التقرير العربي الثالث للتنمية الثقافية part 2

Page 1

‫السينما‬ ‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 444‬للتنمية الثقافية‬

‫تدقيق المصطلحات‬

‫مثة نوعان من املشكالت تتعلق بالبحث يف‬ ‫السينما يف الوطن العربي‪ :‬األول يتعلق باملفاهيم‬ ‫واملصطلحات وحتديد املقصود من ك ّل مصطلح‪،‬‬ ‫والثاني يتعلق مبصادر املعلومات عن دور العرض‬ ‫واإليرادات وما يعرض وما ينتج من أفالم‪،‬‬ ‫ومدى د ّقة هذه املصادر‪.‬‬ ‫يقصد بالسينما يف هذا البحث دور عرض‬ ‫األفالم‪ ،‬وما تعرضه من أفالم حمليّة وأجنبية‪،‬‬ ‫ويقصد بالعربية الدول العربية األعضاء يف‬ ‫جامعة الدول العربية‪ ،‬أو الوطن العربي‪.‬‬ ‫ويقصد باألفالم األعمال الفنيّة املص ّورة‬ ‫بكامريات السينما أو الفيديو من األفالم‬ ‫الطويلة والقصرية‪ ،‬من أنواع الف ّن السينمائي‬ ‫الثالثة‪ ،‬وهي الروائي والتسجيلي والتشكيلي‬ ‫(التحريك)‪ ،‬ويقصد بالفيلم الطويل الفيلم‬ ‫الذي تستغرق مدة عرضه أكثر من ‪ 60‬دقيقة‪.‬‬ ‫لك ّل فيلم هوية قانونية وهوية ثقافية‪ ،‬واهلوية‬ ‫القانونية هي اليت حت ّدد جنسية الفيلم‪ ،‬وليس‬ ‫اهلوية الثقافية‪ .‬فعندما ننسب فيلماً إىل دولة‬ ‫يكون املقصود أنه من إنتاج شركة مس ّجلة يف‬ ‫هذه الدولة‪ ،‬وحتى لو كان من اإلنتاج املشرتك‬ ‫بني أكثر من شركة يف أكثر من دولة‪ ،‬فهناك‬ ‫شركة أساسية هي شركة منشأ اإلنتاج‪ ،‬واليت‬ ‫تذكر قبل غريها‪.‬‬ ‫أما إذا كان الفيلم ملخرج حيمل جنسيّة بلد‬ ‫ويعب‬ ‫آخر‪ ،‬أو من أصول تنت ّمي إىل بلد آخر‪ ،‬رّ‬

‫يف فيلمه عن اهلوية الثقافية لبلده اليت ينت ّمي‬ ‫إليها‪ ،‬أو كان ينت ّمي إليها‪ ،‬فإن هذا الفيلم يعترب‬ ‫من أفالم املهجر‪.‬‬ ‫ولك ّل فيلم تاريخ إنتاج وتاريخ عرض‪ .‬وقد‬ ‫تكون سنة اإلنتاج هي سنة العرض‪ ،‬ولكن هذا ال‬ ‫يغيرّ من وجود تاريخ لإلنتاج‪ ،‬وهو تاريخ خروج‬ ‫النسخة األوىل من املعمل بالنسبة إىل األفالم‬ ‫املص ّورة بكامريات السينما‪ ،‬فهذه هي النسخة‬ ‫النهائية من ك ّل فيلم‪ ،‬ومن املفرتض أن تعرض‬ ‫وحتفظ كما صنعها خمرجها‪ ،‬وتصبح غري قابلة‬ ‫للحذف أو اإلضافة‪ .‬أما تاريخ إنتاج األفالم‬ ‫املص ّورة بكامريات الفيديو فهو تاريخ إمتام‬ ‫النسخة األوىل‪.‬‬ ‫ويتعلّق القسم الثاني من مشكالت البحث‬ ‫يف السينما العربية باملعلومات عن دور العرض‬ ‫وإيراداتها‪ ،‬وعن األفالم احمللية اليت تنتج‬ ‫واألفالم األجنبية اليت تعرض‪ .‬فال توجد‬ ‫معلومات حمقّقة وموثّقة بسبب عدم وجود‬ ‫"سينماتيك"‪،‬أو مكتبة للسينما باملفهوم العلمي‬ ‫الصحيح يف ك ّل الوطن العربي‪ .‬وقد ترجم‬ ‫جم ّمع الّلغة العربية كلمة "سينماتيك" إىل‬ ‫"دار السينما" على غرار دار الكتب باعتبار أن‬ ‫لكليهما الوظيفة نفسها‪ ،‬وهي رصد املعلومات‬ ‫وحفظ وإتاحة نسخ كاملة من الكتب أو األفالم‪.‬‬ ‫لذلك فك ّل األرقام يف هذا البحث تقريبية‪،‬‬ ‫إذا مل يذكر غري ذلك‪ .‬وكل إمجالي األفالم‬ ‫الروائيّة الطويلة يستند إىل فيلموغرافيا الباحث‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫اخلاصة‪ ،‬من واقع متابعاته وأحباثه عن السينما‬ ‫العربية منذ العام ‪ ،1965‬وبعد أكرب قدر ممكن‬ ‫من التوثيق والتحقيق‪.‬‬ ‫وألن السنة ‪ ،2009‬أو غريها من السنوات‪،‬‬ ‫فإن‬ ‫ال تنعزل ع ّما سبقها من سنوات‪ ،‬لذلك َّ‬ ‫ك ّل مدخل عن السينما يف ك ّل دولة عربية يبدأ‬ ‫مبق ّدمة تارخيية عن متى عرفت هذه الدولة‬ ‫تطورت حتى ‪ ،2009‬وكذلك أفالم‬ ‫السينما‪ ،‬وكيف َّ‬ ‫املهجر ملواطنيها إذا وجدت‪ .‬ويتض ّمن ك ّل مدخل‬ ‫املعلومات األساسيّة عن الدولة‪ ،‬والتشريعات‬ ‫ومؤسسات هذه‬ ‫املنظمة لصناعة السينما‪ّ ،‬‬ ‫الصناعة‪ ،‬واملهرجانات واملؤ ّ‬ ‫مترات املتعلقة بها‪،‬‬ ‫واملعاهد واألقسام اجلامعية اليت تُعلم فنونها‪،‬‬ ‫والكتب والدوريات اليت صدرت عنها‪ .‬وقد ّمت‬ ‫ترتيب الدول العربية حبسب الرتتيب الرمسي‬ ‫املعت ّمد يف جامعة الدول العربية‪.‬‬ ‫ ‬ ‫األردن‪ :‬غياب الفيلم الروائي الطويل‬

‫أقيمت العروض األوىل لألفالم يف العاصمة‬

‫من ‪ 5‬مليون دوالر أمريكي‪.‬‬ ‫صدر أول قانون لتنظيم صناعة السينما يف‬ ‫األردن العام ‪ .1956‬ويف العام ‪ّ 1958‬مت إنتاج أول‬ ‫فيلم أردني روائي طويل بعنوان صراع في جرش‬ ‫إخراج واصف الشيخ‪ .‬وبدأ اهتمام الدولة‬ ‫باإلنتاج السينمائي مع إنشاء قسم السينما يف‬ ‫وزارة اإلعالم العام ‪ ،1965‬والذي أصبح تابعاً‬ ‫البث العام ‪ .1968‬كما بدأ‬ ‫للتلفزيون مع بداية ّ‬ ‫تدريس السينما يف قسم الفنون يف جامعة‬ ‫اليرموك‪.‬‬ ‫تأسس يف المركز الثقافي‬ ‫ويف العام ‪ّ 1983‬‬ ‫عمان النادي السينمائي األردني‬ ‫الملكي يف ّ‬ ‫الذي كان نقطة حت ّول يف تاريخ ثقافة السينما‬ ‫يف األردن بفضل الناقد والباحث حسان أبو‬ ‫غنيمة (‪ .)1996 - 1948‬وكانت نقطة التح ّول‬ ‫الثانية يف هذا اجملال إنشاء جلنة السينما يف‬ ‫مؤسسة عبد الحميد شومان العام ‪،1989‬‬ ‫ّ‬ ‫شكل رقم ‪1‬‬ ‫الواليات املتحدة‬ ‫‪113‬‬

‫األفالم املعروضة يف األردن حبسب البلد املنتج (‪)2009‬‬ ‫آسيا‬ ‫‪6‬‬

‫أوروبا‬

‫مصر‬

‫‪16‬‬

‫‪11‬‬

‫االردن‬

‫دول أخرى‬

‫‪0‬‬

‫‪5‬‬

‫‪%3‬‬ ‫‪% 11‬‬

‫‪%7‬‬

‫‪%4‬‬ ‫‪% 75‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫اإلبداع‬

‫عمان العام ‪ .1925‬ويف العام‬ ‫ّ‬ ‫األردنية ّ‬ ‫أنشئت دار لعرض األفالم الصامتة‪ ،‬وبعد ظهور‬ ‫األفالم الناطقة العام ‪ ،1927‬أنشئت أوىل دار‬ ‫لعرضها العام ‪.1934‬‬ ‫استقلّت مملكة األردن عن االحتالل‬ ‫الربيطاني العام ‪ ،1946‬وظ ّل عدد دور العرض‬ ‫حمدوداً حتى ‪ .1960‬ويف العام ‪ 1965‬وصل إىل‬ ‫عمان واملدن الرئيسة‪ ،‬ووصل إىل ‪70‬‬ ‫‪ 52‬داراً يف َّ‬ ‫داراً العام ‪ .1980‬ومع انتشار الفيديو والوسائل‬ ‫األخرى احلديثة ملشاهدة األفالم تقلّص عدد‬ ‫دور العرض‪ ،‬ووصل إىل ‪ 32‬داراً العام ‪2009‬‬ ‫جملموع السكان البالغ حنو ‪ 6‬مليون نسمة‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ّ 2009‬مت عرض ‪ 151‬فيلماً روائياً‬ ‫طوي ًال منها ‪ 113‬فيلماً أمريكياً و‪ 16‬فيلماً أوروبياً‬ ‫و‪ 16‬فيلماً عربياً‪ ،‬منها ‪ 11‬من مصر و‪ 6‬أفالم‬ ‫آسيوية‪ .‬وبلغ جمموع إيرادات هذه األفالم أكثر‬ ‫‪1929‬‬

‫‪445‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 446‬للتنمية الثقافية‬

‫واليت رأسها واليزال عدنان مدانات‪ ،‬وهو من‬ ‫كبار نقّاد السينما العرب‪ ،‬ومن كبار املرتمجني‬ ‫عن الروسيّة‪ ،‬ومن أه ّم أعضاء الّلجنة الناقد‬

‫ناجح حسن‪.‬‬

‫ومع تولّي عبدالله الثاني املُلك العام‬ ‫بدأت السينما يف األردن مرحلة جديدة بإنشاء‬ ‫اهليئة الملكية األردنية لألفالم العام ‪،2003‬‬ ‫وهي هيئة حكوميّة ذات استقالل مالي وإداري‬ ‫يديرها جملس مفوضني برئاسة األمير علي‬ ‫بن الحسين‪ .‬وتستهدف اهليئة تطوير صناعة‬ ‫السينما ودعم إنتاج أفالم أردنيّة ونشر ثقافة‬ ‫السينما وتقديم خدمات لإلنتاج األجنيب الذي‬ ‫يص ّور يف األردن‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ 2009‬أنشأت اهليئة بيت األفالم‬ ‫الذي يتك ّون من مكتبة مطبوعات ومكتبة أفالم‬ ‫(فيديوتيك) ومركز مونتاج وبنك كامريات‬ ‫مع ّدات تصوير‪ ،‬والذي ّ‬ ‫ينظم ورش عمل نظرية‬ ‫وتطبيقية‪ ،‬كما ّ‬ ‫ينظم عروضاً لألفالم يف مق ّره‬ ‫يف ع ّمان‪ ،‬ويف ثالثة نواد للسينما أقامها يف مدن‬ ‫العقبة وأربد وسحاب‪.‬‬ ‫وبفضل اخلدمات اليت تق ّدمها اهليئة ّمت‬ ‫تصوير أكثر من ‪ 30‬فيلماً أجنبياً روائياً طوي ًال‬ ‫يف األردن من ‪ 2003‬إىل ‪ ،2009‬وهو ضعف‬ ‫عدد األفالم األجنبيّة اليت ص ّورت هناك قبل‬ ‫ذلك‪ .‬كما ّمت إنشاء معهد البحر األحمر لفنون‬ ‫السينما يف العقبة مع جامعة جنوب كاليفورنيا‬ ‫األميركية العام ‪ ،2007‬ومعهد هندسة الصوت‬ ‫في‬ ‫عمان مع المعهد األسترالي الدولي‬ ‫ّ‬ ‫لهندسة الصوت العام ‪.2008‬‬ ‫عمان‬ ‫وشهد العام ‪ 2004‬إنشاء تعاونية ّ‬ ‫أسسها ويديرها املخرج حازم‬ ‫لألفالم اليت ّ‬ ‫البيطار‪ ،‬واليت تنتج أفالماً قصرية‪ّ ،‬‬ ‫وتنظم‬ ‫سنوياً مهرجان األردن لألفالم القصيرة الذي‬ ‫عقد دورته اخلامسة من ‪ 10‬إىل ‪ 14‬تشرين‬ ‫الثاني‪/‬نوفمرب ‪ ،2009‬كما شهد العام نفسه‬ ‫‪2001‬‬

‫إنشاء مجاعة أفالم بال‬ ‫أسستها‬ ‫ميزانية اليت ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتديرها املخرجة غادة سابا‪ ،‬واليت أنتجت‬ ‫فيلماً روائياً طوي ًال واحداً من إخراجها بعنوان‬ ‫ما خلص العام ‪.2004‬‬ ‫بلغ عدد األفالم األردنيّة الروائيّة الطويلة‬ ‫‪ 12‬فيلماً من ‪ 1958‬إىل ‪ ،2008‬من بينها ثالثة‬ ‫أفالم إنتاج أردني تركي مشرتك‪ ،‬وفيلمان‬ ‫من إنتاج قسم السينما يف التلفزيون‪ .‬وذلك‬ ‫مع احتساب فيلم عاصفة على البتراء إخراج‬ ‫املصري فاروق عجرمة الذي منع من العرض‬ ‫بقرار من الرقابة العام ‪ 1965‬لوجود مشهد بيت‬ ‫دعارة يف القدس العربية‪ .‬ومن دون احتساب‬ ‫فيلمني مل يت ّما العام ‪ 1972‬من إنتاج قسم‬ ‫السينما‪ ،‬وهما االبن الثاني عشر إخراج جالل‬ ‫طعمة‪ ،‬والشحاذ إخراج محمد عزيزية‪.‬‬ ‫ومن أهم األفالم االثين عشر حكاية‬ ‫شرقية إخراج السوري نجدت أنزور العام‬ ‫‪ ،1991‬وكابتن أبو رائد إخراج أمين مطالقة‬ ‫العام ‪ ،2007‬والذي عرض يف األردن العام‬ ‫‪ ،2008‬وحقق جناحاً يف مهرجانات دولية أهمها‬ ‫مهرجان صاندانس للسينما المستقلة في‬

‫الواليات المتّ حدة‪ .‬وكالهما الفيلم الروائي‬ ‫الطويل األول ملخرجه‪.‬‬ ‫يف حكاية شرقية رؤية نقديّة للواقع بأسلوب‬ ‫سينمائي حداثوي جيمع بني الواقع واخليال‪،‬‬ ‫وبني مشاهد كابوسية وأخرى تسجيلية من‬ ‫احلياة اليومية‪ ،‬وذلك من خالل حياة "الصحايف‬ ‫مصطفى" (محمد القباني) الذي يعاني من‬ ‫تأثري هزمية حزيران‪ /‬يونيو ‪ 1967‬اليت عاشها‪،‬‬ ‫وتداعياتها املست ّم ّرة‪ ،‬كما يعاني من تسلّط‬ ‫رئيس حترير اجلريدة اليت يعمل بها‪ ،‬وميله إىل‬ ‫نفاق السلطة على حساب احلرية‪.‬‬ ‫فيعب عن مجال مدينة‬ ‫أما كابتن أبو رائد رّ‬ ‫عمان سواء يف سهوهلا وجباهلا‪ ،‬أم يف حواري‬ ‫ّ‬ ‫الفقراء وقصور األثرياء‪ ،‬على حنو ال خيلو‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫جماليات المكان‬

‫ومن األفالم التسجيلية القصرية املت ّميزة‬

‫اإلبداع‬

‫من الدعاية السياحية‪ ،‬وذلك من خالل قصة‬ ‫عامل نظافة يف املطار يُدعى أبو رائد (نديم‬ ‫صوالحة)‪ ،‬يعثر على قبعة كابنت طيار‪ ،‬فيتص ّور‬ ‫أطفال احلارة أنه أصبح طياراً جياريهم‪،‬‬ ‫وحيكي هلم احلكايات عن بالد العامل‪ ،‬ثم‬ ‫يتو ّرط يف مشكالت عديدة تنتهي بقتله‪ .‬إنه فيلم‬ ‫ميلودرامي تقليدي بسيط‪ ،‬ولكنه متقن الصنع‪.‬‬ ‫وحتى ثورة أفالم الفيديو يف العقدين‬ ‫املاضيني‪ ،‬أنتج قسم السينما يف التلفزيون منذ‬ ‫‪ 1965‬أكثر من ‪ 50‬فيلماً تسجيلياً وروائياً قصرياً‪،‬‬ ‫و‪ 44‬عدداً من اجلريدة األردنية‪ .‬ومن أهم‬ ‫األفالم التسجيلية أفالم علي صيام (‪1926-‬‬ ‫‪ )1990‬عن قضية فلسطني‪ .‬ومن أهم األفالم‬ ‫الروائيّة القصرية الحذاء إخراج محمد علوة‬ ‫العام ‪ ،1986‬وفيلم الفيديو المشهد إخراج‬ ‫حازم البيطار ورفقي عساف العام ‪،2008‬‬ ‫والذي فاز جبائزة أحسن فيلم روائي قصري يف‬ ‫مهرجان أبو ظبي‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ 2009‬مل يت ّم إنتاج أ ّي فيلم روائي‬ ‫طويل يف األردن‪ ،‬ولكن هناك العديد من األفالم‬ ‫التسجيلية والقصرية وأفالم الطلبة‪ ،‬وكلها‬ ‫مصورة بكامريات الفيديو‪ ،‬وكلها من إنتاج‬ ‫شركات صغرية أو إنتاج األفراد‪.‬‬ ‫ومن أهم األفالم التسجيلية الفيلم الطويل‬ ‫الذاكرة المثقوبة إخراج ساندرا ماضي الذي فاز‬ ‫جبائزة أحسن فيلم تسجيلي طويل يف مهرجان‬ ‫بيروت الدولي التاسع لألفالم التسجيلية العام‬ ‫‪ ،2009‬وموضوعه معاناة احملاربني الفلسطينيني‬ ‫القدامى‪ .‬والفيلم الطويل القدس العتيقة إخراج‬ ‫ساهرة درباس وخليل سعادة من إنتاج وزارة‬ ‫الثقافة مبناسبة اختيار القدس عاصمة للثقافة‬ ‫العربية العام ‪.2009‬‬

‫رب المنـزل إخراج أنس بلعاوي الذي فاز‬ ‫جبائزة أحسن فيلم تسجيلي قصري يف‬ ‫مهرجان بيروت ‪ ،2009‬عن مشكلة شاب حيب‬ ‫السينما ويعارضه والده الطبيب املعروف‪ .‬وأنا‬ ‫غزة إخراج أسماء بسيسو عن حصار غزة‪،‬‬ ‫ودارين للسالم إخراج أياد الداوود عن قضية‬ ‫دارفور يف السودان‪ ،‬وجماليات المكان إخراج‬ ‫الّلبنانية ندى دوماني عن الفنانني العراقيني يف‬ ‫األردن‪ ،‬وهي الشرطي إخراج مريم جمعة عن‬ ‫الشرطيات يف األردن‪.‬‬ ‫ومن أهم األفالم الروائيّة القصرية نفق‬ ‫إخراج هبة أبو مساعد عن فتاة تعلق يف أحد‬ ‫عمان يف ليلة ممطرة‪ ،‬وتفكر يف حياتها‪،‬‬ ‫أنفاق ّ‬ ‫ومشكلتها مع رئيسها يف العمل الذي يتحرش‬ ‫بها‪ ،‬ورياح التغيير إخراج حازم البيطار عن‬ ‫فتاة يف بيئة قاسية على أطراف البحر امليت‬ ‫ترعى والدها املريض‪ ،‬ويتق ّدم أحد الشباب‬ ‫للزواج منها‪.‬‬ ‫ورمبا للم ّرة األوىل شهد العام ‪ 2009‬إنتاج‬ ‫فيلم ّي حتريك قصريين األول شيري إخراج‬ ‫ريم عمري عن امرأة وحيدة جتد متعتها يف‬ ‫مشاهدة األفالم‪ ،‬والثاني رحلة العشر دوالرات‬ ‫إخراج محمود الشولي عن شاب يعيش على‬ ‫هامش اجملتمع‪.‬‬ ‫ ‬ ‫اإلمارات‪ :‬ثبات المعدل السنوي‬ ‫للفيلم القصير‬

‫استقلت‬

‫‪447‬‬

‫إمارات أبوظبي ودبي والشارقة‬

‫وعجمان ورأس الخيمة وأم القوين والفجيرة‬

‫عن بريطانيا‪ ،‬وتو ّحدت يف‬ ‫العربية املتّحدة العام ‪ .1971‬ومنذ ذلك العام‬ ‫بدأت مسرية التط ّور والتق ّدم يف ك ّل اجملاالت‪،‬‬ ‫مبا يف ذلك السينما‪.‬‬ ‫أطلّت السينما يف العاصمة أبوظبي العام‬ ‫‪ ،1969‬وكان عدد دور العرض حمدوداً‪ ،‬ثم بدأ‬ ‫دولة اإلمارات‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 448‬للتنمية الثقافية‬

‫في اإلمارات وفي العام ‪ 2009‬ت ّم‬ ‫إنتاج ‪ 3‬أفالم روائية طويلة وهي فندق‬ ‫في المدينة إخراج هاني الشيباني عن‬ ‫قروي يقضي ليلته األولى في المدينة في‬ ‫فندق‪ ،‬والدائرة إخراج نوا الجناحي‪ ،‬عن‬ ‫صحافي يحتضر بسبب السرطان تتقاطع‬ ‫حياته مع مجرم يريد ّ‬ ‫الكف عن اإلجرام‪،‬‬ ‫ودار الحي إخراج علي مصطفى عن‬ ‫مجتمع اإلمارات الذي يجمع العديد من‬ ‫األعراق والثقافات‪..‬‬

‫شكل رقم ‪2‬‬

‫يزداد حتى وصل إىل ‪ 239‬داراً العام ‪ 2009‬لعدد‬ ‫السكان البالغ ‪ 5‬مليون نسمة‪ ،‬وهو أكرب عدد‬ ‫بني ك ّل الدول العربيّة بعد مصر‪ .‬وعرضت هذه‬ ‫الدور خالل هذا العام ‪ 300‬فيلم منها ‪ 200‬من‬ ‫الواليات المتّ حدة و‪ 75‬من الهند و‪ 20‬من مصر‬ ‫و‪ 5‬من دول أخرى‪ ،‬وبلغت إيراداتها ‪ 75‬مليون‬ ‫دوالر أمريكي‪ ،‬وهي أكرب إيرادات بني ك ّل الدول‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫ّمت يف اإلمارات إنتاج ‪ 15‬فيلماً روائياً طويالً‬ ‫حتى ‪ ،2009‬أوهلا عابر سبيل إخراج علي‬ ‫العبدول ‪ ،1988‬عن التصادم بني الثقافة‬ ‫البدويّة املتوارثة والثقافة احلديثة من خالل‬ ‫قصة تدور أحداثها يف اخلمسينيات من القرن‬ ‫ّ‬ ‫العشرين‪ ،‬وينتصر املخرج يف النهاية للمواءمة‬ ‫بني الثقافتني‪ .‬ومن أهم األفالم حلم ‪ ،2005‬أول‬ ‫فيلم روائي طويل إخراج هاني الشيباني الذي‬ ‫درس اإلعالم يف القاهرة‪ ،‬وبدأ بإخراج األفالم‬ ‫ويعب الفيلم عن‬ ‫الروائيّة القصرية العام ‪ ،2001‬رّ‬ ‫حلم جمموعة من الشباب اإلماراتيني يف صنع‬ ‫سينما إماراتية‪ ،‬وجمعة والبحر ‪ 2007‬ثاني‬

‫األفالم املعروضة يف اإلمارات حبسب البلد املنتج (‪)2009‬‬

‫الواليات املتحدة‬

‫اهلند‬

‫مصر‬

‫‪200‬‬

‫‪75‬‬

‫‪20‬‬

‫دول اخرى‬

‫اإلمارات‬

‫‪5‬‬

‫‪0‬‬

‫‪%1‬‬ ‫‪%7‬‬

‫‪% 25‬‬

‫‪% 67‬‬

‫أفالم الشيباني‪ ،‬عن حياة صياد أمساك يف‬ ‫الستينيات ورغبته يف توريث املهنة البنه ورغبة‬ ‫االبن يف أن يتعلّم ويصنع مستقب ًال آخر‪.‬‬ ‫ومن األفالم امله ّمة أيضاً حنه إخراج صالح‬ ‫كرامة ‪ ،2008‬وتدور أحداثه يف بداية الثمانينيات‬ ‫عن الفتاة البدويّة حنه اليت تتطلع إىل احلياة‬ ‫العصرية يف املدن اإلماراتية اجلديدة‪ .‬وكان‬ ‫أول فيلم يعرض يف مسابقة دولية يف مهرجان‬ ‫أبوظبي العام ‪.2008‬‬ ‫ويف العام ‪ّ 2009‬مت إنتاج ‪ 3‬أفالم روائيّة‬ ‫طويلة‪ ،‬وهي فندق في المدينة إخراج هاني‬ ‫الشيباني‪ ،‬عن قروي يقضي ليلته األوىل‬ ‫يف املدينة يف فندق‪ ،‬والدائرة إخراج نواف‬ ‫الجناحي الذي درس يف الواليات المتّ حدة‪،‬‬ ‫عن صحايف حيتضر من تأثري مرض السرطان‬ ‫تتقاطع حياته مع جمرم يريد ّ‬ ‫الكف عن‬ ‫اإلجرام‪ ،‬ودار الحي إخراج علي مصطفى‪،‬‬ ‫عن جمتمع اإلمارات الذي جيمع العديد من‬ ‫الثقافات واألعراق من خالل ماليني املقيمني‬ ‫عرب ثالثة شخصيات‪ :‬شاب إماراتي‪ ،‬وسائق‬ ‫تاكسي هندي‪ ،‬وامرأة غربية‪ ،‬يف مدينة دبي‪.‬‬ ‫ّمت يف اإلمارات إنتاج ‪ 500‬فيلم قصري روائي‬ ‫وتسجيلي وتشكيلي (حتريك) كلّها من اإلنتاج‬ ‫املستقل‪ ،‬وكلّها من أفالم الفيديو‪ 50 ،‬يف‬ ‫التسعينيات‪ ،‬و‪ 450‬من العام ‪ 2000‬حتى ‪،2009‬‬ ‫من أفالم احملرتفني واهلواة وأفالم الطلبة‪ .‬وقد‬ ‫املؤسسات‬ ‫تط ّورت حركة اإلنتاج املستقل بفضل ّ‬ ‫الثقافية املدنية مثل نادي دبي للسينما الذي‬ ‫أنشئ العام ‪ ،1981‬ونادي الشارقة للسينما‬ ‫الذي أنشئ يف العام ‪ ،1982‬وبفضل المجمع‬ ‫الثقافي الذي أنشأته احلكومة يف أبوظبي العام‬ ‫‪ ،1981‬وكان األمني العام الشاعر محمد أحمد‬ ‫السويدي‪ ،‬وهو مثقّف عصري اهت ّم بالسينما‬ ‫قدر اهت ّمامه بالفنون األخرى‪.‬‬ ‫أصدر المجمع الثقافي يف التسعينيّات أول‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫السينمائي الدولي الذي يرأسه‬ ‫جمعة ويديره مسعود أمرالله‪ ،‬وكان نقطة‬ ‫حت ّول يف تاريخ السينما يف اإلمارات واخلليج‬ ‫والوطن العربي‪ .‬فمن ناحية جاء املهرجان‬ ‫تعبرياً عن مكانة سوق السينما يف اإلمارات‬ ‫بعدما أصبح أكرب األسواق العربية من حيث‬ ‫إيرادات دور العرض‪ ،‬ومن ناحية أخرى يعترب‬ ‫من املهرجانات القليلة يف الوطن العربي اليت‬ ‫تت ّمتّع مبهنيّة عالية‪ .‬وقد بدأ من دون مسابقات‪،‬‬ ‫ثم ّ‬ ‫نظم مسابقات لألفالم العربية واألفريقية‪،‬‬ ‫وأصبح بذلك أول مهرجان يف المشرق العربي‬ ‫يعنى باألفالم األفريقية مؤكداً شعاره‪" :‬دبي‬ ‫ملتقى الثقافات"‪ .‬ويف العام ‪ 2009‬عقد دورته‬ ‫السادسة من ‪ 9‬إىل ‪ 16‬ديسمرب ‪.2009‬‬ ‫ويف العام ‪ 2007‬أقيم مهرجان الشرق‬ ‫عبدالحميد‬

‫األوسط السينمائي الدولي في أبوظبي‬

‫كمهرجان دولي ّ‬ ‫ينظم مسابقات دولية لألفالم‬ ‫الطويلة والقصرية وأفالم الطلبة‪ ،‬ومينح أكرب‬ ‫جوائز مالية بني ك ّل مهرجانات العامل‪ .‬ولكن‬ ‫سياسة املهرجان تغيرّ ت مع دورته الثالثة اليت‬ ‫عقدت من ‪ 8‬إىل ‪ 17‬تشرين األول‪/‬أكتوبر‬ ‫‪ ،2009‬وأعلن أن دورته الرابعة ستكون باسم‬ ‫مهرجان أبوظبي السينمائي‪ .‬ويف العام ‪2008‬‬ ‫أقيم يف دبي مهرجان أفالم الخليج برئاسة‬ ‫عبدالحميد جمعة وإدارة مسعود أمرالله‪،‬‬ ‫وعقد دورته الثانية من ‪ 9‬إىل ‪ 15‬نيسان‪/‬‬ ‫أبريل ‪ .2009‬ومثل مهرجان دبي يت ّميّز مهرجان‬ ‫الخليج باملهنية العالية‪ ،‬كما يت ّميّز بأنه يشمل‬ ‫أفالم العراق واليمن‪ ،‬وال يقتصر على دول‬ ‫مجلس التعاون الخليجي‪ ،‬وأصبح أكرب نافذة‬ ‫للسينما اليت تولد يف اخلليج العربي‪.‬‬ ‫ويف العام نفسه ‪ 2008‬أقيمت يف أبو ظبي فرع‬ ‫لـ نيويورك فيلم أكاديمي لتدريس السينما‪،‬‬ ‫وأقيمت يف دبي مدرسة الشيخ محمد بن راشد‬ ‫لوسائل االتصال‪ .‬وبذلك ّمت وضع أسس متينة‬

‫اإلبداع‬

‫جملة للسينما يف اإلمارات‪ ،‬وصدر منها‬ ‫عدداً‪ ،‬وكان رئيس حتريرها الباحث واملرتّجم‬ ‫الفلسطيين صالح صالح‪ .‬ويف العام ‪1991‬‬ ‫ّ‬ ‫نظم اجملمع مسابقة أفالم الفيديو للهواة يف‬ ‫اإلمارات‪ ،‬ونظم الدورة الثانية يف العام التالي‬ ‫ألفالم اهلواة من ك ّل الدول العربية‪.‬‬ ‫ويف التسعينيات‪ ،‬ومع تط ّور كامريات الفيديو‪،‬‬ ‫بدأ إنتاج األفالم املستقلة‪ ،‬وكانت البدايات‬ ‫أفالم قصرية من أهمها الفيلم التشكيلي‬ ‫الحضارات العظيمة إخراج مها قرقاش‬ ‫‪ ،1992‬واألفالم الروائيّة الجار إخراج جاسم‬ ‫بودبس ‪ ،1993‬والرمرام إخراج مسعود أمرالله‬ ‫‪ ،1994‬والحديقة إخراج نجوم الغانم ‪،1997‬‬ ‫والمواجهة إخراج نواف الجناحي ‪ .1998‬ويف‬ ‫العام ‪ّ 2001‬‬ ‫نظم اجملمع مسابقة لك ّل األفالم‬ ‫اإلماراتية الطويلة والقصرية اليت أنتجت منذ‬ ‫‪ ،1988‬وكان مديرها املخرج والباحث مسعود‬ ‫أمرالله‪ ،‬والذي سيصبح على الرغم من شبابه‬ ‫مبثابة "األب الروحي" حلركة السينما املستقلة‬ ‫يف اإلمارات‪ ،‬ويف ك ّل دول اخلليج العربي‪ ،‬وذلك‬ ‫مع مسابقة أفالم من اإلمارات اليت ّ‬ ‫نظمها‬ ‫اجملمع ابتداء من ‪ ،2002‬والتزال تنعقد سنوياً‪.‬‬ ‫يف الدورات األربع األوىل حتى ‪ 2005‬عرضت‬ ‫املسابقة أهم األفالم اإلماراتية القصرية‪،‬‬ ‫وأصدرت سلسلة كتب "كراسات السينما" اليت‬ ‫نشرت ‪ 31‬كتاباً مؤلفاً ومرتمجاً حتى ‪.2007‬‬ ‫وابتدا ًء من الدورة السادسة أصبحت هناك‬ ‫مسابقة ألفالم اخلليج إىل جانب مسابقة‬ ‫أفالم اإلمارات‪ .‬ويف ‪ 2007‬أصبح اجملمع هيئة‬ ‫أبوظبي للثقافة والتراث‪ ،‬وتولىّ إدارة اهليئة‬ ‫محمد خلف المزروعي الذي يقف وراء تنفيذ‬ ‫املشروعات الكربى لتحويل أبوظبي إىل مدينة‬ ‫ثقافية عاملية‪ ،‬وعهد بإدارة املسابقة إىل املخرج‬ ‫عبدالله البستكي‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ 2004‬أقيم مهرجان دبي‬ ‫‪14‬‬

‫‪449‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 450‬للتنمية الثقافية‬

‫تم إنتاج أكثر من ‪50‬‬ ‫في العام ‪َّ 2009‬‬

‫فيلماً قصيراً في اإلمارات‪ ،‬وهو المع ّدل‬ ‫السنوي منذ ‪ ،2001‬من أهمها الفيلم‬ ‫التسجيلي الجزيرة الحمراء في عيون‬ ‫السينمائيين إخراج أحمد زين وأحمد‬ ‫عرسي‪ ،‬وهي منطقة في إمارة رأس‬ ‫الخيمة تجذب السينمائيين‪ ،‬وفيه يتحدث‬ ‫عدد منهم مثل هاني الشيباني ونواف‬ ‫الجناحي وسعيد سالمين المري وفاضل‬ ‫المهيري ومنال علي بن عمرو‪..‬‬

‫شرف وهند الحمادي‪ ،‬عن مشكالت الفتيات‬ ‫لنهضة سينمائية يف دولة اإلمارات‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ّ 2009‬‬ ‫مت إنتاج أكثر من ‪ 50‬فيلماً مع الشباب‪ ،‬ونايل إخراج مريم اليافعي وسلوى‬ ‫قصرياً‪ ،‬وهو املعدل السنوي منذ ‪ ،2001‬ومن القشيري وسميرة الحوسني‪ ،‬عن شاب هندي‬ ‫أهمها الفيلم التسجيلي الجزيرة الحمراء في يكتشف أنه إماراتي‪ ،‬ويذهب للحياة مع أسرته‬ ‫عيون السينمائيين إخراج أحمد زين وأحمد اجلديدة‪.‬‬ ‫عرسي‪ ،‬وهي منطقة يف إمارة رأس الخيمة‬ ‫ ‬ ‫وتحديات‬ ‫جتذب السينمائيني‪ ،‬وفيه يتح ّدث عدد منهم البحرين‪ :‬صعوبات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫مت أول عرض لألفالم يف مملكة البحرين‬ ‫من أبرزهم هاني الشيباني ونواف الجناحي‬ ‫وسعيد سالمين المري وفاضل المهيري ومنال يف أحد مقاهي العاصمة المنامة العام ‪،1922‬‬ ‫علي بن عمرو‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ 1937‬أنشئت أول دار للعرض‪ ،‬ووصل‬ ‫ومن أهم األفالم الروائيّة القصرية العام‬ ‫عددها إىل ‪ 6‬دور العام ‪ .1963‬ويف العام ‪1968‬‬ ‫‪ 2009‬بنت مريم إخراج سعيد سالمين المري‪ ،‬كانت نقطة التح ّول يف السوق تأسيس شركة‬ ‫عن فتاة يف الثالثة عشرة تتز ّوج من رجل يناهز البحرين للسينما إلنشاء املزيد من دور‬ ‫الستني‪ ،‬وعندما يتو ّفى حتاول أن تبدأ احلياة من العرض‪ ،‬وهي شركة مساهمة احتكرت والتزال‬ ‫جديد‪ ،‬والمستعار إخراج منال علي بن عمرو‪ ،‬استرياد األفالم وتوزيعها‪.‬‬ ‫عن زوجة تعاني من خيانات زوجها‪ ،‬وبالدي‬ ‫استقلّت البحرين عن بريطانيا العام ‪،1971‬‬ ‫إخراج جمال سالم‪ ،‬عن شاب إماراتي يبحث وبدأت مرحلة جديدة من التط ّور يف تارخيها‪،‬‬ ‫عن عمل وال جيد غري وظيفة مهرج يف سريك‪ ،‬وبدأ التلفزيون العام ‪ ،1973‬ووصل عدد دور‬ ‫ورأس حربة إخراج فاضل المهيري‪ ،‬عن شاب العرض العام ‪ 1980‬إىل ‪ 40‬داراً‪ .‬ويف العام‬ ‫حيكم عليه بالسجن‪ ،‬وعندما تنتهي فرتة ‪ 2009‬وصل عدد دور العرض إىل ‪ 53‬داراً لعدد‬ ‫العقوبة حياول أن يعيش مرة أخرى‪ ،‬ومساء السكان البالغ مليون نسمة‪ ،‬وعرضت ‪ 300‬فيلم‪،‬‬ ‫الجنة إخراج جمعة السهلي‪ ،‬عن جنديني يف من بينها ‪ 200‬من الواليات المتّ حدة‪ ،‬و‪ 75‬من‬ ‫اإلمارات يف حرب الكويت العام ‪ ،1990‬وقبلة الهند‪ ،‬و‪ 20‬من مصر‪ ،‬و‪ 5‬من دول أخرى‪ ،‬وكانت‬ ‫الفراشة إخراج نايلة الخاجة‪ ،‬عن فتاة تعاني إيراداتها ‪ 17‬مليون دوالر‪.‬‬ ‫من كونها مجيلة‪ ،‬والفيلم التجرييب عبور إخراج‬ ‫ّمت يف البحرين إنتاج ‪ 7‬أفالم روائيّة طويلة‬ ‫علي جمال‪ ،‬عن طائر حياول محاية بيضه من حتى ‪ ،2009‬أوهلا الحاجز ‪ 1990‬إخراج بسام‬ ‫مواد بالستيكية‪.‬‬ ‫الذوادي الذي خترج يف املعهد العالي للسينما يف‬ ‫ومن أفالم الطلبة املت ّميزة العام ‪ 2009‬األفالم مصر‪ ،‬وكان رائداً للسينما يف البحرين‪ ،‬وأخرج‬ ‫التسجيلية القصرية أحالم تحت اإلنشاء إخراج فيلمني من األفالم الستة األخرى‪ :‬زائر ‪،2004‬‬ ‫معاذ بن حافظ‪ ،‬عن ع ّمال البناء األجانب‪ ،‬وأنا وحكاية بحرينية ‪ .2006‬وقد استطاع الذوادي‬ ‫عربي إخراج جمانة الغانم وأحالم الباني‪ ،‬مبوضوعاته االجت ّماعية وأسلوبه الواقعي اجليّد‬ ‫عن تدهور مكانة الّلغة العربية‪ ،‬وإعادة تشكيل يف التعبري عنها أن يضع بالده على خارطة‬ ‫إخراج عايشة السويدي‪ ،‬عن عمليات التجميل السينما العربية‪ .‬أما األفالم األربعة األخرى‪،‬‬ ‫للجنسني‪ .‬واألفالم الروائيّة القصرية البحث فهي ثالثة من إخراج حمد علي الشهابي‪،‬‬ ‫عن الشريك المثالي‪ :‬ستايل دبي إخراج إلهام عيون تحت الجمجمة ‪ ،1992‬وبيت الجن‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫‪ ،1994‬وحباب وكالب الساحر ‪ 2006‬أول فيلم‬ ‫روائي طويل لألطفال يف دول اخلليج العربي‪.‬‬ ‫والفيلم السابع أربع بنات إخراج حسين عباس‬ ‫‪.2008‬‬ ‫وهناك خمرج آخر درس السينما يف مصر‪،‬‬ ‫وهو خالد‬ ‫التميمي‪ ،‬ولكنه عمل يف إخراج‬ ‫ّ‬ ‫الربامج التلفزيونية‪ ،‬ومل يت ّمكن من إخراج‬ ‫أي فيلم‪ .‬وهناك أيضاً كلثوم محمد أمين أول‬ ‫حبرينية تدرس السينما‪ ،‬وقد درست يف باريس‪،‬‬ ‫ومل تت ّمكن من اإلخراج أيضاً‪ ،‬وعملت يف املونتاج‬ ‫يف التلفزيون‪.‬‬ ‫أما األفالم القصرية‪ ،‬فقد ّمت إنتاج ‪ 100‬فيلم‬ ‫أغلبها من األفالم التسجيلية‪ .‬وكانت البداية‬ ‫أفالم خليفة شاهين الذي درس السينما يف‬ ‫بريطانيا‪ ،‬وكان من الرواد يف البحرين ويف‬ ‫ك ّل اخلليج العربي‪ ،‬وأسس شركته الصقر العام‬ ‫‪ ،1971‬وأخرج أكثر من ‪ 50‬فيلماً تسجيلياً منها‬ ‫كشمير تنادي ‪ ،1967‬ولؤلؤة الخليج ‪،1986‬‬ ‫ووقت الفراغ في لبنان ‪ ،1969‬واليوم القومي‬ ‫‪ .1973‬كما أصدر شاهين أول جريدة سينمائية‬ ‫وثّقت األحداث منذ ‪.1966‬‬ ‫ويف العام ‪ 1972‬أخرج اهلاويان علي عباس‬ ‫روائية الغريب‪،‬‬ ‫ومجيد شمس ‪ 4‬أفالم قصرية ‪3‬‬ ‫ّ‬ ‫وانتقام الرجال الثالثة‪ ،‬وغدار يا زمن‪ ،‬والفيلم‬ ‫التسجيلي ذكريات‪ .‬ويف العام ‪ 1980‬كانت نقطة‬ ‫التح ّول على صعيد الثقافة السينمائية تأسيس‬ ‫نادي البحرين للسينما‪ ،‬وتش ّكل أول جملس‬ ‫إلدارته من خليل يوسف ورشيد المعراج‬

‫شكل رقم ‪3‬‬ ‫الواليات املتحدة‬ ‫‪200‬‬

‫‪451‬‬

‫األفالم املعروضة يف البحرين حبسب البلد املنتج (‪)2009‬‬ ‫اهلند‬ ‫‪75‬‬

‫مصر‬ ‫‪20‬‬

‫دول اخرى‬ ‫‪5‬‬

‫البحرين‬ ‫‪0‬‬

‫‪%1‬‬ ‫‪%7‬‬

‫‪% 25‬‬

‫‪% 67‬‬

‫اإلبداع‬

‫للسينما املصرية العام ‪ ،1993‬وآخر للسينما‬ ‫العربية العام ‪ ،2000‬وانعقد ٌّ‬ ‫كل منهما لدورة‬ ‫واحدة‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ّ 2009‬مت إنتاج ‪ 10‬أفالم روائيّة‬ ‫قصرية مستقلة أهمها مريمي إخراج علي العلي‬ ‫الذي تدور أحداثه العام ‪ ،1960‬عن أرملة تعمل‬ ‫راقصة يف أحد املالهي‪ ،‬ويرفضها اجملتمع‪ ،‬ولكن‬ ‫حيبها صياد فقري‪ .‬وقد أثار الفيلم مشكلة كبرية‬ ‫ملخرجه واملمثلة فاطمة عبدالرحيم اليت قامت‬ ‫بدور األرملة‪ .‬ومن األفالم املميزة أيضاً القفص‬ ‫إخراج حسين الرفاعي‪ ،‬عن أخ حيبس أخته يف‬ ‫قبو املنزل مخس سنوات بعدما علم أنها تتبادل‬ ‫احلب مع شاب‪ ،‬والبشارة إخراج محمد راشد‬ ‫بوعلي‪ ،‬والذي يؤ ّكد ما سبق أن بدا يف أفالمه‬ ‫ونادر المسقطي وجمال فخرو وعادل محمد الثالثة السابقة بينهم ‪ ،2007‬ومن الغرب وغياب‬ ‫مطر‪ .‬وقد أصدر "أوراق سينمائية" أول جملة ‪ ،2008‬وهي أننا أمام شاعر يكتب بلغة السينما‪.‬‬ ‫وعن السينما وصعوبة صنع األفالم يف‬ ‫للسينما‪ ،‬وصدرت منها ‪ 8‬أعداد من ‪ 1981‬إىل‬ ‫‪ ،1987‬وكانت هيئة التحرير من أمين صالح البحرين‪ ،‬أخرج عبدالله السعداوي ومحمد‬ ‫ومحمد فاضل وخليل يوسف وعبد المنعم جناحي غبار‪ ،‬عن جمموعة شباب حياولون‬ ‫إبراهيم ويوسف فوالذ وعبدالقادر عقيل‪ .‬صنع فيلم‪ ،‬وأخرج عمار الكوهجي باألمس‪ ،‬عن‬ ‫وبإدارة بسام الذوادي نظم النادي مهرجاناً الّلحظات األخرية يف حياة شاب مولع بالسينما‪.‬‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 452‬للتنمية الثقافية‬

‫تونس‪ :‬مسار سينمائي واعد‬

‫احتلت فرنسا تونس العام ‪ 1881‬قبل عقد‬ ‫ونيف من عرض سينماتوغراف لوميير األول‬ ‫في باريس العام ‪ ،1895‬وكان االحتالل الفرنسي‬ ‫استيطانياً يعترب البالد امتداداً لفرنسا‪ ،‬ولذلك‬ ‫أعتربت تونس جزءاً من سوق السينما يف‬ ‫فرنسا‪ ،‬وقامت شركة لوميير الفرنسية العام‬ ‫‪ 1896‬بتصوير ‪ 10‬أفالم يف تونس العاصمة‬ ‫واملدن التونسية أوهلا الباي وحراسه‪ ،‬والباي‬ ‫كان مسمى امللك يف تونس‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ّ 1908‬مت إنشاء أول دار عرض يف‬ ‫تونس‪ ،‬وعندما استقلت العام ‪ ،1956‬وأصبحت‬ ‫مجهورية مستقلة العام ‪ ،1957‬كان عدد دور‬ ‫العرض قد وصل إىل ‪ ،100‬ثم إىل ‪ 120‬العام‬ ‫‪ ،1976‬ثم بدأ يتناقص العام ‪ 1980‬إىل ‪ 79‬داراً‬ ‫العام ‪ ،1990‬وأصبح ‪ 21‬داراً العام ‪ 2009‬لعدد‬ ‫السكان البالغ ‪ 11‬مليون نسمة‪.‬‬ ‫وقد عرضت هذه الدور ‪ 100‬فيلم ‪ 50‬من‬ ‫الواليات المتّ حدة و‪ 30‬من أوروبا و‪ 10‬من مصر‬ ‫و‪ 5‬من الهند و‪ 5‬من دول أخرى‪ .‬وكان من بني‬ ‫شكل رقم ‪4‬‬ ‫الواليات املتحدة‬ ‫‪50‬‬

‫األفالم املعروضة يف تونس حبسب البلد املنتج (‪)2009‬‬ ‫اهلند‬ ‫‪5‬‬

‫مصر‬

‫‪10‬‬

‫دول اخرى‬

‫أوروبا‬

‫‪1‬‬

‫‪30‬‬

‫‪%4‬‬

‫‪%1‬‬

‫‪% 30‬‬ ‫‪% 50‬‬

‫‪%5‬‬

‫‪% 10‬‬

‫هذه األفالم ‪ 4‬أفالم تونسية بلغت حصتها‬ ‫يف املائة من السوق الذي د ّر ‪ 200‬ألف دوالر‬ ‫أمريكي‪.‬‬ ‫ص ّور أول فيلم أجنيب يف تونس العام ‪،1911‬‬ ‫وأنتج أول فيلم تونسي العام ‪ ،1921‬وهو الفيلم‬ ‫الروائي القصري الزهراء إخراج شمامة شكلي‬ ‫(‪ ،)1934 - 1872‬وصدر أول قانون لتنظيم‬ ‫صناعة السينما العام ‪ ،1942‬وأنشأت سلطات‬ ‫االحتالل المركز السينمائي التونسي العام‬ ‫‪ .1946‬و ّ‬ ‫متيزت تونس بوجود عدد كبري من‬ ‫نوادي السينما‪ ،‬وهي احلركة الثقافية اليت بدأت‬ ‫يف فرنسا العام ‪ ،1920‬ويف العام ‪ 1950‬جتمعت‬ ‫مؤسسة‬ ‫نوادي السينما يف اتحّ اد كان أول ّ‬ ‫سينمائيّة مدنيّة‪.‬‬ ‫وبعد االستقالل العام ‪ 1956‬تط ّورت حركة‬ ‫أفالم اهلواة اليت بدأ فيها أغلب خمرجي‬ ‫األفالم التونسيّة‪ ،‬وأصبح جلمعيات اهلواة‬ ‫اتحّ اد بدورها‪ .‬وصدر أول قانون للسينما بعد‬ ‫االستقالل العام ‪ .1960‬وأنشأت الدولة الشركة‬ ‫‪15‬‬

‫تونس‬ ‫‪4‬‬

‫التونسية للتنمية السينمائية (ساتباك)‬

‫العام ‪ ،1966‬وأقامت ستديوهات جمرت العام‬ ‫‪ ،1968‬وأنتجت أو شاركت يف إنتاج عشرات‬ ‫األفالم التونسية حتى أغلقت العام ‪.1980‬‬ ‫بدأ تصوير األفالم األجنبية يف تونس العام‬ ‫‪ ،1911‬وأغلبها فرنسية‪ .‬وكان إنشاء طارق بن‬ ‫عمار شركته قرطاجو فيلم العام ‪ 1974‬نقطة‬ ‫حت ّول يف هذا اجملال حيث شارك يف إنتاج‬ ‫عشرات األفالم األوروبية واألمريكية‪ ،‬وق ّدم‬ ‫خدمات التصوير يف تونس لعشرات غريها‪.‬‬ ‫ويف هذه األفالم عمل العديد من السينمائيني‬ ‫التونسيني يف املهن السينمائية املختلفة‪ ،‬وكان‬ ‫عملهم فيها مبثابة تدريب عملي على أعلى‬ ‫املستويات العاملية‪.‬‬ ‫ّمت يف تونس إنتاج ‪ 100‬فيلم روائي طويل من‬ ‫‪ 1966‬إىل ‪ ،2009‬مبعدل ‪ 3‬أو ‪ 4‬يف السنة‪ .‬ويرجع‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫اإلبداع‬

‫هذا العدد القليل إىل عدم مشاركة التلفزيون‬ ‫الذي أنشئ العام ‪ 1966‬يف اإلنتاج‪ ،‬بل إن‬ ‫ستديوهات جمرت أصبحت تابعة للتلفزيون يف‬ ‫العام نفسه الذي ّمت فيه ح ّل (ساتباك) ‪.1980‬‬ ‫ختصصها‬ ‫كما يرجع إىل امليزانية احملدودة اليت ّ‬ ‫وزارة الثقافة لدعم اإلنتاج‪ ،‬فهي حم ّددة بدعم‬ ‫‪ 5‬أفالم طويلة يف السنة حب ّد أقصى‪ ،‬ويخُ ّصص‬ ‫لك ّل مشروع يوافق عليه أق ّل من نصف متوسط‬ ‫ميزانيات إنتاج األفالم‪ .‬وقد أ ّدى ذلك إىل‬ ‫اعت ّماد الشركات التونسية على اإلنتاج املشرتك‬ ‫مع شركات أوروبية وخباصة يف فرنسا‪ ،‬أو‬ ‫االعتماد على صناديق الدعم األوروبية‪.‬‬ ‫كان عمار الخليفي هو الرائد الذي أنتج‬ ‫وأخرج الفجر أ ّول فيلم تونسي روائي طويل‬ ‫ملخرج تونسي العام ‪ ،1966‬والذي يتناول‬ ‫احلركة الوطنية اليت أ ّدت إىل االستقالل العام‬ ‫‪ .1956‬ويف العام ‪ 1970‬عرض حكاية بسيطة‬ ‫كهذه إخراج عبداللطيف بن عمار يف مسابقة‬ ‫مهرجان كان‪ ،‬وكان أول أفالمه الروائيّة الطويلة‪،‬‬ ‫وأول وآخر فيلم تونسي يعرض يف هذه املسابقة‬ ‫حتى اآلن‪ .‬وكان سبب اختيار الفيلم أنه ناطق‬ ‫بالفرنسية‪ ،‬وهو األمر الذي مل يتك ّرر بعد ذلك‬ ‫عبت لغة الفيلم‬ ‫يف أ ّي فيلم تونسي‪ .‬وبقدر ما رّ‬ ‫املنطوقة عن حرية الفنان بني الثقافتني العربية‬ ‫عب اختياره ملسابقة املهرجان‬ ‫والفرنسية‪ ،‬رّ‬ ‫األكرب عن الرغبة الفرنسية يف است ّمرار اهليمنة‬ ‫الثقافية على الدول اليت كانت حتتلها‪ ،‬وهو‬ ‫ما أدركه بن عمار‪ ،‬واستطاع يف فيلمه الثاني‬ ‫املؤسس‬ ‫رسائل من سجنان العام ‪ 1974‬أن يكون ّ‬ ‫للسينما التونسيّة كما كان الخليفي هو الرائد‬ ‫الذي بدأ مسرية هذه السينما‪ .‬ويعترب رسائل‬ ‫من سجنان أوىل حتف السينما التونسية‪ ،‬وفيه‬ ‫يعب بن عمار بأسلوب واقعي خاص ومت ّماسك‬ ‫رّ‬ ‫ومرتبط بأصول الثقافة الوطنية عن كفاح‬ ‫العمال يف تونس أثناء االحتالل الفرنسي‪،‬‬

‫ويربط بوعي دقيق بني االستقالل السياسي‬ ‫والعدالة االجتماعية‪.‬‬ ‫وشهد العام ‪ 1975‬إنتاج فاطمة ‪75‬‬ ‫إخراج سلمى بكار‪ ،‬وهي أول خمرجة تونسية‪،‬‬ ‫ومن عالمات العقد أيضاً السفراء إخراج‬ ‫ناصر القطاري ‪ ،1976‬وهو إنتاج تونسي لييب‬ ‫مشرتك عن العنصرية ضد املهاجرين الفقراء‬ ‫يف فرنسا‪ ،‬وشمس الضباع إخراج رضا الباهي‬ ‫‪ 1977‬عن اللصوص الذين يتحولون إلى‬ ‫مجاهدين بفضل الحكومة كما جاء يف احلوار‪،‬‬ ‫والعرس إخراج الفاضل الجزيري والفاضل‬ ‫الجعايبي ‪ ،1978‬وهما من كبار املسرحيني‬ ‫الطليعيني‪ ،‬والفيلم عن مسرحيتهما الشهرية‬ ‫العرس الجديد‪.‬‬ ‫وتتط ّورت السينما التونسيّة تطوراً ملحوظاً‬ ‫من ‪ 1980‬مع عزيزة إخراج عبداللطيف‬ ‫بن عمار‪ ،‬ثم سراب إخراج عبدالحفيظ‬ ‫بو عصيدة‪ ،‬وظل األرض إخراج الطيب‬ ‫الوحيشي‪ ،‬وعبور إخراج محمود بن محمود‪،‬‬ ‫واألفالم الثالثة العام ‪ .1982‬ويف واسطة العقد‬ ‫يولد مؤلف سينمائي من طراز رفيع‪ ،‬وهو ناصر‬ ‫خمير يف الهائمون ‪ ،1985‬ويف العام ‪ 1991‬يق ّدم‬ ‫فيلمه الثاني طوق الحمامة المفقود‪ .‬ويف كال‬ ‫يعب السينمائي والتشكيلي والشاعر‬ ‫الفيلمني رّ‬ ‫عن رؤية خاصة للحضارة العربية كما جتلّت‬ ‫يف حضارة األندلس بهدف التعبري عن حضارة‬ ‫العرب واملسلمني من ناحية‪ ،‬وقدرتهم على‬ ‫احلوار مع اآلخر من ناحية أخرى‪ .‬إنه يستعيد‬ ‫املاضي من أجل احلاضر‪ ،‬ومن أجل استشراف‬ ‫املستقبل‪.‬‬ ‫ويف ‪ 1986‬يولد فنان سينمائي آخر كبري‬ ‫هو نوري بوزيد مع ريح السد الذي عرض يف‬ ‫برنامج نظرة خاصة في مهرجان كان‪ ،‬وكان‬ ‫مدهشاً يف جرأته غري املسبوقة يف التعبري عن‬ ‫املسكوت عنه يف اجملتمع التونسي‪ ،‬وبأسلوب‬

‫‪453‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 454‬للتنمية الثقافية‬

‫خاص ومت ّميز بالواقعية والشعرية يف الوقت امليالدي‬ ‫نفسه‪ .‬إنه أول خمرج يف تونس جاء إىل السينما عماري ‪ ،2002‬والكتبية إخراج نوفل صاحب‪-‬‬ ‫بعد جتربة قاسية يف املعتقل السياسي‪ ،‬وكانت الطابع ‪ ،2003‬وكالهما عرض يف برنامج‬ ‫هذه التجربة موضوعاً لفيلمه الثاني صفائح بانوراما يف مهرجان برلين‪ .‬ويف مواجهة‬ ‫من ذهب ‪ ،1989‬والذي عرض يف نظرة خاصة التط ّرف الديين املتصاعد أخرج نوري بوزيد‬ ‫أيضاً‪ ،‬وأدان فيه االعتقال السياسي ودافع عن آخر فيلم ‪ ،2006‬والذي جاء مبثابة صرخة‬ ‫احلريات‪.‬‬ ‫مدوية وبأسلوب ما بعد حداثي بامتياز‪ ،‬وفاز‬ ‫ويف العام ‪ 1990‬يولد خمرج كبري آخر هو بذهبية مهرجان قرطاج ‪ ،2006‬وأصبح أول‬ ‫السد‬ ‫فريد بوغدير في الحلفاويين أو عصفور تونسي يفوز بها م ّرتني بعد فوزه عن ريح‬ ‫ّ‬ ‫السطح‪ ،‬وهو من األفالم العربية القليلة اليت ‪ ،1986‬كما فاز جبائزة أحسن سيناريو يف‬ ‫رّ‬ ‫تعب عن اكتشاف املراهق للجنس بأسلوب مهرجان ترايبكا في نيويورك ‪ ،2007‬وجائزة‬ ‫واقعي ناضج وعصري‪ .‬ويف فيلمه التالي صيف أحسن ممثل (لطفي العبدلي)‪.‬‬ ‫حلق الوادي يؤ ّكد بوغدير مكانته الفنية‬ ‫ويف املهجر يف فرنسا ملع عبداللطيف‬ ‫ورؤيته الفكرية اإلنسانية الرحبة حيث رّ‬ ‫يعب عن قشيش يف أفالمه الثالثة غلطة فولتير ‪،2000‬‬ ‫التعايش بني األديان واملعتقدات يف مدينة حلق والتخفي ‪ ،2003‬وأسرار القمح ‪ 2007‬الذي‬ ‫الوادي التونسية‪ ،‬وكان أول فيلم تونسي يعرض عرض يف مسابقة مهرجان فينسيا‪ ،‬وكشف عن‬ ‫يف مسابقة مهرجان برلين‪.‬‬ ‫ممثلة تونسية كبرية هي حفصية حيرزي اليت‬ ‫ً‬ ‫ومن أفالم العقد املميزة أيضا يا سلطان فازت يف فينسيا بجائزة مارشيليو ماستروياني‬ ‫المدينة إخراج منصف ذويب ‪ 1992‬الذي ألحسن وجه جديد يف التمثيل‪ .‬ومل يسبق يف‬ ‫ميزج بني الواقع واألسطورة‪ ،‬وصمت القصور تاريخ جوائز سيزار الفرنسية‪ ،‬واليت تعادل‬ ‫إخراج مفيدة التالتلي ‪ 1994‬الذي عرض يف جوائز األوسكار األميركية‪ ،‬أن فاز خمرج من‬ ‫برنامج نصف شهر املخرجني يف مهرجان كان‪ ،‬أصل عربي جبوائز أحسن فيلم وأحسن إخراج‬ ‫وقدم للم ّرة األوىل املمثلة هند صبري‪ ،‬وكان وأحسن سيناريو العام ‪ 2004‬عن التخفّ ي والعام‬ ‫بداية قوية ملخرجته اليت عملت يف املونتاج أكثر ‪ 2008‬عن أسرار القمح‪.‬‬ ‫من عقدين‪ ،‬وكان امسها كمونترية يف عدد كبري‬ ‫ويف تونس ّمت إنتاج العديد من األفالم‬ ‫من أهم أفالم دول املغرب العربي‪ .‬إنه أول فيلم التسجيلية الطويلة املهمة مثل انتصار شعب‬ ‫عربي ملخرجة عربية عن العالقة املركبة بني إخراج إبراهيم باباي (‪)2003 - 1936‬‬ ‫الصراع اجلنسي والصراع الطبقي‪.‬‬ ‫العام ‪ 1972‬عن تاريخ احلركة الوطنية من‬ ‫ويقف وراء هذه األفالم الستة من ريح السد أجل االستقالل‪ ،‬والكاميرا األفريقية ‪،1983‬‬ ‫إىل صمت القصور املنتج أحمد عطية (‪ 1940-‬والكاميرا العربية ‪ ،1987‬وكالهما إخراج فريد‬ ‫‪ )2007‬الذي يُعترب أهم منتج يف تاريخ السينما بوغدير‪.‬‬ ‫التونسية‪ ،‬وأكثرهم إمياناً بالتجديد‪ ،‬وطموحاً‬ ‫ومن ‪ 1966‬إىل ‪ّ 2009‬مت إنتاج ‪ 500‬فيلم‬ ‫إىل صنع سينما وطنية تتجاوز احلدود احمللية‪ ،‬تونسي قصري‪ .‬وكان من بينها أول فيلم تونسي‬ ‫وترقى إىل املستوى العاملي‪.‬‬ ‫تشكيلي (حتريك) وعنوانه الفأران األبيضان‬ ‫ومن أهم األفالم يف العقد األول من القرن إخراج زهير محجوب ‪ 1975‬من كتاب ابن‬ ‫اجلديد الساتان األحمر إخراج رجاء‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫المقفع كليلة ودمنة‪ ،‬وكان يا مكان إخراج‬ ‫وحكاية الثور‬

‫عزالدين الحرباوي ‪،1989‬‬ ‫إخراج منجي سانشو ‪ .1990‬كما ّمت إنتاج أول‬ ‫فيلم تونسي تشكيلي طويل العام ‪ ،2006‬وعنوانه‬ ‫الهروب من قرطاج إخراج عبد القادر بلهادي‪.‬‬ ‫تصدر يف تونس أيضاً أعرق اجملالت العربية‬ ‫املتخصصة يف السينما الفن السابع منذ العام‬ ‫ّ‬ ‫أسسها ويرأس حتريرها مصطفى‬ ‫‪ ،1965‬واليت ّ‬ ‫نقبو‪ ،‬وقد صدر عددها املئوي العام ‪.2003‬‬ ‫كما يقام يف تونس مهرجان قرطاج أعرق‬ ‫املهرجانات السينمائية يف الوطن العربي‪ ،‬والذي‬ ‫عقد دورته األوىل العام ‪ ،1966‬ويقام ك ّل عامني‪،‬‬ ‫وخيصص مسابقته لألفالم العربية واألفريقية‬ ‫ّ‬ ‫ومؤسسه ومديره يف دوراته‬ ‫منذ دورته الثانية‪ّ ،‬‬ ‫األوىل الناقد والباحث الطاهر الشريعة الذي‬ ‫يعترب مبثابة "األب الروحي" للسينما يف تونس‬ ‫والمغرب العربي وأفريقيا السوداء‪.‬‬

‫توجير‪ ،‬وموسم بين الجنة والنار إخراج‬ ‫بن شيخ‪ ،‬والسمكة الغارقة إخراج مالك عمارة‪،‬‬ ‫واألفالم التسجيلية عرب الصرافة إخراج‬ ‫طارق غزيل‪ ،‬والعيش هنا إخراج محمد الزرن‪،‬‬ ‫والرأس الذي تريده إخراج ليلى بوزيد‪ ،‬والذي‬ ‫عبت فيه عن حياة والدها نوري بوزيد‪.‬‬ ‫رّ‬ ‫ ‬ ‫مراد‬

‫الجزائر‪ :‬سينما تقود المقاومة‬

‫عندما أقيم أول عرض يف العامل لـ‬ ‫سينماتوغراف لوميير يف باريس ‪1895‬‬ ‫كانت فرنسا حتت ّل اجلزائر احتالالً استيطانياً‬ ‫منذ ‪ ،1830‬ويقيم فيها ماليني املستوطنني‬ ‫الفرنسيني‪ ،‬ولذلك اعتربت سوق السينما فيها‬ ‫امتداداً للسوق الفرنسيّة‪ ،‬وص ّورت فيها ‪ 6‬أفالم‬ ‫يف الجزائر العاصمة‪ ،‬و‪ 3‬أفالم يف تلمسان من‬ ‫إنتاج شركة لوميير العام ‪ ،1896‬وأنشئت فيها‬ ‫دور العرض‪ ،‬وتزايدت حتى وصلت إىل ‪ 300‬دار‬ ‫العام ‪.1950‬‬ ‫ويف العام ‪ 1954‬بدأت الثورة الشعبيّة الكربى‬ ‫ض ّد االحتالل الفرنسي‪ ،‬وحت ّولت إىل املقاومة‬ ‫املسلّحة بقيادة جبهة التحرير اجلزائرية‪،‬‬ ‫واست ّمرت مثاني سنوات استشهد فيها أكثر من‬ ‫مليون جزائري حتى أصبحت اجلزائر مجهورية‬ ‫مستقلة العام ‪ .1962‬ويف ذلك العام كان عدد‬ ‫دور العرض قد وصل إىل ‪ 350‬داراً‪ ،‬وكان يف‬ ‫ذلك الوقت أكرب عدد يف ك ّل الوطن العربي‪.‬‬ ‫وبعد االستقالل ّمت تأميم التلفزيون الذي‬ ‫كان قد بدأ العام ‪ ،1956‬ثم تأميم دور العرض‬ ‫واسترياد األفالم وتوزيعها‪ .‬وبعد ‪ 30‬سنة من‬ ‫االستقالل حت ّول الصراع بني التيارين الوطين‬ ‫واإلسالمي العام ‪ 1992‬إىل العنف‪ ،‬والذي‬ ‫اليزال مست ّمراً حتى اآلن‪ ،‬وقد خفّت وتريته‪،‬‬ ‫ولكن مل يت ّم اقتالع أسبابه‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ 2009‬مل يتجاوز عدد دور العرض‬ ‫‪ 82‬داراً منها ‪ 21‬تعرض األفالم سينما‪ ،‬و‪61‬‬

‫اإلبداع‬

‫وأهم األفالم التونسية الروائيّة الطويلة العام‬ ‫‪ 2009‬دواحة إخراج رجاء عماري الذي عرض‬ ‫يف برنامج آفاق في مهرجان فينسيا‪ ،‬والنخيل‬ ‫الجريح إخراج عبداللطيف بن عمار‪ ،‬والسراب‬ ‫األخير إخراج نضال شطا‪ ،‬وشهرزاد إخراج‬ ‫معز كمون‪ .‬وأهم األفالم التسجيلية الطويلة‬ ‫كان يامكان في ذلك الزمان إخراج هشام بن‬ ‫عمار عن عازف الكمان التونسي الطفل النابغ‬ ‫أنس الرمضاني‪ ،‬وزرزيس إخراج محمد الزرن‪،‬‬ ‫وهي مدينة فقرية يف اجلنوب يتح ّول فيها دكان‬ ‫مشعون اليهودي إىل ملتقى للجميع‪ ،‬وصمت‬ ‫إخراج كريم شواكي عن مريض باإليدز‪ ،‬وابن‬ ‫الشمس إخراج فوزي شليب عن املناضل أحمد‬ ‫كوسيم الذي حكمت عليه السلطات الفرنسيّة‬ ‫باإلعدام أثناء االحتالل‪ ،‬ولكنّه ّ‬ ‫متكن من‬ ‫اهلرب من السجن‪.‬‬ ‫ومن بني ‪ 10‬أفالم قصرية ّمت إنتاجها العام‬ ‫‪ 2009‬تربز األفالم الروائيّة عبور إخراج نادية‬

‫‪455‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 456‬للتنمية الثقافية‬

‫شكل رقم ‪5‬‬

‫األفالم املعروضة يف اجلزائر حبسب البلد املنتج (‪)2009‬‬ ‫أوروبا‬

‫الواليات املتحدة‬ ‫‪50‬‬

‫دول اخرى‬

‫‪100‬‬

‫اجلزائر‬ ‫‪10‬‬

‫‪30‬‬

‫‪%5‬‬ ‫‪% 14‬‬

‫‪% 36‬‬

‫‪% 45‬‬

‫تعرضها فيديو‪ ،‬وذلك لعدد السكان البالغ‬ ‫مليون نسمة‪ .‬وهذه األفالم ‪ 190‬فيلم‪ ،‬من بينها‬ ‫‪ 100‬من أوروبا و‪ 50‬من الواليات المتّ حدة و‪40‬‬ ‫من دول أخرى‪ ،‬منها ‪ 10‬أفالم حمليّة حتصل‬ ‫على ‪ 15‬يف املئة من إيرادات السوق وقدرها ‪300‬‬ ‫ألف دوالر‪.‬‬ ‫‪35‬‬

‫محمود فاضل – معمر زيتوني – عثمان‬

‫مرابط – مراد بن رابيس – صالح الدين‬ ‫السنوسي – خروبي الغوتي مختار – عبدالقادر‬ ‫حسينة – سليمان بن سيمان – علي جناوي‪:‬‬

‫سينمائيون جزائريون ال يعرفهم أحد‪ ،‬فهم مل‬ ‫يفوزوا جبوائز الدولة‪ ،‬ومل تعرض أفالمهم يف‬ ‫املهرجانات‪ ،‬ولكن ال أحد ميلك احل ّق األخالقي‬ ‫يف احلديث عن السينما اجلزائرية من دون‬ ‫أن يبدأ بذكر أمسائهم‪ ،‬فهؤالء هم الذين‬ ‫استشهدوا وهم يصنعون األفالم اجلزائرية‬ ‫األوىل أثناء حرب التحرير‪.‬‬ ‫كانت البداية العام ‪ 1957‬يف الجبال (الوالية‬ ‫األوىل – املنطقة اخلامسة) حيث أنشئت‬ ‫مدرسة التكوين السينمائي حتت إشراف‬ ‫السينمائي الفرنسي املناضل رينيه فوتيه‬

‫الذي التحق جبيش التحرير اجلزائري‪ ،‬وقام‬ ‫بتدريب أول جزائريني على استخدام األفالم‬ ‫لتوثيق احلرب والتعبري عن إصرار الشعب‬ ‫على نيل حريته واستقالل بالده‪ .‬ويف العام‬ ‫‪ 1960‬أنشئت لجنة السينما التابعة للحكومة‬ ‫املؤقتة‪ ،‬ثم حت ّولت إىل مصلحة السينما العام‬ ‫‪ ،1961‬وكان مركز جتميع األفالم اجلزائرية‬ ‫يف يوغسالفيا‪ .‬وبلغ عدد هذه األفالم‪ ،‬وكلّها‬ ‫تسجيلية قصرية‪ 12 ،‬فيلماً‪ ،‬منها ‪ 4‬اشرتك‬ ‫يف إخراجها محمد األخضر حامينا الذي‬ ‫سيصبح من أهم خمرجي اجلزائر وأشهرهم‬ ‫على الصعيد العاملي‪.‬‬ ‫وكان الفيلم الثالث عشر عشيّة االستقالل‬ ‫عمري ثماني سنوات ‪ ،1962‬والذي اشرتك يف‬ ‫إخراجه املناضل واملفكر العاملي فرانز فانون‪.‬‬ ‫أما أول فيلم بعد االستقالل فكان أمهاتنا‬ ‫إخراج مصطفى بديع العام ‪ ،1963‬وهو أيضاً‬ ‫خمرج أول فيلم جزائري روائي طويل الليل‬ ‫يخاف الشمس العام ‪ .1965‬ويف هذا العام‬ ‫أعيد تنظيم مصلحة السينما‪ ،‬وأنتج أول فيلم‬ ‫جزائري تسجيلي طويل بعنوان فجر المعذبين‬ ‫إخراج أحمد راشدي ‪ ،1965‬والذي كان يف‬ ‫الوقت نفسه أول فيلم تسجيلي طويل يف الوطن‬ ‫العربي‪.‬‬ ‫ويعترب العام ‪ 1967‬نقطة حت ّول كربى يف‬ ‫تاريخ السينما اجلزائرية حيث صدر أول قانون‬ ‫جزائري لصناعة السينما‪ ،‬وأنشئ الديوان‬ ‫الوطني للتجارة والصناعة السينمائية‬

‫(أونسك) الذي قام بإنتاج أغلب األفالم‬ ‫اجلزائرية مع التلفزيون‪ .‬ويف أيار‪/‬مايو من ذلك‬ ‫العام شهد مهرجان كان يف دورته الـ‪ 20‬أول‬ ‫فيلم جزائري يعرض يف مسابقة مهرجان دولي‪،‬‬ ‫وأول فيلم روائي طويل ملخرجه حامينا‪ ،‬وعنوانه‬ ‫رياح األوراس‪ ،‬والذي فاز جبائزة أحسن خمرج‬ ‫يف فيلمه الطويل األول حمقّقاً أول فوز ملخرج‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫عربي يف أكرب مهرجانات السينما يف العامل‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ 1975‬فاز حامينا بالسعفة الذهبية‬ ‫عن فيلمه وقائع سنوات الجمر‪ ،‬وكان أول وآخر‬ ‫خمرج عربي حتى اآلن يفوز بأكرب جوائز أكرب‬ ‫مهرجان‪.‬‬ ‫وإىل جانب حامينا وراشدي كان الضلع‬ ‫الثالث يف املثلث الذهيب لر ّواد السينما‬ ‫اجلزائرية محمد سليم رياض الذي أخرج‬ ‫أول أفالمه الطريق العام ‪ ،1968‬ثم أخرج ريح‬ ‫الجنوب العام ‪ 1975‬عن رواية عبدالحميد بن‬ ‫هدوقة‪.‬‬ ‫ويف إطار االحتفال مبرور عشر سنوات‬ ‫على االستقالل العام ‪ 1972‬حتقّقت نقطة‬ ‫الت ّحول الكربى الثانية عندما ّمت إنتاج أكثر من‬ ‫عشرة أفالم روائيّة طويلة ملن ميكن اعتبارهم‬ ‫خمرجي اجليل الثاني الذي نشأ بعد االستقالل‪،‬‬ ‫وأهم هذه األفالم الغاصبون إخراج األمين‬ ‫مرباح‪ ،‬ونوة إخراج عبدالعزيز طولبي‪،‬‬ ‫واألفالم الروائيّة الطويلة األوىل لكل من محمد‬ ‫بوعماري (الفحام)‪ ،‬ومحمد شويخ (المصب)‪،‬‬ ‫وهاشمي الشريف (الطارفة)‪ ،‬وسيد على‬

‫اإلبداع‬

‫مازيف (العرق األسود)‪ .‬وبقدر تعبري جيل‬ ‫عب اجليل الثاني عن‬ ‫الرواد عن حرب التحرير‪ ،‬رّ‬ ‫الواقع بعد االستقالل‪ ،‬وعلى حنو نقدي حتى‬ ‫أن فيلمني من تلك األفالم منعا من العرض‬ ‫نوة والطارفة(والطارفة تعين املشنقة بالعامية‬ ‫اجلزائرية)‪.‬‬ ‫است ّمرت صحوة السبعينيات يف الشبكة‬ ‫إخراج غوتي بن ددوش العام ‪ ،1976‬وكان أول‬ ‫أفالمه الروائيّة الطويلة‪ ،‬ووصلت إىل ذروتها مع‬ ‫عمر جتالتو إخراج مرزاق علواش العام ‪،1977‬‬ ‫وكان أول أفالمه الروائيّة الطويلة أيضاً‪ ،‬والذي‬ ‫يعترب من حتف السينما العربية‪ ،‬وكذلك فيلمه‬ ‫الثاني مغامرات بطل ‪ 1978‬الذي فاز باجلائزة‬ ‫الذهبية يف مهرجان قرطاج يف تونس‪ .‬ومنذ‬

‫هذين الفيلمني أصبح علواش فنان السينما‬ ‫اجلزائري الثالث الذي تعرفه ك ّل الدنيا مع‬ ‫حامينا وراشدي‪.‬‬ ‫عمر جتالتو بالعامية اجلزائرية‪ ،‬واليت‬ ‫تعين بالعربية عمر قتلته الذكورة‪ ،‬يعرب بأسلوب‬ ‫واقعي بسيط‪ ،‬ولكن حديث‪ ،‬عن احلياة اليومية‬ ‫ملوظف شاب يف العاصمة‪ :‬كيف يعيش؟ وكيف‬ ‫يفكر؟ ومباذا حيلم؟ وينتهي الفيلم كما بدأ‪ ،‬يف‬ ‫حلظة ما‪ ،‬من يوم ما‪ ،‬من حياة عمر‪ .‬فليست‬ ‫هناك قصة‪ ،‬وال حدوتة‪ ،‬وإمنا جمموعة من‬ ‫املشاهد اليت تربط بينها الشخصية الرئيسية‪،‬‬ ‫وهي منوذج لشخصية "الالبطل" يف السينما‬ ‫العربية‪ .‬ومل يكن من الغريب أن يت ّم اختياره‬ ‫للعرض يف أسبوع النقاد يف مهرجان كان‪ ،‬وال‬ ‫أن يفوز باجلائزة الفضية يف مهرجان موسكو‪.‬‬ ‫أما يف مغامرات بطل‪ ،‬فينفصل علواش عن‬ ‫السينما اهلوليودية السائدة يف العامل‪ ،‬ويصنع‬ ‫إحدى أكرب احملاوالت من أجل سينما عربية‬ ‫خالصة‪ ،‬أي عن قضية عربية بأسلوب عربي‪.‬‬ ‫وقد اختار قضية "البطل" الذي تنتظره الشعوب‬ ‫ليخلصها‪ ،‬واختار أسلوب ألف ليلة وليلة‪ .‬بطل‬ ‫علواش هو دون كيشوت من العامل الثالث‪،‬‬ ‫وكون األحداث تدور يف بلد عربي "ما"‪ ،‬فذلك‬ ‫مل يكن هروباً من مواجهة الواقع يف الجزائر‪،‬‬ ‫وإمنا ألن قضيته ال تقتصر عليها‪ .‬إنه من سينما‬ ‫تقليب اجلذور وحتطيم احملرمات املزيّفة‪.‬‬ ‫وشهد العام نفسه ‪ 1977‬أول فيلم جزائري‬ ‫ملخرجة‪ ،‬وهو الفيلم التسجيلي القصري تقرير‬ ‫المصير إخراج فايزة بن سعد‪ .‬ويف العام ‪1978‬‬ ‫أخرجت الكاتبة اجلزائرية العاملية الكبرية آسيا‬ ‫جبار فيلمها األول نوبة نساء جبل شنوة‪ ،‬وهو‬ ‫أول فيلم طويل ملخرجة‪ ،‬وجيمع بني التسجيلي‬ ‫معباً عن "ما بعد احلداثة"‪ .‬وقد‬ ‫والروائي رّ‬ ‫وصفته موسوعة النساء والسينما (آنيت كول‬ ‫– لندن – ‪ )1990‬بأنه "حتفة"‪ ،‬وموضوعه‬

‫‪457‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 458‬للتنمية الثقافية‬

‫املرأة اجلزائرية أثناء حرب االستقالل وبعد‬ ‫االستقالل‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ 1978‬أيضاً صدرت أول جملة‬ ‫متخصصة يف السينما عن‬ ‫عربية – فرنسية ّ‬ ‫التلفزيون اجلزائري‪ ،‬وهي اجمللة الشهرية‬ ‫الشاشتان اليت رأس حتريرها عبده ب‪.‬‬ ‫وكانت هيئة التحرير من موني براح وعز‬ ‫الدين مبروكي ومولود ميمون وأحمد بجاوي‬

‫ويزيد خوجه وفاروق بلوفة وهاشمي الشريف‬ ‫ومحمد أمغار وبوجمعة كارش ومحمد كمال‬

‫بوجملين وعبدالحميد بن هدوقة‪ ،‬ومجيعهم‬ ‫من أعالم السينما والنقد واألدب‪ .‬واست ّمرت‬ ‫اجمللة يف الصدور حتى العام ‪.1983‬‬ ‫ومع تأزم األوضاع االجت ّماعية والسياسية قبل‬ ‫أن يتح ّول الصراع إىل العنف‪ ،‬تأزمت السينما‬ ‫بدورها‪ ،‬وعندما انفجر العنف‪ ،‬تو ّقف ك ّل شيء‪،‬‬ ‫وهاجر العديد من السينمائيني إىل فرنسا‪،‬‬ ‫ويعب عن‬ ‫ولكن أغلبهم ظ ّل يص ّور يف الجزائر‪ ،‬رّ‬ ‫املرحلة األصعب يف تارخيها منذ االستقالل‪.‬‬ ‫ومع بداية االنفراج‪ ،‬أصبح من املمكن م ّرة‬ ‫أخرى إنتاج أفالم جزائرية‪ .‬ويف العام ‪ 2009‬بلغ‬ ‫عدد شركات اإلنتاج ‪ 47‬شركة‪ ،‬وبلغت ميزانية‬ ‫الدعم احلكومي لإلنتاج السينمائي ‪ 200‬ألف‬ ‫يورو يف السنة‪.‬‬ ‫الفيلم األول عن سنوات العنف يف العقد‬ ‫األخري من القرن املاضي‪ ،‬واألهم حتى اآلن‪،‬‬ ‫كان باب الواد الحومة إخراج مرزاق علواش‬ ‫الذي عرض يف برنامج نظرة خاصة يف مهرجان‬ ‫كان العام ‪ ،1994‬حيث حاول الفنان كما يف فيلمه‬ ‫األول عمر جتالتو البحث يف جذور العنف الذي‬ ‫راح ضحيته مئات اآلالف ما بني قتلى وجرحى‬ ‫ومفقودين‪ ،‬وجعل البالد تعيش مأساة كبرية‬ ‫التزال تعاني من أثرها‪.‬‬ ‫ومن أهم األفالم اليت تناولت ما أصبح‬ ‫يعرف بـ سنوات اإلرهاب في التسعينات‪،‬‬

‫رشيدة إخراج يامينا بشير الذي عرض يف‬ ‫نظرة خاصة يف مهرجان كان ‪ ،2002‬وتحيا‬ ‫الجزائر إخراج نادر مكناش‪ ،‬وشاي آنيا ‪2005‬‬ ‫وعائشات ‪ ،2007‬وكالهما إخراج سعيد ولد‬ ‫خليفة‪ ،‬وبركات إخراج جميلة صحراوي‬ ‫ومتثيل املمثلة اجلزائرية العاملية رشيدة براكني‬ ‫الذي عرض يف ملتقى مهرجان برلين ‪،2006‬‬ ‫والعودة إلى الوطن إخراج رباح أمير زاميش‬ ‫الذي عرض يف نظرة خاصة يف مهرجان كان‬ ‫‪ ،2006‬ومال وطني إخراج املمثلة اجلزائرية‬ ‫الكبرية فاطمة بلحاج ‪ ،2007‬وداخل البالد‬ ‫إخراج طارق تيجيا الذي عرض يف مسابقة‬ ‫مهرجان فينسيا ‪ ،2008‬والبيت األصفر إخراج‬ ‫عمور هاكار الذي عرض يف مسابقة مهرجان‬ ‫لوكارنو ‪.2008‬‬ ‫ومن األفالم األخرى اهلامة ماشاهو إخراج‬ ‫بلقاسم حجاج العام ‪ ،1995‬وهو أول فيلم‬ ‫جزائري ناطق باألمازيغية (ماشاهو تعين‬ ‫بالعربية كان يا ما كان)‪ .‬والّلغة األمازيغية‬ ‫إحدى الّلغات الثالث يف اجملتمع اجلزائري‬ ‫إىل جانب العربية والفرنسية مثل المغرب‪،‬‬ ‫والخبز الحافي إخراج رشيد بن حاج العام‬ ‫‪ 2006‬عن رواية الكاتب املغربي الكبري محمد‬ ‫شكري (‪ )1939-2003‬املمنوعة يف أغلب‬ ‫الدول العربية‪ ،‬ومصطفى بولعيد إخراج‬ ‫أحمد راشدي العام ‪ ،2008‬وهو أضخم إنتاج‬ ‫يف تاريخ السينما اجلزائرية عن أحد أبطال‬ ‫حرب التحرير‪ ،‬ومسخرة إخراج لياس سالم‬ ‫‪ 2008‬الذي يعترب كوميديا سوداء عن الواقع‬ ‫االجتماعي‪.‬‬ ‫ومنذ العام ‪ 1995‬ملع يف السينما الفرنسية‬ ‫والعاملية املخرج اجلزائري رشيد بوشارب‬ ‫عندما ّ‬ ‫رشح فيلمه الروائي الطويل األول رماد‬ ‫الحياة جلائزة أوسكار أحسن فيلم أجنيب‪،‬‬ ‫وكان أول خمرج عربي ّ‬ ‫يرشح إلحدى جوائز‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫اإلبداع‬

‫أشهر مسابقة سينمائية يف العامل‪ .‬صحيح أنه‬ ‫فرنسي ولد يف باريس ألسرة جزائرية‪ ،‬وصحيح‬ ‫أن أفالمه من اإلنتاج الفرنسي‪ ،‬أو الفرنسي‬ ‫املشرتك‪ ،‬لكن اهلوية الثقافية هلذه األفالم‬ ‫جتمع بني الثقافة العربية اجلزائرية والثقافة‬ ‫الغربية الفرنسية‪ ،‬وتت ّميز بآفاق إنسانية تد ّل‬ ‫على أنه "مواطن عاملي" حبقّ‪ :‬العامل مسرحه‪،‬‬ ‫واإلنسان موضوعه‪ ،‬واإلعالء من القيم اإلنسانية‬ ‫الكربى جوهر رؤيته‪.‬‬ ‫إنه يص ّور يف ك ّل مكان من السنغال إىل‬ ‫لندن‪ ،‬ومن باريس إىل الجزائر‪ .‬وقد عرض‬ ‫فيلمه الثاني السنغال الصغيرة يف مسابقة‬ ‫مهرجان برلين ‪ 2001‬عن تاريخ االستعباد‬ ‫األوروبي لألفارقة يف أميركا‪ ،‬وعرض فيلمه‬ ‫الرابع بلديون يف مسابقة مهرجان كان ‪،2006‬‬ ‫وفاز ممثلوه اجلزائريون رشدي زيم وسامي‬ ‫بوعجيلة وجميل دبوزة جبائزة أحسن ممثل‪،‬‬ ‫كما ّ‬ ‫رشح ألوسكار أحسن فيلم أجنيب‪ ،‬وعرض‬ ‫فيلمه اخلامس نهر لندن يف مسابقة مهرجان‬ ‫برلين ‪ 2009‬عن العامل بعد تفجريات نيويورك‬ ‫وواشنطن ولندن ومدريد‪ ،‬وفاز املمثل املالي‬ ‫سوتيجي كوياتي جبائزة أحسن ممثل عن‬ ‫دوره فيه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مت يف الجزائر منذ العام ‪ 1957‬حتى ‪2009‬‬ ‫إنتاج حواىل ‪ 250‬فيلماً طوي ًال و‪ 500‬فيلم قصري‪.‬‬ ‫ومع األسف ال توجد فيلموجرافيا توثق األفالم‬ ‫اجلزائرية توثيقاً علمياً‪ ،‬وخباصة مع وجود‬ ‫صعوبات يف حتديد اإلنتاج اجلزائري اخلالص‪،‬‬ ‫واجلزائري املشرتك‪ ،‬واإلنتاج غري اجلزائري‬ ‫ملخرجني جزائريني يف املهجر‪.‬‬ ‫أهم األفالم الطويلة من اإلبداع اجلزائري‬ ‫العام ‪ 2009‬نهر لندن إخراج رشيد بوشارب‪،‬‬ ‫وحراقة إخراج مرزاق علواش الذي عرض يف‬ ‫برنامج أيام فينسيا يف مهرجان فينسيا ‪،2009‬‬ ‫ويعب عن مشكلة الشباب العرب الذين يعرضون‬ ‫رّ‬

‫حياتهم للخطر على حنو شبه انتحاري من أجل‬ ‫عبور املتوسط إىل أوروبا يف قوارب صغرية‬ ‫متهالكة بعدما أصبحت بالدهم من الدول‬ ‫الفاشلة‪ ،‬أو ما يس ّمى أوروبياً مشكلة اهلجرة‬ ‫غري الشرعية‪ .‬وقد فاز الفيلم جبائزة جلنة‬ ‫التحكيم يف مهرجان دبي‪.‬‬ ‫ومن األفالم اجلزائرية الروائيّة الطويلة‬ ‫املت ّميزة العام ‪ 2009‬أويوارديا كان لها طفلين‬ ‫إخراج جميلة شعراوي عن أم قتل ابنها‬ ‫املتط ّرف الديين شقيقه‪ .‬ومن األفالم اجلزائرية‬ ‫التسجيلية الطويلة الصين التزال بعيدة إخراج‬ ‫مالك بن إسماعيل‪ ،‬وسينمائيو الحرية إخراج‬ ‫سعيد فهداوي عن السينما اجلزائرية أثناء‬ ‫حرب التحرير‪.‬‬ ‫ومن أهم األفالم التسجيلية القصرية‬ ‫صالون الحالقة إخراج سامية شاال‪ ،‬وفضاء‬ ‫األمل إخراج عماد خليفة ساحل‪ .‬ومن أهم‬ ‫األفالم الروائيّة القصرية قوليلي إخراج‬ ‫صابرينة دراوي‪ ،‬وسكتوا إخراج خالد بن‬ ‫عيسى‪ ،‬وعودة إلى نقطة التوازن إخراج نادية‬ ‫شويب‪.‬‬ ‫مؤسسة الفنك‪ ،‬وهي‬ ‫ومنذ العام ‪ 2007‬تقوم ّ‬ ‫أسسها ويرأسها حبيب شوقي‬ ‫مؤسسة مدنية ّ‬ ‫ّ‬ ‫حمراوي بدور رئيس يف إنعاش السينما والثقافة‬ ‫السينمائية يف الجزائر‪ .‬ويف ذلك العام أقامت‬ ‫الدورة األوىل لـ مهرجان تاجيت لألفالم‬ ‫القصرية‪ ،‬والدورة األوىل لـ مهرجان وهران‬ ‫لألفالم العربية‪ ،‬والذي عقد دورته الثالثة من‬ ‫‪ 23‬إىل ‪ 30‬حزيران‪/‬يوليو ‪ ،2009‬وهو املهرجان‬ ‫املخصص للسينما العربية يف‬ ‫األول والوحيد ّ‬ ‫الوطن العربي‪ .‬وقد حقّق جناحاً كبرياً واستطاع‬ ‫يف دوراته الثالث أن يكون مبثابة مؤمتر "قمة"‬ ‫لصنّاع السينما العرب من ك ّل الدول العربية‪،‬‬ ‫وأن يكون قلعة تقود املقاومة يف الجزائر ض ّد‬ ‫أعداء الوطن اجلزائري والدين اإلسالمي‬

‫‪459‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 460‬للتنمية الثقافية‬

‫وأعداء الفنون وخباصة السينما‪.‬‬ ‫وأ ّكد املهرجان يف دورة ‪ 2009‬دفاعه عن‬ ‫املرأة العربية يف مواجهة املتطرفني باختياره‬ ‫سبعاً من السينمائيّات العربيّات يف جلنة حتكيم‬ ‫األفالم الطويلة والقصرية‪ ،‬ففي الّلجنة األوىل‬ ‫اشرتكت املصرية نبيلة عبيد والسورية واحة‬ ‫الراهب والتونسية كلثوم بورناز والسعودية أميرة‬ ‫الغامدي‪ ،‬ويف الّلجنة األخرى اشرتكت الّليبية‬ ‫خدوجة صبري واجلزائرية ريم تعكوشت‪،‬‬ ‫الصومال‪ :‬مل تتو ّفر معلومات عن بداية‬ ‫ورأستها الّلبنانية كلوديا مرسيليان‪.‬‬ ‫العروض السينمائية يف الصومال‪ ،‬وبداية‬ ‫ ‬ ‫دور عرض األفالم‪ ،‬ولكن يف العام ‪ 1950‬كان‬ ‫جزر القمر‪ ،‬جيبوتي‪ ،‬الصومال‬ ‫يف العاصمة مقديشيو ‪ 22‬داراً للعرض كلها‬ ‫جزر القمر‪ :‬كانت جزر القمر حتت لشركتني إيطاليتني‪.‬‬ ‫وبعد ثورة ‪ّ 1969‬‬ ‫االحتالل الفرنسي حتى استقلت يف العام ‪،1975‬‬ ‫مؤسسة السينما‬ ‫مت إنشاء ّ‬ ‫وأصبحت مجهورية عاصمتها موروني‪ .‬مل تتو ّفر الصومالية العام ‪ ،1971‬واليت احتكرت االسترياد‬ ‫معلومات عن عدد دور العرض أو إنتاج وتوزيع والتوزيع دون اإلنتاج ودور العرض‪ ،‬ووصل عدد‬ ‫األفالم يف هذه الدولة اليت يبلغ عدد سكانها دور العرض إىل ‪ 37‬داراً‪ .‬ومع تولّي احملاكم‬ ‫حنو مليون نسمة‪.‬‬ ‫اإلسالمية احلكم العام ‪ّ 2006‬مت "حتريم"‬ ‫ويف العام ‪ّ 2004‬مت يف جزر القمر تصوير السينما إنتاجاً وتوزيعاً وعرضاً‪ ،‬ومل تعد هناك‬ ‫الفيلم البلجيكي الروائي القصري بيوت أ ّي دور لعرض األفالم لعدد السكان البالغ حنو‬ ‫المهاجرين إخراج القمرية هاشمية أحمده ‪ 10‬مليون نسمة‪.‬‬ ‫اليت ولدت يف فرنسا ودرست السينما يف‬ ‫بعد االستقالل العام ‪ّ ،1960‬مت إنتاج أول‬ ‫بروكسل حيث تقيم‪ ،‬وكان الفيلم هو فيلم فيلم صومالي العام ‪ ،1961‬وهو الفيلم الروائي‬ ‫وتعب املخرجة يف فيلمها عن مشكلة القصري الحب ال يعرف العقبات إخراج حسين‬ ‫التخ ّرج‪ .‬رّ‬ ‫طموح الشباب إىل اهلجرة من خالل رجل يف مبروك‪ .‬ويف العام ‪ّ 1964‬مت إنتاج أول فيلم‬ ‫جزر القمر حيرتق بيته املصنوع من اجلريد‪ ،‬صومالي روائي طويل بعنوان الريف والمدينة‬ ‫يفضل احلياة مع أسرته يف فيال مهجورة‪ ،‬إخراج محمد جمالي‪ .‬وحتّى ‪ّ 2009‬‬ ‫ولكنه ّ‬ ‫مت إنتاج ‪3‬‬ ‫بدالً من اهلجرة جلمع أموال لبناء منزل حديث أفالم صومالية روائيّة طويلة هي إىل جانب‬ ‫كما فعل أخوه‪.‬‬ ‫الفيلم األول الفقر ال يضاهي التبذير إخراج‬ ‫إدريس حسن ديري العام ‪ ،1973‬والدراويش‬ ‫سيد صالح العام ‪.1984‬‬ ‫جيبوتي‪ :‬كانت جيبوتي جزءاً من والصومال إخراج ّ‬ ‫الصومال‪ ،‬واحتلّتها فرنسا حتى استقلّت العام‬ ‫يبدأ فيلم الريف والمدينة حبفل زفاف‬ ‫‪ ،1977‬وأصبحت مجهورية‪ .‬مل تتو ّفر معلومات طاهر(جاما يوفا) وديكا (مريم جاما) يف‬ ‫عن دور العرض أو إنتاج وتوزيع األفالم يف هذه مقديشيو حيث يروي طاهر كيف تبادل احلب‬ ‫الدولة اليت يبلغ عدد سكانها حنو ‪ 800‬ألف مع ديكا يف القرية‪ ،‬ولكن قزماً كان يطمح يف‬ ‫نسمة‪ .‬ويذكر موقع "املسافرون العرب" أن‬ ‫هناك دار عرض واحدة لألفالم يف جيبوتي‬ ‫العاصمة‪.‬‬ ‫ّمت يف العام ‪ 1984‬إنتاج فيلم روائي طويل يف‬ ‫جيبوتي بعنوان موسى الكبير إخراج أحمد‬ ‫دينو‪ ،‬وقصته عن قزم ينتقم من اجملتمع الذي‬ ‫يزدريه‪ ،‬ويتح ّول إىل جمرم شديد القسوة‪.‬‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫مقديشيو لألفالم األفريقية (موجافيس)‬

‫الذي كان من املق ّرر أن ينعقد ك ّل عامني وتو ّقف‬ ‫بعد الدورة الثالثة العام ‪.1985‬‬

‫السعودية‪" :‬حلم الزيتون" أول فيلم‬ ‫سعودي تشكيلي طويل‬

‫عرفت السعودية أشكاالً من العروض‬ ‫السينمائية منذ العام ‪ 1955‬يف الزوايا املفتوحة‬ ‫يف العاصمة الرياض واملدن السعودية األخرى‪،‬‬ ‫جدة فيما كان يس ّمى بــ األحواش‪،‬‬ ‫وخباصة ّ‬ ‫ويف البيوت حيث كانت هناك حمالت لتأجري‬ ‫آالت العرض ونسخ األفالم‪ ،‬وأغلبها من األفالم‬ ‫املصرية‪ ،‬ولكن السعودية مل تعرف دور العرض‬ ‫حتى اآلن‪.‬‬ ‫وعرفت السعودية الفوتوغرافيا منذ تأسيس‬ ‫الدولة العام ‪ ،1932‬كما عرفت التلفزيون العام‬ ‫‪ ،1965‬وساعد رواج الصحف واجملالت اليت‬ ‫تنشر الصور الفوتوغرافيّة‪ ،‬وانتشار التلفزيون‪،‬‬ ‫على متكني ثقافة الصورة يف اجملتمع‪ .‬ومع توزيع‬ ‫أفالم على شرائط فيديو العام ‪ ،1975‬ثم على‬ ‫اسطوانات "دي في دي" العام ‪ ،1995‬أصبحت‬ ‫السعودية من أكرب أسواق الفيديو والـ "دي‬ ‫في دي" يف الوطن العربي‪ ،‬حبكم الوفرة اليت‬ ‫حتقّقت مع ارتفاع أسعار النفط بعد حرب‬ ‫أكتوبر ‪.1973‬‬ ‫ومع بدء احلرب األهلية يف لبنان العام‬ ‫‪ ،1975‬حلّت الشركات السعودية حمل الشركات‬ ‫الّلبنانية يف توزيع األفالم املصرية و ّ‬ ‫متويل جزء‬ ‫من تكاليفها مسبقاً قبل اإلنتاج نتيجة ارتفاع‬ ‫قيمة حقوق توزيع الفيديو يف‬ ‫السعودية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وكانت هذه الشركات تشرتي أيضاً حقوق‬ ‫توزيع السينما والفيديو والتلفزيون لدول أخرى‬ ‫وخباصة يف اخلليج‪ .‬ومع انتشار الفضائيات‬ ‫يت‬ ‫التلفزيونية منذ العام ‪ّ 1990‬مت إنشاء شبك ّ‬ ‫تلفزيون راديو وتلفزيون العرب وروتانا يف‬ ‫السعودية‪ ،‬وهما األكرب يف الوطن العربي‪،‬‬ ‫وواصلت الشركتان الدور الذي كانت تقوم به‬ ‫شركات الفيديو بالنسبة إىل توزيع األفالم‬ ‫املصريّة اجلديدة‪ ،‬كما قامتا بنقل ملكية حنو‬

‫اإلبداع‬

‫الزواج منها أبلغ والدها أنهما كانا يلتقيان‬ ‫قبل الزواج‪ ،‬فثار الوالد وق ّرر منع زواجهما‪،‬‬ ‫فاضطرت ديكا للهرب إىل املدينة‪ ،‬وحلق بها‬ ‫طاهر‪ ،‬وتزوجا‪.‬‬ ‫أما الفقر ال يضاهي التبذير فمن أفالم‬ ‫الدعاية السياسية اليت تنتج بعد الثورات لتدين‬ ‫"العهد البائد"‪ .‬وفيه يستمع إبري العامل يف نا ٍد‬ ‫كبري يف العاصمة‪ ،‬وباملصادفة‪ ،‬إىل حوار بني‬ ‫أحد الوزراء وسفري دولة أجنبية يشري إىل فساد‬ ‫الوزير‪ .‬وعندما حياول إبري كشف ذلك الفساد‪،‬‬ ‫يت ّم اعتقاله‪ ،‬وال يفرج عنه إال بعد الثورة‪ ،‬ويعمل‬ ‫يف الزراعة وحيقّق جناحاً‪ ،‬ويتبادل احلب مع‬ ‫فتاة ثريّة‪ ،‬ولكنها ترفض احلياة معه يف املزرعة‪،‬‬ ‫فينفصل عنها‪.‬‬ ‫ويدور الدراويش والصومال عن احلركة‬ ‫الوطنية املعروفة يف تاريخ الصومال باسم‬ ‫"حركة الدراويش"‪ ،‬واليت قادها محمد‬ ‫عبدالله حسن ض ّد قوات االحتالل قبل‬ ‫االستقالل يف العام ‪.1960‬‬ ‫أما األفالم القصرية فقد بلغ عددها حنو‬ ‫عشرة أفالم‪ ،‬منها إنها ليست نكتة إخراج‬ ‫عبدالرحم أرتان‪ ،‬وكعكة رأس السنة إخراج‬ ‫سيد صالح‪ ،‬وكالهما العام ‪ ،1985‬وشجرة‬ ‫الحياة ‪ ،1987‬وصدفة البحر ‪ ،1992‬وكالهما‬ ‫إخراج عبد القادر سيد أحمد‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ 1977‬أخرج املصري خيري بشارة‬ ‫فيلماً تسجيلياً طوي ًال عن الصومال بعنوان‬ ‫تنوير‪ ،‬والذي يعترب أه ّم فيلم تسجيلي أُنتج عن‬ ‫الصومال‪ ،‬وحت ّول اآلن إىل وثيقة ال مثيل هلا بعد‬ ‫األحداث اليت جرت منذ ‪ ،1977‬واليت غيرّ ت‬ ‫معامل البالد‪ ،‬وخصوصاً مقديشيو‪.‬‬ ‫وشهدت الصومال العام ‪ 1981‬مهرجان‬

‫‪461‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 462‬للتنمية الثقافية‬

‫في السعودية وفي العام ‪ 2009‬ت ّم‬ ‫إنتاج أكثر من ‪ 30‬فيلماً قصيراً أهمها‬ ‫الفيلم الروائي شروق وغروب إخراج‬ ‫محمد الظاهري وهو يعكس بأسلوب‬ ‫واقعي متط ّور إحدى المشكالت الكبرى‬ ‫وهي اغتصاب األطفال ‪ ..‬ومن أه ّم‬ ‫األفالم الروائية أيضاً مجرد كلمة إخراج‬ ‫سمير عارف عن طفل سعودي يعود‬ ‫مع أسرته من أميركا ويعاني من عدم‬ ‫معرفته الّلغة العربية‪..‬‬

‫ثلثي األفالم الروائيّة الطويلة اليت أنتجت يف‬ ‫مصر منذ العام ‪ .1932‬وعندما خت ّوف البعض‬ ‫يف مصر على أصول الرتاث السينمائي املصري‬ ‫لدى الشركتني‪ ،‬ص ّرح األمير الوليد بن طالل‬ ‫رئيس روتانا العام ‪ 2009‬أن األفالم املصرية يف‬ ‫أيد سعودية أمينة‪.‬‬ ‫ولوحظت بداية حركة سينما سعودية‬ ‫مستقلّة منذ ‪ 2003‬بإنتاج أفالم فيديو قصرية‬ ‫روائيّة وتسجيلية وتشكيلية (حتريك) ملخرجني‬ ‫وخمرجات من اهلواة والطلبة واحملرتفني‪،‬‬ ‫وانعقاد أول مهرجان للسينما يف‬ ‫جدة العام‬ ‫ّ‬ ‫‪ ،2006‬والذي ّ‬ ‫نظمته شركة رواد ميديا اليت‬ ‫يديرها املخرج ممدوح سالم‪ ،‬حيث ّمت عرض‬ ‫أغلب األفالم السعودية املستقلّة‪.‬‬ ‫وشهد العام ‪ 2006‬أيضاً البدء يف إنتاج‬ ‫أفالم سعودية روائيّة طويلة‪ ،‬ووصل عددها‬ ‫إىل ‪ 10‬أفالم العام ‪ .2009‬وكما كان عبدالله‬ ‫المحيسن الذي درس السينما يف بريطانيا‬ ‫خمرج أول فيلم سعودي (التسجيلي القصري‬ ‫تطوير مدينة الرياض العام ‪ )1976‬كان خمرج‬ ‫أول فيلم سعودي روائي طويل ظالل الصمت‪،‬‬ ‫فهو رائد السينما السعودية‪ ،‬وإن سبقه محمد‬ ‫القزاز الذي خت ّرج يف المعهد العالي للسينما يف‬ ‫مصر العام ‪ ،1968‬ولكنه مل يت ّمكن من إخراج أ ّي‬ ‫أفالم حتى اآلن‪.‬‬ ‫ويف املعهد املصري نفسه خت ّرجت العام‬ ‫‪ 1990‬السعودية هيام الكيالني اليت عملت يف‬ ‫التلفزيون السعودي‪ ،‬وأخرجت الفيلم التسجيلي‬ ‫القصري الدرعية العام ‪ 1991‬من إنتاج‬ ‫التلفزيون‪.‬‬ ‫مل يعرض من األفالم الروائيّة الطويلة يف‬ ‫السعودية حتى اآلن غري فيلم مناحي إخراج‬ ‫أيمن مكرم ومتثيل جنم الكوميديا التلفزيونية‬ ‫فايز المالكي وإنتاج روتانا‪ ،‬وذلك يف مسرح‬ ‫جدة‪،‬‬ ‫مركز الملك عبدالعزيز الثقافي يف‬ ‫ّ‬

‫ويف أحد فنادق الطائف‪ ،‬العام ‪ .2009‬وكانت‬ ‫عروض هذا الفيلم أول عروض مفتوحة بتذاكر‬ ‫منذ العام ‪ ،1980‬وشاهده حنو ‪ 25‬ألف متفرج‬ ‫يف ‪ 10‬أيام‪.‬‬ ‫و ّمت يف السعودية إنتاج ‪ 200‬فيلم قصري من‬ ‫‪ 2003‬حتى ‪ .2009‬كانت البداية الفيلم الروائي‬ ‫من يكون إخراج هيفاء المنصور ‪ ،2003‬عن‬ ‫جمرم يرتكب جرائمه وهو يرتدي ز ّي النساء‬ ‫الذي يغطي الوجه واجلسد‪ .‬ومن أهم األفالم‬ ‫الروائيّة القصرية تاكسي إخراج مشعل العنزي‬ ‫‪ ،2004‬عن رجل سعودي اضطر أن يتن ّكر يف‬ ‫ز ّي عامل باكستاني لكي يعمل سائق تاكسي‪،‬‬ ‫والقطعة األخيرة إخراج محمد بازيد ‪،2005‬‬ ‫عن رجل يتق ّمص شخصية صعلوك شارلي‬ ‫شابلن يف شوارع جدة‪ ،‬ومن حولنا إخراج‬ ‫محمد الباشا ‪ ،2005‬عن حت ّكم اخلرافات يف‬ ‫احلياة اليومية‪ ،‬وطفلة السماء إخراج علي‬ ‫األمير ‪ ،2006‬عن العنف البدني يف تربية‬ ‫الفتيات من خالل مذكرات فتاة ماتت على‬ ‫ي ّد والدها‪ ،‬والجريمة المركبة إخراج توفيق‬ ‫الزايدي ‪ ،2006‬عن ما يس ّمى يف السعودية‬ ‫التفحيط‪ ،‬وهو نوع عنيف من سباق السيارات‬ ‫العشوائي يف الصحراء‪ ،‬ويكشف الفيلم االرتباط‬ ‫بني هذه الظاهرة وإدمان املخدرات‪.‬‬ ‫وأهم األفالم التسجيلية إىل اآلن نساء بال‬ ‫ظل إخراج هيفاء المنصور ‪ ،2005‬كما أنه أول‬ ‫فيلم تسجيلي طويل يف حركة السينما املستقلة‬ ‫السعودية (‪ 45‬دقيقة)‪ .‬وقد عرض للم ّرة األوىل‬ ‫يف السعودية يف المركز الثقافي الفرنسي العام‬ ‫جدة األول العام‬ ‫‪ ،2005‬ثم عرض يف مهرجان ّ‬ ‫‪ ،2006‬عن الت ّمييز ض ّد املرأة‪ .‬إنه حدث ثقايف‬ ‫كبري حيث كان أول فيلم يف تاريخ السينما يص ّور‬ ‫يف السعودية عن الواقع االجتماعي‪ ،‬وبواسطة‬ ‫خمرجة سعوديّة‪.‬‬ ‫ومن األفالم التسجيلية القصرية املت ّميزة‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫شهد العام ‪ 2009‬قيام أول فيلم‬ ‫سعودي تشكيلي طويل (‪ 90‬دقيقة)‬ ‫بعنوان حلم الزيتون إخراج أسامة خليفة‬ ‫عن قضية فلسطين ‪ ..‬كما شهد إصدار‬ ‫أول كتاب عن السينما السعودية بعنوان‪:‬‬ ‫الفانوس السحري‪ :‬قراءات في السينما‬ ‫السعودية للناقد خالد ربيع‪..‬‬

‫اإلبداع‬

‫السينما ‪ 500‬كيلومتر إخراج عبدالله العياف أسامة خليفة‪ ،‬عن قضية فلسطين‪ .‬كما‬ ‫‪ ،2005‬عن الرحلة اليت يقوم بها الشباب يف شهد إصدار أول كتاب عن السينما السعودية‬ ‫السعودية ملشاهدة األفالم يف دور العرض يف بعنوان الفانوس السحري‪ :‬قراءات في السينما‬ ‫البحرين‪ ،‬وليلة البدر إخراج ممدوح سالم السعودية للناقد خالد ربيع‪.‬‬ ‫‪ ،2007‬عن تقاليد االحتفاالت يف الحجاز‪ .‬ومن‬ ‫أفالم التشكيل (التحريك) سدا إخراج خالد السودان‪ :‬دور العرض تتراجع ‪..‬‬ ‫الدخيل ‪ ،2005‬عن شخصية أسطورية بهذا والفيلم الهندي هو السائد‬ ‫االسم عرفت منذ عقود‪ ،‬وعودة الماضي إخراج‬ ‫كان الفيلم السويسري التسجيلي سافاري‬ ‫فرح إبراهيم عارف ‪ ،2006‬عن فتاة تعمل يف (‪ 40‬دقيقة) إخراج د‪ .‬م‪ .‬دافيد أول فيلم ص ّور‬ ‫الشركة نفسها اليت كان يعمل بها والدها وتويف يف السودان العام ‪ 1910‬عن رحلة صيد قام‬ ‫يف حادث غامض‪.‬‬ ‫بها خمرجه‪ .‬وقد بلغ عدد األفالم التسجيلية‬ ‫ويف العام ‪ّ 2009‬مت إنتاج أكثر من ‪ 30‬فيلماً والتعليمية اليت أنتجت عن السودان ‪ 116‬فيلماً‬ ‫قصرياً أه ّمها الفيلم الروائي شروق وغروب قصرياً من ‪ 1910‬إىل ‪ 1981‬من اإلنتاج األوروبي‬ ‫يعب بأسلوب واألمريكي‪( .‬بيبليوجرافيا األفالم التسجيلية‬ ‫إخراج محمد الظاهري الذي رّ‬ ‫واقعي متط ّور عن إحدى املشكالت الكربى‬ ‫ والتعليمية عن السودان للباحث السوداني عثمان‬ ‫املسكوت عنها‪ ،‬وهي اغتصاب األطفال‪ .‬ومن أحمد الصادر باإلجنليزية يف واشنطن العام‬ ‫أهم األفالم الروائيّة أيضاً مجرد كلمة إخراج ‪.)1982‬‬ ‫سمير عارف عن طفل سعودي يعود مع أسرته‬ ‫وأول فيلم عرض يف السودان هو الفيلم‬ ‫من الواليات المتّ حدة‪ ،‬ويعاني من عدم معرفة الربيطاني التسجيلي القصري افتتاح خط‬ ‫الّلغة العربية‪ ،‬وشرود إخراج بدر الحمود‪ ،‬عن األبيض‪-‬الخرطوم العام ‪ 1912‬عن افتتاح‬ ‫الروتني احلكومي‪ ،‬وانتظار إخراج سمير عارف‪،‬‬ ‫خط القطارات بني املدينتني‪ .‬ويف العام ‪1924‬‬ ‫ُ‬ ‫عن رجل يستيّقظ من غيبوبة طويلة‪ ،‬وحسب أنشئت أول دار لعرض األفالم يف العاصمة‬ ‫التوقيت المحلي إخراج محمد الخليفي‪ ،‬عن الخرطوم‪ ،‬وظلّت الوحيدة حتى نهاية عصر‬ ‫شاب جائع يف الرياض‪ ،‬وثالث رجال وامرأة السينما الصامتة‪ .‬وبعد ثالث سنوات من بدء‬ ‫إخراج عبدالمحسن الضبعان‪ ،‬عن احللم بصنع إنتاج األفالم الناطقة أُنشئت يف الخرطوم أول‬ ‫األفالم من دون معوقات‪.‬‬ ‫دار لعرض هذه األفالم العام ‪.1930‬‬ ‫ومن األفالم التسجيلية أيضاً الفيلم الطويل‬ ‫كان السودان جزءاً من مملكة مصر‬ ‫بعيد ًا عن الكالم إخراج هناء عبدالله‪ ،‬عن والسودان حتى أعلنت اجلمهورية يف مصر العام‬ ‫احلوار باملوسيقى بني فرقة تانجو من األرجنتني ‪ ،1953‬واستق ّل عن مصر العام ‪ 1956‬حين‬ ‫وفرقة دار عنيزة السعودية‪ ،‬والحقيقة إخراج أعلنت جمهورية السودان‪ .‬وقد ازداد عدد دور‬ ‫أسامة المريخي‪ ،‬عن املفاهيم الشائعة اخلاطئة العرض‪ ،‬ووصل إىل ‪ 60‬داراً العام ‪ .1965‬ويف‬ ‫اليت تربط اإلسالم باإلرهاب والعنف يف عامل العام ‪ّ 1970‬مت تأميم االسترياد والتوزيع دون‬ ‫اليوم‪.‬‬ ‫مؤسسة الدولة‬ ‫اإلنتاج ودور العرض‪ ،‬وأنشئت ّ‬ ‫وشهد العام ‪ 2009‬أول فيلم سعودي تشكيلي للسينما العام ‪ ،1977‬ويف العام ‪ 1978‬بلغ عدد‬ ‫طويل (‪ 90‬دقيقة) بعنوان حلم الزيتون إخراج األفالم اليت عرضت يف السودان ‪ 243‬فيلماً‬

‫‪463‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 464‬للتنمية الثقافية‬

‫شهد العام ‪ 2009‬قيام أول فيلم‬ ‫سعودي تشكيلي طويل (‪ 90‬دقيقة)‬ ‫بعنوان حلم الزيتون إخراج أسامة خليفة‬ ‫عن قضية فلسطين ‪ ..‬كما شهد إصدار‬ ‫أول كتاب عن السينما السعودية بعنوان‪:‬‬ ‫الفانوس السحري‪ :‬قراءات في السينما‬ ‫السعودية للناقد خالد ربيع‪..‬‬

‫منها ‪ 214‬فيلماً أمريكياً‪ ،‬واألفالم األخرى‬ ‫مصرية أو أوروبية‪ .‬ووصل عدد دور العرض يف‬ ‫العام ‪ 1980‬إىل ‪ 67‬داراً ‪.‬‬ ‫وبعد ثورة اإلنقاذ اليت قامت العام ‪1989‬‬ ‫بتحالف اجليش مع التيار اإلسالمي بدأت دور‬ ‫العرض تغلق حتى وصل عددها بعد ‪ 20‬عاماً من‬ ‫تلك الثورة إىل ‪ 7‬دور العام ‪ ،2009‬لعدد السكان‬ ‫البالغ حنو ‪ 40‬مليوناً‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ 2009‬كانت غالبية األفالم اليت‬ ‫عرضت يف السودان أفالماً هنديّة للعمال‬ ‫اهلنود‪ ،‬ومن دون إظالم القاعات أثناء العروض‬ ‫حبسب القانون‪ ،‬وهي احلالة الوحيدة من نوعها‬ ‫يف العامل‪.‬‬ ‫بدأ إنتاج األفالم السودانية مع تأسيس شركة‬ ‫السينما السودانية العام ‪ ،1940‬واليت أنتجت‬ ‫أفالماً غنائية قصرية مع شركة مصر للتمثيل‬ ‫والسينما في مصر ألشهر املغنيني السودانيني‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ 1949‬صدر أول قانون لتنظيم صناعة‬ ‫السينما‪ ،‬ويف العام نفسه أنشأت السلطات‬ ‫الربيطانية وحدة أفالم السودان إلنتاج أفالم‬ ‫تسجيلية وتعليميّة وجريدة سينمائية نصف‬ ‫شهريّة‪.‬‬ ‫است ّمرت وحدة أفالم السودان بعد‬ ‫االستقالل العام ‪ ،1956‬وحت ّولت إىل إدارة‬ ‫اإلنتاج السينمائي يف وزارة الثقافة واإلعالم‬ ‫العام ‪ ،1972‬والتزال قائمة‪ .‬وليست هناك‬ ‫فيلموجرافيا علميّة عن إنتاج الوحدة‪ ،‬ولكن‬ ‫الّلجنة اليت ش ّكلتها يف أبريل ‪ 1999‬حصرت‬ ‫وجود ‪ 3654‬فص ًال (الفصل حواىل ‪ 10‬دقائق)‬ ‫من األفالم وأعداد اجلريدة أنتجت خالل‬ ‫مخسني سنة (‪.)1999 - 1949‬‬ ‫ويف وحدة أفالم السودان عمل رائدا السينما‬ ‫السودانية‪ ،‬وهما كمال محمد إبراهيم الذي‬ ‫أخرج أول أفالمه الطفولة المشردة العام‬ ‫‪( 1952‬روائي قصري)‪ ،‬وجاد الله جبارة (‪1920‬‬

‫‪ )2008 -‬الذي أخرج أول أفالمه غابات جنوب‬

‫السودان العام ‪( 1954‬تسجيلي قصري)‪.‬‬ ‫ومع بداية التلفزيون العام ‪ 1963‬أنشأت‬ ‫فيه وحدة السينما‪ ،‬وشهد العام ‪ 1968‬إنشاء‬ ‫أسسته وأدارته سعاد إبراهيم‬ ‫أول ناد للسينما ّ‬ ‫أحمد‪ .‬ويف العام ‪ّ 1970‬مت إنتاج أول فيلم‬ ‫سوداني روائي طويل بعنوان آمال وأحالم‬ ‫إخراج إبراهيم الملس وإنتاج الرشيد مهدي‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ 1972‬أُنشأ قسم السينما يف مصلحة‬ ‫الثقافة يف وزارة الثقافة واإلعالم‪ ،‬وصدر قانون‬ ‫جديد للسينما العام ‪ .1974‬ويف هذا العام نفسه‬ ‫أنتجت إدارة اإلنتاج السينمائي الفيلم الروائي‬ ‫الطويل الوحيد الذي أنتجته حتى اآلن بعنوان‬ ‫شروق إخراج أنور هاشم الذي خترج يف المعهد‬ ‫العالي للسينما في مصر العام ‪ ،1971‬ولكن‬ ‫الرقابة منعت عرض الفيلم‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ 1976‬ص ّور املخرج الكوييت خالد‬ ‫الصديق من إنتاج شركته الكويتية عرس الزين‬ ‫وهي من روايات الكاتب السوداني العاملي‬ ‫الطيب‬ ‫ّ‬ ‫صالح (‪ .)2009 - 1929‬وصدرت أول جملة‬ ‫للسينما عن وزارة الثقافة يف ‪ 3( 1978‬أعداد)‪،‬‬ ‫ ثم جملة السينما والمجتمع العام ‪1980‬‬ ‫(‪ 5‬أعداد)‪ .‬وكان وراء إصدار هاتني اجمللتني‬ ‫جمموعة من رواد الثقافة السينمائية أبرزهم‬ ‫الباحث واملخرج عبدالرحمن نجدي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مت يف السودان من ‪ 1970‬حتى العام ‪2009‬‬ ‫إنتاج ‪ 7‬أفالم روائيّة طويلة‪ ،‬وأهمها تاجوج‬ ‫‪ 1980‬وبركة الشيخ ‪ ،1998‬وكالهما من إخراج‬ ‫جاد الله جبارة‪ .‬وتتأثر األفالم السودانية‬ ‫الروائيّة الطويلة باألفالم املصريّة التجارية‪،‬‬ ‫وإن حاول جاد الله جبارة أن يستلهم الرتاث‬ ‫يعب عن خصوصية الثقافة‬ ‫الشعيب حبيث رّ‬ ‫السودانية حيث ميتزج الواقعي باألسطوري‪،‬‬ ‫والديين باخلرايف‪.‬‬ ‫ومن أهم األفالم السودانيّة الروائيّة‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫والية دارفور‬

‫اإلبداع‬

‫القصرية أفالم حسين شريف (‪)2005 - 1945‬‬ ‫وإبراهيم شداد‪ ،‬وكالهما من شعراء السينما‬ ‫العربية الكبار‪ ،‬وإن اختلف أسلوب ك ّل منهما‬ ‫اختالفاً تاماً‪.‬‬ ‫حسين شريف‪ ،‬وخصوصاً يف انتزاع الكهرمان‬ ‫‪ ،1975‬شاعر كالسيكي جيمع بني لغات السينما‬ ‫والشعر والرسم واملوسيقى‪ ،‬ويتّخذ من جزيرة‬ ‫سواكن املهجورة معادالً درامياً موضوعياً‬ ‫للتعبري عن رؤيته الصوفية للوجود‪ .‬ويعترب‬ ‫هذا الفيلم من روائع األفالم القصرية على‬ ‫املستويني العربي والعاملي‪ .‬أما إبراهيم شداد‬ ‫فهو شاعر سوريالي يف تعبريه عن شقاء اإلنسان‬ ‫واحليوان يف جمل ‪ ،1980‬وعن املذحبة اليت قام‬ ‫بها اجليش الرتكي العام ‪ 1882‬وقتل فيها أكثر‬ ‫من مخسني ألف سوداني يف الحبل ‪ ،1985‬أو‬ ‫مما‬ ‫يف إنسان ‪ 1993‬عن رعب مواطن بسيط ّ‬ ‫حيدث يف الواقع السوداني‪ .‬ويف األفالم الثالثة‬ ‫ال يستخدم شداد احلوار أو التعليق‪.‬‬ ‫أما األفالم التسجيليّة القصرية‪ ،‬فإىل جانب‬ ‫أفالم الرائدين كمال محمد إبراهيم وجاد الله‬ ‫جبارة‪ ،‬تربز أفالم مثل السودان احلديث إخراج‬ ‫الخير هاشم ‪ 1962‬الذي كتب تعليقه الطيب‬ ‫صالح‪ ،‬وأحالم صغيرة إخراج محمد عيد زكي‬ ‫‪ ،1968‬وجزع النار إخراج حسين شريف ‪،1973‬‬ ‫حورية‬ ‫والطفولة ‪ ،1975‬والزار ‪ 1976‬إخراج‬ ‫ّ‬ ‫حاكم‪ ،‬وهي أول خمرجة سودانيّة‪ ،‬و‪ 4‬مرات‬ ‫لألطفال إخراج الطيب مهدي ‪ ،1978‬والذي‬ ‫ختر ّج يف المعهد العالي للسينما يف مصر العام‬ ‫‪.1976‬‬ ‫ويف العام ‪ 2008‬م ّولت فورد فاونديشن‬ ‫جمموعة أفالم مت ّميزة لـ جماعة الفيلم‬ ‫السوداني من أهمها آالم الوطن والمملكة‬ ‫المنهوبة إخراج سليمان محمد إبراهيم‪،‬‬ ‫وجبل مرة إخراج صالح محمد عبدالرحيم‪،‬‬ ‫والفيلم الروائي القصري عيال المطمورة‬

‫إخراج الطيب مهدي‪ ،‬وكلّها عن‬ ‫أكرب واليات السودان‪ ،‬واليت حت ّولت إىل مشكلة‬ ‫دولية منذ العام ‪.2003‬‬ ‫مل تكن نتيجة ثورة اإلنقاذ اليت قامت‬ ‫يف العام ‪ 1989‬إغالق أغلب دور العرض يف‬ ‫السودان فقط‪ ،‬وإمنا توقف اإلنتاج السينمائي‬ ‫على حنو يكاد يكون تاماً‪ .‬ففي العام ‪1991‬‬ ‫ّ‬ ‫مؤسسة الدولة للسينما وقسم‬ ‫متت تصفية ّ‬ ‫السينما يف مصلحة الثقافة ووحدة السينما يف‬ ‫التلفزيون‪ ،‬بل وأغلق نادي السينما بعد عشرين‬ ‫عاماً من تأسيسه‪ ،‬وصدر قانون جديد للسينما‬ ‫العام ‪ ،1993‬وآخر العام ‪ .1996‬صحيح أن‬ ‫إدارة اإلنتاج السينمائي بقيت اجلهة احلكومية‬ ‫الوحيدة إلنتاج األفالم‪ ،‬ولكن الرقابة الدينية‬ ‫املش ّددة تعوق اإلنتاج سواء احلكومي أم اخلاص‪،‬‬ ‫وقد وصل األمر بالرقابة إىل ح ّد منع فيلم‬ ‫تسجيلي قصري عن احلياة الربية ألن "أرداف‬ ‫العامة موحية" حبسب التقرير الرمسي‪.‬‬ ‫وطوال السنوات العشرين من العام ‪1989‬‬ ‫إىل ‪ 2009‬هاجر ماليني السودانيني‪ ،‬ومن‬ ‫بينهم مئات الكتّاب والفنانيني‪ .‬وشهد املهجر‬ ‫روائيني بارزين عرف منهم عاملياً جمال‬ ‫محجوب وليلى أبو العال وطارق الطيب‪ .‬وعرف‬ ‫من أفالم السينمائيني يف املهجر‪ ،‬وكلها أفالم‬ ‫قصرية‪ ،‬الفيلم التسجيلي الربيطاني دائرة‬ ‫األلم إخراج نعمات حماد العام ‪ ،1996‬فض ًال‬ ‫عن الفيلمني التسجيليني املصريني يوميات‬ ‫في المنفى ‪ ،2000‬والتراب والياقوت‪ :‬رسائل‬ ‫من الغربة ‪ 2005‬إخراج حسين شريف والذي‬ ‫اشرتكت معه املخرجة املصرية الكبرية عطيات‬ ‫األبنودي يف إخراج الفيلم األول‪ ،‬وقام مدير‬ ‫التصوير املصري محمود عبدالسميع بتصوير‬ ‫الفيلم الثاني‪.‬‬ ‫ومن أفالم املهجر السوداني أيضاً الفيلم‬ ‫القطري أيتام مايجوما إخراج تغريد‬

‫‪465‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 466‬للتنمية الثقافية‬

‫السنهوري من إنتاج قناة الجزيرة العام ‪،2007‬‬ ‫ويف العام ‪ 2009‬قامت املخرجة اليت تقيم‬ ‫يف قطر بإنتاج الفيلم التسجيلي القصري أم‬ ‫مجهولة الذي ص ّورته يف السودان عن معاناة‬ ‫النساء الّلواتي ينجنب من دون زواج‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ 2009‬خت ّرجت مروى زين يف‬ ‫المعهد العالي للسينما يف مصر‪ ،‬وأخرجت‬ ‫خالل سنوات الدراسة أربعة أفالم مصريّة‬ ‫من أفالم الطلبة‪ :‬التسجيلي راندا ‪ 2006‬عن‬ ‫املص ّورة الفوتوغرافية الفلسطينية الكبرية راندا‬ ‫شعث‪ ،‬والروائي سلمى ‪ ،2007‬والتسجيلي بالد‬ ‫غريبة ‪ ،2008‬ثم فيلم التخ ّرج الروائي لعبة‬ ‫‪.2009‬‬ ‫ ‬ ‫تطور‬ ‫سوريا‪ :‬العام ‪ 2009‬شاهد على ّ‬ ‫السينمائية‬ ‫الحالة‬ ‫ّ‬

‫أُقيم العرض األول لـ‬ ‫لوميير يف سوريا العام ‪ 1908‬يف مدينة حلب‪،‬‬ ‫وأُنشئ أول دار للعرض العام ‪ 1914‬يف العاصمة‬ ‫دمشق‪ .‬وعندما وضعت سوريا حتت االنتداب‬ ‫الفرنسي العام ‪ 1920‬كان عدد دور العرض ‪10‬‬ ‫سينماتوغراف‬

‫شكل رقم ‪6‬‬ ‫الواليات املتحدة‬ ‫‪40‬‬

‫األفالم املعروضة يف سوريا حبسب البلد املنتج (‪)2009‬‬ ‫اهلند‬ ‫‪10‬‬

‫مصر‬

‫‪10‬‬

‫أوروبا‬ ‫‪10‬‬

‫دول اخرى‬

‫‪7‬‬

‫‪%4‬‬ ‫‪%9‬‬

‫‪% 13‬‬

‫‪% 50‬‬

‫‪% 12‬‬

‫‪% 12‬‬

‫سوريا‬ ‫‪3‬‬

‫دور‪ .‬ومع انتشار األفالم الناطقة بعد العام‬ ‫‪ 1935‬ازداد عدد دور العرض‪ ،‬ووصل إىل‬ ‫‪ 50‬داراً العام ‪ 1946‬عندما انتهى االنتداب‬ ‫الفرنسي‪ ،‬وأصبحت سوريا مجهورية مستقلة‪.‬‬ ‫وعندما قامت الوحدة بني مصر وسوريا‬ ‫(‪ )1961 - 1958‬كان عدد دور العرض ‪120‬‬ ‫المؤسسة العامة‬ ‫داراً‪ .‬ومع إنشاء احلكومة‬ ‫ّ‬ ‫املؤسسة‬ ‫للسينما العام ‪ ،1963‬واحتكار‬ ‫ّ‬ ‫السترياد وتوزيع األفالم العام ‪ ،1969‬بدأ عدد‬ ‫دور العرض يف االخنفاض‪ ،‬ووصل إىل ‪ 96‬العام‬ ‫‪ ،1980‬ثم إىل ‪ 40‬العام ‪.2000‬‬ ‫ويف العام ‪ 2009‬كان عدد دور العرض‬ ‫‪ 25‬داراً لعدد السكان البالغ ‪ 20‬مليون نسمة‪،‬‬ ‫وعرضت هذه الدور ‪ 80‬فيلماً‪ ،‬من بينها ‪ 40‬من‬ ‫الواليات المتّ حدة و‪ 10‬لك ّل من مصر والهند‬ ‫و‪ 10‬من أوروبا و‪ 10‬من دول أخرى‪ .‬وكان عدد‬ ‫األفالم السورية ‪ 3‬حصلت على ‪ 15‬يف املائة من‬ ‫إيرادات السوق‪ ،‬وهي ‪ 100‬ألف دوالر أمريكي‪.‬‬ ‫ّمت حتى ‪ 2009‬إنتاج ‪ 200‬فيلم سوري روائي‬ ‫طويل‪ .‬وكان أول فيلم المتهم البرئ إخراج‬ ‫أيوب بدري العام ‪ 1928‬يف فرتة السينما‬ ‫الصامتة‪ ،‬وأول فيلم ناطق نور وظالم إخراج‬ ‫نزيه الشهبندر (‪ )1996 - 1910‬العام ‪1947‬‬ ‫بعد سنة واحدة من االستقالل‪.‬‬ ‫ّمت من ‪ 1928‬إىل ‪ 1966‬إنتاج ‪ 10‬أفالم‪ ،‬ومن‬ ‫‪ 1967‬إىل ‪ 1977‬إنتاج ‪ 80‬فيلماً‪ ،‬ولكن أغلبها‬ ‫ملخرجني غري سوريني‪ ،‬وإمنا من دول عربية‬ ‫أخرى‪ ،‬وخباصة من مصر حيث قام العديد‬ ‫من السينمائيني بـ"الّلجوء السينمائي" إىل‬ ‫سوريا ولبنان بعد إنشاء القطاع العام يف مصر‬ ‫العام ‪ .1962‬ومن الالفت أن القطاع العام يف‬ ‫سوريا أنشئ يف العام التالي إلنشائه يف مصر‪،‬‬ ‫ولكن مل يبدأ اإلنتاج إال العام ‪ .1970‬ومن ‪1977‬‬ ‫املؤسسة ‪ 80‬فيلماً‪ ،‬وأنتجت‬ ‫حتى ‪ 2009‬أنتجت ّ‬ ‫الشركات اخلاصة ‪ 30‬فيلماً‪.‬‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫المصيدة‪ ،‬وسمير ذكرى يف حادثة النصف متر‬

‫الذي كان نقطة حت ّول يف عالقة السينما بالواقع‬ ‫االجتماعي املعاصر‪ ،‬ثم أحالم المدينة إخراج‬ ‫محمد ملص ‪ 1983‬أوىل حتف السينما السورية‪،‬‬ ‫وأول فيلم سوري عرض يف مهرجان دولي كبري‬ ‫عندما اختري يف أسبوع النقاد يف مهرجان كان‬ ‫ويعب عن الفرتة اليت سبقت الوحدة‬ ‫‪ ،1984‬رّ‬ ‫مع مصر بأسلوب فين خاص ومت ّميز من خالل‬ ‫سرية صيب تكشف سرية جمتمع‪ ،‬ونجوم النهار‬ ‫إخراج أسامة محمد ‪ ،1987‬والذي عرض يف‬ ‫برنامج نصف شهر في مهرجان كان‪ ،‬والذي‬ ‫يعب فيلم روائي‬ ‫عب عن القرية السورية كما مل رّ‬ ‫رّ‬ ‫آخر من خالل االستعدادات حلفل زفاف ينتهي‬ ‫بت ّمرد العروس وهروبها من زواج ال تريده إىل‬ ‫دمشق‪ .‬ومل يعرض الفيلم يف سوريا حتى اآلن‪.‬‬ ‫وأسهم القطاع اخلاص يف ذلك التط ّور‬ ‫من خالل املنتج نادر أتاسي‪ ،‬وهو أكرب وأهم‬ ‫منتج للسينما يف سوريا ولبنان معاً‪ ،‬عندما‬ ‫أنتج الحدود ‪ ،1984‬وكان أ ّول فيلم من إخراج‬ ‫دريد لحام أحد كبار جنوم الكوميديا يف املسرح‬ ‫والسينما يف الوطن العربي عن سيناريو للشاعر‬ ‫ والكاتب محمد الماغوط (‪)2006 - 1934‬‬ ‫موضوعه احلدود اليت تف ّرق العرب‪،‬‬ ‫والبريوقراطية اليت تتفشى يف الدول العربية‬ ‫بعد استقالهلا‪ .‬ويف ختام العقد أخرج عبد‬ ‫الّلطيف عبد الحميد ليالي ابن آوى ‪،1989‬‬ ‫وكان أول فيلم سوري عن هزمية ‪ 1967‬يف‬ ‫يعب عن اجملتمع‬ ‫احلرب ضد إسرائيل‪ ،‬وفيه رّ‬ ‫األبوي الذكوري املتسلط الذي ال ينتصر يف‬ ‫احلرب أو السالم‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ 1990‬أخرج دريد لحام كفرون‬ ‫من إنتاج نادر أتاسي‪ ،‬وكان أول فيلم روائي‬ ‫طويل لألطفال يف سوريا والوطن العربي‪.‬‬ ‫وأخرج ريمون بطرس الذي درس يف موسكو‬ ‫الطحالب ‪ ،1991‬وكان أول فيلم عن مدينة‬

‫اإلبداع‬

‫كانت األفالم السورية والّلبنانية يف السنوات‬ ‫العشر من ‪ 1967‬إىل ‪ 1977‬امتداداً لألفالم‬ ‫املصرية السائدة‪ ،‬ولكن من دون أصالة مدرسة‬ ‫السينما املصرية (‪ .)1963 - 1933‬وكان على‬ ‫مؤسسة السينما أن تبدأ السينما السورية‪ ،‬أي‬ ‫ّ‬ ‫أن تكون األفالم سينمائيّة وسورية‪ .‬وكانت‬ ‫البداية العام ‪ 1972‬عندما تولىّ عبدالحميد‬ ‫مرعي وهو من كبار املثقفني والسياسيني إدارة‬ ‫املؤسسة‪ ،‬وقام بإنتاج ثالثة أفالم عن نصوص‬ ‫ّ‬ ‫لثالثة من كبار كتّاب سوريا يف الرواية واملسرح‪،‬‬ ‫وهي الفهد إخراج نبيل المالح الذي درس يف‬ ‫براغ عن رواية حيدر حيدر‪ ،‬واليازرلي إخراج‬ ‫قيس الزبيدي الذي درس يف برلين الشرقية‬ ‫عن قصة حنا مينه‪ ،‬والفيلم التسجيلي الطويل‬ ‫الحياة اليومية في قرية سورية إخراج عمر‬ ‫أميراالي الذي درس يف باريس عن سيناريو‬ ‫سعدالله ونوس (‪ .)1997 - 1941‬وبينما حقّق‬ ‫الفهد أول جناح مجاهريي لفيلم سوري‪ ،‬مل‬ ‫يت ّم عرض اليازرلي والحياة اليومية في قرية‬ ‫سورية منذ ذلك احلني وحتى اآلن‪.‬‬ ‫املؤسسة يف العقد نفسه‬ ‫ومن أهم أفالم ّ‬ ‫المغامرة إخراج محمد شاهين ‪ ،1974‬واالتجاه‬ ‫المعاكس إخراج مروان حداد ‪ .1975‬كما أسهم‬ ‫التلفزيون الذي أنشئ العام ‪ 1961‬يف تط ّور‬ ‫السينما السورية بإنتاج الرجل ‪ 1971‬إخراج‬ ‫فيصل الياسري الذي درس يف فيينا‪ ،‬والتقرير‬ ‫أو مالبسات حادثة عادية ‪ 1977‬إخراج هيثم‬ ‫حقّ ي الذي درس يف موسكو‪ ،‬وأصبح من كبار‬ ‫خمرجي املسلسالت التلفزيونية يف سوريا‬ ‫والوطن العربي‪ ،‬ومن ر ّواد التعبري بلغة السينما‬ ‫يف هذه املسلسالت‪.‬‬ ‫ويف العقد التالي كانت السينما السورية على‬ ‫موعد مع بداية جديدة مع عودة جمموعة من‬ ‫املخرجني املؤلفني الذين درسوا يف موسكو‪،‬‬ ‫وهم وديع يوسف (‪ )2007 - 1942‬يف‬

‫‪467‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 468‬للتنمية الثقافية‬

‫حماه والواقع اليومي املعاش من خالل جمموعة‬ ‫من املواقف الدرامية اليت يربط بينها عمل‬ ‫الشخصية الرئيسة ككاتب يف حمكمة‪ .‬وأخرج‬ ‫رياض شيا الذي درس يف موسكو اللجاه ‪،1995‬‬ ‫وكان أول فيلم عن ثقافة الدروز بأسلوب أقرب‬ ‫إىل السينما اخلالصة اليت تقوم على التعبري‬ ‫مبفردات الّلغة السينمائية من دون مؤثّرات‬ ‫أدبية أو مسرحية‪ ،‬وإمنا تشكيلية وموسيقيّة‪.‬‬ ‫ومن أهم أفالم العقد كومبارس إخراج نبيل‬ ‫المالح ‪ 1992‬وهو من حتف السينما السورية‪،‬‬ ‫عن لقاء ال يتحقق بني أرملة تتبادل احلب مع‬ ‫شاب فقري يف منزل أحد أصدقائه‪ ،‬والليل‬ ‫إخراج محمد ملص ‪ ،1993‬وهو حتفة أخرى‬ ‫تدور يف العام ‪ 1940‬أثناء االنتداب الفرنسي‬ ‫لتعب عن جذور أول حكم عسكري يف سوريا‬ ‫رّ‬ ‫بعد االستقالل‪ ،‬والذي كان أول حكم عسكري‬ ‫يف الوطن العربي‪ ،‬وتراب الغرباء إخراج سمير‬ ‫ذكرى ‪ 1998‬الذي جاء يف موعده ملواجهة‬ ‫التط ّرف الديين املتصاعد من خالل التعبري‬ ‫عن حياة عبد الرحمن الكواكبي (‪- 1855‬‬ ‫‪ )1902‬أحد رواد التنوير‪ ،‬ونسيم الروح إخراج‬ ‫عبداللطيف عبدالحميد ‪ 1998‬حيث ميتزج‬ ‫الواقع مع اخليال‪ ،‬والشعر مع الفكاهة يف وحدة‬ ‫عضوية‪ ،‬وبأسلوب سينمائي خالص‪ ،‬يف التعبري‬ ‫عن قصة حب حمبط بني شاب وامرأة متزوجة‪.‬‬ ‫ويف مطلع العقد األول من القرن احلادي‬ ‫والعشرين شهدت سوريا مع تولّي الرئيس بشار‬ ‫األسد ما عرف باسم ربيع دمشق‪ ،‬والذي‬ ‫انعكس على السينما يف تولّي ناقد سينمائي‬ ‫عصري ومتفتح هو محمد األحمد إدارة‬ ‫المؤسسة العامة للسينما‪ ،‬وظهور سينما‬ ‫ّ‬ ‫مستقلة للم ّرة األوىل عرب أفالم الفيديو‪ ،‬سواء‬ ‫داخل سوريا‪ ،‬أم بواسطة خمرجني سوريينّ يف‬ ‫املهجر يص ّورون أفالمهم يف بالدهم‪.‬‬ ‫ومن أهم أفالم العقد رؤى حالمة إخراج‬

‫واحة الراهب ‪ ،2003‬أول فيلم روائي طويل‬ ‫ملخرجة سورية عن معاناة املرأة يف جمتمع‬ ‫تقليدي حمافظ‪ ،‬وتحت السقف ‪ 2005‬إخراج‬ ‫نضال الدبس الذي درس يف موسكو عن‬ ‫معاناة الشباب يف الواقع املعاصر ملدينة دمشق‪،‬‬ ‫وحسيبة إخراج ريمون بطرس ‪ ،2008‬وهو أول‬ ‫فيلم عن رواية للكاتب خيري الدهبي‪ .‬وكذلك‬ ‫أفالم عبداللطيف عبدالحميد‪ ،‬وخصوصاً‬ ‫أيام الضجر ‪ 2008‬الذي خيرتق إحدى‬ ‫احمل ّرمات السياسية يف السينما السورية مبوقفه‬ ‫ض ّد الوحدة اليت قامت بني مصر وسوريا العام‬ ‫‪ ،1958‬واليت قام بها حزب البعث نفسه‪.‬‬ ‫وشهد العام ‪ 2004‬باب المقام أول فيلم‬ ‫سوري روائي طويل مستق ّل‪ ،‬وثالث أفالم محمد‬ ‫ملص الطويلة‪ .‬والفيلم عن واقعة حدثت العام‬ ‫‪ 2001‬حيث قام شاب يف مدينة حلب بقتل أخته‬ ‫مبساعدة عمه ألنها تهوى الغناء‪ ،‬وجاء الفيلم‬ ‫عم ًال فنيّاً كبرياً يقول للعامل إن هناك يف الوطن‬ ‫العربي من يقاوم الظالم الذي يه ّدد مستقبل‬ ‫العرب واملسلمني‪.‬‬ ‫وبقدر عدم اهتمام التلفزيون بإنتاج أفالم‬ ‫روائيّة طويلة‪ ،‬اهت ّم بإنتاج األفالم التسجيلية‬ ‫الطويلة والقصرية منذ بدايته‪ .‬ومن أه ّمها‬ ‫أفالم خالد حماده ومأمون البني وأمين البني‬

‫الذي يعترب من كبار املخرجني التسجيليني‬ ‫العرب‪ ،‬ومن أفالمه الطويلة مذكرات وطن‬ ‫‪ 1989‬عن تاريخ سوريا احلديث من خالل‬ ‫الوثائق السينمائية‪ ،‬ومذكرات فلسطينية ‪1989‬‬ ‫حيث استخدم الوثائق أيضاً عن تاريخ قضية‬ ‫فلسطين‪.‬‬ ‫أما أفالم التشكيل (التحريك) فقد كان‬ ‫أول فيلم سوري قصري حكاية مسمارية إخراج‬ ‫موفّ ق قات ‪ ،1991‬وأول فيلم طويل خيط الحياة‬ ‫إخراج رزام حجازي ‪ ،2005‬وهو يف الوقت نفسه‬ ‫أول فيلم تشكيل طويل يف الوطن العربي‪.‬‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫اإلبداع‬

‫هذا وبلغ عدد األفالم املستقلّة أكثر من‬ ‫فيلماً منذ العام ‪ 1997‬حتى ‪ ،2009‬أغلبها من‬ ‫األفالم التسجيليّة الطويلة والقصرية‪ ،‬وأقلها‬ ‫من األفالم الروائيّة والتجريبية القصرية‪ .‬ومن‬ ‫أهمها أفالم محمد الرومي املقيم يف فرنسا‬ ‫مثل حصاد الضوء ‪ ،1997‬وإنهم كانوا هنا ‪،2000‬‬ ‫وهشام الزعوقي املقيم يف النرويج مثل الباب‬ ‫شمسية‬ ‫‪ ،1999‬وأفالم فجر يعقوب مثل صورة‬ ‫ّ‬ ‫‪ ،2003‬وروميو وجولييت ‪ ،2005‬وأفالم ورشة‬ ‫محمد قارصلي وورشة عالء عربي كاتبي‪.‬‬ ‫ومن األفالم الالفتة باب الحديد إخراج زهير‬ ‫قنوع ‪ ،2004‬وقطعة الحلوى إخراج هاال محمد‬ ‫‪ ،2006‬وكال الفيلمني عن االعتقال السياسي‪.‬‬ ‫ويلخص فيلم سينما صامتة ‪ 2001‬إخراج‬ ‫ميار الرومي الذي يقيم مع والده يف باريس‬ ‫الغضب اجلامح يف األفالم املستقلة السورية‪،‬‬ ‫فموضوع الفيلم السينما يف سوريا من خالل‬ ‫احلوار مع بعض أعالمها‪ ،‬وعنوانه دال على‬ ‫موقفه‪ ،‬إذ يعترب السينما السورية سينما صامتة‬ ‫جتاه الواقع‪ .‬ويف العام ‪ 2007‬أخرج ميار الرومي‬ ‫فيلمه التسجيلي الطويل املميز ست قصص‬ ‫عادية‪.‬‬ ‫وتعترب املخرجة هالة العبدالله املقيمة يف‬ ‫فرنسا أكرب أعالم السينما السورية املستقلة‬ ‫على الصعيدين احمللي والعربي والدولي‪،‬‬ ‫وخباصة يف فيلميها الطويلني أنا التي تحمل‬ ‫الزهور إلى قبرها ‪ 2006‬الذي أختري للعرض‬ ‫يف مهرجان فينسيا خارج املسابقة‪ ،‬والذي‬ ‫أخرجته مع عمار البيك عن الشاعرة السورية‬ ‫دعد حداد اليت ماتت يف ظروف غامضة العام‬ ‫‪ ،1991‬وهيه‪ ..‬ما تنسى الكمون الذي أخرجته‬ ‫‪ 2008‬عن املمثلة الّلبنانية دارينا الجندي املقيمة‬ ‫يف فرنسا‪ ،‬واليت تع ّرضت لدخول مستشفى‬ ‫األمراض النفسانيّة خالل احلرب األهلية يف‬ ‫لبنان‪ ،‬ولكنها قاومت باإلبداع‪ ،‬وأصبحت حتقّق‬ ‫‪150‬‬

‫جناحاً ملموساً على مسارح باريس‪.‬‬ ‫شهدت سوريا العام ‪ 1972‬مهرجان دمشق‬ ‫ألفالم المخرجين العرب الشباب‪ ،‬والذي ّ‬ ‫نظمته‬ ‫وزارة الثقافة‪ ،‬وكان أول جت ّمع للسينمائيني‬ ‫العرب من المغرب إىل الكويت‪ .‬ويف العام ‪1979‬‬ ‫ّ‬ ‫نظمت الوزارة مهرجان دمشق السينمائي‬ ‫الدولي الذي كان ينعقد ك ّل عامني بالتبادل مع‬ ‫مهرجان قرطاج يف تونس‪ ،‬ويتكامل معه حيث‬ ‫خيصص مسابقته لألفالم العربية واآلسيوية‬ ‫ّ‬ ‫خيصصها منذ دورته الثانية‬ ‫بينما كان قرطاج ّ‬ ‫العام ‪ 1968‬لألفالم العربية واألفريقية‪ .‬ويف‬ ‫املؤسسة العامة للسينما‬ ‫العام ‪ 2008‬ق ّرر مدير ّ‬ ‫ومدير املهرجان محمد األحمد إقامة مهرجان‬ ‫دمشق سنوياً‪ ،‬وأن يصبح مهرجاناً دولياً‪ .‬كما‬ ‫ضاعف من عدد اإلصدارات السنوية من سلسلة‬ ‫كتب الفن السابع‪ ،‬وأصبحت ‪ 20‬كتاباً مؤلّفاً‬ ‫ومرتمجاً ك ّل سنة‪ ،‬وهي السلسلة الوحيدة من‬ ‫نوعها يف الوطن العربي‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ 2009‬عقد مهرجان دمشق دورته‬ ‫ السابعة عشرة من ‪ 31‬تشرين األول‪/‬أكتوبر إىل‬ ‫‪ 7‬تشرين الثاني‪/‬نوفمرب‪ ،‬وشهد عرض األفالم‬ ‫املؤسسة خالل‬ ‫الطويلة الثالثة اليت أنتجتها ّ‬ ‫العام‪ ،‬وهي م ّرة أخرى أول أفالم جود سعيد‬ ‫الطويلة الذي فاز جبائزة جلنة التحكيم‬ ‫ويعب ألول مرة‬ ‫وجائزة أحسن فيلم عربي‪ ،‬رّ‬ ‫يف السينما السورية عن العالقة املر ّكبة بني‬ ‫سوريا ولبنان‪ ،‬وباب الجنة إخراج ماهر كدو‬ ‫عبت‬ ‫عن قضية فلسطين‪ ،‬وهي القضية اليت رّ‬ ‫عنها السينما السورية أكثر من أ ّي سينما‬ ‫عربية أخرى منذ العام ‪ ،1970‬وفيلم التشكيل‬ ‫(التحريك) الطويل طيور الياسمين إخراج‬ ‫سوالف حجازي‪.‬‬ ‫ولك ّن األفالم السورية الروائيّة الطويلة‬ ‫املؤسسة‪ ،‬ويف‬ ‫املميّزة مل تعد تقتصر على أفالم ّ‬ ‫العام ‪ 2009‬أنتج هيثم حقّ ي عن سيناريو من‬

‫‪469‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 470‬للتنمية الثقافية‬

‫حاتم علي الذي‬ ‫تأليفه الليل الطويل إخراج‬ ‫ّ‬ ‫يدين االعتقال السياسي‪ ،‬والذي فاز باجلائزة‬ ‫الذهبية يف مهرجان تاورمينا ألفالم دول البحر‬ ‫المتوسط في إيطاليا‪ ،‬وهي أول جائزة ذهبية‬ ‫فاز بها فيلم سوري يف أوروبا‪ .‬ويف العام نفسه‬ ‫حاتم‬ ‫أنتج فيلم سيلينا املوسيقي من إخراج‬ ‫ّ‬ ‫علي وإنتاج نادر أتاسي‪ ،‬ولكن بينما عرض‬ ‫سيلينا‪ ،‬مل يعرض الليل الطويل حتّى اآلن‪.‬‬ ‫ومن األفالم القصرية امل ّميزة اليت أنتجتها‬ ‫املؤسسة العام ‪ 2009‬التسجيلي مالمح دمشقية‬ ‫ّ‬ ‫إخراج ريمون بطرس‪ ،‬والتشكيلي (التحريك)‬ ‫شاب سوري إخراج ياسمين فينري‪ ،‬واألفالم‬ ‫الروائيّة السيدة المجهولة إخراج فجر يعقوب‬ ‫قصة األديبة الكبرية كوليت خوري‪ ،‬وشوية‬ ‫عن ّ‬ ‫وقت إخراج ماهر صليبي‪ ،‬وعيد ميالد إخراج‬ ‫عمر علي‪ .‬ويف املهجر أخرجت ربى ندا الفيلم‬ ‫الكندي الروائي الطويل توقيت القاهرة‪،‬‬ ‫وأخرج سامر نجاري الفيلم التسجيلي القصري‬ ‫ثلج يغطي ظالل أشجار التين عن املهاجرين‬ ‫العرب يف كندا‪.‬‬ ‫العراق‪ :‬أفالم "كردية" و "أفالم‬ ‫العودة"‬

‫أقيم العرض األول لـ‬ ‫لوميير يف إحدى حدائق العاصمة العراقية‬ ‫بغداد العام ‪ ،1911‬وأنشئت أول دار للعرض يف‬ ‫احلديقة نفسها العام ‪.1915‬‬ ‫قامت بريطانيا باحتالل العراق العام‬ ‫‪ ،1916‬وبعد استقالل مملكة العراق الهاشمية‬ ‫العام ‪ 1932‬انتشرت دور العرض‪ ،‬ووصل عددها‬ ‫إىل ‪ 100‬دار العام ‪ .1950‬ويف العام ‪ 1955‬أنشئ‬ ‫التلفزيون‪ ،‬وكان األ ّول يف الوطن العربي‪ ،‬ويف‬ ‫العام ‪ 1957‬بلغ عدد دور العرض ‪ 150‬داراً‬ ‫تعرض ‪ 300‬فيلم‪.‬‬ ‫قام اجليش بـ "ثورة" العام ‪ ،1958‬وأعلن‬ ‫سينماتوغراف‬

‫قيام الجمهورية العراقية‪ .‬ويف العام‬ ‫أنشأت احلكومة مصلحة السينما والمسرح‬ ‫اليت اقتصر دورها على إنتاج األفالم العراقية‪.‬‬ ‫وبعد "ثورة" حزب البعث يف العام ‪ 1968‬حت ّولت‬ ‫مؤسسة‪ ،‬واحتكرت استرياد األفالم‪.‬‬ ‫ املصلحة إىل ّ‬ ‫ونتيجة هذا االحتكار‪ ،‬ومنافسة التلفزيون‪ ،‬ثم‬ ‫منافسة الفيديو‪ ،‬وتش ّدد الرقابة‪ ،‬اخنفض عدد‬ ‫دور العرض إىل ‪ 70‬داراً العام ‪ .1977‬وعلى‬ ‫سبيل املثال ّمت العام ‪ 1978‬استرياد ‪ 215‬فيلماً‬ ‫ومنعت الرقابة ‪ 122‬فيلماً‪.‬‬ ‫وبعد تولّي صدام حسين رئاسة اجلمهورية‬ ‫العام ‪ 1979‬بدأ احلرب ض ّد إيران العام ‪،1980‬‬ ‫واليت استم ّرت ‪ 8‬سنوات‪ ،‬ويف العام ‪ 1990‬قام‬ ‫العراق باحتالل الكويت‪ ،‬وتش ّكل حتالف دولي‬ ‫عسكري بقيادة الواليات المتّ حدة وش ّن حرباً‬ ‫انتهت بتحرير الكويت العام ‪ ،1991‬وحوصر‬ ‫العراق أكثر من عشر سنوات‪ ،‬وقامت الواليات‬ ‫المتّ حدة بغزو العراق وإسقاط نظام صدام‬ ‫حسين العام ‪.2003‬‬ ‫ونتيجة هلذه احلروب د ّمرت دور العرض‬ ‫أو أغلقت‪ .‬ويف العام ‪ 2009‬أصبح عددها‬ ‫‪ 5‬دور ال تعرض أفالماً جديدة‪ ،‬وال تتجاوز‬ ‫إيراداتها ‪ 1200‬دوالر أمريكي يف السنة‪ ،‬وذلك‬ ‫لعدد السكان البالغ ‪ 25‬مليون نسمة‪ .‬ومن دون‬ ‫احتساب دور العرض يف كردستان العراق حيث‬ ‫مل تتو ّفر معلومات عن السوق يف هذا اإلقليم‬ ‫الذي تبلغ مساحته مخس املساحة الكلية‬ ‫للعراق‪ ،‬ويبلغ عدد سكانه ‪ 5‬مليون‪ ،‬تع ّرضوا‬ ‫حلملة إبادة أثناء احلرب العراقية اإليرانية‬ ‫قادها صدام حسين بدعوى التحالف مع إيران‪،‬‬ ‫وعرفت باسم "محلة األنفال" العام ‪.1988‬‬ ‫ّمت يف العراق إنتاج ‪ 100‬فيلم روائي طويل‬ ‫منذ ‪ 1946‬حتى ‪ ،2009‬وكان أول فيلم ملخرج‬ ‫عراقي هو فتنة وحسن إخراج حيدر العمر‬ ‫(‪ )1925-1968‬العام ‪ .1955‬ويف العام ‪1957‬‬ ‫‪1959‬‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫‪ ،1979‬والمسألة الكبرى ‪ ،1983‬وجعفر علي‬

‫في المنعطف ‪ ،1975‬وقاسم حول في بيوت‬

‫في ذلك الزقاق ‪ ،1977‬ولكن الرقابة ش ّوهت‬ ‫الفيلم بعد إمتامه‪ ،‬وفيصل الياسري يف النهر‬ ‫‪ ،1978‬والقنّ اص ‪ ،1979‬وهو من أهم األفالم‬ ‫عن احلرب األهلية يف لبنان‪ ،‬وعبد الهادي‬ ‫حداد‬ ‫الراوي في حب في بغداد ‪ ،1987‬وصاحب ّ‬ ‫(‪ )1994 - 1933‬يف يوم آخر ‪ .1979‬وكان أول‬ ‫خيرية‬ ‫فيلم ملخرجة عراقية ‪ 6‬على ‪ 6‬إخراج‬ ‫ّ‬ ‫المنصور اليت خت ّرجت يف المعهد العالي‬ ‫للسينما يف مصر‪.‬‬ ‫هاجر أغلب الفنانني والكتّاب والشعراء‬ ‫والسينمائيني إىل دول عربية وأوروبية مع‬ ‫ماليني العراقيني الذين هاجروا يف سنوات حكم‬ ‫صدام حسين‪ .‬و ّمت يف املنايف إنتاج ‪ 50‬فيلماً‬ ‫قصرياً متثّل صفحة خاصة من تاريخ السينما‬ ‫العراقية مل توثّق ومل تدرس بعد‪ .‬وهذه األفالم‬ ‫ليست من أفالم املهجر‪ ،‬فاهلجرة تفرتض‬ ‫ح ّق االختيار بني البلد األصلي وبلد آخر‪ ،‬وهو‬ ‫ما مل يتو ّفر للعراقيني الذين كانوا يف ّرون من‬ ‫االستبداد وينجون حبياتهم‪ ،‬ولذلك فاألصح أن‬ ‫تس ّمى أفالم املنفى‪.‬‬ ‫ومثل أفالم املنفى اإليرانيّة بعد الثورة‬ ‫اإلسالميّة يف العام ‪ ،1979‬مل يكن توجد من‬ ‫بني أفالم املنفى العراقية أفالم سياسية‬ ‫ض ّد الديكتاتورية‪ ،‬وذلك نتيجة احلسابات‬ ‫السياسية‪ ،‬وليس مثل أفالم املنفى الشيلية ض ّد‬ ‫ديكتاتورية بينوشيه منذ قامت العام ‪،1973‬‬ ‫وحتى سقطت‪ ،‬على سبيل املثال‪ .‬فلم تسمح أ ّي‬ ‫دولة عربية أو غري عربية مبا يف ذلك الواليات‬ ‫المتّ حدة بإنتاج أ ّي فيلم من أ ّي نوع فنيّ ض ّد‬ ‫نظام صدام حسين‪.‬‬ ‫بدأت بعد سقوط نظام صدام حسين العام‬ ‫‪ 2003‬مرحلة جديدة يف تاريخ العراق‪ ،‬ويف تاريخ‬ ‫السينما العراقية أيضاً‪ .‬صحيح أن العراق مل‬

‫اإلبداع‬

‫أُنتج سعيد أفندي إخراج‬ ‫الذي كان أول عراقي يدرس السينما يف جامعة‬ ‫جنوب كاليفورنيا يف الواليات المتّ حدة‬ ‫حيث خت ّرج العام ‪ ،1955‬وحاول يف هذا الفيلم‬ ‫التأسيس لسينما عراقية‪ ،‬متأثراً بالواقعية‬ ‫اجلديدة اإليطالية اليت كانت أهم تيّارات‬ ‫السينما العاملية يف ذلك الوقت‪ .‬وقد كتب احلوار‬ ‫ومثّل الدور الرئيس الفنان الكبري يوسف العاني‬ ‫رائد املسرح العراقي احلديث‪.‬‬ ‫كان سعيد أفندي حدثاً‪ ،‬وبداية جديدة‬ ‫للسينما العراقية‪ ،‬وعرض يف مهرجان موسكو‬ ‫‪ ،1958‬وكان أول فيلم عراقي يعرض يف مهرجان‬ ‫دولي كبري للسينما‪ ،‬ولكن هذه البداية اجلديدة‬ ‫سرعان ما وئدت بعد "ثورة اجليش" العام ‪،1958‬‬ ‫إذ أصبحت األفالم‪ ،‬إما من األفالم السائدة‪ ،‬أو‬ ‫من أفالم الدعاية السياسيّة (إرادة شعب ‪،1959‬‬ ‫الحرية‬ ‫أنا العراق ومن أجل الوطن ‪ ،1961‬فجر‬ ‫ّ‬ ‫‪ .)1962‬وقد هاجر كاميران حسني إىل لبنان‬ ‫حيث أخرج فيلماً واحداً العام ‪.1966‬‬ ‫ويف العام ‪ 1967‬أنتج الحارس إخراج‬ ‫خليل شوقي وسيناريو قاسم حول‪ ،‬وكالهما‬ ‫من املبدعني املت ّميزين يف املسرح والسينما‪،‬‬ ‫وجاء حماولة ثانية للتط ّور بعد عشر سنوات‬ ‫من سعيد أفندي‪ ،‬وفاز باجلائزة الفضيّة يف‬ ‫مهرجان قرطاج لألفالم العربية واألفريقية‬ ‫يف تونس العام ‪ ،1968‬وكانت أ ّول جائزة يفوز‬ ‫بها فيلم عراقي‪ .‬ولكن‪ ،‬م ّرة أخرى‪ ،‬وئدت‬ ‫احملاولة بعد "ثورة البعث" العام ‪ ،1968‬وغلبة‬ ‫أفالم الدعاية السياسية من اإلنتاج احلكومي‪.‬‬ ‫وكما هاجر كاميران حسني‪ ،‬هاجر قاسم حول‬ ‫وخليل شوقي واملمثلة الكبرية زينب اليت كانت‬ ‫القاسم املشرتك يف سعيد أفندي والحارس‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من الرقابة اخلانقة مت ّكن بعض‬ ‫املخرجني من صنع أفالم جيّدة‪ ،‬وأهمهم محمد‬ ‫شكري جميل يف الظامئون ‪ ،1972‬واألسوار‬ ‫كاميران حسني‬

‫‪471‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 472‬للتنمية الثقافية‬

‫يستق ّر بعد‪ ،‬ولكن املؤ ّكد أنه يولد من جديد‪.‬‬ ‫والسينما العراقية يف هذه املرحلة تتك ّون من‬ ‫أفالم عربية وأخرى كردية‪ .‬وعلى الرغم من أن‬ ‫هذا البحث عن السينما العربية‪ ،‬إال أن األفالم‬ ‫الناطقة بالكردية هي جزء من الواقع الثقايف‬ ‫يف العراق العربي متاماً مثل األفالم الناطقة‬ ‫باألمازيغية يف دول المغرب العربي‪.‬‬ ‫أول فيلم روائي طويل يف سينما ما بعد‬ ‫صدام أو السينما العراقية اجلديدة غير صالح‬ ‫للعرض إخراج ُعدي رشيد ‪ ،2004‬وعرض يف‬ ‫مهرجان روتردام الدولي يف كانون الثاني‪/‬‬ ‫مؤسسة‬ ‫يناير ‪ 2005‬حيث ّمت إنتاجه بدعم من‬ ‫ّ‬ ‫مؤسس املهرجان الراحل‪ .‬وثاني‬ ‫هيوبرت بالس ّ‬ ‫فيلم الفرنسي نقطة الصفر إخراج هينر سالم‬ ‫الذي عرض يف مسابقة مهرجان كان يف أيار‪/‬‬ ‫مايو من العام نفسه‪ .‬وكال الفيلمني من األعمال‬ ‫الفنّية الكبرية على الرغم من اختالفهما على‬ ‫الصعيدين الفنيّ والفكري‪.‬‬ ‫هينر سالم من أكراد العراق الذين عاشوا‬ ‫يف املنفى‪ ،‬وعدي رشيد من الذين مل يغادروا‬ ‫بلدهم‪ .‬هينر سالم يف األربعني‪ ،‬وله جتربة طويلة‬ ‫يف السينما الفرنسية‪ ،‬وعدي رشيد يف الثالثني‪،‬‬ ‫وغير صالح للعرض فيلمه الروائي الطويل‬ ‫األول‪ ،‬ومن اإلنتاج املستق ّل الذي أصبح هو ك ّل‬ ‫يعب هينر‬ ‫اإلنتاج السينمائي بعد ‪ .2003‬وبينما رّ‬ ‫سامل عن رفضه لنظام صدام حسين يف معادل‬ ‫درامي موضوعي منوذجي من خالل العودة إىل‬ ‫يعب‬ ‫املاضي أثناء احلرب العراقية اإليرانية‪ ،‬رّ‬ ‫رشيد عن حاضر العراق من سقوط النظام يف‬ ‫‪ 9‬نيسان‪/‬أبريل ‪ 2003‬إىل القبض على صدام يف‬ ‫‪ 13‬كانون األول‪/‬ديسمرب من العام نفسه حيث‬ ‫انتقل من خراب إىل خراب‪ .‬فهو ال يق ّدم فيلماً‬ ‫سياسياً مثل نقطة الصفر‪ ،‬وإمنا قصيدة من‬ ‫تعب عن رؤية حزينة‪.‬‬ ‫الشعر السينمائي رّ‬ ‫ويف العام ‪ 2005‬أخرج محمد الدراجي أول‬

‫أفالمه الروائيّة الطويلة أحالم عن فتاة من‬ ‫نزالء مستشفى األمراض العقليّة يف بغداد‪،‬‬ ‫واليت قصفت يف بداية احلرب األمريكية ضد‬ ‫نظام صدام حسين‪ ،‬ووجدت نفسها يف شوارع‬ ‫بغداد مع غريها من املرضى‪ .‬وكان الدراجي‬ ‫من السينمائيني العراقيني يف املنفى يف لندن‪.‬‬ ‫وأخرج حامد المالكي يف العام نفسه أ ّول أفالمه‬ ‫الروائيّة الطويلة االنتهاك عن سيناريو خضير‬ ‫ميري‪ ،‬والذي كان من نزالء املستشفى نفسه‬ ‫يعب عن جتربته يف املاضي‪،‬‬ ‫العام ‪ ،1991‬وفيه رّ‬ ‫وحتى ‪.2003‬‬ ‫ويف العام ‪ 2006‬أخرج الكردي شوكت أمين‬ ‫كوركي أول أفالمه الروائيّة الطويلة عبور من‬ ‫الغبار الذي تدور أحداثه أثناء احلرب العام‬ ‫‪ 2003‬عن العالقة املر ّكبة بني العرب واألكراد‬ ‫يف العراق‪ ،‬ويدعو إىل ضرورة التعايش بينهما‬ ‫على الرغم من ك ّل التعقيدات‪ .‬وأخرج الكردي‬ ‫مسعود عريف صالح أ ّول أفالمه الروائيّة‬ ‫الطويلة زهرة النرجس الذي عرض يف برنامج‬ ‫بانوراما يف مهرجان برلين‪ ،‬عن الصراع بني‬ ‫األكراد ونظام صدام حسين بعد املعاهدة بني‬ ‫ذلك النظام ونظام شاه إيران العام ‪ 1975‬حيث‬ ‫حتالفا ضد األكراد‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ 2007‬أخرج الكردي جميل‬ ‫روستمي غضبة شعب عن رواية الكاتب الكردي‬ ‫تعب عن التاريخ احلديث‬ ‫إبراهيم أحمد‪ ،‬واليت رّ‬ ‫للمشكلة الكرديّة يف العراق يف العهد امللكي من‬ ‫‪ 1947‬إىل ‪ .1957‬ويف العام ‪ 2008‬أخرج شوكت‬ ‫أمين كوركي ضربة البداية عن ملعب لكرة‬ ‫القدم يف كركوك حت ّول إىل خميم تعيش فيه‬ ‫‪ 300‬أسرة من العرب واألكراد والرتكمان بعد‬ ‫حرب ‪.2003‬‬ ‫أما األفالم التسجيلية الطويلة فقد شهدت‬ ‫ما ميكن أن نطلق عليه "أفالم العودة"‪ ،‬حبيث‬ ‫تعب عن املخرجني الذين عادوا إىل العراق‬ ‫رّ‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫اإلبداع‬

‫من املنفى بعد ‪ ،2003‬مثل‬ ‫في بغداد إخراج طارق هاشم ‪ ،2004‬والعراق‬ ‫موطني إخراج هادي ماهود ‪ ،2004‬والعودة‬ ‫إلى كركوك إخراج الكردي كارزان شيرا بياني‬ ‫‪.2005‬‬ ‫ّمت إنتاج ‪ 400‬فيلم عراقي قصري‪ ،‬منها‬ ‫‪ 150‬من أفالم الدعاية السياسية منذ ‪،1959‬‬ ‫ومن أفالم طلبة قسم السينما يف كلية الفنون‬ ‫الجميلة منذ ‪ ،1972‬و‪ 50‬من أفالم املنفى‪،‬‬ ‫و‪ 200‬فيلم كلّها فيديو من اإلنتاج املستقل منذ‬ ‫‪ 2004‬حتى ‪ ،2009‬ومن أفالم الطلبة يف كلية‬ ‫أسسها يف‬ ‫السينما والتلفزيون المستقلّة اليت ّ‬ ‫بغداد العام ‪ 2004‬املخرج قاسم عبد واملخرجة‬ ‫ميسون الباجه جي‪ ،‬وكالهما عاد من املنفى‪.‬‬ ‫ومن أهم أفالم طلبة الكلية أيام بغداد إخراج‬ ‫هبة باسم ‪ 2005‬عن حياتها كطالبة تدرس‬ ‫السينما وتواجه واقع ‪ ،2005‬وتقويم شخصي‬ ‫إخراج بشير الماجد ‪ 2007‬عن الطائفية يف‬ ‫العراق‪.‬‬ ‫تأسست منظمتان مدنيتان‬ ‫ويف ‪ّ 2005‬‬ ‫جتمعان السينمائيني‪ ،‬وهما جمعية الفنون‬ ‫البصرية المعاصرة اليت ّ‬ ‫نظمت يف العام نفسه‬ ‫مهرجان بغداد لألفالم القصرية برئاسة نزار‬ ‫الراوي وإدارة حمودي جاسم‪ ،‬والذي عرض‬ ‫يف دورته األوىل ‪ 58‬فيلماً من أفالم املنفى‬ ‫وأفالم ما بعد ‪ ،2003‬واملنظمة األخرى هي‬ ‫سينمائيون عراقيون بال حدود برئاسة طاهر‬ ‫علوان‪ ،‬واليت ّ‬ ‫نظمت العام ‪ 2007‬مهرجان بغداد‬ ‫السينمائي الدولي األول‪ .‬كما أقيم يف أربيل يف‬ ‫كردستان العراق أول مهرجان لألفالم الكردية‬ ‫القصرية بإدارة مهدي أومين‪ ،‬والذي عرض ‪47‬‬ ‫فيلماً من إخراج األكراد الذين يناهز عددهم‬ ‫‪ 40‬مليوناً يف تركيا وإيران والعراق وسوريا‪ ،‬ويف‬ ‫املنايف‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ 2009‬عرض يف أسبوع النقّ اد يف‬ ‫ست عشرة ساعة‬

‫مهرجان كان باسم كردستان العراق أول فيلم‬ ‫عراقي يف تاريخ املهرجان الكبري الهمس مع‬ ‫الريح إخراج شاهرام العيدي من إنتاج وزارة‬ ‫الثقافة في كردستان ملخرج من أكراد إيران‪.‬‬ ‫وجاء الفيلم قصيدة من الشعر السينمائي‬ ‫اخلالص عن ساعي بريد يف السبعني من عمره‪،‬‬ ‫يتنقل يف سيارته القدمية بني القرى اجلبلية يف‬ ‫كردستان أثناء احلرب العراقية اإليرانية‪ .‬وليس‬ ‫يف الفيلم نقطة دم واحدة‪ ،‬وإمنا مرثية حزينة‪،‬‬ ‫وهو ال حيمل أ ّي نوع من التشفّي أو االنتقام‬ ‫من عهد الديكتاتور الدموي‪ ،‬وإمنا فيه إدانة‬ ‫للماضي األسود حتّى ال يتك ّرر مرة أخرى‪ .‬إنه‬ ‫يعب عن الثقافة الكردية باملعنى األمشل‬ ‫فيلم رّ‬ ‫واألعمق للثقافة‪ ،‬أ ّي املقومات اليت تؤ ّهل أي‬ ‫شعب للبقاء‪ ،‬وحتول دون انقراضه‪ .‬وهناك خلل‬ ‫يف بعض أوزان هذه القصيدة‪ ،‬ولكننا أمام مولد‬ ‫فنان سينمائي موهوب وأصيل‪.‬‬ ‫ويف مهرجان أبوظبي ‪ 2009‬عرض ابن بابل‬ ‫إخراج محمد الدراجي الذي تدور أحداثه بعد‬ ‫أسابيع قليلة من بداية حرب ‪ 2003‬حيث تسمع‬ ‫ج ّدة كردية من كردستان يف مشال العراق عن‬ ‫العثور على سجناء أحياء يف اجلنوب فتذهب‬ ‫مع حفيدها يف رحلة طويلة على أمل العثور‬ ‫على ابنها‪ .‬وهذا هو أول فيلم ملخرج عربي عن‬ ‫معاناة األكراد‪ ،‬ويؤ ّكد خمرجه بذلك املوقف‬ ‫الوطين العراقي عن ضرورة التعايش بني‬ ‫القوميتني يف دولة دميقراطية متع ّددة القوميات‬ ‫واألعراق‪ .‬ويف العام نفسه أخرج الدراجي فيلمه‬ ‫التسجيلي الطويل العراق‪ :‬حرب‪ ،‬حب‪ ،‬رب‪،‬‬ ‫وجنون عن آثار ثالثة عقود من الديكتاتورية‬ ‫من ‪ 1979‬إىل ‪.2009‬‬ ‫ويف مهرجان دبي ‪ 2009‬عرض المحنة أول‬ ‫فيلم روائي طويل ملخرجه حيدر رشيد من‬ ‫العراقيني الذين ولدوا يف املنفى يف إيطاليا ألب‬ ‫يعب عن حريته بني‬ ‫كردي وأم إيطالية‪ ،‬وفيه رّ‬

‫‪473‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 474‬للتنمية الثقافية‬

‫الثقافات العربية والكردية واإليطالية من خالل‬ ‫كاتب عراقي يق ّرر العودة إىل العراق بعد سقوط‬ ‫نظام صدام‪ ،‬ولكنه يلقى مصرعه يف بغداد‪.‬‬ ‫ويف املنفى أخرج عباس فاضل يف فرنسا‬ ‫فجر العالم‪ ،‬والذي ُص ّور يف مصر عن العراق يف‬ ‫أثناء حرب الكويت‪ .‬وعلى الرغم من أن الفيلم‬ ‫يتمتّع باألداء املمتاز لك ّل من الفلسطينية هيام‬ ‫عباس والتونسية حفصية حيرزي‪ ،‬وهما من‬ ‫املمثّالت العربيّات الّلواتي يلمعن يف السينما‬ ‫العاملية‪ ،‬إال أن الفيلم ليس من األعمال الفنّية‬ ‫املميّزة‪ .‬ولكن املنفى يف المجر شهد إنتاج أول‬ ‫فيلم تشكيلي (حتريك) طويل ملخرج عراقي‬ ‫أصيلة إخراج تامر الزيدي عن اجلواد العربي‪.‬‬ ‫ومن أهم األفالم القصرية العام ‪،2009‬‬ ‫واليت أصبحت تنتج مبع ّدل ‪ 30‬فيلماً منذ ‪2004‬‬ ‫من اإلنتاج املستق ّل وإنتاج قنوات التلفزيون‬ ‫والكلية املستقلّة‪ ،‬األفالم التسجيلية (‪1980‬‬ ‫ ‪ )1982‬إخراج حميد حداد عن تهجري‬‫العراقيني يف عهد صدام‪ ،‬وأحالم تبحث عن‬ ‫أجنحة إخراج عباس مطر‪ ،‬عن البؤس يف‬ ‫شوارع بغداد اخللفية‪ ،‬وانهيار إخراج هادي‬ ‫ماهود‪ ،‬عن ما يتع ّرض له املثقفون والفنانون‬ ‫من التيّارات املتط ّرفة يف ك ّل اجتاه‪ ،‬وهذه الّليلة‪،‬‬ ‫األسبوع القادم إخراج خالد الزهر عن اختفاء‬ ‫دور العرض السينمائي‪ ،‬وخليل شوقي‪ :‬الرجل‬ ‫الذي ال يعرف السكون إخراج قتيبة الجنابي‬ ‫عن فنان املسرح والسينما الكبري‪ ،‬والكنائس في‬ ‫العراق للمخرجة سرى عباس علي‪ ،‬عن تاريخ‬ ‫املسيحية يف العراق‪ ،‬وزنزانتي‪ ،‬بيتي إخراج‬ ‫الكردي مانو خليل‪ ،‬عن األكراد الذين كانوا يف‬ ‫السجون‪ ،‬وبعد نهاية النظام مل جيدوا املأوى‪،‬‬ ‫فعاشوا يف الزنازين نفسها‪.‬‬ ‫ومن أهم األفالم الروائيّة القصرية اسكتي‪..‬‬ ‫هذا عيب إخراج حسين حسن‪ ،‬عن شابة تتبادل‬ ‫احلب مع جارها‪ ،‬وتتح ّدى أخاها‪ ،‬وجبال بيضاء‬

‫إخراج طه كريمي‪ ،‬عن صيب عمره ‪ 15‬سنة‬ ‫يعمل يف مقهى‪ ،‬ويف الـ‪ 15‬سنة نفسها ّمت إنشاء‬ ‫‪ 15‬حزباً سياسياً يف املنطقة اجلبلية على احلدود‬ ‫اإليرانية العراقية الرتكية‪ ،‬وأم عبدالله إخراج‬ ‫سحر الصواف عن أرملة يف الثامنة والعشرين‬ ‫من عمرها وأم لـ‪ 5‬أطفال تعيش حياة بائسة‬ ‫يف بغداد‪ .‬ومن أفالم الطلبة التسجيلية يوم‬ ‫في حياة رجل مرور إخراج حسنين الهاني‪،‬‬ ‫عن رجل مرور وأب لـ ‪ 4‬أطفال يف كربالء‪،‬‬ ‫ومن أفالم الطلبة الروائيّة كوابيس إخراج‬ ‫إياس جهاد‪ ،‬عن معلم يف مدرسة ابتدائية يعاني‬ ‫من كابوس ينتهي بإعدامه‪ ،‬وحياول جتنّبه يف‬ ‫الواقع‪ .‬وقد فاز باجلائزة الذهبية يف مهرجان‬ ‫كلية الفنون الجميلة ألفالم الطلبة‪.‬‬ ‫وشهد ‪ 2009‬إنتاج فيلم تشكيلي (حتريك)‬ ‫قصري بعنوان ثم ماذا؟ إخراج جاسم محمد‬ ‫يعب عن التحرير الذي ارتبط‬ ‫جاسم الذي رّ‬ ‫باالحتالل‪ ،‬والفساد الذي ارتبط بالدميقراطية‪،‬‬ ‫كما شهد إنتاج فيلم روائي قصري لألطفال‬ ‫بعنوان حروب الكبار إخراج عرفان رشيد‪ ،‬عن‬ ‫فتاة صغرية تتساءل ملاذا حيارب الكبار‪ ،‬وال‬ ‫جتد اإلجابة‪.‬‬ ‫سلطنة ُعمان‪ 25 :‬فيلم ًا قصيراً‪...‬‬

‫عندما استقلّت سلطنة ُعمان عن بريطانيا‬

‫يف العام ‪ ،1951‬وكانت أ ّول دولة تستقل يف‬ ‫الخليج العربي‪ ،‬مل يكن فيها أ ّي دار للعرض‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ 2009‬وصل عدد دور العرض إىل ‪9‬‬ ‫لعدد الس ّكان البالغ ‪ 3‬مليون نسمة‪ .‬وقد عرضت‬ ‫هذه الدور ‪ 200‬فيلم‪ ،‬من بينها ‪ 95‬من الهند‬ ‫و‪ 80‬من الواليات المتّ حدة و‪ 20‬من مصر و‪5‬‬ ‫من دول أخرى‪ ،‬وحقّقت إيرادات ‪ 3‬مليون دوالر‬ ‫أمريكي‪.‬‬ ‫يف العام ‪ ،2006‬ومبناسبة اختيار مسقط‬ ‫عاصمة للثقافة العربية‪ ،‬أنتج أول فيلم ُعماني‬ ‫دول‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫الواليات املتحدة‬ ‫‪80‬‬

‫األفالم املعروضة يف عُمان حبسب البلد املنتج (‪)2009‬‬ ‫اهلند‬ ‫‪95‬‬

‫دول اخرى‬

‫مصر‬

‫‪5‬‬

‫‪20‬‬

‫عُمان‬ ‫‪0‬‬

‫‪%3‬‬ ‫‪% 10‬‬

‫‪% 40‬‬

‫‪% 47‬‬

‫والحلم إخراج ربا بنت جمعة الزدجالي‪ .‬ومن‬ ‫أهم األفالم التسجيلية تاريخ النقود يف عمان‪،‬‬ ‫والجبل األخضر إخراج مال الله درويش‪،‬‬ ‫والخرز إخراج أحمد الحضري‪ ،‬والحياة البرية‪،‬‬ ‫والعيون المائية في سلطنة عمان إخراج حمد‬ ‫الوردي‪ .‬كما أنتج فيلم التشكيل (التحريك)‬ ‫المولود الجديد إخراج هبة جالل‪.‬‬ ‫ ‬ ‫فلسطين‪ :‬عام سينمائي نشط‬

‫اإلبداع‬

‫روائي طويل البوم إخراج خالد الزدجالي الذي‬ ‫خترج يف المعهد العالي للسينما يف مصر العام‬ ‫‪ .1988‬وتدور أحداث الفيلم يف قرية من قرى‬ ‫صيادي األمساك تتمتّع مبوقع طبيعي متميّز‪،‬‬ ‫ويعيش فيه الناس حياة هادئة‪ ،‬ويأتيهم أحد‬ ‫األثرياء من املدينة‪ ،‬وحياول إقناعهم بالتخلّي‬ ‫عن بيوتهم وبيعها إلقامة قرية سياحية عصرية‪.‬‬ ‫مل ينتج حتى اآلن فيلم روائي طويل آخر‪،‬‬ ‫ولكن ّمت إنتاج ‪ 200‬فيلم قصري حتى ‪ ،2009‬من‬ ‫إنتاج التلفزيون ومن اإلنتاج املستقل‪ .‬وكان أول‬ ‫فيلم روائي قصري الوردة األخيرة ‪ 1989‬إخراج‬ ‫حاتم الطائي الذي درس السينما يف الواليات‬ ‫ّ‬ ‫المتّ حدة‪ .‬ومن أه ّم خمرجي األفالم التسجيلية‬ ‫مال الله درويش الذي خت ّرج يف المعهد العالي‬ ‫للسينما يف مصر‪ ،‬وأحمد الحضري الذي خت ّرج‬ ‫يف قسم اإلعالم يف كلية اآلداب يف جامعة الملك‬ ‫جدة‪.‬‬ ‫عبدالعزيز يف ّ‬ ‫وكانت نقطة التح ّول يف تاريخ السينما يف‬ ‫ُعمان مبادرة خالد الزدجالي بإقامة مهرجان‬ ‫مسقط السينمائي الدولي األول العام ‪،2001‬‬ ‫ثم تأسيس الجمعية العمانية للسينما العام‬ ‫‪ ،2002‬واليت ّ‬ ‫نظمت املهرجان يف دورتيه الثانية‬ ‫والثالثة كمهرجان سنوي‪ ،‬وبعد توقف لعامني‪،‬‬ ‫عقد دورته الرابعة العام ‪ 2006‬على أن يقام ك ّل‬ ‫عامني‪.‬‬ ‫وإىل جانب املهرجان الدولي‪ّ ،‬‬ ‫تنظم اجلمعية‬ ‫سنوياً مهرجاناً لألفالم القصرية العمانية يف‬ ‫مدينة مجان‪ ،‬كما تقيم ورش عمل يف خمتلف‬ ‫فنون السينما‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ّ 2009‬مت إنتاج ‪ 25‬فيلماً قصرياً‪،‬‬ ‫ومن أهمها األفالم الروائيّة رحيل إخراج جاسم‬ ‫البطاشي‪ ،‬وهكذا سنعود إخراج عبدالرحيم‬ ‫المجيني‪ ،‬ومدفوع إخراج خالد بن سالم‬ ‫الكلباني‪ ،‬واالتصال إخراج سدا‪ ،‬وأوالدنا إخراج‬ ‫طه ميرزا‪ ،‬وحياة رتيبة إخراج ليلى الحمدون‪،‬‬

‫شكل رقم ‪7‬‬

‫‪475‬‬

‫خيتلف تعريف الفيلم الفلسطيين عن غريه‬ ‫من األفالم العربية حبكم الظروف اخلاصة‬ ‫اليت يعيشها الشعب الفلسطيين منذ إنشاء‬ ‫إسرائيل على جزء من أرض فلسطين يف العام‬ ‫‪ 1948‬بقرار من األمم المتّ حدة العام ‪،1947‬‬ ‫ثم احتالل إسرائيل ك ّل أرض فلسطني العام‬ ‫ّ‬ ‫منظمة التحرير الفلسطينية‬ ‫‪ ،1967‬وقيام‬ ‫العام ‪ ،1965‬وإنشاء سلطة وطنية فلسطينية‬ ‫يف الضفة الغربية وغزّ ة العام ‪ 1994‬بنا ًء على‬ ‫معاهدة أوسلو للسالم بني منظمة التحرير‬ ‫الفلسطينية وإسرائيل العام ‪ ،1993‬ثم انفصال‬ ‫غزّ ة عن الضفة العام ‪ 2007‬حيث سيطرت عليها‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 476‬للتنمية الثقافية‬

‫حماس إحدى فصائل منظمة التحرير‪.‬‬ ‫وعلى أساس هذا التاريخ‪ ،‬يكون الفيلم‬ ‫الفلسطيين هو الفيلم الذي يتو ّفر له واحد من‬ ‫الشروط األربعة التالية‪:‬‬ ‫أن يكون قد ّمت إنتاجه بواسطة شركة‬ ‫فلسطينية قبل سنة ‪.1948‬‬ ‫أو من إنتاج منظمة التحرير الفلسطينية‪،‬‬ ‫أو إحدى فصائلها‪.‬‬ ‫أو شركة مس ّجلة يف أرض السلطة الوطنية‬ ‫الفلسطينية بعد ‪.1994‬‬ ‫أو من إخراج فلسطيين املولد أو األصل‪،‬‬ ‫ومن إنتاج شركة يف إسرائيل أو يف أ ّي دولة يف‬ ‫ويعب عن اهلوية الثقافية الفلسطينية‪.‬‬ ‫العامل‪ ،‬رّ‬ ‫وهذه األفالم اليت تنتج يف إسرائيل أو يف أ ّي‬ ‫دولة أخرى ال تس ّمى "أفالم املهجر"‪ ،‬وذلك ألن‬ ‫الفلسطيين يف إسرائيل ليس يف املهجر‪ ،‬وإمنا‬ ‫يف جزء من وطنه أصبح يس ّمى إسرائيل‪ ،‬وألن‬ ‫الفلسطيين يف أ ّي دولة خارج إسرائيل ليس‬ ‫مهاجراً‪ ،‬وإمنا هو يف الشتات إىل أن تقوم دولة‬ ‫فلسطين‪.‬‬ ‫ّمت تصوير أول فيلم يف فلسطين العام‬ ‫‪ ،1897‬من ضمن جمموعة أفالم من إنتاج‬ ‫شركة لوميير الفرنسية‪ ،‬ومنها أسواق القدس‬ ‫الشعبية‪ ،‬وميناء حيفا‪ ،‬ووصول قطار إلى‬

‫محطة القدس‪ ،‬كما ص ّورت‬ ‫األمريكية الرقص في القدس العام ‪.1902‬‬ ‫هذه األفالم اليت بدأ تصويرها العام ‪،1897‬‬ ‫المؤتمر الصهيوني‬ ‫أي يف العام نفسه النعقاد‬ ‫ّ‬ ‫األول يف سويسرا‪ ،‬هلا أهميتها يف التأكيد‬ ‫ّ‬ ‫على أن أرض فلسطين كانت لشعب له ثقافته‬ ‫اخلاصة هو الشعب الفلسطيين‪ ،‬ومل تكن أرضاً‬ ‫بال شعب حبسب ا ّدعاءات اليمني اليهودي‬ ‫تعب عنها أفالم‬ ‫الصهيوني العنصري‪ ،‬واليت رّ‬ ‫الدعاية السياسية الصهيونية منذ األفالم‬ ‫الصامتة األوىل‪.‬‬ ‫شركة إديسون‬

‫ويف العام ‪ّ 1908‬مت إنشاء أول دار للعرض يف‬ ‫فلسطين‪ ،‬وهي أوراكل يف القدس‪ ،‬واليت أنشأتها‬ ‫أسسها عدد من اليهود املصريني‪ .‬وحتى‬ ‫شركة ّ‬ ‫نهاية فرتة األفالم الصامتة مل يتجاوز عدد دور‬ ‫العرض ‪ 5‬دور‪ .‬ومع األفالم الناطقة ازداد عدد‬ ‫دور العرض‪ ،‬ووصل إىل ‪ 16‬داراً العام ‪ 1935‬يف‬ ‫القدس وحيفا ويافا وعكا وغريها من املدن‬ ‫الفلسطينية‪.‬‬ ‫وكان هناك إقبال كبري على هذه الدور‪،‬‬ ‫وخصوصاً على األفالم املصرية حتى أن هناك‬ ‫أكثر من جملّة أسبوعية صدرت عن السينما يف‬ ‫ذلك الوقت‪ ،‬ومن أهمها "األشرطة السينمائية"‬ ‫اليت صدرت يف القدس العام ‪ ،1937‬وكان‬ ‫مؤسسها ورئيس حتريرها إبراهيم تلحمي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ويف العام ‪ 2009‬بلغ عدد دور العرض يف‬ ‫الضفّ ة ‪ 5‬دور عرضت ‪ 40‬فيلماً أمريكياً وأوروبياً‬ ‫وعربياً‪ ،‬وكانت إيراداتها ‪ 200‬ألف دوالر‬ ‫أمريكي‪ .‬وذلك لعدد السكان البالغ ‪ 3‬مليون‬ ‫نسمة‪ ،‬بينما ال توجد أ ّي دور عرض يف غزّ ة‪،‬‬ ‫وعدد سكانها مليون نسمة (إمجالي الشعب‬ ‫الفلسطيين ‪ 10‬ماليني نسمة بإضافة مليون يف‬ ‫إسرائيل و‪ 4‬ماليني يف الشتات)‪.‬‬ ‫ّمت إنتاج أول فيلم فلسطيين العام ‪،1935‬‬ ‫وهو الفيلم التسجيلي القصري زيارة الملك‬ ‫عبدالعزيز آل سعود إىل فلسطين إخراج‬ ‫إبراهيم حسن سرحان (‪ .)1982 - 1916‬أما‬ ‫أ ّول فيلم روائي طويل‪ ،‬فت ّم إنتاجه يف العام‬ ‫‪ 1936‬بعنوان الهارب إخراج إبراهيم الما‬ ‫(‪ ،)1953 - 1904‬وليس هذا الفيلم من اإلنتاج‬ ‫املصري كما هو شائع حبكم إقامة خمرجه يف‬ ‫مصر منذ العام ‪ ،1927‬وإمنا هو إنتاج فلسطيين‬ ‫بواسطة شركة فلسطينية‪.‬‬ ‫أسس صالح بدرخان يف‬ ‫ويف العام ‪ّ 1945‬‬ ‫القدس شركة أفالم الجزيرة اليت أنتجت‬ ‫الفيلم الفلسطيين الروائي الطويل الثاني‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫اإلبداع‬

‫أمنيتي العام ‪ .1946‬ويف العام ‪ 1945‬نفسه عاد‬ ‫محمد صالح الكيالي إىل مدينته يافا بعدما‬ ‫درس السينما يف إيطاليا‪ ،‬وأخرج من إنتاج‬ ‫جامعة الدول العربية أول فيلم تسجيلي عن‬ ‫قضية فلسطني بعنوان أرض السالم العام ‪.1947‬‬ ‫وقد أقام بدرخان والكيالي يف مصر بعد ‪،1948‬‬ ‫وعمال يف السينما املصرية‪.‬‬ ‫ومع إنشاء منظمة التحرير الفلسطينية‬ ‫العام ‪ ،1965‬قامت بإنتاج أكثر من ‪ 100‬فيلم‬ ‫تسجيلي حتى اآلن ملخرجني عرب وأوروبيني‬ ‫وفلسطينيني‪ ،‬وكان مصطفى أبو علي (‪- 1940‬‬ ‫‪ )2009‬أول خمرج فلسطيين ألفالم من إنتاج‬ ‫املنظمة‪ .‬ومن أهم املخرجني الفلسطينيني‬ ‫ألفالم املنظمة غالب شعث الذي درس السينما‬ ‫يف النمسا‪ ،‬وأقام وعمل يف مصر حتى عاد إىل‬ ‫األرض احملررة‪ ،‬أو أرض السلطة الوطنية‬ ‫الفلسطينية العام ‪ .1994‬ومنهم أيضاً سالفة‬ ‫درست يف مصر‪ ،‬وجبريل عوض‬ ‫مرسال اليت ّ‬ ‫الذي درس يف ألمانيا الشرقية‪ ،‬والكاتبة الروائيّة‬ ‫ليانا بدر‪ .‬واستشهد أثناء تصوير عمليات املقاومة‬ ‫املصورون الفلسطينون هاني جوهرية (‪- 1939‬‬ ‫‪ )1976‬ومطيع إبراهيم (‪ )1978 - 1942‬وعمر‬ ‫المختار (‪.)1978 - 1942‬‬ ‫ومن أفالم املنظمة الفيلم التسجيلي الطويل‬ ‫فلسطني‪ :‬سجل شعب إخراج العراقي قيس‬ ‫الزبيدي العام ‪ ،1985‬وهو أهم فيلم تسجيلي‬ ‫عن تاريخ قضية فلسطني من وثائق أرشيفات‬ ‫العامل‪.‬‬ ‫وإىل جانب األفالم التسجيلية قامت ّ‬ ‫املنظمة‬ ‫بإنتاج فيلمني روائيني طويلني‪ ،‬األول عملية‬ ‫شناو إخراج املصري سمير سيف العام ‪1979‬‬ ‫من إنتاج الصاعقة‪ ،‬والثاني عائد إلى حيفا‬ ‫إخراج العراقي قاسم حول العام ‪ 1982‬عن‬ ‫رواية الكاتب الفلسطيين الكبري غسان كنفاني‬ ‫(‪ )1972 - 1936‬من إنتاج اجلبهة الشعبية‪.‬‬

‫وقد عرضت أغلب األفالم التسجيلية اليت‬ ‫أنتجتها املنظمة يف مهرجان بغداد ألفالم‬ ‫وبرامج فلسطين الذي ّ‬ ‫نظمه اتّ حاد إذاعات‬ ‫الدول العربية يف بغداد‪ ،‬وعقد أربع دورات‬ ‫أعوام ‪ 1973‬و‪ 1976‬و‪ 1978‬و‪ .1980‬كما عرضت‬ ‫يف أكثر من مهرجان أوروبي‪ ،‬وخصوصاً مهرجان‬ ‫ليبزج يف ألمانيا الشرقية‪.‬‬ ‫ويف بيروت العام ‪ 1978‬أصدرت املنظمة‬ ‫مجلة الصورة الفلسطينية‪ ،‬وكانت هيئة‬ ‫التحرير من مصطفى أبو علي والّلبناني جان‬ ‫شمعون واألردني عدنان مدانات‪ ،‬وصدر منها‬ ‫أربعة أعداد آخرها العام ‪.1979‬‬ ‫مل يت ّمكن أ ّي خمرج فلسطيين يف إسرائيل‬ ‫منذ العام ‪ 1948‬من تصوير أ ّي فيلم على أرض‬ ‫بالده‪ .‬واستم ّر ذلك الوضع حنو ثالثني سنة‬ ‫حتى انتزع ميشيل خليفي هذا احل ّق بعد أن‬ ‫درس يف بلجيكا‪ ،‬وبدأ يف إخراج أفالم تسجيلية‬ ‫قصرية منذ العام ‪.1976‬‬ ‫ويف العام ‪ 1981‬شهد أسبوع النقاد يف‬ ‫مهرجان كان عرض الذاكرة الخصبة أول‬ ‫فيلم تسجيلي طويل أخرجه ميشيل خليفي‪،‬‬ ‫وكان نقطة حت ّول كربى يف تاريخ األفالم‬ ‫الفلسطينية‪ .‬فقد كان أول فيلم ملخرج فلسطيين‬ ‫متسك‬ ‫يص ّور على أرض فلسطين‪ ،‬ويعرب عن ّ‬ ‫الشعب الفلسطيين بأرضه‪ ،‬وأول فيلم فلسطيين‬ ‫يرقى إىل مستوى "التحفة" الفنّية‪ ،‬وأول فيلم‬ ‫فلسطيين يعرض يف أحد املهرجانات الدولية‬ ‫الكربى الثالثة للسينما يف العامل (برلين‬ ‫وكان وفينسيا)‪ ،‬وأول فيلم يف هذه املهرجانات‬ ‫يعرض باسم فلسطين بناء على طلب خمرجه‪،‬‬ ‫وإصراره على اهلوية الثقافية‪ ،‬على الرغم من‬ ‫أن هوية الفيلم القانونية بلجيكية‪ ،‬وهوية املخرج‬ ‫القانونية إسرائيلية‪.‬‬ ‫وكما كان خليفي رائداً يف األفالم التسجيلية‬ ‫القصرية والطويلة‪ ،‬كان رائداً يف األفالم‬

‫‪477‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 478‬للتنمية الثقافية‬

‫الروائيّة الطويلة أيضاً عندما أخرج أول أفالمه‬ ‫عرس الجليل العام ‪ ،1986‬والذي فاز باجلائزة‬ ‫الذهبية يف مهرجان سان سباستيان يف إسبانيا‬ ‫العام ‪ ،1987‬واجلائزة الذهبية يف مهرجان‬ ‫قرطاج يف تونس العام ‪.1988‬‬ ‫ويف العام ‪ 1992‬أُنشئت‬ ‫مؤسسة القدس‬ ‫ّ‬ ‫مؤسسة فلسطينية‬ ‫للسينما والتلفزيون كأول ّ‬ ‫مؤسسيها‬ ‫مستقلة يف القدس‪ ،‬وكان من أهم ّ‬ ‫املخرج جورج خليفي‪ّ .‬‬ ‫املؤسسة يف‬ ‫ونظمت ّ‬ ‫العام نفسه أول مهرجان لألفالم الفلسطينية‬ ‫يف فلسطين باسم أيام القدس السينمائية‬ ‫حيث ّمت وللم ّرة األوىل تقديم أفالم املخرجني‬ ‫الفلسطينيني سواء يف إسرائيل أم يف األرض‬ ‫احملتلة بعد ‪ 1967‬أم يف الشتات‪.‬‬ ‫وبعد إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية العام‬ ‫مؤسسة‬ ‫‪ّ ،1994‬‬ ‫أسس خالد عليان يف رام الله ّ‬ ‫مسرح وسينماتيك القصبة العام ‪ ،2000‬وقامت‬ ‫بتنظيم مهرجان القصبة السينمائي الدولي‬ ‫الذي عقد دورته األوىل العام ‪ ،2006‬وعقد‬ ‫دورته الرابعة من ‪ 8‬إىل ‪ 22‬تشرين األول‪/‬أكتوبر‬ ‫مؤسسة‬ ‫العام ‪ .2009‬كما ّ‬ ‫أسست علياء أرصغلي ّ‬ ‫شاشات‪ ،‬وقامت بتنظيم مهرجان شاشات الدولي‬ ‫ألفالم المرأة الذي عقد دورته األوىل العام‬ ‫‪ ،2005‬وعقد دورته اخلامسة من ‪ 5‬إىل ‪ 14‬تشرين‬ ‫الثاني‪/‬نوفمرب ‪.2009‬‬ ‫ّمت إنتاج ‪ 27‬فيلماً فلسطينياً روائياً طوي ًال منذ‬ ‫العام ‪ 1936‬حتى ‪ 2009‬حبسب تعريف الباحث‬ ‫للفيلم الفلسطيين‪ ،‬ومن واقع الفيلموجرافيا‬ ‫اخلاصة به‪ .‬ومن أهم هذه األفالم حتى إشعار‬ ‫آخر إخراج رشيد مشهراوي العام ‪ ،1993‬والذي‬ ‫فاز باجلائزة الذهبية يف مهرجان القاهرة‪ ،‬ودرب‬ ‫نصار العام ‪ ،1997‬ويد‬ ‫التبانات إخراج علي ّ‬ ‫إلهية إخراج إيليا سليمان العام ‪ ،2002‬والذي‬ ‫كان أول فلسطيين يعرض يف مسابقة مهرجان‬ ‫كان أكرب املهرجانات الكربى الثالثة‪ ،‬وأول فيلم‬

‫فلسطيين يفوز يف هذه املهرجانات حيث فاز‬ ‫جبائزة جلنة التحكيم‪ ،‬وموسم الزيتون إخراج‬ ‫حنا إلياس العام ‪ ،2003‬وعطش إخراج توفيق‬ ‫أبو وائل العام ‪ ،2004‬والجنة اآلن إخراج هاني‬ ‫أبو أسعد العام ‪ 2005‬الذي عرض يف مسابقة‬ ‫مهرجان برلين‪ ،‬وفاز بـ جائزة المالك األزرق‬ ‫ألحسن فيلم أوروبي (إنتاج هولندي) وجائزة‬ ‫منظمة العفو الدولية‪ ،‬ثم فاز العام ‪2006‬‬ ‫جبائزة جولدن جلوب اليت متنحها مجعية‬ ‫نقاد السينما األجانب يف لوس أنجلس ألحسن‬ ‫فيلم أجنيب‪ّ ،‬‬ ‫ورشح جلائزة أوسكار أحسن‬ ‫فيلم أجنيب‪ ،‬وبذلك أصبح هاني أبو أسعد‬ ‫أ ّول خمرج عربي يفوز جبائزة غولدن غلوب‬ ‫وثاني خمرج عربي يرشح لجائزة أوسكار بعد‬ ‫اجلزائري رشيد بوشارب العام ‪.1995‬‬ ‫ويف العام ‪ 2008‬شهد برنامج نظرة خاصة‬ ‫يف مهرجان كان عرض الفيلم الفرنسي ملح‬ ‫هذا البحر أ ّول فيلم روائي طويل ملخرجته آن‬ ‫ماري جاسر‪ ،‬وأول فيلم روائي طويل ملخرجة‬ ‫فلسطينية‪ ،‬والذي فاز جبائزة أحسن سيناريو‬ ‫يف مهرجان دبي‪ .‬كما شهد مهرجان دبي عرض‬ ‫الفيلم الفلسطيين المر والرمان أول فيلم روائي‬ ‫طويل ملخرجته نجوى نجار‪ ،‬والذي فاز بـ‬ ‫جائزة الجمهور في مهرجان الدوحة العام‬ ‫‪ ،2009‬وكان أول فيلم فلسطيين يعرض عرضاً‬ ‫عاماً يف مصر يف العام نفسه‪.‬‬ ‫ويعترب العام ‪ 2009‬أكثر األعوام ازدهاراً‬ ‫يف تاريخ األفالم الفلسطينية‪ ،‬وكان أيضاً عام‬ ‫القدس عاصمة للثقافة العربية‪ .‬ففي مهرجان‬ ‫كان عرض يف املسابقة الفيلم الفرنسي الزمن‬ ‫الباقي إخراج إيليا سليمان‪ ،‬وعرض يف نصف‬ ‫شهر المخرجين يف املهرجان نفسه الفيلم‬ ‫األمريكي أميركا أول فيلم روائي طويل ملخرجته‬ ‫شيرين دعبس (كتابة أميركا يف العنوان وليس‬ ‫أميركا مقصودة)‪ .‬ويف مهرجان دبي عرض‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫اإلبداع‬

‫يف مسابقة األفالم العربية زنديق إخراج‬ ‫ميشيل خليفي‪ ،‬وفاز باجلائزة الذهبية‪ .‬ويف‬ ‫غزّ ة أنتجت محاس الفيلم الفلسطيين الروائي‬ ‫الطويل الرابع يف ‪ ،2009‬وأ ّول أفالمها يف الوقت‬ ‫نفسه‪ ،‬بعنوان عماد عقل أول فيلم ملخرجه‬ ‫ماجد جندية‪ ،‬وعرض يف املراكز الثقافية‪.‬‬ ‫وموضوعه املقاتل عماد عقل الذي استشهد يف‬ ‫إحدى املعارك مع قوات االحتالل اإلسرائيلي‬ ‫العام ‪.1993‬‬ ‫الزمن الباقي الفيلم الروائي الطويل الثالث‬ ‫ملخرجه إيليا سليمان‪ .‬وبينما تدور أحداث‬ ‫فيلميه األولني يف الواقع زمن إنتاجهما‪ ،‬تدور‬ ‫أحداث الفيلم اجلديد منذ إنشاء إسرائيل العام‬ ‫‪ 1948‬حتى ‪ 2008‬بعد ستني سنة‪ .‬وهو أه ّم فيلم‬ ‫يعب عن تاريخ قضيّة فلسطين‪ .‬هنا‬ ‫روائي رّ‬ ‫القضية على حقيقتها ليست صراعاً مبسطاً‬ ‫بني ح ّق وباطل‪ ،‬وإمنا هي صراع مركب شديد‬ ‫التعقيد‪ .‬ويت ّم التعبري عنها بأسلوب ما بعد‬ ‫حداثي ناضج يست ّمد جذوره من مسرح بريخت‬ ‫وسينما جان لوك غودار‪ ،‬وبرؤية فكرية نقدية‬ ‫صارمة ومجيلة جتمع بني الشعر والفكاهة مثل‬ ‫ك ّل عمل فنيّ كبري‪ .‬وكون القضية مر ّكبة ال يعين‬ ‫اختالط احلق بالباطل‪ ،‬فاحلق واضح يف الفيلم‪،‬‬ ‫وهو أن الشعب الفلسطيين صاحب األرض‬ ‫والتاريخ والثقافة‪ ،‬والباطل واضح‪ ،‬وهو أن من‬ ‫جاؤوا إىل فلسطين سرقوا األرض‪ ،‬وحياولون‬ ‫سرقة التاريخ والثقافة‪ .‬وقد فاز جبائزة أحسن‬ ‫فيلم يف مسابقة الشرق األوسط يف مهرجان‬ ‫أبوظبي‪.‬‬ ‫أما فيلم أميركا فهو فيلم هوليودي تقليدي‬ ‫بسيط‪ ،‬ولكنه متّقن وال خيلو من العمق‬ ‫والطرافة‪ ،‬عن املشكالت الناجتة عن اختالف‬ ‫الثقافات‪ ،‬واليت تواجهها عائلة فلسطينية ش ّدت‬ ‫الرحال إىل الواليات المتّ حدة‪ .‬وقد عرض يف‬ ‫ملتقى الشباب يف مهرجان برلين‪ ،‬ويف نصف‬

‫شهر المخرجين يف مهرجان كان‪ ،‬وهو أمر نادر‬ ‫احلدوث‪ ،‬وفاز جبائزة فيبريسي (االتّ حاد‬ ‫الدولي للنقّ اد) يف مهرجان كان ألحسن فيلم‬ ‫يف الربامج املوازية خارج املسابقة‪ .‬كما فاز‬ ‫يف مهرجان بيروت جبائزة أحسن فيلم‪ ،‬ويف‬ ‫مسابقة األفالم العربية يف مهرجان دبي‬ ‫جبائزة أحسن ممثلة (نسرين فاعور)‪ ،‬ويف‬ ‫مسابقة األفالم العربية يف مهرجان القاهرة‬ ‫جبائزتي أحسن فيلم وأحسن سيناريو‪.‬‬ ‫أما زنديق الفيلم الروائي الطويل اخلامس‬ ‫ملخرجه ميشيل خليفي‪ ،‬ففيه يعود املخرج "م"‬ ‫إىل بلدته الناصرة بعد غربة طويلة‪ ،‬وحياول أن‬ ‫يصنع فيلماً عن احتالهلا العام ‪ ،1948‬ويسأل‬ ‫هل كان على الفلسطينيني أن يرتكوا أرضهم‪،‬‬ ‫أو أن يبقوا فيها حتى لو أصبحت سجناً؟ وال‬ ‫توجد إجابة بالسلب أو اإلجياب‪ ،‬فهنا أيضاً‬ ‫القضية مركبة‪ ،‬ولكن الفيلم يؤ ّكد أن من‬ ‫متسكوا بالبقاء يف أرضهم هم الذين حافظوا‬ ‫على وجود القضية‪ ،‬ويدفعون الثمن غالياً من‬ ‫أجل حرية شعبهم‪ .‬ويف هذا الفيلم يلتقي وللم ّرة‬ ‫األوىل ميشيل خليفي خمرجاً ومحمد بكري‬ ‫ممث ًال‪ .‬وإذا كان خليفي رائداً يف اإلخراج‪ ،‬فإن‬ ‫بكري من كبار املمثلني الفلسطينيني يف املسرح‬ ‫والسينما‪ ،‬وهو النجم الفلسطيين الوحيد الذي‬ ‫عرف عربياً كما عرف عاملياً منذ قام بالدور‬ ‫الرئيس يف الفيلم األمريكي هانا ك‪ .‬إخراج‬ ‫كوستا جافراس العام ‪ .1982‬وقد بدأ بكري‬ ‫إخراج األفالم التسجيلية العام ‪ 1998‬بفيلمه‬ ‫الطويل ‪ 1948‬عن حرب ‪ 1948‬وإنشاء إسرائيل‪.‬‬ ‫وهناك ‪ 50‬فيلماً تسجيلياً طوي ًال‪ ،‬و‪ 100‬فيلم‬ ‫تسجيلي قصري‪ ،‬و‪ 20‬فيلماً روائيّاً قصرياً‪ ،‬منذ‬ ‫ومؤسسات‬ ‫ العام ‪ 1980‬حتى ‪ 2009‬من إنتاج شركات ّ‬ ‫وقنوات تلفزيونية ومن اإلنتاج الفردي‪ .‬وأغلب‬ ‫هذه األفالم أنتج بعد ثورة أفالم الفيديو العام‬ ‫‪ ،1990‬وإنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية‬

‫‪479‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 480‬للتنمية الثقافية‬

‫يعتبر العام ‪ 2009‬أكثر األعوام ازدهاراً‬ ‫في تاريخ األفالم الفلسطينية‪ ،‬وكان أيضاً‬ ‫عام القدس عاصمة للثقافة العربية‪ ،‬فقد‬ ‫انتج فيه ‪ 4‬أفالم روائية‪ ،‬وأكثر من ‪20‬‬ ‫فيلماً تسجيلياً طوي ً‬ ‫ال وقصيراً ‪ ..‬وأكثر من‬ ‫‪ 5‬أفالم روائية قصيرة منها خروج لمهند‬ ‫يعقوبي‪..‬‬

‫العام ‪ ،1994‬وأقلها من إنتاج هذه السلطة ممثلة‬ ‫يف وزارة الثقافة‪ ،‬ويف التلفزيون الفلسطيين‪.‬‬ ‫ومن أه ّم األفالم التسجيلية الطويلة أفالم‬ ‫مي مصري اليت درست يف أميركا وزوجها جان‬ ‫شمعون حيث أخرجا معاً يف الفرتة من حرب‬ ‫إسرائيل ض ّد لبنان العام ‪ 1982‬إىل إنشاء‬ ‫السلطة العام ‪ 1994‬أهم األفالم اليت توثق هلذه‬ ‫وتعب عن مقاومة الشعبني الفلسطيين‬ ‫الفرتة‪ ،‬رّ‬ ‫والّلبناني لالحتالل اإلسرائيلي‪.‬‬ ‫ثم بدأت مي مصري إخراج األفالم مبفردها‪،‬‬ ‫وأخرجت حنان عشراوي ‪ ،1995‬و‪ 33‬يوم ًا عن‬ ‫حرب إسرائيل ضد لبنان العام ‪ ،2006‬والعنوان‬ ‫عن عدد أيام هذه احلرب‪.‬‬ ‫وهناك أيضاً الناصرة ‪ 84‬إخراج قاسم‬ ‫شعبان العام ‪ ،1984‬وثالثية صيف فلسطيني‬ ‫حار إخراج ناظم شريدي ‪ ،1988‬والحرية‬ ‫المسلوبة‪ :‬فلسطين المحتلّة إخراج طوني‬ ‫قندح ‪ ،1990‬وأحالم في فراغ إخراج عمر‬ ‫ّ‬ ‫قطان‪ ،‬وانتفاضة شعب إخراج زياد درويش‬ ‫‪ ،1991‬وعرس سحر إخراج حنا مصلح ‪،1992‬‬ ‫واألمل المحجوب إخراج نورما مرقص ‪،1994‬‬ ‫وزمن األخبار إخراج عزّ ة الحسن‪ ،‬وهاي مش‬ ‫عيشة إخراج علياء أرصغلي ‪ ،2001‬وزفاف في‬ ‫رام الله إخراج شيرين سالمة ‪ ،2002‬والطريق‬ ‫‪ 181‬إخراج ميشيل خليفي واإلسرائيلي إيال‬ ‫سيفان‪ ،‬والعنوان يشري إىل قرار األمم المتّ حدة‬ ‫بتقسيم فلسطين العام ‪ ،1947‬واجتياح إخراج‬ ‫نزار حسن ‪ 2003‬عن مذحبة جنين العام ‪،2002‬‬ ‫وماتبقى لكم إخراج ندا اليسير ‪ 2005‬عن بدو‬ ‫صحراء النقب‪ ،‬ومغارة ماريا إخراج بثينة‬ ‫خوري ‪ 2007‬عن جرائم الشرف‪ ،‬وإلى أبي‬ ‫إخراج عبدالسالم شحادة ‪.2008‬‬ ‫ومل يكن العام ‪ 2009‬أكثر األعوام ازدهاراً‬ ‫يف تاريخ األفالم الفلسطينية إلنتاج ‪ 4‬أفالم‬ ‫روائيّة طويلة فقط‪ ،‬وإمنا أيضاً إلنتاج أكثر من‬

‫‪ 20‬فيلماً تسجيلياً طوي ًال وقصرياً‪ ،‬وأكثر من‬ ‫أفالم روائيّة قصرية منها خروج إخراج مهند‬ ‫يعقوبي‪.‬‬ ‫ومن أهم األفالم التسجيلية الطويلة خمس‬ ‫دقائق من بييت إخراج ناهد عواد عن مطار‬ ‫القدس قبل ‪ ،1967‬وال من هون وال من هون‬ ‫إخراج حسن الحسن وبهاء العموري ورشيد‬ ‫المنسي وحنين الجمال ونفين الجمال حتت‬ ‫إشراف هشام كايد‪ ،‬وفيلمان إخراج جمموعة‬ ‫شاشات حتت إشراف علياء أرصغلي‪ ،‬وهما يوم‬ ‫في فلسطين‪ ،‬والقدس قريبة وبعيدة إخراج‬ ‫‪5‬‬

‫ليالي كيالني ودارا خضر ونجاح مسلم وأميمة‬

‫عتمة وأماني‬ ‫حمودي وزينب الطيب ورغدة‬ ‫ّ‬ ‫السراحنة وسالم كنعان‪ ،‬وبدرس إخراج جوليا‬ ‫باشا‪ ،‬وجيفارا غزة‬

‫إخراج‬

‫خليل المزين‪،‬‬

‫ومحمود درويش‪ :‬أنشودة قوس قزح إخراج‬ ‫رامي السعيد عن الشاعر الفلسطيين الكبري‬ ‫(‪.)2008 - 1941‬‬ ‫ومن أهم األفالم التسجيلية القصرية‪:‬‬ ‫حامورابي إخراج ديما وعالء أبو غوشة‪،‬‬ ‫وغزة ‪ -‬لندن إخراج ديما حمدان‪ ،‬وبين دمعة‬ ‫وضحكة إخراج سماح أصرف‪ ،‬وبين الحقيقة‬ ‫والنار إخراج محمد فؤاد حمود‪ ،‬ولجوء آخر‬ ‫إخراج نبيلة مبروك‪ ،‬ونزيف متجدد إخراج‬ ‫رائد داوود‪ ،‬ومن أفالم الطلبة التسجيلية‬ ‫القصرية كي ال ننسى إخراج روان الحسيني‪،‬‬ ‫وواحد إخراج عماد بدوان‪.‬‬ ‫ويف مهرجان دبي ‪ّ 2009‬مت عرض ‪ 11‬فيلماً‬ ‫فلسطينياً يف أكرب احتفالية عربية سينمائية‬ ‫أقيمت مبناسبة اختيار القدس عاصمة للثقافة‬ ‫العربية‪ ،‬وكانت استعراضاً ملدى ازدهار األفالم‬ ‫الفلسطينية‪ .‬فإىل جانب الفيلمني الروائيني‬ ‫الطويلني زنديق وأميركا‪ ،‬عرض من األفالم‬ ‫التسجيلية الطويلة األجنحة الصغيرة إخراج‬ ‫رشيد مشهراوي‪ ،‬وزهرة إخراج محمد بكري‪،‬‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫وصراع إخراج رائد أنضوني‪ ،‬وكما قال الشاعر‬

‫إخراج نصري حجاج عن محمود درويش‪،‬‬ ‫والعودة إلى الذات إخراج بالل يوسف عن‬ ‫الدروز الذين جيندون يف جيش إسرائيل‪ ،‬وغزة‬ ‫– مباشر إخراج سمير عبدالله‪ .‬كما عرض من‬ ‫األفالم القصرية الروائي ليش صابرين إخراج‬ ‫مؤيد عليان‪ ،‬والتسجيلي ‪ 9‬آب – أغسطس‬ ‫ّ‬ ‫إخراج طالل خوري عن محمود درويش‪.‬‬

‫شكل رقم ‪8‬‬ ‫الواليات املتحدة‬ ‫‪200‬‬

‫‪481‬‬

‫األفالم املعروضة يف قطر حبسب البلد املنتج (‪)2009‬‬ ‫اهلند‬ ‫‪75‬‬

‫دول اخرى‬

‫مصر‬

‫‪5‬‬

‫‪20‬‬

‫قطر‬ ‫‪0‬‬

‫‪%1‬‬ ‫‪%7‬‬

‫‪% 25‬‬ ‫‪% 67‬‬

‫قطر‪ :‬تدشين مهرجان الدوحة –‬ ‫ترايبكا السينمائي الدولي‬

‫ويعب الفيلم التسجيلي‬ ‫األفالم القصرية‪ .‬رّ‬ ‫القصري عبق الظالل إخراج حافظ علي ‪2008‬‬ ‫عن كيف عرفت قطر السينما‪ ،‬وكيف تط ّورت‬ ‫دور العرض‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ 2001‬شهدت الدوحة أول مهرجان‬ ‫لألفالم العربية املستقلة يقام يف الوطن‬ ‫العربي‪ ،‬ويف العام ‪ 2005‬عقدت الدورة األوىل‬ ‫من مهرجان الجزيرة لألفالم التسجيلية‪،‬‬ ‫والذي تنظمه سنوياً شبكة تلفزيون الجزيرة‪،‬‬ ‫وعقدت دورته اخلامسة من ‪ 13‬إىل ‪ 16‬نيسان‪/‬‬ ‫أبريل ‪.2009‬‬ ‫ومن املؤكد أن العام ‪ 2009‬سوف يصبح نقطة‬ ‫حت ّول يف تاريخ السينما يف قطر حيث عقدت‬ ‫الدورة األوىل من مهرجان الدوحة – ترايبكا‬ ‫السينمائي الدولي من ‪ 29‬تشرين األول‪/‬‬ ‫أكتوبر إىل أول تشرين الثاني‪/‬نوفمرب‪ ،‬والذي‬ ‫مؤسسة الدوحة للسينما‬ ‫يقام بالتعاون بني‬ ‫ّ‬ ‫املؤسسة‬ ‫ومهرجان ترايبكا في نيويورك‪ .‬وتعمل ّ‬ ‫اليت ترأسها األميرة المياسة بنت حمد على‬ ‫دعم اإلنتاج والتوزيع ودور العرض‪ ،‬وإقامة ورش‬ ‫عمل تدريبية لفنون السينما‪ ،‬واحلفاظ على‬

‫اإلبداع‬

‫عندما استقلت قطر عن بريطانيا يف العام‬ ‫‪ 1971‬كان فيها ‪ 5‬دور للعرض يف العاصمة‬ ‫وتأسست شركة قطر للسينما يف‬ ‫الدوحة‪ّ ،‬‬ ‫العام ‪ ،1970‬وهي حتتكر االسترياد والتوزيع‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ 2009‬وصل عدد دور العرض‬ ‫إىل ‪ 37‬داراً لعدد السكان البالغ مليون نسمة‪،‬‬ ‫وعرضت هذه الدور ‪ 300‬فيلم‪ ،‬من بينها ‪200‬‬ ‫من الواليات المتّ حدة و‪ 75‬من الهند و‪ 20‬من‬ ‫مصر و‪ 5‬من دول أخرى‪ ،‬وبلغت إيراداتها ‪13‬‬ ‫مليون دوالر أمريكي‪.‬‬ ‫أنتجت شركة قطر فيلماً روائياً طوي ًال واحداً‬ ‫العام ‪ 1976‬الشراع الحزين إخراج المصري‬ ‫محمد نبيه‪ .‬ولكن مل يت ّم حتى اآلن إنتاج فيلم‬ ‫روائي طويل ملخرج قطري‪ .‬أما بالنسبة إىل‬ ‫إنتاج األفالم القصرية‪ ،‬فقد ّمت إنتاج ‪ 50‬فيلماً‬ ‫أغلبها تسجيلية‪ ،‬وأغلبها من إنتاج تلفزيون‬ ‫قطر‪.‬‬ ‫كانت البداية وحدة األفالم التسجيلية‬ ‫والقصرية يف التلفزيون العام ‪ ،1981‬واليت‬ ‫أسسها إسماعيل خالد الذي خت ّرج يف المعهد‬ ‫ّ‬ ‫العالي للسينما يف مصر العام ‪ .1978‬ويف‬ ‫العام ‪ 2004‬عاد من الواليات المتّ حدة بعد‬ ‫دراسة السينما فيها ك ّل من املخرجني خليفة‬ ‫المريخي وحافظ علي‪ ،‬وأخرجا عدداً من‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 482‬للتنمية الثقافية‬

‫مؤسسة سينما‬ ‫الرتاث السينمائي بالتعاون مع ّ‬ ‫العامل اليت يرأسها فنّان السينما األمريكي‬ ‫الكبري مارتين سكورسيزي‪ ،‬بل تطمح إىل‬ ‫إنشاء "سينماتيك" أو "دار السينما" حبسب‬ ‫ترمجة مجمع الّلغة العربية يف القاهرة للكلمة‬ ‫الفرنسية‪ ،‬على غرار دار الكتب‪.‬‬ ‫ ‬ ‫الكويت‪ 100 .. :‬فيلم قصير‬

‫كانت عروض األفالم يف الكويت تت ّم داخل‬ ‫تأسست شركة الكويت‬ ‫املنازل‪ ،‬ويف العام ‪ّ 1954‬‬ ‫للسينما كشركة مساهمة‪ ،‬وبدأت إنشاء دور‬ ‫العرض‪ ،‬وهي أكرب شركة سينما يف الكويت‪،‬‬ ‫والتزال‪ ،‬وحتتكر استرياد وتوزيع األفالم ودور‬ ‫العرض‪.‬‬ ‫استقلت الكويت عن بريطانيا العام ‪،1961‬‬ ‫ووصل عدد دور العرض يف الكويت العاصمة‬ ‫واملدن األخرى إىل ‪ 14‬داراً يف العام ‪.1989‬‬ ‫وعندما قام نظام صدام حسين باحتالل‬ ‫الكويت العام ‪ ،1990‬والذي انتهى ‪ ،1991‬تو ّقفت‬ ‫ك ّل دور العرض‪ ،‬وتع ّرض الكثري منها للدمار‪.‬‬ ‫ويف مرحلة إعادة البناء بعد احلرب‪ ،‬عادت دور‬ ‫العرض‪ ،‬وازداد عددها إىل ‪ 67‬داراً العام ‪2009‬‬ ‫لعدد السكان البالغ ‪ 4‬ماليني نسمة‪ ،‬وهو أكرب‬ ‫عدد من دور العرض يف دول الخليج العربي بعد‬ ‫اإلمارات‪.‬‬ ‫ويف ‪ 2009‬عرضت هذه الدور ‪ 300‬فيلم‪،‬‬ ‫من بينها ‪ 180‬من الواليات المتّ حدة‪ ،‬و‪ 95‬من‬ ‫الهند‪ ،‬و‪ 20‬من مصر‪ ،‬و‪ 5‬من دول أخرى‪ ،‬وكانت‬ ‫إيراداتها ‪ 20‬مليون دوالر أمريكي‪.‬‬ ‫ويعترب محمد حسين قبازرد أول سينمائي‬ ‫كوييت‪ ،‬حبيث ص ّور العام ‪ 1948‬مشاهد من‬ ‫الحياة في الكويت‪ ،‬ويف العام ‪ 1978‬أخرج فيلمه‬ ‫التسجيلي الكويت بين األمس واليوم الذي‬ ‫ض ّمنه تلك املشاهد مع أخرى من الكويت العام‬ ‫‪.1977‬‬

‫بدأ إنتاج األفالم يف الكويت مع إنشاء قسم‬ ‫السينما يف وزارة المعارف العام ‪ ،1950‬واستم ّر‬ ‫مع إنشاء قسم السينما يف وزارة الشؤون‬ ‫االجتماعية العام ‪ ،1959‬إذ ّمت يف القسمني‬ ‫ّ‬ ‫إنتاج ‪ 50‬فيلماً قصرياً من األفالم التعليمية‬ ‫والتسجيلية حتى العام ‪ .1960‬ومع إنشاء‬ ‫مؤسسات‬ ‫تلفزيون الدولة العام ‪ 1961‬كإحدى ّ‬ ‫وزارة اإلعالم‪ّ ،‬مت إدماج القسمني املذكورين يف‬ ‫التلفزيون‪ ،‬والذي استم ّر يف إنتاج األفالم‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن الكويت كانت أوىل‬ ‫املنارات الثقافية بني دول الخليج العربي‪ ،‬وتتمتّع‬ ‫بقدر كبري من احلريّات‪ ،‬والتط ّور والنهضة يف‬ ‫جماالت عديدة‪ ،‬إال أنها مل تشهد نهضة مماثلة‬ ‫يف السينما‪ ،‬فهناك العديد من املخرجني الذين‬ ‫درسوا السينما‪ ،‬ومل يت ّمكنوا من صنع أي فيلم‬ ‫على الرغم من مرور سنوات على خترجهم‪ ،‬مثل‬ ‫خليل قبازرد وعبدالله العامر النوري الّلذين‬ ‫درسا يف الواليات المتّ حدة‪ ،‬ونجم عبدالكريم‬ ‫وعبد المحسن الخلفان الّلذين درسا يف مصر‪،‬‬ ‫وسناء القمالس أول كويتية درست السينما يف‬ ‫الواليات المتّ حدة‪.‬‬ ‫ّمت يف الكويت حتى ‪ 2009‬إنتاج ‪ 10‬أفالم‬ ‫روائيّة طويلة أوهلا ساره إخراج المصري‬ ‫عبدالله بركات ‪ .1968‬أما أول فيلم كوييت‬ ‫روائي طويل ملخرج كوييت فكان بس يا بحر‬ ‫‪ 1971‬إخراج خالد الصديق الذي درس السينما‬ ‫يف الهند‪ .‬واليزال هذا الفيلم أهم األفالم‬ ‫ويعب بأسلوب واقعي‬ ‫الكويتية الروائيّة الطويلة‪ ،‬رّ‬ ‫جيّد عن احلياة يف الكويت قبل اكتشاف النفط‪،‬‬ ‫من خالل جمتمع صيادي األمساك والغواصني‬ ‫الباحثني عن اللؤلؤ‪.‬‬ ‫وّ‬ ‫مت يف الكويت حتى ‪ 2009‬إنتاج ‪100‬‬ ‫فيلم قصري‪ ،‬وكان أول فيلم العاصفة إخراج‬ ‫محمد ناصر السنعوسي الذي درس السينما‬ ‫والتلفزيون يف الواليات المتّ حدة‪ ،‬وأنتج الفيلم‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫الواليات املتحدة‬ ‫‪180‬‬

‫األفالم املعروضة يف الكويت حبسب البلد املنتج (‪)2009‬‬ ‫اهلند‬ ‫‪95‬‬

‫دول اخرى‬

‫مصر‬

‫‪5‬‬

‫‪20‬‬

‫الكويت‬ ‫‪0‬‬

‫‪%1‬‬ ‫‪%7‬‬

‫‪% 32‬‬ ‫‪% 60‬‬

‫واملعرفة‪ ،‬و‪ 10‬أفالم روائيّة قصرية أهمها‬ ‫إخراج مقداد الكوت‪ ،‬عن الزوج الذي ال جيد‬ ‫سعادته إال يف زواج املتعة‪ ،‬ومنديل إخراج هاني‬ ‫النصار‪ ،‬عن صيب يلقّب مبنديل يبيع املناديل‬ ‫ّ‬ ‫الورقيّة على األرصفة وعند إشارات املرور‪،‬‬ ‫وبقايا إنسانية إخراج طارق الزامل‪ ،‬عن أسري‬ ‫يعود من األسر بعد ‪ 12‬عاماً ليجد حبيبته‬ ‫تز ّوجت من عد ّوه‪.‬‬ ‫موز‬

‫اإلبداع‬

‫وأخرجه بعد خت ّرجه مباشرة العام ‪ .1965‬ومل‬ ‫يكن السنعوسي أ ّول خمرج لفيلم روائي يف‬ ‫الكويت ويف ك ّل دول اخلليج فقط‪ ،‬وإمنا قام‬ ‫أيضاً بدور كبري يف تط ّور التلفزيون‪ّ ،‬‬ ‫ونظم أول‬ ‫مهرجان للسينما والتلفزيون يف اخلليج العام‬ ‫‪ ،1980‬والذي عقد ثالث دورات آخرها العام‬ ‫‪.1984‬‬ ‫ومع محمد الرميحي وخالد الصديق‬ ‫والعامر‬ ‫أسس‬ ‫التميمي وبدر المضف وآخرين ّ‬ ‫ّ‬ ‫السنعوسي نادي الكويت للسينما يف العام‬ ‫‪ ،1976‬وكان أول نا ٍد من نوعه يف اخلليج‪ .‬وأصدر‬ ‫النادي مجلة سينما اليوم العام ‪ ،1981‬واليت‬ ‫صدر منها ثالثة أعداد حتى ‪ .1997‬واليزال‬ ‫نادي الكويت للسينما ميارس نشاطه حتى‬ ‫اآلن‪.‬‬ ‫ومن أهم األفالم الكويتية الروائيّة القصرية‬ ‫القرار ‪ 1984‬إخراج عامر الزهير‪ .‬وبعد حترير‬ ‫الكويت العام ‪ّ 1991‬مت إنتاج عدد من األفالم‬ ‫التسجيلية املت ّميزة مثل حرب الشوارع ‪،1992‬‬ ‫وهذا هو بيتي ‪ 1993‬إخراج عبدالمحسن‬ ‫حيات‪ ،‬ولحظة من الزمن ‪ ،1995‬وأحالم بال نوم‬ ‫‪ ،2002‬وعاصفة من الجنوب ‪ 2006‬إخراج وليد‬ ‫العوضي‪ ،‬والمهلب إخراج حبيب حسين ‪،1998‬‬ ‫وكارثتنا التزال حية ‪ ،2002‬وبطل كويتي‬ ‫‪ ،2004‬وفقدان أحمد ‪ 2006‬إخراج عبدالله‬ ‫بوشهري‪ ،‬وكلّهم درسوا السينما يف الواليات‬ ‫المتّ حدة‪ ،‬وسادة الصحراء ‪ ،1996‬والصحراء‬ ‫السمراء ‪ ،2002‬ونداء الصحراء ‪ 2004‬إخراج‬ ‫عبدالله المخيال‪ .‬ويف العام ‪ 2008‬أخرج عامر‬ ‫الزهير فيلمه التسجيلي عندما تكلم الشعب يف‬ ‫‪ 3‬أجزاء‪ ،‬عن تاريخ الكويت والصراع السياسي‬ ‫بني دعاة الدولة املدنية ودعاة الدولة الدينية‪.‬‬ ‫و ّمت يف الكويت العام ‪ 2009‬إنتاج الفيلم‬ ‫التشكيلي (التحريك) القصري مجرد إنسان‬ ‫إخراج عمر المصعب‪ ،‬يف ّ‬ ‫متجيد العقل اإلنساني‬

‫شكل رقم ‪9‬‬

‫‪483‬‬

‫لبنـان‪ :‬انطالقة الفتة منذ العام‬ ‫‪2001‬‬

‫أقيم العرض األول لـسينماتوغراف لوميير‬

‫يف باريس يوم ‪ 28‬ديسمرب ‪ ،1895‬وبعد شهور‬ ‫أرسلت شركة لوميير مصوريها لصنع أفالم‬ ‫عن بالد العامل املختلفة‪ ،‬وكان منها ‪ 56‬فيلماً‬ ‫يف ‪ 3‬بلدان عربية (‪ 12‬يف تونس و‪ 9‬يف الجزائر‬ ‫العام ‪ ،1896‬و‪ 35‬يف مصر العام ‪.)1897‬‬ ‫وقد عرضت هذه األفالم للم ّرة األوىل‬ ‫خالل عرضها األول يف افتتاح مهرجان بيروت‬ ‫السينمائي الدولي األول العام ‪ ،1963‬وكان أول‬ ‫مهرجان دولي للسينما يف الوطن العربي‪ .‬ومن‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 484‬للتنمية الثقافية‬

‫الالفت أن شركة لوميير مل تنتج أفالماً يف‬ ‫لبنان‪ ،‬ولكن بدأ إنشاء دور العرض العام ‪،1909‬‬ ‫وانتشرت يف العاصمة بيروت ومدن أخرى سواء‬ ‫قبل أم بعد االنتداب الفرنسي العام ‪،1920‬‬ ‫وصدر أ ّول قانون للرتخيص بعرض األفالم‬ ‫العام ‪.1926‬‬ ‫وبعدما استق ّل لبنان‪ ،‬وأصبح مجهوريّة‬ ‫العام ‪ ،1943‬ازداد عدد دور العرض‪ ،‬ومل يؤثّر‬ ‫التلفزيون الذي أُنشئ العام ‪ 1959‬على تزايدها‬ ‫حتى وصل عددها إىل ‪ 165‬داراً عشية احلرب‬ ‫األهلية اليت بدأت العام ‪ .1975‬وكان ‪ 70‬يف‬ ‫املائة من هذه الدور يعرض أفالماً أجنبية و‪30‬‬ ‫يف املائة يعرض أفالماً عربية أغلبها من مصر‪،‬‬ ‫وكان جمموع األفالم ‪ 400‬فيلم تو ّزعها ‪ 14‬شركة‬ ‫لألفالم األجنبية و‪ 14‬شركة لألفالم العربية‬ ‫و‪ 12‬شركة توزع األفالم العربية واألجنبية‪،‬‬ ‫وكانت شركات التوزيع متلك دور العرض‪.‬‬ ‫كانت القاهرة تنتج األفالم وبيروت تو ّزعها‬ ‫والوطن العربي يشاهدها‪ .‬ومل يكن التوزيع‬ ‫يعين استالم مادة جاهزة‪ ،‬وإمنا متويل نسبة‬ ‫شكل رقم ‪10‬‬ ‫الواليات املتحدة‬ ‫‪200‬‬

‫األفالم املعروضة يف لبنان حبسب البلد املنتج (‪)2009‬‬ ‫اهلند‬ ‫‪75‬‬

‫مصر‬ ‫‪20‬‬

‫دول اخرى‬ ‫‪5‬‬

‫لبنان‬ ‫‪5‬‬

‫‪%2 %2‬‬ ‫‪%6‬‬

‫‪% 25‬‬ ‫‪% 65‬‬

‫من تكاليف اإلنتاج قبل بدء التصوير‪ .‬ومل‬ ‫تكن شركات التوزيع الّلبنانية حيوية لألفالم‬ ‫املصرية فقط‪ ،‬وإمنا لألفالم األمريكية أيضاً‪.‬‬ ‫وعندما أُنشئ القطاع العام يف مصر العام‬ ‫‪ 1962‬انتقل إىل بيروت الكثري من السينمائيني‬ ‫املصريني‪ ،‬وحتى بداية احلرب كانت بيروت‬ ‫مركز الثقل األساسي يف صناعة السينما يف ك ّل‬ ‫الوطن العربي‪.‬‬ ‫بدأ مهرجان بيروت العام ‪ ،1963‬ويف العام‬ ‫‪ّ 1964‬مت إنشاء المركز الوطني للسينما‪ ،‬ويف‬ ‫العام نفسه أنشأت اليونيسكو مركز التنسيق‬ ‫العربي للسينما والتلفزيون يف بيروت‪ ،‬ووصل‬ ‫عدد ستديوهات ومعامل السينما إىل ‪ 7‬يف بلد‬ ‫مثل مصر‪ ،‬ومل تكن هناك معامل وال ستديوهات‬ ‫أخرى يف الوطن العربي غري معمل يف تونس‬ ‫وآخر يف المغرب‪.‬‬ ‫فقد لبنان السينما من بني ما فقد بسبب‬ ‫احلرب‪ ،‬وما إن انتهت احلرب "رمسياً" يف العام‬ ‫‪ ،1990‬حتى بدأ يستعيد السينما من بني ما‬ ‫يستعيد‪ ،‬ويف العام ‪ 2009‬بلغ عدد دور العرض‬ ‫‪ 92‬داراً لعدد السكان البالغ ‪ 4‬ماليني نسمة‪،‬‬ ‫وبلغت إيراداتها ‪ 12‬مليون دوالر أمريكي من‬ ‫عرض ‪ 305‬أفالم منها ‪ 200‬فيلم من الواليات‬ ‫المتّ حدة و‪ 75‬من الهند و‪ 20‬من مصر و‪ 5‬من‬ ‫حصة األفالم احمللية من‬ ‫دول أخرى‪ ،‬وكانت ّ‬ ‫السوق‪ ،‬وعددها ‪ 5‬أفالم ‪ 15‬يف املائة‪.‬‬ ‫ّمت يف لبنان إنتاج ‪ 300‬فيلم روائي طويل‬ ‫أوهلا مغامرات إلياس مبروك إخراج جوردانو‬ ‫بيدوتي العام ‪ 1929‬يف فرتة السينما الصامتة‪،‬‬ ‫وكان أول فيلم ناطق بين هياكل بعلبك إخراج‬ ‫جوليو دي لوكا العام ‪ .1934‬أما أ ّول فيلم‬ ‫ملخرج لبناني فكان بائعة الورد إخراج علي‬ ‫العريس (‪.)1965 - 1905‬‬ ‫بلغ عدد األفالم الّلبنانية ‪ 25‬فيلماً من ‪1929‬‬ ‫إىل ‪ ،1962‬و‪ 150‬فيلماً من ‪ 1962‬إىل ‪،1975‬‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫اإلبداع‬

‫و‪ 100‬فيلم من ‪ 1975‬إىل ‪ .2009‬وأه ّم األفالم‬ ‫الّلبنانية يف املرحلة األوىل إىل أين إخراج جورج‬ ‫نصر العام ‪ ،1957‬والذي يعترب األمنوذج الّلبناني‬ ‫للواقعية اإليطالية اجلديدة‪ ،‬وفيه يتناول فنان‬ ‫السينما الرائد ظاهرة هجرة الّلبنانيني بعمق‬ ‫وأصالة‪ .‬وكانت السينما الّلبنانية يف العام نفسه‬ ‫‪ 1957‬على موعد مع املغين واملمثل محمد سلمان‬ ‫(‪ )1997 - 1922‬عندما عرض الّلحن األول أول‬ ‫فيلم من إخراجه‪ .‬ومنذ ذلك احلني تتح ّرك‬ ‫السينما الّلبنانية بني تيار سينما املؤلّف الذي‬ ‫بدأه جورج نصر‪ ،‬وتيار السينما السائدة الذي‬ ‫بدأه محمد سلمان‪ ،‬والذي وصل إىل ذروته يف‬ ‫املرحلة الثانية‪ .‬وبينما أخرج نصر ‪ 3‬أفالم حتى‬ ‫اآلن‪ ،‬بلغ جمموع أفالم سلمان ‪ 39‬فيلماً أخرجها‬ ‫يف لبنان ومصر وسوريا‪.‬‬ ‫ومن أهم أفالم املرحلة الثانية األجنحة‬ ‫المتكسرة إخراج يوسف معلوف (‪)1972 - 1914‬‬ ‫العام ‪ 1964‬عن رواية جبران خليل جبران‬ ‫(‪ )1931 - 1883‬الذي يع ّد من أعالم األدب‬ ‫العاملي يف القرن العشرين‪ ،‬وكان أول أفالم فنانة‬ ‫املسرح والسينما الكبرية املمثلة نضال األشقر‪،‬‬ ‫وثالثية فيروز وهي من أعالم القرن يف الغناء‬ ‫بياع الخواتم إخراج يوسف شاهين (‪- 1926‬‬ ‫‪ )2008‬العام ‪ ،1965‬وسفر برلك ‪ ،1967‬وبنت‬ ‫الحارس ‪ 1968‬إخراج هنري بركات (‪- 1914‬‬ ‫‪ .)1997‬ومن أفالم املرحلة املميزة أيضاً سالم‬ ‫بعد الموت إخراج جورج شمشوم ‪ ،1971‬ومائة‬ ‫وجه ليوم واحد إخراج كرستيان غازي ‪.1972‬‬ ‫ويف العام نفسه ‪ 1975‬الذي بدأت فيه احلرب‬ ‫األهلية أخرج مارون بغدادي (‪)1993 - 1951‬‬ ‫أول أفالمه الروائيّة الطويلة بيروت يا بيروت‬ ‫الذي كتب حواره مع بول شاوول‪ ،‬وصوره يف ‪20‬‬ ‫يوماً مبيزانية ‪ 60‬ألف لرية ّ‬ ‫حمطماً ك ّل تقاليد‬ ‫اإلنتاج السائدة‪ ،‬وجاء من روائع السينما العربية‪،‬‬ ‫وإعالناً عن مولد فنان سينمائي من املواهب‬

‫الكربى يف السينما العربية والعاملية‪ ،‬ومن فنّاني‬ ‫عب‬ ‫ما بعد احلداثة بامتياز‪ .‬ويف هذا الفيلم رّ‬ ‫بغدادي عن رؤية شاملة جلذور احلرب اليت‬ ‫بدأت أثناء تصوير الفيلم‪ ،‬فاألحداث تدور العام‬ ‫‪ 1970‬عندما نشبت احلرب بني القوات األردنية‬ ‫عمان‪ ،‬وعقدت الق ّمة‬ ‫والقوات الفلسطينية يف ّ‬ ‫العربية يف القاهرة اليت انتهت بوفاة الرئيس‬ ‫المصري جمال عبدالناصر‪ ،‬وكانت هذه‬ ‫األحداث بداية تعريب الصراع يف املنطقة من‬ ‫الصراع بني العرب وإسرائيل إىل الصراع بني‬ ‫العرب والعرب‪.‬‬ ‫مل يتو ّقف إنتاج األفالم الّلبنانية أثناء‬ ‫احلرب‪ ،‬ففي الفرتة من ‪ 1975‬إىل ‪ّ 1990‬مت‬ ‫إنتاج ‪ 60‬فيلماً‪ ،‬ومن أهم هذه األفالم الملجأ‬ ‫إخراج رفيق حجار ‪ ،1980‬وبيروت اللقاء‬ ‫إخراج برهان علوية ‪ ،1981‬وحروب صغيرة‬ ‫إخراج مارون بغدادي ‪ 1982‬الذي عرض يف‬ ‫برنامج نظرة خاصة يف مهرجان كان‪ ،‬ولبنان‬ ‫رغم ّ‬ ‫كل شيء إخراج أندريه جدعون (‪1941‬‬ ‫ ‪ )1984‬العام ‪ ،1983‬وليلى والذئاب إخراج‬‫هيني سرور ‪ ،1984‬وغزل البنات إخراج‬ ‫جوسلين صعب ‪ 1985‬الذي عرض يف برنامج‬ ‫نصف شهر املخرجني يف مهرجان كان‪.‬‬ ‫وبدأت آثار احلرب بعد توقف القتال‬ ‫"رمسيّاً" العام ‪ ،1990‬ففي العقد األخري من‬ ‫القرن العشرين مل يت ّم إنتاج سوى ‪ 15‬فيلماً‪ ،‬ومن‬ ‫أهم هذه األفالم شاشات الرمال إخراج رندة‬ ‫الشهال ‪ 1991‬الذي عرض يف مسابقة مهرجان‬ ‫فينسيا‪ ،‬واإلعصار إخراج سمير حبشي ‪1992‬‬ ‫الذي درس السينما يف أوكرانيا‪ ،‬بينما درس‬ ‫ك ّل اآلخرين يف باريس وبروكسل‪ ،‬وآن األوان‬ ‫إخراج جان كلود قدسي ‪ ،1994‬وأشباح بريوت‬ ‫إخراج غسان سلهب ‪ ،1996‬وزينب والنهر‬ ‫إخراج كرستين دبغي ‪ ،1997‬وبيروت الغربية‬ ‫إخراج زياد دويري ‪ 1998‬الذي عرض يف‬

‫‪485‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 486‬للتنمية الثقافية‬

‫مهرجان كان‪ ،‬والبيت‬

‫نصف شهر املخرجني يف‬ ‫الزهر إخراج جوانا حاجي توما وخليل جريج‬ ‫‪ .1999‬ومن أفالم املهجر الفيلم الفرنسي خارج‬ ‫الحياة إخراج مارون بغدادي الذي فاز جبائزة‬ ‫جلنة التحكيم يف مهرجان كان ‪ ،1991‬وهي أول‬ ‫جائزة فاز بها خمرج لبناني يف أحد املهرجانات‬ ‫الكربى الدولية الثالث يف العامل (برلين وكان‬ ‫وفينسيا)‪ ،‬والفيلم السويدي الشيخة إخراج‬ ‫ليلى عساف‪ ،‬والفيلم الفرنسي رسالة نبيل‬ ‫إخراج شيال بركات‪ ،‬وكالهما العام ‪.1995‬‬ ‫ويف هذه األفالم‪ ،‬سواء الّلبنانية أم املشرتكة‬ ‫عب السينمائيون الّلبنانيون من‬ ‫أم املهجرية‪ ،‬رّ‬ ‫خمتلف األجيال اليت عاصرت احلرب يف صباها‬ ‫أو شبابها عن خمتلف جوانب هذه احلرب‪،‬‬ ‫وبأساليب متن ّوعة‪ ،‬ووجهات نظر شتى‪ ،‬ولكنها‬ ‫وجهات نظر لبنانية وطنية ترفض احلرب‬ ‫والطائفية وحتويل لبنان إىل ساحة ملعارك‬ ‫اآلخرين‪ .‬ومتثّل هذه األفالم صفحة جميدة من‬ ‫صفحات اإلبداع الّلبناني‪.‬‬ ‫ومن املنطقي أن تظ ّل حرب الـ‪ 15‬عاماً‪،‬‬ ‫مثل أ ّي أحداث كربى مؤثّرة يف تاريخ أ ّي بلد‬ ‫وأ ّي منطقة‪ ،‬موضوعاً للعديد من األفالم‪،‬‬ ‫وغريها من الفنون واآلداب‪ ،‬وخصوصاً أن‬ ‫اخلامتة السياسية للحرب مل توضع بعد‪ .‬بل‬ ‫إن األفالم الّلبنانية يف العقد األول من القرن‬ ‫احلادي والعشرين وبوصفها أفالم ما بعد‬ ‫احلرب‪ ،‬واكبت اغتياالت العام ‪ 2005‬اليت‬ ‫طالت عدداً من كبار السياسيني والكتّاب الذين‬ ‫يدافعون عن حريّة لبنان ويسعون إلعادة بناء‬ ‫الدولة واجملتمع‪ ،‬ثم حرب ‪ 2006‬بني حزب الله‬ ‫وإسرائيل‪ ،‬وهي احلرب اليت د ّمرت الكثري‪،‬‬ ‫وع ّوقت مشروع إعادة البناء‪.‬‬ ‫وأهم أفالم العقد طيف المدينة إخراج‬ ‫جان شمعون ‪ ،2000‬وأرض مجهولة إخراج‬ ‫غسان سلهب ‪ 2002‬الذي عرض يف تظاهرة‬

‫"نظرة خاصة" يف مهرجان كان‪ ،‬وملا‬ ‫مريم إخراج أسد فوالدكار الذي يعترب من‬ ‫حتف السينما الّلبنانية‪ ،‬وطائرة من ورق إخراج‬ ‫رندة الشهال ‪ 2003‬الذي عرض يف مسابقة‬ ‫مهرجان فينسيا‪ ،‬وحقّق ثاني جائزة للسينما‬ ‫الّلبنانية يف أحد املهرجانات الكربى الثالثة بعد‬ ‫اجلائزة اليت فاز بها مارون بغدادي‪ ،‬عندما‬ ‫فاز جبائزة لجنة التحكيم الخاصة (األسد‬ ‫الفضي)‪.‬‬ ‫ويف ‪ 2004‬عرض يف نصف شهر املخرجني‬ ‫يف مهرجان كان معارك حب إخراج دانييل‬ ‫عربيد‪ ،‬وشهد العام واسطة العقد بداية ما‬ ‫ميكن اعتباره سينما ما بعد احلرب مع فيلم‬ ‫بوسطة إخراج فيليب عرقتنجي الذي عرض‬ ‫العام ‪ ،2006‬وجاء فيلماً موسيقياً بديعاً ال يقطع‬ ‫مع السينما السائدة‪ ،‬وال خيضع لتقاليدها يف‬ ‫الوقت نفسه‪ ،‬وقد شاهده ‪ 140‬ألف متف ّرج‪ ،‬كما‬ ‫كان أول فيلم لبناني يعرض يف مصر منذ عقود‪.‬‬ ‫وتأكد اجتاه سينما ما بعد احلرب العام ‪2006‬‬ ‫يف إنه ليس فيلم ًا إخراج شادي زين الدين‪،‬‬ ‫كمون‪ ،‬وهما من مؤلفي‬ ‫وفالفل إخراج ميشيل ّ‬ ‫السينما املتميّزين‪.‬‬ ‫ويف ‪ 2007‬عرض خالل "نصف شهر‬ ‫المخرجين" يف مهرجان كان فيلم سكّ ر بنات‬ ‫إخراج نادين لبكي‪ ،‬والذي أعلن مولد خمرجة‬ ‫سينمائية كبرية ذات موهبة أصيلة وقدرة فنية‬ ‫عالية‪ ،‬وهي ليست خمرجة موهوبة فقط‪،‬‬ ‫وإمنا أيضاً كاتبة سيناريو وممثّلة من الطراز‬ ‫عبت عن رؤية عميقة للواقع االجتماعي‬ ‫األول‪ ،‬رّ‬ ‫بأسلوب ينتمي إىل الواقعية الشعرية احلديثة‪،‬‬ ‫ويصنع مجهوره من الشباب العصري الذي‬ ‫يعيش وسط ماليني الصور‪ .‬وقد شاهد الفيلم‬ ‫عند عرضه يف لبنان ‪ 250‬ألف متف ّرج‪ ،‬وهو أكرب‬ ‫عدد من املشاهدين لفيلم لبناني‪ ،‬وإن مل يتفوق‬ ‫على غنوجة ّبيا إخراج فيليب حبيب الذي‬ ‫حكيت‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫اإلبداع‬

‫شاهده ‪ 300‬ألف مؤ ّكداً أن السينما السائدة‬ ‫تظ ّل األكثر جذباً للجمهور‪.‬‬ ‫ومن أفالم ‪ 2007‬املت ّميزة تحت القصف‬ ‫إخراج فيليب عرقتنجي الذي عرض يف برنامج‬ ‫أيام فينسيا يف مهرجان فينسيا‪ ،‬وكان أ ّول فيلم‬ ‫عن حرب ‪ ،2006‬وخلص إخراج برهان علوية‪،‬‬ ‫ورجل ضائع إخراج دانييل عربيد الذي عرض‬ ‫يف "نصف شهر المخرجين" مع سكر بنات‪،‬‬ ‫ومتيز بتحطيم حمرمات السينما العربية‪ ،‬ولكن‬ ‫على حنو يقطع مع مجهورها متاماً‪ .‬ويف ‪2008‬‬ ‫عرض يف نظرة خاصة يف مهرجان كان الفيلم‬ ‫الثاني عن حرب ‪ 2006‬بدي شوف إخراج جوانا‬ ‫حاجي توما وخليل جريج‪ ،‬ودخان بال نار‬ ‫إخراج سمير حبشي والذي يتميّز جبرأته يف‬ ‫تناول العالقة املر ّكبة بني لبنان وسوريا وأزمة‬ ‫احلريات يف الوطن العربي‪ ،‬وعرض يف مهرجان‬ ‫أبوظبي‪ .‬ولكن هامش احلريّة النسيب يف لبنان‬ ‫مل يصل إىل درجة استمرار عرض النجدة‬ ‫إخراج مارك أبي راشد الذي منعته الرقابة بعد‬ ‫‪ 4‬أيام من عرضه يف ‪ 5‬من دور العرض‪ ،‬فالفيلم‬ ‫عن عاهرة تعيش مع صديقها املثلي جنسياً‪.‬‬ ‫ويف املهجر ّ‬ ‫مت يف كندا إنتاج من نافذتي‬ ‫بدون منزل إخراج ماريان زحيل ‪،2004‬‬ ‫معوض ‪ ،2005‬ويف‬ ‫والشاطئ إخراج وجدي‬ ‫ّ‬ ‫السويد زوزو إخراج جوزيف فارس ‪2005‬‬ ‫الذي حقّق جناحاً كبرياً يف السويد والعامل‪،‬‬ ‫واختري لتمثيل السينما السويدية يف مسابقة‬ ‫أوسكار أحسن فيلم أجنبي العام ‪ .2006‬وفيه‬ ‫يعب املخرج املوهوب عن صباه يف لبنان أثناء‬ ‫رّ‬ ‫احلرب‪ ،‬ويف فيلمه التالي ليو ‪ 2008‬يواصل‬ ‫التعبري عن سريته وهو يف الثالثني من عمره‪،‬‬ ‫وميثّل الدور الرئيسي بنفسه‪.‬‬ ‫وإذا كانت األفالم الروائيّة الطويلة‬ ‫عبت عن احلرب‪ ،‬فقد قامت األفالم‬ ‫قد رّ‬ ‫التسجيلية الطويلة والقصرية بتوثيقها يف صفحة‬

‫أخرى جميدة من صفحات الف ّن السينمائي يف‬ ‫لبنان‪ ،‬وخصوصاً يف أفالم جوسلين صعب من‬ ‫لبنان في الدوامة ‪ ،1976‬وأفالمها الـخمسة‬ ‫األخر عن املوضوع نفسه‪ ،‬واليت جعلتها املؤ ّرخة‬ ‫السينمائية لتلك احلرب‪.‬‬ ‫شهد لبنان يف العقدين املاضيني منذ ‪1990‬‬ ‫أقوى حركة من حركات السينما املستقلة‬ ‫يف الوطن العربي وأه ّمها‪ ،‬واليت قامت على‬ ‫التط ّور اهلائل لكامريات الفيديو يف إطار الثورة‬ ‫التكنولوجية العاملية‪ .‬وتتجلّى أهمية هذه احلركة‬ ‫وقوتها يف األفالم التسجيلية والطويلة منها‬ ‫بصفة خاصة مثل أفالم محمد سويد غياب‬ ‫‪ ،1991‬وسينما الفؤاد ‪ ،1993‬وتانجو األمل‬ ‫‪ ،1998‬واألول عن الموت‪ ،‬والثاني والثالث عن‬ ‫موت السينما‪ ،‬ولبنان قطعة قطعة إخراج‬ ‫أولغا نقاش‪ ،‬وبيني وبينك بيروت إخراج ديما‬ ‫الجندي ‪ ،1995‬ومخطوفون إخراج بهيج‬ ‫حجيج ‪.1998‬‬ ‫وكان العام ‪ 2001‬نقطة حت ّول يف تاريخ‬ ‫تأسست‬ ‫حركة السينما املستقلة يف لبنان عندما ّ‬ ‫مؤسسيها هانيا‬ ‫مجعية بيروت دي سي‪ ،‬وأبرز ّ‬ ‫مروة وإليان الراهب اليت درست السينما يف‬ ‫ّ‬ ‫لبنان‪ ،‬وأخرجت العديد من األفالم التسجيلية‬ ‫املتميّزة أحدثها هيدا لبنان ‪ 2008‬عن لبنان‬ ‫الذي يعاني الطائفية من خالل سريتها الذاتية‪.‬‬ ‫ويف عام التأسيس نفسه بدأت بيروت دي سي‬ ‫إقامة مهرجان أيام بيروت السينمائية لألفالم‬ ‫العربية‪ ،‬وهو أه ّم مهرجانات السينما املستقلّة‬ ‫يف الوطن العربي‪ .‬ويف العام ‪ 2001‬بدأ مهرجان‬ ‫الفيلم الّلبناني أو نما في بيروت‪ ،‬ويتكامل‬ ‫املهرجان الوطين والعربي مع مهرجان بيروت‬ ‫الدولي الذي بدأ ‪ ،1997‬ومهرجان بيروت‬ ‫الدولي لألفالم التسجيلية الذي بدأ ‪.1999‬‬ ‫مؤسسة سينما لبنان‬ ‫وشهد العام ‪ 2003‬تأسيس ّ‬ ‫اليت ترأسها إيمييه بولوس‪ ،‬واليت تشرتك يف‬

‫‪487‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 488‬للتنمية الثقافية‬

‫أهم األفالم الّلبنانية الروائية‬ ‫الطويلة في العام ‪ :2009‬ك ّل يوم عيد‬ ‫إخراج ديما الح ّر وقد عرض في مهرجان‬ ‫تورنتو‪ ،‬عن ثالث نساء يلتقين في سيارة‬ ‫أجرة تتجه من بيروت إلى سجن في‬ ‫الصحراء‪ ،‬إحداهن تزور زوجها الذي‬ ‫دخل السجن ليلة زفافهما‪ ،‬والثانية تريد‬ ‫توقيع زوجها على ورقة الطالق‪ ،‬والثالثة‬ ‫تريد تسليم زوجها الحارس في السجن‬ ‫سالحه الذي نسيه في المنزل‪..‬‬

‫سوق مهرجان كان منذ العام ‪ ،2005‬وتقوم بدعم‬ ‫توزيع األفالم الّلبنانية وتروجيها‪.‬‬ ‫ويبلغ عدد األفالم القصرية املستقلة‬ ‫الروائيّة والتسجيلية والتشكيلية (التحريك)‬ ‫منذ ‪ 2000‬أكثر من ‪ 30‬فيلماً يف السنة‪ ،‬وتشمل‬ ‫أفالم الطلبة حيث تقوم أربع جامعات لبنانية‬ ‫بتدريس السينما‪ ،‬ويتخ ّرج ك ّل سنة عشرات‬ ‫من الشباب الذين يصنعون مستقبل السينما‬ ‫مما مييّز حركة السينما املستقلّة‬ ‫الّلبنانية‪ .‬و ّ‬ ‫يف لبنان أنها صنعت نقّادها الذين يتابعونها‬ ‫بالتوثيق والتحليل‪ ،‬وليس مثل احلركة املماثلة‬ ‫يف مصر مث ً‬ ‫ال‪ ،‬ومن أه ّم هؤالء النقّاد نديم‬ ‫جرجورة وريما المسمار وفيكي حبيب وفاهية‬ ‫حباكشيان‪.‬‬ ‫وأهم األفالم الّلبنانية الروائيّة الطويلة‬ ‫العام ‪ّ 2009‬‬ ‫كل يوم عيد إخراج ديما الحر‬ ‫الذي عرض يف مهرجان تورونتو‪ ،‬عن ثالث‬ ‫نساء يلتقني يف سيارة تتّجه من بريوت إىل‬ ‫سجن يف الصحراء‪ .‬إحداهن تزور زوجها الذي‬ ‫دخل السجن ليلة زفافهما‪ ،‬والثانية تريد توقيع‬ ‫زوجها على ورقة الطالق‪ ،‬والثالثة تريد تسليم‬ ‫زوجها احلارس يف السجن سالحه الذي نسيه‬ ‫يف املنزل‪.‬‬ ‫ومن التجارب الفنية الالفتة ما الذي يجري‬ ‫يعب عن‬ ‫هناك؟ إخراج جوسلين صعب الذي رّ‬ ‫خالصة خربتها يف الف ّن واحلياة‪ ،‬والذي كتبته‬ ‫مع الشاعرة جمانة حداد‪ .‬مت ّرد كامل وصفاء‬ ‫مطلق وحريّة ال مثيل هلا يف التعبري عن احلقيقة‬ ‫واخليال والصدق والكذب من خالل تداعيات‬ ‫كاتب يكتب رواية عن امرأة‪ .‬قصة حب من‬ ‫غري حب‪ ،‬وشهوة من غري جنس‪ .‬والفيلم من‬ ‫ناحية أخرى وثيقة شاملة عن مجال عمارة‬ ‫بيروت اليت جتمع بني العصور املختلفة‪ ،‬وعن‬ ‫مجال الطبيعة يف لبنان من البحر إىل اجلبل‪،‬‬ ‫ومن املدن إىل القرى‪ .‬إنه قصيدة من الشعر‬

‫السينمائي ما بعد احلداثي يف شكل لبناني‪.‬‬ ‫وأهم األفالم التسجيلية الطويلة كانت‬ ‫حكاية إخراج ريما الرحباني عن والدتها‬ ‫فيروز واألخوين رحباني ودورهم الكبري يف‬ ‫تطوير املوسيقى العربية‪ ،‬وشو صار إخراج‬ ‫ديغول عيد‪ ،‬عن مصرع والدته وشقيقه أثناء‬ ‫احلرب العام ‪ ،1980‬وأم‪ ،‬لبنان‪ ،‬وأنا إخراج أولغا‬ ‫نقاش عن والدتها املريضة من ‪ 15‬سنة ولبنان‬ ‫الباحث عن االستقرار في تلك السنوات‪ ،‬ودرس‬ ‫في التاريخ إخراج هادي زكاك‪ ،‬عن تاريخ‬ ‫لبنان منذ االستقالل‪ ،‬ويمكن جرحه إخراج‬ ‫رين متري‪ ،‬عن يومياته من ‪ 2006‬إىل ‪،2008‬‬ ‫وحماوراته مع أصدقائه الذين قرروا اهلجرة‪،‬‬ ‫والذين قرروا البقاء‪ ،‬و‪ 12‬لبناني ًا غاضب ًا إخراج‬ ‫زينة دكاش عن جتربتها املسرحية اخلاصة مع‬ ‫نزالء سجن رومية يف لبنان‪.‬‬ ‫ومن األفالم التسجيلية الطويلة يف املهجر‬ ‫الفيلم الفرنسي تلك البالد التي تشبهك‬ ‫إخراج مايا عبد‪ ،‬عن حياتها منذ ولدت يف‬ ‫لبنان وهاجرت إىل فرنسا‪ ،‬وعلى الرغم من‬ ‫مرور السنني التزال تبحث عن لبنان الذي‬ ‫حتبّه وتهرب منه‪.‬‬ ‫ويربز من األفالم التسجيلية القصرية‬ ‫‪ 2009‬حكم مبرم إخراج ليا بندلي‪ ،‬عن شابة‬ ‫تع ّد حبثاً عن عقوبة اإلعدام‪ ،‬وتفحص قضيّة‬ ‫الّلبناني يوسف شعبان الذي اتهم باغتيال‬ ‫ديبلوماسي أردني العام ‪ ،1994‬وحكم عليه‬ ‫باإلعدام‪ ،‬ثم خفّف احلكم إىل السجن املؤبّد‪،‬‬ ‫ويف أثناء وجوده يف السجن تظهر أدلّة تؤ ّكد‬ ‫أنه أتهم ظلماً وال عالقة له باجلرمية‪ ،‬وثقافة‬ ‫الموت إخراج فرح شاعر عن املوت يف األديان‬ ‫والعقائد املختلفة‪ ،‬وجالبيبهن إخراج مريم‬ ‫ترحيني‪ ،‬عن حجاب املسلمات وبعض جتارب‬ ‫احمل ّجبات‪.‬‬ ‫ومن األفالم الروائيّة القصرية املتميّزة‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫ليبيا‪ :‬إنتاج سينمائي قليل‬

‫العرض السينمائي األول يف ليبيا جرى مع‬ ‫إنشاء أول دار عرض باسم سينماتوغراف باب‬ ‫البحر يف العاصمة طرابلس العام ‪ ،1908‬ويف‬ ‫العام ‪ 1911‬قامت إيطاليا باحتالل ليبيا‪.‬‬ ‫يف ظ ّل االحتالل الذي استم ّر ‪ 40‬عاماً حتى‬ ‫العام ‪ 1951‬حني أصبحت ليبيا مملكة مستقلّة‪،‬‬ ‫وصل عدد دور العرض العام ‪ 1950‬إىل ‪ 24‬داراً‪،‬‬ ‫وكانت أغلب األفالم اليت تعرض فيها إيطالية‬ ‫خمصصة لألجانب‪ ،‬وأقلّها‬ ‫يف دور عرض ّ‬

‫اإلبداع‬

‫حمص إخراج كلود الخال عن خمرج شاب‬ ‫يبحث عن متويل لفيلمه‪ ،‬والطاحونة إخراج‬ ‫رامي كوديه‪ ،‬عن أبناء العم املختلفني يف ك ّل‬ ‫شيء‪ ،‬وفي دمائهم إخراج كاتيا جرجورة‪،‬‬ ‫عن أب حياول إقناع ابنه بالكف عن محل‬ ‫السالح‪ ،‬و ّ‬ ‫توقف الحياة إخراج نادية واكيم‪،‬‬ ‫عن حياة وأفكار قناص حمرتف‪ ،‬ومرآة قذرة‬ ‫إخراج ميرنا مونايار‪ ،‬عن جمموعة فتيات‬ ‫يلتقني داخل محام‪ .‬ومن أفالم املهجر الفيلم‬ ‫الفرنسي كليشيهات إخراج نادين ناعوس‪ ،‬عن‬ ‫امرأة يف بالد أجنبية تبحث عن ح ّريتها‪ ،‬ومتثّل‬ ‫الدور يف الفيلم الذي ال يتجاوز ‪ 8‬دقائق املمثلة‬ ‫الفلسطينية الكبرية هيام عباس‪.‬‬ ‫وأهم أفالم الطلبة ‪ 2009‬األفالم التسجيلية‬ ‫القصرية زهرة المنسية إخراج رهام عاضي‪،‬‬ ‫عن فالحة تعيش يف انتظار دائم‪ ،‬وعروس‬ ‫الجنوب إخراج نيرمين‬ ‫حداد‪ ،‬عن فتاة‬ ‫ّ‬ ‫مسيحية لبنانية يف جنوب لبنان‪ ،‬وكان يا مكان‬ ‫شيا‪ ،‬عن احلروب املستم ّرة يف‬ ‫إخراج فرح ّ‬ ‫بيروت‪ ،‬وهل تصبح السينما هي الوسيلة للحفاظ‬ ‫على ذاكرة املدينة‪ .‬ومن أفالم الطلبة يف املهجر‬ ‫الفيلم األسرتالي مركبات الذاكرة إخراج نورا‬ ‫نيازاري‪ ،‬عن ذاكرة بيروت عرب جولة يف سيارة‬ ‫تاكسي‪.‬‬ ‫ ‬

‫خمصصة للمواطنني‪.‬‬ ‫مصرية يف دور عرض ّ‬ ‫وبعد االستقالل وصل عدد دور العرض‬ ‫إىل ‪ 56‬داراً العام ‪ ،1968‬وظلّت أغلب األفالم‬ ‫إيطالية ومصرية إىل جانب بعض األفالم‬ ‫األميركية واألوروبية‪ .‬وبعد "ثورة" اجليش‬ ‫العام ‪ ،1969‬وإعالن اجلمهورية‪ ،‬وصل عدد دور‬ ‫العرض يف العام ‪ 1968‬إىل ‪ 98‬داراً‪.‬‬ ‫بدأ التلفزيون يف ليبيا العام ‪ ،1968‬ولكنه‬ ‫مل يؤثّر على دور العرض‪ ،‬ولكن تأثري تداول‬ ‫األفالم على شرائط الفيديو كان كبرياً‪،‬‬ ‫واخنفض عدد دور العرض إىل ‪ 39‬داراً العام‬ ‫‪ .1990‬وكان تأثري الفضائيات التلفزيونية أكرب‬ ‫من تأثري الفيديو يف السنوات العشرين التالية‪،‬‬ ‫فوصل عدد دور العرض العام ‪ 2009‬إىل ‪10‬‬ ‫دور لعدد السكان البالغ حنو ‪ 6‬ماليني نسمة‪،‬‬ ‫و ّمت يف هذه السنة عرض ‪ 40‬فيلماً من األفالم‬ ‫األميركية والهندية والمصرية بلغت إيراداتها‬ ‫أكثر من ‪ 3‬ماليني دوالر أمريكي‪.‬‬ ‫يف فرتة االحتالل اإليطالي ّمت إنتاج عشرات‬ ‫األفالم اإليطالية التسجيلية القصرية عن ليبيا‪،‬‬ ‫وبعد االستقالل أُنشئ قسم السينما يف وزارة‬ ‫اإلعالم واإلرشاد القومي العام ‪ ،1959‬وأنتج‬ ‫هذا القسم جريدة السينما الناطقة يف الوقت‬ ‫نفسه الذي كان فيه المركز الثقافي األميركي‬ ‫ينتج جريدة سينمائية باسم ليبيا اليوم‪ .‬كما‬ ‫أنتج قسم السينما حواىل ‪ 50‬فيلماً تسجيلياً‬ ‫قصرياً من ‪ 1963‬إىل ‪ 1968‬كان أوهلا فجر‬ ‫ليبيا الجديد إخراج محمد علي الفرجاني‬ ‫(‪ )1929-1992‬العام ‪ ،1963‬وهو رائد السينما‬ ‫الليبية‪ ،‬ويبلغ عدد أفالمه التسجيلية القصرية‬ ‫‪ 15‬فيلماً حتى ‪ ،1976‬كما حاول يف العام نفسه‬ ‫إخراج أول فيلم روائي قصري بعنوان صائد‬ ‫الحوت‪ ،‬ولكن الفيلم مل يتم‪.‬‬ ‫وبعد الثورة العام ‪ّ 1969‬مت إنتاج أول فيلم‬ ‫لييب روائي طويل العام ‪ 1973‬بعنوان عندما‬

‫‪489‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 490‬للتنمية الثقافية‬

‫يقسو القدر إخراج‬ ‫‪ .1973‬ويف العام نفسه أنشأت الدولة‬ ‫المؤسسة‬ ‫ّ‬ ‫العامة للخيالة اليت حت ّولت إىل شركة العام‬ ‫املؤسسة ثم الشركة بإنتاج جريدة‬ ‫‪ .1979‬وقامت ّ‬ ‫سينمائية‪ ،‬وجملة سينمائية‪ ،‬وأكثر من ‪ 400‬فيلم‬ ‫قصري حتى العام ‪ 1990‬ملخرجني من ليبيا‬ ‫والوطن العربي‪ ،‬أغلبها من األفالم التسجيلية‪،‬‬ ‫وأغلبها من أفالم الدعاية السياسية‪.‬‬ ‫املؤسسة يف متويل بعض األفالم‬ ‫وأسهمت ّ‬ ‫العربية ملخرجني عرب كان أهمها الفيلم التونسي‬ ‫السفراء إخراج ناصر القطاري العام ‪.1976‬‬ ‫كما أسهمت بعدما حت ّولت إىل شركة يف متويل‬ ‫الفيلم األميركي أسد الصحراء ‪ 1980‬إخراج‬ ‫السوري مصطفى العقاد (‪ ،)2005 - 1930‬وهو‬ ‫أهم فيلم أُنتج عن تاريخ ليبيا احلديث ومقاومة‬ ‫االحتالل اإليطالي من خالل حياة قائد املقاومة‬ ‫ض ّد االحتالل عمر المختار (‪،)1931 - 1862‬‬ ‫والذي ُمنع من العرض يف إيطاليا‪ ،‬ومل يسمح‬ ‫بعرضه إال العام ‪.2009‬‬ ‫املؤسسة بتأسيس نادي السينما‬ ‫وقامت ّ‬ ‫العام ‪ ،1974‬ودعم إنشاء مجعية هواة السينما‬ ‫العام ‪ ،1976‬وأصدرت الشركة جملة فصليّة‬ ‫للسينما العام ‪ 1987‬باسم الفن السابع رأس‬ ‫حتريرها رمضان سليم‪ ،‬وهو من أهم ر ّواد‬ ‫الثقافة السينمائية يف ليبيا‪ .‬ويف العام نفسه ّمت‬ ‫إنشاء قسم السينما يف مركز الفنون الجميلة‬ ‫والتطبيقية يف جامعة الفاتح يف طرابلس‪ .‬وقد‬ ‫تعثّرت مجلة الفن السابع‪ ،‬وتو ّقفت يف العام‬ ‫‪.1998‬‬ ‫ّمت إنتاج ‪ 10‬أفالم ليبية روائيّة طويلة من‬ ‫العام ‪ 1973‬إىل العام ‪ 1998‬منها ‪ 5‬أفالم‬ ‫إخراج عبدالله الزروق خمرج الفيلم األول‬ ‫العام ‪ ،1973‬واألفالم األربعة اليت أنتجت من‬ ‫‪ 1992‬إىل ‪.1998‬‬ ‫ويعترب الشظية ‪ ،1985‬أول وآخر فيلم روائي‬ ‫عبدالله الزروق‬

‫العام‬

‫طويل أخرجه محمد علي الفرجاني‪ ،‬أهم فيلم‬ ‫لييب‪ ،‬وهو الفيلم الوحيد حتى اآلن الذي أنتج‬ ‫عن قصة للكاتب الروائي الّلييب الكبري إبراهيم‬ ‫الكوني‪ .‬ويف هذا الفيلم يلتقي احلطاب الطيب‬ ‫سامل يف الصحراء مع القاتل اهلارب البهلول‪،‬‬ ‫ومن خالل العودة إىل املاضي ندرك أن سامل‬ ‫يربّي أوالده الثالثة بعدما فقد زوجته يف انفجار‬ ‫لغم من ألغام احلرب العاملية الثانية اليت التزال‬ ‫مدفونة يف الصحراء بني مصر وليبيا‪ .‬وعلى‬ ‫الرغم من أن البهلول حياول سرقة ناقة سامل‬ ‫إال أنه ينبّهه إىل حقل ألغام‪ ،‬فيشعر البهلول‬ ‫بالذنب‪ .‬ويقاوم كالهما ذئاب الصحراء‪،‬‬ ‫ولكنهما ميوتان يف حقل ألغام‪ ،‬بينما تعود الناقة‬ ‫اليت تصارعا عليها إىل مق ّر القبيلة ألنها تعرف‬ ‫الطريق من دون دليل‪.‬‬ ‫يف املهجر يف بريطانيا يعيش السينمائي‬ ‫الّلييب محمد مخلوف الذي بدأ حياته العملية‬ ‫هناك صحافياً ومص ّوراً فوتوغرافياً‪ ،‬ثم درس‬ ‫السينما‪ ،‬ومع بداية ثورة كامريات الفيديو‬ ‫العام ‪ 1990‬بدأ ينتج وخيرج أفالماً تسجيلية‬ ‫مستقلّة أوهلا اسمي بشر ًا ‪ ،1994‬عن الوزير‬ ‫الّلييب السابق واملعارض منصور الكيخيا الذي‬ ‫اختفى يف القاهرة آنذاك‪ ،‬ومل يعرف مصريه‬ ‫عب‬ ‫حتى اآلن‪ ،‬وأحدثها القفص ‪ 2005‬الذي رّ‬ ‫فيه باألبيض واألسود‪ ،‬ومن خالل تسجيالت‬ ‫تليفونه اخلاص اليت احتفظ بها‪ ،‬عن ذكريات‬ ‫‪ 30‬عاماً يف املهجر‪ ،‬وكيف م ّرت ثالثة عقود‪،‬‬ ‫ومع ذلك اليزال يشعر أنه يف وضع مؤ ّقت‪ ،‬ويف‬ ‫انتظار العودة إىل بالده‪.‬‬ ‫وقام محمد مخلوف بدور كبري يف دعم‬ ‫حركة األفالم املستقلة يف خمتلف الدول العربية‪،‬‬ ‫وامتداداتها يف أفالم العرب يف املهجر‪ ،‬واملنفى‬ ‫العراقي‪ ،‬والشتات الفلسطيين‪ ،‬عندما ّ‬ ‫نظم يف‬ ‫لندن أول مهرجان لألفالم العربية املستقلة‬ ‫العام ‪ ،1999‬وكان مبثابة بانوراما ألغلب ما‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫أنتج يف عشر سنوات‪ .‬وكان مخلوف أيضاً وراء‬ ‫أول مهرجان لألفالم العربية املستقلة يقام يف‬ ‫الوطن العربي عندما ّ‬ ‫نظم مهرجان الدوحة‬ ‫لألفالم المستقلة العام ‪ .2001‬ومثل مهرجان‬ ‫دمشق ألفالم المخرجين الشباب العرب العام‬ ‫‪ ،1972‬مل تنعقد دورة ثانية لمهرجان لندن أو‬ ‫مهرجان الدوحة‪ .‬ولكن املهرجانات الثالثة‬ ‫متثّل حمطات رئيسيّة يف تاريخ السينما العربية‪.‬‬ ‫ّمت يف ليبيا العام ‪ 2009‬إنتاج عدد قليل من‬ ‫األفالم القصرية منها الفيلم التسجيلي الهجرة‬ ‫إلى المجهول إخراج عبد الجليل دومة من‬ ‫إنتاج قناة التواصل الّليبية‪ ،‬عن مشكلة اهلجرة‬ ‫غري الشرعية للعرب واألفارقة عرب ليبيا إىل‬ ‫إيطاليا ودول أوروبا األخرى‪.‬‬ ‫ ‬ ‫مصر‪ :‬فعاليات سينمائية تطبع‬ ‫العام ‪2009‬‬

‫عرفت مصر عروض سينماتوغراف لوميير‬

‫للم ّرة األوىل يف بورصة طوسون يف اإلسكندرية‬

‫اإلبداع‬

‫يوم ‪ 15‬تشرين الثاني‪/‬نوفمرب ‪ ،1896‬ثم يف‬ ‫العاصمة القاهرة يوم ‪ 28‬تشرين الثاني‪/‬نوفمرب‪،‬‬ ‫وذلك بعد أق ّل من سنة من أول عرض يف العامل‬ ‫يف باريس يوم ‪ 28‬كانون األول‪/‬ديسمرب ‪.1895‬‬ ‫ويف العام ‪ 1897‬أنشأت أول دار لعرض األفالم‬ ‫يف اإلسكندرية باسم سينماتوجراف لوميير‪،‬‬ ‫ووصل عدد دور العرض مع نهاية عصر األفالم‬ ‫الصامتة إىل ‪ 86‬داراً العام ‪ .1926‬وكانت مصر‬ ‫يف عهد حكم أسرة محمد علي منذ العام ‪،1805‬‬ ‫والذي انتهى مع قيام "ثورة اجليش" العام‬ ‫‪ ،1952‬وإعالن اجلمهورية العام ‪.1953‬‬ ‫ازداد عدد دور العرض مع ظهور األفالم‬ ‫الناطقة‪ ،‬ووصل إىل ‪ 395‬داراً يف العام ‪.1958‬‬ ‫وبعد إنشاء التلفزيون يف العام ‪ ،1960‬وإنشاء‬ ‫القطاع العام في السينما العام ‪ ،1962‬بدأ عدد‬ ‫دور العرض يف االخنفاض‪ ،‬ووصل إىل ‪ 297‬داراً‬

‫العام ‪ ،1965‬ثم إىل ‪ 141‬العام ‪ .1995‬ومل يكن‬ ‫ذلك بسبب منافسة التلفزيون‪ ،‬وتداول األفالم‬ ‫عرب الفيديو والوسائل احلديثة األخرى فقط‪،‬‬ ‫وإمنا لعوامل ع ّدة أخرى أه ّمها انهيار اخلدمات‬ ‫يف دور عرض القطاع العام اليت أممّ ت أو‬ ‫انتزعت ملكيتها‪ ،‬وعدم إنشاء دور عرض‬ ‫جديدة خشية التأميم أو نزع امللكيّة‪ ،‬وقانون‬ ‫‪ 1973‬الذي يسمح لوزير الثقافة بالتدخّل يف‬ ‫وضع برامج دور العرض‪.‬‬ ‫وبفضل قوانني وإجراءات تش ّجع االستثمار‬ ‫يف إنشاء دور العرض‪ ،‬عادت تزداد من جديد‪،‬‬ ‫وخصوصاً يف املوالت‪ ،‬ووصل عددها إىل ‪200‬‬ ‫العام ‪ ،2001‬وإىل ‪ 400‬العام ‪ 2009‬لعدد السكان‬ ‫البالغ ‪ 77‬مليون نسمة (‪ 80‬مليون مع احتساب‬ ‫عدد املصريني خارج مصر)‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وّ‬ ‫مت يف ‪ 2009‬عرض ‪ 120‬فيلما‪ ،‬أميركية‬ ‫بغالبيتها‪ ،‬ومنها ‪ 39‬فيلماً مصري ًا ونسبة‬ ‫قليلة من األفالم األوروبية والهندية‪ .‬وبلغت‬ ‫إيرادات دور العرض ‪ 55‬مليون دوالر أمريكي‪،‬‬ ‫حصة األفالم املصرية من السوق أكثر‬ ‫وكانت ّ‬ ‫من ‪ 80‬يف املائة‪.‬‬ ‫وسوق السينما يف مصر من بني ثالثة‬ ‫أسواق يف العامل حتصل فيها األفالم احمللية‬ ‫احلصة األكرب من السوق بسبب قوانني‬ ‫على ّ‬ ‫وإجراءات حتمي اإلنتاج احمللي‪ .‬وتعرتض‬ ‫عليها دائماً شركات السينما األمريكية الكربى‬ ‫يف هوليوود‪ ،‬واليت حتصل على احلصة األكرب‬ ‫يف ك ّل أسواق العامل داخل الواليات المتّ حدة‬ ‫وخارجها‪ ،‬وذلك باعتبار هذه القوانني‬ ‫واإلجراءات احلمائية تتعارض مع معاهدات‬ ‫حريّة التجارة الدولية وقوانينها وإجراءاتها‪.‬‬ ‫أرسلت شركة لوميير إىل مصر املص ّور‬ ‫بروميو العام ‪ 1897‬حيث ص ّور ‪ 36‬فيلماً‬ ‫تسجيلياً قصرياً ّمت العثور على ‪ 18‬منها حتى‬ ‫اآلن‪ .‬وكانت هذه األفالم الفرنسية أوىل األفالم‬

‫‪491‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 492‬للتنمية الثقافية‬

‫اليت ص ّورت يف مصر‪ .‬ويف العام ‪ّ 1907‬مت إنتاج‬ ‫أول فيلم مصري‪ ،‬وهو الفيلم التسجيلي القصري‬ ‫زيارة الخديوي لمسجد المرسي أبوالعباس‬

‫إنتاج شركة‬

‫سوق السينما في مصر من بين ثالثة‬ ‫أسواق في العالم تحصل فيها األفالم‬ ‫الحصة األكبر من السوق‬ ‫المحلية على ّ‬ ‫بسبب قوانين وإجراءات تحمي اإلنتاج‬ ‫المحلّي‪ ،‬وتعترض عليها دائماً شركات‬ ‫السينما األميركية الكبرى في هوليوود‪،‬‬ ‫والتي تحصل على الحصة األكبر في ك ّل‬ ‫أسواق العالم داخل أميركا وخارجها‪،‬‬ ‫وذلك باعتبار هذه القوانين واإلجراءات‬ ‫الحمائية تتعارض مع معاهدات حريّة‬ ‫التجارة الدوليّة وقوانينها وإجراءاتها‪..‬‬

‫عزيز ودوريس (عزيز بندرلي‬

‫وإمبرتو مالفاسي الشهير بدوريس)‪ ،‬والذي‬ ‫عرض يوم ‪ 20‬حزيران‪ /‬يونيو ‪ ،1907‬ومن‬ ‫هنا اعتربته مكتبة اإلسكندرية يوم السينما‬ ‫املصرية مع االحتفال مبئوية السينما املصرية‬ ‫العام ‪.2007‬‬ ‫وحتى ‪ّ 2009‬مت إنتاج ‪ 3000‬فيلم مصري‬ ‫قصري من األفالم الروائيّة والتسجيلية‬ ‫والتشكيلية (أفالم التحريك) وأفالم الطلبة‬ ‫من األنواع الثالثة‪ .‬ومن ر ّواد السينما التسجيلية‬ ‫املصرية محمد بيومي (‪ )1963 - 1894‬الذي‬ ‫أخرج أفالماً روائيّة أيضاً‪ ،‬ويعترب أ ّول مصري‬ ‫من أصول مصرية عمل يف السينما‪ ،‬وسعد نديم‬ ‫ (‪ )1980 - 1920‬وصالح التهامي (‪)1997 - 1922‬‬ ‫وعبد القادر التلمساني (‪ ،)2003 - 1924‬ومن‬ ‫بني ر ّواد األفالم التشكيلية (أفالم التحريك)‬ ‫األخوان فرانكل‪ ،‬وأنطون سليم الذي تويف‬ ‫‪ ،1998‬وأحمد المتيني (‪.)1996 - 1934‬‬ ‫وبدأ إنتاج األفالم الروائيّة الطويلة الصامتة‬ ‫يف مصر يف العام ‪ ،1927‬والناطقة يف العام ‪،1932‬‬ ‫ووصل عدد األفالم اليت عرضت من ‪ 1932‬حتى‬ ‫‪ 2009‬إىل ‪ 3124‬فيلماً‪ ،‬وذلك حبسب فيلموجرافيا‬ ‫الباحث اخلاصة‪ .‬والسينما املصرية بهذا العدد‬ ‫من األفالم الروائيّة الطويلة‪ ،‬واليت تصل إىل‬ ‫حنو ‪ 4000‬فيلم مع احتساب األفالم الصامتة‬ ‫واألفالم اليت مل تعرض يف دور العرض‪ ،‬هي‬ ‫السينما العاشرة على مستوى العامل من حيث‬ ‫ك ّم اإلنتاج وتأثريها على مجهورها يف مصر‬ ‫وك ّل الناطقني بالعربية‪ ،‬وأكرب سينما يف أفريقيا‬ ‫والوطن العربي والشرق األوسط‪ .‬وميكن القول‬ ‫إن هناك مدرسة سينمائية كاملة هي مدرسة‬ ‫السينما املصرية من ‪ 1933‬إىل ‪ 1963‬حيث‬

‫ّمت إنتاج أكثر من ألف فيلم روائي طويل هلا‬ ‫مالحمها اخلاصة املتميّزة‪ ،‬مثل أ ّي مدرسة من‬ ‫مدارس السينما يف العامل‪.‬‬ ‫ويرجع تط ّور السينما يف مصر يف النصف‬ ‫األول من القرن العشرين دون غريها من الدول‬ ‫العربية واألفريقية واإلسالمية (ذات األغلبية‬ ‫من املسلمني) إىل جمموعة من العوامل أه ّمها‬ ‫تط ّور املسرح‪ ،‬فأغلبية مجهور السينما هو الذي‬ ‫ذهب إىل املسرح قبل السينما‪ ،‬ووقوف أول امرأة‬ ‫مصريّة على املسرح العام ‪ 1907‬مريم سماط‪،‬‬ ‫وأ ّول امرأة مسلمة العام ‪ 1915‬منيرة المهدية‪،‬‬ ‫وإنشاء كلية الفنون الجميلة العام ‪،1908‬‬ ‫وقبول املصريني أن يروا صوراً من حياتهم على‬ ‫املسرح ثم على الشاشة‪ .‬فالدراما تتطلّب وجود‬ ‫رجال ونساء‪ ،‬وتتطلّب صراعاً يقوم بالضرورة‬ ‫على وجود سلبيات تصنع ذلك الصراع‪ .‬وكان‬ ‫قبول املصريني أن يشاهدوا زوجة خائنة أو‬ ‫موظفاً عاماً فاسداً وما شابه ذلك يرجع إىل‬ ‫إحساسهم بالقوة‪ ،‬وعدم خشيتهم مشاهدة‬ ‫اجلوانب السلبية يف جمتمعهم‪ ،‬وهو اإلحساس‬ ‫املرتبط بتصاعد احلركة الوطنية يف عهد‬ ‫الخديوي عباس حلمي الثاني مطلع القرن‬ ‫العشرين‪ ،‬وشعار مصر للمصريني الذي أمثر‬ ‫عن ثورة ‪ 1919‬الشعبية الكربى‪ ،‬وحصول مصر‬ ‫على االستقالل السياسي العام ‪ ،1922‬وصدور‬ ‫دستور ‪ 1923‬كأ ّول دستور حديث يف العاملني‬ ‫العربي واإلسالمي‪.‬‬ ‫ويف ظ ّل هذه العوامل نشأت جمعية أنصار‬ ‫التمثيل العام ‪ ،1913‬وأضافت أنصار التمثيل‬ ‫والسينما بعد ذلك‪ .‬وأنشأت احلكومة معهد‬ ‫الموسيقى العربية العام ‪ ،1923‬ومعهد التمثيل‬ ‫العام ‪ ،1930‬وإن كان أغلق بعد السنة الدراسية‬ ‫األوىل يف العام ‪ 1931‬بسبب وجود طالبات إىل‬ ‫جانب الطلبة‪ ،‬ومنحت احلكومة جوائز مالية‬ ‫العام ‪ 1933‬ألحسن األفالم اليت عرضت العام‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫اإلبداع‬

‫‪ 1932‬بعد مخس سنوات من إقامة أول مسابقة‬ ‫لألفالم يف العامل (األوسكار األميركية العام‬ ‫‪ )1927‬ويف العام التالي مباشرة إلقامة أول‬ ‫مهرجان سينمائي يف العامل (فينسيا العام‬ ‫‪.)1932‬‬ ‫وقد عاد معهد التمثيل كقسم يف املعهد العالي‬ ‫للفنون املسرحية العام ‪ ،1943‬ويف العام نفسه ّمت‬ ‫إنشاء نقابة الممثلين ونقابة السينمائيين‪،‬‬ ‫ثم نقابة الموسيقيين العام ‪ ،1945‬وبلغ عدد‬ ‫أعضاء هذه النقابات يف العام ‪ 2009‬حنو ‪ 50‬ألف‬ ‫حمرتف‪ ،‬كما ّ‬ ‫مت إنشاء غرفة صناعة السينما‬ ‫العام ‪ 1947‬كإحدى غرف اتّ حاد الصناعات‬ ‫المصرية(وبلغ عدد الشركات املس ّجلة فيها يف‬ ‫العام ‪ 2009‬أكثر من ‪ 300‬شركة)‪ ،‬ثم أ ّول معهد‬ ‫لتعليم فنون السينما يف العام ‪.1958‬‬ ‫وشهدت مصر أ ّول قانون للسينما العام‬ ‫‪ ،1911‬وصدور أ ّول جملة عن السينما (الصور‬ ‫المتحركة لصاحبها ورئيس حتريرها محمد‬ ‫توفيق) العام ‪ ،1923‬وأ ّول كتاب عن السينما‬ ‫فجر السينما للمخرج والباحث محمود خليل‬ ‫راشد (‪ )1980 - 1894‬العام ‪ ،1924‬وإنشاء‬ ‫أ ّول شركة كبرية للسينما العام ‪ ،1925‬وهي‬ ‫شركة مصر للتمثيل والسينما إحدى شركات‬ ‫أسسه طلعت حرب (‪- 1867‬‬ ‫بنك مصر الذي ّ‬ ‫‪ ،)1941‬وكان من مثار ثورة ‪ ،1919‬وهي الشركة‬ ‫اليت أنشأت أول ستوديو متكامل على غرار‬ ‫ستديوهات هوليود‪ ،‬وهو ستوديو مصر العام‬ ‫‪ 1935‬الذي كان أكرب ستوديو للسينما يف مصر‬ ‫والوطن العربي وأفريقيا والشرق األوسط‪،‬‬ ‫مما تع ّرض له من‬ ‫واليزال كذلك على الرغم ّ‬ ‫إهمال بعد التأميم بسبب اإلدارة احلكومية‬ ‫البريوقراطية‪.‬‬ ‫وحتى تأميم ستوديو مصر العام ‪1961‬‬ ‫أنتج ‪ 57‬فيلماً من ‪ 1936‬إىل ‪ ،1956‬وص ّور فيه‬ ‫‪ 125‬فيلماً من ‪ 1936‬إىل ‪ ،1960‬وذلك حبسب‬

‫فيلموجرافيا الباحث اخلاصة‪ .‬وكان من أه ّم‬ ‫إجنازات استوديو مصر إنتاج جريدة مصر‬ ‫السينمائية األسبوعية اليت صدرت من ‪1939‬‬ ‫إىل ‪ ،1960‬وكان مصورها حسن مراد (‪1903‬‬ ‫ ‪ .)1970‬وبعد التأميم انتقلت تبعية اجلريدة‬‫إىل التلفزيون ثم الهيئة العامة لالستعالمات‪.‬‬ ‫وبعد إنشاء ستوديو مصر ّمت إنشاء ستوديوهات‬ ‫كبرية أخرى هي ناصبيان ‪ ،1937‬وجالل ‪،1944‬‬ ‫واألهرام ‪ ،1945‬ونحاس ‪ ،1948‬وبينما أغلق‬ ‫األول التزال األخرى تعمل حتى ‪ 2009‬إىل جانب‬ ‫ستوديوهات مدينة اإلنتاج اإلعالمي التابعة‬ ‫للتلفزيون‪ .‬أما معامل السينما فلم يعد هناك‬ ‫سوى معملني أحدهما معمل ستوديو مصر‪،‬‬ ‫والثاني معمل معهد السينما الذي ط ّورته‬ ‫وزارة الثقافة‪ ،‬وأصبح يسمى مدينة السينما‪،‬‬ ‫وأصبحت تديره مدينة اإلنتاج اإلعالمي‪.‬‬ ‫كان العام ‪ 2009‬املت ّمم للعقد األول من‬ ‫القرن احلادي والعشرين‪ .‬ويف ذلك العقد ّمت‬ ‫عرض ‪ 332‬فيلماً مصرياً روائياً طوي ًال جديداً‬ ‫حتى نهاية ‪ 2009‬مبتوسط ‪ 32‬فيلماً يف السنة‪.‬‬ ‫وكان العدد األق ّل العام ‪ 21( 2003‬فيلماً)‬ ‫والعدد األكرب العام ‪ 47( 2008‬فيلماً)‪ .‬ومن‬ ‫بني هذه األفالم ‪ 196‬كانت األفالم الطويلة‬ ‫األوىل ملخرجيها‪ ،‬وعددهم ‪ 80‬خمرجاً و‪4‬‬ ‫خمرجات‪ ،‬أخرج واحد منهم أكثر من ‪ 10‬أفالم‬ ‫(وائل إحسان) كلّها من نوع الكوميديا اهلزلية‬ ‫(فارس)‪ ،‬و‪ 8‬أخرجوا أكثر من ‪ 5‬أفالم‪ ،‬وأخرج‬ ‫الباقون أق ّل من ‪ 5‬أفالم‪.‬‬ ‫ومن أهم األفالم الـ‪ 39‬اليت عرضت العام‬ ‫‪ 2009‬حبسب تواريخ العرض‪:‬‬ ‫فيلم خلطة فوزية من إنتاج ‪ ،2008‬والذي‬ ‫كان قد فاز يف مهرجان أبوظبي الدولي الثاني‬ ‫‪ 2008‬جبائزة أحسن ممثلة إلهام شاهين‪ ،‬ويف‬ ‫‪ 2009‬فاز جبائزة أحسن فيلم يف مهرجان وهران‬ ‫الثالث لألفالم العربية وجبائزة أحسن ممثلة‬

‫‪493‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 494‬للتنمية الثقافية‬

‫من أه ّم أحداث السينما في مصر‬ ‫في العام ‪ 2009‬دعم وزارة الثقافة إلنتاج‬ ‫خمسة سيناريوهات بمبلغ ‪ 20‬مليون جنيه‬ ‫للم ّرة األولى في مصر‪ ،‬وإنتاج الوزارة‬ ‫لفيلم المسافر‪ ،‬وهو أول إنتاجها من‬ ‫األفالم الطويلة منذ العام ‪ ،1971‬وتنظيم‬ ‫مكتبة اإلسكندرية عام يوسف شاهين‬ ‫تم عرض أغلب أفالمه ‪ ..‬وعرض‬ ‫حيث َّ‬ ‫نسخة جديدة في مهرجان كان الـ ‪63‬‬ ‫من فيلم المومياء لشادي عبدالسالم بعد‬ ‫مؤسسة‬ ‫ترميم نيجاتيف الفيلم بواسطة ّ‬ ‫السينما العالمية التي يرأسها مارتن‬ ‫سكورسيزي‪..‬‬

‫إلهام شاهين‪ .‬وباجلائزة الفضية وجائزة أحسن‬ ‫ممثلة (إلهام شاهين) يف مهرجان روتردام‬ ‫التاسع لألفالم العربية يف هولندا‪ .‬وينتمي‬ ‫الفيلم إىل املوجة اجلديدة يف السينما املصرية‬ ‫يف تسعينيات القرن العشرين‪ ،‬واليت يطلق عليها‬ ‫أيضاً الواقعية السحرية بعد الواقعية اجلديدة يف‬ ‫الثمانينيات وذلك من حيث تعبريه الذي ميزج‬ ‫الواقع باألسطورة عن حياة امرأة فقرية تز ّوجت‬ ‫وتطلّقت مرات ع ّدة‪ ،‬ومع ذلك حتتفظ بعالقات‬ ‫إنسانية عميقة مع ك ّل أزواجها السابقني‪.‬‬ ‫وفيلم واحد – صفر إخراج كاملة أبو ذكري‬ ‫الذي عرض يف برنامج آفاق يف مهرجان فينسيا‬ ‫الدولي الـ‪ ،66‬وفاز يف مسابقة مهرجان دبي‬ ‫السادس لألفالم العربية جبائزة أحسن سيناريو‬ ‫مريم نعوم وأحسن تصوير نانسي عبدالفتاح‪،‬‬ ‫وعب عن رؤية اجليل اجلديد لفنّانات مصر‬ ‫رّ‬ ‫للواقع املعاصر من خالل أحداثه اليت تدور‬ ‫يف يوم واحد‪ ،‬وكشف الكثري من املسكوت عنه‬ ‫يف ما يتعلّق بالعالقة بني الرجال والنساء من‬ ‫املسلمني واألقباط‪ ،‬وتعرض هلجوم املتط ّرفني‬ ‫من كال الدينني‪ .‬وقد حقّق الفيلم جناحاً كبرياً‬ ‫على ك ّل املستويات داخل مصر وخارجها‪ ،‬وش ّكل‬ ‫نقطة حت ّول يف مسرية خمرجته اليت كانت من‬ ‫بني املخرجات األربع اجل ّدد يف العقد األول من‬ ‫القرن اجلديد‪.‬‬ ‫وفيلم عين شمس إخراج إبراهيم البطوط‬ ‫من إنتاج ‪ ،2008‬والذي كان قد فاز يف مسابقة‬ ‫مهرجان تاورمينا الـ‪ 55‬ألفالم دول البحر‬ ‫األبيض العام ‪ 2008‬جبائزة أحسن فيلم حمقّقاً‬ ‫جائزة غري مسبوقة للسينما املصرية‪ .‬وهو‬ ‫الفيلم الروائي الطويل الثاني ملخرجه الذي‬ ‫يعترب "األب الروحي" حلركة السينما املستقلة‬ ‫يف مصر اليت بدأت مع بداية تسعينيات القرن‬ ‫العشرين‪ ،‬ووصلت إىل ذروتها يف العقد األ ّول من‬ ‫القرن اجلديد‪ .‬ويتميّز الفيلم بتحرره الكامل من‬

‫أشكال األفالم التقليدية‪ ،‬واجلمع بني التمثيلي‬ ‫والتسجيلي على حنو جديد يف السينما املصرية‪،‬‬ ‫واالرجتال املبدع الذي يوحي بواقعيّة شعرية يف‬ ‫التعبري عن الواقع املعاصر من خالل شخصيات‬ ‫متن ّوعة من طبقات متع ّددة‪.‬‬ ‫وقد تع ّرض عين شمس ألزمة كبرية مع‬ ‫الرقابة يف مصر ألنه أنتج من دون سيناريو‬ ‫مسبق‪ ،‬وص ّورت ك ّل مشاهده يف الشوارع‬ ‫واألماكن احلقيقية من دون تصرحيات مسبقة‪،‬‬ ‫ووصلت األزمة إىل ح ّد حرمان الفيلم من‬ ‫اجلنسية املصرية‪ ،‬ووافق المركز السينمائي‬ ‫المغربي برئاسة الناقد والسينمائي الكبري‬ ‫نور الدين صايل على أن يتح ّمل املركز تكاليف‬ ‫حتويله من فيديو إىل سينما‪ ،‬كما وافق على‬ ‫أن حيمل اجلنسية املغربية‪ .‬وعندما عرض‬ ‫يف مصر العام ‪ 2009‬كان أ ّول فيلم طويل من‬ ‫حركة السينما املصرية املستقلّة يعرض عرضاً‬ ‫عاماً‪ ،‬وخيرج بهذه السينما من قاعات املراكز‬ ‫الثقافية إىل مجهور السينما‪.‬‬ ‫وفيلم دكان شحاتة إخراج خالد يوسف‬ ‫يعب عن‬ ‫عن سيناريو ناصر عبدالرحمن الذي رّ‬ ‫رؤية شاملة للحياة يف مصر منذ اغتيال الرئيس‬ ‫السادات وتولّي الرئيس مبارك العام ‪ 1981‬إىل‬ ‫العام ‪ 2005‬حيث جرت أ ّول انتخابات رئاسية‬ ‫بني أكثر من ّ‬ ‫مرشح منذ إعالن اجلمهورية العام‬ ‫‪ ،1953‬ويتجاوز ‪ 2009‬إىل املستقبل العام ‪.2011‬‬ ‫ويأخذ الفيلم شكل امللحمة الشعبية‪ ،‬وليس‬ ‫شكل الفيلم الواقعي كما هو معتاد يف األفالم‬ ‫الواقعية‪ ،‬من خالل حكاية الفالح شحاتة الذي‬ ‫جاء إىل القاهرة وعمل بواباً يف ح ّي املعادي‬ ‫الراقي يف عهد الرئيس عبد الناصر‪ ،‬وما حدث‬ ‫له وألسرته يف عهود اجلمهوريات الثالث‪.‬‬ ‫ويف هذا الفيلم يؤ ّكد خالد يوسف موقفه‬ ‫ األيديولوجي الناصري حيث يرى أن ك ّل املشكالت‬ ‫يف مصر ترجع إىل ختلّي السادات عن سياسات‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫اإلبداع‬

‫عبدالناصر‪ ،‬واستمرار مبارك يف اتباع سياسات‬ ‫السادات‪.‬‬ ‫وفيلم إبراهيم األبيض ثاني فيلم طويل‬ ‫ملخرجه مروان حامد الذي كان فيلمه األول‬ ‫عمارة يعقوبيان العام ‪ 2006‬عن رواية عالء‬ ‫األسواني اليت صدرت العام ‪ 2002‬من أحداث‬ ‫السينما املصرية يف العقد األول من القرن‬ ‫اجلديد‪ ،‬وحقّق جناحاً كبرياً امت ّد إىل الوطن‬ ‫العربي وخارجه‪ .‬ويف فيلمه اجلديد يؤ ّكد مروان‬ ‫حامد موهبته السينمائية األصيلة‪ ،‬وخيوض‬ ‫جتربة جديدة يف التعبري عن عامل العشوائيات‬ ‫يف القاهرة بأسلوب سينمائي نقي وحداثي‬ ‫يتأثّر بعدد من خمرجي العامل الكبار املعروفني‬ ‫بتصوير العنف‪ .‬وميكن القول بأن إبراهيم‬ ‫األبيض أكثر األفالم عنفاً يف تاريخ السينما‬ ‫املصرية‪.‬‬ ‫وفيلم الفرح إخراج سامح عبدالعزيز الذي‬ ‫يأتي من داخل األفالم التجارية السائدة‪ ،‬ولكنه‬ ‫يتجاوزها ويرتفع إىل مصاف األعمال الفنية‬ ‫تعب‬ ‫احلقيقية‪ .‬إنه من األفالم الواقعية اليت رّ‬ ‫عن احلياة يف األحياء العشوائية حول القاهرة‬ ‫وداخلها‪ ،‬ويدفع مجهوره إىل رفض هذا العار‬ ‫الذي تنوء به مصر‪ ،‬ولكنه كما يتجاوز األفالم‬ ‫السائدة‪ ،‬يتجاوز الواقعية إىل آفاق إنسانية‬ ‫رحبة بتو ّغله الدرامي داخل شخصياته حتى‬ ‫يصل إىل املشرتك بني البشر مجيعاً‪.‬‬ ‫نص كاتبه‬ ‫وتتمثّل ق ّوة الفيلم الدرامية يف ّ‬ ‫أحمد عبدالله من حيث جناحه يف العثور‬ ‫يعب عن املعنى‪،‬‬ ‫على املعادل املوضوعي الذي رّ‬ ‫وااللتحام العضوي بني املبنى واملعنى‪ ،‬ويف‬ ‫النص‪ ،‬وقدرته على‬ ‫إدراك خمرجه ألبعاد ّ‬ ‫صياغة األسلوب املالئم للتعبري عنه‪ .‬ففي تلك‬ ‫األحياء يتبارى ضيوف حفالت الزفاف يف دفع‬ ‫األموال كهدايا للعروسني‪ .‬ومع تو ّحش الفقر‬ ‫أصبحت هناك حفالت زفاف مصطنعة جملرد‬

‫مجع األموال‪ .‬واملعادل الدرامي املوضوعي يف‬ ‫الفيلم هو إحدى هذه احلفالت املصطنعة حيث‬ ‫تدور األحداث يف يوم واحد من االستعدادات‬ ‫للفرح يف الصباح إىل إقامته يف املساء‪ ،‬وحيث‬ ‫يعلم اجلميع من أول لقطة أنهم يكذبون على‬ ‫أنفسهم‪ ،‬وعلى بعضهم البعض‪ ،‬ويعلم املتفرج‬ ‫بدوره‪.‬‬ ‫وفيلم إحك يا شهرزاد إخراج يسري‬ ‫نصرالله وهو من "كبار مؤلّفي السينما" يف‬ ‫مصر منذ ‪ 20‬سنة‪ ،‬ولكنه يف هذا الفيلم‪ ،‬وعلى‬ ‫النقيض من الفرح يأتي من أفالم املؤلفني‬ ‫ليعبعن مشكالت‬ ‫إىل أفالم السينما السائدة رّ‬ ‫املرأة يف الواقع املصري احلاضر عرب تقديم‬ ‫مناذج من خمتلف الطبقات يف سيناريو حم ّكم‬ ‫الصنع لكاتب السيناريو الكبري وحيد حامد‪.‬‬ ‫والنتيجة أحد أهم أفالم ‪ ،2009‬ولكنه ليس أحد‬ ‫أهم أفالم خمرجه أو كاتبه‪.‬‬ ‫وأخرياً باأللوان الطبيعية إخراج أسامة‬ ‫فوزي‪ ،‬وهو من كبار مؤلّفي السينما مثل‬ ‫نصرالله‪ ،‬كما أن كاتب السيناريو هاني فوزي‬ ‫من قل ّة معدودة من كتاب السيناريو املؤلفني‬ ‫بدورهم‪ ،‬أي أن هلم عاملهم الفنيّ على الرغم‬ ‫ويعب الفيلم‬ ‫من تع ّدد خمرجي سيناريوهاته‪ .‬رّ‬ ‫عن أهم قضايا مصر والعالمين العربي‬ ‫واإلسالمي يف عصرنا‪ ،‬وهي قضية التط ّرف‬ ‫الديين اإلسالمي الذي يصل إىل ح ّد التعارض‬ ‫الكامل مع صحيح الدين‪ .‬وذلك من خالل‬ ‫جمتمع كلية الفنون الجميلة يف القاهرة‪.‬‬ ‫ومن أهم األفالم اليت ّمت إنتاجها العام‬ ‫‪ ،2009‬ومل تعرض يف العام نفسه المسافر‬ ‫إخراج أحمد ماهر الذي عرض يف مسابقة‬ ‫مهرجان فينسيا الـ‪ ،66‬وكان رابع فيلم‬ ‫مصري يعرض يف هذه املسابقة يف ‪ 66‬سنة‪.‬‬ ‫وهليوبوليس إخراج أحمد عبدالله الذي‬ ‫عرض يف مهرجان تورونتو يف كندا‪ ،‬ويف مسابقة‬

‫‪495‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 496‬للتنمية الثقافية‬

‫مهرجان سالونيك الـ‪ 50‬يف اليونان‪ ،‬ويف‬ ‫مسابقة مهرجان مراكش التاسع يف المغرب‪،‬‬ ‫وكان أول فيلم مصري يعرض يف مسابقة‬ ‫هذا املهرجان‪ ،‬ولمح البصر إخراج يوسف‬ ‫هشام‪ ،‬وبصرة إخراج أحمد رشوان الذي‬ ‫فاز جبائزة أحسن فيلم يف مهرجان بروكسل‬ ‫لألفالم العربية‪ ،‬وجبائزة أحسن ممثل (باسم‬ ‫سمرة) يف مهرجان روتردام لألفالم العربية‪.‬‬ ‫واألفالم األربعة هي األفالم الروائيّة الطويلة‬ ‫األوىل ملخرجيها‪ ،‬ويف ما عدا أحمد ماهر جاء‬ ‫املخرجون الثالثة من حركة السينما املستقلة‪.‬‬ ‫وهناك أيضاً من إنتاج ‪ 2009‬عصافير النيل‬ ‫إخراج مجدي أحمد علي الذي فاز جبائزة‬ ‫أحسن ممثل (فتحي عبدالوهاب) يف مهرجان‬ ‫القاهرة الدولي الـ‪ ،33‬وجبائزة أحسن مونتاج‬ ‫(أحمد داود) يف مسابقة األفالم العربية يف‬ ‫مهرجان دبي السادس‪ .‬ويف مهرجان واجادوجو‬ ‫الـ‪ 30‬لألفالم األفريقية العام ‪ 2009‬فاز فيلم‬ ‫الغابة إخراج أحمد عاطف بجائزة مدينة‬ ‫واجادوجو‪ ،‬وهو من إنتاج ‪ 2007‬وعرض ‪.2008‬‬ ‫وأه ّم األفالم التسجيلية املصرية العام ‪2009‬‬ ‫الفيلم الطويل جيران إخراج تهاني راشد عن‬ ‫حت ّوالت ح ّي جاردن سيتي يف القاهرة من أحد‬ ‫أرقى األحياء إىل ما يشبه األحياء العشوائية‪،‬‬ ‫تعبرياً عن التح ّوالت اليت شهدتها مصر يف‬ ‫النصف الثاني من القرن العشرين امليالدي‪.‬‬ ‫ويق ّدم الفيلم شهادات عشرات الشخصيات من‬ ‫أبناء وأحفاد أصحاب القصور وسط األطالل‬ ‫املهجورة‪ ،‬إىل سكان السطوح واملداخل والزوايا‪.‬‬ ‫وتتن ّوع هذه الشهادات تن ّوعاً كبرياً‪ ،‬فورثة‬ ‫القصور ال جيمعون على أن ما حدث كان شراً‬ ‫كله‪ ،‬وسكان السطوح ال جيمعون على أنه كان‬ ‫خرياً كلّه‪ .‬وبقدر براعة مديرة التصوير نانسي‬ ‫عبدالفتاح‪ ،‬افتقد الفيلم إىل الرباعة نفسها يف‬ ‫املونتاج‪.‬‬

‫ومن األفالم التسجيلية امله ّمة الفيلم الطويل‬ ‫كاريوكا إخراج نبيهة لطفي عن الراقصة‬ ‫تحية كاريوكا (‪ )1999 - 1915‬اليت‬ ‫واملمثلة‬ ‫ّ‬ ‫تعب حياتها عن صفحة من صفحات القرن‬ ‫رّ‬ ‫العشرين امليالدي يف تاريخ مصر‪ .‬ويف الفيلم‬ ‫العديد من الوثائق النادرة اليت مل تعرض قط‬ ‫على شاشة السينما مثل لقطات املشاركة يف‬ ‫مهرجان الشباب الدولي يف بوخارست العام‬ ‫‪ 1955‬حيث كانت كاريوكا طوال حياتها املديدة‬ ‫من الفنانات أصحاب املواقف السياسية يف‬ ‫الدفاع عن الدميقراطية واحلريات‪.‬‬ ‫ومن األفالم املصرية القصرية املتميّزة‬ ‫العام ‪ 2009‬الفيلم الروائي ربيع ‪ 89‬إخراج‬ ‫أيتن أمين‪ ،‬وهي من أه ّم خمرجات السينما‬ ‫ويعب بأسلوب واقعي شعري عن عامل‬ ‫املستقلّة‪ ،‬رّ‬ ‫املراهقات‪ .‬ومن أفالم الطلبة الفيلم الروائي‬ ‫النشوة في نوفمبر إخراج عايدة الكاشف‪،‬‬ ‫والذي فاز باجلائزة الثانية يف مسابقة األفالم‬ ‫العربية يف مهرجان دبي‪.‬‬ ‫وأه ّم أحداث السينما يف مصر العام ‪2009‬‬ ‫دعم وزارة الثقافة إلنتاج مخسة سيناريوهات‬ ‫مببلغ ‪ 20‬مليون جنيه للم ّرة األوىل يف مصر‪،‬‬ ‫وإنتاج الوزارة لفيلم المسافر‪ ،‬وهو أ ّول‬ ‫إنتاجها من األفالم الطويلة منذ ‪،1971‬‬ ‫وتنظيم مكتبة اإلسكندرية عام يوسف‬ ‫شاهين (‪ )2008 - 1926‬حيث ّمت عرض أغلب‬ ‫متخصصة عنها‪،‬‬ ‫أفالمه‪ ،‬وإصدار نشرات‬ ‫ّ‬ ‫وتنظيم لجنة السينما يف المجلس األعلى‬ ‫للثقافة حلقة حبث تاريخ السينما املصرية‬ ‫من ‪ 1935‬إىل ‪ ،1952‬وعرض نسخة جديدة‬ ‫يف مهرجان كان الـ‪ 63‬من فيلم المومياء‬ ‫ إخراج شادي عبدالسالم (‪)1986 - 1930‬‬ ‫بعد ترميم أصل الفيلم (النيجاتيف) بواسطة‬ ‫مؤسسة السينما العالمية اليت يرأسها فنان‬ ‫ّ‬ ‫السينما األمريكي العاملي مارتين سكورسيزي‪،‬‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫وذلك مبناسبة مرور ‪ 40‬سنة على إنتاج الفيلم‬ ‫العام ‪ .1969‬ويعترب المومياء من حتف السينما‬ ‫المصرية والعالمية على م ّر العصور‪.‬‬ ‫وأقيمت يف مصر العام ‪ 2009‬الدورة الـ‪33‬‬ ‫لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي (الدورة‬ ‫األوىل ‪ ،)1976‬والدورة الـ‪ 25‬لمهرجان‬

‫اإلسكندرية لدول البحر األبيض المتوسط‬ ‫(الدورة األوىل ‪ ،)1979‬والدورة الـ‪ 19‬لمهرجان‬

‫المغرب‪ :‬استمرار النهضة السينمائية‬

‫ص ّور أول فيلم على أرض المغرب يف العام‬ ‫‪ 1896‬من إنتاج شركة لوميير الفرنسية‪،‬‬ ‫وعنوانه راعي الماعز الغربي‪ .‬ويف العام ‪1912‬‬ ‫قامت فرنسا باحتالل المغرب‪ ،‬واعتربته‬ ‫امتداداً هلا يف ك ّل شيء مبا يف ذلك السينما‪،‬‬ ‫ولذلك قامت الشركات الفرنسية بإنشاء العديد‬ ‫من دور العرض يف فرتة السينما الصامتة‪ ،‬ثم‬

‫اإلبداع‬

‫القاهرة الدولي ألفالم األطفال (الدورة األوىل‬ ‫‪ ،)1990‬والدورة الـ‪ 13‬لمهرجان اإلسماعيلية‬ ‫الدولي لألفالم التسجيلية والقصيرة (الدورة‬ ‫األوىل ‪ ،)1991‬والدورة الـ‪ 19‬للمهرجان‬ ‫القومي لألفالم المصرية (الدورة األوىل‬ ‫‪.)1991‬‬ ‫وصدر ‪ 16‬كتاباً مؤلّفاً ومرتمجاً عن السينما‬ ‫(‪ 11‬عن وزارة الثقافة و‪ 5‬عن دور نشر خاصة)‪.‬‬ ‫ومن أه ّم كتب دور النشر اخلاصة يوسف شاهين‪:‬‬ ‫نظرة الطفل وقبضة‬ ‫المتمرد للناقد الّلبناني‬ ‫ّ‬ ‫الكبري إبراهيم العريس عن دار الشروق‪.‬‬ ‫ومن أهم كتب وزارة الثقافة كتاب أحمد طه‬ ‫األفالم المصرية كمصادر للمعلومات‪ ،‬وكتاب‬ ‫أمل الجمل‪ :‬أفالم اإلنتاج المشترك في‬ ‫السينما المصرية‪ ،‬وفيلموجرافيا السينما‬ ‫العربية المشتركة‪ ،‬وكتاب الدكتور ناجي فوزي‬ ‫الطفولة في السينما المصرية‪ .‬كما صدر‬ ‫للباحث كتاب يسرا‪ :‬فنانة من زمن التكفير‪.‬‬ ‫ ‬

‫ازدادت مع السينما الناطقة‪ ،‬سواء يف العاصمة‬ ‫الرباط أم يف املدن املغربية األخرى‪ ،‬وخباصة‬ ‫يف الدار البيضاء‪.‬‬ ‫استقلت المملكة المغربية يف العام ‪،1956‬‬ ‫واستم ّر إنشاء دور العرض اليت وصل عددها‬ ‫العام ‪ 1980‬إىل ‪ 227‬داراً تعرض ‪ 500‬فيلم يف‬ ‫السنة أغلبها من الواليات المتّ حدة وأوروبا‬ ‫ومصر‪ .‬ولكن عدد دور العرض بدأ يف التناقص‬ ‫منذ العام ‪ 1990‬حتى وصل إىل ‪ 77‬داراً العام‬ ‫‪ .2009‬وقد عرضت هذه الدور ‪ 150‬فيلماً‪،‬‬ ‫من بينها ‪ 82‬من الواليات المتّ حدة و‪ 27‬من‬ ‫أوروبا منها ‪ 24‬فيلماً فرنسي ًا و‪ 17‬من مصر و‪5‬‬ ‫من الهند و‪ 4‬من دول أخرى‪ .‬كما عرضت ‪15‬‬ ‫فيلماً مغربياً‪ ،‬وبلغت اإليرادات ‪ 7‬ماليني دوالر‬ ‫حصة األفالم املغربية من‬ ‫أمريكي‪ ،‬وكانت ّ‬ ‫السوق ‪ 27‬يف املائة‪ ،‬وهي األكرب يف الوطن العربي‬ ‫بعد مصر‪ .‬ويف مواجهة تناقص دور العرض ّمت‬ ‫وضع ّ‬ ‫خطة حكومية لتحديث بعض الدور املغلقة‬ ‫وتشجيع إنشاء دور جديدة‪ .‬وتستهدف اخلطة‬ ‫أن يصل عدد دور العرض إىل ‪ 250‬داراً العام‬ ‫‪.2015‬‬ ‫ويف فرتة االحتالل الفرنسي من ‪ 1912‬إىل‬ ‫‪ 1956‬مل تكن سوق السينما يف المغرب امتداداً‬ ‫لسوق السينما يف فرنسا فقط‪ ،‬وإمنا كان‬ ‫المغرب مكاناً لتصوير أفالم فرنسية ابتداء من‬ ‫فيلم مكتوب إخراج ج‪ .‬بانشون ودانييل كنتان‬ ‫العام ‪ .1919‬وقد ص ّور يف المغرب حتى ‪2009‬‬ ‫أكرب عدد من األفالم األجنبية بني ك ّل الدول‬ ‫العربية‪ ،‬وذلك ألسباب ع ّدة أهمها مجال‬ ‫املناظر الطبيعية‪ ،‬واملناخ املعتدل‪ ،‬والقرب‬ ‫من أوروبا‪ ،‬واإلجراءات احلكومية اليت تش ّجع‬ ‫التصوير األجنيب‪ ،‬ودعم إنشاء ستديوهات‬ ‫حديثة‪ ،‬ويف المغرب ستة ستديوهات أحدثها‬ ‫أُنشئ العام ‪ 2005‬يف مدينة وزرازات‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ 1944‬أنشأت سلطات االحتالل‬

‫‪497‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 498‬للتنمية الثقافية‬

‫تم إنتاج ‪ 15‬فيلماً‬ ‫في العام ‪َّ 2009‬‬ ‫روائياً مغربياً طوي ً‬ ‫ال أه ّمها براق إخراج‬ ‫محمد مفتكر والمنسيون إخراج حسن‬ ‫بنجلون وفينك أليام إخراج إدريس‬ ‫شويكة‪ ..‬وكان الفيلم المغربي الذي حقّق‬ ‫أكبر اإليرادات في السوق كازا نجرا‬ ‫إخراج نور الدين لخماري والذي يعتبر‬ ‫من روائع األفالم المغربية والعربية‪..‬‬

‫الفرنسي المركز السينمائي المغربي‪ ،‬وقام‬ ‫املركز بإنتاج ‪ 63‬فيلماً قصرياً وعشرات من‬ ‫اجلرائد السينمائية‪ ،‬ومل يكن هناك أ ّي فيلم‬ ‫ملخرج مغربي‪ ،‬ومل يكن من بني طاقم اجلريدة‬ ‫أ ّي سينمائي مغربي‪ ،‬واقتصر دور املغاربة على‬ ‫متثيل األدوار الثانوية يف بعض األفالم الفرنسية‬ ‫اليت كانت تص ّور يف المغرب‪.‬‬ ‫وأوىل حماوالت صنع أفالم مغربية قام بها‬ ‫محمد عصفور (‪ )2005 - 1927‬عندما أخرج‬ ‫وأنتج ومثّل أفالماً روائيّة قصرية يقلّد فيها‬ ‫أفالم طرزان وأفالم روبين هود وغريها من‬ ‫األفالم األجنبية اليت أقبل عليها اجلمهور مثل‬ ‫ابن الغابة العام ‪ ،1941‬وآموك الذي ال يقهر‬ ‫العام ‪.1948‬‬ ‫وحتى العام ‪ّ 2009‬مت إنتاج ‪ 209‬أفالم مغربية‬ ‫روائية طويلة‪ ،‬منها مائة فيلم من ‪ 2003‬إىل‬ ‫‪ 2009‬يف أقل من ‪ 10‬سنوات‪ .‬وقد حتقّقت هذه‬ ‫النهضة بعد تولّي الملك محمد السادس احلكم‬ ‫واهتمامه الكبري بالثقافة عموماً والسينما‬ ‫خصوصاً‪ ،‬وزيادة الدعم احلكومي لإلنتاج عن‬ ‫طريق المركز السينمائي المغربي‪ ،‬وإسناد‬ ‫إدارة املركز إىل السينمائي والناقد والباحث‬ ‫املفكر نور الدين صايل الذي يعترب أه ّم ر ّواد‬ ‫حركة الثقافة السينمائية يف المغرب منذ أربعة‬ ‫عقود ويزيد‪.‬‬ ‫وصل عدد األفالم املغربية الروائيّة الطويلة‬ ‫إىل ‪ 15‬فيلماً يف السنة‪ ،‬وهو العدد األكرب يف‬ ‫الوطن العربي بعد مصر‪ .‬ولكن كمية األفالم‬ ‫وحدها ال تكفي لنهضة أي سينما‪ ،‬وإمنا ال ب ّد‬ ‫من توافر قدر من حرية التعبري‪ ،‬وهو ما أتيح‬ ‫للسينمائيني املغاربة يف العقد األول من القرن‬ ‫احلادي والعشرين على حنو مل يتحقّق هلم من‬ ‫قبل‪.‬‬ ‫كان الفيلم األول االبن العاق إخراج محمد‬ ‫عصفور العام ‪ ،1958‬وهو رائد السينما املغربية‪،‬‬

‫ولكن الفيلم الثاني الحياة كفاح إخراج‬ ‫التازي وأحمد المسناوي أنتج بعد عشر سنوات‬ ‫كاملة يف العام ‪ .1968‬وشهدت سبعينيات‬ ‫القرن املاضي مولد السينما املغربية باملعنى‬ ‫تعب عن اهلوية الثقافية‬ ‫الكامل للسينما اليت رّ‬ ‫الوطنية يف أفالم جملموعة من املخرجني الر ّواد‬ ‫واملؤسسني‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وأهم هذه األفالم شمس الربيع إخراج‬ ‫لطيف لحلو ‪ 1968‬عن اهلوة بني القرية‬ ‫واملدينة‪ ،‬ووشمة إخراج حميد بناني ‪1970‬‬ ‫عن مجود الرتبية الدينية‪ ،‬وألف يد ويد إخراج‬ ‫سهيل بن بركة ‪ 1972‬عن األلف يد اليت تعمل‪،‬‬ ‫واليد الواحدة اليت حتصد مثار هذا العمل‪.‬‬ ‫كما أخرج بن بركة الذي يعترب أ ّول خمرج‬ ‫مغربي ختطى حدود بالده إىل الوطن العربي‬ ‫والعالم مبوضوعات أفالمه ومستواها الفنيّ‬ ‫املت ّميز حرب البترول لن تقع ‪ ،1974‬وعرس‬ ‫الدم ‪ ،1977‬وهي مسرحية شاعر إسبانيا الكبري‬ ‫لوركا‪ ،‬وكان أول فيلم مغربي يعرض يف مهرجان‬ ‫دولي كبري للسينما‪ ،‬وهو مهرجان موسكو‪.‬‬ ‫ومن أفالم السبعينيات املهمة أيضاً الشركي‬ ‫أو عنف الصمت إخراج مؤمن سميحي ‪1975‬‬ ‫الذي أعلن مولد أول مؤلّف سينمائي مغربي‬ ‫ينتمي إىل سينما ما بعد احلداثة‪ ،‬ورماد الزريبة‬ ‫‪ 1977‬إخراج العربي بالكافي وسعد الشرايـبي‬ ‫ومصطفى الدرقاوي ونور الدين كونجار‬ ‫وعبدالقادر لقطع ومحمد الركاب‪ ،‬والذي‬ ‫كان مبثابة بيان يف التعبري عن الواقع املعاصر‪،‬‬ ‫ومولد جمموعة من املخرجني الذين سيكون‬ ‫هلم شأنهم يف مستقبل السينما املغربية‪ .‬وللم ّرة‬ ‫األوىل يف تاريخ مهرجان كان األكرب يف العامل‬ ‫ُعرض يف العام ‪ 1978‬فيلمان من املغرب‪ ،‬وهما‬ ‫جرحة في الحائط إخراج جياللي فرحاتي‬ ‫يف "أسبوع النقاد"‪ ،‬والثاني األيام‪ ..‬األيام‬ ‫إخراج أحمد المعنوني يف "رؤى خاصة"‪ ،‬وكانا‬ ‫محمد‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫الواليات املتحدة‬ ‫‪82‬‬

‫األفالم املعروضة يف املغرب حبسب البلد املنتج (‪)2009‬‬ ‫اهلند‬ ‫‪5‬‬

‫مصر‬

‫‪17‬‬

‫أوروبا‬

‫‪27‬‬

‫دول اخرى‬

‫‪4‬‬

‫املغرب‬ ‫‪15‬‬

‫‪% 10‬‬ ‫‪%3‬‬

‫‪% 18‬‬

‫‪% 55‬‬

‫‪% 11‬‬

‫‪%3‬‬

‫يعرض يف مسابقة أحد املهرجانات الكربى‬ ‫الثالثة يف العامل (إىل جانب برلين وكان)‪،‬‬ ‫وموضوعه ما يس ّمى جرائم الشرف‪ ،‬أي قتل‬ ‫النساء دفاعاً عن الشرف‪ .‬وبالقرب من نهاية‬ ‫العقد أخرج نبيل عيوش ثاني أفالمه الروائيّة‬ ‫الطويلة مكتوب العام ‪ ،1977‬وجاء إعالناً عن‬ ‫مولد خمرج كبري موهوب فاز جبائزة نجيب‬ ‫محفوظ يف مهرجان القاهرة‪ ،‬وأ ّكد عيوش‬ ‫موهبته يف فيلمه الثالث علي زاوا ‪ 1999‬عن‬ ‫أطفال الشوارع‪ ،‬والذي حقّق جناحاً كبرياً داخل‬ ‫املغرب وخارجها على ك ّل املستويات‪ ،‬وعرض يف‬ ‫مهرجان برلين‪.‬‬ ‫أما العقد األول من القرن اجلديد‪ ،‬أو عقد‬ ‫النهضة‪ ،‬فقد بدأ بقرار الملك محمد السادس‬ ‫إطالق سراح املعتقلني السياسيني‪ ،‬وتعويض‬ ‫ك ّل من اعتقل سياسياً‪ .‬و ّمت التعبري عن ذلك‬ ‫يف السينما من خالل األفالم اليت عرفت‬ ‫بأفالم "سنوات الرصاص"‪ ،‬أو سنوات االعتقال‬ ‫السياسي والتعذيب يف السجون‪ .‬وكان أول هذه‬ ‫األفالم منى صابر إخراج عبدالحي العراق‬ ‫‪ ،2000‬ومن أهمها درب موالي الشريف إخراج‬

‫اإلبداع‬

‫الفيلمني الروائيّني الطويلني األولني ملخرجيهما‪.‬‬ ‫عب فرحاتي عن الواقع االجت ّماعي‬ ‫رّ‬ ‫يف مدينة طنجة من خالل جمموعة من‬ ‫وعب المعنوني عن‬ ‫الشخصيات اهلامشية‪ ،‬رّ‬ ‫احلياة اليومية يف قرية مغربية بصدق كبري‬ ‫وأسلوب فنيّ متماسك ومتميّز‪ ،‬وذلك من‬ ‫خالل حياة الفالح عبدالوهاب الذي يريد أن‬ ‫يهاجر على الرغم من معارضة والدته‪ ،‬وعلى‬ ‫الرغم من أنه العائل الوحيد لألسرة بعد وفاة‬ ‫والده‪ .‬وقد قامت‬ ‫مؤسسة سينما العالم اليت‬ ‫ّ‬ ‫يرأسها فنان السينما األمريكي الكبري مارتين‬ ‫سكورسيزي برتميم نيجاتيف األيام‪ ..‬األيام‬ ‫بعد ‪ 25‬عاماً من إنتاجه‪ ،‬وكان أول فيلم عربي‬ ‫تقوم برتميممه‪.‬‬ ‫ومن أهم أفالم الثمانينيات ابن السبيل‬ ‫إخراج وتصوير محمد عبد الرحمن التازي‬ ‫‪ 1981‬وتأليف وإنتاج نور الدين صايل‪ ،‬والذي‬ ‫يعترب أ ّول إسهام مغربي يف حركة الواقعية‬ ‫اجلديدة يف السينما العربية يف ذلك العقد‪ ،‬وتدور‬ ‫األحداث على الطريق من أغادير إىل طنجة‪،‬‬ ‫من اجلنوب إىل الشمال‪ ،‬من خالل رحلة الشاب‬ ‫اهلامشي عمر حبثاً عن حياة أفضل يف بالده أو‬ ‫خارجها‪ .‬ومن أفالم العقد املهمة أيضاً الجمرة‬ ‫إخراج فريدة بورقية ‪ ،1982‬وهي أ ّول خمرجة‬ ‫مغربية‪ ،‬والزفت إخراج فنان املسرح الطليعي‬ ‫الطيب الصديقي ‪ ،1984‬وباب السماء مفتوح‬ ‫عبت‬ ‫إخراج فريدة بن اليزيد ‪ ،1987‬والذي رّ‬ ‫فيه عن همومها كامرأة وكسينمائية وكمغربية‪،‬‬ ‫وجاء أمنوذجاً للصدق الفنيّ والشجاعة األدبية‪.‬‬ ‫إنه سرية فكريّة إذا جاز التعبري‪ ،‬إذ يتناول‬ ‫أزمة امرأة تعاني الصراع بني الثقافتني العربية‬ ‫والفرنسية‪.‬‬ ‫وبدأت التسعينيات بعرض شاطئ األطفال‬ ‫الضائعين إخراج جياللي فرحاتي يف مسابقة‬ ‫مهرجان فينسيا ‪ ،1991‬وكان أ ّول فيلم مغربي‬

‫شكل رقم ‪11‬‬

‫‪499‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 500‬للتنمية الثقافية‬

‫حسن بنجلون ‪ ،2001‬وجوهرة بنت الحبس‬

‫املغربية القصرية‪ ،‬باللغتني العربية والفرنسية‪،‬‬ ‫على أن تصدر ك ّل سنة طبعة جديدة من‬ ‫الكتابني بإضافة أفالم السنة السابقة‪ .‬وقد بلغ‬ ‫عدد األفالم القصرية منذ ‪ 1947‬إىل ‪ 2009‬عدد‬ ‫‪ 611‬فيلماً‪ .‬وبذلك أصبحت األفالم املغربية‬ ‫هي األفالم العربية الوحيدة اليت وضعت هلا‬ ‫فيلموجرافيا رمسية حمقّقة‪.‬‬ ‫ويف عام اليوبيل الذهيب نفسه ‪ 2008‬عقدت‬ ‫الدورة العاشرة للمهرجان الوطني لألفالم‬ ‫المغربية حيث تش ّرف الباحث كاتب هذه‬ ‫السطور برئاسة جلنة التحكيم‪ ،‬وتق ّرر أن يعقد‬ ‫املهرجان ك ّل سنة بعد أن عقد دوراته التسع‬ ‫األوىل على حنو غري دوري منذ ‪.1982‬‬ ‫ويقام يف المغرب أكرب عدد من مهرجانات‬ ‫السينما بني ك ّل الدول العربية‪ ،‬أعرقها مهرجان‬ ‫أسسه نور‬ ‫خريبكة لألفالم األفريقية الذي ّ‬ ‫الدين صايل وعقد دورته األوىل العام ‪،1977‬‬ ‫ومهرجان تطوان ألفالم دول البحر المتوسط‬ ‫أسسه أحمد الحسني وعقد دورته‬ ‫الذي ّ‬ ‫األوىل العام ‪ .1985‬وأهم مهرجانات املغرب‬ ‫مهرجان مراكش السينمائي الدولي الذي‬ ‫ّ‬ ‫مؤسسة يرأسها األمير‬ ‫تنظمه منذ العام ‪ّ 2001‬‬ ‫رشيد بالتعاون مع إحدى الشركات الفرنسية‬ ‫املتخصصة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ومن مهرجانات املغرب امله ّمة مهرجان‬ ‫وارزازات لألفالم األمازيغية منذ ‪،2000‬‬ ‫ومهرجان طنجة ألفالم دول البحر المتوسط‬ ‫القصيرة منذ ‪ ،2002‬ومهرجان سال ألفالم‬ ‫المرأة‪ ،‬ومهرجان زاكورة ألفالم الصحراء‪ ،‬وبدأ‬ ‫ك ّل منهما العام ‪.2004‬‬ ‫ ‬

‫إخراج سعد الشرايـبي‪ ،‬وذاكرة معتقلة إخراج‬ ‫جياللي فرحاتي ‪ ،2004‬والفيلم التسجيلي‬ ‫الطويل أماكننا الممنوعة إخراج ليلى كيالني‬ ‫‪ .2008‬ومن أفالم العقد فوق الدار البيضاء‬ ‫المالئكة ال تحلق إخراج محمد عسلي ‪،2004‬‬ ‫والذي كان أ ّول فيلم مغربي ينطق باألمازيغية‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ّ 2009‬مت إنتاج ‪ 15‬فيلماً مغربياً‬ ‫روائياً طوي ًال أهمها براق إخراج محمد مفتكر‪،‬‬ ‫والمنسيون إخراج حسن بنجلون‪ ،‬وفينك‬ ‫أليام إخراج إدريس شويكة‪ .‬وكان الفيلم‬ ‫املغربي الذي حقّق أكرب اإليرادات يف السوق‬ ‫كازانجرا إخراج نور الدين لخماري من إنتاج‬ ‫‪ ،2008‬والذي يعترب من روائع األفالم المغربية‬ ‫والعربية‪ .‬وقد فاز العام ‪ 2009‬جبائزة أحسن‬ ‫إخراج يف مهرجان تاورمينا ألفالم دول‬ ‫البحر المتوسط يف إيطاليا ويف مهرجان‬ ‫وهران لألفالم العربية يف الجزائر‪ ،‬واجلائزة‬ ‫الربونزية يف مهرجان دمشق‪ ،‬وجائزة الفيلم‬ ‫األول أو الثاني يف مهرجان روتردام لألفالم‬ ‫العربية‪ ،‬واختري لتمثيل المغرب يف مسابقة‬ ‫أوسكار أحسن فيلم أجنيب‪ .‬ويف مهرجان برلين‬ ‫‪ 2009‬عرض من إنتاج ‪ 2008‬الرجل الذي باع‬ ‫العالم إخراج سويل وعماد نوري‪.‬‬ ‫ومن أهم األفالم التسجيلية الطويلة اليت ّمت‬ ‫إنتاجها العام ‪ 2009‬أحبك كثير ًا إخراج داليا‬ ‫إينارد‪ ،‬ولعنة البحر إخراج جواد رحاليب‪.‬‬ ‫أما األفالم القصرية فكانت ‪ 26‬فيلماً من أهمها‬ ‫بدون كالم إخراج عثمان الناصري‪ ،‬وصمت‬ ‫بصوت عال إخراج إدريس اإلدريسي‪ ،‬والروح‬ ‫التائهة إخراج جيهان البحار‪ ،‬وكاميال وجميلة‬ ‫إخراج سعاد حميدو‪.‬‬ ‫تطور الفيلم القصير‬ ‫موريتانيا‪ّ :‬‬ ‫ويف إطار االحتفال باليوبيل الذهيب ألول‬ ‫كانت موريتانيا حتت االحتالل الفرنسي‬ ‫فيلم مغربي طويل العام ‪ 2008‬أصدر المركز حتى استقلّت العام ‪ ،1960‬وأصبحت مجهورية‬ ‫السينمائي المغربي أول كتاب يف توثيق األفالم يف العام ‪ .1965‬ويف العام ‪ 1978‬قام اجليش‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫معطى موالنا‪ :‬الجنسيات المتّ حدة‬

‫اإلبداع‬

‫بثورة‪ ،‬ومنذ ذلك احلني تعاني البالد من‬ ‫التقلّبات السياسية بني احلكم العسكري واحلكم‬ ‫املدني حتى أن عدد "الثورات" العسكرية وصل‬ ‫إىل ‪ 15‬ثورة حتى ‪.2008‬‬ ‫عرفت موريتانيا العروض السينمائية للم ّرة‬ ‫األوىل العام ‪ 1940‬عرب السيارات املتج ّولة‪،‬‬ ‫واليت أطلق عليها الناس سيارات العفاريت‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ 1955‬أنشأت شركة فرنسية أول دار‬ ‫لعرض األفالم يف العاصمة نواكشوط‪ ،‬ووصل‬ ‫عدد دور العرض إىل ‪ 5‬دور العام ‪ 1959‬تعرض‬ ‫أفالماً فرنسية‪ ،‬وبعض األفالم األميركية‪.‬‬ ‫وبعد االستقالل العام ‪ 1960‬قام همام أفال‬ ‫بشراء دور العرض الفرنسية‪ ،‬وبناء دور عرض‬ ‫جديدة‪ .‬ووصل عدد دور العرض إىل ‪ 12‬داراً‬ ‫العام ‪ ،1977‬وإىل ‪ 20‬داراً العام ‪ .1979‬وبعد‬ ‫إنشاء التلفزيون العام ‪ ،1980‬وانتشار الفيديو‪،‬‬ ‫وظهور الفضائيات التلفزيونية‪ ،‬بدأت دور‬ ‫العرض تغلق منذ العام ‪ ،1990‬وأغلق آخرها‬ ‫العام ‪ ،2008‬وبذلك مل تعد هناك أ ّي دور‬ ‫عرض لعدد السكان البالغ حنو ‪ 4‬ماليني نسمة‪.‬‬ ‫وأصبحت عروض األفالم قاصرة على املراكز‬ ‫الثقافية‪ ،‬وخباصة األجنبية‪ ،‬وأه ّمها المركز‬ ‫الثقافي الفرنسي‪.‬‬ ‫وكما كان همام أفال رائداً يف جمال دور‬ ‫العرض‪ ،‬كان رائداً يف إنتاج وإخراج أ ّول أفالم‬ ‫موريتانية العام ‪ ،1961‬وهي األفالم القصرية‬ ‫تيرجيت وميمونة وبدوي في الحضر‪ ،‬واليت‬ ‫ص ّورها محمد ولد السالك‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ 1986‬أنشأت احلكومة "قسم‬ ‫السينما" الذي أنتج جريدة سينمائية غري‬ ‫دورية‪ ،‬ثم أنشأت العام ‪1970‬‬ ‫المؤسسة الوطنية‬ ‫ّ‬ ‫املؤسسة بإنتاج أفالم‬ ‫للسينما‪ .‬وقامت هذه ّ‬ ‫ع ّدة قصرية أهمها الرحالة ‪ ،1975‬ودعونا‬ ‫نبني البلد مع ًا إخراج محمد ولد صادق‪.‬‬ ‫وأنتج التلفزيون أفالم ع ّدة قصرية أخرى‬

‫أهمها‬ ‫إخراج يسلم ولد تاج الدين عن التعايش بني‬ ‫‪ 11‬طائفة يف قرية معطى موالنا‪ ،‬والمحاظر‪:‬‬ ‫جامعات الصحراء إخراج سيدي ولد السباعي‬ ‫عن املدارس الدينية يف موريتانيا (الكتاتيب)‪.‬‬ ‫مل يت ّم إنتاج أ ّي فيلم موريتاني طويل حتى‬ ‫اآلن‪ ،‬ولكن المهجر الموريتاني يف فرنسا‬ ‫شهد ثالثة خمرجني من موريتانيا أخرجوا‬ ‫‪ 13‬فيلماً روائياً طوي ًال منذ العام ‪ 1969‬حتى‬ ‫‪ 2004‬عربوا يف أفالمهم الفرنسية‪ ،‬سواء‬ ‫اليت ص ّورت يف موريتانيا أم خارجها‪ ،‬عن‬ ‫ثقافة بالدهم وهموم شعبهم على حنو جعلهم‬ ‫من أهم خمرجي أفريقيا والوطن العربي يف‬ ‫املهجر‪ ،‬وهم ميد هوندو وسيدني سوخونا‬ ‫وعبدالرحمن سيساكو‪.‬‬ ‫يعترب ميد هوندو منذ أخرج أ ّول أفالمه‬ ‫الشمس أو ‪ 1969‬من أعالم سينما ما بعد‬ ‫عب عن‬ ‫احلداثة يف العامل‪ ،‬ورمبا أه ّم سينمائي رّ‬ ‫مشكلة العبودية يف تاريخ السينما‪ .‬وهو خمرج‬ ‫أيديولوجي يساري تتكامل أفالمه يف التعبري عن‬ ‫رؤيته الفكرية وموقفه السياسي الصارم الذي‬ ‫ينحاز إىل القيم اإلنسانية الكربى‪ .‬وقد فاز‬ ‫باجلائزة الذهبية يف مهرجان قرطاج يف تونس‬ ‫العام ‪ 1974‬عن فيلمه الطويل الثاني عمال عرب‬ ‫عبيد‪ ،‬جيرانكم المستضعفين‪ .‬وقد أخرج‬ ‫مثانية أفالم أحدثها فاتيما‪ :‬المرأة الجزائرية‬ ‫من داكار ‪.2004‬‬ ‫أما سيدني سوخونا فقد أخرج الجنسية‬ ‫مهاجر ‪ ،1975‬والحق في الكالم ‪ 1977‬عن‬ ‫املهاجرين األفارقة والعرب يف فرنسا‪ ،‬ثم‬ ‫اعتزل السينما‪ ،‬وعاد إىل موريتانيا‪ ،‬وتف ّرغ‬ ‫للعمل السياسي‪ .‬وأما عبد الرحمن سيساكو‬ ‫الذي خت ّرج من معهد السينما يف موسكو العام‬ ‫‪ ،1991‬فقد صنع يف أفالمه الثالثة حتى اآلن‬ ‫ما ميكن وصفه بـواقعية جديدة يف السينما‬

‫‪501‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 502‬للتنمية الثقافية‬

‫اإلفريقية من حيث التعبري عن رؤية نقدية‬ ‫للواقع املعاصر‪ ،‬وهي الحياة على األرض ‪1988‬‬ ‫الذي ص ّوره يف مالي‪ ،‬ويف انتظار السعادة ‪2002‬‬ ‫الذي ص ّوره يف موريتانيا‪ ،‬ثم باماكو ‪ 2006‬الذي‬ ‫ص ّوره يف مالي‪ .‬وقد عرضت األفالم الثالثة يف‬ ‫مهرجان كان خارج املسابقة‪.‬‬ ‫وشهد املهجر يف فرنسا العام ‪ 2005‬الفيلم‬ ‫التسجيلي املعلومة نجمة الرمال إخراج الشيخ‬ ‫أنجاي عن جنمة املوسيقى املوريتانية معلومة‬ ‫منت الميداح‪.‬ومن خمرجي األفالم التسجيلية‬ ‫املوريتانيني يف فرنسا كريم مسكة‪ ،‬ويف قطر‬ ‫عبدالعزيز أحمد محمد الحسن‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ 2002‬شهدت السينما يف موريتانيا‬ ‫نقطة حت ّول كربى مع إنشاء دار السينمائيين‬ ‫كمؤسسة مستقلة تقوم بإنتاج‬ ‫يف نواكشوط ّ‬ ‫األفالم املص ّورة بكامريات الفيديو‪ّ ،‬‬ ‫وتنظم‬ ‫دورات تدريبية‪ ،‬وتوثّق األفالم املوريتانية وأفالم‬ ‫املخرجني املوريتانيني يف املهجر‪ ،‬بل وتقيم‬ ‫عروضاً عرب السيارات املتج ّولة تطلق عليها اسم‬ ‫"الشاشة الرحالة"‪ ،‬متاماً كما بدأت العروض‬ ‫العام ‪ ،1940‬ولكن يف واقع ثقايف خمتلف حيث‬ ‫مل تعد تس ّمى سيارات العفاريت‪.‬‬ ‫أسس دار السينمائيني املخرج عبدالرحمن‬ ‫ّ‬ ‫ولد أحمد سالم الذي درس يف فرنسا‪ ،‬وعمل‬ ‫مساعداً مع عبدالرحمن سيساكو الذي دعم‬ ‫املؤسسة دعماً قوياً‪ ،‬واختري رئيسها الشريف‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وقد أنتجت الدار أكثر من مائة فيلم قصري من‬ ‫األفالم التسجيلية والروائيّة حتى ‪ّ ،2009‬‬ ‫ونظمت‬ ‫منذ العام ‪ 2006‬مهرجاناً سنوياً باسم األسبوع‬ ‫الوطني للفيلم (سيناف) عقد دورته الرابعة‬ ‫من ‪ 23‬إىل ‪ 29‬تشرين األول‪/‬أكتوبر ‪.2009‬‬ ‫من أهم أفالم عبدالرحمن ولد أحمد سالم‬ ‫التسجيلية القصرية نواكشوط عن العاصمة‪،‬‬ ‫ورجل وخيمة وعلم عن االستقالل العام‬ ‫‪ 1960‬وزعيم االستقالل المختار ولد دادة‪،‬‬

‫وكال الفيلمني إنتاج ‪ ،2005‬وجذور مشرتكة‬ ‫‪ 2006‬عن املوسيقى يف موريتانيا‪ ،‬وآدان تي‬ ‫يف ‪ 2008‬عن السينما والتلفزيون‪ ،‬وجمعيتنا‬ ‫‪ 2009‬عن الربملان‪ ،‬والفيلم الروائي القصري‬ ‫تاكسي الديمقراطية ‪ 2007‬عن تطلّع الشعب‬ ‫إىل احلرية‪.‬‬ ‫ومن بني األفالم القصرية املت ّميزة يف دورة‬ ‫مهرجان (سيناف) ‪ 2007‬القلب النابض إخراج‬ ‫محمد سالم ولد دندو‪ ،‬ورحلة التامركيت‬ ‫إخراج محمد ولد أدوم‪ ،‬ويف دورة ‪ 2008‬هناك‬ ‫يف العاصمة إخراج أحمد الطالب ولد الطالب‬ ‫أخيار‪ ،‬وكومن إخراج دمب عمركان‪.‬‬ ‫ويف دورة ‪ّ ،2009‬مت عرض ‪ 33‬فيلماً موريتانياً‬ ‫عبت عن تط ّور هذه األفالم كماً وكيفاً‪،‬‬ ‫قصرياً رّ‬ ‫وكان أغلبها من إنتاج دار السينمائيني‪ ،‬وأقلها‬ ‫من إنتاج التلفزيون‪ ،‬أو من اإلنتاج الشخصي‪.‬‬ ‫ومن أهم اإلنتاج الشخصي العام ‪2009‬‬ ‫الفيلم التسجيلي الباحثات عن الحجر إخراج‬ ‫مريم منت بيروك‪ ،‬وموضوعه حبث النساء‬ ‫يف مدينة أزويرات عن األحجار الكرمية‪ .‬ومن‬ ‫أهم إنتاج التلفزيون الفيلم التسجيلي الكوالب‬ ‫إخراج محمد يحيى عن صيب يستخ ّرج مواد‬ ‫من القمامة‪ ،‬ويبيعها‪ ،‬حتى ينفق على أسرته‬ ‫ويواصل التعليم‪.‬‬ ‫أما أفالم دار السينمائيين (‪ 20‬فيلماً)‬ ‫فأهمها الفيلم التسجيلي صديقي الذي‬ ‫اختفى إخراج زين العابدين ولد المختار‬ ‫الذي فاز جبائزة أحسن فيلم يف المهرجان‬ ‫الوطني‪ ،‬واعترب حدث العام ‪ .2009‬ويف الفيلم‬ ‫يبحث املخرج عن صديقه وزميله يف الدراسة‬ ‫الذي اختفى فجأة‪ ،‬ويكتشف أنه ترك املدرسة‬ ‫الثانوية‪ ،‬والتحق باحملظرة‪ ،‬أو املدرسة الدينية‪،‬‬ ‫وأصبح املخرج خيشى أن جيد صورة صديقه‬ ‫يف نشرات األخبار التلفزيونية وقد قام بعملية‬ ‫انتحارية‪ .‬وقد أثار الفيلم ض ّجة كبرية‪ ،‬واعتربه‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫بعض رجال الدين إهانة للرتبية الدينية‬ ‫وللمسلمني‪ ،‬بل منهم من اتّهم املخرج بأنه‬ ‫"مرتد"‪ ،‬وبأن دار السينمائيين هي دار الكفر‪.‬‬ ‫ومن أفالم الدار امله ّمة أيضاً يف ‪ 2009‬األفالم‬ ‫التسجيلية ألوان الطيف إخراج المصطفى ولد‬ ‫البان عن التعايش بني الثقافات والقوميات‬ ‫واألعراق املتع ّددة يف موريتانيا‪ ،‬وعائشة إخراج‬ ‫أميناتا سي‪ ،‬وهي خمرجة أخرى إىل جانب‬ ‫مريم منت بيروك‪ ،‬والسينما‪ :‬بلدي وأنا إخراج‬ ‫عثمان دياجانا‪ ،‬والتعايش مع اإليدز إخراج‬ ‫الشيخ عمر با‪ ،‬و‪ 1989‬إخراج جبريل جياو‪،‬‬ ‫والعصامي إخراج أعلى الشيخ ولد لحبيب‪،‬‬ ‫وباسم التقاليد إخراج بوبكر نجوك‪.‬‬ ‫ ‬ ‫اليمن‪ :‬المشهد السينمائي يراوح‬ ‫مكانه‬

‫الواليات املتحدة‬ ‫‪0‬‬

‫األفالم املعروضة يف اليمن حبسب البلد املنتج (‪)2009‬‬ ‫اهلند‬ ‫‪25‬‬

‫مصر‬

‫‪25‬‬

‫أوروبا‬ ‫‪0‬‬

‫‪% 50‬‬

‫دول اخرى‬ ‫‪0‬‬

‫اليمن‬ ‫‪0‬‬

‫‪% 50‬‬

‫القصري جدران صنعاء إخراج فنّان السينما‬ ‫اإليطالي الكبري بيير باولو بازوليني (‪1922-‬‬ ‫‪ ،)1975‬والذي أخرجه العام ‪ 1971‬عندما كان‬ ‫يص ّور يف اليمن مشاهد من فيلمه الروائي‬ ‫الطويل ألف ليلة وليلة الذي عرض يف العام‬ ‫‪ .1974‬والفيلم العربي الروائي الطويل الوحيد‬ ‫حتى اآلن الذي ص ّور يف اليمن‪ ،‬المصري ثورة‬ ‫اليمن العام ‪ 1966‬إخراج عاطف سالم (‪1927-‬‬ ‫‪ ،)2002‬وهو من أفالم الدعاية السياسية ضد‬ ‫نظام اإلمامة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مت يف اجلنوب يف فرتة جمهورية اليمن‬ ‫الديمقراطية الشعبية إنتاج ‪ 20‬فيلماً تسجيلياً‬ ‫ملخرجني مينيني وعرب من أفالم الدعاية‬ ‫السياسية‪ .‬ويف مصر خت ّرج يف املعهد العالي‬ ‫للسينما مازن الجبلي الذي عمل يف األفالم‬ ‫املصرية‪ ،‬وعبد الملك السماوي الذي حاول‬ ‫إخراج رواية الرهينة للكاتب اليمين الكبري‬ ‫زيد مطيع دماج اليت صدرت العام ‪،1984‬‬ ‫فضل العمل يف السلك‬ ‫وعندما فشل يف ذلك‪ّ ،‬‬ ‫الديبلوماسي اليمين‪.‬‬ ‫وهناك أكثر من ‪ 20‬فيلماً من خمتلف‬

‫اإلبداع‬

‫كان إنشاء دور العرض ممنوعاً يف مشال‬ ‫اليمن‪ ،‬وذلك بأمر من اإلمام (امللك)‪ .‬ويف‬ ‫العام ‪ 1962‬قام اجليش بـ "ثورة"‪ ،‬وأعلنت‬ ‫اجلمهورية‪ .‬ويف العام ‪ 1966‬أُنشئت يف العاصمة‬ ‫صنعاء أول دار للعرض‪ ،‬وتزايد عدد دور‬ ‫العرض حتى وصل إىل ‪ 20‬داراً العام ‪.1980‬‬ ‫أما جنوب اليمن فقد كان حتت االحتالل‬ ‫البريطاني‪ ،‬وعندما استق ّل يف العام ‪،1967‬‬ ‫قامت فيه مجهورية اليمن الديمقراطية‬ ‫الشعبية‪ ،‬واليت انتهت العام ‪ ،1990‬و ّمت توحيد‬ ‫شطر ّي اليمن‪ .‬وأثناء فرتة تلك اجلمهورية ّمت‬ ‫إنشاء ‪ 20‬داراً للعرض يف اجلنوب أيضاً‪ ،‬وبذلك‬ ‫بلغ جمموع دور العرض يف اليمن املو ّحد ‪ 40‬داراً‪.‬‬ ‫بدأ عدد دور العرض يف االخنفاض حتى‬ ‫وصل إىل ‪ 5‬دور العام ‪ 2009‬تعرض ‪ 25‬فيلماً‬ ‫من مصر ومثلها من الهند‪ ،‬يف يوم للرجال وآخر‬ ‫للنساء‪ ،‬وتد ّر ‪ 50‬ألف دوالر أمريكي‪.‬‬ ‫ّمت تصوير عدد حمدود من األفالم األجنبية‬ ‫يف اليمن‪ ،‬وأهمها الفيلم اإليطالي التسجيلي‬

‫شكل رقم ‪12‬‬

‫‪503‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 504‬للتنمية الثقافية‬

‫األجناس واألطوار أخرجها مينيون يف املهجر‬ ‫حيث درسوا السينما‪ ،‬وص ّوروها يف اليمن‪ .‬ومن‬ ‫بني هذه األفالم الفيلم الربيطاني يوم جديد‬ ‫في صنعاء القديمة إخراج بدر بن الحرسي‬ ‫‪ .2005‬وجاء الفيلم حدثاً على الصعيدين العربي‬ ‫والعاملي‪ ،‬إذ نرى اليمن للم ّرة األوىل على شاشة‬ ‫السينما يف فيلم روائي طويل ملخرج ميين‪،‬‬ ‫وبفريق متثيل أغلبه من اليمن‪ ،‬وتدور أحداثه‬ ‫يعب‬ ‫وقت تصويره يف صنعاء العام ‪ .2004‬وفيه رّ‬ ‫احلرسي عن احلياة يف صنعاء‪:‬العمارة واألزياء‬ ‫والديكورات واملاكياج واللهجة والبيع والشراء‬ ‫واحلب والزواج والعالقات بني النساء والرجال‬ ‫وبني الفقراء واألثرياء واملواطنني واألجانب‪،‬‬ ‫يعب عن سكونية‬ ‫ويصنع أسلوباً واقعياً متط ّوراً رّ‬ ‫اجملتمع اليمين وعزلته عن العامل ابتداء من‬ ‫عنوانه إىل معناه الذي يلتحم مببناه وإيقاعه‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ 2008‬أخرج وليد العلفي الذي‬ ‫درس يف موسكو الفيلم الهندي الروائي الطويل‬ ‫الرهان الخاسر‪ ،‬عن استخدام اجلماعات‬ ‫املتط ّرفة الدين اإلسالمي لتحقيق أغراض‬ ‫سياسية يف اليمن‪.‬‬ ‫وكما كان بدر بن الحرسي رائداً يف األفالم‬ ‫الروائيّة الطويلة‪ ،‬كانت خديجة السالمي اليت‬ ‫تقيم يف فرنسا رائدة يف األفالم التسجيلية حيث‬ ‫أخرجت أكثر من ‪ 10‬أفالم قصرية وطويلة منذ‬ ‫‪ 1990‬أغلبها عن مشكالت املرأة يف اليمن‪،‬‬ ‫ومن أهم هذه األفالم املرأة يف اإلسالم ‪،1955‬‬ ‫وأرض شيبا ‪ ،1997‬والنساء والديمقراطية يف‬ ‫اليمن ‪ ،2004‬عن محبوبة اليت رشحت نفسها‬ ‫يف االنتخابات الربملانية العام ‪ ،2003‬ومل تفز‪،‬‬ ‫وغريبة في مدينتها ‪ 2005‬الذي فاز جبائزة‬ ‫جلنة التحكيم يف مهرجان طولون لألفالم‬ ‫التسجيلية يف فرنسا العام ‪ ،2006‬وأحدث خالصات‬ ‫أفالمها التسجيلية الطويلة أمينة ‪ .2006‬وهذا‬ ‫منذ اخرتاع سينماتوغراف لوميير يف‬ ‫الفيلم من األفالم القليلة يف تاريخ السينما فرنسا العام ‪ ،1895‬كان التأثري‪ ،‬واليزال‪،‬‬

‫اليت كان هلا أثر مباشر يف الواقع‪ ،‬ويعترب من‬ ‫أهم األفالم العربية التسجيلية حيث ص ّورته‬ ‫خديجة السالمي يف سجن النساء يف صنعاء‪،‬‬ ‫واختارت من بني السجينات أمينة احملكوم عليها‬ ‫باإلعدام لقتل زوجها‪ ،‬وأخريات حمكوم عليهن‬ ‫بالسجن بتهمة االختالء‪ ،‬أي جملرد ضبطه ّن‬ ‫مع رجال يف مكان واحد‪ .‬واستطاعت خديجة‬ ‫السالمي حبكم عملها يف السلك الديبلوماسي‬ ‫اليمين أن تعرض الفيلم على رئيس اجلمهورية‪،‬‬ ‫وأ ّكدت له أن أمينة عندما قتلت زوجها كانت‬ ‫قاصراً‪ ،‬والقانون ال يبيح إعدام القاصر‪ ،‬فأمر‬ ‫الرئيس بالتحقق من األمر‪ ،‬وعندما ثبتت‬ ‫صحته خفف احلكم إىل السجن‪.‬‬ ‫ويف العراق خت ّرج يف قسم السينما يف كلية‬ ‫الفنون الجميلة عبدالحكيم الحكيمي العام‬ ‫‪ ،1981‬وحميد العقبي العام ‪ .1997‬وبينما‬ ‫أخرج الحكيمي الفيلم التسجيلي القصري‬ ‫حفيدة بلقيس العام ‪ 1986‬من إنتاج التلفزيون‬ ‫اليمين الذي أنشئ يف العام ‪ ،1964‬كان فيلم‬ ‫تخرج العقبي في بغداد حماولة للكتابة بدم‬ ‫ّ‬ ‫شاعر عن قصيدة للشاعر والكاتب اليمين‬ ‫الكبري عبد العزيز المقالح‪ .‬وأقام العقبي يف‬ ‫باريس حيث أخرج فيلمني آخرين عن قصائد‬ ‫شعرية‪ ،‬حياة جامدة عن قصيدة للشاعر‬ ‫العراقي سعدي يوسف‪ ،‬والرتاج المبهور عن‬ ‫قصيدة للشاعر الكوييت الكبري عبدالعزيز‬ ‫سعود البابطين‪.‬‬ ‫ويف العام ‪ 2000‬أخرج سامي سيف الذي‬ ‫درس السينما وأقام يف الدانمرك فيلمه‬ ‫التسجيلي العائلة الذي ص ّوره يف اليمن‪ ،‬وفيه‬ ‫يبحث عن جذور عائلته‪ ،‬ومن بقي منها‪.‬‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫األفالم األجنبية التي عرضت في‬ ‫العالم العربي في العام ‪ 2009‬كانت‬ ‫في المئة أميركية و‪ 22‬في المئة هنديّة‬ ‫و‪ 8‬في المئة مصرية و‪ 3‬في المئة من دول‬ ‫أخرى‪ ،‬أ ّي أن أكثر من النصف أميركية‬ ‫وتصل إلى ‪ 200‬في ك ّل من اإلمارات‬ ‫والبحرين وقطر ولبنان و‪ 100‬في مصر‬ ‫وأق ّل من ‪ 100‬في الدول العربية األخرى‪،‬‬ ‫وإلى جانب مصر والمغرب تحصل ‪5‬‬ ‫دول عربية أخرى على ‪ 15‬في المئة‬ ‫من أسواقها المحليّة فقط‪ ،‬وهي تونس‬ ‫والجزائر وسورية ولبنان وفلسطين‪..‬‬ ‫‪57‬‬

‫أنتجت الدول العربية أكثر من ‪13‬‬ ‫ألف فيلم حتى العام ‪ 2009‬منها ‪ 5‬آالف‬ ‫فيلم طويل و‪ 8‬آالف فيلم قصير من‬ ‫أنواع الف ّن السينمائي الثالثة‪ :‬الروائي‬ ‫والتسجيلي والتشكيلي ومن بين األفالم‬ ‫تم انتاجها في مصر‬ ‫الطويلة ثمة ‪ 4‬آالف َّ‬ ‫و‪ 1000‬فيلم ت ّم إنتاجها في الدول العربية‬ ‫األخرى‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫اإلبداع‬

‫للدول‪/‬الثقافات اليت تنتج األفالم‪ ،‬واليت متلك‬ ‫دوراً لعرضها‪ ،‬وتستطيع توزيعها خارج حدودها‪،‬‬ ‫وليس للدول‪/‬الثقافات اليت تعرض األفالم‬ ‫األجنبية فقط‪ ،‬أو اليت تتمتّع بإنتاج حملّي‬ ‫حمدود‪ ،‬أو ضعيف التأثري‪ .‬وبقدر ما يؤ ّدي عدم‬ ‫وجود إنتاج حملّي مؤثّر إىل تهميش الثقافة‬ ‫الوطنية‪ ،‬يؤ ّدي عدم عرض أفالم أجنبية من‬ ‫خمتلف دول العامل إىل إضعاف الثقافة الوطنية‬ ‫بعزهلا عن الثقافات اإلنسانية األخرى‪.‬‬ ‫ومنذ البداية أيضاً كان للعالقات السياسية‬ ‫بني الدول الدور احلاسم يف عرض األفالم‬ ‫األجنبية‪ ،‬ولكن هذه العالقات مل يعد هلا دور‬ ‫كبري مع قنوات التلفزيون الفضائية وشرائط‬ ‫الفيديو واألسطوانات الرقمية واملوبايل وشبكة‬ ‫املعلومات الدولية (إنرتنت)‪ ،‬وهي الوسائل‬ ‫اجلديدة لعرض األفالم‪ ،‬واليت نتجت عن‬ ‫الثورة التكنولوجية اليت يشهدها العامل منذ‬ ‫أواخر القرن العشرين‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من التط ّور املستمر هلذه‬ ‫الوسائل اجلديدة‪ ،‬تظ ّل دار العرض الوسيلة‬ ‫الصحيحة لتلقي األفالم‪ ،‬فالفرق بني تلقي‬ ‫الفيلم على الشاشة الكبرية لدار العرض‪،‬‬ ‫وتلقيه على أ ّي من الشاشات الثالث اجلديدة‬ ‫(التلفزيون والكمبيوتر واملوبايل)‪ ،‬مثل الفرق‬ ‫بني تلقّي لوحة يف معرض أو متحف‪ ،‬وتلقيها‬ ‫عرب صورة فوتوغرافية يف كتاب أو جملة‪.‬‬ ‫كما أن لدور العرض مثل دور املسرح وقاعات‬ ‫املوسيقى وظيفة اجتماعية‪ ،‬وهي أن يشرتك‬ ‫عدد من الناس الذين ال يعرفون بعضهم البعض‬ ‫يف جتربة شعورية واحدة تق ّرب بينهم حتى لو‬ ‫اختلفوا على قيمة العمل املعروض‪.‬‬ ‫حبسب إحصاءات ‪ ،2009‬واألرقام هنا‬ ‫تقريبية‪ ،‬يوجد يف العامل ‪ 112‬ألف دار لعرض‬ ‫األفالم‪ ،‬درت ‪ 29‬مليار دوالر أمريكي‪َّ ،‬‬ ‫ومت إنتاج‬ ‫‪ 5‬آالف فيلم طويل منها ‪ 4‬آالف فيلم روائي و‪800‬‬

‫فيلم تسجيلي و‪ 200‬فيلم تشكيلي (حتريك)‪.‬‬ ‫ويتفاوت عدد دور العرض تفاوتاً كبرياً‬ ‫بالنسبة إىل أعداد الس ّكان‪ .‬ففي أميركا‬ ‫دار لعدد السكان البالغ ‪500‬‬ ‫الشمالية ‪ 42‬ألف ٍ‬ ‫مليون نسمة (‪ 40,000‬يف الواليات المتّ حدة‬ ‫األميركية و‪ 2,000‬يف كندا)‪ .‬ويف أوروبا ‪ 30‬ألف‬ ‫لعدد ‪ 750‬مليون نسمة‪ ،‬ويف آسيا ‪ 27‬ألف لعدد‬ ‫‪ 4‬مليار نسمة‪ ،‬ويف أميركا الالتينية ‪ 9‬آالف‬ ‫لعدد ‪ 400‬مليون نسمة‪ ،‬يف أستراليا ‪ 2000‬لعدد‬ ‫‪ 20‬مليون نسمة‪ ،‬ويف أفريقيا ‪ 1500‬لعدد مليار‬ ‫نسمة‪.‬‬ ‫وإيرادات هذه الدور ‪ 10‬مليار دوالر‬ ‫أمريكي يف أميركا الشمالية‪ ،‬و‪ 9‬مليارات‬ ‫يف أوروبا‪ ،‬و‪ 8‬مليارات يف آسيا‪ ،‬و‪ 2‬مليار يف‬ ‫أميركا الالتينية‪ ،‬و‪ 800‬مليون يف أستراليا‪،‬‬ ‫و‪ 120‬مليون يف إفريقيا‪.‬‬ ‫وإنتاج األفالم الطويلة ‪ 2,500‬يف آسيا‪،‬‬ ‫و‪ 1,250‬يف أوروبا‪ ،‬و‪ 750‬يف أميركا الشمالية‪،‬‬ ‫و‪ 300‬يف أميركا الالتينية‪ ،‬و‪ 100‬يف إفريقيا‪،‬‬ ‫و‪ 50‬يف أستراليا‪.‬‬ ‫ويف الوطن العربي ‪ 1200‬دار عرض لعدد‬ ‫السكان البالغ ‪ 340‬مليون نسمة د ّرت ‪ 200‬مليون‬ ‫دوالر أمريكي‪ ،‬وإنتاجه من األفالم الطويلة ‪80‬‬ ‫فيلماً‪ .‬وبالقياس إىل عدد السكان تأتي إسرائيل‬ ‫قبل ك ّل الدول العربية يف آسيا (‪ 380‬داراً لعدد‬ ‫السكان البالغ ‪ 7‬ماليني نسمة)‪ ،‬وتأتي جنوب‬ ‫إفريقيا قبل ك ّل الدول العربية يف إفريقيا‬ ‫(‪ 836‬داراً لعدد ‪ 50‬مليون نسمة)‪.‬‬ ‫من حيث دور العرض العام ‪ 2009‬تأتي مصر‬ ‫يف املرتبة األوىل (‪ )400‬تليها اإلمارات (‪)293‬‬ ‫ثم لبنان (‪ )192‬والجزائر (‪ )82‬والمغرب (‪)77‬‬ ‫والكويت (‪ )67‬والبحرين (‪ ،)53‬وال توجد أ ّي‬ ‫دور للعرض يف جزر القمر وجيبوتي والصومال‬ ‫وموريتانيا‪ .‬ومن حيث اإليرادات تأتي اإلمارات‬ ‫يف املرتبة األوىل (‪ 75‬مليون دوالر أمريكي)‬

‫‪505‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 506‬للتنمية الثقافية‬

‫والبحرين‬

‫تش ّكل مدرسة السينما المصريّة في‬ ‫أكثر من ألف فيلم على مدى ثالثين سنة‪،‬‬ ‫صفحة كاملة في تاريخ السينما في العالم‬ ‫العربي والعالم‪ ،‬وتكاد تكون صفحة مغلقة‬ ‫‪ ..‬وقد شهدت دول عربية أخرى في هذه‬ ‫الفترة إنتاج عدد محدود من األفالم‬ ‫ولهذه األفالم قيمة تاريخية ولكنها من‬ ‫دون تأثير حقيقي ‪ ..‬لقد صنعها ر ّواد‬ ‫شجعان ولكن تجاربهم لم تتح ّول إلى‬ ‫تيّار فعال من ضمن حركة الفنون في‬ ‫بالدهم‪..‬‬

‫تليها مصر(‪ )55‬ثم الكويت(‪)20‬‬ ‫(‪ )17‬وقطر (‪ )13‬ولبنان (‪ )12‬والمغرب‬ ‫(‪ )7‬واألردن (‪ )5‬وليبيا (‪ )3‬وعمان (‪ ،)3‬ويف‬ ‫الدول العربية األخرى كانت اإليرادات أقل من‬ ‫مليون دوالر‪.‬‬ ‫حتى العام ‪ 2000‬كانت السوق املصرية أكرب‬ ‫أسواق السينما يف الوطن العربي‪ ،‬ويف السنوات‬ ‫العشر املاضية‪ ،‬أوالعقد األول من القرن احلادي‬ ‫والعشرين‪ ،‬أصبح سوق اخلليج أكرب األسواق‬ ‫دار مثل مصر تد ّر ‪ 150‬مليوناً‪ ،‬ثالثة‬ ‫(‪ٍ 400‬‬ ‫أضعاف مصر)‪ .‬ويف العقد نفسه تراجعت أسواق‬ ‫الجزائر وتونس وليبيا تراجعاً كبرياً‪ ،‬كما‬ ‫تراجعت أسواق سوريا والعراق والسودان‪.‬‬ ‫األفالم األميركية‬

‫شارك سينمائيون من عديد من‬ ‫الدول العربية‪ ،‬وخصوصاً من سوريا‬ ‫ولبنان‪ ،‬في صنع مدرسة السينما‬ ‫المصرية‪ ،‬كما تعتبر األفالم المصرية‬ ‫التي أنتجت بعد العام‪ 1963‬جزءاً من‬ ‫مدرسة السينما العربية وهي صفحة‬ ‫كاملة من تاريخ السينما في العالم‬ ‫العربي والعالم‪ ،‬ولكنها صفحة مفتوحة‬ ‫حتى اآلن‪ ،‬وتتفاعل مع الصفحة الثالثة‪،‬‬ ‫وهي السينما العربية المستقلة‪ ،‬ويشكالن‬ ‫معاً المشهد السينمائي العربي اليوم‪..‬‬

‫استطاعت شركات السينما األمريكية‬ ‫الكربى يف هوليود التعبري عن الثقافة األمريكية‬ ‫بأسلوب بسيط وج ّذاب يراعي اختالف األذواق‬ ‫وتباين مستويات مجهور السينما يف ك ّل مكان‪،‬‬ ‫وأصبحت األفالم األمريكية منذ نهاية احلرب‬ ‫العاملية الثانية (‪ )1945 - 1939‬تهيمن على‬ ‫مجهور السينما يف بالدها والعامل‪ ،‬سواء يف‬ ‫دور العرض أم عرب الوسائل اجلديدة لتداول‬ ‫األفالم‪ ،‬ويبدو ذلك من خالل حصص األسواق‪.‬‬ ‫حصة األفالم األمريكية من سوقها احمللي‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وهو أكرب أسواق العامل‪ ،‬وصلت إىل ‪ % 91‬العام‬ ‫وحصتها من األسواق اخلارجية األكرب‬ ‫‪ّ ،2009‬‬ ‫يف ك ّل دول العامل ما عدا الهند ومصر والصين‬ ‫حصة األفالم احمللية يف الهند ‪،% 92‬‬ ‫ حيث تبلغ ّ‬ ‫ويف مصر ‪ ،% 80‬ويف الصين ‪ .% 57‬وحت ّد الدول‬ ‫الثالث من هيمنة األفالم األمريكية عن طريق‬ ‫قرارات حكومية حتدد عدد األفالم اليت يت ّم‬ ‫استريادها‪ ،‬وعدد النسخ اليت تعرض من ك ّل‬ ‫فيلم‪ .‬وتطالب احلكومات األميركية بإلغاء هذه‬ ‫القرارات على أساس أنها تتعارض مع االتفاقات‬

‫الدولية حلرية التجارة‪.‬‬ ‫ومن بني ك ّل دول العامل هناك عشر دول‬ ‫ فقط حتصل من أسواقها على حصة تزيد على‬ ‫‪ % 20‬ألفالمها احمللية‪ ،‬وهذه الدول هي اليابان‬ ‫ (‪ )% 56‬وتركيا (‪ )% 51‬وكورياالجنوبية (‪)% 48‬‬ ‫ وتايالند(‪)%37‬وفرنسا(‪)%36‬والسويد(‪)%32‬‬ ‫وك ّل من ألمانيا والمغرب (‪ )% 27‬والجمهورية‬ ‫التشيكية (‪ )% 25‬وإيطاليا (‪ .)% 24‬ويف ما عدا‬ ‫الهند ومصر والصين‪ ،‬تواجه دول العالم هيمنة‬ ‫األفالم األميركية‪ ،‬وخصوصاً يف دول االتحاد‬ ‫األوروبي‪ ،‬عن طريق الدعم احلكومي إلنتاج‬ ‫األفالم احمللية وتوزيع األفالم األجنبية غري‬ ‫األميركية‪ .‬وتهاجم احلكومات األميركية هذه‬ ‫السياسات على أساس أن أ ّي دعم حكومي أل ّي‬ ‫صناعة أو جتارة يتعارض مع حرية األسواق‪.‬‬ ‫واألفالم األجنبية اليت عرضت يف الوطن‬ ‫العربي العام ‪ 2009‬كانت ‪ % 57‬أميركية و‪% 22‬‬ ‫هندية و‪ % 8‬مصرية و‪ % 3‬من دول أخرى‪ .‬أ ّي‬ ‫أن أكثر من النصف أميركية‪ ،‬وتصل إىل ‪200‬‬ ‫يف ك ّل من اإلمارات والبحرين وقطر ولبنان‬ ‫و‪ 100‬يف مصر وأق ّل من ‪ 100‬يف الدول العربية‬ ‫األخرى‪ .‬وإىل جانب مصر والمغرب حتصل‬ ‫‪ 5‬دول عربية أخرى على ‪ % 15‬من أسواقها‬ ‫احمللية فقط‪ ،‬وهي تونس والجزائر وسوريا‬ ‫ولبنان وفلسطين‪.‬‬ ‫والظاهرة اليت ج ّدت منذ العام ‪ 1990‬حلول‬ ‫األفالم الهندية حمل األفالم المصرية حتى‬ ‫أصبح عددها العام ‪ 2009‬أكثر من ضعف عدد‬ ‫األفالم المصرية‪ .‬ويرجع ذلك إىل زيادة‬ ‫العمالة اهلندية يف دول اخلليج‪ ،‬حيث ّمت عرض‬ ‫أغلب األفالم اهلندية اليت عرضت يف الوطن‬ ‫خصصت يف‬ ‫العربي‪ ،‬وامليزانية الكبرية اليت ّ‬ ‫مؤسسات‬ ‫اهلند لرتويج أفالمها يف العامل‪ ،‬وفشل ّ‬ ‫السينما املصرية احلكومية وغري احلكومية‬ ‫يف احملافظة على وجود األفالم المصرية يف‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫األسواق العربية‪ ،‬واليت كانت امتداداً للسوق‬ ‫المصري منذ العام ‪ .1933‬وهذا الفشل ال تدفع‬ ‫مثنه شركات السينما يف مصر‪ ،‬فلها مصادر‬ ‫أخرى لإليرادات‪ ،‬وإمنا يؤثر سلباً على مجهور‬ ‫السينما من العرب من الناحية الثقافية حيث‬ ‫يزداد تأثري األفالم األجنبية ويرتاجع تأثري‬ ‫األفالم العربية املصرية وغري املصرية‪.‬‬ ‫إنتاج األفالم العربية‬

‫كان عدد األفالم العربية القصيرة‬ ‫حتى العام ‪ 1990‬ال يتجاوز ‪ 4‬آالف‬ ‫فيلم نصفها مصري‪ ،‬وأغلبها من أفالم‬ ‫الدعاية السياسية ‪ ..‬ومن العام ‪1990‬‬ ‫الى العام ‪ 2009‬تضاعف العدد حتى‬ ‫ت ّم إنتاج ‪ 4‬آالف فيلم أغلبها من اإلنتاج‬ ‫المستقل من أفالم المحترفين والهواة‪:‬‬ ‫ألف فيلم مصري‪ ،‬وألف فيلم خليجي‪،‬‬ ‫وألف فيلم في دول المشرق‪ ،‬وألف فيلم‬ ‫في دول المغرب‪..‬‬

‫يجري النقاش دائماً حول أسباب‬ ‫تميّز مدرسة السينما المصريّة‪ ،‬ولماذا‬ ‫تبقى وتحقّق هذا النجاح‪ ،‬وكيف يمكن‬ ‫صنع عصر ذهبي جديد للسينما العربية‬ ‫يماثل ذلك العصر؟‪ .‬واإلجابة األكاديمية‬ ‫أن هذه المدرسة كانت نتاج اتصال مصر‬ ‫المكبر بالحضارة الحديثة منذ تولّي‬ ‫محمد علي الحكم العام ‪ 1805‬والذي‬ ‫وصل إلى ذروته في عصر إسماعيل‪..‬‬ ‫وأنه لوال وقوف المرأة على المسرح في‬ ‫العام ‪ ،1907‬وإنشاء كلية الفنون العام‬ ‫‪ 1908‬وثورة ‪ 1919‬الشعبية الكبرى والتي‬ ‫أثمرت عن استقالل مصر العام ‪،1922‬‬ ‫وصدور دستور ‪ 1932‬لما كان من الممكن‬ ‫أن تنشأ تلك المدرسة‪..‬‬

‫ُعرف عصر مدرسة السينما المصرية‬ ‫من العام ‪ 1933‬إلى العام ‪ 1963‬بالعصر‬ ‫الذهبي للسينما المصرية‪ ..‬وقد ظلّت‬ ‫أفالم هذه المدرسة والتزال موضع شغف‬ ‫هائل واحترام كبير من جمهور السينما‬ ‫العربي‪ ،‬والذي ال يم ّل من تكرار مشاهدة‬ ‫روائعها من خالل القنوات التلفزيونية‬ ‫الفضائية ويحتفظ بها في المكتبات على‬ ‫شرائط فيديو أو اسطوانات رقميّة‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫اإلبداع‬

‫أنتجت الدول العربية أكثر من ‪ 13‬ألف فيلم‬ ‫حتى ‪ 2009‬منها ‪ 5‬آالف فيلم طويل و‪ 8‬آالف‬ ‫فيلم قصري من أنواع الفن السينمائي الثالثة‪:‬‬ ‫الروائي والتسجيلي والتشكيلي (التحريك)‪ .‬ومن‬ ‫بني األفالم الطويلة هناك ‪ 4‬آالف َّمت إنتاجها يف‬ ‫مصر وألف فيلم َّ‬ ‫مت إنتاجها يف الدول العربية‬ ‫األخرى‪ .‬وأغلب هذه األفالم روائيّة طويلة حيث‬ ‫ال يزيد عدد األفالم العربية الطويلة التسجيلية‬ ‫والتشكيلية على مائة فيلم يف ك ّل الدول العربية‪.‬‬ ‫ميكن تقسيم تاريخ األفالم العربية الروائيّة‬ ‫الطويلة إىل ثالث مراحل أساسية‪ :‬املرحلة‬ ‫األوىل مدرسة السينما المصرية من ‪ 1933‬إىل‬ ‫‪ ،1963‬واملرحلة الثانية مدرسة السينما العربية‬ ‫من أواخر ستينيات القرن العشرين حيث نضج‬ ‫اإلنتاج السينمائي يف الجزائر وتونس والمغرب‬ ‫وسوريا ولبنان والعراق‪ ،‬واملرحلة الثالثة‬ ‫السينما العربية المستقلة من ‪ 1990‬حيث‬ ‫نضج اإلنتاج يف فلسطين‪ ،‬ويف دول الخليج‪.‬‬ ‫تش ّكل مدرسة السينما المصرية يف أكثر من‬ ‫ألف فيلم على مدى ثالثني سنة‪ ،‬صفحة كاملة‬ ‫يف تاريخ السينما يف الوطن العربي والعالم‪،‬‬ ‫وتكاد تكون صفحة مغلقة‪ .‬وقد شهدت دول‬ ‫عربية أخرى يف هذه الفرتة إنتاج عدد حمدود‬ ‫من األفالم‪ ،‬وهلذه األفالم قيمة تارخيية‪،‬‬ ‫ولكنها من دون تأثري حقيقي‪ .‬لقد صنعها ر ّواد‬ ‫شجعان‪ ،‬ولكن جتاربهم مل تتح ّول إىل تيار ف ّعال‬

‫من ضمن حركة الفنون يف بالدهم‪.‬‬ ‫وقد شارك سينمائيون من عديد من الدول‬ ‫العربية‪ ،‬وخصوصاً يف سوريا ولبنان‪ ،‬يف صنع‬ ‫مدرسة السينما املصرية‪ ،‬كما تعترب األفالم‬ ‫املصرية اليت أنتجت بعد ‪ 1963‬جزءاً من مدرسة‬ ‫السينما العربية‪ ،‬وهي صفحة كاملة أخرى من‬ ‫تاريخ السينما يف الوطن العربي والعامل‪ ،‬ولكنها‬ ‫صفحة مفتوحة حتى اآلن‪ ،‬وتتفاعل مع الصفحة‬ ‫الثالثة‪ ،‬وهي السينما العربية املستقلة‪ ،‬ويش ّكالن‬ ‫معاً املشهد السينمائي العربي اليوم‪.‬‬ ‫السينما املستقلّة مصطلح يقصد به‬ ‫األفالم اليت يت ّم إنتاجها بواسطة شركات‬ ‫صغرية ومبيزانيات صغرية تتحرر من شروط‬ ‫إنتاج أفالم الشركات الكبرية ذات امليزانيات‬ ‫الكبرية‪ ،‬وأه ّم هذه الشروط قابلية الفيلم‬ ‫إلرضاء أذواق كثرية يف بالد كثرية‪ ،‬وإسناد‬ ‫متثيل األدوار الرئيسة إىل جنوم كبار‪ ،‬ومراعاة‬ ‫الرقابة املفروضة على األفالم يف أغلب دول‬ ‫العامل‪.‬‬ ‫وقد بدأت حركة السينما العربية املستقلة‬ ‫يف مصر العام ‪ 1990‬مع تط ّور كامريات الفيديو‬ ‫الرقمية‪ ،‬واليت جعلت السينما "قلماً" باملعنى‬ ‫املادي‪ ،‬وليس اجملازي‪ .‬فقد كان العديد من‬ ‫النقّاد ّ‬ ‫واملنظرين حلركات التجديد من نيويورك‬ ‫إىل طوكيو وباريس حيلمون بأن تصبح كامريا‬ ‫السينما مثل القلم بالنسبة إىل األديب‪ ،‬أي أن‬ ‫يكتب بها السينمائي ما يشاء وقتما يشاء من‬ ‫دون قيود صناعة السينما وحساباتها املعقدة‪،‬‬ ‫وحتقّق هذا احللم مع كامريات الفيديو الرقمية‪،‬‬ ‫وبدأ عصر جديد للسينما يف العامل‪.‬‬ ‫وبفضل هذه الكامريات تط ّورت األفالم‬ ‫القصرية من أنواع السينما الثالثة على حنو‬ ‫غري مسبوق‪ ،‬سواء يف أفالم احملرتفني أم‬ ‫اهلواة‪ ،‬وعادت أفالم اهلواة تش ّكل مك ّوناً رئيساً‬ ‫من مك ّونات السينما‪ ،‬كما كان األمر يف العقد‬

‫‪507‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 508‬للتنمية الثقافية‬

‫من أهم القضايا القديمة – الجديدة‬ ‫التي أثيرت على نطاق واسع في العام‬ ‫‪ 2009‬قضية المحافظة على التراث‬ ‫السينمائي العربي المك ّون من ‪ 13‬ألف‬ ‫فيلم وبخاصة األلف فيلم التي تش ّكل‬ ‫مدرسة السينما المصرية‪ ..‬فالمعروف‬ ‫أن األفالم تصنع من مواد قابلة لالندثار‬ ‫إذا لم تت ّم المحافظة عليها بشروط‬ ‫علمية معيّنة ‪ ..‬ومن بين ك ّل دول العالم‬ ‫فإن العالم العربي‪ ،‬بما في ذلك مصر‪ ،‬ال‬ ‫يملك "سينماتيك" أي دار لحفظ األفالم‬ ‫وجمع وثائقها وك ّل ما نشر عنها من‬ ‫مطبوعات بك ّل الّلغات‪..‬‬

‫المكان األكثر منطقية إلقامة دار‬ ‫السينما العربية هو القاهرة بحكم‬ ‫إنتاجها أغلب األفالم العربية‪ ،‬والجهة‬ ‫المنوط بها اإلنفاق على هذه الدار هي‬ ‫الدولة ‪ ..‬ولكن الدولة المصرية ال تهتم‬ ‫بإقامة دار للسينما العربية أو شتّى دار‬ ‫للسينما المصرية على الرغم من إجماع‬ ‫الرأي العام على المطالبة بذلك منذ‬ ‫عقود طويلة‪..‬‬

‫األول بعد اخرتاعها‪ ،‬أو يف مثل هذه السنوات‬ ‫منذ مائة سنة‪ .‬وبفضل تلك الكامريات أيضاً‬ ‫تط ّورت السينما يف دول اخلليج العربي‪ ،‬مبا يف‬ ‫ذلك السعودية اليت حت ّرم إنشاء دور العرض‪،‬‬ ‫وتط ّورت السينما يف األردن‪ ،‬وأصبحت سالحاً‬ ‫بك ّل معنى الكلمة يف فلسطين ض ّد االحتالل‬ ‫اإلسرائيلي‪ ،‬وسينما موازية حيث تشتّد الرقابة‬ ‫يف سوريا وتونس‪ ،‬وسينما أخرى جديدة متاماً‬ ‫يف العراق‪.‬‬ ‫كان عدد األفالم العربية القصرية حتى‬ ‫العام ‪ 1990‬ال يتجاوز ‪ 4‬آالف فيلم نصفها‬ ‫مصري‪ ،‬وأغلبها من أفالم الدعاية السياسيّة‪.‬‬ ‫ومن ‪ 1990‬حتى ‪ 2009‬تضاعف العدد حيث َّمت‬ ‫إنتاج ‪ 4‬آالف فيلم أغلبها من اإلنتاج املستقل‬ ‫من أفالم احملرتفني واهلواة‪ :‬ألف فيلم مصري‬ ‫وألف فيلم خليجي وألف فيلم يف دول المشرق‬ ‫وألف فيلم يف دول المغرب‪ .‬وال تقتصر حركة‬ ‫السينما العربية املستقلة على األفالم القصرية‪،‬‬ ‫فهناك ما ال يق ّل عن مائة فيلم عربي طويل‬ ‫مستقل أغلبها من األفالم التسجيلية‪ .‬ومن‬ ‫شكل رقم ‪13‬‬ ‫الواليات املتحدة‬ ‫‪1395‬‬

‫املعروف أن األفالم التسجيلية الطويلة‪ ،‬وكذلك‬ ‫األفالم التشكيلية (التحريك) تعيش نهضة‬ ‫كربى يف ك ّل العامل منذ عقدين‪ ،‬وتسهم األفالم‬ ‫العربية التسجيلية الطويلة املستقلة يف هذه‬ ‫النهضة‪ ،‬وخباصة من خالل األفالم الّلبنانية‬ ‫والسورية والعراقية والفلسطينية‪.‬‬ ‫يطلق على عصر مدرسة السينما المصرية‬ ‫من ‪ 1933‬إىل ‪ 1963‬العصر الذهيب للسينما‬ ‫المصرية‪ .‬وقد ظلّت أفالم هذه املدرسة‬ ‫والتزال موضع شغف هائل واحرتام كبري من‬ ‫مجهور السينما العربي‪ ،‬والذي ال مي ّل من تكرار‬ ‫مشاهدة روائعها من خالل القنوات التلفزيونية‬ ‫الفضائية‪ ،‬وحيتفظ بها يف املكتبات على شرائط‬ ‫فيديو أو اسطوانات رقمية‪ ،‬ويت ّم إنتاج مئات‬ ‫الربامج التلفزيونية عنها‪ ،‬وعن أعالمها‪،‬‬ ‫وإصدار عشرات الكتب واألحباث والرسائل‬ ‫اجلامعية‪.‬‬ ‫ودائماً جيري النقاش حول سبب أو أسباب‬ ‫متيز أفالم مدرسة السينما املصرية‪ ،‬وملاذا‬ ‫تبقى وحتقّق هذا النجاح‪ ،‬وكيف ميكن صنع‬

‫األفالم املعروضة يف سوق السينما العربية حبسب مصادرها (‪)2009‬‬ ‫اهلند‬ ‫‪535‬‬

‫أسيا‬

‫أوروبا‬

‫‪6‬‬

‫دول اخرى‬ ‫‪77‬‬

‫‪183‬‬

‫‪%9‬‬ ‫‪%3‬‬ ‫‪%8‬‬ ‫‪%0‬‬

‫‪% 57‬‬ ‫‪% 22‬‬

‫االفالم العربية‬ ‫‪230‬‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫مع وجود مدرسة السينما العربية‬ ‫منذ ستينيات القرن الماضي‪ ،‬ثم السينما‬ ‫العربية المستقلة منذ التسعينيّات‪ ،‬لم‬ ‫تعد مصر هي البلد العربي الوحيد الذي‬ ‫ينتج األفالم بانتظام‪ ،‬بل أصبح التراث‬ ‫السينمائي العربي المك ّون من ‪ 13‬ألف‬ ‫فيلم نصفه فقط‪ ،‬أو أق ّل من النصف‪،‬‬ ‫من اإلنتاج المصري‪ ،‬ولذلك فالواجب‬ ‫أن تقام دار السينما العربية في أ ّي دولة‬ ‫عربية تدرك أهمية وجود هذه الدار‪. .‬‬

‫اإلبداع‬

‫عصر ذهيب جديد للسينما العربية مياثل ذلك‬ ‫العصر‪ .‬واإلجابة األكادميية أن هذه املدرسة‬ ‫كانت نتاج اتصال مصر املبكر باحلضارة احلديثة‬ ‫منذ تولّي محمد علي احلكم العام ‪ ،1805‬والذي‬ ‫وصل إىل ذروته يف عصر إسماعيل‪ .‬وأنه لوال‬ ‫وقوف املرأة على املسرح العام ‪ ،1907‬وإنشاء‬ ‫كلية الفنون العام ‪ ،1908‬وثورة ‪ 1919‬الشعبية‬ ‫الكربى‪ ،‬واليت أمثرت عن استقالل مصر العام‬ ‫‪ ،1922‬وصدور دستور ‪ ،1932‬ملا كان من املمكن‬ ‫أن تنشأ تلك املدرسة‪.‬‬ ‫وهذه اإلجابة صحيحة‪ ،‬ولكن هناك دوالً‬ ‫عربية أخرى وقفت فيها املرأة على املسرح‪،‬‬ ‫وأنشئت فيها كليات للفنون‪ ،‬واستقلّت وأصبح‬ ‫هلا دستورها‪ ،‬وتوافرت فيها األموال وأحدث‬ ‫املع ّدات واملواهب يف التمثيل واإلخراج والتصوير‬ ‫وغريها من املهن السينمائية‪ ،‬ومع ذلك مل تنتج‬ ‫أفالماً ذات قيمة فنية‪.‬‬ ‫الشرط األساس إلنتاج أفالم ذات قيمة‬ ‫فنّية‪ ،‬تقبّل مجهور السينما ألن يرى صوراً‬ ‫حقيقية من حياته‪ ،‬ورؤى نقدية لصفحات من‬ ‫تارخيه على الشاشة‪ ،‬ويكون تأثري هذه األفالم‬ ‫بقدر احلرية اليت تتاح للتعبري عن الواقع‬ ‫والتاريخ‪ ،‬وبقدر ثباتها للمقارنة مع األفالم‬ ‫األجنبية اليت يشاهدها اجلمهور نفسه‪ .‬وهذا‬ ‫ما حدث يف مصر من ‪ 1933‬إىل ‪ ،1963‬وأ ّدى‬ ‫إىل وجود مدرسة السينما املصرية أو العصر‬ ‫الذهيب األول للسينما العربية‪.‬‬ ‫وال يتحقّق هذا الشرط إال يف املدينة‪،‬‬ ‫فالسينما ف ّن نشأ وتط ّور يف املدينة بك ّل مساتها‬ ‫وخصائصها‪ ،‬وأه ّمها أن املدن مفتوحة على‬ ‫العكس من القرى املغلقة على سكانها‪ ،‬والقبائل‬ ‫اليت ال تبارح مكانها‪ ،‬وإن أكرما الغريب‪.‬‬ ‫مؤسسو املدينة غرباء جاؤوا من أماكن شتى‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وحتّى من يولد فيها يقول أصلي من هنا أو‬ ‫هناك‪ .‬سكان املدينة يتعايشون مع كونهم‬

‫غرباء‪ ،‬وبالتالي يتقبلون احلياة مع أي غرباء‬ ‫جدد‪ .‬أو بعبارة أخرى يتقبّلون اآلخر‪ ،‬ويسعدون‬ ‫بالتن ّوع الضروري للتعبري الدرامي‪.‬‬ ‫ولذلك مل تكن مصادفة أن تكون العروض‬ ‫األوىل لسينماتوغراف لوميير يف مصر يف‬ ‫اإلسكندرية العام ‪ 1896‬بعد سنة واحدة من‬ ‫العرض األول يف باريس‪ ،‬وال أن يت ّم فيها إنتاج‬ ‫أول فيلم مصري العام ‪ ،1907‬فقد كانت آنذاك‬ ‫األمنوذج الكامل للمدينة يف مصر وك ّل الوطن‬ ‫العربي‪ .‬يف املدينة يوجد اجلمهور الذي يقبل‬ ‫أن يرى على الشاشة ممثلة من مواطنيه تقوم‬ ‫بدور عاهرة وال يعتربها كذلك يف الواقع‪ ،‬ويقبل‬ ‫أن يرى صفحة سوداء من تارخيه‪ ،‬وال يعتربها‬ ‫إساءة لوطنه‪ ،‬وتطول األمثلة‪.‬‬ ‫وقد كانت أهم القضايا القدمية‪/‬اجلديدة‬ ‫اليت أثريت على نطاق واسع يف العام ‪ 2009‬هي‬ ‫قضية احملافظة على الرتاث السينمائي العربي‪،‬‬ ‫املك ّون من ‪ 13‬ألف فيلم‪ ،‬وخباصة األلف فيلم‬ ‫اليت تش ّكل مدرسة السينما املصرية‪ .‬فاملعروف‬ ‫أن األفالم تصنع من مواد قابلة لالندثار إذا مل‬ ‫تت ّم احملافظة عليها بشروط علمية معيّنة‪ .‬ومن‬ ‫بني ك ّل دول العامل فإن الوطن العربي‪ ،‬مبا يف‬ ‫ذلك مصر‪ ،‬ال ميلك سينماتيك أو دار السينما‬ ‫مجمع الّلغة العربية يف القاهرة‬ ‫حبسب ترمجة‬ ‫ّ‬ ‫للكلمة الفرنسية‪ ،‬على غرار دار الكتب‪ ،‬وهي‬ ‫املؤسسة اليت حتفظ األفالم وجتمع وثائقها‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وك ّل ما نشر عنها من مطبوعات بكل اللغات‪.‬‬ ‫واملكان األكثر منطقية إلقامة دار السينما‬ ‫العربية هو القاهرة حبكم إنتاجها أغلب‬ ‫األفالم العربية‪ ،‬واجلهة املنوط بها اإلنفاق على‬ ‫هذه الدار هي الدولة‪ ،‬كما يف ك ّل بالد العامل‪،‬‬ ‫فال توجد دار كتب قطاع خاص‪ ،‬وكذلك األمر‬ ‫بالنسبة إىل دار السينما‪ .‬ولكن الدولة املصرية‬ ‫ال تهتم بإقامة دار للسينما العربية أو حتى‬ ‫السينما املصرية على الرغم من إمجاع الرأي‬

‫‪509‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 510‬للتنمية الثقافية‬

‫دور العرض السينمائي وإيراداتها يف العام ‪2009‬‬

‫جدول رقم ‪1‬‬

‫م‪.‬‬

‫الدولة‬

‫السكان‬ ‫باملليون‬

‫دور‬ ‫العرض‬

‫اإليرادات بالدوالر‬ ‫األمريكي‬

‫‪1‬‬

‫األردن‬

‫‪6‬‬

‫‪32‬‬

‫‪5,000,000‬‬

‫‪2‬‬

‫اإلمارات‬

‫‪5‬‬

‫‪239‬‬

‫‪75,000,000‬‬

‫‪3‬‬

‫البحرين‬

‫‪1‬‬

‫‪53‬‬

‫‪17,000,000‬‬

‫‪4‬‬

‫تونس‬

‫‪11‬‬

‫‪21‬‬

‫‪200,000‬‬

‫‪5‬‬

‫اجلزائر‬

‫‪35‬‬

‫‪82‬‬

‫‪300,000‬‬

‫‪6‬‬

‫جزر القمر‬

‫‪1‬‬

‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫‪7‬‬

‫جيبوتي‬

‫‪1‬‬

‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫‪8‬‬

‫السعودية‬

‫‪25‬‬

‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫‪9‬‬

‫السودان‬

‫‪40‬‬

‫‪7‬‬

‫‪50,000‬‬

‫‪10‬‬

‫سوريا‬

‫‪20‬‬

‫‪25‬‬

‫‪100,000‬‬

‫‪11‬‬

‫الصومال‬

‫‪10‬‬

‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫‪12‬‬

‫العراق‬

‫‪25‬‬

‫‪5‬‬

‫‪1,200‬‬

‫‪13‬‬

‫عُمان‬

‫‪3‬‬

‫‪9‬‬

‫‪3,000,000‬‬

‫‪14‬‬

‫فلسطني‬

‫‪4‬‬

‫‪5‬‬

‫‪200,000‬‬

‫‪15‬‬

‫قطر‬

‫‪1‬‬

‫‪37‬‬

‫‪13,000,000‬‬

‫‪16‬‬

‫الكويت‬

‫‪4‬‬

‫‪67‬‬

‫‪20,000,000‬‬

‫‪17‬‬

‫لبنان‬

‫‪4‬‬

‫‪92‬‬

‫‪12,000,000‬‬

‫‪18‬‬

‫ليبيا‬

‫‪6‬‬

‫‪10‬‬

‫‪3,000,000‬‬

‫‪19‬‬

‫مصر‬

‫‪77‬‬

‫‪403‬‬

‫‪55,000,000‬‬

‫‪20‬‬

‫املغرب‬

‫‪32‬‬

‫‪77‬‬

‫‪7,000,000‬‬

‫‪21‬‬

‫موريتانيا‬

‫‪3‬‬

‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫‪22‬‬

‫اليمن‬

‫‪23‬‬

‫‪5‬‬

‫‪50,000‬‬

‫‪337‬‬

‫‪1,169‬‬

‫‪210,901,200‬‬

‫اجملموع‬

‫مالحظات‪ :‬اليشمل اإلحصاء الخاص بالعراق إقليم كردستان‬ ‫العالمة (‪ )-‬تعني عدم وجود دور عرض‬

‫العام على املطالبة بذلك منذ عقود طويلة‪ .‬بل‬ ‫إن هذه الدار مطلب من مطالب السينمائيني‬ ‫واملؤ ّرخني والباحثني يف ك ّل العامل‪ ،‬فهم يريدون‬ ‫دراسة السينما العربية‪ ،‬ولكن هذه الدراسة‬ ‫يستحيل أن تت ّم‪ ،‬أو أن تت ّم باألسلوب العلمي‬ ‫الصحيح من دون أن تتوافر املعلومات الدقيقة‬ ‫والوثائق الكاملة والنسخ الكاملة من األفالم‪،‬‬ ‫ولذلك فالسينما العربية أق ّل سينما تصدر عنها‬ ‫دراسات بالّلغات املختلفة‪.‬‬ ‫ومع وجود مدرسة السينما العربية منذ‬ ‫ستينيات القرن املاضي‪ ،‬ثم السينما العربية‬ ‫املستقلة منذ التسعينيات‪ ،‬مل تعد مصر هي البلد‬ ‫العربي الوحيد الذي ينتج األفالم بانتظام‪ ،‬بل‬ ‫أصبح الرتاث السينمائي العربي املك ّون من ‪13‬‬ ‫ألف فيلم نصفه فقط أو أق ّل من النصف من‬ ‫اإلنتاج املصري‪ ،‬ولذلك فالواجب أن تقام دار‬ ‫السينما العربية يف أ ّي دولة عربية تدرك أهمية‬ ‫وجود هذه الدار‪ ،‬والواجب أن تقام بواسطة‬ ‫املؤسسات املعنيّة بالرتاث الثقايف العربي‬ ‫إحدى ّ‬ ‫إذا مل توجد هذه الدولة‪ .‬فامله ّم ليس أين وال‬ ‫كيف‪ ،‬وإمنا أن يزال هذا العار احلضاري‪ ،‬وهو‬ ‫إهمال األفالم ووثائقها وما نشر عنها‪.‬‬


‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫‪511‬‬

‫اإلبداع‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 512‬للتنمية الثقافية‬


‫املسرح‬ ‫حركة املسرح العربي في العام ‪2009‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 514‬للتنمية الثقافية‬

‫اإلبداع املسرحي لعام ‪2009‬‬ ‫احتفلت بلدان عربية ع ّدة العام ‪ 2009‬مبرور‬ ‫مئة سنة على انطالق املسرح فيها‪ ،‬فيما بالد‬ ‫أخرى جتاوزت هذه الذكرى منذ عقود‪ ،‬ويف‬ ‫هذا داللة على أ ّن املسرح صار فنّاً راسخاً يف‬ ‫عاملنا العربي‪ ،‬ولعلّه دخل بيئتنا جبدارة حني‬ ‫جتاوز املسرحيّون اإلطار الغربي هلذا الف ّن‬ ‫إىل استلهام العروض املشهدية يف البيئات‬ ‫التقليدية العربية‪ ،‬فصار املسرح استمراراً‬ ‫هلذه العروض وتطويراً هلا يتصاحل مع تراث‬ ‫مجاهريي عريق‪.‬‬ ‫وإذا كان املسرح يعجز إىل اآلن عن‬ ‫إرساء تقليد العرض اليومي يف هذه العاصمة‬ ‫العربية أو تلك‪ ،‬فهو مل يغب عن املشاهدين‬ ‫طوي ًال‪ ،‬ووسيلته إىل ذلك املهرجانات النخبوية‬ ‫والشعبية والعروض املتنقلة يف املناطق وكذلك‬ ‫املخصصة للتالميذ يف املدارس‬ ‫العروض‬ ‫ّ‬ ‫واجلامعات‪.‬‬ ‫ويش ّكل املسرح العربي معادالً فنّياً مشهدياً‬ ‫لنجاحات اجملتمع وإخفاقاته‪ ،‬فهو يعكسها على‬ ‫النص املمس َرح‪ ،‬ورمبا من أجل‬ ‫اخلشبة‪ ،‬ويف ّ‬ ‫هذا وغريه حيظى بدعم مادي ومعنوي من‬ ‫الدولة‪ ،‬ومن هيئات اجملتمع املدني‪ ،‬من باب‬ ‫احلرص على وجوده واستمراره ولزوم هذا‬ ‫الوجود واالستمرار‪.‬‬ ‫يف هذا املسح السنوي حلال املسرح العربي‬ ‫ما يضيء أحواله يف معظم البلدان العربية‬ ‫خالل العام ‪.2009‬‬

‫األردن‪ :‬االقتباس يطغى على العروض‬ ‫الجديدة‬ ‫هجرة المسرح‬

‫باستثناء مناسبتني ثابتتني هما مهرجان‬ ‫املسرح األردني‪ ،‬وأيام عمان املسرحية‪ ،‬مل‬ ‫يكن هناك أ ّي حراك مسرحي يف األردن‬ ‫خالل العام ‪ ،2009‬ومل تُعرض خارح هاتني‬ ‫املناسبتني الّلتني تبقيان على الدم املسرحي‬ ‫جيري يف عروق احلياة الثقافية األردنية‪ ،‬أ ّي‬ ‫أعمال الفتة لالنتباه أو تضيف جديداً إىل‬ ‫تاريخ احلركة املسرحية األردنية‪ .‬فـ األردن‬ ‫ومنذ ما يزيد على العشرين عاماً ليست لديه‬ ‫عروض مسرحية دائمة وال مسارح تق ّدم عروضاً‬ ‫جديدة‪ .‬كما أن النصوص املسرحية عادة ما‬ ‫تعتمد على اإلعداد أو االقتباس من املسرحني‬ ‫العربي والعاملي‪ ،‬ال على التأليف األصيل‪ ،‬وهذا‬ ‫حال املسرح العربي عموماً ال املسرح األردني‬ ‫ختصيصاً‪ .‬وعلى الرغم من أن واحداً من كتّاب‬ ‫املسرح املميّزين يف العامل العربي‪ ،‬وهو األردني‬ ‫جمال أبو حمدان‪ ،‬قد كتب خالل العقود الثالثة‬ ‫األخرية بعضاً من املسرحيات اليت تع ّد عالمات‬ ‫على الكتابة املسرحية املتميّزة‪ ،‬إال أن املسرح يف‬ ‫نص واضحة‪ ،‬باإلضافة‬ ‫األردن يعاني من أزمة ّ‬ ‫إىل غياب دور عرض مسرحي على مدار‬ ‫العام‪ .‬وباستثناء ما يطلق عليه اسم املسرح‬ ‫الكوميدي‪ ،‬الذي يق ّدم أيضاً عروضاً مومسية‬ ‫يف العادة‪ ،‬يف شهر رمضان ويف األعياد‪ ،‬حيث‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫األردن ومنذ ما يزيد على العشرين‬ ‫عاماً ليست لديه عروض مسرحية‬ ‫دائمة وال مسارح تق ّدم عروضاً‬ ‫جديدة‪..‬كما أن النصوص المسرحيّة‬ ‫عاد ًة ما تعتمد على اإلعداد أو االقتباس‬ ‫من المسرحين العربي والعالمي ال على‬ ‫التأليف األصيل‪..‬‬

‫يتّفق المهت ّمون بالمسرح على أن‬ ‫مهرجان المسرح األردني الذي تشرف‬ ‫عليه دائرة المسرح في وزارة الثقافة‬ ‫األردنية استطاع خالل السنوات‬ ‫األخيرة أن يبقي على شعلة المسرح‬ ‫ويحفظ هذا النوع من اإلبداع من‬ ‫االنقراض بسبب غياب جمهور المسرح‬ ‫وانصراف العاملين فيه إلى العمل في‬ ‫المسلسالت التلفزيونيّة‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫اإلبداع‬

‫يكون العرض املسرحي جزءاً من حفل عشاء أو السبب فإن معظم الذين يشاركون يف العروض‬ ‫إفطار رمضاني يقيمه أحد الفنادق‪ ،‬ليس هناك املسرحية هم اآلن من األجيال الشابة وخرجيي‬ ‫عروض الفتة ثابتة أقسام املسرح يف اجلامعات‪ ،‬إضافة إىل َمن‬ ‫من ٍ‬ ‫حراك مسرحي أو من ٍ‬ ‫ً‬ ‫تبقي على املشهد املسرحي يف األردن مزدهرا ميكن تسميتهم "القابضني على اجلمر" من‬ ‫كما كان حال هذا املسرح يف السبعينيات اجليل املخضرم‪ ،‬وعددهم ال يتجاوز أصابع اليد‬ ‫الواحدة‪.‬‬ ‫والثمانينيات من القرن املاضي‪.‬‬ ‫يف العام ‪ 2009‬أقيمت دورة جديدة من عروض‬ ‫مهرجان املسرح األردني‪ ،‬وكانت العروض كلّها مسرحيات‪..‬مسرحيات‬ ‫لقد و ّفرت عروض مهرجان املسرح األردني‬ ‫فن‪ ،‬ومل‬ ‫أردنية‪ ،‬من ممثلني وخمرجني وطاقم يّ‬ ‫تكن هناك أ ّي عروض عربية‪ .‬وقد درج مهرجان لعام ‪ 2009‬فرصة للنظر يف احلال الذي وصل‬ ‫املسرح األردني على أن تكون دورته أردنية إليه املسرح األردني خالل السنوات األخرية‪.‬‬ ‫خالصة يف سنة‪ ،‬فيما تتض ّمن الدورة التالية وقد كان من بني تلك العروض مسرحيات‪ :‬آدم‬ ‫عروضاً مسرحية عربية وأردنية جنباً إىل وحيد ًا من إخراج فراس الريموني‪ ،‬وصباح‬ ‫جنب‪ ،‬لتحقيق نوع من التوازن والتفاعل‪ ،‬وج ْعل ومسا من إخراج غنام غنام‪ ،‬والقضبان من‬ ‫املسرحيّني األردنيّني حيت ّكون بأشقائهم العرب‪ .‬إخراج وصفي الطويل‪ ،‬وحلم اسمه ليلة حب‬ ‫ويّتفق املهتمون باملسرح على أن مهرجان املسرح من إخراجخالد الطريفي‪ ،‬وأثاث قديم من‬ ‫األردني‪ ،‬الذي تشرف عليه دائرة املسرح يف إخراج خليل نصيرات‪ ،‬وكلمات متقاطعة من‬ ‫وزارة الثقافة األردنية‪ ،‬استطاع خالل السنوات إخراجمحمد خير الرفاعي‪ ،‬وعرس الدم من‬ ‫األخرية أن يبقي على شعلة املسرح وحيفظ إخراج حسين نافع‪ ،‬وحلم أخير من إخراج‬ ‫هذا النوع من اإلبداع من االنقراض بسبب عالء الجمل‪ ،‬وويوميات مجنون من إخراج‬ ‫غياب مجهور املسرح وانصراف العاملني فيه‪ ،‬قاسم ملكاوي‪ ،‬وأحالم شقية من إخراج نبيل‬ ‫من ممثلني وخمرجني وفنيني‪ ،‬إىل العمل يف الخطيب‪ ،‬وحكاية جسد من إخراجمحمد بني‬ ‫املسلسالت التلفزيونية‪ ،‬العربية بصورة خاصة‪ ،‬هاني‪ .‬ومن املالحظ أن هناك فقط اثنني من‬ ‫لضعف اإلنتاج التلفزيوني يف األردن خالل اجليل املخضرم يف املسرح األردني وهما خالد‬ ‫العقدين املاضيني‪ .‬من هنا فإن العاملني يف الطريفي وغنام غنام الّلذان واصال العمل يف‬ ‫املسرح‪ ،‬الذين كانوا حياولون إحداث توازن بني املسرح‪ ،‬على الرغم من انقطاع األول لفرتة‬ ‫تقديم عمل مسرحي يف السنة على األقل وعملهم من الزمن عن اإلخراج املسرحي‪ .‬ويشري‬ ‫يف املسلسالت التلفزيونية هاجروا إىل اإلنتاج العدد الكبري من األعمال املسرحية‪ ،‬الذي أنتج‬ ‫التلفزيوني العربي‪ ،‬لتدبري أمور معاشهم‪ .‬وهذه معظمها خالل العام ‪ 2009‬وعرض ألول مرة يف‬ ‫مشكلة عربية عامة‪ ،‬إذ إن املسرح ال يستطيع أن العام نفسه‪ ،‬إىل رغبة حقيقية لدى املسرحيني‬ ‫يقيم أود العاملني فيه‪ ،‬كما تستطيع املسلسالت األردنيني لتقديم أعمال جديدة‪ .‬لكن املشكلة‬ ‫التلفزيونية‪ .‬لقد ابتعد املمثل املسرحي األردني األساسية تتمثّل يف عدم وجود دعم للعروض‬ ‫املخضرم‪ ،‬الذي عمل يف املسرح خالل فرتة املسرحية إال يف فرتة املهرجان‪ .‬فاملسرحيون‬ ‫ظهور املسرح األردني خالل مرحلة الستينيات‪ ،‬األردنيون يتسابقون على إنتاج عروض مسرحية‬ ‫عن اخلشبة ألسباب معيشية يف األساس‪ .‬وهلذا لتق ّدم خالل فرتة املهرجان ثم ينقطعون باقي‬

‫‪515‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 516‬للتنمية الثقافية‬

‫غلب على العروض المسرحية‬ ‫التي لُعبت في األردن في العام‬ ‫استخدام التقنيات المسرحية المعهودة‬ ‫والّلجوء إلى شكل الفرجة المسرحية أو‬ ‫الترغيب "البريختي" أو العناية بحركة‬ ‫الجسد خروجاً من شكل المسرح‬ ‫التقليدي المعتمد على الكالم والحوار‬ ‫بدالً من تفجير طاقات الممثّل الجسدية‬ ‫والحركية التعبيرية‪..‬‬ ‫‪2009‬‬

‫أيام العام‪ ،‬لغياب دور عرض مسرحي‪ ،‬سواء يف‬ ‫عمان أم يف باقي املدن األردنية‪.‬‬ ‫العاصمة ّ‬ ‫غلب على العروض املذكورة سابقاً (اقتبس‬ ‫معظمها من املسرح العاملي‪ ،‬وأعيدت كتابة‬ ‫بعض هذه النصوص لتالئم الواقع العربي‬ ‫الراهن‪ ،‬مثل عرض خالد الطريفي الذي‬ ‫اقتبسه عن مسرحية وليم شكسبير حلم‬ ‫ليلة صيف) استخدام التقنيات املسرحية‬ ‫املعهودة والّلجوء إىل شكل الفرجة املسرحية‬ ‫أو التغريب الربخييت أو العناية حبركة اجلسد‬ ‫خروجاً من شكل املسرح التقليدي الذي يعتمد‬ ‫على الكالم واحلوار بدالً من استغالل طاقات‬ ‫املمثل اجلسدية واحلركية التعبريية اليت تنقل‬ ‫املسرح من عامل الّلغة ليصبح لغة عاملية مفهومة‬ ‫بالنسبة إىل ك ّل من يشاهده حتى وإن مل يعرف‬ ‫الّلغة اليت يق ّدم بها العرض املسرحي‪.‬‬ ‫عمان المسرحية‬ ‫أيام ّ‬

‫ويف رأي املتابعني لعروض املهرجان مل يكن‬ ‫هناك جديد يذكر على صعيد الرؤية املسرحية‬ ‫أو اإلخراجية أو التقنيات املستخدمة‪ .‬مل يكن‬ ‫هناك عرض الفت بل ّمت االعتماد على ما ألفناه‬ ‫من قبل يف العروض املسرحية األردنية والعربية‬ ‫والعاملية‪ ،‬فض ًال عن املراوحة بني العرض‬ ‫التقليدي والتجريب املسرحي بأشكاله وصيغه‬ ‫املختلفة‪.‬‬ ‫مما جيدر ذكره أن عروض "أيام عمان‬ ‫ّ‬ ‫املسرحية" اليت يشرف عليها مسرح الفوانيس‪،‬‬ ‫واليت تستضيف فرقاً من الوطن العربي والعامل‪،‬‬ ‫كانت العام ‪ 2009‬حتت عنوان دورة القدس يف‬ ‫مناسبة اختيار القدس عاصمة ثقافية للعامل‬ ‫عمان‬ ‫العربي العام ‪ .2009‬وتو ّفر عروض أيام ّ‬ ‫المسرحية (تقام يف شهر آذار‪/‬مارس من ك ّل‬ ‫عام منطلقة يف يوم املسرح العاملي يف افتتاحية‬ ‫كرنفالية يسري فيها املسرحيون املشاركون يف‬

‫شوارع مدينة ع ّمان قبل بدء العروض) فرصة‬ ‫للمسرحيني األردنيني ّ‬ ‫لالطالع على التجارب‬ ‫املسرحية اجلديدة يف الوطن العربي والعامل‪ ،‬إذ‬ ‫تتن ّوع العروض املسرحية وتق ّدم رؤى مسرحية‪:‬‬ ‫تأليفية وإخراجية وتقنية وغريها‪ .‬وقد كانت‬ ‫دورة هذا العام شبيهة بدوراتها السابقة من‬ ‫حيث استقدام عروض متن ّوعة عربية وعاملية‬ ‫متثّل تيارات عديدة من الرؤى اإلخراجية‬ ‫وأشكال التقنيات املسرحية والعوامل املختلفة‬ ‫واحلكايات اآلتية من جهات األرض األربع‪ ،‬ما‬ ‫جيعل يف إمكان املسرحيني األردنيني االستفادة‬ ‫مما يشاهدونه ك ّل عام‪ .‬وهذه هي الغاية من‬ ‫ّ‬ ‫املهرجانات اليت تنشط الواقع املسرحي‬ ‫وتذكرنا‪ ،‬يف غياب دور عرض مسرحي يواصل‬ ‫تقديم العروض‪ ،‬أن املسرح ال يزال أبا الفنون‪،‬‬ ‫وإن مل ميت على الرغم من سطوة التلفزيزن‬ ‫الذي سرق مجهور املسرح يف الوطن العربي‬ ‫والعامل ال يف األردن وحده‪.‬‬ ‫لكن على الرغم من وجود هذين املهرجانني‬ ‫املسرحيني الكبريين‪ ،‬إال أنه مل يكن من املمكن‬ ‫هلما االستمرار ومواصلة مشوارهما لوال‬ ‫دعمهما احلكومي واألهلي‪ .‬فلنعرتف أن هناك‬ ‫غياباً للمسرح يف حياتنا الراهنة؛ مل نعد نهت ّم‬ ‫بهذا الف ّن الذي يدعونه "أبا الفنون" ألسباب‬ ‫ع ّدة على رأسها الشاشة الصغرية اليت احتلت‬ ‫مكان املسرح وحتى مكان الشاشة البيضاء‪.‬‬ ‫صار حمبّو الفنون يكتفون مبا يشاهدونه من‬ ‫مسرحيات قدمية يعاد بثّها على شاشات‬ ‫الفضائيات‪ ،‬من دون أن يكلفوا أنفسهم عناء‬ ‫الذهاب إىل املسرح‪ .‬هلذا تراجع دور املسرح‪،‬‬ ‫وضعف اإلنتاج اجلاد يف هذا احلقل من حقول‬ ‫الفنون‪.‬‬ ‫ومع أن املسرح يف العامل مل يتوقف عن‬ ‫التط ّور‪ ،‬سواء على صعيد أساليب العرض‬ ‫والتقنيات واالستفادة من الفنون األخرى‪ ،‬مثل‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫مع أن المسرح في العالم لم‬ ‫يتو ّقف عن التط ّور سواء على صعيد‬ ‫أساليب العروض والتقنيات واالستفادة‬ ‫من الفنون األخرى كالرواية والقصة‬ ‫والسينما والتلفزيون‪ ،‬أم على صعيد‬ ‫العالقة مع جمهور المشاهدين‪ ،‬إال‬ ‫أن جمهور المسرح عندنا تقلّص بحيث‬ ‫أصبح نخبوياً يكاد يتك ّون من العاملين‬ ‫فيه أو من المثقفين المشتغلين بفنون‬ ‫األدب والسينما والنقد وغيرها من‬ ‫الفنون‪..‬‬

‫يبدو المسرح العربي في حال‬ ‫هبوط منذ عقدين أو ثالثة‪ ..‬لقد‬ ‫فقد دوره التنويري وابتعد عن الناس‬ ‫ليقيم في قوقعته الشكلية واستيهاماته‬ ‫الذاتيّة‪ ..‬وهذا ما تشي لنا به على األق ّل‬ ‫العروض التي ُق ّدمت في األردن خالل‬ ‫العام ‪..2009‬‬

‫اإلبداع‬

‫الرواية والقصة والسينما والتلفزيون‪ ،‬أم على حواشي املسرح املصري‪ ،‬يف أيام عزّه‪ ،‬ظهرت‬ ‫صعيد العالقة مع مجهور املشاهدين‪ ،‬إال أن نهضة مسرحية يف المغرب وتونس وسوريا‬ ‫مجهور املسرح تقلّص حبيث أصبح خنبوياً ولبنان ودول الخليج العربي واألردن أرست‬ ‫يتك ّون من العاملني فيه‪ ،‬أو من املثقفني املشتغلني دعائم قوية للثقافة املسرحية‪.‬‬ ‫لكن املسرح العربي يبدو يف حالة هبوط منذ‬ ‫بالفنون واألدب والسينما‪ ،‬فض ًال عن عدد ضئيل‬ ‫حمب ف ّن املسرح الذين يعتقدون أنه يو ّفر عقدين أو ثالثة‪ ،‬لغياب االهتمام الرمسي به‪،‬‬ ‫من يّ‬ ‫هلم متعة ال توفرها السينما أو التلفزيون‪ .‬هلذا وانفضاض اجلمهور من حوله‪.‬‬ ‫لقد فقد املسرح دوره التنويري‪ ،‬وابتعد عن‬ ‫السبب فإن املسرح‪ ،‬الذي تد ّل حيويته ونشاطه‬ ‫على حيوية اجملتمع وديناميته‪ ،‬أصبح حباجة الناس ليقيم يف قوقعته الشكلية واستيهاماته‬ ‫إىل توفري دعم دائم له وعدم السماح بغيابه‪ ،‬الذاتية‪ .‬وهذا ما ختربنا به العروض اليت‬ ‫على الرغم من أنه خاسر جتارياً ويفتقر إىل ق ّدمت يف األردن خالل العام ‪ .2009‬إن املسرح‬ ‫اجلاذبية اليت تتو ّفر يف فنون العصر اجلماهريية يف أزمة بالفعل‪.‬‬ ‫األخرى‪ .‬وحنن نعرف أن اجملتمعات املتط ّورة‬ ‫اقتصادياً وحضارياً حريصة على عدم غياب اإلمارات‪ :‬المهرجانات المسرحية هي‬ ‫املسرح اجلاد عن خريطتها الثقافية‪ ،‬ألن تلك األبرز‬ ‫اجملتمعات تعلم أن املسرح يز ّود الفنون البصرية‬ ‫األخرى‪ ،‬من سينما وتلفزيون‪ ،‬بالطاقات قراءة للمسرح أم للمهرجانات؟‬ ‫التمثيلية واإلخراجية وغريها من املهن الفنّية‬ ‫يبدو طبيعياً أن تقوم مقاربة احلراك‬ ‫املساعدة‪.‬‬ ‫املسرحي يف اإلمارات العام ‪ 2009‬على قراءة‬ ‫للمهرجانات املسرحية الثالثة اليت أقيمت‬ ‫نهضة مسرحية‪..‬ولكن‬ ‫املنصة الوحيدة للفعل‬ ‫خالل العام‪ ،‬فهي ّ‬ ‫إذا كان املسرح يف العامل األول قد شهد املسرحي‪ ،‬وما عداها جمرد استثناءات‪ ،‬لذا‬ ‫توجه الفعل املسرحي للفرق إىل مجهور‬ ‫مراحل ازدهار وتط ّور يف سنوات سابقة‪ ،‬فإن فقد ّ‬ ‫املسرح العربي شهد يف الستينيات ازدهاراً تلك املهرجانات‪ ،‬وهو مجهور نوعي إىل ح ّد‬ ‫متوجهة إىل‬ ‫مقاب ًال قبل أن تأتي مراحل االنكسار وهجمة كبري‪ ،‬خصوصاً أن املهرجانات ّ‬ ‫اإلنتاج التلفزيوني لتغري العاملني يف املسرح الكبار‪ ،‬وهو أمر محل معه على الدوام مجلة من‬ ‫ليهاجروا إىل التلفزيون ويرتكوا أرض املسرح اإلجيابيات لكون العروض تق ّدم بوجود فئة من‬ ‫فارغة من األعمال املميزة باستثناء ما يسمى النقّاد واإلعالميني واملثقفني املتابعني‪ ،‬ما جيعل‬ ‫حتد ومنافسة‬ ‫املسرح التجاري الذي يهدف إىل خماطبة املشتغلني يف املسرح أمام حالة ٍّ‬ ‫الغرائز السطحية للجمهور املشاهد‪ ،‬وال يق ّدم لالستحواذ على رضا تلك الفئات‪ ،‬ومن جهة‬ ‫يف الوقت نفسه أ ّي زاد روحي‪ ،‬أو تطويرات فنّية أخرى فإن ذلك حيرم الفرق املسرحية من‬ ‫على شكل العرض املسرحي‪.‬‬ ‫التوجه إىل مجهور افرتاضي متن ّوع له قضاياه‬ ‫ّ‬ ‫لقد م ّر املسرح العربي بأيام زاهية عندما وهمومه املختلفة إىل ح ّد كبري عن هموم الفئات‬ ‫كان بعض الدول العربية يهت ّم بهذا القطاع املتعلمة واألكادميية‪.‬‬ ‫امله ّم من احلياة الثقافية ويو ّفر له دعماً‪ .‬وعلى‬ ‫وتن ّوع املهرجانات املسرحية يف اإلمارات‬

‫‪517‬‬

‫تن ّوع المهرجانات المسرحية‬ ‫في اإلمارات يجعلنا نلحظ مدى‬ ‫مقاربة ك ّل مهرجان للفئة المستهدفة‬ ‫من العمل المسرحي ولحركة تط ّور‬ ‫الواقع‪ ،‬كما يتيح لنا عقد مقارنة‬ ‫للتطورات أو التراجعات الحاصلة على‬ ‫مستوى مهارات الفعل المسرحي على‬ ‫المستويين اإلبداعي والفنّي على ح ّد‬ ‫سواء‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 518‬للتنمية الثقافية‬

‫تكشف األعمال المسرحيّة في‬ ‫العام ‪ 2009‬حالة من التشابك المتع ّدد‬ ‫المستويات بين المسرح والواقع‪،‬‬ ‫خصوصاً أن معظم األعمال الدرامية‬ ‫المعنيّة ق ّدم بالّلهجة الدارجة‪ ،‬وعكس‬ ‫إلى ح ّد كبير هموم الواقع اإلماراتي‪،‬‬ ‫وأفصح بشكل واضح عن التداخالت‬ ‫بين ح ّدي التقليد والحداثة‪ ،‬وصراع‬ ‫اإلنسان مع األسئلة الكثيرة التي راحت‬ ‫مجمل التح ّوالت تفرضها على حياته‪..‬‬

‫جيعل باإلمكان مالحظة مدى مقاربة ك ّل‬ ‫مهرجان للفئة املستهدفة من العمل املسرحي‬ ‫وحلركة تط ّور الواقع‪ ،‬كما تتيح تلك املهرجانات‬ ‫عقد مقارنة للتطورات أو الرتاجعات احلاصلة‬ ‫يف مهارات الفعل املسرحي على املستويني‬ ‫والفن على ح ّد سواء‪ ،‬خصوصاً أن‬ ‫اإلبداعي يّ‬ ‫تأسست‬ ‫اإلمارات واحدة من الدول العربية اليت ّ‬ ‫حديثاً(عام‪.) 1971‬‬ ‫املهرجانات الثالثة اليت شهدتها اإلمارات‬ ‫عام ‪ 2009‬هي "مهرجان أيام الشارقة‬ ‫املسرحية" يف دورته التاسعة عشرة‪ ،‬و"مهرجان‬ ‫اإلمارات ملسرح الطفل" يف دورته الرابعة‪،‬‬ ‫و"مهرجان دبي ملسرح الشباب" لدورته الثانية‪،‬‬ ‫مع األخذ بعني االعتبار أن احلراك املسرحي‬ ‫يف اإلمارات قد تأسس من رحم مهرجان أيام‬ ‫الشارقة املسرحية لكونه أقدم تلك املهرجانات‬ ‫وأكثرها استقطاباً للفرق املسرحية من حيث‬ ‫حرصها على املشاركة فيه‪.‬‬

‫المهرجانات الثالثة التي شهدتها‬ ‫اإلمارات في العام ‪ 2009‬هي‪" :‬مهرجان‬ ‫أيام الشارقة المسرحية" في دورته‬ ‫التاسعة عشرة‪ ،‬و"مهرجان اإلمارات‬ ‫لمسرح الطفل" في دورته الرابعة‪،‬‬ ‫و"مهرجان دبي لمسرح الشباب" لدورته‬ ‫الثانية‪ ،‬مع األخذ بعين االعتبار أن‬ ‫الحراك المسرحي في اإلمارات قد‬ ‫تأسس من رحم "مهرجان أيام الشارقة‬ ‫ّ‬ ‫المهرجانات‬ ‫تلك‬ ‫أقدم‬ ‫لكونه‬ ‫المسرحية"‬ ‫المسرح والواقع‬ ‫واكثرها استقطاباً للفرق المسرحية‪..‬‬

‫تميّزت القضايا المطروحة في‬ ‫األعمال المسرحيّة اإلماراتية خالل‬ ‫"مهرجان أيام الشارقة المسرحية"‬ ‫بتن ّوعها الكبير‪ ،‬وبعض هذه القضايا‬ ‫بدا استثنائياً وغير موجود في البلدان‬ ‫العربية األخرى مثل إشكالية التركيبة‬ ‫السكانية التي نتّجت حالة من الالتوازن‬ ‫بين تعداد نسبة المواطنين اإلماراتيّين‬ ‫إلى الوافدين اآلسيويّين‪..‬‬

‫يبقى السؤال األكثر طرحاً على األعمال اليت‬ ‫تق ّدم يف "مهرجان أيام الشارقة املسرحية" هو‬ ‫مدى طرح األعمال املسرحية لقضايا الواقع‬ ‫اإلماراتي‪ ،‬وهي قضايا متن ّوعة‪ ،‬وبعضها قضايا‬ ‫استثنائية غري موجودة يف البلدان العربية‬ ‫األخرى‪ .‬ويعود ذلك إىل خصوصية الواقع‬ ‫يف اإلمارات‪ ،‬واليت تعترب إشكالية الرتكيبة‬ ‫السكانية يف طليعتها‪ ،‬خصوصاً أن هناك حالة‬ ‫من الالتوازن بني نسبة املواطنني اإلماراتيّني‬ ‫إىل املقيمني‪ ،‬وقد فرضت هذه الرتكيبة الكثري‬ ‫من القضايا اجلديدة على جمتمع اإلمارات‪،‬‬ ‫وأهمها مسألة القيم والعادات اجلديدة اليت‬ ‫وفدت مع قدوم أعداد كبرية إىل اإلمارات‬ ‫من أجل العمل‪ ،‬باإلضافة إىل مسائل أخرى‬ ‫مثل تأخر س ّن الزواج عند املرأة‪ ،‬أو العنوسة‪،‬‬

‫وهما مسألتان ال تنفصالن عن إشكاليات‬ ‫الواقع احلداثي‪ ،‬مع األخذ بعني االعتبار أنها‬ ‫إشكاليات قائمة خبصوصيات خمتلفة يف بلدان‬ ‫الوطن العربي‪ .‬ومن هنا فقد كان من الطبيعي‬ ‫أن تظ ّل هذه القضايا وغريها يف صلب اهتمام‬ ‫املسرحيني يف اإلمارات ‪.‬‬ ‫كان الفتاً يف دورة ‪ 2009‬افتتاح املهرجان‬ ‫بعرض شمشون الجبار مبناسبة مرور ‪ 60‬عاماً‬ ‫على نكبة فلسطين عام ‪ .1948‬والعمل من‬ ‫السمو الشيخ الدكتور سلطان‬ ‫تأليف صاحب‬ ‫ّ‬ ‫بن محمد القاسمي‪ -‬عضو اجمللس األعلى‬ ‫حاكم الشارقة‪ -‬وإخراج أحمد عبد الحليم‪،‬‬ ‫وإنتاج الهيئة العربية للمسرح‪ ،‬وقد شارك‬ ‫فيه أكثر من ‪ 100‬شخص من ممثلني ومؤدين‬ ‫وراقصني وفنّيني وغريهم‪ ،‬واستند إىل الوثائق‬ ‫التارخيية لدحض ادعاءات "اإلسرائيليني" يف‬ ‫حقوقهم بفلسطني‪ .‬إذ تدور األحداث يف مدينة‬ ‫غزة اليت كانت خالل األعوام املاضية مسرحاً‬ ‫ألحداث مأساوية‪ ،‬وهو ما ش ّكل نوعاً من التناغم‬ ‫بني توقيت العرض وبني ما جيري يف الواقع‪ ،‬كما‬ ‫أن العمل نفسه‪ ،‬بوصفه من تأليف حاكم عربي‪،‬‬ ‫اتخّ ذ من القضايا العربية نقطة ارتكاز ملؤلفاته‬ ‫املسرحية‪ ،‬وش ّكل دفعاً قوياً حلضور البعد‬ ‫العربي يف املسرح والواقع اإلماراتيني‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إىل كونه من إنتاج الهيئة العربية للمسرح اليت‬ ‫أسسها حاكم الشارقة كمظلة للعمل املسرحي‬ ‫ّ‬ ‫العربي‪ ،‬ومق ّرها اإلمارات‪ ،‬وقد افتتحت ‪19‬‬ ‫مكتباً قطرياً مهمتها االرتقاء بواقع املسرح‬ ‫العربي‪ ،‬وهو أمر ما زال من الصعب تقييم‬ ‫جناحاته لكونه ما زال يف طوره التأسيسي‪.‬‬ ‫حظيت شمشوم الجبار مبتابعة إعالمية‬ ‫ونقدية يف اإلمارات‪ ،‬فكتبت حوهلا الكثري من‬ ‫األقالم النقدية‪ ،‬اليت ر ّكزت على اإلسقاطات‬ ‫على الواقع املعاصر‪ ،‬وعلى استلهام املؤلف‬ ‫الوثيقة التارخيية يف إطار مسرحي يعيد‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫ومن أبرز القضايا التي فرضت‬ ‫نفسها على مجتمع اإلمارات والتي كانت‬ ‫في صلب اهتمام المسرحيّين فيها‪ ،‬مسألة‬ ‫القيم والعادات الجديدة التي جلبتها معها‬ ‫العمالة الوافدة‪ ..‬عالوة على مسائل أخرى‬ ‫مثل تأخر س ّن الزواج عند المرأة‪ ،‬أو‬ ‫العنوسة وغيرها‪..‬‬

‫كان الفتاً في دورة العام ‪ 2009‬افتتاح‬ ‫"مهرجان أيام الشارقة المسرحية"‪،‬‬ ‫بعرض "شمشون الجبار" بمناسبة‬ ‫مرور ‪ 60‬عاماً على نكبة فلسطين العام‬ ‫‪ ..1948‬والعمل من تأليف صاحب السم ّو‬ ‫حاكم الشارقة الشيخ د‪.‬سلطان بن محمد‬ ‫القاسمي وإخراج أحمد عبد الحليم‪،‬‬ ‫وقد شارك فيه أكثر من ‪ 100‬عنصر‬ ‫من ممثلين ومؤ ّدين وراقصين وفنّيين‬ ‫وغيرهم‪ ،‬واستند إلى الوثائق التاريخية‬ ‫لدحض ادعاءات "اإلسرائيليين" في‬ ‫حقوقهم بفلسطين‪..‬‬

‫‪ 18‬عم ً‬ ‫ال مسرحياً ُق ّدمت خالل دورة‬ ‫العام ‪ ،2009‬وكان الفتاً أن بعض األعمال‬ ‫الدرامية التي استأثرت بإعجاب الجمهور‬ ‫هي التي زاوجت بين الذاكرة اإلماراتية‬ ‫وبين القضايا المعاصرة‪ ،‬غير أن إحاالتها‬ ‫ودالالتها تشير بق ّوة إلى استلهام بعض‬ ‫الرموز من التراث من أجل تكوين موقف‬ ‫ملحة‪..‬‬ ‫من مسائل راهنة ّ‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫اإلبداع‬

‫لألذهان الكثري من الكتابات املسرحية ذات من اإلشارات املتع ّددة إىل الدور السليب الذي‬ ‫الطابع التارخيي‪ ،‬اليت بات الواقع املسرحي يلعبه غياب الوعي يف جانب من التقليد‪ ،‬من‬ ‫يفتقد إليها بش ّدة‪ ،‬بعد أن سرقتها الدراما خالل انتهاء العرض باهلسترييا اليت وصلت‬ ‫إليها الزوجة‪ .‬وبهذا ق ّدم العمل جرعة متوازنة‬ ‫التلفزيونية من خشبة املسرح‪.‬‬ ‫‪ 18‬عم ًال مسرحياً ُق ّدمت من خالل دورة لرؤية الرتاث‪ ،‬فهو مضيء ومشرق يف جوانب‬ ‫‪ 2009‬يف داخل املسابقة وخارجها‪ ،‬وكان الفتاً أن معيّنة‪ ،‬كما أن فيه الكثري من املثالب‪ .‬وبهذا‬ ‫بعض األعمال املسرحية اليت استأثرت بإعجاب ابتعد العمل عن متجيد الرتاث بشكل مطلق‪ ،‬أو‬ ‫اجلمهور هي اليت زاوجت بني الذاكرة اإلماراتية نقده بشكل مطلق‪.‬‬ ‫وكانت البورصة حاضرة يف املهرجان‬ ‫وبني القضايا املعاصرة‪ ،‬وقد عكست ذلك من‬ ‫خالل احلكاية املبنيّة على قضايا تتجاوز مسألة من خالل عرض أنا والعذاب وهواك تأليف‬ ‫الزمان‪ ،‬غري أن إحاالتها ودالالتها تشري بق ّوة د‪.‬عواطف نعيم وإخراج عزيز خيون‪ .‬ويسرد‬ ‫ممن خسروا‬ ‫إىل استلهام بعض الرموز من الرتاث من أجل العرض حكاية أحد الشباب املتأنق ّ‬ ‫تكوين موقف من مسائل راهنة‪ ،‬وميكن القول أمواهلم وأسهمهم يف مضاربات البورصة‪ ،‬ما‬ ‫إن مسرحية الفطام تأليف علي جمال اليت أ ّدى إىل شعوره باإلحباط الشديد والالجدوى‬ ‫تتناول مأساة زوج وزوجة يف عدم إجنابهما‪ ،‬من مواصلة احلياة‪ ،‬فق ّرر أن ينتحر من فوق‬ ‫هي قضية ما زالت تش ّكل مأساة حقيقية للكثري أحد اجلسور‪ ،‬ويف هذه األثناء تأتي اجملموعة‬ ‫من العائالت العربية ملا حيمله وجود الطفل من حاملة شاباً صعلوكاً وترميه‪ ،‬ويتبينّ أنه قد‬ ‫رمزية على مستوى االستمرار واخللود‪ .‬غري أن تع ّرض للضرب لكنه مع ذلك غري مكرتث‪،‬‬ ‫مؤلف املسرحية آثر أن يربط بني البحر‪ ،‬مبا فاحلياة على الرغم من فقره تبدو له مجيلة‪،‬‬ ‫ميثله من مصدر رزق يف الذاكرة اإلماراتية‪ ،‬والسعادة لديه غري مرتبطة باملادة‪ ،‬وإمنا‬ ‫وبني الطفل الذي ميثّل حلم البقاء‪ ،‬خصوصاً بقدرته على مواصلة احلياة‪ ،‬وهو أمر حيققه‬ ‫أن الرجل يعمل يف البحر‪ .‬ومن املعلوم أن العمل بسهولة من خالل ما يق ّدمه له الناس من‬ ‫يف البحر بالنسبة للكثري من سكان اإلمارات كان معونات وتضامن‪ ،‬ومبعرفة الصعلوك ملا يعانيه‬ ‫مصدراً جلمع اللؤلؤ‪ ،‬وبالتالي فإن التأويل الذي املتأنق يبدأ بتهوين األمر‪ ،‬ويقنعه بأنه ما زال‬ ‫أخذته املسرحية من خالل احلبكة واخلطوط شاباً وقادراً على حتقيق الكثري‪ ،‬وأن خسارته يف‬ ‫الدرامية يشري بك ّل قوة إىل السؤال والقلق البورصة ال تعين نهاية احلياة‪ ،‬فرتتفع معنويات‬ ‫من غياب حالة االستمرار يف النهل من خريات الشاب شيئاً فشيئاً‪ ،‬ويق ّرر أن يبدأ من جديد‬ ‫البحر‪ ،‬وما يش ّكله من وفرة‪ ،‬وهي وفرة يوازيها مسريته مع احلياة غري أنه يرى أن تلك البداية‬ ‫يف الواقع املعاصر ما حققته اإلمارات من تنمية حتى تكون قوية وناجحة‪ ،‬ينبغي عليه أن ينسف‬ ‫بسبب الثروات الباطنية‪ ،‬وبالتالي فإن التوازي ك ّل القيم واملبادئ ليس على املستوى الفردي‬ ‫بني القلق الوجودي والقلق العام يبقى شاغ ًال فقط وإمنا على املستوى العام‪ ،‬فهو ال يرى ضرياً‬ ‫رئيسياً‪ ،‬وقضية يستثمرها املسرحيون عرب أكثر يف أن يضيع وطنه نفسه إذا كان ذلك سيحقّق‬ ‫من حكاية‪ ،‬وعرب أكثر من صيغة‪ ،‬كما أن العمل له املكاسب‪ ،‬ويف تلك اللحظة يشعر الصعلوك‬ ‫نفسه ق ّدم جلوء املرأة إىل مشعوذة تعطيها باخليبة من الشاب ويق ّرر االنتحار‪ ،‬فيقوم‬ ‫نصائح تفاقم من أزمتها النفسية بوصفه واحدة الشاب مبنعه‪ ،‬ويدور بينهما حوار حول معنى‬

‫‪519‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 520‬للتنمية الثقافية‬

‫الوطن‪ ،‬ويقتنع الشاب بأن تفكريه خاطىء‪ ،‬وهنا‬ ‫يهطل املطر‪ ،‬وتنض ّم إليهما اجملموعة‪ ،‬يف إشارة‬ ‫إىل تو ّحد اجلميع حتت راية الوطن‪.‬‬ ‫األهمية اليت استحقها العرض تأتي من كونه‬ ‫يعترب أحد العروض القليلة اليت استحضرت‬ ‫مسألة املضاربة يف سوق األوراق املالية‪ ،‬بوصفها‬ ‫عم ًال قد يؤ ّدي إىل الربح السريع أو اخلسارة‬ ‫الكارثية‪ ،‬وهي مسألة تستدعي الكثري من القيم‬ ‫االستهالكية ذات الطابع الفردي‪ ،‬وميكن القول‬ ‫إن تبسيط العرض للمقوالت اليت طرحها بني‬ ‫أسود وأبيض مستعيداً الثنائيات من خري وشر‬ ‫يعط الفرصة لألحداث كي‬ ‫أو حب وخيانة مل ِ‬ ‫تكون احملرك الرئيسي لألفعال وردود األفعال‪،‬‬ ‫مع االتّكاء الكبري على املقوالت والشعارات‬ ‫لتربير االنتقال من املعاناة الفردية للشخصيتني‬ ‫إىل اإلطار العام الذي يطرح قضية الوطن‬ ‫كأولوية‪.‬‬ ‫حضرت العوملة أيضاً من خالل عرض‬ ‫جدرمرق تأليف وإخراج ناصر كرماني‪ ،‬والذي‬ ‫ُق ّدم خارج الصالة يف أحد األسواق الرتاثية‪،‬‬ ‫وبدأ بنداء املمثليني للجمهور كي يشاهدوا‬ ‫أكرب قدر من احلساء يف العامل‪ .‬حبيث يشري‬ ‫القدر إىل التنافس الذي أوجدته العوملة يف‬ ‫املض ّي بتحقيق مشروعات كبرية ال تنتمي إىل‬ ‫احلاجات األساسية للناس‪ ،‬وقد ض ّم العمل‬ ‫شخصية اجملنون اليت مثّلت ضمري الطبقات‬ ‫الدنيا وسخريتها من املشروعات اليت ال تليب‬ ‫احتياجاتها املوضوعية‪ ،‬وهو يكشف زيف‬ ‫التنافس احملموم على املظاهر اخلادعة‪ ،‬وقد‬ ‫كان العمل من أكثر األعمال اليت خرجت عن‬ ‫األداء الكالسيكي يف كسرها للجدار الوهمي‬ ‫الذي يفصل بني العرض واجلمهور‪ ،‬وأوجد نوعاً‬ ‫من التواصل بني مرسل الرسالة وبني متلقيها‪.‬‬ ‫مل يغب أيضاً صراع اإلنسان مع الوجود‪،‬‬ ‫وإحساسه بفداحة الزمن ووطأته على حياته‪،‬‬

‫وعدم قدرته على الوقوف أمام تسرب الزمن‬ ‫من بني يديه‪ ،‬وقد أتى ذلك الصراع من خالل‬ ‫عرض ثواني الرحيل تأليف جمعة بن علي‬ ‫نصه‬ ‫وإخراج فيصل الدرمكي‪ ،‬وحاول املؤلف يف ّ‬ ‫جيسد الصراع األبدي بني اإلنسان والزمن‪،‬‬ ‫أن ّ‬ ‫والذي مثله بعقارب الساعة‪.‬‬ ‫جتري األحداث يف مغسلة للمالبس‪،‬‬ ‫وتتداخل العالقات بني شخوص العمل‪ ،‬حيث‬ ‫تظهر وجهات النظر املتباينة من الزمن‪،‬‬ ‫فهناك من يرى املاء املتساقط من املالبس على‬ ‫حبل الغسيل وكأنه حبات ندى‪ ،‬واآلخر يرى كم‬ ‫تئن الساعة حتت هذا احلمل الثقيل الذي ميثله‬ ‫الزمن‪ ،‬ومنهم من ال يفهم احلياة إال بعد أن‬ ‫مي ّر الوقت‪ ،‬ويفشل يف حتقيق أحالمه‪ ،‬ليس هذا‬ ‫فحسب‪ ،‬بل إن حبل الغسيل نفسه يراه ك ّل منهم‬ ‫من زاوية خمتلفة‪ ،‬حتى أن أحدهم يصرخ "نعم‬ ‫أنا أقتل اجلراثيم اليت يف املالبس‪ ،‬ولكين ال‬ ‫أقتل الناس"‪.‬‬ ‫احللم األفالطوني مبدينة فاضلة متثّل يف‬ ‫عرض مقتل ليلة العنكبوت تأليف إسماعيل‬ ‫عبدالله وإخراج محمود أبو العباس‪ ،‬وقد‬ ‫النصي توجهاً واضحاً يف الكتابة‬ ‫محل يف بنائه ّ‬ ‫الرمزية‪ ،‬تلك الرمزية اليت تتواشج مع الواقع‬ ‫وتتداخل معه‪ ،‬حبيث تنتج يف احملصلة حالة‬ ‫درامية‪ ،‬تلخّص أو تكثف الصراع بني احللم‬ ‫األفالطوني القديم باملدينة الفاضلة‪ ،‬وبني‬ ‫مصاحل فئات معيّنة ال تعرتف بأي شرط‬ ‫إنساني‪ ،‬وحتركها مصاحلها ذات األفق الضيق‬ ‫يف رؤيتها للحياة‪.‬‬ ‫يف العرض جند فنار بطل العمل داخل السجن‬ ‫منذ سنوات وإحدى يديه مقطوعة تنفيذاً حلكم‬ ‫السلطة‪ ،‬بعد أن ّمت إتهامه زوراً باخلروج على‬ ‫تقاليد اجملتمع ومعتقداته‪ ،‬وذلك لعدم تعامله‬ ‫معها‪ ،‬تلك السلطة املمثلة بالديناصور واليت‬ ‫أرادت أن تأخذ منه خمططات موجودة حبوزته‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫يلمس المتابع لألعمال المسرحيّة في‬ ‫اإلمارات خالل العام ‪ 2009‬جرعة كبيرة‬ ‫من التجريب‪ ،‬خصوصاً على مستوى‬ ‫الكتابة المسرحية‪ ،‬يوازيها تط ّور كبير على‬ ‫المستويات الفنّية‪ ،‬والسيما على مستوى‬ ‫السينوغرافيا‪..‬‬

‫مسرح الطفل بين اإلبداع واالتباع‬

‫مهرجان اإلمارات ملسرح الطفل يف دورته‬ ‫الرابعة لعام ‪ 2009‬كان متماشياً مع مقولة‬ ‫التط ّور‪ ،‬من منظور اخلروج من قيد االتباع إىل‬ ‫فضاء اإلبداع‪ ،‬وهي مقولة تش ّكل املساحة الفكرية‬ ‫واإلخراجية اليت دارت األعمال يف فلكها‪ ،‬ولوحظ‬ ‫أن بعض األعمال بقيت تق ّدم رؤية تقليدية يف‬ ‫النظر إىل دور مسرح الطفل‪ ،‬بوصفه مسرحاً‬ ‫تعليمياً مباشراً‪ ،‬بينما غامرت أعمال أخرى‬ ‫يف البحث عن صيغ حوارية مع الطفل‪ .‬ومبا أن‬ ‫مسرح الطفل حيتمل إعادة تدوير الكثري من‬ ‫احلكايات التقليدية‪ ،‬أو املوروث الشعيب‪ ،‬فإن‬ ‫مقياس اإلبداع ال يعود خاضعاً ملدى حداثة‬ ‫احلكاية بقدر ما خيضع لطبيعة املعاجلة‪ ،‬وتع ّدد‬ ‫اخلطوط الدرامية فيها‪ ،‬وعدم الركون إىل‬ ‫األحادية يف سرد احلكاية‪ ،‬وهي مسألة قد تقع‬ ‫فيها الكثري من األعمال ذات الطابع احلداثي‬ ‫الذي ال يشفع هلا يف ميزان اإلبداع واالبتكار‪.‬‬

‫اإلبداع‬

‫حول األنفاق املوجودة حتت مدينة األحالم‪ ،‬لكنه‬ ‫رفض ودفع مثناً لذلك السجن من دون أمل يف‬ ‫املغادرة‪ ،‬وبعد سنوات من وجوده يف السجن يبدأ‬ ‫بنسج عالقة مع العنكبوت الذي يكرب ويتح ّول‬ ‫إىل رمز لك ّل األحاسيس اجلميلة املوجودة داخل‬ ‫فنار‪ ،‬حيث يتعلّم العنكبوت‪/‬األنثى العزف على‬ ‫العود وتأدية األغاني اخلارجة يف حقيقتها من‬ ‫قلب املعاناة اليت يعيشها فنار‪ ،‬ويتو ّحد االثنان‬ ‫يف حالة إنسانية‪ ،‬فيصبح العنكبوت رمزياً هو‬ ‫الفضاء الذي جيعل فنار متو ّحداً فيه بعيداً عن‬ ‫ك ّل القذارات اليت حتدث يف اخلارج‪.‬‬ ‫يدخل شخص آخر امسه "أمني" إىل‬ ‫السجن‪ ،‬وهناك يكتشف أنه ينتمي إىل البلدة‬ ‫نفسها اليت ينتمي إليها فنار وهي بلدة املنسية‪،‬‬ ‫غري أن أمني حت ّول مع مرور الوقت وأصبح أحد‬ ‫العاملني الكبار مع "الديناصور"‪ ،‬ويف السجن‬ ‫جتري احلوارات بني فنار وأمني كاشف ًة عن‬ ‫متسك فنار بأفكاره ومواقفه من الطبيعة‬ ‫الديناصورية للسلطة مهما كان الثمن‪.‬‬ ‫يف املشهد اخلتامي يدخل "الديناصور" الذي‬ ‫حياول أن يعرف أماكن املخططات من جديد‬ ‫مقابل اإلفراج عن فنار الذي يرفض‪ ،‬ويكتشف‬ ‫الديناصور العالقة احلميمية بني فنار والعنكبوت‬ ‫فيهجم الديناصور على العنكبوت وحياول قتله‪،‬‬ ‫ويف اخلتام يسقط العنكبوت مع ك ّل حماوالت‬ ‫فنار الستنهاض همته‪ ،‬لكنه ميوت‪ ،‬ومبوته‬ ‫ميوت الديناصور متأثراً بالضربات القليلة اليت‬ ‫وجهها له العنكبوت‪ ،‬فتفتح تلك النهاية اجملال‬ ‫جمدداً أمام تواصل الصراع‪ ،‬كي يبقى مستمراً‬ ‫إىل ما ال نهاية‪.‬‬ ‫تكشف هذه األعمال وغريها اليت قدمت‬ ‫خالل ‪ 2009‬عن حضور حالة من التشابك‬ ‫املتع ّدد املستويات بني املسرح والواقع‪ ،‬خصوصاً‬ ‫أن معظم تلك األعمال ق ّدم باللهجة الدارجة‪،‬‬ ‫ويعكس إىل ح ّد كبري هموم الواقع اإلماراتي‪،‬‬

‫ويفصح بشكل واضح عن التداخالت بني‬ ‫ح ّدي التقليد واحلداثة‪ ،‬وصراع اإلنسان مع‬ ‫األسئلة الكثرية اليت راحت جممل التحوالت‬ ‫تفرضها على حياته‪ ،‬وتلك املتعلقة بوجوده‬ ‫وهويته اخلاصة أو العامة على ح ّد سواء‪ .‬لكن‬ ‫السؤال الذي يطرح نفسه هو املعاجلات اليت‬ ‫اتسمت بها تلك األعمال‪ ،‬واليت محلت القلق‬ ‫ذاته لألسئلة املطروحة‪ ،‬حيث يلمس املتابع‬ ‫جرعة كبرية من التجريب‪ ،‬وخصوصاً على‬ ‫مستوى الكتابة املسرحية‪ ،‬بينما جند تطوراً‬ ‫كبرياً على املستويات الفنية‪ ،‬والسيما على‬ ‫مستوى السينوغرافيا اليت شهدت تطوراً كبرياً‬ ‫يف املسرح اإلماراتي خالل السنوات القليلة‬ ‫املاضية‪ ،‬وهي تعكس تط ّور املنظور اإلخراجي‬ ‫الذي يأخذ بعني االعتبار مجاليات العرض‬ ‫بالتوازي مع مضامينه ورسائله وإشاراته‪.‬‬

‫‪521‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 522‬للتنمية الثقافية‬

‫مهرجان اإلمارات لمسرح الطفل في‬ ‫دورته الرابعة لعام ‪ 2009‬كان متناغماً‬ ‫مع مقولة التط ّور‪ ،‬من منظور الخروج‬ ‫من قيد اإلتباع إلى فضاء اإلبداع‪ ،‬وهي‬ ‫مقولة تش ّكل المساحة الفكرية واإلخراجية‬ ‫التي دارت األعمال في فلكها‪ ،‬ولوحظ أن‬ ‫بعض األعمال بقي يق ّدم رؤية تقليدية لدور‬ ‫مسرح الطفل‪ ،‬بوصفه مسرحاً تعليمياً‬ ‫مباشراً‪ ،‬بينما غامرت أعمال أخرى في‬ ‫البحث عن صيغ حوارية مع الطفل‪..‬‬

‫ق ّدمت خالل الدورة الرابعة إحدى عشرة‬ ‫مسرحية وبرزت فيها موضوعات خمتلفة‪ ،‬منها‬ ‫ما هو مستم ّد من الرتاث السردي العاملي ومنها‬ ‫ما يتطرق إىل قضايا معاصرة بلغة اخليال‪ ،‬ويف‬ ‫هذا اإلطار برزت مسرحية عبود ودودو تأليف‬ ‫طالل محمود وإخراج مبارك ماشي‪ ،‬حيث تبدأ‬ ‫أحداث املسرحية يف موقع لكائنات فضائية‬ ‫حتاول اكتشاف األبعاد احلضارية والفكرية‬ ‫والعلمية لسكان األرض‪ ،‬الذين يتكلمون لغات‬ ‫ع ّدة‪ ،‬وينظرون للكائنات الفضائية على أنهم‬ ‫من األشرار‪ .‬فيق ّررون زيارة األرض لزيادة‬ ‫استكشافهم واالطالع على حياتهم عن قرب‪،‬‬ ‫وحماولة إجياد لغة للتواصل معهم‪ ،‬وينطلق‬ ‫"دودو" يف رحلة حنو األرض‪ ،‬ليلتقي بـ‬ ‫"عبود" فيح ّول حياته ويغيرّ من قدراته وقوته‪،‬‬ ‫فبعدما كان ضعيفاً ومستسلماً أمام قوة زمالئه‬ ‫يف املدرسة‪ ،‬حت ّول عرب الطاقة اليت منحه إياها‬ ‫"دودو" إىل شاب قوي يستطيع الدفاع عن‬ ‫نفسه‪ ،‬ولكن هذه القوة تفسده وجتعله يستقوي‬ ‫على غريه‪ ،‬حتى يشتكي منه اجلميع‪ ،‬فتحدث‬ ‫املواجهة بني عبود ووالده‪ ،‬الذي يرشده وينصحه‬ ‫أن حيسن عالقاته مع اآلخرين‪ ،‬يف الوقت الذي‬ ‫تهبط فيه املركبة الفضائية اليت تعود بـ‬ ‫"دودو" إىل أهله يف الفضاء م ّرة أخرى بعد‬ ‫أن أنس مع سكان األرض‪ ،‬واكتشف إجيابياتهم‬ ‫وإنسانيتهم‪ ،‬يف حني عرف سكان األرض حقيقة‬ ‫سكان الفضاء‪ ،‬وأدرك الطرفان أهمية التواصل‬ ‫بينهما‪.‬‬ ‫تكمن أهمية العمل يف إبراز دور املعرفة يف‬ ‫اكتشاف اآلخر‪ ،‬والتعرف إىل ميزاته‪ ،‬ما يس ّد‬ ‫الفجوة بني األنا واآلخر‪ ،‬وبذلك فإن العمل بنى‬ ‫حكايته انطالقاً من مسألة التواصل اليت تردم‬ ‫هوة اجلهل‪ ،‬وال يعود اآلخر خميفاً أو مرعباً‪ ،‬وهذا‬ ‫ما جيعل العرض بعيداً عن املوعظة املباشرة‪ ،‬أو‬ ‫إيصال الرسالة عرب الشعارات‪ ،‬وإمنا من خالل‬

‫ق ّوة احلكاية وتأثري الفعل املسرحي‪ ،‬خصوصاً أن‬ ‫الرؤية البصرية اليت وظف فيها املخرج تقنيات‬ ‫الفيديو‪ ،‬والسينوغرافيا اجلميلة أوجدتا تواص ًال‬ ‫بني املتلقي والطفل‪ ،‬ما جعل العملية اإلخراجية‬ ‫مبثابة حوار من نوع آخر بني الصالة واجلمهور‪،‬‬ ‫وعكس بالتالي وعياً عميقاً مبتطلبات مسرح‬ ‫الطفل‪ ،‬ودوره املعريف‪ ،‬القائم على أرضية إجياد‬ ‫خطاب جديد بني املسرح والطفل‪.‬‬ ‫من جهة أخرى مل يغب الوعي بأهمية تعميق‬ ‫الوعي بالرتاث من خالل الفضاء املسرحي‪ ،‬وقد‬ ‫جاء عرض ياسمين والمارد الشرير للمؤلف‬ ‫الراحل سالم الحتاوي (من أبرز من كتبوا‬ ‫بوعي عميق ملسرح الطفل يف االجتاه الرتاثي)‬ ‫بث العمل جمموعة من احلكايات الرتاثية‬ ‫وقد ّ‬ ‫تقوم على ثنائية اخلري والشر‪ ،‬من خالل صيغ‬ ‫مشوقة‪ ،‬وجاء اإلخراج للمسرحي محمد سعيد‬ ‫السلطي ليعكس يف الوقت نفسه قدراً كبرياً‬ ‫من الوعي باآلليات اليت ميكن أن جت ّدد اخلط‬ ‫الرتاثي املسرحي‪ ،‬من خالل اللجوء إىل تقنيات‬ ‫متع ّددة الوظائف مثل شاشة العرض اليت‬ ‫استخدمها بأكثر من وظيفة وطريقة‪ ،‬باإلضافة‬ ‫إىل األغاني املستمدة من الرتاث على صعيد‬ ‫الكلمات واللحن‪.‬‬ ‫أما أهمية القراءة فقد حضرت عرب‬ ‫مسرحية كتاب مستعمل تأليف وإخراج محمود‬ ‫أبو العباس‪ ،‬وكان أبطاهلا من األطفال‪ ،‬وقد‬ ‫طرح العرض أهمية الكتاب املستعمل‪ ،‬واملقصود‬ ‫به الكتاب الذي ّ‬ ‫متت قراءته من قبل‪ ،‬والذي‬ ‫جيب أن ينتقل إىل شخص آخر‪ ،‬لكونه نافذة‬ ‫للمعرفة جيب أن ال تغلق حني ينتهي املرء من‬ ‫االطالع على ما هو خلفها من آفاق‪ ،‬وإمنا جيب‬ ‫أن تبقى مفتوحة ألشخاص آخرين‪.‬‬ ‫إن األعمال الثالثة اليت ذكرناها تش ّكل يف‬ ‫واقع األمر نظرة متط ّورة إىل مستوى اخلطوط‬ ‫األساسية اليت انبنت وفقها احلكاية‪ ،‬وهي‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫اإلبداع‬

‫النص من وجهة نظر‬ ‫احلوار مع اآلخر‪ ،‬وتعميق الوعي مبكونات الدراماتورج "قراءة ّ‬ ‫اهلوية عرب الرتاث‪ ،‬وأهمية التبادل املعريف‪ ،‬اجلمهور" وإعداد املمثل‪ ،‬والسيما أن اإلمارات‬ ‫وكلّها أمور تبتعد عن املسرح التقليدي‪ ،‬وتعكس ال يوجد فيها حتى اآلن إطار أكادميي لتعليم‬ ‫حالة متط ّورة من الفهم لدى املسرحيني‪ ،‬وميكن الفنون املسرحية رغماً من وجود إرث مسرحي‬ ‫القول إن وجود إمكانيات مادية جيدة خدم يعود إىل أكثر من ثالثة عقود‪ ،‬وهكذا فإن‬ ‫اإلخراج يف توصيل الرسالة املسرحية‪ ،‬خصوصاً املهرجان يو ّفر فرصة للتعلّم باإلضافة إىل‬ ‫أن غياب القدرة اإلنتاجية يف عروض األطفال جانبه اإلبداعي الصرف‪.‬‬ ‫ُق ّدمت خالل الدورة الثانية ‪ 8‬عروض كشفت‬ ‫جيعلها مه ّددة بعدم القدرة على الوصول‬ ‫بطريقة مجالية وداللية تتناغم مع اإلبهار طاقات شابة مبدعة وقادرة على رفد احلركة‬ ‫البصري املطلوب يف مسرح الطفل‪ ،‬قياساً إىل املسرحية بأفكار ورؤى جديدة على مستوي ّي‬ ‫التأليف واإلخراج‪ ،‬خصوصاً أن بعض األمساء‬ ‫تهديد الصورة التلفزيونية لعامل املسرح‪.‬‬ ‫أما باقي أعمال املهرجان فيمكن القول إن اجلديدة ق ّدمت مستويات قاربت االحرتاف يف‬ ‫الكثري منها دار يف فلك احلكايات العاملية‪ ،‬أو غري جمال‪.‬‬ ‫تباينت يف املهرجان االجتاهات الفنّية اليت‬ ‫يف إطار اخلط األحادي للحكاية‪ ،‬مع احلفاظ‬ ‫على جرعة تعليمية تراوحت بني املباشرة‪ ،‬قدمت من خالل العروض حيث وجدنا مسرح‬ ‫نص مشبع بالدالالت‪،‬‬ ‫وحماولة اخلروج عنها‪ ،‬مع وجود جناحات هنا‪ ،‬اجلسد الذي يتكئ على ّ‬ ‫وإخفاقات هناك‪ ،‬لكن ميكن القول إن هناك من خالل حوارات مقتضبة ولكنها موحية‪ ،‬وعلى‬ ‫حالة متطورة يف مسرح الطفل يف اإلمارات‪ ،‬حاالت يعيشها الشباب اليوم‪ ،‬وتشكل لديهم‬ ‫خصوصاً أن الفرق املسرحية تتسابق للمنافسة هموماً رئيسة‪ ،‬ومن تلك العروض "شبابيك"‬ ‫مؤسساتي تأليف محمد صالح ومحمد محسن وإخراج‬ ‫يف املهرجان الذي حيظى بدعم ّ‬ ‫وسينوغرافيا محمد صالح‪ ،‬وإشراف مرعي‬ ‫ومتابعة مجاهريية كبرية‪.‬‬ ‫الحليان‪ ،‬حيث جاء العرض من خالل جمموعة‬ ‫دعم المسرحيين الشباب وقضاياهم من اللوحات التتابعية اليت تفتح جمموعة من‬ ‫أقيمت خالل عام ‪ 2009‬الدورة الثالثة النوافذ على القضايا الراهنة للشباب‪ ،‬مثل‬ ‫لمهرجان دبي لمسرح الشباب الذي تتبناه العقبات اليت يعانون منها من أجل حتقيق‬ ‫املؤسسات‪ ،‬أو‬ ‫هيئة دبي للثقافة والفنون‪ ،‬وقد أتى املهرجان مشروعاتهم مثل بريوقراطية ّ‬ ‫حبسب اجلهة املنظمة ليس ّد ثغرة يف املسرح من خالل الضياع الذي يشعر به البعض جتاه‬ ‫اإلماراتي تتعلّق بقضايا الشباب‪ ،‬واليت مل املستقبل‪ ،‬أو سيطرة بعض األمناط االستهالكية‬ ‫تكن جتد طريقها إىل املسرح بشكل مباشر على عقول الشابات‪.‬‬ ‫أما مسرحية غسيل مخ تأليف إلهام‬ ‫يف املهرجانات األخرى‪ ،‬كما أن املهرجان أتى‬ ‫ليعطي الفرصة للمسرحيني الشباب إلظهار إبراهيم‪ ،‬وإخراج مبارك خميس‪ ،‬فقد حنت‬ ‫قدراتهم‪ ،‬ورفد الساحة املسرحية بكوادر إىل التعليمية املستقاة من مفردات العرض‬ ‫جديدة‪ ،‬خصوصاً أن املهرجان يقيم ضمن املدرسي الوعظي‪ ،‬مع أهمية الفكرة املطروحة‬ ‫فعالياته جمموعة من ورش العمل يف أكثر يف العمل الذي يتناول قضية تعاني منها الكثري‬ ‫من جانب‪ ،‬حيث يت ّم الرتكيز على قضايا مثل من اجملتمعات العربية واإلسالمية‪ ،‬حبيث‬

‫‪523‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 524‬للتنمية الثقافية‬

‫حتاول بعض اجلهات اخلارجية استقطاب جيل‬ ‫الشباب من أجل جتنيدهم يف أعمال إرهابية‬ ‫حتت مسميات وشعارات ال ختدم قضايا‬ ‫أوطانهم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حضرت يف املهرجان أيضا القضايا ذات‬ ‫البعد العربي يف مسرحية عندما تتنفس‬ ‫الصخور تأليف محمد صالح‪ ،‬وإخراج محمد‬ ‫عطية عبد الله‪ ،‬وجاء العمل من ضمن ما‬ ‫يس ّمى الكوميديا السوداء حيث يغيب الزمان‬ ‫واملكان‪ ،‬يف حماولة إلعطاء فكرة العمل فضاء‬ ‫افرتاضياً‪ ،‬فتطرح املسرحية اقتتال األخوة يف‬ ‫غري مكان من األرض العربية‪ ،‬من خالل لقاء‬ ‫تراجيدي وكوميدي يف الوقت نفسه بني اثنني‬ ‫من األخوة أحدهما عسكري واآلخر مدني‬ ‫لكنهما ينتميان إىل جبهتني متحاربتني‪.‬‬ ‫أما عرض الزلة تأليف جمعة علي وإخراج‬ ‫عبد الرحمن المال‪ ،‬فقد تناول قضية باتت‬ ‫جزءاً من حياتنا الراهنة‪ ،‬وهي اإلصابة مبرض‬ ‫اإليدز نتيجة الحنراف بعض الشباب‪ ،‬وهو ما‬ ‫يعبرّ عنه عنوان العمل بشكل صريح‪ ،‬إذ يبدأ‬ ‫من وجود املصاب يف أحد املستشفيات وهو‬ ‫يسرد حالته‪ ،‬اليت بدأت من دخوله إىل بعض‬ ‫املنتديات اإللكرتونية على شبكة اإلنرتنت‪ ،‬ومن‬ ‫ثم ذهابه إىل املالهي الليلية‪ ،‬وتع ّرفه إىل إحدى‬ ‫املطربات اليت نقلت له اإلصابة بالفريوس‪،‬‬ ‫ونقلها هو بدوره إىل زوجته‪.‬‬ ‫كما حضرت قضايا العوملة من خالل عرض‬ ‫الطين والزجاج تأليف فاطمة المزروعي‪،‬‬ ‫وإخراج حمد عبد الرازق الذي طرح قضية‬ ‫اهلوية احلضارية والثقافية يف اجملتمع اإلماراتي‬ ‫والعربي يف ظ ّل شيوع مفاهيم ثقافة االستهالك‬ ‫اليت أفرزتها العوملة‪ ،‬وذلك من خالل‬ ‫الشخصيتني احملوريتني اللتني حيمل العرض‬ ‫أمسهما‪ ،‬وهما الطني والزجاج‪.‬‬ ‫بدا العرض واضحاً منذ البداية يف ميله إىل‬

‫مفهوم املسرح الكالسيكي الذي يطرح قضاياه‬ ‫من خالل الرمز الواضح‪ ،‬حيث تسري األحداث‬ ‫تالياً وفقاً لطبيعة الصراع بني الرمزين‪ ،‬ويف‬ ‫العمل يرمز الطني إىل األصالة بوصفه مادة‬ ‫أزلية فيها الكثري من الصفات احلميمية‬ ‫والروحية يف عالقتها باإلنسان‪ ،‬وبني الزجاج‬ ‫الذي يرمز إىل ك ّل ما هو ملاع وبراق وفاقد‬ ‫للروح‪.‬‬ ‫من جهة أخرى مل تغب قضية العنوسة من‬ ‫املهرجان‪ ،‬وقد حضرت من خالل العرض‬ ‫ممنوع اصطحاب األطفال تأليف محمد صالح‬ ‫وإخراج عبد الله سعيد بن حيدر‪ ،‬وأداء فضة‬ ‫عبد الله‪ ،‬حيث تعيش املرأة‪/‬البطلة حالة‬ ‫من اجلنون واهلذيان نتيجة إحساسها بالقهر‬ ‫وعدم وجود سند موضوعي يف حياتها‪ ،‬لذلك‬ ‫جاء العرض ليمزج بني التفاصيل الذاتية‬ ‫وبني عمومية احلالة‪ ،‬بوصفها واحدة من أكثر‬ ‫الظواهر االجتماعية انتشاراً يف اجملتمعات‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫ويف اجتاه البحث داخل ف ّن املسرح وأدواته‬ ‫ومغزى الف ّن قدمت فرقة مسرح الشباب للفنون‬ ‫عرض المسرحية تأليف طالل محمود‪،‬‬ ‫وإخراج مروان عبد الله صالح‪ ،‬الذي اتخّ ذ من‬ ‫فكرة املسرح داخل املسرح ثيمته الرئيسية‪ ،‬ومل‬ ‫يكتف بذلك‪ ،‬وإمنا قدم مسرحاً ثالثاً‪ ،‬وذلك‬ ‫من خالل تقاطع اهلموم العادية‪ ،‬واهلموم‬ ‫اإلبداعية‪ ،‬باإلضافة إىل استحضار شخصيات‬ ‫من املسرح العاملي‪.‬‬ ‫البحرين‪ :‬اهتمام رسمي بالمسرح‬ ‫محاوالت لتأكيد الذات‬

‫يرتبط تاريخ املسرح يف البحرين ببداية‬ ‫ظهور املدارس احلكومية يف العقد الثاني من‬ ‫القرن العشرين‪ ،‬ويعود على وجه التحديد إىل‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫تأسيس مدرسة الهداية الخليفية في المحرق‪،‬‬

‫فقد ّمت عرض أول عمل مسرحي فيها سنة‬ ‫‪ 1925‬بعنوان قاض بأمر الله ‪ .‬وقد جاء هذا‬ ‫التأسيس يف سياق النهضة العربية اليت محل‬ ‫رسالتها املعلمون الذين استقدمتهم حكومة‬ ‫البحرين من سوريا ولبنان وفلسطين ومصر‪،‬‬ ‫كانوا مهمومني بإعادة اتصال طالبهم مبعاني‬ ‫التاريخ اإلسالمي‪ ،‬ووجدوا أن أقرب الطرق إىل‬ ‫ذلك هو املسرح‪ .‬ومن املسرحيات اليت ق ّدمت‬ ‫يف تلك الفرتة املبكرة‪ :‬وفود العرب على كسرى‪،‬‬ ‫ثعلبة‪ ،‬فظائع الطليان في طرابلس الغرب‪،‬‬

‫وامعتصماه‪ ،‬سيف الدولة بن حمدان‪ ،‬الرشيد‬ ‫وشارلمان‪ ،‬سقوط بغداد‪.‬‬

‫اإلبداع‬

‫وانتقل االهتمام باملسرح إىل األندية‪،‬‬ ‫وبدأت يف ممارسة النشاط الدرامي منذ‬ ‫بداية األربعينيات من القرن املاضي‪ ،‬وأه ّم‬ ‫تلك األندية نادي البحرين يف المحرق‪ ،‬نادي‬ ‫العروبة‪ ،‬نادي اإلصالح‪ ،‬نادي النهضة وغريها‪.‬‬ ‫ثم جاء دور الفرق املسرحية ومنها الفرقة‬ ‫المسرحية المتنقلة سنة ‪ ،1955‬لكنها توقفت‬ ‫وك ّون بعض أفرادها فرقة البحرين‪ .‬ثم تكونت‬ ‫أسرة هواة الفن اليت مجعت الفنون املختلفة‬ ‫كالغناء واملوسيقى والف ّن التشكيلي والتمثيل‪.‬‬ ‫ودعا نادي اتّ حاد الشباب يف المحرق‬ ‫يف جت ّمع كبري لألدباء واملثقفني إىل إنشاء‬ ‫فرقة مسرحية باسم مسرح االتحاد الشعبي‪.‬‬ ‫أسست فرقة المسرح‬ ‫وانسلخت منها جمموعة ّ‬ ‫البحريني سنة ‪ ،1970‬ثم تغيرّ االسم إىل‬ ‫مسرح أوال‪ .‬كما تأسس يف العقد نفسه مسرح‬ ‫الجزيرة وفرقة مسرح الخريجين‪.‬‬ ‫والحقاً يف التسعينيات تأسس مسرح‬ ‫الصواري يف العام ‪ 1991‬كثالث فرقة مسرحية‬ ‫أهلية يف البحرين‪ ،‬وكان الطابع التجرييب يف‬ ‫املسرح هو هاجسه الذي تأسس عليه‪ ،‬ومن‬ ‫خالل عدد من الكوادر املسرحية اليت جتنح‬

‫للتجريب واالختيار يف املسرح‪ ،‬ومن بينها الفنان‬ ‫عبد الله السعداوي الذي حصل على جائزة‬ ‫اإلخراج يف العام ‪ 1994‬يف مهرجان القاهرة‬ ‫للمسرح التجربي‪ ،‬وذلك عن مسرحيته‬ ‫الكمامة‪ ،‬والفنان الناقد يوسف الحمدان‬ ‫والفنان إبراهيم خلفان‪ .‬بدأت جتارب هذا‬ ‫املسرح يف النم ّو والربوز‪ ،‬ولفتت إليها أنظار‬ ‫الكثريين من املسرحيني العرب‪ ،‬بينما يف‬ ‫الداخل البحريين تعامل معها كثريون بشيء‬ ‫من الريبة واحلذر‪ ،‬بسبب اخلروج عن املألوف‬ ‫املسرحي الذي كان ميارسه هذا املسرح‪ ،‬وعدم‬ ‫تقبّل اجملتمع البحريين لألساليب املسرحية‬ ‫اجلديدة‪.‬‬ ‫مازال هذا املسرح مهموماً بتقديم التجارب‬ ‫الشبابية اجلديدة وتشجيعها على تقبل األفكار‬ ‫املسرحية املتقدمة واالهتمام ببلورة ذوق‬ ‫مسرحي جديد يبتعد عن املطالب االستهالكية‬ ‫السطحية‪.‬‬ ‫ويف الفرتة نفسها تك ّونت فرقة مسرح‬ ‫جلجامش يف العام ‪ 1993‬ور ّكزت على التعبري‬ ‫احلركي واألعمال التارخيية وامللحمية‪ ،‬و ّمت‬ ‫إشهارها رمسياً سنة ‪ ،1998‬لتش ّكل رابع مسرح‬ ‫حبريين‪.‬‬ ‫بعد توقف مهرجان األندية الوطنية‬ ‫المسرحي الذي كانت ّ‬ ‫تنظمه المؤسسة العامة‬ ‫للشباب والرياضة يف العام ‪ ،1994‬راحت الفرق‬ ‫املسرحية املنبثقة من أندية القرى تبحث هلا‬ ‫عن خشبة جتمعها‪ ،‬فخاطبت نادي اتّ حاد‬ ‫الريف الثقافي الرياضي املعروف باحتضانه‬ ‫للمسرح القروي من الستينيات‪ ،‬وكان نتيجة‬ ‫ذلك تبلور فكرة المسرح الريفي‪ ،‬وأمثرت عن‬ ‫تنظيم مهرجان الريف المسرحي سنة ‪.2000‬‬ ‫وتال ذلك إشهار فرقة مسرح الريف يف العام‬ ‫‪ .2005‬وتالها فرقة مسرح البيادر يف العام‬ ‫نفسه‪.‬‬

‫‪525‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 526‬للتنمية الثقافية‬

‫هناك احلدث السنوي الذي ّ‬ ‫تنظمه‬ ‫بنك نصوص مسرحية‬ ‫تقديراً للمسرح البحريين وجديته الثقافة وهو اإلعالن عن جائزة األعمال‬ ‫واستمراره‪ ،‬اختارت سلسلة مسرحيات عربية المسرحية‬ ‫المتميزة‪ .‬فقد اعتمدت الشيخة‬ ‫ّ‬ ‫اليت أطلقتها حديثاً دائرة الثقافة واإلعالم في مي بنت محمد آل خليفة وزيرة الثقافة نتائج‬ ‫التميز لألعمال المسرحية البحرينية‬ ‫حكومة الشارقة ‪ 4‬نصوص مسرحية حبرينية‪ ،‬جائزة‬ ‫ّ‬ ‫لتبدأ بها نشاطها يف جمال النشر الذي قالت إنه للموسم ‪ 2010 - 2009‬وجوائز التأليف‬ ‫سينصب على املسرح‪ .‬واملسرحيات هي‪ :‬امرأة المسرحي اليت ّ‬ ‫نظمها قطاع الثقافة والتراث‬ ‫ّ‬ ‫في الظالم إلبراهيم بحر‪ ،‬حيدر ألمين صالح‪ ،‬الوطني يف وزارة الثقافة‪ ،‬واختيار العرض‬ ‫البرهامة لعلي الشرقاوي‪ ،‬وأخير ًا درب المصل املسرحي املرشح للمشاركة يف المهرجان‬ ‫وزارة‬

‫لفريد رمضان‪.‬‬

‫الحادي عشر للفرق المسرحية األهلية في‬

‫دول مجلس التعاون والذي أقيم يف‬ ‫يف أكتوبر ‪ .2010‬وكان قطاع الثقافة والتراث‬ ‫الوطني قد ش ّكل جلنة التحكيم اخلاصة‬ ‫جبائزة التميّز لألعمال املسرحية البحرينية‬ ‫وقد شاهدت اللّجنة عدداً من العروض‬ ‫املسرحية اليت تنطبق عليها شروط املسابقة‬ ‫حبسب إعالن وزارة الثقافة‪ ،‬وكانت العروض‬ ‫كالتالي‪:‬‬ ‫مسرحية البيت العود‪ ،‬مسرحية نعيمة‪،‬‬ ‫مسرحية األشباح‪ ،‬مسرحية تحت الدخان‪،‬‬ ‫مسرحية المهاجران‪ ،‬مسرحية خلف األبواب‪،‬‬ ‫مسرحية مكان ما‪ ،‬مسرحية المسار‪ ،‬مسرحية‬ ‫الصفحة األولى من الجريدة‪ ،‬مسرحية الباص‪،‬‬ ‫مسرحية المجهول‪ ،‬مسرحية الشريط‪.‬‬ ‫وقد و ّزعت اجلوائز على ثالث عشرة فئة‪ ،‬ويف‬ ‫مقدمتها‪ ،‬جائزة أفضل عرض مسرحي وقيمتها‬ ‫‪ 5000‬دينار‪( :‬المجهول) لمسرح الريف‪ .‬وجائزة‬ ‫أفضل أداء جماعي وقيمتها ‪ 2000‬دينار‪(:‬الباص)‬

‫وقد سبق ملعظم هذه املسرحيات أن رأت‬ ‫النور على اخلشبة اإليطالية من خالل عدد‬ ‫من املهرجانات احمللية‪ .‬كما فازت إحداها يف‬ ‫نص‬ ‫العام ‪ 1998‬وهي البرهامة‪ ،‬جبائزة أفضل ّ‬ ‫مسرحي يف مسابقة التأليف املسرحي اليت‬ ‫ّ‬ ‫ينظمها سنوياً قطاع الثقافة والتراث الوطني‪.‬‬ ‫يف حني عثر بعضها اآلخر على فرص للنشر‪،‬‬ ‫كما هو احلال مع مسرحية امرأة في الظالم‬ ‫اليت صدرت من ضمن جمموعة مسرحيات‬ ‫للمؤلف‪ ،‬وو ّزعت يف أجواء مهرجان الصواري‬ ‫للعروض المسرحية‪ .‬واحلال عينه الذي ينطبق‬ ‫أيضاً على مسرحية حيدر اليت طبعت إىل جوار‬ ‫نصني آخرين للمؤلف من ضمن كتاب و ّزع خالل‬ ‫ّ‬ ‫مهرجان مسرح أوال يف العام ‪.2006‬‬ ‫وتأتي إعادة إصدار هذه النصوص ضمن‬ ‫كتاب حتت اسم نصوص مسرحية بحرينية‬ ‫يف سياق ما قالت اجلهة الناشرة‪ ،‬وهي دائرة‬ ‫الثقافة واإلعالم في الشارقة‪ ،‬إنها ''نواة لبنك‬ ‫نصوص مسرحية عربية بعدما باتت خشبة لمسرح جلجامش‪ .‬وجائزة أفضل مخرج‬ ‫املسرح احمللّي والعربي تفتقر إىل اإلبداع'' وفق مسرحي وقيمتها ‪ 1600‬دينار‪ :‬حسين العصفور‬ ‫ما عبرّ ت من خالل تقدميها للكتاب‪ .‬وقالت عن مسرحيته (المجهول) لمسرح الريف‪.‬‬ ‫وجائزة أفضل ديكور مسرحي وقيمتها ‪800‬‬ ‫إنها ''ستقدم إبداعاً متجدداً على درب التأليف‬ ‫املسرحي عرب البحث والذهاب إىل منابع الكتابة دينار‪( :‬المهاجران) لمسرح أوال‪ .‬وجائزة أفضل‬ ‫يف عموم الوطن العربي لشراء النصوص بتوازن جهد ورشي مسرحي وقيمتها ‪ 500‬دينار‪:‬عبدالله‬ ‫السعداوي عن مسرحية (الصفحة األولى من‬ ‫يراعي اإلبداع يف الدول العربية كافة''‪.‬‬ ‫الدوحة‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫الجريدة) لمسرح الصواري‪.‬‬

‫الحصاد المسرحي للعام ‪2009‬‬

‫خليفة العريفي‪ ،‬قاسم حداد‪ ،‬إبراهيم الغانم‪،‬‬ ‫راشد نجم‪ ،‬عبدالله يوسف‪ ،‬راشد المعاودة‪،‬‬

‫عبدالله القصاب‪ ،‬حسن ناصر‪ ،‬ياسين عربي‪،‬‬ ‫محمد رفيع‪ ،‬المرحوم حسن النيباري‪،‬‬ ‫عبدالرحمن السعد‪ ،‬عبدالرحمن بركات‪ ،‬طه‬ ‫الكاف والمرحوم يعقوب‬ ‫أوال‬

‫كال من‬ ‫ٍّ‬

‫مسعود‪ .‬كما ك ّرم‬

‫أحمد يعقوب المقلة‪ ،‬وخليفة‬

‫شاهين‪ ،‬وعبدالله الخان‪ ،‬وذلك برعاية كرمية‬

‫الشيخة مي بنت‬

‫‪17‬مسرحية هو ك ّل حصاد النشاط‬ ‫المسرحي البحريني خالل العام ‪،2009‬‬ ‫وقد قدمتها مختلف المسارح البحرنية‪،‬‬ ‫ويأتي في مقدمة هذا النشاط المسرحي‬ ‫الدرامي "مهرجان مسرح أوال الخامس"‬ ‫بمشاركة مسارح محلية وخليجية من‬ ‫السعودية وقطر واإلمارات‪..‬‬

‫اإلبداع‬

‫‪17‬مسرحية هو حصاد النشاط املسرحي‬ ‫البحريين خالل العام ‪ ،2009‬وقد ق ّدمتها‬ ‫خمتلف املسارح البحرينية‪ ،‬ولع ّل يف مقدمة‬ ‫هذا النشاط املسرحي يأتي مهرجان مسرح‬ ‫أوال السنوي اخلامس مبشاركة مسارح حملية‬ ‫وخليجية‪ ،‬وقد شاركه ك ّل من مسرح الريف‬ ‫ومسرح جلجامش من البحرين‪ ،‬وفرقة مسرح‬ ‫الشباب من السعودية ‪ ،‬وفرقة المسرح‬ ‫القطري‪ ،‬وفرقة المسرح الحديث من اإلمارات‪.‬‬ ‫تتابعت فعاليات مهرجان أوال المسرحي يف‬ ‫نسخته اخلامسة‪ ،‬بعرس استمر حاف ًال بعروض‬ ‫مسرحية متن ّوعة تناولت خمتلف القضايا‬ ‫وجبمهور حاضر حتى يف الندوات التطبيقية‬ ‫اليت قرأت العروض وتأولتها باستنتاجات‬ ‫خمتلفة ومتن ّوعة‪.‬‬ ‫وقد كسب مسرح أوال الرهان حني استطاع‬ ‫أن يفي بالوعد الذي قطعه على نفسه بأن يكسب‬ ‫معركته ويسهم يف تكريس ثقافة املسرح حبسب‬ ‫يتحصل عليه من دعم‪،‬‬ ‫طاقته‪ ،‬وحبسب ما ّ‬ ‫وأن حيافظ على مجهوره وألق هذا اجلمهور‬ ‫مل ّدة تسعة أيام بثمانية عروض متن ّوعة لفرق‬ ‫مسرحية حبرينية‪ ،‬وخليجية‪ ،‬مع إصداره‬ ‫جمموعة من الكتب املسرحية‪ ،‬وتكرميه خنبة‬ ‫من ر ّواد املسرح البحريين وهم‪ :‬محمد عواد‪،‬‬

‫من وزيرة الثقافة واإلعالم‬ ‫محمد آل خليفة اليت كان هلا الدور األهم يف‬ ‫دعم املهرجان‪ ،‬وظهوره بهذه الصورة املشرفة‬ ‫على خشبة الصالة الثقافية‪.‬‬ ‫وقد ق ّدم أوال نفسه بعملني مسرحيني يف‬ ‫املهرجان‪ ،‬األول عرض جدل إخراج طاهر‬ ‫محسن وإعداد ومتثيل خليفة العريفي‪ ،‬حيث‬ ‫أدار املمثلون حوارهم على كوة النور اليت‬ ‫ف ّجرت جدهلم املستمر‪ ،‬وكان العرض الثاني‬ ‫ملسرحية الناقوس إخراج أحمد الصايغ‪ ،‬وهي‬ ‫حتاول أن تد ّق ناقوس اخلطر للتحذير من تسلق‬ ‫االنتهازين والوصوليني ومت ّكنهم تقريباً من‬ ‫موقع القرار‪.‬‬ ‫وشارك مسرح الريف يف املهرجان مبسرحية‬ ‫اللحاد من تأليف الكاتب السوري عبدالفتاح‬ ‫قلعجي‪ ،‬وإخراج الفنان جاسم طالق‪ ،‬وهي‬ ‫مكتوبة بصيغة شعرية وتدور فكرتها حول مدينة‬ ‫جمهولة تغوص بكاملها حتت األرض بسكانها‬ ‫وبيوتها بفعل عوامل جمهولة‪ ،‬باستثناء املقربة‪.‬‬ ‫وقد اضطر الناس إىل حفر أنفاق للدخول إليها‬ ‫أو اخلروج منها‪ ،‬يف حني ترتفع املقربة فوق‬ ‫برسام يقيم معرضه‬ ‫املدينة‪ ،‬وتبدأ األحداث ّ‬ ‫السنوي وجيري بينه وبني اللحاد حوارات‬ ‫متع ّددة حول الف ّن واحلرية وينتهي احلدث‬ ‫الدرامي بأن يغري اللحاد الرسام بالتم ّدد يف‬ ‫أحد القبور ليدفنه حتت ركام لوحاته‪.‬‬ ‫تقرتب صيغة املسرحية من حالة املسرح‬ ‫خصص احلوار يف املسرحية‬ ‫الذهين‪ ،‬حيث ّ‬ ‫حديثه عن املوت على لسان حفّار القبور يف نقد‬ ‫صارخ للواقع‪ ،‬مط ّعم بلمحة وجودية‪.‬‬ ‫أما مسرح البيادر فقد شارك مبسرحية‬ ‫المنجم ملخرجها ومؤلّفها أحمد جاسم‪ ،‬وتدور‬ ‫أحداثها حول البحث عن الذهب ووقوع املمثلني‬ ‫يف شرنقة ال ميكن اخلالص منها بغري خسائر‪،‬‬ ‫إذ ال يوجد ذهب من غري تعب‪.‬‬

‫‪527‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 528‬للتنمية الثقافية‬

‫كسب مسرح أوال البحريني الرهان‬ ‫حين استطاع أن يفي بوعده بتكريس ثقافة‬ ‫المسرح بحسب طاقته وبحسب ما يحصل‬ ‫عليه من دعم‪ ..‬كما استطاع أن يحافظ‬ ‫على جمهوره وألق هذا الجمهور لم ّدة‬ ‫تسعة أيام بثمانية عروض متنوعة لفرق‬ ‫محليّة وخليجية‪ ،‬مع إصداره مجموعة كتب‬ ‫مسرحية‪ ،‬وتكريمه نخبة من ر ّواد المسرح‬ ‫البحريني‪..‬‬

‫هذا واستطاع مهرجان أوال هذا العام أن‬ ‫يستقطب مشاركات خليجية جادة‪ ،‬متثلت‬ ‫يف مسرح شباب اإلحساء من السعودية‪،‬‬ ‫فقد شاركوا مبسرحية زمن الكالم ملؤلفها‬ ‫فهد الحوشاني‪ ،‬وسينوغرافيا وإخراج نوح‬ ‫الجمعان‪ ،‬إذ مثلوا حكاية الكاتب واملف ّكر حني‬ ‫يتو ّرط بالصمت‪ ،‬وإدانة الواقع‪ ،‬فيقع هو نفسه‬ ‫يف مأساة أخرى‪ .‬يرتاوح العرض بني حرقة‬ ‫الكالم وحرقة الصمت‪ ،‬وما بني احلرقتني‬ ‫جسدها‬ ‫تشتعل القلوب وتضيء أو حترتق‪ ،‬وقد ّ‬ ‫املخرج يف سينوغرافيا أحد املشاهد الرمزية يف‬ ‫بداية العرض‪ .‬أما فرقة المسرح القطري فقد‬ ‫شاركت يف مسرحية أوركسترا تايتنك إخراج‬ ‫نورالله توجار‪ ،‬متجاوز ًة حواجز اللّغة وحواجز‬ ‫املكان خمترب ًة قدرة املسرح على أن يكون‬ ‫مسرحاً حقاً ويوصل رسالته مهما اختلفت اللّغة‪.‬‬ ‫فيما شاركت فرقة المسرح الحديث لدولة‬ ‫اإلمارات مبسرحية ميادير ملخرجها إسماعيل‬ ‫األنصاري‪ ،‬وقد أوقع املخرج ممثليه يف أزمة‪،‬‬ ‫لريى كيف سيتصرفون إبداعياً‪ .‬وهذه عادة‬ ‫األنصاري‪ ،‬فهو يتكئ دائماً على مسرح األزمة‪.‬‬ ‫وقد مت ّكن املسرح اإلماراتي من تأكيد حضوره‬ ‫باقتدار مسرحي منسجم‪ ،‬معتمداً على مجاليات‬ ‫العرض والطاقات املتميزة اليت أضاءت املسرح‬ ‫جبوارحها اإلبداعية الشفيفة‪.‬‬ ‫فيما كان ختام العروض مبسرحية عايشة‬ ‫ملسرح جلجامش تأليف حبيب غلوم وإخراج‬ ‫جمال الغيالن‪ ،‬وهي حتكي مأساة املرأة‬ ‫اخلليجية بنموذجني نسائيني متعاكسني عائشة‬ ‫وحصة حيث تتداخل أمور الزواج والطالق مع‬ ‫اخلوف من نظرة اجملتمع‪ ،‬األمر الذي يدخل‬ ‫الشخصي يف العام والعكس‪.‬‬ ‫مشروع "أنا المسرح"‬

‫أعقبت العروض ندوات تطبيقية مرجتلة من‬

‫غري أوراق نقدية‪ ،‬وقد ّمت خالل هذه الندوات‬ ‫التداول مع املخرجني ومناقشة عروضهم مع‬ ‫تدخالت من اجلمهور واملمثلني كذلك‪ .‬وقد دارت‬ ‫املناقشات حول مسائل اإلخراج والسينوغرافيا‬ ‫وأداء املمثلني واختيار النصوص وقراءة ما وراء‬ ‫األعمال من دالالت ورموز‪.‬‬ ‫كما ق ّدم مسرح الريف مسرحية البيت العود‬ ‫من إخراج علي سلمان وإعداد محمد شهاب‪.‬‬ ‫ترتكز فكرة املسرحية على تعزيز الوحدة‬ ‫الوطنية‪ ،‬حبيث تدور أحداثها يف قرية صغرية‬ ‫يسودها ج ّو األلفة والسعادة وبساطة احلياة‬ ‫القروية وتكاتف أهلها‪ .‬فجأة يطرأ حدث معينّ‬ ‫وتنقلب األمور بعضها على بعض وتبدأ عندها‬ ‫املشكلة اليت تكمن يف تف ّكك وحدة أهل القرية‪،‬‬ ‫وتظهر حينها حقيقة شخصيات وجهاء القرية‪،‬‬ ‫وتتواىل األحداث بانقالبات درامية رمبا مل تكن‬ ‫متوقعة أو رمبا مل يتو ّقع هلا أن تصل باحلدث‬ ‫إىل ما وصل إليه‪.‬‬ ‫ق ّدم املخرج مشاهد فنيّة مجيلة خيتلط فيها‬ ‫األمل بأصوات وجلبة األهالي النافرين ‏من أوضاع‬ ‫قريتهم‪ .‬وقد أجاد ‏املمثلون يف إظهار إرهاصات‬ ‫حياتهم االجتماعية املنكوبة اليت ‏تسقط بثقلها‬ ‫وأوجاعها وآالمها على احلياة املعاصرة بر ّمتها‪.‬‬ ‫كذلك ق ّدم مسرح الريف مسرحية الزوابع‬ ‫وهي مقتبسة عن قصة سمفونية ربط الحذاء‬ ‫للكاتب البحريين عبدالقادر عقيل ومسرحية‬ ‫يقظة للكاتب علي حسن وهي من إعداد‬ ‫وإخراج محمد الحجيري‪.‬‬ ‫يع ّد مهرجان فنون الشعوب النقلة النوعية‬ ‫اليت أجنزها مسرح جلجامش‪ ،‬وهو مهرجان‬ ‫فن ثقايف ترفيهي يسلّط الضوء يف ك ّل دورة على‬ ‫يّ‬ ‫عادة أو تقليد أو ف ّن عند الشعوب وكيفية تعاطيهم‬ ‫معه كـ"مراسيم الزواج عند الشعوب"‪ .‬لقد ّمت‬ ‫ومؤسسات فنية مدنية كشركاء‬ ‫إشراك مجعيات ّ‬ ‫يف املهرجان منهم محافظة العاصمة واتحاد‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫المصورين العرب والملتقى الثقافي األهلي‬ ‫ّ‬ ‫وجمعية البحرين للفنون التشكيلية ومشروع‬ ‫السالم للفنان عباس الموسوي ونادي التصوير‬ ‫الفوتوغرافي وجوالة المالكية وكشافة وزارة‬ ‫التربية والتعليم وفرقة الشموع البحرينية‬ ‫وفرقة محمد بن فارس الشعبية وفرقة الراب‬

‫البحرينية (ذي كينجز) باإلضافة إىل أبطال‬ ‫املهرجان وهم من جاليات الدول املشاركة وهي‪:‬‬ ‫العراق‪ ،‬باكستان‪ ،‬فلسطين‪ ،‬السودان‪ ،‬مصر‪،‬‬

‫األردن‪ ،‬بنغالدش‪ ،‬أثيوبيا‪ ،‬الفلبين‪ ،‬اليمن‪،‬‬ ‫الهند‪ ،‬تونس‪.‬‬

‫اإلبداع‬

‫أعطى هذا اإلجناز دفعة قوية ألنشطته يف‬ ‫العام ‪ 2009‬وقد مشلت إقامة الورش املسرحية‬ ‫وجلسات احلوار والنقد واملشاهدة‪ ،‬وإنتاج‬ ‫عملني مسرحيني هما‪ :‬المقهى وعايشة‪ .‬إضافة‬ ‫إىل املشاركات اخلارجية يف مهرجان أصيلة‬ ‫الدولي يف المغرب ومهرجان المسرح العربي يف‬ ‫القاهرة وكذلك مهرجان المسرح الخليجي يف‬ ‫دورته العاشرة يف الكويت‪.‬‬ ‫وشارك املسرح يف رعاية مشروع "أنا المسرح"‬ ‫ودعمه بالتعاون مع وزارة التنمية االجتماعية‪..‬‬ ‫ويُعنى هذا املشروع بالشأن املسرحي وما‬ ‫يتض ّمنه من فنون كالكتابة واالقتباس واإلخراج‬ ‫والتمثيل واالستعراض وغريها‪ ،‬وهو ينبثق من‬ ‫جلنة الطفل امللحقة باملسرح‪ ،‬وقد استضاف‬ ‫خربات مسرحية مثل الفنان عالء الجابر‬ ‫لإلسهام يف إدارة ورشة الكتابة لألطفال‪،‬‬ ‫وتنفيذ ورش تأهيل صغار املمثلني‪.‬‬ ‫من الورش املميّزة اليت ق ّدمها املسرح‪ ،‬ورشة‬ ‫دراسة الصوت وقد أشرف الفنان ياسر ناصر‬ ‫على إقامتها وطرح من خالهلا دراسة شاملة‬ ‫عن الصوت وأنواعه وطبقاته‪ ،‬وكذلك مسالك‬ ‫الصوت وأجزاء هذه املسالك ومناطق خروج‬ ‫الصوت‪ .‬كما كشف للمتدربني عيوب الصوت‬ ‫وكيفية معاجلتها من خالل التمارين الصوتية‬

‫والتنفس السليم‪ ،‬ومتارين أخرى تساعدهم‬ ‫على االهتمام بأصواتهم وتدريبها وصقلها‬ ‫واكتشاف مناطق جديدة فيها كانوا جيهلونها‪.‬‬ ‫استمرت هذه الورشة ملدة مخسة أيام وشارك‬ ‫فيها مثانية من أعضاء املسرح‪.‬‬ ‫بدأ التحضري ملسرحية المقهى يف الشهر‬ ‫الرابع من العام ‪ ...2008‬يناقش هذا العمل‬ ‫قضايا فئة ذوي االحتياجات اخلاصة والسيما‬ ‫فاقدي البصر‪ ،‬وأهم املشكالت اليت تواجههم‬ ‫والعقبات اليت تعيق اندماجهم يف اجملتمع‪،‬‬ ‫وممارسة حياتهم الطبيعية‪ .‬وقد طرح العمل‬ ‫احللول هلذه املشكالت يف قالب كوميدي خفيف‬ ‫وحمبّب‪.‬‬ ‫ق ّدم املسرح كذلك ورشة تاريخ المسرح‬ ‫وأنواعه اليت يشرف عليها الفنان نضال‬ ‫الدرازي‪ ،‬وهدفها التعريف باملسرح وتارخيه‬ ‫ومدارسه وأنواعه من الناحية الفنية والنظرية‬ ‫وحتى املعمارية‪ ،‬وكذلك تاريخ الرقص والتعبري‬ ‫احلركي ودراسة الرقص احلديث‪.‬‬ ‫املشروع املذكور نظري أكثر منه عملي‪ ،‬ولكنه‬ ‫ال خيلو من بعض التمارين املسرحية اليت ختدم‬ ‫إيصال الفكرة أو املفهوم عرب املعلومة اليت يت ّم‬ ‫طرحها وبيان االختالف بني الرؤى املسرحية‪،‬‬ ‫وهو يعزّز أيضاً هذه األفكار عرب بعض األعمال‬ ‫املسرحية وما يلي عرضها من حتاور ونقاش‬ ‫ين ّمي أسلوب النقد وطرح التساؤالت لدى‬ ‫املشاركني‪.‬‬ ‫استمر هذا الربنامج على مدى سنة كاملة‬ ‫بواقع ساعتني ك ّل أسبوع ليتسنّى للمتدربني‬ ‫البحث يف كل م ّرة عما جاء يف الورشة‪.‬‬ ‫من جهة أخرى مت ترشيح مسرحية عايشة‬ ‫من قبل المركز القطري للهيئة العربية‬ ‫للمسرح يف البحرين للمشاركة يف مهرجان‬ ‫المسرح العربي يف دورته األوىل يف القاهرة‬ ‫واليت تأجلت من شهر كانون الثاني‪/‬يناير‬

‫‪529‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 530‬للتنمية الثقافية‬

‫شارك مسرح جلجامش في رعاية‬ ‫ودعم مشروع "أنا المسرح" بالتعاون مع‬ ‫وزارة التنمية االجتماعية البحرينية‪..‬‬ ‫ويُعنى المشروع بالشأن الدرامي وما‬ ‫يتض ّمنه من فنون كالكتابة واالقتباس‬ ‫واإلخراج واالستعراض وغيرها‪..‬‬

‫‪ 2009‬إىل أيار‪/‬مايو من العام نفسه‪ .‬وجاءت‬ ‫مشاركة العمل يف املهرجان مشرفة وناجحة‬ ‫مبقاييس املهرجان ومن خالل ما أثري يف الندوة‬ ‫التطبيقية اليت تلت العرض مباشرة‪.‬‬ ‫ّمت البدء بتدريبات مسرحية الباص يف أيلول‪/‬‬ ‫سبتمرب ‪ 2009‬وهي عبارة عن جمموعة قصصيه‬ ‫للكاتب الروسي املشهور أنطوان تشيخوف‬ ‫والكاتب محمد الموصلي‪ .‬وقد ّمت ربطها مبحور‬ ‫واحد‪ ،‬وجاء التحضري هلا عن طريق ورشة عمل‪.‬‬ ‫وهذا العمل عبارة عن بداية مشروع مسرحي‬ ‫مجاعي يعتمد اعتماداً كلياً على املشاركني يف‬ ‫العمل وليس على املخرج فقط‪.‬‬ ‫مسرحية الرسالة اليت ق ّدمت يف نهاية العام‬ ‫‪ 2009‬بالتعاون مع مجهورية أثيوبيا‪ ،‬جاءت نتيجة‬ ‫جهود حبثية قام بها مسرح جلجامش والمركز‬ ‫االجتماعي األثيوبي في المملكة بالتعاون من‬ ‫الكنيسة األرثوذكسية‪ ،‬ويدور موضوعها حول‬ ‫اهلجرة األوىل للمسلمني إىل احلبشة‪ .‬جاء‬ ‫اإلخراج مشرتكاً بني مسرح جلجامش (نضال‬ ‫الدرازي) والمركز االجتماعي األثيوبي‬

‫(أسكادار جرماي)‪ .‬حيث تقامست البطولة فيه‬ ‫ثلّة من ممثلي مسرح جلجامش ومن ممثلي‬ ‫اجلالية األثيوبية مع مشاركة فرقة الغناء من‬ ‫الكنيسة األرثوذكسية‪ .‬و ّمت تقديم العمل باللّغة‬ ‫اإلجنليزية‪.‬‬ ‫نشاط مسرح الصواري‬

‫ق ّدم مسرح الصواري خالل العام ‪ 2009‬ثالث‬ ‫مسرحيات‪ :‬درب املصل‪ ،‬بيت القصيد‪ ،‬فجأة مل‬ ‫يهطل املطر‪.‬‬ ‫مسرحية درب المصل من تأليف فريد‬ ‫رمضان‪ ،‬وإخراج خالد الرويعي‪ .‬حتاول‬ ‫املسرحية من خالل شخصيتني نسائيتني‪،‬‬ ‫مقاربة مرض سرطان الثدي‪ ،‬عرب إظهار حجم‬ ‫املعاناة اليت تواجهها املرأة وتعاني منها طوال‬

‫حياتها‪ ،‬حيث يعود ذلك ‪ -‬كما أق ّر الطب – إىل‬ ‫سببني رئيسيني أوهلما أن سرطان الثدي من‬ ‫أكثر السرطانات اليت تصيب املرأة يف العامل‪،‬‬ ‫وثانيهما أهمية الثدي كعضو رئيسي إلحساس‬ ‫املرأة باألنوثة واألمومة‪ .‬وعليه فإن هذا النص‪/‬‬ ‫العرض املسرحي‪ ،‬حياول أن يق ّدم حالة امرأة‬ ‫فقدت حياتها بسبب هذا املرض‪ ،‬ثم نهضت من‬ ‫موتها‪ ،‬لتسرد لنا معاناتها‪ ،‬ومشاعرها‪ ،‬وآالمها‪،‬‬ ‫وصراعها على املستوى النفساني واجلسدي‪،‬‬ ‫وذلك يف إطار التعبري عن عالقتها اخلاصة‬ ‫بذاتها كامرأة وزوجة مصابة بهذا املرض‬ ‫اخلطري‪.‬‬ ‫ومبزيج بني الدراما الشعرية والكوميديا‬ ‫واملأساة تستعيد مسرحية بيت القصيد للمخرج‬ ‫إبراهيم بحر أحداث عشرينيات القرن املاضي‪،‬‬ ‫وهي من تأليف اإلماراتي عبدالله صالح‪،‬‬ ‫حبيث تروي املسرحية معاناة مزدوجة للبطل‬ ‫ضاحي الذي جيسد شخصيته الفنان محمد‬ ‫الصفار‪ ،‬املصاب بداء اجلدري والذي يعاني يف‬ ‫الوقت نفسه من قسوة األهل‪ .‬ويسعى ضاحي‬ ‫للتخلص من هذه املعاناة بواسطة شخصية‬ ‫أخرى يلتقي بها وتكون له مبثابة نقطة األمل‪.‬‬ ‫جتسد سارة البلوشي شخصية مريم‪،‬‬ ‫يف حني ّ‬ ‫الفتاة اليت تتعرض للظلم من ج ّده ''النوخذة''‪،‬‬ ‫حيث يدفع األخري والدها إىل تطليق والدتها‪،‬‬ ‫ما يؤدي يف النهاية إىل وفاتها‪ .‬وذلك أمر يز ّج‬ ‫مبريم يف عامل اليتم‪ ،‬فتالقي ما تالقيه من‬ ‫اضطهاد ينتهي بها إىل التسكع يف الشوارع‪،‬‬ ‫والتظاهر باجلنون بقصد احملافظة على نفسها‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن املسرحية تدور يف‬ ‫مرحلة مبكرة من القرن املاضي‪ ،‬إال أنها‬ ‫حتمل إسقاطات معاصرة على الواقع‪ ،‬خصوصاً‬ ‫جلهة الصفات أو املزايا اليت حياول املخرج‬ ‫تركيبها على الشخصية املتسلّطة‪ ...‬وحييل اسم‬ ‫املسرحية بيت القصيد على شخصية داخلية‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫مشروع بناء مسرح البحرين الوطني‬

‫صورة املسرح البحريني يف العام‬ ‫ال ختتلف كثرياً ع ّما سبقتها من صور طبعت‬ ‫لسنوات قليلة مضت وما حلقها كذلك‪ ،‬أي يف‬ ‫مدار هذا العام اآليل إىل األفول‪ .‬فهذا املسرح‬ ‫يعاني من قلّة ارتياد اجلمهور له‪ ،‬بعد أن باتت‬ ‫‪2009‬‬

‫الدراما التلفزيونية اخلليجية والعربية الناجحة‬ ‫تش ّده أكثر‪ ،‬عالوة على تعقّد احلياة االقتصادية‬ ‫والسياسية واستغراق إنساننا يف مشاغلها‬ ‫عموماً‪ ،‬وهذا فض ًال عن عدم توافر دور العرض‬ ‫املسرحية؛ ك ّل ذلك أدى إىل ضمور مجهور هذا‬ ‫املسرح والتجاوب اإلبداعي احلماسي معه‪.‬‬ ‫ال ّ‬ ‫شك أن املواهب املسرحية موجودة‬ ‫و"مرتاكمة" يف البحرين وميكن االستفادة‬ ‫أيضاً وأيضاً من خربة الرموز الكبار يف حركة‬ ‫الدراما املسرحية البحرينية من أمثال‪ :‬د‪.‬‬

‫"مسرح الصواري" ق ّدم ثالث‬ ‫مسرحيات في العام ‪ ،2009‬أبرزها "درب‬ ‫محمد الخزاعي‪ ،‬ود‪ .‬إبراهيم غلوم‪ ،‬والفنان‬ ‫المصل" التي قاربت مرض سرطان الثدي‬ ‫خليفة العريفي والفنان إبراهيم خلفان‪ .‬عبر إظهار حجم المعاناة التي تواجهها‬ ‫كما أ ّن المعهد المسرحي يف البحرين ال يين المرأة وتعاني منها طوال حياتها‪ ،‬األمر‬ ‫يض ّخ املواهب اجلديدة واليت حتتاج بدورها إىل الذي يع ّرضها لتش ّوه جمالها وضرب‬ ‫إحساسها بأنوثتها وكذلك عالقتها‬ ‫مزيد من الرعاية والصقل الدرامي العملي على باألمومة ونظرة المجتمع إليها‪..‬‬

‫األرض‪.‬‬ ‫على أ ّن البحرين تشارك غريها من غري‬ ‫دولة من دول مجلس التعاون الخليجي‪،‬‬ ‫األزمات اليت تعرتض نهوض دراما متواصلة‬ ‫ومتألقة فيها باستمرار‪ ..‬ولع ّل أفضل من‬ ‫يشخّص هذا األمر هو الناقد والباحث د‪.‬‬ ‫إبراهيم غلوم‬ ‫املتخصص باملسرح البحريين‬ ‫ّ‬ ‫والذي قال ذات مرة لصحيفة القبس الكويتية‪:‬‬ ‫"نعاني يف البحرين من مشكلة عدم توافر دور‬ ‫للعرض املسرحية‪ ،‬وسبب ذلك يف اعتقادي هو‬ ‫البنية التحتية األساسية لدول مجلس التعاون‬ ‫الخليجي وأساسيات املسرح يف هذه املنطقة‪،‬‬ ‫حيث لسنا الوحيدين يف البحرين الذين نعاني‬ ‫مشكلة قلّة املسارح‪ ،‬بل هناك الكويت وسلطنة‬ ‫عمان أيضاً‪ ...‬باستثناء السعودية واإلمارات‬ ‫حيث توجد فيهما دو ٌر للعروض املسرحية إىل‬ ‫ح ّد ما"‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وتالفيا هلذه الثغرة الكبرية يف البحرين‪،‬‬ ‫وتقديراً من الدولة جلدية النشاط املسرحي‬ ‫البحريين وتارخيه وحتدياته الراهنة واملقبلة‪،‬‬

‫اإلبداع‬

‫تتولىّ عملية تقريض الشعر يف الفرتة اليت تدور‬ ‫فيها أحداث املسرحية‪ ،‬وقد جنح املخرج يف بناء‬ ‫ديكور يعبرّ عن هذه األحداث اليت جتري يف‬ ‫تاريخ بعيد وظروف مغايرة للحظة احلاضرة‪.‬‬ ‫من صندوق أسود ثقبت ك ّل جوانبه‪ ،‬تبدأ‬ ‫سينوغرافيا مسرحية فجأة لم يهطل المطر‪،‬‬ ‫فخرجت باملشاهد من مكانه املعتاد‪ .‬انتشلته‬ ‫من كرسي املتلقي‪ ،‬ونصبته شريكاً فاع ًال يف‬ ‫األحداث‪ .‬منحته كرسياً على خشبة املسرح‪،‬‬ ‫علّه يكون أقرب إىل كواليس املسرح‪ ،‬ورمبا‬ ‫أقرب إىل أحداث املسرحية‪ ،‬اليت خلت من‬ ‫ك ّل أنواع املؤثرات الصوتية والضوئية وحتى‬ ‫الديكور‪ ،‬إذ ما خال بضعة صناديق سوداء‪ ،‬مل‬ ‫يعتمد خمرج املسرحية إبراهيم الخلفان يف‬ ‫نص عبد الله السعداوي إال على قوة‬ ‫تداعيات ّ‬ ‫اإلقناع لدى ممثلي املسرحية‪ ،‬محمد الصفار‬ ‫وحسن منصور‪.‬‬ ‫جاءت املسرحية متزامنة مع االحتفاالت‬ ‫باليوم العاملي للمسرح اليت دأب مسرح‬ ‫الصواري على تنظميها سنويا منذ العام ‪.1994‬‬ ‫تبدأ املسرحية بعبارة‪" :‬أنت من؟" يرددها‬ ‫املمثل األول أكثر من مرة يف نسق تصاعدي‬ ‫وحتث احلاضرين‬ ‫يكشف عن توتر الشخصية‪ّ ،‬‬ ‫على التساؤل‪ :‬ماذا بعد؟‪ ،‬لكن املمثل الثاني‪،‬‬ ‫حسن منصور ال جييب اجلمهور‪ ،‬ولكنه جييب‬ ‫صديقه بالقول‪" :‬أنا أنت"‪ ،‬ولكن اإلجابة ال‬ ‫تشفي غليل املشاهد وإمنا تزيد حريته‪ ،‬وستظل‬ ‫هذه احلرية تالزمه إىل نهاية املسرحية‪.‬‬

‫‪531‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 532‬للتنمية الثقافية‬

‫يعاني المسرح البحريني راهناً من‬ ‫قلّة ارتياد الجمهور له‪ ،‬فقد باتت الدراما‬ ‫التلفزيونية الخليجية والعربية الناجحة‬ ‫تسرق هذا الجمهور‪ ..‬عالوة على تعقّد‬ ‫الحياة االقتصادية والسياسية واستغراق‬ ‫إنساننا بعامة في مشاغلها‪ ..‬وظروفها‬ ‫القاهرة‪..‬‬

‫عدم توافر دور للعرض المسرحي‬ ‫مشكلة تتقاسمها البحرين مع غير دولة‬ ‫من دول مجلس التعاون باستثناء السعودية‬ ‫واإلمارات‪ ..‬وتالفياً لهذه الثغرة وتقديراً‬ ‫من الدولة لجدية النشاط المسرحي‬ ‫البحريني وتحدياته‪ّ ،‬‬ ‫دشنت وزارة الثقافة‬ ‫مشروع بناء "مسرح البحرين الوطني"‬ ‫بدعم من الملك حيث تقرر إنشاء هذا‬ ‫المسرح الكبير على مساحة قدرها‬ ‫‪ 11,869‬متراً مربعاً وبتكلفة تزيد على ‪15‬‬ ‫مليون دينار‪..‬‬

‫ّ‬ ‫دشن هذا العام مشروع بناء‬ ‫الوطني بدعم من جاللة الملك حمد بن‬ ‫عيسى آل خليفة عاهل البالد‪ ،‬حيث تعمل‬ ‫وزارة الثقافة على إنشاء مسرح البحرين‬ ‫الوطني الذي تصل تكاليف تنفيذه اىل ‪15‬‬ ‫مليون دينار‪ .‬ومن املقرر إنشاء املشروع مشال‬ ‫بحيرة المتحف الوطني على مساحة قدرها‬ ‫‪ 11,869‬مرتاً مربعاً‪.‬‬ ‫وقد ص ّمم املشروع إلمكانية استخدامه خالل‬ ‫املناسبات احمللية والعاملية املختلفة‪ ..‬من عروض‬ ‫فنيّة وثقافية احتشادية على اختالفها‪ ،‬وروعي‬ ‫يف التصميم أن تتسع القاعة الرئيسية للمسرح‬ ‫جلمهور يصل إىل ‪ 1000‬متفرج‪ .‬أما يف ما يتعلّق‬ ‫مبنصة املسرح (اخلشبة)‪ ،‬فإن تصميمها من‬ ‫ّ‬ ‫شأنه أن يتيح اجملال الستضافة خمتلف أنواع‬ ‫احلفالت املوسيقية‪ ،‬كاألوركسرتات السمفونية‬ ‫الدولية‪ ،‬وأمناط أخرى من العروض املوسيقية‬ ‫األقل شأناً‪ .‬وسوف يت ّم كذلك بناء قاعة أخرى‬ ‫تتسع ملائة شخص‪ ،‬يت ّم ختصيصها ألغراض‬ ‫ين وتغطية املناسبات املومسية‬ ‫التدريب الف ّ‬ ‫البسيطة واستضافة ورش العمل على اختالفها‪.‬‬ ‫مسرح البحرين‬

‫تونس‪ :‬عام االحتفاء بمرور قرن على‬ ‫تزامنت سنة ‪ 2009‬مع ثالثة أحداث‬ ‫على قدر واحد من األه ّميّة في تاريخ المسرح التونسي‬

‫التّجربة الدرامية في تونس‪ .‬ففي هذه‬ ‫السنة م ّر قرن على والدة المسرح التّونسي ثالث منارات تضيء المسرح‬ ‫على ي ّد نخبة من المبدعين والمف ّكرين‬ ‫السنة اختتام سنة ‪ 2009‬هي سنة مقاربة التّجربة املسرحيّة‬ ‫الوطنيّين‪ ،‬كما شهدت هذه ّ‬ ‫موسعة حول المسرح بر ّمتها يف تونس‪ ،‬ففيها تصادف ثالثة أحداث‬ ‫أ ّول استشارة وطنيّة ّ‬ ‫انتظمت على‬ ‫امتداد سنة ‪ ،2008‬أ ّما هي على قدر واحد من األه ّميّة يف تاريخ هذه‬ ‫الحدث الثّالث فتمثّل في تأسيس ليلة‬ ‫المسرح التونسي على غرار "ليلة المسرح" التّجربة الدرامية‪ .‬ففي سنة ‪ 2009‬يكون قد م ّر‬ ‫قرن على والدة املسرح التّونسي على ي ّد خنبة‬ ‫المحتفى بها في فرنسا‪..‬‬

‫من املبدعني واملف ّكرين الوطنيّني‪ .‬كما نشهد‬ ‫موسعة‬ ‫السنة اختتام أ ّول استشارة وطنيّة ّ‬ ‫هذه ّ‬ ‫حول املسرح انتظمت على امتداد سنة ‪2008‬‬ ‫وكان قد أذن بها رئيس اجلمهوريّة التونسيّة قبل‬

‫سنة مبناسبة اليوم الوطين للثقافة‪ .‬أ ّما احلدث‬ ‫الثّالث فيتمثّل يف تأسيس "ليلة املسرح التونسي"‬ ‫على غرار "ليلة املسرح" احملتفى بها يف فرنسا‪.‬‬ ‫هذه املناسبات أو املنارات الثالث يف العام‬ ‫‪ ،2009‬استدلّت بها وال ّ‬ ‫شك النّخبة املسرحيّة‬ ‫يف تونس‪ ،‬عالوة على اجلمهور الذي تابعها‬ ‫باهتمام ملحوظ‪ ،‬خصوصاً أنها أنتجت ديناميّة‬ ‫على مستوى اإلبداع الدرامي‪ ،‬وكذلك على‬ ‫مستوى ال ّدعم املا ّدي واملعنوي من طرف ال ّدولة‪.‬‬ ‫الموسعة حول‬ ‫الوطنية‬ ‫االستشارة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المسرح‬

‫املوسعة حول‬ ‫تنزّلت االستشارة الوطنيّة ّ‬ ‫املسرح يف إطار االسرتاتيجيا الثقافيّة اليت‬ ‫بادرت منذ سنة ‪ 2002‬إىل استشارة وطنيّة عا ّمة‬ ‫حول الثقافة تبعتها دورة استشاريّة أخرى حول‬ ‫املوسيقى سنة ‪.2006‬‬ ‫اعتمد التفكري يف املسرح على إشراك‬ ‫املسرحيّني التونسيّني يف تقديم مقرتحات تسهم‬ ‫يف تطوير هذا القطاع‪ ،‬خصوصاً من ناحية‬ ‫هيكلة املهن ال ّدراميّة وتنظيمها‪.‬‬ ‫واعتباراً لل ّدور األساسي الذي تضطلع به‬ ‫املؤسسات اإلنتاجيّة العامة‬ ‫ال ّدولة يف متويل ّ‬ ‫واخلاصة على ح ّد سواء ودعمها‪ ،‬فإ ّن من ّو‬ ‫ّ‬ ‫القطاع أفرز صعوبات جديدة وحت ّديات‬ ‫استوجبت التفكري يف صوغ سياسة تهدف إىل‬ ‫ترشيده يف ما يتعلّق بآليات ال ّدعم‪ ،‬أو مبنظومة‬ ‫بطاقات االحرتاف والتّجهيزات ونظام التغطية‬ ‫االجتماعيّة للمسرحيّني وحقوق التّأليف‬ ‫واالستثمار يف اإلنتاج واملنظومة اجلبائيّة‬ ‫اخلصوصيّة‪.‬‬ ‫كما أ ّن التكوين املسرحي الذي أصبح‬ ‫تقليداً جنى منه االحرتاف أجياالً متالحقة‬ ‫أثبتت إضافتها النوعيّة للقطاع‪ ،‬دخل يف مرحلة‬ ‫تستوجب التفكري واملراجعة علمياً وهيكلياً‪.‬‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫شهدت بداية العام ‪ 2009‬استكمال‬ ‫صياغة التوصيات التي تمثّلت في‬ ‫استصدار القانون األساسي لفرقة مدينة‬ ‫تونس للمسرح وإعادة هيكلتها وتثبيتها‪،‬‬ ‫علماً أنّها تع ّد أ ّول فرقة مسرحيّة محترفة‬ ‫انطلقت سنة ‪..1954‬‬

‫اإلبداع‬

‫مسائل أخرى استدعت تنظيم االستشارة‬ ‫حول املسرح‪ ،‬أه ّمها إعادة تكوين األطر املك ّونة يف‬ ‫املسرح يف صلب الوسط املدرسي‪ ،‬وكذلك آليّات‬ ‫التّوزيع والرتويج وعالقة املسرح بالنّقد وواقع‬ ‫احلضور اجلماهريي يف قاعات املسرح وإشراك‬ ‫املسرح يف املهرجانات الثقافيّة ومسالك اإلبداع‬ ‫املسرحي‪ ،‬أي بعبارة أخرى أه ّم القضايا اليت‬ ‫يطرحها املسرح التّونسي راهناً وصورة املسرح‬ ‫التّونسي يف اخلارج‪.‬‬ ‫هذه املسائل وغريها جرت معاجلتها على‬ ‫املوسعة حول‬ ‫مدى سنة يف االستشارة الوطنيّة ّ‬ ‫املسرح‪ .‬وكان وراء هذه االستشارة هاجس مل ّح‬ ‫هو حرص املهنيّني‪ ،‬سواء كانوا حمرتفني أم‬ ‫هواة أم ّ‬ ‫مؤطرين‪ ،‬على إدراج التجربة املسرحيّة‬ ‫يف دائرة التّغيرّ االجتماعي والفكري والثّقايف‬ ‫الّيت مل تقتصر على تونس فقط‪ ،‬وإمنا على‬ ‫معظم بلدان العامل أيضاً‪.‬‬ ‫ومن هذا املنظور‪ ،‬وجب فتح اجملال ملخيال‬ ‫يتحسس تداعيات هذه‬ ‫جديد ولتفكري متط ّور ّ‬ ‫االنتقالة ويسحبها على األدوات اهليكليّة‬ ‫والفكريّة واجلماليّة اليت دأب املسرح إىل ذلك‬ ‫احلني على اعتمادها‪.‬‬ ‫من الالفت يف ما يتعلّق باالستشارة أنّها أثارت‬ ‫مسألة التقاطعات الواردة بني الفعل املسرحي‬ ‫وبني قطاعات ثانية كالرتبية والسياحة ّ‬ ‫والشؤون‬ ‫اخلارجيّة‪ ،‬بوصفها حم ّددة يف التنشئة املسرحيّة‬ ‫الضمين للمسرح ويف اغتنام ال ّديناميّة‬ ‫للجمهور ّ‬ ‫السياحيّة ملصلحة التّعريف باحلركة املسرحيّة‬ ‫ّ‬ ‫وآفاق تصدير التّجربة وإمكانيّة تالقحها مع‬ ‫إبداعات باقي ّ‬ ‫الشعوب‪.‬‬ ‫وبالنّظر إىل احلاجة الفعليّة الّيت أملتها‬ ‫هذه االستشارة‪ ،‬فقد استجاب هلا عدد كبري‬ ‫من املسرحيّني والنّقّاد والباحثني وطلبة املعهد‬ ‫العالي للف ّن املسرحي‪ ،‬كما استنفرت مجهوراً‬ ‫واسعا أسهم مبقرتحاته وبتص ّوراته يف ما يتعلّق‬

‫باإلصالحات واالعتمادات الّيت وعدت بها‬ ‫ال ّدولة استجابة لتوصياتها‪.‬‬ ‫وقد انتظمت االستشارة على امتداد‬ ‫املوسم الثقايف من أواخر ‪ 2008‬إىل بداية‬ ‫السنة استكمال صياغة‬ ‫‪ .2009‬وشهدت بداية ّ‬ ‫التوصيات اليت متثّلت يف استصدار القانون‬ ‫األساسي لفرقة مدينة تونس للمسرح وإعادة‬ ‫هيكلتها وتثبيتها‪ ،‬علماً أنّها تع ّد أ ّول فرقة‬ ‫مسرحيّة حمرتفة انطلقت سنة ‪ .1954‬وقد جاء‬ ‫ذلك تتوجياً حلركة مسرحيّة نشطت يف إطار‬ ‫اجلمعيّات املدنيّة اهلاوية منذ العام ‪.1909‬‬ ‫أوصت االستشارة بإشراك الطاقات الشابّة يف‬ ‫املؤسسات املسرحيّة العامة وتدريبها على العمل‬ ‫ّ‬ ‫املسرحي احملرتف وضمان تكوينها املستم ّر‪ .‬وعن‬ ‫اخلاصة الّيت تنتصب وتتص ّرف‬ ‫اهلياكل احملرتفة ّ‬ ‫ّ‬ ‫مبقتضى دفرت شروط ينظم عالقتها اإلداريّة‬ ‫والضريبيّة واحلرفيّة‪ ،‬فقد اقرتحت االستشارة‬ ‫مراجعة نظام دفرت الشروط وإحداث اآلليّات‬ ‫املناسبة ملتابعة تنفيذه واحرتامه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وأوصت بصوغ القوانني التطبيقيّة املتعلقة‬ ‫الصادرة سنة ‪ 1985‬ث ّم‬ ‫بقوانني املهن ال ّدراميّة ّ‬ ‫سنة ‪ ،1988‬إضافة إىل قوانني االستثمار الثقايف‪.‬‬ ‫وخبصوص البنى التّحتيّة والتجهيزات‬ ‫اخلاصة باملسرح‪ ،‬اقرتح التقرير العام‬ ‫ّ‬ ‫لالستشارة تعزيز العناية بهذه التّجهيزات‬ ‫والتّفكري يف ختصيص دور الثقافة إليواء الفرق‬ ‫اخلاصة الّيت ال تتمتّع يف أغلبها‬ ‫املسرحيّة‬ ‫ّ‬ ‫بفضاءات للتمرين وللعرض‪.‬‬ ‫ودعا املشاركون يف االستشارة إىل تهيئة‬ ‫دور الثقافة وفضاءات العروض بتجهيزات‬ ‫تقنيّة حديثة‪ ،‬وتوفري ظروف فرجة مرحية‬ ‫ومهنيّة تكفل تنظيم عروض تليق جب ّديّة املسرح‬ ‫احملرتف واجملهودات اليت تسنده‪.‬‬ ‫كما ُدعي املستثمرون يف القطاع اخلاص‬ ‫إىل دعم املسرح عن طريق استحداثهم قاعات‬

‫‪533‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 534‬للتنمية الثقافية‬

‫التبن‬ ‫للعروض املسرحيّة‪ ،‬وكذلك عن طريق يّ‬ ‫واإلشهار‪ ،‬علماً أ ّن جملّة االستثمارات مت ّكن‬ ‫املستثمرين من اإلعفاء الضرييب بنسبة مش ّجعة‬ ‫جداً‪.‬‬ ‫ويف ما يتعلّق بضمان املسرحيّني‪ ،‬و ّقعت‬ ‫التوصية على ما يكفل تأمني املسرحيّني‬ ‫ض ّد املرض وصيانة كرامتهم االجتماعيّة‬ ‫وشيخوختهم يف ظروف تليق باجلهد الفكري‬ ‫وباإلضافة الّيت يق ّدمونها للثقافة‪.‬‬ ‫مائة عام على صعود ّأول ممثّ ل تونسي‬ ‫"خشبة" المسرح‬

‫امتداداً لمئويّة المسرح التّونسي الّتي‬ ‫احتفل بها في مختلف المناطق التونسية‪،‬‬ ‫ت ّم تأسيس ليلة المسرح التّونسي في ‪26‬‬ ‫أيار‪/‬مايو ‪ ،2009‬حيث يصادف صعود أ ّول‬ ‫ممثّل تونسي على الخشبة‪ .‬وكدورة أولى‬ ‫لهذه التظاهرة الكبيرة‪ ،‬ت ّم التركيز على‬ ‫تكريم مجموعة من الهياكل المسرحيّة‬ ‫التي لعبت دوراً رئيساً في بناء مسارات‬ ‫المسرح التّونسي‪..‬‬

‫امتدا ًدا ملئويّة املسرح التّونسي الّيت احتفل‬ ‫بها يف خمتلف املناطق التونسية‪ ،‬فقد ّمت‬ ‫تأسيس ليلة املسرح التّونسي يف ‪ 26‬أيار‪/‬مايو‬ ‫‪ .2009‬ويصادف هذا التاريخ صعود أ ّول ممثّل‬ ‫تونسي على "خشبة" املسرح‪ .‬وكدورة أوىل‬ ‫هلذه التظاهرة الكبرية‪ّ ،‬مت الرتكيز فيها على‬ ‫تكريم جمموعة من اهلياكل املسرحيّة اليت‬ ‫"لعبت دوراً رئيسيّاً يف بناء مسارات املسرح‬ ‫التّونسي سواء من خالل استمرارها يف العطاء‬ ‫أم من خالل الدور الف ّعال الذي لعبته يف توجيه‬ ‫املسرح التّونسي الوجهات اليت عرفها‪ ،‬فكانت‬ ‫هذه اهلياكل والفرق مبثابة ّ‬ ‫حمطات أساسيّة يف‬ ‫مساراته"‪ .‬هذا ما ورد يف تقديم ليلة املسرح‬ ‫كمبادرة خللق احلدث جم ّدداً يف هذا املسرح‬ ‫واحتفاء بسنواته املائة‪.‬‬ ‫هذه اهلياكل هي بالنّسبة إىل الفرق اجلهويّة‪:‬‬ ‫فرقة مدينة تونس للمسرح (‪ )1954‬فرقة‬ ‫صفاقس (‪ ،)1967‬فرقة الكاف (‪ ،)1967‬فرقة‬ ‫قفصة (‪ )1972‬فرقة مسرح العرائس (‪،)1977‬‬ ‫المسرح الوطني (‪.)1983‬‬ ‫اخلاصة‪ :‬المسرح الجديد‬ ‫وبالنّسبة للفرق ّ‬ ‫الذي أصبح يس ّمى مسرح فاميليا (‪،)1975‬‬ ‫مسرح فو (‪ ،)1980‬المسرح العضوي (‪،)1981‬‬

‫مسرح األرض (‪ ،)1984‬التياترو (‪،)1989‬‬ ‫سندباد (‪.)1989‬‬ ‫أ ّما بالنّسبة إىل اجلمعيّات اهلاوية فهي‪:‬‬ ‫جمعية النّ جاح المسرحي يف باجة (‪،)1919‬‬ ‫ّ‬ ‫جمعية النّ هضة التّ‬ ‫مثيلية يف بنزرت(‪،)1923‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫جمعية اإلشراق المسرحي يف القلعة الكبرى‬ ‫ّ‬ ‫جمعية أنصار المسرح (‪،)1949‬‬ ‫(‪،)1948‬‬ ‫ّ‬ ‫حمام سوسة‬ ‫ّ‬ ‫جمعية الشباب المسرحي يف ّ‬ ‫جمعية المسرح الشعبي(‪،)1959‬‬ ‫(‪،)1958‬‬ ‫ّ‬ ‫جمعية البعث المسرحي يف المستنير(‪،)1963‬‬ ‫ّ‬ ‫جمعية المغرب العربي(‪.)1975‬‬ ‫ّ‬ ‫والطريف أ ّن هذه التظاهرة أع ّدت قبل‬ ‫انعقادها بأشهر إلعادة إنتاج أ ّول مسرحيّة‬ ‫نص‬ ‫تونسيّة وهي مسرحيّة صدق اإلخاء ّ‬ ‫إسماعيل عاصم‪ .‬وقد كلّف بهذه العمليّة فريق‬ ‫من املسرحيّني الشبّان وأخرجها املخرج ّ‬ ‫الشاب‬ ‫غازي زغباني‪.‬‬ ‫عرضت املسرحيّة مبناسبة ليلة املسرح‪،‬‬ ‫افتتاحاً لالحتفاالت مبئويّة املسرح التونسي‬ ‫ويف اللّحظة ذاتها كانت مائة مسرحيّة تونسيّة‬ ‫أخرى تعرض على خمتلف مسارح البالد‪ ...‬وقد‬ ‫أريد لليلة املسرح التّونسي يف دورتها األوىل أن‬ ‫تؤسس للتقليد املتمثّل يف تكريم املبدعني والوفاء‬ ‫ّ‬ ‫للر ّواد‪ ،‬يف انتظار أن تبادر الدورات الالحقة‬ ‫إىل إحداث جوائز يف شكل مسرح ذهيب‬ ‫ملختلف االختصاصات يف العمل املسرحي من‬ ‫تأليف وإخراج ومتثيل وإضاءة وتوضيب وإبداع‬ ‫موسيقي وتنشيط وكذلك للنقد املسرحي‪.‬‬ ‫دار‬

‫المشهد الهيكلي للمسرح التّ ونسي‬ ‫واالعتمادات المرصودة له في ‪2009‬‬

‫بلغ عدد اهلياكل املسرحيّة احملرتفة يف سنة‬ ‫‪ 2009‬مائة ومخسة وسبعني هيك ًال (‪ )175‬أي‬ ‫بزيادة اثين عشر هيك ًال باملقارنة مع السنة‬ ‫املاضية (‪ .)2008‬وتتو ّزع مرصودات اإلنتاج‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫والرتويج بالنّسبة إىل القطاع احملرتف كاآلتي‪:‬‬ ‫املخصصة للنتاج املسرحي‬ ‫• بلوغ االعتمادات ّ‬ ‫(‪ 48‬نتاجاً) ‪ 800.000‬دينار تونسي‪.‬‬ ‫املخصصة للعروض‬ ‫• بلوغ االعتمادات‬ ‫ّ‬ ‫املسرحية (‪ 843‬عرضاً) ‪ 1450.000‬دينار تونسي‪.‬‬ ‫أ ّما يف قطاع مسرح اهلواية‪ ،‬فقد بلغت‬ ‫االعتمادات‬ ‫املخصصة لـ‪ 630‬عرضاً حنو‬ ‫ّ‬ ‫‪ 650.000‬دينار تونسي‪.‬‬ ‫جتدر اإلشارة إىل أ ّن دعم ال ّدولة للمسرح‬ ‫احملرتف ال يقتصر على اإلسهام يف اإلنتاج‬ ‫والترّ ويج وإنمّ ا ّ‬ ‫يغطي أيضاً املساعدة على‬ ‫تكاليف التسيري يف ما يتعلّق باهلياكل اليت تتو ّفر‬ ‫خاصة بها للتمرين وللعرض‪ .‬ففي‬ ‫على فضاءات ّ‬ ‫القطاع العام‪ ،‬تتمتّع الفضاءات وعددها أربعة‬ ‫وهي فضاءات املراكز الوطنيّة للفنون ال ّدراميّة‬ ‫وال ّركحيّة بك ّل من قفصة والكاف وصفاقس‬ ‫لفن العرائس مبنحة امجاليّة‬ ‫والمركز الوطني ّ‬ ‫تق ّدر بـ‪ 352.000‬دينار تونس ّي‪.‬‬ ‫اخلاص‪ ،‬فيبلغ عدد الفضاءات‬ ‫أ ّما يف القطاع ّ‬ ‫مثانية ترصد هلا ال ّدولة منحة تسيري مبا قدره‬ ‫‪ 210.000‬دينار تونس ّي‪.‬‬ ‫يتش ّكل املشهد اإلبداعي املسرحي يف‬ ‫حبسب مسالك متن ّوعة‪ ،‬فإن يكن من غري‬ ‫الوارد احلديث عن مدارس مسرحيّة باملعنى‬ ‫الغربي للكلمة‪ ،‬فباإلمكان احلديث عن خيارات‬ ‫مجاليّة تتفاوت يف قيمتها الفنيّة ولكنّها ختتلف‬ ‫يف مرجعيّتها اجلماليّة‪.‬‬ ‫لقد استحوذت أعمال املسرحي الفاضل‬ ‫الجعايبي على اهتمام الرأي املسرحي‬ ‫اإلعالمي والعام‪ ،‬وبدرجة أق ّل أعمال املسرحي‬ ‫توفيق الجبالي‪ ،‬حتّى أصبح هذان االمسان‬ ‫رمزاً للمسرح التّونسي‪.‬‬ ‫والواقع أ ّن ك ً‬ ‫ال من الجعايبي والجبالي‬ ‫تونس‬

‫الدين الورغي‬ ‫الصايم‪ ،‬ونور ّ‬ ‫عمار والمنصف ّ‬ ‫ّ‬ ‫الدين قنّ ون‪ ،‬وجليلة‬ ‫وعز‬ ‫الورغي‪،‬‬ ‫وناجية‬ ‫ّ‬

‫بلغ عدد الهياكل المسرحيّة المحترفة‬ ‫في سنة ‪ 2009‬مائة وخمسة وسبعين‬ ‫هيك ً‬ ‫ال (‪ )175‬أي بزيادة اثني عشر‬ ‫ً‬ ‫هيكال بالمقارنة مع السنة الماضية‬ ‫(‪ .)2008‬وقد بلغ عدد النتاجات في‬ ‫خصصت لها‬ ‫القطاع المحترف ‪ 48‬نتاجاً ّ‬ ‫اعتمادات بقيمة ‪ 800.000‬دينار تونسي‪،‬‬ ‫خصصت لها اعتمادات‬ ‫مقابل ‪ 843‬عرضاً ّ‬ ‫بقيمة ‪ 1450.000‬دينار تونسي‪..‬‬

‫بكّ ار‪.‬‬

‫صاغ هؤالء املسرحيّون بدائل للنتاج‬ ‫املسرحي واختاروا أن يتح ّكموا يف أدواتها‬ ‫وأطرها ووسائلها بعيداً من أ ّي شكل من أشكال‬ ‫الضغوط املباشرة وغري‬ ‫احملاسبة أو ال ّرقابة أو ّ‬ ‫املباشرة‪.‬‬ ‫خاص‬ ‫إالّ أنّهم‪ ،‬وهم ينشطون يف إطار ّ‬ ‫ومستق ّل مل ينقطعوا عن طلب دعم الدولة‬ ‫ألعماهلم إنتاجاً وتروجياً وتسيرياً لفضاءاتهم‪.‬‬ ‫وغالباً ما يستنقصون هذا ال ّدعم على ال ّرغم من‬ ‫ارتفاع قيمته باملقارنة مع ال ّدعم املرصود لبقيّة‬ ‫اخلاصة وحتّى العموميّة‪.‬‬ ‫اهلياكل املسرحيّة ّ‬ ‫وتربيراً ملوقفهم‪ ،‬يؤ ّكد هؤالء املسرحيّون‬ ‫على أ ّن املسرح الذي يبدعونه هو ضرب من‬ ‫ضروب اخلدمات العا ّمة اليت تقتضي أن‬ ‫تدعمها ال ّدولة ملا تفرتضه من إضافة للمصلحة‬ ‫العا ّمة الثقافيّة‪.‬‬ ‫ومن خاصيّات هذه النخبة املسرحيّة أ ّن‬ ‫أصحابها يغ ّذون حساسيّة مفرطة ض ّد ال ّرقابة‬ ‫وكذلك ض ّد احلركة النقديّة املسرحيّة‪.‬‬ ‫يف ما يتعلّق بال ّرقابة‪ ،‬جتدر اإلشارة إىل أ ّن‬ ‫اللّجنة القائمة حالياً حتمل صفة اللّجنة الوطنيّة‬ ‫ربرات وجودها رعاية‬ ‫للتوجيه املسرحي‪ ،‬ومن م ّ‬ ‫القيم اجلماليّة واألخالقيّة للعمل املسرحي‪.‬‬ ‫خاصة‪،‬‬ ‫وقد دأب الفاضل الجعايبي بصفة ّ‬ ‫ومنذ إسهامه يف تأسيس فرقة املسرح اجلديد‬ ‫سنة ‪ ،1975‬على خلق اجلدل حول هذه اللّجنة‬

‫بلغت قيمة االعتمادات المخصصة‬ ‫لـ‪ 630‬عرضاً من جملة مرصودات‬ ‫قطاع مسرح الهواية نحو ‪ 650.000‬دينار‬ ‫تونسي‪..‬‬

‫ترصد الدولة في تونس للفضاءات‬ ‫الخاص منحة تسيير‬ ‫الثمانية في القطاع‬ ‫ّ‬ ‫قدرها ‪ 210.000‬دينار تونس ّي‪..‬‬

‫اإلبداع‬

‫مسالك اإلبداع المسرحي في تونس‬

‫خيتص بلونه اإلبداعي الدرامي‪ ،‬ويرمزان إىل‬ ‫ّ‬ ‫فئة من املسرحيّني احملرتفني الذين اختاروا‬ ‫االستقالليّة ورفضوا االنضواء حتت السلطة‬ ‫اإلداريّة العامة أو االشتغال باملسرح مقابل راتب‬ ‫من الوظيفة االعامة‪.‬‬ ‫ويف القائمة أمساء آخرين‪ ،‬منهم رجاء بن‬

‫‪535‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 536‬للتنمية الثقافية‬

‫الجعايبي والجبالي وك ّل منهما‬ ‫يختص بلونه اإلبداعي الدرامي‪ ،‬يرمزان‬ ‫ّ‬ ‫إلى فئة من المسرحيّين المحترفين‬ ‫الذين اختاروا االستقاللية ورفضوا‬ ‫االنضواء تحت السلطة اإلدارية العامة‬ ‫أو االشتغال بالمسرح مقابل راتب من‬ ‫الوظيفة العامة‪..‬غير أنهم في المقابل لم‬ ‫ينقطعوا عن طلب دعم الدولة ألعمالهم‬ ‫المسرحية‪..‬‬

‫تشبّثت التّجربة المسرحيّة في أغلب‬ ‫مظاهرها باألنموذج الجمالي الّذي صاغ‬ ‫مقترحه المسرح الجديد‪ ،‬وهو أ ّول هيكل‬ ‫تأسس سنة ‪1975‬‬ ‫مسرحي محترف ّ‬ ‫خاص ّ‬ ‫مؤسسيه‬ ‫وكان الفاضل الجعايبي من ّ‬ ‫إلى جانب الفاضل الجزيري ومحمد‬ ‫إدريس والحبيب مسروقي وجليلة ب ّكار‪.‬‬ ‫لكن بعد ّ‬ ‫تشظي المجموعة ابتداء من‬ ‫أواسط الثمانينيات إلى آخرها‪ ،‬برزت‬ ‫خاصة اشتغلت على النّموذج نفسه‪،‬‬ ‫فرق ّ‬ ‫مح ّول ًة المقترح الجمالي األصيل للمسرح‬ ‫يتوسل مبادئ عضويّة‪،‬‬ ‫الجديد‪ ،‬الذي ّ‬ ‫إلى مجموعة من الكليشيهات والنسخ‬ ‫الباهتة‪..‬‬

‫مبناسبة ك ّل إنتاج جديد يتق ّدم به‪ ،‬وذلك على‬ ‫ال ّرغم من التقدير الذي حتظى به أعماله لدى‬ ‫جلنة التوجيه املسرحي اليت تض ّم مسرحيّني‬ ‫ونقّاداً وباحثني يتداولون على االنتماء إليها م ّرة‬ ‫ك ّل سنتني‪.‬‬ ‫إمجاالً‪ ،‬تتح ّدد مسالك اإلبداع خبطوط‬ ‫تصب يف إعادة إنتاج الواقع املعيش‬ ‫عريضة ّ‬ ‫للمواطن التونسي‪ .‬والواضح أ ّن أغلب الفرق‬ ‫اخلاصة يسعى ك ّل منها‬ ‫املسرحيّة احملرتفة‬ ‫ّ‬ ‫خاص‪ ،‬طلباً للطرافة‪ .‬إالّ أ ّن التّجربة‬ ‫إىل منهج ّ‬ ‫املسرحيّة يف أغلب مظاهرها تشبّثت باألمنوذج‬ ‫اجلمالي الذي صاغ مقرتحه املسرح اجلديد‪،‬‬ ‫تأسس‬ ‫وهو أ ّول هيكل مسرحي حمرتف ّ‬ ‫خاص ّ‬ ‫مؤسسيه‬ ‫سنة ‪ 1975‬وكان الفاضل الجعايبي من ّ‬ ‫إىل جانب الفاضل الجزيري ومحمد إدريس‬ ‫(املدير احلالي للمسرح الوطين) والحبيب‬ ‫مسروقي وجليلة بكّ ار‪.‬‬ ‫بعد ّ‬ ‫تشظي اجملموعة ابتداء من أواسط‬ ‫خاصة‬ ‫الثمانينيات إىل آخرها‪ ،‬برزت فرق ّ‬ ‫اشتغلت على النموذج نفسه‪ ،‬حم ّول ًة املقرتح‬ ‫يتوسل‬ ‫اجلمالي األصيل للمسرح اجلديد‪ ،‬الذي ّ‬ ‫مبادئ عضويّة‪ ،‬إىل جمموعة من الكليشيهات‬ ‫والنسخ الباهتة‪.‬‬ ‫الجزائر‪ :‬عام المواعيد الثقافية‬ ‫متميز‬ ‫مسرحي‬ ‫عام‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫متيّزت السنة املسرحية ‪ 2009‬يف‬ ‫متيزاً خاصاً باحتفائها بالقدس عاصمة أبدية‬ ‫للثقافة العربية‪ ،‬عرب الدورة الرابعة للمهرجان‬ ‫الوطني الجزائري للمسرح المحترف اليت‬ ‫انطلقت فعالياتها يف المسرح الوطني محي‬ ‫الدين باشطارزي حبضور فلسطيين مكثف‪،‬‬ ‫باإلضافة إىل املشاركة الكبرية لدول عربية‬ ‫وأجنبية‪ ،‬حبيث تض ّمنت الدورة موضوع القدس‬ ‫الجزائر‬

‫وفلسطين كقضية تدور حوهلا خمتلف العروض‪.‬‬ ‫كما شكلت سنة ‪ 2009‬يف جمملها عاماً‬ ‫للمواعيد الثقافية حيث شهدت الجزائر‪،‬‬ ‫باإلضافة إىل المهرجان الوطني الجزائري‬ ‫للمسرح المحترف‪ ،‬أول مهرجان دولي للمسرح‬ ‫تزامناً مع احتضانها للمهرجان اإلفريقي الثاني‬ ‫فكانت حب ّق سنة للمسرح يف الجزائر‪.‬‬ ‫المسرح الجزائري‬

‫عرفت الجزائر ف ّن املسرح مع مطلع القرن‬ ‫العشرين‪ ،‬وتعود االنطالقة احلقيقية للثنائي‬ ‫عاللو ساللي‪ ،‬ودحمون سعدالله وكان ذلك‬ ‫سنة ‪ ،1919‬عندما عرفت عروضهما جناحاً‬ ‫باهراً من خالل فكرة عرض طرائف جحا‬ ‫يف مسرح "الكورصال" يف ح ّي باب الواد يف‬ ‫العاصمة إىل سنة ‪.1923‬‬ ‫ثم أنشأ بعد ذلك عاللو فرقته "الزاهية"‬ ‫وق ّدمت روايات مثل أبو الحسن الخليفة‬ ‫الصياد‪ ،‬عاشور النية‪ ،‬عنتر الحشايشي‪،‬‬

‫أبوعقلين‪ ،‬والشخصيات اليت جسدت تلك‬ ‫األعمال هي‪ :‬عاللو‪ ،‬رشيد قسنطيني‪ ،‬محي‬ ‫الدين بشطارزي‪.‬‬

‫هاو فيعود إىل سنة‬ ‫أما أول عمل مسرحي ٍ‬ ‫‪ ،1923‬ومحل عنوان فتح األندلس املقتبس‬ ‫من رواية للكاتب جرجي زيدان‪ ،‬قام بأدائه‬ ‫جمموعة من طلبة مجعية العلماء املسلمني إال‬ ‫أن العرض مل يكن ناجحاً بسبب الّلغة الفصحى‬ ‫النص‪.‬‬ ‫املوظفة يف ّ‬ ‫وما بني ‪1957‬و‪ 1962‬شهد املسرح تأسيس‬ ‫الفرقة الفنّ ية لجبهة التحرير الوطني يف‬ ‫تونس سنة ‪ ،1958‬اليت كانت سفري الجزائر‬ ‫يف اخلارج‪ ،‬والناطق الرمسي بواقع الثورة‬ ‫وطموحها‪ ،‬وقد عرفت الفرقة ازدهاراً كبرياً‪،‬‬ ‫وكانت مبثابة املنرب الذي يعلو منه صوت‬ ‫الشعب‪ ،‬ومن أهم املسرحيات اليت عرضتها‪:‬‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫األسبوع‪ ،‬العيطة‪ ،‬األجواد‪ ،‬عودة الحالج‪،‬‬

‫معروض للهوى‪ ،‬وغريها من األعمال‪ ،‬وهنا جلأ‬ ‫الفنانون إىل الرتاث الشعيب"‪ ،‬غري أن الظروف‬ ‫النامجة عن سوء التسيري وانعدام سياسة ثقافية‬ ‫واضحة انعكست سلباً على اإلنتاج املسرحي‬ ‫الذي تزامن وقلّة الكتّاب‪ ،‬فأفرز ظاهرة التأليف‬

‫اجلماعي بالنسبة إىل املسارح اجلهوية‪ ،‬وطغيان‬ ‫االقتباس عموماً يف بعض مراحله املتعاقبة‪.‬‬ ‫عاش املسرح اجلزائري عصره الذهيب يف‬ ‫السنوات ‪ ،1990 - 1980‬فظهر كتّاب حاولوا‬ ‫البحث والتنقيب يف الرتاث‪ ،‬إلبداع قالب‬ ‫جزائري حملّي‪ ،‬وميكن اإلشارة يف هذا اجملال‬ ‫إىل أساتذة كانوا السباقني يف هذا امليدان‪ ،‬على‬ ‫رأسهم عبد الرحمان ولد كاكي‪ ،‬كاتب ياسين‪،‬‬ ‫وغريهم…على أن أهمهم من حيث اإلنتاج يف‬ ‫الكتابة واإلخراج‪ ،‬كان عبد القادر علولة‪ ،‬الذي‬ ‫مساه الحلقة‬ ‫متيّز عنهم بأنه دعا إىل مسرح ّ‬ ‫كمجال حبث دفعه إىل التجريب مع بعض‬ ‫الباحثني أمثال‪ :‬الباحث السوسيولوجي الراحل‬ ‫امحمد جليد‪ ،‬ثم ّمت بعد التسعينياّت إنشاء‬ ‫أول شعبة تد ّرس املسرح األكادميي يف جامعة‬ ‫وهران‪ ،‬وهي تابعة لكلية األدب العربي‪ ،‬واليت‬ ‫خت ّرج فيها العديد من األساتذة والباحثني‬ ‫واملسرحيّني إىل جانب مدرسة برج الكيفان يف‬ ‫الجزائر العاصمة‪.‬‬ ‫المسرح سنة ‪2009‬‬

‫متيّزت دورة ‪ 2009‬من املهرجان الوطين‬ ‫اجلزائري للمسرح احملرتف اليت انطلقت‬ ‫فعاليتها من ‪ 24‬أيار‪/‬مايو إىل ‪ 4‬حزيران‪/‬يونيو‬ ‫ُصصت للقضية‬ ‫عن سابقاتها مبحتواها بعدما خ ّ‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬وذلك بهدف غرس القضية من‬ ‫جديد يف الضمائر‪ .‬وكان الشعار الذي محلته‬ ‫التظاهرة حيمل يف ح ّد ذاته فلسفة الوقوف مع‬ ‫القضايا العادلة‪ ،‬فيما أحرز املهرجان تق ّدماً‬ ‫وتط ّوراً كبريين سواء على مستوى الجزائر‪-‬‬ ‫بفرضه حركة مسرحية عرب كامل مناطق‬ ‫البالد‪ -‬أم خارجها‪ ،‬وذلك من خالل الطلبات‬ ‫اليت تلقاها من الدول العربية للمشاركة يف‬ ‫فعالياته واليت وصلت إىل أكثر من عشرين‬ ‫طلباً‪.‬‬

‫اإلبداع‬

‫أبناء القصبة‪ ،‬دم األحرار‪ ،‬اخلالدون‪ ،‬وغريها‬ ‫من األعمال الفنّية اليت أسهمت يف كسب املزيد‬ ‫من التأييد الدبلوماسي للقضية اجلزائرية‪.‬‬ ‫وبعد االستقالل مباشرة‪ ،‬ويف الفرتة املمتدة‬ ‫ما بني ‪1962‬و‪ 1972‬برزت أهمية النهوض‬ ‫بالثقافة الوطنية والتفتت أنظار السلطات إىل‬ ‫املسرح ملا له من قيمة كربى يف التوعية ويف تعبئة‬ ‫اجلماهري ملهام التنمية الوطنية‪ ،‬و ّمت تأميم‬ ‫قاعات العرض (املسارح اجلهوية) ثم ما لبثت‬ ‫أن بدأت فرتة فتور وركود نتيجة لقلة الفنانني‬ ‫احملرتفني وقلة اإلمكانيات‪ ،‬خصوصاً املالية‪،‬‬ ‫وهذا ما جعل املسرح يتخبّط يف مشكالت‬ ‫عويصة‪ ،‬ومن مسرحيات هذه الفرتة‪ :‬البوابون‬ ‫اليت تعاجل مشكالت شرحية من الناس البسطاء‬ ‫وتض ّم مشاهد واقعية ذات إيقاع سريع‪.‬‬ ‫ق ّدم علولة يف اإلطار االجتماعي نفسه‬ ‫مونولوج حمق سليم‪ ،‬العامل الذي قضت‬ ‫البريوقراطية على أحالمه‪ ،‬ثم مسرحية‬ ‫الرجل ذو النعل المطاطي لكاتب ياسني‪،‬‬ ‫اليت يستعرض فيها مجلة األحداث التارخيية‪،‬‬ ‫وتوظيفه أفكار تقدمية عبرّ عنها جبمل قصرية‪،‬‬ ‫متيل فيها الّلغة إىل الشفافية أحياناً والرمز‬ ‫أحياناً أخرى‪ ،‬لكن دعوته إىل التح ّرر من‬ ‫عبودية االستعمار وتبعيته‪ ،‬كانت واضحة وكذلك‬ ‫دفاعه عن املرأة بإعطائها مكانة اجتماعية‬ ‫الئقة‪ ،‬باعتبارها رمزاً من رموز احلرية‪.‬‬ ‫وابتدا ًء من ‪ ،1983‬الحت بوادر انتعاش‬ ‫املسرح‪ ،‬حبيث ُق ّدمت أعمال ذات جودة عالية‪،‬‬ ‫منها‪ :‬قالوا العرب قالوا‪ ،‬الشهداء يعودون هذا‬

‫‪537‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 538‬للتنمية الثقافية‬

‫وقد تنافست على جوائز املهرجان يف "دورة‬ ‫القدس ‪ "2009‬عشر فرق وطنية مبسرحيات‬ ‫متنوعة هي‪ :‬غضب العاشقين للمسرح اجلهوي‬ ‫لقسنطينة‪ ،‬وقاضي الظل ملسرح باتنة‪ ،‬واللولب‬ ‫ملسرح تيزي وزو‪ ،‬والصدمة ملسرح وهران‪،‬‬ ‫والحراس لـ بجاية‪ ،‬ونون لـ سيدي بلعباس‪،‬‬ ‫ومزغنة ‪ 1995‬لـ عنابة‪ ،‬ومسرى للمسرح‬ ‫الوطين اجلزائري‪ ،‬باإلضافة إىل موعد مع‬ ‫لتعاونية العفسة لتلمسان الفائزة يف املهرجان‬ ‫اجلهوي لـ سيدي بلعباس‪ ،‬وعلة الغلة‬ ‫لتعاونية إقبال الفائزة يف املهرجان اجلهوي‬ ‫للمسرح احملرتف لـ عنابة‪ ،‬فيما شارك ستة‬ ‫عشر عرضاً آخر خارج املنافسة‪.‬‬ ‫ومحل امللتقى العلمي هو اآلخر شعار‬ ‫"املسرح العربي والقضية الفلسطينية"‪ ،‬حيث‬ ‫تناول املوضوعات املتعلقة بالقضية الفلسطينية‪،‬‬ ‫كما كان للمداخالت نصيبها من زيادة التعريف‬ ‫خبصوصية املسرح الفلسطيين‪ ،‬وقد ق ّدم‬ ‫كمال الباشا مدير املسرح الفلسطيين بعض‬ ‫املداخالت املربزة يف هذا الشأن‪.‬‬ ‫وخبصوص املشاركة العربية واألجنبية‪ ،‬عرف‬ ‫املهرجان مشاركة العديد من الفرق املسرحية‬ ‫من المغرب وتونس والعراق وفلسطين ومصر‬ ‫وسوريا‪ ،‬باإلضافة إىل مشاركة درامية من ك ّل‬ ‫من فرنسا والسويد‪.‬‬ ‫على صعيد آخر‪ ،‬بادرت وزارة الثقافة أيضاً‬ ‫بتنظيم أول مهرجان دولي للمسرح يف الجزائر‬ ‫تزامناً مع احتضان الجزائر للمهرجان اإلفريقي‬ ‫الثاني‪ ،‬وقد شهدت التظاهرة مشاركة أكثر من‬ ‫‪ 18‬مسرحية جاءت من أحناء إفريقيا‪ ،‬وهكذا‬ ‫عاد النشاط الثقايف اإلفريقي إىل الجزائر‬ ‫بعد ‪ 40‬عاماً من الغياب‪ ،‬لتسجل سنة ‪ 2009‬يف‬ ‫تاريخ املواعيد الثقافية الكربى اليت احتضنتها‬ ‫"ايكوزيوم" وأظهرت إبداعات القارة السمراء‬ ‫بعيداً عن الصورة املختزلة‪ ،‬وذلك مبشاركة‬

‫حواىل ‪ 7000‬مثقف من ‪ 50‬بلداً إفريقيّاً‪.‬‬ ‫قد خيتلف البعض يف تقييم املهرجان‪،‬‬ ‫لكن قد جيمع الك ّل أن أوكسجني ثقافة عرض‬ ‫ماما أفريكا قد استنشقه اجلمهور الذي كان‬ ‫وفياً للموعد ومتتبعاً ملختلف التظاهرات اليت‬ ‫تض ّمنتها أجندة التظاهرة من ‪ 5‬إىل ‪ 20‬متوز‪/‬‬ ‫يوليو ‪ 2009‬حني ارتدت احملروسة زيّها اإلفريقي‬ ‫املزركش مبختلف األلوان اليت توحي بثقافة‬ ‫عريقة ه ّمشها االستعمار‪.‬‬ ‫ويف سياق متّصل‪ ،‬برجمت دائرة املسرح يف‬ ‫الّلجنة التنفيذية للمهرجان الثقايف اإلفريقي يف‬ ‫أجندة مهرجان الجزائر الدولي للمسرح دورة‬ ‫إفريقيا‪ ،‬ملتقى املسرح اإلفريقي بني األصالة‬ ‫واملعاصرة‪ .‬حيث جاء ليسلط الضوء على املسرح‬ ‫التقليدي أو املسرح الذي له أسس يف اجلذور‬ ‫اإلفريقية والرتاث اإلفريقي‪ ،‬إىل جانب دراسة‬ ‫السبل الكفيلة اليت ستسمح باستغالل الرتاث‬ ‫وتوظيفه يف بناء مسرح جاد ومعاصر يتوافق‬ ‫ومتطلبات اجملتمع اإلفريقي واجلزائري على‬ ‫ح ّد سواء‪ .‬وكانت خمتلف العروض واجللسات‬ ‫فرصة أمام اجلزائريّني الكتشاف ثقافات‬ ‫قارتهم‪ ..‬واخلروج عن الروتني ‪...‬‬ ‫واقتصرت دورة االفتتاحية املتميّزة للمهرجان‬ ‫على عروض دون املنافسة‪ ،‬وذلك مبشاركة‬ ‫‪ 27‬فرقة‪ 17 ،‬منها جاءت من خمتلف الدول‬ ‫اإلفريقية والباقي فرق جزائرية من املسارح‬ ‫اجلهوية واملسرح الوطين‪ ،‬باإلضافة إىل ست‬ ‫فرق من اجلنوب اجلزائري‪.‬‬ ‫من جهة أخرى استضافت العاصمة‬ ‫اجلزائرية يف شهر سبتمرب من العام ‪2009‬‬ ‫برنامج ورشة "خطوة املستقبل" يف عامه الثاني‪،‬‬ ‫بالتعاون مع املعهد العالي ملهن فنون العرض‬ ‫السمعي البصري ووزارة الثقافة حتت إشراف‬ ‫مجموعة أكيتو السويدية الدولية وبالتنسيق‬ ‫مع "خطوة المستقبل" وهو مشروع تربوي‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫المسرح الثقافي وحركة التجديد‬ ‫المسرحي‬

‫واملختصني يف املسرح‬ ‫يعترب بعض العاملني‬ ‫ّ‬ ‫أن اجل ّو املسرحي املعمول به يف الجزائر حالياً‬ ‫تقليدي‪ ،‬وليس له أبعاد مستقبلية‪ ،‬من هؤالء‬ ‫مث ًال‪ ،‬املخرج املسرحي زياني شريف عياد الذي‬ ‫أشار إىل أن املسرح اجلديد الذي أراد أن يقدمه‬ ‫يعتمد بالدرجة األوىل على الرتاث الشعيب‬ ‫اجلزائري‪ ،‬وهو اإلطار الذي حافظ عليه يف‬ ‫إخراجه جل ّل أعماله املسرحية‪ ،‬مثل العيطة‪،‬‬ ‫الشهداء يعودون يوم ًا‪ ،‬وهو كذلك الشكل الذي‬ ‫عمل فيه ك ّل من عبد القادر علولة‪ ،‬وعبد‬ ‫الرحمان كاكي‪ ،‬حني اعتمدوا على الرتاث‬ ‫الشعيب‪ ،‬مثل توظيف القوال كعنصر أساسي‬ ‫للدراماتولوجيا‪.‬‬ ‫واعترب زياني أن جتربة صانعي مسرح احللقة‬ ‫مل تكتمل بعد‪ ،‬بالنظر إىل الظروف واإلمكانات‬ ‫اليت عمل فيها هؤالء‪ ،‬واليت مل تساعد بشكل أو‬ ‫بآخر على التعمق يف األبعاداملسرحيّة (اخلشبة‪،‬‬ ‫الفرجة‪ ،‬السينوغرافيا‪ ،)..‬لذلك يعمل املخرج‬ ‫على أن يتع ّمق يف هذه األبعاد والتجارب‪،‬‬ ‫ويرفض أن تكون اخلشبة على الشكل اإليطالي‪،‬‬ ‫ويفضل أن تكون يف شكل حلقة‪ ،‬وأن ينتقل‬ ‫األداء من الطريقة األكادميية البسيكولوجية‬ ‫إىل مسرح احلالة‪.‬‬ ‫وعن رؤيته اجلديدة للمسرح شرح زياني‬ ‫شريف أنها تظهر من خالل عمله املتمثل يف‬ ‫"مسرحية املاشينة" اليت وظف فيها مسرح‬ ‫احللقة‪ ،‬رافضاً املسرح الكالسيكي أو اخلشبة‬ ‫على الشكل اإليطالي‪ ،‬وذلك باالعتماد على‬ ‫فكرة أن املسرح هو الذي يتّجه إىل اجلمهور‬ ‫وليس العكس‪.‬‬ ‫أما املخرج شريف عياد فرأى أن مهرجان‬ ‫مسرح احملرتف وما شابهه من مسابقات‬ ‫كمهرجان مسرح اهلواة أمور تافهة‪ ،‬لن تط ّور‬

‫اإلبداع‬

‫فن لطالب املعاهد وجامعات الفنون‬ ‫ثقايف يّ‬ ‫اجلميلة والفرق احل ّرة يهدف إىل التكوين‬ ‫احلسي والفكري يف ف ّن املسرح‪ ،‬حيث عرضت‬ ‫مسرحية الجدار ضمن افتتاح برنامج األيام‬ ‫الثقافية السويدية يف الجزائر اليت شارك فيها‬ ‫شباب من العراق وسوريا وفلسطين والمغرب‬ ‫والجزائر وتونس والسويد‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫ك ّل التحديات اليت يواجهها هذا املشروع إال‬ ‫انه حياول حتقيق إجناز جديد للمسرح العربي‪،‬‬ ‫إذ تبنّى املشاركون فكرة إعداد مسرح الشباب‬ ‫العربي يتولىّ تنظيم عروض بشكل مستمر يف‬ ‫خمتلف دول العامل‪.‬‬ ‫وعلى الصعيد اخلارجي‪ ،‬كانت مسرحية‬ ‫كلينوف‪ ،‬من املسرح الوطين اجلزائري محي‬ ‫الدين بشطارزي‪ ،‬حاضرة يف مهرجان القاهرة‬ ‫الدولي للمسرح التجريبي‪ ،‬الذي أقيمت‬ ‫فعالياته يف شهر أكتوبر من السنة نفسها‪ ،‬حيث‬ ‫مثلت الجزائر يف هذه الدورة اليت ّمت فيها تكريم‬ ‫مدير املسرح اجلزائري امحمد بن قطاف‪.‬‬ ‫ولئن متيّز نشاط العام ‪ 2009‬املسرحي يف‬ ‫الجزائر حبضور القضية الفلسطينيّة كموضوع‬ ‫سياسي وإنساني وقومي حم ّق عاجله املسرح‬ ‫احملرتف يف الجزائر معاجلة فنّية ناجحة‪ ،‬فإن‬ ‫هذا ال يعين أن العالمات املسرحية األخرى‬ ‫اليت ظهرت يف العام املذكور‪ ،‬ويف غري والية‬ ‫جزائريّة‪ ،‬مل يكن هلا احلضور املميّز‪ ،‬خصوصاً‬ ‫مع اإلشكاليات واألسئلة والتحديات اليت ال تزال‬ ‫تدور حول قضايا أساسيّة ومصرييّة بالنسبة‬ ‫للمسرح اجلزائري‪ ،‬وهي‪:‬‬ ‫• املسرح الثقايف وحركة التجديد املسرحي‪.‬‬ ‫النص املسرحي بني احمللي واالقتباس‪.‬‬ ‫• ّ‬ ‫• فضاءات املسرح التجرييب‪.‬‬ ‫• الدولة ودعم املسرح‪.‬‬ ‫• الرقابة والقيود‪.‬‬ ‫• مشاركة املرأة وجتاوز مشكلة الّلغة‪.‬‬

‫‪539‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 540‬للتنمية الثقافية‬

‫املسرح يف الجزائر‪ ،‬ما مل يت ّم أوالً حتديد من‬ ‫هو "احملرتف" ومن هو "اهلاوي"‪ .‬كما تساءل‬ ‫قائ ًال‪" :‬من هو احملرتف ومن غري احملرتف‪،‬‬ ‫هل احملرتف إال من لديه كشف الراتب‪ ،‬يف أحد‬ ‫املسارح؟" ‪.‬‬ ‫ويضيف املخرج الكبري أنه ق ّدم مشروع عمله‬ ‫األخري نجمة والشهاب على مستوى إدارة املسرح‬ ‫الوطين لكنه مل يتل ّق أي إجابة‪ ،‬ما جعله يعمل‬ ‫بإمكاناته اخلاصة برفقة أعضاء فرقة "مسرح‬ ‫الغوستو"‪ ،‬اليت شكلها منذ سنوات‪ ،‬ويدور العمل‬ ‫الذي كتبه أرزقي مالل‪ ،‬حول حياة الروائي كاتب‬ ‫ياسين وروايته نجمة ويتض ّمن نضال الكاتب‬ ‫اجلزائري‪ ،‬وكيف وظف شاعريته يف تشخيص‬ ‫الواقع‪ ،‬وتأتي املسرحية يف شكل حوار بني جنمة فضاءات المسرح التجريبي‬ ‫هي زليخة اليت أحبها‪ ،‬ومن خالل عرض هذا‬ ‫اتخّ ذ مفهوم التجريب يف جمال املسرح‬ ‫العمل عرض الكاتب للعالقة بني الشيء الواقعي معاني ع ّدة‪ .‬فك ّل التيارات اليت ظهرت منذ مطلع‬ ‫والرتميز‪.‬‬ ‫القرن العشرين على تع ّدد أشكاهلا واجتاهاتها‪،‬‬ ‫كانت تهدف إىل ابتكار أشكال تعبريية جديدة‪،‬‬ ‫النص المسرحي بين المحلّي‬ ‫والدعوة إىل جتاوز املسرح القائم والتم ّرد‬ ‫ّ‬ ‫واالقتباس‬ ‫عليه‪ .‬لكن كلمة التجريب يف املسرح يف الوقت‬ ‫املسرح العربي ال يعاني أزمة نصوص كما الراهن تد ّل على نوع حم ّدد من املسرح له‬ ‫هو متداول‪ .‬هذا ما يؤ ّكده بعض املسرحيّني‪ .‬إذ خصائصه وأساليبه‪ .‬واملسرح التجرييب احلديث‬ ‫خيص بلداً دون آخر ألنه‬ ‫اعترب محمد بن قطاف مدير املسرح الوطين ظاهرة عاملية‪ ،‬وهو ال ّ‬ ‫اجلزائري أن هذه األزمة مفتعلة بالنظر إىل منتشر يف معظم دول العامل‪ .‬ويعرف املسرح‬ ‫املكتبات العربية والعاملية اململوءة بنصوص التجرييب بأنه "املسرح الذي حياول أن يق ّدم‬ ‫أوالنص الدرامي أو اإلضاءة‬ ‫شكسبير وموليير وتوفيق الحكيم وطه حسين يف جمال اإلخراج‬ ‫ّ‬ ‫والطاهر وطار‪ ..‬فالنصوص املسرحية موجودة أو الديكور‪ ..‬إخل‪ ،‬أسلوباً جديداً يتجاوز الشكل‬ ‫ولكن األزمة هي أزمة مؤلفني مسرحيّني‪.‬‬ ‫التقليدي‪ ،‬ال بقصد حتقيق جناح جتاري‪ ،‬ولكن‬ ‫مما أُلّف للمسرح اجلزائري إىل بغية الوصول إىل احلقيقة الفنّية‪ .‬وعادة ما‬ ‫‪ 95‬يف املائة ّ‬ ‫ح ّد اليوم هو من اقرتاح واجتهاد ممثلني أو يتحقق هذا التجاوز عن طريق معارضة الواقع‬ ‫خمرجني مسرحيّني‪ ،‬وعليه كان املسرح الوطين واخلروج إىل منطقة اخليال‪ ،‬بل واملبالغة يف‬ ‫أول من بادر إىل اقتباس األدب اجلزائري ذلك اخلروج يف بعض األحيان"‪.‬‬ ‫ابتدا ًء من الشهداء يعودون هذا األسبوع‬ ‫ويتطلّع املشتغلون يف حقل التجريب املسرحي‬ ‫للروائي الطاهر وطار‪ ،‬ويت ّم االقتباس اليوم من يف الجزائر‪ ،‬إىل التمرد على السائد واملتوارث‬ ‫ياسمينة خضرا وطاهر جاووت ‪..‬‬ ‫وجتاوز ك ّل ما هو معلّب ومألوف‪ ،‬يف سبيل منح‬ ‫النص األدبي ال يكفي‬ ‫ويعترب شيخ املسرح أن ّ‬ ‫لصناعة مسرحية بل ال ب ّد من حبكة مسرحية‬ ‫يصنعها أصحاب احلرفة‪ .‬فاألدباء ميلكون‬ ‫الّلغة وعمق التفكري ومجال الّلغة‪ ،‬أما املسرحي‬ ‫فيملك احلبكة وطريقة توظيف التقنية وقد‬ ‫بات من الضروري اجلمع بني االثنني وبرنامج‬ ‫صدى األقالم مث ًال‪ ،‬يعمل يف هذا االجتاه‪،‬‬ ‫حبيث استطاع أن يق ّدم عشرة نصوص‬ ‫أدبية ّمت حتويلها إىل مسرحيات من ضمنها‬ ‫مسرحية غوثية‪ ،‬وحنضلة‪ ..‬كما طالب األدباء‬ ‫والروائيّني أن يكتبوا للمسرح باعتبار أن األديب‬ ‫ميثل جزءاً من حميط الف ّن الرابع‪.‬‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫الدولة ودعم المسرح‬

‫اإلبداع‬

‫ديناميكية جديدة للحركة املسرحية‪ ،‬خصوصاً‬ ‫أ ّن املسرح حب ّد ذاته "حمض جتريب وجيتهد‬ ‫ع ّرابوه من أجل جتاوز اخلطوط احلمراء‬ ‫البنيوية والشكلية من خالل ما تتيحه وسائط‬ ‫اجلسد والفضاء والسينوغرافيا وسائر املتعلقات‬ ‫واألدوات الفنّية"‪.‬‬ ‫الباحث املسرحي اجلزائري الشريف األدرع‬ ‫يدرج وازع التجريب ضمن الرغبة املتأصلة‬ ‫لرتسيخ اجلماليات وتعميق قيمة االبتكار يف‬ ‫مسرح جزائري ظ ّل على الدوام منفتحاً على‬ ‫التجارب املسرحية العاملية‪ .‬يف حني يقول الناقد‬ ‫أبو بكر سكيني إ ّن صفة التجريب يف املسرح‬ ‫اجلزائري كانت نقطة حت ّول أساسية يف إرساء‬ ‫معامل املنظومة املسرحية احمللية‪ ،‬ويلفت إىل أ ّن‬ ‫هذه السمة مل تستغ ّل بعد‪ ،‬لذا ينبغي مراجعة‬ ‫املسار مبا يكفل قطع املسرح احمللي ألشواط‬ ‫عمالقة تقلّص اهلوة العميقة بينه وبني املسرح‬ ‫العاملي‪.‬‬ ‫من جانبه‪ ،‬يرى األستاذ عمار عزيز أ ّن‬ ‫بلورة املسرح التجرييب يف الجزائر تندرج‬ ‫ضمن جتسيد اسرتاتيجية ثقافية تواكب خمتلف‬ ‫التحوالت الطموحة اليت تعيشها البالد‪ ،‬كما‬ ‫تسعى خللق ديناميكية إبداعية متوازنة‪ ،‬وهي‬ ‫نظرة تؤيدها نوال غناي متصورة أ ّن التجريب‬ ‫املسرحي يسهم يف تفادي القطيعة مع اجلماهري‬ ‫املتعطشة دوماً ملثل هذه العروض‪ ،‬وتعويدها‬ ‫على عموم طقوس هذا الف ّن احل ّي وإعالء قيمة‬ ‫التجريب اليت تع ّد كينونة الف ّن الرابع‪.‬‬

‫يك ّون اليوم رصيداً مهماً يف حسابه‪ .‬وقد سبق‬ ‫ملدير املسرح الوطين اجلزائري محمد بن‬ ‫قطاف أن علّق على موضوع دعم الدولة للمسرح‬ ‫قائ ًال‪" :‬الجزائر اليوم متلك ‪ 14‬مسرحاً وما ال‬ ‫يق ّل عن ‪ 200‬مجعية وتعاونية‪ ،‬مستوى أدائها‬ ‫أقرب إىل االحرتافية منه إىل اهلواية‪ ،‬لو مجعنا‬ ‫ك ّل هذا لوجدنا أن املسرح اجلزائري يقدم ‪200‬‬ ‫مسرحية ك ّل سنة‪ .‬غري أننا لألسف نفتقد لعامل‬ ‫الدعاية أو اإلشهار‪ .‬فما يق ّدم على بعد ‪ 5‬كلم‬ ‫من العاصمة ال يسمع به أحد‪ ،‬ولو أنتجنا ‪100‬‬ ‫مسرحية وقد ّمنا من بينها ‪ 10‬مسرحيات مهمة‬ ‫راق لكان لدينا رصيد يضاهي‬ ‫ذات مستوى ٍ‬ ‫األعمال املسرحية املقدمة يف البلدان العربية‬ ‫وهو ما نسعى إليه"‪.‬‬ ‫ويعترب المهرجان الوطني للمسرح‬ ‫احملرتف أهم تظاهرة للمسرح اجلزائري يف‬ ‫اإلطار الدولي إىل جانب المهرجان الدولي‬ ‫للمسرح وقد أنشأ بقرار من وزيرة الثقافة يف‬ ‫‪ 2005 13-07‬والذي جاء حبسب املرسوم‬‫التنفيذي رقم ‪ 297‬املؤرخ يف ‪10-09-2003‬‬ ‫الذي ح ّدد شروط إجراء املهرجانات الثقافية‪.‬‬ ‫ويهدف املهرجان إىل اإلسهام يف ترقية الثقافة‬ ‫الوطنية عرب الرتاب الوطين‪ ،‬تشجيع وتطوير‬ ‫فنون املسرح يف جوانبه اإلبداعية املختلفة‪،‬‬ ‫تشجيع التجارب الرائدة واألحباث يف جمال‬ ‫املسرح كأداة تعليمية وعلمية‪ ،‬تنظيم الّلقاءات‬ ‫يف خمتلف جماالت املسرح بغية تطوير احلوار‬ ‫مابني املمارسني واملهتمني واخلرباء‪ ،‬فتح اجملال‬ ‫للمنافسة االحرتافية ما بني املبدعني‪.‬‬

‫‪541‬‬

‫يؤ ّكد الكثريون أن ما وصل إليه املسرح خالل‬ ‫السنوات السبع األخرية ودعم هذا القطاع من‬ ‫ختتلف اآلراء حول الرقابة والقيود على‬ ‫وزارة الثقافة اليت أولته أهمية بالغة‪ ،‬هي من املسرح اجلزائري‪ .‬إذ يؤ ّكد السيد محمد‬ ‫األمور اليت دفعت باإلنتاج إىل السري يف الطريق بن قطاف مدير المسرح الوطني الجزائري‬ ‫الصحيح‪ ،‬حبيث استطاع املسرح اجلزائري أن أن الجزائر مل تعرف سحب أ ّي مسرحية‪،‬‬ ‫الرقابة والقيود‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 542‬للتنمية الثقافية‬

‫منذ االستقالل قائ ًال‪ :‬مل اشهد عرب مسريتي‬ ‫املسرحية أنه ّمت منع أو اعتقال أ ّي شخص‬ ‫بسبب أ ّي مسرحية‪ ،‬ك ّل مسرحيات كاتب ياسين‬ ‫م ّرت على اخلشبة اجلزائرية ومل تعرتضها‬ ‫الرقابة‪.‬‬ ‫وبدوره يؤ ّكد علولة أن ك ّل املسرحيات‬ ‫يف الجزائر م ّرت من دون أ ّي عوائق رقابية‪،‬‬ ‫فمسرحية العيطة مث ًال‪ ،‬كانت واحدة من أجرأ‬ ‫املسرحيات وأقواها‪ ،‬ومسرحية موقف إجباري‬ ‫أيضاً‪ ،‬هي من أقوى املسرحيات اليت لو عرضت‬ ‫يف دول أخرى لتعرضت رمبا للسحب‪ ،‬إال أن‬ ‫املسرح اجلزائري مل يشهد مثل هذه القيود‪،‬‬ ‫وهو دليل على وجود حرية التعبري على اخلشبة‬ ‫اجلزائرية‪.‬‬ ‫لكن يف املقابل‪ ،‬يؤ ّكد املخرج املسرحي‬ ‫اجلزائري زياني شريف عياد وجود سلطة‬ ‫رقابية على املسرح‪ ،‬إضافة إىل البريوقراطية‬ ‫وحماصرة الفنان‪ ،‬ويقول يف هذا الصدد‪" :‬كنت‬ ‫أعاني من الرقابة واملساءلة عن أعمالي‪ ،‬ففي‬ ‫مسرحية قالوا العرب‪ ..‬قالوا اتهمت بأنين‬ ‫أجرح وأشتم الزعماء العرب‪ .‬ويف مسرحية‬ ‫حافلة تسير استدعاني أحد املسؤولني واتهمت‬ ‫وقتها بأنين أنتقد شخص الرئيس بتشبيهه‬ ‫بسائق احلافلة الذي يقودها إىل حيث ال يدري‪،‬‬ ‫فأجبت أن الفنان غري جمرب على تفسري‬ ‫األعمال اليت يقدمها جلمهوره‪ ،‬ورمبا كان ذلك‬ ‫أحد األسباب اليت جعلتين أغادر البلد ومسرح رؤية تقييمية‬ ‫القطاع العام"‪.‬‬ ‫بالنظر إىل خصوصيّة املسرح‪ ،‬وارتباطه‬ ‫ارتباطاً وثيقاً باجملتمع‪ ،‬مبا جيعل منه فع ًال‬ ‫مشاركة المرأة وتجاوز مشكلة الّلغة‬ ‫سياسياً وفكرياً‪ ،‬وتوليده كذلك أسئلة نارية‬ ‫خيص املسرح والّلغة‪ ،‬هناك واقع تف ّجر قضايا األمة‪ ،‬وبالنظر إىل أن املتلقّي هلذا‬ ‫يف ما ّ‬ ‫فرض نفسه وهو أن املسرح يف الجزائر جتاوز الف ّن ال يبحث فقط عن املتعة‪ ،‬بل عن مجاليات‬ ‫عائق الّلغة منذ وقت طويل بدءاً مبسرحيات العرض املسرحي مهما كان نوعه وشكله‪ ،‬يغدو‬ ‫كاتب ياسين اليت كتبت بالدارجة اجلزائرية العرض املسرحي مبثابة احتفال شعيب ينبين‬ ‫البسيطة‪ .‬فاملسرحيات اآلن تُق ّدم بالّلهجة على قوة االتصال بني ما حيدث على اخلشبة‬

‫الدارجة‪ ،‬العربية الفصحى‪ ،‬األمازيغية وحتى‬ ‫بالفرنسية‪ .‬وأصبح اجلمهور يتلقاها بشكل‬ ‫عادي وطبيعي‪ .‬الّلغة يف اجلزائر ليست عائقاً‬ ‫وال تطرح إشكاالً ألن الشباب اجلزائري املع ّرب‬ ‫بإمكانه فهم أكثر من لغة‪ ،‬والذي حي ّدد لغة‬ ‫املسرحية هو بالدرجة األوىل طبيعة نصها‬ ‫وضرورتها الدرامية وال وجود ألية اعتبارات‬ ‫أخرى يف اختيار الّلغة اليت يتحاور بها املمثلون‬ ‫على املسرح‪.‬‬ ‫أما عن مشاركة املرأة اجلزائرية وحضورها‬ ‫على اخلشبة‪ ،‬فثمة اتفاق على أن هذه املشاركة‬ ‫مل تعد تش ّكل بدورها أ ّي عائق‪ .‬فاملرأة حبسب‬ ‫الفنانة صونيا مديرة املسرح اجلهوي لوالية‬ ‫سكيكدة "حاضرة بشكل أو بآخر يف مجيع‬ ‫األعمال‪ ،‬ويت ّم التط ّرق إىل ك ّل جوانب حياتها‬ ‫وظروف معيشتها بالتحليل والنقد"‪.‬‬ ‫أما املشكلة فتتح ّدد بوجود أزمة ممثالت‬ ‫حبسب صونيا اليت أضافت قائلة‪" :‬هذه مشكلة‬ ‫تواجهين كثرياً يف مدن الشرق‪ ،‬ال أعرف ملاذا‬ ‫أغلبية املمثالت الالتي ألتقي به ّن ه ّن يف األصل‬ ‫طالبات ميارسن املسرح فقط كهواية وليس‬ ‫بشكل احرتايف كمهنة تأخذ منه ّن ما يلزم‬ ‫من الوقت واالهتمام ومن الصعب التعامل مع‬ ‫ممثالت ليس بإمكانه ّن التفرغ التام للعمل‬ ‫املسرحي"‪.‬‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫قطاف يقول عن صدى املسرح لدى اجلمهور‬ ‫اجلزائري‪" :‬بك ّل موضوعية لدينا اليوم يف‬ ‫الجزائر واقع ال ميكننا أن نتعداه أو أن نزّوره‪،‬‬ ‫وال ب ّد من االنطالق من األرقام اليت سجلناها‬ ‫خالل السنوات الفائتة‪ ،‬فاملسرح مرتبط باحلالة‬ ‫العامة للمجتمع وحنن يف بعض األحيان نستقبل‬ ‫‪ 500‬متفرج يومياً ويف بعض األحيان ال نستقبل‬ ‫غري ‪ 8‬متفرجني ولكن مقارنة بالواقع االجتماعي‬ ‫املعاش‪ ،‬فهذا املعدل ممتاز ألن املواطن اجلزائري‬ ‫لديه أولويات تسبق دخول املسارح وهو واقع ال‬ ‫ب ّد من التكيّف معه وحماولة تغيريه‪ ،‬وعليه ال ب ّد‬ ‫من اإلميان بقدرة شبابنا الذين سيكونون رموز‬ ‫املسرح اجلزائري مستقب ًال وواجهته"‪.‬‬ ‫الشد والجذب!‬ ‫السعودية‪ :‬مسرح بين‬ ‫ّ‬ ‫الشد والجذب‬ ‫المسرح بين‬ ‫ّ‬

‫املسرح السعودي خالل العام ‪ 2009‬ش ّكل‬ ‫استمراراً للقضايا اليت ما زالت تؤرق العاملني‬ ‫فيه‪ ،‬فعلى الرغم من وجود نزوع إىل تفعيل‬ ‫املسرح كأحد األوجه األكثر تعبرياً عن احلداثة‪،‬‬ ‫أو لنقل الرؤية الثقافية القائمة على دور الف ّن‬ ‫يف اجملتمع‪ ،‬إال أن طبيعة اجملتمع نفسها ما‬ ‫برحت حتول دون تفعيل العمل املسرحي‪ .‬فهناك‬ ‫نوع من الش ّد واجلذب حول دور هذا الفنّ‪،‬‬ ‫املؤسسة الرمسية‬ ‫فمن جهة هناك وعي لدى ّ‬ ‫الثقافية بضرورة ترسيخ ف ّن املسرح يف املنظومة‬ ‫الثقافية‪ ،‬ومن جهة أخرى هناك حتفظ على‬ ‫املؤسسات التقليدية‪،‬‬ ‫املسرح من قبل بعض ّ‬ ‫األمر الذي جيعل املسرحي السعودي أمام مهام‬ ‫تتجاوز احلالة اإلبداعية احملضة إىل إثبات نوع‬ ‫من الشرعية لعمله‪.‬‬ ‫مسرحية للعام ‪2009‬‬ ‫نماذج‬ ‫ّ‬ ‫مسرحية األكليل‪ :‬مسرحيّة‬

‫اإلبداع‬

‫واملتفرج‪ ،‬وينتج سائر االنفعاالت‪ .‬وبالتالي يغدو‬ ‫اجلمهور شرطاً جوهريّاً لوجود الف ّن املسرحي‪،‬‬ ‫ألن العروض املفربكة مل تعد ته ّم اجلمهور‬ ‫اجلزائري إال نادراً‪ ،‬على الرغم من أن الدولة‬ ‫تض ّخ أمواالً ضخمة يف كثري من املناسبات‪.‬‬ ‫هذا الرأي الذي جيمع عليه الكثريون‪،‬‬ ‫أ ّدى إىل إيالء العالقة بني العرض املسرحي‬ ‫واجلمهور أهمية كبرية يف اجلدل حول حال‬ ‫املسرح اجلزائري اليوم‪ .‬إذ يرى املمثل واملخرج‬ ‫املسرحي حبيب بوخليفة مث ًال‪ ،‬أن القطيعة‬ ‫جتسدت يف الجزائر بني العرض املسرحي‬ ‫ّ‬ ‫واجلماهري‪ ،‬وكشفت عن التخبّط الذي تعيشه‬ ‫املؤسسة املسرحية األم والفشل الذريع يف‬ ‫ّ‬ ‫السياسات الثقافية واالجتماعية املتعاقبة اليت‬ ‫الفن‪ ،‬خصوصاً‬ ‫عجزت عن حتريك الفضاء يّ‬ ‫يف غياب املعايري متسائ ًال‪ :‬كيف ميكن أن نعيد‬ ‫اجلمهور إىل القاعات‪ ،‬بينما ال تزال رداءة‬ ‫عروض مسرح احلشو هي السائدة؟‬ ‫وحول ما إذا كانت هناك خطة عمل‬ ‫مستقبلية لتحديث البنية التحتية اليت يرتكز‬ ‫الفن املسرحي يف الجزائر‬ ‫عليها النشاط يّ‬ ‫جييب‪ :‬ليس لدينا خيار آخر‪ ،‬لو كانت الجزائر‬ ‫متلك معاهد خت ّرج ممثلني وخمرجني وكتّاب‬ ‫سيناريو‪ ،‬ولو أنها ّ‬ ‫تنظم بعثات إىل اخلارج يف‬ ‫جمال اإلخراج املسرحي لكانت األوضاع أحسن‪.‬‬ ‫ولكننا اآلن نعيش واقعاً صعباً ال ب ّد من‬ ‫التكيّف مع معطياته‪ ،‬ألن وجود معهد واحد على‬ ‫املستوى الوطين وهو معهد برج الكيفان ال يفي‬ ‫بالغرض ‪ ..‬اليوم لدينا واقع أحاول االستثمار فيه‬ ‫قدر اإلمكان‪ ،‬حيث أعمل على مجع ك ّل خرجيي‬ ‫معهد برج الكيفان قبل أن يف ّكروا يف اهلروب‬ ‫حنو اخلارج وأعمل على منحهم الفرص نفسها‪،‬‬ ‫ولكن تبقى اخلشبة وحدها احمل ّدد األخري لقدرة‬ ‫املمثل من عدمها‪.‬‬ ‫مدير املسرح الوطين اجلزائري محمد بن‬

‫‪543‬‬

‫من إخراج‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 544‬للتنمية الثقافية‬

‫أسامة خالد‪ ،‬تسرد حكاية ثالثة أشخاص ّمت‬ ‫قتل ك ّل منهم بطريقة خمتلفة عن اآلخر‪ ،‬مع‬ ‫وجود امرأة تبحث عن ابنها بني جمموعة من‬ ‫املوتى خالل حرب ما‪ .‬حتضر املرأة يف العمل‬ ‫من خالل العرض بطريقة "الربوجكتور"‬ ‫كنوع من التعويض عن حضورها املباشر‪ ،‬إذ‬ ‫ٍ‬ ‫ليس يف اإلمكان أن يكون هناك اختالط بني‬ ‫الرجل واملرأة يف العرض احل ّي‪ ،‬وهي واحدة‬ ‫من األزمات املستم ّرة للمسرح السعودي‪ ،‬واليت‬ ‫ستك ّرس حال ًة من اهلروب‪ ،‬إما حنو أعمال‬ ‫تستغين عن دور املرأة كلياً ابتداء من النص‬ ‫األصلي‪ ،‬أو من خالل االستدعاء الرمزي هلا‬ ‫عرب تقنية "الفيديو"‪ ،‬أو ظهور املسرح النسائي‪،‬‬ ‫وهو مسرح متثّل فيه النساء للنساء أسوة مبسرح‬ ‫الرجل‪ ،‬أو اهلروب حنو املونودراما‪" :‬مسرح‬ ‫املمثل الواحد"‪ ،‬ما يزيد من تعقيد قراءة املشهد‬ ‫املسرحي السعودي يف جتلياته الفكرية واجلمالية‬ ‫والتقنية‪ ،‬وحيرمه بالتالي من حكم نقدي يسهم‬ ‫يف تطويره‪.‬‬ ‫الرمزية‬ ‫اإليغال في‬ ‫ّ‬

‫حالة قلق‪ :‬تظهر هذه املسرحيّة من جهة‬ ‫أخرى مي ًال واضحاً لدى بعض املسرحيّني‬ ‫حنو االبتعاد عن القضايا الواقعية‪ ،‬واإليغال يف‬ ‫الرمزية‪ ،‬تلك احلالة اليت متثّل هامشاً للتعبري‬ ‫عن حاالت خاصة يف إطارها الوجودي‪ ،‬وقد أتت‬ ‫مسرحية حالة قلق (تأليف فهد ردة الحارثي‪،‬‬ ‫وإخراج أحمد محمد األحمري‪ ،‬وإنتاج جمعية‬ ‫الثقافة والفنون يف الطائف) لتكون أمنوذجاً‬ ‫هلذه األعمال‪ ،‬وهي غالباً ما تكون مع ّدة‬ ‫لالشرتاك يف مهرجانات عربية‪ ،‬وبالفعل فقد‬ ‫شاركت حالة قلق يف أيام قرطاج المسرحية‪.‬‬ ‫وإذا ما أتينا إىل العمل الذي أ ّداه ‪ 6‬ممثلني‬ ‫هم ‪ :‬أحمد محمد األحمري‪ ،‬ومساعد حسن‬ ‫الزهراني‪ ،‬ومحمد سالم العصيمي‪ ،‬وصقر عبد‬

‫الله القرني‪ ،‬وممدوح حميد الغشمري‪ ،‬وحسين‬

‫مشعل سوادي‪ ،‬نالحظ أن هذا العمل يسرد عرب‬ ‫تقنيات البوح الذاتي حياة ‪ 6‬أشخاص يف فضاء‬ ‫رمزي ويكشف عن أزماتهم‪ ،‬وصوالً إىل حالة‬ ‫من اليأس والضجر اليت اعرتت حيواتهم‪،‬‬ ‫كما أن العمل ال خيلو من إشارات إىل بعض‬ ‫املشكالت مثل الصراع بني اآلباء واألبناء من‬ ‫خالل املرياث‪ ،‬أو ميل الشباب إىل تبين الفكر‬ ‫األصولي واستخدام العنف يف مواجهة األزمات‬ ‫اليت تواجههم‪.‬‬ ‫صيغة مبتكرة‬

‫يوشك أن ينفجر‪ :‬تتحدث عن يوميات‬ ‫مواطن بسيط حياول أن يسرد قصة حياته يف‬ ‫سبعة أيام‪ ،‬يومياته وتفاصيله‪ ،‬وما عاشه من‬ ‫جتارب‪ ،‬ومعتقداته االجتماعية‪ ،‬وهي يف جمملها‬ ‫تص ّور يوميات مواطن يكاد ينفجر من األعباء‬ ‫اليت حيملها وهي تفاصيل ترتبط باإلنسان‬ ‫املعاصر املشحون باهلموم والقضايا السياسية‬ ‫واالقتصادية ‪.‬‬ ‫الالفت يف عرض يوشك أن ينفجر اختيار‬ ‫شكل غري تقليدي‪ ،‬حيث جيلس اجلمهور إىل‬ ‫طريف اخلشبة اليت تأتي بشكل مستطيل‪ ،‬ومينح‬ ‫هذا الشكل حالة كبرية من احلميمية بني املمثل‬ ‫واجلمهور الذي يصبح بشكل من األشكال جزءاً‬ ‫من العرض نفسه‪ ،‬كما أن التواصل يتع ّدى إطار‬ ‫املونولوج بني املمثل ونفسه ليصبح حواراً بني‬ ‫املمثل ‪ /‬الشخصية وبني اجلمهور‪ .‬وهكذا فإن‬ ‫العرض كان طاحماً يف شكل بنائه إىل نوع من‬ ‫االلتحام القصدي بني مقولة العرض وبني حياة‬ ‫بطله وبني احليوات األخرى يف الصالة‪ ،‬وقد‬ ‫تكون هذه املسألة يف دالالتها تعبرياً عن حاجة‬ ‫املسرحي السعودي إىل إجياد صيغ مبتكرة‬ ‫لإلمساك باملتلقي‪.‬‬ ‫حريمكو‪ :‬يف سياق آخر ُقدمت هذه املسرحية‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫المسابقات المسرحية‬

‫اإلبداع‬

‫يف العام ‪( 2009‬تأليف خديجة عجاج)‪،‬‬ ‫مؤسسات‬ ‫وشاركت فيها مخس نساء يعملن يف ّ‬ ‫حكومية خمتلفة‪ ،‬وهو أول عرض نسائي‬ ‫يف محافظة القطيف يف شرق السعودية‪،‬‬ ‫والطريف أن العمل الذي يفتقد إىل أ ّي شخصية‬ ‫رجالية يتق ّمص بعضاً من تلك الشخصيات‪.‬‬ ‫ناقش عرض حريمكو جمموعة من القضايا‬ ‫االجتماعية‪ ،‬منها عالقة املرأة بزوجها‪،‬‬ ‫وعالقتها باحمليط‪ ،‬ودور املعلوماتية يف تطوير‬ ‫حياة املرأة يف ظ ّل ثورة التقانة واالتصاالت‪،‬‬ ‫وطموحات املرأة يف جماالت العمل‪ ،‬غري أن‬ ‫املقدم إىل اجلمهور النسائي حصراً‬ ‫العمل َّ‬ ‫يعكس تكريس حالة االنفصال يف إيصال‬ ‫املقوالت الفكرية إىل فئات معيّنة دون غريها‪،‬‬ ‫وهو ما ينتقص من رسالة العمل ذاته‪ ،‬كما أن‬ ‫السياق الدرامي للمسرحية يأخذ يف هذه احلال‬ ‫طبيعة حم ّددة بشرحية املتلقّني ذاتها‪.‬‬ ‫ويف سياق احلديث عن العنصر النسائي يف‬ ‫املسرح السعودي جتدر اإلشارة إىل صدور قرار‬ ‫يسمح بعرض املسرحيات اخلليجية يف السعودية‬ ‫يف العام ‪ 2008‬شريطة أال يكون هناك أ ّي عنصر‬ ‫املقدمة على املسارح‬ ‫نسائي يف تلك العروض َّ‬ ‫املكشوفة اليت حيضرها الشباب والعائالت‪ ،‬ما‬ ‫دفع ببعض األعمال اخلليجية إىل تعديل طاقمها‬ ‫التمثيلي وتغييب العنصر النسائي بغية احلصول‬ ‫على ترخيص بالعرض داخل اململكة‪ ،‬وهو تنازل‬ ‫قبلت به مجاعات تلك العروض حتى تتم ّكن من‬ ‫الوصول إىل املتلقي السعودي‪ ،‬والسيما األعمال‬ ‫ذات التمويل اخلاص‪ ،‬واليت تعتمد يف جناحها‬ ‫على شباك التذاكر‪.‬‬

‫القصرية'' إحدى النوافذ امله ّمة اليت تتنافس‬ ‫فيها جمموعة من الفرق املسرحية‪ ،‬وتط ّل من‬ ‫خالهلا أمساء جديدة على املشهد املسرحي‬ ‫السعودي‪ ،‬وقد أقيمت يف العام ‪ 2009‬الدورة‬ ‫السابعة ملسابقة "الدمام للعروض القصرية"‪،‬‬ ‫واليت تشرف عليها مجعية الثقافة والفنون يف‬ ‫الدمام‪ ،‬وقد أقيمت الدورة حتت عنوان دورة‬ ‫المسرحي الراحل نضال أبو نواس‪ ،‬واشرتكت‬ ‫فيها ‪ 16‬فرقة مسرحية من أحناء خمتلفة من‬ ‫اململكة‪ ،‬و ّمت تكريم ثالثة أمساء كان هلا أثر‬ ‫مه ّم يف الدرما السعودية‪ .‬واملكرمون هم الكاتب‬ ‫عبدالعزيز إسماعيل الذي أسهم يف كتابة‬ ‫سيناريوهات عدد من املسلسالت واملسرحيات‬ ‫اليت ق ّدمت داخل السعودية وخارجها‪،‬‬ ‫والكاتب عبدالله حطاب الذي مثّل السعودية‬ ‫يف الكثري من الّلجان والوفود الثقافية جبانب‬ ‫كتاباته وإسهاماته املسرحية‪ ،‬واملمثّل التلفزيوني‬ ‫واملسرحي عبد الرحمن الرقراق‪ ،‬واشتملت‬ ‫اجلوائز على جائزة أفضل عرض متكامل‪،‬‬ ‫وأفضل إخراج‪ ،‬وأفضل ممثّل أول‪ ،‬وثاني‪،‬‬ ‫وثالث‪ ،‬وأفضل تقنية مسرحية (سينوغرافيا)‬ ‫واإلخراج‪.‬‬ ‫أما مسرح الطفل فكانت أبرز حمطاته‬ ‫من خالل مهرجان الطفل يف دورته الرابعة‬ ‫يف مدينة اإلحساء الذي تشرف عليه جمعية‬ ‫الثقافة والفنون يف اإلحساء‪ ،‬وقد شاركت‬ ‫فرق ع ّدة‪ ،‬منها فرقة "كيس النحاس" لفرقة‬ ‫شباب اإلحساء‪ ،‬ومسرحية الفيروسات لفرقة‬ ‫مجعية الثقافة والفنون يف الدمام‪ ،‬ومسرحية‬ ‫ملؤسسة سعد المدهش لإلنتاج‬ ‫درس خصوصي ّ‬ ‫والتوزيع الفنّ ي يف الرياض‪ ،‬وغريها‪.‬‬

‫‪545‬‬

‫على مستوى املسابقات املسرحية اليت تهدف‬ ‫قد يبدو من الصعب تقييم احلراك املسرحي‬ ‫إىل اكتشاف املواهب املتميّزة يف نواحي املسرح‬ ‫كافة‪ ،‬تُعترب مسابقة ''مسرح الدمام للعروض السعودي على املستويات الفكرية‪ ،‬والفنّية‪،‬‬ ‫تقييم عام‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 546‬للتنمية الثقافية‬

‫واجلمالية‪ ،‬من دون األخذ خبصوصية اجملتمع‬ ‫السعودي‪ ،‬فمشكالت هذا املسرح ميكن‬ ‫نواح وأسئلة ع ّدة تتعلق‬ ‫مقاربتها من خالل ٍ‬ ‫النص املكتوب يف الدرجة األوىل‪ ،‬حبيث‬ ‫بطبيعة ّ‬ ‫النص من مالمسة مشكلة‬ ‫ال ميكن أن يقرتب ّ‬ ‫اجتماعية أو فردية يف أبعادها كافة‪ ،‬وذلك‬ ‫لغياب العنصر النسائي الذي ميثّل صوت اآلخر‬ ‫يف العمل املسرحي‪ ،‬وهو مرآة جململ التطورات‬ ‫اليت تطال اجملتمع‪ ،‬وهو أيضاً جمال خصب‬ ‫لدراسة اإلخفاقات‪ ،‬ناهيك بأهميته على مستوى‬ ‫التحفيز الدرامي‪ .‬فض ًال عن الرغبة القوية لدى‬ ‫األجيال اجلديدة يف تقديم القضايا الساخنة‬ ‫مثل قضييت التطرف واإلرهاب‪ ،‬وربط هاتني‬ ‫القضيتني باملنحى الفكري لبعض السياقات‬ ‫التارخيية أو االجتماعية‪ ،‬واليت تصطدم ببعض‬ ‫خصوصيات اجملتمع‪.‬‬ ‫من جهة أخرى ما زال املسرحي السعودي‬ ‫حياول بشكل جدي القيام بدور التعريف بعمله يف‬ ‫املؤسساتي بهذا الشأن‪ ،‬األمر‬ ‫ظ ّل ندرة االهتمام ّ‬ ‫الذي جيعل تقديم املسرح السعودي للمتلقي‬ ‫العربي خاضعاً لقدرة املسرحيّني أنفسهم‬ ‫على التواصل مع الفضاء املسرحي العربي‪.‬‬ ‫وما رغبة املسرحيّني السعوديّني يف املشاركة‬ ‫يف املهرجانات اخلارجية إال شكل من أشكال‬ ‫كسب االعرتاف بعملهم اإلبداعي على املستوى‬ ‫العربي‪ ،‬خصوصاً أن املسرح السعودي ظ ّل إىل‬ ‫وقت قريب خارج دائرة احلضور على املستوى‬ ‫العربي‪ .‬ومن بني تلك األعمال اليت عرضت‬ ‫خارج السعودية مسرحية يوشك أن ينفجر‬ ‫أداء سامي الزهراني وإخراج أحمد العسيري‪،‬‬ ‫وهي أيضاً من تأليف فهد الحارثي الذي ألّف‬ ‫مسرحية حالة قلق املذكورة آنفاً‪ ،‬وقد اشرتك‬ ‫فيها الحارثي يف مهرجان املونودراما السادس‬ ‫يف مدينة الالذقية السورية‪.‬‬ ‫يف املقابل‪ ،‬خيلق غياب املسرح العربي عن‬

‫الفعاليات املسرحية يف السعودية صعوبة يف‬ ‫اطالع املتلقّي السعودي على تط ّور املسرح‬ ‫العربي‪ ،‬وحيرم املسرحي السعودي يف الوقت‬ ‫نفسه من اكتساب اخلربات الضرورية يف ظ ّل‬ ‫غياب التكوين املسرحي األكادميي‪.‬‬ ‫أما امليل إىل إنتاج األعمال املونودرامية‬ ‫فيطرح أسئلة ع ّدة‪ ،‬منها ما يتعلق باحلاجة‬ ‫إىل التعبري الفردي‪ ،‬والرغبة يف قول الذات‪،‬‬ ‫وتكثيف النظرة إىل اجملتمع من خالل البعد‬ ‫الوجودي‪ .‬ويف حوار أجرته نشرة "املشهد" مع‬ ‫متخصصة باملسرح‬ ‫احلارثي‪"( ،‬املشهد" نشرة ّ‬ ‫تصدر شهرياً عن جمموعة مسارح الشارقة‬ ‫يف اإلمارات)‪ ،‬يشري احلارثي إىل أن االهتمام‬ ‫اخلاص الذي يبديه املسرحيّون السعوديّون‬ ‫باملونودراما نابع بشكل من األشكال من سهولة‬ ‫االنتقال بالعرض من مكان إىل آخر من أجل‬ ‫تقدميه للجمهور‪ ،‬وتطرح هذه املسألة مشكلة‬ ‫تسويق العرض املسرحي السعودي وتروجيه‬ ‫داخل اململكة وخارجها‪ ،‬وهي مسألة ما زالت‬ ‫تعيق إىل ح ّد كبري وجود األعمال الدرامية‬ ‫السعودية يف املهرجانات العربية‪ ،‬على الرغم‬ ‫من اإلمكانات الكبرية املوجودة يف اململكة‪ .‬إال‬ ‫أن نصيب املسرح من حصة الدعم الثقايف يبدو‬ ‫بعامة ضعيفاً إذا ما قورن ببلدان خليجية أخرى‪.‬‬ ‫السودان‪ :‬مئوية المسرح‪ ..‬القصيرة!‬ ‫الثقافية‬ ‫عام المناسبات‬ ‫ّ‬

‫ميكن القول إن العام ‪ 2009‬هو عام املناسبات‬ ‫املسرحية يف السودان؛ فثمة مئوية المسرح‬ ‫نص‬ ‫السوداني (‪ )2009 / 1909‬استناداً إىل ّ‬ ‫مسرحي بعنوان املرشد السوداني كتبه وقدمه‬ ‫املأمور املصري عبد القادر مختار‪ ،‬يف منطقة‬ ‫النص املسرحي‬ ‫القطينة يف العام ‪ ،1909‬وهو ّ‬ ‫الوحيد الذي ُعثر عليه ضمن وثائق تلك الفرتة‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫يبدو من الصعب تقييم الحراك‬ ‫المسرحي السعودي على المستويات‬ ‫الفكرية‪ ،‬والفنّية‪ ،‬والجمالية‪ ،‬من دون‬ ‫األخذ بخصوصية المجتمع السعودي‪،‬‬ ‫فمشكالت هذا المسرح يمكن مقاربتها‬ ‫نواح وأسئلة ع ّدة تتعلق بطبيعة‬ ‫من خالل ٍ‬ ‫النص المكتوب‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن الرغبة القوية‬ ‫ّ‬ ‫لدى األجيال الجديدة في تقديم القضايا‬ ‫الساخنة مثل قضيتي التطرف واإلرهاب‪..‬‬

‫ما يقوله التاريخ يختلف ع ّما يكشفه‬ ‫الواقع تماماً‪ ،‬على األقل في حالة المسرح‬ ‫السوداني‪ ،‬فمشهد المسرح السوداني في‬ ‫العام ‪ 2009‬كان أق ّل‪ ،‬وبكثير‪ ،‬م ّما يمكن‬ ‫أن توحي به تواريخ مثل األعوام ‪1909‬‬ ‫و‪ 1959‬و‪ 1969‬من عراقة وريادة!‪..‬‬

‫اإلبداع‬

‫من تاريخ السودان احلديث‪.‬‬ ‫وهناك أيضاً اليوبيل الذهيب للمسرح‬ ‫القومي‪ ،‬إذ ُد ّشن النشاط الفين على خشبته يف‬ ‫(‪ 17‬تشرين الثاني‪ /‬نوفمرب ‪ )1959‬يف مدينة‬ ‫أمدرمان‪.‬‬ ‫ويف مطلع العام ذاته‪ ،‬أي ‪ ،2009‬أعلنت كلية‬ ‫املوسيقى والدراما‪ ،‬وكانت تس ّمى املعهد العالي‬ ‫للموسيقى واملسرح سابقاً‪ ،‬أنها ستحتفل مبرور‬ ‫‪ 40‬سنة على تأسيسها (‪.)1969‬‬ ‫لكن ما يقوله التاريخ خيتلف ع ّما يكشفه‬ ‫الواقع متاماً‪ ،‬على األقل يف حالة املسرح‬ ‫السوداني؛ فمشهد املسرح السوداني يف العام‬ ‫مما ميكن أن توحي به‬ ‫‪ 2009‬كان أق ّل‪ ،‬وبكثري‪ّ ،‬‬ ‫تلك التواريخ‪ ،‬من عراقة وريادة!‬ ‫ليس أد ّل على ذلك من مرور تلك املناسبات‪،‬‬ ‫بك ّل رمزيتها التارخيية‪ ،‬من دون أصداء تقريباً؛‬ ‫فمناسبة املئوية‪ ،‬مث ًال‪ ،‬مل تتج ّل إال على مستوى‬ ‫املالحق الثقافية يف الصحف‪ ،‬ويف شكل باهت‬ ‫ومبتسر غالباً‪ ،‬ونستثين هنا امللف امل ّوسع الذي‬ ‫نشرته صحيفة "مسرحنا" املصرية‪ ،‬بصفة‬ ‫استباقية‪ ،‬يف عددها الصادر يف ‪ 8‬كانون األول‪/‬‬ ‫ديسمرب ‪ ،2008‬احتفاء باملناسبة‪ ،‬وقد جاء حتت‬ ‫عنوان "مئة عام من املسرح السوداني"‪ ،‬وحوى‬ ‫مقاالت ودراسات‪ ،‬بأقالم سودانية‪ ،‬حول أه ّم‬ ‫احملطات يف مسرية هذا املسرح‪.‬‬ ‫أما اليوبيل الذهيب للمسرح القومي فقد‬ ‫اختُزل يف بعض امللصقات الرتوجيية للدورة‬ ‫الثالثة لمهرجان أيام الخرطوم المسرحية من‬ ‫‪ 20‬إىل ‪ 31‬كانون األول‪ /‬ديسمرب‪ ،‬إضافة إىل‬ ‫إعادة عرض مسرحية المك نمر تأليف إبراهيم‬ ‫العبادي‪ ،‬يف حفلة ختام املهرجان‪ .‬وقد اختريت‬ ‫هذه املسرحية‪ ،‬لكونها ُق ّدمت يف افتتاح أول موسم‬ ‫للمسرح احملرتف ‪ 1967‬من إخراج الراحل الفكي‬ ‫عبد الرحمن‪ ،‬وهي كانت ُقدمت‪ ،‬للمرة األوىل‪،‬‬ ‫يف ثالثينيات القرن املاضي‪ .‬وقد أخرج نسختها‬

‫األخرية املخرج عادل حربي‪ .‬واحلال مل تكن‬ ‫أفضل يف ما يتعلق بأربعينية كلية الدراما؛ إذ إن‬ ‫أمرها انتهى إىل اإللغاء لنقص التمويل!‬ ‫هذه الصورة املهتزة‪ ،‬إن جاز القول‪ ،‬ستبدو‬ ‫متو ّقعة‪ ،‬أو واردة‪ ،‬عندما ننظر إىل خلفيتها؛ إذ‬ ‫ال ميكن أن نغفل حقيقة أن املسرح السوداني‬ ‫فقد الكثري منذ أواخر الثمانينيّات ولغاية‬ ‫مطلع األلفية‪ .‬ففي تلك الفرتة أُوقف النشاط‬ ‫املسرحي يف المسرح القومي‪ ،‬وأُغلق المعهد‬ ‫العالي للموسيقى والمسرح (يس ّمى حالياً كلية‬ ‫الدراما) ألكثر من أربع سنوات‪ ،‬وهاجرت نسبة‬ ‫كبرية من املسرحيّني إىل دول الخليج وأوروبا‪،‬‬ ‫مثل غريهم‪ ،‬ضيقاً أو فراراً أو حبثاً عن رزق‪،‬‬ ‫وك ّل ذلك جاء بسبب القبضة املتش ّددة لبعض‬ ‫التيارات الدينية املتش ّددة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫إذاً‪ ،‬انتظر املسرح السوداني وقتا طوي ًال قبل‬ ‫أن يُسمح له مبعاودة نشاطه‪ ،‬وخالل ذلك خسر‬ ‫فرقه وكوادره وتقاليده‪ ،‬وبكلمة‪ :‬خسر ك ّل شيء‪،‬‬ ‫وهو يعاني إىل الوقت الراهن من لعنة تلك‬ ‫االنقطاعة الطويلة‪.‬‬ ‫وميكن القول إنه‪ ،‬وبدءاً من العام ‪،2000‬‬ ‫بات ممكناً الكالم على نشاط مسرحي تشهده‬ ‫اخلرطوم‪ ،‬خباصة مع الدورة األوىل ملهرجان‬ ‫أيام البقعة املسرحية‪ ،‬الذي أطلقه املسرح ّي‬ ‫مؤسسته اخلاصة‬ ‫علي مهدي يف العام ذاته من ّ‬ ‫(المسرح الوطني‪ -‬مسرح البقعة)‪ ،‬على‬ ‫الرغم من أن هذا النشاط حت ّرك يف فضاء‬ ‫مسرحي يوشك أن يكون بال إمكانات؛ فخشبة‬ ‫املسرح الوحيدة تعمل بأجهزة إضاءة متخلّفة‪،‬‬ ‫وأجهزتها الصوتية رديئة‪ ،‬وصالتها "املكشوفة"‬ ‫متدهورة!‬ ‫من هنا‪ ،‬بدا املسرح السوداني يف العام ‪2009‬‬ ‫وكأنه يعيش بداياته األوىل‪ ،‬أو كأن عمره مل‬ ‫يتجاوز السنوات التسع بعد‪ ،‬وهو ما سيتّضح‬ ‫أكثر يف ما يلي ‪:‬‬

‫‪547‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 548‬للتنمية الثقافية‬

‫المسرح السوداني فقْد الكثير من‬ ‫مميزاته وعناصره المركزية منذ أواخر‬ ‫الثمانينيّات ولغاية مطالع األلفية‪ ..‬ففي‬ ‫تلك الفترة أُوقف النشاط المسرحي‬ ‫في المسرح القومي‪ ،‬وأُغلق المعهد‬ ‫العالي للموسيقى والمسرح ألكثر من‬ ‫أربع سنوات‪ ،‬وهاجرت نسبة كبيرة من‬ ‫المسرحيّين إلى دول الخليج وأوروبا‪،‬‬ ‫وك ّل ذلك بسبب القبضة المتش ّددة لبعض‬ ‫التيارات الدينية المتش ّددة‪..‬‬

‫بدا المسرح السوداني في العام ‪2009‬‬

‫وكأنه يعيش بداياته األولى‪ ،‬أو كأن عمره‬ ‫لم يتجاوز السنوات التسع‪..‬‬

‫ال تتوافر صاالت مسرحيّة خاصة في‬ ‫السودان‪ ،‬فكلّها مملوكة للدولة‪ ،‬وهي تتركز‬ ‫في العاصمة الخرطوم‪ ،‬وهي في مجملها‬ ‫أربع صاالت‪" :‬قصر الشباب واألطفال"‪،‬‬ ‫"قاعة الصداقة"‪" ،‬مسرح الفنون‬ ‫الشعبية"‪" ،‬المسرح القومي"‪ ،‬ومعظم‬ ‫النشاط المسرحي يُق ّدم على خشبة‬ ‫"المسرح القومي"‪ ،‬ويسع ‪ 4000‬كرس ّي ‪،‬‬ ‫لكنه يعمل بأق ّل من ‪ 400‬كرس ّي حالياً‪..‬‬

‫مسرح الدولة‬

‫ال تتوافر صاالت مسرحيّة خاصة يف‬ ‫السودان‪ ،‬فكلّها مملوكة للدولة‪ ،‬وهي ترتكز يف‬ ‫العاصمة اخلرطوم‪ ،‬ويف جمملها أربع صاالت‪:‬‬ ‫"قصر الشباب واألطفال"‪" ،‬قاعة الصداقة"‪،‬‬ ‫"مسرح الفنون الشعبية"‪ ،‬املسرح القومي"‪.‬‬ ‫ومعظم النشاط املسرحي يُق ّدم على خشبة‬ ‫"املسرح القومي"‪ ،‬ويسع ‪ 4000‬كرس ّي ـ لكنه‬ ‫يعمل بأق ّل من ‪ 400‬كرس ّي فقط حالياً ـ أما‬ ‫الصاالت األخرى فهي للسينما واحلفالت‬ ‫الغنائية واملناسبات السياسية غالباً‪ ،‬ويف أحيان‬ ‫نادرة تق ّدم بعض العروض املسرحية يف صالة‬ ‫الفنون الشعبية‪ ،‬وهي صالة مغلقة وتسع ‪300‬‬ ‫كرس ّي‪.‬‬ ‫واملسرح القومي عبارة عن وحدة إدارية‬ ‫تابعة لوزارة الثقافة‪ ،‬ويض ّم فرقة متثيلية ّمت‬ ‫تكوينها يف العام ‪ 2000‬ووحدة لف ّن العرائس‬ ‫ووحدة للمسرح التجرييب‪ ..‬وهو ّ‬ ‫خيطط وينفّذ‬ ‫اسرتاتيجية وزارة الثقافة يف الساحة املسرحية‪،‬‬ ‫غري أنها اسرتاتيجية قائمة على أن "الدولة‬ ‫ترعى العمل الثقايف وال تنتجه"!‬ ‫على هذا األساس‪ ،‬جممل ما ق ّدم املسرح‬ ‫القومي من عروض مسرحية يف العام ‪،2009‬‬ ‫ونعين خارج نطاق املهرجانات‪ ،‬بلغ ‪ 12‬عرضاً‬ ‫مسرحياً‪( ،‬كلّها من نصوص سودانية باستثناء‬ ‫نص واحد) ق ّدمت ثالثة عروض منها يف‬ ‫ّ‬ ‫الواليات؛ وهذه العروض هي خارج إطار‬ ‫املهرجانات‪ ،‬وتزيد بثالثة عروض على العام‬ ‫املاضي‪.‬‬ ‫وقد تابع املسرح القومي صيغته اإلنتاجية‬ ‫ذاتها اليت أطلقها يف العام ‪ :2007‬مثة إنتاج‬ ‫خيص "املسرح التجرييب" وهنا يقوم املسرح‬ ‫ّ‬ ‫بدفع كلفة العرض كاملة‪ :‬املكان واألزياء وأجرة‬ ‫"حم ّددة" للممثلني واملخرج والكاتب والفنّيني‪.‬‬ ‫وما يلفت يف هذه احلال أن املسرح القومي‬

‫حي ّدد سقفاً زمنياً ما بني ‪ 10‬إىل ‪ 15‬يوماً النتهاء‬ ‫العرض‪ ،‬وال تتجاوز موازنته هلذه النوعية من‬ ‫العروض ‪ 10‬آالف جنيه سوداني ( حنو ‪4‬‬ ‫آالف دوالر)‪ ،‬والعروض قصرية‪ ،‬بفصل واحد‪،‬‬ ‫وذات طبيعة "أكادميية"‪ ،‬وتق ّدم جماناً جلمهور‬ ‫"مسرح الفنون الشعبية"‪.‬‬ ‫وهناك أيضاً إنتاج "املسرحية الكبرية"‪،‬‬ ‫هذا اصطالح إدارة املسرح القومي‪ ،‬رمبا‬ ‫ألنها تتك ّون من فصلني‪ ،‬ويطلق عليها بعضهم‬ ‫"املسرحية التجارية" وهنا يتولىّ املسرح‪:‬‬ ‫مكان العرض والتذاكر واإلعالن يف اإلذاعة‬ ‫والتلفزيون والضرائب فقط‪ ،‬وتتكفّل الفرقة‬ ‫ببقية املستلزمات مثل أجرة املمثلني واملخرج‬ ‫واملؤلف واألزياء‪ ،‬ويأخذ املسرح نسبة ‪% 30‬‬ ‫من دخل العرض وتوقف املسرحية بعد العرض‬ ‫العاشر إن مل تغط نفقاتها‪.‬‬ ‫ويالحظ أن نسبة اإلنتاج يف احلالتني‬ ‫خالل العام ‪ 2009‬كانت متساوية ‪ 6‬مسرحيات‬ ‫جتريبيبة و‪ 6‬مسرحيات كبرية (علماً أن هناك‬ ‫عرضني للعرائس أنتهجهما املسرح القومي يف‬ ‫العام ذاته)‪ ،‬كما يُالحظ اآلتي‪:‬‬ ‫• ال يتبع املسرح القومي منهجاً واضحاً‬ ‫يف استقباله طلبات املخرجني للعرض يف إطار‬ ‫"املسرح التجرييب"‪.‬‬ ‫• نتيج ًة لضعف املوازنة يف "املسرح‬ ‫التجرييب"‪ ،‬جلأت الفرق إىل تقليص عدد‬ ‫املشاركني فيها‪.‬‬ ‫• غاب اجلمهور عن املسرحيات التجريبية‪،‬‬ ‫مع أنها جمانية‪ ،‬وأوقفت يف معظمها بعد العرض‬ ‫العاشر وهي مل حترز أصداء نقدية الفتة‪.‬‬ ‫• املسرحيات الكبرية مصريها مل يكن‬ ‫أحسن حاالً؛ إذ مل تستطع تغطية نفقاتها لبؤس‬ ‫احلضور اجلماهريي‪ ،‬وتوقفت بعد العرض‬ ‫العاشر أيضاً‪ ،‬ونستثين منها مسرحية نسوان‬ ‫بره الشبكة (وتعين نساء خارج نطاق التغطية)‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫ـ وهي من تأليف عادل إبراهيم وإخراج عماد‬

‫الدين إبراهيم‪ ،‬وقد استمرت منذ ‪ 3‬حزيران ‪/‬‬ ‫يونيو إىل ‪ 15‬آب‪/‬أغسطس‪ ،‬وتوقفت بسبب حلول‬ ‫موسم اخلريف‪ ،‬حيث ال تسمح األمطار بالعرض‬ ‫يف الصالة املكشوفة لـ "املسرح القومي"!‬ ‫• ك ّل العروض مل يُعلن عنها بصفة جيّدة‪،‬‬ ‫ولتخفيض التكلفة يتحايل املسرح القومي يف‬ ‫اإلعالن فيطلقه يف اليوم السابق للعرض‪ ،‬وهو‬ ‫عقد اتفاقية أخرياً مع قناة تلفزيونية يقوم‬ ‫مبوجبها باستضافة تسجيالتها الغنائية على‬ ‫ببث إعالنات‬ ‫املسرح وتقوم القناة مقابل ذلك ّ‬ ‫مسرحياته‪.‬‬ ‫الفرقة القومية للتمثيل‬

‫المسرح المستقل‬

‫ال ميكن احلديث عن حركة مسرحية‬ ‫مستقلة يف السودان خالل العام ‪ ،2009‬لكن‬ ‫هناك بعض الفرق واجملموعات املسرحية‬ ‫اليت تك ّونت‪ ،‬منذ فرتة‪ ،‬خارج نطاق املسرح‬

‫المسرح القومي عبارة عن وحدة‬ ‫إدارية تابعة لوزارة الثقافة‪ ،‬ويض ّم فرقة‬ ‫تمثيلية ت ّم تكوينها في العام ‪ 2000‬ووحدة‬ ‫لف ّن العرائس ووحدة للمسرح التجريبي‪..‬‬ ‫وهو ّ‬ ‫يخطط وينفّذ استراتيجية وزارة‬ ‫الثقافة في الساحة المسرحية‪ ،‬غير أنها‬ ‫استراتيجية قائمة على أن "الدولة ترعى‬ ‫العمل الثقافي وال تنتجه"!‪..‬‬

‫مجمل ما ق ّدم المسرح القومي من‬ ‫عروض درامية في العام ‪ ،2009‬أي‬ ‫خارج نطاق المهرجانات‪ ،‬بلغ ‪ 12‬عرضاً‬ ‫مسرحياً ق ّدمت ثالثة عروض منها في‬ ‫الواليات؛ وهذه العروض هي خارج إطار‬ ‫المهرجانات وتزيد بثالثة عروض على‬ ‫العام الماضي‪..‬‬

‫مؤسسات أخرى‬ ‫ّ‬

‫اإلبداع‬

‫أسس املسرح القومي‬ ‫يف العام ‪ّ 2000‬‬ ‫"الفرقة القومية للتمثيل" جملموعة من‬ ‫خ ّرجيي كلية الدراما وتك ّونت يف بدايتها من‬ ‫‪ 28‬ممث ً‬ ‫ال ثم باتت تض ّم يف العام ‪ 2004‬حنو‪40‬‬ ‫ممث ًال وممثلة‪ ،‬ويلفت يف سريتها أن نشاطها‬ ‫ارتبط غالباً باملشاركات اخلارجية‪ ،‬وخباصة‬ ‫"مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي"‪ ،‬ويف‬ ‫مشهد العام ‪ 2009‬مل تقّدم الفرقة الرمسية‬ ‫حملياً سوى مسرحية واحدة هي شبهينا‬ ‫واتالقينا تأليف عادل إبراهيم محمد خير‬ ‫واخراج عمر الخضر و ُقدمت يف الفرتة من‬ ‫‪ 12‬إىل ‪/ 27‬شباط فرباير‪ ،‬وشاركت يف شهر‬ ‫أكتوبر بمهرجان القاهرة الدولي للمسرح‬ ‫التجريبي‪.‬‬

‫الرمسي‪ ،‬ويف غالبيتها من اهلواة‪ ،‬وتفتقر‬ ‫إىل الدعم واإلمكانات وتنتظر املهرجانات‬ ‫"الرمسية" لتق ّدم عروضها‪ .‬وميكن القول‬ ‫إنها "مستقلة" ألنها ال جتد دعماً من الدولة‬ ‫وليس ألنها (ترفض) االستعانة بإمكانيات‬ ‫املؤسسة الرمسية‪ .‬بعض هذه الفرق‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫وسعيا وراء التمويل‪ ،‬أخذ يشارك يف برامج‬ ‫املنظمات الغربية اليت تعمل يف الخرطوم يف‬ ‫جماالت التنمية والصحة والطفولة وسواها‪،‬‬ ‫كي حيصل على دعم شحيح لتسيري أنشطته‬ ‫احملدودة طبعاً‪ ،‬وهو دعم تتح ّول معه الفرقة‬ ‫املسرحية إىل وسيلة دعائية للمنظمة‪ ،‬تر ّوج‬ ‫براجمها املتعلقة بالتثقفيف الص ّحي والتنمية‬ ‫االجتماعية والسلم األهلي وما إىل ذلك‪،‬‬ ‫وحتصل نظري ذلك على نسبة ضئيلة من املال‪.‬‬ ‫مع العام ‪ 2009‬تعزّزت هذه العالقة وباتت‬ ‫أكثر وضوحاً‪ ،‬خباصة وسط فرق مثل مجاعة‬ ‫الورشة املستمرة لتطوير فنون العرض اليت‬ ‫تأسست يف العام ‪ ،2001‬ومجاعة مسرح‬ ‫ّ‬ ‫تأسست يف العام ‪2000‬‬ ‫السودان الواحد اليت ّ‬ ‫وهناك فرقة املسرح التنموي ‪.2003‬‬

‫‪549‬‬

‫مؤسسات أخرى مس ّجلة يف الساحة‬ ‫مثة ّ‬ ‫املسرحية السودانية لكنها بال فاعلية مثل"اتحّ اد‬ ‫الفنون الدرامية"‪ ،‬وحتيط به إشكاليات ال حصر‬ ‫هلا‪ ،‬ومل يق ّدم أ ّي نشاط طيلة العام‪ .‬وهناك‬ ‫أيضاً "اهليئة الدولية للمسرح"‪ ،‬واليت‪ ،‬على‬ ‫الرغم من طول عهدها يف الخرطوم‪ ،‬مل تق ّدم‬ ‫شيئاً يُذكر منذ تأسيسها‪ ،‬ومل تق ّدم خالل العام‬ ‫‪ 2009‬أ ّي نشاط سوى االجتماع السنوي ألمناء‬ ‫مكاتبها يف ‪ 22‬دولة والذي عقدته يف الخرطوم‬ ‫للم ّرة األوىل يف الفرتة من ‪ 15‬إىل ‪ 19‬تشرين‬ ‫األول ‪ /‬أكتوبر‪.‬‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 550‬للتنمية الثقافية‬

‫المهرجانات المسرحية‬

‫لغاية العام ‪ 2004‬كان‬ ‫المسرحية (‪ 27‬آذار‪/‬مارس إىل ‪ 4‬نيسان‪/‬‬ ‫إبريل) هو الوحيد يف الساحة املسرحية‪ ،‬وعلى‬ ‫وقع برامج "اخلرطوم عاصمة للثقافة العربية‬ ‫‪ "2005‬أحدثت وزارة الثقافة فعاليات ثقافية‬ ‫ع ّدة‪ ،‬من بينها "مهرجان أيام الخرطوم‬ ‫المسرحية" وقد أُعلن عنه‪ ،‬للم ّرة األوىل‪،‬‬ ‫على أساس أنه مهرجان حملّي سنوي‪ ،‬للعروض‬ ‫الطويلة اخلاصة باحملرتفني‪ ،‬إال أن ضعف‬ ‫املوازنة أ ّدى إىل تأجيل دورته الثانية‪ ،‬لتقام يف‬ ‫العام ‪ 2007‬بدالً من العام ‪ ،2006‬ويف الفرتة من‬ ‫‪ 20‬إىل ‪ 31‬كانون األول‪ /‬ديسمرب ‪ 2009‬أقيمت‬ ‫دورته الثالثة‪ ،‬ومل تشرتك فيه سوى بعض فرق‬ ‫اهلواة‪ ،‬وكلّها من العاصمة (غابت الواليات)‬ ‫وق ّدمت يف مسابقته الرمسية ‪ 10‬مسرحيات‬ ‫"سودانية" قصرية‪ ،‬فيما ُقدمت مسرحية المك‬ ‫نمر يف حفلته اخلتامية‪.‬‬ ‫وحوى برناجمه املوازي ندوة فكرية مبحاور‬ ‫متع ّددة (مثل‪ :‬تاريخ املسرح القومي‪ ،‬التنظري‬ ‫للمسرح السوداني‪ ،‬قراءات نقدية للعروض‬ ‫املق ّدمة يف املناسبة)‪.‬‬ ‫أما "مهرجان أيام البقعة املسرحية" الذي‬ ‫أطلقه املسرحي علي مهدي نوري يف العام ‪2000‬‬ ‫مؤسسته اخلاصة "املسرح الوطين‪ -‬مسرح‬ ‫من ّ‬ ‫البقعة" فقد ظ ّل مستمراً وبلغ دورته التاسعة يف‬ ‫العام ‪.2009‬‬ ‫وميكن القول إن هذا املهرجان استفاد من‬ ‫ضعف أو غياب الفعاليات املسرحية الرمسية‪،‬‬ ‫فصار املمثّل الوحيد على خشبة املسرح‬ ‫السوداني طيلة العقد املاضي‪ ،‬وهذه الوضعية‬ ‫م ّكنته من احلصول على أشكال خمتلفة من‬ ‫مؤسسات الدولة‬ ‫الدعم‪ ،‬خصوصاً من بعض ّ‬ ‫مؤسسات‬ ‫ذات الصلة بالثقافة‪ ،‬عالوة على ّ‬ ‫مسرحية دولية مثل الهيئة الدولية للمسرح‪.‬‬ ‫مهرجان أيام البقعة‬

‫بعض الفرق المسرحية التي تك ّونت‬ ‫خارج نطاق المسرح الرسمي والتي‬ ‫هي في غالبيتها من الهواة‪ ،‬وسعياً‬ ‫وراء التمويل‪ ،‬أخذت تشارك في برامج‬ ‫المنظمات الغربية التي تعمل في‬ ‫الخرطوم في مجاالت التنمية والصحة‬ ‫والطفولة وسواها‪ ،‬كي تحصل على دعم‬ ‫شحيح لتسيير أنشطتها المحدودة‪ ،‬وهو‬ ‫دعم تتح ّول معه الفرقة المسرحية إلى‬ ‫وسيلة دعائية للمنظمة‪..‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬يبدو املهرجان شحيحاً يف موازنته‬ ‫املخصصة لعروض املسابقة‪ ،‬فهي ال تتع ّدى ألفي‬ ‫ّ‬ ‫جنيه (حنو ‪ 900‬دوالر) للعرض‪ ،‬وال تشمل‬ ‫الديكور إذ إن ورشة املهرجان تتولىّ إعداده‪.‬‬ ‫ما يالحظ على دورة ‪ 2009‬أنها شهدت‪:‬‬ ‫• تقديم ‪ 14‬مسرحية قصرية يف املسابقة‬ ‫الرمسية "بزيادة أربع مسرحيات عن السنة‬ ‫املاضية كلّها ملؤلفني سودانيّني ما عدا اثنني‪.‬‬ ‫• مشاركة بعض الفرق من الواليات‪،‬‬ ‫وحضور فرقتني من تونس وأثيوبيا‪.‬‬ ‫توجه املهرجان‬ ‫• للمرة األوىل‪ ،‬منذ بدايته‪ّ ،‬‬ ‫إىل النشر وأصدر كتابني‪ ،‬األول بعنوان "املسرح‬ ‫وثقافة السالم" ض ّم أوراق الندوة الفكرية‬ ‫املصاحبة‪ ،‬والثاني بعنوان "نصوص مسرحية‬ ‫سودانية" وهي نصوص ملسرحيات ُعرضت يف‬ ‫فرتة السبعينيات‪.‬‬ ‫• حوى الربنامج أيضاً ورشة عمل بعنوان‬ ‫فنون األداء الجسدي مبشاركة جمموعة من‬ ‫أعضاء فرقة "مسرح البقعة"‪.‬‬ ‫• استفاد املهرجان من خربات الدورات‬ ‫املاضية وبدا أكثر استقراراً‪ ،‬مقارنة باملهرجان‬ ‫الرمسي‪ ،‬خصوصاً يف موازنته!‬ ‫المشاركات الدولية‬

‫املسرح السوداني يف‬ ‫حديث نسبياً‪ ،‬وهو‬ ‫يتجاوز الفضاء العربي‬ ‫‪ 2009‬حافظ السودان‬

‫تاريخ مشاركات‬ ‫املهرجانات الدولية‬ ‫حمدود أيضاً‪ ،‬إذ ال‬ ‫غالباً‪ .‬وخالل العام‬ ‫على حضوره يف مهرجان القاهرة للمسرح‬ ‫التجريبي (‪ 10‬إىل ‪ 20‬أكتوبر)‪ ،‬عرب فرقتني‬ ‫"رمسية" و"مستقلة"‪ :‬الفرقة القومية للتمثيل‬ ‫وشاركت يف مسرحية خيوط األفق من تأليف‬ ‫دفع الله جامد وإخراج حاتم محمد علي‪،‬‬ ‫وشاركت فرقة "مزار" مبسرحية القط األبيض‬ ‫المتغطرس تأليف أحمد عبد العال وإخراج‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫أحمد رضا دهيب‪.‬‬

‫ومثة مشاركة ملسرحية أهل الكهف تأليف‬ ‫وإخراج وليد اإللفي‪ ،‬يف مهرجان ثقايف رعته‬ ‫وزارة الثقافة السودانية يف هولندا بعنوان‬ ‫السودان اآلخر يف شهر تشرين الثاني‪ /‬نوفمرب‪.‬‬ ‫أما فرقة "املسرح الوطين‪ -‬مسرح البقعة"‬ ‫فقد شاركت يف مهرجان المجد بـ إيران‪،‬‬ ‫خالل شهر شباط‪/‬فرباير مبسرحية فرجة بين‬ ‫سنار وعيزاب من تأليف عثمان جمال الدين‪،‬‬ ‫إخراج علي مهدي‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬أه ّم ما حصل يف مشهد املشاركات‬ ‫اخلارجية هو حصول مجاعة الورشة الجوالة‬ ‫على جائزتي التمثيل والتأليف من مهرجان‬ ‫الدار البيضاء الدولي للمسرح الجامعي وقد‬ ‫شاركت فيه بالتعاون مع جامعة النيلني‪.‬‬ ‫النقد المسرحي‬

‫بني املسرح واملوسيقى والرقص!‬ ‫خالصات‬

‫أخرياً‪ ،‬نستطيع القول إن املسرح السوداني‬ ‫يف ‪ 2009‬عانى مجلة من اإلشكاليات‪ ،‬أهمها‪:‬‬ ‫افتقاره للبنية التحتية (خشبات املسارح‬ ‫اجملهزة بك ّل لوزامها التقنية‪ ،‬صاالت الربوفات‬ ‫وورش العمل‪ ،‬منابر الندوات وامللتقيات‪.)..‬‬ ‫• مثة نقص دائم يف طرائق اإلعالن عن‬ ‫العروض املسرحية‪.‬‬ ‫• عدم تتابع العروض‪ ،‬أو تقدميها يف أوقات‬ ‫متفرقة‪ ،‬فض ًال عن ضعف اإلعالنات أ ّديا إىل‬ ‫غياب اجلمهور‪.‬‬ ‫توجه الفت إلنتاج العروض من‬ ‫• مثة ّ‬ ‫نصوص مسرحية حملية‪.‬‬ ‫• تن ّوع العروض املسرحية يف أشكاهلا‬ ‫وطموحاتها الفنية‪ ،‬خباصة يف نطاق "املسرح‬ ‫التجرييب"‪ ،‬لكن غالبيتها جاءت ذات أسلوب‬ ‫واقعي‪ ،‬وناقشت قضايا اجتماعية وسياسية‬ ‫خيص احلرب وعالقات األسرة‬ ‫متن ّوعة منها ما ّ‬ ‫والزواج واهلجرة ‪ ..‬إخل‪.‬‬ ‫• أغلب العروض ملخرجني وممثلني هواة‪،‬‬ ‫بعضهم خيوض جتربته املسرحية األوىل أو‬ ‫الثانية‪.‬‬ ‫• غياب تام للمخرجات واملؤلّفات يف حراك‬ ‫املسرح خالل ‪. 2009‬‬ ‫• اضطرار الفرق املستقلة‪ ،‬يف سبيل‬ ‫احلصول على متويل‪ ،‬للتح ّول إىل وسائل دعائية‬ ‫خلدمة برامج بعض املنظمات الوطنية والغربية‬ ‫العاملة يف جماالت الغوث اإلنساني والتنمية‬ ‫والطفولة‪.‬‬ ‫• تر ّكز النشاط املسرحي يف العاصمة‪،‬‬ ‫وضعف االهتمام بفرق الواليات (‪ 26‬والية يف‬ ‫السودان)‪.‬‬

‫اإلبداع‬

‫إضافة للقراءات النقدية اليت نُظمت يف‬ ‫إطار مهرجان ّي البقعة والخرطوم‪ ،‬أقام منتدى‬ ‫تجارب التابع للمسرح القومي أربع ندوات‬ ‫نقدية‪ ،‬يف أوقات متفرقة حول قضايا مسرحية‬ ‫خمتلفة‪.‬‬ ‫إمجاالً‪ ،‬ميكن القول يف هذا اجملال إن‬ ‫غياب اجملالت والدوريات أ ّدى دائماً إىل‬ ‫غياب اإلسهامات النقدية العلمية‪ .‬وبنظرة‬ ‫إىل احلراك النقدي خالل العام ‪ 2009‬جند‬ ‫أنه مل يتتبّع ما ُق ّدم من عروض إال يف ما ندر؛‬ ‫وميكن القول إن ‪ % 99‬من العروض املسرحية‬ ‫اليت ُق ّدمت‪ ،‬سواء يف املهرجانني أم سواهما‪،‬‬ ‫مل تُقرأ نقدياً‪ ،‬وكل ما ُكتب عنها يف الصحف‬ ‫يدخل يف باب املواد اخلربية والتقريرية‪،‬‬ ‫باستثناء مسرحية "نسوان بره الشبكة"‪،‬‬ ‫اليت حظيت بقدر من املقاالت النقدية‪ ،‬وهي‬ ‫مسرحية اجتماعية تقارب أثر اهلجرة على‬ ‫استقرار األسرة‪ ،‬يف قالب استعراضي‪ ،‬يزاوج‬

‫‪551‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 552‬للتنمية الثقافية‬

‫سوريا‪ :‬نجاح الدراما وتراجع المسرح‬ ‫عيون الصحافة تتّ جه نحو الدراما‬

‫تراجع المسرح السوري أمام الدراما‬ ‫التلفزيونية السورية التي نجحت بالفعل‬ ‫عمل ممتازة‬ ‫وصارت صناعة تخلق فرص ٍ‬ ‫وتد ّر أرباحاً طائلة على منتجيها والكوادر‬ ‫البشرية العاملة فيها وجلّهم من خ ّريجي‬ ‫"المعهد العالي للفنون المسرحية"‪..‬‬

‫بعدما ظلّت موضوعة أزمة املسرح السوري‬ ‫لسنوات طويلة تتص ّدر األحباث األكادميية‬ ‫واملقاالت الصحافية والدراسات النقدية‪،‬‬ ‫تراجعت يف العام ‪ 2009‬ح ّدة املراجعة لوضع‬ ‫املسرح السوري‪ ،‬وصارت قليلة الكتابات حول هذا‬ ‫املوضوع‪ .‬ال يعين ذلك أن األزمة قد تالشت‪ ،‬أو‬ ‫أن ح ًال سحرياً أصاب املسرح السوري فاستعاد‬ ‫ألقه الذي عرفه يف السبعينيات‪ ،‬ك ّل ما هنالك‬ ‫أن هذه املسألة مل تعد تشغل بال الصحافة اليت‬ ‫اجتهت بكثافة للكتابة عن الدراما التلفزيونية‬ ‫وموضوعاتها وشكل إخراجها وأدائها‪ ،‬وأخبار‬ ‫فوجهوا‬ ‫إنتاجها وجنومها‪ .‬أما الباحثون والنقاد ّ‬ ‫أحباثهم يف اجتاه دراسة عالقة املسرح بالدارما‬ ‫التلفزيونية واملقارنة بينهما‪ .‬من جانب آخر يبدو‬ ‫األمر وكأن النجاح الساحق لألعمال الدرامية‬ ‫السورية بات يليب الرضا الذاتي للسوريني‬ ‫فنسوا أن مسرحهم كان لسنوات طويلة يف طليعة‬ ‫مسارح البلدان العربية أوغضوا النظر عن ذلك‬ ‫بعدما صار تراجعه أمراً واقعاً‪.‬‬ ‫واحلقيقة أن الدراما التلفزيونية السورية قد‬ ‫جنحت بالفعل وصارت صناعة متكاملة ختلق‬ ‫فرص عمل ممتازة وتد ّر أرباحاً طائلة على‬ ‫منتجيها‪ ،‬يف حني ظ ّل املسرح يعاني من مراوحة‬ ‫املؤسسة الرمسية يف‬ ‫يف املكان أمام تراجع دور ّ‬ ‫دعم العروض وتضاؤل فرص اإلنتاج اخلاص‪،‬‬ ‫وش ّح األجور املقدمة للعاملني يف املسرح‪ ،‬وندرة‬ ‫أمكنة التدريب والعرض‪ ،‬وتراجع الطلب على‬ ‫النصوص اجلديدة احمللية‪ ،‬وغياب حركة نشر‬ ‫املسرح وعزوف املرتمجني عن ترمجة النصوص‬ ‫العاملية اجلديدة حتى صارت العروض املسرحية‬ ‫تك ّرر النصوص املك ّرسة القدمية لكتّاب عامليني‬ ‫أو النصوص العربية املعروفة‪ ،‬أو تستند إىل‬

‫نصوص ضعيفة تكتب للمناسبات‪.‬‬ ‫ال ب ّد من اإلشارة هنا إىل أن ك ّل هذه العوامل‬ ‫اليت أ ّدت إىل جناح الدراما وتراجع املسرح هي‬ ‫يف معظمها عوامل مادية‪ ،‬يف حني أن الكوادر‬ ‫البشرية اليت ميكن هلا أن تدفع باملسرح إىل‬ ‫األمام متو ّفرة‪ ،‬ال بل أنها هي اليت تقف وراء‬ ‫جناح الدراما التلفزيونية‪ .‬فكتّاب السيناريو‬ ‫واملخرجون واملمثلون والتقنيّون ومص ّممو‬ ‫الديكور واألزياء هم يف غالبيتهم من خرجيي‬ ‫المعهد العالي للفنون المسرحية الذي متيّز‬ ‫بني بقية املعاهد يف العامل العربي مبتانة‬ ‫مناهجه وجودة املدرسني فيه‪ ،‬ولو أتيحت هلؤالء‬ ‫الظروف املادية اليت تُسخَّر للدراما التلفزيونية‬ ‫لكان املسرح يف أحسن حال‪ ،‬وهذا ما جيعلنا‬ ‫نفرتض أن أحد األسباب األساسية لرتاجع‬ ‫املسرح السوري هو جناح الدراما التلفزيونية‬ ‫وهجرة املسرحيني إىل الشاشة الصغرية اليت‬ ‫عرفت أجور العمل فيها قفزة ال مثيل هلا من‬ ‫ضمن مستويات الدخل الوطين يف القطاع العام‬ ‫واخلاص أيضاً‪.‬‬ ‫مع ذلك ال ميكن أن نقول إن املشهد قامت‬ ‫للغاية‪ ،‬فقد شهد العام ‪ 2009‬عروضاً متميزة‬ ‫ملخرجني واعدين‪ ،‬كما شهد بوادر تأسيس‬ ‫فضاءات وفرق مسرحية لكنها ال تزال تش ّكل‬ ‫ظواهر منعزلة مل تتضافر بعض لتش ّكل بنية‬ ‫جديدة وإجيابية‪ ،‬كما أنها قليلة حبيث ال تكفي‬ ‫للجزم بأن املسرح السوري ما زال خبري أو أنه‬ ‫يتعافى‪.‬‬ ‫تحوالت المشهد الثقافي السوري‬ ‫ّ‬

‫عرف املشهد الثقايف يف سوريا حت ّوالت مه ّمة‬ ‫يف السنوات األخرية مع بوادر التغيري اليت‬ ‫بدأت تتجلّى يف خمتلف نواحي احلياة السياسية‬ ‫واالقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ .‬وميكن‬ ‫أن نعترب العام ‪ 2009‬السنة اليت بدأت تتجلى‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫أن تتضح الصورة بعد‪ ،‬لكن من املمكن تل ّمس‬ ‫أبعادها واستشراف أفقها وحتديد نقطة‬ ‫انطالقها يف بضعة أحداث ووقائع سنعرض‬ ‫إليها هنا‪:‬‬ ‫منطق جديد في العمل الثقافي‬

‫كانت‬

‫احتفالية دمشق عاصمة الثقافة‬

‫العربية يف العام ‪ 2008‬املنعطف الذي أبرز‬ ‫على السطح الرغبة السياسية يف إرساء‬ ‫قواعد جديدة للعمل الثقايف‪ .‬فتشكيل أمانة‬ ‫عامة مستقلة لتدير االحتفالية بدالً من وزارة‬ ‫الثقافة كان حب ّد ذاته مفاجأة‪ .‬وقيام هذه‬ ‫األمانة بإطالق فكرة التنمية كأساس جديد‬ ‫للعمل الثقايف من خالل حماور االحتفالية قد‬ ‫أثبت إمكانية العمل مبنطق جديد ميكن أن يؤتي‬ ‫مثاره‪ .‬ففي جمال املسرح‪ ،‬كانت الدعوة اليت‬ ‫وجهتها األمانة للمسرحيني املك ّرسني ليقدموا‬ ‫أعماهلم من ضمن شروط إنتاجية مرحية‬ ‫سبباً يف عودة هؤالء إىل املسرح الذي هجروه‬ ‫إىل التلفزيون‪ ،‬ويف تقديم أعمال مقبولة مل‬ ‫تشهدها اخلشبة السورية من سنوات‪ .‬كما أن‬ ‫إطالق األمانة العامة لالحتفالية ملنح إنتاجية‬ ‫يف جمال املسرح قد أفسح اجملال أمام شباب‬ ‫املؤسسة الرمسية‬ ‫جدد ال تعرتف بهم عادة ّ‬ ‫ليقدموا عروضهم يف احملافظات السورية‬ ‫كافة‪ .‬من جانب آخر دعمت االحتفالية الكتابة‬ ‫املسرحية من خالل متويل مشروع دار ممدوح‬ ‫مما أغنى‬ ‫عدوان لنشر النصوص املسرحية ّ‬ ‫املكتبة املسرحية بنصوص جيدة لكتّاب شباب‬ ‫واعدين‪ .‬كذلك كان إلطالق االحتفالية فكرة‬ ‫تقديم املسرح يف أماكن بديلة مثل املالجئ‬ ‫املهجورة واحلدائق وحمطات القطار واألسواق‬ ‫التجارية واملقاهي دوره يف إثبات أن عدم تو ّفر‬ ‫صاالت املسرح ال يش ّكل بالضرورة عائقاً أمام‬ ‫احلراك املسرحي‪ .‬من جانب آخر فإن استضافة‬

‫اإلبداع‬

‫فيها مالمح املشهد اجلديد‪ .‬فكما يف االقتصاد‬ ‫توجهت احلكومة‬ ‫واإلدارة والسياحة حيث ّ‬ ‫لتحقيق الشراكة بني القطاع العام واخلاص‬ ‫واجملتمع األهلي‪ ،‬بدأ قطاع الثقافة يشهد مثل‬ ‫املؤسسة الثقافية‬ ‫هذه الشراكة لينحسر دور ّ‬ ‫الرمسية تدرجيياً كالعب وحيد وأساسي يف‬ ‫حتريك الثقافة‪ ،‬ما أ ّدى إىل خلخلة البنية‬ ‫القائمة من بداية ستينيات القرن املاضي‪.‬‬ ‫ولكي حنصر البحث هنا يف جمال املسرح‬ ‫وفنون العرض‪ ،‬جند أن هناك قناعة حقيقية‬ ‫بأن وزارة الثقافة مل تعد قادرة وحدها على‬ ‫محل أعباء بناء املسارح وإعادة تأهيل البنى‬ ‫التحتية وجتديد التجهيزات التقنية اليت تعود يف‬ ‫معظمها لفرتة الستينيات‪ ،‬واإلسراع يف تطوير‬ ‫األطر القانونية لتتماشى مع احتياجات اإلنتاج‬ ‫والرتويج والدعم اليت بدأت تتنامى يف سوريا‪،‬‬ ‫وال تلبية الطلب املتزايد على بناء القدرات‬ ‫البشرية يف جمال التقنيات املتطورة يف الصوت‬ ‫واإلضاءة والكتابة املسرحية‪ ،‬وال متويل نشر‬ ‫وترمجة النصوص واألحباث املسرحية‪ ،‬إىل‬ ‫ما هنالك من جماالت كانت وزارة الثقافة يف‬ ‫عصرها الذهيب احلامل الوحيد هلا‪.‬‬ ‫يف الوقت ذاته بدأ الشباب من خرجيي‬ ‫المعهد العالي للفنون المسرحية يبحثون‬ ‫عن حلول مبعزل عن األطر الرمسية‪ ،‬فشكلوا‬ ‫جت ّمعاتهم وفرقهم اخلاصة‪ ،‬وحبثوا عن مصادر‬ ‫متويل لعروضهم‪ ،‬وعن أماكن بديلة تغنيهم عن‬ ‫خشبات املسارح الرمسية‪ .‬لكن معظم تلك‬ ‫احملاوالت مل تل َق بعد النجاح الكامل الذي يكفي‬ ‫الستمرارية هذه احللول فعاد الشباب ليطالبوا‬ ‫املؤسسة الرمسية مبا صارت عاجزة عنه‪ ،‬وهذا‬ ‫ّ‬ ‫ربر املرارة اليت يُستش َعر بها من الندوات‬ ‫يّ‬ ‫واملقاالت والتحقيقات اليت تنشرها الصحف‬ ‫ومواقع اإلنرتنت اليوم‪.‬‬ ‫إنها مرحلة حت ّوالت وانتقال ال ميكن معها‬

‫‪553‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 554‬للتنمية الثقافية‬

‫االحتفالية لعروض عاملية من سوية عالية جداً‬ ‫مسح للمسرحيني الشباب الذين جيدون صعوبة‬ ‫يف السفر إىل اخلارج بأن ّ‬ ‫يطلعوا على مالمح‬ ‫املسرح العاملي وتوجهاته اجلديدة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ومع أن العام ‪ 2009‬شهد مجودا نسبيا مقابل‬ ‫احليوية الفائقة اليت عرفتها املدينة يف عام‬ ‫االحتفالية‪ ،‬فإن بعض التجارب اليت ظهرت‬ ‫خالله كانت حتمل يف طياتها بعض مالمح‬ ‫أو نتائج ما أطلقته االحتفالية وش ّكل جناحاً‬ ‫ملموساً‪.‬‬

‫بشكل خاص‪.‬‬ ‫بالتالي‪ ،‬وأمام هذا الواقع كان على‬ ‫املسرحيني املستقلني االكتفاء بطلب الدعم‬ ‫من وزارة الثقافة نفسها‪ ،‬أو من جمالس املدن‬ ‫اليت بدأت تدخل كشريك يف العمل الثقايف‬ ‫كما هو احلال يف بعض املهرجانات الشعرية‬ ‫يف حمافظات طرطوس وجبلة والالذقية‪،‬‬ ‫وبعض الفعاليات املوسيقية يف حمافظة حلب‪،‬‬ ‫ونشاطات "موسيقى على الطريق" اليت مت ّوهلا‬ ‫حمافظة دمشق‪ ،‬مع الوعد بتوسيع نطاقها‬ ‫لتشمل "املسرح على الطريق"‪ ،‬أي العروض اليت‬ ‫ميكن تقدميها يف احلدائق والساحات‪.‬‬

‫أ‪ -‬تمويل العروض المسرحية‬

‫ب ‪ :‬الدورات التدريبية ضمن المعاهد‬ ‫الخاصة‬

‫القطاع الخاص واالستثمار في مجال‬ ‫الثقافة‬

‫كراع أو كمم ّول‬ ‫دخول القطاع اخلاص ٍ‬ ‫للنشاطات الثقافية أمر جديد متاماً على‬ ‫الواقع السوري الذي كان قد غيّب هذا القطاع‬ ‫يف فرتة امل ّد االشرتاكي‪ .‬ومع دعوات احلكومة‬ ‫ألن يدخل القطاع اخلاص شريكاً يف التمويل‬ ‫والرعاية‪ ،‬بدأت تظهر كلمة "سبونسر" كوصفة‬ ‫سحرية قادرة على ح ّل ك ّل األزمات‪ .‬صحيح أن‬ ‫هذا القطاع قد م ّول وأنه رعى بعض العروض‬ ‫املسرحية واملهرجانات‪ ،‬إال أن الرعاية كانت يف‬ ‫معظمها إعالنية مقدمة من شركات اإلعالن‬ ‫واإلذاعات والتلفزيونات اخلاصة اليت بدأت‬ ‫تتكاثر يف سوريا يف اآلونة األخرية‪ .‬ومل تدخل‬ ‫الشركات التجارية يف اإلنتاج املالي للعروض‬ ‫املسرحية إال بشكل ضئيل ألن هدفها التجاري‬ ‫تفضل دعم نشاطات‬ ‫والرتوجيي جيعلها ّ‬ ‫مجاهريية حيضرها آالف املتفرجني مثل‬ ‫حفالت جنوم الغناء العرب والعامليني‪ ،‬يف حني‬ ‫تعزف عن متويل عروض مسرحية مجهورها‬ ‫حمدود‪ .‬وما زال األمل معقوداً على إجياد نظام‬ ‫قانوني يعفي الشركات من نسبة من ضرائبها‬ ‫مقابل دعمها لقطاع الثقافة بشكل عام واملسرح‬

‫يعترب "المعهد العالي للفنون المسرحية"‬ ‫املؤسسة الوحيدة اليت تؤ ّهل املسرحيني بشكل‬ ‫ّ‬ ‫أكادميي‪ .‬وبسبب اإلقبال الكبري على التسجيل‬ ‫يف املعهد وصعوبة اجتياز امتحان القبول‪ ،‬أدرك‬ ‫القطاع اخلاص إمكانية االستثمار يف هذا‬ ‫املؤسسات التعليمية‬ ‫اجملال‪ ،‬فبدأت تظهر بعض ّ‬ ‫اخلاصة اليت ّ‬ ‫تنظم دورات تدريبية يف مضمار‬ ‫لتحضر‬ ‫التمثيل واإلخراج والصوت واإلضاءة ّ‬ ‫املنتسبني الجتياز امتحان القبول يف املعهد‪،‬‬ ‫ولدعم مواهب اهلواة يف جمال املسرح‪ .‬لكن‬ ‫متابعة ما جرى يف العام ‪ 2009‬يد ّل على أن هذه‬ ‫التجربة ما زالت متعثرة‪ ،‬ألن القطاع اخلاص ال‬ ‫تعنيه دورات ال يدفع منتسبوها ما يكفي لتحقيق‬ ‫فائض من الربح‪ .‬فقد توقف مشروع "حمرتف‬ ‫دمشق املسرحي" الذي كان ّ‬ ‫ينظم دورات يف‬ ‫التمثيل واإلخراج واإلضاءة والديكور تدوم ك ّل‬ ‫منها عشرة أسابيع مبعدل أربع ساعات يومياً‬ ‫(تكلفة الدورة ما يعادل ‪ 300‬دوالر شهرياً)‪ ،‬ومل‬ ‫تتجاوز التجربة فرتة أشهر ستة على الرغم من‬ ‫أن املدرسني كانوا من األمساء املعروفة‪ .‬كما مل‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫"مؤسسة بيت الف ّن الدولية" لتعليم املسرح‬ ‫تنجح ّ‬ ‫والتلفزيون والسينما عرب دورات يدوم ك ّل منها‬ ‫ستة أشهر؛ ومل يستمر سوى معهد "أورنينا"‬ ‫املتخصص بالتدريب على كتابة السيناريو‬ ‫ّ‬ ‫وعزف املوسيقى والتمثيل‪ ،‬ومعهد "تياترو"‬ ‫تأسس برتخيص من نقابة الفنانني ّ‬ ‫وينظم‬ ‫الذي ّ‬ ‫دورات يف الدراما تدوم ستة أشهر (‪ 30‬ساعة‬ ‫مبعدل ثالثة أيام يف األسبوع مقابل ما يعادل ‪80‬‬ ‫دوالراً للدورة) ودورات تدريبية لألطفال (غناء‬ ‫وصولفيج ورقص)‪ .‬وعلى الرغم من شجاعة‬ ‫مؤسسة معهد تياترو املمثلة‬ ‫مي إسكاف‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وتفاني املدرسني فيه وكلهم من خرجيي املعهد‬ ‫املتميزين‪ ،‬فقد تع ّرض "تياترو" هلزات قوية مع‬ ‫اضطرار منظميه للتنقل بني أمكنة ع ّدة والبحث‬ ‫اليائس عن متويل يضمن االستمرارية‪.‬‬ ‫الفرق والتجمعات الخاصة‬

‫اإلبداع‬

‫من جانب آخر حياول الشباب من خرجيي‬ ‫المعهد العالي للفنون المسرحية تشكيل‬ ‫فرق مسرحية خاصة أم ًال يف أن تتح ّول هذه‬ ‫مؤسسات تنال اعرتافاً رمسياً‪ .‬لكن‬ ‫الفرق إىل ّ‬ ‫معظم هذه الفرق ال تستم ّر أكثر من سنة أو ال‬ ‫تدوم أكثر من فرتة عرض‪ .‬ومن الفرق اليت‬ ‫استطاعت أن تصمد لسنوات هناك فرقة "كون"‬ ‫أسسها أسامة حالل يف العام ‪ 2002‬ولديها‬ ‫اليت ّ‬ ‫يف جعبتها ستة من العروض املسرحية ‪ ،‬وفرقة‬ ‫أسسها باسم عيسى‪.‬‬ ‫"مسرح الدائرة" اليت ّ‬ ‫كما تربز يف هذا اجملال جتربة فرقة "ليش"‬ ‫أسستها نورا مراد العام ‪ 1999‬برتخيص‬ ‫اليت ّ‬ ‫متخصصة يف املسرح‬ ‫من نقابة الفنانني كفرقة ّ‬ ‫احلركي‪ ،‬وقد نالت الفرقة يف العام ‪2000‬‬ ‫جائزة أفضل سينوغرافيا يف مهرجان القاهرة‬ ‫التجريبي‪ .‬هناك أيضاً فرقة "باب" للفنون‬ ‫أسسها رأفت الزاقوت يف العام‬ ‫املسرحية اليت ّ‬ ‫‪ . 2009‬جدير بالذكر أن هناك فرقاً خاصة من‬

‫غري األكادمييني مل تستطع أن تثبت نفسها يف‬ ‫املشهد املسرحي كما هو حال فرقة "كوز الزهور‬ ‫السلَمية اليت احتفلت يف العام‬ ‫املسرحية" من َ‬ ‫‪ 2009‬مبرور عشر سنوات على تأسيسها بتقديم‬ ‫نص كوميديا األيام السبعة للكاتب العراقي‬ ‫ّ‬ ‫عبد النبي الزيدي‪.‬‬ ‫كذلك بدأت تظهر ظاهرة تأسيس الفضاءات‬ ‫املسرحية اخلاصة اليت تعيش على الدعم الذي‬ ‫تق ّدمه وزارة الثقافة والنقابات واملنظمات‬ ‫الشعبية وبعض التمويل الذي يأتي من منظمات‬ ‫ثقافية خارجية‪ ،‬وهذا هو حال جتربة "بيت‬ ‫مؤسسه‬ ‫املسرح العربي" يف الالذقية الذي يعمل ّ‬ ‫ياسر دريباتي جاهداً للحصول على ما يضمن‬ ‫استمرار الدورات التدريبية اليت ينظمها للهواة‪،‬‬ ‫وما يكفل متابعة تقديم "مهرجان املونودراما"‬ ‫اخلاص يف الالذقية الذي صار من التجارب‬ ‫املعروفة يف املشهد الثقايف املسرحي يف سوريا‪.‬‬ ‫من بني التجمعات املسرحية اخلاصة نذكر‬ ‫أيضاً "جت ّمع أبي خليل القباني للفنون املسرحية‬ ‫واملوسيقية" يف الالذقية‪ ،‬و"نادي أصدقاء‬ ‫املسرح القومي" يف حماة ومركز "قمح" لفنون‬ ‫تأسس يف العام‬ ‫املسرح يف السويداء الذي ّ‬ ‫‪ 2009‬لسرب مواهب األطفال وتنميتها يف جمال‬ ‫املسرح‪ ،‬وهو مبادرة من املخرج جهاد الزغبي‬ ‫وزوجته ضحى الدبس‪ ،‬وبدعم من محافظة‬ ‫السويداء‪.‬‬

‫‪555‬‬

‫مسرح الطفل‬

‫"مركز قمح" ليس الوحيد الذي يهت ّم‬ ‫مبسرح الطفل‪ ،‬إذ كثرت يف السنة األخرية‬ ‫اجلهات اخلاصة اليت تُعنى بتنمية مواهب‬ ‫الصغار املسرحية مثل "مجعية أسرة مسرح‬ ‫الطفل" يف طرطوس اليت بدأت العمل يف العام‬ ‫‪ 2006‬ومجعية "فيوتشر كيدز" اليت تقيم دورات‬ ‫مسرح وباليه يف حمص بالتعاون مع احملافظة‪،‬‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 556‬للتنمية الثقافية‬

‫املؤسسات‪.‬‬ ‫وغري ذلك من ّ‬ ‫مع ذلك فإن إدراج املسرح يف مناهج التدريس‬ ‫يف املدارس ما زال مطلباً ال يت ّم التوصل إليه‬ ‫على الرغم من الّلجان العديدة اليت ش ّكلتها‬ ‫مديرية املسرح املدرسي يف وزارة الرتبية‪ ،‬علماً‬ ‫أن تدريس املسرح يف املدارس خيلق فرص عمل‬ ‫خلرجيي املعهد العالي للفنون املسرحية ويش ّكل‬ ‫ذائقة مسرحية لدى األطفال ويع ّرفهم باملسرح‪.‬‬ ‫أما مسرح العرائس فما زال يعاني من ختبّط‬ ‫تأسس يف‬ ‫وتعثّر واكب تارخيه الطويل منذ أن ّ‬ ‫الستينيات حني كان اخلرباء البلغار يشرفون‬ ‫عليه ويدربون العاملني فيه‪ .‬هذا املسرح يعاني‬ ‫من ِقدم العرائس املستعملة فيه ومن بساطة‬ ‫التقنيات وقلة املكافآت (تصرف حملرك‬ ‫العرائس نصف املكافأة اليت تصرف للمثل يف‬ ‫مسرح الطفل الذي تصرف له نصف املكافأة‬ ‫املقدمة للممثل يف عرض مسرحي للكبار)‪.‬‬ ‫وقد ق ّدم مسرح العرائس يف العام ‪ 2009‬وضمن‬ ‫فعاليات مهرجان ربيع الطفل السادس مسرحية‬ ‫البطاريق ورجل الثلج من تأليف عاصم الخيال‬ ‫وإخراج مأمون الفرخ‪ ..‬كذلك األمر بالنسبة إىل‬ ‫مسرح خيال الظ ّل الذي ال يلقى أي تشجيع على‬ ‫الرغم من شجاعة بعض العاملني فيه مثل زكي‬ ‫كورديللو الذي يعترب الشخص الوحيد املثابر‬ ‫على تقديم هذا النوع من العروض‪.‬‬ ‫املوجه لألطفال قليلة‬ ‫وتظ ّل أعمال املسرح ّ‬ ‫ومتعثرة على الرغم من وجود مسرح ربيع‬ ‫األطفال ومديرية ثقافة الطفل يف الوزارة‪ ،‬ففي‬ ‫العام ‪ 2009‬مل يُقدم لألطفال سوى عرض رحلة‬ ‫نص وإخراج ياسر األيوبي‪ ،‬وعرض‬ ‫الفراشة ّ‬ ‫نصه شادي دويعر‬ ‫غراب األوبرا الذي كتب ّ‬ ‫وأخرجه مازن العباس و ُقدم ضمن احتفالية‬ ‫القدس عاصمة الثقافة العربية ‪.2009‬‬ ‫التمويل الخارجي‪ :‬المنظمات‬

‫والجمعيات الدولية واألورو‪ -‬متوسطية‬

‫يف السنوات العشر األخرية‪ ،‬برز‬ ‫األوروبي كجهة داعمة يف جمال الثقافة‪ ،‬إذ يعلن‬ ‫ملرتني يف السنة عن دعم مالي ملشروعات ثقافية‬ ‫يف جماالت عديدة‪ ،‬أو أنه يدعم مجعيات أهلية‬ ‫أوروبية لتنظيم نشاطات أوروبية سورية مشرتكة‪.‬‬ ‫لكن هذا الدعم يصطدم باحلذر التقليدي‬ ‫املوجود لدى السوريني من مشروعات التمويل‬ ‫اخلارجية‪ ،‬وبتعقيد امللفات اإلدارية األوروبية‬ ‫اليت يتوجب تقدميها للحصول على التمويل‪،‬‬ ‫واليت تفرتض شروطاً ال تتحقق دائماً لدى‬ ‫املسرحيني الشباب (كأن يكون املتق ّدم مجعية‬ ‫مما جيعل الدعم يذهب‬ ‫مسجلة بشكل قانوني)‪ّ ،‬‬ ‫يف كثري من األحيان إىل املراكز الثقافية األوروبية‬ ‫يف سوريا‪ .‬والواقع أن املراكز الثقافية األوروبية‬ ‫كانت دائماً جهات ناشطة تق ّدم دعماً ال يستهان‬ ‫به يف جمال املسرح للشباب السوريني‪ .‬يتجلّى هذا‬ ‫الدعم يف مشروعات الرتمجة والكتابة والقراءات‬ ‫املسرحية‪ ،‬ومشروعات اإلنتاج املشرتك ألعمال‬ ‫مسرحية تض ّم سوريني وأوروبيني‪ ،‬وورشات العمل‬ ‫واإلقامات اإلبداعية والدعوات حلضور املهرجانات‬ ‫وصوالً إىل منح قصرية األمد يف جمال التدريب‬ ‫والتأهيل على فنون املسرح وتقنياته‪ .‬كذلك فإن‬ ‫هذه املراكز الثقافية غالباً ما كانت تغطي حاجة‬ ‫الشباب املسرحيني إىل أماكن للتدريب ال تتوافر‬ ‫يف وزارة الثقافة‪ ،‬وأماكن للعرض‪ ،‬باإلضافة إىل‬ ‫متويل بسيط يسمح بالقيام بأعمال مسرحية‬ ‫معقولة‪.‬‬ ‫من املسرحيات املتميّزة اليت نالت دعماً‬ ‫أوروبياً يف العام ‪ 2009‬عرض المرود والمكحلة‬ ‫الذي م ّولت إنتاجه منظمة سيدا السويدية‪،‬‬ ‫وأخرجه عمر أبو سعدة و ُق ّدم يف مسرح الدراما‬ ‫يف دار األوبرا‪ ،‬وعرض الشريط األخير لـ‬ ‫أسامة غنم وأداء محمد آل رشي‪ ،‬وهو أيضاً‬ ‫مؤسسة سيدا السويدية‪ .‬هناك أيضاً‬ ‫من متويل ّ‬ ‫االتحاد‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫في السنوات العشر األخيرة دخل‬ ‫االتّحاد األوروبي كجهة داعمة للمسرح‬ ‫في سوريا‪ ..‬ومن المسرحيات المتميّزة‬ ‫التي نالت دعماً أوروبيّاً في العام ‪2009‬‬ ‫عرض "المورد والمكحلة" لعمر أبو سعدة‪،‬‬ ‫وعرض "الشريط األخير" ألسامة غانم‪،‬‬ ‫أما الجهة الداعمة للعملين فهي منظمة‬ ‫"سيدا" السويدية‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫اإلبداع‬

‫ورشات الكتابة املسرحية اليت أدارها‬ ‫البريطاني يف دمشق بالتعاون مع مسرح رويال‬ ‫كورت‪ ،‬وورشات التدريب على اإلضاءة املسرحية‬ ‫اليت ّ‬ ‫نظمها المجلس البريطاني بالتعاون مع‬ ‫األكاديمية الملكية للفنون يف لندن‪ ،‬وورشات‬ ‫الرقص اليت ّ‬ ‫نظمها معهد غوته وأدارتها‬ ‫هنرييتا هورن يف المعهد العالي للفنون‬ ‫المسرحية‪ ،‬وعدد من العروض الراقصة‬ ‫واملسرحية اليت ق ّدمها فنانون أوروبيون يف‬ ‫سوريا بالتعاون مع كوادر مسرحية سورية‪.‬‬ ‫لكن املشروع األهم يف العام ‪ 2009‬يظ ّل‬ ‫مشروع "املسرح التفاعلي" الذي أطلقت فكرته‬ ‫وأدارته الدكتورة ماري إلياس بتمويل سويسري‬ ‫وبالتعاون مع وزارة الرتبية عن طريق مشروع‬ ‫روافد يف األمانة السورية للتنمية‪ .‬يقوم املشروع‬ ‫على تدريب املد ّربني على التعامل مع األطفال‬ ‫ومع الفالحني يف املناطق النائية لتقديم عروض‬ ‫تفاعلية يقوم املدربون بتوجيهها حبيث تكون‬ ‫مشاركة هذه الفئات ف ّعالة حت ّدد مسار العرض‪.‬‬ ‫وقد تد ّرب يف هذا املشروع عدد من خرجيي‬ ‫"المعهد العالي للفنون المسرحية"‪ ،‬وينتظر‬ ‫أن يستمروا بالعمل يف هذا اجملال مما سيرتك‬ ‫أثراً واضحاً يف احلركة املسرحية يف سوريا‬ ‫مستقب ًال‪.‬‬ ‫ال ب ّد أيضاً من ذكر مشروعات التمويل‬ ‫والدعم اليت تق ّدمها مجعيات عربية غري رحبية‬ ‫تنال متويلها من اخلارج مقابل تنظيم نشاطات‬ ‫ثقافية يف البلدان العربية‪ .‬فقد ق ّدمت جمعية‬ ‫المورد الثقافي عدداً من املنح اإلنتاجية يف‬ ‫جمال املسرح حصل عليها عدد من الفنانني‬ ‫الشباب من بينهم بعض السوريني (مسرحية‬ ‫أوضة سورية إخراج عال الخطيب)‪ ،‬كما أنها‬ ‫ّ‬ ‫نظمت دورات تدريبية إقليمية على الكتابة‬ ‫املسرحية وعلى اإلدارة الثقافية شارك فيها‬ ‫سوريون بنجاح‪.‬‬ ‫المجلس‬

‫هذه املشروعات اليت تنال دعماً أوروبياً‬ ‫مسحت لبعض األمساء السورية أن تنطلق‬ ‫وخترج إىل النطاق العاملي ضمن مهرجانات‬ ‫أهلية ّ‬ ‫ينظمها شباب‪ ،‬وهذه حالة حال عمران‬ ‫اليت تعمل بشكل دائم يف فرنسا‪ ،‬ومثقال‬ ‫الصغير الذي عمل يف العام ‪ 2008‬مع مص ّممة‬ ‫الرقص السويدية ميري برولين يف العرض‬ ‫الراقص الموجة السابعة‪ ،‬ثم شارك يف‬ ‫مهرجان الرقص المعاصر يف بيروت العام‬ ‫‪ 2009‬بالعمل الراقص عالقات حرجة مع صخر‬ ‫المنعم‪ ،‬وعرفان المصري‪ ،‬ثم ق ّدم يف سوريا‬ ‫مع إياس المقداد العام ‪ 2009‬عرضاً راقصاً هو‬ ‫ثاالموس الذي ص ّمم موسيقاه هنريك مانش‪.‬‬ ‫من األمثلة أيضاً عن فنون العرض اليت‬ ‫ق ّدمت بالتعاون بني فنانني سوريني وأجانب‬ ‫العرض الراقص دمشق ‪ 2‬الذي ق ّدمته يف‬ ‫العام ‪ 2009‬مص ّممة الرقص الدمناركية نونة‬ ‫سفالهولم‪ ،‬وعرض بيبرس املأخوذ عن السرية‬ ‫الشعبية للظاهر بيبرس والذي أخرجه ميشيل‬ ‫بوزونيه وق ّدمه يف العام ‪ 2009‬يف فرنسا مع‬ ‫ممثلني فرنسيني وسوريني نذكر منهم حال‬ ‫عمران ومحمد آل رشي‪.‬‬ ‫لكن مشكلة بعض هذه العروض أنها‬ ‫تُصمم ضمن منطق األوروبيني العاملني فيها‪،‬‬ ‫وميكن أن تصطدم حبساسية وذائقة اجلمهور‬ ‫السوري‪ ،‬وهو مجهور صعب ال ميكن استمالته‬ ‫بسهولة‪ .‬فقد أثار عرض دمشق الذي كتبه‬ ‫ديفيد كريغ وأنتجه المجلس البريطاني يف‬ ‫العام ‪ 2009‬عاصفة من النقد ألن الصورة اليت‬ ‫ق ّدمها عن دمشق مل تعجب السوريني؛ كما أن‬ ‫عرض طقوس اإلشارات والتحوالت لـ سعد‬ ‫الله ونّوس الذي م ّوله المركز الثقافي الفرنسي‬ ‫بالتعاون مع مديرية المسارح يف إخراج فرنسي‬ ‫ّمت إيقافه يف اليوم التالي لعرضه يف حلب بسبب‬ ‫عدم توافقه مع احلساسية السورية‪.‬‬

‫‪557‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 558‬للتنمية الثقافية‬

‫الكتابة المسرحية بين صعوبات‬ ‫النشر والتقديم على الخشبة‬

‫كانت الكتابة املسرحية يف سوريا دائماً‬ ‫خبري‪ .‬فمن سوريا خرج سعدالله ونوس الذي‬ ‫ّمت االعرتاف به عربياً وعاملياً كواحد من أهم‬ ‫الكتّاب املسرحيني العرب‪ ،‬ومن سوريا ظهر‬ ‫ممدوح عدوان الذي عرفت نصوصه جناحاً‬ ‫على اخلشبة‪ ،‬ومحمد الماغوط الذي ال تزال‬ ‫نصوصه راهنة تقدم بنجاح‪ ،‬وال ميكن أن ننكر‬ ‫أهمية فرحان بلبل الذي غ ّذى املكتبة املسرحية‬ ‫بعدد ال يستهان به من النصوص املسرحية‪،‬‬ ‫باإلضافة إىل عادل أبو شنب وعبد الفتاح‬ ‫قلعه جي ورياض عصمت وعلي عقلة عرسان‬

‫حب ّدة يف ندوتني ُعقدتا مؤخراً يف دمشق‪ .‬وقد‬ ‫أثار ذلك مسألة تتجاوز الكتابة حب ّد ذاتها إىل‬ ‫جدوى القيام بالكتابة للمسرح يف حال مل تُنشر‬ ‫هذه النصوص ومل تُقدم على اخلشبة‪ .‬وميكن‬ ‫تلخيص ما جاء يف آراء هؤالء الكتّاب الشباب‬ ‫بالنقاط التالية‪:‬‬ ‫‪ - 1‬غياب الحوافز‪:‬‬

‫ معظم خرجيي قسم الدراسات املسرحية‬‫يف املعهد العالي للفنون املسرحية الذين ّمت‬ ‫إعدادهم ليكونوا كتّاباً مسرحيني انصرفوا إىل‬ ‫كتابة سيناريوهات للدراما التلفزيونية بسبب‬ ‫األجور اجملزية اليت متنحها هلم شركات‬ ‫اإلنتاج التلفزيوني‪ .‬أولئك الذين غامروا بالكتابة‬ ‫للمسرح ظلّت نصوصهم حبيسة األدراج بسبب‬ ‫عزوف املخرجني عن تقدميها على اخلشبة‪ ،‬ومل‬ ‫تُنشر يف كتب‪ ،‬األمر الذي خلق لديهم شعوراً‬ ‫بعدم جدوى االستمرار‪.‬‬ ‫ ال حيظى املؤلّف املسرحي بأ ّي حظوة‪،‬‬‫نصه‪،‬‬ ‫وحتى يف حال جناح العمل القائم على ّ‬ ‫يذهب التقدير ملخرج العمل وللممثلني‪ ،‬ويت ّم‬ ‫تغييب املؤلّف‪.‬‬ ‫ ال توجد يف سوريا مسابقات دورية للكتابة‬‫للمسرح تق ّدم مبوجبها جوائز تشجيعية للكتّاب‬ ‫الشباب حتفزّهم على املتابعة‪.‬‬ ‫ المعهد العالي للفنون المسرحية أوقف‬‫تدريس مادة الكتابة املسرحية بسبب عدم‬ ‫وجود أساتذة قادرين على تدريسها‪ ،‬ومل يعد‬ ‫نص مسرحي كمشروع للتخرج كما‬ ‫يقبل تقديم ّ‬ ‫جرت العادة يف السابق‪.‬‬

‫وغريهم‪.‬‬ ‫لكن الكتابة املسرحية يف سوريا تبدو اليوم‬ ‫جزءاً من اإلشكالية املطروحة بقوة على الساحة‬ ‫احمللية‪ .‬أثارت هذه اإلشكالية الدورات التدريبية‬ ‫اليت أقامتها املراكز الثقافية األجنبية يف سوريا‬ ‫(المجلس الثقافي البريطاني والمركز الثقافي‬ ‫الفرنسي) واليت استفاد منها عدد من الكتّاب‬ ‫الشباب من خرجيي المعهد العالي للفنون‬ ‫المسرحية‪ .‬ففي برنامج الكتابة المتشردة‬ ‫الذي ّ‬ ‫نظمه المركز الثقافي الفرنسي‪ ،‬أقيمت‬ ‫ورشة عمل مشرتكة بني كتّاب فرانكوفونيني‬ ‫من فرنسا وكندا وساحل العاج وكتّاب سوريني‬ ‫شباب‪ .‬وقد تُرمجت أعمال السوريني إىل الّلغة‬ ‫الفرنسية وأخرجها خمرجون فرنسيون‪ .‬أما‬ ‫المجلس الثقافي البريطاني فقد قام بتنظيم‬ ‫دورات يف الكتابة املسرحية بالتعاون مع مسرح‬ ‫رويال كورت البريطاني‪ ،‬وتض ّمنت الورشات‬ ‫لقاءات وتدريب على الكتابة مع خمرجني وكتّاب‬ ‫معروفني يف بريطانيا‪ .‬الشباب املشاركون يف ‪ - 2‬مشكالت النشر‬ ‫ ال تقبل دور النشر شراء نصوص مسرحية‬‫هذه الدورات كتبوا نصوصاً جيدة كشفت عن‬ ‫إمكانيات حقيقية‪ .‬لكن شعور اإلحباط الذي بدعوى أنها ال حتقّق رحباً مادياً لكونها ال‬ ‫مت التعبري عنه تصلح للقراءة بل للعرض‪ .‬دار عدوان للنشر‪،‬‬ ‫سيطر عليهم بعد انتهاء التجربة ّ‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫وهي الوحيدة اليت غامرت بنشر سلسلة من‬ ‫النصوص املسرحية للكتّاب السوريني الشباب‪،‬‬ ‫وما كان ميكن أن تقوم بذلك لوال الدعم املالي‬ ‫الذي ق ّدمته هلا احتفالية دمشق عاصمة‬ ‫الثقافة العربية يف العام ‪ .2008‬وإن كانت دار‬ ‫المدى تنشر نصوصاً مسرحية‪ ،‬فذلك يقتصر‬ ‫على املسرحيات املرتمجة احلديثة‪.‬‬ ‫ وزارة الثقافة واتّ حاد الكتّ اب‪ ،‬وهما‬‫اجلهتان الرمسيتان املسؤولتان عن النشر يف‬ ‫سوريا ال تقبالن نشر النصوص املسرحية‬ ‫النص املسرحي ليس أدباً‬ ‫اجلديدة بدعوى أن ّ‬ ‫ويم المشهدي وعمر السواح وجمانة‬ ‫وهو يصلح للعرض فقط‪ ،‬وأن الكتّاب الشباب عكو‬ ‫ّ‬ ‫ليسوا مك ّرسني ككتّاب‪.‬‬ ‫ياسري وعدنان عودة والفارس الذهبي‪.‬‬ ‫ جملة الحياة المسرحية اليت كانت تنشر‬‫نصاً مسرحياً مع ك ّل عدد توقفت عن ذلك‪.‬‬ ‫المضامين والموضوعات المطروحة‬ ‫ّ‬ ‫أعطى اجليل القديم من الكتّاب املسرحيني‬ ‫‪ - 3‬مشكالت تقديم النصوص على‬ ‫للنص‬ ‫السوريني مسة درامية وأيديولوجية ّ‬ ‫الخشبة‬ ‫املسرحي السوري حتى فرتة التسعينيات‪ .‬أما‬ ‫ ال توجد خطة واضحة لدى المديرية اليوم فنلحظ لدى اجليل اجلديد ما يشبه‬‫العامة للمسارح والموسيقى لتشجيع املخرجني القطيعة مع املاضي‪ .‬فهناك غياب شبه كامل‬ ‫على تقديم النصوص اجلديدة من خالل إعطاء للموضوعات القومية الكربى ومسائل التحرر‬ ‫نصاً مسرحياً والقضية الفلسطينية‪ ،‬وهناك ابتعاد واضح‬ ‫األولوية يف اإلنتاج ملن يق ّدم ّ‬ ‫للكتّاب الشباب‪.‬‬ ‫عن السياسة واأليديولوجيا يف حني تسيطر يف‬ ‫ معظم املخرجني يفضلون نصوصاً ّمت مسرحيات الشباب موضوعات الضياع والعزلة‬‫جتريبها ويلجأون إلخراج نصوص كتّاب والشؤون احلياتية اليومية‪ .‬يبدو هذا اجليل‬ ‫معروفني‪ ،‬وال يغامرون بتقديم نصوص الكتّاب مهووساً باحلرية‪ ،‬لكنه يعاجلها من خالل‬ ‫الشباب‪ .‬وهناك عدد من املخرجني يفضلون املنظور الشخصي واالجتماعي‪ .‬لكن لإلنصاف‬ ‫كتابة نصوصهم اخلاصة بهم‪.‬‬ ‫ال نستطيع أن نقول إن هؤالء الكتّاب الشباب‬ ‫ ختضع النصوص للجنة قراءة يف مديرية قد انسلخوا عن العامل الذي يعيشون فيه‬‫المسارح والموسيقى ترفض عدداً كبرياً من متاماً‪ ،‬بل إنهم اختاروا التعبري عنه بطريقتهم‪.‬‬ ‫النص (‪ 10‬فاملشكالت اإلنسانية واالجتماعية اليت تظهر‬ ‫النصوص ألسباب رقابية أو لرداءة ّ‬ ‫نصوص من أصل ‪ 12‬مل تُقبل خالل العام ‪ .)2009‬يف مسرحياتهم تد ّل على وعي بواقع تلعب‬ ‫املشكالت الصغرى فيه دور النواة اليت تعكس‬ ‫املشكالت الكربى‪ ،‬ويش ّكل املوقف منها موقفاً‬ ‫‪ - 4‬مشكلة مضامين الكتابة‬ ‫‪ -‬ال توجد مرجعيات متج ّددة للكتابة من العامل‪ .‬وصحيح أن هذه النصوص تكتفي‬

‫‪559‬‬

‫املسرحية مع تناقص األعمال املرتمجة عن‬ ‫الّلغات األجنبية (ما تزال سلسلة املسرح العاملي‬ ‫الصادرة عن الكويت هي املرجع شبه الوحيد‬ ‫للتعرف إىل املسرح العاملي)‪.‬‬ ‫ومهما كانت مشكالت الكتابة املسرحية اليت‬ ‫أثري موضوعها بشكل حاد خالل العام ‪،2009‬‬ ‫فإن جي ًال جديداً بدأ يظهر‪ ،‬أفراده من خرجيي‬ ‫المعهد العالي للفنون المسرحية كتب بعضهم‬ ‫نصوصاً مسرحية كرسالة خترج‪ ،‬وخضع‬ ‫بعضهم لورشات كتابة مسرحية‪ .‬من هؤالء‬ ‫الكتّاب نذكر وائل قدور ومضر الحجي وهوزان‬

‫معظم خ ّريجي قسم الدراسات‬ ‫المسرحية في المعهد العالي للفنون‬ ‫المسرحية الذين ت ّم إعدادهم ليكونوا‬ ‫كتّاباً مسرحيّين انصرفوا إلى كتابة‬ ‫سيناريوهات للدراما التلفزيونيّة بسبب‬ ‫األجور المجزية التي تمنحها لهم شركات‬ ‫اإلنتاج التلفزيوني‪..‬‬

‫اإلبداع‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 560‬للتنمية الثقافية‬

‫في حين تغيب القضية الفلسطينية‬ ‫بشكل شبه كامل عن نصوص المسرحيّين‬ ‫المؤسسة الرسمية ك ّرست‬ ‫الشباب‪ ،‬فإن ّ‬ ‫موسم العام ‪ 2009‬بأكمله لالحتفاء‬ ‫بالقدس عاصمة الثقافة العربية وق ّدمت‬ ‫بالتالي أعماالً مسرحية خصيصاً لهذه‬ ‫المناسبة‪ ،‬األمر الذي أبرز‪ ،‬وبح ّدة‪،‬‬ ‫التناقض بين شكل الكتابة الجديدة‬ ‫وبين كتابة الجيل السابق المنشغل باله ّم‬ ‫القومي‪..‬‬

‫بوصف املشكالت من دون تقديم حلول كما‬ ‫جاء يف تقديم نصوصهم يف دار عدوان‪ ،‬إال أن‬ ‫هذا الوصف حب ّد ذاته خطوة مه ّمة خيطوها‬ ‫اجليل اجلديد‪ .‬فمسرحية باريس في الظل‬ ‫لـ يم مشهدي على سبيل املثال‪ ،‬تتح ّدث‬ ‫عن ثالث نساء تركن بالده ّن للذهاب إىل‬ ‫باريس‪ ،‬وبالتالي فهي تعاجل قضايا اهلجرة‬ ‫ومشكالت املرأة‪ ،‬ومسرحية المرود والمكحلة‬ ‫لـ عدنان عودة تطرح من خالل القطيعة بني‬ ‫نادية وأسرتها قطيعة الشباب مع اجملتمع‪ .‬أما‬ ‫مسرحية الفيروس لـ وائل قدور فتتحدث عن‬ ‫شاب يصاب باإليدز وعن تعامل اجملتمع مع‬ ‫املختلف واملنبوذ‪.‬‬ ‫ويف حني تغيب القضية الفلسطينية بشكل‬ ‫املؤسسة‬ ‫شبه كامل عن نصوص الشباب‪ ،‬فإن ّ‬ ‫الرمسية كرست موسم العام ‪ 2009‬بأكمله‬ ‫لالحتفاء بالقدس عاصمة للثقافة العربية‪،‬‬ ‫وبهذه املناسبة ّمت تقديم عدد من األعمال‬ ‫املسرحية اليت م ّولتها وزارة الثقافة خصيصاً‬ ‫هلذه املناسبة‪ ،‬ما أبرز حب ّدة التناقض بني‬ ‫شكل الكتابة اجلديدة وبني كتابة اجليل القديم‬ ‫املشغول باهل ّم القومي وبالتعبري املباشر عنه‪ .‬من‬ ‫هذه العروض نذكر شمة زعوط تأليف عدنان‬ ‫كنفاني وإخراج زهير بقاعي‪ ،‬بيان شخصي‬ ‫متثيل عبد الرحمن أبو القاسم‪ ،‬إخراج جهاد‬ ‫سعد‪ ،‬المدينة المصلوبة تأليف األب إلياس‬ ‫زحالوي وإخراج محمود خضور ومتثيل زيناتي‬ ‫(النص مكتوب من بداية السبعينيات)‪،‬‬ ‫قدسية ّ‬ ‫أفراح وجراح لفرقة الوعد الفلسطينية إخراج‬ ‫يوسف الطيب‪ ،‬وعرض غنائي موسيقي‬ ‫لفرقة نداء األرض بعنوان الوصية من تأليف‬ ‫محمد صوان وإعداد وإخراج زيناتي قدسية‪،‬‬ ‫باإلضافة إىل العرض الفلسطيين القادم من‬ ‫رام الله والذي محل عنوان األحداث األليمة‬ ‫في حياة أبو حليمة للمخرج إسماعيل دباغ‪.‬‬

‫المؤسسة الرسمية‪ :‬وزارة الثقافة‬ ‫ّ‬ ‫ومديرية المسارح‬

‫تعترب مديرية املسارح واملوسيقى التابعة‬ ‫املؤسسة الرمسية اليت تشرف‬ ‫لوزارة الثقافة ّ‬ ‫بشكل شبه كامل على اإلنتاج املسرحي يف‬ ‫سوريا‪ .‬وقد عرفت هذه املديرية أيضاً تقلبات‬ ‫عديدة مع تغيرّ إداراتها‪ ،‬األمر الذي فاقم‬ ‫املشكالت اليت تئن منها‪.‬‬ ‫فاملديرية تعاني عبء رواتب املمثلني املعيّنني‬ ‫فيها والذين يفرتض أن يق ّدم ك ّل منهم عم ًال‬ ‫مسرحياً واحداً يف السنة مقابل الرواتب‬ ‫الشهرية‪ ،‬يف حني تُق ّدم للمسرحيني من غري‬ ‫املوظفني مكافآت ال تنطلق من معايري واضحة‬ ‫وتبلغ وسطياً ما يعادل ‪ 200‬إىل ‪ 400‬دوالر على‬ ‫العمل الواحد الذي يتطلّب التحضري له ما‬ ‫يقارب الشهور الثالثة‪ .‬ال تدفع املديرية أجوراً‬ ‫للتدريبات‪ ،‬كما أنه ال توجد عقود واضحة‬ ‫تضمن استمرارية العمل‪ ،‬وهذا ما يع ّرض‬ ‫املخرج لرتك املمثلني له يف أ ّي حلظة‪ .‬كذلك‬ ‫غالباً ما يتأخر دفع األجور للممثلني فيضطرون‬ ‫إىل مراجعة املديرية مراراً‪ .‬أما املشاركة يف‬ ‫مهرجانات املسرح اليت تقيمها املديرية‪ ،‬فهي‬ ‫جمانية حبسب تقليد معمول به من سنوات‬ ‫طويلة‪.‬‬ ‫وحبسب تصريح للسيد وزير الثقافة‪ ،‬بلغ‬ ‫إنتاج املديرية واملسرح القومي خالل العام‬ ‫‪ 32 ،2009‬عرضاً مسرحياً جديداً و‪ 359‬ليلة‬ ‫عرض مسرحي يف سوريا‪ ،‬و‪ 5‬مهرجانات‬ ‫مسرحية مركزية‪ ،‬و‪ 65‬مهرجاناً متنوعاً يربز‬ ‫من بينها مهرجان ملسرح الشباب يف ك ّل‬ ‫حمافظة تق ّدم فيه ما يقارب ‪ 15‬مسرحية‪ ،‬وكان‬ ‫أبرزها مهرجان الشباب المسرحي الرابع يف‬ ‫طرطوس‪ ،‬إضافة إىل إنشاء ‪ 5‬مسارح قومية‬ ‫جديدة يف احملافظات أبرزها المسرح القومي يف‬ ‫الالذقية الذي افتتح يف العام ‪ 2009‬بعد إعادة‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫تأهيله وجتهيزه باملعدات التقنية‪ ،‬وتأسيس فرقة‬ ‫مسرحية يف ك ّل حمافظة إضافة إىل الدعم‬ ‫املق ّدم للتجمعات املسرحية اخلاصة‪ .‬كذلك‬ ‫دعمت مديرية املسارح املهرجانات املسرحية‬ ‫اليت تُقام يف مصياف والرقة والسلمية‬ ‫والالذقية‪.‬‬ ‫‪ 2009‬عام المهرجانات‬

‫تدعى للمشاركة يف املهرجان‪.‬‬ ‫وال ننسى يف هذا اجملال املهرجانات‬ ‫املسرحية اخلاصة اليت بدأت تظهر يف‬ ‫اآلونة األخرية ونذكر منها مهرجان محمد‬ ‫الماغوط املسرحي الذي انطلق العام ‪2007‬‬ ‫يف السلمية وينال دعماً من وزارة الثقافة‪،‬‬ ‫تأسس‬ ‫ومهرجان الكوميديا المسرحي الذي ّ‬ ‫العام ‪ ،2007‬مهرجان الشام المسرحي الذي‬ ‫يديره نضال الصواف‪ ،‬وقد ك ّرس دورة العام‬ ‫‪ 2009‬الحتفالية القدس عاصمة الثقافة‬

‫العربية‪ ،‬ومهرجان المونودراما الذي يقيمه‬ ‫"بيت املسرح العربي" يف الالذقية واحتفل يف‬ ‫العام ‪ 2009‬بدورته اخلامسة اليت احتوت على‬ ‫عروض جيدة‪ .‬ويعترب مهرجان المونودراما من‬ ‫يقدم‬ ‫املهرجانات اخلاصة اليت تتميّز بسوية ما َّ‬ ‫فيها‪.‬‬ ‫لكن كما حيصل يف مثل هذه احلاالت‪ ،‬حني‬ ‫يت ّم البحث عن إجنازات تُقاس بالكمية‪ ،‬فإن‬ ‫النوعية ميكن أال تكون جيدة دائماً‪ ،‬خصوصاً أن‬ ‫هذه "الفورة" يف املهرجانات مل تسمح بتقديم‬ ‫جتارب مسرحية هامة إال فيما ندر‪.‬‬ ‫مجلة "الحياة المسرحية"‬

‫اإلبداع‬

‫من هذا التصريح يبدو أن حالة املسرح‬ ‫خبري‪ ،‬ألن عدد العروض واملهرجانات اليت‬ ‫أقامتها الوزارة يف العام ‪ 2009‬كبري جداً‪ ،‬وليست‬ ‫وزارة الثقافة وحدها يف إطالق املهرجانات‪ ،‬ألن‬ ‫هناك مهرجانات متن ّوعة االجتاهات ّ‬ ‫تنظمها‬ ‫وزارة السياحة مثل مهرجان طريق الحرير‪،‬‬ ‫ومهرجان ّ‬ ‫تنظمه وزارة اإلعالم حتت اسم‬ ‫شباب‪ ،‬ومهرجانات تقيمها املنظمات الشعبية‬ ‫للمشرتكني من هواة املسرح مثل مهرجان مسرح‬ ‫الشبيبة المركزي يف دمشق الذي احتفل العام‬ ‫‪ 2009‬بدورته الثالثة والعشرين‪ ،‬واملهرجانات‬ ‫اليت تقيمها النقابات‪ ،‬مثل مهرجان املسرح‬ ‫العمالي املركزي املقام يف دمشق الذي يلتزم‬ ‫بقضايا العمال ويقدم قضايا احلركة النقابية‬ ‫العربية‪ ،‬والذي احتفل يف العام ‪ 2009‬بدورته‬ ‫العشرين اليت ض ّمت أكثر من عشرة عروض‬ ‫مسرحية لفرق مسرحية من دمشق واحملافظات‪،‬‬ ‫باإلضافة إىل مهرجان المسرح العمالي يف ك ّل‬ ‫حمافظة على حدة‪ .‬من املهرجانات اليت تقيمها‬ ‫النقابات نذكر أيضاً املهرجان املسرحي الذي‬ ‫تقيمه نقابة الفنانني يف الالذقية بالتعاون‬ ‫مع املسرح اجلامعي لجامعة تشرين ونقابة‬ ‫الفنانني بحماة واملنطقة اجلنوبية وشاركت‬ ‫فيه فرقة معاهد الالذقية وفرقة جامعة البعث‬ ‫وفرقة معاهد الحسكة وفرقة معاهد السويداء‬ ‫وفرقة معاهد إدلب والفرقة املركزية لالتحاد‬ ‫الوطني لطلبة سوريا وفرق جامعية عربية‬

‫‪561‬‬

‫“مجلة الحياة‬

‫تصدر وزارة الثقافة‬ ‫المسرحية” اليت تعترب من اجملالت القليلة‬ ‫اليت تعنى باملسرح واألحباث املسرحية يف العامل‬ ‫العربي‪ ،‬ترأس حترير هذه اجمللة عند انطالقها‬ ‫سعدالله ونوس الذي أعطاها توجهها الرصني‪،‬‬ ‫وتابع عمله من بعده الدكتور نبيل حفار لتعرف‬ ‫بعد تركه هلا مرحلة ركود واضحة خباصة أن‬ ‫عدم انتظام صدورها وقلّة التعويضات املمنوحة‬ ‫للكتّاب فيها مل تعد تغري أحداً بالكتابة‪ .‬وأزمة‬ ‫جملة الحياة المسرحية هي جزء من أزمة‬ ‫القراءة يف سوريا ويف العامل العربي بأسره إن‬ ‫مل نقل يف العامل بعامة‪.‬‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 562‬للتنمية الثقافية‬

‫يف الوقت ذاته‪ ،‬صارت املقاالت واملتابعات‬ ‫املنشورة يف الصحف اليومية ويف اإلنرتنت املنرب‬ ‫األهم لرصد مسار احلركة املسرحية‪ ،‬وإن كان ذلك‬ ‫يت ّم بشكل سطحي بعيداً عن فكرة البحث العلمي‬ ‫اليت أطلقتها الحياة المسرحية يف بداياتها‪.‬‬

‫برزت في سوريا في اآلونة األخيرة‬ ‫ظاهرة المهرجانات المسرحية الخاصة‪،‬‬ ‫خصوصاً منها "مهرجان محمد الماغوط‬ ‫المسرحي" الذي نال دعماً من وزارة‬ ‫الثقافة‪ ،‬و"مهرجان الكوميديا المسرحي"‪،‬‬ ‫و"مهرجان الشام المسرحي" الذي يديره‬ ‫نضال الص ّواف‪ ،‬وقد ك ّرس دورة العام‬ ‫‪ 2009‬باحتفالية القدس عاصمة الثقافة الجوائز‬ ‫العربية‪..‬‬

‫أطلقت وزارة الثقافة السورية في‬ ‫العام ‪ 2009‬مسابقات اإلبداع للشباب‪،‬‬ ‫وض ّمت في مجال المسرح جائزة باسم أبي‬ ‫خليل القبّاني وجائزة للنقد باسم شكري‬ ‫فيصل‪..‬وفي بادرة هي األولى من نوعها‪،‬‬ ‫أعلن "مهرجان الكوميديا المسرحي"‬ ‫نص‬ ‫الخاص عن جائزة مالية ألفضل ّ‬ ‫كوميدي‪..‬‬

‫أطلقت وزارة الثقافة يف العام‬ ‫مسابقات اإلبداع للشباب‪ ،‬وض ّمت يف جمال‬ ‫املسرح جائزة باسم أبي خليل أحمد القباني‪،‬‬ ‫وجائزة للنقد باسم شكري فيصل‪ .‬لكن اجلائزة‬ ‫األوىل يف جمال املسرح حجبت‪ ،‬فيما تقاسم‬ ‫اجلائزة الثانية ك ّل من‪ :‬بالل أيوب‪ ،‬شحادة‬ ‫توزكي‪ ،‬سليم ماردنلي‪ ،‬كما تقامست اجلائزة‬ ‫الثالثة ماريان محمد أشرف إسماعيل‪ ،‬وإيمان‬ ‫أديب الضماني‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ويف النقد ُحجبت أيضا اجلائزة األوىل‪،‬‬ ‫وتقاسم الثانية هايل محمد طالب‪ ،‬وإسماعيل‬ ‫خلف الخلف‪ ،‬وتقاسم الثالثة ضحى أحمد‬ ‫يونس‪ ،‬ومصطفى محمد عبد الفتاح‪.‬‬ ‫ويف بادرة هي األوىل من نوعها أعلن مهرجان‬ ‫الكوميديا المسرحي اخلاص عن جائزة أفضل‬ ‫نص كوميدي وتبلغ قيمتها ‪ 200‬دوالر‪ .‬كما جاء‬ ‫ّ‬ ‫يف اإلعالن أن إدارة املهرجان مستع ّدة لتبين‬ ‫النص الفائز باملركز األول وتقدميه يف الدورة‬ ‫ّ‬ ‫املقبلة من املهرجان من دون أن يرتتّب عنها‬ ‫لقاء ذلك أ ّي أجر مادي‪.‬‬ ‫عروض العام ‪2009‬‬

‫‪2009‬‬

‫من أبرز األعمال املسرحية اليت ق ّدمت يف‬ ‫العام ‪ 2009‬عرض البدلة الذي أع ّدته وأخرجته‬ ‫نص للمؤلف اإلفريقي كان ثيمبا وعرض‬ ‫عن ّ‬ ‫الشريط األخير الذي أخرجه أسامة غنم عن‬ ‫نص بيكيت املعروف‪ ،‬وعرض قصة حديقة‬ ‫ّ‬

‫الحيوان لـ إدوارد ألبي من إخراج‬ ‫الزاقوت ومتثيله إىل جانب زهير العمر‪ ،‬وعرض‬ ‫تحوالت تأليف وإخراج بهاء البلخي ومتثيل‬ ‫جمموعة من الفنانني األكادمييني واهلواة‬ ‫بإنتاج مديرية املسارح واملوسيقى‪ ،‬وعرض أوضة‬ ‫نص يحيى‬ ‫سورية إخراج عال الخطيب عن ّ‬ ‫جابر (ابتسم أنت لبناني)‪ ..،‬كما قام أسامة‬ ‫حالل بإعادة عرض مسرحية الدون كيشوت‬ ‫تأليف كفاح الخوص‪ ،‬وإخراج حالل مع فرقة‬ ‫كون‪ .‬وقد نال العرض جائزة أفضل إخراج‬ ‫يف مهرجان القاهرة التجريبي‪ ،‬ومسرحية‬ ‫فوتوكوبي اليت أخرجها ماهر صليبي‪،‬‬ ‫ومسرحية ليلى والذئب اليت أخرجها باسم‬ ‫نص للفارس الذهيب وسينوغرافيا‬ ‫عيسى عن ّ‬ ‫نص وإخراج رغدة‬ ‫عمر حمارنة‪ ،‬وعرض تيامو ّ‬ ‫شعراني‪ ،‬وعرض املونودراما الذي أخرجه ومثّله‬ ‫باسل طه يف غالريي مصطفى علي‪ ،‬وعرض‬ ‫ميلو دراما لألخوين ملص ومتيّز بتقدميه داخل‬ ‫غرفة يف منزهلما‪ ،‬وعرض الجمعية األدبية‬ ‫من إخراج رأفت الزاقوت‪ ،‬تأليف هنري أوفوري‪،‬‬ ‫إعداد ودرماتورجيا عبد الله الكفري‪ ،‬وعرض‬ ‫نص‬ ‫الشوكة من إخراج منصور السلطي عن ّ‬ ‫للكاتبة الفرنسية فرانسواز ساغان‪ ،‬وعرض دون‬ ‫نص طالل نصر الدين وإخراج مانويل‬ ‫كيشوت ّ‬ ‫جيجي‪ ،‬وعرض املونودراما اإلميائية امرأة‪..‬‬ ‫نساء من تأليف وإخراج محمد قارصلي‬ ‫ومتثيل ندى الحمصي ّمت تقدميه للمرة األوىل‬ ‫يف مهرجان المونودراما المسرحي الخامس يف‬ ‫الالذقية ثم جال يف احملافظات وخارج سوريا‪.‬‬ ‫وبشكل عام يبدو من هذه املراجعة أن‬ ‫املسرح السوري الذي عرف مشكالت املسرح‬ ‫يف العامل العربي نفسها يعيش يف هذه الفرتة‬ ‫مرحلة خماض ميكن أن تنجم عنه أشياء‬ ‫إجيابية نرتك للزمن احلكم عليها‪.‬‬ ‫رأفت‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫يتقدمون‬ ‫سلطنة ُعمان‪ :‬الشباب‬ ‫ّ‬ ‫المسرح‬ ‫دور نشط للجامعات‬

‫المهرجان الثالث‬

‫ويف سياق احلديث عن أبرز احملطات يف املسرح‬ ‫ال ُعماني للعام ‪ ،2009‬يعترب مهرجان املسرح‬ ‫ال ُعماني الثالث الذي أقيم يف مدرسة مسقط‬ ‫العالمية أبرز تلك احملطات اليت شهدت حراكاً‬

‫من أبرز األعمال المسرحيّة التي‬ ‫ُق ّدمت في سوريا في العام ‪ 2009‬عرض‬ ‫"البدلة" لنائلة األطرش‪ ،‬وعرض‬ ‫"الشريط األخير" ألسامة غنم‪ ،‬وعرض‬ ‫"قصة حديقة الحيوان" إلدوارد إلبي‬ ‫وإخراج رأفت الزاقوت‪ ،‬وعرض "تح ّوالت"‬ ‫لبهاء البلخي‪ ،‬وعرض "أوضة سريّة" لعال‬ ‫الخطيب‪..‬‬

‫الحديث عن الحراك المسرحي‬ ‫في سلطنة ُعمان خالل العام ‪ 2009‬هو‬ ‫بالضرورة حديث عن حراك المسرحيّين‬ ‫الشباب فيها‪ ،‬فمعظم األطر المسرحية‬ ‫ال ُعمانية تقودها فئات شابة‪ ،‬كما أن معظم‬ ‫الفعاليات واألنشطة‪ ،‬من عروض وورش‬ ‫وندوات مسرحية‪ ،‬تُقام في الجامعات‪..‬‬

‫اإلبداع‬

‫احلديث عن احلراك املسرحي يف سلطنة‬ ‫ُعمان خالل العام ‪ 2009‬هو بالضرورة حديث‬ ‫عن حراك املسرحيني الشباب فيها‪ ،‬فمعظم‬ ‫األطر املسرحية ال ُعمانية تقودها فئات شابة‪،‬‬ ‫كما أن معظم الفعاليات واألنشطة‪ ،‬من عروض‬ ‫وورش وندوات مسرحية تقام يف اجلامعات‪،‬‬ ‫حيث يعترب املسرح اجلامعي يف ُعمان من‬ ‫املسارح اجلامعية العربية النشيطة إذا ما قورن‬ ‫بتاريخ احلركة املسرحية ال ُعمانية الذي يعود‬ ‫إىل بداية السبعينيات من القرن املاضي‪ ،‬حني‬ ‫انطلق من مدرسة السعدية اليت كانت تقام‬ ‫فيها مع نهاية ك ّل عام حفلة مدرسية تق ّدم فيها‬ ‫االسكتشات واألناشيد الدينية‪ ،‬وكان حيضرها‬ ‫األهالي وبعض من رجال الدين والدولة‪ ،‬وكانت‬ ‫السكيتشات واملسرحيات القصرية يف معظمها‬ ‫مستمدة من املناهج املدرسية‪ ،‬وكان التد ّرب‬ ‫َّ‬ ‫عليها وتوزيع األدوار يت ّم بطريقة غري مدروسة‪،‬‬ ‫لكنها ش ّكلت مع الوقت انطالقة التعرف إىل‬ ‫املسرح‪ ،‬حيث ّمت تأسيس الفرقة املسرحية األوىل‬ ‫العام ‪ ،1980‬وبالتالي فإن الفاصل الزمين بني‬ ‫العام ‪ 2009‬وتاريخ تأسيس تلك الفرقة ال يتع ّدى‬ ‫ثالثة عقود‪ ،‬وهو عمر مسرحي قصري إذا ّ‬ ‫متت‬ ‫مقارنته بتاريخ املسرح يف بلدان عربية خمتلفة‬ ‫مثل مصر أو سوريا أو تونس‪ ،‬باإلضافة إىل أن‬ ‫اجملتمع ال ُعماني بطبيعته هو جمتمع شاب‪.‬‬

‫مه ّماً ملعظم الفرق املسرحية‪ ،‬حيث اشرتكت‬ ‫ست فرق‪ ،‬هي فرقة "مسقط احلر" و"أوبار"‬ ‫و"مزون" و"فكر وفن" و"فناني جمان" و"ظفار"‬ ‫و"مسرح الدن"‪ ،‬إال أن مفاجأة املهرجان كانت‬ ‫فشل حفل االفتتاح‪ ،‬إذ اعتذرت فرقة "مسقط‬ ‫احلر" عن تقديم عرضها الرزحة‪ ،‬ألسباب‬ ‫تتعلق بالتجهيزات الفنية والتقنية اخلاصة‬ ‫باملسرح‪ ،‬واعترب جاسم البطاشي خمرج‬ ‫العمل بأن املسرح ليس مهيئاً لتقديم العرض‪،‬‬ ‫وخرج ليشكر اجلمهور الكبري الذي أتى ملتابعة‬ ‫العرض واعتذر عن عدم تقديم الفرقة للعرض‪:‬‬ ‫"حنن نشكر اجلماهري على حضورهم‪ ،‬وفرقتنا‬ ‫جاهزة للعرض املسرحي بالكامل وليس لدينا‬ ‫أ ّي مشكلة‪ ،‬فقط تفاجأنا بأن املسرح حيتاج إىل‬ ‫جتهيزات فنية وخباصة يف الكهرباء‪ ،‬وكان من‬ ‫املفرتض أن نتسلّم املسرح قبل العرض‪ ،‬ولكن‬ ‫إىل بعد هذا الوقت كانت الشركة مازالت تعمل‬ ‫على توصيل الكهرباء‪ ،‬وحنن ال نستطيع العرض‬ ‫يف مثل هذه الظروف‪ ،‬ألنه جيب أن نق ّدم عم ًال‬ ‫جيداً‪ ،‬وال ب ّد أن يكون ك ّل شيء جاهزاً"‪ .‬وتُعترب‬ ‫هذه املفاجأة مؤشراً على غياب البنية التحتية‬ ‫الالزمة للعمل املسرحي يف السلطنة قياساً إىل‬ ‫بلدان اخلليج األخرى مثل اإلمارات أو الكويت‪،‬‬ ‫خصوصاً أن السلطنة ال تعترب من البلدان‬ ‫الفقرية من حيث املوارد املالية‪ ،‬كما يشري ذلك‬ ‫إىل أن مسرية ثالثة عقود من املسرح العماني‬ ‫مل تو ّفر للمسرحيني اإلمكانات الالزمة لعملهم‬ ‫من صاالت وأدوات تقنية‪.‬‬

‫‪563‬‬

‫عروض مسرحية‬

‫أما من حيث الفضاءات الفكرية والقضايا‬ ‫اليت تناولتها العروض اليت قدمت يف املهرجان‬ ‫فقد حضرت مسألة األهلية يف احلكم من خالل‬ ‫مسرحية رجل بثياب امرأة‪ ،‬تأليف عماد‬ ‫الشنفري وإخراج أحمد معروف اليافعي‪،‬‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 564‬للتنمية الثقافية‬

‫ثمة غياب للبنية التحتية الالزمة‬ ‫للعمل المسرحي في سلطنة ُعمان قياساً‬ ‫إلى بلدان الخليج األخرى مثل اإلمارات أو‬ ‫الكويت‪ ،‬خصوصاً أن السلطنة ال تعتبر من‬ ‫البلدان الفقيرة من حيث الموارد المالية‪.‬‬

‫لم توفّر مسيرة ثالثة عقود من‬ ‫المسرح ال ُعماني اإلمكانات الالزمة‬ ‫للمسرحيّين من أجل عملهم‪ ،‬من صاالت‬ ‫وأدوات تقنية وغيرها‪..‬األمر الذي يعيق‬ ‫قيام حركة مسرحية متكاملة األبعاد ثقافياً‬ ‫وإبداعياً‪.‬‬

‫تأسست يف العام‬ ‫وتقديم فرقة "أوبار" اليت ّ‬ ‫‪ 1999‬على يد الفنان الراحل عامر بن سعيد‬ ‫بن جيح قطن‪ .‬واتخّ ذ العرض صفة التجريد‬ ‫يف تعاطيه مع الفضائني املكاني والزماني‪ ،‬حيث‬ ‫ال توجد إشارات واضحة إىل بيئة حم ّددة‪ ،‬غري‬ ‫أن اختيار اسم الشيخ أبو هاجر للحاكم يشري‬ ‫إىل بيئة عربية‪ ،‬وهذا الشيخ يريد أن يعينّ ابنه‬ ‫ولياً للعهد ليخلفه يف احلكم‪ ،‬بينما ال يتمتّع االبن‬ ‫بصفات تؤ ّهله لذلك‪ ،‬ويصبح اختيار "الشيخ"‬ ‫البنه خلفاً من بعده جماالً للصراع على احلكم‪،‬‬ ‫كما تربز املسرحية دور العادات والتقاليد يف‬ ‫تثبيت احلكم والوالء للحاكم‪ ،‬وكلّها مسائل‬ ‫حتيل يف رمزيتها على االنشغال بقضايا فكرية‬ ‫ذات طابع سياسي تتّخذ من خشبة املسرح مكاناً‬ ‫لطرح الصراع يف اجملتمعات التقليدية بني قوة‬ ‫التقليد واألهلية يف احلكم‪ ،‬باإلضافة إىل أن‬ ‫عنوان املسرحية ذاته‪ ،‬والصرخة اليت أطلقها‬ ‫ابن "الشيخ" يف نهاية العمل حيث ر ّدد ثالث‬ ‫مرات "رجل بثياب امرأة" تقود إىل تقاطعات‬ ‫داللية بني الصراع على السلطة واحتقار املرأة‬ ‫يف اجملتمعات التقليدية‪ ،‬حيث يتّحد مفهوم‬ ‫القوة مع مفهوم الرجولة‪ ،‬وتصبح األنوثة فضاء‬ ‫لتبخيس جممل القيم‪.‬‬ ‫الواقع العربي حبالته املعلقة واملفتوحة على‬ ‫شتّى االحتماالت يف ظ ّل تصارع القوى الكربى‬ ‫عليه حضر من خالل مسرحية المعلقون‬ ‫تأليف السعود عباس الحايك‪ ،‬وإخراج يوسف‬ ‫البلوشي‪ ،‬وأداء فرقة "مزون"‪ .‬وتدور قصة‬ ‫املسرحية حول أربعة أخوة يقررون الذهاب إىل‬ ‫الغابة حبثاً عن كنز خبأه والدهم‪ ،‬ويفاجئهم‬ ‫قطيع من الذئاب‪ ،‬فيهربون منه حتى يصلوا‬ ‫إىل حافة هاوية سحيقة فتظهر أمامهم سالمل‬ ‫معلقة يصعدون إليها‪ ،‬بينما تنتظرهم الذئاب‬ ‫يف األسفل الفرتاسهم‪ ،‬وتظهر يف خامتة العرض‬ ‫بقعة من الضوء خلف األخوة األربعة من دون‬

‫خامتة توضح مصريهم‪.‬‬ ‫يستفيد العمل من الرتاث يف طريقة طرحه‬ ‫للحكاية‪ ،‬يف حماولة إلجياد صلة بني الوضع‬ ‫الراهن والتاريخ‪ ،‬كما أن بقاء الوضع معلقاً يف‬ ‫النهاية خلف األخوة يرتك اجملال مفتوحاً أمام‬ ‫بصيص من األمل‪ ،‬باإلضافة إىل أن حالة التعلق‬ ‫ذاتها تشري يف رمزيتها إىل غياب اخليارات‬ ‫الواضحة مع وجود حالة مستمرة من اخلطر‬ ‫متثّلها الذئاب‪.‬‬ ‫يف هذا العرض أيضاً فضاء زماني غري‬ ‫حم ّدد‪ ،‬وجمرد من أ ّي توصيفات واقعية‪،‬‬ ‫واختيار الغابة كفضاء مكاني ال ميثّل إال حالة‬ ‫من اهلروب من إجياد معادل واقعي لألحداث‪.‬‬ ‫وهكذا فإن العرض بقدرما يتمحور حول‬ ‫واقع عربي عام من خالل اإلشارات الكثرية‬ ‫للحوارات بني الشخصيات‪ ،‬نراه يبتعد عن طرح‬ ‫قضايا حم ّددة‪ ،‬وهو مييل بذلك إىل مكسب‬ ‫العمومية‪ ،‬تاركاً الدالالت مفتوحة على شتى‬ ‫التأويالت‪.‬‬ ‫يف السياق نفسه ُق ّدمت مسرحية الجسر‬ ‫تأليف آمنة الربيع‪ ،‬وإخراج محمد النبهاني‬ ‫وسعيد البوسعيدي‪ ،‬وأداء فرقة "الدن"‪ ،‬وقد‬ ‫تناولت اهلزائم الداخلية لإلنسان العربي وما‬ ‫يتع ّرض له من إخفاقات مستمرة يف ظ ّل فشل‬ ‫املشروعات الكربى‪ ،‬واملقصود بذلك املشروعات‬ ‫التنويرية والقومية‪ .‬ويال َحظ أن املسرحية تنهض‬ ‫يف أساسها على رواية حين تركنا الجسر للكاتب‬ ‫السعودي عبد الرحمن منيف‪ ،‬وأنها تشري إىل‬ ‫هزمية العام ‪ 1967‬وإن كانت الكاتبة الربيع‬ ‫مل تلمح إىل ذلك العام صراحة يف املسرحية‬ ‫تارك ًة لفكرة اهلزمية أن تأخذ منحى الدميومة‬ ‫يف واقع اإلنسان العربي‪ ،‬وتقوم املسرحية‬ ‫بشكل أساسي على احلوارات الداخلية للبطل‬ ‫قاسم(املونولوجات)اليت تعكس انكساره وهزميته‬ ‫أمام نفسه وأمام زوجته وأمام العامل أمجع‪.‬‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫في سياق الحديث عن أبرز المحطات‬ ‫في المسرح ال ُعماني في العام ‪ ،2009‬يُعتبر‬ ‫"مهرجان المسرح ال ُعماني الثالث" الذي‬ ‫أقيم في مدرسة مسقط العالمية أبرز تلك‬ ‫المحطات التي شهدت حراكاً مه ّماً لمعظم‬ ‫الفرق المسرحية‪ ،‬حيث اشتركت ست‬ ‫فرق‪ ،‬هي‪ :‬فرقة "مسقط الحر" و"أوبار"‬ ‫و"مزون" و"فكر وفن" و"فناني مجان"‬ ‫و"ظفار" و"مسرح الدن"‪.‬‬

‫اإلبداع‬

‫من جهة أخرى كانت الشخصيات األخرى‬ ‫جمرد انعكاس للشخصية األساسية ومن‬ ‫جتلياتها املختلفة يف أفضل األحوال‪ ،‬وهي‬ ‫شخصيات "الزوجة" و"أمني الرمضاني"‬ ‫و"الطبيب"‪.‬‬ ‫وأثارت الجسر مسألة حمو آثار اهلزمية م ّرة‬ ‫أخرى‪ ،‬فشخصية "قاسم" وهو جندي قديم‬ ‫تشري إىل حالة من تفاعل تأثريات اهلزمية‬ ‫وترسخ مفاعيلها‪ ،‬حتى‬ ‫يف الشخصية العربية‪ّ ،‬‬ ‫أن الكثري من احلوارات ترمز إىل حالة حصار‬ ‫لطاقة اإلنسان وش ّل أ ّي إمكانية لديه للتحرر من‬ ‫تلك اآلثار‪ .‬وإذا كانت املسرحية قد نهضت على‬ ‫عمل لروائي كبري مثل منيف‪ ،‬فإنها اكتسبت‬ ‫مشروعيتها من خالل استبعاد حلظة زمنية‬ ‫حم ّددة للهزمية‪ ،‬حتى كان العرض بوصفه‬ ‫زمناً‪ ،‬مبعنى اآلن وهنا‪ ،‬قد جعل اهلزمية هي‬ ‫اللحظة الراهنة دوماً‪.‬‬ ‫الواقع االجتماعي واإلنساني كان حاضراً‬ ‫أيضاً من خالل مسرحية ذات صباح معتم تأليف‬ ‫عبد الرزاق الربيعي‪ ،‬وإخراج طالب بن كحيالن‬ ‫الشحري وأداء فرقة "ظفار"‪ ،‬وهي مسرحية‬ ‫واقعية يف قالب فانتازي‪ ،‬حيث جتسد حكاية‬ ‫العرض حالة مدينة استيقظ سكانها فوجدوا‬ ‫الشمس غائبة عن مدينتهم‪ ،‬وأخذ اجلميع يف‬ ‫السؤال عن السبب‪ ،‬الذي يفسره العراف بأن‬ ‫"أحداً ما قد أغضب الشمس" والغضب هنا‬ ‫يشري إىل احلالة املرتدية اليت وصلت إليها‬ ‫العالقات يف اجملتمع‪ ،‬كما أن الشمس متثّل‬ ‫يف ثنايا العرض احلقيقة‪ ،‬بينما ميثّل الظالم‬ ‫الوجه اآلخر هلا‪ ،‬وهكذا فإن فانتازية العرض‬ ‫ما هي إال مدخل لقراءة التشوهات اليت أملّت‬ ‫بالعالقات اإلنسانية‪ ،‬كما يطرح العرض احلالة‬ ‫االنتهازية ملختلف الشرائح اليت حتاول استثمار‬ ‫غياب الشمس ملصلحتها‪ ،‬عرب شخوص ع ّدة‬ ‫مثل التاجر والفالح والّلص والشاعر‪ ،‬وبالتالي‬

‫فإن العمل ال يعطي خصوصية لشرحية على‬ ‫حساب أخرى يف مسؤوليتها جتاه الواقع‪ ،‬كما‬ ‫أنه يطرح انتهازية اإلنسان عرب التاريخ حيث‬ ‫يستثمر أكثر اللحظات حرجاً خلدمة مصاحله‬ ‫من دون أدنى مراعاة للقيم‪ ،‬وهكذا فإن عودة‬ ‫الشمس حتتاج إىل مربر أكثر من درامي‪ ،‬وهو‬ ‫ما يق ّدمه العرض من خالل فشل الدعاء الذي‬ ‫يتوجه به الناس إىل الشمس كي تعود‪ ،‬فيقررون‬ ‫أن يقوموا بصناعة الشمس بأنفسهم‪ ،‬ما يشري‬ ‫إىل الرؤية الفكرية للعرض اليت تعطي الفعل‬ ‫البشري اخلالق أهميته يف صناعة احلياة‪،‬‬ ‫ومسؤوليته عن فشلها يف آن واحد‪ ،‬هكذا ال‬ ‫ينزلق العمل إىل املربرات القدرية‪ ،‬وإمنا يتبنى‬ ‫موقفاً واضحاً من اجملتمع‪.‬‬ ‫مل تغب عن املهرجان وعروضه املخاوف‬ ‫الوجودية لإلنسان وحنينه إىل املاضي‪ ،‬فقد‬ ‫حضرت من خالل عرض مواء القطة تأليف‬ ‫بدر الحمداني‪ ،‬وإخراج مالك المسلماني‬ ‫وتقديم فرقة "فكر وفنّ"‪ .‬ويتناول العمل‬ ‫شخصية "أبو شوارب" وهو أحد "الفت ّوات"‬ ‫الذين انتهت بهم احلياة إىل حالة من الفقر‬ ‫فق ّرر أن حيلق شاربيه‪ ،‬ويضطر "أبو شوارب"‬ ‫نتيجة لوضعه املادي أن يتخفّى متذكراً ماضيه‬ ‫حيث كان اجلميع حيسب له حساباً‪ ،‬وكانت‬ ‫النساء يسعني إىل مغازلته‪ ،‬والتق ّرب منه‪ .‬ومبا‬ ‫أن هذا الزمن قد ولىّ ‪ ،‬مل يعد له سوى احلنني‬ ‫إىل املاضي اجلميل واالستمتاع بأحالمه وتقبّل‬ ‫األمر الواقع‪ .‬ويف الوقت نفسه تؤثّر التحوالت‬ ‫املادية على زوجته فتؤدي بها إىل االحنراف‪،‬‬ ‫وعلى الرغم من علم زوجها "أبو شوارب" مبا‬ ‫تفعله من أجل كسب عيشهما فإنه ال حي ّرك‬ ‫ساكناً‪ ،‬مفض ًال العيش يف املاضي عوضاً عن‬ ‫فعل أ ّي شيء لتغيري واقعه الراهن‪.‬‬ ‫محل العرض طرحاً جريئاً يف التواطؤ غري‬ ‫املعلن بني "أبو شوارب" وزوجته من حيث قبوله‬

‫‪565‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 566‬للتنمية الثقافية‬

‫بعملها‪ ،‬وتغاضيه ع ّما تفعله‪ ،‬وهذا التواطؤ‬ ‫مبثابة إعالن داخلي عن اعرتافه بانعدام أ ّي‬ ‫فعالية للقوة اليت كان ميتلكها‪ ،‬والقبول بأمور مل‬ ‫يكن يقبلها سابقاً‪ ،‬وهي حالة تعكس مقاربة غري‬ ‫معلنة يف الواقع‪ ،‬وال يتجرأ أحد على اخلوض يف‬ ‫نقاشها بشكل علين‪ ،‬كما أن خيار الزوجة حيمل‬ ‫رمزية عالية إىل املعادل املوضوعي ملفهوم القوة‬ ‫الذي متتلكه املرأة من خالل فتنة اجلسد مقابل‬ ‫القوة العضلية والتارخيية للرجل‪ ،‬ففي الوقت‬ ‫الذي تذوي فيه القوة العضلية يبقى لإلغراء‬ ‫مفعوله‪ ،‬وميكن أن يتح ّول من حالة إنسانية‬ ‫ُكسب‪ ،‬جتعل القوة العضلية‬ ‫خاصة إىل حالة ت ِ‬ ‫ال تقارن به‪ ،‬وهي ما تشري إليه استكانة "أبو‬ ‫شوارب" لقوة امرأته‪.‬‬ ‫من جهة أخرى أتت مسرحية رجل بال‬ ‫مناعة تأليف عبد الكريم جواد‪ ،‬وإخراج سيف‬ ‫المعولي‪ ،‬وأداء فرقة فنّاني جمان لتق ّدم معاناة‬ ‫مرضى اإليدز يف إطار مغاير للنظرة االجتماعية‬ ‫التقليدية ملن يعانون من هذا املرض‪ ،‬حيث‬ ‫أبرز العرض وجوهاً إنسانية متن ّوعة لدى‬ ‫بطل املسرحية املصاب بهذا املرض‪ ،‬وجعلت‬ ‫مه إنساناً حمباً ووضعته يف حالة من عدم‬ ‫التعارض بني مشاعره وبني مرضه على الرغم‬ ‫من قوة النظرة التقليدية احمليطة به‪ ،‬وقد حاول‬ ‫اإلخراج أن يق ّدم جوانب مجالية للمواقف‬ ‫املختلفة للمريض‪ ،‬وذلك من خالل لعبة اإلضاءة‬ ‫اليت أسهمت يف إعطاء املشاعر واالنفعاالت‬ ‫ق ّوة خاصة بعيداً عن ثنائية اخلطيئة‪/‬الشفقة‬ ‫اليت غالباً ما تسيطر على الرؤية التقليدية‬ ‫يف اجملتمعات العربية هلؤالء املرضى‪ ،‬كما أن‬ ‫استعانة املخرج مبمثلني حمرتفني ومعروفني يف‬ ‫الساحة ال ُعمانية مثل يونس البلوشي‪ ،‬وحنان‬ ‫العجمي‪ ،‬وخميس الرواحي‪ ،‬وعلي العامري‪،‬‬ ‫وغريهم‪ ،‬كان له دور يف االرتقاء بسوية العرض‪.‬‬ ‫أما اإلضافة اجلديدة للمسرح ال ُعماني خالل‬

‫العام ‪ 2009‬فكانت التدشني الرمسي للجمعية‬ ‫ال ُعمانية للمسرح‪ ،‬وإطالق شعارها اجلديد‬ ‫الذي قام بتصميمه املسرحي والتشكيلي طاهر‬ ‫الحراصي‪ ،‬ويتك ّون الشعار من رأس اخلنجر‬ ‫ال ُعماني املسمى "القرن" ويستغله املصمم من‬ ‫خالل وضع شعار املسرح املتعارف عليه وهو وجه‬ ‫باك وآخر ضاحك‪ ،‬وقد جاء ذلك بالتزامن مع‬ ‫ٍ‬ ‫املهرجان‪ ،‬كما ّ‬ ‫مت إطالق كتاب صدى المسرح‬ ‫تأليف هالل بن عبدالله العريمي الذي ض ّم‬ ‫رصداً للحركة املسرحية ال ُعمانية وارهاصاتها‬ ‫من خالل أبرز احملطات‪ ،‬ويشتمل الكتاب على‬ ‫معلومات حول بدايات املسرح ال ُعماني وأه ّم‬ ‫إجنازاته‪ ،‬باإلضافة إىل حملات عن بدايات‬ ‫املسرح العربي وبعض املسارح العاملية‪ .‬وقد ض ّم‬ ‫اإلصدار ثالثة فصول رئيسية وهي البدايات‬ ‫ومهرجان المسرح العماني‪ ،‬فيما محل الفصل‬ ‫األخري عنوان المختصر المفيد عن المسرح‬ ‫العربي الجديد‪.‬‬ ‫أما مهرجان "صحار للمسرح اجلامعي" فقد‬ ‫شهد تقديم مخسة أعمال‪ ،‬وهي صراخ الصمت‬ ‫األخرس‪ ،‬من إعداد وإخراج أحمد العجمي‪،‬‬ ‫وزرياب من إعداد وإخراج حمد الزدجالي‬ ‫وهو حائز على جائزة أفضل خمرج يف أيام‬ ‫صحار المسرحية األولى وعلى أفضل عرض‬ ‫مسرحي متكامل يف الدورة املسرحية املاضية‪،‬‬ ‫وزرياب مقتبسة من قصة عفو ًا مموزين للكاتب‬ ‫أحمد إسماعيل وهي من اقتباس الطالبتني‪:‬‬ ‫ميعاد الشيدية وآمنة المسلمانية‪ ،‬ومن إعداد‬ ‫وإخراج الطالب حمد الزدجالي‪ .‬أما األعمال‬ ‫الباقية فهي زهرة الحكايا املقتبسة عن قصة‬ ‫لـ عباس الحايك ومن إعداد وإخراج وبطولة‬ ‫إسراء العجمية‪ ،‬ووحوش المدينة إعداد‬ ‫وإخراج وتصميم ديكور وسينوغرافيا ومالبس‬ ‫تركي البلوشي‪ ،‬وهو أحد املواهب املسرحية يف‬ ‫مسرح كلية العلوم التطبيقية يف صحار وحاصل‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫خالصات‬

‫إن رصد املسرح ال ُعماني يف حراكه االحرتايف‬ ‫أو اجلامعي ال ميكن أن خيرج عن رصد حتديات‬ ‫املسرح بشكل عام‪ ،‬حيث ميكن حتديد مجلة‬ ‫من املسائل يف هذا اإلطار‪ ،‬يف طليعتها عدم‬ ‫وجود بنية حتتية كافية لتغطية مستلزمات‬ ‫العمل االحرتايف‪ ،‬وهو أمر ظ ّل ّ‬ ‫حمط حديث‬ ‫املسرحيني ال ُعمانيني‪ ،‬على الرغم من وجود‬ ‫قاعات مسرحية متع ّددة‪ .‬إذ إن التجهيزات‬ ‫الفنية ال تتناسب مع تطور الرؤى املسرحية من‬

‫للمسرح الشعبي‬

‫اإلضافة الجديدة للمسرح العماني‬ ‫خالل العام ‪ 2009‬كانت التدشين الرسمي‬ ‫للجمعية ال ُعمانية للمسرح‪ ،‬وإطالق شعارها‬ ‫الجديد الذي قام بتصميمه المسرحي‬ ‫والتشكيلي طاهر الحراصي‪..‬‬

‫رصد المسرح ال ُعماني في حراكه‬ ‫االحترافي أو الجامعي ال يمكن أن يخرج‬ ‫عن رصد تحديات المسرح بشكل عام في‬ ‫السلطنة‪ ،‬حيث يمكن تحديد جملة من‬ ‫المسائل في هذا اإلطار‪ ،‬في طليعتها عدم‬ ‫وجود بنية تحتية كافية لتغطية مستلزمات‬ ‫العمل االحترافي‪ ،‬وهو أمر ظ ّل ّ‬ ‫محط‬ ‫حديث المسرحيّين ال ُعمانيّين‪ ،‬على الرغم‬ ‫من وجود قاعات مسرحية متع ّددة‪..‬‬

‫الثقافية‬ ‫المسرح في إطار الفعاليات‬ ‫ّ‬ ‫للعام ‪2009‬‬

‫ال ميكن احلديث عن املشهد املسرحي‬ ‫الفلسطيين يف العام ‪ ،2009‬مبعزل عن ثالث‬ ‫فعاليات ثقافية رئيسية احتلت املشه َد اإلبداعي‬ ‫الفلسطيين‪ ،‬أبر ُزها احلدث الذي لن يتك ّرر وهو‬ ‫اختيار القدس عاصمة للثقافة العربية يف العام‬ ‫‪ ،2009‬أما الفعالية الثانية فهي مهرجان أيام‬ ‫المنارة المسرحية الدولي الذي ينظمه سنوياً‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫اإلبداع‬

‫على جائزة أفضل سينوغرافيا ملسرحية‬ ‫في موضع منهار يف أيام صحار المسرحية‬ ‫األولى‪ ،‬وبلّها واشرب‬ ‫مايها تأليف ناصر‬ ‫ّ‬ ‫العيسائي‪ ،‬وإخراج مؤيد العيسائي‪.‬‬ ‫أتت موضوعات األعمال متن ّوعة‪ ،‬منها ما هو‬ ‫متعلّق مبعاناة الشباب من أجل إيصال إبداعهم‬ ‫لألخرين مثل زرياب‪ ،‬وبعضها اآلخر يتناول‬ ‫اهلموم املختلفة للمواطن العربي مثل صراخ‬ ‫الصمت األخرس‪ ،‬وبعضها يطرح صراع اخلري‬ ‫والشر مثل وحوش المدينة‪ ،‬لكن الالفت يف‬ ‫هذه األعمال أنها تنهض بعبء تقديم طاقات‬ ‫شابة للمسرح ال ُعماني من مؤلفني وخمرجني‬ ‫وممثلني وفنّيني على الرغم من اإلمكانات‬ ‫احملدودة للفرق اجلامعية‪ ،‬وهو ما يظهر غالباً‬ ‫يف البعد اإلنتاجي للعمل‪ ،‬حيث تُقلّص حمدودية‬ ‫اإلمكانات من اخليارات الفنية واجلمالية‪ ،‬على‬ ‫الرغم من وجود اهتمام الفت بهذا املسرح‬ ‫الذي حيظى مبتابعة اجلمهور واإلعالم‪ ،‬والنقد‪،‬‬ ‫وهو أمر قلما جنده يف بلدان أخرى‪ ،‬حيث ال‬ ‫يأخذ غالباً املسرح اجلامعي حقّه من املتابعة‬ ‫اإلعالمية والنقدية‪ ،‬ومن املفيد القول إن هذه‬ ‫العروض حظيت جبلسات نقدية‪ ،‬إذ ّ‬ ‫متت‬ ‫مناقشة فضاءات األعمال‪ ،‬األمر الذي يش ّكل‬ ‫تقليداً مهماً هلذا املسرح‪.‬‬ ‫والتميز‬ ‫فلسطين‪ :‬التمويل غربي ‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫أحالم‬

‫جهة‪ ،‬أو مع ما ظهر يف عامل التقنيات املسرحية‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬وهو ما يؤثّر بشكل مباشر يف‬ ‫السوية اإلخراجية لألعمال‪.‬‬ ‫يف املقابل تظهر احلاجة املاسة لالطالع على‬ ‫التجارب األخرى من خالل العروض اليت ما‬ ‫زال بعضها يعاني من غياب التأهيل الالزم‬ ‫للممثّل‪ ،‬وخباصة أن الكثري من البلدان العربية‬ ‫األخرى قد قطعت أشواطاً كبرية يف جمال‬ ‫إعداد املمثل من خالل املعاهد أو األكادمييات‪.‬‬ ‫وغياب التمويل الكايف لألعمال املسرحية‬ ‫هو اآلخر يش ّكل إحدى العقبات الرئيسية للعمل‬ ‫املسرحي يف ظ ّل غياب تف ّرغ املمثلني‪ ،‬وهو أمر‬ ‫جيعل إنتاج العروض قائماً على الدوافع الفردية‬ ‫واجلماعية املتحمسة للعمل املسرحي‪.‬‬ ‫تبدو نسبة األعمال اليت تتناول الواقع احمللي‬ ‫ومشكالته غري متناسبة مع عدد األعمال اليت‬ ‫تتناول القضايا العامة أو األفكار اجملردة‪ ،‬وهو‬ ‫ما يشري إىل أن حالة التأليف مل تشتبك بعد‬ ‫على مستوى كبري مع واقع املؤلّف‪ ،‬وبيئته‪،‬‬ ‫وقضايا الناس من حوله‪ ،‬و"رمبا" يعود الغياب‬ ‫إىل التاريخ القصري نسبياً حلركة التأليف داخل‬ ‫السلطنة‪.‬‬

‫‪567‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 568‬للتنمية الثقافية‬

‫غياب التمويل الكافي لألعمال‬ ‫المسرحية في السلطنة يش ّكل إحدى‬ ‫العقبات الرئيسة لتواصل العمل الدرامي‪،‬‬ ‫خصوصاً في ظ ّل غياب تف ّرغ الممثلين؛‬ ‫األمر الذي يجعل إنتاج العروض قائماً‬ ‫على الدوافع الفردية والجماعية المتحمسة‬ ‫للعمل المسرحي‪..‬‬

‫تبدو نسبة األعمال المسرحية التي‬ ‫تتناول الواقع المحلّي ومشكالته في ُعمان‬ ‫غير متناسبة مع نظيراتها التي تتناول‬ ‫القضايا العامة أو األفكار المجردة‪ ،‬وهو‬ ‫ما يشير إلى أن حالة التأليف الدرامي‬ ‫لم تشتبك بعد على مستوى كبير مع واقع‬ ‫المؤلّف‪ ،‬وبيئته‪ ،‬وقضايا الناس من حوله‪،‬‬ ‫وربما يعود هذا الغياب إلى التاريخ القصير‬ ‫نسبياً لحركة التأليف المسرحي داخل‬ ‫السلطنة‪..‬‬

‫املؤسسات‬ ‫مسرح وسينماتك القصبة أحد أكثر ّ‬ ‫الفنية نشاطاً يف األراضي الفلسطينية‪.‬‬ ‫بينما كانت الفعالية الثالثة المهرجان‬ ‫الدولي الثاني لمسرح المضطهدين‪ ،‬الذي‬ ‫ّ‬ ‫ينظمه مسرح عشتار وجاء حتت عنوان إرفع‬ ‫صوتك ‪ ..‬طالب بحقك‪ ،‬وهو مهرجان ثقايف‬ ‫نوعي على مستوى املنطقة‪.‬‬ ‫لدى احلديث عن احلراك املسرحي‬ ‫الفلسطيين يف العام ‪ ،2009‬تستأثر هذه‬ ‫الفعاليات الثالث باملشهد املسرحي إىل ح ّد‬ ‫بعيد‪ ،‬تارك ًة هامشاً لبعض املسارح األخرى‬ ‫اليت تقع خار َج مدينة رام الله‪ ،‬وهذا األمر ال‬ ‫يأتي من باب املصادفة‪ ،‬حبيث بات معلوماً لدى‬ ‫اجلميع أن رام الله ليست العاصم َة السياسية‬ ‫فقط‪ ،‬بل الثقافية أيضاً يف الضفة الغربية‪،‬‬ ‫بسبب كثرة املراكز الثقافية والفنّية واملسارح‬ ‫وتن ّوعها‪ ،‬وقدرتها على توفري دعم مالي‬ ‫للمشروعات الفنية املتنوعة‪ ،‬وكما يقال فهي‬ ‫عاصمة "املؤسسات غري احلكومية" أيضاً‪.‬‬ ‫يف احتفالية القدس عاصمة الثقافة‬ ‫العربية لعام ‪ ،2009‬كان من املتوقع أن يرتقي‬ ‫الدع ُم املق ّدم للمسرح إىل مستوى االحتفالية‬ ‫الكبري‪ ،‬لك ّن الواقع مل يكن كذلك‪ ،‬حبيث‬ ‫اقتصرت النتاجات املسرحية اليت ّمت متويلها‬ ‫من االحتفالية على عدد حمدود جداً رمبا ال‬ ‫يتجاوز املسرحيتني‪ :‬الضوء األسود للمسرح‬ ‫الشعيب الفلسطيين‪ ،‬وأنا القدس لمسرح‬ ‫عشتار‪ ..‬ما جعل غالبي َة املسارح تتجه لتقديم‬ ‫مسرحياتها القدمية بثوب جديد يف فعاليات‬ ‫االحتفالية وحتت عنوانها‪ ،‬بعدما انتظرت بال‬ ‫طائل متوي َل سيناريوهات مسرحية جديدة بقيت‬ ‫ورقاً يف األدراج‪.‬‬ ‫وال خيفى على أح ٍد أن الغالبي َة العظمى من‬ ‫املسارح الفلسطينية تعمل وفق مشروعات متويل‬ ‫ومؤسسات دولية وحملية‪ ،‬وأن أ ّي‬ ‫من قناصل ّ‬

‫إنتاج مسرحي جديد مرهو ٌن بتوافر الدعم‬ ‫ٍ‬ ‫املالي له‪ ،‬وال سيما يف ظ ّ‬ ‫دعم‬ ‫وجود‬ ‫عدم‬ ‫ل‬ ‫ٍ‬ ‫رمسي يُذكر من وزارة الثقافة الفلسطينية اليت‬ ‫وعجز يف‬ ‫تعاني هي األخرى من ُش ّح يف املوارد ٍ‬ ‫امليزانية‪ ،‬إذ تبلغ حصتُها من ميزانية احلكومة‬ ‫حنو ‪ 150‬ألف دوالر فقط ال غري!!!‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن اإلنتاج املسرحي‬ ‫الفلسطيين مرهون بتوفري التمويل واملناسبة‪،‬‬ ‫وما ش ّذ عن هذين املعيارين أتى من باب‬ ‫االجتهاد الشخصي وهذا ناد ٌر جداً‪ ،‬إال أن‬ ‫خمتلف النتاجات ر ّكزت على اهلموم الفلسطينية‬ ‫احمللية وقضايا الناس العاديني‪ ،‬وحضر اهل ّم‬ ‫السياسي وهو أبرزها يف ك ّل املسرحيات بشكل‬ ‫فن‪ ،‬فكيف من املمكن‬ ‫مباشر أو كإسقاط يّ‬ ‫احلديث عن فلسطين من دون ذكر االحتالل!‪.‬‬ ‫شارع فساد الدين‬

‫ق ّدم مسرح الرواة ومق ّره القدس‪ ،‬واحد ًة من‬ ‫أهم املسرحيات خالل العام ‪ ،2009‬إن مل نقل‬ ‫أهم مسرحية فلسطينية خالل السنوات‬ ‫إنها ُّ‬ ‫اخلمس املاضية‪.‬‬ ‫ابتدا ًء من العنوان الساخر شارع فساد‬ ‫الدين بتحريف مقصود أله ّم شوارع القدس‬ ‫العربية وأشهرها شارع صالح الدين‪ ،‬إىل‬ ‫نص املسرحية وحبكتها‪ ،‬جنح املخرج واملؤلّف‬ ‫ّ‬ ‫إسماعيل الدباغ‪ ،‬يف تسليط الضوء على املآسي‬ ‫واملفارقات اليت يعيشها أه ُل القدس‪ ،‬بقالب من‬ ‫الكوميديا الساخرة‪ ،‬أضحكت اجلمهور‪ ،‬لكنها‬ ‫فتحت عيونَه على واقع مل يدرك مدى صعوبته‬ ‫وسوداويته لدى املقدسيني‪.‬‬ ‫الكوميديا الواقعية العفوية كانت سيدة‬ ‫املوقف يف املسرحية حتى يف طرح أعقد‬ ‫املشكالت من تهجري املقدسيني‪ ،‬والضرائب‬ ‫الباهظة اليت تفرض عليهم من االحتالل‬ ‫اإلسرائيلي‪ ،‬إىل املشكالت االجتماعية وهي‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫رمزية مفرطة‬

‫مشروعات التمويل من قناصل‬ ‫ومؤسسات دولية ومحلية هي التي‬ ‫تض ّخ الدم في شرايين أغلب المسارح‬ ‫الفلسطينية في الضفة الغربية‪ ،‬خصوصاً‬ ‫في ظ ّل انعدام وجود دعم رسمي يذكر‬ ‫من وزارة الثقافة الفلسطينية التي تعاني‬ ‫هي األخرى من ش ّح الموارد وعجز في‬ ‫الميزانية‪ ،‬إذ تبلغ حصتها من ميزانية‬ ‫الحكومة نحو ‪ 150‬ألف دوالر فقط!!‪..‬‬

‫أهم عرض مسرحي فلسطيني في‬ ‫العام ‪ ،2009‬إن لم يُقل إنه أهم عمل‬ ‫مسرحي فلسطيني خالل السنوات‬ ‫الخمس الماضية كان‪ " :‬شارع فساد‬ ‫الدين"‪ ..‬مسرحية كوميدية طرحت أعقد‬ ‫المشكالت‪ ..‬من تهجير المقدسيين‪،‬‬ ‫وفرض الضرائب الباهظة عليهم‪ ،‬إلى‬ ‫المشكالت االجتماعية المتوالية‪ ،‬وهي‬ ‫الجانب المسكوت عنه في أي حديث عن‬ ‫المدينة وأهلها بسبب اقتصار أي حديث‬ ‫عن القدس على الجانب السياسي فقط‪..‬‬

‫يف العام الفائت ّمت تقديم مسرحييت‬ ‫مونودراما أي مسرحية املمثل الواحد‪ ،‬حيث‬ ‫قدمت الفنانة إيمان عون مسرحية أنا القدس كالرنيت‪...‬من مسرح سفر‬ ‫من إنتاج مسرح عشتار‪ ،‬وإخراج ناصر عمر‪،‬‬ ‫روى الغول عرب مونودراما كالرنيت فص ًال‬ ‫بينما ق ّدم مسرح سفر عرب مديره الفنان فادي من سريته الذاتية عندما كان يف س ّن العاشرة‪،‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫اإلبداع‬

‫اجلانب املسكوت عنه يف أ ّي حديث عن املدينة‬ ‫وأهلها‪ ،‬بسبب اقتصار أ ّي حديث عن القدس‬ ‫على اجلانب السياسي فقط‪.‬‬ ‫جنح الفنان إسماعيل الدباغ الذي لعب دوراً‬ ‫حمورياً يف مسرحية أبو رابوص‪ ،‬والفنانون‪ :‬رشا‬ ‫جهشان‪ ،‬وحسام الدين غوشة‪ ،‬وعطا ناصر‪،‬‬ ‫وعالء أبو غربية‪ ،‬يف تقديم مسرح كوميدي‬ ‫ين على املواقف‬ ‫حمرتف ساخر للكبار‪ ،‬مب ّ‬ ‫والقفشات املضحكة لألحداث اليومية اليت مي ّر‬ ‫بها أ ّي مقدسي يعيش يف املدينة‪.‬‬ ‫ق ّدم الدباغ شخصية "أبو رابوص" ‪ -‬اسم‬ ‫‏حشرة معروفة فلسطينياً أنها تعيش يف القبور ‪-‬‬ ‫شخصية رجل يعتقد اجلمي ُع أنه خمت ٌل عقلياً‪،‬‬ ‫يف حني أنه يسخر من الواقع‪ ،‬وحتمل تعليقاته‬ ‫وعباراته املضحكة معاني أكثر عمقاً‪.‬‬ ‫يف أحد احلوارات يف املسرحية‪ ،‬يعبرّ أبو‬ ‫رابوص للشرطية اإلسرائيلية عن حلمه مبوت‬ ‫ك ّل من يف سوق باب العامود ‪ -‬الذي يكثر‬ ‫التواجد اإلسرائيلي فيه ‪ -‬وكيف سيقوم بتكفني‬ ‫اجلميع بيديه ليأكلهم أبو رابوص‪.‬‬ ‫املسرحية كوميدية واقعية بامتياز‪ ،‬ورفض‬ ‫مسرح الرواة قبول أ ّي دعم أجنيب يف إنتاج‬ ‫عكس موقفاً استثنائياً‪ ،‬لتقوم بعدها‬ ‫املسرحية َ‬ ‫املسرحي ُة يف جوالتها يف عدد من مدن الضفة‬ ‫الغربية وتصل إىل أكرب عدد ممكن من‬ ‫اجلمهور‪ ،‬مؤكد ًة بذلك أن املسر َح ليس للنخبة‬ ‫يعكس همو َم‬ ‫فقط‪ ،‬بل هو للجميع ويستطيع أن َ‬ ‫الناس العاديني ويصل إليهم أيضاً‪.‬‬

‫الغول مسرحية كالرنيت‪ ،‬وهي من بنات أفكاره‬ ‫وكتابته وإخراج أكرم المالكي‪.‬‬ ‫يف املسرحية األوىل تتم رواية سرية مدينة‬ ‫وهي القدس‪ ،‬بينما تنحاز الثانية كالرنيت إىل‬ ‫السرية الذاتية للفنان الغول‪.‬‬ ‫يف أنا القدس ق ّدمت إيمان عون مسرحية‬ ‫بقالب رمزي‪ ،‬حبيث ُمثّلت القدس مدين ًة بروح‬ ‫وجسد امرأة‪ ،‬يسعى الغزا ُة دوماً الغتصابها‬ ‫حمطات‬ ‫وإخضاعها‪ ،‬لتسر َد عرب ساعة كاملة‬ ‫ٍ‬ ‫من تاريخ القدس عرب احلضارات املختلفة اليت‬ ‫تعاقبت عليها من كنعانيني‪ ،‬يبوسيني‪ ،‬عربانيني‪،‬‬ ‫رومان‪ ،‬عرب مسلمني‪.‬‬ ‫الشكل املسرحي لـ أنا القدس كان العلبة‪،‬‬ ‫فالديكور كان بسيطاً ومتح ّركاً‪ ،‬و ّمت استخدام‬ ‫اإلضاءة يف زاوية واحدة فقط من املسرح املعتم‪،‬‬ ‫بينما ظلّت الصور تُعرض تباعاً على خلفية‬ ‫املسرح‪.‬‬ ‫وجود الراقصني البارعني رشا جهشان‬ ‫ومحمد عيد‪ ،‬عرب تقدميهما لوحات رقص‬ ‫تعبريية غاية يف الرباعة واجلمال‪ ،‬رمبا كان‬ ‫أحد األسباب الرئيسية لبقاء اجلمهور يف قاعة‬ ‫املسرح‪ ،‬حيث كسرت لوحاتهما ملل السرد الذي‬ ‫سيطر على أجواء املسرحية‪.‬‬ ‫لكن الرمزية املفرطة‪ ،‬واإلحاالت التارخيية‬ ‫الكثرية‪ ،‬وقفت حاجزاً ما بني املسرحية‬ ‫ري‬ ‫ووصوهلا إىل مجهور أوسع‪ ،‬إذ وجدها الكث ُ‬ ‫من املشاهدين يف العرض األول الذي جاء من‬ ‫ضمن مهرجان أيام المنارة المسرحية الدولية‬ ‫يف نيسان‪ /‬أبريل ‪ ،2009‬مغرق ًة بالرمزية‬ ‫وتفتقد لشبكة الرتابط‪ ،‬وأنّه كان من املمكن‬ ‫تقديم قصة القدس بطريقة أبسط وأقل تعقيداً‪.‬‬

‫‪569‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 570‬للتنمية الثقافية‬

‫وحتديداً يوميات اجتياح لبنان يف العام ‪،1982‬‬ ‫اليت ما زالت تفاصيلُها تعيش يف داخله‪ ،‬فهناك‬ ‫استُشهدت والدتُه‪ ،‬وبصعوبة استطاع النجا َة مع‬ ‫جدته وشقيقته من موت متحقق‪.‬‬ ‫يف كالرنيت ال نشاهد بكائية‪ ،‬بل ختتلط‬ ‫الذكريات املؤملة مع تفاصيل مضحك ٍة ألشخاص‬ ‫ُ‬ ‫عرفهم الغول عن قرب‪ ،‬مع بعض املبالغة‬ ‫احملببة خلدمة الكوميديا‪.‬‬ ‫ضحكات‬ ‫استطاع الغول أن ينتزع من اجلمهور‬ ‫ٍ‬ ‫وغصات حزن‪.‬‬ ‫عالي ًة‬ ‫ِ‬ ‫احلرب اليت أفقدته والدتَه ق ّربته أكثر من‬ ‫املوسيقى عرب آلة "الكالرينت" اليت وجدها‬ ‫يف غرفة يف فندق مهجور خالل رحلة الّلجوء‬ ‫ُ‬ ‫ظروف حرب بيروت‬ ‫الداخلية اليت فرضتها‬ ‫‪ُ ،1982‬عرضت املسرحي ُة على خشبة مسرح‬ ‫القصبة يف آب‪ /‬أغسطس ‪ ،2009‬وط ّوفت يف‬ ‫عدد من املدن الفلسطينية قبل أن تُعرض يف‬ ‫دول عربية وأجنبية عديدة‪.‬‬ ‫مسرحية هبوط اضطراري‬

‫على الرغم من أن رائعة‬ ‫ُ‬ ‫مسرحية هبوط اضطراري‪ ،‬كانت قد أنتجت يف‬ ‫العام ‪ ،1999‬للمرة األوىل يف مسرح الحكواتي‪،‬‬ ‫وأخرجها الراحل مازن غطاس‪ ،‬إال أن مسرح‬ ‫حكايا اختار إعادة إنتاج املسرحية وإخراجها‬ ‫بقالَب جديد وتقدميها عرب ع ّدة عروض من‬ ‫ضمن احتفالية القدس عاصمة الثقافة‬ ‫العربية لعام ‪.2009‬‬ ‫املسرحية من بطولة الفنانَني عماد مزعرو‪،‬‬ ‫وحسام أبو عيشة‪ ،‬وأخرجها من جديد طاقم‬ ‫املسرحية بالتعاون مع املؤلف سلمان ناطور‪،‬‬ ‫مع إضافات نوعية يف اإلضاءة واملوسيقى‬ ‫التصويرية‪.‬‬ ‫تتناول املسرحية غرب َة اإلنسان الفلسطيين‬ ‫يف وطنه ويف منفاه بأسلوب جيمع بني السخرية‬ ‫سلمان ناطور‬

‫الالذعة وبني املعاينة املؤثرة واملبكية لعبثية‬ ‫احلالة الفلسطينية‪ ،‬حني يضطر الفلسطيين إىل‬ ‫اهلبوط االضطراري من ُحلمه اجلميل والعادل‬ ‫إىل واقع احتاللي خانق‪.‬‬ ‫املسرحية كوميدية واقعية‪ ،‬تعكس معانا َة‬ ‫الفلسطيين الذي يكون مضطراً دوماً للدفاع عن‬ ‫نفسه ضد الشبهات‪ ،‬ومطالباً بتقديم شهادة‬ ‫" ُحسن سرية وسلوك" عن وجوده وبقائه‪.‬‬ ‫املسرحية تستعيد تفاصي َل غري عادية من‬ ‫وأم مل يب َق‬ ‫حياة شقيقني افرتقا بني هنا وهناك ٍ‬ ‫هلا إال أمنية واحدة‪ :‬قبلة من ابنها بعد غياب‬ ‫ثالثني عاماً‪ ،‬ظنّت أن اتفاقية أوسلو ستحققها‬ ‫هلا‪ ،‬وأن كل شيء صار "صايف يا لنب"‪ ،‬لكن‬ ‫الواقع جاء بعكس ذلك‪.‬‬ ‫أيام المنارة المسرحية الدولية‬

‫يف مهرجان أيام المنارة المسرحية الدولية‬

‫‪ ،2009‬الذي ّ‬ ‫ينظمه‬ ‫كان اجلمهور الفلسطيين على موعد مع ‪13‬‬ ‫عرضاً مسرحياً من الضفة الغربية‪ ،‬واألراضي‬ ‫الفلسطينية المحتلة العام ‪ ،1948‬فض ًال عن‬ ‫عروض من تونس‪ ،‬واملغرب‪ ،‬وأملانيا‪ ،‬وفرنسا‪،‬‬ ‫والدمنارك‪ ،‬وإجنلرتا‪ ،‬وبلجيكا‪.‬‬ ‫العروض الدرامية احمللية اقتصرت على‬ ‫مسرحيتني‪ :‬أنا القدس و شارع فساد الدين‪.‬‬ ‫بينما ق ّدم املسر ُح الفلسطيين لألراضي‬ ‫احملتلة العام ‪ ،1948‬ثالث مسرحيات‪ ،‬استقبلها‬ ‫اجلمهو ُر الفلسطيين حبفاوة بالغة‪.‬‬ ‫فقد ق ّدم مسرح الميدان من حيفا "سيدة‬ ‫محترمة جداً" املأخوذة من مسرحية جان‬ ‫بول سارتر"مومس تؤلف كتاب ًا"‪ ،‬وق ّدم مسرح‬ ‫الالز من عكا مسرحية المغتربان‪ ،‬وق ّدم مسرح‬ ‫انسمبل فرينج من الناصرة مسرحية مرة أخرى‬ ‫قصة حب‪.‬‬ ‫القائمون على املسارح الفلسطينية يؤكدون‬ ‫مسرح وسينماتك القصبة‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫أن تف ّو َق مسرح فلسطين ‪ 48‬على مسارح الضفة‬ ‫والقطاع‪ ،‬يعود الستمرارية العمل اليت ختلق‬ ‫تراكماً يُبنى عليه النجاح‪ ،‬وبُع ِده عن اهلزات‬ ‫السياسية واالقتصادية وما أكثرها يف الضفة‬ ‫والقطاع‪ ،‬إضاف ًة إىل أن غالبية العاملني يف تلك‬ ‫متخصصة‪،‬‬ ‫املسارح مؤهلون أكادميياً يف كليات ّ‬ ‫ليحققوا بذلك تزاوجاً ما بني املوهبة والكفاءة‬ ‫والدراية األكادميية‪ ،‬وليس أمراً بسيطاً أن‬ ‫سهولة تنقّلهم لالطالع على املسارح الدولية‬ ‫هي فرصة كبرية ال تتوافر لفعاليات مجاعات‬ ‫مسارح الضفة والقطاع‪.‬‬ ‫موسم مسرح المضطهدين‬

‫على الرغم من أ ّن رائعة سلمان ناطور‬ ‫"هبوط اضطراري" كانت قد أنتجت في‬ ‫العام ‪ 1999‬عبر مسرح "الحكواتي"‪ ،‬إالّ‬ ‫أ ّن مسرح "حكايا" اختار إعادة إنتاج‬ ‫المسرحية وإخراجها بقالب جديد‬ ‫وتقديمها ضمن احتفالية القدس عاصمة‬ ‫الثقافة العربية في العام ‪ ...2009‬تتناول‬ ‫المسرحية غربة الفلسطيني في وطنه وفي‬ ‫منفاه بأسلوب يجمع بين السخرية والعبثية‬ ‫المبكية‪ ،‬خصوصاً حين يضطر الفلسطيني‬ ‫إلى تقديم "شهادات حسن سيرة وسلوك"‬ ‫عن وجوده وبقائه‪..‬‬

‫اإلبداع‬

‫يش ّكل مسرح املضطهدين عاملاً خمتلفاً من‬ ‫تبن‬ ‫ف ّن الدراما‪ ،‬لكن بعد عشر سنوات على يّ‬ ‫مسرح عشتار يف رام هلل فلسفة هذا املسرح‬ ‫وتقديم عشرات العروض من وحيه‪ ،‬أصبح‬ ‫عالم ًة فارق ًة يف املشهد املسرحي الفلسطيين‪.‬‬ ‫يف العام ‪ 2009‬كانت الدورة الثانية من‬ ‫مهرجان مسرح المضطهدين الذي تبناه مسرح‬ ‫عشتار على مستوى إقليمي‪ ،‬ليس على صعيد‬ ‫اإلنتاج املسرحي فحسب‪ ،‬بل أيضاً على صعيد‬ ‫تدريب الكوادر الفنية يف األردن‪ ،‬مصر‪ ،‬اليمن‪،‬‬ ‫وغريها من الدول العربية‪.‬‬ ‫وكانت والد ُة مسرح املضطهدين يف البرازيل‬ ‫يف العام ‪ ،1971‬على يد أغوستو بوال كوسيلة‬ ‫ملعاجلة املشكالت احمللية‪.‬‬ ‫ويقوم هذا املسرح على طرح مشكلة وإحداث‬ ‫تفاعل مباشر مع اجلمهور ليج َد احلل‪ .‬يف‬ ‫ست‬ ‫موسم مسرح المضطهدين ‪ 2009‬شاركت ُّ‬ ‫دول بعروض مسرحية‪ ،‬بعض هذه الدول عانى‬ ‫االضطهاد والعنصرية‪ .‬أما الدول اليت حالفها‬ ‫تعان من هذه الويالت فقدمت عروضاً‬ ‫الق َدر ومل ِ‬ ‫ناقشت قضاياها ومتاعبَها اخلاصة‪ .‬على سبيل‬ ‫املثال ق ّدم مسرح رد الفعل من السويد‪،‬‬

‫مسرحية "حرير‪ ،‬خرقة‪ ،‬بقعة" الذي يناقش‬ ‫قضي َة الوحدة بني األطفال هناك‪ .‬أما مسرح‬ ‫هالي األملاني فقدم مسرحية شعب زائد عن‬ ‫الحاجة حتدثت عن املهاجرين والعاطلني عن‬ ‫العمل يف الدول الغنية‪ ،‬وكيف أنهم ال يتمتعون‬ ‫حبقوقهم املدنية‪ ،‬وباتوا زائدين عن احلاجة‪.‬‬ ‫على الصعيد الفلسطيين ّمت تقديم‬ ‫مسرحيتني‪ ،‬سلطتا الضوء على اهلموم احمللية‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬هموم الشباب يف القدس‪،‬‬ ‫والفتيات أيضاً‪.‬‬ ‫ق ّدم عشتار مسرحية حكاية سعيد‬ ‫المسعود‪ ،‬اليت سلطت الضو َء على مشكلة‬ ‫ري قليل من شباب القدس‪..‬‬ ‫يعاني منها عد ٌد غ ُ‬ ‫إنها املخدرات اليت أغرقت إسرائيل األحيا َء‬ ‫العربية بها‪.‬‬ ‫يف املسرحية يظهر سعيد ابن القدس‬ ‫مدمناً على املخدرات‪ ،‬وسرعان ما يقنعه مر ّوج‬ ‫خمدرات كبري بالرحيل معه إىل يافا‪ ،‬وبعد‬ ‫سنوات من التعاطي والرتويج ينهار ويطلب‬ ‫املساعدة‪.‬‬ ‫أما مسرحية يوم من الماضي‪ ،‬يوم من‬ ‫المستقبل‪ ،‬اليت ق ّدمتها جميعة الشابات‬ ‫المسيحية وطالبات المدرسة اإلنجيلية‪،‬‬ ‫فقدمت مشكل َة غياب حقوق املرأة ومساواتها يف‬ ‫جمتمع عربي تقليدي‪ ،‬يعرض املمثلون املشكل َة‬ ‫على اجلمهور‪ ،‬ويطلبون مساعدته يف إجياد‬ ‫وحلول مقرتحة‪.‬‬ ‫بدائ َل ٍ‬

‫‪571‬‬

‫المسرح الشعبي الفلسطيني‬

‫يعترب املسرح الشعيب من أنشط املسارح‬ ‫الفلسطينية وأكثرها تن ّوعاً‪ ،‬فقد أنتج وعرض‬ ‫يف العام ‪ 2009‬أربع مسرحيات‪ ،‬تن ّوعت ما بني‬ ‫الكوميدية‪ ،‬والتجريبية‪ ،‬والصامتة‪.‬‬ ‫وأبرز ميزات هذا املسرح وصوله إىل أكرب‬ ‫عدد ممكن من اجلمهور‪ ،‬عرب عروض مكثفة‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 572‬للتنمية الثقافية‬

‫يعتبر المسرح الشعبي من أنشط‬ ‫المسارح الفلسطينية وأكثرها تن ّوعاً‪،‬‬ ‫فقد أنتج وعرض في العام ‪ 2009‬أربع‬ ‫مسرحيات تنو ّعت ما بين الكوميدية‬ ‫والتجريبية والصامتة‪ ..‬وأبرز ميزات هذا‬ ‫المسرح وصوله إلى أكبر عدد ممكن من‬ ‫الجمهور عبر عروض مكثفة في القرى‬ ‫والمخيمات الفلسطينية‪ ،‬أي في األماكن‬ ‫التي ال تصلها غالبية المسارح المكتفية‬ ‫بعروض مركزية في بعض المدن‪..‬‬

‫حازت الكوميديا الشعبية‪" :‬الدغري"‬ ‫المقتبسة عن رواية الكاتب التركي الساخر‬ ‫عزيز نيسين "زوباك"‪ ،‬على ر ّد فعل شعبي‬ ‫الفت‪ ،‬ربما يعود ذلك لتناولها موضوع‬ ‫االنتخابات والسلطة والحاكم المنافق‪،‬‬ ‫بشكل ساخر‪ ،‬وحبكة مسرحية جذابة‪ ،‬فيها‬ ‫إسقاط على الواقع السياسي في العالم‬ ‫العربي‪..‬‬

‫يف القرى واملخيمات الفلسطينية‪ ،‬أي األماكن‬ ‫اليت ال تصلها غالبية املسارح املكتفية بعروض‬ ‫مركزية يف بعض املدن‪.‬‬ ‫مجيع املسرحيات أخرجها مدير املسرح‬ ‫الشعيب الفنان فتحي عبد الرحمن‪ ،‬وشارك يف‬ ‫التمثيل أسرة املسرح الشعيب‪ ،‬وعدد من هواة‬ ‫الف ّن من طلبة اجلامعات‪.‬‬ ‫الدغري‬

‫ُقدمت يف حلبة مصارعة‪ ،‬بينما تو ّزع اجلمهور‬ ‫حول احللبة متابعاً املسرحية اليت خلت من أ ّي‬ ‫ديكور يذكر‪ ،‬واقتصرت على بعض املتعلقات‬ ‫الشخصية لألخوة‪ ،‬واعتمدت بشكل مباشر على‬ ‫السرد الذي أظهر صراع األجيال‪ ،‬وتفكك العائلة‪،‬‬ ‫عرب سرد أحداث حالية أو تداعيات من الطفولة‪.‬‬ ‫أحالم معلّقة‬

‫مسرحية مبنية على اخليال الواقعي‪،‬‬ ‫وتناقش أحالم عشرة من الفتيان والفتيات‬ ‫ترتاوح أعما ُرهم ما بني ‪ 13‬إىل ‪ 16‬عاماً‪،‬‬ ‫حيلمون بواقع أفضل‪ ،‬وال يكفّون عن التخيل‪،‬‬ ‫يتخيلون أنهم على البحر‪ ،‬وأنهم يسافرون إىل‬ ‫أي مدينة يرغبون‪ ،‬ك ّل منطلقات هذا اخليال‬ ‫واألحالم تطلع من القبو الذي يعيشون فيه‪ ،‬مع‬ ‫أن الواقع أنهم اليستطيعون السفر ألي مكان‪،‬‬ ‫فاحلدود مغلقة‪ ،‬والبحر بعيد تسيطر عليه‬ ‫إسرائيل‪ ،‬وهم‪ ،‬مثل أبناء جيلهم‪ ،‬ال يستطيعون‬ ‫رؤيته إال على شاشة التلفزيون‪.‬‬

‫حازت الكوميديا الشعبية الدغري املأخوذة‬ ‫عن رواية الكاتب الرتكي الساخر عزيز نيسين‬ ‫زوباك على ر ّد فعل شعيب الفت‪ ،‬رمبا يعود ذلك‬ ‫لتناوهلا موضوع االنتخابات والسلطة واحلاكم‬ ‫املنافق‪ ،‬بشكل ساخر وحبكة مسرحية جذابة‪،‬‬ ‫فيها إسقاط على الواقع السياسي يف العامل‬ ‫العربي‪.‬‬ ‫يف الدغري يركض املواطنون وراء األوهام‪،‬‬ ‫ويبحثون ع ّمن "يسلّك" مصا َ‬ ‫حلهم ولو كذباً‪.‬‬ ‫ُقدمت املسرحية يف شكل مسرح العلبة‬ ‫اإليطالية املغلق أي الصالة‪ ،‬لك ّن طبيعة‬ ‫العرض قابلة للتقديم يف مكان مفتوح من دون الضوء األسود‬ ‫أُنتجت هذه املسرحية بدعم من احتفالية‬ ‫إحداث أي خلل أو إرباك يف شكل العرض أو‬ ‫القدس عاصمة الثقافة العربية لعام ‪،2009‬‬ ‫مضمونه‪.‬‬ ‫ومس ّوغ إنتاجها احلرب اإلسرائيلية على قطاع‬ ‫غزة‪.‬‬ ‫هناك على الشاطئ اآلخر‬ ‫تنتمي هذه املسرحية اىل املسرح الصامت‪،‬‬ ‫تنتمي هذه املسرحية اىل املسرح التجرييب‪،‬‬ ‫وتناقش قص َة عائلة هاجرت إىل الواليات وتعتمد على اإلحياء بالرقص والصور واستخدام‬ ‫المتحدة األمريكية‪ ،‬فانهمك الوالدان جبمع خيال الظل‪ ،‬اىل جانب استخدام األغاني‪.‬‬ ‫تناولت املسرحية العدوان اإلسرائيلي وقنابل‬ ‫املال‪ ،‬وأهمال أوال َدهما الثالثة‪ ،‬ليكون مصري‬ ‫الولد إدمان املخدرات‪ ،‬فيما تقرر البنت الفسفور اليت أضاءت مساء غزة‪ ،‬لكن ضو َءها‬ ‫الصغرى اهلروب مع أمريكي‪ ،‬وحدها البنت كان أسود ألنه محل املوت واهلالك‪ ..‬مل ختل‬ ‫الكربى حتاول إنقاذ العائلة من التفكك األسري املسرحية من اإلسقاطات السياسية حول واقع‬ ‫وتؤكد طوال ساعة العرض على اهلوية العربية االنقسام الفلسطيين الداخلي‪ ،‬سواء عرب‬ ‫الرقصات التعبريية‪ ،‬أم تقنية خيال الظل يف‬ ‫اليت تنتمي إليها‪.‬‬ ‫أسلوب عرض املسرحية كان متفرداً‪ ،‬حيث خلفية املسرح‪.‬‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫المسرح الوطني الفلسطيني‬ ‫(الحكواتي)‬

‫يعترب املسرح الوطين الفلسطيين (احلكواتي)‪،‬‬ ‫من أهم املسارح الفلسطينية وأقدمها‪ .‬تأسس يف‬ ‫العام ‪ ،1984‬ومن رمحه خرجت ثالثة مسارح‬ ‫فلسطينية هي‪ :‬أيام المسرح‪ ،‬والسيرة‪ ،‬وعشتار‪.‬‬ ‫وتسبّب وجوده يف القدس مبضاعفة حتدياته‪،‬‬ ‫إذ يتعرض لإلغالق املتكرر من قوات االحتالل‬ ‫اإلسرائيلي‪ ،‬ومن الصعب‪ ،‬إن مل يكن مستحي ًال‪،‬‬ ‫على مجهور الضفة الغربية أن يذهب للقدس‬ ‫بسبب جدار الفصل العنصري الذي حييط‬ ‫باملدينة‪ ،‬ما حدا باملسرح إىل تكثيف عروضه‬ ‫وجوالته املسرحية يف مدن الضفة الغربية‪ ،‬وأهم‬ ‫إنتاجاته يف العام ‪ 2009‬كانت‪:‬‬ ‫على خطى هاملت‬

‫اإلبداع‬

‫املسرحية ذائعة الصيت لشكسبير‪ّ ،‬مت‬ ‫تناوهلا مع إسقطات حملية فلسطينية‪ ،‬فاملخرج‬ ‫َ‬ ‫نص شكسبير‬ ‫كامل الباشا‪ ،‬حاول‬ ‫استنطاق ّ‬ ‫وحتويله إىل وسيلة للتعبري "عما يعانيه الشباب‬ ‫من اغرتاب وانفصام وغربة داخل جمتمعاتهم‬ ‫وما يعيشونه من صراعات مع آبائهم وأمهاتهم‬ ‫واجليل السابق هلم"‪.‬‬ ‫املسرحية اعتمدت أسلوب سكيرا أو‬ ‫(‪ )schiera‬التمثيلي الذي ابتكره الفنان‬ ‫اإليطالي جابرييل فاتشيس (‪Gabriele‬‬ ‫‪.)Vacis‬‬ ‫اتّسم هذا األسلوب باحلضور الالفت‬ ‫للممثلني على خشبة املسرح والسيطرة التامة‬ ‫عليه من خالل تركيز الوعي اجلسدي والنفساني‬ ‫على املسرحية واملشاهدين‪ .‬وقد كان لالنضباط‬ ‫الالفت يف حركة املمثلني وأدائهم خالل العرض‬ ‫ين يف االستحواذ على تركيز‬ ‫املسرحي بع ٌد ف ٌ‬ ‫املشاهد الذي ظ ّل مشدوداً للروح اجلماعية‬ ‫يف املسري على خشبة املسرح واألداء اجلماعي‬

‫للممثلني حرك ًة وقوالً‪ .‬وهذا االنضباط يف حركة‬ ‫املسري هو جوهر األسلوب املس ّمى سكيرا‪.‬‬ ‫ويف أكثر من مشهد أدخل املخرج بعداً دينياً‬ ‫إسالمياً‪ ،‬ما أضفى هالة خاصة على املسرحية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اصطف املمثلون وبدأوا‬ ‫ففي بداية العرض‪،‬‬ ‫برتديد نشيد ديين إسالمي هو "يا رسول اهلل‬ ‫يا سندي أنت بعد اهلل معتمدي"‪ ،‬وسط زغاري َد‬ ‫وتهالي َل وتالوة من القرآن الكريم‪.‬‬ ‫فكيف يتفق هذا مع حكاية هاملت‬ ‫الرتاجيدية األوروبية اليت حدثت يف الدنمارك‬ ‫النص‬ ‫يف القرون الوسطى كما يتجلّى ذلك يف ّ‬ ‫الشكسبريي؟‪.‬‬ ‫لكن املخرج الباشا له رأ ٌي آخر‪ ،‬فأراد من‬ ‫هذا التدخل "العربي اإلسالمي" أن يضفي‬ ‫بعداً حملياً على املسرحية‪ ،‬مستهدفاً الربط‬ ‫بني األدب العاملي وما حيدث عندنا…"‪ ،‬لذا‬ ‫ال عجب إن ّمت تطعيم لغة املسرحية الفصحى‬ ‫بتعليقات عامية للممثلني!‪.‬‬ ‫املسرحية اليت شارك فيها ‪ 22‬ممث ًال‬ ‫وممثلة‪ ،‬أُنتجت بتمويل من مكتب التعاون‬ ‫اإليطالي‪ ،‬وقدمت ‪ 13‬عرضاً يف مدن الضفة‬ ‫الغربية‪.‬‬

‫‪573‬‬

‫حكواتي في الحكواتي‬

‫هي عبارة عن ثالث قصص قصرية‬ ‫لألطفال لكتّاب أمريكيني بأسلوب احلكواتي‬ ‫املعروف‪ ،‬وكانت من تأليف‪ :‬جبران خليل‬ ‫جبران‪ ،‬واشنطن ارفينج ومارك توين‪ ،‬ومن‬ ‫إعداد وإخراج ‪ :‬كامل الباشا‪ ،‬وقدمت ‪14‬‬ ‫عرضاً‪ ،‬وهي بتمويل من امللحق الثقايف يف‬ ‫القنصلية األمريكية يف القدس‪.‬‬ ‫مرحب ًا يا قدس‬

‫عرض مسرحي بشكل خمتلف‪ ،‬أقرب إىل‬ ‫عرض الشوارع‪ ،‬فأثناء التمثيل يقوم سبعة‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 574‬للتنمية الثقافية‬

‫يعتبر "الحكواتي" من أهم المسارح‬ ‫الفلسطينية وأقدمها‪ ،‬إذ تأسس في‬ ‫العام ‪ 1948‬ومن رحمه خرجت ثالثة‬ ‫مسارح هي‪":‬أيام المسرح"‪" ،‬السيرة"‬ ‫و"عشتار"‪ ..‬وتسبب وجوده في القدس‬ ‫بمضاعفة تحدياته‪ ،‬إذ يتعرض لإلغالق‬ ‫المتكرر من قوات االحتالل ومن الصعب‬ ‫على جمهور الضفة الغربية أن يذهب‬ ‫للقدس بسبب جدار الفصل العنصري‪،‬‬ ‫ما حدا بهذا المسرح إلى تكثيف عروضه‬ ‫وجوالته في مدن الضفة الغربية‪..‬‬

‫كما هو مسرح الكبار‪ ..‬يعاني مسرح‬ ‫األطفال الفلسطيني من ارتهانه للتمويل‪،‬‬ ‫وجميع المسارح الفلسطينية التي تتوجه‬ ‫لألطفال هي حديثة نسبياً‪ ،‬وال يتجاوز‬ ‫عمرها الخمس سنوات‪ ،‬وليس لديها‬ ‫استراتيجية واضحة‪ ،‬أو تواصل في اإلنتاج‬ ‫المسرحي على تواضعه‪ ..‬ويمكن القول إن‬ ‫الكثير منها أنتجه مسرح "عناد" في "بيت‬ ‫جاال"‪ ،‬وهو مسرح مدرسي تعليمي مثابر‬ ‫على ضخ العروض وكان آخرها‪ " :‬األمير‬ ‫والفقير" و" هدية العيد" في العام ‪..2009‬‬

‫ممثلني بإرشاد احلضور واحداً تلو اآلخر على تنجح بتقديم عرض مسرحي شيّق حول عمالة‬ ‫طريق مدينة القدس القدمية‪ .‬أماكن شاهدها األطفال والتزويج املبكر‪.‬‬ ‫املر ُء وسار فيها مرات ع ّدة‪ ،‬لكن هذه امل ّرة يت ّم‬ ‫التعرف إليها مع أوجه جديدة وعناصر صوتية مسرح "نعم" في الخليل‬ ‫وبصرية تظهر يف ضوء جديد‪.‬‬ ‫أنتج مسرح نعم يف الخليل ثالث مسرحيات‬ ‫ُق ّدم العرض على مدار أربعة أيام‪ ،‬ويف ك ّل يف العام ‪ ،2009‬كلها موجهة لألطفال والفتيان‬ ‫يوم اشرتك ‪ 20‬شخصاً طوال فرتة العرض (‪ 75‬ومبشاركتهم‪ ،‬بعدما قامت إدارة املسرح‬ ‫دقيقة)‪ ،‬واملسرحية إنتاج مشرتك للمسرح بتدريبهم على مدار أشهر‪ ،‬هي مسرحيات‬ ‫الوطني وفرقة ( ‪ ) Hello Earth‬الدمنركية‪ ،‬الساحة‪ ،‬الكنز ‪ ،‬أحالم ريم‪.‬‬ ‫وبدعم من مكتب الممثلية الدنمركية‪.‬‬ ‫تناقش مسرحية الساحة مشكلة مكان اللعب‪،‬‬ ‫وكتب نصوص هذا العرض الفنانان حسام حيث ال جيد الطفل مكاناً يذهب إليه‪ ،‬احلرية‬ ‫أبو عيشة‪ ،‬وفيرا مادير‪ ،‬فيما توىل املخرج مثل املسافة حمدودٌة وحمسوبة جداً‪ ،‬هذا الواقع‬ ‫كامل الباشا املتابعة الفنية‪.‬‬ ‫ال يعيشه أطفال الخليل فقط بل يكاد ينطبق‬ ‫على غالبية أطفال املدن واملخيمات والقرى‬ ‫الفلسطينية الذين ال جيدون غري الشارع مكاناً‬ ‫مسرح الطفل ‪ ...‬محاوالت متفرقة‬ ‫كما هو احلال مع مسرح الكبار‪ ،‬يعاني للّعب‪.‬‬ ‫مسرح األطفال من ارتهانه للتمويل‪ ،‬ومجيع‬ ‫تقدم الساحة مكاناً خيالياً لألطفال‪ ،‬فيه‬ ‫املسارح اليت تتوجه إىل األطفال هي حديثة القليل من اإلمكانات ‪ -‬يف حماكاة للواقع ‪ -‬لكنه‬ ‫نسبياً ال يتجاوز عمرها اخلمس سنوات‪ ،‬وليس زاخر باألحالم واآلمال واخليال واخلوف‪ ،‬ما‬ ‫لديها اسرتاتيجية واضحة‪ ،‬أو تواصل يف اإلنتاج يتيح هلم جماالً كبرياً لرسم عاملهم اخلاص وما‬ ‫املسرحي‪ ،‬على تواضعه‪.‬‬ ‫يرغبون‪.‬‬ ‫ميكن القول إن الكثري من املسرحيات مثل‬ ‫مسرحية الكنز ق ّدمت املوضوع ذاته‪،‬‬ ‫تلك اليت أنتجها مسرح عناد يف بيت جاال ‪ -‬عدم وجود مكان مناسب لألطفال للّعب‪ ،‬لكن‬ ‫قرب بيت لحم ‪ -‬ميكن ملسرح مدرسي مثابر أن مبعاجلة خمتلفة جتعل األطفا َل يستفيدون من‬ ‫ينتجها‪ ،‬مثل مسرحيات األمير والفقير وهدية الوقت الكبري املتاح أمامهم بعمل أشياء مفيدة‪.‬‬ ‫العيد اليت أنتجت يف العام ‪.2009‬‬ ‫يف أحالم ريم كان األطفال والكبار أمام‬ ‫وقام املسرح أيضاً بإعادة إنتاج مسرحية أنا مسرحية كوميدية‪ ،‬حمبوكة جيداً تتحدث عن‬ ‫وسيدي وهي عن قصة لألديب السويدي أولف الطفلة "ريم" اليت ال تعرف ما هي األحالم‪،‬‬ ‫ستارك‪.‬‬ ‫طوال املسرحية حتاول ريم أن حتلم ويساعدها‬ ‫يهتم مسرح عناد باملسرحيات التعليمية أصدقاؤها وإخوتها على االقرتاب من عامل‬ ‫واجملتمعية‪ ،‬وهذه تأتي بطريقة مباشرة‪ ،‬األحالم‪ ،‬ويتعرف األطفال خالل املسرحية‬ ‫حصة إىل أنواع كثرية من األحالم‪ ..‬تلك اليت نراها‬ ‫حيث يشعر الطف ُل إىل ح ّد كبري أنه يف ّ‬ ‫مدرسية مثل مسرحية حنونة و أبو برهوم اليت وحنن نائمون‪ ،‬وتلك اليت نريد حتقيقها وحنن‬ ‫تتحدث عن مرض احلمى املالطية ‪ ..‬مسبباته نعمل جب ٍد واجتهاد‪.‬‬ ‫والوقاية منه‪ .‬أما مسرحية "يوم الجمعة" فلم‬ ‫خيصص مسرح نعم برناجماً كام ًال لتدريب‬ ‫ّ‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫األطفال على تعلم املسرح والدراما‪.‬‬ ‫مسرح "أبو العجب"‬

‫يقوم الفنان عادل الترتير منذ ‪ 30‬عاماً‬ ‫بتقديم قصص لألطفال من الرتاث الفلسطيين‬ ‫عرب "صندوق العجائب"‪ ،‬مرتدياً مالبس‬ ‫بهلوان‪ ،‬وهو الفنان الوحيد الذي يروي‬ ‫القصص بطريقة مسرحية مستخدماً "صندوق‬ ‫َ‬ ‫العجائب" يف األراضي الفلسطينية‪.‬‬ ‫يشارك الترتير املعروف بـ (أبوالعجب) يف‬ ‫مجيع املهرجانات والفعاليات الثقافية‪ ،‬ووجوده‬ ‫ضروري لكل املناسبات اليت تتعلق باألطفال يف‬ ‫الضفة الغربية‪.‬‬ ‫باستخدام الدمى املتحركة‪ ،‬وتقليد األصوات‪،‬‬ ‫واحلركات االستعراضية يق ّدم قصصاً تراثية‬ ‫فلسطينية مثل الديك الهادر وجبينة ونص‬ ‫نصيص وغريها‪.‬‬ ‫يف العام ‪ 2009‬ق ّدم أبو العجب مئات‬ ‫الفقرات الفنية ومشهديات الفرجة يف املدارس‬ ‫والفعاليات الثقافية‪.‬‬

‫ٌ‬ ‫فرق مسرحية تعيش على المهرجانات‬

‫عرف املسرح الكوييت ثالث مراحل‪ ،‬بدأت‬ ‫باملرحلة التأسيسيّة وواكبت ظهور النفط‬ ‫املؤسسات‬ ‫ّ‬ ‫وتوجه الدولة لبلورة جمموعة من ّ‬ ‫ختصص‬ ‫متثّل أماكن رئيسية ألصحاب ك ّل ّ‬ ‫بغية احلصول على حقوقهم‪ ،‬والدفاع عنها‪،‬‬ ‫أو ممارستها‪ .‬فـ"مجيعات النفع العام" كما‬ ‫يُطلق عليها يف الكويت تأتي بأشكال خمتلفة‪،‬‬ ‫ومن بينها املسارح األهلية األربعة وهي املسرح‬ ‫الشعيب واملسرح العربي ومسرح اخلليج العربي‬ ‫واملسرح الكوييت‪.‬‬ ‫قبل ظهور النفط كانت هنالك حملات بسيطة‬

‫منذ ‪ 30‬عاماً والمسرحي الفلسطيني‬ ‫عادل الترتير يق ّدم من خالل "صندوقة‬ ‫عجائبه" قصصاً لألطفال مستوحاة‬ ‫من التراث الفلسطيني مرتدياً مالبس‬ ‫بهلوان‪ ..‬ويشارك في مختلف المهرجانات‬ ‫والفعاليات المسرحية حيث ق ّدم مئات‬ ‫الفقرات الفنية ومشهديات الفرجة‪،‬‬ ‫خصوصاً على مسارح المدارس في العام‬ ‫‪..2009‬‬

‫اإلبداع‬

‫الكويت‪ :‬مرحلة انتقالية أم تراجع؟‬

‫لوجود ف ّن مسرحي يف الكويت‪ ،‬وذلك على ي ّد‬ ‫من تركوا البالد للدراسة اجلامعية يف اخلارج‪،‬‬ ‫إال أن املرحلة احلقيقية جاءت مع اكتشاف‬ ‫النفط والعمل على البنية التحتية للبلد‪.‬‬ ‫وبذلك‪ ،‬كان لك ّل من الفرق املسرحية األربع‬ ‫توجهها اخلاص لتتميز فرقة المسرح الشعبي‬ ‫مبسرحيات مجاهريية وجنوم بارزين أهمهم‬ ‫عبدالحسين عبد الرضا‪ ،‬بينما جاءت فرقة‬ ‫مسرح الخليج العربي يف ما بعد لتلقب بفرقة‬ ‫مؤسسها املخرج‬ ‫"املعقدين"‪ ،‬وذلك بقيادة ّ‬ ‫الراحل صقر الرشود‪.‬‬ ‫أما املرحلة الثانية من املسرح الكوييت فهي‬ ‫األكثر توتراً ومتتّد بني العقد الثامن والتاسع‬ ‫من القرن املاضي‪ ،‬حيث أثّر الرتاجع العام‬ ‫لك ّل قطاعات الدولة يف فرتة الثمانينيّات على‬ ‫ما ينتجه املسرح وصار انعكاساً للج ّو املشحون‬ ‫وق ّل اإلنتاج بشكل عام‪ ،‬إال أن ذلك كلّه مل يكن‬ ‫ملحوظاً كما حصل بعد الغزو العراقي للكويت‪،‬‬ ‫حيث اختفى املسرح الكوييت لسنوات ع ّدة ثم‬ ‫عاد بشكل آخر على غري املتوقع‪.‬‬ ‫ربرات‬ ‫ولئن كانت لفرتة الغياب بعد الغزو م ّ‬ ‫ير ّدها البعض إىل الصدمة الثقافية اليت حصلت‬ ‫للكويتيّني بشكل عام‪ ،‬والتح ّول األيديولوجي من‬ ‫القومية العربية إىل الطابع االجتماعي احملافظ‬ ‫أو اإلسالمي‪ ،‬فإن املرحلة الثالثة من تاريخ‬ ‫املسرح الكوييت شهدت مبادرة الدولة من خالل‬ ‫المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‬ ‫التابع لوزارة اإلعالم إلعادة املسرح إىل‬ ‫حيويته من خالل مهرجان الكويت للمسرح‪.‬‬ ‫وبذلك ارتبط املسرح من حينه باملهرجانات‬ ‫فقط‪ ،‬وحتى الفرق املسرحية اعتمدت كلياً على‬ ‫امليزانية السنوية اليت تصرفها الدولة وراحت‬ ‫تنتظر املشاركة يف املهرجانات حلصد اجلوائز‬ ‫ذات القيمة املالية املتوسطة‪ ،‬وحتى على‬ ‫املستوى اإلقليمي‪ ،‬فإنها ال تشارك إال باختيار‬

‫‪575‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 576‬للتنمية الثقافية‬

‫مبادرة الدولة لدعم المسرح الكويتي‬ ‫كان لها الفضل في عودة المسرح وإحيائه‪،‬‬ ‫إال أن سلبياتها على المدى البعيد غلبت‬ ‫إيجابياتها‪ ،‬ليتح ّول المسرح الكويتي من‬ ‫فرق مسرحية تعيش في تنافس إلى فرق‬ ‫تعيش على المهرجانات‪ ،‬بينما ينحصر‬ ‫مسرح القطاع الخاص والذي يس ّمى بـ‬ ‫"المسرح التجاري" في دائرة المناسبات‪،‬‬ ‫وأهمها عيد الفطر وعيد األضحى‪..‬‬

‫من المجلس الوطني للثقافة والفنون واآلداب‬

‫الذي يز ّكي فرقة ما للتمثيل الكوييت ويرعى‬ ‫مشاركتها مالياً‪.‬‬ ‫هذه املبادرة من الدولة لدعم املسرح الكوييت‬ ‫كان هلا الفضل يف عودة املسرح وإحيائه‪ ،‬إال أن‬ ‫سلبياتها على املدى البعيد غلبت إجيابياتها‪،‬‬ ‫ليتح ّول املسرح الكوييت من فرق مسرحية تعيش‬ ‫يف تنافس إىل فرق تعيش على املهرجانات‪ ،‬بينما‬ ‫ينحصر مسرح القطاع اخلاص والذي يس ّمى بـ‬ ‫"املسرح التجاري" يف دائرة املناسبات‪ ،‬وأهمها‬ ‫عيد الفطر وعيد األضحى باعتبارهما يهيئان‬ ‫لفرجات ترفيهيّة تستمر أياماً ع ّدة‪ .‬وتدير‬ ‫هذه الفرجات جنوم املسلسالت الرمضانية‬ ‫باعتبارها النجوم األشهر يف الكويت‪.‬‬

‫يُعتبر مهرجان الكويت المسرحي أو‬ ‫"المهرجان المحلي" كما يس ّميه الفنانون‬ ‫أهم المهرجانات الثالثة التي تقام في مهرجانات العام ‪2009‬‬ ‫الكويت‪ ،‬وشارك ويشارك فيه مسرحيّون‬ ‫كويتيّون من الدرجة األولى‪ ،‬حصد بعضهم‬ ‫ً‬ ‫أوال‪ :‬مهرجان الكويت المسرحي‬ ‫الجوائز في مهرجان الشباب ولهم‬ ‫حضورهم واسمهم في المشهد المسرحي يُعترب مهرجان الكويت املسرحي‬ ‫الكويتي‪..‬‬

‫شهدت الدورة األخيرة من مهرجان‬ ‫الكويت المسرحي التي أقيمت في ديسمبر‬ ‫‪ 2009‬أسماء غير متوقعة مثل أصحاب‬ ‫التجارب األولى في اإلخراج والتمثيل‪ ،‬لكن‬ ‫إدارة المهرجانات قبلت حضورهم‪ ،‬ألنها‬ ‫تؤ ّكد دائماً على أهمية وجود الفرق األهلية‬ ‫والخاصة في المهرجان بغية إنجاحه‪..‬‬

‫أو‬ ‫"املهرجان احمللي" كما يس ّميه الفنانون أهم‬ ‫املهرجانات الثالثة اليت تقام يف الكويت‪.‬‬ ‫ويشارك فيه مسرحيّون كويتيّون من الدرجة‬ ‫األوىل‪ ،‬حصدوا جوائز يف مهرجان الشباب‬ ‫وهلم حضورهم وامسهم يف املشهد املسرحي‬ ‫الكوييت‪ ،‬إال أن الدورة األخرية اليت أقيمت يف‬ ‫ديسمرب ‪ 2009‬شهدت أمساء غري متوقعة مثل‬ ‫أصحاب التجارب األوىل يف اإلخراج والتمثيل‪،‬‬ ‫لكن إدارة املهرجانات قبلت حضورهم‪ ،‬ألنها‬ ‫تؤ ّكد دائماً على أهمية وجود الفرق األهلية‬ ‫واخلاصة يف املهرجان من أجل إجناحه‪.‬‬ ‫العرض الذي حصد حصة األسد من اجلوائز‬ ‫كان عرض فرقة "اجليل الواعي" اخلاصة‪ ،‬واليت‬ ‫يدعمها مالياً مديرها املمثل عصام الكاظمي‬ ‫ويرأسها أحد أهم املسرحيّني الكويتيّني وهو‬ ‫الدكتور حسين المسلم الذي سبق له وترأس‬

‫إدارة املعهد العالي للفنون املسرحية‪ ،‬والذي ال‬ ‫يزال يد ّرس أيضاً طلبة السنة الرابعة يف قسم‬ ‫التمثيل واإلخراج‪.‬‬ ‫كان هلذه الفرقة الفضل الكبري يف رفد‬ ‫العديد من األمساء الشابة للساحة املسرحية يف‬ ‫الكويت‪ ،‬من بينهم عصام الكاظمي وعبدالله‬ ‫التركماني وعلي كاكولي ومحمد صفر‬

‫وهبة العيدان ورشا فاروق وفاطمة الطباخ‪..‬‬ ‫وغريهم‪ ،‬لتصبح بذلك أجنح الفرق املسرحية‬ ‫اخلاصة يف الكويت‪ ،‬والسيما أنها تشارك يف‬ ‫مجيع املهرجانات السنوية وتق ّدم عروضاً‬ ‫جانبية أحياناً‪ ،‬كما أنها ال خترج من املهرجانات‬ ‫خالية الوفاض على مستوى اجلوائز‪.‬‬ ‫مسرحية الجيل الواعي اليت حققت النجاح‬ ‫املربز يف دورة مهرجان الكويت املسرحي جاءت‬ ‫باسم مكبث‪ ،‬وقد اختار املخرج حسين المسلم‬ ‫ممثلني ألداء دور مكبث بغية متثيل احلالة‬ ‫االنفصالية اليت تعيشها الشخصية‪ .‬كما أنه‬ ‫حرص على إدخال العناصر املسرحية املختلفة‬ ‫من موسيقى واستعراض ودراما وكوميديا‪،‬‬ ‫بغية على مايبدو بلورة حتقيق الصورة الشاملة‬ ‫اليت حت ّدد هوية الفائز باجلائزة الكربى يف‬ ‫املهرجان‪.‬‬ ‫أما املسرحية األخرى اليت كانت حمط‬ ‫االنتباه يف العام ‪ 2009‬فكات مسرحية املمثل‬ ‫واملخرج فيصل العميري الذي عاد بعد غياب‬ ‫طويل عن املهرجانات املسرحية الكويتية‬ ‫النشغاله بالعمل التلفزيوني‪ ،‬ومشاركته يف ورشة‬ ‫أعمال املسرحي الكوييت – الربيطاني سليمان‬ ‫البسام‪ ،‬وكانت النتيجة مسرحية مونولوج غربة‬ ‫من تأليف فيصل العبيد‪ .‬املسرحية حصدت‬ ‫آراء إجيابية من قبل نقاد الندوات والصحف‬ ‫لطريقتها اخلاصة يف األداء الذي ق ّدمه علي‬ ‫الحسيني وحنان المهدي وفيصل العميري‬

‫ونوار‬

‫القريني‪ ،‬باإلضافة إىل السينوغرافيا‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫من املهرجانات‪ .‬فلجان التحكيم غالباً ما‬

‫حصة األسد من‬ ‫العرض الذي حصد ّ‬ ‫تكون مرضية لألغلبية يف اختياراتها ومشجعة الجوائز في مهرجان الكويت المسرحي‬ ‫للتجارب اجلريئة والتجريبية‪ .‬ويف الدورة كان عرض فرقة "الجيل الواعي" الخاصة‪،‬‬ ‫السابعة للمهرجان‪ ،‬اليت أقيمت يف فرباير من والتي يدعمها مالياً مديرها الممثل عصام‬ ‫الكاظمي ويرأسها أحد أهم المسرحيّين‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫العام ‪ 2010‬باعتبارها امتدادا سياقيا مباشرا الكويتيّين وهو المخرج د‪ .‬حسين المسلم‬ ‫ملا سلف‪ ،‬أي للعام ‪ ،2009‬فازت فرقة مسرح الذي سبق له وترأس إدارة المعهد العالي‬ ‫الشباب التابع للهيئة العامة للشباب والرياضة للفنون المسرحية‪..‬‬

‫املؤسسات التابعة لوزارة‬ ‫مؤسسة من ّ‬ ‫ وهي ّ‬‫الشؤون يف الكويت – بنصيب األسد من جوائز‬ ‫املهرجان‪ ،‬وأهمها العرض املتكامل وأفضل‬ ‫ممثل دور أول لـ يعقوب عبدالله وأفضل‬ ‫ممثلة دور أول حنان المهدي‪.‬‬ ‫وعلى العكس الدورات السابقة للمهرجانات‬ ‫اليت متيّزت مبساحة أكرب من املنافسة بني‬ ‫العروض‪ ،‬جاء مستوى هذا املهرجان مرتاجعاً‬ ‫كثرياً ع ّما كان عليه لتذهب اجلوائز الرئيسية‬ ‫لعرض مسرحي اعتربته األغلبية مستنسخاً من‬ ‫الفيلم األمريكي "‪ ،"Sweeny Todd‬وهو‬ ‫فيلم غنائي من بطولة جوني ديب‪ .‬استنساخ‬ ‫التفاصيل الصغرية من هذا الفيلم ش ّكك يف‬ ‫صدقية هذا العمل‪ ،‬خصوصاً أن املخرج مل يشر‬ ‫إىل الفيلم بل أشار إىل الرواية األصلية اليت‬ ‫استوحاها منه‪.‬‬ ‫أما فرقة الجيل الواعي فحصدت أربع‬ ‫جوائز أهمها أفضل إخراج ألستاذ التمثيل‬ ‫واإلخراج يف املعهد العالي للفنون املسرحية‬ ‫نص للدكتور حسين‬ ‫هاني النصار وأفضل ّ‬ ‫المسلم عن مسرحية "الرسالة"‪ .‬مشاركة‬ ‫الفرقة يف هذه الدورة جاءت أكثر جناحاً من‬ ‫مشاركتها يف الدورة السادسة مبسرحية السيد‪،‬‬ ‫إال أن حصد جائزتي اإلخراج والتأليف يف الدورة‬ ‫ثاني ًا‪ :‬مهرجان الخرافي لإلبداع‬ ‫السابعة مل يعكس املستوى اجليد للعرض‪ ،‬بل‬ ‫المسرحي‬ ‫عكس ضعف العروض املشاركة اليت مل تستطع‬ ‫َ‬ ‫ميتلك مهرجان الخرافي لإلبداع المسرحي أن تق ّدم ما هو أفضل من إخراج تقليدي اعتمد‬ ‫ونص زاخر باملشكالت‬ ‫الكثري من التفاصيل اليت متيّزه عن غريه على اجملاميع والكوميديا ّ‬

‫المسرحية األخرى التي كانت محط‬ ‫االنتباه في مهرجان الكويت المسرحي‬ ‫للعام ‪ 2009‬كانت مسرحية الممثل‬ ‫والمخرج فيصل العميري الذي عاد بعد‬ ‫غياب طويل عن المهرجانات المسرحية‬ ‫الكويتية النشغاله بالعمل التلفزيوني‪،‬‬ ‫ومشاركته في ورشة أعمال المسرحي‬ ‫الكويتي – البريطاني سليمان البسام‪،‬‬ ‫وكانت النتيجة مسرحية "مونولوج غربة"‬ ‫من تأليف فيصل العبيد‪..‬‬

‫المميّز في دورة العام ‪ 2009‬من‬ ‫مهرجان الكويت المسرحي أنها حملت‬ ‫تقريباً أسما ًء جديدة‪ ،‬على الرغم من‬ ‫أن المهرجان يرفض طرح نفسه باعتباره‬ ‫ورشة للمبتدئين‪ ،‬إال أن هذه الدورة ك ّررت‬ ‫وبشكل عام األخطاء السنوية إياها لجهة‬ ‫األسماء المدعوة والورشة المسرحية‬ ‫التي أقيمت بشكل جانبي لم ّدة ال تتجاوز‬ ‫األيام العشرة‪ ،‬ولجهة اختيار أعضاء لجنة‬ ‫التحكيم الذين اتّخذوا بدورهم القرارات‬ ‫التي أثارت حفيظة الكثيرين وأحبطت‬ ‫عزيمة المسرحيّين الشباب‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫اإلبداع‬

‫اليت ص ّممها مؤلف العمل فيصل العبيد‪.‬‬ ‫ش ّكلت هذه املسرحية قفزة نوعيّة يف املشهد‬ ‫املسرحي الكوييت ألسلوبها التجرييب ولصعوبة‬ ‫فالنص تغلب عليه‬ ‫تقدميها من الناحية األدائية‪ّ .‬‬ ‫الشعرية واملخرج تع ّمد البطء يف احلركة واإللقاء‬ ‫جلميع املمثلني لتجسيد رحلة يف الذاكرة‪ ،‬وكذلك‬ ‫املونولوج النفسي الذي يعيشه البطل‪ ،‬فض ًال عن‬ ‫الّلغة املرئية اليت مترأت بني اإلضاءة والديكور‬ ‫الفارغ‪ ،‬ناهيك حبوض املاء الذي خرج منه‬ ‫البطل يف بداية العمل‪ ،‬والذي كانت له أهمية‬ ‫جل ّهة التأثري يف الشكل العام للعمل‪.‬‬ ‫أثار عدم فوز هذا العمل باجلوائز الكربى‬ ‫يف مهرجان الكويت المسرحي الكثري من ردود‬ ‫الفعل‪ .‬فمخرج العمل فيصل العميري اعتاد الفوز‬ ‫باجلوائز ممثّ ًال وخمرجاً‪ ،‬إال أن العديد من‬ ‫األمساء النقدية واإلعالمية وجدت يف النتائج‬ ‫مبثابة العالمة الكالسيكية عن املهرجانات وجلان‬ ‫التحكيم فيها‪ .‬ويف هذا الصدد‪ ،‬ش ّن كثريون‬ ‫احلرب على أعضاء جلنة التحكيم‪ ،‬خصوصاً‬ ‫أن بعضهم كان توقف عن العمل املسرحي لفرتة‬ ‫طويلة ضعفت معه ع ّدته النقدية والقدرة على‬ ‫متابعة التطورات الدرامية يف العامل‪.‬‬ ‫وكان من املستغرب تكرار الوجوه احلاضرة‬ ‫من املدعوين يف املهرجان عاماً بعد عام‪ ،‬وهو ما‬ ‫أثار انتباهة الصحافة واجلمهور الكوييت؛ فبدالً‬ ‫من استغالل امليزانية احلكومية مث ًال‪ ،‬يف دعوة‬ ‫أمساء خمتلفة ك ّل عام يستفيد منها ومن آرائها‬ ‫وجتاربها الفنّان املسرحي الكوييت‪ ،‬حتو ّل األمر‬ ‫إىل جمرد عادة سنوية تقريباً ولقا ًء متج ّدداً‬ ‫للوجوه نفسها ال أكثر‪.‬‬

‫‪577‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 578‬للتنمية الثقافية‬

‫جاء "مهرجان الخرافي لإلبداع‬ ‫المسرحي" متراجعاً كثيراً ع ّما كان عليه‬ ‫لتذهب الجوائز الرئيسة فيه لعرض‬ ‫مسرحي اعتبرته األغلبية مستنسخاً من‬ ‫الفيلم األميركي "‪ ،"Sweeny Todd‬وهو‬ ‫فيلم غنائي من بطولة جوني ديب‪ ..‬إن‬ ‫استنساخ التفاصيل الصغيرة من هذا‬ ‫الفيلم ش ّكك في صدقية هذا العمل‪،‬‬ ‫خصوصاً أن المخرج لم يشر إلى الفيلم بل‬ ‫أشار إلى الرواية األصلية التي استوحاها‬ ‫منه‪..‬‬

‫تد ّل دورة العام ‪ 2009‬من "مهرجان‬ ‫الخرافي لإلبداع المسرحي" على أن‬ ‫الحركة المسرحية في الكويت تعيش‬ ‫مرحلة انتقالية مع تح ّول األسماء‬ ‫المسرحية الرائدة من الشباب إلى الدراما‬ ‫التلفزيونية وهو ما يفسح المجال لألسماء‬ ‫الثانوية الشابة التي تبحث عن فرصتها‪،‬‬ ‫لكنها تحتاج إلى وقت بعد إلثبات ذلك‪،‬‬ ‫وهو ما ينعكس سلباً على حال المسرح‬ ‫الكويتي وإن بشكل مؤقت‪..‬‬

‫الدرامية اليت قيّدت املخرج واملمثلني يف ٍآن‬ ‫واحد‪.‬‬ ‫واستضافت إدارة املهرجان يف هذه الدورة‬ ‫عرضاً من السعودية بعنوان "جمرد ‪ ..‬ال أكثر"‬ ‫الذي كان عبارة عن عرض حركي يعبرّ عن‬ ‫صراع اخلري والشر ومفهوم اخلطيئة والفضيلة‪.‬‬ ‫العرض جاء يف افتتاح املهرجان وقد ر ّحبت به‬ ‫بعض األقالم الصحافية‪ ،‬السيما أن لغة األداء‬ ‫احلركية جديدة نسبياً على املسرح السعودي‬ ‫وغريبة بشكل عام عن املسرح اخلليجي‪.‬‬ ‫ق ّدم هذا املهرجان الكثري يف سنوات قليلة‪ ،‬إال‬ ‫أنه هذا العام يشري من خالل العروض املشاركة‬ ‫إىل تراجع احلركة املسرحية يف الكويت من‬ ‫حيث املستوى واإلنتاج لتصبح األفكار املستنسخة‬ ‫"أفضل املوجود"‪ .‬كما تد ّل هذه الدورة من‬ ‫املهرجان على أن احلركة املسرحية يف الكويت‬ ‫تعيش مرحلة انتقالية مع حتول األمساء املسرحية‬ ‫الرائدة من الشباب إىل الدراما التلفزيونية وهو‬ ‫ما يفسح اجملال لألمساء الثانوية الشابة اليت‬ ‫تبحث عن فرصتها‪ ،‬لكنها حتتاج الوقت إلثبات‬ ‫ذلك‪ ،‬وهو ما ينعكس سلباً على حال املسرح‬ ‫الكوييت بشكل مؤقت‪.‬‬ ‫تقييم عام‬

‫تشري النظرة النظرة التقومييّة العامة‬ ‫ملسار املسرح الكوييت يف العام ‪ 2009‬إىل أن‬ ‫هذا املسرح بدأ يرتاجع يف عطاءاته الدرامية‬ ‫لألسباب التالية‪:‬‬ ‫• حصر املسرح يف إطار املهرجانات‪ ،‬إذ‬ ‫إن مشاركات الكويت على مستوى مهرجانات‬ ‫اخلليج العربي واملهرجانات العربية بشكل عام‬ ‫مل حتقّق أ ّي جناح ملحوظ‪ .‬كانت املسرحيات‬ ‫الكويتية اليت تشارك يف مهرجان المسرح‬ ‫الخليجي‪ ،‬الذي يقام ك ّل عامني يف إحدى دول‬ ‫مجلس التعاون الخليجي‪ ،‬حتقق جناحاً‪ .‬وآخر‬

‫هذه األعمال مسرحية الهشيم من إخراج فيصل‬

‫العميري واليت حصدت اجلوائز الرئيسية يف‬ ‫الدورة قبل األخرية للمهرجان واليت أقيمت يف‬ ‫البحرين (‪ ،)2006‬بينما مل حتصد مسرحية‬ ‫انسوا هاملت من إخراج عيسى ذياب سوى‬ ‫جائزة اإلخراج يف الدورة األخرية اليت أقيمت‬ ‫يف الكويت (‪.)2009‬‬ ‫• معاناة املهرجانات املسرحية يف الكويت‬ ‫من مشكالت رئيسية يف طريقة التنظيم‪.‬‬ ‫واملقصود بذلك مهرجان الكويت للمسرح الذي‬ ‫ّ‬ ‫ينظمه المجلس الوطني للثقافة والفنون‬ ‫واآلداب‪ ،‬ومهرجان الشباب الذي ّ‬ ‫تنظمه الهيئة‬ ‫العامة للشباب والرياضة‪ ،‬ومهرجان الخرافي‬ ‫لإلبداع المسرحي الذي يرعاه رئيس جملس‬ ‫األمة جاسم الخرافي‪.‬‬ ‫• عزوف جنوم الدراما التلفزيونية عن‬ ‫املشاركة يف األعمال املسرحية‪ ،‬وهي مشكلة‬ ‫مرتبطة باملشكالت السابقة‪.‬‬ ‫• ندرة املشاركات املسرحية اجلا ّدة يف‬ ‫املهرجانات‪ ،‬إذ إن أعلى ما ميكن أن يصل إليه‬ ‫الفنان من خالل املهرجانات هو حصد اجلوائز‪،‬‬ ‫حبيث ال تت ّم إعادة عرض املسرحيات‪ ،‬بل‬ ‫تقتصر على عرض واحد خالل املهرجان‪ ،‬ويت ّم‬ ‫نسيان العمل إال إذا اختاره المجلس الوطني‬ ‫للثقافة والفنون واآلداب ليكون ممث ً‬ ‫ال للكويت‬ ‫يف أحد احملافل الدولية‪ ،‬وهو ما حيصل م ّرة أو‬ ‫مرتني خالل ك ّل عام‪.‬‬ ‫• مشكلة أعضاء جلان التحكيم يف املهرجانات‬ ‫املسرحية الكويتية‪ ،‬إذ إن أغلب أعضائها ينتمون‬ ‫إىل أجيال فنّية سابقة‪ ،‬لديها ثوابت معيّنة غالباً‬ ‫ما تقوم على ثقافة املسرح الواقعي ومعاجلته‬ ‫للقضايا احمللية‪ ،‬وذلك مبا ال ينسجم مع ثقافة‬ ‫املسرحيّني الشباب وتطلعاتهم املسرحية‪ ،‬والذين‬ ‫يهوون املدارس التجريبية ويتبنّون النصوص‬ ‫العاملية أو النصوص اليت يكتبها فنانون شبّان‪.‬‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫• غياب ورش العمل املسرحية‪ ،‬حبيث‬ ‫مؤسسة أو معهد يكون من‬ ‫ال توجد مث ًال أ ّي ّ‬ ‫مهامه إدارة الورش املسرحية على مدار‬ ‫السنة‪ .‬وعلى الرغم من قيام المجلس الوطني‬ ‫للثقافة والفنون واآلداب بتقديم ورش مسرحية‬ ‫مرتافقة مع مهرجان الكويت احمللي (كما فعلت‬ ‫إدارتا مهرجان الشباب ومهرجان الخرافي)‪،‬‬ ‫غري أن هذه الورش القت االنتقادات املختلفة‪،‬‬ ‫خصوصاً جلهة أن مدتها مل تتجاوز عشرة أيام‬ ‫أو ألن األمساء اليت أشرفت عليها مل تكن‬ ‫مرضية بشكل عام‪.‬‬ ‫ويف هذا االجتاه كان للهيئة العامة للشباب‬ ‫والرياضة مبادرة ال ب ّد من التنويه بها‪ ،‬خصوصاً‬ ‫أنها األوىل من نوعها‪ .‬إذ أنشأت أكادميية ق ّدمت‬ ‫برناجماً صيفياً امت ّد لستة أسابيع‪ ،‬وشارك فيه‬ ‫أكثر من ‪ 40‬شاباً وشابة من الكويتيّني واملقيمني‬ ‫أشرفت عليه جمموعة من ذوي اخلربة يف‬ ‫املسرح الكوييت ترتاوح أعمارهم بني الثالثني‬ ‫واألربعني عاماً‪ .‬وقد اختتمت الدورة مبشروعات‬ ‫نهائية تر ّكزت حول األداء املسرحي والتلفزيوني‬ ‫واألدائي واإلبداعي‪.‬‬ ‫أما الفرق املسرحية‪ ،‬فال تقوم أ ّي منها‬ ‫بورش ألعضائها حبجة ضعف امليزانية السنوية‬ ‫واليت ال تتجاوز ‪ 40‬ألف دوالر أمريكي‪ ،‬وكذلك‬ ‫احلال مع الفرق اخلاصة اليت تكتفي باملشاركات‬ ‫يف املهرجانات املسرحية‪ ،‬ما عدا فرقة "اجليل‬ ‫الواعي" اليت حتاول من حني إىل آخر إقامة‬ ‫ورش مسرحية أو عروض غري مهرجانية‬ ‫يشارك فيها أعضاؤها‪.‬‬

‫ليس املوضوع هنا‪ .‬ذلك أن التجربة املاضية‪،‬‬ ‫التجربة األلقة‪ ،‬بنت حضورها على أصول األفكار‬ ‫والنظريات البالغة األهمية‪ .‬وهي نظريات‬ ‫أضحت جزءاً من آليات اإلنتاج املسرحي يف‬ ‫تلك املرحلة‪ .‬ال مشكلة عدد‪ .‬إنها مشكلة نوعية‬ ‫ومنهج وسياق ووضوح يف استخدام قياس‬ ‫الغائب على احلاضر‪ .‬مثة شهود على التجربة‬ ‫املاضية‪ .‬ال شهود على التجربة الراهنة‪ .‬ألنها‬ ‫جتربة بال جزئيات وبال تفريعات وبال أصول‬ ‫عامة‪ .‬األصول دائماً‪ .‬ال ألن األصول هي بدائع‬ ‫السلوك‪ .‬بل ألنها جزء من مرياث كبري يف‬ ‫جتربة املسرح‪ ،‬يف علوم املسرح‪ .‬وألن األصول ال‬ ‫تدفع التجربة إىل األعراض قدر ما تدفعها إىل‬ ‫عقليتها التحليلية‪.‬‬ ‫ليس غريباً أن يشتغل ربيع مروة ولينا‬ ‫الصانع على روح املنشأة وآلياتها يف املسرح‬ ‫(فوتو رومون على خشبة مسرح املدينة‪ ،‬سكان‬

‫‪579‬‬

‫تشير النظرة التقويميّة العامة لمسار‬ ‫المسرح الكويتي في العام ‪ 2009‬إلى أن‬ ‫هذا المسرح بدأ يتراجع في عطاءاته‬ ‫الدرامية ألسباب ع ّدة‪ ،‬منها حصر المسرح‬ ‫في إطار المهرجانات‪ ،‬معاناة المهرجانات‬ ‫المسرحية من مشكالت تتعلّق بطريقة‬ ‫التنظيم‪ ،‬عزوف نجوم الدراما التلفزيونية‬ ‫عن المشاركة في األعمال المسرحية‪،‬‬ ‫ندرة المشاركات المسرحية الجا ّدة في‬ ‫المهرجانات‪ ،‬فض ً‬ ‫ال عن مشكلة أعضاء‬ ‫لجان التحكيم‪ ،‬الذين ينتمون بغالبيتهم‬ ‫إلى أجيال فنّية سابقة‪..‬‬

‫كان للهيئة العامة للشباب والرياضة‬ ‫مبادرة ال ب ّد من التنويه بها‪ ،‬إذ إنها‬ ‫أنشأت أكاديمية ق ّدمت برنامجاً صيفياً‬ ‫امت ّد لستة أسابيع‪ ،‬وشارك فيه أكثر من‬ ‫‪ 40‬شاباً وشابة من الكويتيّين والمقيمين‬ ‫الصور أو محاضرة غير أكاديمية‪ ،‬لكم تمنت أشرفت عليه مجموعة من ذوي الخبرة‬ ‫نانسي لو أن كل ما حدث لم يكن سوى كذبة في المسرح الكويتي تتراوح أعمارهم بين‬ ‫الثالثين واألربعين عاماً‪ ..‬وقد اختتمت‬ ‫نيسان‪ :‬كتابة فادي توفيق وربيع مروة)‪ .‬ليس الدورة بمشروعات نهائية تر ّكزت حول‬ ‫غريباً عليهما أن يعتربا أن جتربة املنشأة يف األداء المسرحي والتلفزيوني واإلبداعي‪. .‬‬

‫اإلبداع‬

‫املسرح شهاب المع يف سياسة املسرح النافعة‪.‬‬ ‫هذا يف باب حتصيل احلاصل‪ .‬غري أن قيام‬ ‫وحتقق ونشر التجربة املسرحية اجلديدة‬ ‫(أضحت قدمية العهد يف أوروبا) حباجة إىل‬ ‫ثقافة املصدر‪ .‬حباجة إىل توريد ثقافة املصدر‬ ‫إىل الناس‪ ،‬إىل مجهور جتربة املسرح يف لبنان‪.‬‬ ‫حيث يضحي اجلمهور جزءاً من التجربة‪ .‬هكذا‬ ‫يتح ّول اجلمهور إىل رافعة وحاملة وحاضنة‬ ‫للتجربة املسرحية اآلنية‪ .‬كما حدث يف أواخر‬ ‫اخلمسينيات وبداية الستينيات يف لبنان‪.‬‬ ‫لبنان‪ :‬البحث عن مواليد المسرح‬ ‫ذلك أن اجلمهور يف تلك احلقبة‪ ،‬كان شريك‬ ‫املسرحي يف قيام جتربة مسرحية‪.‬‬ ‫في غياب البيئة الحاضنة‬ ‫يعوز التجربة الّلبنانية يف العشرية األوىل من‬ ‫املقدمة يف بريوت يف‬ ‫يفوق عدد املسرحيات َّ‬ ‫العام ‪ 2009‬حاجة مدينة يف حجمها وظروفها‪ .‬القرن احلادي والعشرين اخلاصية اإلنسانية‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 580‬للتنمية الثقافية‬

‫ال يملك لبنان الكثير من كتّاب‬ ‫النصوص المسرحية‪ ..‬في حين يملك‬ ‫الكثير من المخرجين المسرحيّين‪ ..‬وقد‬ ‫خسرت التجربة المسرحية الّلبنانية بموت‬ ‫عصام محفوظ كاتباً درامياً متميّزاً للعديد‬ ‫من النصوص المسرحية الناجحة‪..‬‬

‫هذه‪ .‬إذ إن اجلمهور األوروبي ارتبط بتجربة‬ ‫النشأة املسرحية من خالل مزاج عام ارتبط‬ ‫بها عرب التاريخ‪ .‬ألن اجملتمعات األوروبية هي‬ ‫جمتمعات صناعية‪ .‬منو التجربة املسرحية‬ ‫املبنية على الصناعة‪ ،‬يعود إىل الرتاكم‬ ‫املطرد‪ .‬يعود قب ًال إىل حسم خيار اجملتمعات‬ ‫األوروبية‪ .‬خرجت اجملتمعات األوروبية من‬ ‫ازدواجية املفاهيم بني الزراعة والصناعة‪.‬‬ ‫حسمت اجملتمعات هذه خيارها‪ ،‬يف حني ال‬ ‫يزال اجملتمع الّلبناني يراوح أمام الثنائية هذه‪.‬‬ ‫لذا‪ :‬تتهم جتارب مروة‪/‬صانع حبرق املراحل‬ ‫أو بالطريان فوق املناهج احلسية الواقعية إىل‬ ‫املناهج الالواقعية على قياس ثقافة الناس‪ .‬لن‬ ‫جتد جتربة الثنائي من يدافع عنها إالّ قلة قليلة‪،‬‬ ‫بل نادرة من نقّاد املسرح أو العاملني يف النقد‬ ‫املسرحي‪ .‬خفّت محاسة هؤالء أمام جتربة‬ ‫ربيع مروة ولينا الصانع األخرية‪ .‬الحظوا أن‬ ‫التجربة األوىل ال ختتلف اختالفاً جوهرياً عن‬ ‫التجربة األخرية‪ .‬وقعت التجربة يف التشابه‪.‬‬ ‫هذا مقتل التجربة‪ .‬كما وقعت جتربة املسرح‬ ‫الّلبناني يف الالمعنى‪ .‬هذا مقتل التجربة‪ .‬مثة‬ ‫مقاتل أخرى‪ .‬ال شك يف ذلك‪ .‬غري أن الغاية‬ ‫تفسر التاريخ‪ .‬كما يربر التاريخ الغاية‪ .‬افتقدت‬ ‫التجربة أخالقيات البحث العلمي لدى الكثري‬ ‫من كتّاب املسرح وخمرجيه‪.‬‬ ‫موت عصام محفوظ‬

‫ال ميلك لبنان بك ّل األحوال الكثري من كتّاب‬ ‫النصوص املسرحية‪ .‬يف حني ميلك الكثري‬ ‫من املخرجني املسرحيني‪ .‬خسرت التجربة‬ ‫املسرحية الّلبنانية مبوت عصام محفوظ‬ ‫الكاتب املسرحي والشاعر والناقد املتميّز‪،‬‬ ‫ورحبت التجربة املسرحية جمموعة من‬ ‫الكتّاب صغار السن‪ .‬صدرت مسرحيات هؤالء‬ ‫يف جملد‪ .‬امتلكت ك ّل مسرحية استقالهلا يف‬

‫ُكتيِّب باإلسهام مع الّلجنة التنفيذية يف "بريوت‬ ‫عاصمة عاملية للكتاب"‪ .‬أرزة خضراء واحدة من‬ ‫الكتّاب اجلدد‪ .‬طارق باشا أحد الكتّاب اجلدد‪.‬‬ ‫مايا زبيب كاتبة نصوص مسرحية شابة‪ .‬حيتاج‬ ‫لبنان إىل القليل من الوقت‪ ،‬لكي يضع هؤالء‬ ‫وغريهم يف املنهج االستقرائي لتجربة الكتابة‬ ‫املسرحية يف لبنان‪ .‬لن تتضح مناهج هؤالء‬ ‫أكثر وأكثر إالّ بعد أن جيمع الكتّاب املسرحيون‬ ‫جتاربهم يف أصول الكتابة العامة وحضورها يف‬ ‫املسارح الّلبنانية بوعي وكثافة يف آن‪.‬‬ ‫قام الكتّاب اجلدد بالنشر‪ .‬أضحى الك ّل‬ ‫يراهن عليهم‪ .‬على حت ّوهلم إىل مصدر أساسي‬ ‫يف الكتابة‪ .‬كتّاب زمالء وأصدقاء‪ .‬كتّاب‬ ‫معاصرون‪ .‬صيد وفري يف غابة املسرح الباحثة‬ ‫عن االنتخاب الذكي وسط عشرات األعمال‬ ‫املراوحة أمام اآلراء السابقة يف املنهج واجلدة‬ ‫والصياغة والفكر واالنقداح يف بنية اجملتمع‬ ‫املعاصر‪ .‬يف املقابل‪ :‬تراوح بريوت أمام أمساء‬ ‫مسرحيني وجتمعات ومهرجانات ولقاءات بال‬ ‫امتالء يف غياب الدورة احلضارية‪ .‬أضحى‬ ‫"مهرجان احلكواتية" يف اجلامعة اليسوعية‬ ‫مسار منتظم منذ سنوات‪ ،‬وتلعب فاعليات‬ ‫يف ٍ‬ ‫املهرجان من دون أن تثري انتباه من انتبه إىل‬ ‫املهرجان يف دوراته األوىل‪ .‬ك ّرس جهاد درويش‬ ‫املهرجان‪ .‬ثم‪ :‬أخذه من الرأي إىل العادة‪ .‬أمسى‬ ‫عادة‪ .‬العادة هي تكرار‪ .‬العادة قاتلة‪ .‬انكشفت‬ ‫عقلية املهرجان الرتكيبية بال كثري قراءات‬ ‫حتليلية‪ .‬خسر املهرجان‪ ،‬خاصياته‪ .‬صار أشبه‬ ‫بالسلسلة املتشابهة احللقات‪ .‬ال يفضي التشابه‬ ‫إالّ إىل اإللغاء‪.‬‬ ‫فقدت التجربة أخالقيات البحث العلمي‬ ‫عند الكثري من كتّاب املسرح وخمرجيه‪ .‬ليس‬ ‫هذا كالماً يف اهلواء‪ ،‬إذ وجل ك ّل من ليس مؤه ًال‬ ‫عامل التجربة‪ ،‬يف غياب الزخم املؤثر خللق‬ ‫شروط كتابة جتربة مسرحية‪ .‬حلقت اللعنة‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫الراوي في تجربة الحكواتي‬

‫تط ّورت بنية االرجتال وروحه عرب الكثري من‬ ‫جتارب فرقة الحكواتي‪ .‬أوالً‪ :‬بالعبر واإلبر‪.‬‬ ‫ثانياً‪ :‬من حكايات الـ ‪ .36‬ثم‪ :‬أيام الخيام‪.‬‬ ‫ثم‪ :‬تق ّدمت جتربة االرجتال يف حكايات من‬ ‫جبل عامل والجرس لـ رفيق علي أحمد‪.‬‬ ‫منجز مجعي يف جتربة مديدة‪ .‬مل تبذر التجربة‬ ‫مصادر االرجتال‪ّ .‬‬ ‫ختطت املصادر هذه‪ .‬بيد‬ ‫أنها مل تبذرها‪ .‬فهمتها‪ .‬من ثم ّ‬ ‫ختطتها يف‬ ‫تنب جتربة احلكواتي‬ ‫بناءات غري كالسيكية‪ .‬مل ِ‬ ‫إجنازاتها على مقدمة ووسط وعقدة وصراع‬

‫افتقدت تجربة المسرح الّلبناني‬ ‫أخالقيات البحث العلمي لدى الكثير من‬ ‫كتّاب المسرح ومخرجيه‪ ..‬إذ ولج ك ّل من‬ ‫ليس مؤه ً‬ ‫ال عالم هذه التجربة الدرامية‪،‬‬ ‫وذلك في ظ ّل غياب الزخم المؤثّر لبلورة‬ ‫شروط كتابة تجربة مسرحية‪..‬‬

‫اإلبداع‬

‫هذه بالكثريين‪ .‬أبرزهم لوسيان بورجيلي‪.‬‬ ‫ذلك أن الشاب عاد إىل االرجتال‪ ،‬إثر انقراض‬ ‫االرجتال‪ .‬عاد إليه كموضة‪ .‬حبث الكثريون يف‬ ‫نص االرجتال وتشكيالته احلركية وطرق‬ ‫بناء ّ‬ ‫األداء اخلاصة به‪ .‬بدأ االرجتال كتجريب‪ .‬ثم‬ ‫انتهى كمنهج‪ .‬ج ّرد بورجيلي الفكرة هذه‪ .‬نقلها‬ ‫من مرتبة املنهج إىل مرتبة اللعبة الالهية‪.‬‬ ‫قدم جمموعة من األعمال جاهرت باالرجتال‬ ‫َّ‬ ‫من دون فهم منطقة االرجتال العلمية األوىل‪.‬‬ ‫جتاوزها بال رمحة وبال رأفة‪ .‬جتاوز بذلك‬ ‫وقت االرجتال وتارخيه‪ ،‬حتى أصبح االرجتال يف‬ ‫متناول املسرحيني‪ .‬ال توازن يف جتربة لوسيان‬ ‫بورجيلي‪ .‬ألنها جتربة بال عقل وحواس‪ .‬اشتغل‬ ‫املسرحي األملاني برتولد بريشت سنوات طويلة‬ ‫يف حبوثه لكي يضحي االرجتال جزءاً من بناء‬ ‫مسرحه الفيزيائي‪ .‬هذا عاملياً‪ .‬بنت جتربة‬ ‫فرقة الحكواتي املسرح اخلاص بها على‬ ‫التجريب يف الفضاءات الالحمصورة‪ .‬اشتغلت‬ ‫خص االرجتال‪ .‬بنت‬ ‫على بنية مباشرة يف ما ّ‬ ‫نصوص فرجتها بشكل غري تقليدي‪ .‬االرجتال‬ ‫جزء من ال تقليدية بناية جتربة احلكواتي‪ .‬وهذا‬ ‫ما خيدم الرسالة األصلية للتجربة‪ .‬واألبرز يف‬ ‫الرسالة هذه‪ :‬العالقة املباشرة باجلمهور‪.‬‬

‫وح ّل‪ .‬بنت التجربة نفسها على ورش ممسرحة‬ ‫وجتريبية يلعب املشاهد دوره يف جتميع عناصرها‬ ‫وأدواتها اجلديدة‪ .‬مشاهد ال متعاقبة‪ .‬غري أنها‬ ‫جتد تعاقبها يف خطوط خفية‪ ،‬إيقاعية‪ ،‬نابضة‪.‬‬ ‫االرجتال أداة‪ .‬االرجتال ليس هدفاً‪ .‬ح ّورت‬ ‫تجربة الحكواتي يف تجربة الحكواتي‪ .‬متردت‬ ‫على راوي بريشت‪ .‬الراوي لدى بريشت دور‪.‬‬ ‫الراوي يف تجربة الحكواتي ليس دوراً‪ .‬املعنى‪:‬‬ ‫يلعب املمثل يف مسرح بريشت دوره يف دائرة‬ ‫الطباشير القوقازية‪ .‬ثم يعود ممث ًال إىل دور‬ ‫الراوي‪ .‬الراوي دور‪ .‬لدى فرقة الحكواتي‬ ‫الراوي ليس دوراً‪.‬‬ ‫استعمل جو قديح االرجتال يف "جغل‬ ‫بنص يتناول بشكل‬ ‫األشرفية"‪ .‬أراد اخلروج ّ‬ ‫كبري شتى األمور اليت تعاني منها اجملتمعات‬ ‫النص لذلك بادر إىل‬ ‫الّلبنانية‪ .‬وملّا مل يتّسع ّ‬ ‫االرجتال‪ .‬االرجتال هنا‪ :‬إهدار لالرجتال‪.‬‬ ‫باألخص حني جيري إمناؤه ودفعه إىل االتصال‬ ‫مبوجة الستاند آب كوميدي الدارجة راهناً يف‬ ‫احلياة الّلبنانية‪ .‬يصادق املمثل املذياع أمامه‪.‬‬ ‫يروي ويغزل على الرواية‪ .‬أو يصادق املمثل‬ ‫حضوره‪ .‬يروي ويغزل على حضوره‪ .‬وهكذا حنن‬ ‫أمام أطراف متحاربة بـ "الالمعرفة"‪ .‬تلحق‬ ‫األجيال مبا هو دارج (منوذج) من دون دراية‬ ‫بآليات صياغة اجلديد‪ .‬تقود احليوية إىل اآللية‪.‬‬ ‫اآلن‪ :‬ال حيويات وال آليات‪ .‬هذه مسة املرحلة‬ ‫املستمدة من روح مدارس رقص الباليه احلديث‬ ‫والربيك دانس واحلركات التجريدية يف مدى‬ ‫نسخي‪ .‬نسخ ك ّل ما يقع بني أيدينا‪ .‬نسخ كل‬ ‫ما يقع يف عيوننا‪ .‬لن يؤدي هذا إالّ إىل تعميق‬ ‫حضور خيبات األمل يف حياتنا غري السعيدة‪.‬‬ ‫معظم ما أُنتج يف اآلونة األخرية ال يساعد‬ ‫على اكتشاف القدرة يف هذه التجربة أو تلك‪.‬‬ ‫ما أحاط بعض النتاجات األخرية هو بروباغندا‬ ‫خالصة‪ .‬أحد أبرز النماذج هذه حكي نسوان لـ‬

‫‪581‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 582‬للتنمية الثقافية‬

‫لينا خوري‪ .‬مل يكن للصبية املخرجة قبل حكي‬

‫نسوان أ ّي حضور مبيزانية وبال ميزانية‪ .‬أي‬ ‫حضور مبضمون أو بال مضمون‪ .‬أظهرت احلياة‬ ‫املسرحية أو مشهدها العام االسم فجأة‪ .‬طاف‬ ‫االسم يف حبر املسرح‪ .‬اختارت لينا خوري نصاً‬ ‫أمريكياً مثرياً‪ :‬ابتهاالت مهبل‪ .‬رخّص له األمن‬ ‫العام الّلبناني على مضض‪ .‬بدأ حضور لينا‬ ‫خوري يف الوسط املسرحي إثر كالم أصدقائها‬ ‫النص إىل جلنة الرقابة‬ ‫عن مثابرتها يف تقديم ّ‬ ‫يف األمن العام‪ .‬جاء يف إحدى الروايات أنها ما‬ ‫انف ّكت تزور مقر األمن العام الّلبناني وتعود منه‬ ‫مبالحظات الرقيب على مدى سنتني كاملتني‬ ‫من دون أن تتخلى عن "قضية العمل"‪ .‬وجدت‬ ‫صدقيتها يف الرواية قبل أن تنشر الرواية‪ .‬نثار‬ ‫الصدقية هذه يف النتاج املسرحي املنتظر‪ .‬لن‬ ‫حيدث عمل مسرحي واحد نهضة مسرحية‪.‬‬ ‫هذا يف باب حتصيل احلاصل‪ .‬غري أن التهافت‬ ‫السائد يف الواقع اللبناني ص ّور للكثريين أننا‬ ‫أمام نهضة مسرحية‪ ،‬بكسر حكي نسوان‬ ‫سالسل األغالل املسرحية‪ .‬مل جتد صالة‬ ‫"مسرح املدينة" (استضافت العمل) متنفساً‬ ‫ـ على مدى أيام طويلة ـ وهي تستقبل مئات‬ ‫الّلبنانيني الطائرين من بيوتهم على متون‬ ‫األخبار الطائشة يف فضاء املدينة عن جدة‬ ‫املسرحية وجديدها بالكالم على املهابل‪ .‬سواد‬ ‫اجلمهور من النساء‪ .‬مجهور عاطل عن املسرح‬ ‫يف غياب التجربة املسرحية وعقدها األصلية‪.‬‬ ‫مجهور مقامر‪ .‬ألن املقامرة مسة من مسات‬ ‫واحدة من املراحل األكثر تفجراً يف لبنان‪ .‬ال‬ ‫كالم على توازن العالقة بني املرأة والرجل‪ .‬ال‬ ‫كالم على صفحة بياض أو سواد ملتصقة باملرأة‬ ‫وبتاريخ املرأة‪ .‬قفزت املسرحية فوق ك ّل الدالالت‬ ‫حني جلأت إىل التبسيط‪ .‬وجدت املسرحية أن‬ ‫الرتكيز على عضو املرأة كفيل بقيام عرض‬ ‫حب ّد ذاته‪ .‬لن تقتل امرأة زوجها املستهرت يف‬

‫حكي نسوان‪ .‬إنها املرحلة األخرية من الكالم‬ ‫على املرأة‪ .‬مثة فرق بني املرأة وقضايا املرأة‪ .‬ال‬ ‫النص األمريكي‪.‬‬ ‫مرجعية إالّ مرجعية ّ‬ ‫مل تق ّدم لينا خوري جتربتها على بناء أو‬ ‫أطالل مرجعية مسرحية أو مدرسة مسرحية‬ ‫أو منهج مسرحي‪ .‬مل تق ّدم جتربتها باملزج‬ ‫بني مدرستني‪ .‬مل خترت منطاً‪ ،‬لكي تق ّدم من‬ ‫خالله حكي نسوان‪ .‬ال يعين هذا أن لينا خوري‬ ‫اختارت أال تنحاز إىل مدرسة أو منهج أو منط‪.‬‬ ‫وجدت نفسها يف قلب ما فعلته من دون تفكري‬ ‫النص األمريكي إىل ما وصلت‬ ‫مبا فعلته‪ .‬محلها ّ‬ ‫إليه‪ .‬صحيح أن املرأة يف املسرحية هي البطلة‬ ‫األساسية‪ .‬هي البطلة الواحدة‪ .‬غري أنها ُسلّعت‬ ‫من استعماهلا كجنس ومن "مسخرة" االستعمال‬ ‫النص املنصة من دون أي‬ ‫اجلنسي هذا‪ .‬احتل ّ‬ ‫النص حب ّد ذاته‪.‬‬ ‫تأليف أو تشكيل بصري نابع من ّ‬ ‫مل تهمل لينا خوري العنصر املسرحي هذا‪ ،‬ألنها‬ ‫أهملت كل العناصر املسرحية‪ .‬ال ديكور وال أزياء‬ ‫وال موسيقى (املوسيقى الدرامية)‪ .‬مل تستعرض‬ ‫عضالتها‪ .‬هذا ليس صحيحاً‪ .‬ألنها مل تس َع إىل‬ ‫التمرد على أي شيء‪ .‬مل تتمرد على اجلاهز وال‬ ‫على الكالسيكي وال على ما تبع الكالسيكي‪ ،‬ثم‬ ‫احلداثي‪ ،‬وما بعد احلداثي‪ .‬مل تقسم املسرح‬ ‫إىل فضاءين أو ثالثة فضاءات أو أربعة‪ .‬مل‬ ‫تستعمل مق ّدم املسرح كما استعمله املسرح‬ ‫الواقعي‪ .‬مل تستعمل املدرسة الرمزية ملنطقة‪،‬‬ ‫لإلشغاالت العلمية أو التوهيمية أل ّي امرأة على‬ ‫خشبة املسرح‪ .‬مل تشكل اإلكسسوارات القليلة‬ ‫على املنصة مع املمثالت الدالالت واحلاالت‬ ‫املختلفة املراد التعبري عنها‪ .‬ثم إن لينا خوري‬ ‫ثابرت على انتزاع موافقة األمن العام على‬ ‫النص األمريكي‪ .‬بيد أنها مل تثابر على بناء‬ ‫ّ‬ ‫جتربة تراكمية تش ّكل مساراً معيناً أو مسبباً‬ ‫أساسياً يف الدفاع عن املرأة‪ .‬ذلك أنه من غري‬ ‫اجملدي تقديم عمل واحد يدعم قضايا املرأة‪،‬‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫إذا مل يتبع أو يدعم بأعمال أخرى‪.‬‬ ‫تص ّدت خوري ملوضوعة اجلنس‪ .‬هذه ليست‬ ‫مصادفة‪ .‬مثة أعمال مسرحية أخرى تص ّدت‬ ‫نص لـ‬ ‫ملوضوعة اجلنس‪ .‬األبرز مسرحية عن ّ‬ ‫رشيد الضعيف‪ .‬أوقف األمن العام الّلبناني‬ ‫عروضها على خشبة "مسرح املدينة"‪ .‬تضاربت‬ ‫التصرحيات هنا‪ .‬ص ّرح املسؤولون عن املسرحية‬ ‫بأنها مل ترق لألمن العام الّلبناني‪ .‬حتفّظ‬ ‫عليها الرقيب‪ .‬ص ّرح األمن العام الّلبناني أن‬ ‫قرار الرقيب مل يصدر حبق املسرحية‪ُ .‬عرضت‬ ‫املسرحية قبل صدور قرار الرقابة‪ .‬مثة أصول‪.‬‬ ‫جتاوز فريق املسرحية األصول هذه‪ .‬لذا‪:‬‬ ‫اضطر األمن العام الّلبناني إىل إصدار إشعار‬ ‫بضرورة إيقاف املسرحية‪ .‬وهذا ما حدث‪.‬‬ ‫أضحت احمل ّرمات االجتماعية موضع خالف‪.‬‬ ‫سقطت األشكال الفنية واألحاسيس الوجدانية‬ ‫والشعورية‪ .‬وكذلك األحاسيس الوجودية‪.‬‬ ‫روجيه عساف وبول غيراغوسيان‬

‫للعرض املسرحي‪.‬‬ ‫معظم ما أُنتج من أعمال مسرحية‬ ‫تقع مدينة المرايا حتت تأثري تلك الفرتة‪ .‬في اآلونة األخيرة ال يساعد على اكتشاف‬ ‫استدعى ذلك أن يُزيِّن روجيه عساف مدينة القدرة في هذه التجربة أو تلك على الرغم‬ ‫م ّما أحاط ببعض النتاجات من بروباغندا‬ ‫المرايا بلوحات بول غيراغوسيان يف غياب‬ ‫خالصة‪ ،‬وأبرز النماذج هنا "حكي نسوان"‬ ‫األخري‪ .‬أراد روجيه عساف يف املسرحية هذه للينا خوري التي لم يكن لها قبل عملها‬ ‫أن خيلص اجلسد والفكر والشعور من هيمنة هذا أ ّي حضور فنّي‪ ..‬بميزانية أو من‬ ‫المنصة من‬ ‫النماذج اجلاهزة والقوالب املشوهة للتعبري دون ميزانية‪ ،‬وعملها احت ّل‬ ‫ّ‬ ‫دون أ ّي تأليف أو تشكيل بصري نابع من‬ ‫املسرحي‪ ،‬غري أنه بدا وكأنه يعيد اكتشاف طاقاته‬ ‫النص ذاته‪ ،‬وهي لم تتم ّرد ال على الجاهز‬ ‫ّ‬ ‫الذاتية كممثل‪ .‬الطاقات الباطنية واخلارجية‪ .‬وال على الكالسيكي أو الحداثي أو ما بعد‬ ‫كما بدا منتمياً إىل أعظم جتاربه الّلبنانية الحداثي‪..‬‬ ‫والعربية‪ :‬جتربة فرقة مسرح الحكواتي‪ .‬وهي‬ ‫جتربة بكى الكثريون على ضرحيها‪ .‬بعضهم‬ ‫بصدق‪ .‬وبعضهم اآلخر بكذب‪ .‬وبكى بعض‬ ‫ثالث بدجل‪ .‬رفيق علي أحمد أحد أفراد جتربة‬ ‫فرقة مسرح الحكواتي ختلى عن حرية املسرح‬ ‫ملصلحة النموذج‪ .‬ال يريد سوى أن حيقق عالقة‬ ‫أوثق بـ "املونودراما" خارقة الذائقة الفنية‬ ‫يف مرحلة من مراحل التجربة الّلبنانية‪ .‬غري‬ ‫أن كلمته مل تعد توحي بزمخها األول‪ .‬الجرس‬ ‫ بهذا املعنى ‪ -‬مونودراماه األوىل واألخرية‪.‬‬‫ألن ك ّل مونودراماته متشابهة إالّ يف املوضوعات‬ ‫املطروحة‪ .‬نسخ ال أكثر وال أقل‪ .‬بدت الجرس‬ ‫خارج البناء التقليدي للمسرح على نظام‬ ‫التفارق‪ .‬هذا صحيح إىل ح ّد‪ .‬غري أن "البناء‬ ‫الالتقليدي" مل يلبث أن وقع يف التقليدية‬ ‫مع تواتر العروض املتشابهة‪ .‬تشبه جرصة‬ ‫آخر مونودرامات علي أحمد "الجرس" أوىل‬ ‫مونودراماته‪ .‬كما تشبه املونودرامات الطالعة‬ ‫من وعي لبناني جاهز الصطياد السوانح‪ .‬وجد‬ ‫بعض الشباب يف املونودراما صنفاً موفراً على‬ ‫ك ّل األصعدة‪ .‬صادرالشباب املونودراما بعدما‬ ‫صادرها لبنان من فرنسا وسوريا‪.‬‬ ‫اجلنس موجود يف جرصة كما انوجد يف‬ ‫تصطفل مريل ستريب لـ نضال األشقر عن‬ ‫نص روائي لـ رشيد الضعيف‪ .‬صراع بني‬ ‫ّ‬

‫اإلبداع‬

‫ّ‬ ‫خط املسرح الّلبناني مساره يف غياب البيئة‬ ‫احلاضنة (ال عالقة لذلك باحلرب السياسية‬ ‫اجلارية يف لبنان)‪ .‬ذلك أن أبرز ما ميّز‬ ‫التجربة الّلبنانية ‪ -‬يف ما حيب الّلبنانيون أن‬ ‫يسموه "املرحلة الذهبية" ‪ -‬هو البيئة احلاضنة‬ ‫املؤلفة من مجهور وحيّز وأصول ومقومات فنية‬ ‫وفكرية وأخالقية ووجود وأحاسيس والتزام‬ ‫ثقايف واجتماعي وسياسي‪ .‬ح ّن روجيه عساف‬ ‫إىل تلك املرحلة ‪ -‬بقصد أو من غري قصد ‪-‬‬ ‫يف مدينة المرايا عن سرية الفنان التشكيلي‬ ‫الراحل بول غيراغوسيان‪ .‬أعاد نفسه إىل‬ ‫تلك املرحلة‪ ،‬إذ اختار منوذج عرض أقرب إىل‬ ‫واحدة من مسرحيات محترف بيروت للمسرح‪:‬‬ ‫نص لـ أسامة العارف‪.‬‬ ‫إضراب الحرامية عن ّ‬ ‫وكان بول غيراغوسيان زيّن إضراب الحرامية‬ ‫مبجموعة من الّلوحات املرسومة خصيصاً‬

‫‪583‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 584‬للتنمية الثقافية‬

‫ّ‬ ‫خط المسرح الّلبناني مساره في غياب‬ ‫البيئة الحاضنة (ال عالقة لذلك بالحرب‬ ‫السياسية الجارية في لبنان)‪ ..‬ذلك أن‬ ‫أبرز ما ميّز التجربة الّلبنانية في ما يحب‬ ‫الّلبنانيون أن يسموه "المرحلة الذهبية"‬ ‫هو البيئة الحاضنة المؤلفة من جمهور‬ ‫وحيّز وأصول ومقومات فنية وفكرية‬ ‫وأخالقية ووجود وأحاسيس والتزام ثقافي‬ ‫واجتماعي وسياسي‪..‬‬

‫زوجني وسط تناقض احلياة الزوجية‪ .‬اغتصب‬ ‫املرأة قريب هلا خالل احلرب األهلية يف لبنان‪.‬‬ ‫ثم مات‪ .‬يشكل ذلك عقدة للزوج‪ .‬غري أن‬ ‫املنظومة اليت ق ّدم اجلنس من خالهلا بدت‬ ‫منظومة تهميش لدور املرأة‪ .‬تسلّم اجلنس أحد‬ ‫اجلوانب القيادية يف التجربة املسرحية الّلبنانية‪.‬‬ ‫رسخ حضوره لدى اجلمهور يف السنوات األخرية‬ ‫عرب الذاكرة اجلمعية‪ .‬ال ميتلك أحد إحصائية‬ ‫دقيقة لألعمال املسرحية الّلبنانية الطارحة‬ ‫قضية اجلنس يف قلبها وجنباتها‪ .‬هناك عدد‬ ‫ال يستهان به يف مقابل تكريس مشروعات‬ ‫هيمنة قوى سياسية على الناس بكل الوسائل‬ ‫واألساليب‪ .‬ال كالم إالّ كالم انكشاف البيت‬ ‫املسرحي على إدارة شؤونه فقط‪ .‬الشؤون‬ ‫اإلدارية يف املقدمة‪ .‬ال جذوة وال تغيري وال‬ ‫تطوير‪ .‬وال نوعية‪ .‬وهناك املهرجانات‪ .‬اختارت‬ ‫املهرجانات طريقها اخلاص‪ .‬ال مكانة هلا بعد يف‬ ‫اكتشاف اسم أو وجه أو طلة جديدة‪ .‬باألخص‬ ‫يف السنوات األخرية‪ .‬لعبت املهرجانات ـ قب ًال‬ ‫ـ دوراً يف إقامة النصاب املسرحي ويف ابتداع‬ ‫املكانة‪ .‬جتربة مسرح لبنان شبه احملرتف‬ ‫من "مهرجانات بعلبك"‪ .‬منير أبو دبس أوالً‪.‬‬ ‫ثم‪" :‬مدرسة املسرح احلديث"‪ .‬ثم "حلقة‬ ‫املسرح الّلبناني" مع أنطوان ملتقى‪ .‬ثم جتربة‬ ‫مدرسة اآلداب الفرنسية‪ .‬ضيقت املهرجانات‬ ‫اخلناق على نفسها وعلى املسرحيني‪ .‬ال أنكر‬ ‫أ ّن بعض املهرجانات أرادت أن توغل يف اللعبة‬ ‫القدمية‪ .‬غري أنها مل تلبث أن وجدت نفسها‬ ‫يف روح املساومة‪ .‬طلبت مهرجانات بيت‬ ‫الدين من منير أبو دبس مسرحية‪ .‬جاءها‬ ‫الرجل مبسرحية من ستينيات املسرح اللبناني‬ ‫بدور قديم ومكتسبات قدمية وبال جرأة‪ .‬ثم‬ ‫انفتحت مهرجانات بيت الدين أمام روجيه‬ ‫عساف‪.‬‬ ‫قدم البيلسان‪ ،‬مسرحية مسارات‬ ‫ّ‬ ‫ال تناسب السياق التارخيي لفاعلية جتربة‬

‫املسرح يف صياغة "اهلانك" الثقايف اللبناني‪.‬‬ ‫مل تأخذ املهرجانات زمام أمورها بنفسها أمام‬ ‫املعطيات االقتصادية واالجتماعية اخلانقة‪.‬‬ ‫مسرحية العام ‪ 2009‬مسرحية مهرجانات‪ .‬إنها‬ ‫صيف ‪ 840‬لـ منصور الرحباني‪ .‬ق ّدمت للم ّرة‬ ‫األوىل يف العام ‪ 1986‬تكرمياً لذكرى عاصي‬ ‫الرحباني‪ .‬ثم ق ّدمت بعد ربع قرن تكرمياً لـ‬ ‫منصور الرحباني بعد غيابه‪ .‬ج ّددت املسرحية‬ ‫مبخيلة مروان الرحباني التشكيلية وبقوى‬ ‫أسامة وغدي الرحباني األدبية واملوسيقية‪،‬‬ ‫لكنها بقيت مسرحية غنائية رحبانية‪ .‬مل تن ُم‬ ‫بتسارع متزايد إالّ على الطريقة الّلبنانية‪ .‬أي‬ ‫بالتطوير ال بالتغيري‪ .‬ال بأس‪ .‬طاملا أن املسرحية‬ ‫امتلكت قوة تكريس قيمة الصنف هذا لدى‬ ‫اجلمهور اللّبناني‪ .‬ال يزال الصنف مهماً ألنه‬ ‫مطلوب‪ .‬جاء اآلالف إىل مدرجات قلعة جبيل‬ ‫التارخيية‪ .‬بعدها‪ :‬انتقلت املسرحية إىل مسرح‬ ‫كازينو لبنان‪ .‬أمتت عامها اخلامس والعشرين‬ ‫هناك‪ .‬مثة من شاهدها وهو يف العشرين‪ .‬ثم‬ ‫عاد وشاهدها وهو يف اخلامسة واألربعني‪ .‬مل‬ ‫ختتلف طبائع الصراع أمام املشاهد الواحد‬ ‫على مدى ربع قرن‪ .‬املدهش‪ :‬أن هذا الصنف‬ ‫املسرحي ال يزال ميتلك قدرة عفوية وتلقائية‬ ‫مؤثرة‪ .‬سوف أميل إىل املسرح الغنائي إذا ما‬ ‫أجربت على التماشي مع املستجدات‪.‬‬ ‫مسرح الشونسونييه‬

‫وال تقارن مسرحيات الرحابنة مبسرحيات‬ ‫مسرح القوالني‪ .‬تلك مسرحيات عقيمة‪.‬‬ ‫باألخص ألنها مسرحيات غري فاهمة ملسرح‬ ‫الشونسونييه‪ .‬مسرح الشونسونييه كمسرح‬ ‫نص مكتوب بيد حريفة‪ .‬قفز‬ ‫البولفار‪ :‬مسرح ّ‬ ‫الّلبنانيون فوق مرتكزاته‪ ،‬حتى أنهم ق ّدموا‬ ‫يؤسس الّلبنانيون‬ ‫شيئاً ال يشبه الشونسونييه‪ .‬مل ّ‬ ‫عالقة فعلية وفاعلة مبسرح التقويل‪ .‬حيتاج‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫ً‬

‫يس ّجل املسرح هذا حضورا يوميا يف حياة‬ ‫تبن تجربة مسرح "الحكواتي"‬ ‫لم ِ‬ ‫الّلبنانيني‪ .‬يوجد يف صاالت الفنادق القليل من إنجازاتها على مقدمة ووسط وعقدة‬ ‫صاالت املسرح الصغرية‪ .‬بعكس املسرح اآلخر‪ .‬وصراع وح ّل‪ ،‬بل بنت التجربة نفسها على‬ ‫ورش ممسرحة وتجريبية يلعب المشاهد‬ ‫ال اعرتاض على حضور الصنف هذا‪ .‬االعرتاض‬ ‫فيها دوره في تجميع عناصرها وأدواتها‬ ‫على سيادته‪ .‬يف "دليل املسارح" من ضمن دليل الجديدة‪..‬‬

‫النهار عدد اجلمعة ‪ 27‬آب ‪ 2009‬جمموعة قليلة‬ ‫من املسرحيات‪ .‬مسرحية ينعاد عليك لـ‬ ‫وحيد عجمي ويارا أبو حيدر على خشبة مسرح‬ ‫بيروت (أُعيد افتتاحه مؤخّراً)‪ .‬ومسرحية‬ ‫أطفال‪ J’ai Perdu le dos‬لفرقة "ميين ستديو"‪.‬‬ ‫وثالث مسرحيات تقويل شام غايت مع أندريه‬ ‫جدع وليلى إسطفان (فندق احلبتور)‪ .‬الفصل‬ ‫الرابع لـ ماريو باسيل وفرقته (لورويال ـ‬ ‫ضبية)‪ .‬سين سين لفرقة ‪ Comedians‬يف فندق‬ ‫غراند هيلز (برمانا)‪ .‬ثالث يف مقابل مسرحية‬ ‫واحدة‪ .‬فقدت التجربة الّلبنانية خصوصياتها‪.‬‬ ‫ال جتريب وال تغريب وال تدريب وال واقعية أو‬ ‫واقعية سحرية وال عبث وال فودفيل وال سريلة‬ ‫وال بساطة وال تبسيط‪ .‬ال توازن‪ .‬هذا مقروء‬ ‫يف انفراط توازن املصوغ الّلبناني اإلقليمي‪.‬‬ ‫ال مذاهب إالّ مذاهب رؤساء املذاهب وناس‬ ‫املذاهب‪ .‬سقطت املذاهب املسرحية بالضربة‬ ‫القاضية الطالعة من رؤوس مجاعات املذاهب‪.‬‬ ‫هذا حاجز لبنان اجلديد‪ .‬حاجز لبنان املديد‪.‬‬ ‫ال شيء إالّ الصوتيات النابعة من مقلدين صغار‬ ‫على مسطرة املسرح احلقيقي‪ .‬سقط مفهوم‬ ‫املبادرة الفردية‪ .‬سقط شغف املهنة‪ .‬ال يرى‬ ‫املسرحي على خشبة مسرح التقويل إالّ اجلسد‬ ‫القليل‪ .‬يريد اجلسد أن يتجاوز إمكانياته‪ .‬غري‬ ‫أن هذا ال حيدث‪ .‬ألن الصوت ـ على اخلشبة‬ ‫ـ لن يلبث أن يصطدم باجلدران قبل أن يسقط‬ ‫يف وسط الصالة بني مجهور الضاحكني على‬ ‫املقلدين‪.‬‬ ‫مثة سيطرة ملسرح الشونسونييه واملسرح‬ ‫الغنائي ومسرح اال ّدعاء الثقايف (األبرز يف‬

‫اإلبداع‬

‫املسرح إىل عالقة أكثر إنصافاً وعدالً بالشروط‬ ‫التقنية واجملتمع يف آن‪ .‬حيتاج إىل ك ّل ما هو‬ ‫نص‬ ‫جمد على صعيد األداء والكتابة‪ .‬بال ّ‬ ‫ممتاز لن حي ّرر أحد وجود مسرح تقويل على‬ ‫صفحة بيضاء‪ .‬املمثل املمتاز أحد عناوين مسرح‬ ‫الشونسونييه‪ .‬ال نصوص ممتازة يف مسرحيات‬ ‫لبنان‪ .‬ثم ال ممثلني ممتازين‪ .‬ليست هذه‬ ‫صورة سوداوية‪ .‬أبداً‪ .‬هذه صورة مرسومة بغاية‬ ‫التحريض على كتابة مسرحية شونسونييه ال‬ ‫بشروط الّلبناني املستعجل إىل حضور بطولي‪،‬‬ ‫بل بشروط املسرح املذكور‪ .‬أنتجت التجربة هذه‬ ‫أمساء بال قوى وبال أدوات‪ .‬أنتجت التجربة‬ ‫هذه مقلدين للشخصيات السياسية استعرضوا‬ ‫عضالتهم املتآكلة أمام مجهور متهافت‪ .‬ال‬ ‫معادلة صحية‪ ،‬إذ أهملت عروض التقويل هذه‬ ‫ك ّل عناصر مسرح التقويل‪ .‬سقطت قتيلة نفسها‬ ‫من دون نعي‪ .‬تز ّود الّلبنانيون الشونسونييه عن‬ ‫طريق اخلطأ‪ .‬حرموها من خلقتها ملصلحة‬ ‫خلقة الالعبني على منصاتها‪ ،‬بال دراما وبال‬ ‫مسرح وبال جتريب وبال أحالم ثرية‪ .‬سيطر‬ ‫الشونسونييه على "القطط السمان"‪ .‬يسيطر‬ ‫"القطط السمان" على اقتصاد لبنان‪ .‬يسيطر‬ ‫االقتصاد الّلبناني على السياسة الّلبنانية‪.‬‬ ‫يسيطر السياسيون الّلبنانيون على الّلبنانيني‪.‬‬ ‫تأثري املسرح هذا ليس حمدوداً أبداً‪ ،‬إذا ما‬ ‫قيس حضوره على مجهوره املجَْلوب أو املنتخب‪.‬‬ ‫أطاحت سيادة الصنف الواحد باجلوهر اللبناني‬ ‫معكوساً على ماء املسرح‪ .‬لبنان بلد التعدد‪.‬‬ ‫عكس تع ّدده على أشكال تعبريه‪ .‬مل يقسم لبنان‬ ‫املسرح بني مسرحني‪ :‬الشونسونييه والفودفيل‪.‬‬ ‫أضحى املسرح هذا قطعة‪ .‬كما أضحى املسرح‬ ‫اآلخر قطعة أخرى‪ .‬مل تعد الصيغة الّلبنانية‬ ‫ختصب أشكال التعبري بقوى نشوئها وقوى‬ ‫استمرارها وتأثري االستمرار على الفضاء‬ ‫املمسوك باملعطيات الضاجة الوفرية‪.‬‬

‫ً‬

‫‪585‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 586‬للتنمية الثقافية‬

‫مسرح الشونسونييه كمسرح البولفار‪:‬‬ ‫نص مكتوب بيد ح ّريفة‪ ،‬قفز‬ ‫مسرح ّ‬ ‫المعنيّون المحلّيون فوق مرتكزاته‪ ،‬حتى‬ ‫يؤسسوا‬ ‫أنهم ق ّدموا شيئاً ال يشبهه‪ .‬ولم ّ‬ ‫عالقة فعلية وفاعلة بمسرح التقويل‬ ‫حيث يحتاج المسرح عموماً إلى عالقة‬ ‫أكثر إنصافاً وعدالً بالشروط التقنية‬ ‫والمجتمعية في آن‪..‬‬

‫فقدت التجربة الّلبنانية خصوصياتها‪..‬‬ ‫ال تجريب وال تغريب وال تدريب وال واقعية‬ ‫أو واقعية سحرية وال عبث وال فودفيل وال‬ ‫سريلة وال بساطة وال تبسيط‪ ..‬ال شيء إال‬ ‫الصوتيات النابعة من مقلّدين صغار على‬ ‫مسطرة المسرح الحقيقي‪..‬‬

‫هذا املسرح مسرح ّي مقيم يف فرنسا‪ .‬صاحب‬ ‫فرقة امسها الربكة‪ ..‬آخر ادعاءاته مسرحية‬ ‫نص لـ هدى بركات مع رندة‬ ‫فيفاالديفا عن ّ‬ ‫األسمر)‪ .‬حاز نبيل األظن مساعدات من‬ ‫وزارة الثقافة اللبنانية ووزارة الثقافة الفرنسية‬ ‫وهيئات ومجعيات أخرى ثبتت أمساؤها على‬ ‫ملصق املسرحية‪ .‬المسرح الرحباني مسرح‬ ‫غنائي‪ .‬مسرح كركال أقرب إىل املسرح الغنائي‬ ‫بشروطه وصوره وعروضه‪ .‬ما ينقص املسرح‬ ‫الرحباني موجود يف مسرح كركال‪ .‬ما ينقص‬ ‫مسرح كركال موجود يف املسرح الرحباني‪.‬‬ ‫زواج املسرحني مساق إىل مسرح مي ّجد املسرح‬ ‫الغنائي على الطريقة الّلبنانية‪ .‬ال خطأ يف ذلك‬ ‫وال استئجار وال استهتار‪ .‬بالعكس‪ .‬دخل شابان‬ ‫يف مدار املسرح الغنائي على طريقتهما اخلاصة‪:‬‬ ‫صباغ‪ .‬ق ّدم األخوان مسرحية تشي‬ ‫فريد وماهر ّ‬ ‫غيفارا‪ .‬استنبطا املسرحية من سرية الثائر‬ ‫األرجنتيين‪ .‬أضافا عليها ما أضافاه بال‬ ‫رهبة التفكري يف التغيري الفكري أو اإلنساني‬ ‫واالجتماعي‪ .‬بالنسبة إليهما تو ّزع تشي غيفارا‬ ‫إىل اثنني‪ .‬األول‪ :‬األيقونة‪ .‬الثاني‪ :‬اإلنسان‪ .‬لدى‬ ‫الثاني‪ :‬أخطاؤه‪ .‬خروج من سوق عكاظ الكالم‬ ‫عمر‬ ‫على هذه الشخصية التارخيية األسطورة‪َّ .‬‬ ‫األخوان من عمرهما ال من أعمار اآلخرين‪.‬‬ ‫املسرحية جريئة تقع بني وجه غيفارا احلقيقي‬ ‫وقناعه‪ .‬صحيح أن غيفارا ش ّن احلرب على‬ ‫اجملتمعات املركزة على ظواهر األمور ال على‬ ‫جواهرها‪ .‬غري أنّه تع ّرض إىل حمن كثرية‪ .‬ثم‬ ‫استشهد‪ .‬غلف الطابع التعبريي أجزاء واسعة‬ ‫من املسرحية‪ .‬ال يزال فريد وماهر الصباغ‬ ‫ينتظران تبلور حضورهما املسرحي ووعيهما بال‬ ‫املؤسسني‪.‬‬ ‫استغابة اآلخرين وترديد كالم ّ‬ ‫مثة مالحظات كثرية على جتربة املسرح‬ ‫الغنائي الراقص يف لبنان‪ .‬هي مالحظات معلومة‬ ‫ومالحظات مكتومة‪ .‬غري أن استمراره حيتاج‬

‫إىل فطنة مصنوعة من غبار الذهب‪ .‬واحدة‬ ‫من عالمات زمن املسرح الّلبناني مسرحيات‬ ‫كركال والرحابنة الغنائية ـ الراقصة‪ .‬أضعفها‬ ‫إيال لـ إلياس الرحباني‪ .‬مسرحية حمافظة‬ ‫بسبب كتابتها منذ ربع قرن‪ .‬ق ّدم األخ األصغر‬ ‫يف الثالثي الرحباني إيال إثر غياب منصور‪.‬‬ ‫تركها يف جيبه على مدى ربع قرن‪ .‬مل يعد إلياس‬ ‫الرحباني إىل تأهيل املسرحية‪ .‬مل خيدش اليأس‬ ‫الكامن يف صدرها وقلبها‪ .‬ق ّدمها مع عبير نعمة‬ ‫وجهاد األندري وأليكو داوود‪ .‬بإخراج غسان‬

‫الرحباني‪( .‬ق ّدم غسان الرحباني مؤخراً‬ ‫الحب ما قتل يف مهرجانات بعلبك مبصوغ هو‬ ‫مصوغ والده نفسه ومصوغه هو نفسه)‪ .‬دخلت‬ ‫املسرحية عرضها األخري يف عرضها األول‪ .‬كما‬ ‫دخلت الكثري من املسرحيات الّلبنانية يف اآلونة‬ ‫األخرية‪ .‬مل يعد مبستطاع املسرح اللبناني أن‬ ‫يسوح على هواه‪ ،‬سواء بالنسبة إىل املخرجني أم‬ ‫الكتّاب أم املمثلني‪ .‬قفز جالل خوري من املسرح‬ ‫التعليمي (مسرح دارج يف املاركسية) إىل مسرح‬ ‫التصوف‪ .‬ق ّدم هندية‪ .‬ثم ق ّدم رحلة مختار‬ ‫إلى شرينغار‪ .‬كتب أسامة العارف أيام بتسوى‬ ‫فرانكو أطاح فيها جزءاً من الذاكرة الطيبة‬ ‫للمداخالت األممية يف احلروب األهلية بني‬ ‫دميوقراطيني وفاشيني‪ .‬ضحية املسرحية الكتيبة‬ ‫األممية املناصرة جلمهوريي احلرب األهلية يف‬ ‫إسبانيا‪ .‬ارتبطت الكتيبة بطيب احلضور لدى‬ ‫الكثريين‪ .‬منهم أسامة العارف‪ .‬بعدها‪ :‬ترك‬ ‫أسامة الكتيبة يف تارخيها إثر إطاحته بطيب‬ ‫حضورها يف ذلك الزمن الكاسر األسود‪ .‬بهتت‬ ‫حكايات‪ .‬كما بهتت جتارب‪ .‬هكذا حيدث بعد أن‬ ‫تزور جتربة إثر مرور ربع قرن عليها‪ .‬ال يستطيع‬ ‫أحد أن يستبدل البنطلون بالشروال‪ .‬هذا ما‬ ‫حدث يف جتربة املسرح الّلبناني‪ .‬ال يزال منير‬ ‫أبو دبس يف قريته‪ .‬فقد الرجل سحره بعدما‬ ‫سحر الّلبنانيني والعرب يف "مدرسة المسرح‬ ‫ومن‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫مثة حركة صمت بدل الركض بالرأس قبل‬ ‫اإلقدام‪ .‬مثة حركة إنصات‪ .‬لسنا وحدنا يف هذه‬ ‫احلال‪ .‬احنسرت التجربة العاملية أيضاً باحنسار‬ ‫البيئات احلاضنة‪ .‬احنسرت التجربة أمام غياب‬ ‫خيارات تفادي الواقع الثابت املتك ّرر املأزوم‪.‬‬ ‫استسلم الك ّل‪.‬‬ ‫مسارح لبنان وارتدادات الوضع‬ ‫االقتصادي‬

‫يصعب إغفال ما تعانيه املسارح يف لبنان من‬ ‫ارتدادات الوضع االقتصادي املرتاجع بوترية‬ ‫عالية‪ .‬فلقد أُصيب مث ًال "مسرح المدينة"‬ ‫باملرض االقتصادي الّلبناني منذ سنوات‪،‬‬ ‫حبيث ّ‬ ‫اضطرت عميدته ومطلقة نشاطاته نضال‬ ‫األشقر إىل نقله من صالة سينما كليمنصو‬ ‫إىل صالة سينما الساروال وهي ال تنفك تص ّرح‬ ‫عن تراكم الديون على املسرح ما اضطرها‬ ‫إىل إدخال عناصر متباينة املستوى يف البنية‬ ‫الثقافية للتجربة‪ .‬يتجلّى ذلك يف إسهام أكثر‬ ‫من شركة جتارية صغرى يف متويل املسرح‪.‬‬ ‫من جهة أخرى يعاني مسرح بابل (سينما‬ ‫مارينيان يف األصل) من قلّة عدد قاصديه‬ ‫سواء ملتابعة املسرحيات امللعوبة على خشبته أم‬ ‫املعارض التشكيلية يف أروقته ما يه ّدده باإلقفال‪.‬‬ ‫هذا ما يؤ ّكده مشغّله املخرج املسرحي العراقي‬ ‫جواد األسدي الذي أراد أن يستثمر املسرح يف‬ ‫ضوء جتربته اخلاصة وجتارب اآلخرين أيضاً‪.‬‬ ‫ق ّدم جمموعة من املسرحيات اخلاصة به‬ ‫أبرزها‪ :‬نساء الساكسوفون يف حني لعبت بعض‬ ‫املسرحيات القليلة هناك ما مل يُكسب املسرح يف‬ ‫النتيجة مناعته االقتصادية‪.‬‬ ‫"مسرح مونو" هو مسرح ثقايف تابع‬ ‫للجامعة اليسوعية‪ ..‬دوره ّ‬ ‫متقطع وال يشي‬ ‫برتاكم جتربة مسرحية منتظمة تفيد املسار‬ ‫الثقايف العام يف املدينة‪.‬‬

‫اإلبداع‬

‫الحديث"‪ .‬يشتغل الرجل اليوم مع طالب جدد‬ ‫يف حمرتفه اجلديد‪ .‬مل يب َق من جتربته إالّ أثرها‬ ‫األول‪ .‬بقي واقعه يف رأسه‪ .‬حتصل األمور لديه‬ ‫مبجرد أن ختطر‪ .‬الضحية‪ :‬االختبار‪ .‬شكيب‬ ‫خوري يف جامعة الكسليك‪ .‬يعقوب الشدراوي‬ ‫يف وحدته‪ .‬مات إدوار أمين البستاني‪ .‬ال يزال‬ ‫ريمون جبارة يف رأسه هو اآلخر‪ .‬أعاقه املرض‬ ‫عن املسرح‪ .‬اكتفى بالكتابة يف "ملحق النهار"‪.‬‬ ‫هذه طبيعته الثانية‪ .‬مثة أعمال شبابية يف‬ ‫املقابل ليست حباجة إىل احلنني إىل التجارب‬ ‫السابقة‪ ،‬بل إىل حلظ أن روح املسرح تريّفت‬ ‫مع سقوط املدينة‪ .‬فجوة من فجوات‪ .‬جرح‬ ‫كبري لن يندمل إالّ باستيعاب أسباب رعايته‬ ‫من الكثريين‪ .‬مثة جتارب تبحث عن أجوبة‬ ‫جديدة بال استعطافات خفية‪ .‬نذكر هنا‪ :‬رصيف‬ ‫رقم ‪ 7‬لـ عصام أبو خالد وفادي أبي سمرا‬ ‫ً‬ ‫وأشغاال مسرحية ال تذهب إال إلى العدم‪ .‬شالح‬ ‫الطربوش لـ إيلي كرم‪ ،‬ليست تعاكول مجدرة‬ ‫يا صبي‪ .‬األوىل آخر مسرحياته‪ .‬األخرية أوىل‬ ‫مسرحياته‪ .‬غابت توترات املسرحية األوىل يف‬ ‫صنعة املسرحية الثانية‪ :‬سقطت روح التم ّرد يف‬ ‫روح احلنني‪ .‬اجلامع بني العملني‪ :‬بيروت‪ .‬ال‬ ‫جيمع بينهما فنياً أ ّي شيء‪ .‬غري ذلك‪ :‬ال توفر‬ ‫املسرحيات األخرى وصوالً إىل مراكز قيادية‪.‬‬ ‫ال "‪ 12‬لبناني ًا غاضب ًا لـ زينة دكاش وال كيف‬ ‫بعتك بمكتوب لـ كريستال خضر وعبير‬ ‫نعمة وال مدموزيل وردة لـ إيلي لحود وال‬ ‫كافكا وأبوه والمدير والخنزير لـ لينا أبيض‪.‬‬ ‫وال مسرحيات أخرى تتمتع بك ّل املؤهالت العقلية‬ ‫والذهنية‪ ،‬بيد أنها حمرومة من ك ّل جوانب‬ ‫التميز بسبب غياب األدوار االجتماعية والفكرية‬ ‫أمام الفراغ الكبري والتهافت األكرب‪ .‬ذلك أن‬ ‫الّلبنانيني ال يزالون يتفرجون على سأم بعضهم‬ ‫من األوضاع الّلبنانية واالصطفافات احلادة يف‬ ‫السياسة وغري السياسة‪ .‬ال ضرورة لألمساء‪.‬‬

‫‪587‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 588‬للتنمية الثقافية‬

‫"مسرح بيريت" مثل سابقه أيضاً‪.‬‬ ‫"مسرح املركز الثقايف الروسي" تقلّص دوره‬ ‫وخصصه‬ ‫كثرياً بعيد سقوط االتحّ اد السوفيييت‪ّ .‬‬ ‫إداريّوه مبجموعة من األنشطة الفنّية أغلبها من‬ ‫روسيا‪.‬‬ ‫"مسرح األتينيه" مغلق‪.‬‬ ‫"مسرح ال سيتيه" تراجع حضوره بشكل مفجع‬ ‫بعدما استضاف عدداً مؤثراً من مسرحيات‬ ‫متباينة املستوى أهمها وأبرزها‪" :‬بيكنيك على‬ ‫خطوط التماس" لرميون جبارة‪.‬‬ ‫"مسرح اإلجنا" يف طرابلس ُهدم ومل تفلح‬ ‫الفن‬ ‫األصوات احلريصة على هذا املعلم الرتاثي يّ‬ ‫من فعل شيء إلنقاذه‪ .‬وال يلعب "مسرح الرابطة‬ ‫الثقافيّة" دوره الثقايف يف عاصمة الشمال‪.‬‬ ‫‪ ..‬وتغيب املسارح عن اجلنوب خصوصاً يف‬ ‫عاصمته صيدا‪.‬‬ ‫أما "املسرح اجلامعي" مع لينا أبيض وناجي‬ ‫صوراتي فهو ليس يف مرحلته الذهبيّة السابقة‬ ‫كما كان مع نورا السقّ اف وليلى الدبس وزياد‬ ‫أبو عبسي وغريهم وغريهم‪...‬‬ ‫يف اخلالصة املسرح الّلبناني ما قبل العام‬ ‫‪ 2009‬بسنوات قليلة ومعها وبعدها ولغاية اآلن‬ ‫ال يلعب دور املر ّكب اجلمالي املستجلَب من‬ ‫مرجعيات متع ّددة تش ّكل نوعاً من السيادة الفنّية‬ ‫اخلاصة‪.‬‬ ‫فوق هذا وذاك ح ّول الّلبنانيون دور السينما‬ ‫إىل مسارح‪ ،‬ما يعين أن املسرح بات غري موجود‬ ‫يف "أوربانيزم" املدينة أو ّ‬ ‫خمططها التوجيه ّي‬ ‫األول‪.‬‬ ‫ليبيا‪ :‬هل من حراك مسرحي؟‬ ‫سياق التقلّب و نقطة الصفر‬

‫ال يسعنا وحنن نلج املوسم املسرحي الّلييب‬ ‫‪ 2009‬مبجمل فعالياته‪ ،‬إال أن نعرج على أحداث‬

‫مه ّمة وقعت يف العام الذي سبقه‪ ،‬وأيضاً ال ب ّد‬ ‫الستيعاب تراكيب اإلنتاج املسرحي ومك ّوناته‬ ‫استيعاباً موضوعياً‪ ،‬من االشارة أحياناً إىل‬ ‫بعض السمات اليت الزمت املسرح الّلييب منذ‬ ‫نشأته وحتى يومنا هذا‪ ،‬شأنه يف ذلك شأن‬ ‫مسارح عربية أخرى‪ ،‬وإن اختلفت النظرة‬ ‫إىل هذه السمات وسبل العمل على حلحلة‬ ‫اإلشكاليات النامجة عنها‪ ،‬إال أن صداها يرت ّدد‬ ‫دائماً يف متون التجربة املسرحية الّليبية‪.‬‬ ‫يطالعنا عام‪ 2009‬وابتدا ًء من شهر مارس‬ ‫بقرارات إدارية يف جمال الثقافة تتشابه يف‬ ‫مضامينها وإن تن ّوعت مصادرها‪ .‬كان أوهلا‬ ‫ح ّل أمانة الّلجنة الشعبية العامة للثقافة يف‬ ‫المؤسسة العامة للثقافة‪.‬‬ ‫شهر مارس وإنشاء‬ ‫ّ‬ ‫وجتدر اإلشارة إىل أن مصطلح أمانة الّلجنة‬ ‫الشعبية العامة للثقافة يوازي تسمية ( وزارة )‬ ‫يف األنظمة التقليدية‪.‬‬ ‫يف العام ‪ ،2009‬ويف السياق نفسه‪ّ ،‬مت إنشاء‬ ‫الهيئة العامة للمسرح والخيالة والفنون‪ ،‬واليت‬ ‫تغيرّ أمينها الحقاً وجلنتها اإلدارية‪ ،‬وقد أُنيطت‬ ‫بهذه اهليئة مسؤولية تسيري العمل املسرحي‬ ‫الّلييب والنهوض به‪ ،‬فسعت إىل إعداد جمموعة‬ ‫من التصورات املتسرعة اخلجولة اليت تفضي‬ ‫إىل دعم مادي خجول أيضاً للحركة املسرحية‪،‬‬ ‫وجمموعة إحياءات تنظيمية‪ ،‬ولكن‪ ،‬حتى هذا‬ ‫النزر اليسري من التصورات ظ ّل حبيس األدراج‬ ‫بعيداً عن التنفيذ‪.‬‬ ‫املؤسسات الثقافية ال تنتج يف‬ ‫أصبحت ّ‬ ‫احلقل املسرحي إال بالقدر املرتهن للمناسبات‬ ‫واملهرجانات املرجتلة‪ ،‬وال تصدر مشروعات‬ ‫جادة وواقعية للنهوض باألداء املسرحي‬ ‫واستثمار اللحظات املتجلية يف تاريخ املسرح‬ ‫مؤسسات عاجزة‬ ‫الّلييب وجتربته؛ أصبحت ّ‬ ‫عن خلق تراكم للتجربة املسرحية وتصنيفها‬ ‫واستشراف مستقبلها‪.‬‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫المؤسسات الثقافية‬ ‫كشكول‬ ‫ّ‬

‫يتوجب التذكري مبجهودات‬

‫الهيئة العامة‬

‫الكشاف‪ -‬طرابلس‪ ،‬وقاعة الشعب ‪ -‬مصراتة‪،‬‬ ‫المؤسسات‬ ‫أفضت عدم إنتاجية‬ ‫ّ‬ ‫وّ‬ ‫مت أخرياً إنشاء قاعة المسرح الوطني‪ -‬درنة الثقافية في الحقل المسرحي‪ ،‬إال عبر‬ ‫اليت افتتحت العام ‪ ،2008‬يقابل هذا االهتمام االرتهان للمناسبات والمهرجانات‬ ‫المرتجلة‪ ،‬وكذلك عدم وجود مشروعات‬ ‫إهمال على صعيد تنظيم الفرق ودعمها ورسم جادة وواقعية للنهوض باألداء المسرحي‪،‬‬ ‫المؤسسات عن بلورة تراكم‬ ‫براجمها ومشروعاتها املسرحية ولوائحها عجز هذه ّ‬ ‫للتجربة المسرحية وتصنيفها واستشراف‬ ‫الداخلية وشروط املنتسبني إليها‪.‬‬ ‫مستقبلها‪..‬‬ ‫• إذا استثنينا جلنة الرقابة على النصوص‬ ‫والعروض املسرحية‪ ،‬فإن أغلب القوانني والّلوائح‬ ‫املنظمة للعمل املسرحي مل يعد يعمل بها‪ ،‬وذلك‬ ‫إللغاء جهات اإلصدار‪ .‬وأحدث هذه القوانني‬ ‫يعود تاريخ إصداره إىل اثنني وعشرين عاماً‬ ‫خلت‪ ،‬ومنها ما يعود إصداره إىل الستينيات من‬ ‫القرن املاضي‪ ،‬مثل قانون ضريبة املالهي اليت‬ ‫‏تُستقطع على العروض املسرحية وقيمتها ‪% 2‬‬ ‫من سعر التذكرة‪ ،‬مع العلم أن هذا القانون‬ ‫كان يُطبق على املراقص واملالهي الليلية يف‬ ‫ستينيات القرن املاضي‪ .‬ومع أن هذه املراقص‬ ‫واملالهي الليلية أغلقت وحظر نشاطها بعد قيام‬ ‫الثورة‪ ،‬إال أن هذه التسمية ظلّت عالقة باملسرح‬ ‫وفاعليته يف جمتمع يوصف عادة باحملافظ‪ ،‬وال‬ ‫خيفى على املهتمني باملسرح الّلييب ما حيمله‬ ‫بقاء مثل هذا القانون وبهذه التسمية من إشارة‬ ‫واضحة ملفهوم املسرح ودوره عند املشرعني‪.‬‬ ‫• ظ ّل جمموع األعراف املسرحية الرابط‬ ‫الذي يسيرّ العمل املسرحي داخل أطر أغلب‬ ‫الفرق املسرحية‪ ،‬وهي أعراف ال متلك قوة‬ ‫اإللزام املنصوص عليه‪ .‬وظ ّل أعضاء هذه‬ ‫الفرق على اختالف قدراتهم ووعيهم وتكوينهم‬ ‫العلمي وجتربتهم‪ ،‬وحتى ميوهلم الفكرية‪ ،‬غري‬ ‫مرتبطني بالعمل املسرحي إال بفضل االنتماء‬ ‫واحلماس للمسرح؛ وهي أمور غامضة ونسبية‬ ‫على الصعيد املهين‪.‬‬ ‫• غياب املوسم املسرحي‪ ،‬وبالذات يف‬ ‫السنوات السبع األخرية‪ ،‬مع استثناء موسم‬ ‫شهر رمضان يف مدينة بنغازي الذي عاد ًة ما‬

‫تخلّت الدولة في ليبيا عن الدعم‬ ‫المالي إلنتاج العروض المسرحية منذ‬ ‫العام ‪ 1999‬ما خال المكافآت التي تق ّدم‬ ‫للفرق المشاركة في مهرجان المسرح‬ ‫الوطني‪..‬‬

‫اإلبداع‬

‫للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية عام‬ ‫‪ ،1973‬واليت سعت إىل إيفاد جمموعة من‬ ‫الدارسني يف جمال املسرح إىل أوروبا‪ ،‬وكذلك‬ ‫وضعت لوائح تنظم عمل الفرق الوطنية‪ ،‬وكانت‬ ‫هذه اللوائح تش ّكل أساساً جاداً إلرساء مفهوم‬ ‫االحرتاف املسرحي وتطبيقه‪ ،‬وأصدرت اهليئة‬ ‫لوائح لإلنتاج املسرحي ع ّدلت الحقاً مرتني‬ ‫وعمل بها حتى عام ‪ ، 1999‬ثم مل يعد يعمل بها‬ ‫منذ إلغاء أمانة الّلجنة الشعبية العامة لإلعالم‬ ‫والثقافة العام ‪. 2000‬‬ ‫ويف هذا املناخ جتدر اإلشارة إىل املالحظات‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫• إن أغلب الفنانني املسرحيني يف ليبيا‬ ‫هم جمموعة من العصاميني الذين اعتمدوا‬ ‫على قدراتهم ومواهبهم وإمكاناتهم الذاتية يف‬ ‫والفن‪ ،‬ويستثنى من ذلك‬ ‫التحصيل العلمي يّ‬ ‫بعض اخلرجيني من أوروبا وبعض الدارسني يف‬ ‫املعاهد والكليات الداخلية‪.‬‬ ‫• العاملون يف املسرح الّلييب مجيعهم‬ ‫توجه إداري أو‬ ‫هواة‪ ،‬حيث مل يكن هناك أ ّي ّ‬ ‫قانوني لتوصيف املهنة املسرحية وتصنيفها‬ ‫وإدراجها ضمن الكوادر الوظيفية للدولة‪،‬‬ ‫وتوفري الضمانات هلا‪ ،‬وبالتالي ظ ّل املسرحيون‬ ‫بهذا املعيار من اهلواة وإن كان بعضهم حمرتفاً‬ ‫مبعيار دراسته وتراكم جتربته املسرحية‪.‬‬ ‫• ختلّت الدولة عن الدعم املالي يف جمال‬ ‫إنتاج العروض املسرحية منذ العام ‪ 1999‬مع‬ ‫استثناء املكافآت اليت تق ّدم للفرق املشاركة يف‬ ‫مهرجان المسرح الوطني‪.‬‬ ‫• ّ‬ ‫متت صيانة أمكنة وصاالت عروض‬ ‫مسرحية ع ّدة كان أغلبها باألساس عبارة‬ ‫عن دور للعروض السينمائية ح ّولت لتقديم‬ ‫عروض مسرحية‪ ،‬ويستثنى من ذلك مسرح‬

‫‪589‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 590‬للتنمية الثقافية‬

‫تق ّدم خالل موسم شهر رمضان في‬ ‫مدينة بنغازي عروض مسرحية كوميدية‬ ‫تستم ّر طيلة شهر رمضان من ك ّل عام‪،‬‬ ‫فيما تتواصل عروض أخرى منها إلى ما‬ ‫بعد شهر رمضان لتبلغ خمسين عرضاً‪.‬‬ ‫على أن هذا الموسم تعرف به مدينة‬ ‫بنغازي دون غيرها من المدن األخرى‪،‬‬ ‫ألنها المدينة التي يعتبرها كثير من‬ ‫المسرحيّين والمثقفين الّليبيّين مدينة‬ ‫المسرح في ليبيا‪..‬‬

‫ُقدم فيه عروض مسرحية كوميدية تستم ّر‬ ‫ت َّ‬ ‫ّ‬ ‫طيلة شهر رمضان من كل عام‪ ،‬فيما تتواصل‬ ‫عروض أخرى منها إىل ما بعد شهر رمضان‬ ‫لتبلغ مخسني عرضاً‪ .‬على أن هذا املوسم تعرف‬ ‫به مدينة بنغازي دون غريها من املدن األخرى‪،‬‬ ‫ألنها املدينة اليت يعتربها كثري من املسرحيّني‬ ‫واملثقفني الّليبيّني مدينة املسرح يف ليبيا‪ ،‬وذلك‬ ‫لعروضها املتواصلة واملتن ّوعة وألنها املدينة‬ ‫الوحيدة يف ليبيا اليت حرص مسرحيّوها على‬ ‫التواصل الدائم مع اجلمهور وتوفري مناخات من‬ ‫الفرجة املسرحية تشغل حيزاً يف ذاكرة اجلمهور‬ ‫عرب مسريتها املسرحية املتعثّرة أحياناً ّ‬ ‫واملبشرة‬ ‫أحياناً أخرى‪.‬‬ ‫• اقرتان كثري من العروض املسرحية‬ ‫باملناسبات واالحتفاالت الوطنية‪ ،‬وذلك لتو ّفر‬ ‫الدعم املالي الالزم لإلنتاج‪ ،‬وهو ما أسهم يف‬ ‫ترسيخ حال ٍة من الركود واالبتعاد عن مناخات‬ ‫االبتكار واالكتشاف املسرحي واالهتمام‬ ‫باجلمهور واعتباره املك ّون األهم يف املسرح ‪.‬‬ ‫• الدعم املالي اجملزي نسبياً لإلنتاج‬ ‫التلفزيوني الذي دفع الكثري من املمثلني إىل‬ ‫هجرة العمل املسرحي والتوجه إىل العمل‬ ‫التلفزيوني‪ ،‬مضافاً إىل ذلك ما حيققه‬ ‫التلفزيون من شهرة وسرعة يف اإلجناز‪.‬‬ ‫الموسم المسرحي للعام ‪2009‬‬

‫لع ّل احلدث األبرز يف موسم العام ‪،2008‬‬ ‫كان المهرجان الوطني الحادي عشر للفنون‬ ‫المسرحية الذي أقيم يف شعبية الجبل‬ ‫األخضر‪ ،‬وذلك نظراً ملا يتمتّع به هذا املهرجان‬ ‫من أهمية باعتباره أباً للمهرجانات املسرحية‬ ‫الّليبية وأقدمها وأكثرها زمخاً وحضوراً‬ ‫وملتقى للتجارب املسرحية الّليبية بك ّل تنوعاتها‬ ‫ومستوياتها الفنّية‪ ،‬ولعلّه كان أيضاً املالذ األخري‬ ‫للتجمعات املسرحية‪ ،‬بعد أن غابت املهرجانات‬

‫النوعية عن حياتنا املسرحية‪ ،‬مثل مهرجان‬ ‫املسرح التجرييب يف شعبية الجبل‪ ،‬ومهرجان‬ ‫املسرح الفكاهي (الكوميدي) يف مدينة بنغازي‪،‬‬ ‫وكذلك أيام طرابلس المسرحية‪.‬‬ ‫تشهد ليبيا مهرجاناً وطنياً للمسرح يُقام‬ ‫ك ّل ع ّدة سنوات ويف اآلونة األخرية ك ّل عام‪.‬‬ ‫وقد ُعقد المهرجان الوطني األول يف العام‬ ‫‪ 1971‬وكان عدد الفرق املشاركة فيه ‪ 14‬فرقة‪،‬‬ ‫بينما ُعقد المهرجان الوطني الحادي عشر‬ ‫يف العام ‪ 2008‬مبشاركة ‪ 16‬فرقة‪ .‬ويالحظ‬ ‫التذبذب يف عدد العروض املشاركة‪ ،‬وعدم‬ ‫ثبات مواعيد إقامة املهرجان‪ ،‬حيث جند تسع‬ ‫سنوات تفصل بني املهرجان الثاني والثالث‬ ‫(من‪ 1973‬إىل ‪ )1982‬وسبع سنوات تفصل بني‬ ‫املهرجان الثالث والرابع (‪ 1982‬إىل ‪.) 1989‬‬ ‫يف حني أن لوائح املهرجان ( اليت مل يعد يُعمل‬ ‫تنص على أن تُقام دورة ك ّل عامني‪ .‬لكن‬ ‫بها) ّ‬ ‫دوراته الثالث األخرية جاءت مبعدل دورة كلّ‬ ‫عام‪ ،‬ورحل املهرجان يف الدورتني األخريتني عن‬ ‫مدينة طرابلس إىل بنغازي ومنها إىل شعبية‬ ‫الجبل األخضر‪.‬‬ ‫وقد نبّه حينها عدد من اخلرباء الّليبيني‬ ‫يف املسرح إىل األثر السليب الناتج عن ترحيل‬ ‫املهرجان من مدينة طرابلس‪ ،‬ألن األمر ميثّل‬ ‫خلخلة لتقاليده وتفكيكاً لكوادره وحمواً جلزء‬ ‫مه ّم من ذاكرة املسرح الّلييب‪ .‬كما نبّهوا‬ ‫أيضاً إىل خطورة إقامته سنوياً ملا ينطوي‬ ‫عليه ذلك من إنهاك للفرق املسرحية وهدر‬ ‫لطاقاتها الفنّية‪ ،‬والسيما مع عدم وجود موارد‬ ‫مالية ثابتة إلنتاج العروض من جهة‪ ،‬ولعدم‬ ‫الفن من جهة أخرى‪.‬‬ ‫تف ّرغ املسرحيّني للعمل يّ‬ ‫ويبدو أن تلك املخاوف كانت موضوعية وتعيّنت‬ ‫يف الواقع املسرحي الحقاً‪ .‬وعليه جاءت أه ّم‬ ‫العروض يف موسم ‪( 2009‬ريبورتوار) إلنتاج‬ ‫‪ 2008‬وكانت على النحو التالي‪:‬‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫اإلبداع‬

‫‪ – 1‬مسرحية اإلطار إعداد وإخراج‬ ‫السيد آدم‪ ،‬إنتاج فرقة مسرح المرج يف مدينة‬ ‫المرج (ريبورتوار)‪ .‬وقد ُق ّدمت هذه املسرحية‬ ‫يف مهرجان األسطى الثقافي يف مدينة درنة‪،‬‬ ‫وهو مهرجان أهلي يُعنى بشؤون الفكر والثقافة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ينظمه ويشرف عليه بيت درنة الثقافي‪.‬‬ ‫طرح عرض اإلطار الذي سبق تقدميه يف‬ ‫المهرجان الوطني الحادي عشر‪ ،‬قضية الفساد‬ ‫من خالل عرضه مأساة موظف شريف رفض‬ ‫أن يرتشي فتع ّرض لصنوف ع ّدة من الرتهيب‬ ‫والقمع والسخرية حتى آل به املطاف إىل‬ ‫مستشفى األمراض النفسية‪.‬‬ ‫‪ – 2‬مسرحية جو عالمي في النقال تأليف‬ ‫وإخراج خميس مبارك‪ ،‬إنتاج املسرح الوطين‬ ‫يف بنغازي‪ .‬وتطرح املسرحية قضية الفساد من‬ ‫خالل مسؤول يفقد هاتفه اجلوال املليء باملقاطع‬ ‫اخلليعة ليقع يف أيدي جمموعة من الشباب‬ ‫الفقراء الذين حياولون ابتزازه(كوميديا)‪.‬‬ ‫‪ – 3‬مسرحية أسياد الكورة تأليف فتحي‬ ‫القابسي‪ ،‬إخراج محمد الصادق‪ ،‬إنتاج فرقة‬ ‫مسرح السنابل في بنغازي‪ .‬تدور أحداث هذه‬ ‫املسرحية حول مد ّرب كرة قدم يو ّد تشكيل‬ ‫فريقني لكرة القدم يف ح ّي ريفي ومناخ بدوي‬ ‫مليء بالتعصب(كوميديا)‪.‬‬ ‫‪ – 4‬مسرحية الحجاالت تأليف منصور‬ ‫بوشناف‪ ،‬إخراج عوض الفيتوري‪ ،‬إنتاج فرقة‬ ‫املسرح احلديث يف بنغازي‪ .‬وهي تطرح قضية‬ ‫البطالة من خالل شابني ُس ّدت يف وجهيهما سبل‬ ‫العمل وحت ّوال إىل حجاالت (راقصات يف األفراح‬ ‫الشعبية)‪ -‬كوميديا ( ريبورتوار)‪.‬‬ ‫‪ – 5‬األبلة سريعة تأليف وإخراج سليمان‬ ‫الجوال يف‬ ‫الدينالي‪ ،‬إنتاج فرقة المسرح‬ ‫ّ‬ ‫بنغازي‪( .‬ومن املالحظ أن األعمال األربعة‬ ‫األخرية ُعرضت مجيعها يف املوسم الرمضاني‬ ‫يف مدينة بنغازي يف العام ‪.)2009‬‬ ‫عبد‬

‫‪ – 6‬مسرحية هبوط اضطراري‪ ،‬تأليف‬ ‫وإخراج ميلود العمروني‪ ،‬إنتاج المسرح‬ ‫الوطني يف بنغازي‪.‬‬ ‫وشهد آخر العام ‪ 2009‬الدورة الثانية من‬ ‫أيام سبها الثقافية‪ ،‬والذي يقام بدعم أهلي‬ ‫وإن كان يشرف عليه مكتب اخلدمات الثقافية‬ ‫يف املنطقة اجلنوبية؛ وهو مهرجان تتن ّوع فيه‬ ‫األنشطة الثقافية بني شعر وقصة وغناء ومسرح‬ ‫وندوات ثقافية ومعارض تراثية وتشكيلية‪.‬‬ ‫وقد ُق ّدمت يف دورة ‪ 2009‬مخسة عروض‬ ‫مسرحية هي‪:‬‬ ‫‪ – 1‬مسرحية بكاء املوناليزا‪ ،‬إعداد وإخراج‬ ‫شرح البال عبدالهادي‪ ،‬إنتاج فرقة مسرح‬ ‫الطفل والشباب – سبها (ريربتوار)‪.‬‬ ‫( مونودراما – بانتوميم ) ممثل فرد –‬ ‫متثيل صامت‪ .‬وتطرح املسرحية موضوعة املرأة‪،‬‬ ‫وما تتع ّرض له من تسلّط وقهر يف اجملتمعات‬ ‫احملافظة‪.‬‬ ‫‪ – 2‬مسرحية حالة خاصة‪ ،‬إعداد وإخراج‬ ‫محمد القديري‪ ،‬إنتاج فرقة مسرح المرج –‬ ‫المرج (ريربتوار)‪ .‬وتطرح هذه املسرحية أيضاً‬ ‫موضوعة املرأة‪ ،‬مر ّكزة على قضية العنوسة‬ ‫واحلرمان والتسلّط الذكوري‪.‬‬ ‫‪ – 3‬مسرحية تعاريج تهاويم‪ ،‬تأليف عفاف‬ ‫عبد المحسن‪ ،‬إخراج عبد السالم التريكي‪،‬‬ ‫إنتاج فرقة المسرح الوطني طرابلس–‬ ‫طرابلس‪ .‬وهي املسرحية الوحيدة املدعومة‬ ‫المؤسسة العامة للثقافة‪ .‬وتتناول‬ ‫إنتاجياً من‬ ‫ّ‬ ‫موضوعة املرأة وتطرح قضية املساواة بينها وبني‬ ‫الرجل‪ ،‬يف شكلها السطحي واملباشر‪.‬‬ ‫‪ – 4‬مسرحية معرض أم بسيسي‪ ،‬إعداد‬ ‫فتحي القابسي وخالد نجم‪ ،‬إخراج خالد‬ ‫نجم‪ ،‬إنتاج فرقة مسرح أصدقاء المسرح –‬ ‫أجدابيا(ريربتوار)‪ ،‬كوميديا شعبية‪ .‬وتتع ّرض‬ ‫املسرحية بالنقد ملمارسات املسؤولني من تسلّط‬

‫‪591‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 592‬للتنمية الثقافية‬

‫على املواطن وعدم احرتام حقوقه‪.‬‬ ‫‪ – 5‬مسرحية امرأة وحيدة‪ ،‬إعداد وإخراج‬ ‫أحمد إبراهيم‪ ،‬إنتاج فرقة مسرح الجيل‬ ‫الصاعد – طرابلس( مونودراما)‪ (،‬ريربتوار)‪.‬‬ ‫وتتناول املسرحية موضوعة املرأة‪ ،‬وتر ّكز على‬ ‫قضية العنوسة واحلرمان‪ ،‬و ُق ّدم العمل خارج‬ ‫فضاء العلبة اإليطالية‪.‬‬ ‫‪ – 6‬مسرحية نزيف الحجر‪ ،‬إعداد وإخراج‬ ‫أحمد إبراهيم‪ ،‬إنتاج فرقة المسرح الوطني –‬ ‫سبها‪(،‬ريربتوار)‪ُ .‬ق ّدم العرض ليلة واحدة يف‬ ‫افتتاح معرض الكتاب الدولي – طرابلس‪.2009‬‬ ‫وتدور أحداث املسرحية حول إنسان ّ‬ ‫متعطش‬ ‫ألكل الّلحوم‪ ،‬ينتهي إىل أكل حلم البشر‪ ،‬فتحيل‬ ‫األحداث بذلك إىل حالة القتل األوىل مع قابيل‬ ‫قاتل هابيل‪.‬‬

‫الصبغة الذكورية‪.‬‬ ‫‪ – 3‬مسرحية شيزوفرينيا‪ ،‬تأليف وإخراج‬ ‫فتح الله المجدوب‪ ،‬إنتاج فرقة السليفيوم‬ ‫للدراما – شحات‪ .‬شاركت يف الدورة احلادية‬ ‫والعشرين لمهرجان المسرح التجريبي –‬ ‫القاهرة ‪ .2009‬وتدور أحداثها يف أجواء نفسية‬ ‫معقدة إلبطال يعانون من مرض (الشيزوفرينيا)‬ ‫داخل املسابقة الرمسية‪.‬‬ ‫‪ - 4‬مسرحية تقلب‪ ،‬إعداد وإخراج فرج‬ ‫بوفاخرة‪ ،‬إنتاج فرقة مسرح أنوار المدينة‬ ‫– بنغازي‪ .‬شاركت يف الدورة الرابعة عشرة‬ ‫لمهرجان قرطاج المسرحي‪ ،2009‬كما شاركت‬ ‫يف الدورة احلادية والعشرين لمهرجان المسرح‬ ‫التجريبي يف القاهرة ‪ ،2009‬خارج املسابقة‬ ‫الرمسيّة‪ .‬وتدور أحداث املسرحية حول مقولة‬ ‫أن العامل يتقلب وال يتغيرّ ‪.‬‬

‫اقتصرت املشاركات املسرحية الّليبية‬ ‫اخلارجية يف العام ‪ 2009‬على تقديم العروض‬ ‫املسرحية فقط‪ ،‬وذلك ضمن جمموعة من‬ ‫املهرجانات العربية – الدولية وكانت على‬ ‫النحو التالي‪:‬‬ ‫‪ – 1‬مسرحية فليسقط شكسبير‪ ،‬إعداد‬ ‫وإخراج محمد الصادق‪ ،‬إنتاج فرقة المسرح‬ ‫الشعبي يف بنغازي‪ .‬شاركت يف الدورة األوىل‬ ‫لمهرجان المسرح العربي‪ ،‬والتابع للهيئة‬ ‫العربية للمسرح ‪ – 2009‬القاهرة‪ .‬وتتناول‬ ‫الظلم الدرامي الذي وقع على املرأة والتسلّط‬ ‫الذكوري يف نصوص وليم شكسبير‪.‬‬ ‫‪ – 2‬مسرحية حنين الّليل‪ ،‬إعداد وإخرج‬ ‫ناصر األوجلي‪ ،‬إنتاج فرقة المسرح العربي –‬ ‫بنغازي‪( ،‬مونودراما) ‪.2009‬‬ ‫شاركت يف الدورة الرابعة‪ ،‬لمهرجان المسرح‬ ‫عمان‪ -‬األردن‪ .‬وتتناول موضوعة املرأة‬ ‫الحر يف ّ‬ ‫وتر ّكز على معاناتها النفسية يف اجملتمعات ذات‬

‫السمات المشتركة في عروض المسرح‬ ‫الّليبي – ‪2009‬‬

‫مشاركات على الصعيد الدولي‬

‫‪ – 1‬اخنفاض معدل التأليف املسرحي‪.‬‬ ‫‪ – 2‬اقتصار اإلنتاج اجلديد على مخسة‬ ‫عروض فقط‪ ،‬فيما أغلب العروض املقدمة يف‬ ‫العام ‪ 2009‬كانت إعادة(ريربتوار) ملوسم السنة‬ ‫السابقة‪.‬‬ ‫‪ – 3‬ارتفاع معدل مسرحيات املمثل الفرد‬ ‫(املونودراما) ‪.‬‬ ‫‪ - 4‬العروض كلّها ّمت صوغها بالّلهجة‬ ‫احملكية‪ ،‬باستثناء مسرحيتني ‪.‬‬ ‫‪ - 5‬تص ّدر قضايا املرأة املوضوعات اليت كانت‬ ‫تطرحها العروض املسرحية‪ ،‬تليها قضايا الفساد‪.‬‬ ‫‪ - 6‬غياب العروض عن املوسم اجلماهريي‬ ‫املفتوح‪ ،‬وتقديم العروض املسرحيّة‪ ،‬مع استثناء‬ ‫املوسم الرمضاني يف مدينة بنغازي‪ ،‬خالل‬ ‫املناسبات‪ ،‬حبيث كانت تعرض أمام مجهور‬ ‫نوعي نسبياً‪ ،‬ولعرض واحد فقط‪.‬‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫اإلبداع‬

‫عن املسرح‪ ،‬ولع ّل اإلصدار الوحيد كان جملة‬ ‫ندوات وحوارات مسرحية‬ ‫للمؤسسة العامة‬ ‫شهد العام ‪ 2009‬العديد من الندوات المسرح والخيالة التابعة‬ ‫ّ‬ ‫للثقافة‪ ،‬واليت صدر منها إىل اآلن عشرة‬ ‫واحلوارات املسرحية‪:‬‬ ‫‪ – 1‬ق ّدمت مجعية بيت درنة الثقافي أعداد بإشراف هيئة حترير جديدة حرصت‬ ‫املخرجني محمد العالقي وداوود الحوتي على تقديم شكل جديد للمجلة بعد انقطاعها‬ ‫يف حوارين منفصلني‪ ،‬األول يف شهر سبتمرب عن الصدور لسنوات‪.‬‬ ‫والثاني يف شهر نوفمرب‪ .‬فعرضا جتربتهما‬ ‫يف املسرح وخالصة مسريتهما اليت جتاوزت روافد الحركة المسرحية الّليبية عام‬ ‫األربعني عاماً‪ ،‬مع إبداء مالحظاتهما حول ‪2009‬‬ ‫أزمات املسرح الّلييب ووجهات نظرهما يف‬ ‫ً‬ ‫أوال‪ :‬مهرجان المسرح المدرسي‬ ‫حلحلتها وتصورهما للحالة املسرحية الّليبية يف‬ ‫أقيم مهرجان من ّوع للنشاط املدرسي العام‬ ‫حال استمرت على ما هي عليه اآلن‪.‬‬ ‫‪ – 2‬أقيمت ندوة يف الشهر الثامن يف مدينة يف مدينة طرابلس أواخر شهر يوليو قدمت من‬ ‫بنغازي بعنوان (املسرح الّلييب واحتياجات خالله بعض املسرحيات املدرسية‪.‬‬ ‫وجتدر اإلشارة إىل أن مهرجان المسرح‬ ‫السوق) بإشراف مجلة المسرح والخيالة‪،‬‬ ‫ُق ِّدمت فيها ثالث أوراق‪ ،‬األوىل عن املسرح المدرسي هو أقدم املهرجانات املسرحية‬ ‫والتكنولوجيا ق ّدمها املخرج خالد نجم‪ ،‬والثانية الّليبية‪ ،‬إذ أقيمت دورته األوىل عام ‪ ،1970‬وكان‬ ‫عن املسرح وفلسفة الكوميديا ق ّدمها الناقد حضوره قوياً يف احلياة املسرحية الّليبية حتى‬ ‫محمد الترهوني‪ ،‬والثالثة عن املسرح وسطوة منتصف الثمانينيات من القرن املاضي‪ ،‬وق ّدمت‬ ‫النجم املسرحي ق ّدمها الكاتب علي الفالح‪ .‬وقد من خالله العديد من املسرحيات العربية‬ ‫أثارت الندوة الكثري من اجلدل بني املسرحيني والعاملية‪ ،‬وق ّدم للمسرح الّلييب جمموعة من‬ ‫الشبان املوهوبني الذين أثروا احلراك املسرحي‬ ‫حينها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ – 3‬أقيمت ندوة عن املسرح الّلييب ضمن اللييب بأعماهلم املسرحية وأسهموا مساهمة‬ ‫فعاليات أيام سبها الثقافية ندب هلا املخرج مؤثرة وفعالة يف جتلياته‪ ،‬وبذلوا جهداً متميزاً يف‬ ‫داوود الحوتي‪ ،‬وشارك فيها جمموعة من تطويره‪ .‬لكن لوحظ على هذا املهرجان الرتاجع‬ ‫املسرحيّني من ذوي التجربة الطويلة واملميّزة يف مستواه والتذبذب يف دوراته من منتصف‬ ‫مثانينيات القرن املاضي وإىل اآلن‪.‬‬ ‫يف املسرح الّلييب‪.‬‬ ‫ويالحظ يف هذه الندوات أن قامسها‬ ‫املشرتك هو ذلك الك ّم الكبري من األزمات ثاني ًا‪ :‬المسرح الجامعي في ليبيا‬ ‫كان للمسرح اجلامعي الّلييب حضور الفت يف‬ ‫واالختناقات يف املسرح الّلييب والرؤية غري‬ ‫العام ‪ ،2009‬ونلخص أهم نشاطاته على النحو‬ ‫املتفائلة مبستقبله‪.‬‬ ‫التالي‪:‬‬ ‫‪ – 1‬أقامت جامعة العرب الطبية يف بنغازي‬ ‫إصدارات مسرحية‬ ‫كان العام ‪ 2009‬عاماً بائساً على صعيد مهرجاناً يف أوائل شهر يناير‪ ،‬لفرق كلياتها‪،‬‬ ‫اإلصدارات املسرحية‪ ،‬فلم يصدر أ ّي كتاب وق ّدمت فيه مخسة عروض مسرحية‪.‬‬

‫‪593‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 594‬للتنمية الثقافية‬

‫‪2‬‬

‫– أقامت‬

‫جامعة قاريونس المهرجان‬

‫العربي األول للمسرح الجامعي وشاركت فيه‬ ‫ثالث فرق من اجلامعات الّليبية وثالث فرق‬ ‫من اجلامعات العربية (المغرب – تونس –‬ ‫سوريا)‪ ،‬ومتيّزت الدورة بلجنة حتكيم عربية‬ ‫يرأسها الفنان املصري محمد صبحي‪.‬‬ ‫‪ – 3‬شاركت فرقة جامعة العرب الطبية‬ ‫يف شهر ديسمرب يف مهرجان طنجة الدولي‬ ‫للمسرح الجامعي يف المغرب‪ .‬ومن الالفت‬ ‫استعادة املسرح اجلامعي يف ليبيا نشاطه ومتيزه‬ ‫الّلذين تقلّصا منذ أواخر السبعينيات‪.‬‬ ‫ثالث ًا‪ :‬مسرح الطفل والعرائس‬

‫حرصت فرق مسرحية مسرح الطفل‬ ‫والعرائس املنتشرة يف مدن ليبية ع ّدة‪ ،‬مثل‬ ‫المرج – بنغازي على تقديم موسم للطفل يبدأ‬ ‫مع بداية العام الدراسي وينتهي يف شهر إبريل‬ ‫من ك ّل سنة‪.‬‬ ‫ولكن يالحظ أنه يف العام ‪ 2009‬كان مسرح‬ ‫الطفل والعرائس مي ّر حبالة أشبه ما تكون‬ ‫باملوت السريري‪ .‬حيث ال جند عروضاً يف املوسم‬ ‫باستثناء عمل يتيم لفرقة الطفل والعرائس يف‬ ‫بنغازي بعنوان هذي شني كريكمة ومشاركة‬ ‫دولية يتيمة للفرقة نفسها يف املهرجان املتوسطي‬ ‫ملسرح الطفل – تونس‪ ،‬يف شهر مارس‪ ،‬مع‬ ‫التأكيد بأن هذه الفرق كانت من أكثر الفرق‬ ‫املسرحية نشاطاً يف مواسم سابقة‪.‬‬ ‫الحضور المسرحي في وسائل اإلعالم‬

‫ال شك بأن تطوراً ملحوظاً طرأ على احلضور‬ ‫املسرحي يف التلفزيون الّلييب بدأ حتديداً من‬ ‫العام ‪ ،2003‬وقد اقرتن هذا احلضور بظهور‬ ‫قنوات تلفزيونية ليبية فضائية جديدة (قناة‬

‫الّليبية – قناة الشبابية – قناة المتوسط)‬

‫بث العروض املسرحية‪ ،‬وبالذات‬ ‫حرصت على ّ‬

‫يومي اخلميس واجلمعة من ك ّل أسبوع‪ ،‬وبعض‬ ‫الّلقاءات مع املسرحيّني‪.‬‬ ‫وتزامن هذا احلضور يف التلفزيون مع‬ ‫حركة نشطة موازية يف سوق األقراص املدجمة‬ ‫(‪ ،)D.C‬وحقّقت املسرحيات املسجلة على هذه‬ ‫األقراص أعلى املبيعات يف السوق‪ ،‬وإن ظل‬ ‫احلضور املسرحي يف الصحافة الّليبية حضوراً‬ ‫خربياً يف أغلب األحيان‪.‬‬ ‫وتكشف املتابعة املسرحية يف وسائل اإلعالم‬ ‫ع ّما يلي‪:‬‬ ‫‪ .1‬ك ّل املسرحيات اليت يت ّم بثّها مسرحيات‬ ‫كوميدية‪.‬‬ ‫بث التلفزيون على املسرحيات‬ ‫‪ .2‬اقتصر ّ‬ ‫املسجلة بعد العام ‪ ،2000‬على الرغم من‬ ‫امتالك التلفزيون الّلييب رصيداً جيداً من‬ ‫تسجيالت األعمال املسرحية‪ .‬ويرجع ذلك‬ ‫النتهاء العمل بأنظمة التسجيل القدمية وعدم‬ ‫جتديد تلك األنظمة‪ ،‬كذلك لعدم املعاجلة الفنّية‬ ‫للصوت والصورة حبيث أصبح ذلك الرصيد‬ ‫عرض ًة لإلهمال والتلف‪.‬‬ ‫ُبث‬ ‫‪ .3‬ال يتجاوز عدد املسرحيات اليت ت ّ‬ ‫العشرين مسرحية‪ ،‬وهو ما حدا بهذه القنوات‬ ‫إىل تكرار بثّها بشكل دائم‪.‬‬ ‫‪ .4‬غياب الندوات املسرحية املعمقة والربامج‬ ‫الثقافية حول التجربة املسرحية واالكتفاء‬ ‫بالّلقاءات املسرحية السريعة ذات املضمون‬ ‫اإلخباري يف املقام األول‪.‬‬ ‫‪ .5‬حتقيق سوق األقراص املدجمة (‪)C.D‬‬ ‫نسبة أعلى للمشاهدة املسرحية‪ ،‬خصوصاً على‬ ‫صعيد األسر احملافظة‪ ،‬حبيث أصبح املسرح‬ ‫يدخل بيوتها أسبوعياً‪.‬‬ ‫‪ .6‬إسهام هذه القنوات وبعض ّ‬ ‫جتار األقراص‬ ‫املدجمة إسهاماً حمدوداً يف إنتاج بعض العروض‬ ‫البث أو التسجيل‪.‬‬ ‫املسرحية مقابل احتكار ّ‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫مصر‪ :‬قلّة في العروض وتراجع في‬ ‫عدد الصاالت‬ ‫"المسرح المصري" و"المسرح في مصر"‬

‫البث التلفزيوني في ليبيا على‬ ‫اقتصر ّ‬ ‫المسرحيات المسجلة بعد العام ‪،2000‬‬ ‫على الرغم من أنه يمتلك رصيداً جيداً من‬ ‫تسجيالت األعمال المسرحية‪ ..‬يرجع ذلك‬ ‫إلى انتهاء العمل بأنظمة التسجيل القديمة‬ ‫وعدم تجديدها‪ ،‬وكذلك لعدم المعالجة‬ ‫الفنّية للصوت والصورة بحيث أصبح ذلك‬ ‫الرصيد عرض ًة لإلهمال والتلف‪..‬‬

‫ال يتجاوز عدد المسرحيات التي تبثّها‬ ‫القنوات التلفزيونية في ليبيا العشرين‬ ‫مسرحية‪ ،‬وهو ما حدا بهذه القنوات إلى‬ ‫تكرار بثّها بشكل دائم‪..‬‬

‫ال أحد يستطيع أن يفرض المسرح على‬ ‫مجتمع ليس بحاجة إليه وال تتفق رؤيته‬ ‫للحياة مع رؤية هذا الف ّن الجمع ّي اإلبداع‬ ‫والتلقّي‪ ،‬وال أحد يستطيع أن يط ّور هذا‬ ‫المسرح منفص ً‬ ‫ال عن حركة الواقع الذي‬ ‫يفور ويمور باألفكار التي تتطلّب مسرحاً‬ ‫ما أو ترفضه‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫اإلبداع‬

‫احلديث عن العام ‪ 2009‬املسرحي يف مصر‬ ‫ال يعين احلديث عن عام مميّز يف ذاته على‬ ‫خريطة اإلبداع املسرحي‪ ،‬وال عن عام فاصل‬ ‫بني زمن وآخر‪ ،‬بقدر ما نراه عاماً يش ّكل‪ ،‬كك ّل‬ ‫األعوام األخرى املشابهة‪ ،‬جتلياً حلركة فاعلة‬ ‫سبقته يف الواقع اجملتمعي‪ ،‬وخطوة ملا سيأتي‬ ‫بعده من إبداع‪ .‬ومن ثم فإن قراءة ك ّل ما ّمت‬ ‫إبداعه وإنتاجه مسرحياً يف هذا العام‪ ،‬ستعتمد‬ ‫على وضعه يف سياق تق ّدم زمنه وحركة جمتمعه‪.‬‬ ‫فم ّما ال ّ‬ ‫شك فيه أن املسرح ظاهرة اجتماعية‪،‬‬ ‫وليدة احتياج مجعي يتطلّب حدوث هذه الظاهرة‬ ‫ويط ّورها يف االجتاه الذي يريده‪ ،‬داخل مساحة‬ ‫زمنية هلا متطلباتها اخلاصة‪ .‬فال أحد يستطيع‬ ‫أن يفرض املسرح على جمتمع ليس حباجة‬ ‫إليه‪ ،‬وال تتفق رؤيته للحياة مع رؤية هذا الف ّن‬ ‫اجلمع ّي اإلبداع والتلقي‪ ،‬الدميوقراط ّي البناء‬ ‫والتوجه‪ ،‬وال أحد يستطيع أن يط ّور هذا املسرح‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫منفصال عن حركة الواقع الذي يفور باألفكار‬ ‫اليت تتطلّب مسرحاً أو ترفضه‪ ،‬تبحث عنه أو‬ ‫تنشغل بفنون أخرى أو حتاول تطويعه لتيارات‬ ‫فكرية حت ّوله لبوق دعاية وتقصر رسائله على ما‬ ‫هو أخالقي أو سياسي فقط‪.‬‬ ‫سيتّم رصد املشهد املسرحي يف العام ‪2009‬‬ ‫انطالقاً من تفريقه بني مفهوم ّي "املسرح‬ ‫املصري" و"املسرح يف مصر"‪ ،‬حيث يعين األول‬ ‫املؤسسات واجلماعات‬ ‫اإلنتاج املسرحي املنتج يف ّ‬ ‫والفرق املصرية‪ ،‬وكتبه وأخرجه مصريون فقط‪،‬‬ ‫واهلادف لرصد حركة اإلبداع يف قطر من أقطار‬ ‫الوطن العربي‪ ،‬باعتباره جزءاً من نسيجه العام‪،‬‬ ‫وجمتمعاً ما من جمتمعات العامل املختلفة‪،‬‬ ‫باعتباره حاضراً على خريطته متأثراً به وإن مل‬

‫يصل حلمه يوماً إىل التأثري فيه‪ .‬بينما املقصود‬ ‫بـ "املسرح يف مصر" ك ّل العروض املسرحية‬ ‫اليت ق ّدمت يف مصر‪ ،‬سواء العربية أم العاملية‪،‬‬ ‫وسواء ُق ّدمت من خالل الفرق الوطنية أم من‬ ‫خالل استضافة فرق يف املهرجانات الدولية‪ ،‬مثل‬ ‫مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي‪ ،‬أو‬ ‫عروض األوبرا املستضافة‪ ،‬أو نشاط الفرق‬ ‫التابعة للمراكز الثقافية األجنبية‪ ،‬وهو مفهوم‬ ‫جيمع ما بني اإلبداع احمللي برؤيته اخلاصة‬ ‫للعامل واإلبداع األجنيب بتع ّدد رؤاه هلذا العامل‪،‬‬ ‫واملؤثر بالضرورة على اإلبداع احمللي‪ .‬غري أنه‬ ‫لن يت ّم التوقف عند العروض األجنبية اخلالصة‬ ‫اليت ُق ّدمت يف ساحة اجملتمع املصري‪ ،‬مستضافة‬ ‫من اخلارج‪ ،‬بقدر ما سيت ّم التوقف عند اإلنتاج‬ ‫املسرحي املعتمد على نصوص مصرية وأخرى‬ ‫عربية وأجنبية‪ ،‬تكشف عن مدى اهتمام النخبة‬ ‫املسرحية باختيار النصوص املصرية وغري‬ ‫املصرية اليت تق ّدمها جلمهورها العام‪ ،‬كما‬ ‫تشي مبدى إقبال اجلمهور على النصوص غري‬ ‫املصرية املقدمة بعقول مصرية‪ ،‬ومدى مساحة‬ ‫احلرية يف التعامل إعداداً وإخراجاً للنصوص‬ ‫غري املصرية‪ ،‬وإخضاعها ملا ميكن معه استعمال‬ ‫مصطلح (التمصري)القديم‪ ،‬يف زمن عجزت‬ ‫فيه املخيلة املصرية ‪ -‬يف ظ ّل فقر املخيلة‬ ‫العربية بأكملها ‪ -‬عن تقديم رؤى خاصة بها‪،‬‬ ‫وتوقفت عن تقديم اجتهادات عقود الستينيات‬ ‫والسبعينيات مثل السامرية املصرية واالحتفالية‬ ‫املغربية واحلكاواتية الشامية‪.‬‬ ‫هلذا ومن أجل اإلملام بواقع احلركة املصرية‬ ‫اليت حتققت يف العام املذكور‪ ،‬سيت ّم التوقف‬ ‫عند حمورين أساسيّني هما ‪:‬‬ ‫• العروض املسرحية املبدعة كتاب ًة وإخراجاً‬ ‫بعقول مصرية‪.‬‬ ‫• العروض املسرحية املعتمدة على نصوص‬ ‫غري مصرية وخضعت لرؤى إخراجية مصرية‪.‬‬

‫‪595‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 596‬للتنمية الثقافية‬

‫‪ - 1‬العروض المسرحية المبدعة‬ ‫كتابة وإخراج ًا بعقول مصرية‬

‫تتن ّوع العروض املسرحية املصرية وتتباين‬ ‫توجهاتها وفقاً ملصادر إنتاجها وهي على النحو‬ ‫التالي‪:‬‬ ‫‪ o‬فرق البيت الفنّ ي للمسرح التابع لوزارة‬ ‫الثقافة‬ ‫‪ o‬قطاع الفنون الغنائية واالستعراضية‬ ‫‪ o‬مسرح الهناجر‬ ‫‪ o‬فرق اإلدارة العامة للمسرح في الهيئة‬ ‫العامة لقصور الثقافة‬ ‫‪ o‬إدارة الفنون في المجلس القومي للشباب‬ ‫والرياضة‬ ‫الحرة المستقلة‬ ‫‪ o‬الفرق المسرحية‬ ‫ّ‬ ‫‪ o‬فرق الهواة‬

‫‪ o‬المسرح المدرسي‬ ‫‪ o‬الفرق التجارية الخاصة‬

‫البيت الفنّ ي للمسرح وروافده‬

‫يعين هذا أن املسرح املنتج يف مصر‪ ،‬العالي‬ ‫القيمة‪ ،‬واملؤثّر فكرياً وفنّياً بني مجاهريه‪،‬‬ ‫واملهت ّم بتطوير نفسه‪ ،‬وتعيني وجوده على‬ ‫خريطة العامل‪ ،‬هو املسرح املنتَج من خالل‬ ‫الفن للمسرح وروافده الصغرية يف‬ ‫البيت يّ‬ ‫القطاعات األخرى‪ ،‬خصوصاً إذا ما ارتأينا‬ ‫نصه املكتوب‪.‬‬ ‫هنا أن هوية املسرح تتمركز حول ّ‬ ‫فاملسرح املصري هو مسرح الحكيم وألفريد‬ ‫فرج وأبو العال السالموني‪ ،‬واملسرح السوري‬ ‫القباني وسعد الله ونّوس ورياض‬ ‫هو مسرح‬ ‫ّ‬ ‫عصمت‪ ،‬واألسباني هو مسرح كالدرون دي ال‬ ‫باركا ولوركا وبويرو باييخو‪ ،‬وهو ما جيعلنا هنا‬ ‫نقرأ العام ‪ 2009‬من خالل العروض املصرية‬ ‫اليت ق ّدمت عن نصوص مصرية أساساً‪ ،‬ثم عن‬ ‫نصوص غري مصرية خضعت لرؤية مصرية‪.‬‬ ‫شهد العام ‪ 2009‬حالة من الكساد‪ ،‬ليس‬

‫بسبب قلّة اإلنتاج فقط‪ ،‬وإمنا أيضا بسبب‬ ‫قلّة عدد دور العرض‪ ،‬بعدما أغلقت سبعة من‬ ‫فضاءات العرض املتميزة يف العاصمة‪ ،‬وهي‬ ‫قاعتا جورج أبيض الكربى وعبد الرحيم‬ ‫الزرقاني الصغرى يف املسرح القومي الذي‬ ‫أغلق أواخر سبتمرب العام ‪ 2008‬بسبب احلريق‬ ‫شب فيه‪ ،‬ومازال املسرح مغلقاً حتى اآلن‪،‬‬ ‫الذي ّ‬ ‫وتأخّر افتتاح مسرح الطليعة يف العام ‪ 2009‬بعد‬ ‫اإلصالحات التى ّ‬ ‫متت يف قاعتيه‪ :‬الكربى (زكى‬ ‫طليمات) والصغرى (صالح عبد الصبور)‪،‬‬ ‫وّ‬ ‫مت افتتاحهما العام ‪ ،2010‬وكذلك أغلق مسرح‬ ‫العرائس إلصالحه‪ ،‬و ّمت افتتاحه يف العام‬ ‫مما أفقد احلركة املسرحية يف القاهرة‬ ‫‪ّ ،2010‬‬ ‫يف ذاك العام أهم مخسة فضاءات عرض يف‬ ‫وسط البلد‪ ،‬حتى أن مشاركة مسرح الطليعة يف‬ ‫مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي يف‬ ‫هذا العام‪ ،‬بعرضه املتميّز أرض ال تنبت الزهور‪،‬‬ ‫أجرب جلنة التحكيم الدولية على أن تشاهد‬ ‫العرض بصورة استثنائية ومل ّدة يوم واحد‪،‬‬ ‫أغلق املسرح بعده‪ ،‬وكذلك ّ‬ ‫مت إغالق مسرح‬ ‫الهناجر يف ساحة دار األوبرا إلصالحه‪ ،‬ومازال‬ ‫الفن (فرقة‬ ‫مغلقاً حتى اآلن‪ ،‬كما أُغلق مسرح‬ ‫ّ‬ ‫جالل الشرقاوي) وتو ّقفت عروضه‪ ،‬العرتاض‬ ‫حمافظة القاهرة عرب أجهزة الدفاع املدني على‬ ‫عدم توافر شروط الدفاع املطلوبة الستقبال‬ ‫اجلمهور يف املسرح‪ ،‬ومازال مغلقاً أيضاً حتى‬ ‫اآلن ملشكالت قضائية بني املسرح واحملافظة‬ ‫ووزارة الثقافة‪ ،‬وقد أثّر ك ّل هذا بالسلب على‬ ‫حركة املسرح اجلاد يف اجملتمع‪ ،‬وإن ح ّل لفرتة‬ ‫حمدودة فضاء مسرح "روابط" الفقري يف وسط‬ ‫البلد حم ّل مسرح الهناجر املغلق لإلصالح فى‬ ‫مومسه الداعم للفرق املستقلة‪.‬‬ ‫أنتج البيت الفنّ ي للمسرح يف العام ‪2009‬‬ ‫عد ًدا من العروض املسرحية مل حيقّق معظمها‬ ‫جناحاً مجاهريياً يذكر‪،‬‮ ‬فقد أنتجت فرقة‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫المسرح الكوميدي عرض ‬يا دنيا يا حرامي‬

‫وحقّق إيراداً قدره‮ ‪‬ 845‬جنيهاً فقط‪.‬‬ ‫قلّة الحضور الجماهيري‬

‫تشري اإليرادات الواردة إىل قلّة احلضور‬ ‫اجلماهريي للعروض املسرحية‪ ،‬رمبا لعدم‬ ‫جاذبية هذه العروض‪ ،‬وعدم انشغاهلا باهلموم‬ ‫الساخنة للمجتمع املصري‪ ،‬والجتذاب فنون‬ ‫امليديا املختلفة‪ ،‬والدراما التليفزيونية كثيفة‬ ‫النص‬ ‫اإلنتاج لعقل املتلقي وعينه‪ .‬ويف غياب ّ‬ ‫الدرامي اجلديد‪ ،‬ال تزال العروض اجليدة‬ ‫تعتمد على نصوص توفيق الحكيم وألفريد‬ ‫فرج ومحمود دياب ويسري الجندي‪ ،‬حتى‬ ‫وإن مزّقتها‪ ،‬إذ تظ ّل هي األكثر متاسكاً بنائياً‬ ‫واألعمق طرحاً فكرياً‪ .‬وإذا ما توقفنا هنا عند‬ ‫نص‬ ‫أبرز مناذج هذه العروض‪ ،‬فسوف نأخذ ّ‬ ‫السلطان الحائر لـ توفيق الحكيم مثاالً لنا‬ ‫عن العروض املسرحية املعتمدة على نصوص‬ ‫كبار الكتّاب‪ ،‬بعد إعادة إخضاعها لرؤية تعيد‬ ‫صياغتها بنائياً‪ ،‬حبيث يعتمد هذا العرض‬ ‫نص احلكيم الذي التقط فيه بني أواخر‬ ‫على ّ‬ ‫مخسينيات وأوائل ستينيات القرن املاضي‬ ‫واحدة من حكايات املماليك الشاردة‪ ،‬ليدير‬ ‫حوهلا موضوع مسرحيته‪ ،‬طارحاً من خالهلا‬ ‫موضوعاً كان ملحاً وقتذاك حول طبيعة احلكم‬ ‫أمام ثوار يوليو بعد حنو مثاني سنوات من ثورتهم‬ ‫على النظام السابق‪ ،‬هل حيكمون بسلطة القوة‬ ‫اليت ميلكونها وتسمح هلم بتحقيق أفكارهم‪،‬‬ ‫املؤسس على‬ ‫لكنها تنزع عنهم رداء الشرعية ّ‬ ‫دميقراطية احلكم‪ ،‬وح ّق الناس يف اختيار َمن‬ ‫حيكمهم؟ أو يستندون إىل سلطة القانون اليت‬ ‫متنحهم الشرعية‪ ،‬وإن غلت أيديهم عن الفعل‬ ‫الثوري الذي يتطلّب احلسم ملصلحة األغلبية؟‪.‬‬ ‫وبعد حنو أربعني عاماً‪ ،‬جرت يف النهر‬ ‫مياه صاخبة كثرية‪ ،‬فأعاد املخرج عاصم‬ ‫النص القديم‪ ،‬بعدما أدمج‬ ‫نجاتي تقديم ّ‬

‫حا ٌل من الكساد المسرح ّي شهدها‬ ‫العام ‪ 2009‬في مصر‪ .‬وذلك ليس بسبب‬ ‫قلّة اإلنتاج فقط‪ ،‬وإنما أيضاً بسبب قلّة دور‬ ‫العرض بعدما أُغلقت سبع ٌة من فضاءات‬ ‫العرض المتميّزة في العاصمة‪ ،‬وهي قاعتا‬ ‫"جورج أبيض" الكبرى و"عبد الرحيم‬ ‫الزرقاني" الصغرى في المسرح القومي‬ ‫الذي أُغلق بدوره في العام ‪ 2008‬بسبب‬ ‫شب فيه‪ ..‬وكذلك ّ‬ ‫تأخر‬ ‫الحريق الذي ّ‬ ‫ُ‬ ‫افتتاح "مسرح الطليعة" وأغلق "مسرح‬ ‫العرائس" بداعي إصالحه ولم يت ّم‬ ‫افتتاحه إال في العام ‪..2010‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫اإلبداع‬

‫تأليف متولى حامد وإخراج‬ ‫وحقّق العرض إيرادات وصلت إىل‮ ‬‪ 4‬‮‪‬ 6‬ألف‬ ‫جنيه‪ ،‬وذلك يف الفرتة من ‪‬ 16‬متوز ‪ /‬يوليو‬ ‫وحيت‮ ‬ ‮‪ 9‬أيلول ‪‬ /‬سبتمرب‪ ،‬وحقّق عرض‮ النمر‬ ‫الذي ُق ّدم يف اإلسكندرية فقط خالل الصيف‪،‬‬ ‫من تأليف وإخراج محمد الخولي‪ ،‬إيرادات‬ ‫وصلت إىل‮ ‪‬ 25‬ألف جنيه‪ ،‬وق ّدم املسرح احلديث‬ ‫ض السلطان احلائر تأليف توفيق الحكيم‬ ‫عر ‮‬ ‫وإخراج عاصم نجاتي‪ُ ،‬عرضت املسرحية يف‮ ‪31‬‬ ‫‬حفلة وحققت إيرادات وصلت إىل‮ ‪‬ 18‬ألف جنيه‪.‬‬ ‫‬وق ّدم املسرح الكوميدي عرض‮ ‬سي علي‬ ‫نص ألفريد فرج الشهري على‬ ‫وتابعه قفه عن ّ‬ ‫جناح التبريزي وتابعه قفة بعد حتويله للعامية‬ ‫املصرية وإضافة أغان له للمطرب محمد الحلو‪،‬‬ ‫من إخراج مراد منير‪ ،‬وعرضت املسرحية يف‮‬ ‫‮‬‪‬26‬حفلة وحقّقت‮ ‬‪ 8‬‮‪‬ 2‬ألف جنيه‪ .‬ومن عروض‬ ‫املناسبات ق ّدم البيت الفنّ ي للمسرح يف شهر‬ ‫رمضان ‮عرض‮ بنحبك يا رسول الله للكاتبة‬ ‫شريفة السيد واملخرج حسام صالح الدين‪،‬‬ ‫وق ّدم يف حفلتني‪ :‬ليلة اإلسراء والمعراج وما‬ ‫بعده‪ ،‬وح ّقق‮ ‪‬ 80‬جنيهاً إيرادات‪ ،‬وق ّدمت فرقة‬ ‫نص‬ ‫مسرح الشباب عرض‮ الّلعب مع السادة عن ّ‬ ‫يسرى الجندي عنترة وإخراج الناقد الصحايف‬ ‫حسن سعد‪‬ ،‬و ّمت عرضه ملدة شهر كامل وحقّق‬ ‫إيرادات وصلت إىل ‪‬ 199‬جنيهاً‪ ،‬كما ق ّدم عرض‬ ‫وهج العشق تأليف كرم عفيفي وإخراج الناقد‬ ‫عمرو دوارة‪ ،‬وحقّق إيرادات وصلت إىل‮ ‬ ‮‪‬ 4‬آالف‬ ‫جنيه‪ ،‬وعرض‮ العانس‮ تأليف علي أبو سالم‬ ‫وإخراج لبنى عبد العزيز‪ ،‬وحقّق إيرادات‮ ‬ما‬ ‫يقرب من ألف جنيه‪،‬‮ ‬وق ّدمت الفرقة القومية‬ ‫للعروض الرتاثية عرض‮ سكتم بكتم عن أشعار‬ ‫صالح جاهين ‬للمخرجة الشابة دعاء طعيمة‪،‬‬ ‫وح ّقق‮ إيراداً قدره ‬ ‮‪‬ 4‬آالف جنيه‪ ،‬وعرض الغولة‬ ‫‬للمؤلف بهيج إسماعيل وإخراج مصطفى طلبة‪،‬‬ ‫هشام عطوة‪،‬‬

‫‪597‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 598‬للتنمية الثقافية‬

‫احلكاية اململوكية يف نسيح حكايات‬ ‫وليلة‪ ،‬مستخدماً متتالية كورساكوف املوسيقية‬ ‫الشهرية لتغلّف وقائع عرضه‪ ،‬الذي جتري‬ ‫مواقفه يف ديكور كان من املمكن أن يكون أكثر‬ ‫إحيا ًء بتارخيية األحداث وروحها اخليالية‪،‬‬ ‫ومستفيداً من إمكانيات الفيديو ليسجل لقطات‬ ‫لشهرزاد العصرية يفتتح بها عرضه وهي حتكي‬ ‫على الشاشة لشهريار عصري أيضاً حكاية‬ ‫اململوك الذي صار حاكماً من دون أن يعتق‪،‬‬ ‫مما أوقعه يف مأزق سياسي بني أن يستمع إىل‬ ‫ّ‬ ‫صوت قاضي البالد املدافع عن القانون‪ ،‬حتى‬ ‫ولو حبرفيته فقط‪ ،‬واملطالب بضرورة إعادة‬ ‫بيع السلطان يف األسواق‪ ،‬ثم عتقه بعد ذلك‬ ‫من مشرتيه‪ ،‬حتى ميكنه احلكم وهو ح ّر البدن‬ ‫والعقل‪ ،‬حتى ولو تالعب مبوعد آذان الفجر‪،‬‬ ‫أو أن يستمع إىل صوت قائد جيشه‪ ،‬الذي يرى‬ ‫إمكانية إسكات أي صوت يعلن عدم شرعية‬ ‫حكم السلطان الستمرار عبوديته‪.‬‬ ‫فى إطار غنائي راقص‪ ،‬تتواىل وقائع احلكاية‬ ‫القدمية‪ ،‬فنلتقي بسلطان البالد احلائر بني ق ّوة‬ ‫السيف وق ّوة القانون‪ ،‬والغانية اليت تعشق الغناء‬ ‫والرقص الراقي‪ ،‬وتدخل مزاد بيع السلطان‬ ‫رغبة منها يف امتالك الرجل الذي حيكم‬ ‫بالدها‪ ،‬واالستمتاع معه بفنونها الغنائية لليلة‬ ‫واحدة‪ ،‬جترب يف نهايتها على عتقه‪ ،‬والقاضي‬ ‫املتمسك بالقانون‪ ،‬جملرد تنفيذه بأ ّي صورة‬ ‫كانت‪ ،‬وهو ال خيتلف يف ذلك كثرياً عن قائد‬ ‫اجليش الذي ال يهت ّم بغري قانون الواقع الذي‬ ‫يفرض على اجلميع االنصياع للحكم‪ ،‬سواء أكان‬ ‫عادالً أم غري عادل‪ ،‬متسقاً مع أحكام القانون‬ ‫أم غري متسق‪ ،‬امله ّم حتقيق استقرار النظام‪.‬‬ ‫من أجل استقرار النظام بصورة أفضل‬ ‫تتجاوز الّلجوء إىل سلطة القوة‪ ،‬أو االلتزام‬ ‫حبرفية القانون‪ ،‬وتدافع عن احلاكم الذي‬ ‫صب‬ ‫رفض شعبه بيعه لألجنيب‪ ،‬يعيد املخرج ّ‬ ‫ألف ليلة‬

‫تشير اإليرادات العائدة لعروض العام‬ ‫‪ 2009‬إلى قلّة الحضور الجماهيري لها‪،‬‬ ‫ربما لعدم جاذبيّة هذه العروض وعدم‬ ‫انشغالها بالهموم الساخنة للمجتمع‬ ‫المصري‪ ،‬والجتذاب فنون "الميديا"‬ ‫المختلفة والدراما التلفزيونيّة كثيفة‬ ‫اإلنتاج عقل المتلقّي وعينه‪..‬‬

‫النص الدرامي الجديد‪ ،‬ال‬ ‫في غياب ّ‬ ‫تزال العروض المسرحية الجيّدة في مصر‬ ‫تعتمد نصوص توفيق الحكيم‪ ،‬ألفرد فرج‪،‬‬ ‫محمود دياب‪ ،‬وسواهم‪ .‬إذ تظ ّل هي األكثر‬ ‫تماسكاً بنائيّاً واألعمق طرحاً فكرياً‪..‬‬

‫اخلمر القديم يف أوان جديدة‪ ،‬تضيف إىل سحر‬ ‫الكلمات بهرج الرقصات واألغاني اليت صارت‬ ‫جزءاً من نسيج أي عرض مسرحي‪ ،‬باعتبار‬ ‫أن الصورة املرئية مل تعد تقف مبفردها عند‬ ‫شاعرية الكلمة وعمق حتاورها مع مجهورها‪،‬‬ ‫ألغان مهما كانت‬ ‫بقدر ما أضحت حباجة ٍ‬ ‫ضحالة كلماتها‪ ،‬ولرقصات مهما كان فقر‬ ‫تصميمها وتنفيذها‪ ،‬غري أن ما حيسب للمخرج‬ ‫يؤسس موضوعه على فكرة‬ ‫هو اختياره ّ‬ ‫لنص ّ‬ ‫المعة‪ ،‬ويدير حدثه الدرامي على جمموعة‬ ‫من املفارقات املنطقية‪ ،‬ويعيد ألذهان أجيالنا‬ ‫الشابة فضيلة معرفة كتّاب مسرحه الكبار‪،‬‬ ‫النص الدرامي له مق ّوماته وعناصره‬ ‫وإدراك أن ّ‬ ‫اليت غابت اليوم عن فضاءات مسارحنا‪ ،‬بعد‬ ‫أن تص ّور صنّاع هذه الفضاءات أن املسرح‬ ‫جمرد حالة من احلكي الفارغ والوقائع املفتّتة‬ ‫والشخصيات اهلالمية‪ ،‬بينما العامل مازال‬ ‫يعرف نصوص كبار كتّابه من دون أن يضيف‬ ‫على أ ّي منها أغنية تفسرها أو رقصة مت ّهد هلا‬ ‫وتتخلّلها وتكسر تسلسل أحداثها الدرامية‪.‬‬ ‫‪ - 2‬العروض المسرحية ذات النصوص‬ ‫غير المصرية والرؤية المصرية‬

‫مل يعرف العام ‪ 2009‬الكثري من العروض‬ ‫املعتمدة على نصوص عربية كما اعتدنا يف‬ ‫السنوات السابقة‪ ،‬غري عرض الجبل من إنتاج‬ ‫فرقة مسرح الشباب‪ ،‬وهو إعداد درامي لـ‬ ‫حاتم حافظ عن رواية ليلة القدر للمغربي‬ ‫الطاهر بن جلون‪ ،‬وإخراج عادل حسان‪،‬‬ ‫وعرض يوليوس قيصر من إنتاج فرقة مسرح‬ ‫الشباب أيضاً‪ ،‬وإخراج سامح بسيوني‪ ،‬والذي‬ ‫ظهر له فجأة مع ّد محل اسم الدراماتورج‬ ‫مه ّمته اختزال العمل وتبسيطه‪ ،‬وعرض أنا‬ ‫هاملت للمخرج هاني عفيفي مع شباب مركز‬ ‫اإلبداع‪ ،‬وهو مركز مه ّمته اجتذاب املواهب‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫لم يعرف العام ‪ 2009‬في مصر الكثير‬ ‫من العروض المعت ِمدة نصوصاً عربيّة كما‬ ‫في السنوات الفائتة غير عرض "الجبل"‬ ‫من إنتاج فرقة "مسرح الشباب"‪ ،‬وهو‬ ‫إعداد درام ّي لحاتم حافظ عن رواية "ليلة‬ ‫القدر" للمغربي الطاهر بن جلّون وإخراج‬ ‫عادل حسين‪..‬‬

‫"أنا هاملت"‪ ..‬كان واحداً من عروض‬ ‫نص "هاملت‬ ‫ع ّدة حاولت التجريب على ّ‬ ‫"الشكسبيري‪ ،‬وكان موفّقاً جداً إذ حاز‬ ‫بطله محمد فهيم على جائزة أفضل ممثّل‬ ‫في مهرجان القاهرة الدولي للمسرح‬ ‫التجريبي في العام ‪.. 2009‬‬

‫اإلبداع‬

‫وتدريبها يف دورات طويلة األمد‪ ،‬تنتهي عاد ًة وهو اكتشاف محام روماني أثري‪.‬‬ ‫بعرض مسرحي‪ ،‬أشهرهم عرض قهوة سادة‬ ‫العام ‪ ،2008‬ثم أنا هاملت الذي كان واحداً من عندما تنفجر السخرية‬ ‫احلدث الدرامي يف املسرحية ‪ -‬أي‬ ‫نص هاملت‬ ‫عروض ع ّدة حاولت التجريب على ّ‬ ‫الشكسبريي‪ ،‬وحاز بطله محمد فهيم على مسرحية ‪ -‬ال حيكي بصيغة املاضي‪ ،‬بل يق ّدم‬ ‫جائزة أفضل ممثل يف مهرجان القاهرة الدولي باعتباره فع ًال آنياً متقدماً أمامه يف الزمن‪،‬‬ ‫للمسرح التجريبي العام ‪ ،2009‬وشارك عرض يعايشه املشاهد حلظة بلحظة مع شخصياته‪،‬‬ ‫آخر من باقة هذه العروض اهلاملتية وهو عرض فتذوب املسافة الزمنية بني اجلمهور ووقائع‬ ‫هاملتهن للمخرجة الكويتية سعداء الدعاس املسرحية اليت كتبها الكاتب الروائي واملسرحي‬ ‫ممث ً‬ ‫ال ملركز اإلبداع يف دورة العام‪ 2010‬لذات والسينمائي البلغاري الساخر ستانسالف‬ ‫املهرجان التجرييب‪ ،‬وعرض حمام روماني ستراتييف (‪ )2000 - 1941‬كباكورة أعماله‬ ‫لفرقة مسرح الطليعة‪ ،‬والذي نتّخذه هنا املسرحية عام ‪ ،1974‬فض ًال عن حضور هذا‬ ‫لنص اجلمهور يف قلب احلدث أثناء جريانه يف املكان‬ ‫أمنوذجاً حملاولة تقديم رؤية مصرية ّ‬ ‫أجنيب‪ ،‬حيث حرص خمرج العرض مصمم والزمان معاً‪ ،‬فيخلق حالة من التلقي ختتلف عن‬ ‫السينوغرافيا املختبئ بأعماقه هشام جمعة حالة تلقيه لذات املسرحية لو ق ّدمت يف إطار‬ ‫على أن يستقبل مجهور عرضه كضيوف يف بيت العلبة اإليطالية اليت تفصل العرض عن مجهوره‬ ‫السيد إيفان أنتونوف بطل املسرحية‪ ،‬والذي القابع يف ظلمة الصالة‪.‬‬ ‫يدخل معنا قاعة صالح عبد الصبور عائداً من‬ ‫عمد عرض احلمام إىل سحب القضية‬ ‫النص الدرامي لتبدو كقضية‬ ‫رحلة له على شاطئ البحر‪ ،‬جاءته باملصادفة العامة املبثوثة يف ّ‬ ‫وختص واقعنا‬ ‫وبعد عناء طويل يف طلبها‪ ،‬نتيجة ملرض رئيسه جمتمعية زمنية احلدوث‬ ‫ّ‬ ‫الذي حصل كالرؤساء كافة‪ ،‬على فرصة السفر االجتماعي يف العرض املسرحي‪ ،‬حتى مع‬ ‫إىل البحر صيفاً‪ ،‬بينما كان إيفان‪ ،‬كغالبية استخدام األمساء البلغارية‪ ،‬ومن ثم انفجر‬ ‫املوظفني الصغار‪ ،‬ال تأتيه املوافقة على السفر الضحك يف الصالة من جراء اكتشاف أن ما‬ ‫للشاطئ إال يف الشتاء القارص‪.‬‬ ‫حدث هناك يف سبعينيات القرن املاضى حيدث‬ ‫لقد جاءته فرصة اخلروج من بيته هنا واآلن‪ ،‬وأن السخرية قد وجدت ضالتها يف‬ ‫لالستجمام‪ ،‬ولكن ها هو يعود من رحلته‪ ،‬حملية ما حيدث من مفارقات أمام اجلمهور‪،‬‬ ‫ليكتشف معنا أن مثة شيئاً قد حدث يف ما ميلكه‪ ،‬حيث إن السخرية بطبيعتها ال تتفجر إال‬ ‫من أول مدخل البيت‪ /‬املسرح الذي امتأل بـ داخل سياق جمتمعي يفسر مجهوره الصياغة‬ ‫(سقاالت) اهلدم واحلفر‪ ،‬إىل بهو شقته‪ ،‬االستعارية لألحداث اجلارية أمامه بإطار‬ ‫الذي دلف إليه مبالبس البحر ليجد اجلمهور مرجعي خاص بثقافته ورؤيته للعامل‪.‬‬ ‫قد استقر على كراسيه شاخصاً إليه‪ ،‬مقتحماً‬ ‫لقد وجد املواطن "إيفان" حني عودته لبيته‬ ‫عامله اخلاص‪ ،‬وليجد جمموعة من العاملني يف أن الدولة قد احتلته باسم املصلحة العامة‪ ،‬عقب‬ ‫التليفزيون‪ ،‬يفسدون حياته‪ ،‬ال يهمهم ما يفعلونه العثور على أثر تارخيي‪ ،‬جيب أن ينتمي وفقاً‬ ‫باملكان الذي يتواجدون فيه غري نقل هذا احلدث للقوانني احمللية والدولية إىل (امللكية العامة)‪،‬‬ ‫اهلام الذي وقع يف بيت هذا الرجل البسيط‪ ،‬يف حني أن هذه امللكية العامة تطيح مبلكيته‬

‫‪599‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 600‬للتنمية الثقافية‬

‫الفردية للقطعة احملدودة من الوطن اليت يعيش‬ ‫فيها‪ ،‬ويبدأ الصراع داخله بني إميانه بامللكية‬ ‫الفردية‪ ،‬واضطراره لقبول انتزاع الدولة جلزء‬ ‫من بيته الصغري باسم امللكية العامة وح ّق‬ ‫"اإلنسانية" يف امتالك األثر التارخيي‪ ،‬وفق‬ ‫رؤية النظام الشيوعي الذي كان مهيمناً على‬ ‫بلغاريا آنذاك‪.‬‬ ‫الفن عن ح ّق‬ ‫النص الدرامي ببنائه يّ‬ ‫يدافع ّ‬ ‫امللكية اخلاصة يف مواجهة امللكية العامة‪ ،‬ويدين‬ ‫بريوقراطية الدولة املتعنّتة يف تنفيذ أوامرها‪،‬‬ ‫يف مواجهة املواطن الفرد البسيط الطيب‪،‬‬ ‫فيلمس العرض عصباً عارياً ملتهباً على أرض‬ ‫الواقع املصري‪ ،‬حيث نعيش منذ زمن صراع‬ ‫امللكيات العامة واخلاصة‪ .‬صحيح أن السائد‬ ‫يف مصر اليوم هو امليل حنو امللكية اخلاصة‪،‬‬ ‫إدانة لبريوقراطية امللكية العامة السابقة‪،‬‬ ‫غري أن مآسي اخلصخصة رهيبة وسط حركة‬ ‫اجملتمع املصري ومؤثّرة بالسلب عليه‪ ،‬لذا يظ ّل‬ ‫املتلقّي متأرجحاً بني دفاع املسرحية بعاملها‬ ‫االفرتاضي عن امللكية اخلاصة‪ ،‬وضحايا هذه‬ ‫امللكية اخلاصة يف عاملهم الواقعي خارج جدران‬ ‫املسرح‪ ،‬ثم يفاجأ يف النهاية بأن مثة توجهاً‬ ‫ملسار املسرحية جتلّى واضحاً يف أغنية اخلتام‪،‬‬ ‫يدافع فيه صنّاعه عن ح ّق مجيع املواطنني يف‬ ‫الدفاع عن ملكيتهم للبيت املنتهك‪.‬‬ ‫صار البيت رمزاً للوطن املستباح‪ ،‬وأضحت‬ ‫الواليات المتّ حدة األمريكية هي الغول القادم‬ ‫الحتالل البيت‪ ،‬وبالقياس أمست فلسطين‬ ‫احملتلة كك ّل‪ ،‬أو أجزاؤها املبعثرة؛ غزة‪ ،‬الخليل‪،‬‬ ‫القدس‪ ،‬هي أيضاً الوطن الذي علينا مجيعاً أن‬ ‫نتكاتف حلمايته ومواجهة أعدائه‪ ،‬أي أن نعامله‬ ‫باعتباره ملكية عامة‪ ،‬وليس ملكية خاصة نرتك‬ ‫لصاحبها مهمة الدفاع الفردي عنها‪.‬‬ ‫لذا يكمن املشكل األساس الذي يتجلّى‬ ‫أمام اجلمهور املتلقّي املتو ّرط حبضوره يف بنية‬

‫العرض املسرحي‪ ،‬يف ما خيلقه هذا العرض‬ ‫من تفاوت عقلي بني دعوته الكلية للوقوف إىل‬ ‫جانب امللكية اخلاصة‪ ،‬وما حيدث يف اجملتمع‬ ‫وشبابه الذي حييا حالة معاناة حا ّدة نتيجة‬ ‫نظرية امللكية اخلاصة‪ ،‬وكذلك من تناقض‬ ‫فكري بني جممل حركة املسرحية املدافع عن‬ ‫ح ّق املواطن يف احلماية الفردية مللكيته اخلاصة‪،‬‬ ‫وما تق ّدمه أغنية اخلتام اجلميلة‪ ،‬واليت كتبها‬ ‫مصطفى سليم و ّ‬ ‫حلنها سامح عيسى‪ ،‬والداعية‬ ‫إىل ضرورة احلماية اجلماعية لألرض العربية‬ ‫الواقعة أو املرشحة لالحتالل‪.‬‬ ‫كان العام ‪ 2009‬بقلّة عروضه نسبة حلجم‬ ‫اإلنتاج يف احلركة املسرحية املصرية‪ ،‬اليت‬ ‫مؤسسات مسرحية‬ ‫متتد طوال العام‪ ،‬عرب ّ‬ ‫رصينة ومستق ّرة‪ ،‬هو حمصلة تعثّر يف صياغة‬ ‫اسرتاتيجية كلّية حلركة املسرح يف ربوع‬ ‫الوطن‪ ،‬وهي اسرتاتيجية تتح ّمل وزارة الثقافة‬ ‫مسؤوليتها وتشاركها املسؤولية وزارتا الرتبية‬ ‫والتعليم والتعليم العالي واجمللس القومي‬ ‫للشباب‪ ،‬واجملتمع املدني كلّه وفرقه املستقلة‪.‬‬ ‫فاملسرح صناعة جمتمعية‪ ،‬حيتاج إىل وعي‬ ‫بقيمته‪ ،‬وضرورة لبقائه‪ ،‬وإىل إدراك ألهمية‬ ‫تطويره من أجل جمتمع أكثر حرية‪ ،‬وأرقى‬ ‫تعبرياً‪ ،‬وأكثر تقدماً‪.‬‬ ‫المغرب‪ :‬مسرحيات كثيرة‪ ،‬وتساؤالت‬ ‫أكثر‬ ‫تعدد األنواع المسرحية وأشكالها‬ ‫ّ‬

‫متيّزت التجربة املسرحية املغربية باحلركية‬ ‫والديناميّة املتواصلة يف السنوات األخرية‪ ،‬وهذا‬ ‫ما حقّق تراكماً كمياً ونوعياً استوعب بعض‬ ‫التحوالت البنيوية اليت عرفها اجملتمع املغربي‪،‬‬ ‫حبيث تكاثرت الشركات واملقاوالت والفرق‬ ‫اليت أفرزت نتاجاً مسرحياً مه ّماً‪ ،‬توافرت‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫يف بعضه اجل ّدة واجلودة من الناحية األدبية‬ ‫والفنّية والتقنية‪ ،‬وتوافرت املهنية يف الطاقم‬ ‫الفن واإلداري والتقين؛ كما أفرزت تن ّوعاً على‬ ‫يّ‬ ‫مستوى الّلغة حيث جند عروضاً بالّلغة العربية‬ ‫واألمازيغية والدارجة‪ .‬هذه احلركية جتعل املتتبع‬ ‫للف ّن املسرحي املغربي يقف أمام أنواع وأشكال‬ ‫متع ّددة للمسرح يف المغرب‪ ،‬حيث جند‪ :‬املسرح‬ ‫االحرتايف‪ ،‬املسرح اجلامعي‪ ،‬املسرح األمازيغي‪،‬‬ ‫مسرح الشباب‪ ،‬مسرح الطفل‪ .‬لكن هذا الغنى‬ ‫والتن ّوع على مستوى النتاج املسرحي‪ ،‬ال خيفي‬ ‫حرقة األسئلة املطروحة على املشهد املسرحي‬ ‫املغربي‪:‬‬ ‫ هل يكشف االرتفاع الكمي لإلنتاج املسرحي‬‫املغربي عن جودة نوعية يف األعمال الدرامية؟‬ ‫وسعت األنواع واألشكال املسرحية‬ ‫ هل ّ‬‫دائرة التجريب املسرحي يف المغرب أو ظلت‬ ‫رهينة التقليد؟‬ ‫ هل يواكب النتاج املسرحي التطورات‬‫الكربى اليت يعرفها اجملتمع املغربي يف‬ ‫األلفية الثالثة؟‬

‫الرباط‬ ‫الرباط‬ ‫الرباط‬ ‫سال‬ ‫سال‬ ‫سال‬ ‫الدار البيضاء‬ ‫مراكش‬ ‫مراكش‬ ‫مراكش‬ ‫أغادير‬ ‫أغادير‬ ‫أغادير‬ ‫فاس‬ ‫وجدة‬

‫ ما حمل الفرجة املسرحية يف أجندة‬‫املواطن املغربي‪ ،‬وكيف هي عالقته باملسرح؟‬

‫يُعتبر العام ‪ 2009‬محصلة تعثّر في‬ ‫صياغة استراتيجية كليّة لحركة المسرح‬ ‫المسرح االحترافي‬ ‫في مصر‪ ،‬وهي استراتيجية تتح ّمل وزارة‬ ‫على هامش "المهرجان الوطني العاشر‬ ‫الثقافة مسؤوليتها وتشاركها في المسؤولية‬ ‫للمسرح االحترافي" يف مدينة مكناس‪ -‬يوليو وزارتا التربية والتعليم والتعليم العالي‪،‬‬ ‫‪ ،2008‬أعلنت "لجنة الدعم المسرحي" فض ً‬ ‫ال عن المجلس القومي للشباب‬ ‫يف وزارة الثقافة املغربية‪ ،‬عن نتائج برنامج والمجتمع المدني كلّه‪..‬‬

‫"دعم اإلنتاج املسرحي لسنة ‪،"2009‬‬ ‫والذي عرف ارتفاعاً ملموساً يف عدد الفرق‬ ‫املسرحية املستفيدة من "دعم اإلنتاج"‪ ،‬إذ‬ ‫وصل العدد إىل ‪ 23‬فرقة مسرحية مغربية‪.‬‬ ‫املخصصة هلذا الدعم إىل‬ ‫ووصلت امليزانية ّ‬ ‫ثالثة ماليني وستمائة ومخسني ألف درهم‬ ‫(‪3650000‬درهم)‪ .‬ويف آذار‪/‬مارس ‪ّ ،2009‬مت‬ ‫اإلعالن عن الفرق املسرحية املستفيدة من‬ ‫"دعم الرتويج املسرحي لسنة ‪ ،"2009‬والذي‬ ‫وصل عددها إىل ‪ 23‬فرقة مسرحية‪ ،‬تقامست‬ ‫ميزانية تقدر مبليون وأربعمائة وستة ومخسني‬ ‫ألف درهم (‪1456000‬درهم)‪ .‬ويف ما يلي مناذج‬ ‫اسم املسرحية‬

‫آش بان ليك‬ ‫مسرح أفروديت‬ ‫اجلوكري‬ ‫شركة باندارت‬ ‫موالة احليط‬ ‫أكون ميديا‬ ‫الفلوجة‬ ‫طقوس أربعة‬ ‫واش افهميت؟‬ ‫شركة سييت‬ ‫أسرار طروبا دور‬ ‫شركة تروب دور‬ ‫يوليوس قيصر‬ ‫فضاء اللواء لإلبداع‬ ‫ساندريال‬ ‫فرقة مسرح العرائس‬ ‫نية العمى‬ ‫مسرح تاغنجا‬ ‫التبوريدة‬ ‫ورشة اإلبداع دراما‬ ‫الكرية‬ ‫مجعية ومضات للمسرح‬ ‫باب البحر‬ ‫مجعية بصمات الفن‬ ‫أوسان متوغرا‬ ‫أسايس ن إمال‬ ‫مجعية اجلدار الرابع للمسرح والفنون اجلميلة سوارت الربح‬ ‫السوق‬ ‫مجعية كوميدراما‬

‫هل يكشف االرتفاع الك ّمي لإلنتاج‬ ‫المسرحي الك ّمي عن جودة نوعية في‬ ‫األعمال الدرامية؟ الحقيقة أن الزيادة‬ ‫الك ّمية التي أفرزها برنامج الدعم‬ ‫المسرحي لم تصحبها اإلضافة النوعيّة‬ ‫التي راهن عليها المهت ّمون بالشأن‬ ‫المسرحي االحترافي المغربي‪ ،‬إذ إن ما‬ ‫يزيد على ‪ 30‬عم ً‬ ‫ال مسرحياً كانت تقليدية‬ ‫وأغلبها يعتمد آلية التماهي لمدرسة‬ ‫ستانسالفسكي‪..‬‬

‫مبلغ الدعم بالدرهم‬

‫اإلبداع‬

‫املدينة‬

‫الفرقة املسرحيّة‬

‫‪601‬‬

‫‪110.000‬‬ ‫‪90.000‬‬

‫‪110.000‬‬

‫‪140.000‬‬ ‫‪110.000‬‬

‫‪115.000‬‬

‫‪180.000‬‬ ‫‪90.000‬‬

‫‪115.000‬‬

‫‪130.000‬‬ ‫‪130.000‬‬ ‫‪100.000‬‬

‫‪100.000‬‬ ‫‪105.000‬‬

‫‪110.000‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 602‬للتنمية الثقافية‬

‫من الئحة الفرق املستفيدة من دعم اإلنتاج‬ ‫للموسم املسرحي ‪:2009‬‬ ‫دعم اإلنتاج لموسم ‪2009‬‬

‫ثمة تجارب مسرحيّة احترافيّة تميّزت‬ ‫بالجرأة والمغامرة ّ‬ ‫وسطرت رؤ ًى متن ّوعة‬ ‫أدبيّاً وتقنياً‪ ،‬ومنها عرض "باب البحر"‬ ‫لفرقة "بصمات" في أغادير للمؤلّف‬ ‫والمخرج إبراهيم أروبيعة الذي اختار‬ ‫نهج األسلبة ليبتعد عن المحاكاة الواقعيّة‪،‬‬ ‫مستخدماً الرموز التي تعود بجمالياتها إلى‬ ‫عناصر مستعارة من الفرجة المغربيّة‪..‬‬ ‫وعرض "سال الطرح" للمخرج عبد العاطي‬ ‫المباركي لفرقة أسيوان في الرباط‪ ،‬والذي‬ ‫النص المقتبس عن مسرحية‬ ‫لعب عبر ّ‬ ‫"نهاية الّلعبة" لصموئيل بيكيت‪ ،‬لعب ًة عبثيّة‬ ‫هي في غاية الروعة واإلدهاش‪..‬‬

‫تتوجياً للموسم املسرحي‪ّ ،‬مت اختيار ‪ 13‬عم ًال‬ ‫من األعمال للمشاركة يف الدورة احلادية عشرة‬ ‫"للمهرجان الوطين للمسرح"‪ ،‬دورة القدس‪،‬‬ ‫من ‪ 03‬إىل ‪ 10‬متوز ‪ /‬يوليو ‪ ،2009‬يف مدينة‬ ‫مكناس‪ .‬هذا االختيار يف ح ّد ذاته يكشف عن‬ ‫تدني القيمة النوعية واإلبداعية ألغلب األعمال‬ ‫املسرحية اليت تق ّدم يف إطار املسرح االحرتايف‬ ‫املغربي‪ .‬فالزيادة الكمية اليت أفرزها برنامج‬ ‫الدعم املسرحي‪ ،‬مل تصحبها اإلضافة النوعية‬ ‫اليت راهن عليها املهتمون بالشأن املسرحي‬ ‫املغربي‪ ،‬إذ إن ما يزيد على ‪ 30‬عم ًال مسرحياً‬ ‫كانت تقليديّة‪( ،‬سينوغرافيا واقعية‪ ،‬رؤية‬ ‫إخراجية تقليدية‪ ،‬أداء تشخيصي يعتمد آلية‬ ‫التماهي ملدرسة استانسالفسكي)‪ ،‬لكن هذه‬ ‫املسرحيات أسهمت يف األنشطة املسرحية اليت‬ ‫نظمتها وزارة الثقافة‪ ،‬وذلك عرب مشاركتها يف‬ ‫برنامج إحياء اليوم العاملي للمسرح يف ‪ 27‬آذار‪/‬‬ ‫مارس‪ ،‬واليوم الوطين للمسرح يف ‪ 14‬أيار‪/‬‬ ‫مايو‪ ،‬وتقديم العروض املسرحية اليت دعمت‬ ‫من أجلها‪.‬‬ ‫هذه احلصيلة ال تنفي أن املوسم املسرحي‬ ‫لسنة ‪ ،2009‬عرف جتارب أخرى خمتلفة‬ ‫تض ّمنت أنواعاً مسرحية ع ّدة‪ :‬الواقعي‬ ‫والتجرييب والرتكييب واالحتفالي والرمزي‬ ‫والسيكودرامي وامللحمي والرتاثي والعبثي‪...‬‬ ‫وكان هاجس الناشطني فيها إتقان أصول‬ ‫املسرح وتقنياته‪ .‬وكمثال على ذلك نتحدث هنا‬ ‫عن بعض هذه العروض املسرحية املدعومة‪،‬‬ ‫اليت ق ّدمت جتارب جريئة ومغامرة ّ‬ ‫سطرت‬ ‫رؤى متنوعة ومتميزة وأساليب متع ّددة م ّكنتنا‬ ‫من تصنيفها انطالقاً من مقوماتها األدبية‬

‫والفنّية والتقنية‪ ،‬منها عرض باب البحر لفرقة‬ ‫بصمات يف أغادير للمؤلف واملخرج إبراهيم‬ ‫أرويبعة الذي اختار نهج األسلبة ليبتعد عن‬ ‫احملاكاة الواقعية املباشرة‪ ،‬مستخدماً الرموز‬ ‫اليت ترجع جبماليتها إىل عناصر مستعارة من‬ ‫الفرجة املغربية‪ .‬وقد حتققت هذه األسلبة يف‬ ‫النص واإلخراج‬ ‫ك ّل مك ّونات العرض املسرحي‪ّ :‬‬ ‫والتشخيص والديكور واإلضاءة واملالبس‪...‬‬ ‫وعليه جند العرض مقسماً إىل عدد من‬ ‫اللوحات واملشاهد اليت ميكن تنظيمها وإعادة‬ ‫تنظيمها من دون أن خيت ّل املعنى‪ ،‬ألن األحداث‬ ‫تبدو كاحللم ال ختضع إىل قانون السببية‬ ‫واملنطق‪ ،‬حبيث ميكن أن خيتار املخرج أ ّي لوحة‬ ‫لينطلق منها سواء لوحة سلطة األب القمعية‪ ،‬أو‬ ‫لوحة اخليانة الزوجية‪ ،‬أو اإلهانة لألم وابنها‪،‬‬ ‫أو وصمة العار‪ ،‬أو اخلياط والطفل‪ ،‬أو األم‬ ‫والبحث عن ابنها الضائع يف سنوات الرصاص‪،‬‬ ‫أو املخرج والعاشق واملعشوقة‪ ...‬وهذا ما جعل‬ ‫العرض يهدف إىل تفتيت احلدث فيمتزج فيه‬ ‫الواقعي بالغرائيب‪ ،‬الشيء الذي يتطلّب جهداً‬ ‫ذهنياً من املتلقي لتأويل األحداث املعروضة‪.‬‬ ‫وبنا ًء على ذلك ابتعد التمثيل عن الواقعية‬ ‫واتكأ على املبالغة يف احلركات بطريقة آلية‬ ‫ال ليق ّدم الواقع من زاويته اخلاصة فحسب‪،‬‬ ‫وإمنا لينقل حقائق خفية عن اإلنسان وحريته‬ ‫وعن عذابه اليومي وصراعاته‪ .‬لذلك كانت‬ ‫الشخصيات تتحرك بشكل غرائيب تربز‬ ‫خصائصها من خالل احلركات املبالغة واملشوهة‬ ‫للوصول إىل اجلوهر املقصود بإلقاء محاسوي‬ ‫ومندفع تارة‪ ،‬وغنائي شاعري تارة ثانية‪ ،‬ثم‬ ‫سريعاً متقطعاً تارة ثالثة مستخدماً حلظات‬ ‫الصمت والوقفات بعناية فائقة‪.‬‬ ‫وارتكز الديكور التجريدي واملتحرك على‬ ‫أحجام مكعبة ومداخل وخمارج وارتفاعات‬ ‫وانبساطات وألوان وأشكال هندسية تشكيلية‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫اإلبداع‬

‫للداللة على العمق املرضي للبطل‪ .‬وقد أ ّمن‬ ‫الديكور مناطق التمثيل وأ ّمن أقصى درجة من‬ ‫السرعة لتغيري املشاهد‪ ،‬كما نأى عن تصوير‬ ‫التفاصيل فكان مقتصداً وموحياً‪ .‬الشيء نفسه‬ ‫قامت به اإلضاءة اليت اعتمدت الظالل لتعكس‬ ‫ج ّو الكوابيس واخلوف املرضي‪ ،‬وجتسيد األماكن‬ ‫املغلقة‪ ،‬واملزج بني الواقعي والغرائيب‪.‬‬ ‫كما حتقق أسلوب العبث يف عرض سال‬ ‫الطرح للمخرج عبد العاطي المباركي لفرقة‬ ‫أسيوان يف الرباط‪ ،‬وهو مقتبس عن مسرحية‬ ‫نهاية اللعبة لـ صمويل بيكيت‪ ،‬ويق ّدم حكاية‬ ‫اجلالد األعمى والكسيح الذي جيد لذة يف‬ ‫تعذيب ضحاياه وهم أفراد عائلته‪ :‬أبوه وأمه‬ ‫وابنه‪ ،‬حبيث ال جيد غضاضة يف إيداع والديه يف‬ ‫برميلني للقمامة‪ ،‬وحتويل ابنه إىل خادم يطيع‬ ‫أوامره لريبطه بالعامل اخلارجي‪.‬‬ ‫وحتقّق أسلوب العبث كذلك يف عرض كرا ‪/‬‬ ‫الشيء‪ /‬للمخرج أبدار لفرقة ورش – ويمرز‬ ‫– لألحباث املسرحية من مدينة تزنيت‪،‬‬ ‫وهو تركيبة مسرحية مقتبسة من الدرس‬ ‫لـ يوجين يونسكو ومن روميو وجولييت‬ ‫لـ وليام شكسبير‪ .‬يتحدث عن موضوعات‬ ‫إنسانية وأشخاص تتجاذبهم قوى العبث‬ ‫واجلنون مهووسني بالوهم والسراب‪ ،‬خصوصاً‬ ‫مدير املكان الذي يشتغل جبثث بشرية وأدمغة‬ ‫متآكلة بال كلل أو ملل يف مستنقع لصنع النماذج‬ ‫البشرية للبحث عن املمكن‪.‬‬ ‫ومن هذا املنظور حتدث العرضان عن‬ ‫اإلنسان الذي يواجه الكون الرهيب وعن‬ ‫العالقات االجتماعية واالقتصادية والسياسية‬ ‫والدينية والتارخيية بسخرية ملموسة‪ ،‬إذ‬ ‫تتساقط ك ّل قيمة لإلنسان الذي أصبح‬ ‫جمرد شيء منثور ومبعثر يف الكون‪ .‬لذلك‬ ‫جلأ العرضان إىل تقنيات التهكم والسخرية‪،‬‬ ‫والتضاد بني القول والعمل‪ ،‬التافه واملستحيل‪،‬‬

‫املعقول والالمعقول‪ ،‬املضحك واملأسوي إلبراز‬ ‫الفوضى اليت تسود العامل والعالقات اإلنسانية‪.‬‬ ‫أما شركة "تروب دور" يف مدينة سال‪،‬‬ ‫فقدمت عرضاً كوميدياً تراجيدياً هو أسرار‬ ‫طروبادور من تأليف خالد ديدان وإخراج‬ ‫عبد الله ديدان عاجل حياة الغجر الذين‬ ‫يعيشون حياة متنقلة وغري مستقرة‪ .‬ومع أنهم‬ ‫يُعتربون فئة منبوذة من طرف اجملتمع‪ ،‬إال‬ ‫أنهم ميتلكون ثقافتهم االجتماعية املختلفة عن‬ ‫الثقافة الرمسية‪ ،‬وهلم حياتهم اخلاصة اململوءة‬ ‫باحلب والصراع واخليانة والكره والقتل‪...‬‬ ‫ويسرتزقون من فرجات عديدة‪ :‬الرقص‬ ‫والبهلوان والسريك‪ ..‬ويعلمون ماضيهم وجيهلون‬ ‫مصريهم ومستقبلهم‪ .‬ولقد مزج العرض بني‬ ‫العناصر املأسوية وامللهوية وصور مفارقات حياة‬ ‫الغجر وتناقضاتها بأسلوب ساخر ومضحك‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن املسرحية كوميدية الطابع‪،‬‬ ‫فإنها تثري احلزن واملرارة كما تثري الشفقة لدى‬ ‫املتفرج على مصري شخصيات املسرحية‪.‬‬ ‫على أن بعض العروض املسرحية حاولت‬ ‫االنفتاح على الرتاث والتاريخ والفرجة الشعبية‪،‬‬ ‫الشيء الذي خ ّول هلا ربط املاضي باحلاضر‬ ‫وحتويل األول إىل تركيبات فنّية ال تنظر إىل‬ ‫أحداثه وشخصياته مبفهوم تارخيي أو أسطوري‬ ‫فحسب‪ ،‬وإمنا حتاول نقل احلساسية اجلمالية‬ ‫والفنية املغربية إىل املتفرج‪.‬‬ ‫جند ذلك يف عرض تسليت وزورو لفرقة‬ ‫تيفسوين يف الحسيمة على يد املؤلّف سعيد‬ ‫أبرنوص عندما خلخل الكتابة الدرامية‬ ‫التقليدية فأصبحت مفتوحة تغوص يف األمكنة‬ ‫واألزمنة املاضية واحلاضرة وترهن األحداث‬ ‫التارخيية واألساطري القدمية ومتسرحها بشكل‬ ‫يتأقلم مع احلاضر‪ .‬وعلى يد املخرج فاروق‬ ‫أزنابط الذي قام بتوليف الفضاءات واألساطري‬ ‫والقطع الغنائية ثم الرتكيبات التعبريية الفنية‪.‬‬

‫‪603‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 604‬للتنمية الثقافية‬

‫بعض العروض المسرحية المغربيّة‬ ‫في العام ‪ 2009‬حاول االنفتاح على التراث‬ ‫والتاريخ والفرجة الشعبيّة ونجح أيّما‬ ‫نجاح في ذلك‪ ،‬خصوصاً عرض"تسليت‬ ‫وزوزو" لفرقة "تسويت" في الحسيمة‬ ‫على ي ّد المؤلف سعيد أبرنوص‪ ،‬الذي‬ ‫خلخل صاحبه الكتابة الدراميّة التقليديّة‬ ‫وجعلها تغوص في األمكنة واألزمنة وترهن‬ ‫األحداث التاريخيّة واألساطير القديمة‬ ‫ألقلمتها مع الحاضر‪..‬‬

‫كما اعتمد على تقنية السرد املتقطع لتغريب‬ ‫األحداث‪ ،‬وتقنية املسرح داخل املسرح لالنتقال‬ ‫من األسطوري إىل التارخيي إىل الواقعي‬ ‫فن درامي مرن أضفى متيزاً إجيابياً‬ ‫بأسلوب يّ‬ ‫النص املسرحي وأبعد املتفرج عن‬ ‫على أحداث ّ‬ ‫اإليهام‪ ،‬كما تع ّهد بصناعة خميلة حافظت على‬ ‫الذاكرة وراكمت الرتاثي والتارخيي وعكست‬ ‫اهلوية املغربية امللتصقة جبذورها‪.‬‬ ‫وجند هذا األسلوب الرتاثي أيضاً يف عرض‬ ‫التبوريدة لفرقة إبداع دراما من مراكش‬ ‫للمؤلف عبد اللطيف فردوس واملخرج عبد‬ ‫العزيز بوزاوي‪ .‬وتدور احلكاية حول فتاة شابة‬ ‫امسها شامة تعلمت ركوب اخليل وممارسة‬ ‫التبوريدة‪ ،‬فتطلّعت إىل محل علم القبيلة بدالً‬ ‫من العلاّ م الذي يتواطأ مع أحد أعيان القبيلة‪.‬‬ ‫ومن أجل حتقيق هدفها طرحت فكرة سباق يف‬ ‫التبوريدة بينها وبني العلاّ م ليكون الفائز منهما‬ ‫هو األحق حبمل علم القبيلة‪ .‬نال العرض إقباالً‬ ‫ملموساً ملزجه عامل احلكاية الشعبية بالواقع‬ ‫احلاضر‪ ،‬والرتباطه بالرتاث املوسيقي وباملادة‬ ‫الفكاهية املراكشية بأسلوب متيّز بالتحرر‬ ‫والطرافة‪.‬‬ ‫يف حني ق ّدم عرض الكيرة ‪/‬احلرب‪/‬‬ ‫لفرقة ومضات للمسرح يف أغادير للمؤلّف‬ ‫الدكتور رشيد أطرحوت واملخرج عمر سحنون‬ ‫مسرحاً مغايراً ف ّجر الواقع والوهم‪ ،‬اليقني‬ ‫والكذب‪ ،‬احملسوس واجملرد بأسلوب تشرحيي‬ ‫للشخصيات وبتقنية التضاد بني املشهدين أو‬ ‫داخل املشهد الواحد‪ ،‬وتقنية التصريح تار ًة‬ ‫والتلميح تار ًة أخرى لتجسيد عامل الشخصيات‬ ‫املؤثث باملوت والكذب‪ .‬وتدور أحداث هذا العامل‬ ‫يف غرفة استقبال يلتقي فيها طباخ وسائق سيارة‬ ‫وحارس حديقة يعملون يف منزل متتلكه أجنبية‪.‬‬ ‫يستدرج حارس احلديقة الطباخ لكي حيكي‬ ‫حكاياته وذكرياته عن احلرب ألنه كان جندياً‬

‫يف السابق‪ ،‬فينقلب احلكي إىل حماولة جتسيد‬ ‫أحداث احلرب‪ ،‬وتتح ّول غرفة االستقبال إىل‬ ‫ساحة يف وسط صحراء قاحلة‪ ،‬وينقلب أثاثها إىل‬ ‫دبابات وأسلحة وأجهزة حرب وترصد‪ ،‬ويتح ّول‬ ‫السائق واحلارس إىل جنديّني مساعدين للطباخ‬ ‫(اجلندي) حيث ينتظرون هجوم العدو وحرباً لن‬ ‫تقع إال يف ذهن هذا األخري املزدحم بذكريات‬ ‫احلرب وحكايات اخلسارة وأحالم البطولة‪.‬‬ ‫يتلقّى هؤالء األوامر من الضابط‪ ،‬وهي شخصية‬ ‫وهمية تصدر األوامر وتدير احلرب بلغة األمر‬ ‫والنهي‪ .‬أخرياً يكتشف السائق أنهم اندجموا‬ ‫يف اللعبة وأصبحوا يعيشون وهم احلرب الذي‬ ‫ق ّوض واقعهم املريح‪ ،‬كما يكتشف قدراً كبرياً‬ ‫من الوهم يف حكاية الطباخ‪ /‬اجلندي‪ ،‬فيحاول‬ ‫العودة إىل الواقع‪ ،‬لكن هذا األخري يعرتضه‬ ‫ويضربه ضربة واحدة ترديه قتي ًال‪.‬‬ ‫مسرح الشباب‬

‫تشرف وزارة الشباب والرياضة على "مسرح‬ ‫الشباب"‪ ،‬الذي حيتل مكانة مه ّمة يف أنشطة‬ ‫ك ّل دار من "دور الشباب" املنتشرة عرب ك ّل‬ ‫مدن المغرب وقراه‪ .‬وقد جاءت جتربة "مسرح‬ ‫الشباب" كبديل ملسرح اهلواة الذي توقف منذ‬ ‫أواخر القرن املاضي‪ ،‬والذي كانت حتتضنه‬ ‫الوزارة نفسها‪ .‬إذ أعلنت وزارة الشباب‬ ‫والرياضة عن تأسيس "أندية مسرح الشباب"‬ ‫و انطالق المهرجان الوطني األول لمسرح‬ ‫الشباب يف شهر نيسان ‪ /‬أبريل سنة ‪.2004‬‬ ‫وعرفت سنة ‪ 2009‬تنظيم الدورة السادسة‬ ‫من هذا املهرجان‪ ،‬وذلك خالل الفرتة املمتدة‬ ‫ما بني ‪ 29‬آذار ‪ /‬مارس و ‪ 05‬نيسان ‪ /‬أبريل‬ ‫‪ .2009‬سبق ذلك تنظيم مهرجانات إقليمية على‬ ‫امتداد الرتاب املغربي‪ ،‬وابتدأت من ‪ 23‬كانون‬ ‫الثاني ‪ /‬يناير إىل ‪ 09‬شباط ‪ /‬فرباير ‪،2009‬‬ ‫ووصل جمموع األعمال املسرحية اليت شاركت‬


‫حركة المسرح العربي‬

‫يف هذه املهرجانات ‪ 283‬عرضاً‪ ،‬موزعة على‬ ‫إقليماً‪ .‬وقد تأ ّهل إىل املرحلة الثانية ‪ 83‬عرضاً‬ ‫مسرحياً‪ ،‬تو ّزعت على ‪ 9‬مهرجانات جهوية متثّل‬ ‫اجلهات اإلدارية للمملكة املغربية‪ .‬وقد انعقدت‬ ‫املهرجانات اجلهوية خالل الفرتة الواقعة بني‬ ‫‪ 20‬شباط ‪ /‬فرباير و‪ 08‬آذار ‪ /‬مارس ‪.2009‬‬ ‫وتأ ّهلت إىل المهرجان الوطني لمسرح الشباب‬ ‫تسعة عروض مسرحية‪ ،‬هي كالتالي‪:‬‬ ‫ رأس الخيط؛ نادي ليساسفة ملسرح‬‫الشباب عن مدينة الدار البيضاء‪.‬‬ ‫ أبريكول؛ نادي أصدقاء اخلشبة ملسرح‬‫الشباب عن مدينة فاس‪.‬‬ ‫ الممسوحون؛ نادي الفنون الركحية ملسرح‬‫الشباب عن مدينة متارة‪.‬‬ ‫ راه‪ ...‬راه؛ نادي الستار املسرحي ملسرح‬‫الشباب عن مدينة خريبكة‪.‬‬ ‫ لحن الموت؛ نادي مسرح وسينما الشمال‬‫عن مدينة طنجة‪.‬‬ ‫ خراز الحومة؛ نادي رواد الركح ملسرح‬‫الشباب عن مدينة بين مالل‪.‬‬ ‫ لعنة الكوابيس؛ نادي املواهب لإلشعاع‬‫املسرحي عن مدينة مسارة‪.‬‬ ‫ أسرار االنتظار؛ نادي الدراما ملسرح‬‫الشباب عن مدينة أغادير‪.‬‬ ‫ من الحبة قبة؛ نادي األقنعة ملسرح‬‫الشباب عن مدينة تازة‪.‬‬

‫‪605‬‬

‫‪56‬‬

‫تشرف وزارة الشباب والرياضة على‬ ‫"مسرح الشباب" الذي جاءت تجربته‬ ‫كبديل لمسرح الهواة الذي تو ّقف في أواخر‬ ‫القرن الماضي وكانت تحتضنه الوزارة‬ ‫نفسها‪..‬‬

‫اإلبداع‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 606‬للتنمية الثقافية‬


‫الغناء واملوسيقى‬ ‫قضية الكلمة في األغنية العربية‬ ‫مناذج من العام ‪2009‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 608‬للتنمية الثقافية‬

‫منهجية اختيار النصوص‬

‫ال ي ّدعي هذا التقرير تغطية نهائية شاملة‬ ‫لك ّل ما صدر من غناء عربي يف مجيع الدول‬ ‫العربية ما بني احمليط واخلليج يف العام ‪.2009‬‬ ‫ذلك أن مثل هذه التغطية النهائية الشاملة‬ ‫تقتضي من مع ّد التقرير‪ ،‬إما أن يقوم جبولة‬ ‫ميدانية تغطي الدول العربية كافة من ُعمان‬ ‫شرقاً إىل موريتانيا غرباً‪ ،‬وجيمع خالهلا ك ّل‬ ‫أسطوانة غنائية أو فيديو غنائي صدرا يف ك ّل‬ ‫بلد من هذه البلدان العربية‪ ،‬أو أن يكلّف وكي ًال‬ ‫عنه يف ك ّل بلد من هذه البلدان العربية‪ ،‬ينوب‬ ‫عنه يف مجع هذه النماذج وموافاته بها‪ .‬وكال‬ ‫امله ّمتني شاق إىل حدود االستحالة‪ ،‬أو إىل‬ ‫حدود استغراق وقت يتطلّب أشهراً طويلة يف‬ ‫عملية مجع النماذج وحدها‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬فقد ّمت االعتماد على ّ‬ ‫خطة أكثر‬ ‫واقعية وعملية‪ ،‬يف حماولة اإلفادة القصوى من‬ ‫وسائل االتصال اإللكرتوني والشبكة العنكبوتية‪،‬‬ ‫اليت باتت تق ّدم تسهيالت هائلة يف هذا اجملال‪.‬‬ ‫وقد س ّهل من هذا األسلوب ومنحه مزيداً من‬ ‫الصدقية والفاعلية‪ ،‬أننا من أجل الوصول إىل‬ ‫الغاية القصوى هلذا التقرير‪ ،‬لسنا حباجة‬ ‫حقيقية إىل مجع مناذج وعيّنات تغطي بنسبة‬ ‫مائة باملائة ك ّل ما صدر من غناء يف ك ّل الدول‬ ‫العربية يف العام ‪ .2009‬إننا بصدد مهمة‬ ‫حمدودة وهي وضع اليد على املزاج العام الذي‬ ‫ساد الشعر الغنائي املعتمد يف نتاج العام ‪،2009‬‬ ‫من حيث املوضوعات السائدة فيه وأساليب‬

‫الكتابة واملستوى الشعري العام‪.‬‬ ‫إن واقع احلال يف هذا اجملال يقول إن املزاج‬ ‫العربي العام يف الغناء‪ ،‬أو اليد العليا فيه هي‬ ‫لشركات اإلنتاج الرئيسة اليت تُصدر األسطوانة‬ ‫املدمة (‪ )CD‬وشرائط الفيديو الغنائية‬ ‫جّ‬ ‫(‪ ،)video clips‬ألن إنتاج هذه الشركات‬ ‫الرئيسة‪ ،‬وبعض الشركات اليت تصنّف من‬ ‫الدرجة الثانية أو الثالثة إنتاجياً‪ ،‬تتح ّكم‬ ‫باجملالني الرئيسني الّلذين حي ّددان إىل مدى‬ ‫بعيد املزاج الغنائي العربي السائد منذ فرتة‬ ‫طويلة‪ ،‬وهما‪:‬‬ ‫جمال إنتاج األسطوانة املدجمة وشريط‬ ‫الكاسيت وشرائط الفيديو الغنائي‪.‬‬ ‫جمال أجهزة اإلعالم املرئية واملسموعة يف‬ ‫أحناء العامل العربي اليت أصبحت تعتمد كلياً‬ ‫على إنتاج هذه الشركات الرئيسة والفرعية‪،‬‬ ‫يف ما تق ّدمه نهاراً ولي ًال للمستمع العربي من‬ ‫احمليط إىل اخلليج‪ ،‬إذ تراجعت نسبة الغناء‬ ‫الكالسيكي اليت تذيعها هذه األجهزة‪ ،‬إىل نسبة‬ ‫تق ّل عن مخسة يف املائة‪ ،‬وأصبح الف ّن الغنائي‬ ‫الكالسيكي العربي‪ ،‬غري ذي شأن يف تكوين‬ ‫املزاج الغنائي لإلنسان العربي املعاصر إلاّ‬ ‫بنسبة ضئيلة ال تُذكر‪ ،‬تتعلق باملكتبات الغنائية‬ ‫اخلاصة اليت تص ّر بعض البيوتات العربية على‬ ‫اقتنائها‪ ،‬بغض النظر ع ّما يصدر لشركات‬ ‫اإلنتاج من مناذج الغناء العربي السائر يف ركاب‬ ‫املوجة السائدة‪ ،‬وهذا جهد ال يشمل حتماً أكثر‬ ‫من واحد يف املائة من املستمعني العرب‪ ،‬الذين‬


‫قضية الكلمة في األغنية العربية‬

‫معايير أخرى‬

‫مبا أنه كان ينبغي اختيار معيار لتوزيع هذه‬ ‫األغاني على خمتلف البلدان العربية‪ ،‬فقد جرى‬ ‫استبعاد معيار جنسية الشركة املنتجة ألنه معيار‬ ‫مضلّل وغري دقيق‪ ،‬ذلك أن الشركة قد حتمل‬ ‫جنسية بلد عربي معينّ وتنتج أغاني لفنانني‬ ‫عرب من جنسيات خمتلفة‪ .‬لقد استُخدم معيار‬ ‫جنسية املغين الذي ميكن اعتبار امسه العالمة‬ ‫التجارية اليت يقوم عليها انتشار املنتج الغنائي‪،‬‬ ‫إضافة طبعاً إىل اسم الشركة املنتجة‪.‬‬

‫بناء على هذا املعيار‪ ،‬جت ّمع لدينا يف احلصيلة‬ ‫أغان لفنانني عرب من أحد‬ ‫العامة للعام ‪ٍ 2009‬‬ ‫عشر بلداً عربياً‪ :‬لبنان‪ ،‬مصر‪ ،‬السعودية‪،‬‬ ‫الكويت‪ ،‬البحرين‪ ،‬اإلمارات‪ ،‬اليمن‪ ،‬سورية‪،‬‬

‫العراق‪ ،‬األردن‪ ،‬تونس‪.‬‬

‫إن تو ّزع الفنانني املساهمني يف النتاج الغنائي‬ ‫العربي على أحد عشر بلداً عربياً‪ ،‬ال يعين أن‬ ‫انتشار نتاجهم الغنائي حمصور يف بلدانهم‬ ‫األصلية‪ ،‬فمن املؤ ّكد أن خربة شركات اإلنتاج‬ ‫الكربى وقدراتها التسويقية‪ ،‬أصبحت ّ‬ ‫تغطي ك ّل‬ ‫بلدان الوطن العربي وليس فقط البلدان اليت‬ ‫ينتمي إليها الفنانون الذين قام اإلنتاج الغنائي‬ ‫على أصواتهم‪ .‬يضاف إىل ذلك أن مدى تأثري‬ ‫هذا النتاج الغنائي يف تكوين الذائقة الغنائية‬ ‫للمستمعني يف طول البالد العربية وعرضها‪ ،‬ال‬ ‫ميكن حصره فقط يف عدد توزيع األسطوانات‬ ‫املدجمة أو شرائط الفيديو‪ .‬هنالك وسيلة انتشار‬ ‫أخرى تغطي عشرات ماليني املستمعني العرب‬ ‫يف الوطن واملهجر‪ ،‬هي الفضائيات العربية اليت‬ ‫سبق أن أشرنا إىل أن إنتاج الشركات الرئيسة‬ ‫العربية احلديث‪ ،‬يش ّكل رصيدها األساسي يف ما‬ ‫تذيعه من غناء تلفزيوني‪.‬‬ ‫وإذا أضيف إىل ذلك العدد اهلائل من برامج‬ ‫هواة الغناء اليت يشاهدها مئات ماليني العرب‬ ‫يف الوطن العربي‪ ،‬كما يف املهاجر واملغرتبات‪،‬‬ ‫وهي برامج أصبحت تعتمد بدرجة عالية جداً‬ ‫على النتاج الغنائي للموجة الغنائية السائدة‪،‬‬ ‫بعيداً من أ ّي نتاج غنائي ينتمي إىل املراحل‬ ‫الكالسيكية اليت تو ّقفت عملياً يف سبعينيات‬ ‫أو مثانينيات القرن املنصرم‪ ،‬فإن بإمكاننا أن‬ ‫نتص ّور مدى تأثري ما أُنتج يف العقود الثالثة‬ ‫األخرية من مناذج غنائية عربية على تكوين‬ ‫الذائقة الغنائية للمستمع العربي يف ما يتداوله‬ ‫من موسيقى غنائية وشعر غنائي‪ ،‬خصوصاً‬ ‫أن إنتاج العام ‪ 2009‬كما سيتبينّ عند االنتقال‬

‫اإلبداع‬

‫أصبحوا يف غالبيتهم العظمى‪ ،‬خيضعون يف‬ ‫تكوين مزاجهم الغنائي العام ملا تُصدره شركات‬ ‫اإلنتاج اجلديدة‪.‬‬ ‫لذلك‪ ،‬فقد ّمت االعتماد يف اإلعداد هلذا‬ ‫التقريرعلى الدخول إىل ك ّل املواقع الرئيسة‬ ‫والفرعية اليت تتيحها الشبكة العنكبوتية‪ ،‬ونقل‬ ‫ما تشري إليه هذه املواقع من أسطوانات وشرائط‬ ‫صادرة (فيديو)‪ ،‬مع نشر لكلمات األغنيات‬ ‫الواردة يف هذه األسطوانات والشرائط‪ .‬لكن‬ ‫يبدو أن الشركات املنتجة ال تقوم بعملية نشر‬ ‫كلمات األغاني الصادرة‪ ،‬بل تقوم بذلك نيابة‬ ‫عنها منتديات أهلية من املعجبني بهذا املطرب‬ ‫أو املطربة أو ذاك أو تلك‪ .‬علما بأننا وهلذا‬ ‫نص كلمات األغنية املنشور‬ ‫السبب‪ ،‬مل نعترب ّ‬ ‫على الشبكة العنكبوتية‪ ،‬مرجعاً نهائياً موثوقاً‪،‬‬ ‫بل عمدنا كلما وجدنا أنفسنا أمام حالة من‬ ‫ّ‬ ‫الشك أو الرت ّدد أو عدم الوضوح‪ ،‬إىل مقارنة‬ ‫النص املنشور لكالم األغنية‪ ،‬بتسجيلها الغنائي‬ ‫ّ‬ ‫واملوسيقي للتأكد من أ ّي نقطة غامضة‪.‬‬ ‫لقد قمنا بعملية البحث عن احل ّد األقصى‬ ‫املتاح من النتاج الغنائي العربي للعام ‪ 2009‬على‬ ‫الشبكة العنكبوتية‪ ،‬وذلك ابتداء من اليوم األول‬ ‫من العام ‪ 2010‬حتى نهاية الشهر الثالث من‬ ‫العام ‪.2010‬‬

‫‪609‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 610‬للتنمية الثقافية‬

‫الغناء العربي السائد بين المحيط‬ ‫والخليج‪ ،‬أصبح يعتمد‪ ،‬وبحرية نسبية‪،‬‬ ‫أكثر من لهجة عربية‪ ،‬وذلك ليس تعبيراً‬ ‫عن تج ّل من تجليات الوحدة الثقافية‬ ‫العربية‪ ،‬بل عن تن ّوع األسواق التي ير ّوج‬ ‫فيها هذا المنتج االستهالكي‪..‬‬

‫ثالث لهجات عربية هي السائدة في‬ ‫السوق الغنائية العربية اليوم‪ :‬المصرية‪،‬‬ ‫الّلبنانية‪ ،‬الخليجية‪ ،‬حيث أصبحنا نرى‬ ‫مطرباً عربياً واحداً مث ً‬ ‫ال‪ ،‬يغنّي بك ّل‬ ‫ً‬ ‫هذه الّلهجات ليس انطالقا من حاالت‬ ‫نفسانية معيّنة‪ ،‬أو إلهام شعري مختلف‪،‬‬ ‫بل تنفيذاً لتوجيهات صارمة من الشركة‬ ‫المنتجة‪..‬‬

‫إىل القراءة التحليلية لشعره الغنائي‪ ،‬يش ّكل‬ ‫حلقة طبيعية يف سلسلة الغناء العربي السائد‬ ‫يف مرحلة الغناء االستهالكي اليت تلت تو ّقف‬ ‫مرحلة الغناء الكالسيكي‪.‬‬ ‫وإذا شاهدنا منط األحاجي الغنائية‬ ‫املستخدمة يف برامج املن ّوعات العامة املتداولة‬ ‫يف التلفزيونات العربية‪ ،‬سرعان ما نكتشف أن‬ ‫الرصيد املستخدم يف هذه الربامج كقاعدة‬ ‫للمعلومات العامة يف الثقافة الغنائية العربية‪،‬‬ ‫يعود يف الغالب األعم إىل عصر الغناء‬ ‫االستهالكي السائد منذ ثالثة عقود‪ ،‬ونادراً ما‬ ‫تض ّم هذه القاعدة معلومات ثقافية عامة تنتمي‬ ‫إىل العصور الكالسيكية للغناء العربي‪.‬‬ ‫هكذا جمُ عت العيّنات العامة للغناء العربي‬ ‫السائد واملنتشر والصادر يف العام ‪ 2009‬وهي‬ ‫عيّنات ميكن اعتبارها جزءاً أصيال من الثقافة‬ ‫الغنائية العربية العامة السائدة منذ ثالثة عقود‬ ‫ونيف‪ ،‬وتعبرياً دقيقاً عن احلالة السائدة يف الشعر‬ ‫الغنائي العربي‪ ،‬مع أنها ال ت ّدعي كما ُذكر مشول‬ ‫ما نسبته مائة يف املائة من ك ّل األغاني اليت‬ ‫صدرت يف العام ‪ 2009‬يف البلدان العربية كافة‪.‬‬ ‫رؤية عامة إلى الشعر الغنائي الصادر‬ ‫في العام ‪2009‬‬

‫يخُ ّصص هذا الفصل من التقرير ملعاجلة‬ ‫األسباب والظواهر العامة يف أزمة األغنية‬ ‫العربية‪ ،‬وذلك استناداً إىل مطالعة عيّنات‬ ‫النصوص الغنائية الصادرة يف العام ‪.2009‬‬ ‫المالحظة األولى‪ :‬يتّضح يف نهاية‬ ‫املطالعة اجلامعة لك ّل عيّنات الشعر العربي‬ ‫الغنائي الصادر يف العام ‪ ،2009‬أننا فع ًال (وليس‬ ‫نص كتابي متّصل يف وحدته‬ ‫تشبيهاً) أمام ّ‬ ‫وتو ّحده وتكامله‪ ،‬كأنه من "إبداع" كاتب واحد‬ ‫أو شاعر واحد‪ ،‬يف الغالبية العظمى من نصوصه‬

‫مع استثناءات‪ .‬إن مصدر هذا اإلحساس أن‬ ‫املوضوع بقي واحداً من أول النصوص وحتى‬ ‫آخرها‪ ،‬والقاموس الشعري بقي هو نفسه يف‬ ‫تشابه عجيب لصوره‪ ،‬بل حتى ملفرداته‪ ،‬مع أن‬ ‫هذه الفئات اجملموعة مكتوبة يف أكثر من بلد‬ ‫عربي‪ ،‬وبأكثر من هلجة عامية عربية طبعاً‪.‬‬ ‫لكن يف نهاية املطاف يولد انطباع بأن ك ّل هذه‬ ‫النصوص مبختلف هلجاتها‪ ،‬قد خرجت من‬ ‫يد ّي شاعر واحد جييد هذه الّلهجات كلها‪.‬‬ ‫هنا ال ب ّد من اإلشارة إىل أن الغناء العربي‬ ‫السائد بني احمليط واخلليج‪ ،‬أصبح يعتمد‪،‬‬ ‫وحبرية نسبية‪ ،‬أكثر من هلجة عربية‪ ،‬وذلك‬ ‫ليس تعبرياً عن حالة من الوحدة الثقافية أو‬ ‫التفاعل الثقايف كما يبدو للوهلة االوىل‪ ،‬ولكن‬ ‫تعبرياً عن تن ّوع األسواق اليت جيري فيها ترويج‬ ‫هذا املنتج االستهالكي بك ّل ما يف الكلمة من‬ ‫معنى‪ .‬وهنا ال ب ّد من مالحظة وجود ثالث‬ ‫هلجات عربية سائدة يف هذه السوق العربية‬ ‫الغنائية املشرتكة‪ ،‬وهي الّلهجات الّلبنانية‬ ‫واملصرية واخلليجية‪ ،‬وذلك حبالة من سهولة‬ ‫عملية التبادل وسيولتها‪ ،‬إذ نرى مطرباً لبنانياً‬ ‫يغنيّ بك ّل هذه الّلهجات تباعاً‪ ،‬وبالتناوب‪ ،‬ليس‬ ‫بناء على حاالت نفسانية معيّنة أو حاالت إهلام‬ ‫شعري خمتلفة‪ ،‬بل بناء على توجيهات صارمة‬ ‫من الشركة املنتجة‪ ،‬كلما أرادت حتريك سوق‬ ‫راكدة هلذا املطرب أو ذاك‪.‬‬ ‫إن الدليل على ذلك ليس تهافت املستوى‬ ‫الفنيّ ملعظم هذه النصوص فقط‪ ،‬حيث ال‬ ‫ميكن ان يكون هذا التن ّوع يف الّلهجات نامجاً‬ ‫عن حوافز ثقافية حبتة‪.‬‬ ‫أما الدليل الثاني واألهم‪ ،‬فهو أنه عندما‬ ‫كان انتشار غناء أم كلثوم وفيروز ومحمد‬ ‫عبد الوهاب وصباح فخري يع ّم أرجاء الوطن‬ ‫يتوسل الدخول يف‬ ‫العربي‪ ،‬مل يكن أ ّي منهم ّ‬ ‫هلجة ال جييد النطق بها‪ ،‬توخياً ألغراض‬


‫قضية الكلمة في األغنية العربية‬

‫االنتشار‪ ،‬بل كان ك ّل يغين بلهجته احمللية‪.‬‬ ‫للنص الغنائي كما‬ ‫إال أن رفعة املستوى الفنيّ ّ‬ ‫للنص املوسيقي‪ ،‬كانت كفيلة وحدها باالنتشار‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫العربي الشامل‪ ،‬إضافة طبعا إىل عامل آخر‬ ‫كان يدفع هؤالء النجوم يف العصر الذهيب‬ ‫إىل اعتماد الّلغة العربية الفصحى يف كثري من‬ ‫فتتخصص أم كلثوم لفرتة من الزمن‬ ‫احلاالت‪ّ ،‬‬ ‫بغناء القصائد الدينية الرائعة اليت أبدعها‬ ‫أمري الشعراء أحمد شوقي يف مدح الرسول‪،‬‬ ‫يتخصص عبد الوهاب يف الشعر العاطفي‬ ‫أو ّ‬ ‫الكالسيكي ألمري الشعراء أوالً‪ ،‬ثم لكبار شعراء‬ ‫الرومانسية العربية من بشارة الخوري إىل علي‬ ‫محمود طه‪ ،‬ومن أحمد فتحي إىل محمود‬ ‫حسن إسماعيل وسواهم‪.‬‬

‫راق‪ ،‬ألن ذلك يه ّدد بأن يكون حاجزاً أمام‬ ‫فنيّ ٍ‬ ‫سرعة االنتشار التجاري وسهولته ومداه‪.‬‬ ‫المالحظة الثالثة‪ :‬مثة مالحظة غريبة‬ ‫خيرج بها املرء بعد مطالعة عيّنات نصوص‬ ‫الشعر الغنائي الصادر يف العام ‪ ،2009‬وهي‬ ‫أن االنطباع العام بعد االنتهاء من قراءة هذه‬ ‫النصوص‪ ،‬هو أسوأ بكثري من االنطباع الذي‬ ‫خيرج به عند االستماع اىل النصوص نفسها‬ ‫مغنّاة بأصوات املطربني واملطربات‪ ،‬ومبصاحبة‬ ‫الفرق املوسيقية بآالتها املتنوعة وبك ّل إيقاعاتها‬ ‫اليت أصبحت متيل إىل الضجيج القوي‪ ،‬إىل‬ ‫درجة اإلزعاج يف كثري من األحيان‪.‬‬ ‫بالنص الغنائي سرعان ما‬ ‫وعندما تتّصل ّ‬ ‫نكتشف من خالل صوت املغنيّ ومصاحبة‬ ‫الفرقة املوسيقية واآلالت‪ ،‬أن االنتباه يكون‬ ‫مو ّزعاً بني هذه العناصر كلّها‪ ،‬وبالتالي ال جمال‬ ‫النص الغنائي‪ .‬لكن مع‬ ‫لوضع اليد على تفاصيل ّ‬ ‫النص بهدوء بعيداً من ك ّل‬ ‫التف ّرغ لقراءة هذا ّ‬ ‫مؤثّرات صوت املغين والفرقة املوسيقية‪ ،‬يتّضح‬ ‫مما بدا عليه‬ ‫النص أكثر هزاالً وأش ّد ركاك ًة ّ‬ ‫أن ّ‬ ‫األمر يف أثناء االستماع إليه من خالل األغنية‪.‬‬ ‫أما االنطباع العام الذي متخّض عن مطالعة‬ ‫ك ّل هذه النصوص الغنائية وتدوين املالحظات‬ ‫التفصيلية عليها يف ك ّل صفحة‪ ،‬بل يف ك ّل مقطع‪،‬‬ ‫هو أن الغالبية العظمى من الذين يتولّون كتابتها‬ ‫يف السنوات األخرية‪ ،‬بل منذ سنوات طويلة‪،‬‬ ‫نادراً ما يوجد بينهم شعراء يلتزمون بأصول‬ ‫الشعر وموجباته‪.‬‬ ‫ولو أعيدت طباعة هذه النصوص كما وردت‬ ‫على الشبكة العنكبوتية يف كتاب واحد‪ ،‬لتبينّ‬ ‫وجود حالة من الرت ّدي الثقايف تتجاوز املستويات‬ ‫الضعيفة‪ ،‬بل الركيكة السائدة عموماً يف كتابة‬ ‫الغالبية من كلمات األغنيات املنتشرة والسائدة‪،‬‬ ‫إىل ضحالة املستوى الثقايف للذين يتولّون طباعة‬

‫عندما كان انتشار غناء أم كلثوم‬ ‫وفيروز ومحمد عبد الوهاب وصباح‬ ‫فخري يع ّم أرجاء الوطن العربي‪ ،‬لم يكن‬ ‫يتوسل الدخول في لهجة ال يجيد‬ ‫أ ّي منهم ّ‬ ‫النطق بها‪ ،‬توخياً ألغراض االنتشار‪ ،‬بل‬ ‫كان ك ّل يغني بلهجته المحلية‪ .‬إال أن‬ ‫للنص الغنائي كما‬ ‫رفعة المستوى الفنّي ّ‬ ‫للنص الموسيقي‪ ،‬كانت كفيلة وحدها‬ ‫ّ‬ ‫باالنتشار العربي الشامل‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫عامل آخر كان يدفع هؤالء النجوم في‬ ‫العصر الذهبي إلى اعتماد الّلغة العربية‬ ‫الفصحى في كثير من الحاالت‪..‬‬

‫تمخض عن‬ ‫االنطباع العام الذي‬ ‫ّ‬ ‫مطالعة ك ّل النصوص الغنائية العربية‬ ‫المتداولة‪ ،‬هو أن الغالبية العظمى من‬ ‫الذين يتولّون كتابة نصوصها في السنوات‬ ‫األخيرة‪ ،‬بل منذ سنوات طويلة‪ ،‬نادراً ما‬ ‫يوجد بينهم شعراء يلتزمون أصول الشعر‬ ‫وموجباته‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫اإلبداع‬

‫المالحظة الثانية‪ :‬لقد ولّدت حوافز‬ ‫السوق العربية الغنائية املشرتكة‪ ،‬كبديل عن‬ ‫حالة التالقح الغنائي الوجداني بني الدول‬ ‫العربية‪ ،‬نوعاً من الّلهجة العربية العامية‬ ‫البيضاء اليت تبدو عندما تُستخدم يف نصوص‬ ‫الشعر الغنائي‪ ،‬تبسيطاً مبتذالً لألعماق اليت‬ ‫ختتص بها ك ّل من الّلهجات العربية العامية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫عندما كان التبادل الثقايف هو الرائج يف جمال‬ ‫األغنية‪ ،‬وليس التبادل التجاري االستهالكي‪.‬‬ ‫إن ضرورات الرتويج االستهالكي للمنتج‬ ‫الغنائي العربي السائد‪ ،‬غري متصلة أبداً بأعماق‬ ‫األدب الشعيب وأصوله يف ك ّل بلد عربي‪ ،‬بل هي‬ ‫متصلة حبوافز االنتشار األسرع واألبسط‬ ‫واألسهل‪ ،‬ما أ ّدى‪ ،‬وبالتكرار من عام إىل عام‪،‬‬ ‫وعلى مدى أعوام طويلة‪ ،‬إىل إجياد هذه الّلهجة‬ ‫العا ّمية العربية البيضاء‪ ،‬اليت تكون حمكومة‬ ‫بالدوران يف احللقة املفرغة لقاموس الشعر‬ ‫الغنائي السائد‪ ،‬والذي يفرتض أن من شروط‬ ‫األغنية الناجحة‪ ،‬أن ال حتتوي أ ّي أغنية على‬ ‫صور شعرية عميقة أو تشبيهات ذات مستوى‬

‫‪611‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 612‬للتنمية الثقافية‬

‫ما يفجع في الشعر الغنائي السائد‬ ‫اليوم هو غياب الصور الشعرية المبتكرة‪،‬‬ ‫حتى ال نتحدث عن غياب الموضوعات‬ ‫الشعرية المبتكرة والمتن ّوعة‪..‬‬

‫األغنية العربية كانت في العصور‬ ‫الذهبية (حتى سبعينيات القرن‬ ‫ُلحن وتُغنى في بيئة‬ ‫المنصرم) تُكتب وت ّ‬ ‫فنّية وثقافية لها شروط معيّنة‪ ،‬وأصبحت‬ ‫في العصر السائد منذ عقود ثالثة‪ ،‬تُكتب‬ ‫وتُلحن وتُغنى في بيئة فنية وثقافية لها‬ ‫شروط أخرى مختلفة تماماً‪ .‬بل إن‬ ‫البعض يذهب في التفسير إلى أبعد من‬ ‫ذلك‪ ،‬فيؤ ّكد أن روائع اإلنتاج الغنائي في‬ ‫العصور الذهبية كانت تولد في بيئة ذات‬ ‫حوافز فنّية وثقافية غالبة‪..‬‬

‫هذه النماذج ونشرها على الشبكة العنكبوتية‪،‬‬ ‫إذ سنكون أمام حالة من الرت ّدي الثقايف إىل‬ ‫درك يصعب وصفه‪ .‬وللتأ ّكد من عدم وجود‬ ‫ٍ‬ ‫أ ّي مبالغة يف هذه املالحظات‪ ،‬يكفي االطالع‬ ‫املباشر على هذه النماذج اليت تضعنا أمام‬ ‫مستوى من األخطاء اإلمالئية تبدو يف ق ّمة‬ ‫تداخلها‪ ،‬خصوصاً لدى استعادة أم كلثوم اليت‬ ‫كانت تفرض حتى على املستمع العادي الثقافة‪،‬‬ ‫أن حيفظ قصيدة مثل سلوا قلبي أو نهج البردة‪،‬‬ ‫وعندما كان عبد الوهاب يغنيّ حتى للمستمع‬ ‫ذي الثقافة املتوسطة أو العادية قصائد من‬ ‫طراز تلفتت ظبية الوادي أو الصبا والجمال‬ ‫ملك يديك‪.‬‬ ‫بالعودة إىل املستوى العام للشعر الغنائي‬ ‫السائد‪ ،‬فإن أول ما يفجع هو غياب الصور‬ ‫الشعرية املبتكرة‪ ،‬حتى ال نتحدث عن غياب‬ ‫املوضوعات الشعرية املبتكرة واملتنوعة‪ .‬يُذكر‬ ‫أنه حتى عندما كان موضوع احلب هو املوضوع‬ ‫السائد لدى شعراء األغنية العربية يف العصور‬ ‫الذهبية الغابرة‪ ،‬كانوا يف الغالب األع ّم يعاجلون‬ ‫موضوع احلب هذا بصور شعرية يف منتهى العمق‬ ‫والتن ّوع اىل درجة العبقرية أحياناً‪.‬‬ ‫صحيح أن سوق األفالم الغنائية قد حت ّولت‬ ‫يف منتصف القرن العشرين إىل سوق استهالكية‬ ‫مل يكن ك ّل ما ينتج فيها من أغنيات سينمائية‬ ‫على سوية راقية‪ ،‬لكن هذا الغناء االستهالكي‬ ‫كان يقف يف العصور الذهبية منخفض الرأس‬ ‫أمام مناذج الغناء الكالسيكي الرفيع‪ ،‬اليت بقي‬ ‫كبار الشعراء وامللحنني واملطربني يتحفوننا بها‬ ‫حتى سبعينيات القرن املنصرم‪ .‬وما دام باب‬ ‫املقارنة املوضوعية واملنصفة مفتوحاً‪ ،‬يالحظ يف‬ ‫ما لو ّمت التوقف أمام أسوأ النماذج يف الشعر‬ ‫الغنائي يف بعض األعمال الغنائية اليت كانت‬ ‫تصدر يف العصور الذهبية‪ ،‬أن اهلبوط يف هذه‬ ‫النماذج كان يقف دائماً عند حدود معيّنة ال‬

‫ّ‬ ‫يتخطاها‪ .‬وإذا كانت الصور يف الشعر الغنائي‬ ‫سطحية أو مك ّررة‪ ،‬فقد كان أضعف كتّاب الشعر‬ ‫الغنائي يف ذلك العصر ميتلكون القواعد الرئيسة‬ ‫لكتابة الشعر الغنائي‪ ،‬خصوصاً يف جمال متلّك‬ ‫األوزان الشعرية‪ ،‬سواء كان الشعر بالفصحى أم‬ ‫لكن يف عيّنات الشعر الغنائي الصادر‬ ‫العا ّمية‪ْ .‬‬ ‫يف العام ‪ ،2009‬الكثري من الكتابة اليت ال تفتقر‬ ‫إىل الصور الشعرية الراقية أو املبتكرة فقط‪،‬‬ ‫بل إىل أبسط قواعد الوزن املوسيقي لدى كتابة‬ ‫الشعر‪ ،‬وهذا ما يدفع إىل تكرار عبارة "شعر‬ ‫ضعيف شك ًال ومضموناً" يف كثري من املالحظات‬ ‫التفصيلية‪.‬‬ ‫المالحظة الرابعة‪ :‬استطراداً للمالحظة‬ ‫السابقة‪ ،‬وبعد االنتهاء من مطالعة ك ّل عيّنات‬ ‫الشعر الغنائي العربي الصادر يف العام ‪،2009‬‬ ‫يندر تذ ّكر مصادفة شاعر استوقف بصوره‬ ‫الشعرية اإلبداعية املستوى ذاته‪ ،‬أو أخذ املتلقّي‬ ‫إىل أفق جديد‪ ،‬أو تسمو صوره مبشاعر أو‬ ‫حت ّرك إحساساً مرهفاً‪.‬‬ ‫نص‬ ‫وإذا جمُ عت هذه احلالة املرت ّدية يف ّ‬ ‫النص‬ ‫الشعر الغنائي إىل احلالة املرت ّدية يف ّ‬ ‫املوسيقي‪ ،‬يتأكد أن األغنية العربية كانت‬ ‫يف العصور الذهبية (حتى سبعينيات القرن‬ ‫املنصرم) تُكتب وتُل ّحن وتُغنى يف بيئة فنّية‬ ‫وثقافية هلا شروط معيّنة‪ ،‬وأصبحت يف العصر‬ ‫السائد منذ عقود ثالثة‪ ،‬تُكتب وتُلحن وتُغنى‬ ‫يف بيئة فنّية وثقافية هلا شروط أخرى خمتلفة‬ ‫متاماً‪ .‬بل إن البعض يذهب يف التفسري إىل‬ ‫أبعد من ذلك‪ ،‬فيؤكد أن روائع اإلنتاج الغنائي‬ ‫يف العصور الذهبية (حتى ال نتحدث عن ك ّل‬ ‫هذا النتاج) كانت تولد يف بيئة ذات حوافز فنّية‬ ‫وثقافية غالبة‪.‬‬ ‫تكفي قراءة مذ ّكرات الفنان نجيب‬ ‫الريحاني‪ ،‬الذي كان يغرق يف حالة مادية‬


‫قضية الكلمة في األغنية العربية‬

‫الشريف‪ ،‬أو فريق زكي ناصيف‪ -‬توفيق الباشا‪-‬‬ ‫وديع الصافي‪ -‬كامل قسطندي‪.‬‬

‫هذه كلها مناذج لثورة فنيّة متتالية على م ّر‬ ‫العصور منذ بداية القرن العشرين وحتى ثلثه‬ ‫األخري‪ ،‬كانت األغنية تولد وتنمو وترتعرع فيها‪،‬‬ ‫النص‬ ‫النص الشعري‪ ،‬إىل كتابة ّ‬ ‫من كتابة ّ‬ ‫املوسيقي‪ ،‬إىل اختيار الصوت الغنائي األنسب‬ ‫لتقديم هذا النتاج الفنيّ ‪ -‬الثقايف اخلالص‪.‬‬ ‫أما مع تط ّور تفاصيل احلياة االجتماعية‬ ‫والثقافية العربية‪ ،‬فقد اختفت هذه النماذج من‬ ‫بؤر إنتاج الف ّن الغنائي‪ ،‬وحلّت حملها الشركات‬ ‫التجارية الكربى اليت حت ّولت معها األغنية‬ ‫(نصاً وحلناً وأدا ًء) من نتاج فنيّ ‪ -‬ثقايف طبيع ّي‬ ‫التكوين إىل نتاج جتاري‪ ،‬بك ّل ما يف التجارة‬ ‫من دواعي السرعة اهلائلة يف اإلنتاج والتفريخ‪،‬‬ ‫والسرعة األش ّد يف التوزيع‪ ،‬حتى يتأمن لرأس‬ ‫املال املنتج القيام بدورته املالية بأسرع وترية‬ ‫ممكنة من الريعية االقتصادية‪ .‬قد يكون هذا‬ ‫الشكل هو األفضل لرعاية التط ّور االقتصادي‬ ‫والتجاري‪ ،‬لكنه حتماً ليس الشكل الصاحل إلنتاج‬ ‫الثقافة والشعر والف ّن الغنائي‪.‬‬

‫المالحظة الخامسة‪ :‬وتتعلق مبوضوعات‬ ‫أغنيات العام ‪.2009‬‬ ‫يف البداية وعند املعاينة العامة‪ ،‬يالحظ‬ ‫القارئ تو ّزع هذه املوضوعات بني أغنية‬ ‫عاطفية واجتماعية ووطنية وصوفية ومسرحية‬ ‫ودينية وإنسانية‪ ،‬إىل جانب أغاني األم والطفل‬ ‫والطبيعة‪ ،‬أي أنها مو ّزعة بني عشرة موضوعات‪.‬‬ ‫غري أن هذا اجلانب اإلجيابي يف توزيع األغاني‬ ‫على عشرة موضوعات‪ ،‬ال يلبث أن يتبخّر عند‬ ‫االنتقال إىل قراءة نسبة ك ّل موضوع‪ ،‬قياساً إىل‬ ‫النسبة العامة لعدد األغاني الصادرة يف العام‬ ‫‪ 2009‬واملستعرضة يف هذا التقرير‪ .‬ويتبينّ أن‬ ‫النسبة الكاسحة هي لألغنية العاطفية اليت‬

‫الموسيقار العظيم رياض السنباطي‬ ‫ُسئل عن تحليله لظاهرة الهبوط‬ ‫الموسيقي والغنائي وكانت في بداياتها‬ ‫األولى‪ ،‬فأجاب‪" :‬تشاهد ك ّل مطربي هذه‬ ‫األيام يقتنون سيارات من أفخم طراز‬ ‫وأغاله ثمناً‪ ،‬وعندما تستمع إلى غنائهم‬ ‫ال تجد أصواتهم من الطراز نفسه أبداً"‪..‬‬

‫مع تط ّور تفاصيل الحياة االجتماعية‬ ‫والثقافية العربية‪ ،‬ظهرت الشركات‬ ‫التجارية الكبرى التي تح ّولت معها األغنية‬ ‫(نصاً ولحناً وأدا ّء) من نتاج فنّي‪ -‬ثقافي‬ ‫طبيع ّي التكوين إلى نتاج تجاري‪ ،‬بك ّل ما‬ ‫في التجارة من دواعي السرعة الهائلة‬ ‫في اإلنتاج والتفريخ‪ ،‬والسرعة األش ّد في‬ ‫التوزيع‪ ،‬حتى يتأمن لرأس المال المنتج‬ ‫القيام بدورته المالية بأسرع وتيرة‬ ‫ممكنة من الريعية االقتصادية‪ .‬إن هذا‬ ‫الشكل قد يكون األفضل لرعاية التط ّور‬ ‫االقتصادي والتجاري‪ ،‬لكنه حتماً ليس‬ ‫الشكل الصالح إلنتاج الثقافة والشعر‬ ‫والف ّن الغنائي‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫اإلبداع‬

‫ممتازة كلّما ابتعد عن الفنّ‪ ،‬وال يكاد جيد لقمة‬ ‫لعشائه كلّما عاد إىل الفنّ‪ ،‬ومع ذلك عزف عن‬ ‫ك ّل فرص احلياة الرغيدة بعيداً عن الفنّ‪ ،‬وعاد‬ ‫نهائياً إليه وكان يف بعض احلاالت يتكبّد مشقّات‬ ‫ضيق ذات اليد‪ ،‬حتى اإلفالس الكامل يف كثري‬ ‫من احلاالت‪.‬‬ ‫عند مقارنة الظروف القاسية اليت انصهر‬ ‫نجيب الريحاني بعذاباتها‪ ،‬وبني املستوى األشد‬ ‫رقياً وعمقاً يف الكوميديا العربية الذي حتقّق‬ ‫على يد ّي نجيب الريحاني‪ ،‬نلمس ملس اليد‬ ‫العالقة بني األسباب والنتائج‪ ،‬بينما يظهر‬ ‫العكس يف األوساط الفنّية يف الزمن العربي‬ ‫السائد حالياً‪ ،‬إذ تقرتن الشهرة والنجومية مع‬ ‫البحبوحة املادية الظاهرة‪ ،‬بل الفاحشة أحياناً‪،‬‬ ‫يف حني قلّما تقرتن باملستوى الفنيّ املوازي‬ ‫يف ارتفاعه ورقيّه‪ .‬حتى أن املوسيقار العظيم‬ ‫رياض السنباطي ُسئل عن حتليله لظاهرة‬ ‫اهلبوط املوسيقي والغنائي وكانت يف بداياتها‬ ‫األوىل‪ ،‬فأجاب‪" :‬تشاهد ك ّل مطربي هذه األيام‬ ‫يقتنون سيارات من أفخم طراز وأغاله مثناً‪،‬‬ ‫وعندما تستمع إىل غنائهم ال جتد أصواتهم من‬ ‫الطراز نفسه أبداً"‪.‬‬ ‫وأثناء التع ّمق يف تاريخ حاالت اإلبداع‬ ‫املوسيقي والغنائي العربي منذ مطلع القرن‬ ‫العشرين‪ ،‬يظهر أن بيئة متكاملة من ممارسي‬ ‫كتابة الشعر الغنائي والتلحني والغناء كانت‬ ‫تتالقى دائماً وتقف وراء ك ّل موجة من موجات‬ ‫اإلبداع الكربى وك ّل حمطة من حمطاته يف تاريخ‬ ‫املوسيقى العربية‪ ،‬من ثنائية سيد درويش‪-‬‬ ‫بديع خيري‪ ،‬إىل ثنائية أحمد شوقي‪ -‬عبد‬ ‫الوهاب‪ ،‬إىل ثنائية أم كلثوم – أحمد رامي‪ ،‬إىل‬ ‫ثنائية زكريا أحمد‪ -‬بيرم التونسي‪ ،‬حتى ثنائية‬ ‫سيد مكاوي‪ -‬صالح جاهين‪ ،‬وثنائية محمد‬ ‫الموجي‪ -‬عبد الحليم حافظ‪ .‬ويف لبنان‬ ‫جند فريق فيروز‪ -‬األخوان رحباني‪ -‬صبري‬

‫‪613‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 614‬للتنمية الثقافية‬

‫هل العرب "عاطفيون" إلى هذا‬ ‫الحد؟ فقد استأثرت موضوعات الحب‬ ‫والغرام والهجر والفراق بنسبة ‪% 93.3‬‬ ‫من اهتمامات األغنية العربية في العام‬ ‫‪ 2009‬بينما توزّعت نسبة الـ ‪% 6.7‬‬ ‫الباقية على ك ّل القضايا‪..‬‬

‫كانت األغنية الوطنية في العصر‬ ‫الذهبي للغناء العربي‪ ،‬نابعة من صميم‬ ‫تحوالت سياسية واجتماعية عربية بالغة‬ ‫العمق واألثر في محيطها العربي والدولي‪،‬‬ ‫أما ما يطالعنا من أغنيات وطنية في هذه‬ ‫األيام‪ ،‬فال يعدو كونه موقفاً ترويجياً‪،‬‬ ‫وهي ليست ذات شأن ال في كالمها وال‬ ‫في لحنها وال في أدائها الغنائي‪..‬‬

‫تش ّكل ‪ % 26.93‬من جمموع األغاني اليت ّمت ليس هلا أ ّي تأثري يف جمتمعها‪ ،‬بسبب ندرة‬ ‫رصدها‪ ،‬بينما بقية املوضوعات مو ّزعة بني نسبة عددها أوالً ثم بسبب ركاكة مستواها ثانياً‪.‬‬ ‫‪ % 2.17‬و‪ % 0.48‬و‪% 0.24‬؛ إذ ال تتجاوز نسبة‬ ‫املوجهة إىل االم أو الطفل نسبة ‪ % 0.48‬فـي األحوال الراهنة لغنائنا‬ ‫األغاني ّ‬ ‫ً‬ ‫لك ّل منها من جمموع األغاني‪ .‬علما بأن التدقيق‬ ‫لو ّ‬ ‫متت مراجعة جمموعة من التقارير اليت‬ ‫يف نصوص األغاني العاطفية مث ًال‪ ،‬يوضح لنا أن ترصد أحوال الغناء سنة بعد سنة منذ العام‬ ‫القليل النادر منها يستح ّق لقب أغنية عاطفية ‪ ،1990‬أو حتى منذ ما قبل ذلك بسنوات‪،‬‬ ‫باملعنى الطبيعي للكلمة‪ .‬أما الغالبية العظمى كما فعل هذا التقرير رصداً للنتاج املوسيقي‬ ‫ألغان تتحدث عن احلب والغنائي العربي يف العام ‪ ،2009‬لتبينّ أننا‬ ‫من النصوص‪ ،‬فهي ٍ‬ ‫والعالقات العاطفية بني املرأة والرجل‪ ،‬ولكن يف هذا اجملال (رمبا كما يف كثريغريه) إمنا‬ ‫مبستوى بالغ الركاكة واهلزال‪ ،‬ومن دون أن ندور يف حلقة مفرغة تتشابه فيها السنوات‬ ‫تتمتّع بأ ّي قيمة أدبية منفصلة عن كونها جم ّرد بعمومياتها وخصوصياتها‪ ،‬بل لع ّل ظواهر أزمة‬ ‫كالم مرصوص كيفما اتفق وحيمل حلن األغنية الغناء العربي تتفاقم سنة بعد سنة‪ ،‬حبيث ال‬ ‫وغناء املغين ليس إالّ‪.‬‬ ‫يبدو أن مثة منفذاً للخروج من هذه احللقة‬ ‫الشيء نفسه ميكن أن يقال عن األغنية املفرغة‪ ،‬أو بصيصاً من ضوء يف آخر النفق‪.‬‬ ‫الوطنية‪ ،‬اليت كانت يف العصر الذهيب للغناء ذلك أن العناصر املك ّونة ألزمة الغناء واملوسيقى‬ ‫العربي‪ ،‬نابعة من صميم حتوالت سياسية العربيني‪ ،‬ما فتئت منذ ما يزيد على العقدين‬ ‫مم ًال ال جند فيه‬ ‫واجتماعية عربية بالغة العمق واألثر يف حميطها من الزمن‪ ،‬تك ّرر نفسها تكراراً ّ‬ ‫العربي كما يف حميطها الدولي‪ .‬مل تكن األغنية أمامنا إال حالة من اثنتني‪ :‬إ ّما استسالم كامل‬ ‫الوطنية قبل نصف قرن موازية لألحداث املهمة لظواهر األزمة وتع ّود عليها وحماولة حتويلها‬ ‫اليت تعبرّ عنها فقط‪ ،‬لكنها كانت أيضاً حت ّرك إىل سوق مفتوحة جلين الثروات الطائلة؛ أو‬ ‫مشاعر اجلماهري جمموعات وأفراد‪ ،‬حتى االكتفاء بإطالق أصوات الشكوى والتأفف‪.‬‬ ‫نافست األغنية العاطفية الرائجة وتف ّوقت عليها‬ ‫هذا مع العلم بأن احتمال فتح األبواب‬ ‫يف مجاهرييتها يف بعض األحيان‪ .‬أما االغاني والنوافذ أمام اخلروج من األزمة ال ميكن أن‬ ‫تهب فيها قطاعات‬ ‫الوطنية يف هذه األيام‪ ،‬فال تعدو كونها موقفاً مي ّر إلاّ من خالل حالة ثالثة‪ّ ،‬‬ ‫تروجيياً يكتشف فيه املغنيّ وشركة اإلنتاج قبله‪ ،‬خمتلفة من اجملتمع العربي واضع ًة اليد بد ّقة‬ ‫أنه من املناسب تلوين هذا األلبوم أو ذاك وحزم على مسبّبات األزمة‪ ،‬متهيداً إلجياد‬ ‫بأغنية وطنية يستطيع املغنيّ احلديث عنها احللول واملخارج‪.‬‬ ‫ألجهزة اإلعالم تروجياً ألسطوانته‪ ،‬بينما هي‬ ‫ولئن كان عامل االجتماع العربي األكرب إبن‬ ‫ليست ذات شأن ال يف كالمها وال يف حلنها وال يف خلدون قد كتب عن تالزم النهوض واالحنطاط‬ ‫أدائها الغنائي‪.‬‬ ‫بني ك ّل ميادين احلياة العامة جملتمع ما‪ ،‬وأ ّوهلا‬ ‫هذا التدهور يف املستوى العام يؤ ّكد أن وجود وأكثرها حساسية ميدان "صناعة الغناء"‪،‬‬ ‫أغنيات شحيحة جداً يف عددها حتمل موضوعاً فإن شواهد تارخيية كثرية تؤ ّكد أنه باإلمكان‬ ‫إنسانياً أو اجتماعياً أو وطنياً‪ ،‬أو عن الطبيعة أو يف فرتة من حياة جمتمع ما‪ ،‬أن تؤدي نهضة‬ ‫األم أو الطفل‪ ،‬إمنا هي جمرد تصنيفات شكلية أولية يف ميدان معينّ إىل استفزاز النهضة يف‬


‫قضية الكلمة في األغنية العربية‬

‫ميادين أخرى‪ .‬مبعنى أنه ال جيوز انتظار عصر‬ ‫من النهضة العربية الشاملة‪ ،‬حتى خيرج الغناء‬ ‫العربي واملوسيقى العربية من حالة األزمة‬ ‫املستحكمة املمت ّدة واملرشحة ملزيد من االمتداد‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ولعل الظواهر احلقيقية ألزمة الغناء العربي‬ ‫تتجلّى يف ما يلي‪:‬‬ ‫‪ّ -1‬‬ ‫توقف تدفّ ق نهر الموسيقى‬ ‫الكالسيكية والغناء الكالسيكي لدى‬ ‫حد سواء‪.‬‬ ‫المستمعين والمبدعين على ّ‬

‫ولئن كان عالم االجتماع العربي‬ ‫إبن خلدون قد كتب عن تالزم النهوض‬ ‫واالنحطاط بين ك ّل ميادين الحياة العامة‬ ‫لمجتمع ما‪ ،‬وأ ّولها وأكثرها حساسية‬ ‫ميدان "صناعة الغناء"‪ ،‬فإن شواهد‬ ‫تاريخية كثيرة تؤكد أنه باإلمكان في فترة‬ ‫من حياة مجتمع ما‪ ،‬أن تؤدي نهضة أولية‬ ‫في ميدان معيّن إلى استفزاز النهضة في‬ ‫ميادين أخرى‪ .‬بمعنى أنه ال يجوز انتظار‬ ‫عصر من النهضة العربية الشاملة‪ ،‬حتى‬ ‫يخرج الغناء العربي والموسيقى العربية‬ ‫من حالة األزمة المستحكمة الممت ّدة‬ ‫والمرشحة لمزيد من االمتداد‪..‬‬

‫بدأت األزمة عندما ّ‬ ‫جف فجأة نهر‬ ‫الموسيقى العربية الكالسيكية والغناء‬ ‫العربي الكالسيكي‪ ،‬مع بداية الربع‬ ‫األخير من القرن العشرين‪ ،‬ألسباب‬ ‫كثيرة يحاول البعض نسبتها فقط إلى‬ ‫الرحيل المتالحق ألجيال كاملة من‬ ‫المبدعين الكبار في الّلحن والغناء‪،‬‬ ‫لك ّن الرحيل كان ظاهرة موجودة في‬ ‫ك ّل جيل وفي ك ّل مرحلة‪ ،‬ولم يكن يمنع‬ ‫تعاقب أجيال المبدعين جي ً‬ ‫ال بعد جيل‪.‬‬ ‫أما السبب الحقيقي في ظهور األزمة‬ ‫واستفحالها‪ ،‬فهو أن تراجعاً عاماً في‬ ‫الحياة العربية بدأ يظهر في الربع األخير‬ ‫من القرن العشرين‪ ،‬ما دفع الحياة‬ ‫العربية إلى تدهور سريع تسوده طبائع‬ ‫الحياة االستهالكية في ك ّل الميادين‪،‬‬ ‫ومنها طبعاً الموسيقى والغناء‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫اإلبداع‬

‫وهذا يعين بالتحديد املوسيقى الكالسيكية‬ ‫العربية والغناء الكالسيكي العربي‪ ،‬الذي هو‬ ‫حصيلة النهضة العربية األوىل يف القرن التاسع‬ ‫عشر‪ ،‬والنهضة الثانية يف القرن العشرين‪ ،‬اليت‬ ‫عرفت بدورها مرحلتني‪ ،‬مرحلة النصف األول‬ ‫من القرن ومرحلة الربع الثالث منه‪.‬‬ ‫إن الغناء اخلفيف واالستهالكي والسريع‪،‬‬ ‫الذي يش ّكل يف جممله احلالة العامة للغناء العربي‬ ‫السائدة حالياً منذ عقدين ونيّف‪ ،‬ليس بظاهرة‬ ‫جديدة؛ فقد عرفت العصور الذهبية املعاصرة‬ ‫ضروباً من الغناء السريع واخلفيف‪ ،‬بل واهلابط‬ ‫يف كثري من األحيان‪ ،‬كما كان عليه احلال يف‬ ‫العقدين األولني من القرن العشرين‪ ،‬وذلك‬ ‫إىل جانب كنوز الغناء واملوسيقى الكالسيكية‪.‬‬ ‫لكن الذائقة العامة جلماهري املستمعني كانت‬ ‫حصة اللّون الكالسيكي يف الغناء‬ ‫دائماً من ّ‬ ‫واملوسيقى‪ .‬أما الّلون اخلفيف‪ ،‬فكان موقعه يف‬ ‫علب اللّيل‪ ،‬يبدأ وينتهي يف صاالت اللّهو‪ ،‬وال‬ ‫يرتقي إىل كونه عنصراً ثقافياً يش ّكل وجدان‬ ‫عامة الشعب أو يعبرّ عنه‪.‬‬ ‫كان الّلونان موجودين دائماً ويتجاوران يف‬ ‫زمن واحد‪ ،‬ويؤدي ك ّل لون دوره‪ .‬لكن األزمة‬ ‫بدأت عندما ّ‬ ‫جف فجأة نهر املوسيقى العربية‬ ‫الكالسيكية والغناء العربي الكالسيكي‪ ،‬مع‬ ‫بداية الربع األخري من القرن العشرين‪ ،‬ألسباب‬

‫كثرية حياول البعض نسبتها فقط إىل الرحيل‬ ‫املتالحق ألجيال كاملة من املبدعني الكبار يف‬ ‫الّلحن والغناء‪ ،‬لك ّن الرحيل كان ظاهرة موجودة‬ ‫يف ك ّل جيل وك ّل مرحلة‪ ،‬ومل يكن مينع تعاقب‬ ‫أجيال املبدعني جي ًال بعد جيل‪ .‬أما السبب‬ ‫احلقيقي يف ظهور األزمة واستفحاهلا‪ ،‬فهو‬ ‫أن تراجعاً عاماً يف احلياة العربية بدأ يظهر‬ ‫يف الربع األخري من القرن العشرين‪ ،‬ما دفع‬ ‫احلياة العربية إىل تدهور سريع تسوده طبائع‬ ‫احلياة االستهالكية يف ك ّل امليادين‪ ،‬ومنها طبعاً‬ ‫املوسيقى والغناء‪.‬‬ ‫وكان نتيجة ذلك‪ ،‬اختفاء سريع للموسيقى‬ ‫والغناء الكالسيكيينّ من مجيع أجهزة اإلعالم‬ ‫املسموعة واملرئية‪ ،‬وحلول أمناط املوسيقى‬ ‫والغناء االستهالكيني حملّها يف انقالب شبه‬ ‫كلّي وشامل ألمناط السمع‪ .‬فأصبحت تولد‬ ‫أجيال جديدة تش ّكل حالياً غالبية اجملتمعات‬ ‫العربية‪ ،‬وهي أجيال إما على جهل كامل برتاث‬ ‫الغناء العربي الكالسيكي الغنيّ جداً يف القرنني‬ ‫املاضيني‪ ،‬أو أنها يف أحسن األحوال على إملام‬ ‫بنماذج بسيطة جداً من هذا الرتاث اليت أدركه‬ ‫عصر التصوير بالفيديو‪ ،‬فأصبح أبناء األجيال‬ ‫احلاضرة ذا ذاكرة بصرية (من الفيديو) على‬ ‫حساب الذاكرة السمعية اليت اختفت بالكامل‬ ‫أو تقريباً‪ .‬هذا التح ّول االجتماعي والثقايف‬ ‫اخلطري‪ ،‬ولّد األجيال اليت أصبح مبدعوها‬ ‫ومستمعوها على ح ّد سواء‪ ،‬منقطعي الصلة‬ ‫بشكل عام بينابيع الرتاث الكالسيكي الغين‬ ‫للموسيقى العربية والغناء العربي‪ ،‬األمر الذي‬ ‫يفسر ذلك الفقر املدقع (مقامياً وايقاعياً‬ ‫ّ‬ ‫ونصياً) الذي يسيطر على الغناء العربي يف‬ ‫ويفسر احللقة املفرغة اليت‬ ‫ربع القرن األخري‪ّ ،‬‬ ‫يدور فيها الغناء العربي على نفسه‪ .‬فاملبدعون‬ ‫واملستمعون أصبحوا بعد انقطاع آذانهم عن‬ ‫ينابيع الغناء الكالسيكي‪ ،‬يدورون يف حلقات‬

‫‪615‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 616‬للتنمية الثقافية‬

‫من التفسيرات السطحية لظاهرة‬ ‫تواصل األجيال‪ ،‬أن البعض يعتقدها‬ ‫دعوة ليقوم ك ّل جيل باالكتفاء بتقليد‬ ‫الجيل الذي سبقه‪ ،‬وهذا ما لم يحدث‬ ‫أبداً في مراحل النهضة الفنّية عند أ ّي‬ ‫شعب أو أ ّمة‪ ،‬وإال لما حدث أ ّي تط ّور‬ ‫موسيقي في أ ّي زمان أو مكان‪ .‬وإنما‬ ‫تعني ظاهرة تواصل األجيال أن يبدأ‬ ‫جيل جديد ّ‬ ‫باالطالع الكامل على ما‬ ‫ك ّل ٍ‬ ‫أنجزه الجيل السابق أو األجيال السابقة‪،‬‬ ‫ثم يبدأ بعد ذلك بالتعبير عن شخصيته‬ ‫الفنّية الخاصة‪..‬‬

‫لنوع واح ٍد ومنط واحد من الغناء‬ ‫متالحقة ٍ‬ ‫واملوسيقى تستدعيه وتتطلّبه حالة التدهور‬ ‫االجتماعي والثقايف املتمادية‪.‬‬ ‫وحتى لو خرج من هذه األجيال مبدعون‬ ‫جا ّدون يف حقل التلحني‪ ،‬حياولون اخلروج من‬ ‫احللقة املفرغة للموسيقى االستهالكية‪ ،‬فإن‬ ‫انقطاع جيلهم عن ينابيع املوسيقى العربية‬ ‫الكالسيكية‪ ،‬جعل إجنازهم الوحيد حمصوراً يف‬ ‫البحث عن نصوص شعرية جا ّدة (بالفصحى أو‬ ‫العا ّمية)‪ .‬يالحظ مث ً‬ ‫ال إقبال على شعر محمود‬ ‫درويش بالذات لدى هؤالء‪ ،‬أما عملهم املوسيقي‬ ‫فيبقى فقرياً دون املستوى ألنه مل يشرب من‬ ‫الينابيع الكالسيكية‪ .‬ومهما ظهرت أصوات‬ ‫مجيلة بني النساء والرجال‪ ،‬فإن أصحابها حتى‬ ‫لو مت ّكنوا يف بدايتهم من عقد عالقة ما ببعض‬ ‫مناذج الغناء الكالسيكي الكبري‪ ،‬يعودون إىل‬ ‫الرضوخ للنمط الرائج يف سوق الغناء السائد‪.‬‬ ‫لذلك تبدو األزمة الغنائية احلالية‪ ،‬يف ظروفها‬ ‫احلالية حلقة مفرغة تدور على نفسها‪.‬‬ ‫‪ - 2‬انقطاع تواصل األجيال بين‬ ‫المبدعين‬

‫لقد تسيّدت مجيع مراحل النهضة العربية‬ ‫األوىل والثانية يف املوسيقى والغناء (يف القرنني‬ ‫التاسع عشر والعشرين) ظاهرة تواصل األجيال‬ ‫بني املبدعني‪ ،‬وهي ظاهرة ّ‬ ‫متيز مراحل النهضة‬ ‫الفنية والثقافية لدى ك ّل األمم‪ .‬ففي أوروبا‪،‬‬ ‫خرج هايدن من حضن باخ‪ ،‬وخرج موزار من‬ ‫حضن هايدن‪ ،‬وخرج بتهوفن من حضن موزار‪،‬‬ ‫وخرج شوبرت من حضن بتهوفن‪ ،‬وهكذا‪ .‬أما‬ ‫عندنا فقد كان عبقر ّي القرن التاسع عشر‬ ‫محمد عثمان (زميل عبده الحمولي) يقول‬ ‫عن داود حسني‪" :‬هذا خليفيت"‪ .‬بعد ذلك‬ ‫خرج زكريا أحمد من حضن داود حسني‬ ‫ومحمد عثمان‪ .‬أما سيد درويش فبعدما‬

‫أجنز ثورته التجديدية يف مطلع القرن العشرين‬ ‫خارجاً من عباءة سالمة حجازي‪ ،‬خرج من‬ ‫حضنه املوسيقي ك ّل من محمد عبد الوهاب‬ ‫ومحمد القصبجي ورياض السنباطي‪ .‬بعد‬ ‫ذلك‪ ،‬خرج معظم أبناء اجليلني الثاني والثالث‬ ‫بني أربعينيات وسبعينيات القرن العشرين بشكل‬ ‫رئيس من احلضن املوسيقي لـ عبد الوهاب‪،‬‬ ‫وإن كان بعضهم قد تأثّر أيضاً بـ سيد درويش‬ ‫أو بالقصبجي أو بالسنباطي أو زكريا أحمد‪.‬‬ ‫ومن التفسريات السطحية لظاهرة تواصل‬ ‫األجيال هذه بني املبدعني‪ ،‬أن البعض يعتقدها‬ ‫دعوة ليقوم ك ّل جيل باالكتفاء بتقليد اجليل‬ ‫الذي سبقه‪ ،‬وهذا ما مل حيدث أبداً يف مراحل‬ ‫النهضة الفنّية عند أ ّي شعب أو أ ّمة‪ ،‬وإال ملا‬ ‫حدث أ ّي تط ّور موسيقي يف أ ّي زمان أو مكان‪.‬‬ ‫وإمنا تعين ظاهرة تواصل األجيال أن يبدأ ك ّل‬ ‫جيل جديد باالطالع الكامل على ما أجنزه‬ ‫ٍ‬ ‫اجليل السابق أو األجيال السابقة‪ ،‬ثم يبدأ بعد‬ ‫ذلك‪ ،‬بالتعبري عن شخصيته الفنّية اخلاصة‪.‬‬ ‫إن الدليل احل ّي على ذلك‪ ،‬أنه سواء من خالل‬ ‫ما تق ّدم من أمثال على تواصل األجيال بني‬ ‫املبدعني يف أوروبا أم يف الوطن العربي‪ ،‬فإن أياً‬ ‫من هؤالء املبدعني مل يكن تكراراً للجيل الذي‬ ‫سبقه‪ ،‬وإمنا عبرّ دائماً عن شخصيته اخلاصة‪،‬‬ ‫ولكن بعد ّ‬ ‫االطالع على إجناز اجليل السابق‬ ‫والتعلّم منه وليس قبل ذلك‪.‬‬ ‫لقد أوقف التدهور احلضاري العربي فجأة‬ ‫فاعلية آلية تواصل األجيال‪ ،‬فأصبح ك ّل من‬ ‫درس النوتة املوسيقية يف معهد موسيقي‬ ‫لسنوات كثرية أو قليلة‪ ،‬يعتقد أنه امتلك أسرار‬ ‫اإلبداع املوسيقي‪ ،‬وأنه ليس حباجة ّ‬ ‫لالطالع‬ ‫على إبداعات األجيال السابقة‪ ،‬وهذا ما يصيب‬ ‫النتاج الغنائي واملوسيقي بأكثر من أزمة‪:‬‬ ‫الفقر الفنيّ الواضح‪ ،‬ألنه يبدأ من‬ ‫الصفر‪ ،‬من دون االستناد إىل تراث األجيال‬


‫قضية الكلمة في األغنية العربية‬

‫السابقة واإلفادة منه‪.‬‬ ‫الوقوع بسهولة يف براثن ظاهرة اخلضوع‬ ‫السريع هليمنة أ ّي موجة موسيقية وافدة من‬ ‫اخلارج‪ ،‬ألنه مل يتأصل قبل ذلك يف جذور تربة‬ ‫بالده املوسيقية والغنائية‪.‬‬ ‫‪ - 3‬االنقطاع عن ينابيع التراث‬ ‫التقليدي التاريخي‬

‫العشرين املوسيقية منت على أيدي عباقرة مل‬ ‫يش ّذ واحد منهم عن هذه القاعدة‪ ،‬من سيد‬

‫درويش ومحمد القصبجي إلى محمد عبد‬

‫الوهاب وزكريا أحمد ورياض السنباطي‪.‬‬ ‫وحتى أبناء اجليل الثاني والثالث من صنّاع‬ ‫املرحلة الثانية يف نهضة القرن العشرين يف‬ ‫املوسيقى العربية‪ ،‬كانوا متّصلني مجيعهم‬ ‫بطريقة أو بأخرى بهذين النبعني الرتاثيني‬ ‫التقليديني‪ ،‬احلاويني لك ّل الكنوز واألسرار‬ ‫التارخيية للموسيقى العربية والغناء العربي‪.‬‬ ‫أما أبناء اجليل اجلديد من العاملني يف حقل‬ ‫املوسيقى والغناء العربيني‪ ،‬فهم إما مل يبذلوا‬ ‫أ ّي جهد للتز ّود الشفهي باحلصيلة التارخيية‬ ‫هلذين النبعني التارخييني‪ ،‬أو أنهم خ ّرجيو‬ ‫املعاهد املوسيقية احلديثة‪ ،‬اليت مل تُدخل يف‬ ‫مناهجها التعليمية ما يع ّوض األجيال اجلديدة‬ ‫عن اجلهد الشخصي الذي كان يقوم به أبناء‬ ‫األجيال السابقة‪ ،‬لالطالع الكامل على أسرار‬ ‫مدرسة االرجتال الغنائي ومدرسة اإلنشاد‬ ‫الديين‪ .‬ويكفي يف هذا اجملال معرفة‪ ،‬أن‬ ‫عبقر ّي القرن العشرين يف املوسيقى العربية‬ ‫والغناء العربي محمد عبد الوهاب‪ ،‬يؤ ّكد يف‬ ‫أكثر من موقع من مذكراته احلميمة‪ ،‬أنه يف‬ ‫مطلع شبابه مل يكن إعجابه موجهاً حنو كبار‬ ‫مطربي ذلك العصر‪ ،‬بل حنو كبار املشايخ من‬ ‫فطاحل اإلنشاد الديين‪ ،‬وعلى رأسهم الشيخ‬ ‫علي محمود‪.‬‬

‫في أكثر من موقع من مذكراته يذكر‬ ‫محمد عبد الوهاب أنه في مطلع شبابه‬ ‫موجهاً نحو كبار مطربي‬ ‫لم يكن إعجابه ّ‬ ‫ذلك العصر‪ ،‬بل نحو كبار المشايخ من‬ ‫فطاحل اإلنشاد الديني وعلى رأسهم‬ ‫الشيخ علي محمود‪..‬‬

‫اإلبداع‬

‫من املؤ ّكد أن األجيال املتالحقة من‬ ‫املبدعني العرب يف حقل ّي املوسيقى والغناء‪،‬‬ ‫كانت ّ‬ ‫تطلع بدرجة أو بأخرى‪ ،‬وبأساليب النقل‬ ‫الشفهي‪ ،‬قبل انتشار املعاهد املوسيقية‪ ،‬على‬ ‫النبعني األساسيّني الكبريين يف الغناء العربي‬ ‫الكالسيكي‪:‬‬ ‫نبع مدرسة االرجتال الغنائي‪ ،‬الذي كان‬ ‫الفلسفة السائدة يف مدرسة القرن التاسع عشر‪،‬‬ ‫وبقيت سائدة سيادة تامة حتى أواخر الربع‬ ‫األول من القرن العشرين‪.‬‬ ‫نبع اإلنشاد الديين‪ ،‬الذي يعترب عن حق‬ ‫اخلزّان التارخيي الذي حفظ الكنوز املقامية‬ ‫واإليقاعية للموسيقى العربية‪ ،‬عرب تتابع عصور‬ ‫النهضة واالحنطاط يف حاالت من التواصل‪،‬‬ ‫اليت كان اإلنشاد الديين يلعب فيها حتماً دور‬ ‫اجلسر الذي امت ّد فوقه عرب القرون‪ ،‬وحفظ‬ ‫خالصة العصور الذهبية القدمية يف الغناء‬ ‫العربي‪ ،‬من العصر العباسي إىل العصر‬ ‫األندلسي حتى اليوم‪.‬‬ ‫ومل يكن من باب املصادفة أبداً أن الصوتني‬ ‫العبقريني اللذين سيطرا على الغناء العربي يف‬ ‫القرن العشرين‪ ،‬وهما صوت أم كلثوم وصوت‬ ‫محمد عبد الوهاب‪ ،‬وهما تلميذان جنيبان‪،‬‬ ‫بل عبقريان‪ ،‬من تالميذ هاتني املدرستني‬ ‫الكبريتني‪ .‬فكالهما ولد وترعرع ومنا يف حضن‬ ‫مدرسة اإلنشاد الديين‪ ،‬ومدرسة االرجتال‬ ‫الغنائي للقرن التاسع عشر‪ ،‬بل إن نهضة القرن‬

‫‪617‬‬

‫‪ - 4‬تسليع الثقافة الموسيقية‬ ‫والغنائية‬

‫من املؤكد والثابت أن حتوالً كام ًال حنو‬ ‫األسوأ طرأ على البيئة اليت كانت تولد فيها‬ ‫الثقافة املوسيقية والغنائية‪ ،‬واألدوات اليت‬ ‫تتولىّ حتويل هذه الثقافة إىل مادة موسيقية‬ ‫أو غنائية يف العصور الذهبية لسيادة الف ّن‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 618‬للتنمية الثقافية‬

‫الكالسيكي من جهة‪ ،‬وعلى البيئة احلاضنة‬ ‫واألدوات املنتجة للف ّن االستهالكي من جهة‬ ‫ثانية‪ .‬وعلى سبيل املثال ال احلصر‪ ،‬ولد ف ّن‬ ‫عبد الوهاب الكالسيكي ومنا وترعرع يف‬ ‫صالون أحمد شوقي الثقايف‪ ،‬ثم انتقل بعد‬ ‫رحيل شوقي يف العام ‪ 1932‬إىل حضن أرقى‬ ‫الصالونات االجتماعية والثقافية والسياسية‬ ‫يف عصر النهضة الثقافية اليت عرفتها مصر‬ ‫يف الربع الثاني من القرن العشرين (صالون‬ ‫روز اليوسف وسواه من الصالونات)‪ .‬حتى‬ ‫أن تبديل كلمة يف مطلع قصيدة أعجبت بي‬ ‫الشهرية للشاعر الفارسي القديم املستعرب‬ ‫مهيار الديلمي‪ ،‬قد حت ّول إىل قضية ثقافية‪ ،‬مل‬ ‫حيسمها عبد الوهاب‪ ،‬إال يف صالون ض ّم صفوة‬ ‫من الرموز الثقافية يف ذلك العصر‪ .‬وبعدما كان‬ ‫املطلع يف األصل يقول‪:‬‬ ‫أعجبت بي بين نادي قومها‬

‫ ‬

‫أم سعد‪ ،‬فمضت تسأل بي‬ ‫عبارة أم سعد‬

‫حت ّولت قضية السماح بتغيري‬ ‫يف الشطر الثاني‪ ،‬إىل نقاش حا ّد ومط ّول يف‬ ‫الصالون األدبي‪ -‬السياسي الذي كان يرتاده‬ ‫محمد عبد الوهاب‪ ،‬حتى حسم األمر يف‬ ‫النهاية بقيام السياسي املثقف إبراهيم عبد‬ ‫الهادي بتبديل العبارة‪ ،‬فأصبح املطلع كما غنّاه‬ ‫عبد الوهاب‪:‬‬ ‫أعجبت بي بين نادي قومها‬

‫ ‬

‫ذات حسن‪ ،‬فمضت تسأل بي‬

‫أ ّما أم كلثوم‪ ،‬فمن املعروف عن نشأتها‬ ‫تأسست يف حضن مدرسة اإلنشاد الديين‬ ‫أنها ّ‬ ‫ملا يقارب اخلمسة عشر عاماً‪ ،‬ثم انتقلت إىل‬ ‫الصالون األدبي ألحمد رامي‪ ،‬ليس بوصفه‬ ‫شاعراً واعداً فقط حيظى بإعجاب أحمد‬ ‫شوقي‪ ،‬الذي كتب له مق ّدمة ديوانه األول‪،‬‬ ‫لكن أيضاً بصفته مديراً لدار الكتب المصرية‬ ‫التخصص يف باريس‪ ،‬حيث كان‬ ‫بعد عودته من ّ‬

‫يعقد مع أم كلثوم (كما تقول مذكراته) جلسة‬ ‫أسبوعية أدبية‪ ،‬حيمل هلا فيها ديواناً من الشعر‬ ‫أو كتاباً مهماً من الرتاث العربي من دار الكتب‪،‬‬ ‫ويناقشها من مثة يف الكتاب الذي استعارته منه‬ ‫بعد أسبوع‪.‬‬ ‫ومن املؤ ّكد أيضاً أن أم كلثوم حظيت يف‬ ‫العشرينيات بالذات (عندما كانت تتع ّرض‬ ‫ضار من منافستها منيرة المهدية)‬ ‫هلجوم ٍ‬ ‫بالرعاية األدبية واالجتماعية للشيخ املثقف‬ ‫مصطفى عبد الرازق (الشقيق األكرب للشيخ‬ ‫علي) الذي أصبح يف ما بعد شيخاً لألزهر‪.‬‬ ‫هذا هو منط من أمناط البيئة اليت كان‬ ‫يرتبّى فيها كبار فنّاني العصر الكالسيكي‪،‬‬ ‫وينتجون فنّهم يف رحابها وبوحي من أجوائها‬ ‫البالغة الثراء والعميقة الثقافة‪ .‬أما أدوات‬ ‫اإلنتاج اليت كانت بعد ذلك حت ّول فنّهم إىل‬ ‫تسجيالت تستمع إليها اجلماهري العربية يف تلك‬ ‫األيام‪ ،‬فكانت تنحصر بشركات األسطوانات‬ ‫ودور اإلذاعات الرمسية‪ ،‬ورائدتها التارخيية‬ ‫إذاعة القاهرة الرسمية اليت انطلقت يف العام‬ ‫‪.1934‬‬ ‫ويؤ ّكد تاريخ الغناء العربي املعاصر‪ ،‬أن‬ ‫إذاعة القاهرة ومثلها بقية دور اإلذاعة العربية‬ ‫تأسست بعدها يف الثالثينيات‬ ‫الرمسية اليت ّ‬ ‫واألربعينيات‪ ،‬كانت ال تُلزم نفسها إال بإنتاج‬ ‫األلوان الغنائية واملوسيقية اليت كانت تنطبق‬ ‫عليها صفات الف ّن العربي الكالسيكي القديم‬ ‫منه واملتج ّدد‪ ،‬لكن من دون أدنى تساهل يف‬ ‫املواصفات الكالسيكية للعمل املطلوب تسجيله‬ ‫وإنتاجه‪.‬‬ ‫أما شركات األسطوانات‪ ،‬ومع أنها مل تكن‬ ‫متانع يف طباعة بعض ألوان الف ّن اهلابط‬ ‫الذي كان سائداً يف الربع األول من القرن‬ ‫العشرين‪ ،‬إال أن هذه الشركات نفسها اليت‬ ‫كانت خبرية بتط ّور أذواق اجلماهري‪ ،‬كانت هي‬


‫قضية الكلمة في األغنية العربية‬

‫حتى مهرجانات الموسيقى العربية‬ ‫الجا ّدة‪ ،‬لم تكن بمنأى عن نفوذ هذا‬ ‫العصر االستهالكي الطاغي‪ ،‬فباتت‬ ‫تتس ّرب إليها ومنذ سنوات‪ ،‬هذه األنماط‬ ‫من الف ّن االستهالكي‪ ،‬بحجة مراعاة‬ ‫أذواق األجيال الجديدة‪ ،‬وإقامة الحفالت‬ ‫المربحة اقتصادياً‪ ،‬وذلك عبر إغفال‬ ‫أن هذه األذواق تُصنع عنوة في أروقة‬ ‫الشركات الكبرى‪ ،‬التي أصبحت تسيطر‬ ‫على أذواق الناس‪ ،‬وعلى ما ينتج ويذاع‬ ‫ويوزّع‪..‬‬

‫الفن الكالسيكي التوحيدي‬ ‫‪ - 5‬تراجع‬ ‫ّ‬ ‫الفن االستهالكي التجزيئي‬ ‫أمام‬ ‫ّ‬

‫من أهم وأخطر الظواهر اجلديدة اليت‬ ‫رافقت هذه التح ّوالت اهلائلة يف األحوال‬ ‫السائدة يف الغناء العربي‪ ،‬ظاهرة الرتاجع‬ ‫الكبري لألثر التوحيدي يف الثقافة العربية‪،‬‬ ‫عندما كانت عصور سيادة الف ّن الكالسيكي‬ ‫مسؤولة عن تشكيل وجدان ثقايف عربي وحدوي‬ ‫مو ّحد‪ ،‬كان يُفسح اجملال واسعاً أمام األلوان‬ ‫الغنائية احمللية‪ ،‬السائدة شعبياً يف ك ّل قطر من‬ ‫أقطار الوطن العربي (راجع أرشيف المؤتمر‬ ‫األول للموسيقى العربية الذي عقد يف القاهرة‬ ‫يف العام ‪ .)1932‬لكنه كان ينتج إىل جانب ذلك‬ ‫فنّاً عربياً كالسيكياً مسؤوالً عن إنتاج وجدان‬ ‫ثقايف عربي وحدوي مو ّحد‪ ،‬سواء انطلق من‬

‫اإلبداع‬

‫نفسها يف بداية القرن مسؤولة عن التسجيل‬ ‫ولكبار املطربني املخضرمني الذين س ّجلوا‬ ‫على أسطوانات هذه الشركات زبدة الرتاث‬ ‫الكالسيكي للقرن التاسع عشر‪.‬‬ ‫وقد أدركت شركات األسطوانات هذه‪ ،‬وعلى‬ ‫الرغم من حوافزها التجارية‪ ،‬بل رمبا بسبب‬ ‫هذه احلوافز‪ ،‬التح ّول اهلائل يف أذواق اجلماهري‬ ‫بعد بزوغ جنمي عبد الوهاب وأم كلثوم (وكوكبة‬ ‫ملحنيها الكبار من أبي العال محمد إلى‬ ‫القصبجي وزكريا أحمد والسنباطي)‪ ،‬فراحت‬ ‫ترسخ الذوق الكالسيكي لدى اجلماهري‬ ‫تساير ّ‬ ‫مع مطلع الربع الثاني من القرن العشرين‪،‬‬ ‫فتقصر إنتاجها على األمناط الكالسيكية‬ ‫لعبد الوهاب وأم كلثوم‪ ،‬وأ ّي فنان يسري على‬ ‫دروبهما‪.‬‬ ‫هذه أحوال البيئة وأدوات اإلنتاج يف عصر‬ ‫سيادة الف ّن الكالسيكي‪ ،‬إال أن احلال انقلب‬ ‫متاماً مع التب ّدل الكامل يف وسائل اإلنتاج اليت‬ ‫حت ّولت من األمناط السابقة إىل شركات إنتاج‬ ‫جتارية حبتة‪ ،‬أصبحت مسؤولة متاماً عن‬ ‫حتويل املوسيقى والغناء من البيئة الثقافية‬ ‫اجلا ّدة اليت كانت تولد وترتعرع فيها‪ ،‬إىل‬ ‫سلعة جتارية بك ّل ما يف الكلمة من معنى‪،‬‬ ‫جرى التمهيد هلا أوالً بإيقاف متع ّمد لتدفق‬ ‫نهر املوسيقى والغناء الكالسيكيني يف أجهزة‬ ‫اإلعالم املرئية أوالً ثم املسموعة‪ .‬وقد بلغ من‬ ‫سطوة هذه الشركات وقدراتها االقتصادية‬ ‫إنتاجياً وتسويقياً‪ ،‬أن مزاجها اجلديد مل‬ ‫يسيطر فقط على أذواق األجيال اجلديدة‬ ‫اليت تربّت منقطعة الصلة متاماً بك ّل النتاج‬ ‫الغنائي واملوسيقي الغين للعصور الذهبية‪ ،‬بل‬ ‫طال نفوذه أيضاً أجهزة اإلعالم الرمسية‪ ،‬يف‬ ‫اإلعالم املسموع بشكل خاص‪ ،‬وهي سيطرة مل‬ ‫تن ُج منها لألسف الشديد‪ ،‬حتى إذاعة القاهرة‪،‬‬ ‫أم اإلذاعات العربية تارخيياً‪ ،‬وأعرقها يف جتربة‬

‫إنتاج الف ّن الغنائي العربي الكالسيكي‪.‬‬ ‫حتى مهرجانات املوسيقى العربية اجلا ّدة‪،‬‬ ‫مل تكن مبنأى عن نفوذ هذا العصر االستهالكي‬ ‫الطاغي‪ ،‬فأصبحت تتس ّرب إليها ومنذ سنوات‪،‬‬ ‫هذه األمناط من الف ّن االستهالكي‪ ،‬حبجة‬ ‫مراعاة أذواق األجيال اجلديدة‪ ،‬وإقامة‬ ‫احلفالت املرحبة اقتصادياً‪ ،‬وذلك عرب إغفال‬ ‫أن هذه األذواق تُصنع عنوة يف أروقة الشركات‬ ‫الكربى‪ ،‬اليت أصبحت تسيطر على أذواق‬ ‫الناس‪ ،‬وعلى ما ينتج ويذاع ويو ّزع من بضاعة‬ ‫املوجهة‬ ‫غنائية وموسيقية‪ ،‬باسم هذه األذواق ّ‬ ‫سلفاً بهذا االجتاه‪.‬‬ ‫ال ضرورة بعد ذلك للتذكري‪ ،‬بأن القيم‬ ‫واملعايري اليت تسود النتاج الغنائي واملوسيقي‬ ‫وتسيرّ ه يف ظ ّل البيئة الثقافية وأدوات اإلنتاج‬ ‫اليت كانت سائدة يف عصور الف ّن الكالسيكي‪،‬‬ ‫هي عكس القيم واملعايري اليت تسيطر على‬ ‫البيئة وأدوات اإلنتاج املهيمنة يف عصر سيطرة‬ ‫الف ّن االستهالكي‪.‬‬

‫‪619‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 620‬للتنمية الثقافية‬

‫القاهرة أم من بيروت بعد ذلك‪ ،‬أم من أ ّي‬ ‫عاصمة عربية أخرى‪.‬‬ ‫معروفة مقولة املثقفني العرب الذين كانوا‬ ‫ير ّددون يف أيام سيادة الف ّن الغنائي الكالسيكي‪،‬‬ ‫أنه إذا أردت أن تتع ّرف إىل حدود الوطن العربي‬ ‫تراها بأم عينيك‪ ،‬وتلمسها ملس اليد‪ ،‬فما عليك‬ ‫سوى أن تستق ّل سيارتك يف يوم اخلميس األول‬ ‫من أ ّي شهر (موعد احلفلة الشهرية ألم كلثوم‬ ‫املنقولة بالراديو) وتظ ّل جتول بها يف األراضي‬ ‫العربية الواسعة‪ ،‬يف جولة افرتاضية من أقصى‬ ‫الشرق إىل أقصى الغرب‪ ،‬أو العكس بالعكس‪.‬‬ ‫أما إذا بقيت أذناك تسمعان صوت أم كلثوم‬ ‫يرت ّدد‪ ،‬فاعلم أنك ما زلت ضمن حدود الوطن‬ ‫العربي‪ ،‬وإذا توقف صوت أم كلثوم عن مصافحة‬ ‫أذنيك‪ ،‬فاعلم أنك أصبحت خارج حدود الوطن‬ ‫العربي‪.‬‬ ‫هذا عن أم كلثوم‪ ،‬أما عن عبد الوهاب‪،‬‬ ‫فقد حدث أنه يف زيارته الشهرية لبغداد يف‬ ‫العام ‪ 1932‬اليت غنّى فيها أمام الملك فيصل‬ ‫قصيدة أحمد شوقي الشهرية يا شراع ًا وراء‬ ‫دجلة يجري‪ .‬كان بعد انتهاء الزيارة‪ ،‬يستق ّل‬ ‫سيارة تنقله يف طريق العودة من بغداد إىل‬ ‫مرفأ بيروت عرب البادية السورية‪ .‬وحدث أن‬ ‫سائق السيارة أخطأ يف االسرتشاد بالنجم الذي‬ ‫كان يسرتشد به عادة‪ ،‬فتاه يف أرض البادية‬ ‫السورية‪ ،‬حيث اضطرت السيارة للتوقف‬ ‫قرب مضارب البدو للسؤال عن الطريق‪ .‬وملا‬ ‫ارتاب البدو يف أمر السيارة وركابها‪ ،‬خاف‬ ‫عبد الوهاب من سوء تفاهم قد يؤدي إىل ما‬ ‫ال حتمد عقباه‪ ،‬فبادر البدو بقوله‪" :‬أنا محمد‬ ‫عبد الوهاب‪ ،‬املطرب املعروف"‪ ،‬فبادره أحد‬ ‫األعراب قائ ًال‪ :‬يعين أنت من غنّى القصيدة‬ ‫الشهرية "يا جارة الوادي"‪ .‬فر ّد باإلجياب‬ ‫معتقداً أن املعضلة قد ُحلّت‪ .‬لكن اإلعرابي قال‬ ‫له‪ :‬ال أصدق‪ ،‬إمسك عودك وغ ّن لنا قصيدة يا‬

‫جارة الوادي حتى نص ّدقك‪ .‬فما كان من‬ ‫الوهاب طبعاً سوى االمتثال ألغرب أمر بالغناء‬ ‫يتلقّاه يف حياته‪.‬‬ ‫وبعد انتهائه من الغناء‪ ،‬انقلب املوقف رأساً‬ ‫على عقب وأص ّرت القبيلة على استقباله ثالثة‬ ‫أيام‪ ،‬على الرغم من توسالته بأنه مضطر للعودة‬ ‫بأسرع من ذلك‪ .‬هذه احلادثة تعكس القدرة يف‬ ‫التعبري عن وحدة الوجدان العربي الذي كانت‬ ‫تصنعه أمناط الغناء العربي الكالسيكي‪ ،‬حتى‬ ‫يف جوف الصحراء العربية‪ ،‬حيث ال مواصالت‬ ‫وال اتصاالت وال راديو وال كهرباء يف تلك األيام‪.‬‬ ‫أما يف أيام سيادة الف ّن االستهالكي‪،‬‬ ‫وخصوصاً بعد استفحال أمر هذه املوجة يف‬ ‫العقد األول من القرن احلادي والعشرين‪،‬‬ ‫يالحظ من دون حاجة إىل أ ّي دراسة أو حبث‪،‬‬ ‫الرتاجع الكامل لألثر التوحيدي للف ّن العربي‬ ‫الكالسيكي يف توحيد الوجدان العربي‪ ،‬إىل‬ ‫درجة تقارب االضمحالل الكامل‪ ،‬حيث مل يبق‬ ‫من آثار ذلك الف ّن إال مناذج بسيطة (النزر‬ ‫اليسري من ف ّن أم كلثوم املص ّور تلفزيونياً)‪،‬‬ ‫يعتقد أبناء اجليل اجلديد أنها خالصة ف ّن أم‬ ‫كلثوم العظيم‪ ،‬حتى أن أحد أبناء اجليل اجلديد‬ ‫املتيّم بأم كلثوم‪ ،‬سأل ذات يوم قريب هل إن‬ ‫أغنية أنت عمري هي أول أغنية ألم كلثوم؟‬ ‫إذا راجعنا ألبومات الغناء السائدة يف العام‬ ‫‪ 2009‬وما سبقه من أعوام‪ ،‬نكتشف أن حتويل‬ ‫الغناء العربي إىل سلعة استهالكية قد أخضع‬ ‫هذا الغناء من مجلة ما أخضع‪ ،‬إىل سلطة‬ ‫تراعي معايري السوق احمللية يف ك ّل بلد عربي‪،‬‬ ‫فبدأ يرافق اختفاء الف ّن العربي الكالسيكي‬ ‫املو ّحد للذوق العربي والوجدان العربي‪ ،‬ظهور‬ ‫يتعصب فيها املواطن‬ ‫نزعة انعزالية تعصبية‪ّ ،‬‬ ‫العربي أللوانه احمللية‪ ،‬ويؤمن بسيادتها على‬ ‫األلوان احمللية األخرى الوافدة من سائر أقطار‬ ‫الوطن العربي‪.‬‬ ‫عبد‬


‫قضية الكلمة في األغنية العربية‬

‫هكذا وبعد سيادة معايري املستوى الفنيّ‬ ‫والتف ّوق املوضوعي يف أيام الف ّن الكالسيكي‪،‬‬ ‫التعصب األعمى لأللوان‬ ‫تسود اليوم معايري ّ‬ ‫الغنائية احمللية‪ ،‬بغض النظر عن مستواها‪،‬‬ ‫التعصب األعمى لفرق كرة القدم‬ ‫متاماً كما ّ‬ ‫التعصب يف صلب‬ ‫احمللية‪ ،‬حبيث دخل هذا ّ‬ ‫معايري الرتويج االستهالكي للف ّن االستهالكي‬ ‫املنتج‪ ،‬حتى أصبح يعبرّ عن "سوق غنائية‬ ‫عربية" ال عن ثقافة عربية مشرتكة أو عن تو ّحد‬ ‫وجداني بني أبناء األمة العربية على اختالف‬ ‫أقطارهم‪.‬‬ ‫يف هذا اجل ّو السائد من تراجع القيم‬ ‫الثقافية والفنّية واحنطاطها‪ ،‬أصبحت األلوان‬ ‫الغنائية العربية احمللية الشديدة الغنى والتن ّوع‪،‬‬ ‫تصب يف نهر الغناء العربي‬ ‫وبدأل من أن ّ‬ ‫الكالسيكي (الذي غاض ماؤه ّ‬ ‫وجف)‪ ،‬تتح ّول‬ ‫إىل سلعة رخيصة يف أسواق الف ّن االستهالكي‬ ‫الرائج‪ .‬وبدل أن تش ّكل عنصراً من عناصر‬ ‫توحيد الوجدان العربي الواحد‪ ،‬عرب ألوانه‬ ‫الغنائية املتع ّددة‪ ،‬تتح ّول إىل عنصر من عناصر‬ ‫والتعصب الضيّق‪.‬‬ ‫االنعزالية الفنّية والشوفينية ّ‬ ‫عالقة الغناء العربي بالّلغة العربية الفصحى‬ ‫عالقة قدمية جداً‪ ،‬لكنها م ّرت عرب العصور‬ ‫مبراحل متن ّوعة‪ ،‬بل خمتلفة أيضاً‪ .‬وهذا يدعو‬ ‫إىل فتح هذا امللف يف هذا التقرير‪ ،‬أي العالقة‬ ‫امللتبسة بني الغناء العربي يف مرحلته احلالية‬ ‫والّلغة الفصحى‪ ،‬من حيث نسبة التعامل بينهما‬ ‫ونوعيته ومستواه‪.‬‬ ‫من املعروف تارخيياً أن نهضة الغناء العربي‬ ‫اعتمدت تارخيياً على الّلغة الفصحى وحدها‪،‬‬ ‫يف عصور صدر اإلسالم وعصر الدولة األموية‪،‬‬ ‫حتى النهضة الغنائية الكربى يف العصر‬ ‫العباسي (عصر إبراهيم واسحق الموصلي)‪.‬‬

‫مع اختفاء الف ّن العربي الكالسيكي‬ ‫الموحد للذوق والوجدان العربيين‪ ،‬بدأت‬ ‫ّ‬ ‫يتعصب فيها‬ ‫فاقعة‪،‬‬ ‫انعزالية‬ ‫نزعة‬ ‫تظهر‬ ‫ّ‬ ‫المواطن العربي أللوانه المحلية‪ ،‬ويعتقد‬ ‫بسيادتها على األلوان المحلية األخرى‬ ‫الوافدة من سائر أقطار الوطن العربي‪..‬‬

‫يمكن القول بشكل عام إن الّلغة‬ ‫العربية الفصحى كانت تُستخدم في‬ ‫الغناء الكالسيكي العربي‪ ،‬إلى جانب‬ ‫الّلهجات العامية بشكل متصالح ال تطغي‬ ‫فيه إحداهما على األخرى‪ ،‬مع االحتفاظ‬ ‫بموقع الصدارة للّغة العربية الفصحى‪.‬‬ ‫لقد بقي هذا التصالح قائماً حتى النهضة‬ ‫الثانية للموسيقى العربية في النصف‬ ‫األول من القرن العشرين‪ ،‬خصوصاً‬ ‫بدايات ثلثه األخير‪ ،‬على الرغم من تط ّور‬ ‫الف ّن الزجلي الراقي على أيدي بيرم‬ ‫التونسي‪ ،‬الذي قال عنه أحمد شوقي‪:‬‬ ‫"ال أخشى على الفصحى إال من عا ّمية‬ ‫بيرم"‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫اإلبداع‬

‫‪ – 6‬ظاهرة "الفصحى الجديدة"‬

‫إنها ظاهرة واضحة ومثبتة ومفصلة يف كتاب‬ ‫األغاني الشهري ألبي الفرج األصفهاني‪.‬‬ ‫ويبدو أن الزجل بدأ خيالط الغناء العربي‬ ‫بعد نهاية العصر الكالسيكي للغناء العربي يف‬ ‫األندلس‪ ،‬كما نقله إليها من بغداد الفنان‬ ‫العربي التارخيي زرياب‪ .‬لكن مرحلة ما بعد‬ ‫زرياب‪ ،‬شهدت والدة موسيقى جديدة مولودة‬ ‫من تفاعل املوسيقى العربية الكالسيكية‬ ‫الوافدة مع الفتح العربي‪ ،‬مع موسيقى سكان‬ ‫األندلس األصليني‪ .‬وهو التفاعل الذي أوجد‬ ‫حالة حضارية نشأت يف حضنها احلاجة إىل‬ ‫لغة غنائية جديدة‪ ،‬تناسب املوسيقى املولودة‬ ‫وفن الموشح‪.‬‬ ‫فن الزجل ّ‬ ‫اجلديدة‪ ،‬فولد ّ‬ ‫وباالنتقال من هذه اخللفية التارخيية إىل‬ ‫القرن التاسع عشر والقرن العشرين‪ ،‬ميكن‬ ‫القول بشكل عام إن الّلغة العربية الفصحى‬ ‫كانت تُستخدم يف الغناء الكالسيكي العربي‪ ،‬إىل‬ ‫جانب الّلهجات العامية بشكل متصاحل ال تطغي‬ ‫فيه إحداهما على األخرى‪ ،‬مع االحتفاظ مبوقع‬ ‫الصدارة للّغة العربية الفصحى‪ .‬لقد بقي هذا‬ ‫التصاحل قائماً حتى النهضة الثانية للموسيقى‬ ‫العربية يف النصف األول من القرن العشرين‪،‬‬ ‫خصوصاً حتى بدايات ثلثه األخري‪ ،‬على الرغم‬ ‫من تط ّور الف ّن الزجلي الراقي على أيدي بيرم‬ ‫التونسي‪ ،‬الذي قال عنه أحمد شوقي‪" :‬ال‬ ‫أخشى على الفصحى إال من عا ّمية بريم"‪.‬‬ ‫وعند تف ّحص رصيد مطربي القرن العشرين‬ ‫عند العرب‪ ،‬أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب‪،‬‬ ‫يظهر أن التوازن الطبيعي حلالة التصاحل هذه‬ ‫قائم بني استخدام الفصحى والعا ّمية يف الغناء‪،‬‬ ‫مع االحتفاظ مبوقع الصدارة دائماً للعربية‬ ‫الفصحى‪ .‬ذلك أن األعمال املوسيقية الكربى‬ ‫لدى عمالق ّي القرن العشرين املذكورين‪ ،‬بقيت‬ ‫تعتمد يف غالبيتها الّلغة العربية الفصحى‪ ،‬من‬ ‫دون أن ننسى رصيد القصائد الغنائية لدى أم‬

‫‪621‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 622‬للتنمية الثقافية‬

‫مع االنحسار الكامل للغناء العربي‬ ‫الكالسيكي‪ ،‬ورسوخ مرحلة الغناء‬ ‫االستهالكي الرائج‪ ،‬ساد انحسار كامل‬ ‫للعربية الفصحى إلى ح ّد االختفاء‬ ‫الكامل‪ .‬لكن في الفترة األخيرة من‬ ‫مرحلة التراجع هذه‪ ،‬بدأت عودة ظهور‬ ‫العربية الفصحى في الغناء لكن بصورة‬ ‫هجينة‪..‬‬

‫كلثوم وعبد الوهاب‪ ،‬الذي حيت ّل موقع الصدارة‬ ‫بال شك يف رصيدهما الغنائي العام‪ :‬قصائدهما‬ ‫القصرية يف العشرينيات‪ ،‬ثم قصائدهما املط ّولة‬ ‫يف األربعينيات‪ ،‬وحتى آخر مرحلة يف عمريهما‬ ‫الفنّيني‪.‬‬ ‫ويف حوار مباشر دار مع املوسيقار محمد‬ ‫عبد الوهاب‪ُ ،‬طرح عليه سؤال مباشر‪ :‬ملاذا‬ ‫تبدو أكثر تعمقاً واقتداراً وتألقاً فنّياً عندما‬ ‫تل ّحن وتغين الشعر العربي الفصيح؟ يومها‬ ‫أشرقت ابتسامة عريضة على وجهه ور ّد قائأل‪:‬‬ ‫طبعاً من دون أ ّي شك‪ ،‬ألن الغناء بالعربية‬ ‫الفصحى هو األبقى‪ .‬لقد نطق اجلواب كما هو‬ ‫مد ّون هنا حرفياً بعربية بيّنة الفصاحة‪ ،‬حتى‬ ‫أن أمثن ما ّ‬ ‫حلنه عبد الوهاب نفسه ألحد أكثر‬ ‫األصوات النسائية تفضي ًال لديه وهي املطربة‬ ‫نجاة الصغيرة كانت رباعية نزار قباني الرائعة‪:‬‬ ‫أيظن‪ ،‬ماذا أقول له‪ ،‬متى ستعرف كم أهواك‪،‬‬

‫أسألك الرحيال‪.‬‬ ‫كما أن لقاءه التارخيي مع صوت أم كلثوم‬ ‫الذي استغرق عشر أغنيات بني عاطفي ووطين‪،‬‬ ‫كانت أربع منها (نصفها تقريباً) بالعربية‬ ‫الفصحى من شعر كامل الشناوي ونزار قباني‬ ‫وجورج جرداق والهادي آدم‪ .‬ومع جتاوز رصيد‬ ‫عمالق ّي القرن العشرين يف الغناء العربي‪،‬‬ ‫يظهر أنه حتى مرحلة العصر الذهيب للغناء‬ ‫الكالسيكي‪ ،‬شهدت تراجعاً واضحاً للعربية‬ ‫الفصحى أمام الّلهجات العا ّمية‪ ،‬املصرية أوالً‪،‬‬ ‫ثم بقية الّلهجات من لبنانية وسورية ومغاربية‬ ‫وخليجية وعراقية ‪ ..‬إخل‪.‬‬ ‫ومع االحنسار الكامل للغناء العربي‬ ‫الكالسيكي‪ ،‬ورسوخ مرحلة الغناء االستهالكي‬ ‫الرائج‪ ،‬ساد احنسار كامل للعربية الفصحى‬ ‫إىل ح ّد االختفاء الكامل‪ .‬لكن يف الفرتة األخرية‬ ‫من مرحلة الرتاجع هذه‪ ،‬بدأت عودة ظهور‬ ‫العربية الفصحى يف الغناء لكن بصورة هجينة‪.‬‬

‫ويف العصور الذهبية على خمتلف مراحلها‬ ‫املتالحقة‪ ،‬كانت العربية الفصحى تتألّق غنائياً‬ ‫على أيدي عباقرة التلحني التارخييني‪ ،‬سواء يف‬ ‫مرحليت الكالسيكية التقليدية (القرن التاسع‬ ‫عشر وبداية القرن العشرين) أم الكالسيكية‬ ‫احلديثة املتج ّددة (يف الربعني الثاني والثالث‬ ‫من القرن العشرين)‪.‬‬ ‫لكن ظهور الفصحى جمدداً يف املرحلة‬ ‫الرائجة من الغناء العربي االستهالكي‪ ،‬مل‬ ‫ترتافق أبداً مع والدة كالسيكية موسيقية حديثة‪،‬‬ ‫تتابع تارخيياً مسرية كالسيكية القرن التاسع‬ ‫عشر‪ ،‬ثم كالسيكية القرن العشرين‪ .‬لكن هذه‬ ‫العودة للعربية الفصحى جاءت من صميم القيم‬ ‫االستهالكية الرائجة يف املرحلة السائدة للغناء‬ ‫العربي‪ ،‬فأخذ نف ٌر من امللحنني يهجمون على‬ ‫أرقى مناذج الشعر العربي احلديث والقديم‪:‬‬ ‫مثل أشعار محمود درويش وأدونيس ونزار قباني‬ ‫وخليل حاوي وحتى الحالج‪ ،‬ويعملون فيها تلحيناً‬ ‫وغنا ًء يف أعمال هجينة تتف ّوق على الغناء الرائج‪،‬‬ ‫من حيث اختيار نصوص راقية بالعربية الفصحى‬ ‫لكنها ال تق ّدم أ ّي حالة من حاالت التق ّدم املوسيقي‬ ‫الذي يرتقي إىل مستوى النصوص الشعرية‬ ‫املختارة‪ .‬إنها جمرد اكتشاف ألسلوب جديد‬ ‫للرتويج التجاري وسط األعمال اهلابطة كالماً‬ ‫وحلناً‪ ،‬فتأتي هذه األغاني اجلديدة جبناحني‬ ‫غري متكافئني‪:‬‬ ‫النص الشعري‬ ‫جناح قو ّي يف ّ‬ ‫النص املوسقي‪ -‬الغنائي‬ ‫جناح هزيل يف ّ‬ ‫من هنا يظهر أن املشكلة يف هذا اجملال ال‬ ‫تتوقف عند النصوص بالعربية الفصحى (وهي‬ ‫قليلة جداً على أ ّي حال) يف نتاج السنوات‬ ‫األخرية‪ ،‬ومنها سنة ‪ ،2009‬بل يف عدم التكافؤ‬ ‫والنص‬ ‫النص الشعري القوي ّ‬ ‫يف املستوى بني ّ‬ ‫املوسيقي اهلزيل‪ .‬وميكن القول إن الضحية‬ ‫الكربى يف هذه الظاهرة اهلجينة‪ ،‬هي أشعار‬


‫قضية الكلمة في األغنية العربية‬

‫عالقة أقطاب الغناء باإلنشاد الديني‬ ‫خالل العصور الذهبية‪ ،‬لم تكن عالقة‬ ‫تأسيسية فقط‪ ،‬ذلك أن معظم هؤالء‬ ‫األقطاب‪ ،‬كانوا حتى بعد تح ّولهم إلى‬ ‫الغناء العاطفي الصريح‪ ،‬يُقبلون بين‬ ‫أغان قائمة على‬ ‫فترة وأخرى على إبداع ٍ‬ ‫نصوص مح ّملة بأجواء دينية أو صوفية‬ ‫ذات قيمة فنّية عالية‪..‬‬

‫اإلبداع‬

‫محمود درويش ونزار قباني‪ ،‬وذلك استغالالً‬ ‫إن عالقة أقطاب الغناء بالذات باإلنشاد‬ ‫ألكثر امسني شعريّني تلقى أشعارهما رواجاً الديين خالل العصور الذهبية‪ ،‬مل تكن عالقة‬ ‫تأسيسية فقط‪ ،‬ذلك أن معظم هؤالء األقطاب‪،‬‬ ‫وانتشاراً لدى العرب املعاصرين‪.‬‬ ‫كانوا حتى بعد حت ّوهلم إىل الغناء العاطفي‬ ‫الصريح‪ ،‬يُقبلون بني فرتة وأخرى على إبداع‬ ‫‪ - 7‬الغناء الديني‬ ‫أغان قائمة على نصوص ذات أجواء دينية أو‬ ‫مل يتط ّرق هذا التقرير يف املادة الغنائية‬ ‫ٍ‬ ‫نصها‬ ‫اليت اعتمدها يف دراسة ظواهر الغناء العربي صوفية ذات قيمة فنية عالية‪ ،‬ليس يف ّ‬ ‫يف العام ‪ ،2009‬إىل رصد ألبومات فرق اإلنشاد الكالمي فقط‪ ،‬بل املوسيقي والغنائي أيضاً‪.‬‬ ‫املتخصص‪ .‬فهذه ظاهرة تستح ّق ورمبا كان االستثناء الوحيد بني كبار مطربي‬ ‫الديين‬ ‫ّ‬ ‫الدراسة املنفصلة‪ .‬لكن جرى البحث عن أثر العصور الذهبية يف االبتعاد عن الغناء الديين‬ ‫الغناء الديين لدى املغنّني املشهورين بأغنيات متاماً‪ ،‬هو محمد عبد الوهاب‪ .‬مع ذلك فقد‬ ‫يغلب عليها الطابع العاطفي‪ .‬وهكذا وقعت بني ترك بصوته تسجي ًال إذاعياً نادراً إلنشاد ديين‬ ‫أيدينا أغنية دينية واحدة للمطربة املصرية رائع "أغثنا أدركنا يا رسول الله"‪ .‬كما أنه‬ ‫أنغام‪ ،‬تش ّكل نسبتها إىل اجملموع العام لعيّنات عندما شعر بدن ّو أجله‪ ،‬وضع الصيغة النهائية‬ ‫هذه الدراسة ‪ .% 0.24‬وهذا ما يدفع إىل البحث للحن ديين طويل اشتغل عليه طيلة ربع قرن‪،‬‬ ‫عن مدى عالقة مطربي املوجة اجلديدة من وأراد له أن يكون آخر عمل فنيّ يقوم بتسجيله‬ ‫الغناء باإلنشاد الديين عموماً‪ ،‬مقارنة بعالقة بصوته قبل رحيله بأيام عشرة‪ ،‬نُفّذ موسيقياً‬ ‫بعد وفاته حتت عنوان "الدعاء األخير"‪.‬‬ ‫مطربي العصور الذهبية باإلنشاد الديين‪.‬‬ ‫أما مغنّو املوجة السائدة يف الغناء العربي‪،‬‬ ‫ميكن القول يف اختصار‪ ،‬إنه كان من الصعب‬ ‫يف القرن التاسع عشر والنصف األول من القرن اليت ّمت االطالع عليها يف نتاج العام ‪ ،2009‬فلم‬ ‫العشرين‪ ،‬وضع ّ‬ ‫خط فنيّ فاصل بني اإلنشاد يق ّل لديهم عدد األغاني الدينية فقط‪ ،‬لكنهم‬ ‫الديين والغناء الدنيوي‪ .‬الفارق الوحيد بينهما – وهذا هو األهم ‪ -‬فقدوا الصلة نهائياً بأصول‬ ‫النص فقط‪ ،‬أما يف اإلنشاد الديين كما فعل رموز اجليل السابق‬ ‫كان املوضوع املعبرّ عنه يف ّ‬ ‫اإلبداع املوسيقي واإلبداع الغنائي‪ ،‬فقد بقيت من املغنني واملغنيات‪ .‬حتى أن ظهور أغنية‬ ‫ظاهرة التع ّمق يف اإلبداع املوسيقي واإلنشادي دينية لدى مطربي هذه األيام‪ ،‬أصبح من باب‬ ‫ثابتة بك ّل ضروبه‪ ،‬إمنا يبدأ باإلملام اجلاد االجتهاد يف البحث عن موضوعات جديدة يف‬ ‫باإلنشاد الديين‪ ،‬حتى أن ك ّل عباقرة التلحني سوق الرواج التجارية‪ ،‬وأبعد ما يكون عن عمق‬ ‫وعباقرة الغناء يف النهضة األوىل للقرن التاسع املشاعر الدينية واتصاهلا باخلالق ج ّل جالله‪.‬‬ ‫عشر‪ ،‬والنهضة الثانية للقرن العشرين‪ ،‬كانوا‬ ‫يف بداياتهم إما مشايخ أو أبناء مشايخ‪ .‬لقد ‪ - 8‬تراجع األغنية الوطنية‬ ‫مترسوا مجيعهم من دون استثناء بأصول‬ ‫أغان وطنية‬ ‫ّ‬ ‫ما جتدر اإلشارة إليه‪ ،‬ليس وجود ٍ‬ ‫اإلنشاد الديين وقواعده‪ ،‬قبل أن ينتقلوا إىل تسع بني ‪ 415‬أغنية فقط‪ ،‬هي جمموع عيّنات ما‬ ‫الغناء الدنيوي‪ .‬هذه العالقة‪ ،‬بدأت ّ‬ ‫ختف أصدره العرب من غناء يف العام ‪ ،2009‬يف أحد‬ ‫تدرجياً‪ ،‬يف النصف الثاني من القرن العشرين‪ ،‬عشر بلداً عربياً‪ ،‬بل إن األهم هو‪ ،‬الرتاجع الذي‬ ‫حتى اختفت نهائياً يف الربع األخري من القرن‪ .‬أصاب دور األغنية الوطنية يف التعبري عن أعماق‬

‫‪623‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 624‬للتنمية الثقافية‬

‫تراجع منسوب األغنية الوطنية إلى‬ ‫أغان وطنية تسع بين ‪ 415‬أغنية فقط‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫هي مجموع عيّنات ما أصدره العرب من‬ ‫غناء في العام ‪ 2009‬في أحد عشر بلداً‬ ‫عربياً‪ ،‬بل إن األه ّم هو‪ ،‬التراجع الذي‬ ‫أصاب دور األغنية الوطنية في التعبير‬ ‫عن أعماق المشاعر القومية والوطنية‬ ‫العامة‪..‬‬

‫نافست األغنية الوطنية العربية ذات‬ ‫يوم األغنية العاطفية في عمق التعبير‬ ‫نصها الشعري والموسيقي كما‬ ‫الفنّي في ّ‬ ‫في انتشارها الجماهيري‪ ،‬حتى أصبحت‬ ‫أه ّم األعمال الوطنية لكبار الملحنين‬ ‫والمغنين تنافس أعمالهم العاطفية في‬ ‫قيمتها الفنية‪ ،‬وفي مدى تأثيرها في‬ ‫الوجدان الجماهيري العام‪..‬‬

‫املشاعر القومية والوطنية العامة للجماهري‬ ‫العربية‪ ،‬والتأثري الوجداني الذي متارسه على‬ ‫هذه اجلماهري‪ .‬ترتاوح األغاني الوطنية التسع‬ ‫اليت رصدناها يف جمموع نتاج العام ‪ ،2009‬بني‬ ‫اجليد واملتوسط والعادي‪ .‬لكن البارز يف رصيد‬ ‫األغاني الوطنية العربية يف السنوات األخرية‪،‬‬ ‫أنها تراجعت بشكل عام‪ ،‬وتد ّرج‪ ،‬عن معاجلة‬ ‫القضايا الكربى اليت حت ّرك اجلماهري العربية‬ ‫وته ّمها بشكل عام‪ ،‬بني احمليط واخلليج‪ ،‬لتدغدغ‬ ‫املشاعر الوطنية داخل ك ّل قطر عربي على حدة‪،‬‬ ‫حتى دخل بعضها يف التعبري عن موجات عابرة‬ ‫هنا وهناك وهنالك‪ ،‬بقصد الرتويج التجاري‬ ‫لألغنية بشكل عام‪ .‬لذلك رأينا الرتاجع العام‬ ‫يف األغنية العربية‪ ،‬يصيب األغنية الوطنية‬ ‫بالدرجة نفسها يف قيمتها الفنّية‪.‬‬ ‫لقد نافست األغنية الوطنية العربية ذات يوم‬ ‫نصها‬ ‫األغنية العاطفية يف عمق التعبري الفنيّ يف ّ‬ ‫الشعري واملوسيقي كما يف انتشارها اجلماهريي‪،‬‬ ‫حتى أصبحت أه ّم األعمال الوطنية لكبار‬ ‫امللحنني واملغنني تنافس أعماهلم العاطفية يف‬ ‫قيمتها الفنيّة‪ ،‬ويف مدى تأثريها يف الوجدان‬ ‫اجلماهريي العام‪ ،‬وهذا ينطبق على أكرب‬ ‫امللحنني واملطربني العرب يف القرن العشرين‪.‬‬ ‫حتى أن أكثر ما يذكره التاريخ الفنيّ ملطرب‬ ‫يف شهرة عبد الحليم حافظ‪ ،‬أغانيه الوطنية‬ ‫املعبرّ ة عن مرحلة زاخرة باألحداث القومية‬ ‫الكربى‪ .‬كما أن رصيد األخوين رحباني وفيروز‬ ‫التارخيي‪ ،‬يقف يف املقدمة منه جمموعة األغاني‬ ‫اليت أبدعوها يف موضوع القضية الفلسطينية‪،‬‬ ‫مثل‪ :‬راجعون‪ ،‬زهرة المدائن‪ ،‬القدس العتيقة‪،‬‬ ‫بحارة يافا‪.‬‬

‫نافست األغنية الوطنية العربية ذات يوم‬ ‫األغنية العاطفية يف عمق التعبري الفنيّ يف‬ ‫نصها الشعري واملوسيقي كما يف انتشارها‬ ‫ّ‬ ‫اجلماهريي‪ ،‬حتى أصبحت أه ّم األعمال‬

‫الوطنية لكبار امللحنني واملغنني تنافس أعماهلم‬ ‫العاطفية يف قيمتها الفنية‪ ،‬ويف مدى تأثريها يف‬ ‫الوجدان اجلماهريي العام‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬لوحظ يف موجة الغناء العربي‬ ‫السائدة‪ ،‬أنه كلّما اقرتب الفنّان املعاصر من‬ ‫أعماق القضايا الوطنية الكربى اليت حت ّرك‬ ‫مشاعر اجلماهري العربية ووجدانها من احمليط‬ ‫إىل اخلليج‪ ،‬ارتفع مبستوى عمله الفنيّ وارتقى‬ ‫به‪ ،‬وكلّما فعل العكس‪ ،‬اخنفض املستوى الفنيّ‬ ‫والقيمة الفنية للعمل‪ .‬‬ ‫الغناء الجديد إلى أين؟‬

‫عندما بدأت مالمح املوجة السائدة حالياً‬ ‫تط ّل برأسها يف بداية الربع األخري من القرن‬ ‫العشرين‪ ،‬انقسم النقاد العرب إىل فئتني‪:‬‬ ‫فئة متخ ّوفة منذ البداية من أن يستفحل‬ ‫أمر املوجة اجلديدة شيئاً فشيئاً‪ ،‬فتح ّل حمل‬ ‫التيار العارم للموسيقى الكالسيكية العربية‬ ‫املعاصرة الذي مل يتوقف عن التدفق منذ‬ ‫منتصف القرن التاسع عشر‪ ،‬عرب مراحل‬ ‫متن ّوعة ومتصاعدة من اإلبداع املتط ّور وفقاً‬ ‫للمعطيات الفنّية واالجتماعية لك ّل مرحلة‪ ،‬وال‬ ‫تكون جمرد لون خفيف يقف إىل جانب هذه‬ ‫املوسيقى الكالسيكية‪.‬‬ ‫وفئة مدافعة عن املوجة اجلديدة‪،‬‬ ‫باعتبارها تعبرياً طبيعياً ومنطقياً عن روح‬ ‫العصر من جهة‪ ،‬وعن روح الشباب يف هذا‬ ‫العصر من جهة ثانية‪ .‬حتى أن املنضوين حتت‬ ‫هذه الفئة أطلقوا على هذه املوجة اجلديدة اسم‬ ‫األغنية الشبابية‪.‬‬ ‫غري أن الذي غاب عن أذهان الفئة الثانية‬ ‫يومها‪ ،‬أن املوسيقى العربية املعاصرة بالذات‪،‬‬ ‫مل تتوقف منذ منتصف القرن التاسع عشر عن‬ ‫التط ّور وفقاً لعطيات ك ّل عصر جديد اجتماعياً‬ ‫وفنياً‪ ،‬وأنها مل تتوقف عن التعبري عن روح‬


‫قضية الكلمة في األغنية العربية‬

‫ما يحصل حقيقة أن موقع شركات‬ ‫اإلعالن المسيطرة على صناعة‬ ‫الموسيقى والغناء منذ ثلث قرن‪ ،‬قد‬ ‫تحصن‪ ،‬وذلك بالسيطرة على ك ّل وسائل‬ ‫ّ‬ ‫اإلعالم البصرية والسمعية‪ ،‬وعلى ك ّل‬ ‫وسائل اإلنتاج‪ ،‬فأوجدت جمهوراً عربياً‬ ‫منقطع الصلة بك ّل كنوز الموسيقى‬ ‫العربية الكالسيكية‪..‬‬

‫اإلبداع‬

‫الشباب يف ك ّل عصر من العصور‪ ،‬من دون أن العربي ما هي إال تعبري عن روح العصر عند‬ ‫يؤدي هذا التطور إىل إلغاء الرصيد الكالسيكي العرب‪ ،‬وعن روح الشباب حتديداً‪ ،‬هي مقولة‬ ‫املرتاكم للموسيقى العربية‪ ،‬بل كانت ك ّل مرحلة جديرة باملراجعة‪.‬‬ ‫جديدة تأتي إضافة ملا سبقها من مراحل‪ ،‬إذ‬ ‫وما حيصل حقيقة منذ ثلث قرن وكما جتلّى‬ ‫أصبحت مراحل التطور املوسيقي والغنائي‪ ،‬تك ّمل يف أغنيات العام ‪ 2009‬بشكل خاص والسنوات‬ ‫بعضها بعضاً يف عملية تفاعل حضاري وتراكم السابقة هلا‪ ،‬هو أن شركات اإلعالن املسيطرة‬ ‫حضاري وتعايش حضاري‪ ،‬متاماً كما هي مسرية على صناعة املوسيقى والغناء منذ ثلث قرن‪،‬‬ ‫حصنت موقعها من خالل السيطرة على ك ّل‬ ‫املوسيقى الكالسيكية لدى اجملتمعات املتق ّدمة يف‬ ‫ّ‬ ‫أوروبا‪ ،‬ال تلغي مرحلة منها املرحلة السابقة‪ ،‬بل وسائل اإلعالم البصرية والسمعية‪ ،‬وعلى ك ّل‬ ‫وسائل اإلنتاج‪ ،‬فأوجدت مجهوراً عربياً منبّت‬ ‫تأتي إضافة حضارية إليها‪.‬‬ ‫غري أن عام ًال جديداً تدخّل عند هذا املنعطف الصلة بك ّل كنوز املوسيقى العربية الكالسيكية‪،‬‬ ‫يف مسرية املوسيقى العربية‪ ،‬ليوقف عملية إذ أصبحت تنطلي عليه أي بضاعة موسيقية أو‬ ‫الرتاكم احلضاري‪ ،‬وهو عامل السيطرة الكاملة غنائية تقوم هذه الشركات املسيطرة اقتصادياً‬ ‫للقيم االستهالكية على ك ّل عوامل تط ّور احلياة بإنتاجها‪ ،‬حتى دخلنا يف احللقة املفرغة اخلبيثة‬ ‫العربية‪ ،‬ما أدى إىل حت ّول انقالبي يف حتديد اليت توحي بأن ما يُنتج حالياً من موسيقى‬ ‫البيئة اليت تنتج املوسيقى السائدة يف ك ّل مرحلة‪ .‬وغناء‪ ،‬إمنا هو اللون الذي يتطلّبه ذوق‬ ‫فبعدما كانت البيئة الثقافية هي اليت يت ّم اجلماهري العربية يف ك ّل مكان‪.‬‬ ‫إنها معادلة مقلوبة على رأسها‪ ،‬وال ميكن‬ ‫يف حضنها اإلبداع املوسيقي والغنائي‪ ،‬حتى‬ ‫عند تطوره من مرحلة إىل مرحلة‪ ،‬حلّت إعادتها إىل وضعها املعتدل الطبيعي إال بقيام‬ ‫مؤسساتها العامة‬ ‫شركات اإلعالنات التجارية يف السيطرة على اجملتمعات العربية (من خالل ّ‬ ‫ك ّل مراحل اإلنتاج املوسيقي والغنائي يف العقود واخلاصة) مبسؤولياتها احلضارية الكربى يف هذا‬ ‫مؤسساتها‬ ‫األخرية‪ ،‬ابتدا ًء من االستماع اىل اإلنتاج وصوالً اجملال‪ ،‬بإعادة السيطرة من خالل ّ‬ ‫إىل التسويق والرتويج‪ ،‬األمر الذي أحدث العامة واخلاصة على وسائل اإلعالم ووسائل‬ ‫اخللل الذي نعيشه منذ ثالثة عقود‪ ،‬عرب أزمة اإلنتاج الفنيّ يف عملية أوىل إلعادة "ترميم ذوق‬ ‫مستحكمة تدور على نفسها يف حلقة مفرغة سنة اجلماهري"‪ ،‬عن طريق إعادة عالقتها الطبيعية‬ ‫بكنوز املوسيقى العربية الكالسيكية املعاصرة‪،‬‬ ‫بعد سنة وعقداً بعد عقد‪.‬‬ ‫إن املستفيدين جتارياً واقتصادياً من سيطرة وليس يف هذه العملية أ ّي خوف على ذوق الفئات‬ ‫األزمة الراهنة‪ ،‬يعودون إىل ح ّجتهم الثابتة يف الشابة من اجملتمع العربي‪ ،‬أو أي شبهة ظلم هلا‪،‬‬ ‫أن هذه املوجة الراهنة ما هي إال تعبري عن ذلك أن الشباب كان له يف ك ّل مرحلة من املراحل‬ ‫روح العصر‪ ،‬وأن الرافضني هلا إمنا يقفون ض ّد السابقة للموسيقى والغناء الكالسيكيني من يعبرّ‬ ‫روح العصر احلديث وض ّد التط ّور‪ .‬هذه ح ّجة عنه ‪ ..‬وآخر هذا اجليل يف العصر الكالسيكي‬ ‫متهافتة‪ ،‬فهل يعقل أن تكون روح العصر احلديث عبد الحليم حافظ‪ ،‬في مصر وزياد رحباني في‬ ‫يف اجملتمعات العربية‪ ،‬هي اليت تنطق بامسها لبنان‪ ،‬إذ كان ك ّل منهما من جهة مبثابة حلقة‬ ‫هذه املوجة من تر ّدي الغناء واملوسيقى العربية؟ جتمع ما بني اتصاله بالرتاث الكالسيكي من‬ ‫إن االدعاء بأن املوجة السائدة يف الغناء ناحية‪ ،‬وتعبريه عن روح الشباب من ناحية ثانية‪.‬‬

‫‪625‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 626‬للتنمية الثقافية‬


‫احلصاد الثقافي والفكري‬ ‫في الوطن العربي ‪2009 -‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 628‬للتنمية الثقافية‬


‫الحصاد الثقافي والفكري‬

‫‪629‬‬

‫أي مفهوم للحصاد الثقافي والفكري؟‬ ‫• ّ‬ ‫• القضايا ذاتها تتكرر‬ ‫• عاصمتان ثقافيتان‬ ‫• القدس عاصمة ثقافية للعالم العربي ‪2009‬‬ ‫• بيروت عاصمة عالمية للكتاب‬ ‫• صناعة الكتاب في العالم العربي‬ ‫• المواطنة وسؤال الهوية‬ ‫• حوار الحضارات أم صدامها؟‬ ‫• العولمة مجدد ًا‬ ‫• تجديد الفكر اإلسالمي المعاصر‬ ‫• الديمقراطية‬ ‫• اإلعالم العربي في عصر تكنولوجيا المعلومات‬ ‫• الّلغة العربية‬

‫ا لحصاد‬

‫• الفرنكوفونية‬ ‫• الترجمة‬ ‫• حال الثقافة العربية‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 630‬للتنمية الثقافية‬

‫أي مفهوم للحصاد الثقافي والفكري؟‬ ‫ّ‬

‫ال وجود لجهات في العالم العربي‬ ‫تتخذ من إحصاء العمل الثقافي أو‬ ‫الفكري الذي قامت به الجهات الرسمية‬ ‫واألهلية عم ً‬ ‫ال هلا‪ .‬لذلك فإن الرصد‬ ‫انتقائي يقوم على اجلانب الشخصي‬ ‫واحلماس الفردي يف ظ ّل غياب معايري‬ ‫واضحة حت ّدد ما إذا كان حدث ثقايف أو‬ ‫فكري أو أدبي معينّ أهم من غريه‪..‬‬

‫يثري البحث يف حصاد الثقافة والفكر بوجه‬ ‫عام عدداً من املشكالت تبدو أكرب يف العامل‬ ‫العربي منها يف غريه‪ ،‬فال يوجد كما نعلم رصد‬ ‫منهجي ّ‬ ‫منظم ملا جيري يف العامل العربي خالل‬ ‫فرتة زمنية حمددة هي سنة ‪ ،2009‬وال يوجد‬ ‫جهات يف هذه املنطقة من العامل تتّخذ من‬ ‫إحصاء العمل الثقايف أو الفكري الذي قامت به‬ ‫اجلهات الرمسية واألهلية عم ًال هلا‪ .‬هناك رصد‬ ‫انتقائي يقوم على اجلانب الشخصي واحلماس‬ ‫الفردي‪ ،‬ويستند إىل حكم الشخص الذي يقوم‬ ‫بالرصد وحسن تقديره أو عدمه ألهمية عمل‬ ‫ثقايف بعينه أو عدم أهميته‪ ،‬ليس هناك معايري‬ ‫واضحة ميكن للمرء أن يقول إنها بالفعل هي‬ ‫اليت جتعل حدثاً ثقافياً أو فكرياً أو أدبياً معيّناً‬ ‫أهم من غريه‪ ،‬ومن ث ّم فإنه هو األحق بالرصد‬ ‫والتأمل والربط باألحداث األخرى‪ .‬لكننا على‬ ‫الرغم من ذلك ال نعدم بعض املعايري اليت‬ ‫توجه عملنا‪ .‬فتكرار احلدث أو شبيهه على مدار‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫فرتة زمنية معيّنة جتعله الفتا وجديراً باالنتباه‬ ‫على األقل حتى ولو مل يكن مهماً حب ّد ذاته‪.‬‬ ‫اإلشكال الثاني يتعلّق بتداخل احلقول‬ ‫واجملاالت يف املنجز الثقايف للعامل العربي خالل‬ ‫عام واحد‪ ،‬فك ّل حدث يستهدف مجهوراً ما‬ ‫باملعرفة والتثقيف واإلمتاع هو ثقافة‪ ،‬وك ّل ما يثري‬ ‫الفكر ويطرح أسئلة علينا هو فكر‪ .‬لذلك فإن‬ ‫الفصل بني احلصاد الثقايف والفكري وما أُجنز‬ ‫على صعيد األدب ويتّصل باألعمال اإلبداعية‬ ‫واألدبية والفنّية هو ثقافة‪ ،‬بغض النظر عن‬

‫جماالت اإلجناز والتحقق‪ ،‬وبغض النظر عن‬ ‫البث والتوصيل اليت‬ ‫الوعاء والشكل ووسيلة ّ‬ ‫يتّخذها احلدث الثقايف أو الفكري أو اإلبداعي‪:‬‬ ‫األدبي أو الفين أو العلمي‪ ،‬أو املعريف‪ ،‬فع ًال فردياً‬ ‫كان أم مجاعياً‪ .‬وهلذا السبب فإن الفصل هنا‬ ‫ليس سوى رغبة يف حصر منطقة العمل لتسهيل‬ ‫احلركة ورؤية األشجار املفردة يف الغابة املمتدة‬ ‫الشاسعة‪.‬‬ ‫األمر اآلخر اجلدير باالنتباه هو أن بدء‬ ‫السنوات وانتهاءها ال يفصل بسيف بتّار بني‬ ‫ما قبل وما بعد‪ ،‬فاألشياء تتصل ببعضها‬ ‫بعضاً‪ ،‬والزمن يسيل وجيري وال يعرتف‬ ‫بالتقويم واحلدود اليت نضعها له‪ .‬إننا نضع‬ ‫احلدود لتسهيل العمل وحتقيق نوع من الوحدة‬ ‫املفرتضة‪ ،‬هل نقول الوهمية؟‪ ،‬على العمل الذي‬ ‫نقوم به‪.‬‬ ‫تلك أمور منهجية وعملية وإحصائية جيب‬ ‫وضعها يف احلسبان عند تقديم جردة حساب‬ ‫للحصاد الثقايف والفكري للعامل العربي‪،‬‬ ‫تبصر احلراك الثقايف هلذه املنطقة‬ ‫وحماولة ّ‬ ‫من العامل‪ ،‬اليت تسمى كذلك ألسباب عرقية‬ ‫وتارخيية وجغرافية‪ ،‬أي جيوبوليتيكية‪ ،‬ولغوية‬ ‫ثقافية باألساس‪ .‬فلوال هذا الرابط الّلغوي‬ ‫الديين الثقايف ملا أمكن احلديث عن العامل‬ ‫العربي‪ ،‬أو الوطن العربي‪ ،‬أو املنطقة العربية‪.‬‬ ‫لكن انشغال هذه املنطقة مبشاغل ثقافية‬ ‫وفكرية حم ّددة‪ ،‬وتوق أهلها لتحقيق احتياجات‪،‬‬ ‫بعضها مجاعي وبعضها فردي له طابع شخصي‪،‬‬


‫الحصاد الثقافي والفكري‬

‫اليت تواجه الفرد واجلماعة والشعب واألمة‪.‬‬ ‫والعرب املعاصرون يرزحون حتت ثقل الضغوط‬ ‫واألزمات‪ ،‬ولكنهم ال يستسلمون هلا‪ ،‬بل يبحثون‬ ‫ألسئلتهم عن أجوبة‪ ،‬وحلول ملشكالتهم اليومية‬ ‫والوجودية‪ .‬إنه أمر يعكس احلراك الفكري‬ ‫والثقايف للعامل العربي الذي شهدناه خالل العام‬ ‫املاضي على الرغم من تشاؤم املتشائمني الذين‬ ‫يرون يف هذه املنطقة من العامل حالة استنقاعية‬ ‫ليس التغيرّ جوهرها والتق ّدم ديدنها‪ .‬لكن ما‬ ‫حدث العام ‪ 2009‬ال يؤيد مثل هذا النوع من‬ ‫التحليل وذاك البعد املظلم من االستنتاج‪ .‬فلن َر‬ ‫ماذا فعل العرب على صعيد الثقافة والفكر‬ ‫على مدار عام يف املؤمترات والندوات وورش‬ ‫العمل وحلقات النقاش وما كتب يف اجملالت‬ ‫املوجهة إىل‬ ‫والدوريات العامة واخلاصة‪ ،‬تلك ّ‬ ‫املوجهة إىل النخب اليت‬ ‫اجلمهور العام وتلك ّ‬ ‫تفكر لنفسها وللعموم‪.‬‬ ‫تتكرر‬ ‫القضايا ذاتها‬ ‫ّ‬

‫الوحدة اليت تلحم األفراد واجلماعات‬ ‫والشعوب يف العامل العربي هي اليت تدفع إىل‬ ‫احلديث عن حصادهم الثقايف والفكري يف سنة‬ ‫بعينها هي ‪ ،2009‬وتدعو إىل حتديد موضوعات‬ ‫بعينها للحديث عنها وتأملها وتقديم تأويالت‬ ‫جلوانبها واتصاهلا ببعضها بعضاً‪ .‬من هنا‬ ‫تبدو قضايا‪ ،‬مثل اهلوية والّلغة وجتديد الفكر‬ ‫اإلسالمي وحوار احلضارات والدميوقراطية‬ ‫والعوملة واحلفاظ على اهلوية الّلغوية‪ ،‬جاذبة‬ ‫والفتة ومثرية للجدل‪ ،‬ألسباب تتّصل بانشغال‬ ‫العرب املعاصرين بها على مدار السنوات أو‬ ‫العقود أو األجيال‪ .‬ولوال هذا االنشغال ملا لفتت‬ ‫تلك القضايا اهتمامنا وجعلتنا نسيّل احلرب‬ ‫الكثري للنقاش حوهلا وتبينّ ارتباطها بقضايا‬ ‫العيش والوجود بالنسبة إىل اجلماعة البشرية‬ ‫العربية‪.‬‬

‫ا لحصاد‬

‫يضفي عليهم نوعاً من الوحدة املفرتضة اليت‬ ‫يرسخها التكرار ومرور الزمن وتقلب السنوات‬ ‫والعقود والقرون اليت ّ‬ ‫متر بهم‪ ،‬يف الوقت الذي‬ ‫يكونون فيه صامدين يف تلك املنطقة أو احمليط‬ ‫اجلغرايف من العامل‪ ،‬يتكلمون الّلغة نفسها‪،‬‬ ‫ويسألون أسئلة ثقافية وفكرية ووجودية متك ّررة‪،‬‬ ‫ويبحثون عن أجوبة هلذه األسئلة مت ّكنهم من‬ ‫العيش والتق ّدم‪.‬‬ ‫هناك قضية أخرى تتّصل بالتفريق بني تعبري‬ ‫احلصاد الثقايف واحلراك الثقايف ملا يف هذين‬ ‫التعبريين من تداخل ومتايز يف الوقت نفسه؛‬ ‫فتعبري احلصاد الثقايف ذو طبيعة إحصائية‬ ‫تتّصل بتعدا ٍد ما حلدث ما ووصفه والتعليق عليه‬ ‫ورؤية عالقته باحلقول اجملاورة له‪ ،‬والبحث عن‬ ‫متاسكه الداخلي‪ .‬أما تعبري احلراك الثقايف‬ ‫فمتصل حبقل اإلجناز واملغايرة والبناء على‬ ‫ما سبق‪ ،‬والتق ّدم خطوة إىل األمام‪ .‬صحيح‬ ‫أن احلصاد الثقايف يراكم ما أجنز على صعيد‬ ‫الوقت ويضيف تفاصيل ما أجنز يف منطقة‬ ‫معينة إىل ما أجنز يف منطقة أخرى‪ ،‬لكننا‬ ‫نقيس تق ّدم العرب املعاصرين باحلراك الثقايف‬ ‫والفكري هلم يف فرتة زمنية حم ّددة‪ .‬يكتسب‬ ‫تعبري احلراك الثقايف والفكري إذاً أهمية‬ ‫خاصة يف هذا التقرير ألنه ليس كمياً‪ ،‬ال نقيسه‬ ‫بالتكرار‪ ،‬بل مبا يتح ّول بهذا التكرار من احلاالت‬ ‫الفردية إىل الكيفيات‪ ،‬الثقافية والفكرية يف هذه‬ ‫احلال‪ ،‬حيث تصبح األحداث اجلارية املتكررة‬ ‫حاالت صلبة ميكن البناء عليها وتأ ّمل جوهرها‬ ‫املتغيرّ ‪ ،‬أي تش ّكلها كقضايا مركزية وأسئلة‬ ‫حمورية حلياة العرب املعاصرين‪ .‬يف هذه‬ ‫األسئلة احملورية‪ ،‬بغض النظر عن عثورنا على‬ ‫أجوبة هلا أو عدم عثورنا‪ ،‬يكمن احلراك الثقايف‬ ‫للعامل العربي‪ ،‬ألن السؤال يعكس حيوية الفكر‬ ‫لدى السائل‪ ،‬ويؤّشر باجتاه الرغبة يف التغيرّ‬ ‫واالرتقاء والتق ّدم على الرغم من املصاعب‬

‫‪631‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 632‬للتنمية الثقافية‬

‫تصدرت أسئلة الذات والهوية‬ ‫والعالقة باآلخر الحصاد الثقافي‬ ‫والفكري للعالم العربي في العام ‪..2009‬‬

‫انشغل العامل العربي إذن عام ‪ 2009‬بقضايا‬ ‫وشؤون‪ ،‬رمبا كانت هي ما انشغل بها قبل ذلك‬ ‫العام‪ ،‬ولعل تكرار حدوث األحداث والقضايا هو‬ ‫ما جعلنا نضفي األهمية اليت أضفيناها عليها‪،‬‬ ‫فيما أهملنا غريها لندرة حدوثها وانشغال‬ ‫قطاعات ضيقة بها يف هذه املنطقة أو تلك من‬ ‫ميس‬ ‫العامل العربي‪ .‬لكن ما أمكن رصده هنا ّ‬ ‫من وجهة نظرنا جوهر االنشغاالت العربية‬ ‫فيما يتصل بتص ّور الذات واجلماعة واآلخر‪،‬‬ ‫ويع ّمق شرخ الوجود بالنسبة للعرب املعاصرين‪.‬‬ ‫إنهم مشغولون ببحث سؤال اهلوية‪ ،‬والعالقة‬ ‫باآلخر ألن هذا يؤثر على معاشهم اليومي‬ ‫ومستقبلهم كأفراد ومجاعات‪ .‬وهلذا فإننا‬ ‫عندما نرصد حدث القدس عاصمة ثقافية‬ ‫للعالم العربي ال نغفل ما لذلك احلدث من‬ ‫معان سياسية وثقافية ووجودية بالنسبة إىل‬ ‫ٍ‬ ‫العامل العربي‪ ،‬أفراداً وشعوباً‪ ،‬فالقدس تقيم‬ ‫يف وجدان العرب وتذ ّكرهم على الدوام بوجود‬ ‫احملت ّل الذي اغتصب أرضهم ويص ّر على حمو‬ ‫هوية مدينتهم املق ّدسة واقتالع أبناء جلدتهم‬ ‫من الفلسطينيني من أرضهم‪ ،‬ويه ّددهم أيضاً‬ ‫بسبب نزعته التوسعية االستيطانية اليت تنذر‬ ‫باخلطر يف مقبل األيام‪ .‬األمر نفسه ميكن قوله‬ ‫عندما نناقش جتديد الفكر اإلسالمي بوصفه‬ ‫حدثاً ثقافياً‪ ،‬أو العوملة بوصفها سؤاالً وجودياً‬ ‫للعرب يف الوقت الراهن‪ ،‬أو احلفاظ على الّلغة‬ ‫العربية يف حرب الّلغات الناشبة بني األفراد‬ ‫واجلماعات‪ .‬ذلك كله ميثّل حصاداً ثقافياً فكرياً‬ ‫للعامل العربي‪ ،‬وهلذا السبب تص ّدرت أسئلة‬ ‫الذات واهلوية والعالقة باآلخر احلصاد الثقايف‬ ‫والفكري للعامل العربي عام ‪.2009‬‬ ‫عاصمتان ثقافيتان‬

‫كان عام ‪ 2009‬عاماً للعواصم الثقافية‬ ‫العربية‪ ،‬إذ اجتمعت يف اآلن نفسه مدينتان‬ ‫لتكون واحدة منهما عاصمة للثقافة العربية‪،‬‬

‫حيث ختتار ك ّل عام إحدى العواصم العربية‬ ‫لكي حتتفل بالثقافة وحيتفل بها العامل العربي‬ ‫ومبنجزها اإلبداعي والثقايف‪ .‬وكانت القدس‪،‬‬ ‫املدينة الفلسطينية احملتلة األسرية هي املدينة‬ ‫اليت وقع االختيار عليها من قبل وزراء الثقافة‬ ‫العرب لكي تكون عاصمة ثقافية للعامل العربي‬ ‫‪ ،2009‬فهي عاصمة الدولة الفلسطينية املنتظرة‪،‬‬ ‫ومركز ثقايف وروحي للعامل اإلسالمي والعربي‪،‬‬ ‫واالحتفال فيها وبها سيكون مناسبة لطرح‬ ‫وضعها السياسي والثقايف والديين فلسطينياً‬ ‫وعربياً وإسالمياً وعاملياً‪.‬‬ ‫يف موضع آخر من العامل العربي‪ ،‬وليس بعيداً‬ ‫عن القدس‪ ،‬اختارت منظمة األمم المتحدة‬ ‫للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) مدينة‬ ‫بيروت لتكون عاصمة عاملية للكتاب عام ‪،2009‬‬ ‫تهتم بالكتاب ونشره وتسويقه والتشجيع على‬ ‫قراءته وإقامة املؤمترات والندوات حوله‪ ،‬بعد‬ ‫عدد من املدن األوروبية واألمريكية اجلنوبية‪،‬‬ ‫لتكون ثاني مدينة عربية ختتار هلذا الشأن بعد‬ ‫اإلسكندرية‪.‬‬ ‫لكن إذا كانت بيروت قد استطاعت أن‬ ‫حتتفل بكثافة بلقبها كعاصمة للكتاب‪ ،‬فإن‬ ‫القدس بسبب ظروف االحتالل والقهر‪ ،‬قد‬ ‫ُمنعت من االحتفال بلقبها عاصمة ثقافية للعامل‬ ‫العربي‪ .‬وقد كان حضور الثقافة خارجها أكثر‬ ‫بكثري من حضوره بني ظهرانيها‪ ،‬ألن قوات‬ ‫االحتالل اإلسرائيلي منعت بقسوة وعنف‬ ‫االحتفال باملناسبة‪ ،‬أو إقامة أنشطة ثقافية‬ ‫واملؤسسات الثقافية العربية اليت‬ ‫يف النوادي ّ‬ ‫حتظى بقدر ضئيل من حرية العمل‪ ،‬بعد أن‬ ‫أغلقت إسرائيل مراكز املدينة الثقافية والفنية‬ ‫وعلى رأسها بيت الشرق‪.‬‬ ‫ومع ذلك فقد كان العام ‪ ،2009‬وبسبب من‬ ‫املناسبتني‪ ،‬حاف ًال باحلراك الثقايف ومزدمحاً‬ ‫باألنشطة األدبية والفنية والثقافية‪ ،‬يف إشارة‬ ‫واضحة إىل أن التنسيق بني اجلهات الرمسية‬


‫الحصاد الثقافي والفكري‬

‫واألهلية يف اجملتمعات العربية يؤتي أكله‪،‬‬ ‫خصوصاً أن مناسبيت القدس عاصمة ثقافية‬ ‫وبيروت عاصمة عالمية للكتاب قد استقطبتا‬ ‫اجلهدين الرمسي واألهلي‪ ،‬للدفع بعجلة التنمية‬ ‫الثقافية اليت تستند باألساس إىل إشراك‬ ‫ومؤسساته‬ ‫اجملتمع األهلي‪ ،‬جبمعياته ومنتدياته‬ ‫ّ‬ ‫الثقافية يف عملية التنمية املأمولة‪ .‬وقد كانت‬ ‫املناسبتان فرصة المتحان هذه العالقة بني‬ ‫الرمسي واألهلي اليت تتع ّرض على الدوام‬ ‫لنكسات كثرية بسبب حالة التوتّر‪ ،‬وعمليات‬ ‫الش ّد واجلذب‪ ،‬اليت تقوم بني حني وآخر بني‬ ‫ومؤسسات اجملتمع‬ ‫اجلهات الرمسية العربية‬ ‫ّ‬ ‫املدني فيه‪.‬‬ ‫القدس عاصمة ثقافية للعالم‬ ‫العربي ‪2009‬‬

‫شهد العالم العربي تتويج عاصمتين‬ ‫ثقافيتين في العام ‪ :2009‬القدس‬ ‫عاصمة للثقافة العربية‪ ،‬وبيروت عاصمة‬ ‫عالمية للكتاب‪ .‬وقد كانت المناسبتان‬ ‫فرصة المتحان العالقة بين الجهات‬ ‫ومؤسسات المجتمع األهلي‬ ‫الرسمية ّ‬ ‫التي تتعرض على الدوام لنكسات كثيرة‬ ‫بسبب حالة التوتر بينهما‪..‬‬

‫ا لحصاد‬

‫على مدار عام ‪ 2009‬كانت القدس عاصمة‬ ‫ثقافية للعامل العربي على أثر القرار الذي‬ ‫اختذه اجتماع وزراء الثقافة العرب عام ‪2006‬‬ ‫يف العاصمة ال ُعمانية مسقط‪ .‬وقد ق ّرر وزراء‬ ‫الثقافة العرب حينها أن تكون مدينة القدس‬ ‫احملتلة مركز انطالق األنشطة الثقافية اليت‬ ‫تتخذ من القدس وفلسطين بؤرة هلا‪ ،‬لتمتد‬ ‫بعد حفل االفتتاح‪ ،‬بتتويج القدس عاصمة‬ ‫ثقافية‪ ،‬إىل باقي العواصم واملدن العربية‪،‬‬ ‫وتدور هذه األنشطة كلّها حول القدس‬ ‫وحضورها يف التاريخ والثقافة والسياسة‪ ،‬يف‬ ‫الوجدانني العربي واإلسالمي‪ ،‬وتبحث اخلطط‬ ‫االسرتاتيجية الكفيلة حبماية القدس من تغيري‬ ‫واقعها السياسي والدميوغرايف والثقايف‪ ،‬ووقف‬ ‫عجلة التهويد املستم ّرة عن الدوران‪ ،‬من خالل‬ ‫الدبلوماسية والعمل امليداني والقانون الدولي‬ ‫الذي مينع تغيري معامل املدينة املقدسة كونها‬ ‫مدينة حمتلة‪.‬‬ ‫هكذا‪ ،‬وعلى الرغم من عجلة التهويد‬

‫املتحركة‪ ،‬أص ّر الفلسطينيون‪ ،‬والعرب معهم‬ ‫على تتويج القدس عاصمة ثقافية للعامل‬ ‫العربي ‪ .2009‬لقد ّ‬ ‫خطط الفلسطينيون والعرب‬ ‫لالحتفال بالقدس عاصمة لثقافتهم‪ ،‬يف‬ ‫الوقت الذي كانت فيه الدولة العربية تستكمل‬ ‫بناء اجلدار الذي حييط بالقدس من مجيع‬ ‫نواحيها‪ ،‬مانعة أي فلسطيين أو فلسطينية من‬ ‫دخوهلا من دون تصريح‪ ،‬حتى ولو كان رئيس‬ ‫الدولة الفلسطينية املنتخب!‬ ‫صحيح أن اإلعداد لالحتفال بدأ قبل وقت‬ ‫قصري من املناسبة‪ ،‬ألسباب تتّصل بالواقع‬ ‫الفلسطيين‪ ،‬ويف ظ ّل حالة االنقسام اليت‬ ‫يعيشها الفلسطينيون‪ ،‬حبيث غابت غزّ ة عن‬ ‫االحتفال باملناسبة‪ ،‬مع أن وزير الثقافة السابق‬ ‫يف حكومة الوحدة الوطنية‪ ،‬د‪ .‬عطا الله أبو‬ ‫السبح‪ ،‬الذي كان ممث ًال عن حركة محاس‪،‬‬ ‫هو الذي اقرتح أن تكون القدس عاصمة‬ ‫للثقافة العربية‪ ،‬يف اجتماع وزراء الثقافة العرب‬ ‫عام ‪ .2006‬لكن هذا التأخري انعكس بصورة‬ ‫سلبية‪ ،‬مثله مثل حالة االنقسام الفلسطيين‪،‬‬ ‫متسرعاً‬ ‫على االحتفالية‪ ،‬وجعل اإلعداد هلا ّ‬ ‫وعشوائياً‪ ،‬ويأخذ صفة "الفزعة" اليت يتسم‬ ‫بها العمل العربي عموماً‪ .‬ولوال تضامن العرب‬ ‫مع القدس‪ ،‬واألنشطة املتزامحة اليت رأيناها‬ ‫يف عواصم ومدن عربية عديدة‪ ،‬لفشلت املناسبة‬ ‫وظلت القدس حزينة تشهد جرافات االحتالل‬ ‫اإلسرائيلي وهي تغيرّ معاملها املادية والروحية‪.‬‬ ‫لقد بدأت املناسبة متأخرة عن موعدها‬ ‫حبواىل الشهرين على األقل‪ ،‬واضطرت السلطة‬ ‫الفلسطينية إىل تغيري مكان االحتفال إىل‬ ‫مدينة بيت لحم اجملاورة للقدس‪ ،‬واليت عادة‬ ‫ما تنتقل إليها االحتفاالت اليت تنوي السلطة‬ ‫إعطاء إشارة رمزية بانعقادها على مرمى حجر‬ ‫من املدينة املقدسة‪ .‬كانت الوقائع اليت جرت‬ ‫على األرض على عكس ما تو ّقع الفلسطينيون‪،‬‬

‫‪633‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 634‬للتنمية الثقافية‬

‫على الرغم من بدء احتفالية‬ ‫القدس عاصمة للثقافة العربية متأخرة‬ ‫عن موعدها بحوالى الشهرين‪ ،‬وعلى‬ ‫الرغم من أوامر المنع والتضييق التي‬ ‫مارسها اإلسرائيليون على االحتفالية‪،‬‬ ‫فقد كان العام ‪ 2009‬مناسبة لالحتفال‬ ‫بالثقافة الفلسطينية والتركيز على أهمية‬ ‫القدس في الوجدان العربي واإلسالمي‪،‬‬ ‫وبحث سبل إنقاذ القدس‪ ،‬كميراث‬ ‫ثقافي وعمراني وروحي للثقافة العربية‬ ‫واإلسالمية‪ ،‬من عملية التهويد ومحو‬ ‫الهوية‪..‬‬

‫فقد منعت إسرائيل أيّة مظاهر احتفالية يف‬ ‫إطار مدينة القدس يف موعد انطالق الفعالية‪،‬‬ ‫بل قمعت الشرطة اإلسرائيلية مواطين القدس‬ ‫ومنعتهم من اإلعالن عن مدينتهم عاصمة‬ ‫للثقافة العربية‪.‬‬ ‫لكن على الرغم من أوامر املنع والتضييق‬ ‫فقد كان العام ‪ 2009‬مناسبة لالحتفال بالثقافة‬ ‫الفلسطينية والرتكيز على أهمية القدس يف‬ ‫الوجدان العربي واإلسالمي‪ ،‬وحبث سبل إنقاذ‬ ‫القدس‪ ،‬كمرياث ثقايف وعمراني وروحي للثقافة‬ ‫العربية واإلسالمية‪ ،‬من عملية التهويد وحمو‬ ‫الضفة‬ ‫اهلوية‪ .‬وهلذا تركزت االحتفاالت يف مدن ّ‬ ‫الغربية بصورة أساسية‪ .‬وأقيمت أسابيع ثقافية‬ ‫يف املدن الفلسطينية املختلفة لكي تستعيد ك ّل‬ ‫مدينة روابطها الثقافية والروحية واالجتماعية‬ ‫بالقدس كمركز سياسي وروحي وثقايف ومعنوي‬ ‫للشعب الفلسطيين‪.‬‬ ‫إضافة إىل ذلك‪ ،‬ر ّكزت جلنة القدس‬ ‫عاصمة ثقافية للعالم العربي ‪ ،2009‬املنبثقة‬ ‫ومؤسسات اجملتمع‬ ‫عن السلطة الفلسطينية ّ‬ ‫املدني الفلسطيين‪ ،‬على إصدار كتب ثقافية‬ ‫وتراثية وإبداعية يتّصل معظمها بالقدس‬ ‫ومركزيتها يف احلياة الثقافية الفلسطينية‬ ‫والعربية‪ ،‬ومن ضمن ذلك كتب وثائقية عن‬ ‫المسجد األقصى ومدينة الخليل وس َري الكتّاب‬ ‫واملثقفني املقدسيني عن مدينتهم‪ .‬كما نشرت‬ ‫أيضاً جمموعات شعرية وقصصية ونقدية تدور‬ ‫حول القدس‪ ،‬والثقافة الفلسطينية عموماً‪،‬‬ ‫للتأكيد على البعد املقاوم لالحتالل والدفاع‬ ‫عن اهلوية العربية واإلسالمية للقدس‪ .‬ولتعزيز‬ ‫البعد العاملي للحدث أقيمت احتفالية فلسطين‬ ‫لألدب التي ّ‬ ‫مؤسسة إنجريد إيفينتس‬ ‫نظمتها ّ‬ ‫‪ Ingred Events‬الربيطانية‪ ،‬وقد شارك يف‬ ‫االحتفالية عدد من املثقفني الكبار يف العامل‬ ‫ومن ضمنهم‪ :‬الكاتب والروائي الربيطاني جون‬

‫بيرجر‪ ،‬الذي كتب رواية عن فلسطني وترجم‬ ‫إىل اإلجنليزية ديواناً شعرياً للشاعر الراحل‬ ‫محمود درويش‪ ،‬والروائي والكاتب النيجريي‬ ‫تشينوا أتشيبي والروائية املصرية الربيطانية‬ ‫أهداف سويف اليت أسهمت بقّوة يف إقناع‬ ‫الكتّاب العامليني للحضور ومشاهدة ما تفعله‬ ‫إسرائيل بالفلسطينيني ومدينتهم املق ّدسة‪ .‬وقد‬ ‫كانت تلك الفعالية مناسبة لنقل صوت فلسطين‬ ‫والقدس إىل العامل‪ ،‬والتأثري يف وجدان الكتّاب‬ ‫املشاركني لنقل مشاهداتهم إىل مجهور قرائهم‬ ‫يف الغرب والعامل‪ .‬الشيء نفسه متخّض عن‬ ‫مهرجان القدس ‪ 2009‬الذي شاركت فيه فرق‬ ‫فنية وموسيقية وغنائية ومسرحية من فرنسا‬ ‫وتشيلي‪ ،‬إضافة إىل عدد من البلدان العربية‬ ‫كتونس والجزائر‪ ،‬حيث ُمنع املشاركون يف‬ ‫فعاليات املهرجان من الوصول إىل القدس‬ ‫واطلعوا على أشكال منع الفلسطينيني‪ ،‬ومن‬ ‫ضمنهم سكان القدس‪ ،‬من الوصول إىل املدينة‬ ‫املقدسة‪.‬‬ ‫ومن ضمن اخلطوات العملية لتحريك‬ ‫موضوع القدس‪ -‬وما يتصل بتغيري معاملها‬ ‫العمرانية وبنيتها الدميوغرافية وتغيري ه ّويتها‬ ‫الدينية والثقافية‪ -‬على املستوى الدولي‪،‬‬ ‫تعاونت وزارة الثقافة الفلسطينية مع منظمة‬ ‫المؤتمر اإلسالمي (اإليسيسكو) إلجناز‬ ‫التقرير القانوني حول عدم شرعية احلفريات‬ ‫اإلسرائيلية يف مدينة القدس استناداً إىل‬ ‫نصوص القانون الدولي وبنود املعاهدات ذات‬ ‫الصلة‪ ،‬وتسبّب تلك احلفريات يف انهيارات‬ ‫وتشققات واهتزازات يف احلائط اجلنوبي الغربي‬ ‫للمسجد األقصى‪ .‬كما ر ّكز التقرير على وقائع‬ ‫التدمري املمنهج للممتلكات الثقافية اإلسالمية‬ ‫بهدف تهويد املدينة‪ .‬واتفق اجلانبان على دعوة‬ ‫اهليئات الدولية واإلقليمية للمحافظة على‬ ‫الرتاث العاملي واختاذ اإلجراءات الضرورية‬


‫الحصاد الثقافي والفكري‬

‫نظراً لظروف االحتالل العسكري‬ ‫اإلسرائيلي لمدينة القدس‪ ،‬ق ّررت وزارات‬ ‫الثقافة العربية إقامة فعاليات ثقافية في‬ ‫العواصم والمدن العربية احتفاالً بالقدس‬ ‫عاصمة للثقافة العربية‪ ،‬ولوال تضامن‬ ‫العرب مع القدس‪ ،‬واألنشطة المتزاحمة‬ ‫التي شهدتها عواصم ومدن عربية عديدة‪،‬‬ ‫لفشلت المناسبة‪..‬‬

‫المشرفة والمسجد األقصى المبارك ولمحة‬

‫عن تاريخ‬

‫القدس‪،‬‬

‫تاريخ الحرم‬

‫المسيحية في القدس؛ وكتب‬ ‫عبد المهدي‪ :‬المدارس في‬

‫القدسي‪،‬‬

‫د‪ .‬عبد الجليل‬

‫بيت المقدس‪،‬‬ ‫الحركة الفكرية في ظل المسجد األقصى‪،‬‬ ‫وحتقيقه لكتاب مجير الدين الحنبلي "األنس‬ ‫الجليل في تاريخ القدس والخليل"؛ إضافة إىل‬ ‫نشر عدد آخر من الكتب حول القدس يف العهد‬ ‫العثماني ومعجم املؤلّفات املقدسية وأوراق عمل‬ ‫املؤمتر الدولي الذي أقيم حول القدس‪.‬‬

‫ا لحصاد‬

‫لوقف احلفريات‪ ،‬وكذلك املالحقة القانونية‬ ‫ملرتكيب جرائم احلرب‪ ،‬وتشكيل فريق مكثّف‬ ‫إلعداد ملفات الدعاوى القانونية ض ّد مرتكيب‬ ‫هذه اجلرائم ومالحقتهم‪.‬‬ ‫ونظراً لظروف االحتالل العسكري اإلسرائيلي‬ ‫ملدينة القدس‪ ،‬ق ّررت وزارات الثقافة العربية‬ ‫إقامة فعاليات ثقافية يف العواصم واملدن العربية‬ ‫احتفاالً بالقدس عاصمة للثقافة العربية‪.‬‬ ‫كما أقامت وزارة الثقافة الفلسطينية أسابيع‬ ‫عمان‬ ‫ثقافية يف هذه املناسبة يف ك ّل من تونس و ّ‬ ‫ودمشق وبيروت والقاهرة والرياض و ُعمان‬ ‫والشارقة وطرابلس‪ ،‬تض ّمنت ندوات أدبية‬ ‫وأمسيات شعرية ومعارض للرتاث الفلسطيين‬ ‫ومعارض للصور‪ ،‬والعروض املسرحية‪ .‬وشارك‬ ‫يف هذه الفعاليات أدباء وشعراء ونقاد وفنانون‬ ‫وأكادمييون فلسطينيون من داخل فلسطين‬ ‫وخارجها‪ .‬كانت القدس ضيف شرف على‬ ‫معرض القاهرة الدولي للكتاب‪ ،‬ومهرجان‬ ‫الرباط الدولي للسينما‪ ،‬والمهرجان العربي‬ ‫لإلذاعة والتلفزيون الذي أهدى دورته الرابعة‬ ‫عشرة ملدينة القدس‪ .‬كما ّ‬ ‫نظمت األمانة العامة‬ ‫التحاد األدباء والكتّ اب العرب يف القاهرة ندوة‬ ‫حول "القدس وثقافة المقاومة" شارك فيها‬ ‫أدباء وباحثون فلسطينيون وعرب من أعضاء‬ ‫االحتاد‪.‬‬ ‫كما قام عدد من الدول العربية بتنظيم‬ ‫مؤمترات وندوات وورش عمل وعروض تراثية‬ ‫تدور حول القدس‪ .‬وقد تع ّددت هذه األنشطة‬ ‫وازدمحت بها املنتديات الثقافية العربية‪ ،‬من‬ ‫احمليط إىل اخلليج‪ ،‬على مدار العام‪ ،‬حتى بلغ‬ ‫عدد هذه األنشطة‪ ،‬بغض النظر عن حجمها‬ ‫وحمتواها ومدار تركيزها‪ ،‬اآلالف‪ .‬وقد ّ‬ ‫نظمت‬ ‫بعض هذه األنشطة اليت تدور حول املدينة‬ ‫املق ّدسة جامعات ومعاهد ومدارس يف أحناء‬ ‫العامل العربي املختلفة‪ .‬ففي األردن‪ ،‬ولقربه‬

‫اجلغرايف وتالمحه التارخيي مع فلسطين‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تشكلت جلنة مسيت اللّجنة الوطنية‬ ‫الحتفالية القدس عاصمة ثقافية‪ ،‬وتتألف‬ ‫ومؤسسات اجملتمع‬ ‫املؤسسات الرمسية ّ‬ ‫من ّ‬ ‫املدني وعدد من الشخصيات العامة واملثقفني‬ ‫األردنيني‪ .‬واجتمعت اللّجنة قبل بدء املناسبة‬ ‫لتحديد الفعاليات وق ّررت طباعة عدد من الكتب‪،‬‬ ‫التارخيية والسياسية والثقافية واإلبداعية‪،‬‬ ‫اليت تدور حول القدس‪ ،‬وإعادة طباعة الكتب‬ ‫املرجعية حول المدينة المقدسة‪ .‬وأعلنت‬ ‫اللّجنة عن مسابقة وطنية لتأليف الكتب اليت‬ ‫تدور حول المدينة المقدسة لتّتم طباعتها‬ ‫أثناء االحتفالية وبعد انتهائها كذلك‪.‬‬ ‫لكن أهم عمل قامت به اللّجنة الوطنية‬ ‫األردنية إلعالن القدس عاصمة للثقافة هو‬ ‫قيامها بدعم إصدار مؤلّفات عدد من الباحثني‬ ‫واملتخصصني البارزين يف تاريخ القدس‪ ،‬فقد‬ ‫عملت اللّجنة على إعادة إصدار أعمال املؤرخ‬ ‫الفلسطيين الراحل د‪ .‬كامل العسلي‪ :‬القدس‬ ‫في التاريخ‪ ،‬بيت المقدس في كتب الرحالت‬ ‫عند العرب والمسلمين‪ ،‬من آثارنا في بيت‬ ‫المقدس‪ ،‬أجدادنا في ثرى بيت المقدس‪،‬‬ ‫فضائل بيت المقدس‪ ،‬ووثائق مقدسية؛ وكذلك‬ ‫أعمال املؤرخ الفلسطيين الراحل عارف العارف‪:‬‬ ‫المفصل في تاريخ القدس‪ ،‬تاريخ قبة الصخرة‬

‫‪635‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 636‬للتنمية الثقافية‬

‫ويف مصر أيضاً‪ ،‬نشطت وزارة الثقافة وهيئاتها‬ ‫املؤسسات الثقافية األهلية يف تنظيم‬ ‫وبعض ّ‬ ‫مؤمترات وندوات ولقاءات أدبية واحتفاليات‬ ‫فنية حول القدس يف معظم احملافظات‪ .‬ومن‬ ‫أهم هذه الفعاليات أسبوع ثقايف ّ‬ ‫نظمته وزارة‬ ‫الثقافة بالتعاون مع اجلانب الفلسطيين يف دار‬ ‫األوبرا المصرية‪ .‬وكانت القدس أحد احملاور‬ ‫الرئيسية يف معرض القاهرة الدولي للكتاب‬ ‫عرب سلسلة ندوات وأمسيات شعرية وعروض‬ ‫مسرحية وأفالم سينمائية‪.‬‬ ‫وّ‬ ‫متيزت الفعاليات املصرية حول القدس‬ ‫حبضور ملموس لألطفال‪ ،‬من خالل نشاطات‬ ‫جلنة ثقافة الطفل يف المجلس األعلى للثقافة‬ ‫اليت ّ‬ ‫نظمت أكثر من ندوة‪ ،‬والهيئة العامة‬ ‫لقصور الثقافة اليت ّ‬ ‫نظمت احتفالية "القدس‬ ‫لنا" حيث عرض فيها حنو مائة طفل رسوماً يف‬ ‫صورة لوحات وجداريات‪ ،‬وغريها‪.‬‬ ‫كما ّ‬ ‫نظمت دار الكتب والوثائق مؤمتراً حول‬ ‫القدس ر ّكزت فيه على تاريخ املدينة املق ّدسة‬ ‫عرب العصور‪ .‬وقد دعا املؤمتر إىل نشر الوثائق‬ ‫والقرارات الدولية‪ ،‬واملخطوطات العربية وغري‬ ‫العربية اليت تؤ ّكد عروبة القدس وفلسطين‪،‬‬ ‫وتثبت زيف االدعاءات اإلسرائيلية حول يهودية‬ ‫القدس وفلسطين يف التاريخ القديم واحلديث‪.‬‬ ‫كما أقام منتدى الفكر العربي يف عمان‬ ‫ندوة حول "القدس في الضمير" رعاها األمير‬ ‫الحسن بن طالل رئيس املنتدى الذي ش ّدد على‬ ‫أن القدس أمانة يف أعناق ك ّل املخلصني من‬ ‫أبناء األ ّمة‪.‬‬ ‫وزارة الثقافة المغربية أقامت‪ ،‬بالتعاون‬ ‫مع بيت الشعر المغربي‪ ،‬وبدعم من بيت مال‬ ‫القدس‪ ،‬الذي يتّخذ من الرباط مركزاً له‪ ،‬أياماً‬ ‫ثقافية فلسطينية شارك فيها كتّاب فلسطينيون‬ ‫ومغاربة‪ .‬وتر ّكز البحث حول فلسطين‪ :‬املكان‬ ‫والكتابة‪ ،‬والقدس الشريف‪ :‬التاريخ واهلوية‪ ،‬يف‬

‫إشارة إىل طبيعة العالقة اليت تربط الكاتب‬ ‫الفلسطيين باملكان الفلسطيين والقدس بوصفها‬ ‫تارخياً وهوية ومعنى رمزياً للوجود الفلسطيين‪.‬‬ ‫يف الوقت نفسه كانت القدس حموراً للتفكري‬ ‫والكتابة والتأمل يف الدوريات والصحف العربية‪،‬‬ ‫وكذلك يف الربامج التلفزيونية واإلذاعية‬ ‫العربية‪ .‬فقد اهتم عدد كبري من اجملالت بإفراد‬ ‫مساحات كبرية من صفحاتها للقدس يف عامها‬ ‫عاصمة للثقافة العربية‪ ،‬كما نشر بعضها ملفات‬ ‫عن القدس‪ ،‬ودراسات‪ ،‬ومقاالت‪ ،‬وحتقيقات‪،‬‬ ‫وأشعاراً وتأمالت وجدانية‪ ،‬يف مشاركة فاعلة‬ ‫من جانب اإلعالم العربي يف هذه املناسبة اليت‬ ‫أعادت القدس إىل الوجدان العربي بقّوة رغم‬ ‫األجواء السياسية العربية املرتدية‪.‬‬ ‫وقد نشرت "المجلة الثقافية"‪ ،‬اليت تصدر‬ ‫عن الجامعة األردنية‪ ،‬ملفاً موسعاً عن القدس‬ ‫يف الوجدان والثقافة‪ .‬وحاولت اجمللة أن تنظر‬ ‫يف معنى القدس اليوم بالنسبة للفلسطينيني‬ ‫والعرب واملسلمني‪.‬‬ ‫كما نشرت جملة الدوحة القطرية حبثاً‬ ‫يدور حول القدس بني اليهودية واإلسالم‪.‬‬ ‫ونشرت جملة المستقبل العربي دراسة عن‬ ‫سياسة تهويد القدس خلصت فيها إىل أن قضية‬ ‫القدس أصبحت اآلن يف خط الدفاع األخري‪،‬‬ ‫وربع الساعة األخرية‪.‬‬ ‫هذا بالطبع بعض ممّ ا أمكن رصده يف‬ ‫املؤمترات والندوات وورشات العمل اليت أقيمت‬ ‫يف فلسطني والعامل العربي حول القدس يف‬ ‫احتفاليتها‪ ،‬وهذا غيض من فيض مما نشرته‬ ‫اجملالت والدوريات العربية املختلفة‪ .‬وقد‬ ‫ر ّكزت مجيعها على املكانة التارخيية والدينية‬ ‫والرمزية للقدس يف أذهان الفلسطينيني‬ ‫والعرب واملسلمني‪ ،‬ودعت تلك املؤمترات‬ ‫والدراسات واملقاالت اليت نشرتها الدوريات‬ ‫إىل ضرورة إنقاذ القدس من مسلسل التهويد‬


‫الحصاد الثقافي والفكري‬

‫المؤسسة‬ ‫حين نتأ ّمل ما فعلته‬ ‫ّ‬ ‫الرسمية اإلسرائيلية سنة ‪،2007‬‬ ‫المؤسسات الثقافية والكتّاب‬ ‫وكذلك‬ ‫ّ‬ ‫والمثقفون والفنانون اإلسرائيليون عندما‬ ‫احتفلوا عاماً كام ً‬ ‫ال بالقدس عاصمة‬ ‫أبدية إلسرائيل بمناسبة مرور أربعين‬ ‫عاماً على احتاللهم للمدينة المق ّدسة‪،‬‬ ‫يتبيّن أ ّن العرب بالفعل قصروا عن‬ ‫اللّحاق بالمحتّل ومجاراته في إقناع‬ ‫العالم بأهمية القدس بالنسبة إليهم‪،‬‬ ‫وبالح ّق التاريخي للفلسطينيين والعرب‬ ‫والمسلمين في هذه المدينة التي كانت‬ ‫عربية على مدار التاريخ‪..‬‬

‫ا لحصاد‬

‫املرعب الذي تتعرض له المدينة المقدسة‪،‬‬ ‫عروس املدائن‪ ،‬وإىل تغيرّ املعنى الرمزي‬ ‫للمدينة يف ضوء الت ّحول الدميوغرايف الذي‬ ‫أحدثه وال زال حيدثه االستيطان الصهيوني‬ ‫البشع‪ ،‬فغدت القدس ال رمز املقاومة‪ ،‬كما‬ ‫كانت على الدوام‪ ،‬بل رمز األندلس الضائعة‬ ‫اليت آلت إليها القدس وفلسطين يف غياب‬ ‫خطة اسرتاتيجية عربية إلنقاذ املدينة املقدسة‬ ‫تضم بني ظهرانيها أوىل القبلتني وثالث‬ ‫اليت ُّ‬ ‫احلرمني الشريفني‪ ،‬ومسجد عمر‪ ،‬كما تضم‬ ‫كنيسة القيامة اليت هي رمز مسيحي يتعرض‬ ‫للتهديد كما هو المسجد األقصى الذي بارك‬ ‫اهلل حوله‪.‬‬ ‫لقد حضرت القدس يف احلياة الثقافية‬ ‫العربية خالل العام ‪ ،2009‬وظلّت مدار حبث‬ ‫طوال العام الذي كانت فيه عاصمة دورية‬ ‫للثقافة العربية‪ .‬ومع أن عدداً من املثقفني‬ ‫العرب دعوا إىل ضرورة أن تبقى القدس‬ ‫عاصمة أبدية للثقافة العربية‪ ،‬إالّ أن تتويج‬ ‫املدينة املق ّدسة عاصمة للثقافة العربية ملدة‬ ‫عام واحد هو إشارة رمزية إىل أن العرب مل‬ ‫ينسوا القدس‪ .‬لكن هذه اإلشارة مل تكن كافية‪،‬‬ ‫خصوصاً ما مل يكن ذلك مصحوباً خبطوات‬ ‫عملية إلنقاذ المدينة المقدسة من وحش‬ ‫التهويد‪ ،‬واالستيالء على أمالك املسلمني‬ ‫واملسيحيني يف القدس الشرقية‪ ،‬ومصادرة‬ ‫هويات أهالي القدس وطردهم خارج املدينة‬ ‫حبجج غري قانونية‪ ،‬متهيداً لالستيالء على‬ ‫أمالكهم وإنشاء أحياء يهودية على أنقاض‬ ‫األحياء العربية‪.‬‬ ‫مع ذلك فك ّل ما فعله الفلسطينيون‬ ‫وأشقاؤهم العرب مل يكن كافياً‪ ،‬من الناحيتني‬ ‫العملية والنظرية‪ ،‬كما أن االهتمام بالقدس ّ‬ ‫حط‬ ‫رحاله يف ال مكان بعد انتهاء االحتفالية‪ ،‬فيما‬ ‫تر ّكزت الدعوة خالل العام ‪ 2009‬على ضرورة‬

‫أن تظ ّل القدس حمل اهتمام بصورة مستمرة‪.‬‬ ‫املؤسسة الرمسية‬ ‫ولو قارنا ما فعلته سنة ‪ّ 2007‬‬ ‫املؤسسات الثقافية والكتّاب‬ ‫اإلسرائيلية‪ ،‬وكذلك ّ‬ ‫واملثقفون والفنانون اإلسرائيليون عندما احتفلوا‬ ‫عاماً كام ًال بالقدس عاصمة أبدية إلسرائيل‬ ‫مبناسبة مرور أربعني عاماً على احتالل‬ ‫إسرائيل للقدس‪ ،‬لوجدنا أننا بالفعل قصرنا‬ ‫عن اللّحاق باحملتل وجماراته يف إقناع العامل‬ ‫بأهمية القدس بالنسبة لنا‪ ،‬واحلق التارخيي‬ ‫للفلسطينيني والعرب واملسلمني يف هذه املدينة‬ ‫اليت كانت عربية على مدار التاريخ‪ .‬فاملسارح‬ ‫ومعارض الفن التشكيلي ودور السينما وقاعات‬ ‫احملاضرات‪ ،‬يف القدس‪ ،‬ويف املدن واملستوطنات‬ ‫اإلسرائيلية‪ ،‬كانت حتتفل بالقدس ومرياثها‬ ‫الثقايف اليهودي؛ وذلك يف الوقت الذي كانت‬ ‫املؤسسة العسكرية والسياسية اإلسرائيلية تعمل‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫حممومة على تهويد القدس مكانا وروحا ومعنى‬ ‫وثقافة‪.‬‬ ‫فماذا فعل العرب والفلسطينيون ملنع‬ ‫الكارثة؟ كان باإلمكان إطالق محلة إعالمية‬ ‫عربية واسعة يف العواصم العاملية املؤثّرة‬ ‫لتوضيح خمالفة إسرائيل للقانون الدولي‬ ‫وعملها املستمر منذ إحتالل ‪ 1967‬على تهويد‬ ‫القدس وطرد أهلها الفلسطينيني منها‪،‬‬ ‫واستيالئها على األراضي الفلسطينية يف القدس‬ ‫وبناء مستوطنات عليها‪ .‬كان بإمكان اللّجان‬ ‫املختلفة‪ ،‬املش ّكلة لالحتفال بالقدس عاصمة‬ ‫ثقافية‪ ،‬تكليف متخصصني عرب وأجانب يف‬ ‫تاريخ القدس ومعمارها وأهميتها كعاصمة‬ ‫للديانات السماوية الثالث لتأليف كتب يف عدد‬ ‫من الّلغات األساسية ونشرها عن كربيات دور‬ ‫النشر العاملية‪ ،‬وتوثيق اجلرائم اليت ارتكبتها‬ ‫إسرائيل يف القدس بهدف حمو هويتها العربية‬ ‫واإلسالمية واملسيحية‪.‬‬ ‫ذلك مل حيصل لألسف‪ .‬لقد حتدثنا طوال‬

‫‪637‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 638‬للتنمية الثقافية‬

‫تحدث العرب طوال العام‬ ‫لقد ّ‬ ‫إلى أنفسهم‪ ،‬ولم يتجاوز صوتهم حدود‬ ‫عالمنا العربي الذي يحب القدس ويتوق‬ ‫إلى تحريرها‪ .‬ولكن ما زال ممكناً‬ ‫تفعيل مقترحات ثقافية مهمة ُطرحت‬ ‫خالل الفعاليات التي أقيمت في إطار‬ ‫هذا االحتفال‪ .‬ومنها على سبيل المثال‬ ‫مقترحات بشأن التزام ك ّل دولة عربية‪ ،‬أو‬ ‫أكبر بعدد ممكن منها‪ ،‬عبر إقامة أو تبنّي‬ ‫مشروع ثقافي معيّ ٍن في القدس‪..‬‬ ‫ٍ‬ ‫‪2009‬‬

‫منحت لجنة االختيار التابعة‬ ‫لليونسكو بيروت رسمياً لقب "عاصمة‬ ‫عالمية للكتاب" لعام ‪ .2009‬وكانت‬ ‫سبقت بيروت إلى هذه التسمية ثماني‬ ‫مدن عالمية‪ ،‬من بينها اإلسكندرية التي‬ ‫كانت المدينة العربية األولى التي تحمل‬ ‫اللّقب وكان ذلك في العام ‪..2002‬‬

‫العام ‪ 2009‬إىل أنفسنا‪ ،‬ومل جياوز صوتنا حدود‬ ‫عاملنا العربي الذي حيب القدس ويتوق إىل‬ ‫حتررها من نري اإلحتالل من دون شك‪ .‬لكننا‬ ‫يف معركة يومية شرسة ال تنفع فيها العاطفة‬ ‫وال عقلية االحتفال‪ .‬ولكن ما زال ممكناً تفعيل‬ ‫مقرتحات ثقافية مه ّمة ُطرحت خالل الفعاليات‬ ‫اليت أقيمت يف إطار هذا االحتفال‪ .‬ومنها على‬ ‫سبيل املثال مقرتحات بشأن التزام ك ّل دولة‬ ‫عربية‪ ،‬أو أكرب عدد ممكن منها‪ ،‬بإقامة أو‬ ‫مشروع ثقايف معينّ ٍ يف القدس‪ ،‬ومتويله‬ ‫تبنيّ‬ ‫ٍ‬ ‫على أن يُعهد إىل شركة أو أكثر لتنفيذه‪ .‬وميكن‬ ‫أن يكون هذا املشروع ترميماً ملساجد وكنائس‬ ‫ومعامل حضارية أساسية‪ ،‬مبا يف ذلك شوارع‬ ‫وأبنية وبيوت تارخيية‪ ،‬أو مسرح كبري أو مكتبة‬ ‫عامة أو دار سينما أو متحف أو مركز ثقايف‪ .‬فما‬ ‫أكثر املعامل التارخيية الثقافية واحلضارية اليت‬ ‫تنادي ك ّل من يستطيع اإلسهام عرب مشروعات‬ ‫ترميم يعتربها العامل ومنظمة "اليونيسكو"‬ ‫الدولية عم ًال ثقافياً ال جيوز منعه ألسباب‬ ‫سياسية‪.‬‬ ‫بيروت عاصمة عالمية للكتاب‬

‫بدءاً من ‪ 23‬نيسان (أبريل) ‪ 2009‬وحتى‬ ‫‪ 23‬نيسان (أبريل) ‪ 2010‬كانت بيروت عاصمة‬ ‫عاملية للكتاب‪ ،‬ومس ّمى "عاصمة عالمية‬ ‫للكتاب" لقب متنحه منظمة اليونسكو ملدينة‬ ‫معيّنة اعرتافاً هلا بدورها املميّز يف حياة‬ ‫منطقتها الثقافية‪ ،‬وتقديراً للربامج اليت تتق ّدم‬ ‫بها للمنافسة وتهدف إىل تعزيز صناعة الكتاب‬ ‫والقراءة‪ .‬سبقت بيروت إىل هذه التسمية‬ ‫ّ‬ ‫مثاني مدن عاملية‪ ،‬وكانت بيروت هي املدينة‬ ‫التاسعة‪ .‬وقد انطلقت فكرة مشروع "عاصمة‬ ‫عالمية للكتاب" عام ‪ ،1996‬إذ اختريت هلذا‬ ‫اللقب‪ ،‬ألول م ّرة‪ ،‬مدينة مدريد عام ‪،2001‬‬ ‫ث ّم تبعتها اإلسكندرية (‪ ،)2002‬ونيودلهي‬

‫ومونتريال‬

‫(‪ ،)2003‬وانتورب (‪،)2004‬‬ ‫(‪ ،)2005‬وتورينتو (‪ ،)2006‬وبوغوتا (‪،)2007‬‬ ‫وأمستردام (‪ .)2008‬ويف ‪ 2‬متوز ‪ 2007‬منحت‬ ‫جلنة االختيار التابعة لليونسكو العاصمة‬ ‫اللبنانية بيروت رمسياً لقب "عاصمة عالمية‬ ‫للكتاب" لعام ‪.2009‬‬ ‫وضعت وزارة الثقافة اللبنانية‪ ،‬وبلدية‬ ‫بيروت اسرتاتيجية للعمل مع اجملتمع املدني‬ ‫والقطاع اخلاص‪ ،‬من أجل إبراز وجه بيروت‬ ‫الثقايف بعد سنوات احلرب الطويلة اليت أعاقت‬ ‫عاصمة النشر يف العامل العربي عن أداء دورها‬ ‫املأمول يف تنشيط الوضع الثقايف وتهيئة األجواء‬ ‫املالئمة للنهوض بوضع القراءة يف لبنان‪.‬‬ ‫وش ّددت االسرتاتيجية‪ ،‬اليت جرى وضعها قبل‬ ‫بدء فعاليات املشروع‪ ،‬على إنشاء جتمع ثقايف‬ ‫وطين وتوحيد املواطنني ضمنه‪ ،‬واحرتام حقوق‬ ‫املواطن الثقافية‪ ،‬استناداً إىل وثيقة احلق‬ ‫الثقايف اليت تبنّتها اليونسكو؛ كما هدفت إىل‬ ‫تشجيع مبادرات القطاع اخلاص الثقافية‪ ،‬ودعم‬ ‫املكتبات العامة‪ ،‬وتقوية الثقافة الشعبية‪ ،‬وتقوية‬ ‫الروابط بني الرتبية والثقافة‪ ،‬والروابط بني‬ ‫اإلعالم والثقافة‪ ،‬والسياحة والثقافة‪ .‬وتر ّكز‬ ‫االهتمام بصورة أساسية على تدعيم قطاع‬ ‫الكتب يف لبنان يف مراحله املختلفة من تأليف‬ ‫وإنتاج وتوزيع‪ ،‬وتشجيع املطالعة يف أماكن‬ ‫عامة حم ّددة مثل مكتبات املدارس واملكتبات‬ ‫العامة‪ ،‬بغرض الرتويج للكتاب ومؤلفيه وت ّذوق‬ ‫متعة القراءة‪ ،‬وكذلك تبين مقاربة متنّوعة‬ ‫حنو الثقافة من خالل التعريف باإلرث الثقايف‬ ‫ورعاية األحداث الثقافية واملناسبات األدبية‬ ‫والفكرية‪ ،‬وتعزيز صورة بيروت موقعاً للتبادل‬ ‫الثقايف واحلوار‪ .‬وقد استخدمت اجلهات‬ ‫املختلفة املشاركة يف التظاهرة شعارات عديدة‬ ‫للرتويج لبيروت عاصمة عالمية للكتاب ‪،2009‬‬ ‫منها "بريوت تكتب‪ ..‬بريوت تنشر‪ ..‬بريوت‬


‫الحصاد الثقافي والفكري‬

‫وضعت وزارة الثقافة اللبنانية‪ ،‬وبلدية‬ ‫بيروت استراتيجية للعمل مع المجتمع‬ ‫المدني لالحتفال ببيروت عاصمة عالمية‬ ‫للكتاب‪ .‬وش ّددت االستراتيجية على إنشاء‬ ‫تج ّمع ثقافي وطني وتوحيد المواطنين‬ ‫ضمنه‪ ،‬واحترام حقوق المواطن الثقافية‪،‬‬ ‫كما هدفت إلى تشجيع المبادرات‬ ‫الثقافية للقطاع الخاص‪..‬‬

‫ا لحصاد‬

‫تقرأ"‪ ،‬و"بريوت احلرف‪ ..‬بريوت الكلمة‪..‬‬ ‫بريوت الكتاب"‪ ،‬و"اللّبنانيون ينتشرون يف مجيع‬ ‫أحناء العامل ويف العام ‪ 2009‬سيأتي العامل‬ ‫إليهم"‪ ...‬إخل‪ .‬وعكست هذه الشعارات طموح‬ ‫القائمني على املشروع لتحقيق االسرتاتيجية‬ ‫اليت أعلنتها وزارة الثقافة اللبنانية قبل أشهر‬ ‫من بدء الفعاليات‪.‬‬ ‫وقد نُفّذ خالل العام ‪ 2009‬ما بني شهر‬ ‫نيسان (أبريل) وشهر كانون أول (ديسمرب)‪،‬‬ ‫ومبناسبة بيروت عاصمة عالمية للكتاب‪ ،‬عدد‬ ‫كبري من األنشطة احمللية والعربية وذات الطابع‬ ‫الدولي‪.‬‬ ‫ومن بني األنشطة البارزة إعالن معهد‬ ‫الدراسات الشرقية يف بيروت عن إعادة نشر‬ ‫‪ 130‬كتاباً أتلفت خالل العدوان اإلسرائيلي على‬ ‫لبنان يف متوز ‪ ،2006‬وهي عائدة إىل المكتبة‬ ‫اإلسالمية اليت تش ّكل واحدة من املكتبات‬ ‫املرجعية يف موضوعي التاريخ واألدب العربيني‪،‬‬ ‫وكذلك يف الفكر اإلسالمي‪ .‬وقد ّمت نشر هذه‬ ‫الكتب بداية يف إسطنبول يف ثالثينيات القرن‬ ‫املاضي؛ ويقوم معهد الدراسات الشرقية بالعمل‬ ‫على هذه السلسلة منذ ما يزيد على مخسني‬ ‫عاماً‪.‬‬ ‫كما اختارت بيروت كتّابها العرب الشبان يف‬ ‫تظاهرة يف عنوان "بريوت ‪ ،"39‬وهو تقليد بدأ يف‬ ‫بوغوتا عاصمة العالم للكتاب عام ‪ .2007‬وقد‬ ‫اختارت جلنة خاصة من املثقفني والكتاب والنقاد‬ ‫ممن ال تزيد أعمارهم‬ ‫العرب البارزين ‪ 39‬كاتباً ّ‬ ‫على ‪ 39‬عاماً‪ .‬والفكرة يرعاها مهرجان هاي يف‬ ‫بريطانيا‪ ،‬وهو عبارة عن كرنفال ضخم حيتفي‬ ‫باألدب والطعام والكوميديا واملوسيقى يف أرجاء‬ ‫العامل ومناطقه املختلفة‪ .‬وخيتار مهرجان هاي‬ ‫ك ّل عام منطقة حم ّددة من العامل ليحتفل بها‬ ‫وبكتّابها‪ ،‬وآدابها وفنونها وموسيقاها‪ ،‬وعادات‬ ‫الطبخ وأنواع الطعام فيها‪ .‬وقد وقع االختيار‬

‫على العامل العربي ليكون ضيف املهرجان العام‬ ‫‪ .2010‬وكانت مهمة بيروت هي اختيار ‪ 39‬كاتبة‬ ‫وكاتباً عربياً شاباً بغض النظر عن الّلغة اليت‬ ‫يكتبون بها‪ ،‬أو اجلنس األدبي الذي ينتجون يف‬ ‫إطاره‪ .‬و ّمت اختيار هؤالء ال ّكتاب الشبّان استناداً‬ ‫إىل حضورهم وإسهاماتهم يف احلياة الثقافية‬ ‫العربية ومشاركتهم الفعلية يف احلراك الثقايف‬ ‫يف بلدانهم وخارجها‪ .‬وقد أعلن عن الكتّاب الـ‬ ‫‪ 39‬يف شهر أيلول من العام ‪ 2009‬حيث شاركوا يف‬ ‫احتفال بيروت عاصمة عالمية للكتاب يف شهر‬ ‫تشرين أول ‪ 2009‬الذي شهد أكثر من مخسني‬ ‫فعالية ثقافية احتفت باحلراك الثقايف واألدبي‬ ‫يف العامل العربي‪ .‬كما أن هؤالء الكتّاب الشبّان‬ ‫سيشاركون يف عدد من األنشطة اليت تقام يف‬ ‫السنوات التالية يف بعض عواصم العامل ومدنه‬ ‫اليت تعنى بالتنّوع الثقايف يف العامل‪ ،‬وتهتم بأدب‬ ‫الشباب وثقافته بصورة خاصة‪.‬‬ ‫ويف بادرة كان وراءها د‪ .‬شريف مجدالني‪،‬‬ ‫الكاتب واألستاذ يف كلية اآلداب والعلوم‬ ‫االجتماعية يف جامعة القديس يوسف‪ ،‬أعلن‬ ‫يف شهر تشرين الثاني‪/‬نوفمرب عن مشروع‬ ‫"الكتّ اب مساحو المدن"‪ .‬وامتد املشروع على‬ ‫مدى يومني من اللقاءات اليت مجعت مخسة‬ ‫عشر كاتباً لبنانياً وأجنبياً‪ ،‬من روائيني وشعراء‬ ‫وباحثني‪ ،‬اهتموا مبدينة بيروت أو كتبوا عنها‪.‬‬ ‫وقد كان املشروع مناسبة إلطالق فكرة بيت‬ ‫الكتاب الدولي ومقره مدينة بيروت‪ .‬وأبرمت‬ ‫جامعة القديس يوسف شراكة مع ناشر لبناني‬ ‫يف مدينة بردو الفرنسية ‪Les Bords Perdus‬‬ ‫إلطالق جملة لإلبداع األدبي نشرت أعدادها‬ ‫األوىل خالل سنة بيروت عاصمة عالمية‬ ‫للكتاب‪.‬‬ ‫ومن بني املشروعات الالفتة اليت أطلقت‬ ‫يف سنة بريوت عاصمة عاملية للكتاب "الكتاب‬ ‫المسموع" الذي أشرف عليه الشاعر اللبناني‬

‫‪639‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 640‬للتنمية الثقافية‬

‫هنري زغيب ومجع فيه عدداً من قصائد يف الندوة ‪ 15‬ناقداً وروائياً من‬ ‫الشعراء الكبار الذين كتبوا عن بيروت‪ ،‬وفلسطين واألردن ومصر والسعودية والمغرب‬ ‫حيث ض ّمت املادة الشعرية العربية نصوصاً وتونس والجزائر والبحرين‪ ،‬حيث حبث هؤالء‬ ‫لألخطل الصغير (لبنان)‪ ،‬وغازي القصيبي النقّاد واقع الرواية العربية يف الوقت الراهن‪.‬‬ ‫(السعودية)‪ ،‬ولميعة عباس عمارة (العراق)‪،‬‬ ‫مؤسسة الدراسات الفلسطينية‬ ‫كما عقدت‬ ‫ّ‬ ‫ومنصور الرحباني (لبنان)‪ ،‬وسعاد الصباح يف بيروت ندوة حول بيروت في اإلنتاج األدبي‬ ‫(الكويت)‪ ،‬ونزار قباني (سوريا)‪ ،‬ومحمود والفكري يف موضوع الصراع العربي اإلسرائيلي‪،‬‬ ‫درويش (فلسطين)‪ .‬أما النصوص الفرنسية حيث قرأت الندوة حالة فلسطين والصراع‬ ‫فهي لناديا خوري داغر‪ ،‬وأندريه شديد‪ ،‬العربي الصهيوني يف اإلنتاج األدبي والفكري‬ ‫وناديا تويني‪ ،‬وكلير جبيلي‪.‬‬ ‫العربي‪ ،‬وكذلك يف اإلنتاج الفكري واألدبي‬ ‫وقد ّ‬ ‫مؤسسة "أيدة" ‪ ،AIDA‬الغربي‪ .‬ودرست ندوة أخرى موضوع "بيروت‬ ‫نظمت ّ‬ ‫بالتعاون مع وزارة الثقافة اللّبنانية ومعهد عاصمة للكتاب المترجم" وذلك مبشاركة‬ ‫سرفانتس لتعليم الّلغة اإلسبانية في لبنان‪ ،‬مرتمجني وباحثني وأكادمييني من لبنان ومصر‬ ‫طاولة مستديرة حول "الروابط الّلغوية وآثار وسورية وفلسطين واألردن والسعودية وتونس‪.‬‬ ‫االختالط بني الّلغة العربية ولغات اإلمرباطورية‬ ‫ومن بني األنشطة البارزة اليت جرت يف‬ ‫اإلسالمية"‪ .‬ور ّكزت الطاولة املستديرة على أثناء سنة بريوت عاصمة عاملية للكتاب معرض‬ ‫أثر الّلغة العربية يف إسبانيا الذي يتجلّى يف الكتاب الفرنكوفوني‪ ،‬الذي يع ّد املوعد الدائم‬ ‫املخطوطات اإلسبانية اليت ّمت نسخها باخلط بالنسبة إىل الفرنكوفونيني العرب حيث يؤ ّمه ك ّل‬ ‫العربي‪ .‬ودرست ندوة أخرى أثر العامل العربي عام أكثر من مائة ألف زائر‪ .‬لكن دورته اليت‬ ‫يف ثقافة أميركا الالتينية من خالل التبادل تزامنت مع احتفالية بريوت استقطبت أعداداً‬ ‫الثقايف بني أفواج املهاجرين العرب إىل تلك أكرب من الزائرين إذا ما قورنوا بعدد من‬ ‫البلدان اليت ت ّدفقت عليها منذ القرن التاسع أ ّموا املعرض يف السنوات السابقة‪ ،‬بسبب زخم‬ ‫عشر‪.‬‬ ‫األنشطة ودعوة عدد من الكتّاب الفرنكوفونيني‬ ‫ومن بني املؤمترات اليت ر ّكزت على دور البارزين يف حوض البحر املتوسط‪ ،‬وعلى‬ ‫بيروت‪ ،‬مؤمتر "بيروت رائدة الحريات رأسهم الروائي الفرنسي جان ماري لوكليزيو‬ ‫في الشرق" الذي ّ‬ ‫نظمته الحركة الثقافية احلاصل على جائزة نوبل لآلداب العام ‪،2008‬‬ ‫أنطلياس‪ .‬وقد درس املؤمتر تاريخ صعود دور واملؤرخ الفرنسي املعروف هنري لورنس‪ ،‬إىل‬ ‫بيروت يف القرن التاسع عشر‪ ،‬وحضور بيروت جانب الكاتبني الفرنكوفونيني لبنانيي األصل‬ ‫يف الوجدان العربي والغربي‪ ،‬كما ر ّكز على صالح ستيتية وفينوس خوري غاتا‪ .‬وقد‬ ‫احلريات األدبية والفنية يف بيروت اليت جعلت اختارت المنظمة الدولية الفرنكوفونية أن‬ ‫منها قبلة للكتّاب واملثقفني والفنانني العرب‪.‬‬ ‫متنح جائزة القارات اخلمس خالل املعرض‪،‬‬ ‫ومن الندوات البارزة أيضاً ندوة "نقد وكانت قد منحت العام ‪ 2009‬لكاتب من توغو‬ ‫الرواية العربية‪ :‬المنجز واإلشكاالت" اليت يروي عن اجملازر اليت عايشها لسنوات طويلة‬ ‫جرت بالتعاون ما بني الدار العربية للعلوم – يف بالده‪ .‬شارك يف املعرض وحفل تسليم‬ ‫ناشرون ووزارة الثقافة اللبنانية‪ .‬وقد شارك اجلائزة الفائز باجلائزة نفسها يف دورة سابقة‬ ‫لبنان وسوريا‬


‫الحصاد الثقافي والفكري‬

‫دفعت مناسبة االحتفال ببيروت‬ ‫عاصمة عالمية للكتاب عدداً ال بأس به‬ ‫من دور النشر اللبنانية إلى زيادة ما‬ ‫تنشره من كتب فبلغ عدد العناوين التي‬ ‫نشرها بعض تلك الدور سنة ‪ 2009‬أكثر‬ ‫من ‪ 200‬عنوان جديد‪ ،‬فيما ضاعفت دور‬ ‫أخرى العناوين التي تنشرها عادة ك ّل‬ ‫عام‪..‬‬

‫ا لحصاد‬

‫الكاتب التونسي بالفرنسية أوبير حداد عن‬ ‫كتابه "فلسطين"‪ .‬وقد اختار املعرض العاصمة‬ ‫الفرنسية باريس ضيف شرف يف العام ‪.2009‬‬ ‫لكن الالفت أن دور النشر البريوتية‪ ،‬اليت ينشر‬ ‫بعضها بالّلغة الفرنسية بصورة أساسية أو ينشر‬ ‫كتباً بالفرنسية إىل جانب كتبه العربية‪ ،‬شاركت‬ ‫بأربعمئة عنوان جديد بالّلغة الفرنسية‪ ،‬ما يشري‬ ‫إىل كثافة النشر بالفرنسية يف لبنان اليت تعد‬ ‫عاصمة الفرنكوفونية يف املشرق العربي‪.‬‬ ‫من بني الفعاليات املهمة الالفتة أيضاً واليت‬ ‫صاحبت معرض بيروت للكتاب الفرنكوفوني‬ ‫مشروع الباخرة عوليس اليت محلت على‬ ‫متنها عدداً من الكتّاب املتوسطيني ومن‬ ‫ضمنهم لوكليزيو وأدونيس وصالح ستيتية‬ ‫وروبير سوليه‪ .‬وقد كان وراء مبادرة سفينة‬ ‫الكتّ اب‪ ،‬اليت توقفت يف عدد من البلدان‪ :‬منها‬ ‫تتوجه إىل‬ ‫تونس وليبيا واإلسكندرية‪ ،‬قبل أن ّ‬ ‫بيروت‪ ،‬السفري الفرنسي يف مالطا الكاتب‬ ‫دانييل روندو‪ .‬وال شك أن رحلة السفينة‬ ‫تع ّد ذات طابع رمزي على املستويني األدبي‬ ‫والسياسي‪ ،‬فاهلدف منها هو إحياء الكلمات‬ ‫واألفكار على ضفيت املتوسط‪ ،‬كما أشار منظمو‬ ‫الرحلة العوليسية املعاصرة‪.‬‬ ‫يضاف إىل هذه األنشطة والفعاليات‪ ،‬اليت‬ ‫عكست حراكاً ثقافياً الفتاً‪ ،‬أنشطة أخرى اهتمت‬ ‫بالطابع احمللي للثقافة اللبنانية‪ .‬فقد ك ّرمت‬ ‫بريوت عدداً من كتّابها وروائييها وشعرائها‬ ‫البارزين الذين أسهموا يف نهضتها الثقافية‬ ‫على مدار عقود من الزمن‪ .‬وهذه األنشطة‬ ‫والفعاليات تع ّد باملئات بالطبع ومن الصعب‬ ‫تعدادها ورصدها يف هذه املساحة الضيقة‪.‬‬ ‫كما أن هناك أنشطة حملية صاحبت االحتفال‬ ‫وامتدت إىل املدارس والكليات واجلامعات‪ ،‬وإىل‬ ‫خارج بريوت العاصمة باجتاه املدن اللبنانية‬ ‫األخرى‪ ،‬لكون االحتفالية ذات طابع وطين وال‬

‫ختص العاصمة بيروت وحدها رغم أنها حتمل‬ ‫ّ‬ ‫امسها‪ .‬لكن األنشطة الكربى ظلت يف بيروت‬ ‫بسبب مركزية العمل الثقايف يف لبنان وغريه من‬ ‫البلدان العربية‪ ،‬ما يؤدي يف العادة إىل خلل يف‬ ‫التنمية الثقافية مل تستطع احلكومات العربية‬ ‫تفاديه‪.‬‬ ‫ومع أننا رصدنا جزءاً ضئي ًال من األنشطة‬ ‫والفعاليات الثقافية يف احتفالية بيروت‪ ،‬أي‬ ‫ما ظنّنا أنه ميثّل األبرز يف هذه الفعاليات‬ ‫واألنشطة‪ ،‬إالّ أن مناسبة االحتفال ببيروت‬ ‫عاصمة عالمية للكتاب دفعت عدداً ال بأس به‬ ‫من دور النشر اللبنانية إىل زيادة ما تنشره من‬ ‫كتب فبلغ عدد العناوين الين نشرتها بعض تلك‬ ‫الدور سنة ‪ 2009‬أكثر من ‪ 200‬عنوان جديد‪،‬‬ ‫فيما ضاعفت دور أخرى العناوين اليت تنشرها‬ ‫عادة ك ّل عام‪ .‬وقد تسابقت دور النشر اللبنانية‬ ‫للمشاركة يف إقامة األنشطة الثقافية وطرح‬ ‫املشاريع‪ ،‬بالتعاون مع وزارة الثقافة اللبنانية‪،‬‬ ‫كون دور النشر من اجلهات املستهدفة بالتشجيع‬ ‫والدعم يف مشروع "بيروت عاصمة عالمية‬ ‫للكتاب"‪ ،‬فهي اليت تقوم بنشر الكتاب وتوزيعه‬ ‫وإيصاله إىل الق ّراء‪ ،‬كما تش ّكل قاعدة أساسية‬ ‫من قواعد التنمية الثقافية واالرتقاء بالكتاب‬ ‫وتنمية فعل القراءة يف اجملتمعات‪.‬‬ ‫وامت ّد االحتفال ببريوت عاصمة عاملية‬ ‫للكتاب عام ‪ 2009‬إىل بالد عربية أخرى مثل‬ ‫مصر اليت احتفلت الهيئة العامة للكتاب‬ ‫فيها بهذه املناسبة خالل مؤتمر اإلسكندرية‬ ‫العربي للكتاب الذي ّ‬ ‫نظمته يف أغسطس‬ ‫‪ ،2009‬واختارت لبنان ضيف شرف فيه بهذه‬ ‫املناسبة‪ .‬وشهد ذلك املعرض األنشطة املعتادة‬ ‫يف معارض الكتاب خالل االحتفال بثقافة معيّنة‬ ‫واستضافتها لتكون ضيف شرف‪ ،‬مثل الندوات‬ ‫اليت شارك فيها عدد من املثقفني اللبنانيني‬ ‫واألمسيات الشعرية وغريها‪.‬‬

‫‪641‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 642‬للتنمية الثقافية‬

‫صناعة الكتاب في العالم العربي‬

‫شغلت صناعة الكتاب العربي‪،‬‬ ‫تأليفاً ونشراً وتوزيعاً‪ ،‬المهتمين وذوي‬ ‫االختصاص من مؤلفين وناشرين وفنيين‬ ‫وموزعين العام ‪ .2009‬كما نشطت‬ ‫جهات عديدة في بحث مستقبل الكتاب‪،‬‬ ‫خصوصاً الورقي منه‪..‬‬

‫إن العالقة بين المثقف المبدع ودور‬ ‫النشر تكاد تكون مأساوية‪ .‬فمع استخدام‬ ‫التكنولوجيا المتطورة في خدمة النشر‬ ‫والتوزيع تضاعفت أرباح دور النشر من‬ ‫دون أن ينال المؤلف نصيبه منها‪ ،‬فبات‬ ‫لدى قراصنة الثقافة في العالم العربي‬ ‫قدرة كبيرة على االستفادة من تكنولوجيا‬ ‫التواصل السريع بأسرع مما يستفيد منها‬ ‫المنتجون األصليون أحياناً‪..‬‬

‫شغلت صناعة الكتاب العربي‪ ،‬تأليفاً‬ ‫ونشراً وتوزيعاً‪ ،‬املهتمني وذوي االختصاص من‬ ‫مؤلفني وناشرين وفنيني وموزعني العام ‪.2009‬‬ ‫ونشطت جهات عديدة يف حبث مستقبل الكتاب‪،‬‬ ‫خصوصاً الورقي منه‪ .‬من هنا فقد كان الكتاب‬ ‫العربي حموراً لعدد من املؤمترات والندوات‬ ‫وورش العمل اليت قرأت أوضاع الكتاب يف العامل‬ ‫العربي خالل السنوات القليلة املاضية وحاولت‬ ‫استشراف حالة الكتاب يف املستقبل يف ضوء‬ ‫التط ّورات‪ ،‬بل الت ّحوالت املتسارعة‪ ،‬خصوصاً‬ ‫يف جمال الطباعة وتوزيع الكتب وطرق وصول‬ ‫الكتاب إىل القارئ‪ ،‬وكذلك يف ضوء التهديدات‬ ‫اليت يواجهها الكتاب الورقي الذي قد حي ّل حملّه‬ ‫الكتاب اإللكرتوني يف مقبل األيام‪ .‬وهلذا بدأت‬ ‫العديد من دور النشر الكربى يف عواصم الكتاب‬ ‫يف العامل تع ّد العدة‪ ،‬على صعيد التعاقد مع‬ ‫الكتّاب واملؤلفني والرسامني واملصممني‪ ،‬وكذلك‬ ‫على صعيد بيع الكتب من خالل اإلنرتنت على‬ ‫هيئة كتاب إلكرتوني ميكن هلا أن تضمن عدم‬ ‫السطو عليه ونسخه من دون دفع ّ‬ ‫مثنه‪ .‬وال ب ّد‬ ‫لدور النشر العربية‪ ،‬واألطراف العديدة اليت‬ ‫تشارك يف صناعة الكتاب أن تف ّكر يف السبل‬ ‫املالئمة اليت حتفظ استمرارية صناعة الكتاب‬ ‫ونشره وتوزيعه‪ ،‬وتدفع به قدماً يف السنوات‬ ‫املقبلة‪.‬‬ ‫لإلجابة عن هذه األسئلة اليت تواجه صناعة‬ ‫مؤسسة الفكر‬ ‫الكتاب يف العامل العربي أقامت‬ ‫ّ‬ ‫العربي مؤمتراً حول حركة التأليف والنشر في‬ ‫العالم العربي يف بيروت حبضور رئيسها األمير‬ ‫خالد الفيصل‪ ،‬وذلك خالل فعاليات بيروت‬ ‫عاصمة عالمية للكتاب‪ ،‬وأصدرت كتاباً تض ّمن‬ ‫األحباث اليت ناقشها املؤمتر يف عنوان "قضايا‬ ‫الكتاب العربي‪ :‬رؤى وشهادات"‪ .‬وقد أطلقت‬ ‫املؤسسة خالل املؤمتر جائزة أهم كتاب عربي‬

‫في العام ‪.2009‬‬ ‫تساءل املؤمتر‪ ،‬يف أوراق العمل اليت ق ّدمها‬ ‫الباحثون املشاركون ويف النقاشات اليت دارت‬ ‫بني احملاضرين واجلمهور الذي تابع املؤمتر‪ ،‬عن‬ ‫إسهام حركة التأليف يف صياغة مشروع نهضوي‬ ‫عربي‪ ،‬وهل هناك يف األصل مشروع نهضوي‬ ‫عربي جديد لتسهم حركة التأليف يف الدفع به‬ ‫ُقدماً‪ ،‬وهل الظروف الداخلية العربية مالئمة‬ ‫إلنتاج علمي يش ّكل ركيزة للمشروع‪ .‬وتساءل‬ ‫املؤمتر أيضاً عن دور التنمية البشرية املستدامة‬ ‫يف إطالق هذا املشروع النهضوي العربي اجلديد‬ ‫يف ضوء عدم نشر أعمال النهضويني العرب‬ ‫من دون رقابة‪ ،‬وتع ّرض بعض تلك األعمال أو‬ ‫أجزاء منها للحذف أو التشويه‪ .‬وقد خلص أحد‬ ‫أحباث املؤمتر إىل أن العالقة بني املثقف املبدع‬ ‫ودور النشر تكاد تكون مأساوية‪ .‬فمع استخدام‬ ‫التكنولوجيا املتط ّورة يف خدمة النشر والتوزيع‬ ‫تضاعفت أرباح دور النشر من دون أن ينال‬ ‫املؤلف نصيبه منها‪ ،‬فبات لدى قراصنة الثقافة‬ ‫يف العامل العربي قدرة كبرية على اإلستفادة‬ ‫من تكنولوجيا التواصل السريع بأسرع مما‬ ‫يستفيد منها املنتجون األصليون أحياناً‪ .‬كما‬ ‫درس املؤمتر حالة تدني نسبة القراء يف العامل‬ ‫العربي‪ ،‬وتراجعها املستمر بالقياس إىل الدول‬ ‫املتط ّورة يف العامل‪ ،‬ما ينعكس سلباً على حركة‬ ‫التأليف والنشر يف العامل العربي‪ ،‬ويصيب‬ ‫املؤلفني باليأس والقنوط واإلحباط‪ ،‬ويصرفهم‬ ‫عن عملية التأليف اليت هي الركيزة األساسية‬ ‫اليت ال تقوم عملية النشر بدونها‪.‬‬ ‫ودرس املؤمتر أيضاً اجتاهات منسية يف‬ ‫الكتابة للطفل العربي حيث أشار صاحب الورقة‬ ‫إىل أن هناك غياباً واضحاً للروايات والقصص‬ ‫املوجه للطفل العربي‪ ،‬وسط‬ ‫الطويلة يف التأليف ّ‬ ‫الكتابات الدينية والبوليسية واحلكايات الرتاثية‬ ‫العربية اليت يعيد الكتّاب صياغتها‪ ،‬واألعمال‬


‫الحصاد الثقافي والفكري‬

‫هناك غياب لمشروعات تشجيع‬ ‫القراءة على صعيد األسرة والمدرسة‬ ‫والجامعة‪ ،‬وعوائق تح ّد من وصول‬ ‫الكتاب إلى قرائه ألسباب تتصل‬ ‫بالرقابة وخنق حريات التعبير‪ ،‬ووجود‬ ‫حواجز اقتصادية بين بعض الدول‬ ‫العربية‪ .‬ك ّل هذه العوائق التي تعترض‬ ‫الكتاب العربي أ ّدت إلى ضعف عملية‬ ‫انتشار الكتاب وتقلّص عدد الق ّراء‪..‬‬

‫ا لحصاد‬

‫األجنبية املنقولة إىل العربية من دون درس‬ ‫أو متحيص‪ .‬وسبب ندرة هذه األعمال‪ ،‬اليت‬ ‫املوجه للطفل‪،‬‬ ‫تشكل العمود الفقري لألدب ّ‬ ‫ّ‬ ‫هو صعوبة هذا النوع من الكتابة وكونها تتطلب‬ ‫جهداً كبرياً من قبل املؤلفني‪ .‬ويؤدي هذا الغياب‬ ‫املوجهة للطفل العربي‬ ‫بالطبع إىل ضعف املكتبة ّ‬ ‫الذي هو قارئ اليوم واملستقبل يف آن‪ ،‬فضعف‬ ‫تكوينه التعليمي والثقايف سيؤدي يف املستقبل‬ ‫إىل عزوفه عن القراءة يف وسط اجتماعي‪،‬‬ ‫على رأسه العائلة واملدرسة واجلامعة‪ ،‬ال يشجع‬ ‫القراءة بصورة عامة‪.‬‬ ‫لكن على الرغم من هذه الرؤية املتشائمة‬ ‫اليت خيمت على ج ّو املؤمتر وختلّلت األوراق‬ ‫املق ّدمة‪ ،‬عرض عدد من املشاركني لتجارب‬ ‫عربية ناجحة يف تشجيع عملية القراءة يف‬ ‫العامل العربي‪ ،‬ومن ضمنها مشروع "كتاب‬ ‫في جريدة" الذي يتخذ من بيروت مقراً له‬ ‫وينشر كتاباً شهرياً خمتاراً يف وقت متزامن‬ ‫من خالل ‪ 19‬صحيفة وجملة عربية ليبلغ‬ ‫عدد النسخ املطبوعة من ك ّل كتاب أكثر من‬ ‫مليوني نسخة؛ وذلك فض ً‬ ‫ال عن مشروع القراءة‬ ‫للجميع ومكتبة األسرة يف مصر اللّذين أطلقا‬ ‫قبل حواىل عشرين عاماً لتوفري الكتاب بسعر‬ ‫رمزي للغاية للقراء الذين يعجزون عن شراء‬ ‫الكتاب مرتفع الثمن الذي تنشره دور النشر‬ ‫اخلاصة‪ .‬وهو األمر نفسه الذي يهدف إليه‬ ‫كتاب في جريدة ألنه يو ّفر كتاباً ك ّل شهر لفئة‬ ‫من القراء تشرتي الصحيفة ولكنها ال تشرتي‬ ‫الكتاب ألسباب تتعلّق بثمنه املرتفع وتدني دخل‬ ‫املواطنني العرب بصورة عامة‪ .‬كما حبث املؤمتر‬ ‫حقوق امللكية الفكرية‪ ،‬وهل حيصل املؤلف‬ ‫العربي على حقوقه‪ ،‬وضرورة تأمني احلماية‬ ‫القانونية للملكية الفكرية واألدبية والفنية‪،‬‬ ‫حبيث ال يعتدي الناشرون أو املو ّزعون‪ ،‬أو حتى‬ ‫اجلهات املستهلكة للكتاب‪ ،‬أو اليت تقتبس منه‬

‫أو تدرسه أو تقوم بنسخه وتصويره‪ ،‬على حقوق‬ ‫املؤلّف العربي الذي ال يتقاضى إال القليل بسبب‬ ‫ضعف القراءة يف العامل العربي أوالً‪ ،‬والسطو‬ ‫على حقوقه ثانياً‪.‬‬ ‫وسلّط املؤمتر الضوء على موضوع‬ ‫املخطوطات ونشرها‪ ،‬فق ّدم تعريفاً مبركز حتقيق‬ ‫الرتاث يف دار الكتب المصرية ودوره يف شيوع‬ ‫ثقافة املخطوطات ونشرها‪ ،‬وحبث مشكالت‬ ‫املخطوطات عندما تتح ّول من اخلزانات اخلطية‬ ‫إىل عامل النشر اإللكرتوني حيث يفتح النشر‬ ‫اإللكرتوني آفاقاً رحبة واسعة أمام املخطوطات‬ ‫اليت كان على الباحثني وحمققي الرتاث السفر‬ ‫مسافات طويلة لالطالع عليها والعمل على‬ ‫حتقيقها واملقارنة بني نسخها‪ .‬ودعا املؤمتر يف‬ ‫جلساته األخرية إىل إجياد سوق عربية مشرتكة‬ ‫للكتاب يف ضوء قلة عدد القراء وضعف التوزيع‬ ‫وقيام بعض احلواجز يف وجه الكتاب العربي‬ ‫ممثلة يف منع الكتب ومصادرتها يف عدد من‬ ‫الدول العربية‪ .‬وتساءل كذلك عن أزمة القراءة‬ ‫يف العامل العربي‪ ،‬هل هي أزمة قارئ أو أزمة‬ ‫كتاب‪ ،‬كما تساءل عن دور املكتبات العامة يف‬ ‫نشر املعرفة وترسيخ عادة املطالعة‪ ،‬على خلفية‬ ‫انتشار الوسائط التكنولوجية احلديثة اليت تو ّفر‬ ‫املعرفة لطالبها من دون أن يضطر لالنتقال من‬ ‫منزله للذهاب إىل املكتبة العامة اليت كانت‬ ‫املكان الوحيد رمبا الذي ميكن االطالع فيه على‬ ‫املراجع واملصادر املعرفية املختلفة‪ ،‬خصوصاً‬ ‫تلك الكتب واملوسوعات باهظة الثمن اليت ليس‬ ‫يف مقدور املواطن العادي اقتناؤها‪ .‬كما حاول‬ ‫املؤمتر اإلجابة عن سؤال الكتب األكثر رواجاً‬ ‫يف العامل العربي‪ ،‬وهل يعود ضعف القراءة يف‬ ‫ختص الكاتب أو الكتاب‬ ‫العامل العربي إىل أزمة ّ‬ ‫أو أنها أزمة ح ّريات‪ .‬وقد خلص يف النهاية إىل‬ ‫أن موضوع القراءة متشابك شديد التعقيد ألن‬ ‫األسئلة املطروحة مجيعها ذات طبيعة مشروعة‪،‬‬

‫‪643‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 644‬للتنمية الثقافية‬

‫المشكلة أن صناعة النشر في العالم‬ ‫العربي‪ ،‬التي حظيت باهتمام واضح في‬ ‫المؤتمرات والندوات التي أقيمت في‬ ‫عواصم عربية عديدة‪ ،‬ظلت تدور حول‬ ‫موضوع صناعة الكتاب الورقي‪ ،‬ومست‬ ‫مساً خفيفاً الموضوعات المتعلقة بالكتب‬ ‫ّ‬ ‫اإللكترونية ووسائط القراءة الجديدة‪..‬‬

‫فهناك أزمة يف التأليف يف العامل العربي‪ ،‬تتصل‬ ‫بضعف اإلنتاج العلمي وعدم تو ّفر منح للبحث‬ ‫العلمي‪ ،‬إذ تقل نسبة املرصود من ميزانيات‬ ‫الدول العربية عن واحد يف املائة؛ وهناك اعتداء‬ ‫على حقوق املؤلفني حبيث يضعف ذلك الرغبة يف‬ ‫توجه معني حنو قراءة‬ ‫التأليف والكتابة؛ وهناك ّ‬ ‫نوعية معينة من الكتب‪ :‬الدينية وكتب األبراج‬ ‫والتسلية والروايات الشعبية املرتمجة الرائجة‪،‬‬ ‫وك ّل ما يقع يف باب التسلية ومتضية الوقت‪ .‬كما‬ ‫أن هناك غياباً ملشروعات تشجيع القراءة على‬ ‫صعيد األسرة واملدرسة واجلامعة‪ ،‬وعوائق حت ّد‬ ‫من وصول الكتاب إىل قرائه ألسباب تتصل‬ ‫بالرقابة وخنق حريات التعبري ووجود حواجز‬ ‫اقتصادية بني بعض الدول العربية مما يضعف‬ ‫عمليات التحويل املالي بني هذه الدول‪ .‬ك ّل‬ ‫هذه العوائق اليت تعرتض الكتاب العربي أ ّدت‬ ‫إىل ضعف عملية انتشار الكتاب وتقلّص عدد‬ ‫الق ّراء‪ ،‬ودخول العامل العربي يف أزمة تعليمية‬ ‫ثقافية خانقة‪.‬‬ ‫مواز‪ ،‬انعقد أيضاً‪ ،‬وضمن‬ ‫يف سياق ٍ‬ ‫فعاليات بيروت عاصمة عالمية للكتاب ‪،2009‬‬ ‫"الملتقى العربي الثالث لصناعة الكتاب‬ ‫وتقنيات الطباعة والنشر" لبحث عدد من‬ ‫املوضوعات املتّصلة بصناعة الكتاب العربي‪.‬‬ ‫وقد ّ‬ ‫نظم امللتقى دار النهضة العربية يف‬ ‫بيروت وبيت الحكمة يف بغداد‪ ،‬بالتعاون مع‬ ‫المنظمة العربية للتنمية اإلدارية التابعة‬ ‫لجامعة الدول العربية‪ ،‬برعاية من وزارة‬ ‫الثقافة اللبنانية‪ .‬وإذا كان مؤمتر‬ ‫مؤسسة‬ ‫ّ‬ ‫الفكر العربي حبث اجلوانب اخلاصة بالتأليف‬ ‫والقراءة‪ ،‬فقد عاجل امللتقى قضايا الكتاب‬ ‫توصلت هذه الصناعة‬ ‫وصناعته يف العامل وما ّ‬ ‫إليه على مستوى التقنيات احلديثة يف جمال‬ ‫الصناعة الورقية ومراحل اإلنتاج بصورة عملية‬ ‫ونظرية‪ ،‬وذلك من خالل االستعانة خبربات‬

‫ذوي االختصاص التقين احلديث ومشاركة‬ ‫املؤسسات اللبنانية الرائدة يف هذا اجملال‪ .‬وقد‬ ‫ّ‬ ‫ر ّكزت أوراق امللتقى على سبل النهوض بصناعة‬ ‫الكتاب يف العامل العربي من خالل طرق اختيار‬ ‫الكتاب املنوي نشره وكيفية حترير العقود مع‬ ‫املؤلفني‪ ،‬مبا حيفظ حق الناشر واملؤلّف ويضمن‬ ‫تنفيذ حقوق امللكية الفكرية وحيافظ عليها‪ .‬كما‬ ‫تط ّرقت بعض األوراق إىل كيفية حتضري الكتاب‬ ‫للطباعة‪ ،‬وأنواع الورق املستخدم يف الطباعة‬ ‫وطرق ختزينه‪ ،‬وما يناسب كتباً معيّنة من أنواع‬ ‫الورق‪ ،‬وأشكال التغليف‪ ،‬وك ّل ما يتصل باملادة‬ ‫اليت تستخدم يف طباعة الكتاب‪ .‬كما تناول‬ ‫متحدثون آخرون أنواع ماكينات الطباعة العاملة‬ ‫يف العامل العربي وطرق صيانتها‪ .‬وأوصى امللتقى‬ ‫يف ختامه بضرورة تبادل اخلربات والتجارب‬ ‫املختلفة يف األمور املتّصلة بصناعة الكتب بني‬ ‫املؤسسات الثقافية العربية ودور النشر والتوزيع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫كما دعا إىل دعم املؤلفني وتشجيعهم‪ ،‬وكذلك‬ ‫دور النشر‪ ،‬وفق آليات حكومية تس ّهل األنشطة‬ ‫الثقافية وممارستها املتمثّلة باملعارض‪ ،‬وتوفري‬ ‫الركيزة القانونية اليت تُس ّهل عملها‪ .‬وش ّدد‬ ‫املشاركون على أهمية إيالء امللكية الفكرية‬ ‫االهتمام املناسب من الناحية القانونية‪ ،‬واعتماد‬ ‫أعلى درجات الشفافية يف العالقة بني املؤلفني‬ ‫والناشرين واملوزعني‪ .‬وأ ّكد كذلك على ضرورة‬ ‫إدخال أحدث تقنيات الطباعة يف أعمال صناعة‬ ‫الكتاب‪ ،‬وأهمية حتديث أمناط الطباعة من‬ ‫صف وإخراج وصور وجداول وتصميم أغلفة‪.‬‬ ‫وانعقد يف الرياض مؤتمر اتحاد الناشرين‬ ‫العرب األول حتت عنوان "مستقبل صناعة‬ ‫النشر في العالم العربي"‪ ،‬وقد ناقش أهمية‬ ‫النشر وحريات النشر وتداول واملعارف‪،‬‬ ‫وضرورة انتقال الكتب بال حدود بني البلدان‬ ‫العربية‪ .‬وأوصى املؤمتر يف ختام فعالياته‬ ‫بضرورة إلغاء الرقابة وإزالة العقبات الكثرية‬


‫الحصاد الثقافي والفكري‬

‫ال يوجد أمام دور النشر‪ ،‬التي‬ ‫اعتادت طباعة الكتب على هيئتها الورقية‬ ‫ث ّم تجليدها وشحنها بوسائل النقل‬ ‫المعروفة‪ ،‬سوى التفكير ج ّدياً في تغيير‬ ‫سياساتها وتجهيز نفسها لعصر النشر‬ ‫المقبل وإالّ حلّت مكانها دور بديلة‪..‬‬

‫ا لحصاد‬

‫اليت تقيمها بعض الدول العربية يف وجه انتقال عامل صناعة الكتب‪ ،‬علينا أن نسأل ما مستقبل‬ ‫الكتب‪ ،‬مما يضعف صناعة النشر‪ ،‬ويؤثر سلباً النشر؟ هذا سؤال يؤرق دور النشر‪ ،‬الكبرية‬ ‫منها والصغرية‪ ،‬يف العامل‪ .‬وقد بدأ أصحاب دور‬ ‫على حركة التأليف ومنو املعارف‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫كما ّ‬ ‫نظم المجلس األعلى للثقافة في مصر النشر يفكرون بصورة جدية يف اللحاق بعامل‬ ‫مؤمترين عن مشكالت الكتاب والنشر‪ .‬وكان الكتاب اإللكرتوني قبل أن حت ّل دور بديلة حم ّل‬ ‫أحدهما بالتعاون مع منتدى الكتاب العربي يف تلك اليت بقيت أكثر من قرن ترتبع على قمة‬ ‫يناير ‪ ،2009‬بينما كان الثاني يف مايو‪ /‬أيار من إمرباطوريات النشر يف العامل‪ .‬وليس هناك من‬ ‫وسيلة أخرى بالنسبة لدور النشر‪ ،‬اليت اعتادت‬ ‫العام نفسه حول حركة النشر يف مصر‪.‬‬ ‫املشكلة أن صناعة النشر يف العامل العربي‪ ،‬طباعة الكتب على هيئتها الورقية ث ّم جتليدها‬ ‫اليت حظيت باهتمام واضح يف املؤمترات وشحنها بوسائل النقل املعروفة من سيارات‬ ‫والندوات اليت أقيمت يف عواصم عربية عديدة‪ ،‬وسفن وطائرات وقطارات‪ ،‬سوى التفكري ج ّدياً‬ ‫ظلت تدور حول موضوع صناعة الكتاب الورقي‪ ،‬يف تغيري سياساتها يف النشر وجتهيز نفسها‬ ‫مساً خفيفاً املوضوعات املتعلّقة بالكتب لعصر النشر املقبل؛ أي ذلك العامل الذي‬ ‫ومست ّ‬ ‫اإللكرتونية ووسائط القراءة اجلديدة‪ .‬لكن تسبح فيه الكتب بني الشاشات‪ ،‬وتنتقل من‬ ‫ال ّ‬ ‫شك أن النشر‪ ،‬يف العامل‪ ،‬وخصوصاً يف قارة إىل قارة من دون املرور بعقبات الرقابة‪،‬‬ ‫الدول املتق ّدمة منه‪ ،‬مقبل على حت ّوالت مثرية وإجراءات التفتيش على احلدود‪ ،‬ومتاعب‬ ‫وجذرية خالل السنوات القليلة القادمة‪ .‬وسوف الشحن والتكاليف العالية اليت يتكلّفها الكتاب‬ ‫يكون النشر يف العامل العربي جزءاً من هذه يف الطباعة والشحن‪ ،‬والتوصيل إىل املكتبات‬ ‫الثورة على الرغم من الطبيعة التقليدية لبيئة وتوظيف البائعني واحملاسبني واملد ّققني‪،‬‬ ‫النشر‪ ،‬وقلّة عدد القراء والتصاقهم باألشكال واستخدام مطابع كبرية تستطيع إجناز أعداد‬ ‫التقليدية للقراءة‪ .‬وعلينا أن ال ننسى أننا كبرية من النسخ يف فرتة وجيزة زمنياً‪ ،‬واحلاجة‬ ‫نتح ّدث عن جيل جديد من القراء أصبحت إىل استئجار خمازن واسعة لتخزين الكتب يف‬ ‫احلواسيب والشبكة العنكبوتية (اإلنرتنت)‪ ،‬انتظار توزيعها‪ ،‬وك ّل ما نعرفه من خطوات‬ ‫واهلواتف النقّالة املتط ّورة‪ ،‬ووسائل تكنولوجية طباعة الكتاب وتوزيعه وتوصيله إىل القارئ‪.‬‬ ‫تلك ثورة تكنولوجية هائلة‪ ،‬تشبه زلزاالً‬ ‫أخرى‪ ،‬ومن ضمنها اآلالت القارئة‪ ،‬جزءاً‬ ‫ال يتجزأ من عامله‪ .‬كما أن هذا اجليل‪ ،‬الذي ضخماً على صعيد النشر‪ .‬وعلى دور النشر‬ ‫ولد يف غمرة الثورات التكنولوجية املتسارعة‪ ،‬العربية اإلعداد هلذه املرحلة من تد ّفق الكتب‬ ‫يفضل القراءة على شاشة احلاسوب بدالً من على اإلنرتنت واحلصول عليها من دون املرور‬ ‫ّ‬ ‫قراءة الكتب املطبوعة‪ .‬ولذلك فإن علينا أن ال بأي رقابة‪ .‬وال ّ‬ ‫شك أن بعض دور النشر العربية‬ ‫نضع يف احلسبان جيلنا‪ ،‬واجليل الذي يسبقنا قد بدأت العمل للمستقبل‪ .‬لكن ذلك ال زال يف‬ ‫ورمبا اجليل الالحق لنا‪ ،‬ألنها أجيال سترتك طوره اجلنيين‪ ،‬مل يصبح سياسة ثابتة لدى تلك‬ ‫هذا العامل بعد عقود قليلة‪ ،‬ورمبا سنوات على الدور‪ .‬ومع هذا فإن هذا التح ّول يف عامل النشر‬ ‫سيكون أسرع بكثري مما نتوقع‪ .‬وقد نشرت جملة‬ ‫األرجح‪.‬‬ ‫يف ضوء هذه البيئة القرائية اجلديدة‪ ،‬وتغيرّ "الكتب‪ :‬وجهات نظر"‪ ،‬تذكرياً باملقبل من تغيري‬ ‫نوع القراء‪ ،‬ودخول تكنولوجيا متق ّدمة إىل يف عامل صناعة الكتاب وتوزيعه‪ ،‬مقالة مرتمجة‬

‫‪645‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 646‬للتنمية الثقافية‬

‫لو قارنا حال النشر عند العرب‬ ‫بالنشر في بلدان ربما تكون أقلعت صناعة‬ ‫النشر لديها في زمن الحق لبدئها في‬ ‫العالم العربي‪ ،‬مثل ماليزيا وسنغافورة‬ ‫وكوريا‪ ،‬لوجدنا أن تلك البلدان تتفوق‬ ‫على العرب من حيث صناعة الكتاب‬ ‫وتوزيعه والطرق المبتكرة إليصاله إلى‬ ‫القارئ‪..‬‬

‫للناشر األمريكي جيسون إبشتاين‪ ،‬الذي يع ّد‬ ‫واحداً من كبار الناشرين يف العامل الناطق‬ ‫باإلجنليزية وهو معروف مببادراته اخل ّالقة يف‬ ‫عامل صناعة النشر‪ .‬ودارت املقالة اليت نقلتها‬ ‫اجمللة عن مجلة نيويورك لمراجعات الكتب‬ ‫‪ New York Review of Books‬حول تو ّقعات‬ ‫إبشتاين عما ستصري إليه صناعة الكتاب يف‬ ‫املستقبل القريب‪ ،‬وهو ما على الناشرين العرب‬ ‫أن يع ّدوا أنفسهم له‪.‬‬ ‫هناك مشكلة أخرى أساسية يف صناعة‬ ‫الكتاب يف العامل العربي تتعلّق بكيفية النظر‬ ‫إىل هذه الصناعة املعقّدة‪ .‬فقد ورثت صناعة‬ ‫الكتاب العربي أمراض البدايات من الناشرين‬ ‫العرب األول الذين رسخوا بنيانها يف عامل عربي‬ ‫حيتشد باألميني الذين ال يقرؤون وال يكتبون‪،‬‬ ‫ممن يصدق عليهم أنهم أميون‬ ‫وبأعداد هائلة ّ‬ ‫ثقافيون ال يشرتون كتاباً‪ ،‬أو يستعريونه من‬ ‫املكتبة العامة‪ ،‬بعد أن يغادروا مقاعد الدراسة‪.‬‬ ‫إن الكتاب العربي يتح ّرك إذاً يف سوق غامضة‬ ‫املستقبل لصناعة كان من املفرتض أن تكون من‬ ‫الصناعات الثقيلة يف حميط سكاني عربي هادر‬ ‫يكاد يصل تعداده إىل أربعمائة مليون إنسان‬ ‫لكن واقع احلال يقول غري‬ ‫يف القريب العاجل‪َّ .‬‬ ‫ذلك‪ .‬ولو قارنا حال النشر عند العرب بالنشر‬ ‫يف بلدان رمبا تكون أقلعت صناعة النشر لديها‬ ‫يف زمن الحق لبدئها يف العامل العربي‪ ،‬مثل‬ ‫ماليزيا وسنغافورة وكوريا‪ ،‬لوجدنا أن تلك‬ ‫البلدان تتف ّوق علينا من حيث صناعة الكتاب‬ ‫وتوزيعه والطرق املبتكرة إليصاله إىل القارئ‪.‬‬ ‫مشكلة صناعة الكتاب العربي أنها بدأت‬ ‫فردية بعامة‪ ،‬وتوارثها اآلباء عن األجداد‪،‬‬ ‫واألبناء عن اآلباء‪ .‬وكان هؤالء من حميب‬ ‫الكتب‪ ،‬أو املؤلّفني الذين كان لديهم القدرة على‬ ‫إنشاء دور نشر وجمالت توصل ما يكتبونه هم‬ ‫وما يكتبه مؤلّفون آخرون إىل قطاع حمدود من‬

‫الق ّراء‪ .‬ولنا يف جرجي زيدان الذي أنشأ‬ ‫الهالل يف مصر‪ ،‬وسهيل إدريس الذي أنشأ دار‬ ‫اآلداب يف لبنان‪ ،‬وبشير الداعوق الذي أنشأ‬ ‫دار الطليعة يف لبنان‪ ،‬ود‪ .‬عبد الوهاب الكيالي‬ ‫الذي أنشأ‬ ‫المؤسسة العربية للدراسات والنشر‬ ‫ّ‬ ‫يف لبنان أيضاً‪ ،‬وخليفة التليسي الذي أنشأ‬ ‫الدار العربية للكتاب يف طرابلس ليبيا‬ ‫وتونس‪ ،‬أمثلة حية على مؤلفني وكتّاب ومثقفني‬ ‫صاروا ناشرين‪.‬‬ ‫كانت هذه الطبقة من الناشرين هي اليت‬ ‫ختتار الكتاب‪ ،‬تطلبه من املؤلّف أو تقرتحه‬ ‫عليه‪ ،‬وتقرأ الكتاب وتق ّرر نشره‪ ،‬وقد تراجع‬ ‫بروفاته‪ ،‬وتتابع توزيعه‪ ،‬يف عمل فردي أملته‬ ‫ظروف النشر يف حينه‪ ،‬وحرص أصحاب دور‬ ‫النشر املثقفون على أن خيرج الكتاب بال أخطاء‬ ‫وأن ميتلك سويّة معيّنة‪ ،‬حرصاً على اسم دار‬ ‫النشر اليت كانت ترتبط يف العادة باسم‬ ‫ناشرها‪.‬‬ ‫املشكلة أن صناعة النشر العربية مل تتح ّول‬ ‫مؤسسات‪ ،‬إالّ يف عدد حمدود للغاية من دور‬ ‫إىل ّ‬ ‫النشر‪ .‬لقد ظلّت صناعة فردية‪ ،‬حمدودة‪ ،‬ال‬ ‫تطمح إىل التح ّول إىل صناعة ثقيلة كما هي يف‬ ‫أميركا‪ ،‬وفرنسا‪ ،‬وبريطانيا‪ ،‬وألمانيا‪ ،‬واليابان‪،‬‬ ‫ودول عديدة أخرى‪ .‬لقد حت ّولت مع الزمن إىل‬ ‫دكاكني صغرية‪ ،‬دخل إليها ك ّل راغب يف الربح‬ ‫وهو ال يعلم عن الكتاب شيئاً‪ .‬هؤالء يتسلّمون‬ ‫الكتاب من املؤلفني ويدفعونه إىل املطبعة من‬ ‫دون النظر يف حمتواه أو جودة مادته‪ ،‬أو صحته‬ ‫الّلغوية من حيث النحو والصرف والرتكيب‪.‬‬ ‫وهكذا بدأنا نقرأ كتباً شديدة الضعف سقيمة‬ ‫الّلغة‪ ،‬مليئة باألخطاء الّلغوية الفاحشة‪ ،‬اليت‬ ‫تش ّوش القراءة وتنغّص املتعة اليت تصاحب‬ ‫عملية التعلّم والقراءة‪.‬‬ ‫يف دور النشر الكبرية والصغرية يف معظم دول‬ ‫العامل ال حيدث هذا‪ ،‬أ ّما يف دور النشر الكبرية‬ ‫دار‬


‫الحصاد الثقافي والفكري‬

‫المواطنة وسؤال الهوية‬

‫أيقظ الصدام مع الغرب خالل العقود‬ ‫األخرية سؤال اهلوية جم ّدداً لدى املفكرين‬ ‫واملثقفني العرب‪ .‬وعلى الرغم من أ ّن هذا‬ ‫السؤال قديم متجدد‪ ،‬وهو ما فتئ يط ّل برأسه‬ ‫منذ بدايات عصر النهضة العربية اليت‬ ‫حبث مفكروها األوائل‪ ،‬وعلى رأسهم رفاعة‬ ‫الطهطاوي وخير الدين التونسي وعبد‬ ‫الرحمن الكواكبي‪ ،‬عناصر احلضارة الغربيّة‬ ‫ومسات اآلخر باملقارنة مع الذات العربية‬ ‫اإلسالمية اليت بدأت تنتبه إىل نفسها يف‬ ‫ضوء االصطدام باآلخر‪ .‬لكن هذا السؤال م ّر‬ ‫بفرتات صعود وهبوط تبعاً القرتاب الذات من‬ ‫اآلخر الغربي‪ ،‬أو اصطدامها به‪ .‬هكذا كان‬ ‫سؤال اهلوية والبحث عن مق ّوماتها‪ ،‬واختالفها‬ ‫ومتيّزها عن اآلخر‪ ،‬شاغ ًال للمفكرين واملثقفني‬ ‫العرب على مدار قرن أو يزيد من الزمان‪.‬‬ ‫لكن ارتطام الذات باآلخر بعد أحداث ‪11‬‬ ‫أيلول ‪ ،2001‬واحتالل العراق العام ‪،2003‬‬ ‫جعل السؤال حموراً لك ّل تف ّكر بالذات وعالقتها‬ ‫باآلخر(أنا وهو‪ ،‬حنن وهم) خالل السنوات‬ ‫املاضية‪ ،‬ما أوصل التفكري يف هذه القضية‬ ‫إىل حالة من االستقطاب احلا ّدة بني املفكرين‬ ‫ورجال السياسة‪ ،‬وحتى رجل الشارع‪.‬‬ ‫وقد حظي سؤال اهلوية باهتمام كبري يف‬ ‫املؤمترات والندوات واملقاالت اليت نشرتها‬ ‫اجمل ّالت العربية املختلفة العام ‪ ،2009‬فنحن ال‬ ‫نعدم يف أي من هذه املؤمترات أو اجملالت أن‬ ‫يكون هناك حبث أو دراسة أو مقالة تعيد التفكري‬ ‫يف مفهوم اهلوية يف عصر متالطم األمواج تقوم‬ ‫فيه احلروب وتتنازع األمم على خلفية اهلويات‬ ‫العرقية أو الطائفية أو اجلغرافية‪ ،‬وتسيل فيه‬ ‫دماء كثرية بسبب التطاحن حول تلك اهلويات‪.‬‬ ‫لقد أصبحت اهلويات قاتلة‪ ،‬كما وصفها الروائي‬ ‫والكاتب اللّبناني بالفرنسية أمين معلوف يف‬

‫المشكلة أن صناعة النشر العربية لم‬ ‫مؤسسات‪ ،‬إالّ في عدد محدود‬ ‫تتحول إلى ّ‬ ‫للغاية من دور النشر‪ .‬لقد ظلّت صناعة‬ ‫فردية‪ ،‬محدودة‪ ،‬ال تطمح إلى التح ّول‬ ‫إلى صناعة ثقيلة‪ .‬أ ّما مشكلة الكتاب‬ ‫في العالم العربي فهي ليست محصورة‬ ‫فقط في صانعيه ومستوى صنعتهم‪ ،‬وفي‬ ‫ق ّرائه وحدود إقبالهم‪ .‬جزء كبير من‬ ‫هذه المشكلة يعود اآلن إلى قلّة موزّعي‬ ‫الكتاب‪..‬‬

‫حظي سؤال الهوية باهتمام كبير‬ ‫في المؤتمرات والندوات والمقاالت التي‬ ‫نشرتها المج ّ‬ ‫الت العربية المختلفة العام‬ ‫‪ .2009‬ومع أن سؤال الهوية طرح في‬ ‫فترات سابقة‪ ،‬إال انه لم يُطرح بالشدة‬ ‫والتركيز اللذين نشهدهما اآلن‪..‬‬

‫ا لحصاد‬

‫والصغرية لدينا فإن هذا حيدث يومياً‪ .‬يف دور‬ ‫متخصصون‪ ،‬يقرتحون على‬ ‫نشرهم هناك قراء ّ‬ ‫املؤلفني تغيري فصول وإضافة أخرى‪ ،‬وتغيري‬ ‫عناوين؛ وهناك مص ّححون لغويون يد ّققون‬ ‫ك ّل حرف وفاصلة ونقطة‪ ،‬ليصبح الكتاب على‬ ‫هيئته اليت نراها يف النهاية‪ .‬أما يف دور نشرنا‬ ‫فالكتاب يف معظم األحيان يذهب من يد املؤلّف‬ ‫إىل املطبعة‪ ،‬بنقاط قوته وضعفه‪ ،‬بأخطائه‬ ‫الّلغوية اليت تهطل على رأس القارئ‪ ،‬العارف‬ ‫املتعلّم‪ ،‬مثل حجارة مسننة‪ .‬إضافة إىل أدواء‬ ‫عديدة أخرى‪ .‬أفال حتتاج هذه املشكالت‬ ‫مؤسسات‬ ‫العويصة التفاتة مد ّققة من قبل ّ‬ ‫الثقافة والنشر يف العامل العربي؟‪.‬‬ ‫ولك ّن مشكلة الكتاب يف العامل العربي ليست‬ ‫حمصورة فقط يف صانعيه ومستوى صنعتهم‪،‬‬ ‫ويف قرائه وحدود إقباهلم‪ .‬فجزء كبري من‬ ‫هذه املشكلة يعود اآلن إىل قلّة مو ّزعي الكتاب‪،‬‬ ‫وبالتالي صعوبة توصيله إىل كثري من األقاليم يف‬ ‫داخل ك ّل بلد عربي‪ ،‬فض ًال عن مشكالت تدفقه‬ ‫عرب احلدود‪ .‬فاملع ّدالت الراهنة للقراءة يف غري‬ ‫قليل من البالد العربية تق ّل عما ميكن بلوغه‪،‬‬ ‫يف ظل تثبيت مجيع العوامل املعيقة لزيادتها‪،‬‬ ‫املتخصصة‬ ‫إذا أنشئ عدد معقول من الشركات ّ‬ ‫يف توزيع الكتاب باستثمارات كبرية تتيح امتالك‬ ‫وسائل نقل وأماكن ختزين ونقاط بيع يف خمتلف‬ ‫أحناء البلد‪ ،‬وليس يف العاصمة فقط‪.‬‬ ‫غري أن املستثمرين ال يقبلون على العمل يف‬ ‫جمال توزيع الكتاب بسبب االعتقاد الشائع أ ّن‬ ‫العرب ال يقرأون‪ ،‬أو باألحرى الطابع اإلطالقي‬ ‫هلذا االعتقاد والذي يُغفل الفروق بني األفراد‬ ‫والفئات االجتماعية واملناطق ويدفع إىل االحجام‬ ‫عن دراسة أسباب ضعف مع ّدالت القراءة ويغيّب‬ ‫السبب اخلاص بعدم وصول الكتاب املطبوع إىل‬ ‫معظم املناطق واحملافظات يف ك ّل بلد عربي فيها‪.‬‬

‫‪647‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 648‬للتنمية الثقافية‬

‫أصبحت الصورة على صعيد مسألة‬ ‫الهوية العام ‪ ،2009‬تبعث على مزيد من‬ ‫القلق ليس فقط في مجتمعات بالد مثل‬ ‫العراق ولبنان والسودان‪ ،‬بل كذلك في‬ ‫مجتمعات أق ّل فسيفسائية مثل البحرين‬ ‫موحدة مثل مصر‪..‬‬ ‫والكويت‪ ،‬وأخرى ّ‬

‫كتاب محل العنوان نفسه‪.‬‬ ‫نعم كانت مسألة اهلوية مطروحة يف الثقافة‬ ‫العربية املعاصرة منذ عصر النهضة‪ ،‬ويف أسئلة‬ ‫مفكري النهضة يف نهايات القرن التاسع عشر‪،‬‬ ‫إال أن سؤال اهلوية مل يكن مطروحاً بهذه الش ّدة‬ ‫والرتكيز كما نشهد اآلن‪ .‬إنه سؤال وجودي‬ ‫يبحث عن أجوبة راهنة‪ ،‬عن حلول للمشكالت‬ ‫اليت تتف ّجر يف وجه اإلنسان العربي ك ّل يوم‪،‬‬ ‫ما جيعل االطمئنان إىل جواب عن شرخ اهلوية‬ ‫مبثابة البلسم ملشكالت الواقع مجيعها‪.‬‬ ‫إ ّن مفهوم اهلوية‪ ،‬بوصفها اجلدار العازل‬ ‫الذي يفصل اجملموعات اجلغرافية واإلثنية‬ ‫والثقافية‪ ،‬عن بعضها بعضاً‪ ،‬ومييّزها الواحدة‬ ‫عن األخرى‪ ،‬ويضع هلا مراتب حضارية وثقافية‬ ‫وأخالقية‪ ،‬يبدو يف هذا السياق عام ًال متجدداً‬ ‫وحامساً خالل السنوات األخرية؛ فهو وإن كان‬ ‫قد أط ّل برأسه بقوة خالل العقد األخري من‬ ‫القرن العشرين‪ ،‬فإنه ما زال يقيم يف أساس‬ ‫احلروب الناشبة والتوتّرات السياسية والوجودية‬ ‫اليت تقبض على عصب العالقات البشرية يف‬ ‫اللّحظة الراهنة‪.‬‬ ‫لكن إذا كان الكالم على اآلخر يف الثقافة‬ ‫العربية‪ ،‬خالل العقود الثالثة األخرية يف القرن‬ ‫املاضي‪ ،‬قد جرى على أساس من االنفتاح على‬ ‫هذا اآلخر‪ ،‬واحلوار معه‪ ،‬والوصول باملشرتك‬ ‫اإلنساني إىل حدود ميكن أن ترأب الصدع‬ ‫الذي قام بني الشرق والغرب على مدار قرون‪،‬‬ ‫فال َّ‬ ‫شك أن أحداث ‪ 11‬أيلول ‪ 2001‬قد عصفت‬ ‫بالعالقات بني الشرق والغرب‪ ،‬بني العرب‬ ‫واملسلمني من جهة والغرب كلّه من جهة أخرى‪.‬‬ ‫وصار من الضروري اآلن إعادة النظر يف هذه‬ ‫العالقة املضطربة اليت جعلت العرب واملسلمني‬ ‫بصفاتهم اإلثنية والدينية يقفون متهمني‬ ‫بالتط ّرف واإلرهاب ومعاداة احلضارات األخرى‪،‬‬ ‫والرغبة يف تدمري الغرب وحمق حضارته‪.‬‬

‫لكن احلديث عن اآلخر بوصفه آخر‪ ،‬أي‬ ‫بوصفه خمتلفاً ورمبا نقيضاً‪ ،‬يفتقد يف معظم‬ ‫األحيان التحديد الذي ميكننا على الصعيد‬ ‫الثقايف واملعريف من استثمار صعود مفهوم‬ ‫اآلخر‪ ،‬وحقل اهلوية الضاغطة يف الزمان‬ ‫املعاصر‪ ،‬لالنفتاح على الداخل واخلارج‪ .‬جيب‬ ‫أن حندد من هو اآلخر‪ .‬هل نقصد اآلخر يف‬ ‫مطلقيته؟ أو نقصد آخرين يف أحناء خمتلفة‬ ‫من العامل؟ هل نقصد الغرب؟ هل نقصد دول‬ ‫العامل املختلفة؟‬ ‫اإلشكال األساسي يكمن يف أن العامل يشهد‬ ‫اهتماماً وتركيزاً شديدين على مسألة اهلوية‬ ‫خالل هذه الفرتة امللتهبة من العالقات الدولية‪،‬‬ ‫وال سيما خالل ربع القرن األخري‪ ،‬حيث يتع ّرض‬ ‫ما يسمى باهلويات الفرعية إىل ضغوط كبرية‬ ‫يف مجيع أحناء العامل‪ ،‬األمر الذي يؤدي لألسف‬ ‫إىل نشوب احلروب وازدياد عمليات القتل‪ ،‬ويثري‬ ‫نزعات الكراهية واالنفصال واالنشقاق وتقسيم‬ ‫البلدان واجملتمعات إىل بلدان وجمتمعات‬ ‫أصغر‪.‬‬ ‫لكن املؤمترات اليت تناولت موضوع اهلوية‬ ‫كانت‪ ،‬حلسن احلظ‪ ،‬مشدودة إىل سؤال‬ ‫احلاضر‪ :‬أي كيف ميكن للهوية أن تكون حتقيقاً‬ ‫للخصوصية ال إعالناً للحرب على اهلويات‬ ‫واألعراق واألمم والثقافات األخرى‪ .‬فبدالً‬ ‫من أن يسهم العرب يف حروب اهلوية‪ ،‬عليهم‬ ‫أن يبحثوا عن املشرتك اإلنساني بينهم وبني‬ ‫األعراق واألمم والشعوب اليت تش ّكل فسيفساء‬ ‫الكرة األرضية‪.‬‬ ‫ويف الوقت الذي تعاظمت أهمية اهلوية‬ ‫العربية‪ -‬اإلسالمية يف مواجهة اآلخر الغربي‪،‬‬ ‫أي على املستوى اخلارجي‪ ،‬بدت هذه اهلوية‬ ‫كما اهلوية الوطنية (القطرية) يف حال عجز‬ ‫عن استيعاب اآلثار املرتتبة عن تنامي اهلويات‬ ‫الفرعية الدينية واملذهبية والعرقية يف كثري من‬


‫الحصاد الثقافي والفكري‬

‫إذا كانت المواطنة‪ ،‬التي تعاني‬ ‫تراجعاً‪ ،‬تمثّل ح ً‬ ‫ال منشوداً لمشكلة‬ ‫تفاقم الهويات الفرعية في الواقع العربي‬ ‫المعاش‪ ،‬قد يكون تعزيزها مقدمة في‬ ‫الوقت نفسه لح ّل مشكلة الهوية في‬ ‫عالقتها باآلخر في العالم‪..‬‬

‫ا لحصاد‬

‫البالد العربية‪.‬‬ ‫فقد ازدادت هذه اآلثار منتجة نزاعات دينية‬ ‫ومذهبية وعرقية باتت ته ّدد بانفراط جمتمعات‬ ‫عربية صار مواطنوها غري قادرين على التعايش‪.‬‬ ‫وال يقتصر ذلك على اجملتمعات الفسيفسائية من‬ ‫حيث تكوينها الثقايف‪ -‬اجملتمعي‪ ،‬وال حتى على‬ ‫تلك املتن ّوعة ثقافياً‪ ،‬بل امتدت مشكلة اهلوية‬ ‫الفرعية إىل جمتمعات م ّوحدة تارخيياً‪ .‬ولذلك‬ ‫أصبحت الصورة على صعيد مسألة اهلوية عام‬ ‫‪ ،2009‬تبعث على مزيد من القلق ليس فقط يف‬ ‫جمتمعات بالد مثل العراق ولبنان والسودان‪،‬‬ ‫بل كذلك يف جمتمعات أقل فسيفسائية مثل‬ ‫البحرين والكويت‪ ،‬وأخرى موحدة مثل مصر‪.‬‬ ‫وقد اهتمت جملة "التسامح" ال ُعمانية‬ ‫بسؤال اهلوية‪ ،‬حملّلة طبيعة اهلويات الفرعية‬ ‫يف اجملتعات العربية‪ ،‬أي اهلويات العرقية‬ ‫والطائفية واملذهبية اليت تش ّكل هذه اجملتمعات‪،‬‬ ‫متسائلة يف مقالة نشرتها‪ ،‬فيما إذا كان ميكن‬ ‫للفرد أو اجلماعة أن يفهما النفس دون اآلخر‪.‬‬ ‫هل يستغين اإلنسان عن اآلخر؟ وهل العالقة‬ ‫بني الذات واآلخر من العالقات املركبة على‬ ‫املستويني الفردي واجلماعي‪ ،‬حيث إنه ال ميكن‬ ‫فهم الذات من دون فهم اآلخر‪ ،‬ومن ث ّم فإن‬ ‫العالقة بالذات‪ ،‬مهما كان عنوانها وتعريفها‪،‬‬ ‫هي حباجة إىل اآلخر مهما كان عنوانه‬ ‫وتعريفه‪ .‬وما تقصده اجمللة باآلخر هو الذات‬ ‫يف تلويناتها املختلفة‪ ،‬ال الذات يف مواجهة اآلخر‬ ‫الغربي أو غري الغربي‪ .‬ومن هنا فإن ما يسعى‬ ‫إليه البحث املنشور يف اجمللة هو تعيني انشقاق‬ ‫اهلوية العربية اإلسالمية يف هذه احلقبة حيث‬ ‫يتصارع ما مسيناه اهلويات الفرعية ويتطاحن‬ ‫ويفين بعضه بعضاً‪ .‬وختلص اجمللة من هذا‬ ‫الباب إىل أن التوترات املذهبية‪ ،‬اليت تنشب يف‬ ‫اجملتمعات العربية‪ ،‬ال تعاجل بالتعبئة الطائفية‪،‬‬ ‫وال بشحن النفوس ض ّد اآلخر املختلف واملغاير‬

‫املذهيب‪ ،‬وإمنا بتعزيز خيار املواطنة‪ ،‬وتشجيع‬ ‫اجلميع‪ ،‬عرب رؤية متكاملة ومشروع وطين‬ ‫شامل‪ ،‬جلعل املواطنة حجر الزاوية يف مشروع‬ ‫العالقات البينية بني املواطنني مجيعهم‪ ،‬على‬ ‫اختالف هوياتهم العرقية والطائفية واملذهبية‪.‬‬ ‫فاملواطنة كما يرى البحث املنشور يف "التسامح"‬ ‫هي العالج املثالي للتوترات الطائفية واملذهبية‬ ‫يف اجملال العربي واإلسالمي‪ .‬وهي ليست ح ًال‬ ‫سحرياً ناجزاً بل هي البوابة الرئيسية واحلقوقية‬ ‫والثقافية إلجناز الوحدة الداخلية يف اجملتمعات‬ ‫املتع ّددة دينياً ومذهبياً‪ ،‬عرقياً وقومياً‪ .‬من دون‬ ‫ذلك سوف تسود ثقافة االستئصال والفصل‬ ‫بني مك ّونات الوطن الواحد على أسس طائفية‬ ‫ومذهبية‪ ،‬حبيث ال يتحقق االستقرار وال تتح ّرر‬ ‫اجملتمعات من عقدها وتوتراتها التارخيية‬ ‫واملعاصرة‪ .‬من هنا فإن تعزيز خيار املواطنة‬ ‫ّ‬ ‫يتطلب بناء كتلة اجتماعية معتدلة‪ ،‬وسطية‪،‬‬ ‫عابرة للمذاهب‪ ،‬متجاوزة لك ّل عناوين اهلويات‬ ‫الفرعية‪.‬‬ ‫وإذا كانت املواطنة‪ ،‬اليت تعاني تراجعاً‪ ،‬متثّل‬ ‫ح ًال منشوداً ملشكلة تفاقم اهلويات الفرعية يف‬ ‫الواقع العربي املعاش‪ ،‬فقد يكون تعزيزها مق ّدمة‬ ‫يف الوقت نفسه حل ّل مشكلة اهلوية يف عالقتها‬ ‫باآلخر يف العامل‪ ،‬ويف الغرب بصفة خاصة‪.‬‬ ‫فاملواطنة من حيث هي رابطة ّ‬ ‫تنظم العالقة‬ ‫بني الناس يف إطار دولة وطنية (مدنية) تتسع‬ ‫لك ّل أبنائها على اختالف انتماءاتهم األولية‪،‬‬ ‫إمنا ترتبط بثقافة مدنية تقوم على التسامح‬ ‫جتاه اآلخر (ك ّل آخر) واحلوار معه والبحث عن‬ ‫املشرتكات ونبذ ّ‬ ‫والتعصب‪ .‬ومن شأن‬ ‫التطرف ّ‬ ‫انتشار هذه الثقافة يف اجملتمعات العربية جتاوز‬ ‫الصدام على خلفية دينية ومذهبية وعرقية يف‬ ‫الداخل‪ ،‬ووضع ح ّد للصدام مع اهلويات األخرى‬ ‫يف اخلارج‪.‬‬

‫‪649‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 650‬للتنمية الثقافية‬

‫حوار الحضارات أم صدامها؟‬

‫في حقبة يكثر فيها الكالم على‬ ‫صراع الحضارات واألديان والثقافات‬ ‫من المهم مقاربة اإلشكاليات وتقديم‬ ‫المقترحات لكي يصبح تن ّوع الثقافات‬ ‫واألديان وتفاعلها حافزاً لبلورة شراكات‬ ‫وتنظيم اختالفات‪ ،‬بدالً من أن يكون‬ ‫سبباً لنزاعات قاتلة‪..‬‬

‫ربطاً مع حبث مسألة اهلوية وتوتّراتها‪،‬‬ ‫اخلاصة بالذات واآلخر‪ ،‬اهتمت املؤمترات‬ ‫والندوات واجمل ّالت العربية ببحث مفهوم حوار‬ ‫احلضارات‪ ،‬أو صدامها‪ ،‬إذا استعرنا أطروحة‬ ‫الباحث األمريكي الراحل صمويل هنتنجتون‬ ‫الذي ّ‬ ‫بشر بصدام احلضارات عنواناً للعامل‬ ‫بعد زوال الكتلة االشرتاكية وحلول اإلسالم‬ ‫ككتلة نقيضة للغرب بدي ًال لالحتاد السوفيييت‬ ‫والكتلة االشرتاكية زمن احلرب الباردة‪ .‬وقد‬ ‫ش ّكل هنتنجتون مرجعية أساسية يف حبث‬ ‫مفهوم حوار احلضارات‪ ،‬أو العالقات اليت تقوم‬ ‫يف ما بينها‪ .‬وصار تص ّوره للعالقة بني الثقافات‬ ‫يثري الكثري من اجلدال يف املؤمترات والندوات‬ ‫واملقاالت والبحوث املنشورة يف اجمل ّالت‪ .‬بهذا‬ ‫املعنى فإ ّن رحيل هذا الكاتب األمريكي‪ ،‬الذي‬ ‫كان كتابه "صدام الحضارات" وصفة للحروب‪،‬‬ ‫ممن كتبوا عنه يف العامل‬ ‫كما رأى العديد ّ‬ ‫العربي‪ ،‬جعل عدداً من اجملالت العربية تستعيد‬ ‫رؤيته للعالقة بني احلضارات وحتليله ألسس‬ ‫الصراع يف حقبة ما بعد احلرب الباردة‪.‬‬ ‫تنشر مجلة العربي بعد رحيل هنتنجتون‬ ‫يف نهاية العام ‪ ،2008‬مقالة طويلة تع ّرف بعمل‬ ‫الباحث األمريكي الذي اعتُربت أطروحاته حول‬ ‫صدام احلضارات مبثابة إعالن حرب على العامل‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬وقيل أحياناً إنها كانت ملهماً للحرب‬ ‫على أفغانستان والعراق! جيادل هنتنجتون يف‬ ‫كتابه "صدام الحضارات" أ ّن البشر يف حقبة‬ ‫ما بعد احلرب الباردة أخذوا يكتشفون من‬ ‫جديد هوياتهم الثقافية‪ ،‬اليت تعين هلم أكثر‬ ‫بكثري مما يعنيه أي شيء آخر‪ .‬وقد أصبحنا‬ ‫نرى‪ ،‬هلذا السبب‪ ،‬أعالماً ترتفع وصلباناً وأهلّة‬ ‫وأغطية رأس للداللة على اهلويات الثقافية‬ ‫القدمية‪ .‬وهو يتخ ّوف من أن تؤ ّدي االصطفافات‬ ‫اجلديدة‪ ،‬استناداً إىل االنتماءات احلضارية‪،‬‬

‫إىل اندالع حروب بني األعداء احلضاريني‬ ‫القدماء‪ ،‬خصوصاً أن البشر الذين يبحثون عن‬ ‫هوياتهم الثقافية ويعيدون االرتباط باألعراق‬ ‫اليت ينتمون إليها حباجة إىل أعداء يؤ ّكدون‬ ‫هلم اختالفهم‪ .‬ومن هنا فإن احملور املركزي‬ ‫للكتاب هو أن الثقافة واهلويات الثقافية‪ ،‬أي‬ ‫احلضارات باملفهوم األوسع‪ ،‬ستش ّكل أمناط‬ ‫الصراع والصدام والتف ّكك يف حقبة ما بعد‬ ‫احلرب الباردة‪ .‬ويضرب هنتنجتون مث ًال‬ ‫على ذلك عملية االصطفاف السياسي يف حرب‬ ‫البوسنة حيث وقفت روسيا عسكرياً وسياسياً‬ ‫إىل جانب الصرب‪ ،‬فيما دعمت السعودية‬ ‫وتركيا وإيران وليبيا البوسنيين ألسباب‬ ‫القرابة الثقافية واحلضارية‪.‬‬ ‫كما نشرت مجلة العربي مقالة عن البعد‬ ‫املتوسطي يف تعزيز حوار احلضارات‪ ،‬ففي‬ ‫حقبة يكثر فيها الكالم على صراع احلضارات‬ ‫واألديان والثقافات من املهم مقاربة اإلشكاليات‬ ‫وتقديم املقرتحات لكي يصبح تن ّوع الثقافات‬ ‫واألديان وتفاعلها حافزاً لبلورة شراكات‬ ‫وتنظيم اختالفات‪ ،‬بدالً من أن يكون سبباً‬ ‫لنزاعات قاتلة تنعكس ويالتها على اجلميع‪،‬‬ ‫وعلى الرغم من وجود روابط بني ضفيت‬ ‫املتوسطيّة ذات بعد‬ ‫املتوسط‪ ،‬فإن الفكرة ّ‬ ‫ّ‬ ‫إنساني‪ ،‬وميكن أن متثّل منوذجاً حاضراً حلوار‬ ‫احلضارات ال تنازعها‪ ،‬إذا قام ذلك على مبادئ‬ ‫العدالة واحملبّة والتسامح‪ ،‬اليت ميكن أن تش ّكل‬ ‫للتعصب واإلقصاء وآالم التاريخ وأوجاع‬ ‫بدي ًال ّ‬ ‫احلاضر‪.‬‬ ‫ونشرت جملة "التسامح" ال ُعمانية تص ّوراً‬ ‫عن العالقة بني العرب والغرب‪ ،‬حملّلة عملية‬ ‫االستقطاب احلاد بني نظرية املؤامرة‪ ،‬الرائجة‬ ‫يف الواقع الثقايف والفكري العربي‪ ،‬ونظرية‬ ‫"صدام احلضارات" اليت ص ّكها هنتنجتون‪.‬‬ ‫فهناك شكوك متبادلة أ ّدت إىل ترويج مقولة‬


‫الحصاد الثقافي والفكري‬

‫هناك شكوك متبادلة أ ّدت إلى ترويج‬ ‫مقولة صدام الحضارات في الغرب‪،‬‬ ‫ونظرية المؤامرة في العالم العربي‪ ،‬ما‬ ‫أ ّدى إلى انهيار جسور الثقة التي حاول‬ ‫المثقفون العرب والغربيون بناءها‪ ،‬بعد‬ ‫رحيل االستعمار‪ ،‬وعلى مدار عقود من‬ ‫الزمن‪ ،‬خصوصاً بعد أحداث ‪ 11‬أيلول‪.‬‬ ‫وفي الحقيقة‪ ،‬ليست النظريتان سوى‬ ‫عقدتين حضاريتين تعبّران عن نوع من‬ ‫التعصب للذات والهوية الخاصة بك ّل من‬ ‫ّ‬ ‫الغرب والعرب‪..‬‬

‫ا لحصاد‬

‫صدام احلضارات يف الغرب‪ ،‬كما أ ّدت إىل رواج احلضارات تأصيل شرعي"‪ ،‬و"اهلوية الدينية‬ ‫نظرية املؤامرة يف العامل العربي حيث تُشاع يف والوطنية والثقافات املشرتكة"‪ ،‬و"رؤية اململكة‬ ‫أوساط العامة واخلاصة هواجس وشكوك يف ك ّل يف احلوار والعالقة مع اآلخر"‪ .‬وانطالقاً من‬ ‫ما يفعله الغرب جتاه العرب‪ .‬لقد انهارت جسور هذا السؤال الذي دار حول اخلصوصية العربية‬ ‫الثقة اليت حاول املثقفون العرب والغربيون واإلسالمية والعالقة مع الثقافات األخرى‪ ،‬وقد‬ ‫بناءها‪ ،‬بعد رحيل االستعمار‪ ،‬وعلى مدار عقود حبثه املثقفون واملشاركون العرب واألجانب‪،‬‬ ‫التوتر‬ ‫من الزمن‪ ،‬خصوصاً بعد أحداث ‪ 11‬أيلول‪ .‬أقيمت ندوة يف عنوان "فلسطين‪ ..‬بؤر ّ‬ ‫وليست النظريتان سوى عقدتني حضاريتني وعوائق السالم وحوار الثقافات" يف إشارة‬ ‫التعصب للذات واهلوية تتصل بأن حجر الزاوية يف العالقة بني العرب‬ ‫تعبرّ ان عن نوع من ّ‬ ‫اخلاصة بك ّل من الغرب والعرب‪ ،‬وإن اختلفت والغرب يقوم على ح ّل القضية الفلسطينية‪.‬‬ ‫من جهته رصد املنتدى احلواري "اإلسالم‬ ‫فالتعصب‬ ‫الركائز واملنطلقات على اجلانبني‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الغربي للهوية يضرب صفحاً عن فكرة احلرية‪ ،‬والغرب"‪ ،‬الذي عقد يف دمشق بالتعاون مع‬ ‫اليت فهمها العقل الغربي ومارسها على أنها جامعة ألبرتا الكندية‪ ،‬القضايا املتّصلة‬ ‫"حريته" اليت ال تتو ّقف عند حرية اآلخر‪ .‬ومن بالعالقة بني اإلسالم والغرب يف الوقت الراهن‪.‬‬ ‫ث ّم وقع الغرب يف مأزق التناقض بني احلرية وقد طرحت الندوة تساؤالت حول إشكالية‬ ‫والتعصب هلذه احلرية اخلاصة به وحده‪ ،‬واليت العالقة وماهيتها وتارخيها ومستقبلها‪ .‬وتر ّكز‬ ‫ّ‬ ‫حاول فرضها على اآلخر بالقوة‪ ،‬يف ما ميكن احلوار حول "اإلسالم والغرب‪ :‬من الصراع‬ ‫أن نسميه تصدير الدميوقراطية‪ .‬يف املقابل والتصادم إىل احلوار والتفاهم"‪ ،‬و"السالم‪:‬‬ ‫يتب ّدى التعصب العربي للهوية بوصفها أصالة مدلوالته وأهميته وشروطه"‪ .‬كما حبثت الندوة‬ ‫السلف حيث يعيش العرب املعاصرون يف ما مسائل االعتدال والوسطية والغل ّو والتط ّرف بني‬ ‫ميكن أن نطلق عليه وصف "اخلوف من العامل الشرق والغرب‪ ،‬والشورى والدميوقراطية بني‬ ‫احلديث"‪ ،‬وذلك منذ انبثق وعينا بهذا العامل احلضارة العربية اإلسالمية واملدنية الغربية‪،‬‬ ‫ومنتجه‪ ،‬أي الغرب‪ .‬وإذا كانت عقدة صدام وتط ّرق كذلك إىل صورة اإلسالم يف اإلعالم‬ ‫احلضارات تضرب جبذورها عميقاً يف "نزعة الغربي‪ ،‬وإىل التأكيد على حق الدفاع عن‬ ‫التمركز الغربي حول الذات"‪ ،‬اليت أهلمته كثرياً النفس وتقرير املصري والتفريق بني املقاومة‬ ‫من رؤاه ومواقفه‪ ،‬منذ بدء صعوده احلضاري‪ ،‬واإلرهاب‪ .‬وقد أ ّكد املشاركون على ضرورة‬ ‫فإن ذهنية عقدة املؤامرة يف الفضاء الثقايف تبين ثقافة احلوار‪ ،‬واللّجوء إىل مناهج مبتكرة‬ ‫والوجودي العربي هي أقرب إىل أن تكون "حالة يف حاالت التغيرّ والتح ّول الكتساب مهارات‬ ‫وجدانية" "نفسية" منها إىل موقف اسرتاتيجي جديدة ال تتناقض مع حالة التكيّف والتوافق بني‬ ‫الشعوب‪ .‬وقد أق ّر املشاركون يف املؤمتر أن سبب‬ ‫واع‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫وقد تر ّكز احملور الثقايف يف مهرجان حالة التوتّر واالستقطاب السائدة يف عالقة‬ ‫الجنادرية لعام ‪ 2009‬على مناقشة موضوع اإلسالم والغرب تعود بصورة أساسية إىل اجلهل‬ ‫"اإلسالم وحوار الثقافات ‪ -‬اخلصوصية باإلسالم والفهم اخلاطئ له يف اإلعالم الغربي‪،‬‬ ‫واملشرتك"‪ .‬كما ناقشت الندوة "حوار الثقافات ما يؤدي إىل تشويه صورة املسلمني احلقيقية‪.‬‬ ‫تبدو أطروحة هنتنجتون إذن مثرياً ملا‬ ‫بني اإلسالم والغرب"‪ ،‬و"اإلسالم وحوار‬

‫‪651‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 652‬للتنمية الثقافية‬

‫إذا كانت العالقة بين العالم العربي‬ ‫ودول الشمال متأزّمة بسبب تشديد‬ ‫الخطاب الغربي على كون العالمين‬ ‫العربي واإلسالمي مصدرين للتطرف‬ ‫واإلرهاب‪ ،‬فإن دول الجنوب تبدو جاهزة‬ ‫إلقامة عالقات أكثر إيجابية مع العالم‬ ‫العربي‪ .‬وبذلك يتوسع مفهوم الحوار بين‬ ‫الحضارات والثقافات‪ ،‬الذي تر ّكز على‬ ‫مدار سنوات على العالقة بين العرب‬ ‫والغرب‪ ،‬وكأن الكرة األرضية ال يسكنها‬ ‫إال األوروبيون واألميركيون الشماليون‪..‬‬

‫نشرته الدوريات وناقشته بعض املؤمترات‬ ‫والندوات واجملالت العربية‪ .‬فقد اختارت‬ ‫جريدة الحرية التونسية‪ ،‬على سبيل املثال‪،‬‬ ‫ويف مؤمترها الذي عقدته يف العاصمة تونس‬ ‫حتت عنوان "اإلعالم وحوار احلضارات"‪ ،‬إعادة‬ ‫املؤسسات اإلعالمية‬ ‫النظر يف طريقة حبث ّ‬ ‫ملفهوم حوار احلضارات الذي حيضر بقوة يف‬ ‫الصحافة املقروءة واملسموعة واملرئية يف البلدان‬ ‫العربية مجيعها‪ .‬وقد ناقش املؤمتر دور وسائل‬ ‫االتصال يف الدفاع عن صورة العرب احلقيقية‬ ‫يف اخلارج‪ ،‬وتساءل ع ّما إذا كانت صورة العرب‬ ‫يف العامل الغربي قد تغيرّ ت خالل العقد السابق‪،‬‬ ‫ما جيعل من الضروري أن حتاول وسائل‬ ‫اإلعالم العربية‪ ،‬خصوصاً تلك املنشورة بالّلغات‬ ‫األجنبية‪ ،‬أن تعمل على حتسني هذه الصورة‬ ‫املتغيرّ ة حنو األسوأ يف اخلطاب الغربي‪ .‬وع ّول‬ ‫املؤمتر على تغيرّ خطاب إدارة الرئيس األمريكي‬ ‫باراك أوباما‪ ،‬الذي أشار املؤمتر إىل رغبتها يف‬ ‫إجياد لغة ختاطب خمتلفة مع العاملني العربي‬ ‫واإلسالمي‪ ،‬وضرورة انتهاز الفرصة إلقامة‬ ‫مساه هنتنجتون‬ ‫حوار حضارات بدي ًال ع ّما ّ‬ ‫صدام احلضارات‪ .‬لقد أثّرت أحداث أيلول‬ ‫على عالقة الغرب بالعرب وأحدثت تص ّدعات‬ ‫وشروخاً كثرية‪ .‬لكن التناقضات الصارخة‬ ‫يف املشهد اإلعالمي العربي تؤجج الشعارات‬ ‫العرقية والطائفية واملذهبية وال ترتك جماالً‬ ‫للتقارب والتصاحل‪ ،‬أو احلوار بني العرب يف ما‬ ‫بينهم‪ ،‬والعرب من جهة والغرب وبقية شعوب‬ ‫العامل وأممه وحضاراته من جهة أخرى‪.‬‬ ‫مواز‪ ،‬حبث منتدى أصيلة بالمغرب‬ ‫يف اجتاه ٍ‬ ‫يف عالقة بلدان اجلنوب ببعضها البعض خالل‬ ‫إحدى ندواته‪ .‬وكانت دورة املنتدى‪ ،‬اليت أهداها‬ ‫مؤسسة منتدى أصيلة محمد‬ ‫أمني عام‬ ‫ّ‬ ‫بن عيسى لروح الشاعر الفلسطيين الراحل‬ ‫مسته‬ ‫محمود درويش‪ ،‬قد تر ّكزت حول ما ّ‬

‫تعاون اجلنوب ‪ -‬جنوب‪ .‬وناقش املنتدى أثر هذا‬ ‫التعاون بني دول اجلنوب على السياسة الدولية‪،‬‬ ‫اليت أشار الملك محمد السادس يف كلمته‬ ‫"التوجهات‬ ‫املوجهة للمؤمتر أنه يش ّكل عصب‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اليت نشهدها حالياً على الصعيد الدولي"‪.‬‬ ‫وناقش املشاركون من بلدان اجلنوب العربية‬ ‫واألجنبية التعاون العربي اإلفريقي اإليبريي‬ ‫األمريكي الالتيين‪ ،‬ملقياً الضوء على العالقة‬ ‫بني احلكومات واجملتمع املدني‪ .‬وش ّدد املنتدى‬ ‫على أ ّن من املهم تنسيق جهود احلكومات‬ ‫واجملتمع املدني لتعزيز أواصر التعاون بني بلدان‬ ‫اجلنوب ويف الوقت نفسه العمل على حتقيق‬ ‫التوازن يف العالقات بني الشمال واجلنوب‪.‬‬ ‫وأشار املشاركون األفارقة إىل العالقات الوثيقة‬ ‫اليت تربط أفريقيا بالعامل العربي‪ ،‬وأن أفريقيا‬ ‫تتطلّع إىل شراكة حقيقية وحوار ج ّدي بينها‬ ‫وبني العامل العربي‪ .‬أ ّما املشاركون من أمريكا‬ ‫الالتينية فأبدوا رغبتهم‪ ،‬على الرغم من بعد‬ ‫املسافة بني بلدانهم والعامل العربي‪ ،‬حبوار‬ ‫عميق وتعاون اقتصادي وثقايف بني بلدان أمريكا‬ ‫الالتينية والبلدان العربية‪.‬‬ ‫لقد عمل تركيز منتدى أصيلة على‬ ‫عالقات اجلنوب ‪ -‬اجلنوب السياسية‬ ‫واالقتصادية والثقافية‪ ،‬كما التارخيية‪ ،‬على‬ ‫نقل حوار احلضارات إىل حمور آخر؛ فإذا‬ ‫كانت العالقة بني العامل العربي ودول الشمال‬ ‫متأ ّزمة بسبب تشديد اخلطاب الغربي على كون‬ ‫العاملني العربي واإلسالمي مصدرين للتط ّرف‬ ‫واإلرهاب‪ ،‬فإن دول اجلنوب تبدو جاهزة إلقامة‬ ‫عالقات أكثر إجيابية مع العامل العربي‪ .‬وبذلك‬ ‫يتوسع مفهوم احلوار بني احلضارات والثقافات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الذي تر ّكز على مدار سنوات على العالقة بني‬ ‫العرب والغرب‪ ،‬وكأن الكرة األرضية ال يسكنها‬ ‫إال األوروبيون واألمريكيون الشماليون!‬


‫الحصاد الثقافي والفكري‬

‫ا لحصاد‬

‫مجدد ًا‬ ‫العولمة‬ ‫ّ‬ ‫امتداد هلا‪ .‬صحيح أنها تتجاوزها‪ ،‬لكنها تظ ّل‬ ‫يتصل حبث موضوع العوملة اتصاالً مباشراً تط ّوراً من تط ّوراتها‪ ،‬كما هي ما بعد احلداثة‬ ‫مبسأليت اهلوية وحوار احلضارات‪ .‬وخالل اليت قامت على فكرة االنطالق من جتربة‬ ‫ما يزيد على عقد من الزمن جرى احلديث احلضارة الغربية الرأمسالية‪ ،‬وأجرت مراجعة‬ ‫بإسهاب حول العوملة كمفهوم‪ ،‬وتاريخ‪ ،‬وتعبري نقدية هلا فتجاوزتها باجتاه وعي جديد‪ .‬ومع ما‬ ‫عن سياق سياسي اقتصادي ثقايف يفرض نفسه يف هذا اخللط بني ما بعد احلداثة‪ ،‬اليت تقوم‬ ‫كنموذج على البشرية مجعاء‪ ،‬ال على الغرب على فكرة تن ّوع الثقافات وتعددها‪ ،‬والعوملة‪،‬‬ ‫الذي نشأ فيه هذا املفهوم والنموذج السياسي اليت تقوم على فكرة انتقال الرأمسالية الغربية‬ ‫واالقتصادي والثقايف‪ .‬وقد حبثت مؤمترات إىل طور الرأمسالية العابرة للقوميات‪ ،‬فإن‬ ‫وندوات ودراسات ومقاالت تع ّد باملئات‪ ،‬ورمبا التعامل مع العوملة‪ ،‬كمفهوم وممارسة سياسية‬ ‫باآلالف‪ ،‬موضوع العوملة وتأثريها على العامل واقتصادية وثقافية‪ ،‬ال زال غائماً‪ .‬كما أ ّن البعض‬ ‫العربي‪ ،‬خالل السنوات املاضية‪ .‬لكن هذا يش ّدد على أنها خري يف معظمها والبعض اآلخر‬ ‫فإن االلتباس يف‬ ‫املوضوع مل يفقد سحره منذ عقد من الزمن يراها ش ّراً كلّها‪ .‬هلذا السبب َّ‬ ‫على األقل‪ ،‬ومل مي ّل الكتّاب والباحثون‪ ،‬وعلماء املصطلح يؤدي إىل التباس يف فهمه يف األوساط‬ ‫السياسة واالجتماع واالقتصاد‪ ،‬واملثقفون يف الثقافية والفكرية العربية‪ .‬ولع ّل هذا االلتباس‬ ‫جمملهم‪ ،‬من احلديث فيه‪.‬‬ ‫هو ما جيعل إحدى املقاالت اليت نشرتها جملة‬ ‫من هنا تبدو العوملة حاضرة يف احلصاد "التسامح" ال ُعمانية تدعو إىل ما تسميه "عوملة‬ ‫الثقايف والفكري للعامل العربي عام ‪ ،2009‬إنسانية" يف إطار السعي إىل ّ‬ ‫فك االشتباك مع‬ ‫كما كانت يف السنوات السابقة‪ ،‬فهي عنوان هذا املصطلح الذي سال حرب كثري على جوانبه‬ ‫ملؤمترات وندوات وحماضرات‪ ،‬ومانشيتات منذ توالي تداوله يف الصحف السيّارة وقنوات‬ ‫صحف ومقاالت يف اجمل ّالت الرئيسية يف العامل التلفزة قبل حواىل ثالثة عقود‪ .‬لكن كيف ميكن‬ ‫العربي‪ .‬لذلك تتساءل مجلة العربي يف مقالة أن نضفي وجهاً إنسانياً على العوملة اليت خيتلف‬ ‫نشرتها يف أحد أعدادها العام ‪ 2009‬عن العوملة الباحثون بشأن تعريفها‪ ،‬كما أشرنا من قبل؟‬ ‫هل هي امتداد للحداثة أو نقيض هلا‪ ،‬إذ كان يشري الباحث إىل أن ما يسهم يف إجناح هذه‬ ‫العقد األخري من القرن العشرين هو الشاهد املهمة الصعبة يتمثل يف احرتام القيم الذي‬ ‫على بزوغ ظاهرة العوملة ورواج املصطلح مي ّكننا من كبح طابع العوملة التمييزي القاسي‪،‬‬ ‫ألسباب تتعلّق بكون الظاهرة نفسها ختتزل يف ووضعها يف خدمة البشرية بافرتاض أنها جسد‬ ‫داخلها التح ّوالت العلمية واملعرفية واالقتصادية واحد مرتابط ال ب ّد أن تتالحم أجزاؤه وتتعاون‬ ‫والثقافية والسياسية املتسارعة بصورة مذهلة‪ ،‬يف إطار من التكامل والتفاعل‪ ،‬يفيد مكوناته‬ ‫واليت مل يعرف هلا العامل مثي ًال من قبل‪ .‬وتلعب مجيعها‪ ،‬ويسهم يف ح ّل ما تواجهه من مشكالت‬ ‫الشركات متع ّددة اجلنسيات والعابرة للقوميات معقّدة كثرية‪ .‬ولتحقيق هذا احللم املثالي ال ب ّد‬ ‫الدور الرئيسي يف هذه الظاهرة‪ .‬ومع أن العوملة أن نرسي نظرة تقول إنه ال جيوز أن يسود الفقر‬ ‫تقوم على مرتكزات ثالثة معلوماتية وتكنولوجية والعوز واملرض والتأخّر جزءاً كبرياً من هذا‬ ‫واقتصادية‪ ،‬وهي مسات زمن ما بعد احلداثة‪ ،‬العامل‪ ،‬يف الوقت الذي ترتفع فيه قلّة من شعوبه‬ ‫فإنها ال متثّل نقيضاً للحداثة الغربية‪ ،‬بل هي وأفراده باجلزء األكرب من دخله‪.‬‬

‫‪653‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 654‬للتنمية الثقافية‬

‫حظ َي تجديد الفكر اإلسالمي‬ ‫المعاصر باهتمام واضح العام ‪.2009‬‬ ‫أ ّما دعاة تجديد هذا الفكر‪ ،‬وعلى الرغم‬ ‫من أ ّن أصواتهم خافتة على هذه األيام‬ ‫إالّ أنهم ال يتوقفون عن الدعوة إلى إعادة‬ ‫النظر في مقوالت دعاة التش ّدد وإثارة‬ ‫الشقاق مع األديان والثقافات األخرى‪،‬‬ ‫أو من اصطلح على تسميتهم بدعاة‬ ‫الفسطاطين‪..‬‬

‫مما سال ما من حرب يف‬ ‫هكذا وعلى الرغم ّ‬ ‫الكتابة على موضوع العوملة ال زال املفهوم غائماً‬ ‫ملتبساً‪ ،‬حبيث حت ّول إىل صورة‪ .‬لكن اإلشكالي‬ ‫يف موضوع العوملة‪ ،‬متو ّحشة كانت أم إنسانية‪،‬‬ ‫يتّصل بصورة أساسية يف اختاذ موقف أحادي‬ ‫منها‪ ،‬موقف يعتنقها من جهة وموقف مقابل‬ ‫يرفضها مجل ًة وتفصي ًال من جهة ثانية‪ ،‬فليست‬ ‫العوملة خرياً كلّها أو ش ّراً كلّها‪ ،‬إنها هذا وذاك‪،‬‬ ‫ومواقفنا منها تعتمد أساساً على كيفية النظر‬ ‫إىل ثقافتنا وإىل ذاتنا احلضارية أوالً وقبل ك ّل‬ ‫شيء‪ .‬إنه شأن متّصل باهلوية اليت هي مدار‬ ‫حبث دائم ال يفرت يف الثقافة العربية منذ ما‬ ‫يزيد على قرن من الزمان‪.‬‬

‫املتطرفة‪ .‬هناك دعاة عديدون لتجديد الفكر‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬وعلى الرغم من كون أصواتهم‬ ‫خافتة هذه األيام إالّ أنهم ال يتوقفون عن الدعوة‬ ‫إىل إعادة النظر يف مقوالت دعاة التش ّدد وإثارة‬ ‫الشقاق مع األديان والثقافات األخرى‪ ،‬أو من‬ ‫اصطلح على تسميتهم بدعاة الفسطاطني‪.‬‬ ‫حظ َي جتديد الفكر اإلسالمي املعاصر‬ ‫باهتمام واضح العام ‪ ،2009‬فأقامت مكتبة‬ ‫اإلسكندرية مؤمتر "اتجاهات التجديد‬ ‫واإلصالح في الفكر اإلسالمي الحديث"‪،‬‬ ‫مبشاركة مفكرين وباحثني من مصر والعاملني‬ ‫العربي واإلسالمي‪ .‬وحبث املشاركون‬ ‫مشروعات التجديد واإلصالح خالل القرنني‬ ‫األخريين‪ ،‬يف بيئات متع ّددة مثل مصر‪ ،‬والشام‬

‫ينبثق عن سؤال اهلوية‪ ،‬الذي يشغل العرب‬ ‫املعاصرين ويؤرقهم‪ ،‬سؤال فرعي يتمثّل بفهم‬ ‫العرب لإلسالم يف الزمان احلاضر‪ ،‬وطريقة‬ ‫تأويلهم لرؤيته للعامل ولتعاليمه‪ ،‬ما أحدث‬ ‫استقطاباً حاداً بني تيارات متع ّددة يف الفكر‬ ‫اإلسالمي العربي ك ّل منها ي ّدعي مشروعية‬ ‫رؤيته حول اإلسالم‪ .‬لكن املشكلة أن ما يُشاع‬ ‫عن اإلسالم يف الزمان احلاضر‪ ،‬وخصوصاً يف‬ ‫التأويل الغربي لإلسالم وتصويره له يف اخلطاب‬ ‫السائد يف دوائر البحث والسياسة واإلعالم‪،‬‬ ‫أن اإلسالم ما ت ّدعيه التيارات املتط ّرفة اليت‬ ‫تص ّوره بأنه دين النهايات القصوى والرؤية‬ ‫األحادية‪ .‬وقد أثّر ذلك سلباً على صورة‬ ‫اإلسالم واملسلمني يف العامل‪ ،‬كما خلق توتّرات‬ ‫حادة يف اجملتمعات اإلسالمية والعربية‪ .‬ومع‬ ‫هذا فإن هناك أصواتاً معتدلة عقالنية يف الفكر‬ ‫العربي اإلسالمي املعاصر‪ ،‬وهي تطرح رؤيتها‬ ‫يف املؤمترات والندوات اليت تعقد‪ ،‬والبحوث‬ ‫والدراسات اليت تكتب؛ وهي األصوات السائدة‬ ‫على الرغم من الضجيج الذي تثريه األصوات‬

‫والبلقان‪ ،‬والمغرب العربي‪ ،‬والسودان‪ ،‬وأفريقيا‬

‫تجديد الفكر اإلسالمي المعاصر‬

‫وبالد الرافدين‪ ،‬وشبه القارة الهندية‪ ،‬وإيران‪،‬‬

‫جنوب الصحراء‪ ،‬وشبه الجزيرة العربية‪،‬‬ ‫وتركيا‪ ،‬والقوقاز‪ ،‬والماليو‪ ،‬وأندونيسيا‪.‬‬

‫ور ّكز املؤمتر على مسائل املرجعية لدى ر ّواد‬ ‫اإلصالح‪ ،‬وجدال الرواد حول اإلسالم واجملال‬ ‫العام‪ ،‬والتجديد وإشكاليات التم ّدن‪ ،‬والتجديد‬ ‫واحلرية واملسؤولية واحلاضر واملستقبل‪.‬‬ ‫كما حبث املؤمتر يف إحدى أوراقه موضوع‬ ‫"احلرية يف اإلسالم‪ :‬الر ّدة بني حرية العقيدة‬ ‫واخلروج على اجلماعة"‪ ،‬ساعياً إىل إثبات "أن‬ ‫حيث‬ ‫اإلسالم ال يعارض حرية العقيدة‪ ،‬بل ّ‬ ‫عليها ويعتربها أحد مبادئه الرئيسية‪ ،‬ونعين‬ ‫هنا حبرية العقيدة حرية اإلنسان يف أن يدين‬ ‫بأ ّي دين وأن يب ّدل دينه أياً كان ويف أي وقت‪،‬‬ ‫طاملا أ ّن ذلك كان نابعاً من قناعة شخصية‪،‬‬ ‫وغري مرتبط بأهداف سياسية من شأنها‬ ‫تهديد السالم االجتماعي‪ .‬وحبث املؤمتر يف‬ ‫ورقة ثانية "ضرورة التجديد" وجاء يف مطلعها‪:‬‬ ‫"التأ ّمل اهلادئ يف طبيعة رسالة اإلسالم ‪-‬‬ ‫كبيان من اهلل للناس ّ‬ ‫يتخطى حدود الزمان‬


‫الحصاد الثقافي والفكري‬

‫ا لحصاد‬

‫واملكان ‪ -‬يربهن على أن قضية "التجديد"‬ ‫إن مل تكن هي واإلسالم وجهني لعملة واحدة‬ ‫فإنها ‪ -‬بالتأكيد ‪ -‬إحدى مق ّوماته الذاتية‪،‬‬ ‫إذا حتقّقت حتقّق اإلسالم نظاماً فاع ًال يف‬ ‫دنيا الناس‪ ،‬وإن جت ّمدت جت ّمد وانسحب من‬ ‫تؤدى يف‬ ‫مسرح احلياة‪ ،‬واخت ُِزل يف طقوس َّ‬ ‫املساجد أو املقابر‪ ،‬وتمُ ا َرس على استحياء‬ ‫يف بعض املناسبات‪ .‬بل يثبت التأمل أن تاريخ‬ ‫اإلسالم ‪ -‬يف أزهى عصوره ‪ -‬يشهد على عالقة‬ ‫وثقى ال تنفصم بني حيويته وبني التجديد‪ ،‬وبني‬ ‫انزوائه إىل ركن قصي عن احلياة و عن اجملتمع‬ ‫وبني اجلمود‪ .‬ومن الغريب ‪ -‬حقاً ‪ -‬أن يظ ّل‬ ‫مصطلح "التجديد" يف اإلسالم يف عهدنا هذا‪،‬‬ ‫من املصطلحات احملفوفة باملخاطر واحملاذير‪،‬‬ ‫بسبب اإلتهامات اليت تُكال ُجزافاً‪ .‬وقالت ورقة‬ ‫ثالثة إنه قد "كثر احلديث يف العقدين املاضيني‬ ‫عن إخفاق النهضة العربية‪ ،‬أو على األقل إخفاق‬ ‫تيارات اإلصالح والتجديد يف الفكر اإلسالمي‪.‬‬ ‫ويور ُد املتحدثون يف هذا األمر وذاك ظواهر‬ ‫وأسباباً واستخالصات أوصلتهم إىل هذا‬ ‫االستنتاج الكبري‪.‬‬ ‫مواز نشرت جملة "الكتب‪ :‬وجهات‬ ‫يف سياق ٍ‬ ‫نظر" املصرية مقالة للباحث العربي األمريكي‬ ‫جوزيف مسعد يعيد فيه طرح موضوع اإلسالم‬ ‫بوصفه إشكالية مصطلح يف الدراسات الغربية‬ ‫متسائ ًال ع ّما إذا كان اإلسالم ديناً أم جغرافيا‬ ‫أم هوية مجاعية‪ ،‬وهل هو عبارة عن مفهوم‬ ‫أو مصطلح تقين أو هو داللة أو تصنيف‪ .‬إ ّن‬ ‫املستشرقني األوروبيني من جهة‪ ،‬واملفكرين‬ ‫العرب واملسلمني من جهة أخرى‪ ،‬يستخدمون‬ ‫اإلسالم يف صياغات متع ّددة اعتقاداً منهم‬ ‫بأنه حييل على فهم بديهي ال يعوزه التحديد‬ ‫والتعريف‪ .‬لقد اكتسب اإلسالم‪ ،‬بدءاً من القرن‬ ‫التاسع عشر وخالل القرن العشرين‪ ،‬دالالت‬ ‫جديدة مل يكن يتوافر عليها مسبقاً‪ .‬فلم يعد‬

‫اإلسالم عند هؤالء املفكرين االسم الذي أطلقه‬ ‫القرآن على الدين‪ ،‬الذي يشري إىل اإلميان‬ ‫باهلل كما نشره الرسول‪ ،‬بل أصبح يد ّل كذلك‬ ‫على تاريخ الدول واملمالك املسلمة‪ ،‬واألعمال‬ ‫الفكرية املختلفة يف جماالت الفكر والفلسفة‬ ‫والفقه وعلم الكالم والطب واألدب والعلوم‬ ‫املختلفة‪ ...‬ومن ث ّم أصبح باإلمكان أن يُنظر‬ ‫إىل اإلسالم على أنه نقيض مفاهيم معينة مثل‪:‬‬ ‫الغرب والدميوقراطية‪ ،‬واللّيربالية‪ ،‬والفردانية‪،‬‬ ‫واحلرية؛ كما أنه يش ّجع مفاهيم أخرى مثل‪:‬‬ ‫االضطهاد‪ ،‬والدكتاتورية‪ ،‬والظلم‪ .‬وهلذا ق ّدم‬ ‫ك ّل من املستشرقني واملفكرين العرب‪ ،‬من‬ ‫جهته‪ ،‬احلجج على توافق أو عدم توافق اإلسالم‬ ‫مع احلداثة والتق ّدم الغربي‪ .‬وهو األمر الذي‬ ‫زاد من االلتباس والغموض يف حبث اإلسالم‬ ‫يف الغرب‪ ،‬وبلبلة املفاهيم لدى املفكرين العرب‪،‬‬ ‫ما جيعل من الضروري بروز نزعات جديدة‬ ‫يناقشها مسعد يف دراسته اليت ر ّكزت على‬ ‫تيارات من التحليل النفسي تدرس اإلسالم يف‬ ‫ضوء معارف حتليلية نفسية جديدة مركزها‬ ‫فرنسا‪ ،‬يف حماولة للتوصل إىل األسباب الفعلية‬ ‫توسع من حالة االستقطاب احلا ّدة بني‬ ‫اليت ّ‬ ‫اإلسالم والغرب‪ ،‬ورمبا بني التيارات الفكرية‬ ‫والثقافية املختلفة داخل اجملتمعات العربية‬ ‫واإلسالمية‪.‬‬ ‫مما رصدناه من رؤى‬ ‫هذا بالطبع بعض ّ‬ ‫وتأويالت خبصوص اإلسالم وجتديد الفكر‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬والنظر إليه بوصفه ممارسة دينية‬ ‫حضارية ثقافية‪ ،‬تدعو إىل االعتدال والتحاور‬ ‫مع األديان واحلضارات والثقافات األخرى‪ ،‬ال‬ ‫بوصفه ديناً عنيفاً يقسر اآلخرين على اإلميان‬ ‫به حب ّد السيف! وهي النظرة اليت يشيعها‬ ‫املتطرفون ويروجها اخلطاب الغربي حول‬ ‫اإلسالم يف دوائر االستشراق البحثي والسياسي‬ ‫واإلعالمي كذلك‪ .‬وهو األمر الذي تكذبه‬

‫‪655‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 656‬للتنمية الثقافية‬

‫الوقائع‪ ،‬وما يقوله العرب واملسلمون عن دينهم‬ ‫يف مؤمتراتهم وندواتهم وحلقاتهم النقاشية‬ ‫وكتاباتهم يف الدوريات والصحف وعلى شاشات‬ ‫الفضائيات‪ .‬وهو األمر الذي حيتاج العرب إىل‬ ‫نشره وتروجيه وإيصاله إىل الثقافات األخرى‪،‬‬ ‫وعلى رأسها الثقافة الغربية‪ ،‬لكي تتب ّدد صورة‬ ‫العربي املسلم املتط ّرف العنيف الراغب يف‬ ‫القضاء على احلضارات األخرى وتدمريها‪،‬‬ ‫ال حماورتها باحلسنى ويف إطار القبول باآلخر‬ ‫املغاير ديناً ولغة وثقافة وحضارة!‬ ‫نشرت مجلة "الكتب‪ :‬وجهات نظر"‬ ‫مقالة لحفيد عبد الرحمن الكواكبي‬ ‫(سالم الكواكبي) يستعيد فيها مقوالت‬ ‫جده حول االستبداد بوصفه مرض األمة‬ ‫المزمن‪ .‬ويرى أن الكواكبي كان سيعجب‬ ‫أن ك ّل ما كتبه عن االستبداد لم يدفع‬ ‫العرب بعد حوالى قرن من الزمان إلى‬ ‫التخلّص من هذه اآلفة‪ ،‬وأن االستبداد قد‬ ‫تط ّور وأعيد إنتاجه ولكن هذه الم ّرة على‬ ‫مؤسسي‪..‬‬ ‫نحو ّ‬

‫الديمقراطية‬

‫عقد مركز دراسات الوحدة العربية‪،‬‬ ‫المؤسسة العربية الديمقراطية‪،‬‬ ‫باإلشرتاك مع‬ ‫ّ‬ ‫ورشة عمل حول ّ‬ ‫مؤشرات قياس الدميقراطية‬ ‫يف البالد العربية‪ ،‬وذلك يف مقر مركز دراسات‬ ‫الوحدة العربية يف بيروت‪ .‬وخلصت الورشة‪،‬‬ ‫اليت شارك فيها باحثون وخرباء من بلدان‬ ‫عربية خمتلفة‪ ،‬إىل ضرورة اجلمع بني ّ‬ ‫املؤشرات‬ ‫الكمية والكيفية لقياس الدميقراطية واعتبارها‬ ‫حزمة مشرتكة نظراً لكون ما هو كيفي أو وصفي‬ ‫يفضل قياسه كمياً‪ .‬وش ّددت الورشة على أهمية‬ ‫ّ‬ ‫القراءة النقدية ّ‬ ‫للمؤشرات العاملية واملستخدمة‬ ‫املؤسسات الدولية ّ‬ ‫واملنظمات غري‬ ‫من طرف ّ‬ ‫احلكومية‪ ،‬وذلك لالستفادة من اجلهود الدولية‬ ‫وتطويع هذه ّ‬ ‫املؤشرات للتالؤم مع احلالة‬ ‫العربية‪ .‬ومن املهم كذلك التسلّح باألصول‬ ‫العلمية للمنهج املقارن عند إجراء مقارنات بني‬ ‫حال الدميقراطية يف البالد العربية أو بعضها‪،‬‬ ‫وحاهلا يف دول أخرى قطعت شوطاً تارخيياً‬ ‫طوي ًال يف هذا املضمار‪ .‬وارتأى املشاركون يف‬ ‫الورشة ضرورة الربط بني اجلوانب االقتصادية‬ ‫والسياسية واالجتماعية والثقافية لتقييم مدى‬ ‫التق ّدم على طريق الدميقراطية يف البلدان‬ ‫العربية‪ .‬كما دعوا إىل بناء نسق التنميط‬

‫املالئم للبلدان العربية‪ ،‬أي تقسيمها إىل‬ ‫أمناط أو فئات فرعية متع ّددة ألغراض القياس‬ ‫والتحليل‪ ،‬نظراً لتفاوت مستويات النم ّو وبعض‬ ‫الظروف التارخيية بني دولة عربية وأخرى‪.‬‬ ‫ومن األهمية أيضاً‪ ،‬كما ش ّددت الورشة‪،‬‬ ‫االلتفات إىل الرتابط بني البعد املعريف والفهم‬ ‫والتطبيق الدميقراطي‪ .‬ويف النهاية ربط هذه‬ ‫األمور مجيعاً بالعوامل اليت أ ّدت إىل عدم جت ّذر‬ ‫الدميقراطية كقيمة متأصلة يف الوطن العربي‪.‬‬ ‫من جهة ثانية تهتم اجمل ّالت العربية الصادرة‬ ‫عام ‪ 2009‬باحلديث عن مفهوم الدميقراطية‬ ‫ومتثالتها يف الغرب كما يف العامل العربي‪ .‬فقد‬ ‫نشرت جملة "الكتب‪ :‬وجهات نظر" مقالة حلفيد‬ ‫عبد الرحمن الكواكبي (سالم الكواكبي)‬ ‫يستعيد فيها مقوالت ج ّده حول االستبداد‬ ‫بوصفه مرض األ ّمة املزمن‪ .‬ويرى أن الكواكيب‬ ‫كان سيعجب أن ك ّل ما كتبه عن االستبداد مل‬ ‫يدفع العرب بعد حواىل قرن من الزمان إىل‬ ‫التخلّص من هذه اآلفة‪ ،‬وأن االستبداد قد تط ّور‬ ‫مؤسسي‪.‬‬ ‫وأعيد إنتاجه ولكن هذه امل ّرة على حنو ّ‬ ‫كما نشرت اجمللة نفسها يف عدد آخر عن أسباب‬ ‫غياب الدميوقراطية يف البلدان اإلسالمية‪ ،‬يف‬ ‫رأي جون سبوزيتو وداليا مجاهد‪ .‬فكما يرى‬ ‫الباحثان‪ ،‬فإن احلدود االعتباطية واحل ّكام‬ ‫الذين ال ميثلون شعوبهم أنتجوا دوالً من األمم‬ ‫الضعيفة‪ ،‬مع حكومات غري دميقراطية‪ ،‬ش ّجعت‬ ‫على ثقافة اإلستبداد‪.‬‬ ‫اإلعالم العربي في عصر تكنولوجيا‬ ‫المعلومات‬

‫من بني املسائل األساسية اليت شغلت‬ ‫أوساط املثّقفني واإلعالميني العرب الصورة‬ ‫اليت ينبغي أن يكون عليها اإلعالم العربي يف‬ ‫أشكاله الورقية واإللكرتونية‪ ،‬املرئية واملسموعة‪،‬‬ ‫التقليدي منه والتفاعلي‪ .‬والواقع أن غزارة عدد‬


‫الحصاد الثقافي والفكري‬

‫إ ّن "االنفجار اإلعالمي" في العالم‬ ‫العربي‪ ،‬في الوقت الذي يشهد فيه‬ ‫العالم إغالق العديد من المطبوعات‬ ‫الصحافية المعروفة‪ ،‬يدعو إلى التساؤل‬ ‫ع ّما إذا كان إصدار هذا العدد الكبير‬ ‫من المطبوعات‪ ،‬وإنشاء أعداد أكبر من‬ ‫اإلذاعات والفضائيات‪ ،‬يعود إلى نهضة‬ ‫إعالمية أم إلى أسباب أخرى تتصل‬ ‫بعملية االستقطاب السياسي الحاصل في‬ ‫العالم العربي‪..‬‬

‫ا لحصاد‬

‫املطبوعات الصحافية اليت دخلت السوق خالل‬ ‫السنوات القليلة املاضية‪ ،‬والعدد غري املسبوق‬ ‫لإلذاعات والفضائيات‪ ،‬يتطلّب مناقشة وضع‬ ‫اإلعالم العربي وفهم أسباب هذا "االنفجار‬ ‫اإلعالمي" يف العامل العربي‪ ،‬يف الوقت الذي‬ ‫نشهد فيه إغالق العديد من املطبوعات‬ ‫الصحافية املعروفة يف العامل‪ ،‬أو على األقل‬ ‫تقلّص ميزانيتها وصرفها بعض العاملني فيها‬ ‫ألسباب اقتصادية‪ .‬فهل يعود إصدار هذا العدد‬ ‫الكبري من املطبوعات‪ ،‬وإنشاء أعداد أكرب من‬ ‫اإلذاعات والفضائيات‪ ،‬إىل نهضة إعالمية أو‬ ‫إىل أسباب أخرى تتّصل بعملية االستقطاب‬ ‫السياسي احلاصل يف العامل العربي وا ّ‬ ‫جتاه ك ّل‬ ‫مؤسساته اإلعالمية اخلاصة‬ ‫طرف إىل إنشاء ّ‬ ‫به‪ :‬صحفاً وجمالت وإذاعات وفضائيات؟ وهل‬ ‫يعود ذلك إىل ج ّو من االنفتاح وازدياد مساحة‬ ‫وترسخ الدميقراطية يف‬ ‫احلريات اإلعالمية ّ‬ ‫املناخ السياسي واالجتماعي العربي؟ أم أنه‬ ‫يعود إىل قدرة اجلهات والتيارات واألحزاب‬ ‫السياسية الفاعلة يف اجملتمعات العربية على‬ ‫انتزاع حقها يف التعبري عن نفسها؟‬ ‫تلك أسئلة مركزية يسأهلا العاملون يف حقل‬ ‫اإلعالم واملثقّفون واملفك ّرون والناشطون يف‬ ‫اجملال العام ألسباب تتّصل مبحاولة التع ّرف‬ ‫إىل صورة اجملتمعات العربية يف الوقت الراهن‪،‬‬ ‫وقراءة املشهد السياسي االجتماعي من خالل‬ ‫قراءة املشهد اإلعالمي‪ .‬هلذا حظي موضوع‬ ‫اإلعالم العربي يف ظ ّل الثورة التكنولوجية‬ ‫املتسارعة‪ ،‬ويف عصر الفضائيات واإلنرتنت‪،‬‬ ‫باهتمام كبري خالل العام ‪ .2009‬وقد ُعقد‬ ‫العديد من املؤمترات والندوات ونشرت اجمل ّالت‬ ‫املتخصصة والدوريات العامة مقاالت ودراسات‬ ‫ّ‬ ‫حول حالة اإلعالم العربي الذي تط ّور خالل‬ ‫السنوات األخرية تط ّوراً ملحوظاً‪ ،‬لكنه ظ ّل‬ ‫يعاني يف الوقت نفسه من الكثري من املشكالت‬

‫اليت حتول دون متتّعه باحلرية واملصداقية‪،‬‬ ‫بسبب غياب احل ّريات اإلعالمية الفعلية يف‬ ‫بعض البلدان العربية‪ ،‬وختلّف اإلعالم يف بلدان‬ ‫عربية أخرى‪ ،‬ومتلّك رجال املال واالقتصاد‪،‬‬ ‫املتنفذين منهم خباصة‪ ،‬لوسائل اإلعالم‬ ‫املرئية واملسموعة واملقروءة‪ ،‬ما جيعل هذه‬ ‫الوسائل جمرد وسائط لتحقيق الربح عن طريق‬ ‫لبث رؤية أصحاب‬ ‫نشر اإلعالنات‪ ،‬أو وسيلة ّ‬ ‫املؤسسات اإلعالمية أو لتلميع صورتهم‪.‬‬ ‫تلك ّ‬ ‫واألهم من ذلك أ ّن وسائل اإلعالم‪ ،‬خصوصاً‬ ‫املرئي منها‪ ،‬قد أثّرت سلباً على ذائقة املشاهد‬ ‫حني بدأت تعرض اهلابط من الربامج‪ ،‬املثري‬ ‫للغرائز‪ ،‬والتافه من األمور‪ ،‬وتغيّب الربامج‬ ‫الثقافية والفنية رفيعة املستوى ألسباب جتارية‬ ‫حبت‪ ،‬وذلك من خالل الرتكيز على غرائز‬ ‫املشاهدين من دون خماطبة عقوهلم‪.‬‬ ‫لبحث وضع اإلعالم العربي يف الوقت‬ ‫الراهن انعقدت يف الكويت الدورة السادسة‬ ‫مللتقى "جت ّمع اإلعالميني العرب"‪ .‬ور ّكز امللتقى‬ ‫على أهمية اإلعالم يف عملية التنمية الشاملة‬ ‫واالرتقاء باإلنسان العربي وجعله قادراً على‬ ‫حت ّديات احلياة املعاصرة ومتغريات املستقبل‪.‬‬ ‫وسعى امللتقى إلجياد رؤية إعالمية عربية جديدة‬ ‫تلبيّ احتياجات العصر ومتطلباته‪ ،‬وتدعم القيم‬ ‫اإلجيابية لإلعالم لكونه وسيلة خطرية يستطيع‬ ‫من ميلكها أن يؤثّر يف أ ّي اجتاه وكيفما يشاء‪.‬‬ ‫ففي ظ ّل التط ّور اهلائل يف تكنولوجيا املعلومات‬ ‫تهب‬ ‫أصبح اجلميع معرضني لرياح التغيري اليت ُّ‬ ‫علينا من ك ّل مكان‪ ،‬وعلى مدار الساعة‪ .‬وقد‬ ‫تط ّرقت اجللسات احلوارية املفتوحة اليت جرت‬ ‫خالل امللتقى إىل ما يؤثّر‪ ،‬ويتأثّر‪ ،‬يف مسرية‬ ‫اإلعالم العربي من تنمية واقتصاد‪ .‬ونوقشت‬ ‫يف هذه اجللسات آثار األزمة االقتصادية‬ ‫املؤسسات‬ ‫على وسائل اإلعالم وتقلّص دخل ّ‬ ‫اإلعالمية املستقلّة اخلاصة بسبب تدهور حالة‬

‫‪657‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 658‬للتنمية الثقافية‬

‫السوق اإلعالنية اليت تأثّرت بإفالس بعض‬ ‫الشركات املعلنة ومرور بعضها اآلخر بأزمات‬ ‫اقتصادية خانقة‪ .‬ودعا امللتقى إىل ضرورة‬ ‫إحلاق اإلعالم العربي بركب التنمية الشاملة‪،‬‬ ‫فال تكتفي احلكومات باالهتمام باجلوانب‬ ‫السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬بل أن تهتّم‬ ‫باإلعالم كذلك الذي يرسم صورة التنمية يف‬ ‫اجلوانب السياسية واالقتصادية واالجتماعية‬ ‫والتعليمية املختلفة‪ .‬فال ميكن حتقيق التنمية‬ ‫الشاملة من دون احلفاظ على حرية اإلعالم‪،‬‬ ‫والتزام اإلعالم نفسه باحلياد والعدالة يف طرح‬ ‫القضايا من دون حتيّز لطرف من دون آخر‪.‬‬ ‫واهت ّم املتحاورون يف امللتقى بضرورة التحول من‬ ‫اإلعالم التقليدي إىل اإلعالم اإللكرتوني الذي‬ ‫بدأ حي ّل حم ّل الصحافة الورقية‪ ،‬وقد يصبح يف‬ ‫املستقبل القريب البديل األوحد لتلك الصحافة‬ ‫اليت تعاني اآلن من أزمات متالحقة بسبب‬ ‫قدرة الفضائيات واملواقع اإللكرتونية على نقل‬ ‫األخبار بسرعة مذهلة تتف ّوق على الصحافة‬ ‫الورقية‪ ،‬وحتى على نسخها اإللكرتونية اليت ال‬ ‫زالت عاجزة عن التط ّور للّحاق بثورة اإلعالم‬ ‫التكنولوجي يف جهات األرض األربع مبا يف ذلك‬ ‫العامل العربي‪ .‬وقد أ ّدى هذا التط ّور إىل ما‬ ‫يس ّمى باإلعالم البديل الذي يتخفّف من ضغوط‬ ‫واملؤسسات املالكة لإلعالم لكون‬ ‫احلكومات ّ‬ ‫العاملني من األفراد‪ ،‬الشباب منهم بصورة‬ ‫خاصة‪ ،‬الذين يرغبون يف نقل صورة خمتلفة‬ ‫عن تلك اليت تر ّوج هلا وسائل اإلعالم الرمسية‬ ‫املؤسسات اإلعالمية اليت متتلك رؤية‬ ‫أو تلك ّ‬ ‫خاصة تسعى للرتويج هلا‪ ،‬بغض النظر عن‬ ‫ّ‬ ‫ص ّحة ما تر ّوج له أو عدالته‪ .‬وطالب اإلعالميون‬ ‫العرب املشاركون بضرورة الشروع يف كتابة‬ ‫مد ّونة السلوك اإلعالمي املهين اليت يع ّدها‬ ‫خنبة من خرباء اإلعالم العربي والعاملني يف‬ ‫املؤسسات اإلعالمية العربية املختلفة‬ ‫عدد من ّ‬

‫للحفاظ على مهنية الصحافة العربية‪ ،‬بوسائلها‬ ‫املختلفة‪ ،‬وعلى رأسها اإلعالم اإللكرتوني‬ ‫الذي يشهد حالة من االنفالت اليت تتطلب‬ ‫وجود تشريعات متنع التجريح الشخصي‬ ‫وتكفل احلريات الشخصية وحتميها من اعتداء‬ ‫املغامرين‪.‬‬ ‫وقد ّ‬ ‫نظمت وزارة الثقافة واإلعالم يف‬

‫السعودية المؤتمر اإلعالمي الدولي األول‬

‫"مستقبل النشر الصحافي"‪ ،‬بالتنسيق مع‬ ‫المنظمة العالمية للطباعة والنشر "إقرأ"‪،‬‬ ‫وشارك يف املؤمتر متخصصون عامليون يف‬ ‫الصناعة الصحافية واإلعالمية‪ .‬وتر ّكز النقاش‬ ‫يف املؤمتر حول االستعداد يف املستقبل‪ ،‬ملا‬ ‫تواجهه صناعة النشر الصحايف من أخطار‬ ‫وتهديدات التط ّور اهلائل يف تكنولوجيا‬ ‫املعلومات‪ .‬كما ناقشت األوراق املشاركة خطط‬ ‫املؤسسات الصحافية‪ ،‬والفرص‬ ‫العمل يف ّ‬ ‫اإلعالمية اجلديدة يف منطقة الشرق األوسط‪،‬‬ ‫واملوارد البشرية والتدريبية‪ ،‬ومستقبل النشر‬ ‫اإللكرتوني والطباعة احلديثة‪.‬‬ ‫كما انعقدت يف دبي الدورة الثامنة من‬ ‫فعاليات المنتدى اإلعالمي العربي‪ ،‬اليت‬ ‫ّ‬ ‫ينظمها نادي دبي للصحافة ك ّل سنة‪ ،‬حيث‬ ‫يشارك صحافيون ورجال إعالم وسياسة‬ ‫ومفكرون ومثقفون من الوطن العربي والعامل‬ ‫ويطرحون يف ك ّل دورة قضايا الساعة املتّصلة‬ ‫باإلعالم العربي والعاملي‪ ،‬واملستجدات يف‬ ‫العملية اإلعالمية ومدخالتها وخمرجاتها‪.‬‬ ‫ودار عنوان هذه الدورة حول "اإلعالم العربي‪..‬‬ ‫ثقل‬ ‫المتغيرات واألزمات"‪ ،‬ساعياً إىل قراءة‬ ‫ّ‬ ‫أثر األزمة االقتصادية العاملية على اإلعالم‬ ‫العربي‪ ،‬املرئي واملسموع واملطبوع‪ ،‬مبا يف ذلك‬ ‫اإلعالم اإللكرتوني‪ .‬وإذا كانت بعض وسائل‬ ‫اإلعالم اإلخبارية العاملية قد أغلقت عدداً من‬ ‫مكاتبها اخلارجية خلفض التكاليف‪ ،‬وكذلك‬


‫الحصاد الثقافي والفكري‬

‫ا لحصاد‬

‫وصرف للجوء هلذه الفتاوى "الفضائية"‪ ،‬وذلك يف‬ ‫أُغلقت بعض املؤسسات اإلعالمية ُ‬ ‫بعض الصحافيني منها وأصبحوا بال عمل‪ ،‬فما حماولة لقراءة واقع هذه القنوات الفضائية‬ ‫هو حال اإلعالم العربي الذي يواجه هو أيضاً اليت يتزايد عددها يوماً بعد يوم يف ظ ّل سهولة‬ ‫إنشاء القنوات الفضائية‪ ،‬والفضاء املفتوح على‬ ‫أزمته اخلاصة؟‪.‬‬ ‫الغث والسمني‪.‬‬ ‫ناقشت فعاليات املنتدى‪ ،‬بصورة أساسية‪ ،‬وسعه أمام ّ‬ ‫أحد احملاور املهمة اليت ناقشتها فعاليات‬ ‫مشهد الفضائيات يف العامل العربي‪ .‬ولكون‬ ‫الساحة اإلعالمية يف مصر شهدت خالل الفرتة املنتدى كان وضع الصحف اليومية العربية‬ ‫املاضية منواً كبرياً يف الفضائيات اخلاصة‪ ،‬وبات باملقارنة مع الصحافة يف الغرب‪ .‬ففي الوقت‬ ‫دور اإلعالم اخلاص يف مصر مؤثّراً يف تشكيل الذي تغلق فيه الصحف يف الغرب‪ ،‬فإن سوق‬ ‫املشهد اإلعالمي‪ ،‬كما ظهرت قنوات ووجوه الصحافة العربية قد شهد منواً واسعاً خالل‬ ‫إعالمية جديدة‪ ،‬وبرامج جريئة تعاجل القضايا السنوات األخرية‪ .‬إن صناعة اإلعالم املطبوع يف‬ ‫املصرية والعربية‪ ،‬فقد أفرد املنتدى ورشة العامل تواجه حت ّديات كربى بفعل تق ّدم تقنيات‬ ‫عمل لتسليط الضوء على خريطة الفضائيات االتصال اجلديدة وانتشارها‪ ،‬وتتباين وطأة هذه‬ ‫املصرية‪ ،‬اليت يبدو أنها ترسم شك ًال جديداً التح ّديات بني دولة وأخرى‪ .‬ويف العديد من دول‬ ‫االقتصاديات املتق ّدمة باتت املنافسة خباصة يف‬ ‫للعمل اإلعالمي يف مصر واملنطقة‪.‬‬ ‫وناقشت فعاليات املنتدى موضوع الفتاوى جمال األخبار واإلعالم لصاحل اإلعالم اجلديد‬ ‫الدينية اليت تبثّها بعض الفضائيات العربية‪ .‬الذي استفاد أيضاً من قدرته على توفري منصات‬ ‫وقد أثارت هذه الفتاوى جدالً حمتدماً استدعى تفاعلية فورية يشارك فيها اجلمهور‪ .‬وتبدو‬ ‫مجمع الفقه اإلسالمي املنبثق عن الصحف املطبوعة يف هذه الدول وكأنها تواجه‬ ‫تدخّل‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫منظمة المؤتمر اإلسالمي لبحث هذا املوضوع‪ .‬قدرا إلكرتونيا ال مهرب منه‪ .‬واحلال أ ّن وسائل‬ ‫وقد أصدر اجملمع قراراً بشروط اإلفتاء وآدابه‪ .‬اإلعالم اجلديدة تضيّق اخلناق على املطبوعات‬ ‫وعلى الرغم من ذلك يزدحم الفضاء العربي اليومية واألسبوعية يف الغرب عموماً والواليات‬ ‫ختصص ساعات طويلة من المتحدة خصوصاً مما اضطر بعضها للتح ّول‬ ‫بقنوات تلفزيونية ّ‬ ‫بثّها لإلفتاء‪ .‬وتشري اإلحصائيات إىل أن عدد إىل النشر اإللكرتوني وتوظيف أدواته وإمكانياته‬ ‫القنوات الفضائية الدينية قد وصل إىل حواىل يف ذلك الشكل من أشكال اإلعالم اجلديد‪،‬‬ ‫‪ 80‬حمطة يف مطلع العام ‪ .2009‬وتثري هذه فيما اضطرت مطبوعات أخرى إىل إنتاج نسخ‬ ‫القنوات قلقاً متزايداً‪ ،‬إذ إنها ‪ -‬كما يرى كثري إلكرتونية تفاعلية حت ّدث أخبارها وتقاريرها‬ ‫من املتابعني ‪ -‬قد تفتح أبوابها أمام (مفتني) على مدار الساعة‪ .‬ففي الواليات المتحدة على‬ ‫ال يستوفون شروط اإلفتاء‪ ،‬أو استغالل هذه سبيل املثال‪ ،‬كان للصحف املطبوعة نصيبها‬ ‫املساحة ملمارسة أنشطة مثل تفسري األحالم من األزمة املالية احلالية‪ ،‬فهنالك صحف‬ ‫والطب الشعيب وما ميكن وصف بعضه تو ّقفت عن الصدور يف طبعاتها الورقية‪ ،‬وأخرى‬ ‫بالشعوذة‪ .‬كما ينطوي بعضها على شبهة تبنيّ أغلقت مكاتب هلا‪ .‬وتشري بعض التقارير إىل‬ ‫أجندات سياسية خاصة‪ .‬وقد تساءل املشاركون أن ‪ 525‬جملة على األقل توقفت عن الصدور يف‬ ‫من رجال الدين واإلعالم املشاركني عن من ّو العام ‪ .2008‬ويف بريطانيا تؤ ّكد األرقام تراجع‬ ‫هذه الظاهرة‪ ،‬واألسباب اليت حتدو الناس التوزيع اليومي لعدد من كربيات الصحف‬

‫‪659‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 660‬للتنمية الثقافية‬

‫تشير اإلحصائيات إلى أ ّن عدد‬ ‫القنوات الفضائية الدينية قد وصل‬ ‫إلى حوالى ‪ 80‬محطة في مطلع العام‬ ‫‪ .2009‬وتثير هذه القنوات قلقاً متزايداً‪،‬‬ ‫إذ إنها قد تفتح أبوابها أمام (مفتين) ال‬ ‫يستوفون شروط اإلفتاء‪ ،‬أو استغالل هذه‬ ‫المساحة لممارسة أنشطة مثل تفسير‬ ‫األحالم والطب الشعبي وما يمكن وصف‬ ‫بعضه بالشعوذة‪ .‬كما ينطوي بعضها على‬ ‫شبهة تبنّي أجندات سياسية خاصة‪..‬‬

‫مثل "الغارديان" و"األندبندنت" و"التايمز"‬ ‫و"الديلي تلغراف"‪ .‬أما يف العامل العربي‬ ‫توسعاً يف غري‬ ‫فقد شهدت الصحافة املطبوعة ّ‬ ‫دولة عربية كالسعودية والكويت ومصر‪ .‬وقد‬ ‫شهدت األعوام األخرية زيادة مطرد ًة يف أعداد‬ ‫مواز تكسب‬ ‫سياق ٍ‬ ‫اإلصدارات اليومية‪ .‬ويف ٍ‬ ‫الصحف واملواقع اإلخبارية اإللكرتونية مساحات‬ ‫جديدة ك ّل يوم وتتسع حصتها يف سوق القراءة‬ ‫واإلعالن‪ ،‬وباتت املواقع اإللكرتونية لبعض‬ ‫الوسائل اإلعالمية املطبوعة واملرئية‪ ،‬مك ّوناً‬ ‫رئيسياً يف هيكل عملها‪ .‬كما أصبحت وسائط‬ ‫نقل األخبار واملعلومات واملعرفة‪ ،‬بأشكاهلا‬ ‫املختلفة‪ ،‬مثل الفيسبوك واليوتيوب‪ ،‬وسائل‬ ‫شديدة األهمية والفاعلية بالنسبة للشباب‬ ‫العربي خصوصاً‪ ،‬ومجهور مستخدمي الشبكة‬ ‫العنكبوتية عامة‪.‬‬ ‫منتدى فاس لتحالف احلضارات والتن ّوع‬ ‫الثقايف عقد ندوة حول "اإلعالم والتواصل‪:‬‬ ‫رهانات وتحديات األلفية الثالثة"‪ .‬وناقشت‬ ‫الندوة العالقة امللتبسة بني اإلعالم والسياسة‪،‬‬ ‫حيث ارتأى املشاركون أن هذه العالقة املريضة‬ ‫ناشئة عن املصاحل الضيقة والنوايا السلبية‬ ‫اليت حيملها الطرفان السياسي واإلعالمي‪.‬‬ ‫كما درست الندوة العالقة بني اإلعالم والتن ّوع‬ ‫الثقايف‪ .‬ومبا أن الصراعات املسلّحة يف العامل‬ ‫تقوم على قاعدة من التناحر واالختالف حول‬ ‫موضوعات اهل ّوية والدين والتنافس االقتصادي‬ ‫والسياسي غري املشروع والرغبة يف اهليمنة‬ ‫والسيطرة‪ ،‬فإن اإلقرار بالتنوع الثقايف للشعوب‬ ‫واألمم سيؤدي إىل قيام احلوار اخل ّالق بني‬ ‫البشر‪ .‬وميكن لإلعالم‪ ،‬يف ضوء التط ّور اهلائل‬ ‫يف وسائل اإلتصال وتكنولوجيا املعلومات‪ ،‬أن‬ ‫يسهم إىل حد بعيد يف حتقيق السالم وتفضيل‬ ‫احلوار على الصدامات واحلروب اليت تفتك‬ ‫بالبشرية منذ قرون‪ .‬ودعا البيان اخلتامي للندوة‬

‫إىل أن يكون اإلعالم إطاراً "لتكريس احلق يف‬ ‫اإلختالف والتعاون والتضامن ما بني الشعوب‬ ‫وحتريك عجلة االنفتاح بني احلضارات"‪.‬‬ ‫انطالقاً من بعض الفعاليات واملؤمترات‬ ‫والندوات اليت انعقدت خالل العام ‪،2009‬‬ ‫واستطعنا رصدها‪ ،‬ميكن االستنتاج أن ّ‬ ‫مثة‬ ‫من ّواً فعلياً يف اإلعالم العربي‪ ،‬املطبوع واملسموع‬ ‫واملرئي منه‪ ،‬الذي يستخدم الوسائل التقليدية‬ ‫إليصال اخلرب واملعلومة واملادة املعرفية إىل‬ ‫اجلمهور‪ ،‬أو يستخدم الوسائل التكنولوجية‬ ‫احلديثة اليت أصبحت تتف ّوق على اإلعالم‬ ‫التقليدي الذي اعتدنا عليه من قبل‪ .‬ومع ما‬ ‫يف هذا النم ّو من عناصر إجيابية إال أن هناك‬ ‫عناصر سلبية أيضا تتّصل خبرق العديد من‬ ‫وسائل اإلعالم اجلديدة الناشئة ملدونة السلوك‬ ‫اإلعالمي‪ ،‬واهتماماً من طرف بعض وسائل‬ ‫بالغث وتركه السمني‪ ،‬والرتويج للثقافة‬ ‫اإلعالم ّ‬ ‫السطحية بدل االهتمام بالثقافة الرفيعة‪،‬‬ ‫وكذلك نشوء ظواهر غريبة مثل توالد قنوات‬ ‫فضائية تط ّل علينا ك ّل حلظة بأشخاص يتص ّدون‬ ‫لإلفتاء يف أمور الدين والدنيا من دون أن يكون‬ ‫الواحد منهم مؤ ّه ًال للقيام بهذه املهمة‪.‬‬ ‫إنها علل وأدواء نشأت مع ازدياد عدد‬ ‫الفضائيات واإلذاعات ومع نشأة مطبوعات‬ ‫صحافية جديدة‪ ،‬يف غمرة انفجار إعالمي‬ ‫مل يشهده العامل العربي من قبل‪ .‬والغريب‬ ‫أن األزمة االقتصادية العاملية اليت طحنت‬ ‫املؤسسات الصحافية واإلعالمية يف الغرب أثّرت‬ ‫ّ‬ ‫بصورة أقل على الصحافة واإلعالم العربيني‪،‬‬ ‫على الرغم من أن عدداً من الصحف اليت‬ ‫أُنشئت خالل السنوات القليلة املاضية‪ ،‬تو ّقفت‬ ‫عن الصدور يف نهاية ‪ ،2009‬وبعضها توقف العام‬ ‫‪ 2010‬ألسباب اقتصادية تتعلّق بوقف التمويل أو‬ ‫عدم قدرة تلك الصحف على املنافسة واقتطاع‬ ‫حصة من سوق اإلعالن يف بلدانها‪.‬‬ ‫ّ‬


‫الحصاد الثقافي والفكري‬

‫الّلغة العربية‬

‫تحتّل اللّغة العربية المركز الرابع‬ ‫بين لغات العالم‪ ،‬إذ تأتي بعد اإلنجليزية‪،‬‬ ‫والصينية‪ ،‬واإلسبانية‪ .‬ولكن وضعها ال‬ ‫يبدو مطمئناً‪ ،‬بل يبدو خادعاً ويحفّه‬ ‫الكثير مما يهدده‪ ،‬من ضعف الناطقين‬ ‫بالعربية في مجال التعبير عن أنفسهم‬ ‫في لغتهم األم‪ ،‬وضعف العربية في‬ ‫المدارس والجامعات‪ ،‬وحتى في اإلعالم‬ ‫والصحافة‪ ،‬وفي مجال تعريب العلوم‬ ‫وصك المصطلحات‪..‬‬

‫ا لحصاد‬

‫الّلغة العربية‪ ،‬وإن كان أهلها ال يعرفون‪ ،‬من‬ ‫بني الّلغات األساسية يف العامل اآلن‪ ،‬ال بسبب‬ ‫االهتمام املتزايد بها من قبل أقسام الّلغات‬ ‫الشرقية يف اجلامعات املختلفة يف العامل‪،‬‬ ‫واستناداً إىل الرغبة يف التعرف إىل طريقة‬ ‫تفكري العرب واملسلمني‪ ،‬بل لكثرة الناطقني‬ ‫بها‪ ،‬واملرددين لكلماتها بني الشعوب املسلمة‪.‬‬ ‫فقد صنّف علماء الّلغة‪ ،‬واملهتمون بتاريخ الّلغات‬ ‫احلية‪ ،‬العربية كلغة رابعة بني لغات العامل‬ ‫اليت يتكلّمها أهل هذا الكوكب‪ .‬قبلها جاءت‬ ‫اإلجنليزية والصينية واإلسبانية‪ ،‬وحلّت بعدها‬ ‫الفرنسية اليت يتشاءم أهلها من املصري الذي‬ ‫يتهددها بعد عقود قليلة من الزمن‪ ،‬فالناطقون‬ ‫بها يقلّون ألسباب عديدة منها حلول اإلجنليزية‬ ‫مكانها يف املستعمرات القدمية وعدم قدرتها‬ ‫على منافسة اإلجنليزية كلغة للتجارة واألعمال‬ ‫واملعارف العلمية واإلخرتاعات اجلديدة‪.‬‬ ‫لك ّن الّلغة العربية‪ ،‬اليت يتكلّمها أكثر من‬ ‫ثالمثائة مليون إنسان كلغة أم‪ ،‬أو كلغة ثقافة‪،‬‬ ‫جتد هلا امتداداً على ألسنة مسلمي العامل الذين‬ ‫يقرؤونها من خالل قراءة القرآن يف الصلوات‪،‬‬ ‫على الرغم من أن أعداداً كبرية من هؤالء ال‬ ‫يعرفون العربية أساساً وال يقدرون على تركيب‬ ‫مجلة واحدة بها‪ .‬ذلك جيعل العربية مزدوجة‬ ‫الوضع بني لغات العامل احليّة‪ ،‬فهي حيّة بني‬ ‫الناطقني بها‪ ،‬لكنها موجودة على األلسنة‬ ‫النص الديين ملسلمي العامل كله‪.‬‬ ‫بوصفها لغة ّ‬ ‫يف هذا الوضع اخلادع حتيا الّلغة العربية رابعة‬ ‫بني الّلغات‪ ،‬وتبشر بالعيش طوي ًال بني لغات‬ ‫العامل اليت تنقرض لغات عديدة منها ك ّل يوم‪،‬‬ ‫وتصبح حمفوظة يف السجالت والوثائق‪ ،‬جتري‬ ‫املتخصصني يف الّلغات القدمية‬ ‫فقط على ألسنة ّ‬ ‫وعلماء الّلغات املقارنة‪.‬‬ ‫على الرغم من ذلك ال يبدو وضع الّلغة‬

‫العربية اآلن مطمئناً‪ .‬إنه خادع‪ ،‬كما قلت‪،‬‬ ‫وحيفّه الكثري مما يه ّدده‪ ،‬من ضعف الناطقني‬ ‫بالعربية يف جمال التعبري عن أنفسهم يف لغتهم‬ ‫األم‪ ،‬وضعف العربية يف املدارس واجلامعات‪،‬‬ ‫وحتى يف اإلعالم والصحافة‪ ،‬ويف جمال‬ ‫تعريب العلوم ّ‬ ‫وصك املصطلحات للتعبري عن‬ ‫املخرتعات اجلديدة‪ .‬ومن يدرس وضع الّلغة‬ ‫العربية على مدار ما يزيد على مائة عام سيجد‬ ‫أنها قد بدأت منحنى تنازلياً منذ حواىل مخسني‬ ‫عاماً بسبب ضعف التعليم العام‪ ،‬واستخدام‬ ‫اإلجنليزية والفرنسية لتدريس العلوم وخصوصاً‬ ‫العلوم األساسية والطبية واهلندسية اليت جعلت‬ ‫العاملني يف هذه اجملاالت عاجزين عن التواصل‬ ‫يف ما بينهم بالعربية‪ .‬كما ضعف التعبري الّلغوي‬ ‫الفصيح بني الناطقني بالعربية وحلّت حملّه‬ ‫هلجات عديدة زادتها اخلالفات السياسية‬ ‫وتضارب مصاحل الدول العربية رسوخاً‪.‬‬ ‫ال يعين هذا رفض استخدام اللّهجات يف‬ ‫احلياة اليومية واإلعالم‪ ،‬فهو البديل لضعف‬ ‫الّلغة العربية الفصيحة‪ ،‬يف زمان مل تعد فيه‬ ‫وزارات الرتبية والتعليم ووزارات التعليم العالي‬ ‫يف الدول العربية تهتّم باحلفاظ على مستوى‬ ‫الّلغة العربية بني الناطقني بها‪ ،‬وال تقوم جمامع‬ ‫الّلغة اليت يفرتض بها أن تسعى إىل تقديم‬ ‫اسرتاتيجيات للنهوض بالّلغة العربية‪ ،‬بدورها‬ ‫املأمول‪.‬‬ ‫إن ما يه ّم يف جمال التواصل بني الناطقني‬ ‫بلغة بعينها ليس وجود هلجات ولغات فرعية‬ ‫داخلها تنافس الّلغة األصلية أو اجلذر الّلغوي‬ ‫الذي جيمع هذه اللّهجات والّلغات بل الطاقة‬ ‫احليوية اخلالقة للناطقني بهذه الّلغة؛ وتبدو‬ ‫الّلغة العربية مه ّددة هلذه األسباب فهي تعاني‬ ‫من أزمات بنيوية حادة‪ .‬صحيح أن الّلغات‬ ‫األخرى‪ ،‬مثل اإلجنليزية‪ ،‬حتتضن يف داخلها‬ ‫هلجات وأنساقاً لغوية عديدة‪ ،‬مثلها مثل‬

‫‪661‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 662‬للتنمية الثقافية‬

‫أهمل الّلغويون العرب تفعيل الّلغة‬ ‫العربية وإصالحها في مجاالت رئيسة‬ ‫أبرزها "المعجمية الحديثة والحوسبة‬ ‫النصية والتعريب اآللي والتثاقف الّلغوي‬ ‫في مجتمع المعلومات‪ .‬مع أن الّلغة في‬ ‫عصر المعلومات واقتصاد المعرفة تلعب‬ ‫دوراً أكثر خطورة من قبل ألسباب عدة‬ ‫أهمها‪ :‬محورية الثقافة في منظومة‬ ‫المجتمع المعاصر‪ ،‬واألبعاد الّلغوية‬ ‫لظاهرة العولمة‪ ،‬والمدخل الّلغوي‬ ‫للتكتالت الكبرى مثل الفرنكوفونية‬ ‫واألنجلوفونية واإلسبانوفونية‪..‬‬

‫العربية‪ ،‬لكن املهم يف اإلجنليزية أنها لغة علم‬ ‫ومعرفة تتط ّور يومياً وتغتين مبفردات جديدة‬ ‫وتكتسب مرونة حتميها من االنقراض‪ .‬وهذا ما‬ ‫حتتاجه الّلغة العربية‪.‬‬ ‫من املؤ ّكد أن العربية تنمو على ألسنة‬ ‫مبدعيها‪ .‬لكن ذلك حيتاج حواضن هي جمامع‬ ‫املتخصصة واجلامعات‬ ‫الّلغة واجلمعيات العلمية ّ‬ ‫واملعاهد‪ .‬فلنسع إىل ثورة لغوية حتفظ العربية‬ ‫من االنقراض‪ ،‬ونعد النظر يف تعليم العلوم‬ ‫األساسية والطبية واهلندسية بلغتنا كما تفعل‬ ‫بالد مثل الصين وتركيا وكوريا واليابان‪،‬‬ ‫وغريها من الدول اليت تدرك متاماً أن يف‬ ‫إمكان لغاتها أن تكون وعاء للمعارف العلمية‬ ‫املعاصرة؛ من دون ذلك سنجد أن ضعف الّلغة‬ ‫العربية سيصبح واقعاً ليس يف مقدور أحد أن‬ ‫يغالبه‪.‬‬ ‫لقد استأثرت الّلغة العربية بالكثري من‬ ‫االهتمام يف ما عقد من مؤمترات ونشر يف‬ ‫الدوريات العربية‪ ،‬املتخصصة منها والعامة‪،‬‬ ‫وذلك يف ضوء الشكوى املتصاعدة من ضعف‬ ‫الّلغة العربية يف التعليم‪ ،‬املدرسي واجلامعي‪،‬‬ ‫ويف وسائل اإلعالم املرئية واملسموعة واملقروءة‪،‬‬ ‫ويف احلياة اليومية‪ ،‬حيث أصبح اإلعالميون‪،‬‬ ‫خصوصاً يف الفضائيات اليت تتوالد كالفطر ك ّل‬ ‫يوم‪ ،‬يستخدمون العاميات احمللية‪ ،‬ما يضعف‬ ‫الّلغة العربية‪ ،‬وحيول دون التواصل على الصعيد‬ ‫القومي‪ .‬كما تط ّرقت املؤمترات املنعقدة وما نشر‬ ‫يف الدوريات العربية إىل ضعف اإلنتاج العلمي‬ ‫بالعربية‪ ،‬وجلوء العلماء العرب إىل الكتابة‬ ‫بالّلغات األجنبية‪ ،‬اإلجنليزية والفرنسية‪ ،‬إذا‬ ‫قيض هلم أن يتلقوا دعماً ألحباثهم‪.‬‬ ‫وتط ّرق بعض املقاالت اليت نشرها عدد‬ ‫من املثقفني العرب إىل ظاهرة "العربفونية"‬ ‫حيث يقوم الشباب‪ ،‬والكهول والشيوخ أحياناً‪،‬‬ ‫بتطعيم كالمهم بكلمات أجنبية‪ ،‬ما يه ّدد مكانة‬

‫الّلغة العربية يف احلياة اليومية‪ ،‬ويضعف من‬ ‫قدرتها على استدخال املعارف اجلديدة ومنحها‬ ‫مسميات عربية‪ .‬ويعود ذلك إىل التباهي‬ ‫أحياناً‪ ،‬وإىل العجز عن التعبري بالّلغة األم‬ ‫أحياناً أخرى‪ ،‬وذلك بسبب ضعف التعليم عامة‬ ‫وعدم اهتمام وزارات الرتبية والتعليم ووزارات‬ ‫التعليم العالي العربية بتعليم الّلغة العربية‪ .‬يف‬ ‫مجلة العربي الكويتية كتب رئيس حتريرها‬ ‫عن هذه الظاهرة املتفشية يف احلياة العربية يف‬ ‫الوقت الراهن‪ ،‬قائ ًال إن يف التاريخ شواهد بأن‬ ‫القوى الكربى أرادت أن تفرض لغاتها وثقافاتها‬ ‫على العامل لتهيمن عليه‪ .‬والغريب أن هذه‬ ‫الّلغات والثقافات تنتشر بعد رحيل االستعمار‬ ‫عن بالدنا بأكثر من نصف قرن‪ .‬وهذا ما جيعل‬ ‫انتشار الّلغة العربية مهمة معقّدة ولكنها ليست‬ ‫صعبة‪ ،‬فإذا توافر اجلهد الالزم لذلك حققّنا‬ ‫انتشار لغتنا بني الشعوب اإلسالمية‪ ،‬خصوصاً‬ ‫بني غري الناطقني بالعربية‪ .‬لكن ذلك لن‬ ‫يتحقق إال إذا انطلق من جمتمعات تعرف قيمة‬ ‫لغتها وتراثها احلضاري والثقايف‪ ،‬ال اجملتمعات‬ ‫اليت حتتقر ذاتها احلضارية وترى يف حديثها‬ ‫بلغتها سبة ونقيصة‪.‬‬ ‫مجمع الّلغة العربية يف مصر طالب يف دورته‬ ‫اخلامسة والسبعني وزارات التعليم يف مصر‬ ‫والوطن العربي بضرورة تغيري مناهج الّلغة‬ ‫العربية يف املدرسة والعمل على تطويرها‪ ،‬ورفع‬ ‫مستوى معلّمي الّلغة العربية والكتاب املدرسي‪،‬‬ ‫واختيار النصوص اليت حتبّب النشء يف لغته‬ ‫وأدبه‪ .‬وطالب املشاركون أن يصبح درس النحو‬ ‫والصرف والبالغة من خالل نصوص أدبية‬ ‫خمتارة‪ .‬كما طالبوا وزارات التعليم بأن يقتصر‬ ‫التعليم يف مراحله األوىل وحتى س ّن التاسعة على‬ ‫تعليم الّلغة العربية وحدها‪ ،‬حفاظاً على السليقة‬ ‫الّلغوية‪ ،‬وأن يكون تعليم الّلغات األجنبية بعد‬ ‫هذه السن‪ .‬وش ّدد املشاركون أيضاً على مطالبة‬


‫الحصاد الثقافي والفكري‬

‫على النقيض من بعض الرؤى‬ ‫المتشائمة‪ ،‬بخصوص مستقبل الّلغة‬ ‫العربية‪ ،‬تو ّقع بعض الباحثين أن تصبح‬ ‫الّلغة العربية الثالثة في العالم من حيث‬ ‫عدد المتكلمين بها بسبب ارتباطها الوثيق‬ ‫الذي ال ينفصم بالدين اإلسالمي‪..‬‬

‫ا لحصاد‬

‫وزارات التعليم والتعليم العالي العربية بأن‬ ‫يكون تعليم العلوم يف املدرسة ويف اجلامعة بالّلغة‬ ‫العربية‪ ،‬ليتم ّكن املتعلّم من التفكري واإلبداع يف‬ ‫العلم بلغته القومية‪ ،‬وحتى ينفتح اجملال لتطوير‬ ‫الّلغة العربية لتصبح لغة للعلوم احلديثة‪.‬‬ ‫وقد أقيمت يف العاصمة القطرية الدوحة‬ ‫فعاليات ندوة "الّلغة والهوية‪ ..‬دول الخليج‬ ‫العربية أنموذجا" اليت ّ‬ ‫نظمتها وزارة‬ ‫الثقافة والفنون والتراث مبشاركة خنبة من‬ ‫املتخصصني واخلرباء العرب يف قضايا الّلغة‬ ‫العربية واهلوية‪ .‬وخت ّوفت الندوة من طغيان‬ ‫الّلغة اإلجنليزية على التعليم يف دول اخلليج‬ ‫العربي‪ ،‬إضافة إىل أن العمالة الوافدة تتح ّدث‬ ‫بلغات أخرى غري العربية‪ .‬كما أ ّكدت أننا نعيش‬ ‫يف عامل من الصراع الّلغوي‪ ،‬تنتصر فيه لغات‬ ‫وتنهزم أخرى‪ ،‬ومع هذه اهلزمية تغيب ثقافات‬ ‫التعسف فصل اهلوية والثقافة عن‬ ‫وهويات‪ ،‬فمن ّ‬ ‫الّلغة‪ .‬وناقشت الندوة وحدة الّلغة واهلوية ولغة‬ ‫الغالب واملغلوب والّلغة العربية وعصر املعلومات‪.‬‬ ‫والحظ أحد الباحثني أن الّلغويني العرب‬ ‫أهملوا تفعيل الّلغة العربية وإصالحها يف‬ ‫جماالت رئيسية أبرزها "املعجمية احلديثة‬ ‫واحلوسبة النصية والتعريب اآللي والتثاقف‬ ‫الّلغوي يف جمتمع املعلومات"‪ .‬كما أ ّكد مشارك‬ ‫آخر على ضرورة حسم مسألة تعريب التعليم‬ ‫بقرار سياسي سيادي حيفظ الّلغة واهلوية‬ ‫احلضارية‪ ،‬خصوصاً يف خضم طغيان العوملة‬ ‫اليت تسعى "يف جانبها املظلم" إىل تهميش‬ ‫لغات اجملتمعات غري الناطقة بالّلغة غري‬ ‫اإلجنليزية‪ .‬وقال الباحث املصري نبيل علي إن‬ ‫الّلغة يف عصر املعلومات واقتصاد املعرفة تلعب‬ ‫دوراً أكثر خطورة من قبل ألسباب ع ّدة أهمها‪:‬‬ ‫حمورية الثقافة يف منظومة اجملتمع املعاصر‪،‬‬ ‫واألبعاد الّلغوية لظاهرة العوملة‪ ،‬واملدخل‬ ‫الّلغوي للتكتالت الكربى مثل الفرنكوفونية‬

‫واألجنلوفونية واإلسبانوفونية‪.‬‬ ‫ودعت جملة مجمع الّلغة العربية يف‬ ‫دمشق إىل ضرورة التجديد يف قواعد العربية‬ ‫ومناهجها بوضع مناهج مناسبة لك ّل مرحلة‬ ‫دراسية استناداً إىل التفريق بني ما تطلبه ثقافة‬ ‫لغوية عامة لك ّل مثقف أياً كان اختصاصه‪ ،‬وما‬ ‫املتخصص بالّلغة العربية‬ ‫يتطلبه من الدارس‬ ‫ّ‬ ‫وآدابها‪ .‬ويقتضي هذا األمر التخفيف من‬ ‫مناهج النحو يف املستويني االبتدائي واإلعدادي‪،‬‬ ‫واالعتماد على تنمية السليقة الّلغوية‪ ،‬فالّلغة‬ ‫تكتسب بالسليقة واملمارسة‪ ،‬ال بتعليم النحو‬ ‫والصرف‪ .‬ولذلك ال ب ّد من العودة إىل سليقة‬ ‫والنص األدبي الرفيع‪ ،‬ليتعلّم‬ ‫النص القرآني ّ‬ ‫ّ‬ ‫الطلبة يف مراحل التعليم االبتدائي واإلعدادي‬ ‫النص القرآني فتصبح لغتهم سليمة‬ ‫مطالعة ّ‬ ‫بليغة‪.‬‬ ‫على النقيض من الرؤى املتشائمة‪ ،‬اليت‬ ‫عرضنا هلا خبصوص مستقبل الّلغة العربية‪،‬‬ ‫نشرت جملة "الكتب‪ :‬وجهات نظر" مقالة تتو ّقع‬ ‫فيها أن تصبح الّلغة العربية الثالثة يف العامل‬ ‫من حيث عدد املتكلمني بها بسبب ارتباط‬ ‫الّلغة العربية الوثيق‪ ،‬والذي ال ينفصم بالدين‬ ‫اإلسالمي‪ .‬لكن الباحث (د‪ .‬عيد دحيات)‪ ،‬وهو‬ ‫أستاذ أدب إجنليزي أردني ووزير سابق للتعليم‬ ‫العالي‪ ،‬يتح ّدث عن ضرورة عدم التدريس يف‬ ‫اجلامعات العربية بغري الّلغة العربية‪ ،‬فالشعوب‬ ‫احلية هي اليت تعلّي من شأن لغاتها وتدفعها إىل‬ ‫الصدارة‪ .‬فليس هناك لغات حيّة ولغات ميتة‪،‬‬ ‫بل هناك شعوب حيّة وأخرى تريد أن متوت‪.‬‬ ‫متت اإلشارة له سابقاً‬ ‫وتتصل هذه الدعوة مبا ّ‬ ‫حول ضرورة االهتمام بالّلغة العربية لتتمكن من‬ ‫أن تكون بالفعل واحدة من الّلغات األساسية‬ ‫يف العامل‪ .‬وذلك لن حيصل من دون وضع‬ ‫اسرتاتيجية واضحة للنهوض بالّلغة العربية من‬ ‫جانب وزارات الرتبية والتعليم والتعليم العالي‬

‫‪663‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 664‬للتنمية الثقافية‬

‫اليت متلك القرار يف ما يتعلّق بتدريس الّلغة وأن عنوان‬ ‫يكون تدريس العلوم واملعارف العلمية النظرية الفرنكوفوني" أن األهداف املعلنة للفرنكوفونية‬ ‫والتطبيقية منها بالّلغة العربية‪ .‬كما أن على تتمثّل يف التأكيد على مبدأ حتقيق التقارب‬ ‫جمامع الّلغة العربية أن تسعى لتجديد النحو بني الناطقني بالفرنسية‪ .‬لكن األهداف‬ ‫العربي والبحث عن سبل لتقريب الّلغة العربية البعيدة تتجلى يف وجود موقف من الّلغات‬ ‫من النشء الذي بدأ يهجرها ليتكلم اإلجنليزية اإلفريقية األم‪ ،‬ويف النظر‪ ،‬وبصورة ضمنية‪،‬‬ ‫والفرنسية‪ ،‬ومن يدري ما هي الّلغات األخرى إىل الفرنسية باعتبارها لغة متفوقة على ك ّل‬ ‫اليت ستتبع‪.‬‬ ‫الّلغات األخرى‪ ،‬وذلك على الرغم من شعارات‬ ‫التع ّددية واالختالف‪ ،‬وهي شعارات ترت ّدد يف‬ ‫الفرنكوفونية‬ ‫أرجاء اللقاءات الفرنكوفونية اليت تعمل مبا‬ ‫ربر‬ ‫يف سياق متّصل بوضع الّلغة العربية‪ ،‬أي يناقضها بصورة قطعية‪ ،‬األمر الذي ي ّ‬ ‫يف ما يتعلق مبنافسة بعض الّلغات األجنبية ازدواجية املشروع الفرنكوفوني وتناقضه يف‬ ‫هلا‪ ،‬خصوصاً اللّغتني اإلجنليزية والفرنسية‪ ،‬أبعاده السياسية الفعلية‪ .‬ويضيف الكاتب أن‬ ‫دعا املثقّفون العرب يف ما كتبوه ونشروه العام الفرنكوفونية دخلت القرن احلادي والعشرين‬ ‫‪ ،2009‬إىل ضرورة االنتباه إىل تسلّل الّلغات يف صيغة جديدة كشفت عنها قمة هانوي‬ ‫األجنبية إىل احلياة اليومية للمواطن العربي‪ ،‬املنعقدة سنة ‪ ،1997‬حيث عهدت فرنسا‬ ‫وابتعاد املتكلمني بالعربية عن احلديث بالعربية إىل األمني العام السابق لألمم المتحدة د‪.‬‬ ‫ملؤسسة‬ ‫إىل احلديث باإلجنليزية أو الفرنسية‪ .‬من هنا بطرس غالي مبنصب األمني العام ّ‬ ‫التوجه اجلديد أو الصيغة‬ ‫حيظى موضوع الفرنكوفونية‪ ،‬وتزايد انتشار الفرنكوفونية‪ .‬ويتمثّل ّ‬ ‫الّلغة الفرنسية يف بلدان املغرب العربي‪ ،‬وكذلك اجلديدة اليت تل ّون اليوم املشروع الفرنكوفوني‬ ‫يف لبنان‪ ،‬باهتمام الثقافة العربية‪ ،‬خصوصاً يف يف إبراز البعد السياسي باعتباره مك ّم ًال‬ ‫ضوء احلديث املتّصل عن ضعف الّلغة العربية مركزياً للمالمح الّلغوية والثقافية‪ .‬ومعنى‬ ‫املؤسسي اجلديد يتّجه لتحويل‬ ‫يف التعليم الثانوي والعالي‪ ،‬وجلوء بلدان ذلك أن الطابع ّ‬ ‫املغرب منذ زمان االستعمار إىل تدريس العلوم الفرنكوفونية إىل تنظيم دولي مكافئ للمنظمات‬ ‫األساسية والتطبيقية والطب واهلندسة بالّلغة الدولية واإلقليمية املعروفة‪ ،‬كالجامعة العربية‬ ‫الفرنسية‪ ،‬بل وهجرة مجهور املتكلّمني بالعربية والمؤتمر اإلسالمي ومنظمة الوحدة‬ ‫إىل الّلغة الفرنسية لغة للحياة اليومية بدي ًال من اإلفريقية‪ ،‬ث ّم املنظمات املرتبطة باألمم‬ ‫العربية‪ .‬وتزداد خماوف احلريصني على الّلغة املتحدة مثل اليونسكو‪.‬‬ ‫العربية مما تشكله الفرنسية‪ ،‬خصوصاً يف بلدان‬ ‫ما يهمنا هنا هو مالحظة انتقال الوجه‬ ‫للمؤسسة‬ ‫املغرب العربي‪ ،‬من تهديد للعربية بسبب دعم الثقايف للفرنكوفونية ليصبح ذراعاً ّ‬ ‫فرنسا للغتها وعناية وزارة اخلارجية الفرنسية السياسية اليت تسعى الفرنكوفونية أن تصري‬ ‫ومؤسسات التعليم والثقافة الفرنسية بدعم إليها‪ .‬ففرنسا تصل باملشروع الفرنكوفوني‬ ‫ّ‬ ‫انتشار لغتهم يف مناطق املغرب العربي‪.‬‬ ‫إىل احلدود اليت ظلّت غري معلنة عرب حلقاته‬ ‫يكتب املفكر املغربي د‪ .‬كمال عبد اجلنينية األوىل‪ ،‬كاشفة عن إرادة تتوخى‬ ‫اللطيف يف مقالة نشرتها مجلة العربي يف اهليمنة األيديولوجية (الّلغوية) والسياسية‪.‬‬ ‫"الفرنكوفونية والمشروع السياسي‬

‫المؤسسي الجديد‪ ،‬المتمثّل‬ ‫إن الطابع ّ‬ ‫في إبراز البعد السياسي باعتباره مك ّم ً‬ ‫ال‬ ‫مركزياً للمالمح الّلغوية والثقافية‪ ،‬يتّجه‬ ‫لتحويل الفرنكوفونية إلى تنظيم دولي‬ ‫مكافئ للمنظمات الدولية واإلقليمية‬ ‫المعروفة‪..‬‬


‫الحصاد الثقافي والفكري‬

‫الترجمة‬

‫ازداد االهتمام بالرتمجة يف العامل العربي‬ ‫خالل السنوات القليلة املاضية‪ ،‬فأصبحت من‬ ‫بني األولويات بالنسبة إىل بعض وزارات الثقافة‬ ‫واملؤسسات الثقافية العربية الرمسية واألهلية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وقد أنشأت بعض الدول العربية مراكز للرتمجة‬ ‫أو مشروعات خاصة بالرتمجة‪ ،‬تُعنى باألساس‬ ‫بالرتمجة من الّلغات األخرى إىل العربية‪ ،‬ومل‬ ‫تتجاوز ذلك يف معظم األحوال لترتجم من‬ ‫العربية إىل الّلغات األخرى‪ .‬لكن املراقب للحياة‬ ‫الثقافية العربية سيالحظ من دون أ ّي شك أن‬ ‫هناك اهتماماً واضحاً بالرتمجة‪ ،‬سواء من‬ ‫حيث عدد الكتب املنقولة إىل العربية‪ ،‬أم من‬ ‫املؤسسات على نشر الكتب‬ ‫حيث اقتصار بعض ّ‬ ‫املرتمجة‪ ،‬أم من حيث عدد املؤمترات اليت‬ ‫تدور حول الرتمجة‪ ،‬أم من حيث عدد اجلوائز‬ ‫املرصودة للرتمجة (جائزة خادم الحرمين‬

‫إ ّن الحالة السياسية التي يم ّر بها‬ ‫العرب‪ ،‬ومن ضمنهم أهل المغرب‬ ‫العربي هذه األيام‪ ،‬تسمح بتم ّدد اإلرادة‬ ‫السياسية للّغات األجنبية لتعيد الوطن‬ ‫العربي عقوداً إلى الوراء في ما يتعلق‬ ‫بالّلغة والثقافة‪ ،‬وربما على أيدي أبنائه‬ ‫هذه الم ّرة!‪..‬‬

‫ا لحصاد‬

‫وهي تطرح إشكاالت تبدأ مبسائل الّلغة واهلوية‪،‬‬ ‫وترتبط بإشكاالت السياسة واأليديولوجية‬ ‫يف الفضاء السياسي والثقايف‪ ،‬سواء يف بلدان‬ ‫املغرب العربي أم يف ك ّل من إفريقيا وآسيا‪.‬‬ ‫يبدو الكالم السابق حتذيراً من الغايات‬ ‫غري املعلنة‪ ،‬أو امللمح إليها بصورة مواربة‪ ،‬يف‬ ‫ما يتعلّق باهليمنة الّلغوية اليت تسعى إىل هيمنة‬ ‫سياسية واقتصادية‪ ،‬وهذا ما تكشف عنه مقالة‬ ‫أخرى ناقشت فيها مجلة المستقبل العربي‬ ‫موضوع الّلغة الفرنسية يف املغرب العربي‪ ،‬هل‬ ‫هي غنيمة حرب أو استالب هوية؟ وذلك من‬ ‫فاملتبصر‬ ‫زاوييت علم االجتماع وعلم النفس‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫حبال اجملتمع املغاربي‪ ،‬كما رأى كاتب البحث‪،‬‬ ‫يف الشعار املطروح حول كون الّلغة الفرنسية‬ ‫غنيمة حرب‪ ،‬والذي كان الكاتب اجلزائري‬ ‫بالفرنسية كاتب ياسين قد ر ّدده أكثر من‬ ‫م ّرة‪ ،‬سريى فيه شعاراً ضيق الرؤية واآلفاق‬ ‫وسذاجة يف إدراك وقائع األمور يف امليدان‪ ،‬كما‬ ‫يقول الباحث‪ .‬وقد ك ّرس االستعمار هذه املقولة‬ ‫اليت أ ّدت إىل اغرتاب الّلغة العربية واغرتاب‬ ‫املواطن العربي عن لغته ووطنه‪ .‬وقال الباحث‬ ‫إن نظام التعليم التونسي‪ ،‬لدى شعبة التعليم‬ ‫املع ّربة بالكامل يف مراحل التعليم اإلبتدائية‬ ‫والثانوية‪ ،‬يف مطلع اإلستقالل‪ ،‬كان هو النظام‬ ‫التعليمي األفضل‪ ،‬ألنه أعاد أبناء تونس إىل‬ ‫حضن لغتهم وثقافتهم بعد سنوات من طمس‬ ‫الّلغة والثقافة العربية‪ ،‬وفرض الفرنسية لغة‬ ‫وثقافة على أبناء املغرب العربي كلّه‪ .‬لكن‬ ‫حال اجملتمعات املغاربية اآلن يشري إىل زحف‬ ‫الفرنسية املستمر على نظام التعليم ما يه ّدد‬ ‫بعودة االستعمار املقنع عن طريق الّلغة والثقافة‪،‬‬ ‫بعد أن ضعفت الّلغة العربية يف تلك اجملتمعات‬ ‫خالل العقود الثالثة األخرية‪ .‬ودعا الباحث يف‬ ‫ختام حبثه إىل كسب رهان االستقالل الّلغوي‬ ‫الثقايف‪ ،‬أي مبعنى أدق التح ّرر الّلغوي الثقايف‪،‬‬

‫وتأسيس نظام تعليم جديد يكون فيه للّغة‬ ‫العربية املكانة األوىل‪.‬‬ ‫تعيدنا الدعوة السابقة إىل حال الّلغة‬ ‫العربية‪ ،‬لغة للكالم اليومي والتداول والعلم‬ ‫واملعرفة والكتابة‪ ،‬فهي كما يبدو تواجه هجمة‬ ‫يف اجملال املغاربي‪ ،‬على الرغم من أن جيل‬ ‫رسخ الّلغة العربية لغة للتعليم‬ ‫االستقالل قد ّ‬ ‫والكتابة والكالم اليومي بعد سنوات طويلة‬ ‫من طمس الّلغة العربية حتى لتكاد تصبح لغة‬ ‫ثانية بالنسبة ألبناء املغرب العربي‪ .‬لكن احلالة‬ ‫السياسية اليت مي ّر بها العرب‪ ،‬ومن ضمنهم‬ ‫أهل املغرب العربي‪ ،‬تسمح هذه األيام بتم ّدد‬ ‫اإلرادة السياسية للّغات األجنبية لتعيد الوطن‬ ‫العربي عقوداً إىل الوراء يف ما يتعلّق بالّلغة‬ ‫والثقافة‪ ،‬ورمبا على أيدي أبنائه هذه املرة!‬

‫‪665‬‬

‫الشريفين للترجمة‪ ،‬جائزة الشيخ زايد‬ ‫للكتاب المترجم‪ ،‬جائزة رفاعة الطهطاوي‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 666‬للتنمية الثقافية‬

‫اليت مينحها‬

‫أصدر المركز القومي للترجمة خالل‬ ‫العام ‪ 230 ،2009‬كتاباً منقوالً عن‬ ‫لغة‪ ،‬ت ّمت ترجمتها ومراجعتها عن طريق‬ ‫‪ 315‬مترجماً ومراجعاً‪ ،‬باإلضافة إلى‬ ‫‪ 195‬كتاباً قيد النشر‪. .‬‬

‫‪18‬‬

‫يلعب الدافع الشخصي ومدى‬ ‫إعجاب المترجمين بالكتب دوراً في‬ ‫اختيار ما يترجم منها إلى العربية‪ ،‬في‬ ‫المؤسسات تختار الكتب وفقاً‬ ‫حين أن ّ‬ ‫لسياسات مدروسة‪ ،‬مع أنه يفترض في‬ ‫الطرفين العمل في إطار سلم أولويات‬ ‫يواكب حركة الترجمة العالمية ويعكس‬ ‫االهتمامات الثقافية والفكرية المتنامية‬ ‫في البيئات العلمية العربية‪..‬‬

‫المركز القومي المصري‬

‫للترجمة‪ ،‬جائزة سامي الدروبي للترجمة‪،‬‬ ‫إضافة إىل اجلوائز األخرى غري املنتظمة اليت‬ ‫متنح أحياناً للمرتمجني)‪ ،‬وكذلك من حيث‬ ‫توسيع دائرة الّلغات اليت يرتجم منها العرب‬ ‫إىل لغتهم‪ .‬ذلك كلّه يشري إىل حماولة لتجاوز‬ ‫القول بأن العرب قد ترمجوا خالل ألف عام‬ ‫ما ترتمجه إسبانيا يف عام واحد فقط! ومع أن‬ ‫هذا القول ال يبدو صحيحاً متاماً فقد كانت‬ ‫الرتمجة قبل سنوات ع ّدة ضعيفة بسبب ضعف‬ ‫مؤسسات الدولة الثقافية‪،‬‬ ‫االهتمام بها وغياب ّ‬ ‫أو تلك اليت تتلقى دعماً منها‪ ،‬عن سوق نشر‬ ‫الكتب املرتمجة‪ ،‬لعدم وجود اسرتاتيجية أو‬ ‫حتى خطط للنهوض بعملية الرتمجة‪ .‬وهو األمر‬ ‫املؤسسات‬ ‫نفسه الذي كان سائداً يف أوساط ّ‬ ‫الثقافية األهلية واخلاصة اليت مل تكن تلتفت‬ ‫إىل الرتمجة بوصفها شرياناً حيوياً بالنسبة اىل‬ ‫العرب املعاصرين‪ ،‬متثّل داللة على اندراجهم‬ ‫يف سياق الت ّحوالت العاملية‪ ،‬وإطالهلم على ما‬ ‫ينتج يف الثقافات احليّة الكثرية يف العامل من‬ ‫إبداع وعلوم إنسانية وحبوث يف املعرفة العلمية‬ ‫يف جماالت الطب واهلندسة والعلوم التطبيقية‬ ‫والنظرية كذلك‪.‬‬ ‫لكن ما نشر من ترمجات يف العامل العربي‬ ‫عام ‪ 2009‬يشري بوضوح إىل ازدياد االهتمام‬ ‫بالرتمجة وبنوعية الكتب املرتمجة‪ ،‬وتوسيع‬ ‫قوس الّلغات اليت نرتجم عنها؛ كما تد ّل على‬ ‫ذلك اجلوائز اليت استمر منحها هذا العام ومن‬ ‫قبل‪ ،‬أو تلك اليت ّمت إنشاؤها ومنحها يف العام‬ ‫نفسه‪ .‬ذلك يد ّل على حيوية حممودة ورغبة يف‬ ‫اللّحاق بركب األمم املتق ّدمة يف العامل املعاصر‪،‬‬ ‫وعلى تواصل العرب مع ماضيهم التليد الذي‬ ‫كانوا يرتمجون فيه ما كتبه اإلغريق والفرس‬ ‫واهلنود وغريهم من األمم ويكافئون املرتجم‬ ‫بوزن ما يرتمجه ذهباً‪ ،‬وكان املرتمجون يكتبون‬

‫على رقوق من جلد كما نعلم ال على ورق رقيق‬ ‫خفيف‪ ،‬أو على شاشات احلواسيب‪ ،‬كما نفعل‬ ‫هذه األيام‪.‬‬ ‫لقد حفلت سنة ‪ 2009‬بعدد كبري من‬ ‫املؤمترات والندوات وورش العمل اليت عقدت‬ ‫حول الرتمجة والنشاط الرتمجي والرتمجة‬ ‫كمهنة تتعلّم‪ ،‬وأعالم املرتمجني‪ ،‬يف عدد‬ ‫كبري من العواصم العربية‪ .‬وقد طرحت يف‬ ‫هذه املؤمترات والندوات وورش العمل قضايا‬ ‫الرتمجة النظرية والعملية واملعاني السياسية‬ ‫والثقافية واحلضارية هلا يف ظ ّل عامل معومل‬ ‫تنتقل فيه املعارف واملعلومات بسرعة الربق‪ ،‬بل‬ ‫أسرع من ذلك رمبا‪ ،‬بني أطراف الكرة األرضية‬ ‫ومن بلد إىل بلد من دون رقيب أو حسيب‪.‬‬ ‫المركز القومي للترجمة يف مصر عقد‬ ‫خالل ‪ 2009‬ندوة يف عنوان "الترجمة وتحديات‬ ‫مؤسسة سلطان العويس‬ ‫العصر"‪ ،‬بالتعاون مع‬ ‫ّ‬ ‫اإلماراتية‪ .‬ووفقاً إلحصاء المركز القومي‬ ‫للترجمة تبينّ أنه أصدر خالل الفرتة من ‪31‬‬ ‫يناير ‪ 2009‬وحتى ‪ 31‬أكتوبر من العام نفسه‬ ‫‪ 230‬كتاباً منقوالً عن ‪ 18‬لغة‪ّ ،‬‬ ‫متت ترمجتها‬ ‫ومراجعتها عن طريق ‪ 315‬مرتمجاً ومراجعاً‪،‬‬ ‫باإلضافة إىل ‪ 195‬كتاباً قيد النشر‪.‬‬ ‫وقد اشتملت الندوة على أربع حلقات‬ ‫حبثية ومائدة مستديرة‪ ،‬محلت الندوة األوىل‬ ‫عنوان "الترجمة والتفاعل الثقافي"‪ ،‬والثانية‬ ‫"الترجمة وتدفق المعلومات وتنوع المعارف"‪،‬‬ ‫والثالثة عن "الترجمة والتبعية"‪ ،‬ودار احملور‬ ‫األخري حول "الترجمة والتبعية"‪.‬‬ ‫كما عقدت المنظمة العربية للترجمة‪،‬‬ ‫ومقرها بيروت‪ ،‬والنادي الثقافي العماني يف‬ ‫مسقط‪ ،‬ومعهد بوليغلوت يف ُعمان‪ ،‬المؤتمر‬ ‫العربي الثالث للترجمة حتت عنوان "صناعة‬ ‫الترجمة‪ :‬من المؤلف إلى المتلقي" مبشاركة‬ ‫باحثني وعلماء يف جمال الرتمجة من خمتلف‬


‫الحصاد الثقافي والفكري‬

‫على الرغم من األهمية الكبيرة‬ ‫للترجمة وغد ّوها دعامة تم ّر بها ك ّل‬ ‫المؤلفات من علوم وفنون وفكر وأدب‬ ‫وحتى مقاالت الصحافة‪ ،‬إالّ أنها ال زالت‬ ‫تمتهن ويبخس ث ّمنها مادياً ومعنوياً‪..‬‬

‫ا لحصاد‬

‫ومن بني مشروعات الرتمجة يف العامل‬ ‫أحناء العامل‪ ،‬وذلك يف إطار انطالق املبادرات‬ ‫العربية لتحفيز عملية الرتمجة وتفعليها‪ ،‬وسعياً العربي ما تقوم به‬ ‫مؤسسة الفكر العربي يف‬ ‫ّ‬ ‫إىل مواصلة اجلهود الرامية إىل اإلسهام يف إطار مشروعها للرتمجة "حضارة واحدة"‪ ،‬وهو‬ ‫تطوير صناعة الرتمجة العربية‪ .‬ودار املؤمتر مشروع بدأ يف مرحلته األوىل برتمجة التقرير‬ ‫حول املبادرات والتجارب العربية يف الرتمجة‪ ،‬الفرنسي السنوي "أوضاع العالم" بالتعاون مع‬ ‫مؤسسة ‪ La Découverte‬الفرنسية‪ .‬وبدأت‬ ‫واملؤسسات الدولية وسياساتها يف جمال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الرتمجة‪ ،‬ودور النشر العاملية وسياساتها يف املرحلة الثانية هلذا املشروع بالرتمجة عن‬ ‫جمال الرتمجة‪ ،‬واملعايري املعتمدة الختيار الّلغة الصينية مباشرة‪ .‬واملالحظ أ ّن مشروع‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‪ ،‬رمبا يستم ّد خصوصيته‬ ‫الكتاب وترمجته‪ ،‬حيث حاول احملور األخري‬ ‫ّ‬ ‫اإلجابة عن أسئلة من نوع‪ :‬ما هي الكتب اليت من تركيزه على حقل معريف معينّ هو الكتب‬ ‫كتاب جيب أن واإلصدارات اليت تُعنى بالربط بني الفكر‬ ‫ترتجم اآلن إىل العربية؟ وأ ّي ٍ‬ ‫يُرتجم؟ وهل يت ّم االختيار بنا ًء على الّلغة‪ ،‬أو والتنمية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫كما نظم قسم الرتمجة يف جامعة الجزائر‬ ‫املؤلّف‪ ،‬أو املوضوع‪ ،‬أو ألسباب شخصية أو‬ ‫التخصصات‪،‬‬ ‫أيديولوجية؟ وهل للقارئ (أو املتلقي العربي) ندوة دولية حول الرتمجة وتعدد ّ‬ ‫دور يف ذلك؟ وأوضح الباحثون كيف أن الدافع شارك فيها أساتذة وباحثون من جامعات‬ ‫الشخصي يتعلق باملؤلف لدى األفراد ومدى جزائرية وأجنبية‪ ،‬أشاروا إىل ضرورة صياغة‬ ‫املؤسسات ختتار حلول لعدد من القضايا املطروحة يف الرتمجة‪،‬‬ ‫إعجابهم بالكتب‪ ،‬يف حني أن ّ‬ ‫الكتب وفقاً لسياسات مدروسة‪ ،‬إذ يفرتض يف تتجاوز النظرة التقليدية اليت تنظر للرتمجة‬ ‫نصاً من‬ ‫الطرفني العمل يف إطار سلم أولويات يواكب على أنها جمرد إنتاج بسيط‪ ،‬يستهدف ّ‬ ‫حركة الرتمجة العاملية ويعكس االهتمامات النصوص يف لغة ما‪ ،‬وجتريده من قوالبه الّلغوية‬ ‫الثقافية والفكرية املتنامية يف البيئات العلمية ليوضع يف قوالب جديدة يف لغة ثانية‪ .‬وسعت‬ ‫العربية‪ ،‬كما دار حمور آخر من حماور املؤمتر الندوة إىل بلورة وعي علمي خاص‪ ،‬يقوم على‬ ‫حول معنى الرتمجة بوصفها "صناعة" وفنّاً إدراج اجلوانب اخلارجية عن النصوص‪ ،‬والقابلة‬ ‫ميارسه اإلنسان حتى يتقنه‪ ،‬وأيضاً بوصفها للتصنيف ضمن البنية الثقافية اليت تنتمي إليها‬ ‫قطاعاً من قطاعات االقتصاد يض ّم طائفة املادة املرتمجة‪ ،‬والبحث يف آليات تكييفها مع‬ ‫من املهن من مرتمجني حتريريني وشفويني مناخ الّلغة املرتجم إليها "العربية"‪ ،‬يف حماولة‬ ‫ومعجميني موزعني بني العمل احل ّر والعمل يف تهدف إىل خلق نوع من التكافؤ بني نصوص‬ ‫مؤسسات حترتف الرتمجة‪ ،‬أو تعمل يف نشاطات تنتمي إىل لغات وثقافات خمتلفة ومتع ّددة‪ ،‬من‬ ‫ّ‬ ‫أخرى لكنها حتتفظ بأقسام كبرية للرتمجة يف أجل إشباع احلاجة املاسة إلقامة تواصل مع‬ ‫جمال عملها‪ ،‬على أن تراعي عملية الرتمجة اآلخرين يف خمتلف امليادين واالختصاصات‪.‬‬ ‫وحتت عنوان تشجيع الرتمجة دعت املراكز‬ ‫اجلوانب الّلغوية والذوقية‪ .‬ودرس املؤمتر كذلك‬ ‫معايري جودة الرتمجة ومتطلباتها‪ ،‬ومعايري الثقافية األوروبية الثالثة (المركز الثقافي‬ ‫اختيار املرتجم واملراجع‪ ،‬والرتمجة ومستويات الفرنسي‪ ،‬المركز الثقافي اإلسباني‪ ،‬والمركز‬ ‫الصياغة العربية‪ ،‬واملتلقي العربي هدف الثقافي األلماني) يف دمشق إىل ندوة حوار‬ ‫استعرض فيها ثالثة من أهم املرتمجني يف‬ ‫الرتمجة جود ًة وصناعة‪.‬‬

‫‪667‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 668‬للتنمية الثقافية‬

‫سورية وهم د‪ .‬جمال شحيد ود‪.‬‬ ‫وصالح علماني جتربتهم مع الرتمجة‪ .‬وحت ّدث‬ ‫جمال شحيد املرتجم من وإىل الفرنسية عن‬ ‫أهمية الرتمجة يف تاريخ الثقافات‪ ،‬وأ ّكد أن‬ ‫كبار الكتّاب يف العامل العربي عملوا يف الرتمجة‬ ‫كجبرا إبراهيم جبرا الذي ترجم شكسبير‬ ‫وأدونيس الذي ترجم عن الفرنسية‪ ،‬ونجيب‬ ‫محفوظ الذي ترجم كتباً إجنليزية عن تاريخ‬ ‫مصر‪ .‬وحبسب رأي شحيد فإنه على الرغم من‬ ‫هذه األهمية الكبرية للرتمجة إال أنها ال زالت‬ ‫متتهن ويبخس ّ‬ ‫مثنها مادياً ومعنوياً‪ ،‬على الرغم‬ ‫من أنها غدت دعامة مت ّر بها ك ّل املؤلفات من‬ ‫علوم وفنون وفكر وأدب وحتى مقاالت الصحافة‪.‬‬ ‫وتكلّم شحيد عن التط ّورات يف عامل الرتمجة‬ ‫وظهور الرتمجة اآللية منذ مخسينيات القرن‬ ‫املاضي حتى غدا الكمبيوتر اليوم يرتجم ما‬ ‫يقارب ‪ 80‬إىل ‪ 90‬باملئة من النصوص والباقي‬ ‫هو للتدقيق البشري‪ .‬وهنا يضرب شحيّد مثاالً‬ ‫على أن التعليمات على علب األدوية وكتالوجات‬ ‫استخدام اآلالت كلها اليوم ترتجم بشكل آلي‪،‬‬ ‫لكن من سوء احلظ أن الّلغة العربية مل تستفد‬ ‫كثرياً من هذه الرتمجات اآللية ألنها تعتمد‬ ‫التشكيل مع احلروف‪ ،‬فالكمبيوتر ال يستطيع‬ ‫التمييز بني كلميت " َعلَم" و" ِعلم"‪ .‬أما عن‬ ‫جتربته الشخصية يف الرتمجة فقال شحيد‪:‬‬ ‫"أنا أترجم يف اجملالني الفكري واألدبي وأرى يف‬ ‫الرتمجة احلرفية ترمجة فاشلة ألنها ال تستطيع‬ ‫النص‪ ،‬وخالل‬ ‫أن تغوص يف املعنى املقصود من ّ‬ ‫‪ 25‬عاماً من العمل يف هذا اجملال ترمجت من‬ ‫العربية إىل الفرنسية وبالعكس ما يقارب ‪15‬‬ ‫كتاباً"‪.‬‬ ‫بدوره أ ّكد صالح علماني املرتجم من وإىل‬ ‫اإلسبانية أن الرتمجة هي صلة وصل وليست‬ ‫جدار فصل بني الثقافات والشعوب منذ القدم‬ ‫وحتى هذا اليوم‪ ،‬ورأى أن للرتمجة دوراً هاماً‬ ‫عبدو عبود‬

‫دعم األلمان مؤخراً ‪ 5‬آالف كتاب‬ ‫من كتبهم للترجمة إلى ‪ 45‬لغة في العالم‪،‬‬ ‫ولم يكن نصيب الّلغة العربية في النصف‬ ‫األول من العام ‪ - 2009‬ومن أصل ‪210‬‬ ‫كتب سوى كتابين فقط دعم معهد غوته‬ ‫في سوريا ترجمتهما إلى الّلغة العربية‪..‬‬

‫يف بقاء الّلغة واستمراريتها ومحاية االختالف‬ ‫والتمايز بني الّلغات والثقافات‪ .‬وانتقل علماني‬ ‫إىل احلديث عن هموم الرتمجة ومتاعبها من‬ ‫وإىل اإلسبانية ألنها واحدة من أوسع الّلغات‬ ‫يف العامل ويتكلّم بها نصف مليار إنسان وهي‬ ‫الّلغة الرمسية يف ‪ 20‬بلداً بني أميركا الالتينية‬ ‫وإسبانيا‪ ،‬وحتى يف الواليات المتحدة‬ ‫األمريكية هناك ‪ 32‬مليون شخص يتكلّمون‬ ‫اإلسبانية‪ ،‬وعلى الرغم من هذا فهي غري‬ ‫معرتف بها كلغة رمسية هناك‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫االنتشار الواسع للغة اإلسبانية بقيت الرتمجة‬ ‫عنها إىل الّلغة العربية حتى عهد قريب تت ّم‬ ‫عن طريق لغة وسيطة‪ ،‬فعرف أبناء العامل‬ ‫العربي لوركا مرتمجاً عن اإلجنليزية واألملانية‪،‬‬ ‫وهذا على سبيل املثال يرتك خل ًال يف احلصيلة‬ ‫النهائية للمادة املرتمجة‪ .‬أما هموم املرتمجني‬ ‫من وإىل الّلغة األملانية فاستعرضها الدكتور‬ ‫عبدو عبود الذي طرح عدداً من األسئلة حول‬ ‫كيفية اختيار الكتب املراد ترمجتها‪ ،‬وهل هناك‬ ‫مرتمجون حقاً؟ وهل هناك حركة دعم فعلية‬ ‫تتلقاها الرتمجة؟ فقال إن األملان دعموا مؤخراً‬ ‫‪ 5‬آالف كتاب من كتبهم للرتمجة إىل ‪ 45‬لغة‬ ‫يف العامل وتق ّدمت عناوين الكتب املرتمجة تلك‬ ‫الكتب اليت تت ّكلم على موضوعات الدميقراطية‬ ‫ومقومات دولة القانون واجملتمع املدني والبعد‬ ‫الثقايف يف األدب األملاني وجمموعة من الكتب‬ ‫األدبية األملانية الكالسيكية واملعاصرة‪ .‬وعلى‬ ‫الرغم من ك ّل هذا الدعم الذي يق ّدم لرتمجة‬ ‫الكتب األملانية مل يكن نصيب الّلغة العربية يف‬ ‫النصف األول من العام ‪ - 2009‬ومن أصل ‪210‬‬ ‫كتب سوى كتابني فقط دعم معهد غوته يف‬ ‫سوريا ترمجتهما إىل الّلغة العربية‪ .‬كما لفت‬ ‫مؤسسات يف ألمانيا غري‬ ‫عبود إىل أن هناك ّ‬ ‫املعهد تقدم الدعم لعملية الرتمجة من خالل‬ ‫منح تقدمها للمرتمجني كي يقطنوا يف ألمانيا‬


‫الحصاد الثقافي والفكري‬

‫طيلة فرتة عملهم يف ترمجة الكتب‪ ،‬وذلك‬ ‫لالستفادة من االحتكاك مع الثقافة األملانية‬ ‫وسهولة تأمني املراجع الالزمة‪.‬‬ ‫وانعقد أيضاً المؤتمر األردني الدولي‬ ‫للترجمة‪ ،‬الذي ّ‬ ‫نظمته جمعية المترجمين‬ ‫األردنيين‪ ،‬بالتعاون مع دار األسباط للترجمة‪،‬‬ ‫عمان‪ ،‬وشارك فيه‬ ‫يف العاصمة األردنية‬ ‫ّ‬ ‫مرتمجون وخرباء يف الرتمجة‪ ،‬من األردن‬ ‫والعامل العربي‪ ،‬حيث ناقش املشاركون موضوع‬ ‫ضبط اجلودة يف الرتمجة‪.‬‬ ‫من هذه الفعاليات واألنشطة اخلاصة‬ ‫بالرتمجة واليت جرت يف عواصم عربية عديدة‬ ‫خالل العام ‪ ،2009‬ميكننا مالحظة تصاعد‬ ‫االهتمام بالرتمجة‪ ،‬والرتكيز على دورها‬ ‫احلضاري يف إقامة الصالت بني الشعوب‪ ،‬ونقل‬ ‫العلوم واملعارف الضرورية الرتقاء العرب وصنع‬ ‫نهضتهم‪ .‬لكن باإلضافة إىل هذه املؤمترات ّ‬ ‫مثة‬ ‫نشاط ترمجي ّمت خالل العام املاضي يد ّل على‬

‫نشاط غري مسبوق يف نقل عدد كبري من الكتب‪،‬‬ ‫من لغات عديدة‪ ،‬إىل العربية‪ ،‬وتن ّوع يف العناوين‬ ‫املق ّدمة‪ ،‬وإن ظ ّل اإلبداع الروائي والشعري‬ ‫والقصصي‪ ،‬وكذلك الكتب اليت تدور حول النقد‬ ‫األدبي ونظرية األدب وبعض العلوم اإلنسانية‬ ‫هي األبرز‪ .‬كما أن الرتمجة عن اإلجنليزية‬ ‫بصورة خاصة‪ ،‬تليها الفرنسية‪ ،‬كانت هي اليت‬ ‫حازت قصب السبق يف هذه الرتمجات‪ ،‬وهذا‬ ‫يشري إىل ضرورة وضع اسرتاتيجية واضحة‬ ‫لدى اجلهات اليت تتولىّ الرتمجة يف العامل‬ ‫العربي‪ ،‬لزيادة نصيب الّلغات األخرى غري‬ ‫اإلجنليزية والفرنسية‪ ،‬وضرورة ترمجة املعارف‬ ‫العلمية اليت ظلّت ضعيفة بالقياس إىل ترمجة‬ ‫اآلداب والعلوم اإلنسانية‪.‬‬ ‫(أنظر اجلداول الثالثة حول ما أصدرته المنظمة العربية‬ ‫للترجمة‪ ،‬ومشروع كلمة للترجمة‪ ،‬والمركز القومي‬

‫للترجمة‪ :‬مرفق)‬

‫‪669‬‬

‫ظ ّل اإلبداع الروائي والشعري‬ ‫والقصصي‪ ،‬وكذلك الكتب التي تدور‬ ‫حول النقد األدبي ونظرية األدب‬ ‫وبعض العلوم اإلنسانية من أبرز الكتب‬ ‫المترجمة إلى الّلغة العربية‪ .‬كما أن‬ ‫الترجمة عن اإلنجليزية بصورة خاصة‪،‬‬ ‫تليها الفرنسية‪ ،‬كانت من التي حازت‬ ‫قصب السبق في هذه الترجمات‪ ،‬وهذا‬ ‫ما يشير إلى ضرورة وضع استراتيجية‬ ‫واضحة لدى الجهات التي تتولى الترجمة‬ ‫في العالم العربي‪ ،‬لزيادة نصيب الّلغات‬ ‫األخرى‪..‬‬

‫ا لحصاد‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 670‬للتنمية الثقافية‬

‫إصدارات املنظمة العربية للرتمجة لعام ‪2009‬‬

‫املرتجم‬ ‫املؤلف‬ ‫عنوان الكتاب‬ ‫حممد الطاهر املنصوري‬ ‫التاريخ املفتت‪ :‬من احلوليات إىل التاريخ اجلديد‬ ‫فرانسوا دوس‬ ‫التحول الكبري‪ :‬األصول السياسية واالقتصادية لزمننا املعاصر كارل بوالنيي‬ ‫حممد فاضل طباخ‬ ‫فكر الفضاء جيل‬ ‫علي دعيبس‬ ‫غاستون غراجني‬ ‫اقتصاد القرن احلادي والعشرين‬ ‫حسن عبداهلل بدر و عبدالوهاب محيد رشيد‬ ‫وليام هالل و كينث ب‪ .‬تايلر‬ ‫من الكواركات إىل الثقوب السوداء‪ :‬مساءلة‬ ‫ضحى اخلطيب‬ ‫ريتشارد هاموند‬ ‫اهليمنة الذكورية‬ ‫سلمان قعفراني‬ ‫بيار بورديو‬ ‫االختالف والرتمجة‬ ‫وفاء شعبان‬ ‫جيل دولوز‬ ‫ما اجلمالية!‬ ‫شربل داغر‬ ‫مارك جيمينيز‬ ‫التأويل سبيالً إىل الرتمجة‬ ‫فايزة القاسم‬ ‫ماريان لودورير ودانيكا سيليكوفيتش‬ ‫قواعد لغة احلضارات‬ ‫اهلادي التيمومي‬ ‫فرنان بروديل‬ ‫جان بيار فردي‬ ‫تاريخ علم الفلك القديم والكالسيكي‬ ‫رميا بركة‬ ‫بيار ماشريي‬ ‫مب يفكر األدب؟ تطبيقات يف الفلسفة األدبية‬ ‫جوزيف شريم‬ ‫صباح صديق الدملوجي‬ ‫ما بعد النفط‪ :‬منظورا إليه من ذروة هابرت‬ ‫كينيث س‪ .‬ديفيس‬ ‫سوسيولوجيا الغزل العربي‬ ‫الطاهر لبيب‬ ‫الطاهر لبيب‬ ‫الكائن احل ّي مفككاً ترميزه‬ ‫هالة صالح الدين لولو‬ ‫جان نيكوال تورنييه‬ ‫خطاب يف أصل التفاوت ويف أسسه بني البشر‬ ‫بولس غامن‬ ‫جان جاك روسو‬ ‫يوسف عاصي‬ ‫بول هازار‬ ‫أزمة الوعي األوروبي ‪1715 1680-‬‬ ‫العنف واملقدس‬ ‫مسرية ريشا‬ ‫رينيه جريار‬ ‫أمجل قصة عن اللغة‬ ‫باسكال بيك‪،‬لوران ساغار‪،‬جيسالن دوهان وسيسيل ليستيان ريتا خاطر‬ ‫سياسة ما بعد احلداثية‬ ‫حيدر حاج إمساعيل‬ ‫ليندا هتشيون‬ ‫عصر الوصول‪ :‬الثقافة اجلديدة للرأمسالية املفرطة‬ ‫صباح صديق الدملوجي‬ ‫جريميي ريفكني‬ ‫هنري برغسون‬ ‫حبث يف املعطيات املباشرة للوعي‬ ‫احلسني الزاوي‬ ‫جالل الدين سعيد‬ ‫علم األخالق‬ ‫باروخ سبينوزا‬ ‫املستقبل النانوي‬ ‫صباح صديق الدملوجي‬ ‫ج‪ .‬ستورس هول‬ ‫الكينونة والعدم‪ :‬حبث يف األنطولوجيا الفنومينولوجية‬ ‫نقوال متيين‬ ‫جان بول سارتر‬ ‫نظام الزمان‬ ‫بدر الدين عرودكي‬ ‫كريستوف بوميان‬ ‫أوديب وأساطريه‬ ‫مسرية ريشا‬ ‫جان بيار فرنان وبيار فيدال‪-‬ناكيه‬

‫إصدارات الرتمجة عن هيئة أبوظيب للثقافة والرتاث – مشروع كلمة لعام ‪2009‬‬

‫عنوان الكتاب‬

‫اخرتاع اهلند‬ ‫اللغة واألسطورة‬ ‫عصر اهلند‬ ‫األدب الرتكي املعاصر‪ :‬خمتارات‬ ‫اإللياذة‬ ‫التغيري داخل املدارس‬ ‫احلياة املشرتكة‬ ‫القوة واإلميان واخليال‬ ‫أحالم من أبي بـــاراك‬ ‫عودة التاريخ‬ ‫ملاذا سيكون القرن ‪ 21‬قرناً أوروبياً‬ ‫ماكس فييرب‬ ‫مبدأ الريبة‬

‫ساشي تارور‬ ‫أرنست كازيرر‬ ‫بافان كومار فرما‬ ‫جمموعة مؤلفني أتراك‬ ‫هومـــريوس‬ ‫أليسون زمودا‬ ‫ترفيتان تودوروف‬ ‫مايكل أورين‬ ‫أوبـــاما‬ ‫يوشكـــا فيشـــر‬ ‫مارك ليونارد‬ ‫فيليب راينو‬ ‫ديفيد لندلي‬

‫املؤلف‬

‫املرتجم‬ ‫د‪.‬حبيب اهلل خان‬ ‫سعيد الغامني‬ ‫عبد املاجد القاضي‬ ‫د‪.‬حممد عبداللطيف هديدي‬ ‫ممدوح عدوان‬ ‫وليد عزت شحاده‬ ‫منذر عياشي‬ ‫أسر حطيبة‬ ‫هبة جنيب وإميان عبد الغين‬ ‫د‪.‬هاني صاحل علي الصاحل‬ ‫أمحد حممد عجاج‬ ‫حممد جديدي‬ ‫ِجنيب احلصادي‬


‫الحصاد الثقافي والفكري‬

‫عنوان الكتاب‬

‫املؤلف‬

‫بريث دي إيتا‬ ‫جوناثان ب ويت‬ ‫باربرا فريشموت‬ ‫افيوما شنوبا‬ ‫هانز كوهني‬ ‫فيليب رجيو‬ ‫خورشيد باشا‬ ‫تشيزاري بافيزي‬ ‫جراهام دونكلي‬ ‫ميشيل الجرانج‬ ‫أبو العال عفيفي‬ ‫حممد دبري سياقي‬ ‫صمويل ب هنتنجتون‬ ‫دنيس جيدج‬ ‫جونرت فيتمان‬ ‫فردريك كوملستون‬ ‫خنبة من املؤلفني‬ ‫سنكلري لويس‬ ‫بيرت هنت‬ ‫كازو إيشيجورو‬ ‫باتريك بارندر‬ ‫الكونتة داش‬ ‫حيي أرين بور‬ ‫هوارد فاست‬ ‫توماس هاردي‬ ‫فرانتس كافكا‬ ‫منى أباظة‬ ‫أمحد كسروي‬ ‫أمحد كسروي‬ ‫أمحد كسروي‬ ‫فوجلانج جوته‬ ‫جوليان باجيين‬ ‫جليلة القاضي‬ ‫جالل الدين الرومي‬ ‫جي فارجيت‬ ‫تشارلس داروين‬ ‫هومريوس‬ ‫شكسبري‬ ‫فريجينيا وولف‬ ‫الرباعيات الفارسية‬ ‫وليم شكسبري‬ ‫جاك دريدا‬

‫املرتجم‬ ‫مروة حممد إبراهيم‬ ‫مسري كرم‬ ‫حممد خالد أبو حطب‬ ‫صربي حممد حسن‬ ‫عبدالرمحن صدقي‬ ‫عزت عامر‬ ‫مصطفى زهران‬ ‫فاطمة حممود فهمي‬ ‫مصطفى حممود‬ ‫عاطف حممد عبداجمليد‬ ‫مصطفى لبيب عبدالغين‬ ‫أمحد اخلولي‬ ‫أمحد خمتار اجلمال‬ ‫لبنى الريدي‬ ‫عبداجلواد جماهد‬ ‫حممود سيد أمحد‬ ‫عبدالغفار مكاوي‬ ‫حممود عزت موسى‬ ‫إيزابيل كمال‬ ‫هالة صالح الدين‬ ‫حممد عصفور‬ ‫أديب بك إسحاق‬ ‫خنبة من املرتمجني‬ ‫أنور املشري‬ ‫فخري أبو السعود‬ ‫مصطفى ماهر‬ ‫ملك محاد‬ ‫تربيزي هويدا عزت‬ ‫تربيزي هويدا عزت‬ ‫تربيزي هويدا عزت‬ ‫عبدالغفار مكاوي‬ ‫عماد صبحي‬ ‫منحة البطراوي‬ ‫إبراهيم شتا‬ ‫حممد رفعت عواد‬ ‫جمدي حممود املليجي‬ ‫خنبة من املرتمجني‬ ‫حممد مصطفى بدوي‬ ‫فاطمة ناعوت‬ ‫حممد نورالدين عبداملنعم‬ ‫حممد مصطفى بدوي‬ ‫أنور مغيث ومنى طلبة‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫ا لحصاد‬

‫احلروب األهلية يف غرناطة‬ ‫إنقاذ آدم مسيث‬ ‫تواري الظالل يف الشمس‬ ‫بال خوف‬ ‫مرياث الرتمجة‪ :‬عصر القومية‬ ‫ما بعد االفرتاضي‬ ‫رحلة احلدود بني الدولة العثمانية‬ ‫القصر واحلرائق‬ ‫التجارة احلرة‬ ‫قداس أوزة النيل‬ ‫حميي الدين بن عربي‬ ‫السلطان جالل الدين خوارزمشاه‬ ‫من حنن؟‬ ‫نظرية الببغاء‬ ‫مصر واألجانب يف األلفية األخرية‬ ‫تاريخ الفلسفة ج‪8‬‬ ‫عالمات على طريق املسرح التعبريي‬ ‫أرو مسيث‬ ‫مقدمة يف أدب الطفل‬ ‫فنان من العامل الطليق‬ ‫األمة والرواية‬ ‫الباريسية احلسناء‬ ‫من صبا حتى نيما‬ ‫سبارتاكوس‬ ‫تس سليلة دربرفيل‬ ‫القصر‬ ‫جدل اإلسالم يف عامل متغري‬ ‫تاريخ احلكم النيابي يف إيران ج‪1‬‬ ‫تاريخ احلكم النيابي يف إيران ج‪2‬‬ ‫تاريخ احلكم النيابي يف إيران ج‪3‬‬ ‫تاسو يوهان‬ ‫تربيع الدائرة‬ ‫التحضر العشوائي‬ ‫مثنوي ‪ 6‬جملدات‬ ‫حممد علي مؤسس مصر احلديثة‬ ‫أصل األنواع‬ ‫اإللياذة‬ ‫مأساة عطيل‬ ‫جيوب مثقلة باحلجارة ورواية مل تكتب بعد‬ ‫فن الرباعي‬ ‫هملت أمري الدمنرك‬ ‫يف علم الكتابة‬

‫إصدارات املركز القومي للرتمجة لعام ‪2009‬‬

‫‪671‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 672‬للتنمية الثقافية‬

‫حال الثقافة العربية‬

‫إن الرغبة في إعادة اختراع التقاليد‪،‬‬ ‫هي الرغبة التي تهيمن على المناخ‬ ‫الثقافي العربي في هذا الوقت‪ ،‬فنتيجة‬ ‫لتفاعالت شتى دولية وسياسية داخلية‬ ‫واقتصادية وثقافية تسود المجتمع العربي‬ ‫موجة عارمة من العودة للدين والذي‬ ‫يتمثل في انتشار مظاهر التدين الشعبي‬ ‫بين مختلف الطبقات‪..‬‬

‫يف ضوء ما سبق كيف ميكن النظر إىل حال‬ ‫الثقافة العربية‪ ،‬كما رصدناها يف العام ‪2009‬؟‬ ‫كيف نصف هذه الثقافة‪.‬؟ لقد نشرت جملة‬ ‫العربي الكويتية مقالة للمفكر وعامل االجتماع‬ ‫املصري سيد ياسين يع ّدد فيها وجوهاً ثالثة‬ ‫للثقافة العربية‪ :‬الوجه الذي يتطلع حنو‬ ‫املاضي‪ ،‬والذي يتطلع حنو احلاضر‪ ،‬والثالث‬ ‫الذي ينظر يف اجتاه املستقبل‪ .‬ويرى الكاتب أن‬ ‫يف إمكاننا فهم أزمة الثقافة العربية الراهنة‬ ‫وآفاقها املستقبلية من خالل حبث العالقة‬ ‫بني هذه الوجوه‪ .‬ففي ّ‬ ‫التطلع حنو املاضي‬ ‫رغبة يف إعادة اخرتاع التقاليد‪ ،‬وهي الرغبة‬ ‫اليت تهيمن على املناخ الثقايف العربي يف هذا‬ ‫الزمان‪ ،‬فنتيجة لتفاعالت شتى دولية وسياسية‬ ‫داخلية واقتصادية وثقافية تسود اجملتمع العربي‬ ‫موجة عارمة من العودة للدين والذي يتمثّل يف‬ ‫انتشار مظاهر التديّن الشعيب بني خمتلف‬ ‫الطبقات‪ ،‬وانتشار الفكر اخلرايف "الذي يستند‬ ‫زوراً وبهتاناً إىل أسانيد دينية"‪ ،‬وشيوع فكر‬ ‫التط ّرف "الذي يلوي عنق اآليات القرآنية‬ ‫واألحاديث النبوية تعبرياً عن رؤية مغلقة للعامل‬ ‫تقوم أساساً على التحريم والتكفري"‪ ،‬وبروز‬ ‫اإلرهاب ض ّد املسلمني وغريهم ترمجة هلذا‬ ‫الفكر املتطرف‪ .‬وال ميكن للمجتمع العربي‬ ‫أن يتق ّدم إذا حت ّكمت فيه هذه الرؤية الضيقة‬ ‫املصممة على أن يتحكم املوتى يف األحياء‪ .‬ومن‬ ‫املؤشرات الدالة على عملية اخرتاع التقاليد‬ ‫تراجع الفكر العلماني الذي يفصل بني الدين‬ ‫والدولة يف ظ ّل "التشويه املتع ّمد من قبل‬ ‫أنصار الفكر اإلسالمي املتط ّرف‪ ،‬والذي يصف‬ ‫العلمانية بأنها كفر‪ .‬أما يف ما يتعلّق باحلاضر‬ ‫فهناك سؤال شديد األهمية يطرح نفسه على‬ ‫الثقافة العربية يف الوقت الراهن يتمثّل يف‬ ‫كيفية التعامل مع العوملة بتجلياتها السياسية‬

‫واالقتصادية والثقافية واالتصالية‪ .‬فالعوملة أمر‬ ‫واقع ورفضها أو قبوهلا من دون تدبّر يع ّد تع ّج ًال‬ ‫يف إصدار األحكام من دون تأمل ملنظور التطور‬ ‫التارخيي‪ .‬ويرى الباحث أنه على الرغم من‬ ‫نشأة العوملة يف ظ ّل الرأمسالية الغربية‪ ،‬فهذا‬ ‫ال يعين أن التاريخ سيبقي عليها بل سيتجاوزها‬ ‫كما جتاوز غريها‪ ،‬وحيفظ ما هو إجيابي فيها‪.‬‬ ‫إن العوملة عملية تارخيية غري قابلة لالرتداد‪،‬‬ ‫وهلذا من اخلطأ الدعوة إىل ضرورة رفضها‬ ‫وحماربتها‪ ،‬ألن املرء ال يستطيع الوقوف أمام‬ ‫نهر متدفق جارف‪ .‬واملعركة احلقيقية ال تكمن‬ ‫يف مواجهة العوملة كعملية تارخيية بل يف أن نكون‬ ‫ض ّد نسق القيم السائد الذي هو يف الواقع إعادة‬ ‫إنتاج لنظام اهليمنة القديم‪ .‬ينبغي‪ ،‬انطالقاً‬ ‫مما سبق‪ ،‬وعلى املستوى الدولي‪ ،‬القضاء على‬ ‫ّ‬ ‫ازدواجية املعايري يف تطبيق حقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫وعدم فرض منوذج الدميوقراطية الغربية‬ ‫كنموذج أوحد للدميوقراطية‪ ،‬وإتاحة الفرصة‬ ‫للشعوب لكي متارس إبداعها السياسي‪ .‬وهناك‬ ‫ضرورة ملّحة لتقنني ح ّق التدخل لكي ال يُشهر‬ ‫سالحاً يف وجه الشعب العربي وغريه من شعوب‬ ‫اجلنوب من قبل الشمال املتف ّوق القادر‪ .‬ويدعو‬ ‫الكاتب إىل تبين رؤية اسرتاتيجية تنطلق من‬ ‫املستقبل وحاجات العرب يف الوقت احلاضر‪،‬‬ ‫مشدداً على أن مك ّونات الرؤية االسرتاتيجية‬ ‫ثالثة وهي‪ :‬احلرية السياسية والعدالة‬ ‫االجتماعية واالنفتاح الثقايف على العامل‪.‬‬ ‫مواز حياول الناقد والروائي‬ ‫يف سياق ٍ‬ ‫املغربي د‪ .‬محمد برادة‪ ،‬يف افتتاحية كتبها‪،‬‬ ‫جمللة "البحرين الثقافية" أن يعيد صياغة‬ ‫إشكالية ما يسمى أزمة الثقافة العربية من‬ ‫منظور عالقة الثقايف بالسياسي‪ .‬وهو يق ّر أنه‬ ‫يف وسط الضجيج اإلعالمي املرصود لغسل‬ ‫األدمغة‪ ،‬ولغة البيانات والتصرحيات الطنانة‪،‬‬ ‫وبرامج الرتفيه الصاخبة‪ ،‬فإن هناك مالمح‬


‫الحصاد الثقافي والفكري‬

‫من عالمات المثقف وخصائصه‬ ‫أن يكون مستنيراً وان ال يكون مغلقاً‪،‬‬ ‫وإنه من غير المجدي أن نباعد بين‬ ‫أفكارنا وما تعانيه مجتمعاتنا العربية من‬ ‫مشكالت‪ ،‬فأكثر العلوم والفنون لها دورها‬ ‫االجتماعي والسياسي أيضاً‪..‬‬

‫ا لحصاد‬

‫ثقافية تضطلع بشخذ األذهان واإلحساس‬ ‫وصوغ أسئلة تنتمي إىل هذا العصر‪ ،‬وتسعف‬ ‫املواطن يف إذكاء الروح وإعادة النظر يف‬ ‫املوروث واملكتسب‪ .‬من هنا فإن حتليل العالقة‬ ‫اجلدلية بني السياسي والثقايف أمر شديد‬ ‫الضرورة‪ ،‬فالسياسة ذات طبيعة ذرائعية‬ ‫متليها الظرفية‪ ،‬فتحيد عن األفق األبعد الذي‬ ‫يبلوره الفكر الثقايف والفكر السياسي كذلك‪.‬‬ ‫ويرى الكاتب أن مشروعات النهوض العربية‪،‬‬ ‫منذ القرن التاسع عشر‪ ،‬كثرياً ما انطلقت‬ ‫من التوافق واحلوار بني السياسي والثقايف‪،‬‬ ‫خباصة يف مراحل مقاومة االستعمار‪ .‬لكن‬ ‫منذ هزمية ‪ 1967‬أصبحت اجملتمعات العربية‬ ‫تعيش حالة انشقاق وانفصام بني السياسي‬ ‫والثقايف‪ ،‬بني الدولة وجزء كبري من اجملتمع‪،‬‬ ‫ألن أجهزة احلكم وأقنعته ووعوده الكاذبة‬ ‫ّ‬ ‫تكشفت عن خواء وعجز‪ .‬وللخروج من املأزق‬ ‫السياسي – الثقايف يف اجملتمعات العربية‬ ‫يرى الكاتب أن على الثقافة التنويرية أن‬ ‫متارس نقداً جذرياً لألنظمة واملؤسسات‬ ‫وأجهزة الدولة االستبدادية‪ ،‬مع احلرص على‬ ‫وضع مسافة حتمي الثقافة من أن تستخدم‬ ‫ألغراض سياسية ظرفية‪ .‬ومن مهمات الثقافة‬ ‫النهصوية التنويرية العربية ّ‬ ‫ختطي الصعيد‬ ‫احمللي ومالمسة األسئلة الثقافية كونية الطابع‬ ‫واليت تتناول مشكالت احلضارة العاملية‬ ‫وأزماتها‪ ،‬سعياً لبلورة قيم إنسانية‪ .‬فمن دون‬ ‫هذه املهمة اليت على حركات التنوير العربية‪،‬‬ ‫واملثقفني التنويريني العرب‪ ،‬أن تضعها على‬ ‫عاتقها‪ ،‬يصعب على العرب املعاصرين أن‬

‫خيرجوا من املآزق اليت يرزحون حتتها‪.‬‬ ‫د‪ .‬عاطف العراقي يف مقالة كتبها يف‬ ‫عددين متتاليني من جملة "الهالل" املصرية‬ ‫يش ّن هجوماً شديداً على الثقافة العربية يف‬ ‫الوقت الراهن‪ ،‬قائ ًال إن هناك الكثري من‬ ‫العقبات اليت حتول دون إرساء قواعد الثقافة‬ ‫العربية والوصول بها لتكون ثقافة عاملية‪ .‬وهو‬ ‫يرى أن من عوامل استمرار ثقافتنا أن نتوقف‬ ‫عن اهلجوم على الر ّواد من مثقفينا ومفكرينا‬ ‫وأدبائنا‪ ،‬ونوقف محالت التجريح حبقهم‪.‬‬ ‫فهؤالء الر ّواد دعوا إىل قيم كبرية‪ ،‬فنادى‬ ‫طه حسين حبركة التنوير وانتصر للعقل بكل‬ ‫أجماده‪ ،‬كما كان العقّ اد حريصاً على رفع‬ ‫الق ّراء إىل مستواه‪ .‬لكن النقد احلقيقي "اختفى‬ ‫وسط النقد الزائف‪ ،‬واختفى النقاد احلقيقيون‬ ‫وسط أشباه النقاد"‪ ،‬وانهارت "القيم‪ ،‬وأصبحت‬ ‫الكلمة للصغار دون الكبار"‪ ،‬و"املتأمل يف حياتنا‬ ‫الثقافية جيد أن الفكر السائد هو فكر األقزام"‪،‬‬ ‫بتعبري العراقي‪ .‬إن من عالمات املثقف‬ ‫وخصائصه أن يكون مستنرياً وال يكون مغلقاً‪،‬‬ ‫وإنه من غري اجملدي أن نباعد بني أفكارنا وما‬ ‫تعانيه جمتمعاتنا العربية من مشكالت‪ ،‬فأكثر‬ ‫العلوم والفنون هلا دورها االجتماعي والسياسي‬ ‫أيضاً‪ ،‬فال يص ّح للمثقف أن يعيش يف برجه‬ ‫العاجي أو ان ينظر إىل احلاضر أو املستقبل من‬ ‫خالل منظور املاضي‪.‬‬ ‫وستظ ّل الثقافة العربية حبسب العراقي‪،‬‬ ‫قاصرة وعاجزة عن اللّحاق بثقافات األمم‬ ‫األخرى يف حال مل تنخرط يف احلياة وتستلهم‬ ‫فكر الر ّواد‪.‬‬

‫‪673‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 674‬للتنمية الثقافية‬


‫الفهارس العامة‬

‫ الفهرس األبجدي‬‫ فهرس البلدان العربية‬‫ فهرس املوضوعات‬‫‪ -‬فهرس اجلداول والرسومات‬



‫‪677‬‬

‫الفهرس األبجدي‬

‫أ‬ ‫ابتكار‪، :‬‬ ‫إبداع‪268 ،246 ،186 ،182 ،181 ،159 ،151 ،72 ،66 :‬‬ ‫االحتاد الدولي لالتصاالت‪122 :‬‬ ‫احتاد أوروبي‪556 ،155 ،136 ،40 ،23 :‬‬ ‫آثار‪240 ،227 ،199 :‬‬ ‫إدارة (النظام اإلداري يف عهد عمر بن اخلطاب)‪363 :‬‬ ‫أدب‪367 ،316 ،314 ،259 ،250 ،240 ،213 ،211 :‬‬ ‫أدب املهجر‪426 :‬‬ ‫ ‬ ‫أدب نسوي‪431 ،429 :‬‬ ‫ ‬ ‫أديان‪( :‬فكر ديين)‪346 ،325 ،229 :‬‬ ‫استثمار‪70 ،67 ،33 :‬‬ ‫أسرتاليا‪170 :‬‬ ‫إسكوا‪24 :‬‬ ‫إسالميات‪654 ،376 ،364 ،324 ،250 ،225 ،206 :‬‬ ‫آسيا‪166 ،163 ،52 ،20 :‬‬ ‫إسيسكو‪24 :‬‬ ‫أعضاء هيئة التدريس‪ 57 :‬ومابعدها‬ ‫ألكسو‪24 :‬‬ ‫أملانيا‪170 :‬‬ ‫أمم متحدة‪23 :‬‬ ‫أمريكا الالتينية‪668 ،20 :‬‬ ‫إنتاج ثقايف‪194 :‬‬ ‫إنترنت‪122 :‬‬ ‫فضاء إلكرتوني‪178 :‬‬ ‫ ‬ ‫‪148 20‬‬

‫قوائم بريدية‪ 289 ،193 :‬وما بعدها‬ ‫ ‬ ‫مستخدمو اإلنرتنت‪181 ،124 :‬‬ ‫ ‬ ‫منهجية قياس‪192 ،190 :‬‬ ‫ ‬ ‫أندونيسيا‪654 :‬‬ ‫أوبك (منظمة الدول املص ّدرة للنفط)‪360 :‬‬ ‫إيرلندا‪149 :‬‬ ‫ ‬

‫ب‬

‫ ‬ ‫باحثون‪52 ،32 :‬‬ ‫بحث علمي‪185 ،127 ،21 :‬‬ ‫معوقات‪46 ،23 :‬‬ ‫ ‬ ‫إنفاق‪181 ،26 :‬‬ ‫ ‬ ‫كفاءة‪27 :‬‬ ‫ ‬ ‫خمرجات‪33 :‬‬ ‫ ‬ ‫جمالت حبثية‪36 :‬‬ ‫ ‬ ‫وسائل نشر‪53 :‬‬ ‫ ‬ ‫حبوث عسكرية‪70 :‬‬ ‫حبوث منشورة‪110 ،35 :‬‬ ‫براءات اخرتاع‪181 ،110 ،41 ،39 ،38 :‬‬ ‫برجميات‪ 139 :‬وما بعدها‬ ‫بريطانيا‪170 ،162 :‬‬ ‫بنك دولي‪357 ،23 :‬‬ ‫بيوت خربة‪94 :‬‬ ‫ ‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 678‬للتنمية الثقافية‬

‫ت‬ ‫‪،‬‬

‫‪،‬‬

‫‪،‬‬

‫‪،‬‬

‫‪،‬‬

‫تراث‪، ، :‬‬ ‫ترتيب اجلامعات‪46 ،45 :‬‬ ‫ترجمة‪665 ،426 ،375 ،326 ،135 :‬‬ ‫ترمجة آلية‪ 137 :‬وما بعدها‬ ‫ ‬ ‫تركيا‪662 ،654 :‬‬ ‫تشريعات‪184 ،116 ،115 :‬‬ ‫تصوير‪221 :‬‬ ‫عال‪( :‬أنظر جامعات)‬ ‫تعليم ٍ‬ ‫تعليم‪181 ،126 :‬‬ ‫تقرير (العربي للتنمية الثقافية)‪389 :‬‬ ‫تكنولوجيا (تقنية)‪ 74 ،68 ،65 ،28 :‬ومابعدها‪656 ،316 ،‬‬ ‫تقنية االتصاالت‪181 ،180 ،166 ،141 ،121 :‬‬ ‫ ‬ ‫متثيل‪223 :‬‬ ‫تنافسية‪67 ،64 :‬‬ ‫تنمية‪324 ،104 ،74 ،63 :‬‬ ‫تنمية ثقافية‪362 ،182 :‬‬ ‫ ‬ ‫تنوير‪264 :‬‬ ‫تواصل رقمي‪ 187 :‬وما بعدها‪ 235 ،‬وما بعدها‪،249 ،‬‬ ‫‪299 ،266 ،255‬‬ ‫‪617 240 232 231 212 199 195 190‬‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫اجلامعة األمريكية (القاهرة)‪:‬‬ ‫ ‬ ‫جامعة السوربون‪406 :‬‬ ‫ ‬ ‫جامعة الدول العربية‪444 ،163 ،162 ،23 :‬‬ ‫جندر (إناث)‪542 ،318 ،312 ،31 :‬‬ ‫جوائز‪ 642 ،562 :‬‬ ‫جائزة البوكر‪404 :‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫جائزة الشيخ زايد للكتاب املرتجم‪ 665 :‬‬ ‫جائزة أهم كتاب‪642 :‬‬ ‫ ‬ ‫جائزة خادم احلرمني الشريفني‪665 :‬‬ ‫ ‬ ‫جائزة غونكور‪417 :‬‬ ‫ ‬ ‫جائزة جنيب حمفوظ‪407 :‬‬ ‫ ‬ ‫‪407‬‬

‫ج‬

‫جامعات‪ 43 :‬وما بعدها‪ 83 ،‬وما بعدها‪،107 ،106 ،101 ،‬‬ ‫‪639 ،563 ،157 ،108‬‬

‫ ‬

‫ح‬

‫حاسوب‪، ، :‬‬ ‫حاضنات‪ 85 :‬وما بعدها‬ ‫حداثة‪338 :‬‬ ‫حرية أكادميية‪59 :‬‬ ‫حرية النشر‪261 :‬‬ ‫حقوق إنسان‪262 ،254 :‬‬ ‫حوار احلضارات‪650 :‬‬ ‫ ‬

‫‪206 184 181‬‬

‫خ‬ ‫خط هاتفي‪:‬‬

‫‪181‬‬


‫‪679‬‬

‫ش‬

‫خليج عربي‪، ، ، ، :‬‬

‫‪106 69 28 24 23‬‬

‫ ‬

‫شعر‪( 370 ،240 ،207 :‬وما بعدها)‪( 412 ،‬وما بعدها)‪،‬‬ ‫شعراء‪243 ،208 :‬‬

‫د‬

‫دار اآلداب‪:‬‬ ‫دار رياض الريس للنشر‪414 :‬‬ ‫دخل فردي‪315 ،309 ،181 :‬‬ ‫دوريات‪672 ،665 ،655 ،650 ،646 ،636 ،561 :‬‬ ‫دوريات علمية‪55 ،53 :‬‬ ‫ ‬ ‫دميقراطية‪656 ،262 ،261 :‬‬ ‫‪432‬‬

‫ ‬

‫ر‬

‫رواية‪ 402 ،242 ،205 :‬وما بعدها‪،‬‬ ‫رواية خليجية‪410 :‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫‪439‬‬

‫س‬

‫سكان‪:‬‬ ‫سوق عربية‪69 :‬‬ ‫سياسة‪325 ،316 :‬‬ ‫سينما‪( 445 ،257 ،245 ،241 ،240 ،199 ،195 ،190 :‬وما‬ ‫بعدها)‬ ‫ ‬ ‫‪122‬‬

‫ ‬

‫‪610‬‬

‫ص‬

‫صادرات تقنية‪:‬‬ ‫صادرات صناعية‪65 :‬‬ ‫صحافة‪659 ،199 :‬‬ ‫صحافة رقمية‪( 214 :‬وما بعدها)‬ ‫صناعة‪181 :‬‬ ‫صناعات حتويلية‪66 ،65:‬‬ ‫ ‬ ‫صناعات عربية‪66 :‬‬ ‫ ‬ ‫الصني‪662 ،168 ،167 ،163 ،149 :‬‬ ‫‪181‬‬

‫ ‬

‫ط‬ ‫‪:‬‬

‫طاقة ‪67‬‬

‫طاقة مشسية‪:‬‬ ‫ ‬ ‫طاقة كهربائية‪71 :‬‬ ‫ ‬ ‫طاقة نووية‪71 ،68 :‬‬ ‫ ‬ ‫طائفية‪346 ،263 ،256 :‬‬ ‫‪68‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 680‬للتنمية الثقافية‬

‫ق‬

‫ع‬ ‫‪،‬‬

‫عروبة‪:‬‬ ‫عمالة‪66 :‬‬ ‫عوملة‪653 ،335 ،173 :‬‬ ‫‪341 204‬‬

‫ ‬

‫غ‬

‫غذاء (األمن الغذائي العربي)‪:‬‬ ‫غناء‪( 614 ،239 ،203 ،199 :‬وما بعدها)‬ ‫غناء ديني‪623 ،617 :‬‬ ‫غناء كالسيكي‪619 ،615 :‬‬ ‫ ‬ ‫غناء وطين‪623 ،614 :‬‬ ‫ ‬ ‫غوغل (أنظر حمرك حبث)‬ ‫‪355‬‬

‫ ‬

‫ف‬ ‫‪،‬‬

‫‪،‬‬

‫فايسبوك‪:‬‬ ‫فجوة تقنية‪121 :‬‬ ‫فرنسا‪170 :‬‬ ‫فساد‪357 :‬‬ ‫فقر‪357 :‬‬ ‫فن تشكيلي‪240 ،234 :‬‬ ‫فنلندا‪149 :‬‬ ‫ ‬

‫قراءة‪:‬‬ ‫قصة قصرية‪( 432 :‬وما بعدها)‪441 ،‬‬ ‫ّ‬ ‫قضايا سياسية‪274 :‬‬ ‫قطاع‪:‬‬ ‫قطاع أعمال‪82 :‬‬ ‫ ‬ ‫قطاع خاص‪41 :‬‬ ‫ ‬ ‫قطاع عام‪41 :‬‬ ‫ ‬ ‫ق ّمة ثقافية عربية‪143 :‬‬ ‫ ‬ ‫‪308‬‬

‫ك‬ ‫كتاب‪( 307 ،246 ،242 ،240 ،212 :‬وما بعدها)‪( 642 ،‬وما‬ ‫بعدها)‬ ‫كتاب يف جريدة‪643 ،392 :‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫كتاب ورقي‪( 327 :‬وما بعدها)‬ ‫كوريا اجلنوبية‪150 :‬‬

‫‪660 284 190‬‬

‫ ‬

‫ل‬ ‫‪،‬‬

‫‪،‬‬

‫لغة عربية‪:‬‬ ‫لغات‪316 ،124 :‬‬ ‫فرنكوفونية‪664 :‬‬ ‫ ‬

‫‪،‬‬

‫‪661 621 128 121‬‬


‫‪681‬‬

‫م‬ ‫ماركس‪( :‬فكر ماركسي)‪، :‬‬ ‫مبادرة الكتاب العابر (اإلمارات)‪392 :‬‬ ‫متاحف‪297 ،249 ،229 ،227 :‬‬ ‫جمالت حبثية (أنظر حبث علمي)‪36 :‬‬ ‫اجمللس األعلى للثقافة (مصر)‪645 ،414 ،411 :‬‬ ‫جملس التعاون اخلليجي‪361 :‬‬ ‫اجمللس الوطين للثقافة والفنون واآلداب (الكويت)‪578 :‬‬ ‫جممع اللغة العربية (دمشق)‪663 :‬‬ ‫جم ّمع اللغة العربية (مصر)‪662 ،509 :‬‬ ‫احملتوى الرقمي العربي‪( 125 :‬وما بعدها)‪،181 ،140 ،‬‬ ‫‪( 276 ،253 ،251‬وما بعدها)‬ ‫حمرقة‪382 :‬‬ ‫حمرك حبث‪194 ،133 :‬‬ ‫مد ّونات‪190 :‬‬ ‫مدينة امللك عبد العزيز للعلوم التقنية‪157 :‬‬ ‫مراكز متيّز‪( 74 :‬وما بعدها)‪( 93 ،‬وما بعدها)‪،100 ،‬‬ ‫‪( 109‬وما بعدها)‪115 ،‬‬ ‫املركز الثقايف العربي‪406 :‬‬ ‫املركز الثقايف امللكي (األردن)‪445 :‬‬ ‫مركز الدراسات السياسية واالسرتاتيجية يف األهرام‪350 :‬‬ ‫املركز السينمائي املغربي‪498 :‬‬ ‫املركز القومي للرتمجة (مصر)‪669 ،428 :‬‬ ‫مركز امللك فهد الثقايف‪437 :‬‬ ‫مركز دراسات الوحدة العربية‪656 ،426 ،360 ،341 ،334 :‬‬ ‫‪242 229‬‬

‫مسرح‪( 514 ،240 ،216 ،199 ،195 ،190 :‬وما بعدها)‬ ‫املسرح التجريدي‪540 :‬‬ ‫ ‬ ‫املسرح الثقايف‪539 :‬‬ ‫ ‬ ‫املسرح اجلامعي‪593 :‬‬ ‫ ‬ ‫مسرح الدولة‪548 :‬‬ ‫ ‬ ‫مسرح الشباب‪604 :‬‬ ‫ ‬ ‫مسرح الطفل‪594 ،574 ،555 ،521 :‬‬ ‫ ‬ ‫املسرح الكوميدي‪597 :‬‬ ‫ ‬ ‫مشرتيات حكومية‪181 :‬‬ ‫مشروع مكتبة األسرة (مصر)‪392 :‬‬ ‫مصلحة السينما واملسرح (العراق)‪470 :‬‬ ‫معارض كتب‪640 ،328 ،307 ،240 ،236 :‬‬ ‫معرفة‪336 ،165 ،67 ،22 ،21 :‬‬ ‫املعهد العالي للسينما (مصر)‪475 :‬‬ ‫املعهد العالي للفنون املسرحية (سوريا)‪554 ،552 :‬‬ ‫معهد املوسيقى العربية‪492 :‬‬ ‫معهد غوته‪668 :‬‬ ‫مفوضية أوروبية‪156 :‬‬ ‫مكتبات‪391 ،248 ،220 ،219 ،199 :‬‬ ‫مكتبة اإلسكندرية‪654 :‬‬ ‫املكتبة الوطنية (اجلزائر)‪429 :‬‬ ‫ملكية فكرية‪181 ،153 :‬‬ ‫منتدى أصيلة‪652 :‬‬ ‫املنتدى االقتصادي العاملي‪27 :‬‬ ‫منتديات ثقافية‪235 ،199 :‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 682‬للتنمية الثقافية‬

‫منظمة التحرير الفلسطينية‪:‬‬ ‫منظمة التعاون االقتصادي والتنمية‪25 :‬‬ ‫منظمة الثقافة العاملية‪357 :‬‬ ‫املنظمة العربية للرتمجة‪669 :‬‬ ‫مهرجانات‪،589 ،576 ،561 ،550 ،537 ،525 ،517 ،515 :‬‬ ‫‪651 ،634‬‬ ‫مهرجانات سينمائية‪،459 ،454 ،449 ،418 :‬‬ ‫ ‬ ‫‪501 ،496 ،483 ،481 ،473‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫موارد بشرية‪53 ،52 ،30 ،25 :‬‬ ‫موارد مالية‪116 ،32 :‬‬ ‫مواطنة‪647 :‬‬ ‫مؤمترات‪437 ،433 ،430 ،410 :‬‬ ‫مؤسسات ثقافية‪299 ،251 ،240 ،237 ،22 :‬‬ ‫ّ‬ ‫مؤسسات علمية‪181 ،91 :‬‬ ‫ّ‬ ‫مؤسسة السينما الصومالية‪460 :‬‬ ‫ّ‬ ‫املؤسسة العامة للثقافة (ليبيا)‪429 :‬‬ ‫ّ‬ ‫املؤسسة العربية للدراسات والنشر‪406 :‬‬ ‫ّ‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‪667 ،642 ،389 :‬‬ ‫ّ‬ ‫مؤسسة القدس للسينما والتلفزيون (ترايبيكا)‪478 :‬‬ ‫ّ‬ ‫مؤسسة عبد احلميد شومان (األردن)‪445 :‬‬ ‫ّ‬ ‫مؤسسة عبدالعزيز البابطني‪441 ،420 :‬‬ ‫ّ‬ ‫مؤسسة حممد بن راشد آل مكتوم‪363 :‬‬ ‫ّ‬ ‫موسيقى‪240 ،211 ،209 ،199 ،195 ،190 :‬‬ ‫ّ‬ ‫مؤشرات اإلبداع‪41 ،40 :‬‬

‫ن‬

‫‪475‬‬

‫ ‬

‫ناتج حملي‪:‬‬ ‫نادي البحرين للسينما‪451 :‬‬ ‫نادي الكويت للسينما‪483 :‬‬ ‫نازية‪382 :‬‬ ‫نشر (مع ّوقات)‪330 :‬‬ ‫نشر إلكرتوني‪267 ،233 ،199 ،195 ،190 ،134 :‬‬ ‫ ‬ ‫نشر علمي‪60 ،56 ،34 :‬‬ ‫ ‬ ‫نشر ورقي‪323 :‬‬ ‫ ‬ ‫نفط‪360 ،64 :‬‬ ‫‪65‬‬

‫نقد‬

‫ ‬ ‫ ‬ ‫نكتة‪258 :‬‬

‫نقد أدبي‪، :‬‬ ‫نقد مسرحي‪551 :‬‬

‫‪368 36‬‬

‫ ‬

‫هـ‬

‫هجرة األدمغة العربية‪:‬‬ ‫اهلند‪463 ،448 ،201 ،168 ،163 ،149 :‬‬ ‫هوية‪( 647 ،368 :‬وما بعدها)‪663 ،‬‬ ‫‪161‬‬

‫ ‬ ‫وادي السليكون‪:‬‬

‫و‬ ‫‪152‬‬


‫‪683‬‬

‫وكالة الطاقة الدولية‪:‬‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية‪،258 ،170 ،167 ،165 ،162 :‬‬ ‫‪638 ،482 ،425 ،362 ،335‬‬ ‫‪360‬‬

‫ ‬

‫ي‬ ‫‪،‬‬

‫‪،‬‬

‫‪،‬‬

‫يوتيوب‪:‬‬ ‫يونسكو‪638 ،632 ،484 ،167 ،162 ،24 :‬‬ ‫‪660 286 193 190‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 684‬للتنمية الثقافية‬

‫فهرس البلدان العربية‬

‫األردن‬ ‫‪105 - 96 - 71 - 67 - 64 - 55 - 51 - 47 - 45 - 41 - 40 - 39 - 37 - 35 - 31 - 30 - 28 - 27 - 26‬‬ ‫ ‪445 - 436 - 430 - 406 - 405 - 374 - 323- - 256 - 164 - 163 - 156 - 127 - 125 - 124 - 122‬‬‫‪.671 - 642 - 637 - 609 - 571 - 529 - 517 - 516 - 515 - 514 - 510 - 508 - 506 - 447 - 446 -‬‬

‫اإلمارات‬ ‫‪92 - 71 - 70 - 65 - 64 - 59 - 58 - 54 - 51 - 47 - 45 - 41 - 40 - 39 - 37 - 32 - 30 - 29 - 27 - 26‬‬ ‫ ‪450 - 449 - 448 - 447 - 430 - 410 - 231 - 172 - 163 - 162 - 127 - 125 - 123 - 122 - 119‬‬‫ ‪- 532 - 531 - 530 - 528 - 527 - 523 - 522 - 521 - 519 - 518 - 517 - 510 - 506 - -505 482‬‬‫‪609 - 564 - 563 - 546‬‬

‫البحرين‬ ‫‪- 527 - 526 - 525 - 524 - 430 - 228 - 237 - 125 - 122 - 93 - 64 - 41 - 40 - 37 - 36 - 28 - 26‬‬ ‫‪.651 - 642 - 674 - 609 - 578 - 532 - 531 - 529‬‬

‫تونس‬ ‫‪391 - 308 - -307 - 119 - 92 - 91 - 89 - 88 - 64 - 54 - 36 - 35 - 40 - 38 - 37 - 32 - 27 - 26‬‬ ‫‪539 - 538 - 536 - 535 - 534 - 478 - 469 - 457 - 455 - 454 - 453 - 452 - 436 - 426 - 418 - 405‬‬ ‫‪667 - 654 - 648 - 643 - 642 - 637 - 636 - 609 - 594 - 570 - 563 - 550 -‬‬

‫الجزائر‬ ‫‪456 - 455 - 436 - 431 - 430 - 429 - 428 - 391 - 156 - 93 - 71 - 68 - 64 - 59 - 52 - 47 - 31‬‬ ‫ ‪- 542 - 541 - 540 - 539 - 538 - 537 - 536 - 507 - 506 - 505 - 500 - 483 - 459 - 458 - 457‬‬‫‪652 - 648 - 643 - 543‬‬

‫جزر القمر‬ ‫‪510 - 505 - 460‬‬


‫هذا التقرير‬

‫جيبوتي‬ ‫‪510 - 505 - 460‬‬

‫السعودية‬ ‫‪110 - 106 - 94 - 88 - 79 - 77 - 71 - 68 - 62 - 55 - 54 - 50 - 49 - 48 - 40 - 39 - 38 - 37 - 35‬‬ ‫ ‪- 462 - 461 - 460 - 436 - 430 - 410 - 407 - 405 - 323 - 141 - 157 - 142 - 134 - 127 - 113‬‬‫‪662 - 660 - 652 - 640 - 609 - 546 - 545 - 543 - 532 - 531 - 528 - 527 - 510 - 463‬‬

‫السودان‬ ‫‪549 - 548 - 547 - 546 - 529 - 510 - 466 - 465 - 464 - 463 - 447 - 436 - 409 - 435 - 357 - 186‬‬ ‫‪- 656 - 651 - 650 - 551 - 550 -‬‬

‫سلطنة ُعمان‬ ‫‪638 - 637 - 608 - 564 - 563 - 531 - 516 - 514 - 510 - 506 - 475 - 574 - 436 - 428 - 325 - 32‬‬

‫سوريا‬ ‫‪467 - 466 - 430 - 374 - 325 - 323 - 171 - 163 - 142 - 139 - 135 - 109 - 108 - 106 - 94 - 54‬‬ ‫ ‪- 554 - 553 - 552 - 539 - 538 - 525 - 517 - 510 - 508 - 507 - 506 - 487 - 485 - 469 - 468‬‬‫‪670 - 642 - 609 - 94 - 583 - 562 - 561 - 560 - 559 - 558 - 557 - 556 - 555‬‬

‫الصومال‬ ‫‪-510 505 - 461 - 460 - 357 - 59‬‬

‫العراق‬ ‫‪- 499 - 474 - 473 - 472 - -471 470 - 447 - 440 - 436 426 - 377 - 376 - 335 - 185 - 162 - 45‬‬ ‫‪652 - 651 - 650 - 649 - 642 - 609 - 529 - 510 - 506 - 505 - 504‬‬

‫فلسطين‬ ‫‪381 - 375 - 374 - 372 - 370 - 348 - 336 - 269 - 260 - 259 - 257 - 256 - 255 - 254 - 253 - 125‬‬ ‫ ‪- 476 - 475 - 469 - 466 - 464 - 463 - 447 - 436 - 430 - 428 - 421 - 414 - 406 - 405 - 382‬‬‫‪539 - 538 - 536 - 529 - 525 - 519 - 518 - 510 - 508 - 507 - 506 - 505 - 480 - 479 - 478 - 477‬‬ ‫ ‪653 - 652 - 643 - 642 - 639 - 638 - 637 - 636 - 635 - 600 - 571 - 568 - 567‬‬‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫‪685‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 686‬للتنمية الثقافية‬

‫لبنان‬ ‫‪366 - 360 - 384 - 326 - 325 - 256 - 163 - 155 - 124 - 97 - 96 - 54 - 47 - 39 - 35 - 31 - 26‬‬ ‫ ‪- 485 - 484 - 483 - 480 - 471 - 469 - 467 - 466 - 461 - 451 - 436 - 430 - 411 - 405 - 374‬‬‫‪526 - 613 - 609 - 587 - 586 - 585 - 583 - 580 - 510 - 507 - 506 - 505 - 489 - 488 - 487 - 486‬‬ ‫‪666 - 651 - 650 - 648 - 643 - 642 - 641 - 640 -‬‬

‫قطر‬ ‫‪505 - 502 - 481 - 364 - 334 - 228 - 227 - 171 - 158 - 157 - 107 - 106 - 96 - 95 - 89 - 64 - 32‬‬ ‫‪595 -527 - 510 - 506 -‬‬

‫الكويت‬ ‫‪474 - 470 - 469 - 450 - 441 - 430 - 426 - -420 410 - 362 - 361 - 237 - 96 - -51 40 - 39 - 26‬‬ ‫ ‪- 609 - 579 - 578 - 577 - 576 - 575 - 563 - 559 - 531 - 529 - 510 - 506 - 505 - 483 - 482‬‬‫‪662 - 659 - 651 - 650 - 642‬‬

‫ليبيا‬ ‫‪595 - 594 - 593 - 590 - 589 - 588 - 506 - 491 - 490 - 489 - 436 - 430 - 391 - 143‬‬

‫مصر‬ ‫‪- 88 - 77 - 71 - 68 - 64 - 62 - 55 - 54 - 49 - 48 - 44 - 42 - 40 - 39 - 38 - 37 - 36 - 32 - 31 - 28‬‬ ‫‪374 - 348 - 343 - 325 - 323 - 320 - 162 - 158 - 125 - 123 - 122 - 109 - 105 - 94 - 91 - 90 -89‬‬ ‫ ‪448 - 445 - 438 - 436 - 434 - 430 - 427 - 426 - 425 - 415 - 414 - 411 - 406 - 405 - 404 - 375‬‬‫ ‪- 483 - 481 - 478 - 477 - 476 - 475 - 474 - 468 - 467 - 466 - 465 - 464 - 463 - 462 - 452‬‬‫‪507 - 506 - 505 - 503 - 497 - 496 - 495 - 494 - 493 - 492 - 491 - 490 - 488 - 486 - 485 - 484‬‬ ‫ ‪645 - 643 - 642 - 638 - 625 - 608 - 609 - 600 - 599 - 598 - 595 - 571 - 563 - 538 - 510 - 509‬‬‫‪670 - 668 - 664 - 662 - 661 - 656 - 651 - 650 - 648 - 647 -‬‬

‫المغرب‬ ‫‪156 - 125 - 123 - 97 - 88 - 71 - 68 - 65 - 64 - 57 - 55 - 54 - 47 - 39 - 37 - 36 - 35 - 32 - 31‬‬ ‫‪484 - 472 - 469 - 458 - 455 - 454 - 436 - 425 - 422 - 417 - 410 - 409 - 391 - 374 - 364 - 308‬‬ ‫ ‪- 539 - 538 - 534 - 529 - 517 - 510 - 508 - 507 - 506 - 505 - 500 - 499 - 498 - 497 - 496‬‬‫‪667 - 666 - 656 - 642 - 604 - 601 - 600 - 594 - 570‬‬

‫موريتانيا‬ ‫‪510 - 505 - 503 - 502 - 501 - 500 - 391 - 357 - 308‬‬

‫اليمن‬ ‫‪609 - 571 - 529 - 510 - 504 - 503 - 449 - 436 - 357 - 325 - 324 - 124‬‬


‫‪687‬‬

‫فهرس املوضوعات‬

‫البحث العلمي‬ ‫ ‬ ‫النمو‬ ‫المعرفة مورد استراتيجي لتحقيق‬ ‫ّ‬

‫‪20‬‬

‫البحوث العلمية واالبتكار في العالم العربي ‬

‫‪23‬‬

‫ ‬ ‫البحث العلمي في الجامعات العربية‬

‫‪43‬‬

‫ ‬ ‫دور البحث العلمي واإلبداع في التنمية‬

‫‪63‬‬

‫واقع البحث العلمي العربي ‪ -‬اقتصاد املعرفة ‪ -‬قصور مؤسساتي‬

‫مؤشرات البحوث العلمية ونواجتها ‪ -‬معوقات البحث العلمي ‪ -‬مدخالت البحث والتطوير‪ -‬خمرجات البحث والتطوير ‪ -‬تكامل‬ ‫القطاعني العام واخلاص يف جمال البحث العلمي‬ ‫اجلامعات "مشتل" بشري للبحث العلمي ‪ -‬التو ّقعات العاملية بشأن إسهام التعليم العالي يف البحث العلمي ‪ -‬املكانة البحثية‬ ‫للجامعات العربية ‪ -‬مع ّوقات البحث العلمي يف اجلامعات العربية ‪ -‬العوامل الفاعلة يف تعزيز املكانة البحثية للجامعات العربية ‪-‬‬ ‫عوامل مساندة‪ -‬واقع البحث العلمي‪ :‬تقصري على أكثر من صعيد‬ ‫البحث العلمي يف قلب حتديات التنمية ‪ -‬املردود اجملتمعي واالقتصادي للمعرفة العلمية ‪ -‬وضع الصناعات العربية واستيعابها‬ ‫لإلبداع‬

‫المؤسسية الجديدة لبناء القدرات العلمية العربية‬ ‫البنى‬ ‫ّ‬ ‫ ‬ ‫التميز”‬ ‫“حدائق التقنية ومراكز‬ ‫ّ‬

‫‪74‬‬

‫ ‬ ‫الّلغة العربية والفجوة التقنية‬

‫‪121‬‬

‫مؤسسات العلم والتقنية ‪ -‬حدائق العلم والتقنية ‪ -‬مراكز التميّز ‪ -‬أطر‬ ‫سبل مبتكرة حلل معضالت التنمية ‪ -‬أمناط جديدة من ّ‬ ‫املؤسسية اجلديدة ‪ -‬حنو سياسة لدعم مراكز التميز العلمي‬ ‫املؤسسية اجلديدة ‪ -‬منهجيات استحداث البنى ّ‬ ‫إلنشاء البنى ّ‬

‫جتسري الفجوة بني "العربية" واحلاسوب ‪ -‬تقنية املعلومات واالتصاالت يف الدول العربية ‪ -‬احملتوى الرقمي العربي ‪ -‬الّلغة العربية‬ ‫والتقنية ‪ -‬أدوات احملتوى الرقمي العربي ‪ -‬الربجميات مفتوحة املصدر ‪ - Open source software‬أنشطة حبثية حول تطبيقات‬ ‫تقنية املعلومات واالتصاالت بالّلغة العربية ‪ -‬تقنية املعلومات يف خدمة اللغة العربية‪ :‬أوجه التطوير‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 688‬للتنمية الثقافية‬

‫ ‬ ‫آليات جديدة لدعم البحوث العربية‬

‫‪146‬‬

‫ ‬ ‫من هجرة األدمغة إلى بناء مجتمعات الشتات المعرفية‬

‫‪161‬‬

‫ترابط البحث العلمي يف اإلطار العربي والدولي ‪ -‬الرتابط البيين اإلقليمي والعاملي‪ ..‬خلفية نظرية ‪ -‬التشبيك البحثي واالبتكاري ‪-‬‬ ‫اآلثار املباشرة لتشبيك البحث العلمي واالبتكار ‪ -‬واقع الدول العربية جلهة الرتابط والتشبيك‬ ‫ناقوس خطر مازال يدق‪ -‬هجرة األدمغة‪ :‬نزف يف زمن العوملة ‪ -‬من خيار استعادة األدمغة إىل خيار جمتمعات الشتات ‪ -‬جتارب‬ ‫عاملية ‪ -‬جمتمع الشتات أو التشتت املعريف العربي ‪ -‬توجهات ملزمة ‪ -‬االستفادة من علماء املهجر‪ ..‬كيف السبيل؟‬ ‫المعلوماتية‬ ‫ ‬ ‫مواز‬ ‫الفضاء اإللكتروني‪ :‬عالم ثقافي ٍ‬

‫‪178‬‬

‫ ‬ ‫العربية من منظور ثقافي‬ ‫واقع البنية المعلوماتية‬ ‫ّ‬

‫‪180‬‬

‫ ‬ ‫مفهوم التواصل الرقمي‬

‫‪187‬‬

‫ ‬ ‫رقمية يبحث عنها العرب؟‬ ‫أي ثقافة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪194‬‬

‫مفهوم التواصل الثقايف الرقمي ‪ -‬دور وظيفي أدائي لإلنرتنت ‪ -‬معنى اإلنتاج واالستهالك الرقمي‬

‫حتسن باألداء احلكومي ‪ -‬تراجع باالتّصاالت ‪ -‬اإلبداع‪ 3 :‬خطوات لألمام ‪ 4‬للخلف ‪-‬‬ ‫وحتسن يف البنية التحتيّة ‪ّ -‬‬ ‫تراجع ّ‬ ‫مالمح ثابتة للعام الثاني ‪ -‬مالمح ثابتة للعام الثاني ‪ -‬فرصة لدعم التنمية الثقافيّة ‪ -‬حتدي الفئات احملرومة ‪ -‬أزمة تدني‬ ‫التعليم ‪ -‬قلّة احلاسبات املؤمنة ‪..‬عقبة ‪ -‬فجوة التشريعات الثقافيّة ‪ -‬ثقافة اإلبداع والف ّن القائم على املعرفة‪" :‬اإلبداع من‬ ‫خالل إتاحة املعرفة"‬

‫جذور التواصل الرقمي ‪ -‬أداة جيّدة لتوفري البيانات ‪ -‬مثال للتوضيح ‪ -‬منهجية احلصول على البيانات اخلام ‪ -‬جتهيز البيانات‬ ‫اخلام للتحليل ‪ 11 -‬مساراً للبحث والتحليل ‪ -‬من التواصل البطيء إىل السريع ‪ -‬املاليني يتواصلون رقميّاً والسياسة والثقافة‬ ‫على اخلط ‪ -‬املفهوم واملغزى ‪ -‬التواصل الثقايف الرقمي ‪ -‬منهجية قياس التواصل الثقايف العربي عرب شبكة اإلنرتنت ‪ -‬عيّنة‬ ‫البحث ‪ 337 -‬مفردة حبث ‪ -‬منهجيّة البحث ‪ -‬اختالفات منهجية ‪ -‬يوتيوب وضعية خاصة ‪ -‬معايري مستقلّة للقوائم الربيدية‬ ‫لكل إنتاج ثقايف مستهلكوه ‪ -‬كيف تواصل اجلمهور رقميّاً يف ‪ 20‬فرعاً ثقافياً؟ ‪ -‬السمات العامة الستهالك الثقافة رقميّاً وحدود‬ ‫انتشارها عرب الفروع الثقافيّة‪ -‬استهالك احملتوى الثقايف للقضايا العامة ‪ -‬نتائج وحتليالت لسمات مستهلكي الثقافة العربيّة‬ ‫‪ -‬الرقميّة وأدائهم ‪ -‬نقاط الق ّوة ‪ -‬نقاط الضعف‬


‫‪689‬‬

‫ ‬ ‫أي محتوى رقمي ينتجه العرب؟‬ ‫ّ‬

‫‪276‬‬

‫ ‬ ‫رقمي ًا واستهالكها‬ ‫العربية‬ ‫التحديات والفرص في إنتاج الثقافة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المنتجون ‪ -‬المستهلكون ‪ -‬خالصات مشتركة‬

‫‪294‬‬

‫منتج الثقافة ومستهلكها عرب املواقع وجهاً لوجه ‪ -‬إنتاج الثقافة عرب املنتديات واستهالكها ‪ -‬إنتاج الثقافة عرب املد ّونات‬ ‫واستهالكها ‪ -‬مسات مستهلكي الثقافة عرب املد ّونات اجلمهور ‪ -‬إنتاج الثقافة عرب الفيس بوك واستهالكها ‪ -‬إنتاج واستهالك‬ ‫الثقافة العربيّة الفيديويّة عرب يوتيوب ‪ -‬إنتاج واستهالك الثقافة عرب القوائم الربيدية ‪ -‬اختيار العيّنة ‪ -‬املسؤوليّة األكرب‬ ‫لألفراد ‪ -‬تفاعل املنتجني واملستهلكني بالقوائم الربيدية‬

‫حركة التأليف والنشر‬ ‫القراء ‬ ‫العوامل المؤثّ رة في ّ‬ ‫توجهات ّ‬

‫‪306‬‬

‫ ‬ ‫جوانب من حركة النشر العربية‬

‫‪323‬‬

‫ ‬ ‫ماذا قرأ العرب في العام ‪2009‬؟‬

‫‪333‬‬

‫ ‬ ‫للقراء العرب‬ ‫الموضوعات األكثر جذب ًا‬ ‫ّ‬

‫‪387‬‬

‫توضيحات منهجيّة ‪ -‬منهج البحث ‪ -‬حال القراءة يف الوطن العربي خالل العام ‪ - 2009‬هل القراءة ِمن عادات املواطن العربي؟‬ ‫املفضلة للقراءة ‪ -‬مقروئية الكتب حبسب‬ ‫ من هم الق ّراء؟ ‪ -‬العالقة بني شراء ساتياليت وكمبيوتر وبني شراء الكتب ‪ -‬الكتب ّ‬‫املفضلون ‪ -‬جماالت القراءة ‪ -‬جماالت القراءة حبسب‬ ‫اجلنس‪ -‬العالقة بني الّلغة املفضلة للقراءة ومتغيرّ ات أخرى ‪ -‬الكتّاب ّ‬ ‫االطالع عليه؟ ‪ -‬اقتناء الكتاب أو ّ‬ ‫املستوى التعليمي ومتغريات أخرى ‪ -‬دواعي اإلقبال على الكتب ‪ -‬اقتناء الكتاب أو ّ‬ ‫االطالع عليه‬ ‫حبسب اجلنس ‪ -‬املكان أو الطريقة املفضلة لشراء كتاب ‪ -‬الكتاب الرقمي والكتاب الورقي ‪ -‬استنتاجات عامة‬ ‫ختصص دور النشر ‪ -‬الكتب األكثر رواجاً ‪ -‬النشر وحركة الرتمجة ‪ -‬الكتاب‬ ‫ماذا نشر العرب؟ ‪ -‬خصائص العيّنة ‪ -‬جماالت ّ‬ ‫الرقمي والكتاب الورقي ‪ -‬العالقة بني الناشر واملؤلّف ‪ -‬معارض الكتب ‪ -‬مشكالت تواجه عملية النشر ‪ -‬مالحظات نهائية ‪-‬‬ ‫خالصة‬

‫تساؤالت ‪ -‬عن املنهج ‪ -‬يف تأصيل الفكر ‪ -‬كتب يف قضايا الدين والعقائد والطوائف ‪ -‬كتب يف االقتصاد وهمومه ‪ -‬كتب يف النقد‬ ‫األدبي ‪ -‬كتب مرتمجة ‪ -‬ملحوظــات ختامية‬

‫الفجوة بني ما ينشر وما يقرأ ‪ -‬ماذا يكتب العرب؟ أ ّي موضوعات تستحوذ على النسبة األعلى من اهتمامهم؟ ‪ -‬ما ذكره مدير‬ ‫املكتبة ‪ -‬ال تسجن معرفتك وبادل كتبك ‪ -‬القارئ وكسب معركة الثقة ‪ -‬أمراض القراءة عندنا ‪ -‬ملاذا ال نقرأ؟ ‪ -‬بني الرتويج‬ ‫والتعتيم‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 690‬للتنمية الثقافية‬

‫المشهد اإلبداعي العربي‬ ‫ ‬ ‫األدب‪ :‬تجليات الرواية والشعر‬

‫‪401‬‬

‫هل ما زلنا يف زمن الرواية؟ ‪ -‬اختالط أجيال الروائيني ‪ -‬الرواية وإشكالية اجلوائز ‪ -‬مفاجأة شريين ‪ -‬جائزة جنيب حمفوظ ‪ -‬عودة‬ ‫حييى حقي ‪ -‬الطيب صاحل وأسطورته ‪ -‬حممد زفزاف يف الواجهة ‪ -‬جت ّمع للرواية اخلليجية؟ ‪ -‬استعادة ليلى بعلبكي ‪ -‬املشهد‬ ‫الشعري ‪ -‬حممود درويش ما بعد رحيله ‪ -‬القاهرة بني قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر ‪ -‬بدايات حممد املاغوط ‪ -‬الشاعر اللعيب يفوز‬ ‫جباشزة غونكور ‪ -‬الشعر العربي منفتحاً على العامل ‪ -‬العودة إىل توفيق صايغ ‪ -‬الشعر العربي الكرتونياً ‪ -‬سنة أبو القاسم الشابي‬ ‫ حضور األدب العربي يف العامل ‪ -‬غياب عبدالكبري اخلطييب ‪ -‬أعمال روائية ‪ -‬أدب املهجر اجلديد ‪ -‬ازدهار الرتمجة اإلبداعية‬‫القصة يف‬ ‫ومأزقها ‪ -‬مأزق الرتمجة عن العربية ‪ -‬إشكالية األدب النسوي ‪ -‬املرأة الكاتبة ‪ -‬مفارقات القصة القصرية ‪ -‬ازدهار ّ‬ ‫السودان ‪ -‬حت ّوالت أدب الشباب ‪ -‬األدب السعودي مادة سجالية‬ ‫ ‬ ‫السينما ‪ :‬هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫‪443‬‬

‫األردن‪ :‬غياب الفيلم الروائي الطويل ‪ -‬اإلمارات‪ :‬ثبات املعدل السنوي للفيلم القصري ‪ -‬البحرين‪ :‬صعوبات وحت ّديات ‪ -‬تونس‪ :‬مسار‬ ‫سينمائي واعد ‪ -‬اجلزائر‪ :‬سينما تقود املقاومة ‪ -‬جزر القمر‪ ،‬جيبوتي‪ ،‬الصومال ‪ -‬السعودية‪" :‬حلم الزيتون" أول فيلم سعودي‬ ‫تشكيلي طويل ‪ -‬السودان‪ :‬دور العرض ترتاجع ‪ ..‬والفيلم اهلندي هو السائد ‪ -‬سوريا‪ :‬العام ‪ 2009‬شاهد على تط ّور احلالة السينمائيّة‬ ‫ العراق‪ :‬أفالم "كردية" و "أفالم العودة" ‪ -‬سلطنة ُعمان‪ 25 :‬فيلماً قصرياً‪ - ...‬فلسطني‪ :‬عام سينمائي نشط ‪ -‬قطر‪ :‬تدشني‬‫مهرجان الدوحة – ترايبكا السينمائي الدولي ‪ -‬الكويت‪ 100 .. :‬فيلم قصري ‪ -‬لبنـان‪ :‬انطالقة الفتة منذ العام ‪ - 2001‬ليبيا‪:‬‬ ‫إنتاج سينمائي قليل ‪ -‬مصر‪ :‬فعاليات سينمائية تطبع العام ‪ - 2009‬موريتانيا‪ :‬تط ّور الفيلم القصري ‪ -‬اليمن‪ :‬املشهد السينمائي يراوح‬ ‫مكانه ‪ -‬خالصات ‪ -‬األفالم األمريكية ‪ -‬إنتاج األفالم العربية‬ ‫ ‬ ‫المسرح‪ :‬حركة المسرح العربي‬

‫‪513‬‬

‫األردن‪ :‬االقتباس يطغى على العروض اجلديدة ‪ -‬اإلمارات‪ :‬املهرجانات املسرحية هي األبرز ‪ -‬البحرين‪ :‬اهتمام رمسي باملسرح‬ ‫ تونس‪ :‬عام االحتفاء مبرور قرن على املسرح التونسي ‪ -‬اجلزائر‪ :‬عام املواعيد الثقافية ‪ -‬السعودية‪ :‬مسرح بني الش ّد واجلذب! ‪-‬‬‫السودان‪ :‬مئوية املسرح‪ ..‬القصرية! ‪ -‬سوريا‪ :‬جناح الدراما وتراجع املسرح ‪ -‬سلطنة ُعمان‪ :‬الشباب يتق ّدمون املسرح ‪ -‬فلسطني‪:‬‬ ‫التمويل غربي ‪ ..‬والتميّز للمسرح الشعيب ‪ -‬الكويت‪ :‬مرحلة انتقالية أم تراجع؟ ‪ -‬لبنان‪ :‬البحث عن مواليد املسرح ‪ -‬ليبيا‪ :‬هل من‬ ‫حراك مسرحي؟ ‪ -‬مصر‪ :‬قلّة يف العروض وتراجع يف عدد الصاالت ‪ -‬املغرب‪ :‬مسرحيات كثرية‪ ،‬وتساؤالت أكثر‬


‫‪691‬‬

‫ ‬ ‫الغناء والموسيقى‪ :‬قضية الكلمة في األغنية العربية‬

‫‪607‬‬

‫منهجية اختيار النصوص ‪ -‬معايري أخرى ‪ -‬رؤية عامة إىل الشعر الغنائي الصادر يف العام ‪ - 2009‬فـي األحوال الراهنة لغنائنا‬ ‫ تو ّقف تد ّفق نهر املوسيقى الكالسيكية والغناء الكالسيكي لدى املستمعني واملبدعني على ح ّد سواء ‪ -‬انقطاع تواصل األجيال بني‬‫املبدعني ‪ -‬االنقطاع عن ينابيع الرتاث التقليدي التارخيي ‪ -‬تسليع الثقافة املوسيقية والغنائية ‪ -‬تراجع الف ّن الكالسيكي التوحيدي‬ ‫أمام الف ّن االستهالكي التجزيئي ‪ -‬ظاهرة "الفصحى اجلديدة" ‪ -‬الغناء الديين ‪ -‬تراجع األغنية الوطنية ‪ -‬الغناء اجلديد إىل أين؟‬ ‫الحصاد الثقافي والفكري في الوطن العربي‬ ‫ ‬ ‫أي مفهوم للحصاد الثقافي والفكري؟‬ ‫ّ‬

‫‪627‬‬

‫القضايا ذاتها تتكرر ‪ -‬عاصمتان ثقافيتان ‪ -‬القدس عاصمة ثقافية للعامل العربي ‪ - 2009‬بريوت عاصمة عاملية للكتاب ‪ -‬صناعة‬ ‫الكتاب يف العامل العربي ‪ -‬املواطنة وسؤال اهلوية ‪ -‬حوار احلضارات أم صدامها؟ ‪ -‬العوملة جمدداً ‪ -‬جتديد الفكر اإلسالمي املعاصر‬ ‫‪ -‬الدميقراطية ‪ -‬اإلعالم العربي يف عصر تكنولوجيا املعلومات ‪ -‬الّلغة العربية ‪ -‬الفرنكوفونية ‪ -‬الرتمجة ‪ -‬حال الثقافة العربية‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 692‬للتنمية الثقافية‬

‫فهرس اجلداول والرسومات‬

‫البحث العلمي‬

‫جدول رقم‬ ‫جدول رقم ‪2‬‬ ‫جدول رقم ‪3‬‬ ‫جدول رقم ‪4‬‬ ‫جدول رقم ‪5‬‬ ‫جدول رقم ‪6‬‬ ‫جدول رقم ‪7‬‬ ‫جدول رقم ‪8‬‬ ‫جدول رقم ‪9‬‬ ‫جدول رقم ‪10‬‬ ‫‪1‬‬

‫جدول رقم‬

‫‪11‬‬

‫جدول رقم‬ ‫جدول رقم ‪13‬‬ ‫جدول رقم ‪14‬‬ ‫جدول رقم ‪15‬‬ ‫جدول رقم ‪16‬‬ ‫جدول رقم ‪17‬‬ ‫‪12‬‬

‫جدول رقم‬

‫‪18‬‬

‫جدول رقم‬

‫‪19‬‬

‫مؤشر متيز وكفاءة مراكز البحوث والتطوير العربية‬ ‫أولويات العلوم والتكنولوجيا يف بعض الدول العربية‬ ‫عدد الباحثني لك ّل مليون نسمة‬ ‫مردود االستثمار بيورو واحد يف البحث والتطوير‬ ‫إمجالي البحوث املنشورة يف الدول العربية‬ ‫اجملالت العربية مرتبة وفقاً للتقسيم اخلاص بسكوبوس (‪ )SCOPUS‬لعام ‪2010‬‬ ‫براءات االخرتاع املسجلة واملعتمدة يف بعض الدول العربية للمقيمني وغري املقيمني‪.‬‬ ‫براءات االخرتاع املسجلة يف مكاتب االتحّ اد األوروبي والواليات املتّحدة األمريكية واليابان‬ ‫جدوى براءات االخرتاع يف بعض الدول العربية‬ ‫تط ّور ّ‬ ‫مؤشرات اإلبداع‬ ‫ترتيب اجلامعات ومراكز األحباث العربية بناء على األحباث املنشورة يف الدوريات املوثّقة عاملياً‬ ‫(يف جمموعة سكوبوس‪ -‬السفري) خالل الفرتة ‪2008 - 1996‬‬ ‫عدد الدوريات العلمية الصادرة يف الدول العربية واملفهرسة يف قواعد املعلومات العاملية‬ ‫نسبة الصادرات الصناعية والصادرات عالية التكنولوجيا‬ ‫النسبة املئوية ملساهمة الصناعات التحويلية يف الناتج احمللي اإلمجالي‬ ‫إنتاجية العمالة العربية يف الصناعات التحويلية‬ ‫مؤشر التنافسية املسؤولة يف الدول العربية ‪2009‬‬ ‫أحباث مركز متيز العلوم املتقدمة يف مصر‬ ‫جمموع األوراق املنشورة يف الدوريات الدولية والرباءات املمنوحة واجلوائز العلمية اليت منحت ملركز‬ ‫متيز العلوم املتقدمة‬ ‫مراكز التميّز البحثي اليت أنشئت بدعم من وزارة التعليم العالي يف السعودية خالل العامني‬ ‫‪ 2007‬و‪2008‬‬

‫‪27‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪53‬‬ ‫‪65‬‬ ‫‪65‬‬ ‫‪66‬‬ ‫‪67‬‬ ‫‪110‬‬ ‫‪110‬‬ ‫‪113‬‬


‫‪693‬‬

‫جدول رقم‬ ‫جدول رقم ‪21‬‬ ‫جدول رقم ‪22‬‬ ‫جدول رقم ‪23‬‬ ‫جدول رقم ‪24‬‬ ‫جدول رقم ‪25‬‬ ‫الشكل رقم ‪1‬‬ ‫الشكل رقم ‪2‬‬ ‫الشكل رقم ‪3‬‬ ‫‪20‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪4‬‬

‫الشكل رقم‬ ‫الشكل رقم ‪6‬‬ ‫‪5‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪7‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪8‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪9‬‬

‫تعداد السكان واستخدام اإلنرتنت يف بعض البلدان العربية‬ ‫الّلغات العشر األوىل برتتيب تعداد مستخدميها على شبكة اإلنرتنت‬ ‫نتائج اختبار الرتمجة اآللية أجراه املعهد الوطين للمعايري والتقنية‬ ‫املشاركة العربية يف برنامج اإلطار السادس األوروبي‬ ‫تو ّزع شبكات جمتمع الشتات املعريف على مناطق العامل‬ ‫الربامج اليت أطلقتها الصني ضمن إطار خيار استعادة األدمغة‬ ‫ترتيب الدول العربية وفقاً ملؤشر (‪)H. Index‬‬ ‫تغيرّ ّ‬ ‫مؤشر اإلبداع بالنسبة إىل حصة دخل الفرد من الدخل القومي‬ ‫رؤية إلدارة مراكز البحوث العلمية‬ ‫مع ّدل اإلنتاج البحثي السنوي املنشور يف الدوريات املفهرسة عاملياً لك ّل ‪ 100‬من أعضاء هيئات‬ ‫التدريس يف اجلامعات العربية خالل العقد الواقع ما بني ‪ 1999‬و ‪2008‬‬ ‫‪ %‬القيمة املضافة للصناعات التحويلية يف الناتج القومي احمللي‪2008 ،‬‬ ‫مؤشر اقتصاد املعرفة (مقارنة أحدث املعطيات مع العام ‪)2005‬‬ ‫ّ‬ ‫خمصصات برنامج تطوير قدرات البحث العلمي والتطوير التقين ضمن اخلطة الوطنية‬ ‫املخطط‪ّ :‬‬ ‫األوىل للعلوم والتقنية واالبتكار يف السعودية‬ ‫مستخدمو اإلنرتنت لكل ألف من سكان دول العامل والدول العربية مقابل حصة الفرد من الناتج‬ ‫احمللي اإلمجالي‬ ‫تو ّزع الشبكات وفق بلدانها األم يف آسيا‬ ‫‪18‬‬

‫‪122‬‬ ‫‪124‬‬ ‫‪137‬‬ ‫‪156‬‬ ‫‪166‬‬ ‫‪168‬‬ ‫‪34‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪42‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪66‬‬ ‫‪67‬‬ ‫‪111‬‬ ‫‪124‬‬ ‫‪166‬‬

‫المعلوماتية‬

‫جدول رقم‬ ‫جدول رقم ‪2‬‬ ‫‪1‬‬

‫جدول رقم‬

‫‪3‬‬

‫جدول رقم‬

‫‪4‬‬

‫جدول رقم‬ ‫جدول رقم ‪6‬‬ ‫جدول رقم ‪7‬‬ ‫‪5‬‬

‫و‬

‫متوسط درجات الدول العربية املتاح عنها بيانات يف مؤشرات البنية املعلوماتية لعامي‬ ‫إمجالي عيّنة مفردات البحث موزعة على قنوات التواصل وعلى الفروع الثقافيّة املختلفة‬ ‫الكلمات املفتاحية املستخدمة يف تتبّع ما سعى اجلمهور للتواصل معه واستهالكه من ثقافة رقميّة خالل‬ ‫‪2009 2008‬‬

‫‪181‬‬ ‫‪190‬‬ ‫‪195‬‬

‫‪2009‬‬

‫مصفوفة حتليل سلوك املستهلكني وتضم ‪ 20‬فرعاً ثقافياً و‪ 11‬مساراً حتليلياً مجيعها مستقاة من عمليات‬ ‫االستهالك املنفذة من قبل اجلمهور‬ ‫أعلى ‪ 10‬مطربني ومطربات مطلوبني لالستهالك طبقاً لعمليات البحث خالل ‪2009‬‬ ‫ترتيب ألكرب ‪ 10‬أنواع من الكتب طلباً لالستهالك الرقمي خالل ‪ 2009‬طبقاً لعمليات البحث عنها‬ ‫ملتوسط عمليات البحث يف ‪2009‬‬ ‫ترتيب أكرب ‪ 10‬شعراء وشاعرات طلباً لالستهالك طبقاً ّ‬

‫‪198‬‬ ‫‪203‬‬ ‫‪206‬‬ ‫‪208‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 694‬للتنمية الثقافية‬

‫جدول رقم ‪ 8‬أ‬ ‫جدول رقم ‪ 8‬ب‬ ‫جدول رقم‬ ‫جدول رقم ‪10‬‬ ‫جدول رقم ‪11‬‬ ‫جدول رقم ‪12‬‬ ‫جدول رقم ‪13‬‬ ‫جدول رقم ‪14‬‬ ‫جدول رقم ‪15‬‬ ‫جدول رقم ‪16‬‬ ‫جدول رقم ‪17‬‬ ‫جدول رقم ‪18‬‬ ‫جدول رقم ‪19‬‬ ‫جدول رقم ‪20‬‬ ‫جدول رقم ‪21‬‬ ‫جدول رقم ‪22‬‬ ‫جدول رقم ‪23‬‬ ‫جدول رقم ‪24‬‬ ‫جدول رقم ‪25‬‬ ‫جدول رقم ‪26‬‬ ‫جدول رقم ‪27‬‬ ‫جدول رقم ‪28‬‬ ‫جدول رقم ‪29‬‬ ‫جدول رقم ‪30‬‬ ‫جدول رقم ‪31‬‬ ‫جدول رقم ‪ 32‬أ‬ ‫جدول رقم ‪ 32‬ب‬ ‫‪9‬‬

‫ترتيب أكرب ‪ 10‬مؤلفي كتب طبقاً لعدد مرات السؤال عنهم‬ ‫عرض ألوضاع جمموعة من الصحف العربية على اإلنرتنت‪ ،‬والرتتيب طبقاً إلمجالي عدد الزيارات ملوقع‬ ‫ك ّل صحيف ة‬ ‫ملتوسط عمليات البحث يف ‪2009‬‬ ‫"ترتيب أكرب ‪ 10‬مسرحيات طلباً لالستهالك طبقاً ّ‬ ‫ملتوسط عمليات البحث‬ ‫أكرب ‪ّ 10‬‬ ‫ختصصات يف املكتبات مطلوبة لالستهالك طبقاً ّ‬ ‫ملتوسط عمليات البحث‬ ‫أكرب ‪ 10‬مكتبات مطلوبة لالستهالك طبقاً ّ‬ ‫ملتوسط عمليات البحث‬ ‫أكرب ‪ 10‬فروع فنية مطلوبة لالستهالك طبقاً ّ‬ ‫ملتوسط عدد عمليات البحث‬ ‫أكرب ‪ 10‬ممثلني وممثالت ُطلبوا لالستهالك طبقاً ّ‬ ‫ملتوسط عمليات البحث عنها‬ ‫أكرب ‪ 10‬فروع ثقافيّة مطلوبة لالستهالك طبقاً ّ‬ ‫ملتوسط عمليات البحث‬ ‫أكرب ‪ 10‬قضايا فكرية مطلوبة لالستهالك طبقاً ّ‬ ‫أكرب ‪ 10‬دول طلباً الستهالك الرتاث طبقاً لعمليات البحث‬ ‫ملتوسط عمليات البحث‬ ‫أكرب ‪ 10‬دور نشر مطلوبة لالستهالك طبقاً ّ‬ ‫ملتوسط عمليات البحث‬ ‫أكرب ‪ 10‬معارض للكتب مطلوبة لالستهالك رقميّاً طبقاً ّ‬ ‫أكرب ‪ 10‬كلمات حبث عامة استخدمت استهالك الثقافة رقميّاً خالل العام ‪2009‬‬ ‫أكرب عشر كلمات حبث استهدفت موارد معرفية وثقافيّة تقود ملنتجات قابلة لالستهالك‬ ‫ملتوسط عمليات البحث‬ ‫أكرب ‪ 10‬جماالت ثقافيّة أكثر ختصصاً مطلوبة لالستهالك طبقاً ّ‬ ‫أكرب ‪ 10‬مبدعني ومنتجني عرب طبقاً ملعدالت الطلب عليهم خالل ‪2009‬‬ ‫أكرب ‪ 10‬ثقافات وطنية مطلوبة لالستهالك طبقاً لعمليات البحث يف ‪2009‬‬ ‫أكرب ‪ 10‬أعمال إبداعية ثقافيّة عربية مطلوبة لالستهالك طبقاً ملعدالت البحث يف ‪2009‬‬ ‫أكرب ‪ 10‬قضايا ثقافيّة طلبها اجلمهور العربي طبقاً ملعدالت البحث يف ‪2009‬‬ ‫أكرب ‪ 10‬منشآت ثقافيّة عربية مطلوبة لالستهالك والتواصل طبقاً ملعدالت البحث عام ‪2009‬‬ ‫أكرب ‪ 10‬فرتات زمنية ثقافيّة مطلوبة لالستهالك طبقاً لعمليات البحث يف ‪2009‬‬ ‫مؤسسات ثقافيّة عربية رمسيّة مطلوبة لالستهالك والتواصل طبقاً ملعدالت البحث يف ‪2009‬‬ ‫أكرب ‪ّ 10‬‬ ‫أكرب ‪ 10‬فعاليات ثقافيّة مطلوبة لالستهالك طبقاً ملعدالت البحث يف ‪2009‬‬ ‫مسات منتجي الثقافة عرب املواقع "األرقام بالنسب املئوية"‬ ‫مسات مستهلكي الثقافة عرب املواقع " األرقام بالنسب املئوية"‬ ‫مسات منتج الثقافة عرب املنتديات الثقافيّة "األرقام بالنسبة املئوية"‬ ‫مسات مجهور املنتديات الثقافيّة‬

‫‪212‬‬ ‫‪215‬‬ ‫‪217‬‬ ‫‪219‬‬ ‫‪220‬‬ ‫‪221‬‬ ‫‪223‬‬ ‫‪225‬‬ ‫‪229‬‬ ‫‪231‬‬ ‫‪232‬‬ ‫‪237‬‬ ‫‪241‬‬ ‫‪241‬‬ ‫‪242‬‬ ‫‪244‬‬ ‫‪245‬‬ ‫‪246‬‬ ‫‪247‬‬ ‫‪249‬‬ ‫‪250‬‬ ‫‪251‬‬ ‫‪252‬‬ ‫‪276‬‬ ‫‪276‬‬ ‫‪278‬‬ ‫‪279‬‬


‫‪695‬‬

‫جدول رقم‬

‫‪33‬‬

‫جدول رقم‬ ‫جدول رقم ‪35‬‬ ‫جدول رقم ‪36‬‬ ‫جدول رقم ‪37‬‬ ‫‪34‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪1‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪2‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪3‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪4‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪5‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪6‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪7‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪8‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪9‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪10‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪11‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪12‬‬

‫مسات منتج الثقافة يف تقدميه للمحتوى عرب املدّونات "األرقام بالنسبة املئوية من إمجالي عيّنة البحث‬ ‫وهي ‪ 50‬مدونة"‬ ‫مسات مستهلكي الثقافة عرب املدّونات "األرقام بالنسبة املئوية من إمجالي العيّنة "‬ ‫مسات منتج الثقافة يف تقدميه للمحتوى عربالفيس بوك "األرقام بالنسبة املئوية من إمجالي عيّنة البحث"‬ ‫مسات مستهلكي الثقافة عربالفيس بوك "األرقام بالنسبة املئوية من إمجالي العيّنة "‬ ‫حالة التواصل والتفاعلية بني املنتجني واملستهلكني داخل القوائم الربيدية‬ ‫معدل الطلب على االستهالك والتواصل رقمياً مع املنتج الثقايف يف اجملاالت والفروع الثقافية املختلفة طبقاً‬ ‫ملتوسط عمليات البحث بالعدد والنسبة املئوية خالل ‪.2009‬‬ ‫املتوسط الشهري لعدد عمليات البحث عن "السينما" خالل العام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على التقسيمات‬ ‫املوضوعية الفرعية‪.‬‬ ‫املتوسط الشهري لعدد عمليات البحث عن "الغناء" خالل العام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على التقسيمات املوضوعية‬ ‫الفرعية‪.‬‬ ‫املتوسط الشهري لعدد عمليات البحث عن "الكتب والكتاب" خالل العام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على التقسيمات‬ ‫املوضوعية الفرعية‪.‬‬ ‫املتوسط الشهري لعدد عمليات البحث عن "الشعر" خالل العام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على التقسيمات‬ ‫املوضوعية الفرعية‪.‬‬ ‫املتوسط الشهري لعدد عمليات البحث عن "املوسيقى" خالل العام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على التقسيمات‬ ‫املوضوعية الفرعية‪.‬‬ ‫املتوسط الشهري لعدد عمليات البحث عن "األدب" خالل العام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على التقسيمات املوضوعية‬ ‫الفرعية‪.‬‬ ‫املتوسط الشهري لعدد عمليات البحث عن "الصحافة" خالل العام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على التقسيمات‬ ‫املوضوعية الفرعية‪.‬‬ ‫املتوسط الشهري لعدد عمليات البحث عن "املسرح" خالل العام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على التقسيمات‬ ‫املوضوعية الفرعية‪.‬‬ ‫املتوسط الشهري لعدد عمليات البحث عن "املكتبات" خالل العام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على التقسيمات‬ ‫املوضوعية الفرعية‪.‬‬ ‫املتوسط الشهري لعدد عمليات البحث عن "الفنون" خالل العام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على التقسيمات‬ ‫املوضوعية الفرعية‪.‬‬ ‫املتوسط الشهري لعدد عمليات البحث عن "التمثيل" خالل العام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على التقسيمات‬ ‫املوضوعية الفرعية‪.‬‬

‫‪282‬‬ ‫‪282‬‬ ‫‪284‬‬ ‫‪284‬‬ ‫‪293‬‬ ‫‪199‬‬ ‫‪200‬‬ ‫‪202‬‬ ‫‪204‬‬ ‫‪208‬‬ ‫‪210‬‬ ‫‪211‬‬ ‫‪213‬‬ ‫‪217‬‬ ‫‪219‬‬ ‫‪221‬‬ ‫‪222‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫الشكل رقم‬

‫‪13‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪14‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪15‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪16‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪17‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪18‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪19‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪20‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪21‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪22‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪23‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪24‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪25‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪26‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪27‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪28‬‬

‫املتوسط الشهري لعدد عمليات البحث عن "الثقافة" خالل العام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على التقسيمات‬ ‫املوضوعية الفرعية‪.‬‬ ‫املتوسط الشهري لعدد عمليات البحث عن "آثار" خالل العام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على التقسيمات املوضوعية‬ ‫الفرعية‪.‬‬ ‫املتوسط الشهري لعدد عمليات البحث عن "فكر" خالل العام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على التقسيمات املوضوعية‬ ‫الفرعية‪.‬‬ ‫املتوسط الشهري لعدد عمليات البحث عن "تراث" خالل العام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على التقسيمات املوضوعية‬ ‫الفرعية‪.‬‬ ‫املتوسط الشهري لعدد عمليات البحث عن "نشر" خالل العام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على التقسيمات املوضوعية‬ ‫الفرعية‪.‬‬ ‫املتوسط الشهري لعدد عمليات البحث عن "الفن التشكيلي" خالل العام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على التقسيمات‬ ‫املوضوعية الفرعية‪.‬‬ ‫املتوسط الشهري لعدد عمليات البحث عن "منتديات ثقافية" خالل العام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على التقسيمات‬ ‫املوضوعية الفرعية‪.‬‬ ‫املتوسط الشهري لعدد عمليات البحث عن "معارض الكتب" خالل العام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على التقسيمات‬ ‫املوضوعية الفرعية‪.‬‬ ‫املتوسط الشهري لعدد عمليات البحث عن "مؤسسات ثقافية" خالل العام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على التقسيمات‬ ‫املوضوعية الفرعية‪.‬‬ ‫السمات العامة للطلب على استهالك والتواصل رقمياً مع الثقافة وتوزيعها على فروع الثقافية املختلفة‬ ‫بالنسبة املئوية من امجالي عمليات البحث خالل ‪2009‬‬ ‫معدل الطلب على التواصل رقمياً مع الثقافة باستخدام كلمات البحث العامة طبقاً ملتوسط عمليات البحث‬ ‫عنها خالل ‪2009‬‬ ‫معدل الطلب على التواصل رقمياً مع موارد املعرفة واملعلومات الثقافية على الشبكة وذلك يف اجملاالت‬ ‫املختلفة طبقاً ملتوسط عمليات البحث عنها خالل ‪2009‬‬ ‫معدل الطلب على التواصل رقمياً مع الفروع الثقافية يف اجملاالت الثقافية املختلفة طبقاً ملتوسط عمليات‬ ‫البحث عنها خالل ‪2009‬‬ ‫معدل الطلب على التواصل رقمياً مع املبدعني العرب يف اجملاالت الثقافية املختلفة طبقاً ملتوسط عمليات‬ ‫البحث عنها خالل ‪2009‬‬ ‫معدل الطلب على التواصل رقمياً مع الثقافة الوطنية واحمللية يف اجملاالت املختلفة طبقاً ملتوسط عمليات‬ ‫البحث عنها خالل ‪2009‬‬ ‫معدل الطلب على التواصل رقمياً مع األعمال اإلبداعية الثقافية العربية يف اجملاالت الثقافية املختلفة طبقاً‬ ‫ملتوسط عمليات البحث عنها خالل ‪2009‬‬

‫‪224‬‬ ‫‪226‬‬ ‫‪228‬‬ ‫‪230‬‬ ‫‪232‬‬ ‫‪234‬‬ ‫‪235‬‬ ‫‪236‬‬ ‫‪238‬‬ ‫‪238‬‬ ‫‪240‬‬ ‫‪240‬‬ ‫‪242‬‬ ‫‪243‬‬ ‫‪244‬‬ ‫‪246‬‬


‫الشكل رقم‬

‫‪29‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪30‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪31‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪32‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪33‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪34‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪35‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪36‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪37‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪38‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪39‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪40‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪41‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪42‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪43‬‬

‫الشكل رقم‬ ‫الشكل رقم ‪45‬‬ ‫‪44‬‬

‫معدل الطلب على التواصل رقمياً مع القضايا الثقافية يف اجملاالت الثقافية املختلفة طبقاً ملتوسط عمليات‬ ‫البحث عنها خالل ‪2009‬‬ ‫معدل الطلب على التواصل رقمياً مع املنشأت الثقافية العربية يف اجملاالت الثقافية املختلفة طبقاً ملتوسط‬ ‫عمليات البحث عنها خالل ‪2009‬‬ ‫معدل الطلب على التواصل رقمياً مع عصور وحقب ثقافية يف اجملاالت الثقافية املختلفة طبقاً ملتوسط‬ ‫عمليات البحث عنها خالل ‪2009‬‬ ‫معدل الطلب على التواصل رقمياً مع املؤسسات الثقافية العربية يف اجملاالت الثقافية املختلفة طبقاً ملتوسط‬ ‫عمليات البحث عنها خالل ‪2009‬‬ ‫معدل الطلب على التواصل رقمياً مع الفعاليات الثقافية يف اجملاالت املختلفة طبقاً ملتوسط عمليات البحث‬ ‫عنها خالل ‪2009‬‬ ‫ترتيب االهتمام بالقضايا العامة من قبل مجهور اإلنرتنت العربي طبقاً لعمليات البحث عنها يف ‪2009‬‬ ‫أوجه التعامل مع قضية فلسطني من قبل مجهور اإلنرتنت طبقاً ملسارات عمليات البحث عن القضية يف‬

‫‪247‬‬ ‫‪249‬‬ ‫‪250‬‬ ‫‪251‬‬ ‫‪252‬‬ ‫‪254‬‬ ‫‪254‬‬

‫‪2009‬‬

‫أوجه التعامل مع قضية االطائفية من قبل مجهور اإلنرتنت العربي طبقاً ملسارات وعدد والنسبة املئوية‬ ‫لعمليات البحث عنها يف ‪2009‬‬ ‫ترتيب االهتمام باملوضوعات والقضايا العربية املشرتكة من قبل مجهور اإلنرتنت العربي طبقاً ملسارات‬ ‫وعدد والنسبة املئوية لعمليات البحث عنها يف ‪2009‬‬ ‫أوجه التعامل مع أمريكا من قبل مجهور اإلنرتنت العربي طبقاً ملسارات وعدد والنسبة املئوية لعمليات‬ ‫البحث عنها يف ‪2009‬‬ ‫أوجه التعامل مع إسرائيل من قبل مجهور اإلنرتنت العربي طبقاً ملسارات وعدد والنسبة املئوية لعمليات‬ ‫البحث عنها يف ‪2009‬‬ ‫أوجه التعامل مع قضية احلرية من قبل مجهور اإلنرتنت العربي طبقاً ملسارات وعدد والنسبة املئوية‬ ‫لعمليات البحث عنها يف ‪2009‬‬ ‫أوجه التعامل مع قضية الدميقراطية من قبل مجهور اإلنرتنت العربي طبقاً ملسارات وعدد والنسبة املئوية‬ ‫لعمليات البحث عنها يف ‪2009‬‬ ‫أوجه التعامل مع قضية حقوق االنسان من قبل مجهور اإلنرتنت العربي طبقاً ملسارات وعدد والنسبة املئوية‬ ‫لعمليات البحث عنها يف ‪2009‬‬ ‫أوجه التعامل مع قضية التنوير من قبل مجهور اإلنرتنت العربي طبقاً ملسارات وعدد والنسبة املئوية‬ ‫لعمليات البحث عنها يف ‪2009‬‬ ‫مجاهريية منتجي الثقافة عرب املواقع طبقاً لرتتيب أليكسا‬ ‫حالة تعددية الوسائط لدى منتجي الثقافة ومستهلكيها عرب املواقع الثقافية‬

‫‪256‬‬ ‫‪258‬‬ ‫‪259‬‬ ‫‪259‬‬ ‫‪261‬‬ ‫‪263‬‬ ‫‪263‬‬ ‫‪265‬‬ ‫‪277‬‬ ‫‪277‬‬


‫الشكل رقم‬ ‫الشكل رقم ‪47‬‬ ‫الشكل رقم ‪48‬‬ ‫الشكل رقم ‪49‬‬ ‫الشكل رقم ‪50‬‬ ‫الشكل رقم ‪51‬‬ ‫الشكل رقم ‪52‬‬ ‫الشكل رقم ‪53‬‬ ‫الشكل رقم ‪54‬‬ ‫الشكل رقم ‪55‬‬ ‫الشكل رقم ‪56‬‬ ‫‪46‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪57‬‬

‫الشكل رقم‬ ‫الشكل رقم ‪59‬‬ ‫الشكل رقم ‪60‬‬ ‫الشكل رقم ‪61‬‬ ‫الشكل رقم ‪62‬‬ ‫الشكل رقم ‪63‬‬ ‫الشكل رقم ‪64‬‬ ‫‪58‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪65‬‬

‫الشكل رقم‬

‫‪66‬‬

‫الشكل رقم‬ ‫الشكل رقم ‪68‬‬ ‫الشكل رقم ‪69‬‬ ‫الشكل رقم ‪70‬‬ ‫الشكل رقم ‪71‬‬ ‫‪67‬‬

‫منط حتديث احملتوى لدى منتجي الثقافة ومستهلكيها عرب املواقع الثقافية‬ ‫مستوى التفاعلية لدى منتجي الثقافة ومستهلكيها عرب املواقع الثقافية‬ ‫مجاهريية املنتديات الثقافية العربية طبقاً لرتتيب أليكسا (األرقام بالنسبة املئوية)‬ ‫أعضاء املنتديات الثقافية يف ك ّل فرع ثقايف "األرقام بالنسبة املئوية من العدد األمجالي "‬ ‫متوسط إنتاجية أعضاء املنتديات الثقافية من الثقافة (تعليقات وموضوعات)‬ ‫حالة تعددية الوسائط يف ما يقدمه ك ّل من منتج الثقافة ومستهلكها عرب املنتديات الثقافية‬ ‫منط حتديث احملتوى لدى ك ّل من منتج الثقافة ومستهلكها عرب املنتديات‬ ‫منط تفاعلية منتج الثقافة مقارنة مبستهلكها عرب املنتديات الثقافية‬ ‫إنتاج احملتوى الثقافى مقابل استهالكه عرب املدونات‬ ‫حجم استهالك الثقافة عرب املدونات منسوباً إىل حجم انتاجها‬ ‫إنتاج الثقافة مقابل استهالكها رقمياً عرب الفيس بوك " إمجاليات أعداد املوضوعات واملشاركات "‬ ‫إنتاج الثقافة مقابل استهالكها عرب الفروع الثقافية املختلفة يف الفيس بوك " امجالي الصفحات‬ ‫واجملموعات"‬ ‫إنتاج الثقافة مقابل استهالكها رقمياً يف جمموعات الفيس بوك‬ ‫إنتاج الثقافة مقابل استهالكها يف صفحات الفيس بوك‬ ‫توزيع املشرتكني يف قنوات الفيديو على الفروع الثقافية بالنسبة املئوية من إمجالي املشرتكني بالعينة‬ ‫توزيع أفالم الفيديو الثقافية على الفروع املختلفة بالنسبة املئوية من العدد االمجالي‬ ‫متوسط إنتاجية املشرتك يف قنوات الفيديو الثقافية من التعليقات واملشاركات بالنسبة لك ّل مقطع فيديو‬ ‫نصيب ك ّل مقطع فيديو من تعليقات اجلمهور طبقاً للفروع الثقافية املختلفة‬ ‫معدل حتديث حمتوى قنوات الفيديو الثقافية العربية على يوتيوب حمسوباً باليوم يف املتوسط‬ ‫املواد الثقافية على قنوات يوتيوب الثقافية العربية يف مقابل االستهالك على مستوى مقاطع الفيديو‬ ‫والقنوات كك ّل‬ ‫متوسط استهالك مقاطع الفيديو يف مقابل متوسط استهالك قنوات يوتيوب الثقافية العربية عرب الفروع‬ ‫الثقافية‬ ‫اإلنتاج مقابل االستهالك ملقاطع الفيديو الثقافية العربية على يوتيوب‬ ‫اإلنتاج مقابل االستهالك يف قنوات يوتيوب الثقافية العربية‬ ‫متوسط نصيب ك ّل مقطع فيديو من التعليقات‬ ‫اجلهات املسؤولة عن القوائم الربيدية‬ ‫تط ّور أعداد القوائم الربيدية الثقافية العربية خالل الفرتة من ‪ 2005‬إىل مارس ‪2010‬‬

‫‪277‬‬ ‫‪278‬‬ ‫‪280‬‬ ‫‪280‬‬ ‫‪280‬‬ ‫‪281‬‬ ‫‪281‬‬ ‫‪281‬‬ ‫‪283‬‬ ‫‪283‬‬ ‫‪285‬‬ ‫‪285‬‬ ‫‪285‬‬ ‫‪286‬‬ ‫‪287‬‬ ‫‪287‬‬ ‫‪287‬‬ ‫‪288‬‬ ‫‪288‬‬ ‫‪288‬‬ ‫‪289‬‬ ‫‪289‬‬ ‫‪289‬‬ ‫‪290‬‬ ‫‪290‬‬ ‫‪290‬‬


‫الشكل رقم‬ ‫الشكل رقم ‪73‬‬ ‫الشكل رقم ‪74‬‬ ‫الشكل رقم ‪75‬‬ ‫الشكل رقم ‪76‬‬ ‫الشكل رقم ‪77‬‬ ‫الشكل رقم ‪78‬‬ ‫‪72‬‬

‫عدد أعضاء اجملموعات الربيدية يف ك ّل فرع ثقايف‬ ‫تط ّور أعداد الرسائل املنتجة واملستهلكة عرب القوائم الربيدية من ‪ 2005‬إىل مارس ‪2010‬‬ ‫تط ّور عدد الرسائل املنتجة واملستهلكة عرب القوائم الربيدية األدبية العربية‬ ‫تط ّور عدد الرسائل املنتجة واملسهلكة عرب القوائم الربيدية للشعر والشعراء العرب‬ ‫نصيب ك ّل فرع ثقايف من الرسائل املنتجة واملستهلكة يف اجملموعات الربيدية‬ ‫نصيب ك ّل فرع ثقايف من الرسائل املنتجة واملستهلكة يف القوائم الربيدية خالل يناير ـ مارس‪2010‬‬ ‫متوسط نصيب ك ّل عضو يف القوائم الربيدية من الرسائل املنتجة واملستهلكة‬

‫‪291‬‬ ‫‪291‬‬ ‫‪291‬‬ ‫‪292‬‬ ‫‪292‬‬ ‫‪292‬‬ ‫‪293‬‬

‫حركة التأليف والنشر‬

‫جدول رقم‬ ‫جدول رقم ‪2‬‬ ‫جدول رقم ‪3‬‬ ‫جدول رقم ‪1‬‬ ‫جدول رقم ‪2‬‬ ‫جدول رقم ‪3‬‬ ‫جدول رقم ‪3‬‬ ‫جدول رقم ‪4‬‬ ‫جدول رقم ‪5‬‬ ‫جدول رقم ‪6‬‬ ‫جدول رقم ‪7‬‬ ‫جدول رقم ‪8‬‬ ‫جدول رقم ‪9‬‬ ‫الشكل رقم ‪1‬‬ ‫الشكل رقم ‪2‬‬ ‫الشكل رقم ‪3‬‬ ‫الشكل رقم ‪4‬‬ ‫الشكل رقم ‪5‬‬ ‫الشكل رقم ‪6‬‬ ‫‪1‬‬

‫نسب تو ّزع أفراد العيّنة حبسب جماالت القراءة‬ ‫إمجالي عيّنة مفردات البحث موزعة على قنوات التواصل وعلى الفروع الثقافيّة املختلفة‬ ‫املفضلة للقراءة حبسب املهنة( ‪)%‬‬ ‫تو ّزع اجملاالت ّ‬ ‫ختصص دور النشر‬ ‫جماالت ّ‬ ‫نوع الكتب اليت يقبل عليها الق ّراء أكثر( ‪)%‬‬ ‫نوع الكتب اليت يقبل عليها الق ّراء أكثر حبسب املق ّر الرئيسي للدار( ‪)%‬‬ ‫نوعية الكتب األكثر إثارة للمشكالت مع السلطات تبعاً للمق ّر الرئيس لدار النشر( ‪)%‬‬ ‫املشكالت اليت تواجه الدار يف نشر الكتب املرتمجة‬ ‫املشكالت اليت تواجهها دور النشر مع املؤلّف‬ ‫مزايا معارض الكتب يف العامل العربي‬ ‫عيوب معارض الكتب يف العامل العربي‬ ‫عوائق نشر الكتب يف العامل العربي‬ ‫مشكالت تواجه دور النشر‬ ‫تو ّزع أفراد العيّنة حبسب العمر(‪)%‬‬ ‫تو ّزع أفراد العيّنة حبسب املستوى التعليمي (‪)%‬‬ ‫نسبة تو ّزع أفراد العيّنة حبسب متوسط الدخل الشهري‪)%( $‬‬ ‫شراء الكتب حبسب االنتماء العمري( ‪)%‬‬ ‫االعتياد على القراءة حبسب العمر( ‪)%‬‬ ‫شراء الكتب حبسب مستوى الدخل( ‪)%‬‬

‫‪315‬‬ ‫‪316‬‬ ‫‪316‬‬ ‫‪324‬‬ ‫‪325‬‬ ‫‪325‬‬ ‫‪326‬‬ ‫‪327‬‬ ‫‪328‬‬ ‫‪329‬‬ ‫‪329‬‬ ‫‪330‬‬ ‫‪330‬‬ ‫‪309‬‬ ‫‪309‬‬ ‫‪309‬‬ ‫‪311‬‬ ‫‪311‬‬ ‫‪311‬‬


‫الشكل رقم‬ ‫الشكل رقم ‪8‬‬ ‫الشكل رقم ‪9‬‬ ‫الشكل رقم ‪10‬‬ ‫الشكل رقم ‪12‬‬ ‫الشكل رقم ‪6‬‬ ‫الشكل رقم ‪1‬‬ ‫الشكل رقم ‪2‬‬ ‫الشكل رقم ‪3‬‬ ‫الشكل رقم ‪5‬‬ ‫‪7‬‬

‫االعتياد على القراءة حبسب مستوى الدخل( ‪)%‬‬ ‫املفضلة للقراءة حبسب اجلنس‬ ‫الّلغة ّ‬ ‫املفضلة للقراءة حبسب املهنة( ‪)%‬‬ ‫الّلغة ّ‬ ‫املفضلة للقراءة حبسب فئة الدخل( ‪)%‬‬ ‫الّلغة ّ‬ ‫أسباب اإلقبال على شراء الكتب‬ ‫القراءة عرب اإلنرتنت حبسب العمر( ‪)%‬‬ ‫توزيع العيّنة على الدول العربية‬ ‫معدل نشر الكتب خالل العام ‪2009‬‬ ‫املعايري اليت تراعيها الدار عند نشر‬ ‫أهم معارض الكتب‬

‫‪311‬‬ ‫‪313‬‬ ‫‪314‬‬ ‫‪315‬‬ ‫‪317‬‬ ‫‪318‬‬ ‫‪324‬‬ ‫‪324‬‬ ‫‪326‬‬ ‫‪330‬‬

‫المشهد اإلبداعي العربي‬

‫جدول رقم‬ ‫الشكل رقم ‪1‬‬ ‫الشكل رقم ‪2‬‬ ‫الشكل رقم ‪3‬‬ ‫الشكل رقم ‪4‬‬ ‫الشكل رقم ‪5‬‬ ‫الشكل رقم ‪6‬‬ ‫الشكل رقم ‪7‬‬ ‫الشكل رقم ‪8‬‬ ‫الشكل رقم ‪9‬‬ ‫الشكل رقم ‪10‬‬ ‫الشكل رقم ‪11‬‬ ‫الشكل رقم ‪12‬‬ ‫الشكل رقم ‪13‬‬ ‫‪1‬‬

‫دور العرض السينمائي وإيراداتها يف العام (‪)2009‬‬ ‫األفالم املعروضة يف األردن حبسب البلد املنتج (‪)2009‬‬ ‫األفالم املعروضة يف اإلمارات حبسب البلد املنتج (‪)2009‬‬ ‫األفالم املعروضة يف البحرين حبسب البلد املنتج (‪)2009‬‬ ‫األفالم املعروضة يف تونس حبسب البلد املنتج (‪)2009‬‬ ‫األفالم املعروضة يف اجلزائر حبسب البلد املنتج (‪)2009‬‬ ‫األفالم املعروضة يف سوريا حبسب البلد املنتج (‪)2009‬‬ ‫األفالم املعروضة يف ُعمان حبسب البلد املنتج (‪)2009‬‬ ‫األفالم املعروضة يف قطر حبسب البلد املنتج (‪)2009‬‬ ‫األفالم املعروضة يف الكويت حبسب البلد املنتج (‪)2009‬‬ ‫األفالم املعروضة يف لبنان حبسب البلد املنتج (‪)2009‬‬ ‫األفالم املعروضة يف املغرب حبسب البلد املنتج (‪)2009‬‬ ‫األفالم املعروضة يف اليمن حبسب البلد املنتج (‪)2009‬‬ ‫األفالم املعروضة يف سوق السينما العربية حبسب مصادرها (‪)2009‬‬

‫‪510‬‬ ‫‪445‬‬ ‫‪448‬‬ ‫‪451‬‬ ‫‪452‬‬ ‫‪456‬‬ ‫‪466‬‬ ‫‪475‬‬ ‫‪481‬‬ ‫‪483‬‬ ‫‪484‬‬ ‫‪499‬‬ ‫‪503‬‬ ‫‪508‬‬




‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫رئيس ّ‬

‫صاحب الس ّمو امللكي األمري خالد الفيصل بن عبدالعزيز‬

‫أعضاء مجلس األمناء (أبجدي ًا)‬

‫السيدة ألفت مطلق املطلق‬ ‫املهندس بكر حممد بن الدن‬ ‫صاحب الس ّمو امللكي األمري بندر بن خالد الفيصل‬ ‫السيدة بهية احلريري‬ ‫الشيخ مجعة املاجد‬ ‫الشيخ جواد أمحد بو مخسني‬ ‫الشيخ محزة بهي الدين اخلولي‬ ‫صاحب الس ّمو امللكي األمري خالد بن سلطان بن عبد العزيز‬ ‫الشيخ خالد بن علي الرتكي‬ ‫السيدة سعاد احلسيين اجلفالي‬ ‫مسو األمري سعود بن خالد بن عبد اهلل بن عبد الرمحن‬ ‫ّ‬ ‫صاحب الس ّمو امللكي األمري سعود بن عبد الرمحن الفيصل‬ ‫صاحب الس ّمو امللكي األمري سعود بن نايف بن عبد العزيز‬ ‫الشيخ سلمان بن محد آل خليفة‬ ‫الشيخ صاحل عبد اهلل كامـل‬ ‫الشيخ عبد الرمحن حسن شربتلي‬ ‫الشيخ عبد الرمحن بن خالد بن حمفوظ‬ ‫الشيخ عبد العزيز بن سعود البابطني‬ ‫الشيخ عبد العزيز بن سليمان العفالق‬ ‫صاحب الس ّمو امللكي األمري عبد العزيز بن فهد‬ ‫األمانة العامة‪:‬‬

‫الدكتور سليمان عبداملنعم – األمني العام‬ ‫الدكتورة منرية الناهض – األمينة العامة املساعدة‬ ‫األستاذ محد العماري – األمني العام املساعد‬

‫الشيخ عبد العزيز قاسم كانو‬ ‫الشيخ عبد احملسن بن عبد امللك آل الشيخ‬ ‫الشيخ عبد املقصود حممد خوجه‬ ‫الدكتور عصام يوسف جناحي‬ ‫الشيخ علي بن سليمان الشهري‬ ‫األستاذ عمرو حسن عناني‬ ‫األستاذ فؤاد بن حممد بن ثنيان الغامن‬ ‫األمري فهد بن خالد السديري‬ ‫األستاذ فيصل بن عبد الرمحن أبو ناصف‬ ‫صاحب الس ّمو امللكي األمري فيصل بن عبد اجمليد بن عبد‬ ‫العزيز‬ ‫السيدة لبنى العليان‬ ‫الشيخ حممد حسني العمودي‬ ‫األستاذ حممد عبد العزيز الشايع‬ ‫صاحب الس ّمو امللكي األمري حممد عبد اهلل الفيصل‬ ‫الشيخ حممد بن عيسى اجلابر‬ ‫األستاذ حممد حممد أبو العينني‬ ‫الدكتور مسلم بن علي مسلم‬ ‫الدكتور ناصر بن إبراهيم الرشيد‬ ‫املهندس جنيب أنس ساويرس‬


‫تصميم وإخراج‪ :‬ستامبا ميديا‬ ‫بريوت ‪961 1 689393 -‬‬ ‫‪www.stampa-media.com‬‬



Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.