذلك األمر‪ ،‬واهلنود احلمر يف أمريكا كانوا‬

‫‪ob‬‬

‫‪94‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫يضعون قطعاً مغناطيسية عند منطقة السرة‬ ‫باعتبارها الضفرية الشمسية (أي دوامة اجلنس‬ ‫واملتعة واللذة والسعادة عند اإلنسان) ‪.‬‬ ‫مثل هذا االكتشاف سيكون واعداً يف املستقبل‬ ‫كأن حيقق سيطرة اإلنسان على كثري مما هو‬ ‫كائن يف عوامل ال مرئية مثل اجلان ويسخرها‬ ‫ملصلحته‪ ،‬وكذلك التماس خط القدر والتدخل‬ ‫فيه (حالياً يتم ذلك بالدعاء والرتجي)‪.‬‬ ‫من املعلوم بيولوجياً القدرة الواسعة للقوى‬ ‫املغناطيسية على تغيري اإلفرازات اهلرمونية يف‬ ‫الدم‪.‬‬ ‫وهذا يدعم األمل يف التوصل لوسائط ميكن‬ ‫هبا تنشيط وعي اإلنسان وإدراكه واحلدس لديه‬ ‫وأحاسيسه املادية وأحاسيسه الفائقة وإدخال‬ ‫السعادة لروحه وجسـده ‪.‬‬ ‫أخ���ذت األف��ك��ار واألم��ان��ي واآلم����ال تراود‬ ‫أفكار العامل الفيزيائي‪ ،‬وصارت أحالم اليقظة‬ ‫لديه غزيرة تغزو تفكريه ليل هنار ‪ ..‬وفتحت‬ ‫شهيته وشغفه وأثارت طموحاته لتحقيق سبق‬ ‫علمي إبداعي فريد من نوعه‪ ،‬فقرر ممارسة‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ww‬‬

‫فسر بعض علماء الفلك‬ ‫أن األهرامات ما هي إال‬ ‫م��ن��ارات إرش���اد هتتدي‬ ‫هبا املركبات الفضائية‬ ‫اآلتية من ذلك الربج‪،‬‬ ‫لكن آخرين اعتربوها‬ ‫حم��ط��ات وق���ود طاقة‬ ‫ت��ت��ل��ق��ى م���ن ال��ف��ض��اء‬ ‫اخل����ارج����ي م��ؤون��ت��ه��ا‬ ‫م��ن ال��ط��اق��ة الكونية‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪ob‬‬

‫تدريبات رياضية مغناطيسية ينشِّط هبا املادة‬ ‫الراعية لعقله الباطن‪ ،‬اهلدف من ذلك حتقيق‬ ‫حيوية جسدية وسعادة روحية والتوصل من‬ ‫خالل هذه التدريبات إىل كشف أسرار العقل‬ ‫الباطن واقتحام حجبه املادية والنفسية ودخول‬ ‫عوامل العقل الباطن الشامل الذبذبي واألثريي‬ ‫ال�لام��رئ��ي��ان‪ ،‬ومه��ا ع���وامل ال��ط��اق��ات اخلفية‬ ‫الالإنسانية (عوامل اجلن ‪ ) ..‬وعوامل ال متت‬ ‫بصلة للحواس اخل��م��س ل��دى اإلن��س��ان‪ ،‬هي‬

‫حواس حدسية إدراكية إهلامية ‪.‬‬ ‫مع مرور األيام اعتاد هذا العامل الفيزيائي‬ ‫القيام بأنواع خمتلفة من التدريبات املغناطيسية‬ ‫يومياً‪ ،‬فإحداها تقتضي بأن ميسك بيده قضيباً‬ ‫مغناطيسياً ويقلبه بني أصابعه حبركات رتيبـة‬ ‫سريعة منتظمة ملدة مخس دقائق أرب��ع مرات‬ ‫يومياً‪ ،‬وتدريب آخر كان يقتضي منه إمسـاك‬ ‫القضيب املغناطيسي بكلتا بيديه‪ ،‬القطب‬ ‫الشمايل بيده اليمنى والقطب اجلنوبي بيده‬ ‫اليسرى ويبقى ساكناً مع الرتكيز الذهين مدة‬ ‫عشر دقائق مخس مرات يومياً ‪.‬‬ ‫م��ع م����رور ال��وق��ت ب���دأ ال��ع��امل الفيزيائي‬ ‫يلمس بداخله تعاظم قدراته الذهنية والعقلية‬ ‫واجل��س��دي��ة‪ ،‬وص���ار يسمع يف أعماقه صدى‬ ‫مهسات أفكار اآلخرين وما جيول يف خاطرهم‪،‬‬ ‫وغ��دا يرتسم يف خميلته ص��ور ما ك��ان جيري‬ ‫من أحداث بعيدة ‪ .‬تلك هي قدرات خارقة مل‬ ‫يكن يألفها مـن قبل‪ ،‬هنا أدرك أن التدريبات‬ ‫املغناطيسية أتت أكلها فنمَّت لديه بعض قدراته‬ ‫اخلارقة وحققت كثرياً من أحالمه وآماله‪ ،‬كما‬ ‫أشبعت شغفه وحققت طموحه يف إجناز شيء‬ ‫مميز يقع خارج مدارك اإلنسان احلسية خارجة‬ ‫عن نطاق احلواس اخلمس املعروفة‪ ،‬وشعر أنه‬ ‫هبذا األمـر حقق ما يشبه معجزة تبهر العيون‬ ‫وتفتحها على عوامل غامضة ال مرئية مل تراها‬ ‫البشريـة قبالً ‪ ..‬هي معجزة يتم فيها إيقاظ‬ ‫طاقات خفية وقدرات خمتزنة يف لب اإلنسان‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪95‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫ويف عقلـه الباطن ليغدو خارقاً يف كل شيء‬ ‫ويسيطر على كل شيء ‪.‬‬ ‫أغلب الظن أن معظم أسرار الفراعنة وكهانتهم‬ ‫وق��دراهت��م يف السيطرة على شعوهبم كانت‬ ‫أسراراً فيزيائية (مغناطيسية) وأخرى نفسية‬ ‫إحيائية (تنويم مغناطيسي) كان ميارسها كبـار‬ ‫الكهنة عندهم‪ ،‬وذلك باستخدام حجارة وأتربة‬ ‫ممغنطة ادع��وا أهن��ا ق��دس األق���داس‪ ،‬وكانـوا‬ ‫يدّعون أن تلك األحجار واألتربة املغناطيسية‬ ‫قام بنثرها على أرضنا فضائيون زاروا األرض‬

‫‪96‬‬

‫قدمياً (حوايل عشرة أالف سنة)‪ ،‬وهؤالء أتوا‬ ‫من أح��د األب��راج السماوية‪ ،‬هو ب��رج الشعرى‬ ‫اليمانية‪ ،‬وبالعودة حاسوبياً لشكل هذا الربج‬ ‫كما كان يبدو عليه قبل عشرة آالف سنة ‪.‬‬ ‫اكتُشِفَ شيء غريب وهو أن لبعض جنوم‬ ‫ذل��ك ال�برج ترتيب هندسي يتطابق متاماً مع‬ ‫هندسـة بناء األهرامات وأبو اهلول املوجودين‬ ‫يف منطقة اجليزة بالقاهرة !!‪ .‬هذا ما بينته‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪ob‬‬

‫ي��ع��ت��ق��د ال���ب���ع���ض أن‬ ‫أولئــــــــــــك الفضائيني‬ ‫ك��ان��وا ي����زورون األرض‬ ‫باستمرار وكأهنا والية‬ ‫تابعة هلم‪ ،‬وهم من ع َّلم‬ ‫اإلنسان يف ذلك األوان‬ ‫بناء األهرامات وأسرار‬ ‫التحنيط‪ ،‬وساعدوهم‬ ‫يف بنـاء ما يسمى اليوم‬ ‫بعجائب الدنيا السبع‬

‫ال��دراس��ات احلاسوبية يف ال��ق��رن العشرين‪،‬‬ ‫م��ا ح��دا ببعض علماء الفلك إىل تفسري أن‬ ‫اإلهرامات ما هي إال منارات إرشاد هتتدي هبا‬ ‫املركبات الفضائية اآلتية من ذلك الربج‪ ،‬لكن‬ ‫آخرين اعتربوها حمطات وقود طاقة تتلقى من‬ ‫الفضاء اخلارجي مؤونتها من الطاقة الكونية‬ ‫(ط��اق��ة ذات طبيعة موجية ذبذبية) لتزويد‬ ‫املركبات الفضائية املسافرة ‪ .‬أي هي حمطات‬ ‫أعدت لرسو واستقبال وسفر املركبات الفضائية‬ ‫اليت كانت متخر عباب الفضاء بكثرة آنذاك ‪.‬‬ ‫يعتقد البعض أن أولئك الفضائيني كانوا‬ ‫ي��زورون األرض باستمرار وكأهنا والي��ة تابعة‬ ‫هلم‪ ،‬وهم من ع َّلم اإلنسان يف ذلك األوان بناء‬ ‫األهرامات وأس��رار التحنيط‪ ،‬وساعدوهم يف‬ ‫بنـاء ما يسمى اليوم بعجائب الدنيا السبع ‪.‬‬ ‫أشاع الكهنة آنذاك أن احلجارة املغناطيسية‬ ‫هي هدايا الزوار الفضائيني لألرض ‪ ...‬أي هي‬ ‫هدايا أآلهل��ة ل�لأرض وحظروهـا على الناس‬ ‫ومنعوهم من التعامل هبا‪ ،‬وتولوا هم أمرها و‬ ‫جعلوها مادة أساسية يف طقوسهم وعباداهتم‬ ‫وفرضوا قواها وآثارها على الناس‪ ،‬ودعوها‬ ‫ق���دس األق�����داس‪ ،‬واس��ت��ط��اع��وا ع��ن طريقها‬ ‫تأسيس هنج حياتي صارم ال رمحة فيه اخرتعوا‬ ‫من خالله ملوكاً فراعنة جبارين أدع��وا أهنم‬ ‫أبناء آهلة أتوا من فوق (من الفضاء اخلارجي)‪،‬‬ ‫ومب��ث��ل تلك اإلدع����اآت تسلطوا على الناس‬ ‫وأمسكوا برقاهبم‪ ،‬لكن ما يثري اجلدل حقاً يف‬ ‫هذا املوضوع هو اكتشاف جثة حمنطة جبوار‬ ‫أح��د األه��رام��ات لكائن ال تبدو عليه مالمح‬ ‫بشرية‪ ،‬حتى أن مادة جسده ليست من طبيعة‬ ‫عضوية أجسام البشر األرضيني‪ ،‬وعمر هذه‬ ‫اجلثـة احملنطة يزيد عن عشرة آالف سنة!؟‪.‬‬ ‫أرسلتها مصر إىل اإلحتاد السوفيييت منذ أكثـر‬ ‫من عشرين عاماً لدراستها ‪..‬‬ ‫درس هذا العامل الفيزيائي اجلسم البشري‬ ‫بكل تفاصيله وخاصة تلك اليت تتعلق بالدم‪..‬‬ ‫تكوينه ‪ ..‬وظائفه ‪ ..‬فعالياته ودوره يف جسم‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫الكائنات احلية وخاصة اإلنسان‪ ،‬فقد كان لديه‬ ‫حدس وإهلام بوجود عالقة وثيقة بني الكريات‬ ‫احلمراء يف الدم لدى اإلنسان وعقله الباطن‪،‬‬ ‫وكان لفكرة اكتشاف أن الدم هو نسيج سائل‬ ‫حي مفعول الشرارة أو الومضة اليت أوضحت‬ ‫الرابطة بني كنه العقل الباطن واملادة احلاضنة‬ ‫له ‪ .‬فالدم جيري يف جسم اإلنسان من حلظة‬ ‫تشكل أول خلية حية فيه‪ ،‬أي من حلظة تلقيح‬ ‫البويضة األن��ث��وي��ة م��ن قبل احل��ي��وان املنوي‬ ‫الذكري وما يليها من تكاثر اخلاليا ومتايزها‪.‬‬ ‫وال���دم جي��ري يف ك��ل خلية م��ن خ�لاي��ا جسم‬ ‫اإلنسان حامالً هلـا الغذاء واملاء واحلياة واهلواء‬ ‫واألوكسجني‪ ،‬والعامل الوسيط الرئيس يف بناء‬ ‫تلك العالقات هو ‪ ..‬عنصر احلديد ‪ ..‬وصحيح‬ ‫أن هذا العنصر قاس وثقيل وصارم فيه بأس‬ ‫شديد ‪..‬‬ ‫(وأنزلنا احلديد فيه بأس شديد)‪...........‬‬ ‫قرآن كريم ( احلديد ‪) 25‬‬ ‫إال أن يف قسوته حنان وعطف ورق��ة فهو‬ ‫حيمل أمانة احلياة بني ذرات��ه ‪ ..‬واهلل اخلالق‬ ‫كلفه برعايتها ف��أت��ى طائعاً خاضعاً ‪ ..‬هو‬

‫عنصر ُطهي مليارات السنني يف بطون النجوم‬ ‫العمالقـة حتى صار لذراته عدد كتلي مقداره‬ ‫(‪ )56‬وعدد ذري مقداره (‪ )26‬أي حتتوي نواة‬ ‫ذرت��ه على ست وعشرين بروتوناً ومثلهم من‬ ‫النرتونات واإللكرتونات‪ ،‬وع��دد ذرات احلديد‬ ‫املوجودة يف (‪ )56‬غرام منه يساوي عدد حبات‬ ‫الرمل املوجودة يف كيلو مرت مكعب من األرض‪.‬‬ ‫ويف مرحلة أخ�ي�رة ك��ان ال��ك��وك��ب العمالق‬ ‫يعاني ان��ف��ج��اراً ه��ائ�لاً م��ن ن��وع السوبرنوفـا‪،‬‬ ‫وبعض شظاياه املتطايرة كانت تصل األرض‬ ‫حاملة معها احلديد‪ ،‬حيث اختلط هذا العنصر‬ ‫بأدميها و من هذا األديم خلق اهلل طيناً صلصاالً‬ ‫طاهراً تبلورت فيه شرائط الـ (د ن أ) الوراثية‬ ‫للكائنات احلية‪ ،‬وحينما دبت احلياة يف األرض‬ ‫وظهرت الكائنات احلية كان جيري يف أجسامها‬ ‫نسيج سائل عجيب هو الدم كانت ذرات احلديد‬ ‫وأيوناته فيه هي األنشط ‪ ..‬مثل النحل النشط‬ ‫والنمل الدؤوب‪ ،‬كانت تقوم بالعمل املناسب يف‬ ‫الوقت املناسب واملكان املناسب دون كلل أو ملل‪،‬‬ ‫وف��ق نظام ال ف��روج فيه‪ ،‬وحبكم غ��زارة الدم‬ ‫ووظيفته وأدواره الشاملة لكل أحن��اء اجلسم‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪97‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪98‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪ob‬‬

‫احل��ي دون استثناء‪ ،‬فيصل بشكل طبيعي‬ ‫جلميع خاليا الدماغ العصبية والغدد مثل الغدة‬ ‫الصنوبرية حيث يتعامل معها متحكماً بالعقل‬ ‫الباطن ‪..‬‬ ‫الغدة الصنوبرية هي غدة خمروطية الشكل‬ ‫موجودة يف دماغ اإلنسان ال يزيد حجمها عن‬ ‫ثلث بوصة‪ ،‬أي بضع ميلمرتات‪ ،‬وال يزيد وزهنا‬ ‫عن وزن حبة قمح وتتكون من حبات كلسية‬ ‫صغرية ومم��ل��وءة بالفوسفور‪ ،‬وه��ي كائنة يف‬ ‫وس��ط امل��خ ويف أعلى اجت��اه العمود الفقري‪،‬‬ ‫والطب ال يعرف عن عملها شيء لغاية اآلن ‪.‬‬ ‫ت��ع��ت�بر ه���ذه ال��غ��دة ع��ي��ن �اً ث��ال��ث��ة يف بعض‬ ‫احليوانات البحرية‪ ،‬ألن هلا تركيباً يشبه العني‪،‬‬ ‫ففيها عدسة وشبكية وعليها منطقة شفافة ال‬ ‫حتجب الضوء‪ ،‬ومع ذلك فهي ال ت��ؤدي عمل‬ ‫العيـن الطبيعية‪ ،‬بل هي متصلة جبزء من املخ‬ ‫اختصاصه استالم إحساسات واردة وأمواج‬ ‫أخـرى مازالت جمهولة ‪ ..‬ليست ضوئية وال‬ ‫كهرطيسية وال حرارية وال راديوية ‪...‬‬ ‫هذه الغدة نامية عند األطفال ومتصلبة عند‬ ‫كبار السن‪ ،‬ينشط إفرازها هلرمون امليالتونيـن‬ ‫(ه��رم��ون ال��ش��ب��اب) يف ال��ظ�لام ‪ .‬وإذا أتلفت‬ ‫يف دم��اغ الطيور فإهنا تفقد اجتاهيتها أثنـاء‬ ‫الطريان‪ ،‬وتفقد رشدها فال تتمكن من اإلياب‬ ‫ألعشاشها‪ ،‬لتلك ال��غ��دة عمالً عند الثعبان‬ ‫األعمى فهو يصطاد العصافري هبا‪ ،‬بأن يوجه‬ ‫سيال موجي كهرطيسي ذبذباته تطابق ذبذبات‬

‫دم��ـ��اغ العصفور فيأخذ العصفور بالطريان‬ ‫والدوران حول الثعبان وهو يصرخ ويزعق فزعـاً‬ ‫ويقع على الثعبان فيلتهمه ‪.‬‬ ‫تتضمن مترينات ال�بران��ا اهلندية إحياءات‬ ‫ذاتية اهلدف منها إحياء عمل الغدة الصنوبريـة‪،‬‬ ‫وعلى هذا يكون عمل اخليط الرفيع النازل من‬ ‫الدماغ هو حت��اور موجي صامت بني الدمـاغ‬ ‫وال��ك��ون‪ ،‬وأم���واج ه��ذا التحاور ال متر بإحدى‬ ‫احلواس اخلمس ‪ ..‬ووجد أن الصمت والعزلـة‬ ‫ينميان ه��ذه ال��غ��دة‪ ،‬وال��دخ��ول يف خلوة مدة‬ ‫أربعني يوماً جتعل الشخص ق��ادراً على قراءة‬ ‫أفكار اآلخرين‪ ،‬فالعزلة ختمّد العقل الواعي‬ ‫وتنشـط العقل الباطن (هل��ذا يسميه البعض‬ ‫الشعـور اإلهل��ي أو صوت الضمري) ‪ .‬واخلاليا‬ ‫العصبية الدماغية يف اإلن��س��ان ق���ادرة على‬ ‫إدراك حمتويـات تلك األم���واج م��ن معلومات‬ ‫وأس��رار‪ ،‬حيث تسلك كل خلية عصبية سلوك‬ ‫عقل الكرتوني مص ّغر والعنصر النشط يف تلك‬ ‫امليادين هو أيونات احلديد يف الدم ‪.‬‬ ‫ك��ان الفيلسوف دي��ك��ارت يعتقد أن الغدة‬ ‫الصنوبرية ما هي إال حلقة متوسطة بني روح‬ ‫اإلن��س��ان وج��س��ده‪ ،‬أي ه��ي حلقة تصل عامل‬ ‫الشهادة (املشهود) وعامل الغيب (الالمرئي)‪،‬‬ ‫والذي هو العامل الذي ختتفي فيه األرواح ‪.‬‬ ‫تلك الغدة كانت قدمياً نامية فعالة ونشطة‪،‬‬ ‫وه��ي أصيلة يف ال��س�لاالت ال��ف��ق��اري��ة ومنها‬ ‫اإلن��س��ان ورغ��م رق��ي ح��واس ه��ذا األخ�ير فما‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫يولد اإلن��س��ان وعقله‬ ‫ال���ب���اط���ن ت����ام النمو‬ ‫يساعد الروح اجلسدية‬ ‫يف ب��ن��اء اجل��س��د منذ‬ ‫اللحظـة األوىل لتلقيح‬ ‫ال��ب��وي��ض��ة األن��ث��وي��ة‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪ob‬‬

‫صفات العقل الباطن‬ ‫هو املخ الشفاف للنفس البشرية وجزء من‬ ‫قـوة فاعلة قادرة على كل شيء والعارفة لكل‬ ‫ش��يء وم��وج��ودة يف كل مكان وزم���ان‪ ،‬فيه كل‬ ‫احلكمة والقوة ويعترب صلة الوصل بني الروح‬ ‫وامل���ادة‪ ،‬ويقبل التدريب وق��ادر على الوصول‬ ‫لدرجات عليا من مسو ال��روح وحترير قواهـا‬ ‫اخلفيـة اخلارقـة‪ .‬هو عقل الغرائز والشهوات‬ ‫وامل��ت��ع وال��ل��ذة عند الكائن احل��ي‪ ،‬فيه غرائز‬ ‫إنسان الغابة ونزواته و شهواته وعدوانيته‪ ،‬ال‬ ‫يتقيد حب��دود الزمان أو املكان ويقبل كل ما‬ ‫يوحى إليه فال يناقش وال يستنتج وينفذ كل ما‬ ‫يطلب منه حتى ولو كان خطأ أو غري صحيح أي‬ ‫ال يوازن وال يقدّر وال يفكر وال خيتار بني أمرين‬ ‫ألنه يقبل قبوالً تاماً أول شيء يصله و يشرع‬ ‫فوراً بتنفيذه ولو كان مستحيالً أو غري منطقي‪،‬‬ ‫لذلك ميكن السيطرة عليه باإلحياء ‪ .‬وهو الذي‬ ‫يعطي املرء شخصيته ‪.‬‬ ‫يولد اإلنسان وعقله الباطن تام النمو يساعد‬ ‫ال��روح اجلسدية يف بناء اجلسد منذ اللحظـة‬ ‫األوىل لتلقيح البويضة األنثوية (اخللية املفردة‬ ‫ال���واح���دة)‪ ،‬وي��ظ��ل رفيقا ل��ل��روح اجل��س��دي��ة و‬ ‫متعاوناً معها حتى متام منو جسم اجلنني ناقالً‬ ‫له غرائز وصفات اآلباء عن طريق شرائط الـ‬ ‫(د ن ا) الوراثية املوجودة يف كل خلية حية ‪.‬‬ ‫يعترب العقل الباطن احللقـة املفقـودة يف علم‬ ‫النفس البشري‪ ،‬ودراس��ت��ه تكشف الكثري من‬ ‫احلقائق واألسرار حول طبيعة النفس البشرية‪،‬‬ ‫وهو ال يعمل مع العقل الواعي‪ ،‬بل يعمل حني‬ ‫تعطل األخ�ير‪ ،‬كما أنه ال يفعل شيئاً إذا ترك‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫زالت موجودة يف خمه ومتارس مهاماً غامضة‬ ‫ومبهمـة وغ�ير معلومة‪ ،‬وآث��اره��ا غري مقيسة‬ ‫باألجهزة املخربية املتوفرة حالياً‪ .‬لذا يعتقد أهنا‬ ‫مركز تلقي إشارات وأوامر ذات طبيعة موجية‬ ‫فائقة ص��ادرة عن العدم القديم (كون النشأة‬ ‫األوىل)‬

‫ل��وح��ده‪ ،‬واإلحي���اء ض���روري ل��ه وك��أن��ه مبثابة‬ ‫األمر عندئذ ينفذ ما يوحى إليه فكرياً من قبل‬ ‫شخص آخر ( وسيط ) ‪.‬‬ ‫إذا كان مثة رجل يف حالة من حاالت العقل‬ ‫الباطن فهو آمن من فتك الوحوش ألن احليوان‬ ‫حييا دوماً بعقله الباطن وعقله الواعي منعدم‬ ‫أو ضعيف جداً‪ ،‬فال تشعر بوجود اإلنسان وال‬ ‫تراه‪ .‬قدمياً كانت قوة العقل الباطن لإلنسان‬ ‫أطوع وأشد مما هي عليه اليوم‪ ،‬لكن مع منو‬ ‫العقـل الواعي بسبب التقدم احلضاري املادي‬ ‫زادت سيطرته وتقييده للعقل الباطن ما أضعف‬ ‫ه��ذا األخ�ير ظاهرياً‪ .‬واجل��ن��ون ال��ذي يصيب‬ ‫بعض الناس ما هو إال اضطراب التوازن بني‬ ‫هذيـن العقلني‪ ،‬حيث يطغى فيه العقل الباطن‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫على العقل الواعي ويسيطر عليه‪ ،‬وهذا يفسر‬ ‫ق��درة بعض اجمل��ان�ين والبلهاء العجيبة على‬ ‫إخضاع الضواري والتقحم عليها وزجرها دون‬ ‫أن خيشوها مهما كانت درجة توحشها ‪.‬‬ ‫وه��ك��ذا نكتشف أمه��ي��ة ع��ن��ص��ر احلديد‬ ‫املتواضع يف حياتنا‪ ،‬ويف بناء شخصيتنا وعقلنا‬ ‫الباطن الذي يربطنا شئنا أم أبينا مبا يقع خلف‬ ‫املادة والطبيعة ‪ ..‬فهو يعمل دون كلل أو ملل مع‬ ‫كل شهيق هواء يستنشقه الكائن احلي أو يزفره‬ ‫‪ ..‬فيه بأس شديد ‪ ..‬والبصر حديد ‪ ..‬ومكـان‬ ‫إقامته هو النسيج السائل ( الدم ) ‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪99‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪100‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫العقل الباطن البشري هو خمزن القدرات‬ ‫اخلفية اخلارقة وساحة مفتوحة لتالقيه مع‬ ‫العقـل الباطن الكوني السرمدي‪ ،‬أي هو عقل‬ ‫االتصال بالعوامل الغيببة وع��وامل الطاقات‬ ‫اخلفيـة الال إنسانية (عامل اجلن)‪ ،‬فهو على‬ ‫اتصال دائ��م هبا عن طريق جهاز اتصال ال‬ ‫سلكي موجـود يف ال��غ��دة الصنوبرية ل��ه ما‬ ‫يشبه السلك (عصب)‪ ،‬عن طريقه يتحاور‬ ‫العقل الباطن لإلنسان مع كل الوجود وضمن‬ ‫الشبكة الكالنية القدرية يف الكون‪ ،‬ويظن أن‬ ‫هذا اجلهاز يعمل على ت��رددات عالية جداً‪،‬‬ ‫لكن عناصر هذا اجلهاز قد ضمرت ومل يبقَ‬ ‫منها سوى آثار تثيـر الكثري من التساؤالت ‪.‬‬ ‫وتعترب األحالم لعبة هذا العقل وقصصها كلها‬ ‫من اخرتاعه ‪.‬‬ ‫لكل شيء يف هذا الوجود وعي وعقل باطن‪،‬‬ ‫لكن رمبا تركيبه ليس الدم بل اإللكرتونات‪،‬‬ ‫وه���ذا ي��ت��واف��ق م��ع طبيعة احل��دي��د األيونية‬

‫املشحونة بالكهرباء فـي الدم واملكونة للعقل‬ ‫الباطن عند اإلنسان‪ ،‬لكن يف حالة اإلنسان‬ ‫يضاف للعقل الباطن الوعي واإلدراك ‪ ..‬وال‬ ‫يتمتع مبثل تلك اخلواص إال اإلنسان ‪.‬‬ ‫ع��ن ط��ري��ق ال��ع��ق��ل ال��ب��اط��ن اس��ت��ط��اع آدم‬ ‫تعلم األمساء كلها بأمر اهلل وصار له إدراك‬ ‫دون سائر املخلوقات‪ ،‬وبواسطته تَ َفتَحَ عقل‬ ‫اإلنسان على الوجود واكتسب دماغه مواهب‬ ‫الذاكـرة و‬ ‫ال��ف��ك��ر واخل���ي���ال واإلهل�����ام واألحاسيس‬ ‫وامل���ش���اع���ر‪ ..‬اس��ت��ط��اع اإلن���س���ان هب���ا بناء‬ ‫احلضارات والتأقلم والتكيف مع كل ما حييط‬ ‫به من ع��وامل‪ ،‬وأن يبدع وخي�ترع وه��ذه أمور‬ ‫مل تستطع الكائنـات احلية األخرى إجنازها‪،‬‬ ‫فاإلنسان القديم كان يتبادل األفكار مع أقرانه‬ ‫دون أن يتكلم أو حيرك لسانه بكلمة ‪ ..‬أي من‬ ‫دون أن ينبس ببنت شفة‪ ،‬كما كان يرى عن‬ ‫بعد بنفس الدرجة التـي يرى هبا ما حوله (‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫وما زرقاء اليمامة إال مثال على ذلك )‪ ،‬وهذا‬ ‫يعزى لقوة العقل الباطـن اليت كانت لإلنسان‬ ‫القديم‪ ،‬لرمبا كان هذا اإلنسان يسافر بقوة‬ ‫هذا العقل دون احلاجة لوسيلة نقل‪ ،‬وأغلب‬ ‫الظن أن ما ورد يف قصص ألف لية وليلة حول‬ ‫بساط الريح والسفر به ليست جمرد قصص‬ ‫عبثية غرضها التسلية وإضاعة الوقت‪ ،‬ولو‬ ‫عدنا هلا وقمنا بتحليلها الكتشفنا فيها من‬ ‫األس���رار واحلقائق ما يذهل ‪ ..‬واألك��ث��ر من‬ ‫ذلك هو انه ال ميكن تفسريها ببساطة بل ال‬ ‫بد من وج��ود دور أساسي للعقل الباطن يف‬ ‫أحداثها‪..‬‬ ‫هذا العقل ال مييز بني احلق والباطل واخلري‬ ‫والشر‪ ،‬ومثل تلك األمور ال تعين له شيئاً‪ ،‬هو‬ ‫عقل الزواحف اليت ال رمحة لديها وال عاطفة‬ ‫وال إدراك‪ ،‬وحينما كان ناميـاً جداً يف بداية‬ ‫البشر األوائل كان قوياً وأكثر طواعية وأقوى‬ ‫مما هو عليه اليوم حينها كان لإلنسان طاقات‬ ‫خفية منها اإلهلام واالستلهام والتنبؤ والبصر‬ ‫املغناطيسي والرؤية عن بعد ومساع األصوات‬ ‫واجلالء البصري وصفاء الذهن وقوة اإلدراك‬ ‫والوعي الكامل حتى أثناء النوم كان يدرك كل‬ ‫ما كان يدور حوله‬ ‫يتلقى العقل الباطن يف كل حلظة تعليمات‬ ‫وب��رن��ام��ج ح��ي��اة ال��ك��ائ��ن احل���ي وف���ق القـدر‬ ‫املرسوم له عن طريق تلك الغدة الصنوبرية‬ ‫وال��غ��دة النخامية م��ا جعل اإلن��س��ان القديم‬ ‫يتمتع مبلذات وحييا نشوة ال حنياها حنن‬ ‫ال��ي��وم ف��أرواح��ه��م كانت على ات��ص��ال بعوامل‬ ‫اآلخرة وكانـت على متاس مع عوامل الفراديس‬ ‫واجلنان حتى ولو كان االتصال ذهنياً‪ ،‬رمبا‬ ‫كان األقدمـون من خالله يعيشون مع اجلن‬ ‫والعفاريت ويروهنم ويزجروهنم مثلما يزجر‬ ‫أحدنا احليوانات األليفة‪ ،‬فكانوا آمنني من‬ ‫فتك ال��وح��وش‪ ،‬ولكن م��ا ف��ائ��دة ه��ذا العقل‬ ‫يف العصور املتقدمـة احلالية بعد كل هذه‬ ‫االكتشافات والعلوم‪ ،‬احلقيقة أن��ه لو متكن‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫اإلن��س��ان احل��ايل من ال��ع��ودة لتلـك القوى أو‬ ‫استطاع إيقاظها من سباهتا الستطاع أن حيلق‬ ‫يف الفضاء وأن يسافر فيه وحيقق كل ما يريده‬ ‫‪ ..‬فال شيء يعد عصيّاً عليه ‪ ..‬ولكن ما هو‬ ‫السبيل لذلك ‪ ..‬احلقيقة أن السبيل لذلك هو‬ ‫تنشيط خاليا اجلسم والدماغ وذل��ك جبعل‬ ‫الدم يتدفق غزيراً يف خاليا اجلسم البشري‬ ‫وأن ينقل هلا األغذية واألوكسجني وبنسبة‬ ‫عالية وأه��م م��ا يف ه��ذا امل��وض��وع ه��و توفر‬ ‫عنصر معدن احل��دي��د وأي��ون��ات��ه يف خضاب‬ ‫ال��دم‪ ،‬وم��ن املعلوم فيزيائياً م��دى تأثر تلك‬ ‫األيونات بوجود حقل مغناطيسي يؤثر فيها‪،‬‬ ‫يعتقد العلماء أنه إذا أمكن إجياد آلية مالئمة‬ ‫تعتمد استخدام األثر املغناطيسي وخواصه‬ ‫وفيزيائياته الستعاد اإلنسان طاقاته اخلفية‬ ‫القدمية اهلائلة واستعـاد الكثري من قدسية‬ ‫جسده وتفكريه وروحه وعقله وقدراته‪ ،‬وغدا‬ ‫اإلن��س��ان حيقـق ك��ل أمانيـه مبجرد التفكري‬ ‫فقط‪ ،‬ومثل تلك األم��ور أخربنا عنها تراثنا‬ ‫الروحي السامي ‪..‬‬ ‫(وم�������ا رم����ي����ت إذ رم����ي����ت ول����ك����ن اهلل‬ ‫رم������ى)‪ ...............‬ق��رآن كريم ( األنفال‬ ‫‪)17‬‬ ‫(ميددكم ربكم خبمسة آالف من املالئكة‬ ‫مسومني)‪ .....‬قرآن كريم ( آل عمران ـ‪) 125‬‬ ‫(هلل عباد إن أرادوا أراد)‪ .......‬حديث‬ ‫نبوي‬ ‫ف��ل��م��اذا ال حن���اول ال��ع��ودة الم��ت�لاك تلك‬ ‫القدرات اخلارقة وهي قوى جمانية خمتزنة يف‬ ‫لب كـل واحد منا ‪ ..‬ولكن ما هي تلك الوسيلة‬ ‫اليت متكننا من امتالك ناصية العقل الباطن‬ ‫واالنتفاع بطاقاته الال حمدودة ‪ ..‬؟‬ ‫احلقيقة أن��ه ميكن ال��وص��ول هل��ا بطرق‬ ‫عملية وبأساليب مادية‪ ..‬واخليط الذي جيب‬ ‫أن منسك به لنغزو العقل الباطن يف عقر داره‬ ‫‪ ..‬هو املغناطيس ‪ ..‬عندها يفتح لك الكون‬ ‫ذراعيـه ‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪101‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪102‬‬ ‫م‪ .‬طارق نواف حامد‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫كما أن��ه يوجد يف مياه البحار واحمليطات‬ ‫دوام��ات رمبا تبتلع السفن‪ .‬وجد أيضا يف كل‬ ‫األعاصري مثل هذه الدوامات ويف أقاصي الكون‪. .‬‬ ‫وقد مساه العلماء عندما رأوه بأشعة أكس (الثقب‬ ‫األسود)‪ ،‬ووجد أن أشعة أكس تنبعث من الغازات‬ ‫احلارة اليت تكون خارج هذه الدوامة الكونية أوما‬ ‫يسمى بالثقب األسود ‪.‬‬ ‫توجد ه��ذه الثقوب يف مراكز اجمل��رات مبا‬ ‫فيها جمرتنا و قد تصطدم يف جرياهنا السريع‬ ‫بدوامة أخرى (ثقب أسود آخر) فيندجما وتصبح‬ ‫كتلتهما وكثافتهما أك�بر ع�بر آالف األع���وام‪..‬‬ ‫فالثقوب السوداء‪ ،‬جسم فضائي صغري الكتلة‬ ‫نسبياً‪ ،‬بالغ الكثافة‪ ،‬افرتض وجوده يف الفضاء‬ ‫نظرياً‪ ،‬جاذبيته قوية جداً حتى أن ال شيء مبا‬ ‫يف ذلك الضوء يستطيع اإلفالت منه وبذلك هو‬ ‫غري مرئي‪ ،‬وحييط بالثقب األسود حقل دائري‬ ‫يسمى األفق ما إن يدخل أي كان داخل هذا األفق‬ ‫حتى يغدو من املستحيل أن يفلت منه‪.‬‬ ‫وهي تسمى بالثقوب السوداء ولكنها ليست‬ ‫س��وداء وإمنا غري مرئية‪ ،‬كما أهنا ليست ثقوباً‬ ‫فعلية وإمنا تدل على منطقة يستحيل الرجوع‬ ‫منها‪.‬‬ ‫وميكن لثقب أس��ود شديد الكثافة أن يصل‬ ‫وزنه قدر وزن مليارات الشموس‪ ،‬بينما ال يزيد‬ ‫حجمه على حجم نظامنا الشمسي‪.‬‬ ‫وفكرة الثقوب السوداء تطورت على يد عامل‬ ‫الفضاء األملاني (كارل شوارتزلد) يف عام ‪1916‬م‬ ‫على أس��س النظرية النسبية ال��ع��ام��ة للعامل‬ ‫(ألربت أينشتاين)‪ .‬وأشهر العلماء حاليا يف هذا‬ ‫اجملال هو العامل االجنليزي (ستيفن هوكني)‪،‬‬ ‫ال��ذي ش��ارك بشكل كبري ج��داً عن طريق كتبه‬ ‫وحماضراته ودراساته عن الثقوب السوداء‪ ،‬حيث‬ ‫جعل القواعد الفيزيائية املعقدة أسهل للفهم من‬ ‫قبل عامة الناس‪ ،‬واكتشافاته عن اجلاذبية وعن‬ ‫الثقوب السوداء تعترب من أهم املشاركات يف علم‬ ‫الفيزياء منذ عهد أينشتاين حتى اآلن‪.‬‬ ‫لنلقي نظرة عامة على كيفية تكوّن النجوم‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬ ‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫حسب رأي العلماء املختصني حيث يقولون أن‬ ‫النجوم تتكون ب��داي��ة م��ن جتمع سحب غازية‬ ‫وغبار وم��واد خمتلفة‪ ،‬حيث تتماسك كل هذه‬ ‫امل����واد م��ع بعضها ال��ب��ع��ض م��ك��ون��ة م��ا يعرف‬ ‫ب��ال��س��دي��م ‪ ،Nebula‬وم���ع م���رور م��ئ��ات إىل‬ ‫ماليني السنني تصبح ه��ذه امل��واد كتلة واحدة‬

‫نتيجة للضغط واحلرارة‪ ،‬ومع ازدياد حجم هذه‬ ‫السحب يزداد الضغط يف وسط الكتلة ما يزيد‬ ‫من درجة حرارهتا حتى تصل إىل درجة حرارة‬ ‫عالية وكافية للبدء باالندماج النووي يف وسط‬ ‫هذه الكتلة‪ ،‬واليت يتحول فيها اهليدروجني يف‬ ‫مركز النجوم إىل هيليوم‪ ،‬إذ تندمج كل أربع نوى‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪103‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫ت���ق�ت�رح ال��ن��ظ��ري��ة‬ ‫ال��ن��س��ب��ي��ة ال��ع��ام��ة‬ ‫أللبـــرت أينشتايـــــن‬ ‫أن أك��ب�ر األج��س��ام‬ ‫ك��ت��ل��ة وك���ث���اف���ة من‬ ‫امل���م���ك���ن ت���ص���وره���ا‬ ‫كثقوب سوداء لديها‬ ‫جاذبية قوية جد ًا‬

‫‪w.‬‬

‫ه��ي��دروج�ين متحولة لتصبح ن���واة هليوم‬ ‫واحدة أخف وزناً‪ ،‬وتتحول الكتلة املفقودة إىل‬ ‫طاقة تتحرر (ه��ذه العملية نفسها هي اليت‬ ‫حترر الطاقة يف القنابل اهليدروجينية)‪ ،‬وتصل‬ ‫الطاقة النامجة عن تفاعالت االندماج النووي‬ ‫يف هناية األمر إىل سطح النجم‪ ،‬فيضيء طاقة‬ ‫يف الفضاء‪.‬‬ ‫ول����ن����أخ����ذ م�����ث�����االً ل���ل���ن���ج���وم مشسنا‬ ‫ال��ت�ي يف جم��رت��ن��ا درب ال��ت��ب��ان��ة للتبيان‬ ‫فمن املعروف أن الطاقة اهلائلة الناجتة عن‬ ‫الشمس هي نتيجة لتفاعالت االندماج النووي‬ ‫اليت حتدث داخل الشمس‪ ،‬إن عملية اندماج‬ ‫نوى ذرات اهليدروجني إلنتاج اهليليوم يف باطن‬ ‫الشمس ميكن أن تستمرّ لبضعة آالف املاليني‬

‫‪ww‬‬

‫‪104‬‬

‫من السنني‪ ،‬إ ّال أن نفاذ اهليدروجني من قلب‬ ‫الشمس ووف��رة اهليليوم داخله تؤدي إىل عدم‬ ‫جتانس واضح يف توزيع امل��ادة فاهليليوم أثقل‬ ‫من اهليدروجني بأربع مرات‪ ،‬وهذا يعين اختالل‬ ‫كثافة مادة النجم وفقدان التوازن ‪..‬‬ ‫لذلك ال بدّ من حركة شاملة إلعادة توازن‬ ‫جسم الشمس ‪ ..‬وحيصل هذا إذا ينتفخ اجلزء‬ ‫اخلارجيّ من مادة الشمس انتفاخا هائال فيما‬ ‫يتقلص اللبّ ‪ ..‬وعندئذ يتغري ل��ون الشمس‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫كيف تولد الثقوب السوداء؟‬ ‫هناك عمليتان حتدثان يف النجوم باستمرار‪،‬‬ ‫انفجارات نووية تطلق فيها النجوم اهليدروجني‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫إىل األمحر ‪ ..‬وبانتفاخها هذا تصبح عمالقاً‬ ‫ه��ائ�لاً يبتلع الكواكب الثالثة األوىل عطارد‬ ‫والزهرة واألرض لذلك تسمى الشمس يف هذه‬ ‫املرحلة بــ (العمالق األمحر ) ‪ ...‬وإذ تضعف‬ ‫القوى الداخلية يف اللب فإن القشرة اخلارجية‬ ‫املنتفخة ال تستطيع أن تسند نفسها على شيء‬ ‫فينهار جسم الشمس على بعضه يف عملية‬ ‫تسمى (التكوير) وذلك بسبب جاذبية أجزائه‬ ‫بعضها للبعض اآلخ���ر‪ ،‬م��ا جيعلها تنكمش‬ ‫انكماشاً مفاجئاً وسريعاً ‪ ..‬فتنسحق املواد‬ ‫املكونة للشمس‪ ،‬وتتداخل اجلزيئات‪ ،‬وتتقارب‬ ‫الذرات تقاربا شديدا حتى تكاد تتداخل‪ ،‬إال أن‬ ‫قوة التنافر الكهربائي بني األغلفة األلكرتونية‬ ‫للذرات تقاوم تداخلها عندما تصبح املسافة‬ ‫بينها قليلة ‪ ..‬وب��ذل��ك ت��ت��ع��ادل ق��وة التنافر‬ ‫الكهربائي مع قوى اجلذب اليت تؤدي إىل تكوير‬ ‫الشمس ‪ ..‬وعندما حيصل هذا التوازن تكون‬ ‫الشمس ق��د وصلت إىل مستقرها‪ .‬وتدعى‬ ‫عندئذ (القزم األبيض) إذ ال يتبقى من ضوئها‬ ‫إال نور خافت ضئيل ‪.‬‬

‫من وسطها إىل اخلارج‪ ،‬واجلاذبية حيث تقوم‬ ‫بسحب هذا اهليدروجني إىل الداخل مرة أخرى‪،‬‬ ‫وتقوم هاتان العمليتان بعمل توازن بينهما إىل‬ ‫أن ينتهي اهل��ي��دروج�ين واهليليوم وك��ل املواد‬ ‫املنتجة للطاقة املوجود داخل النجم‪ ،‬فتتوقف‬ ‫االنفجارات النووية ما ي��ؤدي إىل طغيان قوة‬ ‫اجل��اذب��ي��ة ع��ل��ى ال��ن��ج��م‪ ،‬وع��ن��د ه���ذه احلالة‬ ‫يصبح النجم غري مستقر ويبدأ باالنكماش إىل‬ ‫الداخل‪ ،‬ويعتمد ما حيدث بعد ذلك على كتلة‬ ‫النجم‪ ،‬والنجوم اليت تنكمش بسبب جاذبيتها ال‬ ‫تتحول مجيعها إىل ثقوب سوداء‪ ،‬فنجم كثافته‬ ‫أصغر من كثافة الشمس بـ ‪ 1،4‬مرة سيتحول‬ ‫إىل ما يسمى األقزام البيض ومن ثم إىل األقزام‬ ‫السوداء حيث تتوقف عن النمو‪ ،‬أما النجم الذي‬ ‫تكون كثافته أكرب من كثافة الشمس بني ‪3 - 1،4‬‬ ‫مرات فسيتحول إىل جنم نيرتوني‪ ،‬والنجوم اليت‬ ‫تكون أكرب من ‪ 3‬قد حيدث أن تنفجر وتسمى‬ ‫بالسوبرنوفا ‪ ،Supernova‬أو تنكمش بدون‬ ‫توقف ما جيعلها أصغر حجماً وأكثر كثافة إىل‬ ‫أن تتحول إىل ثقب أسود‪.‬‬ ‫وهناك طريقة أخرى لت ّكون الثقوب السوداء‬ ‫من دون أن متر باملراحل السابقة وإن كانت‬ ‫كثافتها أقل من كثافة الشمس ألهنا لن تتكون‬ ‫م��ن ج���راء انكماش النجم وتسمى بالثقوب‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪105‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪106‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫السوداء البدائية‪ ،‬وهناك احتمال واحد فقط‬ ‫لوجود مثل هذه الثقوب السوداء وهي أن تكون‬ ‫قد تكونت يف األيام املبكرة للفضاء حيث كان‬ ‫الضغط واحلرارة مرتفعني جداً‪ ،‬حيث يفرتض‬ ‫العلماء أن املواد املبعثرة املوجودة يف الفضاء‬ ‫تتجمع وتنضغط بفعل ق��وة خارجية شديدة‬ ‫مكونة ثقباً أسود‪.‬‬ ‫وت��ق�ترح النظرية النسبية العامة أللربت‬ ‫أينشتاين أن أك�بر األج��س��ام كتلة وكثافة من‬ ‫املمكن تصورها كثقوب س��وداء لديها جاذبية‬ ‫قوية جداً لدرجة أن ال شيء حتى أن الضوء‬ ‫الذي يعتربه العلماء أسرع ما يف الكون ال ميكنه‬ ‫أن يهرب منها‪ ،‬ومبا أن كل الضوء الذي يدخل‬ ‫األفق يف الثقوب السوداء يسحب إىل الداخل‪،‬‬ ‫ومن املعروف أن عملية النظر لدى اإلنسان‬ ‫تعتمد على انعكاس الضوء من األجسام إىل‬ ‫أعيننا‪ ،‬فإذا كانت الثقوب السوداء متتص كل‬ ‫الضوء من حوهلا فكيف ميكن أن نراها؟ وكما‬ ‫ق��ال أينشتاين‪( :‬إن حماولة البحث عن ثقب‬

‫أسود يشبه تقريباً البحث عن قطة سوداء يف‬ ‫قبو فحم)‪.‬‬ ‫و قد وضع العلماء نظرية جديدة تقول إن‬ ‫الثقوب السوداء قد تنتج رياحاً شديدة تتيح‬ ‫للمادة النجاة من قوة جذب الثقوب‪ ،‬و ميكن أن‬ ‫تساعد هذه النظرية يف دحض النظرية املبنية‬ ‫على االعتقاد السائد ب��أن الثقوب السوداء‬ ‫تتمتع بكثافة عالية جداً لدرجة أنه حتى الضوء‬ ‫ال ميكنه أن يفلت من قوة جاذبيتها‪.‬‬ ‫وأعلن مركز ج��ودارد الفضائي ال��ذي قدم‬ ‫النظرية اجلديدة‪( :‬مل نكن قادرين على تفسري‬ ‫ه��ذا التناقض ب�ين تعريفنا للثقب األسود‬ ‫ومشاهداتنا الفلكية ما أدى إىل االرتياب يف‬ ‫البيانات احلديثة)‪ ،‬وتقرتح النظرية اجلديدة أن‬ ‫املادة املتدفقة مصدرها الرياح فوق الصوتية‬ ‫املتولدة من كتلة املادة اليت تدوم حول املنطقة‬ ‫االستوائية يف الثقب األس��ود واملعروفة باسم‬ ‫(قرص النمو االلتحامي)‪.‬‬ ‫وق���د ق���دم امل��س��ب��ار ال��ف��ض��ائ��ي األمريكي‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫ق���دم���ت م��ش��اه��دات‬ ‫اس���ت���خ���دم���ت فيها‬ ‫ت��ل��س��ك��وب��ات تعمل‬ ‫ب��أش��ع��ة إك���س دالئ��ل‬ ‫ع��ل��ى ظ��اه��رة األف��ق‬ ‫اإلحداثي من خالل‬ ‫رصد الثقوب السوداء‬ ‫وهي متتص حنو مائة‬ ‫ضعف كمية الطاقة‬ ‫ال���ت��ي ت���ش���ع منها‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫هابل أول برهان مباشر على وج��ود الثقوب‬ ‫ال��س��وداء م��ن خ�لال رص��د وم��راق��ب��ة اختفاء‬ ‫مكونات مادة وهي تقفز جم��رورة إىل جمهول‬ ‫يعرف عند العلماء باسم األف��ق اإلحداثي‪.‬‬ ‫وت��رج��ع تسمية األف����ق اإلح���داث���ي إىل تلك‬ ‫امل��ن��ط��ق��ة ال�ت�ي حت��ي��ط ب��ال��ث��ق��ب األس�����ود من‬ ‫ال��داخ��ل‪ ،‬حيث ال ميكن ألي ض��وء أن يفلت‬ ‫م��ن ق���وة اجل���ذب ال��ك��ون��ي��ة اخل��راف��ي��ة القوة‪.‬‬ ‫ويقول علماء الفضاء اخلارجي إهنم شاهدوا‬ ‫نبضات م��ن ال��ض��وء ب��درج��ة ف��وق بنفسجية‬ ‫ص��ادرة من تكتالت من الغاز الساخن وهي‬ ‫تتالشى وختتفي وهي تدور حول جسم كوني‬ ‫هائل الضخامة وكثيف التكوين يعرف علمياً‬ ‫باسم سيغنوس أكس أرـ‪.1‬‬ ‫وه���ذا ال��ن��وع م��ن ال��ن��ش��اط��ات يف الفضاء‬ ‫اخل���ارج���ي ال��ب��ع��ي��د ج����داً‪ ،‬يف أع��م��اق الكون‬ ‫السحيقة اليت ال هناية معروفة هلا‪ ،‬ميكن أن‬ ‫حيدث يف حال سقوط حزمة أو كتلة غازية يف‬ ‫ثقب أسود‪..‬‬ ‫وكانت مشاهدات سابقة استخدمت فيها‬ ‫تلسكوبات تعمل بأشعة أكس قدمت دالئل على‬ ‫ظاهرة األفق اإلحداثي من خالل رصد الثقوب‬ ‫ال��س��وداء وه��ي متتص حنو مائة ضعف كمية‬ ‫الطاقة اليت تشع منها‪ ،‬وهذه املشاهدات تفيد‬ ‫بأن غازاً تقرتب درجته من تريليون قد سقط‬ ‫فعالً عند حافة األفق اإلحداثي إىل اجملهول و‬ ‫مل يتمكن أحد حتى مشاهدات املسبار هابل‬ ‫من رؤية حدوث هذه الظاهرة فعلياً‪ ،‬أي سقوط‬ ‫مكونات مادة يف جمهول حلقة األفق اإلحداثي‪.‬‬ ‫وهذا الثقب هو عبارة عن جسم يقع على بعد‬ ‫ستة آالف سنة ضوئية عن األرض يف جتمع‬ ‫كوني يعرف بتجمع البجعة‪..‬‬ ‫وميكن للعلماء معرفة مكان الثقوب السوداء‬ ‫من خالل أربع طرق فقط ‪:‬‬ ‫‪ -1‬الطريقة األوىل ‪ :‬عندما ينكمش جنم‬ ‫ويتحول إىل ثقب أس��ود ف��إن حقل جاذبيته‬ ‫يستمر م��وج��وداً كما ك��ان قبل التحول ولكن‬

‫بشكل أق���وى‪ ،‬ف���إذا ك��ان��ت ال��ك��واك��ب احمليطة‬ ‫بالثقب األسود بعيدة بعداً كافياً فهذه الزيادة‬ ‫يف القوة لن تؤثر عليها وتسحبها‪ ،‬وإن الكواكب‬ ‫أو النجوم تستمر بالسباحة يف نفس املدار‬ ‫الذي كانت عليه سابقاً‪ ،‬فيظهر للعلماء أن هذه‬ ‫الكواكب والنجوم تدور حول ال شيء‪ ،‬فإما أن‬ ‫يكون هناك جنم صغري ال يرى‪ ،‬وإما أن يكون‬ ‫هناك ثقب أسود‪.‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪ -2‬الطريقة الثانية ‪ :‬ب��اإلض��اف��ة إىل أن‬ ‫اجلاذبية القوية تقوم بسحب الغبار والسحب‬ ‫الغبارية إىل داخلها‪ ،‬ومع اقرتاب هذه السحب‬ ‫م��ن الثقب األس���ود ت���زداد س��رع��ة االجن���ذاب‬ ‫وبالتايل ت��زداد حرارهتا ما ي��ؤدي إىل انبعاث‬ ‫موجات اكس ‪ X-Rays‬منها الثقب األسود‪،‬‬ ‫واألجسام اليت تبعث هذه املوجات تلتقط من‬ ‫خ�لال تلسكوبات ‪ X-Rays‬امل��وج��ودة خارج‬ ‫الكرة األرضية‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪107‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪108‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪ -3 ‬ال��ط��ري��ق��ة ال��ث��ال��ث��ة ‪ :‬وت��س��م��ى عدسة‬ ‫اجل��اذب��ي��ة‪ ،‬وحت��دث ه��ذه العملية عند مرور‬ ‫ثقب أس��ود بني األرض والنجم‪ ،‬فلنفرض أن‬ ‫هذا النجم يطلق ضوءاً بعشوائية إىل الفضاء‪،‬‬ ‫فيصلنا بعضه ويكون ضعيفاً نوعاً ما‪ ،‬ولكن يف‬ ‫حالة وج��ود ثقب أس��ود يف الوسط يعمل هذا‬ ‫الثقب األسود كعدسة‪ ،‬فيعمل على تغيري مسار‬ ‫الضوء إىل اجتاهه‪ ،‬فإذا كان الضوء يبعد بعداً‬ ‫كافياً عن حقل اجلاذبية فلن يقوم بسحبه وإمنا‬ ‫ينحين فقط‪ ،‬وبالتايل يرتكز باجتاه األرض‪،‬‬ ‫فيظهر النجم لدينا ساطعاً جداً‪.‬‬ ‫‪ -4 ‬الطريقة الرابعة ‪ :‬ملعرفة أماكن وجود‬ ‫الثقوب السوداء هي يف قياس كتلة امل��واد يف‬ ‫منطقة معينة من الفضاء‪ ،‬فالثقوب السوداء‬ ‫لديها كتلة كبرية جداً يف منطقة صغرية جداً‪،‬‬ ‫فإذا تواجدت كتلة كبرية غري مرئية يف منطقة‬ ‫ما فهناك احتمال أن تكون هذه كتلة ثقب أسود‪،‬‬ ‫ولتقريب معنى كتلة كبرية جداً يف منطقة صغرية‬ ‫ج��داً‪ ،‬عليك أن تتخيل أن كل الكرة األرضية‬ ‫انضغطت وانكمشت إىل أن أصبحت حبجم كرة‬

‫قدم‪ ،‬فإذا حاولت رفع هذه الكرة لوجدت أن‬ ‫وزهنا يساوي وزن الكرة األرضية‪.‬‬ ‫‪ ‬ويعتقد العلماء أن الثقوب ال��س��وداء تؤثر‬ ‫بشكل أساسي يف بناء الكون‪ ،‬فثقب أسود ذو‬ ‫كتلة صغرية نسبياً يستطيع امتصاص كواكب‬ ‫وجن���وم بسهولة م��ا إن ت��دخ��ل يف األف����ق‪ ،‬أو‬ ‫يدمرها مبجرد امل��رور بالقرب منها‪ ،‬وبالتايل‬ ‫يتسبب ذلك يف توالد جيل جديد من النجوم‬ ‫من بقايا غريها‪.‬‬ ‫‪ ‬وهناك الثقوب ال��س��وداء العمالقة هائلة‬ ‫الكتلة‪ ،‬حيث أن كتلتها تساوي كتلة ماليني‬ ‫الشموس‪ ،‬ويعتقد أن أغلب اجمل��رات حتتوي‬ ‫يف م��رك��زه��ا ع��ل��ى ث��ق��ب أس���ود ع��م�لاق‪ ،‬فقد‬ ‫أثبت فلكيون بريطانيون بالدليل املباشر أن‬ ‫الثقوب السوداء يف مراكز اجملرات يزداد وزهنا‬ ‫مع تقدمها يف العمر‪ ،‬نتيجة التهامها للنجوم‬ ‫والغازات الكونية‪..‬‬ ‫كما أن ال��ث��ق��وب ال��س��وداء تلتهم النجوم‬ ‫والكواكب‪ ،‬فإهنا أيضا تلتهم بعضها البعض‬ ‫إذا حدث وأن اقرتبت من بعضها‪ ،‬ويف حاالت‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫أخرى عند التقاء ثقبني أسودين فإهنما يتحدان‬ ‫ليشكال ثقباً أسود أكرب وأقوى‪.‬‬ ‫‪ ‬وقد قام العلماء بتحديد أعمار ‪ 23‬جمرة‬ ‫جم����اورة‪ ،‬مب��ا فيها جم���رة ان��دروم��ي��دا أقرب‬ ‫اجمل��رات الكونية العمالقة جملرة درب التبانة‬ ‫وامل��ع��روف��ة باحتوائها على ث��ق��وب س���وداء يف‬ ‫مراكزها‪ .‬وكشف التحليل العمري عن تفاوت‬ ‫أعمار هذه اجملرات بني أربعة مليارات عام و‬ ‫‪ 12‬مليار عام‪ ،‬و قد ثبت أن هناك عالقة وثيقة‬ ‫بني عمر كل جمرة وكتل الثقوب السوداء اليت‬ ‫يف مركزها‪ ،‬وتبني أن الثقوب داخ��ل اجملرات‬ ‫الشابة متيل ألن تكون متواضعة يف حجمها‪،‬‬ ‫بينما حتتوي اجملرات املتقدمة يف السن على‬ ‫ثقوب سوداء أكرب حجماً‪.‬‬ ‫ويعتقد العلماء أن ال��ث��ق��وب ال��س��وداء قد‬ ‫زادت كتلتها بسبب اكتساهبا مزيد من الكتلة‬ ‫ع��ل��ى م���دى ع��م��ر اجمل����رة ال�ت�ي ت��ع��ي��ش فيها‪،‬‬ ‫وم��ن اجل��دي��ر بالذكر أن��ه ال يوجد أي مؤشر‬ ‫ع��ل��ى إن ه���ذا التضخم سيتوقف ع��ن��د حد‬ ‫ويقول العلماء أن أب��رز خ��واص الثقب األسود‬

‫هي خاصية جذبه لألجسام فاملادة اليت تسقط‬ ‫عليه ال ميكنها اهلرب منه ثانية فتقوم جاذبية‬ ‫الثقب جب��ذب ال��ن��ج��وم وال���غ���ازات م��ن اجملرة‬ ‫احمليطة ليزيد وزن���ه م��ع تقدمه يف العمر‪.‬‬ ‫و من املعروف أنه حتى اآلن مل يرصد العلماء‬ ‫س��وى ن��وع�ين م��ن ال��ث��ق��وب ال���س���وداء‪ ،‬الثقوب‬ ‫اليت هلا كتلة النجوم‪ ،‬واألخرى اليت تفوق كتلة‬ ‫النجم بأكثر من مليون م��رة‪ ،‬وقد ذكر علماء‬ ‫فلك بريطانيون أهنم اكتشفوا نوعاً جديداً من‬ ‫الثقوب السوداء من احلجم املتوسط‪..‬‬ ‫و مت اكتشاف ال��ن��وع اجل��دي��د م��ن الثقوب‬ ‫ال���س���وداء ع��ل��ى ب��ع��د حن��و ‪ 600‬س��ن��ة ضوئية‬ ‫(السنة الضوئية هي ما يقطعه الضوء يف سنة‬ ‫واحدة) ‪.‬‬ ‫من مركز اجملرة ( إم ‪ ) 8z‬باستخدام مرصد‬ ‫األشعة السينية والثقب املكتشف يشكل جزءاً‬ ‫من نظام ثنائي يضم الثقب وجسماً آخر اصغر‬ ‫منه يدوران حول بعضهما‪.‬‬ ‫وقد ارتفع عدد اجمل��رات اليت حتوي ثقوباً‬ ‫س���وداء يف قلبها إىل ‪ 33‬جم��رة بعد أن عثر‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪109‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫الباحثون الفلكيون على مثاني جمرات أخرى‬ ‫توجد يف مراكزها ثقوب سوداء ذات كتل فائقة‬ ‫الكثافة‪..‬‬ ‫واستناداً إىل النتائج اليت مت تسجيلها حديثاً‬ ‫عرب أجهزة التصوير الطيفية اليت حيملها املرصد‬ ‫الفضائي هابل فإن الثقب األس��ود العمالق ال‬ ‫يولد م��ع��زوالً مبفرده ثم يبدأ بتجميع اجملرة‬ ‫حوله‪ ،‬بل على العكس فإنه ينمو مع النجوم‬ ‫احمليطة به‪ .‬ويف دراسة أخرى ثبت وجود عالقة‬ ‫بني كتلة قلب اجملرة وكتلة الثقب األسود الواقع‬ ‫يف مركزها‪ ،‬وهذه العالقة ميكن أن تلخص يف‬ ‫أن كتلة الثقب األسود تساوي دوماً ‪ % 0.2‬من‬ ‫كتلة القلب‪..‬‬

‫‪ob‬‬

‫أضخم جنم يف الكون مل يتحول بعد‬ ‫إىل ثقب أسود‬ ‫يتساءل العلماء عما إذا كان انفجار النجم‬ ‫العمالق‪ ،‬وال��ذي خلف بريقاً ووهجاً مل يشهد‬ ‫علماء الفلك مثيالً له من قبل‪ ،‬سيضيء مساء‬ ‫األرض يف القريب العاجل‪.‬‬ ‫وفقاً ملا ذكره قائد فريق االكتشاف‪ ،‬ناثان‬ ‫مسيث‪ ،‬األستاذ يف جامعة كاليفورناي ببريكلي‪،‬‬ ‫فقد استخدم علماء الفلك عدة مراصد فلكية‬ ‫أرضية يف اكتشاف ما يعتقد أنه أكرب النجوم‬ ‫العمالقة على اإلط�لاق‪ ،‬إذ تفوق ش��دة بريقه‬ ‫بريق أضخم جنم عمالق معروف بنحو مخس‬ ‫مرات‪.‬‬ ‫وق��ال مسيت‪ :‬هذا االنفجار أضخم من أي‬ ‫ش��يء آخ��ر عهدناه‪ ..‬إن��ه ألم��ر مذهل بالفعل‪.‬‬ ‫حبسب وكالة األسوشيتد برس‪.‬‬ ‫وقد اكتشف هذه النجم العمالق ألول مرة‬ ‫أح���د الطلبة يف ت��ك��س��اس يف سبتمرب‪/‬ايلول‬ ‫املاضي‪.‬‬ ‫وأوضح مسيث أن هذا النجم العمالق‪ ،‬الذي‬ ‫أطلق عليه اسم ‪ ،SN2006gy‬يعترب نوعاً خاصاً‬ ‫من النجوم العمالقة اليت مل تعرف أو تشاهد‬ ‫سابقاً‏‪.‬‬ ‫ووص��ف مسيث النجم بأنه (ضخم بصورة‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫كويزارز ‪Quasars‬‬ ‫ً‬ ‫هي عبارة عن أجرام مساوية بعيدة جدا تشبه‬ ‫النجوم ولكنها تطلق ضوءاً وطاقة أكثر‪ ،‬وتعترب‬ ‫أسطع أج���رام مس��اوي��ة عرفت ل��دى اإلنسان‪،‬‬ ‫فالكويزارز الواحد يبلغ حجمه حجم جمموعتنا‬ ‫الشمسية كلها‪ ،‬ويطلق ضوءاً وطاقة أكرب بكثري‬ ‫مما يطلقه عدد من اجملرات جمتمعة‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إىل الطاقة والضوء واملوجات الالسلكية اليت‬ ‫يطلقها الكويزارز‪ ،‬فإنه يرسل أيضاً أشعة فوق‬ ‫بنفسجية‪ ،‬وأشعة حتت احلمراء‪ ،‬وأشعة اكس‬ ‫وأشعة جاما‪.‬‬

‫وغاما‪ ،‬وعندما ينظر علماء الفضاء إىل هذه‬ ‫الكويزارزات اليت تبعد عنا ما بني‪15 - 10 ‬‬ ‫بليون سنة ضوئية وهذا أقرهبم فإهنم ينظرون‬ ‫إىل ‪ 15 - 10‬بليون سنة يف املاضي‪ ،‬ولذلك‬ ‫فإن دراستها تعطي هؤالء العلماء معلومات عن‬ ‫املراحل األولية لتكوين الكون وفرصة لدراسة‬ ‫املاضي‪ ،‬وطبقا للدراسات فإن الكويزارز يعيش‬ ‫باليني السنني يتغذى يف قلب اجملرات وميتص‬ ‫كل ما يقرتب منه حتى يستنفد كل مواده‪ ،‬ومن‬ ‫ثم يقوم باالنتقال إىل جمرة أخرى‪ ،‬وحتى اآلن‬ ‫أيضاً مل يتأكد العلماء كيف تتكون هذه األجرام‪،‬‬ ‫ولكن غالب الظن أهنا ثقوب سوداء عمالقة‪.‬‬

‫‪110‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫والسؤال املهم هو من أين هلذه األجرام هذه‬ ‫القوة والضوء؟‬ ‫‪ ‬يعتقد العلماء أهن��ا ثقوب س��وداء عمالقة‬ ‫تكونت من زمن بعيد جداً تقع يف وسط أغلب‬ ‫اجملرات‪ ،‬فتلتهم جنوماً وكواكب بأكملها‪ ،‬وبذلك‬ ‫هي تضيء أثناء انصباب كل تلك النجوم املضيئة‬ ‫بداخلها‪.‬‬ ‫وحتى اآلن ال ميلك العلماء صورة واضحة‬ ‫عن أي كويزارز ألنه بعيد ج��داً‪ ،‬حتى أن أكرب‬ ‫تلسكوب ب��ال��ك��اد يلتقطه‪ ،‬ول��ذل��ك يستعمل‬ ‫العلماء التلسكوبات اليت تلتقط موجات إكس‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫استثنائية) مشرياً إىل أن ضخامته‏تبلغ أكرب بنحو‬ ‫‪ 150‬مرة من كتلة الشمس‪ .‬حبسب (‪.)CNN‬‬ ‫وأوضح املراقبون العاملون يف مرصد شاندرا‪،‬‬ ‫الذي يعمل باألشعة السينية‪ ،‬أن النجم املتفجر‬ ‫مل يتحول إىل (ثقب أس��ود) مثل بقية النجوم‬ ‫العمالقة املتفجرة‪ ،‬كما أنه مل مير مبرحلة موت‬ ‫النجوم‪.‬‬ ‫‏ووفقاً ملا ذكرته وكالة الفضاء األمريكية‬ ‫(ناسا)‪ ،‬فإن النجوم املتفجرة عادة ما يستمر‬ ‫الوهج الناجم عنها ح��وايل أسبوعني بأقصى‬ ‫تقدير‪ ،‬غري أن الوهج الناجم عن انفجار النجم‬ ‫العمالق هذا استمر على مدى‏سبعني يوماً‪.‬‬ ‫وقال مسيث إن هذا النجم العمالق‪ ،‬الذي‬ ‫يبعد ع��ن األرض ح���وايل ‪ 240‬م��ل��ي��ون سنة‬ ‫ضوئية والذي ينتمي جملرة أخرى بعيدة‪ ،‬يشري‬ ‫‏إىل احتمال انفجار جنم مشابه يبعد حنو ‪44‬‬ ‫كوادريليون ميل يف أي يوم من اآلن ورمبا بعد‬ ‫‪ 50‬ألف سنة‪.‬‬

‫‪ob‬‬

‫انفجار جنم يف منتصف طريقه إىل‬ ‫حافة الكون‬ ‫وسجّل انفجار ضخم لنجم كان يف منتصف‬ ‫طريقه حنو حافة الكون‪ ،‬رقماً قياسيا من حيث‬ ‫إمكانية مشاهدة جسم بعيد من األرض بالعني‬ ‫اجملردة‪.‬‬ ‫النجم اهل���رم‪ ،‬ال��ذي ك��ان ضمن جم��رة غري‬

‫املراجع‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫معروفة‪ ،‬انفجر مُطلقاً حزماً من أشعة (غاما)‬ ‫على بعد ‪ 7.5‬مليار سنة ضوئية من األرض‪،‬‬ ‫ليبلغ سطوع هذا االنفجار كوكب األرض فجراً‪.‬‬ ‫فقد استطاع القمر الصناعي (سويفت) التابع‬ ‫لوكالة علوم الفضاء والطريان األمريكية (ناسا)‬ ‫رصد األشعة الناجتة عن االنفجار‪ ،‬بينما قال‬ ‫أحد مديري الوكالة‪ ،‬نيل غرييلز‪ :‬مل يصدف أن‬ ‫شاهدنا سابقاً انفجاراً هبذا السطوع ومن هذه‬ ‫املسافة‪ .‬حبسب (‪.)CNN‬‬ ‫وأض��اف أن مشاهدته بالعني اجمل��ردة كانت‬ ‫واضحة بشكل كافٍ‪ ،‬بينما مل يصل (ناسا) أية‬ ‫تقارير عن احتمال ان يكون هواة الفلك ومراقبة‬ ‫اجملرات‪ ،‬قد شاهدوا االنفجار الذي دام أقل من‬ ‫ساعة‪ .‬حبسب وكالة األسوشيتد برس‪.‬‬ ‫وقال عامل الفلك يف جامعة بنسلفانيا ديفيد‬ ‫بوروز إن الالفت يف احلدث ليس حجم االنفجار‬ ‫إمنا املسافة اليت كان يتحرك هبا النجم‪ ،‬مضيفاً‬ ‫أنه كان يف منتصف الطريق إىل حافة الكون‪.‬‬ ‫من جهته أوضح غرييلز أن النجم كان قبل‬ ‫انفجاره أكرب من كوكب الشمس بأربعني ضعفاً‪،‬‬ ‫كما أن شدة االنفجار أدت إىل تبخر أي كوكب‬ ‫قريب‪.‬‬ ‫يذكر أن مسافة ‪ 7.5‬مليار سنة ضوئية تفوق‬ ‫بكثري أبعد جنم أمكن مشاهدته بالعني اجملردة‪،‬‬ ‫والبالغ ‪ 2.5‬مليون سنة ضوئية‪ ،‬علماً أن السنة‬ ‫الضوئية تبلغ ‪ 5.9‬تريليون ميل‪.‬‬

‫‪ww‬‬

‫كتاب عن الثقوب السوداء لعامل الفضاء األملاني «كارل شوارتزلد ‪.‬‬ ‫مقاالت علمية للعامل االجنليزي «ستيفن هوكني ‪.‬‬ ‫مقاالت للعامل ناثان مسيث‪ ،‬األستاذ يف جامعة كاليفورناي ببريكلي ‪.‬‬ ‫موقع على شبكة االنرتنت ‪WWW.HA3SOQ.COM‬‬ ‫مادة علمية لألستاذ ميثم العتابي ‪.‬‬ ‫حبث عن الثقوب السوداء لألستاذ أمحد قسيت ‪.‬‬ ‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪111‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪112‬‬ ‫هناد شريف‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫انشقت السحب املرتاكمة بعرض السماء عن‬ ‫جمموعة من اجل��راد راح��ت تقرتب يف إصرار‬ ‫غريب من القرية الرابضة يف أسفل‪ ..‬واليت‬ ‫حي��ده��ا ش��رق �اً جم���رى هن��ر ف��ض��ي‪ ..‬يف حني‬ ‫حتيط مشارفها الغربية بضع مداخن عالية‪..‬‬ ‫تربز من ثالثة مصانع ضخمة ترتامى وراءها‬ ‫صحراء شاسعة اليدرك البصر هناية هلا‪..‬‬ ‫زاد اقرتاب جمموعة اجلراد‪ ..‬وبدأ يتضح هلا‬ ‫أزيز مكتوم عكر صفو السكون املتسربل بأوىل‬ ‫ملسات الفجر ال��رط��ي��ب‪ ..‬وك�بر حجم اجلراد‬ ‫أكثر‪ ..‬وسقطت عليه خيوط متسللة من ضوء‬ ‫مبهم فإن الشمس مل يظهر قرصها بعد من‬ ‫خلف اجلبال يف أقصى الشرق‪..‬‬ ‫وبغتة مسع نعيب متقطع‪ ..‬يرن صداه خافتاً‬ ‫م�تردداً وسط بيوت القرية‪ ..‬اليت عراها هرج‬ ‫كبري ملقدم الطائرات العمودية وقد زاد عددها‬ ‫عن الستني من حامالت اجلنود داكنة اللون‪..‬‬ ‫وبالفعل انطلقت عدة صواريخ طائشة يف‬ ‫اجتاه الطائرات‪ ..‬وقد عال اآلن هدير حمركاهتا‬ ‫العنقودية يصم اآلذان ويعتصر تفريغ اهلواء‬ ‫املتسبب عنها قمم األشجار‪..‬‬ ‫لكن املقاومة األرض��ي��ة مل تعمر طويالً‪..‬‬ ‫فسرعان ماغلبت على أم��ره��ا إزاء القصف‬ ‫اجلوي املركز‪ ..‬وأمام األعداد الوفرية من اجلند‬ ‫الذين تدفقوا هابطني بعدة امليدان الكاملة‪..‬‬ ‫ليستولوا على أهم املرافق وال��دور‪ ..‬وحييطوا‬ ‫بالقرية من مجيع اجلهات إحاطة حديدية‪..‬‬ ‫وكما جرى قبالً مع سكان القرى املنتشرة‬ ‫ج��ن��وب�اً‪ ..‬املسافات شاسعة‪ ..‬حيث ق��دم من‬ ‫اجتاهها امل��ش��ؤوم‪ ..‬فقد مت ه��ذه امل��رة أيضاً‬ ‫حصر من تبقى حياً من األهايل‪ ..‬ومجعهم كلهم‬ ‫حتت احلراسة القوية ليمألوا – وقوفاً – نصف‬ ‫امليدان الرئيسي بالقرية‪ ..‬وهم يشكلون مثلثاً‬ ‫متساوي األضالع‪ ..‬ترتكز قاعدته يف امليدان‪..‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬ ‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫وخت��رج قمته يف اجت��اه أحد الشوارع اجلانبية‬ ‫العريضة‪ ..‬وفيما وراء قمة املثلث البشري‪..‬‬ ‫قامت ثلة من اجلند تثبت يف أرضية الشارع‬ ‫لوحاً عالياً‪ ..‬من رقائق تشبه الصلب‪..‬‬ ‫طلي مبادة المعة هلا رائحة السكر احملروق‬ ‫النفاذة‪ ..‬بينما اصطف يف مواجهة قاعدة املثلث‬ ‫البشري باجلانب اآلخر من امليدان‪ ..‬طابوران‬ ‫ك��ام�لان م��ن اجل��ن��د ذوي األردي����ة الربتقالية‬

‫السميكة واملدججني باملدافع قاذفة أشعة الليزر‬ ‫الساحقة‪ ..‬وقد مجدت قسماهتم وهم على أهبة‬ ‫االستعداد‪..‬‬ ‫دخلت امليدان سيارة جيب مقفلة‪ ..‬راحت‬ ‫تتقدم من طابوري اجلند الذين سارعوا يفسحون‬ ‫هلا مكاناً يف منتصف طابورهم األمامي ووقفت‬ ‫السيارة يف الرقعة املعدة هل��ا‪ ..‬وفتح ظهرها‬ ‫امل��ق��اب��ل أله��ل ال��ق��ري��ة يف وقفتهم الساخطة‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪113‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬

‫املتذمرة‪ ..‬وأخرج جهاز صغري يشبه تلفزيوناً‬ ‫من حجم ثالث وعشرين بوصة وإن استبدلت‬ ‫شاشته البانورامية بفوهة قمع مستطيلة برزت‬ ‫متاماً وقد مألهتا عدسة عمالقة اليقل قطرها‬ ‫عن نصف مرت وه��ي ذات بعد ب��ؤري كبري يف‬ ‫الوقت ال��ذي يرتكز فيه اجلهاز على عجالت‬ ‫مطاطية ثالث ثم تقدم مثانية من كبار الضباط‬ ‫لينتصبوا على يسار اجلهاز يف امتداد وعيوهنم‬ ‫مشرئبة إىل أعلى‪..‬‬ ‫أخرياً‪ ..‬استدارت الطائرة العمودية املتبقية‬ ‫وح��ده��ا معلقة يف اجل���و‪ ..‬وال�تي ينطبع على‬ ‫جانبيها شعار ميثل أفعى س��وداء تقذف هلما‬ ‫من جوفها لتأخذ يف اهلبوط وئيداً وكأهنا ندفة‬ ‫قطن حيتضنها اهل��واء حتى استقرت يف قلب‬ ‫امليدان متاماً‪..‬‬ ‫وبرز من جوف الطائرة ضابط قصري مكتنز‬ ‫البدن يضع على عينيه عوينات قائمة بينما تزين‬ ‫قبعته وكتفيه شرائط ذهبية عريضة‪ ..‬وتوقف‬ ‫الضابط الذي بدا عليه من الوهلة األوىل أنه‬ ‫القائد األعلى للغزاة توقف برهة جييل بصره‬ ‫يف اجلموع املرتاصة يف أحن��اء امليدان قبل أن‬ ‫يتقدم صوب اجلهاز احملاط جبنده وضباطه يف‬ ‫مشية متئدة باردة مليئة بالصلف والكربياء‪..‬‬ ‫ثم سكنت قدما القائد عند ميني اجلهاز‪..‬‬ ‫بعد ذلك تعالت من بني مجوع األهايل أصوات‬ ‫حنق و مشاغبة‪ ..‬وحاول أربعة أو مخسة منهم‬ ‫التحرك خارج نطاق املثلث اجملربين على تكوينه‬ ‫بأجسادهم فالقوا حتفهم بطلقات الليزر على‬ ‫الفور‪..‬‬ ‫وتفحمت أجسادهم يف حلظات‪ ..‬على أن عني‬ ‫القائد مل تطرف للشغب ومل تتحرك يف وجهه‬ ‫عضلة واح��دة‪ ..‬وحني مشل الصمت واهلدوء‬ ‫امليدان مرة أخرى ركز القائد حدقتيه من خلف‬ ‫العوينات على اجلهاز القابع جب��واره يتفحص‬

‫‪ob‬‬

‫‪114‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫أجزاءه ثم مال قليالً حنو أقرب الضباط إليه‬ ‫ومهس له من بني شفتيه املغلقتني‪..‬‬ ‫أكل شيء على مايرام؟‬ ‫أجاب الضابط ووجهه يف صالبة الرخام‪:‬‬ ‫أجل ياسيدي‪..‬‬ ‫وهل اجلهاز معد؟‬ ‫إننا رهن إشارتك‪..‬‬ ‫اشرأب القائد بقدميه وحافة قبعته تطاول‬ ‫السماء ونطق وجفناه مرخيان‪..‬‬ ‫إننا الشعب املختار‪ ..‬ال��ذي يؤمن بعقيدة‬ ‫واح��دة ومبدأ واح��د وأم��ة واح��دة تسود العامل‬ ‫حتت حكمنا‪ ..‬ومن خرج عن تعاليمنا ليس منا‪..‬‬ ‫وجيب أن يقضى عليه‪ ..‬وأنتم يف هذه اللحظة‬ ‫ه��ؤالء احلمقى امل��ارق��ون‪ ..‬املسلوبة عقوهلم‬ ‫خبرافة تارخيكم وأصل وجودكم‪ ..‬هاحنن قد‬ ‫جئنا لنحرركم‪ ..‬ملنحنكم الفرصة الوحيدة‬ ‫الباقية لكم ل��ت��ع��ودوا إىل حظريتنا فتجنبوا‬ ‫ال��ب��ق��اء‪ ..‬وسيتوىل تقوميكم الشعاع املقدس‬ ‫باعث الوجود اجلديد‪ ..‬وباعث الكيان األمثل‬ ‫ألبدانكم والفكر األطهر لعقولكم‪ ..‬إننا نستطيع‬ ‫اليوم أن نؤكد لكم أننا‪ ..‬الشعب املختار‪ ..‬على‬ ‫مدى خطوات قليلة من هدفنا العظيم ومل تبق‬ ‫إال مسافة قصرية حتى تتم األفعى الرمزية‬ ‫شعار شعبنا دورهت���ا‪ ..‬وحينما تغلق الدائرة‬ ‫ستكون كافة بالدكم ومدنكم وقراكم حمصورة‬ ‫داخلها بأغالل ال تنكسر‪..‬‬ ‫وابتسم القائد األعلى بركن وجنته احملمرة‬ ‫من اإلف��راط يف تناول اخلمر ابتسامة صفراء‬ ‫عربت عن باطنه املهتز‪ ..‬وببطء خلع قفاز ميناه‬ ‫ليمسكه بيده ويطرقه طرقتني ملولتني على‬ ‫راحة يده اليسرى‪ ..‬ثم فجأة رفعه يف إمياءة‬ ‫حاقدة أعطى هبا إشارة البدء‪ ..‬‬ ‫فانساب من فوهة العدسة مبقدم اجلهاز‬ ‫ضوء باهر غطت أشعته األرجوانية املختلطة‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫بألوان قوس قزح على ضياء الصبح الوليد‪..‬‬ ‫وب���دت م��ن خ�لال األش��ع��ة دخ��ن��ة هل��ا قوام‬ ‫الضباب زحفت يف مواجهة األهايل احملاصرين‬ ‫وانتشرت بينهم‪ ..‬ثم سرعان مالفتهم بداخلها‬ ‫حتى غطتهم كلية‪ ..‬على أن األم��ر مل يستمر‬ ‫ألكثر من دقائق أربع أقفل اجلهاز بعدها‪ ..‬ويف‬ ‫نعومة مثرية راح��ت سحابة الضباب تنقشع‬ ‫خملفة وراءها الذين احتوهتم من قبل وقد بدوا‬ ‫جم��رد هامات جممدة عابسة يلفها الذهول‬ ‫الغامض الذي يثري الشك‪ ..‬وساد السكون برهة‬ ‫كأهنا الدهر‪..‬‬ ‫يف حني أطلق القائد آهة ارتياح عميقة وقد‬ ‫بان عليه التعب واإلعياء فقد أدى يف التو واحدة‬ ‫من أثقل املهام اليت ألقيت على عاتقه مؤخراً‪..‬‬ ‫لقد دقت السابعة؟‬ ‫بالضبط ياسيدي‪..‬‬ ‫وقطب القائد جبينه مفكراً‪ :‬اجلو اليوم حار‪..‬‬ ‫إذن فدعوهم يف مكاهنم خالل الساعات العشر‬ ‫املعهودة دون إقامة األستار الواقية حوهلم‪..‬‬ ‫حسناً ياسيدي‪..‬‬ ‫أل��ق��ى ال��ق��ائ��د ن��ظ��رة أخ�ي�رة ع��ل��ى األه���ايل‬ ‫وق��د ب��دأوا يف اف�تراش األرض مجاعات وكأن‬ ‫سيقاهنم مل تعد تقوى على محل أجسامهم قبل‬ ‫أن يرتك امليدان ويتجه إىل الطائرة يف خطوات‬ ‫عجلة هاربة‪ .‬يف حني بدأ اجلنود يف االنصراف‬ ‫تباعاً دون مباالة حتى خالل امليدان منهم ومن‬ ‫سياراهتم وأدواهتم فيما عدا جندياً واحداً ترك‬ ‫ملراقبة األهايل عن كثب وهم على حالتهم من‬ ‫التبلد والتوهان‪..‬‬ ‫يف نفس ال��ي��وم وب��ع��د م���رور أق��ل م��ن أربع‬ ‫ساعات على غزو الطائرات العمودية للقرية‬ ‫سالفة ال��ذك��ر‪ ..‬ويف مكان ينأى عنها مشاالً‬ ‫بثالثني ميالً من اجلبال الوعرة وغابات أشجار‬ ‫املاجنو والليمون املغذاة باحملاليل الكيميائية‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫املتدفقة صناعياً خالل الرتبة اجلدباء‪ ..‬كانت‬ ‫هناك أحداث أخرى التقل إثارة تدور يف اخلفاء‬ ‫وقد دمغها طابع من اجلدية والتصميم‪ ..‬فعرب‬ ‫واحد من املمرات اجلبلية اليت يتوارث أسرارها‬ ‫أبناء املنطقة أباً عن جد راح نفر من الرجال‬ ‫الفارعي القامة واملتدثرين بأردية بنية متيل‬ ‫إىل ال��زرق��ة وحيملون أسلحة قصرية شديدة‬ ‫الفتك‪ ..‬راحوا يطأون بنعاهلم املطاطية أرضية‬ ‫املمر الضيق املليئة باحلصى املدبب وخيوضون‬ ‫يف الربك اآلسنة املنتشرة حتى صدورهم وهم‬ ‫يتقدمون حثيثاً يف صمت وبال أدنى صوت أو‬ ‫أقل بارقة من ضوء تنري هلم طريق سريهم‪..‬‬ ‫كانوا ستة من امل��رده يتسللون عرب الظلمة‬ ‫ال��ض��ارب��ة يف امل��م��ر إىل غايتهم وك��أهن��م قطع‬ ‫متحركة م��ن س��واده��ا إىل أن خ��رج��وا لوضح‬ ‫النهار حيث أشعة الشمس تغشي األبصار فوق‬ ‫سهول الذرة املرتامية إىل ماال هناية‪..‬‬ ‫على أن الرجال مل يتقدموا خطوة واحدة‬ ‫وإمنا انبطحوا على الثرى املعشوشب يفحصون‬ ‫رقعة األرض املمتدة على مرمى بصرهم وهبا‬ ‫زراعات الذرة‪ ..‬وخزان املياه‪ ..‬وجمرى القطار‬ ‫ال��ن��ف��اث املغلق ب��ع��ي��داً‪ ..‬وفيما وراءه مدينة‬ ‫األحباث الزجاجية وجبوارها مصنع قطع غيار‬ ‫البشر الذي افتتح منذ عامني‪ ..‬وأخرج أحدهم‬ ‫عداداً مستديراً أدار مفتاحاً يف واجهته فأخذ‬ ‫يئز بشدة وكأنه يوشك على التفتت إىل أشالء‬ ‫متناثرة‪..‬‬ ‫هتف ال��رج��ل باملقدمة وه��و يقيس بعينيه‬ ‫املسافة بني مكمنهم وبني خزان املياه املهجور‬ ‫الذي يشمخ وسط عيدان الذرة‪..‬‬ ‫ليس بعد‪ ..‬إنكم تسمعونه معي يعطي إنذاراً‬ ‫بتسليط موجات الرادار على منطقتنا‪ ..‬فلننتظر‬ ‫حتى جتاب املوجات‪ ..‬وتبتعد‪..‬‬ ‫مل جيبه واحداً منهم وإمنا ظلوا على صمتهم‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪115‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬

‫ساكتني مرتقبني وحني كف العداد عن األزيز‬ ‫على حني غرة وضع الرجل باملقدمة يده الثقيلة‬ ‫على كتف الرجل التايل له ومتتم‪ :‬واآلن أنت‪..‬‬ ‫تقدم‪ ..‬فأنسل الرجل بني أعواد الذرة حبمله‬ ‫من األسلحة والذخائر جت��اه خ��زان املياه إىل‬ ‫أن شوهد خالل دقائق يتسلق درجاته املتآكلة‬ ‫وخيتفي يف جوفه خبفة اهل��ر‪ ..‬وع��اد العداد‬ ‫إىل أزي��زه‪ ..‬ثم صمت مرة أخرى لينفلت رجل‬ ‫ثان‪ ..‬فرجل ثالث‪ ..‬ورابع‪ ..‬حتى اختفى الرجال‬ ‫الستة بداخل اخلزان وخيم السكون املطلق على‬ ‫السهول وال��ت�لال وإىل ضفيت النهر الفضي‬ ‫املنساب رقيقاً من بعيد‪..‬‬ ‫يف قلب اجلدران اخلرسانية للخزان الضخم‬ ‫ب��دأ عقد االجتماع ال��ش��اذ ب�ين تسعة زعماء‬ ‫ميثلون قطاعات خمتلفة من فدائي (اجلبهة‬ ‫احلرة املكافحة حتى الفناء) يف حني جثم فدائي‬ ‫عاشر يف القمة للمراقبة وعيناه جت��والن يف‬ ‫حدة عيين الصقر‪ ..‬ومل يكونوا رجاالً عاديني‪..‬‬ ‫والكانوا مبرتزقة قتال أو ذوي طموح سياسي‬ ‫وط�ل�اب ش��ه��رة‪ ..‬وإمن���ا ه��م م��ن غ�لاة الثوار‬ ‫املفكرين‪ ..‬وكانت غايتهم الوحيدة منذ عقدوا‬ ‫العزم هي قهر الغزاة بأي مثن كان مهما غال‬ ‫ومهما بعد مناله‪ ..‬ولكن كيف السبيل؟ انطلق‬ ‫صوت الفدائي حامل املشعل الكهربائي جيلجل‬ ‫وهو يلوح بيده املطبقة يف كثري من احلرية وكثري‬ ‫من الغيظ‪:‬‬ ‫أجل‪ ..‬كيف نوقفهم عن التقدم عرب أراضينا‬ ‫وق��ران��ا‪ ..‬ثم واأله���م‪ ..‬كيف نوقفهم عن غزو‬ ‫عقولنا ‪..‬‬ ‫وقال فدائي يعبث يف قاذف اللهب يف حركة‬ ‫آلية‪ - :‬ذلك اجلهاز اجلهنمي‪ ..‬ال��ذي يسلب‬ ‫العقل واإلرادة والشخصية حتى الذكريات‬ ‫وحي��وهل��ا إىل ش��يء مغاير ب��امل��رة‪ ..‬إن��ه حيول‬ ‫عداوتنا وبغضنا وتربصنا للعودة إىل‪ ..‬ماذا‬

‫‪ob‬‬

‫‪116‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫أق���ول‪ ..‬إن��ه حيولنا إىل جم��رد أن��اس يسريون‬ ‫يف ركب الغزاة وقد حسبناهم منا ومن أهلنا‬ ‫وشعبنا وليسوا غرباء معتدين‪ ..‬آمثني‪..‬‬ ‫واتضحت املرارة يف نربات فدائي ثالث وهو‬ ‫يضيف ‪:‬‬ ‫ والغريب أن الذي يسيطر عليهم اجلهاز‬‫مب��ج��رد أن يفيقوا يتقدمون للسري يف فلك‬ ‫األع���داء تلقائياً وق��د نسوا كلية احل��رب اليت‬ ‫خاضوها معهم منذ ساعات قالئل‪ ..‬فإذا حان‬ ‫موعد غزو جديد اندفعوا بدورهم خبوضوهنا‬ ‫جنباً إىل جنب مع جند األعداء ويسلطون نفس‬ ‫اجلهاز على أقارهبم وأبناء وطنهم السابقني‬ ‫وقد أصبحوا اليعرفوهنم‪..‬‬ ‫وقال فدائي رابع حبدة جرح غائر‪ - :‬أرى‬ ‫أن اخلطأ ناتج عن تقاعسنا حنن‪ ..‬فاملعتدون‬ ‫هم املعتدون وإمن��ا اللوم كله يقع على كاهلنا‬ ‫وحدنا‪..‬‬ ‫تساءل الفدائي األول يف نغمة غضب‪:‬‬ ‫ ولكنا بذلنا املستحيل‪..‬‬‫احلقيقة أهنم متقدمون عنا علمياً يف نواح‬ ‫شتى‪ ..‬متعددة‪ ..‬وم��وارد هم أضعاف مواردنا‬ ‫احملدودة بأرضنا‪ ..‬فقدرهتم على التسول بني‬ ‫األمم الغنية معروفة‪ ..‬‬ ‫بل هي مشكلة أزلية‪ ..‬فمادام يوجد تفاوت‬ ‫يف الثروات وتفاوت يف القوى احلربية‪ ..‬فإنه لن‬ ‫يكون هناك عدل دويل‪..‬‬ ‫وعاد الفدائي األول يعرتض بشدة‪:‬‬ ‫ كل الذي تذكرون اليربر غزوهم الغامض‬‫ألراض��ي��ن��ا‪ ..‬إن��ن��ا ي��ارف��اق يف ال��ق��رن الواحد‬ ‫والعشرين ولسنا بعد نعيش مهجية القرون‬ ‫السالفة‪..‬‬ ‫وه��ب فدائي آخ��ر مل يتكلم قبالً فدنا من‬ ‫فتحة اخلزان العليا املتسعة حيث جيثم احلارس‬ ‫ومأل رئتيه عميقاً باهلواء النقي ثم استدار إليهم‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫ليقول يف صوت خافت أقرب إىل اهلمس‪..‬‬ ‫صرباً يارفاق ‪ ..‬لنفكر هبدوء ودون انفعال‪..‬‬ ‫لقد جربنا منذ ب��دأ الغزو منذ أكثر من عام‬ ‫مضى أشياء ع��دة‪ ..‬جربنا قتاهلم بعنف وبال‬ ‫ه���وادة ولكننا على ال���دوام عانينا م��ن نقص‬ ‫الرجال من جراء ماحيولونه من شعبنا إىل أناس‬ ‫مغايرين ينقلبون لقتالنا حنن‪ ..‬وحاولنا أكثر من‬ ‫مرة حتطيم جهازهم املشع الذي يطلقون عليه‬ ‫باعث الوجود اجلديد ولكنهم كانوا يسارعون‬ ‫دوم�اً جبلب أجهزة غريها مع أن الواحد منها‬ ‫صعب اإلع��داد باهظ التكاليف‪ ..‬ثم جربنا‬ ‫أخرياً إبطال مفعول جهازهم على عقول الذين‬ ‫سحرهم ولكن‪ ..‬لألسف‪ ..‬فقد فشلت كافة‬ ‫األدوية والعقاقري اليت استعملناها معهم‪..‬‬ ‫معنى ذلك أننا نسري يف طريق مسدود‪..‬‬ ‫وأن الأمل يف وقفهم على اإلطالق‪..‬‬ ‫بل هناك أمل على الدوام‪..‬‬ ‫التفت الكل إىل مصدر الصوت اهلادئ اآلتي‬ ‫من ركن اخلزان املعتم ومع أهنم مل يتبينوا يف‬ ‫العتمة سوى األنف احلاد املنحين ألسفل فقد‬ ‫عرفوا صاحبه على ال��ف��ور‪ ..‬إن��ه الفدائي ذو‬ ‫القامة الطويلة والنحيلة بعض الشيء والذي‬ ‫حيمل وجهاً أمسر رصيناً ويلقبونه بالصامت‬ ‫لندرة ماينطق ب��ه‪ ..‬ترى فأي قوى تدفعه يف‬ ‫هذه اللحظة ليتكلم عن األمل يف الوقت الذي‬ ‫استحال فيه مناله وتشتتت كافة السبل إليه‪.‬؟‬ ‫ورد الفدائي امللقب بالصامت‪ - :‬من احلمق‬ ‫ي��ارج��ال أن يفقد ال��واح��د منا ات��زان��ه يف مثل‬ ‫ظرفنا العصيب هذا‪..‬‬ ‫فتحداه واح��د منهم‪ - :‬إن احللقة تضيق‬ ‫حتى أصبحنا نرى اخلامتة بأعيننا وبالرغم من‬ ‫ذلك تطلب منا أال نفقد اتزاننا‪...‬‬ ‫قال الفدائي امللقب بالصامت‪ - :‬على عكس‬ ‫كل الذي مسعت ففي رأيي أننا مل نقل كلمتنا‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫النهائية بعد‪..‬‬ ‫وهل بقي ماحناوله؟‬ ‫أجل‪ ..‬شيء واحد‪..‬‬ ‫مل يقوَ غالبية الرجال على إخفاء فضوهلم‬ ‫فأمطروه بأسئلتهم امللحة ف��إذا به يفاجئهم‬ ‫بذكر األمر الوحيد الذي غاب بالفعل عن باهلم‬ ‫ومل تصل إليه حماوالهتم‪..‬‬ ‫وتساءل الفدائي األول متحريا‪ً:‬‬ ‫ ومب��اذا يفيدنا أن حنصل على واحد من‬‫هذه األجهزة ‪..‬؟‬ ‫أجاب الصامت‪ - :‬منذ مخسة شهور‪ ..‬وعلى‬ ‫وج��ه التحديد يف الثاني من ديسمرب املاضي‬ ‫عثرت بداخل حمفظة أحد القتلى من ضباط‬ ‫العدو على أوراق هامة احتوت بينها فيلماً‬ ‫ميكروسكوبياً فيه رسم دقيق على جانب كبري‬ ‫من اخلطورة‪..‬‬ ‫ ماذا كان ؟‬‫ً‬ ‫ً‬ ‫ لقد وجدته رمسا تفصيليا لرتكيب جهاز‬‫األشعة الذي يستعملونه ضدنا‪..‬‬ ‫تعالت مهسة دهشة بني الرجال إال أن الفدائي‬ ‫الصامت أبعد رأسه عن العتمة فاتضحت معامل‬ ‫وجهه اجلادة وهو يسرتسل يف بساطة ‪:‬‬ ‫ ومن بني عشرات األلوف من الصمامات‬‫وال��دوائ��ر الكهربائية املوجودة باجلهاز لعلكم‬ ‫مسعتم بأمهية جزء خاص يقع خلف العدسة‬ ‫مباشرة ويسمى (مشعة النفاذ االلكرتوني)‪ .‬هذه‬ ‫الشمعة هي اجلزء احليوي يف اجلهاز وبالتايل‬ ‫املعقد غاية التعقيد‪..‬‬ ‫البد أهنا السبب يف كل ماحيدثه هذا اجلهاز‬ ‫من آثار خمربة‪..‬‬ ‫متاماً‪ ..‬ففي داخلها تتولد اجلزئيات النشطة‬ ‫اليت تدفع بومضات اإلشعاع إىل ذرى تالفيف‬ ‫اخلاليا العصبية باملخ البشري فتمحو ذكرياته‬ ‫القدمية ومتزق تسجيالت العقل الباطن شر‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪117‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬

‫مم��زق مثلما منحو التسجيالت السابقة‬ ‫من على شريط التسجيل‪ ..‬وهي التفعل ذلك‬ ‫فحسب وإمن��ا تسيطر أيضاً على كل ذرة يف‬ ‫اجلهاز العصيب امل��رك��زي وك��ل خلية عصبية‬ ‫تأمتر بأمره‪...‬‬ ‫ياله من تفكري إجرامي ذلك الذي توصل لكل‬ ‫ماتذكر؟‬ ‫بل قل إهنا حاجتهم امللحة لتعويض مايعانون‬ ‫من قلة يف االفراد ‪..‬‬ ‫ومل يتوقف الصامت عن الكالم‪ - :‬ولقد‬ ‫فكرت ذات ليلة يف شيء مثري‪..‬‬ ‫وماهو؟‬ ‫لقد سألت نفسي أليس يف اإلمكان صنع‬ ‫مشعة الكرتونية مضادة؟‬ ‫ماذا تعين؟‬ ‫ويف ك��ل��م��ات خم��ت��ص��رة أوض����ح الفدائي‬ ‫ملستمعيه فكرته اجلريئة‪ ..‬فلو أمكن صنع‬ ‫مش��ع��ة ال��ك�ترون��ي��ة ذات م��ف��ع��ول م��ض��اد فإن‬ ‫مبقدورها أن حتول فاعلية اجلهاز إىل عكس‬ ‫املطلوب منه فبدالً من االستسالم واخلنوع‬ ‫يقوم اجلهاز ببث الكراهية واحلقد يف عقول‬ ‫املسلطة عليهم األشعة جتاه حائزي اجلهاز ويف‬ ‫هذا مفاجأة ضخمة للغزاة مل يعدوا عدهتم هلا‬ ‫من قبل وليست هي يف حساباهتم حبال من‬ ‫األحوال‪..‬‬ ‫وهل توصلت إىل تصميم هلذه الشمعة اليت‬ ‫تقرتحها‪ ..‬إننا نعلم مدى شغفك ومتكنك من‬ ‫العلوم االلكرتونية‪..‬‬ ‫فابتسم الفدائي الصامت وهو خيفي مسحة‬ ‫خجل اعرتته‪ - :‬بالطبع ليس بعد‪ ..‬فكيف يل‬ ‫باألدوات‪ ..‬واملعدات‪.‬؟‬ ‫سنعمل على توفريها لك‪ ..‬‬ ‫وأن��ى يل باملساعدين اجل��ادي��ن‪ ..‬األكفاء‪..‬‬ ‫الصابرين؟‬

‫‪ob‬‬

‫‪118‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫ومه��س ال��ف��دائ��ي األول يف نغمة متحفزة‬ ‫حتمل رائحة الكفاح املرتقب وتعرب عن عزمية‬ ‫التلني‪..‬‬ ‫البد وأن هنيئ لك كل ماتطلب‪ ..‬أيها الرفاق‬ ‫فيم انتظارنا هلم لنتخذ أوىل اخلطوات حنو‬ ‫الطريق الشاق الطويل‪..‬‬ ‫ومر عام ونصف عام آخر والغزاة سادرون‬ ‫يف تقدمهم البطيء املتمهل ففيم االستعجال‬ ‫والغلبة هلم يف النهاية على الدوام‪..‬‬ ‫ع��ل��ى أن���ه يف م��ك��ان ق��ص��ي وس���ط ممرات‬ ‫اجلبال السرية وخلف أمجة وارفة من أشجار‬ ‫اجل��واف��ة ت���وارت خلية للنحل تعمل يف تكتم‬ ‫شديد من أج��ل إجن��از ش��يء صغري ودقيق‪..‬‬ ‫ولكنه بالغ األمهية‪ ..‬ويف ليلة غاب عنها القمر‬ ‫وأظلمت فيها السماء مبا محلته من سحب‬ ‫س��وداء متشابكة انقضت فرقة انتحارية من‬ ‫الفدائيني على قافلة للعدو أثناء عبورها ممراً‬ ‫وع���راً يلتوي ب�ين جبلني فقتلت مجيع جنود‬ ‫القافلة وأح��رق��ت س��ي��ارات مث��ان م��ن جمموع‬ ‫سيارات القافلة البالغة مثاني عشرة سيارة‪..‬‬ ‫وحلسن حظ الغزاة أو لسوئه فقد أمكن للفرقة‬ ‫من جندهم اليت سارعت لنجدة القافلة أن تعثر‬ ‫على أهم ماكانت تضعه سياراهتا وهو جمموعة‬ ‫من أجهزة؟ باعثي الوجود اجلديد‪ ،‬أخفيت‬ ‫مبهارة أسفل السيارات ال�تي مل حت�ترق فقد‬ ‫فات الفدائيون أن يعثروا عليها وبذلك جنت‬ ‫من تدمريهم هلا‪.‬‬ ‫أخذ رداء الليل احلالك ينساب رويداً رويداً‬ ‫عن أسطح ال��دور املتالصقة يف تزاحم أعلى‬ ‫التل املنبسط‪ ..‬وعلى الرغم من عدم اتضاح‬ ‫أي مصدر للضياء فقد أنارت السماء الرائقة‬ ‫ملسة حانية من ألوان باهتة فيها انتعاشة الفجر‬ ‫وطيب نسائمه الباردة‪..‬‬ ‫ونفض عصفور قطرات الندى ال�تي تبلل‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫جناحيه فوق غصن مائل‪ ..‬وأطل جرذ من شق‬ ‫جبدار متداع ليشم رائحة الفجر ثم توارى يف‬ ‫جحره‪ ..‬وصاح ديك مرتني وقد أمضه السبات‬ ‫املخيم على الناس داخل يبوهتم‪ ..‬وبالفعل تعالت‬ ‫بعض األصوات الناشزة عرب السكون املنتشر يف‬ ‫تلك الساعة اليت أعلنت بداية يوم جديد‪..‬‬ ‫وجاء اجلراد‪..‬‬ ‫بدا كعادته جمرد نقط قائمة تكاد المتيزها‬ ‫العني عند األف���ق‪ ..‬ث��م أخ��ذت أحجامه تكرب‬ ‫وتزداد وضوحاً كلما زاد اقرتابه‪ ..‬حتى اعتلت‬ ‫احملركات اهلدارة مساء القرية وقد حاصرهتا‬ ‫جواً‪ ..‬ثم هبط اجلند والسالح والعتاد فجرى‬ ‫حصار القرية أرضاً كذلك‪..‬‬ ‫وخالل ساعة حافلة أعد امليدان الرئيسي‬ ‫ل�لاس��ت��ع��راض امل��ع��ه��ود‪ ..‬وحينئذ استدارت‬ ‫الطائرة العمودية املتبقية وحدها حملقة يف‬ ‫اجلو فبان على جانبها شعار األفعى السوداء‬ ‫قاذفة اللهب وعقب هبوطها برز من جوفها‬ ‫القائد األعلى وعلى قبعته وكتفيه الشرائط‬ ‫الذهبية‪..‬‬ ‫وتوقف القائد حيث يتحتم توقفه على ميني‬ ‫اجلهاز‪ ..‬وعقب إلقائه لكلماته القصار املقيتة‬ ‫رفع ذراعه ملقياً شارة البدء‪ ..‬فانساب الضوء‬ ‫الباهر م��ن فوهة عدسة اجل��ه��از اإلشعاعي‬ ‫وغطت دخنة الضباب مثلث األهايل اجملربين‬ ‫على التجمع يف ركن امليدان‪..‬‬ ‫ويف النهاية ساد السكون كما يسود يف كل‬ ‫مرة ثقيالً متوتراً إىل أقصى احلدود‪..‬‬ ‫إهنا السادسة والنصف‪..‬‬ ‫متاماً ياسيدي‪..‬‬ ‫واجل��و ه��ذا الصباح ب��ارد على الرغم من‬ ‫صفاء السماء‪ ..‬إذن فاقبعوا حوهلم األستار‬ ‫ال��واق��ي��ة وات��رك��وه��م دون ازع���اج حتى تنتهي‬ ‫ال��س��اع��ات ال��ع��ش��ر‪ ..‬وب��ع��دئ��ذ سيكونون منا‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫فيتالشى خطرهم‪..‬‬ ‫حسناً ياسيدي‪..‬‬ ‫وغادر القائد مكانه يف طريقه إىل الطائرة‬ ‫العمودية املنتظرة يف حني بكر اجلنود ذوو‬ ‫االردي�����ة ال�برت��ق��ال��ي��ة يف االس�ت�رخ���اء توطئ ًة‬ ‫لالنصراف من امليدان مبجرد صعود الطائرة‬ ‫فقد ك��ان��وا أك��ث��ر اره��اق��اً ال��ي��وم وأش���د ملالً‬ ‫وضيقاً‪..‬‬ ‫لكن القائد مل يبلغ طائرته أبداً‪..‬‬ ‫وكذا اجلند مل يغادروا امليدان إطالقاً‪..‬‬ ‫فمع ان��ق��ش��اع ال��ض��ب��اب ان��دل��ع��ت املفاجأة‬ ‫صاعقة مذهلة لتشل يف التو َّ‬ ‫كل خلية وكل‬ ‫عصب بأجساد الغزاة‪ ..‬انطلقت من أعماق‬ ‫السحابة على غري توقع وكأهنا آالف الشهب‬ ‫تدمر وجه القمر أو إعصاراً يسحق قارباً يف‬ ‫طياته‪..‬‬ ‫لقد انكسر املثلث البشري فتهاوت أستار‬ ‫ال��ق��م��اش ال��واق��ي��ة وانطلقت مج��وع األهايل‬ ‫كالسيل ق��اص��دة اجل��ن��د وال��ض��ب��اط والقائد‬ ‫األعلى وحقد األزل يتطاير من عيوهنم ليعتلي‬ ‫دمدمتهم غري اآلدمية‪..‬‬ ‫يف حني تسمر أفراد الغزاة وقد عجزوا عن‬ ‫التحرك فإن آخر ماكانوا يتوقعون هو الذي‬ ‫حيدث أمامهم بالفعل‪..‬‬ ‫وأبيد املعتدون خالل دقائق‪ ..‬فبدون اجلهاز‬ ‫باعث الوجود اجلديد وبغري السالح املشهر عن‬ ‫بعد اليساوي الواحد من الغزاة نفحة هواء‬ ‫ويصبح ج��راده��م أع��ج��ز م��ن ال��ط�ير املذبوح‬ ‫واهنزم اجل��راد‪ ..‬يف قرية جم��اورة‪ ..‬ويف قرى‬ ‫أخرى عديدة‪ ..‬وظل ينهزم جنوباً باستمرار‪..‬‬ ‫فمنذ تالشي سحر جهازهم اخلرايف تالشت‬ ‫أس��ط��ورهت��م الومهية وان���زاح ال��وب��اء املسمى‬ ‫بامسهم‪..‬‬ ‫ً‬ ‫إىل أن اختفى هنائيا‪ ...‬ودون رجعة‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪119‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪120‬‬ ‫لينــا كيــالني‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫أنا صاحب الرأس املفتوح‪ ..‬هذا ما يقولونه‬ ‫يل وللعامل‪ ..‬ليت انه الرأس املقطوع‪.‬‬ ‫قالوا يل إن بوابة واحدة هي اليت ستنفتح‬ ‫يف رأس���ي ف��أع��ود أك��ث��ر استمتاعاً باحلياة‬ ‫عندما أحتكم تلقائيا وبالتفكري فقط فأنتقل‬ ‫للمشاهدة الكاملة وبالصوت واللون اىل أي‬ ‫بقعة من العامل‪ ،‬بينما أعيش يف املكان الذي‬ ‫أحدده يف أي بلد من وطين‪ ،‬أو رمبا أكون يف‬ ‫فراشي‪.‬‬ ‫ولكن مَنْ أنا؟ وكيف رضيت هبذا املصري؟‬ ‫وه��ل ك��ان ه��ذا املصري حمتوماً أو على األقل‬ ‫متوقعاً لقصيت البطولية أو املأساوية؟‬ ‫يف ال��واق��ع الب���د أن ي��ع��رف اجل��م��ي��ع هذه‬ ‫االك��ت��ش��اف��ات ال��ع��ل��م��ي��ة‪ ،‬وه����ذه التطورات‬ ‫التكنولوجية‪ ..‬وأن���ا ش��اب بسيط جتاوزت‬ ‫الثالثني من عمري بقليل‪ ..‬أعين أنين لست‬ ‫شاباً طائشاً أو متهوراً‪ ..‬لكنين كنت أعمل‬ ‫ولسنوات يف معمل لاللكرتونيات اليت تزداد مع‬ ‫تلك األجهزة كل يوم كما تزداد صغراً وإغراء‬ ‫ملن يشرتون من وكالء الشركات‪ .‬وعندما كان‬ ‫اخلرباء يشرحون هلؤالء الوكالء كنت أمتنى أن‬ ‫يكون لدي امل��ال الش�تري واح��دة منها من كل‬ ‫شكل أو حجم‪.‬‬ ‫وعندما نقلوني اىل قسم املخابر‪ ،‬وأصبحت‬ ‫أك��ث��ر ق��رب �اً م��ن العلماء واخل��ب�راء‪ ،‬أصبحت‬ ‫بالتايل وكلي آذان صاغية وأفكار صافية أمسع‬ ‫وأن��اق��ش ك��ل م��ا يقولونه‪ ،‬ورمب��ا أم��د نظري‬ ‫وهلفيت إن مل أقل فضويل ورغبيت اىل التجارب‬ ‫نفسها الغامضة يف املعرفة‪ .‬وعندما كان أحد‬ ‫اخلرباء يكلفين بإعداد املواد الالزمة لتجربة ما‬ ‫كنت أشحذ تفكريي بل أشعر باإلرهاق حتى‬ ‫أحضر له كل شيء مطلوب وكأنين خبري مثله‪،‬‬ ‫أو أشبهه حتى سألين أحدهم مرة‪:‬‬ ‫ـ هل تريد أن تواصل علومك مادمت جتاوزت‬ ‫الشهادة الثانوية وتعمل معنا؟‬ ‫قلت بصدق وبراءة‪:‬‬ ‫ـ كيف يل ذل��ك؟ أن��ا أعمل هنا كما ترى‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬ ‫‪w.‬‬ ‫‪ww‬‬

‫قاطعته قائالً‪:‬‬ ‫ومرتيب‪..‬‬ ‫ـ ولكنين بالفعل أستطيع أن أحت��دث بلغة‬ ‫أجاب ضاحكاً قبل أن أكمل قويل‪:‬‬ ‫ـ وه��ل تظن أن��ن��ا سنرسلك اىل معهد أو ثانية‪ ..‬أمل تالحظ ذلك؟‬ ‫رد بعصبية وكأنين قطعت عليه ما يريد‬ ‫جامعة خارج هذه اخللية العلمية؟ ال‪ ..‬سنهيئ‬ ‫قوله‪:‬‬ ‫لك فرصة الدراسة وتعلّم لغة ثانية ‪.‬‬ ‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪121‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫ـ أع��رف‪ ..‬أع��رف‪ ..‬لكنين أقصد إجادتك‬ ‫هلا وإطالعك على املصطلحات العلمية بعد‬ ‫مرحلة التعليم الضرورية‪ ..‬بعد ذلك نستطيع‬ ‫أن نضمك اىل أي فريق من العلماء املختصني‬ ‫الشبان الذين يزوروننا أو ينضمون لدورات‬ ‫تدريبية لدينا‪ ،‬وهكذا يصبح وج��ودك بيننا‬ ‫رمسياً‪.‬‬ ‫تنهدت وقلت بعفوية‪:‬‬ ‫ـ وهل سيزيد مرتيب؟ أنا أريد أن أتزوج‪..‬‬ ‫وصديقيت تطالبين بذلك‪.‬‬ ‫وان��ت��ه��ى احل����وار بيننا هب���ذه الدعابة‪..‬‬ ‫وضحك‪ ..‬وضحكت‪ ..‬وانصرف اىل عمله‪..‬‬ ‫أما أنا فقد انصرفت اىل أحالمي اليت أخذت‬ ‫تضغط علي يوماً بعد يوم‪.‬‬ ‫م��اذا لو أصبحت عاملاً؟ أو مسامهاً على‬ ‫أقل تقدير يف هذه اإلجن��ازات العلمية اهلائلة‬ ‫ويطلقون امسي على الطائرات وأنواع األسلحة‬ ‫بدل أمساء املخرتعات؟ سأظهر على الشاشات‪..‬‬ ‫وتتناقل أخباري الصحف واإلذاعات‪ ..‬وأغدو‬ ‫مشهوراً‪ ..‬وأضاف صوت خافت من أعماقي‪:‬‬ ‫تصبح مشهوراً‪ ..‬وثرياً أيضاً‪.‬‬ ‫أتوقف عند تلك احلادثة اليت قلبت حياتي‬ ‫كلياً‪ ..‬وجعلتين صاحب ال��رأس املفتوح فيما‬ ‫بعد‪ ،‬ذلك أن زميالً يل أصغر مين يف السن‪،‬‬ ‫وأكثر ق��وة وان��دف��اع�اً أدخلين يف ح��وار كانت‬ ‫نتيجته مذهلة‪ ..‬ليس عليه فقط ب��ل عليَّ‬ ‫فيما بعد‪ .‬زميلي هذا الذي أصبح صديقي‪..‬‬ ‫امسه (ستار)‪ ..‬أو جنم‪ ..‬وهو مولع بالرياضة‪،‬‬ ‫وال يرتك مباراة لكرة القدم إال ويقطع عمله‬ ‫ليشاهدها‪ ..‬أس �رّ يل أن��ه يف أوق���ات فراغه‬ ‫يواصل تدريباته الكروية يف أحد النوادي وأنه‬ ‫حيرز تقدماً‪ .‬سألته‪:‬‬ ‫ـ كيف توفق بني عملك الدقيق جداً‪ ،‬وهو‬ ‫يف الشرائح االلكرتونية‪ ،‬وبني عامل الرياضة‬

‫‪ob‬‬

‫‪122‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫الفسيح فتنطلق يف نشاطاته؟‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ـ ه��ذا ه��و ال��س��ر‪ ..‬ف��أن��ا أش��ع��ر دائ��م �ا إذ‬ ‫أع��م��ل هنا أن�ني اخن��ض يف ق����ارورة‪ ..‬ب��ل يف‬ ‫رأسي إبرة‪ ..‬واشعر أنين حباجة ألن أركض‪..‬‬ ‫وأرك��ض‪ ..‬وأرك��ل بقدمي شيئاً ما وعند ذلك‬ ‫أشعر بالراحة‪.‬‬ ‫قلت هازئا مبا يشبه التحدي‪:‬‬ ‫ـ كأنك حتطم ميزاتك الذهنية يف رأسك‬ ‫لتضعها يف قدميك‪.‬‬ ‫قال وهو يضحك‪:‬‬ ‫ـ هذا بالضبط ما أنوي فعله يف النتيجة‪ ..‬أمل‬ ‫خيرتعوا شرائح الكرتونية ميكن أن يلصقوها‬ ‫على اجللد فتزيد يف طاقة البشر وحركتهم‪،‬‬ ‫ومتنحهم قوة اضافية؟ أنا أفكر عندما انصرف‬ ‫هنائيا من عملي أن أفعل هذا‪.‬‬ ‫قلت متعجباً‪:‬‬ ‫ـ لكنهم سيكتشفون أن هذه الطاقة ليست‬ ‫من جسدك بل هي اصطناعية‪.‬‬ ‫اق�ترب مين‪ ،‬وق��ال هبمس رغم أن أح��داً ال‬ ‫يسمعنا‪:‬‬ ‫ـ سوف أضع الشرحية االلكرتونية يف حذائي‬ ‫الرياضي‪ ..‬أنا بنفسي سأصمم هذا احلذاء‪..‬‬ ‫وأجهزه بكفاءة عالية‪.‬‬ ‫وظننت انه حيلم فصارحته بقويل‪:‬‬ ‫ـ أنت حامل‪ ..‬بل واهم‪.‬‬ ‫قال يل قبل أن يغادرني‪:‬‬ ‫ـ أم��ا أن��ت ف��إن عليك أن ت��زرع شرائح من‬ ‫ن��وع آخ��ر يف رأس���ك ه��ذا حتى تتخلص من‬ ‫أوهامك‪ ..‬هل تظن أنك مهما قدمت يف هذه‬ ‫الشركة سيعطونك فرصة كي تصبح مشهوراً‬ ‫أو جنماً؟‬ ‫قلت حبدة‪:‬‬ ‫ـ أال يكفي أنك أنت ستصبح مشهوراً وأن‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫امسك على األقل (ستار) أو جنم؟‬ ‫وافرتقنا‪ ..‬أن��ا وصديقي‪ ..‬وسافر بشكل‬ ‫غامض اىل بلد جمهول ومل نعد نلتقي‪ ..‬وعندما‬ ‫رويت احلادثة فيما بعد لصديقيت وحنن يف لقاء‬ ‫محيمي عبثت بشعري‪ ..‬والمست صدغي‪ ..‬ثم‬ ‫ضغطت فوق رأسي‪ ،‬وقالت‪:‬‬ ‫ـ أم��ا أن��ا فيعجبين أن رأس���ك ه��ذا مليء‬ ‫بالطموح والعزم وليس فقط باحللم‪.‬‬ ‫اختفى جنم‪ ..‬ومل أستطع أن أعرف هل أصبح‬ ‫جنماً حقاً‪ ..‬يف الرياضة‪ ..‬أو يف غريها‪ ..‬فأنا‬ ‫قد غرقت متاماً يف أمواج األحباث االلكرتونية‬ ‫وشرائحها ونتائجها‪ ..‬حتى أنين استأجرت‬ ‫مسكناً صغرياً قريباً من عملي يف (العاصمة‬ ‫الدولية) كما يسموهنا‪ ..‬ومل يكن وقيت ضمن‬ ‫انشغاالتي يسمح يل حتى باإلطالع على نواحي‬ ‫احلياة خارج عاملي اخلاص جداً‪ ..‬واملثري جداً‪..‬‬ ‫والذي يسحبين ساعة وراء ساعة ال يوماً بعد‬ ‫يوم‪ ..‬حتى وصلت اىل القاع‪ ..‬ثم إنين مل أكن‬ ‫أدري كم من الوقت كنت أقضيه يف املختربات‬ ‫بني اط�لاع‪ ،‬وتعلم‪ ،‬واكتشاف حتى أصبحت‬ ‫مقرباً من العلماء‪ ،‬وهم يراقبونين باستمرار‪،‬‬ ‫ويتابعون املراحل اليت وصلت اليها يف املعرفة‬ ‫واالخرى اليت قطعتها جبدارة حتى اآلن‪.‬‬ ‫قالوا إن جنم هذا قد حصل على الشرحية‬ ‫االلكرتونية اليت كان يتحدث عنها‪ ..‬ولكن أي‬ ‫نوع من الشرائح هي؟ هذا ما مل أمتكن من‬ ‫معرفته ألن الكتمان كان سيد املوقف بالنسبة‬ ‫لفريق ال��ع��م��ل‪ .‬وك���ان اجلميع يتحاشون أن‬ ‫يتحدثوا عن (جن��م) كما لو أنه مل يكن يوماً‬ ‫ما بيننا‪ ،‬ومل أسأل نفسي بالتايل‪ :‬ماذا لو أن‬ ‫جتربته جنحت؟ أنا ال اعرف معلومات خاصة‬ ‫عن زرع الشرائح االلكرتونية يف أجهزة‪ ..‬لكنين‬ ‫ال أق��در أن أع��رف ما معنى زرع شرحية يف‬ ‫ح��ذاء‪ .‬وعندما أصبحت عنصراً فاعالً جداً‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫يف ه��ذه األحب���اث ال�تي دخ��ل فيها العنصر‬ ‫البيولوجي أصبحت أراقب تلك الشرائح اليت‬ ‫تلصق بأجسام الفئران أو حبيوانات املخترب‬ ‫لرصد نتائجها‪ ،‬وانضم إلينا أطباء من كل‬ ‫فروع الطب وخاصة طب الدماغ واألعصاب‪.‬‬ ‫عشت يف حالة استالب كامل وأنا أتابع هذه‬ ‫األحباث ونتائجها‪ ،‬وأدور حول طبيب أو عامل‬ ‫ألضيف اىل معلوماتي اليت أصبحت تتحكم‬ ‫يف قناعاتي ويف أوقات فراغي الضئيلة‪ .‬كنت‬ ‫انتقل من حبث علمي اىل آخ��ر‪ ،‬وأهل��ث وراء‬ ‫اجمل�لات العاملية املختصة ال�تي تنشر للعامل‬ ‫خالصات عن تلك األحباث‪ ،‬أو عن نتائجها‪،‬‬ ‫أو التوقعات عنها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وهكذا أمضيت شهورا وراء شهور‪ ..‬ومل أعد‬ ‫أرى صديقيت إال ن��ادراً‪ .‬وعادت عواطفي اىل‬ ‫مرحلة الربود‪ ،‬ورمبا التجمد بعد أن ضجرت‬ ‫صديقيت من المباالتي بأحاديثها وأحالمها‬ ‫يف الزواج‪ ..‬وعدم استجابيت لدعواهتا املتكررة‬ ‫للخروج يف نزهة‪ .‬واملرة األخرية اليت حددت‬ ‫القطيعة مل تكن هنايتها فهي ال�تي خرجنا‬ ‫فيها بنزهة حبرية‪ ..‬وأنا منشغل عنها بتجربة‬ ‫ف��ري��دة‪ ..‬وه��ي متابعة االه��ت��زازات لشرحية‬ ‫الكرتونية غرستها يف باطن كفي وأن��ا أتابع‬ ‫كل إش��ارة تصدر عنها‪ ،‬وملا مسعتُ ما يشبه‬ ‫الصوت قفزت متنبهاً حتى أوشكت على الغرق‪،‬‬ ‫وفاجأتين صديقيت تقول‪:‬‬ ‫ـ جنحنا‪ ..‬جنحنا‪..‬‬ ‫قلت بيأس‪:‬‬ ‫ـ ب��ل فشلنا‪ ..‬فشلنا‪ ..‬حتى يف أن نكون‬ ‫صديقني‪.‬‬ ‫ثم مجعت أغراضها‪ ،‬وضمت أمتعتها اىل‬ ‫صدرها‪ ،‬وطلبت مين الرجوع‪ .‬متنيت لو ارمتي‬ ‫بني ذراعيها‪ ..‬وان تداعب رأسي‪ ،‬قلت هلا‪:‬‬ ‫ـ ملاذا أصبحتِ حساسة األعصاب اىل هذه‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪123‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬

‫الدرجة؟ أما أنا فال أدري كيف حصلت تلك‬ ‫االهتزازات واإلشارات؟‪..‬‬ ‫النزهة بالطبع انتهت‪ ..‬وبدأت القطيعة‪..‬‬ ‫حتى عدت اليها‪ ..‬تلك العودة اليت أحكمتها‬ ‫املصادفة بعد أن أصبحت حيوان جتربة لذلك‬ ‫البحث الرهيب‪ ..‬يف أن تزرع شرحية الكرتونية‬ ‫ال فوق صدغي‪ ..‬أو قمة رأسي‪ ..‬بل يف أعماق‬ ‫مججميت‪.‬‬ ‫مل يعد حويل أحد بعد أن هجرني صديقي‬ ‫جنم واختفى‪ ،‬واملسؤولون يف القرية الذكية‬ ‫يغريون ويبدلون يف أجهزة العمل‪ ،‬وخيصصون‬ ‫لكل قسم من أقسام املختربات فريقاً جديداً من‬ ‫املختصني أو العاملني ضمن ساعات حمدودة‪،‬‬ ‫أو إجن���از ج��زئ��ي وحم���دود يف ض��م الرقائق‬ ‫االلكرتونية‪ ،‬وإعطائها النبضات األخرية لتصبح‬ ‫جاهزة لالستخدام‪ .‬ولكن‪ ..‬ومبا أن املؤسسة‬ ‫اليت أعمل هبا كانت تغري فريق العمل بني فرتة‬ ‫واخ��رى مل أعد ق��ادراً على أن أعقد صداقة‬ ‫مع أح��د‪ ..‬وحتى يف جمال التجارب يف صنع‬ ‫الرقائق مل أكن قادراً على مشاركة أحد‪ ،‬فنحن‬ ‫يف هذا اجمل��ال قد حتولنا اىل أزرار أو آالت‬ ‫دقيقة كل منها تؤدي وظيفتها وال شيء غري‬ ‫ذلك‪ ،‬ويأتي غريها ليقوم بدوره وهكذا‪ ..‬ومن‬ ‫يقرر انتهاء العمل وصالحيته فهو من رأس‬ ‫املؤسسة عندما يأخذ ما أجنزناه ليخضعه‬ ‫للتجربة النهائية للصالحية‪.‬‬ ‫أما التجارب اجلزئية أو املبدئية فقد كنت‬ ‫أقف أمامها مذهوالً وأنا أقوم بتخزين سالسل‬ ‫رقمية على الشرحية االلكرتونية‪ ،‬وهذا كان‬ ‫املقياس األويل واحلقيقي للتجربة‪ ،‬ومن يأتون‬ ‫بعدي ال يقدمون إال القليل للتصويب ال أكثر‪.‬‬ ‫إذاً‪ ..‬فأنا املبدع‪ ..‬وأن��ا املخرتع‪ ..‬وأن��ا من‬ ‫جيب أن يزهو ويفتخر بالتجربة وكأهنا ملك‬ ‫يل وحدي‪.‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪124‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫وه��ك��ذا ب���دأت أف��ك��ر أن أج���ري التجارب‬ ‫العملية بنفسي‪ ..‬ولكن من هو الذي أستطيع‬ ‫أن أشاركه برأيي‪ ..‬ونكون معاً لنقطف روعة‬ ‫التجربة العملية النهائية‪.‬‬ ‫ومل��ا مل أعثر على أح��د‪ ..‬وبالتايل نتيجة‬ ‫لتضخم شخصييت‪ ،‬وال أق��ول غ���روري‪ ،‬فقد‬ ‫ق��ررت أن أطبق هذه التجارب على نفسي‪..‬‬ ‫بنفسي‪.‬‬ ‫أول جتربة كانت أن ألصقتُ إحدى الشرائح‬ ‫االلكرتونية احملرضة للحركة املنتظمة والسريعة‬ ‫على ذراع���ي‪ ،‬وانتظرت النتيجة بعد ضبط‬ ‫الربنامج‪ .‬ومبا أن النتيجة تأتي بعد وقت أحدده‬ ‫أنا فقد ضبطت األمر حبيث تكون النتيجة يف‬ ‫وقت متأخر من الليل‪ ..‬وقررت أن أبقى بدون‬ ‫نوم‪ ..‬لكن النعاس غلبين‪ ..‬فما شعرت إال وأنين‬ ‫أقوم من الفراش ألحطم كل ما حويل‪ ..‬وأعبث‬ ‫اتوماتيكياً‪ ..‬وبكل شيء يف غرفيت‪ ..‬هكذا ملدة‬ ‫ثوان أحسست أهنا ساعات‪ ..‬وملا حاولت أن‬ ‫أوقف عمل الشرحية كان الوقت قد هرب مين‬ ‫ألن من خصائصها أن تكمل برناجمها حتت أي‬ ‫ظرف حتى تتوقف‪.‬‬ ‫مشكلة كبرية وقعت فيها يف اليوم التايل ألنه‬ ‫كان علي أن انقطع عن عملي‪ ..‬وأعلن أنين يف‬ ‫إجازة ألنين مريض‪ ..‬وبالفعل كنت مريضاً‪ ..‬ال‬ ‫جسدياً بالطبع ولكن نفسياً أو فكرياً إن صح‬ ‫التعبري‪ ..‬فأنا مشوش ومضطرب‪ ..‬وال أستطيع‬ ‫أن أصل اىل نتيجة علمية ملا فعلت‪.‬‬ ‫وانقطعت عن املخترب أليام كنت أفكر فيها‪..‬‬ ‫ماذا لو ألصقت الشرحية على ركبيت مثالً أو‬ ‫قدمي؟ هل علي أن ارك��ض‪ ..‬وارك��ض اىل أن‬ ‫يتوقف الربنامج؟‪ ..‬وماذا لو اصطدمت بأشياء‬ ‫أو ج��دران‪ ..‬أو كان ذلك يف الشارع؟ النتيجة‬ ‫ستكون كارثة ال شك‪ ..‬وعليّ أال أفكر بتكرار‬ ‫التجربة ال على قدمي‪ ..‬وال على ي��دي‪ ..‬وال‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫على أي عضو من جسدي‪.‬‬ ‫وحتى أخفف عن نفسي ضغط هذه الفكرة‬ ‫فقد تصورت أن الشرحية لو وضعت على جنيب‬ ‫األيسر فسوف خيفق قليب بشدة‪ ،‬والضطربت‬ ‫دورتي الدموية كما لو أنين عاشق‪ .‬وضغطت‬ ‫على ذهين أفكار متضاربة فضحكت بصوت‬ ‫مرتفع لو مسعين أحد لقال عين إنين جمنون‪.‬‬ ‫وهجمت على ذاكرتي صور من طفوليت‪..‬‬ ‫ومراهقيت‪ ..‬ومن عالقيت بصديقيت اهلاربة‬ ‫مين أيضا‪ .‬لكن علي أن أبعد كل ذلك عن رأسي‬ ‫فأنا اآلن عامل يف خمترب‪ ..‬ال بل عامل يريد أن‬ ‫يصل اىل اخرتاع خطر‪ ..‬صحيح أنين مل أحصل‬ ‫على ش��ه��ادات عليا م��ن جامعات عليا لكن‬ ‫النبوغ ال حيتاج اىل ذلك أحياناً‪ ..‬والعبقرية أو‬ ‫اإلبداع‪ ..‬يظل كل منهما موهبة من السماء‪..‬‬ ‫فمن تتاح هلم هذه الفرصة من السماء؟‪ ..‬إال‬ ‫أنين اجتهدت‪ ،‬وبذلت الكثري من الوقت واجلهد‬ ‫وأنا أتعلم‪ ،‬واغتنم كل فرصة تتاح يل يف تعزيز‬ ‫معلوماتي كما لو أن��ه اختصاص يل يف هذا‬ ‫اجمل��ال ال��ذي أعمل ب��ه‪ ..‬ولرمبا كانت خربتي‬ ‫اليت بت اكتسبها يوماً بعد يوم تفوق ما يقوم به‬ ‫اآلخرون بدراسته يف الكليات واملعاهد‪.‬‬ ‫عندما طبّقوا التجربة على اإلنسان اآليل‬ ‫كانت ناجحة ج���داً‪ ..‬وه��ي متاماً كما جرت‬ ‫معي‪ ..‬حتى أنين تصورت أنين أنا الذي أقوم‬ ‫مبا قام به هذا اآليل وليس هو ‪ ..‬وخفضت‬ ‫رأس��ي بعد انتهاء التجربة ورح��ت يف تفكري‬ ‫عميق‪ ..‬سألين العامل املسؤول عن التجربة‪ :‬ما‬ ‫رأي��ي؟ وملا كان ال يعرف ما ال��ذي جرى معي‬ ‫فقد قلت له‪:‬‬ ‫ـ هل حنن متأكدون أن ما ج��رى مع هذا‬ ‫اجلسم املعدني سيجري مع اإلنسان أو اجلسم‬ ‫البشري؟‬ ‫أجاب بثقة بالغة‪:‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫ـ طبعاً‪ ..‬ولعلها ستكون أروع م��ع إنسان‬ ‫حقيقي‪.‬‬ ‫قلت‪:‬‬ ‫ـ وكيف سنجد اإلن��س��ان احلقيقي الذي‬ ‫سيتربع بالتجربة كمتطوع؟‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ـ البد من وجود متطوعني على أي حال‪..‬‬ ‫فنحن هندف اىل زرع الشرحية االلكرتونية يف‬ ‫جسم اإلنسان داخالً‪.‬‬ ‫وتردد يف القول ثم مهس يل‪:‬‬ ‫ـ ذلك وصوالً اىل زرع كبسولة صغرية جداً‬ ‫يف الدماغ البشري لتسيطر على األفعال اليت‬ ‫نريدها مبساعدة الدماغ نفسه‪ ..‬بل ميكن‬ ‫أن نذهب أبعد من ذل��ك يف رف��ع وت�يرة ذكاء‬ ‫الشخص نفسه‪.‬‬ ‫وأوشكت أن أسقط على األرض من هول‬ ‫ما مسعت‪ ..‬وشعرت أنين سأصاب بإعياء أو‬ ‫بإغماء‪ ..‬فانسحبت فوراً اىل خمتربي‪ .‬وكأمنا‬ ‫كل تلك الرقائق الصغرية ال�تي أعمل عليها‬ ‫تتسرب اىل كل عضو من أعضائي‪ ..‬وعندما‬ ‫فكرت انه ميكن أن تدخل اىل دماغي صرخت‪:‬‬ ‫(ال‪ ..‬ال‪ ..‬اىل هنا فقط‪ ..‬لن أفعل‪ ..‬لن أفعل)‪..‬‬ ‫لكنين لألسف فعلت‪.‬‬ ‫يف ذل��ك ال��ي��وم وك��ان يف هناية األسبوع‪..‬‬ ‫ع��دت اىل بييت حمطم ال��ف��ؤاد وأن���ا أتصور‬ ‫أناساً يتحركون والشرائح الكرتونية مزروعة‬ ‫يف أدم��غ��ت��ه��م‪ .‬يف ذل���ك ال��ي��وم أق���ول إن�ن�ي مل‬ ‫أخرج للرتفيه عن نفسي‪ ،‬وال يف اليوم التايل‪،‬‬ ‫بل اكتفيت بالبقاء يف املنزل وأنا أجلس وراء‬ ‫جهاز الكمبيوتر احبث عرب شبكة املعلومات عن‬ ‫آخر االكتشافات واألحباث الطبية لعلي أخرج‬ ‫بنتيجة ما عن اجلسم البشري تقرب اىل ذهين‬ ‫فكرة ادماجه مستقبالً باآللة‪.‬‬ ‫أصابتين حالة من التنبه الفكري مل أستطع‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪125‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬

‫معها أن أنعم بساعة واحدة من النوم‪ ،‬ومرت‬ ‫عطلة هناية األسبوع ثقيلة مزدمحة باألفكار‬ ‫واملعلومات اليت مجعتها ورحت أدرسها بدقة‬ ‫وت��أن حتى خطر يل أن أق��وم بتجربة ما يف‬ ‫املخترب لعلها تلتقي مع ما مهس يل به ذلك‬ ‫العامل‪.‬‬ ‫وبالفعل ويف اليوم التايل وكانت بداية األسبوع‬ ‫انسحبت هبدوء من خمتربي دون أن ألفت إيل‬ ‫األنظار‪ ،‬ودخلت اىل غرفة العوامل االفرتاضية‬ ‫اليت يرتدد عليها علماء املركز بني حني وآخر‬ ‫إلجراء بعض التجارب‪ .‬دخلت اىل تلك الغرفة‬ ‫السوداء املغلقة كصندوق (باندورا)‪ ..‬أو هكذا‬ ‫خيل إيل على األقل يف تلك اللحظة‪ ،‬وكأن هذه‬ ‫الغرفة هي كذلك الصندوق الذي يطبق على‬ ‫الشرور وما إن ينفتح حتى ينطلق منه الشر يف‬ ‫كل مكان‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كنت مضطربا ومشوش التفكري ‪ ..‬وكأن‬ ‫أج��راس إن��ذار تنطلق يف رأسي برنني معدني‬ ‫ال ينتهي‪ ..‬ترى هل سينتقل جهاز الكمبيوتر‬ ‫من على سطح املكتب لينغرس يف أجسامنا‪..‬‬ ‫هل سيصبح داخلها بعد أن ك��ان خارجها!!‬ ‫وشحنتين تلك األفكار الغريبة بطاقة عجيبة‬ ‫ومل أر نفسي إال ويدي متتد اىل تلك النظارات‬ ‫الثخينة وكأهنا القناع وهي موصولة بشبكة من‬ ‫الرقائق كل منها لعامل من العوامل االفرتاضية‬ ‫املتنوعة اليت ال حتصى‪.‬‬ ‫ارتديت النظارة وهي تغطي منطقة العينني‬ ‫م��ع األذن��ي��ن‪ ،‬وض��غ��ط��ت ع��ل��ى أح���د األزرار‬ ‫ليدخلين افرتاضياً اىل تالفيف الدماغ البشري‬ ‫ودهاليزه‪ ،‬كما قمت بربط نفسي يف الوقت ذاته‬ ‫بشبكة املعلومات الدولية‪ .‬وإذا بالصور تتدفق‬ ‫إيل عرب ذلك الدماغ الذي ي�تراءى يل‪ ،‬والذي‬ ‫أصبحت أنا هو‪ .‬ب��دأت الصور تتواىل ببطء‬ ‫لفرتة وجيزة ج��داً‪ ..‬صور متنافرة ومتباعدة‬

‫‪ob‬‬

‫‪126‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫يف مضامينها ويف تصميماهتا وكأهنا أعدت‬ ‫لعملية غسل الدماغ‪ ،‬وفجأة أخذت تلك الصور‬ ‫بالتسارع أمامي شيئاً فشيئاً حتى غدت متر‬ ‫كالسهم أو كوميض الربق‪ ،‬وشعرت وكأن تياراً‬ ‫كهربائياً خيرتق رأسي وينفض جسمي لريميه‬ ‫أرض�اً‪ ،‬ويشل حركة أعضائي لدرجة أن يدي‬ ‫مل تسعفين يف نزع العصابة عن عيين أو فصل‬ ‫وصالهتا فوقعت مغشياً علي ومل أعد أدري‬ ‫بشيء‪.‬‬ ‫إغماءتي تلك يف غرفة العوامل االفرتاضية‬ ‫أوشكت أن تفضح سري أم��ام العلماء الذين‬ ‫استغربوا أمري‪ ،‬إال أهنا يف الوقت ذاته نبهت‬ ‫اىل إمكانية حتويل الدماغ البشري اىل جهاز‬ ‫كومبيوتر حقيقي ميكن له بعد زرع رقاقة‬ ‫الكرتونية صغرية فيه أن يتصل بشكل مباشر‬ ‫مع شبكة املعلومات‪ .‬واعترب البعض أن هذا‬ ‫االكتشاف سيحسن من أداء جتربة تطعيم‬ ‫الدماغ البشري باآللة االلكرتونية عندما يتم‬ ‫حتقيقها‪ ،‬واستنتج آخرون إمكانية حتميل هذا‬ ‫الدماغ من خالل تلك الرقاقة مبا ال حيصى‬ ‫من املعلومات اليت تتدفق اليه عند ربطه بشبكة‬ ‫املعلومات‪ ،‬وكأن الدماغ البشري سيتحول يف‬ ‫حلظة ما اىل هنر جا ٍر من املعلومات املتسربة‬ ‫من واىل الشبكة العنكبوتية‪.‬‬ ‫ي���ا ل��ل��ه��ول‪ ..‬ع��ن��دم��ا ي��ص��ب��ح ك���ل الناس‬ ‫أذكياء‪ ..‬ولكن هل سيبلغون عتبة الذكاء ذاهتا‬ ‫ويتحول بالتايل عاملنا اىل عامل للذكاء املمهور‬ ‫بالرقاقات املعدنية؟‪ ..‬وماذا لو ظل هناك أناس‬ ‫على الفطرة وأجسادهم نظيفة وخالية من أي‬ ‫مدخل غريب عنها؟! احرتت يف هذا األمر‪..‬‬ ‫ولكن حريتي مل ت��دم طويالً عندما التقطت‬ ‫طرفاً من حديث جانيب بني اثنني من العلماء‬ ‫أفادني بأن معدل الذكاء على اختالف درجاته‬ ‫بني إنسان وآخر هو ما سيحكم عملية حتميل‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫الدماغ البشري بكم متفاوت من املعلومات‪،‬‬ ‫وك��أن أدمغة البشر ميكن أن تتحول يف يوم‬ ‫ما اىل ما يشبه كمبيوترات حديثه بسعات‬ ‫متفاوتة ب�ين ف��رد وآخ���ر‪ .‬شعرت بشيء من‬ ‫االرتياح جتاه تلك الفكرة‪ ..‬فالفارق يف الذكاء‬ ‫سيظل إذاً موجوداً يف اجملتمعات‪ ،‬وال ميكن‬ ‫حبال من األحوال أن يبلغ البشر مجيعاً عتبة‬ ‫واحدة‪ ،‬ولن تتحول احلياة اىل جحيم مستعر‬ ‫تتصارع فيه عقول متساوية يف قدراهتا‪.‬‬ ‫كل تلك التجارب الشخصية اليت كنت أمر‬ ‫هبا‪ ..‬وكل تلك األحاديث اليت كنت التقطها‪..‬‬ ‫وغ�يره��ا م��ن األحب���اث ال�تي كنت اطلع عليها‬ ‫خلسة أو ع�لان��ي��ة‪ ..‬وغ�يره��ا‪ ..‬وغ�يره��ا من‬ ‫املشاهدات وجت��ارب املخترب‪ ..‬كل ذل��ك كنت‬ ‫اختزنه يف عقلي الواعي قبل عقلي الباطن‬ ‫دون كلل أو ملل‪ ..‬ومل يكن أي أمر يثنيين عن‬ ‫املضي يف اكتشاف املزيد من عوامل اجملهول‬ ‫واملتناقضات اليت متوج من حويل‪.‬‬ ‫وال أن��س��ى ذل��ك ال��ي��وم ال���ذي ش��ه��دت فيه‬ ‫إح��دى تطبيقات (التقنية احليوية)‪ ..‬وهذه‬ ‫هي التسمية الدقيقة ملا تقوم به خمترباتنا‬ ‫وت��دور يف فلكه أحباثنا‪ .‬يف ذلك اليوم تطوع‬ ‫أح��د علماء امل��رك��ز وك��ان يعاني م��ن مشاكل‬ ‫صحية مستعصية ليكون أول من يفتح باب‬ ‫التطبيقات العملية‪ .‬يف ذلك الصباح الشتوي‬ ‫رم��ادي اللون وصلت اىل املركز متأخراً على‬ ‫غري عادتي ألجد اجلميع يف حركة سريعة وهم‬ ‫يتوجهون اىل غرفة للعمليات‪ .‬مل يتح يل الوقت‬ ‫لالستفسار عما جيري بل سحبين الزمالء اىل‬ ‫تلك الغرفة وكأنين قشة جيرفها تيار هنر يف‬ ‫تدفقه‪ .‬ويا لدهشيت وأنا أرى طبيباً جمهوالً‬ ‫حماطاً مبجموعة من كبار الصناعيني‪ ،‬وهو‬ ‫حيقن يف جسم العامل املتطوع كمبيوتراً صغرياً‬ ‫حبجم حبة أسربين‪ ..‬ثم يعلو التصفيق‪.‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫مل أع����رف ب����ادئ األم����ر اهل����دف م��ن تلك‬ ‫العملية‪ ..‬ولكنين أدركت أن البحث عن عالج‬ ‫ملرض مستعص هو الغاية عندما عرفت أن‬ ‫ذلك اجلهاز الصغري إمنا حيتوي على كامريا‬ ‫تلتقط ال��ص��ور وه��ي تتجول داخ���ل اجلسم‬ ‫البشري‪ ،‬كما أن فيه جهاز بث تلفزيوني يرسل‬ ‫مشاهدات عني الكامريا اىل شاشات استقبال‬ ‫بالصوت والصورة‪.‬‬ ‫تلك التجربة أذهلتين وأنا أتابع الشاشات‬ ‫بعيون فضولية وتظهر أمامي صور من أعماق‬ ‫اجلسم البشري ألول مرة‪ .‬ال اعرف يف تلك‬ ‫اللحظة هل كنت مع أم ضد تلك التجربة‪..‬‬ ‫املهم أن مشاعر متناقضة كانت تنفجر يف‬ ‫ص���دري مثل أسئلة ب�لا أج��وب��ة‪ ..‬لكنين يف‬ ‫النهاية أذعنت وانصرفت هبدوء عندما علمت‬ ‫أن جتربة زرع أجهزة متناهية الصغر يف جسم‬ ‫إنسان ألغ��راض عالجية كانت األم��ل األخري‬ ‫يف شفاء ذلك العامل املسكني مما يعانيه من‬ ‫مرض غريب‪.‬‬ ‫قبل أن أصل اىل تلك التجربة الرهيبة اليت‬ ‫زرعت فيها الكبسولة االلكرتونية يف رأسي‪..‬‬ ‫وأصبح هذا ال��رأس مفتوحاً‪ ..‬أقول قبل هذا‬ ‫الب��د أن أحدثكم ع��ن امل��راح��ل ال�تي م��رت بي‬ ‫أو قمت هبا‪ .‬كنت قد ألصقت الشرحية على‬ ‫ذراعي كما قلت لكم‪ ..‬ولكن ليس حتت جلدي‬ ‫أو يف أي عضو من جسمي‪ ..‬هل افعل ذلك‬ ‫دون أن يعرف أح��د؟ وكيف أضمن السالمة‬ ‫والنتائج؟‬ ‫ك���ان الب���د يل أن أج���ري ال��ت��ج��رب��ة وحدي‬ ‫وبنفسي إمنا ليس على جسدي لذلك طلبت‬ ‫إج��ازة أسبوعية ليوم واح��د إض��ايف أو نصف‬ ‫شهرية ليومني‪ ..‬ومع أن هذا ممنوع أو حمظور‬ ‫فقد جاهدت للوصول اىل ذلك‪ ..‬واستأجرت‬ ‫بيتاً صغرياً هادئاً يف إحدى الضواحي واشرتيت‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪127‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫كلباً اجري عليه جتاربي‪ .‬كان كلباً صغرياً‪..‬‬ ‫وأبيض مثل كرة الثلج‪ ..‬ومن نوع نادر شديد‬ ‫الذكاء‪ .‬وعدة مرات ترددت يف أن أجري عليه‬ ‫جت��ارب��ي‪ ..‬ول��ك��ن م���اذا اف��ع��ل يف ذل���ك؟! إهنا‬ ‫جتارب مأمونة ومضمونة‪ ..‬وهو ليس بالتايل‬ ‫أفضل من ماليني املاليني من الفئران اليت‬ ‫جيري عليها العلماء جتارهبم‪ ..‬وال من األرانب‬ ‫والسالحف واحليوانات الوديعة االخرى اليت‬ ‫يستخرجون منها األدوية ورمبا مستحضرات‬ ‫التجميل أيضاً‪ .‬وماذا عن األفاعي اليت ختضع‬ ‫ملراحل صعبة حتى يستخرجوا مسومها وهي‬ ‫الرتياق لكثري من األمراض؟‬ ‫لن أطيل عليكم‪ ..‬فقد تغلب علي حيب هلذا‬ ‫الكلب حتى كدت أعدل عن مشروعي كله رغم‬ ‫كل ما تكلفته من مال وعناء‪ ..‬إال أنين وقد كنت‬ ‫مأخوذاً بتلك التجارب بل مفتوناً هبا جترأت‬ ‫واخت���ذت ق���راري النهائي وبعملية جراحية‬ ‫بسيطة زرعت الشرحية يف ساقه اليمنى أول‬ ‫م��رة‪ ..‬وأخ��ذت أسجل التغريات اليت حصلت‬ ‫بناء على سلوكية الكالب عامة‪ ..‬وسلوكيته هو‬ ‫خاصة‪ .‬ومل أجد التجربة خمتلفة كثرياً عما‬ ‫جرى معي‪.‬‬ ‫وه��ك��ذا ق����ررت أن أك����رر ال��ت��ج��رب��ة بزرع‬ ‫الشرحية يف رأس��ه‪ ..‬ولكن كيف؟ فأمر زرع‬ ‫ال��ش��رحي��ة يف ال���رأس ليس كمثيله يف جلد‬ ‫الساق؟! البد إذن من أن استعني بأحد األطباء‬ ‫بل بأحد البيطريني الذين ي�ترددون بني حني‬ ‫وآخ��ر على مركزنا حتى ولو غامرت بكشف‬ ‫السر له‪ .‬وه��ذا بالفعل ما قد حدث بعد أن‬ ‫استغرق مين وقتاً ليس بالقصري حتى عثرت‬ ‫على اسم طبيب بيطري مل يعد ي�تردد علينا‬ ‫لكي ال ينكشف األمر‪ ،‬فتوجهت اليه وأقنعته‬ ‫بأنين مكلف بالقيام ببعض التجارب على‬ ‫نطاق ضيق وبالتايل رصد نتائجها األولية‪..‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪128‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫ومل اس�ترح حتى زرع ذلك الطبيب الشرحية‬ ‫يف رأس كليب الصغري مقابل مبلغ من املال‪.‬‬ ‫ويا للعجب!!‪ ..‬أصبح كليب أكثر هدوءاً‪ ..‬وألفة‬ ‫يل‪ ..‬وكأن ذكاءه تفتح بصورة أكيدة‪ ..‬فقد قام‬ ‫حبركات وأصوات هلا دالالت بل هي إشارات‬ ‫ملا يريد حتى يف الطعام وإف��راغ املفرزات من‬ ‫جسده مما كان يفعله بصورة آلية وطبيعية‬ ‫دون أي إش��ارة خاصة‪ ..‬بل أصبح مثل طفل‬ ‫مدلل ما جعلين اطمئن اىل أن التغريات هي‬ ‫لألفضل واألحسن وليس للرديء والسيئ‪.‬‬ ‫ازداد ولعي بالكلب‪ ..‬وأصبح مثل ولد يل‪..‬‬ ‫حتى أنين اصطحبته أكثر من مرة اىل مركز‬ ‫عملي ومل أعد أودعه عند حارس املبنى‪ ..‬ليس‬ ‫فقط من أجل ولعي به بل من أجل أال يكتشف‬ ‫حارس البناء أي تغيري يف سلوكه‪ ..‬وكأنين كنت‬ ‫خائفاً أن يتكلم هذا الكلب‪ ..‬أو يصدر عنه أي‬ ‫سلوك يشبه سلوك البشر‪.‬‬ ‫وملا توصلت بقناعة شديدة انه لن ميسين‬ ‫الضرر يف أن اغرس الشرحية يف ذراعي بعد أن‬ ‫أحتكم بعملها من خالل جهاز صغري فقد فعلت‬ ‫ذلك‪ ..‬وقررت أن ازرعها يف املخترب واصطحب‬ ‫اجلهاز ثم أتوجه اىل إجازتي نصف الشهرية‪..‬‬ ‫وهذا ما حصل‪ .‬لكنين وقد صادفت معوقات‬ ‫يف طريق رجوعي فقد كنت خائفاً ج��داً من‬ ‫أن يبدأ توقيت عمل الشرحية وأنا بني الناس‬ ‫وقبل أن اصل اىل بييت‪ ..‬لكن القدر أسعفين‪..‬‬ ‫فقد نفذ الوقت وأنا أفتح باب بييت ويسبقين‬ ‫(بالنكو) وهذا اسم الكلب‪ .‬وملا حاولت أن آخذه‬ ‫بني يدي ب��دأت أق��وم حبركات غريبة وكأمنا‬ ‫تصدر عن إنسان آيل‪ ..‬وكأمنا أحس (بالنكو)‬ ‫بغريزته ذلك فابتعد عين وكأنين لست أنا‪.‬‬ ‫استغربت أن احل��ي��وان��ات أك��ث��ر التصاقاً‬ ‫بغرائزها‪ ..‬وأكثر ق��درة على التعبري عنها‪.‬‬ ‫استنفذت الطاقة املخزونة يف الشرحية ضمن‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫ذراعي‪ ..‬و(بالنكو) قد اختفى عن وجهي اىل‬ ‫صندوقه اخلشيب األنيق دون أن يصدر أي‬ ‫ص��وت‪ .‬ومل��ا ع��دت اىل حاليت الطبيعية سار‬ ‫حن��وي وب��دأ مي��ر بلسانه على ذراع���ي حيث‬ ‫الشرحية بالتحديد وك��أن��ه ينبهين أن شيئاً‬ ‫غريباً يف جسمي‪ .‬وم��رت التجربة بسالم‪..‬‬ ‫ومن��ت ه��ادئ�اً مطمئناً اىل أن جت��ارب��ي تقفز‬ ‫من جناح اىل آخر وجلست اىل مكتيب أسجل‬ ‫مالحظاتي‪ .‬أعفيكم منها ألنقل لكم جتاربي‬ ‫من الناحية اإلنسانية فقط‪.‬‬ ‫مل يعد أمامي سوى أن أجري جتربة الرأس‬ ‫املفتوح على رأسي أنا‪ ..‬ولكن كيف والسر ال‬ ‫يعرفه أحد سواي‪ ..‬بل أنا وكليب (بالنكو) وذلك‬ ‫الطبيب البيطري الذي تعاون معي يف مرحلة ما‬ ‫من جتاربي؟ ولو أجريت جتربة الرأس املفتوح‬ ‫على رأسي أنا فهل التغريات ستبدو وقتية آنية‬ ‫ثم ت��زول أم أهن��ا ستبقى مل��دة ال أستطيع أن‬ ‫احددها؟ أنا اعترب نفسي أنين الزلت طبيعياً‬ ‫متاماً‪ ..‬إمنا من يدري؟ رمبا حصلت تغريات‬ ‫ال أشعر هبا أنا ويالحظها اآلخ��رون لكنهم ال‬ ‫ميلكون التفسري‪ ..‬رمبا الحظت من ابتسامة‬ ‫غامضة على شفاه بعض زمالئي كلما الحظوا‬ ‫محاسيت الشديدة لزرع الكبسولة االلكرتونية‬ ‫يف رأس ب��ش��ري‪ ..‬أم��ا رئيس الفريق العامل‬ ‫الشهري‪ ..‬رئيسي املباشر فكان يقول يل كلما‬ ‫مت اجتماع حول ذلك أو كلفين بقراءة دراسات‬ ‫معينة أو تقارير‪ ..‬كان يقول يل‪:‬‬ ‫ـ أنت متحمس جداً‪ ..‬واحلماسة ال تكفي‪..‬‬ ‫هناك االقتناع وقد يأتي االمتناع رغم االقتناع‪.‬‬ ‫أمل أقل لك إننا حباجة اىل اإلعالن عن طموحنا‬ ‫العلمي يف إشهار أحباثنا وبثها يف املؤسسات‬ ‫العلمية املتخصصة؟ حنن ال نريد جوائز عاملية‬ ‫بل اع�تراف��ا جبهودنا‪ ..‬بعد ذل��ك سنعلن عن‬ ‫حاجتنا ملتطوعني‪ ..‬وهذا أمر يطول شرحه‪..‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫بل تطول التهيئة له‪.‬‬ ‫ويف ك���ل م���رة أوش����ك أن أق����ول ل���ه إنين‬ ‫أجريت التجارب األولية على نفسي‪ ..‬وعلى‬ ‫كليب أي��ض��ا‪ ..‬اقصد الشرائح يف جسدي‪..‬‬ ‫والكبسولة يف دماغ كليب‪ ..‬لكنين أتراجع خشية‬ ‫أن يعترب جتاربي خروجاً على ميثاق السرية‬ ‫يف االكتشاف والعمل الشريف النزيه ضمن‬ ‫فريق علمي له احرتامه وموقعه بني املؤسسات‬ ‫العلمية‪ .‬وكنت أقول له بانفعال واختصار‪:‬‬ ‫ـ لن يتقدم بعض املتطوعني‪..‬‬ ‫فيجيب‪:‬‬ ‫ـ أال تعرف كم يتكاثرون هذه األيام جملرد‬ ‫املغامرة كما ل��و أهن��م يف م��ب��اراة رياضية أو‬ ‫للشهرة ضمن األرقام القياسية؟‬ ‫وآخر مرة حتدثت فيها مع رئيسي العامل‬ ‫قال يل‪:‬‬ ‫ـ لقد اقرتبنا من إعالن اإلجناز‪ ..‬إذا كانت‬ ‫لديك آراء فما عليك إال أن تقدمها يف تقرير‬ ‫خاص لدراسته ورمبا اعتماده‪.‬‬ ‫شعرت بفرح غامض‪ ..‬وقررت أن أصارحه‬ ‫بتجربيت مع كليب (بالنكو)‪ ..‬وعكفت خالل‬ ‫ليال متوالية على كتابة تقرير عن جتربيت‬ ‫مع كليب فقط وليس معي‪ ،‬مع شرح تفصيلي‬ ‫لكل التغريات اليت ميكن أن تظهر على كلب‬ ‫ما بالذات‪ ..‬أو من هذه العضلة حتديداً‪ .‬ويف‬ ‫ه��ذه األث��ن��اء التحق فريق ط�بي كامل بفريق‬ ‫عملنا ألن األمور أصبحت حتتاج اىل جراحني‪،‬‬ ‫واختصاصني يف ال��دورة الدموية واألعصاب‬ ‫وحتى يف جراحة الدماغ‪ .‬تراجعت عن تقديم‬ ‫تقريري ألنين عقدت صداقة مع طبيب نابه‬ ‫ومتحمس جداً من الفريق الطيب‪ ..‬وأنا اعتربه‬ ‫عبقرياً ألنه ما إن اطلع على الغاية النهائية من‬ ‫تلك التجارب حتى أبدى مالحظات متفوقة‬ ‫اعتربهتا أن��ا يف صميم ما أحب��ث عنه عملياً‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪129‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫وعلمياً‪.‬‬ ‫أصبح السر الكبري‪ ..‬سري أنا يف أن أكون‬ ‫املتطوع األول لتجربة ال��رأس املفتوح هو مع‬ ‫الطبيب املختص الذي التحق بفريقنا‪ ..‬كان‬ ‫شاباً ذكياً‪ ..‬وطموحاً يف أن يقوم هبذه العملية‬ ‫اجلراحية‪ ..‬وكان اىل جانب اختصاصه الطيب‬ ‫حيمل معلومات كثرية عن التكنولوجيا يف هذا‬ ‫اجملال أو ما يسمى بـ(النانوتكنولوجي)‪ ،‬وما‬ ‫حيققه الذكاء الصناعي وما ميكن أن حيققه‬ ‫أو باألصح اإلفادة من هذه التكنولوجيا لرفع‬ ‫مستوى الذكاء البشري‪ ،‬أو لتطويره واستخدامه‬ ‫ليس يف جم��ال امل��رض والشفاء فقط بل يف‬ ‫اجمل����االت االخ����رى ك���أن يستخدم يف جمال‬ ‫الصناعة‪ .‬وظلت مناقشاتنا تتواىل يف أوقات‬ ‫فراغنا من العمل واإلش��راف على التقدم يف‬ ‫جمال األحباث‪ .‬ومرة جرى النقاش عميقاً يف‬ ‫كيفية استخدام هذا الذكاء الصناعي فكان‬ ‫مما قاله يل‪:‬‬ ‫ـ تصور لو أننا استطعنا أن ننتزع من دماغ‬ ‫عامل ما ذلك اجلزء اهلام واخلطري الذي حيتوي‬ ‫على الذاكرة أما كنا نستفيد من معلوماته اليت‬ ‫توقفت بتوقف حياته؟ ثم إن الدماغ البشري ال‬ ‫خيتزن املعلومات فقط بل خيتزن السلسلة اليت‬ ‫توصل اىل النتائج املبنية على هذه املعلومات‪.‬‬ ‫قلت باستغراب‪:‬‬ ‫ـ تعين أننا نسطو على ما يتعلق باخليال أو‬ ‫التصورات‪ ..‬أو رمبا الطموح؟‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ـ هذا متاماً ما أعنيه‪ ..‬ولو أنين غري واثق‬ ‫من احتواء الدماغ بشكل عصيب أو مادي على‬ ‫هذا‪ ..‬أو شيء من هذا‪.‬‬ ‫ثم أضاف ضاحكاً‪:‬‬ ‫ـ لو أنين أؤمن باستدعاء األرواح كما تؤمن‬ ‫كثري من اجلمعيات الروحية الستدعينا روح‬

‫‪ob‬‬

‫‪130‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫عامل ما‪ ..‬يف الذرة مثالً‪ ..‬أو يف أي فرع من‬ ‫ف��روع العلم ثم سألناها م��اذا ك��ان حلمها أو‬ ‫تصورها لو تابعت أحباثها يف جماهلا ذاك‪..‬‬ ‫أما كنا نوفر على أنفسنا البدء من جديد؟‬ ‫قلت مستغرباً ومعارضاً‪:‬‬ ‫ـ ليس البدء من جديد‪ ..‬ألن األحباث تظل‬ ‫بني أيدينا وكذلك النتائج‪.‬‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ـ معك حق‪ ..‬لكن القضية ترتبط باإلميان‬ ‫بعودة تلك األرواح‪ ..‬وأنا اشك بذلك أو لست‬ ‫مقتنعاً بتلك األحباث الروحية رغم أهنا مقنعة‬ ‫اىل ح��د كبري‪ .‬وتلك النشرات والكتب اليت‬ ‫تصدر يف ه��ذا اجمل��ال تكون مثبتة بأمساء‬ ‫أص��ح��اهب��ا‪ ،‬واخ��ت��ص��اص��ه��م‪ ،‬وت��اري��خ موهتم‪،‬‬ ‫وباألحباث اليت كانوا يقومون هبا‪ ،‬وأحياناً تكون‬ ‫مزودة بالصور‪ .‬وأنا رأيت صوراً ملا يسمى بـ‬ ‫(األكتوبالزما) وهي املادة اليت يلتقط صورها‬ ‫العلماء‪ ..‬علماء الروحانيات ويصفوهنا بأهنا‬ ‫تشبه الزبد األبيض‪ ..‬إضافة اىل صور أشباح‬ ‫املتوفني من العلماء يف ح��االت ن��ادرة تسجل‬ ‫أطيافاً من شخصياهتم‪.‬‬ ‫وف��ج��أة ش��ع��رت ب��ال��رع��ب‪ ..‬فها أن��ا أحول‬ ‫دماغي اىل حقل جتارب ليس يف حياتي فقط‬ ‫بل بعد مماتي‪ ..‬أم أن هذا املزج الفريد بني‬ ‫اآلالت والبشر سيجعل مين كائناً جديداً حيمل‬ ‫اىل جانب ذكائه البشري ذكاءً صناعياً يوازي‬ ‫سابقه يف مرونته وصوالً اىل الذكاء العاطفي؟!‬ ‫أم أنين سأحتول إىل كائن من حلم ودم تغزوه‬ ‫اآلالت الذكية ليس أك��ث��ر؟! أي إن��س��ان هذا‬ ‫سأغدو والنانوبوتات أو الروبوتات متناهية‬ ‫الصغر تلتصق بأجزاء من جسدي؟ هل هذه‬ ‫هي حقاً حضارتنا املعاصرة املمهورة خبتم‬ ‫التكنولوجيا املتفوقة واليت علي أن أكون جزءاً‬ ‫منها؟ وهل سأحتول اىل إنسان افرتاضي حيل‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫حمل اإلنسان الطبيعي الذي هو أنا اآلن؟ لكن‬ ‫هوس اجتياز التجربة كان أقوى من كل شيء‪..‬‬ ‫وكأمنا يساوي حياتي نفسها‪.‬‬ ‫قلت للطبيب وامسه (ماكس)‪:‬‬ ‫ـ أما أنا فواثق متاماً أنين سأخوض جتربة‬ ‫نادرة‪ ..‬وأنا مستعد هلا‪ ..‬ثم إنين لست مسؤوالً‬ ‫عن أح��د يف ه��ذا ال��ع��امل‪ ..‬ال أس��رة يل‪ ..‬وال‬ ‫زوجة‪ ..‬وال أوالد‪ .‬أنا غصن مقطوع من شجرة‬ ‫يف هذه الغابة املخيفة‪ ..‬غابة العلم‪.‬‬ ‫قال بروح مرحة‪:‬‬ ‫ـ وكل األماني اليت أمحلها لك أو هلذا الغصن‬ ‫املقطوع أال حيرتق يف صاعقة العلم‪.‬‬ ‫رددت بقسوة‪:‬‬ ‫ـ لو احرتق فلسوف حترتق الغابة كلها‪ ..‬ما‬ ‫رأيك؟‬ ‫وعندما وج��دن��ي هب��ذه احل��ال��ة اهلستريية‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ـ اع��ذرن��ي‪ ..‬كنت أم���زح‪ ..‬وأن��ا طبيب وال‬ ‫اع���رف مت��ام �اً م���اذا تعين ه��ذه التجربة من‬ ‫الناحية العلمية ويف حال استدعائي للقيام‬ ‫مبهميت ف��إن ه��ذه املهمة ل��ن تتعدى جراحة‬ ‫عادية يف الرأس وغرس جهاز صغري يف منطقة‬ ‫ما من الدماغ‪ ..‬حبجم رأس دبوس مثالً‪ ..‬أو‬ ‫شيء من هذا القبيل‪.‬‬ ‫وبعد ه��ذه املناقشة الغريبة مل نعد نأتي‬ ‫على هذه األحاديث أبداً‪ ..‬ومل يعد يسألين عن‬ ‫إصراري على خوض التجربة ألهنم مل يكونوا‬ ‫قد أعلنوا بعد عن رغبتهم مبتطوعني‪ .‬أقول‬ ‫أعلنوا جتاوزاً ألنه ال ميكن أن يكون إعالناً بل‬ ‫س��ؤاالً ملن لديهم االستعداد لذلك‪ ..‬وضمن‬ ‫نطاق ضيق ال يتعدى دائرة العلماء واملشاركني‬ ‫يف هذه األحباث اخلطرة والسرية بآن معاً‪.‬‬ ‫وظ��ل األم��ر س��راً خفياً بيين وب�ين ماكس‬ ‫الطبيب‪ ..‬لكنين كنت أمل��ح يف عينيه بريقاً‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫غريباً‪ ..‬أفسره أحياناً بالتشجيع‪ ..‬وأحيانا‬ ‫باإلعجاب مبغامرتي‪ ..‬وليس أب��داً اإلشفاق‬ ‫عليّ‪ ..‬أو اخلوف من املخاطرة‪.‬‬ ‫حتى كان ذلك اليوم‪...‬‬ ‫يوم عصيب رهيب ال أستطيع أن أنساه وها‬ ‫أنا أحدثكم عنه بعد أن مرت التجربة ونزعوا‬ ‫الكبسولة من دماغي وع��دت إنساناً طبيعياً‬ ‫كما كنت‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أما ما جرى معي فأنا ال أتذكره جيدا كما‬ ‫جرى لكنين كنت وأنا يف حاليت الفريدة تلك‬ ‫أسجل كل مشاعري وأحاسيسي وأفكاري اليت‬ ‫مل أكن قادراً على ضبطها‪ ..‬وحتى على معرفة‬ ‫مسارها‪ .‬أما أفعايل أو ردود أفعايل فهذا ما‬ ‫سجله فريق العمل نيابة عين‪.‬‬ ‫ج��اء اليوم احملتوم ألك��ون صاحب الرأس‬ ‫املفتوح‪ ..‬فقد استدعاني العامل رئيس فريق‬ ‫العمل‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫ـ حترينا بدقة عن متطوعني‪ ..‬ومل جند‬ ‫سواك‪ ..‬ما رأيك يف أن حتدد بنفسك توقيت‬ ‫التجربة؟‬ ‫قلت باندفاع جنوني‪:‬‬ ‫ـ أنا مستعد منذ هذه اللحظة‪.‬‬ ‫قال بصوت هادئ‪:‬‬ ‫ـ ليس األم��ر هب��ذه السرعة‪ ..‬لن يتم قبل‬ ‫أن ت��ع��رف ك��ل م��راح��ل العملية اجلراحية‬ ‫واحتماالهتا‪ ..‬وان تكون على إطالع كامل مبا‬ ‫هتدف اليه التجربة‪ ،‬وعليك أن توقع على أوراق‬ ‫رمسية كثرية تتحمل فيها املسؤولية كاملة عن‬ ‫ه��ذه التجربة ليس من الناحية البيولوجية‬ ‫فقط‪ ..‬بل من الناحية العلمية أيضاً‪.‬‬ ‫وكان جوابي حاداً وسريعاً‪:‬‬ ‫ـ لكنين لست عاملاً‪ ..‬وأنت تعرف إمكانياتي‬ ‫يف هذا اجملال‪ ..‬ليس لدي شهادات عليا‪ ..‬وال‬ ‫أنا عضو يف أي مجعية أحباث من هذا النوع‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪131‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬

‫قال‪:‬‬ ‫ـ لكننا حنن فعلنا‪ ..‬فقد أرسلنا اىل اجلهات‬ ‫احلكومية جداول بأمساء العلماء واملختصني‪..‬‬ ‫وبإجنازاتنا الباهرة‪ ..‬وامسك يف القائمة‪ ..‬بل‬ ‫على رأس القائمة متاماً كما يفعلون يف األحباث‬ ‫التطويرية لألسلحة واملخرتعات احلربية‪.‬‬ ‫ولشدة محاسيت واندفاعي مل أعلق أمهية‬ ‫على كلمات أسلحة ومعدات حربية‪ ..‬ولو فعلت‬ ‫لفهمت إمكانية اإلف��ادة من ذلك يف املعارك‬ ‫احلربية فيما لو أرس��ل��وا ج��ن��وداً غرست يف‬ ‫أدمغتهم برامج قتالية عوضاً عن أن يرسلوا‬ ‫جنوداً آليني حيملون يف رؤوسهم هذه الربامج‬ ‫بالذات‪.‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫خميفة ون��ادرة يف تاريخ البشرية على األقل‬ ‫حتى وقتنا احلايل‪ ..‬وصحيح أن هذه التجربة‬ ‫شبيهة حبقل ألغام يسري فيه املرء دون أن يعرف‬ ‫أي لغم سينفجر به لو قدر للغم أن ينفجر إال‬ ‫أهنا يف الوقت ذاته جتربة استثنائية‪ ..‬وتستحق‬ ‫اجملازفة‪ ..‬ولو لرأس مفتوح‪.‬‬ ‫هذا اجملهول الذي انتظره ليس يف الشهرة‪،‬‬ ‫وال يف املال‪ ،‬وال بالتايل يف أن أنال مركزا مرموقاً‬ ‫يف مركز األحب���اث ب��ل يف أن�ني أن��ا شخصياً‬ ‫راغب جداً يف ذلك‪ ..‬هل أهرب من شيء يف‬ ‫حياتي؟ رمب��ا‪ ..‬أن��ا أجهل مناطق يف دماغي‬ ‫يسموهنا مظلمة‪ ..‬أو هي يف العقل الباطن‪..‬‬ ‫أو الالشعور‪ .‬هل ألتجئ اىل شيء جديد يفجر‬ ‫يف حياتي شيئاً ج��دي��داً وتفكرياً ج��دي��داً؟ ال‬ ‫أدري أيضاً إمنا األمر احلساس جداً والذي مل‬ ‫أتساءل عنه فهو‪ :‬هل ميكن أن ينتزعوا الدبوس‬ ‫الكبسولة من دماغي فأعود كما كنت أو كما أنا‬ ‫اآلن؟ أقصد بكلمة (اآلن) هذه الليلة اليت هي‬ ‫حتضريية للعملية اجلراحية‪ ..‬وقد رفضت أن‬ ‫أتناول أدوية مهدئة‪ ..‬وقال صديقي الطبيب‬ ‫(ماكس)‪:‬‬ ‫ـ هذا أفضل فسوف تفاجئ دماغك هبذه‬ ‫الشرحية بعد سريان املخدر فوراً ألن هذا ال‬ ‫يعطل طويالً الشحنات الكهربائية واألوامر‬ ‫العصبية ال�تي تصدر من ال��دم��اغ‪ .‬أن��ت رجل‬ ‫ش��ج��اع‪ ..‬وت��ك��اد جت��رب��ت��ك أن ت��ك��ون جتربة‬ ‫واعية‪ ..‬أكثر منها لدماغ خمدر وإلنسان غري‬ ‫واع ملا يفعلونه به‪ ..‬أنا أهنئك‪ ..‬وأحذرك يف‬ ‫الوقت نفسه‪.‬‬ ‫ومل أس��أل��ه م��ن أي ش���يء حي���ذرن���ي‪ ..‬بل‬ ‫ارتديت ثوب مريض عملية واجتهت حنو غرفة‬ ‫العمليات والعيون كلها تنظر إيل بإعجاب‪..‬‬ ‫واستغراب‪ ..‬ورمبا بلهفة للوصول اىل النتيجة‪.‬‬ ‫أم���ا م��ا س��ج��ل��وه ع�ني يف ال��ل��ح��ظ��ات األخ�ي�رة‬

‫(أوراق مفتوحة للرأس املفتوح)‬

‫‪132‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫• الورقة األوىل‪:‬‬ ‫هذه األوراق ليست كلها يل‪ ..‬أو أنين أنا الذي‬ ‫سجلتها سواء أثناء التجربة املغامرة أو بعدها‪،‬‬ ‫وإمنا هي أيضاً مما سجله فريق العمل اخلاص‬ ‫هبذه التجربة بعد إجرائها معي مباشرة‪ ،‬وكذلك‬ ‫املالحظات اليت دونوها يوماً بيوم‪ ..‬بل ساعة‬ ‫بساعة‪ ..‬ورمبا دقيقة بدقيقة‪.‬‬ ‫وكنت بوصفي متطوعاً هلذه التجربة قد‬ ‫قضيت الليل وأنا وحيد مثل إبريق شاي حمكم‬ ‫اإلغ�لاق أح��اول أن افتح قليالً ه��ذا اإلبريق‬ ‫ليخرج منه بعض البخار فأسرتيح‪ .‬وبالفعل‬ ‫أحسست بالراحة وأنا ارتفع مع خبار أفكاري‬ ‫ألنين سأنال شرف املتطوع األول لتطبيق هذه‬ ‫األحباث الذكية‪ ،‬بل ألن ما سأقوم به سيصبح‬ ‫مهماً بالنسبة جلميع العلماء الذي يعملون يف‬ ‫هذا اجملال‪ ..‬بل مهم جداً أيضاً‪ .‬سأقوم بعمل‬ ‫ال مثيل له يف اجلرأة واملغامرة واالندفاع حنو‬ ‫تطبيقات العلم احلديث‪ .‬صحيح أهنا جتربة‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫اليت سبقت العملية فهو خمتلف متاماً‪ .‬عدة‬ ‫مالحظات مقتضبة‪ ..‬ومرتبكة‪ ..‬يقول العامل‬ ‫رئيس الفريق العلمي‪:‬‬ ‫ـ جتربة البد منها‪ ..‬ولدينا متطوع شجاع‬ ‫ومندفع‪ ..‬وهو من ضمن فريقنا‪ ..‬فلماذا ال‬ ‫جنريها لكسب علمي خطري‪.‬‬ ‫يقول الطبيب اجلراح‪:‬‬ ‫ـ كم أمتنى أال أقوم هبذه العملية‪ ..‬وخاصة‬ ‫أن املريض أو عفواً املتطوع هو صديق يل‪..‬‬ ‫لكنين طبيب بارع‪ ..‬وسوف أنسى أسباب هذه‬ ‫العملية‪ ..‬ولن أتابع النتائج‪ ..‬وهذه النتائج على‬ ‫أي حال ليست مهميت‪ .‬مهميت اجلراحة فقط‪..‬‬ ‫وال شيء غريها‪.‬‬ ‫الطبيب النفسي واختصاصي األعصاب‬ ‫كل منهما كان يراقب حاليت باهتمام بالغ‪ .‬كانا‬ ‫مضطربني ومها يسجالن مالحظاهتما‪ ..‬وغري‬ ‫واثقني من سلوكي بعد العملية وال من ردود‬ ‫أفعايل‪ ..‬وأيضا فيما يتعلق بسياق التجربة‬ ‫نفسها‪.‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫• الورقة الثانية‪:‬‬ ‫متت العملية اجلراحية بنجاح مذهل كما‬ ‫قالوا‪ ..‬وكما فسرت أنا فيما بعد‪ ..‬فقد فتحت‬ ‫عيين بعد أن زُرعت الكبسولة فرأيت الطاقم‬ ‫الطيب بأرديتهم البيضاء واخلضراء كما لو أهنم‬ ‫أناس من الفضاء‪ ..‬شعرت بقوة غريبة تدفعين‬ ‫ألن أهنض لكنهم أعادوني اىل النقالة‪ ،‬ونظر‬ ‫بعضهم يف عيون البعض اآلخر بينما وجوههم‬ ‫خمتفية وراء الكمامات ماعدا واحداً منهم يقف‬ ‫يف زاوية الغرفة‪ ،‬وميسك بيده جهازاً صغرياً‬ ‫فهمت أنه جهاز حتكم‪ ..‬ال بدماغي طبعاً‪ ..‬بل‬ ‫بالكبسولة اليت زرعت يف رأسي‪.‬‬ ‫ه���دأت‪ ..‬وب���دأت أط��ي��اف م��ن املاضي‪..‬‬ ‫ماضي طفوليت بالتحديد ت�برز أمامي حادة‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫وق���وي���ة‪ ..‬لعلي أص����درت ص��رخ��ات ل��ك�ني مل‬ ‫أمسعها‪ ..‬وما رأيت من شبابي وحياتي قبل‬ ‫جتربيت هذه سوى صور خاطفة وسريعة‪.‬‬ ‫تقدم مين الشخص حامل جهاز التحكم‪،‬‬ ‫وقدم يل بيده اليسرى مرآة‪ .‬نظرت اىل وجهي‬ ‫مل أالحظ أي تغيري‪ ..‬نظرت يف عيين فوجدت‬ ‫كما لو أنين مشحون ببطارية يف عيين‪.‬‬ ‫قال يل هبدوء‪:‬‬ ‫ـ هل تشعر بالطمأنينة اآلن؟ أن��ا معك‪..‬‬ ‫ولن أدع الكبسولة يف رأسك تنفذ األوامر إال‬ ‫مبعرفتك‪ ..‬ما رأيك؟‬ ‫وشعرت ب��اهل��دوء‪ ..‬وبرغبة يف االسرتخاء‬ ‫وليس النوم‪ ..‬وكأمنا كنت أحلم بسهول فسيحة‬ ‫امتدت أمامي حتدها جبال شاهقة وقممها‬ ‫مكللة بالثلوج‪ .‬ختيلت أنين أركض وأركض يف‬ ‫هذه السهول‪ ..‬ثم أصعد اجلبال جبالً وراء‬ ‫جبل‪ ..‬لكين مل أملح أي إنسان‪ ..‬يا إهلي‪ ..‬هل‬ ‫أصبحت األرض ختلو من البشر‪ ،‬وحتى من‬ ‫البيوت‪ ،‬ومالمح احلياة البشرية؟‪ ..‬فجأة رأيت‬ ‫جيشاً من اجلنود املشاة‪ ..‬ومن أرتال الدبابات‬ ‫واملصفحات‪ ..‬ومسعت دوي الطائرات حتوم‬ ‫ف��وق اجلبال‪ .‬صرخت‪ ..‬ومس��ع حامل جهاز‬ ‫التحكم صراخي فقال يل‪:‬‬ ‫ـ أن��ت ال دخ��ل ل��ك يف أي ش���يء‪ ..‬عليك‬ ‫االستمرار يف التجربة فقط‪.‬‬ ‫وهكذا كانت الفكرة حول استخدام اإلنسان‬ ‫مع التكنولوجيا هبدف احلروب تفرتس دماغي‪.‬‬ ‫البد أهنم توصلوا اىل كل هذا من أجل هذه‬ ‫الغاية‪ ..‬ليتين مل أوافق على زرع الكبسولة يف‬ ‫رأسي‪ ..‬ولكن ما الفائدة اآلن؟ أنا بني أيديهم‬ ‫والكبسولة يف دماغي‪ ..‬وما يريدونه سوف‬ ‫يفعلونه‪ ..‬وم��ا علي س��وى أن أق��اوم بدماغي‬ ‫احلقيقي ال باجلهاز امل��زروع فيه‪ .‬وبدأ جدل‬ ‫يف داخلي حول ذلك‪ :‬أيهما أقوى‪ ..‬اإلنسان أم‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪133‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫اآلل��ة؟ وتوصلت اىل نتيجة لعلها النتيجة‬ ‫اليت أراحتين وهي أنين أنا األق��وى‪ ..‬أمل أكن‬ ‫كذلك يف كل املراحل اليت أوصلتين اىل هذا‬ ‫املصري؟‬ ‫هدأت‪ ..‬وأمرت أعصابي ودماغي بالنوم‪..‬‬ ‫واستسلمت اىل األحالم‪ ..‬ال بل اىل الكوابيس‬ ‫املرعبة‪ .‬هذا ما كنت عليه يف اليومني األولني يف‬ ‫أعقاب العملية‪ ..‬أما هم فال أعلم ماذا سجلوا‬ ‫فأنا مل أعثر بعد سوى على عبارة موجزة جداً‬ ‫من الطبيب اجلراح‪( :‬لقد جنحت‪ ..‬وجناحي‬ ‫كان باهراً‪ ..‬لست مسؤوالً عن النتيجة فأنا‬ ‫طبيب ال أك��ث��ر)‪ .‬وسجل العامل رئيس فريق‬ ‫العمل‪( :‬العملية جنحت ولكن علينا حنن أن‬ ‫ننجح يف األهداف املرتتبة علينا)‪ .‬ويف سطور‬ ‫قليلة من صفحة كمبيوتر سجل أحد الشهود‪:‬‬ ‫(يا إهلي‪ ..‬ماذا نفعل؟ إنسان يف آلة‪ ..‬أم آلة يف‬ ‫إنسان؟ انه سبق علمي خطري‪ ..‬خطري)‪.‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫يف الشجاعة‪ ..‬ليست الشجاعة العبثية أو‬ ‫العشوائية بل الشجاعة املنظمة واهلادفة‪..‬‬ ‫استعمل كل األسلحة اليت زودناه هبا من جهاز‬ ‫ال��رؤي��ة يف ال��ظ�لام اىل األم���ام واىل اخللف‬ ‫واىل اليمني واليسار‪ ..‬اىل استعمال الرشاش‬ ‫بسرعة‪ ،‬وه���زم األع����داء‪ ،‬وم��ن ث��م استبدال‬ ‫الرشاش باملسدس فائق السرعة للدفاع عن‬ ‫نفسه أثناء االنسحاب بعد الفوز‪ .‬كم كانت‬ ‫النتيجة رائعة‪ ..‬ومبهرة‪ ..‬أصبحنا قادرين على‬ ‫أن نزود جنودنا بقوى خارقة قبل أن ندفعهم‬ ‫للمعارك‪.‬‬ ‫وك����ان ت��وق��ي��ع ال���ع���امل يف آخ����ر السطور‬ ‫االلكرتونية مثل اع�تراف باجلميل للمؤسسة‬ ‫اليت وظفته هلذا الغرض‪.‬‬ ‫أم��ا تعليقي على ه��ذه ال��ورق��ة فهو يقطر‬ ‫باألسى واحلزن‪ ..‬ليتين كنت أعرف أن الغرض‬ ‫حربي‪ ..‬بل تدمريي‪ ..‬ومهلك ملن يُغري ومنهم‬ ‫األعداء‪.‬‬ ‫ولكن ألن تتغري طبيعة احلروب بعد مرحلة‬ ‫زرع الرقاقات يف كل األدمغة فال تعود حروب‬ ‫إط�لاق ال��ص��واري��خ ب��ل ح��روب ال��ذك��اء حبيث‬ ‫خيدع األذكياء ذوو كبسوالت األدمغة أقراهنم‬ ‫الطبيعيني فيتفوقون عليهم دون احلاجة اىل‬ ‫احلروب‪ ،‬وكأن إنسانا ما ذكياً يتعامل مع من‬ ‫هو أدنى منه مرتبة يف الذكاء وإدراك األشياء‬ ‫فيسخره لغاياته دون دراية من هذا األخري أنه‬ ‫يتحول اىل أجري لدى األول؟‬ ‫وب��رز س��ؤال كبري أمامي مثل ه��رم يطاول‬ ‫السماء‪ ..‬من هم أعداؤهم؟ هل هم بالضرورة‬ ‫أعدائي أنا؟ اهلرم ينقلب علي وأنا حتته مثل‬ ‫صفحة معدنية مسطحة ومستهلكة وال تصلح‬ ‫إال للقمامة‪.‬‬ ‫وإذا كان اخلوف البدائي الكامن يف أعماق‬ ‫عقولنا البدائية يرصد يف كل األوق��ات حتى‬

‫‪134‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫• الورقة الثالثة ‪:‬‬ ‫ال أستطيع أن أسجل يف هذه الورقة سوى‬ ‫هنايتها وحملة من بدايتها‪ ..‬بدايتها كانت أهنم‬ ‫أدخلوني اىل غرفة فسيحة واسعة فيها أناس‬ ‫آليون مل أتبني عددهم وكأهنم يف استعداد‬ ‫ملعركة‪ .‬والنهاية كانت أنين صحوت وأنا منهك‬ ‫ال��ق��وى‪ ..‬يف ي��دي م��س��دس س��ري��ع الطلقات‬ ‫واخلوذة مرمية اىل جانيب‪ ..‬نزعت عين ثيابي‬ ‫املعدنية ففوجئت أن جسمي كله مليء بالكدمات‬ ‫والبقع الدموية الزرقاء!! الشك أنين كنت يف‬ ‫معركة فعالً‪ ،‬ودماغي احلقيقي (مغيب)‪ ،‬وما‬ ‫حصل إمنا كان بفعل الدماغ اآليل أو الذكي‪..‬‬ ‫هل أقول يا للفرح أم يا للعار؟‬ ‫أما هم فقد سجلوا على شاشة الكمبيوتر‬ ‫يف امللف اخلاص بالتجربة أن‪ :‬التجربة كانت‬ ‫رائعة‪ ..‬وأن اجلندي املتطوع بني أيدينا قمة‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪ob‬‬

‫• الورقة األخرية‪:‬‬ ‫أنا‪ ..‬صاحب الرأس املفتوح‪ ..‬أسجل هذه‬ ‫األوراق‪ ..‬هكذا دون ترتيب زمين أو نفسي‪..‬‬ ‫أم��ا ه��م يف امل��رك��ز العلمي وال��ذي��ن جعلوني‬ ‫أمح��ل رأس���اً مفتوحاً ف�لا أدري م��اذا سجلوا‬ ‫من مالحظات‪ ..‬وال من احلقائق العلمية اليت‬ ‫توصلوا إليها بعد انتهاء التجربة فقد قطعوا‬ ‫عين كل سبيل للحصول على أي معلومات‪..‬‬ ‫كأمنا اختفى كل ش��يء‪ ..‬بل كل شخص من‬ ‫أم��ام��ي وتركوني وح��دي أواج���ه ه��ذه املرحلة‬ ‫الصعبة والفريدة اليت تعرضت هلا وهي زرع‬ ‫الشرحية االلكرتونية يف دم��اغ��ي‪ .‬أم��ا كيف‬ ‫سأعود اىل حاليت الطبيعية فهذا معلق يف عنق‬ ‫القدر‪ ..‬ويف أعناق الذين نفذوا العملية‪ ..‬بل يف‬ ‫عنقي أنا‪ ..‬ليس يف تصميمي يف أن يعودوا بي‬ ‫كما كنت بل يف احتمال أن يفعلوا ذل��ك‪ ..‬ولو‬ ‫أهنم فعلوا‪ ..‬هل سأعود حقاً كما كنت؟‬ ‫املهم أن الرجل الذي كان يالحقين مثل ظلي‬ ‫ويوجه جهاز التحكم قد اختفى من أمامي‪..‬‬ ‫ومل يعد مضطراً ملراقبة تصرفاتي بعد أن‬ ‫انتهت املعركة األوىل وهي التحكم من اخلارج‬ ‫ألترك مع دماغي الطبيعي والربنامج املخزون‬ ‫يف الشرحية االلكرتونية داخل رأس��ي‪ .‬تنبهت‬ ‫هلذه النقطة‪ ..‬متاماً وأصبح علي أن أتصرف‬ ‫كإنسان طبيعي‪ ..‬أما ماذا متليه علي الشرحية‬ ‫فهذا ما كان حيريني‪ ..‬ويسرق النوم والراحة‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫أثناء النوم كل األخطار اليت ميكن أن تفاجئنا‪..‬‬ ‫فإن خوف العقل الواعي هو الذي حيفز باقي‬ ‫احلواس للتصرف بذكاء للحفاظ على البقاء‪..‬‬ ‫فأين كان رد فعل عقلي البدائي ومن بعده عقلي‬ ‫الواعي عندما زرعوا ذلك اجلهاز االلكرتوني‬ ‫الدقيق يف أنسجة دماغي اىل جانب خالياي‬ ‫العصبية وهو يتفاعل معها؟‬

‫من عيين ومن برنامج حياتي‪ ..‬وق��ام صراع‬ ‫عنيف يف داخ��ل��ي‪ ..‬ليس م��ن أج��ل برنامج‬ ‫الشرحية فهو مدروس علمياً بشكل جيد ولكن‬ ‫ماذا لو أن دماغي احلقيقي رفض أن يذعن‬ ‫هلذه األوامر؟‬ ‫ماذا لو أن هذا الدماغ انتبه اىل أن القناة‬ ‫مفتوحة بينه وبني الشرحية فتعطل عن العمل‬ ‫فأغدو فريسة للشرحية فقط‪ ..‬واألفظع من‬ ‫ذلك م��اذا لو تعطل بشكل هنائي؟ هل أصبح‬ ‫إنساناً آلياً يف جسم بشري؟‬ ‫ق���ررت بشكل واع أال أل��غ��ي عمل دماغي‬ ‫الطبيعي مهما اشتدت علي ال��ظ��روف‪ ..‬وان‬ ‫أص��در األوام��ر الصارمة لدماغي أال يتوقف‬ ‫ولو للحظة‪ ..‬وتساءلت‪ :‬ما العمل أثناء النوم؟‬ ‫أال يسرتيح الدماغ عادة يف هذه الفرتة؟ صحيح‬ ‫أن هناك العقل الواعي والعقل الالواعي‪ ..‬أو‬ ‫العقل الباطن‪ ..‬وصحيح أن هناك الشعور‬ ‫والالشعور‪ ..‬لكنين جيب أن أتدخل يف هذا‬ ‫على قدر إمكاني ولو حرمت من النوم قدر‬ ‫املستطاع‪.‬‬ ‫وهكذا حددت ردود أفعايل‪ ..‬ومنعكساتي يف‬ ‫احلياة العادية كما اسرتجعت كل ذكرياتي من‬ ‫الطفولة حتى ساعة العملية اجلراحية كي أميز‬ ‫متاماً بني سلوكي الطبيعي وبني أوامر الشرحية‬ ‫االلكرتونية‪ .‬وإليكم ما الذي جرى معي يف نقاط‬ ‫صغرية‪ ..‬لعلها غري منتظمة يف سياقها الزمين‬ ‫الدقيق ولكنها حقيقية بنسبة كبرية‪.‬‬ ‫أنا اآلن يف إجازة غري حمددة‪ ..‬وخارج نطاق‬ ‫املركز العلمي‪ .‬هذا هو املتفق عليه‪ .‬ارتديت‬ ‫ثيابي يف أول الصباح للخروج م��ن املركز‪..‬‬ ‫وحملت يف امل��رآة أنين أب��دو مشعاً ج��داً وأنيقاً‬ ‫جداً‪ ..‬ابتسمت‪ ..‬الحظت أن ما أخذته معي من‬ ‫حوائجي كان بانتقاء شديد‪ ..‬هذا أيضاً جيد‪..‬‬ ‫وهو من تصرفاتي الطبيعية والعادية‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪135‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫مل أودع أح��داً‪ ..‬وملاذا أفعل؟ كثرياً ما كنت‬ ‫أخ��رج م��ن عملي دون أن ألقي التحية على‬ ‫أحد‪ ..‬حتى يف طفوليت ما أكثر ما كنت انطلق‬ ‫اىل ألعابي وه��واي��ات��ي دون أن أعلم والدتي‬ ‫بذلك‪ ..‬الزلت إذاً يف الدائرة الطبيعية‪ ..‬إمنا‬ ‫بدأت األسئلة يف رأسي مثل خلية حنل عندما‬ ‫خ��رج��ت اىل ال��ش��ارع وت��ن��اول��ت دف�ت�راً صغرياً‬ ‫للعناوين ول�براجم��ي اليومية على أن أختار‬ ‫عنواناً لفندق أو مسكن آوي اليه‪.‬‬ ‫ما أسرع ما اخرتت الفندق‪ ..‬هذا حسن‪..‬‬ ‫والربنامج اليومي ال يتعدى تلك التقارير اليت‬ ‫جي��ب أن أق��رأه��ا وأس��ج��ل مالحظاتي حوهلا‬ ‫قبل موعد الغذاء أوالً‪ ..‬وبعد االسرتاحة اليت‬ ‫جيب أال تتجاوز ساعة ونصف‪ .‬سار الربنامج‬ ‫بسالسة وس��ه��ول��ة‪ ..‬وك��أن�ني قمت بتنفيذه‬ ‫عشرات املرات‪ ..‬هذا جيد أيضاً‪.‬‬ ‫هل هناك تأثري للشرحية يف رأسي؟ طردت‬ ‫هذه الفكرة‪ ..‬وعندما جاء وقت النوم الليلي‬ ‫استسلمت ألح�لام متنيت أن تكون سعيدة‪..‬‬ ‫وبالفعل كانت كذلك‪ ..‬فقد رأي��ت نفسي يف‬ ‫مكان مجيل‪ ..‬مجيل‪ ..‬وصديقيت اليت رحلت‬ ‫عين اىل جانيب‪ ..‬وهي تالمس وجهي وشعري‪..‬‬ ‫وعندما وضعت أصابعها على جرحي مكان‬ ‫زرع ال��ش��رحي��ة‪ ..‬انتفضت وص��ح��وت وقليب‬ ‫خيفق بعنف‪ .‬إذاً فالالشعور عندي يرفض أن‬ ‫يصل أحد اىل هذا السر وكأن نقطة العملية‬ ‫منطقة حمرمة ال جيوز ألحد أن يتعرف إليها‪.‬‬ ‫ويف األيام التالية حصل معي ما مل حيصل‬ ‫مع أي إنسان‪ ..‬أو ما مل يكن يف احلسبان‪..‬‬ ‫حسباني أن��ا على األق���ل‪ .‬فقد شعرت بقوة‬ ‫غريبة تدفعين ألن أسري‪ ..‬وأسري بسرعة غري‬ ‫اعتيادية‪ ..‬ودون أن أنظر يف وجه أحد‪ ..‬مما‬ ‫لفت أنظار الناس يف ال��ش��ارع وكأهنم يرون‬ ‫إنساناً آليا‪ .‬إذاً‪ ..‬هذا عمل الشرحية‪ ..‬أين أنت‬

‫‪ob‬‬

‫‪136‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫يا دماغي؟ أسعفين‪ ..‬ال ختذلين‪ .‬لكن الربنامج‬ ‫استمر‪ ..‬واستمر منتصراً على دماغي‪.‬‬ ‫دخلت اىل متجر عصري كبري (مول) وانتقلت‬ ‫من دور اىل دور آخر اقفز فوق السالمل وال‬ ‫استعمل املصعد‪ ..‬هكذا حتى جتاوزت األدوار‬ ‫العشرين بني ذهول عمال املصاعد‪ ..‬ولعلهم‬ ‫ش� ّك��وا يف ق��واي العقلية عندما وصلت اىل‬ ‫السطح وتوقفت أتأمل املدينة وهي تبدو كاملة‬ ‫وكأنين يف ب��رج‪ .‬لعلهم ظنوا أنين سأنتحر‪..‬‬ ‫لكنين أخرجت آل��ة تصوير‪ ..‬وأخ��ذت ألتقط‬ ‫بعض الصور ال�تي ب��دت يل فيما بعد وكأهنا‬ ‫من مراسل حربي يصور مواقع معينة‪ ..‬فقد‬ ‫بدت يف الصور املطارات ومؤسسات اجليش‬ ‫والثكنات البعيدة والنهر الكبري ال��ذي خيرتق‬ ‫املدينة بتفرعاته وج��س��وره وال��ط��رق��ات اليت‬ ‫تنبثق منه‪.‬‬ ‫ويف اليوم التايل كان الربنامج خمتلفاً‪ ..‬فقد‬ ‫كنت أنوي زيارة إحدى اجلامعات أو األكادمييات‬ ‫ال��ع��ل��م��ي��ة وف��ج��أة وج����دت ن��ف��س��ي يف مدرج‬ ‫كبري‪ ..‬وعلى املنصة‪ ..‬وأمامي ميكروفونات‬ ‫أخ��ذ ع��دده��ا يتزايد كلما قطعت ش��وط�اً يف‬ ‫حم��اض��رت��ي‪ ..‬وت�لام��ع��ت أض���واء التصوير‪..‬‬ ‫وم��ا ه��ي إال دق��ائ��ق حتى هجمت كامريات‬ ‫الشاشات‪ ..‬والتف الصحفيون حويل وكذلك‬ ‫بعض احلضور‪ ..‬واهنالت علي األسئلة‪ ..‬كان‬ ‫ما فعلته يف احملاضرة ليس من صنعي بل من‬ ‫صنع الشرحية االلكرتونية أما األسئلة ورسائل‬ ‫اإلعجاب فأنا من جيب أن أرد عليها‪.‬‬ ‫تصبب العرق من رأسي‪ ..‬وتساقطت حباته‬ ‫فوق وجهي‪ ..‬وب��دأت أرجت��ف‪ .‬مل يكن أمامي‬ ‫سوى أن اعتذر بسبب التعب‪ ..‬وبعد اإلحلاح‬ ‫الشديد علي نظرت اىل الساعة يف اجلهاز‬ ‫احملمول يف يدي وادعيت أنين مرتبط مبواعيد‬ ‫هامة وليس لدي وقت‪ .‬وخرجت متعباً جداً كما‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫لو أنين كنت يف معركة‪ ..‬بعضهم كان يقول‪:‬‬ ‫ـ البد أن له لقاء مع كبار املسؤولني‪..‬‬ ‫ويرد آخرون‪:‬‬ ‫ـ بل مع الرئيس نفسه‪ ..‬ألن ما مسعناه كان‬ ‫خطرياً‪.‬‬ ‫ويعقب ثالث‪:‬‬ ‫ـ بل خطري جدا‪ً.‬‬ ‫ترى ما الذي قلته أو قالته الشرحية؟ وكيف‬ ‫استعيد شريط الشرحية وهل تدخلت معلوماتي‬ ‫اخلاصة أو عقلي اخلاص فيما قدمت؟!‬ ‫ال أدري‪ ..‬ولعلي حتى اآلن ال أدري‪ ..‬وملاذا‬ ‫أدري ف��أن��ا ش��ج��اع وأستطيع أن أواج���ه كل‬ ‫الصعوبات‪ .‬وماذا يهمين مادمت أمحل البطاقة‬ ‫السرية اخلطرية اليت زودني هبا املركز بأنين‬ ‫أقع حتت جتربة علمية هي األوىل من نوعها‪..‬‬ ‫ولست مسؤوالً عن أقوايل وتصرفاتي بل املركز‬ ‫العلمي هو املسؤول؟‬ ‫حسناً‪ ..‬سأحدثكم عما جرى معي بعد ذلك‬ ‫مما استذكره أو أتذكره‪.‬‬ ‫ال أدري م��ا ال���ذي س��ج��ل��وه ع�ن�ي‪ ..‬لكنين‬ ‫م��ادم��ت ق��د خ��ض��ع��ت ل��ل��ج��راح��ة يف انتزاع‬ ‫الكبسولة من رأسي‪ ..‬وعدت كما يعتقدون اىل‬ ‫حاليت الطبيعية فإنين أقول لكم إنين مل أعد‬ ‫طبيعياً‪ ..‬فأنا أقوم بتصرفات غريبة حتى عين‬ ‫وبإرادتي‪ .‬إال أنين وقد اعتدت لفرتة قد تكون‬ ‫قيد اجلهاز املغروس يف رأسي فإنين أتوهم أهنا‬ ‫كذلك‪ ،‬ومن هذه التصرفات الركض سريعاً‬ ‫حتى أع��ود منهكاً‪ ،‬وإذا صادفت أح��داً ممن‬ ‫أعرفهم فأنا ال أرحب هبم بشكل اعتيادي حتى‬ ‫صديقي الطبيب (ماكس) فقد قابلته جبفاء‬ ‫كما لو أنين (روب��وت) أو إنسان آيل لقد زود‬ ‫حياني حبرارة غرب عادبة‪ ،‬وهنأني بعودتي اىل‬ ‫حاليت االعتيادية لكن رد فعلي كان آلياً خالياً‬ ‫من كل عاطفة‪ .‬أما كليب (بالنكو) املدلل الذي‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫مل يقرتب مين والكبسولة يف رأسي فقد اقرتب‬ ‫مين بتوجس وابتعد ينبح وليس من عادته‬ ‫النباح‪ ..‬ماذا أقول؟ دخلت اىل سوق لألغذية‬ ‫ألشرتي ما احتاجه مثل سائر البشر فوضعت‬ ‫يف سليت ما ال احتاجه على اإلطالق كأن يدي‬ ‫إذ متتد اىل األشياء تقبض عليها ف��وراً دون‬ ‫صلة بني تفكريي وبني يدي‪.‬‬ ‫تصرفات ك��ث�يرة‪ ..‬ك��ث�يرة‪ ..‬وم��ا ذك��رت هي‬ ‫مناذج منها‪.‬‬ ‫أع����ود اىل م��ا التقتطه م��ن ذك���ري���ات يف‬ ‫املرحلة األخ�يرة من جتربة ال��رأس املفتوح‪..‬‬ ‫لقد أصبحت كاجملنون ال أستطيع أن أضبط‬ ‫ت��ص��رف��ات��ي‪ ..‬وش��ع��رت ب��ت��ط��ورات بيولوجية‬ ‫كاحلرارة املرتفعة‪ ..‬والكوابيس‪ ..‬واخلروج يف‬ ‫هدأة الليل اىل الشوارع دون هدف‪.‬‬ ‫ويف حل��ظ��ات م��ا أح��س��س��ت ك��م��ا ل��و كان‬ ‫رأس��ي هو املقطوع وليس املفتوح‪ ..‬ول��و كان‬ ‫بني يدي مسدس لكنت قمت حبماقة‪ ..‬ورمبا‬ ‫انتحرت‪..‬‬ ‫ال أعلم كيف توصلوا إيل ألن الرقابة مل تكن‬ ‫معي فقد تركوني أتصرف حبرية كاملة‪.‬‬ ‫اآلن فقط عرفت كيف توصلوا إيل رغم‬ ‫أن الرقابة مل تكن معي‪ ،‬ورغ��م أهنم تركوني‬ ‫أت��ص��رف ك��ان��س��ان ع���ادي بينما اجل��ه��از يف‬ ‫رأسي هو الذي يسجل‪ ،‬وهم سيدرسونه بعد‬ ‫االنتهاء من التجربة‪ ..‬اآلن فقط عرفت أن‬ ‫تلك الرقاقة املغروسة يف أعماق رأسي كانت‬ ‫تبث هلم املعلومات اليت تدخل اىل عقلي وكأهنا‬ ‫تتجسس عليّ يف كل ما اختزنه يف رأسي أو‬ ‫أفكر به أو حتى ما مير يف خاطري‪ ..‬إهنا إذاً‬ ‫جهاز للتعقب كما لو أنين جمرم إال أنين جمرم‬ ‫يفر حنو إنسانيته وفطرته السليمة اليت جاء‬ ‫هبا اىل احلياة‪ .‬مل��اذا فعلوا بي كل ه��ذا؟ هل‬ ‫هي مسألة وقت قبل أن تكون هناك تقنيات‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪137‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬

‫مراقبة حقيقية ينتفي معها اخلط الفاصل‬ ‫بني املراقبة واخلصوصية فيصبح لكل فرد‬ ‫رق��اق��ة ه��وي��ة خت��زن امس���ه‪ ،‬وت��اري��خ ميالده‪،‬‬ ‫واألم���راض ال�تي يعاني منها‪ ،‬وع��ن��وان منزله‬ ‫وعمله‪ ،‬وكل ما خيصه من معلومات‪ ،‬ويسهل‬ ‫عندئذ التطفل على خصوصيات الفرد مبا‬ ‫فيها معلوماته الرقمية عرب جهاز الكمبيوتر‬ ‫والربيد االلكرتوني مبا يسمح بطريقة مراقبة‬ ‫جديدة؟‬ ‫أج��ل ه��ذا م��ا اكتشفته يف مرحلة الحقة‬ ‫ف��أص��اب�ني اهل��ل��ع حتى رح��ت أحت��س��س رأسي‬ ‫وكأنين ال أصدق أهنم نزعوا ذلك الشيء الذي‬ ‫كان فيه‪ ..‬لقد أرعبتين فعالً تلك الفكرة يف‬ ‫أن أكون مراقباً هبذه الدقة اليت تسمح هلم أن‬ ‫يتعرفوا إيل أينما كنت ويف أي وقت‪ .‬ولكن‪..‬‬ ‫هل كان األمر يقف عند هذا احلد؟‪ ..‬احلقيقة‬ ‫ال‪ ..‬لقد خ�زّن��وا يف تلك الرقاقة كل ماضيّ‬ ‫ال��ذي ع��رف��وه‪ ،‬وذه��ب��وا بي اىل أبعد من ذلك‬ ‫عندما رمسوا يل مصرياً خمتلفاً عما وصلت‬ ‫اليه باالستناد اىل قاعدة بياناهتم اخلاصة وقد‬ ‫أخفوها عين متاماً‪.‬‬ ‫هل حدث خلل ما يف اجلهاز أم يف دماغي؟‬ ‫هذا ما ال أعرفه حتى اآلن ألهنم اخفوا عين كل‬ ‫تلك اإلشارات اليت اختزهنا اجلهاز‪.‬‬ ‫أما كيف قبضوا علي‪ ،‬وأدخلوني املستشفى‪،‬‬ ‫وق��ام��وا بنزع اجل��ه��از م��ن رأس��ي فهذا أيضاً‬ ‫مما أجهله‪ .‬كل ما هنالك أنين فتحت عيين‪،‬‬ ‫وعاد يل وعيي عندما حملت أطباء وممرضات‬ ‫حويل وأنا مثبت يف جرحي وأسالك يف رأسي‪.‬‬ ‫حاولت النهوض فأعادوني بقوة‪ ،‬ثم أعطوني‬ ‫حقنة خم��درة تساعدني على النوم‪ .‬التقطت‬ ‫عبارة واح��دة من رئيس الفريق العلمي الذي‬ ‫كان حاضراً‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫ـ مل تفشل التجربة لكننا حنن فشلنا‪.‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪138‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫وح��ت��ى اآلن أت��س��اءل مب���اذا فشلوا؟ يف أن‬ ‫اختيارهم وقع علي أنا بالذات؟ أم يف تقديرهم‬ ‫يف أن يعمل الطرفان معا ال��دم��اغ احلقيقي‬ ‫واجلهاز املغروس‪ ،‬أم يف التوقيت‪ ،‬أم يف قدراتي‬ ‫أنا كإنسان له ماضيه وعواطفه وأفكاره؟‬ ‫ترى أما كانت منظومة القيم ستتغري تبعاً‬ ‫لتقديراهتم هذه يف الصح واخلطأ‪ ..‬أو اخلري‬ ‫وال��ش��ر؟ الب��د أن القيم ك��ان��ت ستضطرب‪..‬‬ ‫وستأخذ مسارات خمتلفة عما كانت عليه قبل‬ ‫عصر زرع النانوروبوتات يف األدمغة البشرية‪..‬‬ ‫فلكل عصر تقنياته وبالتايل أخالقياته وقيمه‬ ‫اليت تفرضها شروط التعامل مع تلك التقنيات‪.‬‬ ‫وبالتايل كيف سيكون تعامل اإلنسان مع اإلنسان‬ ‫يف ظل وجود اآللة الصغرية اليت تضغط على‬ ‫األدمغة فتوجهها يف مسارات براجمية وال ترتك‬ ‫للمشاعر فسحة للعودة للمشاعر الطبيعية؟‪..‬‬ ‫وهل بالتايل سينمو الذكاء العاطفي اىل أقصى‬ ‫درجاته فيصبح التعامل العاطفي شاناً أكثر‬ ‫رقياً مما كان عليه يف احلالة الطبيعية البشرية‬ ‫اخلاضعة للسلب واإلجي��اب صعوداً وهبوطاً‬ ‫حسبما تفرضه علينا طبائعنا البشرية دون أن‬ ‫تتحكم هبا آلة ختزن برامج هي بالتايل من صنع‬ ‫اإلنسان نفسه؟ ولكن ألن نصبح داخل جمتمع‬ ‫رقمي إذا كانت الرقاقات الرقمية مزروعة‬ ‫يف رؤوسنا؟ وهذا اجملتمع الرقمي ألن يكون‬ ‫فيه اخلري والشر كما يف احلياة الطبيعية أم‬ ‫انه سيكون شراً بالكامل أو خرياً مطلقاَ؟ وهذا‬ ‫بالتايل ينايف الطبيعة البشرية وطبيعة احلياة‬ ‫على األرض ومنذ فجر اخلليقة ك��ان هناك‬ ‫الصراع بني اخلري والشر‪ ..‬بني قابيل وهابيل؟‬ ‫نسيت أن أخربكم أن تلك الكبسولة املخادعة‬ ‫كانت حتمل أيضاً برنامج تدمري ذاتي ميكنها‬ ‫معه إهن��اء حياة الفرد ال��ذي خيتزهنا‪ ..‬وهي‬ ‫يف الوقت ذات��ه وكما أصبحتم تعرفون تتلقى‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫األوامر عرب جهاز حتكم عن بعد حيمله أحدهم‬ ‫يف يده‪.‬‬ ‫أستطيع القول إن اآلل��ة تظل آلة واإلنسان‬ ‫يظل إنساناً‪ ..‬أما أن يندمج الطرفان معاً فهذا‬ ‫ما اعتقده اآلن‪ ..‬ليس بصفيت عاملاً فأنا لست‬ ‫ع��امل�اً وإمن��ا بوصفي إنساناً (إن��س��ان جتربة)‬ ‫عوضاً عن قويل كفأر جتربة‪ ..‬فأنا كنت مقتنعاً‬ ‫ومندفعاً اىل خوض التجربة‪ ..‬وكنت واثقاً يف‬ ‫نفسي كما العب كرة القدم‪ ..‬وهو يقذف بكرته‬ ‫كما ي��ش��اء‪ ..‬والتجربة ال�تي قمت هب��ا أعرف‬ ‫تفاصيلها‪ ..‬ونتائجها‪ ..‬وقد كانت يف اعتقادي‬ ‫جتربة أوىل ورائ��دة ومضمونة متاماً فماذا يف‬ ‫وضع شرحية الكرتونية يف عضلة حتت اجللد‬ ‫أو وراء عظام اجلمجمة؟ إن الدراسات حول‬ ‫الدماغ البشري متطورة جداً‪ ،‬وفائقة يف فهمها‬ ‫له‪.‬‬ ‫ل��ك��ن اإلن��س��ان ك��م��ا أص��ب��ح��ت أع��ت��ق��د اآلن‬ ‫هو أعقد بكثري مما توصلوا اليه أو ما ميكن‬ ‫أن يتوصلوا اليه‪ ..‬فالتغريات اليت حصلت يل‬ ‫واليت انعكست على تصرفاتي مل يكن العلماء‬ ‫واألطباء يتوقعوهنا‪ .‬املهم أنين عدت كما كنت‬ ‫بعد التجربة‪ ..‬لكنين يف الواقع لست كذلك‪..‬‬ ‫لقد طالبت ب��رف��ع ال��رق��اب��ة ع�ني وخضوعي‬ ‫للفحوصات الطبية‪ ..‬متهيداً إلعفائي هنائياً‬ ‫من العمل يف هذا اجملال اخلطري‪ ..‬واملثري من‬ ‫األحباث والتجارب العلمية‪.‬‬ ‫مل يعطوني اجلواب النهائي حبرييت وانعتاقي‪..‬‬ ‫إمنا أنا الذي بدأت أعاجل نفسي بنفسي يف أن‬ ‫أعود اىل سلوكي الطبيعي‪ ،‬واعتمد على كليب‬ ‫(بالنكو) أحياناً يف أن يقودني اىل ما كنا نفعله‬ ‫معاً ألنين فجأة أشعر بستار أسود ينسدل فوق‬ ‫ذاكرتي فال أقوى على متييز األشياء بعضها‬ ‫عن بعض‪ ..‬فأنقض على حذائي مثالً بدالً من‬ ‫إبريق الشاي‪.‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫الزلت حتى كتابة هذه األوراق يف مصحة أو‬ ‫منتجع تابع للهيئة العلمية‪ ،‬ومعزوالً تقريباً عن‬ ‫الناس ما عدا الذين يسمحون هلم بالتواصل‬ ‫معي‪ ..‬وأن��ا أب��ذل ج��ه��وداً ج��ادة ألقنعهم أنين‬ ‫عدت طبيعياً متاماً‪ ..‬إال أهنم حانقون من نتائج‬ ‫مفاجئة يسموهنا أحياناً طفرة‪ ..‬أو ردة‪ ..‬أو أي‬ ‫من األمساء اليت حيذرون منها كاحتماالت‪.‬‬ ‫ها قد مضت اآلن شهور ثالثة وأنا اكتب‪..‬‬ ‫على ال���ورق ث��م أم��زق��ه‪ ..‬ألن�ني ل��و كتبت على‬ ‫الكمبيوتر فلرمبا سحبوا ما اكتب بسرعة الربق‬ ‫واطلعوا عليه‪.‬‬ ‫اكتب وأح��اول أن أعيش كانسان طبيعي‪..‬‬ ‫ولكن أين أخفي أوراقي وأنا أعامل مثل جاسوس‬ ‫حمبوس؟ مل أجد سوى مهجع كليب (بالنكو)‪..‬‬ ‫أخفيت حتت قطعة الفرو اليت ينام عليها كثرياً‬ ‫من األوراق‪.‬‬ ‫لكنين وأن���ا اآلن خ���ارج امل��ؤس��س��ة العلمية‬ ‫وملحقاهتا مل أعثر على أي ورقة منها‪.‬‬ ‫إذن فأوراقي ناقصة‪ ..‬وما تقرؤونه هو من‬ ‫ذاكرتي فقط‪.‬‬ ‫لن أعود اىل أي جتربة حتى ولو كانت جسدية‬ ‫فقط وليس هلا عالقة بالرأس‪ ..‬رأسي اآلن ال‬ ‫يزال مفتوحاً‪ ..‬مفتوح ليس على اإللكرتون الذي‬ ‫كان مغروساً فيه بل على الفضاء الطبيعي‪..‬‬ ‫الذي يعيش يف كل البشر‪ ..‬لعل هذا الفضاء هو‬ ‫الذي يوزع بالعدل اإلمكانيات لكل إنسان‪.‬‬ ‫أنا طمعت يف إمكانيات خمتلفة‪ ..‬ال أقول‬ ‫أق��وى وأكثر ق��درة‪ ..‬بل أكثر تطوراً باملقياس‬ ‫العلمي‪ ..‬سواء استعمل هذا املقياس يف احلروب‬ ‫أو يف مساعدة الناس ممن يفقدون جزءاً من‬ ‫قدراهتم العقلية أو يصابون ببعض األمراض‪.‬‬ ‫كل من اهلدفني وارد يف األحباث العلمية‪ ..‬هل‬ ‫أنا املخطئ يف أهداف العلم؟‬ ‫أمتنى أال أكون كذلك‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪139‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪140‬‬ ‫اهلادي ثابت ‪ -‬تونس‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫جلس حممد اجلالصي يف املقهى العايل‬ ‫بالكرم الشرقي‪ .‬مل يكن من روّاده‪ ،‬وخباصّةٍ‬ ‫يف الصباح الباكر‪ ،‬فقد قدم إليه من الكرم‬ ‫الغربي حيث يقيم م��ع أس��رت��ه منذ نعومة‬ ‫أظفاره‪ ،‬أي منذ اقتنى أبوه حم ّل سكنى يف‬ ‫حيّ شعيبّ يعجّ بالسكان النازحني إىل املدينة‬ ‫من كل أحناء البالد‪.‬‬ ‫كان جيلس مبفرده يف صدارة املقهى الذي‬ ‫يشرف على الطريق الرئيسية امل��ؤدي��ة إىل‬ ‫قرطاج وسيدي أبي سعيد واملرسى‪ .‬أماكن‬ ‫راقية يعرفها جيداً واعتاد التفاخر هبا على‬ ‫أقرانه أيّام اجلامعة‪ ،‬حني كانوا يسألونه أين‬ ‫يقطن فيجيب متباهيًا مرةً بقرطاج وأخرى‬ ‫بسيدي أبي سعيد أو (سيدي بو) كما حيلو‬ ‫له أن يقول‪.‬‬ ‫كان شارد الذهن تكسو وجهه غمامة من‬ ‫احل��زن واحل�يرة وحتاصره أص��داء الكلمات‬ ‫اليت تفوّه هبا أبوه ألوّل مرّة على إثر شجاره‬ ‫معه الليل َة املاضية‪:‬‬ ‫(امس���ع ي��ا ول����دي‪ .‬أع��ل��ت��ك ع��ل��ى امتداد‬ ‫سنوات طفولتك ومراهقتك وشبابك‪ .‬اليوم‬ ‫أن��ت يف سن الثالثني ومل تشتغل ول��و يوماً‬ ‫واحداً يف حياتك‪ .‬انتظرتك ريثما تنجح يف‬ ‫(الكاباس‪ )1‬وطال ترقيب‪ .‬لقد أشرفتُ على‬ ‫التقاعد ورات�بي ال يسمح يل بإعالتك مدى‬ ‫احلياة‪ .‬لذا عليك أن جتد عمالً‪ ،‬أيّ عمل‪.‬‬ ‫حتى لو كان عمل (مرمّاجي‪2).‬‬ ‫ف��اج��أه ك�لام أبيه إ ّ‬ ‫ال أ ّن��ه مل ي��ردّ عليه‪.‬‬ ‫لكنه غادر البيت والتحق بأصدقائه يف أحد‬ ‫مقاهي الكرم الغربي حيث يواسي بعضهم‬ ‫ً‬ ‫بعضا إىل ساعة متأخرة من الليل‪ .‬وعندما‬ ‫عاد إىل البيت وجد أباه يف انتظاره‪ .‬فبادره‬ ‫بالقول‪:‬‬ ‫ ل��ن أك���رر ن��ف��س ال��ك�لام‪ .‬ول���ن يصلك‬‫‪ - 1‬الكاباس ‪ :‬ه��ي مسابقة التعيني ال�تي تسبق‬ ‫احلصول على وظيفة‬ ‫‪ - 2‬عامل حضرية بناء‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬ ‫‪w.‬‬ ‫‪ww‬‬

‫مين مليم واحد بعد اآلن‪ .‬تدبّر أمرك‪ ،‬لقد البيت دسّت يف يده ديناراً وظلت وامجة تر ّتل‬ ‫دعواهتا يف صمت‪.‬‬ ‫أصبحت رجال‪! ‬‬ ‫ّ‬ ‫كان حممد اجلالصي يفكر يف مستقبله‬ ‫هنض يف الصباح الباكر فنهضت خلفه‬ ‫أم��ه تُعدّ له فطور الصباح‪ ،‬وعند مغادرته املسدود عندما دخل املقهى رجل أنيق‪ .‬تقدّم‬ ‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪141‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫منه وسأله‪:‬‬ ‫ هل تبحث عن شغل؟‬‫نظر إل��ي��ه حممد اجل�لاص��ي مرتبكاً ثم‬ ‫أسرع باجلواب‪:‬‬ ‫ نعم‪.‬‬‫ هل تستطيع أن حتفر بئراً؟‬‫أمهل نفسه برهة للتفكري قبل ال��ردّ‪ .‬مل‬ ‫يشتغل يوماً يف حياته‪ .‬كان مهّه أن ينجح يف‬ ‫دراسته‪ ،‬وقد جنح يف كل مراحلها‪ .‬حتصل‬ ‫على األستاذية يف اآلداب العربية من كلية‬ ‫اآلداب مبنوبة‪ .‬ولكنه أخفق يف احملاوالت‬ ‫اخلمس الجتياز مناظرة (ال��ك��اب��اس) وهي‬ ‫املناظرة اليت ختوّل له مارسة مهنة التدريس‬ ‫باملعاهد الثانوية‪ .‬مسع الرجل األنيق الواقف‬ ‫أمامه يقول‪:‬‬ ‫ العمل الذي أطلبه منك بسيط‪ .‬أريدك‬‫أن حتفر يل بئراً ال تفوق دائرهتا املرتين وال‬ ‫يتجاوز عمقها حدّ املاء‪ .‬يقولون إنّ املاء يف‬ ‫قرطاج يوجد على مسافة قريبة من سطح‬ ‫األرض‪.‬‬ ‫قال له مرتدداً‪:‬‬ ‫ ال فأس لديّ‪.‬‬‫ الفأس معي‪ .‬هيا‪ ،‬ال فائدة يف إضاعة‬‫الوقت‪.‬‬ ‫غادر جملسه وتبع الرجل ونزل يف صحبته‬ ‫درجات املقهى العايل اخلمس‪ .‬وعندما فتح‬ ‫الرجل ب��اب املرسيدس ال��س��وداء خفق قلب‬ ‫حممد اجلالصي‪ .‬كان حيلم بامتالك سيارة‬ ‫فخمة كهذه وبيت على روابي سيدي بوسعيد‬ ‫وغ�ير ذل��ك م��ن أح�ل�ام ك��ث�يرة ذه��ب��ت أدراج‬ ‫الرياح‪ .‬فتح له الرجل األنيق باب السيارة‬ ‫فصعد وان��زوى عنه بعيدا يف طرف املقعد‬ ‫الوثري‪ .‬قال له الرجل بعد أن حتركت السيارة‬ ‫حنو ربوة سيدي أبي سعيد‪:‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪142‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫ سأدفع لك عشرة دنانري يف اليوم‪.‬‬‫مل يعلّق بشيء‪ .‬هو يعلم أنّ العامل اليومي‬ ‫يتقاضى مثانية دنانري يف اليوم‪ ،‬وهذا الرجل‬ ‫يعرض عليه عشرة‪ .‬رمبا كان العمل شاقا‬ ‫يستوجب ه��ذا السخاء‪ .‬وقفت املرسيدس‬ ‫أم���ام فيال فخمة ذات طابقني حت��فّ هبا‬ ‫أشجار الصفصاف العالية‪ .‬أدخله البيت‬ ‫وتقدم به إىل احلديقة‪ .‬أشار إىل املكان الذي‬ ‫سوف حيفر فيه البئر وتركه للحظةٍ ثم عاد‬ ‫حيمل فأساً ورفشاً‪ .‬وضعهما حتت شجرة‬ ‫الصفصاف ثم احننى على األرض وقاس‬ ‫باملرت دائرة قطرها مرتان‪ .‬التفت إىل حممد‬ ‫اجلالصي وهو يلهث‪:‬‬ ‫ هيّا‪ ،‬اشرع يف احلفر‪ .‬األمر سهل جدّاً‬‫والرتبة طرية‪.‬‬ ‫أخذ حممد اجلالصي الفأس وانربى يهيئ‬ ‫املكان للحفر‪ .‬راقبه الرجل األنيق فرتة من‬ ‫الزمن ثم غادره قائال‪:‬‬ ‫ سأراقبك من الشرفة‪ ،‬وإذا احتجت إىل‬‫شيء فما عليك إ ّ‬ ‫ال أن تضغط على جرس‬ ‫الباب اخلارجي‪.‬‬ ‫تقدم خطوات ثم التفت إليه وقال بصوت‬ ‫مرتفع‪:‬‬ ‫ الطعام ليس من مشموالتي‪.‬‬‫ش���رع حم��م��د اجل�لاص��ي يف احل��ف��ر ومل‬ ‫يتوقف عنه رغم اإلرهاق والعرق الذي غسل‬ ‫كل جسده وثيابه‪ .‬كان يريد االنتقام من هذا‬ ‫اجلسد‪ ،‬من هذا الدماغ احملشو شعراً ونثراً‬ ‫ونظريات أدبية مل تنفعه يف شيء يف حياته‬ ‫التعسة اليت مل ير فيها أحالمه تتحقق‪ ،‬وال‬ ‫مستقبله املسدود ينفتح‪ ،‬بعد أن وق��ف يف‬ ‫وسطه (الكاباس) كالغول يسدّه‪ .‬كانت الرتبة‬ ‫طريّة‪ ،‬ساعدته على اقتالع طبقات الرتاب‬ ‫وتكديسه على ح��اف��ة ش��ج��رة الصفصاف‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫الوارفة‪ .‬ظ ّل حيفر ويكدّس ال�تراب متو ّق ًفا‬ ‫بعض األحيان لتدخني سيجارة قبل أن يعود‬ ‫إىل احلفر‪ .‬مل ينقطع عن التفكري يف مستقبله‬ ‫األغ�بر إ ّ‬ ‫ال عندما أح��س باجلوع فتوجه إىل‬ ‫الباب اخلارجي وضغط على زرّ اجلرس‪.‬‬ ‫عندها قدم الرجل األنيق الذي ختلص من‬ ‫كسائه الداكن وربطة عنقه احلمراء وقميصه‬ ‫ناصع البياض‪ ،‬وارت���دى بيجاما زرق��اء من‬ ‫احلرير‪ .‬خاطبه مبتسما‪:‬‬ ‫ قمت بعمل جيّد حتّى اآلن‪ .‬أنت حقًّا‬‫عامل متفان‪ .‬ماذا تريد؟‬ ‫ أذهب لشراء سندويتش وأعود‪.‬‬‫عندما عاد حامالً غداءه رآه يقيس الفتحة‬ ‫اليت حفرها يف األرض‪ .‬رفع الرجل عينيه‬ ‫وقال له‪:‬‬ ‫ لقد حفرتَ نصف مرت حتّى اآلن‪ .‬إذا‬‫تابعت على هذا املنوال فسوف نصل املاء يف‬ ‫غضون أسبوع‪ .‬عندها سوف أستأجر خمتصا‬ ‫يف بناء اآلبار وسأجعلك مساعدًا له‪.‬‬ ‫انصرف الرجل إىل شؤونه فجلس حممد‬ ‫اجلالصي حتت شجرة الصفصاف مسنداً‬ ‫ظ��ه��ره إىل ج��ذع��ه��ا ال��ع��ظ��ي��م وأخ����ذ يلوك‬ ‫السندويتش‪ .‬ما إن فرغ من األكل حتى عاد‬ ‫يغرز الفأس يف قاع األرض بكل ما أوتي من‬ ‫ق��وة‪ .‬ك��ان قويا طويل القامة مجيل الطلعة‬ ‫متناسق القسمات كثيف الشعر أسودَهُ حادّ‬ ‫النظرة‪ ،‬إ ّ‬ ‫ال أنّ حرية السنني األخ�يرة جعلته‬ ‫منهك النفس‪ .‬عاد إىل حركات االنتقام اليت‬ ‫كان يعبّر هبا عن سخطه على هذه الدنيا‪.‬‬ ‫بدأت الشمس تتهيأ للرحيل فرنّ هاتفه‬ ‫احملمول الذي كان يف جيب سرواله الدجني‪.‬‬ ‫توقف عن احلفر وأخ��رج اهل��ات��ف‪ .‬نظر يف‬ ‫شاشة اآللة فلم يظهر له رقم مُخاطبه وال‬ ‫امس��ه‪ .‬رفعه إىل أذن��ه وه��و يتصبب عرقا‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫وضغط على الزر قائالً (آلو)‪ .‬فسمع صوتا‬ ‫ينهره مزجمرًا‪:‬‬ ‫ أال تتوقف عن احلفر؟ املكان الذي تغرز‬‫فيه فأسك مقدس‪ .‬كف عن تدنيسه واترك‬ ‫األموات يف راحتهم األبدية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫قطب مدهوشًا وعاد ينظر يف شاشة اآللة‪.‬‬ ‫ليس هناك من رقم‪ .‬سأل بصوت مرجتف‪:‬‬ ‫ من أنت؟‬‫أجابه الصوت يف نفس النربة‪:‬‬ ‫ ال يهمّك من أكون‪ .‬قلت لك توقف عن‬‫رفش األرض املقدسة‪ .‬أال تعلم أن املكان الذي‬ ‫متعن يف هتكه كان ي��ؤوي معبد تانيت آهلة‬ ‫اخلصوبة واألنوثة والرقة؟‬ ‫ كالم غريب تقوله‪ ،‬لكن أليس من األحرى‬‫أن تقوله لصاحب الفيال‪ ،‬فأنا لست سوى‬ ‫أجري ال ميلك القرار‪.‬‬ ‫ سنتك ّفل بصاحب احملل‪ ،‬أمّا أنت فعليك‬‫أن تتوقف عن احلفر ح��االً كي ال يصيبك‬ ‫مكروه‪.‬‬ ‫ وشغلي الذي يوفر يل عشرة دنانري يف‬‫اليوم؟‬ ‫ هل لديك عنوان إلكرتوني؟‬‫ أجل‪.‬‬‫ هاته‪.‬‬‫ ‪mohamedjlassi@gmail.com‬‬‫ ستصلك رساليت‪.‬‬‫وأُقفل اخلط‪.‬‬ ‫ظ ّل حممد اجلالصي ينظر إىل اآللة علّه‬ ‫يعثر على دليل يوصله إىل معرفة صاحب‬ ‫املكاملة‪ ،‬لكن الشاشة ظلّت بيضاء‪ .‬أعادها إىل‬ ‫جيبه وغادر احلفرة‪ .‬وضع الفأس والرفش‬ ‫ق��رب ش��ج��رة الصفصاف وت��وج��ه إىل باب‬ ‫اخلروج‪ .‬قدم صاحب احملل مسرعا ففتح له‬ ‫الباب قائالً‪:‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪143‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫ موعدنا غدا يف الصباح الباكر‪ .‬سأكون‬‫يف انتظارك‪.‬‬ ‫ العفو‪ ،‬ولكنّي ق��د ال أع��ود غ���داً‪ .‬لقد‬‫تلقيت مكاملة هت�دّدن��ي ب���األذى إذا واصلتُ‬ ‫احلفر يف هذا املكان‪.‬‬ ‫ غريب‪ .‬ومن هو صاحب املكاملة؟‬‫ مل يعطين امسه‪ .‬قال إ ّنه سوف يتصل‬‫بك‪.‬‬ ‫ أنا ال أخشى مثل هذه األم��ور‪ .‬صحيح‬‫أن���ي غ����ادرت ال��وظ��ي��ف��ة‪ ،‬ومل ي��ع��د يل نفوذ‬ ‫مباشر‪ ،‬لكن أصدقائي يف احلكم كثريون‪ .‬عد‬ ‫غداً وسرتى ما أنا فاعل مبن يريد االعتداء‬ ‫على ممتلكاتي‪ .‬أنا حرّ‪ .‬ويل أن أحفر بئراً يف‬ ‫أرضي ما دمتُ ال أخالف القانون‪.‬‬ ‫ املعذرة‪ ،‬ولكنّي لن أعرّض نفسي للخطر‬‫من أجل عشرة دنانري يف اليوم‪.‬‬ ‫ ال تكن سخيفاً‪...‬‬‫أمسك بيده وخرج إىل الشارع ومشى به‬ ‫خطوات إىل اليمني‪ ،‬ثم أشار إىل فيال فخمة‬ ‫وقال‪:‬‬ ‫ هذا جاري‪ ،‬سي ‪ ...‬وال بد أ ّنك مسعت‬‫عن سي ‪ ...‬ونفوذه‪ .‬لن يقدر أحد أن ميسّك‬ ‫ب��س��وء‪ .‬إهن���ا م��داع��ب��ة رخ��ي��ص��ة أراد أحد‬ ‫أصدقائك أن يزعجك هبا‪.‬‬ ‫شدّ على يده قائال‪:‬‬ ‫ ال بد أن تعود غداً يف الصباح الباكر‪.‬‬‫وسنرى إن كان التهديد مداعبة أو حقيقة‪.‬‬ ‫قبل أن يفارقه أدخل يده يف سرتة البيجاما‬ ‫وأخرج من حافظة نقوده مخسة دنانري مؤ ّكدًا‬ ‫له أنه سوف ميدّه بباقي أجره غداً‪.‬‬ ‫عاد حممد اجلالصي إىل بيته يف حرية‪.‬‬ ‫لقد أرّقه السؤال حول هوية الشخص الذي‬ ‫خاطبه‪.‬‬ ‫مل يكن صوتاً معهوداً لديه ومل تكن هلجة‬

‫‪ob‬‬

‫‪144‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫تونسية‪ .‬كان يتكلّم العربية بطالقة‪.‬‬ ‫عربية كاليت كان يلقي هبا بعض أساتذته‬ ‫باجلامعة حم��اض��راهت��م‪ .‬ال‪ ،‬ال ي��وج��د بني‬ ‫أصدقائه من له هذه القدرة على التحدث‬ ‫بالعربية الفصحى بتلك الطالقة‪ .‬لقد أُلغيَ‬ ‫اجلانبُ الشفويُّ من االمتحانات اجلامعية‬ ‫وأص��ب��ح الطلبة ال جي��ي��دون التل ّفظ بلغة‬ ‫اجل��اح��ظ‪ .‬أخ��ذ يسرتجع بعض الكلمات‪:‬‬ ‫(املكان مقدّس‪ ...‬معبد تانيت‪ )...‬تانيت‪...‬‬ ‫تردّدت أصداء الكلمة يف أعماقه‪ .‬هذه الكلمة‬ ‫ت� ّ‬ ‫�دل على اس��م جائزة يف مهرجان قرطاج‬ ‫الدويل للسينما‪ ،‬يعرف هذا جيدا‪ ،‬لكنه مل‬ ‫يتعلّم أنّ تانيت متثل آهلة اخلصوبة واألنوثة‬ ‫وال��ر ّق��ة عند القرطاجيني‪ .‬مل يكن مغرماً‬ ‫بالتاريخ كك ّل‪.‬‬ ‫لقد اقتصر اهتمامه على تاريخ األدب‬ ‫العربي مبراحله اجلاهليّة واألمويّة والعبّاسيّة‪،‬‬ ‫أمّا قرطاج وروما واليونان فقد بدت له أمماً‬ ‫غابرة ال ينفعه تارخيها يف ش��يء‪ .‬وه��ا هو‬ ‫اليوم يكاد يقتنع ب��أنّ األدب العربي نفسُه‬ ‫مل يعد ينفع‪ ،‬وإ ّ‬ ‫ال ملا عمل ح ّفاراً وهو الذي‬ ‫حيمل شهادة األستاذية يف اآلداب العربية‬ ‫بكل أحقاهبا‪.‬‬ ‫ت��و ّق��ف حل��ظ � ًة أم���ام مقهى إن�ترن��ت‪ ،‬ثم‬ ‫دخ���ل‪ .‬دف��ع دي��ن��اراً لصاحب احمل��� ّل وجلس‬ ‫أمام حاسوب ودخل الشبكة‪ .‬حبث يف بريده‬ ‫اإللكرتوني‪ .‬وخفق قلبه بشدّة عندما الحظ‬ ‫وجود رسالة بعنوان‪( :‬تانيت)‪ .‬فتح الرسالة‬ ‫ثم طلب من صاحب احمل��ل أن يستخرج له‬ ‫نسخة منها‪ .‬ظلّت الطابعة ت��ص�وّت بتأنٍّ‬ ‫حتى طبعت الرسالة‪ .‬سلّم له األوراق‪ :‬مخس‬ ‫ورقات مقابل دينارين ونصف‪ .‬أي ربع جرايته‬ ‫يف اليوم‪ .‬أخذ األوراق وانطلق إىل بيته‪.‬‬ ‫استقبلته أمّه مُشفقة‪ .‬كان بائس الوجه‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫مغربّه وكان سرواله قد فقد لونه وأصبح بلون‬ ‫ال�تراب بينما ا ّتسخ قميصه وتب ّقع بالعرق‪.‬‬ ‫ضمّته إليها ومهست له‪:‬‬ ‫ ال بدّ أنك أهنكت نفسك‪.‬‬‫أخذت يديه الداميتني وتفحّصتهما‪ .‬قالت‬ ‫مكتئبة‪:‬‬ ‫ مل ختلق ي���داك ل�لأش��غ��ال ال��ش��اق��ة يا‬‫ولدي‪ .‬يداك خُلِقتا للكتابة‪ .‬ملاذا انقلبت هذه‬ ‫الدنيا؟‬ ‫رسم قبلة على خدّها وتوجه إىل احلمّام‬ ‫فأخذ دُشًّا وخرج ملتفًّا بالبشكري‪ .‬أحضرت‬ ‫له ثيابًا نظيفة ث �مّ وضعت أمامه املائدة‪.‬‬ ‫جلس يأكل بينما ظلّت هي تنظر إليه‪ .‬سألته‬ ‫أخريًا‪:‬‬ ‫ هل تغديت؟‬‫ أجل‪.‬‬‫ ماذا أكلت؟‬‫ سندويتش‪.‬‬‫ وماذا اشتغلت طيلة اليوم؟‬‫ ح ّفاراً‪.‬‬‫ أمل جتد سوى هذه املهنة؟‬‫ ع��ن��دم��ا جت��دي��ن أف��ض��ل م��ن��ه��ا دليين‬‫عليها‪! ‬‬ ‫ان��زوى يف غرفته ما أن فرغ من العشاء‪.‬‬ ‫استلقى على السرير وأخذ األوراق وشرع يف‬ ‫قراءهتا بانتباه شديد رغم اإلرهاق الذي كان‬ ‫يدفعه للنوم‪ .‬مل يعرف مصدر الوثيقة إ ّ‬ ‫ال‬ ‫حني قرأ الصفحة األخرية‪ :‬مجعية احملافظة‬ ‫على احل��ض��ارات بني الكواكب‪ .‬أع��اد قراءة‬ ‫اإلمضاء م �رّات متتالية كي يتأ ّكد من اسم‬ ‫رئيس اجلمعيّة‪( :‬حنبعل)‪ .‬كان استغرابه على‬ ‫أشدّه‪ .‬ال بدّ أن تكون هذه التسميات تغطية‬ ‫لفاعلني حقيقيني وراءهم مصاحل خفية‪ .‬أخذ‬ ‫يتساءل حمتاراً ال يدري إن كان عليه تصديق‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫هذه املصادر أم ال‪ .‬حنبعل مات منذ آالف‬ ‫السنني فهل يقوم من قربه ليدافع عن آهلته؟‬ ‫وم��ا معنى مجعية بني الكواكب؟ ه��ذه أمور‬ ‫تفوق تصوره‪ .‬ال ميكن حلنبعل أن يعود ومل‬ ‫يسمع أنّ ميتا عاد‪ .‬ظلّت هذه الوساوس تشغل‬ ‫باله شطرًا من الليل‪ ،‬وكان بني احلني واآلخر‬ ‫يعود إىل النصّ فيقرأ ثمّ يتو ّقف ثمّ يضعه غري‬ ‫بعيد ليطلق العنان ألفكاره‪ .‬هذه القدسية‬ ‫اليت يتحدث هبا النص عن تانيت هبرته هو‬ ‫الذي تعلّم مدلوالت مجالية النصوص‪ .‬كانت‬ ‫تانيت ربّة القرطاجيني يزوروهنا يف أفراحهم‬ ‫وأتراحهم مقدّمني هلا القرابني واهلدايا وحتى‬ ‫رف���ات أطفاهلم ال��ص��غ��ار‪ .‬فهي رم��ز احلب‬ ‫واألنوثة واألمومة‪ ،‬قرينة الرب بعل حامون‬ ‫أعظم إله عندهم‪( .‬ياتي حممد اجلالصي‪،‬‬ ‫طالب فاشل يف اجتياز (الكاباس) ابن حي‬ ‫شعيب يعج بالبؤساء‪ ،‬وينهال على كل تلك‬ ‫املقدسات بفأسه‪ ،‬يثري األموات وربة األموات‪،‬‬ ‫يدنس رمز احلب والرقة‪ ،‬وال يبايل بأمّ أمّة‬ ‫صنعت أرق��ى حضارة يف املتوسط‪ ! ‬أليس‬ ‫هذا هو اخلور بعينه؟ أليس هذا أبشع عبث‬ ‫يسجّل يف تاريخ اإلنسانية اليت فقدت معاني‬ ‫القداسة‪ ،‬ورموز احلب‪ ،‬ومسو الروح؟) أدرك‬ ‫ما كانت تعنيه تلك التسمية‪( :‬مجعية الدفاع‬ ‫عن احلضارات بني الكواكب)‪.‬‬ ‫(ال‪ ،‬لن أعود إىل احلفر ونبش القبور حتى‬ ‫ل��و أعطاني صاحب البيت مائة دي��ن��ار يف‬ ‫اليوم‪ .‬لكن من يكون حنبعل هذا الذي كتب‬ ‫هذا النص اجلميل بعربية نقية‪ ،‬وبشاعرية‬ ‫رقيقة؟ أهو استعارة ترمز إىل أعظم قائد‬ ‫صنعه التاريخ القديم أم ماذا؟ ومن تكون هذه‬ ‫اجلمعية بني الكواكب؟ هل يقف وراءها سكان‬ ‫كوكب آخر؟ أسئلة مل يظفر هلا بأجوبة‪ ).‬بعد‬ ‫تفكري مضن‪ ،‬قال يف نفسه‪( :‬فليذهبوا كلهم‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪145‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫إىل اجلحيم‪ .‬لن أعود إىل حفر قرب تانيت‬ ‫أو معبدها كما يدّعي ه��ذا احلنبعل‪ .‬غدا‬ ‫أعود لصاحب الفيال وأعلمه بقراري‪ ،‬وأطلب‬ ‫بقية أجرتي‪ ،‬والسالم عليكم‪ .‬بوزيد مكسي‪،‬‬ ‫بوزيد عريان‪).‬‬ ‫كان ذلك قراره قبل أن يستسلم للنعاس‪.‬‬ ‫أيقظه أب���وه قبل أن خي��رج إىل العمل‪،‬‬ ‫فتكاسل قليال‪ ،‬ثم هنض‪ .‬بعد الفطور توجه‬ ‫إىل الفيال الفخمة‪ .‬عندما وصل إليها وجد‬ ‫الرجل األنيق ببيجاماه الزرقاء يرتقبه‪ .‬حاملا‬ ‫دخل قال له مرتددا‪:‬‬ ‫ لقد اتصل بي شخص وهددني مثل ما‬‫فعل معك‪ .‬ذهبت يف احلال إىل جاري سي‬ ‫‪ ...‬وحتدثت معه يف املوضوع‪ ،‬فضحك مين‬ ‫وق��ال يل إنه م��زاح ثقيل ال جيوز أن نعطيه‬ ‫أي أمهية‪ ،‬ثم اتصل يف احلني برئيس مركز‬ ‫الشرطة وطلب منه أن يشدد احلراسة حول‬ ‫الفيال‪.‬‬ ‫صمت قليال ثم سأله مرتددا‪ً:‬‬ ‫ ما رأيك؟‬‫ ب��ص��راح��ة‪ ،‬أن��ا ل��ن أع���ود للحفر‪ ،‬فقد‬‫أعلمين الصوت ال��ذي اتصل بي أنّ املكان‬ ‫حيتوي على معبد تانيت اإلهلة القرطاجية‬ ‫املعروفة‪ .‬ملاذا ال تعلم معهد اآلثار؟‬ ‫انقبضت مالمح الرجل وتقدم من حممد‬ ‫اجلالصي هامسًاً‪:‬‬ ‫ إي��اك أن تعود إىل ه��ذا املوضوع أو أن‬‫خترب به أحدا‪.‬‬ ‫ ملاذا؟‬‫ سوف يستولون على الفيال وحيولوهنا‬‫إىل متحف‪ .‬ال‪ .‬ال‪ .‬ال أريد مغادرة هذا املكان‬ ‫ال��ذي حلمت طيلة حياتي بامتالكه‪ ،‬املكان‬ ‫الذي يتيح يل اإلقامة بني أهل العقد واحلل‪،‬‬ ‫أرقى مكان للسكن يف كل البالد‪.‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪146‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫ لكين لن أع��ود إىل حفر البئر‪ .‬قال يل‬‫الصوت إنه سيؤذيين إذا فعلت‪.‬‬ ‫ساد الصمت بني الرجلني ثم عاد صاحب‬ ‫الفيال يقرتب من حممد اجلالصي هامسًا‪:‬‬ ‫ اكتم هذا األمر وأنا أساعدك‪.‬‬‫ مباذا؟‬‫ أطلب وسوف أرى‪.‬‬‫ هل متكنين من (الكاباس)؟‬‫ظ ّل الرجل يف ّكر بره ًة‪ ،‬ثمّ قال له وهو‬ ‫يضع يده على كتفه بامسًاً‪:‬‬ ‫ للوصول إىل الكاباس الب �دّ من املرور‬‫ببئر الوزير‪.‬‬ ‫استغرب حممد اجلالصي االق�تراح‪ ،‬فهو‬ ‫يعرف ضاحية برج الوزير جيّدًا‪ ،‬وهي من‬ ‫الضواحي اليت ال وج��ود فيها أليّ��ة مؤسّسة‬ ‫إداريّة ذات عالقة بالشهادات اجلامعيّة‪ .‬رمبا‬ ‫كان يعين تلك الضاحية؟ لذلك مل جيد بدًّا‬ ‫من السؤال‪:‬‬ ‫ م����اذا ت��ق��ص��د؟ ه��ل أص��ب��ح��وا جيرون‬‫اختبارات الكاباس يف برج الوزير؟‬ ‫حتوّلت ابتسامة الرجل إىل قهقهة طويلة‪،‬‬ ‫ثمّ قال وهو يكاد يشرق بالكلمات‪:‬‬ ‫ ال أقصد ضاحية برج الوزير‪.‬‬‫ مل أفهم بعد‪.‬‬‫ سي ‪ ...‬هل تعرفه؟‬‫ رأيته على شاشة التلفزة أكثر من مرّة‪.‬‬‫ فهل تعرف أ ّنه يستمتع بـــ (مساعدة)‬‫الشبان الفحول مثلك‪.‬‬ ‫ مل أفهم‪.‬‬‫ستفهم فيما بعد‪ .‬أمّا اآلن فسأحاول أن‬ ‫أضبط لك موعدًا معه هذا املساء‪ .‬قد تروق‬ ‫له فتصل إىل مبتغاك‪.‬‬ ‫ واحلفر؟‬‫‪ -‬نؤجله إىل فرصة أخ��رى‪ .‬عد اآلن إىل‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫بيتك وعند املساء س��وف أخاطبك بعد أن‬ ‫أكون قد حتدثت إىل سي ‪ . ...‬هل لك رقم‬ ‫هاتف؟‬ ‫أعطاه الرقم‪.‬‬ ‫عاد حمد اجلالصي إىل الكرم الغربي وهو‬ ‫غري راض عن نفسه‪ .‬هذا العمل تركه‪ ،‬وهذا‬ ‫صاحب الفيال وعده مبقابلة سي ‪ ...‬ويعرف‬ ‫جيداً أن سي ‪ ...‬من ذوي النفوذ الكبري‪ .‬لكنه‬ ‫مل يفهم أشياء أخرى رمبا يطلبها منه سي‬ ‫‪ ...‬مقابل مساعدته على نيل (الكاباس)‪.‬‬ ‫ثم إنّ حنبعل أو حنبعل امل��زع��وم ك��ان وراء‬ ‫كل هذه الزوبعة‪ .‬كيف ميكنه االتصال به‪،‬‬ ‫والتعرف عليه؟ وقف أمام شجرة الصنوبر‬ ‫السامقة جبانب الطريق الرئيسية قرطاج‬ ‫حلق ال���وادي‪ .‬رف��ع رأس��ه لينظر إليها وهي‬ ‫ترتفع إىل عنان السماء غري مبالية حبماقات‬ ‫ال��ب��ش��ر‪ .‬أس��ن��د ظ��ه��ره إل��ي��ه��ا وأخ���ذ هاتفه‬ ‫احملمول وانربى يبحث عن إحداثيّات مكاملته‬ ‫مع حنبعل‪ .‬وجد اليوم والساعة لكنه مل جيد‬ ‫رقم املخاطب‪ ،‬قرأ املالحظة بني قوسني (غري‬ ‫معروف) فابتسم وقال يف نفسه‪( :‬حنبعل غري‬ ‫معروف‪ )! ‬عاد ميشي اهلوينا وهو يف ّكر يف‬ ‫كل ما حدث له خالل هذين اليومني‪ ،‬حتّى‬ ‫وقع نظره على واجهة حم ّل عموميّ لإلنرتنت‪.‬‬ ‫توجه إىل احمل ّل ودخل‪ .‬وبعد أن دفع ديناراً‬ ‫للفتاة القائمة على الدكان جلس إىل حاسوب‬ ‫وطلب بريده اإللكرتوني‪ .‬وجد رسالة بعنوان‬ ‫(حنبعل) فخفق قلبه وأسرع يفتحها‪ ،‬والتهم‬ ‫النص‪:‬‬ ‫(مج��ع��ي��ة ب�ي�ن ال��ك��واك��ب ت��ش��ك��رك على‬ ‫االمتثال لطلبها بالتوقف عن تدنيس معبد‬ ‫تانيت‪ ،‬وتقرتح عليك االنضمام إليها للدفاع‬ ‫عن احلضارة القرطاجية‪ .‬ميكنك مراسلتنا‬ ‫عن طريق العنوان التايل‪ :‬ج ب ك د ع ح @‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫حنبعل‪).‬‬ ‫ق���رأ ال��رس��ال��ة م��رت�ين وه���و غ�ير مصدق‬ ‫عينيه‪ .‬لكنه دون ترقب وال تفكري اندفع يكتب‬ ‫إىل اجلمعية يقرتح عليها االنضمام إليها‪.‬‬ ‫كانت رسالة قصرية باللغة العربية‪ .‬نقر على‬ ‫(ابعث) فانطلقت الرسالة عرب متاهات الربيد‬ ‫اإلل��ك�ترون��ي ت��ارك��ة حممد اجل�لاص��ي خيمّن‬ ‫أي��ن يكون ه��ذا احلنبعل ال��ذي يتجرأ على‬ ‫وضع عنوانه اإللكرتوني للعموم‪ ،‬وهو يعلم‬ ‫جيداً مدى مراقبة أعوان أمن الدولة للربيد‬ ‫اإللكرتوني‪.‬‬ ‫عاد إىل بيته مشوّش الفكر‪ .‬أحداث غريبة‬ ‫يصعب تصديقها عاشها منذ أن أثار تراب‬ ‫حديقة الفيال الفخمة بقرطاج‪ .‬ان��زوى يف‬ ‫غرفته مستلقياً على سريره يف ّكر يف قرطاج‬ ‫وتانيت وحنّبعل حتى أخذه النعاس‪ .‬وما إن‬ ‫غرق فيه حتى استوىل عليه كابوس كاد يكتم‬ ‫أنفاسه‪ .‬هنض مذعوراً يرجتف وقد تصبّب‬ ‫جسده عر ًقا‪ .‬ظل يف مكانه واضعاً يديه على‬ ‫ركبتيه تائهاً وقد أخذت صور احللم تتقاطر‬ ‫يف ذاكرته كشريط مرعب‪.‬‬ ‫تذكر مشاهد احللم‪ ،‬كانت الصور تتدفق‬ ‫يف خميلته كالسيل اهلدار‪.‬‬ ‫رأى نفسه يف احللم حيفر البئر اليت بدأها‬ ‫منذ األمس‪ ،‬لكنّه يصل إىل عمق كبري‪ ،‬حتّى‬ ‫أ ّن��ه حني يرفع رأس��ه ال يرى من السماء إ ّ‬ ‫ال‬ ‫قرصًا أزرق بعيدًا‪ ،‬بينما هو يف داخل البئر‬ ‫حماصر ب��ال�تراب م��ن ك��ل اجل��ه��ات‪ .‬ث �مّ رأى‬ ‫قاع البئر ينفرج فجأةً عن شبح أسود يشبه‬ ‫نساء الشرق احملجبات بالسواد‪ .‬ورأى الشبح‬ ‫يرتفع إىل بقعة السماء الزرقاء اليت يأتيه‬ ‫منها النور‪ .‬أخذ قلبه خيفق بشدّة وهو يتذكر‬ ‫ذل��ك املشهد‪ .‬فما إن ارتفع الشبح األسود‬ ‫حتى خرج وراءه سرب من األشباح السوداء‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪147‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫كالغربان‪ ،‬مروا من أمامه بسرعة وطاروا‬ ‫إىل أعلى البئر‪ ،‬وجتمعوا حوله يف حلقة‬ ‫غطت نور السماء‪ .‬شعر باالختناق ومل يعد‬ ‫يبلغه نور الشمس وأظلم املكان إال من بقع‬ ‫قليلة كانت تتسرب منها بعض أشعة النهار‪.‬‬ ‫ظلّت الصورة ترتاقص أمام عينيه‪ ،‬صورة‬ ‫النساء ال��ط��ائ��رات يكسوهنّ ال��س��واد وهنّ‬ ‫حيلّقن حول البقعة الزرقاء اليت يأتيه منها‬ ‫النور‪ .‬لفت انتباهه أنّ وجوههن مل تكن سافرة‬ ‫ب��ل مغطاة بالسواد مثل بقية أجسادهن‪.‬‬ ‫أغمض عينيه ألنّ الصورة كانت حقا مرعبة‪.‬‬ ‫فظهرت صورة أخرى أكثر رعباً‪ ،‬إذ ارتفعت‬ ‫أصوات نسائية ترتل تعاويذ بلغة مل يسمعها‬ ‫من قبل‪ .‬وكانت ج��دران البئر متعن يف ردّ‬ ‫الصدى فأحس جبسده يرتج وهو حماصر‬ ‫بالظلمة‪ ،‬بينما أخذت األصوات تتعاظم حتّى‬ ‫لكأ ّنها تثقب أذنيه‪ .‬كان النشيد حزيناً‪ ،‬شبيهًا‬ ‫بالنواح املؤثر‪ .‬وكلما ازدادت األصوات ارتفاعاً‬ ‫ازداد ارجتاف جسده‪ ،‬حتى أطلق صرخة ظ ّل‬ ‫صداها يف أذنيه حتى بعد أن أفاق من نومه‪.‬‬ ‫وها هو اآلن‪ ،‬وهو جيلس يف سريره‪ ،‬يشعر‬ ‫بتلك الصرخة تنفجر داخله‪.‬‬ ‫مل يتحرك من مكانه‪ .‬ظ ّل شارد الذهن‪،‬‬ ‫ع��اج �زًا حتى ع��ن التفكري‪ .‬لذعته سياط‬ ‫الرطوبة جرّاء ثيابه املبلّلة بالعرق فتوجه إىل‬ ‫احلمام وفتح ال��دشّ وأسلم جسده إىل املاء‬ ‫البارد‪ .‬كان الطقس أواخر الصيف‪ ،‬فأنعشه‬ ‫امل��اء البارد املتصبب على جسده وأع��اد له‬ ‫حيويته‪ ،‬إىل أن تالشت تلك الصور املرعبة‬ ‫اليت أفسدت عليه حلمه‪ .‬عاد إىل فراشه لكن‬ ‫النوم مل يكحّل عينيه حتى الصباح‪ .‬عندما‬ ‫طرق أبوه الباب ليوقظه هنض من فراشه ثم‬ ‫خرج من الغرفة فوجد أمه تعدّ فطور الصباح‪.‬‬ ‫مل يكاشف والديه بشيء‪ .‬تناول فطور الصباح‬

‫‪ob‬‬

‫‪148‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫وخرج إىل الشارع‪ .‬كان عازماً على ملء الفراغ‬ ‫الذي حياصره منذ أن غادر اجلامعة‪ .‬قرر أن‬ ‫يعود إىل املكتبة الوطنية‪ .‬ليس من أجل األدب‬ ‫بل رغب ًة يف معرفة حضارة قرطاج القدمية‪.‬‬ ‫كيف ميكنه االنتماء إىل مجعية تعنى بالدفاع‬ ‫عن احلضارات القدمية بني الكواكب وهو ال‬ ‫يعرف حتى أقرب احلضارات اجلامثة حتت‬ ‫الرتاب غري بعيد عن باب داره؟‬ ‫استقل قطار (ت ج م) حتى شارع احلبيب‬ ‫بورقيبة واندفع يسري يف املمر العريض حتف‬ ‫به أشجار الدلب الوارفة وهو ال يبايل بازدحام‬ ‫السيارات وال بصفارات رجال الشرطة‪ ،‬فهذه‬ ‫املدينة أصبحت مزدمحة كامل اليوم‪ .‬منذ أن‬ ‫دخلتها العوملة وحتول أهلها إىل مستهلكني ال‬ ‫همّ هلم سوى اجلري وراء رفاهية ظاهرة ختفي‬ ‫كثريا من الكبت والتعاسة‪ .‬مل يعد يبايل بشيء‬ ‫منذ أن تأكد أنّ (الكاباس) أصبح صعب املنال‬ ‫ما دام ال ميتلك النقود وال ينتمي إىل أسرة‬ ‫من أصحاب النفوذ‪ .‬هكذا اقتنع كما اقتنع‬ ‫جل أصدقائه الذين يشاطرونه نفس الوضع‪.‬‬ ‫اليوم نسي (الكاباس) ونسي كل اإلشاعات‬ ‫اليت حتوم حوله‪ .‬أصبح مهّه معرفة حضارة‬ ‫قرطاج القدمية‪ .‬رمبا يكون وراءه��ا احلل‪.‬‬ ‫فاحلضارة احلديثة أغلقت يف وجهه أبواهبا‪،‬‬ ‫ألهنا ال تقبل سوى املستهلكني‪ ،‬وهو ال ميلك‬ ‫ما ميكنه أن يستهلك س��وى األدب القديم‬ ‫واحلديث‪ ،‬بضاعة مل يعد يستهلكها أحد‪.‬‬ ‫كان االزدحام على أشدّه يف األسواق العتيقة‬ ‫ويف أزقتها الضيقة‪ .‬أزعجته أسراب السياح‬ ‫شبه ال��ع��راة جب��ل��وده��م احمل��م��رة ونظراهتم‬ ‫الشاردة‪ ،‬فلَطاملا اعتربهم سلعة لالستهالك‬ ‫مثل ج� ّل السلع ال��واف��دة على ال��ب�لاد‪ .‬لكنه‬ ‫تسلل بني تلك األجساد الطرية حتى وصل‬ ‫أمام باب مكتبة العطارين‪ .‬وجل باهبا العريض‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫فصدمته رائحة الرطوبة املندفعة من الداخل‪.‬‬ ‫استظهر ببطاقة مشرتك ودخ��ل إىل قاعة‬ ‫فسيحة ليحجز كرسيًّا قبل أن تفد مجوع‬ ‫الطلبة‪ ،‬وهم القالئل الذين ما زالوا يعطون‬ ‫للكتاب قيمة ويعتنون به‪ ،‬ولع ّل هذه العناية‬ ‫لن تطول إ ّ‬ ‫ال مبقدار طول سنوات الدراسة‪،‬‬ ‫ثمّ يصبح الكتاب يف نظرهم جزءًا من الرتاث‬ ‫يُنظر إليه من بعيد‪.‬‬ ‫دخل قاعة الفهارس وطفق يتصفح بطاقات‬ ‫الكتب املخصصة للحضارة القرطاجية‪ .‬قليل‬ ‫من الكتب باللغة العربية وكثريها بالفرنسية‬ ‫أو اللغات األوروبية األخرى‪ .‬وهو يتصفح تلك‬ ‫البطاقات الصفر تذكر أن مؤرخاً تونسياً نبغ‬ ‫يف تاريخ قرطاج‪ .‬حبث عن البطاقة‪ ،‬كانت‬ ‫باللغة الفرنسية‪ .‬يظهر أنّ العرب عادوا هذه‬ ‫احلضارة القدمية بعد أن اكتشفوا أ ّنها يف‬ ‫حقيقة األمر حضارة شرقية ذات صلة رحم‬ ‫باحلضارة العربية‪ .‬لكنه مل يستغرب شيئا‬ ‫يف عامل فقد كثريا من معامله‪ .‬قال يف نفسه‬ ‫فليكن كتاب ه��ذا الرجل املتمرغ يف تراب‬ ‫هذه احلضارة القدمية‪ .‬طلب الكتاب‪ ،‬كان‬ ‫يف جزأين فيما يقارب ‪ 800‬صفحة‪ ،‬وكان‬ ‫مكتوباً بالفرنسية‪ .‬تأسّف أل ّنه مل يكن جييد‬ ‫هذه اللغة‪ ،‬فقد ّ‬ ‫فضل منذ صغر سنّه لغة‬ ‫اجلاحظ على لغة فولتري‪ ،‬لكنّ عليه اليوم أن‬ ‫يتجاوز تلك العراقيل من أجل النفاذ إىل كتاب‬ ‫التاريخ حلسني فنطر بأسلوبه األكادميي‬ ‫امل��ت�ين‪ .‬مل يشعر مب��رور ال��وق��ت‪ ،‬ومل يغادر‬ ‫مكتبة العطارين إ ّ‬ ‫ال عند الساعة الثانية حني‬ ‫دق اجل��رس معلنًا عن موعد إغالقها‪ .‬ومل‬ ‫يكن كتاب فنطر عن احلضارة القرطاجية‬ ‫لإلعارة‪ ،‬فاضطر إىل العودة إليه طيلة أسبوع‬ ‫كامل‪.‬‬ ‫يف م��س��اء ال��ي��وم األول ل��زي��ارت��ه ملكتبة‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫العطارين خاطبه صاحب الفيال الفخمة‬ ‫وأعلمه أنّ الوزير يف رحلة وأ ّنه سوف يتصل‬ ‫به حاملا يعود‪ ،‬وطمأنه أنّ قضيته يف الطريق‬ ‫الصحيح‪ .‬فأعلم أباه بتخليه عن العمل حيث‬ ‫كان عليه االستعداد من جديد خلوض امتحان‬ ‫(الكاباس) هلذه السنة‪ .‬فغضب أبوه وتدخلت‬ ‫أمّه تدافع عنه قائلة بصوت أجش‪:‬‬ ‫ أستاذ وبشهادته يشتغل حفاراً‪ .‬هذا ظلم‬‫يا رب العباد‪! ‬‬ ‫ثم أجهشت بالبكاء‪.‬‬ ‫ع��ن��دم��ا أ ّ‬ ‫مت م��ط��ال��ع��ة ك��ت��اب ف��ن��ط��ر عن‬ ‫احلضارة القرطاجية قرر أن يراسل حنبعل‪.‬‬ ‫بعث له بالربيد اإللكرتوني رسالة قصرية‪:‬‬ ‫(إن���ي ع��ل��ى اس��ت��ع��داد للنضال م��ن أجل‬ ‫ال��ت��ع��ري��ف ب��احل��ض��ارة ال��ق��رط��اج��ي��ة‪ .‬لكنين‬ ‫أفتقر إىل ش��يء من املساعدة امل��ادي��ة‪ ،‬هل‬ ‫لدى اجلمعية أشخاص يُمكنين االتصال هبم‬ ‫للتحاور وتبادل املعلومات؟)‬ ‫نقر على (ابعث) وظل يف ّكر‪ .‬ومل متض‬ ‫بعض الدقائق حتى جاءه الرد‪:‬‬ ‫(سنتصل بك عن طريق اهلاتف‪).‬‬ ‫غ���ادر حم��ل اإلن�ترن��ت وي���ده على هاتفه‬ ‫احملمول‪ ،‬وما إن وصل بيته حتى رنّ اهلاتف‪.‬‬ ‫رفعه إىل أذنه‪:‬‬ ‫ آلو‪.‬‬‫ هنا حنبعل‪ .‬أشكرك على تلبية دعوتنا‪.‬‬‫ما نوع املساعدة اليت ترغب فيها؟‬ ‫ظ ّل صامتا للحظة‪ ،‬ثم قال مرتددا‪ً:‬‬ ‫ ال أملك حاسوبا ألتصل بكم باستمرار‪.‬‬‫ س��ن��زودك حب��اس��وب‪ ،‬لكنّه لن مي ّكنك‬‫م��ن االت��ص��ال إ ّ‬ ‫ال بنا فنحن ال نستعمل يف‬ ‫اتصاالتنا طرق اتصاالت األرضيني‪ .‬لدينا‬ ‫شبكتنا اخلاصة بنا وه��ي ال�تي متكنين من‬ ‫خماطبتك دون أن نتعرض للمراقبة‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪149‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫لزم حنبعل الصمتَ للحظةٍ ثم عاد يقول‪:‬‬ ‫ ه��ل ميكنك ال��ذه��اب ه��ذه الليلة إىل‬‫املسرح األثري بقرطاج؟‬ ‫ بالطبع‪.‬‬‫ ادخ��ل إليه خفية‪ ،‬س��وف جت��د هناك‬‫حت��ت خشبة امل��س��رح ص��ن��دوق��ا أس����ود‪ ،‬به‬ ‫احلاسوب وبعض النصوص ختصّ احلضارة‬ ‫القرطاجية‪ .‬حاول أال ينتبه إليك أحد‪.‬‬ ‫انقطع اخلط‪ ،‬لكن حممد اجلالصي ظ ّل‬ ‫يضع آل��ة اهلاتف على أذن��ه ف�ترة من الزمن‬ ‫مف ّكرًا يف مكاملته مع حنبعل‪ .‬وما إن عمّ الليل‬ ‫حتى غادر بيته متجهاً إىل املسرح األثري‪.‬‬ ‫مل يكن هذا املسرح بعيداً عن بيته‪ ،‬خاصة‬ ‫وهو العارف بكل املسالك يف هذه البقعة من‬ ‫األرض اليت أصبح هلا وضع خاص عنده بعد‬ ‫أن ع��رف ج��ذوره��ا وت��أك��د م��ن رسوخها يف‬ ‫عمق التاريخ وحضارة اإلن��س��ان‪ .‬مل يسلك‬ ‫الطريق الرئيسية‪ ،‬بل ّ‬ ‫فضل املرور بني أزقة‬ ‫ومنعطفات ال��ك��رم الغربي حتى وص��ل إىل‬ ‫ربوة بريصا‪ .‬توقف هناك ينظر من بعيد إىل‬ ‫الكاتدرائية وذهنه يستحضر ما ق��رأه عن‬ ‫بعل حامون ومعبده الشامخ ال��ذي انتصب‬ ‫على هذه الربوة مئات السنني‪( .‬هنا أيضا‬ ‫لن ي�ترك حنبعل أح��داً يثري ال�تراب املقدس‬ ‫للقرطاجيني‪ ).‬ومل يكن صعبا أن ينحدر‬ ‫إىل املسرح األثري‪ ،‬بقايا االحتالل الروماني‬ ‫هلذه املدينة بعد أن قضت روما على أهلها‬ ‫وزرعت فيها اخلراب‪ ،‬وتركتها تبكي أمواهتا‬ ‫أكثر من مائيت سنة‪ .‬كان املسرح خالياً من كل‬ ‫حركة‪ .‬فقد انتهت حفالت مهرجان قرطاج‬ ‫وصخبها الليلي وازدحام متفرجيها‪ .‬أضحت‬ ‫خالية من كل حركة‪ .‬مل تبق سوى احلواجز‬ ‫احل��دي��دي��ة تسد م��دخ��ل امل��س��رح‪ .‬ختطاها‬ ‫حممد اجلالصي وانساب بسرعة بني أشجار‬

‫‪ob‬‬

‫‪150‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫الصنوبر السامقة حتى أدرك خشبة املسرح‪.‬‬ ‫كانت تسبح يف ظالم عميق‪ .‬لكنه اهتدى إىل‬ ‫طريقه بسرعة كالقط ال�بري‪ .‬هذه األماكن‬ ‫مل تكن غريبة عنه‪ .‬كان يأتيها يف صباه مع‬ ‫أصدقائه ليصطادوا العصافري‪ .‬ثم أتاها يف‬ ‫شبابه ليختلي مع أوىل حبيباته‪ .‬ولكن ما إن‬ ‫أخذت إخفاقاته يف (الكاباس) تتكرر حتى‬ ‫انزوى على نفسه يلوك خيباته‪.‬‬ ‫تسرب خبفة حتت خشبة املسرح‪ ،‬وانربى‬ ‫يتفحّص األشياء املرتوكة هناك‪ ،‬كانت أنوار‬ ‫جامع العابدين تتسرب إليه ترشده حتى عثر‬ ‫على الصندوق األس��ود‪ .‬أخ��ذه بني أحضانه‬ ‫وانطلق عائداً إىل بيته‪.‬‬ ‫ما إن انزوى يف غرفته حتّى فتح الصندوق‪،‬‬ ‫فوجد فيه رزمة من األوراق ملفوفة يف جملدات‬ ‫صغرية‪ .‬أخرجها من الصندوق ووضعها على‬ ‫الطاولة‪ .‬كانت خيبته كبرية عندما مل يعثر‬ ‫على احلاسوب ال��ذي ك��ان يتوقعه كبرياً يف‬ ‫حجم احلواسيب احملمولة اليت تعمّر األسواق‬ ‫هذه األيام‪ .‬مل يقدر أبوه على اقتناء حاسوب‬ ‫ولو بالتقسيط‪ ،‬فأين له بألفي دينار‪ ،‬وراتبه‬ ‫ال يتعدى مخسمائة دينار يف الشهر؟ اكتفى‬ ‫حم��م��د اجل�لاص��ي هب��ات��ف حم��م��ول اشرتته‬ ‫له أمّ��ه‪ .‬لكنه وجد يف قاع الصندوق‪ ،‬علبة‬ ‫صغرية ملفوفة يف ورق قرمزي‪ .‬أسرع يفتحها‬ ‫وإذا بداخلها آلة عجيبة غريبة مل ير مثلها‬ ‫يف حياته حتى على شاشات التلفزة‪ .‬كانت‬ ‫اآللة ملفوفة يف ورق شفاف يشبه السيلوفان‪.‬‬ ‫أخرجها من ورقها وإذا هبا حتتوي على حبة‬ ‫صغرية م���دورة وك��رة يف حجم ك��رة التنس‪.‬‬ ‫ظل حمتارا يف أمر هاتني القطعتني‪ ،‬كرتني‬ ‫خمتلفيت احلجم مل يدر ملاذا تصلحان‪ .‬عاد‬ ‫يبحث يف ال��ص��ن��دوق ف��وج��د ورق���ة مكتوبة‬ ‫باللغة العربية‪ .‬فتحها وقرأ‪:‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫(أيّ��ه��ا األرض���يّ حنيّيك‪ ،‬ونشكرك على‬ ‫االنضمام إىل مجعيتنا ال�تي تضم أعضاء‬ ‫م��ن ب��ق��اع ع��دي��دة م��ن األرض وآخ��ري��ن من‬ ‫ق��امن��اد‪ ،‬وه��و كوكب بعيد ع��ن األرض لكن‬ ‫سكانه يشبهون سكان أرضك‪ .‬جتد صحبة‬ ‫هذه الورقة حاسوبا صنعناه لك خصيصا‪.‬‬ ‫وهو حيتوي على آلة صغرية توضع يف األذن‬ ‫متكنك من التخاطب معنا وإرسال رسائلك‬ ‫الشفوية‪ .‬ال ميكنك استعمال الرسائل املكتوبة‬ ‫ألننا ال نتعامل بالكتابة يف اتصاالتنا‪ .‬أما‬ ‫اآللة األخرى فهي متكنك من نشر الشاشة‬ ‫االفرتاضية اليت تبث لك الصور والنصوص‬ ‫واألف�لام‪ ،‬كما ميكنك الكتابة عليها دون أن‬ ‫تتمكن من طبع ما تكتب‪.‬‬ ‫أما تشغيلهما فال يتطلب معرفة مسبقة‪،‬‬ ‫عليك بوضع الكرة الصغرية يف إحدى أذنيك‪.‬‬ ‫أمّا الكرة الكبرية فما عليك إ ّ‬ ‫ال أن ختاطبها‬ ‫لتنشر أمامك الشاشة االفرتاضية‪).‬‬ ‫قرأ النص مرتني‪ ،‬وظل حائراً‪ .‬مل جيرؤ‬ ‫على ملس الكرتني منذ أن قرأ النص‪ .‬عاد إىل‬ ‫الورقة يقرأها من جديد‪ .‬وطفق يتساءل‪:‬‬ ‫(م��ن ال��ذي بعث بالصندوق األس���ود؟ ومن‬ ‫وضعه حت��ت خشبة امل��س��رح؟ وه��ذه اآلالت‬ ‫مل تصنع يف األرض إذن؟ من يقف يا ترى‬ ‫وراء كل هذه األشياء؟ أال تكون سي آي إي؟‬ ‫إ ّنه ال يشكّ مطل ًقا يف وجودها بقرطاج‪ ،‬بل‬ ‫إنّ أحد أصدقائه أخ��ذه قبل فرتة لريى من‬ ‫بعيد مقرها يف الطرف املقابل لربوة بريصا‬ ‫واملسرح األثري‪ .‬أال حتمل هذه اآلالت قنبلة‬ ‫تتفجر عند ملسها؟ أليست وسائل جتسس‬ ‫تلتقط الكالم والصور وتبعث هبا إىل إحدى‬ ‫مصاحل االستعالمات؟) أرّقته األسئلة ومل‬ ‫جي��رؤ على العودة إىل الكرتني اللتني رمى‬ ‫هبما يف ق��اع الصندوق‪ .‬وبعد تفكري طويل‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫ومضنٍ أخذ هاتفه احملمول وطلب حنبعل‪،‬‬ ‫جاءه الصوت املعهود يقول‪:‬‬ ‫ (آل������و‪ ،‬أه��ل�ا وس���ه�ل�ا ب���ك ي���ا حممد‬‫اجلالصي‪ .‬هل متكنت من الصندوق؟‬ ‫ إنه جبانيب‪ ،‬وقد فتحته‪...‬‬‫ إذن مل ت��ع��د يف ح��اج��ة إىل اهلاتف‪.‬‬‫خاطبين مباشرة عن طريق احلاسوب‪.‬‬ ‫ لكن ‪...‬‬‫ أفهم أ ّنك ال جترؤ على استعماله‪ .‬ولكن‬‫تلك هي التكنولوجيا املتطورة‪ .‬ح��اول اآلن‬ ‫وضع الكرة الصغرية يف أذنك‪.‬‬ ‫بعد حلظة من الرتدد رفع احلبّة إىل أذنه‬ ‫وأدخلها ويده ترجتف‪ .‬قال متلعثما‪:‬‬ ‫ لقد فعلت‪.‬‬‫ هذا جيد‪ .‬أمسعك اآلن بشكل أفضل‪.‬‬‫أقفل هاتفك واطلب الشاشة االفرتاضية‪.‬‬ ‫مل يعرف كيف يطلب هذه الشاشة‪ .‬تعلم‬ ‫الضغط على األزرار يف أقصى احلاالت أمّا أن‬ ‫خياطب آلة‪ ،‬فلم يستسغ عقله هذه الطريقة‪.‬‬ ‫مسع حنبعل يقول له‪:‬‬ ‫ قل هلا فقط أريد الشاشة االفرتاضية‪.‬‬‫أع���اد اجلملة م��ت�ردداً فانتصبت أمامه‬ ‫شاشة بيضاء مألت جدار غرفته‪ .‬ظ ّل ينظر‬ ‫مشدوهاً حتى مسع حنبعل يقول‪:‬‬ ‫ اآلن أت��رك��ك فقد متكنت م��ن تشغيل‬‫اآللتني‪ .‬إذا رغبت يف االتصال عليك أن تعيد‬ ‫ولو يف سرّك‪:‬‬ ‫( حممد اجلالصي يرغب يف التخاطب مع‬ ‫حنبعل بركا‪).‬‬ ‫ظ� ّل لفرتةٍ من الزمن ينظر إىل الشاشة‬ ‫البيضاء أمامه‪ ،‬ثم قال يف نفسه‪( :‬كيف يل‬ ‫أن أكتب وليس يل لوحة وال مالمس؟)‬ ‫مل يتمّ مجلته حتى جاءه صوت غريب ال‬ ‫هو نسائي وال رجايل‪ ،‬صوت يشبه أصوات‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪151‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫ال��رب��وت��ات ال�ت�ي رآه���ا يف أف�ل�ام اخليال‬ ‫العلمي‪ .‬قال له الصوت املعدني‪:‬‬ ‫ (إذا كنت ترغب يف الكتابة فعليك إمالء‬‫النص فسرتاه يتسلسل على الشاشة‪ .‬لكن ما‬ ‫حاجتك إىل نص مكتوب؟‬ ‫أجاب مرتددا‪:‬‬ ‫ أريد جتربة هذه اآلالت العجيبة‪.‬‬‫ إذن عليك بإمالء النص‪.‬‬‫تنحنح وقال‪:‬‬ ‫ (مل�����اذا ت��ش��ع��ر ب��ال��ت��ع��اس��ة ي���ا حممد‬‫اجلالصي؟ هذا عامل آخر ينفتح لك‪...‬‬ ‫توقف لريى تسلسل الكلمات على الشاشة‬ ‫االفرتاضية‪ .‬ضحك كما مل يضحك منذ مدّة‬ ‫طويلة‪ ،‬متلكته غبطة األطفال عند اكتشافهم‬ ‫لعب ًة جديدة‪ .‬ثم واصل ميلي‪:‬‬ ‫ (إن��ك اآلن تكتشف ع��امل التكنولوجيا‬‫املستقبلية‪ .‬أع��رف��ت اآلن كيف أ ّن���ك كنت‬ ‫غبيا عندما طلب منك أبوك أن ختتار شعبة‬ ‫املعلوماتية فرفضت بدعوى أ ّنك هتوى األدب‪.‬‬ ‫ماذا فعلت باجلاحظ وابن املقفع واملسعودي؟‬ ‫مل ينفعوك يف شيء سوى بتعاسة اإلخفاق يف‬ ‫(الكاباس) مخس مرات‪)...‬‬ ‫ضحك من نفسه وظ ّل ينظر إىل الشاشة‬ ‫ميلؤها النص‪ .‬مل يالحظ غلطة واحدة‪.‬‬ ‫(جيد هذا احلاسوب‪ .‬لكن أين سيحفظ‬ ‫يل هذا النص؟) تساءل دون أن يرتقب جوابا‪.‬‬ ‫لكن اجلواب جاءه على الفور‪:‬‬ ‫ لقد حفظ النص‪ .‬هل ترغب يف شيء‬‫آخر؟‬ ‫أجاب على الفور‪:‬‬ ‫ هذا يكفي‪.‬‬‫اختفت الشاشة وظ��ل حممد اجلالصي‬ ‫مبهوراً بكل ما رأى ومسع‪.‬‬ ‫قبل أن يستسلم للنعاس وصلته مكاملة من‬

‫‪ob‬‬

‫‪152‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫صاحب الفيال الفخمة يطلب منه أن يأتي يف‬ ‫مساء الغد ملقابلة الوزير‪ ،‬ويلحّ عليه أن يكون‬ ‫هندامه الئقا مبقام وزير دولة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أطفا النور ومتدد يف فراشه وظل مفتوح‬ ‫العينني يرنو إىل ظلمة الغرفة وفكره يتنقل‬ ‫بني حنبعل ومجاعته‪ ،‬ومقابلة الوزير الذي‬ ‫رمب��ا يكون على يديه الفرج‪ ،‬و(الكاباس)‪.‬‬ ‫ن��ام نوماً مضطرباً تقامسته أح�لام وردية‬ ‫وكوابيس مرعبة‪ .‬صحا باكراً لكنه مل يغادر‬ ‫الفراش‪ .‬ظ ّل فكره جيرت األحداث اليت دخل يف‬ ‫دوامتها منذ عدّة أيام‪ .‬كانت تسكنه تطلعات‬ ‫متناقضة‪ .‬فهذه حضارة قرطاج هبرته مبا‬ ‫كانت ترسخ به من تقدّم ورفاه وقوّة جعلتها‬ ‫تلقب بإمرباطورية البحر‪ .‬وهذا احلنبعل الذي‬ ‫مل تتّضح هويّته بعد‪ ،‬فقد يكون أحد س ّكان‬ ‫الفضاء ممّن حيملون هذا االسم وقد يكون‬ ‫أرضيًّا متحمّسًا حلضارة قرطاج وعاملًا عبقريًّا‬ ‫استطاع ابتكار كل هذه األشياء الغريبة ليقنع‬ ‫الناس بضرورة التنقيب والدراسة حتى تظهر‬ ‫حقيقة هذه احلضارة املطموسة منذ آالف‬ ‫السنني‪ .‬وه��ذا الوزير ال��ذي رآه ع�دّة مرات‬ ‫على الشاشة‪ ،‬رجل يف الستني من عمره أو‬ ‫أكثر‪ ،‬لكنّ صاحب الفيال الفخمة قال له (‬ ‫رمبا تروقه)‪ .‬كان يتحاشى فهم معنى هذا‬ ‫الكالم‪ ،‬وأصبح خيشى مقابلته‪ .‬ماذا ميكن‬ ‫أن يطلب منه يا ترى؟‬ ‫غادر الفراش متكاسال وخرج من غرفته‬ ‫ف��وج��د أم���ه ت��ع �دّ ف��ط��ور ال��ص��ب��اح‪ .‬عانقها‬ ‫هامسًا‪:‬‬ ‫ لديّ موعد مع الوزير‪.‬‬‫ وزير التعليم؟‬‫ ال‪ .‬بل وزير آخر سيقدمه يل أحدهم‪.‬‬‫ أعانك اهلل على ما فيه اخلري يا ولدي‪.‬‬‫‪ -‬ملقابلة ال��وزي��ر ال بد من اال��ذه��اب إىل‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫احلمّام العربيّ‪.‬‬ ‫ هل طلبت من أبيك؟‬‫ً‬ ‫ ال أريد أن أطلب منه شيئا‪.‬‬‫فتحت حقيبة نقودها الصغرية وناولته‬ ‫قطعة خبمسة دنانري‪.‬‬ ‫انصرف إىل احلمّام ثم مرّ باحلالق وعاد‬ ‫إىل البيت فأمضى امل��س��اء ك�لّ��ه يف تصفح‬ ‫الوثائق ال�تي وج��ده��ا يف ال��ص��ن��دوق‪ .‬كانت‬ ‫أورا ًقا من مادة ال يعرفها‪ ،‬شفافة حتمل صورا‬ ‫وخرائط باأللوان الطبيعية جلّها داكنة‪ ،‬وقد‬ ‫وجد صعوبة كبرية يف فهم حمتواها‪ ،‬هو الذي‬ ‫مل يكن يعري اجلغرافيا وال التاريخ االهتمام‬ ‫الكثري‪ .‬كان مهّه األدب العربي القديم منه‬ ‫واحلديث‪ ،‬وكأنّ األدب كنز مكنون يف حجاب‬ ‫مصون ال تؤثر فيه السنون‪ .‬كان طالب األدب‬ ‫ال يفقه غري النص األدبي‪ ،‬كما هو حال طالب‬ ‫اهلندسة والرياضيات وال��ط��ب‪ .‬ك � ّل بشأنه‬ ‫مفتون‪ ،‬وهلل يف خلقه ش���ؤون‪ ! ‬وملّ��ا أعياه‬ ‫ّ‬ ‫وتعذر عليه إدراك كنه هذه الوثائق‪،‬‬ ‫الفهم‬ ‫مجّعها من جديد وأودعها الصندوق األسود‪.‬‬ ‫عليه أن يستعدّ ملالقاة الوزير‪ ،‬وهو يتوجّس‬ ‫خشية من هذا اللقاء‪ .‬ما أن ح ّل الظالم حتّى‬ ‫غ��ادر البيت يف أمجل ثياب ميتلكها وتوجه‬ ‫إىل الفيال الفخمة‪ .‬كان ميشي ببطء حتى ال‬ ‫يتعرّق ويلوّث ثيابه األنيقة‪.‬‬ ‫وصل إىل الفيال الفخمة وضغط على زر‬ ‫اجلرس ومل يرتقب كثرياً فقد جاءه صاحب‬ ‫الفيال وص��اف��ح��ه حب���رارة وخ���رج معه إىل‬ ‫الشارع ومشى يف صحبته بعض اخلطوات‪،‬‬ ‫وعندما وصال إىل فيال فخمة أخ��رى يقف‬ ‫أمامها شرطي شاهراً سالحه‪ ،‬مهس له‪:‬‬ ‫ أع��ل��م ذل��ك ال��ش��رط��ي ب���أنّ ال��وزي��ر يف‬‫ان��ت��ظ��ارك فقد ع�ين ل��ك م��وع��داً‪ .‬لستَ يف‬ ‫حاجة إىلّ بعد اآلن‪ .‬سيستقبلك حبفاوة فهو‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫رجل عظيم الشأن لكنه متواضع‪ .‬إ ّنه (ابن‬ ‫الشعب)‪.‬‬ ‫تركه أم��ام الشرطي م�ترددا ثم انصرف‬ ‫عائدا إىل بيته‪ .‬مجع حممد اجلالصي ما‬ ‫تشتّت م��ن شجاعته وت��ق��دم م��ن الشرطي‬ ‫وأعلمه مبوعده مع الوزير‪ .‬ابتسم له الشرطي‬ ‫ابتسامة غامضة ثم توجه إىل جهاز اهلاتف‬ ‫الداخلي‪ ،‬وبعد حمادثة طويلة‪ ،‬وتصفح دقيق‬ ‫لبطاقة تعريف حممد اجلالصي‪ ،‬وتفتيش‬ ‫جلسده ولباسه‪ ،‬أدخله الفيال الفخمة وأشار‬ ‫عليه بالطريق اليت يسلكها ليصل إىل البناية‬ ‫حيث ينتظره الوزير‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ت��ق�دّم ب��ب��طء وك��أن��ه مقبل على امتحان‬ ‫(الكاباس) حتى وصل إىل بناية صغرية تتألأل‬ ‫أضواؤها‪ .‬كان الباب مفتوحا‪ .‬تردد قبل أن‬ ‫يدلف إىل الداخل لكن صوتا رجاليا قال له‪:‬‬ ‫ تفضل فنحن يف انتظارك‪.‬‬‫دخ����ل‪ ،‬ف��ب��ه��رت��ه األض�����واء‪ ،‬ل��ك��ن��ه فوجئ‬ ‫باحلفاوة اليت استقبله هبا الوزير وبالثياب‬ ‫اليت كان يرتديها‪ .‬مل يكن يلبس سوى تُبّان‬ ‫قصري‪ .‬أجلسه على أريكة فاخرة وقال له وهو‬ ‫حيملق فيه ماسحًا بعينيه جسده بقعة بقعة‪:‬‬ ‫ لن يطول غيابي‪ ،‬سأستحم وآتيك‪.‬‬‫ثم نادى بصوت عال‪:‬‬ ‫ لقد حضر ضيفنا يا زينب‪ ،‬رح�بي به‬‫حتى أفرغ من احلمّام‪.‬‬ ‫قدمت على التوّ فتاة مجيلة رغ��م قصر‬ ‫قامتها‪ .‬كانت مثل الوزير ال حتمل سوى تُبّان‬ ‫قصري وردي من الدنتيالّ يكشف كل أجزاء‬ ‫عورهتا‪ .‬وكان بني يديها طبق عليه مشروبات‬ ‫وح��ل��وي��ات‪ .‬تقدمت م��ن حممد اجلالصي‬ ‫ووضعت الطبق على الطاولة الواطئة فتدىل‬ ‫أمام عينيه هنداها السخيّان‪ ،‬ثم جلست إىل‬ ‫جانبه وه��ي تنظر إليه تتفحصه كما كان‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪153‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫يفعل الوزير الذي غادرمها إىل احلمام‪.‬‬ ‫كان اضطرابه على أشدّه فهو مل يرتقب هذا‬ ‫النوع من االستقبال‪ .‬سألته بعد فرتة من‬ ‫الصمت‪:‬‬ ‫ ملاذا ال تتخفف من مالبسك فسيدي‬‫لن يقبل إ ّ‬ ‫ال أن تكون مثلنا‪.‬‬ ‫مل حي�����رّك س��اك��ن��ا‪ .‬ظ���� ّل يف وجومه‬ ‫واضطرابه حتى احننت جبسدها نصف‬ ‫العاري وطفقت تفتح أزرار قميصه‪ ،‬وهو يف‬ ‫مجوده‪ .‬انتزعت منه القميص‪ ،‬فظهر شعر‬ ‫صدره الكثيف‪ .‬مرغت يدها عليه وقالت‪:‬‬ ‫ كم تروق لسيدي كل هذه الفحولة‪.‬‬‫ازداد اضطرابه خاصة بعد أن أثارته الفتاة‬ ‫بلمساهتا الرقيقة‪ ،‬لكنه مل جيرؤ على ملسها‬ ‫وال حتى على النظر يف عينيها العسليتني‪.‬‬ ‫مل جيئ إىل هذه األشياء ومل خيطر على‬ ‫ّ‬ ‫حيضر له هذا االستقبال‬ ‫باله أنّ الوزير كان‬ ‫الشبقي‪ .‬ما إن انتزعت قميصه حتى قامت‬ ‫وتوجهت إىل داخل البيت قائلة‪:‬‬ ‫ س����وف آت���ي���ك ب���تُ���بّ���ان‪ ،‬جت�����رّد من‬‫سروالك‪.‬‬ ‫نظر إليها وه��ي ت��غ��ادر امل��ك��ان فراعه‬ ‫اجلسد ال��ب�ضّ‪ .‬لكنّ اضطرابه مل يسمح‬ ‫ل��ه بالتخلص م��ن ت���ردده‪ .‬مل ي��در إن كان‬ ‫عليه أن يليب رغبات غريزته اليت حتركت‬ ‫تدفع يف جسده هرمونات كانت مستكينة‬ ‫منذ أمد طويل‪ ،‬أو أن حيرتز من مثل هذه‬ ‫التصرفات الغريبة من وزير حمرتم‪ .‬عندما‬ ‫رجعت حتمل تُبّانا أبيض يف يدها‪ ،‬كان مل‬ ‫يربح مكانه حيث ظ ّل منكمشا على نفسه يف‬ ‫طرف األريكة‪ .‬قالت له معاتبة‪:‬‬ ‫ أمل أقل لك إنّ عليك أن تكون يف نفس‬‫اللباس الذي عليه سيدي‪ ،‬أي أن ال تضع‬ ‫على جسدك س��وى تُ �بّ��ان‪ .‬ه��ذه تعليمات‬ ‫سيدي‪.‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪154‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫ثم جثت على ركبتيها وهو ال يدري إن كان‬ ‫عليه املقاومة أو االستسالم‪ ،‬وجبهد انتزعت‬ ‫منه سرواله ثم قالت له وقد نفد صربها‪:‬‬ ‫ ميكنك أن تبقى بسروالك القصري أو أن‬‫تلبس التُبّان‪ ،‬مل يعد يعنيين أمرك‪.‬‬ ‫وانصرفت غاضبة‪.‬‬ ‫مل جي��د ال��وق��ت ليتأمّل أم���ره‪ ،‬فقد حل‬ ‫ال��وزي��ر ملتحفا بشكريا وردي���ا‪ .‬نظر إليه‬ ‫وقال‪:‬‬ ‫ مجيل أ ّنك ختففت من ثيابك‪ .‬جنلس‬‫كما خلقتنا الطبيعة اليت نريد معاكستها بكل‬ ‫الوسائل‪.‬‬ ‫التفت إىل الداخل ونادى‪:‬‬ ‫ أين أنت يا زينب ؟‬‫أقبلت مسرعة‪ .‬سأهلا سيدها‪:‬‬ ‫ ملاذا تركت ضيفنا مبفرده؟‬‫ صاحبك الليلة منكمش مثل الع ّكة‪.‬‬‫ د ّل��ك��ي�ني وس��ن��رى ك��ي��ف خن��رج��ه من‬‫قوقعته‪.‬‬ ‫متدد فوق طاولة خمصّصة للتدليك مل‬ ‫يالحظها حممد اجلالصي عندما دخل‪.‬‬ ‫وطفقت الفتاة متسّد عضالت كتفي سيدها‬ ‫املرتهّلة الشديدة البياض‪ .‬كان يستلقي على‬ ‫بطنه مولياً وجهه للحائط‪ .‬وك��ان حممد‬ ‫اجلالصي يتبع حتركات الفتاة بافتتان‪ .‬فقد‬ ‫انكشف له جسدها بكل مفاتنه‪ ،‬ما أشعل‬ ‫داخله رغبة مل يستطع كبتها‪ .‬رمت الفتاة‬ ‫بالبشكري ال���ذي ك��ان يغطي ج��زء سيدها‬ ‫األسفل ودلكته بإمعان وحممد اجلالصي‬ ‫يتبع العملية مضطرباً‪.‬‬ ‫ما إن فرغت من الدلك حتّى التفتت إىل‬ ‫حممد اجل�لاص��ي ون��ظ��رت إليه وابتسامة‬ ‫تواطؤ على شفتيها وقالت‪:‬‬ ‫ حان دورك يا سي العكة‪.‬‬‫أدرك حممد اجلالصي أخ�يراً ما عليه‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫فعله‪ ،‬كما أدرك سر الصفقة غري املعلنة اليت‬ ‫ربطته بالوزير‪ .‬نظر إىل اجلسد العجوز ويف‬ ‫ذهنه ترتاقص ص��ورة (ال��ك��اب��اس)‪ .‬ق��ال يف‬ ‫نفسه وهو يتقدّم حنو الوزير‪:‬‬ ‫ إذا كان (الكاباس) هبذا الثمن فادفع يا‬‫أخي‪! ‬‬ ‫عاد يف ساعة متأخرة من الليل إىل بيته‬ ‫ودخل غرفته وأهله نيام‪ .‬جلس على السرير‬ ‫يف ّكر‪ .‬مل��ح ال��ص��ن��دوق األس���ود‪ .‬وبعد فرتة‬ ‫طويلة من الرتدّد أخذ الصندوق وتوجه إىل‬ ‫املسرح األثري‪ .‬وضع الصندوق حيث وجده‬ ‫وعاد متسرتا بالظالم‪ .‬وطيلة الطريق كان‬ ‫يردد داخله‪:‬‬ ‫(م��ا ل��ك ي��ا حممد اجل�لاص��ي وحضارة‬ ‫قرطاج‪ ،‬واألدب العربي‪ ،‬والثقافة‪ ،‬والكتب‪.‬‬ ‫الدنيا هي (الفلوس)‪ ،‬واجل��اه‪ ،‬ولذة البطن‬ ‫والفرج‪( .‬الكاباس) يف اجليب‪ ،‬وباب احلياة‬ ‫اهل��ادئ��ة سيفتح ع��ن ق��ري��ب‪ .‬وس��وف تأتي‬ ‫السيارة والشقة وال���زواج واألط��ف��ال‪ ،‬وما‬ ‫البقية سوى أوهام‪ ،‬أحالم‪ ،‬ترهات‪).‬‬ ‫عند الصباح خرج إىل املدينة ودخل حم ّل‬ ‫اإلنرتنت وكتب رسالة إىل حنبعل خيربه فيها‬ ‫عن ختليه عن انتمائه إىل مجعية الدفاع عن‬ ‫احلضارات بني الكواكب‪ ،‬ويعلمه أ ّنه أرجع‬ ‫الصندوق األسود بكل حمتوياته إىل املكان‬ ‫الذي وجده فيه‪ .‬ضغط على ابعث‪ .‬وخرج‬ ‫وكأنه انتزع من على كتفيه محال ثقيال‪.‬‬ ‫ل��ق��ي حم��م��د اجل�لاص��ي أح���د أصدقاء‬ ‫دراسته يف قاعة األساتذة وكان قد حتصل‬ ‫مثله على (الكاباس) فتصافحا حبرارة‪ ،‬ثم‬ ‫انزوى به وسأله هامسًا‪:‬‬ ‫ كم دفعت لنيل (الكاباس؟‬‫ضحك حممد اجلالصي ملياً ثم أجاب‪:‬‬ ‫حفرت بئر الوزير‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪155‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪156‬‬ ‫تأليف أمربوز بريس‬ ‫ترمجة‪ :‬توفيق حممد السهلي‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫ «هل أنت جاد؟ هل تعتقد حقاً أنَّ اآللة‬‫تفكر؟»‬ ‫مل أحصل على أية إجابة فورية‪ ،‬فماكسون‪،‬‬ ‫على ما يبدو‪ ،‬كان منهم َكاً يف حتريك قطع‬ ‫الفحم يف املوقد‪ ،‬حيث ك��ان حيركها برباعة‬ ‫وخفة هنا وهناك بقطعة حديد خاصة إىل‬ ‫أن حصل على توهج أشد للنار كما لو كانت‬ ‫دالل��ة على ش��يء م��ن اهتمامه‪ .‬منذ بضعة‬ ‫أسابيع وأن��ا «أالح��ظ فيه ع��ادة متزايدة يف‬ ‫تأخره باإلجابة حتى على أكثر األسئلة العادية‬ ‫تفاهة‪ .‬ومع ذلك فقد كانت تبدو على مُحَيَّاه‬ ‫أمارات االنشغال‪ ،‬أكثر من كوهنا مالمح التؤدة‬ ‫املدفوعة باالحرتاس‪ ،‬ورمبا جاز للمرء القول‬ ‫«إن شيئاً كان يدور يف خلده»‪.‬‬ ‫ «ماهي اآللة؟» أجاب مكسون مردفاً‪« :‬لقد‬‫مت تعريف هذه الكلمة بالعديد من التعريفات‬ ‫املختلفة‪ ..‬هاك أحدها من قاموس شائع [أيُّ‬ ‫أداة أو منظومة يتم بواسطتها تطبيق الطاقة‬ ‫وجعلها ذات تأثري‪ ،‬أو يتم بواسطتها احلصول‬ ‫على التأثري املطلوب]‪ ،‬إذاً‪ ،‬أو ليس اإلنسان‬ ‫آلة؟ وأنت ستعرتف بأنه يفكر – أو يعتقد بأنه‬ ‫يفكر»‬ ‫قلت له بنربة أق��رب إىل االختبار‪« ،‬إذا مل‬ ‫ترغب يف اإلج��اب��ة عن س��ؤايل‪ ،‬فلم ال تقول‬ ‫ذلك؟ ‪ -‬كل ما تقوله جمرد متلص من اإلجابة‪،‬‬ ‫فأنت تعرف متاماً أنه عندما أقول «آلة» فأنا‬ ‫ال أع�ني اإلن��س��ان‪ ،‬ب��ل أع�ني شيئاً م��ن صنع‬ ‫اإلنسان ويتحكم به»‬ ‫وما كان منه إ َّال أن أجابين‪« :‬عندما ال تتحكم‬ ‫هي به» وهو ينهض بشكل فجائي وينظر إىل‬ ‫اخلارج من النافذة‪ ،‬حيث مل يظهر أي شيء‬ ‫يف ليلة ظلماء ب��رداءُ عاصفة‪ .‬وبعد هنيهة‬ ‫التفت إيلّ بابتسامة قائالً «أستميحك عذراً‬ ‫فأنا مل يكن ببايل أي قصد للتملص‪ ،‬فقد‬ ‫ظننت القاموسَ باعتباره الشهادة الالواعية‬ ‫لإلنسان مثرياً لألفكار‪ ،‬العواطف ويستحق‬ ‫قسطاً من النقاش‪ .‬ميكنين أن أعطي سؤالك‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬ ‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫إجابَ ًة مباشرة بسهولة تامة‪ :‬أنا اعتقد فعالً أن‬ ‫اآللة تفكر بالعمل الذي تؤديه»‪.‬‬ ‫بالفعل‪ ،‬كانت تلك إجابة مباشرة مبا يكفي‪.‬‬ ‫لكنها مل تكن سارّة متاماً ألنين أحسست أهنا‬ ‫كانت متيل إىل تأكيد شك حزين ل��ديّ بأنَّ‬ ‫انكباب ماكسون على ال��دراس��ة والعمل يف‬ ‫ورشة تركيب اآلالت خاصته مل يكن جيداً له‪.‬‬ ‫فأوّالً كنت أعرف أنه كان يعاني من األرق‪ ،‬وهو‬ ‫ليس باملرض اهليّن‪.‬‬

‫أت��راه أ َّث��ر يف عقله؟ لقد ب��دا جوابه على‬ ‫سؤايل آنئذٍ دليالً على تأثريه فيه‪ ،‬ورمبا عليّ‬ ‫أن أفكر بذلك األمر بشكل خمتلف اآلن‪ .‬لقد‬ ‫كنت أصغر سناً عندها‪ ،‬واجلهل من بني النِّعم‬ ‫اليت ال تُنْ َكر على الشباب‪ .‬وبدافع كبري حنو‬ ‫اجل��دال قلت له‪« :‬ومب��اذا‪ ،‬باهلل عليك‪ ،‬تفكر‬ ‫اآللة – يف غياب املخ؟»‬ ‫‪-2‬‬‫إجابته اليت جاءت على غري تأخره املعهود‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪157‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬

‫اختذت شكل االستجواب املضاد املفضل‬ ‫عنده‪:‬‬ ‫«ومباذا تفكر نبتة – يف غياب املخ؟‬ ‫«آآ‪ ..‬ت��ن��درج ال��ن��ب��ات��ات أي��ض��اً يف رتبة‬ ‫الفيلسوف‪ .‬إن��ه لَ�يَ�سُ�رُّن��ي أن أع��رف بعضَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فروضها‬ ‫تسقط‬ ‫استنتاجاهتا‪ ،‬وميكنك أن‬ ‫املنطقية‪».‬‬ ‫«رمبا» أجابين ماكسون الذي مبا أنه مل يتأثر‬ ‫بثورييت احلمقاء‪ ،‬وأردف يقول‪« :‬رمبا ميكنك‬ ‫أن تستنتج اعتقاداهتا من خالل أفعاهلا‪ ،‬سأوفر‬ ‫عليك عناء احلديث عن األمثلة املألوفة لنبتة‬ ‫«الست املستحية» احلساسة‪ ،‬واألزه��ار اليت‬ ‫تقتات باحلشرات‪ ،‬وتلك اليت تنحين أسديَتُها‬ ‫ُ‬ ‫وحترك غبارَ الطلع فيها ملوث ًة النحل َة الداخلة‬ ‫إليها حتى يل ِّقح نظرياهتا البعيدة‪ .‬لكن انظر‬ ‫إىل هذا املثال‪ :‬يف بقعة مفتوحة يف حديقيت‬ ‫قمت بزراعة‪ .‬كرمة عنب معرتشة‪ .‬ويف الوقت‬ ‫الذي كانت فيه ترتفع قليالً فوق سطح األرض‬ ‫غرزت وت��داً من اخلشب يف ال�تراب على بعد‬ ‫ياردة منها‪.‬‬ ‫ويف احلال أخذت تشق طريقها حنو الوتد‬ ‫حتى ك��ادت تصله بعد بضعة أي���ام‪ ،‬عندها‬ ‫اقتلعت الوتد وغرزته على بعد بضعة أقدام‪.‬‬ ‫وما كان من الكرمة إ َّال أن حوَّلت مسارها يف‬ ‫زاوية حادة وشقت طريقها جمدداً حنو الوتد‪.‬‬ ‫ومت تكرار هذه العملية عدة مرات‪ ،‬لكنْ‪ ،‬وكما‬ ‫لو أنَّ نبتة الكرمة أحست باإلحباط‪ ،‬ختلت‬ ‫يف هناية املطاف عن سعيها متجاهلة املزيد‬ ‫من احملاوالت لتحويلها عن مسارها‪ ،‬وأخذت‬ ‫طريقها حن��و شجرية أبعد قليالً م��ن الوتد‬ ‫وقامت بتسلقها‬ ‫وأردف ماكسون‪« :‬إن جذور نبتة األوكاليبتوس‬ ‫(الطبية) تتطاول بشكل ال يصدق حبثاً عن املاء‬

‫‪ob‬‬

‫‪158‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫والرطوبة‪ .‬حيكي أحد البستانني املشهورين‬ ‫أن إح��دى نبتات األوكاليبتوس دخلت أنبوباً‬ ‫قدمياً للصرف الصحي وتبعت مساره إىل أن‬ ‫وصلت إىل فاصل فيه حيث مت إزال��ة مقطع‬ ‫منه إلفساح اجملال أمام حائط حجري بين يف‬ ‫مسار االنبوب‪ .‬فقد ترك جذرُ النبتة الزاحف‬ ‫االنبوبَ وتبع اجل��دار إىل أن عثر على منفذ‬ ‫حيث سقطت إح��دى لَ ِبنات اجل��دار‪ ،‬وزحف‬ ‫عرب الفتحة تابعاً اجلانب اآلخ��ر من اجلدار‬ ‫شاقاً طريق العودة حنو مصرف املياه القديم‬ ‫ودخل اجلزء اجملهول منه وواصل رحلته‪.‬‬ ‫ «واملغزى من كل هذا؟»‬‫ «أيغيب عنك املغزى من ه��ذا؟ إن هذا‬‫يظهر وع���يَ ال��ن��ب��ات‪ .‬ه��ذا يثبت أن النبات‬ ‫يفكر‪».‬‬ ‫ «حتى لو كان النبات يفكر‪ ،‬وم��اذا يعين‬‫ذلك؟‬ ‫مل نكن نتحدث عن النبات‪ ،‬بل عن اآلالت‬ ‫قد يدخل اخلشب جزئياً يف تركيب اآلالت‪..‬‬ ‫خشب مل يعد يتمتع بأي قدر من احليوية‪،‬‬ ‫وقد تكون مكونة من املعدن بشكل كامل‪ ،‬فهل‬ ‫الفكر أيضاً إحدى مسات اململكة املعدنية؟‬ ‫«وب����أي ش���يء آخ���ر ت��ف �سِّ��ر ظ��واه��ر مثل‬ ‫التبلور‪،‬؟‬ ‫‪-3‬‬‫«أنا ال أفسِّرها‪».‬‬ ‫«هذا ألنك ال تستطيع دون تأكيد ما ترغب‬ ‫يف نفيه‪ ،‬وحتديداً‪ ،‬التعاون الذكي بني العناصر‬ ‫املكوِّنة للبلورات‪ .‬عندما يشكل اجلنود صفوفاً‬ ‫أو مربعات مفرغة فإنك تسمي ذاك منطقاً‪.‬‬ ‫وعندما يتخذ س��رب م��ن ال��وز ال�بري بشكل‬ ‫حرف (‪ )7‬فإنك تقول عن ذلك بأنه غريزة‪.‬‬ ‫وعندما تقوم ذرات متجانسة ألحد املعادن‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫برتتيب نفسها يف أشكال كاملة رياضياً وذلك‬ ‫أثناء حركتها احلرة يف حملول ما‪ ،‬أو عندما‬ ‫تتخذ جزيئات سائل متجمد أشكال شذرات‬ ‫الثلج املتناظرة واجلميلة‪ ،‬فإنك ال تقول شيئاً‬ ‫على اإلط��ل�اق‪ ..‬حتى إن��ك مل خت�ترع امساً‬ ‫إلخفاء نزوعك البطويل حنو الالمنطق‪».‬‬ ‫كان ماكسون يتحدث حبيويَّة وجدية غري‬ ‫عاديني‪ .‬وما إن توقف عن الكالم حتى مسعت‬ ‫صوتاً آتياً من الغرفة اجملاورة اليت أعرفها على‬ ‫أهنا ورشته اخلاصة برتكيب اآلالت‪ ،‬وهي املكان‬ ‫الذي مل يكن مسموحاً ألحد دخولهُ سواه‪ ،‬لقد‬ ‫كان صوتاً ضخماً واحداً ال غري‪ ،‬كما لو كان‬ ‫أحدهم قد لطم طاولة بيدٍ مفتوحة‪ .‬مسع‬ ‫ماكسون الصوت يف نفس الوقت وهنض وقد‬ ‫بدا عليه االنزعاج بشكل واضح‪ ،‬وهرع مسرعاً‬ ‫إىل الغرفة اليت جاء منها الصوت‪ .‬واستغربْتُ‬ ‫أن يكون يف تلك الغرفة شخصٌ آخر غريه‬ ‫ودفعين اهتمامي بصديقي – وم��ن دون‬ ‫ش��ك ب��داف��ع م��ن الفضول غ�ير ال�لائ��ق – إىل‬ ‫اإلصغاء باهتمام رغ��م أن�ني‪ ،‬يسعدني قول‬ ‫ذل��ك‪ ،‬مل أك��ن أس�ترق السمع من ثقب مفتاح‬ ‫الباب‪ .‬كانت هناك أص��وات متداخلة كما لو‬ ‫ك��ان مث��ة ع��راك أو مصارعة ب��األي��دي‪ ،‬كما‬ ‫اهتزت األرضية‪ .‬ثم مسعتُ بوضوح شخصاً‬ ‫يلهث متنفساً بصعوبة وعبارة «اللعنة عليك»‬ ‫بصوت مهموس أجش‪ .‬ثم ساد السكون‪ ،‬وعاد‬ ‫ماكسون ليظهر خارجاً من الغرفة ويقول مع‬ ‫ابتسامة تنمُّ عن االعتذار‪:‬‬ ‫«اعذرني لرتكك على هذا النحو املفاجئ‬ ‫جداً‪ .‬لدي آلة هناك فقدت صواهبا وحتالفت‬ ‫مع الشيطان يف تصرفها‪».‬‬ ‫ويف حني كانت عيناي تركزان بثبات على‬ ‫خ��ده األي��س��ر‪ ،‬وال��ذي كانت عليه آث��ار أربعة‬

‫‪ob‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫خطوط متوازية معرتضة وقد بدا حتت اجللد‬ ‫املكشوطة منظر الدم‪ ،‬قلت له‪:‬‬ ‫«أمل يكن هناك من سبيل لتقليم أظافرها؟»‬ ‫كنت سأوفر علي هذه املالحظة التهكمية إ ْذ‬ ‫إنه مل يعرها أي اهتمام‪ ،‬بل جلس يف الكرسي‬ ‫الذي تركه واستأنف حديثنا بعد املقاطعة كما‬ ‫لو أنَّ شيئاً مل حيدث‪.‬‬ ‫«مم��ا ال شك فيه أن��ك ال تتفق مع أولئك‬ ‫(لست حباجة إىل تسميتهم أمامك وأنت بذاك‬ ‫القدر من العلم الذي أعرف) الذين قالوا يف‬ ‫تعاليمهم إنَّ كل مادة واعية وإن كل ذرة كائن‬ ‫واع تنبض باحلياة واألحاسيس أما أنا فأجيب‪:‬‬ ‫ال يوجد شيء امسه مادة ميتة أو جامدة‪ ،‬كل‬ ‫ش��يء ح��يّ‪ ،‬كلها مفطورة بالقسوة الفعلية‬ ‫والكامنة‪ ،‬كلها حساسة لنفس القوى يف بيئتها‬ ‫وعرضة لإلصابة بالعدوى من امل��واد األعلى‬ ‫واألرقى اليت تسكن يف متعضيات أرفع مقاماً‬ ‫ميكن أن يكون هلا صلة هبا‪ ،‬كمواد اإلنسان‬ ‫عندما يقوم بقولبتها وتشكيلها بصورة آلة‬ ‫وفق إرادته‪ .‬إهنا متتص شيئاً من ذكائه وغايته‬ ‫– وأكثرها يَكون متناسباً مع التعقيد الذي‬ ‫تكون عليه اآللة الناجتة ومع عملها‪.‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪-4‬‬‫أَوَتذكرُ تعريفَ هربرت سبنسر لـ (احلياة)؟‬ ‫لقد قرأته قبل ثالثني عاماً‪ .‬رمبا يكون قد‬ ‫غيَّره بعدها‪ ،‬ال أعرف متاماً‪ ،‬لكن طوال هذه‬ ‫الفرتة كنت عاجزاً عن التفكري يف كلمة واحدة‬ ‫ميكن تغيريها أو إضافتها أو على حنو مفيد‬ ‫التعريف‪ .‬يبدو يل أنه ليس التعريفَ األفضل‬ ‫بل التعريفُ املمكنُ الوحيد‪.‬‬ ‫(احلياة) كما يقول ‪ :‬هي جمموعة حمددة‬ ‫من التغيُّرات غريبة املنشأ حت��دث يف وقت‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪159‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬

‫واح��د ومتتابع بالتجاوب مع التعايشات‬ ‫والتتابعات اخلارجية‪.‬‬ ‫قلت له‪( :‬ذلك يعرّف الظاهرة‪ ،‬لكنه ال يقدِّم‬ ‫أي إشارة على سببها‪).‬‬ ‫أجابين‪ :‬ذلك هو كل ما ميكن ألي تعريف‬ ‫أن يقدمه‪ .‬فكما يشري (ميل) حنن ال نعلم شيئاً‬ ‫عن السبب عدا عن أنه يأتي سابقاً – وال عن‬ ‫التأثري عدا عن كونه يأتي الحقاً‪ .‬يف بعض‬ ‫الظواهر ال يقع أحدمها دون اآلخر وهو أمر‬ ‫متباين فاألول من حيث الزمن نسميه السبب‪،‬‬ ‫والثاني التأثري‪ .‬إن من شاهد كثرياً أرنباً يركض‬ ‫هارباً أمام كلب ومل يسبق له أن رأى األرانب‬ ‫والكالب خالف ما رأى فسيعتقد أن األرنب‬ ‫هو سبب الكلب‪.‬‬ ‫وأردف م��اك��س��ون وه���و يضحك بصورة‬ ‫طبيعية‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫لكين أخشى أن يقودني أرنيب بعيدا جدا عن‬ ‫مسار حبثي املشروع‪ :‬فأنا منكبٌّ ومنغمِسٌ يف‬ ‫متعة املطاردة من أجل متعة املطاردة ذاهتا‪ .‬ما‬ ‫أريدك أن تالحظه هو أنه يف تعريف هربرت‬ ‫سبنسر للحياة‪ ،‬نشاط اآللة متضمَّن فيه –‬ ‫إ ْذ ال شيء يف التعريف ال ينطبق على اآللة‪.‬‬ ‫وفق ما يعتقده هذا الرجل وهو أدق املالحظني‬ ‫مالحظة‪ ،‬وأعمق املفكرين تفكرياً‪ ،‬إذا كان‬ ‫اإلنسان خالل فرتة نشاطه كائناً حياً فكذا‬ ‫احلال خبصوص اآللة أثناء تشغيلها‪.‬‬ ‫وباعتباري خمرتعاً ومر ِّكباً ل�لآالت فأنا‬ ‫أعلم أن ذلك حقيقي»‬ ‫لقد كان ماكسون صامتاً لوقت طويل وهو‬ ‫حي�دِّق ش��ارد الذهن يف النار‪ .‬لقد تأخر بنا‬ ‫الوقت وخطر يل أنه حان وقت ذهابي‪ ،‬لكنْ‬ ‫نوعاً ما مل أحبِّذ فكرة تركه يف ذلك املنزل‬ ‫املنعزل وحيداً‪ ،‬باستثناء وجود شخص ما‪ ،‬مل‬

‫‪ob‬‬

‫‪160‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫متض خترصاتي أبعد من الظن بأنه مل يكن‬ ‫ودياً ورمبا مؤذياً‪ .‬وبينما التفتْتُ حنوه حمدِّقاً‬ ‫بشكل ج��دي يف عينيه‪ ،‬أوم��أت بيدي خالل‬ ‫باب ورشته وقلت له‪:‬‬ ‫«م��اك��س��ون م��ن ال����ذي ف��ع��ل ب��ك ذل���ك يف‬ ‫الداخل؟»‬ ‫‪-5‬‬‫ولدهشيت‪ ،‬نوعاً ما‪ ،‬ضحك قليالً وأجاب‬ ‫دون تردد‪:‬‬ ‫ال أح��د‪ ،‬احل��ادث��ة ال�تي تتخيلها يف عقلك‬ ‫سببها هفوتي يف تركي إح��دى اآلالت تعمل‬ ‫دون أن يكون لديها ما تعمل عليه‪ ،‬وذلك بينما‬ ‫انشغلت بقيامي بتلك املهمة املطوَّلة (حتى‬ ‫السأم) يف تنوير فهمك‪ .‬هل ُقدِّرَ لك أن تعرف‬ ‫بأنَّ الوعي هو خملوق االنتظام؟‬ ‫(أ ُ ٍّف من كليهما!) أحببته ناهضاً ممسكاً‬ ‫مبعطفي‪( .‬سأمتنى لك ليلة طيبة‪ ،‬وأملي أن‬ ‫تضع تلك اآلل��ة اليت تركتها تعمل عن غفلة‬ ‫منك قفازيها يف املرة القادمة عندما تفكر أنه‬ ‫من املفيد إيقافها عن العمل‪)..‬‬ ‫ودون أن أنتظر مالحظة ت��أث�ير عبارتي‬ ‫األخرية‪ ،‬غادرت املنزل‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كان املطر ينهمر‪ ،‬وكان الظالم حالكا‪ .‬يف‬ ‫السماء وراء قمة إحدى التالل اليت تلمستُ‬ ‫طريقي حنوها مبحاذاة أرصفةٍ غري مستقيمة‪،‬‬ ‫وعربَ ش��وارعَ موحلة غري معبدة‪ ،‬كان بوسعي‬ ‫أن أرى أضواء املدينة اخلافتة‪ ،‬لكنْ خلفي مل‬ ‫يظهر شيء فيما خال نافذة واحدة من منزل‬ ‫ماكسون‪ .‬لقد كانت اإلض��اءة تتوهج كما لو‬ ‫غامض ينذر بالسوء‪.‬‬ ‫كانت تنمُ عن معنىً‬ ‫ٍ‬ ‫كنت أعلم أهن��ا كانت فتحة دون ستائر يف‬ ‫ورشة صديقي‪ ،‬وكان عندي قليل من الشك‬ ‫بأنه عاد الستئناف الدراسات اليت قاطعتْها‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫واجباته كأستاذ يل يف م��ادة (ال��وع��ي اآليل خفية رفعتين ومحلتين يف اهلواء‪.‬‬ ‫وأبوة االنتظام)‪ .‬بصورة غريبة‪ ،‬وإىل درجة ما‬ ‫‪-6‬‬‫مرحة‪ ،‬كما بدت يل قناعاته يف ذاك الوقت‪ ،‬مل‬ ‫مستسلماً لدافع االستضاءة باملزيد من‬ ‫أستطع أن أجرِّد نفسي متاماً من الشعور بأن‬ ‫هلا صلة مأساوية بشكل ما حبياته وشخصيته نور علمه وهو الذي ِبتُّ اعرتف به اآلن معلماً‬ ‫وعي‬ ‫– ورمبا مبصريه – رغم أنه مل يُعد يُخاجلين ومرشداً يل‪ ،‬وجدتُ نفسي التفتُ دون‬ ‫ٍ‬ ‫ذلك التصور بأهنا كانت أوهام عقل مريض‪ .‬منّي‪ ،‬وتقريباً قبل أن أدرك أني فعلت ذلك‪،‬‬ ‫ومهما دارت الظنون حول آرائه فقد كان شرحه وج���دت نفسي م��رة أخ���رى عند ب��اب منزل‬ ‫هلا منطقياً إىل درجة تفوق احلد الالزم لذلك‪ .‬ماكسون‪ .‬كنت غ��ارق�اً مبياه املطر لكنّي مل‬ ‫وتارة تلو أخرى كانت كلماته األخرية ترتدد يف أشعر باالنزعاج وللهفيت للقائه مل أمتكن من‬ ‫مسمعي‪( :‬الوعي هو خملوق االنتظام)‪ ،‬ومع العثور على زر جرس الباب‪ ،‬فعمدت غريزياً‬ ‫تلك العبارة الصرحية واملوجزة‪ ،‬ها أنذا اآلن للعثور على مقبض ال��ب��اب‪ .‬أدرت املقبض‪،‬‬ ‫أجدها مغرية بصورة ليس هلا ح��دود‪ .‬فمع وبينما أنا يف الداخل صعدت الدرج قاصداً‬ ‫كل مرة كانت ترتدد يف مسمعي كانت تتوسع الغرفة ال�تي كنت فيها قبل قليل‪ .‬ك��ان كل‬ ‫يف املعنى وتتعمق يف الداللة‪( .‬وأخذت أفكر) شيء مظلماً والسكون خميّماً‪ ،‬وكما ظننت‪،‬‬ ‫ملاذا؟ يوجد هنا شيء ميكن أن يكون أساساً كان ماكسون يف الغرفة اجملاورة – أي ورشة‬ ‫تُبنى عليه إح��دى الفلسفات‪ .‬لو كان الوعي تركيب اآلالت‪ .‬تابعت ملتمساً طريقي على‬ ‫نتاج االنتظام‪ ،‬عندها تكون كل األشياء واعية طول اجل��دار حتى وصلت إىل الباب املؤدي‬ ‫إ ْذ إنَّ جلميعها حركة‪ ،‬وكل حركة منتظمة‪ .‬إليها‪ ،‬فقرعته بقوة عدة مرات لكن مل أتلقَّ أيّ‬ ‫تساءلت إذا م��ا ك��ان ماكسون ي��ع��رف داللة ردّ‪ ،‬وهو ما اعتقدت أنه بسبب هزيم الرعد يف‬ ‫واتساع تفكريه – مدى تعميمه اهلام جداً‪ ،‬أو إذ اخلارج حيث كانت صواعقه تتطاحن يف حني‬ ‫كان قد توصل إىل اعتقاده الفلسفي عن طريق كانت الريح اهلوجاء ترش املطر املنهمر بغزارة‬ ‫على اجل���دران الرقيقة‪ .‬ك��ان املطر يسقط‬ ‫املالحظة املتعرج واملتشكك؟‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫لقد كان ذاك االعتقاد جديدا عليّ آنئذٍ‪ ،‬يف مدرارا وبصوت مرتفع على السقف اخلشيب‬ ‫حني أخفقت كافة تفاسري ماكسون وشروحاته ذي القطع املرتاكبة يغطي الغرفة اليت ال سقف‬ ‫يف محلي على االقتناع بأفكاره‪ ،‬لكنّي اآلن أرى هلا‪ .‬مل يسبق أن دعاني ماكسون للدخول إىل‬ ‫األمر وكأن ضوءاً كبرياً كان يغمرني بأشعته؛ الورشة‪ ،‬والواقع أنين مُنِعْتُ من ذلك كما مُنِع‬ ‫وهناك يف العاصفة والظلمة والوحدة مررت كل اآلخرين‪ ،‬عدا شخص واح��د‪ ،‬وهو عامل‬ ‫بتلك التجربة اليت أمساها ‪( Lewes‬التنوع ماهر يف جمال املعادن مل يكن أحد يعرف عنه‬ ‫واملتعة الالمتناهية للتفكري الفلسفي) لقد شيئاً باستثناء أن امسه كان هايل وأن عادته‬ ‫استطارني شعور جديد باملعرفة وزهوٌّ جديد الكتمان‪.‬‬ ‫لكن ومع جذيل الروحي إىل حدّ االستطارة‪،‬‬ ‫باملنطق‪ .‬أحسست أنَّ قدمي كانتا بالكاد‬ ‫تلمسان األرض؛ كان األمر كما لو أن أجنحة ذهب تع ُّقلي وكياسيت كالمها طي النسيان‪،‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪161‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬

‫وقمت بفتح الباب‪ .‬وما شاهدتُه اجتثَّ منّي‬ ‫َّ‬ ‫كل حتدُّساتي الفلسفية يف احلال‪.‬‬ ‫كان ماكسون جيلس مبواجهيت يف اجلهة‬ ‫األبعد من طاولة صغرية عليها مشعة واحدة‪،‬‬ ‫كانت تنثر كل ما يف الغرفة من ضياء‪.‬‬ ‫وقبالة ماكسون ك��ان شخص آخ��ر جيلس‬ ‫وظهره مبواجهيت‪ .‬وعلى الطاولة بني االثنني‬ ‫كانت هناك رقعة شطرنج‪ ،‬فقد كان الرجالن‬ ‫يلعبان‪ .‬مل أكن أعرف الكثري عن لعبة الشطرنج‪،‬‬ ‫لكنْ ملَّا كان عدد القطع املوجودة على الرقعة‬ ‫قليالً‪ ،‬فقد كان واضحاً أنَّ اللعبة كانت على‬ ‫وشك االنتهاء‪ .‬مل يكن ماكسون مهتماً بشكل‬ ‫كبري باللعبة كما بدا يل‪ ،‬بقدر ما كان اهتمامه‬ ‫منصباً على خصمه يف اللعبة‪ ،‬إ ْذ كان حيملق‬ ‫فيه بنظرة مر َّكزة جداً‪ ،‬ورغم أني كنت أقف‬ ‫م��ب��اش��رة يف خ��ط ن��ظ��ره إ َّال أن��ه مل يالحظ‬ ‫وجودي على اإلطالق‪ .‬بالنسبة إىل خصمه مل‬ ‫يتسنَّ يل إ َّال أن أرى ظهره‪ ،‬لكنَّ ذلك كان كافياً‬ ‫إ ْذ مل يكنْ عليَّ أنْ أهتم برؤية وجهه‪.‬‬ ‫وعلى ما بدا يل مل يتجاوز ارتفاعه مخسة‬ ‫أق���دام بينما كانت أب��ع��اد جسمه أق��رب إىل‬ ‫الغوريال – فقد كان عريض املنكبني إىل حد‬ ‫كبري‪ ،‬برقبة مسيكة قصرية‪ ،‬ورأس عريض‬ ‫قصري وثخني ل��ه شعر أس��ود متشابك على‬ ‫قمته قلنسوة قرمزية‪ ،‬أما لباسه فكان عبارة‬ ‫عن رداء كهنوتي طويل من نفس اللون مشدود‬ ‫على جسمه حتى اخلصر ويصل حتى املقعد –‬ ‫على ما يبدو أنه صندوق – والذي كان جيلس‬ ‫عليه‪ ،‬يف حني مل تظهر رجاله وال قدماه‪ ،‬وبدا‬ ‫أن ذراعه اليسرى كانت على حضنه على حني‬ ‫كان حيرك قطعة على الرقعة بيده اليمنى‬ ‫وال�تي ب��دت طويلة بشكل غ�ير متناسب مع‬ ‫جسمه‪.‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪162‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪-7‬‬‫ً‬ ‫ان��ك��م��ش�تُ ع��ل��ى نفسي م�تراج��ع �ا للوراء‬ ‫وأصبحتُ أقف بوضعية تواجه الباب قليالً‬ ‫لكن يف الظل‪ .‬لو أنَّ ماكسون ألقى بنظره أبعد‬ ‫من وجه خصمه فرمبا مل يكن ليقع بصره على‬ ‫شيء إ َّال الباب املفتوح‪ .‬شيءٌ ما منعين سواء‬ ‫من الدخول أو الرتاجع‪ ،‬إحساس – مل أعرف‬ ‫كيف خامرني – بأنين كنت يف حضور مأساة‬ ‫على وشك احلدوث‪ ،‬وأنين قد أفيد صديقي‬ ‫باملكوث‪ .‬ومع شعور واع بالكاد بالتمرد ضد‬ ‫تصريف هذا الذي يفتقر إىل احتشام السلوك‪..‬‬ ‫بقيت مكاني‪.‬‬ ‫ك��ان حتريك القطع على الرقعة سريعا‪ً،‬‬ ‫ماكسون كان يرمق بالكاد الرقعة قبل أن يقوم‬ ‫حبركاته‪ ،‬وبدا لعيين اليت تفتقر للخربة أنه كان‬ ‫حيرك القطعة األقرب إىل متناول يده حيث‬ ‫كانت حركاته ‪-‬وهو يفعل ذلك‪ -‬سريعة وتتسَّم‬ ‫بالتوتر وتعوزها الدّقة‪ .‬أمَّا ردة فعل خصمه‪،‬‬ ‫رغم أهنا كانت متكافئة يف سرعة االستهالل‬ ‫فقد كانت تتم بتحريك بطيء آيل‪ ،‬على وترية‬ ‫واح���دة‪ ،‬ب��ل وكما ب��دا يل حتريكاً مسرحياً‬ ‫للذراع‪ ،‬كان امتحاناً عسرياً ومُمِضاً لصربي‪.‬‬ ‫لقد كان هناك شيء غريب يف كل ما جيري‬ ‫وشعرت بالقشعريرة تسري يف أوصايل‪ .‬لكين‬ ‫كنت مبتالً وأشعر بالربد‪ .‬بعد مرتني أو ثالث‬ ‫مرات من حتريكه إلحدى القطع كان الشخص‬ ‫الغريب حيرك رأسه قليالً ويف كل مرة كنت‬ ‫أالحظ أن ماكسون كان حيرك مَلِكه‪.‬‬ ‫وب���دون س��اب��ق إن���ذار خ��اجل�ني ت��ص��ور بأن‬ ‫الرجل كان أبكم أعجم‪ .‬وبعدها خطر يل أن‬ ‫يكون الرجل آل��ة – أي الع��ب شطرنج آيلّ!‬ ‫وعندها تذكرتُ أنه يف إحدى املرات حدَّثين‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫ماكسون عن اخرتاعه مثل هذه القطعة اآللية‬ ‫رغم أنين مل أفهم أنه انتهى من تركيب مثل‬ ‫هذه اآللة بالفعل‪ .‬هل كان كل هذا احلديث‬ ‫عن وعي وذك��اء اآلالت جمرد متهيد لعرض‬ ‫اجلهاز يف هناية املطاف – جمرد حيلة لتكثيف‬ ‫تأثري أدائها امليكانيكي يفّ‪ ،‬يف جهلي للسرّ‬ ‫الكامن فيها؟‬ ‫لقد كانت هذه أشبه بنهاية منحدرة من‬ ‫بني كل نشواتي الفكرية كانت‪ ..‬تنوعي ومتعيت‬ ‫الالمتناهية من التفكري الفلسفي!» كنت على‬ ‫وشك االنسحاب يغمرني شعور باالمشئزاز‬ ‫عندما حدث شيء أثار فضويل‪.‬‬ ‫لقد الحظت اآليلّ يهز كتفيه هزة استهجان‬ ‫كما ل��و أن��ه أح��سَّ باالمتعاض‪ :‬وك��ان األمر‬ ‫طبيعياً للغاية – بل إنسانياً بالكامل – حتى‬ ‫إنه مع نظرتي اجلديدة للمسألة أجفلين‪ .‬ومل‬ ‫ينته األمر عند ذلك‪ ،‬إذ بعد هنيهة قام بضرب‬ ‫الطاولة حبدة بيده املقبوضة‪.‬‬ ‫وعند هذه احلركة بدا ماكسون أكثر خوفاً‬ ‫مين فقد دفع كرسيّه قليالً إىل الوراء كما لو‬ ‫كان يف حالة شعور بالفزع‪.‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪-8‬‬‫وبينما ك��ان دور ماكسون يف اللعب‪ ،‬رفعَ‬ ‫يده عالياً فوق رقعة الشطرنج حبركة واثبة‬ ‫من يديه فوق إحدى قطعه مثل حركة الصقر‬ ‫اخلاطفة وهنض بسرعة على قدميه وهو يقول‬ ‫«ك��ش م��ات» ثم خطا إىل ال��وراء واقفاً خلف‬ ‫كرسيه‪ .‬أما الرجل اآليل فتسمَّر يف مكانه دون‬ ‫أن حيرك ساكناً‪.‬‬ ‫يف تلك اللحظات كانت الريح قد هدأت‪،‬‬ ‫لكين كنت أمسع خالل فواصل متقطعة آخذة‬ ‫يف التناقص دويّ ال��رع��د ال���ذي ك��ان يهزم‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫بصوت يرتفع باستمرار‪ .‬وخالل فرتات السكون‬ ‫املتناوبة أصبحت أشعر بطنني خافت أو بأزيز‬ ‫ك��ان ي���زداد م��ن حلظة ألخ���رى ويصبح أكثر‬ ‫وضوحاً مثل صوت الرعد‪ .‬بدا الصوت آتياً‬ ‫من داخل جسم الرجل اآليل‪ ،‬وكان من املؤكد‬ ‫أن��ه ص��وت دوران مسننات‪ .‬لقد جعلين ذلك‬ ‫أحس باالنطباع أن هناك خلالً ما يف آليّة ما‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫واملنظمة‬ ‫خرجت عن نطاق السيطرة الكاحبة‬ ‫ال�تي يؤديها أح��د األج��زاء ال�تي تقوم بوظيفة‬ ‫التحكم – وهو ما يشبه األمل الناتج فيما لو‬ ‫مت دفع السّقاطة (الدُّقرة) عنوة‪ ،‬من مسننات‬ ‫دوالب مسنّنٍ بس ّقاطات (د ِّق��رات)‪ .‬لكن وقبل‬ ‫أن يكون ل��دي متسعٌ من الوقت للمزيد من‬ ‫التحديس يف طبيعة اخللل اسرتعت انتباهي‬ ‫تلك احلركات الغريبة اليت كان يقوم هبا الرجل‬ ‫اآليل‪ .‬لقد بدا أنه بات حتت رمحة اضطراب‬ ‫تشنجي بسيط‪ ،‬لكنه مستمر يف ذات الوقت‪.‬‬ ‫لقد كان جسمه ورأسه يتحركان باهتزاز عنيف‬ ‫مثل رجل مصاب بشلل ارتعاشي قاهر أو بنوبة‬ ‫برد قشعريرية‪ .‬وكانت تلك احلركة االهتزازية‬ ‫تسري شيئاً فشيئاً يف هيكله حتى بات جسمه‬ ‫كله يرجتف وخيتلج بشدة‪ .‬وفجأة وثب على‬ ‫قدميه‪ ،‬وحبركة تكاد تكون أسرع من ملح البصر‬ ‫مد ذراعيه على امتدادمهاَ لألمام فوق الطاولة‬ ‫والكرسي‪ -‬متاماً كوضعية واندفاع الغوّاص‪.‬‬ ‫ح��اول ماكسون أن يقذف بنفسه إىل الوراء‬ ‫بعيداً عن متناول الرجل اآليل‪ ،‬لكنه تأخر كثرياً‬ ‫يف ذل��ك‪ :‬فقد رأي��ت يد ذاك الشيء الفظيع‬ ‫تقبض على عنقه يف حني كانت يدا ماكسون‬ ‫متسكان برسغي اآليلّ‪ .‬وبعدها ُقلبت الطاولة‬ ‫رأساً على عقب وقذفت الشمعة حنو األرض‬ ‫فانطفأت وح��ل ظ�لام دام���س‪ .‬غ�ير أن جلبة‬ ‫ال��ع��راك كانت واضحة بشكل مريع‪ ،‬واألكثر‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪163‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬

‫إثارة للهلع يف كل ذلك كانت أصوات الصرير‬ ‫األجش وحشرجات الرجل املخنوق الذي كان‬ ‫جياهد من أجل أن يتنفس‪ .‬وما كان منّي إ َّال‬ ‫أن أسرعت مهتدياً بصوت العراك اجلهنمي‬ ‫إىل جندة صديقي‪ ،‬لكين ما كدت أخطو خطوة‬ ‫بصعوبة يف العتمة حتى أخذت الغرفة بكاملها‬ ‫تشتعل بضوء ساطع مبهر‪ ،‬تغلغل يف عقلي‬ ‫وذاكرتي حافراً بسطوعه املتّقد صورة حيّ ًة ال‬ ‫متحى للمتقاتِلَيْن على األرض‪،‬‬ ‫م��اك��س��ون حت��ت اآليلّ‪ ،‬يف ح�ين ال يزال‬ ‫حنجوره بقبضة تلك اليدين احلديديتني ورأسه‬ ‫مدفوعاً للخلف بقوة‪ ،‬وعيناه جاحظتني‪ ،‬وفمه‬ ‫مفتوحاً باتساع‪ ،‬ولسانه خارجاً من فيه‪ ،‬ويف‬ ‫تناقض خميف! رمس��ت على الوجه املطلي‬ ‫لقاتله تعابري اهل��دوء والتفكري العميق كما لو‬ ‫كان العباً وجد حالًّ ملشكلة يف لعبة شطرنج!‬ ‫هذا كل ما الحظته‪ ،‬ثم غرق بعدها كل شيء‬ ‫يف ظالم وسكون تام‪.‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫سبب اندالع احلريق ومصدره يلفه شيء من‬ ‫الغموض كذلك‪ .‬يف تصُّوري اخلاص أن املنزل‬ ‫تعرَّضَ لضربة صاعقة‪».‬‬ ‫ «وماذا عن ماكسون»‪.‬‬‫ «لقد دُفن البارحة ‪..‬ما بقي منه‪».‬‬‫بدا يل أن هذا الشخص الكتوم ميكنه أن‬ ‫يكشف عن مكنون نفسه عندما يكون اخلطب‬ ‫جَلَالً‪ .‬بعد بعض اللحظات من املعاناة العقلية‬ ‫احلادة غامرت وطرحت سؤاالً آخر‪:‬‬ ‫ «من أنقذني؟»‬‫ «حسناً إذا ك��ان ذاك يهمك – أن��ا من‬‫أنقذك‪».‬‬ ‫ «أشكرك سيد هايل‪ ،‬وعسى أن يباركك‬‫اهلل ألجل ذلك‪ .‬هل قمت‪ ،‬أيضاً‪ ،‬بإنقاذ ذلك‬ ‫الشيء األخاذ الذي جاء نتاج مهارتك‪ ،‬العب‬ ‫الشطرنج اآليل الذي قتل خمرتعه؟»‬ ‫صمت الرجل فرتة طويلة من الزمن مشيحاً‬ ‫ببصره بعيداً مين‪ .‬ثم التفت إيلَّ وقال بنربه‬ ‫هادئة وقورة‪:‬‬ ‫ «وهل تعرف ذلك؟»‬‫أجبته‪:‬‬ ‫ «أجل‪ ..‬رأيت ذلك منتهياً»‬‫ك��ان ذل��ك قبل س��ن��وات طويلة مضت‪ .‬لو‬ ‫سألين أحدهم اليوم فعليَّ أن أجيب عن ذلك‬ ‫بصورة اقل تأكيداً‪».‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪-9‬‬‫ب��ع��د ث�لاث��ة أي����ام اس��ت��ع��دت وع��ي��ي يف‬ ‫املستشفى‪ .‬وبينما كنت اسرتجع شيئاً فشيئاً‬ ‫ذكرياتٍ تلك الليلة الفظيعة يف عقلي املشوش‬ ‫تعرفت على الشخص املوجود جبوار سريري‬ ‫– وكان العام َل املؤمتن على أسرار ماكسون‪،‬‬ ‫(ه��ايل)‪ .‬وحاملا رآن��ي أرمية بنظرة أقبل إيلَّ‬ ‫مبتسماً‪ .‬استجمعت قواي وجنحت يف آن أقول‬ ‫له خبفوت بضع كلمات‪:‬‬ ‫«أخربني عن كل املسألة» كل شيء‪»..‬‬ ‫«بالتأكيد» أجاب هايل‪« :‬لقد حُمِلْتَ إىل هنا‬ ‫فاقداً وعيك من منزل حمرتق‪ ،‬منزل ماكسون‪.‬‬ ‫ال أحد يعرف كيف ومل��اذا كنت هناك‪ .‬رمبا‬ ‫عليك أن ت��ق��دم بعض ال��ت��ف��س�يرات‪ ،‬كما أن‬

‫‪ww‬‬

‫‪164‬‬

‫* لويس‪ ،Lewes :‬جورج هنري لويس‬ ‫(‪ )1878 - 1817‬ناقد وكاتب إنكليزي‬ ‫كتب يف الفلسفة‬ ‫* هربرت سبنسر‪ :‬فيلسوف انكليزي‬ ‫(‪.)1903 – 1820‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫تأليف‪ :‬أ‪ .‬غربو ْفسكي‬ ‫ترمجة‪ :‬د‪ .‬عمر أل ُتنجي‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫املالم يف كل شيء هو بيزْخفوسيت (ترمجة‬ ‫اللقب‪ :‬عديم الذيل‪ .‬ع‪.‬أ)‪ .‬لقد خطرت على باله‬ ‫فكرة التمتع بصيد السمك‪ ،‬وقد جنح يف إقناع‬ ‫الباقني‪.‬‬ ‫كانت مركبتنا الفضائية قد قامت بطلعة‬ ‫احل��راس��ة امل��ع��ت��ادة يف قطاعها‪ :‬البلطيق –‬ ‫مالخوفكا – أرض الشمال‪ .‬أما املغزى من مثل‬ ‫هذه الطلعات فهذا ما مل نكن نعرفه‪ .‬الشيء‬ ‫الوحيد الذي كان يعرفه كل منا بكل تأكيد هو‬ ‫أنه مل يكن يتوجب علينا إقامة اتصال مع سكان‬ ‫األرض يف أي حال من األحوال‪.‬‬ ‫هكذا كانت األوام���ر‪ ،‬ومل يكن أح��د ينوي‬ ‫خمالفتها‪ ،‬رغ��م أننا كنا نعرف بامتياز لغة‬ ‫وعادات قطاعنا‪.‬‬ ‫كان يتوجب على معارفنا أن تكون مفيدة لنا‬ ‫حني الدخول يف عصر االتصاالت املفتوحة‪.‬‬ ‫ومل يكن يف علم أحد متى سيبدأ هذا العصر‪.‬‬ ‫يف اللحظة املناسبة ستعطي اآللة الكبرية األمر‪،‬‬ ‫وهي تعرف كل شيء‪...‬‬ ‫وهكذا‪ ،‬قال بيزْخفوسيت إنه يعرف مكاناً‬ ‫رائعاً حيث يوجد الكثري من السمك وال يوجد‬ ‫أن��اس أب���داً‪ .‬وي��ب��دو أن��ه ح��ط هناك يف العام‬ ‫املاضي‪ ،‬وكان كل شيء بديعاً‪ .‬الكالم كان يدور‬ ‫حول خليج ما ضيّق يف منطقة حبرية سيليغري‪.‬‬ ‫حط قرص مركبتنا الفضي على بعد عدة‬ ‫أمتار من شاطئ البحرية‪ .‬حول املكان نَمَت غابة‬ ‫من الشجريات الطويلة‪ .‬وعلى العشب الرطب‬ ‫ك��ان يتألأل ن��دى الصباح‪ .‬ك��ان املكان موحشاً‬ ‫بالفعل‪.‬‬ ‫طلعت الشمس م��ن وراء الغابة البعيدة‪،‬‬ ‫وكانت السماء صافية‪ .‬كان من الغريب أن تفكر‬ ‫أنه ما زالت توجد يف مكان ما من هذا العامل‬ ‫الرائع معاناة وظلم وشر‪ .‬وحتى صيد السمك‬ ‫بدا يف صباح كهذا عمالً جائراً وغري الزم‪ ،‬وأنا‬ ‫مل أعد أشارك فيه‪.‬‬ ‫مشيت على طول الشاطئ وأنا أتطلع إىل املاء‬ ‫الصايف وأمتتع برؤية احلشرات الصغرية اليت‬ ‫كان بعضها يرتاكض على سطح املاء‪ ،‬وبعضها‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪165‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬ ‫‪w.‬‬ ‫‪ww‬‬

‫‪166‬‬

‫الساكنة يف كوكبنا وامتدادات الفضاء عدمية‬ ‫اآلخر كان يزحف يف القاع ببطء‪.‬‬ ‫وك��ان��ت أوراق األش��ج��ار واحلشائش مليئة احلياة‪.‬‬ ‫كنت قد عزمت على العودة حينما شعرت‬ ‫حبركة خفية‪ .‬وق��د أحسست جبمال املنظر‬ ‫الطبيعي األرض��ي إحساساً كبرياً بعد املناظر بوجود شخص ما يف اخللف‪ .‬التفتّ إىل اخللف‬ ‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫فرأيت مشهداً سأذكره طوال حياتي‪ .‬أناس كانوا‬ ‫يسريون مباشرة إىل املكان ال��ذي هبطت فيه‬ ‫مركبتنا وهم يشقون طريقهم بني الشجريات‪.‬‬ ‫الحظت بسرعة كيف أن بعض األشخاص‬ ‫ببزات العمل اندفعوا إىل باب املركبة‪ ،‬وبعد ثانية‬ ‫طار القرص‪ .‬كدت أصيح‪( :‬إىل أين؟ قفوا!)‪.‬‬ ‫وهنا بالضبط شعرت أن�ني أتنفس بصعوبة‬ ‫بسبب الركض السريع‪ .‬توقفت‪ .‬وعلى مسافة‬ ‫عدة أمتار مين وقف أناس وتكلموا حبيوية وهم‬ ‫يتطلعون إىل السماء‪.‬‬ ‫مسعت أحدهم يقول‪ - :‬هذا منطاد ألجل‬ ‫دراسة الطقس‪ .‬كانت هنالك صورة له يف جملة‬ ‫(النور)‪.‬‬ ‫ غ�ير ص��ح��ي��ح‪ ،‬أي م��ن��ط��اد! ه���ذه طائرة‬‫مروحية‪ .‬وعلى وسادة هوائية‪.‬‬ ‫ صحن طائر! ‪ -‬ص��اح أحدهم‪ ،‬وضحك‬‫اجلميع‪.‬‬ ‫فجأة رفع اجلميع رؤوسهم وراحوا ينظرون‬ ‫إىل السماء‪ .‬لقد عاد القرص‪ .‬من الواضح أهنم‬ ‫هناك اكتشفوا غيابي‪ .‬وقفت اآللة يف اجلو فوق‬ ‫اخلليج لبعض الوقت‪ ،‬ثم حتركت ببطء على‬ ‫طول الشاطئ‪ .‬أنا كنت غري مرئي من اجلو‪،‬‬ ‫ك��ان��ت ال��ش��ج�يرات حتجبين‪ ،‬واأله���م‪ ،‬أن�ني مل‬ ‫أستطع اخلروج إىل املرج وإعطاء إشارة‪.‬‬ ‫ابتعد القرص‪ ،‬لكنين كنت أعرف أنه سيعود‪،‬‬ ‫وانتظرت إىل أن يذهب الناس‪ .‬لكن الناس مل‬ ‫يكونوا ينوون املغادرة‪ ،‬بل بدا أهنم قرروا البقاء‬ ‫هنا لفرتة طويلة‪ .‬خلعوا حقائب الظهر وبدأوا‬ ‫ينصبون اخليام‪ .‬أشعلوا بعد ذلك ناراً‪ ،‬ووصلت‬ ‫إيل رائحة الدخان احملببة‪ ،‬لكنها مل متنحين‬ ‫أية متعة‪ .‬بعد هذا مل يعد الناس ينظرون إىل‬ ‫السماء‪ ،‬لكنهم لو رفعوا رؤوسهم ل��رأوا كيف‬ ‫حترك القرص ببطء ثانية فوق اخلليج على‬ ‫ارتفاع عالٍ‪.‬‬ ‫وح��ت��ى ال ي��ع��ث��ر ع��ل��ي أح����د باملصادفة‪،‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫مضيت بعيداً عن الشاطئ‪ ،‬إىل الغابة‪ ،‬وهنا‪،‬‬ ‫بني احلشائش اخلضراء‪ ،‬واألشجار العالية‪،‬‬ ‫والطيور والفراشات‪ ،‬أمضيت جل النهار‪ .‬حيث‬ ‫تبني وج��ود الكثري من التوت‪ ،‬وقد شبعت من‬ ‫احلبوب العطرة اليانعة‪ .‬ومبا أنه مل يكن لدي‬ ‫أي طعام فإن التوت كان غدائي وعشائي‪.‬‬ ‫وحينما بدأت الشمس تغرب اضطرتين قوة‬ ‫غامضة إىل التوجه إىل ذلك املكان الذي أقام‬ ‫الناس فيه‪ .‬كانوا جيلسون حول نار كبرية ويغنون‬ ‫األغاني‪ .‬وكان أحدهم يعزف على الغيتار‪.‬‬ ‫وب��ق��در م��ا ك���ان اجل���و معتماً ب���دأ اخلوف‬ ‫يتملكين‪ .‬بدا يل أن أحدهم ينظر إيل من العتمة‬ ‫نظرة ثابتة‪ ،‬وحيث أنه يراني‪ ،‬وأنا ال أراه‪ ،‬رحت‬ ‫أعاني من رعب خفي‪ .‬زحفت شيئاً فشيئاً قريباً‬ ‫جداً من النار واستلقيت على األرض جاهداً أال‬ ‫أحترك كي ال أفضح نفسي‪.‬‬ ‫ ال أذكر متى غفوت وكيف‪ ...‬صحوت ألن‬‫أحدهم ملسين من كتفي‪.‬‬ ‫ هيه‪ ،‬يا شاب! من أين أنت؟‬‫وقف الناس حويل‪ .‬فات أوان اجلري‪.‬‬ ‫قال أحدهم‪:‬‬ ‫ رمبا كان تائهاً‪.‬‬‫سأل واحد ذو حلية ونظارات‪:‬‬ ‫ سائح ؟‬‫أجبت حبزم‪:‬‬ ‫ سائح‪.‬‬‫م��اذا كان سيظن لو كنت قلت له إن أمامه‬ ‫ميكانيكي من الدرجة الثانية من املركبة ‪-UF‬‬ ‫‪ ،14‬اختصاصي خبطوط الطاقة املغناطيسية‪.‬‬ ‫من السيئ بالطبع أنين اضطررت للكذب‪ ،‬لكن‬ ‫ماذا بقي يل أن أفعل؟‬ ‫من منظر بزة عملي اليت كانت تتطاير منها‬ ‫حينما هنضت شرارات خمضرة اللون قرروا أنين‬ ‫من مجاعة الفيزيائيني‪ .‬لقد مر الفيزيائيون من‬ ‫هذه الطريق قبل يومني‪ .‬أنا مل أعرتض‪،‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪167‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫وصدق اجلميع هذا‪ .‬وقد أوضحوا بأنفسهم‬ ‫ملاذا تأخرت أنا عن اجلماعة‪ ،‬ومل��اذا مل ينتبه‬ ‫أصحابي إىل أنين تأخرت‪ .‬كنت أوافق وأنا أومئ‬ ‫برأسي وأنطق طوال الوقت بكلمة واحدة‬ ‫– (أجل)‪.‬‬ ‫ ه��ذا ي��ك��ف��ي‪ -،‬أع��ل��ن ال��ش��اب ذو اللحية‬‫والنظارات أخرياً‪.‬‬ ‫– ك��ل ش���يء واض����ح‪ .‬م��ن ل��دي��ه م��ك��ان يف‬ ‫خيمته؟‬ ‫اقرتح واحد‪:‬‬ ‫ لدى الفتيات كما يبدو‪.‬‬‫ هل تذهب إليهم ؟‬‫ً‬ ‫سألين الشاب‪ .‬بدا يل أن يف صوته شيئا ما‬ ‫يثري الشك‪ ،‬لكنين مل أفهم ما هو بالضبط‪ .‬كان‬ ‫بالنسبة يل سيان أين أنام‪ ،‬فقلت‪:‬‬ ‫ أذهب بالطبع‪.‬‬‫ّ‬ ‫ضحك اجلميع‪ .‬وأنا مخنت أنين قلت غباوة‬ ‫ما‪ ،‬ومن باب االحتياط ضحكت معهم‪ .‬وأثناء‬ ‫هذا فكرت أنين جيب أن أكون أكثر حذراً‪.‬‬ ‫وهكذا أقمت يف معسكر السياح‪ .‬عشت مثل‬ ‫اجلميع‪ ،‬وفعلت ما فعله اآلخرون‪ ،‬وجهدت أال‬ ‫أختلف يف شيء عن اآلخرين‪ .‬لكنين مل أفلح يف‬ ‫هذا دائماً‪ .‬لزمنا مرة إضرام النار‪ ،‬وأنا عرضت‬ ‫مساعدتي بال حتفظ‪ .‬مل خيطر ببايل أن سكان‬ ‫األرض ميكن أن ال يعرفوا تأثري خطوط الطاقة‬ ‫املغناطيسية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫انتقيت غصنا طويالً من إحدى األشجار‪،‬‬ ‫ووجّهته من الشمال إىل اجلنوب‪ ،‬وبعد ذلك‬ ‫دوّرت���ه بقوة ‪45‬درج���ة‪ .‬اشتعل الغصن فوراً‪.‬‬ ‫أُع� ِ‬ ‫�ج��ب اجلميع هب��ذا ك��ث�يراً‪ ،‬وراح���وا حياولون‬ ‫تكرار ما قمت به بسهولة‪ ،‬لكنهم مل ينجحوا يف‬ ‫ذلك‪ .‬أصبحوا ينادونين بالساحر‪ ،‬مل يفرحين‬ ‫هذا مطلقاً‪.‬‬ ‫بعد حادثة الغصن ب��دأ أح��د السياح يزيد‬ ‫من مراقبيت‪ ،‬وه��و شخص عَبوس وسَكوت‪.‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪168‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫وقد ضبطت نظرته املتفحصة املهتمة إيلّ عدة‬ ‫مرات‪.‬‬ ‫وم��رة ك��ان يلزمنا مجع حطب للنار‪ .‬وكان‬ ‫ي��روق�ني مج��ع احل��ط��ب‪ ،‬فكنت أول م��ن تطوع‬ ‫للذهاب إىل الغابة‪ .‬مل يعرتض أحد‪ ،‬واحد فقط‬ ‫هو هذا السَكوت قال إنين حباجة إىل مساعد‪،‬‬ ‫واقرتح نفسه مساعداً يل‪.‬‬ ‫ويف الغابة وجّه كالمه إيل وهو حييد بنظره‬ ‫جانباً‪:‬‬ ‫ ماذا تعتقد‪ ،‬إذا كانوا قد وصلوا طائرين‬‫إىل األرض‪ ،‬فمن أي��ن‪ ،‬من أي كوكب‪ ،‬أو على‬ ‫األقل من أية جمرة ؟‬ ‫انفجرت أنا ضاحكاً‪.‬‬ ‫قلت‪:‬‬ ‫ ال أحد يعلم! وهل هنالك فرق؟‬‫بدا أن هذا اجلواب مل يدهشه إطالقا‪ً.‬‬ ‫قال‪:‬‬ ‫ أن��ا أفهم‪ .‬ليس لديك احل��ق‪ .‬أن��ا أفهمك‬‫بشكل جيد جداً‪...‬‬ ‫هل حزر من أنا‪ ،‬أم ظنين شخصاً آخر؟ على‬ ‫كل حال أصبحتُ أتصرف بعد هذا احلديث‬ ‫حبذر أكرب‪...‬‬ ‫ح��ان اليوم ال��ذي ك��ان فيه على السياح أن‬ ‫يتابعوا طريقهم‪ .‬طووا خيامهم ووضعوها يف‬ ‫حقائب الظهر‪.‬‬ ‫ ماذا‪ ،‬إىل الطريق؟‬‫سألين بنشاط ذلك الشاب ذو اللحية‪ ،‬والذي‬ ‫كان قائداً هلم‪.‬‬ ‫ على األرجح‪ ،‬سأبقى‪ .‬قلت هذا‪ ،‬وأنا غري‬‫واثق كثرياً من النجاح‪ .‬وبالفعل‪ :‬ما إن مسعوا‬ ‫جوابي حتى ضج اجلميع من حويل‪.‬‬ ‫صاح أحدهم‪:‬‬ ‫ يا شباب! لقد فقد عقله!‬‫ يريد أن يصبح روبنسون كروزو!‬‫‪ِ -‬جدوا له جزيرة !‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫ يلزمنا رفقة فوراً !‬‫ ال يلزمنا‪ ،‬بل تلزمنا !‬‫صخب‪ ،‬قهقهات‪ ،‬مرح‪ .‬حاولت إقناعهم بأن‬ ‫مجاعيت سوف تعود قريباً وسأقابلها هنا‪ .‬لكن‬ ‫هذا أثار استغراهبم أكثر‪.‬‬ ‫ ه��ل أن��ت م��ري��ض؟ مجاعتك تتقدم عرب‬‫الطريق الرابع!‬ ‫هذا يعين أن اجلماعة لن متر من هنا‪.‬‬ ‫مل يسمحوا يل بالطبع أن أبقى‪ .‬سرنا عرب‬ ‫ممر الغابة‪ ،‬وأن��ا كنت أحفظ الطريق‪ .‬وأثناء‬ ‫توقفنا يف الليل هربت‪ .‬شعرت باخلجل‪ ،‬وأنا‬ ‫مل أشعر باخلجل يوماً يف حياتي قبل هذا‪ ،‬لكن‬ ‫مل يكن باليد حيلة‪ .‬فأنا مل يكن لدي احلق يف‬ ‫توضيح من أكون‪.‬‬ ‫أمضيت اليوم بطوله على الشاطئ املوحش‪،‬‬ ‫وأنا أتطلع إىل السماء بال توقف‪ .‬ويف املساء‬ ‫ظهر سياح‪ .‬غريهم‪ ،‬غري معروفني يل‪ .‬انتشرت‬ ‫اخليام ثانية على الشاطئ‪ ،‬ويف مكان النار‬ ‫املنطفئة شبت نار جديدة‪.‬‬ ‫أق��م��ت معهم أرب��ع��ة أي���ام‪ ،‬وحينما قرروا‬

‫املغادرة وصلت جمموعة أخرى‪ .‬تكرر هذا عدة‬ ‫مرات‪ ،‬إىل أن فهمت أن من الغباوة البقاء هنا‪.‬‬ ‫وأصدقائي هناك‪ ،‬يف األعلى‪ ،‬يبدو أهنم فقدوا‬ ‫أي أمل يف إجيادي‪ .‬وطوال هذه األيام شاهدت‬ ‫قرص املركبة مرة واحدة فقط‪ .‬مر على ارتفاع‬ ‫عا ٍل واختفى‪.‬‬ ‫حينما ظ��ه��رتُ أخ�ي�راً يف امل��رك��ز السياحي‬ ‫كانت اجملموعة األوىل هناك – أولئك الذين‬ ‫مل يسمحوا يل بالبقاء على الشاطئ وانتظار‬ ‫أصدقائي‪ .‬كانوا معي باردين‪ .‬وحلسن احلظ‬ ‫أهنم غ��ادروا يف اليوم نفسه‪ ،‬ومل أص��ادف أي‬ ‫واحد منهم منذ ذلك احلني‪.‬‬ ‫أنا أعيش اآلن يف موسكو‪ .‬أكسب عيشي من‬ ‫كتابة قصص ما يسمى أدب اخليال العلمي‪.‬‬ ‫أك��ت��ب عما سنحت يل رؤي��ت��ه ومعايشته يف‬ ‫الفضاء‪.‬‬ ‫واجملالت تتقبل (ختيالتي) عن طيب خاطر‪،‬‬ ‫وقد بدأت أخشى أن أتعود على احلياة اجلديدة‪،‬‬ ‫وأن أصبح كاتباً حمرتفاً‪ ،‬وأن أنسى يوماً أن‬ ‫مكاني هو بني أعضاء طاقم املركبة ‪.14-UF‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪169‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬ ‫‪w.‬‬ ‫د‪ .‬حممّد حاج صاحل‬

‫‪ww‬‬

‫‪170‬‬

‫إن م��وض��وع ال��زم��ن م��ن امل��واض��ي��ع املعقدة‬ ‫وال��ت��ع��رف إل��ي��ه أم��ر أرّق العلماء والفالسفة‬ ‫واألدباء عرب التاريخ‪.‬‬ ‫سئل سان أوغستني يوماً عن الزمن وقيل إن‬ ‫إجابته تعترب أفضل تعريف للزمن ‪.‬‬ ‫قال‪ :‬ميكنين أن أدرك الزمن أما إذا سئلت‬ ‫كي أحتدث عنه فال ميكنين ذلك ‪.‬‬ ‫وهذا ال يعين هروباً بل تشويقاً لطرح بعض‬ ‫ما قيل حول الزمن‪.‬‬ ‫اآلن نتحدث ع��ن ال��زم��ن الفيزيائي قبل‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫اثين عشر شهراً كل شهر ثالثني يوماً يتبعها‬ ‫النسبية العامة إلينشتاين‪.‬‬ ‫وه��و م��ان��دع��وه ب��ال��زم��ن األرض���ي املرتبط فاصل من مخسة أيام وهناك إمجال ‪ 4/1‬يوم‬ ‫باألرض والشمس‪ .‬ولقد قسمه العلماء إىل‬ ‫بالسنة يؤدي إىل انزالق وبعد ألف عام سنرى‬ ‫ اليوم دوران األرض حول نفسها ( شروقني تراكم ( الثلج يف آب )‬‫متتاليني )‬ ‫ السنة دوران األرض حول الشمس دورة‬‫التقويم احلويل اجلولياني‬ ‫كاملة‬ ‫حل ه��ذا التقويم مشكلة هناك رب��ع اليوم‬ ‫الفائض ب��إدخ��ال السنة الكبيسة لكن بقيت‬ ‫التقويم الفرعوني‬ ‫هناك مشكلة أن السنة أقصر دقيقة و‪ 14‬ثانية‬ ‫التقويم الفرعوني القديم قسَّم السنة إىل ( ‪ 7‬أيام كل ‪ 1000‬سنة ) وهنا أصاب اخلطأ‬ ‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪171‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪172‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫التاريخ وحقيقة الزمن ‪ :‬الزمن املعيش الزمن‬ ‫عيد الفصح‬ ‫احملسوس‪ ،‬املغنى احملكي‪ ،‬التحليل اإليقاعي‪،‬‬ ‫تقويم البابا غريغوري‬ ‫يف عام ‪ 1582‬مت حل مشكلة تراكم االنزالق الزمن املادي‪ ،‬الزمن البيولوجي‪ ،‬الزمن النفسي‬ ‫يف التقويم اجلولياني بإسقاط السنوات الكبيسة وأقصر احلديث فيما يأتي عن الزمن الفيزيائي‬ ‫اليت تصادف أرق��ام املئات إال إذا كانت قابلة أو الزمن الكوني‪:‬‬ ‫للقسمة على أربعة‪ ،‬وتكون ‪ 2000‬كبيسة أما‬ ‫الزمن النسيب‬ ‫‪ 1700‬و‪ 1800‬و‪ 1900‬فهي غري كبيسة وحنن‬ ‫بعد النسبية اخلاصة والعامة إلنشتاين اختذ‬ ‫نستخدم اليوم النظام الغريغوري‬ ‫كيف حتدد الثانية؟ حالياً هو الزمن الذي الزمن شكالً آخر وصار بعداً مرتبطا باملكان‪.‬‬ ‫يستغرقه دوران االلكرتون حول حموره داخل ذرة وص��ار الكون له أربعة أبعاد الطول والعرض‬ ‫سيزيوم‪ ،‬واليوم صار لدينا أجهزة قياس حديثة واالرتفاع والزمن البعد الرابع‪ .‬ثم حدث تطور‬ ‫تقيس أجزاء الثانية‪ ،‬ملي ثانية = جزء من ألف على هذا املفهوم خاصة بعد نظرية الكم وصار‬ ‫ثانية‪ ،‬ميكروثانية = جزء من مليون من الثانية‪ ،‬للزمكان حسب النظرية املوحدة أو نظرية كل‬ ‫النانوثانية = ‪ 1‬من مليار من الثانية‪ ،‬البيكوثانية شيء عشرة أبعاد وهذا ماسنبحثه يف الصفحات‬ ‫= جزء من تريليون من الثانية‪ ،‬فمتوثانية = جزء القادمة‪.‬‬ ‫اآلن لنفرتض وجود عمالق يراقب البيضة‬ ‫من تريليون تريليون‪.‬‬ ‫إذاً الزمن مبعنى الوقت هو الزمن املتسلسل الكونية حلظة انفجارها ‪-‬هذه البيضة حبجم‬ ‫الذي ندركه ونتحدث عنه يف املاضي واحلاضر رأس الدبوس ‪ -‬بينما تنفجر تتباعد يف كافة‬ ‫االجتاهات ‪ ،‬والعمالق أكرب من كوننا فهو يرى‬ ‫واملستقبل ‪.‬‬ ‫وهناك أزمنة أخ��رى غري الزمن الفيزيائي حتركها ومتددها ككرة متباعدة مشكلة كوننا‬ ‫كالزمن النفسي والروائي واملوسيقي واإلحساس يف مرحلة التباعد‪ ،‬وكونه عمالقاً كبرياً فزمن‬ ‫بالزمن‪ .‬عندما أكون سعيداً مير الزمن بسرعة التباعد بالنسبة إليه أقصر من زمن التباعد‬ ‫املفرتض لدينا‪ ،‬فإذا كنا ننظر إىل أرنب يتحرك‬ ‫ويف حلظة الكآبة أشعر مبرور الزمن ببطء‬ ‫والزمن كعالمة من جم��االت بالغة التنوع‪ :‬ويف ذات الوقت كانت منلة تراقبه‪ ،‬حنن نرى‬ ‫احل���ي���اة ‪ ،‬امل��وس��ي��ق��ى ‪ ،‬ال��ف��ك��ر ‪ ،‬امل��ش��اع��ر ‪ ،‬األرنب يتحرك بسرعة رجل عادي‪ ،‬أما النملة‬ ‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫على فرض أهنا متلك وعياً فهي سرتاه يركض‬ ‫بسرعة سيارة أو صاروخ ‪.‬‬ ‫ه��ذا بالنسبة لنا أم��ا بالنسبة للمجرات‬ ‫واجملموعات الشمسية فلكل جمموعة متباعدة‬ ‫من االنفجار زمنها اخلاص هبا ‪. .‬‬ ‫لقد قسمنا ال��زم��ن األرض���ي وف��ق�اً حلركة‬ ‫األرض ح��ول الشمس ودوران األرض حول‬ ‫نفسها‪.‬‬ ‫أما يف جمموعة مشسية أخرى لساكن كوكب‬ ‫آخر يدور حول جنم ما فالزمن سيكون خمتلفاً‬ ‫عما هو يف األرض‪ .‬وسرياه ساكناً خمتلفاً عن‬ ‫رؤيتنا ومتعلقاً بالنجم الذي يدور حوله؟‬ ‫وحتى يف جمموعتنا فإن دوران كوكب املريخ‬ ‫ح��ول نفسه وح��ول الشمس خيتلف عن زمن‬ ‫دوران األرض ح��ول نفسها وح��ول الشمس‪،‬‬ ‫وبالتايل فإن طول اليوم والعام والشهر خيتلف‬ ‫عن األرض‪ ،‬وسوف يكون تقسيم العام خمتلفاً‬ ‫وك��ذل��ك ال��ي��وم وال��س��اع��ة ك��م��ا أنَّ اإلحساس‬ ‫بالزمن سيكون خمتلفاً لساكن كوكب يبعد عن‬ ‫جمموعتنا الشمسية‪.‬‬ ‫اآلن لنلقي نظرة إىل السماء س��وف نرى‬ ‫ال��ن��ج��وم بالشكل احل����ايل‪ ،‬أرج���و أال نصاب‬ ‫بالدهشة واالستغراب إذا قلت بأن رؤيتنا هلذه‬ ‫السماء غري حقيقية‪ ،‬حنن نرى مس��اءً ومهاً‪،‬‬ ‫فشكل السماء احلقيقي خمتلف عما نراه‪،‬‬

‫وحنن عندما ننظر إىل السماء اآلن لكأننا نرى‬ ‫املاضي‪ .‬وليس احلاضر‪ ،‬ف��إذا رصدنا جنماً‬ ‫يبتعد عن األرض ‪ 300‬ألف سنة ضوئية كما يف‬ ‫جمموعة املرأة املتسلسلة‪ ،‬هذا النجم اآلن ابتعد‬ ‫أكثر وبدل موقعه ورمبا حتول إىل ثقب أسود أو‬ ‫انفجر ألن ما يصلنا اآلن ضوءه الذي خيربنا عن‬ ‫وضعه قبل ‪ 300‬ألف سنة‪.‬‬ ‫أي لو رأينا معركة جتري اآلن على كوكب‬ ‫حميط هبذا النجم فهذا يعين أن هذه املعركة‬ ‫كانت جتري قبل ‪ 300‬ألف سنة واآلن وصلتنا‬ ‫ص��ورة املعركة تلك وه��ذا الكوكب مل يعد يف‬ ‫مكانه ألنه تباعد مع جمموعته النجمية اليت‬ ‫ينتمي إليها‪.‬‬ ‫ب��امل��ف��ه��وم العلمي إن س��رع��ة ال��ض��وء تبلغ‬ ‫‪ 300‬ألف كم بالثانية وهو قياس بعد األمكنة‬ ‫(الزمكان ) أو البعد الرابع ‪.‬‬ ‫وحسب النظرية النسبية كلما زادت السرعة‬ ‫تبدل الزمن‪ ،‬لنفرض أن ص��اروخ�اً اق�ترب يف‬ ‫سرعته من ‪ 200‬ألف كم ثانية أي ثلثي سرعة‬ ‫الضوء ‪ ،‬هنا سوف يصغر حجمه كثرياً وتزداد‬ ‫كتلته كثرياً ويتباطأ الزمن بالنسبة لرواد الفضاء‬ ‫داخله‪.‬‬ ‫وإذا ما كان شق توأمي يف التاسعة عشرة‬ ‫م��ن عمره حيمل ساعة بيده رك��ب على منت‬ ‫هذا الصاروخ فسوف يرى تباطؤ حركة دوران‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪173‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬ ‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪174‬‬

‫عقارب ساعته‪ ،‬وبعد أسابيع إذا ما عاد إىل‬ ‫األرض فسوف يرى شقه التوأم قد شاخ وزاد‬ ‫عمره إىل مثانني عاماً بينما بقي هو يف سنه ‪:‬‬ ‫التاسعة عشرة ‪.‬‬ ‫إن النتيجة ال�تي أثبتت صحتها فيزيائياً‬ ‫وعلمياً جتعلنا نفكر مبنطق خمتلف عن السائد‪،‬‬ ‫وقد نتساءل هل ميكننا العودة إىل املاضي؟‬

‫حسب قوانني الفيزياء احلديثة والنسبية‬ ‫والنظرية املوحدة للفيزياء (األوتار الفائقة) أو‬ ‫نظرية كل شيء‪ ،‬اليت سنتحدث عنها بعد قليل‪،‬‬ ‫ميكننا السري داخل أنفاق الديدان لنعود بالزمن‬ ‫فيزيائياً ونظرياً إىل الوراء‪ .‬وسوف نبحث هذا‬ ‫املوضوع علمياً فيما بعد‪.‬‬ ‫والسؤال هنا ماذا إذا عاد رجل بعد رحلة سري‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫إىل األم��ام حنو ال��وراء فهل سيجد نفسه‪ .‬هل‬ ‫سيصادف الرجل زمنه وناسه‪ .‬لكن ماذا لو قتل‬ ‫جده‪ ،‬كيف كان سيأتي والده ويولد هو ؟ هذا‬ ‫األمر حري عقول العلماء‪ ،‬هو خمالف للمنطق‬ ‫وللتفكري العقلي ‪ .‬وهو يطرح مسألة حساسة‬ ‫حول منطق وصحة قوانني الفيزياء‪ ،‬اليت تبدو‬ ‫صحيحة رياضياً لكنها خمالفة للمنطق والتفكري‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫األرضي‪ ،‬بعض العلماء يعتقد بأن عودة الرجل‬ ‫إىل املاضي والتقاءه بنفسه كأمنا يرى شخصاً‬ ‫آخ��ر يشاهبك مت��ام�اً لكن منفصل عنك كما‬ ‫تشاهد شق التوأم‪ ،‬لكن الميكن للمسافر عرب‬ ‫الزمن التغيري يف صريورة األحداث ألهنا وقعت؛‬ ‫وه��ذا األم��ر يبقى موضوعاً خالفياً خاضعاً‬ ‫للتكهن والتساؤالت العلمية والعقلية‪.‬‬ ‫دعونا نتساءل اآلن هل للزمن بداية وهل له‬ ‫هناية؟‬ ‫لقد حبث هذا األمر العلماء لكن املعادالت‬ ‫الرياضية والفيزيائية أثبتت وجود بداية للزمن‬ ‫بدءاً من نسبية إنشتاين العامة‪ .‬وقبل احلديث‬ ‫عنه سأحتدث قليالً عن الزمكان الذي حتدث‬ ‫عنه اينشتاين للتعرف عليه وع��ل��ى عالقته‬ ‫بالنسبية العامة ال�تي حتدثت ع��ن اجلاذبية‬ ‫وأثرها على احنناء الزمكان‪ ،‬وكيف مت التحقق‬ ‫من احنناء الزمكان؟‬ ‫عندما يأتي شعاع من جنم باجتاه املراقب‬ ‫األرض��ي‪ ،‬إذا مامر هذا الشعاع قرب الشمس‬ ‫فإنه ينحرف بالطريقة اليت حتين هبا الشمس‬ ‫الزمكان‪ .‬أي حي��رف حزمة الضوء الظاهري‬ ‫للنجم‪ ،‬فهو ب��دالً م��ن أن ي��رى يف النقطة (أ)‬ ‫موقعه املفرتض؛ فإنه يرى يف موقع آخر نقطة‬ ‫( ب ) ‪ .‬إنَّ ال��ك��ون مم��ل��وء ع���ادة مب���ادة حتين‬ ‫الزمكان‪ ،‬والكون معتمد على الزمكان وهو إما‬ ‫متمدد أو منكمش وليس ساكناً‪ .‬أي أن��ه ولد‬ ‫وتطور وسوف ينتهي وهذا ما ثبت بعد النسبية‬ ‫العامة إلينشتاين نظرياً‪ ،‬ولقد مت التحقق عملياً‬ ‫من ذلك عندما كشفت األرصاد يف عشرينات‬ ‫القرن العشرين مبرصاد ( مونت ويلسون ) أن‬ ‫الكون يتمدد ‪ :‬وكلما زاد بعد اجملرات عنا زادت‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪175‬‬


‫سرعة حركتها املتباعدة ‪.‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫ماذا يعين متدد الكون وتوسعه؟‬ ‫غ�يرت النسبية العامة النقاش ح��ول أصل‬ ‫ومصري الكون فلو كان الكون ثابتاً لكان موجوداً‬ ‫منذ األزل‪ ،‬أما وقد مت تكوينه والدة وهو اآلن‬ ‫يف شكله احل��ايل ويتباعد فهذا يعين أنه كان‬ ‫فيما مضى متكثفاً كثافة كبرية وقد أمساها‬ ‫القس الكاثوليكي جورج ليميرت بالذرة البدئية‬ ‫وهو الذي كان أول من حبث فيما نسميه اآلن‬ ‫باالنفجار الكبري‪.‬‬ ‫هذه الذرة البدئية اليت مل تكن أكرب من رأس‬ ‫الدبوس مسيت بداية بالبيضة الكونية اليت‬ ‫انفجرت فيما يسمى االنفجار الكبري لتكون‬ ‫كوننا احلايل‪.‬‬ ‫اآلن ن��ت��س��اءل م��اه��ي ماهيتها وك��م كانت‬ ‫كتلتها؟‬ ‫يف القياسات الكتلية عادة نقول‪1 :‬كغ على‬ ‫سم‪ 2‬أو على بوصة مربعة أو طن على سم‪، 2‬‬ ‫بعد اكتشافنا لألمواج اخللفية امليكروويفية هي‬ ‫بقايا األمواج اليت نتجت عن االنفجار الكوني‬ ‫الكبري وال�تي صار باإلمكان رصدها نقول أن‬ ‫الكثافة كانت‪ :‬تريليون تريليون تريليون تريليون‬ ‫تريليون طن لكل بوصة مربعة ( واح��د يتبعه‬ ‫‪ )72‬صفراً‬ ‫ولقد برهن ستيفن هوكنغ على صحة تنبؤ‬ ‫النسبية العامة بأن العامل بدأ باالنفجار الكبري‬ ‫وبالتايل فإن نظرية إينشتاين تتضمن بالفعل‬ ‫أن للزمن بداية على الرغم من أن آينشتاين‬ ‫مل يسعد هب��ذه ال��ف��ك��رة‪ ،‬كما أهن��ا تنبأت بأن‬ ‫الزمن سيصل حتماً إىل هناية بالنسبة للنجوم‬ ‫الضخمة وال�ت�ي أق��رهت��ا النسبية العامة ومل‬ ‫حيببها إينشتاين أي��ض�اً‪ ،‬ب��ل ك��ان يعتقد أهنا‬ ‫ستستقر حبالة هنائية‪ .‬لكن احلقيقة اليوم أن‬ ‫النجوم الكبرية أكثر من ضعف حجم الشمس‬ ‫ستستمر باالنكماش إىل أن تصبح ثقباً أسود‬ ‫بسبب ارتصاص مادهتا بتأثري اجلاذبية بعد‬

‫‪ob‬‬

‫‪176‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫نفاذ الطاقة منها ‪ ،‬وهنا نرى أن الزمن يصل‬ ‫للنهاية داخل الثقب األسود‪.‬‬ ‫نعود إىل البدء لنشهد مامر به تطور التفكري‬ ‫علمياً حول الزمن‪.‬‬ ‫لقد حتدثنا عن بداية الزمن لكن ما هي‬ ‫أشكال الزمان ؟‬ ‫فلسفياً كثر احلديث عن الزمان لكنه حيّر‬ ‫الفالسفة‪ :‬قال تشارلزالب يف القرن التاسع‬ ‫عشر ( ال شيء حيريني مثل الزمان واملكان )‬ ‫ومع ذلك فإن أقل ما يزعجين هو الزمان واملكان‬ ‫ألنين ال أفكر أبداً فيهما ‪.‬‬ ‫يعتقد معظم الناس أن الزمان أشيه بتيار‬ ‫ينساب حامالً معه أحالمنا وأحداث حياتنا ‪.‬‬ ‫ع��ل��م��ي�اً ت��ن��اول��ه ن��ي��وت��ن يف ك��ت��اب��ة املبادئ‬ ‫الرياضية‪.‬‬ ‫كان الزمان عند نيوتن منفصالً عن املكان‬ ‫وكأنه مسار لسكة احلديد ميتد إىل ما ال هناية‬ ‫يف االجتاهني ‪.‬‬ ‫لكن ماذا قال إينشتاين يف نظريته النسبية‬ ‫العامة الثورية؟‬ ‫ذكرنا أنَّ هذه النظرية ضمت مع أبعاد املكان‬ ‫الثالثة البعد الرابع (الزمان) لتشكل ما يسمى‬ ‫(الزمكان)‪ ،‬ودجمت تأثري اجلاذبية وتأثري توزيع‬ ‫املادة والطاقة يف الكون اليت حتين وتشوه املكان ‪،‬‬ ‫وهذا يقودنا بالتايل إىل االستنتاج بأن األجسام‬ ‫اليت تسري يف الزمكان بدل أن تسري خبطوط‬ ‫مستقيمة فإهنا تسري خبطوط منحنية بسبب‬ ‫احنناء الزمكان وكأهنا تتحرك متأثرة مبجال‬ ‫جذبوي ‪.‬‬ ‫هل ميكن أن نقرب ذلك إىل األذهان مبثال‬ ‫عملي؟‬ ‫بالطبع ميكن ذلك ‪ :‬إذا كان لدينا بساط من‬ ‫املطاط دحرجنا عليه كرة ثقيلة فإنه ينحين‪،‬‬ ‫إذا دحرجت اآلن دحل صغرية ‪ ،‬نرى أن تلك‬ ‫الدحل ال تتدحرج إىل كل جانب من الكرة خبط‬ ‫مستقيم؛ إمنا تدور حول الكرة الكبرية بالطريقة‬ ‫نفسها اليت تدور فيها الكواكب حول الشمس‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫لكن أين هي البداية؟‬ ‫دعونا اآلن نلقي نظرة إىل املاضي!‬ ‫حنن نعيش هنا يف ك��ون متسع يف قاعدة‬ ‫خمروط وحنن عندما سنعود إىل املاضي سنعود‬ ‫من قاعدة املخروط حنو الوراء باجتاه الذروة‬ ‫حيث كانت الذرة البدئية أو البيضة الكونية‪،‬‬ ‫سوف نرى مسارات أشعة منحنية مع احنناء‬ ‫ال��زم��ان حن��ن هنا ننظر ع�بر ال��زم��ن ال��ذي مت‬ ‫قياسه بـ ‪ 15‬مليار سنة إىل بعد املكان البدئي‬ ‫فالضوء هنا باالجتاه العمودي مير عرب مادة‪،‬‬ ‫هذه املادة كافية لكي حتين املكان _ الزمان ‪.‬‬ ‫إن احنناء الزمان واملكان ( الزمكان ) حيدث‬ ‫بسبب اجلاذبية للمادة اليت هلا صفة اجلذب‬ ‫وال�تي حتدث دائماً احنناء يف الزمكان حبيث‬ ‫تنحين أشعة الضوء ألهنا تعرب زمكاناً منحنياً‬ ‫عرب مادة هلا تأثري جاذب‪ .‬متكن «بنزور وستيفن‬ ‫هوكنغ» من إثبات بداية الزمن يف النسبة العامة‬ ‫رياضياً فلقد ب��دأ الزمن يف االنفجار الكبري‬ ‫وس��وف يكون ل��ه هناية عندما تنغلق النجوم‬ ‫واجمل��رات بتأثري جاذبيتها هي نفسها لتشكل‬ ‫ثقوباً سوداء‪.‬‬ ‫لقد أس��ع��دت نظرية خلق ال��ك��ون م��ن ذرة‬ ‫بدئية املتدينني إلمياهنم بوجود فعل من خلق‪.‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫وهنا يف هذا املثال أمهلنا تأثري الزمان لكنه‬ ‫يعطينا فكرة عن احنناء املكان وإن كان يف الواقع‬ ‫النسبوي ال ميكن احنناء املكان دون الزمان‪،‬‬ ‫وأط��رح ه��ذا التساؤل على سبيل االسرتاحة‪،‬‬ ‫سؤاالً أرّق الناس والعلماء ولقد توجه البعض‬ ‫به إىل القديس أوغستني‪،‬‬ ‫ ماذا كان يفعل اهلل قبل خلق الكون ؟‬‫جييب س��ان أوغستني «إن اهلل قبل خلق‬ ‫السماء واألرض مل خيلق شيء مطلقاً «‬ ‫مباذا تنبأت النسبية العامة أيضاً‪:‬‬ ‫إن النموذج الرياضي للنسبية العامة أكدت‬ ‫أو تنبأت ب��أن الكون وال��زم��ان نفسه جيب أن‬ ‫يكون له بداية وهناية‪.‬‬

‫لكن معظم الفيزيائيني يف تلك الفرتة كانوا‬ ‫ينفرون من فكرة أن يكون للزمان بداية وهناية‪،‬‬ ‫ثم أتت نظرية الكم وفيها االرتياب وعدم اليقني‬ ‫وأظهرت أن قوانني النسبية العامة اليت تتحدث‬ ‫عن احنناء املكان بالنسبية للمقاييس الكبرية‬ ‫التصح على املقاييس الصغرية ال�تي تتحدث‬ ‫عنها نظرية الكم ‪ ،‬كما سنوضح فيما بعد ‪،‬‬ ‫وأصبحنا حباجة إىل نظرية موحدة للكون أي‬ ‫نظرية تربط النسبية العامة املهتمة باألجسام‬ ‫الفائقة الكرب مع نظرية الكم املهتمة باألجسام‬ ‫الفائقة الصغر‪.‬‬ ‫لكن كيف بدأت رحلة نظرية الكم أو عامل‬ ‫األجسام الفائقة الصغر؟‬ ‫يف عام ‪ 1900‬طرح «ماكس بالنك» أن الضوء‬ ‫يأتي حبزم صغرية أمساها الكمات‬ ‫يف عشرينيات القرن العشرين «هاينزبرغ»‬ ‫صاغ مبدأ االرتياب أو عدم اليقني‪( ،‬إذا حاولنا‬ ‫حتديد موضع أحد اجلسيمات بدقة أكثر قلّت‬ ‫القدرة على قياس اندفاعه وسرعته) ‪.‬‬ ‫ب��ن��اء ع��ل��ى م��ا س��ب��ق صيغت ن��ظ��ري��ة الكم‬ ‫يف ال��ع��ش��ري��ن��ي��ات م��ن ال��ق��رن ال��ع��ش��ري��ن من‬ ‫قبل (هاينزبرغ وش��رود جنر ودي���راك) وذلك‬ ‫للمنظومات اليت هلا عدد حمدد من اجلسيمات‬ ‫ك��ال��ذرات م��ث�لاً ‪ ،‬حيث م��ب��دأ االرت��ي��اب (من‬ ‫املستحيل معرفة موقع اإللكرتون واندفاعه )‬ ‫(الكتلة*السرعة ) (ك*سر) يف آن معاً‪.‬‬ ‫وحسب _ بورن‪ :‬ميكن للميكانيك الكمومي‬ ‫أن حيسب فقط احتمال وج��ود إل��ك�ترون لكن‬ ‫الميكنه حتديد موقعه بالضبط ‪.‬‬ ‫أما دوبروي فقال) مبا أن األمواج الضوئية‬ ‫تظهر أح��ي��ان �اً خ��ص��ائ��ص جسيمية فكذلك‬ ‫اجلسيمات امل��ادي��ة ك��اإلل��ك�ترون��ات الب��د وأن‬ ‫تتصرف أحياناً كاألمواج)‪ .‬امليكانيك املوجي‪.‬‬ ‫أم��ا شرودينجر فقال بأهنا (ذرة بأمناط‬ ‫موجية من اإللكرتونات حول النواة)‪.‬‬ ‫وص��ف هاينزبرغ ال���ذرة بطريقة رياضية‬ ‫حبتة أمساها (ميكانيك املصفوفات)‪ .‬حيث هلا‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪177‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫طاقات ضمن سلسلة القيم احملدودة‪.‬‬ ‫اكتشف العلماء اجملتمعون يف بال بسويسرا‬ ‫ب��أن مايتحدثون عنه هو ش��يء واح��د أمسوه‬ ‫امليكانيك الكمومي‪.‬‬ ‫أم��ا ع��ن العنصر االرت��ي��اب��ي العشوائي يف‬ ‫نظرية الكم‪ ،‬فهو مل يعجب اينشتاين ‪.‬الذي قال‬ ‫( إن اهلل ال يلعب النرد )‪.‬‬ ‫غدت النظرية املوحدة الكربى حلم اينشتاين‬ ‫وهوكنج وه��ي النظرية ال�تي م��ن امل��ف�ترض أن‬ ‫توحد القوى الكبرية والصغرية يف الكون‪.‬‬ ‫لكن ماهي تلك القوى الكونية اليت حتتاج إىل‬ ‫التوحيد؟‬ ‫‪ - 1‬القوة الشديدة ( النووية )‬ ‫‪ - 2‬القوة الضعيفة ( النووية )‬ ‫‪ - 3‬القوة الكهربائية‬ ‫‪ - 4‬القوة املغناطيسية‬ ‫‪ - 5‬الثقالة‬ ‫ل��ق��د ج���رى ت��وح��ي��د ال��ق��وة ال��ك��ه��رب��ائ��ي��ة ‪+‬‬ ‫املغناطيسية = القوة الكهرطيسية‬ ‫ووح����دت الكهرطيسية ‪ +‬ال��ق��وة النووية‬ ‫الضعيفة = القوة الكهرضعيفة‬ ‫واآلن جتري حماولة إدخال الثقالة الفائقة‬ ‫للوصول إىل النظرية املوحدة للكون ( نظرية‬ ‫كل شيء ) اليت تتعامل مع القوى املوجودة يف‬ ‫الطبيعة ‪.‬‬ ‫يطلق البعض على النظرية امل��وح��دة اسم‬ ‫نظرية األوت��ار الفائقة‪ ،‬وهي حتوي ‪ 10‬أبعاد‬ ‫وحت��اول هذه النظرية اختصار علوم الفيزياء‬ ‫ببعض م��ع��ادالت لكي حتتل مكاهنا املناسب‪،‬‬ ‫وتعترب هذه النظرية احلل الوحيد خللق تالؤم‬ ‫بني ميكانيك الكم والنسبية العامة‪.‬‬ ‫ماذا تقول هذه النظرية باختصار؟ تتحدث‬ ‫بداية عن الكواركات لكن ماهي الكواركات؟‬ ‫لكن أين يتوسع كوننا ؟‬ ‫تتكون الذرة من نواة من الربوتون والنيرتون‬ ‫عند حدوث االنفجار الكبري أفلحت فقاعة‬ ‫حوهلا مدارات تتوضع عليه اإللكرتونات‬ ‫وكما سنرى فيما بعد فإن الربوتون والنيرتون ك��م��وم��ي��ة ص��غ�يرة بالتسلل إىل ال���ف���راغ هذه‬ ‫يتكون ك��ل منهم م��ن ثالثة ك��وارك��ات خيتلف الفقاعة خلقت فضاء جديداً له كثافة طاقية‬

‫‪ob‬‬

‫‪178‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫توضعها وشحنتها يف الربوتون عن النيرتون‪.‬‬ ‫نعود إىل نظرية األوتار الفائقة اليت تتصور‬ ‫بأن الكواركات هي هنايات قطع صغرية مطاطية‪،‬‬ ‫وهي نظرية حتتوي على التناظر الفائق‪ ،‬هنج‬ ‫مبتكر ملزاوجة الكواركات والليبتونات املعروفة‬ ‫مع جسيمات جديدة مل تكتشف بعد‪ ،‬و َّ‬ ‫مت بذلك‬ ‫م��زاوج��ة ميكانيك الكم مع نظرية اينشتاين‬ ‫الثقالية‪.‬‬ ‫أوت��ار تتحرك يف الفضاء هتتز وت���دور‪ .‬إن‬ ‫ال��ك��وارك��ات والليبتونات هي اه��ت��زازات للوتر‬ ‫وتشبه اهتزازات األوت��ار املوسيقية اليت تولد‬ ‫أنغاماً خمتلفة بتواترات خمتلفة‪.‬‬ ‫اف�ت�رض لومتري أن ال��ك��ون ح��ال��ة م��ن املادة‬ ‫املضغوطة نيرتون عمالق فائق الثقل تفكك‬ ‫بفضل نشاط إشعاعي ما لكن مايقوله العلماء‬ ‫اليوم بأن الكون يبين أوالً أبسط نواة ذرية قبل‬ ‫أن ميضي بصنع قوى أكرب‪ .‬وسنعود فيما بعد‬ ‫إىل شكل الكون الذي نعيش فيه عندما نتحدث‬ ‫عن الربان ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫لكن السؤال اآلن هل يوجد علميا مايدل‬ ‫على بقايا اإلنفجار الكبري؟‬ ‫متكن العاملان ب��زي��اس وول��س��ون م��ن مساع‬ ‫هسيس مل��وج��ات أقصر م��ن م��وج��ات الراديو‬ ‫وأط��ول من األشعة حتت احل��م��راء قادمة من‬ ‫الفضاء اخلارجي ولقد ثبت بأهنا بقايا صوت‬ ‫االنفجار الكبري‪.‬‬ ‫إن قوة االنفجار األكرب أحدثت قفزة أكرب من‬ ‫اجلاذبية الثقالية لذا فإن الكون أضحى منتفخاً‬ ‫متوسعاً مع تباعد جمراته إىل اليوم‪ ،‬وما زال‬ ‫كوننا يتوسع ضمن مايسمى ( بعد األفق) وخلفه‬ ‫فيما يبدو يوجد كون آخر مل تصل أشعته إلينا‬ ‫بعد‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫خاصة به‪ ،‬توسعت الفقاعة بسرعة أكرب مما‬ ‫شهده الكون حتى ذل��ك الوقت وبسرعة أكرب‬ ‫من سرعة الضوء تفاقمت بعامل مقداره ‪-10‬‬ ‫قوة ناقص‪ - 50‬مضاعفة قطرها يف ‪ 10‬قوة‬ ‫ناقص‪ - 34‬من الثانية‪ ،‬فتحولت إىل أكرب من‬ ‫كل ما حييط هبا وأخ�يراً تذكرت منطقة القوة‬ ‫الشديدة امل�بردة ت�بري��داً فائقاً أهن��ا كانت غري‬ ‫مستقرة فتجمدت املنطقة‪ ،‬ثم طرحت الطاقة‬ ‫الفائضة اليت تكونت يف غضون ذلك فسخنت‬ ‫الكون إىل ‪ 10‬قوة ‪ 37+‬درجة ‪ ،‬ثم عاد الكون إىل‬ ‫توسعه األبطأ الذي حدث إثر االنفجار األعظم‬ ‫حتى أصبح بالشكل الذي نراه عليه اليوم مكوناً‬ ‫من جم��رات متباعدة ‪ 100‬مليار جمرة ودرب‬ ‫التبانة الذي تشكل جمموعتنا الشمسية فيها‬ ‫نقطة يف صفحة كتاب‪.‬‬ ‫لكن السؤال اآلن ماهي اجملرات احللزونية‬ ‫واملاهوخات؟‬ ‫إنَّ ‪ %90‬من اجملرات احللزونية حتتوي على‬ ‫مادة خفية باردة ومادة خفية حارة تتوزع على‬ ‫هيئة هالة خارجية غامضة حتول دون تشظي‬

‫اجمل��رات احللزونية بفعل القوى النابذة‪ .‬هذه‬ ‫املادة الباردة تتوسع مع باقي الكون أما احلارة‬ ‫فتطوف بسرعة الضوء‪.‬‬ ‫أما املاهوخات فهي األقزام البنية وهي جزءٌ‬ ‫من املادة اخلفية وهي سحب صغرية نسبياً من‬ ‫الغاز مل تتحول أبداً إىل جنوم ‪.‬‬ ‫ه���ذه امل��اخ��وه��ات م��ك��ون��ة م��ن هيدروجني‬ ‫وهليوم وهي حترف األشعة الضوئية القادمة‬ ‫من جنوم بعيدة‪.‬‬ ‫لكن كيف أثبت األصل الكمومي للكون؟‬ ‫متكن ساتل ( كوب ) القمر الصناعي ‪.‬من‬ ‫كشف إشعاعات املوجات املكروية من خلفية‬ ‫الكون ودرجة حرارهتا ‪ 2.7‬درجة فوق الصفر‬ ‫املطلق ‪.‬‬ ‫ل��دى ت��س��رب الفقاعة أط��ل��ق ال��ع��ن��ان لقوة‬ ‫االنتفاخ اجلبارة بالكون الوليد‪ ،‬آن��ذاك جرى‬ ‫انبعاث الكمومية العشوائية ال�تي حبست يف‬ ‫خضم االنتفاخ اجلبار‪ ،‬عندما توقف االنتفاخ‬ ‫فجأة يف اللحظة ‪ 10‬قوة ناقص ‪ - 32‬ثانية‬ ‫ك���ان ال��ك��ون حب��ج��م ك���رة ال��ت��ن��س وق���د امتأل‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪179‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫هل ميكن السفر إىل املاضي؟‬ ‫هناك ثالث نظريات‬ ‫النظرية الكالسيكية‪:‬عندما نقول أن الكون‬ ‫له تاريخ حمدد بدقة ليس فيه أي عدم تعيني‬ ‫فهنا الصورة مكتملة حسب النظرة الكالسيكية‪،‬‬ ‫وال ميكننا السفر إىل املاضي وفقاً لذلك‪ .‬لكن‬ ‫النظرة الكالسيكية غري صحيحة متاماً ألن‬ ‫املادة تتعرض لعدم التعيني وللرتاوحات الكمومية‬ ‫حسب نظرية الكم‪.‬‬ ‫أما النظرية نصف الكالسيكية حيث الزمن‬ ‫فيها كالسيكي لكن املادة تتصرف بعدم تعيني‬

‫‪180‬‬

‫متى حدث االنفجار الكبري‪ ،‬أو متى‬ ‫بدأ التوسع الزمين للكون وهل مايزال‬ ‫بذات السرعة؟‬ ‫كلما كان التوسع أسرع كان الزمن املنصرم‬ ‫منذ ح��دوث االنفجار أق��ل‪ .‬إن قوة الثقالة يف‬ ‫الكون تؤدي إىل تباطؤ التوسع‪ ،‬متكن العلماء من‬ ‫حتديد عمر الكون بـ ‪ 15‬مليار سنة لكن ما يزال‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫بنمشات منتفخة وأصبحت عملية منوه اآلن‬ ‫مهمة الثقالة والساتل « كوب « رصد متوجات‬ ‫يف درجات احلرارة ضئيلة ال تتجاوز‪ 30 /‬جزء‬ ‫مليون من الدرجة‪ ،/‬هذا االكتشاف املدهش‬ ‫مع قياسات أخ��رى مستقلة لإلشعاع اخللفي‬ ‫لألمواج امليكروويفية والتموجات املكتشفة يف‬ ‫اإلشعاع اخللفي الكوني والتأرجحات الضعيفة‬ ‫للحرارة اليت قيست بدقة متناهية أثبتت األصل‬ ‫الكمومي للكون‪.‬‬

‫الكثري من العلماء ال يقتنع هبذا الزمن والسؤال‬ ‫األخري الذي ينتظر اإلجابة هل سيستمر الكون‬ ‫يف توسعه أم أن��ه سيتوقف ع��ن ال��ت��وس��ع ثم‬ ‫يتقلص وه��ذه ما ت��زال أحجية مل يتفق عليها‬ ‫العلماء بعد‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫فهنا ميكن أن نبدأ الشروع بالعمل والتفكري‪.‬‬ ‫أم���ا يف ن��ظ��ري��ة ال��ك��م ال��ك��ام��ل��ة م��ن ناحية‬ ‫اجلاذبية والزمان واملكان واملادة فالسفر ممكن‬ ‫نظريا ًورياضياً من خالل الثقوب الدودية‪ ،‬فإن‬ ‫وجدت ميكن السفر منها والعودة إليها‬ ‫أي السفر من جمرة إىل أخرى بوقت قياسي‬ ‫عدة ساعات أو دقائق‪ ،‬بينما سيستغرق السفر‬ ‫العادي من جمرة إىل أخ��رى عشرة آالف عام‬ ‫بالطريقة املعتادة ولو اقرتبنا من سرعة الضوء‬ ‫يبقى السؤال هل ثقوب ال��دي��دان موجودة‬ ‫حقاً ؟ وهل ميكن استخدامها للعودة قبل زمن‬ ‫الرحلة؟ هل ميكن أن أسافر يف ‪ 7‬كانون الثاني‬ ‫وأعود قبل يوم من السفر الـ ‪ 6‬كانون الثاني؟‬ ‫يف عام ‪ 1931‬أثبت كريت ج��ودل مربهنته‬ ‫الشهرية عن عدم االكتمال بالنسبة إىل طبيعة‬ ‫الرياضيات‪ ،‬وأنه يوجد مسائل ال ميكن حلها‬ ‫بأي جمموعة قواعد‪ ،‬وه��ذه املربهنة صدمت‬

‫الكثريين من العلماء خاصة إينشتاين‪ ،‬و ما‬ ‫صدم إينشتاين وجود زمان ممتلئ مبادة دوارة‬ ‫وبه أنشوطات زم��ان يف كل نقطة‪ ،‬كما يوجد‬ ‫أوتار كونية بدون أنشوطات زمنية ال ميكن فيها‬ ‫السفر إىل املاضي كما أن بعض األوتار الكونية‬ ‫هلا أنشوطات زمانية يستطيع امل��رء إتباعها‬ ‫للسفر إىل املاضي وذلك يعتمد على الطريقة‬ ‫اليت ينحين فيها الزمان املكان لتنتج أنشوطات‬ ‫زمنية يف منطقة حمددة‪.‬‬ ‫إذا ختيلنا إمكانية بناء آل��ة زم��ن حمددة‬ ‫باستخدام أنشوطات حمددة من األوتار الكونية‪،‬‬ ‫أثناء شروعنا بالبناء سنجد استحالة األمر‪،‬‬ ‫ألننا ينبغي أن نبين تلك املركبة بطاقة سلبية‪،‬‬ ‫وهذا مستحيل علمياً ألن كثافة املادة بالنظرية‬ ‫الكالسيكية تكون موجبة دائماً‪.‬‬ ‫وه��ن��ا ن��ت��س��اءل ه��ل ميكننا احل��ص��ول على‬ ‫الطاقة السلبية لبناء آلة الزمن؟‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪181‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫إن احلصول على الطاقة السلبية جيب أن‬ ‫يكون من نتاج تبخر ثقب أس��ود حيث كثافة‬ ‫الطاقة السلبية حتين الزمكان يف االجتاه الالزم‬ ‫لبناء آل��ة الزمان وعند دخ��ول رج��ل أو جمس‬ ‫فضائي آلة الزمان هذه فسوف ميسحان من‬ ‫الوجود بصاعقة اإلشعاع‪.‬‬ ‫إذاً مستقبل السفر يف الزمان يبدو قامتاً‪ ،‬إال‬ ‫أنه من املمكن السفر على الصعيد امليكروسكوبي‪.‬‬ ‫عندما جن��د جسيمات ميكروسكوبية تسري‬ ‫أس��رع م��ن ال��ض��وء حيث ي��دور اجلسم ويدور‬ ‫على أنشوطة مغلقة يف الزمان ومغلقة تعي بأنه‬ ‫سيعيش اليوم نفسه املرة تلو املرة إىل ماالهناية‪.‬‬ ‫هذا هو العلم لكن يف اخليال ميكن السفر عرب‬ ‫الزمان حنو املاضي أو املستقبل كما نشاء ‪،‬‬ ‫وذل��ك اليشكل مانعاً من أننا يف املستقبل مع‬ ‫تطور العلم سنصل إىل مستوى متقدم ميكننا‬ ‫من الذهاب إىل كواكب اجملموعة الشمسية أوال‬ ‫ثم إىل النجوم وإىل كواكبها‪.‬‬ ‫ذكرنا فيما سبق عامل ال�بران فما هو هذا‬ ‫العامل الغريب؟‬ ‫حتدثنا فيما سبق ع��ن النظرية املوحدة‬ ‫للكون وقلنا هناك ‪ 10‬أبعاد‪ :‬األربعة املعروفة‬ ‫وستة أخرى‪ .‬وهناك نظرية تسمى بنظرية ‪/‬‬ ‫إم ‪ /‬ختربنا أننا نعيش يف عامل الربان اجلديد ‪،‬‬ ‫هل حنن حقاً نعيش يف هذا العامل أم أننا جمرد‬ ‫كما نعلم أننا كنا حنسب أن ال���ذرات هي‬ ‫صور هولوغرافية ؟ ‪. .‬‬ ‫أصغر ج��زء من امل��ادة ثم أدركنا أن ال��ذرة هلا‬ ‫م���دارات عليها تتوضع االل��ك�ترون��ات وداخلها‬ ‫واآلن ماذا عن نظرية ‪/‬إم‪:/‬؟‬ ‫ال��ن��واة املكونة م��ن ال�بروت��ون��ات وال��ن�ترون��ات ثم‬ ‫إهن��ا النظرية امل��وح��دة للكون‪ ،‬ولكن ليس اكتشفنا أن الربوتونات والنرتونات مكونة من‬ ‫هلذه النظرية صيغة وحيدة بل شبكة نظريات كواركات ثالثة‬ ‫ختتلف ظاهرياً لكنها مجيعها تقريبات للنظرية‬ ‫الربوتون وله كواركان أعلى‬ ‫األساسية األصلية ‪:‬‬ ‫و كوارك أسفل‬ ‫وتتشابك‬ ‫جتتمع‬ ‫الصور‬ ‫من‬ ‫إهنا كمجموعة‬ ‫النرتون وله كوارك أعلى‬ ‫معاً داخل إطار لتعطي الصورة الكاملة‪ .‬لكن‬ ‫و كواركان أسفل‬ ‫يوجد داخل هذه الصورة ثغرة‪ ،‬وحنن حباجة‬ ‫واليوم وصلنا إىل جسيمات أصغر ال ميكن‬ ‫مل��لء ه��ذه الثغرة لنقول أننا وصلنا للنظرية أن تفكك أمسيت بالدمى‪ ،‬والدمية هلا طول‬ ‫املوحدة أو إىل نظرية كل شيء‪.‬‬ ‫بالنك وقد يكون طول البالنك هلا هو واحد‬

‫‪ob‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪182‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫هذه األبعاد جعلتنا يف متاس مع النموذج‬ ‫مقسوم على ألف بليون بليون بليون‪.‬‬ ‫يف نظرية ‪/‬إم ‪ /‬إنَّ الزمان واملكان له عشرة للنظرية النهائية‬ ‫أبعاد أو احد عشر بعداً‬ ‫مثال للتقريب حنن نرى وكأن للشعرة بعداً‬ ‫نعود لنتساءل ماهو عامل الربان؟‬ ‫واحداً؛ لكن باستخدام املكربة نرى أن هلا مسكاً‬ ‫عامل ال�بران هو سطح يرى يف أربعة أبعاد‬ ‫يف مكان زم��ان له أبعاد أكثر‪ .‬وعلى مستوى‬ ‫ولعل املكان والزمان يشبهان ذلك‪.‬‬ ‫إنَّ الزمكان يبدو لنا بأربعة أبعاد لكن لو قمنا الذرات نرى أن القوة الكهربائية ‪-‬بني نواة الذرة‬ ‫باستخدام جسيمات هلا طاقة عالية أقصى العلو وااللكرتونات اليت ت��دور من حوهلا‪ -‬تتناقص‬ ‫لتسرب مسافات قصرية جداً لرأينا أن الزمكان باملسافة واملعدل الذي يناسب أن تكون الذرات‬ ‫مستقرة مبا مينع سقوط االلكرتونات داخل‬ ‫له عشرة أبعاد أو أحد عشر بعداً‪.‬‬ ‫هذه األبعاد يصعب مالحظتها لكن أحدها النواة‪.‬‬ ‫أما يف األبعاد األكرب فإن اجلاذبية يف شكل‬ ‫قد يكون كبرياً نسبياً أو حتى ال هنائياً وتر واحد‬ ‫حييط بالكون‪.‬‬ ‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪183‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫املكان املنحين س��وف تنتشر متخللة كيان‬ ‫الزمكان ذي األبعاد األكثر‪ ،‬وسيكون مفعوهلا‬ ‫بطول الربان‪ ،‬وسوف تنخفض اجلاذبية حسب‬ ‫مسافات البعد اخنفاضاً أسرع مما تفعله يف‬ ‫األبعاد األربعة‪.‬‬ ‫وقد يؤدي اخنفاضها السريع يف اجملموعات‬ ‫الشمسية إىل تأثر م��دارات الكواكب وبالتايل‬ ‫اهن��ي��اره��ا إىل داخ���ل ال��ش��م��س؛ لكن ذل��ك لن‬ ‫حيدث إذا كانت األبعاد اإلضافية تنتهي فوق‬ ‫بران آخر غري بعيد‪ ،‬إذاً اجلاذبية ال تفعل فعلها‬ ‫بسبب الربان‪.‬‬ ‫يف هذا العامل من الربانات حنن نعيش فوق‬ ‫أحد الربانات لكن هناك « بران شبحي « آخر‬ ‫على مقربة منا‪.‬‬ ‫حن��ن ال ن��رى ال�ب�ران الشبح ألن ال��ض��وء ال‬ ‫ينتشر إل��ي��ه لكننا حن��س بتأثريه اجلذبوي‪.‬‬ ‫إن السرعة اليت تدور هبا النجوم حول مركز‬ ‫جمرتنا حتتاج إىل م��ادة أك�بر م��ن امل���ادة اليت‬ ‫نرصدها‪ .‬هذه الكتلة املفتقدة للمادة قد تكون‬ ‫دليالً على وجود عامل شبحي فيه مادة‪ ،‬ولعله‬ ‫حيوي كائنات بشرية شبحية تتساءل عن تلك‬ ‫الكتلة اليت تبدو مفتقدة من عاملهم حتى يتم‬ ‫لديهم تفسري م��دارات النجوم الشبحية حول‬ ‫مركز اجملرة الشبحية‪.‬‬ ‫واآلن بدالً من أن تنتهي األبعاد اإلضافية‬ ‫على بران ثاني جند أن هناك إمكانية ألن تكون‬ ‫هذه األبعاد ال هنائية ولكنها منحنية احنناءاً‬ ‫كبرياً مثل السرج‪ ،‬وهذا االحنناء مينع اجملال‬ ‫اجل��ذب��وي للمادة ف��وق ال�ب�ران م��ن أن ينتشر‬ ‫خارجاً إىل ما ال هناية يف األبعاد اإلضافية‪.‬‬ ‫هذا اجملال اجلذبوي هو الذي يفسر مدارات‬ ‫الكواكب والقياسات املعملية للقوة اجلذبوية يف‬ ‫املسافات الطويلة؛ لكن يف املسافات القصرية‬ ‫نرى تغري اجلاذبية مبعدل أسرع وحسب منوذج‬ ‫راندل – ساندرام ميكن ألمواج جذبوية قصرية‬ ‫أن حتمل الطاقة بعيداً عن مصادرها فوق‬ ‫الربان مبا يسبب انتهاكاً ظاهرياً لقانون حفظ‬

‫‪ob‬‬

‫‪184‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫الطاقة‪.‬‬ ‫أما يف احلقيقة فهو ليس انتهاكاً ألنَّ نظرتنا‬ ‫تقتصر على ما جيري يف الربان الذي حنن فيه‪.‬‬ ‫فعندما تتحرك األجسام حتت تأثري اجلاذبية‬ ‫تنتج عنها أمواج جذبوية‪ ،‬تنتقل خالل الزمكان‬ ‫بسرعة الضوء وهذه األمواج مثل أمواج الضوء‬ ‫الكهراطيسية‪:‬‬ ‫ينبغي أن حتمل طاقة وه��ذا تنبؤ أثبتته‬ ‫أرصاد الثنائي النابض‪16+PSR1913‬‬ ‫لقد حتدثنا عن ال�بران لكن كيف ميكن أن‬ ‫نرسم صور تقريبية له؟‬ ‫كمثال على شكل الربان نراقب غليان املياه‬ ‫وكيفية تشكل فقاعة تكرب إىل حد حرج‪ ،‬هذه‬ ‫الفقاعة الكبرية نالحظها عندما يغلي املاء‬ ‫إن ع��وامل ال�بران تسلك سلوكاً مم��اث�لاً‪ .‬يتيح‬ ‫مبدأ عدم اليقني لعوامل الربان أن تظهر كأهنا‬ ‫فقاعات تأتي من ال شيء حيث الربان يشكل‬ ‫سطح الفقاعة بينما داخلها هو الفضاء ذي‬ ‫األبعاد األكثر‪.‬‬ ‫إن األش��خ��اص الذين يعيشون على سطح‬ ‫الربان سيظنون أن الكون كان يتمدد واألمر هنا‬ ‫يشبه رمساً نقوم به للمجرات على سطح بالونة‬ ‫ثم ننفخها‪ ،‬سوف تتحرك اجمل��رات متباعدة‬ ‫لكن ال توجد أي جمرة ميكن اختيارها على أهنا‬ ‫مركز التمدد‪.‬‬ ‫حسب النظرية الالحدية سيكون للتخليق‬ ‫التلقائي ألحد عوامل ال�بران تاريخ يف الزمان‬ ‫التخيلي بنسبة قشرة اجلوز؛ أي كرة من أربعة‬ ‫أبعاد ك��األرض لكن مع بعدين أكثر وستكون‬ ‫األبعاد اإلضافية اليت تتنبأ هبا نظرية ‪/‬إم ‪/‬‬ ‫كلها ملفوفة إىل ما يكون أصغر حتى من قشرة‬ ‫اجل��وزة ‪ ،‬أما عامل ال�بران اجلديد فسنجد يف‬ ‫صورته أن قشرة اجلوز ذات أربعة األبعاد مليئة‬ ‫ببعد خامس أو بأبعاد مخسة أو ستة ملفوفة‬ ‫حبجم صغري‪ ،‬مع مت��دد ال�بران سيزيد حجم‬ ‫الفضاء ذي األبعاد األكثر يف الداخل وسنجد‬ ‫يف النهاية فقاعة هائلة حييط هبا الربان الذي‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫نعيش عليه لكن ه��ل حن��ن نعيش حقاً فوق‬ ‫الربان؟‬ ‫إن املعلومات عما حي��دث يف منطقة من‬ ‫الزمكان مشفرة‪ ،‬كما أنَّ الفقاعة والربان مناذج‬ ‫رياضية لنا احلرية يف اختيار النموذج األكثر‬ ‫مالءمة‬ ‫ل��ك��ن ل��و ت��س��اءل��ن��ا م��ا ال���ذي ي��وج��د خارج‬ ‫الربان؟ سنعود إىل الرياضيات وسنذكر ثالثة‬ ‫احتماالت‪:‬‬ ‫النموذج الرياضي قد خيربنا بأنه ال يوجد‬ ‫ش��يء جم��رد ب��ران داخ��ل��ه فضاء بأبعاد أكثر‬ ‫لكن ال يوجد خارجه شيء‪ ،‬إذا عدنا إىل مثال‬ ‫الفقاعة كي نفهم الربان‪ ،‬فقاعة ماء يوجد خارج‬ ‫الفقاعة ماء أم َّا خارج الربان فال يوجد شيء‪.‬‬ ‫قد يكون هناك منوذج رياضي حيث جدار‬ ‫الفقاعة يلتصق جبدار فقاعة أخرى‬ ‫ومنوذج ثالث يظهر متدد الفقاعة يف الفضاء‬ ‫وإذا اصطدمت فقاقيع أخ��رى بالفقاعة اليت‬

‫‪ob‬‬

‫املراجع‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫نعيش عليها فقد تكون النتيجة كارثية ‪.‬‬ ‫وهذا و َّلد طرحاً جديداً يقول إن االنفجار‬ ‫الكبري نفسه قد يكون نامجاً عن اصطدام‬ ‫الربانات‪.‬‬ ‫إن ال��ت��ج��ارب ال�ت�ي مسعنا عنها مؤخراً‬ ‫يف جنيف وال�ت�ي جت��رى يف معمل التصادم‬ ‫اهلادروني الكبري‪ .‬هي واألرص��اد األخرى مثل‬ ‫إشعاع خلفية الكون امليكروويفي ستمكننا من‬ ‫أن حن��دد ما إذا كنا نعيش ف��وق ال�بران ولعل‬ ‫النموذج اإلنساني يتخري من بني الغابة الواسعة‬ ‫من األكوان مناذج من الربانات تتيحه له نظرية‬ ‫‪ /‬إم ‪ /‬وميكن أن نقول يف النهاية ‪:‬‬ ‫ياهلذا الكون الكبري الذي بدأ من ذرة بدئية‪،‬‬ ‫والذي خلقنا فيه لنشهد عليه‪.‬‬ ‫أال ي��ذك��رن��ا ه���ذا ب��ق��ول ال��ش��اع��ر العربي‬ ‫الكبري‪:‬‬ ‫أتزعمُ أنكَ جرمٌ صغريٌ‬ ‫ُ‬ ‫وفيكَ انطوى العامل األكربُ‬

‫‪ww‬‬

‫البحث عن الالهناية‬ ‫حل أسرار الكون ‪ :‬فريزر‪ ،‬ليتول ‪ ،‬سيلفياك ‪ /‬دار طالس ‪ /‬دمشق ‪1997‬‬ ‫موجز تاريخ الزمن‪ :‬ستيفن هوكينغ ‪ /‬دار طالس ‪ /‬دمشق ‪1990‬‬ ‫الكون يف قشرة جوز‪ :‬ستيفن هوكنغ ‪ /‬عامل املعرفة ‪ /‬الكويت ‪2003 /‬‬ ‫جدلية الزمن‪ :‬غاستون باشالر ‪ /‬املؤسسة العربية للدراسات ببريوت ‪1982 /‬‬ ‫العلم يف ‪ 1000‬سؤال جاميس تريفل ‪ /‬دار أكادمييا ‪1994 /‬‬ ‫هكذا أرى العامل ‪ :‬ألربت إينشتاين ‪ /‬وزارة الثقافة ‪ /‬دمشق ‪1985 /‬‬ ‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪185‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪186‬‬ ‫وهـدان وهـدان‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫على الرغم من م��رور أربعة مليارات سنة‪،‬‬ ‫وهو التاريخ العلمي التقديري لوجود احلياة‬ ‫على األرض‪ ،‬فإن الغموض مازال حييط هبذا‬ ‫الكوكب‪ ،‬واألسرار الكثرية اليت يعرفها اإلنسان‬ ‫– وهو أرقى خملوقات األرض – واالكتشافات‬ ‫اليومية املستمرة اليت يقدمها‪ ،‬ال تعادل مقدار‬ ‫ذرة يف حبر هذا الغموض ‪ .‬وإذا كانت األرض‬ ‫وما عليها وحوهلا سراً كبرياً غامضاً ‪ ..‬فكيف‬ ‫بالكواكب األخرى؟ ‪ ..‬بالنجوم؟ ‪ ..‬باجملرات ؟‪..‬‬ ‫وم��اذا عن ال��وج��ود اآلخ��ر يف اجملموعات غري‬ ‫الشمسية؟ ‪ ..‬وما هي القوانني اليت حتكمها؟ ‪..‬‬ ‫وما هي املخلوقات واألشكال املتحركة عليها؟‪..‬‬ ‫حضارهتم وموقعهم ؟‪ ..‬زماهنم وعمرهم؟ ‪..‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫وماذا عن العالقة األزلية اجملهولة القائمة بيننا‬ ‫وبينهم – إذا كان هناك مثة عالقة أصالً –‬ ‫وما هو مستقبل هذه العالقة؟ ‪ ..‬وتكر سبحة‬ ‫األسئلة الالمتناهية ‪ ..‬فيما يقف العقل البشري‬ ‫مشدوهاً عاجزاً عن اإلجابة عنها ‪.‬‬ ‫باختصار أكثر وبعيداً عن إشكالية الدخول‬ ‫يف جدلية املمكن واملستحيل‪ ،‬ويف العالقة‬ ‫العضوية بني اخليال والعلم‪ ،‬فإننا لن نقبض‬ ‫على شبكة هذه األسئلة من أوهلا ونفككها حلقة‬ ‫حلقة‪ ،‬ألن ذلك يستدعي الكثري من الفرضيات‬ ‫اليت الزال العقل البشري الراهن‪ ،‬وبكل املعطيات‬ ‫املتاحة املتمثلة يف الثورة املعلوماتية واالتصالية‪،‬‬ ‫يعجز عن فك مغاليقها ورموزها‪ ،‬بل سنحاول‬

‫تقليب أوج��ه ال��س��ؤال الرئيسي واهل��ام ‪ :‬ماذا‬ ‫ي��ري��دون منا؟ ‪ ..‬استعمار كوكبنا؟ ‪ ..‬عالقة‬ ‫ح��رب أم س�لام؟ ‪ ..‬كيف سيتم ه��ذا (اللقاء)‬ ‫بيننا وبينهم؟ ‪( ..‬اللقاء)؟ ‪ ..‬وحناول هنا سرب‬ ‫أغوار الغموض الذي اكتنف ويكتنف هذا اللقاء‬ ‫التارخيي املرتقب يوما ما ‪ .‬ويف هذه الرحلة‬ ‫ال��ش��اق��ة‪ ،‬املوثقة ببعض ال��وق��ائ��ع واألح���داث‪،‬‬ ‫نقالً عن شهود عيان‪ ،‬ومعلومات علمية دقيقة‬ ‫ح��ول احمل���اوالت ال�تي ق��ام هبا أغ��راب أو قوى‬ ‫العوامل األخرى لالقرتاب من كوكبنا‪ ،‬يف سعي‬ ‫موضوعي مكثف اللتقاط مفردات ومضامني‬ ‫تلك الظواهر وتوصيف معانيها واالقرتاب املتاح‬ ‫من جماهيلها ‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪187‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪188‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫وقائــع أم خيــاالت؟‬ ‫بني الفينة واألخ��رى‪ ،‬وعلى هامش احلياة‬ ‫اليومية‪ ،‬تطلع علينا الصحف ووكاالت األنباء‬ ‫بأخبار مقتضبة تتعلق مب��ش��اه��دات ووقائع‬ ‫عينية لبعض الظواهر غري املألوفة منها وجود‬ ‫أجسام غريبة يف حميط األرض ‪ :‬شخص يف‬ ‫مكان ما من أرضنا شاهد جسماً غريباً مضيئاً‬ ‫يف السماء يهبط على األرض ثم يقلع بسرعة ‪.‬‬ ‫وشخص آخر ملح مركبة طائرة هلا شكل الصحن‬ ‫املستدير حتلق فوق نقطة معينة كأهنا حتاول‬

‫اهلبوط ‪ .‬وتكثر املشاهدات واملالحظات لتدخل‬ ‫حيزاً أكرب من اجلدية واالهتمام واضعة أصابع‬ ‫املتشككني يف قلب احلقيقة ‪:‬‬ ‫نشرت الصحيفة األسبوعية الحتاد الكتاب‬ ‫السوفيات ( السابق ) بتاريخ ‪ 1971/9/16‬رسالة‬ ‫تلقتها من امرأة روسية امسها (بوريسوفا) جاء‬ ‫فيها ‪ .. ( :‬أريد أن أنقل لكم نبأ ظاهرة خارقة‬ ‫شاهدهتا بنفسي‪ ،‬وحدث ذلك منتصف ليلة‬ ‫السبت بالضبط‪ ،‬وكان الليل معتم السواد على‬ ‫الرغم من النجوم‪ ،‬وكنت قد تطلعت بالصدفة‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫إىل السماء فشاهدت ‪ ..‬جسماً أبيضاً مصفراً‬ ‫كروي الشكل يطري بسرعة الطائر خملفاُ وراءه‬ ‫أثرا ُ باللون نفسه فيبدوان كما لو أهنما يضيئان‬ ‫بالشمس‪ ،‬ويف اللحظة اليت انتبهت فيها إىل‬ ‫الكرة أخذ األثر الذي ختلفه يتسع مكوناُ سحابة‬ ‫بيضاوية كبرية ذات أط��راف حم��ددة بوضوح‪،‬‬ ‫وعندما تكامل الشكل البيضاوي حدث انفجار‬ ‫يف الكرة ثم انطفأت بالتدريج‪ ،‬وواصلت الكرة‬ ‫الطريان بدون أن يطرأ عليها تغيري‪ ،‬إال أهنا مل‬ ‫ختلف أث��راً وراءه��ا ‪ ..‬ما معنى ذلك؟ ‪ ..‬أكان‬

‫هذا صحناً طائراً يف مساء موسكو أم شكالً‬ ‫فضائياً غريباً؟ ‪ ..‬وهل هلذا الصحن الطائر أو‬ ‫الشكل الفضائي الغريب عالقة بكوكب آخر؟‬ ‫‪. ) ..‬‬ ‫ونشرت الصحيفة بتاريخ ‪1972/10/19‬‬ ‫التقرير اآلت��ي ‪ :‬ح��دث ذل��ك ح��وايل الساعة‬ ‫التاسعة عندما كان فيكتور يتطلع كعادته من‬ ‫النافذة حنو سيارته املتوقفة يف ساحة العمارة‪،‬‬ ‫وكانت تلك الليلة من ليايل شهر آذار اليت يصفو‬ ‫فيها جو موسكو‪ ،‬وتبدو الطبيعة صافية ونقية‪،‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪189‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪190‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫وي��ك��ون الشتاء ال��روس��ي الطويل ق��د محل‬ ‫متاعه الثلجي الثقيل ورحل ‪ .‬واسرتعت انتباه‬ ‫فيكتور يف احلال بقعة بيضاء منرية يف السماء‬ ‫‪ ..‬كانت البقعة املنرية قد حتولت إىل شكل دائري‬ ‫متمحور‪ ،‬وكان احملور مييل قليال حنو األفق‪،‬‬ ‫ويقطع الدائرة قرص رقيق من الوسط‪ ،‬واجلزء‬ ‫السفلي من الدائرة مظلل باللون األمحر‪ ،‬وحتى‬ ‫يكون أكثر وثوقية مما رأى نادى زوجته لرتى‬ ‫ما شاهده ‪ ..‬لقد كان شبيهاً بالصحن الطائر‬ ‫الذي طاملا مسع عنه من قبل « ‪ .‬ويتضح من‬ ‫هلجة الصحيفة أهنا متيل إىل التشكيك بصحة‬ ‫ظهور الصحون الطائرة أو األجسام الغريبة يف‬ ‫مساء موسكو‪ ،‬ومع ذلك واصلت نشر شهادات‬ ‫ألشخاص آخرين حول ظواهر فضائية مماثلة‬ ‫يف مساء مدن االحتاد السوفياتي ( السابق ) ‪.‬‬ ‫ومن احلوادث اخلارقة األخرى اليت كشفت‬ ‫الصحيفة نفسها النقاب عنها‪ ،‬حادثة مدينة‬ ‫«برتوزا فودسك « السوفياتية‪ ،‬واليت أصبحت‬ ‫تدعى بعد ذلك أعجوبة (‪،)PetrozaWordsk‬‬

‫وقد حدث ذلك يف الساعة الرابعة من فجر‬ ‫‪ 22‬أيلول ع��ام ‪ ،1977‬حيث استيقظ الناس‬ ‫مذعورين عندما انشقت فجأة مس��اء الفجر‬ ‫املعتمة عن كوكب هائل‪ ،‬وأخ��ذ ه��ذا الكوكب‬ ‫يسقط ببطء حنو مدينة " برتوزا فودسك "‪ ،‬ثم‬ ‫تعلق فوق املدينة كالقنديل وهو ينبض بإشارات‬ ‫ضوئية يرسلها حنو األرض‪ ،‬ممطرا إياها حبزم‬ ‫دقيقة جداً من أشعة تشبه الرذاذ املطري‪ ،‬وبعد‬ ‫قليل من الوقت توقف تيار األشعة وحتول شكل‬ ‫الكوكب إىل نصف دائ��ري‪ ،‬وب��دأ يتحرك حنو‬ ‫حبرية " أونيجسكي " ليغطيها بسحب رمادية‪،‬‬ ‫وتكونت فيما بعد داخل الغشاوة بركة نصف‬ ‫دائرية ذات لون أمحر براق يف الوسط وبيضاء‬ ‫يف األطراف‪ ،‬واستمرت هذه الظاهرة – بشهادة‬ ‫شهود العيان – من ‪ 10‬إىل ‪ 12‬دقيقة ‪ .‬وقد‬ ‫شاهد يف الصباح الباكر املشهد نفسه العديد‬ ‫من األهايل من منطقة " لينينغراد " و " كاريلي‬ ‫" هذه الكرة النارية تشق السماء بسرعة من‬ ‫اجلنوب إىل الشمال‪ ،‬وكان بني شهود احلادثة‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫علماء فلك يف أكادميية العلوم يف موسكو ‪.‬‬ ‫وتعليقاً على ه��ذه احل��ادث��ة املتميزة تتساءل‬ ‫الصحيفة ‪ :‬ما سر أعجوبة " ي�تروزا فودسك‬ ‫"؟ وما لغز األجسام الغريبة فوق موسكو؟ وهل‬ ‫ميكن حتديد نسبة الظواهر غري املشخصة من‬ ‫الظواهر الغريبة؟ وهل تلك األجسام الغريبة‬ ‫ه��ي ح��ق�اً م��رك��ب��ات م��ن ك��واك��ب بعيدة حتمل‬ ‫خملوقات فضائية؟ أم هي جمرد أوهام أناس‬ ‫حيلمون كاألطفال بوجود كائنات أخ��رى من‬ ‫عوامل بعيدة؟ ‪.‬‬ ‫وق��د اع�ترف ال��ع��امل األك��ادمي��ي " فالدميري‬ ‫ميغولني " نائب رئيس جلنة الفيزياء والفلك‬ ‫يف أكادميية العلوم يف موسكو بأن األكادميية‬ ‫قد تلقت مئات الرسائل من خمتلف مناطق‬ ‫االحتاد السوفياتي (السابق) حول تلك الظواهر‬ ‫الغريبة‪ ،‬بل إن أغلب أصحاب ه��ذه الرسائل‬ ‫ي��ؤك��دون ب��أهن��م ش��اه��دوا م��رك��ب��ات فضائية‪،‬‬ ‫وبعضهم يؤكد أن األرض تتلقى زيارات منتظمة‬ ‫من كائنات فضائية‪ ،‬ولكنه يتساءل ‪ :‬هل ميكن‬ ‫دائما أن نطابق ما نالحظه من ظواهر مع أشياء‬ ‫معروفة؟ طبعاً ال‪ ،‬وسيكون أمراً مستغرباً متاماً‬ ‫لو أمكن تفسري كل ما نشاهده من ظواهر ‪..‬‬ ‫أليس تاريخ العلم كله حالة حبث متواصل فيما‬ ‫ال ينتهي من الظواهر غري املفهومة؟ ‪.‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫ظواهر تبحث عن تفسريات علمية‬ ‫ومن أبرز ما احتواه امللف الضخم ملثل هذه‬ ‫الظواهر واملشاهدات أيضا ‪:‬‬ ‫ صحون طائرة هبطت يف دول��ة الكويت‬‫أواس��ط السبعينيات من القرن املاضي‪ ،‬حتت‬ ‫بصر شهود ع��ي��ان‪ ،‬ت��ارك��ة أث���راً ه��ام�اً خلفها‪،‬‬ ‫فقط تعطلت مرتني حمركات أهم حمطة توليد‬ ‫كهربائية حلظة هبوط الصحون الطائرة ‪.‬‬ ‫ طيارون شاهدوا م��رات عديدة صحوناً‬‫طائرة إىل جانب طائراهتم أفادوا عنها بتقارير‬ ‫تفصيلية ‪ .‬واجلدير بالذكر أن أحد الطيارين‬ ‫إياهم بعد تقدميه إفادته املباشرة عن صحن‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫قرب طائرته عام ‪ ،1978‬اختفى فجأة وحتى‬ ‫كتابة هذا التحقيق ال أثر له ‪.‬‬ ‫ وي��زداد الوضوح أكثر حني تقوم مطاردة‬‫فعلية بني طائرة ( ميغ – ‪ ) 21‬روسية الصنع‬ ‫وأحد الصحون الطائرة فوق كوبا‪ ،‬وأكثر حني‬ ‫تشتبك طائرة ( فانتوم ) أمريكية الصنع مع‬ ‫أحد الصحون الطائرة فوق اليابان‪ ،‬وأكثر أيضا‬ ‫حني يدمر صحن طائر بواسطة شعاع ضوئي‬ ‫صاروخ (هوك ) ( أرض – جو ) أطلقته عليه‬ ‫قوات أمريكية مرابطة على الساحل الكوري ‪.‬‬ ‫وقبل حتديد ه��ذه الوقائع باملكان والزمان‬ ‫وإع��ط��اء امل��زي��د م��ن التفاصيل حوهلا ونسبها‬ ‫إىل مصادر علمية ال تقبل التشكيك والدحض‪،‬‬ ‫نعرض إىل بعض ما توصل إليه اخلرباء والعلماء‬ ‫يف علم الفضاء حول وجود كائنات أخرى خارج‬ ‫حم��ي��ط األرض هل��ا ح���ض���ارات ‪ ،‬ي��ؤك��د بعض‬ ‫العلماء أهنا متطورة على احلضارات اإلنسانية‬ ‫على كوكب األرض ‪ .‬الدكتور « فرانك دراك «‬ ‫مدير أكرب حمطة عاملية ألحباث الذرة والفضاء‬ ‫وامل���وج���ودة على ش��اط��ئ ب��ورت��وري��ك��و‪ ،‬وجَّ���ه يف‬ ‫شباط العام ‪ 1986‬الرسالة التالية إىل احلكومة‬ ‫األمريكية ننقلها حبرفيتها ‪ ( :‬يف هذه اللحظات‬ ‫بالذات‪ ،‬ويف نسبة من احلقيقة تالمس التأكيد‪،‬‬ ‫يلتقط راديو احملطة على كوكب األرض إشارات‬ ‫موجهة من خملوقات خارج كوكبنا ) ‪ .‬وإضافة‬ ‫إىل هذه اإلش��ارة العلمية األوىل كان التصريح‬ ‫التايل من الدكتور ( جون بيلنغهام ) مدير قسم‬ ‫( البيوتكنيك ) يف مركز أيوا الذي أنشأته اللجنة‬ ‫األمريكية لطاقة ال��ذرة ‪ ( :‬حنن نعتقد بوجود‬ ‫كواكب بعيدة جدا عمرها أكرب مباليني السنني‬ ‫من عمر األرض‪ ،‬وبالتايل فإن حضارهتا متقدمة‬ ‫ماليني السنني على حضارتنا ‪ ..‬أنا متأكد أنه‬ ‫توجد حضارات خارج األرض تسبق حضارتنا‬ ‫بنسبة ت��ع��ادل ال��ف��رق ب�ين حضارتنا وحضارة‬ ‫اإلنسان احلجري على كوكبنا ‪. ) ..‬‬ ‫هذه التصرحيات املوثقة وسواها مما صدر‬ ‫عن العديد من العلماء والباحثني واالختصاصيني‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪191‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫دف��ع��ت ب����اإلدارة األم��ري��ك��ي��ة امل��ش��رف��ة على‬ ‫وكالة (ناسا) الفضائية إىل تشكيل جلنة من‬ ‫اثين عشر عاملاً برئاسة الدكتور ( شتايكوي‬ ‫راسول) هدفها دراسة الطرق والوسائل الكفيلة‬ ‫بإنشاء اتصاالت مع منظومات حية يف الكواكب‬ ‫األخرى‪ ،‬وذلك خالل ‪ 15‬سنة ‪ .‬هذا على صعيد‬ ‫ال��دراس��ة النظرية واالستنتاجات‪ ،‬وأم��ا على‬ ‫صعيد الواقع فعودة إىل بعض األحداث والوقائع‬ ‫اليت تتسم بالعلمية واملوضوعية ‪،‬ومنها الدكتور‬ ‫( هنري روتليدغر )‪ ،‬عميد كلية الفيزياء يف‬ ‫جامعة ميسوري األمريكية‪ ،‬والذي يرتأس فريقا‬ ‫من العلماء والباحثني منذ ‪ 25‬عاما‪ ،‬هدفهم‬ ‫مالحقة ظواهر املخلوقات األخرى والصحون‬ ‫الطائرة‪ ،‬خيشى أن يتهم يوماً باجلنون ألنه‬ ‫يؤكد وجود الصحون الطائرة‪ ،‬فهو ميتلك يف‬ ‫خمتربه قرينة ثبوتية بني صور وأفالم مصورة‬ ‫لتلك األجسام الطائرة ‪.‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫مشاهدة ميدانية للصحون الطائرة ‪.‬‬ ‫ويذكر أحد الطيارين التابع لفريق العلماء أنه‬ ‫أثناء قيامه برحلة استطالع‪ ،‬وخالل حديثه مع‬ ‫برج املراقبة شاهد جسماً مضيئاً يالحقه ويعلو‬ ‫ف��وق طائرته بسرعة هائلة مطلقاً إضاءات‬ ‫متقطعة حبدود مرة يف الثانية خيتفي ويظهر‬ ‫بسرعة كبرية‪ ،‬وعندما أعلن الطيار بأن الصحن‬ ‫وحيد ويريد أن يلعب معنا‪ ،‬أض��اء جسم آخر‬ ‫على مي�ين طائرته وآخ��ر على يسارها‪ ،‬وإذا‬ ‫مبجموعة كاملة من الصحون الطائرة تواكب‬ ‫صحنه بسرعة متقاربة وعلى مسافة كبرية‬ ‫متساوية وبتواتر موحد لإلشارات الضوئية ‪.‬‬ ‫وحول هذه احلادثة املوثقة يقول ( روتليدغر )‪:‬‬ ‫( إنين أعرف الكثري عن هذه األجسام املضيئة‬ ‫وأع��ل��م أن التكنولوجيا احلالية على كوكبنا‬ ‫عاجزة عن إنتاج مثل هذه األجسام‪ ،‬ولكين أعلم‬ ‫أيضا من أين تأتي هذه الصحون على الرغم‬ ‫من قناعيت بأهنا ليست بالضرورة من كوكب‬ ‫آخر ‪. ) ..‬‬ ‫وحول مواكبة الصحون الطائرة للطائرات‬ ‫العادية يذكر العامل األمريكي ( مينزيل ) أنه‬ ‫يف العام ‪ 1976‬واكبت الصحون طائرة الكابنت‬ ‫(مانتيل )‪ ،‬وسار صحن طائر إىل جانب طائرته‬ ‫بشكل كاد يالمسها‪ ،‬قال عنه الطيار ‪ ( :‬أنا‬ ‫حاليا ال أع��رف مكان الشمس ‪ ..‬أه��ي على‬ ‫مييين أم على يساري !! ) ‪ .‬وبتاريخ ‪ 21‬تشرين‬ ‫األول ‪ 1978‬كان ( فريدريك فالنيت ) البالغ من‬ ‫العمر عشرين عاما يقود طائرة قرب الشاطئ‬ ‫االسرتايل‪ ،‬فجأة وأثناء حديثه مع برج املراقبة‬ ‫يف مطار ( ملبورن ) بدأ بوصف صحن طائر‬ ‫يرافق طائرته من األعلى‪ ،‬وقد كان ذلك آخر‬ ‫ما مسع عن هذا الشاب‪ ،‬وعندما حاول والده‬ ‫مالحقة قضية اختفاء ابنه امتنعت وزارة النقل‬ ‫االسرتالية عن تقديم التسجيل الكامل للحديث‬ ‫الذي دار بني الطيار الشاب وبرج املراقبة يف‬ ‫املطار ‪ .‬ومن حديثه مع برج املراقبة ‪ « :‬يبدو أن‬ ‫هذا اجلسم يتحرك حنوي ‪ ..‬إنه ليس طائرة‬

‫‪192‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫ما هية الصحون الطائرة‬ ‫لقد ب��دأ الدكتور ( روتليدغر ) اهتمامه‬ ‫اجل��دي هبذا املوضوع عندما قامت الصحون‬ ‫الطائرة عام ‪ ،1983‬ويف فرتات متقطعة‪ ،‬ببعض‬ ‫العروض يف مساء مدينة ( بيدمونت )‪ ،‬وبات‬ ‫ال��ن��اس ال خي��رج��ون إال مسلحني خاصة بعد‬ ‫انفجار حم��رك إح��دى ال��س��ي��ارات يف املوقف‬ ‫العام أثناء م��رور جسم مضيء ف��وق الساحة‬ ‫القريبة من مساكن الطالبات‪ ،‬وبعد انقطاع‬ ‫اإلرسال التلفزيوني يف تلك اللحظات ‪ .‬وعلى‬ ‫أثر هذه احلادثة‪ ،‬وبعد استقصاءات وأسئلة‬ ‫كثرية استطاع فريق العلماء بقيادة الدكتور‬ ‫(روتليدغر) التوصل إىل احد ه��واة التصوير‬ ‫الذي كان قد صور بطريق الصدفة األجسام‬ ‫الغريبة أثناء زيارهتا للمدينة‪ ،‬وقد ساعد هذا‬ ‫الفلم كثرياً يف كشف طبيعة وشكل هذه األجسام‪،‬‬ ‫وقد ثبت ( د ‪ .‬روتليدغر ) نتائج أحباثه وفريقه‬ ‫العلمي يف كتاب محل عنوان ( الربهان املقنع‬ ‫لوجود الصحون الطائرة ) وهو يتضمن ‪178‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫عادية ‪ ..‬إنه ذلك الشيء الذي يتحدثون عنه‬ ‫‪ ..‬صحن طائر ‪ ..‬يعطي ض��وءا أخضر اللون‬ ‫‪ ..‬شكله بيضاوي ويبدو معدنياً ‪ ..‬لقد أصبح‬ ‫قريباً جداً من طائرتي ‪ ..‬إنه ليس طائرة « ‪.‬‬ ‫أم��ا ض��اب��ط س�لاح اجل��و األم��ري��ك��ي ورائد‬ ‫الفضاء السابق « جوردان كوبر «‪ ،‬فإنه ال ينكر‬ ‫مقابلته تلك األجسام الطائرة خالل رحالته‬ ‫الفضائية‪ ،‬وي��ق��ول هب��ذا اخل��ص��وص ‪ « :‬إهنا‬ ‫خملوقات ذكية‪ ،‬تأتي من كواكب أخرى وحتاول‬ ‫بشكل دائ��م وبطرق خمتلفة االتصال واللقاء‬ ‫بسكان األرض « ‪ .‬ويؤكد « كوبر « ‪ « :‬أن الكثري‬ ‫من العلماء يعرفون هذه احلقيقة وإن احلكومة‬ ‫األمريكية لديها الكثري من الوثائق حول هذا‬ ‫امل��وض��وع حتفظها بشكل س��ري للغاية‪ ،‬ألن‬ ‫إفشائها رمبا يؤدي إىل بلبلة كبرية بني الناس‬ ‫« ‪ .‬وقد عملت احلكومة األمريكية على إفشال‬ ‫امل��ش��روع ال��ذي تقدم ب��ه جمموعة م��ن علماء‬ ‫الفضاء األمريكيني إىل األم�ين ال��ع��ام لألمم‬ ‫املتحدة خالل املؤمتر الذي عقد يف نيويورك‬ ‫بتاريخ ‪ 1987/7/28‬وطالبوا فيه بتشكيل ما‬ ‫يسمى « جلنة متابعة الصحون الطائرة « من‬ ‫قبل األمم املتحدة وحتت إشرافها ‪.‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬ ‫‪w.‬‬

‫لتحقيق االت��ص��ال معهم « ‪ .‬ويضيف « كوبر‬ ‫يف مذكرته ‪ « :‬جيب أن نثبت هلذه املخلوقات‬ ‫املتطورة أننا وصلنا إىل مستوى من التفكري‬ ‫الناضج الذي يؤهلنا حلل خالفاتنا ومشاكلنا‬ ‫بالطرق السلمية واحل���وار ليس بالنزاعات‬ ‫واحل��روب لكي يتم قبولنا كأعضاء صاحلني‬ ‫يف احت��اد الكواكب‪ ،‬أو جمموعة الكواكب اليت‬ ‫ينتمون إليها ‪. « ..‬‬

‫‪ww‬‬

‫هل هتدد سكان األرض؟‬ ‫يومها عارضت ال��والي��ات املتحدة املشروع‬ ‫ووضعت كل ثقلها الستبعاد البحث يف هذه‬ ‫املواضيع‪ ،‬إال أن « كوبر « أص��ر على موقفه‬ ‫وقناعاته وقام بتقديم مذكرة خطية أخرى إىل‬ ‫األمم املتحدة قال فيها ‪ « :‬ليس هناك مثة شك‬ ‫ب��ان مركبات فضائية حمملة مبخلوقات من‬ ‫كواكب بعيدة تزور األرض يف حماولة لالتصال‬ ‫بنا‪ ،‬وهي تسبقنا – على ما يبدو – يف اجملال‬ ‫التكنولوجي‪ ،‬وم��ن هنا يتوجب على سكان‬ ‫األرض‪ ،‬وهذا واجب األمم املتحدة‪ ،‬جتميع كافة‬ ‫املعلومات الالزمة من شتى أحناء كوكبنا حول‬ ‫املشاهدات لتلك املخلوقات واملقابالت اليت متت‬ ‫معهم‪ ،‬كي نتمكن من إجياد الطريقة املوضوعية‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪193‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪194‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫وكان عامل الفضاء ورئيس مجعية الصحون‬ ‫الطائرة يف نيويورك « كوملان فانكيفكي « قد‬ ‫ق��دم مذكرة للرئيس األمريكي رونالد ريغان‬ ‫حيذر فيها من خطر الصحون الطائرة‪ ،‬ويطالب‬ ‫احلكومة األمريكية بكشف األسرار واحلقائق‬ ‫اليت تعرفها حول هذا املوضوع أمام الشعب‪،‬‬ ‫وجاء الرد من الرئاسة األمريكية يقول ‪ « :‬إن‬ ‫الرئيس لديه املعلومات الكافية حول اخلطر‬ ‫الذي يهدد سكان األرض وسيعمل ما بوسعه‬ ‫للمحافظة على سالمة الشعب األمريكي بالقدر‬ ‫الكايف من السرية واحلذر ‪ . « ..‬ويف تلك املذكرة‬ ‫الشهرية أك��د « كوملان « ‪ « :‬إن كوبا واالحتاد‬ ‫السوفياتي ( السابق ) وإيران والبريو والواليات‬ ‫املتحدة األمريكية قد تعرضت الستطالعات‬ ‫متواصلة من قبل الصحون الطائرة‪ ،‬وإن��ه يف‬ ‫الكثري من هذه املشاهدات قد مت مطاردة تلك‬

‫األشكال الغريبة أو إطالق النار عليها أحيانا‬ ‫« ‪ .‬ويضيف يف تلك امل��ذك��رة ‪ « :‬إن القانون‬ ‫األم��ري��ك��ي ال���ذي يسمح مب��ط��اردة الصحون‬ ‫الطائرة أو إطالق النار عليها قد يهدد مجيع‬ ‫سكان األرض‪ ،‬إذ ال نعلم نوعية السالح الذي‬ ‫حتمله هذه الصحون‪ ،‬وال نعرف حتى اآلن شيئا‬ ‫عن أهدافها وغاياهتا‪ ،‬وأهنم حتى اآلن حيملون‬ ‫رسالة سالم ومل يقوموا بأي عمل استفزازي‬ ‫ضدنا فلماذا نستفزهم؟ « ‪ .‬وحي��ذر « كوملان‬ ‫« من قيام حرب بني كوكب األرض والكواكب‬ ‫األخرى ويطالب رؤساء الدول املعنية مبعاجلة‬ ‫هذا املوضوع بكثري من الوعي واحلكمة‪ ،‬كما‬ ‫يطلب من سكان األرض مجيعاً مد يد املساعدة‬ ‫والتعاون مع احلضارات األخرى الواردة « ‪.‬‬ ‫واجلنرال « شوارزير « خبري الفضاء والعلوم‬ ‫العسكرية وأحد مساعدي « كوملان « حيذر من‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫خطر االنتقام الذي تنزله الصحون الطائرة يف‬ ‫حال االعتداء عليها‪ ،‬ويكشف عن ثالث حوادث‬ ‫عسكرية حصلت بني سكان األرض والصحون‬ ‫الطائرة ‪:‬‬ ‫ احلادثة األوىل وقعت يف آذار ‪ ،1976‬حني‬‫التقطت أجهزة الرادار الكوبية شكال غريبا يسري‬ ‫بسرعة ‪ 1100‬كلم ‪ /‬ساعة على ارتفاع عشرة‬ ‫آالف مرت متجهاً من مشال اجلزيرة إىل جنوهبا‪،‬‬ ‫وعلى األثر أعطي األمر لطائرتي ( ميغ – ‪) 21‬‬ ‫مبطاردة اجلسم الطائر الذي وصفه الطيارين‬ ‫فيما بعد بأنه يشبه صفيحة معدنية فاحتة اللون‬ ‫ال حتمل أي إشارة أو عالمة تدل على هويتها‪،‬‬ ‫وفجأة أعطى األمر من القيادة األرضية بتدمري‬ ‫اجلسم الطائر‪ ،‬ولكن بعد ثواني أعلم الطيار‬ ‫احلربي بأن الصحن الطائر أصبح على ارتفاع‬ ‫ثالثة آالف مرت بسرعة مذهلة ومن ثم اختفى‬

‫هنائيا باجتاه اجلنوب الشرقي ‪ .‬وهذه احلادثة‬ ‫استطاعت قاعدة املراقبة الفضائية األمريكية‬ ‫يف فلوريدا من التقاطها مع احلديث الذي دار‬ ‫بني الطياريني الكوبيني والقاعدة األرضية‪،‬‬ ‫حيث قامت بعد ذلك برفع تقرير مفصل عنها‬ ‫جمللس األمن القومي يف واشنطن ‪.‬‬ ‫ احلادثة الثانية كانت أثناء جولة استطالعية‬‫للطيار الياباني الكولونيل « ناكامورا « يف طائرة‬ ‫فانتوم عندما أع��ل��ن الطيار ف��ج��أة للقاعدة‬ ‫األرضية عن التقاطه جسماً غريباً له شكل‬ ‫الصفيحة املعدنية امللتهبة يسري بسرعة كبرية‬ ‫جداً باجتاه الساحل الياباني‪ ،‬فأعطت القاعدة‬ ‫أم��راً بتدمريه وما كاد الكولونيل « ناكامورا‬ ‫« يلتقط آخر كلمة من األم��ر العسكري حتى‬ ‫اندلعت النار يف طائرته كأمنا أصيب بشعاع‬ ‫ضوئي معطلة عليه امل��ط��اردة والتدمري‪ ،‬مما‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪195‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪196‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫اضطره للهبوط يف إح��دى السهول وسط‬ ‫احلقول ‪.‬‬ ‫ احل��ادث��ة الثالثة يف خريف ‪ 1978‬على‬‫الساحل اجلنوبي لكوريا‪ ،‬حيث شاهد أحد‬ ‫أفراد املدفعية املكلفة حبماية الشاطئ جسماً‬ ‫غريباً دائ��ري الشكل يف الفضاء ق��دروا قطره‬ ‫مبئيت م�تر‪ ،‬فأعطى ال��ض��اب��ط امل��ش��رف على‬ ‫القاعدة أمراً بإطالق النار على اجلسم الغريب‬ ‫الطائر‪ ،‬فأطلقوا صاروخ « هواك «( أرض – جو‬ ‫)‪ ،‬ولكنه تدمر قبل وصوله إىل اجلسم الغريب‬ ‫ب��واس��ط��ة ش��ع��اع أب��ي��ض انطلق إل��ي��ه م��ن ذلك‬ ‫اجلسم‪ ،‬كما انطلق شعاع مماثل إىل الشاحنة‬ ‫اليت حتمل صاروخني آخرين وصهرمها‪ ،‬حتت‬ ‫بصر رفقة املدفعية‪ ،‬وحوهلا مع الشاحنة إىل‬

‫كتلة معدنية ملتهبة ‪.‬‬ ‫مل��اذا التكتم الرمسي على الظواهر‬ ‫الغريبة؟‬ ‫هذه الوقائع اليت أرفقها « كوملان « يف مذكرته‬ ‫اليت رفعها للرئاسة األمريكية‪ ،‬وختمها بالقول‪:‬‬ ‫« إن الصحون الطائرة ليست مشكلة ختص‬ ‫دول��ة من ال��دول بل هي مشكلة عاملية لذلك‬ ‫تتطلب معاجلتها املزيد من التعاون الدويل على‬ ‫الصعيد العسكري والعلمي وتبادل املعلومات « ‪.‬‬ ‫كما يطالب أيضا بتشكيل جلنة دولية للصحون‬ ‫الطائرة هدفها تعميق البحث يف هذا اجملال‬ ‫للتوصل إىل حلول ناجحة ملشكلتنا مع « الغزاة‬ ‫« اجلدد الذين يتوافدون من الكواكب األخرى‪،‬‬ ‫ويؤكد على ضرورة التوصل إىل حل معهم دون‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫اللجوء إىل القوة ‪.‬‬ ‫ويؤكد العاملان « فرانك دراك « و « كارل‬ ‫س��اغ��ان « أن هناك أكثر م��ن مليون حضارة‬ ‫متفوقة على احلضارة اإلنسانية تتواجد يف‬ ‫جمرتنا ‪ .‬ويقول العامل « فرانسيس كريك «‬ ‫احلائز على جائزة نوبل ‪ « :‬إن اإلنسان حتدر‬ ‫يف مرحلة من مراحل التاريخ من هذه املخلوقات‬ ‫اخل��ارج��ة عن كوكبنا «‪ ،‬م��ؤك��دا « أن تفوقها‬ ‫احلضاري قد دفعها إىل إرسال بعض « العينات‬ ‫« منها إىل الكواكب األخرى يف مراكب فضائية‬ ‫متطورة تقنياً « ‪ .‬وجيزم العامل « جي ‪ .‬دانيال‬ ‫« أن بعض احلضارات املتطورة تقنيا رفضت‬ ‫تعصبنا الكوكيب ( نسبة إىل كوكب األرض )‪،‬‬ ‫وفضلت السكن يف مدن اصطناعية ‪ .‬ويتساءل‬ ‫الفيزيائي « إنريكو فريمي « بعد تقدميه أول‬ ‫بطارية شعاعية ذرية ‪ « :‬جيب أن يكونوا بيننا‬ ‫‪ ..‬ولكن أين خيتبئون؟ « ‪ .‬فيجيب االختصاصي‬ ‫يف أدب اخليال العلمي « جريارد كلني « على هذا‬ ‫السؤال بالقول ‪ « :‬كما حيلو ألي متنزه يف غابة‬ ‫أال يرتك أثراً وراءه أو عالمة تدل على مروره يف‬ ‫ذلك املكان‪ ،‬فإن املخلوقات املتطورة تعيش يف‬ ‫حضننا وال تكرتث كثريا للماضي‪ ،‬وإن الربهان‬ ‫األكيد لوجود املخلوقات املتطورة بيننا هو كوننا‬ ‫ال نراهم « ‪.‬‬ ‫وبعد ‪ ...‬تلك هي جمموعة قليلة من الكثري‬ ‫من الوقائع والنظريات اليت تناولت « الزائرين‬ ‫اجلدد « أو « الغزاة «‪ ،‬فالبعض ملس وجودهم‬ ‫بالعني اجملردة‪ ،‬وبعضهم ملس آثارهم‪ ،‬وبعضهم‬ ‫حلل منطقياً وعلمياً إمكانية « اللقاء « معهم‪،‬‬ ‫وبعضهم التقط « رسائل « منهم‪ ،‬فيما يواصل‬ ‫البعض إنكار وجودهم ‪ ..‬فأين احلقيقة؟ ‪ ..‬يقول‬ ‫العامل والباحث املعروف « إريك فون دانيكن«‪« :‬‬ ‫ما هي هذه العلوم الرمسية اليت رفضت نظرية‬ ‫« برونو « و « غاليلي « و « أدي��س��ون « ؟‪ ،‬ثم‬ ‫عادت واكتشفت احلقيقة « ‪ .‬ويضيف ‪ « :‬يف‬ ‫أزمنة غابرة‪ ،‬قامت بزيارة األرض خملوقات‬ ‫م��ت��ط��ورة ج���اءت م��ن ال��ف��ض��اء‪ ،‬وب��ف��ض��ل هذه‬

‫املخلوقات اكتسب اإلنسان ذكاءه وليس بفضل‬ ‫نظرية التطور عند « داروين « ‪ .‬وخيتتم بالقول‬ ‫‪ « :‬كي ال نقع يف خطأ العلوم الرمسية نقول ‪:‬‬ ‫ليس علينا أن نثبت وجود املخلوقات األخرى‬ ‫والزيارات اليت قاموا هبا إىل األرض‪ ،‬بل على‬ ‫الذين يرون عكس رأينا أن يثبتوا عدم وجودها‬ ‫وعدم قيامها سابقاً بزيارات إىل كوكبنا « ‪.‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬ ‫‪w.‬‬ ‫‪ww‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪197‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪198‬‬ ‫وسيم قدورة‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫مت اخرتاع األقراص الصلبة يف مخسينيات‬ ‫القرن العشرين‪ ،‬وكانت عبارة عن أقراص كبرية‬ ‫يصل قطرها إىل حوايل الـ ‪ 20‬بوصة (‪50.8‬‬ ‫سم)‪ .‬وعلى الرغم من حجمها الكبري إال أهنا‬ ‫كانت تتسع للقليل من الـ ‪ Megabytes ‬فقط‬ ‫!!‪ .‬ومل تكن تعرف يف ذلك الوقت بالـ ‪Hard‬‬ ‫‪ disk‬بل كانت تعرف باسم ‪ Fixed disks‬أو‬ ‫بـ‪Winchesters .‬‬ ‫وجاءت تسميته بـ ‪ Hard Disk‬بعد ذلك‬ ‫لكي يتم التمييز بينها و بني األقراص املرنة‪.‬‬ ‫وكما هو واض��ح من امسه حيتوي القرص‬ ‫الصلب علي (ق��رص صلب) أو م��ا يعرف بـ‬ ‫‪ ، platter‬ه��ذا ال��ق��رص توضع عليه املادة‬ ‫املغناطيسية اليت تستخدم يف حفظ البيانات‪،‬‬ ‫وه��ذه امل��ادة هي نفسها امل��ادة املستخدمة يف‬ ‫األقراص املرنة و شرائط الكاسيت ‪ ،‬ولكن الفرق‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪ww‬‬

‫أقسام القرص الصلب‪:‬‬ ‫يتكون القرص الصلب من صندوق مصنوع‬ ‫من مادة األملنيوم مغلق بإحكام‪ .‬ويتم التحكم‬ ‫بعملية الكتابة والقراءة بشكل الكرتوني وآيل ‪.‬‬ ‫وميكن تقسيم مكونات القرص الصلب إىل‬ ‫أجزاء ميكانيكية وأجزاء أخرى الكرتونية وهي‪:‬‬

‫‪w.‬‬

‫هو أن األقراص املرنة والكاسيت يتم فيها وضع‬ ‫املادة املغناطيسية على ماده بالستيكية مرنة‪.‬‬ ‫وال خت��ت��ل��ف ط��ري��ق��ة خت���زي���ن البيانات‬ ‫املغناطيسية يف القرص الصلب عن شرائط‬ ‫الكاسيت أو األقراص املرنة حيث تتميز هذه‬ ‫الطريقة يف سهولة الكتابة وامل��س��ح وإعادة‬ ‫الكتابة مرة أخرى وبذلك االحتفاظ باملعلومات‬ ‫املخزنة عليها لعدة سنوات‪.‬‬

‫‪ - 1‬األقراص (‪:)Platters‬‬ ‫حيتوي القرص الصلب على عدة أقراص‬ ‫دائ��ري��ة الشكل تتوضع بشكل متالصق فوق‬ ‫بعضها البعض ومثبتة بعمود دوران مشرتك‬ ‫حيث تدور حوله بسرعة متساوية‪.‬‬ ‫وك��ل��م��ا زاد ع���دد األق����راص امل���وج���ودة يف‬ ‫القرص الصلب ازدادت السعة التخزينية هلذا‬ ‫القرص‪.‬‬ ‫وهذه األقراص مغلفة بطبقة من مادة قابلة‬ ‫للمغنطة حتى نتمكن من ختزين البيانات على‬ ‫سطحها‪.‬‬ ‫ويقسم كل قرص إىل مسارات على شكل‬ ‫دوائر وبالطبع تكون هذه الدوائر متحدة املركز‪،‬‬ ‫وكل مسار فيها مقسم إىل قطاعات تستخدم‬ ‫لتخزين كمية ثابتة من الـ ‪Data‬‬ ‫‪ – 2‬رؤوس القراءة والكتابة ‪:‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪199‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪ – 3‬األذرع ‪:‬‬ ‫هي اليت حتمل رؤوس القراءة والكتابة‪ .‬ويتم‬ ‫حتريك هذه األذرع اخلفية الوزن جداً بواسطة‬ ‫منظومة ميكانيكية دقيقة وسريعة جداً‪ ،‬وميكن‬ ‫هلذه املنظومة أن حترك الذراع من داخل قرص‬ ‫التخزين إىل حافته اخلارجية وبالعكس مخسني‬ ‫مرة يف الثانية الواحدة وميكن أن يتم بناء مثل‬ ‫هذه املنظومة باستخدام حمرك خطي سريع‪.‬‬ ‫وهل���ذه امل��ن��ظ��وم��ة امليكانيكية ن��وع��ان من‬ ‫التكنولوجيا‪:‬‬ ‫األوىل‪ :‬تعرف مبنظومة الـ ‪Band Stepper‬‬ ‫‪ Motor‬وتعتمد يف فكرهتا على كمية الكهرباء‬

‫ختزين البيانات على القرص الصلب‪:‬‬ ‫يتم ختزين اليانات على القرص الصلب يف‬ ‫قطاعات تسمى بالـ ‪ Sectors‬ومسارات تدعى‬ ‫بالـ ‪.Tracks‬‬ ‫امل��س��ارات ع��ب��ارة ع��ن دوائ���ر متحدة املركز‬ ‫كما شرحنا سابقاً والقطاعات هي أجزاء من‬ ‫املسارات‪.‬‬ ‫وكلما متكنا من زي��ادة عدد القطاعات يف‬ ‫املسار الواحد زادت السعة التخزينية الكلية‬ ‫للقرص الصلب‪.‬‬ ‫العوامل املؤثرة يف القرص الصلب‪:‬‬ ‫‪ -‬معدل نقل البيانات (‪ )Data rate‬وهو‬

‫‪200‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫يلزم كل قرص رأسني‪ ،‬واحد للقراءة وآخر‬ ‫للكتابة حيث يتوضع األول يف أسفل القرص‬ ‫واآلخر أعاله‪.‬‬ ‫فمثالً لو كان لدينا قرص صلب حيتوي على‬ ‫ثالثة أقراص ختزينية فإننا نكون حباجة إىل‬ ‫ستة رؤوس قراءة وكتابة‪.‬‬ ‫وال ت��ك��ون ه��ذه ال����رؤوس مالمسة لسطح‬ ‫أقراص التخزين بل تكون مرتفعة عنها مبقدار‬ ‫صغري ج��داً‪ .‬وإذا المست هذه ال��رؤوس سطح‬ ‫القرص التخزيين سيؤدي ذلك إىل تلف اجلزء‬ ‫الذي المسته ويسمى بالـ ‪Bad Sector‬‬

‫اليت ترسلها لوحة التحكم اإللكرتونية‪ ،‬وأثبتت‬ ‫هذه التكنولوجيا بأهنا غري فعالة ألهنا كثرية‬ ‫املشاكل نتيجة تأثرها بدرجة احل��رارة وألهنا‬ ‫أيضاً سريعة التلف‪.‬‬ ‫الثانية‪ :‬منظومة الـ ‪ : Voice Coil‬يف هذا‬ ‫النوع تقوم لوحة التحكم االلكرتونية بإرسال‬ ‫تيار كهربائي إىل احملرك وهذا التيار يستخدم‬ ‫يف توليد جم��ال مغناطيسي لتحريك الذراع‬ ‫ما جيعل لوحة التحكم اإللكرتونية قادرة على‬ ‫التحكم مبوقع الرأس ألهنا تتحكم بالذراع عن‬ ‫طريق التحكم يف شدة التيار الكهربائي‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬ ‫‪w.‬‬ ‫‪ww‬‬

‫عدد البايت اليت يتم نقلها من القرص الصلب ووصول أول بايت من امللف إىل الكمبيوتر‪.‬‬ ‫ نوع الواجهة أو الـ (‪ )Interface‬الذي‬‫للكمبيوتر يف الثانية الواحدة‪.‬‬ ‫ زمن الوصول (‪ )Seek Time‬وهو الزمن يستخدمه القرص الصلب‪.‬‬‫ الكثافة التخزينية وهي عدد البايت اليت‬‫املستغرق بني طلب امللف من القرص الصلب‬ ‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪201‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪202‬‬

‫ميكن ختزينها يف مساحة معينة من القرص‬ ‫الصلب‪.‬‬ ‫ وأخرياً واألهم السعة (‪ )Capacity‬الكلية‬‫للقرص الصلب‪.‬‬ ‫نصائح هامة للحفاظ على القرص‬ ‫الصلب‪:‬‬ ‫‪ -1‬ح��اف��ظ ع��ل��ى درج����ة ح����رارة القرص‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫الصلب‪ .‬ه��ل تعلم أن أكثر القطع حساسية‬ ‫للحرارة يف أجهزة الكمبيوتر هو القرص املرن؟‬ ‫حنن نتحدث هنا عن قطع غاية يف الدقة تدور‬ ‫بسرعات ‪ 15000 -7200‬دورة يف الدقيقة‬ ‫الواحدة‪ ،‬هذه سرعات عالية جداً وأي زيادة‬ ‫عن احلد املسموح به ستؤدي بال شك إىل فشل‬ ‫مفاجئ بسبب متدد بعض القطع املرنة‪.‬‬ ‫درجة احلرارة الطبيعية للقرص الصلب هي‬ ‫بني ‪ 45-30‬درجة مئوية‪.‬‬ ‫‪ -2‬قلل من عمليات القرص الصلب‬ ‫تعرض القرص الصلب لعمليات كتابة وقراءة‬ ‫كثيفة لفرتات طويلة تزيد من احتمالية فشله‬ ‫بشكل كبري‪ ،‬ع��ادة ما حيدث هذا يف األجهزة‬ ‫املستضيفة مللفات ذات شعبية واسعة كاملواقع‬ ‫املزحومة بالزوار أو األجهزة اليت متلك ذاكرة‬ ‫غ�ير كافية مم��ا جي�بر النظام على استخدام‬ ‫القرص الصلب كذاكرة احتياطية ولكنها مكلفة‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫من حيث األداء ناهيك عن العواقب البعيدة‬ ‫املدى‪ .‬وأنسب حل هلذه املشكلة هو زيادة حجم‬ ‫ال��ذاك��رة كي تتم العمليات فيها دون احلاجة‬ ‫الستخدام القرص الصلب وس�ترى التحسن‬ ‫الكبري يف أداء اجلهاز حتى عند نقل امللفات‪.‬‬ ‫‪ - 3‬رت��ب املساحات على القرص الصلب‬ ‫(إع���ادة التجزئة) دوري���اً بالتقليل م��ن حركة‬ ‫القطعة ال�تي تقرأ البيانات (ال��رأس القارئ)‬ ‫وذل��ك بتقريب أج��زاء امللف الواحد وترتيبها‬ ‫حبيث يستطيع قراءهتا بأقل جمهود ممكن‪.‬‬ ‫‪ -4‬جتنب تعريض اجلهاز للحركة الكثرية‬ ‫خالل العمل‪ .‬فرؤية القرص املرن وهو يعمل‪،‬‬ ‫ومعرفة الدقة العالية ومسافة الشعرة بني‬ ‫ال��رأس القارئ والقرص الذي يدور بسرعات‬ ‫عالية سيصيبك بالرعب واخلوف من حدوث‬ ‫اح��ت��ك��اك خي��دش ال��ق��رص ويضيع بياناتك‪.‬‬

‫فلو‪ ‬تعرض الرأس هلزة قوية سيالمس سطح‬ ‫القرص وخيدشه‪.‬‬ ‫‪ -5 ‬زود جهازك والقرص الصلب مبصدر‬ ‫طاقة دائ��م‪ .‬فاملعروف أن الكهرباء ترتدد بني‬ ‫اهلبوط والصعود يف قوهتا ومعظم األجهزة‬ ‫حتتوي ح��واج��ز حت�ترق عندما تزيد الطاقة‬ ‫ال��واردة عن احلد املسموح به حلماية جهازك‬ ‫م��ن ال��ص��دم��ة الكهربائية‪ ،‬وب��ال��ت��ايل يتوقف‬ ‫جهازك فجأة‪ .‬هذا التوقف املفاجئ له عواقب‬ ‫وخيمة عندما يتوقف القرص الصلب عن العمل‬ ‫والرأس القارئ ال يزال يف وضع غري آمن‪.‬‬ ‫‪ -6‬اب��ع��د ك���ل م���ا ه���و م��غ��ن��اط��ي��س��ي عن‬ ‫جهازك‪.‬‬ ‫ً‬ ‫أخ�يرا ال بد لنا من أن نأخذ احليطة عن‬ ‫طريق حفظ نسخة احتياطية من معلوماتنا‬ ‫لعدم فقداهنا يف أي حال من األحوال‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪203‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪204‬‬ ‫سالم مراد‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫ولد برتراند رسل يف ‪ 18‬مايو سنة ‪1872‬م‪.‬‬ ‫وهو من أسرة رسل اإلجنليزية العريقة‪ ،‬مات‬ ‫أبوه وهو يف الثالثة من عمره‪ .‬تلقى تعليمه األول‬ ‫على يد املربيات واملربني‪ .‬وعلى أيديهم أتقن‬ ‫اللغتني الفرنسية واألملانية‪.‬‬ ‫ثم التحق بكلية ترنيت جبامعة كامربدج سنة‬ ‫‪ 1890‬وكان طالباً يتميز باخلجل واحلياء‪.‬‬ ‫بعد خترجه بدرجة االمتياز يف الفلسفة‪،‬‬ ‫اختري زميالً يف كليته يف خريف عام ‪1895‬م‪.‬‬ ‫وكان قد عُيِّن عام ‪ 1894‬ملحقاً بالسفارة‬ ‫الربيطانية بباريس‪.‬‬ ‫زار املؤمتر الرياضي بباريس مع صديقه‬ ‫ألفرد وايتهيد‪.‬‬ ‫كتب يف عام ‪ 1903‬أول كتبه اهلامة وعنوانه‬ ‫(ق��واع��د ال��ري��اض��ات)‪ ،‬وش���رع ه��و وصديقه‬ ‫وايتهيد بالتوسع يف دراس��ة املنطق الرياضي‪،‬‬ ‫وصدر هلما اجمللد األول من كتاهبما املشرتك‬ ‫عام ‪1910‬م‪ .‬وعُيِّن مدرساً بكليته القدمية يف‬ ‫عام ‪1910‬م‪.‬‬ ‫ب��ع��د ن��ش��وب احل���رب ال��ع��امل��ي��ة األوىل كان‬ ‫ل��ه نشاط ظاهر يف حركة مقاومة التجنيد‬ ‫اإلجباري‪ ،‬وحكم عليه بغرامة قدرها (‪)100‬‬ ‫جنيه ألنه أصدر نشرة ينتقد فيها احلكم على‬ ‫أحد معارضي التجنيد بالسجن سنتني‪.‬‬ ‫وق��د بيعت مكتبته للوفاء هب��ذه الغرامة‪،‬‬ ‫وفصلته كليته من وظيفة مدرّس‪.‬‬ ‫عُرض عليه العمل جبامعة هارفارد‪ ،‬ولكنه‬ ‫مل مينح جواز سفر‪.‬‬ ‫حكم عليه عام ‪ 1918‬بالسجن ستة أشهر‬ ‫لنشره مقاالً حيبذ السلم‪.‬‬ ‫س��اف��ر يف خ��ري��ف ع��ام ‪ 1920‬إىل الصني‬ ‫ليحاضر يف الفلسفة جبامعة بيينبج‪ .‬وملا عاد‬ ‫عام ‪ 1921‬كان يكسب عيشه من احملاضرات‬ ‫والكتابة يف الصحف وتأليف الكتب الشعبية‪ .‬أما‬ ‫الصيف فكان خيصصه للمؤلفات الرئيسية‪.‬‬ ‫س��اف��ر إىل ال��والي��ات املتحدة ع��ام ‪.1938‬‬ ‫ويف السنوات التالية كان يدرّس يف اجلامعات‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫الكربى هناك‪.‬‬ ‫عاد رسل إىل إجنلرتا عام ‪ 1944‬واختري للمرة‬ ‫الثانية زميالً بكلية ترنيت‪.‬‬ ‫مُنحَ جائزة نوبل يف األدب يف نوفمرب سنة‬ ‫‪1950‬م‪.‬‬ ‫نشر كتاب النظرة العلمية ألول م��رة عام‬ ‫‪ 1931‬ثم طبع مرة أخرى عام ‪.1949‬‬ ‫وال�ترمج��ة ال��ع��رب��ي��ة منقولة ع��ن��د الطبعة‬ ‫الثانية‪.‬‬ ‫أصبح رسل بعد أن جاوز الثمانني من عمره‬ ‫علماً من أعالم الفكر احلديث وال زال نشاطه‬

‫العقلي والفكري ملء أمساع العامل‪.‬‬ ‫بعد احلرب العاملية الثانية اهتم بتبيان أثر‬ ‫التقدم العلمي على مستقبل البشرية واتصل‬ ‫يف ذلك بأئمة الفكر والعلم يف العامل‪ ،‬وشهد‬ ‫يف صيف سنة ‪1955‬م مؤمتراً عاملياً يف لندن‬ ‫دعا فيه إىل نبذ األسلحة النووية وح��ذر من‬ ‫خطرها املادي واملعنوي على اإلنسانية واشرتك‬ ‫مع إينشتني وغريه من كبار مفكري العامل يف‬ ‫كتابة ن��داء هب��ذا املعنى بشأن القنابل الذرية‬ ‫واهليدروجينية‪.‬‬ ‫تويف رسل يف لندن عام ‪1970‬م‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪205‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫رسل والنظرة العلمية‬ ‫بني رسل إن الطريقة العلمية يف جوهرها‬ ‫بسيطة حتى لو بدت معقدة يف شكلها النهائي‪.‬‬ ‫فهي تتلخص يف مالحظته احلقائق اليت مت ِّكن‬ ‫من يالحظها من اكتشاف قوانني عامة تسري‬ ‫على حقائق من نفس النوع‪.‬‬ ‫االكتشاف مير مبرحلتني‪ ،‬املالحظة أوالً‪،‬‬ ‫واستنتاج قانون ثانياً‪ ،‬وكلتامها ضروريتان‪،‬‬ ‫وكلتامها قابلتان للتهذيب إىل غري حدّ تقريباً‪.‬‬ ‫فأول رجل قال (النار حترق) كان يستخدم‬ ‫الطريقة العلمية يف جوهرها‪ ،‬فقد مسح لنفسه‬ ‫بأن حيرق عدة مرات‪ ،‬فهذا الرجل قد مر فعالً‬ ‫مبرحليت املالحظة والتعميم‪ .‬ومع ذلك فليس‬ ‫لديه ما يتطلبه املنهج العلمي‪.‬‬ ‫فالرجل ال��ذي قال أيضاً إن األجسام اليت‬ ‫ال ميسكها شيء يف اهلواء تسقط فهو إمنا قد‬ ‫عمم فحسب‪ ،‬وعرّض قوله ألن ّ‬ ‫يكذبه املنطاد‬ ‫والفراشة والطائرة‪ ،‬بينما الرجل الذي يفهم‬ ‫نظرية سقوط األجسام يعرف كذلك مل��اذا ال‬ ‫تسقط بعض األجسام استثناءً من القاعدة‪.‬‬ ‫إن الطريقة العلمية على بساطة روحها‬ ‫مل تُك ًتسَب إال مبشقة ب��ال��غ��ة‪ ،‬وال ي���زال من‬ ‫يستخدمها قلّة يف الناس‪ ،‬وحتى ه��ذه القلّة‬ ‫تقصر استخدامها على قلّة من املسائل اليت‬ ‫حتكم عليها‪ ،‬ووضح ذلك رسل مبثال فإذا كنت‬ ‫تعرف جهبذاً من جهابذة العلم‪ ،‬قد اعتاد الدقة‬ ‫الكمية التامة يف جتاربه‪ ،‬واملهارة فيما خيلص‬ ‫منها إليه‪ ،‬فإنكَ تستطيع أن جتري عليه جتربة‬ ‫لن تضيع سدى يف غالب الظن‪.‬‬ ‫فلتناقشه يف السياسة احلزبية أو الالهوت‬ ‫أو ضريبة ال��دخ��ل أو مس��اس��رة امل��ن��ازل أو ما‬ ‫شابه ذل��ك من املوضوعات‪ .‬ولتكن على ثقة‬ ‫تامة تقريباً من أنه لن ميضي وقت قصري حتى‬ ‫ينفجر انفجاراً‪ ،‬وأنكَ ستستمع إليه يديل بآراء‬ ‫مل تُثَبَّت قط‪ ،‬يف تعصّب ال يبديه مطلقاً إزاء‬ ‫النتائج املمحصة لتجاربه املعملية‪.‬‬ ‫يدلنا هذا املثال على أن السلوك العلمي غري‬

‫‪ob‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪206‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫طبيعي بالنسبة لإلنسان إىل حد ما‪ .‬فمعظم‬ ‫آرائنا هي من قبيل حتقيق الرغبة‪ ،‬شأهنا شأن‬ ‫األحالم يف نظرية فرويد‪.‬‬ ‫وأن ذهن أشدنا تعقالً لشبيه ببصر عاصف‬ ‫من املعتقدات العاطفية اليت ترتكز على الرغبة‪،‬‬ ‫يكاد يطفو فوقها قليل من القوارب الضئيلة‬ ‫احململة باملعتقدات اليت تثبت علمياً‪.‬‬ ‫وليس لنا أن نأسى على ذلك‪ ،‬فإن احلياة‬ ‫البدّ لنا من أن حنياها‪ ،‬وليس لدينا وقت يتسع‬ ‫ألن خنترب بعقولنا ك��ل املعتقدات ال�تي تنظم‬ ‫سلوكنا‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫ولوال شيء من اخلفة املستحبة‪ ،‬ملا استطاع‬ ‫أحد أن حييا طويالً‪ ،‬لذلك وجب أن تقتصر‬ ‫الطريقة العلمية على آرائنا الرزينة والرمسية‪.‬‬ ‫فالطبيب الذي يصف للمريض الطعام الذي‬ ‫يتناوله ينبغي أن يفعل ذلك بعد تدبّر لكل ما‬ ‫يقوله العلم يف املوضوع‪.‬‬ ‫ولكن املريض ال��ذي يتبع نصائح الطبيب‪،‬‬ ‫ال يستطيع أن ينتظر حتى يثبت ص��دق ما‬ ‫مس��ع‪ .‬فعليه إذن أن يعتمد ال على العلم‪ ،‬بل‬ ‫على إميانه بأن طبيبه علميّ‪ .‬واجملتمع املشبع‬ ‫بالعلم هو ذلك اجملتمع الذي وصل فيه اخلرباء‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫إىل آرائهم بالطرق العلمية‪ .‬أما املواطن العادي‬ ‫فيستحيل عليه أن يكرر عمل اخلرباء بنفسه‪،‬‬ ‫والعامل احلديث به قدر ضخم من املعلومات‬ ‫املمحصة يف كل نواحي املعرفة‪ ،‬وهذه يقبلها‬ ‫الرجل العادي مطمئناً دون حاجة إىل الرتدد‪،‬‬ ‫ولكن العاطفة القوية إذا شابت حكم اخلبري‪،‬‬ ‫جعلته رجالً ال يُعتمد عليه مهما يكن حظه من‬ ‫العلم‪.‬‬ ‫فالرأي العلمي هو ما يوجد سبب لالعتقاد‬ ‫بصحته‪ ،‬والرأي غري العلمي هو ما يقبل لسبب‬ ‫غري احتمال صحته‪.‬‬ ‫إن اخلاصية األساسية للنهج العلمي هي‬ ‫أنه يبدأ من التجربة‪ ،‬وليس من التقاليد‪ ،‬ولكن‬ ‫يبقى احلد بني النهج العلمي والنهج التقليدي‬ ‫غري حاسم بشكل دقيق‪ ،‬وال يستطيع أحد أن‬ ‫يقول على وجه الدقة أين ينتهي أحدمها‪ ،‬وأين‬ ‫يبدأ اآلخر‪.‬‬ ‫لقد كان امل��زارع��ون البدائيون يستخدمون‬ ‫األجسام البشرية مساداً‪ ،‬وكانوا يعتربون أثرها‬ ‫الطيب سحراً‪ .‬وكانت هذه املرحلة قطعاً سابقة‬ ‫على الطريقة العلمية‪ ،‬وسبق استخدام األمسدة‬ ‫الطبيعية الذي تال تلك املرحلة واستمر حتى‬ ‫وقتنا هذا الذي استخدمها بشكل علمي‪.‬‬ ‫لقد كانت أعظم انتصارات العلم التطبيقي‬ ‫يف ميدان الطبيعة والكيمياء‪ .‬وجاء التطور يف‬ ‫اآلل��ة بشكل ق��وي وس��ري��ع‪ ،‬فاملنهج الصناعي‬ ‫دائماً كان حياول إحالل صور حمل صور أخرى‪،‬‬ ‫فاإلنسان كان يعتمد على قوة عضالته ثم حتول‬ ‫إىل االعتماد على ق��وة عضالت احليوانات‪،‬‬ ‫فاإلنسان البدائي شارك احليوان يف االعتماد‬ ‫على العضالت‪ ،‬فلما زادت املعارف‪ ،‬تزايدت‬ ‫املقدرة بالتدريج للسيطرة على منابع القوة اليت‬ ‫أتاحت الراحة للعضالت‪.‬‬ ‫فقد اخرتع العجلة عبقري يف جماهل املاضي‪،‬‬ ‫وأغرى آخر الثور واحلصان بإدارة هذه العجلة‪.‬‬ ‫والب��دّ أن مهمة ترويض الثور واحل��ص��ان كانت‬ ‫أصعب من مهمة ترويض الكهرباء‪ ،‬ولكن أمرها‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪207‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬ ‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪208‬‬

‫كان يتطلب الصرب ال الذكاء‪ .‬أما الكهرباء‬ ‫فشأهنا كشأن اجل�ني يف (أل��ف ليلة وليلة)‬ ‫خادم صبور ملن عرف الصيغة الصحيحة‪.‬‬ ‫واكتشاف الصيغة عسري‪ ،‬ولكن ما تبقى‬ ‫يسري‪ .‬ففي حالة ال��ث��ور واحل��ص��ان مل يكن‬ ‫اإلنسان حباجة إىل مهارة كبرية ليدرك أن‬ ‫عضالهتما أقدر يف إجناز األعمال اليت كانت‬ ‫تقوم هبا عضالت اإلنسان قبل ذلك‪.‬‬

‫والب �دّ أن وقتاً طويالً قد مضى قبل أن‬ ‫يصبح ال��ث��ور واحل��ص��ان خاضعني ملشيئة‬ ‫املروّض‪ .‬ويقول البعض أهنما قد رُوضا ألهنما‬ ‫كانا يُعبدان‪ ،‬وأن االستخدام العملي هلما قد‬ ‫أت��ى بعد أن أمت رج��ال الدين استئناسهما‪.‬‬ ‫وه��ذه النظرية مرجحة بطبيعتها‪ ،‬ألن كل‬ ‫تقدم كبري إمنا نشأ أصالً من دوافع غري ذات‬ ‫قصد‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪ww‬‬

‫السبيل إىل هرتز ‪ .Hertz‬فقد كان أول من‬ ‫أوجد املوجة املغناطيسية الكهربائية صناعياً‪.‬‬ ‫فلم يبق إال أن خيرتع جهازاً ميكن به توليد‬ ‫هذه املوجات حبيث حتقق نفعاً جتارياً‪ ،‬وهذه‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪ob‬‬

‫إن ال��ن��ه��ج العلمي‬ ‫احل��دي��ث ق��د ب��ث يف‬ ‫اإلن��س��ان اإلحساس‬ ‫باملقدرة‪ ،‬وهذا يغري‬ ‫عقليته كلها بسرعة‪،‬‬ ‫ف��ق��د ك��ان��ت البيئة‬ ‫الطبيعية حتى زمن‬ ‫قريب شيئ ًا ال حميص‬ ‫عن قبوله‪ ،‬وكان أن مت‬ ‫االنتفاع منها ما أمكن‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫فاالكتشافات العلمية قد أجريت لذاهتا‪ ،‬ال‬ ‫الستغالهلا‪ .‬فالنظرية املغناطيسية الكهربائية‬ ‫اليت يعتمد عليها استخدام الالسلكي‪ ،‬جتد‬ ‫أن املعرفة العلمية املتصلة هبذه النظرية بدأت‬ ‫بفراداي‪ ،‬فهو أول من فحص فحصاً جتريبياً‬ ‫العالقة بني الوسط املتداخل وبني الظواهر‬ ‫الكهربائية‪ .‬ومل يكن فراداي رياضياً‪ ،‬ولكن‬ ‫نتائجه وضعها ك�لارك يف صيغة رياضية‪،‬‬ ‫كما اكتشف بأساليب نظرية حبتة أن الضوء‬ ‫يرتكب من موجات مغناطيسية كهربائية‪.‬‬ ‫ويرجع الفضل يف املرحلة التالية يف هذا‬

‫اخلطوة كما يعرف خطاها مركوني‪.‬‬ ‫ويف ح���دود م��ا ن��ع��ل��م‪ ،‬مل يفكر ف���راداي‬ ‫وم��ك��س��وي��ل وه���رت���ز حل��ظ��ة م���ا يف إمكان‬ ‫استغالل اكتشافاهتم عملياً‪ ،‬فاحلق أنه حتى‬ ‫أشرفت البحوث على التمام كان من احملال‬ ‫التكهن باالستعماالت اليت ستستغل فيها هذه‬ ‫املكتشفات‪ .‬وحتى حني يكون اهلدف عملياً‬ ‫حبتاً‪ ،‬فإن حل مشكلة من املشاكل كثرياً ما‬ ‫ينتج عنه حل مشكلة أخرى مل تكن تربطها‬ ‫هبا أية رابطة ظاهرة‪.‬‬ ‫إن النهج العلمي احلديث قد بث يف اإلنسان‬ ‫اإلحساس باملقدرة‪ ،‬وهذا يغري عقليته كلها‬ ‫بسرعة‪ ،‬فقد كانت البيئة الطبيعية حتى زمن‬ ‫قريب شيئاً ال حميص عن قبوله‪ ،‬وكان أن مت‬ ‫االنتفاع منها ما أمكن‪.‬‬ ‫فإذا مل تف كمية املطر بإقامة احلياة‪ ،‬مل‬ ‫يكن هناك غري املوت أو اهلجرة‪ ،‬فأما األقوياء‬ ‫حربياً فكانوا يلوذون باهلجرة‪ ،‬وأما الضعفاء‬ ‫فكانوا ال جيدون إال املوت‪ .‬أما البيئة الطبيعية‬ ‫يف نظر الرجل احلديث فهي جمرد مادة خام‪.‬‬ ‫جمرد فرصة لالستغالل‪.‬‬ ‫وبيَّن رسل أن الناس طبقوا النهج العلمي‬ ‫ليشبعوا يف أنفسهم ع���دداً م��ن الرغبات‬ ‫املختلفة‪ ،‬وك��ان أهم ما طبق فيه أول األمر‬ ‫إنتاج املالبس ونقل البضائع والناس‪ ،‬وأدت‬ ‫باستخدام التلغراف وظائف هامة يف النقل‬ ‫السريع للرسائل‪ ،‬فأمكن وج��ود اجلريدة‬ ‫احلديثة واحلكومة املركزية‪.‬‬ ‫وبفضل الرغبات وامليول واالستفادة من‬ ‫التطور والنهج العلمي‪ ،‬تقدم الطب‪ ،‬وزيادة‬ ‫اخلدمات الصحية بدورها أدت إىل تقليل‬ ‫الشقاء والتعاسة‪.‬‬ ‫يتساءل براتراند رسل‬ ‫هل يستمر رجحان ك ّفة العلم يف امليزان؟‬ ‫واجل��واب ‪ :‬ه��ذا ما خيربنا به املستقبل‪،‬‬ ‫ولكن من املؤكد أن كفته ظلت راجحة حتى‬ ‫اآلن لصاحل اإلنسان‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪209‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪210‬‬

‫أجسام طائرة جمهولة اهلوية‬ ‫عرض‪ :‬نضال غامن‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫اخل���وض يف م��وض��وع م��ث�ير ل��ل��ج��دل‪ ،‬إث���ارة‬ ‫ل��ل��ج��دل‪ ،‬ودخ���ول يف س��رادي��ب اجمل��اه��ي��ل غري‬ ‫احملدودة النهاية ‪.‬‬ ‫وحن��ن يف ه��ذا الكتاب ( األط��ب��اق الطائرة‬ ‫–تأليف جوهانس فون بوتالر ترمجة املهندس‬ ‫خالد محشو )‪ ،‬نقف أمام ظاهرة من الظواهر‬ ‫اليت مل توضع هلا قواعد أو أسس علمية‪ ،‬كوهنا‬ ‫مازالت ظاهرة مثرية للشك حتى يومنا هذا‪،‬‬ ‫رغم أهنا لوحظت وشوهدت منذ بدايات القرن‬ ‫املاضي‪ ،‬ودار حوهلا نقاش وجدل واسعان‪ ،‬ولكن‬ ‫الشك يف كثري من األح��ي��ان‪ ،‬واالستهجان من‬ ‫ناحية أخرى كانا مالزمني ألي حوار أو نقاش‬ ‫يتناول موضوع األطباق الطائرة‪ .‬غري أن الكاتب‬ ‫أقدم على كتابة هذا البحث – رغم املشككني‪،‬‬ ‫وبعد تفكري طويل – كما يقول‪ .‬ويرى أن هناك‬ ‫موقفني من هذه الظاهرة‪ .‬إما التصديق‪ ،‬وإما‬ ‫الرفض‪ ،‬وه��و يعترب أن هدفه هو البحث عن‬ ‫احلقيقة‪ ،‬ولذلك فإنه لن يرتاجع عما عقد العزم‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬

‫خالل احلرب العاملية‬ ‫الثانية‪ ،‬صرّح عدد من‬ ‫الطيارين أهنم شاهدوا‬ ‫أجسام ًا غريبة طائرة‪،‬‬ ‫كانت تطاردهم‪ ،‬كما‬ ‫كانت ترتاقص أمامهم‬ ‫وحبركـــــــات هبلوانية‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫عليه‪ ،‬متسلحاً ب��اجل��رأة والتصميم الالزمني‬ ‫لتحقيق النجاح‪..‬‬ ‫ويبدأ الكاتب حبثه من قضية عامل أمريكي‬ ‫مرموق وجد ميتاً يف سيارته بسبب اختناقه‬ ‫بغاز أول أكسيد الكربون الصادر عن أنبوب‬ ‫طرد غازات احملرك‪ ،‬وقد مت توصيل أنبوب آخر‬ ‫به وإدخاله إىل داخل السيارة‪ ،‬وسجلت احلادثة‬ ‫على أهن��ا عملية ان��ت��ح��ار‪ ،‬وال��ع��امل األمريكي‬ ‫الضحيّة هو ((موريس جيسوب)) والذي كان‬ ‫له باع طويل يف احلديث عن األطباق الطائرة‪،‬‬ ‫إذ إنه توصل إىل قناعة مفادها أن نسبة كبرية‬ ‫من حاالت اكتشاف أشياء طائرة جمهولة اهلوية‬ ‫ال يصح اعتبارها نتيجة اضطراب يف الرؤية أو‬ ‫خطأ أو ختيالت بصرية‪ .‬والظاهرة هذه أخذت‬ ‫تفرض نفسها على احلياة يف العامل كله‪..‬‬ ‫ويف إفادات بعض الطيارين عن مشاهداهتم‬ ‫خالل رحالهتم اجلوية يربز اسم « كينيث أرنو لد‬ ‫« وهو رئيس مؤسسة لتصنيع أجهزة مكافحة‬ ‫احلرائق وهو طيار جيد‪ .‬أقلع بطائرته اخلاصة‬ ‫من مطار واشنطن متجهاً حنو منطقة أخرى‪،‬‬

‫حيث كان اجلو لطيفاً‪ ،‬ما جعل عملية الطريان‬ ‫تبدو ممتعة‪ ،‬فاسرتخى على مقعده‪ ،‬وأخذ يتأمل‬ ‫السماء‪ .‬وبعد دقيقتني أو ثالث دقائق الحظ‬ ‫حزمة من األن��وار املبهرة تتوجه حنو طائرته‪،‬‬ ‫تكاد حتجب الرؤية الواضحة لشدهتا‪ ،‬لكنه مل‬ ‫يستطع حتديد مصدرها‪.‬‬ ‫وعندما التفت إىل يساره شاهد ع��دداً من‬ ‫األشياء الطائرة الغريبة اليت كانت تطري على‬ ‫ارتفاع ثالثة آالف مرت‪ ،‬فتابعها ليكتشف أهنا‬ ‫تطري بسرعة فائقة فاعتربها طائرات نفاثة‪،‬‬ ‫وبعد بضع ث��وان الح��ظ أهن��ا تتجه حنو أشعة‬ ‫الشمس بدقة بالغة يف حركتها‪ ،‬لكنه ولبعدها‬ ‫الشديد‪ ،‬مل يستطع حتديد أشكاهلا‪ ،‬كما أكد‬

‫‪ww‬‬

‫استغرابه لعدم مالحظة مايدل على وجود ذيل‬ ‫أو أجنحة هلذه األجسام الغريبة فاعتربها نوعاً‬ ‫متطوراً من النفاثات احلربية وعند وصوله‬ ‫من رحلته استقبله الصحافيون الذين عرفوا‬ ‫بأمر ماشاهده خ�لال رحلته‪ ،‬فاهنالوا عليه‬ ‫بوابل من األسئلة املتنوعة واملربكة أيضاً‪ ،‬واتفق‬ ‫الصحفيون يف كتاباهتم على أن ماشاهده «‬ ‫أرنولد « يعترب حدثاً جديداً بغاية األمهية‪ ،‬كما‬ ‫أن هذا الرجل معروف بأنه رجل أعمال متزن‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪211‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫كرة سلة‪ ،‬كانت تظهر يف أغلب األحيان فوق‬ ‫مدينيت ميونيخ وفيينا‪ ،‬وكانت تقرتب من أسراب‬ ‫طائراتنا لرتافقنا فرتة من الوقت‪ ،‬ثم تنحرف‬ ‫عن مسارها وتغيب عن األنظار‪) .‬‬ ‫وبالعودة إىل الدكتور ((جيسوب )) فقد‬ ‫كان يتعمق يف أحباثه‪ ،‬ويكتشف أشياء متوقعة‬ ‫بالنسبة له‪ ،‬فكان جيمع تلك املالحظات مع ما‬ ‫يتحدث عنه الطيارون حول مشاهداهتم‪ ،‬لكن‬ ‫مالحظاته تلك مل تلق اهتماماً يذكر عند الناس‬ ‫مبختلف ثقافاهتم واهتماماهتم‪.‬‬ ‫إال أن كثرة ظهور تلك األج��س��ام الطائرة‬ ‫اجملهولة اهلوية‪ ،‬وكثرة التقارير الواردة إىل قيادة‬ ‫القوات اجلوية األمريكية‪ ،‬ذلك كله دفع القيادة‬ ‫إىل االقتناع بأن طرق البحث والدراسة اهلادفة‬ ‫إىل كشف سر هذه األجسام الطائرة اجملهولة‬ ‫اهلوية باتت غري كافية‪ ،‬وأن��ه البد من تطوير‬ ‫األحباث وتوسيع الدراسات‪.‬‬ ‫وت��ت��واىل ح���وادث ظهور األج��س��ام الطائرة‬ ‫اجملهولة اهلوية‪ ،‬خالل احلرب العاملية الثانية‬ ‫وبعدها أيضاً‪ .‬ففي الرابع والعشرين من متوز‬ ‫عام ‪ 1948‬شاهد قائد طائرة تابعة للخطوط‬ ‫اجلوية الشرقية ومساعده ض��وءاً من اللون‬ ‫األمحر على بعد مائتني ومخسني مرتاً أمامهما‪،‬‬ ‫وبدا هلما أنه شيء طائر يقرتب من طائرهتما‬ ‫بسرعة وب��اجت��اه مباشر‪ ،‬ويف حلظة ماقبل‬ ‫االصطدام احنرف الطائر اجملهول بسرعة هائلة‬ ‫وحبركة جنونية‪ ،‬وم�رّ على ميينهما وبارتفاع‬ ‫مساو ومواز الرتفاع ومسار طائرهتما‪.‬‬ ‫وقد وصفا ذلك الشيء الطائر بأنه يشبه‬ ‫السيكار‪ ،‬وهو بال أجنحة وليس له شكل طائرة‪،‬‬ ‫وك��ان ي�برز أمامه ش��يء يشبه هوائي الرادار‪.‬‬ ‫وكل هذه املالحظات والدراسات تظهر أن هذه‬ ‫األجسام الطائرة هلا شكل القرص يف أغلبها‪،‬‬ ‫تعلوها قبة ‪.‬‬ ‫وتطري هذه األجسام ضمن أسراب‪ ،‬وميكن‬ ‫مشاهدهتا بالعني اجمل����ردة‪ ،‬وع��ل��ى شاشات‬ ‫الرادار وسرعتها خيالية‪ ،‬وتغيّر اجتاهها بشكل‬

‫‪212‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫وحم�ترم وط��ي��ار م��اه��ر‪ ،‬وك��ان يشكل آخرياً‬ ‫عنصراً مثالياً للصحافة‪.‬‬ ‫وخالل احلرب العاملية الثانية‪ ،‬صرّح عدد‬ ‫م��ن الطيارين أهن��م ش��اه��دوا أجساماً غريبة‬ ‫ط��ائ��رة‪ ،‬كانت ت��ط��ارده��م‪ ،‬كما كانت ترتاقص‬ ‫أمامهم وحبركات هبلوانية‪ ،‬غري أن العلماء يف‬ ‫تلك الفرتة اع��ت�بروا ه��ذه األش��ك��ال عبارة عن‬ ‫حرب نفسية ميارسها األعداء للتشويش على‬ ‫أعصاب املقاتلني وقياداهتم‪.‬‬ ‫ويف وصفه اللقاء بتلك األج��س��ام الطائرة‬ ‫خالل احلرب العاملية الثانية يقول ‪ ( :‬كانت‬ ‫تلك األجسام تبدو كبالونات زجاجية‪ ،‬وحبجم‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫فوري وعلى زاوية مئة ومثانني درجة وبنتيجة‬ ‫ذل��ك كله متت صياغة تقرير س��ري دف��ع إىل‬ ‫رئيس أرك��ان القوات األمريكية تضمّن بعض‬ ‫اآلراء من بينها ‪:‬‬ ‫مث��ة احتمال ب��وج��ود ح��ض��ارة خ��ارج نطاق‬ ‫األرض تنتج مثل تلك األجسام والبد أن تكون‬ ‫متفوّقة عما لدينا‪ .‬كما أهنا ميكن أن متتلك‬ ‫الكفاءة وال��ق��درة على كشف القنابل الذرية‬ ‫املوجودة لدى سكان األرض‪ ،‬ومتتلك املقدرة‬ ‫على معرفة أن سكان األرض مي��رون مبرحلة‬ ‫تطور سريع يف إنتاج األسلحة‪ ،‬وألن تفجريات‬ ‫القنابل الذرية يف هريوشيما وناغازاكي تعترب‬ ‫من احل��وادث البشرية اليت ترى بسهولة على‬ ‫أبعد امل��س��اف��ات م��ن الفضاء اخل��ارج��ي‪ .‬فإن‬ ‫علينا أن نربط بني التواريخ اليت حصلت فيها‬ ‫التفجريات النووية والفرتة الزمنية اليت شهدت‬ ‫ظهور األجسام الطائرة اجملهولة‪ .‬إ ّال أن مشروع‬ ‫البحث يف ظاهرة األجسام الطائرة اجملهولة‬ ‫اهلوية تعرّض لنكسة إذ أن اإلمهال كان السّمة‬ ‫الغالبة عليه‪ ،‬ويف ذلك يقول أحد رجال اخلدمة‬ ‫السرية (املخابرات) (ادوارد روبيلت) واملكلف‬ ‫باألحباث العائدة للقوات اجلوية‪ ،‬كان يعرب عن‬ ‫رأيه يف مشروع البحث ذاك واملسمى (كروج) أي‬ ‫(شكوى) – قائالً‪ (( :‬إن احلماس لكل حبث‬ ‫جدّي عن األطباق الطائرة قد أصابته الربودة‪،‬‬ ‫وهذا التحول يف املوقف الرمسي كان تفسريه‬ ‫صعباً للغاية كما أن عدداً كبرياً من األشخاص مل‬ ‫يتمكنوا من معرفة ماذا كان جيري وراء كواليس‬ ‫مشروع سابق آخر كان يدعى (العالمة) ‪)) .‬‬ ‫وي��ق��ول ال�بروف��س��ور ((ه��ان��ي��ك)) يف كتابه‬ ‫((جتربة األجسام الطائرة اجملهولة اهلوية))‪:‬‬ ‫ إن التحول إىل مشروع ((ك��روج)) كان إشارة‬‫صرحية بأن موضوع األجسام الطائرة حكم‬ ‫عليه ب��اإلمه��ال والنسيان وع��دم االهتمام به‬ ‫على اإلط�لاق‪ ،‬وعندما كانت تظهر حالة من‬ ‫املشاهدات من قبل عناصر حمددة وموثوقة‪،‬‬ ‫كانت هذه املشاهدات تستبعد – تلقائياً ‪ -‬من‬

‫جمال النشر يف الصحف‪..‬‬ ‫يف عام ‪ 1947‬مت تأسيس وكالة االستخبارات‬ ‫املركزية األمريكية (سي‪،‬آي‪،‬إي) واليت حصلت‬ ‫على امتيازات إبان احلرب الباردة بعد احلرب‬ ‫العاملية الثانية مسحت هل��ا بتويل الوظائف‬ ‫والواجبات كلها‪ ،‬ومن ثم أصبحت بذلك أكري‬ ‫املنظمات قوة يف العامل الغربي‪.‬‬ ‫وخ�لال احل��رب الباردة حدث سباق علمي‬ ‫واستخباراتي بني األمريكان والسوفييت من‬ ‫أجل احلصول على معلومات وتكنولوجيا جديدة‬ ‫ثورية متقدمة حتقق هلم التفوق‪ ،‬خشية أن‬ ‫يتمكن أحد الفريقني املتصارعني من احلصول‬

‫‪ob‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫يف ع��ام ‪ 1953‬اتفق‬ ‫ال���روس واألمريكان‪.‬‬ ‫وال������ك������ن������دي������ون‬ ‫والفرنسيون واالنكليز‬ ‫ع��ل��ى إب��ق��اء موضوع‬ ‫األط���ب���اق ال��ط��ائ��رة‬ ‫يف س����ري����ة ت���ام���ة‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫على أحد األطباق الطائرة مما سيشكل ضربة‬ ‫قاصمة للفريق اآلخر‪ .‬واعتمدت الوكالة املركزية‬ ‫لالستخبارات أسلوب امل��راوغ��ة والتضليل يف‬ ‫تعاطيها مع ال��رأي العام حول قضية األطباق‬ ‫الطائرة‪.‬‬ ‫ويف ع��ام ‪ 1953‬اتفق ال��روس واألمريكان‪.‬‬ ‫والكنديون والفرنسيون واالنكليز على إبقاء‬ ‫موضوع األطباق الطائرة يف سرية تامة‪.‬‬ ‫ويروي (( دانيال فراي )) املهندس يف نظام‬ ‫تطوير التحكم بالصاروخ األمريكي ((أطلس))‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪213‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪214‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫وقد شغل سابقاً – قبل عام (‪ )1950‬وظيفة‬ ‫مستشار يف ((معهد كاليفورنيا التكنولوجي))‬ ‫وه��و إن��س��ان واق��ع��ي وليس ح��امل�اً ‪ .‬يقول ‪- :‬‬ ‫((بينما كان يتجول يف حقل جتارب الصواريخ‬ ‫رأى – صدفة‪ -‬وهو ينظر إىل السماء جسماً‬ ‫اهليلجياً كان يهبط ويرسو ببطء على األرض‬ ‫ب��ص��م��ت ع��ل��ى ب��ع��د ع��ش��ري��ن م��ت�راً م��ن مكان‬ ‫وقوفه))‪.‬‬ ‫قام ((فراي )) بالدوران حول اجلسم‪ .‬فقدّر‬ ‫أبعاده بأنه يرتفع إىل مثانية أمتار‪ ،‬وأن قطره‬ ‫تسعة أمتار‪ ،‬ومل ير فتحات أو شقوقاً يف اهليكل‬ ‫‪ ،‬فدنا م��ن اجلسم وملسه بيده ف��أح�سّ بـأن‬ ‫حرارته تزيد على حرارة اجلو بقليل‪ ،‬وبعد ذلك‬ ‫ضرب بيده على سطح اجلسم األملس فأصابت‬ ‫أصابعه رعشة ومسع صوتاً كأنه آت من العدم‬ ‫ّ‬ ‫يفضل أن التلمس الغالف‪ ..‬مازال‬ ‫يقول‪« - :‬‬ ‫ساخناً ‪« .‬‬ ‫ف��ده��ش ل��س��م��اع��ه ص���وت ش��خ��ص يتكلم‬ ‫االنكليزية ب��ط�لاق��ة‪ ..‬وأض���اف ذل��ك الصوت‬ ‫قائالً‪ - :‬لست أمريكياً مثلك‪ ،‬ولكن املهمة‬ ‫اليت طلب مين إجنازها جتربني على إبداء هذا‬ ‫التصرف‪ ،‬وظنك أنين أمريكي مثلك بعد مساع‬ ‫دل على شيء فإمنا ي� ّ‬ ‫صوتي‪ .‬إن ّ‬ ‫�دل على أن‬

‫جهودي لتعلم لغتك خ�لال العامني املاضيني‬ ‫كانت مثمرة للغاية‪ ..‬إن غاية ه��ذه الرحلة‬ ‫دراس���ة ق��درة اإلن��س��ان على التكيف بالبيئة‪.‬‬ ‫حنن نرغب بالبحث عن مدى إمكانية اإلنسان‬ ‫يف هتيئة طاقته العقلية لتفهم أف��ك��ار بعيدة‬ ‫عن تفكريه التقليدي كل البعد ‪ »..‬وبعد ذلك‬ ‫عرض الصوت على (فراي) رحلة إىل نيويورك‬ ‫ذهاباً وإياباً ملدة نصف ساعة‪ ،‬ثم انزلق من‬ ‫ذلك اجلسم جزء من سطح املركبة دخل منه‬ ‫(فراي) إىل حجرة طوهلا مرتان وسبعون سنتمرت‬ ‫وعرضها مرتان وعشرة سنتمرتات وبعد ثوان‬ ‫قليلة كانت األرض تبتعد عنه بسرعة الميكن‬ ‫تصورها‪ .‬واستشعر بوصوله إىل ارتفاع ثالثة‬ ‫آالف وثالمثئة مرت‪.‬‬ ‫يف برهة ثانيتني أو ثالث من الوقت‪ ،‬وكان‬ ‫االستقرار ف��وق مدينة نيويورك قليالً وعاد‬ ‫(ف��راي) إىل مدينته بسرعة أكرب من السرعة‬ ‫اليت غادر هبا‪ .‬وبعد هبوط املركبة خرج منها‬ ‫(ف��راي)‪ ،‬وكانت قدماه مثقلتني‪ ،‬فمشى بضع‬ ‫خطوات‪ ،‬وفجأة ارتفعت املركبة كمقذوف يف‬ ‫خط شاقويل إىل الفضاء ‪.‬‬ ‫ويستمر املؤلف يف سرد عديد من القصص‬ ‫اليت تروي حكاية هبوط أطباق طائرة يف مناطق‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫هل هي حقيقية؟ وملاذا‬ ‫مل يتم التعاطي معها‬ ‫بشكل ج��دي؟ ومل��اذا‬ ‫مل تستخدم األدوات‬ ‫املناسبة من كامريات‬ ‫وآالت تسجيــــــــــــــل‬ ‫ص���وت���ي���ة وغ�ي�ره���ا‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫خمتلفة من أمريكا وأوروبا‪ ،‬ومع تزايد مثل هذه‬ ‫احلكايات يزداد التساؤل حول حقيقتها‪.‬‬ ‫هل هي حقيقية؟ وملاذا مل يتم التعاطي معها‬ ‫بشكل جدي؟ وملاذا مل تستخدم األدوات املناسبة‬ ‫من كامريات وآالت تسجيل صوتية وغريها‪.‬‬ ‫فما يدعم صحّة تلك الروايات ؟ وملاذا مل‬ ‫نسمع عن مثل تلك احلكايات أو القصص أو‬ ‫األخبار منذ مدة طويلة؟ أليس يف األمر شيء‬ ‫يدعو إىل الرتبية أو الشك‪.‬؟‬ ‫وهاهو أحد الذين مروا بتجربة أخرى‪ ،‬يروي‬ ‫تفاصيلها اليت ميكن تلخيصها كاآلتي ‪:‬‬ ‫أنطونيو فيالس ب���واس‪ .‬م���زارع ‪ ،‬صحته‬ ‫جيدة‪ ،‬أع��زب‪ ،‬يتابع دورات تعليمية عن بعد‪،‬‬ ‫بدأت األحداث معه يف ليلة اخلامس من تشرين‬ ‫األول عام ‪ 1957‬حيث رحل الضيوف يف وقت‬ ‫متأخر‪ ،‬ويف الغرفة كان مع أخيه فقط‪ ،‬وكان‬ ‫اجلو حاراً‪ ،‬ما دفعه إىل فتح النافذة‪ ،‬فشاهد‬ ‫ذلك النور القوي اآلتي من األعلى‪ .‬وتابع سري‬ ‫الضوء وفجأة اختفى الضوء‪ .‬وبعد عشرة ايام‬ ‫ويف العاشرة ليالً‪ ،‬حيث كان يعمل يف احلقل‬ ‫كما يقول مع أخيه‪ .،‬فجأة شاهد نوراً شديداً‬ ‫يبهر العيون‪ ..‬وكان النور مستدير الشكل حبجم‬ ‫دوالب سيارة‪ ،‬وداخ��ل الضوء كان يبدو جسم‬ ‫ما‪ ،‬ولكن مل يستطع حتديده ووصفه‪ ،‬فطلب‬ ‫من أخيه أن يرافقه لالستطالع لكنه رفض‪،‬‬ ‫فذهب وح��ده‪ ،‬وعند اقرتابه من اجلسم إياه‪.‬‬ ‫حت��رك اجلسم الغريب بسرعة كبرية واجته‬ ‫إىل منطقة أخ���رى‪ ،‬وكلما اق�ترب م��ن اجلسم‬ ‫كان يبتعد باحلركة ذاهتا إىل أن تعب وعاد إىل‬ ‫مكان أخيه‪ ،‬ثم مالبث اجلسم الغريب أن اختفى‬ ‫بسرعة كبرية‪.‬‬ ‫ويف حادثة أخرى يقرتب منه اجلسم الغريب‬ ‫وهو يقود جرّاره الزراعي وحيلّق فوق رأسه على‬ ‫ارتفاع مخسني مرتاً تقريباً‪ .‬فتسمّر يف مكانه‬ ‫فوق اجلرار‪ ،‬ثم مالبث اجلسم الغريب أن استقر‬ ‫على بعد مخسة عشر مرتا ُ منه حبيث استطاع‬ ‫متييز شكله البيضاوي امل��ت��ط��اول‪ ،‬واحلامل‬

‫لثالثة هوائيات‪ ،‬وكان فوق ذلك اجلسم جهاز‬ ‫ي��دور بسرعة ويبث ض���وءاً ع��ك��راً مييل لونه‬ ‫إىل اإلمحرار‪ .‬ويبدو شكله كالطبق‪ ،‬وهو دائم‬ ‫ال��دوران‪ ،‬وعندما بدا أن هذا اجلسم آخذ يف‬ ‫اهلبوط على األرض ‪ ،‬قرر الفرار جبراره‪ ،‬ولكن‬ ‫بعد دقيقتني توقف احملرك عن العمل وانطفأت‬ ‫أن���وار اجل���رار رغ��م أن املفاتيح اخل��اص��ة هبا‬ ‫مفتوحة‪ ،‬ورغم حماولته إعادة تشغيل اجلرار‬ ‫إال أن��ه مل يفلح يف ذل��ك‪ ،‬ما دفعه إىل الفرار‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫جرياً‪ ،‬إال أن ذلك مل يتم إال للحظات حيث أقدم‬ ‫شخص صغري احلجم يرتدي زياً غريباً‪ ،‬وأمسكه‬ ‫من ذراعه‪ ،‬ولكنه دفعه فأسقطه أرضاً‪ ،‬وحاول‬ ‫الفرار لكن ثالثة آخرين أمسكوا به بإحكام دون‬ ‫أن يستطيع شيئاً رغم صغر أحجامهم‪ .‬فحملوه‬ ‫إىل داخل جسم املركبة رغم مقاومته الشديدة‪،‬‬ ‫حيث وضعوه يف وسط غرفة مقيّداً ثم أخذوا‬ ‫بتجريده من مالبسه دون أن يلحقوا به أي‬ ‫أذى‪ ،‬كما أهنم أبقوا على مالبسه‪ .‬وقام أحدهم‬ ‫مبسح جسمه بقطعة شبيهة باإلسفنج مبللة‬ ‫بسائل غري معروف بالنسبة له‪.‬ومل يرتك أي أثر‬ ‫على جسمه‪ ،‬وكان حيس بربد شديد‪ .‬وبعد ذلك‬ ‫أدخلوه إىل غرفة مربعة صغرية‪ ،‬مضاءة‪،‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪215‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪216‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫مع شخصني آخرين كانا حيمالن أنبوبني‬ ‫من الكاوتشوك غليظني‪ ،‬طول الواحد منهما‬ ‫م�تراً‪ ،‬وك��ان أحدمها متصالً بوعاء زجاجي‪،‬‬ ‫وينتهي األنبوب بقطعة شبيهة ((بفم السيكار‬ ‫)) ويف مقدمتها كأس للحجامة‪ ،‬وضعوه على‬ ‫خده األيسر‪ ،‬وضغط أحدهم على األنبوب‪ ،‬فلم‬ ‫يشعر بأي أمل‪ ،‬بل شعر بانقباض جلدي‪ ،‬ثم‬ ‫حبرقة بسيطة‪ ،‬أدرك عندها أن هنالك جرحاً‪،‬‬ ‫ورأى أن نصف الكأس قد امتأل بالدماء‪ .‬وهكذا‬ ‫فعلوا على اخلدّ األمي��ن‪ ،‬إىل أن امتأل الكأس‬ ‫متاماً ‪ ..‬ويقوم بوصف األشخاص الذين كانوا‬ ‫حوله مبالبسهم وأشكاهلم املشاهبة للبشر حتى‬ ‫يف أصابع الكف اخلمسة والعيون املائلة إىل‬ ‫الزرقة‪ ،‬وقد رآها رغم النظارات السميكة اليت‬ ‫كانوا يضعوهنا فوق عيوهنم‪.‬‬

‫وبعد قليل يفتح باب لتدخل منه امرأة شابة‬ ‫شقراء رائعة اجلمال‪ ،‬عارية متاماً مثله وبعد‬ ‫دخ��وهل��ا ارمت��ت عليه مداعبة ل��ه‪ ،‬وي��ب��دو أنه‬ ‫فهم ماتريد منه‪ ،‬فكان أن استجاب لرغباهتا‪،‬‬ ‫ومت األم��ر بسالم‪ ،‬وبعد ذلك هنضت واجتهت‬ ‫إىل الباب الذي كان قد فتحه أحد األشخاص‬ ‫فخرجت منه‪ .‬وتقدم منه شخص آخ��ر قدم‬ ‫له ثيابه ال�تي لبسها‪ ،‬وبعد ذل��ك اق��ت��اده ذلك‬ ‫الشخص يف جولة استطالعية داخل املركبة إىل‬ ‫أن وصل إىل مكان املخرج الذي يتد ّلى منه سلّم‬ ‫من احلبال‪ ،‬فنزل عليه إىل األرض‪ ،‬وبعد ذلك‬ ‫أغلق الباب وبدأت املركبة بالتحليق بعيداً حيث‬ ‫اختفت خالل ثوان معدودة‪.‬‬ ‫وللعلم ف��إن ه��ذه ال��رواي��ة قد أف��اد هبا أمام‬ ‫طبيب يف عيادته وحبضور أحد الصحفيني‪،‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫ك��م��ا أج���ري���ت دراس�����ة ع���ن م��اض��ي��ه الصحي‬ ‫السريري‪ ،‬وعن أي��ام طفولته‪ .‬وبعد ذلك ّ‬ ‫متت‬ ‫معاينته بصورة عامة طبياً ونفسياً‪ .‬وقد جاءت‬ ‫نتائج الفحوصات سليمة‪ .‬ولكن أال ميكن أن‬ ‫يكون قد تأ ّثر بكثرة الروايات اليت حتدثت عن‬ ‫األجسام الطائرة اجملهولة اهلوية‪ .‬حبيث أراد أن‬ ‫يديل بدلوه هو اآلخ��ر؟ أو أن م��ارآه كان حلماً‬ ‫مجيالً‪.‬؟‬ ‫وهكذا تتواىل احل��وادث اليت تعرض لظهور‬ ‫األج��س��ام ال��ط��ائ��رة اجملهولة اهل��وي��ة يف أماكن‬ ‫خمتلفة م��ن ال��ع��امل‪ ،‬وي��ت��ع��رض أول��ئ��ك الذين‬ ‫تعرضوا لتجربة لقاء مع طياري تلك األجسام‬ ‫لعمليات استجواب وفحوصات طبية متعددة‬ ‫ومتنوعة‪ ،‬سعياً للتحقق من مدى مصداقيتهم‬ ‫‪.‬وإلثبات شيء مايتعلق هبذه الظاهرة‪.‬‬ ‫وقبل أن خيتم املؤلف كتابه يعرض لنا مجلة‬ ‫من اآلراء اليت أدىل هبا عدد من الساسة والعلماء‬ ‫يف العامل حول هذه الظاهرة‪ .‬من ذلك أن نصف‬ ‫سكان الواليات املتحدة األمريكية يؤمنون بوجود‬ ‫األجسام الطائرة اجملهولة اهلوية ‪ .‬أما األملان‬ ‫فريون أهنا خرافة أو ثرثرة محقاء‪ .‬يف حني أن‬ ‫وزارة الدفاع األملانية يف ذلك الوقت أبدت مرونة‬ ‫وانفتاحاً جتاه تلك الظاهرة‪.‬‬ ‫غري أن الرئيس األمريكي األسبق ((جيمي‬ ‫كارتر)) كان مقتنعاً بوجود أجسام طائرة آتية‬ ‫من خارج األرض‪ ،‬إذ أنه كان قد عاش مثل تلك‬ ‫األحداث قبل ثالث سنوات من انتخابه رئيساً‬ ‫للواليات املتحدة‪ .‬كما أ ّك��د هذه احلادثة ابنه‬ ‫وزوج��ه وأص��دق��اؤه‪ ،‬ووال��دت��ه‪ ،‬فهو – كارتر –‬ ‫اختصاصي يف التقنية النووية‪ ،‬وميتلك املقدرة‬ ‫على متييز األش��ي��اء‪ ..‬وك��ان ق��د ذك��ر بأنه إذا‬ ‫ماانتخب رئيساً فإنه سيقوم مبا يلزم لنشر كل‬ ‫املعلومات عن األجسام الطائرة اجملهولة اهلوية‬ ‫وانتظر الناس عامني‪ ،‬دون أن حيدث شيء مما‬ ‫وعد به‪..‬‬ ‫وعلى أية حال فإن هناك اتفاقاً بني الدول‬ ‫مجيعها على أن هذه الظاهرة موجودة وأن هذه‬

‫‪ob‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫الكائنات تأتي من كواكب أخرى لزيارة األرض‬ ‫وإجراء اتصال من أي نوع‪ ،‬ويبدو أن درجة تطورنا‬ ‫أدنى بكثري من درجة تطورهم‪.‬‬ ‫وإذاً ‪ .‬فإن ظاهرة األجسام الطائرة اجملهولة‬ ‫أخذت بعداً عاملياً ومن ثم جيب أن يكون االهتمام‬ ‫هبا ذا بعد عاملي كذلك‪..‬‬ ‫وسواء أوجد ذلك االهتمام بتلك الظاهرة أم‬ ‫ال‪ ،‬فإهنا ستبقى موجودة مادامت تسبح وتطري‬ ‫يف األجواء املرتامية بني النجوم‪.‬‬ ‫هو كتاب شيّق دون شك‪ ،‬رغم كثرة املالحظات‬ ‫اليت ميكن أن توجّه إىل أولئك القيّمني على البحوث‬ ‫واالستكشافات‪ ،‬وإىل أولئك العاملني يف الشؤون‬ ‫العسكرية واالستخباراتية‪ ،‬والذين مل يستطيعوا‬ ‫اصطياد واحد من تلك األجسام الطائرة اجملهولة‬ ‫اهلوية‪ ،‬نظراً لعجزهم عن مواجهتها أو اللحاق‬ ‫هبا‪ .‬وهذا ماصبغ تلك األجسام بصبغة الغموض‪،‬‬ ‫ودف��ع املسؤولني إىل التكتّم عليها‪ ،‬أو إعطاء‬ ‫تسويغات غري مقنعة هلذه الظاهرة‪ .‬مما نشر‬ ‫اخل��وف والقلق بني الناس بصورة عامة‪ .‬ومما‬ ‫يلفت النظر يف األشخاص الفضائيني الذين مت‬ ‫وصفهم من قبل من التقوا هبم‪ ،‬أهنم ميتلكون‬ ‫أجساماً بشرية مطابقة ألجسامنا ماعدا الرأس‬ ‫الذي يبدو شكله غريباً‪..‬‬ ‫وال��ك��ت��اب م��ع ذل��ك رغ��م غ��راب��ة موضوعه‪،‬‬ ‫وطرافة أحداثه‪ ،‬وتناقضها‪ ،‬إال أن ذلك اليقلل‬ ‫من امتالكه عنصر التشويق واملتعة النامجة عن‬ ‫مجلة املشاهد املتعددة اليت صورت قدوم تلك‬ ‫األج��س��ام‪ ،‬ون���زول أش��خ��اص منها‪ .‬إض��اف��ة إىل‬ ‫سرعتها وقدرهتا على املناورة‪ ،‬وامتالكها عناصر‬ ‫الدفاع الذاتية اليت مت ّكنها من اإلفالت من أيّة‬ ‫حماولة ألسرها أو اصطيادها أو تدمريها‪ ،‬وإذا‬ ‫ما حدث أن أصيب أحدها فإنه يتحطم دون أن‬ ‫يرتك أي أثر له ‪..‬‬ ‫إنه يستحق القراءة واالهتمام مبا جاء فيه‬ ‫من أحداث‪ .‬فمن يدري؟ رمبا جييء يوم خنوض‬ ‫فيه جتريه مماثلة لتلك التجارب اليت عرضها‬ ‫الكتاب‪ ،‬من يدري‪..‬؟‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪217‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬ ‫‪w.‬‬ ‫طارق حامد‬

‫‪ww‬‬

‫‪218‬‬

‫يف منتصف ال��ق��رن العشرين ب��دأ العلماء‬ ‫يدرسون ما يسمونه دورة الطقس أو دورة املناخ‪،‬‬ ‫ووجدوا أن هنالك دورة للكرة األرضية ليس حول‬ ‫نفسها أو حول الشمس‪ ،‬بل هناك أيضاً حمور‬ ‫األرض ي��دور ح��ول نفسه‪ ،‬ف��اآلن األرض متيل‬ ‫يف أثناء دوراهنا على حمورها حبدود ‪ 23‬درجة‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫ونصف عن هذا احملور‪ ،‬وبسبب هذا امليالن ينشأ‬ ‫كما نعلم الصيف والشتاء والربيع واخلريف‪.‬‬ ‫ولكن هذا احملور مثالً قبل آالف السنني كانت‬ ‫درجة ميالنه أكرب مما هي عليه اليوم‪ ،‬وقبل ذلك‬ ‫كانت أكرب‪ ،‬ولذلك فإن األرض كانت متر بعصور‬ ‫يسموهنا ال��ع��ص��ور اجل��ل��ي��دي��ة‪ ،‬وم��ن��ذ أك��ث��ر من‬ ‫عشرين ألف سنة كانت (قارة أوربا) مغطاة متاماً‬ ‫بطبقات من اجلليد يبلغ مسكها مئات األمتار‪،‬‬ ‫ه��ذه الطبقات ال�تي غطت ق��ارة أورب��ا بالكامل‬ ‫حدثت يف العصر اجلليدي منذ أكثر من عشرين‬

‫ألف سنة‪.‬‬ ‫بدأ علماء وكالة ناسا يف رحلتهم حول كوكب‬ ‫األرض باستكشاف املناطق األثرية‪ ،‬واملناطق‬ ‫اليت حتوي الثروات الطبيعية مثل الغاز والبرتول‬ ‫وغري ذلك‪،‬ويبحثون عن املعادن‪ ،‬وحبثوا يف كل‬ ‫مكان‪ .‬وأخ�يراً قالوا‪ :‬ملاذا ال نبحث يف صحراء‬ ‫الربع اخل��ايل‪ ،‬وهي صحراء متتد آالف الكيلو‬ ‫م�ترات وه��ي خالية مت��ام�اً‪ ،‬ال تكاد جتد فيها‬ ‫إنساناً‪ ،‬ويستحيل على عقل إنسان أن يصدق‬ ‫أن هذه املنطقة كانت ذات يوم مغطاة باألهنار‬ ‫واملروج‪.‬‬ ‫بعد استخدام تقنيات املسح عن بعد‪ ،‬وجد‬ ‫العلماء آث��اراً لغابات كثيفة وم��روج متتد آلالف‬ ‫األم��ت��ار‪ .‬ويقول العامل ال��ذي أش��رف على هذا‬ ‫االكتشاف ‪« :‬إن ه��ذه املنطقة كانت ذات يوم‬ ‫مغطاة ب��األهن��ار وال��ب��ح�يرات العذبة والنباتات‬ ‫وامل��روج‪ ،‬وكانت أشبه بأوروبا اليوم» يف أهنارها‬ ‫ومروجها وأشجارها‪.‬‬ ‫يقول الدكتور ‪ McClure‬يف أطروحته‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪219‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫للدكتوراه عام ‪ 1984‬يف لندن‪ :‬إن منطقة الربع‬ ‫اخلايل تشكلت قبل حوايل مليوني سنة‪ ،‬ولكن‬ ‫هذه الصحراء ال تبقى على حاهلا بل تتبع نظاماً‬ ‫جيولوجياً مدهشاً‪ .‬حيث نالحظ أن األهنار‬ ‫والغابات تغطي هذه املنطقة كل فرتة من الزمن‪.‬‬ ‫يتابع ال��دك��ت��ور ‪ :McClure‬قبل ‪37000‬‬ ‫وحتى ‪ 17000‬سنة كانت مغطاة باملروج واألهنار‬ ‫العذبة‪ ،‬ثم بعد ذلك حدث تغري يف املناخ‪ ،‬وتشكلت‬ ‫الصحراء من جديد‪ ،‬وبعد ذلك أي قبل حوايل‬ ‫‪ 10000‬سنة ع��ادت ُ‬ ‫وغطيت باملروج والغابات‬ ‫والبحريات واألهن��ار‪ .‬وهكذا وفق دورة عجيبة!‬ ‫وقد عثرنا يف منطقة الربع اخلايل على أسنان‬ ‫لفرس النهر‪ ،‬وكانت حبالة جيدة‪ ،‬وعثرنا على‬ ‫آثار ملخلوقات هنرية عديدة وحيوانات مثل اجلمال‬ ‫واخلراف والغزالن كانت ترعى ذات يوم!‬ ‫وي��ت��س��اءل ال��دك��ت��ور ‪ McClure‬ه��ل ميكن‬ ‫لألمطار املومسية أن تعود بغزارة إىل منطقة‬ ‫الربع اخلايل فتعود البحريات واملروج واألهنار من‬ ‫جديد؟ هناك بعض املؤشرات لذلك‪ ،‬ففي صيف‬ ‫‪ 1977‬جاءت أمطار مومسية ونزلت يف الشمال‬ ‫الشرقي للربع اخل��ايل ولكن بنسبة حمدودة‪،‬‬ ‫ويرجح الدكتور ‪ McClure‬أن تعود األمطار‬ ‫وتعود البحريات واملروج إىل هذه املنطقة يف وقت‬ ‫ما يف املستقبل ‪.‬‬ ‫ولقد وجد الدكتور ف��اروق الباز مدير مركز‬ ‫االستشعار عن بعد يف جامعة بوسطن األمريكية‪،‬‬ ‫أن هنراً ميتد ملسافة طويلة دفنته رمال الصحراء‬ ‫يف الربع اخل��ايل‪ ،‬وهذا النهر كان موجوداً قبل‬ ‫ستة آالف سنة ويبلغ عرضه ‪ 8‬كيلو مرت وطوله‬ ‫‪ 800‬كيلو مرت‪ ،‬وكان يعرب قلب اجلزيرة العربية‪.‬‬ ‫لقد الحظ الباحثون أن الغيوم متيل للتشكل‬ ‫فوق األراضي املزروعة بنسبة أكرب من األراضي‬ ‫القاحلة‪ ،‬ولذلك يقرتحون (يف دراس��ة جديدة‬ ‫‪ )Craig Dremann‬أن يتم تشجري منطقة‬ ‫الربع اخلايل وهذا سيساهم جبذب الغيوم إىل‬ ‫هذه املنطقة ون��زول كميات كبرية من األمطار‪،‬‬ ‫وقد تعود كما كانت مروجاً وأهناراً!‬

‫‪ob‬‬

‫‪220‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫لقد ق��ام الدكتور بلوم ‪ Ron Bloom‬من‬ ‫وك��ال��ة ناسا ببحث على ال��ص��ح��راء يف جزيرة‬ ‫العرب ووجد أن هذه الصحراء كانت ذات يوم‬ ‫مليئة باألهنار واملروج واحليوانات املختلفة اليت‬ ‫كانت ترعى فيها‪ ،‬وهي أشبه بأوربا اليوم! ووجد‬ ‫أن احلقيقة ذاهتا تنطبق على الصحراء العربية‬ ‫جنوب ليبيا‪.‬‬ ‫ويقول الدكتور بلوم‪ :‬إن أول مرة يف التاريخ‬ ‫يعلم فيها الناس أن اجلزيرة العربية كانت ذات‬ ‫يوم مغطاة باألهنار كانت يف عام ‪ 1972‬من خالل‬ ‫الصور امللتقطة باألشعة الكهرطيسية بواسطة‬ ‫القمر الصناعي ‪ 1-Landsat‬حيث مكنتنا‬ ‫هذه التقنية من رؤية ما مل يره أحد من قبل! ثم‬ ‫يف عام ‪ 1981‬التقطت بعض الصور اليت أكدت‬ ‫وجود آثار جملاري أهنار يف الصحراء‪ ،‬ويف عام‬ ‫‪ 1994‬تأكدت هذه احلقيقة أكثر‪.‬‬ ‫بالنهاية ال يسعين إال التعريج على حديث‬ ‫صحيح للرسول الكريم يقول فيه ‪:‬‬ ‫‪( ‬ال تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب‬ ‫مروجاً وأهناراً) [حديث صحيح]‪.‬‬ ‫طبعاً هذا احلديث ال ميكن أن يتصوره إنسان‬ ‫يعيش يف القرن السابع امليالدي‪ ،‬أي يف العصر‬ ‫الذي قيل فيه هذا احلديث‪ ،‬ألنه ال أحد يتخيل‬ ‫أن الصحراء ستنقلب إىل مروج وأهنار‪ ،‬ولو ختيل‬ ‫ذلك ال يستطيع أن يتخيل أن هذه الصحراء كانت‬ ‫فيما قبل مغطاة باألهنار والبحريات والنباتات‬ ‫واملروج‪.‬‬ ‫وكما أثبت العلم فيما بعد التغريات الكبرية‬ ‫واجلذرية اليت حدثت يف املنطقة عندما كان‬ ‫حب��ر ال��ع��رب يتصل م��ع البحر املتوسط حيث‬ ‫ب��دأت عرب هضبة حلب بالنهوض والتوسع يف‬ ‫عملية استمرت آالف السنوات حتى فصلت‬ ‫ما بني البحرين وتشكلت اليابسة ال�تي تعرف‬ ‫اليوم بالعراق وسوريا‪ .‬والرتسبات البحرية عرب‬ ‫الطبقات األرضية تؤكد ذلك من خالل طوفانات‬ ‫حدثت للمياه ف��وق ه��ذه املنطقة واحنسارات‬ ‫عديدة عرب القرون ‪.‬هذا هو حال كوكبنا األرضي‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


alk ott

ob

.co

Science Fiction

m

‫الذي ال يستقر على حال أو شكل ثابت بل يتغري ال يتوقف على الربع اخل��ايل فقط بل هو جزء‬ ‫ويتجدد باستمرار ومثة أيضاً بعض اإليقاعات من التغريات األرضية العديدة اليت حتدث يف كل‬ .‫فاألمر بقعة من هذا الكوكب‬. ‫الدورية اليت حتدث بني حقبة وأخ��رى‬

‫املراجع‬

221

ww

w.

1 - Arthur Clark, Lakes of the Rub> al-Khali, www.saudiaramcoworld. com, June 1989. 2 - Combined climate and carbon-cycle effects of large-scale deforestation, Department of Global Ecology, Carnegie Institution, Stanford, February 24, 2007. 3 - Craig Dremann, Reducing Global Warming with Revegetation, Craig>s Native Grass Juicy Gossip & Research, No. 14- September 2003, with the latest update October 2007. 4 - Iram of the Pillars, www.nationmaster.com 5 - A river in the desert - remote-sensing photos locate ancient river in Arabian Peninsula, FindArticles.com, July 1993. 6 - Philby, H. St. John B. «The Empty Quarter: Being a description of the Great South Desert of Arabia known as Rub> al Khali»1933 book. 7 - A NASA Landsat composite of Saudi Arabia, www.geology.com. 8 - Climate change 2009 - 2008/ 2 ‫ كانون‬-1 ‫ كانون‬/ ‫ العددان اخلامس والسادس‬/ ‫اخليال العلمي‬

www.alkottob.com


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪222‬‬ ‫د‪ .‬دارم طباع‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫عندما قرر اإلنسان أن يتميز عن أقرانه من‬ ‫الكائنات احلية‪ ،‬كان يدرك أن هذه الكائنات‬ ‫لن تفارقه خالل مسريته الطويلة عرب العصور‪،‬‬ ‫فجسد ه��ذه العالقة األصيلة إب��داع��ات فنية‬ ‫خمتلفة ب��دءاً من الرسوم اجلدارية اليت زينت‬ ‫معابده ومساكنه م��روراً بالتماثيل واملنحوتات‬ ‫اليت كانت متثل رموز احلياة املختلفة من القوة‬ ‫واحلكمة وغريها من الرموز اليت كان احليوان‬ ‫والطري حمورها‪.‬‬ ‫وع��ل��ى ال��رغ��م م��ن ه���ذه ال��ع�لاق��ة الرمزية‬ ‫الشاعرية بقي احل��ي��وان م�لازم�اً لبين البشر‬ ‫يف تطورهم السريع من جمموعات تعيش يف‬ ‫الكهوف ممتهنة الصيد مبعونة هذه احليوانات‬ ‫إىل فرسان شكلوا امرباطوريات ضخمة غريت‬ ‫وجه األرض وكانت تعتمد يف غزوها وترحاهلا‬ ‫على أصدقائها احليوانات‪.‬‬ ‫ولعل ما بقي من تراث إنساني شاهد على‬ ‫عظمة هذه الروابط العميقة بني بين البشر‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫واجملتمع احليواني برمته‪.‬‬ ‫يف بقعة من مشال سورية حيث شهد التاريخ‬ ‫بزوغ حضارات قدمية نقب الباحثون عن آثار‬ ‫هذه احلضارات اليت انطلقت منها بدايات تكون‬ ‫األمم والشعوب يف أحناء األرض قاطبة‪ ،‬واقرتنت‬ ‫عظمة اكتشافاهتم بالتصاميم الرائعة للقصور‬ ‫واألس��وار املنيعة اليت تعود توارخيها آالف ً��ا من‬ ‫األعوام وبدؤوا يبحثون يف تاريخ هذه املمالك‬ ‫القدمية وس��ر نشوئها فتكشفت هلم مكتبات‬ ‫ضخمة زاخ��رة باملعلومات عن أمن��اط احلياة‬ ‫ال�تي عاشتها شعوب ه��ذه األرض يف احلقب‬ ‫التارخيية األوىل‪ ،‬وتتالت االكتشافات وعرف‬ ‫ال��ع��امل مم��ال��ك م��ت��ع��ددة يف مهد احلضارات‬ ‫كمملكة م��اري على ضفاف ال��ف��رات ومملكة‬ ‫ميحاض ومملكة إيبال مشال سورية ومملكة‬ ‫قطنة يف الوسط‪ ،‬إال أن عقد التاريخ مل جيتمع‬ ‫إال عند اكتشاف أهم أسرار قيام هذه املمالك‬ ‫القدمية عندما وجد الباحثون الوسيلة اليت‬

‫استعملها اإلنسان القديم يف بناء حضارته‪.‬‬ ‫فاحلصان الذي خلده التاريخ كأعظم صديق‬ ‫لإلنسان يف نشوء حضاراته الالحقة يف العصور‬ ‫العربية واإلسالمية واألوروبية فيما بعد مل يكن‬ ‫مستأنساً يف زمن احلضارات القدمية‪ ،‬فكيف‬ ‫استطاع اإلنسان السوري القديم أن ينشىء‬ ‫حضارته بعيداً عن هذا احليوان اهل��ام الذي‬ ‫اليزال حتى اليوم رمزاً ملعظم شعوب العامل‪.‬‬ ‫تعود القصة إىل رقم طينية كانت يف مكتبة‬ ‫إيبال سجل فيها وج��ود ح��ي��وان قديم يدعى‬ ‫باللغة السومرية الكونغا استخدم يف احلروب‬ ‫كوسيلة للقتال واهلجوم والنقل وغريها‪ ،‬وكان‬ ‫املوطن األهم هلذه احليوانات يوجد يف منطقة‬ ‫ما يف مشال سورية‪ ،‬وبدأ البحث والتنقيب إىل‬ ‫أن متكنت بعثات أثرية أمريكية هولندية سورية‬ ‫بقيادة الربفسور شوارتز من اكتشاف مقربة‬ ‫ملكية ضخمة يف موقع تل أم مرا قرب سبخة‬ ‫اجلبول إىل اجلنوب الشرقي من مدينة حلب‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪223‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪224‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫ح��ي��ث وج���د يف ت��ل��ك امل��ق�برة ه��ي��اك��ل هذه‬ ‫احل��ي��وان��ات اهل��ام��ة مسجاة إىل جانب امللوك‬ ‫واألمراء كداللة على قيمتها امللكية ليعلن هذا‬ ‫االكتشاف بوصفه واح��داً من أهم اكتشافات‬ ‫العام ‪ 2007‬وليكون حيوان الكونغا من احليوانات‬ ‫اخليلية امللكية السورية اليت سامهت يف بناء‬ ‫احلضارات القدمية‪.‬‬ ‫ه��ذا االك��ت��ش��اف اهل��ام ك��ان ح��اف��زاً ملشروع‬ ‫مح��اي��ة احل���ي���وان ( س��ب��ان��ا) يف ك��ل��ي��ة الطب‬ ‫البيطري جبامعة البعث واملديرية العامة لآلثار‬ ‫واملتاحف إلقامة مؤمتر علمي حول احليوان يف‬ ‫احلضارات السورية القدمية‪ (،‬عقد هذا املؤمتر‬

‫يف ‪ )2008/6/13‬ففي ه��ذا امل��ؤمت��ر شكلت‬ ‫أحباث العامل شوارتز حول حيوان الكونغا وسر‬ ‫اكتشافه حم��ور سلسلة من احمل��اض��رات اليت‬ ‫بني فيها الباحث موقع املقربة امللكية وأقسامها‬ ‫وطريقة الدفن امللكية املتبعة فيها ثم دراسات‬ ‫الباحثة جيل ويرب من جامعة بنسلفانيا اليت‬ ‫حللت نتائج هذه املكتشفات واستطاعت من‬ ‫خالل استخدام تقانات الليزر إع��ادة تشكيل‬ ‫هذا احليوان على الصورة اليت كان عليها وعزز‬ ‫هذه الدراسات ترمجات الباحثة ماريا جيوفانا‬ ‫بيغا أستاذة تاريخ الشرق األدنى يف جامعة روما‬ ‫بإيطاليا اليت ترمجت النصوص القدمية اليبال‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫موضحة أمهية الكونغا وغريها من احليوانات‬ ‫يف تلك اململكة واملمالك اجملاورة‪ ،‬تقول الباحثة‬ ‫بيغا» لقد مكننا اكتشاف القصر امللكي الضخم‬ ‫مع أرشيفه‪ ،‬والذي يعود ملنتصف األلفية الثالثة‬ ‫قبل امليالد يف تل مرديخ من إثبات أن هذه‬ ‫املنطقة قد متدنت يف األلفية الثالثة ولعبت‬ ‫دوراً هاماً بني قطيب احلضارة العظيمني مصر‬ ‫وبالد الرافدين‪،‬فسورية مبمالكها ومدهنا اهلامة‬ ‫استمتعت بعالقات جيدة مع كل قطب من هذه‬ ‫األقطاب وخاصة فيما يتعلق مبجال التجارة‪،‬‬ ‫وخت�برن��ا األرش��ف��ات امللكية اليبال الكثري عن‬ ‫السيناريو الزراعي السائد يف األلفية الثالثة‬ ‫قبل امل��ي�لاد يف س��وري��ا‪ ،‬وع��ن وج���ود فصائل‬ ‫عديدة من احليوانات يف هذه املنطقة‪ ،‬وكان‬ ‫الكونغا يستخدم جلر عربات األشخاص املهمني‬ ‫يف اململكة ‪ ،‬بدءاً بامللك ثم امللكة األم والوزراء‬ ‫واألمراء‪ ،‬فكانت هذه احليوانات تستخدم جلر‬ ‫العربات‪ ،‬عندما يرغب هؤالء األشخاص بالسفر‬ ‫من مكان آلخر وكانوا يقومون هبذا األمر بطريقة‬

‫مشاهبة للدور ال��ذي سيلعبه احلصان الحقاً‪،‬‬ ‫إضاف ًة إىل أن هذه احليوانات كانت غالية جداً‬ ‫وتبيّن النصوص وخاصة اإلحصاءات السنوية‬ ‫الستالم املعادن الثمينة أن مثة كميات كبرية‬ ‫من الفضة دفعت وكانت تستخدم كنقود من‬ ‫قصر إيبال لشراء بعض هذه احليوانات ‪ ،‬ويف‬ ‫املقربة امللكية اليت اكتشفت كان هناك ميزة غري‬ ‫اعتيادية وهي وجود غرف مستقلة فيها حتتوي‬ ‫على هياكل كاملة حليوان الكونغا أظهرت عناية‬ ‫فائقة يف طريقة دفنها وترتيب قبورها فكانت‬ ‫هذه احليوانات مدفونة ووجوهها متجهة للغرب‬ ‫وقد دُفن العديد منها بوضعية الوقوف‪ ،‬ومت‬ ‫مجع هياكل العديد منها بعناية وأُعيد دفنهم‬ ‫عندما ختربت قبورهم ‪ ،‬وهذا يؤكد بأن هذه‬ ‫احليوانات ظلت هامة حتى بعد موهتا ودفنها‬ ‫ملدة طويلة‪.‬‬ ‫مل تقتصر عالقة اإلنسان حبيواناته على‬ ‫الكونغا بل أظهرت الدراسات األخرى املقدمة‬ ‫للمؤمتر أمهية احل��ي��وان يف ال�ت�راث السوري‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪225‬‬


‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪m‬‬

‫القديم فقد عرض الدكتور بسام جاموس‬ ‫املدير العام لآلثار واملتاحف دور احليوان يف‬ ‫عصور ما قبل التاريخ من حيث الرمزية والبعد‬ ‫اإلنساني والروحي والدالالت الشعائرية له يف‬ ‫مناطق سورية القدمية‪.‬‬ ‫ومل تكن تدمر بعيدة عن هذه العالقة الوطيدة‬ ‫بني اإلنسان واحليوان فقد أظهر الباحث وليد‬ ‫األسعد رئيس دائ��رة اآلث��ار واملتاحف بتدمر‬ ‫أن امل��ن��ح��وت��ات ال�تي ت��ص �وّر احل��ي��وان��ات كثرية‬ ‫ومتنوعة وحي��ت��وي متحف تدمر على مناذج‬ ‫متعددة منها لألسد والنسر واحلمائم واألفعى‬ ‫والفهد املنقط واخليل والثور والبقر والغزال‬ ‫واملاعز واجلمل والسمك واألخطبوط وبعض‬ ‫احل��ي��وان��ات األس��ط��وري��ة امل��رك��ب��ة كالغريغون‬ ‫وامليدوزا والسنطور‪ ،‬ومن املعروف يف املوروث‬ ‫الثقايف الديين أن لكل إله حيوانه اخلاص به‬ ‫وبشعائره‪ ،‬ول��ذا ف��إن ه��ذه املنحوتات ماهي‬ ‫إال جتليات ل�لأرب��اب ال�تي عبدها التدمريون‬ ‫متأثرين بعبادات شبه جزيرة العرب‪.‬‬ ‫ومل ي��ك��ن ن��ص��ي��ب احل���ي���وان يف احلضارة‬ ‫اإلسالمية أق��ل منه يف احل��ض��ارات القدمية‬ ‫حيث أظ��ه��ر ال��ب��اح��ث ال��دك��ت��ور غ���زوان ياغي‬ ‫مدير دائرة آثار دمشق القدمية أمهية تصاوير‬ ‫احليوان يف احلضارة اإلٍسالمية موضحاً أن‬ ‫اإلسالم أباح التصوير ما دام بعيداً عن الوثنية‬ ‫ومنافسة اخلالق وعن تثبيط األمة عن القيام‬ ‫بواجبها وحتمل مسؤولياهتا مبيناً أشكاالً عدة‬ ‫للحيوانات استخدمت يف تزيني القصور والقالع‬ ‫اإلسالمية عرب األزم��ان املختلفة‪ ،‬حيث يذكر‬ ‫د‪.‬ياغي إن اإلسالم يف أغلب عصوره املمتدة من‬ ‫القرن األول حتى القرن الثالث عشر اهلجري‬ ‫ويف البقاع اليت انتشر فيها من الصني شرقاً‬ ‫حتى اسبانيا غرباً مل حيرم تصوير احليوانات‬ ‫كل أنواعها وعلى كل اإلبداعات الفنية سواء‬ ‫املعمارية أو اخلشبية أو اخلزفية أو املعدنية ‪،‬‬ ‫ويالحظ أن ماشاع من كره اإلسالم للتصوير‬ ‫قد أثر على املنتج الفين للتصاوير فجاءت بعيدة‬

‫‪ob‬‬

‫‪226‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫عن حماكاة الطبيعة والتجسيم عن طريق إمهال‬ ‫ق��واع��د املنظور وإظ��ه��ار البعد الثالث وعدم‬ ‫مراعاة النسب التشرحيية يف الرسوم احليوانية‬ ‫واآلدم��ي��ة أيضاً فجاءت ه��ذه ال��رس��وم حمورة‬ ‫لعبَ اخليال هبا دوراً واض��ح�اً‪ ،‬ويغلب عليها‬ ‫الطابع الزخريف ‪ ،‬حيث مل يستخدم التصوير‬ ‫اإلس�لام��ي خلدمة ال��دي��ن ومل يتخذ كوسيلة‬ ‫لإلرشاد والتهذيب وتعليم الدين بل جاء مدنياً‬ ‫يف طابعه ينظر إليه كفن من فنون الدنيا ال‬ ‫كعمل من أعمال اآلخرة ومن ثم كان أقرب من‬ ‫غريه إىل الفكرة الفنية الصرفة‪.‬‬ ‫وكانت احلياة الدنيا ميداناً خصباً للتصاوير‬ ‫بكل مافيها من مناظر طبيعية وكائنات حية‬ ‫حيوانية وإنسانية جاءت منفصلة أو مشرتكة‬ ‫مع بعضها لتساهم يف إخراج لوحة حية مليئة‬ ‫باحلياة‪ ،‬وقد لعبت صور احليوانات دوراً بارزاً‬ ‫فيها حيث عكست التصاوير أنواعها وأشكاهلا‬ ‫ومميزاهتا وشرحت ما يرتبط هبا من أعمال‬ ‫وما يستفاد منها يف احلياة وما يرتبط هبا من‬ ‫قيم ومفاهيم وفوائد خاصة وعامة تقدمت على‬ ‫كل أنواع الفنون بشكل يؤكد رقي نظرة اإلسالم‬ ‫للحيوان وتقدير املسلمني لعظمة خلقه‪.‬‬ ‫وقد أ ّكد الدكتور هيثم حسن معاون مدير‬ ‫التنقيب يف املديرية العامة لآلثار واملتاحف‬ ‫أمهية استخدام احليوان يف الرنوك والنقوش‬ ‫اإلسالمية حيث ع��رض جمموعة واسعة من‬ ‫النقود والنقوش اإلسالمية اليت استخدم فيها‬ ‫احليوان لتأتي أحب��اث الدكتور منذر احلايك‬ ‫مؤكدة دور احليوان يف الرتاث الشعيب السوري‬ ‫ال��ذي يعد ج��زءاً من ال�تراث العربي‪ ،‬واليزال‬ ‫يرتبط به مع بعض اخلصوصية ال�تي أخذت‬ ‫تظهر بالتدريج‪ ،‬حيث ك��ان ال��ع��رب القدماء‬ ‫م��درك�ين مت��ام �اً لعضوية ال��ب��ش��ر يف بيئتهم‬ ‫فوضعوا اإلنسان يف مملكة احليوان‪ ،‬وهذا حس‬ ‫عال بالتحام اإلنسان ببيئته وعدم انفصاله عن‬ ‫حميطه احليوي‪ ،‬فابن خبتيشوع‪ ،‬ال��ذي يعين‬ ‫هبة املسيح كاسم خبتنصر البابلي‪ ،‬افتتح كتابه‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫عن احليوان مبادة‪ :‬اإلنسان‪ ،‬فقال‪ « :‬هو أعدل الدين الدمريي‪ ،‬لكنه وضعه يف ترتيبه األجبدي‬ ‫احليوان مزاجاً وأكمله أفعاالً» كذلك فعل كمال ‪ ،‬ووصفه باآلية‪ [ :‬لقد خلقنا اإلنسان يف أحسن‬ ‫تقويم] متييزاً له عن بقية فصيلته احليوانية‪،‬‬ ‫ولنا يف أمس��اء ع��رب اجل��زي��رة‪ ،‬ال�تي ه��ي من‬ ‫صميم بيئتهم‪،‬أوضح مثال على ذلك كصفوان‬ ‫وصخر ورياح ومزنة وغيث وبكر وأسد وكلب‬ ‫وعكاش ‪ ،‬أي عنكبوت‪ ،‬وظليم وعقاب وصقر‬ ‫وعكرمة أي احلمامة‪ ،‬وعنرتة‪.‬‬ ‫إن معظم م��ا يتعلق ب��احل��ي��وان يف الرتاث‬ ‫الشعيب مشتق من الرتاث الديين أو متأثر به‪،‬‬ ‫وليس غريباً أنه عندما جند أن القرآن الكريم‬ ‫قد ذكر كماً كبرياً من احليوانات‪ ،‬حتى أنه توجد‬ ‫سبع س��ور يف ال��ق��رآن الكريم مسيت بأمساء‬ ‫احليوانات هي البقرة واألنعام والنحل والنمل‬ ‫والعنكبوت والصافات والفيل‪ ،‬وإضاف ًة لذكر‬ ‫الكثري من احل��ي��وان يف آي��ات ال��ق��رآن املختلفة‬ ‫كالذئب والكلب والبعوضة واحل��م��ار والبغل‬ ‫واألف��ع��ى واإلب���ل واجل���راد وال��ذب��اب واخلنزير‬ ‫والضفدع واهلدهد واحلوت والغراب‪.‬‬ ‫من ه��ذا كله يتضح تاريخ اهتمام العرب‬ ‫بالرفق باحليوان حيث استعرض الدكتور ماجد‬ ‫أب��و ماضي من��اذج خمتارة من األدب العربي‬ ‫تعرضت للرفق باحليوان وخصوصاً يف رسالة‬ ‫الصاهل والشاحج للمعري‪.‬‬ ‫الشك أن احلضارة السورية القدمية شهدت‬ ‫عرب تارخيها الطويل مشاهد رائعة جتسدت فيها‬ ‫صالت اإلنسان القديم مبحيطه احليوي فبقيت‬ ‫تلك املشاهد أوابد أثرية مألت بطون املتاحف‬ ‫يف دول العامل لوحات فنية بقيت خالدة عرب‬ ‫العصور نقلت عدسة الدكتور دارم طباع العديد‬ ‫منها لتش ّكل معرضاً هاماً يظهر عالقة إنسان‬ ‫س��وري��ة القديم حبيواناته يف مشاهد العمل‬ ‫والزراعة واجل��ر والفروسية والصيد والتنقل‬ ‫فتكون هذه اللوحات شواهد هامة على رقي‬ ‫اإلنسان السوري عرب العصور وعراقة صلته‬ ‫بتارخيه الطبيعي الذي بنى من خالله أجماداً‬ ‫بقيت آثارها عظيمة حتى هذه األيام‪.‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪227‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪228‬‬ ‫طيبة أمحد االبراهيم‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫خ��رج حممد صبيحة ي��وم م��ن أي��ام الربيع‬ ‫البديعة ميشي يف األحراج القريبة من منزله‪،‬‬ ‫مبتهجاً ألن ذل��ك اليوم ك��ان أول أي��ام العطلة‬ ‫الربيعية‪ ،‬وألن��ه كان ناجحاً يف النصف األول‬ ‫من سنته الدراسية‪ ،‬باإلضافة إىل هبجة الفصل‬ ‫وعذوبة اهلواء وسنه الغضة إذ مل يتجاوز عمره‬ ‫الثانية عشر‪ ،‬كل هذا جعله يشعر بسرور داخلي‬ ‫يغمره‪ ،‬لذا أخذ يتجول هنا وهناك‪ ،‬ناطاً تارة‬ ‫وماشياً تارة أخرى‪ ،‬يعب اهلواء النقي ملء رئتيه‬ ‫ويصفره من فمه أنغاماً‪.‬‬ ‫بينما هو سادر يف هلوه الربيء مسع بالقرب‬ ‫منه صوتاً مل يسمع له مثيالً من قبل‪ ،‬فالتفت‬ ‫ناحية الصوت‪ ،‬ومل يكد يفعل حتى صدرت منه‬ ‫صرخة عظيمه وارتد إىل اخللف مرتعباً‪ ،‬لقد‬ ‫رأى شيئاً يشبه البالون كبرياً جداً يطري قريباً‬ ‫من سطح األرض ويصدر عنه أزيز يشبه طنني‬ ‫الذباب مكرباً آالف املرات‪.‬‬ ‫تراجع حممد إىل اخللف مسرعاً وتوارى‬ ‫خلف إح��دى األشجار الضخمة وه��و يرجتف‬ ‫من االنفعال والدهشة أكثر من ارجتافه من‬ ‫اخلوف‪ ،‬أخذ حممد يراقب ذلك البالون‪ ،‬فرأى‬ ‫أنه مصنوع من م��ادة تشبه املطاط السميك‪،‬‬ ‫ليس له نوافذ والفتحات‪ ،‬ولكنه ما كاد يالمس‬ ‫األرض حتى انفتحت فرجة من إحدى جوانبه‬ ‫ودف���ع إىل األرض حب��ي��وان غ��ري��ب الشكل ثم‬ ‫مضى البالون طائراً بسرعة خاطفة مبتعداً عن‬ ‫األرض‪ ،‬ومل يلبث سوى ثوان ثم اختفى‪.‬‬ ‫أف��اق حممد من دهشته‪ ،‬ونظر إىل ذلك‬ ‫احليوان الذي دُفع به إىل األرض وجعل يتفحصه‬ ‫متمعناً‪ ،‬ولكنه ظل مرتدداً يف االقرتاب منه‪ ،‬لقد‬ ‫بان ذلك احليوان أق��رب شبهاً إىل العنز منه‬ ‫إىل أي حيوان آخ��ر على األرض‪ ،‬ك��ان قصري‬ ‫االستطالة له ثالث قوائم دقيقة اثنتان منها‬ ‫أماميتان وواحدة خلفية‪ ،‬والعجيب يف األمر أنه‬ ‫يف أثناء سريه تتحرك قائمتاه األماميتان معاً‬ ‫وبعدها تتحرك قائمته اخللفية مما يبطيء من‬ ‫سريه ويعاق عن الركض أو التجوال السريع‪،‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫ويكسوه شعر أشبه بشعر املاعز‪.‬‬ ‫نظر حممد إليه باحثاً عن رأس��ه ‪ ،‬فلم‬ ‫يرى له رأساً وال ذيالً‪ ،‬فمأله العجب‪ ،‬وقرر أن‬ ‫يتغلب على تردده ويقرتب منه لفحصه‪ ،‬فذهب‬ ‫إل��ي��ه على مهل خشية أن ي��ه��رب م��ن��ه‪ ،‬ولكن‬ ‫العنز العجيب مل يهرب‪ ،‬ولعله اليعرف الشعور‬ ‫باخلوف كما تعرفه حيواناتنا على األرض‪.‬‬ ‫أمسك حممد به وجعل يتفحصه جيداً لكنه‬ ‫مل جيد ما هو جدير باالهتمام غري ما رآه أوالً‪.‬‬ ‫فقرر أن يأخذ هذا احليوان الغريب املسامل‬ ‫إىل امل��ن��زل لرييه أله��ل��ه‪ ،‬وح��امل��ا رآه أب��وه قال‬ ‫متسائالً‪:‬‬ ‫من أين اشرتيت هذه اللعبة يابين؟‬ ‫فقال حممد مبتسماً‪:‬‬ ‫إهنا ليست لعبة ياوالدي‪ ،‬إنه كائن حي نزل‬ ‫لتوه من الفضاء‪.‬‬ ‫قفز األب عن كرسيه واقفاً وصاح‪:‬‬ ‫ماذا تقول؟ ماذا تقول؟‬ ‫فقص عليه حممد م��ا ش��اه��ده يف احلرج‬

‫القريب من منزهلم فأخذ األب بعد ذلك يفحص‬ ‫العنز الغريب الشكل وهو يقول‪:‬‬ ‫البد أن كوكباً ماقرر إجراء جتارب مناخية‬ ‫على بعض حيواناته‪ ،‬فأفسدت عليهم جتارهبم‬ ‫ياحممد بإبعاد هذا العنز عن مالحظتهم‪ ،‬ولكنك‬ ‫بعملك هذا قدمت خدمة جليلة ألهل األرض‪،‬‬ ‫والبد أن هذا املخلوق سوف يقدم خدمة عظمى‬ ‫للمعنيني بأحباث الفضاء‪ ،‬فاستعد ياولدي‬ ‫لنصحب هذا احليوان العجيب إىل من يهمه‬ ‫األمر يف مثل هذه الشؤون ‪.‬‬ ‫وذهب حممد ووالده مصطحبني معهم العنز‬ ‫العجيب إىل مركز أحباث الفضاء‪.‬‬ ‫أصبح بعد ذلك حممد من املشاهري فكتبت‬ ‫عنه الصحف واجملالت وأجريت معه املقابالت‪،‬‬ ‫ون��ال جوائز ع��دة ملسامهته يف تقديم العون‬ ‫للعلوم الفضائية‪.‬‬ ‫ولذا فقد فرح حممد فرحاً كبرياً وقرر أن‬ ‫خيصص دراسته يف املستقبل يف أحباث الفضاء‬ ‫ليكشف سر هذه العنز العجيب‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪229‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬

‫‪230‬‬ ‫د‪ .‬قدرية سعيد‪ -‬القاهرة‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫توقف عم مرسي أمام جدران عرضها حوايل‬ ‫مرتين وحمددة بالطول خبطني عريضني باللون‬ ‫األس���ود ‪ ,‬وم��رس��وم علي اجل���دار ص��ورة طفل‬ ‫تعرب مالحمه عن سعادة وهو ممسك برغيف‬ ‫من اخلبز يلتهمه بتلذذ ‪ .‬حدق عم مرسي يف‬ ‫اجلدار والرسم وتذكر ما مسعه منذ عدة أسابيع‬ ‫أن هناك خمبزاً جديداً للخبز البلدي سوف‬ ‫يفتح عما قريب ‪ ...‬وقف يهمس لنفسه البد‬ ‫أن يكون هذا هو املخبز – لقد مسع ومسع عن‬ ‫خمبز آيل تفتح أبوابه أتوماتيكياً مبجرد الوقوف‬ ‫امامه ‪ ،‬وتضع النقود اليت تشرتي هبا يف جتويف‬ ‫معدني خيرج أمامك كأنه ( درج ) ثم يغلق آلياً‬ ‫بعد دخول النقود ‪ ،‬ويف ثوان خيرج اليك عدد‬ ‫من األرغفة اليت تريدها وعندما تنصرف يغلق‬ ‫املخبز أبوابه ‪ ،‬ثم يعاود الفتح من جديد عند‬ ‫وقوف شخص آخر أمامه ‪ ..‬وهكذا‬ ‫وقف عم مرسي بضعة دقائق حيت مر عليه‬ ‫اثنان ‪ ،‬صيب وفتاة وسأاله ‪:‬‬ ‫قال ‪ :‬أمل تسمعا عن املخبز األتوماتيكي ؟‬ ‫أجابا حبماس ‪ :‬نعم أهذا هو ؟‬ ‫نعم رمبا يفتح بعد قليل ‪.‬‬ ‫أدار الصيب رأسه ورفع صوته عالياً ‪ :‬أمحد‬ ‫يارضا ‪ ،‬ياباسم تعالوا بسرعه‬ ‫هرول اجلميع يف اجتاه اجلدار‪ ،‬مرت سيدة‬ ‫حتمل طفلها علي صدرها ويف يدها الطاولة‬ ‫املصنوعة من اجلريد – إهنا تستعد للذهاب اىل‬ ‫رحلة البحث عن اخلبز ‪ ،‬فقال هلا أحدهم ‪:‬‬ ‫أسرعي ياأم صفية حيفتح بعد قليل ‪..‬‬ ‫جتمع ع��دد يقارب املائة أم��ام ( املخبز ) ‪،‬‬ ‫البعض كان ذاهباً لقضاء أشياء أخرى غري شراء‬ ‫اخلبز ولكنه توقف ليشاهد املخبز األوتوماتيكي‬ ‫– وكيف سيوفر له اخلدمة بعيداً عن منظر‬ ‫اخلباز الذي يتصبب عرقاً ‪ ،‬وبعيداً عن البائع‬ ‫الذي خيرج إليهم من الفرن ويرميهم بوابل من‬ ‫الشتائم واألهانات ‪ ..‬تنبه أحد الشبان أن املكان‬ ‫اصبح مزدمحاً امام اجلدار وأن ذلك قد يعيق‬ ‫الفتح اآليل للمخبز ‪ ،‬وصاح قائالً‪:‬‬ ‫يامجاعة املخبز دا مش حيفتح إال بوقوف‬ ‫شخص واحد فقط أمامه أرجوكم أن تبتعدوا‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫حتى ميكن تشغيله ‪..‬‬ ‫قالت سيدة ‪ :‬ومن هو هذا الشخص ‪ ،‬أنت‬ ‫مثالً !‬ ‫قال الشاب ‪ :‬أل ياسيت أي واحد ‪..‬‬ ‫تقدم صيب مندفعاً ‪ ،‬عمره ال يزيد عن‬ ‫مثاني سنوات ‪ :‬أنا هنا من بدري ‪ ،‬كيف ال‬ ‫أقف أمام املخبز – لقد فقدت دوري كثرياً يف‬ ‫املخابز األخرى وتعرضت للضرب والطرد –‬ ‫أنا هنا يف األمام ‪..‬‬ ‫قامت املشاجرات بني الصبية ‪ ،‬يلكزون‬ ‫بعضهم البعض ‪ ،‬والسيدات احلوامل يهتفن‬ ‫بأن هلن األولوية – والرجال يتعاركون ‪ ،‬سوف‬ ‫يتأخرون ع��ن مواعيد العمل – واملسنون‬ ‫يهتفون أليس هناك رمحة بكبار السن !‬ ‫صرخ الشاب مرة أخري ‪ :‬كفاية ‪ ..‬كفاية ‪،‬‬ ‫لن يفتح املخبز إال بوقوف شخص واحد أمامه‬ ‫‪ ..‬قال رجل ‪ :‬أنت تكذب ‪ ،‬إنه أوتوماتيكي‬ ‫سوف يستوعب وقوف اجلميع ‪ ،‬ولكن فلنقف‬ ‫يف طابور‪..‬‬ ‫فتاة معرتضة ‪ :‬طابور ‪ -‬طابور ‪ ..‬مفيش‬

‫فايدة – أمرنا هلل نقف يف طابور ‪..‬‬ ‫قالت أخ��رى ‪ :‬شخص واح��د يقرتب من‬ ‫اجلدار وباقي الطابور يبتعد قليالً‬ ‫رجل يتساءل ‪ :‬باقي الطابور يبتعد على‬ ‫بعد مرت مثالً – وال مرتين وال أكرت ؟‬ ‫جييب رجل ‪ :‬ميكن مخسة مرت ‪..‬‬ ‫شاب يقرتح ‪ :‬شخص واحد أمام اجلدار‬ ‫ونظل نبتعد قليالً قليالً حيت يفتح املخبز‪.‬‬ ‫القت فكرة الشاب رضا معظم الواقفني‬ ‫– ولكن تظل املشكلة من الذي سيقف أمام‬ ‫اجلدار منفرداً ؟‬ ‫صاح البعض يف نفس واحد ‪ :‬عم مرسي‬ ‫ظل الطابور يبتعد ويبتعد ‪ ..‬ويبتعد ‪..‬‬ ‫مخسة أمتار ‪ -‬سبعة أمتار ‪ -‬عشرة أمتار‬ ‫‪ ،‬تاركني عم مرسي أمام اجلدار ‪ ،‬عشرون‬ ‫– مخسون – مائة مرت ‪ ...‬حيت أصبح جدار‬ ‫املخبز غري حم��دد املعامل – وأخ��ذ الطابور‬ ‫يلتوي بني األزق��ة واحل���ارات – يرجعون –‬ ‫يتخلفون روي��دا روي��دا ‪ ...‬حيلمون خببز‬ ‫ساخن ‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪231‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪Science Fiction‬‬

‫‪.co‬‬

‫يَقضي ح��ازمٌ يومَهُ يف حُجرتهِ وهو يعم ُل على‬ ‫الكمبيوترِ‪ ،‬دونَ أن يهتمَّ لشيءٍ آخرَ‪ ،‬رُغمَ حماوالتِ‬ ‫والدتهِ الدائبةِ إلخراجهِ من عُزلتهِ كي يُجالِسَ أفرادَ‬ ‫األُسرةِ‪.‬‬ ‫ تعا َل لنأك َل معاً‪ ..‬الفطورُ جاهزٌ‪.‬‬‫ أعطِين شَطريةً‪ ..‬أنا مشغو ٌل جدّا‪ً.‬‬‫هكذا كانَ يردُّ حازمٌ على والدتهِ‪ .‬ومعَ ذلكَ مل‬ ‫تفقدِ األمُّ األم َل‪ ،‬وكانتْ تُحاو ُل نَزْعَ وَلَدِها من أما ِم‬ ‫الكمبيوت ِر بأيةِ طريقةٍ كانتْ‪.‬‬ ‫ تعا َل لنشربَ الشايَ‪ ..‬إ ّنها ساخن ٌة‪ ..‬أس ِرعْ قبلَ‬‫أن تربدَ‪.‬‬ ‫الشاي إىل ُغرفيت‪ ..‬فأنا أعم ُل‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫إحضا‬ ‫أرجو‬ ‫‬‫ِ‬ ‫على برنام ِج معاجلةِ الصُّوَرِ‪.‬‬ ‫والدُ حاز ٍم مل يكنْ راضياً عن سلوكِ ابنهِ أيضا‪ً،‬‬ ‫هلذا حاو َل أن يُقدِّمُ لهُ النصيح َة‪:‬‬ ‫ إ ّن���كَ تُ���ؤذي نفسَكَ جبلوسِكَ الطوي ِل أمامَ‬‫الكمبيوترِ‪ ،‬جي �بُ عليكَ أن تَ��خ��رجَ إىل َّ‬ ‫الطبيعةِ‬ ‫لتتن ُّفسُ ه��واءً نقياً‪ ،‬وك��ي تريحَ عينيكَ من أشَعةِ‬ ‫ِ‬ ‫الشمس لفائدةِ جَسَد َِك‪.‬‬ ‫الشاشةِ‪ ،‬وتركضَ حتتَ‬ ‫ كالمُكَ صحيحٌ يا وال��دي العزيزَ‪ ،‬وجي�بُ أن‬‫أعم َل بهِ‪ .‬لكنّين مشغو ٌل اآلنَ بتص ُّف ِح ِ‬ ‫بعض املواق ِع‬ ‫اهلامّةِ على (االنرتنيت)‪.‬‬ ‫حاولَتْ سارةُ بدورهِا أن تغيِّرَ من تصرُّفاتِ أخيها‬ ‫بطريقتِها‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫امللعب‪ ..‬فسوفَ‬ ‫ ما رأيُ�كَ أن نذهبَ غداً إىل‬‫يلعبُ فريقُ الكرةِ الطائرةِ املباراةَ النهائيّ َة‪.‬‬ ‫ سأتا ِبعُ املباراةَ هنا‪ ،‬وأنا أكتبُ على برنام ِج‬‫ِ‬ ‫النصوص‪.‬‬ ‫ه��ذهِ كانتْ طريقة ح��از ٍم يف ال��ردِّ على ك� ِّ�ل مَنْ‬ ‫ِ‬ ‫لبعض الوقتِ‪.‬‬ ‫حيا ِو ُل إبعادَهُ عن الكمبيوترِ‪ ،‬ولو‬ ‫ذاتَ يو ٍم اجتمعَ أف��رادُ األُس��رةِ وتَشاوروا بشأ ِن‬ ‫نقاش طوي ٍل َقرّروا أن يَذهبوا يف نزهةٍ‬ ‫حاز ٍم‪ ،‬وبعدَ‬ ‫ٍ‬ ‫إىل البح ِر كي يُجربوا حازماً على اخلرو ِج معَهم‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ اذهبُوا أنتمْ‪ ..‬وسوفَ أبقى يف البيتِ سَأعِدُّ‬‫بعضَ اجلداو ِل على برنامج احملاسبةِ‪.‬‬ ‫جوابُ حاز ٍم مل ي ِ‬ ‫ُفاجئهمْ‪ ،‬ولكنّهم رَفضوا السفرَ‬ ‫دونه‪ ،‬فهم يُريدونَ الذهابَ يف رحلة إىل البح ِر من‬ ‫أجلهِ‪ ،‬هلذا ظلّوا يُلِحُّونَ عليه حتى قا َل بضجرٍ‪.‬‬ ‫ مُوافق‪ ..‬ولكنْ شريط َة أن نُسافِرَ غداً‪.‬‬‫سامر أنور الشمايل‬ ‫مل يسأ ْل أحدُهُم حازماً عن سَب َِب تأجي ِل الرّحلةِ‬ ‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪ob‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪232‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪Science Fiction‬‬

‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪ww‬‬

‫كيال يَعد َل عن رأيهِ بالسفرِ‪ ،‬فقد اكت َفوا باحلصو ِل‬ ‫على مُوافقتهِ‪.‬‬ ‫صباحَ اليو ِم التايل رأَوا حازماً يَخرجُ من غرفتهِ‬ ‫وهو يَحمِ ُل كمبيوتره‪.‬‬ ‫سألَهُ والدُهُ‪:‬‬ ‫ إىل أينَ تذهبُ بالكمبيوترِ؟‪.‬‬‫ سأبيعُه‪.‬‬‫أجابَ حازمٌ باقتضابٍ ‪ .‬فصاحَتْ سارةُ بدهشةٍ‪:‬‬ ‫ غريُ مَعقول!‪.‬‬‫وقالتِ األمُّ وهي تضحكُ‪:‬‬ ‫ إذاً سوفَ نستطيعُ اجللوسَ معاً على مائدةِ‬‫ّ‬ ‫الطعا ِم مرّةً أُخرى‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مل يعلقْ حازمٌ على ما سَمِعَهُ‪ ،‬وخرجَ من البيتِ‪،‬‬ ‫ْص‪.‬‬ ‫وهو حيم ُل الكمبيوترَ ِبحِر ٍ‬ ‫ُ‬ ‫عادَ حازمٌ وبيدهِ حقيب ٌة صغريةٌ‪ ،‬فتبادلتِ األسرةُ‬ ‫النظراتِ بسرورٍ‪ ،‬فلم يَعُدْ لدى حاز ٍم كمبيوترٌ يشغلُهُ‬ ‫عَنهُم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫قال األبَ وهو يتقدَّمُ اجلميعَ‪:‬‬ ‫ سوفَ نَقضي أياماً طويل ًة معَ حاز ٍم‪.‬‬‫‪ -‬سنجلِسُ طويالً معاً ول��ن نسمحَ حل��از ٍم أن‬

‫جيلسَ مبفردهِ‪.‬‬ ‫ق��ال�تِ األمُّ وه �يَ تنظرُ إىل س���ارةَ ال�تي سألتْ‬ ‫أخاها‪:‬‬ ‫ أصحيحٌ يا ح���ازمُ‪ ..‬هل ستنسى الكمبيوترً‬‫بسرعةٍ؟!‪.‬‬ ‫َضحِكَ حازمٌ وقا َل وهو يفتحُ احلقيبة‪َ.‬‬ ‫ لكنّين ِبعْتُ الكمبيوترَ كي أشرتيَ هذا الكمبيوترَ‬‫احملمو َل‪.‬‬ ‫نظرَ اجلميعُ إىل بعضهم بدهشةٍ‪.‬‬ ‫ثم قالتِ األمُّ وقد اخت َفتْ ضحكتُها‪:‬‬ ‫ أظنُّ أن الكمبيوترَ احملمو َل أفض ُل‪.‬‬‫وقا َل األبُ وهو ينظرُ إىل زوجتهِ مُواسياً‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫األقل يستطيعُ حازمٌ أن خيرجَ معنا‪ ،‬ومل‬ ‫ على‬‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫يَعُدْ م َُضطرّا إىل اجللوس يف غرفتهِ‪.‬‬ ‫وقالتْ سارةُ‪:‬‬ ‫ جيبُ أن نعتادَ على أنَّ الكمبيوترَ أصبحَ جُزءاً‬‫من حاز ٍم‪.‬‬ ‫َضحِكَ اجلميعُ وهم يَتبادلونَ النظراتِ‪ ،‬ولكنَّ‬ ‫الضحِكَ‪ ،‬فقدْ ك��انَ مشغوالً‬ ‫حازماً مل يشار ْكهُمُ َّ‬ ‫بالعم ِل على كمبيوترهِ اجلديدِ!‪.‬‬

‫اخليال العلمي ‪ /‬العددان اخلامس والسادس ‪ /‬كانون ‪ -1‬كانون ‪2009 - 2008/ 2‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬

‫‪233‬‬


‫‪m‬‬

‫قصية لينا كيالني‬ ‫رسوم حسام وهب‬

‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫(س��ام��ي) رج��ل م��ن أص��ل عربي‬ ‫يعيش يف الغرب‪ ،‬أولع بالكمبيوتر‬ ‫منذ نشأته‪ ،‬وعمل ب��ه وبتهيئة‬ ‫براجمه واإلبداع فيها حتى عرف‬ ‫بني الناس بأنه (أبو الكمبيوتر)‪،‬‬ ‫وحصل من وراء ذلك على ثروة‬ ‫طائلة كرّسها لعلمه ال��ذي هو‬ ‫هوايته بل حياته كلها‪.‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫وأصبح يتنقل يف البالد بني املعاهد واجلامعات‬ ‫يشجع الدارسني على استعمال الكمبيوترات‪ ،‬ومل‬ ‫ي�ترك الصغار أيضاً يف مدارسهم‪ ،‬وع��ن طريق‬ ‫ال��دع��اي��ات وخ��اص��ة التلفزيونية منها‪ .‬وأخذ‬ ‫الشبان يؤسسون مقاهي االنرتنيت‪ ،‬والصغار‬ ‫يضيفون يف مدارسهم بعد انتهاء احلصص لتعلم‬ ‫الكمبيوتر‪ ..‬وهكذا حتى أصبح للعامل (سامي)‬ ‫طالب كثريون‪ ..‬وحمبون أكثر‪ ..‬وأكثر‪ .‬وكان ال‬ ‫يقصّر يف مساعدة احملتاجني منهم لشراء أجهزة‬ ‫أو لتسديد اشرتاكات‪.‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪ob‬‬

‫ويف يوم من أيام اخلريف بعد عام ‪ 2000‬مرض العامل (سامي)‬ ‫مرضاً ش��دي��داً استدعي له أشهر األط��ب��اء‪ ،‬وك��ان هو متفائالً‬ ‫بالشفاء‪ ..‬بل يف غاية الصرب واالحتمال‪ .‬وأخذ طالبه ومعارفه‬ ‫يفدون أفواجاً اىل املستشفى الذي أقام فيه مدة طويلة حتى قال‬ ‫هلم يوماً‪:‬‬ ‫ـ اذهبوا اىل بيوتكم ومدارسكم ومقاهيكم وأنا سأتصل بكم عرب‬ ‫االنرتنيت بالصوت والصورة‪ ..‬وليعمل كل منكم جهده على أن‬ ‫يراني ويسمعين‪.‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪ob‬‬

‫وبالفعل فقد دأب الصغار قبل الكبار على فعل ذلك حتى أعلن‬ ‫العامل (سامي) عن وصيته أو هديته الثمينة‪ ..‬وكانت جمموعة من‬ ‫األسئلة والفائز باألجوبة هو احلائز على الوصية‪ .‬ومسع بذلك‬ ‫أحد املبتدئني بتعلم الكمبيوتر (هاني)‪ ..‬وكان فقرياً‪ ..‬ومثقالً‬ ‫بأعباء عمل مرهق من أجل معيشته‪ ..‬وهو فتى حنيل‪ ..‬شاحب‬ ‫وضئيل اجلسم‪.‬‬

‫وعندما طلب من زم�لاء البحث عن الربامج أن يساعدوه يف أن‬ ‫يرتكوه مع أجهزهتم لوقت طويل يف الليل رفضوا‪ ..‬ولعلهم كانوا خيافون‬ ‫أن يكتشف الوصية لذكائه احلاد وقدرته على التعلم‪.‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬ ‫‪ob‬‬ ‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪w.‬‬

‫لكن (هاني) مل ييأس‪ ..‬وظل يوفر من ماله‬ ‫ووق��ت��ه م��ا جيعله ميضي ال��س��اع��ات يف املقهى‬ ‫االل��ك�ترون��ي حتى وص��ل اىل غايته فعثر على‬ ‫جم��م��وع��ة األس��ئ��ل��ة ال�ت�ي وض��ع��ه��ا ال��ع��امل وأخذ‬ ‫باإلجابة عليها‪.‬‬

‫‪ww‬‬

‫ويف صباح يوم من أيام العطل دخل (هاني) اىل‬ ‫شبكة االنرتنيت أو املعلومات وبالفعل رأى صورة‬ ‫العامل (سامي)‪ ،‬وكانت املفاجأة عندما قال له‪:‬‬ ‫ـ أنت الفائز‪ ..‬أنت الفائز‪.‬‬ ‫وكاد يطري من الفرح‪ ..‬وأخذ يهيئ نفسه ليذهب‬ ‫اىل العامل (سامي) ليتسلم جائزته منه‪ ..‬وليشكره‬ ‫أيضا‪.‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬ ‫‪.co‬‬

‫وما هي إال أسابيع حتى أعلن يف الصحف‬ ‫واجملالت وعلى الشاشات أيضا أن (هاني)‬ ‫هو الفائز‪ ..‬وكانت الوصية منحة دراسية‬ ‫ملن يفوز هبا حتى يتخرج من أهم جامعات‬ ‫العامل وينال الشهادة اليت يريدها‪.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪ob‬‬

‫وظهرت أخبار اجلائزة أو الوصية يف‬ ‫الصحف وعلى الشاشات‪ ،‬لكن املوت كان‬ ‫قد عاجل العامل (سامي) فقضى حنبه قبل‬ ‫أن يلتقي هباني‪ .‬ومل جيرؤ (هاني) على‬ ‫ذك��ر امل��وض��وع ألن اجلميع كانوا حزينني‬ ‫لفراق العامل‪.‬‬

‫وبالطبع كان هدف (هاني) أن ينال شهادته‬ ‫العليا يف الربجميات‪ ..‬بعد أن ترك عمله‬ ‫املتعب املرهق‪ ..‬ومل يعد حباجة إليه بل اىل‬ ‫االنصراف لعلمه كل األوقات‪.‬‬

‫‪w.‬‬ ‫‪ww‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


‫‪m‬‬

‫رئيس التحرير‬

‫‪.co‬‬

‫‪ww‬‬

‫‪w.‬‬

‫‪alk‬‬ ‫‪ott‬‬

‫‪ob‬‬

‫األرض هذا الكوكب احلي‪ ،‬الذي تسبح النجوم يف مسائه الصافية‪ ،‬ويزينه‬ ‫القمر الفضي الالمع‪ ،‬وتبددّ ظلمته الشمس املتوهجة بالضياء واحلرارة‪..‬‬ ‫هذا الكوكب الذي قدر له أن حيتضن بذرة احلياة وبني كائناته احلية يرتبع‬ ‫اإلنسان بعقله النري الذي حياول به استيعاب ماحوله من أسرار‪..‬‬ ‫لوكانت السحب على األرض كثيفة سوداء لدرجة أهنا حتجب أضواء النجوم‬ ‫وضوء القمر‪ ،‬وأشعة الشمس ‪ ،‬حبيث اليصل إىل األرض شيء من الضوء‪..‬‬ ‫ستخيم ظلمة فريدة‪ ،‬ظلمة سوداء ال ملعان فيها وال ضياء وال خيوط من‬ ‫النور تتسلل من بني تكثفات السحب‪ ،‬ومثل هذه احلالة موجودة تقريباً على‬ ‫كوكب الزهرة‪..‬‬ ‫لنتصور إذاً كوكبنا بال مشاهد مساوية مجيلة‪ ..‬المساء زرق��اء والجنوم‬ ‫والقمر المع والمشس ساطعة فقط الظالم‪ ،‬والظالم الشديد املتكاثف‪..‬‬ ‫أية لوحة كئيبة ستكون عليها احلياة على األرض ‪ ..‬إن السماء ذات الآللئ‬ ‫الرباقة املتناثرة يف الليل أمام خلفية السواد القامت متثل مشهداً مؤثراً فعالً‪..‬‬ ‫لوكان البشر يعيشون يف أرض تلفها الغيوم فإهنم ماعرفوا تلك الظواهر‬ ‫املرتبطة بشروق الشمس وغروهبا‪ ..‬لذلك فالكائنات العاقلة اليت تقطن يف‬ ‫كوكب حماط بالسحب ستضطر إىل حل مسائل معقدة جداً تتعلق حبساب‬ ‫الزمن‪..‬‬ ‫لنتصور اآلن أن األرض بدون تابع‪ ،‬أي بدون قمر يدور حوهلا‪ ..‬ما الذي‬ ‫ميكن أن حيدث لألرض؟ وما الذي يفعله القمر بالنسبة لألرض؟‬ ‫بالطبع ستزول األمسيات املقمرة الصافية‪ ،‬ولن ترى التموجات الفضية‬ ‫على سطح املياه الراكدة أو املتموجة قليالً‪ .‬وملا كان هناك مد وجزر‪ ،‬ولتغريت‬ ‫الظروف املالحية كثرياً‪..‬‬ ‫لقد صيغ قانون اجلاذبية العامة من خالل رصد حركة القمر حول األرض‪،‬‬ ‫كما أن رصد هذه احلركة كان أحد الدوافع يف تصميم وإطالق توابع صنعية‬ ‫شبيهة تدور حول األرض وحتى يف الفضاء اخلارجي‪..‬‬ ‫لقد أصبح القمر اآلن ميدان جتارب تعاجل فيه وتضبط عمليات معقدة كثرية‬ ‫ذات عالقة بدراسة وغزو الفضاء لقد كان أول ( مرآة راديوية) فضائية و بعد‬ ‫هبوط احملطات الفضائية فوقه‪ ،‬ثم هبوط اإلنسان بعد ذلك‪ ،‬أصبح باألجهزة‬ ‫اليت ركبت عليه‪ ،‬يساعد يف عمليات مسح الفضاء ودراسة الشمس وكواكبها‪..‬‬

‫‪www.alkottob.com‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.