Liwaa

Page 1

‫فتاوى‬ ‫اللجنة العلمية‬ ‫بلواء اإلسالم‬ ‫ٔ‬


‫بسم اهلل الرضبن الرحيم‬ ‫إف اغبمد هلل كبمده ‪ ،‬ونستعينو ‪ ،‬ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ‪ ،‬ومن سيئات أعمالنا ‪ ،‬من يهده‬ ‫اهلل فبل مضل لو ‪ ،‬ومن يُضلل فبل ىادي لو ‪ ،‬وأشهد أف ال إلو إال اهلل ‪ ،‬وحده ال شريك لو ‪،‬‬ ‫وأشهد أف ؿبمداً عبده ورسولو ‪.‬‬ ‫َّ ِ‬ ‫ين َآمنُواْ اتػَّ ُقواْ اللَّوَ َح َّق تُػ َقاتِ​ِو َوالَ َسبُوتُ َّن إِالَّ َوأَنتُم ُّم ْسلِ ُمو َف }‪.‬‬ ‫{ يَا أَيػُّ َها الذ َ‬ ‫{ يا أَيػُّها النَّاس اتَّػ ُقواْ ربَّ ُكم الَّ ِ‬ ‫س وِ‬ ‫ٍ‬ ‫َّ‬ ‫اح َدةٍ َو َخلَ َق ِمْنػ َها َزْو َج َها َوبَ َّ‬ ‫ف‬ ‫ػ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫ي‬ ‫ذ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّْ‬ ‫ث ِمْنػ ُه َما ِر َجاالً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َكثِ ًَتا َونِ َساءً َواتَّػ ُقواْ اللَّوَ الَّ ِذي تَ َساءَلُو َف بِ​ِو َواأل َْر َح َاـ إِ َّف اللَّوَ َكا َف َعلَْي ُك ْم َرقِيبًا }‪.‬‬ ‫َّ ِ‬ ‫صلِ ْح لَ ُك ْم أ َْع َمالَ ُك ْم َويَػ ْغ ِفْر لَ ُك ْم ذُنُوبَ ُك ْم َوَمن‬ ‫ين َآمنُوا اتػَّ ُقوا اللَّوَ َوقُولُوا قَػ ْوالً َس ِد ً‬ ‫يدا‪ ،‬يُ ْ‬ ‫{ يَا أَيػُّ َها الذ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يما }‪.‬‬ ‫يُط ِع اللَّوَ َوَر ُسولَوُ فَػ َق ْد فَ َاز فَػ ْوًزا َعظ ً‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫فإف أحسن اغبديث كتاب اهلل ‪ ،‬وخَت اؽبدي ىدي ؿبمد صلى اهلل عليو وسلم ‪ ،‬وشر األمور‬ ‫ؿبدثاهتا ‪ ،‬وكل ؿبدثة بدعة ‪ ،‬وكل بدعة ضبللة ‪ ،‬وكل ضبللة يف النار ‪.‬‬ ‫لقد قامت اللجنة العلمية يف لواء اإلسبلـ باإلجابة على أسئلة الثوار وآّاىدين يف الشاـ ‪،‬‬ ‫منضبطة يف ذلك باالعتماد على األدلة الشرعية "الكتاب والسنة واإلصباع والقياس" الصحيحة ‪ ،‬مع‬ ‫مراعاة سبلمة االستدالؿ ومقاصد الشرع ومبلبسات الواقع وتغَت اغباؿ ‪ ،‬وربري القوؿ األقوى دليبلً‬ ‫من بُت أقواؿ أىل العلم وما عليو احملققوف منهم ‪ ،‬بعيداً عن تتبع رخص اؼبذاىب أو سقطات‬ ‫العلماء ‪.‬‬ ‫مع اغبرص على ذكر دليل اغبكم أو علتو ‪ ،‬وعزوه أحياناً للقائل بو من أىل العلم ‪ ،‬مع نقل‬ ‫وخروجاً من العهدة ‪.‬‬ ‫للمستفيت ‪ُ ،‬‬ ‫كبلمو تقوية للفتوى ‪ ،‬وإقناعاً ُ‬ ‫وكذلك االستئناس بتكييف وفتاوى العلماء اؼبعاصرين للمسائل اؼبستجدة ‪ ،‬وإحالة السائل‬ ‫للمحاكم واؽبيئات الشرعية يف مسائل اػبصومات والنزاعات منها ‪.‬‬ ‫وقد حظيت ىذه الفتاوى دبراجعة شيخُت جليلُت نبا الشيخ الفاضل عبد اهلل علوش ‪ ،‬والشيخ‬ ‫الفاضل فايز الصبلح العاتقي حفظهما اهلل تعاىل ‪ ،‬ونفع بعلمهما ‪.‬‬ ‫جل يف عبله التوفيق والسداد يف القوؿ والعمل ‪ ،‬وأف هبعل ىذا العمل خالصاً‬ ‫راجُت من اؼبوىل َّ‬ ‫لوجهو الكرَل ‪.‬‬ ‫وصلى على نبينا ؿبمد وعلى آلو وصحبو وسلم ‪.‬‬ ‫ٕ‬


‫فهرس الفتاوي ‪:‬‬ ‫ص (‪ )7‬ما وسائل تحقٌق اإلخالص ؟‪.‬‬ ‫ص (ٔ​ٔ) هل عدم توفٌق العبد للجهاد من عالمات النفاق ؟‪.‬‬ ‫ص (ٗٔ) ما الحكمة من تؤخر النصر ؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )ٔ7‬ما كٌفٌة التوبة من المعاصً قبل الجهاد ؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )ٔ1‬هل القتال ضد العصابة األسدٌة مشروع ؟‪.‬‬ ‫ص (ٕٔ) هل ٌشرع اتخاذ الراٌة ‪ ,‬وما هً أحكامها ؟‪.‬‬ ‫ص (ٖٕ) ما أنواع الشهادة ‪ ,‬وما مراتبها ؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )ٕٙ‬ما حكم الخروج فً المظاهرات السلمٌة ؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )ٕ7‬هل ٌعتبر النشاط اإلعالمً جهادا ؟‪.‬‬ ‫ص (ٖٓ) ما حكم العملٌات الفدائٌة ؟‪.‬‬ ‫ص (ٕٖ) ما حكم من قتل فً مظاهرة أو بقصؾ عشوائً ؟‪.‬‬ ‫ص (ٖ​ٖ) هل ٌجوز الدفاع عن النفس حتى الموت ؟‪.‬‬ ‫ص (ٖٗ) هل الجهاد من مصارؾ الزكاة ؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )ٖٙ‬ما حكم إكراه التجار على دعم الثورة ؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )ٖ3‬ما حكم التبرع لمن كان علٌه دٌن ؟‪.‬‬ ‫ص (ٓٗ) أٌهما أفضل حج النافلة أم التبرع للمجاهدٌن ؟‪.‬‬ ‫ص (ٖٗ) هل ٌمنع الدٌن من الخروج للجهاد ؟‪.‬‬ ‫ص (ٗ​ٗ) ما حكم النطق بكلمة الكفر تحت التعذٌب ؟‪.‬‬ ‫ص (٘ٗ) ما حكم إفطار الصائم تحت اإلكراه ؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )ٗ7‬هل ٌجوز الذكر فً الحمام بسبب الخوؾ ؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )ٗ3‬ما حكم إٌواء المرأة للمتظاهرٌن ؟‪.‬‬ ‫ٖ‬


‫ص (‪ )ٗ1‬ما حكم التعزٌة فً المٌت ؼٌر المسلم ؟‪.‬‬ ‫ص (ٔ٘) ما حكم الحنث فً الٌمٌن ‪ ,‬وكفارته ؟‪.‬‬ ‫ص (ٖ٘) هل صالة الخوؾ مشروعة ‪ ,‬وما صفاتها ؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )٘3‬ما حكم قصر الصالة لالجئٌن ؟‪.‬‬ ‫ص (ٓ‪ )ٙ‬ما حكم الصالة فً الثوب الملوث بالدم ؟‪.‬‬ ‫ص (ٕ‪ )ٙ‬كٌؾ ٌوزع الؽنٌمة والفًء ؟‪.‬‬ ‫ص (٘‪ )ٙ‬كٌؾ نتعامل مع جثث الكفار المحاربٌن ؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )ٙ7‬ما حكم لعن الكافر المعٌن ؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )ٙ3‬ما معنى "أجري علٌه رزقه وأمن الفتان"؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )ٙ1‬كٌؾ ٌكون دخول ؼٌر المسلم فً اإلسالم ؟‪.‬‬ ‫ص (ٕ‪ )7‬هل ٌجوز القتال فً األشهر الحرم ؟‪.‬‬ ‫ص (ٖ‪ )7‬ما حكم الفرار من الزحؾ ؟‪.‬‬ ‫ص (٘‪ )7‬بؤي الكتائب الموجودة ٌلتحق المجاهد ؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )77‬ما حكم توبة من قتل عمدا ؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )71‬ما األعمال المشروعة فً عشر ذي الحجة ؟‪.‬‬ ‫ص (ٗ‪ )3‬ما كٌفٌة التعامل مع الجواسٌس والعواٌنٌة ؟‪.‬‬ ‫ص (٘‪ )3‬هل ٌجوز قتل النفس خشٌة األسر ؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )37‬هل ٌجوز استخدام الموسٌقى فً المونتاج اإلعالمً ؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )33‬ما حكم أموال موظفً الدولة اللصوص ؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )31‬هل ٌجوز استهداؾ الجنود الموجودٌن فً الحواجز ؟‪.‬‬ ‫ص (ٕ‪ )1‬ما حكم الجهاد فً سورٌا حالٌا ؟‪.‬‬ ‫ص (ٗ‪ )1‬هل ٌُشرع الجهاد للنساء ؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )1ٙ‬ما حكم الجهاد للمؽتربٌن السورٌ​ٌن ؟‪.‬‬ ‫ٗ‬


‫ص (‪ )13‬هل ٌجب الجهاد على المسلمٌن ؼٌر السورٌ​ٌن ؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )11‬ما حكم إطالق وصؾ الشهٌد على المعٌن ؟‪.‬‬ ‫ص (ٔٓٔ) هل ٌشعر الشهٌد بؤلم الموت ؟‪.‬‬ ‫ص (ٕٓٔ) كٌؾ ٌُعامل األسرى ؟‪.‬‬ ‫ص (ٗٓٔ) كٌؾ نتعامل مع المسلمة المؽتصبة ؟‪.‬‬ ‫ص (٘ٓٔ) ما حكم التجار الداعمٌن للنظام ؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )ٔٓ7‬هل تصح مقولة " ال عٌد لنا " ؟‪.‬‬ ‫ص (ٓٔ​ٔ) هل ٌصح جهاد من وقع فً الكبائر ؟‪.‬‬ ‫ص (ٔ​ٔ​ٔ) ما حكم االلتحاق بالخدمة العسكرٌة مع عصابة النظام ؟‪.‬‬ ‫ص (ٖٔ​ٔ) هل ٌجب التفرٌق بٌن المسلم وؼٌره من عصابة األسد فً األحكام ؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )ٔ​ٔ1‬ما مشروعٌة التؤمٌر فً الجهاد ؟‪.‬‬ ‫ص (ٕٓٔ) ما أحكام العدة لمن لم تعلم بوفاة زوجها ؟‪.‬‬ ‫ص (ٕ٘ٔ) ما حكم الفرار من الزحؾ ؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )ٕٔ3‬ما حكم استخدام الحٌوانات فً العلمٌات التفجٌرٌة ؟‪.‬‬ ‫ص (ٖٔٔ) هل ٌصح األمان للقاتل ؟‪.‬‬ ‫ص (ٖ​ٖٔ) ما األعذار ال ُمس ِقطة لوجوب الجهاد ؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )ٖٔٙ‬هل ٌُشترط إذن الوالدٌن للجهاد ؟‪.‬‬ ‫ص (ٓٗٔ) ما الواجب على أصحاب األعذار ؟ وهل ٌستحقون الثواب ؟‬ ‫ص (٘ٗٔ) هل ٌعتبر ال ُمر َتث شهٌدا ؟‬ ‫ص (‪ )ٔٗ3‬ما حكم الجهاد لؽٌر البالػ ؟‬ ‫ص (ٔ٘ٔ) هل تجوز والٌة ؼٌر الكافر على المسلم ؟‪.‬‬ ‫ص (ٖ٘ٔ) هل ٌجوز االستسالم لألعداء ؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )ٔ٘ٙ‬ما كٌفٌة التطهر للجرٌح ؟‪.‬‬ ‫٘‬


‫ص (‪ )ٔ٘3‬ما كٌفٌة طهارة األطرؾ المقطوعة ؟‪.‬‬ ‫ص (ٔ‪ )ٔٙ‬ما حكم عدم التداوي رؼبة فً الشهادة ؟‪.‬‬ ‫ص (ٖ‪ )ٔٙ‬هل ٌجوز للمجاهد أن ال ٌصوم شهر رمضان ؟‪.‬‬ ‫ص (٘‪ )ٔٙ‬ما حكم األخذ بؤقوال مإسسات النظام ؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )ٔٙ7‬ما حكم من أفطر أول ٌوم من رمضان لعام ٖٗٗٔهـ ؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )ٔٙ1‬ما حكم صٌام عاشوراء للمجاهد ؟‪.‬‬ ‫ص (ٔ‪ )ٔ7‬هل ٌشرع تؽسٌل وتكفٌن الشهٌد ‪ ,‬والصالة علٌه ؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )ٔ7ٙ‬ما أحكام صالة األسٌر ؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )ٔ73‬حكم التخلؾ عن صالة الجماعة بسبب القصؾ ؟‪.‬‬ ‫ص (ٔ‪ )ٔ3‬ما أحكام ما ٌؽنمه المجاهدون من عصابة النظام ؟‪.‬‬ ‫ص (٘‪ )ٔ3‬هل ٌجوز التمثٌل بجثث األعداء ؟ ‪.‬‬ ‫ص (‪ )ٔ33‬ما حكم الؽلول ؟ وما عقوبة الؽال ؟ ‪.‬‬ ‫ص (ٕ‪ )ٔ1‬السالح المُت َب َرع به هل ٌُعت َبر مُلكا للمجاهد أم وقفا على منفعة الجهاد ؟‪.‬‬ ‫ص (ٗ‪ )ٔ1‬ما حكم تبنً الٌتٌم ؟ وما واجبنا تجاه أبناء الشهداء ؟‪.‬‬ ‫ص (‪ )ٔ17‬هل ٌجوز قتل األعداء إذا تترسوا باألسرى المسلمٌن ؟‪.‬‬ ‫ص (ٓ​ٕٓ) هل قتل األعداء إذا تترسوا بنسائهم وأطفالهم ؟‪.‬‬ ‫ص (ٖٕٓ) كم مدة انتظار المرأة التً فُقِد زوجها ؟ وهل تجب علٌها العدة ؟‪.‬‬

‫‪ٙ‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 1‬مجاهد ٌسؤل ‪ :‬أكثر ما ٌُخٌفنً فً الجهاد ‪ :‬الرٌاء وحب الظهور ‪.‬‬ ‫فنرجو منكم تعلٌمنا كٌفٌة إخالص النٌة هلل وحده فً الجهاد ‪ ,‬وكٌؾ نبتعد عن‬ ‫الرٌاء فً الجهاد ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫لقد شرع اهلل تبارؾ وتعاىل اعبهاد يف سبيلو بالنفس واؼباؿ ‪ ،‬وقد فرضو علينا بقولو سبحانو ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫اؿ َوُى َو ُكْرهٌ لَ ُك ْم َو َع َسى أَ ْف تَ ْكَرُىوا َشْيئًا َوُى َو َخْيػٌر لَ ُك ْم } ‪ ،‬وقاؿ رسوؿ اهلل‬ ‫ب َعلَْي ُك ُم الْ ِقتَ ُ‬ ‫{ ُكت َ‬ ‫ّْث نَػ ْفسو ِبو ‪ ،‬مات علَى ُشعب ِة النِ َف ٍ‬ ‫اؽ » رواه‬ ‫َ َ َ‬ ‫صلى اهلل عليو وسلم‪َ « :‬م ْن َم َ‬ ‫ات َوَ​َلْ يَػ ْغُز ‪َ ،‬وَ​َلْ ُوبَد ْ َ ُ‬ ‫َْ‬ ‫مسلم ‪.‬‬ ‫شًتط لصحتها اإلخبلص كسائر العبادات اؼبشروعة ‪.‬‬ ‫واعبهاد عبادة يُ َ‬ ‫فعلى اؼبسلم آّاىد يف سبيل اهلل تعاىل أف تكوف نيتو جبهاده ‪ ،‬ىي إعبلء كلمة اهلل تعاىل ‪،‬‬ ‫َِّب‬ ‫والدفاع عن دينو وببلده واؼبسلمُت ‪ .‬فعن أيب موسى رضي اهلل عنو ‪ ،‬قاؿ ‪َ (( :‬جاءَ َر ُج ٌل إِ َىل النِ ّْ‬ ‫الر ُجل يػُ َقاتِل لِ ّْ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫الر ُج ُل يػُ َقاتِ ُل لِيُػَرى‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم ‪ ،‬فَػ َق َ‬ ‫لذ ْك ِر ‪َ ،‬و َّ‬ ‫اؿ َّ‬ ‫َ‬ ‫الر ُج ُل ‪ :‬يػُ َقات ُل ل ْل َم ْغنَم َو َّ ُ ُ‬ ‫َم َكانُوُ فَ َم ْن ِيف َسبِ ِيل اللَِّو ؟‪ .‬قاؿ ‪َ « :‬م ْن قَاتَ َل لِتَ ُكو َف َكلِ َمةُ اللَّ ِو ِى َي الْعُْليَا فَػ ُه َو ِيف َسبِ ِيل اللَّ ِو »))‬ ‫متفق عليو ‪.‬‬ ‫وأما أف يُقاتل اؼبسلم يف سبيل راية جاىلية أو عِ ّْمية ‪ ،‬أو لشيء من أغراض الدنيا ‪ ،‬أو من ِ‬ ‫أجل‬ ‫أف يقوؿ الناس إنو بطل أو شجاعٌ ‪ ،‬فذلك كلُّو فبا ي ِ‬ ‫فس ُد عليو جهاده ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫أمور ‪:‬‬ ‫** وفبا يُعُت على اإلخبلص وترؾ الرياء ٌ‬ ‫أولُها ‪ :‬أف هباىد اؼبقاتل نفسو يف تصحيح نيتو ‪ ،‬فاإلخبلص ال يأيت دفعة واحدة ‪ ،‬وإمبا وبتاج‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫إىل ؾباىدة ‪ ،‬ومن هباىد نفسو سيصل لصبلح نيتو ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪ { :‬والَّ ِ‬ ‫َّه ْم‬ ‫ذ‬ ‫ين َج َ‬ ‫اى ُدوا فينَا لَنَػ ْهديَػنػ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ُت } ‪.‬‬ ‫ُسبُػلَنَا َوإِ َّف اللَّوَ لَ َم َع الْ ُم ْحسن َ‬

‫‪7‬‬


‫قاؿ النووي رضبو اهلل ‪ ( :‬قاؿ الشافعي ‪" :‬ال يعرؼ الرياء إال ـبلص"‪ .‬يعٍت ال يتمكن يف معرفة‬ ‫حقيقتو ‪ ،‬واالطبلع على غوامض خفياتو إال من أراد اإلخبلص ‪ ،‬فإنو هبتهد أزماناً يف مطاولة‬ ‫البحث والفكر والتنقيب عنده حىت يعرفو أو يعرؼ بعضو ) بستاف العارفُت (ٖ٘)‪.‬‬

‫جل وعبل ‪ ،‬وأف‬ ‫الثاني ‪ :‬معرفة اهلل بأظبائو وصفاتو واطبلعو على الضمائر واستحضار عظمتو َّ‬ ‫النفع والضر بيده سبحانو وليس بيد سواه ‪ ،‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم البن عباس رضي‬ ‫ٍ‬ ‫اهلل عنهما ‪َ « :‬وأ َْعلَ ْم أ َّ‬ ‫ك‪،‬‬ ‫وؾ َ​َلْ يػَْنػ َفعُ َ‬ ‫اجتَ َمعُوا َعلَى أَ ْف يَػْنػ َفعُ َ‬ ‫وؾ إِال بِ َش ْيء قَ ْد َكتَبَوُ اللَّوُ لَ َ‬ ‫َف األ َُم َم لَ ِو ْ‬ ‫ٍ‬ ‫الصحف ‪ ،‬ورفِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ضُّر َ‬ ‫ضُّر َ‬ ‫وؾ إِال بِ َش ْيء قَ ْد َكتَبَوُ اللَّوُ َعلَْي َ‬ ‫وؾ َ​َلْ يَ ُ‬ ‫اجتَ َمعُوا َعلَى أَ ْف يَ ُ‬ ‫َولَ ِو ْ‬ ‫ك ‪َ ،‬ج َّفت ُّ ُ ُ َ ُ َ‬ ‫اؿ ‪ :‬األَقْبلـ ورفِع ِ‬ ‫ف » رواه الًتمذي ‪.‬‬ ‫بلـ ‪ ،‬أ َْو قَ َ‬ ‫ت ُّ‬ ‫الص ُح ُ‬ ‫ُ َُ َ‬ ‫األَقْ ُ‬ ‫علي ذبح الطمع والزىد يف الثناء‬ ‫لت ‪ :‬و ما الذي يُ ّْ‬ ‫قاؿ ابن القيم رضبو اهلل ‪ ( :‬فإف قُ َ‬ ‫سهل ّ‬ ‫سهل عليك علمك يقيناً أنو ليس من شيء يطمع فيو إالّ وبيد‬ ‫واؼبدح ؟‪ .‬قلت ‪ :‬أما ذبح الطمع فيُ ّْ‬ ‫اهلل وحده خزائنو ‪ ،‬ال يبلكها غَته ‪ ،‬و ال يُؤتَى العبد منها شيئاً سواه ‪ ،‬وأما الزىد يف الثناء واؼبدح‬ ‫سهل عليك علمك أنو ليس أحد ينفع مدحو ويزين ‪ ،‬ويضر ذمو ويشُت إالّ اهلل وحده ) الفوائد‪،‬‬ ‫فيُ ّْ‬ ‫البن القيم (‪.)ٜٔٗ‬‬

‫الثالث ‪ :‬الدعاء وااللتجاء إىل اهلل عز وجل باالستعانة واالستعاذة بو أف يصرؼ اهلل عنو الرياء ‪،‬‬ ‫الصد ِ ِ‬ ‫صلَّى‬ ‫ت َم َع أَِيب بَ ْك ٍر ّْ‬ ‫ّْيق َرض َي اللَّوُ َعْنوُ ‪ ،‬إِ َىل النَِّ ّْ‬ ‫عن معقل بن يسار رضبو اهلل قاؿ ‪ (( :‬انْطَلَ ْق ُ‬ ‫ِب َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َخ َفى ِم ْن َدبِ ِ‬ ‫اؿ أَبُو بَ ْك ٍر ‪:‬‬ ‫يب الن َّْم ِل »‪ .‬فَػ َق َ‬ ‫اللَّوُ َعلَْيو َو َسلَّ َم ‪ ،‬فقاؿ‪ « :‬يَا أَبَا بَ ْك ٍر ‪ ،‬لَلشْ​ّْرُؾ في ُك ْم أ ْ‬ ‫ِ‬ ‫آخَر ؟‪ .‬فقاؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬والَّ ِذي نَػ ْف ِسي‬ ‫َوَى ِل الشْ​ّْرُؾ إِال َم ْن َج َع َل َم َع اللَّو إِ َؽبًا َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫َخ َفى ِم ْن َدبِ ِ‬ ‫ك قَلِيلُوُ َوَكثَِتُهُ ؟ »‪.‬‬ ‫ب َعْن َ‬ ‫يب الن َّْم ِل ‪ ،‬أَال أ َُدلُّ َ‬ ‫بِيَده ‪ ،‬لَلشْ​ّْرُؾ أ ْ‬ ‫ك َعلَى َش ْيء إ َذا قُػ ْلتَوُ َذ َى َ‬ ‫َستَػ ْغ ِفُرَؾ لِ َما ال أ َْعلَ ُم » )) األدب اؼبفرد ‪.‬‬ ‫ك أَ ْف أُ ْش ِرَؾ بِ َ‬ ‫قاؿ ‪ « :‬اللَّ ُه َّم إِ ٍّْل أَعُوذُ بِ َ‬ ‫ك َوأَنَا أ َْعلَ ُم ‪َ ،‬وأ ْ‬ ‫الرابع ‪ :‬معرفة فضل اعبهاد وما أعده اهلل من ثواب للمجاىدين ‪ ،‬فمن أراد ما عند غَت اهلل ضيع‬ ‫ىذا الثواب العظيم ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪ { :‬والَّ ِذين قُتِلُوا ِيف سبِ ِيل اللَّ ِو فَػلَن ي ِ‬ ‫ض َّل أ َْع َما َؽبُ ْم (ٗ) َسيَػ ْه ِدي ِه ْم‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫اعبَنَّةَ َعَّرفَػ َها َؽبُ ْم }‪.‬‬ ‫صلِ ُح بَا َؽبُ ْم (٘) َويُ ْد ِخلُ ُه ُم ْ‬ ‫َويُ ْ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اؿ ‪:‬‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم ‪ ،‬فَػ َق َ‬ ‫وعن أيب ىريرة رضي اهلل عنو قاؿ ‪َ (( :‬جاءَ َر ُج ٌل إِ َىل َر ُسوؿ اللَّو َ‬ ‫اؿ ‪ « :‬ىل تَست ِطيع إِ َذا خرج الْمج ِ‬ ‫اى ُد أَ ْف‬ ‫ُدلٍَِّت َعلَى َع َم ٍل يَػ ْع ِد ُؿ ْ‬ ‫اؿ ‪َ :‬ال أ َِج ُدهُ ‪ ،‬قَ َ‬ ‫اعبِ َه َاد ‪ ،‬قَ َ‬ ‫َ​َ َ ُ َ‬ ‫َ ْ َْ ُ‬ ‫‪3‬‬


‫اؿ ‪ :‬ومن يست ِط ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اؿ أَبُو‬ ‫ك )) قَ َ‬ ‫يع ذَل َ‬ ‫وـ ‪َ ،‬وَال تَػ ْفتُػَر ‪َ ،‬وتَ ُ‬ ‫صَ‬ ‫تَ ْد ُخ َل َم ْسج َد َؾ فَػتَػ ُق َ‬ ‫وـ ‪َ ،‬وَال تُػ ْفطَر »؟‪ .‬قَ َ َ َ ْ َ ْ َ ُ‬ ‫ىريػرَة ‪ :‬إِ َّف فَػرس الْمج ِ‬ ‫َت ِيف ِطولِ​ِو ‪ ،‬فَػي ْكتَب لَو حسنَ ٍ‬ ‫ات ‪ .‬متفق عليو‪.‬‬ ‫اى ِد لَيَ ْس َ ُّ‬ ‫َ​َ َُ‬ ‫َ‬ ‫ُ َْ َ‬ ‫ُ ُ ُ َ​َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اع ِْ‬ ‫اإل َم َاـ‬ ‫وقد ُروي عن النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬الْغَْزُو َغْزَواف فَأ ََّما َم ِن ابْػتَػغَى َو ْجوَ اللَّو ‪َ ،‬وأَطَ َ‬ ‫َجٌر ُكلُّوُ ‪َ ،‬وأ ََّما َم ِن َغَزا فَ ْخًرا‬ ‫اسَر َّ‬ ‫الش ِر َ‬ ‫ب الْ َف َس َاد ‪ ،‬فَِإ َّف نَػ ْوَموُ َونػُْبػ َهوُ أ ْ‬ ‫يك ‪َ ،‬و ْ‬ ‫‪َ ،‬وأَنْػ َف َق الْ َك ِريبَةَ َويَ َ‬ ‫اجتَػنَ َ‬ ‫ض فَِإنَّو َ​َل يػرِجع بِالْ َك َف ِ‬ ‫صى ِْ‬ ‫اؼ » رواه أبو داود وغَته ‪.‬‬ ‫اإل َم َاـ َوأَفْ َس َد ِيف ْاأل َْر ِ ُ ْ َْ ْ‬ ‫َوِريَاءً َو ُظبْ َعةً َو َع َ‬ ‫الخامس ‪ :‬معرفة عقوبة اؼبرائي باعبهاد ‪ ،‬و ُّ‬ ‫التفكر يف شناعة الرياء وقبحو ‪ ،‬فالرياء نوع من أنواع‬ ‫احملرمات وكبائر الذنوب على اإلطبلؽ ‪ ،‬وتكوف فضيحتو يف اآلخرة‬ ‫الشرؾ والنفاؽ ‪ ،‬وىو ِمن ّْ‬ ‫أشد َّ‬ ‫ِ‬ ‫عظيمة ألهنا على رؤوس األشهاد ‪ ،‬قاؿ سبحانو ‪ { :‬من َكا َف ي ِر ُ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َْ‬ ‫يد الْ َعاجلَةَ َع َّج ْلنَا لَوُ ف َيه َاما نَ َشاءُ‬ ‫لِ َم ْن نُِ‬ ‫ورا } ‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ه‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫ُث‬ ‫يد‬ ‫ر‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ص َ‬ ‫َّم يَ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫بلىا َم ْذ ُم ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وما َم ْد ُح ً‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫وقاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬إِ َّف أ ََّوَؿ الن ِ‬ ‫استُ ْش ِه َد ‪،‬‬ ‫َّاس يػُ ْق َ‬ ‫ضى يَػ ْوَـ الْقيَ َامة َعلَْيو َر ُج ٌل ْ‬ ‫فَأُِيت بِ​ِو فَػعَّرفَو نِعمو فَػعرفَػها ‪ ،‬قَ َاؿ ‪ :‬فَما ع ِمْلت فِيها ؟‪ .‬قَ َاؿ ‪ :‬قَاتَػْل ِ‬ ‫ت ‪ ،‬قَ َاؿ ‪:‬‬ ‫تف َ‬ ‫استُ ْش ِه ْد ُ‬ ‫ُ‬ ‫يك َح َّىت ْ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫َ َ ُ َ َ ُ َ​َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ​ِ‬ ‫ت ِألَ ْف يػُ َق َ ِ‬ ‫ب َعلَى َو ْج ِه ِو َح َّىت أُلْ ِق َي‬ ‫ت ‪َ ،‬ولَ ِكن َ‬ ‫َّك قَاتَػلْ َ‬ ‫َك َذبْ َ‬ ‫يل ‪ُ​ُ ،‬ثَّ أُمَر بو ‪ ،‬فَ ُسح َ‬ ‫اؿ َجريءٌ ‪ ،‬فَػ َق ْد ق َ‬ ‫ِيف النَّا ِر‪ » ...‬اغبديث ‪ .‬رواه مسلم ‪.‬‬ ‫السادس ‪ :‬اغبِْرص على كِْتماف العمل وإخفائو ‪ ،‬وؾباىدة النفس على ذلك ‪،‬وقد كاف السلف‬ ‫الصاحل وبرصوف على ذلك ‪.‬‬ ‫قاؿ اغبسن البصري رضبو اهلل ‪ ( :‬لقد أدركنا أقواماً ال يستطيعوف أف يُ ِسّروا من العمل شيئاً إال‬ ‫أسروه ) ذـ الرياء ‪ ،‬البن الضراب‪ ،‬ص (ٖٕ٘) ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫الرياء )‬ ‫أبعده من ّْ‬ ‫أخفاه ‪ْ ،‬أمنَػ ُعو من الشيطاف ‪ ،‬و ُ‬ ‫قاؿ ال ُف َ‬ ‫ضيل بن عياض رضبو اهلل ‪ ( :‬خَتُ العمل ْ‬ ‫بلوغ األرب (٘‪. )ٖ٘ٔ /‬‬ ‫وقد قِيل ‪ ( :‬اؼبخلِص الذي يَ ْكتُم حسناتِو كما يكتم سيئاتِو ) الزواجر (ٔ‪.)ٜٓ /‬‬ ‫السابع ‪ :‬معرفة مداخل الرياء ِحرصاً على الوقاية منو واالبتعاد عن مو ِ‬ ‫اطنو ومواقِعو ‪ ،‬كما يف‬ ‫سؤاؿ حذيفة رضي اهلل عنو لرسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم عن مداخل الشر كلو خشية الوقوع‬ ‫فيها‪ .‬متفق عليو‪ ،‬وكما قاؿ أبو فراس اغبمداٍل ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫لشّْر لَ ِكن لِتػوقّ ِيو * * * ومن َ​َل يػع ِر ِ‬ ‫الناس يقع ِ‬ ‫فيو‬ ‫ؼ ّ‬ ‫ت ّ‬ ‫َعَرفْ ُ‬ ‫َ​َ ْ ْ َْ‬ ‫من ِ ْ‬ ‫الشَّر َ‬ ‫الشَّر ال ل ّ ْ َ َ‬ ‫‪1‬‬


‫** تنبيه ‪ :‬من خرج للجهاد بنية خالصة ُمريداً إعبلء كلمة اهلل تعاىل ال حرج عليو بعد ذلك أف‬

‫تكوف لو نية صاغبة أخرى ‪ ،‬كحب الشهادة ليكوف شفيعاً ألقاربو أو رغبةً يف شيء من الغنيمة ‪ ،‬أو‬ ‫غَت ذلك من النيات اؼبشروعة ‪ ،‬فقد قاؿ صلى اهلل عليو وسلم ُؿبرضاً أصحابو على القتاؿ ‪َ « :‬م ْن‬ ‫قَػتَ َل قَتِ ًيبل لَوُ َعلَْي ِو بَػيّْػنَةٌ فَػلَوُ َسلَبُوُ » اغبديث ‪ .‬متفق عليو ‪.‬‬ ‫قاؿ ابن حجر رضبو اهلل ‪ ( :‬ذىب احملققوف إىل أنو إذا كاف الباعث األوؿ قصد إعبلء كلمة اهلل‬ ‫َل يضره ما انضاؼ إليو ‪ ،‬ويدؿ على أف دخوؿ غَت اإلعبلء ضمناً ال يقدح يف اإلعبلء إذا كاف‬ ‫اإلعبلء ىو الباعث األصلي ما رواه أبو داود بإسناد حسن عن عبد اهلل بن حوالة ‪ ،‬قاؿ بعثنا رسوؿ‬ ‫اهلل صلى اهلل عليو وسلم على أقدامنا لنغنم فرجعنا وَل نغنم شيئاً‪ )...‬فتح الباري (‪.)ٕٛ/ ٙ‬‬ ‫وال شك أف من كانت نيتو خالصة هلل عز وجل فأجره أعظم ‪ ،‬وقد قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬ ‫َجَرهُ َعلَى قَ ْد ِر نِيَّتِ ِو »‬ ‫وسلم عمن قضى جهازه دوف أف يقتل يف اؼبعركة ‪ « :‬إِ َّف اللَّوَ َعَّز َو َج َّل قَ ْد أ َْوقَ َع أ ْ‬ ‫رواه أضبد وأبو داود ‪.‬‬ ‫فكل ما رتَّب الشارع عليو أجراً وثواباً يف الدنيا ‪ ،‬يَعظُم ذلك األجر كلما َعظُمت فيها نية العبد ‪،‬‬ ‫وإذا نوى فيها شيئاً من الدنيا مع صحة أصل نيتو نقص من أجره بقدر ذلك ‪.‬‬ ‫اللهم ارزقنا اإلخبلص يف العلم والقوؿ والعمل ‪ ،‬وجنبنا الرياء والعجب وسائر اؼبنكرات ‪ ،‬يا ظبيع‬ ‫الدعاء ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٓٔ‬


‫فتىي ( ‪ :) 2‬سائل ٌسؤل ‪ :‬أنا طالب جامعً ‪ ,‬وظروفً تسمح بالخروج للجهاد‪,‬‬ ‫وقد حاولت جاهدا االلتحاق بالمجاهدٌن فلم ٌتٌسر ذلك لً ‪ ,‬رؼم تواصلً مع بعض‬ ‫قادتهم ‪ ,‬وأنا اآلن متضاٌق جدا ومكتئب وأكاد أجنّ ألنً لم ألتحق بصفوؾ‬ ‫المجاهدٌن ‪ ,‬وأحسّ أن عدم تٌسر خروجً سببه نفاقً‪ ,‬فما نصٌحتكم لً ؟‬

‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫إ ّف من نعم اهلل تبارؾ وتعاىل على أمة نبينا الكرَل ؿبمد صلى اهلل عليو وسلم أف جعل شرائع‬ ‫اإلسبلـ متنوعة ‪ ،‬وسبلها ميسورة ‪ ،‬فاعبهاد ‪-‬مثبلً‪ -‬مشروعٌ باللساف واؼباؿ والنفس ‪ ،‬قاؿ صلى اهلل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُت بِأ َْم َوالِ ُك ْم َوأَيْ ِدي ُك ْم َوأَلْ ِسنَتِ ُك ْم » رواه أبو داود والنسائي‪.‬‬ ‫عليو وسلم ‪َ « :‬جاى ُدوا الْ ُم ْش ِرك َ‬ ‫وللعبد اؼبسلم أف يتخَت من ُسبُل اعبهاد تلك ما يناسب استطاعتو وقدراتو وإمكانياتو ‪ ،‬ما َل‬ ‫يتعُت اعبهاد عليو أو هبب اعبهاد على األمة كلها أو على أىل البلد صبيعاً ‪.‬‬ ‫وينبغي للمسلم أف وبرص على إبراء ذمتو ‪ ،‬فيسعى لبلوغ األسباب اؼبوصلة عببهات اعبهاد‬ ‫وؿباوالتو األخرى ؛ كاعبهاد باؼباؿ ‪ ،‬واعبهاد الكلمة ‪ ،‬واعبهاد بالنفس ‪.‬‬ ‫فمن أخذ بأسباب ذلك مع العزـ الصادؽ ‪ ،‬وسعى للمشاركة يف اعبهاد ‪ُ ،‬ث حيل بينو وبُت‬ ‫الوصوؿ عببهات آّاىدين وأماكن اؼبرابطُت‪-‬لعدـ توفر سبلح معو أو انعداـ من يؤمنو لو‪ -‬فهذا‬ ‫ُّع َف ِاء‬ ‫س َعلَى الض َ‬ ‫معذور عند اهلل سبحانو ‪ ،‬بعيد عن النفاؽ إف شاء اهلل تعاىل ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪ {:‬لَْي َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ُحوا لِلَّ ِو َوَر ُسولِ​ِو َما َعلَى‬ ‫َوَال َعلَى الْ َمْر َ‬ ‫ين َال َهب ُدو َف َما يػُْنف ُقو َف َحَر ٌج إِ َذا نَ َ‬ ‫ضى َوَال َعلَى الذ َ‬ ‫الْمح ِسنُِت ِمن سبِ ٍيل واللَّو َغ ُفور رِحيم (ٔ‪ )ٜ‬وَال علَى الَّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ت َال أ َِج ُد َما‬ ‫ذ‬ ‫َ َ‬ ‫ين إِ َذا َما أَتَػ ْو َؾ لتَ ْحملَ ُه ْم قُػ ْل َ‬ ‫ُْ َ ْ َ َ ُ ٌَ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َضبلُ ُكم علَي ِو تَػولَّوا وأَعيػنػهم تَِ‬ ‫أ ِْ‬ ‫السبِ‬ ‫يض ِم َن الد َّْم ِع َحَزنًا أََّال َِهب ُدوا َما يػُْن ِف ُقو َف (ٕ‪ )ٜ‬إَِّ‬ ‫ين‬ ‫ا‬ ‫مب‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫يل َعلَى الذ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫يستأْ ِ‬ ‫ك وىم أَ ْغنِ‬ ‫اػبَوالِ ِ‬ ‫ضوا بِ‬ ‫َ‬ ‫ف َوطَبَ َع اللَّوُ َعلَى قُػلُؤِّ​ِ ْم فَػ ُه ْم َال يَػ ْعلَ ُمو َف }‪.‬‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫اء‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫ذ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ََُ‬ ‫َ​َ َ‬ ‫ظ الْ ُك َّف َار َوال‬ ‫بل يُكتب لو األجر على قدر صدؽ نيتو ‪ ،‬قاؿ اهلل تعاىل ‪َ { :‬وال يَطَئُو َف َم ْو ِطئًا يَغِي ُ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫يػنَالُو َف ِمن ع ُد ٍّو نَػي ًبل إَِّال ُكتِب َؽبم بِ​ِو عمل صالِح إِ َّف اللَّو ال ي ِ‬ ‫ُت } ‪.‬‬ ‫ض‬ ‫َجَر الْ ُم ْحسن َ‬ ‫يع أ ْ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫َ ُْ َ َ ٌ َ ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫ٔ​ٔ‬


‫وؾ‬ ‫وعن أنس بن مالك رضي اهلل عنو أف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪َ (( :‬ر َج َع ِم ْن َغْزَوةِ تَػبُ َ‬ ‫اؿ ‪ « :‬إِ َّف بِالْ َم ِدينَ ِة أَقْػ َو ًاما ‪َ ،‬ما ِسْرُُْت َم ِس ًَتا ‪َ ،‬والَ قَطَ ْعتُ ْم َو ِاديًا إَِّال َكانُوا َم َع ُك ْم‬ ‫فَ َدنَا ِم َن اؼب ِدينَ ِة‪ ،‬فَػ َق َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫اؿ ‪َ « :‬وُى ْم بالْ َمدينَة ‪َ ،‬حبَ َس ُه ُم العُ ْذ ُر »)) رواه‬ ‫وؿ اللو ‪َ ،‬وُى ْم بالْ َمدينَة ؟ قَ َ‬ ‫»‪ ،‬قَالُوا ‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫البخاري ‪.‬‬ ‫ومن طلب منهم الشهادة يف سبيل اهلل تعاىل بلّغو اهلل تعاىل منازؿ الشهداء ‪ ،‬وكتب لو ثواب‬ ‫الشهادة ‪ ،‬فعن سهل بن حنيف أف النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬من سأ َ​َؿ اهلل الشَّهاد َة بِ ِ‬ ‫ص ْد ٍؽ ‪،‬‬ ‫َْ َ َ َ َ‬ ‫بػلَّغو اهلل منا ِزَؿ الش ِ‬ ‫ات َعلَى فَِر ِاش ِو » رواه مسلم ‪ ،‬وعن أنس بن مالك رضي اهلل عنو‬ ‫َ َ ُ ُ َ​َ‬ ‫ُّه َداء ‪َ ،‬وإِ ْف َم َ‬ ‫َ‬ ‫أف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬من طَلَب الشَّهاد َة ص ِادقًا ‪ ،‬أ ُْع ِطيػها ‪ ،‬ولَو َ​َل تُ ِ‬ ‫صْبوُ » رواه‬ ‫َ​َ َ ْ ْ‬ ‫َْ َ َ َ َ‬ ‫مسلم ‪.‬‬ ‫يقوؿ ابن القيم رضبو اهلل ُمعلقاً على ىذه األحاديث ‪ ( :‬ىذا النوع منقسم إىل ‪:‬‬

‫القسم األول ‪ :‬معذور من أىل اعبهاد ‪ ،‬غلبو عذره ‪ ،‬وأقعده عنو ‪ ،‬ونيتو جازمة َل يتخلف عنها‬ ‫مقدورىا ‪ ،‬وإمبا أقعده العجز ‪ ،‬فهذا الذي تقتضيو أدلة الشرع أف لو مثل أجر آّاىد ‪ ،‬وىذا القسم‬ ‫ال يتناولو اغبكم بنفي التسوية ‪ ،‬وىذا ألف قاعدة الشريعة أف العزـ التاـ إذا اقًتف بو ما ُيبكن من‬ ‫الفعل أو مقدمات الفعل نػُّْزؿ صاحبو يف الثواب والعقاب منزلة الفاعل التاـ‪ ،...‬ومثل ىذا قولو‬ ‫ِ‬ ‫َج ِر فَاعِلِ ِو » ‪ ،‬فإنو بداللتو ونيتو نزؿ منزلة‬ ‫صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬م ْن َد َّؿ َعلَى َخ ٍَْت فَػلَوُ مثْ ُل أ ْ‬ ‫الفاعل‪. ...‬‬

‫والقسم الثاني ‪ :‬معذور ليس من نيتو اعبهاد ‪ ،‬وال ىو عازـ عليو عزماً تاماً ‪ ،‬فهذا ال يستوي ىو‬ ‫وآّاىد يف سبيل اهلل ‪ ،‬بل قد فضَّل اهلل آّاىدين عليو وإف كاف معذوراً ؛ ألنو ال نية لو تلحقو‬ ‫بالفاعل التاـ كنية أصحاب القسم األوؿ ) طريق اؽبجرتُت (‪.)ٖٜ٘‬‬ ‫بعد كل ما أسلفنا نقوؿ لؤلخ السائل ‪ :‬ال يكلف اهلل نفساً إال وسعها ‪ ،‬وحرصك على اعبهاد‬ ‫مع إخوانك مع عدـ تيسره لك ال يكوف عبلمة على النفاؽ ‪ ،‬بل ىو عبلمة على اإليباف غبرصك‬ ‫على اعبهاد ‪ ،‬قاؿ صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬من مات وَ​َل يػ ْغز وَ​َل ُوبد ْ ِ‬ ‫ات َعلَى ُش ْعبَ ٍة‬ ‫ّْث بِو نَػ ْف َسوُ َم َ‬ ‫َْ َ َ ََْ ُ َْ َ‬ ‫ِمن نَِف ٍ‬ ‫اؽ » رواه مسلم ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ٕٔ‬


‫فنوصيك أخي باالستمرار واغبرص على اعبهاد مع إخوانك ‪ ،‬واؼبثابرة وعدـ اليأس لعل اهلل ييسره‬ ‫لك قريباً ‪.‬‬ ‫ويف انتظار ذلك ‪ ،‬اعلم أخي أف للجهاد أنواعاً كثَتة ‪ ،‬وليس ؿبصوراً باعبهاد بالنفس ‪ ،‬فاعمل‬ ‫دبا تستطيع من جهاد باؼباؿ والكلمة واللساف والبياف واإلعبلـ واإلغاثة للمنكوبُت ‪ ،‬فلو أنك قمت‬ ‫على األرامل واؼبساكُت فأنت ؾباىد يف سبيل اهلل تعاىل ‪ ،‬فعن أيب ىريرة رضي اهلل عنو أف صلى اهلل‬ ‫ُت َكالْمج ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫عليو وسلم ‪ِ َّ « :‬‬ ‫الصائِ ِم‬ ‫اى ِد ِيف َسبِ ِيل اللَِّو ‪ ،‬أَ ِو الْ َقائِ ِم اللَّْي َل َّ‬ ‫الساعي َعلَى ْاأل َْرَملَة َوالْم ْسك ِ ُ َ‬ ‫َّه َار » متفق عليو ‪.‬‬ ‫النػ َ‬ ‫كما يبكنك استغبلؿ الوقت بالتدرب على ضبل السبلح ‪ ،‬ورفع اللياقة البدنية ‪ ،‬وتعلم فقو‬ ‫اعبهاد ‪ ،‬واالستعداد ‪ ،‬والًتبص حىت يػُيَّسر اهلل تعاىل ىذا األمر لك وتشارؾ يف اعبهاد يف سبيل اهلل‪،‬‬ ‫َع ُّدوا َؽبم ما استَطَعتُم ِمن قُػ َّوةٍ وِمن ِرب ِ‬ ‫قاؿ تعاىل ‪ { :‬وأ ِ‬ ‫اػبَْي ِل } ‪.‬‬ ‫اط ْ‬ ‫ُْ َ ْ ْ ْ ْ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫وسبسك أخي اغببيب بسبلح الدعاء ‪ ،‬واسأؿ اهلل عز وجل بصدؽ أف يستعملك يف طاعتو ‪ ،‬وأف‬ ‫هبعلك ناصراً للدين ‪ ،‬رافعاً لراية اؼبوحدين ‪ ،‬وىناؾ الكثَت من أمثالك ‪ ،‬فبن يتوقوف للجهاد ‪ ،‬وال‬ ‫يتيسر ؽبم ذلك ‪.‬‬ ‫اللهم م ّكن للمجاىدين يف الشاـ ‪ ،‬اللهم أيدىم جبنود األرض والسماء ‪ ،‬اللهم احفظهم ‪،‬‬ ‫ووحد صفوفهم ‪ ،‬وسدّْد رميهم ‪ ،‬اهلل كن ؽبم عوناً ونصَتاً ومؤيداً وظهَتاً ‪.‬‬ ‫واصبع كلمتهم ‪ّ ،‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٖٔ‬


‫فتىي ( ‪ : ) 3‬ما الحكمة من تؤخر النصر ؟‬ ‫وما توجٌهكم لمن ٌشعر بالٌؤس بسبب تؤخر النصر ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫من السنن الكونية هلل سبحانو وتعاىل ‪ :‬سنة تأخر النصر والتغيَت ‪ ،‬وؾبيئهما بعد يأس أىل اإليباف‬ ‫من قوهتم اليت أعدوىا ‪ ،‬وعقدىم األمل على اهلل وحده ال شريك لو ‪ ،‬قاؿ تعاىل‪َ { :‬ح َّىت إِذَا‬ ‫ِ‬ ‫صُرنَافَػنُ ّْج َي َم ْن نَ َشاءُ َوَال يػَُرُّد بَأْ ُسنَا َع ِن الْ َق ْوِـ‬ ‫َس ُّ‬ ‫الر ُس ُل َوظَنُّوا أَنػَّ ُه ْم قَ ْد ُكذبُوا َجاءَ ُى ْم نَ ْ‬ ‫ْ‬ ‫استَػْيأ َ‬ ‫ِ‬ ‫ُت } ‪.‬‬ ‫الْ ُم ْج ِرم َ‬ ‫واؼبؤمن ال ييأس من رضبة اهلل و نصره ‪ ،‬بل يستمر جبهاده وعملو مع حسن ظنو باهلل ‪ ،‬والرغبة‬ ‫عز وجل ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪ { :‬وال تَػْيئَسوا ِمن رو ِح اللَّ ِو إِ‬ ‫َّ‬ ‫س ِم ْن َرْو ِح اللَّ ِو إِالَّ الْ َق ْوُـ‬ ‫ئ‬ ‫ي‬ ‫ػ‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫فيما عنده َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ ْ َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ال َكافُِرو َف }‪.‬‬ ‫ولنعلم أف األمور كلَّها بيد اهلل سبحانو ‪ ،‬وقد كتب سبحانو مقادير اػببلئق ‪ ،‬وما ىو كائن إىل‬ ‫يوـ القيامة قبل أف ىبلق اػبلق خبمسُت ألف سنة ‪ ،‬قاؿ اهلل تعاىل ‪ { :‬ما أَصاب ِمن م ِ‬ ‫صيبَ ٍة ِيف‬ ‫َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َرض وَال ِيف أَن ُف ِس ُكم إَِّال ِيف كِتَ ٍ‬ ‫ك َعلَى اللَِّو يَ ِسَتٌ * لِ َكْي َبل تَأ َسوا َعلَى‬ ‫اب ِمن قَ ِبل أَ ْف نَ َربأ َ​َىا إِ َّف َذل َ‬ ‫ْ‬ ‫األ ِ َ‬ ‫ب ُك َّل ُـبتَ ٍاؿ فَ ُخوٍر }‪.‬‬ ‫فر ُحوا ِدبَا آَتَا ُكم َواللَّوُ َال ُِوب ُّ‬ ‫َما فَاتَ ُكم َوَال تَ َ‬ ‫وإيباف اؼبسلم بالقدر هبعلو يعيش عند اؼبصائب يف منزلة الصرب والرضى دبا كتبو اهلل تبارؾ وتعاىل‬ ‫عليو ‪ ،‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪َ (( :‬ع َجبًا ِألَمر اؼبؤمن إِ َّف أ َّ‬ ‫يس َذ َاؾ‬ ‫َ‬ ‫َمرهُ ُكلوُ َخَتٌ َولَ َ‬ ‫ِألَح ٍد إَِّال لِ ِ‬ ‫صبَػَر فَ َكا َف َخ ًَتا لَوُ ))‬ ‫َصابَتوُ َ‬ ‫ضَّراءُ َ‬ ‫َصابَػْتوُ َسَّراءُ َش َكَر فَ َكا َف َخْيػًرا لَوُ ‪َ ،‬وإِف أ َ‬ ‫لمؤم ِن ‪ :‬إِف أ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫رواه مسلم ‪.‬‬

‫ٗٔ‬


‫وهلل اغبكمة البالغة يف تأخر النصر عنَّا يف الشاـ اغببيب ‪ ،‬وفبا نتلمسو من اغبكم الكثَتة اليت‬ ‫نرى أف اهلل سبحانو وتعاىل قد أراد اػبَت ّٔا ألىل الشاـ ‪:‬‬ ‫أولا ‪ :‬أف الناس لو نالوا النصر سريعاً لذىب سريعاً ‪ ،‬فبل َّ‬ ‫بد من هتيئة الناس الستحقاقات النصر‬ ‫وضبايتو واحملافظة عليو ‪ ،‬يقوؿ سيد قطب رضبو اهلل ‪ ( :‬والنصر قد يبطئ ألف بنية األمة اؼبؤمنة َل‬ ‫تنضج بعد نضجها ‪ ،‬وَل يتم بعد سبامها ‪ ،‬وَل ربشد بعد طاقاهتا ‪ ،‬وَل تتحفز كل خلية وتتجمع‬ ‫لتعرؼ أقصى اؼبذخور فيها من قوى واستعدادات ‪ ،‬فلو نالت النصر حينئذ لفقدتو وشيكاً لعدـ‬ ‫قدرهتا على ضبايتو طويبلً ) ظبلؿ القرآف (٘‪. )ٕٓ​ٓ /‬‬

‫ثانيا ‪ :‬ليوطد الناس صبلهتم باهلل ‪ ،‬ويلجؤوا إليو وحده سبحانو وتعاىل ‪ ،‬ويقطعوا األمل عن غَته ‪،‬‬ ‫وىذا ما نبلحظو على الناس اليوـ بعد أف خذؽبم القريب والبعيد فصارت حناجرىم تصدح بقوؽبم ‪:‬‬ ‫" مالنا غَتؾ يا اهلل " ‪ ،‬فقد " يبطئ النصر حىت ذبرب األمة اؼبؤمنة آخر قواىا ‪ ،‬فتدرؾ أف ىذه‬ ‫القوى وحدىا بدوف ٍ‬ ‫سند من اهلل ال تكفل النصر‪ ،...‬إمبا يتنزؿ النصر من عند اهلل عندما تبذؿ آخر‬ ‫ما يف طوقها ‪ُ ،‬ث تَكِ ُل األمر بعدىا إىل اهلل " ظبلؿ القرآف (٘‪. )ٕٓ​ٓ /‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬لتتمايز الصفوؼ ‪ ،‬ويتبُت حاؿ اؼبؤمنُت الصادقُت جبهادىم ‪ ،‬وحاؿ اؼبنافقُت واؼبرجفُت و‬ ‫اؼبتخاذلُت ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪ { :‬أَـ ح ِسبتُم أَ ْف تُػْتػرُكوا ولَ َّما يػعلَ ِم اللَّو الَّ ِذين جاى ُدوا ِمْن ُكم وَ​َل يػت ِ‬ ‫َّخ ُذوا ِم ْن‬ ‫َ َ َْ ُ َ َ َ‬ ‫ْ ََْ‬ ‫ْ َ ْ​ْ‬ ‫وف اللَّ ِو وَال رسولِ​ِو وَال الْمؤِمنُِت ولِ‬ ‫د ِ‬ ‫يجةً َواللَّوُ َخبَِتٌ ِدبَا تَػ ْع َملُو َف } ‪ ،‬فقد " يبطئ النصر حىت تبذؿ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ُ َ ُْ َ َ َ‬ ‫األمة اؼبؤمنة آخر ما يف طوقها من قوة ‪ ،‬وآخر ما سبلكو من رصيد فبل تستبقي عزيزاً وال غالياً ‪ ،‬ال‬ ‫تبذلو ىيّناً رخيصاً يف سبيل اهلل‪ " ...‬ظبلؿ القرآف (٘‪.)ٕٓ​ٓ /‬‬

‫رابعا ‪ :‬إحياء روح األخوة اإليبانية الصادقة ‪ ،‬واجتماع كلمة اؼبؤمنُت يف العاَل اإلسبلمي على‬ ‫نصرة اؼبستضعفُت من اؼبؤمنُت يف الشاـ ‪ ،‬فمثل اؼبؤمنُت يف توادىم وتراضبهم كاعبسد الواحد إذا‬ ‫اشتكى منو عضو تداعى لو سائر اعبسد بالسهر واغبمى ‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬أنو قد يكوف ىناؾ بقية باقية مؤمنة مستضعفة مع ىذا النظاـ آّرـ ‪ ،‬فَتيد اهلل ّٔم‬ ‫اػبَت ويعطيهم الفرصة لينشقوا عنو ‪ ،‬ويتمحض شراً ال خَت فيو ‪ ،‬فيأيت النصر ساحقاً عليو ‪ ،‬ويهلك‬ ‫من بقي معو غَت مأسوؼ عليو ‪.‬‬ ‫٘ٔ‬


‫ك األَيَّ ُاـ نُ َدا ِوُؽبَا‬ ‫سادس ا ‪ :‬ليصطفي اهلل من أىل الشاـ شهداء منهم ‪ ،‬كماؿ قاؿ تعاىل ‪َ { :‬وتِْل َ‬ ‫َّاس ولِيػعلَم اللَّو الَّ ِذين آمنُوا ويػت ِ‬ ‫َّخ َذ ِمْن ُك ْم ُش َه َداءَ }‪ ،‬وىذا فضل عظيم منو سبحانو يتمناه‬ ‫بَػ ْ َ‬ ‫ُت الن ِ َ َ ْ َ ُ َ َ َ َ‬ ‫كل مؤمن ‪ ،‬فإف سلعة اهلل لغالية ‪ ،‬إف سلعة اهلل اعبنة ‪ ،‬فبل تُناؿ إال ببذؿ الغايل والنفيس ‪.‬‬ ‫سابعا ‪ :‬أف اهلل يرفع الظلم العظيم بالببلء العظيم ‪ ،‬حىت تقوـ الدولة العادلة بنفوس مكلومة متأؼبة‬ ‫ال مًتفة ‪ ،‬ألف اؼبنتصر اؼبًتؼ يبدأ دورة ظلم جديدة ‪.‬‬ ‫وأخَتاً إنا لنؤمن أف اهلل سبحانو وتعاىل قد تكفل بالشاـ و أىلو ‪ ،‬فانصروا اهللَ يا أىل الشاـ‬ ‫ي َع ِز ٌيز } ‪.‬‬ ‫نصُرهُ إِ َّف اللَّوَ لَ​َق ِو ّ​ّ‬ ‫نصَر َّف اللَّوُ َم ْن يَ ُ‬ ‫ينصركم ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪َ { :‬ولَيَ ُ‬ ‫اللهم إليك نشكو ضعف قوتنا ‪ ،‬وقلة حيلتنا‪ ،‬وىواننا على الناس ‪ ،‬يا أرحم الراضبُت ‪ ،‬إىل من‬ ‫تكلنا ‪ ،‬إىل عدو يتجهمنا أو إىل قريب ملّكتو أمرنا ‪ ،‬إف َل تكن غضباناً علينا فبل نبايل ‪ ،‬غَت أف‬ ‫عافيتك أوسع لنا ‪ ،‬نعوذ بنور وجهك الذي أشرقت لو الظلمات ‪ ،‬وصلح عليو أمر الدنيا واآلخرة ‪،‬‬ ‫وبل علينا سخطك ‪ ،‬لك العتىب حىت ترضى ‪ ،‬وال حوؿ وال قوة إال بك ‪.‬‬ ‫أف ينزؿ بنا غضبك أو َّ‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪ٔٙ‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 4‬سائل ٌقول ‪ :‬لقد ابتلٌت بفعل بعض المعاصً كالؽٌبة ‪ ,‬فقد‬ ‫اؼتبت كثٌرا من الناس ‪ ,‬وأنا أرٌد أن أتوب من ذلك قبل خروجً للجهاد ‪ ,‬فماذا‬ ‫أفعل لتصح توبتً ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫هبب على العبد اؼبسلم أف هباىد نفسو باإلقبلع عن صبيع اؼبعاصي كبَتىا وصغَتىا ‪ ،‬ألف‬ ‫خطرىا عظيم وشؤمها جسيم ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪َ { :‬وَم ْن يَػ ْع ِ‬ ‫ودهُ يُ ْد ِخ ْلوُ نَ ًارا‬ ‫ص اللَّوَ َوَر ُسولَوُ َويَػتَػ َع َّد ُح ُد َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُت }‪.‬‬ ‫اب ُم ِه ٌ‬ ‫َخال ًدا ف َيها َولَوُ َع َذ ٌ‬ ‫وللتوبة الصادقة أربعة شروط ذكرىا اإلماـ النووي رضبو اهلل بقولو ‪ ( :‬اعلم أف كل من ارتكب‬ ‫شًتط فيها ثبلثة أشياء ‪ :‬أف يقلع‬ ‫معصية لزمو اؼببادرة إىل التوبة منها ‪ ،‬والتوبة من حقوؽ اهلل تعاىل يُ َ‬ ‫عن اؼبعصية يف اغباؿ ‪ ،‬وأف يندـ على فعلها ‪ ،‬وأف يعزـ أال يعود إليها ‪.‬‬ ‫شًتط فيها ىذه الثبلثة ورابع ‪ ،‬وىو ‪ :‬رد الظبلمة إىل صاحبها ‪ ،‬أو‬ ‫والتوبة من حقوؽ اآلدميُت يُ َ‬ ‫طلب عفوه عنها ‪ ،‬واإلبراء منها ) األذكار (ٔ‪.)ٖٗٙ /‬‬ ‫وأما بالنسبة للغيبة فهي ؿبرمة بالكتاب و السنة و اإلصباع ‪.‬‬ ‫ب أَح ُد ُكم أَ ْف يأْ ُكل َغبم أ ِ‬ ‫قاؿ تعاىل ‪ { :‬وَال يػ ْغتَب بػعض ُكم بػع ِ‬ ‫َخ ِيو َمْيتًا فَ َك ِرْىتُ ُموهُ َواتَّػ ُقوا‬ ‫َ َ ْ َْ ُ ْ َْ ً‬ ‫ضا أ َُوب ُّ َ ْ َ َ ْ َ‬ ‫اللَّو إِ َّف اللَّو تَػ َّواب رِ‬ ‫يم }‪.‬‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫َ ٌَ ٌ‬ ‫ِج ِيب‬ ‫وعن أنس بن مالك رضي اهلل عنو‪ ،‬قاؿ ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬لَ َّما عُر َ‬ ‫مررت بَِقوٍـ َؽبم أَظْ َفار ِ‬ ‫ت ‪َ :‬م ْن َى ُؤَال ِء يَا ِج ِْ‬ ‫ٍ‬ ‫يل ؟‪.‬‬ ‫رب‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ػ‬ ‫ف‬ ‫‪.‬‬ ‫م‬ ‫ى‬ ‫ور‬ ‫د‬ ‫ص‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫وى‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫ف‬ ‫و‬ ‫ش‬ ‫م‬ ‫ىب‬ ‫اس‬ ‫كب‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ​َْ ُ ْ ُْ ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫َّاس ويػ َقعو َف ِيف أ َْعر ِ‬ ‫اض ِه ْم » رواه أبو داود ‪.‬‬ ‫قَ َ‬ ‫وـ الن ِ َ َ ُ‬ ‫ين يَأْ ُكلُو َف ُغبُ َ‬ ‫اؿ ‪َ :‬ى ُؤَالء الذ َ‬ ‫َ‬ ‫فالواجب على من وقع يف الغيبة احملرمة أف يبادر بالتوبة بالشروط اؼبذكورة ‪ ،‬قاؿ النووي رضبو اهلل‬ ‫‪ ( :‬فيجب على اؼبغتاب التوبة ّٔذه األمور األربعة ‪ ،‬ألف الغيبة حق آدمي ‪ ،‬والبد من استحبلؿ من‬ ‫اغتابو ) األذكار (ٔ‪. )ٖٗٙ /‬‬ ‫‪ٔ7‬‬


‫طلب التحلل من الناس فيو مشقة على النفس ‪ ،‬فالواجب على اؼبعتدي ربملها ‪ ،‬فإف‬ ‫وإف كاف ُ‬ ‫تعذر عليو ذلك ؼبوت اؼبعتدى عليو أو سفره ‪ ،‬أو كاف بطلب ربللو مفسدة أكرب ‪ ،‬كقطيعة الرحم‬ ‫رخص كثَت من أىل العلم يف ترؾ التحلل ‪ ،‬وقالوا عليو االستغفار لو ‪ ،‬والدعاء‬ ‫أو غَت ذلك ‪ ،‬فقد َّ‬ ‫لو ‪ ،‬والثناء عليو يف غيبتو ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ ِ ِ​ِ‬ ‫قاؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬من َكانَت لَوُ َمظلَ َمةٌ ألَخيو من عرضو أ َْو َشيء فَػ ْليَتَ َحلَّلوُ منوُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صالِ ٌح أ ُِخ َذ ِمنوُ بَِقد ِر َمظلَ َمتِ ِو ‪َ ،‬وإِف َ​َل‬ ‫بل أَف َال يَ ُكو َف دينَ ٌار َوَال د َ‬ ‫رى ٌم ‪ ،‬إِف َكا َف لَوُ َع َم ٌل َ‬ ‫اليَ َ‬ ‫وـ قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ات ص ِ‬ ‫تَ ُكن لَو حسنَ ِ ِ‬ ‫احبِ ِو فَ ُح ِم َل َعلَْي ِو » رواه البخاري ‪.‬‬ ‫ُ َ​َ ٌ‬ ‫ات أُخ َذ من َسيّْئَ َ‬ ‫والتوبة من أسباب النصر فعلى صبيع آّاىدين التوبة النصوح من صبيع الذنوب ‪ ،‬واللجوء إىل اهلل‬ ‫ِ‬ ‫ِب قَاتَ َل َم َعوُ ِربّْػيُّو َف َكثَِتٌ فَ َما َوَىنُوا‬ ‫وحده ليتم ؽبم النصر على أعدائهم ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪ { :‬وَكأَيّْ ْن م ْن نَِ ٍّ‬ ‫لِما أَصابػهم ِيف سبِ ِيل اللَّ ِو وما ضع ُفوا وما استَ َكانُوا واللَّو ُِ‬ ‫الصابِ‬ ‫ِ‬ ‫ين * َوَما َكا َف قَػ ْوَؽبُ ْم إَِّال أَ ْف‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫وب‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ​َ َ ُ َ​َ ْ‬ ‫َ َ َُ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين }‪ ،‬و قاؿ‬ ‫قَالُوا َربػَّنَا ا ْغفْر لَنَا ذُنُوبَػنَا َوإِ ْسَرافَػنَا ِيف أ َْم ِرنَا َوثَػبّْ ْ‬ ‫ت أَقْ َد َامنَا َوانْ ُ‬ ‫صْرنَا َعلَى الْ َق ْوـ الْ َكاف ِر َ‬ ‫تعاىل ‪ { :‬يا أَيػُّها الَّ ِ‬ ‫ت أَقْ َد َام ُك ْم }‪.‬‬ ‫ذ‬ ‫صْرُك ْم َويػُثَبّْ ْ‬ ‫صُروا اللَّوَ يَػْن ُ‬ ‫ين َآمنُوا إِ ْف تَػْن ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫توؿ أمرنا ‪ ،‬واغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا يف أمرنا ‪ ،‬وثبت أقدامنا ‪ ،‬وانصرنا على القوـ الكافرين ‪.‬‬ ‫اللهم ّ‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪ٔ3‬‬


‫فتىي ( ‪ : ) 5‬هل قتالكم ضد العصابة األسدٌة الحاكمة فً سورٌا ٌعتبر جهادا‬ ‫فً سبٌل هللا ؟!‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫قل‬ ‫لقد اجتمعت يف ىذه العصابة األسدية اغباكمة يف سوريا من األسباب الشرعية يف قتاؽبا ما َّ‬ ‫مر العصور ‪ ،‬ومنها ‪:‬‬ ‫أف هبتمع يف طائفة قط على ّْ‬

‫أولا ‪ :‬أهنا طائفة كافرة مرتدة اجتمع فيها أنواع الكفر من باطنية وعلمانية ودعوة إىل القومية اليت‬ ‫وؿ اللَّ ِو‬ ‫أساسها جحد دين اهلل والكفر بو‪ ،‬قاؿ عبادة بن الصامت رضي اهلل عنو ‪َ (( :‬د َعانَا َر ُس ُ‬ ‫ِ‬ ‫اعةَ ِيف َمْن َش ِطنَا َوَم ْكَرِىنَا َوعُ ْس ِرنَا َويُ ْس ِرنَا ‪،‬‬ ‫َخ َذ َعلَْيػنَا َّ‬ ‫الس ْم َع َوالطَّ َ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْيو َو َسلَّ َم فَػبَايَػ ْعنَا ‪َ ،‬وأ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫احا ‪ِ ،‬عْن َد ُك ْم ِم َن اللَّ ِو فِ ِيو بػُْرَىا ٌف‬ ‫ع األ َْمَر أ َْىلَوُ ‪ ،‬قَ َ‬ ‫َوأَثػَ​َرًة َعلَْيػنَا ‪َ ،‬وأَ ْف ال نػُنَا ِز َ‬ ‫اؿ ‪ « :‬إال أَ ْف تَػَرْوا ُك ْفًرا بَػ َو ً‬ ‫»)) متفق عليو ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬أف ىذه الطائفة قد فتنت الناس عن دينهم وغربتهم عنو وحاربت العلماء والدعاة وضيقت‬ ‫عليهم بالسجن والقتل والتشريد ‪ ،‬بل وصل طغياهنم إىل إجبار اؼبعتقلُت على النطق بكلمة الكفر‬ ‫والشرؾ كما تواتر النقل بذلك عنهم ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪ { :‬وقَاتِلُوىم ح َّىت َال تَ ُكو َف فِ‬ ‫ّْين لِلَّ ِو‬ ‫الد‬ ‫ف‬ ‫و‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ة‬ ‫ن‬ ‫ػ‬ ‫ت‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ ُْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُت }‪.‬‬ ‫فَِإف انْػتَػ َه ْوا فَ َبل عُ ْد َوا َف إَِّال َعلَى الظَّالم َ‬

‫ثالثا ‪ :‬دفعاً العتدائهم على اؼبسلمُت ونصرة للمستضعفُت من اؼبؤمنُت الذين صالت عليهم ىذه‬ ‫العصابة آّرمة فانتهكت أعراضهم واستحلت دماءىم وأمواؽبم ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪َ { :‬وما لَ ُك ْم ال‬ ‫جاؿ والن ِ‬ ‫داف الَّ ِذين يػ ُقولُو َف ربَّنا أَخ ِرجنا ِمن ِ‬ ‫تُقاتِلُو َف ِيف سبِ ِيل اللَّ ِو والْمست ْ ِ‬ ‫ىذهِ‬ ‫ّْساء والْ ِولْ ِ‬ ‫ُت ِمن ّْ ِ‬ ‫َ ُ َْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ​َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الر َ‬ ‫ض َعف َ َ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫اَل أَىلُها واجعل لَنا ِمن لَدنْ ِ‬ ‫ك نَ ِ‬ ‫صَتاً }‪.‬‬ ‫اج َع ْل لَنا ِم ْن لَ ُدنْ َ‬ ‫ْ ُ َ‬ ‫ك َوليِّا َو ْ‬ ‫الْ َقْريَة الظ ْ َ ْ َ ْ‬ ‫وؼبزيد من التفصيل حوؿ شرعية قتالنا وجهادنا ضد العصابة األسدية يف سوريا راجع كتاب‬ ‫شيخنا الفاضل "فايز الصبلح العاتقي" ( األسباب الشرعية يف قتاؿ العصابات األسدية ) على ىذا‬ ‫الرابط ‪:‬‬ ‫‪ٔ1‬‬


‫‪https://docs.google.com/open?id=0ByGMoeaLu782RnBtM‬‬ ‫‪HllMHBWa1U‬‬ ‫واغبرية اليت نطالب ّٔا وننادي ألجلها كبن اؼبسلمُت ىي حريتنا يف عبادة ربنا وتوحيده اليت‬ ‫حاولوا سلبنا إياىا ‪ ،‬فصار الواحد منا إذا استقاـ على طاعة ربو ال يأمن على نفسو وأىلو ‪.‬‬ ‫فصب عليها‬ ‫اللهم عليك ّٔذه العصابة األسدية آّرمة فقد طغت وذبربت وأفسدت ‪ ،‬اللهم‬ ‫َّ‬ ‫وعلى من يعينها العذاب صباً ‪ ،‬اللهم احفظ أىل الشاـ حبفظك وانصرىم بنصرؾ ‪ ،‬يا قوي يا متُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٕٓ‬


‫فتىي ( ‪ :) 6‬ما المقصود بالراٌة ؟ ومتى تكون مشروعة ؟ وهل للراٌة‬ ‫اإلسالمٌة شكل معٌن ؟‬ ‫وهل ٌجوز القتال تحت راٌة مرسوم علٌها مثلثات أو ؼٌر ذلك من األشكال‬ ‫الهندسٌة ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫تُطلق الراية عند أىل العلم على معنيُت ‪:‬‬

‫األول ‪ :‬اؽبدؼ و القصد و الغاية من القتاؿ‪ ،‬ومنو قوؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪َ (( :‬م ْن قُتِ َل‬ ‫َربت راي ٍة ِع ّْميَّ ٍة ي ْدعو عصبِيَّةً أَو يػْنصر عصبِيَّةً فَِقْتػلَةٌ ج ِ‬ ‫اىلِيَّةٌ )) رواه مسلم ‪.‬‬ ‫َ ُ َ َ ْ َ ُ​ُ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ​َ‬ ‫فمن كاف قصده إعبلء كلمة اهلل ‪ ،‬أو غَت ذلك من اؼبقاصد اؼبشروعة يف القتاؿ كاغبفاظ على‬ ‫األنفس والدفاع عن األعراض واألمواؿ كانت رايتو صحيحة مشروعة ‪.‬‬

‫العلَم أو قطعة القماش اليت يتم رفعها يف اؼبغازي ‪ ،‬ومنو قوؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم‬ ‫والثاني ‪َ :‬‬ ‫َّاس يَ ُدوُكو َف‬ ‫يوـ خيرب ‪َ «(( :‬أل ُْع ِط َ َّ‬ ‫الرايَةَ َغ ًدا َر ُج ًبل يَػ ْفتَ ُح اللَّوُ َعلَى يَ َديِْو » ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ُت َّ‬ ‫اؿ ‪ :‬فَػبَ َ‬ ‫ات الن ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم ُكلُّ ُه ْم يَػْر ُجو أَ ْف‬ ‫لَْيػلَتَػ ُه ْم أَيػُّ ُه ْم يػُ ْعطَ َ‬ ‫اىا ‪ ،‬فَػلَ َّما أ ْ‬ ‫َّاس َغ َد ْوا َعلَى َر ُسوؿ اللَّو َ‬ ‫َصبَ َح الن ُ‬ ‫اؿ ‪ « :‬أَيْن َعلِ ُّي بْن أَِيب طَالِ ٍ‬ ‫اؿ ‪« :‬‬ ‫وؿ اللَّ ِو ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ب » ؟‪ .‬فَػ َقالُوا ‪ :‬يَ ْشتَ ِكي َعْيػنَػْي ِو يَا َر ُس َ‬ ‫اىا ‪ ،‬فَػ َق َ‬ ‫يػُ ْعطَ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص َق ِيف َعْيػنَػْي ِو ‪َ ،‬وَد َعا لَوُ ‪ ،‬فَػبَػَرأَ َح َّىت َكأَ ْف َ​َلْ يَ ُك ْن بِ​ِو َو َج ٌع ‪،‬‬ ‫فَأ َْرسلُوا إِلَْيو فَأْتُ ِوٍل بِو »‪ .‬فَػلَ َّما َجاءَ بَ َ‬ ‫الرايَةَ‪ ))...‬اغبديث ‪ .‬متفق عليو ‪.‬‬ ‫َعطَاهُ َّ‬ ‫فَأ ْ‬ ‫واألصل يف شكل ىذه الراية اإلباحة ما َل يشتمل على ؿبرـ أو إشارة لكفر أو بدعة ‪.‬‬ ‫وليس ىناؾ توقيف أو تعبد يف شكل الراية اإلسبلمية أو لوهنا أو ما يكتب فيها ‪ ،‬فقد روي أف‬ ‫النِب صلى اهلل عليو وسلم كانت لو راية سوداء وأحياناً بيضاء ‪ ،‬وقيل أيضاً صفراء ‪.‬‬ ‫وما ُروي عن ابن عباس أف راية النِب صلى اهلل عليو وسلم كاف مكتوبا فيها ‪ ":‬ال إلو إال اهلل‬ ‫ؿبمد رسوؿ اهلل "‪ ،‬ىو حديث ضعيف ال يصح ‪.‬‬ ‫ٕٔ‬


‫و ينبغي التنبو إىل أف الراية ال تصبح إسبلمية دبجرد كتابة كلمة اهلل أكرب أو ال إلو إال اهلل عليها ‪.‬‬ ‫فالعربة باغبقائق ال بالكتابات وال بشكل العلم ولونو ‪.‬‬ ‫وعليو فيجوز القتاؿ ربت أي شكل من أشكاؿ الرايات ما َل يتضمن ـبالفة شرعية ‪ ،‬وكاف‬ ‫اؼبقصود من القتاؿ شرعياً ‪.‬‬ ‫وحد صفوؼ آّاىدين واؼبقاتلُت يف ببلد الشاـ ربت راية التوحيد وإعبلء كلمتك ‪،‬‬ ‫اللهم ّْ‬ ‫رب العاؼبُت ‪.‬‬ ‫وانصرىم على عدوؾ وعدوىم يا َّ‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٕ​ٕ‬


‫فتىي ( ‪ :) 7‬ما أنواع الشهادة ؟‬ ‫وهل جمٌع الشهداء فً األجر والدرجة سواء ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫الشهيد يف اصطبلح الفقهاء ‪ :‬ىو القتيل يف سبيل اهلل تعاىل من اؼبسلمُت يف قتاؿ الكفار ‪.‬‬ ‫و يُلحق بو يف أمور اآلخرة أنواع أخرى من اؼبوت ‪.‬‬ ‫والشهداء ثبلثة أنواع ‪:‬‬

‫أحدها ‪ :‬شهيد يف الدنيا واآلخرة ‪ ،‬وىو من مات يف اؼبعركة بسبب من أسباب القتاؿ مقببلً غَت‬

‫مدبر إلعبلء كلمة اهلل ‪ ،‬فهذا لو حكم الشهداء يف ثواب اآلخرة ويف أحكاـ الدنيا ‪ ،‬وىو أنو ال‬ ‫صلَّى عليو ‪.‬‬ ‫غسل وال يُ َ‬ ‫يُ َ‬

‫والثاني ‪ :‬شهيد يف اآلخرة وليس شهيداً يف الدنيا ‪ ،‬أي لو حكم الشهداء يف الثواب دوف أحكاـ‬ ‫الدنيا ‪ ،‬ومنهم اؼببطوف واؼبطعوف وصاحب اؽبدـ والغريق واغبريق واؼبرأة يف النفاس ومن قتل دوف مالو‬ ‫صلَّى عليو ‪،‬‬ ‫غسل ويُ َ‬ ‫أو عرضو وغَتىم فبن جاءت األحاديث الصحيحة بتسميتو شهيداً ‪ ،‬فهذا يُ َ‬ ‫ولو يف اآلخرة ثواب الشهداء ‪ ،‬وال يلزـ أف يكوف مثل ثواب النوع األوؿ ‪.‬‬ ‫قاؿ ابن التُت رضبو اهلل ‪ ( :‬ىذه كلها ميتات فيها شدة ‪ ،‬تفضَّل اهلل على أمة ؿبمد صلى اهلل‬ ‫عليو وسلم بأف جعلها سبحيصاً لذنؤّم ‪ ،‬وزيادة يف أجورىم ‪ ،‬يبلغهم ّٔا مراتب الشهداء ) فتح‬ ‫الباري (‪.)ٗ​ٗ /ٙ‬‬

‫غل يف الغنيمة وشبهو فبن وردت‬ ‫والثالث ‪ :‬شهيد يف الدنيا وليس شهيداً يف اآلخرة ‪ ،‬كالذي َّ‬ ‫اآلثار بنفي تسميتو "شهيداً" إذا قتل يف حرب الكفار ‪ ،‬فهذا لو حكم الشهداء يف الدنيا على‬ ‫صلى عليو ‪ ،‬وليس لو ثوأّم الكامل يف اآلخرة ‪ .‬شرح مسلم ‪ ،‬للنووي‬ ‫الظاىر ‪ ،‬فبل يػُغَ َسل وال يُ َ‬ ‫(ٕ‪ )ٔٙٗ /‬بتصرؼ ‪.‬‬

‫ٖٕ‬


‫ويُستحب طلب الشهادة من اهلل تعاىل ـبلصاً من قلبو ‪ ،‬ولو َل يتيسر لو االستشهاد يف اؼبعركة‬ ‫ِ ٍ‬ ‫َّه َاد َة بِص ْدؽ بَػلَّغَوُ‬ ‫رجى لو ثواب الشهادة ‪ ،‬لقولو صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬م ْن َسأَ َؿ اللَّوَ الش َ‬ ‫فإنو يُ َ‬ ‫اللَّو منا ِزَؿ الش ِ‬ ‫ات َعلَى فَِر ِاش ِو » رواه مسلم ‪.‬‬ ‫ُ َ​َ‬ ‫ُّه َداء ‪َ ،‬وإِ ْف َم َ‬ ‫َ‬ ‫ولذلك كاف ال َّ‬ ‫بد من سؤاؿ اهلل االستشهاد يف سبيلو بصدؽ لتحصيل ىذا األجر العظيم ‪ ،‬ولو‬ ‫مات اإلنساف حتف أنفو ‪.‬‬ ‫والشهداء يف اآلخرة يف مرتبة عظيمة تلي مرتبة النبيُت والصدّْيقُت ‪ ،‬قاؿ ابن تيمية رضبو اهلل ‪:‬‬ ‫( وقد قاؿ تعاىل ‪ { :‬فَأُولَئِك مع الَّ ِذين أَنْػعم اللَّو علَي ِهم ِمن النَّبِيُّْت و ّْ ِ‬ ‫ّْيقُت والشُّه َد ِاء و َّ ِ​ِ‬ ‫ُت }‪،‬‬ ‫الصاغب َ‬ ‫الصد َ َ َ َ‬ ‫ْ َ َ​َ َ َ​َ ُ َ ْ ْ ْ َ َ‬ ‫وىذه األربعة ىي مراتب العباد ‪ ،‬أفضلهم ‪ :‬األنبياء ُث الصديقوف ُث الشهداء ُث الصاغبوف ) الفتاوى‬ ‫(ٕ‪. )ٕ​ٕٖ /‬‬ ‫والشهداء يتفاوتوف يف اؼبنزلة والثواب تبعاً ألعماؽبم يف الدنيا ‪ ،‬وحسن ببلئهم يف سبيل اهلل تعاىل ‪،‬‬ ‫وفبا يدؿ ذلك أيضاً ‪:‬‬ ‫ُّه َد ِاء‬ ‫‪ )1‬عن نػُ َعْي ِم بْ ِن َنبَّا ٍر رضي اهلل عنو أف رجبلً سأؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪ (( :‬أ ُّ‬ ‫َي الش َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ك يَػْنطَلِ ُقو َف ِيف‬ ‫الص ّْ‬ ‫ض ُل ؟ قَ َ‬ ‫ين إِ ْف يػُْل َق ْوا ِيف َّ‬ ‫وى ُه ْم َح َّىت يػُ ْقتَػلُوا ‪ ،‬أُولَئِ َ‬ ‫أَفْ َ‬ ‫ف ال يَػ ْلفتُو َف ُو ُج َ‬ ‫اؿ ‪ « :‬الذ َ‬ ‫الْغُر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك إِ َىل َعْب ٍد ِيف ُّ‬ ‫اب‬ ‫ؼ الْعُلَى ِم ْن ْ‬ ‫اعبَن َِّة ‪َ ،‬ويَ ْ‬ ‫ك َربُّ َ‬ ‫ض ِح َ‬ ‫ض َح ُ‬ ‫ك إِلَْي ِه ْم َربػُّ ُه ْم ‪َ ،‬وإِ َذا َ‬ ‫الدنْػيَا فَبل ح َس َ‬ ‫َ‬ ‫َعلَْي ِو »)) رواه أضبد ‪.‬‬ ‫َي‬ ‫‪ )2‬عن عبد اهلل بن حبشي اػبثعمي رضي اهلل عنو أف النِب صلى اهلل عليو وسلم ُسئِل ‪ (( :‬أ ُّ‬ ‫اؿ ‪ « :‬من جاى َد الْم ْش ِركُِت ِدبالِ​ِو ونَػ ْف ِس ِو »‪ .‬قِ‬ ‫ا ْعبِه ِ‬ ‫َ‬ ‫اؿ ‪:‬‬ ‫ق‬ ‫؟‪.‬‬ ‫ل‬ ‫ض‬ ‫ف‬ ‫أ‬ ‫اد‬ ‫ؼ ؟‪ .‬قَ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫يل ‪ :‬فَأ ُّ‬ ‫َ‬ ‫َي الْ َقْت ِل أَ ْشَر ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫يق َد ُموُ َوعُ ِقَر َج َو ُادهُ » )) رواه أبو داود والنسائي ‪.‬‬ ‫« َم ْن أ َُى ِر َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اعةَ أَسلَما مع ِ‬ ‫رسوؿ‬ ‫‪ )3‬عن أيب ىريرة رضي اهلل عنو قاؿ ‪ (( :‬أ َف َر ُج َبل ِف م ْن بَلي حي م ْن قُ َ‬ ‫ض َ ْ َ َ​َ‬ ‫ِ‬ ‫اؿ طَْل َحةُ بْ ُن عُبَػْي ِد اللَّ ِو ‪:‬‬ ‫ُخَر ْاآل َخُر َسنَةً ‪ ،‬قَ َ‬ ‫َح ُد ُنبَا ‪َ ،‬وأ ّْ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْيو َو َسلَّم ‪َ ،‬و ْ‬ ‫اهلل َ‬ ‫استُ ْش ِه َد أ َ‬ ‫يد ‪ ،‬فَػع ِجب ِ ِ‬ ‫الش ِه ِ‬ ‫ت‪،‬‬ ‫ت فِ َيها الْ ُم َؤ َّخَر ِمْنػ ُه َما أ ُْد ِخ َل قَػْب َل َّ‬ ‫يت ْ‬ ‫ت ل َذل َ‬ ‫َصبَ ْح ُ‬ ‫َ ُْ‬ ‫اعبَنَّةَ ‪ ،‬فَػَرأَيْ ُ‬ ‫فَأُ ِر ُ‬ ‫ك ‪ ،‬فَأ ْ‬ ‫فَ َذ َكر ِ‬ ‫ك للنِب اللَّ ِو صلَّى اللَّو علَي ِو وسلَّم ‪ ،‬أَو ذُكِر َذلِ َ ِ ِ ِ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم ‪،‬‬ ‫ت َذل َ‬ ‫ُْ‬ ‫ك لَر ُسوؿ اللَّو َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َْ َ​َ َ ْ َ‬ ‫وؿ اللَّ ِو صلَّى اللَّو علَي ِو وسلَّم ‪ « :‬أَلَيس قَ ْد صاـ بػع َده رمضا َف وصلَّى ِستَّةَ َآال ِ‬ ‫ؼ َرْك َع ٍة أ َْو‬ ‫اؿ َر ُس ُ‬ ‫فَػ َق َ‬ ‫َ َ َ ْ ُ َ​َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َْ َ​َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫السنَ ِة » )) رواه أضبد ‪.‬‬ ‫ص َبلةَ َّ‬ ‫َك َذا َوَك َذا َرْك َعةً َ‬ ‫ٕٗ‬


‫ُّه َد ِاء َضبَْزةُ بْ ُن َعْب ِد‬ ‫‪ )4‬عن جابر رضي اهلل عنو أف النِب صلى اهلل عليو وسلم قاؿ ‪َ « :‬سيّْ ُد الش َ‬ ‫الْمطَّلِ ِ‬ ‫ب ‪َ ،‬وَر ُج ٌل قَ َاـ إِ َىل إِ َم ٍاـ َجائٍِر ‪ ،‬فَأ َ​َمَرهُ َونَػ َهاهُ ‪ ،‬فَػ َقتَػلَوُ » رواه اغباكم ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وقد جعل اهلل تعاىل اعبنة درجات ‪ ،‬وللمجاىدين منها مائة درجة كما جاء عن النِب صلى اهلل‬ ‫ِ ِ​ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ٍ‬ ‫عليو وسلم‪ ،‬أنو قاؿ ‪ « :‬إِ َّف ِيف ْ ِ ِ‬ ‫ُت‬ ‫اعبَنَّة مائَةَ َد َر َجة أ َ‬ ‫ين ِيف َسبِيلو ‪ ،‬بَػ ْ َ‬ ‫َعد َ‬ ‫َّىا اللَّوُ َعَّز َو َج َّل ل ْل ُم َجاىد َ‬ ‫السم ِ‬ ‫ض ‪ ،‬فَِإذَا سأَلْتم اللَّو عَّز وج َّل فَسلُوه الْ ِ‬ ‫ُك ّْل َدر َجتَػ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫اعبَن َِّة ‪،‬‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫َر‬ ‫أل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫اء‬ ‫ط ْ‬ ‫ْ‬ ‫س ‪ ،‬فَِإنَّوُ َو َس ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُت َك َما بَػ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُت َّ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫اعبَن َِّة » رواه البخاري ‪.‬‬ ‫الر ْضبَ ِن َعَّز َو َج َّل ‪َ ،‬وِمْنوُ تَػ َف َّجُر أ َْو تَػْنػ َف ِجُر أَنْػ َه ُار ْ‬ ‫َوأ َْعلَى ْ‬ ‫اعبَن َِّة ‪َ ،‬وفَػ ْوقَوُ َعْر ِش َّ‬ ‫فالشهداء ليسوا يف منزلة واحدة بل يتفاوتوف يف منازؽبم ‪.‬‬ ‫اللهم وفقنا للجهاد يف سبيلك ‪ ،‬وارزقنا الشهادة مقبلُت ال مدبرين ‪ ،‬اللهم اجعل لنا نصيبا من‬ ‫ثواب الشهداء يف اآلخرة ‪ ،‬وارزقنا اللهم اإلخبلص يف القوؿ والعمل وحسن اػبتاـ عند انتهاء‬ ‫األجل ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٕ٘‬


‫فتىي ( ‪ :) 8‬ما حكم الخروج فً المظاهرات السلمٌة ؟‬ ‫وهل ٌجوز مشاركة المرأة المسلمة فٌها مع ما ٌترتب علٌها من ضرر ؟‬ ‫وما النٌة التً ٌجب استحضارها عند الخروج فً المظاهرات فً سورٌا ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫إف اؼبظاىرات اليت تستهجن اؼبنكرات الصادرة من اغباكم ‪ ،‬وتعلن عدـ الرضا ّٔا ‪ ،‬تُع ّد وسيلة‬ ‫لغاية ‪ ،‬وليست مقصودة لذاهتا ‪ ،‬لذا فاغبكم عليها يتفرع من اغبكم على غاياهتا‪ ،‬وما يًتتب عليها‬ ‫من مصاحل ومفاسد ‪.‬‬ ‫رجع إليهم يف تقدير ذلك ‪.‬‬ ‫وعلماء كل بلد ىم من يُ َ‬ ‫وال هبوز للمرأة أف تعرض نفسها لبلعتقاؿ والتعذيب ‪ ،‬أو أف تزاحم الرجاؿ وزبتلط ّٔم سواء يف‬ ‫اؼبظاىرات أو يف غَت ذلك ‪ ،‬و األصل يف اؼبرأة قرارىا يف البيت ‪ ،‬و عدـ اػبروج إال عند اغباجة ‪،‬‬ ‫اعب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُوىل }‪.‬‬ ‫اىلِيَّ ِة ْاأل َ‬ ‫لقولو تعاىل ‪َ { :‬وقَػْر َف ِيف بػُيُوت ُك َّن َوَال تَػبَػَّر ْج َن تَػبَػُّر َج َْ‬ ‫وأما النية اليت هبب استحضارىا يف حاؿ اػبروج يف اؼبظاىرات يف سوريا ىي نية إعبلء كلمة اهلل ‪،‬‬ ‫ودفع الظلم ونصرة اؼبستضعفُت من اؼبؤمنُت ‪ ،‬و إزالة العصابة احملتلة لسوريا ‪ ،‬احملاربة هلل ولرسولو و‬ ‫للمؤمنُت ‪.‬‬ ‫والذي ننصح بو أىلنا و إخواننا يف سوريا أف يلتحق كل من كاف قادراً على ضبل السبلح بركب‬ ‫آّاىدين ؛ فهذه العصابة اؼبتسلطة و الطغمة الفاسدة آّرمة لن تزوؿ إال بالقوة بعد فضل اهلل عز‬ ‫وجل ‪.‬‬ ‫اللهم وفقنا ؽبداؾ ‪ ،‬والعمل لرضاؾ ‪ ،‬واحفظ نساء اؼبسلمُت من كل فتنة أو مكروه ‪ ،‬يا رب‬ ‫العلمُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪ٕٙ‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 9‬شخصٌ عمل ناشطا إعالمٌا ٌساعد المجاهدٌن فً سبٌل هللا‬ ‫تعالى ‪ ,‬فهل ٌُعتبر مجاهدا ؟‬ ‫وإن قُتل فً المعركة فهل ٌكون شهٌدا ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫اعبهاد لغة ‪ :‬ىو بذؿ الوسع والطاقة ‪.‬‬ ‫واعبهاد اصطبلحاً ‪ ( :‬ىو بذؿ الوسع والطاقة بالقتاؿ يف سبيل اهلل عز وجل بالنفس‪ ،‬واؼباؿ‪،‬‬ ‫واللساف‪ ،‬أو غَت ذلك ) بدائع الصنائع (‪.)ٜٚ /ٚ‬‬ ‫قاؿ ابن تيمية رضبو اهلل ‪ ( :‬اعبهاد ىو بذؿ الوسع‪ ،‬وىو القدرة ِيف حصوؿ ؿببوب اغبق‪ ،‬ودفع ما‬ ‫يكرىو اغبق ) ؾبموع الفتاوى (ٓٔ‪. )ٜٕٔ /‬‬ ‫فاعبهاد أنواع ‪ :‬جهاد بالنفس ‪ ،‬وجهاد باؼباؿ ‪ ،‬وجهاد باللساف ‪ ،‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُت بِأ َْم َوالِ ُك ْم َوأَيْ ِدي ُك ْم َوأَلْ ِسنَتِ ُك ْم » رواه أبو داود والنسائي ‪.‬‬ ‫وسلم ‪َ « :‬جاى ُدوا الْ ُم ْش ِرك َ‬ ‫فعندما شرع اهلل سبحانو وتعاىل اعبهاد َل يقصره على القتاؿ كما يتبادر للذىن عند اإلطبلؽ‪،‬‬ ‫قاؿ ابن تيمية رضبو اهلل ‪ ( :‬اعبهاد منو ما ىو باليد ‪ ،‬ومنو ما ىو بالدعوة واغبجة واللساف والرأي‬ ‫والتدبَت والصناعة ‪ ،‬فيجب بغاية ما يبكنو ) الفتاوى الكربى (٘‪. )ٖ٘ٚ /‬‬ ‫وقد كاف النِب صلى اهلل عليو وسلم وبرص على استخداـ اعبهاد اإلعبلمي ضد اؼبشركُت ‪ ،‬حُت‬ ‫شجع حساف بن ثابت رضي اهلل عنو على القياـ حبمبلت إعبلمية شعرية تستهدؼ النَّيل من‬ ‫كاف يُ ّ‬ ‫يروجها أعداء اإلسبلـ وقتها ضد‬ ‫كفار قريش ‪ ،‬و تصحيح الصور اؼبغلوطة والدعاية السيئة اليت كاف ّ‬ ‫وح الْ ُق ُد ِس » متفق‬ ‫النِب صلى اهلل عليو وسلم وصحابتو الكراـ ‪ ،‬ودعا لو ‪ ،‬فقاؿ ‪ « :‬اللَّ ُه َّم أَيّْ ْدهُ بُِر ِ‬ ‫عليو‪.‬‬ ‫وعلى ضوء ذلك فكل من يشارؾ يف اعبهاد بنفسو أو مالو أو لسانو أو علمو أو عملو الذي‬ ‫يدعم آّاىدين فهو ؾباىد يف سبيل اهلل تعاىل ‪ ،‬ولو أجر آّاىد إف شاء اهلل تعاىل ‪ ،‬ومن أمثلة‬ ‫‪ٕ7‬‬


‫لف آّاىد يف أىلو ‪ ،‬قاؿ صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬م ْن َج َّهَز َغا ِزيًا ِيف‬ ‫وخ ُ‬ ‫ذلك ذبهيز آّاىد ‪ُ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫ف َغا ِزيًا ِيف َسبِ ِيل اللَّ ِو ِخبٍََْت فَػ َق ْد َغَزا » متفق عليو ‪.‬‬ ‫َسبِ ِيل اللَّو فَػ َق ْد َغَزا‪َ ،‬وَم ْن َخلَ َ‬ ‫وكل من يُقتل يف اؼبعركة فبن كاف يرافق آّاىدين ‪ ،‬ويقوـ على شؤوهنم ويساعدىم يف أمور‬ ‫اعبهاد فهو ؾباىد يف سبيل اهلل تعاىل ‪ ،‬وإف قُتل فهو شهيد ‪-‬إف شاء اهلل فيما كبسبو‪ -‬وذبري عليو‬ ‫أحكاـ الشهادة ‪.‬‬ ‫ويدخل يف ذلك من رافق آّاىدين بنية اعبهاد يف سبيل اهلل ولو مهمة إعبلمية ‪ ،‬سواء كاف‬ ‫صوراً أو ُمراسبلً أو إعبلمياً ‪.‬‬ ‫ُم ّ‬ ‫** تنبيه ‪:‬‬

‫هبب على آّاىدين االىتماـ باعبانب اإلعبلمي ‪ ،‬وذلك أف معركة اليوـ معركة إعبلمية ‪ ،‬وأدواهتا‬ ‫الكلمة والصورة والصوت اؼبنقوؿ بكافة األشكاؿ والصيغ ‪ ،‬وىو من القوة اليت أمر اهلل بإعدادىا ‪،‬‬ ‫َع ُّدوا َؽبم ما استَطَعتُم ِمن قُػ َّوةٍ وِمن ِرب ِ‬ ‫قاؿ تعاىل ‪ { :‬وأ ِ‬ ‫اػبَْي ِل تُػْرِىبُو َف بِ​ِو َع ُد َّو اللَّ ِو َو َع ُد َّوُك ْم‬ ‫اط ْ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫ُْ َ ْ ْ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫ين ِم ْن ُدوهنِ​ِ ْم ال تَػ ْعلَ ُمونَػ ُه ْم اللَّوُ يَػ ْعلَ ُم ُه ْم َوَما تُ ِنف ُقوا ِم ْن َش ْي ٍء ِيف َسبِ ِيل اللَّ ِو يػُ َو َّ‬ ‫ؼ إِلَْي ُك ْم َوأَنْػتُ ْم ال‬ ‫َو َ‬ ‫آخ ِر َ‬ ‫تُظْلَ ُمو َف }‪.‬‬ ‫فباعبهاد اإلعبلمي نستطيع نشر أخبار آّاىدين واغبقائق اليت وباوؿ اإلعبلـ اؼبضلل طمسها‪،‬‬ ‫وعن طريقو نوجد حلقة وصل بُت آّاىدين واألمة اؼبسلمة ‪ ،‬وبو كبرض على اعبهاد ‪ ،‬ومن خبللو‬ ‫نقود غزوات إعبلمية مضادة لؤلعداء فنربكهم حبرب نفسية شديدة لكسر معنوياهتم و زيادة‬ ‫إحباطهم ‪.‬‬ ‫واعبهاد اإلعبلمي يف عصرنا من أىم أنواع اعبهاد ‪ ،‬ألف من يبتلك قوة يف اإلعبلـ يستطيع أف‬ ‫يوجو الرأي العاـ فيؤثر يف األمم والشعوب وبطريقة أسهل وأيسر من أساليب القوة العسكرية ‪.‬‬ ‫وكم من صورة نقلها مصور حركت مشاعر اؼبسلمُت يف العاَل لدعم إخواهنم آّاىدين ‪ ،‬وكم من‬ ‫كلمة نقلها إعبلمي أثرت يف عقوؽبم وقلؤّم ‪ ،‬وكم من ناشط إعبلمي حرصت العصابة آّرمة على‬ ‫قتلو ‪ ،‬فتأثَت اإلعبلـ يف األعداء يقارب تأثَت أدوات اغبرب ‪ ،‬فهو أداة فتاكة ال يُستهاف ّٔا ‪.‬‬ ‫ولذا كاف واجباً على اؼبسلمُت عموماً ‪ ،‬وعلى ؾباىدي الشاـ خصوصاً ‪ ،‬سبلك أدوات اعبهاد‬ ‫اإلعبلمي ومعرفة خصائصو والتمكن من وسائلو لتسخَته يف نصرة الدين ‪ ،‬وإسقاط الظاؼبُت آّرمُت ‪.‬‬ ‫‪ٕ3‬‬


‫اللهم ارحم موتانا ‪ ،‬وتقبل شهداءنا من آّاىدين واؼبرابطُت واإلعبلميُت والناشطُت ‪ ،‬و أسكنهم‬ ‫يف أعلى عليُت ‪ ،‬وانصرنا على طواغيت الشاـ وكل من شايعهم دبنك وكرمك يا أكرـ األكرمُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪ٕ1‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 11‬هل تجوز العملٌات الفدائٌة "أو عملٌات االقتحام بالنفس" ‪.‬‬ ‫( وصورتها ‪ :‬أن ٌحمل المقاتل المتفجرات على جسده ‪ ,‬أو فً مركبة كسٌارة‬ ‫أو ؼٌرها ‪ ,‬ثم ٌفجر نفسه فً صفوؾ األعداء ‪ ,‬مُحدثا فٌهم خسائر بشرٌة‬ ‫ومادٌة كبٌرة ) ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫ىذه العمليات من النوازؿ اؼبعاصرة ‪ ،‬ومن وسائل القتاؿ اغبديثة اؼبؤثرة ‪ ،‬وليس للمتقدمُت من‬ ‫أىل العلم نص فيها ‪ ،‬وقد اختلف فيها اؼبعاصروف مابُت ؾبيز ؽبا ومانع منها ‪ ،‬وأكثرىم على اعبواز‬ ‫‪.‬‬ ‫و الذي يظهر لنا ىو جواز مثل ىذه العمليات بشروط ‪:‬‬ ‫أولا ‪ :‬أف يقدـ آّاىد عليها رغبة يف نصرة دين اهلل ‪ ،‬و طمعاً فيما عنده سبحانو من األجر ‪،‬‬ ‫ال ىروباً من واقعو وسخطاً على أقدار اهلل تعاىل ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬أف يتجنب قتل معصومي الدماء من اؼبسلمُت وغَتىم ‪ ،‬أو قتل نساء وصبياف العدو‬ ‫الذين ال يقاتلوف معو وال يعاونونو ‪ ،‬إال إذا كانوا ـبتلطُت باحملاربُت ‪ ،‬فعند ذلك ال حرج يف القياـ‬ ‫بالعملية ‪ ،‬وذلك ؼبا جاء يف الصحيحُت من حديث ابن عباس عن الصعب بن جثامة قاؿ ‪(( :‬‬ ‫ِ‬ ‫ي ِمن الْم ْش ِركُِت يػبػيَّتُو َف ‪ ،‬فَػي ِ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّم َع ِن َّ‬ ‫صيبُو َف ِم ْن نِ َسائِ ِه ْم َو َذ َرا ِريّْ ِه ْم‬ ‫ُسئ َل النِ ُّ‬ ‫َِّب َ‬ ‫ُ‬ ‫الذ َرا ِر ّْ َ ُ َ َُ‬ ‫َ‬ ‫اؿ ‪ُ « :‬ى ْم ِمْنػ ُه ْم » ))‪.‬‬ ‫‪ ،‬فَػ َق َ‬ ‫ثالثا ‪ :‬أف يغلب على الظن ‪ ،‬أو هبزـ أف يف ذلك نكاية بالعدو ‪ ،‬أو ذبريئاً للمسلمُت عليهم‬ ‫وإضعافاً لنفوسهم ‪.‬‬ ‫و يظهر الفرؽ جلياً بُت االستشهادي واؼبنتحر يف الباعث واألثر؛‬ ‫ فإف الباعث عند الفدائي ىو ؿببة اهلل والشوؽ إىل لقائو وإعبلء كلمتو ونصرة دينو ‪ ،‬يف حُت‬‫أف اؼبنتحر باعثو التسخط على اهلل وعلى قدره فيستعجل اؼبوت ليتخلص من آالمو وجزعو ‪.‬‬ ‫ٖٓ‬


‫ أما يف األثر فإف الفدائي قد حقق نصراً للدين وأىلو ‪ ،‬وأحدث النكاية والرعب يف قلوب‬‫األعداء ‪ ،‬خببلؼ اؼبنتحر ‪.‬‬ ‫ىذا وإف كنا نرى جواز مثل ىذه العمليات إال أف الذي ننصح بو إخواننا آّاىدين أال يقدموا‬ ‫على مثل ىذه العمليات إال عند اغباجة اؼبلحة ؽبا ‪ ،‬و ظهور اؼبصاحل اعبلية منها ‪.‬‬ ‫اللهم ارزقنا علماً نافعاً ‪ ،‬وعمبلً متقببلً ‪ ،‬وشهادة يف سبيلك ‪ ،‬ترضيك عنا ‪ ،‬يا ذا اعببلؿ‬ ‫واإلكراـ ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٖٔ‬


‫فتىي ( ‪ :) 11‬من قتله النظام النصٌري بقصؾ ‪ ,‬أو رصاص عشوائً ‪ ,‬أو‬ ‫أثناء المظاهرات السلمٌة ‪ .‬هل ٌكون له أجر الشهٌد ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫كل من قُتل ظلماً من اؼبسلمُت على أيدي عصابات النظاـ النصَتي فلو أجر الشهيد يف اآلخرة‬ ‫يغسل ‪َّ ،‬‬ ‫صلَّى عليو ‪.‬‬ ‫‪ ،‬وأما يف الدنيا فبل يُعامل معاملة قتيل اؼبعركة فبل بد أف َّ‬ ‫ويكفن ‪ ،‬ويُ َ‬ ‫وال يُشًتط لتحصيل ثواب الشهداء أف يكوف اؼبظلوـ يف قتاؿ مع اؼبعتدين ‪ ،‬فإف قتلوه على حُت‬ ‫ِغَّرة كاف ُمستح ّقاً لثواب الشهداء إف شاء اهلل سبحانو وتعاىل ‪.‬‬ ‫ِوفبَّا يدؿ على ذلك ‪ :‬أف عمر بن اػبطاب رضي اهلل عنو طعنو أبو لؤلؤة آّوسي ‪ ،‬وىو يصلي‬ ‫الفجر باؼبسلمُت ‪ ،‬وعثماف بن عفاف رضي اهلل عنو ‪ ،‬قتلو البغاة اػبارجوف عليو ظلماً ‪ ،‬وقد‬ ‫وصفهما النِب صلى اهلل عليو وسلم بأهنما شهيداف ‪.‬‬ ‫فعن أنس بن مالك رضي اهلل عنو قاؿ ‪ (( :‬صع َد النِب صلى اهلل عليو وسلم إِ َىل " أ ٍ‬ ‫ُحد " َوَم َعوُ‬ ‫َ​َ‬ ‫ُ‬ ‫أَبو ب ْك ٍر وعمر وعثما ُف فَػرج ِ​ِ‬ ‫ِب ‪ ،‬أَو‬ ‫ضَربَوُ بِ ِرجلِ ِو ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ُح ُد ‪ ،‬فَ َما َعلَ َ‬ ‫ف ّٔم ‪ ،‬فَ َ‬ ‫يك إِالَّ نَِ ّ​ّ‬ ‫ُ َ َ ُ َُ َ ُ َ َ َ َ‬ ‫اؿ ‪ « :‬اثبُت أ ُ‬ ‫ِ‬ ‫يد ِاف »)) رواه البخاري ‪.‬‬ ‫ّْيق ‪ ،‬أَو َش ِه َ‬ ‫صد ٌ‬ ‫نسأؿ اهلل سبحانو و تعاىل أف وبقن دماء شعبنا ‪ ،‬و أف يتقبل شهداءنا ‪ ،‬و أف يسكنهم فسيح‬ ‫يعجل بنصرنا ‪ ،‬إنو على كل شيء قدير ‪.‬‬ ‫جناتو مع النبيُت والصديقُت والشهداء والصاغبُت ‪ ،‬وأف ّْ‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٕٖ‬


‫فتىي ( ‪ :) 12‬مُجاهد ٌسؤل ‪ :‬إذا قام جنود االحتالل النصٌري والشبٌحة‬ ‫بمحاصرتً فً منزلً ومعً زوجتً وأوالدي ولم نستطع الفرار ‪ ,‬ولٌس لنا‬ ‫أمل بالنجاة ‪.‬‬ ‫فهل ٌجوز لً أن أقاتل حتى استشهد ؟‬ ‫وإذا خفت على عرضً من االعتداء علٌهم بعد استشهادي ‪ ,‬فهل ٌجوز لً‬ ‫قتلهم حفاظا علٌهم ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫هبوز للمجاىد يف مثل اغبالة اؼبذكورة أف يستمر يف القتاؿ ‪ ،‬حىت ولو أدى ذلك إىل استشهاده ‪،‬‬ ‫بل قد هبب عليو ذلك إف َخشي االعتداء على عرضو ‪.‬‬ ‫حرـ اهلل‬ ‫وال هبوز لو اإلقداـ على قتل أىلو إف خاؼ على عرضو ‪ ،‬أل ّف قْتلهم ىو قْتل للنفس اليت َّ‬ ‫اغبَ ّْق } ‪.‬‬ ‫س الَِّيت َحَّرَـ اللَّوُ إِالَّ بِ ْ‬ ‫تعاىل ‪ ،‬قاؿ سبحانو ‪َ { :‬وال يَػ ْقتُػلُو َف النَّػ ْف َ‬ ‫وعليو أف يدافع عنهم بكل ما أُويت من قوة حىت يندحر اؼبعتدوف أو يناؿ الشهادة ‪ ،‬قاؿ رسوؿ‬ ‫اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬م ْن قَاتَ َل ُدو َف َمالِ​ِو ‪ ،‬فَػ ُقتِ َل فَػ ُه َو َش ِهي ٌد ‪َ ،‬وَم ْن قَاتَ َل ُدو َف َد ِم ِو فَػ ُه َو‬ ‫َش ِهي ٌد ‪َ ،‬وَم ْن قَاتَ َل ُدو َف أ َْىلِ ِو فَػ ُه َو َش ِهي ٌد » رواه النَّسائي ‪.‬‬ ‫وإذا بذؿ وسعو يف الدفاع عن عرضو وَل يستطع دفع اؼبعتدي فبل حرج عليو ‪ ،‬إذ "ال يكلف اهلل‬ ‫نفساً إال وسعها"‪.‬‬ ‫اللهم ُرَّد كيد العصابة األسدية اؼبتسلطة وأعواهنا عن ببلد الشاـ ‪ ،‬واجعلهم غنيمة للمسلمُت ‪،‬‬ ‫واحفظ أعراضنا وأىلينا إنك على كل شيء قدير ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٖ​ٖ‬


‫فتىي ( ‪ :) 13‬شاب مجاهد ٌوصً رفاقه قائال ‪ ( :‬إذا كنت فً المعركة‬ ‫وقبض علً الشبٌحة دون إرادتً فؤطلقوا النار علً ‪ ,‬وال تدعوهم ٌؤخذوننً‬ ‫حٌا ‪ ,‬ألننً مٌت على كل حال ) ‪.‬‬ ‫فما الحكم فٌما أوصى به الشاب ؟‬ ‫وهل ٌجوز تنفٌذ وصٌته ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫الوصية باطلة ؛ وال هبوز تنفيذىا ‪ ،‬إذ ال يكوف اػببلص فبا وقع عليو من أس ٍر ‪-‬مع ظنو أنو‬ ‫َسيُقتَل بكل حاؿ‪ -‬بارتكاب كبَتة من الكبائر العظيمة اليت عظَّم اهلل حرمتها يف كتابو ‪ ،‬فقاؿ ‪{ :‬‬ ‫ومن يػ ْقتل مؤِمنا متػع ّْمداً فَجزاؤه جهن ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َع َّد لَوُ َع َذاباً َع ِظيماً }‪.‬‬ ‫ب اللَّوُ َعلَْيو َولَ َعنَوُ َوأ َ‬ ‫َ َ ْ َ ُ ْ ُ ْ ً َُ َ‬ ‫َّم َخالداً ف َيها َو َغض َ‬ ‫َ​َ ُ​ُ َ َ ُ‬ ‫وما يدريو لعل اهلل سبحانو أف يهيئ لو سبباً من أسباب الفرج ‪.‬‬ ‫فالواجب على من وقع أسَتاً بأيدي األعداء الصرب واالحتساب ؼبا يبلقيو من العذاب ‪ ،‬وليذكر‬ ‫َجرُىم بِغَ َِْت ِحس ٍ‬ ‫قوؿ اهلل سبحانو وتعاىل ‪ { :‬إَِّمبَا يػو ََّّف َّ ِ‬ ‫اب } ‪ ،‬وقولو صلى اهلل عليو‬ ‫الصابُرو َف أ ْ َ ْ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫وسلم ‪ « :‬عجبا ِألَم ِر الْم ْؤِم ِن ‪ ،‬إِ َّف أَمره ُكلَّو خَت ‪ ،‬ولَيس َذ َاؾ ِألَح ٍد إَِّال لِ ِ‬ ‫لمؤم ِن ‪ ،‬إِف أ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ًَ ْ ُ‬ ‫َصابَتوُ َسَّراءُ‬ ‫ْ َُ ُ َ ٌ َ ْ َ‬ ‫صبَػَر فَ َكا َف َخْيػًرا لَوُ » رواه مسلم ‪.‬‬ ‫َصابَتوُ َ‬ ‫ضَّراءُ ‪َ ،‬‬ ‫َش َكَر ‪ ،‬فَ َكا َف َخَتاً لَوُ ‪َ ،‬وإِف أ َ‬ ‫حي يا قيوـ ‪ ،‬برضبتك نستغيث ‪ ،‬اللهم رضبتك نرجو ‪ ،‬فبل تكلنا ألنفسنا طرؼ عُت أو‬ ‫اللهم يا ُّ‬ ‫أقل من ذلك ‪ ،‬اللهم عليك توكلنا ‪ ،‬وإليك أنبنا ‪ ،‬فانصرنا على القوـ الكافرين آّرمُت ‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٖٗ‬


‫فتىي ( ‪ :)14‬هل الجهاد من مصارؾ الزكاة ؟‬ ‫وهل ٌجوز تعجٌل الزكاة لدفعها للمجاهدٌن فً سورٌا ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫الص َدقَات لِْل ُف َقر ِاء والْمساكِ ِ ِ ِ‬ ‫َِّ‬ ‫ُت‬ ‫ُت َوالْ َعامل َ‬ ‫مصارؼ الزكاة شبانية بيّنها اهلل يف كتابو فقاؿ ‪ { :‬إمبَا َّ ُ َ َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫السبِ ِيل فَ ِر ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرقَ ِ‬ ‫يم‬ ‫ُت َوِيف َسبِ ِيل اللَّ ِو َوابْ ِن َّ‬ ‫َعلَْيػ َها َوالْ ُم َؤلََّف ِة قُػلُوبػُ ُه ْم َوِيف ّْ‬ ‫َ‬ ‫اب َوالْغَا ِرم َ‬ ‫يضةً م َن اللَّو َواللَّوُ َعل ٌ‬ ‫ِ‬ ‫يم }‪.‬‬ ‫َحك ٌ‬ ‫{وِيف َسبِ ِيل اللَّ ِو} اؼبراد بو اعبهاد يف سبيل اهلل ‪ ،‬كما قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬ ‫فقولو تعاىل ‪َ :‬‬ ‫وسلم ‪َ « :‬م ْن قَاتَ َل لِتَ ُكو َف َكلِ َمةُ اللَّ ِو ِى َي الْعُْليَا فَػ ُه َو ِيف َسبِ ِيل اللَّ ِو » متفق عليو ‪.‬‬ ‫ودفع الزكاة للكتائب آّاىدة يف سوريا من أوجب الواجبات ‪ ،‬لكونو جهاد دفع مع شدة‬ ‫حاجتهم للدعم ‪ ،‬وقلة الناصر واؼبعُت ‪.‬‬ ‫وينبغي للمزكي عند دفع زكاتو أف يتحرى كتائب آّاىدين األكثر استقامة على دين اهلل تعاىل ‪.‬‬ ‫"وأما تعجيل الزكاة قبل وجؤّا بعد سبب الوجوب ‪ :‬فيجوز عند صبهور العلماء ‪ ،‬كأيب حنيفة‪،‬‬ ‫والشافعي ‪ ،‬وأضبد ‪ ،‬فيجوز تعجيل زكاة اؼباشية ‪ ،‬والنقدين ‪ ،‬وعروض التجارة ‪ ،‬إذا ملك النصاب"‬ ‫فتاوى ابن تيمية ( ٕ٘‪.)ٛ٘ /‬‬ ‫ودليل ذلك ما رواه علي بن أيب طالب رضي اهلل عنو ‪َّ (( :‬‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو‬ ‫اس َسأ َ​َؿ النِ َّ‬ ‫َِّب َ‬ ‫أف الْ َعبَّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وسلَّم ِيف تَػع ِج ِيل ِ ِ‬ ‫ك )) رواه‬ ‫ك ‪ ،‬قَ َ‬ ‫اؿ َمَّرةً ‪ :‬فَأَذ َف لَوُ ِيف ذَل َ‬ ‫ص لَوُ ِيف ذَل َ‬ ‫َ​َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ص َدقَتو قَػْب َل أَ ْف َرب َّل ‪ ،‬فَػَر َّخ َ‬ ‫أبو داود وغَته ‪.‬‬ ‫وُهنيب بإخواننا التجار الوقوؼ مع آّاىدين ودعمهم ‪ ،‬فاعبهاد باؼباؿ ‪-‬كما اعبهاد بالنفس‪-‬‬ ‫واجب على القادرين عليو ‪.‬‬ ‫اللهم كن للمستضعفُت من اؼبسلمُت يف سوريا عوناً ونصَتاً ومؤيداً وظهَتاً ‪ ،‬اللهم أيدىم‬ ‫وآّاىدين معهم جبنود األرض والسماء يا ذا اعببلؿ واإلكراـ ‪ ،‬اللهم وفق ذبار اؼبسلمُت وأغنياءىم‬ ‫للجهاد بأمواؽبم يف الشاـ يا ذا اعببلؿ واإلكراـ ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬ ‫ٖ٘‬


‫فتىي ( ‪ :) 15‬هل ٌجوز إكراه التجار الذٌن لم ٌدعموا النظام ‪-‬بل وقفوا على‬ ‫الحٌاد‪ -‬أو تهدٌدهم بالقتل لحملهم على المشاركة فً الثورة ودعم المجاهدٌن ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫ال هبوز االعتداء على أحد أو هتديده بالقتل أو اػبطف إف وقف على اغبياد ‪ ،‬وَل يكن داعماً‬ ‫للعصابة األسدية اؼبتسلطة ؛ ألف الغاية النبيلة ال تربر الوسيلة غَت اؼبشروعة ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪َ { :‬وال‬ ‫ِ‬ ‫ين }‪.‬‬ ‫تَػ ْعتَ ُدوا إِ َّف اللَّوَ ال ُِوب ُّ‬ ‫ب الْ ُم ْعتَد َ‬ ‫وخطف ىؤالء ترويع للمسلم ‪ ،‬هنى عنو شرعنا اغبنيف ‪ ،‬قاؿ صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬ال َِوب ُّل‬ ‫ِ ِ‬ ‫ع ُم ْسلِ ًما » رواه أبو داود ‪.‬‬ ‫ل ُم ْسل ٍم أَ ْف يػَُرّْو َ‬ ‫حرمو اهلل ورسولو ؛ قاؿ‬ ‫وأخذ أمواؿ التجار بغَت رضاىم ىو من أكل أمواؿ الناس بالباطل الذي َّ‬ ‫تعاىل ‪ { :‬يا أَيػُّها الَّ ِذين آمنُوا ال تَأْ ُكلُوا أَموالَ ُكم بػيػنَ ُكم بِالْ ِ‬ ‫باط ِل إِالَّ أَ ْف تَ ُكو َف ِذب َارًة َع ْن تَر ٍ‬ ‫اض ِمْن ُك ْم‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ ْ َْ ْ‬ ‫َوال تَػ ْقتُػلُوا أَنْػ ُف َس ُك ْم إِ َّف اللَّوَ كا َف بِ ُك ْم َرِحيماً }‪.‬‬ ‫اؿ ْام ِر ٍئ ُمسلِ ٍم إِال بِ ِط ِ‬ ‫يب نَػ ْف ِ‬ ‫س ٍ​ٍ منو » رواه‬ ‫وقاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬ال َِوب ُّل َم ُ‬ ‫ْ‬ ‫أضبد ‪.‬‬ ‫وىذه األعماؿ ليست من أخبلؽ آّاىدين ‪ ،‬بل ىي من عمل العصابات آّرمة ‪.‬‬ ‫وأما عدـ دعم ىؤالء التجار للمجاىدين وامتناعهم عن اؼبشاركة يف اعبهاد فاهلل سبحانو سائلهم‬ ‫عن ذلك ‪ ،‬واهلل أعلم بظروفهم ومربراهتم ‪ ،‬ولنا يف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم أسوة حسنة‬ ‫ووَكل سرائرىم إىل اهلل تعاىل ‪ ،‬مع أهنم منافقوف ‪ ،‬وقد‬ ‫حيث قبل عذر اؼبتخلفُت عن اعبهاد ‪َ ،‬‬ ‫فضحهم اهلل يف سورة براءة ‪.‬‬ ‫ولردبا كاف بعض ىؤالء التجار يدعموف آّاىدين بكل طاقاهتم باػبفاء دوف أف يعلم أحد بذلك ‪.‬‬ ‫ىذا وهنيب بإخواننا التجار الوقوؼ مع آّاىدين ‪ ،‬ودعمهم بكل ما يستطيعوف ‪ ،‬فاعبهاد باؼباؿ‬ ‫كاعبهاد بالنفس‪ -‬واجب على القادرين عليو ‪ ،‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬ج ِ‬‫اى ُدوا‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُت بِأ َْم َوالِ ُك ْم َوأَيْ ِدي ُك ْم َوأَلْ ِسنَتِ ُك ْم ) رواه أبو داود والنسائي ‪.‬‬ ‫الْ ُم ْش ِرك َ‬ ‫‪ٖٙ‬‬


‫نسأؿ اهلل العظيم ‪ ،‬رب العرش العظيم ‪ ،‬أف وبفظ أىلنا من كل سوء ‪ ،‬وأف ينصرىم ‪ ،‬وأف يبدىم‬ ‫دبدد من عنده ‪ ،‬إنو على كل شيء قدير ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪ٖ7‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 16‬هل ٌجوز لنا التبرع ألهلنا وإخواننا فً سورٌا من المجاهدٌن‬ ‫والمنكوبٌن إذا كان علٌنا دَ ٌْن ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫الصدقة عبادة عظيمة وقربة جليلة ‪ ،‬تطفئ غضب الرب كما يطفئ اؼباء النار ‪ ،‬حثنا عليها ربنا ‪،‬‬ ‫ورغّب ّٔا رسولنا الكرَل صلى اهلل عليو وسلم ‪.‬‬ ‫قاؿ سبحانو وتعاىل ‪ { :‬مثل الَّ ِذ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ت َسْب َع َسنَابِ َل‬ ‫ين يػُْنف ُقو َف أ َْم َوا َؽبُ ْم ِيف َسبِ ِيل اللَّو َك َمثَ ِل َحبَّة أَنْػبَتَ ْ‬ ‫َ​َ ُ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اع ِ‬ ‫ِيف ُك ّْل سْنبػلَ ٍة ِمائَةُ حبَّ ٍة واللَّو ي ِ‬ ‫يم } ‪.‬‬ ‫َ َ ُ​َُ‬ ‫ض ُ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫ف ل َم ْن يَ َشاءُ َو اللَّوُ َواس ٌع َعل ٌ‬ ‫ِ ِ ِ َّ ِ ِ‬ ‫ودي ِمن أَبْػو ِ‬ ‫اعبَن َِّة ‪:‬‬ ‫اب ْ‬ ‫وقاؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪َ (( :‬م ْن أَنْػ َف َق َزْو َج ُْت يف َسب ِيل اللو نُ َ ْ َ‬ ‫الص َبلةِ ُد ِعي ِمن ب ِ‬ ‫الص َبلةِ ‪َ ،‬وَم ْن َكا َف ِم ْن أ َْى ِل‬ ‫اب َّ‬ ‫يَا َعْب َد اللَّ ِو ‪َ ،‬ى َذا َخْيػٌر ‪ ،‬فَ َم ْن َكا َف ِم ْن أ َْى ِل َّ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫اب ِْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الريَّ ِ‬ ‫الصي ِاـ ُد ِعي ِمن ب ِ‬ ‫ا ْعبِه ِاد ُد ِعي ِمن ب ِ‬ ‫اف ‪َ ،‬وَم ْن َكا َف ِم ْن أ َْى ِل‬ ‫اب َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ‬ ‫اعب َهاد ‪َ ،‬وَم ْن َكا َف م ْن أ َْى ِل ّْ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫الص َدقَِة ُد ِعي ِمن ب ِ‬ ‫الص َدقَِة » متفق عليو ‪.‬‬ ‫اب َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ َْ‬ ‫وينبغي أف يُعلَم أف حقوؽ العباد من ديوف وغَتىا من أخطر ما يتحملو اؼبسلم يف آخرتو ‪ ،‬وقد‬ ‫صح " أف‬ ‫كاف النِب صلى اهلل عليو وسلم يستعيذ باهلل من ال ّدين ‪ ،‬كما عند البخاري ‪ ،‬وقد َّ‬ ‫الشهيد يُغفر لو كل شيء إال الدَّين " كما عند مسلم ‪.‬‬ ‫** وتربع اؼبدين ال ىبلو من حالُت ‪:‬‬

‫وبن وقت سداده ‪ ،‬فيجوز للمدين أف يتصدؽ إذا‬ ‫الحالة األولى ‪ :‬أف يكوف الدَّين مؤجبلً َل ْ‬ ‫كاف يرجو سداد دينو عند حلوؿ األجل من خبلؿ راتب أو غَته ‪.‬‬ ‫وم ْن عليو دين ال هبوز أف يتصدؽ صدقة سبنع قضاءىا؛ ألنو واجب‬ ‫قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل ‪َ ( :‬‬ ‫فلم هبُز تركو ) الكايف (ٔ‪.)ٖٗٔ /‬‬ ‫الحالة الثانية ‪ :‬أف يكوف ديناً حاف وقت سداده ‪ ،‬أو ديناً حاالً يُطالب بو صاحبو‪ ،‬فبل هبوز‬ ‫للمدين أف يتصدؽ قبل سداد دينو ؛ وذلك لسببُت ‪:‬‬ ‫‪ٖ3‬‬


‫اجب ‪ّ ،‬أما الصدقة فمستحبة ‪ ،‬وال هبوز تقدَل اؼبستحب على‬ ‫األول ‪ :‬أ ّف سداد الدين و ٌ‬ ‫الواجب إذا تزاضبا ‪.‬‬

‫احملرـ ‪ ،‬قاؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪:‬‬ ‫الثاني ‪ :‬أف الصدقة مع وجود ال ّدين ّ‬ ‫اغباؿ داخل يف اؼبطل ّ‬ ‫لم » متفق عليو ‪.‬‬ ‫طل الْغَِ ّْ‬ ‫ٍت ظُ ٌ‬ ‫« َم ُ‬

‫وقد استثٌت العلماء رضبهم اهلل الشيء اليسَت الذي ال يضر بقضاء ال ّدين ‪ ،‬لقلتو كالتصدؽ باؼببلغ‬ ‫اليسَت أو رغيف اػببز وكبوه ‪ ،‬فيجوز للمدين أف يتصدؽ بو ‪ ،‬وال يدخل ذلك يف اؼبنع من التصدؽ‬ ‫كما يف اغبالة الثانية ‪ ،‬ألف اؼبقصود أف يسارع لقضاء دينو وأداء اغبقوؽ الواجبة عليو ‪.‬‬ ‫وعليو فبل هبوز للمسلم التساىل يف أداء اغبقوؽ الواجبة عليو من دين وغَته ‪ ،‬وال أف يقدـ‬ ‫اؼبستحبات عليها كالصدقات ‪ ،‬لئبل يكوف بتساىلو من اؼبفرطُت اؼبتساىلُت يف اغبقوؽ الواجبة عليو ‪،‬‬ ‫ويقابل معروؼ الدائن باإلساءة إليو ‪.‬‬ ‫ونذكر ىنا أف الصدقة والتربع ال يُشًتط فيو الكثرة ‪ ،‬فللشخص التربع دبا تيسر لو ‪ ،‬قاؿ صلى اهلل‬ ‫عليو وسلم ‪ «(( :‬سبق ِدرىم ِمائَةَ أَلْ ِ ِ‬ ‫اؿ ‪َ « :‬كا َف لِرج ٍل ِدرَنب ِ‬ ‫اف‬ ‫ف ؟‪ .‬قَ َ‬ ‫َُ ْ َ‬ ‫ف د ْرَى ٍم » ‪ ،‬قَالُوا ‪َ :‬وَكْي َ‬ ‫َ​َ َ ْ َ ٌ‬ ‫تصدَّؽ بِأ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ض مالِ​ِو فَأ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّؽ َِّٔا »)) رواه‬ ‫صد َ‬ ‫َ‬ ‫َخ َذ مْنوُ مائَةَ أَلْف د ْرَى ٍم فَػتَ َ‬ ‫َحدنبَا ‪َ ،‬وانْطَلَ َق َر ُج ٌل إ َىل عُْر ِ َ‬ ‫َ​َ َ َ‬ ‫النسائي ‪.‬‬ ‫َي َّ ِ‬ ‫َفضل ؟‪ ،‬قاؿ ‪ُ « :‬ج ْه ُد الْ ُم ِق ّْل َوابْ َدأْ ِدبَ ْن‬ ‫وحُت ُسئل النِب صلى اهلل عليو وسلم أ ُّ‬ ‫الصدقة أ َ‬ ‫وؿ » رواه أبو داود ‪.‬‬ ‫تَػعُ ُ‬ ‫اللهم أعط ُمنفقاً خلفاً ‪ ،‬وأعط ُفبسكاً تلفاً ‪ ،‬اللهم طهر أموالنا و نفوسنا ‪ ،‬وزكها أنت خَت من‬ ‫زكاىا أنت وليها وموالىا ‪ ،‬اللهم وفقنا وأغنياء اؼبسلمُت وذبارىم للبذؿ يف سبيلك ‪ ،‬وللعمل‬ ‫دبرضاتك ‪ ،‬يا أكرـ األكرمُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪ٖ1‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 17‬سائل ٌسؤل ‪ :‬كنت قد أدٌت حجة اإلسالم فً سنة سابقة ‪,‬‬ ‫وأفكر فً أن أحج هذه السنة‪,...‬‬ ‫فهل األفضل أن أحج حجة ثانٌة ؟‬ ‫أم أن األولى إرسال تكالٌفها لدعم أهلنا فً سورٌا ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫لؤلعماؿ اؼبشروعة يف شرعنا اغبكيم مراتب متفاوتة حبسب أنبيتها وأولويتها ‪ ،‬األمر الذي‬ ‫ؤخر ما حقو التقدَل ‪.‬‬ ‫التخَت من بينها ‪ ،‬فبل يُ َ‬ ‫يستدعي ضبط ميزاف ّ‬ ‫قدـ ما حقو التأخَت ‪ ،‬وال يُ َ‬ ‫واعبهاد يف سبيل اهلل تعاىل ذروة سناـ اإلسبلـ ‪ ،‬وأعلى مرتبة فيو ؛ فعن معاذ بن جبل رضي اهلل‬ ‫عنو أف النِب صلى اهلل عليو وسلم قاؿ لو ‪ «(( :‬أَال أُخِرب َؾ بِرأْ ِس األَم ِر وعم ِ‬ ‫ودهِ َوِذ ْرَوةِ َسنَ ِام ِو ؟»‪.‬‬ ‫ْ َ َُ‬ ‫ُْ َ‬ ‫وؿ اللَّ ِ‬ ‫ْ‬ ‫الصبلةُ ‪َ ،‬وِذ ْرَوةُ َسنَ ِام ِو ‪:‬‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫«‬ ‫‪:‬‬ ‫اؿ‬ ‫ق‬ ‫‪،‬‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫ت ‪ :‬بَػلَى يَا َر ُس َ‬ ‫ودهُ ‪َّ :‬‬ ‫َ‬ ‫بلـ ‪َ ،‬و َع ُم ُ‬ ‫قُػ ْل ُ‬ ‫س األ َْم ِر ‪ :‬ا ِإل ْس ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫اد »)) رواه الًتمذي ‪.‬‬ ‫ا ْعب َه ُ‬ ‫وذروة الشيء أعلى ما فيو وأرفعو ؛ يقوؿ ابن رجب رضبو اهلل ‪ ( :‬و ىذا يدؿ على أنو أفضل‬ ‫األعماؿ بعد الفرائض ) جامع العلوـ واغبكم‪ ،‬ص (ٗ‪.)ٕٚ‬‬ ‫وإف نصرة أىل الشاـ وثورهتم إلقامة ذروة سناـ اإلسبلـ ‪ ،‬وحفظ الدماء ‪ ،‬وكف األذى ‪ ،‬ونصرة‬ ‫اجب على عموـ اؼبسلمُت األقرب فاألقرب ‪ ،‬أما حج‬ ‫اؼبظلوـ ‪ ،‬وإطعاـ اعبائع ‪ ،‬وإكساب اؼبعدوـ و ٌ‬ ‫النافلة فتطوع مستحب ‪ ،‬والواجب مقدـ على اؼبستحب ‪ ،‬يقوؿ صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬ج ِ‬ ‫اى ُدوا‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُت بِأ َْم َوالِ ُك ْم َوأَيْ ِدي ُك ْم َوأَلْ ِسنَتِ ُك ْم » رواه أبو داود والنسائي ‪.‬‬ ‫الْ ُم ْش ِرك َ‬ ‫وال شك أف بذؿ اؼباؿ للجهاد ال يقل أنبية عن اعبهاد بالنفس ألنو أحد مكونات اإلعداد‬ ‫للجهاد الشرعي ‪ ،‬قاؿ ابن القيم رضبو اهلل عند كبلمو عن الفوائد اؼبستنبطة من غزوة تبوؾ ‪ ( :‬ومنها‬ ‫‪ :‬وجوب اعبهاد باؼباؿ كما هبب بالنفس‪ ،...‬فإف األمر باعبهاد باؼباؿ شقيق األمر باعبهاد بالنفس‬ ‫يف القرآف وقرينو ‪ ،‬بل جاء مقدماً على اعبهاد بالنفس يف كل موضع إال موضعاً واحداً ‪ ،‬وىذا يدؿ‬ ‫ٓٗ‬


‫على أف اعبهاد بو أىم وآكد من اعبهاد بالنفس ‪ ،‬وال ريب أنو أحد اعبهادين‪ ،...‬وال يتم اعبهاد‬ ‫بالبدف إال ببذلو ) زاد اؼبعاد (ٖ‪. )ٜٗٛ-ٗٛ​ٛ /‬‬ ‫وانطبلقاً من وجوب دعم اؼبسلمُت صبيعاً للجهاد يف الشاـ ضد العصابة آّرمة الفاجرة كاف‬ ‫التربع باؼباؿ لنصرة الثورة السورية أفضل من أف وبج اؼبسلم حجة نافلة ‪ ،‬ألمور منها ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫َِّب‬ ‫‪ -1‬إف اعبهاد مقدـ على اغبج النافلة ‪ ،‬لقولو صلى اهلل عليو وسلم ؼبا سئل ‪ُ (( :‬سئ َل النِ ُّ‬ ‫ِ ِ َِّ ِ​ِ ِ‬ ‫يل ‪ُ​ُ :‬ثَّ َما َذا ؟ ‪ ،‬قَ َاؿ ‪:‬‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم ‪ ،‬أ ُّ‬ ‫َي ْاأل َْع َم ِاؿ أَفْ َ‬ ‫َ‬ ‫ض ُل ؟ قَ َاؿ ‪ « :‬إيبَا ٌف باللو َوَر ُسولو »‪ ،‬ق َ‬ ‫« ِجهاد ِيف سبِ ِيل اللَّ ِو » ‪ ،‬قِ‬ ‫ور » ؟ )) متفق عليو ‪.‬‬ ‫يل ‪ُ​ُ :‬ثَّ َماذَا ؟ ‪ ،‬قَ َ‬ ‫اؿ ‪َ « :‬ح ّ​ّج َمْبػُر ٌ‬ ‫ٌَ َ‬ ‫َ‬ ‫قاؿ اإلماـ أضبد رضبو اهلل ‪ ( :‬ال أعلم شيئاً من العمل بعد الفرائض أفضل من اعبهاد ) اؼبغٍت‬ ‫البن قدامة (ٓٔ‪.)ٖٕٙ /‬‬ ‫فكانت أفضلية اغبج النافلة مرتبة بعد اعبهاد ‪ ،‬بل إف جهاد الدفع مقدـ على فريضة اغبج يف‬ ‫حق من تعُت عليو الدفع ‪.‬‬ ‫وقاؿ ابن تيمية رضبو اهلل ‪ ( :‬واألمر باعبهاد وذكر فضائلو يف الكتاب والسنة ‪ :‬أكثر من أف‬ ‫وبصر‪ .‬وؽبذا كاف ‪-‬أي اعبهاد‪ -‬أفضل ما تطوع بو اإلنساف ‪ ،‬وكاف باتفاؽ العلماء أفضل من اغبج‬ ‫والعمرة ومن الصبلة التطوع والصوـ التطوع ‪ .‬كما َّ‬ ‫دؿ عليو الكتاب والسنة ) ؾبموع الفتاوى ( ‪/ٕٛ‬‬ ‫ٖٖ٘) ‪.‬‬ ‫وقاؿ الشيخ ابن باز رضبو اهلل ‪ ( :‬األفضل ؼبن أدى فريضة اغبج والعمرة أف ينفق ما يقابل حج‬ ‫التطوع وعمرة التطوع يف مساعدة آّاىدين يف سبيل اهلل ؛ ألف اعبهاد الشرعي أفضل من حج‬ ‫التطوع وعمرة التطوع‪ )...‬الفتاوى (‪. )ٖٚٔ /ٔٙ‬‬ ‫وقاؿ ابن عثيمُت رضبو اهلل ‪ ( :‬أما اعبهاد من حيث ىو جهاد ‪ ،‬والعمرة من حيث ىي عمرة‪،‬‬ ‫فاعبهاد أفضل من العمرة‪ ،‬ألف اغبج والعمرة جهاد أصغر‪ ،‬ومقاتلة األعداء جهاد أكرب‪ ،‬فالصرؼ‬ ‫فيو أفضل من الصرؼ يف اغبج إال ما كاف فريضة ) الفتاوى (‪.)ٕٜٓ /ٔٛ‬‬ ‫‪ -2‬أف القاعدة الفقهية تقوؿ ‪ ( :‬إذا تعارضت اؼبصاحل يقدـ النفع اؼبتعدي على النفع البلزـ‬

‫فعل خَته متع ّد ‪ ،‬أما حجة النافلة فهي مقتصرة‬ ‫)‪ .‬وال شك أف دعم الشعب السوري وثورتو ىو ٌ‬ ‫على النفع الفردي ‪.‬‬ ‫ٔٗ‬


‫‪ -3‬أ ّف اإلنفاؽ على الشعب السوري آّاىد اؼببتلى اؼبشرد إنفاؽ واجب ‪ ،‬والصدقة الواجبة‬ ‫أفضل من اغبج النافلة ‪ ،‬قاؿ أبو مسكُت رضبو اهلل ‪ ( :‬كانوا يروف أنو إذا حج مراراً أف الصدقة‬ ‫أفضل ) الفروع‪ ،‬البن مفلح (ٕ‪. )ٜٗٚ /‬‬ ‫اغبج على الوجو اؼبشروع أفضل من الصدقة اليت ليست واجبة ‪،‬‬ ‫وقاؿ ابن تيمية رضبو اهلل ‪ ( :‬و ّ‬ ‫وأما إف كاف لو أقارب ؿباويج فالصدقة عليهم أفضل ) االختيارات ( ‪.)ٕٓٙ‬‬ ‫قاؿ ابن عثيمُت رضبو اهلل ‪ ( :‬ولو فُِرض أف ىناؾ مصلحة أنفع من اغبج مثل ‪...:‬كاف ىناؾ‬ ‫مسغبة ‪-‬يعٍت جوعاً شديداً‪ -‬فهنا صرؼ الدراىم يف إزالة اؼبسغبة أفضل من اغبج ّٔا ) الفتاوى‬ ‫(ٕٔ‪. )ٖٓ /‬‬ ‫وال ريب أ ّف من حج نافلة فقد فعل خَتاً عظيماً ‪ ،‬ونسكاً جليبلً ‪ ،‬ولكنو قد ترؾ األفضل وعمل‬ ‫بالفضيل ‪ ،‬وىو خبلؼ األوىل ‪.‬‬ ‫اللهم يا ُؾبيب دعوة اؼبضطرين انصر آّاىدين يف الشاـ ‪ ،‬اللهم كن للمستضعفُت يف الشاـ ‪،‬‬ ‫اللهم كن ؽبم عوناً و نصَتاً ومؤيداً وظهَتاً يا ذا اعببلؿ واإلكراـ ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٕٗ‬


‫فتىي ( ‪ :) 18‬هل ٌمنع ال َّدٌن من الخروج لجهاد ال َّدفع ؟‬ ‫وما حكم من استشهد وعلٌه دٌن ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫إف الدَّين حق لآلدمي البد من وفائو ‪ ،‬وقد شدد الشرع يف أمر الدَّين ؛ َّ‬ ‫فإف رسوؿ اهلل صلى اهلل‬ ‫لش ِه ِ‬ ‫يد ُك ُّل ذَنْ ٍ‬ ‫ب إَِّال الدَّيْ َن » رواه مسلم ‪.‬‬ ‫عليو وسلم قاؿ ‪ « :‬يػُ ْغ َفُر لِ َّ‬ ‫فينبغي على من أخ َذ ديناً أف هبتهد يف أدائو يف حياتو و قبل خروجو للجهاد ‪ ،‬وإال أوصى ورثتو‬ ‫أف يقضوا دينو ‪ ،‬والدَّين إذا أخذه اإلنسا ُف يريد أداءه ُث َل يستطع ذلك أداه اهلل تعاىل عنو ‪ ،‬فقد‬ ‫َخ َذ أ َْم َو َاؿ الن ِ‬ ‫يد أ َ​َداءَ َىا أ ََّدى اللَّوُ َعْنوُ ‪،‬‬ ‫َّاس يُِر ُ‬ ‫صح عن النِب صلى اهلل عليو وسلم أنَّو قاؿ ‪َ « :‬م ْن أ َ‬ ‫يد إِتْ َبلفَػ َها أَتْػلَ َفوُ اللَّوُ » رواه البخاري ‪.‬‬ ‫َخ َذ يُِر ُ‬ ‫َوَم ْن أ َ‬ ‫وإف َّ‬ ‫تعذر على آّاىد سداد الدين‪ ،‬فذلك ال يبنعو من اعبهاد الواجب للدفاع عن النفس‬ ‫والعرض واؼباؿ ‪.‬‬ ‫وإف استشهد آّاىد وقد أخذ أمواؿ الناس يريد أداءىا فإف اهلل تعاىل يؤدي عنو ‪ ،‬إما بتسخَت‬ ‫شخص يقضي عنو ىذا الدَّين يف الدنيا ‪ ،‬أو أف يويف اهلل تعاىل الدَّين إىل صاحبو يوـ القيامة ‪،‬‬ ‫فيزيده درجات أو يكفر عنو سيئات ‪.‬‬ ‫وعليو ندعو احملسنُت وأىل ىذا الشهيد أف يبادروا بسداد الدين عنو ‪ ،‬ووبتسبوا األجر يف ذلك ‪.‬‬ ‫اللهم تقبل شهداءنا ‪ ،‬وارحم موتانا وموتى اؼبسلمُت ‪ ،‬واقض الدين عنا وعن اؼبدينُت من‬ ‫اؼبسلمُت ‪ ،‬وانصر عبادؾ اؼبوحدين ‪ ،‬وم ّكن للمجاىدين يف سبيلك يف كل مكاف يا رب العاؼبُت‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٖٗ‬


‫فتىي ( ‪ :)19‬هل ٌجوز لألسٌر المسلم أن ٌنطق بكلمة الكفر تحت التعذٌب‬ ‫واإلكراه ؟‬ ‫وهل ٌجوز له الكذب على األعداء ‪ ,‬أو أن ٌحلؾ لهم كاذبا ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫الواجب على األسَت اؼبسلم أف يتقي اهلل سبحانو ما استطاع ‪ ،‬وإذا أُكره على النطق بكلمة‬ ‫ص لو فيها بشرط أال يعتقد معٌت ما نطق بو ؛ لقوؿ اهلل سبحانو ‪ { :‬إَِّال َم ْن أُ ْك ِرَه‬ ‫الكفر فإنو يُ َّ‬ ‫رخ ُ‬ ‫اإليبَ ِ‬ ‫َوقَػ ْلبُوُ ُمطْ َمئِ ّ​ّن بِ ِْ‬ ‫شًتط لذلك أيضاً أال يسًتسل بالكفر ‪ ،‬فيتلفظ الكفر بالقدر الذي‬ ‫اف }‪ ،‬و يُ َ‬ ‫يدفع عنو العذاب دوف زيادة ‪ ،‬و األفضل أف يأخذ بالعزيبة وال ينطق بالكفر ‪ ،‬وإف قُتل كاف شهيداً ‪.‬‬ ‫وكذلك يُرخص لو بالكذب أو اغبلف كاذباً على األعداء ‪ ،‬بل قد يكوف الكذب واجباً يف بعض‬ ‫اغباالت ؛ حىت ال يًتتب على بقية آّاىدين ضرر ‪.‬‬ ‫ونوصي صبيع إخواننا األسرى بالصرب و احتساب األجر ؼبا يصيبهم من أذى ‪ ،‬وليذكروا حديث‬ ‫النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬عجبا ِألَم ِر الْم ْؤِم ِن‪ ،‬إِ َّف أَمره ُكلَّو خَت‪ ،‬ولَيس َذ َاؾ ِألَح ٍد إَِّال لِلم ِ‬ ‫ؤم ِن‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ًَ ْ ُ‬ ‫ْ َُ ُ َ ٌ َ ْ َ‬ ‫صبَػَر فَ َكا َف َخْيػًرا لَوُ » رواه مسلم ‪.‬‬ ‫َصابَتوُ َ‬ ‫ضَّراءُ‪َ ،‬‬ ‫َصابَتوُ َسَّراءُ َش َكَر‪ ،‬فَ َكا َف َخَتاً لَوُ‪َ ،‬وإِف أ َ‬ ‫إِف أ َ‬ ‫اللهم ال ذبعلنا فتنة للذين كفروا ‪ ،‬واغفر لنا إنك على كل شيء قدير ‪ ،‬ربنا اغفر لنا ذنوبنا ‪،‬‬ ‫وإسرافنا يف أمرنا ‪ ،‬وانصرنا على القوـ الكافرين ‪.‬‬ ‫و اهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٗ​ٗ‬


‫فتىي ( ‪ :) 21‬سائل ٌقول ‪ :‬أحٌانا ٌقوم عناصر العصابة المحتلة بإجبار‬ ‫المارٌن عند الحواجز على اإلفطار ‪ ,‬وهم صائمون ‪ ,‬فإذا امتنع أحد عن‬ ‫اإلفطار تعرض لالعتقال أو التعذٌب ‪.‬‬ ‫فهل ٌجوز لهم اإلفطار فً هذه الحالة ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫َمن أجربه عناصر العصابة احملتلة لسوريا على اإلفطار يف هنار رمضاف ‪ ،‬فبل إُث عليو بشرط أف‬ ‫للمكره مندوحة عن الفطر ‪ ،‬فإف كانت لو‬ ‫قلِب لذلك ‪ ،‬وأال يكوف ُ‬ ‫يكوف إفطاره مصحوباً بإنكار ّ‬ ‫فعلَو فبل يكوف ُمكرىا عليو ‪.‬‬ ‫مندوحة عنو ‪ُ ،‬ث َ‬ ‫و اختلف الفقهاء يف وجوب القضاء عليو ‪ ،‬و الذي يظهر رجحانو لنا أف عليو اإلمساؾ عند‬ ‫زواؿ اإلكراه ‪ ،‬و ال هبب القضاء عليو ‪ ،‬وذلك لؤلدلة التالية ‪:‬‬ ‫اػبَطَأَ ‪،‬‬ ‫ض َع َع ْن أ َُّم ِيت ْ‬ ‫أولا ‪ :‬ؼبا رواه ابن عباس عن النِب صلى اهلل عليو وسلم أنو قاؿ ‪ « :‬إِ َّف اللَّوَ َو َ‬ ‫استُ ْك ِرُىوا َعلَْي ِو » أخرجو ابن ماجو ‪.‬‬ ‫ّْسيَا َف ‪َ ،‬وَما ْ‬ ‫َوالن ْ‬

‫ثانيا ‪ :‬دبا أف أحكاـ التلفظ بالكفر ترتفع باإلكراه ‪ ،‬فما دونو كاإلكراه على اإلفطار يف هنار‬ ‫رمضاف ارتفاع أحكامو من باب أوىل ‪ ،‬ما داـ القلب مطمئناً باإليباف كارىاً للمعصية ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪:‬‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ​ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ص ْدراً‬ ‫{ َم ْن َك َفَر بِاللَّو م ْن بَػ ْعد إِيبَانو إَِّال َم ْن أُ ْك ِرَه َوقَػ ْلبُوُ ُمطْ َمئ ّ​ّن بِ ْاأليبَاف َولَك ْن َم ْن َشَر َح بِالْ ُك ْف ِر َ‬ ‫ِ‬ ‫فَػعلَي ِهم َغض ِ ِ‬ ‫يم } ‪.‬‬ ‫ب م َن اللَّو َوَؽبُ ْم َع َذ ٌ‬ ‫َْ ْ َ ٌ‬ ‫اب َعظ ٌ‬ ‫فمن تلفظ بالكفر ُمكرىاً ال يكفر ‪ ،‬و ال تلزمو أحكاـ الكفر ‪ ،‬فكذلك من أُكره على الفطر ال‬ ‫يَفطر ‪ ،‬و ال تلزمو أحكاـ الفطر ‪ ،‬كالقضاء و غَته ‪.‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬أف اإلكراه ينعدـ فيو االختيار ‪ ،‬وىو أشد من النسياف ‪ ،‬و من نسي فأكل أو شرب فإنو‬

‫ال يفطر ‪ ،‬فاإلكراه من باب أوىل ‪.‬‬ ‫قاؿ ابن عثيمُت رضبو اهلل تعاىل ‪ ( :‬فمن أُكره على شيء من اؼبفطرات ‪ ،‬ففعل فبل إُث عليو ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ت قُػلُوبُ ُك ْم َوَكا َف اللَّوُ َغ ُفوراً َّرِحيماً } وألف اهلل‬ ‫وصيامو صحيح ‪ ،‬لقولو تعاىل ‪َ { :‬ولَكن َّما تَػ َع َّم َد ْ‬ ‫٘ٗ‬


‫رفع حكم الكفر عمن أكره عليو ‪ ،‬فما دونو من باب أوىل ‪ .‬ولقولو صلى اهلل عليو وسلم‪ُ « :‬رفِ َع‬ ‫استُ ْك ِرُىوا َعلَْي ِو » ) فتاوى الشيخ ابن عثيمُت ( ‪. ) ٕٛٓ /ٜٔ‬‬ ‫َع ْن أ َُّم ِيت ْ‬ ‫ّْسيَا ُف ‪َ ،‬وَما ْ‬ ‫اػبَطَأُ ‪َ ،‬والن ْ‬ ‫للمكره على اإلفطار أف يًتخص بالفطر ‪ ،‬ودبجرد ما يزوؿ اإلكراه عنو يلزمو أف‬ ‫واػببلصة ‪ :‬هبوز ُ‬ ‫ُيبسك ‪ ،‬ويتم صومو ‪ ،‬وال إُث عليو ‪ ،‬وال قضاء عليو ‪ ،‬فإف قضى احتياطاً فهو أفضل لو خروجاً من‬ ‫اػببلؼ ‪.‬‬ ‫اللهم أعنا على الصياـ ‪ ،‬والقياـ ‪ ،‬وغض البصر‪ ،‬وحفظ اللساف ‪ ،‬وأعنا على اعبهاد يف سبيلك‬ ‫لدحر الكفر وإسقاط النظاـ ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪ٗٙ‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 21‬أم وأطفالها اضطروا لالختباء بالحمام بسبب هجوم الشبٌحة‬ ‫على البٌت ‪ ,‬فهل ٌجوز لها الدعاء بصوت مسموع داخل الحمَّام أو قراءة القرآن ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫األصل أف ذكر اهلل سبحانو و تعاىل مشروع يف كل مكاف إال يف بيت اػببلء حيث يكره فيو‬ ‫ذلك ‪.‬‬ ‫االقتصار‬ ‫وعليو فإف كاف اؼبقصود باغبماـ مكاف قضاء اغباجة ‪ ،‬فيحسن باألـ اؼبضطرة للبقاء فيو‬ ‫ُ‬ ‫على الذكر بالقلب ‪.‬‬ ‫وإف احتاجت للذكر بصوت مسموع ‪ ،‬خاصة مع وجود اػبوؼ والقلق وحاجتها لتسكُت خوفها‬ ‫و خوؼ أوالدىا ‪ ،‬وااللتجاء إىل اهلل يف ىذه الكربة ‪ ،‬فبل كراىة يف ذلك ألف اغباجة ترفع الكراىة ‪،‬‬ ‫ال سيّما أف دخوؽبا اغبماـ إمبا ىو لضرورة االختباء ‪ ،‬فأشبهت من ُحبِس يف اغبماـ ‪ ،‬فلو أف يذكر‬ ‫اهلل ‪ ،‬ويصلي ‪ ،‬ويقرأ القرآف ‪ ،‬وما ال غٌت ؼبسلم عنو ‪.‬‬ ‫وإف كاف اؼبقصود باغبماـ مكاف االغتساؿ فبل بأس بذلك ‪ ،‬سواء وجدت اغباجة أـ ال ‪.‬‬ ‫وأما إف كاف مكاف االغتساؿ مشتمبلً على مكاف لقضاء اغباجة ‪ ،‬فينبغي االبتعاد عنو قدر‬ ‫استَطَ ْعتُ ْم } ‪.‬‬ ‫اؼبستطاع ‪ ،‬كما قاؿ تعاىل ‪ { :‬فَاتَّػ ُقوا اللَّوَ َما ْ‬ ‫ويف ظل الظروؼ واألوضاع الصعبة اليت نعيشها اليوـ يف سوريا يتأكد على اؼبسلمُت أف يكثروا يف‬ ‫كل أحواؽبم من ذكر اهلل والدعاء بالنصر والفرج لتنزؿ عليهم السكينة ويرفع الببلء ‪.‬‬ ‫اللهم يا كاشفاً لكل بلوى ‪ ،‬ويا سامعاً كل شكوى ‪ ،‬نشكو إليك ما أَلَّ بنا وبأىلنا يف شامنا‬ ‫اغببيب ‪ ،‬اللهم فأمدنا ٍ‬ ‫دبدد من عندؾ ‪ ،‬وانصرنا على عدوؾ وعدونا يا رب العاؼبُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪ٗ7‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 22‬امرأة تسؤل ‪:‬‬ ‫هل ٌجوز لً إٌواء المتظاهرٌن أو المجاهدٌن فً بٌتً مإقتا فً وقت إطالق‬ ‫الرصاص بدون وجود محرم لً حماٌة لهم من رصاص األمن ‪ ,‬علما أن‬ ‫أطفالً موجودون معنا فً البٌت ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫ربرـ خلوة الرجل باؼبرأة من غَت ؿبرـ ‪ ،‬كما روى ابن عباس رضي اهلل عنهما عن النِب صلى اهلل‬ ‫عليو وسلم قاؿ ‪َ « :‬ال َىبْلَُو َّف َر ُج ٌل بِ ْامَرأَةٍ إَِّالَ َم َع ذُي َْؿبَرٍـ » متفق عليو‪.‬‬ ‫وعليو فإذا كانت اؼبرأة ستُدخل ؾبموعة من اؼبتظاىرين أو آّاىدين دفعة واحدة فقد انتفت‬ ‫اػبلوة احملرمة خاصة مع وجود األطفاؿ ‪ ،‬وال مانع حينئذ من إيوائهم مؤقتاً حرصاً على حياهتم ‪ ،‬بل‬ ‫قد هبب عليها ذلك ‪.‬‬ ‫رجبلً واحداً ‪-‬قد ربقق اػبطر على حياتو‪ -‬لتحميو جاز ؽبا أف تُدخلو ؛‬ ‫وأما إف كانت ستُدخل ُ‬ ‫ألف الضرورات تبيح احملظورات ‪ ،‬وليست حالة الضرورة كحالة عدمها ‪.‬‬ ‫وهبب على اؼبرأة يف ىذا كلو أف تتقي اهلل سبحانو ما استطاعت ‪ ،‬وأف تلتزـ باغبجاب الشرعي‬ ‫أمامهم ‪.‬‬ ‫وينبغي ؽبا أف زبرب زوجها أو ؿبرمها بأهنا قد تقوـ دبثل ىذا الفعل دفعاً للشبهة عن نفسها ‪.‬‬ ‫اللهم اسًت عوراتنا ‪ ،‬وآمن روعاتنا ‪ ،‬وانصرنا على من بغى علينا ‪ ،‬يا قوي يا متُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪ٗ3‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 23‬قُتل رج ٌل من ؼٌر المسلمٌن ‪ ,‬وهو ٌحارب إلسقاط طاؼٌة‬ ‫الشام ‪ ,‬فهل ٌُمكن اعتباره شهٌدا ؟‬ ‫وهل ٌجوز تعزٌة أهله أو الترَّ حم علٌه ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫الشهيد لغة ‪ :‬اغباضر ‪.‬‬ ‫قاؿ ابن األنباري ‪ :‬ظبي الشهيد شهيداً ؛ ألف اهلل ومبلئكتو شهدوا لو باعبنة‪.‬‬ ‫وقيل ‪ :‬ألنو يكوف شهيدا على الناس بأعماؽبم ‪ .‬و قيل غَت ذلك ‪.‬‬ ‫والشهيد اصطبلحاً ‪ :‬ىو القتيل يف سبيل اهلل تعاىل من اؼبسلمُت يف قتاؿ الكفار وغَتىم ‪.‬‬ ‫ويُلحق بو يف أمور اآلخرة أنواع أخرى من اؼبوت ‪.‬‬ ‫أما من قُتِل من غَت اؼبسلمُت ‪ ،‬فبل يُطلَق عليو وصف الشهادة لسببُت ‪:‬‬

‫األول ‪ :‬أف اإلسبلـ منتف عنهم ‪ ،‬واإلسبلـ شرط لقبوؿ صبيع العبادات ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪َ { :‬وَم ْن‬ ‫ِ ِ‬ ‫اآلخرةِ ِمن ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين }‪ ،‬ولذلك قاؿ تعاىل ‪ { :‬إِ َّف‬ ‫يَػْبتَ ِغ َغْيػَر ا ِإل ْسبلـ ديناً فَػلَ ْن يػُ ْقبَ َل مْنوُ َوُى َو ِيف َ ْ‬ ‫اػبَاس ِر َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُت أَن ُف َس ُه ْم َوأ َْم َوا َؽبُ ْم بِأ َّ‬ ‫اعبَنَّةَ يػُ َقاتِلُو َف ِيف َسبِ ِيل اللَّ ِو فَػيَػ ْقتُػلُو َف َويػُ ْقتَػلُو َف }‪.‬‬ ‫َف َؽبُ ْم ْ‬ ‫اللَّوَ ا ْشتَػَرى م ْن الْ ُم ْؤمن َ‬ ‫الثاني ‪ :‬أف لقب الشهادة وصف شرعي لو شروطو وأحكامو يف الدنيا واآلخرة ‪ ،‬فبل هبوز إطبلقو‬ ‫على كل مقتوؿ كيفما اتفق ‪ ،‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬إِنَّوُ َال يَ ْد ُخل ْ َِّ‬ ‫س‬ ‫اعبَنَّةَ إال نَػ ْف ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُم ْسلِ َمةٌ » متفق عليو ‪.‬‬ ‫لذا ال هبوز إطبلؽ وصف الشهيد على القتيل من غَت اؼبسلمُت ‪.‬‬ ‫وهبوز تعزية أىل اؼبيت من غَت اؼبسلمُت على الصحيح من أقواؿ أىل العلم إف كاف وبقق‬ ‫اؼبقصود من التعزية يف تأليفهم وتقريبهم لئلسبلـ أو غَت ذلك من اؼبقاصد اؼبشروعة ‪.‬‬ ‫ومن األلفاظ اليت ذكرىا العلماء يف تعزية الكافر ‪ ":‬أخلف اهلل عليك "‪ ،‬و" جرب اهلل مصيبتك‬ ‫خبَت "‪ ،‬و" أحسن اهلل لك اػبلف خبَت "‪ ،‬وما أشبهو من الكبلـ الطيب ‪.‬‬ ‫‪ٗ1‬‬


‫وال هبوز الًتحم أو االستغفار للمقتوؿ من غَت اؼبسلمُت ‪ ،‬قاؿ تعاىل‪ { :‬ما َكا َف لِلنِ َّ ِ‬ ‫ين َآمنُوا أَ ْف‬ ‫ّْ‬ ‫َ‬ ‫َِّب َوالذ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫اعبَ ِحي ِم }‪.‬‬ ‫اب ْ‬ ‫ُت َولَْو َكانُوا أ ُْوِيل قُػْرَ​َب م ْن بَػ ْعد َما تَػبَػ َّ َ‬ ‫يَ ْستَػ ْغفُروا ل ْل ُم ْش ِرك َ‬ ‫ُت َؽبُ ْم أَنػَّ ُه ْم أ ْ‬ ‫َص َح ُ‬ ‫قاؿ القرطِب رضبو اهلل ‪ ( :‬تضمنت قطع مواالة الكفار حيهم وميتهم فإف اهلل َل هبعل للمؤمنُت‬ ‫أف يستغفروا للمشركُت فطلب الغفراف للمشرؾ فبا ال هبوز ) اعبامع (‪.)ٖٔٚ /ٛ‬‬ ‫وقد أصبع العلماء على ذلك ‪ ،‬قاؿ النووي رضبو اهلل تعاىل ‪ ( :‬الصبلة على الكافر ‪ ،‬والدعاء لو‬ ‫بنص القرآف واإلصباع ) آّموع (٘‪. )ٔٗ​ٗ /‬‬ ‫باؼبغفرة حراـ ‪ّ ،‬‬ ‫وقاؿ ابن تيمية رضبو اهلل ‪ ( :‬فإف االستغفار للكفار ال هبوز بالكتاب والسنَّة واإلصباع ) الفتاوى‬ ‫(ٕٔ‪. )ٜٗٛ /‬‬ ‫** تنبيهات ‪:‬‬ ‫األول ‪ :‬هبوز إطبلؽ تسميات أخرى على من قُتل من أنصار الثورة من غَت اؼبسلمُت ‪ ،‬كأف‬ ‫يقاؿ عنهم ‪ :‬ثوار أو ناشطوف أو مقاوموف و غَت ذلك فبا يبُت مكانتهم يف الدنيا ‪.‬‬ ‫ستحب أف يُشكر ىؤالء الثوار من غَت اؼبسلمُت لقتاؽبم العصابات األسدية آّرمة ‪ ،‬و‬ ‫الثاني ‪ :‬يُ َ‬ ‫أف يكافئوا على صنيعهم وحسن ببلئهم ‪.‬‬ ‫الثالث ‪ :‬يف ظل األحداث اليت نعيشها اليوـ يف سوريا توجد فرص عظيمة لدعوة غَت اؼبسلمُت‬ ‫لئلسبلـ ‪ ،‬فينبغي أف يتعامل آّاىد مع الناس بأخبلؽ اإلسبلـ ‪ ،‬ويطبقها واقعاً يف حياتو ‪،‬‬ ‫ويضرب أمثلة عالية من القدوة يف اإليثار والتكافل والتعاوف وغَت ذلك من األخبلؽ اإلسبلمية ‪.‬‬ ‫وقد تناىى ؼبسامعنا قصص عديدة ‪ ،‬منها قصة أحد الثائرين من نصارى ضبص‪ ،‬حيث اختلط‬ ‫ىذا النصراٍلّ بآّاىدين ‪ ،‬ورأى حسن أخبلقهم و طيب فعاؽبم وثباهتم ‪ ،‬فأعلن إسبلمو على اؼبؤل‬ ‫‪ُ ،‬ث ما لبث أف استشهد على أيدي عصابات اإلجراـ بعد نصف ساعة من إسبلمو وَل يكن قد‬ ‫سجد هلل سجدة ‪.‬‬ ‫اللهم وفّق غَت اؼبسلمُت للدخوؿ يف اإلسبلـ ‪ ،‬و ارزقنا شهادة صادقة يف سبيلك ‪ ،‬واجعلها‬ ‫خالصة لوجهك ‪ ،‬وسبباً ؼبرافقة نبيك صلى اهلل عليو وسلم يف أعلى عليُت من اعبنة ‪ ،‬مع النبيُت‬ ‫والصديقُت غَت فاتنُت وال مفتونُت يا أرحم الراضبُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٓ٘‬


‫فتىي ( ‪ :) 24‬سائل ٌقول ‪ :‬فً بداٌة الثورة أقسم بعض المتظاهرٌن على أن‬ ‫تبقى ثورتهم سلمٌة ‪ ,‬فهل ٌلزمهم كفارة بعد أن التحقوا بكتائب المجاهدٌن‬ ‫المقاتلة للعصابات األسدٌة ؟‬ ‫وما هً كفارة الٌمٌن ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫إف جهادنا وقتالنا اآلف يف سوريا ىو جهاد دفع ضد العصابات األسدية اليت اعتدت الدين‬ ‫واألنفس واألمواؿ واألعراض ‪.‬‬ ‫ضع ِفُت ِ‬ ‫قاؿ اهلل تعاىل ‪ { :‬وما لَ ُكم َال تُػ َقاتِلُو َف ِيف سبِ ِيل اللَّ ِ‬ ‫الرج ِ‬ ‫ّْس ِاء َوالْ ِولْ َد ِاف‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫اؿ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫ْ‬ ‫ّْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫الَّ ِذين يػقولُو َف ربػَّنا أَخ ِرجنا ِمن ى ِذهِ الْقري ِة الظَّ ِ‬ ‫اَل أَىلُها واجعل لَنا ِمن لَدنْك ولِ‬ ‫اج َع ْل لَنَا ِم ْن‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫َ َُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫َ َ ْ ْ َ ْ َ َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َْ ْ‬ ‫ك نَ ِ‬ ‫ص ًَتا }‪.‬‬ ‫لَ ُدنْ َ‬ ‫قاؿ ابن تيمية رضبو اهلل ‪ ( :‬فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا ال شيء أوجب بعد اإليباف‬ ‫شًتط لو شرط ‪ ،‬بل يُدفع حبسب اإلمكاف ‪ ،‬وقد نص على ذلك العلماء أصحابنا‬ ‫من دفعو ‪ ،‬فبل يُ َ‬ ‫وغَتىم ) الفتاوى الكربى (ٗ‪.)ٙٓٛ /‬‬ ‫وعليو فمن كاف قادراً على ضبل السبلح يلزمو اغبنث ّٔذا اليمُت ‪ ،‬وال إُث عليو يف ذلك ؛ ألف يف‬ ‫ىذا اليمُت تركاً لواجب ربرير الببلد والعباد من كفرىم وظلمهم والذود عن اغبرمات ‪.‬‬ ‫ف َعلَى‬ ‫ومن حنث بيمينو تلزمو كفارة اليمُت ‪ ،‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪َ (( :‬م ْن َحلَ َ‬ ‫ُت ‪ ،‬فَػرأَى َغيػرىا خيػرا ِمْنػها ‪ ،‬فَػ ْليأْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت الَّ ِذي ُى َو َخْيػٌر َولْيَْتػُرْؾ َيبِينَوُ )) رواه مسلم ‪.‬‬ ‫َيب ٍ َ ْ َ َ َ ْ ً َ‬ ‫َ‬ ‫اح َفظُوا‬ ‫وال ينبغي للمسلم أف يتسرع يف حلف اليمُت ‪ ،‬وال أف يُكثر منو ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪َ { :‬و ْ‬ ‫أَْيبَانَ ُك ْم } ‪.‬‬ ‫وأما كفارة اليمُت فقد بيَّنها اهلل تعاىل بقولو ‪ { :‬ال يػؤ ِ‬ ‫اخ ُذ ُك ُم اللَّوُ بِاللَّ ْغ ِو ِيف أَْيبَانِ ُك ْم َولَكِ ْن‬ ‫َُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُت ِم ْن أ َْو َس ِط َما تُطْعِ ُمو َف أ َْىلِي ُك ْم أ َْو‬ ‫يػُ َؤاخ ُذ ُك ْم دبَا َع َّق ْد ُ​ُتُ األَْيبَا َف فَ َك َّف َارتُوُ إِطْ َع ُاـ َع َشَرةِ َم َساك َ‬ ‫ٔ٘‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫كِسوتُػهم أَو َْرب ِرير رقَػب ٍة فَمن َ​َل َِهب ْد فَ ِ‬ ‫اح َفظُوا أَْيبَانَ ُك ْم‬ ‫صيَ ُاـ ثَبلثَِة أَيَّ ٍاـ ذَل َ‬ ‫ك َك َّف َارةُ أَْيبَان ُك ْم إِذَا َحلَ ْفتُ ْم َو ْ‬ ‫َْ ُ ْ ْ ُ َ َ َ ْ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُت اللَّوُ لَ ُك ْم آيَاتِ​ِو لَ َعلَّ ُك ْم تَ ْش ُكُرو َف } ‪.‬‬ ‫َك َذل َ‬ ‫ك يػُبَػ ّْ ُ‬ ‫فيخَت اإلنساف بُت ثبلثة أمور ‪:‬‬

‫‪ -1‬إطعاـ عشرة مساكُت من أوسط ما يطعم أىلو ‪ ،‬فيعطي كل مسكُت نصف صاع من‬ ‫غالب طعاـ البلد ‪ ،‬ولو صبع عشرة مساكُت فأطعمهم غداء أو عشاء كفاه ‪.‬‬ ‫‪ -2‬كسوة عشرة مساكُت ‪ ،‬فيكسو كل مسكُت كسوة تصلح لصبلتو ‪ ،‬فللرجل قميص (ثوب)‬

‫أو إزار ورداء ‪ ،‬وللمرأة ثوب سابغ وطبار ‪.‬‬

‫‪ -3‬ربرير رقبة مؤمنة ‪.‬‬ ‫فمن َل هبد شيئاً من ذلك‪ ،‬صاـ ثبلثة أياـ ‪.‬‬ ‫وال هبب يف صياـ األياـ الثبلثة يف كفارة اليمُت أف تكوف متتابعة ‪ ،‬فلو صامها متفرقة أجزأ ذلك‬ ‫عنو ‪ ،‬إلطبلؽ قوؿ اهلل تعاىل ‪ { :‬فَمن َ​َل َِهب ْد فَ ِ‬ ‫صيَ ُاـ ثَبلثَِة أَيَّ ٍاـ ‪ ،}...‬فلم يقيّْدىا بالتتابع ‪.‬‬ ‫َْ ْ‬ ‫الصوـ لِلثَّبلثَِة األَيَّ ِاـ متَػ َفّْرقٍَة إ ْف َشاء ‪ -‬وىو قَػو ُؿ مالِ ٍ‬ ‫ك‪،‬‬ ‫قاؿ ابن حزـ رضبو اهلل ‪َ ( :‬وُْهب ِز ُ‬ ‫ئ َّ ْ ُ‬ ‫َ ََُ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫اىل تَػتَابػعا ِ‬ ‫والشَّافِعِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َجَزأَهُ ) احمللى (‪)ٖٗ٘ /ٙ‬‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ف‬ ‫ػ‬ ‫ي‬ ‫ك‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫يق‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ػ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ػ‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ص‬ ‫ىب‬ ‫َل‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫‪...‬‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّْ‬ ‫ُ‬ ‫ص َام ُه َّن أ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫وصبهور العلماء على أنو ال هبزئ إخراج الكفارة نقوداً و ىو الصحيح ‪ ،‬قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل‬ ‫ئ يف الكفارة إِخراج قيمة الطعاـ وال الكسوة ‪ ،‬ألف اهلل ذكر الطعاـ فبل وبصل التكفَت‬ ‫‪ ( :‬ال ُْهب ِز ُ‬ ‫بغَته ‪ ،‬وألف اهلل َخيَّػَر بُت الثبلثة أشياء ولو جاز دفع القيمة َل يكن التَ ْخيَِتُ منحصراً يف ىذه‬ ‫الثبلث ‪ ) ...‬اؼبغٍت (ٔ​ٔ‪.)ٕ٘ٙ /‬‬

‫اللهم وفّق اؼبسلمُت يف سوريا ؼبا ربب وترضى ‪ ،‬وخذ بناصيتهم للرب والتقوى ‪ ،‬وىيئ ؽبم أمر‬ ‫هدى فيو أىل معصيتك ‪ ،‬ويُهلَك فيو أعداؤؾ ‪ ،‬يا ذا اعببلؿ‬ ‫رشد يػُ َعز فيو أىل طاعتك ‪ ،‬ويُ َ‬ ‫واإلكراـ ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٕ٘‬


‫فتىي ( ‪ :) 25‬هل صالة الخوؾ مشروعة ؟‬ ‫وما هً صفاتها ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫الصبلة عماد الدين ‪ ،‬وصلة بُت العبد و ربو ‪ ،‬وقد فرضها اهلل على اؼبسلمُت يف صبيع أحواؽبم ‪،‬‬ ‫حىت يف وقت اغبرب ‪ ،‬لعِ‬ ‫وعلو شأهنا ‪ ،‬فأُمروا بتأديتها رغم اػبوؼ الشديد واػبشية‬ ‫‪،‬‬ ‫أمرىا‬ ‫ظم‬ ‫ّ‬ ‫على األنفس ‪.‬‬ ‫وؼبا كانت تأدية الصبلة بأركاهنا وشروطها يف حالة اغبرب واػبوؼ الشديد فيها صعوبة بالغة ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فقد شرع اهلل لعباده "صبلة اػبوؼ"‪ ،‬رضبة ّٔم ‪ ،‬ورخصة وتيسَتاً ؽبم ‪ ،‬ودفعاً للمشقة عنهم ‪ ،‬قاؿ‬ ‫تعاىل ‪ { :‬وإِذَا ُكْن ِ‬ ‫َسلِ َحتَػ ُه ْم فَِإذَا‬ ‫ت َؽبُ ُم َّ‬ ‫الص َبلةَ فَػ ْلتَػ ُق ْم طَائَِفةٌ ِمْنػ ُه ْم َم َع َ‬ ‫ت في ِه ْم فَأَقَ ْم َ‬ ‫َ‬ ‫ك َولْيَأْ ُخ ُذوا أ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك َولْيَأْ ُخ ُذوا ِح ْذ َرُى ْم‬ ‫صلُّوا َم َع َ‬ ‫َس َج ُدوا فَػ ْليَ ُكونُوا م ْن َوَرائ ُك ْم َولْتَأْت طَائ َفةٌ أ ْ‬ ‫صلُّوا فَػ ْليُ َ‬ ‫ُخَرى َ​َلْ يُ َ‬ ‫وأَسلِحتَػهم وَّد الَّ ِذين َك َفروا لَو تَػ ْغ ُفلُو َف عن أَسلِحتِ ُكم وأَمتِعتِ ُكم فَػي ِميلُو َف علَي ُكم ميػلَةً و ِ‬ ‫اح َدةً َوَال‬ ‫َْ ْ َ ْ َْ َ ْ َ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫َ ْ ْ َْ َ‬ ‫َ ْ َ ُْ َ‬ ‫ِ‬ ‫َسلِ َحتَ ُك ْم َو ُخ ُذوا ِح ْذ َرُك ْم إِ َّف‬ ‫ضى أَ ْف تَ َ‬ ‫اح َعلَْي ُك ْم إِ ْف َكا َف بِ ُك ْم أَ ًذى م ْن َمطَ ٍر أ َْو ُكْنتُ ْم َمْر َ‬ ‫ضعُوا أ ْ‬ ‫ُجنَ َ‬ ‫اللَّو أ ِ ِ‬ ‫ين َع َذابًا ُم ِهينًا } ‪.‬‬ ‫َ َ‬ ‫َع َّد ل ْل َكاف ِر َ‬ ‫وقد ثبت أف النِب صلى اهلل عليو وسلم صلى بأصحابو صبلة اػبوؼ مرات عديدة وحباالت‬ ‫متنوعة ‪.‬‬ ‫** حالت صالة الخوف ‪:‬‬

‫الحالة األولى ‪ :‬إذا كاف العدو رابضاً يف جهة القبلة من غَت قتاؿ ‪.‬‬ ‫يص ُّ‬ ‫ف األمَت آّاىدين كلهم خلفو ‪ ،‬ويكرب ويكربوف صبيعاً‬ ‫يف ىذه اغبالة إذا كانت الصبلة ثنائية ُ‬ ‫‪ُ ،‬ث يركع فَتكعوف صبيعاً ‪ُ ،‬ث يرفع ويرفعوف صبيعا معو ‪ُ ،‬ث ينحدر بالسجود والصف الذي يليو‬ ‫خاصة ‪ ،‬ويقوـ الصف اؼبؤخر مواجو العدو ‪ ،‬فإذا فرغ من الركعة األوىل ‪ ،‬وهنض إىل الثانية ‪ ،‬سجد‬ ‫الصف اؼبؤخر بعد قيامو سجدتُت ‪ُ ،‬ث قاموا ‪ ،‬فتقدموا إىل مكاف الصف األوؿ ‪ ،‬وتأخر الصف‬ ‫ٖ٘‬


‫األوؿ مكاهنم لتحصل فضيلة الصف األوؿ للطائفتُت ‪ ،‬وليدرؾ الصف الثاٍل مع اإلماـ السجدتُت‬ ‫يف الركعة الثانية ‪ ،‬كما أدرؾ الصف األوؿ معو السجدتُت يف األوىل ‪ ،‬فتستوي الطائفتاف فيما أدركوا‬ ‫معو ‪ ،‬وفيما قضوا ألنفسهم ‪ ،‬وذلك غاية العدؿ ‪ ،‬فإذا ركع صنع الطائفتاف كما صنعوا أوؿ مرة ‪،‬‬ ‫فإذا جلس للتشهد ‪ ،‬سجد الصف اؼبؤخر سجدتُت ‪ ،‬وغبقوه يف التشهد ‪ ،‬فيسلم ّٔم صبيعاً ‪.‬‬ ‫أما يف الصبلة الثبلثية والرباعية فيتم التبادؿ بُت الصفُت بعد الركعة الثانية ‪ ،‬وليس بعد الركعة‬ ‫األوىل ‪ ،‬ويفعلوف ما فعلوا يف الركعتُت األوىل و الثانية ‪.‬‬ ‫وىذه الصفة قد رواىا مسلم يف صحيحو عن جابر رضي اهلل عنو عن النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪.‬‬ ‫الحالة الثانية ‪ :‬إذا كاف العدو منتشراً يف غَت جهة القبلة من غَت قتاؿ ‪.‬‬ ‫وصفات الصبلة فيها ‪:‬‬

‫* الصفة األولى ‪ :‬يقسم اإلماـ أصحابو إىل طائفتُت ‪ :‬طائفة ذباه العدو وطائفة تصلي معو ‪،‬‬ ‫فيصلي بإحدى الطائفتُت ركعة إف كانت ثنائية ‪ ،‬وركعتُت إف كانت ثبلثية أو رباعية ‪ُ ،‬ث تنصرؼ‬ ‫قبل أف تسلم وىي يف صبلهتا إىل مكاف الطائفة األخرى ‪ُ ،‬ث تأيت الطائفة األخرى إىل مكاف ىذه‬ ‫خلف اإلماـ ‪ ،‬فتصلي معو الركعة الثانية إف كانت صبلة ثنائية ‪ ،‬والثالثة والرابعة إف كانت صبلة‬ ‫ثبلثية أو رباعية ‪ُ ،‬ث يسلم وحده ‪ ،‬وتقضي كل طائفة ما فاهتا ‪.‬‬ ‫وىذه ىي الصفة اؼبوافقة ؼبا ورد يف القرآف ‪ ،‬ورواىا البخاري يف صحيحو عن ابن عمر رضي اهلل‬ ‫عنهما ‪.‬‬

‫* الصفة الثانية ‪ :‬يقسم اإلماـ أصحابو إىل طائفتُت ‪ ،‬فيصلي اإلماـ بكل طائفة صبلة منفردة ‪،‬‬ ‫ويسلم بينما تكوف الطائفة األخرى تقف ذباه العدو ربرس ‪.‬‬ ‫و روى ىذه الصفة أبو داود عن أيب بكرة رضي اهلل عنو ‪.‬‬ ‫قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل ‪ ( :‬وىذه صفة حسنة قليلة الكلفة ال وبتاج فيها إىل مفارقة اإلماـ ‪ ،‬وال‬ ‫إىل تعريف كيفية الصبلة‪ ،...‬وليس فيها أكثر من أف اإلماـ يف الثانية متنفل يؤـ مفًتضُت ) اؼبغٍت‬ ‫(ٖ‪.)ٖٖٔ /‬‬

‫ٗ٘‬


‫* الصفة الثالثة ‪ :‬يقسم اإلماـ أصحابو إىل طائفتُت فيصلي بإحدى الطائفتُت ركعتُت ‪ ،‬فتسلم‬

‫قبلو ‪ ،‬وتأيت الطائفة األخرى ‪ ،‬فيصلي ّٔم الركعتُت األخَتتُت‪ ،‬ويسلم ّٔم‪ ،‬فتكوف لو أربعاً ‪ ،‬وؽبم‬ ‫ركعتُت ركعتُت ‪.‬‬ ‫و روى ىذه الصفة البخاري ومسلم من حديث جابر رضي اهلل عنو ‪.‬‬ ‫وال تكوف ىذه الصفة إال يف الصبلة اؼبقصورة ‪.‬‬

‫* الصفة الرابعة ‪ :‬يَقسم اإلماـ أصحابو إىل طائفتُت ‪ ،‬فيصلي بإحدى الطائفتُت ركعة ‪ُ ،‬ث يقوـ‬

‫إىل الركعة الثانية ‪ ،‬وتصلي ىي ركعة وىو واقف ‪ ،‬وتسلم قبل ركوعو ‪ ،‬وتأيت الطائفة األخرى‪،‬‬ ‫فتصلي معو الركعة الثانية ‪ ،‬فإذا جلس يف التشهد قامت فقضت ركعة وىو ينتظرىا يف التشهد ‪ ،‬فإذا‬ ‫تشهدت يسلم ّٔم ‪.‬‬ ‫روى ىذه الصورة البخاري و مسلم عن صاحل بن خوات‪ ،‬عمن صلى مع رسوؿ اهلل صلى اهلل‬ ‫عليو وسلم ‪.‬‬ ‫ىذا إف كانت الصبلة ثنائية أما إف كانت ثبلثية أو رباعية فيصلي بالطائفة األوىل ركعتُت و‬ ‫تكمل الصبلة بنحو ما ذكرنا ‪.‬‬ ‫* الصفة الخامسة ‪ :‬يَقسم اإلماـ أصحابو إىل طائفتُت ‪ ،‬فيصلي بإحدى الطائفتُت ركعة ‪،‬‬ ‫فتذىب وال تقضي شيئاً ‪ ،‬وذبيء األخرى فيصلي ّٔم ركعة‪ ،‬وال تقضي شيئاً ‪ ،‬فيكوف لئلماـ ركعتاف‬ ‫‪ ،‬وللمأمومُت ركعة ركعة ‪.‬‬ ‫و روى ىذه الصفة أبو داود وغَته عن حذيفة بن اليماف رضي اهلل عنو عن النِب صلى اهلل عليو‬ ‫وسلم وعن غَته من الصحابة ‪.‬‬ ‫و أكثر أىل العلم على عدـ العمل ّٔذه الصفة ‪.‬‬ ‫الحالة الثالثة ‪ :‬عندما يلتحم القتاؿ مع العدو ‪ ،‬وتتداخل الصفوؼ ‪ ،‬ويشتد اػبوؼ أو يف حالة‬ ‫اؽبرب من األعداء ‪.‬‬ ‫يف ىذه اغبالة ال تؤخر الصبلة ‪ ،‬بل يصلي آّاىدوف على حسب أحواؽبم ‪ ،‬ويومئوف إيباءً ‪،‬‬ ‫ويكوف اكبناؤىم للسجود أخفض من الركوع ‪ ،‬سواء كانوا مستقبلُت للقبلة أـ مستدبرين ؽبا ‪ ،‬وسواء‬ ‫ِ‬ ‫الصلَو ِ‬ ‫ات‬ ‫كانوا رجاالً على األقداـ أو ركبانًا على اػبيل واإلبل وغَتىا ‪ .‬قاؿ تعاىل‪َ :‬‬ ‫{حافظُواْ َعلَى َّ َ‬ ‫٘​٘‬


‫الصبلَةِ الْوسطَى وقُ ِ ِ ِ​ِ‬ ‫ُت‪ ،‬فَإ ْف ِخ ْفتُ ْم فَ ِر َجاالً أ َْو ُرْكبَانًا فَِإذَا أ َِمنتُ ْم فَاذْ ُكُرواْ اللَّوَ َك َما َعلَّ َم ُكم‬ ‫ومواْ للَّو قَانت َ‬ ‫و َّ ُ ْ َ ُ‬ ‫َّما َ​َلْ تَ ُكونُواْ تَػ ْعلَ ُمو َف }‪.‬‬ ‫قاؿ ابن كثَت رضبو اهلل ‪ ( :‬فإف خفتم فرجاالً أو ركبانًا" أي فصلوا على أي حاؿ كاف ‪ :‬رجاالً أو‬ ‫ركبانًا‪ ،‬يعٍت مستقبلي القبلة وغَت مستقبليها ) تفسَت ابن كثَت (ٔ‪.)ٙ٘ٙ /‬‬ ‫رخص بعض أىل العلم بتأخَت الصبلة عند اشتداد القتاؿ إذا َل يستطع آّاىدوف أف يعقلوا‬ ‫وقد ّ‬ ‫صبلهتم إىل الفراغ من التحاـ القتاؿ ‪ ،‬واألوىل أف يصلي آّاىدوف الصبلة لوقتها حبسب‬ ‫استطاعتهم وال يؤخروا الصبلة ‪.‬‬ ‫** وننبو إىل عدة أمور ‪:‬‬

‫• ذبوز الصبلة بأي حالة ثبتت عن النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪ ،‬قاؿ اإلماـ أضبد ‪ ( :‬كل‬ ‫حديث صح يف صبلة اػبوؼ هبوز العمل بو ) اؼبغٍت (ٖ‪.)ٖٔ​ٔ /‬‬ ‫• على اإلماـ أف ىبتار من اغباالت ما ىو أنسب للحاؿ والواقع ‪ ،‬ربقيقاً للمصلحة ‪ ،‬مع‬ ‫كماؿ التحفظ واالحًتاس من العدو ‪.‬‬ ‫ص َ ِ‬ ‫صلَّى اللَّو َعلَْي ِو َو َسلَّ َم ِيف أَيَّاـ ـبُْتَلِ َفة ‪،‬‬ ‫صبلة ْ‬ ‫َِّب َ‬ ‫اػبَْوؼ أَنْػ َواع َ‬ ‫قاؿ اػبطايب رضبو اهلل ‪َ ( :‬‬ ‫بلىا الن ّ‬ ‫لصبلةِ ‪ ،‬وأَبػلَغ ِيف ِْ‬ ‫اسة ) معاَل السنن (ٔ‪/‬‬ ‫َح َوط لِ َّ‬ ‫َْ‬ ‫َوأَ ْش َكاؿ ُمتَبَايِنَة ‪ ،‬يَػتَ َحَّرى ِيف ُكلّ َها َما ُى َو أ ْ‬ ‫اغبَر َ‬ ‫ٖٕ٘)‪.‬‬ ‫• يُستحب أف وبمل آّاىدوف السبلح يف صبلة اػبوؼ ‪ ،‬لقولو تعاىل‪َ { :‬ولْيَأْ ُخ ُذوا ِح ْذ َرُى ْم‬ ‫َسلِ َحتَػ ُه ْم }؛ ألهنم ال يأمنوف أف يفجأىم عدوىم‪ ،‬فيميلوف عليهم‪ ،‬كما قاؿ اهلل تعاىل‪َ { :‬وَّد‬ ‫َوأ ْ‬ ‫الَّ ِذين َك َفروا لَو تَػ ْغ ُفلُو َف عن أَسلِحتِ ُكم وأَمتِعتِ ُكم فَػي ِميلُو َف علَي ُكم ميػلَةً و ِ‬ ‫اح َدةً }‪ ،‬فيحمل ما يدفع‬ ‫َْ ْ َ ْ َْ َ ْ َ‬ ‫َ ُ ْ‬ ‫َ ْ ْ َْ َ‬ ‫عن نفسو وال يثقلو وال يؤذي غَته ‪ ،‬وال يبنعو من إكماؿ السجود ‪.‬‬ ‫• ويف الوقت اغباضر ‪-‬وقد اختلفت الوسائل اغبربية واألسلحة‪ -‬إذا دعت الضرورة إىل‬ ‫الصبلة يف وقت ىباؼ فيو من العدو ‪ ،‬فإهنم يصلّوف صبلة أقرب ما تكوف إىل الصفات الواردة عن‬ ‫النِب صلى اهلل عليو وسلم إذا كانت الصفات الواردة عن النِب صلى اهلل عليو وسلم ال تتأتى ‪ ،‬لقوؿ‬ ‫استَطَ ْعتُ ْم } ‪.‬‬ ‫اهلل تعاىل‪ { :‬فَاتَّػ ُقوا اللَّوَ َما ْ‬ ‫‪٘ٙ‬‬


‫• صبلة اػبوؼ تؤدى يف اغبضر والسفر ‪ ،‬وتقصر يف السفر دوف اغبضر ‪ ،‬قاؿ ابن القيم رضبو‬ ‫اهلل ‪ ( :‬وكاف من ىديو صلى اهلل عليو وسلم يف صبلة اػبوؼ أف أباح اهلل سبحانو وتعاىل قصر‬ ‫أركاف الصبلة وعددىا إذا اجتمع اػبوؼ والسفر‪ ،‬وقصر العدد وحده إذا كاف سفر ال خوؼ معو‪،‬‬ ‫وقصر األركاف وحدىا إذا كاف خوؼ ال سفر معو ) زاد اؼبعاد (ٔ‪.)ٕٜ٘ /‬‬ ‫• من صلى صبلة اػبوؼ فأمن وىو يف الصبلة أسبها صبلة آمن ‪ ،‬وكذلك إف كاف آمنا فاشتد‬ ‫خوفو أسبها صبلة خائف ‪.‬‬ ‫علمنا ما ينفعنا ‪ ،‬وانفعنا دبا علمتنا ‪ ،‬وزدنا علماً يا كرَل ‪ ،‬وانصرنا على عدوؾ وعدونا يا‬ ‫اللهم ّ‬ ‫قوي يا متُت ‪.‬‬ ‫و اهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪٘7‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 26‬هل ٌجب على الالجئٌن السورٌ​ٌن إتمام الصالة فً مخٌماتهم ؟‬ ‫وهل تجب علٌهم صالة الجمعة ‪ ,‬مع العلم أنهم ٌرٌدون العودة إلى بلدهم عند‬ ‫زوال العصابة األسدٌة المتسلطة على سورٌا ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫ضَربْػتُ ْم ِيف األ َْر ِ‬ ‫ض‬ ‫أصبع الفقهاء على مشروعية قصر الصبلة يف السفر ‪ ،‬لقولو تعاىل ‪َ { :‬وإِ َذا َ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫فَػلَيس علَي ُكم جنَاح أَ ْف تَػ ْقصروا ِمن َّ ِ ِ ِ‬ ‫ين َك َفُروا } ‪.‬‬ ‫ْ َ َْ ْ ُ ٌ‬ ‫ُ​ُ ْ‬ ‫الصبلة إ ْف خ ْفتُ ْم أَ ْف يَػ ْفتنَ ُك ْم الذ َ‬ ‫واؼبسافر الذي يستطيع أف يًتخص برخص السفر من قصر للصبلة ‪ ،‬وصبع ؽبا ‪ ،‬وغَت ذلك من‬ ‫الرخص ‪ ،‬ىو من خرج من بلده مسافراً مسافة تعد سفراً عرفاً ‪.‬‬ ‫ويًتخص اؼبسافر برخص السفر ما َل ينو اإلقامة ‪.‬‬ ‫والبلجئوف السوريوف يف اؼبخيمات أو خارجها يف البلداف واؼبدف اليت عبؤوا إليها إذا ربقق شرط‬ ‫السفر اؼبعترب وَل ينووا اإلقامة ؛ فإهنم يأخذوف حكم اؼبسافر ‪ ،‬فبل ذبب عليهم صبلة اعبمعة ‪،‬‬ ‫وهبوز ؽبم قصر الصبلة ‪.‬‬ ‫‪ ‬وتفصيل ذلك أف لبلجئُت يف اؼبخيمات وخارجها ثبلث حاالت ‪:‬‬ ‫الحالة األولى ‪ :‬أف ينووا اإلقامة يف الببلد اليت خرجوا إليها ‪ ،‬فبل يًتخصوا برخص السفر إال يف‬

‫طريق سفرىم ‪.‬‬

‫الحالة الثانية ‪ :‬أف يبكثوا يف ىذه البلداف ‪ ،‬وال يعلموا مىت يعودوف ‪ ،‬بل مىت سقط النظاـ رجعوا‬ ‫إىل بلدىم ‪ ،‬فهؤالء يًتخصوف برخص السفر ‪ ،‬ولو طالت مدة عبوئهم ‪ ،‬إف غلب على ظنهم‬ ‫العودة إىل ديارىم كما ىو حاؿ البلجئُت السوريُت اليوـ ‪.‬‬ ‫الحالة الثالثة ‪ :‬أف يبقوا متنقلُت بُت بلدىم و البلد الذي عبؤوا إليو ‪ ،‬فهؤالء يًتخصوف برخص‬

‫السفر يف طريق سفرىم ‪ ،‬و يف البلد الذي عبؤوا إليو ‪.‬‬ ‫وننصح إخواننا البلجئُت باغبرص على شهود صبلة اعبماعة واعبمعة والًتوايح ‪ ،‬واالستفادة من‬ ‫األنشطة والدروس الدعوية ليتفقهوا يف دينهم ‪ ،‬ويستثمروا أوقاهتم يف طاعة اهلل تعاىل ‪.‬‬ ‫‪٘3‬‬


‫فصب عليهم سوط‬ ‫اللهم عليك بالطغاة آّرمُت الذين أفسدوا الببلد وشردوا العباد ‪ ،‬اللهم‬ ‫َّ‬ ‫رب العاؼبُت ‪.‬‬ ‫عذاب ‪َّ ،‬‬ ‫ورد البلجئُت إىل ببلدىم ساؼبُت يا َّ‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪٘1‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 27‬هل ٌجوز للمجاهد أن ٌصلً فً ثوبه الذي تلوث بالدم ؟‬

‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫يل ُؿبَ​َّرماً َعلَى‬ ‫يما أ ُْو ِح َي إِ َ​َّ‬ ‫أصبع الفقهاء على قباسة الدـ السائل ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪ { :‬قُل الَّ أَج ُد ف َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍِ ِ ِ‬ ‫ٍِ‬ ‫س أ َْو فِ ْسقاً أ ُِى َّل لِغَ َِْت اللّ ِو بِ​ِو‬ ‫طَاعم يَطْ َع ُموُ إالَّ أَف يَ ُكو َف َمْيتَةً أ َْو َدماً َّم ْس ُفوحاً أ َْو َغبْ َم خنزير فَإنَّوُ ر ْج ٌ‬ ‫ك َغ ُف ِ‬ ‫ٍ ِ‬ ‫يم }‪.‬‬ ‫فَ َم ِن ْ‬ ‫اضطَُّر َغْيػَر بَ ٍاغ َوالَ َعاد فَإ َّف َربَّ َ ٌ‬ ‫ور َّرح ٌ‬ ‫قاؿ القرطِب رضبو اهلل ‪ ( :‬اتفق العلماء على أف الدـ حراـ قبس ) التفسَت (ٕ‪.)ٕ​ٕٔ /‬‬ ‫فإذا أصاب ثوب آّاىد الدـ ‪ ،‬وجب عليو غسلو وإزالتو عن ثوبو قبل الصبلة فيو ‪ ،‬لقولو تعاىل ‪:‬‬ ‫ك فَطَ ّْهْر }‪.‬‬ ‫{ َوثِيَابَ َ‬

‫** وننبو إىل عدة أمور يف ىذه اؼبسألة ‪:‬‬ ‫• أنو يعفى عن يسَت الدـ ‪ ،‬وىو ما ال يفحش يف النفس‪ ،‬فبل يضر وجوده ‪ ،‬كما يف اغبديث‬ ‫ِ‬ ‫يض فِ ِيو‬ ‫عن عائشة رضي اهلل عنها قالت ‪ (( :‬قَ ْد َكا َف يَ ُكو ُف ِإل ْح َدانَا الد ْ​ّْرعُ ‪-‬نوع من الثياب‪َ -‬رب ُ‬ ‫ِ‬ ‫اعبنَابةُ ‪ُ​ُ ،‬ثَّ تَػرى فِ ِيو قَطْرًة ِمن َدٍ‬ ‫صعُوُ ‪-‬سبضغ ‪ ،‬وتدلك بظفرىا‪ -‬بِ ِر ِيق َها )) رواه أبو‬ ‫ق‬ ‫ػ‬ ‫ت‬ ‫ػ‬ ‫ف‬ ‫ـ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫تُصيبُػ َها َْ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫داود ‪.‬‬ ‫قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل ‪ ( :‬أكثر أىل العلم يروف العفو عن يسَت الدـ والقيح ) اؼبغٍت (ٔ‪/‬‬ ‫‪.)ٜٗٓ‬‬ ‫• أف آّاىد إذا غسل ثوبو وبقي أثر الدـ ‪ ،‬فإف ذلك ال يضره ‪ ،‬وهبوز أف يصلي فيو ‪ ،‬وىذا من‬ ‫رضبة اهلل بعباده ‪ ،‬وزبفيفو عليهم ‪ ،‬ورفعو اغبرج عنهم ‪ ،‬كما قاؿ تعاىل ‪َ { :‬وَما َج َع َل َعلَْي ُك ْم ِيف‬ ‫الدّْي ِن ِم ْن َحَرٍج }‪.‬‬ ‫عن أيب ىريرة رضي اهلل عنو ‪ (( :‬أ َّ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم ِيف َح ٍّج أ َْو‬ ‫ت يَ َسا ٍر أَتَ ْ‬ ‫ت النِ َّ‬ ‫َف َخ ْولَةَ بِْن َ‬ ‫َِّب َ‬ ‫اؿ ‪ «:‬فَِإذَا طَهر ِ‬ ‫ِ‬ ‫وؿ اللَّ ِو ‪ ،‬لَيس ِيل إَِّال ثػَو ِ‬ ‫ت‬ ‫يض فِ ِيو ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ت ‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫عُ ْمَرةٍ ‪ ،‬فَػ َقالَ ْ‬ ‫ٌْ‬ ‫ب َواح ٌد َوأَنَا أَح ُ‬ ‫ُْ‬ ‫ْ َ‬ ‫ٓ‪ٙ‬‬


‫ِ​ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫اؿ ‪ « :‬ي ْك ِف ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫يك‬ ‫وؿ اللَّ ِو ‪ ،‬إِ ْف َ​َلْ َىبُْر ْج أَثػَُرهُ ؟ قَ َ‬ ‫ت ‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫صلّْي فيو »‪ ،‬قَالَ ْ‬ ‫فَا ْغسلي َم ْوض َع الدَّـ ُ​ُثَّ َ‬ ‫َ‬ ‫ضُّرِؾ أَثَػُرهُ » )) رواه أبو داود ‪.‬‬ ‫الْ َماءُ َوَال يَ ُ‬ ‫• أف من صلى ُث وجد يف ثوبو دماً غَت معف ٍو عنو َل يلزمو إعادة تلك الصبلة ؛ ألنو كاف جاىبلً‬ ‫بوجود النجاسة ‪ ،‬واجتناب النجاسة شرط مع العلم والقدرة ‪.‬‬ ‫• أف من علم بوجود الدـ أثناء الصبلة ‪ ،‬فيزيل ثوبو إف استطاع وَل يؤد إىل انكشاؼ عورتو ‪،‬‬ ‫وإال مضى يف صبلتو وال يضره ‪.‬‬ ‫• أف من َل هبد ثوباً آخر غَت الذي أصابتو الدماء ‪ ،‬وَل يستطع غسلو فيصلي بو ‪ ،‬وال حرج‬ ‫عليو وال قضاء ‪ ،‬على الراجح ‪.‬‬ ‫• ومن كانت بو جراح تنزؼ وال تتوقف ‪ ،‬فإنو يضمدىا ويصلي على حالو ‪ ،‬وال يضره ما خرج‬ ‫من الدـ ‪ ،‬قاؿ ابن تيمية رضبو اهلل ‪ ( :‬إف كاف اعبرح ال يرقأ ‪ ،‬مثل ما أصاب عمر بن اػبطاب‬ ‫رضي اهلل عنو فإنو يصلي باتفاقهم ؛ سواء قيل ‪ :‬إنو ينقض الوضوء ‪ ،‬أو قيل ‪ :‬ال ينقض ‪ ،‬سواء‬ ‫ف اللّوُ نَػ ْف ًسا إِالَّ ُو ْس َع َها } ‪ ،‬وقاؿ تعاىل ‪{ :‬‬ ‫كثَتا أو ً‬ ‫قليبل ؛ ألف اهلل تعاىل يقوؿ ‪ { :‬الَ يُ َكلّْ ُ‬ ‫كاف ً‬ ‫استَطَ ْعتُ ْم }‪ ،‬وقاؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬فَِإ َذا أ َ​َمْرتُ ُك ْم بِأ َْم ٍر ‪ ،‬فَأْتُوا ِمْنوُ َما‬ ‫فَاتَّػ ُقوا اللَّوَ َما ْ‬ ‫استَطَ ْعتُ ْم » ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫وكل ما عجز عنو العبد من واجبات الصبلة سقط عنو ‪ ،‬فليس لو أف يؤخر الصبلة عن وقتها ‪،‬‬ ‫بل يصلي يف الوقت حبسب اإلمكاف ) ؾبموع الفتاوى (ٕٔ‪.)ٕ​ٕٖ /‬‬ ‫اللهم ارحم اؼبستضعفُت من اؼبسلمُت يف سوريا ويف كل مكاف ‪ ،‬اللهم تقبل شهداءىم ‪ ،‬واشف‬ ‫جرحاىم ‪ ،‬وفك أسراىم إنك ظبيع ؾبيب ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٔ‪ٙ‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 28‬ما هً الؽنٌمة ؟‬ ‫وما هو الفًء ؟‬ ‫وما الفرق بٌنهما ؟‬ ‫وكٌؾ ٌتم تقسٌمهما ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫شرع اهلل سبحانو وتعاىل اعبهاد يف سبيلو لغايات ومقاصد عظيمة ‪ ،‬منها نشر ىذا الدين وتعريف‬ ‫الناس بو ‪ ،‬ومنها دفع عدواف أعداء الدين الذين يعتدوف على األنفس واألعراض واألمواؿ ‪ ،‬قاؿ‬ ‫تعاىل ‪ { :‬أ ُِذ َف لِلَّ ِذين يػ َقاتَػلُو َف بِأَنػَّهم ظُلِموا وإِ َّف اللَّو علَى نَص ِرِىم لَ​َق ِدير (‪ )ٖٜ‬الَّ ِ‬ ‫ُخ ِر ُجوا ِم ْن‬ ‫ذ‬ ‫ين أ ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ ْ ٌ‬ ‫ُْ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ِديَا ِرِى ْم بِغَ َِْت َح ٍّق إِالَّ أَ ْف يَػ ُقولُوا َربػُّنَا اللَّوُ } ‪.‬‬ ‫وعند انتصار اؼبسلمُت يف اؼبعركة ردبا يستولوف على شيء من أمواؿ وفبتلكات احملاربُت ؛ فما ُتَّ‬ ‫االستيبلء عليو بقوة القتاؿ يسمى "الغنيمة" ‪ ،‬وما ُتَّ االستيبلء عليو بدوف قتاؿ يُسمى "فيئاً" ‪.‬‬ ‫** ويتوىل األمَتُ تقسيم الغنائم على النحو التايل ‪:‬‬ ‫السلَب ‪ :‬وىو‬ ‫أولا ‪ :‬أربعة أطباس الغنيمة للمقاتلُت ‪ ،‬تُقسم عليهم بالعدؿ ‪ ،‬و يُستثٌت من ذلك َ‬ ‫ِ‬ ‫قاتل عليها‪ ،‬فتكوف ؼبن قتلو إف كاف لو بيّْنة‬ ‫اؼبقتوؿ‬ ‫ثياب‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫وسبلحوُ و األمواؿ اليت حبوزتو ودابػَّتُوُ اليت َ‬ ‫على ذلك ‪ ،‬قاؿ النِب صلى اهلل عليو وسَل‪ « :‬من قَػتَل قَتِ َيبلً لو ِ‬ ‫عليو بَػيّنةٌ ‪ ،‬فَػلَوُ َسلَبُو » متفق عليو ‪.‬‬ ‫ْ َ‬ ‫قسم كما بيَّنو تبارؾ وتعاىل يف قولو ‪َ { :‬و ْاعلَ ُموا أََّمبَا َغنِ ْمتُ ْم ِم ْن َش ْي ٍء‬ ‫ثانيا ‪ُ :‬طبس الغنيمة ‪ ،‬ويُ َ‬ ‫فَأ َّ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وؿ ولِ ِذي الْ ُقرَ​َب والْيَتَ َامى والْمساكِ ِ‬ ‫السبِ ِيل } ‪.‬‬ ‫ُت َوابْ ِن َّ‬ ‫ْ َ‬ ‫َف للَّو ُطبُ َسوُ َول َّلر ُس َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫وتوضيح ىذه األصناؼ على النحو التايل ‪:‬‬ ‫صرؼ يف مصاحل اؼبسلمُت العامة ‪ ،‬ومن أنبها ذبهيز آّاىدين ‪.‬‬ ‫‪ )1‬سهم اهلل ورسولو ‪ ،‬ويُ َ‬

‫‪ )2‬سهم قرابة النِب صلى اهلل عليو وسلم وآؿ بيتو الكراـ من بٍت ىاشم وبٍت اؼبطلب ‪ ،‬ويستوي‬ ‫فيو غنيهم وفقَتىم ‪ ،‬ذكرىم وأنثاىم ‪.‬‬ ‫ٕ‪ٙ‬‬


‫‪ )3‬سهم اليتامى ‪ ،‬وىم الذين فقدوا آباءىم وىم صغار دوف البلوغ ‪ ،‬ويتأكد ذلك يف حق‬

‫اليتامى من أبناء الشهداء ‪.‬‬

‫‪ )4‬سهم اؼبساكُت والفقراء ‪ ،‬وىم احملتاجوف الذين ليس لديهم ما يكفيهم ويغنيهم عن سؤاؿ‬

‫الناس ‪.‬‬

‫‪ )5‬سهم ابن السبيل ‪ ،‬وىو اؼبسافر اؼبنقطع الذي وبتاج إىل ماؿ لَتجع إىل بلده ‪.‬‬ ‫رجح بعض العلماء أنو ال يلزـ أف تكوف ىذه األسهم على السواء ‪ ،‬بل ذلك تبع للمصلحة ‪.‬‬ ‫وقد َّ‬ ‫وأما مصارؼ الفيء فهي مصارؼ طبس الغنيمة ‪ ،‬وقد بيّنها اهلل تعاىل بقولو ‪َ { :‬ما أَفَاءَ اللَّوُ‬ ‫َعلَى رسولِ​ِو ِمن أ َْى ِل الْ ُقرى فَلِلَّ ِو ولِ َّلرس ِ‬ ‫وؿ ولِ ِذي الْ ُقرَ​َب والْيَتَ َامى والْمساكِ ِ‬ ‫السبِ ِيل } ‪ ،‬فيقوـ‬ ‫ُت َوابْ ِن َّ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫األمَت بتقسيمها على األصناؼ اؼبذكورة اليت بيّناىا آنفاً يف مصارؼ اػبمس من الغنيمة ‪.‬‬ ‫وفبا سبق يظهر أف الفرؽ بُت الغنيمة و الفيء يف كيفية اغبصوؿ عليهما ‪ ،‬ويف مصارفهما ‪.‬‬ ‫ونذكر إخواننا آّاىدين يف ىذا اؼبقاـ بأمرين ‪:‬‬

‫ستحب للمجاىدين عدـ أخذ حصتهم من الغنائم إف كانوا غَت ؿبتاجُت ؽبا ؛‬ ‫األول ‪ :‬أنو يُ َ‬ ‫ليعظم ؽبم األجر عند اهلل تعاىل ‪ ،‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم‪َ « :‬ما ِم ْن َغا ِزيٍَة تَػ ْغُزو ِيف‬ ‫ِ‬ ‫صيبو َف الْغَنِيمةَ إَِّال تَػع َّجلُوا ثػُلُثَي أ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ث ‪ ،‬وإِ ْف َ​َل ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫صيبُوا‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َج ِرى ْم م َن ْاآلخَرةِ َويَػْبػ َقى َؽبُ ُم الثُّػلُ ُ َ ْ ُ‬ ‫َسبِ ِيل اللَّو ‪ ،‬فَػيُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َجُرُى ْم » رواه مسلم‪.‬‬ ‫يمةً َُتَّ َؽبُ ْم أ ْ‬ ‫َغن َ‬ ‫الثاني ‪ :‬أف وبذر آّاىدوف أشد اغبذر من الغلوؿ ‪-‬وىو األخذ من ماؿ الغنيمة قبل قسمتها‪، -‬‬ ‫غل ي ِ‬ ‫ِ‬ ‫القي ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫امة ُ​ُثَّ تُػ َو ََّّف ُك ُّل نَ ٍ‬ ‫فس َما َك َسبَت‬ ‫قاؿ تعاىل ‪ { :‬وما كاف ل ِ ٍّ‬ ‫نِب أَف يَػغُ َّل ومن يَغلُل يَأت دبَا َّ َ َ‬ ‫وـ َ‬

‫َوُىم َال يُظلَ ُموف }‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صلَّى‬ ‫ص َحابَة النِ ّْ‬ ‫َِّب َ‬ ‫وقاؿ عمر بن اػبطاب رضي اهلل عنو ‪ (( :‬لَ َّما َكا َف يَػ ْوُـ َخْيبَػَر ‪ ،‬أَقْػبَ َل نَػ َفٌر م ْن َ‬ ‫اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم ‪ ،‬فَػ َقالُوا ‪ :‬فَُبل ٌف َش ِهي ٌد ‪ ،‬فَُبل ٌف َش ِهي ٌد ‪َ ،‬ح َّىت َمُّروا َعلَى َر ُج ٍل ‪ ،‬فَػ َقالُوا ‪ :‬فَُبل ٌف َش ِهي ٌد ‪،‬‬ ‫اؿ رس ُ ِ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم ‪َ « :‬ك َّبل إِ ٍّْل َرأَيْػتُوُ ِيف النَّا ِر ِيف بػُْرَدةٍ َغلَّ َها أ َْو َعبَاءَةٍ »)) متفق‬ ‫وؿ اللَّو َ‬ ‫فَػ َق َ َ ُ‬ ‫عليو ‪ ،‬واللفظ ؼبسلم ‪.‬‬

‫ٖ‪ٙ‬‬


‫اللهم عليك بالعصابة األسدية اؼبتسلطة يف سوريا وأعواهنا وأحبلفها ‪ ،‬اللهم انصر آّاىدين‬ ‫رب العاؼبُت ‪.‬‬ ‫عليهم ‪ ،‬واجعلهم غنيمة للمسلمُت ‪ ،‬يا َّ‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٗ‪ٙ‬‬


‫فتىي ( ‪ُ :) 29‬مجاهد ٌسؤل ‪:‬‬ ‫ماذا نفعل بجثث الكفار المحاربٌن بعد موتهم أو قتلهم ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫شرع‬ ‫دفن اؼبيت واجب والزـ ‪ ،‬وقد شرعو اهلل يف كتابو وسنة نبيو صلى اهلل عليو وسلم ‪ ،‬فيُ َ‬ ‫للمسلمُت دفن اؼبيت الكافر ‪ ،‬حربياً كاف أو غَت حريب ‪ ،‬إف َل يوجد من أىلو من يواريو ‪ ،‬ألف ترؾ‬ ‫هني النِب عليو الصبلة والسبلـ عن اؼبثلة ‪.‬‬ ‫اؼبيت بدوف دفن "مثلة" ‪ ،‬وقد ثبت ُ‬ ‫إف نَِ ِ‬ ‫وفبا يدؿ على ذلك حديث أيب طلحة األنصاري رضي اهلل عنو قاؿ ‪َّ َّ « :‬‬ ‫صلَّى اللَّوُ‬ ‫ِب اللَّو َ‬ ‫علَي ِو وسلَّم أَمر يػوـ ب ْد ٍر بِأَربػع ٍة و ِع ْش ِرين رج ًبل ِمن صن ِاد ِ‬ ‫يد قُػَريْ ٍ‬ ‫ي ِم ْن أَطْ َو ِاء بَ ْد ٍر‬ ‫ش ‪ ،‬فَػ ُق ِذفُوا ِيف طَ ِو ٍّ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ َْ َ َ َ َ ُ ْ َ​َ‬ ‫يث ـبُْبِ ٍ‬ ‫خبِ ٍ‬ ‫ث‪ » ...‬اغبديث ‪ .‬رواه البخاري ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫اغبق مواراة ِ‬ ‫كل ميّْت من بٍت آدـ عن أعُت بٍت آدـ ‪ ،‬ما‬ ‫قاؿ الطربي رضبو اهلل ‪...( :‬من ّْ‬ ‫جيفة ّْ‬ ‫وجد إىل ذلك السبيل ‪ ،‬مؤمناً كاف ذلك اؼبيت أو كافراً ‪ ،‬وذلك ألمر النِب صلى اهلل عليو وسلم‬ ‫بقتلى مشركي بدر أف هبعلوا يف قليب ‪-‬أي بئر‪ -‬وَل يًتكهم بالعراء مطرحُت ‪ ،‬بل أمر جبيفهم أف‬ ‫فاغبق على اؼبسلمُت أف‬ ‫توارى يف القليب ‪ ،‬فإذا كاف ذلك من فعلو صلى اهلل عليو وسلم ّٔم ‪ُّ ،‬‬ ‫يستنوا بو صلى اهلل عليو وسلم ‪ ،‬فيفعلوا يف من أصابوا من اؼبشركُت يف معركة اغبرب بالقتل ‪ ،‬ويف‬ ‫مثل الذي فعل صلى اهلل عليو وسلم يف قتلى مشركي بدر ) هتذيب اآلثار (ٔ‪/‬‬ ‫غَت معركة اغبرب َ‬ ‫‪. )ٕٜٚ‬‬ ‫** وننبو ىنا إىل عدد من األمور ‪:‬‬

‫• يُشًتط يف دفن الكافر ‪ ،‬أف يأمن آّاىدوف أعداءىم ‪ ،‬فإذا خافوا غدر األعداء ‪ ،‬أو أف‬ ‫يشغلهم عن أمر أىم ‪ ،‬فلهم أف يًتكوه دوف دفن ‪.‬‬ ‫قاؿ الطربي رضبو اهلل ‪ ( :‬فيو ُاروا جيفتو ‪ -‬أي اؼبشرؾ‪ -‬إذا َل يكن ؽبم مانع من ذلك ‪ ،‬وال شيءَ‬ ‫يشغلهم عنو من ِ‬ ‫عدو أو غ َِت ذلك ) هتذيب اآلثار (ٔ‪. )ٕٜٚ /‬‬ ‫خوؼ َكَّرةِ ٍّ‬ ‫٘‪ٙ‬‬


‫بعيدا عنهم ؛ ألهنم يتأذوف دبجاورتو إياىم ‪،‬‬ ‫• ال هبوز دفن الكافر يف مقابر اؼبسلمُت ‪ ،‬بل يدفن ً‬ ‫واألصل أف يدفن الكافر يف مقابر اؼبشركُت ‪ ،‬أو يف أية بقعة من األرض ‪ ،‬وقد اتفق الفقهاء على‬ ‫أنو وبرـ دفن اؼبيت الكافر يف مقربة اؼبسلمُت ‪ ،‬وكذلك دفن اؼبسلم يف مقربة الكفار إال لضرورة ‪،‬‬ ‫قاؿ العمراٍل رضبو اهلل ‪ ( :‬وال يُدفَن مسلم يف مقربة الكفار ‪ ،‬وال كافر يف مقربة اؼبسلمُت ) البياف‬ ‫(ٖ‪.) ٜٛ /‬‬ ‫لحد وال يُ َشق ‪ ،‬وال يُستقبل بو القبلة ‪،‬‬ ‫• ال يُراعى يف دفن الكافر ما يُراعى يف دفن اؼبسلم ؛ فبل يُ َ‬ ‫وكبو ذلك ‪.‬‬ ‫قاؿ الشافعي رضبو اهلل عن اؼبيت الكافر ‪ ( :‬وال يلزمو أكثر من ذلك ‪-‬أي الدفن‪ -‬فبل غسل ‪،‬‬ ‫وال تكفُت ‪ ،‬وال صبلة ‪ ،‬ألف ىذه خاصة دبن مات مسلماً ) مسند الشافعي (ٔ‪.)ٕٓٚ /‬‬ ‫ستحب االغتساؿ من دفن الكافر ‪ ،‬غبديث علي بن أيب طالب رضي اهلل عنو ‪ ،‬قاؿ ‪ :‬قلت‬ ‫• يُ َ‬ ‫ك الشَّْي َخ الض َّ‬ ‫ات ‪ .‬قَ َ‬ ‫ب فَػ َوا ِر أَبَ َ‬ ‫اؾ ُ​ُثَّ الَ‬ ‫للنِب صلى اهلل عليو وسلم ‪ (( :‬إِ َّف َع َّم َ‬ ‫َّاؿ قَ ْد َم َ‬ ‫اؿ « ا ْذ َى ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت ‪َ ،‬وَد َعا ِيل )) رواه أبو داود‬ ‫ت فَػ َو َاريْػتُوُ ‪َ ،‬وجْئتُوُ فَأ َ​َمَرٍِل ‪ ،‬فَا ْغتَ َس ْل ُ‬ ‫ُْربدثَ َّن َشْيئًا َح َّىت تَأْتيٌَِت »‪ .‬فَ َذ َىْب ُ‬ ‫والنسائي ‪.‬‬ ‫قاؿ الشافعي رضبو اهلل ‪ ( :‬و ْأمره إياه باالغتساؿ ؛ الظاىر أنو للندب ‪ ،‬وكأنو رمز إىل طلب‬ ‫الطهارة من تشييع ٍ‬ ‫جثة آثر صاحبها الشرؾ على اإلسبلـ ‪ ،‬فكأنو كاف يف قباسة ينبغي التطهر منها‬ ‫) مسند الشافعي (ٔ‪.)ٕٓٚ /‬‬ ‫• َوبرـ الدعاء واالستغفار ؼبن قُتِل أو مات وىو كافر ‪ ،‬ولو كاف من أويل القرَب ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪{ :‬‬ ‫ِ‬ ‫ما َكا َف لِلنَِِّب والَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ُت َؽبُ ْم أَنػَّ ُه ْم‬ ‫ذ‬ ‫ُت َولَْو َكانُواْ أ ُْوِيل قُػْرَ​َب من بَػ ْعد َما تَػبَػ َّ َ‬ ‫ين َآمنُواْ أَف يَ ْستَػ ْغفُرواْ ل ْل ُم ْش ِرك َ‬ ‫َ‬ ‫ّْ َ َ‬ ‫اعبَ ِحي ِم }‪.‬‬ ‫اب ْ‬ ‫أْ‬ ‫َص َح ُ‬ ‫اللهم إنَّا نسألك حسن اػباسبة والشهادة يف سبيلك والنصر والتمكُت للمجاىدين يف الشاـ ‪،‬‬ ‫شرد ّٔم من خلفهم ‪ ،‬وانصر آّاىدين‬ ‫اللهم أىلك العصابة األسدية وكل من شايعها ‪ ،‬اللهم ّْ‬ ‫عليهم يا أكرـ األكرمُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬ ‫‪ٙ​ٙ‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 31‬ما حكم لعن المعٌن من الكفار ؟‬ ‫وما توجٌهكم لتكرار الثوار فً المظاهرات لعبارة ‪ٌ" :‬لعن روحك ٌا حافظ" ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ين َك َفُروا َوَماتُوا َوُى ْم‬ ‫من مات على الكفر جاز لعنو بنص القرآف ‪ ،‬كما قاؿ تعاىل ‪ { :‬إ َّف الذ َ‬ ‫َّاس أ ْ ِ‬ ‫ك َعلَْي ِه ْم لَ ْعنَةُ اللَّ ِو َوالْ َمبلئِ َك ِة َوالن ِ‬ ‫ُت }‪.‬‬ ‫ُك َّف ٌار أ ُْولَئِ َ‬ ‫َصبَع َ‬ ‫وأما من كاف حياً من الكفار فقد اختلف العلماء يف جواز لعنو بعينو ‪ ،‬والذي يًتجح عدـ جواز‬ ‫ِ‬ ‫لعنو الحتماؿ توبتو قبل موتو ‪ ،‬وؼبا َروى ابن عمر رضي اهلل عنهما ‪ (( :‬أَنَّوُ َظب َع النِ َّ‬ ‫صلَّى اللَّوُ‬ ‫َِّب َ‬ ‫َخَتةِ‬ ‫وؿ ِيف ِ‬ ‫ك ْ ِ ِ‬ ‫الرُك ِ‬ ‫وع ‪ ،‬قَ َ‬ ‫َعلَْي ِو َو َسلَّ َم ‪ ،‬يَػ ُق ُ‬ ‫اؿ ‪ :‬اللَّ ُه َّم َربػَّنَا َولَ َ‬ ‫ص َبلة الْ َف ْج ِر َوَرفَ َع َرأْ َسوُ ِم َن ُّ‬ ‫َ‬ ‫اغبَ ْم ُد يف ْاأل َ‬ ‫اؿ ‪ « :‬اللَّه َّم الْعن فَُبلنًا وفَُبلنًا »‪ ،‬فَأَنْػزَؿ اللَّو عَّز وج َّل ‪ {:‬لَيس لَ َ ِ‬ ‫وب‬ ‫‪ُ​ُ ،‬ثَّ قَ َ‬ ‫ك م َن األ َْم ِر َش ْيءٌ أ َْو يَػتُ َ‬ ‫َ ُ َ َ​َ‬ ‫ُ َْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َعلَْي ِه ْم أ َْو يػُ َع ّْذبػَ ُه ْم فَِإنػَّ ُه ْم ظَالِ ُمو َف } )) رواه البخاري ‪.‬‬ ‫س‬ ‫وال ينبغي للمؤمن أف يكثر من اللعن ؼبا صح عن النِب صلى اهلل عليو وسلم أنو قاؿ ‪ (( :‬لَيْ َ‬ ‫ش الْب ِذ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ ِ ٍ‬ ‫يء )) رواه أضبد ‪.‬‬ ‫الْ ُم ْؤم ُن بطَ َّعاف ‪َ ،‬وَال بلَ َّعاف ‪َ ،‬وَال الْ َفاح ِ َ‬ ‫وأما ما يردده اؼبتظاىروف من عبارة " يلعن روحك يا حافظ " فبل نرى فيها بأساً؛ ؼبا فيها من‬ ‫إغاظة لؤلعداء ونكاية ّٔم ‪.‬‬ ‫اللهم عليك بأعداء الدين ‪ ،‬من الكفرة واؼبلحدين ‪ ،‬واؼبشركُت واؼبنافقُت ‪ ،‬والباطنيُت والعلمانيُت‬ ‫‪ ،‬اللهم عليك ّٔم ‪ ،‬فإهنم ال يعجزونك يا جبار السموات واألرض ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪ٙ7‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 31‬عن سلمان الفارسً رضً هللا عنه ‪ ,‬قال ‪ :‬سمعت رسول هللا‬ ‫صلى هللا علٌه وسلم ٌقول‪ « :‬ر َب ُ‬ ‫اط ٌَ ْو ٍم َولَ ٌْلَ ٍة َخ ٌْ ٌر ِمنْ صِ ٌَ ِام َشه ٍْر َو ِق ٌَا ِم ِه ‪َ ,‬وإِنْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َم َ‬ ‫ان » رواه‬ ‫ي َعل ٌْ ِه ِرزق ُه َوأم َِن ال َفت َ‬ ‫ان ٌَعْ َمل ُه ‪َ ,‬وأجْ ِر َ‬ ‫ات َج َرى َعلَ ٌْ ِه َع َملُ ُه الَّذِي َك َ‬ ‫مسلم ‪.‬‬ ‫جري علٌه رزقه ‪ ,‬وأمن الفتان "؟‬ ‫ما معنى " أ ُ َ‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬

‫الرباط ىو اإلقامة يف ثغر من ثغور اإلسبلـ حارساً لو من العدو ‪ ،‬ويف ىذا اغبديث فضيلة ظاىرة‬ ‫للمرابط يف سبيل اهلل وجرياف أجر عملو إف قتل مرابطاً إىل يوـ القيامة ‪ ،‬كما صح عن النِب صلى‬ ‫اهلل عليو وسلم أنو قاؿ ‪ُ « :‬ك ُّل الْميّْ ِ‬ ‫ط فَِإنَّوُ يَػْن ُمو لَوُ َع َملُوُ إِ َىل يَػ ْوِـ‬ ‫ت ُىبْتَ ُم َعلَى َع َملِ ِو إَِّال الْ ُمَرابِ َ‬ ‫َ‬ ‫الْ ِقيام ِة ويػؤَّمن ِمن فَػت ِ‬ ‫َّاف الْ َق ِْرب » رواه أبو داود ‪.‬‬ ‫َ َ َ َُ ُ ْ‬ ‫ومعٌت " أُجري عليو رزقو " أي ‪ :‬يرزؽ من اعبنة بعد موتو ‪ ،‬كما يُرزؽ الشهداء الذين تكوف‬ ‫أرواحهم يف حواصل الطَت تأكل من شبر اعبنة ‪ ،‬كما قاؿ تعاىل ‪ { :‬وال َربس َّ َّ ِ‬ ‫ين قُتِلُوا ِيف َسبِ ِيل‬ ‫َ ْ َ​َ‬ ‫َب الذ َ‬ ‫ِ‬ ‫َحيَاءٌ ِعْن َد َرِّّْٔ ْم يػُْرَزقُو َف }‪.‬‬ ‫اللَّو أ َْم َواتاً بَ ْل أ ْ‬ ‫وقاؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬الشُّه َداء َعلَى با ِرِؽ نَػه ٍر بِب ِ‬ ‫ج‬ ‫اب ْ‬ ‫اعبَن َِّة ‪ِ ،‬يف قُػبَّ ٍة َخ ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ضَراءَ ‪َ ،‬ىبُْر ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫اعبَن َِّة بُ ْكَرًة َو َع ِشيِّا » رواه أضبد ‪.‬‬ ‫َعلَْي ِه ْم ِرْزقُػ ُه ْم ِم َن ْ‬ ‫ومعٌت "و أمن الفتاف" أي أمن فتنة القرب ‪ ،‬وىي سؤاؿ اؼبلك يف القرب ‪ ،‬فإنو قد صح عن النِب‬ ‫صلى اهلل عليو وسلم أنو قاؿ ‪ « :‬أ ِ‬ ‫يل أَنَّ ُك ْم تُػ ْفتَػنُو َف ِيف قُػبُوِرُك ْم » متفق عليو‪.‬‬ ‫ُوح َي إِ َ​َّ‬ ‫نسأؿ اهلل أف وبفظ إخواننا آّاىدين واؼبرابطُت يف سبيلو ‪ ،‬وأف يثبت أقدامهم وينصرىم على‬ ‫أعدائهم ‪ ،‬إنو ويل ذلك والقادر عليو ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪ٙ3‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 32‬من فضل هللا علٌنا فً جهادنا فً بالد الشام أن نرى عددا من‬ ‫ؼٌر المسلمٌن ٌدخلون فً اإلسالم‪. ...‬‬ ‫فماذا ٌجب علٌهم لٌكون دخولهم فً االسالم صحٌحا ؟ وما واجبنا تجاههم ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫إف فبا يُفرح القلب ويُثلج الصدر أف نرى الناس تدخل يف دين اهلل اغبق ‪ ،‬وتًتؾ ما كانت عليو‬ ‫من باطل ‪ ،‬وال شك أف ذلك شبرة من شبرات ىذه الثورة اؼبباركة ضد الكفر والظلم والطغياف ‪.‬‬ ‫والطريقة الشرعية الصحيحة لدخوؿ الكافر يف اإلسبلـ أف يتلفظ بشهادة أف ال إلو إال اهلل ‪ ،‬وأف‬ ‫ؿبمدا رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ُمعتقداً دبعناىا ُم ِقراً بشروطها على اإلصباؿ ‪.‬‬ ‫ً‬ ‫صح إسبلمو ألهنا األصل ‪ ،‬وإف َل ِ‬ ‫نطق دبعٌت الشهادت ِ‬ ‫نص العلماءُ على َّ‬ ‫يأت‬ ‫وقد َّ‬ ‫ُت َّ‬ ‫ُ‬ ‫أف َمن َ‬ ‫ِ‬ ‫"أشهد" ‪ ،‬و يصح منو بغَت كلمة "ال إلو إال اهلل" حىت لو قاؿ ‪" :‬ال إلو غَت اهلل" أو "ال إلو‬ ‫بلفظ‬ ‫ُ‬ ‫سوى اهلل" أو "ما عدا اهلل" أو "ما من إلو إال اهلل" أو "ال إلو إال الرضبن"‪.‬‬ ‫ؤمر بشرائع اإلسبلـ األخرى بالتدرج حسب أنبيتها وما يقتضيها اغباؿ كالصبلة والزكاة ‪،‬‬ ‫ُث يُ َ‬ ‫فعن ابن عباس رضي اهلل عنهما أف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ؼبا بعث معاذًا إىل اليمن ‪ ،‬قاؿ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ك فَأ َْعلِ ْم ُه ْم أ َّ‬ ‫َف‬ ‫لو ‪ْ « :‬ادعُ ُه ْم إِ َىل َش َه َادةِ أَ ْف َال إِلَوَ إَِّال اللَّوُ ‪َ ،‬وأ ّْ‬ ‫ٍَل َر ُس ُ‬ ‫وؿ اللَّ ِو ‪ ،‬فَِإ ْف ُى ْم أَطَاعُوا ل َذل َ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫اللَّو قَ ِد افْػتَػرض علَي ِهم طبَْس صلَو ٍ‬ ‫َعلِ ْم ُه ْم أ َّ‬ ‫ات ِيف ُك ّْل يػَ ْوـ َولَْيػلَ ٍة ‪ ،‬فَِإ ْف ُى ْم أَطَاعُوا ل َذل َ‬ ‫ك فَأ ْ‬ ‫َف اللَّوَ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َْ ْ َ َ َ‬ ‫ص َدقَةً ِيف أ َْم َواؽبِ​ِ ْم تػُ ْؤ َخ ُذ ِم ْن أَ ْغنِيَائِ ِه ْم َوتُػَرُّد َعلَى فُػ َقَرائِ ِه ْم » متفق عليو ‪.‬‬ ‫افْػتَػَر َ‬ ‫ض َعلَْي ِه ْم َ‬ ‫ستحب للمسلم اعبديد أف يبادر إىل االغتساؿ ‪ ،‬وحلق شعره ‪ ،‬واػبتاف ‪ ،‬وتغيَت اظبو السم‬ ‫ويُ َ‬ ‫إسبلمي ‪ ،‬إال إذا كاف االسم فبا ال هبوز إقراره شرعاً ‪ ،‬كاالسم اؼبعبد لغَت اهلل ‪ ،‬وكبو ذلك ‪ ،‬فإنو‬ ‫يلزمو تغيَته ‪.‬‬ ‫وصى بو اؼبسلم اعبديد أف وبرص على تعلم ىذا الدين ‪ ،‬واإلكثار من قراءة القرآف‬ ‫وفبا يُ َ‬ ‫واالستماع لو ‪ ،‬وضبد اهلل تعاىل وشكره على نعمة اؽبداية ؛ فبالشكر تدوـ النعم ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪َ { :‬وإِ ْذ‬ ‫يدنَّ ُك ْم َولَئِ ْن َك َفْرُُْت إِ َّف َع َذ ِايب لَ َش ِدي ٌد } ‪ ،‬ونعمة اإلسبلـ أعظم النعم ‪.‬‬ ‫تَأَذَّ َف َربُّ ُك ْم لَئِ ْن َش َكْرُُْت ألَ ِز َ‬ ‫‪ٙ1‬‬


‫** تنبيهات ‪:‬‬ ‫قبل إسبلمو ‪،‬‬ ‫أولا ‪ :‬أصبع العلماء على أنو ال يلزـ اؼبسلم اعبديد قضاء ما فاتَو من فرائض اإلسبلـ َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ف}‪.‬‬ ‫ين َك َفُروا إِ ْف يَػْنتَػ ُهوا يػُ ْغ َفْر َؽبُ ْم َما قَ ْد َسلَ َ‬ ‫قاؿ تعاىل ‪ { :‬قُ ْل للَّذ َ‬ ‫وَل يأمر النِب صلى اهلل عليو وسلم أحداً فبن أسلم أف يقضي شيئاً من ذلك ‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬إذا أسلم الكافر دخل يف ذمة اؼبسلمُت ‪ ،‬و صار لو ما ؽبم ‪ ،‬وعليو ما عليهم ‪ ،‬قاؿ النِب‬ ‫صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬الْمسلِمو َف تَػتَ َكافَأُ ِدم ُاؤُىم ‪ ،‬يسعى بِ ِذ َّمتِ ِهم أ َْدنَ ُ ِ‬ ‫اى ْم ‪،‬‬ ‫صُ‬ ‫اى ْم َوُهبَتُ َعلَْي ِه ْم أَقْ َ‬ ‫َ ْ َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫ُْ ُ‬ ‫ضعِ ِف ِهم ومتَسّْرعهم علَى قَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اع ِد ِى ْم ‪َ ،‬ال يػُ ْقتَ ُل ُم ْؤِم ٌن‬ ‫ُّى ْم َعلَى ُم ْ ْ َ ُ َ ُ ُ ْ َ‬ ‫َوُى ْم يَ ٌد َعلَى َم ْن س َو ُاى ْم ‪ ،‬يَػُرُّد ُمشد ُ‬ ‫بِ َكافِ ٍر َوَال ذُو َع ْه ٍد ِيف َع ْه ِدهِ » رواه أبو داود وابن ماجة ‪.‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬ال هبب على اؼبسلم اعبديد أف يقرأ القرآف كامبلً كما يظن البعض ‪ ،‬ولكن هبب عليو أف‬

‫يؤمن بو كلو ‪ ،‬و هبب عليو أف يتعلم منو ما يصحح بو صبلتو كالفاربة بقدر استطاعتو ‪.‬‬ ‫رابعا ‪ :‬ال هبب على اؼبسلم اعبديد أف يُش ِهد على إسبلمو ‪ ،‬و يستحب لو إشهار ذلك و‬ ‫إعبلنو ؼبا فيو من اػبَت و اؼبصلحة العظيمة ‪.‬‬ ‫** وهبب على اإلخوة القريبُت من اؼبسلم اعبديد أف يراعوا بعض األمور ‪ ،‬منها ‪:‬‬

‫‪ )1‬التدرج مع اؼبسلم اعبديد يف تعليمو أحكاـ الشرع لتأليفو وترغيبو باإلسبلـ وعدـ تنفَته ‪،‬‬ ‫فقد كاف النِب صلى اهلل عليو وسلم ينبو معاذاً رضي اهلل عنو على ىذا اؼببدأ العظيم فيقوؿ لو ‪(( :‬‬ ‫ِ​ِ‬ ‫َعلِ ْم ُه ْم‪ ،))...‬فيعلمو أركاف اإلسبلـ وفرائضو شيئاً فشيئاً ‪ُ ،‬مبتدئاً باألىم‬ ‫فَِإ ْف ُى ْم أَطَاعُوا ل َذل َ‬ ‫ك ‪ ،‬فَأ ْ‬ ‫فاؼبهم بأسلوب سهل ‪ ،‬هبمع فيو بُت اإلقناع والبياف ‪ ،‬فإف عجز عن ذلك فليدلو على ذي علم‬ ‫اسأَلُوا أ َْىل ّْ‬ ‫الذ ْك ِر إِ ْف ُكْنتُ ْم ال تَػ ْعلَ ُمو َف }‪ ،‬والداؿ على خَت كفاعلو ‪.‬‬ ‫يتوىل ذلك ‪ ،‬لقولو تعاىل ‪ { :‬فَ ْ‬ ‫َ‬

‫‪ )2‬تشجيعو وحثو على الثبات على اغبق ‪ ،‬وعدـ تذكَت اؼبسلم اعبديد بعيوبو وأخطائو اليت‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ين َك َفُروا‬ ‫وقعت منو يف السابق أو تعيَته ّٔا لئبل نكوف عوناً للشيطاف عليو ‪ ،‬لقولو تعاىل ‪ { :‬قُ ْل للَّذ َ‬ ‫ب َما قَػْبػلَوُ ))‬ ‫بلـ َهبُ ُّ‬ ‫إِ ْف يَػْنتَػ ُهوا يػُ ْغ َفْر َؽبُ ْم َما قَ ْد َسلَ َ‬ ‫ف }‪ ،‬ولقوؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪ (( :‬ا ِإل ْس َ‬ ‫رواه مسلم ‪.‬‬

‫ٓ‪7‬‬


‫وإننا إذ هننئ إخوتنا اعبدد يف اإلسبلـ أف وفقهم اهلل تعاىل للهداية ودخوؿ الدين اغبق ‪ ،‬فإننا‬ ‫نسألو سبحانو أف يثبتهم على اإلسبلـ ‪ ،‬وأف يبدؿ سيئاهتم حسنات ‪ ،‬وأف يرزقنا وإياىم حسن‬ ‫اػباسبة إنو جواد كرَل ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫فتىي ( ‪ :) 33‬ما هً األشهر الحرم ؟‬

‫ٔ‪7‬‬


‫وهل ٌجوز لنا القتال ضد العصابة األسدٌة الحاكمة فً سورٌا فً األشهر‬ ‫الحرم ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫األشهر اغبرـ أربعة وىي ‪ :‬ذو القعدة ‪ ،‬وذو اغبجة ‪ ،‬وؿبرـ ‪ ،‬ورجب ‪ ،‬كما قاؿ صلى اهلل عليو‬ ‫السنةُ ‪ :‬اثْػنا عشر شهرا ‪ِ ،‬مْنػها أَربػعةٌ حرـ ‪ ،‬ثَ​َبل ٌ ِ‬ ‫اغبِ َّج ِة ‪،‬‬ ‫ات ‪ :‬ذُو الْ َق ْع َدةِ ‪َ ،‬وذُو ْ‬ ‫ث ُمتَػ َواليَ ٌ‬ ‫َ ْ َ َ ُ ٌُ‬ ‫وسلم ‪ً ْ َ َ َ َ َ َ َّ « :‬‬ ‫ِ‬ ‫ُت ُصبَ َادى َو َش ْعبَا َف » رواه البخاري ‪.‬‬ ‫ب ‪ُ ،‬م َ‬ ‫ضَر الَّذي بػَ ْ َ‬ ‫َوالْ ُم َحَّرُـ ‪َ ،‬وَر َج ُ‬ ‫اغبَ​َرِاـ قِتَ ٍاؿ فِ ِيو قُ ْل‬ ‫َّه ِر ْ‬ ‫أما القتاؿ يف األشهر اغبرـ ‪ ،‬فقد قاؿ اهلل تعاىل فيو ‪ { :‬يَ ْسأَلُونَ َ‬ ‫ك َع ْن الش ْ‬ ‫اؿ فِ ِيو َكبَِت وص ّ​ّد عن سبِ ِيل اللَّ ِو وُك ْفر بِ​ِو والْمس ِج ِ‬ ‫قِ‬ ‫اغبرِاـ وإِ‬ ‫ر‬ ‫خ‬ ‫د‬ ‫ت‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫اج أ َْىلِ ِو ِمْنوُ أَ ْكبَػُر ِعْن َد اللَّ ِو َوالْ ِفْتػنَةُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ​َ َ َ ُ‬ ‫ٌَ‬ ‫َ ٌ َ َْ‬ ‫أَ ْكبَػُر ِم ْن الْ َقْت ِل } ‪.‬‬ ‫فدلت اآلية دبنطوقها أف القتاؿ يف األشهر اغبرـ أمر كبَت ال هبوز ‪ ،‬ولكن الفتنة ‪ ،‬وسفك دماء‬ ‫اؼبسلمُت ‪ ،‬وانتهاؾ حرمات اهلل أكرب من ىذا التحرَل ‪ ،‬وهبوز بل هبب القتاؿ عند وقوع تلك‬ ‫االنتهاكات واحملرمات ‪ ،‬ولو كاف يف األشهر اغبرـ ‪.‬‬ ‫والعصابة احملتلة لسوريا اليوـ قد أوقعت يف اؼبسلمُت كل ىذه احملرمات ‪ ،‬وأكرب منها ؛ من قتل ‪،‬‬ ‫وجل ‪.‬‬ ‫وانتهاؾ أعراض ‪ ،‬وأمواؿ ‪ ،‬وكفر باهلل عز ّ‬ ‫فنحن اآلف يف قتالنا ؽبذه العصابة يف جهاد دفع ‪ ،‬والدفع ضرورة ال يدخل يف النهي عن القتاؿ‬ ‫باألشهر اغبرـ ‪ ،‬فقد قاتل رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ثقيفاً باألشهر اغبرـ حُت ذبمعوا لغزوه‬ ‫فخرج إليهم ليغزوىم ‪ ،‬وكذلك الروـ يف غزوة تبوؾ ‪.‬‬ ‫اللهم عليك بأعداء الدين من الكفرة واؼبلحدين وكل من أيدىم ‪ ،‬الذين يصدوف عن سبيلك ‪،‬‬ ‫ويعادوف أولياءؾ ‪ ،‬ويبطشوف بعبادؾ اؼبوحدين ‪ ،‬ويدمروف بيوتك ‪ ،‬ويهلكوف اغبرث والنسل ‪،‬‬ ‫ويفسدوف يف األرض ‪ ،‬إنك ويل ذلك والقادر عليو يا ذا اعببلؿ واإلكراـ ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬ ‫فتىي ( ‪ :) 34‬هل ٌُعتبر السفر خارج سورٌا حالٌا فرارا من الزحؾ ؟‬ ‫ٕ‪7‬‬


‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن واله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫إف اعبهاد يف سوريا اآلف فرض عُت على صبيع القادرين عليو ؛ دبعناه العاـ باؼباؿ والنفس والكلمة‬ ‫‪ ،‬والقادروف على ضبل السبلح هبب عليهم ضبلو ‪ ،‬ومن َل يستطع فعليو أف يقوـ بواجب النصرة‬ ‫إلخوانو قدر اؼبستطاع ؛ من دعاء أو ماؿ أو تأمُت سبلح أو غَت ذلك ‪.‬‬ ‫والذين ىبرجوف من سوريا اآلف صنفاف ‪:‬‬ ‫األول ‪ :‬من َل هبب عليو اعبهاد بالقتاؿ كالشيخ الكبَت و النساء و األطفاؿ و اؼبرضى ‪ ،‬فهؤالء‬

‫ال حرج عليهم بالسفر إال من وبتاجو آّاىدوف كالطبيب و اإلعبلمي و غَتىم ‪.‬‬ ‫قاؿ تعاىل ‪ { :‬لَيس علَى الض ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ج‬ ‫ُّع َفاء َوَال َعلَى الْ َمْر َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ين َال َهب ُدو َف َما يػُْنف ُقو َف َحَر ٌ‬ ‫ضى َوَال َعلَى الذ َ‬ ‫إِ َذا نَصحوا لِلَّ ِو ورسولِ​ِو ما علَى الْمح ِسنُِت ِمن سبِ ٍيل واللَّو َغ ُفور رِ‬ ‫يم }‪.‬‬ ‫ح‬ ‫َُ‬ ‫َ​َ ُ َ َ ُ ْ َ ْ َ َ ُ ٌ َ ٌ‬ ‫الثاني ‪ :‬من قد وجب عليو اعبهاد ‪ ،‬فهذا ال هبوز لو السفر خارج سوريا إال بعذر ‪ ،‬لقولو تعاىل ‪:‬‬ ‫َّ ِ‬ ‫ين َآمنُوا إِ َذا لَِقيتُ ْم فِئَةً فَاثْػبُتُوا َواذْ ُكُروا اللَّوَ َكثِ ًَتا لَ َعلَّ ُك ْم تُػ ْفلِ ُحو َف } ‪.‬‬ ‫{ يَا أَيػُّ َها الذ َ‬ ‫السبع الْموبَِق ِ‬ ‫ولقوؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪ِ «(( :‬‬ ‫ات‪-»...‬وذكر منها‪َ « :-‬والتػ َ​َّوّْيل‬ ‫ْ‬ ‫اجتَنبُوا َّ ْ َ ُ‬ ‫الزح ِ‬ ‫ف »)) متفق عليو ‪.‬‬ ‫يَػ ْوَـ َّ ْ‬ ‫صور ‪:‬‬ ‫** وننبو يف ىذه اغبالة إىل عدة ُ‬

‫أ ) هبوز اػبروج من سوريا أو من منطقة ألخرى للتحرؼ للقتاؿ ‪ ،‬أو للتحيز إىل فئة ‪ .‬لقولو‬ ‫تعاىل ‪ { :‬يا أَيػُّها الَّ ِذين آمنوا إِ َذا لَِقيتم الَّ ِ‬ ‫وى ُم ْاأل َْدبَ َار * َوَم ْن يػُ َوّْؽبِ ْم يػَ ْوَمئِ ٍذ‬ ‫ذ‬ ‫َ َُ‬ ‫ين َك َفُروا َز ْح ًفا فَ َبل تُػ َولُّ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ​ُ َ‬ ‫ب ِمن اللَّ ِو ومأْواه جهنَّم وبِْئس الْم ِ‬ ‫ُدبػُرهُ إَِّال ُمتَ َحّْرفًا لِ​ِقتَ ٍاؿ أ َْو ُمتَ َحيّْػًزا إِ َىل فِئَ ٍة فَػ َق ْد بَاء بِغَ َ ٍ‬ ‫صَتُ }‪.‬‬ ‫ض َ َ​َ َ ُ َ َ ُ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫والتحرؼ للقتاؿ ىو أف ينحاز إىل موضع يكوف القتاؿ فيو أجدى وأقوى ‪.‬‬ ‫والتحيز إىل فئة ىو أف يصَت إىل فئة من اؼبسلمُت ليكوف معهم ‪ ،‬فيقوى ّٔم على عدوىم ‪.‬‬

‫ٖ‪7‬‬


‫ب) هبوز للجرحى واؼبصابُت والقائمُت عليهم اػبروج من سورية عند عدـ توفر العبلج اؼبناسب‬

‫ؽبم داخل سورية ‪ ،‬ويلزـ القائم على اؼبصاب العودة للجهاد عند انتهاء حاجة اؼبصاب لو ‪ ،‬وإف‬ ‫عويف اؼبصاب لزمو الرجوع إىل ساحات اعبهاد ‪.‬‬

‫ج) هبوز اػبروج من سوريا لتأمُت ما وبتاجو آّاىدوف من ماؿ أو سبلح أو غَت ذلك ‪ ،‬وال‬

‫يكوف ذلك إال بأمر األمَت إذ ىو اؼبسؤوؿ عن ىذا ‪.‬‬

‫د) من خشي على النساء واألطفاؿ ومن يعوؽبم من غَت القادرين على القتاؿ ‪ ،‬فلو أف يسافر‬ ‫ّٔم لتأمينهم ‪ ،‬و هبب عليو الرجوع بعد تأمينهم ‪.‬‬ ‫* ومن كاف قادراً على اعبهاد وَل يتوفر معو السبلح ‪ ،‬فعليو أف يسعى لتأمُت السبلح وااللتحاؽ‬ ‫بأقرب الكتائب آّاىدة يف منطقتو للجهاد معهم ‪ ،‬فبل يسافر إال إف ضاقت عليو األحواؿ وعجز‬ ‫َّ ِ‬ ‫ين إِ َذا َما أَتَػ ْو َؾ‬ ‫عن ذلك فبل يُكلف اهلل نفساً إال وسعها و إال ما آتاىا‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪َ { :‬وَال َعلَى الذ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫لِتَح ِملَهم قُػْلت َال أ َِج ُد ما أ ِْ‬ ‫يض ِم َن الد َّْم ِع َحَزنًا أََّال َِهب ُدوا َما يػُْن ِف ُقو َف }‪.‬‬ ‫ْ ُْ َ‬ ‫َضبلُ ُك ْم َعلَْيو تَػ َولَّْوا َوأ َْعيُػنُػ ُه ْم تَف ُ‬ ‫َ‬ ‫اللهم أعز اإلسبلـ واؼبسلمُت ‪ ،‬وأظهر كلميت اغبق والدين ‪ ،‬وانصر عبادؾ اؼبوحدين وجنودؾ‬ ‫آّاىدين يف الشاـ ويف كل مكاف ‪ ،‬دبنك وفضلك كرمك يا أكرـ األكرمُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٗ‪7‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 35‬إذا تعددت الكتائب واختلفت اتجاهاتها بمنطقة واحدة ‪ ,‬فبؤٌها‬ ‫ألتحق ؟‬ ‫ومع َمنْ أقاتل ؟‬

‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫عليك أخي آّاىد السعي لبللتحاؽ بالكتائب األكثر تديناً ‪ ،‬و األصفى منهجاً ‪ُ ،‬ث األصلح‬ ‫فاألصلح ‪ ،‬كما قاؿ تعاىل ‪ { :‬يا أَيػُّها الَّ ِذين آمنوا اتَّػ ُقوا اللَّو وُكونُوا مع َّ ِ ِ‬ ‫ُت }‪.‬‬ ‫َ َُ‬ ‫الصادق َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ َ​َ‬ ‫والواجب على صبيع الكتائب أف تتحد مع بعضها البعض ربت راية اإلسبلـ والسنة ‪ ،‬وأف تتعاوف‬ ‫فيما بينها ‪ ،‬لقولو تعاىل ‪َ { :‬وتَػ َع َاونُوا َعلَى الِْ ّْرب َوالتَّػ ْق َوى } ‪.‬‬ ‫ولنهيو سبحانو وتعاىل عن التفرؽ واالختبلؼ ‪ ،‬بقولو ‪ { :‬وال تَ ُكونُوا َكالَّ ِ‬ ‫اختَػلَ ُفوا ِم ْن‬ ‫ذ‬ ‫ين تَػ َفَّرقُوا َو ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يم }‪.‬‬ ‫ات َوأ ُْولَئِ َ‬ ‫بَػ ْعد َما َجاءَ ُى ْم الْبَػيّْػنَ ُ‬ ‫ك َؽبُ ْم َع َذ ٌ‬ ‫اب َعظ ٌ‬ ‫فبل عذر ألحد يف التخلف عن ركب اعبماعة ‪ ،‬خاصة وأف ؿباوالت االجتماع ومقومات الوحدة‬ ‫على األرض أصبحت ماثلة للجميع ‪ ،‬يقوؿ رسولنا وقائدنا عليو الصبلة والسبلـ ‪ْ (( :‬‬ ‫اعةُ َر ْضبَةٌ‬ ‫اعبَ َم َ‬ ‫اب )) زوائد اؼبسند لعبداهلل بن أضبد ‪.‬‬ ‫‪َ ،‬والْ ُفْرقَةُ َع َذ ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ويقوؿ أيضاً ‪َ « :‬علَْي ُكم بِا ْعبم َ ِ ِ‬ ‫اح ِد وُىو ِم ْن ِاالثْػنَػ ْ ِ‬ ‫ُت‬ ‫ْ َ​َ‬ ‫اعة َوإيَّا ُك ْم َوالْ ُفْرقَةَ ؛ فَإ َّف الشَّْيطَا َف َم َع الْ َو َ َ‬ ‫أَبػع ُد ‪ ،‬من أَراد ُحببوحةَ ْ ِ‬ ‫اعةَ ‪َ ،‬م ْن َسَّرتْوُ َح َسنَتُوُ َو َساءَتْوُ َسيّْئَتُوُ فَ َذلِ ُك ْم الْ ُم ْؤِم ُن » رواه‬ ‫اعبَنَّة فَػ ْليَػ ْلَزْـ ا ْعبَ َم َ‬ ‫ْ َ َ ْ َ َ ُْ َ‬ ‫أضبد والًتمذي ‪.‬‬ ‫اع ِة ‪ ،‬فَِ‬ ‫ّْ‬ ‫َّ‬ ‫ب يَأْ ُك ُل الْ َقا ِصيَةَ » رواه أضبد و أبو داود والنسائي ‪.‬‬ ‫ئ‬ ‫الذ‬ ‫ف‬ ‫إ‬ ‫ك بِ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ويقوؿ أيضاً ‪ « :‬فَػ َعلَْي َ‬ ‫اعبَ َم َ‬ ‫َ‬ ‫يقوؿ ابن تيمية رضبو اهلل ‪ ( :‬فمن تعصب ألىل بلدتو ‪ ،‬أو مذىبو ‪ ،‬أو طريقتو ‪ ،‬أو قرابتو ‪ ،‬أو‬ ‫ألصدقائو دوف غَتىم ‪ ،‬كانت فيو شعبة من اعباىلية ‪ ،‬حىت يكوف اؼبؤمنوف كما أمرىم اهلل تعاىل ‪،‬‬ ‫معتصمُت حببلو وكتابو وسنة رسولو ‪ ،‬فإف كتأّم واحد ‪ ،‬ودينهم واحد ‪ ،‬ونبيهم واحد ‪ ،‬ورّٔم إلو‬ ‫واحد ‪ ،‬ال إلو إال ىو ‪ ،‬لو اغبمد يف األوىل واآلخرة ‪ ،‬ولو اغبكم ‪ ،‬وإليو ترجعوف ‪ .‬قاؿ اهلل تعاىل ‪:‬‬ ‫٘‪7‬‬


‫َّ ِ‬ ‫ين َآمنُواْ اتَّػ ُقواْ اللّوَ َح َّق تُػ َقاتِ​ِو‪ }..‬اآليات‪ .‬قاؿ ابن عباس رضي اهلل عنهما ‪" :‬تبيض‬ ‫{ يَا أَيػُّ َها الذ َ‬ ‫وجوه أىل السنة واعبماعة‪ ،‬وتسود وجوه أىل الفرقة والبدعة"‪.‬‬ ‫فاهلل ‪ ،‬اهلل ‪ ،‬عليكم باعبماعة واالئتبلؼ على طاعة اهلل ورسولو ‪ ،‬واعبهاد يف سبيلو ؛ هبمع اهلل‬ ‫قلوبكم ‪ ،‬ويكفر عنكم سيئاتكم ‪ ،‬ووبصل لكم خَت الدنيا واآلخرة ) الفتاوى (‪.)ٕٗ​ٕ /ٕٛ‬‬ ‫اللهم وفق آّاىدين يف الشاـ ؼبا ربب وترضى ‪ ،‬وخذ بناصيتهم للرب والتقوى ‪ ،‬وألّف بُت قلؤّم ‪،‬‬ ‫ص صفوفهم ‪ ،‬وأيدىم جبنود األرض والسماء ‪ ،‬وّكن ؽبم على‬ ‫ووحد كلمتهم‪ ،‬واصبع مشلهم ‪ ،‬و ُر َّ‬ ‫طاعتك ونصرة اإلسبلـ واؼبسلمُت يا رب العاؼبُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪7ٙ‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 36‬هل تصح توبة من قتل عمدا ؟‬ ‫وماذا ٌجب علٌه لتصح توبته ؟‬ ‫ومن لم ٌتب هل ٌدخل النار ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫قتل النفس اؼبعصومة اليت حرمها اهلل تعاىل عمداً من أكرب الكبائر ‪،‬قاؿ تعاىل‪َ { :‬وَم ْن يَػ ْقتُ ْل‬ ‫مؤِمناً متػع ّْمداً فَجزاؤه جهن ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َع َّد لَوُ َع َذاباً َع ِظيماً }‪.‬‬ ‫ب اللَّوُ َعلَْيو َولَ َعنَوُ َوأ َ‬ ‫ُ ْ َُ َ‬ ‫َّم َخالداً ف َيها َو َغض َ‬ ‫َ​َ ُ​ُ َ َ ُ‬ ‫السبع الْموبَِق ِ‬ ‫وقاؿ صلى اهلل عليو وسلم‪ِ « :‬‬ ‫اؿ ‪:‬‬ ‫وؿ اللَّ ِو ‪َ ،‬وَما ُى َّن ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ات ‪ ،‬قَالُوا ‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫ْ‬ ‫اجتَنبُوا َّ ْ َ ُ‬ ‫الشّْرُؾ بِاللَّ ِ‬ ‫الس ْحُر ‪َ ،‬وقَػْتل النَّػ ْف ِ‬ ‫الربَا ‪َ ،‬وأَ ْك ُل َم ِاؿ الْيَتِي ِم ‪،‬‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫و‬ ‫س الَِّيت َحَّرَـ اللَّوُ إَِّال بِا ْغبَ ّْق ‪َ ،‬وأَ ْك ُل ّْ‬ ‫ّْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ات الْغَافِ َبل ِ‬ ‫ات الْمؤِمنَ ِ‬ ‫ؼ الْمحصنَ ِ‬ ‫والتػَّوّْيل يػوـ َّ ِ‬ ‫ت » متفق عليو ‪.‬‬ ‫ُْ‬ ‫الز ْحف ‪َ ،‬وقَ ْذ ُ ُ ْ َ‬ ‫َ َ َْ َ‬ ‫ٍ ِ ِ ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب َد ًما َحَر ًاما »‬ ‫وقاؿ عليو الصبلة والسبلـ ‪ « :‬لَ ْن يَػَز َاؿ الْ ُم ْؤم ُن ِيف فُ ْس َحة م ْن دينو ‪َ ،‬ما َ​َلْ يُص ْ‬ ‫رواه البخاري ‪.‬‬ ‫واؼبسلم إف قتل مؤمناً متعمداً ‪ ،‬فيًتتب عليو ثبلثة حقوؽ ‪:‬‬

‫أولا ‪ :‬حق اهلل تعالى ‪ :‬وىو عصمة النفس اؼبسلمة ‪ ،‬فمن خالف أمر اهلل يف إقدامو على قتل‬

‫نفس معصومة ال ىبرج من ىذا اغبق إال بتحقق شروط التوبة ‪.‬‬ ‫‪ ‬وشروط التوبة من اإلخبلؿ حبقوؽ اهلل تعاىل ‪ ،‬ىي ‪:‬‬ ‫أ ) الندـ على ىذا الفعل "القتل" ‪.‬‬

‫ب) االستغفار من ىذا الفعل "القتل"‪.‬‬

‫جـ) عقد العزـ على أال يعود إىل ىذا الفعل "القتل"‪.‬‬

‫ثاني ا ‪ :‬حق أولياء المقتول ‪ :‬وىو حقهم يف نفس وليهم وعدـ االعتداء عليو‪ ،‬فالقاتل قد تسبب‬

‫حبرماهنم منو يف الدنيا ‪ ،‬وال ىبرج من ىذا اغبق إال بتسليم نفسو ؽبم ‪ ،‬واعًتافو جبريبة القتل ‪.‬‬

‫‪77‬‬


‫وحينئذ ُىبَت أولياء اؼبقتوؿ بُت أحد األمور التالية ‪:‬‬

‫‪ )1‬إما أف يقتصوا من القاتل إذا سبت شروط القصاص ومنها وجود حاكم مسلم يطبق القصاص‬ ‫‪ )2‬أو يأخذوا الدّْية مغلظة ‪.‬‬

‫‪ )3‬أو يعفوا عن القاتل بعوض أو بغَت عوض ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬حق القتيل ‪ :‬يف عدـ االعتداء عليو بقتلو ‪ ،‬وحرمانو من الدنيا ‪ ،‬وال ىبرج من ىذا اغبق‬ ‫إال بالوقوؼ بُت يدي اهلل تعاىل مع من قتلو ‪ ،‬فيقضي اهلل بينهما ‪ ،‬فإف كانت توبة القاتل نصوحاً ‪،‬‬ ‫فقد ذكر أىل العلم أف اهلل عز وجل ‪-‬بفضلو‪ -‬يتحمل عن القاتل ‪ ،‬ويرضي اؼبقتوؿ ‪.‬‬ ‫قاؿ ابن القيم رضبو اهلل ‪ ( :‬والتحقيق يف اؼبسألة أف القتل يتعلق بو ثبلثة حقوؽ ‪ :‬حق هلل ‪ ،‬وحق‬ ‫للمظلوـ اؼبقتوؿ ‪ ،‬وحق للويل ‪ ،‬فإذا سلّم القاتل نفسو طوعاً واختياراً إىل الويل ‪ ،‬ندماً على ما فعل ‪،‬‬ ‫وخوفاً من اهلل ‪ ،‬وتوبةً نصوحاً ‪ :‬يسقط حق اهلل بالتوبة ‪ ،‬وحق الويل باالستيفاء أو الصلح ‪ ،‬أو‬ ‫العفو ‪ ،‬وبقي حق اؼبقتوؿ يعوضو اهلل عنو يوـ القيامة عن عبده التائب احملسن ‪ ،‬ويصلح بينو وبينو ‪،‬‬ ‫فبل يبطل حق ىذا ‪ ،‬وال تبطل توبة ىذا ) اعبواب الكايف (ٕٓٔ)‪.‬‬ ‫فمن تاب ‪ ،‬وصدؽ يف توبتو ‪ ،‬و ّأدى اغبقوؽ الواجبة عليو فقد صحت توبتو ‪ ،‬كما قاؿ تعاىل ‪:‬‬ ‫{ والَّ ِذين ال ي ْدعُو َف مع اللَّ ِو إِ‬ ‫اغبَ ّْق َوال يَػْزنُو َف َوَم ْن‬ ‫ف‬ ‫ػ‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ف‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫ػ‬ ‫ت‬ ‫ق‬ ‫ػ‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫آخ‬ ‫ا‬ ‫ؽب‬ ‫س الَِّيت َحَّرَـ اللَّوُ إِالَّ بِ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اب‬ ‫يَػ ْف َع ْل َذل َ‬ ‫اع ْ‬ ‫ك يَػلْ َق أَثَاماً (‪ )ٙٛ‬يُ َ‬ ‫ضَ‬ ‫اب يَػ ْوَـ الْقيَ َامة َوَىبْلُ ْد فيو ُم َهاناً (‪ )ٜٙ‬إِالَّ َم ْن تَ َ‬ ‫ف لَوُ الْ َع َذ ُ‬ ‫وآمن وع ِمل عمبلً ِ‬ ‫ّْؿ اللَّو سيّْئاهتِ​ِم حسنَ ٍ‬ ‫ات َوَكا َف اللَّوُ َغ ُفوراً َرِحيماً (ٓ‪َ )ٚ‬وَم ْن‬ ‫صاغباً فَأ ُْولَئِ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ​َ َ‬ ‫ك يػُبَد ُ ُ َ َ ْ َ َ‬ ‫تَاب وع ِمل ِ‬ ‫وب إِ َىل اللَّ ِو َمتَاباً }‪.‬‬ ‫صاغباً فَِإنَّوُ يػَتُ ُ‬ ‫َ َ​َ َ َ‬ ‫حرـ اهلل تعاىل ‪ ،‬فإف مات على التوحيد فأمره إىل اهلل تعاىل‬ ‫وأما من َل يتب من قتل النفس اليت َّ‬ ‫إف شاء عذبو ‪ ،‬وإف شاء غفر لو‪ ،‬كما ىي عقيدة أىل السنة واعبماعة يف مرتكب الكبائر ‪ ،‬قاؿ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك لِ َم ْن يَ َشاءُ }‪.‬‬ ‫تعاىل ‪ { :‬إِ َّف اللَّوَ ال يَػ ْغفُر أَ ْف يُ ْشَرَؾ بِ​ِو َويَػ ْغفُر َما ُدو َف َذل َ‬ ‫اللهم احفظ أرواح اؼبسلمُت يف الشاـ ويف كل مكاف ‪ ،‬اللهم احقن دمائهم ‪ ،‬واحفظ أعراضهم‬ ‫وأمواؽبم ‪ ،‬إنك ظبيع ؾبيب ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬ ‫‪73‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 37‬تقترب أٌام عشر ذي الحجة ‪ ,‬ونحن نعٌش فً أرض الشام‬ ‫مآسً وظروفا صعبة‪ ,...‬فهال بٌنتم لنا ‪-‬حفظكم هللا‪ -‬بعضا من فضائل هذه‬ ‫العشر ‪ ,‬واألعمال المستحبة فٌها ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫فإ ّف من فضل اهلل تعاىل على عباده أ ْف جعل ؽبم مواسم للطاعات ‪ ،‬يستكثروف فيها من العمل‬ ‫الصاحل ‪ ،‬ويتنافسوف فيها فيما يقرّٔم إىل رّٔم ‪ ،‬والسعيد من اغتنم تلك اؼبواسم ‪ ،‬وَل هبعلها سبر‬ ‫عليو مروراً عابراً ‪ ،‬ومن ىذه اؼبواسم الفاضلة أياـ عشر من ذي اغبجة ‪.‬‬ ‫{والْ َف ْج ِر* َولَيَ ٍاؿ‬ ‫فقد أقسم اهلل عز وجل ّٔا ‪ ،‬والعظيم ال يُقسم إال بعظيم ‪ .‬يقوؿ سبحانو ‪َ :‬‬ ‫َع ْش ٍر } ‪.‬‬ ‫قاؿ الطربي يف تفسَت ىذه اآلية ‪ ( :‬ىي ليايل عشر ذي اغبجة ‪ ،‬إلصباع اغبُجة من أىل التأويل‬ ‫عليو) تفسَت الطربي (‪. )٘ٔٗ /ٚ‬‬ ‫وقد ورد فيها فضائل كثَتة ‪ ،‬منها ‪:‬‬

‫‪ )1‬أهنا أياـ شهد ؽبا الرسوؿ صلى اهلل عليو وسلم بأهنا أفضل أياـ الدنيا‪ ،‬عن جابر رضي اهلل‬ ‫ض ُل أَيَّ ِاـ ُّ‬ ‫اغبِ َّج ِة »‪.‬‬ ‫الدنْػيَا أَيَّ ُاـ الْ َع ْش ِر ‪َ ،‬ع ْش ِر ِذي ْ‬ ‫عنو عن النِب صلى اهلل عليو وسلم قاؿ ‪ «(( :‬أَفْ َ‬ ‫قَ َاؿ ‪ :‬وَال ِمْثػلُه َّن ِيف سبِ ِيل اللَِّو ؟‪ .‬قَا َؿ ‪َ « :‬ال ِمْثػلُه َّن ِيف سبِ ِيل اللَِّو ‪ ،‬إَِّال رجل َع َّفر و ْجهوُ ِيف التػُّر ِ‬ ‫اب »))‬ ‫َُ ٌ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫رواه البزار وابن حباف ‪.‬‬

‫‪ )2‬حثو صلى اهلل عليو وسلم على العمل الصاحل فيها ‪ ،‬فعن ابن عباس رضي اهلل عنهما قاؿ‪:‬‬ ‫قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪ «(( :‬ما ِمن أَيَّ ٍاـ الْعمل َّ ِ ِ‬ ‫ب إِ َىل اللَّ ِو ِمن ى ِذهِ‬ ‫َح ُّ‬ ‫ْ َ‬ ‫الصال ُح ف َيها أ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ​َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫وؿ اللَّ ِو ‪ ،‬وَال ِْ‬ ‫اد ِيف‬ ‫اد ِيف َسبِ ِيل اللَِّو ؟‪ .‬قَ َ‬ ‫ْاألَيَّ ِاـ يَػ ْع ٍِت أَيَّ َاـ الْ َع ْش ِر » ‪ .‬قَالُوا ‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫اؿ ‪َ «:‬وَال ا ْعب َه ُ‬ ‫اعب َه ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك بِ َش ْي ٍء »)) رواه البخاري‪.‬‬ ‫َسبِ ِيل اللَّ ِو ‪ ،‬إَِّال َر ُج ٌل َخَر َج بِنَػ ْف ِس ِو َوَمال ِو فَػلَ ْم يَػْرج ْع ِم ْن َذل َ‬ ‫‪ )3‬يف العشر يوـ عرفة ‪ ،‬وىو يوـ اغبج األكرب ‪ ،‬ويوـ مغفرة الذنوب ‪ ،‬ويوـ العتق من النَتاف ‪،‬‬ ‫ولو َل يكن يف عشر ذي اغبجة إال يوـ عرفة لكفاىا ذلك فضبلًٓ‬ ‫‪71‬‬


‫ِ ٍ‬ ‫ض َل ِعْن َد اللَّ ِو‬ ‫فعن جابر رضي اهلل عنو عن النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪ ،‬قاؿ ‪َ « :‬وَما م ْن يَػ ْوـ أَفْ َ‬ ‫تعاىل ِم ْن يَػ ْوِـ َعَرفَةَ » رواه ابن حباف ‪.‬‬ ‫اىل فِ ِيو َعْب ًدا ِم َن النَّا ِر ِم ْن يَػ ْوِـ‬ ‫وقاؿ صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬ما ِم ْن يَػ ْوٍـ أَ ْكثَػَر أَ ْف يػُ ْعتِ َق اللَّوُ تَػ َع َ‬ ‫وؿ ‪ :‬ما أَراد ىؤ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ​ِ‬ ‫الء ؟ » رواه مسلم ‪.‬‬ ‫َعَرفَةَ ‪َ ،‬وإِنَّوُ لَيَ ْدنُو ‪ُ​ُ ،‬ثَّ يػُبَاىي ّٔ ُم الْ َمبلئ َكةَ ‪َ ،‬ويَػ ُق ُ َ َ َ َ ُ‬

‫‪ )4‬فيها يوـ النحر ‪ :‬وىو أفضل أياـ السنة عند بعض العلماء ‪ ،‬قاؿ صلى اهلل عليو وسلم ‪:‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّح ِر ‪ُ​ُ ،‬ثَّ يَػ ْوُـ الْ َقّْر » رواه أبو داود والنسائي‪.‬‬ ‫« أ َْعظَ ُم األَيَّ ِاـ عْن َد اللَّو يَػ ْوُـ الن ْ‬ ‫وىذه األياـ اؼبباركات تُعد مناسبةً سنويةً ُمتكررة ذبتمع فيها أُمهات العبادات‪ ،‬و يشًتؾ يف خَتىا‬ ‫وفضلها اغبُجاج إىل بيت اهلل اغبراـ ‪ ،‬واؼبقيموف يف أوطاهنم ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫قاؿ اغبافظ ابن حجر رضبو اهلل ‪ ( :‬والذي يظهر أف السبب يف امتياز عشر ذي اغبجة ؼبكاف‬ ‫اجتماع أمهات العبادة فيو ‪ ،‬وىي الصبلة والصياـ والصدقة واغبج ‪ ،‬وال يتأتى ذلك يف غَته ) الفتح‬ ‫(ٕ‪.)ٗٙٓ /‬‬

‫‪ )5‬أياـ عشر ذي اغبجة أفضل من أياـ العشر األخَت من شهر رمضاف ‪ ،‬قاؿ ابن تيمية رضبو اهلل‪:‬‬ ‫( أياـ عشر ذي اغبجة أفضل من أياـ العشر من رمضاف ‪ ،‬والليايل العشر األواخر من رمضاف‬ ‫أفضل من ليايل عشر ذي اغبجة ) الفتاوى (‪.)ٔٓ​ٓ /ٙ‬‬ ‫ري باؼبسلم أف يستقبل مواسم الطاعات عامة بأمور منها ‪:‬‬ ‫وح ّ​ّ‬ ‫َ‬ ‫• التوبة الصادقة ‪ ،‬قاؿ تعاىل‪ { :‬وتُوبوا إِ َىل اللَّ ِو َِ‬ ‫صبيعاً أَيػُّ َها الْ ُم ْؤِمنُو َف لَ َعلَّ ُك ْم تُػ ْفلِ ُحو َف }‪.‬‬ ‫َ ُ‬ ‫• العزـ اعباد على اغتناـ ىذه األياـ ‪ :‬وأف وبرص حرصاً شديداً على عمارة ىذه األياـ‬ ‫َّ ِ‬ ‫اى ُدوا فِينَا‬ ‫ين َج َ‬ ‫باألعماؿ واألقواؿ الصاغبة‪ ،‬ومن عزـ على شيء أعانو اهلل‪ ،‬قاؿ تعاىل‪َ { :‬والذ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ُت }‪.‬‬ ‫َّه ْم ُسبُػلَنَا َوإِ َّف اللَّوَ لَ َم َع الْ ُم ْحسن َ‬ ‫لَنَػ ْهديَػنػ ُ‬ ‫• البعد عن اؼبعاصي ‪ ،‬فاؼبعاصي أسباب للبعد عن اهلل والطرد من رضبتو‪ ،‬وقد وبرـ اإلنساف‬ ‫رضبة اهلل بسبب ذنب يرتكبو ‪.‬‬ ‫وكل عمل صاحل يقع يف أياـ عشر ذي اغبجة أحب إىل اهلل تعاىل من نفسو إذا وقع يف غَتىا‪،‬‬ ‫وإذا كاف العمل فيهن أحب إىل اهلل فهو أفضل عنده ‪.‬‬ ‫ٓ‪3‬‬


‫وإذا علم اإلنساف مقدار ىذا الفضل العظيم واألجور اؼبضاعفة يف األياـ العشر ‪ ،‬لزمو معرفة ما‬ ‫يستحب فعلو فيها ‪ ،‬حىت يناؿ أحب األعماؿ الصاغبة اليت وببها اهلل ‪ ،‬وذبعل فاعلها يف أعلى‬ ‫منازؿ اعبنة‪ ،...‬ومن ىذه األعماؿ ‪:‬‬ ‫‪ -1‬اعبهاد وخاصة جهاد الدفع ‪ ،‬فعن ابن عباس رضي اهلل عنهما قاؿ ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى‬ ‫اهلل عليو وسلم ‪ «(( :‬ما ِمن أَيَّ ٍاـ الْعمل َّ ِ ِ‬ ‫ب إِ َىل اللَّ ِو َعَّز َو َج َّل ِم ْن َى ِذهِ ْاألَيَّ ِاـ »‪،‬‬ ‫َح ُّ‬ ‫الصال ُح ف َيها أ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ​َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫وؿ اللَّ ِو ‪ ،‬وَال ِْ‬ ‫اد ِيف َسبِ ِيل‬ ‫اد ِيف َسبِ ِيل اللَّ ِو ‪ ،‬قَ َ‬ ‫يَػ ْع ٍِت ‪ :‬أَيَّ َاـ الْ َع ْش ِر ‪ ،‬قَالُوا ‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫اؿ ‪َ « :‬وَال ا ْعب َه ُ‬ ‫اعب َه ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك بِ َش ْي ٍء »)) رواه البخاري ‪.‬‬ ‫اللَّ ِو ‪ ،‬إَِّال َر ُج ًبل َخَر َج بِنَػ ْف ِس ِو َوَمال ِو ‪ُ​ُ ،‬ثَّ َ​َلْ يَػْرج ْع ِم ْن ذَل َ‬ ‫فيا فرحة َمن جاىد يف ىذه األياـ ‪ ،‬وقاتل آّرمُت اؼبعتدين ‪ ،‬أعداء اؼبلة والدين ‪ ،‬ويا ؽبناء‬ ‫آّاىدين يف سوريا على ىذا الشرؼ العظيم ‪ ،‬والعمل اعبليل الذي يقوموف عليو يف الذود عن‬ ‫حياض دينهم وعرضهم وأمتهم ‪.‬‬

‫‪ -2‬أداء مناسك اغبج والعمرة ‪ ،‬ونبا أفضل ما يعمل يف عشر ذي اغبجة ‪ ،‬ومن يسر اهلل لو‬ ‫حج بيتو أو أداء العمرة على الوجو اؼبطلوب فجزاؤه اعبنة ؛ لقوؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪:‬‬ ‫« الْعمرةُ إِ َىل الْعمرةِ َك َّفارةٌ لِ‬ ‫اعبَنَّةُ » متفق عليو ‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ور‬ ‫ر‬ ‫ػ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ج‬ ‫اغب‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ػ‬ ‫ن‬ ‫ػ‬ ‫ي‬ ‫ػ‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫س لَوُ َجَزاءٌ إَِّال ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َْ َ َ‬ ‫ُ َْ‬ ‫َُ​ُ َ‬ ‫وقد أفىت أىل العلم أف األوىل ؼبن أراد أف وبج النافلة ‪ ،‬أف يرسل تكلفتو إىل إخوانو يف سوريا ‪،‬‬ ‫فهذا أعظم أجراً ‪ ،‬راجع فتوانا رقم ( ‪. )ٔٚ‬‬ ‫ٖ‪ -‬الصياـ ‪ :‬وقد أضافو اهلل إىل نفسو لعظم شأنو وعلو قدره ‪ ،‬فقاؿ سبحانو يف اغبديث‬ ‫َج ِزي بِ​ِو » متفق عليو ‪.‬‬ ‫آد َـ لَوُ إَِّال َّ‬ ‫القدسي ‪ُ (( :‬ك ُّل َع َم ِل ابْ ِن َ‬ ‫الص ْوَـ فَِإنَّوُ ِيل ‪َ ،‬وأَنَا أ ْ‬ ‫خص النِب صلى اهلل عليو وسلم صياـ يوـ عرفة من بُت أياـ عشر ذي اغبجة دبزيد عناية ‪،‬‬ ‫وقد َّ‬ ‫وبُت فضل صيامو لغَت اغباج ‪ ،‬فقاؿ ‪ِ « :‬صياـ يػوِـ عرفَةَ أ ِ‬ ‫السنَةَ الَِّيت‬ ‫َّ‬ ‫ب َعلَى اللَّ ِو أَ ْف يُ َكفَّْر َّ‬ ‫َ ُ َ ْ َ​َ ْ‬ ‫َحتَس ُ‬ ‫السنَةَ الَِّيت بَػ ْع َدهُ » رواه مسلم‪.‬‬ ‫قَػْبػلَوُ ‪َ ،‬و َّ‬ ‫وقد ذىب إىل استحباب صياـ العشر النووي رضبو اهلل ‪ ،‬وقاؿ عن صيامها ‪ ( :‬مستحب‬ ‫استحباباً شديداً ) شرح مسلم (‪. )ٛٔ /ٚ‬‬ ‫أما اغباج فعليو أف ال يصوـ ذلك اليوـ ليتفرغ للدعاء ‪ ،‬ويتقوى على العبادة ىناؾ ‪.‬‬ ‫ٔ‪3‬‬


‫أجل األعماؿ وأعظمها وأكثرىا فضبلً ‪ ،‬وؽبذا هبب على اؼبسلم احملافظة‬ ‫‪ -4‬الصبلة ‪ ،‬وىي من ّ‬

‫عليها يف أوقاهتا مع اعبماعة ‪ ،‬وعليو أف يكثر من النوافل يف ىذه األياـ ‪ ،‬فإهنا من أفضل القربات ‪،‬‬ ‫يل بِالنػ َ​َّوافِ ِل َح َّىت‬ ‫ب إِ َ​َّ‬ ‫وقد قاؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم فيما يرويو عن ربو ‪َ « :‬وَما يَػَز ُاؿ الْ َعْب ُد يَػتَػ َقَّر ُ‬ ‫أ ُِحبَّوُ » رواه البخاري ‪.‬‬

‫‪ -5‬التكبَت والتحميد والتهليل والذكر‪ :‬فيستحب رفع الصوت بالتكبَت يف األسواؽ والدور‬ ‫والطرؽ واؼبساجد وغَتىا ‪ ،‬لقولو تعاىل ‪َ { :‬ولِتُ َكبّْػُروا اللَّوَ َعلَى َما َى َدا ُك ْم }‪.‬‬ ‫وعن ابن عمر رضي اهلل عنهما أف النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪ ،‬قاؿ ‪َ « :‬ما ِم ْن أَيَّ ٍاـ أ َْعظَ ُم ِعْن َد‬ ‫ِ‬ ‫ب إِلَْي ِو ِم َن الْ َع َم ِل فِي ِه َّن ‪ِ ،‬م ْن َى ِذهِ ْاألَيَّ ِاـ الْ َع ْش ِر ‪ ،‬فَأَ ْكثُِروا فِي ِه َّن ِم َن التػ َّْهلِ ِيل َوالتَّ ْكبِ َِت‬ ‫َح ُّ‬ ‫اللَّو ‪َ ،‬وَال أ َ‬ ‫والتَّح ِم ِ‬ ‫يد » رواه أضبد ‪.‬‬ ‫َ ْ‬ ‫وقاؿ البخاري رضبو اهلل ‪" :‬كاف ابن عمر وأبو ىريرة رضي اهلل عنهما ىبرجاف إىل السوؽ يف أياـ‬ ‫العشر يكرباف ‪ ،‬ويكرب الناس بتكبَتىا " ‪.‬‬ ‫وكم زلزؿ التكبَت من عروش الطغاة يف سوريا وغَتىا ‪ ،‬فكاف التكبَت عندىم هتمة يستحق فاعلها‬ ‫القتل والسجن والتعذيب ‪.‬‬

‫‪ -6‬الصدقة ‪ ،‬وىي من صبلة األعماؿ الصاغبة اليت يُستحب للمسلم اإلكثار منها يف ىذه األياـ ‪،‬‬ ‫ص َدقَةٌ ِم ْن َم ٍاؿ » رواه مسلم ‪.‬‬ ‫صْ‬ ‫قاؿ صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬ما نَػ َق َ‬ ‫ت َ‬ ‫ويًتتب على الصدقة تأكيد الروابط االجتماعية يف آّتمع اؼبسلم من خبلؿ تفقد أحواؿ الفقراء‬ ‫واؼبساكُت واليتامى واؼبحتاجُت وسد حاجتهم ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ويزداد التأكيد على الصدقة يف ىذه الظروؼ الصعبة اليت يبر ّٔا الشعب السوري اؼبسلم ‪ ،‬بعد‬ ‫أف اتبع النظاـ آّرـ سياسة التجويع ضد عامة الشعب ‪ ،‬وىذا ما استدعى بذؿ اؼبزيد من اعبهود يف‬ ‫اذباه التكافل االجتماعي ‪.‬‬

‫‪ -7‬تُشرع األضحية يف يوـ النحر وأياـ التشريق ‪ ،‬وىو سنة أبينا إبراىيم عليو الصبلة والسبلـ ‪،‬‬ ‫ُت أَقْػرنَػ ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُت َذ َحبَ ُه َما بِيَ ِدهِ ‪َ ،‬و َظبَّى ‪َ ،‬وَكبَّػَر ‪،‬‬ ‫فقد (( َ‬ ‫ض َّحى النِ ُّ‬ ‫َّىب صلى اهلل عليو وسلم ب َكْب َش ُْت أ َْملَ َح ْ َ‬ ‫ووضع ِرجلَو علَى ِص َف ِ‬ ‫اح ِه َما )) متفق عليو ‪.‬‬ ‫َ​َ َ َ ْ ُ َ‬ ‫ٕ‪3‬‬


‫فهي سنة مؤكدة على كل مسلم حاج أو غَت حاج ذكر أو أنثى ‪ ،‬ينبغي لكل قادر موسر أال‬ ‫يدعها ‪ ،‬ألهنا شعَتة عظيمة من شعائر الدين اإلسبلمي اغبنيف ‪.‬‬ ‫ص َّبلنَا » رواه ابن ماجو ‪.‬‬ ‫من َكا َف لَوُ َس َعةٌ َوَ​َلْ يُ َ‬ ‫ض ّْح ‪ ،‬فَ َبل يَػ ْقَربَ َّن ُم َ‬ ‫قاؿ صلى اهلل عليو وسلم ‪ْ « :‬‬ ‫وعلى من أراد أف يضحي أف يبتنع عن أخذ شيء من شعره أو أظفاره بدءً من أوؿ أياـ العشر‬ ‫‪،‬لقوؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم‪ « :‬إ ذَا رأَيػتُم ِى َبل َؿ ِذي ِْ ِ‬ ‫ض ّْح َي ‪،‬‬ ‫َح ُد ُك ْم أَ ْف يُ َ‬ ‫اغب َّجة َوأ َ​َر َاد أ َ‬ ‫َْ ْ‬ ‫ك َع ْن َش ْع ِرهِ َوأَظَْفا ِرِه » رواه مسلم ‪.‬‬ ‫فَػ ْليُ ْم ِس ْ‬ ‫ومن أخذ من ذلك شيئاً متعمداً ‪ ،‬فهو آُث ‪ ،‬وعليو التوبة واالستغفار ‪ ،‬وأضحيتو صحيحة‪.‬‬ ‫وكبث إخواننا اؼبسلمُت إرساؿ أضاحيهم إىل سوريا ‪ ،‬ألف أىلها اآلف ىم أحوج الناس إليها ‪ ،‬يف‬ ‫ظل ىذه الظروؼ الصعبة اليت سبر ّٔم ‪.‬‬ ‫‪ -ٚ‬الدعاء ‪ ،‬فيُستحب اإلكثار من الدعاء الصاحل يف ىذه األياـ اغتناماً لفضيلتها ‪ ،‬وطمعاً يف‬ ‫ربقق اإلجابة فيها ‪.‬‬ ‫وال أفضل يف ىذه األوقات من دعاء اؼبسلمُت إلخواهنم اؼبستضعفُت يف أرض الشاـ ‪ ،‬باإلعانة و‬ ‫الثبات و النصرة والتمكُت على القوـ آّرمُت ‪ ،‬فاؼبسلموف كاعبسد الواحد ‪ ،‬إذا اشتكى منو عضو‬ ‫تداعى لو سائر اعبسد باغبمى والسهر ‪.‬‬ ‫إف أعماؿ اػبَت كثَتة يف ىذه األياـ العشرة ‪ ،‬والسعيػد من وفػق ؽبا ‪ ،‬واحملروـ من حرـ ىذه‬ ‫األجور العظيمة واؼبضاعفات الكبَتة يف ىذه األياـ اؼبعلومة اليت نطق بفضلها القرآف ‪ ،‬ونادى‬ ‫بصيامها وإعمارىا بالطاعات والقربات رسوؿ اإلسبلـ ‪ ،‬وتسابق فيها السلف الصاحل واػبلف الفاحل‬ ‫‪ ،‬فما ال يُدرؾ كلو ال يًُتؾ جلّو ‪ ،‬فإف فاتك اغبج والعمرة فبل يفوتنك الصوـ والقياـ وكثرة الذكر‬ ‫واالستغفار ‪.‬‬ ‫ري بنا أف لبص ىذه العشر دبزيد عناية واىتماـ ‪ ،‬وأف كبرص على ؾباىدة النفس بالطاعة‬ ‫وح ّ​ّ‬ ‫َ‬ ‫فيها ‪ ،‬وأف نكثر من أوجو اػبَت وأنواع الطاعات ‪ ،‬فقد كاف ىذا ىو حاؿ السلف الصاحل يف مثل‬ ‫ىذه اؼبواسم ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬ ‫ٖ‪3‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 38‬كٌؾ ٌتم التعامل مع الجواسٌس "العواٌنٌة" فً سورٌا ‪ ,‬وقد‬ ‫اشتد أذاهم ‪ ,‬و أصبحنا نعٌش فً حالة رعب منهم ؟‬ ‫وهل ٌجوز لنا قتلهم ؟‬ ‫وهل ٌجوز االعتداء على أقارب الجاسوس ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫الصحيح يف حكم اعباسوس اؼبسلم ‪ ،‬أنو ىبَت فيو األمَت حبسب اؼبصلحة اليت يراىا بُت القتل أو‬ ‫التعزير حبسب ِعظَم ُجرمو و ضررهِ على الناس ‪.‬‬ ‫ولقد تسبب اعبواسيس "العواينية" ‪-‬الذين َهبُ ُّسوف لصاحل العصابات األسدية احملتلة‪ -‬يف إيذاء‬ ‫آّاىدين ونشطاء الثورة بالقتل ‪ ،‬والسجن ‪ ،‬والتعذيب ‪ ،‬وانتهاؾ األعراض وحرمات البيوت ‪،‬‬ ‫وسرقة األمواؿ واؼبمتلكات ‪.‬‬ ‫وأدى إىل عيش الناس يف حالة رعب منهم ومن أذاىم ‪ ،‬فأمثاؿ ىؤالء اعبواسيس والعواينية ينبغي‬ ‫قتلهم ‪.‬‬ ‫وال فرؽ يف ذلك بُت الرجل و اؼبرأة ‪ ،‬فمن ذبسس منهم هبوز قتلو ‪.‬‬ ‫وقاؿ ابن فرحوف اؼبالكي رضبو اهلل يف تبصرة اغبكاـ (ٕ‪ ( : )ٜٔٗ /‬قاؿ سحنوف ‪ :‬يف اؼبسلم‬ ‫اب ‪ ،‬وال ديَّة لورثتو كاحملارب )‪.‬‬ ‫يكتب ألىل اغبرب بأخبارنا ‪ ،‬يُقتَ ُل ‪ ،‬وال يُستَتَ ُ‬ ‫وقاؿ الذىِب رضبو اهلل يف كتاب الكبائر (‪ ( : )ٗٙ​ٙ‬الكبَتة التاسعة والستوف ‪ :‬من جس على‬ ‫اؼبسلمُت ‪َّ ،‬‬ ‫ودؿ على عوراهتم ‪.‬‬ ‫فيو حديث حاطب بن أيب بلتعة ‪ ،‬وأف عمر أراد قتلو دبا فعل ‪ ،‬فمنعو رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬ ‫وسلم من قتلو ‪ ،‬لكونو شهد بدراً ‪.‬‬ ‫إذا ترتب على جسو وىن على اإلسبلـ وأىلو ‪ ،‬وقتل ‪ ،‬أو سِب ‪ ،‬أو هنب ‪ ،‬أو شيء من ذلك ‪،‬‬ ‫فهذا فبن سعى يف األرض فساداً وأىلك اغبرث والنسل ‪ ،‬فيتعُت قتلو ‪ ،‬وحق عليو العذاب ‪ ،‬فنسأؿ‬ ‫اهلل العفو والعافية )‪.‬‬ ‫ٗ‪3‬‬


‫وقاؿ ابن رشد رضبو اهلل يف البياف و التحصيل (ٕ‪ )ٖ٘ٚ /‬بعد أف رجح قتل اعباسوس ‪ ( :‬ألف‬ ‫اعباسوس أضر على اؼبسلمُت من احملارب ‪ ،‬وأش ّد فساداً يف األرض منو ‪ ،‬و قد قاؿ اهلل تعاىل‪-‬يف‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين ُوبَا ِربُو َف اللَّة َوَر ُسولَوُ }‪ ،‬فللجاسوس حكم احملارب )‪.‬‬ ‫احملارب‪ { :-‬إَّمبَا َجَزاءُ الذ َ‬ ‫وقاؿ ابن تيمية رضبو اهلل يف الفتاوى الكربى (٘‪ ( : )ٖ٘ٓ /‬ويُقتَل اعباسوس الذي يكرر‬ ‫التجسس ‪ ،‬وقد ذكر شيئاً من ىذا اغبنفية واؼبالكية ‪ ،‬وإليو يرجع قوؿ ابن عقيل ‪ ،‬وىو أصل عظيم‬ ‫يف صبلح الناس )‪.‬‬ ‫وقاؿ ابن عثيمُت رضبو اهلل يف ؾبموع فتاواه (ٕ٘‪ ( : )ٖٜٛ /‬الصحيح أنو هبوز قتل اعباسوس‬ ‫مسلما ؛ َّ‬ ‫ألف جريبتو عظيمة ‪ ،‬وفعلو ىذا مواالة‬ ‫الذي ينقل أخبار اؼبسلمُت إىل أعدائهم ‪ ،‬ولو كاف ً‬ ‫ودليل ذلك أف حاطب بن أيب بلتعة ؼبا أرسل كتابًا إىل قريش ‪ ،‬وعلم بو النِب‬ ‫للكفار يف الغالب ‪ُ ،‬‬ ‫صلى اهلل عليو وسلم ‪ ،‬وسألو ما ىذا ؟ فأخربه بعذره ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬أال نقتلو يا رسوؿ اهلل ‪ .‬فمنع من‬ ‫ِ‬ ‫غفرت لكم " ‪ .‬فهذا‬ ‫قَػْتلو ‪ ،‬وقاؿ ‪ " :‬لعل اهلل اطلع على أىل بد ٍر ‪ ،‬فقاؿ ‪ :‬اعملوا ما شئتُم ‪ ،‬فقد ُ‬ ‫ُّ‬ ‫جائز ‪ ،‬وأنو لوال اؼبانع يف قصة حاطب لقتلو )‪.‬‬ ‫يدؿ على أف قتل اعباسوس ٌ‬ ‫الظن والتهم واإلشاعات ‪ ،‬بل ال َّ‬ ‫بد‬ ‫ونؤكد يف ىذا اؼبقاـ أنو ال يُكت َفى يف مثل ىذه األمور دبجرد ّ‬ ‫من قياـ الدليل الشرعي اؼبعترب على إدانة اعباسوس "العوايٍت" ‪.‬‬ ‫وال يقوـ آحاد الناس بقتل اعباسوس ؛ لئبل ربصل الفوضى ‪ ،‬وتُلقى التهم ُجزافاً ‪ ،‬ويُتساىل يف‬ ‫حرمة الدماء ‪ ،‬بل يتوىل أمر اعباسوس احملاكم الشرعية التابعة لكتائب آّاىدين ‪.‬‬ ‫أما بالنسبة ألقارب اعباسوس فبل هبوز االعتداء عليهم إف َل يكونوا معاونُت للجاسوس على‬ ‫ذبسسو ؛ ألف القريب ال يؤخذ جبريرة قريبو ‪ ،‬وحرمة دـ وماؿ ىذا القريب كحرمة دـ وماؿ بقية أفراد‬ ‫الشعب اؼبسلم ‪ ،‬وقد تكاثرت النصوص الشرعية يف الزجر والنهي عن أخذ اإلنساف جبريرة غَته ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫كقولو تعاىل ‪ { :‬ومن ي ْك ِس ِ َِّ ِ‬ ‫ب ُك ُّل‬ ‫َ​َ ْ َ ْ‬ ‫ب إشبًا فَإمبَا يَ ْكسبُوُ َعلَى نَػ ْفسو }‪ ،‬وقاؿ سبحانو ‪َ { :‬وَال تَ ْكس ُ‬ ‫نَػ ْف ٍ‬ ‫س إَِّال َعلَْيػ َها‪َ ،‬وَال تَ ِزُر َوا ِزَرةٌ ِوْزَر أُ ْخَرى }‪.‬‬ ‫يعجل خبلصنا من العصابة األسدية اؼبتسلطة يف الشاـ ‪،‬‬ ‫نسأؿ اهلل العظيم رب العرش العظيم أف ّ‬ ‫عجل بعقوبتهم يف الدنيا‬ ‫وأف يكف شر اعبواسيس ‪ ،‬وأف يفضح سًتىم ‪ ،‬ويشغلهم بأنفسهم ‪ ،‬ويُ ّ‬ ‫قبل اآلخرة ‪ ،‬وأف وبفظ آّاىدين من شرىم ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬ ‫٘‪3‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 39‬ما حكم الذي ٌُقدم على قتل نفسه لئال ٌقع أسٌرا فً أٌدي‬ ‫عصابة األسد المحتلة للبلد ‪ ,‬خوفا من أن ٌفشً بمعلومات هامة عن الجٌش‬ ‫الحر أو المجاهدٌن تحت التعذٌب ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫االنتحار ؿبرـ ‪ ،‬بالكتاب والسنة وإصباع األمة ؛ قاؿ تعاىل ‪َ { :‬وال تَػ ْقتُػلُوا أَن ُف َس ُك ْم إِ َّف اللَّوَ َكا َف‬ ‫بِ ُك ْم َرِحيماً }‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّم ‪ ،‬يػَتَػَرَّدى‬ ‫وقاؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬م ْن تَػَرَّدى م ْن َجبَ ٍل فَػ َقتَ َل نَػ ْف َسوُ فَػ ُه َو يف نَار َج َهن َ‬ ‫فِ ِيو َخالِ ًدا ُـبَلَّ ًدا فِ َيها أَبَ ًدا ‪َ ،‬وَم ْن َربَ َّسى ُظبِّا فَػ َقتَ َل نَػ ْف َسوُ فَ ُس ُّموُ ِيف يَ ِدهِ يػَتَ َح َّساهُ ِيف نَا ِر َج َهنَّ َم َخالِ ًدا‬ ‫يدةٍ فَح ِ‬ ‫ُـبَلَّ ًدا فِيها أَب ًدا ‪ ،‬ومن قَػتل نَػ ْفسو ِحب ِ‬ ‫يدتُو ِيف ي ِدهِ َهبأُ ِّٔا ِيف بطْنِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّم َخالِ ًدا ُـبَلَّ ًدا‬ ‫ن‬ ‫ه‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫يف‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ​َ ْ َ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫فِ َيها أَبَ ًدا » متفق عليو ‪.‬‬ ‫وعليو فبل هبوز للمسلم أف ينتحر آّاىد لظنو أنو سيقع أسَتاً ‪.‬‬ ‫والذي ننصح بو قادة آّاىدين أف يكوف إطبلعهم للمجاىدين على اؼبعلومات على قدر اغباجة‬ ‫ال على قدر الثقة ‪ ،‬فبل يطلعوف أي شخص على اؼبعلومات اؼبهمة اليت قد تُضر باعبماعة عند‬ ‫الوقوع يف األسر ‪ ،‬ال قدَّر اهلل تعاىل ‪.‬‬ ‫ومن ابتلي باألسر فعليو الصرب على قضاء اهلل وقدره ‪ ،‬واحتساب األجر يف ذلك ‪ ،‬وكتماف أسرار‬ ‫ف نَػ ْفساً إِالَّ ُو ْس َع َها }‪.‬‬ ‫آّاىدين قدر استطاعتو ‪ ،‬و { ال نُ َكلّْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫َصابَػْتوُ َسَّر ُاء‬ ‫وقاؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬ع َجبًا أل َْم ِر الْ ُم ْؤم ِن ‪ ،‬إِ َّف أ َْمَرهُ ُكلَّوُ لَوُ َخْيػٌر ‪ ،‬إِ ْف أ َ‬ ‫صبَػَر فَ َكا َف َخْيػًرا لَوُ » رواه مسلم‪.‬‬ ‫َصابَػْتوُ َ‬ ‫ضَّراءُ َ‬ ‫َش َكَر فَ َكا َف َخْيػًرا لَوُ ‪َ ،‬وإِ ْف أ َ‬ ‫ك أسر اؼبأسورين وسجن اؼبسجونُت من اؼبسلمُت ‪ ،‬وال ذبعلهم فتنة للقوـ الكافرين ‪،‬‬ ‫اللهم فُ ّ‬ ‫وأعنا على فكاؾ العاٍل واألسَت ‪ ،‬يا أكرـ األكرمُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬ ‫‪3ٙ‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 41‬ما حكم نشر مقاطع الفٌدٌو المهمة التً ٌرافقها أصوات‬ ‫المعازؾ والموسٌقى ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫اؼبوسيقى واؼبعازؼ ؿبرمة بالنص واإلصباع ‪ُ ،‬معاقَب على فعلها ‪ ،‬كما قاؿ صلى اهلل عليو وسلم ‪:‬‬ ‫اغبِ‬ ‫« لَي ُكونَ َّن ِمن أ َُّم ِيت أَقْػواـ يستَ ِ‬ ‫ؼ ولَيَػْن ِزلَ َّن أَقْػو ٌاـ إِ َىل َجْن ِ‬ ‫اػبَ ْمر ‪ ،‬والْم َعا ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ب َعلَ ٍم‬ ‫ز‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ير‬ ‫ر‬ ‫اغب‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫ح‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫ٌَ َْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫يػروح بِسا ِرح ٍة َؽبم يأْتِي ِهم يػع ٍِت الْ َف ِقَت ِغب ٍ‬ ‫ض ُع الْ َعلَ َم‬ ‫اجة ‪ ،‬فَػيَػ ُقولُو َف ْارج ْع إِلَْيػنَا َغ ًدا ‪ ،‬فَػيُبَػيّْتُػ ُه ُم اللَّوُ َويَ َ‬ ‫َُ ُ َ َ ُ ْ َ ْ َ ْ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫ين قَِرَدةً ‪َ ،‬و َخنَا ِز َير إِ َىل يَػ ْوِـ الْ ِقيَ َام ِة » رواه البخاري ‪.‬‬ ‫َويبَْ َس ُخ َ‬ ‫آخ ِر َ‬ ‫فقرف نبينا صلى اهلل عليو وسلم يف ىذا اغبديث ظباع اؼبعازؼ بكبائر الفواحش من طبر وزنا‬ ‫والعياذ باهلل تعاىل ‪ ،‬وجعلها من أسباب العقوبة ‪.‬‬ ‫فلذلك ال هبوز نشر اؼبعازؼ أو غَتىا من اؼبنكرات يف مقاطع الفيديو مهما كانت ىامة ‪ ،‬فإهنا‬ ‫ليست بأىم من طاعة اهلل تعاىل ‪.‬‬ ‫ويُشرع ؼبن رأى مصلحة راجحة يف عرض ونشر مادة الفلم ؛ أف يبتثل قولو صلى اهلل عليو وسلم ‪:‬‬ ‫« َم ْن َرأَى ِمْن ُك ْم ُمْن َكًرا فَػ ْليُػغَيّْػْرهُ بِيَ ِدهِ » رواه مسلم ‪.‬‬ ‫فيعمل على معاعبة اؼبقطع اؼبراد نشره ‪ ،‬بإزالة ما فيو من اؼبنكرات أو اؼبعازؼ ‪ ،‬وهبعل مكاهنا‬ ‫بعضاً من األناشيد اغبماسية واعبهادية اػبالية من اؼبوسيقى ‪.‬‬ ‫َّصُر إِالَّ ِم ْن ِعْن ِد اللَّ ِو الْ َع ِزي ِز‬ ‫ولنتذكر صبيعاً أف النصر بيد اهلل سبحانو ‪ ،‬كما قاؿ تعاىل ‪َ { :‬وَما الن ْ‬ ‫اغبَ ِكي ِم }‪ ،‬وأننا إمبا ننتصر على عدونا بنصر اهلل لنا عندما ننصر دينو ومبتثل أوامره ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫{ يا أَيػُّها الَّ ِ‬ ‫ت أَقْ َد َام ُك ْم }‪.‬‬ ‫ذ‬ ‫نصْرُك ْم َويػُثَبّْ ْ‬ ‫نصُروا اللَّوَ يَ ُ‬ ‫ين َآمنُوا إِ ْف تَ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫فلنحرص على طاعة اهلل ‪ ،‬ونبذ معصيتو ‪ ،‬ليتحقق لنا النصر الذي وعدنا ‪.‬‬ ‫اللهم فقهنا يف الدين ‪ ،‬وعلمنا التأويل ‪ ،‬وخذ بيدنا لطاعتك ‪ ،‬واصرفنا عن معصيتك ‪ ،‬ووفقنا‬ ‫لؤلخذ بأسباب نصرؾ يا أرحم الراضبُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬ ‫‪37‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 41‬رئٌس بلدٌة من لصوص النظام ‪ ,‬ومعظم ثروته مسروقة من‬ ‫المال العام و أموال الناس ‪ ,‬فهل ٌجوز للمجاهدٌن االستٌالء على البعض من‬ ‫سٌاراته ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫ال هبوز االستيبلء على أمواؿ أحد من غَت احملاربُت إال بعد الفصل يف ىذه األمواؿ من قبل‬ ‫ؿبكمة شرعية عادلة ‪ ،‬ويكوف ذلك يف اؼبناطق اليت يسيطر عليها آّاىدوف ‪.‬‬ ‫قاؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم قاؿ ‪ « :‬لو يػ ْعطَى الن ِ‬ ‫اس ِد َماءَ ِر َج ٍاؿ ‪،‬‬ ‫ْ ُ‬ ‫َّاس ب َد ْع َو ُاى ْم َال َّد َعى نَ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّعى َعلَْي ِو » رواه مسلم ‪.‬‬ ‫ُت َعلَى الْ ُمد َ‬ ‫َوأ َْم َوا َؽبُ ْم َولَك َّن الْيَم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُت َعلَى َم ْن أَنْ َكَر » رواه البيهقي ‪.‬‬ ‫ويف لفظ ‪َ « :‬ولَك َّن الْبَػيّْػنَةَ َعلَى الْ ُمدَّعي ‪َ ،‬والْيَم َ‬ ‫صرؼ ىذا اؼباؿ بعد اغبكم بو يف مصاحل آّاىدين ومصاحل الشعب العامة ‪.‬‬ ‫ويُ َ‬ ‫اللهم م ّكن للمجاىدين يف سبيلك يف الشاـ ويف كل مكاف ‪ ،‬واقمع أىل الكفر والزيغ والفساد ‪،‬‬ ‫بعزتك يا عزيز يا جبار ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪33‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 42‬ىل هبوز استهداؼ ذبمعات جنود وشبيحة جيش االحتبلؿ األسدي بالقتل‬ ‫مع احتماؿ وجود اؼبكره فيهم على ضبل السبلح ؟‬

‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫هبوز استهداؼ كل من ضبل السبلح مع عصابات اؼبوالية للمحتل يف وجو آّاىدين واؼبتظاىرين ‪،‬‬ ‫ِ ِ ِ ِ َّ ِ‬ ‫ين يػُ َقاتِلُونَ ُك ْم‬ ‫ألنو يف ظاىره مواؿ للعصابة األسدية آّرمة ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪ { :‬وقَاتلُوا يف َسب ِيل اللَّو الذ َ‬ ‫ب الْمعت ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين }‪ ،‬وقاؿ تعاىل ‪َ { :‬وَم ْن يَػتَػ َوَّؽبُ ْم ِمْن ُك ْم فَِإنَّوُ ِمْنػ ُه ْم إِ َّف اللَّوَ ال‬ ‫د‬ ‫َوَال تَػ ْعتَ ُدوا إ َّف اللَّوَ َال ُوب ُّ ُ ْ َ َ‬ ‫يػه ِدي الْ َقوـ الظَّالِ ِ‬ ‫س ِمنَّا »‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ػ‬ ‫ف‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ػ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ح‬ ‫بل‬ ‫الس‬ ‫ل‬ ‫ضب‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫«‬ ‫‪:‬‬ ‫وسلم‬ ‫عليو‬ ‫اهلل‬ ‫صلى‬ ‫النِب‬ ‫وقاؿ‬ ‫‪،‬‬ ‫}‬ ‫ُت‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫متفق عليو ‪.‬‬ ‫ؤمر‬ ‫وأما بالنسبة لوجود اعبنود اؼبسلمُت اؼبكرىُت على ضبل السبلح مع العصابة احملتلة ‪ ،‬فإنَّا َل نُ َ‬ ‫بالشق عن قلوب الناس ‪ ،‬بل نعاملهم دبا ظهر لنا منهم ‪ ،‬ولو أردنا أف نفتش عن سرائر الناس‬ ‫ألفضى إىل تعطيل اعبهاد ‪.‬‬ ‫يقوؿ ابن تيمية رضبو اهلل عن التتار ‪ ( :‬وغاية ما يوجد من ىؤالء يكوف ملحداً نصَتياً ‪ ،‬أو‬ ‫إظباعيلياً ‪ ،‬أو رافضياً ‪ ،‬وخيارىم يكوف جهمياً اربادياً أو كبوه ‪ ،‬فإنو ال ينضم إليهم طوعاً من‬ ‫اؼبظهرين لئلسبلـ إال منافق ‪ ،‬أو زنديق ‪ ،‬أو فاسق فاجر ‪ ،‬ومن أخرجوه معهم ُمكرىاً فإنو يبعث‬ ‫على نيتو ‪ ،‬وكبن علينا أف نقاتل العسكر صبيعو إذ ال يتميز اؼبكره من غَته ‪ .‬وقد ثبت يف الصحيح‬ ‫ش ِم ْن الن ِ‬ ‫َّاس فَػبَػْيػنَ َما ُى ْم بِبَػْي َد َاء‬ ‫‪ :‬عن النِب صلى اهلل عليو وسلم أنو قاؿ ‪ « :‬يَػ ْغُزو َى َذا الْبَػْي َ‬ ‫ت َجْي ٌ‬ ‫ض إ ْذ خ ِس ِ​ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫وؿ اللَّ ِو‪َّ :‬‬ ‫اؿ‪ :‬يػُْبػ َعثُو َف َعلَى نِيَّاهتِ​ِ ْم »‪.‬‬ ‫إف فِي ِه ْم الْ ُم ْكَرَه فَػ َق َ‬ ‫يل يَا َر ُس َ‬ ‫م ْن ْاأل َْر ِ ُ َ‬ ‫ف ّٔ ْم‪ .‬فَق َ‬ ‫وِْ‬ ‫ستفيض عن النِب صلى اهلل عليو وسلم من وجوه متعددة‪ ،...‬ويف صحيح مسلم ‪:‬‬ ‫يث ُم‬ ‫اغبَد ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َف رس َ ِ‬ ‫اؿ ‪ « :‬سيػعوذُ ِّٔ َذا الْبػي ِ‬ ‫ت ‪-‬يَػ ْع ٍِت الْ َك ْعبَةَ‪-‬‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم قَ َ‬ ‫َ​َ ُ َ َْ‬ ‫عن َع ْن َح ْف َ‬ ‫وؿ اللَّو َ‬ ‫صةَ أ َّ َ ُ‬ ‫ش يَػ ْومئِ ٍذ َح َّىت إذَا َكانُوا بِبَػْي َداءَ ِم ْن ْاأل َْر ِ‬ ‫ض‬ ‫ت َؽبُ ْم َمنَػ َعةٌ َوَال َع َد ٌد َوَال عِ َّدةٌ يػُْبػ َع ُ‬ ‫قَػ ْوٌـ لَْي َس ْ‬ ‫ث إلَْي ِه ْم َجْي ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ف ِّٔ​ِ ْم‪.» ...‬‬ ‫ُخس َ‬ ‫‪31‬‬


‫فاهلل تعاىل أىلك اعبيش الذي أراد أف ينتهك حرماتو اؼبكره فيهم وغَت اؼبكره ‪ .‬مع قدرتو على‬ ‫التمييز بينهم مع أنو يبعثهم على نياهتم ‪ .‬فكيف هبب على اؼبؤمنُت آّاىدين أف يبيزوا بُت اؼبكره‬ ‫وغَته وىم ال يعلموف ذلك بل لو ادعى مدع أنو خرج مكرىا َل ينفعو ذلك دبجرد دعواه ‪ .‬كما‬ ‫ب قَ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َف الْ َعبَّاس بْن َعْب ِد الْمطَّلِ ِ‬ ‫ي ‪ « :‬أ َّ‬ ‫َسَرهُ الْ ُم ْسلِ ُمو َف يػَ ْوَـ بَ ْد ٍر‪:‬‬ ‫اؿ للنِ ّْ‬ ‫َِّب َ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْيو َو َسلَّ َم لَ َّما أ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُرِو َ‬ ‫اؿ ‪ :‬أ ََّما ظَ ِ‬ ‫اىُرؾ فَ َكا َف َعلَْيػنَا َوأ ََّما َس ِر َيرتُك فَِإ َىل اللَّ ِو » ‪.‬‬ ‫وؿ اللَّ ِو ّْ‬ ‫إٍل ُكْنت ُم ْكَرًىا‪ .‬فَػ َق َ‬ ‫« يَا َر ُس َ‬ ‫بل لو كاف فيهم قوـ صاغبوف من خيار الناس ‪ ،‬وَل يبكن قتاؽبم إال بقتل ىؤالء لقتلوا أيضاً فإف‬ ‫األئمة متفقوف على أف الكفار لو تًتسوا دبسلمُت وخيف على اؼبسلمُت إذا َل يقاتلوا فإنو هبوز أف‬ ‫نرميهم ونقصد الكفار ‪ ،‬ولو َل لبف على اؼبسلمُت جاز وىي أولئك اؼبسلمُت أيضا يف أحد قويل‬ ‫العلماء ) ؾبموع الفتاوى (‪. )ٖ٘ٙ /ٕٛ‬‬ ‫وؼبا ىجم التتار على ببلد اؼبسلمُت تردد بعض الناس يف قتاؽبم ألهنم يُظ ِهروف اإلسبلـ ‪ ،‬فقاؿ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك اعبَان ِ‬ ‫ف‪،‬‬ ‫ابن تيمية رضبو اهلل ‪ ( :‬إِ َذا َرأَيْػتُ ُم ِوٍل من َذل َ‬ ‫صح ٌ‬ ‫ب‪-‬يعٍت جانب التتار‪َ -‬و َعلَى َرأسي ُم َ‬ ‫فَاقتُػلُ ِوٍل ) البداية و النهاية البن كثَت (‪. )ٕٗ /ٔٛ‬‬ ‫وإف علمنا أشخاصاً بأعياهنم مكرىُت على قتالنا ‪ ،‬وأمكننا العمل على انشقاقهم وتأمينهم ‪ ،‬فبل‬ ‫نبادرىم بالقتل قبل ذلك ‪ ،‬إال إف قاتلونا فعندىا يُقاتلوف ‪ ،‬وإف َل يندفع شرىم إال بالقتل قُتِلوا ؛‬ ‫ألهنم دبثابة الصائل الذي ال يدفع شره إال بالقتل ‪.‬‬ ‫ومن أُك ِره على اػبروج مع اعبيش النصَتي فبل هبوز لو أف يقاتل فيو أبداً ضد اؼبسلمُت ‪ ،‬ولو‬ ‫أدى ذلك إىل قتلو ‪ ،‬قاؿ ابن تيمية رضبو اهلل ‪ ( :‬واؼبقصود أنو إذا كاف اؼبكره على القتاؿ يف الفتنة‬ ‫ليس لو أف يُقاتل ؛ بل عليو إفساد سبلحو ‪ ،‬وأف يصرب حىت يُقتل مظلوما ‪ ،‬فكيف باؼبكره على‬ ‫قتاؿ اؼبسلمُت مع الطائفة اػبارجة عن شرائع اإلسبلـ كمانعي الزكاة واؼبرتدين وكبوىم ‪ ،‬فبل ريب أف‬ ‫ىذا هبب عليو إذا أكره على اغبضور أف ال يقاتل وإف قتلو اؼبسلموف ‪ ،‬كما لو أكرىو الكفار على‬ ‫حضور صفهم ليقاتل اؼبسلمُت ‪ ،‬وكما لو أكره رجل رجبل على قتل مسلم معصوـ ‪ ،‬فإنو ال هبوز‬ ‫لو قتلو باتفاؽ اؼبسلمُت ؛ وإف أكرىو بالقتل ؛ فإنو ليس حفظ نفسو بقتل ذلك اؼبعصوـ أوىل من‬ ‫العكس ) ؾبموع الفتاوى (‪.)ٖٜ٘ /ٕٛ‬‬ ‫ٓ‪1‬‬


‫ونؤكد على عدـ جواز بقائهم يف اػبدمة العسكرية مع جيش االحتبلؿ النصَتي ‪ ،‬و وجوب‬ ‫انشقاقهم عنو ‪ ،‬ولو مع عدـ مشاركتهم يف قتل الشعب أو حرب آّاىدين ‪.‬‬ ‫اللهم عليك بالعصابة األسدية اؼبتسلطة يف سوريا ‪ ،‬اللهم دمرىا ومن أعاهنا وناصرىا وحالفها ‪،‬‬ ‫واكفنا شرىم دبا شئت يا رب العاؼبُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٔ‪1‬‬


‫فتىي ( ‪ : ) 43‬هل الجهاد فرض عٌن اآلن فً سورٌا ؟‬

‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫اعبهاد يف اإلسبلـ نوعاف ‪:‬‬ ‫جهاد طلب ‪ ،‬وىو فرض كفاية على اؼبسلمُت ‪ ،‬إذا قاـ بو البعض حصل الواجب ‪ ،‬ويكوف‬ ‫القياـ بو ُمستحباً يف حق البقية ‪.‬‬ ‫وجهاد دفع ‪ ،‬هبب فيو على اؼبسلمُت دفع العدو اؼبعتدي عليهم ‪ ،‬دبقدار ما ربصل بو اغباجة‬ ‫للدفع ‪.‬‬ ‫قاؿ القرطِب رضبو اهلل ‪ ( :‬قاؿ ابن عطية ‪ :‬الذي استقر عليو اإلصباع أف اعبهاد على كل أمة‬ ‫ؿبمد صلى اهلل عليو وسلم فرض كفاية ‪ ،‬فإذا قاـ بو من قاـ من اؼبسلمُت سقط عن الباقُت ‪ ،‬إال‬ ‫أف ينزؿ العدو بساحة اإلسبلـ فهو حينئذ فرض عُت ) تفسَت القرطِب (ٖ‪.)ٖٛ /‬‬ ‫واعبهاد يف سوريا اآلف فرض عُت على صبيع القادرين عليو ؛ دبعناه العاـ باؼباؿ والنفس والكلمة ‪،‬‬ ‫ألنو دفع للعصابة اػببيثة اليت صالت على األنفس واألمواؿ واألعراض ‪.‬‬ ‫والقادروف من السوريُت على ضبل السبلح هبب عليهم ذلك ‪ ،‬ومن َل يستطع فعليو أف يقوـ‬ ‫بواجب النصرة إلخوانو قدر اؼبستطاع ؛ من دعاء أو ماؿ أو تأمُت سبلح أو غَت ذلك ‪.‬‬ ‫قاؿ الكاساٍل من اغبنفية رضبو اهلل ‪ ( :‬فأما إذا عم النفَت بأف ىجم العدو على البلد ‪ ،‬فهو فرض‬ ‫عُت ‪ ،‬يفًتض على كل واحد من آحاد اؼبسلمُت فبن ىو قادر عليو لقولو سبحانو وتعاىل ‪ِ { :‬‬ ‫انفُروا‬ ‫ِخ َفافًا َوثَِقاالً }) بدائع الصنائع (‪. )ٖٗٓٔ/ ٜ‬‬ ‫وقاؿ اػبطيب الشربيٍت من الشافعية ‪ ( :‬اغباؿ الثاٍل من حاؿ الكفار أف يدخلوا بلدة لنا فيلزـ‬ ‫أىلها الدفع باؼبمكن منهم ‪ ،‬ويكوف اعبهاد حينئذ فرض عُت ) اإلقناع (ٕ‪. )٘ٔٓ /‬‬ ‫وقاؿ ابن تيمية رضبو اهلل ‪ ( :‬وأما قتاؿ الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل عن اغبرمة والدين‬ ‫فواجب إصباعاً ‪ ،‬فالعدو الصائل الذي يفسد الدين و الدنيا ال شيء أوجب بعد اإليباف من دفعو ‪،‬‬ ‫ٕ‪1‬‬


‫فبل يُشًتط لو شرط ‪ ،‬بل يدفع حبسب اإلمكاف ‪ ،‬وقد نص على ذلك العلماء أصحابنا وغَتىم ‪،‬‬ ‫فيجب التفريق بُت دفع الصائل الظاَل الكافر وبُت طلبو يف ببلده ) الفتاوى الكربى (٘‪. )ٖ٘ٚ /‬‬ ‫اللهم عليك بأعداء الدين من الكفرة واؼبلحدين وأعداء آّاىدين يف الشاـ ‪ ،‬اللهم خذىم أخذ‬ ‫عزيز مقتدر ‪ ،‬اللهم أحصهم عدداً ‪ ،‬واقتلهم بدداً ‪ ،‬و ال تغادر منهم أحداً ‪ ،‬يا ذا اعببلؿ واإلكراـ ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٖ‪1‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 44‬هل ٌجب الجهاد على النساء فً سورٌا ؟‬ ‫ومتى ٌصبح فرض عٌن علٌهنَّ ؟‬ ‫وهل ٌجوز التحاقهن بالمجاهدٌن ‪ ,‬أو تشكٌل كتائب خاصة بهنَّ ؟‬

‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫شرع اهلل سبحانو وتعاىل اعبهاد ‪ ،‬وجعلو ‪-‬من حيث األصل‪ -‬فرض كفاية على الرجاؿ دوف‬ ‫وؿ اللَّ ِو ‪ ،‬ىل علَى الن ِ ِ‬ ‫اد ؟‬ ‫ت ‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫ّْساء ج َه ٌ‬ ‫َْ َ‬ ‫النساء ‪ ،‬فعن عائشة رضي اهلل عنها قالت ‪ (( :‬قُػ ْل ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫اغبَ ُّج ‪َ ،‬والْعُ ْمَرةُ »)) رواه ابن ماجو ‪.‬‬ ‫اؿ فِ ِيو ‪ْ :‬‬ ‫اد ‪ ،‬ال قِتَ َ‬ ‫قَ َ‬ ‫اؿ ‪َ « :‬علَْي ِه ْم ج َه ٌ‬ ‫وهبوز للنساء التحاقهن بآّاىدين إلعانتهم يف أمور القتاؿ ‪ ،‬أو ما وبتاجوف إليو من مداواة‬ ‫اعبرحى ‪ ،‬وذبهيزات إعبلمية ‪ ،‬وغَت ذلك ‪ ،‬بشرط أف يكوف ذلك ُمنضبطاً بالضوابط الشرعية ‪.‬‬ ‫فعن أنس بن مالك رضي اهلل عنو ‪ ،‬قاؿ ‪َ « :‬كا َف رس ُ ِ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم يَػ ْغُزو بِأ ُّْـ‬ ‫وؿ اللَّو َ‬ ‫َُ‬ ‫سلَي ٍم ونِسوةٍ ِمن ْاألَنْصا ِر معو إِ َذا َغزا ‪ ،‬فَػيس ِ‬ ‫ِ‬ ‫اعبَْر َحى » رواه مسلم ‪.‬‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫اء‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ُت‬ ‫ق‬ ‫ْ‬ ‫ين ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ​َ َ َ‬ ‫ُ ْ َ ْ َ ْ َ َ​َُ َ َ ْ‬ ‫قاؿ النووي رضبو اهلل ‪ ( :‬فيو خروج النساء يف الغزو ‪ ،‬واالنتفاع ّٔن يف السقي واؼبداواة وكبونبا ‪،‬‬ ‫وىذه اؼبداواة حملارمهن وأزواجهن ‪ ،‬وما كاف منها لغَتىم ال يكوف فيو مس بشرة إال يف موضع‬ ‫اغباجة ) شرح مسلم (ٕٔ‪.)ٔٛ​ٛ /‬‬ ‫صبح اعبهاد فرض عُت على اؼبرأة يف حالة ىجوـ األعداء على اؼبسلمُت ‪ ،‬ووصلوا إىل أماكن‬ ‫ويُ ُ‬ ‫النساء حىت دخلوا عليهن يف أماكنهن ‪ ،‬فيتعُت عندىا على اؼبرأة الدفاع عن نفسها وعرضها دبا‬ ‫َّ‬ ‫ت يَػوَـ ُحنَػ ْ ٍ‬ ‫تستطيع ‪ ،‬فعن عن أنس رضي اهلل عنو ‪َّ (( :‬‬ ‫وؿ‬ ‫اؿ َؽبَا َر ُس ُ‬ ‫ُت ِخْن َجًرا ‪ ،‬فَػ َق َ‬ ‫أف أ َُّـ ُسلَْي ٍم ازبَ َذ ْ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ت ‪َّ :‬ازبَ ْذتُو إِ ْف دنَا ِم ٍّْت أ ِ‬ ‫اػبِْنجر ؟ »‪ .‬قَالَ ِ‬ ‫اللَّ ِو ‪َّ ِ َّ َّ َ ،‬‬ ‫ُت‬ ‫ُ َ‬ ‫َح ٌد م َن الْ ُم ْش ِرك َ‬ ‫َ‬ ‫صلى اللوُ َعلَْيو َو َسل َم ‪َ « :‬ما َى َذا ْ َ ُ‬ ‫ت بِ​ِو بَطْنَوُ )) رواه مسلم ‪.‬‬ ‫بَػ َقْر ُ‬ ‫قاؿ ابن النحاس رضبو اهلل ‪ ( :‬ولو علمت اؼبرأة أهنا لو استسلمت امتدت األيدي إليها لزمها‬ ‫الدفع ‪ ،‬وإف كانت تُقتل ؛ أل ّف من أُك ِره على الزنا ال ربل لو اؼبطاوعة لدفع القتل ) مشارع األشواؽ‬ ‫(ٔ‪.)ٕٔٓ /‬‬ ‫ٗ‪1‬‬


‫ويف واقعنا اآلف يف سوريا نرى أف اعبهاد بالقتاؿ ال يتعُت على اؼبرأة ؛ إال يف صورة اقتحاـ‬ ‫عصابات الشبيحة واألمن للمدف ‪ ،‬وتعرضهم للنساء واغبرمات ‪ ،‬ألف الرجاؿ فيهم الكفاية واغبمد‬ ‫وجل ‪ ،‬وإمبا ينقصهم اؼباؿ والسبلح ‪.‬‬ ‫هلل َّ‬ ‫عز َّ‬

‫** تنبيه ‪:‬‬ ‫عدـ وجوب اعبهاد بالنفس على اؼبرأة ال يسقط عنها وجوب أنواع اعبهاد األخرى كاعبهاد باؼباؿ‬ ‫انفروا ِخ َفافاً وثَِقاالً وج ِ‬ ‫ِ‬ ‫اى ُدوا بِأ َْم َوالِ ُك ْم َوأَن ُف ِس ُك ْم ِيف َسبِ ِيل اللَّ ِو‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫أو بالكلمة ‪ ،‬لعموـ قولو تعاىل ‪ُ { :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُت بِأ َْم َوالِ ُك ْم‬ ‫ذَل ُك ْم َخْيػٌر لَ ُك ْم إِ ْف ُكنتُ ْم تَػ ْعلَ ُمو َف }‪ ،‬وقولو صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬جاى ُدوا الْ ُم ْش ِرك َ‬ ‫َوأَيْ ِدي ُك ْم َوأَلْ ِسنَتِ ُك ْم » رواه أبو داود والنسائي‪.‬‬ ‫ّٔن ‪ ،‬وإمبا هبتمعن يف ؾبموعات تابعة‬ ‫ونوصي أخواتنا وأمهاتنا بعدـ تشكيل كتائب خاصة َّ‬ ‫يقدمن ؽبم الدعم واػبدمات فبا يقدر َف عليو ‪.‬‬ ‫لكتائب آّاىدين ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫اللهم إليك نشكو ضعف قوتنا ‪ ،‬وقلة حيلتنا ‪ ،‬وىواننا على الناس ‪ ،‬يا أرحم الراضبُت ‪ ،‬إىل من‬ ‫تكلنا ‪ ،‬إىل عدو يتجهمنا أو إىل قريب ملكتو أمرنا ‪ ،‬إف َل تكن غضباناً علينا فبل نبايل ‪ ،‬غَت أف‬ ‫عافيتك أوسع لنا ‪ ،‬نعوذ بنور وجهك الذي أشرقت لو الظلمات ‪ ،‬وصلح عليو أمر الدنيا واآلخرة ‪،‬‬ ‫وبل علينا سخطك ‪ ،‬لك العتىب حىت ترضى ‪ ،‬وال حوؿ وال قوة إال بك ‪.‬‬ ‫أف ينزؿ بنا غضبك أو َّ‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫٘‪1‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 45‬ما حكم الجهاد على السورٌ​ٌن المؽتربٌن ؟‬ ‫وهل علٌهم العودة لاللتحاق بإخوانهم المجاهدٌن ؟‬ ‫أم ماذا ٌجب علٌهم ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫إف اؼبسلمُت كاعبسد الواحد كما جاء يف اغبديث عن النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬مثَ ُل‬ ‫اضب ِهم وتَػعاطُِف ِهم مثل ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الْم ْؤِمنُِت ِيف تَػو ّْاد ِىم وتَػر ُِ‬ ‫اعبَ َس ِد‬ ‫اعى لَوُ َسائُِر ْ‬ ‫َ‬ ‫اعبَ َسد ‪ ،‬إِ َذا ا ْشتَ َكى مْنوُ َش ْيءٌ تَ َد َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ ْ َ​َ‬ ‫ُ‬ ‫الس َه ِر َوا ْغبُ َّمى » متفق عليو ‪.‬‬ ‫بِ َّ‬ ‫والواجب على أىل البلد اؼبقيمُت فيو الدفاع عن بلدىم ‪ ،‬دوف النظر إىل اعبنسية اليت وبملوهنا‬ ‫كما َّقرر ذلك أىل العلم ‪.‬‬ ‫اعبصاص رضبو اهلل ‪ ( :‬معلوـ يف اعتقاد صبيع اؼبسلمُت أنو إذا خاؼ أىل الثغور من العدو ‪،‬‬ ‫قاؿ ّ‬ ‫وَل تكن فيهم مقاومة فخافوا على ببلدىم وأنفسهم وذراريهم ‪ ،‬أف الفرض على كافة األمة أف ينفر‬ ‫إليهم من يكف عاديتهم عن اؼبسلمُت ‪ ،‬وىذا ال خبلؼ فيو بُت األمة ) أحكاـ القرآف (ٗ‪/‬‬ ‫ٕٖٔ)‪.‬‬ ‫وقاؿ القرطِب رضبو اهلل يف صور اعبهاد ‪ ( :‬وقد تكوف حالة هبب فيها نفَت الكل ‪ ،‬وىي‪ :‬الرابعة‬ ‫ وذلك إذا تعُت اعبهاد بغلبة العدو على قطر من األقطار ‪ ،‬أو حبلولو بالعقر ‪ ،‬فإذا كاف ذلك‬‫وجب على صبيع أىل تلك الدار أف ينفروا وىبرجوا إليو خفافاً وثقاالً ‪ ،‬شباباً وشيوخاً ‪ ،‬كل على‬ ‫قدر طاقتو ‪ ،‬من كاف لو أب بغَت إذنو ومن ال أب لو ‪ ،‬وال يتخلف أحد يقدر على اػبروج ‪ ،‬من‬ ‫مقاتل أو مكثر‪.‬‬ ‫فإف عجز أىل تلك البلدة عن القياـ بعدوىم كاف على من قارّٔم وجاورىم أف ىبرجوا على‬ ‫حسب ما لزـ أىل تلك البلدة ‪ ،‬حىت يعلموا أف فيهم طاقة على القياـ ّٔم ومدافعتهم ‪.‬‬

‫‪1ٙ‬‬


‫وكذلك كل من علم بضعفهم عن عدوىم ‪ ،‬وعلم أنو يدركهم وُيبكنو غياثهم لزمو أيضا اػبروج‬ ‫إليهم ‪ ،‬فاؼبسلموف كلهم يد على من سواىم ‪ ،‬حىت إذا قاـ بدفع العدو أىل الناحية اليت نزؿ العدو‬ ‫عليها واحتل ّٔا سقط الفرض عن اآلخرين ‪.‬‬ ‫ولو قارب العدو دار اإلسبلـ وَل يدخلوىا لزمهم أيضا اػبروج إليو ‪ ،‬حىت يظهر دين اهلل ‪ ،‬وُربمى‬ ‫البيضة ‪ ،‬وُربفظ اغبوزة ‪ ،‬وُىبزى العدو ‪ .‬وال خبلؼ يف ىذا ) تفسَت القرطِب (‪.)ٔ٘ٔ /ٛ‬‬ ‫وما كبتاجو اليوـ يف سوريا ىو النصرة باؼباؿ و السبلح ‪ ،‬ولدينا الكفاية من الرجاؿ واغبمد هلل ‪.‬‬ ‫ولذلك ال ذبب العودة إىل سوريا على السوريُت اؼبغًتبُت ‪ ،‬إال إذا َل ربصل الكفاية بالرجاؿ فبن‬ ‫ىم داخل سوريا ‪ ،‬أو احتيج لبعض الكفاءات أو اػبربات يف أسلحة معينة ‪ ،‬أو فنوف قتالية معينة ‪،‬‬ ‫فيتأكد عليهم ذلك ؼبعرفتهم بطبيعة البلد وأحواؽبا ‪.‬‬ ‫كما إف اعبهاد لو أنواع كثَتة ‪ ،‬فهناؾ اعبهاد اؼبايل واإلعبلمي وغَت ذلك من أنواع اعبهاد اليت‬ ‫يبكن أف للمغًتب أف يساىم فيها ‪ ،‬بل قد تتعُت يف حقو ‪ ،‬وذبب عليو ‪.‬‬ ‫اللهم انصر اؼبستضعفُت من اؼبؤمنُت يف الشاـ ‪ ،‬وأىلك أعداء الدين وأعداء آّاىدين يف الشاـ ‪،‬‬ ‫اللهم خذىم أخذ عزيز مقتدر ‪ ،‬اللهم أحصهم عدداً ‪ ،‬واقتلهم بدداً ‪ ،‬وال تغادر منهم أحداً ‪ ،‬يا‬ ‫قوي يا عزيز ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 46‬هل ٌجب الجهاد على المسلمٌن فً الدول المجاورة لسورٌا ؛‬ ‫فً رد عدوان عصابات األسد المجرمة على الشعب السوري المسلم ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫َّقرَر أىل العلم أنو إذا دخل العدو بلداً للمسلمُت أنو هبب على عامة اؼبسلمُت دفعو عن ذلك‬ ‫البلد ‪ ،‬األقرب إليو فاألقرب ‪ ،‬إذ ببلد اؼبسلمُت كلها دبنزلة البلدة الواحدة ؛ لقولو سبحانو وتعاىل ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫اؽ َواللّوُ ِدبَا تَػ ْع َملُو َف‬ ‫َّصُر إِالَّ َعلَى قَػ ْوٍـ بَػْيػنَ ُك ْم َوبػَْيػنَػ ُهم ّْميثَ ٌ‬ ‫نصُروُك ْم ِيف الدّْي ِن فَػ َعلَْي ُك ُم الن ْ‬ ‫{ َوإِف ْ‬ ‫استَ َ‬ ‫بِ‬ ‫صَتٌ }‪.‬‬ ‫َ‬ ‫قاؿ الرملي رضبو اهلل ‪-‬وىو من الشافعية‪ -‬عن العدو ‪ ( :‬فإف دخلوا بلدة لنا وصار بيننا وبينهم‬ ‫دوف مسافة القصر ‪ ،‬فيلزـ أىلها الدفع حىت من ال جهاد عليهم ‪ ،‬من فقَت و ولد وعبد ومدين‬ ‫وامرأة ) هناية احملتاج (‪.)٘ٛ /ٛ‬‬ ‫وقاؿ ابن حزـ رضبو اهلل ‪ ( :‬إال أف ينزؿ العدو بقوـ من اؼبسلمُت ففرض على كل من يبكنو‬ ‫إعانتهم أف يقصدىم مغيثاً ؽبم ) احمللى (‪.)ٕٜٕ /ٚ‬‬ ‫فينبغي للمسلمُت أف وبملوا َىم إخواهنم يف سوريا ‪ ،‬وأف يكونوا كما وصفهم رسوؿ اهلل صلى اهلل‬ ‫عليو وسلم كاعبسد الواحد ‪ ،‬فقاؿ ‪ « :‬مثَل الْم ْؤِمنُِت ِيف تَػو ّْاد ِىم و تَػر ُِ‬ ‫اعبَ َس ِد‬ ‫اضب ِه ْم َو تَػ َعاطُِف ِه ْم َمثَ ُل ْ‬ ‫َ ُ ُ َ َ َْ َ‬ ‫الس َه ِر َو ا ْغبُ َّمى » متفق عليو ‪.‬‬ ‫اعى لَوُ َسائُِر ْ‬ ‫اعبَ َس ِد بِ َّ‬ ‫إِ َذا ا ْشتَ َكى ِمْنوُ عُ ْ‬ ‫ض ٌو تَ َد َ‬ ‫إال أف اغباجة يف سوريا حالياً ؿبصورة يف اؼباؿ و السبلح ‪ ،‬واغباجة للرجاؿ شبو معدومة ‪ ،‬إال يف‬ ‫صور ضيقة كاغباجة ؼبن يرافق آّاىدين من مدربُت وخرباء وأطباء ودعاة ومرشدين ‪.‬‬ ‫وعليو فبل هبب على اؼبسلمُت فبن يقطن الدوؿ آّاورة النفرة للجهاد يف سوريا إال يف حدود‬ ‫التفصيل السابق ‪.‬‬ ‫اللهم ألَّف بُت قلوب اؼبسلمُت ‪ ،‬واصبع كلمتهم على اغبق والدين ‪ ،‬ووفقهم للعمل ّٔدي سيد‬ ‫اؼبرسلُت ‪ ،‬ونصرة إخواهنم اؼبستضعفُت من اؼبسلمُت يف كل مكاف يا رب العاؼبُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬ ‫‪13‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 47‬هل ٌجوز إطالق وصؾ الشهٌد على المعٌن؛ فٌقال الشهٌد فالن ؟‬

‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫لقد أكرـ اهلل سبحانو وتعاىل ىذه األمة بأف جعل للشهادة يف سبيلو أسباباً كثَتًة ‪ ،‬فمن قُتل يف‬ ‫اؼبعركة إلعبلء كلمة اهلل ‪ ،‬أو الدفاع عن نفسو أو عرضو أو مالو ‪ ،‬أو مظلوماً على أيدي األعداء ‪،‬‬ ‫أو غَت ذلك من أسباب الشهادة فهو شهيد ‪.‬‬ ‫واختلف أىل العلم يف جواز إطبلؽ لفظ الشهادة على اؼبعُت بأف يُقاؿ ‪ " :‬فبلف شهيد " ‪ ،‬أو "‬ ‫الشهيد فبلف "‪.‬‬ ‫والذي يًتجح لنا ىو جواز ذلك إذا ربققت الشروط الظاىرة للشهادة يف اؼبقتوؿ ‪ ،‬وىو اختيار‬ ‫صبع من أىل العلم ‪.‬‬ ‫وقد َّ‬ ‫دؿ على جواز ذلك إقرار النِب صلى اهلل عليو وسلم ألصحابو على فعل ذلك ‪ ،‬ومنها ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صلَّى‬ ‫ص َحابَة النِ ّْ‬ ‫َِّب َ‬ ‫ما رواه عمر بن اػبطاب رضي اهلل عنو ‪ (( :‬ؼبا َكا َف يَػ ْوُـ َخْيبَػَر ‪ ،‬أَقْػبَ َل نَػ َفٌر م ْن َ‬ ‫اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم ‪ ،‬فَػ َقالُوا ‪ :‬فَُبل ٌف َش ِهي ٌد ‪ ،‬فَُبل ٌف َش ِهي ٌد ‪َ ،‬ح َّىت َمُّروا َعلَى َر ُج ٍل ‪ ،‬فَػ َقالُوا ‪ :‬فَُبل ٌف َش ِهي ٌد ‪،‬‬ ‫اؿ رس ُ ِ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم ‪َ « :‬ك َّبل إِ ٍّْل َرأَيْػتُوُ ِيف النَّا ِر ِيف بػُْرَدةٍ َغلَّ َها أ َْو َعبَاءَةٍ‪))» ...‬‬ ‫وؿ اللَّو َ‬ ‫فَػ َق َ َ ُ‬ ‫اغبديث‪ .‬متفق عليو ‪.‬‬ ‫ولكن ال هبوز أف يكوف ىذا اإلطبلؽ على سبيل اعبزـ بفضائل الشهادة يف اآلخرة ‪ ،‬و إمبا ىو‬ ‫حكم بظاىر حاؿ اؼبقتوؿ يف الدنيا ‪ ،‬و رجاء أف يكوف شهيداً عند اهلل يف اآلخرة ‪.‬‬ ‫ويدؿ على ىذا أنو ؼبَّا قالت أـ العبلء ‪-‬يف قصة عثماف بن مظعوف رضي اهلل عنو‪َ (( : -‬ر ْضبَةُ‬ ‫السائِ ِ‬ ‫ك اللَّوُ ‪ ،‬قاؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬وَما‬ ‫ك أَبَا َّ‬ ‫ك لَ​َق ْد أَ ْكَرَم َ‬ ‫ب فَ َش َه َادِيت َعلَْي َ‬ ‫اللَّ ِو َعلَْي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اػبَْيػَر ِم َن اللَّ ِو ‪،‬‬ ‫ُت إِ ٍّْل َأل َْر ُجو لَوُ ْ‬ ‫ت ‪َ :‬ال أ َْد ِري َواللَّ ِو ‪ ،‬قَ َ‬ ‫اؿ ‪« :‬أ ََّما ُى َو فَػ َق ْد َجاءَهُ الْيَق ُ‬ ‫يُ ْد ِريك ؟»‪ .‬قُػ ْل ُ‬ ‫وؿ اللَّ ِو َما يػُ ْف َع ُل ِيب َوَال بِ ُك ْم »)) رواه البخاري ‪.‬‬ ‫َواللَّ ِو َما أ َْد ِري َوأَنَا َر ُس ُ‬ ‫‪11‬‬


‫واألفضل أف يقاؿ عنو ‪ " :‬فبلف شهيد إف شاء اهلل " ‪ ،‬أو " كبسبو شهيداً ‪ ،‬و اهلل حسيبو ‪ ،‬و ال‬ ‫نزكي على اهلل أحداً " ؛ خروجاً من اػببلؼ ‪.‬‬ ‫نسأؿ اهلل أف يرزقنا الشهادة يف سبيلو ‪ ،‬وأف يرحم شهداءنا ‪ ،‬وأف هبمعنا ّٔم يف علّْيُت ‪ ،‬مع النبيُت‬ ‫والصديقُت والشهداء والصاغبُت ‪ ،‬وأف يفرغ على أىليهم الصرب ‪ ،‬إنو على كل شيء قدير ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٓ​ٓٔ‬


‫فتىي ( ‪ : ) 48‬هل ٌشعر الشهٌد بؤلم عند الموت ؟‬

‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫لقد أكرـ اهلل سبحانو وتعاىل الشهيد بعدد من اػبصائص واػبصاؿ ‪ ،‬منها ما صح عن النِب‬ ‫لش ِه ِ‬ ‫صلى اهلل عليو وسلم أنو قاؿ ‪ « :‬لِ‬ ‫ت ِ‬ ‫يد عِْن َد اللَّ ِو ِ‬ ‫ص ٍاؿ ‪ :‬يػُ ْغ َفُر لَوُ ِيف أ ََّوِؿ َدفْػ َع ٍة ‪َ ،‬ويَػَرى‬ ‫خ‬ ‫س‬ ‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اعبن َِّة ‪ ،‬وُهبَار ِمن َع َذ ِ‬ ‫اج الْ َوقَا ِر‬ ‫اب الْ َق ِْرب ‪َ ،‬ويَأْ َم ُن م َن الْ َفَزِع ْاألَ ْك َِرب ‪َ ،‬ويُ َ‬ ‫َم ْق َع َدهُ م َن َْ َ ُ ْ‬ ‫وض ُع َعلَى َرأْسو تَ ُ‬ ‫الدنْػيا وما فِ‬ ‫ُت وسبعِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُت َزْو َجةً ِمن ا ْغبُوِر الْعِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُت ‪َ ،‬ويُ َش َّف ُع ِيف‬ ‫ػ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ػ‬ ‫ث‬ ‫ا‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫ز‬ ‫ػ‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‬ ‫يه‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫الْيَاقُوتَةُ مْنػ َها َخْيػٌر م َن ُّ َ َ َ َ َ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُت ِم ْن أَقَا ِربِ​ِو » رواه الًتمذي ‪.‬‬ ‫َسْبع َ‬ ‫ومنها إكرامو َّ‬ ‫رصة ‪ ،‬عن أيب ىريرة رضي اهلل عنو‬ ‫بأال هبد من أَل اؼبوت إال كما هبد أحدنا أَل ال َق َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم قاؿ ‪َّ « :‬‬ ‫صةَ‬ ‫الش ِه ُ‬ ‫يد َال َِهب ُد َم َّ‬ ‫َح ُد ُك ُم الْ َقْر َ‬ ‫س الْ َقْت ِل إَّال َك َما َهب ُد أ َ‬ ‫ص َها » رواه النَّسائي وغَته ‪.‬‬ ‫يػُ ْقَر ُ‬ ‫نسأؿ اهلل أف يرزقنا الشهادة يف سبيلو ‪ ،‬وأف يرحم شهداءنا ‪ ،‬وأف هبمعنا ّٔم يف علّْيُت مع النبيُت‬ ‫والصديقُت والشهداء والصاغبُت ‪ ،‬وأف يفرغ على أىليهم الصرب ‪ ،‬إنو على كل شيء قدير ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٔٓٔ‬


‫فتىي ( ‪ : ) 49‬كٌؾ نتعامل مع األسٌر ؟‬ ‫وهل ٌجوز تعذٌب األسرى من العصابات األسدٌة بهدؾ أخذ ما عندهم من‬ ‫معلومات لصالح المجاهدٌن ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫أمرت الشريعة اإلسبلمية باإلحساف إىل األسرى ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪َ { :‬ويُطْعِ ُمو َف الطَّ َع َاـ َعلَى ُحبّْ ِو‬ ‫يد ِمْن ُك ْم َجَزاءً َوال ُش ُكوراً } ‪.‬‬ ‫ِم ْس ِكيناً َويَتِيماً َوأ َِسَتاً (‪ )ٛ‬إَِّمبَا نُطْعِ ُم ُك ْم لَِو ْج ِو اللَّ ِو ال نُِر ُ‬ ‫استَػو ُ ِ‬ ‫ُس َارى َخْيػًرا » أخرجو الطرباٍل ‪.‬‬ ‫صوا باأل َ‬ ‫وثبت عن النِب صلى اهلل عليو وسلم أنو قاؿ ‪ْ ْ « :‬‬ ‫ولكن هبوز للمجاىدين أف يعذبوا األسرى ؼبا صح عن رسوؿ اهلل صلى عليو وسلم ‪ :‬أَنَّوُ أ َ​َمَر‬ ‫ِ‬ ‫اى ِدين بِالْع َذ ِ‬ ‫صلَّى‬ ‫ُّ‬ ‫الزبَػْيػَر بْ َن الْ َع َّو ِاـ أَ ْف َيبَ َّ‬ ‫إخبَ َارهُ بِالْ َم ِاؿ الَّذي َكا َف النِ ُّ‬ ‫اب لَ َّما َكتَ َم ْ‬ ‫س بَػ ْع َ‬ ‫ض الْ ُم َع َ َ َ‬ ‫َِّب َ‬ ‫ِ‬ ‫ب ؟ فَػ َق َ‬ ‫اى َد ُى ْم َعلَْي ِو َوقَ َ‬ ‫اؿ لَوُ ‪ :‬أَيْ َن َكْنػُز حيي بْ ِن أ ْ‬ ‫اللَّوُ َعلَْيو َو َسلَّ َم قَ ْد َع َ‬ ‫اؿ ‪ :‬يَا ُؿبَ َّم ُد أَ ْذ َىبَْتوُ‬ ‫َخطَ َ‬ ‫اؿ َكثِ‬ ‫ِ‬ ‫الزبَػْيػُر‬ ‫ر‬ ‫ق‬ ‫د‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫َت‬ ‫ْ‬ ‫ات َو ْ‬ ‫يب ِم ْن َى َذا َوقَ َ‬ ‫وب ‪ .‬فَػ َق َ‬ ‫اؿ لِ ُّلزبَػ َِْت ‪ُ :‬دونَك َى َذا فَ َم َّسوُ ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫النَّػ َف َق ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫اغبُ​ُر ُ‬ ‫ٌ‬ ‫اؿ ‪ :‬الْ َم ُ ٌ َ‬ ‫بِ َشي ِء ِمن الْع َذ ِ‬ ‫اب فَ َد َّؽبُ ْم َعلَى الْ َم ِاؿ (( أنو أمر الزبَت بن العواـ بتعذيب من كتم خرب اؼباؿ ‪ ،‬الذي‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫كاف صلى اهلل عليو وسلم قد عاىدىم عليو ‪ ،‬وقاؿ لو ‪ :‬أين كنز حيي بن أخطب ؟‪ .‬فقاؿ ‪ :‬يا‬ ‫ؿبمد ‪ ،‬أنفذتو النفقات واغبروب ‪ .‬فقاؿ ‪ :‬اؼباؿ كثَت واؼبسألة أقرب ‪ .‬وقاؿ للزبَت ‪ :‬دونك ىذا ‪،‬‬ ‫فم َّسو الزبَت بشيء من العذاب ‪َّ ،‬‬ ‫فدؽبم على اؼباؿ )) رواه ابن حباف ‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫وحىت ال ىبرج جواز تعذيب األسَت عن حدود ما شرع اهلل تعاىل هبب أف ينضبط بالضوابط‬ ‫التالية ‪:‬‬ ‫أولا ‪ :‬أف يغلب على الظن أف األسَت يبتلك معلومات مهمة تفيد آّاىدين يف حرّٔم مع‬ ‫األعداء ‪.‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬أف يكوف ىذا التعذيب بإذف األمَت ‪ ،‬وأال يقوـ بو آحاد آّاىدين من تلقاء أنفسهم ‪.‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬أال يُ َّ‬ ‫عذب األسَت تعذيباً شديداً يصل إىل إىبلؾ نفسو أو امتهاف إنسانيتو ‪.‬‬ ‫رابع ا ‪ :‬أال يكوف بفعل ؿبرـ كضرب الوجو أو النار أو غَته فبا حرمو دين اإلسبلـ ‪.‬‬ ‫ٕٓٔ‬


‫اللهم أىلك العصابة األسدية اؼبتسلطة يف سوريا وأعواهنا ‪ ،‬واجعلهم غنيمة للمسلمُت ‪ ،‬واشف‬ ‫بذلك صدور قوـ مؤمنُت ‪ ،‬واجعلهم آية للمعتربين ‪ ،‬إنك على كل شيء قدير وباإلجابة جدير ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٖٓٔ‬


‫فتىي ( ‪ : ) 51‬ما هو موقفنا الشرعً من اؼتصاب النساء من قبل العصابات‬ ‫األسدٌة فً سورٌا ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫هبب على اؼبرأة وعلى ذويها يف حاؿ االعتداء عليها أف يدافعوا عن عرضهم ما استطاعوا ولو‬ ‫ماتت أو مات أىلها يف ىذا الدفاع فهم شهداء ‪ ،‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬م ْن‬ ‫قَاتَ َل ُدو َف َمالِ​ِو ‪ ،‬فَػ ُقتِ َل فَػ ُه َو َش ِهي ٌد ‪َ ،‬وَم ْن قَاتَ َل ُدو َف َد ِم ِو فَػ ُه َو َش ِهي ٌد ‪َ ،‬وَم ْن قَاتَ َل ُدو َف أ َْىلِ ِو فَػ ُه َو‬ ‫َش ِهي ٌد » رواه النَّسائي ‪.‬‬ ‫وإذا بذلت اؼبرأة وأىلها وسعهم يف الدفاع عن عرضهم وَل يستطيعوا فبل حرج عليهم إذ { ال‬ ‫ف اللَّوُ نَػ ْفساً إِالَّ ُو ْس َع َها }‪.‬‬ ‫يُ َكلّْ ُ‬ ‫والواجب عليهم الصرب على ىذا الببلء ‪ ،‬وليذكروا حديث النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬ع َجبًا‬ ‫ِألَمر اؼبؤمن إِ َّف أَمره ُكلَّو خَت ولَيس ذَ َاؾ ِألَح ٍد إَِّال لِ ِ‬ ‫َصابَػْتوُ َسَّراءُ َش َكَر فَ َكا َف َخْيػًرا لَوُ ‪،‬‬ ‫لمؤم ِن ‪ :‬إِف أ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َُ ُ َ ٌ َ َ‬ ‫صبَػَر فَ َكا َف َخ ًَتا لَوُ » رواه مسلم‪.‬‬ ‫َصابَتوُ َ‬ ‫ضَّراءُ َ‬ ‫َوإِف أ َ‬ ‫وينبغي على آّتمع عامة وعلى أىلها خاصة مواساهتا والتخفيف من معاناهتا ‪ ،‬كما يُندب‬ ‫متزوجات ‪ ،‬ففي ذلك أجر‬ ‫للشباب اؼبسلم اؼبسارعة يف الزواج من ىؤالء األخوات إف َل َّ‬ ‫يكن ّْ‬ ‫عظيم ؛ لقوؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬م ْن فَػَّر َج عن ُمسلِم ُكْربَة فَػَّر َج اهللُ عنو َِّٔا ُكْربَة من‬ ‫ب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُكر ِ‬ ‫القيامة » متفق عليو ‪.‬‬ ‫القيامة ‪َ ،‬وَمن َستَػَر ُمسلِما َستَػَرهُ اهللُ يوـ‬ ‫يوـ‬ ‫َ‬ ‫نسأؿ اهلل تعاىل ألىلنا العافية من كل ببلء ‪ ،‬وعظيم األجر يف كل ما نزؿ ‪ ،‬وأف يربط على‬ ‫ويؤمن روعاهتم ‪.‬‬ ‫قلؤّم ‪ ،‬ويسًت عوراهتم ‪َّ ،‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٗٓٔ‬


‫فتىي ( ‪ : ) 51‬ما حكم التجار المسلمٌن الداعمٌن للعصابة األسدٌة المحتلة‬ ‫فً حربها على المسلمٌن فً سورٌا ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫عصب اغبروب ‪ ،‬وإّمبا تستمد اعبيوش استمراريتها باغبرب‬ ‫اؼباؿ ىو‬ ‫هبد أ ّف َ‬ ‫اؼبتأمل يف التاريخ ُ‬ ‫إف ّ‬ ‫ُ‬ ‫اؼبؤمن ؽبا كي تشًتي األسلحة و الذخائر ‪ ،‬فإذا توقف ىذا الدعم اؼبادي‬ ‫من مقدار الدعم اؼبادي َّ‬ ‫عنها توقفت قدرهتا على اغبرب ‪.‬‬ ‫وجوب اعبهاد‬ ‫قاؿ ابن القيم رضبو اهلل عند كبلمو عن الفوائد اؼبستنبطة من غزوة تبوؾ‪ ( :‬ومنها ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫شقيق األمر باعبهاد بالنفس يف القرآف‬ ‫هبب بالنفس‪ ،...‬فإف األمر باعبهاد باؼباؿ ُ‬ ‫باؼباؿ ‪ ،‬كما ُ‬ ‫وقرينُو ‪ ،‬بل جاء مقدَّماً على اعبهاد بالنفس َّف ُك ّْل موضع ‪ ،‬إال موضعاً واحداً ‪ ،‬وىذا يدؿ على أف‬ ‫أحد اعبهادين‪ ،...‬وال يَتِ ُّم اعبهاد بالبدف إال‬ ‫يب أنو ُ‬ ‫اعبهاد بو أىم ُ‬ ‫وآكد من اعبهاد بالنفس ‪ ،‬وال ر َ‬ ‫العدد ‪ ،‬وجب عليو أف يبد باؼباؿ‬ ‫ببذلو ‪ ،‬وال ينتصر إال بالعدد والعُدد ‪ ،‬فإف َل يقدر أف يكثر َ‬ ‫فوجوب اعبهاد باؼباؿ أ َْوىل وأَحرى‪ )...‬زاد‬ ‫اغبج باؼباؿ على العاجز بالبدف ‪،‬‬ ‫والعُدة ‪ ،‬وإذا وجب ُّ‬ ‫ُ‬ ‫اؼبعاد (ٖ‪.)ٜٗٛ-ٗٛ​ٛ /‬‬ ‫والعصابة األسدية آّرمة يف سوريا َل تكن لتستطيع االستمرار يف ؾبازرىا وحرّٔا على اؼبسلمُت‬ ‫لوال الدعم اؼبادي اؼبقدـ ؽبا من دوؿ و أحزاب و أفراد ربالفوا معها ‪.‬‬ ‫لذا فمن كاف مسلماً و قاـ بدعم العصابة األسدية يف حرّٔا علينا ‪ ،‬فإنو ُىبشى عليو الكفر‬ ‫واػبروج من اإلسبلـ ‪ ،‬إذ إ ّف ىذا العمل من أنواع مظاىرة اؼبشركُت على اؼبسلمُت ‪.‬‬ ‫و على آّاىدين ربذيرىم من ىذا العمل اػبطَت و زجرىم عنو دبا أمكن من أساليب الردع ‪:‬‬ ‫كاإليذاء اؼبعنوي من التهديد والتوبيخ والتشهَت ‪.‬‬ ‫أو اإليذاء اؼبادي اؼبايل باإلتبلؼ واؼبصادرة والتغرَل ‪.‬‬ ‫أو اإليذاء اعبسدي بالضرب أو اغببس ‪.‬‬ ‫٘ٓٔ‬


‫ومن َل ينزجر عنو جاز قتلو ‪ ،‬ألنو دبنزلة احملارب أو اؼبفسد يف األرض الذي ال يرتدع إال بالقتل ‪،‬‬ ‫وكما أف اعبهاد يكوف باؼباؿ والنفس فكذلك اغبرابة تكوف باؼباؿ والنفس ‪ ،‬وإذا كاف من جهز غازياً‬ ‫جهز ؿبارباً فقد حارب ‪.‬‬ ‫فقد غزا ‪ ،‬فكذلك من َّ‬ ‫قاؿ العبلمة الونشريسي صاحب اؼبعيار ‪-‬رضبو اهلل‪ -‬عمن ظاىر الكفار ضد اؼبسلمُت ‪ ( :‬وأما‬ ‫مقتحمو نقيضو ‪[-‬أي اعبهاد]‪ -‬معاونة أوليائهم على اؼبسلمُت ؛ إما بالنفوس وإما باألمواؿ‬ ‫فيصَتوف حينئذ حربيُت مع اؼبشركُت ‪ ،‬وحسبك من ىذا مناقضة وضبلالً )‪.‬‬ ‫على أننا نؤكد ىنا أنو ال يقوـ آحاد الناس بذلك ؛ لئبل ربصل الفوضى ‪ ،‬وتُلقى التهم ُجزافاً ‪ ،‬و‬ ‫اؽبيئات‬ ‫يُتساىل يف حرمة الدماء واألمواؿ ‪ ،‬بل يتوىل آّاىدوف أمر التنفيذ حسب ما توجههم إليو‬ ‫ُ‬ ‫الشرعية لكتائب آّاىدين ‪ ،‬من خبلؿ دراسة كل حالة بعينها ‪.‬‬ ‫دمرىا ومن أعاهنا وناصرىا وحالفها ‪،‬‬ ‫اللهم عليك بالعصابة األسدية اؼبتسلطة يف سوريا ‪ ،‬اللهم ّ‬ ‫واكفنا شرىم دبا شئت يا رب العاؼبُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪ٔٓٙ‬‬


‫فتىي ( ‪ : ) 52‬ظهرت فً هذه األٌام دعوات و شعارات أنه ال عٌد لنا بسبب‬ ‫الظروؾ التً نعٌشها فً سورٌا‪ ,...‬فما توجٌهكم فً هذا ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫الناس عليها ‪،‬‬ ‫العيد ‪ :‬اسم لكل ما يُعتاد ويتكرر وقوعو ‪ ،‬وترتبط إقامة األعياد بالفطرة اليت فطر ُ‬ ‫السرور ‪.‬‬ ‫فالبشر بفطرهتم ُوببوف أف تكوف ؽبم‬ ‫ٌ‬ ‫مناسبات ومواسم يُظهروف فيها الفر َح و َ‬ ‫شرعهما اهلل تعاىل ؽبم ‪ :‬عيد الفطر ‪ ،‬وعيد األضحى ‪.‬‬ ‫واؼبسلموف ؽبم عيداف يف َّ‬ ‫السنَة َ‬ ‫عن أنس رضي اهلل عنو أف النِب صلى اهلل عليو وسلم ؼبا ِ‬ ‫قدـ اؼبدينة وجدىم وبتفلوف بعيدين ‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫فقاؿ صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬كا َف لَ ُكم يػوم ِ‬ ‫اف تَػْل َعبُو َف فِي ِه َما ‪َ ،‬وقَ ْد أَبْ َدلَ ُك ُم اللَّوُ ِّٔ​ِ َما َخْيػًرا ِمْنػ ُه َما ‪،‬‬ ‫ْ َْ َ‬ ‫ِ‬ ‫َّح ِر » رواه أبو داود ‪.‬‬ ‫يَػ ْوَـ الْفطْ ِر َويػَ ْوَـ الن ْ‬ ‫وللعيد يف اإلسبلـ حكم جليلة ‪ ،‬وعرب عظيمة منها ‪:‬‬ ‫• أنو يوـ شكر من العبد هلل على ما وفقو من صياـ رمضاف و قيامو ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪َ { :‬ولِتُ ْك ِملُوا‬ ‫الْعِ َّد َة َولِتُ َكبّْػُروا اللَّوَ َعلَى َما َى َدا ُك ْم َولَ َعلَّ ُك ْم تَ ْش ُكُرو َف }‪.‬‬ ‫• أنو يوـ ُوب ِ‬ ‫الغٍت للفقَت بزكاة الفطر ‪ ،‬فيدخل السرور و الفرح بذلك إىل قلب الفقَت‬ ‫فيو‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ض رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم‬ ‫ويُغنيو عن السؤاؿ ‪ ،‬عن ابن عمر رضي اهلل عنو ‪ ،‬قاؿ ‪َ (( :‬فر َ‬ ‫الفط ِر ‪ ،‬وقاؿ ‪ « :‬أَغنوىم يف ى َذا ِ‬ ‫َزكاةَ ِ‬ ‫اليوـ » )) رواه الدار قطٍت ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫ِ‬ ‫أرحامهم ‪ ،‬ويتناسوف خبلفاهتم ‪ ،‬فتتوطد أواصر احملبة واؼبودة‬ ‫• أنو يوـ يتزاور الناس فيو ‪ ،‬ويصلوف َ‬ ‫فيما بينهم ‪.‬‬ ‫• أنو يوـ سرور يُشرع للمسلم فيو أف يفرح ‪ ،‬فالصائم يتعبد اهلل بفرحو لفطره و إسباـ عبادتو ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ك فَػلْيَػ ْفَر ُحواْ ُى َو َخْيػٌر ّْفبَّا َْهب َمعُوف }‪.‬‬ ‫قاؿ تعاىل ‪ { :‬قُ ْل بَِف ْ‬ ‫ض ِل اللّ ِو َوبَِر ْضبَتِ ِو فَبِ َذل َ‬ ‫• أنو يوـ زينة ‪ ،‬فيلبس اؼبسلم اعبديد من الثياب ‪ ،‬ويأكل الطيّب من الطعاـ إظهاراً لنعمة اهلل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫آد َـ ُخ ُذوا ِزينَتَ ُك ْم ِعْن َد ُك ّْل َم ْس ِج ٍد وُكلُوا َوا ْشَربُوا‬ ‫عليو دوف إسراؼ وال ـبيلة ؛ قاؿ تعاىل ‪ { :‬يَا بٍَِت َ‬ ‫‪ٔٓ7‬‬


‫ب الْمس ِرفُِت * قُل من حَّرـ ِزينَةَ اهللِ الَِّيت أَخرج لِعِب ِادهِ والْطَّيّْب ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرْزِؽ قُ ْل‬ ‫ات ِم َن ّْ‬ ‫َوالَ تُ ْس ِرفُوا إِنَّوُ الَ ُوب ُّ ُ ْ َ ْ َ ْ َ َ‬ ‫َْ َ َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ​ِ‬ ‫صل اآلَي ِ‬ ‫اغبَيَاةِ ُّ‬ ‫ات لَِق ْوٍـ يَػ ْعلَ ُمو َف }‪.‬‬ ‫ين َآمنُوا ِيف ْ‬ ‫صةً يَػ ْوَـ الْقيَ َام ِة َك َذل َ‬ ‫الدنْػيَا َخال َ‬ ‫ك نػُ َف ّْ ُ َ‬ ‫ى َي للَّذ َ‬ ‫قوؿ غَتُ صحيح ‪ ،‬ألف ما شرعو اهلل سبحانو وتعاىل ورسولو‬ ‫وإف قوؿ البعض ‪ ( :‬ال عيد لنا ) ٌ‬ ‫ٍ‬ ‫وآداب ‪ ،‬ىي عبادات وشعائر ينبغي إحياؤىا ‪ ،‬وإدراؾ مقاصدىا ‪،‬‬ ‫صلى اهلل عليو وسلم من سن ٍن‬ ‫واستشعار معانيها ‪ ،‬فيُستحب للمسلم أف يقوـ ّٔا يف ىذا اليوـ ‪ ،‬فنفرح بالعيد ألننا أطعنا اهلل تعاىل‬ ‫ِ‬ ‫لصائِ ِم فَػرحتَ ِ‬ ‫اف ‪ :‬فَػْر َحةٌ ِعْن َد فِطْ ِرهِ ‪َ ،‬وفَػْر َحةٌ ِعْن َد لَِق ِاء َربِّْو » متفق عليو ‪.‬‬ ‫‪ ،‬ويف اغبديث ‪ « :‬ل َّ ْ َ‬ ‫وفعل أحدنا ؽبا ال يتناَّف مع حزنو ومشاركتو ألحزاف اؼبسلمُت ومصائبهم ‪ ،‬بل قد يكوف ذلك‬ ‫من أسباب الفرج والنصر لنا ‪ ،‬ألننا ما قُمنا ّٔا إال طاعة هلل وامتثاالً ألمره سبحانو ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪{ :‬‬ ‫ت أَقْ َد َام ُك ْم }‪.‬‬ ‫نصْرُك ْم َويػُثَبّْ ْ‬ ‫نصُروا اللَّوَ يَ ُ‬ ‫إِ ْف تَ ُ‬ ‫ِ‬ ‫وبق لنا أف نوقف العمل ّٔا أياً كاف السبب ‪ ،‬حىت ولو كاف‬ ‫فالعيد شرعةٌ من اهلل تعاىل ‪ ،‬وال ّ‬ ‫القلب يعتصر أؼباً وحزناً ؼبصاب أىلنا يف الشاـ ويف غَتىا من بلداف اؼبسلمُت يف مشارؽ األرض‬ ‫ُ‬ ‫ومغارّٔا‪. ...‬‬ ‫ولقد عايش النِب صلى اهلل عليو وسلم مصائب كثَتة ‪ ،‬وفقد من أحبتو ولده إبراىيم وعمو ضبزة‬ ‫وغَتىم رضي اهلل عنهم ‪ ،‬وَل يرد عنو ما يدؿ على تركو الفرح بالعيد ‪ ،‬ال ىو وال أصحابو رضي اهلل‬ ‫عنو ‪.‬‬ ‫ولو كانت األعياد تُلغى بسبب اؼبصائب ‪ ،‬ؼبا كاف لنا عيد بعد موت النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪،‬‬ ‫مر العصور يقيموف ىذه األعياد ‪،‬‬ ‫فموتو أعظم اؼبصائب عند اؼبسلمُت ‪ ،‬وقد كاف اؼبسلموف على ّْ‬ ‫وهبتمعوف ويوسعوف على الفقَت واؼبسكُت ‪ ،‬ويًتخصوف من األعماؿ دبا ال يرتضونو يف غَتىا ‪- ،‬‬ ‫كما جاء يف اغبديث خبصوص لعب جواري عائشة رضي اهلل عنو ‪َ « :‬د ْع ُه َما يَا أَبَا بَ ْك ٍر إِ َّف لِ ُك ّْل‬ ‫ٍ‬ ‫يدنَا َى َذا اليَػ ْوـ »‪ ، -‬يفعلوف ذلك حىت يف وقت اؼبعاناة أو احملنة ؛ ألف العيد شعَتة‬ ‫يدا َوإِ َّف عِ َ‬ ‫قَػ ْوـ ِع ً‬ ‫من شعائر اهلل تعاىل ‪ ،‬وقد قاؿ تعاىل ‪ { :‬ومن يػعظّْم َشعائِر اللَِّو فَِإنػَّها ِمن تَػ ْقوى الْ ُقلُ ِ‬ ‫وب }‪.‬‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َ​َ ْ َُ ْ َ َ‬ ‫وال شيء من أمر اغبياة الدنيا يدوـ ثابتاً وال يتغَت ‪ ،‬وهلل األمر من قبل ومن بعد ‪ ،‬يصرؼ األمور‬ ‫كما يشاء سبحانو ‪ ،‬يعز من يشاء ويذؿ ‪ ،‬وليست الذلة واؼبرارة اليت تعيشها األمة اإلسبلمية حتماً‬ ‫‪ٔٓ3‬‬


‫ِ ِ‬ ‫ُت‬ ‫صارماً ال يزوؿ ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪ { :‬إِ ْف يبَْ َس ْس ُك ْم قَػْر ٌح فَػ َق ْد َم َّ‬ ‫س الْ َق ْوَـ قَػْر ٌح مثْػلُوُ َوت ْل َّك ُاـ نُ َدا ِوُؽبَا بَػ ْ َ‬ ‫َّاس ولِيػعلَم اللَّو الَّ ِذين آمنُوا ويػت ِ‬ ‫َّخ َذ ِمْن ُكم ُشه َداء واللَّو َال ُِوب ُّ ِ ِ‬ ‫ُت }‪.‬‬ ‫ب الظَّالم َ‬ ‫ْ َ َ​َ ُ‬ ‫الن ِ َ َ ْ َ ُ َ َ َ َ‬ ‫وقد توالت علينا اؼبصائب بعد موت النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪ ،...‬ومن أواخرىا يف عصرنا‬ ‫اغتصاب فلسطُت واؼبذابح اليت ذبري يف بورما ومصيبتنا يف سوريا وغَتىا من بلداف اؼبسلمُت‪. ..‬‬ ‫فالصحيح أف نقوؿ ‪ " :‬ال عيد لنا دبعصية اهلل ‪ ،‬وإمبا عيدنا بطاعة اهلل وامتثاؿ أوامره ‪ ،‬ليتم لنا‬ ‫وعده وينصرنا على أعدائنا "‪.‬‬ ‫** تنبيه ‪:‬‬

‫العيد من مضامينو الرائعة ‪ ،‬حُت حصروا العيد دبظاىره اؼبباحة ‪ ،‬من‬ ‫لقد أفرغ كثَت من اؼبسلمُت َ‬ ‫اللباس اعبديد واألفراح وتبادؿ الزيارات واعبلوس إىل اؼبوائد ‪ ،‬بل توسع بعضهم للمحرمات دوف‬ ‫اغبرص على صلة األرحاـ ‪ ،‬ونسياف اػببلفات ‪ ،‬وتآلف القلوب ‪.‬‬ ‫وما أصبل أف نقيم شعائر اهلل يف العيد ‪ ،‬فنفرح بالعيد ألننا أطعنا اهلل تعاىل ‪ ،‬ويف نفس الوقت‬ ‫كبوؿ‬ ‫نتذكر أف إخوانا لنا يف أماكن متفرقة ‪ ،‬قد أصأّم ما أصأّم من الببلء ‪ .‬لكن واجبنا ىنا أف ّ‬ ‫تذكرنا ؼبآسي اؼبسلمُت إىل عمل واقعي ملموس يزيلها ‪ ،‬فما أصبل أف نعايد أوالد الشهداء و‬ ‫اؼبنكوبُت و نكفكف دمعاهتم و نربىم و نصلهم كما نصل أطفالنا ‪ ،‬فالعيد ميداف استباؽ إىل‬ ‫اػبَتات ‪ ،‬وؾباؿ منافسة يف اؼبكرمات ‪ ،‬ال نفوتو أبداً ‪.‬‬ ‫اللهم تقبل منا ومن صبيع اؼبسلمُت الصياـ والقياـ ‪ ،‬اللهم أعده علينا أعواماً عديدة وأزمنة مديدة‬ ‫وكبن يف أمن وأماف ‪.‬‬ ‫اللهم بارؾ لنا يف عيدنا ويف شامنا ‪ ،‬اللهم كما مننت علينا بفرحة العيد فامنن علينا بنصرة‬ ‫اؼبستضعفُت من اؼبسلمُت يف الشاـ ويف كل مكاف يا ذا اعببلؿ واإلكراـ ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪ٔٓ1‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 53‬ما حكم جهاد من كان عاصٌا هلل و ُمرتك َبا للكبائر ثم تاب ‪,‬‬ ‫والتحق بالجٌش الحر وعاهد هللا أن ٌقاتل فً سبٌله ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫يق‬ ‫التوبة ذبب ما قبلها ؛ فجهاد من كانت ىذه حالو صحيح إف شاء اهلل تعاىل ‪ ،‬واعبهاد طر ٌ‬ ‫لغفراف الذنوب‪ ،‬قاؿ شيخ اإلسبلـ رضبو اهلل ‪ ( :‬ومن كاف كثَت الذنوب فأعظم دوائو اعبهاد ؛ فإف‬ ‫اهلل عز وجل يغفر ذنوبو ‪ ،‬كما أخرب اهلل يف كتابو بقولو سبحانو وتعاىل ‪َ { :‬ويَػ ْغ ِفْر لَ ُك ْم ذُنُوبَ ُك ْم })‬ ‫الفتاوى (‪.)ٕٗٔ /ٕٛ‬‬ ‫ونوصي ىذا األخ بإخبلص نيتو يف جهاده‪ ،‬واإلكثار من االستغفار‪ ،‬واألعماؿ الصاغبة‪ ،‬ونرجو‬ ‫أف يكوف فبن قاؿ اهلل فيهم ‪ { :‬إَِّال من تَاب وآمن وع ِمل عمبلً ِ‬ ‫ّْؿ اللَّوُ َسيّْئَاهتِ​ِ ْم‬ ‫ك يػُبَد ُ‬ ‫صاغباً فَأُولَئِ َ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َ َ َ َ​َ َ‬ ‫حسنَ ٍ‬ ‫ات َوَكا َف اللَّوُ َغ ُفوراً َرِحيماً }‪.‬‬ ‫َ​َ‬ ‫اللهم اغفر لنا ذنوبنا ‪ ،‬وإسرافنا على أمرنا ‪ ،‬وال تؤاخذنا دبا فعل السفهاء منا ‪ ،‬وثبت أقدامنا ‪،‬‬ ‫وانصرنا على القوـ الكافرين ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٓٔ​ٔ‬


‫فتىي ( ‪ :) 54‬هل ٌجوز لمن ُ‬ ‫طلب للخدمة اإللزامٌة أو االحتٌاطٌة من‬ ‫السورٌ​ٌن االلتحاق بالجٌش ؟‬ ‫وهل ٌجوز للجنود السورٌ​ٌن البقاء فً جٌش االحتالل النصٌري مع عدم‬ ‫مشاركتهم فً قمع الشعب أو حرب المجاهدٌن ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫لقد ظهر للقاصي والداٍل إجراـ ىذا النظاـ ‪ ،‬وقتلو ‪ ،‬وؾبازره حبق أىلنا ‪ ،‬وعليو فبل هبوز ألحد‬ ‫فبن طُلِب للخدمة اإللزامية العسكرية أف يلتحق ّٔا ‪.‬‬ ‫وليس ألحد من اعبنود عذر أف يبقى مع ىذا اعبيش النصَتي ‪ ،‬حىت لو َل يشًتؾ يف القتل ؛‬ ‫ألهنم من أسباب بقاء واستمرار العصابة األسدية ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪َ { :‬وال تَػ َع َاونُوا َعلَى ا ِإل ُِْث َوالْعُ ْد َو ِاف }‪.‬‬ ‫ومن منعو والداه من االنشقاؽ فبل يطيعهما يف ذلك ‪ ،‬ألف بقاءه مع ىذا اعبيش معصية هلل ‪،‬‬ ‫وطاعة اهلل مقدمة على طاعة الوالدين ‪.‬‬ ‫والواجب على صبيع القادرين على االنشقاؽ أف ينشقوا بأسرع وقت فبكن ‪ ،‬وأف يلتحقوا‬ ‫بآّاىدين ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪َ { :‬وتَػ َع َاونُوا َعلَى الِْ ّْرب َوالتَّػ ْق َوى }‪.‬‬ ‫وال ينبغي أف سبنعو خشيتو على أىلو من االنشقاؽ من العصابة األسدية ‪ ،‬بل هبب عليو أف‬ ‫يسعى لتأمينهم قبل االنشقاؽ بأي وسيلة كانت ‪.‬‬ ‫ومن عجز عن االنشقاؽ فأضعف اإليباف أف ينوي مفارقة ىذا النظاـ يف أوؿ فرصة ليلتحق‬ ‫بآّاىدين ‪.‬‬ ‫وينبغي التأكيد أنو ال هبوز للجنود أف يطيعوا األوامر يف قتل أحد من اؼبسلمُت مهما كاف السبب ‪،‬‬ ‫وليس ؽبم عذر يف ذلك ‪ ،‬فإف أطاعوا األوامر بالقتل فهم شركاء يف اعبريبة ‪ ،‬و حفاظهم على‬ ‫ِ‬ ‫أرواحهم ليس بأوىل من أرواح باقي اؼبسلمُت ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪َ { :‬وَمن يَقتُل ُمؤمناً ُمتَػ َع ّْمداً فَ َجَز ُاؤهُ‬ ‫ِ‬ ‫جهنَّم خالِداً فِيها و َغ ِ‬ ‫َع َّد لَوُ َع َذاباً َع ِظيماً }‪.‬‬ ‫ض‬ ‫ب اللَّوُ َعلَْيو َولَ َعنَوُ َوأ َ‬ ‫َ​َ ُ َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ٔ​ٔ​ٔ‬


‫قاؿ ابن تيمية رضبو اهلل ‪ ( :‬كما لو أكرىو الكفار على حضور صفهم ليقاتل اؼبسلمُت ‪ ،‬وكما لو‬ ‫أكره رجل رجبلً على قتل مسلم معصوـ ‪ ،‬فإنو ال هبوز لو قتلو باتفاؽ اؼبسلمُت ؛ وإف أكرىو بالقتل‬ ‫؛ فإنو ليس حفظ نفسو بقتل ذلك اؼبعصوـ أوىل من العكس ) ؾبموع الفتاوى (‪.)ٖٜ٘ /ٕٛ‬‬ ‫اللهم ىيّئ للمسلمُت يف سوريا أمر رشد ‪ ،‬يػُ َعُز فيو أىل طاعتك ‪ ،‬ويُ َذ َكر فيو أىل معصيتك ‪،‬‬ ‫ويُ َد َمر فيو أعداؤؾ أعداء الدين ‪ ،‬يا قوي يا متُت ‪.‬‬ ‫اهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٕٔ​ٔ‬


‫فتىي ( ‪ : ) 55‬عند هجوم جٌش االحتالل النصٌري علٌنا ‪ٌ ,‬كون فٌه الجنود‬ ‫المستبٌحون لدمائنا وأعراضنا وأنفسنا ‪ ,‬والجنود المكرهون على االعتداء علٌنا‬ ‫وقتالنا ‪ ,‬فكٌؾ ٌتم التعامل معهم مع عدم قدرتنا على التفرٌق بٌنهم ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫عند ىجوـ األعداء وعدـ قدرة آّاىدين على التفريق بُت من ىو مكره على قتاؽبم وبُت غَته ‪،‬‬ ‫فإهنم يقاتلوف صبيعاً ‪ ،‬وال يستثٌت من ذلك أحد مسلم كاف أو غَت مسلم ‪ ،‬مكره أو غَت مكره ‪،‬‬ ‫والتفريق بينهم ال يبكن ربقيقو على أرض الواقع ‪.‬‬ ‫فمن كاف كافراً منهم يقتل لكفره و حربو للمسلمُت ‪.‬‬ ‫ومن كاف مسلماً مكرىاً يقاتل ‪ ،‬ألنو دبثابة الصائل الذي ال يُدفع إال بالقتل ‪ ،‬و يوـ القيامة‬ ‫يبعث على نيتو ‪.‬‬ ‫واهلل سبحانو أمرنا برد الصائل ‪ ،‬وَل يأمرنا أف نفتش عن سرائر الناس وال عن نواياىم ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ َّ ِ‬ ‫ين }‪.‬‬ ‫ين يػُ َقاتِلُونَ ُك ْم َوال تَػ ْعتَ ُدوا إِ َّف اللَّوَ ال ُِوب ُّ‬ ‫ب الْ ُم ْعتَد َ‬ ‫{ َوقَاتلُوا يف َسب ِيل اللَّو الذ َ‬ ‫ث رس ُ ِ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم ِيف َمنَ ِام ِو ‪ ،‬فَػ ُق ْلنَا‬ ‫وؿ اللَّو َ‬ ‫وعن عائشة رضي اهلل عنها ‪ ،‬قالت ‪َ (( :‬عبَ َ َ ُ‬ ‫‪ :‬يا رس َ ِ‬ ‫اؿ ‪ « :‬الْ َعج ِ‬ ‫اسا ِم ْن أ َُّم ِيت‬ ‫ك َ​َلْ تَ ُك ْن تَػ ْف َعلُوُ ؟‪ .‬فَػ َق َ‬ ‫ت َشْيئًا ِيف َمنَ ِام َ‬ ‫صنَػ ْع َ‬ ‫وؿ اللَّو ‪َ ،‬‬ ‫ب إ َّف نَ ً‬ ‫َ َُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يػؤُّمو َف بِالْبػي ِ‬ ‫ت بَِر ُج ٍل ِم ْن قُػَريْ ٍ‬ ‫ف ِّٔ​ِ ْم » ‪ ،‬فَػ ُق ْلنَا ‪ :‬يَا‬ ‫ش ‪ ،‬قَ ْد َعبَأَ بِالْبَػْيت َح َّىت إِذَا َكانُوا بِالْبَػْي َداء ُخس َ‬ ‫َُ‬ ‫َْ‬ ‫رس َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫السبِ ِيل‬ ‫َّاس ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ور ‪َ ،‬وابْ ُن َّ‬ ‫وؿ اللَّو ‪ ،‬إِ َّف الطَِّر َ‬ ‫َُ‬ ‫اؿ ‪ « :‬نَػ َع ْم ‪ ،‬فيه ُم الْ ُم ْستَْبصُر َوالْ َم ْجبُ ُ‬ ‫يق قَ ْد َْهب َم ُع الن َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ِاد َر َش َّىت يَػْبػ َعثُػ ُه ُم اللَّوُ َعلَى نِيَّاهتِ​ِ ْم »)) رواه مسلم ‪.‬‬ ‫يَػ ْهل ُكو َف َم ْهلَ ًكا َواح ًدا ‪َ ،‬ويَ ْ‬ ‫ص ُد ُرو َف َم َ‬ ‫ث رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم يف منامو" ‪ :‬أي اضطرب جسمو ‪.‬‬ ‫ومعٌت "عبَ َ‬ ‫قاؿ ابن تيمية رضبو اهلل ‪ ( :‬فاهلل تعاىل أىلك اعبيش الذي أراد أف ينتهك حرماتو اؼبكره فيهم و‬ ‫غَت اؼبكره ‪.‬‬

‫ٖٔ​ٔ‬


‫مع قدرتو على التمييز بينهم مع أنو يبعثهم على نياهتم ‪ .‬فكيف هبب على اؼبؤمنُت آّاىدين أف‬ ‫يبيّزوا بُت اؼبكره وغَته وىم ال يعلموف ذلك ‪ ،‬بل لو ادعى مدع أنو خرج مكرىا َل ينفعو ذلك‬ ‫دبجرد دعواه ‪.‬‬ ‫كما ُروي أف العباس بن عبد اؼبطلب قاؿ للنِب صلى اهلل عليو وسلم ؼبا أسره اؼبسلموف يوـ بدر ‪:‬‬ ‫(( يا رسوؿ اهلل ‪ ،‬إٍل كنت ُمكرىاً ‪ .‬فقاؿ ‪ « :‬أما ظاىرؾ فكاف علينا ‪ ،‬وأما سريرتك فإىل اهلل »)) ‪.‬‬ ‫بل لو كاف فيهم قوـ صاغبوف من خيار الناس ‪ ،‬وَل يبكن قتاؽبم إال بقتل ىؤالء لقتلوا أيضاً ‪ ،‬فإف‬ ‫األئمة متفقوف على أف الكفار لو تًتسوا دبسلمُت ‪ ،‬وخيف على اؼبسلمُت إذا َل يقاتلوا فإنو هبوز‬ ‫أف نرميهم ونقصد الكفار ‪ ،‬ولو َل لبف على اؼبسلمُت جاز رمي أولئك اؼبسلمُت أيضاً يف أحد‬ ‫قويل العلماء ) الفتاوى الكربى (ٖ‪.)٘​٘ٔ /‬‬ ‫اللهم أىلك العصابة األسدية اؼبتسلطة يف سوريا ‪ ،‬و من عاوهنا و ناصرىا ؛ دوالً وأحزاباً وأفراداً ‪،‬‬ ‫وفرؽ صبعهم وانصرنا عليهم يا قوي يا عزيز ‪.‬‬ ‫اللهم شتّْت مشلهم ّْ‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٗٔ​ٔ‬


‫فتىي ( ‪ : ) 56‬هل ٌُشرع التؤمٌر فً الجهاد ؟‬ ‫وما هً الشروط الواجب توفرها بؤمٌر الجهاد ؟‬ ‫وهل ٌجوز تعدد األمراء فً جهادنا ضد العصابة المحتلة فً سورٌا ؟‬ ‫وهل البٌعة مشروعة لهإالء األمراء ؟‬ ‫وما شروطها ؟ وهل لها ألفاظ مخصوصة ؟ وكٌؾ تتم ؟‬ ‫وهل ٌجوز نكثها ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫يُشرع التأمَت عند اػبروج للجهاد سواء كاف جهاد طلب أـ جهاد دفع ‪ ،‬قاؿ بريدة رضي اهلل عنو‬ ‫ٍ‬ ‫‪َ (( :‬كا َف رس ُ ِ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم إِذَا أ ََّمَر أ َِم ًَتا َعلَى َجْي ٍ‬ ‫اصتِ ِو‬ ‫صاهُ ِيف َخ َّ‬ ‫ش أ َْو َس ِريَّة أ َْو َ‬ ‫وؿ اللَّو َ‬ ‫َُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ُت َخْيػًرا )) رواه مسلم ‪.‬‬ ‫بِتَػ ْق َوى اللَّو َوَم ْن َم َعوُ م َن الْ ُم ْسلم َ‬ ‫قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل ‪ ( :‬وأمر اعبهاد موكوؿ إىل اإلماـ واجتهاده‪ ،...‬ويػُ َؤّْمر يف كل ناحية أمَتاً‬ ‫صر باغبرب ومكايدة العدو ‪،‬‬ ‫يقلده أمر اغبروب وتدبَت اعبهاد ‪ ،‬ويكوف فبن لو رأي وعقل وقبدة وبَ َ‬ ‫ويكوف فيو أمانة ورفق ونصح للمسلمُت ) اؼبغٍت (‪. )ٕٕٓ /ٜ‬‬ ‫ويف حاؿ انعداـ اإلماـ ‪-‬كما ىو واقعنا حاليا يف سوريا‪ -‬أو تعذر الوصوؿ إليو فإف للمجاىدين‬ ‫أف ىبتاروا أمَتاً من بينهم ليقودىم يف جهادىم ‪ ،‬وينظم ؽبم أمورىم الدينية والدنيوية يف اؼبناطق‬ ‫احملررة ‪ ،‬كما فعل الصحابة رضي اهلل عنهم يف غزوة مؤتة مع خالد رضي اهلل عنو ‪.‬‬ ‫وقاؿ ابن حجر رضبو اهلل ‪ ( :‬وفيو جواز التأمر يف اغبرب بغَت تأمَت ػ أي بغَت نص من اإلماـ ‪،‬‬ ‫قاؿ الطحاوي‪ " :‬ىذا أصل يؤخذ منو على اؼبسلمُت أف يقدموا رجبلً إذا غاب اإلماـ يقوـ مقامو‬ ‫إىل أف وبضر" ) فتح الباري (‪.)ٖ٘ٔ /ٚ‬‬ ‫وقاؿ ابن تيمية رضبو اهلل ‪ ( :‬روى اإلماـ أضبد يف اؼبسند عن عبد اهلل بن عمرو أف النِب صلى اهلل‬ ‫عليو وسلم قاؿ ‪َ « :‬ال َِوب ُّل لِثَ​َبلثَِة نَػ َف ٍر ي ُكونُو َف بِأَر ِ ٍ ِ‬ ‫َح َد ُى ْم »‪ ،‬فأوجب‬ ‫ض فَ َبلة إَّال أ ََّمُروا َعلَْي ِه ْم أ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬

‫٘ٔ​ٔ‬


‫صلى اهلل عليو وسلم تأمَت الواحد يف االجتماع القليل العارض يف السفر تنبيهاً بذلك على سائر‬ ‫أنواع االجتماع ) ؾبموع الفتاوى (‪.)ٖٜٓ /ٕٛ‬‬ ‫وقاؿ الشوكاٍل رضبو اهلل ‪ ( :‬يُشرع لكل عدد بلغ ثبلثة فصاعداً أف يؤمروا عليهم أحدىم ‪ ،‬ألف‬ ‫يف ذلك السبلمة من اػببلؼ الذي يؤدي إىل اإلتبلؼ ‪ ،‬فمع عدـ التأمَت يستبد كل واحد برأيو‬ ‫ويفعل ما يطابق ىواه فيهلكوف ‪ ،‬ومع التأمَت يقل االختبلؼ ‪ ،‬وذبتمع الكلمة ‪ ،‬وإذا ُشرع ىذا‬ ‫فش ِ‬ ‫رعيَتُو لعدد أكثر يسكنوف القرى واألمصار و‬ ‫لثبلثة يكونوف يف فبلة من األرض أو يسافروف َ‬ ‫وبتاجوف لدفع التظاَل وفصل التخاصم أوىل و أحرى ‪ ،‬ويف ذلك دليل لقوؿ من قاؿ ‪ :‬إنو هبب‬ ‫على اؼبسلمُت نصب األئمة والوالة واغبكاـ ) نيل األوطار (‪.)ٔ٘ٚ /ٜ‬‬ ‫** ومن أىم الشروط الواجب توفرىا بأمَت اعبهاد ‪:‬‬ ‫اإلسبلـ ‪ ،‬اغبرية ‪ ،‬البلوغ ‪ ،‬العقل ‪ ،‬الذكورية ‪ ،‬سبلمة اغبواس واألعضاء ‪ ،‬العدالة ‪ ،‬اػبربة‬ ‫والبصَتة بأمور القتاؿ ‪.‬‬ ‫وإف َل يكن األمَت عاؼباً فقيهاً ‪ ،‬فبل َّ‬ ‫بد لو من االستعانة دبن معو من أىل العلم ألف اعبهاد عبادة‬ ‫‪ ،‬وال َّ‬ ‫بد أف تكوف على بصَتة لتكوف العبادة صحيحة ‪.‬‬ ‫وقد ذكر ابن قدامة رضبو اهلل أىم تلك الشروط بقولو ‪ ( :‬ويكوف فبن لو رأي وعقل وقبدة وبصر‬ ‫باغبرب ومكايدة العدو ‪ ،‬ويكوف فيو أمانة ورفق ونصح للمسلمُت ) اؼبغٍت (‪. )ٕٕٓ /ٜ‬‬ ‫صر عن شروط اإلمارة العامة بشرط واحد‬ ‫قاؿ أبو يَػ ْعلى رضبو اهلل ‪ ( :‬و شروط اإلمارة اػباصة تَػ ْق ُ‬ ‫وىو العلم ‪ ،‬ألف ؼبن َع َّمت إمارتو أف وبكم وليس ذلك ؼبن خصت إمارتو ) األحكاـ السلطانية ص‬ ‫(‪.)ٖٚ‬‬ ‫وتفصيل ىذه الشروط وغَتىا مبسوط يف كتب الفقو والسياسة الشرعية واألحكاـ السلطانية ‪.‬‬ ‫* أما بالنسبة لتعدد األمراء يف جهادنا ضد العصابة احملتلة يف سوريا ‪ ،‬فالواجب على صبيع‬ ‫الكتائب اإلسبلمية أف تسعى للتوحد ربت ظل قيادة إسبلمية واحدة ‪ ،‬قاؿ ابن تيمية رضبو اهلل ‪( :‬‬ ‫تعلموف أف من القواعد العظيمة اليت ىي من صباع الدين ‪ ،‬تأليف القلوب واجتماع الكلمة وإصبلح‬ ‫ذات البُت ‪ ،‬فإف اهلل تعاىل يقوؿ ‪ { :‬فَاتَّػ ُقوا اللَّو وأَصلِحوا َذات بػينِ ُكم } ‪ ،‬ويقوؿ ‪ { :‬و ْاعتَ ِ‬ ‫ص ُموا‬ ‫َ​َ ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َْ ْ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫اختَػلَ ُفوا ِم ْن بَػ ْع ِد َما َجاءَ ُى ُم‬ ‫ين تَػ َفَّرقُوا َو ْ‬ ‫حبَْب ِل اللَّو َصبيعاً َوال تَػ َفَّرقُوا } ويقوؿ ‪َ { :‬وَال تَ ُكونُوا َكالذ َ‬ ‫‪ٔ​ٔٙ‬‬


‫ِ‬ ‫يم } ‪ ،‬وأمثاؿ ذلك من النصوص اليت تأمر باعبماعة واالئتبلؼ ‪،‬‬ ‫ات َوأُولَئِ َ‬ ‫الْبَػيّْػنَ ُ‬ ‫ك َؽبُ ْم َع َذ ٌ‬ ‫اب َعظ ٌ‬ ‫وتنهى عن الفرقة واالختبلؼ ‪ ،‬وأىل ىذا األصل ىم اعبماعة ‪ ،‬كما أف اػبارجُت عنو ىم أىل‬ ‫الفرقة ) ؾبموع الفتاوى (‪.)٘ٔ /ٕٛ‬‬ ‫ويف حاؿ تعذر االرباد و االجتماع فجهاد ىذه الكتائب مشروع ‪ ،‬وال مانع شرعاً من اعبهاد مع‬ ‫أي من الكتائب اإلسبلمية اليت تقاتل وتدافع عن حرمات ىذا الدين وتذود عن األعراض واألمواؿ‬ ‫واألنفس ‪ ،‬قاؿ ابن تيمية رضبو اهلل ‪ ( :‬وأما قتاؿ الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل عن اغبرمة‬ ‫والدين فواجب إصباعاً ‪ ،‬فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا ال شيء أوجب بعد اإليباف من‬ ‫نص على ذلك العلماء أصحابنا‬ ‫شًتط لو شرط ‪ ،‬بل يدفع حبسب اإلمكاف ‪ .‬وقد َّ‬ ‫دفعو فبل يُ َ‬ ‫وغَتىم ) الفتاوى الكربى (٘‪.)ٖ٘ٛ /‬‬ ‫** البيعة ىي العهد على الطاعة ‪:‬‬

‫قاؿ ابن األثَت رضبو اهلل ‪ ( :‬إف البيعة عبارة عن اؼبعاقدة واؼبعاىدة‪ ،‬كأ ّف كل واحد منهما باع ما‬ ‫عنده من صاحبو‪ ،‬وأعطاه خالصة نفسو وطاعتو ودخيلة أمره ) النهاية البن األثَت (ٔ‪.)ٔٚٗ /‬‬ ‫وقاؿ ابن خلدوف رضبو اهلل ‪ ( :‬البيعة ىي العهد على الطاعة َّ‬ ‫أمَته على أنو‬ ‫كأف َ‬ ‫اؼببايع يعاىد َ‬ ‫النظر يف أمر نفسو وأمور اؼبسلمُت ال ينازعو يف شيء من ذلك ويطيعو فيما يكلفو بو من‬ ‫يُسلم لو َ‬ ‫األمر على اؼبنشط واؼبكره ‪.‬‬ ‫وكانوا إذا بايعوا األمَت وعقدوا عهده جعلوا أيديهم يف يده تأكيداً للعهد ‪ ،‬فأشبو ذلك فعل البائع‬ ‫فسمي بَيعة مصدر باع وصارت البيعة مصافحةً باأليدي‪ .‬ىذا مدلوؽبا يف عرؼ اللغة‬ ‫واؼبشًتي ُ‬ ‫ومعهود الشرع ) مقدمة ابن خلدوف ص (ٔ‪.)ٕٙ‬‬ ‫* وللبيعة صورتاف ‪:‬‬ ‫‪ )1‬بيعة عامة ‪ ،‬وتكوف لئلماـ اؼبسلم العاـ ‪ ،‬ومنو قولو صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬م ْن بَايَ َع إِ َم ًاما‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اض ِربُوا عُنُ َق ْاآل َخ ِر »‬ ‫آخُر يػُنَا ِزعُوُ ‪ ،‬فَ ْ‬ ‫‪ ،‬فَأ ْ‬ ‫استَطَ َ‬ ‫اع ‪ ،‬فَِإ ْف َجاءَ َ‬ ‫ص ْف َقةَ يَده َوَشبَ​َرَة قَػ ْلبِو ‪ ،‬فَػ ْليُط ْعوُ َما ْ‬ ‫َعطَاهُ َ‬ ‫رواه مسلم ‪.‬‬

‫‪ٔ​ٔ7‬‬


‫‪ )2‬بيعة خاصة على أمر ؿبدد كالسفر واعبهاد ‪ ،‬وتكوف يف السمع والطاعة على ىذا األمر ‪،‬‬

‫وتنتهي ىذه البيعة بانتهاء اؼبعركة أو الشيء الذي بايعوا عليو ‪ ،‬ومنو قوؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫َح َد ُى ْم » رواه أبو داود ‪.‬‬ ‫« إذَا َخَر َج ثَ​َبلثَةٌ ِيف َس َف ٍر فَػ ْليُػ َؤّْمُروا أ َ‬ ‫وقد روى ابن كثَت أف عكرمة بن أيب جهل رضي اهلل عنو قاؿ يوـ الَتموؾ ‪ ( :‬قاتلت رسوؿ اهلل‬ ‫صلى اهلل عليو وسلم يف مواطن وأفر منكم اليوـ؟!‪ُ ،‬ث نادى ‪ :‬من يبايع على اؼبوت ؟‪ .‬فبايعو عمو‬ ‫اغبارث بن ىشاـ ‪ ،‬وضرار بن األزور يف أربعمائة من وجوه اؼبسلمُت وفرساهنم ‪ ،‬فقاتلوا قداـ‬ ‫فسطاط خالد حىت أثبتوا صبيعاً ِجراحاً ‪ ،‬وقُتل منهم خلق ‪ ،‬منهم ضرار بن األزور ‪ ،‬رضي اهلل عنهم )‬ ‫البداية والنهاية (‪.)ٔ٘ /ٚ‬‬ ‫فهذه بيعة بُت عكرمة رضي اهلل عنو ‪ ،‬وبُت طائفة من اعبند على طاعة من الطاعات دبحضر من‬ ‫اعبيش ‪ ،‬ودوف إنكار من أحد ‪.‬‬ ‫فالبيعة على اعبهاد يف حاؿ انعداـ أمَت من باب أوىل ‪.‬‬ ‫• ومن شروط البيعة اػباصة ‪:‬‬ ‫أال تكوف على معصية أو أمر ؾبهوؿ أو ما ال يستطيعو اؼببايع ‪ ،‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬ ‫السمع والطَّاعةُ فِ‬ ‫وسلم ‪ « :‬على الْمرِء الْمسلِ‬ ‫ب وَك ِره ‪ ،‬إَِّال أَ ْف يػ ْؤمر ِدبَع ِ‬ ‫ِ‬ ‫صيَ ٍة ‪ ،‬فَِإ ْف أ ُِمَر‬ ‫َح‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫يم‬ ‫م‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ​َ ْ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ُْ َ‬ ‫َْ ُ ْ‬ ‫ِ ٍِ‬ ‫اعةَ » متفق عليو ‪.‬‬ ‫دبَْعصيَة فَ َبل َظبْ َع َوَال طَ َ‬ ‫وعن عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما ‪ ،‬قاؿ ‪ُ (( :‬كنَّا إِ َذا بايػعنَا رس َ ِ‬ ‫صلَّى اهللُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم‬ ‫وؿ اللَّو َ‬ ‫َ َْ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫استَطَ ْعتُ ْم »)) رواه البخاري ‪.‬‬ ‫اع ِة‪ ،‬يَػ ُق ُ‬ ‫َعلَى َّ‬ ‫الس ْم ِع َوالطَّ َ‬ ‫يما ْ‬ ‫وؿ لَنَا ‪ « :‬ف َ‬ ‫• ألفاظ البيعة ‪:‬‬ ‫ليس للبيعة على اعبهاد ألفاظ ـبصوصة بل كل لفظ دؿ عليها جاز ‪ ،‬و فبا جاءت بو السنة من‬ ‫وؿ اللَّ ِو‬ ‫ألفاظ البيعة لئلماـ األعظم ‪ ،‬ما رواه عبادة بن الصامت رضي اهلل عنو قاؿ ‪َ (( :‬د َعانَا َر ُس ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اع ِة ِيف‬ ‫َخ َذ َعلَْيػنَا ‪ ،‬أَ ْف بَايَػ َعنَا َعلَى َّ‬ ‫الس ْم ِع َوالطَّ َ‬ ‫يما أ َ‬ ‫َ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْيو َو َسلَّ َم ‪ ،‬فَػبَايَػ ْعنَاهُ ‪ ،‬فَ َكا َف ف َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ع ْاأل َْمَر أ َْىلَوُ )) رواه مسلم ‪.‬‬ ‫َمْن َشطنَا َوَم ْكَرىنَا ‪َ ،‬وعُ ْس ِرنَا َويُ ْس ِرنَا ‪َ ،‬وأَثػَ​َرةٍ َعلَْيػنَا ‪َ ،‬وأَ ْف َال نػُنَا ِز َ‬

‫‪ٔ​ٔ3‬‬


‫* كيفية البيعة ‪:‬‬

‫وردت يف كيفية البيعة ثبلث صور ‪:‬‬

‫‪ -1‬اؼبصافحة والكبلـ ‪ :‬وىذه ىي الصورة الغالبة يف البيعات اليت بايع فيها الناس النِب صلى اهلل‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫ك إَِّمبَا‬ ‫ين يػُبَايِعُونَ َ‬ ‫عليو وسلم ومن ذلك بيعة الرضواف الشهَتة‪ ،‬واليت قاؿ اهلل تعاىل فيها‪ { :‬إ َّف الذ َ‬ ‫يػُبَايِعُو َف اهللَ يَ ُد اهللِ فَػ ْو َؽ أَيْ ِدي ِه ْم }‪.‬‬ ‫‪ -2‬الكبلـ فقط ‪ :‬وىذه تكوف عادة يف مبايعة النساء‪ ،‬ومن بو عاىة ال سبكنو من اؼبصافحة ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ك » رواه أضبد والنسائي ‪.‬‬ ‫كآّذوـ الذي قاؿ لو الرسوؿ صلى اهلل عليو وسلم‪ْ « :‬ارج ْع ‪ ،‬فَػ َق ْد بَايَػ ْعتُ َ‬ ‫‪ -3‬الكتابة ‪ :‬كبيعة النجاشي للنِب صلى اهلل عليو وسلم ‪ .‬تاريخ الطربي (ٕ‪.)ٕٜٗ /‬‬ ‫وتصح البيعة باستخداـ الوسائل العصرية صوتاً أو كتابة ‪.‬‬

‫* نكث البيعة ‪:‬‬ ‫من أعطى البيعة فبل وبل لو ـبالفة مضموهنا إف كانت ىذه البيعة بيعة شرعية ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪:‬‬ ‫{ يا أَيػُّها الَّ ِذين آمنُوا أَوفُوا بِالْع ُق ِ‬ ‫ود } ‪ ،‬وقاؿ ‪َ { :‬وأ َْوفُوا بِالْ َع ْه ِد إِ َّف الْ َع ْه َد َكا َف َم ْسئُ ًوال }‪ ،‬وقاؿ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫صلى اهلل عليو وسلم ‪َّ « :‬‬ ‫يوـ القيامة » رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬ ‫إف الغَ َاد َر يػُْن َ‬ ‫ب لو لواءٌ َ‬ ‫صُ‬ ‫وال وبل للمرء ترؾ صباعتو وأمَته ألمر غَت شرعي سواء كانت بيعتو عامة أو خاصة ‪.‬‬ ‫فبل ينكث اؼببايع بيعة اإلماـ العاـ إال إف رأى منو كفراً بواحاً ‪ ،‬عن عبادة بن الصامت رضي‬ ‫وؿ اللَّ ِو صلَّى اللَّو علَي ِو وسلَّم ‪ ،‬فَػبايػعناه ‪ ،‬فَ َكا َف فِ‬ ‫َخ َذ َعلَْيػنَا ‪،...‬‬ ‫اهلل عنو قاؿ ‪َ (( :‬د َعانَا َر ُس ُ‬ ‫يما أ َ‬ ‫ُ َ ْ َ َ َ َ َ َْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫احا عِْن َد ُك ْم ِم َن اللَّ ِو فِ ِيو بػُْرَىا ٌف )) رواه مسلم ‪.‬‬ ‫َوأَ ْف َال نػُنَا ِز َ‬ ‫ع ْاأل َْمَر أ َْىلَوُ إَّال أَ ْف تَػَرْوا ُك ْفًرا بػَ َو ً‬ ‫وأما من بايع بيعة خاصة فبل ينكثها ولو أف يقيل نفسو منها إذا رأى منكراً ‪َ-‬ل يقدر على‬ ‫إزالتو‪ -‬كأف تكوف رؤية أمَته غَت شرعية ‪ ،‬أو أف أمَته ال يتورع يف الدماء ‪ ،‬أو غَت ذلك من‬ ‫األسباب الشرعية ؛ فطاعة أمراء اعبهاد ليست أبدية ‪ ،‬وإمبا ىي يف حدود ما سبت عليو البيعة ‪.‬‬ ‫وحد كلمة آّاىدين يف سبيلك ‪ ،‬وانصرىم على عدوؾ وعدوىم يا رب العاؼبُت ‪.‬‬ ‫اللهم ّ‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪ٔ​ٔ1‬‬


‫فتىي ( ‪ : ) 57‬امرأة لم تعلم باستشهاد زوجها إال بعد مضً شهر أو شهرٌن‬ ‫‪ ,‬فمتى تبدأ عدتها ؟‬ ‫وماذا ٌجب علٌها فً عدتها ؟‬ ‫وهل ٌجوز لها الخروج من بٌتها لقضاء حوائجها ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬

‫تفجعاً على زوج ‪ ،‬أو تأكداً من‬ ‫العدة ‪ :‬اسم ؼبدة معينة تًتبصها اؼبرأة ؛ تعبداً هلل عز وجل ‪ ،‬أو ّ‬

‫براءة رحم ‪.‬‬ ‫وعدة اؼبتوَّف عنها زوجها أربعة أشهر وعشر أياـ بلياليها ما َل تكن حامبلً ‪.‬‬ ‫قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل‪ ( :‬أصبع أىل العلم على أف عدة اغبرة اؼبسلمة غَت ذات اغبمل من وفاة‬ ‫زوجها أربعة أشهر وعشر ‪ ،‬مدخوالً ّٔا ‪ ،‬أو غَت مدخوؿ ّٔا ‪ ،‬سواء كانت كبَتة بالغة أو صغَتة َل‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص َن بِأَن ُف ِس ِه َّن أ َْربَػ َعةَ أَ ْش ُه ٍر‬ ‫ين يػُتَػ َوفَّػ ْو َف مْن ُك ْم َويَ َذ ُرو َف أ َْزَواجاً يَػتَػَربَّ ْ‬ ‫تبلغ ؛ وذلك لقولو تعاىل ‪َ { :‬والذ َ‬ ‫َو َع ْشراً }‪ ،‬وقاؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬ال َِوب ُّل ِال ْمَرأَةٍ تُػ ْؤِم ُن بِاللَّ ِو َوالْيَػ ْوِـ ْاآل ِخ ِر أَ ْف ُِرب َّد َعلَى‬ ‫ت فَػو َؽ ثَ​َبل ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ث ‪ ،‬إَِّال َعلَى َزْوٍج فَِإنػَّ َها ُِرب ُّد َعلَْي ِو أ َْربَػ َعةَ أَ ْش ُه ٍر َو َع ْشًرا " متفق عليو") اؼبغٍت (‪.)ٜٖ /ٛ‬‬ ‫َميّْ ْ‬ ‫واغبامل أجلها أف تضع ضبلها ولو بعد الوفاة بوقت يسَت ولو قبل دفنو‪ .‬وىو مذىب صباىَت‬ ‫ُوالت ْاأل ْ ِ‬ ‫ض ْع َن َضبْلَ ُه َّن }‪.‬‬ ‫َجلُ ُه َّن أَ ْف يَ َ‬ ‫العلماء ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪َ { :‬وأ ُ‬ ‫َضبَاؿ أ َ‬ ‫وحكى ابن قدامة اإلصباع على ذلك ‪ ،‬فقاؿ ‪ ( :‬وأصبعوا أيضاً على أف اؼبتوَّف عنها زوجها إذا‬ ‫وروي عن علي من وجو منقطع أهنا تعتد بأقصى‬ ‫كانت حامبلً أجلُها ْ‬ ‫وض ُع ضبلها إال ابن عباس ‪ُ .‬‬ ‫األجلُت ) اؼبغٍت (ٔ​ٔ‪ )ٕ​ٕٚ /‬بتصرؼ ‪.‬‬ ‫أما مدة العدة ‪ :‬فتبدأ من وفاة الزوج ‪ ،‬وتنتهي بنهاية اؼبدة ‪ ،‬سواء التزمت الزوجة بأحكاـ اغبداد‬ ‫أو ال ‪ ،‬وسواء علمت بوفاة الزوج أو ال ‪ ،‬فإذا مضت أربعة أشهر وعشر أياـ من وقت وفاتو فقد‬ ‫انتهت عدهتا ‪.‬‬ ‫ٕٓٔ‬


‫فعدة اؼبتوَّف عنها تبدأ من يوـ موت زوجها‪ ،‬وىذا الذي عليو أكثر أىل العلم ‪ ،‬وبو قاؿ األئمة‬ ‫األربعة وغَتىم ‪.‬‬ ‫قاؿ الشوكاٍل رضبو اهلل ‪ ( :‬ظاىر إطبلقات الكتاب والسنة أف العدة من عند وقوع اؼبوت أو‬ ‫الطبلؽ ‪ ،‬وإف تأخر العلم ّٔما ؛ ألف ىذه اؼبدة اليت مضت بعد الوقوع وقبل العلم ىي مدة من‬ ‫اؼبدة اؼبتعقبة ؼبوت الزوج أو طبلقو ) السيل اعبرار (ٕ‪.)ٕٜٚ /‬‬ ‫و على ىذا فاألرملة تبدأ حساب عدهتا من ساعة استشهاد زوجها ‪ ،‬ال من وقت علمها ‪ ،‬فإذا‬ ‫َل تعلم الزوجة باستشهاد زوجها إال بعد مضي شهر أو شهرين‪ ،‬فإهنا تعتد ما بقي عليها حىت‬ ‫كمل أربعة أشهر وعشرة أياـ ‪ ،‬إف َل تكن حامبلً ‪ ،‬فإف كانت حامبلً فتنتهي عدهتا بوضع اغبمل‪.‬‬ ‫تُ ّْ‬ ‫** ويتوجب على اؼبعتدة أمور منها ‪:‬‬

‫‪ )1‬ذبنب أنواع الطيب وكبوىا ‪ ،‬غبديث أـ عطية رضي اهلل عنها أف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬ ‫ت فَػو َؽ ثَ​َبل ٍ‬ ‫وسلم قاؿ‪َ « :‬ال ُِرب ُّد امرأَةٌ علَى ميّْ ٍ‬ ‫ث ‪ ،‬إَِّال َعلَى َزْو ٍج أ َْربَػ َعةَ أَ ْش ُه ٍ‬ ‫س‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫ػ‬ ‫ت‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ش‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ب ‪ ،‬وَال تَ ْكتَ ِحل ‪ ،‬وَال َسبَ ُّ ِ‬ ‫صٍ‬ ‫ت نػُْب َذ ًة ِم ْن قُ ْس ٍط أ َْو‬ ‫س طيبًا ‪ ،‬إَِّال إِ َذا طَ ُهَر ْ‬ ‫ب َع ْ‬ ‫ثػَ ْوبًا َم ْ‬ ‫صبُو ًغا إَِّال ثػَ ْو َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫أَظْ َفا ٍر » رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬ ‫لكن النِب صلى اهلل عليو وسلم استثٌت الشيء اليسَت منو‬ ‫والقسط واألظفار من أنواع الطيب ‪ّ ،‬‬ ‫ت نػُْب َذةً ِم ْن قُ ْس ٍط أ َْو‬ ‫عند الطهر للحاجة إليو لدفع رائحة اغبيض اؼبنتنة ‪ ،‬فقاؿ ‪ « :‬إَِّال إِ َذا طَ ُهَر ْ‬ ‫أَظْ َفا ٍر »‪.‬‬ ‫قاؿ النووي رضبو اهلل ‪ ( :‬وقولو "وال سبس طيباً " يشمل صبيع أنواع األطياب و األدىاف اؼبطيبة‬ ‫واؼبياه اؼبعتصرة من األدىاف الطيبة فهذه كلها من الطيب اؼبمنوع ) زاد اؼبعاد (٘‪.)ٚٓٔ /‬‬ ‫وقد أدخل بعض أىل العلم الصابوف والشامبو اللذين ؽبما رائحة طيبة يف عموـ اغبديث؛ ألنو‬ ‫من صبلة الطيب واختار صبع من أىل العلم اؼبعاصرين عدـ دخوؽبما ؛ ألف الذي يف الصابوف ليس‬ ‫طيباً بل نكهة ‪ ،‬وليس طيباً مقصوداً إال أف األحوط ذبنبو خروجاً من اػببلؼ ‪.‬‬ ‫‪ )2‬ذبنب الزينة يف الثياب ‪ ،‬غبديث أـ سلمة رضي اهلل عنها أنو صلى اهلل عليو وسلم قاؿ ‪« :‬‬ ‫اب ‪ ،‬وَال الْمم َّش َقةَ ‪ ،‬وَال ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص َفر ِمن الثػّْي ِ‬ ‫ب ‪َ ،‬وَال‬ ‫س الْ ُم َع ْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ‬ ‫اغبُل َّي ‪َ ،‬وَال َزبْتَض ُ‬ ‫الْ ُمتَػ َو ََّّف َعْنػ َها َزْو ُج َها َال تَػ ْلبَ ُ‬ ‫تَ ْكتَ ِح ُل » رواه أبو داود ‪.‬‬ ‫ٕٔٔ‬


‫و" اؼبمشقة ىي اؼبصبوغة بالطُت األضبر " الفتح الرباٍل (‪. )ٗٚ /ٔٚ‬‬ ‫قاؿ ابن القيم رضبو اهلل ‪ ( :‬وىذا يعم اؼبعصفر واؼبزعفر وسائر اؼبصبوغ باألضبر واألصفر واألخضر‬ ‫واألزرؽ الصايف ‪ ،‬وكل ما يصبغ للتحسُت والتزين ) زاد اؼبعاد (٘‪.)ٚٓٗ /‬‬ ‫صٍ‬ ‫ب » متفق عليو‪.‬‬ ‫ب َع ْ‬ ‫س ثػَ ْوبًا َم ْ‬ ‫صبُو ًغا إَِّال ثػَ ْو َ‬ ‫ولقولو صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬وَال تَػ ْلبَ ُ‬ ‫قاؿ ابن عثيمُت ُمعلّقاً على ىذا اغبديث ‪ ( :‬اؼبراد ثوب الزينة وليس اؼبعٌت أهنا ال تلبس إال‬ ‫األبيض ‪ ،‬فالثياب نوعاف ‪ :‬ثياب للتزين والتجمل فهذا ال هبوز للحادة ‪ ،‬والنوع اآلخر ثياب بذلة‬ ‫أي ليست للزينة فمهما كانت ألواهنا فبل بأس ّٔا ) تعليقات على صحيح البخاري (ٖ‪.)ٕٗٔ/‬‬

‫‪ )3‬منعها من االكتحاؿ ‪ ،‬ذىب صبهور العلم إىل أف اغبادة فبنوعة من الكحل ‪ ،‬بدليل قولو‬ ‫صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬وَال تَ ْكتَ ِح ُل » متفق عليو ‪.‬‬ ‫ويدؿ عليو أيضاً حديث أـ سلمة رضي اهلل عنها قالت ‪ (( :‬جاءت رس َ ِ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو‬ ‫وؿ اللَّو َ‬ ‫َ َ ْ َُ‬ ‫ِ‬ ‫وؿ اللَّ ِو َّ‬ ‫إف ابْػنَِيت تُػ ُو َّْ‬ ‫اؿ‬ ‫ت َعْيػنَػ َها أَفَػتُ َك ّْحلُ َها ؟‪ .‬قَ َ‬ ‫ت ‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫يف َزْو ُج َها َوقَد ا ْشتَ َك ْ‬ ‫َو َسلَّ َم ْامَرأَةٌ فَػ َقالَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫وؿ اللَّ ِو صلَّى اللَّو علَي ِو وسلَّم ‪َ " :‬ال " ‪ ،‬قَالَت ‪ :‬يا رس َ ِ‬ ‫ت َعْيػنَػ َها‬ ‫َر ُس ُ‬ ‫وؿ اللَّو ‪ ،‬إنػَّ َها قَد ا ْشتَ َك ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َُ‬ ‫ُ َْ َ​َ َ‬ ‫ِ‬ ‫اؿ ‪ « :‬ال »‪َ ،‬مَّرتَػ ْ ِ‬ ‫وؿ « ال »)) متفق عليو ‪.‬‬ ‫ك يَػ ُق ُ‬ ‫أَفَػتُ َك ّْحلُ َها ؟ قَ َ‬ ‫ُت أ َْو ثَ​َبلثًا ُك َّل ذَل َ‬ ‫فلم يرخص ؽبا النِب صلى اهلل عليو وسلم استعماؿ الكحل رغم حاجتها الداعية إليو ‪.‬‬ ‫‪ )4‬ذبنب اغبلي ‪ ،‬ذىب أكثر أىل العلم إىل أف اغبادة فبنوعة من لبس اغبلي‪ ،‬لقولو صلى اهلل‬ ‫ص َفر ِمن الثػّْي ِ‬ ‫اب ‪َ ،‬وَال الْ ُم َم َّش َقةَ ‪َ ،‬وَال ا ْغبُلِ َّي ‪،‬‬ ‫س الْ ُم َع ْ َ َ َ‬ ‫عليو وسلم ‪ « :‬الْ ُمتَػ َو ََّّف َعْنػ َها َزْو ُج َها َال تَػ ْلبَ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ب ‪َ ،‬وَال تَ ْكتَ ِح ُل » رواه أبو داود ‪.‬‬ ‫َوَال َزبْتَض ُ‬ ‫وقد حكى ابن اؼبنذر رضبو اهلل اإلصباع على ذلك ‪ ،‬و قاؿ ‪ ( :‬وأصبعوا على منع اؼبرأة احملدة من‬ ‫لبس اغبلي ) اإلصباع (ٔ​ٔ​ٔ)‪.‬‬ ‫قاؿ الباجي رضبو اهلل ‪ ( :‬ويف اعبملة ‪ ،‬كل ما تلبسو اؼبرأة على وجو ما يستعمل عليو اغبلي من‬ ‫التجمل فبل تلبسو اغبادة ) اؼبنتقى (ٗ‪.)ٔٗٚ /‬‬ ‫‪ )5‬وجوب لزوـ اغبادة ببيتها الذي تويف عنها زوجها ‪ ،‬غبديث فريعة بنت مالك رضي اهلل عنها‬ ‫حُت طلبت من النِب صلى اهلل عليو وسلم أف تعتد ببت أىلها ‪ ،‬فقاؿ ؽبا ‪ «(( :‬ام ُكثِي ِيف بػيتِ ِ‬ ‫ك‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫ٕ​ٕٔ‬


‫اعتَ َد ْد ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت ‪ :‬فَػلَ َّما َكا َف عُثْ َما ُف‬ ‫ت فيو أ َْربَػ َعةَ أَ ْش ُه ٍر َو َع ْشًرا ‪ .‬قَالَ ْ‬ ‫َجلَوُ »‪ .‬قَالَ ْ‬ ‫ت ‪ :‬فَ ْ ُ‬ ‫َح َّىت يَػْبػلُ َغ الْكتَ ُ‬ ‫اب أ َ‬ ‫ِ‬ ‫ضى بِ​ِو )) رواه أبو داود وابن ماجة ‪.‬‬ ‫بْ ُن َع َّفا َف أ َْر َس َل إِ َ​َّ‬ ‫يل فَ َسأَلٍَِت َع ْن َذل َ‬ ‫َخبَػْرتُوُ ‪ ،‬فَاتَّػبَػ َعوُ َوقَ َ‬ ‫ك ‪ ،‬فَأ ْ‬ ‫فإذا بلغها اػبرب و ىي يف غَته وجب عليها الرجوع إليو ‪ ،‬أو كانت الدار غَت حصينة ىبشى فيها‬ ‫من اقتحاـ اللصوص ‪ ،‬أو كانت بُت فسقة زباؼ على نفسها ‪ ،‬أو تتأذى من األضباء أو اعبَتاف‬ ‫تأذياً شديداً ‪ ،‬أو ألجل انتقاؿ جَتاهنا من حوؽبا ووجدت وحشة ‪ ،‬فإف ؽبا االنتقاؿ إىل ما شاءت‬ ‫من اؼبساكن بعد تعذر إقامتها ألي من األسباب اؼبتقدمة أو غَتىا فبا ال تستطيع القرار معو ‪ .‬هناية‬ ‫احملتاج (‪.)ٔ٘ٙ /ٚ‬‬ ‫• وقد أحدث بعض الناس أموراً يف اإلحداد ال أصل ؽبا يف الشرع ‪ ،‬بل جاءت نتيجة العادات‬ ‫اؼبنتشرة بُت الناس ‪ ،‬فمن ىذه األمور اؼبستحدثة ‪ ،‬ما ذكره الشيخ ابن باز رضبو اهلل ‪ ،‬يقوؿ عن‬ ‫اؼبعت ّدة ‪ ( :‬أما ما قد يظنو بعض العامة و يفًتونو ‪ ،‬من كوهنا ال تكلّْم أحداً ‪ ،‬ومن كوهنا ال تُكلّْم‬ ‫باؽباتف ‪ ،‬ومن كوهنا ال تغتسل يف األسبوع إال مرة ‪ ،‬ومن كوهنا ال سبشي يف بيتها حافية ‪ ،‬ومن‬ ‫كوهنا ال زبرج يف نور القمر ‪ ،‬وما أشبو ىذه اػبرافات ‪ ،‬فبل أصل ؽبا ) فتاوى إسبلمية (ٖ‪/‬‬ ‫ٖ٘ٔ)‪.‬‬ ‫ومن احملدثات اليت َل يشرعها الدين ‪ ،‬اعتقاد أف اغبادة هبب أف تلتزـ لباساً معيناً أو لوناً معيناً‬ ‫لئلحداد ‪ ،‬وأنو ال هبوز ألحد رؤيتها أو زيارهتا ‪ ،‬وأنو ليس ؽبا أف سبشط رأسها ‪ ،‬أو تعمل يف بيتها ‪،‬‬ ‫أو زبرج لقضاء حاجاهتا ‪ ،‬أو تنظر لصورة زوجها بعد وفاتو ‪.‬‬ ‫وفبا ال أصل لو أيضاً اعتقاد بعضهم أف اؼبتوَّف إذا كانت لو زوجتاف فإف العدة تقسم بينهما ‪ ،‬أو‬ ‫أنو إذا كاف لو زوجتاف إحدانبا حامل وولدت ذكراً فإف ىذا ينهي عدة الزوجة الثانية ‪.‬‬ ‫فكل ما سبق ذكره من األمور ؿبدثات يف باب اإلحداد ‪ ،‬لذا فإنو ال هبوز تعبد اهلل تعاىل ّٔا‪،‬‬ ‫َح َد َ ِ ِ‬ ‫س ِمْنوُ فَػ ُه َو َرّ​ّد » متفق عليو ‪.‬‬ ‫ألف نبيو صلى اهلل عليو وسلم قاؿ ‪َ « :‬م ْن أ ْ‬ ‫ث يف أ َْمرنَا َى َذا َما لَْي َ‬ ‫وللمرأة يف عدة الوفاة أف زبرج من بيتها يف النهار لقضاء حوائجها ‪ ،‬إذا َل يوجد من يقوـ ّٔا‬ ‫بدال عنها ‪ ،‬وأما الليل فبل زبرج فيو إال لضرورة ‪.‬‬ ‫قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل ‪ ( :‬وللمعتدة اػبروج يف حوائجها هناراً ‪ ،‬سواء كانت مطلقة أو متوَّف‬ ‫ت ذب ّذ لبلها ‪ ،‬فلقيها رجل‬ ‫فخرج ْ‬ ‫عنها ‪ .‬ؼبا روى جابر رضي اهلل عنو ‪ ،‬قاؿ ‪ :‬طُلقت خاليت ثبلثاً ‪َ ،‬‬ ‫ٖٕٔ‬


‫ك ‪ ،‬لَعلَّ ِ‬ ‫اخرِجي ‪ ،‬فَ ِج ّْذي َلبْلَ ِ‬ ‫ك أَ ْف‬ ‫َ‬ ‫‪ ،‬فنهاىا ‪ ،‬فذكرت ذلك للنِب صلى اهلل عليو وسلم فقاؿ ‪ُ ْ « :‬‬ ‫صدَّقِي ‪َ ،‬وتَػ ْف َعلِي َخ َ​َتاً » رواه النسائي ) اؼبغٍت (‪. )ٖٔٓ /ٛ‬‬ ‫تَ َّ‬ ‫اللهم فقهنا يف الدين ‪ ،‬وعلمنا التأويل ‪ ،‬وتقبل شهداءنا ‪ ،‬احشرنا وإياىم يف زمرة خَت اؼبرسلُت‬ ‫صلوات اهلل وسبلمو عليهم أصبعُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٕٗٔ‬


‫فتىي ( ‪ : ) 58‬ما حكم الفرار من الزحؾ ؟‬ ‫وهل ٌجوز لنا الفرار عند الهزٌمة ؟‬ ‫وهل ٌُعد أسلوب حرب "الكر و الفر" الذي ٌستخدمه المجاهدون فً جهادهم‬ ‫ضد العصابة المحتلة لسورٌا فِرارا من الزحؾ ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫الثبات يف ميداف القتاؿ ‪ ،‬ألنو مظنة الفرار‬ ‫أسباب كثَتة من بينها ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫امل و ٌ‬ ‫للنصر على األعداء عو ُ‬ ‫والًتاجع والتخاذؿ‪ ،‬ؽبوؿ ما يرى فيو اؼبرء ويسمع‪ ،‬ولغريزة حب اغبياة ‪ ،‬فالثبات أثناء اؼبعركة أمر‬ ‫مطلوب لتحقيق النصر ؛ لذلك أمر اهلل سبحانو وتعاىل اؼبقاتلُت اؼبؤمنُت يف سبيلو بالثبات يف اؼبعركة‬ ‫عند قتاؿ الكفار ‪.‬‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين َآمنُوا‬ ‫فإذا التقى اؼبسلموف و الكفار وجب الثبات ‪َ ،‬‬ ‫وحُرـ الفرار ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪ { :‬يَا أَيػُّ َها الذ َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ ِ َّ ِ‬ ‫ين َآمنُوا إِ َذا لَِقيتُ ْم فِئَةً‬ ‫ين َك َفُروا َز ْحفاً فَبل تُػ َولُّ ُ‬ ‫وى ْم األ َْدبَ َار }‪ ،‬وقاؿ تعاىل ‪ { :‬يَا أَيػُّ َها الذ َ‬ ‫إ َذا لَقيتُ ْم الذ َ‬ ‫فَاثْػبُتُوا َواذْ ُكُروا اللَّوَ َكثَِتاً لَ َعلَّ ُك ْم تُػ ْفلِ ُحو َف }‪.‬‬ ‫وقد َّ‬ ‫عد النِب صلى اهلل عليو وسلم الفرار يوـ الزحف من الكبائر ‪ ،‬فعن أيب ىريرة رضي اهلل عنو‬ ‫السبع الْموبَِق ِ‬ ‫عن النِب صلى اهلل عليو وسلم قاؿ ‪ِ « (( :‬‬ ‫وؿ اللَّ ِو ‪َ ،‬وَما‬ ‫ات »‪ ،‬قَالُوا ‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫ْ‬ ‫اجتَنبُوا َّ ْ َ ُ‬ ‫الس ْحُر ‪َ ،‬وقَػْتل النَّػ ْف ِ‬ ‫الربَا ‪َ ،‬وأَ ْك ُل‬ ‫س الَِّيت َحَّرَـ اللَّوُ إَِّال بِ ْ‬ ‫ُى َّن ‪ ،‬قَ َ‬ ‫اغبَ ّْق ‪َ ،‬وأَ ْك ُل ّْ‬ ‫اؿ ‪ « :‬الشْ​ّْرُؾ بِاللَّ ِو ‪َ ،‬و ّْ‬ ‫ُ‬ ‫ات الْغَافِ َبل ِ‬ ‫ات الْمؤِمنَ ِ‬ ‫ؼ الْمحصنَ ِ‬ ‫م ِاؿ الْيتِي ِم ‪ ،‬والتػَّوّْيل يػوـ َّ ِ‬ ‫ت »)) متفق عليو‪.‬‬ ‫ُْ‬ ‫الز ْحف ‪َ ،‬وقَ ْذ ُ ُ ْ َ‬ ‫َ َ َْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫قاؿ ابن قدامو رضبو اهلل ‪ ( :‬وإمبا هبب الثبات بشرطُت ‪:‬‬ ‫أحدهما ‪ :‬أف يكوف الكفار ال يزيدوف على ضعف اؼبسلمُت ‪ ،‬فإف زادوا عليو جاز الفرار ‪ ،‬لقوؿ‬ ‫اهلل تعاىل ‪ { :‬اآل َف خ َّفف اللَّو عن ُكم وعلِم أ َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫صابَِرةٌ يَػ ْغلِبُوا‬ ‫َف في ُك ْم َ‬ ‫ض ْعفاً فَِإ ْف يَ ُك ْن مْن ُك ْم مائَةٌ َ‬ ‫َ َ ُ َ ْ َ​َ َ‬ ‫ُت بِ​ِإ ْذ ِف اللَِّو واللَّوُ مع َّ ِ‬ ‫ف يَػ ْغلِبُوا أَلْ َف ْ ِ‬ ‫ِمائَػتَػ ْ ِ‬ ‫ين } ‪.‬‬ ‫ُت َوإِ ْف يَ ُك ْن ِمْن ُك ْم أَلْ ٌ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫الصاب ِر َ‬ ‫الثاني ‪ :‬أف ال يقصد بفراره التحيز إىل فئة ‪ ،‬وال التحرؼ لقتاؿ ‪ ،‬فإف قصد أحد ىذين ‪ ،‬فهو‬ ‫مباح لو ؛ ألف اهلل تعاىل قاؿ ‪ { :‬إِالَّ ُمتَ َحّْرفاً لِ​ِقتَ ٍاؿ أ َْو ُمتَ َحيّْزاً إِ َىل فِئَ ٍة }‪.‬‬ ‫ٕ٘ٔ‬


‫ومعٌت التحرؼ للقتاؿ ‪ ،‬أف ينحاز إىل موضع يكوف القتاؿ فيو أمكن ‪ ،‬مثل أف ينحاز من‬ ‫مواجهة الشمس ‪ ،‬أو الريح إىل استدبارنبا أو من نزلة إىل علو ‪ ،‬أو من معطشة إىل موضع ماء‪. ...‬‬ ‫وأما التحيز إىل فئة ‪ ،‬فهو أف يصَت إىل فئة من اؼبسلمُت ‪ ،‬ليكوف معهم ‪ ،‬فيقوى ّٔم على‬ ‫عدوىم ‪ ،‬وسواءٌ بَػعُ َدت اؼبسافة أو قَػُربَت ‪.‬‬ ‫قاؿ القاضي ‪ :‬لو كانت الفئة خبراساف ‪ .‬والفئة باغبجاز ‪ ،‬جاز التحيز إليها ‪ ...،‬ألف ابن عمر‬ ‫روى « أف النِب صلى اهلل عليو وسلم قاؿ ‪ :‬إٍل فئة لكم وكانوا دبكاف بعيد منو » ‪.‬‬ ‫وقاؿ عمر ‪ :‬أَنَا فِئَةُ ُك ّْل ُم ْسلِ ٍم ‪ .‬وكاف باؼبدينة وجيوشو دبصر والشاـ والعراؽ وخراساف ‪ .‬روانبا‬ ‫سعيد ‪.‬‬ ‫وإذا َخشي األسر فاألوىل لو أف يُقاتل حىت يُقتل ‪ ،‬وال يُسلم نفسو لؤلسر ‪ ،‬ألنو يفوز بثواب‬ ‫ويسلَم من ربكم الكفار عليو بالتعذيب واالستخداـ والفتنة ) اؼبغٍت (‪.)ٖٔٛ/ٜ‬‬ ‫الدرجة الرفيعة ‪ْ ،‬‬ ‫ويدخل يف ( التحرؼ للقتاؿ و التحيز إىل فئة ) األسلوب اغبريب "حرب الكر والفر" الذي‬ ‫يستخدمو بعض إخواننا آّاىدين يف ببلد الشاـ ‪.‬‬ ‫عترب فِراراً من الزحف ‪ ،‬بشرط أف يكوف قصده التحرؼ للقتاؿ أو‬ ‫فهذا النوع من القتاؿ ال يُ َ‬ ‫التحيز إىل فئة ‪ ،‬وىو من خدع اغبرب ‪ ،‬ومن قبيل االستدراج واإلغراء للعدو ‪ ،‬وقد استخدمو‬ ‫اؼبسلموف األولوف يف معاركهم ‪ ،‬ومنهم خالد بن الوليد رضي اهلل عنو ‪.‬‬ ‫وينبغي التنبو إىل أنو إف ىجم العدو على ببلد اؼبسلمُت وجب الدفع ‪ ،‬ولو كاف الكفار أضعاؼ‬ ‫اؼبسلمُت ‪ ،‬وال هبوز الفرار حينئذ إال للتحرؼ لقتاؿ أو التحيز إىل فئة ‪ ،‬قاؿ ابن تيمية رضبو اهلل ‪( :‬‬ ‫وقتاؿ الدفع مثل أف يكوف العدو كثَتا ال طاقة للمسلمُت بو ‪ ،‬لكن ُىباؼ إف انصرفوا عن عدوىم‬ ‫عطف العدو على َم ْن ىبلفوف من اؼبسلمُت ‪ ،‬فههنا قد صرح أصحابنا بأنو هبب أف يبذلوا مهجهم‬ ‫ومهج من ىباؼ عليهم يف الدفع حىت يسلموا ‪ ،‬ونظَتىا ‪ :‬أف يهجم العدو على ببلد اؼبسلمُت ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫أقل من النصف ‪ ،‬فإف انصرفوا استولوا على اغبرَل ‪ ،‬فهذا وأمثالو قتاؿ دفع ال قتاؿ‬ ‫وتكوف اؼبقاتلة ّ‬ ‫ُح ٍد" من ىذا الباب ) الفتاوى الكربى (٘‪.)ٖٜ٘ /‬‬ ‫طلب ‪ ،‬ال هبوز االنصراؼ فيو حباؿ ‪ ،‬ووقْػ َعةُ "أ ُ‬

‫‪ٕٔٙ‬‬


‫وفبا يُعُت على الثبات يف اؼبعركة ‪ ،‬تقوى اهلل تعاىل ‪ ،‬ومراقبتو يف السر والعبلنية ‪ ،‬واػبوؼ من‬ ‫عذابو وغضبو ‪ ،‬فقد قاؿ تعاىل ‪َ { :‬وَمن يػُ َوّْؽبِ ْم يَػ ْوَمئِ ٍذ ُدبػَُرهُ إِالَّ ُمتَ َحّْرفاً لِّْقتَ ٍاؿ أ َْو ُمتَ َحيّْزاً إِ َىل فِئَ ٍة فَػ َق ْد‬ ‫ب ّْمن اللّ ِو ومأْواه جهنَّم وبِْئس الْم ِ‬ ‫بَاء بِغَ َ ٍ‬ ‫صَتُ }‪.‬‬ ‫ض َ َ​َ َ ُ َ َ ُ َ َ َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ين َآمنُوا‬ ‫قوي آّاىد على الثبات أيضاً ذكر اهلل َّ‬ ‫عز َّ‬ ‫وجل ‪ ،‬فقد قاؿ تعاىل ‪ { :‬يَا أَيػُّ َها الذ َ‬ ‫وفبا يُ ّ‬ ‫إِذَا لَِقيتُ ْم فِئَةً فَاثْػبُتُوا َواذْ ُكُروا اللَّوَ َكثَِتاً لَ َعلَّ ُك ْم تػُ ْفلِ ُحو َف }‪.‬‬ ‫قاؿ الشنقيطي رضبو اهلل يف تفسَت ىذه اآلية ‪ ( :‬ويف األمر باإلكثار من ذكر اهلل تعاىل يف أضيق‬ ‫األوقات ‪-‬وىو وقت التحاـ القتاؿ‪ -‬دليل واضح على أف اؼبسلم ينبغي لو اإلكثار من ذكر اهلل على‬ ‫كل حاؿ ‪ ،‬و ال سيّما يف وقت الضيق ‪ ،‬واحملب الصادؽ يف حبو ال ينسى ؿببوبو عند نزوؿ‬ ‫الشدائد ) أضواء البياف (ٕ‪.)ٕٔٓ /‬‬ ‫وفبا يُستعاف بو على الثبات االبتهاؿ إىل اهلل و الدعاء بالصرب والثبات والنصر ‪ ،‬كما دعا طالوت‬ ‫ِ ِ‬ ‫ين }‪.‬‬ ‫ص ْرباً َوثَػبّْ ْ‬ ‫ت أَقْ َد َامنَا َو ُ‬ ‫وجنوده ‪َ { :‬ربػَّنَا أَفْ ِر ْغ َعلَْيػنَا َ‬ ‫انصْرنَا َعلَى الْ َق ْوـ الْ َكاف ِر َ‬ ‫ربنا أفرغ علينا صرباً ‪ ،‬وثبّت أقدامنا ‪ ،‬وانصرنا على القوـ الكافرين الظاؼبُت ‪ ،‬وثبّت أقداـ‬ ‫آّاىدين يف سبيلك يا رب العاؼبُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪ٕٔ7‬‬


‫فتىي ( ‪ : ) 59‬هل ٌجوز استخدام الحٌوانات فً العملٌات التفجٌرٌة ؟‬ ‫( وصورتها أن ٌتم ربط المتفجرات على الحٌوانات وإرسالها باتجاه حواجز‬ ‫الجٌش النصٌري والشبٌحة لتفجٌرها عن بعد عند وصولها إلى الحواجز )‪.‬‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫فاغبيواف ـبلوؽ من ـبلوقات اهلل ‪ ،‬خلقو للبشر وسخره ؽبم ‪ ،‬قاؿ تعاىل‪َ { :‬و َس َّخَر لَ ُك ْم َما ِيف‬ ‫ِ‬ ‫السمو ِ‬ ‫ض َِ‬ ‫ات َوَما ِيف األ َْر ِ‬ ‫اىا لَ ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم‬ ‫صبيعاً ِمْنوُ }‪ ،‬وقاؿ سبحانو عن األنعاـ ‪َ { :‬ك َذل َ‬ ‫ك َس َّخْرنَ َ‬ ‫َّ َ َ‬ ‫تَ ْش ُكُرو َف }‪.‬‬ ‫وجعل ؽبذا اغبيواف يف شريعة اإلسبلـ حقوقاً تُصاف ‪ ،‬فهو مبلزـ لئلنساف يستفيد منو يف حلو‬ ‫اؿ‬ ‫ؼءٌ َوَمنَافِ ُع َوِمْنػ َها تَأْ ُكلُو َف * َولَ ُك ْم فِ َيها َصبَ ٌ‬ ‫وترحالو ‪ ،‬قاؿ تعاىل‪َ { :‬واألَنْػ َع َاـ َخلَ َق َها لَ ُك ْم فِ َيها ِد ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُت تَ ْسَر ُحو َف * َوَْرب ِمل أَثْػ َقالَ ُك ْم إِ َىل بػَلَ ٍد َ​َلْ تَ ُكونُوا بَالِغِ ِيو إِالَّ بِ ِش ّْق األَنْػ ُف ِ‬ ‫س إِ َّف َربَّ ُك ْم‬ ‫ُت تُِروبُو َف َوح َ‬ ‫حَ‬ ‫ُ‬ ‫وؼ رِ‬ ‫يم } ‪.‬‬ ‫ح‬ ‫لَ​َرءُ ٌ َ ٌ‬ ‫واإلسبلـ دين الرضبة والعدالة واإلحساف إىل سائر اؼبخلوقات ‪ ،‬فقد حرـ أف يقتل طَت أو ّٔيمة‬ ‫إال من أجل مصلحة بيّنة ‪ ،‬وذلك إما من أجل األكل أو لؤلذى اؼبتحقق من ىذا الطَت أو البهيمة ‪،‬‬ ‫أو غَت ذلك من اؼبصاحل ‪.‬‬ ‫ورا‬ ‫أما قتلو ّٓرد العبث واللهو فهذا ؿبرـ ‪ ،‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬م ْن قَػتَ َل عُ ْ‬ ‫ص ُف ً‬ ‫ب ‪ ،‬إِ َّف فَُبلنًا قَػتَػلٍَِت َعبَثًا ‪َ ،‬وَ​َلْ يَػ ْقتُػ ْل ٍِت‬ ‫َعبَثًا ‪َ ،‬ع َّج إِ َىل اللَّ ِو َعَّز َو َج َّل يَػ ْوَـ الْ ِقيَ َام ِة ِمْنوُ ‪ ،‬يَػ ُق ُ‬ ‫وؿ ‪ :‬يَا َر ّْ‬ ‫لِ َمْنػ َف َع ٍة » رواه أضبد والنسائي ‪.‬‬ ‫وقتل اغبيواف عبثاً يُع ّد إفساداً يدخل يف عموـ قولو تعاىل ‪َ { :‬وإِ َذا تَػ َوَّىل َس َعى ِيف األ َْر ِ‬ ‫ض لِيُػ ْف ِس َد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب الْ َف َس َاد } ‪.‬‬ ‫ك ْ‬ ‫َّس َل َواللَّوُ ال ُِوب ُّ‬ ‫اغبَْر َ‬ ‫ف َيها َويػُ ْهل َ‬ ‫ث َوالن ْ‬ ‫إال أف الشارع اغبكيم قد أمر بقتل بعض أنواع اغبيوانات اليت قد يكوف ضررىا كبَتاً ‪ ،‬عن عائشة‬ ‫رضي اهلل عنها أف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم يقوؿ ‪ « :‬أَربع ُكلُّه َّن فَ ِ‬ ‫اغبَ​َرِـ‬ ‫اغبِ ّْل َو ْ‬ ‫اس ٌق يػُ ْقتَػ ْل َن ِيف ْ‬ ‫َْ ٌ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ور » رواه مسلم ‪.‬‬ ‫‪ :‬ا ْغب َدأَةُ َوالْغَُر ُ‬ ‫ب الْ َع ُق ُ‬ ‫اب َوالْ َفأَْرةُ َوالْ َك ْل ُ‬ ‫‪ٕٔ3‬‬


‫ومسألة استخداـ اغبيوانات يف العمليات التفجَتية ‪ :‬نازلة من النوازؿ اليت استجدت يف عصرنا‬ ‫وَل نقف لعلماء السلف فيها على قوؿ أو رأي ‪.‬‬ ‫عٌت بتحقيق مصاحل العباد ودرء اؼبفاسد عنهم ‪ ،‬وتتخذ يف‬ ‫وبناءً على أف الشريعة اإلسبلمية تُ َ‬ ‫سبيل ىذا الوسائل الكفيلة بتحقيق ذلك ‪ ،‬فًتتكب أدٌل اؼبفسدتُت لتفويت كربانبا ‪ ،‬فيجوز قتل‬ ‫اغبيواف ّٔذه الصورة ‪ ،‬بل ىو مستحب ؼبا فيو من النكاية باألعداء ‪ ،‬وألسباب أخرى منها ‪:‬‬

‫أولا ‪ :‬أنو هبوز قتل اغبيواف عند وجود اؼبصلحة ‪ ،‬وال مصلحة أعظم من قتل العدو الصائل على‬ ‫الدين واألنفس واألعراض واألمواؿ ‪.‬‬ ‫قاؿ أبو اغبسن برىاف الدين اؼبرغيناٍل اغبنفي رضبو اهلل ‪ ( :‬ذبح األنعاـ جائز لغرض صحيح ‪ ،‬وال‬ ‫غرض أصح من كسر شوكتهم‪-‬أي الكفار احملاربُت‪ -‬و إغباؽ الغيظ ّٔم) اؽبداية يف شرح بداية‬ ‫اؼببتدي (ٕ‪.)ٖٛ٘ /‬‬ ‫نص بعض الفقهاء على أف إماـ اؼبسلمُت إذا أراد العودة من الغزو ومعو مواش فلم يقدر‬ ‫وقد َّ‬ ‫على نقلها إىل دار اإلسبلـ ‪ :‬أنو يذحبها ووبرقها بعد موهتا وال يدعها للعدو ‪.‬‬ ‫وبرُـ عقر اؼبواشي يف دار اغبرب إذا تعذر إخراجها‬ ‫قاؿ فخر الدين الزيلعي اغبنفي رضبو اهلل ‪ُ ( :‬‬ ‫إىل دار اإلسبلـ بل تذبح وربرؽ ) تبيُت اغبقائق شرح كنز الدقائق (ٖ‪.)ٕ٘ٓ /‬‬ ‫ثاني ا ‪ :‬أنو هبوز لنا باالتفاؽ قتل دواب األعداء باغبرب‪ ،‬و كذلك أخذ دوابنا للحرب من أجل‬

‫القتاؿ عليها‪ ،‬مع تعريضها للقتل بغلبة الظن كما يف عمليات االنغماس يف العدو ‪ ،‬وغلبة الظن ىنا‬ ‫تنزؿ منزلة اليقُت ‪ ،‬قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل ‪ ( :‬وأما حاؿ اغبرب ‪ ،‬فيجوز فيها قتل اؼبشركُت كيف‬ ‫أمكن ‪ ،‬خببلؼ حاؽبم إذا قدر عليهم ‪ ،‬وؽبذا جاز قتل النساء والصبياف يف البيات ‪ ،‬ويف اؼبطمورة ‪،‬‬ ‫إذا َل يتعمد قتلهم منفردين ‪ ،‬خببلؼ حالة القدرة عليهم ‪ ،‬وقتل ّٔائمهم يتوصل بو إىل قتلهم‬ ‫وىزيبتهم‪ ،...‬وليس يف ىذا خبلؼ ) اؼبغٍت (‪.)ٕٜٓ /ٜ‬‬ ‫جاء يف اؼبوسوعة الفقهية (‪ ( : )ٔ٘ٙ /ٔٙ‬وأما اغبيوانات فبل خبلؼ يف أنو هبوز قتلها حالة‬ ‫اغبرب ؛ ألف قتل ّٔائمهم يتوصل بو إىل قتلهم وىزيبتهم )‪.‬‬ ‫ثالث ا ‪ :‬أنو هبوز قتل اغبيوانات بسبب ضررىا العارض كاعبمل الصائل وكبوه ؛ غبفظ نفس اؼبؤمن ‪،‬‬ ‫نص عليو فقهاء اإلسبلـ ‪.‬‬ ‫كما َّ‬ ‫‪ٕٔ1‬‬


‫قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل ‪ ( :‬ومن صاؿ عليو آدمي أو غَته فقتلو دفعاً عن نفسو َل يضمنو ؛ ألنو‬ ‫قتلو بالدفع اعبائز فلم هبب ضمانو ‪ ،‬فإف كاف الصائل ّٔيمة فلم يبكنو دفعها إال بقتلها جاز لو‬ ‫قتلها إصباعاً وال يضمنها إذا كانت لغَته ) الشرح الكبَت (٘‪)ٗ٘​٘ /‬‬ ‫فمن باب أوىل هبوز قتلها غبفظ أنفس اؼبؤمنُت بقتل احملاربُت ‪.‬‬

‫رابع ا ‪ :‬القياس على العمليات االستشهادية فقد سبق وأف قررنا جوازىا يف فتوانا رقم ( ٓٔ )‬ ‫واستعماؿ اغبيوانات يف ىذه العمليات هبوز من باب أوىل ‪ ،‬فتحرَل نفس اغبيواف ليس بأوىل من‬ ‫ربرَل نفس اؼبؤمن ‪.‬‬ ‫خامسا ‪ :‬أف اغبيوانات اليت أمر الشرع بقتلها على كل حاؿ لدفع ضررىا كالكلب العقور ‪ ،‬هبوز‬ ‫استخدامها يف ىذه العمليات اليت يكوف فيها دفع لضررىا و تنكيل باألعداء من باب أوىل ‪.‬‬ ‫** ومن شروط جواز ىذه العمليات ‪:‬‬

‫أولا ‪ :‬أف يتجنب قتل معصومي الدماء من اؼبسلمُت وغَتىم ‪ ،‬أو قتل نساء وصبياف العدو‬ ‫الذين ال يقاتلوف معو وال يعاونونو ‪ ،‬إال إذا كانوا ـبتلطُت باحملاربُت ‪ ،‬فعند ذلك ال حرج يف القياـ‬ ‫بالعملية ‪ ،‬وذلك ؼبا جاء يف الصحيحُت من حديث ابن عباس رضي اهلل عنهما ‪ ،‬قاؿ ‪ُ (( :‬سئِ َل‬ ‫ي ِمن الْم ْش ِركُِت يػبػيَّتُو َف ‪ ،‬فَػي ِ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّم َع ِن َّ‬ ‫صيبُو َف ِم ْن نِ َسائِ ِه ْم َوذَ َرا ِريّْ ِه ْم ‪،‬‬ ‫النِ ُّ‬ ‫َِّب َ‬ ‫ُ‬ ‫الذ َرا ِر ّْ َ ُ َ َُ‬ ‫َ‬ ‫اؿ ‪ُ « :‬ى ْم ِمْنػ ُه ْم »)) ‪.‬‬ ‫فَػ َق َ‬ ‫ثاني ا ‪ :‬أف يغلب على الظن أف يف ذلك نكاية بالعدو ‪ ،‬وإضعافاً لنفوسهم لتتحقق اؼبصلحة من‬

‫قتل اغبيواف ‪.‬‬

‫اللهم أرنا اغبق حقاً ‪ ،‬وارزقنا اتباعو ‪ ،‬وأرنا الباطل باطبلً ‪ ،‬وارزقنا اجتنابو ‪ ،‬يا أكرـ األكرمُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٖٓٔ‬


‫فتىي ( ‪ : ) 61‬مُجاهد ٌسؤل ‪:‬‬ ‫بعد معارك استمرت أٌاما أعطى قائد مٌدانً ‪-‬دون مشاورة القادة اآلخرٌن‪-‬‬ ‫األمان لمجموعة من جنود العصابة المحتلة ‪ ,‬أثناء تحصنهم فً أحد األبنٌة التً‬ ‫كانوا ٌُطلقون النار على الناس منها ‪-‬وقد أوقعوا عددا من الشهداء والجرحى ‪-‬‬ ‫فهل لهم األمان مع العلم أن بعضهم قد اعترؾ بالقتل ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو و من وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬

‫األمان ‪ :‬ىو إعطاء العهد للحريب بعدـ االعتداء على نفسو أو مالو أو عرضو ‪ ،‬مع استقراره‬ ‫ربت حكم اإلسبلـ مدة ما ‪.‬‬ ‫فإذا أعطى أحد القادة أو اؼبقاتلُت أماناً لعدد من احملاربُت األعداء فيجب على اعبميع االلتزاـ بو ‪،‬‬ ‫وال هبوز ألحد نقضو ‪ ،‬كما جاء يف الصحيحُت من حديث علي رضي اهلل عنو عن النِب صلى اهلل‬ ‫ِ‬ ‫َخ َفر مسلماً ‪ ،‬فعليو لعنة‬ ‫عليو وسلم أنو قاؿ ‪ « :‬ذ َّمة اؼبسلمُت واحدة‪ ،‬يسعى ّٔا أدناىم ‪ ،‬فمن أ ْ‬ ‫صرفاً » ‪.‬‬ ‫يوـ القيامة َعدالً وال َ‬ ‫اهلل واؼببلئكة والناس أصبعُت ‪ ،‬ال يقبل اهلل منو َ‬ ‫ومعٌت الذمة ‪ :‬العهد واألماف ‪.‬‬ ‫َخ َفر مسلماً"‪ :‬أي فمن نقض عهد مسلم وأمانو وغدر بو ‪.‬‬ ‫ومعٌت "فمن أ ْ‬ ‫ومن شرط عقد األماف انتفاء الضرر ؛ فإف كاف يف ىذا األماف ضرر على آّاىدين فهو فاسد‬ ‫غَت صحيح ‪ ،‬وقادة آّاىدين ىم من يقدر ىل يوجد ضرر يف ذلك األماف أو ال يوجد ‪.‬‬ ‫فإذا وقع عقد األماف مع زبلف شيء من شروط صحتو تعلقت شبهة األماف ّٔذا العقد ‪ ،‬قاؿ‬ ‫العمراٍل ‪-‬من الشافعية‪ -‬رضبو اهلل ‪ ( :‬فإف دخل مشرؾ دار اإلسبلـ على أماف صِب أو ؾبنوف أو‬ ‫مكره ‪ ،‬فإف عرؼ أف أماهنم ال يصح كاف حكمو حكم ما لو دخل بغَت أماف‪ ،‬و إف َل يعرؼ أف‬ ‫أماهنم ال يصح َل وبل دمو إىل أف يرجع إىل مأمنو؛ ألنو دخل على أماف فاسد‪ ،‬وذلك شبهة ) "يف‬ ‫البياف يف مذىب اإلماـ الشافعي"‪.‬‬

‫ٖٔٔ‬


‫وقاؿ اؼبرداوي ‪-‬من اغبنابلة‪ -‬رضبو اهلل ‪ ( :‬لو دخل ناس من الكفار يف عقد باطل دار اإلسبلـ‬ ‫معتقدين األما َف كانوا آمنُت ‪ ،‬ويُ ُّردوف إىل دار اغبرب ) اإلنصاؼ يف معرفة الراجح من اػببلؼ (ٗ‪/‬‬ ‫َ‬ ‫ٕٗٔ)‪.‬‬ ‫وعليو فيلزـ القائد اؼبسلم الذي أعطى ىذا األماف الفاسد أف ال يباشر من أُعطاه ىذا األماف‬ ‫بالقتاؿ إال بعد البياف ؽبم ‪ ،‬وإرجاعهم ؼبأمنهم ‪ ،‬احتياطاً لشبهة األماف ‪ ،‬قاؿ ابن تيمية رضبو اهلل ‪:‬‬ ‫( ومعلوـ أف شبهة األماف كحقيقتو يف حقن الدـ ) الصارـ اؼبسلوؿ (ٕ‪.)ٕٜ‬‬ ‫وينبغي لقادة الكتائب أف ال يتخذوا قراراً حاظباً يتعلق بشؤوف القتاؿ إال بعد التشاور فيما بينهم ؛‬ ‫لئبل يفضي إىل التنازع فيما بينهم ‪ ،‬وقد أمر اهلل عز وجل رسولو صلى اهلل عليو وسلم دبشاورة‬ ‫أصحابو ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪َ { :‬و َشا ِوْرُى ْم ِيف األ َْم ِر } فلهؤالء القادة يف رسوؿ اهلل أسوة حسنة ‪.‬‬ ‫اللهم آمنا يف أوطاننا ‪ ،‬وآمن روعاتنا ‪ ،‬وانصرنا على من بغى علينا ‪ ،‬ووفق آّاىدين يف الشاـ‬ ‫إلعبلء راية ال إلو إال اهلل ‪ ،‬يا عزيز ‪ ،‬يا قوي ‪ ،‬يا متُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٕٖٔ‬


‫فتىي ( ‪ : ) 61‬ما هً األعذار الشرعٌة المُسْ قِطة لوجوب الجهاد ؟‬

‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫اعبهاد ذروة اإلسبلـ ‪ ،‬جعلو اهلل سبحانو وتعاىل سبيبل لرفع راية التوحيد ‪ ،‬ولرفع فتنة الكفر عن‬ ‫العباد ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪ { :‬وقَاتِلُوىم ح َّىت َال تَ ُكو َف فِ‬ ‫ّْين لِلَِّو فَِإ ِف انْػتَػ َه ْوا فَ َبل عُ ْد َوا َف إَِّال‬ ‫الد‬ ‫ف‬ ‫و‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ة‬ ‫ن‬ ‫ػ‬ ‫ت‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ ُْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ُت }‪.‬‬ ‫َعلَى الظَّالم َ‬ ‫وهبب اعبهاد على اؼبسلم اؼبكلف شرعاً ( البالغ العاقل ) يف حالة دخوؿ الكفار بلدة من ببلد‬ ‫اؼبسلمُت ‪ ،‬أو إذا التقى الصفاف وتقابل الزحفاف ‪ ،‬أو إذا استنفر اإلماـ أفراداً أو قوماً فيجب عليهم‬ ‫ِ‬ ‫النفَت ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪ { :‬إَِّال تَػْن ِفروا يػع ّْذب ُكم ع َذابا أَلِ‬ ‫ضُّروهُ َشْيئًا } ‪.‬‬ ‫يما َويَ ْستَْبد ْؿ قَػ ْوًما َغْيػَرُك ْم َوَال تَ ُ‬ ‫ُ َُ ْ ْ َ ً ً‬ ‫قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل ‪ ( :‬النفَت يعم صبيع الناس فبن كاف من أىل القتاؿ حُت اغباجة إىل‬ ‫نفَتىم ّٓيء العدو إليهم ‪ ،‬وال هبوز ألحد التخلف إال من وبتاج إىل زبلفو غبفظ اؼبكاف واألىل‬ ‫واؼباؿ ‪ ،‬و من يبنعو األمَت من اػبروج ‪ ،‬أو من ال قدرة لو على اػبروج أو القتاؿ ‪ ،‬وذلك لقوؿ اهلل‬ ‫تعاىل ‪ { :‬انِْفُروا ِخ َفافًا َوثَِق ًاال } ‪ ،‬وقوؿ النِب صلى اهلل عليو و سلم ‪ « :‬إذَا اُ ْستُػْن ِفْرُُْت فَانِْفُروا »‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫يق‬ ‫وقد َّ‬ ‫ذـ اهلل تعاىل الذين أرادوا الرجوع إىل منازؽبم يوـ األحزاب فقاؿ تعاىل ‪َ { :‬ويَ ْستَأْذ ُف فَ ِر ٌ‬ ‫ِ‬ ‫َِّب يَػ ُقولُو َف َّ‬ ‫يدو َف َّإال فَِر ًارا } ‪.‬‬ ‫إف بػُيُوتَػنَا َع ْوَرةٌ َوَما ِى َي بِ َع ْوَرةٍ إ ْف يُِر ُ‬ ‫مْنػ ُه ْم النِ َّ‬ ‫وألهنم إذا جاء العدو صار اعبهاد عليهم فرض عُت فوجب على اعبميع فلم هبز ألحد التخلف‬ ‫عنو ) اؼبغٍت (ٕٓ‪.)ٗ​ٗ٘ /‬‬ ‫وهبوز ؼبن وجب عليو اعبهاد أف يتخلف عنو يف حالة عجزه عنو لعذر من األعذار اؼبعتربة يف‬ ‫اع ُدو َف ِمن الْمؤِمنُِت َغيػر أُوِيل الضَّرِر والْمج ِ‬ ‫الشرع ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪ { :‬ال يستَ ِوي الْ َق ِ‬ ‫اى ُدو َف ِيف َسبِ ِيل‬ ‫َ َ َُ‬ ‫ْ ُ ْ َ ُْ ْ‬ ‫َْ‬ ‫اللَّ ِو بِأ َْم َواؽبِ​ِ ْم َوأَن ُف ِس ِه ْم} ‪ ،‬وأولو الضرر ىم أصحاب األعذار ‪.‬‬

‫ٖ​ٖٔ‬


‫والعجز ىنا لو صورتاف ‪:‬‬ ‫األولى ‪ :‬العجز اغبقيقي ‪ ،‬لعلة دائمة ‪ ،‬كالعمى ‪ ،‬والعرج ‪ ،‬والشيخوخة واؼبرض الشديد الذي ال‬ ‫ج َوال َعلَى الْ َم ِر ِ‬ ‫يض‬ ‫َع َمى َحَر ٌج َوال َعلَى األ ْ‬ ‫س َعلَى األ ْ‬ ‫َعَرِج َحَر ٌ‬ ‫يُرجى برؤه ‪ ،‬قاؿ تبارؾ وتعاىل ‪ { :‬لَْي َ‬ ‫َحَر ٌج }‪.‬‬ ‫قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل ‪ ( :‬وأما السبلمة من الضرر فمعناه السبلمة من العمى والعرج واؼبرض ‪،‬‬ ‫َعَرِج َحَر ٌج َوَال َعلَى الْ َم ِر ِ‬ ‫يض َحَر ٌج‬ ‫س َعلَى ْاأل َْع َمى َحَر ٌج َوَال َعلَى ْاأل ْ‬ ‫وىو شرط لقوؿ اهلل تعاىل‪ { :‬لَْي َ‬ ‫} ‪ ،‬وألف ىذه األعذار سبنعو من اعبهاد‪ ،‬وأما العمى فهو معروؼ‪ ،‬وأما العرج فاؼبانع منو ىو‬ ‫كالزمانة وكبوىا‪ ،‬وأما اليسَت الذي يتمكن معو من الركوب‬ ‫الفحش الذي يبنع اؼبشي اعبيد والركوب َّ‬ ‫الع ْدو فبل يبَْنَع وجوب اعبهاد ألنو فبُْكن منو فشابَوَ األعور‪ ،‬وكذلك‬ ‫واؼبشي وإمبا يتعذر عليو شدة َ‬ ‫اؼبرض اؼبانع ىو الشديد ) اؼبغٍت (‪.)ٜٔٛ /ٜ‬‬

‫الثانية ‪ :‬العجز اغبكمي ‪ ،‬لعلة مؤقتة ‪ ،‬كانعداـ النفقة ‪ ،‬أو آلة القتاؿ ‪ ،‬أو وسيلة النقل ‪ ،‬أو‬ ‫س َعلَى‬ ‫القدرة على التنقل والسفر ‪ ،‬أو اؼبرض الشديد الذي يُرجى برؤه ‪ ،‬قاؿ سبحانو ‪ { :‬لَْي َ‬ ‫ِ‬ ‫الضُّع َف ِاء وال علَى الْمرضى وال علَى الَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ُحوا لِلَّ ِو َوَر ُسولِ​ِو َما َعلَى‬ ‫ذ‬ ‫َ َ َ َْ َ َ َ‬ ‫ين ال َهب ُدو َف َما يُنف ُقو َف َحَر ٌج إِذَا نَ َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫الْمح ِسنُِت ِمن سبِ ٍيل واللَّو َغ ُف ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ت ال أ َِج ُد َما‬ ‫ين إِ َذا َما أَتَػ ْو َؾ لتَ ْحملَ ُه ْم قُػ ْل َ‬ ‫ُْ َ ْ َ َ ُ ٌ‬ ‫ور َرح ٌ‬ ‫يم َوال َعلَى الذ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أ ِْ‬ ‫يض ِم ْن الد َّْم ِع َحَزنًا أَالَّ َِهب ُدوا َما يُ ِنف ُقو َف }‪.‬‬ ‫َضبلُ ُك ْم َعلَْيو تَػ َولَّوا َوأ َْعيُػنُػ ُه ْم تَف ُ‬ ‫قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل ‪ ( :‬فأما اليسَت منو ‪-‬أي اؼبرض‪ -‬الذي ال يبنع إمكاف اعبهاد كوجع‬ ‫الضرس والصداع اػبفيف فبل يبنع الوجوب ألنو ال يتعذر معو اعبهاد فهو كالعور ‪ ،‬و أما وجود‬ ‫النفقة فيشًتط لقوؿ اهلل تعاىل‪ { :‬لَيس علَى الض ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ين ال َِهب ُدو َف َما‬ ‫ُّع َفاء َوال َعلَى الْ َمْر َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ضى َوال َعلَى الذ َ‬ ‫ِ‬ ‫ص ُحوا لِلَّ ِو َوَر ُسولِ​ِو }‪ ،‬وألف اعبهاد ال يبكن إال بآلة فيعترب القدرة عليها ) اؼبغٍت‬ ‫يُنف ُقو َف َحَر ٌج إِذَا نَ َ‬ ‫(‪.)ٜٔٛ /ٜ‬‬ ‫شرعي بشىت‬ ‫ولقد َّتوعد الشارع َم ْن يتخلّف عن اعبهاد الواجب دو َف عذر ‪ ،‬أو بعذر غَت‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اج ُك ْم َو َع ِش َ​َتتُ ُك ْم‬ ‫صنوؼ العذاب‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪ { :‬قُ ْل إ ْف َكا َف آبَا ُؤُك ْم َوأَبْػنَا ُؤُك ْم َوإ ْخ َوانُ ُك ْم َوأ َْزَو ُ‬ ‫وأَمو ٌاؿ اقْػتَػرفْػتُم ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب إِلَْي ُك ْم ِم ْن اللَّ ِو َوَر ُسولِ​ِو َوِج َه ٍاد ِيف‬ ‫َح َّ‬ ‫وىا َوذبَ َارةٌ َزبْ َش ْو َف َك َس َاد َىا َوَم َساك ُن تَػْر َ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ض ْونَػ َها أ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫سبِيلِ ِ‬ ‫ُت }‪.‬‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ػ‬ ‫ت‬ ‫ػ‬ ‫ف‬ ‫و‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫صوا َح َّىت يَأِْيتَ اللَّوُ بِأ َْم ِرهِ َواللَّوُ ال يَػ ْهدي الْ َق ْوَـ الْ َفاسق َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ٖٗٔ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ضُّروهُ َشْيئًا }‪.‬‬ ‫يما َويَ ْستَْبد ْؿ قَػ ْوًما َغْيػَرُك ْم َوال تَ ُ‬ ‫وقاؿ تعاىل ‪ { :‬إال تَػْنفُروا يػُ َع ّْذبْ ُك ْم َع َذابًا أَل ً‬ ‫ِ ِ‬ ‫اب الْبَػ َق ِر ‪َ ،‬وَر ِضيتُ ْم‬ ‫وقاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬إِ َذا تَػبَايَػ ْعتُ ْم بِالْعينَة ‪َ ،‬وأ َ‬ ‫َخ ْذ ُُْت أَ ْذنَ َ‬ ‫ط اللَّوُ َعلَْي ُك ْم ذُِّال َال يَػْن ِزعُوُ َح َّىت تَػْرِجعُوا إِ َىل ِدينِ ُك ْم » رواه أبو داود ‪.‬‬ ‫الزْرِع ‪َ ،‬وتَػَرْكتُ ُم ْ‬ ‫اعبِ َه َاد َسلَّ َ‬ ‫بِ َّ‬ ‫ومن األعذار الباطلة اليت يتونبها البعض ‪ ،‬القوؿ بأف بعض القائمُت على أمر اعبهاد عندىم‬ ‫أخطاء ‪ ،‬وبالتايل ال هبوز العمل معهم !‪.‬‬ ‫وىذه شبهة غَت صحيحة ‪ ،‬قاؿ ابن تيمية رضبو اهلل ر َّاداً على أمثاؿ ىذه الشبو ‪ ( :‬وؽبذا كاف من‬ ‫أصوؿ أىل السنة واعبماعة الغزو مع كل بر وفاجر ‪ ،‬فإف اهلل يؤيد ىذا الدين بالرجل الفاجر ‪ ،‬وبأقواـ‬ ‫ال خبلؽ ؽبم ‪ ،‬كما أخرب النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪ ،‬ألنو إذا َل يتفق الغزو إال مع األمراء الفجار ‪،‬‬ ‫أو مع عسكر كثَت الفجور ‪ ،‬فإنو ال بُ َّد من أحد أمرين ‪ :‬إما ترؾ الغزو معهم فيلزـ من ذلك‬ ‫استيبلء اآلخرين الذين ىم أعظم ضررا يف الدين والدنيا ‪ ،‬وإما الغزو مع األمَت الفاجر فيحصل‬ ‫بذلك دفع األفجرين ‪ ،‬وإقامة أكثر شرائع اإلسبلـ ‪ ،‬وإف َل يبكن إقامة صبيعها ‪ ،‬فهذا ىو الواجب‬ ‫يف ىذه الصورة ‪ ،‬وكل ما أشبهها ‪ ،‬بل كثَت من الغزو اغباصل بعد اػبلفاء الراشدين َل يقع إال على‬ ‫ىذا الوجو ) ؾبموع الفتاوى (‪.)٘ٓٙ /ٕٛ‬‬ ‫وقد كاف اؼبنافقوف ىبرجوف مع رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم يف الغزو ‪ ،‬و َل يقل أحد من‬ ‫الصحابة رضي اهلل عنهم ‪ " :‬ال نغزو مع النِب صلى اهلل عليو وسلم لطاؼبا خرج معو اؼبنافقوف " ‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َعُّز ِمْنػ َها األَذَ َّؿ}‪،‬‬ ‫ومنهم الذي قاؿ يف غزوة بٍت اؼبصطلق {لَئ ْن َر َج ْعنَا إِ َىل الْ َمدينَة لَيُ ْخ ِر َج َّن األ َ‬ ‫ومنهم الذين قالوا يف غزوة اػبندؽ { إِ َّف بػُيُوتَػنَا َع ْوَرةٌ }‪ ،‬ومنهم الذين سخروا من علماء‬ ‫الصحابة يف غزوة تبوؾ فأنزؿ اهلل فيهم { ولَئِن سأَلْتَػ ُهم لَيػ ُقولُ َّن إِ‬ ‫َّ‬ ‫ب }‪.‬‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ػ‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫وض‬ ‫لب‬ ‫َّا‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫ا‬ ‫مب‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ْ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫طهر قلوبنا من النفاؽ ‪ ،‬وأعمالنا من الرياء ‪ ،‬وألسنتنا من الكذب ‪ ،‬ووفقنا للعمل بكتابك‬ ‫اللهم ّ‬ ‫وسنة نبيك ؿبمد صلى اهلل عليو وسلم ‪ ،‬ونصرة آّاىدين يف سبيلك يف الشاـ وغَتىا من ببلد‬ ‫اؼبسلمُت ‪ ،‬يا ذا اعببلؿ واإلكراـ ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٖ٘ٔ‬


‫فتىي ( ‪ : ) 62‬هل ٌُشترط للقادرٌن على الجهاد إذنُ الوالدٌن عندَ الخروج‬ ‫إلى الجهاد فً سورٌا ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫إلذف الوالدين عند اػبروج للجهاد حالتاف ‪:‬‬ ‫الحالة األولى ‪ :‬أف يكوف اعبهاد ليس فرض عُت يف حق االبن ‪.‬‬

‫سلم واآلخر‬ ‫كافريْن ‪ ،‬أو أ ّف َ‬ ‫أحدنبا ُم ٌ‬ ‫و يف ىذه اغبالة ال ىبلو أف يكوف الوالداف َ‬ ‫مسلم ُْت ‪ ،‬أو َ‬ ‫كافر ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫أحدنبا مسلماً ‪ ،‬واعبهاد ليس فرض عُت على االبن ‪ ،‬فيُشًتط‬ ‫مسلم ُْت ‪ ،‬أو ُ‬ ‫فإف كاف الوالداف َ‬ ‫الدين يف اػبروج للجهاد ‪.‬‬ ‫إذ ُف الو َ‬ ‫قاؿ ؿبمد بن عبد الرضبن الدمشقي الشافعي رضبو اهلل ‪ ( :‬واتفقوا على أ ّف من َل يتعُت عليو‬ ‫مسلم ُْت ) رضبة األمة (ٔ‪.)ٕٚ‬‬ ‫اعبهاد ال ىبرج إال بإذف أبويو إف كانا َ‬ ‫الدين للجهاد ‪ ،‬وجزموا بتحريبو‬ ‫قاؿ الشوكاٍل رضبو اهلل ‪ ( :‬ذىب اعبمهور إىل وجوب استئذاف الو َ‬ ‫أحدنبا ؛ َّ‬ ‫فرض عُت ‪ ،‬و اعبهاد فرض كفاية ) السيل اعبرار (ٖٗ‪.)ٜ‬‬ ‫إذا َمنعا منو أو ُ‬ ‫ألف ّبرنبا ُ‬ ‫هباىد بغَت إذنو ) آّموع (‪/ٜٔ‬‬ ‫أبويْو مسلماً َل َهبُْز أ ْف َ‬ ‫وقاؿ النووي رضبو اهلل ‪ ( :‬وإف كاف ُ‬ ‫أحد َ‬ ‫٘‪.)ٕٚ‬‬ ‫ويدؿ على ذلك أحاديث منها ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو‬ ‫• حديث عبد اهلل بن َعمرو رضي اهلل عنهما قاؿ ‪َ (( :‬جاءَ َر ُج ٌل إِ َىل النِ ّْ‬ ‫َِّب َ‬ ‫اعبِه ِاد ‪ ،‬فَػ َق َاؿ ‪ « :‬أَحي والِ َد َاؾ » ‪ ،‬قَ َاؿ ‪ :‬نَػعم ‪ ،‬قَ َاؿ ‪ « :‬فَِفي ِهما فَج ِ‬ ‫اى ْد » ))‬ ‫َو َسلَّ َم فَ ْ‬ ‫استَأْ َذنَوُ ِيف ْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ ّ​ّ َ‬ ‫متفق عليو ‪.‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫• حديث أيب سعيد اػبدري رضي اهلل عنو ‪ ،‬قاؿ ‪(( :‬أ َّ‬ ‫صلَّى اللَّوُ‬ ‫اجَر إِ َىل َر ُسوؿ اللَّو َ‬ ‫َف َر ُجبل َى َ‬ ‫علَي ِو وسلَّم ‪ِ ،‬من الْيم ِن ‪،‬ف َق َاؿ رس ُ ِ‬ ‫َح ٌد بِالْيَ َم ِن »؟‪ .‬قَ َاؿ ‪:‬‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم ‪َ « :‬ى ْل لَ َ‬ ‫وؿ اللَّو َ‬ ‫كأَ‬ ‫َُ‬ ‫َ ْ َ َ َ َ َ​َ‬ ‫‪ٖٔٙ‬‬


‫اؿ ‪ « :‬ارِجع فَاستأْ ِذنْػهما ‪ ،‬فَِإ ْف أ َِذنَا لَك ‪ ،‬فَج ِ‬ ‫ِ‬ ‫اى ْد ‪،‬‬ ‫اؿ ‪ :‬ال ‪ .‬قَ َ‬ ‫ك ؟»‪ .‬قَ َ‬ ‫اي ‪ ،‬قَ َ‬ ‫اؿ ‪ « :‬أَذنَا لَ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ ْ َْ ُ َ‬ ‫أَبَػ َو َ‬ ‫َوإِال فَِ َّرب ُنبَا »)) رواه أبو داود ‪.‬‬ ‫قاؿ الشوكاٍل رضبو اهلل ‪ ( :‬قولو ‪ " :‬فإ ْف ِأذنا لك فجاى ْد " فيو دليل على أنو هبب استئذا ُف‬ ‫أحدنبا ؛‬ ‫األبوين يف اعبهاد ‪ ،‬وبذلك قاؿ اعبمهور ‪ ،‬وجزموا بتحرَل اعبهاد إذا منع منو األبواف أو ُ‬ ‫َ‬ ‫تعُت اعبهاد فبل إذف ) نيل األوطار (‪.)ٕٙٓ /ٚ‬‬ ‫فرض عُت و َ‬ ‫فرض كفاية ‪ ،‬فإذا ّ‬ ‫اعبهاد ُ‬ ‫أل ّف َّبرنبا ُ‬ ‫اؼبسلمُت يف حالة كوف اعبهاد ليس فرض عُت على االبن ‪ ،‬فإ ّف لو‬ ‫الدين‬ ‫تقرر اشًتا ُ‬ ‫ط إذف الو َ‬ ‫َ‬ ‫إذا ّ‬ ‫يف اإلذف ثبلثة أحواؿ ‪:‬‬ ‫رجعا عن اإلذف ُرَّد عليهما ما َلْ يلتقِ‬ ‫األول ‪ :‬أ ْف يأذنا لو صبيعا فلو اػبروج للجهاد ‪ ،‬فإ ْف َ‬ ‫الزحفاف ‪ ،‬ألنو يصَت يف ح ّقو ٍ‬ ‫حينئذ فرض عُت ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫تطوع بإذهنما‪ ،‬فمنعاه منو بعد سَته وقبل وجوبو ‪،‬‬ ‫قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل ‪ ( :‬وإ ْف خرج يف جهاد ّ‬ ‫ِ‬ ‫منع كسائر اؼبوانع ‪ ،‬إال أ ْف‬ ‫معٌت لو ُوجد يف االبتداء منع ‪ ،‬فإذا ُوجد يف أثنائو َ‬ ‫فعليو الرجوع ؛ ألنو ً‬ ‫وبدث لو عذر ‪ِ ،‬من مرضٍ أو ِ‬ ‫ذىاب نفقة أو كبوه ‪ ،‬فإ ْف ْأمكنو‬ ‫َ‬ ‫ىباؼ على نفسو يف الرجوع ‪ ،‬أو ُ‬ ‫ٌ ْ‬ ‫يبق ؽبما‬ ‫اإلقامةُ يف الطريق ‪ ،‬وإالّ مضى مع اعبيش ‪ ،‬فإذا حضر‬ ‫ّ‬ ‫الصف ‪ّ ،‬‬ ‫تعُت عليو حبضوره ‪ ،‬وَل َ‬ ‫تعُت اعبهاد عليو ‪َ ،‬ل يؤثر رجوعهما شيئاً ) اؼبغٍت (‪/ٜ‬‬ ‫إذ ٌف ‪ ،‬وإ ْف كاف رجوعهما عن اإلذف بعد ّ‬ ‫‪.)ٕٜٓ‬‬ ‫الثاني ‪ :‬أف يبتنعا عن اإلذف فيمتنع عن اعبهاد ‪.‬‬

‫الديْن للجهاد ‪ ،‬و جزموا‬ ‫قاؿ الشوكاٍل رضبو اهلل ‪ ( :‬ذىب اعبمهور إىل وجوب استئذاف الو َ‬ ‫أحدنبا ؛ ألف برنبا فرض عُت واعبهاد فرض كفاية ) السيل اعبرار (ٖٗ‪.)ٜ‬‬ ‫بتحريبو إذا منعا منو أو ُ‬ ‫فيغلب حكم اؼبْنع على اإلذف ‪ ،‬فبل ىبرج للجهاد ‪.‬‬ ‫يبتنع اآلخر ‪،‬‬ ‫الثالث ‪ :‬أف يأذ َف ُ‬ ‫أحدنبا و َ‬ ‫َ‬

‫قاؿ العمراٍل رضبو اهلل ‪ ( :‬وإف كاف لرجل أبواف مسلماف أو أحدنبا ‪َ .‬ل هبُْز لو أف هباىد من غَت‬ ‫إذف اؼبسلم منهما ) البياف (ٕٔ‪.)ٔ​ٔٓ /‬‬ ‫كافرين أو أحدنبا كافراً ‪ ،‬فقد اختلف الفقهاء رضبهم اهلل تعاىل يف اشًتاط‬ ‫أما إف كاف الوالداف َ‬ ‫الكافرين ػبروج االبن إىل اعبهاد ‪،‬‬ ‫األبوين‬ ‫األبوين‬ ‫الكافرين ‪ ،‬والصحيح أنو ال يُشًتط إذ ُف َ‬ ‫إذف َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ؤّذا قاؿ ‪ :‬صبهور الفقهاء ‪ ،‬ومن أدلتهم ‪:‬‬ ‫‪ٖٔ7‬‬


‫أف أصحاب رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم كانوا هباىدوف معو وفيهم من لو أبواف كافراف من‬ ‫غَت استئذاهنما ‪ ،‬و قد أقرىم النِب صلى اهلل عليو وسلم على ذلك ‪َّ .‬‬ ‫فدؿ على عدـ استئذاف‬ ‫ّ‬ ‫الكافرين ‪.‬‬ ‫الو َ‬ ‫الدين َ‬ ‫قتاؿ أىل دينهما ‪ ،‬فبل عربة بإذهنما ‪.‬‬ ‫الكافرين متّهماف يف الدين ؛ ألهنما ال وبباف َ‬ ‫وألف الو َ‬ ‫الدين َ‬

‫الحالة الثانية ‪ :‬أف يكوف اعبهاد فرض عُت يف حق االبن ‪.‬‬ ‫شًتط إذف الوالدين ػبروج االبن إىل اعبهاد ‪ ،‬قاؿ بدر الدين العيٍت رضبو اهلل ‪:‬‬ ‫ويف ىذه اغبالة ال يُ َ‬ ‫( قاؿ أكثر أىل العلم‪ ،‬منهم األوزاعي والثوري ومالك والشافعي وأضبد ‪ :‬إنو ال ىبرج إىل الغزو إال‬ ‫بإذف والديو ما َل تقع ضرورة وقوة العدو‪ ،‬فإذا كاف كذلك تعُت الفرض على اعبميع وزاؿ االختيار‬ ‫و وجب اعبهاد على الكل ‪ ،‬فبل حاجة إىل اإلذف من والد وسيّد ) عمدة القاري (ٗٔ‪.)ٕ٘ٓ /‬‬ ‫قاؿ شيخ اإلسبلـ ابن تيمية رضبو اهلل ‪ ( :‬و أما قتاؿ الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل عن‬ ‫فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا ال شيء أوجب بعد‬ ‫اجب إصباعاً ‪،‬‬ ‫اغبرمة والدين فو ٌ‬ ‫ّ‬ ‫نص على ذلك العلماء‬ ‫اإليباف من دفعو ‪ ،‬فبل يشًتط لو شرط ‪ ،‬بل يدفع حبسب اإلمكاف‪ ،‬وقد ّ‬ ‫أصحابُنا وغَتىم ‪ ،‬فيجب التفريق بُت دفع الصائل الظاَل الكافر ‪ ،‬وبُت طلبو يف ببلده) الفتاوى‬ ‫الكربى (٘‪.)ٖ٘ٚ /‬‬ ‫ويدؿ على ذلك ‪:‬‬ ‫• قولو تعاىل‪ { :‬انِْفروا ِخ َفافًا وثَِقاال وج ِ‬ ‫اى ُدوا بِأ َْم َوالِ ُك ْم َوأَنْػ ُف ِس ُك ْم ِيف َسبِ ِيل اللَّ ِو َذلِ ُك ْم َخْيػٌر‬ ‫َ​َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫لَ ُك ْم إِ ْف ُكْنتُ ْم تَػ ْعلَ ُمو َف } ‪ .‬واالبن من ضمن اؼبأمورين بالنفَت عبهاد أعداء اهلل‪ ،‬فبل يبنعو من اػبروج‬ ‫للجهاد عدـ إذف والديو لعموـ اآلية‪.‬‬ ‫• وألف اعبهاد يف حقو فرض عُت‪ ،‬وتركو معصية‪ ،‬وال طاعة ألحد يف معصية اهلل تعاىل‪،‬‬ ‫كالصبلة والصوـ واغبج ال طاعة ألحد يف تركها ‪ ،‬و فبا يؤكد ىذا ما جاء عن ابن عمر رضي اهلل‬ ‫ِ‬ ‫السمع والطَّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫َح َّ‬ ‫عنهما أف الرسوؿ صلى اهلل عليو وسلم ‪ ،‬قاؿ ‪َ « :‬علَى الْ َمْرء الْ ُم ْسل ِم َّ ْ ُ َ َ‬ ‫يما أ َ‬ ‫اعةُ ف َ‬ ‫ِ ِ ٍِ‬ ‫ِ ٍِ‬ ‫اعةَ » متفق عليو ‪.‬‬ ‫َوَك ِرَه ‪ ،‬إَِّال أَ ْف يػُ ْؤَمَر دبَْعصيَة ‪ ،‬فَِإ ْف أُمَر دبَْعصيَة فَ َبل َظبْ َع َوَال طَ َ‬ ‫ويُستثٌت من ىذا حالة واحدة ‪ ،‬وىي أف يؤدي خروج االبن للجهاد إىل ىبلؾ والديو غباجتهما‬ ‫الشديدة إليو ‪ ،‬وعدـ وجود من ينوب عنو ‪ .‬قاؿ ابن حزـ رضبو اهلل ‪ ( :‬وال هبوز اعبهاد إال بإذف‬ ‫‪ٖٔ3‬‬


‫كل من يبكنو إعانتهم أف يقصدىم‬ ‫األبوين إال أف ينزؿ العدو بقوـ من اؼبسلمُت ‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫ففرض على ّ‬ ‫ِ‬ ‫أحدنبا بعده ‪ ،‬فبل وبل لو ترؾ من ي ِ‬ ‫ضيع‬ ‫ضيَّعا أو ُ‬ ‫مغيثا ؽبم ‪ ،‬أَذ َف األبواف أـ َل يأذنا ‪ ،‬إال أف يُ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫منهما ) احمللى (‪.)ٕٜٕ /ٚ‬‬ ‫وقاؿ رضبو اهلل يف موضع آخر ‪ ( :‬واتفقوا أف دفاع اؼبشركُت وأىل الكفر عن بيضة أىل اإلسبلـ‬ ‫وقراىم وحصوهنم وحريبهم إذا نزلوا على اؼبسلمُت فرض على األحرار البالغُت اؼبطيقُت‪ ،...‬واتفقوا‬ ‫أف من لو أبواف يضيعاف خبروجو أف فرض اعبهاد ساقط عنو ) مراتب اإلصباع (‪.)ٔ​ٜٔ‬‬ ‫الديو أو عرضو فينبغي لو أف يأخذ باألسباب اليت تضمن ؽبم‬ ‫وننبو إىل أف من خاؼ على و َ‬ ‫السبلمة ؛ من تأمُت مكاف آمن ؽبم قبل خروجو ‪ ،‬أو عدـ إشهار خروجو ‪ ،‬أو غَت ذلك من‬ ‫األسباب اليت يراىا كفيلة حبمايتهم ‪.‬‬ ‫وقد سبق وأف بينّا بتفصيل حكم اعبهاد يف سوريا ‪ ،‬فمن كاف اعبهاد فرض عُت يف حقو ال‬ ‫يُشًتط لو إذف الوالدين ‪ ،‬ومن َل يتعُت اعبهاد يف حقو فيشًتط عليو إذف الوالدين قبل خروجو ‪.‬‬ ‫انظر الفتاوى رقم ‪ )ٖٗ ( :‬و (ٗ​ٗ) و(٘ٗ) و(‪. )ٗٙ‬‬ ‫البارين بآبائنا وأمهاتنا ‪ ،‬اللهم استعملنا يف ضبل لواء اعبهاد ‪ ،‬واجعلنا فبن‬ ‫اللهم اجعلنا من ّْ‬ ‫ينصروف دينك و يعلوف رايتو ‪.‬‬ ‫عجل ّٔبلؾ العصابة آّرمة يف الشاـ ‪ ،‬واقطع دابرىم ‪ ،‬واجعلهم ؼبن خلفهم آية يا قوي‬ ‫اللهم ّ‬ ‫ويا متُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪ٖٔ1‬‬


‫فتىي ( ‪ : ) 63‬ما شروط استحقاق المعذور عن الجهاد للثواب ؟‬ ‫وما الواجب على أصحاب األعذار ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو و صحبو و من وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫إف من رضبة اهلل سبحانو وتعاىل بعباده اؼبؤمنُت أف ق ّدر حصوؿ األجر والثواب على العمل الصاحل‬ ‫ؼبن عزـ عليو ‪ ،‬وَل يستطع فعلو ‪ ،‬فعن ابن عباس رضي اهلل عنهما عن النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪،‬‬ ‫ات ‪ُ​ُ ،‬ثَّ بػ َّ ِ‬ ‫السيّْئ ِ‬ ‫فيما يروي عن ربو عز وجل قاؿ ‪ :‬قاؿ ‪« :‬إِ َّف اللَّو َكتَب ْ ِ‬ ‫ك فَ َم ْن‬ ‫ُت َذل َ‬ ‫اغبَ َسنَات َو َّ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َى َّم حبَ َسنَة فَػلَ ْم يَػ ْع َم ْل َها ‪َ ،‬كتَبَػ َها اللَّوُ لَوُ عْن َدهُ َح َسنَةً َكاملَةً ‪ ،‬فَِإ ْف ُى َو َى َّم َّٔا فَػ َعملَ َها َكتَبَػ َها اللَّوُ لَوُ‬ ‫َضع ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ ٍ‬ ‫اؼ َكثِ َ​َتةٍ‪ »...‬رواه البخاري ‪.‬‬ ‫عْن َدهُ َع ْشَر َح َسنَات إِ َىل َسْب ِع مائَة ض ْعف إِ َىل أ ْ َ‬ ‫فمن كاف ذا رغبة صادقة يف اعبهاد‪ِ ،‬‬ ‫وعجَز عن الوصوؿ إىل ساحات اعبهاد لعذر شرعي صحيح‬ ‫(تراجع فتوى رقم ٓ‪ ،-)ٙ‬أو بسبب إكراه أو حبس‪ ،‬فنرجو أف يكتب اهلل لو أجر اعبهاد كامبلً ‪،‬‬‫لقولو صلى اهلل عليو وسلم يف مرجعو من غزوة تبوؾ‪ « :‬إِ َّف بِالْ َم ِدينَ ِة أَقْػ َو ًاما َما قَطَ ْعتُ ْم َو ِاديًا َوال ِسْرُُْت‬ ‫اؿ نَػ َعم َحبَ َس ُه ُم الْعُ ْذ ُر » متفق عليو ‪.‬‬ ‫سْيػًرا إِالَّ َوُى ْم َم َع ُك ْم قَالُوا ‪َ :‬وُى ْم بِالْ َم ِدينَ ِة قَ َ‬ ‫ورواه أضبد ومسلم عن جابر مرفوعاً بلفظ ‪ « :‬لَ​َق ْد َخلَّ ْفتُ ْم بِالْ َم ِدينَ ِة ِر َجاال َما قَطَ ْعتُ ْم َو ِاديًا َوال‬ ‫ض »‪.‬‬ ‫َج ِر َحبَ َس ُه ُم الْ َمَر ُ‬ ‫َسلَ ْكتُ ْم طَ ِري ًقا إِالَّ َشَرُكوُك ْم ِيف األ ْ‬ ‫قاؿ ابن حجر رضبو اهلل ‪ ( :‬واؼبراد بالعذر ما ىو أعم من اؼبرض وعدـ القدرة على السفر‪ ،‬وقد‬ ‫ض»‪ ،‬وكأنو ؿبموؿ على األغلب‪ ،...‬وفيو أف‬ ‫رواه مسلم من حديث جابر بلفظ ‪َ « :‬حبَ َس ُه ُم الْ َمَر ُ‬ ‫اؼبرء يبلغ بنيتو أجر العامل إذا منعو العذر عن العمل ) فتح الباري (‪.)ٗٚ /ٙ‬‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ُّه َد ِاء‬ ‫َّه َاد َة بِص ْدؽ بَػلَّغَوُ اللَّوُ َمنَا ِزَؿ الش َ‬ ‫ومنو قوؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬م ْن َسأ َ​َؿ اللَّوَ الش َ‬ ‫ات َعلَى فَِر ِاش ِو » رواه مسلم ‪.‬‬ ‫َوإِ ْف َم َ‬ ‫ومنو قوؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬إَِّمبَا ُّ‬ ‫الدنْػيَا ِأل َْربَػ َع ِة نَػ َف ٍر َعْب ٍد َرَزقَوُ اللَّوُ َم ًاال َو ِعلْ ًما فَػ ُه َو‬ ‫يػت َِّقي فِ ِيو ربَّو وي ِ ِ ِ ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ ِ​ِ‬ ‫ص ُل فيو َرضبَوُ َويَػ ْعلَ ُم للَّو فيو َح ِّقا فَػ َه َذا بِأَفْ َ‬ ‫ض ِل الْ َمنَا ِزؿ َو َعْبد َرَزقَوُ اللَّوُ ع ْل ًما َوَ​َلْ يَػْرُزقْوُ‬ ‫َ ُ َ​َ‬ ‫َ‬ ‫ٓٗٔ‬


‫ِ ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫وؿ لَ ْو أ َّ‬ ‫َجُرُنبَا َس َواءٌ » رواه‬ ‫ص ِاد ُؽ النّْػيَّ ِة يَػ ُق ُ‬ ‫َف ِيل َم ًاال لَ َعم ْل ُ‬ ‫ت بِ َع َم ِل فَُبلف فَػ ُه َو بِنيَّتو فَأ ْ‬ ‫َم ًاال فَػ ُه َو َ‬ ‫الًتمذي ‪.‬‬ ‫فكل من صدؽ يف الطلب ‪ ،‬وعجز عن العمل ‪ ،‬كتب اهلل لو أجراً ‪ ،‬فضبلً و تكرماً منو ‪ ،‬قاؿ‬ ‫القرطِب يف شرح حديث « َحبَ َس ُه ُم الْعُ ْذ ُر »‪ ( :‬فهذا يقتضي أف صاحب العذر يُعطى أجر الغازي ‪،‬‬ ‫فقيل ‪ُ :‬وبتمل أف يكوف أجره مساوياً ‪ ،‬ويف فضل اهلل متسع ‪ ،‬وثوابو فضل االستحقاؽ فيثيب على‬ ‫النية الصادقة ماال يثيب على الفعل ‪ .‬وقيل ‪ :‬يعطي أجره من غَت تضعيف فيفضلو الغازي‬ ‫بالتضعيف للمباشرة ) تفسَت القرطِب (٘‪.)ٖٕٗ /‬‬ ‫** شروط رفع اغبرج عن أصحاب األعذار واستحقاقهم للثواب ‪:‬‬ ‫قاؿ اهلل عز وجل ‪ { :‬لَيس علَى الض ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ين ال َِهب ُدو َف َما يُ ِنف ُقو َف‬ ‫ُّع َفاء َوال َعلَى الْ َمْر َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ضى َوال َعلَى الذ َ‬ ‫حرج إِ َذا نَصحوا لِلَّ ِو ورسولِ​ِو ما علَى الْمح ِسنُِت ِمن سبِ ٍيل واللَّو َغ ُفور رِحيم وال علَى الَّ ِ‬ ‫ين إِ َذا َما‬ ‫ذ‬ ‫َ​َ ُ َ َ ُ ْ َ ْ َ َ ُ ٌ َ ٌ َ َ‬ ‫َ​َ ٌ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أَتَػو َؾ لِتَح ِملَهم قُػ ْلت ال أ َِج ُد ما أ ِْ‬ ‫يض ِم ْن الد َّْم ِع َحَزنًا أَالَّ َِهب ُدوا َما‬ ‫ْ ْ ُْ َ‬ ‫َضبلُ ُك ْم َعلَْيو تَػ َولَّوا َوأ َْعيُػنُػ ُه ْم تَف ُ‬ ‫َ‬ ‫يُ ِنف ُقو َف }‪.‬‬ ‫ففي ىذه اآلية علَّق اهلل تعاىل رفع اغبرج عن أصحاب األعذار على شرطُت ‪:‬‬ ‫ص ُحوا لِلَّ ِو َوَر ُسولِ​ِو }‪.‬‬ ‫األول ‪ :‬النصح هلل ولرسولو ‪ ،‬بقولو سبحانو ‪{ :‬إِ َذا نَ َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ُت ِم ْن َسبِ ٍيل} ‪ ،‬و ىو ضد اإلساءة‪.‬‬ ‫‪{:‬ما َعلَى الْ ُم ْحسن َ‬ ‫الثاني ‪ :‬اإلحساف ‪ ،‬بقولو سبحانو َ‬ ‫قاؿ ابن كثَت رضبو اهلل ‪ ( :‬فليس على ىؤالء حرج إذا قعدوا ‪ ،‬ونصحوا يف حاؿ قعودىم ‪ ،‬وَل‬ ‫يرجفوا بالناس ‪ ،‬وَل يثبطوىم ‪ ،‬وىم ؿبسنوف يف حاؽبم ىذا ) التفسَت (ٗ‪.)ٜٔٛ /‬‬ ‫ص ُحوا لِلَّ ِو َوَر ُسولِ​ِو" بقولو ‪ ( :‬إذا عرفوا اغبق وأحبوا أولياءه‬ ‫َّ َ‬ ‫وبُت القرطِب رضبو اهلل معٌت " إِ َذا نَ َ‬ ‫وأبغضوا أعداءه ‪ُ-‬ث قاؿ‪ -‬قاؿ العلماء ‪ :‬النصيحة هلل ‪ :‬إخبلص االعتقاد يف الوحدانية ‪ ،‬ووصفو‬ ‫بصفات األلوىية ‪ ،‬وتنزيهو عن النقائص ‪ ،‬والرغبة يف ؿبابو ‪ ،‬والبعد عن مساخطو ‪.‬‬ ‫والنصيحة لرسولو ‪ :‬التصديق بنبوتو واِلتزاـ طاعتو يف أمره وهنيو ‪ ،‬ومواالة من وااله ومعاداة من‬ ‫عاداه ‪ ،‬وتوقَته ‪ ،‬وؿببتو وؿببة آؿ بيتو ‪ ،‬وتعظيمو وتعظيم سنتو ‪ ،‬وإحياؤىا بعد موتو بالبحث عنها‬ ‫‪ ،‬والتفقو فيها ‪ ،‬و َّ‬ ‫الذب عنها ‪ ،‬ونشرىا ‪ ،‬والدعاء إليها ‪ ،‬والتخلق بأخبلقو الكريبة صلى اهلل عليو‬ ‫وسلم ) تفسَت القرطِب (‪.)ٕ​ٕٙ /ٛ‬‬ ‫ٔٗٔ‬


‫أمور منها ‪:‬‬ ‫** وهبب على أصحاب األعذار‪-‬كل حسب طاقتو‪ٌ -‬‬

‫‪ )1‬إخبلص النية وصدقها ‪ ،‬بأف تكوف نفسو تَػ َّواقة حقا للجهاد ‪ ،‬كهؤالء الذين وصفهم اهلل‬ ‫ِ‬ ‫يض ِم ْن الد َّْم ِع}‪ ،‬واغبق أف اؼبعذور الذي ال يغزو إف َل ربدثو نفسو‬ ‫بقولو ‪{ :‬تَػ َولَّوا َوأ َْعيُػنُػ ُه ْم تَف ُ‬ ‫ات َوَ​َلْ يَػ ْغُز‬ ‫بالغزو فإنو ىبشى عليو من النفاؽ ‪ ،‬كما قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬م ْن َم َ‬ ‫ّْث نَػ ْفسو بِالغَزِو مات علَى ُشعب ٍة ِمن النِ َف ٍ‬ ‫اؽ » رواه مسلم ‪.‬‬ ‫َوَ​َلْ ُوبَد ْ َ ُ ْ َ َ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫‪ )2‬الدعاء للمجاىدين بالنصر وعلى عدوىم باػبذالف ‪ ،‬فذلك من أعظم ما يُعُت بو اؼبعذوروف‬

‫إخو َاهنم آّاىدين ‪ .‬روى النسائي عن مصعب بن أيب وقاص رضي اهلل عنو ‪ (( :‬أف أباه رأى أف لو‬ ‫فضبلً على من دونو من أصحاب النِب صلى اهلل عليو وسلم‪ ،‬فقاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪:‬‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ضعِ ِيفها بِ َد ْعوهتِ​ِم وص َبلهتِ​ِم وإِخ ِ‬ ‫بلص ِه ْم »))‪.‬‬ ‫َ َْ​َ َْ ْ‬ ‫« إَِّمبَا يَػْن ُ‬ ‫صُر اللَّوُ َىذه األ َُّمةَ بِ َ َ‬ ‫‪ )3‬النفقة يف سبيل اهلل إف كانوا قادرين على اعبهاد باؼباؿ ‪ ،‬بتجهيز آّاىدين وإمدادىم باؼباؿ‬

‫والسبلح واؼبؤف ‪ ،‬وبرعاية أسر اؼبقاتلُت والشهداء واألسرى ‪ ،‬فقد قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬ ‫ِ​ِ ِ‬ ‫َصابَوُ اللَّوُ بَِقا ِر َع ٍة قَػْب َل يَػ ْوِـ الْ ِقيَ َام ِة‬ ‫وسلم ‪َ « :‬م ْن َ​َلْ يَػ ْغُز أ َْو ُهبَ ّْهْز َغا ِزيًا أ َْو َىبْلُ ْ‬ ‫ف َغا ِزيًا ِيف أ َْىلو خبٍََْت أ َ‬ ‫» رواه أبو داود ‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ويقوؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬م ْن َج َّهَز َغا ِزيًا ِيف َسبِ ِيل اهلل فَػ َق ْد َغَزا ‪َ ،‬وَم ْن َخلَ َ‬ ‫َغا ِزيًا ِيف أ َْىلِ ِو ِخبٍََْت فَػ َق ْد َغَزا » متفق عليو ‪.‬‬ ‫وقاؿ ابن حجر رضبو اهلل عن فريضة اعبهاد ‪ ( :‬والتحقيق أيضاً أف جنس جهاد الكفار متعُت‬ ‫على كل مسلم ‪ :‬إما بيده ‪ ،‬وإما بلسانو ‪ ،‬وإما دبالو ‪ ،‬وإما بقلبو ‪ .‬واهلل أعلم ) فتح الباري (‪.)ٖٛ /ٙ‬‬ ‫قاؿ شيخ اإلسبلـ ابن تيمية رضبو اهلل ‪ ( :‬واعبهاد منو ما ىو باليد ومنو ما ىو بالقلب والدعوة‬ ‫واغبجة واللساف والرأي والتدبَت والصناعة فيجب بغاية ما يبكنو وهبب على القعدة لعذر أف ىبلفوا‬ ‫الغزاة يف أىليهم وماؽبم ) الفتاوى الكربى (٘‪.)ٖ٘ٛ /‬‬ ‫‪ )4‬الدعاية لقضية اعبهاد ببياف اغبق الذي يقاتل عليو آّاىدوف ‪ ،‬ووجوب نصرهتم على‬ ‫اؼبسلمُت ‪ ،‬وبياف الباطل الذي عليو اؼبشركوف وما يرتكبونو من فظائع ضد اؼبسلمُت ‪ ،‬وبياف‬ ‫اؼبخططات الشيطانية لصرؼ اؼبسلمُت عن دينهم يف معظم بلداف اؼبسلمُت وكيفية التصدي ؽبا ‪،‬‬ ‫وىذه الدعاية فبكنة لكل مسلم خاصة أصحاب األعذار للمرض أو الفقر ‪ ،‬وىي من اعبهاد‬ ‫ٕٗٔ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُت بِأ َْم َوالِ ُك ْم َوأَيْ ِدي ُك ْم‬ ‫باللساف اؼبذكور يف قولو رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬جاى ُدوا الْ ُم ْش ِرك َ‬ ‫َوأَلْ ِسنَتِ ُك ْم » رواه أبو داود والنسائي ‪.‬‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ُت َعلَى الْ ِقتَ ِاؿ}‪،‬‬ ‫‪ )5‬ربريض اؼبؤمنُت على اعبهاد ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪ { :‬يَا أَيػُّ َها النِ ُّ‬ ‫َِّب َحّْر ْ‬ ‫ض الْ ُم ْؤمن َ‬ ‫وىذا واجب على القادر والعاجز وعلى كل مسلم أف وبرض إخوانو على قتاؿ اؼبشركُت ‪ ،‬وكبن يف‬ ‫زماننا ىذا أحوج ما نكوف للعمل ّٔذه اآليات ويف ىذا أجر عظيم ‪ ،‬فقد قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل‬ ‫عليو وسلم ‪ « :‬من د َّؿ علَى خ ٍَت فَػلَو ِمثْل أَج ِر فَ ِ‬ ‫اعلِ ِو » رواه مسلم ‪.‬‬ ‫َ ْ َ َ َْ ُ ُ ْ‬ ‫‪ )6‬النصح للمسلمُت وآّاىدين ‪ ،‬ومنو نقل أخبار اؼبشركُت وـبططاهتم إىل اؼبسلمُت ليحذروىا ‪،‬‬

‫ومن النصح للمجاىد أف تعينو على التخفي من عدوه ‪ ،‬وتساعده يف ذلك ما استطعت إذا احتاج‬ ‫إىل ذلك ‪ ،‬ومنها تزويد اؼبسلمُت بكل ما يعينهم على قتاؿ عدوىم من معلومات وخربات ‪ ،‬مع‬ ‫كتماف أسرار اؼبسلمُت ‪.‬‬ ‫قاؿ ابن تيمية رضبو اهلل يف سياؽ كبلمو عن جهاد اؼبرتدين ‪ ( :‬وهبب على كل مسلم أف يقوـ يف‬ ‫ذلك حبسب ما يقدر عليو من الواجب فبل وبل ألحد أف يكتم ما يعرفو من أخبارىم ‪ ،‬بل يفشيها‬ ‫ويظهرىا ليعرؼ اؼبسلموف حقيقة حاؽبم ‪ ،‬وال وبل ألحد أف يعاوهنم على بقائهم يف اعبند‬ ‫واؼبستخدمُت ‪ ،‬وال وبل ألحد السكوت عن القياـ عليهم دبا أمر اهلل بو رسولو ‪ ،‬وال وبل ألحد أف‬ ‫ينهى عن القياـ دبا أمر بو اهلل رسولو ‪ ،‬فإف ىذا من أعظم أبواب األمر باؼبعروؼ والنهي عن اؼبنكر‬ ‫واعبهاد يف سبيل اهلل تعاىل ‪ ،‬وقد قاؿ اهلل لنبيو صلى اهلل عليو وسلم ‪ { :‬أَيػُّها النَِِّب ج ِ‬ ‫اى ْد الْ ُك َّف َار‬ ‫َ ُّ َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ُت َوا ْغلُ ْظ َعلَْي ِه ْم }‪ ،‬وىؤالء ال ىبرجوف عن الكفار واؼبنافقُت ) ؾبموع الفتاوى (ٖ٘‪/‬‬ ‫َوالْ ُمنَافق َ‬ ‫‪.)ٜٔ٘‬‬ ‫‪ )7‬زبذيل اؼبشركُت ‪-‬يف حاؿ ـبالطتو ؽبم لعذر شرعي‪ -‬عن إيذاء اؼبسلمُت وقتاؽبم ما أمكنو‬

‫ذلك ‪ ،‬كما فعل نػُ َعْيم بن مسعود مع األحزاب ومع يهود بٍت قريظة يوـ اػبندؽ ‪.‬‬ ‫وزبذيل اؼبشركُت يقتضي بالضرورة عدـ إعانتهم بأي كيفية على اؼبسلمُت ‪ ،‬فإف فاعل ىذا قد‬ ‫يؤوؿ بو فعلُو إىل الكفر لقولو تعاىل ‪َ { :‬وَم ْن يَػتَػ َوَّؽبُ ْم ِمْن ُك ْم فَِإنَّوُ ِمْنػ ُه ْم }‪.‬‬ ‫ونذكر إخواننا القاعدين بغَت عذر حىت اآلف بقولو تعاىل ‪ { :‬يا أَيػُّها الَّ ِذين آمنوا ما لَ ُكم إِذَا قِ‬ ‫يل‬ ‫َ َ‬ ‫َ َُ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ض أَر ِضيتم بِ ْ ِ‬ ‫الدنْػيا ِمن ِ‬ ‫ِ ِ َّ ِ‬ ‫اغبَيَاةِ ُّ‬ ‫الدنْػيَا‬ ‫اآلخَرةِ فَ َما َمتَاعُ ْ‬ ‫اغبَيَاة ُّ َ ْ‬ ‫لَ ُك ْم انفُروا ِيف َسب ِيل اللَّو اثاقَػ ْلتُ ْم إ َىل ْاأل َْر ِ َ ُ ْ‬ ‫ٖٗٔ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِيف ْاآل ِخرةِ إِال قَلِ‬ ‫يما َويَ ْستَْبد ْؿ قَػ ْوًما َغْيػَرُك ْم َوَال تَ ُ‬ ‫ضُّروهُ َشْيئًا َواللَّوُ‬ ‫يل (‪ )ٖٛ‬إال تَنفُروا يػُ َع ّْذبْ ُك ْم َع َذابًا أَل ً‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َعلَى ُك ّْل َش ْي ٍء قَ ِد ٌير }‪.‬‬ ‫اللهم رضبتك نرجو ‪ ،‬فبل تكلنا ألنفسنا طرفة عُت أو أقل من ذلك ‪ ،‬اللهم عاملنا دبا أنت لو‬ ‫أىل ‪ ،‬وال تعاملنا دبا كبن لو أىل ‪ ،‬ال تؤاخذنا دبا فعل السفهاء منا ‪ ،‬إنك أىل التقوى وأىل اؼبغفرة ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٗ​ٗٔ‬


‫فتىي ( ‪ : ) 64‬مُجاهد ٌسؤل ‪ :‬أُصٌب أحد المقاتلٌن معنا فً إحدى المعارك ‪,‬‬ ‫ونقل للعالج بعٌدا عن أرض المعركة ‪ ,‬ثم مات أثناء عالجه‪ ,‬فهل ٌكون شهٌدا ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو و صحبو و من وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫َم ْن أُصيب يف اغبرب وبَقي حيًا يف مكانو ‪ ،‬وَل يُنقل حىت مات ‪ ،‬وكاف ذلك قبل انتهاء اؼبعركة‬ ‫ِ‬ ‫صرت ‪.‬‬ ‫تكلم‪ ،‬طالت اؼبعركة أـ قَ ُ‬ ‫أكل أو َ‬ ‫شرب أو َ‬ ‫فإنو شهيد يف أحكاـ الدنيا و اآلخرة ‪ ،‬سواءٌ َ‬ ‫وقد ميَّز الفقهاء رضبهم اهلل تعاىل بُت ىذه اغبالة وبُت ما يُسمونو‪ " :‬اؼبرتَث " ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الرث ‪ ،‬وىو اػبلِ‬ ‫رث اؽبيئة ‪.‬‬ ‫ّ​ّ‪،‬‬ ‫رث‬ ‫ثوب‬ ‫قاؿ‪:‬‬ ‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫البايل‬ ‫ق‬ ‫و"اؼبرتث" لغة ‪ :‬مأخوذ من َّ‬ ‫ورجل ّ‬ ‫َ َ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫مقاييس اللغة (ٕ‪.)ٖٛٗ /‬‬ ‫أما يف اصطبلح الفقهاء فػ "اؼبرتث " ‪ ( :‬ىو من أُصيب يف اؼبعركة أو غَتىا‪ ،‬وَل ُهب َهز عليو يف‬ ‫ُ‬ ‫تأثرا جبراحو اليت أصابتو ) اؼبغٍت‬ ‫مصرعو‪ُ ،‬‬ ‫وضبل إىل خارج اؼبعركة ‪ ،‬وعاش حياة مستقرة‪ُ ،‬ث مات ُم ً‬ ‫(ٖ‪ ،)ٕٗٚ /‬روضة الطالبُت (ٕ‪. )ٔ​ٜٔ /‬‬ ‫وفسر اإلماـ الكاساٍل رضبو اهلل من عاش حياة مستقرة بقولو ‪ ( :‬من ُِ‬ ‫ضبل من اؼبعركة مستقر‬ ‫َْ‬ ‫ّ‬ ‫ابتاع ‪ ،‬أو طاؿ بقاؤه عُرفاً ‪ُ ،‬ث مات‬ ‫باع ‪ ،‬أو َ‬ ‫ناـ ‪ ،‬أو َ‬ ‫شرب ‪ ،‬أو َ‬ ‫أكل أو َ‬ ‫اغبياة ‪ ،‬بأ ْف تكلم ‪ ،‬أو َ‬ ‫بعد ذلك ) بدائع الصنائع (ٔ‪.)ٖٕٔ /‬‬ ‫غسل ويُك ّفن ويُصلى عليو ‪ ،‬ولكنو يأخذ‬ ‫واؼبرتث ال تنطبق عليو أحكاـ الشهيد يف الدنيا ‪ ،‬فيُ َّ‬ ‫ثواب الشهداء يف اآلخرة ‪ .‬وأدلة ذلك ‪:‬‬ ‫* من السنة النبوية ‪" :‬أف عمر رضي اهلل عنو ؼبا طُعن ُضبل إىل بيتو فعاش يومُت ُث غُ ّسل وكاف‬ ‫علي رضي اهلل عنو ُضبل حياً بعد ما‬ ‫شهيداً على لساف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪ ،‬وكذلك ّ​ّ‬ ‫غسل ‪ ،‬فعرفنا‬ ‫فأما عثماف رضي اهلل عنو‬ ‫َ‬ ‫طُعن ُث غُ ّسل وكاف شهيداً ‪ّ ،‬‬ ‫فأجهز عليو يف مصرعو وَل يُ ّ‬ ‫غسل َم ْن أجهز عليو يف مصرعو دوف َم ْن ُضبل حياً ‪ .‬وىذا إذا ُضبل‬ ‫بذلك أ ّف الشهيد الذي ال يُ ّ‬ ‫مرض يف خيمتو أو يف بيتو" اؼببسوط (ٕ‪. )٘ٔ /‬‬ ‫ليُ َّ‬ ‫٘ٗٔ‬


‫سهم يف غزوة اػبندؽ‬ ‫وكذلك ما رواه البخاري ومسلم أف سعد بن معاذ رضي اهلل عنو قد أصابو ٌ‬ ‫فحمل إىل اؼبسجد فلبث فيو أياماً ‪ُ ،‬ث انفتح جرحو فمات شهيداً رضي اهلل عنو ‪.‬‬ ‫فقطع أكحلو ‪ُ ،‬‬ ‫حسن ‪،‬فرغم أف موت سعد بن معاذ رضي اهلل‬ ‫وقد ذكر رواية غسلو ُ‬ ‫ابن سعد يف الطبقات بسند َ‬ ‫غسلو وصلّى عليو ‪ ،‬وىو‬ ‫عنو كاف بسبب جرحو يف اؼبعركة ‪ ،‬إال أف النِب صلى اهلل عليو وسلم ّ‬ ‫عامة العلماء ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫معدود يف الشهداء عند ّ‬ ‫* من اإلصباع ‪ :‬قاؿ ابن عبد الرب رضبو اهلل ‪ ( :‬وأصبع العلماء على أ ّف الشػهيد إذا ُضبَل حيًا ‪-‬وَل‬ ‫صنِع بعمر رضي اهلل عنو ) التمهيد‬ ‫يبُت يف اؼبعًتؾ‪ ،‬وعاش أقل شيء‪ -‬فإنو يُصلَى عليو‪ ،‬كما ُ‬ ‫(ٕٗ‪. )ٕٗ​ٗ /‬‬ ‫قاؿ الكاساٍل من اغبنفية رضبو اهلل ‪ ( :‬اؼبرتث وإف َل يكن شهيداً يف حكم الدنيا ‪ ،‬فهو شهيد‬ ‫يف حق الثواب ‪ ،‬حىت إنو يناؿ ثواب الشهداء كالغريق ‪ ،‬واغبريق ‪ ،‬واؼببطوف ‪ ،‬والغريب إهنم شهداء‬ ‫بشهادة الرسوؿ صلى اهلل عليو وسلم ؽبم بالشهادة ‪ ،‬وإ ْف َل يظهر حكم شهادهتم يف الدنيا ) بدائع‬ ‫الصنائع (ٔ‪.)ٖٕ​ٕ /‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫اش ما َشاء اللَّوُ بػ ْع َد َذلِ َ ِ‬ ‫وقاؿ اإلماـ مالك رضبو اهلل ‪َ ( :‬وأ ََّما َم ْن ُضب َل مْنػ ُه ْم فَػ َع َ َ َ َ‬ ‫ك ‪ ،‬فَإنَّوُ يػُغَ َّسلُ‬ ‫اػبَطَّ ِ‬ ‫اب ) اؼبوطأ (ٕ‪.)ٗٙٗ /‬‬ ‫صلَّى َعلَْي ِو َك َما عُ ِم َل بِعُ َمَر بْ ِن ْ‬ ‫َويُ َ‬ ‫وقاؿ النووي من الشافعية رضبو اهلل ‪ ( :‬وإ ْف ُجرح يف اغبرب ومات بعد انقضاء اغبرب غُ ّسل‬ ‫وصلي عليو ؛ ألنو مات بعد انقضاء اغبرب ) آّموع (٘‪.)ٕٙٓ /‬‬ ‫ُ‬ ‫وصلّي عليو ‪.‬‬ ‫وقاؿ ابن قدامة ‪-‬من اغبنابلة‪ -‬رضبو اهلل ‪ ( :‬وإف ُضبل وبو ٌ‬ ‫رمق غُ ّسل ‪ُ ،‬‬ ‫غسل ‪ ،‬ويُصلَى عليو ‪ ،‬وإ ْف كاف شهيداً ؛ ألف‬ ‫معٌت قولو ‪ " :‬رمق " أي حياة مستقرة ‪ .‬فهذا يُ ّ‬ ‫غسل سعد بن معاذ ‪ ،‬وصلى عليو ‪ ،‬وكاف شهيداً ‪ ،‬رماه ابن العرقة‬ ‫النِب صلى اهلل عليو وسلم « ّ‬ ‫فحمل إىل اؼبسجد ‪ ،‬فلبث فيو أياماً ‪ ،‬حىت حكم يف بٍت‬ ‫يوـ اػبندؽ بسهم ‪ ،‬فقطع أكحلو ‪ُ ،‬‬ ‫قريظة ‪ُ ،‬ث انفتح جرحو فمات » ) اؼبغٍت (ٕ‪.)ٖٜٙ /‬‬ ‫فن‬ ‫وقاؿ ابن حزـ ‪-‬من الظاىرية‪ -‬رضبو اهلل‪ ( :‬فإ ْف ُضبل عن اؼبعركة وىو ّ​ّ‬ ‫حي فمات ‪ :‬غُ ّسل وُك ّ‬ ‫وصلّي عليو ) احمللى (ٖ‪.)ٖ​ٖٙ /‬‬ ‫ُ‬ ‫‪ٔٗٙ‬‬


‫وجاء يف اؼبوسوعة الفقهية عن اؼبرتث ‪ ( :‬وىو ‪-‬وإف َل يكن شهيداً يف حكم الدنيا‪ -‬فهو شهي ٌد‬ ‫يف حق الثواب ‪ ،‬حىت إنو يناؿ ثواب الشهداء ‪ ،‬وىذا باتفاؽٍ فيمن مات بعد اؼبعركة مع الكفار ‪.‬‬ ‫أما اؼبرتث من البغاة ‪ ،‬أو أىل العدؿ يف اؼبعارؾ بينهم ‪ ،‬ففيو خبلؼ الفقهاء من حيث الغسل‬ ‫والصبلة ) اؼبوسوعة الفقهية (ٖ‪.)ٛ /‬‬ ‫اللهم كن للمسلمُت يف الشاـ عوناً ونصَتاً ومؤيداً وظهَتاً ‪ ،‬اللهم وتقبل شهداءىم ‪ ،‬و داوِ‬ ‫جرحاىم ‪ ،‬واشف مرضاىم ‪ ،‬إنك ظبيع قريب ؾبيب ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪ٔٗ7‬‬


‫فتىي ( ‪ : ) 65‬هل ٌُشرع الجهاد لمن هو دون سن البلوغ ؟‬ ‫ومتى ٌجب الجهاد علٌه ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو و صحبو و من وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫هبوز للطفل الذي َل يبلغ أف ىبرج للجهاد ‪ ،‬فلو أف يشًتؾ يف اعبهاد أو يعُت آّاىدين دبا‬ ‫الدعوي أو‬ ‫يستطيع عليو ‪ ،‬من قتاؿ وإعداد للطعاـ ومعاعبة اعبرحى ‪ ،‬وما شابو ذلك ‪ ،‬كالنشاط‬ ‫ّ‬ ‫اإلعبلمي ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ويدؿ على ذلك حديث أنس بن مالك رضي اهلل عنو ‪ (( :‬أف النِب صلى اهلل عليو وسلم قاؿ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫بلما ِم ْن ِغلْ َمانِ ُك ْم َىبْ ُد ُم ٍِت َح َّىت ِآيت َخْيبَػَر »‪ ،‬فَ َخَر َج ِيب أَبُو طَلْ َحةَ‬ ‫س ِيل غُ ً‬ ‫أليب طلحة ‪ « :‬الْتَم ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وؿ ‪« :‬‬ ‫َظبَعُوُ يُ ْكثُِر أَ ْف يَػ ُق َ‬ ‫ت أْ‬ ‫َخ ُد ُـ النِ َّ‬ ‫تأْ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْيو َو َسلَّ َم ُكلَّ َما نَػَزَؿ ‪ ،‬فَ ُكْن ُ‬ ‫يػُْردفٍُِت َوَراءَهُ‪َ ،‬وُكْن ُ‬ ‫َِّب َ‬ ‫اغبَ​َزِف ‪ ،‬والْ َع ْج ِز والْ َكس ِل ‪ ،‬وا ْعبُْ ِ‬ ‫ضلَ ِع الدَّيْ ِن ‪َ ،‬و َغلَبَ ِة‬ ‫ك ِم َن ا ْؽبَ ّْم َو ْ‬ ‫اللَّ ُه َّم إِ ٍّْل أَعُوذُ بِ َ‬ ‫َب َوالْبُ ْخ ِل ‪َ ،‬و َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫الر َج ِاؿ »)) رواه البخاري ‪.‬‬ ‫ّْ‬ ‫بصِب للخدمة )‪.‬‬ ‫وقد ّبوب رضبو اهلل ؽبذا اغبديث يف كتاب اعبهاد والسَت بقولو ‪ ( :‬باب ‪َ :‬م ْن غزا ّ‬ ‫ب‬ ‫بصِب للخدمة" يشَت إىل أ ّف الصِب ال ُىباطَ ُ‬ ‫قاؿ ابن حجر رضبو اهلل ‪ ( :‬قولو ‪" :‬باب َم ْن غزا ّ‬ ‫اػبروج بو بطريق التبعية ) فتح الباري (‪.)ٛٚ /ٙ‬‬ ‫لكن هبوز‬ ‫باعبهاد ‪ ،‬و ْ‬ ‫ُ‬ ‫ديار اؼبسلمُت فجأة ‪ ،‬فاألحرى خروج الطفل عبهاد الدفع إ ْف كاف ناىز اغبلم ‪،‬‬ ‫ت ُّ‬ ‫فإذا بغَ َ‬ ‫العدو َ‬ ‫دخل بلد ًة بغتةً ‪،‬‬ ‫وكاف يُطيق القتاؿ ‪ ،‬قاؿ ابن عابدين رضبو اهلل ‪ ( :‬قولو‪" :‬إ ْف ىجم العدو "‪ :‬أي َ‬ ‫العاـ أف وبتاج إىل صبيع اؼبسلمُت ‪.‬‬ ‫سمى ‪ :‬النفَت العاـ ‪ .‬قاؿ يف االختيار ‪ :‬و النفَت ّ‬ ‫وىذه اغبالة تُ ّ‬ ‫رخسي‪:‬‬ ‫كل َم ْن ذُكر َ‬ ‫من اؼبرأة والعبد و اؼبديوف وغَتىم ‪ .‬قاؿ ّ‬ ‫قولو ‪" :‬فيخرج الكل" أي ‪ّ :‬‬ ‫الس ّ‬ ‫وكذلك الغلماف الذين َل يبلغوا إذا أطاقوا القتاؿ ‪ ،‬فبل بأس بأف ىبرجوا ويقاتلوا يف النفَت العاـ وإ ْف‬ ‫األمهات ) حاشية رد احملتار (ٗ‪. )ٕٔٚ /‬‬ ‫كره ذلك اآلباءُ و‬ ‫ُ‬

‫‪ٔٗ3‬‬


‫وال هبب اعبهاد على األطفاؿ ‪-‬يف حالة وجوبو‪ -‬إال عند البلوغ ‪ ،‬لقولو صلى اهلل عليو وسلم ‪:‬‬ ‫الصِ​ِب ح َّىت َوبتَلِم ‪ ،‬وع ِن الْمجنُ ِ‬ ‫وف َح َّىت‬ ‫« ُرفِ َع الْ َقلَ ُم َع ْن ثَ​َبلثٍَة ‪َ :‬ع ِن النَّائِ ِم َح َّىت يَ ْستَػْي ِق َ‬ ‫ظ ‪َ ،‬و َع ِن َّ ّْ َ ْ َ َ َ َ ْ‬ ‫يَػ ْع ِق َل » رواه أبو داود ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وقاؿ ابن عمر رضي اهلل عنهما ‪ (( :‬عرض ٍِت رس ُ ِ‬ ‫ُح ٍد ِيف الْ ِقتَ ِاؿ ‪،‬‬ ‫وؿ اللَّو َ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْيو َو َسلَّ َم يَػ ْوَـ أ ُ‬ ‫َ​َ َ َ ُ‬ ‫اػبَنْ َد ِ‬ ‫َ‬ ‫َج َازٍِل ))‬ ‫طب‬ ‫ن‬ ‫اب‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ؽ‬ ‫ض ٍِت يَػ ْوَـ ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َوأَنَا ابْ ُن أ َْربَ َع َع ْشَرةَ َسنَةً ‪ ،‬فَػلَ ْم ُِهبْزٍِل َو َعَر َ‬ ‫ْ‬ ‫س َع ْشَرةَ َسنَةً ‪ ،‬فَأ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫متفق عليو ‪.‬‬ ‫ويتحقق بلوغ األطفاؿ بإحدى عبلمات البلوغ ‪ ،‬وىي ‪:‬‬

‫اؼبٍت من الرجل واؼبرأة يف يقظة أو مناـ لوقت إمكانو ‪ ،‬قاؿ‬ ‫األولى ‪ :‬االحتبلـ ‪ ،‬و ىو ‪ :‬خروج ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫تعاىل ‪ { :‬وإِذَا بػلَ َغ ْاألَطْ َف ُ ِ‬ ‫ين ِم ْن قَػْبل ِه ْم َك َذل َ‬ ‫ك يػُبَػ ّْ ُ‬ ‫ُت اللَّوُ‬ ‫اؿ مْن ُك ُم ا ْغبُلُ َم فَػ ْليَ ْستَأْذنُوا َك َما ْ‬ ‫َ َ‬ ‫استَأْذَ َف الذ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫يم } ‪.‬‬ ‫يم َحك ٌ‬ ‫لَ ُك ْم آيَاتو َواللَّوُ َعل ٌ‬ ‫الثانية ‪ :‬اإلنبات ‪ ،‬وىو ‪ :‬ظهور شعر العانة ‪ ،‬والذي وبتاج يف إزالتو إىل كبو اغبلق ‪ ،‬دوف الزغب‬ ‫ت يَػ ْوَـ ُح ْك ِم َس ْع ٍد ِيف‬ ‫الصغَت الذي ينبت للصغَت ‪ ،‬عن عطية القرظي رضي اهلل عنو ‪ ،‬قاؿ ‪ُ (( :‬كْن ُ‬ ‫ت ‪ ،‬فَ ِ‬ ‫ُت أَظْ ُه ِرُك ْم )) رواه النسائي ‪.‬‬ ‫يف فَػلَ ْم َِهب ُد ِوٍل أَنْػبَ ُّ‬ ‫بٍَِت قُػَريْظَةَ غُ َبل ًما ‪ ،‬فَ َش ُّكوا ِ َّ‬ ‫يت فَػ َها أَنَا ذَا بَػ ْ َ‬ ‫استُْبق ُ‬ ‫ْ‬ ‫الثالثة ‪ :‬بلوغ سن اػبامسة عشر ‪ ،‬عن نافع عن ابن عمر رضي اهلل عنهما ‪ (( :‬أ َّ‬ ‫وؿ اللَِّو‬ ‫َف َر ُس َ‬ ‫صلَّى اللَّو علَي ِو وسلَّم عرضو يػوـ أ ٍ‬ ‫اػبَْن َد ِؽ‬ ‫ض ٍِت يػَ ْوَـ ْ‬ ‫ُحد َوُى َو ابْ ُن أ َْربَ َع َع ْشَرَة َسنَةً ‪ ،‬فَػلَ ْم ُِهبْزٍِل ‪ُ​ُ ،‬ثَّ َعَر َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ ْ َ َ َ َ​َ َ ُ َ ْ َ ُ‬ ‫َج َازٍِل ‪.‬‬ ‫س َع ْشَرَة َسنَةً ‪ ،‬فَأ َ‬ ‫َوأَنَا ابْ ُن طبَْ َ‬ ‫اؿ نَافِع ‪ :‬فَػ َق ِدمت علَى عمر ب ِن عب ِد الْع ِزي ِز وىو خلِي َفةٌ ‪ ،‬فَح َّدثْػتو ى َذا ْ ِ‬ ‫اؿ ‪ :‬إِ َّف‬ ‫يث ‪ ،‬فَػ َق َ‬ ‫اغبَد َ‬ ‫َ ُ​ُ َ‬ ‫ْ ُ َ ُ َ َ ْ َْ َ َ ُ َ َ‬ ‫قَ َ ٌ‬ ‫الصغِ َِت والْ َكبِ َِت ‪ ،‬وَكتب إِ َىل ع َّمالِ​ِو أَ ْف يػ ْف ِر ِ‬ ‫س َع ْشَرَة )) متفق عليو ‪.‬‬ ‫َ ُ‬ ‫َ​َ​َ ُ‬ ‫َى َذا َغبَ ّ​ّد بَػ ْ َ‬ ‫ُت َّ َ‬ ‫ضوا ل َم ْن بَػلَ َغ طبَْ َ‬ ‫• وأما ما ىبتص باألنثى فهو عبلمتاف ‪:‬‬ ‫ص َبلةُ َحائِ ٍ‬ ‫ض إَِّال ِ​ِخب َما ٍر » رواه أبو‬ ‫األولى ‪ :‬اغبيض ‪ ،‬لقولو صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬ال تُػ ْقبَ ُل َ‬ ‫داود والًتمذي ‪ ،‬وقاؿ حديث حسن‪.‬‬ ‫واؼبراد باغبائض ‪ :‬البالغ ‪ ،‬وظبيت بذلك ألهنا بلغت سن احمليض ‪.‬‬ ‫الثانية ‪ :‬اغبمل ؛ ألف اهلل تعاىل قدَّر أ ّف الولد ُىبلق من ماء الرجل وماء اؼبرأة‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪{ :‬‬ ‫فَػ ْليػْنظُِر ِْ‬ ‫األنْسا ُف ِم َّم ُخلِ َق * ُخلِ َق ِم ْن َم ٍاء َدافِ ٍق* َىبْرج ِم ْن بػَ ْ ِ‬ ‫ب والتػَّرائِ ِ‬ ‫ُت ُّ ِ‬ ‫ب }‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ​ُ‬ ‫الص ْل َ َ‬ ‫َ‬ ‫‪ٔٗ1‬‬


‫** تنبيه ‪:‬‬

‫ينبغي على اآلباء تعليم أطفاؽبم أصوؿ اعبهاد منذ الصغر ‪ ،‬فيزرعوف فيهم تقوى اهلل وخوفو وؿببة‬ ‫نبيو آّاىد صلى اهلل عليو وسلم ‪ ،‬والوالء والرباء وعزة اؼبسلم وأنفتو وحب اؼبساجد ‪ ،‬و يشجعوهنم‬ ‫على إغاثة إخواهنم ونصرهتم والوقوؼ يف وجو الباطل ‪ ،‬ويغرسوف يف نفوسهم فضيلة اعبهاد ‪،‬‬ ‫ووبثوهنم عليو ضد أعداء اإلسبلـ واؼبسلمُت الذين بغوا وذبربوا ‪.‬‬ ‫درب الطفل على القوة والصرب واعبلَد ‪ ،‬والسباحة والرماية وركوب اػبيل ‪ ،‬حىت‬ ‫واألفضل ؽبم أف يُ َّ‬ ‫يشب عليها ويقوى عوده ‪ .‬فقد كتب عمر بن اػبطاب رضي اهلل عنو إىل أىل الشاـ ‪ ( :‬أ ْف علّموا‬ ‫ّ‬ ‫الرمي والفروسيةَ ) مسند أيب عوانة ‪ ،‬وذكره ابن القيم يف كتاب الفروسية ص‬ ‫أوال َد ُ‬ ‫كم السباحةَ و َ‬ ‫(‪.)ٔ​ٜٔ‬‬ ‫اللهم احفظ أطفاؿ اؼبسلمُت ‪ ،‬وأعْنهم ليكونوا رجاالً رببهم ووببونك ‪.‬‬ ‫اللهم اغفر لقتيلهم‪ ،‬واحفظ يتيمهم‪ ،‬واشف جروبهم‪ ،‬و ّأمن روعاهتم‪ ،‬واسًت عوراهتم‪ ،‬وأطعم‬ ‫جائعهم‪.‬‬ ‫وعجل بنصرؾ وفرجك‬ ‫اللهم ْ‬ ‫وروعهم من العصابات األسدية آّرمة ‪ّ ،‬‬ ‫شردىم ويتّمهم ّ‬ ‫أىلك َم ْن ّ‬ ‫على أىلنا يف الشاـ يا ذا اعببلؿ واإلكراـ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٓ٘ٔ‬


‫فتىي ( ‪ : ) 66‬هل تصح والٌة الكافر على المسلمٌن ؟‬

‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫شرع اهلل سبحانو وتعاىل نصب الوالية العظمى ؼبقاصد عظيمة وحكم جليلة ‪ ،‬أنبها صيانة الدين‬ ‫اؼباوردي رضبو اهلل ‪ ( :‬اإلمامةُ موضوعةٌ ِػببلفة‬ ‫وحراستو وإصبلحو ‪ ،‬وإصبلح شؤوف الرعية ‪ ،‬قاؿ‬ ‫ُّ‬ ‫النُّبوة يف حراسة الدّْين وسياسة الدُّنيا ‪ ،‬وعقدىا لِمن يقوـ ّٔا يف األ َُّمة واجب ) األحكاـ‬ ‫السلطانية‪ ،‬ص (٘) ‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫فاهتم‬ ‫وقاؿ ابن تيميَّة رضبو اهلل ‪ ( :‬فاؼبقصود الواجب بالواليات ‪ :‬إصبلح دين اػبَْلق ‪ ،‬الذي مىت َ‬ ‫خسروا خسرانًا مبينًا ‪ ،‬وَل ينفعهم ما نعموا بو من الدُّنيا ‪ ،‬وإصبلح ما ال يقوـ الدّْين إالَّ بو من أمر‬ ‫دنياىم ) السياسة الشَّرعية (ٖٔ)‪.‬‬ ‫وهبب أف تتوفر يف من يتوىل أي والية على اؼبسلمُت ؾبموعة من الشروط ‪ ،‬أنبها شرط اإلسبلـ ‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ُت َسبِيبلً } ‪.‬‬ ‫ين َعلَى الْ ُم ْؤمن َ‬ ‫قاؿ تعاىل ‪َ { :‬ولَ ْن َْهب َع َل اللَّوُ ل ْل َكاف ِر َ‬ ‫َطيعوا اللَّو وأ ِ‬ ‫وقاؿ اهلل سبحانو ‪ { :‬يا أَيػُّها الَّ ِذين آمنُوا أ ِ‬ ‫ُويل ْاأل َْم ِر ِمْن ُكم } ‪َّ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫فدؿ‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫وؿ‬ ‫س‬ ‫الر‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫يع‬ ‫َط‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫بقولو‪ِ :‬‬ ‫أف أويل األمر هبب أف يكونوا من اؼبسلمُت اؼبؤمنُت؛ َّ‬ ‫"مْن ُك ْم " على َّ‬ ‫متوجو‬ ‫ألف اػبِطاب ّْ‬ ‫إليهم من بداية اآلية ‪.‬‬ ‫قاؿ القاضي عياض رضبو اهلل ‪ ( :‬ال خبلؼ بُت اؼبسلمُت أنو ال تنعقد اإلمامة للكافر ‪ ،‬وال‬ ‫تستدَل لو إذا طرأ عليو ‪ ،‬وكذلك إذا ترؾ إقامة الصلوات والدعاء إليها ) إكماؿ اؼبعلم (‪. )ٕٔٛ /ٙ‬‬ ‫وقاؿ ابن َحزـ رضبو اهلل ‪ ( :‬واتَّفقوا َّ‬ ‫أف اإلمامة ال ذبوز المرأةٍ ‪ ،‬وال لكافر ‪ ،‬وال ِ‬ ‫لصِب ) مراتب‬ ‫اإلصباع‪ ،‬ص (‪.)ٕٓٛ‬‬ ‫فإذا تسلط على اؼبسلمُت َم ْن زبلف عنو شرط اإلسبلـ ‪ ،‬أو فُِقد منو بعد وجوده فيو ‪َ ،‬ل هبز‬ ‫البقاء ربت واليتو ‪ ،‬ووجب على الرعية خلعو ‪ ،‬و نصب إماـ مسلم عادؿ عند القدرة على ذلك ‪،‬‬ ‫الصامت رضي اهلل عنو ‪ ،‬قاؿ ‪ (( :‬دعانَا رس ُ ِ‬ ‫صلَّى‬ ‫وأمن اؼبفسدة األعظم ‪ ،‬فعن عُبَادة بن َّ‬ ‫وؿ اللَّو َ‬ ‫َ​َ َُ‬ ‫ٔ٘ٔ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اع ِة ِيف َمْن َش ِطنَا‬ ‫َخ َذ َعلَْيػنَا ‪ ،‬أَ ْف بَايَػ َعنَا َعلَى َّ‬ ‫الس ْم ِع َوالطَّ َ‬ ‫يما أ َ‬ ‫اللَّوُ َعلَْيو َو َسلَّ َم ‪ ،‬فَػبَايَػ ْعنَاهُ ‪ ،‬فَ َكا َف ف َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫احا ِعْن َد ُك ْم ِم َن‬ ‫َوَم ْكَرىنَا ‪َ ،‬وعُ ْس ِرنَا َويُ ْس ِرنَا ‪َ ،‬وأَثَػَرةٍ َعلَْيػنَا ‪َ ،‬وأَ ْف َال نػُنَا ِز َ‬ ‫ع ْاأل َْمَر أ َْىلَوُ إَّال أَ ْف تَػَرْوا ُك ْفًرا بػَ َو ً‬ ‫اللَّ ِو فِ ِيو بػُْرَىا ٌف )) أخرجو مسلم‪.‬‬ ‫فر وتغيَت للشَّرع ‪ ،‬أو بدعةٌ ‪ ،‬خر َج عن حكم‬ ‫قاؿ القاضي عياض رضبو اهلل ‪ ( :‬فلو طرأَ عليو ُك ٌ‬ ‫الوالية ‪ ،‬وسقطَت طاعتو ‪ ،‬ووجب على اؼبسلمُت القياـ عليو وخ ْلعو ‪ ،‬ونصب إماـ ٍ‬ ‫عادؿ إف‬ ‫َُ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫القياـ ِخبَلع الكافر ) شرح مسلم" للنووي‬ ‫أمكنَهم ذلك ‪ ،‬فإف َل يقع ذلك إالَّ لطائفة وجب عليهم ُ‬ ‫(‪. )ٕٔٛ /ٙ‬‬ ‫ِ‬ ‫حجر رضبو اهلل ‪َّ ( :‬‬ ‫القياـ يف‬ ‫إصباعا ‪ ،‬فيَجب على ّْ‬ ‫إف اإلماـ "ينعزؿ بالكفر ً‬ ‫كل مسل ٍم ُ‬ ‫وقاؿ ابن َ‬ ‫ت عليو اؽبجرةُ‬ ‫ومن داىن فعليو اإلُث ‪ ،‬ومن َعجز وجبَ ْ‬ ‫فمن قَوي على ذلك فلو الثَّواب ‪َ ،‬‬ ‫ذلك ‪َ ،‬‬ ‫من تلك األرض ) فتح الباري (ٖٔ‪.)ٕٖٔ /‬‬ ‫وؿ على اؼبسلمُت خيارىم ‪ ،‬وال ّْ‬ ‫اللهم ّْ‬ ‫توؿ عليهم شرارىم ‪ ،‬اللهم من توىل أمراً من أمور‬ ‫اؼبسلمُت فرفق ّٔم فارفق بو ‪ ،‬ومن توىل أمراً للمسلمُت فشق عليهم فاشقق عليو يا قوي يا حكيم ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٕ٘ٔ‬


‫فتىي ( ‪ :) 67‬مُجاهد ٌسؤل ‪ :‬هل ٌجوز لنا االستسالم لألعداء إذا حوصرنا‬ ‫ولم ٌعد لنا قدرة على القتال ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫ال هبوز للمجاىد أف يسلم نفسو للعدو إال إف عجز عن االستمرار يف القتاؿ أو سبكن األعداء‬ ‫منو ‪ ،‬فإف فعل واستسلم لؤلسر جاز لو ذلك ‪ ،‬و األوىل لو عدـ االستسبلـ لؤلسر حىت يفوز‬ ‫بالشهادة ‪ ،‬ووبصل لو الثواب العظيم ‪ ،‬واؼبنزلة الرفيعة ‪ ،‬ويَ َسلم من ربكم الكفار فيو بالتعذيب‬ ‫وفتنتهم لو ‪.‬‬ ‫قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل ‪ ( :‬وإذا خشي األسر فاألوىل لو أف يقاتل حىت يقتل ‪ ،‬وال يسلم نفسو‬ ‫لؤلسر ‪ ،‬ألنو يفوز بثواب الدرجة الرفيعة ‪ ،‬ويسلم من ربكم الكفار عليو بالتعذيب واالستخداـ‬ ‫والفتنة ) اؼبغٍت (‪.)ٖٜٔ /ٜ‬‬ ‫عن أيب ىريرة رضي اهلل عنو قاؿ ‪ ( :‬بعث النِب صلى اهلل عليو وسلم سريةً عيناً ‪ ،‬و َّأمر عليهم‬ ‫ِ‬ ‫غبي من ىذيل ‪ ،‬يقاؿ ؽبم ‪ :‬بنو‬ ‫عاصم بن ثابت ‪ ،‬فانطلقوا حىت إذا كاف بُت عسفاف ومكة ذُكروا ٍّ‬ ‫غبياف ‪ .‬فتبعوىم بقريب من مائة رٍاـ ‪ ،‬فاقتصوا آثارىم ‪ ،‬حىت أتوا منزالً نزلوه ‪ ،‬فوجدوا فيو نوى سبر‬ ‫تزودوه من اؼبدينة ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬ىذا سبر يثرب ‪ ،‬فتبعوا آثارىم حىت غبقوىم ‪ ،‬فلما انتهى عاصم‬ ‫وأصحابو عبؤوا إىل فدفد ‪-‬موضع فيو غلظ وارتفاع‪ -‬وجاء القوـ فأحاطوا ّٔم ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬لكم العهد‬ ‫واؼبيثاؽ إف نزلتم إلينا أف ال نقتل منكم رجبلً ‪ .‬فقاؿ عاصم ‪ :‬أما أنا فبل أنزؿ يف ذمة كافر ‪ ،‬اللهم‬ ‫أخرب عنا نبيك ‪ ،‬فقاتلوىم حىت قتلوا عاصماً يف سبعة نفر بالنبل ‪ ،‬وبقي خبيب وزيد ورجل آخر ‪،‬‬ ‫فأعطوىم العهد واؼبيثاؽ ‪ ،‬فلما أعطوىم العهد واؼبيثاؽ نزلوا إليهم ‪ ،‬فلما استمكنوا منهم ‪ ،‬حلوا‬ ‫أوتار قسيهم ‪ ،‬فربطوىم ّٔا ‪ ،‬فقاؿ الرجل الثالث الذي معهما ‪ :‬ىذا أوؿ الغدر ‪ ،‬فأَب أف‬ ‫يصحبهم ‪ ،‬فجروه ‪ ،‬وعاعبوه على أف يصحبهم فلم يفعل فقتلوه‪ )...‬رواه البخاري ‪.‬‬ ‫قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل ‪ ( :‬فعاصم أخذ بالعزيبة ‪ ،‬وخبيب وزيد أخذاً بالرخصة ‪ ،‬وكلهم ؿبمود‬ ‫غَت مذموـ ‪ ،‬وال ملوـ ) اؼبغٍت (‪.)ٖٜٔ /ٜ‬‬ ‫ٖ٘ٔ‬


‫وعليو ينبغي للمجاىد أف ىبتار األصلح ‪ ،‬فإف رأى أف األسر أفضل فيستسلم ‪ ،‬وإف رأى أف فيو‬ ‫تعذيباً و إىانة لو ‪ ،‬وأنو ربت التعذيب قد يديل دبعلومات عن آّاىدين ‪ ،‬فإف األوىل لو أف ال‬ ‫يستسلم حىت يُقتل يف سبيل اهلل ُمقببلً غَت مدب ٍر ‪.‬‬ ‫والذي نراه أف األفضل لواقعنا اغبايل يف سوريا أف اػبَت كل اػبَت يف عدـ االستسبلـ لؤلعداء ؛‬ ‫ألف اؼبأسور سوؼ يُعذب تعذيباً شديداً ‪ُ ،‬ث يُقتل بعدىا يف غلبة الظن‪ ،...‬فخَت لو أف يناؿ‬ ‫الشهادة يف أرض اؼبعركة على أف يسلم نفسو لؤلعداء ‪.‬‬ ‫** تنبيهان ‪:‬‬

‫األول ‪ :‬على آّاىد إذا وقع يف األسر أف وباوؿ اؽبرب بالوسائل اؼبمكنة‪ ،‬ويقتل العدو ويأخذ‬ ‫أموالو إف أمكنو ذلك ‪ ،‬ويدؿ على ذلك ما جاء يف قصة أيب بصَت ( حُت سلمو النِب صلى اهلل‬ ‫عليو وسلم إىل رجلُت من قريش جاءا يطلبانو بناء على ما ُت يف صلح اغبديبية ‪ ،‬أنو ال يأيت رجل‬ ‫من اؼبشركُت إىل النِب صلى اهلل عليو وسلم ولو كاف مسلماً إال رده إليهم ‪ ،‬فقاؿ أبو بصَت ألحد‬ ‫الرجلُت ‪ :‬واهلل إٍل ألرى سيفك ىذا يا فبلف جيداً فاستلو اآلخر‪ ،...‬فقاؿ أبو بصَت ‪ :‬أرٍل أنظر‬ ‫إليو ‪ ،‬فأمكنو منو فضربو حىت برد وفر اآلخر‪ )...‬صحيح البخاري ‪.‬‬ ‫قاؿ ابن حجر رضبو اهلل ‪ ( :‬النِب صلى اهلل عليو وسلم َل ينكر على أيب بصَت قتلو العامري ‪ ،‬وال‬ ‫أمر فيو بقود وال دية ) فتح الباري (٘‪.)ٖ٘ٓ /‬‬ ‫فدؿ على أف ما فعلو أبو بصَت جائز ‪ ،‬قاؿ اؼباوردي رضبو اهلل ‪ ( :‬اؼبسلم إذا أسره أىل اغبرب ‪،‬‬ ‫فاألسَت مستضعف تكوف اؽبجرة عليو إذا قدر عليها فرضاً ‪ ،‬وهبوز لو أف يغتاؽبم يف نفوسهم‬ ‫وأمواؽبم ‪ ،‬ويقاتلهم إف أدركوه ىارباً‪ )...‬اغباوي الكبَت (ٗٔ‪. )ٕٚٓ /‬‬ ‫الثاني ‪ :‬نذكر إخواننا اؼبسلمُت بواجبهم كبو أسرانا ‪ ،‬وأف يسعوا جاىدين لفكهم بكل سبيل‬

‫وطريقة مشروعة‪ ،...‬عن أيب موسى األشعري رضي اهلل عنو ‪ ،‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪:‬‬ ‫« فُ ُّكوا الْع ِاٍل ‪-‬يعٍت األسَت‪ ،-‬أَطْعِموا ْ ِ‬ ‫يض » رواه البخاري ‪.‬‬ ‫اعبَائ َع ‪َ ،‬وعُ ُ‬ ‫ودوا الْ َم ِر َ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ي اؼبالكي رضبو اهلل ‪ ( :‬هبب استنقاذىم من يد الكفار بالقتاؿ فإف عجز اؼبسلموف‬ ‫قاؿ ابن ُجَز ّ‬ ‫عنو وجب عليهم الفداء باؼباؿ ‪ ،‬فيجب على الغٍت فداء نفسو ‪ ،‬وعلى اإلماـ فداء الفقراء من بيت‬ ‫اؼباؿ ‪ ،‬فما نقص تعُت يف صبيع أمواؿ اؼبسلمُت ولو أتى عليها ) القوانُت الفقهية ‪ ،‬ص (ٕ‪.)ٔٚ‬‬ ‫ٗ٘ٔ‬


‫ومن الطرؽ اؼبشروعة فداؤىم بأسرى من األعداء ‪ ،‬عن عمراف بن اغبصُت رضي اهلل عنو ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وؿ اَللَّ ِو صلى اهلل عليو وسلم فَ َدى رجلَ ِ ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫(( أ َّ‬ ‫ُت )) رواه‬ ‫َف َر ُس َ‬ ‫َُ ْ‬ ‫ُت بَِر ُج ٍل م ْن اَلْ ُم ْش ِرك َ‬ ‫ُت م ْن اَلْ ُم ْسلم َ‬ ‫الًتمذي ‪ ،‬وأصلو عند مسلم ‪.‬‬ ‫ومن الطرؽ أيضاً فداؤىم باؼباؿ ‪ ،‬ولو من ماؿ الزكاة ‪ ،‬قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل ‪ ( :‬وهبوز أف‬ ‫يشًتي من زكاتو أسَتاً مسلماً من أيدي اؼبشركُت ؛ ألنو فك رقبة من األسر ‪ ،‬فهو كفك رقبة العبد‬ ‫من الرؽ ‪ ،‬وألف فيو إعزازاً للدين ‪ ،‬فهو كصرفو إىل اؼبؤلفة قلؤّم ‪ ،‬وألنو يدفعو إىل األسَت لفك‬ ‫رقبتو ‪ ،‬فأشبو ما يدفعو إىل الغارـ لفك رقبتو من الدين ) اؼبغٍت (‪.)ٜٗٚ /ٙ‬‬ ‫جاء يف "اؼبوسوعة الفقهية" يف بياف مصارؼ الزكاة (ٖٕ‪ ( : )ٖٕٔ /‬أف يفتدي بالزكاة أسَتاً‬ ‫مسلماً من أيدي اؼبشركُت ‪ ،‬وقد صرح اغبنابلة وابن حبيب وابن عبد اغبكم من اؼبالكية جبواز ىذا‬ ‫النوع ؛ ألنو فك رقبة من األسر ‪ ،‬فيدخل يف اآلية ‪ ،‬بل ىو أوىل من فك رقبة َم ْن بأيدينا ) ‪.‬‬ ‫اللهم فك أسرانا ‪ ،‬وفرج عن معتقلينا ‪ ،‬وارحم ضعفاءنا وتقبل شهداءنا إنك رؤوؼ رحيم ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫٘​٘ٔ‬


‫فتىي ( ‪ : ) 68‬مُجاهد ٌسؤل ‪ :‬كٌؾ ٌتطهر َمنْ كان ِبه جراح ؟‬

‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫رحاَ أَثػََّر فيو بالسبلح" لساف العرب‬ ‫"جَر َحو َْهبَر ُحو َج َ‬ ‫الجراحة ‪ :‬اسم للضربة أو الطعنة ‪ ،‬يقاؿ ‪َ :‬‬ ‫(ٕ‪. )ٕٗ​ٕ /‬‬ ‫وأحكاـ الطهارة للمجاىد اعبريح ال زبتلف عن أحكاـ اعبرحى اآلخرين ‪ ،‬فيجب غسل أعضاء‬ ‫الطهارة صبيعاً ‪.‬‬ ‫وإذا ُوجد جر ٌح فيها فلو مراتب ‪:‬‬ ‫المرتبة األولى ‪ :‬أف يكوف مكشوفا وال يضره الغسل فعندىا هبب غسل مكاف اعبرح إذا كاف يف‬ ‫ب بغسل كامل العضو ‪ ،‬وال ضرر يبنعو من ذلك ‪.‬‬ ‫ؿبل هبب َغسلو ؛ ألف األصل أف اؼبكلف ُمطَالَ ٌ‬

‫ويضره الغسل دوف اؼبسح ‪ ،‬ففي ىذه اؼبرتبة هبب على‬ ‫المرتبة الثانية ‪ :‬أف يكوف اعبرح ُمكشوفاً ُ‬ ‫اؼبكلف مسح مكاف اعبرح دوف الغسل ‪ ،‬و ال يلزمو التيمم ‪ ،‬لقولو تعاىل ‪ { :‬فَاتَّػ ُقوا اللَّوَ َما‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫استَطَ ْعتُ ْم »‬ ‫استَطَ ْعتُ ْم }‪ ،‬ولعموـ قوؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬فَِإ َذا أ َ​َمْرتُ ُك ْم بِ َش ْيء فَأْتُوا مْنوُ َما ْ‬ ‫ْ‬ ‫متفق عليو‪.‬‬ ‫و اؼبسح بعض الغسل فوجب اإلتياف دبا قدر عليو ‪ ،‬كمن عجز عن الركوع والسجود وقدر على‬ ‫اإليباء ‪.‬‬ ‫قاؿ ابن تيمية رضبو اهلل ‪ ( :‬ألنو إذا جاز مسح اعببَتة ومسح اػبف ‪ ،‬و كاف ذلك أوىل من‬ ‫التيمم ‪ ،‬فؤلف يكوف مسح العضو باؼباء أوىل من التيمم بطريق األوىل ) ؾبموع الفتاوى (ٕٔ‪/‬‬ ‫‪. )ٜٔٚ‬‬ ‫المرتبة الثالثة ‪ :‬أف يكوف اعبرح مكشوفاً ‪ ،‬ويضره الغسل واؼبسح ‪ ،‬فهنا يتيمم لو ‪ ،‬ألنو ؼبا َع ِجز‬ ‫عن مسح اعبرح باؼباء تيمم لو ‪ ،‬حىت ال يبقى عضو دوف تطهَت ‪ ،‬وال حر َج أف يكوف التيمم قبل‬ ‫الغسل أو الوضوء أو بعدنبا ‪ ،‬فبل يشًتط لو ترتيب ‪.‬‬ ‫‪ٔ٘ٙ‬‬


‫المرتبة الرابعة ‪ :‬أف يكوف مستوراً بلزقة أو جبس وكبوه فبا وبتاج إليو اعبرح ليربأ ‪ ،‬ويف ىذه‬ ‫اؼبرتبة يبسح على ىذا الساتر ‪ ،‬ويغنيو عن غسل العضو ‪.‬‬ ‫شًتط لصحة اؼبسح أال يكوف الساتر زائداً على قدر اغباجة اليت يقدرىا الطبيب اؼبسلم ‪ ،‬فما‬ ‫ويُ َ‬ ‫كاف زائداً هبب نزعو وغسل مكانو باؼباء ‪.‬‬ ‫وال ُهب َمع بُت التيمم واؼبسح ‪ ،‬وإمبا يغسل العضو الصحيح ويبسح على العضو اؼبستور باؼباء ‪.‬‬ ‫ألف اؼبناسب غباؿ اعبريح التخفيف ورفع اغبرج واؼبشقة عنو ‪ ،‬وألف يف اعبمع إهباباً لطهارتُت يف‬ ‫ؿبل واحد ‪ ،‬وىذا ـبالف لقواعد الشرع ‪.‬‬ ‫قاؿ ابن عثيمُت رضبو اهلل ‪ ( :‬وإهباب طهارتُت لعضو واحد ـبالف لقواعد الشرع ‪ ،‬فإنو ال نظَت‬ ‫لو يف الشرع ‪ ،‬وال يكلف اهلل عبداً بعبادتُت سببهما واحد ) الشرح اؼبمتع (ٔ‪. )ٕٓٔ /‬‬ ‫وهبب استيعاب صبيع أجزاء العضو اؼبستور باؼبسح يف الطهارة الكربى "الغسل" ‪ ،‬وهبب‬ ‫استيعاب ؿبل الفرض يف الطهارة الصغرى "الوضوء" ألف اؼبسح على الساتر ينوب عن غسل العضو‬ ‫آّروح فيلزـ استيعابو باؼبسح ‪ ،‬وال ضرر يف تعميم اؼبسح على اؼبستور فيلزـ تعميم اؼبسح عليو ‪.‬‬ ‫ونذكر جرحانا باحتساب األجر عند اهلل ‪ ،‬عن أيب ىريرة رضي اهلل عنو أف رسوؿ اهلل صلى اهلل‬ ‫ح ِيف َسبِ ِيل اللَّ ِو ‪َ ،‬واللَّوُ أ َْعلَ ُم ِدبَ ْن ُْهبَر ُح ِيف َسبِيلِ ِو ‪ ،‬إَِّال َجاءَ يَػ ْوَـ‬ ‫عليو وسلم ‪َ « :‬ما ِم ْن َْؾبُر ٍ‬ ‫وح ُْهبَر ُ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الريح ِريح ِمس ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ك » رواه أضبد وابن ماجو ‪.‬‬ ‫الْقيَ َامة َو ُجْر ُحوُ َك َهْيئَتو يػَ ْوَـ ُجر َ‬ ‫ِح اللَّ ْو ُف لَْو ُف َدـ َو ّْ ُ ُ ْ‬ ‫اللهم داو جرحانا بدوائك ‪ ،‬وأنزؿ عليهم عافيتك ‪ ،‬اللهم اشف عبادؾ ‪ ،‬ينكؤوف لك عدواً ‪ ،‬أو‬ ‫يبشوف لك إىل صبلة اللهم اجعل جراحهم كفارة ػبطاياىم ورفعاً لدرجاهتم ‪ ،‬وتقبل منهم يا ذا‬ ‫اعببلؿ واإلكراـ ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪ٔ٘7‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 69‬مجاهد ٌسؤل ‪ :‬فً إحدى المعارك أُصِ ُ‬ ‫بت إصابة بلٌؽة فً‬ ‫قدمً مما أدى إلى قطعها ‪ ,‬فكٌؾ تكون طهارتها ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو و صحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫حاؿ اؼبكلف عند قطع أو بًت عضو من أعضائو بُت حالتُت ‪:‬‬ ‫تنحصر ُ‬

‫الحالة األولى ‪ :‬أف يبقى شيء من العضو اؼبأمور بغسلو أو مسحو ؛ كأف يكوف القطع من دوف‬

‫الرجل ‪ ،‬و جزء من األذف ‪...‬‬ ‫اؼبرفق يف اليد ‪ ،‬ومن دوف الكعب يف ّْ‬ ‫يدؿ على‬ ‫ؿبل الفرض ‪ ،‬وفبا ّ‬ ‫ففي ىذه اغبالة اتفق أىل العلم على وجوب ْ‬ ‫غسل ما تبقى من ّ‬ ‫ذلك ‪:‬‬ ‫اىا }‪.‬‬ ‫ قولو سبحانو ‪ { :‬ال يُ َكلّْ ُ‬‫ف اللَّوُ نَػ ْفساً إِالَّ َما آتَ َ‬ ‫بأمر فأتوا منو ما استطعتم » متفق عليو ‪.‬‬ ‫أمرتكم ْ‬ ‫ وقولو صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬إذا ْ‬‫ وألف ‪ " :‬اؼبيسور ال يسقط باؼبعسور" ‪ .‬األشباه والنظائر للسيوطي ص (ٖ‪.)ٕٜ‬‬‫غسل ما بقي منو ببل خبلؼ )‬ ‫قاؿ اغبطَّاب رضبو اهلل ‪ ( :‬وإذا قُطع بعض ؿبل الفرض وجب ْ‬ ‫مواىب اعبليل (ٔ‪. )ٕٚ​ٚ /‬‬ ‫ؿبل الفرض ببل خبلؼ ) آّموع (ٔ‪. )ٗٔٙ /‬‬ ‫وقاؿ النووي رضبو اهلل ‪ ( :‬هبب ْ‬ ‫غسل باقي ّ‬ ‫وقاؿ ابن عثيمُت رضبو اهلل ‪ ( :‬واألذف إ ْف قُطعت كلها سقط اؼبسح ‪ ،‬وإ ْف سقط بعضها مسح‬ ‫الباقي ) الشرح اؼبمتع (ٔ‪.)ٔٚٛ /‬‬ ‫جاء يف اؼبوسوعة الفقهية (ٓٔ‪ ( : )ٚ​ٚ /‬اتفق الفقهاء على أف التبعيض يتأتى يف الطهارة ‪ :‬فإ ْف‬ ‫كل عضو سقط بعضو‬ ‫قُ ْ‬ ‫طعت يد الشخص من اؼبرفق غُسل ما بقي من ؿبل الفرض ‪ ،‬وكذلك ّ‬ ‫يتعلق اغبكم بباقيو غسبلً ومسحاً ؛ ِطبقاً لقاعدة ‪ " :‬اؼبيسور ال يسقط باؼبعسور ") ‪.‬‬ ‫الرجل من الكعب ‪ ،‬فالذي يظهر لنا‬ ‫• ويُلحق ّٔذه اغبالة صورة قطع اليد من اؼبرفق ‪ ،‬وقطع ّْ‬ ‫ىو وجوب غسل رأس العضد من اليد ‪ ،‬ورأس الساؽ من الرجل ‪ ،‬و ىو قوؿ صبهور الفقهاء ؛ ألهنا‬ ‫الر ْجل اؼبأمور بغسلهما ‪.‬‬ ‫مسمى اليد و ّْ‬ ‫داخلة يف ّ‬ ‫‪ٔ٘3‬‬


‫و« إىل » يف قولو تعاىل ‪ { :‬إِ َىل الْمرافِ ِق } و { إِ َىل الْ َك ْعبَػ ْ ِ‬ ‫ُت } دبعٌت ‪ :‬مع ‪ ،‬وعلى ىذا يكوف‬ ‫َ​َ‬ ‫اؼبعٌت ‪ :‬فاغسلوا أيديكم مضافة إىل اؼبرافق ‪ ،‬وأرجلكم مضافة إىل الكعبُت ‪ .‬أحكاـ القرآف البن‬ ‫العريب (ٖ‪. )ٖٚ /‬‬ ‫وغسل اليدين مع اؼبرفقُت واجب ‪ ،‬وكذلك رأس الساؽ من‬ ‫وأل ّف رأس العضد من اؼبرفق ‪ْ ،‬‬ ‫الكعب ‪ ،‬وغسل الرجلُت مع الكعبُت واجب‪ .‬الشرح اؼبمتع (ٔ‪. )ٔٚ​ٚ /‬‬ ‫الحالة الثانية ‪َّ :‬أال يبقى شيءٌ من العضو اؼبأمور بغسلو أو مسحو ؛ كأف يكوف القطع من فوؽ‬

‫الرجل ‪ ،‬وكامل األذف ‪...‬‬ ‫اؼبرفق يف اليد ‪ ،‬ومن فوؽ الكعب يف ّْ‬ ‫يدؿ على‬ ‫ففي ىذه اغبالة اتفق الفقهاء على سقوط تكليف غسل العضو اؼبقطوع عنو ‪ .‬و فبّا ّ‬ ‫ف اللَّوُ نَػ ْفساً إِالَّ‬ ‫ف اللَّوُ نَػ ْفساً إِالَّ ُو ْس َع َها }‪ ،‬وقولو سبحانو ‪ { :‬ال يُ َكلّْ ُ‬ ‫ذلك قولو تعاىل ‪ { :‬ال يُ َكلّْ ُ‬ ‫اىا }‪.‬‬ ‫َما آتَ َ‬ ‫يبق من اؼبرفق‬ ‫قاؿ ابن عابدين رضبو اهلل ‪ ( :‬قاؿ يف البحر ‪ :‬ولو قُ ْ‬ ‫طعت يده أو رجلو فلم َ‬ ‫والكعب شيء سقط الغسل ) حاشية ابن عابدين (ٔ‪.)ٕٔٓ /‬‬ ‫قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل ‪ ( :‬وانقطعت يده‪ ...‬من فوؽ اؼبرفقُت سقط الغسل لعدـ ؿبلو ) اؼبغٍت‬ ‫(ٔ‪.)ٜٔ /‬‬ ‫جاء يف اؼبوسوعة الفقهية (‪ ( : )ٕٖٜ /ٕٜ‬واتفقوا على أنو إذا قطع ؿبل الفرض بكمالو أو أكثر‬ ‫منو َل هبب عليو شيء )‪.‬‬ ‫** تنبيهات ‪:‬‬ ‫يتوىم البعض ‪ ،‬بل ىو‬ ‫• َم ْن قطع ُ‬ ‫أحد أعضائو ال يسقط عنو غسل باقي األعضاء ‪ ،‬كما قد ّ‬ ‫باؽ على أصل الوجوب ‪.‬‬ ‫ربوؿ دوف‬ ‫• من رَّكب أعضاء صناعية ال يلزمو غسلها عند الطهارة ‪ ،‬و يلزمو فكها إف كانت ُ‬ ‫وصوؿ اؼباء إىل بعض أجزاء جسده اؼبأمور بغسلها ‪.‬‬ ‫• قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل ‪ ( :‬فإف كاف أقطع اليدين فوجد من يوضئو ُمتربعاً لزمو ذلك ؛ ألنو‬ ‫قادر عليو ‪ .‬وإف َل هبد من يوضئو إال بأجر يقدر عليو‪ ،‬لزمو أيضاً كما يلزمو شراء اؼباء‪ ،...‬وإ ْف‬ ‫عجز عن األجر‪ ،‬أو َل يقدر على َم ْن يستأجره‪ ،‬صلّى على حسب حالو‪ ،‬كعادـ اؼباء والًتاب ‪.‬‬ ‫‪ٔ٘1‬‬


‫وإ ْف وجد من ييممو ‪ ،‬وَل هب ْد من يوضئو ‪ ،‬لزمو التيمم ‪ ،‬كعادـ اؼباء إذا وجد الًتاب‪ .‬وىذا مذىب‬ ‫الشافعي ‪ ،‬و ال أعلم فيو خبلفاً ) اؼبغٍت (ٔ‪. )ٜٔ /‬‬ ‫ىذا ونذكر إخواننا الذين ابتبلىم اهلل بقطع بعض أعضائهم أف وبتسبوا األجر عند اهلل ‪ ،‬فاألرواح‬ ‫واألجساد كلها هتوف يف سبيل رفع راية ىذا الدين ‪ ،‬وليجعلوا من جعفر بن أيب طالب رضي اهلل‬ ‫عنو قدوة ؽبم ‪ ،‬حيث أبدلو اهلل يديو اللتُت قطعتا يف غزوة مؤتة جبناحُت يطَت ّٔما يف اعبنة مع‬ ‫اؼببلئكة ‪.‬‬ ‫جناحُت يطَت ّٔما يف اعبنة حيث يشاء »‬ ‫قاؿ صلى اهلل عليو وسلم عنو ‪ « :‬إ ّف اهللَ أبدلَو َ‬ ‫بيديو َ‬ ‫رواه اغباكم ‪.‬‬ ‫ت فِ َيها فَِإ َذا َج ْع َفٌر يَ ِطَتُ َم َع الْ َمبلئِ َك ِة ‪،‬‬ ‫ت ا ْعبَنَّةَ الْبَا ِر َحةَ فَػنَظَْر ُ‬ ‫وقاؿ صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬د َخ ْل ُ‬ ‫وإِ َذا َضبزةُ مت ِ‬ ‫َّك ٌئ َعلَى َس ِري ٍر » رواه الطرباٍل ‪.‬‬ ‫َ َْ ُ‬ ‫أخذت لقد‬ ‫"لئن‬ ‫َ‬ ‫وليقولوا كما قاؿ عروة بن الزبَت رضي اهلل عنو حامداً ربو حُت قطعوا ْ‬ ‫رجلَو ‪ْ ( :‬‬ ‫أبشر ‪ ...‬جزءٌ من‬ ‫ت‪ ،‬و لئن‬ ‫عزاه بو ُ‬ ‫عافي َ‬ ‫َ‬ ‫أبقي َ‬ ‫ت" ) ‪ ،‬وكاف فبا ّ‬ ‫ابتليت لقد ْ‬ ‫ْ‬ ‫أحدىم ‪ " :‬يا عروةُ ‪ْ ...‬‬ ‫ِ‬ ‫من ىذا العزاء ") السَت (ٗ‪/‬‬ ‫عزاٍل أح ٌد‬ ‫جسدؾ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫سبقك إىل اعبنّة ‪ ،‬فقاؿ عروة ‪ :‬واهلل ما ّ‬ ‫بأفضل ْ‬ ‫َ‬ ‫ٖٓٗ) ‪ ،‬األمراض والكفارات (ٖ٘ٔ) ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وآمن‬ ‫وفر ْج كرباتنا ‪ْ ،‬‬ ‫اللهم ْ‬ ‫ارحم ضعفاءَنا ‪ ،‬وتقبّ ْل شهداءَنا ‪ ،‬وداو جرحانا ‪ ،‬واشف مرضانا ‪ّ ،‬‬ ‫روعاتِنا إنك جواد كرَل ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٓ‪ٔٙ‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 71‬مجاهد أصٌب بإحدى المعارك ‪ ,‬فطلب من مرافقٌه عدم‬ ‫إسعافه حتى ٌستشهد ‪.‬‬ ‫فهل ٌجوز له طلب ذلك ‪ ,‬وهل ٌجوز لهم تلبٌة طلبه ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫األصل يف حكم التداوي وعبلج اعبروح أنو مشروع ‪ ،‬ؼبا ورد يف شأنو يف القرآف الكرَل والسنة‬ ‫القولية والفعلية ‪ ،‬وؼبا فيو من حفظ النفس الذي ىو أحد اؼبقاصد الكلية من التشريع ‪ ،‬وقد َّ‬ ‫دؿ‬ ‫وؿ اللَّ ِو‬ ‫اب ‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫ت ْاأل ْ‬ ‫على ذلك أحاديث كثَتة منها قوؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪ (( :‬قَالَ ْ‬ ‫َعَر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض َع لَوُ ِش َفاءً »‪،‬‬ ‫‪ ،‬أَ​َال نَػتَ َد َاوى ؟‪ .‬قَ َ‬ ‫اؿ ‪ « :‬نَػ َع ْم ‪ ،‬يَا عبَ َاد اللَّو ‪ ،‬تَ َد َاوْوا ‪ ،‬فَِإ َّف اللَّوَ َ​َلْ يَ َ‬ ‫ض ْع َداءً إَِّال َو َ‬ ‫وؿ اللَِّو ‪َ ،‬وَما ُى َو ؟ قَ َاؿ ‪ « :‬ا ْؽبَرُـ »)) رواه الًتمذي‪.‬‬ ‫أ َْو قَ َاؿ ‪َ « :‬د َواءً ‪ ،‬إَِّال َداءً َو ِاح ًدا »‪ .‬قَالُوا ‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫قاؿ ابن القيم رضبو اهلل ‪ ( :‬يف األحاديث الصحيحة األمر بالتداوي وأنو ال ينايف التوكل ‪ ،‬كما ال‬ ‫ينافيو دفع داء اعبوع ‪ ،‬والعطش ‪ ،‬واغبر ‪ ،‬والربد بأضدادىا ‪ ،‬بل ال تتم حقيقة التوحيد إال دبباشرة‬ ‫األسباب اليت نصبها اهلل مقتضيات ؼبسبباهتا قدراً وشرعاً ‪ ،‬وأف تعطيلها يقدح يف نفس التوكل ‪،‬‬ ‫كما يقدح يف األمر واغبكمة ويضعفو من حيث يظن معطلها أف تركها أقوى يف التوكل ‪ ،‬فإف تركها‬ ‫عجز ينايف التوكل الذي حقيقتو اعتماد القلب على اهلل يف حصوؿ ما ينفع العبد يف دينو ودنياه ‪،‬‬ ‫ودفع ما يضره يف دينو ودنياه ‪ ،‬وال بد مع ىذا االعتماد من مباشرة األسباب ‪ ،‬وإال كاف ُمعطبلً‬ ‫للحكمة والشرع ‪ ،‬فبل هبعل العبد عجزه توكبلً وال توكلو عجزاً ) زاد اؼبعاد (ٗ‪.)ٔٗ /‬‬ ‫وقاؿ العز بن عبد السبلـ رضبو اهلل ‪ ( :‬الطب كالشرع وضع عبلب مصاحل السبلمة والعافية ‪،‬‬ ‫ولدرء مفاسد اؼبعاطب واألسقاـ ‪ ،‬ولدرء ما أمكن درؤه من ذلك ‪ ،‬وعبلب ما أمكن جلبو من ذلك )‬ ‫قواعد األحكاـ يف مصاحل األناـ (ٔ‪.)ٙ /‬‬ ‫وقد اختلف أىل العلم يف حكم التداوي وطلب العبلج ‪ ،‬وقد ذىب احملققوف من أىل العلم إىل‬ ‫أف حكمو ىبتلف باختبلؼ حاؿ اؼبريض ‪ ،‬وذلك على النحو التايل ‪:‬‬ ‫ٔ‪ٔٙ‬‬


‫"‪ -‬فيكوف واجباً على الشخص إذا كاف تركو يفضي إىل تلف نفسو أو أحد أعضائو أو عجزه ‪،‬‬ ‫أو كاف اؼبرض ينتقل ضرره إىل غَته ‪ ،‬كاألمراض اؼبعدية ‪.‬‬ ‫ ويكوف مندوباً إذا كاف تركو يؤدي إىل ضعف البدف ‪ ،‬وال يًتتب عليو ما سبق يف اغبالة األوىل ‪.‬‬‫ ويكوف مباحاً إذا َل يندرج يف اغبالتُت السابقتُت ‪.‬‬‫ ويكوف مكروىاً إذا كاف بفعل ىباؼ منو حدوث مضاعفات أشد من العلة اؼبراد إزالتها " ؾبلة‬‫ؾبمع الفقو اإلسبلمي عدد (‪ ، )ٚ‬ص (‪.)ٕٜٚ‬‬ ‫قاؿ ابن تيمية رضبو اهلل ‪ ( :‬فإف الناس قد تنازعوا يف التداوي ىل ىو مباح أو مستحب أو‬ ‫واجب ؟‪ .‬والتحقيق ‪ :‬أف منو ما ىو ؿبرـ ‪ ،‬ومنو ما ىو مكروه ‪ ،‬ومنو ما ىو مباح ؛ ومنو ما ىو‬ ‫مستحب ‪ ،‬وقد يكوف منو ما ىو واجب ‪ ،‬وىو ‪ :‬ما يعلم أنو وبصل بو بقاء النفس ال بغَته ‪ ،‬كما‬ ‫هبب أكل اؼبيتة عند الضرورة فإنو واجب عند األئمة األربعة وصبهور العلماء‪ )...‬ؾبموع الفتاوى‬ ‫(‪.)ٕٔ /ٔٛ‬‬ ‫واألصل أنو هبب استئذاف اؼبريض إذا كاف تاـ األىلية قبل عبلجو ‪ ،‬فبل هبوز عبلجو إال بعد‬ ‫موافقتو إال يف حاالت خاصة ‪ ،‬كاغباالت اإلسعافية اليت يتوقف عليها إنقاذ حياة اؼبصاب ‪،‬‬ ‫فػ"يشًتط إذف اؼبريض للعبلج إذا كاف تاـ األىلية ‪ ،‬فإذا كاف عدَل األىلية أو ناقصها اعترب إذف‬ ‫وليو حسب ترتيب الوالية الشرعية ووفقاً ألحكامها اليت ربصر تصرؼ الويل فيما فيو منفعة اؼبوىل‬ ‫عليو ومصلحتو ورفع األذى عنو ‪ .‬على أف ال يُعتد بتصرؼ الويل يف عدـ اإلذف إذا كاف واضح‬ ‫الضرر باؼبوىل عليو ‪ ،‬وينتقل اغبق إىل غَته من األولياء ‪ُ ،‬ث إىل ويل األمر‪ ،...‬يف حاالت اإلسعاؼ‬ ‫اليت تتعرض فيها حياة اؼبصاب للخطر ال يتوقف العبلج على اإلذف ( قرارات آّمع الفقو‬ ‫اإلسبلمي‪ ،‬اؼبؤسبر (‪ ،)ٚ‬سنة ٕٔٗٔ ىػ‪ ،‬بتصرؼ ‪.‬‬ ‫شًتط إذف األخ اؼبصاب إلسعافو إف كاف تركو بدوف عبلج يؤدي إىل وفاتو ‪.‬‬ ‫وعليو فبل يُ َ‬ ‫وفرج كرباتنا ‪ ،‬وآمن روعاتنا ‪ ،‬وانصرنا‬ ‫اللهم ّْ‬ ‫اشف مرضانا ‪ ،‬وداو جرحانا ‪ ،‬وارحم ضعفاءنا ‪ّ ،‬‬ ‫على القوـ الكافرين وآّرمُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٕ‪ٔٙ‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 71‬هل ٌجوز للمجاهدٌن فً سورٌا اإلفطار فً نهار رمضان ؟‬

‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫اعبهاد يف سبيل اهلل عز وجل من أفضل األعماؿ والقرب ‪ ،‬عن أيب ىريرة رضي اهلل عنو ‪ ،‬قاؿ ‪:‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫اؿ ‪:‬‬ ‫اؿ ‪ُ :‬دلٍَِّت َعلَى َع َم ٍل يَػ ْع ِد ُؿ ا ْعبِ َه َاد ‪ .‬قَ َ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم ‪ .‬فَػ َق َ‬ ‫(( َجاءَ َر ُج ٌل إِ َىل َر ُسوؿ اللَّو َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وـ َوَال تَػ ْفتُػَر ‪،‬‬ ‫« َال أ َِج ُدهُ » ‪ .‬قَ َ‬ ‫يع إِ َذا َخَر َج الْ ُم َجاى ُد أَ ْف تَ ْد ُخ َل َم ْسج َد َؾ ‪ ،‬فَػتَػ ُق َ‬ ‫اؿ ‪َ « :‬ى ْل تَ ْستَط ُ‬ ‫وـ َوَال تُػ ْف ِطَر ؟» )) رواه البخاري ‪.‬‬ ‫َوتَ ُ‬ ‫صَ‬ ‫قاؿ ابن تيمية رضبو اهلل ‪َ ( :‬ل يرد يف ثواب األعماؿ وفضلها ‪ ،‬مثل ما ورد فيو ‪-‬أي يف فضل‬ ‫اعبهاد‪ )-‬الفتاوى (‪.)ٖٖ٘ /ٕٛ‬‬ ‫اختص اهلل آّاىدين ببعض األحكاـ عن غَتىم من الناس ‪ ،‬ومنها أحكاـ الصياـ ‪.‬‬ ‫وقد‬ ‫َّ‬ ‫وتفصيل ذلك أف آّاىدين يف سبيل اهلل ال ىبلو حاؽبم من أمرين ‪:‬‬ ‫• إما أف ىبرجوا للجهاد خارج بلدىم مسافة تقصر فيها الصبلة ‪ ،‬فيأخذوا عندىا بأحكاـ‬ ‫ِ‬ ‫اؼبسافر ‪ ،‬فيجوز ؽبم اإلفطار لرخصة السفر اتفاقاً ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪ { :‬فَ َم ْن َش ِه َد مْن ُك ُم الش ْ‬ ‫ص ْموُ‬ ‫َّهَر فَػ ْليَ ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُخَر }‪.‬‬ ‫َوَم ْن َكا َف َم ِر ً‬ ‫يضا أ َْو َعلَى َس َف ٍر فَع َّدةٌ م ْن أَيَّ ٍاـ أ َ‬ ‫ستحب للمجاىدين إذا اقًتبوا من لقاء العدو أف يفطروا ليتقووا بذلك على اعبهاد ‪ ،‬قاؿ أبو‬ ‫ويُ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم إِ َىل َم َّكةَ َوَْكب ُن ِصيَ ٌاـ ‪،‬‬ ‫سعيد اػبدري رضي اهلل عنو ‪َ (( :‬سافَػْرنَا َم َع َر ُسوؿ اللَّو َ‬ ‫اؿ رس ُ ِ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم " ‪ « :‬إِنَّ ُك ْم قَ ْد َدنَػ ْوُُْت ِم ْن َع ُد ّْوُك ْم ‪،‬‬ ‫قَ َ‬ ‫وؿ اللَّو َ‬ ‫اؿ ‪ :‬فَػنَػَزلْنَا َمْن ِزًال ‪ ،‬فَػ َق َ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫والْ ِفطْر أَقْػوى لَ ُكم » ‪ ،‬فَ َكانَت رخ ِ‬ ‫آخَر ‪ ،‬فَػ َق َاؿ ‪« :‬‬ ‫ص َاـ َومنَّا َم ْن أَفْطَ​َر ‪ُ​ُ ،‬ثَّ نَػَزلْنَا َمْن ِزًال َ‬ ‫ْ ُْ َ‬ ‫صةً فَمنَّا َم ْن َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت َعْزَمةً فَأَفْطَْرنَا )) رواه مسلم ‪.‬‬ ‫صبّْ ُحو َع ُد ّْوُك ْم َوالْفطُْر أَقْػ َوى لَ ُك ْم ‪ ،‬فَأَفْطُروا »‪َ ،‬وَكانَ ْ‬ ‫إِنَّ ُك ْم ُم َ‬ ‫• أو أف ىبرجوا ؼببلقاة العدو مسافة دوف القصر ‪ ،‬أو يهجم األعداء على بلد آّاىدين ‪ ،‬ففي‬ ‫اغبالة ىذه اختلف الفقهاء ‪ ،‬ىل هبوز للمجاىدين اإلفطار ‪ ،‬أـ أنو يبقى الصياـ واجباً ‪.‬‬

‫ٖ‪ٔٙ‬‬


‫والصحيح جواز اإلفطار بشرط التحقق من وقوع القتاؿ ‪ ،‬وىو مذىب اغبنفية واختيار شيخ‬ ‫اإلسبلـ ابن تيمية وابن القيم رضبهم اهلل ‪.‬‬ ‫قاؿ ابن كثَت عن ابن تيمية رضبهما اهلل ‪ ( :‬وأفىت الناس بالفطر مدة قتاؽبم ‪-‬أي للتتار‪ -‬وأفطر‬ ‫ىو أيضاً ‪ ،‬وكاف يدور على األجناد واألمراء فيأكل من شيء معو يف يده ؛ ليعلّْمهم َّ‬ ‫أف إفطارىم‬ ‫لِيَتَػ َق َّوْوا على القتاؿ أفضل ‪ ،‬فيأكل الناس ) البداية والنهاية (ٗٔ‪.)ٕٙ /‬‬ ‫قاؿ ابن القيم رضبو اهلل ‪ ( :‬وال ريب أف الفطر لذلك أوىل من الفطر ّٓرد السفر ‪ ،‬بل إباحة‬ ‫الفطر للمسافر تنبيو على إباحتو يف ىذه اغبالة ‪ ،‬فإهنا أحق جبوازه ‪ ،‬ألف القوة ىناؾ زبتص‬ ‫باؼبسافر ‪ ،‬والقوة ىنا لو وللمسلمُت ‪ ،‬وألف مشقة اعبهاد أعظم من مشقة السفر ‪ ،‬وألف اؼبصلحة‬ ‫اغباصلة بالفطر للمجاىد أعظم من اؼبصلحة بفطر اؼبسافر ‪ ،‬وألف اهلل تعاىل قاؿ ‪ { :‬وأ ِ‬ ‫َع ُّدوا َؽبُ ْم َما‬ ‫َ‬ ‫استَطَ ْعتُ ْم ِم ْن قُػ َّوةٍ }‪ ،‬والفطر عند اللقاء من أعظم أسباب القوة ‪ .‬والنِب صلى اهلل عليو وسلم قد‬ ‫ْ‬ ‫فسَر القوة بالرمي ‪ ،‬وىو ال يتم وال وبصل بو مقصوده إال دبا يقوي ويعُت عليو من الفطر والغذاء )‬ ‫َّ‬ ‫زاد اؼبعاد (ٕ‪.)٘ٓ /‬‬ ‫وهبب على آّاىدين اإلفطار إذا خافوا على أنفسهم التلف لضعفهم بسبب الصياـ ‪ ،‬وربققوا‬ ‫من لقاء العدو ‪ ،‬قاؿ الشوكاٍل رضبو اهلل ‪ ( :‬ووجوب اإلفطار ػبشية التلف معلوـ من قواعد الشريعة‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يما } ‪ ،‬وقولو تعاىل ‪:‬‬ ‫كلياهتا وجزئياهتا ‪ ،‬كقولو تعاىل‪ { :‬وال تَػ ْقتُػلُوا أَنْػ ُف َس ُك ْم إ َّف اللَّوَ َكا َف ب ُك ْم َرح ً‬ ‫ِ‬ ‫استَطَ ْعتُ ْم } ‪ ،‬ولقوؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬فَِإذَا أ َ​َمْرتُ ُك ْم بِأ َْم ٍر ‪ ،‬فَأْتُوا مْنوُ‬ ‫{ فَاتَّػ ُقوا اللَّوَ َما ْ‬ ‫استَطَ ْعتُ ْم » ) السيل اعبرار (‪.)ٕٛٙ‬‬ ‫َما ْ‬ ‫ويتأكد ىذا الوجوب إذا أمر األمَت باإلفطار ليتقوى آّاىدوف على اعبهاد ‪ ،‬ألف طاعة األمَت‬ ‫واجبة يف غَت اؼبعصية ‪.‬‬ ‫ومن أفطر من آّاىدين يف رمضاف هبب عليو القضاء ‪ ،‬وال يسقط عنو ذلك ؛ لقولو تعاىل ‪{ :‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُخَر }‪.‬‬ ‫ص ْموُ َوَم ْن َكا َف َم ِر ً‬ ‫يضا أ َْو َعلَى َس َف ٍر فَع َّدةٌ م ْن أَيَّ ٍاـ أ َ‬ ‫فَ َم ْن َش ِه َد مْن ُك ُم الش ْ‬ ‫َّهَر فَػ ْليَ ُ‬ ‫اللهم بلغنا رمضاف ‪ ،‬وأعنا على الصياـ والقياـ وإسقاط النظاـ ‪ ،‬وانصرنا على القوـ الظاؼبُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬ ‫ٗ‪ٔٙ‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 72‬هل ٌجوز االعتماد على ما تعلنه مإسسات حكومة العصابة‬ ‫األسدٌة من إثبات رإٌة هالل رمضان وهالل شوال من عدم رإٌتهما ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫فرض بنص الكتاب والسنة وإصباع اؼبسلمُت ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪ { :‬يا أَيػُّ َها‬ ‫إف صياـ شهر رمضاف ٌ‬ ‫الصياـ َكما ُكتِب علَى الَّ ِ‬ ‫الَّ ِذين ءامنُواْ ُكتِ‬ ‫ين ِمن قَػْبلِ ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم تَػتَّػ ُقو َف }‪.‬‬ ‫ذ‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وقاؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬بٍُِت ِْ‬ ‫اإل ْس َبل ُـ َعلَى طبَْ ٍ‬ ‫س ‪َ ،‬ش َه َادةِ أَ ْف َال إِلَوَ إَِّال اللَّوُ َوأ َّ‬ ‫َف‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص َبلةِ ‪َ ،‬وإِيتَ ِاء َّ‬ ‫ضا َف » متفق عليو ‪.‬‬ ‫الزَكاة ‪َ ،‬و ْ‬ ‫ُؿبَ َّم ًدا َر ُس ُ‬ ‫وؿ اللَّ ِو ‪َ ،‬وإِقَ ِاـ َّ‬ ‫ص ْوـ َرَم َ‬ ‫اغبَ ّْج ‪َ ،‬و َ‬ ‫ويثبت دخوؿ شهر رمضاف إما برؤية ىبللو ‪ ،‬أو بإكماؿ عدة شهر شعباف ثبلثُت يوماً ‪ ،‬قاؿ‬ ‫وموا ‪َ ،‬وإِذَا َرأَيْػتُ ُموهُ فَأَفْ ِطُروا ‪ ،‬فَِإ ْف غُ َّم َعلَْي ُك ْم‬ ‫رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬إِذَا َرأَيْػتُ ُموهُ فَ ُ‬ ‫صُ‬ ‫فَاقْ ُد ُروا لَوُ » متفق عليو ‪.‬‬ ‫وكذلك يثبت اػبروج من شهر رمضاف إما برؤية ىبلؿ شهر شواؿ ‪ ،‬أو بإكماؿ شهر رمضاف‬ ‫وموا لُِرْؤيَتِ ِو َوأَفْ ِطُروا لُِرْؤيَتِ ِو ‪ ،‬فَِإ ْف غُ ّْم َي َعلَْي ُك ْم‬ ‫ثبلثُت يوماً ‪ ،‬قاؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪ُ « :‬‬ ‫صُ‬ ‫فَأَ ْك ِملُوا الْ َع َد َد » متفق عليو ‪.‬‬ ‫وربري رؤية ىبلؿ شهر رمضاف فرض كفائي ؛ إذا قاـ بو بعض اؼبسلمُت سقط اإلُث عن الباقُت ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫قاؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬أَح ِ‬ ‫ضا َف » رواه الًتمذي ‪.‬‬ ‫صوا ى َبل َؿ َش ْعبَا َف لَرَم َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫جاء يف "الفتاوى اؽبندية" (ٔ‪ ( : )ٜٔٚ /‬هبب أف يلتمس الناس اؽببلؿ يف التاسع والعشرين من‬ ‫شعباف وقت الغروب فإف رأوه صاموه ‪ ،‬وإف غم أكملوه ثبلثُت يوماً )‪.‬‬ ‫وتثبت رؤية ىبلؿ شهر رمضاف بشهادة مسلم واحد ‪ ،‬وأما رؤية ىبلؿ شهر شواؿ فتثبت‬ ‫شًتط يف الشاىد أف يكوف بالغاً عدالً ‪.‬‬ ‫بشهادة مسلمُت ‪ ،‬ويُ َ‬ ‫وي عن رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪ (( :‬أنو أجاز شهادة رجل واحد على رؤية ىبلؿ‬ ‫وقد ُر َ‬ ‫شهر رمضاف ‪ ،‬وكاف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ال هبيز شهادة يف اإلفطار إال شهادة رجلُت ))‬ ‫رواه الدارقطٍت والبيهقي ‪.‬‬ ‫٘‪ٔٙ‬‬


‫بل شهادة رجل واحد يف الصياـ‪ ،...‬وَل ىبتلف‬ ‫ونقل الًتمذي عن أكثر أىل العلم ‪ ( :‬قالوا ‪ :‬تُق ُ‬ ‫أىل العلم يف اإلفطار أنو ال يُقبَل فيو إال شهادة رجلُت ) اىػ‪.‬‬ ‫وقد تبُت للقاصي والداٍل أف العصابة األسدية ومؤسساهتا اإلدارية ال يُوثَق ّٔم ‪ ،‬فينبغي إهباد‬ ‫رابطة دينية أو ؾبتمعية تتوىل مسؤولية ربري رؤية اؽببلؿ واإلعبلف عنو ‪ ،‬ويتبعها الناس يف صيامهم‬ ‫وإفطارىم ‪ ،‬وذلك حرصاً على صبع الكلمة ‪ ،‬وإف َل نستطع فنتبع يف ىذا األمر أقرب الدوؿ‬ ‫اؼبسلمة إلينا ‪.‬‬ ‫وننبو ألمر مهم وىو أف الناس إذا اختلفوا يف ىذا األمر ‪ ،‬فالواجب أال يكوف ذلك سبباً للعداوة‬ ‫والتفرؽ والقطيعة ؛ ألف يف ىذا ضرراً عظيماً على اؼبسلمُت ‪ ،‬وقد حرصت الشريعة على االجتماع‬ ‫وعدـ التفرؽ ‪.‬‬ ‫وحد كلمتنا على طاعتك ‪ ،‬وخلّصنا من العصابة النصَتية اؼبتسلطة ‪ ،‬يا قوي يا عزيز ‪،‬‬ ‫اللهم ّ‬ ‫اللهم بلغنا رمضاف ‪ ،‬وأعنا فيو على الصياـ والقياـ واعبهاد وإسقاط النظاـ ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪ٔٙ​ٙ‬‬


‫فتىي ( ‪ : ) 73‬سائل ٌقول ‪ :‬ما حكم من لم ٌصم ٌوم الجمعة ‪ ,‬األول من‬ ‫رمضان لعام ٖ​ٖٗٔهـ فً سورٌا ‪ ,‬لعدم علمه بثبوت رإٌة هالل رمضان ‪ ,‬أو‬ ‫بسبب اتباعه إعالن المإسسة الدٌنٌة التابعة للعصابة األسدٌة بؤن ٌوم السبت هو‬ ‫أول أٌام رمضان ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫صياـ شهر رمضاف فرض بنص الكتاب والسنة وإصباع اؼبسلمُت ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪ { :‬يا أَيػُّها الَّ ِ‬ ‫ين‬ ‫ذ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ين ِمن قَػْبلِ ُك ْم لَ َعلَّ ُك ْم تَػتَّػ ُقو َف }‪.‬‬ ‫ب َعلَْي ُك ُم ّْ‬ ‫ب َعلَى الذ َ‬ ‫الصيَ ُاـ َك َما ُكت َ‬ ‫ءَ َامنُواْ ُكت َ‬ ‫وقاؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬بٍُِت ِْ‬ ‫اإل ْس َبل ُـ َعلَى طبَْ ٍ‬ ‫س ‪َ ،‬ش َه َادةِ أَ ْف َال إِلَوَ إَِّال اللَّوُ َوأ َّ‬ ‫َف‬ ‫َ‬ ‫اغب ّْج ‪ ،‬و ِ‬ ‫الص َبلةِ ‪ ،‬وإِيت ِاء َّ ِ‬ ‫ضا َف » متفق عليو ‪.‬‬ ‫ُؿبَ َّم ًدا َر ُس ُ‬ ‫وؿ اللَّ ِو ‪َ ،‬وإِقَ ِاـ َّ‬ ‫َ​َ‬ ‫ص ْوـ َرَم َ‬ ‫الزَكاة ‪َ ،‬و َْ َ َ‬ ‫ولقد ثبتت رؤية ىبلؿ رمضاف ؽبذا العاـ يف أغلب يف الببلد اإلسبلمية ‪ ،‬كما أعلنت اؽبيئات‬ ‫السورية الدينية وآّتمعية والشعبية دخوؿ شهر رمضاف اليوـ اعبمعة ‪ ،‬وعليو يلزـ السوريوف الشروع‬ ‫صوـ‬ ‫يف صياـ رمضاف اعتباراً من يوـ اعبمعة ‪ ،‬ألف النِب صلى اهلل عليو وسلم يقوؿ ‪ُّ « :‬‬ ‫وـ يَػ ْوـ يَ ُ‬ ‫الص ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّاس » رواه ابن ماجو ‪.‬‬ ‫النَّاس‪ ،‬والْفطُْر يَػ ْوَـ يػُ ْفطُر الن ُ‬ ‫وقد سبق أف بيَّنا عدـ جواز االعتماد على ما تعلنو مؤسسات العصابة النصَتية حوؿ دخوؿ‬ ‫رمضاف واػبروج منو ‪ ،‬انظر فتوانا (ٔ‪.)ٚ‬‬ ‫فمن أفطر عاؼباً عامداً فقد ارتكب كبَتة من الكبائر ‪ ،‬وعليو التوبة ‪ ،‬وإمساؾ بقية يومو ‪ ،‬و أف‬ ‫ص ْم يَػ ْوًما َم َكانَوُ » رواه أبو‬ ‫يقضي ىذا اليوـ ؛ لقوؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم يف قصة آّامع ‪ُ َ « :‬‬ ‫داود ‪.‬‬ ‫وإف حصل منو اعبماع يف هنار ىذا اليوـ فعليو القضاء والكفارة ‪ ،‬وىي عتق رقبة ‪ ،‬فإف َل هبد‬ ‫فصياـ شهرين متتابعُت ‪ ،‬فإف َل يستطع فإطعاـ ستُت مسكيناً ‪ ،‬كما يف حديث األعرايب الذي‬ ‫جامع يف هنار رمضاف يف الصحيحُت ‪.‬‬ ‫‪ٔٙ7‬‬


‫وأما من أفطر يف ىذا اليوـ متأوالً ‪ ،‬أو لعدـ علمو بدخوؿ رمضاف فبل إُث عليو ‪ ،‬والواجب عليو‬ ‫أف يبسك بقية يومو ‪ ،‬وأف يقضي ىذا اليوـ و لو َل يأكل يف أثناء النهار ‪ ،‬ألف صياـ الفرض ال‬ ‫يصح إال بنية من الليل ‪ ،‬قاؿ صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬من َ​َل يػبػيّْ ِ‬ ‫وع الْ َف ْج ِر فَبل‬ ‫الصيَ َاـ قَػْب َل طُلُ ِ‬ ‫ت ّْ‬ ‫َ ْ ْ َُ‬ ‫ِصيَ َاـ لَوُ » رواه النسائي‪.‬‬ ‫اللهم أعنّا على الصياـ والقياـ واعبهاد يف سبيلك ‪ ،‬وإسقاط العصابة األسدية اؼبتسلطة يف سوريا ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪ٔٙ3‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 74‬هل ٌُشرع للمجاهدٌن صٌام ٌوم عاشوراء ؟‬

‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫األحاديث يف صوـ عاشوراء والًتغيب يف فيو كثَتة ‪ ،‬و قد ثبت عن النِب صلى اهلل عليو وسلم‬ ‫ويرغب الناس يف صيامو ؛ ألنو يوـ قبَّى اهلل فيو موسى وقومو ‪،‬‬ ‫أنو كاف يصوـ يوـ عاشوراء ‪ّ ،‬‬ ‫وأىلك فيو فرعوف وقومو ‪.‬‬ ‫ستحب لكل مسلم ومسلمة صياـ ىذا اليوـ شكراً هلل عز وجل وىو اليوـ العاشر من ؿبرـ ‪،‬‬ ‫فيُ َ‬ ‫ستحب أف يصوـ قبلو يوماً أو بعده يوماً ؛ ُـبالَ​َفة لليهود يف ذلك ‪ ،‬وإف صاـ الثبلثة صبيعاً التاسع‬ ‫ويُ َ‬ ‫والعاشر واغبادي عشر فبل بأس ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم الْ َم ِدينَةَ ‪ ،‬فَػَرأَى‬ ‫عن ابن عباس رضي اهلل عنهما ‪ ،‬قاؿ ‪ (( :‬قَد َـ النِ ُّ‬ ‫َِّب َ‬ ‫صالِ ٌح ‪َ ،‬ى َذا يػَ ْوٌـ قبَ​َّى اللَّوُ بٍَِت‬ ‫وراءَ ‪ .‬فَػ َق َ‬ ‫وـ يَػ ْوَـ َع ُ‬ ‫الْيَػ ُه َ‬ ‫ود تَ ُ‬ ‫اؿ ‪َ « :‬ما َى َذا ؟ »‪ .‬قَالُوا ‪َ :‬ى َذا يَػ ْوٌـ َ‬ ‫صُ‬ ‫اش َ‬ ‫ِ‬ ‫إِسرائِ ِ‬ ‫اؿ ‪ « :‬فَأَنَا أَح ُّق ِدبُوسى ِمْن ُكم »‪ .‬فَصامو وأَمر بِ ِ‬ ‫صيَ ِام ِو ))‬ ‫وسى ‪ .‬قَ َ‬ ‫يل م ْن َع ُد ّْوى ْم ‪ ،‬فَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ص َاموُ ُم َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ ُ َ َ​َ‬ ‫َْ َ‬ ‫متفق عليو ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم يَػ ْوَـ‬ ‫ص َاـ النِ ُّ‬ ‫وعن عبد اهلل بن عباس رضي اهلل عنهما ‪ ،‬يقوؿ ‪ (( :‬ح َ‬ ‫َِّب َ‬ ‫ُت َ‬ ‫صي ِام ِو ‪ ،‬قَالُوا ‪ :‬يا رس َ ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫وؿ اللَّ ِو‬ ‫اؿ َر ُس ُ‬ ‫َّص َارى ‪ .‬فَػ َق َ‬ ‫َع ُ‬ ‫وؿ اللَّو ‪ ،‬إِنَّوُ يَػ ْوٌـ تُػ َعظّْ ُموُ الْيَػ ُه ُ‬ ‫ود َوالن َ‬ ‫وراءَ َوأ َ​َمَر ب َ‬ ‫َ َُ‬ ‫اش َ‬ ‫َّاس ِع » ‪ .‬قاؿ ‪ :‬فَػلَم يأْ ِ‬ ‫صلَّى اللَّو علَي ِو وسلَّم ‪ « :‬فَِإ َذا َكا َف الْعاـ الْم ْقبِل إف شاء اهلل صمنَا يػوـ الت ِ‬ ‫ت‬ ‫ُ ْ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ُ َْ َ​َ َ‬ ‫َُ ُ ُ‬ ‫الْعاـ الْم ْقبِل ح َّىت تُػو ّْيف رس ُ ِ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم )) رواه مسلم ‪.‬‬ ‫وؿ اللَّو َ‬ ‫َ ُ ُ ُ َ ُ َ َُ‬ ‫ِ‬ ‫ص ْوِـ‬ ‫وعن أيب قتادة األنصاري رضي اهلل عنو ‪ (( :‬أف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ٍَ ُسئ َل َع ْن َ‬ ‫ِ‬ ‫السنَّةَ الْم ِ‬ ‫اضيَةَ »)) رواه مسلم ‪.‬‬ ‫وراءَ ؟‪ .‬فَػ َق َ‬ ‫يَػ ْوـ َع ُ‬ ‫اؿ ‪ « :‬يُ َكفُّْر ُّ َ‬ ‫اش َ‬ ‫فرط يف ذلك إال من ضرورة ‪.‬‬ ‫ولذلك ينبغي للمسلم أف وبرص على صياـ ىذا اليوـ العظيم ‪ ،‬وال يُ ّْ‬ ‫أما آّاىد يف سبيل اهلل تعاىل فاألفضل يف حقو اإلفطار ليتقوى باإلفطار على القتاؿ إف كاف يف‬ ‫ِ‬ ‫استَطَ ْعتُ ْم ِم ْن قُػ َّوٍة }‪،‬‬ ‫معركة أو كبوىا ‪ ،‬قاؿ ابن القيم رضبو اهلل ‪ ( :‬قاؿ اهلل تعاىل‪َ { :‬وأَع ُّدوا َؽبُ ْم َما ْ‬ ‫‪ٔٙ1‬‬


‫والفطر عند اللقاء من أعظم أسباب القوة ‪ .‬والنِب صلى اهلل عليو و سلم قد فسر القوة بالرمي ‪ ،‬وىو‬ ‫ال يتم وال وبصل بو مقصوده إال دبا يقوي ويعُت عليو من الفطر والغذاء ) زاد اؼبعاد (ٕ‪.)٘ٔ /‬‬ ‫وهبب على آّاىدين اإلفطار إذا خافوا على أنفسهم التلف لضعفهم بسبب الصياـ ‪ ،‬قاؿ‬ ‫الشوكاٍل رضبو اهلل ‪ ( :‬ووجوب اإلفطار ػبشية التلف معلوـ من قواعد الشريعة كلياهتا وجزئياهتا ‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يما} ‪ ،‬وقولو تعاىل ‪ { :‬فَاتَّػ ُقوا اللَّوَ َما‬ ‫كقولو تعاىل ‪ { :‬وال تَػ ْقتُػلُوا أَنْػ ُف َس ُك ْم إ َّف اللَّوَ َكا َف ب ُك ْم َرح ً‬ ‫ِ‬ ‫استَطَ ْعتُ ْم» )‬ ‫استَطَ ْعتُ ْم } ‪ ،‬ولقوؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم‪ « :‬فَِإ َذا أ َ​َمْرتُ ُك ْم بِأ َْم ٍر ‪ ،‬فَأْتُوا مْنوُ َما ْ‬ ‫ْ‬ ‫السيل اعبرار (‪.)ٕٛٙ‬‬ ‫ويتأكد ىذا الوجوب إذا أمر األمَت باإلفطار ليتقوى آّاىدوف على اعبهاد ‪ ،‬ألف طاعة األمَت‬ ‫واجبة يف غَت اؼبعصية ‪.‬‬ ‫وال شك أف أجر آّاىد يف سبيل اهلل عز وجل من أفضل األعماؿ والقرب إذا صلحت نيتو ‪،‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫اؿ ‪:‬‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم ‪ .‬فَػ َق َ‬ ‫عن أيب ىريرة رضي اهلل عنو ‪ ،‬قاؿ ‪َ (( :‬جاءَ َر ُج ٌل إِ َىل َر ُسوؿ اللَّو َ‬ ‫اؿ ‪ « :‬ىل تَست ِطيع إِ َذا خرج الْمج ِ‬ ‫اؿ ‪َ « :‬ال أ ِ‬ ‫دلٍَِّت علَى عم ٍل يػع ِ‬ ‫اعبِ‬ ‫اى ُد أَ ْف‬ ‫ق‬ ‫‪.‬‬ ‫»‬ ‫ه‬ ‫د‬ ‫َج‬ ‫ق‬ ‫‪.‬‬ ‫اد‬ ‫ه‬ ‫ؿ‬ ‫د‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ َ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ ُ َ‬ ‫ْ ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫وـ َوَال تػُ ْف ِطَر ؟» )) رواه البخاري ‪.‬‬ ‫وـ َوَال تَػ ْفتُػَر ‪َ ،‬وتَ ُ‬ ‫صَ‬ ‫تَ ْد ُخ َل َم ْسج َد َؾ ‪ ،‬فَػتَػ ُق َ‬ ‫قاؿ ابن تيمية رضبو اهلل ‪َ ( :‬ل يرد يف ثواب األعماؿ وفضلها ‪ ،‬مثل ما ورد فيو ‪-‬أي يف فضل‬ ‫اعبهاد‪ )-‬الفتاوى (‪.)ٖٖ٘ /ٕٛ‬‬ ‫ويف ذلك تسلية عظيمة للمجاىد يف سبيل اهلل تعاىل ‪-‬فيما لو فاتو أجر صياـ عاشوراء‪ -‬أنو‬ ‫سبحانو عوضو باػبَت العظيم واألجر اعبزيل على عملو وجهاده ‪.‬‬ ‫اللهم أعنّا على ذكرؾ وشكرؾ وحسن عبادتك ‪ ،‬والنصر على أعدائك وأعداء اؼبسلمُت ‪ ،‬يا‬ ‫أكرـ األكرمُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٓ‪ٔ7‬‬


‫فتىي ( ‪ : ) 75‬هل ٌُشرع تؽسٌل و تكفٌن الشهٌد الذي ٌُقتل فً المعركة ‪,‬‬ ‫وهل ُتشرع الصالة علٌه ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو و من وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫خص اهلل شهداء اؼبعارؾ عند قتلهم ببعض األحكاـ دوف غَتىم ‪ ،‬ومن ذلك األحكاـ‬ ‫لقد َّ‬ ‫اؼبتعلقة بتغسيلهم وتكفينهم والصبلة عليهم ‪ ،‬وبياف ذلك ‪:‬‬

‫أولا ‪ :‬حكم تغسيل الشهيد ‪:‬‬ ‫ذىب عامة الفقهاء من األئمة األربعة وابن حزـ وغَتىم إىل أف شهيد اؼبعركة ال يػُغّسل‪ ،‬ونقل‬ ‫بعضهم اتفاؽ العلماء على ذلك ‪.‬‬ ‫يغسل )‪ .‬شرح‬ ‫قاؿ البغوي رضبو اهلل ‪ ( :‬اتفق العلماء على أف الشهيد اؼبقتوؿ يف معركة الكفار ال َّ‬ ‫السنة (٘‪. )ٖٙ​ٙ /‬‬ ‫يغسل ) اختبلؼ األئمة‬ ‫قاؿ ابن ىبَتة رضبو اهلل ‪ ( :‬واتفقوا على أف الشهيد اؼبقتوؿ يف اؼبعركة ال َّ‬ ‫العلماء (ٔ‪.)ٔٚٛ /‬‬ ‫وفبا يدؿ على ذلك ما رواه جابر رضي اهلل عنو ‪ (( :‬أ َّ‬ ‫ُح ٍد َ​َلْ يػُغَ َّسلُوا َوُدفِنُوا بِ ِد َمائِ ِه ْم‬ ‫َف ُش َه َداءَ أ ُ‬ ‫ص َّل َعلَْي ِه ْم )) رواه البخاري ‪.‬‬ ‫َوَ​َلْ يُ َ‬ ‫ومن اغبكمة يف عدـ تغسيل الشهيد ‪-‬واهلل أعلم‪ -‬ىو استحباب بقاء أثر العبادة اليت شرع فيها‬ ‫من وافاه األجل وىو متلبس فيها ؛ كاحملرـ يف اغبج ‪.‬‬ ‫بينما الغسل يتضمن إزالة أثر العبادة اؼبستحسنة شرعاً وىي الشهادة ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ​ِ‬ ‫َح ٌد ِيف َسبِ ِيل‬ ‫وقد ورد عن النِب صلى اهلل عليو وسلم أنو قاؿ ‪َ « :‬والَّذي نَػ ْفسي بيَده َال يُ ْكلَ ُم أ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الريح ِريح الْ ِمس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ​ِ ِ‬ ‫ك»‬ ‫اللَّو ‪َ ،‬واللَّوُ أ َْعلَ ُم دبَ ْن يُ ْكلَ ُم يف َسبيلو إَّال َجاءَ يَػ ْوَـ الْقيَ َامة ‪َ ،‬واللَّ ْو ُف لَ ْو ُف الدَّـ ‪َ ،‬و ّْ ُ ُ ْ‬ ‫رواه البخاري ‪.‬‬

‫ٔ‪ٔ7‬‬


‫ب إِ َىل اهللِ ِم ْن قَطْرتَػ ْ ِ‬ ‫ُت ‪َ ،‬وأَثػَ​َريْ ِن ‪ :‬قَطَْرةٌ‬ ‫َح َّ‬ ‫س َش ْيءٌ أ َ‬ ‫َ‬ ‫وقاؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم أيضاً ‪ « :‬لَْي َ‬ ‫اؽ ِيف َسبِ ِيل اهللِ ‪َ ،‬وأ ََّما ْاألَثَػَر ِاف ‪ :‬فَأَثَػٌر ِيف َسبِ ِيل اهللِ ‪َ ،‬وأَثَػٌر ِيف‬ ‫ِم ْن ُد ُم ٍ‬ ‫وع ِيف َخ ْشيَ ِة اهللِ ‪َ ،‬وقَطَْرةُ َدٍـ تُػ َهَر ُ‬ ‫يض ٍة ِم ْن فَػَرائِ ِ‬ ‫ض اهللِ » رواه الًتمذي ‪ ،‬وقاؿ ‪ :‬ىو حديث حسن ‪.‬‬ ‫فَ ِر َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ويف حديث عبد اهلل بن ثعلبة أف رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم قاؿ ‪َ « :‬زّْملُ ُ‬ ‫وى ْم بِد َمائ ِه ْم ‪ ،‬فَِإنَّوُ‬ ‫لَيس َك ْلم ي ْكلَم ِيف اللَّ ِو إِال يأِْيت يػوـ الْ ِقيام ِة ي ْدمى ‪ ،‬لَونُو لَو ُف الدَِّـ ‪ ،‬وِروبو ِريح الْ ِمس ِ‬ ‫ك » رواه‬ ‫َ َْ َ َ َ َ َ‬ ‫ُْ ْ‬ ‫َ ُ​ُ ُ ْ‬ ‫ْ َ ٌُ ُ‬ ‫النسائي ‪.‬‬ ‫ثاني ا ‪ :‬تكفين شهيد المعركة ‪:‬‬

‫ذىب عامة الفقهاء من األئمة األربعة وابن حزـ وغَتىم إىل أف شهيد اؼبعركة يكفن يف ثيابو اليت‬ ‫قتل فيها ‪ ،‬قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل عن الشهيد ‪ ( :‬أما دفنو بثيابو‪ ،‬فبل نعلم فيو خبلفاً ) اؼبغٍت (ٕ‪/‬‬ ‫‪.)ٖٜٙ‬‬ ‫واستدلوا لذلك دبا يلي ‪:‬‬ ‫عن جابر رضي اهلل عنو قاؿ ‪ُ (( :‬رمي رجل بسهم يف صدره أو يف حلقو فمات ‪ ،‬فأدرج يف ثيابو‬ ‫كما ىو ‪ ،‬قاؿ ‪ :‬وكبن مع رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم )) أخرجو أبو داود ‪.‬‬ ‫وعن ابن عباس رضي اهلل عنهما قاؿ ‪ (( :‬أَمر رس ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُح ٍد أَ ْف‬ ‫وؿ اللَّو صلى اهلل عليو وسلم ب َقْتػلَى أ ُ‬ ‫َ​َ َ ُ‬ ‫ود ‪َ ،‬وأَ ْف يُ ْدفَػنُوا بِ ِد َمائِ ِه ْم َوثِيَأِّ​ِ ْم )) أخرجو أبو داود وابن ماجو ‪.‬‬ ‫يد َو ْ‬ ‫ع َعْنػ ُه ُم ْ‬ ‫اغبَ ِد ُ‬ ‫اعبُلُ ُ‬ ‫يػُْنػَز َ‬ ‫وال خبلؼ بُت الفقهاء أف الشهيد يُ َنزع عنو السبلح من دروع وسيوؼ وكبو ذلك ‪ .‬بينما ذىب‬ ‫صبهورىم إىل أف ما عدا السبلح من اعبلود ‪ ،‬واػبفاؼ ‪ ،‬والفراء ‪ ،‬وكبو ذلك تُنزع عن الشهيد‬ ‫كذلك ‪ ،‬استدالالً حبديث ابن عباس رضي اهلل عنهما ‪.‬‬ ‫قاؿ النووي رضبو اهلل ‪ ( :‬وأصبع العلماء على أف اغبديد واعبلود ينزع عنو ) آّموع (٘‪. )ٕٙٚ /‬‬ ‫• كيفية التكفين ‪:‬‬ ‫يُدرج الشهيد يف ثيابو اليت قُتل فيها إدراجاً ‪ ،‬غبديث جابر رضي اهلل عنهما ‪ ،‬قاؿ ‪ُ (( :‬رِم َي‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ات ‪ ،‬فَأ ُْدرِج ِيف ثِيابِ​ِو َكما ىو ‪ ،‬وَْكبن مع رس ِ‬ ‫وؿ اللَّ ِو‬ ‫ص ْد ِرهِ ‪ ،‬أ َْو قَ َ‬ ‫اؿ ِيف َج ْوفو فَ َم َ‬ ‫َر ُج ٌل بِ َس ْه ٍم ِيف َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ َُ َ ُ َ َ َ ُ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم )) أخرجو أضبد وأبو داود‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ٕ‪ٔ7‬‬


‫فإف بقي من بدنو شيء َل يغط ‪ ،‬غُطي دبا يسًته ‪ ،‬ؼبا ثبت من حديث خباب رضي اهلل عنو ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َجُرنَا َعلَى اهلل‪ ،‬فَمنَّا َم ْن َم َ‬ ‫اجْرنَا َم َع النِ ّْ‬ ‫س َو ْجوَ اهلل‪ ،‬فَػ َوقَ َع أ ْ‬ ‫ات َ​َلْ‬ ‫(( َى َ‬ ‫َِّب صلى اهلل عليو وسلم نَػ ْلتَم ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫يأْ ُكل ِمن أَج ِرهِ َشيئًا‪ِ ،‬مْنػهم مصعب بن ع ٍ ِ‬ ‫ُح ٍد‬ ‫مَت؛ َومنَّا َم ْن أَيْػنَػ َع ْ‬ ‫ُ ْ ُ َْ ُ ُْ ُ ْ‬ ‫َ ْ ْ ْ ْ‬ ‫ت لَوُ َشبَ​َرتُوُ‪ ،‬فَػ ُه َو يَػ ْهدبػُ َها قُت َل يَػ ْوَـ أ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت ِر ْجبلَهُ‪َ ،‬وإِ َذا َغطَّْيػنَا ِر ْجلَْي ِو َخَر َج َرأْ ُسوُ‪،‬‬ ‫‪ ،‬فَػلَ ْم َقب ْد َما نُ َكفّْنُوُ إِالَّ بػُْرَد ًة إِ َذا َغطَّْيػنَا َّٔا َرأْ َسوُ َخَر َج ْ‬ ‫َِّب صلى اهلل عليو وسلم أَ ْف نػُغَطّْ َي َرأْ َسوُ َوأَ ْف َْقب َع َل َعلَى ِر ْجلَْي ِو ِم َن ا ِإل ْذ ِخ ِر )) متفق عليو ‪.‬‬ ‫فَأ َ​َمَرنَا النِ ُّ‬ ‫ثالثا ‪ :‬الصالة على شهيد المعركة ‪:‬‬ ‫اختلف الفقهاء يف الصبلة على الشهيد الذي قتل يف اؼبعركة مع الكفار ‪ ،‬ىل ىي مشروعة أـ ال ؟‪.‬‬ ‫قاؿ ابن حجر رضبو اهلل ‪ ( :‬اػببلؼ يف الصبلة على قتيل معركة الكفار مشهور ) فتح الباري‬ ‫(ٖ‪)ٕٜٓ /‬‬ ‫والذي يظهر لنا رجحانو ىو مشروعية الصبلة على الشهيد ‪ ،‬فمن صلى عليو فقد أحسن ‪ ،‬ومن‬ ‫ترؾ فبل شيء عليو ‪.‬‬ ‫قاؿ ابن القيم رضبو اهلل ‪ ( :‬والصواب يف اؼبسألة أنو ـبَت بُت الصبلة عليهم ‪ ،‬وتركها ّٓيء اآلثار‬ ‫بكل واحد من األمرين ‪ ،‬وىذا إحدى الروايات عن اإلماـ أضبد ‪ ،‬وىي األليق بأصولو ومذىبو )‬ ‫هتذيب السنن (ٕ‪.)ٛٙ /‬‬ ‫قاؿ األلباٍل رضبو اهلل ‪ ( :‬والشك أف الصبلة عليهم أفضل من الًتؾ إذا تيسرت ألهنا دعاء‬ ‫وعبادة ) أحكاـ اعبنائز (ٖ‪.)ٛ‬‬ ‫وقد دلَّت السنة على األمرين ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫عن جابر رضي اهلل عنو قاؿ ‪ (( :‬أَ ّف رس َ ِ‬ ‫الر ُجلَ ْ ِ‬ ‫ُت ِم ْن‬ ‫ُت َّ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْيو َو َسلَّ َم َكا َف َْهب َم ُع بػَ ْ َ‬ ‫وؿ اللَّو َ‬ ‫َُ‬ ‫آف ؟ »‪ ،‬فَِإ َذا أ ُِشَت لَو إِ َىل أ ٍ‬ ‫قَػْتػلَى أ ٍ‬ ‫بوِ‬ ‫وؿ ‪ « :‬أَيػُّهم أَ ْكثَػر أَخ ًذا لِْل ُقر ِ‬ ‫ٍ‬ ‫اح ٍد ‪ُ​ُ ,‬ثَّ يَػ ُق ُ‬ ‫ُْ ُ ْ‬ ‫َّموُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َحد قَد َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُحد ِيف ثػَ ْو َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ص ّْل َعلَْي ِه ْم‬ ‫ِيف اللَّ ْح ِد ‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫اؿ ‪ « :‬أَنَا َش ِهي ٌد َعلَى َى ُؤَالء يَػ ْوَـ الْقيَ َامة »‪َ ،‬وأ َ​َمَر بِ َدفْن ِه ْم بِد َمائ ِه ْم َوَ​َلْ يُ َ‬ ‫َوَ​َلْ يػُغَ َّسلُوا )) رواه البخاري ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫َعر ِ‬ ‫وعن شداد بن اؽباد رضي اهلل عنو (( أ َّ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم ‪،‬‬ ‫اب َجاءَ إِ َىل النِ ّْ‬ ‫َِّب َ‬ ‫َف َر ُجبل م َن األ ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك فَأَو ِ‬ ‫َص َحابِ​ِو ‪ ،‬فَػلَ َّما‬ ‫آم َن بِ​ِو َواتَّػبَػ َعوُ ‪َ ،‬وقَ َ‬ ‫صى بِو النِ ُّ‬ ‫ضأ ْ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْيو َو َسلَّ َم بَػ ْع َ‬ ‫َِّب َ‬ ‫اؿ ‪ :‬أ َُىاجُر َم َع َ ْ َ‬ ‫فَ َ‬ ‫َكانَت َغزوةٌ َغنِم فِيها رس ُ ِ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم أَ ْشيَاءَ ‪ ،‬فَػ َق َس َم َوقَ َس َم لَوُ ‪ ،‬فَأ ْ‬ ‫َعطَى أ ْ‬ ‫َص َحابَوُ‬ ‫وؿ اللَّو َ‬ ‫ْ َْ َ َ َ ُ‬ ‫ٖ‪ٔ7‬‬


‫ِ‬ ‫ك‬ ‫َما قَ َس َم لَوُ َوَكا َف يَػَرى ظَ ْهَرُى ْم ‪ ،‬فَػلَ َّما َجاءَ َدفَػعُوهُ إِلَْي ِو ‪ ،‬فَػ َق َ‬ ‫اؿ ‪َ :‬ما َى َذا ؟ قَالُوا ‪ :‬ق ْس ٌم قَ َس َموُ لَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رس ُ ِ‬ ‫اؿ ‪ :‬يَا ُؿبَ َّم ُد َما‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم ‪ ،‬فَػ َق َ‬ ‫َخ َذهُ فَ َجاءَ بِو النِ َّ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْيو َو َسلَّ َم ‪ ،‬فَأ َ‬ ‫َِّب َ‬ ‫وؿ اللَّو َ‬ ‫َُ‬ ‫ِ‬ ‫َش َار‬ ‫ك »‪ .‬قَ َ‬ ‫َى َذا ؟ قَ َ‬ ‫اىنَا َوأ َ‬ ‫ك ‪َ ،‬ولَك ٍّْت اتَّػبَػ ْعتُ َ‬ ‫اؿ ‪َ :‬ما َعلَى َى َذا اتَّػبَػ ْعتُ َ‬ ‫اؿ ‪ « :‬قَ َس ْمتُوُ لَ َ‬ ‫ك أَ ْف أ ُْرَمى َى ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫اؿ ‪ :‬إِ ْف تَ ِ‬ ‫ضوا إِ َىل‬ ‫وت َوأ َْد ُخ َل ْ‬ ‫اعبَنَّةَ ‪ ،‬فَػ َق َ‬ ‫ص ُدقْ َ‬ ‫ك ‪ ،‬فَػلَبِثُوا قَليبل ُ​ُثَّ نػَ َه ُ‬ ‫إِ َىل َح ْلقو بِ َس ْه ٍم فَأ َُم َ‬ ‫ص ُدؽ اللَّوَ يَ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِّب ‪ « :‬أ َُى َو‬ ‫ثأَ‬ ‫َصابَوُ َس ْه ٌم َحْي ُ‬ ‫َش َار ‪ ،‬فَػ َقا َؿ النِ ُّ‬ ‫الْ َع ُد ّْو ‪ ،‬فَأُِيتَ بِو النِ ُّ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْيو َو َسلَّ َم ُْوب َم ُل قَ ْد أ َ‬ ‫َِّب َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َِّب‬ ‫ُى َو »؟ قَالُوا ‪ :‬نَػ َع ْم ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ص َدقَوُ »‪َ ،‬وَك َّفنَوُ النِ ُّ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْيو َو َسلَّ َم ِيف ُجبَّة النِ ّْ‬ ‫ص َد َؽ اللَّوَ فَ َ‬ ‫َِّب َ‬ ‫اؿ ‪َ « :‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صبلتِ​ِو َعلَْي ِو ‪ :‬اللَّ ُه َّم إِ َّف َى َذا َعْب ُد َؾ‬ ‫َّموُ فَ َ‬ ‫صلَّى َعلَْيو ‪ ،‬فَ َكا َف فبَّا ظَ َهَر م ْن َ‬ ‫َ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْيو َو َسلَّ َم ‪ُ​ُ ،‬ثَّ قَد َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يدا أَنَا َش ِهي ٌد َعلَْيو )) رواه النسائي ‪.‬‬ ‫ك ‪ ،‬فَػ ُقتِ َل َش ِه ً‬ ‫َخَر َج ُم َهاجًرا ِيف َسبِيل َ‬ ‫** تنبيهات ‪:‬‬ ‫• قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل ‪ ( :‬فصل ‪ :‬فإف كاف الشهيد ُجنُبا غُ ّْسل ‪ ،‬وحكمو يف الصبلة عليو‬ ‫حكم غَته من الشهداء‪ .‬وبو قاؿ أبو حنيفة‪ ،...‬ولنا ما ُروي (( أف حنظلة بن الراىب قُتل يوـ‬ ‫أحد‪ ،‬فقاؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬ما شأف حنظلة ؟‪ ،‬فإٍل رأيت اؼببلئكة تغسلو »‪ .‬فقالوا‪:‬‬ ‫إنو جامع ‪ُ ،‬ث ظبع اؽبيعة فخرج إىل القتاؿ )) رواه ابن إسحاؽ يف اؼبغازي ‪.‬‬ ‫وألنو غسل واجب لغَت اؼبوت ‪ ،‬فلم يسقط باؼبوت كغسل اعبنابة‪ ،...‬فأما إف أسلم ‪ُ ،‬ث‬ ‫استشهد ‪ ،‬فبل غسل عليو ؛ ألنو روي أف أصَتـ بٍت عبد األشهل أسلم يوـ أحد ‪ُ ،‬ث قتل ‪ ،‬فلم‬ ‫يؤمر بغسلو ) اؼبغٍت (ٕ‪.)ٖٜ٘ /‬‬ ‫• قاؿ ابن القيم رضبو اهلل ‪ ( :‬وقاؿ شيخ اإلسبلـ ابن تيمية ‪ :‬الصواب أف الغائب إف مات ببلد‬ ‫َل يصل عليو فيو‪ ،‬صلي عليو صبلة الغائب ‪ ،‬كما صلى النِب صلى اهلل عليو وسلم على النجاشي‪،‬‬ ‫ألنو مات بُت الكفار وَل يصل عليو‪ ،‬وإف صلي عليو حيث مات‪َ ،‬ل يصل عليو صبلة الغائب؛ ألف‬ ‫الفرض قد سقط بصبلة اؼبسلمُت عليو‪ ،‬والنِب صلى اهلل عليو وسلم صلى على الغائب‪ ،‬وتركو‪،‬‬ ‫وفعلو وتركو سنة‪ ،‬وىذا لو موضع‪ ،‬وىذا لو موضع‪ ،‬واهلل أعلم ) زاد اؼبعاد (ٔ‪)٘ٓٔ /‬‬ ‫• ما يفعلو بعض األئمة من تكرار الصبلة على الشهداء الغائبُت يف كل يوـ فهو ـبالف للسنة‬ ‫وأقرب إىل البدعة و اغبدث ‪ ،‬قاؿ الكاساٍل رضبو اهلل ‪ ( :‬والتنفل بصبلة اعبنازة غَت مشروع ) بدائع‬ ‫الصنائع (ٔ‪. )ٖٔ​ٔ /‬‬ ‫اللهم اغفر ؼبوتانا ‪ ،‬وتقبل شهداءنا ‪ ،‬وارحم ضعفاءنا ‪ ،‬يا أرحم الراضبُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬ ‫ٗ‪ٔ7‬‬


‫فتىي ( ‪ : ) 76‬مجاه ٌد ٌسؤل ‪ :‬ال ٌخفى علٌكم خطر تعرض المجاهدٌن بالشام‬ ‫لألسر ‪ ,‬فهال بٌَّنتم لنا أهم األمور المتعلقة بصالة األسٌر ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو و من وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫الواجب على األسَت أف يصلي كما أمر اهلل سبحانو وتعاىل ‪ ،‬وبيّنو رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو‬ ‫وسلم ‪ ،‬فإف َع ِجز عن شيء من شروطها أو أركاهنا أو واجباهتا فإنو يؤدي الصبلة على حسب‬ ‫استطاعتو ‪.‬‬ ‫وفبا يدؿ على ذلك ‪:‬‬ ‫ف اللَّوُ نَػ ْف ًسا إال ُو ْس َع َها } ‪.‬‬ ‫قولو تعاىل ‪{ :‬ال يُ َكلّْ ُ‬ ‫ص ّْل قَائِماً ‪،‬‬ ‫وعن حديث عمراف بن حصُت رضي اهلل عنو أف النِب صلى اهلل عليو وسلم قاؿ ‪َ « :‬‬ ‫فَِإ ْف َ​َل تَستَ ِطع فَػ َق ِ‬ ‫اعداً ‪ ،‬فَِإ ْف َ​َلْ تَستَ ِط ْع فَػ َعلَى َجْن ٍ‬ ‫ب » رواه البخاري ‪.‬‬ ‫ْ ْ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ومن القواعد الفقهية ‪ " :‬ال واجب مع العجز " ‪ ،‬و" اؼبيسور ال يسقط باؼبعسور "‪.‬‬ ‫وال هبوز لؤلسَت أف يُؤخر الصبلة عن وقتها لعجزه عن القياـ بركن من أركاهنا أو شيء من‬ ‫واجباهتا ‪ ،‬أو لفقده شرطاً من شروط صحتها ‪ ،‬بل يؤدي الصبلة يف وقتها على حسب استطاعتو ‪،‬‬ ‫ألنو بعجزه عنها أو عن بعضها يسقط وجوب ماَل يقدر عليو منها ‪.‬‬ ‫فعن عائشة رضي اهلل عنها ‪ (( :‬أَنػَّها استػعارت ِمن أ ْ ِ‬ ‫وؿ اللَّ ِو‬ ‫ت ‪ ،‬فَأ َْر َس َل َر ُس ُ‬ ‫َظبَاءَ ق َبل َد ًة فَػ َهلَ َك ْ‬ ‫َ َْ َ َ ْ ْ‬ ‫الص َبلةُ ‪ ،‬فَصلَّوا بِغ َِت وض ٍ‬ ‫صلَّى اللَّو علَي ِو وسلَّم نَ ِ‬ ‫وء ‪ ،‬فَػلَ َّما‬ ‫َص َحابِ​ِو ِيف طَلَبِ َها ‪ ,‬فَأ َْد َرَكْتػ ُه ُم َّ‬ ‫َ ْ َْ ُ ُ‬ ‫اسا م ْن أ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ َْ َ​َ َ ً‬ ‫أَتَػوا النَِِّب صلَّى اللَّو علَي ِو وسلَّم َش َكوا َذلِ َ ِ‬ ‫ت آيَةُ التػَّيَ ُّم ِم )) متفق عليو ‪.‬‬ ‫ك إِلَْيو ‪ ،‬فَػنَػَزلَ ْ‬ ‫ْ َّ َ‬ ‫ُ َْ َ​َ َ ْ‬ ‫قاؿ اغبافظ ابن حجر رضبو اهلل عن اغبديث ‪ ( :‬فيو دليل على وجوب الصبلة لفاقد الطهورين ‪،‬‬ ‫و وجهو ‪ :‬إهنم صلوا معتقدين وجوب ذلك ‪ ،‬و لو كانت الصبلة حينئذ فبنوعة ألنكر عليهم النِب‬ ‫صلى اهلل عليو وسلم ‪ ،‬ؤّذا قاؿ الشافعي و أضبد و صبهور احملدثُت و أكثر أصحاب مالك ‪) ...‬‬ ‫فتح الباري (ٔ‪. )ٗ​ٗٓ /‬‬ ‫٘‪ٔ7‬‬


‫وجاء يف اؼبوسوعة الفقهية ‪ ( :‬فاقد الطهور ين ىو الذي َل هبد ماء وال صعيداً يتيمم بو ‪ ،‬كأف‬ ‫حبس يف مكاف ليس فيو واحد منهما ‪ ،‬أو يف موضع قبس ليس فيو ما يتيمم بو ‪ ،‬وكاف ؿبتاجاً‬ ‫للماء الذي معو لعطش ‪ ،‬وكاؼبصلوب وراكب سفينة ال يصل إىل اؼباء ‪ ،‬وكمن ال يستطيع الوضوء و‬ ‫ال التيمم ؼبرض و كبوه ‪ .‬فذىب صبهور العلماء إىل أف صبلة فاقد الطهورين واجبة غبرمة الوقت ‪،‬‬ ‫وال تسقط عنو‪.)ٕٖٚ /ٔٗ( )...‬‬ ‫فإف صلى األسَت مع عجزه عن شيء من شروطها أو أركاهنا أو واجباهتا ‪ ،‬فبل ذبب عليو اإلعادة‬ ‫على الصحيح من أقواؿ أىل العلم ‪.‬‬ ‫عن أيب ىريرة رضي اهلل عنو أف النِب صلى اهلل عليو وسلم قاؿ ‪ « :‬إِذَا أ َ​َمْرتُ ُك ْم بِأ َْم ٍر فَأْتُوا ِمْنوُ َما‬ ‫استَطَ ْعتُ ْم » رواه البخاري‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫قاؿ البهويت رضبو اهلل ‪ ( :‬وألف العجز عن الشرط يوجب ترؾ اؼبشروط ‪ ،‬كما لو َعجز عن السًتة‬ ‫واالستقباؿ ‪" .‬وال إعادة" ؼبا ُروي عن عائشة أهنا استعارت من أظباء قبلدة فضلتها ‪ ،‬فبعث رسوؿ‬ ‫اهلل صلى اهلل عليو وسلم رجاالً يف طلبها ‪ ،‬فوجدوىا ‪ ،‬فأدركتهم الصبلة ‪ ،‬وليس معهم ماء ‪ ،‬فصلوا‬ ‫بغَت وضوء ‪ ،‬فشكوا إىل النِب صلى اهلل عليو وسلم فأنزؿ اهلل آية التيمم متفق عليو ‪ .‬وَل يأمرىم‬ ‫باإلعادة ‪ .‬وألنو أحد شروط الصبلة ‪ ،‬فسقط عند العجز كسائر شروطها ) كشاؼ القناع (ٔ‪/‬‬ ‫ٔ‪. )ٔٚ‬‬ ‫ولو كانت إعادة الصبلة واجبة لبينها ؽبم النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪ ،‬إذ ال هبوز تأخَت البياف‬ ‫عن وقت اغباجة ‪ .‬فتح الباري (ٔ‪.)ٗ​ٗٓ /‬‬ ‫وبناء على ذلك هبب على األسَت أف يصلي الصبلة لوقتها على الصفة اليت يستطيعها ؛‬ ‫فإف عجز عن الوضوء تيمم ‪،‬‬ ‫وإف عجز عن التيمم صلى ببل طهارة ‪،‬‬ ‫وإف عجز عن سًت عورتو صلى على حالو ‪،‬‬ ‫وإف عجز عن استقباؿ القبلة صلى على حالو ‪،‬‬ ‫وإف عجز عن ربديد القبلة ولو اجتهاداً صلى إىل أي جهة ‪،‬‬ ‫‪ٔ7ٙ‬‬


‫وإف عجز عن القياـ أو الركوع أو السجود صلى على الصفة اليت يستطيعها ‪ ،‬ولو إيباءً برأسو أو‬ ‫بصره ‪،‬‬ ‫وإف عجز عن التلفظ بالقراءة واألذكار أسرىا يف نفسو ‪،‬‬ ‫وإف عجز عن معرفة الوقت يقدره تقديرا على غلبة ظنو ‪.‬‬ ‫واألسَت من حيث إسباـ الصبلة وقصرىا حكمو كحكم غَت األسَت ‪ ،‬فيتم يف اإلقامة ‪ ،‬ويقصر إف‬ ‫سافر بو آسره مسافة القصر ‪.‬‬ ‫ودمر من بغى علينا ‪ ،‬يا أكرـ األكرمُت‪.‬‬ ‫اللهم فُك أسرانا ‪َّ ،‬‬ ‫وفرج عن معتقلينا ‪ ،‬وانصر ؾباىدينا ‪ّ ،‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪ٔ77‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 77‬هل ٌجوز للسورٌ​ٌن التخلؾ عن صالة الجمعة والجماعة عند‬ ‫القصؾ ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو و صحبو و من وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫لقد شرع اهلل سبحانو و تعاىل صبلة اعبمعة واعبماعة ‪ ،‬وجعلهما من شعائر ىذا الدين العظيم ‪،‬‬ ‫لذا فينبغي احملافظة عليهما مع صباعة اؼبسلمُت يف بيوت اهلل تعاىل ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪ { :‬وأَقِ‬ ‫يموا َّ‬ ‫الص َبلةَ‬ ‫َ ُ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫الزَكا َة وارَكعوا مع َّ ِ ِ‬ ‫لص َبلةِ ِم ْن يَػ ْوِـ‬ ‫ي لِ َّ‬ ‫الراكع َ‬ ‫َوآتُوا َّ َ ْ ُ َ َ‬ ‫ُت }‪ ،‬وقاؿ تعاىل ‪ { :‬يَا أَيػُّ َها الذ َ‬ ‫ين َآمنُوا إ َذا نُود َ‬ ‫ِ‬ ‫اس َع ْوا إِ َىل ِذ ْك ِر اللَّ ِو َوذَ ُروا الْبَػْي َع ذَلِ ُك ْم َخْيػٌر لَ ُك ْم إِ ْف ُكْنتُ ْم تَػ ْعلَ ُمو َف }‪.‬‬ ‫ا ْعبُ ُم َعة فَ ْ‬ ‫وصبلة اعبمعة واجبة على أعياف الرجاؿ إال لعذر ‪ ،‬وكذلك ذىب بعض أىل العلم إىل وجوب‬ ‫صبلة اعبماعة على أعياف الرجاؿ ‪ ،‬وأنو ال هبوز التخلف عنها إال لعذر ‪ ،‬عن أيب ىريرة رضي اهلل‬ ‫ِ‬ ‫اؿ ‪ :‬يا رس َ َّ ِ ِ‬ ‫س ِيل‬ ‫عنو ‪ ،‬قاؿ ‪ (( :‬أَتَى النِ َّ‬ ‫َِّب َ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْيو َو َسلَّ َم ‪َ ،‬ر ُج ٌل أ َْع َمى ‪ ،‬فَػ َق َ َ َ ُ‬ ‫وؿ اللو ‪ ،‬إنَّوُ لَْي َ‬ ‫ِ‬ ‫قَائِ ٌد يػ ُقودٍِل إِ َىل الْمس ِج ِد ‪ ،‬فَسأ َ​َؿ رس َ ِ‬ ‫صلّْ َي ِيف بَػْيتِ ِو‬ ‫َ ُ‬ ‫ص لَوُ فَػيُ َ‬ ‫وؿ اللَّو َ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْيو َو َسلَّ َم ‪ ،‬أَ ْف يػَُر ّْخ َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َْ‬ ‫اؿ ‪« :‬‬ ‫اؿ ‪ :‬نَػ َع ْم ‪ .‬قَ َ‬ ‫الص َبلةِ ؟»‪ .‬قَ َ‬ ‫ص لَوُ ‪ ،‬فَػلَ َّما َوَّىل ‪َ ،‬د َعاهُ ‪ ،‬فَػ َق َ‬ ‫ّْداءَ بِ َّ‬ ‫اؿ ‪َ « :‬ى ْل تَ ْس َم ُع الن َ‬ ‫‪ ،‬فَػَر َّخ َ‬ ‫ِ‬ ‫ب »)) رواه مسلم ‪.‬‬ ‫فَأَج ْ‬ ‫رخص يف ترؾ صبلة اعبمعة واعبماعة عند وجود عذر شرعي ‪ ،‬ومن ذلك اػبوؼ على النفس‬ ‫ويُ َّ‬ ‫أو اؼباؿ أو األىل‪. ...‬‬ ‫قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل أثناء كبلمو على أعذار ترؾ اعبمعة و اعبماعة ‪ ( :‬ويعذر يف تركهما‬ ‫ض»‪-‬رواه أبو داود‪ .-‬واػبوؼ ‪ ،‬ثبلثة‬ ‫اػبائف ؛ لقوؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬خ ْو ٌ‬ ‫ؼ أ َْو َمَر ٌ‬ ‫أنواع ؛ خوؼ على النفس‪ ،‬وخوؼ على اؼباؿ ‪ ،‬وخوؼ على األىل ) اؼبغٍت (ٔ ‪.)ٗ٘ٔ/‬‬ ‫قاؿ اؼباوردي رضبو اهلل ‪( :‬حضور اعبمعة يسقط بالعذر‪ ،‬ؼبا ُروي عن النِب صلى اهلل عليو وسلم‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ص َبل َة لَوُ إَِّال ِم ْن عُ ْذ ٍر » ‪-‬رواه ابن ماجة‪.-‬‬ ‫أنو قاؿ‪َ « :‬م ْن َِظب َع الن َ‬ ‫ّْداءَ فَػلَ ْم يَأْتو ‪ ،‬فَ َبل َ‬ ‫والعذر ضرباف ‪ :‬عاـ ‪ ،‬خاص ‪ .‬فأما العاـ فكاألمطار ‪ ،‬وخوؼ الفَت ‪ ،‬وحذر السلطاف ‪ ،‬وأما‬ ‫اػباص ‪ :‬فكاػبوؼ من ظلم ذي يد قوية من سلطاف أو غَته ‪ ،‬أو ىباؼ تلف ماؿ ىو مقيم على‬ ‫‪ٔ73‬‬


‫حفظو ‪ ،‬أو ىباؼ موت منزوؿ بو ‪ ،‬من ذي نسب أو سبب أو مودة ‪ ،‬وسواء كاف لو قيّم أـ ال )‬ ‫اغباوي الكبَت (ٕ‪.)ٕٗٗ /‬‬ ‫قاؿ الشَتازي رضبو اهلل ‪ ( :‬وال ذبب على خائف على نفسو أو مالو ‪ ،‬ؼبا روي عن ابن عباس‬ ‫رضي اهلل عنهما أف النِب صلى اهلل عليو وسلم قاؿ ‪« :‬من َِظبع الْمنَ ِادي فَػلَم يبَْنَػعو ِمن اتػّْب ِ‬ ‫اع ِو عُ ْذٌر ‪،‬‬ ‫َ ْ َ ُ َ ْ ُْ َ َ‬ ‫صلَّى» ‪-‬رواه أبوداود‪)-‬‬ ‫قَالُوا ‪َ :‬وَما الْعُ ْذ ُر ؟‪ .‬قَ َ‬ ‫ض ‪َ​َ ،‬لْ تػُ ْقبَ ْل ِمْنوُ َّ‬ ‫اؿ ‪َ :‬خ ْو ٌ‬ ‫ؼ أ َْو َمَر ٌ‬ ‫الص َبلةُ الَِّيت َ‬ ‫آّموع (ٗ‪. )ٜٗٛ /‬‬ ‫وعليو فيجوز التخلف عن صبلة اعبمعة و اعبماعة عند وجود القصف أو القتاؿ وعدـ إمكانية‬ ‫إقامتهما ‪.‬‬ ‫** تنبيهات ‪:‬‬

‫ ال هبوز تأخَت الصبلة عن وقتها ‪ ،‬بل يصلي الناس حبسب ما يستطيعوف ‪ ،‬و لو زبلفوا عن‬‫اعبمعة و اعبماعة ‪.‬‬ ‫ إذا تعذر على أىل اؼبدينة أو القرية إقامة صبلة اعبمعة يف اؼبسجد اعبامع ‪ ،‬يقيموهنا يف أي‬‫مكاف آخر إف تيسر ؽبم ‪.‬‬ ‫ إذا زاؿ اػبوؼ قبل انتهاء وقت صبلة اعبمعة هبب عليهم إقامتها وصبلهتا صبلة صبعة لزواؿ‬‫العذر ‪.‬‬ ‫قتاؿ قريب منهم خبلؿ اعبمعة أو أثناء صلواهتم جاز ؽبم قطع‬ ‫ إذا فاجأ اؼبصلُت‬‫قصف أو ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫اػبطبة ‪ ،‬وقطع الصبلة ‪ُ ،‬ث االنتشار والركوف إىل مأمن ‪،‬ضباية ؽبم ‪ ،‬وحفاظاً على نفوسهم من‬ ‫التلف والضرر ‪.‬‬ ‫صيب أحد اؼبصلُت خبلؿ الصبلة جراء قصف أو ما شابو ‪ ،‬هبب على باقي اؼبصلُت‬ ‫ إذا أُ َ‬‫إسعافو ولو أدى لقطع صبلهتم للحفاظ على حياة اؼبصاب ‪.‬‬ ‫ على اؼبسلم اغبرص ‪-‬عند االستطاعة‪ -‬على ربصيل أجر اعبمعة واعبماعات يف اؼبسجد ‪ ،‬من‬‫أجور مضاعفة ‪ ،‬وتكفَت للسيئات ‪ ،‬قاؿ صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬من َغ َدا إِ َىل الْمس ِج ِ‬ ‫َع َّد‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫اح أ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ ْ َ​َ َ‬ ‫اللَّو لَو نػُزلَو ِمن ْ ِ‬ ‫اح » رواه البخاري ‪.‬‬ ‫اعبَنَّة ُكلَّ َما َغ َدا أ َْو َر َ‬ ‫ُ ُ ُ​ُ َ‬ ‫‪ٔ71‬‬


‫أذؿ‬ ‫أع ِل‬ ‫أعز‬ ‫اؼبوحدين ‪ ،‬و ّ‬ ‫اللهم َّ‬ ‫اإلسبلـ واؼبسلمُت ‪ ،‬و ْ‬ ‫انصر َ‬ ‫كلميت ّ‬ ‫َ‬ ‫عبادؾ ّ‬ ‫َ‬ ‫اغبق والدين ‪ ،‬و ْ‬ ‫فر والكافرين ‪.‬‬ ‫الك َ‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٓ‪ٔ3‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 78‬هل ٌنطبق حكم الؽنائم على ما ٌحصل علٌه المجاهدون فً‬ ‫الشام من الجٌش األسدي ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬اغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو و من وااله ‪.‬‬ ‫بعد ‪:‬‬ ‫أما ُ‬ ‫خص اهلل تبارؾ وتعاىل ىذه األمة بإباحة الغنائم كما قاؿ سبحانو وتعاىل ‪ { :‬فَ ُكلُوا ِفبَّا‬ ‫لقد َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َغن ْمتُ ْم َحبلالً طَيّْباً }‪ ،‬ويف حديث جابر عن النِب صلى اهلل عليو وسلم قاؿ ‪ « :‬أ ُْعط ُ‬ ‫يت طبَْ ًسا َ​َلْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َح ٌد قَػْبلِي ‪َ ،..:‬وأ ُِحلَّ ْ ِ‬ ‫َح ٍد قَػْبلِي » اغبديث ‪ .‬متفق عليو ‪.‬‬ ‫يل الْغَنَائ ُم ‪َ ،‬وَ​َلْ ُربَ َّل أل َ‬ ‫يػُ ْعطَ ُه َّن أ َ‬ ‫ت َ‬ ‫ىذا وبعد توسع أعماؿ اعبهاد ضد العصابات األسدية اؼبعتدية احتاج اؼبقاتلوف إىل بياف‬ ‫األحكاـ الشرعية اؼبتعلقة باألمواؿ اليت يستولوف عليها ويستخلصوهنا من أيدي جنود النظاـ‬ ‫اب يف كبلـ الذين تناولوا ىذه اؼبسألة بالبحث‬ ‫وشبيحتو ‪ ،‬وكيفية التصرؼ فيها ‪ ،‬وقد حصل اضطر ٌ‬ ‫اختبلؼ يف التكييف الفقهي ؽبذه األمواؿ ‪ ،‬وسببُو أ ّف ىذا النظاـ الذي سبثلو تلك‬ ‫والبياف ‪ ،‬و‬ ‫ٌ‬ ‫زبتلف أنظار الباحثُت يف تعليق األحكاـ عليها ‪ ،‬وإناطتها ّٔا ‪،‬‬ ‫العصابات قد صبع أوصافاً متعددةً قد ُ‬ ‫ٍ‬ ‫غاصب لثروات البلد‬ ‫نظاـ‬ ‫نظاـ‬ ‫ؿبارب ظاَلٌ معتد ‪ ،‬كما أنو ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫كفري ملح ٌد ‪ ،‬وىو أيضاً ٌ‬ ‫فهو ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫نظاـ ٌ‬ ‫ومستعمل ػبَتاتو ومقدراتو يف بغيو وعدوانو ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫تُطلق الغنيمةُ شرعاً على ما يؤخذ من أمواؿ الكفار اغبربُت قهراً يف ِ‬ ‫شك أف‬ ‫القتاؿ واؼبعارؾ ‪ ،‬وال ّ‬ ‫ُ‬ ‫ارب ‪ ،‬ولكن ما وبوزه النظاـ ويُ َس ّْخُره يف معركتو مع الشعب‬ ‫كافر ؿب ٌ‬ ‫النظاـ األسدي يف سوريا ٌ‬ ‫نظاـ ٌ‬ ‫ِمن فبتلكات وأسلحة ومرافق وغَتىا ىبتلف مصدره ‪ ،‬فمنو ما ىو من أمواؿ الدولة ومواردىا‬ ‫ومرافقها اليت يبلكها عموـ الشعب ‪ ،‬ومنو ما ىو ِمن دعم األنظمة اؼبوالية والتجار اؼبؤيدين ‪ ،‬ومنو‬ ‫ما ىو ِمن األمواؿ اػباصة اليت اغتصبها النظاـ وشبيحتُو ‪.‬‬ ‫كما أف ما يقتنصو اؼبقاتلوف ووبصلوف عليو من أيدي جنود النظاـ وشبيحتو قد يكوف أثناء‬ ‫اؼبعارؾ واؼبواجهات ‪ ،‬وقد يكوف يف غَتىا كما لو ىربوا وخلفوىا وراءىم ‪ ،‬أو اقتنصها اؼبقاتلوف على‬ ‫حُت غرة ‪ ،‬أو أخذوىا من بعض اؼبرافق العامة ‪.‬‬ ‫ٔ‪ٔ3‬‬


‫وبناءً على ما سبق فبل إشكاؿ من حيث األصل يف انطباؽ أحكاـ الغنائم على ما وبوزهُ‬ ‫ِ‬ ‫ّْ‬ ‫أصل تلك األمواؿ‬ ‫اؼبقاتلوف وىبلصونو من أيدي جنود النظاـ يف اؼبعارؾ والقتاؿ إذا َل يُعلم ُ‬ ‫طبسها كما يف قولو تعاىل ‪:‬‬ ‫قس ُم أربعةُ أطباسها على اؼبقاتلُت ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ويقسم ُ‬ ‫واؼبمتلكات ‪ ،‬وىذه الغنائم تُ َ‬ ‫{ و ْاعلَموا أََّمبَا َغنِمتُم ِمن َشي ٍء فَأ َّ ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وؿ ولِ ِذي الْ ُقرَ​َب والْيَتَ َامى والْمساكِ ِ‬ ‫ُت َوابْ ِن‬ ‫ْ َ‬ ‫َف للَّو ُطبُ َسوُ َول َّلر ُس َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫ْ ْ ْ ْ‬ ‫السبِ ِيل } ‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫وال َّ‬ ‫بد ىنا من التنبيو على الصور اليت قد تشتبو بالغنائم ‪ ،‬وىي زبتلف عنها ‪:‬‬ ‫‪ ‬األمواؿ اػباصة اليت سرقها أو غصبها النظاـ من أفراد ؿبددين واستعملها يف معاركو واستعادىا‬ ‫اؼبقاتلوف فإهنا تعاد ألصحأّا ‪ ،‬وال هبوز سبلكها والتصرؼ فيها ؛ ؼبا ثبت يف صحيح البخاري من‬ ‫حديث ابن عمر رضي اهلل عنهما أف فرساً لو ذىب ‪ ،‬فأخذه العدو فظهر عليو اؼبسلموف ‪ُ ،‬فرَّد‬ ‫بالروـ ‪ ،‬فظهر عليهم اؼبسلموف ‪،‬‬ ‫عليو يف زمن رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو و سلم‪ ،‬وأبَ َق عب ٌد لو فلحق ُّ‬ ‫فرده عليو خالد بن الوليد بعد النِب صلى اهلل عليو و سلم ‪ ،‬فإ ْف تع ّذر معرفةُ أصحأّا بعد البحث‬ ‫تلح ُق‬ ‫والتحري فإهنا ُرباؿ للهيئات الشرعية للحكم فيها وىل تصرؼ يف مصاحل اؼبسلمُت أـ َ‬ ‫بالغنائم حبسب القرائن ‪.‬‬ ‫‪ ‬األمبلؾ العامة اليت يعود نفعها على عموـ الناس كمؤسسات الكهرباء واؼبياه واؽباتف والبلدية‬ ‫والقطار وغَتىا ال هبوز تدمَتىا وال زبريبها وال االستيبلء على ؿبتوياهتا إال إذا استخدمها النظاـ يف‬ ‫إضعاؼ لو من غَت إضرار بعامة الناس ‪.‬‬ ‫اؼبعركة أو كاف يف ذلك‬ ‫ٌ‬ ‫‪ ‬األمواؿ غَت اؼبنقولة كاألراضي والعقارات واؼبطارات والقطع العسكرية واؼبرافق العامة اليت‬ ‫يستخدمها النظاـ يف اؼبعارؾ ال تدخل يف الغنائم ‪ ،‬وال تُقسم على اؼبقاتلُت ‪ ،‬وؽبم استخدامها يف‬ ‫اؼبعارؾ مع النظاـ ‪.‬‬ ‫‪ ‬األمواؿ واؼبمتلكات اليت تعود ملكيتها للدولة ويستعملها النظاـ يف اؼبعركة واستوىل عليها‬ ‫تصرؼ يف مصارؼ اعبهاد واؼبصاحل العامة ‪ ،‬وال تقسم على اؼبقاتلُت ‪.‬‬ ‫اؼبقاتلوف فإهنا َ‬ ‫صد للكتائب اؼبسلحة والعمليات‬ ‫‪ ‬ما وبوزه اؼبقاتلوف من أسلحة ومركبات وذخَتة عسكرية ُفًت َ‬ ‫قسم على اؼبقاتلُت ‪ ،‬وال تُباع ‪ ،‬وال يُنت َفع بثمنها على مستوى األفراد ‪ ،‬ألهنا ملك‬ ‫العسكرية ‪ ،‬وال تُ َ‬ ‫لعموـ الشعب اؼبسلم ‪.‬‬ ‫ٕ‪ٔ3‬‬


‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫سمى شرعاً‬ ‫‪ ‬ما يًتكو جنود النظاـ ‪ ،‬ويأخذه اؼبقاتلوف منهم من غَت قتاؿ وال مواجهة فإنو يُ َ‬ ‫بالفيء ‪ ،‬وال يعترب من الغنائم ‪ ،‬وال يُقسم على اؼبقاتلُت ‪ ،‬بل يصرؼ على اعبهاد واؼبصاحل العامة ‪،‬‬ ‫كما قاؿ تعاىل ‪ { :‬ما أَفَاء اللَّو َعلَى رسولِ​ِو ِمن أ َْى ِل الْ ُقرى فَلِلَّ ِو ولِ َّلرس ِ‬ ‫وؿ َولِ ِذي الْ ُقْرَ​َب َوالْيَتَ َامى‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫والْمساكِ ِ‬ ‫السبِ ِيل } ‪.‬‬ ‫ُت َوابْ ِن َّ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫آّاىد شخصاً معيناً ِمن جنود النظاـ أو الشبيحة فيستحق ما يبلكو القتيل من‬ ‫‪ ‬إذا قتل‬ ‫ُ‬ ‫بالسلَ ِ‬ ‫ب ؛ للحديث اؼبتفق‬ ‫يسمى شرعاً َّ‬ ‫فبتلكات شخصية كالساعة واؽباتف واغبلي وغَتىا ‪ ،‬وىذا ّ‬ ‫عليو ‪َ « :‬م ْن قَػتَ َل قَتِ ًيبل لَوُ َعلَْي ِو بَػيّْػنَةٌ فَػلَوُ َسلَبُوُ » ‪.‬‬ ‫وينبغي التنبيو ىنا على أمور ‪:‬‬ ‫األول ‪َّ :‬‬ ‫أف اعبيش إذا خرج للمعركة فما غنمو يُقسم على صبيع سراياه ‪ ،‬دبا فيها من انفصل عن‬

‫بعض سرايا اعبيش َّ‬ ‫فإف اعبيش يشاركها فيو‬ ‫اعبيش لبلستطبلع أو غَته من اؼبهاـ ‪ ،‬وكذلك ما تغنمو ُ‬ ‫إذا خرج صبيعو للمعركة ؛ ؼبا ثبت يف اغبديث ‪َ « :‬والْ ُم ْسلِ ُمو َف يَ ٌد َعلَى َم ْن ِس َو ُاى ْم‪ ،‬تَ َكافَأُ ِد َم ُاؤُى ْم‪،‬‬ ‫اى ْم َعلَى قَػ َع ِد ِى ْم » أخرجو أضبد وأصحاب‬ ‫اى ْم‪ ،‬تُػَرُّد َسَرايَ ُ‬ ‫صُ‬ ‫ُِهبَتُ َعلَْي ِه ْم أ َْدنَ ُ‬ ‫اى ْم ‪َ ،‬ويَػُرُّد َعلَْي ِه ْم أَقْ َ‬ ‫السنن ‪.‬‬ ‫أما لو خرجت سرية معينة للمعركة ‪ ،‬وبقي سائر اعبيش يف البلد فبل مشاركة حينئذ ؛ لقوؿ عمر‬ ‫ِ‬ ‫يمةُ لِ َم ْن َش ِه َد الْ َوقْػ َعةَ )) صححو البيهقي ‪.‬‬ ‫رضي اهلل عنو ‪ (( :‬الْغَن َ‬ ‫الثاٍل ‪َّ :‬‬ ‫أف قسمة الغنائم موكولةٌ للقائد ‪ ،‬وىو الذي يتوىل حيازهتا وقسمتها بُت اؼبقاتلُت بالعدؿ‬ ‫‪ ،‬وال هبوز األخ ُذ من الغنيمة قبل قسمتها ؛ ألف ذلك من الغلوؿ الذي جاءت النصوص بتحريبو ‪،‬‬ ‫كما قاؿ تعاىل ‪ { :‬وما َكا َف لِنَِ​ِب أَ ْف يػغُ َّل ومن يػ ْغلُل يأْ ِ‬ ‫ت ِدبَا َغ َّل يَػ ْوَـ الْ ِقيَ َام ِة ُ​ُثَّ تُػ َو ََّّف ُك ُّل نَػ ْف ٍ‬ ‫س َما‬ ‫ٍّ َ َ َ ْ َ ْ َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ت َوُى ْم ال يُظْلَ ُمو َف }‪.‬‬ ‫َك َسبَ ْ‬ ‫يدخل يف الغنيمة ‪ ،‬وال هبوز التذرع دبجرد‬ ‫الثالث ‪ :‬أ ّف أخذ أمواؿ اؼبعصومُت ِمن احملرمات ‪ ،‬وال‬ ‫ُ‬ ‫تأييد الشخص للنظاـ ‪ ،‬بل ال بد من نظر اؽبيئات الشرعية يف حاؿ اؼبتهم ومعرفة مدى تأييده ‪،‬‬ ‫وازباذ اغبكم اؼبناسب يف ذلك ‪.‬‬ ‫الرابع ‪ :‬ال هبوز أف يكوف القتاؿ ابتداء لتحصيل الغنيمة فقط ‪ ،‬وإف جاءت نية ربصيل الغنيمة‬ ‫تبعاً لنية إعبلء كلمة اهلل فبل حرج يف ذلك ‪ .‬عن أيب موسى رضي اهلل عنو ‪ ،‬قاؿ ‪َ (( :‬جاءَ َر ُج ٌل إِ َىل‬ ‫ٖ‪ٔ3‬‬


‫الر ُجل يػُ َقاتِل لِ ّْ‬ ‫الر ُجل ‪ :‬يػُ َقاتِل لِلْ َم ْغنَ ِ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ‬ ‫الر ُج ُل يػُ َقاتِ ُل لِيُػَرى‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫اؿ‬ ‫ق‬ ‫ػ‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لذ ْك ِر ‪َ ،‬و َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫النِ ّْ‬ ‫َِّب َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫اؿ ‪َ « :‬م ْن قَاتَ َل لِتَ ُكو َف َكلِ َمةُ اللَّ ِو ِى َي الْعُْليَا فَػ ُه َو ِيف َسبِ ِيل اللَّ ِو »))‬ ‫َم َكانُوُ فَ َم ْن ِيف َسبِ ِيل اللَِّو ؟ قَ َ‬ ‫متفق عليو ‪.‬‬ ‫وقد سبق وأف بينّا كيفية توزيع الغنائم وقسمتِها بالتفصيل يف فتوى رقم (‪. )ٕٛ‬‬ ‫اللهم انصر آّاىدين يف ببلد الشاـ ‪ ،‬وم ّكنهم من عدوؾ وعدوىم ‪ ،‬واجعل أعداءىم غنيمة‬ ‫لئلسبلـ واؼبسلمُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٗ‪ٔ3‬‬


‫فتىي ( ‪ : ) 79‬هل ٌجوز التمثٌل بجثث األعداء ؟‬

‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫" اؼبثلة تعذيب اؼبقتوؿ بقطع أعضائو وتشويو خلقو قبل أف يقتل أو بعده ‪ ،‬وذلك مثل أف هبدع‬ ‫أنفو أو أذنو أو يفقأ عينو أو ما أشبو ذلك من أعضائو " معاَل السنن (ٕ‪.)ٕٖ /‬‬ ‫واألصل أنو ال هبوز التمثيل جبثث قتلى األعداء سواءٌ كانوا من الكفار أو من غَتىم ؛ لنهي النِب‬ ‫َِّب‬ ‫صلى اهلل عليو وسلم عن ذلك ‪ ،‬عن عبد اهلل بن يزيد األنصاري رضي اهلل عنو قاؿ‪ (( :‬نَػ َهى النِ ُّ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم َع ِن النػ ُّْه َىب َوالْ ُمثْػلَ ِة )) رواه البخاري ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫وقد كاف النِب صلى اهلل عليو وسلم إذا َّأمَر أمَتاً على ِ‬ ‫خاصتو بتقوى‬ ‫صاهُ يف َّ‬ ‫جيش أو سريَّة ‪ْ ،‬أو َ‬ ‫اس ِم اللَّ ِو ِيف َسبِ ِيل اللَّ ِو ‪ ،‬قَاتِلُوا َم ْن َك َفَر بِاللَّ ِو‬ ‫ومن معوُ من اؼبسلمُت خَتاً ‪ُ ،‬ث يقوؿ ‪ « :‬ا ْغُزوا بِ ْ‬ ‫اهلل ‪َ ،‬‬ ‫ِ‬ ‫يدا » رواه مسلم‪.‬‬ ‫ا ْغُزوا ‪َ ،‬وَال تَػغُلُّوا ‪َ ،‬وَال تَػ ْغ ِد ُروا ‪َ ،‬وَال سبَْثُػلُوا ‪َ ،‬وَال تَػ ْقتُػلُوا َول ً‬ ‫الص َدقَِة ‪،‬‬ ‫وعن ظبرة بن جندب و عمراف بن حصُت رضي اهلل عنهما قاال ‪َ (( :‬كا َف " َوبُثػُّنَا َعلَى َّ‬ ‫َويَػْنػ َهانَا َع ِن الْ ُمثْػلَ ِة )) رواه أبو داود ‪.‬‬ ‫أما إذا كاف يف التمثيل دبوتى العدو معاملة باؼبثل بأف مثلوا دبوتى اؼبسلمُت‪ ،‬أو مصلحة‬ ‫جوز بعض الفقهاء التمثيل دبوتاىم دبا تتحقق بو اؼبصلحة وذلك عمبلً‬ ‫للمجاىدين ‪ ،‬أو فقد َّ‬ ‫بقاعدة اؼبصلحة واؼبفسدة ‪.‬‬ ‫قاؿ اػبطايب يف شرحو غبديث أيب داود السابق ‪ ( :‬وىذا إذا َل يكن الكافر فعل مثل ذلك‬ ‫باؼبقتوؿ اؼبسلم فإف مثَل باؼبقتوؿ جاز أف يبثل بو ‪ ،‬ولذلك قطع رسوؿ اللّو صلى اللّو عليو وسلم‬ ‫أيدي العرنيُت وأرجلهم وظبر أعينهم ‪ ،‬وكانوا فعلوا ذلك برعاء رسوؿ اللّو صلى اللّو عليو وسلم ‪،‬‬ ‫وكذلك ىذا يف القصاص بُت اؼبسلمُت إذا كاف القاتل قطع أعضاء اؼبقتوؿ وعذبو قبل القتل فإنو‬ ‫اعتَ ُدوا َعلَْي ِو دبِ​ِثْ ِل َما ْاعتَ َدى َعلَْي ُك ْم } )‬ ‫يعاقب دبثلو ‪ ،‬وقد قاؿ تعاىل ‪ { :‬فَ َم ْن ْاعتَ َدى َعلَْي ُك ْم فَ ْ‬ ‫معاَل السنن (ٕ‪.)ٕٖٗ /‬‬ ‫٘‪ٔ3‬‬


‫وقد ُروي أف عبد اهلل بن مسعود رضي اهلل عنو ضبل رأس أيب جهل يوـ بدر إىل النِب صلى اهلل‬ ‫عليو وسلم ‪ ،‬وَل ينكر عليو النِب صلى اهلل عليو وسلم ذلك ‪ .‬السَتة النبوية البن ىشاـ (ٕ‪.)ٖٙٙ /‬‬ ‫جاء يف البحر الرائق (٘‪ ( : )ٛٗ /‬وال بأس حبمل الرءوس إذا كاف فيو غيظ للمشركُت أو إفراغ‬ ‫قلب للمسلمُت بأف يكوف اؼبقتوؿ من قواد اؼبشركُت أو عظماء اؼببارزين ‪ ،‬أال ترى أف عبد اهلل بن‬ ‫مسعود ضبل رأس أيب جهل لعنو اهلل إىل النِب صلى اهلل عليو وسلم يوـ بدر حىت ألقاه بُت يديو ‪.‬‬ ‫فقاؿ ‪ :‬ىذا رأس عدوؾ أيب جهل لعنو اهلل ‪ .‬فقاؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬اهلل أكرب ىذا‬ ‫فرعوٍل وفرعوف أميت ‪ ،‬كاف شره علي وعلى أميت أعظم من شر فرعوف على موسى وأمتو » وَل ينكر‬ ‫عليو ذلك )‪.‬‬ ‫وضبل‬ ‫قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل ‪ ( :‬قاؿ الزىري ‪َ :‬ل وبمل إىل النِب صلى اهلل عليو وسلم رأس قط‪ُ ،‬‬ ‫إىل أيب بكر رأس فأنكر‪ ،‬وأوؿ من ضبلت إليو الرءوس عبد اهلل بن الزبَت ويكره رميها يف اؼبنجنيق‪،‬‬ ‫نص عليو أضبد وإف فعلوا ذلك ؼبصلحة جاز‪ ،‬ؼبا روينا ‪ ،‬أف عمرو بن العاص حُت حاصر‬ ‫اإلسكندرية ‪ ،‬ظفر برجل من اؼبسلمُت ‪ ،‬فأخذوا رأسو ‪ ،‬فجاء قومو عمرا مغضبُت ‪ ،‬فقاؿ ؽبم عمرو‬ ‫خذوا رجبلً منهم فاقطعوا رأسو ‪ ،‬فارموا بو إليهم يف اؼبنجنيق ‪ ،‬ففعلوا ذلك ‪ ،‬فرمى أىل اإلسكندرية‬ ‫رأس اؼبسلم إىل قومو ) اؼبغٍت (ٖٔ‪.)ٕٓ​ٓ /‬‬ ‫ويف الشرح الكبَت للدردير (ٕ‪ ( : )ٜٔٚ /‬وحرـ بعد القدرة عليهم "اؼبثلة" ‪-‬بضم اؼبيم وسكوف‬ ‫اؼبثلثة‪ -‬العقوبة الشنيعة كرض الرأس ‪ ،‬وقطع األذف أو األنف إذا َل يبثلوا دبسلم ‪ ،‬وإال جاز ) ‪.‬‬ ‫وجاء يف حاشية الدسوقي (ٕ‪ ( : )ٜٔٚ /‬والظاىر أف ؿبل حرمة ضبل رأس اغبريب لبلد ثاف ما َل‬ ‫يكن يف ذلك مصلحة شرعية كاطمئناف القلوب باعبزـ دبوتو وإال جاز ‪ ،‬فقد ضبل للنِب رأس كعب‬ ‫بن األشرؼ من خيرب للمدينة ) ‪.‬‬ ‫ودبا سبق يتقرر أف بعض الفقهاء أجازوا التمثيل دبوتى العدو ؼبصلحة راجحة ‪ ،‬أو معاملة باؼبثل ‪،‬‬ ‫وما عدا ذلك يبقى على عدـ اعبواز ‪.‬‬

‫‪ٔ3ٙ‬‬


‫تنبيهات ‪:‬‬

‫‪ ‬تقدير اؼبصلحة الراجحة يف التمثيل يعود لقادة آّاىدين ‪ ،‬واؽبيئات الشرعية ‪ ،‬وليس ألفراد‬ ‫آّاىدين ‪.‬‬ ‫فقد يكوف التمثيل ‪-‬وإف جاز‪ -‬ضاراً باؼبسلمُت إعبلمياً وسياسياً ‪ ،‬لذا فتقدير اؼبصلحة عائد‬ ‫للهيئات الشرعية وكبار القادة ‪.‬‬ ‫‪ ‬يدخل يف اؼبثلة حرؽ جثث الكفار ‪ ،‬على أصح أقواؿ أىل العلم وترؾ اؼبيت ببل دفن ‪.‬‬ ‫‪ ‬ال يدخل يف التمثيل ما وبصل قبل القدرة على احملارب خبلؿ القتاؿ ‪ ،‬قاؿ ابن عابدين ‪( :‬‬ ‫هنينا عن اؼبثلة بعد الظفر ‪ ،‬أما قبلو فبل بأس ّٔا ) اغباشية (ٗ‪.)ٖٔٔ /‬‬ ‫اللهم توؿ أمرنا ‪ ،‬اجعل ثأرنا على من ظلمنا ‪ ،‬وانصرنا على من عادانا ‪ ،‬يا عزيز يا ضبيد ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪ٔ37‬‬


‫فتىي ( ‪ : ) 81‬ما حكم الؽلول من الؽنٌمة والفًء ؟‬ ‫وهل للمجاهدٌن أن ٌستفٌدوا بشًء من الؽنٌمة قبل قسمتها ؟‬ ‫وما عقوبة الؽال ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو و صحبو و من وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫َوبرـ الغلوؿ من الغنيمة والفيء ‪ ،‬سواء كاف قليبلً أو كثَتاً ‪ ،‬قاؿ تعاىل ‪ { :‬ومن يػ ْغلُل يأْ ِ‬ ‫ت ِدبَا‬ ‫َ​َ ْ َ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫َغ َّل يَػ ْوَـ الْ ِقيَ َام ِة } ‪.‬‬ ‫وعن أيب ىريرة رضي اهلل عنو قاؿ ‪ (( :‬قَاـ فِ‬ ‫ِ‬ ‫وؿ ‪،‬‬ ‫َِّب‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ا‬ ‫ين‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم ‪ ،‬فَ َذ َكَر الْغُلُ َ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫س‬ ‫اؿ ‪َ « :‬ال أُلْ ِف َ َّ‬ ‫فَػ َعظَّ َموُ َو َعظَّ َم أ َْمَرهُ ‪ ،‬قَ َ‬ ‫ُت أ َ‬ ‫َح َد ُك ْم يَػ ْوَـ الْقيَ َامة َعلَى َرقَػبَتو َشاةٌ َؽبَا ثػُغَاءٌ َعلَى َرقَػبَتو فَػَر ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ك ‪َ ،‬و َعلَى َرقَػبَتِ ِو بَعِ ٌَت‬ ‫وؿ اللَّ ِو أَغِثٍِْت ‪ ،‬فَأَقُ ُ‬ ‫وؿ ‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫لَوُ َضبْ َح َمةٌ ‪ ،‬يَػ ُق ُ‬ ‫ك َشْيئًا قَ ْد أَبْػلَ ْغتُ َ‬ ‫ك لَ َ‬ ‫وؿ ‪َ :‬ال أ َْمل ُ‬ ‫ِ‬ ‫ك وعلَى رقَػبتِ ِو ِ‬ ‫وؿ اللَِّو أ ِ‬ ‫ت‪،‬‬ ‫َغثٍِْت ‪ ،‬فَأَقُ ُ‬ ‫وؿ ‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫لَوُ ُر َغاءٌ ‪ ،‬يَػ ُق ُ‬ ‫ك لَ َ‬ ‫وؿ ‪َ :‬ال أ َْمل ُ‬ ‫صام ٌ‬ ‫ك َشْيئًا قَ ْد أَبْػلَ ْغتُ َ َ َ َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫وؿ اللَّ ِو أ ِ‬ ‫ك ‪ ،‬أ َْو َعلَى َرقَػبَتِ ِو ِرقَاعٌ َزبْ ِف ُق ‪،‬‬ ‫َغثٍِْت ‪ ،‬فَأَقُ ُ‬ ‫وؿ ‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫فَػيَػ ُق ُ‬ ‫ك َشْيئًا قَ ْد أَبْػلَ ْغتُ َ‬ ‫ك لَ َ‬ ‫وؿ ‪َ :‬ال أ َْمل ُ‬ ‫ِ‬ ‫وؿ اللَّ ِو أ ِ‬ ‫ك » )) متفق عليو ‪.‬‬ ‫َغثٍِْت ‪ ،‬فَأَقُ ُ‬ ‫وؿ ‪ :‬يَا َر ُس َ‬ ‫فَػيَػ ُق ُ‬ ‫ك َشْيئًا قَ ْد أَبْػلَ ْغتُ َ‬ ‫ك لَ َ‬ ‫وؿ ‪َ :‬ال أ َْمل ُ‬ ‫[ واغبمحمة ىي صوت الفرس عند العلف وىو دوف الصهيل ‪ .‬والرغاء ىو صوت البعَت ‪.‬‬ ‫والصامت ىو الذىب والفضة ‪ .‬ورقاع زبفق أي ‪ :‬تقعقع وتضطرب إذا حركتها الرياح ]‬ ‫ِ ِ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم يَػ ْوَـ َخْيبَػَر ‪،‬‬ ‫وعن أيب ىريرة رضي اهلل عنو ‪ ،‬قاؿ ‪َ (( :‬خَر ْجنَا َم َع َر ُسوؿ اللَّو َ‬ ‫الضبَػْي ِ‬ ‫اؿ لَوُ ‪:‬‬ ‫اع ‪ ،‬فَأ َْى َدى َر ُج ٌل ِم ْن بٍَِت ُّ‬ ‫فَػلَ ْم نَػ ْغنَ ْم َذ َىبًا َوَال فِ َّ‬ ‫ب ‪ ،‬يػُ َق ُ‬ ‫اب َوالْ َمتَ َ‬ ‫ضةً ‪ ،‬إَِّال ْاأل َْم َو َاؿ َوالثػّْيَ َ‬ ‫اؿ لَو ‪ِ :‬م ْدعم ‪ ،‬فَػو َّجو رس ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍِ ِ ِ‬ ‫صلَّى‬ ‫ِرفَ َ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْيو َو َسلَّ َم غُ َبل ًما ‪ ،‬يػُ َق ُ ُ‬ ‫وؿ اللَّو َ‬ ‫اعةُ بْ ُن َزيْد لَر ُسوؿ اللَّو َ‬ ‫ٌَ َ َ َ ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ط رح ًبل لِرس ِ‬ ‫ِ‬ ‫وؿ اللَّ ِو‬ ‫اللَّوُ َعلَْيو َو َسلَّ َم إ َىل َوادي الْ ُقَرى ‪َ ،‬ح َّىت إ َذا َكا َف ب َوادي الْ ُقَرى ‪ ،‬بَػْيػنَ َما م ْد َع ٌم َوبُ ُّ َ ْ َ ُ‬ ‫اؿ رس ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫صلَّى اللَّو علَي ِو وسلَّم ‪ ،‬إِذَا سهم عائِ‬ ‫صلَّى‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫اؿ‬ ‫ق‬ ‫ػ‬ ‫ف‬ ‫‪،‬‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫ػ‬ ‫ت‬ ‫ق‬ ‫ػ‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ ٌ َ‬ ‫ُ‬ ‫وؿ اللَّو َ‬ ‫َ‬ ‫َّاس ‪َ :‬ىنيئًا لَوُ ا ْعبَنَّةُ ‪ ،‬فَػ َق َ َ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َْ َ​َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ​ِ ِ‬ ‫َخ َذ َىا يَػ ْوَـ َخْيبَػر ِمن الْ َمغَ ِ​ِ‬ ‫اًل ‪ََْ ،‬ل‬ ‫َّملَةَ الَِّيت أ َ‬ ‫اللَّوُ َعلَْيو َو َسلَّ َم ‪َ « :‬ك َّبل َوالَّذي نَػ ْفسي بيَده ‪ ،‬إ َّف الش ْ‬ ‫َ َ‬ ‫اسم ‪ ،‬لَت ْشتعِل علَي ِو نَارا » ‪ ،‬فَػلَ َّما َِظبع ذَلِ‬ ‫صبػها الْم َق ِ‬ ‫تُ ِ‬ ‫ك النَّاس ‪َ ،‬جاء ر ُجل بِ ِشر ٍاؾ ‪ ،‬أ َْو ِشرا َك ْ ِ‬ ‫ُت إِ َىل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٌ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫اؿ ‪ِ « :‬شر ٌاؾ ِمن نَا ٍر ‪ ،‬أَو ِشرا َك ِ‬ ‫اف ِم ْن نَا ٍر » )) متفق عليو ‪.‬‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم ‪ ،‬فَػ َق َ‬ ‫النِ ّْ‬ ‫َِّب َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫‪ٔ33‬‬


‫[ والسهم العائر أي حائد عن قصده ال يدري من أين أتى ‪ .‬والشملة كساء ـبطط ‪ .‬والشراؾ‬ ‫سَت النعل على ظهر القدـ ]‬ ‫قاؿ ابن رشد رضبو اهلل ‪ ( :‬اتفق اؼبسلموف على ربرَل الغلوؿ ) بداية آّتهد (ٔ‪.)ٖٜٛ /‬‬ ‫** أما ما هبوز للمجاىد أخذه من الغنيمة قبل القسمة ‪:‬‬

‫‪ )1‬األكل من الغنيمة بقدر اغباجة ‪ ،‬قاؿ النووي رضبو اهلل ‪ ( :‬أصبع العلماء على جواز أكل‬

‫طعاـ اغبربيُت ما داـ اؼبسلموف يف دار اغبرب‪ ،‬فيأكلوف منو قدر حاجتهم ) شرح مسلم (ٔ​ٔ‪/‬‬ ‫ٗ​ٖٗ)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ِ ِ‬ ‫ب ‪ ،‬فَػنَأْ ُكلُوُ َوَال نَػْرفَػ ُعوُ ))‬ ‫يب يف َمغَازينَا اَلْ َع َس َل َوالْعنَ َ‬ ‫عن ابن عمر رضي اهلل عنهما قاؿ ‪ُ (( :‬كنَّا نُ ُ‬ ‫رواه البخاري ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫صر َخْيبػر فَػرمى إِنْسا ٌف ِ​ِجبر ٍ‬ ‫اب فِ ِيو‬ ‫وعن عبد اهلل بن مغفل رضي اهلل عنو قاؿ ‪ُ (( :‬ؿبَاص ِر َ‬ ‫ين قَ ْ َ َ َ َ َ َ َ‬ ‫ت فَِإذَا النَِِّب صلَّى اللَّو علَي ِو وسلَّم فَاستَحيػي ِ‬ ‫ب ُمس ِرعاً‪ِ -‬آل ُخ َذهُ ‪ ،‬فَالْتَػ َف ُّ‬ ‫َش ْح ٌم فَػنَػَزْو ُ‬ ‫ُ َ ْ َ َ َ ْ ْ َْ ُ‬ ‫ت مْنوُ‬ ‫ُّ َ‬ ‫ت ‪-‬أي وثَ َ‬ ‫)) رواه البخاري ‪.‬‬ ‫ت ‪َ :‬ال أ ُْع ِطي‬ ‫ت ِجَرابًا ِم ْن َش ْح ٍم يَػ ْوَـ َخْيبَػَر ‪ ،‬قَ َ‬ ‫اؿ ‪ :‬فَالْتَػَزْمتُوُ ‪ .‬فَػ ُق ْل ُ‬ ‫َصْب ُ‬ ‫وعند مسلم بلفظ ‪ (( :‬أ َ‬ ‫ت فَِإ َذا رس ُ ِ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم ُمتَبَ ّْس ًما )) ‪.‬‬ ‫اؿ ‪ :‬فَالْتَػ َف ُّ‬ ‫َح ًدا ِم ْن َى َذا َشْيئًا ‪ .‬قَ َ‬ ‫وؿ اللَّو َ‬ ‫الْيَػ ْوَـ أ َ‬ ‫َُ‬ ‫فالنِب صلى اهلل عليو وسلم َل ينكر عليهم أكلهم من الغنائم اليت أصابوىا ‪ ،‬بل يف تبسمو إقرار‬ ‫لذلك ‪.‬‬ ‫‪ )2‬إطعاـ اؼبركوب كالدابة وكبوىا من الغنيمة يف أرض العدو ‪ ،‬قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل ‪( :‬‬ ‫أصبع أىل العلم ‪ ،‬إال من شذ منهم ‪ ،‬على أف للغزاة إذا دخلوا أرض اغبرب ‪ ،‬أف يأكلوا فبا وجدوا‬ ‫من الطعاـ ‪ ،‬ويعلفوا دوأّم من أعبلفهم ) اؼبغٍت (‪.)ٕٚٛ /ٜ‬‬ ‫قاؿ ابن حجر رضبو اهلل ‪ ( :‬اتفق علماء األمصار على جواز أكل الطعاـ ‪ .‬وأما العلف فهو يف‬ ‫معناه ) فتح الباري (‪. )ٖٔٗ /ٙ‬‬ ‫اؿ رس ُ ِ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم‬ ‫وؿ اللَّو َ‬ ‫و ُروي عن عبد اهلل بن عمرو رضي اهلل عنهما قاؿ ‪ (( :‬قَ َ َ ُ‬ ‫يَػ ْوَـ َخْيبَػَر ‪ُ « :‬كلُوا َو ْاعلِ ُفوا َوال َْرب ِملُوا »)) رواه البيهقي يف السنن الكربى ‪.‬‬ ‫‪ٔ31‬‬


‫فقولو ‪" :‬واعلفوا" يدؿ على جواز إطعاـ اؼبركوب من أرض العدو ‪ ،‬ويف حكمو البنزين و اؼبازوت‬ ‫لسيارات آّاىدين وغَتىا من الوقود لآلليات يف عصرنا ‪.‬‬

‫‪ )3‬استعماؿ األدوية من الغنيمة يف عبلج اؼبصابُت ‪ ،‬اختلف أىل العلم يف ذلك ‪ ،‬والصحيح أنو‬ ‫هبوز استعماؿ األدوية من الغنيمة يف أرض العدو عند اغباجة إىل ذلك ألف األدوية من الطعاـ ‪،‬‬ ‫والطعاـ هبوز األكل منو بقدر اغباجة ‪ ،‬واغباجة تدعو إىل ذلك‪ ،‬وما كاف من الدواء من غَت الطعاـ‬ ‫فهو َمقيس عليو لصعوبة ضبل الدواء مع اغباجة إلنقاذ اؼبرضى واعبرحى ‪ ،‬فيجوز استخداـ‬ ‫اؼبستشفيات يف أرض العدو ‪ ،‬ومعاعبة آّاىدين فيها بكل طاقاهتا ومقوماهتا ‪ ،‬وتقدَل العبلج البلزـ‬ ‫ؽبم ‪ .‬واهلل أعلم ‪.‬‬ ‫‪ )4‬أخذ السبلح من الغنيمة للقتاؿ بو ‪ُ ،‬ث رده بعد القتاؿ ‪.‬‬ ‫ت‬ ‫َصْب ُ‬ ‫فقد ُروي عن ابن مسعود رضي اهلل عنو قاؿ ‪ (( :‬انْػتَػ َهْي ُ‬ ‫ت إِ َىل أَِيب َج ْه ٍل يَػ ْوَـ بَ ْد ٍر‪ ،...‬فَأ َ‬ ‫ضَربْػتُوُ بِ​ِو َح َّىت بَػَرَد )) مصنف ابن أيب شيبة ‪.‬‬ ‫َخ ْذتُوُ فَ َ‬ ‫يَ َدهُ ‪ ،‬فَػنَ َد َر َسْيػ َفوُ ‪ ،‬فَأ َ‬ ‫والنِب صلى اهلل عليو وسلم َل ينكر على ابن مسعود استخداـ سبلح العدو يف القتاؿ فدؿ ذلك‬ ‫على جواز استخداـ سبلح العدو يف القتاؿ عند اغباجة ‪.‬‬ ‫واغباجة إىل السبلح أعظم من اغباجة إىل الطعاـ ‪ ،‬وضرر استعمالو أقل من ضرر األكل من‬ ‫الغنيمة لعدـ زواؿ عُت السبلح باالستعماؿ ‪.‬‬ ‫** أما عقوبة الغاؿ من الغنيمة والفيء فهي عقوبتاف ‪:‬‬

‫األولى ‪ :‬عقوبة أخروية إذا مات وَل يتب ويتحلل فبا غل فيأيت يوـ القيامة دبا غل وبملو معذبا بو‬ ‫وموخبا بإظهار خيانتو على رءوس األشهاد ‪ ،‬وأنو وبرـ الفوز بالشهادة ويعذب يف النار ‪.‬‬ ‫الثانية ‪ :‬عقوبة دنيوية وتكوف عامة وخاصة ‪.‬‬

‫فأما العامة ‪ :‬فقد ذكر بعض أىل العلم أف الغلوؿ ما ظهر يف قوـ إال أُلقي يف قلؤّم الرعب ‪،‬‬

‫وتأخر النصر عنهم ‪ .‬مشارع األشواؽ (ٕ‪. )ٖٛٔ /‬‬ ‫وروي عن ابن عباس رضي اهلل عنهم قاؿ ‪ ( :‬ما ظهر الغلوؿ يف قوـ إال ألقي يف قلؤّم الرعب )‬ ‫ُ‬ ‫اإلماـ مالك يف اؼبوطأ ‪.‬‬ ‫ٓ‪ٔ1‬‬


‫وأما الخاصة ‪ :‬فهي فيمن غل فلئلماـ تعزيزه بالضرب ‪ ،‬أو اغببس أو ما يراه مناسباً لعقوبتو‬

‫ورادعاً ألمثالو ‪.‬‬ ‫* واختلفوا يف إحراؽ رحل الغاؿ ومتاعو ‪ ،‬والصحيح أنو ال ُوبَرؽ رحلو وال متاعو ‪:‬‬ ‫غل الشملة يف خيرب ‪ ،‬وإمبا َّبُت أف الشملة‬ ‫رحل الذي َّ‬ ‫ألف النِب صلى اهلل عليو وسلم َل َوبرؽ َ‬ ‫تشتعل عليو ناراً ‪.‬‬ ‫وألف حرؽ رحلو ومتاعو إضاعة للماؿ ( وقد هنى النِب صلى اهلل عليو وسلم عن إضاعة اؼباؿ ) ‪.‬‬ ‫وألف األدلة اليت دلِّت على ربريق متاع الغاؿ ضعيفة ‪.‬‬ ‫اللهم أرنا اغبق حقاً ‪ ،‬وارزقنا اتباعو ‪ ،‬وأرنا الباطل باطبلً ‪ ،‬وارزقنا اجتنابو ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٔ‪ٔ1‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 81‬سائل ٌسؤل ‪ :‬تبرع أحد اإلخوة بمبلػ من المال كً أشتري به‬ ‫سالحا ألجاهد النظام المجرم فً سورٌا ‪. ...‬‬ ‫فهل ٌُعد هذا السالح ُملكا خاصا لً ؟ أم أنه وقؾ للجهاد ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫ال شك أف بذؿ اؼباؿ للجهاد ال يقل أنبية عن اعبهاد بالنفس ألنو أحد مكونات اإلعداد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُت بِأ َْم َوالِ ُك ْم َوأَيْ ِدي ُك ْم َوأَلْ ِسنَتِ ُك ْم »‬ ‫للجهاد الشرعي ‪ ،‬قاؿ صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬جاى ُدوا الْ ُم ْش ِرك َ‬ ‫رواه النسائي ‪.‬‬ ‫قاؿ ابن القيم رضبو اهلل عند كبلمو عن الفوائد اؼبستنبطة من غزوة تبوؾ ‪ ( :‬ومنها ‪ :‬وجوب‬ ‫اعبهاد باؼباؿ كما هبب بالنفس‪ ،...‬فإف األمر باعبهاد باؼباؿ شقيق األمر باعبهاد بالنفس يف القرآف‬ ‫وقرينو ‪ ،‬بل جاء مقدماً على اعبهاد بالنفس يف كل موضع إال موضعاً واحداً ‪ ،‬وىذا يدؿ على أف‬ ‫اعبهاد بو أىم وآكد من اعبهاد بالنفس ‪ ،‬وال ريب أنو أحد اعبهادين‪ ،...‬وال يتم اعبهاد بالبدف إال‬ ‫ببذلو ) زاد اؼبعاد (ٖ‪. )ٜٗٛ-ٗٛ​ٛ /‬‬ ‫* فإف تربع أحد األخوة دباؿ لشراء سبلح أو كبوه ليُقاتل بو آّاىد ‪ ،‬فينظر يف ىذه اغبالة إىل‬ ‫نية اؼبتربع ‪:‬‬ ‫ فإف نوى اؼبتربع سبليك السبلح الذي تربع بو ؼبقاتل بعينو ‪ ،‬دخل السبلح يف ملكية ىذا‬‫اؼبقاتل ملكية تامة ‪.‬‬ ‫ورث عنو ‪ ،‬وغَت ذلك فبا لو اغبق بالتصرؼ دبالو الشخصي ‪.‬‬ ‫ولو أف يتصرؼ فيو الحقاً ‪ ،‬ويُ َ‬ ‫ وإف نوى اؼبتربع وقفو ‪ ،‬وتسبيلو للجهاد وآّاىدين ‪ ،‬فبل يدخل السبلح ّٔذه اغبالة يف ملكية‬‫اؼبقاتل ‪.‬‬ ‫بل ىو وقف ؿببوس على اعبهاد ‪ ،‬فإف استشهد آّاىد ‪ ،‬أو زبلف عن اعبهاد ‪ ،‬أو أمر القائد‬ ‫بتحويلو ّٓاىد آخر ‪ ،‬جاز أف يستعملو ؾباىد آخر ‪.‬‬ ‫ٕ‪ٔ1‬‬


‫* وإف تعذرت معرفة نية اؼبتربع ‪ ،‬فيكوف األمر حبسب العرؼ العاـ السائد ‪ ،‬وىو أف السبلح‬ ‫ؿببوس يف منفعة اعبهاد يف سبيل اهلل تعاىل ‪.‬‬ ‫اللهم فقهنا يف الدين ‪ ،‬وعلمنا التأويل ‪ ،‬وأيّْد عبادؾ آّاىدين ‪ ،‬ووفقنا التباع سنة سيد اؼبرسلُت‬ ‫عليو أفضل الصبلة وأُت التسليم ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٖ‪ٔ1‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 82‬هل ٌجوز تبنً الطفل الذي ُتوفً والداه ‪ ,‬وهو صؽٌر ولم‬ ‫تح ّدد شخصٌتهما ؟ وما واجبنا اتجاه أٌتام الشهداء ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وآلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫إف الطفل الذي قُتل أبواه يكوف يتيماً ‪ ،‬فيجب على من يليو من اؼبسلمُت أف يقوموا على رعايتو ‪،‬‬ ‫والقياـ دبصاغبو حىت وبفظ من الضياع ‪.‬‬ ‫وكفالة اليتيم واجب كفائي ‪ ،‬وفيو أجر عظيم ‪ ،‬لذلك رغَّب فيو الشارع اغبكيم ‪.‬‬ ‫ك َعنْ ْال ٌَ َتا َمى قُ ْل إِصْ ال ٌح لَ ُه ْم َخ ٌْ ٌر َوإِنْ ُت َخال ُ‬ ‫ِطو ُه ْم َفإِ ْخ َوا ُن ُك ْم َو َّ‬ ‫قاؿ تعاىل ‪َ { :‬و ٌَسْ ؤَلُو َن َ‬ ‫هللاُ‬ ‫ٌَعْ لَ ُم ْال ُم ْفسِ دَ ِمنْ ْالمُصْ لِح َولَ ْو َشا َء َّ‬ ‫هللا َع ِز ٌ‬ ‫ٌز َحكٌِ ٌم )‪.‬‬ ‫هللا ُ ألَعْ َن َت ُك ْم إِنَّ َّ َ‬ ‫ِ‬ ‫وقد جعل الرسوؿ صلى اهلل عليو وسلم كفالة اليتيم سبباً ؼبرافقتو عليو الصبلة والسبلـ يف اعبنة‬ ‫ومبلزمتو ‪.‬‬ ‫افل اليَتِي ِم‬ ‫عن سهل بن سعد رضي اهلل عنو ‪ ،‬قاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪ « (( :‬أَنَا َوَك ُ‬ ‫بالسبَّاب ِ‬ ‫يف اعبن ِ‬ ‫الو ْسطَى ‪َ ،‬وفَػَّر َج بَػْيػنَػ ُه َما‪ ))-‬رواه البخاري ‪.‬‬ ‫و‬ ‫ة‬ ‫شار‬ ‫‬‫»‬ ‫ذا‬ ‫ك‬ ‫ى‬ ‫َّة‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫اليتيم إال لكافل معروؼ باألمانة والديانة وحسن السلوؾ ‪ ،‬وتتحقق‬ ‫وال هبوز أف يُسلَّ َم‬ ‫الطفل ُ‬ ‫ُ‬ ‫مصلحة الطفل عنده ‪ ،‬ألف اؼبقصود من كفالة اليتيم ىو حفظ دينو ودنياه ‪.‬‬ ‫وأما تبٍت الطفل اليتيم باعتبار أنو ولد للمتبٍت ‪ ،‬ولو أحكاـ الولد ‪ ،‬فهذا ال هبوز ‪ ،‬وقد أبطلو اهلل‬ ‫يف القرآف الكرَل بقولو تعاىل ‪َ { :‬وَما َج َع َل أ َْد ِعيَاءَ ُك ْم أَبْػنَاءَ ُك ْم } ‪.‬‬ ‫ووبرـ تسجيل الطفل بغَت اسم أبيو ‪ ،‬فعن أيب ذر رضي اهلل عنو أنو ظبع النِب صلى اهلل عليو‬ ‫وسلم يقوؿ ‪ « :‬لَيس ِمن رج ٍل َّادعى لِغَ َِت أ ِ‬ ‫َبيو ‪َ ،‬وُى َو يَػ ْعلَ ُموُ إِالَّ َك َفَر‪َ ،‬وَم ِ‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ػ‬ ‫ق‬ ‫عى‬ ‫اد‬ ‫ن‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ْ َُ َ ْ‬ ‫س لَوُ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫فِي ِ‬ ‫ب فَػ ْليَتَبَػ َّوأْ َم ْق َع َدهُ ِم َن النَّا ِر » متفق عليو ‪.‬‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ٌ‬ ‫ومعٌت كفر ‪ :‬أي جاء بأفعاؿ الكفار ال أنو خرج من الدين ‪.‬‬ ‫ٗ‪ٔ1‬‬


‫ويُعرؼ نسب الطفل من خبلؿ البيت أو اؼبكاف الذي ُوِجد فيو ‪ ،‬فإف تعذر علينا معرفة أبيو‬ ‫نسب الطفل ‪ ،‬فيقاؿ ‪ :‬فبلف بن عبد اهلل أو عبد الرضبن ‪ ،‬وكبو ذلك ‪.‬‬ ‫يُعطى نسباً عاماً ‪ ،‬كأف يُ َ‬ ‫ط ِعْن َد اللَِّو فَِإ ْف َ​َلْ تَػ ْعلَ ُموا آبَاءَ ُى ْم‬ ‫وى ْم آلبَائِ ِه ْم ُى َو أَقْ َس ُ‬ ‫قاؿ ابن تيمية رضبو اهلل تعاىل ‪ْ { ( :‬ادعُ ُ‬ ‫وحرـ التبٍت ‪،‬‬ ‫فَِإ ْخ َوانُ ُك ْم ِيف الدّْي ِن َوَم َوالِي ُك ْم }‪ ،‬فأوجب علينا دعاءه ألبيو الذي ولده دوف من تبناه َّ‬ ‫وموىل ‪ ،‬كما قاؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم‬ ‫ُث أمر عند عدـ العلم باألب بأف يدعى أخاً يف الدين ً‬ ‫َخونَا َوَم ْوالَنَا ») ؾبموع الفتاوى (‪.)ٔٙٗ /ٕٜ‬‬ ‫لزيد بن حارثة ‪ « :‬أَنْ َ‬ ‫تأُ‬ ‫والنسب يتبعو كثَت من األحكاـ ‪ ،‬لذا فبل هبوز التهاوف يف قضاياه أبداً ‪ ،‬ألف التساىل فيو يؤدي‬ ‫إىل ضياع حق اهلل وحق العباد فيها ‪ ،‬كاحملرمية ‪ ،‬والوالية ‪ ،‬والنفقة ‪ ،‬واؼبَتاث ‪ ،‬والقصاص ‪،‬‬ ‫والشهادة ‪ ،‬وغَتىا ‪.‬‬ ‫حرمو الشارع وجعلو من الذنوب‬ ‫ومن ىنا يظهر الفرؽ بُت التبٍت وكفالة اليتيم ‪ ،‬فالتبٍت فبا َّ‬ ‫العظيمة ‪ ،‬وأما الكفالة فقد رغَّب فيها الشارع وجعلها من القربات اعبليلة ‪.‬‬

‫** تنبيهات ‪:‬‬ ‫أ ) من علم بعد أف يصبح بالغا أنو ابن متبٌت ‪ ،‬فيحرـ عليو أف ينتسب لغَت أبيو ‪ ،‬عن سعد وأيب‬ ‫ِ‬ ‫وؿ ‪َ « :‬م ِن َّاد َعى إِ َىل َغ َِْت أَبِ ِيو ‪َ ،‬وُى َو يَػ ْعلَ ُم‬ ‫صلَّى اهللُ َعلَْي ِو َو َسلَّ َم يَػ ُق ُ‬ ‫بَ ْكَرَة ‪ ،‬قاال ‪َ (( :‬ظب ْعنَا النِ َّ‬ ‫َِّب َ‬ ‫اعبَنَّةُ َعلَْي ِو َحَر ٌاـ »)) متفق عليو ‪.‬‬ ‫فَ ْ‬ ‫وال هبوز لو إقرار ىذا ‪ ،‬بل يسعى لتغيَته جاىداً ‪ ،‬فإف استطاع وإال فبل " يُكلف اهلل نفساً إال‬ ‫وسعها "‪.‬‬ ‫وعن ابن عباس رضي اهلل عنهما ‪ ،‬قاؿ النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬م ِن َّاد َعى إِ َىل َغ َِْت أَبِ ِيو ‪،‬‬ ‫َّاس أ ْ ِ‬ ‫أ َْو تَػ َوَّىل َغْيػَر َم َوالِ ِيو ‪ ،‬فَػ َعلَْي ِو لَ ْعنَةُ اللَّ ِو َوالْ َم َبلئِ َك ِة َوالن ِ‬ ‫ُت » صحيح ابن حباف ‪.‬‬ ‫َصبَع َ‬ ‫وجهت اؼبسلمُت إىل اؼبعاٍل اإلنسانية ‪ ،‬واغبقوؽ‬ ‫ب) إف شريعة اإلسبلـ ؼبا منعت التبٍت إمبا َّ‬ ‫اإلسبلمية ‪ ،‬من األخوة ‪ ،‬واإلحساف ‪ ،‬وبذؿ اؼبعروؼ ‪.‬‬ ‫جـ) إذا بلغ األيتاـ التمييز ‪ ،‬وقاربوا البلوغ ‪ ،‬وجب أف على كافلهم مراعاة األحكاـ الشريعة‬

‫اؼبًتتبة على ذلك ‪ ،‬كالتفريق بُت اؼبضاجع ‪ ،‬والفصل بُت الذكور من أوالده والبنات اليتيمات ‪،‬‬ ‫واغبيلولة دوف وقوع اػبلوة أو أسباب الفتنة فيما بينهم ‪.‬‬ ‫٘‪ٔ1‬‬


‫** وإننا لنحث إخواننا على كفالة األيتاـ يف سوريا ‪ ،‬سواء كانت كفالة تربية وإنفاؽ أو كفالة‬

‫إنفاؽ فحسب ‪ ،‬وخاصة بعد احملن والشدائد اليت مرت عليهم ‪ ،‬وتتأكد كفالة األيتاـ ألبناء‬ ‫ضحوا بأرواحهم رخيصة يف سبيل اهلل وللدفاع عن دينهم وأعراضهم ‪ ،‬لقولو صلى‬ ‫آّاىدين الذين َّ‬ ‫ف َغا ِزيًا ِيف َسبِ ِيل اللَّ ِو ِخبٍََْت فَػ َق ْد َغَزا » متفق عليو ‪.‬‬ ‫اهلل عليو وسلم ‪َ « :‬وَم ْن َخلَ َ‬ ‫ىم األيتاـ واليتيمات ‪ ،‬وينفس كرّٔم ‪ ،‬ويعن‬ ‫يفرج َّ‬ ‫نسأؿ اهلل العظيم رب العرش الكرَل أف ّ‬ ‫كافلهم ‪ ،‬ويرحم ضعفاء اؼبسلمُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪ٔ1ٙ‬‬


‫فتىي ( ‪ :) 83‬هل ٌجوز قتل األعداء إذا تترسوا باألسرى المسلمٌن ؟‬

‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬

‫س‬ ‫الترس ‪ :‬ىو "ما يُتوقَى بو يف اغبرب ‪ ،‬يػُ َقاؿ ‪ :‬تَػتَػَّرس ّْ‬ ‫بالًتس إذا تَوقى بو ‪ ،‬ومن ذلك تَػتَػُّر ُ‬ ‫اؼبشركُت باألسرى من اؼبسلمُت و ّْ‬ ‫كالًتاس ‪ ،‬فيتقوف ّٔم ىجوـ‬ ‫الذميُت يف القتاؿ ‪ ،‬ألهنم هبعلوهنم ّْ‬ ‫جيش اؼبسلمُت عليهم ‪ ،‬ألف رمي اؼبشركُت ‪-‬مع تًتسهم باؼبسلمُت‪ -‬يؤدي إىل قتل اؼبسلمُت الذين‬ ‫كبرص على حياهتم وإنقاذىم من األسر" اؼبوسوعة الفقهية (ٗ‪.)ٕٔٚ /‬‬ ‫وعند تَػتَػُّر ِس األعداء بأسرى اؼبسلمُت ال ىبلو حاؽبم من أمرين ‪:‬‬ ‫س األعداء بأسرى اغبرب من اؼبسلمُت يف حاؿ التحاـ القتاؿ ‪ ،‬وىم‬ ‫الحالة األولى ‪ :‬إذا تَػتَػَّر َ‬ ‫ُمقبلوف على حرب اؼبسلمُت واؼبسلموف ىبافوهنم ‪ ،‬ففي ىذه اغبالة اتفق الفقهاء على جواز رمي‬ ‫الكفار وقتاؽبم ‪ ،‬بشرط قصد احملاربُت بالقتاؿ وذبنب قتل اؼبسلمُت ما أمكن ؛ ألف ترؾ قتاؽبم‬ ‫سيؤدي إىل ىبلؾ آّاىدين وتعطيل اعبهاد ‪ ،‬ولدفع أشد الضررين بأخفهما ‪.‬‬ ‫قاؿ ابن تيمية رضبو اهلل ‪ ( :‬األئمة متفقوف على أف الكفار لو تًتسوا دبسلمُت ‪ِ ،‬‬ ‫وخيف على‬ ‫اؼبسلمُت إذا َل يقاتلوا؛ فإنو هبوز أف نرميهم ونقصد الكفار ) ؾبموع الفتاوى (‪.)ٖ٘ٚ /ٕٛ‬‬ ‫جاء يف اؼبوسوعة الفقهية (ٗ‪ ( : )ٕٔٚ /‬يتفق الفقهاء على أنو إذا كاف يف ترؾ الرمي خطر‬ ‫ؿبقق على صباعة اؼبسلمُت ‪ ،‬فإنو هبوز الرمي برغم التًتس ‪ ،‬ألف يف الرمي دفع الضرر العاـ بالذب‬ ‫الًتس ‪ ،‬ألنو إف تعذر‬ ‫قصد عند الرمي الكفار ال ّْ‬ ‫عن بيضة اإلسبلـ ‪ ،‬وقتل األسَت ضرر خاص ‪ .‬ويُ َ‬ ‫التمييز فعبلً ‪ ،‬فقد أمكن قصداً ) ‪.‬‬ ‫الحالة الثانية ‪ :‬إذا تًتس األعداء بأسرى اغبرب من اؼبسلمُت يف غَت التحاـ القتاؿ ‪ ،‬وعدـ‬ ‫اػبوؼ منهم على اؼبسلمُت ‪ ،‬فقد اختلف الفقهاء بُت ؾبي ٍز لذلك بشروط ومان ٍع منو ‪.‬‬ ‫والذي يظهر لنا ىو قوؿ صبهور الفقهاء بعدـ جواز قتاؽبم ورميهم ؛ لعظم حرمة دـ اؼبسلم ‪ ،‬مع‬ ‫عدـ وجود الضرورة اؼببيحة لذلك ‪.‬‬ ‫‪ٔ17‬‬


‫قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل ‪ ( :‬وإف تًتسوا دبسلم ‪ ،‬وَل تدع حاجة إىل رميهم ‪ ،‬لكوف اغبرب غَت‬ ‫قائمة ‪ ،‬أو إلمكاف القدرة عليهم بدونو ‪ ،‬أو لؤلمن من شرىم ‪َ ،‬ل هبز رميهم ‪ .‬فإف رماىم فأصاب‬ ‫مسلماً ‪ ،‬فعليو ضمانو ) اؼبغٍت (ٖٔ‪.)ٔٗٔ /‬‬ ‫الًتس معهم ‪،‬‬ ‫ويف ىذه اغبالة إذا كاف اؼبسلموف ال يستطيعوف الوصوؿ إىل الكفار احملاربُت إال و ّْ‬ ‫عندىا يقدر األمَت يف اعبهاد اؼبصلحة اؼبًتتبة على اإلقداـ على القتاؿ مع مفسدة اػبوؼ على قتل‬ ‫اؼبسلمُت اؼبتَ​ًَتس ّٔم ‪ ،‬ويكوف الًتجيح مبنياً على اؼبصاحل اؼبرجوة من القتاؿ ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫الًتس ‪ ،‬وال يكوف فيو اختبلؼ إف شاء اهلل ‪،‬‬ ‫قتل‬ ‫هبوز‬ ‫قد‬ ‫‪:‬‬ ‫قلت‬ ‫(‬ ‫‪:‬‬ ‫اهلل‬ ‫رضبو‬ ‫طِب‬ ‫قاؿ القر‬ ‫ّْ‬ ‫وذلك إذا كانت اؼبصلحة ضرورية كلية قطعية ‪.‬‬ ‫فمعٌت كوهنا ضرورية ‪ ،‬أهنا ال وبصل الوصوؿ إىل الكفار إال بقتل الًتس ‪.‬‬ ‫ومعٌت أهنا كلية ‪ ،‬أهنا قاطعة لكل األمة‪ ،‬حىت وبصل من قتل الًتس مصلحة كل اؼبسلمُت‪ ،‬فإف‬ ‫َل يفعل قتل الكفار الًتس ‪ .‬واستولوا على كل األمة ‪.‬‬ ‫ومعٌت كوهنا قطعية ‪ ،‬أف تلك اؼبصلحة حاصلة من قتل الًتس قطعاً ‪.‬‬ ‫الًتس‬ ‫قاؿ علماؤنا ‪ :‬وىذه اؼبصلحة ّٔذه القيود ال ينبغي أف ُىبتَلف يف اعتبارىا ‪ ،‬ألف الفرض أف ّْ‬ ‫مقتوؿ قطعاً ‪ ،‬فإما بأيدي العدو فتحصل اؼبفسدة العظيمة اليت ىي استيبلء العدو على كل‬ ‫ٌ‬ ‫اؼبسلمُت ‪ ،‬وإما بأيدي اؼبسلمُت فيهلك العدو ‪ ،‬وينجو اؼبسلموف أصبعوف ‪.‬‬ ‫الًتس‬ ‫وال يتأتى لعاقل أف يقوؿ ‪ :‬ال يقتل الًتس يف ىذه الصورة بوجو ‪ ،‬ألنو يلزـ منو ذىاب ّْ‬ ‫واإلسبلـ واؼبسلمُت ‪ ،‬لكن ؼبا كانت ىذه اؼبصلحة غَت خالية من اؼبفسدة ‪ ،‬نفرت منها نفس من‬ ‫َل يبعن النظر فيها ‪ ،‬فإف تلك اؼبفسدة بالنسبة إىل ما حصل منها عدـ أو كالعدـ ‪ .‬واهلل أعلم )‬ ‫تفسَت القرطِب (‪)ٕٛ​ٛ-ٕٛٚ /ٔٙ‬‬ ‫** تنبيهان ‪:‬‬

‫األول ‪ :‬لقد عظمت الشريعة اإلسبلمية حرمة دـ اؼبسلمُت ‪ ،‬فقاؿ تعاىل ‪َ { :‬وَم ْن يَػ ْقتُ ْل ُم ْؤِمنًا‬ ‫متػع ّْم ًدا فَجزاؤه جهن ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يما } ‪.‬‬ ‫ب اللَّوُ َعلَْيو َولَ َعنَوُ َوأ َ‬ ‫َُ َ‬ ‫َع َّد لَوُ َع َذابًا َعظ ً‬ ‫َّم َخال ًدا ف َيها َو َغض َ‬ ‫َ​َ ُ​ُ َ َ ُ‬ ‫ٍ ِ ِ ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب َد ًما‬ ‫وقاؿ رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ‪ « :‬الَ يَػَز ُاؿ الْ َمْرءُ ِيف فُ ْس َحة م ْن دينو َما َ​َلْ يُص ْ‬ ‫َحَر ًاما » رواه البخاري ‪.‬‬ ‫‪ٔ13‬‬


‫فبل ينبغي للمجاىدين أف يتوسعوا يف ىذا الباب توسعاً غَت ؿبمود لعظم خطره وضرره على‬ ‫الدين والدنيا ‪ ،‬فبل يُقدـ على ىذه اؼبسألة االضطرارية إال أىل الرأي واػبربة من آّاىدين دبشورة‬ ‫أىل العلم ‪.‬‬ ‫الًتس ُمسلماً ‪،‬‬ ‫قاؿ الشوكاٍل رضبو اهلل عن تقدير اؼبصلحة من قتل ال ًّْتس ‪ ( :‬وأما إذا كاف ّْ‬ ‫وخ ِش َي استئصاؿ اؼبسلمُت ؼبخالطة الكفار ؽبم بالقتاؿ ومبلضبتهم ؽبم ‪ ،‬فبل شك أف قتل واحد أو‬ ‫ُ‬ ‫صباعة أىوف من استئصاؿ جيش اؼبسلمُت ‪ ،‬وإدخاؿ الوىن على كل مسلم يف األقطار اإلسبلمية ‪،‬‬ ‫فهذا أىوف من دفع اؼبفسدة الكبَتة دبفسدة صغَتة ‪ ،‬ويف الشر خيار ‪ ،‬ولكن ال يُكتَػ َفى يف ذلك‬ ‫دبجرد الظنوف الكاذبة واػبياالت اؼبختلة ‪ ،‬فإف خطر قتل اؼبسلم عظيم ‪ ،‬بل ال َّ‬ ‫بد أف يكوف خشية‬ ‫االستئصاؿ فبا تتفق عليو عقوؿ أىل الرأي والتجارب ) السيل اعبرار (ٔ‪.)ٜٖ٘ /‬‬ ‫الثاني ‪ :‬من قتل من اؼبسلمُت الذين تًتس ّٔم األعداء يكوف ؽبم ثواب الشهداء إف شاء اهلل ‪.‬‬

‫قاؿ ابن تيمية رضبو اهلل ‪ ( :‬اتفق العلماء على أف جيش الكفار إذا تًتسوا دبن عندىم من أسرى‬ ‫اؼبسلمُت ‪ِ ،‬‬ ‫وخيف على اؼبسلمُت الضرر إذا َل يقاتلوا فإهنم يقاتلوف ؛ وإف أفضى ذلك إىل قتل‬ ‫اؼبسلمُت الذين تًتسوا ّٔم ‪.‬‬ ‫وإف َل ُىبَف على اؼبسلمُت ففي جواز القتاؿ اؼبفضي إىل قتل ىؤالء اؼبسلمُت قوالف مشهوراف‬ ‫للعلماء ‪.‬‬ ‫وىؤالء اؼبسلموف إذا قتلوا كانوا شهداء ‪ ،‬وال يُ ًَتؾ اعبهاد الواجب ألجل من يُقتل شهيداً ‪ .‬فإف‬ ‫اؼبسلمُت إذا قاتلوا الكفار ‪ ،‬فمن قُتل من اؼبسلمُت يكوف شهيداً ‪ ،‬ومن قُتل وىو يف الباطن ال‬ ‫يستحق القتل ألجل مصلحة اإلسبلـ كاف شهيداً ) ؾبموع الفتاوى (‪.)٘ٗٚ-٘ٗٙ /ٕٛ‬‬ ‫ُ‬ ‫اللهم احفظ اؼبسلمُت حبفظك ‪ ،‬وانصر آّاىدين يف سبيلك يف الشاـ ويف كل مكاف ‪ ،‬يا رب‬ ‫العاؼبُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫‪ٔ11‬‬


‫فتىي ( ‪ : ) 84‬هل ٌجوز قتال األعداء المحاربٌن إذا تترسوا بنسائهم‬ ‫وأطفالهم ؟‬ ‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وعلى آلو وصحبو ومن وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫األصل أنو َوبُرـ قتل نساء وأطفاؿ احملاربُت ‪ ،‬كما دلت على ذلك النصوص الصروبة يف سنة‬ ‫النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪ ،‬ومنها ما رواه عبد اهلل بن عمر رضي اهلل عنهما‪ ،‬أف امرأة وجدت يف‬ ‫وسلَّم قَػْت ِل‬ ‫بعض مغازي النِب صلى اهلل عليو وسلم مقتولةً ‪ « ،‬فأنَ َكَر َر ُس ُ‬ ‫وؿ اهلل َ‬ ‫صلَّى اهلل َعلَيو َ‬ ‫النّْس ِاء والْ ِولْ َد ِ‬ ‫وسلَّ‬ ‫صلَّ‬ ‫ِ‬ ‫ّْس ِاء َوالْ ِولْ َد ِاف »‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫ػ‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫يو‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫اهلل‬ ‫ى‬ ‫اهلل‬ ‫وؿ‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫ى‬ ‫ه‬ ‫ػ‬ ‫ن‬ ‫«‬ ‫‪:‬‬ ‫اية‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ويف‬ ‫‪،‬‬ ‫»‬ ‫اف‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫متفق عليو ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫س‬ ‫إال أنو يستثٌت من ذلك حاالت ‪ ،‬ومنها حاؿ تَػتَػَّر ِس األعداء بنسائهم وأطفاؽبم ‪ ،‬ولتَتَػَّر ُ‬ ‫األعداء بنسائهم وأطفاؽبم صورتاف ‪:‬‬ ‫الصورة األولى ‪ :‬يف حاؿ التحاـ القتاؿ وخيف منهم على اؼبسلمُت ‪ ،‬فعند قتاؿ األعداء يرموف‬

‫بآالت الرمي اؼبختلفة وإف أدى ذلك إىل قتل نسائهم وأطفاؽبم ‪ ،‬ويتجنب إصابة النساء ‪،‬‬ ‫واألطفاؿ قدر اإلمكاف ‪ ،‬ويُقصد عند الرمي احملاربُت ‪ ،‬وال هبوز قصد النساء واألطفاؿ ‪.‬‬ ‫ويدؿ على ذلك ‪:‬‬ ‫ِ‬ ‫* حديث ابن عمر رضي اهلل عنهما (( َّ‬ ‫أغار على بٍت‬ ‫أف َ‬ ‫رسوؿ اهلل َ‬ ‫صلَّى اللَّوُ َعلَْيو َو َسلَّ َم قد َ‬ ‫اؼبصطلق ‪ ،‬وىم َغ ُّاروف )) متفق عليو ‪ .‬أي وىم غافلوف ‪ ،‬فأخذىم على غرة وبغتة ‪.‬‬ ‫فالنساء واألطفاؿ َل يبنعوا النِب صلى اهلل عليو وسلم من شن الغارات على بٍت اؼبصطلق ‪ ،‬ويف‬ ‫حالة تًتس العدو ّٔم يف القتاؿ أوىل أف ال يبنعوا من قتاؽبم ‪.‬‬ ‫* وكذلك يف تبييت العدو قد يصاب النساء واألطفاؿ لضرورة عدـ العلم ّٔم وسبييزىم ‪ ،‬فكذلك‬ ‫إذا تَػتَػَّرس العدو باألطفاؿ والنساء حاؿ التحاـ القتاؿ ‪ ،‬عن الصعب بن جثامة رضي اهلل عنو ‪،‬‬

‫ٓ​ٕٓ‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اؿ ‪:‬‬ ‫اب ِم ْن نِ َسائِ ِه ْم َو َذ َرا ِريّْ ِه ْم ‪ .‬قَ َ‬ ‫قاؿ ‪ُ (( :‬سئ َل َع ْن أ َْى ِل الدَّا ِر يػُبَػيَّتُو َف م َن الْ ُم ْش ِرك َ‬ ‫ُت‪ ،‬فيُ َ‬ ‫ص ُ‬ ‫« ُى ْم ِمْنػ ُه ْم » )) متفق عليو ‪.‬‬ ‫* وألف ترؾ قتاؽبم إذا تًتسوا بنسائهم وأطفاؽبم يؤدي إىل ؿبظورين ‪:‬‬ ‫األول ‪ :‬ترؾ اعبهاد يف سبيل اهلل ومنع الظفر ّٔم وىزيبتهم ‪.‬‬ ‫الثاني ‪ :‬التويل عنهم وىم مقبلوف على قتالنا ‪.‬‬

‫الصورة الثانية ‪ :‬يف حاؿ عدـ االلتحاـ باألعداء و عدـ اػبوؼ منهم ‪ ،‬وقد اختلف أىل العلم‬ ‫يف ىذه الصورة بُت مانع و ؾبيز بشروط ‪.‬‬ ‫والذي يظهر لنا رجحانو ىو ما ذىب إليو صبهور أىل العلم أنو هبوز قتلهم ولو يف غَت التحاـ‬ ‫القتاؿ ‪ ،‬ولو َل ىبف منهم على اؼبسلمُت بشرط ذبنب إصابة النساء واألطفاؿ قدر اإلمكاف ‪،‬‬ ‫ويقصد عند الرمي احملاربُت ‪ ،‬وال هبوز قصد النساء واألطفاؿ ‪.‬‬ ‫ويدؿ على ذلك ‪:‬‬ ‫* أف النِب صلى اهلل عليو وسلم يف قتالو للكفار احملاربُت َل يكن يتحُت بالرمي إليهم حاؿ التحاـ‬ ‫اغبرب ‪.‬‬ ‫* وكذلك قياساً على مسألة البيات ‪ ،‬حيث أنو ال فرؽ بُت الصورتُت ‪.‬‬ ‫* وألف ترؾ األعداء إذا تًتسوا بنسائهم وأطفاؽبم مدعاة إىل قوهتم ‪ ،‬وإعادة ترتيب صفوفهم‬ ‫ووصوؿ اؼبدد إليهم فيجوز قتاؽبم ويتوقى قتل النساء واألطفاؿ ما أمكن ‪.‬‬ ‫* وألف تركهم يف ىذه اغبالة يؤدي إىل تعطيل اعبهاد ‪.‬‬ ‫قصد‬ ‫قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل ‪ ( :‬وإف تًتسوا يف اغبرب بنسائهم وصبياهنم جاز رميهم ‪ ،‬ويُ َ‬ ‫اؼبقاتلة ؛ « ألف النِب صلى اهلل عليو وسلم رماىم باؼبنجنيق ومعهم النساء والصبياف » ‪ ،‬وألف كف‬ ‫اؼبسلمُت عنهم يفضي إىل تعطيل اعبهاد‪ ،‬ألهنم مىت علموا ذلك تًتسوا ّٔم عند خوفهم فينقطع‬ ‫اعبهاد ‪ .‬وسواء كانت اغبرب ملتحمة أو غَت ملتحمة ؛ ألف النِب صلى اهلل عليو وسلم َل يكن‬ ‫يتحُت بالرمي حاؿ التحاـ اغبرب ) اؼبغٍت (ٖٔ‪.)ٔٗٔ /‬‬

‫ٕٔٓ‬


‫وبناءً على ما سبق هبوز قتاؿ األعداء احملاربُت ولو تًتسوا بنسائهم وأطفاؽبم ‪ ،‬وال يوقف اعبهاد ‪،‬‬ ‫وال يُعطَل ألجل ذلك ‪.‬‬ ‫** تنبيهان ‪:‬‬

‫األول ‪ :‬يسري حكم التًتس ىذا على سائر من منعت الشريعة من قتلهم كالشيخ اؽبرـ و غَته‬

‫‪ ،‬ما َل وباربوا أو يعينوا على حربنا ‪.‬‬ ‫قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل ‪ ( :‬ولو وقفت امرأة يف صف الكفار أو على حصنهم ‪ ،‬فشتمت‬ ‫وؿ اللَّ ِو‬ ‫اصَر َر ُس ُ‬ ‫اؼبسلمُت ‪ ،‬أو تكشفت ؽبم ‪ ،‬جاز رميها قصداً ؛‪ ...‬عن عكرمة ‪ ،‬قاؿ ‪ (( :‬لَ َّما َح َ‬ ‫ِ‬ ‫صلى اهلل عليو وسلم أ َْىل الطَّائِ ِ‬ ‫اؿ ‪َ « :‬ىا ُدونَ ُك ْم فَ ْارُموا»‪.‬‬ ‫ت قُػبُػلَ َها ‪ .‬فَػ َق َ‬ ‫ف أَ ْشَرفَت ْامَرأَةٌ ‪ ،‬فَ َك َش ْف ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ك ِمْنػ َها )) ‪.‬‬ ‫َخطَأ ذَل َ‬ ‫ُت ‪ ،‬فَ َما أ ْ‬ ‫اىا َر ُج ٌل م َن الْ ُم ْسلم َ‬ ‫فَػَرَم َ‬ ‫وهبوز النظر إىل فرجها للحاجة إىل رميها ؛ ألف ذلك من ضرورة رميها ‪.‬‬ ‫وكذلك هبوز رميها إذا كانت تلتقط ؽبم السهاـ ‪ ،‬أو تسقيهم ‪ ،‬أو ربرضهم على القتاؿ ؛ ألهنا‬ ‫يف حكم اؼبقاتل ‪ .‬وىكذا اغبكم يف الصِب والشيخ وسائر من منع من قتلو منهم ) اؼبغٍت ٖٔ‪/‬‬ ‫ٔٗٔ)‪.‬‬ ‫* ال ينبغي للمجاىدين أف يتوسعوا يف ىذا الباب توسعاً غَت ؿبمود لعظم خطره وضرره على‬ ‫الدين والدنيا ‪ ،‬فبل يُقدـ على ىذه اؼبسألة االضطرارية إال أىل الرأي واػبربة من آّاىدين دبشورة‬ ‫أىل العلم ‪.‬‬ ‫اللهم انصر آّاىدين يف سبيلك يف كل مكاف ‪ ،‬وأعنهم على تطبيق شرعك ‪ ،‬وااللتزاـ بدينك يا‬ ‫رب العاؼبُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٕٕٓ‬


‫فتىي ( ‪ :) 85‬امرأة تسؤل ‪ :‬خرج زوجً للجهاد وانقطعت أخباره بعد إحدى‬ ‫المعارك فكم تكون مدة انتظاره ؟‬ ‫وهل تجب علًَّ العدة ؟‬

‫اجلىاب ‪:‬‬ ‫بسم اهلل ‪ ،‬واغبمد هلل ‪ ،‬والصبلة والسبلـ على رسوؿ اهلل ‪ ،‬وآلو وصحبو و من وااله ‪.‬‬ ‫أما بعد ‪:‬‬ ‫إذا انقطعت أخبار الزوج بعد اؼبعركة فإنو يأخذ حكم اؼبفقود ‪ ،‬وقد اختلف الفقهاء يف مدة‬ ‫االنتظار قبل اغبكم بوفاتو واعتداد زوجتو ‪ ،‬والذي يظهر لنا رجحانو ىو أف الزوجة هبب عليها أف‬ ‫تنتظر أربع سنُت من فقده ‪ُ ،‬ث تعتد بعدىا ‪.‬‬ ‫وهبوز ؽبا انتظاره أكثر من أربع سنوات إف ىي رغبت بذلك ‪.‬‬ ‫ويدؿ على ذلك ‪:‬‬ ‫أولا ‪ :‬اآلثار الواردة في ذلك ‪ ،‬ومنها ‪:‬‬

‫ٍ‬ ‫ت َزْو َج َها ‪ ،‬فَػلَ ْم‬ ‫* ما ُروي عن عمر بن اػبطاب رضي اهلل عنو أنو قاؿ ‪ (( :‬أَُّيبَا ْامَرأَة فَػ َق َد ْ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُت ‪ُ​ُ ،‬ثَّ تَػْنتَ ِظ ُر أ َْربَػ َعةَ أَ ْش ُه ٍر َو َع ْشًرا )) رواه البيهقي ‪.‬‬ ‫تَ ْد ِر أَيْ َن ُى َو ‪ ،‬فَِإنػَّ َها تَػْنتَظُر أ َْربَ َع سن َ‬ ‫قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل ‪ ( :‬قاؿ األثرـ ‪ :‬قيل أليب عبد اهلل ‪ :‬تذىب إىل حديث عمر ؟‪ .‬قاؿ ‪ :‬ىو‬

‫أحسنها يروى عن عمر من شبانية وجوه ‪ُ .‬ث قاؿ ‪ :‬زعموا أف عمر رجع عن ىذا ‪ .‬ىؤالء الكذابُت ‪.‬‬ ‫قلت ‪ :‬فروي من وجو ضعيف أف عمر قاؿ خببلؼ ىذا ؟‪ .‬قاؿ ‪ :‬ال ‪ ،‬إال أف يكوف إنساف يكذب ‪.‬‬ ‫وقلت لو مرًة ‪ :‬إف إنساناً قاؿ يل ‪ :‬إف أبا عبد اهلل قد ترؾ قولو يف اؼبفقود بعدؾ ‪ .‬فضحك ‪ُ ،‬ث‬ ‫قاؿ ‪ :‬من ترؾ ىذا القوؿ أي شيء يقوؿ ‪ ،‬وىو قوؿ عمر وعثماف وعلي وابن عباس وابن الزبَت ‪.‬‬ ‫قاؿ أضبد ‪ :‬طبسة من أصحاب النِب صلى اهلل عليو وسلم ‪.‬‬ ‫وبو قاؿ عطاء وعمر بن عبد العزيز واغبسن والزىري وقتادة والليث وعلي بن اؼبديٍت وعبد العزيز‬ ‫بن أيب سلمة ) اؼبغٍت (ٔ​ٔ‪.)ٕٗٛ /‬‬ ‫ٖٕٓ‬


‫ثاني ا ‪ :‬أف مدة األربع سنوات كافية للعثور عليو لو كاف حياً ‪ ،‬وىي أكثر مدة اغبمل فيربأ الرحم ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬أف بقاء اؼبفقود زوجها حىت يتحقق موتو فيو ضرر عليها ‪ ،‬وفساد يف آّتمع إذا بقيت مدة‬ ‫طويلة دوف زوج ‪.‬‬ ‫قاؿ ابن قدامة رضبو اهلل ‪ ( :‬القسم الثاٍل ‪ ،‬أف تكوف غيبتو ظاىرىا اؽببلؾ ‪ ،‬كالذي يفقد من بُت‬ ‫أىلو ليبلً أو هناراً ‪ ،‬أو ىبرج إىل الصبلة فبل يرجع ‪ ،‬أو يبضي إىل مكاف قريب ليقضي حاجتو ويرجع ‪،‬‬ ‫فبل يظهر لو خرب ‪ ،‬أو يفقد بُت الصفُت ‪ ،‬أو ينكسر ّٔم مركب فيغرؽ بعض رفقتو ‪ ،‬أو يفقد يف‬ ‫مهلكة ‪ ،‬كربية اغبجاز وكبوىا ‪ ،‬فمذىب أضبد الظاىر عنو ‪ ،‬أف زوجتو تًتبص أربع سنُت ‪ ،‬أكثر‬ ‫مدة اغبمل ‪ُ ،‬ث تعتد للوفاة أربعة أشهر وعشراً ‪ ،‬وربل لؤلزواج ) اؼبغٍت (ٔ​ٔ‪.)ٕٗٛ /‬‬ ‫وقد سبق لنا بياف مدة العدة بالتفصيل ‪ ،‬وما هبب على اؼبعتدة يف الفتوى رقم (‪)٘ٙ‬‬ ‫‪http://www.facebook.com/photo.php?fbid=4027602131353‬‬ ‫‪l=82d7dcf030&21‬‬ ‫ىذا ونُوصي زوجة اؼبفقود ‪ ،‬بتقوى اهلل ‪ ،‬واحتساب األجر يف ما أصأّا من ببلء ‪ ،‬فزوجها قد‬ ‫خرج يف سبيل اهلل ‪ ،‬وكل ما يصيبو يكوف لو األجر فيو إف شاء اهلل تعاىل ‪.‬‬ ‫كما أف عليها أف ربفظ زوجها اؼبفقود خبلؿ غيبتو ‪ ،‬يف نفسها وأوالده ومالو ‪ ،‬وأف تكثر من‬ ‫الدعاء أف يعيده ساؼباً غامباً إليها ‪.‬‬ ‫وننبو إىل عدـ التساىل يف ىذه األمور لعظمها ‪ ،‬وينبغي على من ابتليت ّٔذا األمر أف ترجع‬ ‫للقضاة الشرعيُت يف منطقتها ‪ ،‬فإف تعذر ذلك فإىل العلماء وطبلب العلم ليحكموا يف كل واقعة ‪،‬‬ ‫ويشهدوا عليها لئبل تضيع اغبقوؽ ويػُتَساىل يف ىذه األمور ‪.‬‬ ‫ورّد إلينا اؼبفقودين األحياء ‪ ،‬وارحم من استشهد منهم ‪ ،‬واحفظ ؽبم‬ ‫اللهم ارحم الشهداء ‪ُ ،‬‬ ‫أىليهم من كل سوء و مكروه ‪ ،‬وانصرنا على القوـ الكافرين الظاؼبُت ‪.‬‬ ‫واهلل تعاىل أعلم ‪.‬‬

‫ٕٗٓ‬


‫من علينا ‪ ،‬ويسر لنا إعداد ىذه الفتاوى ‪ ،‬ونسأؿ اهلل‬ ‫ويف اػبتاـ نشكر اهلل عز وجل على أف َّ‬ ‫سبحانو وتعاىل أف هبعلها خالصة لوجهو الكرَل ويأجرنا عليها ‪ ،‬وأف يوفقنا وصبيع اؼبسلمُت إىل‬ ‫االستقامة على دينو حىت نلقاه وىو راض عنا ‪ ،‬وأف ينصر آّاىدين يف الشاـ ‪ ،‬ويف كل مكاف ‪،‬‬ ‫ويعجل بالفرج والتمكُت للمستضعفُت من أىل السنة واعبماعة يف مشارؽ األرض ومغارّٔا يا ذا‬ ‫اعببلؿ واإلكراـ ‪.‬‬ ‫وصلى اهلل على نبينا ؿبمد وعلى آلو وأصحابو وأتباعو إىل يوـ الدين‪.‬‬

‫ٕ٘ٓ‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.