قراءة في كتاب . . سوريتنا | السنة الثانية | العدد ( / 28 | )84نيسان 2013 / أسبوعية تصدر عن شباب سوري حر 16
�سعيد علي عبيد :تنظيم القاعدة: الن�ش�أة ـ اخللفية الفكرية ــ االمتداد
ياسر مرزوق
كتابن��ا الي��وم "هو األج��رأ وهو آخر الكت��ب الن��ادرة الت��ي تح��اول اإلحاط��ة بتنظيم القاع��دة ،خاصة زعيمه أس��امة بن الدن" بحسب صحيفة القدس العربي التي نش��رت أج��زا ًء منه ،يتن��اول الكتاب تنظيم القاعدة :النشأة ـ الخلفية الفكرية ــ االمتداد ،التنظيم الذي شغل الدنيا ومأل الناس بعد أقل م��ن عقد علي انطالقته، وخصوصاً في اليمن ،وهو ميدان الكتاب. يتوق��ف الكتاب عند الش��ق النظري م��ن التنظي��م ،مثلم��ا يرص��د س��يرته الواقعي��ة ف��ي التاري��خ ،ويهدف بحس��ب المؤل��ف إل��ى تقدي��م فك��رة حقيقي��ة وواقعية عن هذا الفكر الجهادي وأصحابه ومعتنقيه وفي المقدمة منهم مؤس��س القاع��دة وقائدها أس��امة ب��ن محمد بن ع��وض ب��ن الدن ،وقد تش��كلت القاعدة م��ن عدة ح��ركات إس�لامية يغل��ب عليها التوجه السلفي ،تهدف جميعها إلى إقامة دولة الخالفة اإلس�لامية كه��دف مركزي لكل ه��ذه الجماعات والح��ركات بما فيها اإلخ��وان المس��لمون ،والمتتب��ع للخلفية الفكرية لهذه الحركات سيجد أنها تنطلق من أسس فكرية وتربوية واحدة أهمها: الغل��و والتط��رف ف��ي اآلراءوالمواق��ف ،وتبني منه��ج تكفيري عنفي ف��ي مواجه��ة مخالفيه��م م��ن األح��زاب والمذاهب األخرى. رف��ض فكرة الدول��ة المدنية التييقيمها كل أبناء المجتمع على أساس من االختي��ار والكفاءة والمس��ؤولية ويحترم فيه��ا العق��ل والعلم والتفكير اإلنس��اني الح��ر ،كم��ا يتس��اوى فيه��ا الجمي��ع أمام القان��ون دونم��ا تميي��ز أو إقص��اء ،فهم يعتبرون الدولة المدنية توجهًا ضد الدين وال تقيم شرع اهلل. يدع��ون إلى إقام��ة الدولة الدينيةالت��ي تكون فيه��ا الس��لطة للحاكم الذي يتم اختياره من قبل أه��ل الحل والعقد، وه��م عب��ارة ع��ن مجموع��ة قليل��ة من العلم��اء تخت��زل فيه��م إرادة المجموع أو الش��عب ،فتكون قراراتهم وآراؤهم محل قداس��ة ال يمكن مراجعته��ا أو اعتراضها حتى لو كانت تتعارض مع مطالب ومنافع الغالبي��ة ،وم��ن ه��ذه القداس��ة يس��تمد الحاك��م عصمته حتى ول��و كان ظالمًا أو مستبداً. تحري��م وتكفي��ر الديمقراطي��ةواالنتخابات واألح��زاب ،باعتبارها تقليداً غربي��ًا ،وباعتبار أنها تمثل حكم الش��عب نفس��ه بنفس��ه ،وهذا فيه منازعة لحكم اهلل ،كم��ا أنه��ا تتي��ح الفرص��ة للمالحدة والعلمانيي��ن للوص��ول إل��ى الس��لطة والحكم. وعل��ى الصعي��د الداخل��ي ل��م تضع "القاع��دة" ش��روطًا وضواب��ط للعضوية كغيره��ا م��ن الجماعات اإلس�لامية مثل اإلخ��وان المس��لمين ،وح��زب التحري��ر وغيرهم ..هؤالء وضعوا شروطاً لالنتماء وله��م مفاهيم محددة لذلك ،وفي بعض
الجماع��ات كاإلخ��وان المس��لمين يعتب��ر االنتماء صعباً وأكثر تعقيداً من االنخراط ف��ي أكثر التنظيم��ات الس��رية المعروفة حتى أن الوصول فيها إلى مستوى قيادي ي��كاد يك��ون صعب��ًا كالوصول إل��ى رتبة جنرال في الجيش. بالنس��بة لـ"القاع��دة" س��هلت ه��ذا األم��ر إل��ى أبعد الح��دود وجعل��ت قضية االنتم��اء باب��اً مفتوح��ًا بمعن��ى أن ه��ذه الجماع��ات اإلس�لامية أم��ا فيه��ا م��ا هو راف��ض لموض��وع الس��رية والبيعة التي تت��م بين األمير واإلتباع وتش��ترط وجود تربي��ة وتاريخ طويل من اإلعداد والتدرج التدريب��ي والخلق��ي والنفس��ي له��ذا المري��د ..والمالح��ظ أن تنظي��م القاعدة ألغى كافة ه��ذه االعتبارات وجعل قضية االنتماء إليه وهذه قضية لصالحه سريعة المول��د وس��ريعة الذوبان والتالش��ي في نف��س الوق��ت ،وقد حققت من االنتش��ار ما لم تحققه الجماعات األخرى ،السر في ذلك أنها ألغت االعتب��ارات التي تعتمدها الجماع��ات األخرى بمعنى أنه ال ش��روط في االنتماء. يلخص األس��تاذ س��عيد عل��ي عبيد فكر القاعدة بالتالي: القاع��دة تنظي��م جهادي مس��لح..الجهاد غايته ووسيلته. إس��تراتيجية القاع��دة ال تؤم��نبالتحدي��د الجغرافي للص��راع وال بنهاية زمنية له. القاع��دة تنظي��م فك��ري أكث��رمم��ا ه��و تنظيم هرم��ي يمر المنتس��ب إليه وفي��ه بمحاضن تربوية متسلس��لة، وبالتال��ي االنتس��اب إليه مس��ألة س��لطة وله��ذا تظه��ر الجماع��ات أو المجامي��ع الجهادي��ة للقاعدة كروافد تحاول تطعيم القاع��دة األم بحركته��ا بص��ورة ص��راع الباب المفتوح م��ع الجميع دون التمييز أو الترتيب لألولويات. يتبنى هذا التنظيم اس��تراتيجياتتبدو كمش��روع مقاومة ال بداية وال نهاية لها. أما ع��ن القاع��دة في اليم��ن ،الذي وصف��ه الظواه��ري بأن��ه أرض الم��دد، ً حاضنة لمنظر فه��ي أرض خصبة كان��ت القاع��دة "س��يد إم��ام " لفت��رة طويل��ة، و"ياس��ر الس��ري" ال��ذي كان يعم��ل في المعاه��د العلمية ،وه��و رجل له دور غير عادي في التنظيم. و أول عم��ل ضخ��م للقاع��دة ف��ي اليمن كان تفجي��ر البارجة الحربية كول، الذي ش��كل ضربة موجع��ة مرغت بهيبة العس��كرية األمريكي��ة أكث��ر م��ن قضية تفجي��رات 11أيل��ول عل��ى الرغ��م م��ن الخسائر االقتصادية والبشرية الفادحة. فبعد عودة أس��امة ب��ن الدن األولى م��ن أفغانس��تان كان أول توج��ه له نحو اليم��ن وحصل��ت أحداث وتفجي��رات عدن وهو ف��ي الس��ودان ،وفي ع��ام 2006م
اس��تطاعت القاعدة أن توج��د لها فصي ًال حقيقي��اً ف��ي اليم��ن ،وتنام��ت العمليات ع��ام 2008م حت��ى يمك��ن الق��ول :إن هن��اك تس��ع عمليات ب��ارزة ج��رت خالل العام المذك��ور وهناك عمليات أخرى هنا وهناك في أبي��ن لم يعلن عنها في جعار وغيرها ،حت��ى أن جعار أصبحت تس��مى مدين��ة "الجه��اد" وبع��ض المناط��ق في عدن تسمى "كابول" و"قندهار" ..وتعمل القاع��دة اآلن عل��ى ترش��يد إع��ادة الدور اليمن��ي لتحت��ل مكانه بع��د القاعدة ذلك أنه يكاد يك��ون دور القاع��دة في العراق قد فش��ل ،ألن القاعدة تحس��ن البدايات، وقد كان��ت بداياتهم جيدة وش��كلوا جزءاً م��ن المقاوم��ة وحالم��ا توهم��وا أنه��م وصل��وا إلى مش��ارف األلوية اإلس�لامية وش��كلوا ف��ي األنب��ار والي��ة إس�لامية ذل��ك أنه��م محكوم��ون بس��يطرة الفكر السلفي الضعيف في التعاطي مع األمور السياس��ية فقط ،وس��قط مش��روعهم، ويرجع ذلك إلى ركونهم للفكر الس��لفي وع��دم قراءتهم الصحيح��ة للواقع وقواه الفاعل��ة واصطدامه��م م��ع الجماع��ات الس��لفية والش��يعية ف��ي نف��س الوقت فس��قطت حكومته��م الت��ي اس��تعجلوا ف��ي إع�لان تش��كيلها ال��وزاري وأس��ماء وزرائه��ا وعليه يمكن :الق��ول إن جماعة
"القاعدة" أضحت تلفظ أنفاس��ها األخيرة في العراق ..لذلك وغيره هناك مؤش��رات جادة تفيد بأن اليمن هي األرض الجديدة بل المسرح الميداني الساخن لعملياتها. حالي��ًا يعي��ش تنظي��م القاعدة في أضعف مراحله س��واء ف��ي اليمن أو حتى على المس��توى اإلقليم��ي والدولي ،لكن ه��ذا الضع��ف ال يعن��ي موت��ه أو نهاي��ة التنظي��م ،فه��و وفق��ا لتقري��ر اللجن��ة العس��كرية ال��ذي أصدرت��ه ي��وم 8آذار الماض��ي أش��ارت في��ه إل��ى وج��ود خاليا لتنظي��م القاع��دة ف��ي جمي��ع محافظات اليم��ن ،واعتب��رت أن ذل��ك يه��دد أم��ن واس��تقرار البل��د ويش��كل خط��راً عل��ى مصالحه العليا. وم��ن المتوق��ع أن يتح��ول التنظيم إل��ى جي��وب تنظيمي��ة صغيرة منتش��رة ف��ي الكثي��ر م��ن المحافظ��ات ،س��تعمل على اس��تعادة نفسها تدريجيا مع محاولة االنتق��ام عب��ر أعم��ال إرهابي��ة متفرقة تقل��ق الس��كينة واألم��ن الع��ام ،وهو ما يتوج��ب عل��ى الرئي��س ه��ادي وحكومة الوق��اف من إيجاد خطة وقائية ش��املة ال تقتص��ر عل��ى الحل العس��كري فقط بل تتع��داه إل��ى كل أن��واع الحل��ول الممكنة للقضاء على اإلرهاب.