لذة املطعم واملشرب واملنكح ماال يناله اإلنسان مع عيش هينء خال عن الفكر واهلم وهلذا تساق إىل منحرها وهي منهمكة على شهواهتا لفقدان العلم بالعواقب واآلدمي ال يناله ما يناله احليوان لقوة الفكر الشاغل وضعف اآللة املستعملة وغري ذلك فلو كان نيل املشتهى فضيلة ملا خبس منه حق اآلدمي الذي هو خالصة العامل ووفر منه حظ البهائم ويف توفري حظ اآلدمي من العقل والعلم واملعرفة عوض عن ذلك احلادي عشر أن يسري بقلبه يف عواقب اهلوى فيتأمل كما أفاتت معصيته من فضيلة وكم أوقعت يف رذيلة وكم أكلة منعت أكالت وكم من لذة فوتت لذات وكم من شهوة كسرت جاها ونكست رأسا وقبحت ذكرا وأورثت ذما وأعقبت ذال وألزمت عارا ال يغسله املاء غري أن عني صاحب اهلوى عمياء الثاين عشر أن يتصور العاقل انقضاء غرضه ممن يهواه مث يتصور حاله بعد قضاء الوطر وما فاته وما حصل له فأفضل الناس من مل يرتكب سببا %حىت مييز ملا جتين عواقبه الثالث عشر أن يتصور ذلك يف حق غريه حق التصور مث ينزل نفسه تلك املنزلة فحكم الشيء حكم نظريه الرابع عشر أن يتفكر فيما تطالبه به نفسه من ذلك ويسأل عنه عقله ودينه خيربانه بأنه ليس بشيء قال عبدهللا بن مسعود رضي هللا عنه إذا أعجب أحدكم امرأة فليذكر مناتنها وهذا أحسن من قول أمحد بن احلسني لو فكر العاشق يف منتهى %حسن الذي يسبيه مل يسبه ألن ابن مسعود رضي هللا عنه ذكر احلال احلاضرة املالزمة والشاعر حال على أمر متأخر اخلامس عشر أن يأنف لنفسه من ذل طاعة اهلوى فإنه ما أطاع أحد هواه قط إال وجد يف نفسه ذال وال يغرت بصولة أتباع اهلوى وكربهم فهم أذل الناس بواطن قد أمجعوا بني فصيليت الكرب والذل السادس عشر أن يوازن بني سالمة الدين والعرض واملال واجلاه ونيل اللذة املطلوبة فإنه ال حيد بينهما نسبة البتة فليعلم أنه من أسفه الناس ببيعه هذا هبذا السابع عشر أن يأنف لنفسه أن يكون حتت قهر عدوه فإن الشيطان إذا رأى من العبد ضعف عزمية ومهة وميال إىل هواه طمع فيه وصرعه وأجلمه بلجام اهلوى وساقه حيث أراد ومىت أحس منه بقوة عزم وشرف نفس وعلو مهة مل يطمع فيه إال اختالسا وسرقة الثامن عشر أن يعلم أن اهلوى ما خالط شيئا إال أفسده فإن وقع يف العلم أخرجه إىل البدعة والضاللة وصار صاحبه من مجلة أهل األهواء وإن وقع يف الزهد أخرج صاحبه إىل الرياء وخمالفة السنة وإن وقع يف احلكم أخرج صاحبه إىل الظلم وصده عن احلق وإن وقع يف القسمة خرجت عن قسمة العدل إىل قسمة اجلور وإن وقع يف الوالية والعزل أخرج صاحبه إىل خيانة هللا واملسلمني حيث يويل هبوا ه ويعزل هبواه وإن وقع يف العبادة خرجت عن أن تكون طاعة وقربة فما قارن شيئا إال أفسده التاسع عشر أن يعلم أن الشيطان ليس له مدخل على ابن آدم إال من باب هواه فإنه يطيف به من أين يدخل عليه حىت يفسد عليه قلبه وأعماله فال جيد مدخال إال من باب اهلوى فيسري معه سريان السم يف األعضاء العشرون أن هللا سبحانه وتعاىل جعل اهلوى مضادا ملا أنزله على رسوله وجعل اتباعه مقابال ملتابعة رسله وقسم الناس إىل قسمني أتباع الوحي وأتباع اهلوى وهذا كثري يف القرآن كقوله تعاىل ^ فإن مل يستجيبوا لك فاعلم أمنا يتبعون أهواءهم ^ وقوله تعاىل ^ ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ^ ونظائره احلادي والعشرون أن هللا سبحانه وتعاىل شبه أتباع اهلوى بأخس احليوانات صورة ومعىن فشبههم بالكلب تارة كقوله تعاىل ^ ولكنه أخلد إىل األرض واتبع هواه