التقرير العربي الثالث للتنمية الثقافية

Page 1



‫هذا التقرير برعاية‬

‫السمو امللكي األمير عبد العزيز بن فهد‬ ‫صاحب‬ ‫ّ‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫وريعه‬ ‫مخصص لصالح ّ‬ ‫ّ‬


‫ملؤسسة الفكر العربي‬ ‫حقوق الطبع حمفوظة ّ‬ ‫ال يسمح بإعادة إصدار هذا الكتاب أو أي جزء منه أو ختزينه يف نطاق استعادة املعلومات أو نقله بأي شكل من‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‪.‬‬ ‫إذن خطي من ّ‬ ‫األشكال من دون ٍ‬ ‫‪All rights reserved. No part of this book may be reproduced, stored in a retrieval system or trans‬‬‫‪mitted in any form or any means without prior permission from Arab Thought Foundation.‬‬

‫الطبعة األوىل‬ ‫‪ 1431‬هـ ‪ 2010 -‬م‬ ‫‪ISBN: 978 - 9953 - 0 - 1963 - 5‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬ ‫شارع املعرض‪ ،‬خلف اجلامع العمري‪ ،‬الوسط التجاري‬ ‫ص‪.‬ب‪ - 11 - 524 :.‬بريوت ‪ -‬لبنان‬ ‫هاتف‪ - 00961 1 997100 :‬فاكس‪00961 1 997101 :‬‬ ‫‪www.arabthought.org‬‬ ‫‪info@arabthought.org‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫اآلراء الواردة يف هذا التقرير ال رّ‬ ‫تعب بالضرورة عن وجهة نظر ّ‬


‫هيئة التقرير‬ ‫الهيئة اإلستشارية (أبجدي ًا)‬ ‫• زياد الدريس – كاتب عربي‪ ،‬سفري اململكة العربية السعودية لدى منظمة اليونسكو يف باريس (السعودية)‬ ‫• شوقي عبد األمري – خبري العالقات الثقافية يف اليونسكو (العراق)‬ ‫• صاحل بن عبدالرمحن العذل – أستاذ جامعي من السعودية‪ ،‬رئيس مدينة امللك عبدالعزيز للعلوم والتقنية سابقاً (السعودية)‬ ‫• صميم الشريف – ناقد ثقايف (سوريا)‬ ‫• عبداإلله بلقزيز – مفكر وأكادميي (املغرب)‬ ‫• غسان مراد – أستاذ املعلوماتية يف اجلامعة اللبنانية (لبنان)‬ ‫• حممد الرميحي – كاتب وأستاذ جامعي (الكويت)‬ ‫• حممد فرحات – إعالمي وشاعر (لبنان)‬ ‫• وحيد عبد اجمليد – كاتب‪ ،‬مدير مركز األهرام للنشر والرتمجة والتوزيع (مصر)‬ ‫هيئة تحرير التقرير‬

‫ملف البحث العلمي‪:‬‬

‫• معني محزة – أمني عام اجمللس الوطين للبحوث العلمية (لبنان)‬ ‫• عمر البزري – أستاذ يف املعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا (لبنان)‬ ‫• جنيب عبدالواحد – أستاذ امليكانيك التطبيقي يف جامعة حلب (سوريا)‬ ‫• رمزي سالمة – مساعد رئيس جامعة القديس يوسف لضمان اجلودة (لبنان)‬ ‫• حسن الشريف – أستاذ حماضر يف اجلامعة األمريكية يف بريوت ويف اجلامعة‬ ‫اللبنانية األمريكية (لبنان)‬ ‫• نبيل صاحل – مستشار ملؤشرات البحث والتطوير يف وزارة الدولة للبحث العلمي‬ ‫(مصر)‬ ‫• ُرىل عطوي – منسقة مشاريع يف اجمللس الوطين للبحوث العلمية (لبنان)‬ ‫ملف المعلوماتية‪:‬‬

‫• مجال غيطاس – خبري معلوماتية‪ ،‬رئيس حترير جملة لغة العصر (مصر)‬ ‫مؤسسة األهرام – جملة لغة العصر (مصر)‬ ‫• أبو احلجاج حممد بشري – صحايف يف ّ‬ ‫مؤسسة األهرام – جملة لغة العصر (مصر)‬ ‫• مريفت عبدالعزيز ‪ -‬صحافية يف ّ‬ ‫مؤسسة األهرام – جملة لغة العصر (مصر)‬ ‫• ضياء حسين ‪ -‬صحايف يف ّ‬ ‫ملف حركة التأليف والنشر‪:‬‬

‫• حممد صابر عرب – رئيس اهليئة العامة لدار الكتب والوثائق القومية (مصر)‬ ‫• أمين الصياد – مدير حترير جملة وجهات نظر (مصر)‬ ‫• علي عقلة عرسان – كاتب وناقد (سوريا)‬ ‫• عبداحلميد شبلي (مصر)‬ ‫• ضحى عسيلة (مصر)‬ ‫فريق التدقيق والمراجعة‪:‬‬ ‫• حممد فرحات – إعالمي وشاعر‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫• أمحد فرحات – ّ‬

‫• أسامة الرحيمي (مصر)‬ ‫ملف اإلبداع‪( :‬أبجدي ًا)‬

‫• إلياس س ّحاب – كاتب وناقد (لبنان)‬ ‫• حسام مريو – ناقد مسرحي وإعالمي (سوريا)‬ ‫• حسن عطية – ناقد مسرحي وعميد املعهد العالي للفنون املسرحية‬ ‫السابق (مصر)‬ ‫القصاب ‪ -‬عميدة املعهد العالي للفنون املسرحية (سوريا)‬ ‫• حنان ّ‬ ‫• مسري فريد – ناقد ومؤ ّرخ سينمائي (مصر)‬ ‫• عبداإلله فؤاد – ناقد مسرحي وإعالمي (املغرب)‬ ‫• عبده وازن – شاعر وناقد ثقايف (لبنان)‬ ‫• عبيدو باشا – مسرحي وكاتب (لبنان)‬ ‫• عصام أبو قاسم – ناقد ثقايف (السودان)‬ ‫• علي الديري – كاتب وإعالمي (البحرين)‬ ‫• علي الفالح – ناقد مسرحي (ليبيا)‬ ‫• فخري صاحل ‪ -‬رئيس مجعية النقّاد األردنيني (األردن)‬ ‫• فوزية املزي ‪ -‬رئيسة حترير مساعدة يف جريدة «البريس» (تونس)‬ ‫• منى كريم – ناقدة ثقافية (الكويت)‬ ‫• نائلة خليل – ناقدة ثقافية (فلسطني)‬ ‫• وفاء املرزوقي ‪ -‬شاعرة وأستاذة جامعية (اجلزائر)‬

‫ملف الحصاد الثقافي‪:‬‬

‫• فخري صاحل – رئيس مجعية النقّاد األردنيني (األردن)‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫• رفيف رضا صيداوي – ّ‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫• ثناء عطوي – ّ‬

‫مساعدة لوجستية‪:‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫• رميا كوثراني – ّ‬ ‫منسق التقرير‪:‬‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫• سليمان عبداملنعم – أمني عام ّ‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫• تغريد السمريي – ّ‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫• رميا كوثراني – ّ‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫• عال ماجد – ّ‬


‫مقدمة‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫رئيس ّ‬ ‫السمو امللكي األمير خالد الفيصل‬ ‫صاحب‬ ‫ّ‬

‫مؤسسة الفكر العربي أن تق ّدم تقريرها العربي (الثالث) الذي يغطي واقع التنمية الثقافية يف أكثر من‬ ‫يسعد ّ‬ ‫‪ 18‬دولة عربية‪ ،‬والذي حظي يف نسختيه السابقتني باهتمام األوساط اإلعالمية والثقافية وتقدير نعتز به من‬ ‫كبار املسؤولني يف الوطن العربي‪.‬‬ ‫مؤسسة الفكر العربي بالدعوة‬ ‫ولعلّه من حسن الطالع أن يتواكب صدور هذا التقرير (الثالث) مع مبادرة ّ‬ ‫لعقد ق ّمة ثقافية عربية‪ .‬نأمل أن يسهم هذا التقرير مبا يتمخض عنه من نتائج باإلضافة إىل توصيات اللقاء‬ ‫مؤسسة الفكر العربي يف تعميق النقاش وطرح الرؤى بشأن‬ ‫التحضريي للق ّمة الثقافية الذي شرفت بتنظيمه ّ‬ ‫القضايا اليت ميكن اقرتاحها على جدول أعمال الق ّمة املرتقبة‪.‬‬ ‫واملؤسسة إذ حتتفل هذا العام باكتمال عقدها األول فإنها تسعى وتأمل يف الوقت ذاته أن يصبح هذا التقرير‬ ‫ّ‬ ‫السنوي إيذاناً مبشروع نهضوي عربي طاملا دعونا إليه يبدأ من الت ّعرف على واقعنا ورصد سلبياته كما إجيابياته‬ ‫ليكون ذلك سبي ًال إىل تقديم رؤية للمستقبل تنطلق من معرفة واعية وأمينة باحلاضر‪.‬‬ ‫إن ما حيتويه تقرير هذا العام من ّ‬ ‫مؤشرات ودالالت سلبية ال مينع أن هناك مبادرات واعدة وحماوالت جادة‬ ‫يف العديد من بلداننا للحاق بركب التق ّدم العاملي‪ .‬هلذا نؤمن أن خطاب املراجعة ال جيب أن يسرف يف جلد‬ ‫الذات‪ ،‬وأن هذا اخلطاب على أهميته حيتاج خلطاب آخر مواز هو ما نسميه خطاب األمل‪.‬‬

‫نأمل أن يسهم هذا التقرير العربي الثالث للتنمية الثقافية – ولو يف بعض جوانبه – يف إشاعة خطاب األمل‬ ‫على امتداد وطننا العربي الرحيب‪.‬‬ ‫و ّفق اهلل كل أصحاب اجلهود املخلصة لرفعة أمتنا وحتقيق خري اإلنسان يف كل مكان‪.‬‬


‫هذا التقرير‬

‫هذا التقرير ‪...‬‬

‫منسق التقرير‬ ‫أمني عام ّ‬ ‫مؤسسة الفكر العربي ‪ّ -‬‬ ‫سليمان عبداملنعم‬ ‫مؤسسة الفكر العربي منذ ثالث سنوات إلصدار أ ّول تقرير عربي‪ ،‬بتمويل عربي لرصد واقع‬ ‫حني تص ّدت ّ‬ ‫تؤسس ملشروع معريف تسهر عليه بأناة وصرب‬ ‫التنمية الثقافية يف دول الوطن العربي‪ ،‬كان هدفها‪ ،‬ومازال‪ ،‬أن ّ‬ ‫املؤسسة –‬ ‫ودأب‪ .‬وكانت وسيلتها أن تهيىء – كما رّ‬ ‫عب صاحب السم ّو امللكي األمري خالد الفيصل رئيس ّ‬ ‫الزمان واملكان ألصحاب الرؤى واألفكار لكي يق ّدموا رؤيتهم على طريق استنهاض قدرات األمة‪ .‬استنهاض‬ ‫يتأسس على املعرفة ومراجعة الذات‪.‬‬ ‫جييء هذا التقرير العربي الثالث للتنمية الثقافية على غرار منهجية عمل التقريرين السابقني خمتلفاً‬ ‫عنهما يف املضمون‪ .‬فمن حيث املنهجية مازال تقرير هذا العام يسعى لرصد وتقصي واقع التنمية الثقافية يف‬ ‫دول الوطن العربي من خالل الرتكيز – مبنطق ترتيب األولويات – على أهم مقوماتها متمثلة يف‪ :‬التعليم‪،‬‬ ‫والبحث العلمي‪ ،‬واملعلوماتية‪ ،‬وحركة التأليف والنشر‪ ،‬واإلبداع مبختلف جتلياته يف جماالت األدب (السردي‬ ‫والشعري)‪ ،‬واملسرح‪ ،‬والسينما‪ ،‬واملوسيقى‪ ،‬باإلضافة إىل توثيق سنو ّي للحصاد الثقايف والفكري ملا شغل‬ ‫العرب من قضايا وتساؤالت يف مؤمتراتهم وملتقياتهم وإعالمهم‪ .‬يكتسب تقرير هذا العام – كما التقريرين‬ ‫السابقني خصوصيته من إتباع منهجية الرصد والتشخيص اليت تعتمد على الرقم واملعلومة واإلحصاء‬ ‫والتوثيق كضرورة تسبق املعاجلات األخرى اليت تنطلق من التأصيل والتنظري والنقد واالستشراف‪ ،‬وهي‬ ‫مستويات معرفية نؤمن بأهميتها لكن نرى أنها تأتي – وجيب أن تأتي – الحقة على املعرفة اجملردة اليت‬ ‫تسبق بدورها كل رأي‪.‬‬ ‫لدينا يف عاملنا العربي الكثري من فكر «التأصيل والتنظري» الذي حيتاج بالضرورة إىل فكر «الواقع‬ ‫والتفصيل»‪ .‬الثاني مينح األول املعرفة اليت تتيح له القدرة على االستشراف واقرتاح احللول‪ .‬إذ من الصعب‬ ‫تقديم حل ناجع لقضية مل حيسن طرحها أو مل تتوافر املعلومات عنها‪ .‬من هنا كنا نعتقد – ونأمل يف الوقت‬ ‫ذاته – أن يكون هذا التقرير السنوي حم ّرضاً على إجراء رؤية «جديدة» للواقع العربي تبدأ من اإلحاطة بكل‬ ‫جوانب واقعنا املعريف يف التعليم‪ ،‬والبحث العلمي‪ ،‬واملعلوماتية‪ ،‬وحركة التأليف والنشر‪ ،‬والتعرف إىل حجم‬ ‫منجزنا اإلبداعي السنوي بالرقم واإلحصاء والتوثيق يف األدب والسينما واملسرح واملوسيقى‪.‬‬ ‫رمبا نكتشف أن حالنا املعريف يق ّدم من األرقام واملعطيات واحلقائق ما هو بعيد عن االنطباعات واجملردات‬ ‫اليت يزخر بها «فكر التأصيل والتنظري»‪ .‬لكن علينا االعرتاف بأن منهجية عمل هذا التقرير مل تكن دائماً‬ ‫مؤسسية‬ ‫يسرية وال مفروشة بالورود‪ .‬فالبحث عن الرقم يف عاملنا العربي مهمة عسرية يف ظ ّل غياب ثقافة ّ‬ ‫وبنية تشريعية تكرسان احل ّق يف احلصول على املعلومات وتداوهلا يف إطار واجب من محاية املعلومات املتعلقة‬ ‫باألمن الوطين واملصاحل العليا للدولة‪ .‬ولئن كانت امللفات اليت تض ّمنها هذا التقرير قد خضعت ملراجعة‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫‪9‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 10‬للتنمية الثقافية‬

‫من مؤلّفيه أعضاء هيئة التحرير ومن أعضاء اهليئة االستشارية ومجيعهم من الثقاة اجمليدين يف جمال‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‪ ...‬فاألمر مل خي ُل من صعاب ومشاق‪.‬‬ ‫ختصصهم‪ ،‬ثم من فريق املراجعة والتدقيق يف ّ‬ ‫وهو ما يوجب علينا أن نك ّرر دعوتنا السابقة إىل ضرورة بذل اجلهود العربية وتنسيقها بغية توفري قاعدة‬ ‫بيانات عربية ذات ح ّد أدنى من الشمول واملصداقية‪ .‬ولعلّه يبدو غريباً أن مئات اجلداول واإلحصاءات اليت‬ ‫تض ّمنها هذا التقرير كانت ذات مصدر أجنيب‪ .‬فأكثرية األرقام اليت تق ّدمها ملفات تقرير هذا العام –‬ ‫ومؤسسات أجنبية مثل‬ ‫باستثناء ملف اإلبداع – عن واقع املعرفة والثقافة يف بلداننا إمنا تُنسب جلهات ّ‬ ‫البنك الدولي‪ ،‬واليونسكو‪ ،‬واالحتاد الدولي لالتصاالت‪ ،‬واملنتدى االقتصادي العاملي‪ ،‬واملنظمة العاملية‬ ‫مؤسساتنا الوطنية العربية املعنيّة بتوفري‬ ‫للملكية الفكرية‪ ،‬وهو أمر ال منلك معه سوى التساؤل عن دور ّ‬ ‫املعلومات واألرقام عن ملفات وقضايا عربية!‬

‫أما عن مضمون تقرير هذا العام فهو خيتلف عن تقريري العامني السابقني‪ .‬إذ يتض ّمن هذا التقرير –‬ ‫وللمرة األوىل – ملفاً حول البحث العلمي يف العامل العربي‪ :‬مؤشرات التخلّف وحماوالت التميز‪ .‬وهو ملف‬ ‫ال يقتصر فقط على معاجلة قضية البحوث العلمية واالبتكار يف العامل العربي‪ ،‬وهي القضية األكثر إثارة‬ ‫لالنتباه‪ ،‬بل يعاجل قضيتني أخرتني على درجة بالغة األهمية وهما دور البحث العلمي يف اإلبداع والتنمية‪ ،‬وال‬ ‫سيما على صعيد املردود اجملتمعي واالقتصادي للمعرفة العلمية ووضع الصناعات العربية ومدى استيعابها‬ ‫لإلبداع‪ .‬واألرقام يف هذا اخلصوص تبدو الفتة وجديرة باالنتباه‪ :‬فعلى صعيد براءات االخرتاع يتّضح أن‬ ‫عدد الرباءات العربية املس ّجلة عاملياً بني ‪ 2005‬و ‪ 2009‬مل تتجاوز ‪ 475‬براءة اخرتاع بينما بلغت يف ماليزيا‬ ‫وحدها ‪ 566‬براءة اخرتاع‪ .‬وإذا اعتربنا أن عدد سكان العامل العربي يبلغ حنو ‪ 330‬مليون نسمة وعدد سكان‬ ‫ماليزيا حواىل ‪ 26‬مليون نسمة‪ ،‬فإن معنى ذلك أن هناك براءة اخرتاع واحدة لكل ‪ 694‬ألف عربي بينما‬ ‫تسجل براءة اخرتاع واحدة لكل ‪ 46‬ألف ماليزي! أي أن معدل اإلبداع يف ماليزيا يزيد ‪ 15‬مرة عن معدل‬ ‫اإلبداع يف الدول العربية جمتمع ًة!‬ ‫أما على صعيد عدد الباحثني لك ّل مليون نسمة وفقاً لألعداد املتاحة املوثقة يف بلد كمصر فإنه يتبينّ وجود‬ ‫‪ 650‬باحثاً مصرياً لك ّل مليون نسمة (وهو من أعلى املعدالت العربية) بينما يف كوريا اجلنوبية يوجد حواىل‬ ‫املخصصة للبحث‬ ‫بثمان مرات! وعلى صعيد املوارد ّ‬ ‫‪ 4600‬باحث لك ّل مليون نسمة‪ ،‬أي أكثر من املعدل املصري ِ‬ ‫العلمي بالنسبة إلمجالي الدخل القومي فإن املتوسط العربي (باستثناء السعودية وقطر وهما من أعلى الدول‬ ‫العربية إنفاقاً على البحث العلمي) ال يتجاوز ‪ % 0.2‬بينما يبلغ يف السويد واليابان وفنلندا حواىل ‪، % 3.4‬‬ ‫مما تنفقه الدول العربية‪.‬‬ ‫أي أن دولة من هذه الدول تنفق على البحث العلمي ‪ 15‬ضعفاً ّ‬ ‫وال ختلو هذه املقارنات حلسن احلظ من بعض املؤشرات اإلجيابية فوفقاً ملؤشر متيز وكفاءة مراكز‬ ‫البحوث والتطوير العربية تأتي تونس وعمان وقطر والكويت والسعودية يف املراكز الـ ‪ 52‬األول من بني ‪127‬‬ ‫دولة يف العامل حبسب تقرير املنتدى االقتصادي العاملي (‪.)2008 – 2007‬‬ ‫ولئن كان ال ميكن فصل قضية البحث العلمي يف دول الوطن العربي عن دور اجلامعات العربية‪ ،‬فإن تقرير‬ ‫هذا العام يعرض بالرقم املوثق واملعلومة املكانة البحثية للجامعات العربية ويسلّط الضوء يف الوقت ذاته على‬


‫هذا التقرير‬

‫مع ّوقات البحث العلمي يف اجلامعات‪ ،‬وهي قضية كثر احلديث عنها يف السنوات األخرية‪ .‬ففي أحدث تصنيف‬ ‫معلن جلامعة «شنغهاي» (‪ )2010‬س ّجلت جامعتان عربيتان فقط اخرتاقاً مميّزاً لقائمة أفضل جامعات‬ ‫العامل‪ ،‬فوردت جامعة امللك سعود من ضمن جمموعة ‪ 400 - 301‬جامعة بينما وردت جامعة امللك فهد‬ ‫للبرتول واملعادن من ضمن جمموعة ‪ 500 - 401‬جامعة مشلها ّ‬ ‫مؤشر شنغهاي العاملي‪ .‬أما يف تصنيف جملة‬ ‫«تاميز» الربيطانية فقد جاءت جامعة اإلسكندرية يف املرتبة الـ ‪ 149‬من بني مائيت جامعة‪.‬‬ ‫ولئن كان دور أ ّي جامعة يف دعم البحث العلمي يقاس بعدد األحباث العلمية ألساتذتها يف اجملاالت‬ ‫العلمية العاملية‪ ،‬فإن ترتيب اجلامعات بناء على األحباث املنشورة يف الدوريات املفهرسة عاملياً يف جمموعة‬ ‫(‪ )SCOPUS – ELSEVIER‬يظهر أنه من بني ‪ 2124‬جامعة ومركز أحباث مو ّزعة على مجيع أحناء العامل‬ ‫ال يوجد سوى ‪ 23‬جامعة عربية فقط (أي حواىل ‪ ) % 1‬منها ‪ 11‬جامعة يف مصر و ‪ 4‬يف السعودية‪ ،‬وجامعتان‬ ‫يف ك ّل من األردن واإلمارات‪ ،‬وواحدة يف ك ّل من الكويت ولبنان وسلطنة ُعمان والسودان‪ ،‬بينما غابت عن‬ ‫هذه الالئحة جامعات عربية عريقة ذات قدرات حبثية وبشرية عالية مثل سوريا واملغرب واجلزائر وتونس‬ ‫والعراق‪ .‬ومن مراجعة ترتيب اجلامعات حبسب األحباث املنشورة ألساتذتها وفقاً جملموعة (– ‪SCOPUS‬‬ ‫مؤسسة جامعية أو حبثية ما بني األلف األول‬ ‫‪ )ELSEVIER‬يتضح أنه يوجد يف إسرائيل وحدها ست عشرة ّ‬ ‫مؤسسات جامعية لك ّل الدول العربية جمتمعة!‬ ‫يف العامل يف مقابل مخس ّ‬ ‫مما يوحي به مشهد البحث العلمي من قتامة يف احلاضر العربي‪ ،‬هناك حماوالت واعدة‬ ‫وعلى الرغم ّ‬ ‫جتسدها مراكز التميّز اليت أنشأها بعض الدول العربية مثل مدينة امللك عبدالعزيز للعلوم والتقنية اليت‬ ‫ّ‬ ‫ظهرت يف مثانينيات القرن املاضي‪ ،‬وجامعة امللك عبداهلل للعلوم والتقنية اليت افتتحت يف العام ‪2009‬‬ ‫واملز ّودة حباسوب عمالق ميكنه إجراء ‪ 222‬تريليون عملية حسابية يف الثانية الواحدة‪ .‬ويف مصر توجد مدينة‬ ‫مبارك للبحث العلمي‪ ،‬ويف أبو ظيب متثّل مدينة مصدر جي ًال متقدماً من مدن التقنية على الصعيد العاملي‪.‬‬ ‫كما أُنشئ بعض حاضنات األعمال وما يعرف حبدائق العلم والتقنية يف أكثر من بلد عربي لتستقطب شركات‬ ‫عاملية ناجحة وتو ّفر الكثري من فرص العمل مثل القرية الذكية يف مصر (‪ 12000‬عامل) وحديقة الغزالة‬ ‫التونسية والدار البيضاء املغربية (‪ 1400‬عامل يف ك ّل منهما ) وهناك حديقة جدة للتقنية احليوية (بيوسيت)‬ ‫وهي يف طور اإلنشاء حالياً‪ ،‬ووادي الرياض للتقنية‪ .‬ويف قطر أطلق مركز السدرة للبحوث الطبية الذي ُرصد‬ ‫لتشييده ‪ 8‬مليار دوالر أمريكي وينتظر أن يبدأ العمل به يف ‪ .2012‬ولع ّل التحدي الذي تطرحه هذه املراكز‬ ‫واحلاضنات اليت بدأت تنتشر يف أكثر من بلد عربي هو كيفية توظيفها على النحو األمثل بعيداً عن شباك‬ ‫البريوقراطية اإلدارية لكي حتقق اآلمال املعقودة عليها من خالل االستفادة من التجارب العاملية املشابهة‬ ‫اليت حققت جناحاً يف هذا املضمار‪.‬‬

‫لئن كان أحد التحديات احلضارية اليت يواجهها العامل العربي هي كيفية تطويع الّلغة العربية يف جمال‬ ‫البحث العلمي وتعظيم استخدامها‪ ،‬فإن رصد واقع لغة الضاد على شبكة «اإلنرتنت» يق ّدم جمموعة دالالت‬ ‫هامة تستح ّق النقاش والتأمل‪ .‬وتظهر إحصائيات حديثة تدنّي حمتوى اإلنرتنت من الصفحات باّللغة العربية‬ ‫اليت ال تتجاوز نسبتها الواحد يف األلف من تعداد الصفحات اإلمجالي على الشبكة العنقودية‪ .‬لكن ما يبعث‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫‪11‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 12‬للتنمية الثقافية‬

‫على التفاؤل هو التزايد امللحوظ يف عدد مستخدمي اللغة العربية على شبكة «اإلنرتنت»‪ ،‬وهو األعلى من‬ ‫جمموعة الّلغات العشر األوىل على الشبكة‪ ،‬والذي بلغ ‪ % 2300‬خالل الفرتة ‪.2009 - 2000‬‬ ‫ومن اجلدير بالتنويه أن نسبة مستخدمي «اإلنرتنت» من املتكلمني بالعربية تبلغ ‪ % 3.3‬من إمجالي‬ ‫مستخدمي «اإلنرتنت» بكل الّلغات‪ .‬وهي نسبة تزيد على تلك اخلاصة مبستخدمي «اإلنرتنت» من املتكلمني‬ ‫بالفرنسية واليت تبلغ ‪ % 3.2‬من إمجالي مستخدمي اإلنرتنت يف العامل‪.‬‬ ‫لكن مازال هناك حتديّات كبري تعيق توظيف التقنية الرقمية يف التعامل مع الّلغة العربية مثل التلكؤ يف‬ ‫اعتماد رموز مو ّحدة للحروف العربية وااللتزام الدقيق حبركاتها إذ مل يتس ّن للدول العربية منذ ستينيات‬ ‫القرن املاضي تبنيّ رموز موحدة حلروف العربية وحركاتها مت ّهد لتعامل تقنية املعلومات مع الّلغة العربية‬ ‫ونصوصها بصورة جمدية‪ .‬كما ال يوجد نظام لإلعراب اآللي والنظم املستخدمة حالياً تعتمد على ختزين‬ ‫أمناط اخلطأ النحوي على صورة سالسل من الكلمات املتعاقبة‪ .‬أما على صعيد حمركات البحث مثل «غوغل»‬ ‫فهو ال يراعي اخلصائص البنيوية للكلمة العربية؛ كما ال ختلو برامج الرتمجة اآللية من وإىل اللغة العربية‬ ‫من صعوبات‪ .‬األمر كلّه يكشف يف ظ ّل هذا الواقع إىل حاجة عربية ملحة لدعم جهود تطوير استخدام اللّغة‬ ‫العربية على شبكة «اإلنرتنت»‪.‬‬ ‫ولع ّل واقع البحث العلمي يف دول الوطن العربي يطرح يف مشهده األمشل قضية هجرة األدمغة العربية‬ ‫إىل اخلارج اليت متثّل نزيفاً حقيقياً يف العقل العربي‪ .‬فاألرقام تظهر أن ‪ % 54‬من الطالب العرب الذين‬ ‫يدرسون يف اخلارج ال يعودون إىل بالدهم‪ ،‬وأن ‪ % 34‬من األطباء األكفاء يف بريطانيا ينتمون إىل اجلاليات‬ ‫العربية وأن مصر وحدها قدمت يف السنوات األخرية حنو ‪ % 60‬من العلميني العرب واملهندسني يف الواليات‬ ‫املتّحدة األمريكية‪ .‬كما شهد العراق هجرة حواىل ‪ 7300‬عامل تركوا بلدهم بسبب األحوال السياسية واألمنية‪.‬‬ ‫وإمجاالً فإنه منذ العام ‪ 1977‬وحتى اآلن هاجر أكثر من ‪ 750,000‬عامل عربي إىل الواليات املتحدة األمريكية‪.‬‬ ‫السؤال اآلن هو كيف ميكن احل ّد من ظاهرة هجرة األدمغة العربية وما هي سبل حتفيز العلماء العرب على‬ ‫العودة لبلدانهم؟ والسؤال اآلخر األكثر أهمية ورمبا عقالنية هو‪ :‬هل من رؤية واقعية مت ّكننا من االستفادة‬ ‫من ظاهرة هجرة األدمغة بدالً من االكتفاء بشجب آثارها السلبية‪ ،‬وذلك من خالل فتح قنوات للتعاون مع‬ ‫هؤالء العلماء العرب املغرتبني يف اخلارج؟‬

‫أ ّما عن ملف التواصل الثقايف العربي عرب شبكة «اإلنرتنت» فهو يعاجل قضية هامة وملحة تتعلق باحملتوى‬ ‫الرقمي العربي وكيفية إدارته والتواصل من خالله‪ .‬فهذا التواصل الثقايف الرقمي يتيح عملياً فرصاً ال‬ ‫آفاق رحبة يف جمال‬ ‫حمدودة يف جمال التنمية الثقافية‪ ،‬إذ يمُ ّكن املبدعني ومنتجي الثقافة عموماً من بلوغ ٍ‬ ‫إنتاج الوعي الثقايف بقدر ما يتيح ملتلقّي الثقافة ومستهلكيها فرصاً غري حمدودة أيضاً يف احلصول على‬ ‫املنتجات الثقافية فور إبداعها إذا كانت جديدة والوصول إليها بسهولة ويسر ولو كانت قدمية مضى عليها‬ ‫مئات السنني‪.‬‬ ‫واألرقام ّ‬ ‫واملؤشرات اليت يتضمنها هذا امللف تبدو مثرية بكل معنى الكلمة وتكشف عن دالالت ال ختطئها‬ ‫العني‪ :‬فبينما حتتل كتب «الطبخ» اليت يتواصل معها العرب على شبكة اإلنرتنت مركز الصدارة بنسبة ‪% 23‬‬


‫هذا التقرير‬

‫من إمجالي كل أنواع الكتب األخرى فإن املتنيب مازال هو أحد أكثر الشعراء العرب املطلوبني على شبكة‬ ‫االنرتنت إذ يأتي يف املرتبة الثانية مباشرة بعد نزار قباني! أما الكتب اليت حقّقت أكثر معدل حبث على‬ ‫شبكة اإلنرتنت يف العام ‪ 2009‬فيتصدرها كتاب صحيح البخاري ثم لسان العرب فرياض الصاحلني وصحيح‬ ‫مسلم ونهج البالغة وفقه السنة! وبلغ معدل البحث على شبكة اإلنرتنت عن الثقافة اإلسالمية (‪)8270‬‬ ‫عملية حبث شهرياً قبل البحث عن الثقافة العلمية (‪ )3620‬والتعليم (‪ )2880‬والطبيعة (‪ )2620‬والرتبية‬ ‫(‪ )1980‬والسياسة (‪!!)1900‬‬ ‫ويكشف لنا ملف التواصل الثقايف الرقمي عن أنه يف جمال حتميل حمتويات رقمية على شبكة اإلنرتنت‬ ‫قام العرب يف العام ‪ 2009‬بتحميل حنو ‪ 43‬مليون فيلم وأغنية بينما قاموا بتحميل ربع مليون كتاب فقط! كما‬ ‫بلغت عمليات البحث اليت قام بها العرب يف العام ‪ 2009‬على شبكة اإلنرتنت عن املطرب تامر حسين ضعف‬ ‫عمليات البحث اليت قاموا بها عن نزار قباني واملتنيب وجنيب حمفوظ وحممود درويش جمتمعني!!‬ ‫لكن هذا االستقطاب العربي احلاد على شبكة اإلنرتنت ما بني البحث عن الدين أو االهتمام باألغاني‬ ‫واألفالم مل مينع القضايا العربية القومية الكربى من إثارة االنتباه‪ ،‬فقد بلغ متوسط عمليات البحث الشهري‬ ‫اليت قام بها العرب عن قضية فلسطني حنو ‪ 7‬ماليني و ‪ 445‬ألف عملية حبث لتستأثر القضية الفلسطينية‬ ‫وحدها بنسبة ‪ % 46.6‬من اهتمام العرب مبجموعة القضايا العربية العامة‪ .‬أما قضية الوحدة العربية فكان‬ ‫نصيبها من عمليات البحث على شبكة اإلنرتنت ‪ 333‬عملية حبث يف املتوسط شهرياً أي ما ميثّل واحداً يف‬ ‫األلف من إمجالي القضايا العربية اليت يبحث عنها العرب!‬ ‫وبصرف النظر عما تثريه األرقام واملؤشرات السابقة من جدل‪ ،‬فاألمر املؤ ّكد أن السلوك البحثي جلمهور‬ ‫«اإلنرتنت» العربي أظهر يف كثري من األحيان قدراً من الشغف العام بالثقافة ومحل يف طياته نواة جيدة‬ ‫بالتخصص‪ .‬والالفت يف توجهات اجلمهور العربي على اإلنرتنت غياب النزعة‬ ‫لتواصل ثقايف نوعي يتّسم‬ ‫ّ‬ ‫القطرية أو الشوفينية وامليل حنو ما هو عربي عموماً‪ ،‬ففي ‪ % 97‬من عمليات البحث على اإلنرتنت كان‬ ‫البحث يت ّم عن ما هو عربي مشرتك وليس قطرياً‪ .‬ولعل ما يتض ّمنه هذا امللف يف نهايته من تأصيل لنقاط‬ ‫القوة ونقاط الضعف يف التواصل الثقايف العربي على شبكة اإلنرتنت ما يفتح الباب لدراسات مستقبلية‬ ‫ستفيضه يف هذا اخلصوص‪.‬‬

‫ويق ّدم ملف اإلبداع يف هذا التقرير العربي الثالث للتنمية الثقافية رصداً ألهم جتلياته األدبية واملسرحية‬ ‫والسينمائية والغنائية خالل العام ‪ .2009‬ففي املشهد األدبي مازال ف ّن الرواية العربية يواصل حقبة ازدهاره‬ ‫اليت بدأت منذ حنو عقد من الزمان‪ ،‬حيث نشر ما يزيد على الثالمثئة رواية تقدم إىل خوض جتربتها‬ ‫املدهشة شعراء ومسرحيون‪ ،‬ويف املقابل بدا الشعر العربي يف العام ‪ 2009‬مفتقراً إىل املتابعة النقدية‪ ،‬فض ًال‬ ‫عن تراجع قرائة ومريديه‪ ،‬وبني الرواية املزدهرة والشعر اخلافت بدا ف ّن القصة القصرية مغرتباً لدرجة أن‬ ‫حت ّدث البعض عن «موت» القصة القصرية!‬ ‫وكان أكثر األحداث األدبية إثارة يف العام ‪ 2009‬فوز رواية عزازيل للمصري يوسف زيدان جبائزة البوكر‬ ‫العربية‪ ،‬وقد أثار اختيار هذه الرواية بالنظر خللفيتها الدينية حالة من اجلدل الشديد‪ .‬وبدأت الرواية‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫‪13‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 14‬للتنمية الثقافية‬

‫اخلليجية رحلة تأكيد الذات حيث طالبت مؤمترات روائية يف السعودية واإلمارات والكويت بإقامة جت ّمع للرواية‬ ‫اخلليجية‪ .‬ومازال السجال دائراً يف القاهرة بني قصيدة النثر وقصيدة التفعيلة يف مهرجانني شهدهما العام‬ ‫وتوجت فرنسا شاعراً عن شعره املكتوب بالفرنسية فمنحت جائزة غونكور الشعرية الفرنسية إىل‬ ‫‪ّ .2009‬‬ ‫مؤسسة عبدالعزيز سعود البابطني معجم البابطني لشعراء‬ ‫الشاعر املغربي عبداللطيف اللّعيب‪ .‬وأصدرت ّ‬ ‫العربية يف القرنني التاسع عشر والعشرين يف ‪ 25‬جملداً‪ .‬وانعكست األوضاع السياسية واألمنية يف العراق على‬ ‫إبداع شعراء بلد الرشيد فآثروا املنفى حاملني أشجانهم ليكتبوا الشعر بلغات أوطانهم البديلة‪ .‬ويف املقابل‬ ‫سعى آخرون إىل استعادة ذاكرة الوطن البعيد فقام كتّاب عرب يعيشون يف الواليات املتحدة بتشكيل جتمع‬ ‫أدبي للكتاب العرب األمريكيني‪.‬‬ ‫ومازال األدب النسوي يثري تساؤالته ويبحث جاهداً ع ّما يسميه خصوصيته ويصدر توصياته يف مؤمتر حول‬ ‫احلرية يف األدب النسائي ومن بينها الدعوة لتخصيص جائزة لإلبداع والنقد النسويّني‪.‬‬ ‫ويف املشهد السينمائي مازال ضعف اإلنتاج السينمائي يف الوطن العربي هو املالحظة األبرز؛ إذ تسيطر‬ ‫السينما األجنبية عموماً والسينما األمريكية على وجه اخلصوص على سوق األفالم املعروضة يف الدول‬ ‫العربية‪ .‬فالسينما األمريكية واهلندية واألوروبية تستأثر بنسبة ‪ % 87‬من إمجالي األفالم السينمائية‬ ‫املعروضة يف العامل العربي بينما ال متثّل السينما العربية سوى ‪( % 11‬منها ‪ % 8‬للسينما املصرية) و‪% 2‬‬ ‫لسينما البلدان األخرى‪ .‬أما إيرادات دور العرض السينمائي يف الدول العربية فما زالت متواضعة وفقاً ألرقام‬ ‫العام ‪ ،2009‬إذ بلغ إمجالي هذه اإليرادات يف ‪ 18‬دولة عربية ‪ 211‬مليون دوالر أمريكي تتص ّدرها اإلمارات‬ ‫(‪ 75‬مليون دوالر) تليها مصر (‪ 55‬مليون دوالر) ثم الكويت (‪ 20‬مليون دوالر) والبحرين (‪ 17‬مليون دوالر)‪.‬‬ ‫أما املالحظة األخرى فهي التواضع الشديد يف عدد دور عرض السينما العربية اليت مل يزد عددها عن ‪1200‬‬ ‫دار عرض سينمائي يف دول العامل العربي البالغ عدد سكانها حنو ‪ 330‬مليون نسمة‪.‬‬

‫وعلى صعيد املشهد الغنائي فإن مجلة من املالحظات والتساؤالت ما زالت تفرض نفسها منذ سنني بل‬ ‫منذ عقود‪ .‬ولعل معظم هذه املالحظات والتساؤالت يتعلق بقضية الكلمة يف األغنية العربية‪ .‬فقد غاب الشعر‬ ‫عن األغنية! ومل تتوقف الشكوى من تراجع مستوى الّلغة ومجاليات التعبري يف األغنية العربية وبدت الركاكة‬ ‫ورمبا القبح أحياناً مسة للعديد من كلمات األغنيات اليت شهدها العام ‪ 2009‬وذلك حتت ذرائع مسايرة‬ ‫العصر وتغيرّ األذواق وجتاوب الشباب‪ .‬ودخلت شركات اإلنتاج الفنيّ ‪ -‬مبعايريها املثرية للجدل وسعيها‬ ‫الدؤوب إىل الربح‪ -‬طرفاً مؤثراً يف املشهد الغنائي ومتهماً باهلبوط بالذائقة الغنائية للجمهور العربي‪ .‬ويف‬ ‫األحوال كافة مازالت أسئلة عديدة تتكرر‪ :‬هل املطرب والشاعر وامللحن هم الذين يفرضون ذائقة اجلمهور‬ ‫أو أن اجلمهور هو الذي يفرض ذائقته عليهم؟ هل أطراف صناعة األغنية العربية هم الذين تغريوا وتدنوا‬ ‫مبعايريهم أو أن الواقع الثقايف واالجتماعي والسياسي هو الذي تغري يف بالد العرب فقاموا هم فقط بالتعبري‬ ‫عنه؟! وماذا عن حقيقة أن األغنية العربية ما زالت تدور يف كلماتها حول موضوع وحيد حيتكرها ويستأثر‬ ‫بها ال خيرج عن دائرة احلب والعاطفة واهلجر واخلصام بينما احلياة زاخرة بآالف القضايا واملوضوعات‬


‫هذا التقرير‬

‫اإلنسانية األخرى اجلديرة بالغناء هلا؟ ويف النهاية ملاذا حنن األمة الوحيدة اليت ال تغين بلغتها املكتوبة‬ ‫فتتوحش العامية وتزحف على لغتها الفصحى؟‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫يق ّدم ملف اإلبداع الغنائي رصداً هلذه التساؤالت وسعيا لإلجابة عليها‪ ،‬والسيما يف ظل املقارنة اليت‬ ‫تفرض نفسها بني ما يعتربه كثريون العصر الذهيب لألغنية العربية وبني ما هو حاصل اآلن‪ .‬ويطرح امللف‬ ‫بعض جتليات أزمة الغناء العربي الراهن مثل توقف تدفق نهر الغناء الكالسيكي‪ ،‬وانقطاع تواصل األجيال‬ ‫بني املبدعني‪ ،‬وتسليع الثقافة املوسيقية والغنائية‪ ،‬وتراجع الغناء بالعربية الفصحى‪ ،‬وتضاؤل ما ينتج من‬ ‫أغنيات للطفل واألم والوطن والطبيعة وقضايا األفق اإلنساني الواسع‪.‬‬

‫يتض ّمن هذا التقرير ملفاً خامساً وأخرياً حول ما أمسيناه احلصار الثقايف والفكري يف العامل العربي‬ ‫خالل العام ‪ .2009‬ويُعنى هذا امللف برصد التساؤالت والقضايا الثقافية والفكرية اليت انشغل بها العرب يف‬ ‫مؤمتراتهم وملتقياتهم ودورياتهم الثقافية يف العام املنصرم‪ .‬ولسوف نالحظ أن التساؤالت ذاتها ما زالت‬ ‫تتك ّرر يف العامل العربي حول قضايا اهلوية واملواطنة والدميقراطية والعوملة والعالقة مع العامل الغربي‪،‬‬ ‫والرتاث‪ ،‬وجتديد الفكر اإلسالمي‪ .‬ولرمبا اقتحم هذا السجال املتك ّرر بعض القضايا القليلة اجلديدة اليت‬ ‫بدأت تثري االنتباه مثل قضية الّلغة العربية اليت تشهد تراجعاً منذراً باألزمة‪ ،‬والسيما لدى النشئ والشباب‪،‬‬ ‫وقضية اإلعالم العربي يف زمان تقنية املعلومات‪ ،‬والسيما مع انتشار اإلعالم اإللكرتوني البديل سواء يف‬ ‫صورة املدونات أم غريها‪ .‬ظاهر احلال يوحي إذاً أننا ما زلنا ندور حول القضايا واإلشكاليات ذاتها ومل‬ ‫خنرتق بعد مبا فيه الكفاية أسئلة املعرفة احلقّة اليت صنعت حركة التقدم اإلنساني املعاصر‪.‬‬

‫لع ّل هذا التقريرالعربي الثالث للتنمية الثقافية يسهم مبا يتضمنه من معطيات ومؤشرات حول الواقع‬ ‫الثقايف العربي يف تقديم إجابة عن تساؤلني هامني‪:‬‬ ‫أوهلما‪ :‬كيف السبيل إىل إدماج املك ّون املعريف وتعظيم دوره يف أ ّي مشروع ثقايف عربي لكي يصبح التعليم‬ ‫والبحث العلمي وحركة التأليف واملعلوماتية بين حتتية وشروطاً مفرتضة لالرتقاء باإلبداع الذي هو اجلوهر‬ ‫املخبوء لكل تنمية بشرية؟‬ ‫ثانيهما‪ :‬كيف ميكن توظيف ما تض ّمنه التقرير والبناء عليه الستشراف املستقبل واقرتاح جمموعة من‬ ‫الربامج وخطط العمل تنقلنا من فكر التنظري إىل فكر التدبري؟‬ ‫لرمبا كانت إجابة السؤال األول تقع باألساس على عاتق مفكري األمة ومثقفيها وخربائها بينما إجابة‬ ‫السؤال الثاني تكمن لدى صنّاع القرار‪ .‬ويف احلالتني نرجو أن يكون هذا التقرير إضافة ولو متواضعة لكل‬ ‫فرب همة أحيت‬ ‫اجلهود املخلصة األخرى اليت يقوم بها غرينا بهدف مراجعة الذات واستنهاض القدرات‪ّ ..‬‬ ‫أ ّمة‪...‬‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫‪15‬‬


‫البحث العلمي في الوطن العربي‬ ‫ّ‬ ‫التميز‬ ‫مؤشرات التخ ّلف ‪ ..‬ومحاوالت‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 18‬للتنمية الثقافية‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪19‬‬

‫البحث العلمي‬

‫النمو‬ ‫المعرفة مورد استراتيجي لتحقيق‬ ‫ّ‬ ‫البحوث العلمية واالبتكار في العالم العربي‬ ‫• مؤشرات البحوث العلمية ونواتجها‬

‫ ‬

‫البحث العلمي في الجامعات العربية‬ ‫ ‬

‫• الجامعات "مشتل" بشري للبحث العلمي‬

‫ ‬

‫• واقع البحث العلمي‪ :‬تقصير على أكثر من صعيد‬

‫دور البحث العلمي واإلبداع في التنمية‬

‫ ‬

‫• البحث العلمي في قلب تحديات التنمية‬

‫التميز"‬ ‫المؤسسية الجديدة لبناء القدرات العلمية العربية "حدائق التقنية ومراكز‬ ‫البنى‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫ ‬

‫• سبل مبتكرة لحل معضالت التنمية‬

‫ ‬

‫• نحو سياسة لدعم مراكز التميز العلمي‬

‫الّلغة العربية والفجوة التقنية‬

‫ ‬ ‫ ‬

‫• تجسير الفجوة بين "العربية" والحاسوب‬ ‫• تقنية المعلومات في خدمة اللغة العربية‪ :‬أوجه التطوير‬

‫آليات جديدة لدعم البحوث العربية‬

‫ ‬

‫• ترابط البحث العلمي في اإلطار العربي والدولي‬

‫من هجرة األدمغة إلى بناء مجتمعات الشتات المعرفية‬

‫ ‬

‫• ناقوس خطر مازال يدق‬

‫ ‬

‫• االستفادة من علماء المهجر‪ ..‬كيف السبيل؟‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 20‬للتنمية الثقافية‬

‫النمو‬ ‫املعرفة مورد استراتيجي لتحقيق‬ ‫ّ‬ ‫منذ انطالق الثورة الصناعية يف منتصف‬ ‫القرن الثامن عشر وانتشار نواجتها يف أرجاء‬ ‫العامل‪ ،‬ساد االعتقاد‪ ،‬وألمد قريب‪ ،‬بأن النم ّو‬ ‫االقتصادي أل ّي جمتمع هو نتيجة مباشرة‬ ‫للتفاعل بني رأس املال والعمل‪ .‬إال أن هذا‬ ‫تغي‪ ،‬فمنذ منتصف‬ ‫املفهوم احملدود للتط ّور قد رّ‬ ‫القرن املاضي‪ ،‬دخل على احلياة االقتصادية‬ ‫لك ّل جمتمعات الدول الغنية والفقرية منها على‬ ‫السواء‪ ،‬عامل إضايف يفوق عنصري رأس املال‬ ‫والعمل وزناً وأهمية‪ ،‬هو االبتكار‪.‬‬ ‫واحلقيقة فإن أكثر العوامل أهمية هي املوارد‬ ‫البشرية العاملة وكفاءتها املهنية والعلمية‪،‬‬ ‫مؤسساتها وتطلّعها املستمر إىل‬ ‫واحرتافية ّ‬ ‫التميّز واإلبداع وابتكار التكنولوجيات املفيدة‪،‬‬ ‫وبناء الشراكات العلمية العابرة للحدود‪ ،‬وإنشاء‬ ‫الشركات وخلق فرص العمل جزيلة األجر‪،‬‬ ‫واستقطاب أملع العلميّني واخلرباء من خمتلف‬ ‫أرجاء العامل وتوفري تقدميات علمية ومادية‬ ‫مغرية يصعب مقاومتها أو جتاهلها حتى من‬ ‫أبناء العامل النامي‪ .‬وقد ّمت بلوغ هذه األهداف‬ ‫يف الدول الغربية والحقاً يف مناطق أخرى من‬ ‫إطار ‪1‬‬

‫االبتكار حم ّرك االقتصاد العاملي‬

‫ميثّل االبتكار س ّر الريادة االقتصادية ألمريكا وأوروبا الغربية وأساس قوتها التنافسية يف‬ ‫االقتصاد العاملي‪ .‬فاالستثمار احلكومي والتزام القطاع اخلاص بتمويل البحث العلمي‪ ،‬واحرتام‬ ‫امللكية الفكرية واملعايري األكادميية يف التوظيف والرتقية‪ ،‬ووجود رؤوس األموال الف ّعالة‬ ‫واملبادرة‪ ،‬هي من بني األسباب اليت كانت وراء تف ّوق الغرب يف حتويل األفكار اجلديدة إىل‬ ‫مشروعات جتارية ناجحة لعقود من الزمن‪.‬‬

‫آسيا الشرقية وأميركا الالتينية‪ ،‬من خالل‬ ‫موجهة ومبنيّة على مهارات‬ ‫سياسات تعليمية ّ‬ ‫الرياضيات والعلوم والتكنولوجيا واالقتصاد‬ ‫اليت ال غنى عنها من أجل النجاح يف بناء‬ ‫اقتصاد املعرفة‪.‬‬ ‫ترافق ذلك مع نضوج متزايد ملفهوم‬ ‫االقتصاد املرتكز على املعرفة لدى الدول‬ ‫املتقدمة والنامية على ح ّد سواء‪ ،‬حيث أصبحت‬ ‫املعرفة مبثابة املورد االسرتاتيجي األساس‬ ‫لتحقيق النم ّو‪ ،‬وحت ّولت ديناميكية االقتصاد‬ ‫اجلديد حنو االعتماد على رأس املال الفكري‬ ‫املبين على التعلّم وتوليد املعرفة‪ .‬وقد أ ّدى‬ ‫التغي التكنولوجي املتسارع إىل بلورة دور‬ ‫رّ‬ ‫االبتكار كعنصر أساسي يف حتقيق النم ّو‬ ‫االقتصادي‪ ،‬وكأحد أه ّم العناصر اليت تتطلّع‬ ‫مؤسسة إىل بلوغها بهدف احلفاظ على‬ ‫ك ّل ّ‬ ‫الروح التنافسية يف العمل وتطوير مستوى‬ ‫اإلبداع‪ ،‬يف مناخ اجتماعي مالئم وحمفّز على‬ ‫روح املبادرة‪ ،‬من ضمن ثقافة تسودها احلرية‬ ‫االقتصادية والفكرية‪.‬‬ ‫تبوأت تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت‬ ‫دوراً حمورياً يف زيادة درجة الوصل ‪Degree‬‬ ‫‪ of Connectivity‬بني صنّاع املعرفة ووكالئها‬ ‫ومستثمريها من اجلامعات ومراكز البحوث‬ ‫واملؤسسات والشركات‪ ،‬األمر الذي‬ ‫واألفراد ّ‬ ‫تغي جذري يف قواعد الّلعبة وساعد‬ ‫أ ّدى إىل رّ‬ ‫على تعميم املعرفة بتكثيف منابعها‪ ،‬وأعداد‬ ‫مما‬ ‫متلقّيها‪ ،‬وانتشار قواعدها يف ك ّل قطاع‪ّ ،‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫واقع البحث العلمي العربي‬

‫شهدت الدول العربية عموماً نشاطاً ملحوظاً‪،‬‬ ‫خصوصاً خالل العقدين املاضيني‪ ،‬يف إنشاء‬ ‫اجلامعات العامة واخلاصة ومراكز األحباث‬ ‫واملتخصصة‪ ،‬بنا ًء على مناذج شاع‬ ‫العامة‬ ‫ّ‬ ‫استخدامها يف بلدان العامل املتق ّدم يف مطلع‬ ‫النصف الثاني من القرن املاضي‪ .‬ففي الغرب‬ ‫الصناعي خضعت معظم هذه النماذج لتط ّور‬ ‫جذري يف كثري من جوانبها‪ ،‬حبيث أسفرت عن‬ ‫مؤسسية مستحدثة من مدن وحدائق‬ ‫نشوء بنى ّ‬ ‫للعلوم‪ ،‬وحاضنات للتقنية‪ ،‬ومراكز للتميّز‪،‬‬ ‫وجت ّمعات صناعية مستندة إىل التقنيات العليا‪.‬‬ ‫ويف الدول العربية‪ ،‬ما زالت هذه املبادرات‬ ‫عموماً يف بداية الطريق‪ ،‬حديثة التجربة‪ ،‬تتّسم‬ ‫بطابع ك ّمي أكثر منه نوعي‪ ،‬والنتائج املعلنة‬ ‫واملعروفة عن إجنازاتها وقدرتها على حتقيق‬ ‫اخرتاقات نوعية ما زالت متواضعة‪ ،‬وضئيلة‪،‬‬ ‫بالنسبة إىل ما يتطلّبه النهوض بالقدرات‬ ‫العربية يف العديد من حقول العلم والتقنية‪.‬‬ ‫ولع ّل من أبرز التحديات اليت تواجه العرب‬ ‫يف املرحلة املقبلة هي أن نتائج األحباث اليت‬ ‫تت ّم لتطوير األجيال املقبلة من شبكة اإلنرتنت‬ ‫لن تكون متاحة ملستخدمي الّلغة العربية ما مل‬ ‫تت ّم معاجلة القضايا الشكلية واجلوهرية اليت‬

‫ما زالت تعيق تواجد هذه الّلغة واستثمارها على‬ ‫الشبكة‪ .‬وباملقابل فإن مستقبل تقنية املعلومات‬ ‫واالتصاالت يتيح فرصاً مثينة ملعاجلة متطورة‬ ‫للمحتوى العربي على اإلنرتنت ولتوسيع ونشر‬ ‫آليات اكتساب املعرفة وإنتاجها‪.‬‬

‫البحث العلمي‬

‫دفع الشركات‪ ،‬يف هلثها وراء االبتكار‪ ،‬ألن تبحث‬ ‫عن مبتغاها بعيداً عن قواعد إنتاج املعرفة‬ ‫"التقليدية"‪ ،‬سعياً لتحسني نوعية وجدارة‬ ‫منتجاتها وعملياتها التصنيعية والتسويقية‬ ‫املرافقة‪ ،‬فض ًال عن كلفتها‪ .‬ويف السياق نفسه‬ ‫تولّد إمجاع عاملي‪ ،‬ق ّل نظريه‪ ،‬على أن االبتكار‬ ‫التكنولوجي هو نتيجة "حتمية" و"ممكنة‬ ‫احلدوث" إذا ما حتقق التفاعل اإلجيابي‬ ‫والرتاكم النوعي بني البحث العلمي من جهة‪،‬‬ ‫والتطوير واإلنتاج والتسويق من جهة أخرى‪.‬‬

‫‪21‬‬

‫اقتصاد المعرفة‬

‫تتّجه منظومات البحث العلمي يف العامل إىل‬ ‫االعتماد أكثر فأكثر يف عالقاتها البينيّة على‬ ‫إقامة شبكات ترابط يف ما بينها‪ .‬ويعود أصل‬ ‫التوجه إىل االعتماد املتزايد لالقتصاد على‬ ‫هذا ّ‬ ‫العلم وتقنياته‪ ،‬وإىل احلاجة املتزايدة لتداول‬ ‫املعرفة والتشارك يف إنتاجها عرب شبكات‬ ‫الرتابط هذه‪ ،‬لدرجة أن االقتصاد القائم على‬ ‫املعرفة بات يوصف يف كثري من األحيان بأنه‬ ‫اقتصاد "شبكي"‪ .‬إن ما يضمن فاعلية هذه‬ ‫الشبكات املعرفية وجود شراكات بني خمتلف‬ ‫اجلهات املعنيّة بتوليد املعرفة واستثمارها‪،‬‬ ‫وما يزيد من أهميتها دورها احليوي والفاعل‬ ‫يف حتويل املنظومة الوطنية للعلوم والتقانة إىل‬ ‫منظومة وطنية لالبتكار‪ ،‬السيما أن لتكنولوجيا‬ ‫املعلومات دوراً حمورياً يف تطوير كفاءة‬ ‫التكنولوجيا وتسهيل توطينها وتعزيز االتصال‬ ‫وبناء الشبكات احمللية واإلقليمية والدولية‪.‬‬ ‫ومبا أن الّلغة العربية هي الضامن األساسي‬ ‫لفعالية التشبيك ونقل املعلومات وتبادهلا‬ ‫وإثرائها بني أبناء اجملتمع العربي‪ ،‬فقد ازداد‬ ‫االهتمام مبعاجلة العقبات الّلغوية والتقنية اليت‬ ‫تعيق استخدام الّلغة العربية بالصورة األمثل يف‬ ‫التواصل عرب الشبكة وعلى املواقع اإللكرتونية‪،‬‬ ‫بهدف إعطاء الّلغة العربية حقّها مبواكبة‬ ‫التط ّور اهلائل الذي تشهده تقنيات املعلومات‬ ‫وتطبيقاتها‪.‬‬ ‫ويف البلدان العربية تربز احلاجة أكثر من‬ ‫واملؤسسات‬ ‫أ ّي وقت مضى إىل تشبيك الباحثني ّ‬

‫أصبحت المعرفة بمثابة المورد‬ ‫االستراتيجي األساس لتحقيق النم ّو‪،‬‬ ‫وتح ّولت ديناميكية االقتصاد الجديد نحو‬ ‫االعتماد على رأس المال الفكري المبني‬ ‫على التعلّم وتوليد المعرفة‪ ..‬وتبوأت‬ ‫تكنولوجيا المعلومات واالتصاالت دوراً‬ ‫محورياً في زيادة درجة الوصل ‪Degree‬‬ ‫‪ of Connectivity‬بين صنّاع المعرفة‬ ‫ووكالئها ومستثمريها‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 22‬للتنمية الثقافية‬

‫االقتصاد القائم على المعرفة بات‬ ‫يوصف بأنه اقتصاد "شبكي" وتبرز في‬ ‫البلدان العربيّة الحاجة أكثر من أ ّي وقت‬ ‫والمؤسسات‬ ‫مضى إلى تشبيك الباحثين‬ ‫ّ‬ ‫البحثية بغية التجديد المعرفي وتعزيز‬ ‫ثقة الباحث العربي بنفسه ليصبح العباً‬ ‫مبتكراً في ظ ّل المنافسة العالمية التي‬ ‫فرضتها وتفرضها العولمة الشرسة‪..‬‬

‫مؤسساتي‬ ‫ثمة إجماع على قصور أداء ّ‬ ‫وتكنولوجي وثقافي ينبغي التص ّدي السريع‬ ‫له وبآليات وأنماط مختلفة ومبتكرة‪ ،‬لكن‬ ‫التخلّف الحالي قابل للتدارك إذا ما توافرت‬ ‫الرؤية الموضوعية واإلرادة السياسية‬ ‫المدعومة برصد الموارد الالزمة لبلورة‬ ‫والمؤسسات القادرة على‬ ‫البيئات التمكينيّة ّ‬ ‫رعاية البحوث المتميّزة واإلبداع‪..‬‬

‫البحثية من أجل التجديد املعريف وتعزيز ثقة‬ ‫الباحث العربي بنفسه ليصبح العباً مبتكراً يف‬ ‫ظ ّل املنافسة العاملية اليت فرضتها وتفرضها‬ ‫العوملة الشرسة‪ ،‬سوا ًء على املستوى العربي أم‬ ‫على املستوى العاملي‪ ،‬من دون إغفال الكمون‬ ‫اإلبداعي للعلميّني والباحثني العرب املنتشرين‬ ‫يف بلدان املهجر والدور املناط بهم لإلسهام‬ ‫يف تطوير منظومات البحث العلمي واالبتكار يف‬ ‫وطنهم األم‪.‬‬ ‫قصور مؤسساتي‬

‫ومن املنصف القول إنه على الرغم من‬ ‫إجنازات العلميّني املغرتبني وشهرتهم العاملية‪،‬‬ ‫يبقى التغريب بعيداً من نفوس غالبيتهم‪ ،‬كما‬ ‫ال يتن ّكرون ألوطانهم وعاداتهم وتقاليدهم‬ ‫وثقافتهم ولغتهم‪ .‬فقد تع ّددت ظروف هجرة‬ ‫األدمغة العربية‪ ،‬إال أنها مبعظمها تبدو قسرية‪،‬‬ ‫مبعنى أن هؤالء تركوا أوطانهم إما سعياً وراء‬ ‫ختصصات علمية متق ّدمة يع ّز نظريها يف الوطن‬ ‫ّ‬ ‫األم‪ ،‬أو بفعل اضطراب أحوال السياسة واألمن‪،‬‬ ‫أو تدهور أوضاع العيش اقتصادياً واجتماعياً‪،‬‬ ‫أو ألغلب هذه األسباب جمتمعة‪ .‬صحيح أن‬ ‫أعداداً منهم تعود إىل أوطانها‪ ،‬خصوصاً‬ ‫بعد نيل الدكتوراه‪ ،‬إال أن الكثري من هؤالء‬ ‫"العائدين" يشد الرحال جم ّدداً حنو املهجر‬

‫املؤسسات وغياب األجواء‬ ‫خائباً إزاء ندرة ّ‬ ‫املالئمة واحلوافز املادية والعلمية اليت تش ّجع‬ ‫على االبتكار واإلبداع‪ .‬فاهلجرة مل تأت من فراغ‬ ‫وإمنا فرضها واقع صعب وحاجة وأمل مبستقبل‬ ‫أفضل‪.‬‬ ‫يف التقارير والدراسات العربية والدولية‬ ‫وخمتلف احملافل املعرفية إمجاع على قصور‬ ‫مؤسساتي وتكنولوجي وثقايف ينبغي‬ ‫أداء ّ‬ ‫التص ّدي السريع له وبآليات وأمناط خمتلفة‬ ‫ومبتكرة‪ .‬ويف الوقت نفسه تأكيد على إحراز‬ ‫بعض التق ّدم الك ّمي يف بعض الدول العربية‪،‬‬ ‫وأن التخلف احلالي قابل للتدارك إذا ما توافرت‬ ‫الرؤية املوضوعية واإلرادة السياسية املدعومة‬ ‫برصد املوارد الالزمة لبناء البيئات التمكينية‬ ‫واملؤسسات القادرة على رعاية البحوث املتميّزة‬ ‫ّ‬ ‫واإلبداع‪ ،‬والتصميم والقدرة على حتويل‬ ‫منتجاته التقنية والعلمية إىل وسائل مساعدة‬ ‫ومناهج عمل لتحقيق التنمية اإلنسانية الشاملة‪.‬‬ ‫كما يبدو جلياً أن مفهوم اإلبداع مل يعد حمدوداً‬ ‫بظواهر االبتكار التقين البحت‪ ،‬بل اتّسع ليشمل‬ ‫مساحة عريضة من البحوث العلمية املتميّزة‬ ‫واجملدية‪ ،‬واملواكبة ألهم التيارات العلمية يف‬ ‫العامل‪ ،‬ليصل مداه إىل جماالت ثقافية مك ّملة‬ ‫كالفنون واآلداب والعلوم اإلنسانية واالجتماعية‪.‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪23‬‬

‫البحث العلمي‬

‫البحوث العلمية واالبتكار في العالم العربي‬

‫مؤشرات البحوث العلمية ونواتجها‬ ‫معوقات البحث العلمي‬

‫يرتبط تق ّدم العامل العربي بقدرته على‬ ‫توجه مرهون‬ ‫تطويع التقانات احلديثة‪ ،‬وهو ّ‬ ‫باإلمكانية على حتديث البحث العلمي احمللي‬ ‫واإلقليمي امللتزم باجلدوى والنوعية‪ .‬وعلى‬ ‫الرغم من املؤشرات السلبية باإلمجال واليت‬ ‫تتّصف بها أغلب اهليئات واملراكز البحثية‪،‬‬ ‫فإن العامل العربي ميلك موارد بشرية قادرة‬ ‫وكفوءة‪ ،‬وبإمكانه أن يك ّرس موارد مالية كافية‬ ‫للمؤسسات العلمية اليت أثبتت صدقيتها‪ .‬إال‬ ‫ّ‬ ‫أن أخطر ما تتّصف به املوارد العلمية العربية‬ ‫حالياً‪ ،‬هو أنها مل تعد تش ّكل كتلة حرجة على‬ ‫املستوى العلمي‪ ،‬فهي مشتّتة وتعاني التهميش‬ ‫وغياب احلوافز واإلمكانيات‪ ،‬وهلا اهتمامات‬ ‫عديدة غري علمية (تعليمية‪ ،‬إدارية)‪ ،‬وتتطلّع‬ ‫بشكل شبه دائم للهجرة (حنو اخلليج العربي‬ ‫أو حنو الغرب) حيث جتد إمكانيات أساسية‬ ‫إلظهار إبداعها‪ ،‬يف حني تعاني مراكز البحوث‬ ‫من الرتهل وغياب املناخ البحثي املالئم‪،‬‬ ‫وارتفاع املستوى العمري للباحثني وعدم القدرة‬ ‫على استقطاب الشباب الذين ميلكون التقنية‬ ‫احلديثة واهل ّمة الضرورية املطلوبة بإحلاح‪.‬‬ ‫إن االخرتاق العربي للحالة العلمية الراهنة‬ ‫ال يعين االكتفاء باسترياد التكنولوجيا فقط‪،‬‬ ‫بل إنتاجها بالتعاون مع الرأمسال العربي‪.‬‬ ‫كما أن االستفادة من الفرص املتاحة وجمابهة‬

‫التحديات تتطلّب قبل ك ّل شيء وجود رؤية‬ ‫واضحة للتنمية االقتصادية واالجتماعية‬ ‫تنبثق عنها سياسات واسرتاتيجيات للبحوث‬ ‫والتطوير‪ .‬إن اقتصادات عاملنا العربي قائمة‬ ‫على اإلنتاج املادي واملتاجرة واالستهالك‬ ‫واستنزاف املوارد الطبيعية‪ ،‬يف حني أن الدول‬ ‫الصناعية والغربية اليت حتت ّل صدارة العامل‬ ‫تعتمد على اإلنتاج املعريف واإلبداعي أساساً‬ ‫لتميّزها ورفاهية شعوبها‪.‬‬ ‫تش ّكل فجوة البيانات حول أوضاع املراكز‬ ‫البحثية العربية عائقاً جدياً أمام الدارسني‬ ‫ومتّخذي القرار الساعني لتحليل الواقع‬ ‫واستشراف آفاقه‪ .‬وعلى الرغم من العديد‬ ‫من املبادرات اليت اتخّ ذتها جامعة الدول‬ ‫العربية لتنظيم العمل العربي املشرتك‪ ،‬الذي‬ ‫تك ّرس بقيام مراكز حبثية وعلمية واحتادات‬ ‫مهنية لتفعيل التعاون والتنسيق بني الدول‬ ‫العربية‪ ،‬فإن الوطن العربي ما زال يفتقد‬ ‫وجود مرصد عربي يهت ّم ببناء ّ‬ ‫املؤشرات‬ ‫الك ّمية والنوعية العربية‪ ،‬ويضمن صدقية‬ ‫البيانات حول البحث والنشر العلمي واإلبداع‬ ‫املؤسسات الدولية من النقص‬ ‫العربي‪ .‬وتشكو ّ‬ ‫الفادح يف املعلومات الواردة من الدول العربية‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من اإلحلاح املستمر من منظمات‬ ‫األمم املتحدة والبنك الدولي وبرامج االحتاد‬ ‫األوروبي‪ ،‬فإن عدد الدول اليت جتاوبت بشكل‬ ‫شبه مستمر مع طلبها معطيات حول مدخالت‬ ‫وخمرجات البحث العلمي والتعليم العالي ودور‬

‫أخطر ما تتّصف به الموارد العلمية‬ ‫العربية حالياً‪ ،‬هو أنها لم تعد تش ّكل كتلة‬ ‫حرجة على المستوى العلمي‪ ،‬فهي مشتّتة‬ ‫وتعاني من التهميش وغياب الحوافز‬ ‫واإلمكانيات‪ ،‬ولها اهتمامات عديدة غير‬ ‫علمية (تعليمية‪ ،‬إدارية)‪ ،‬وتتطلّع بشكل‬ ‫شبه دائم للهجرة‪ ،‬حيث تجد إمكانيات‬ ‫أساسية إلظهار إبداعها‪ ،‬في حين تعاني‬ ‫مراكز البحوث من الترهل وغياب المناخ‬ ‫البحثي المالئم‪ ،‬وارتفاع المستوى‬ ‫العمري للباحثين وعدم القدرة على‬ ‫استقطاب الشباب الذين يملكون التقنية‬ ‫الحديثة واله ّمة الضرورية‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 24‬للتنمية الثقافية‬

‫قطاعات اإلنتاج ومنظومة االبتكار‪ ،‬مل يتجاوز وعدم اتباع منهجية مو ّحدة ومعرتف بها يف‬ ‫يف أحسن األحوال ست دول عربية فقط‪ ،‬بينما جتميع البيانات‪.‬‬ ‫غابت املعلومات بشكل شبه جزئي وكلياً عن بقية‬ ‫محددات قياس حركة البحث العلمي‬ ‫‪.1‬‬ ‫الدول الست عشرة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫اعتمدت الدراسة املنهج املطبّق يف معهد‬ ‫وإذا ما ّمت جتاوز مسألة الدقة يف البيانات‬ ‫املنشورة أحياناً واجلدية يف اعتماد أخصائيني اليونسكو لإلحصاء ومنظمة التعاون االقتصادي‬ ‫خيص البحث والتطوير‪ ،‬وكذلك‬ ‫مستقلني لتوفريها‪ ،‬فإن هذه املعوقات ت ّدل والتنمية يف ما ّ‬ ‫ّ‬ ‫مما ميكننا من مقارنة‬ ‫خيص االبتكار ‪ّ ،‬‬ ‫بصراحة على صعوبة بناء مؤشرات على يف ما ّ‬ ‫املستوى العربي العام‪ ،‬أو على مستوى بعض البيانات على املستويات الوطنية واإلقليمية‬ ‫األقاليم العربية (دول املشرق‪ ،‬املغرب‪ ،‬اخلليج والدولية‪ .‬ويف مجيع البيانات اليت ّمت نشرها وما‬ ‫العربي)‪ ،‬أو حتى على مستوى دولة واحدة زالت تنشر حتى تارخيه يف غالبية الدول العربية‬ ‫جبميع مك ّونات منظومتها البحثية واجلامعية‪ ،‬يت ّم تصنيف العلوم والتكنولوجيا مبنهجيات‬ ‫مما‬ ‫مؤشرات ال تتصف بالتناقض يف البيانات خمتلفة‪ ،‬حتى ولو كانت الفحوى واحدة‪ّ ،‬‬ ‫ومتالئمة مع قواعد املعلومات العاملية‪ .‬صحيح يص ّعب من إجراء مقارنات موضوعية‪ .‬ومن هذا‬ ‫التخصصات‬ ‫أن هناك بعض املبادرات اخلجولة إلنشاء املنطلق‪ ،‬من شأن اعتماد تصنيف ّ‬ ‫وحدات لرصد مؤشرات العلوم والتكنولوجيا العلمية املبين على تصنيف العلوم والتكنولوجيا‪،‬‬ ‫يف الدول اليت ط ّورت إمكانياتها منذ مطلع والذي وضعته منظمة التعاون االقتصادي‬ ‫املؤسسات التابعة والتنمية وأسهم فيه أيضاً معهد اليونسكو‬ ‫التسعينيات‪ ،‬بدعم من ّ‬ ‫لألمم املتحدة مثل منظمة األمم املتحدة لإلحصاء (‪ ،)UIS‬من خالل مراجعة تصنيف‬ ‫للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) والّلجنة حقول العلوم والتكنولوجيا كجزء من كتيّب‬ ‫االقتصادية واالجتماعية لغرب آسيا(إسكوا) فراسكاتي ‪ ، Frascati Manual‬أن يس ّهل مقارنة‬ ‫واملنظمات العربية مثل املنظمة العربية للتربية البيانات اخلاصة مبجاالت العلوم والتكنولوجيا‬ ‫والثقافة والعلوم(ألكسو) واملنظمات اإلسالمية وتصنيفها‪ .‬وتوحيد املنهجية ال يقتصر على‬ ‫مثل املنظمة اإلسالمية للتربية والعلوم والثقافة جماالت العلوم والتكنولوجيا فقط‪ ،‬بل يشمل‬ ‫(إيسيسكو)‪ ،‬إال أن احلقيقة تظهر أن هذه أيضاً ّ‬ ‫مؤشرات اإلنفاق على البحث والتطوير‬ ‫املبادرات ما زالت مقصرة عن بلوغ احل ّد األدنى والعاملني بالبحث والتطوير بنظام معادل‬ ‫من االحرتافية والصدقية‪ ،‬وما زالت حمصورة الوقت الكامل‪ ،‬إىل جانب املخرجات من حبوث‬ ‫يف أطر ضيقة وعدد قليل من الدول‪ ،‬وتعاني من منشورة وبراءات اخرتاع ومسوحات االبتكار‪.‬‬ ‫ضعف اإلمكانيات املالية وتناقصها سنة فسنة‪ ،‬ومن مفاهيم هذه املنهجية أن ّ‬ ‫مؤشرات‬ ‫واملؤسسي الداعم هلا‪ ،‬اإلنفاق على البحوث والتطوير ال تعت ّد بإمجالي‬ ‫وغياب القرار السياسي ّ‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪OECD (2002). Frascati Manual. The Measurement of Scientific and Technological Activities 1‬‬ ‫‪.Proposed Standard Practice for Surveys on Research and Experimental Development. OECD‬‬ ‫‪OECD (2005) Oslo Manual. The Measurement of Scientific and Technological Activities 2‬‬ ‫‪Guidelines for Collecting and Interpreting Innovation Data, 3rd edition‬‬ ‫‪OECD (2002). Frascati Manual. The Measurement of Scientific and Technological Activities 3‬‬ ‫‪.Proposed Standard Practice for Surveys on Research and Experimental Development. OECD‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪ 1 -1‬تصنيف العلوم والتكنولوجيا‬

‫يف دليل منظمة التعاون االقتصادي والتنمية‬ ‫للتخصصات العلمية والتقنية‬ ‫تقسيم واضح‬ ‫ّ‬ ‫موزعة على ستة جماالت رئيسية (العلوم‬ ‫الطبيعية‪ ،‬هندسة وتكنولوجيا‪ ،‬علوم طبية‬ ‫وصحية‪ ،‬علوم زراعية‪ ،‬علوم اجتماعية وعلوم‬ ‫التخصصات األساسية‬ ‫إنسانية) وعدد من‬ ‫ّ‬ ‫والدقيقة ‪ .‬ومن شأن االلتزام بهذا التصنيف‬ ‫جتنّب الكثري من املشكالت املرتبطة بتداخل‬ ‫بعض اجملاالت العلمية والتقنية‪.‬‬ ‫ومثة بعد آخر جيب األخذ به وهو أن‬ ‫العديد من الدول العربية تستخدم تصنيف‬ ‫ختصصات مثل‬ ‫العلوم األساسية للتعبري عن ّ‬ ‫الرياضيات والكيمياء والفيزياء وعلوم النبات‬ ‫واحليوان واليت تصنّف عاملياً حتت مسمى‬ ‫"العلوم الطبيعية"‪ .‬وبناء على كتيّب فراسكاتي ‪،‬‬ ‫يت ّم تقسيم البحث والتطوير إىل ثالثة جماالت‪:‬‬ ‫حبوث أساسية وحبوث تطبيقية وتطوير‬ ‫‪4‬‬

‫‪5‬‬

‫‪6‬‬

‫البحث العلمي‬

‫املؤسسات البحثية‪ ،‬بل يت ّم احتساب‬ ‫ميزانيات ّ‬ ‫املؤسسة‬ ‫املنصرف الفعلي خالل عام مالي داخل ّ‬ ‫وخارجها وحتديد مصادر التمويل‪ .‬وحتديد‬ ‫العاملني بالبحث والتطوير بنظام معادل الوقت‬ ‫الكامل له قواعد جيب اتباعها‪ ،‬قد تبدو أسهل‬ ‫بالنسبة إىل مراكز ومعاهد البحوث اليت تتفرغ‬ ‫للبحث والتطوير‪ ،‬بينما خيتلف الوضع بالنسبة‬ ‫إىل اجلامعات اليت يتوجب عليها حتديد نسبة‬ ‫مشاركة أعضاء هيئة التدريس يف أنشطة البحث‬ ‫والتطوير‪.‬‬

‫مما يعين أن البحوث األساسية‪،‬‬ ‫جترييب‪ّ ،‬‬ ‫وخبالف ما يتداول يف بعض احملافل العلمية‬ ‫ختصصات العلوم‬ ‫العربية‪ ،‬جزء ال يتجزأ من ك ّل ّ‬ ‫والتكنولوجيا‪.‬‬ ‫‪ 2 - 1‬تصنيف الموارد البشرية‬

‫يعترب التصنيف القياسي الدولي الوظيفي‬

‫‪25‬‬

‫‪7‬‬

‫(‪International Standard Classification of‬‬

‫‪ )Occupations‬األكثر داللة على أوضاع العاملني‬ ‫يف البحث والتطوير على مستويات خمتلفة‪ .‬ويف‬ ‫كتيب فراسكاتي توصيف للوظائف املص ّممة‬ ‫خصيصاً لعمليات املسح املوجهة للبحث‬ ‫والتطوير وأهمها وظيفة الباحث العلمي‬ ‫اليت تعين "املهنيني العاملني يف ابتكار معرفة‬ ‫جديدة أو منتج جديد أو آلية جديدة أو منظومة‬ ‫جديدة‪ ،‬باإلضافة إىل إدارة املشروعات املتعلقة‬ ‫بها‪ .‬وتشمل هذه الفئة من حصل على درجة‬ ‫الدكتوراه باإلضافة إىل طالب الدكتوراه ومحلة‬ ‫املاجيستري والذين يعملون بالبحث والتطوير‪،‬‬ ‫وأعضاء هيئة التدريس يف اجلامعات والباحثني‬ ‫يف مراكز وهيئات البحوث العلمية"‪ .‬أما‬ ‫الفنّيون واجلهاز الداعم فيشمل الذين يتطلّب‬ ‫عملهم األساسي معرفة وخربة فنية لتطبيق‬ ‫مفاهيم ومناهج عملية غالباً ما تكون حتت‬ ‫إشراف الباحث‪ .‬أما املوظفون الداعمون فهم‬ ‫جمموعة احلرفيني املهرة وغري املهرة واملوظفني‬ ‫اإلداريني‪ .‬كما يشري فريسكاتي إىل أهمية بيان‬ ‫املؤسسة (‪total head‬‬ ‫العدد اإلمجالي للعاملني يف ّ‬ ‫‪ ،)count‬والذي ميثّل العاملني بصفة أساسية أو‬ ‫‪8‬‬

‫‪OECD (2007). Revised Field of Science and Technology (FOS) Classification in the Frascati Manual. Committee for Scientific and 4‬‬ ‫‪Technological Policy - Working Party of National Experts on Science and Technology Indicators. Organisation for Economic Co-operation and‬‬ ‫‪Development‬‬ ‫‪ 5‬نبيل عبداجمليد صاحل‪ ،‬مؤشرات العلوم والتكنولوجيا يف الدول العربية لعام ‪ ،2006‬األليكسو واليونسكو مكتب القاهرة األكادميية العربية للعلوم (‪.)2008‬‬ ‫‪OECD (2002). Frascati Manual. The Measurement of Scientific and Technological Activities – Proposed Standard Practice for Surveys on 6‬‬ ‫‪Research and Experimental Development. OECD‬‬ ‫‪International Labour Organization (1990), International Standard Classification of Occupations: ISCO-88, Geneva 7‬‬ ‫‪OECD (2002). Frascati Manual. The Measurement of Scientific and Technological Activities – Proposed Standard Practice for Surveys on 8‬‬ ‫‪Research and Experimental Development. OECD‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 26‬للتنمية الثقافية‬

‫إطار ‪2‬‬

‫معادل الوقت كامل (‪)Full Time Equivalent, FTE‬‬

‫يعنى هذا البيان بعدد املوظفني العاملني بدوام كامل يف البحث والتطوير‪ .‬والنظام املعتاد هو‬ ‫قياس الشخص‪/‬بالنسبة إىل العام املالي الذي حتتسب من ضمنه نسبة اإلنفاق على البحث‬ ‫والتطوير‪ .‬ويقدر الشخص الذي ميضي عادة ‪ % 30‬من وقته‪/‬وقتها يف البحث والتطوير‪ ،‬والباقي‬ ‫على أنشطة أخرى (مثل التدريس أو يف إدارة اجلامعة)‪ ،‬مبا يعادل ‪ .FTE 0.3‬وباملثل لو عمل‬ ‫باحث متف ّرغ يف وحدة حبث وتطوير مل ّدة ستة أشهر فقط فيحسب على أساس ‪.FTE 0.5‬‬ ‫جتدر اإلشارة إىل أنه من الصعب حساب الـ ‪ FTE‬بالنسبة إىل اجلامعات‪ ،‬ومع ذلك فقد‬ ‫خيص العاملني يف البحث والتطوير يف جمال‬ ‫أوصى كتاب فراسكاتي يف البند ‪ ،339‬يف ما ّ‬ ‫التعليم العالي‪ ،‬بضرورة القيام مبسح أو دراسات الستخدام الوقت (‪ .)time-use‬وعلى الرغم‬ ‫من شيوع هذا املؤشر فإنه نادراً ما اعتُمد يف قواعد املعلومات العربية‪ .‬ففي الدراسة اخلاصة‬ ‫مبؤشرات العلوم والتكنولوجيا يف الدول العربية لعام ‪ 2006‬قدمت دول ع ّدة تقارير عن العدد‬ ‫اإلمجالي هليئة التدريس "مبعادل الوقت الكامل" فى اجلامعات من دون أن تذكر نسبة الوقت‬ ‫املخصص للبحث يف مهامهم باستثناء تونس اليت ح ّددت النسبة على أساس ‪ ، % 35‬واملغرب‬ ‫ّ‬ ‫‪ ، % 33‬ومصر ‪ % 20‬لك ّل من األستاذ واألستاذ املساعد و‪ % 30‬بالنسبة للمد ّرس واملد ّرس‬ ‫املساعد‪.‬‬ ‫‪9‬‬

‫جزئية يف البحث والتطوير‪ ،‬يف حتليل الواقع‬ ‫الوظيفي ووضع آليات للحفاظ على التوازن بني‬ ‫اجلنسني وجتنّب النقص يف العلميني نتيجة بلوغ‬ ‫السن القانوني للتقاعد أو اهلجرة إىل اخلارج‪.‬‬ ‫‪ 3 - 1‬اإلنفاق على البحث والتطوير‬

‫ينقسم اإلنفاق على البحث والتطوير إىل‬ ‫شقّني‪ :‬اإلنفاق الداخلي (ويشمل ك ًال من‬ ‫التكاليف اجلارية املباشرة وغري املباشرة داخل‬ ‫املؤسسة) واإلنفاق اخلارجي (اإلنفاق الذي يت ّم‬ ‫ّ‬ ‫املؤسسة)‪ .‬أما مصادر التمويل فتشمل‬ ‫خارج ّ‬ ‫املوارد املتوفرة من القطاعات االقتصادية‬ ‫ورجال األعمال والقطاع احلكومي والقطاع‬ ‫األهلي الذي ال يبغي الربح وقطاع التعليم العالي‬ ‫واملصادر األجنبية‪.‬‬ ‫‪ . 2‬مدخالت البحث والتطوير‬ ‫المؤسسات‬ ‫‪1-2‬‬ ‫ّ‬

‫تتو ّزع مراكز البحوث العربية بني اجلامعات‬ ‫املتخصصة ومراكز التميّز اليت‬ ‫واملراكز‬ ‫ّ‬ ‫أنشئت خالل العقد املاضي‪ ،‬وختتلف عالقاتها‬

‫بالقطاع العام والقطاع اخلاص بني دولة‬ ‫للمؤسسات الرمسية‬ ‫وأخرى‪ .‬ويف استعراض ّ‬ ‫املشرفة مباشرة على البحوث العلمية وبرامج‬ ‫التطوير‪ ،‬يتبينّ أن أغلب الدول قد اعتمدت‬ ‫وزارات التعليم العالي والبحث العلمي (اإلمارات‬ ‫واجلزائر والسودان واملغرب واليمن وتونس) أو‬ ‫وزارة دولة للبحث العلمي (مصر)‪ ،‬بينما اكتفت‬ ‫دول أخرى مبجالس مستقلة عن الوزارات‬ ‫ختضع لوصاية رئيس جملس الوزراء أو لوزارات‬ ‫التعليم العالي أو جملالس إدارة خمتلطة بني‬ ‫القطاعني العام واخلاص كما هي احلال مث ًال‬ ‫يف لبنان (اجمللس الوطين للبحوث العلمية)‬ ‫واألردن (اجمللس األعلى للعلوم والتكنولوجيا)‬ ‫وسوريا (اهليئة العليا للبحث العلمي) والكويت‬ ‫ومؤسسة‬ ‫(معهد الكويت لألحباث العلمية ّ‬ ‫الكويت للتقدم العلمي) والبحرين (مركز‬ ‫البحوث والدراسات) والسعودية (مدينة امللك‬ ‫عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا)‪ .‬ومن البديهي‬ ‫اإلشارة إىل أن هذه اهليئات (واملراكز البحثية‬ ‫التابعة هلا أو املراكز البحثية املستقلة) ال تش ّكل‬ ‫إال جزءاً من حركة البحث العلمي وأنشطته يف‬ ‫الدول العربية‪ ،‬اليت عمدت إلنشاء املزيد من‬ ‫املتخصصة يف‬ ‫املراكز أو الوحدات البحثية‬ ‫ّ‬ ‫اجلامعات أو ضمن أطر أخرى حديثة حتاشياً‬ ‫للبريوقراطية ورغبة بضمان شراكات أكثر‬ ‫تغي‬ ‫فعالية مع قطاعات اإلنتاج واملعرفة‪ .‬وقد رّ‬ ‫نهج العالقة بني البحوث والدولة‪ ،‬فتوجهت‬ ‫أغلب الدول الصناعية لربط البحوث بوزارات‬ ‫الصناعة والتكنولوجيا أو بوزارات اخلدمات‬ ‫والبيئة‪ .‬كما يزداد التوجه العاملي للتخفيف من‬ ‫املركزية الصارمة والتح ّول حنو مراكز حمورية‬ ‫قادرة على بناء شراكة مستدامة مع القطاع‬ ‫اخلاص واستقطاب مصادر متويل خارجية‬ ‫ووضع توجهات علمية متكاملة‪.‬‬

‫‪ 9‬تقرير املعرفة العربي للعام ‪ 2009‬حنو تواصل معريف منتج (‪.)2010‬الفصل اخلامس‪ :‬ا"ألداء االعربي فى جمال البحث واإلبداع"‪.‬‬ ‫ومؤسسة حممد بن راشد آل مكتوم‪ ،‬دبي– اإلمارات‪.‬‬ ‫أعد بدعم ورعاية مشرتكة من برنامج األمم املتحدة اإلمنائي ّ‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪10‬‬

‫تونس‬ ‫ُعمان‬ ‫قطر‬ ‫الكويت‬ ‫السعودية‬ ‫األردن‬ ‫اإلمارات‬ ‫املغرب‬ ‫ماليزيا‬

‫البلد‬

‫الترتيب ‪ 127 /‬دولة‬

‫الترتيب عربي ًا‬

‫‪36‬‬

‫‪1‬‬

‫‪38‬‬

‫‪2‬‬

‫‪45‬‬

‫‪3‬‬

‫‪46‬‬

‫‪4‬‬

‫‪52‬‬

‫‪5‬‬

‫‪59‬‬

‫‪6‬‬

‫‪66‬‬

‫‪7‬‬

‫‪79‬‬

‫‪8‬‬

‫‪17‬‬

‫‪Source: World Economic Forum. The Global Information: Technology, Report 2007‬‬ ‫‪-2008‬‬

‫للمؤسسات‬ ‫إال أن اإلنتاجية األهم فيها تبقى ّ‬ ‫القادرة على استقطاب الدعم الدولي‪ ،‬وعلى‬ ‫بناء شراكة مع قطاعات اإلنتاج‪ .‬كما تتصف‬ ‫مؤسسات هذا النموذج بديناميكية واعدة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ولكن بعدم استقرار اخلرباء العلميني وحركتهم‬ ‫الكثيفة يف الداخل واخلارج (تونس ولبنان‬ ‫واألردن)‪.‬‬ ‫المستقطبة للموارد‪ :‬دول تتصف‬ ‫مراكزها باملرونة وأحياناً باستقاللية عن القطاع‬ ‫العام‪ ،‬وبالتنويع يف مصادر التمويل‪ ،‬وبالقدرة‬ ‫املتخصصة‬ ‫على استقطاب املوارد البشرية‬ ‫ّ‬ ‫من اخلارج‪ ،‬وضمان استقرار نسيب ملواردها‬ ‫الوطنية‪ .‬كما أن نسبة مهمة من إنتاجها العلمي‬ ‫يأتي من اجلامعات واملراكز اخلاصة‪ ،‬ولديها‬ ‫القدرة على االستفادة من برامج التعاون الدولي‬ ‫ومن الشراكة مع قطاعات اخلدمات والصناعة‬ ‫ومن صناديق الدعم الوطنية املستقلة (اإلمارات‬ ‫العربية املتحدة وقطر)‪.‬‬ ‫توجهت إلنشاء مراكز متيّز‬ ‫المتميزة‪ :‬دول ّ‬ ‫من ضمن آليات ومناهج مستمدة من التجارب‬ ‫الغربية‪ ،‬وتتمتع باالستقاللية وتتصف بالفعالية‪.‬‬

‫‪ 10‬تقرير املعرفة العربي للعام ‪ – 2009‬حنو تواصل معرفى منتج (‪.)2010‬الفصل اخلامس‪" :‬األداء االعربي يف جمال البحث‬ ‫ومؤسسة حممد بن راشد آل مكتوم‪ ،‬دبي‪ -‬اإلمارات‪.‬‬ ‫واإلبداع"‪ .‬أع ّد بدعم ورعاية مشرتكة من برنامج األمم املتّحدة اإلمنائي ّ‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫البحث العلمي‬

‫يف أحدث تقارير املنتدى االقتصادي العاملي‬ ‫تصنيف للمراكز البحثية يف ‪ 127‬دولة لناحية‬ ‫كفاءتها ومتيّزها البحثي‪ .‬ويتبينّ من اجلدول‬ ‫رقم (‪ )1‬أن املراكز العربية املعنيّة بهذا‬ ‫التصنيف مل ترد إال اعتباراً من الرتبة ‪ ،36‬وأن‬ ‫الدول العربية التى وردت يف الثلث األول مل تزد‬ ‫يت تونس و ُعمان‪ ،‬يضاف إليها أربع دول‬ ‫على دول ّ‬ ‫يف النصف األول من اجملموعة (قطر والكويت‬ ‫والسعودية واألردن)‪ ،‬يف حني احتلت ماليزيا‬ ‫(بإمكانياتها البشرية واملالية احملدودة نسبياً)‬ ‫مركزاً متقدماً (‪.)17‬‬ ‫من املعطيات املتو ّفرة عن هيكليات وبرامج‬ ‫ونواتج البحوث واإلبداع يف أغلب مراكز البحوث‬ ‫العلمية العربية ‪ ،‬ميكن حتليل ما آلت إليه‬ ‫أوضاعها احلالية وفق النماذج اخلمسة التالية‪:‬‬ ‫الخدماتية‪ :‬دول ختلّت مراكزها البحثية‬ ‫اليت أنشئت يف النصف الثاني من القرن املاضي‬ ‫عن البحث واالبتكار‪ ،‬وحتولت لالهتمام بتقديم‬ ‫اخلدمات التحليلية أو تنظيم دورات تدريبية‬ ‫أو االكتفاء بإعداد دراسات فنية ملختلف‬ ‫القطاعات‪.‬‬ ‫المركزية‪ :‬دول تتصف مراكزها البحثية‬ ‫مبركزية إدارية شديدة وعالقات بريوقراطية‬ ‫مع القطاع العام‪ ،‬وينحصر متويلها يف مساهمة‬ ‫الدولة وال تعرف تن ّوعاً يف مواردها البشرية‬ ‫واملالية‪ .‬كما أن مهام املراكز وبراجمها البحثية‬ ‫مثقلة باخلدمات العلمية اليت حتتاجها املرافق‬ ‫العامة‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن مساهمتها يف إنتاج البحوث‬ ‫األصيلة وبراءات االخرتاع حمدودة‪ ،‬وال تشمل‬ ‫ك ّل االختصاصات العلمية (سوريا وليبيا‬ ‫واجلزائر والسودان)‪.‬‬ ‫المستقلة نسبي ًا‪ :‬دول تتصف مراكزها‬ ‫مبرونة نسبية يف عالقتها مع القطاع العام‪،‬‬ ‫وبالتنويع يف مصادر التمويل واملوارد البشرية‪.‬‬

‫جدول رقم ‪1‬‬

‫مؤشر متيز وكفاءة مراكز البحوث والتطوير العربية‬

‫‪27‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 28‬للتنمية الثقافية‬

‫خيص ك ًال من مصر والسعودية‪ ،‬اليت‬ ‫ويف ما ّ‬ ‫حتوي أكرب عدد من املراكز البحثية يف العامل‬ ‫العربي‪ ،‬ميكن القول بأن النماذج اخلمسة‬ ‫ومؤسساتها العريقة وتلك‬ ‫تنطبق على مراكزها ّ‬ ‫احلديثة النشأة‪.‬‬ ‫املؤسسات‬ ‫ّ‬ ‫مما ال شك فيه أن العديد من ّ‬ ‫ختصصت يف‬ ‫واملراكز البحثية العربية قد ّ‬ ‫جماالت حمددة وبناء على متطلبات فعلية‬ ‫مثل حبوث النخيل يف العديد من دول اخلليج‪،‬‬ ‫والبحوث الزراعية واملصادر املائية يف دول‬ ‫مثل مصر وسوريا واملغرب والسودان‪ .‬كما بدأت‬ ‫البحوث الصناعية والنانوتكنولوجية والبيئية‬ ‫ومحاية املوارد الطبيعية والعلوم الطبية والصحة‬ ‫العامة والبيوتكنولوجية تأخذ أولوية ملفتة يف‬ ‫أغلب الدول العربية‪.‬‬

‫‪ 2 -2‬السياسات‬

‫خالل العقدين املاضيني‪ ،‬قطعت العديد‬ ‫من الدول العربية مراحل متقدمة حنو وضع‬ ‫سياسات واسرتاتيجيات للعلم والتكنولوجيا‪،‬‬ ‫بعدما كان النمط السابق ينحصر يف اعتماد‬ ‫سياسات قطاعية مثل الزراعة وتنمية املوارد‬ ‫املائية ومعاجلة األمراض الشائعة‪ ،‬من دون‬ ‫أن تتطرق لعلوم اإلنسان واجملتمع أو أن ترتبط‬ ‫بشكل أو آخر بالسياسات اإلقتصادية للدولة‪.‬‬ ‫وميكن اعتبار هذه "السياسات" جمرد توجهات‬ ‫وحماور علمية تعبرّ عن أولويات لتلبية حاجات‬ ‫ملحة يف اجملتمع وجمابهة حتديات يف قطاعات‬ ‫اإلنتاج والصحة العامة والبيئة يف البلد املعين‪،‬‬ ‫بعيداً عن أي رؤية أقليمية أو دولية‪.‬‬ ‫يف اجلدول رقم (‪ )2‬جتميع لبعض األولويات‬ ‫اليت أفرزتها السياسات البحثية املعلنة يف بعض‬ ‫الدول العربية حتى نهاية عام ‪.2009‬‬ ‫‪11‬‬

‫جدول رقم ‪2‬‬ ‫الدولة‬

‫األردن‬

‫البحرين‬

‫اجلزائر‬

‫أولويات العلوم والتكنولوجيا يف بعض الدول العربية‬ ‫أولويات العلوم والتكنولوجيا‬

‫تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت‪.‬‬ ‫التكنولوجيا احليوية وتطبيقاتها‪.‬‬ ‫علوم املواد املتقدمة التكنولوجيا النانوية‪.‬‬ ‫تطوير نظام اإلنذار الوطين املبكر لتلوث املياه‪.‬‬ ‫مصادر املياه وحتليتها ومعاجلتها ومجعها‪.‬‬ ‫الطاقة اجلديدة واملتجددة‪.‬‬ ‫التعدين واستخالص املعادن‪.‬‬ ‫أحباث الطاقة‪.‬‬ ‫أحباث البيئة‪.‬‬ ‫أحباث املعلوماتية‪.‬‬ ‫الزراعة والتغذية‪.‬‬ ‫موارد املياه‪.‬‬ ‫البيئة‪.‬‬ ‫مكافحة التصحر‪.‬‬ ‫التنقيب واستغالل املواد األولية يف الصناعة‪.‬‬ ‫تكنولوجيا متقدمة‪.‬‬

‫‪ 11‬البهلول اليعقوبي‪ ،‬املوائمة بني خمرجات التعليم العالي وحاجات اجملتمع يف الوطن العربي‪ ،‬إعـداد املنظمة العربية للرتبية والثقافة‬ ‫والعلوم‪ ،‬مكتب اليونسكو بالقاهرة ‪ -‬املؤمتر الثاني عشر للوزراء املسؤولني عن التعليم العالي والبحث العلمي يف الوطن العربي‪ ،‬بريوت‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫تابع جدول ‪2‬‬

‫السودان‬

‫املغرب‬

‫اليمن‬

‫تونس‬

‫لبنان‬

‫مصر‬

‫أولويات العلوم والتكنولوجيا يف بعض الدول العربية‬

‫البحث العلمي‬

‫السعودية‬

‫‪29‬‬

‫األمن املائي‬ ‫االحتياجات االسرتاتيجية للدفاع واألمن الوطين‪.‬‬ ‫قطاعات النفط والغاز والصناعات البرتوكيميائية‪.‬‬ ‫احملافظة على البيئة‪.‬‬ ‫استكشاف املوارد الطبيعة‪.‬‬ ‫اإللكرتونيات واالتصاالت واملعلومات‬ ‫خدمة الشعائر اإلسالمية‪.‬‬ ‫مكافحة الوبائيات والطفيليات واآلفات‪.‬‬ ‫نقل التقانة يف جماالت الطاقة والزراعة‪.‬‬ ‫حتسني البذور واحملاصيل وسالالت احليوانات‪.‬‬ ‫حتسني جودة املياه‪.‬‬ ‫معرفة املوارد املائية واحملافظة عليها وتثمينها‪.‬‬ ‫التنمية االجتماعية واالقتصادية والتقانية‪.‬‬ ‫تكنولوجيا االتصاالت واإلعالم‪.‬‬ ‫الفالحة يف الظروف الصعبة‪.‬‬ ‫االبتكار ورفع القدرة التنافسية‪.‬‬ ‫تكنولوجيا الصناعات النفطية‪.‬‬ ‫الزراعة واستخدامات التكنولوجيا احليوية لتحسني اإلنتاجية‪.‬‬ ‫الري وحتلية املياه‪.‬‬ ‫تكنولوجيات صيد األمساك وحفظها وتعليبها‬ ‫تكنولوجيات الصناعات الزراعية واحليوانية‪.‬‬ ‫تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت‪.‬‬ ‫االستغالل األمثل للموارد املائية‪.‬‬ ‫تكنولوجيا الطاقات املتجددة‪.‬‬ ‫الصحة ومراقبة األمراض اجلديدة واملتجددة‪.‬‬ ‫منطقة التبادل احلر وآثارها االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬ ‫العلوم األساسية والصناعية واهلندسية (الطاقة ومصادر الطاقة املتجددة‪ ،‬االتصاالت‬ ‫وتكنولوجيا املعلومات‪ ،‬علوم املواد‪ ،‬الصناعات الرائدة)‪.‬‬ ‫البيئة والزراعة (املياه‪ ،‬محاية املوارد الطبيعية والبحرية‪ ،‬إدارة الكوارث الطبيعية‪ ،‬تلوث‬ ‫املناطق الساحلية والشاطئ)‪.‬‬ ‫العلوم الطبية والصحية (مثل الصناعات الطبية وخدماتها)‪.‬‬ ‫التنمية االقتصادية واجملتمعية (البحوث االجتماعية واأللسنيات وتنمية مبادرات اإلبداع)‬ ‫إدارة مصادر املياه وتنميتها‪.‬‬ ‫الطاقة اجلديدة واملتجددة‪.‬‬ ‫الزراعة واملصادر الغذائية‪.‬‬ ‫العلوم احلياتية‪.‬‬ ‫االتصاالت واملعلومات‪.‬‬ ‫االستخدام السلمي للفضاء‪.‬‬ ‫العلوم االجتماعية واإلنسائية‪.‬‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 30‬للتنمية الثقافية‬

‫ومبراجعة ألبرز االسرتاتيجيات التى ح ّددت‬ ‫العام ‪ 2005‬يف جماالت العلوم والتكنولوجيا‬ ‫يتبني أن القليل منها قد ّمت حتديثه خالل‬ ‫السنوات اخلمس األخرية‪ ،‬وعلى الرغم من أنها‬ ‫تعبرّ عن إدراك حقيقي لألولويات اليت حيتاج‬ ‫إليها الواقع العربي‪ ،‬وتعكس يف جماالت عديدة‬ ‫حرصاً مقبوالً من العلميني العرب على متابعة‬ ‫أبرز املستجدات العاملية يف العلوم واالبتكار‪ .‬يف‬ ‫حني تركزت املبادرات األكثر حداثة على إنشاء‬ ‫متخصصة تسعى إلثبات متيزها‬ ‫مراكز جديدة ّ‬ ‫عن النمط السابق‪.‬‬ ‫من املستغرب أن أغلب الدول العربية مل‬ ‫تستخدم بشكل منهجي الرؤية املستقبلية كأداة‬ ‫لصياغة السياسات واالسرتاتيجيات قصرية‬ ‫وطويلة املدى‪ .‬ومن هذه اآلليات األكثر شيوعاً يف‬ ‫الدول النامية والصناعية‪ ،‬طريقة ‪ Delphi‬اليت‬ ‫استخدمت يف االستشراف اجلماعي يف جمال‬ ‫العلوم والتكنولوجبا‪ ،‬وطريقة ‪Foresight‬‬ ‫وتستخدم على املستوى الوطين إىل جانب‬ ‫ومؤسسات‬ ‫املؤسسي يف اجلامعات ّ‬ ‫املستوى ّ‬ ‫البحث العلمي‪ .‬ثم هناك اآلليات األكثر تداوالً‬ ‫على الصعيد العربي‪ ،‬وهي تلك املستخدمة‬ ‫للتخطيط االسرتاتيجي مثل دراسة البيئة‬ ‫الداخلية واخلارجية للمنظومة على املستوى‬ ‫املؤسسي وعلى مستوى اجملاميع البحثية كأداة‬ ‫ّ‬ ‫لالستشراف اجلماعي لتحديد نقاط القوة‬ ‫والضعف‪" ،‬سوات"‪SWOT: Strengths,(،‬‬ ‫‪ )Weaknesses, Opportunities, Threats‬أو‬ ‫لإلسهام يف حتديد األهداف االسرتاتيجية املكملة‬ ‫ لآللية السابقة واملعروفة مبسمى"سمارت"‪...‬‬ ‫(‪SMART: Specific, Measurable, Attainable,‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪ .)Realistic, Timed‬وبالفعل فقد أثبتت جتارب‬ ‫ك ّل من األردن واملغرب والسعودية وتونس ولبنان‬ ‫ومصر أن أفضل السياسات هي اليت تعتمد يف‬ ‫بنائها على طرق االستشراف اجلماعي وأسلوب‬ ‫املشاركة والتفاعل القائم على بيانات وقواعد‬ ‫معلومات رصينة‪.‬‬ ‫‪ 3 - 2‬الموارد البشرية‬

‫تتفق ك ّل الدراسات على أن مؤشر املوارد‬ ‫البشرية هو من أهم املؤشرات الدالة على‬ ‫أوضاع وآفاق ودور منظومة البحث والتطوير يف‬ ‫اجملتمع واالقتصاد‪ ،‬ويتساوى هذا املعيار يف ك ّل‬ ‫الدول الفقرية والنامية واملتطورة‪ .‬وهو يشمل‬ ‫عادة املوارد البشرية املتفرغة للبحث والعاملة‬ ‫بشكل رئيسي يف مراكز وهيئات البحوث‪ ،‬وأساتذة‬ ‫اجلامعات الذين يكرسون جزءاً من وقتهم‬ ‫للبحث‪ ،‬باإلضافة إىل طلبة الدكتوراه‪ ،‬والذين‬ ‫يتحملون جمتمعني مسؤولية تنفيذ سياسات‬ ‫واسرتاتيجيات البحث والتطوير واالبتكار‪ .‬ويع ّد‬ ‫احتساب معادل الوقت الكامل للباحثني املتفرغني‬ ‫يف املراكز البحثية أسهل من أقرانهم يف‬ ‫اجلامعات الذين ميارسون البحث بشكل جزئي‪.‬‬ ‫وقد تع ّذر احلصول على بيانات من الدول العربية‬ ‫تفصل بني الباحثني وزمالئهم اجلامعيني‪ ،‬أو‬ ‫تشمل ك ّل عناصر منظومة البحث والتطوير يف‬ ‫البلد من مراكز حبثية وجامعات عامة وخاصة‪،‬‬ ‫على الرغم من احملاوالت املضنية اليت بذلتها‬ ‫منظمات عربية وهيئات دولية‪ ،‬وعلى الرغم من‬ ‫اإلقرار اللفظي بأهميتها يف ك ّل خطابات القائمني‬ ‫املؤسسات‪.‬‬ ‫على هذه ّ‬ ‫تتو ّزع املوارد البشرية العلمية بشكل عام‬

‫‪ 10 - 6‬ديسمرب (‪.)2009‬‬ ‫‪ 12‬املنظمة العربية للرتبية والثقافة والعلوم ‪" ،‬االسرتاتيجية العربية لتطوير التعليم العالي" (‪.)2005‬‬ ‫‪http://www.unido.org/fileadmin/import/16959_DelphiMethod.pdf 13‬‬ ‫‪http://foresight.gov.uk 14‬‬ ‫‪ 15‬تقرير املعرفة العربى للعام ‪ – 2009‬حنو تواصل معرفى منتج (‪ ،)2010‬الفصل اخلامس‪ :‬األداء االعربي يف جمال البحث واإلبداع‪.‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪16‬‬

‫ومؤسسة حممد بن راشد آل مكتوم‪،‬طبع يف دبي‪ ،‬اإلمارات العربية‬ ‫أعد بدعم ورعاية مشرتكة من برنامج األمم املتحدة اإلمنائي ّ‬ ‫املتحدة‪.‬‬

‫البحث العلمي‬

‫وفقاً لبيانات تعود للعام ‪ 2005‬وقد أضيف‬ ‫إليها محلة املاجيستري العاملني يف املراكز‬ ‫البحثية واجلامعات‪ ،‬وبعض التحديث الوارد من‬ ‫بعض الدول‪ .‬هلذه األسباب ال ميكن االعتماد‬ ‫على هذه البيانات كمؤشر يعبرّ بشكل كامل عن‬ ‫أعداد الباحثني‪ ،‬إال يف بعض الدول مثل األردن‬ ‫واجلزائر واملغرب وتونس وقطر ومصر‪.‬‬ ‫تتو ّزع اختصاصات الباحثني العرب بشكل‬ ‫مواز ألبرز األولويات العلمية احمل ّددة ضمن‬ ‫السياسات املعلنة يف الدول املعنيّة‪ .‬كما يتوزع‬ ‫الباحثون بشكل أساسي بني علوم الطبيعة‬ ‫واهلندسة والعلوم االجتماعية (اجلزائر واملغرب‬ ‫وتونس)‪ ،‬ويف حماور علوم الطبيعة واهلندسة‬ ‫والزراعة يف ك ّل من األردن والكويت واليمن‬ ‫وقطر‪ .‬وعلى الرغم من غياب املعلومات عن‬ ‫دول عربية أخرى‪ ،‬ميكن التأكيد أنها تتوافق‬ ‫تقريباً مع التوجهات نفسها مع تسجيل أفضلية‬ ‫للعلوم الطبية يف لبنان والسعودية‪.‬‬ ‫كما يظهر أن نسبة اإلناث تزيد يف اإلمجال‬ ‫على ‪ % 20‬من جمموع الباحثني يف الدول‬ ‫العربية‪ ،‬مع تسجيل استثناءات واضحة يف‬ ‫البحوث الطبية يف اجلزائر واملغرب واألردن‬ ‫وقطر‪ ،‬حيث جتاوزت يف بعضها نسبة ‪ % 50‬من‬ ‫إمجالي الباحثني‪ .‬وتشري املعطيات إىل الفوارق‬ ‫املهمة يف عدد الباحثني (مبعدل الوقت الكامل)‬ ‫مؤسسات التعليم العالي حيث تتجاوز‬ ‫لصاحل ّ‬ ‫‪ 4‬أضعاف يف اجلزائر (‪ 4203‬مقابل ‪)805‬‬ ‫و‪ 3‬اضعاف يف املغرب (‪ 3238‬مقابل ‪)1145‬‬ ‫وتتساوى يف مصر (‪ 14728‬مقابل ‪)15743‬‬ ‫مع عدد الباحثني املتفرغني للبحث العلمي‬ ‫والعاملني يف مراكز البحث والتطوير‪ .‬وهلذه‬ ‫النتيجة أهمية بالغة يف حتليل واقع واستشراف‬ ‫آفاق البحوث العربية‪ ،‬حيث ميكن االستنتاج‪ ،‬أن‬

‫للجامعات درواً مركزياً وحيوياً وأساسياً يف بناء‬ ‫املنظومة من خالل املوارد العلمية املهمة اليت‬ ‫حتويها‪ ،‬وبالتالي ال ميكن الركون ألي حتليل‬ ‫ألوضاع البحوث إذا مل يأخذ موارد اجلامعات‬ ‫باالعتبار‪ .‬ويف ما يتعلق بإمجالي عدد الباحثني‬ ‫(من املراكز واجلامعات) فهي متقاربة بشكل‬ ‫الفت يف دول املغرب العربي (يف حدود ‪5000‬‬ ‫باحث) بينما تتفاوت يف دول املشرق واخلليج‬ ‫العربي وتسجل اخنفاضاً مقلقاً يف بعضها‪.‬‬ ‫ويف احلالة املصرية‪ ،‬دالالت مهمة تستأهل‬ ‫التوقف عندها‪ ،‬فاألعداد املعلنة واليت تتجاوز‬ ‫‪ 30‬ألف باحث‪ ،‬تش ّكل من دون ريب‪ ،‬استثنا ًء‬ ‫على القاعدة املعروفة عربياً‪ ،‬من شأنها إذا‬ ‫ما توفرت هلا املوارد املادية واألجواء املالئمة‬ ‫أن حتقق إجنازات رائدة‪ ،‬توازي ك ّل ما ميكن‬ ‫حتقيقه يف الدول العربية األخرى جمتمعة‪.‬‬ ‫ويف اجلدول رقم (‪ )3‬معطيات تسهل املقارنة‬ ‫بني أوضاع بعض الدول العربية مع دولة تتمتع‬ ‫مبواصفات اقتصادية ومعرفية مشابهة (تركيا)‪،‬‬ ‫ودولة ناشئة عرفت يف العقدين املاضيني نهضة‬ ‫تكنولوجية واقتصادية ال مثيل هلا يف التاريخ‬ ‫احلديث (كوريا اجلنوبية)‪ .‬ولعل أبرز ما‬ ‫ميكن استخالصه من دالالت واضحة ال حتتمل‬ ‫التأويل واجلدل‪ ،‬تشري إىل أن ارتفاع مؤشر عدد‬ ‫الباحثني لك ّل مليون نسمة‪ ،‬من حواىل ‪( 650‬يف‬ ‫مصر و تركيا) إىل ما يتجاوز ‪ 4500‬يف كوريا‬ ‫اجلنوبية‪ ،‬أي أكثر من ‪ 7‬أضعاف‪ ،‬هو الدليل‬ ‫الكفيل بتفسري التقدم التارخيي الذي حققته‬ ‫كوريا اجلنوبية باعتماد سياسة وطنية ترتكز‬ ‫على تطوير املوارد البشرية الكفوءة يف سبيل‬ ‫بناء اقتصاد وطين قائم على أسس ثابتة من‬ ‫اإلبداع واملعرفة العلمية‪.‬‬

‫‪31‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 32‬للتنمية الثقافية‬

‫‪ 4 - 2‬الموارد المالية‬

‫من حوالى ‪ 650‬باحثاً لكل مليون نسمة‬ ‫في ك ّل من مصر وتركيا إلى ما يتجاوز‬ ‫‪ 4500‬في كوريا الجنوبية‪ ،‬أي أكثر من ‪7‬‬ ‫أضعاف‪ ،‬هو الدليل الكفيل بتفسير التقدم‬ ‫التاريخي الذي حققته كوريا الجنوبية‬ ‫باعتماد سياسة وطنية ترتكز على تطوير‬ ‫الموارد البشرية الكفوءة في سبيل بناء‬ ‫اقتصاد وطني قائم على أسس ثابتة من‬ ‫اإلبداع والمعرفة العلمية‪..‬‬

‫‪19‬‬

‫ال ميكن اعتبار مؤشر املوارد املالية املخصصة‬ ‫للبحث والتطوير ظاهرة إجيابية على الصعيد‬ ‫العربي العام‪ ،‬على الرغم من بعض االستثناءات‬ ‫اليت بقيت يف إطار دول خليجية كربى‬ ‫(السعودية)‪ .‬فما يصرف على البحث العلمي‬ ‫العربي قليل ويكاد ال يذكر مقارنة مبجموعات‬ ‫الدول األخرى‪ ،‬حتى الفقرية منها‪ ،‬وحيتل العامل‬ ‫العربي يف هذا الشأن موقعاً مالصقاً لقارة‬ ‫أفريقيا‪ ،‬مبعدالت ال تتجاوز ‪ % 0,2‬من إمجالي‬ ‫الدخل القومي العام‪ .‬ويف بعض الدراسات ‪،‬‬ ‫تقارير بأن هذه النسبة قد وصلت مؤخراً‬ ‫حلواىل ‪ ، % 0,4‬فيما املعدالت العاملية لإلنفاق‬ ‫على البحث والتطوير جتاوزت ‪ % 3,73‬و‪% 3,39‬‬ ‫ ‬ ‫و‪ % 3,37‬يف ك ّل من السويد واليابان وفنلندا‬ ‫على التوالي ‪ ،‬وترتاوح بني ‪ 2‬و‪ % 2,5‬بشكل‬ ‫عام يف أغلب الدول الغربية‪ .‬وتتوفر دالئل أولية‬ ‫على أن اإلنفاق قد وصل يف تونس إىل ‪% 1,19‬‬ ‫ ‬ ‫عام ‪ )2008‬ويف املغرب إىل ‪( % 0,8‬عام ‪)2005‬‬ ‫‪17‬‬

‫‪18‬‬

‫جدول رقم ‪3‬‬ ‫الدولة‬

‫الكويت‬ ‫املغرب‬ ‫تونس‬ ‫مصر‬ ‫تركيا‬ ‫كوريا اجلنوبية‬

‫ثم اخنفض إىل‪( % 0,64‬عام ‪ . )2006‬ويف‬ ‫تقارير أخرى مؤشرات بأن اإلنفاق زاد أيضاً يف‬ ‫عمان وقطر والسعودية واإلمارات بينما تراجع‬ ‫يف باقي الدول‪ .‬كما أن قطر قامت مؤخراً‬ ‫بتخصيص ما نسبته ‪ % 2,8‬من املوازنة العامة‬ ‫للدولة لدعم البحث العلمي ولكن حتى تارخيه‬ ‫مل تتوفر بيانات رمسية تؤكد هذه التوجهات‬ ‫ميكن االعتماد عليها‪ .‬وعلى الرغم من ضآلة‬ ‫اإلنفاق العربي على منظومة البحوث والتطوير‬ ‫وندرة املوارد املخصصة لتحفيز االبتكار‬ ‫واإلبداع‪ ،‬فإن القريبني من مراكز القرار‪،‬‬ ‫ويف أغلب الدول العربية‪ ،‬يطرحون العديد من‬ ‫التساؤالت احملقة حول طريقة صرف املوازنات‪،‬‬ ‫والنسبة املرتفعة املخصصة لنفقات إدارية غري‬ ‫جمدية‪ ،‬وعدم استقرار املوازنات والفوارق غري‬ ‫املربرة من سنة ألخرى‪ ،‬وغياب الشفافية يف‬ ‫املخصصة يف برامج‬ ‫إدارة واستعمال املوارد ّ‬ ‫ثنائية أو يف الربامج الدولية التنافسية‪.‬‬ ‫وهناك عامل آخر وهو نصيب الصناعة يف‬ ‫اإلنفاق على البحث والتطوير‪ ،‬وهو منعدم تقريباً‬ ‫يف الدول العربية وال يتعدى ‪ % 3‬من إمجالي إنفاق‬ ‫البحث والتطوير‪ ،‬ويبدو هذا املؤشر أكثر وضوحاً‬ ‫يف الدول الصناعية حيث تبلغ مساهمة الصناعة‬ ‫يف متويل البحوث العلمي ما يقارب ‪ . % 80‬ومع‬ ‫ذلك فقد تكون هذه املقارنة غري عادلة‪ ،‬ألن‬ ‫هذا القطاع يف الدول الصناعية املتقدمة يتمثل‬ ‫بشركات عمالقة وشركات متعددة اجلنسيات‬ ‫تفوق ميزانياتها ميزانيات أغلب الدول النامية‪.‬‬ ‫فقد بلغ ما استثمرته كربى الشركات العاملية يف‬

‫عدد الباحثني لك ّل مليون نسمة‬ ‫‪2000‬‬

‫‪2006‬‬

‫‪2007‬‬

‫‪145,4‬‬

‫‪141,1‬‬

‫‪165,5‬‬

‫‪647,3‬‬ ‫‪795,2‬‬

‫‪1587,8‬‬

‫‪347,3‬‬

‫‪591,8‬‬

‫‪680,3‬‬

‫‪2334,1‬‬

‫‪4186,8‬‬

‫‪4627,1‬‬

‫‪616,6‬‬

‫‪Source: World Bank, Knowledge Assessment Methodology – KAM, 2009‬‬

‫‪ 16‬نبيل عبداجمليد صاحل‪ ،‬مؤشرات العلوم والتكنولوجيا بالدول العربية لعام ‪ ،2006‬األليكسو واليونسكو مكتب القاهرة األكادميية‬ ‫العربية للعلوم (‪.)2008‬‬ ‫‪ 17‬نبيل عبداجمليد صاحل‪ ،‬مؤشرات العلوم والتكنولوجيا بالدول العربية لعام ‪ ،2006‬األليكسو واليونسكو مكتب القاهرة األكادميية‬ ‫العربية للعلوم (‪)2008‬؛ ‪.Badran, Adnan (2005). The Arab States, UNESCO Science Report, p.159-176‬‬ ‫‪ 18‬تقرير املعرفة العربى للعام ‪ – 2009‬حنو تواصل معرفى منتج (‪،)2010‬الفصل اخلامس‪ :‬األداء االعربي يف جمال البحث واإلبداع‪،‬‬ ‫ومؤسسة حممد بن راشد آل مكتوم‪ ،‬طبع يف دبي‪ -‬اإلمارات‪.‬‬ ‫أعد بدعم ورعاية مشرتكة من برنامج األمم املتحدة اإلمنائي ّ‬ ‫‪ 19‬نبيل عبداجمليد صاحل‪ ،‬مؤشرات العلوم والتكنولوجيا بالدول العربية لعام ‪ ،2006‬األليكسو واليونسكو مكتب القاهرة األكادميية‬ ‫العربية للعلوم (‪)2008‬؛ نبيل عبداجمليد صاحل‪ ،‬مؤشرات العلوم والتكنولوجيا بالدول العربية لعام ‪ ،2008‬اليونسكو مكتب القاهرة‬ ‫واألليكسو واألكادميية العربية للعلوم واإليسيسكو‪ ،‬قيد اإلعداد (‪.)2010‬‬ ‫‪www.Booz.com/media/uploads/Beyond-Borders-Global-Innovation-1000-pdf 20‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪20‬‬

‫‪ . 3‬مخرجات البحث والتطوير‬

‫تتن ّوع خمرجات البحوث والتطوير وتزداد‬ ‫مؤشراتها تعقيداً بشكل مواز للتط ّور املتسارع‬ ‫يف هذا اجملال على الصعيد العاملي‪ .‬كما تتضح‬

‫جدول رقم ‪4‬‬

‫ال يمكن اعتبار ّ‬ ‫مؤشر الموارد المالية‬ ‫المخصصة للبحث والتطوير ظاهرة‬ ‫ّ‬ ‫إيجابية على الصعيد العربي العام‪،‬‬ ‫على الرغم من بعض االستثناءات مثل‬ ‫السعودية‪ .‬فما يصرف على البحث‬ ‫العلمي العربي قليل ويكاد ال يذكر مقارن ًة‬ ‫بمجموعات الدول األخرى‪ ،‬حتى الفقيرة‬ ‫منها‪ ،‬ويحت ّل العالم العربي في هذا الشأن‬ ‫موقعاً مالصقاً لقارة أفريقيا‪ ،‬بمعدالت ال‬ ‫تتجاوز ‪ % 0,2‬من إجمالي الدخل القومي‬ ‫العام‪..‬‬

‫مردود االستثمار بيورو واحد يف البحث والتطوير‬

‫ما يضيفه‬ ‫يورو واحد‬

‫املرجع‬

‫‪0,93‬‬

‫‪Commission staff working document, European‬‬ ‫‪Competitiveness Report 2004, Finland, Germany‬‬

‫‪0,86 – 0,62‬‬

‫‪Ali-Yrkko 2004 - Finland‬‬

‫‪0,40‬‬

‫‪Streicher et al. 2004 - Austria‬‬

‫‪0,70‬‬

‫‪Guelle & van Pottelsberghe 2003 - OECD countries‬‬

‫‪0,71‬‬

‫‪Lach 2000 - Israel‬‬

‫‪Source: From Adnan Shihab‐Eldin, Role science and technology can play in‬‬ ‫‪influencing the future of the Arab World, Symposium on Science and Research in the‬‬ ‫‪Arab World, Cambridge, UK, 14 March, 2009‬‬

‫إطار ‪3‬‬

‫املصادر الشائعة لتمويل البحوث والتطوير‬

‫• القطاع العام‪ ،‬احلكومات‪ ،‬نسب حم ّددة من املوازنة العامة أو الدخل القومي‬ ‫ومؤسسات القطاع اخلاص‬ ‫• شركات ّ‬ ‫للمؤسسات اخلاصة‬ ‫• حوافز ضريبية ّ‬ ‫• رسوم حم ّددة على أرباح الشركات اخلاصة‬ ‫• رسوم حم ّددة من قطاعات استهالكية (االتصاالت‪ ،‬بعض اخلدمات)‬ ‫مؤسسات اإلبداع واالبتكار‬ ‫• قروض ومنح مصرفية لدعم ّ‬ ‫• املشروعات البحثية التعاونية بني الباحثني وقطاعات اإلنتاج واخلدمات‬ ‫ربعات‪...‬‬ ‫• مصادر خاصة‪ ،‬وقف‪ ،‬هبات‪ ،‬مرياث‪ ،‬ت ّ‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫البحث العلمي‬

‫البحث والتطوير العام ‪ 2007‬ما يعادل ‪ 492‬مليار‬ ‫دوالر منها ‪ 330‬مليار يف جمال الكمبيوتر و‪142‬‬ ‫يف اإللكرتونيات و‪ 109‬يف الرعاية الطبية و‪79‬‬ ‫يف جمال السيارات‪ .‬وعلى الرغم من أن ‪% 94‬‬ ‫من هذا املبلغ (‪ )492‬موزع ما بني شمال أميركا‬ ‫(‪ )209‬وأوروبا (‪ )153‬واليابان (‪ ،)101‬وأن حصة‬ ‫ك ّل من الهند والصني (‪ )3‬وباقي العامل (‪ )26‬تبدو‬ ‫متواضعة‪ ،‬فقد برزت تطورات جديدة خففت من‬ ‫الفوارق بني دول الشمال واجلنوب‪ .‬وهكذا يتح ّول‬ ‫معدل النم ّو (الرتاكمي خلمس سنوات بني ‪2002‬‬ ‫و‪ )2007‬لصاحل الهند والصني وبقية أرجاء العامل‪،‬‬ ‫حيث سجلت معدالت من ّو مرتفعة بلغت ‪% 25.4‬‬ ‫يف الهند و‪ % 15.2‬يف الصني و‪ % 8.7‬يف باقي‬ ‫أرجاء العامل‪ .‬بينما اكتفت أميركا الشمالية مبا‬ ‫ نسبته ‪ % 8.7‬و اليابان ‪ % 4.7‬وأوروبا ‪.% 4.3‬‬ ‫كما تؤ ّكد هذه املؤشرات ضرورة إيالء املوارد‬ ‫املخصصة للبحث والتطوير االهتمام‬ ‫املالية‬ ‫ّ‬ ‫والرعاية لزيادة القدرة التنافسية وتعزيز‬ ‫االقتصاد الوطين‪ .‬ومن البديهي استخالص‬ ‫أن اإلنفاق غري الرمسي على البحث العلمي يف‬ ‫الغرب ميثل ظاهرة جديرة باالهتمام‪ ،‬فهناك‬ ‫مؤسسات علمية مت ّول بالكامل من التربعات وهلا‬ ‫ّ‬ ‫دور عظيم األهمية يف دفع مسرية العلم يف الغرب‬ ‫خطوات كبرية لألمام‪ .‬ويف هذا السياق‪ ،‬يتبارى‬ ‫االقتصاديون األوربيون يف إجراء الدراسات حول‬ ‫جدوى االستثمار يف البحث العلمي واالبتكار‪،‬‬ ‫حيث يتبينّ أن استثمار القطاع العام بيورو واحد‬ ‫يف البحوث والتطوير‪ ،‬يعطي مردوداً إضافياً‬ ‫املخصص للبحث‬ ‫على استثمار القطاع اخلاص ّ‬ ‫والتطوير‪ ،‬مبا يرتاوح بني ‪ 0,40‬و ‪ 0,93‬يورو‪.‬‬

‫احلاجة املل ّحة لدى اهليئات احلكومية ومتخذي‬ ‫القرار وواضعي السياسات‪ ،‬وخصوصاً لدى‬ ‫اجلهات املمولة الرمسية واخلاصة‪ ،‬لتوضيح‬ ‫املخرجات املتوقعة من الربامج البحثية بهدف‬ ‫ترسيخ القناعة مبربرات استمرار الدعم املالي‬ ‫وإثبات جدواها العلمية والتقنية واجملتمعية‬ ‫على السواء‪ .‬إال أن املتعارف عليه يف دراسات‬ ‫تتناول حماور ع ّدة وتغطي طيفاً من البلدان‪ ،‬هو‬ ‫االكتفاء بتحليل املؤشرات الرئيسية ملخرجات‬ ‫البحوث والتطوير‪ ،‬وهي النشر العلمي وبراءات‬ ‫االخرتاع‪.‬‬

‫‪33‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 34‬للتنمية الثقافية‬

‫للمؤسسة مقارنة باملتوسط العاملي‬ ‫األثر العلمي ّ‬ ‫للنشر للفرتة نفسها‪ .‬وقد أدخل على أدبيات‬ ‫النشر العلمي منذ فرتة قصرية مؤشر ‪H. Index‬‬ ‫(ويعرف أيضاً مبؤشر هيرش ‪ Hirsch‬نسبة‬ ‫ملؤلفه ) ‪ ،Jorge E. Hirsch‬الذي يقيس‬ ‫ك ًال من اإلنتاجية العلمية واألثر العلمي للباحث‪،‬‬ ‫وهو مبين على أكثر البحوث املنشورة للباحث‬ ‫وعدد االستشهادات يف حبوث اآلخرين‪ .‬وميكن‬ ‫أن يطبق هذا ّ‬ ‫املؤشر على اجملاميع البحثية مثل‬ ‫األقسام او اجلامعات أو الدولة‪.‬‬ ‫ومن إشكاليات احتساب ّ‬ ‫مؤشر النشر‬ ‫ربر‬ ‫العلمي على الصعيد العربي‪ ،‬املزج غري امل ّ‬ ‫بني البحوث املبتكرة املنشورة يف اجملالت‬ ‫املعرتف بها على املستوى العاملي واحملكمة‬ ‫من جلان علمية مستقلة‪ ،‬وتلك اليت تصدر يف‬ ‫اجملالت احمللية (اليت مل تسجل ملخصاتها يف‬

‫‪ 1 - 3‬النشر العلمي‬

‫يتّسم ّ‬ ‫مؤشر النشر العلمي بدالالت واضحة‬ ‫عن مستوى ونوعية املعرفة والتق ّدم العلمي‪،‬‬ ‫وميكن من خالله قياس اإلنتاجية العلمية‬ ‫واملؤسسات العلمية‪.‬‬ ‫واملستوى العلمي لألفراد ّ‬ ‫ولع ّل أفضل السبل لضمان صدقية البيانات حول‬ ‫مؤسسة‪ ،‬االقتداء‬ ‫اإلنتاج العلمي أل ّي دولة أو ّ‬ ‫باملنهج املتبع على الصعيد العاملي‪ ،‬والذي‬ ‫املتخصصة واملشهود‬ ‫يستعني بقواعد املعلومات‬ ‫ّ‬ ‫هلا باالستقاللية والصدقية‪ .‬من املواقع‬ ‫املتاحة هلذه الغاية‪ ،‬على سبيل الذكر وليس‬ ‫احلصر‪ ،‬مواقع تومبسون رويتر‪Thomson -‬‬ ‫‪ - Reuteurs‬وقاعدة املعلومات التابعة له ‪Web‬‬ ‫‪ of Knowledge- ISI‬والسفير – ‪ELSEVIER‬‬ ‫– وقاعدة املعلومات سكوبوس – ‪.SCOPUS‬‬ ‫ويف ما يتعلق باملنهجية املتبعة يف تقييم األحباث‬ ‫العلمية فقد ّ‬ ‫مت اتباع موقع سكوبوس‪ ،‬الذي قاعدة بيانات ‪ Web of Knowledge-ISI‬أو‬ ‫يعتمد على عدد االستشهادات لك ّل وثيقة ‪ )SCOPUS‬أوتلك املنشورة يف وقائع املؤمترات‬ ‫والتعاون الدولي ومتوسط أهمية اجمللة ومتوسط أو املقدمة كمحاضرات أو ملصقات ‪ Posters‬يف‬ ‫مؤمترات غري حمكمة‪ .‬وقد يعمد بعض الباحثني‬ ‫أو اجلامعيني لنشر مقاالتهم العلمية يف اجملالت‬ ‫ترتيب الدول العربية وفقاً ملؤشر (‪)H. Index‬‬ ‫الشكل رقم ‪1‬‬ ‫احمللية خلشيتهم من عدم قبوهلا يف اجملالت‬ ‫‪100 91‬‬ ‫املرجعية العاملية‪ ،‬بينما تتزايد القيود األكادميية‬ ‫‪86‬‬ ‫‪90‬‬ ‫على العلميني لتحفيزهم للنشر يف جمالت‬ ‫‪80‬‬ ‫‪67‬‬ ‫موثوقة ضماناً جلدوى البحوث وتسهي ًال للرتقية‬ ‫‪70‬‬ ‫‪63 61‬‬ ‫‪58 58 56 56‬‬ ‫‪60‬‬ ‫األكادميية‪ .‬أضف إىل ذلك أن أوضاع اجملالت‬ ‫‪50‬‬ ‫‪40‬‬ ‫العربية ليست يف أحسن حال‪ ،‬فهي تعاني من‬ ‫‪40‬‬ ‫‪26 26 26‬‬ ‫‪30‬‬ ‫عدم انتظام الصدور‪ ،‬وغياب التحكيم املستقل‬ ‫‪20‬‬ ‫واملوضوعي‪ ،‬واللجوء إلغراق اجملالت بنشر‬ ‫‪10‬‬ ‫وقائع املؤمترات والندوات من دون حتكيم‪ .‬مما‬ ‫‪0‬‬ ‫يؤدي إىل ندرة االستشهاد بالبحوث املنشورة‬ ‫فيها وإىل عدم االعرتاف مبصداقية بعضها يف‬ ‫‪.Source: SCImago. (2007). SJR — SCImago Journal & Country Rank‬‬ ‫الرتقية األكادميية للباحث أو األستاذ اجلامعي‪.‬‬ ‫‪Retrieved May7, 2010, from http://www.scimagojr.com‬‬ ‫وقد أدركت بعض اجلامعات واملراكز العربية‬ ‫‪21‬‬

‫الب‬ ‫ليمن‬ ‫ا‬ ‫قطر‬

‫حرين‬

‫ونس‬ ‫ت‬ ‫كويت‬ ‫ال زائر‬ ‫اجل‬ ‫ارات‬ ‫االم‬ ‫سوريا‬

‫غرب‬ ‫امل‬ ‫بنان‬ ‫ل‬ ‫الردن‬ ‫ا‬

‫مصر‬ ‫ودية‬ ‫السع‬

‫‪20‬‬ ‫‪21‬‬

‫‪.http://info.scopus.com/documents/files/scopus-training/resourcelibrary/pdf/WPRPM_EN_LO.pdf‬‬ ‫‪http://jpo.go.jp/torikumi/kokusai/kokusai3/pdf‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫للمجالت العربية واليت تبلغ حواىل ‪ 500‬جملة‪.‬‬ ‫معلومات موثقة علمياً تقول إ ّن دوالً‬ ‫• حتت ّل اجملالت السعودية واملصرية عربية ع ّدة حافظت على ريادتها في‬ ‫والّلبنانية والتونسية املراتب األعلى يف مؤشر البحث العلمي وتطويره‪ ،‬مصر ما زالت‬ ‫في الطليعة تليها السعودية وك ّل من تونس‬ ‫املوقع‪ ،‬ومن الالفت اإلشارة إىل متيز اجملالت والجزائر والمغرب واألردن ولبنان‪..‬كما‬ ‫املتخصصة بالعلوم الطبية يف أغلب الدول‪.‬‬ ‫ازداد عدد المنشورات العلمية بشكل الفت‬ ‫• أما خبصوص مؤشر هيرش ‪ H.Index‬في ك ّل الدول العربية‪..‬‬ ‫(يقيس ك ًال من االنتاجية العلمية واألثر العلمي‬ ‫للباحث)‪ ،‬فهو األعلى يف ك ّل من السعودية‬ ‫ولبنان ومصر وللمجالت الطبية حتديداً‪ ،‬مع‬ ‫تسجيل اخرتاق واضح جمللة بحرانية يف علوم‬ ‫األرض‪.‬‬ ‫تؤ ّكد هذه البيانات معطيات متقاربة تظهر‬ ‫النوعية اجليدة للبحوث الطبية ومتيّز البحوث‬ ‫يف دول كربى (مصر والسعودية) وحتى يف دول‬ ‫تتمتع مبوارد مالية وبشرية حمدودة مثل لبنان‬ ‫وتونس واملغرب‪ .‬إن أهمية عرض هذه املعلومات‬ ‫تكمن يف ضرورة تركيز اجلهود اجلادة لتحسني‬ ‫مستوى الدوريات العربية وجتميع بعضها يف‬ ‫جدول رقم ‪5‬‬ ‫الدولة‬ ‫األردن‬ ‫اإلمارات‬ ‫البحرين‬ ‫اجلزائر‬ ‫السعودية‬ ‫السودان‬ ‫الكويت‬ ‫املغرب‬ ‫اليمن‬ ‫تونس‬ ‫سوريا‬ ‫قطر‬ ‫لبنان‬ ‫مصر‬

‫المعطيات الناتجة عن استعراض‬ ‫المؤسسات‬ ‫حديث للمجالت الصادرة عن ّ‬ ‫البحثية والجامعية العربية والموثقة‬ ‫تظهر النوعية الجيدة للبحوث الطبّية‬ ‫وتميّز البحوث في دول كبرى (مصر‬ ‫والسعودية) وحتى في دول عربيّة تتمتّع‬ ‫بموارد مالية وبشرية محدودة مثل لبنان‬ ‫وتونس والمغرب‪..‬‬

‫إمجالي البحوث املنشورة يف الدول العربية‬ ‫‪1996‬‬

‫‪2000‬‬

‫‪2005‬‬

‫‪2008‬‬

‫‪425‬‬

‫‪622‬‬

‫‪980‬‬

‫‪1532‬‬

‫‪344‬‬

‫‪422‬‬

‫‪1013‬‬

‫‪1273‬‬

‫‪95‬‬

‫‪89‬‬

‫‪216‬‬

‫‪240‬‬

‫‪363‬‬

‫‪484‬‬

‫‪1123‬‬

‫‪2154‬‬

‫‪1925‬‬

‫‪1824‬‬

‫‪2149‬‬

‫‪2725‬‬

‫‪95‬‬

‫‪99‬‬

‫‪161‬‬

‫‪273‬‬

‫‪579‬‬

‫‪569‬‬

‫‪742‬‬

‫‪874‬‬

‫‪801‬‬

‫‪1175‬‬

‫‪1275‬‬

‫‪1648‬‬

‫‪32‬‬

‫‪40‬‬

‫‪73‬‬

‫‪115‬‬

‫‪426‬‬

‫‪731‬‬

‫‪1894‬‬

‫‪3116‬‬

‫‪112‬‬

‫‪136‬‬

‫‪224‬‬

‫‪61‬‬

‫‪103‬‬

‫‪277‬‬

‫‪312‬‬

‫‪203‬‬

‫‪426‬‬

‫‪778‬‬

‫‪1070‬‬

‫‪2729‬‬

‫‪2833‬‬

‫‪4196‬‬

‫‪5559‬‬

‫‪.Source: SCImago. (2007). SJR — SCImago Journal & Country Rank‬‬ ‫‪Retrieved July 29, 2010, from http://www.scimagojr.com‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫البحث العلمي‬

‫أهمية هذا التوجه‪ ،‬فبادرت خالل السنوات‬ ‫املاضية إىل إصدار جمالت علمية ضمن‬ ‫الشروط العاملية للنشر املوثق‪ ،‬ولكنها ما تزال‬ ‫يف بداياتها‪ ،‬وحتتاج لرتاكم كمي ونوعي لتثبت‬ ‫طابعها العلمي العاملي املميز‪.‬‬ ‫ويثبت اجلدول رقم ‪ 5‬عدد املنشورات العلمية‬ ‫املوثقة حول ‪ 14‬بلداً عربياً‪.‬‬ ‫وال ميكن اعتبار مؤشر املوارد املالية‬ ‫املخصصة للبحث والتطوير ظاهرة إجيابية على‬ ‫ّ‬ ‫الصعيد العربي العام‪ ،‬على الرغم من بعض‬ ‫اإلستثناءات اليت بقيت يف إطار دول خليجية‬ ‫كربى (السعودية)‪ .‬فما يصرف على البحث‬ ‫العلمي العربي قليل ويكاد ال يذكر مقارنة مع‬ ‫جمموعات الدول األخرى‪ ،‬حتى الفقرية منها‪،‬‬ ‫وحيتل العالم العربي يف هذا الشأن موقعاً‬ ‫ ‬ ‫مالصقاً لقارة أفريقيا‪ ،‬مبعدالت ال تتجاوز ‪% 0,2‬‬ ‫من إمجالي الدخل القومي العام‪.‬‬ ‫ويف استعراض للمجالت الصادرة عن‬ ‫املؤسسات البحثية واجلامعية العربية واملوثقة‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫حديثا (العام ‪ )2010‬يف موقع ‪ SCImago‬لتسع‬ ‫دول (اجلدول رقم ‪ ،)6‬يتبني أن السعودية قد‬ ‫حافظت على متيزها (‪ 10‬جمالت) تليها مصر‬ ‫(‪ 10‬جمالت) بينما مل تتجاوز حصة بقية الدول‬ ‫‪ 2‬إىل ‪ 3‬جمالت‪ .‬وعلى الرغم من صدقية هذا‬ ‫املوقع واستقالليته‪ ،‬ال ب ّد من إبداء املالحظات‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫• ال ميكن اعتبار هذا املسح كافياً للداللة‬ ‫على عدد اجملالت العلمية العربية الرصينة‬ ‫واليت تتوفر فيها مواصفات النشر العلمي‬ ‫احملكم‪ .‬ففي لبنان واألردن والكويت وقطر‬ ‫وحتى يف السعودية ومصر ودول املغرب العربي‬ ‫دوريات يتوجب ذكرها قبل املضي يف استنتاجات‬ ‫حمبطة‪.‬‬ ‫• يتناول اجلدول ‪ 36‬جملة عربية فقط‪،‬‬ ‫وهي نسبة متدنية جداً عن التقديرات املتداولة‬

‫‪35‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫ للتنمية الثقافية‬36 )SCOPUS( ‫اجملالت العربية مرتبة وفقاً للتقسيم اخلاص بسكوبوس‬ 2010 ‫لعام‬

‫اسم اجمللة‬

H. Index SJR Ranking 0 1 3 3 20 5 2 6 14 5 17 2 2 6 6 3

0.027

Dirasat : Human and Social Sciences)1

0.036

International Journal of Diabetes and Metabolism)1

0.185

Geo Arabia)1

2 8 8 4 3 12 4 6 3 7 0 0 0

Journal of the Bahrain Medical Society)3

0.027 0.027

Arab Gulf Journal of Scientific Research)4

0.052

Saudi Journal of Kidney Diseases and Transplantation)2

0.058 0.048

Arabian Journal of Science and Engineering)6

0.029

Neurosciences)8

Saudi Pharmaceutical Journal)7

0.029

Petrochemicals Symposium Papers Journal of the Social Sciences (1

Archives de I’institute Pasteur de Tunis )1

0.027

Journal of Emergency Medicine, Trauma and Acute Care )1

0.043

Le Journal medical libanais (Lebanese medical Journal )1

0.084

Journal of the Egyptian National Cancer Institute )1

0.042

Journal of the Egyptian Society of Parasitology )3

La Tunisie médicale )2

Qatar Medical Journal )2

Middle East journal of anesthesiology )2

0.037

The Journal of the Egyptian Public Health Association )4

0.029

Egyptian Journal of Chemistry )6

Middle East Fertility Society )5

Engineering and Applied Sciences )7

0.028

‫تونس‬ ‫قطر‬ ‫لبنان‬

‫مصر‬

Alexandria Engineering Journal )8

0.027 0.000

‫الكويت‬

The Egyptian journal of immunology )2

0.051

0.000

‫السعودية‬

Institute Annual Catalysts in Petroleum Refining and)10

0.047

0.032

‫البحرين‬

Pan Arab Journal of Neurosurgery)9

0.027

0.039

‫اإلمارات‬

Annals of Thoracic Medicine)4

Saudi Journal of Gastroenterology)5

0.030

0.027

‫األردن‬

Saudi Medical Journal)3

0.030

0.033

‫الدولة‬

Annals of Saudi Medicine)1

0.032

0.027

1

Bahrain Medical Bulletin)2

0.027

1

7

Emirates Medical Journal)2

0.029

0.028

3

Jordan Medical Journal)2

0.027

1

1

6 ‫جدول رقم‬

Arab Journal of Gastroenterology )9

Egyptian Journal of Neurology, Psychiatry and )10 Neurosurgery

Source: SCImago. (2007). SJR

— SCImago Journal & Country Rank. Retrieved July 29, 2010,

from http://www.scimagojr.com

‫ الذي‬H. Index ‫وفقاً لمؤشر‬ ‫يقيس كفاءة المنظومة البحثية لك ّل‬ ‫ من خالل النشر العلمي المميّز‬،‫دولة‬ ‫الذي يستقطب االستشهاد بنتائجه في‬ ‫ تنتمي‬،‫المنشورات العلمية العالمية‬ ‫مصر والسعودية إلى المجموعة األولى‬ ‫ بعد حصول‬،‫ دولة عربيّة‬14 ‫من بين‬ ّ ‫هذه المجموعة على‬ ‫ مصر‬:‫مؤشر مرتفع‬ ‫ في حين ض ّمت‬،)86( ‫) والسعودية‬91( ً ‫المجموعة الثانية ك‬ ‫ال من المغرب‬ ‫ أما‬..)61( ‫) واألردن‬63( ‫) ولبنان‬67( ً ‫المجموعة الثالثة فض ّمت ك‬ ‫ال من تونس‬ )56( ‫) والجزائر واإلمارات‬58( ‫والكويت‬ ‫ تليها مجموعة الدول التي‬،)40( ‫وسوريا‬ ً ‫ما زالت في بداية الطريق وض ّمت ك‬ ‫ال من‬ ..)26(‫البحرين واليمن وقطر‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫البحث العلمي‬

‫ويف جمال آخر‪ ،‬تطرح بإحلاح تساؤالت‬ ‫متخصصة‪ ،‬فيكون مبقدورها االرتقاء‬ ‫دوريات ّ‬ ‫إىل مستوى التوثيق والفهرسة يف قواعد حول االرتباط بني السياسات العلمية املعلنة يف‬ ‫املعلومات العاملية‪ ،‬وهو هدف قريب املنال وليس الدولة واالسرتاتيجيات املعتمدة هلا من جهة‪،‬‬ ‫وما ينفذه الباحثون املعنيون يف مراكز البحث‬ ‫مستحي ًال‪.‬‬ ‫باالضافة إىل اجملالت العلمية‪ ،‬يتناول مؤشر واجلامعات ويتكرس بإنتاج علمي موثق من جهة‬ ‫‪ H.Index‬بالتحليل جممل أوضاع النشر العلمي أخرى‪ .‬يف موقع ‪ SCImago‬معطيات موثقة‬ ‫يف الدول‪ .‬يف (الشكل رقم ‪ )1‬تصنيف جملموعة الستخراج معلومات حول األهمية النسبية‬ ‫من ‪ 13‬دولة عربية‪ ،‬يؤكد م ّرة جديدة ما سبق ألبرز التوجهات العلمية‪ ،‬من خالل كثافة النشر‬ ‫عرضه من معلومات حول كفاءة املنظومة العلمي املسجل حديثاً لبعض الدول‪ .‬وباالطالع‬ ‫البحثية لك ّل دولة‪ ،‬من خالل النشر العلمي على هذه البيانات املوثقة واملقارنة ميكن‬ ‫املميّز والذي يستقطب االستشهاد بنتائجه استخالص اآلتي‪:‬‬ ‫• ميكن االستنتاج أن املعطيات املتوفرة عن‬ ‫يف املنشورات العلمية العاملية‪ .‬وبذلك ميكن‬ ‫تقسيم الدول‪ ،‬وفقاً لقيمة املؤشر‪ ،‬إىل أربع تسع دول عربية ناشطة بالبحث‪ ،‬تشري مبا ال‬ ‫جمموعات متفاوتة بوضوح‪ .‬اجملموعة األوىل يدعو للشك‪ ،‬إىل أن البحوث الطبية وبدرجة‬ ‫من دون منازع‪ ،‬واليت حتوز مؤشراً مرتفعاً أقل العلوم اهلندسية تأتي يف مركز الصدارة‬ ‫وتض ّم ك ًال من مصر (‪ )91‬والسعودية (‪ ،)86‬من اهتمامات الباحثني العرب‪ .‬تليها علوم‬ ‫واجملموعة الثانية اليت يبدو أن باحثيها يسجلون الزراعة والكيمياء والفلك واألحياء‪ .‬كما يتضح‬ ‫إجنازات مه ّمة يف النشر العلمي ومسعة عاملية أن االسهامات العربية يف بعض احملاور العلمية‬ ‫واعدة وتض ّم ك ًال من املغرب (‪ )67‬ولبنان (‪ )63‬احلديثة ما تزال يف بداياتها (علم الوراثة‪،‬‬ ‫واألردن (‪ ،)61‬واجملموعة الثالثة اليت تتمحور املعلوماتية‪ ،‬إدارة األعمال‪ ،‬علوم اجملتمع‪.)... ،‬‬ ‫• من شأن االختالف يف التسميات وتصنيف‬ ‫حول املعدل الوسطي للمؤشر وتض ّم ك ًال من‬ ‫تونس والكويت (‪ )58‬واجلزائر واإلمارات (‪ )56‬املنشورات العلمية يف اختصاص دون آخر أن‬ ‫وسوريا (‪ ،)40‬تليها جمموعة الدول اليت ما يعطي انطباعات خاطئة‪ .‬فبحوث قطاعات‬ ‫زالت يف بداية الطريق وتض ّم ك ًال من البحرين النفط والغاز والصناعات البرتوكيميائية يف‬ ‫واليمن وقطر(‪ .)26‬فبخالف ك ّل من مصر السعودية تتوزع‪ ،‬وال ريب‪ ،‬على عدد كبري من‬ ‫والسعودية اليت متلك موارد بشرية أو مالية االختصاصات مثل الكيمياء واهلندسة والبيئة‬ ‫مه ّمة تس ّهل بلوغ أعلى املراتب العربية‪ ،‬ميكن وعلوم املواد وعلوم األرض‪ ،‬وينطبق ذلك أيضاً‬ ‫القول إن التميّز بنواتج البحوث وبالنشر العلمي على علوم البيئة والزراعة واألحياء يف أغلب‬ ‫حتديداً‪ ،‬مل يعد حمصوراُ بالدول الكربى اليت الدول‪.‬‬ ‫• هذه املعطيات هي عبارة عن توجهات‬ ‫متلك موارد استثنائية‪ ،‬بل ميكن استشرافه حتى‬ ‫يف جمتمعات علمية فتية تتصف بقدرتها على عامة‪ ،‬تعطي أولوية لعلوم الطب واهلندسة‬ ‫استقطاب املوارد اخلارجية وباحلوافز الوظيفية على حساب علوم وحبوث أساسية‪ ،‬ناجتة يف‬ ‫مؤسساتها‪ ،‬كما أغلب األحيان عن حاجة الباحثني لالهتمام‬ ‫اليت بدأت بتطبيقها يف بعض ّ‬ ‫هي احلال يف دول اجملموعة الثانية (املغرب باملوضوعات اليت يتأمن هلا التمويل املناسب‬ ‫واليت تؤدي إىل نتائج سريعة‪ ،‬وتلبيّ متطلبات‬ ‫ولبنان واألردن)‪.‬‬

‫‪37‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 38‬للتنمية الثقافية‬

‫ثمة معطيات متوافرة تشير إلى‬ ‫أن البحوث الطبية وبدرجة أق ّل العلوم‬ ‫الهندسية تأتي في مركز الصدارة من‬ ‫اهتمامات الباحثين العرب‪ ..‬تليها علوم‬ ‫الزراعة والكيمياء والفلك واألحياء‪..‬‬ ‫كما يتّضح أن اإلسهام العربي في بعض‬ ‫المحاور العلمية الحديثة ما تزال في‬ ‫بداياتها‪ :‬علم الوراثة‪ ،‬المعلوماتية‪ ،‬إدارة‬ ‫األعمال‪ ،‬علوم المجتمع‪..‬إلخ‪..‬‬

‫من المع ّوقات الرئيسة التي تح ّد من‬ ‫قدرة المبدعين العرب على االنطالق إلى‬ ‫آفاق أرحب‪ ،‬وتسجيل براءات اختراعاتهم‬ ‫في المكاتب الدولية‪ ،‬التكلفة الباهظة التي‬ ‫المؤسسات‬ ‫يتطلّبها تسجيل ابتكاراتهم في ّ‬ ‫األميركية واألوروبية‪ ،‬وغياب الصناديق‬ ‫العربية الداعمة لذلك‪..‬‬

‫هيئات حكومية وخارجية باملضي يف حبوث‬ ‫موجهة جملابهة حتديات ملحة يف البيئة والصحة‬ ‫العامة واجملتمع‪.‬‬ ‫• ال تبتعد خيارات الباحثني ومنشوراتهم‬ ‫كثرياً عن التوجهات العامة احمل ّددة يف‬ ‫السياسات العلمية لك ّل من الدول املعنية‪.‬‬ ‫هلذه املقارنات أهمية اسرتاتيجية ملتّخذي‬ ‫القرار ومتابعي السياسات والباحثني عن جدوى‬ ‫البحوث‪ .‬وهي حتتاج مثل غريها من املؤشرات‬ ‫املستخرجة من قواعد املعلومات العاملية إىل‬ ‫املزيد من اجلهود الطوعية واملنظمة إلمداد‬ ‫مؤسسة ودولة‪ ،‬حتاشياً‬ ‫هذه املواقع ببيانات كل ّ‬ ‫للوقوع يف فخ االنعزال‪ ،‬وارتكاب محاقة االبتعاد‬ ‫طوعاً عن املسرية العلمية العاملية‪.‬‬ ‫‪ 2 - 3‬براءات االختراع‬

‫يعترب عدد براءات االخرتاع واألهمية‬ ‫االقتصادية للبلد املسجلة فيه مؤشراً متميزاً‬ ‫ملستوى اإلبداع واالبتكار يف جمال العلوم‬ ‫والتكنولوجيا‪ ،‬وهو يعكس بدقة قدرة املنظومة‬ ‫البحثية على املضي يف هذا اجملال‪ ،‬كمرحلة‬ ‫أساسية يف مسرية طويلة‪ ،‬معقدة ومكلفة‪،‬‬ ‫يفرتض أن تؤدي يف حال إثبات جدواها العلمية‬ ‫والتقنية إىل اعتمادها يف قطاعات اإلنتاج‬ ‫واخلدمات املعنية‪ ،‬وحتويل االبتكار إىل منتج‬ ‫إطار ‪4‬‬

‫مكاتب براءات االخرتاع العاملية‬

‫تنشر براءات اإلخرتاع يف قاعدة بيانات املنظمة العاملية للملكية الفكرية (‪ )WIPO‬باإلضافة‬ ‫إىل مكاتب براءات االخرتاع الوطنية‪ .‬ومن أهم املكاتب املشهورة بتسجيل أكرب عدد من براءات‬ ‫االخرتاع فيها‪ :‬مكتب براءات الواليات املتحدة االمريكية (‪ ،)USPTO‬مكتب الرباءات األوروبية‬ ‫(‪ ،)EPO‬مكتب براءات اليابان (‪ ،)JPO‬إىل جانب مكتب براءات كوريا اجلنوبية (‪)KIPO‬‬ ‫ومكتب براءات الصني الّلذين يستقطبان منذ ع ّدة سنوات عدداً وفرياً من براءات االخرتاع‬ ‫من مصادر عاملية خمتلفة‪ .‬ومن املراجع اهلامة يف التعرف إىل براءات االخرتاع‪ ،‬تقرير حديث‬ ‫صدر هذا العام حتت مسمى (‪ )Four Office Statistics Report‬جيمع ما بني املكاتب األربعة‬ ‫األمريكية واألوروبية واليابانية والكورية اجلنوبية‪ .‬ومن النقاط الواجب اتباعها يف براءات‬ ‫االخرتاع حتديد اسم املكتب مصدر البيانات‪ ،‬ودولة املنشأ‪ ،‬وما إذا كان مقدم الرباءة مقيماً أم‬ ‫غري مقيم فيها‪ ،‬وتاريخ التسجيل (‪ )filing‬وتاريخ املنح (‪.)grant‬‬

‫أو سلعة جديدة أو خط إنتاج جديد أو حتديث‬ ‫خطوط اإلنتاج أو تطوير خدمات مميّزة‪.‬‬ ‫يفتقد العامل العربي على الصعيدين الوطين‬ ‫مؤسسات مماثلة لتلك املنتشرة‬ ‫واإلقليمي لوجود ّ‬ ‫يف العامل الصناعي‪ ،‬قادرة على استقطاب براءات‬ ‫االخرتاع العربية والغربية‪ ،‬ومحاية حقوق العلميني‬ ‫املبدعني على الصعيد التجاري‪ ،‬حملياً وعاملياً‪.‬‬ ‫ويف أغلب األحيان يعمد املبدعون إىل تسجيل‬ ‫ابتكاراتهم (حملية الطابع) لدى اهليئات املعنية‬ ‫يف بلدانهم‪ ،‬مدركني سلفاً حمدودية احلماية اليت‬ ‫ميكن أن تضمنها هلم يف ما قد ال يتجاوز حدود‬ ‫بلدهم‪ .‬ومن املعوقات الرئيسية اليت حت ّد من‬ ‫قدرة املبدعني العرب على االنطالق إىل آفاق‬ ‫أرحب‪ ،‬وتسجيل براءات اخرتاعاتهم يف املكاتب‬ ‫الدولية‪ ،‬التكلفة الباهظة اليت يتطلبها تسجيل‬ ‫املؤسسات األمريكية واألوروبية‪،‬‬ ‫ابتكاراتهم يف ّ‬ ‫وغياب الصناديق العربية الداعمة لذلك‪.‬‬ ‫يف بعض املراصد العربية معطيات جزئية‬ ‫حول ّ‬ ‫مؤشر براءات االخرتاع احمللية يف ‪ 6‬دول‬ ‫أعطت يف العقدين املاضيني دالئل إجيابية‬ ‫عن أوضاعها ومستوى النشر العلمي فيها‪.‬‬ ‫يعرض اجلدول رقم (‪ )7‬لتطور هذا املؤشر‪،‬‬ ‫بني ‪ 2004‬و‪ 2008‬للمقيمني وغري املقيمني‪ ،‬من‬ ‫دون أ ّي معلومات عن ماهية االخرتاع أو عالقته‬ ‫املباشرة بالتكنولوجيا‪ ،‬باستثناء ما ّمت اعتماده‬ ‫منها (جتارياً أو خدماتياً أو اقتصاياً) يف ك ّل‬ ‫بلد‪ .‬وعلى الرغم من أن مصدر البيانات هو‬ ‫مكتب براءات االخرتاع املصري الذي مل يشمل‬ ‫البيانات الكاملة لدول عربية أخرى‪ ،‬ميكن‬ ‫استخالص اآلتي‪:‬‬ ‫• يسجل بوضوح تطور تصاعدي يف عدد‬ ‫براءات االخرتاع بني أعوام ‪ 2004‬و‪2006‬‬ ‫و‪.2008‬‬ ‫• حتافظ مصر على املرتبة األوىل تليها‬ ‫ك ّل من السعودية واملغرب وبدرجة أقل تونس‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫في مقارنة لعدد البراءات العربية‬ ‫و‪ ،)2009‬حيث يتبينّ ‪:‬‬ ‫المسجلة عالمياً (بين ‪ 2005‬و‪)2009‬‬ ‫• تتق ّدم السعودية ك ّل الدول العربية مبا‬ ‫يتبيّن أنها لم تتجاوز ‪ 475‬براءة اختراع‬ ‫جمموعه ‪ 259‬براءة اخرتاع تليها اإلمارات (‪ )70‬في ‪ 8‬دول عربية‪ ،‬في حين أن ماليزيا‬ ‫ثم مصر (‪ .)51‬وتظهر الكويت بعض التق ّدم مع وحدها توصلت إلى ‪ 566‬براءة اختراع‬ ‫املكتب األمريكي‪ ،‬بينما تشري معطيات لبنان بجهود باحثيها ومبتكريها‪..‬‬

‫وتونس واملغرب واألردن إىل حمدودية إمكانياتها‬ ‫يف تسجيل براءات االخرتاع يف املكاتب العاملية‪،‬‬ ‫اليت وإن تو ّفرت‪ ،‬ال ميكن أن تضمن مردودية‬ ‫االستثمار‪ ،‬فالعديد من براءات االخرتاع يقبع‬ ‫املؤسسات املعنيّة وقد ال‬ ‫سنني طويلة يف أدراج ّ‬ ‫جيد من يعتمده على الرغم من أهميته أحياناً‪.‬‬ ‫• يبدي العرب أفضلية للتسجيل يف املكاتب‬ ‫األمريكية واألوروبية‪ ،‬يف حني ما زال االنفتاح‬ ‫على اليابان يف بداياته‪ ،‬ويتط ّور يف ك ّل من‬ ‫السعودية ومصر بشكل مواز لتطور العالقات‬ ‫الثنائية االقتصادية والتجارية‪.‬‬ ‫• يف مقارنة لعدد الرباءات املسجلة عاملياً‬ ‫(بني ‪ 2005‬و‪ )2009‬يتبينّ أنها مل تتجاوز ‪475‬‬ ‫براءة اخرتاع يف ‪ 8‬دول عربية‪ ،‬يف حني أن‬ ‫ماليزيا وحدها توصلت إىل ‪ 566‬براءة اخرتاع‬ ‫جبهود باحثيها ومبتكريها‪.‬‬ ‫يف مراجعة عاجلة ملا تعنيه هذه املؤشرات‬ ‫احمللية والدولية‪ ،‬يبدو أن مسرية البحوث‬ ‫والتطوير التكنولوجي العربية ما زالت بعيدة‬

‫براءات االخرتاع املسجلة واملعتمدة يف بعض الدول العربية للمقيمني وغري املقيمني‪.‬‬

‫جدول رقم ‪7‬‬

‫‪2004‬‬

‫الدولة‬ ‫األردن‬ ‫اجلزائر‬ ‫السعودية‬ ‫املغرب‬ ‫تونس‬ ‫مصر‬

‫‪2008‬‬

‫‪2006‬‬

‫معتمدة‬ ‫مسجلة‬ ‫معتمدة‬ ‫مسجلة‬ ‫معتمدة‬ ‫مسجلة‬ ‫مقيم غري مقيم مقيم غري مقيم مقيم غري مقيم مقيم غري مقيم مقيم غري مقيم مقيم غري مقيم‬ ‫‪42‬‬

‫‪141‬‬

‫‪4‬‬

‫‪56‬‬

‫‪75‬‬

‫‪428‬‬

‫‪10‬‬

‫‪1‬‬

‫‪58‬‬

‫‪334‬‬

‫‪27‬‬

‫‪249‬‬

‫‪58‬‬

‫‪611‬‬

‫‪79‬‬

‫‪400‬‬

‫‪81‬‬

‫‪395‬‬

‫‪2‬‬

‫‪172‬‬

‫‪119‬‬

‫‪419‬‬

‫‪42‬‬

‫‪1002‬‬

‫‪104‬‬

‫‪457‬‬

‫‪46‬‬

‫‪223‬‬

‫‬‫‪-‬‬

‫‪1219‬‬

‫‪178‬‬

‫‪732‬‬

‫‪128‬‬

‫‪571‬‬

‫‪2‬‬

‫‪-‬‬

‫‪9‬‬

‫‪382‬‬

‫‪312‬‬

‫‪64‬‬

‫‬‫‪-‬‬

‫‪3‬‬

‫‪*Egyptian patent office.‬‬

‫‪4‬‬

‫‪*481‬‬

‫‪1481‬‬

‫‪6‬‬

‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫‪177‬‬

‫‪834‬‬

‫‪115‬‬

‫‪854‬‬

‫‪-‬‬

‫‪26‬‬

‫‬‫‪*81‬‬

‫‪5‬‬

‫‪*473‬‬

‫‪*1657‬‬

‫‪*280‬‬

‫ ‪Sources: World International Property Organization: wipo.int/ipstats/en/statistics/patents/‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫البحث العلمي‬

‫واألردن‪.‬‬ ‫• يتفاوت عدد براءات االخرتاع املسجلة‬ ‫يف ك ّل بلد بني املقيمني وغري املقيمني‪ ،‬لصاحل‬ ‫األفراد والشركات األجنبية الساعني لتسجيل‬ ‫ابتكاراتهم ومحاية استثماراتهم يف البلد‬ ‫العربي املعين‪ .‬وهذه الظاهرة تد ّل على اهتمام‬ ‫غري املقيمني باألسواق العربية وبامكانياتها‬ ‫االستهالكية واالقتصادية‪.‬‬ ‫• ترتفع بشكل حمسوس نسبة براءات‬ ‫االخرتاع املسجلة وما سلك منها درب االعتماد‬ ‫لغري املقيمني‪ ،‬بينما تبقى يف مستويات أدنى يف‬ ‫حالة املقيمني من أبناء البلد‪.‬‬ ‫• تبدو يف املغرب والسعودية ظاهرة ملفتة‪،‬‬ ‫فعدد براءات االخرتاع لغري املقيمني‪ ،‬املعتمدة‬ ‫يف كال البلدين‪ ،‬يزيد أحياناً عن تلك املسجلة‬ ‫للمقيمني‪ ،‬مما يدل على أن هذه الرباءات قد‬ ‫ّمت تسجيلها بداية يف دول أخرى قبل أن تعتمد‬ ‫عربياً‪.‬‬ ‫وباالنتقال إىل براءات االخرتاع العربية‬ ‫واملسجلة يف مكاتب غربية يف أميركا وأوروبا‬ ‫واليابان‪ ،‬يتب ّدل املشهد كلياً‪ ،‬ويرتاجع األداء‬ ‫العربي يف مؤشر اإلبداع التكنولوجي‪ .‬يف اجلدول‬ ‫رقم (‪ )8‬معطيات عن ‪ 8‬دول عربية ومقارنة مع‬ ‫دولة ماليزيا خالل ثالث سنوات (‪ 2005‬و‪2007‬‬

‫‪39‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 40‬للتنمية الثقافية‬

‫ثمة تفاوت ملحوظ بين عدد براءات‬ ‫االختراع المسجلة في مكاتب عربية أو في‬ ‫مكاتب االتحاد األوروبي وأمريكا واليابان‪.‬‬ ‫وفقاً ألرقام المكاتب العربية تحتل مصر‬ ‫الصدارة بين الدول العربية بينما تأتي‬ ‫السعودية عربياً في المركز األول وفقاً‬ ‫ألرقام مكاتب االتحاد األوروبي وأمريكا‬ ‫واليابان‪ .‬واألمر كله كاشف عن أزمة‬ ‫الرقم والمعلومة في مجال البحث العلمي‬ ‫في الوطن‪..‬‬

‫عن حتقيق أحد أهم أهدافها وخمرجاتها‪،‬‬ ‫أي تسجيل املبتكر من نواجتها واعتماده حملياً‬ ‫وعاملياً‪ ،‬بدل االكتفاء بالنشر العلمي والسعي‬ ‫للرتقية األكادميية‪ .‬لقد آن األوان للتسليم‬ ‫بأن اآلليات املعتمدة منذ اخلمسينيات مل‬ ‫تثبت يوماً فعاليتها وقد فقدت جدواها‪ ،‬وأن‬ ‫الوضع الراهن‪ ،‬وعلى الرغم من تسجيل بعض‬ ‫اإلضاءات‪ ،‬يتطلّب رؤية جديدة ومنهجية عمل‬ ‫والتزام واحرتافية‪ ،‬بإمكانها أن تستم ّد الكثري‬ ‫من جتارب دول مشابهة‪ ،‬ال متلك إال جزءاً‬ ‫مما يتوفر من موارد بشرية ومادية لدى‬ ‫يسرياً ّ‬ ‫معظم الدول العربية‪.‬‬ ‫وإذا ما ّمت جتاوز املؤشرات الكمية حول‬ ‫براءات االخرتاع العربية‪ ،‬ميكن مناقشة جدوى‬ ‫هذه الرباءات من خالل بيانات اجلدول رقم‬ ‫(‪ )9‬الصادر عن املنتدى االقتصادي العاملي‪،‬‬ ‫والذي يعطي الدول رتبة من ضمن جمموعة‬ ‫من ‪ 127‬دولة‪ ،‬حيث يتبني أن الدول املعنية‬ ‫بهذا التصنيف تتو ّزع إىل ‪ 3‬جمموعات‪ .‬األوىل‪،‬‬ ‫واملتقدمة نسبياً يف الثلث األول من املؤشر وتض ّم‬ ‫جدول رقم ‪8‬‬

‫تطور ّ‬ ‫مؤشرات اإلبداع‬ ‫‪3 -3‬‬ ‫ّ‬

‫تتداخل املؤشرات البحثية ونواجتها لتعطي‬ ‫صورة واضحة عن املستوى العلمي واإلمكانيات‬ ‫اإلبداعية للبلد أو املنطقة‪ .‬وقد جلأت هلذا‬ ‫ّ‬ ‫املؤشر ك ّل املنتديات واهليئات العاملية بهدف‬ ‫حتديد التوجهات االقتصادية ورسم آفاقها‪.‬‬ ‫وال خيتلف املوقع العربي يف مؤشر اإلبداع عن‬ ‫املعطيات السابقة‪ ،‬خصوصاً لناحية حتديد‬ ‫املوقع العربي بالنسبة إىل اجملموعات اجلغرافية‬ ‫الكربى يف العامل‪ .‬ويبينّ اجلدول رقم (‪)10‬‬ ‫موقع اجملموعة العربية املتخلف كثرياً عن بقية‬ ‫اجملموعات يف العامل وعن املعدل العاملي من‬ ‫جهة‪ ،‬والتطور السليب ملؤشر اإلبداع بني عامي‬ ‫‪ 1995‬و‪ 2009‬من جهة أخرى‪ .‬صحيح أن قيمة‬

‫براءات االخرتاع املسجلة يف مكاتب حّ‬ ‫االتاد األوروبي والواليات املتّحدة األمريكية واليابان‬ ‫‪2005‬‬

‫األردن‬ ‫اإلمارات‬ ‫السعودية‬ ‫الكويت‬ ‫املغرب‬ ‫تونس‬ ‫لبنان‬ ‫مصر‬ ‫ماليزيا‬

‫ك ًال من الكويت وقطر واإلمارات والسعودية على‬ ‫التوالي‪ ،‬والثانية‪ ،‬يف املراتب الوسطى وتضم‬ ‫ك ًال من تونس واألردن وسوريا واملغرب‪ ،‬والثالثة‪،‬‬ ‫اليت تقع يف النصف الثاني من املؤشر وتض ّم‬ ‫ك ًال من مصر واجلزائر وعمان والبحرين‪.‬‬

‫‪2007‬‬

‫‪2009‬‬

‫أوروبي أمريكي ياباني أوروبي أمريكي ياباني أوروبي أمريكي ياباني اجملموع‬ ‫‪25‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪70‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‬‫‪259‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪76‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪52‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‬‫‪28‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪20‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‬‫‬‫‪9‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‬‫‬‫‬‫‬‫‬‫‪15‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‬‫‪-‬‬‫‬‫‬‫‪51‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‬‫‪566‬‬ ‫‪181‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪173‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪98‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪-‬‬

‫;‪Sources: European Patent Office: Epo.org/patents/patent-information/free/open-patent-services.html‬‬ ‫;‪United States Patent and Trademark Office: Uspto.gov/web/offices/ac/ido/oeip/taf/cst_all.pdf‬‬ ‫‪Japanese patent Office: jpo.go.jp/index_e/public_information.html‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫تكامل القطاعين العام والخاص في‬ ‫مجال البحث العلمي‬

‫املؤسسات البحثية املميزة وتدار‬ ‫تبنى ّ‬ ‫مبنهجية توازن بني ثالثة مقومات مرتابطة‬ ‫ومتكاملة‪ )1 :‬تو ّفر املوارد البشرية الكفوءة‬ ‫واملوارد املالية املناسبة‪ ،‬و‪ )2‬تشكيل كتلة بشرية‬ ‫حرجة من األخصائيني املتمرسني يف البحث‬ ‫والتطوير وتأمني احلوافز املادية والعلمية‬ ‫باملؤسسة‪ ،‬و‪)3‬‬ ‫املالئمة لتجذيرهم والتزامهم ّ‬ ‫وضع سياسات علمية تتصف بالرؤية واملوضوعية‬ ‫جدول رقم ‪9‬‬ ‫الدولة‬

‫الكويت‬ ‫قطر‬ ‫اإلمارات‬ ‫السعودية‬ ‫تونس‬ ‫األردن‬ ‫سوريا‬ ‫املغرب‬ ‫مصر‬ ‫اجلزائر‬ ‫عمان‬ ‫البحرين‬

‫جدوى براءات االخرتاع يف بعض‬ ‫الدول العربية (الرتبة من ‪ 127‬دولة)‬ ‫الرتبة‬ ‫‪35‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪49‬‬ ‫‪66‬‬ ‫‪67‬‬ ‫‪69‬‬ ‫‪77‬‬ ‫‪82‬‬

‫الشكل رقم ‪2‬‬

‫البحث العلمي‬

‫هذا املؤشر هي حاصل معدل ك ّل الدول العربية‬ ‫يف الشرق األوسط واملغرب العربي‪ ،‬إال أن األمانة‬ ‫تقتضي إبراز بعض الفوارق امله ّمة بني هذه‬ ‫الدول واليت تبدو جلية من خالل مؤشر اإلبداع‬ ‫بالنسبة إىل الدخل القومي وعدد السكان يف‬ ‫البلد‪ ،‬حيث تتميز بعض الدول مبواقع أعلى‬ ‫من املعدل العاملي واملعدل العربي على السواء‬ ‫(لبنان واألردن ومصر) يف حني حتافظ دول‬ ‫اخلليج (السعودية واإلمارات وقطر) على مواقع‬ ‫مالصقة للمعدل العاملي (الشكل رقم ‪.)2‬‬

‫والعمل على تبنيها من خمتلف القطاعات‬ ‫اجملتمعية‪ ،‬وبرجمة تطبيقها‪ ،‬وااللتزام بآليات‬ ‫التقييم املستمر من خالل إدارة شفافة ومرنة‪.‬‬ ‫توصلت بعض املراكز العلمية العربية يف‬ ‫العقدين املاضيني إىل تطوير العديد من‬ ‫كم من‬ ‫التقنيات اهلامة والقادرة على تقديم ٍّ‬ ‫تغيرّ مؤ ّشر اإلبداع بالنسبة إىل حصة دخل الفرد من الدخل القومي‬

‫(املعدل العربي باللون األخضر واملعدل العاملي بالّلون األسود)‬ ‫‪10‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬

‫‪R2 = 0.816‬‬ ‫‪UAE‬‬ ‫‪Qatar‬‬ ‫‪R2 = 0.261‬‬

‫‪Lebanon‬‬

‫‪Saudi‬‬ ‫‪Arabia‬‬

‫‪Jordan‬‬

‫‪Kuwait‬‬ ‫‪Tunisia‬‬

‫‪Egypt‬‬

‫‪Oman‬‬ ‫‪Bahrain‬‬

‫‪Algeria‬‬ ‫‪Syria‬‬

‫‪45,000‬‬

‫‪40,000‬‬

‫‪35,000‬‬

‫‪30,000‬‬

‫‪25,000‬‬

‫‪20,000‬‬

‫‪15,000‬‬

‫‪10,000‬‬

‫‪5,000‬‬

‫‪0‬‬

‫‪Source: World Bank, Knowledge Assessment Methodology – KAM, 2008‬‬

‫جدول رقم ‪ 10‬تطور مؤشرات اإلبداع‬ ‫املنطقة‬ ‫الشرق األوسط ومشال أفريقيا‬ ‫شرق آسيا واحمليط اهلادي‬ ‫أوروبا وآسيا الوسطى‬ ‫أمريكا الالتينية‬ ‫أوروبا الغربية‬ ‫العامل‬

‫‪1995‬‬ ‫‪4.64‬‬ ‫‪6.82‬‬ ‫‪9.29‬‬ ‫‪7.43‬‬ ‫‪9.19‬‬ ‫‪8.18‬‬

‫أحدث فرتة‬ ‫‪4.31‬‬ ‫‪6.88‬‬ ‫‪9.19‬‬ ‫‪7.22‬‬ ‫‪9.23‬‬ ‫‪8.01‬‬

‫‪83‬‬ ‫‪86‬‬ ‫‪86‬‬

‫‪Source: World Economic Forum. The Global‬‬ ‫‪Information: Technology, Report 2007 -2008‬‬

‫‪41‬‬

‫‪Source: From Adnan Shihab-Eldin, Role science and technology can play in influ‬‬‫‪encing the future of the Arab World, Symposium on Science and Research in the‬‬ ‫‪Arab World, Cambridge, UK, 14 March, 2009‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 42‬للتنمية الثقافية‬

‫إطار ‪5‬‬

‫يف جدوى البحوث ونواجتها!‬

‫إذا ما أجرينا تقاطعاً للمعلومات الواردة يف هذا احملور حول مدخالت وخمرجات البحوث‬ ‫مؤسسات وموارد بشرية ومنشورات علمية‪،‬‬ ‫العلمية‪ ،‬يف أحد أكرب الدول العربية وأغزرها ّ‬ ‫مما يستدعي مبادرات عاجلة‬ ‫واملخرجات‬ ‫أي مصر‪ ،‬تبدو الفجوة شاسعة بني املدخالت‬ ‫ّ‬ ‫ملعاجلتها‪ .‬ففي مصر ما يعادل ‪ 30‬ألف باحث مبعدل الوقت الكامل‪ ،‬ولديها ‪ 10‬جمالت‬ ‫مصنفة يف قاعدة معلومات سكوبيس‪ ،‬وقد صدر لباحثيها ما يفوق ‪ 5000‬مقال علمي‬ ‫وسجلت ‪ 473‬براءة اخرتاع حملية مل يعتمد منها إال ‪ 81‬يف العام ‪ ،2008‬كما مل يزد عدد‬ ‫براءات االخرتاع املصرية املسجلة يف أوروبا والواليات املتحدة األمريكية عن ‪ 8‬براءات‬ ‫يف العام ‪ !2009‬وحيث إن الوضع يف مصر ال خيتلف عما هو عليه يف بقية الدول العربية‪،‬‬ ‫فسوف يتم حتاشي احتساب اجلدوى أو كلفة براءة األخرتاع احمللية والعاملية‪.‬‬

‫الشكل رقم ‪3‬‬

‫رؤية إلدارة مراكز البحوث العلمية‬

‫املوارد البشرية واملادية‬

‫البحث والتطوير‬ ‫يف خدمة اجملتمع‬ ‫البحث العلمي‬

‫التنمية والتطوير‬

‫اخلدمات العلمية املباشرة للقطاعني العام‬ ‫واخلاص‪ .‬من شأن هذا التوجه أن حيقق‬ ‫إغراءات مادية وانفتاحاً مشروعاً للمساعدة‬ ‫يف ح ّل بعض مشكالت الصناعة والزراعة‬ ‫والبيئة والصحة العامة‪ ،‬ولكن احملاذير تكمن‬ ‫يف انغماس هذه املراكز وباحثيها الكلي بإجراء‬ ‫التحاليل والدراسات امليدانية واالبتعاد عن‬ ‫إجراء البحوث املبتكرة اليت تش ّكل عصب‬ ‫مهام الباحث أو األستاذ اجلامعي‪ .‬لذلك على‬ ‫إدارة املراكز العلمية التنبه ملخاطر االنزالق‬ ‫حنو التقنيات واخلدمات اليت تؤمن مردوداً‬ ‫مالياً إضافياً للباحثني واليت تتم من دون ريب‬ ‫على حساب البحث العلمي األصيل‪ ،‬واحلفاظ‬ ‫على توازن‪ ،‬ال غنى عنه‪ ،‬بني البحوث من‬ ‫جهة ومبادرات خدمة اجملتمع من جهة أخرى‬ ‫(الشكل رقم ‪.)3‬‬ ‫ومن السياسات املتداولة لتجاوز املعوقات‬ ‫الرئيسية اليت حت ّد من تطور بعض املراكز‬ ‫العربية وابتعادها عن حتقيق أهدافها‪ ،‬جتاوز‬ ‫النقص يف املوارد البشرية بزيادة التعاون‬ ‫العلمي الداخلي واخلارجي‪ ،‬والنقص يف املوارد‬ ‫املالية بالبحث عن موارد إضافية تؤمنها بعض‬ ‫الربامج العربية والدولية واألوروبية حتديداً‪،‬‬ ‫وضمان الصدقية العلمية بالتمسك بأخالقيات‬ ‫العمل البحثي واإلدارة الشفافة وزيادة القدرة‬ ‫للمؤسسة وعدم االبتعاد عن قضايا‬ ‫التنافسية ّ‬ ‫اجملتمع واحتياجاته‪.‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪43‬‬

‫الجامعات "مشتل" بشري للبحث‬ ‫العلمي‬

‫مؤسسات التعليم العالي بشكل عام‬ ‫حتت ّل ّ‬ ‫واجلامعات بشكل خاص يف الدول املتق ّدمة‬ ‫صناعياً مركزاً متق ّدماً يف منظومة البحث‬ ‫واإلبداع والتطوير ومكانة مركزية يف تأمني‬ ‫الرفاه اإلنساني‪ ،‬وذلك من خالل مهمتها‬ ‫األساسية الكامنة يف تكوين املوارد البشرية‬ ‫عالية الكفاءة الالزمة ليس فقط لقيادة عجلة‬ ‫احلياة والتنمية مبختلف أشكاهلا وميادينها‪،‬‬ ‫وإمنا أيضاً للقيام بالبحث العلمي وحتديث‬ ‫املعارف وتطويرها‪.‬‬ ‫وال غل ّو يف التأكيد أ ّن اجلامعات تش ّكل "مشتل"‬ ‫املوارد البشرية اليت تك ّون العمود الفقري ملراكز‬ ‫البحوث ومراكز التميّز األكادميي والتقين اليت‬ ‫تع ّول عليها قيادة التطوير اجملتمعي وم ّد اجملتمع‬ ‫بالوسائل واألساليب اليت من شأن اعتمادها‪،‬‬ ‫كأساس للحكم الرشيد ولألنشطة االقتصادية‬ ‫واالجتماعية والثقافية‪ ،‬حتقيق الرفاه اإلنساني‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫التوقعات العالمية بشأن إسهام‬ ‫‪-1‬‬ ‫التعليم العالي في البحث العلمي‬

‫من املتعارف عليه أن البحث العلمي يشمل‬ ‫األنشطة اليت تؤ ّدي إىل توسيع نطاق املعرفة‬ ‫وتعميقها وجتديدها وتطوير استخداماتها‪.‬‬ ‫وتتك ّون هذه األنشطة بشكل أساسي من التب ّحر‬ ‫العلمي وتوليف املعارف املتاحة‪ ،‬والنقد العلمي‬ ‫واألدبي والفين‪ ،‬والبحث املنهجي عن معارف‬ ‫جديدة‪ ،‬وتطوير استخدامات املعرفة واالبتكار‬ ‫التقين واالجتماعي‪ .‬ويؤ ّدي ذلك كلّه إىل إنتاج‬

‫وثائق جديدة على شكل رسائل‪ ،‬أو أطروحات‪،‬‬ ‫أو مقاالت‪ ،‬أو دراسات‪ ،‬أو تقارير‪ ،‬أو كتب‪ ،‬أو‬ ‫مراجع‪ ،‬أو برجميات‪ ،‬أو غريها‪ ،‬ونشر هذه‬ ‫املتخصصة أو من خالل‬ ‫الوثائق يف الدوريات‬ ‫ّ‬ ‫دور النشر أو غريها من الوسائل‪ ،‬كما يؤ ّدي إىل‬ ‫املؤسسات‬ ‫ابتكارات واخرتاعات وتسجيلها عند ّ‬ ‫املتخصصة برباءات اخرتاع‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وإذا كان هناك فائدة من القيام بالبحث‬ ‫العلمي ومن نشر نتائجه يف رسائل وأطروحات‪،‬‬ ‫أو يف دراسات وتقارير وكتب ومراجع فردية أو‬ ‫مجاعية‪ ،‬فإن هذه الفائدة تبقى حمدودة األثر‬ ‫وال يصل البحث العلمي إىل مبتغاه السامي‬ ‫بالسرعة املرج ّوة إال من خالل نشر نتائجه‬ ‫يف دوريات واسعة االنتشار ومن خالل تسجيل‬ ‫املؤسسات املعنيّة‪ .‬فمن‬ ‫براءات االخرتاع يف ّ‬ ‫خالل نشر نتائج البحث العلمي بالوسائل‬ ‫املتاحة‪ ،‬ميكن أن تت ّم إعادة البحث يف سياقات‬ ‫أخرى أو مع عيّنات أخرى ملعرفة مدى تعميم‬ ‫النتائج واإلسهام يف التق ّدم املعريف‪ ،‬واالستفادة‬ ‫من نتائج البحث لتطوير التطبيقات واملمارسات‬ ‫املهنية‪ ،‬وإرساء هذه املمارسات على املعرفة‬ ‫املوثوقة‪ ،‬ولتحقيق الرفاه البشري من خالل‬ ‫تطوير السلع مبختلف أنواعها‪.‬‬ ‫وقد أخذت بهذا املنحى مبادرات تعنى‬ ‫برتتيب جامعات خمتلف دول العامل بناء على‬ ‫اإلنتاجية البحثية هلذه اجلامعات وبأثر البحوث‬ ‫اليت جتريها على تق ّدم املعارف‪ .‬ومن ذلك‬ ‫ترتيب "شنغهاي" الشهري الذي يعطي ‪% 100‬‬ ‫من نقاط الرتتيب ّ‬ ‫ملؤشرات تعنى بنواتج البحث‬ ‫العلمي مبختلف أوجهها وبوقع هذا البحث‪.‬‬

‫البحث العلمي‬

‫البحث العلمي في اجلامعات العربية‬

‫إذا كان هناك فائدة من القيام‬ ‫بالبحوث العلمية ومن نشر نتائجها‬ ‫في رسائل وأطروحات‪ ،‬أو في دراسات‬ ‫وتقارير وكتب ومراجع فردية أوجماعية‪،‬‬ ‫فإن هذه الفائدة تبقى محدودة األثر‬ ‫وال تصل البحوث العلمية إلى مبتغاها‬ ‫السامي بالسرعة المرج ّوة إال من خالل‬ ‫نشر نتائجها في دوريات واسعة االنتشار‬ ‫ومن خالل تسجيل براءات االختراع في‬ ‫المؤسسات المعنيّة‪..‬‬ ‫ّ‬

‫في أحدث تصنيف معلن لجامعة‬ ‫سجلت جامعتان عربيّتان فقط‬ ‫شنغهاي ّ‬ ‫اختراقاً مميّزاً‪ ،‬فوردت جامعة الملك‬ ‫سعود من ضمن مجموعة ‪،400 – 301‬‬ ‫بينما وردت جامعة البترول والمعادن من‬ ‫ضمن مجموعة ‪ 500 - 401‬جامعة شملها‬ ‫مؤشر شنغهاي العالمي‪ .‬أما في تصنيف‬ ‫مجلة تايمز البريطانية فقد جاءت جامعة‬ ‫اإلسكندرية في المرتبة الـ ‪ 149‬من بين‬ ‫مائتي جامعة‪..‬‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 44‬للتنمية الثقافية‬

‫وتتمثّل هذه ّ‬ ‫املؤشرات حبصول خ ّرجيي اجلامعة واالستشهاد بأعمال هؤالء‪ ،‬والنشر يف جملّيت‬ ‫وأعضاء هيئات التدريس فيها على جوائز "الطبيعة" و"العلم" الشهريتني باالنتقائية‬ ‫نوبل وميداليات فيلدس للتميّز يف الرياضيات‪ ،‬العالية ملؤلّفي املقاالت املقبولة للنشر فيها‪.‬‬ ‫ومن ذلك أيضاً ترتيب اجلامعات بنا ًء على‬ ‫الرتتيب العاملي للجامعات‬ ‫إطار ‪6‬‬ ‫األحباث املنشورة يف الدوريات املفهرسة عاملياً‬ ‫(يف قاعدة بيانات ‪ISI Web of Knowledge‬‬ ‫جتدر اإلشارة إىل أن هناك ترتيبات وطنية‪ ،‬والسيّما أوروبية وأمريكية‪ ،‬وترتيبات‬ ‫عاملية و‪.)SCOPUS‬‬ ‫متخصصة للجامعات تش ّدد بشكل أساسي على جودة الربامج التعليمية اليت تق ّدمها اجلامعات‬ ‫ّ‬ ‫وجودة احلياة اجلامعية وال تلحظ للبحث العلمي سوى مكانة حمدودة تقاس‪ ،‬بشكل عام‪ ،‬بقدر‬ ‫إسهام البحث العلمي يف جتويد العمليات التعليمية‪/‬التعلّمية‪ .‬ومن هذه الرتتيبات ما يلي‪:‬‬ ‫)‪U.S. News & World Report (USN≀ U.S.A.‬‬ ‫)‪Time Good Education Guide (UK‬‬ ‫)‪Guardian ranking (UK‬‬ ‫)‪Forbes (U.S.A.‬‬ ‫)‪CHE Das Ranking / University Ranking (CHE; Germany‬‬ ‫)‪Studychoice123 (SK123; the Netherlands‬‬ ‫)‪Financial Times ranking of business schools and programmes (FT; global‬‬ ‫)‪BusinessWeek (business schools, U.S.A. + global‬‬ ‫)‪The Economist (business schools; global‬‬ ‫ّ‬ ‫كما أن هناك تصنيفات ال تؤ ّدي إىل ترتيب اجلامعات على سلم‪ .‬ومن هذه التصنيفات تصنيف‬ ‫مؤسسة كارنغي األمريكية‬ ‫ّ‬ ‫(أنظر‪)/http://classifications.carnegiefoundation.org :‬‬ ‫ومشروع التصنيف األوروبي املعروف مبس ّمى ‪( U-Map‬أنظر‪)/http://www.u-map.eu :‬‬

‫من الرتتيبات العاملية األخرى اليت تأخذ باحلسبان اإلنتاجية البحثية للجامعات ما يلي‪:‬‬ ‫ ‪The Times Higher Education/QS World Ranking‬‬‫ ‪The bibliometric Leiden Ranking - Center for Science and Technology‬‬‫‪Studies/CWTS, University of Leiden‬‬ ‫ ‪The bibliometry‐based ranking published by the Higher Education Evaluation‬‬‫‪and Accreditation Council of Taiwan - HEEACT‬‬ ‫لكن هذه الرتتيبات تنشر لوائح ال تض ّم سوى بضع مئات من اجلامعات؛ ولذلك ال تظهر فيها‬ ‫أ ّي جامعة عربية‪.‬‬

‫‪ - 2‬المكانة البحثية للجامعات‬ ‫العربية‬

‫يف أحدث تصنيف معلن‬ ‫صدر بتاريخ ‪ 15‬آب‪/‬أغسطس ‪ 2010‬سجلت‬ ‫جامعتان عربيتان فقط اخرتاقاً مميزاً‪ .‬فقد‬ ‫وردت جامعة امللك سعود ضمن جمموعة ‪301‬‬ ‫– ‪ ،400‬بينما وردت جامعة البترول واملعادن‬ ‫ضمن جمموعة ‪ 500 - 401‬جامعة مشلها‬ ‫مؤشر شنغهاي العاملي‪ .‬وقد متيزت اجلامعتان‬ ‫السعوديتان من خالل مؤشرات "الباحثون‬ ‫األكثر ذكراً يف املنشورات العلمية يف ‪ 21‬حموراً‬ ‫علمياً خمتلفاً" و"الزيادة املضطردة يف النشر‬ ‫العلمي املفهرس عاملياً وكفاءة أداء الباحثني"‬ ‫يف ك ّل منها‪ .‬من جهة أخرى غابت اجلامعات‬ ‫العربية العريقة منها واحلديثة بينما احتلت‬ ‫ست جامعات إسرائيلية مراتب متق ّدمة أحياناً‬ ‫بني اجلامعات اخلمسمئة األوىل‪ .‬أما يف تصنيف‬ ‫جملة تاميز الربيطانية للعام ‪ ،2010‬فلم‬ ‫جلامعة شنغهاي‬

‫املؤسسات على املوقع اآلتي والذي اعتمد على املقاالت املنشورة يف الدوريات املفهرسة يف جمموعة ‪Scopus‬‬ ‫‪ 1‬أنظر التقرير اخلاص برتتيب ّ‬ ‫اليت متتلكها مؤسسة ‪ Elsevier‬للنشر‪ http://www.scimagoir.com/pdf/sir_2009_world_report.pdf 2 :‬حتت ّل جامعة‬ ‫املنصورة يف مصر املرتبة ‪.1001‬‬ ‫‪ 3‬بناء على منهجية تومسون رويرتز (أنظر‪http://thomsonreuters.com/products_services/science/science_products/a-z/ :‬‬ ‫‪ .)isi_highlycited?parentKey=591283,605622‬وتشمل الالئحة ‪ 21‬ميداناً من ميادين االختصاص موزّعة ما بني العلوم األساسية‬

‫(الرياضيات والفيزياء والكيمياء وغريها) والتطبيقية (اهلندسة والزراعة والبيئة والفضاء وغريها)‪ ،‬وعلوم احلياة والصحة‪ ،‬والعلوم‬ ‫اإلنسانية ( الرتبية وعلم النفس وغريه) واالجتماعية‪.‬‬ ‫‪ 4‬يتوزّع هؤالء كاآلتي‪ :‬ستة يف جامعة امللك فهد للبرتول واملعادن‪ ،‬أربعة يف جامعة امللك سعود‪ ،‬وواحد يف جامعة امللك عبداهلل للعلوم‬ ‫والتكنولوجيا‪.‬‬ ‫‪/http://www.arwu.org 5‬‬ ‫‪/http://www.timeshighereducation.co.uk 6‬‬ ‫‪ 7‬بدأت هذه اجمللّة ترتيب اجلامعات منذ العام ‪ 2004‬مبنهجية كانت تعتمد يف ‪ % 50‬من النقاط على آراء مستطلعني يف التعليم العالي‪،‬‬ ‫ويف ‪ % 50‬على ّ‬ ‫ختص الطلبة وأعضاء هيئات التدريس‪.‬‬ ‫مؤشرات موضوعية ّ‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫إطار ‪7‬‬

‫في إسرائيل وحدها ست عشرة‬ ‫مؤسسة جامعية أو بحثية ما بين األلف‬ ‫ّ‬ ‫األول في العالم‪ ،‬بينما ليس في مجمل‬ ‫الدول العربية سوى خمس أو ست‬ ‫مؤسسات جامعية ما بين األلف األول في‬ ‫ّ‬ ‫العالم‪..‬‬ ‫تفحص ّ‬ ‫مؤشر االستشهادات‬ ‫يظهر ّ‬ ‫باألعمال البحثية المنشورة في الدوريات‬ ‫الموثّقة عالمياً وفي مختلف االختصاصات أن‬ ‫هناك أحد عشر شخصاً يعملون في جامعات‬ ‫عربية تظهر أسماؤهم بين أكثر المؤلّفين‬ ‫العلميّين الذين يستشهد بأعمالهم‪ ،‬وينتمي‬ ‫هؤالء جميعاً إلى جامعات من السعوديّة‪..‬‬ ‫لك ّن المفارقة في األمر هي أن من بين‬ ‫هؤالء فقط يحمل جنسية عربية‪ ،‬بينما ينتمي‬ ‫الباقون جميعهم إلى جنسيات أجنبية‪ ،‬آسيوية‬ ‫وأميركية وأوروبية‪..‬‬

‫مؤشرات ترتيب اجلامعات اليت تعتمدها جامعة شنغهاي وتلك اليت‬ ‫تعتمدها جملة تاميز الربيطانية‬

‫يش ّكل "الرتتيب األكادميي جلامعات العامل" الذي تضعه سنوياً جامعة جياو تونغ يف شنغهاي‬ ‫منذ العام ‪ 2003‬أحد أشهر ترتيبني للجامعات يف العامل‪ ،‬مع "ترتيب جامعات العامل" الذي‬ ‫عال ليستخرج‬ ‫تصدره جملة تاميز الربيطانية ‪ .‬ويقارن ترتيب شنغهاي ‪ّ 1200‬‬ ‫مؤسسة تعليم ٍ‬ ‫منها اخلمسمئة اليت حتظى بأعلى النقاط بناء على معادلة تأخذ باحلسبان ما يلي‪ :‬عدد خ ّرجيي‬ ‫املؤسسة احلائزين على جوائز نوبل وميداليات فيلدس للتميّز يف ميدان الرياضيات (‪)% 10‬؛‬ ‫ّ‬ ‫يف‬ ‫العاملني‬ ‫عدد‬ ‫املؤسسة احلائزين على جوائز نوبل وميداليات فيلدس (‪)% 20‬؛ عدد الباحثني‬ ‫ّ‬ ‫املؤسسة املستشهد بأعماهلم يف ‪ 21‬ميداناً علمياً ّ‬ ‫يف‬ ‫العاملني‬ ‫تغطي خمتلف االختصاصات (‪) % 20‬؛‬ ‫ّ‬ ‫ ‬ ‫املؤسسة يف جملّيت الطبيعة والعلم"(‪)% 20‬؛ قيمة‬ ‫عدد املقاالت اليت ينشرها العاملون يف ّ‬ ‫ّ‬ ‫املؤسسة (‪)% 20‬؛ مع ّدل‬ ‫مؤشري االستشهاد يف العلوم ويف العلوم االجتماعية اليت حتصل عليهما ّ‬ ‫املؤسسة على جممل املؤشرات السابقة نسبة لعدد أعضاء هيئات التدريس والباحثني فيها‬ ‫أداء ّ‬ ‫(‪.)% 10‬‬ ‫أما مؤشرات ترتيب اجلامعات املع ّدلة اليت ق ّررت جملة تاميز الربيطانية اعتمادها بدءاً من العام‬ ‫‪ 2010‬فتعنى مبا يأتي‪ :‬مع ّدل مداخيل البحوث من الصناعة نسبة لعدد أعضاء هيئة التدريس‬ ‫(‪)% 10‬؛ نسب الطلبة وأعضاء هيئة التدريس األجانب (‪)% 10‬؛ جمموعة من ّ‬ ‫املؤشرات‬ ‫املؤسسية اخلاصة بنسبة الطلبة اجلدد ألعضاء هيئة التدريس‪ ،‬ونسبة الدكتوراه املمنوحة من‬ ‫ّ‬ ‫أصل جممل الشهادات املمنوحة‪ ،‬ونسبة الدكتوراه املمنوحة لك ّل عضو هيئة التدريس‪ ،‬والسمعة‬ ‫التعليمية للجامعة‪ ،‬ومداخيل اجلامعة لك ّل طالب (‪)% 25‬؛ جمموعة من املؤشرات البحثية تعنى‬ ‫املخصصة للبحث العلمي‪،‬‬ ‫باملقاالت العلمية املنشورة‪ ،‬واالستشهادات اليت حتظى بها‪ ،‬واملداخيل ّ‬ ‫ونسبة مداخيل البحث من السلطات احلكومية إىل املداخيل من الصناعة‪ ،‬والسمعة البحثية‬ ‫للجامعة (‪.)% 55‬‬ ‫مؤسسات التعليم العالي التعليمية‬ ‫وإذا كان ترتيب جملة تاميز يأخذ باالعتبار بعض خصائص ّ‬ ‫واملالية وتن ّوع الطلبة وأعضاء هيئات التدريس فإنه يعطي الوزن األكرب للخصائص البحثية هلذه‬ ‫خيص ختريج محلة الدكتوراه‪.‬‬ ‫املؤسسات‪ ،‬مبا يف ذلك يف ما ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪5‬‬

‫‪6‬‬

‫‪7‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫البحث العلمي‬

‫تذكر من بني اجلامعات العربية سوى جامعة‬ ‫اإلسكندرية وذلك يف املرتبة الـ ‪ 149‬من بني‬ ‫مائيت جامعة‪.‬‬ ‫ويظهر ترتيب اجلامعات بناء على األحباث‬ ‫املنشورة يف الدوريات املفهرسة عاملياً يف مجموعة‬ ‫سكوبوس ‪ -‬السفير (اجلدول رقم ‪، )11‬‬ ‫أ ّن من أصل ‪ 2124‬جامعة ومركز أحباث مستقلّة‬ ‫مو ّزعة على مجيع أحناء العامل نشرت أكثر من‬ ‫‪ 100‬مقال يف هذه الدوريات خالل الفرتة ‪1996-‬‬ ‫‪ ،2008‬هناك ‪ 23‬جامعة عاملة يف الدول العربية‬ ‫تظهر من بينها (أي حواىل ‪ % 1‬فقط)‪ ،‬منها ‪11‬‬ ‫جامعة يف مصر‪ ،‬و‪ 4‬يف السعودية‪ ،‬و‪ 2‬يف ك ّل من‬ ‫األردن واإلمارات العربية املتّ حدة‪ ،‬وواحدة يف ك ّل‬ ‫من الكويت‪ ،‬ولبنان‪ ،‬وسلطنة ُعمان‪ ،‬والسودان‪.‬‬ ‫وتغيب عن هذه الالئحة بشكل الفت دول لديها‬ ‫جامعات عريقة ويفرتض أن يكون فيها قدرات‬ ‫حبثية‪ ،‬بشرية ومالية‪ ،‬عالية مثل العراق وسوريا‬ ‫وتونس واجلزائر واملغرب‪ .‬ويالحظ أيضاً من‬ ‫هذا الرتتيب أن هناك مركزين للبحث العلمي‪،‬‬ ‫مؤسسة‬ ‫غري جامعيني‪ ،‬يظهران بني الـ ‪ّ 2124‬‬ ‫متوسط رتبة اجلامعات‬ ‫األوىل يف العامل‪ .‬ويبلغ ّ‬ ‫يف الدول العربية املرتبة ‪ ،1413‬بينما تبلغ‬ ‫املرتبة الوسيطة هلذه اجلامعات ‪ .1344‬وبذلك‬ ‫يقع املركز الوسيط مقابل الـ ‪ % 63‬األول من‬ ‫املؤسسات‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يف املقابل‪ ،‬جند يف إسرائيل ‪ 7‬جامعات من‬ ‫بني الـ ‪ 806‬األوىل‪ ،‬مبرتبة وسيطة تقابل‬ ‫املرتبة ‪302‬‬ ‫ومبتوسط ‪ ،363‬أي يف حدود ما‬ ‫ّ‬ ‫نسبته ‪ % 15‬األول يف العامل‪ ،‬باإلضافة إىل ‪9‬‬ ‫مبتوسط قدره ‪.981‬‬ ‫مراكز أحباث غري جامعية ّ‬ ‫مؤسسة‬ ‫أي أ ّن يف إسرائيل وحدها ست عشرة ّ‬ ‫جامعية أو حبثية ما بني األلف األول يف العامل‪،‬‬ ‫بينما ليس يف جممل الدول العربية سوى مخس‬ ‫مؤسسات جامعية ما بني األلف األول‬ ‫أو ست ّ‬ ‫يف العامل‪.‬‬

‫من ناحية أخرى‪ ،‬يظهر تف ّحص ّ‬ ‫مؤشر‬ ‫االستشهادات باألعمال البحثية املنشورة‬ ‫يف الدوريات املوثّقة عاملياً ويف خمتلف‬ ‫االختصاصات أن هناك أحد عشر شخصاً‬ ‫يعملون يف جامعات عربية تظهر أمساؤهم‬ ‫بني أكثر املؤلّفني العلميّني الذين يستشهد‬ ‫بأعماهلم‪ ،‬وينتمي هؤالء مجيعاً إىل جامعات من‬ ‫السعودية ‪ .‬لك ّن املفارقة يف األمر هي أن واحد‬ ‫فقط من بني هؤالء حيمل جنسية عربية‪ ،‬بينما‬ ‫ينتمي الباقون مجيعهم إىل جنسيات أجنبية‪،‬‬ ‫آسيوية وأمريكية وأوروبية‪.‬‬ ‫كما يظهر تف ّحص هذا ّ‬ ‫املؤشر أن هناك سبعة‬ ‫إىل عشرة أشخاص حيملون جنسيات عربية أو‬ ‫من أصول عربية يعملون يف جامعات أجنبية‪ ،‬جلّها‬ ‫يف الواليات املتحدة األميركية‪ ،‬تظهر أمساؤهم‬

‫‪45‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 46‬للتنمية الثقافية‬

‫القسم األكبر من معوقات البحث بني أكثر املؤلّفني العلميّني الذين يستشهد‬ ‫العلمي ّ‬ ‫يتخطى قدرة الجامعات العربية على‬ ‫وجه بأعماهلم‪ .‬وبذلك يكون هناك علم ّي عرب ّي واحد‬ ‫معالجتها منفردة‪ ،‬ومن ذلك‪ ،‬على‬ ‫الخصوص‪ ،‬غياب سياسات واستراتيجيات يعمل يف جامعة عربية (يف غري بلده) يستشهد‬ ‫وخطط وطنية للبحث العلمي‪ ،‬وضعف بأعماله العلمية على شكل واسع يف األوساط‬ ‫اإلنفاق الوطني على البحث‬ ‫العلمي‪ ،‬العلمية العاملية‪ .‬أما من حيث امليادين العلمية‬ ‫بالمؤسسات االقتصادية‪،‬‬ ‫وضعف عالقته‬ ‫ّ‬ ‫معوقات البحث العلمي في‬ ‫وتقاعس القطاع الخاص عن اإلسهام في اليت ينتمي إليها العلميّون العرب األكثر استشهاداً ‪ّ - 3‬‬ ‫تقديم الدعم‪ ،‬وعدم توافر الموارد البشرية بهم‪ ،‬فهناك غياب كامل هلم يف أ ّي من ميادين الجامعات العربية‬ ‫الالزمة كماً ونوعاً وتس ّرب‬ ‫تتواىل منذ أكثر من ثالثة عقود ويف خمتلف‬ ‫الكفاءات العلمية العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪.‬‬ ‫المتم ّرسة والواعدة إلى الخارج‪..‬‬ ‫أرجاء العامل العربي الندوات واملقاالت حول‬ ‫جدول رقم ‪ 11‬ترتيب اجلامعات ومراكز األحباث العربية بناء على األحباث املنشورة مع ّوقات البحث العلمي يف اجلامعات العربية‪.‬‬ ‫يف الدوريات املوثّقة عاملياً (يف جمموعة سكوبوس‪ -‬السفري) خالل الفرتة وجتمع اآلراء والدراسات املعنية بهذا األمر‬ ‫‪2008 - 1996‬‬ ‫على مجلة من املع ّوقات ّ‬ ‫يتخطى القسم األكرب‬ ‫منها قدرة اجلامعات على معاجلتها منفردة‪.‬‬ ‫املرتبة‬ ‫املرتبة‬ ‫الدولة‬ ‫اجلامعة‬ ‫العاملية‬ ‫العربية‬ ‫ومن ذلك‪ ،‬على وجه اخلصوص‪ ،‬غياب سياسات‬ ‫‪592‬‬ ‫‪1‬‬ ‫مصر‬ ‫القاهرة (بني ‪ % 28‬األول)‬ ‫واسرتاتيجيات وخطط وطنية للبحث العلمي‪،‬‬ ‫‪847‬‬ ‫‪2‬‬ ‫الكويت‬ ‫الكويت‬ ‫وضعف اإلنفاق الوطين على البحث العلمي‪،‬‬ ‫‪880‬‬ ‫‪3‬‬ ‫السعودية‬ ‫امللك سعود‬ ‫باملؤسسات االقتصادية وتقاعس‬ ‫وضعف عالقته ّ‬ ‫‪910‬‬ ‫‪4‬‬ ‫مصر‬ ‫عني مشس‬ ‫‪938‬‬ ‫‪5‬‬ ‫القطاع اخلاص عن االسهام يف تقديم الدعم‪،‬‬ ‫السعودية‬ ‫امللك فهد للبرتول واملعادن‬ ‫‪6‬‬ ‫وعدم توافر املوارد البشرية الالزمة كماً ونوعاً‬ ‫مصر‬ ‫‪ 1001‬املنصورة‬ ‫‪1014‬‬ ‫‪7‬‬ ‫مصر‬ ‫اإلسكندرية‬ ‫وتس ّرب الكفاءات العلمية املتم ّرسة والواعدة‪،‬‬ ‫‪8‬‬ ‫مصر‬ ‫‪ 1068‬معهد األحباث الطبية‬ ‫على ح ّد سواء‪ ،‬من الدول العربية إىل الدول‬ ‫‪1159‬‬ ‫‪9‬‬ ‫لبنان‬ ‫األمريكية يف بريوت‬ ‫املتق ّدمة صناعياً نظراً للمكانة املتدنّية للباحثني‬ ‫‪10‬‬ ‫األردن‬ ‫‪ 1178‬العلوم والتكنولوجيا األردنية‬ ‫يف اجملتمع ولظروف عمل غري مالئمة وال تفي‬ ‫‪11‬‬ ‫ُعمان‬ ‫‪ 1227‬السلطان قابوس‬ ‫‪1321‬‬ ‫‪12‬‬ ‫ّ‬ ‫مبتطلبات العيش الكريم‪.‬‬ ‫اإلمارات‬ ‫اإلمارات‬ ‫‪13‬‬ ‫مصر‬ ‫‪ 1344‬أسيوط‬ ‫لكن هذه اآلراء والدراسات غالباً ما ال‬ ‫‪1366‬‬ ‫‪14‬‬ ‫مصر‬ ‫املركز الوطين لألحباث‬ ‫مؤسسات‬ ‫تعاجل باملستوى الكايف عوامل مبتناول ّ‬ ‫‪15‬‬ ‫مصر‬ ‫‪ 1530‬الزقازيق‬ ‫التعليم العالي‪ ،‬مثل غياب االسرتاتيجيات‬ ‫‪16‬‬ ‫مصر‬ ‫‪ 1609‬طنطه‬ ‫املؤسسية للبحث العلمي‪ ،‬وضعف‬ ‫واخلطط ّ‬ ‫‪1631‬‬ ‫‪17‬‬ ‫مصر‬ ‫قناة السويس‬ ‫‪18‬‬ ‫املؤسسي على البحث العلمي‪ ،‬وغياب‬ ‫اإلنفاق ّ‬ ‫السعودية‬ ‫‪ 1757‬امللك سعود بن عبد العزيز للعلوم الصحية‬ ‫‪1844‬‬ ‫‪19‬‬ ‫اإلمارات‬ ‫األمريكية يف الشارقة‬ ‫املؤسسية لتكوين العدد الكايف‬ ‫االسرتاتيجيات ّ‬ ‫‪20‬‬ ‫مصر‬ ‫‪ 1855‬حلوان‬ ‫من الباحثني وأعضاء هيئات التدريس املؤ ّهلني‬ ‫‪21‬‬ ‫مصر‬ ‫‪ 1901‬األزهر‬ ‫للقيام بالبحث العلمي‪ ،‬وعدم توافر قواعد‬ ‫‪1961‬‬ ‫‪22‬‬ ‫األردن‬ ‫اهلامشية‬ ‫املعلومات البحثية وسائر املوارد املعرفية‬ ‫‪23‬‬ ‫مصر‬ ‫‪ 1966‬املنوفية‬ ‫املطلوبة‪ ،‬وإغراق أعضاء هيئات التدريس‬ ‫‪2002‬‬ ‫‪24‬‬ ‫السعودية‬ ‫امللك فيصل‬ ‫‪25‬‬ ‫بأعباء تعليمية عالية تعيقهم عن ختصيص‬ ‫السودان‬ ‫‪ 2052‬اخلرطوم‬ ‫ويظهر جممل هذه ّ‬ ‫املؤسسات‬ ‫املؤشرات أن ّ‬ ‫اجلامعية والبحثية العربية متخلّفة جداً عن‬ ‫خيص إنتاج املعرفة ذات‬ ‫الركب العاملي يف ما ّ‬ ‫الطابع العاملي‪.‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪8‬‬

‫البحث العلمي‬

‫الوقت الكايف للبحوث العلمية‪ ،‬وضعف البنى‬ ‫املؤسسية واألنظمة اإلدارية لتأطري البحث‬ ‫ّ‬ ‫العلمي وقيادته ومتابعة أنشطته وتسهيل‬ ‫القيام به ونشر نتاجاته والرتويج هلا وتعزيز‬ ‫استخداماتها‪ ،‬وتشتت جمموعات البحث العلمي‬ ‫وقلة التشبيك يف ما بينها وضعف التعاون بني‬ ‫اجلامعات‪ ،‬وعدم مالءمة الوسائل والقنوات‬ ‫املعتمدة للنشر العلمي ‪.‬‬ ‫كما أن هناك مع ّوقات موضوعية يبدو أن‬ ‫الباحثني العرب يضنّون عن بذل اجلهد الكايف‬ ‫للتغلّب عليها‪ .‬ومن ذلك‪ ،‬عدم امتالك أعضاء‬ ‫هيئات التدريس للّغات األجنبية‪ ،‬والسيّما الّلغة‬ ‫اإلنكليزية‪ ،‬وللمنهجيات التحريرية املعتمدة‬ ‫املتخصصة‪،‬‬ ‫عاملياً للنشر يف الدوريات العاملية‬ ‫ّ‬ ‫وصعوبة نشر األحباث العلمية يف اجملالت‬ ‫العاملية املرموقة‪.‬‬ ‫وإذا كانت بعض الدول العربية قد اعتمدت‬ ‫سياسات واسرتاتيجيات وطنية للبحث العلمي‬ ‫والتطوير واإلبداع (من ضمن مهام مراكزها‬ ‫البحثية)‪ ،‬فليس من الواضح بشكل عام إىل‬ ‫أ ّي درجة تقوم هذه االسرتاتيجيات على‬ ‫مؤسسات التعليم العالي وأعضاء هيئات‬ ‫إسهام ّ‬ ‫التدريس‪ ،‬كما ليس من الواضح وقع هذه‬ ‫السياسات واالسرتاتيجيات على جمرى البحث‬ ‫املؤسسات األكادميية‪.‬‬ ‫العلمي يف ّ‬ ‫وإذا كانت بعض اجلامعات العربية قد‬

‫ض ّمنت رسالتها بشكل صريح اإلسهام يف‬ ‫تق ّدم املعرفة‪ ،‬كما أنها ض ّمنت البحث العلمي‬ ‫يف موجبات عمل أعضاء هيئات التدريس‪ ،‬فمن‬ ‫التوجهني‬ ‫النادر أن نرى تطبيقات عملية هلذين ّ‬ ‫مبا يضمن اخنراط أعضاء هيئات التدريس يف‬ ‫مشروعات وأنشطة حبثية غري تلك اهلادفة إىل‬ ‫تسهيل ترقيتهم من رتبة إىل أخرى والتأثري‬ ‫ين عن البيان أ ّن‬ ‫على مسارهم الوظيفي‪ .‬وغ ّ‬ ‫التوجهني بالشكل السليم‬ ‫من شأن تطبيق هذين ّ‬ ‫النهوض بالبحث العلمي يف اجلامعات ليالمس‬ ‫مصاف جامعات الدول املتق ّدمة‪.‬‬ ‫ومن املبادرات الوطنية اجلديرة بالتنويه‬ ‫يف هذا اجملال اسرتاتيجيات البحث العلمي‬ ‫والتطوير اليت اعتمدتها دول مثل لبنان واألردن‬ ‫وتونس‪ ،‬وأقرنتها ببعض املوارد املالية‪ ،‬واليت‬ ‫يعتمد تنفيذها بشكل أساسي على أعضاء‬ ‫هيئات التدريس يف اجلامعات‪ ،‬بينما جند‬ ‫يف بعض الدول األخرى مثل املغرب واجلزائر‬ ‫وليبيا ترجرجاً يف السياسات والتدابري اخلاصة‬ ‫بالبحث العلمي يف اجلامعات‪ .‬ويف اإلمارات‬ ‫العربية املتّ حدة أعلنت وزارة التعليم العالي يف‬ ‫العام ‪ 2008‬عن إنشاء الهيئة الوطنية للبحث‬ ‫العلمي‪ ،‬لكن يبدو من املعلومات املتوافرة أن‬ ‫هذه اهليئة مل تعتمد بعد برامج حبثية متميّزة‬ ‫من شأنها النهوض بالبحث العلمي يف اجلامعات‬ ‫إىل املستويات املطلوبة ‪ .‬ويف اململكة العربية‬ ‫‪9‬‬

‫‪10‬‬

‫‪ 8‬نادراً ما تذكر الدراسات عدم كفاية التجهيزات والوسائل واملواد الالزمة للبحث العلمي ك ّماً ونوعاً كمع ّوق أساسي للبحث العلمي‪.‬‬ ‫‪ 9‬أنظر مث ً‬ ‫ال املقاالت اآلتية‪:‬‬ ‫ أحمد‪ ،‬أميمة (‪ .)2008‬البحث العلمي باجلزائر بني زيادة امليزانية وإزالة العقبات‪.‬‬‫‪http://www.aljazeera.net/NR/exeres/A1650ADA-5DC8-474A-B5C7-690F462827CD.htm‬‬ ‫ بن أعراب‪ ،‬عبد الكريم (بدون تاريخ)‪ .‬دراسة مقارنة ونقدية للبرنامجين الخماسيين للبحث العلمي في الجزائر (‪ 2004 - 1999‬املنجز) و (‪ّ 2010 - 2006‬‬‫املخطط)‪.‬‬ ‫ ‪http://www.astf.net/SRO/sro4/Second20%scope20%Arab20%science20%community20%and20%economics20%of20%scientific20%research/2‬‬‫‪20%economics 20%of20%scientific20%research/Accepted/366A.pdf‬‬ ‫ بن يوسف‪ ،‬عبداإلله (‪ ،)2006‬واقع البحث العلمي باملغرب‪ .‬ندوة تيار االساتذة الباحثني التقدميني باملغرب‪ ،‬كلية العلوم والتقانات‪ ،‬احملمدية (‪ 22‬إبريل ‪.)2006‬‬‫ ‪http://groups.google.fr/group/ecpmaroc/browse_thread/thread/c8333d40f0bab5dc‬‬‫ الحكومة المغربية تسعى إلى تشجيع البحث العلمي (‪:)2009‬‬‫ ‪،http://www.magharebia.com/cocoon/awi/xhtml1/ar/features/awi/features/2009/05/11/feature-02‬‬‫ البحث العلمي في المغرب في نفق مظلم (‪:)2010‬‬‫ ‪http://www.almaghribia.ma/Paper/Article.asp?idr=17&idrs=17&id=105458‬‬‫‪ 10‬أنظر بهذا اخلصوص ندوة مركز اخلليج للدراسات حول البحث العلمي يف دولة اإلمارات العربية املتحدة (‪.)2010‬‬

‫‪47‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 48‬للتنمية الثقافية‬

‫ثمة صعوبات تواجه أعضاء هيئات‬ ‫التدريس في السعوديّة في مسيرة كتابة‬ ‫المقاالت العلمية التي من شأنها أن تنشر‬ ‫في دوريات علمية مح ّكمة وموثّقة عالمياً‪،‬‬ ‫لكن المجتمع األكاديمي في السعوديّة قد‬ ‫ع ّوض إلى درجة ما هذه الصعوبة بإنشاء‬ ‫دوريات علمية مح ّكمة في ميادين مختلفة‬ ‫من ميادين العلوم األساسية والتطبيقية‬ ‫وعمل على إدخالها في قواعد الدوريات‬ ‫الموثّقة عالمياً‪ ..‬فثمة مث ً‬ ‫ال ‪ 8‬دوريات‬ ‫علمية موثّقة في قاعدة معلومات تومسون‬ ‫رويترز و‪ 20‬دورية موثّقة في قاعدة ‪ - 4‬العوامل الفاعلة في تعزيز‬ ‫معلومات سكوبوس ‪ -‬السفير‪ .‬وبذلك‪ ،‬المكانة البحثية للجامعات العربية‬ ‫تأتي المملكة في المرتبة الثانية بعد مصر إذا نظرنا ملياً يف املعطيات الواردة يف اجلدول‬ ‫يخص عدد الدوريات المفهرسة في‬ ‫في ما ّ‬ ‫رقم (‪ )11‬أعاله‪ ،‬واليت تبينّ ظهور ‪ 11‬جامعة‬ ‫قواعد المعلومات العالمية‪..‬‬

‫السعودية انبثقت عن السياسة الوطنية للعلوم‬ ‫والتقنية واالبتكار اليت أقرت يف العام ‪2007‬‬ ‫خطط مخسية للعلوم والتقنية منفذة للسياسة‬ ‫رصد هلا مبلغ جتاوز ‪ 8‬مليار ريال (ما يعادل‬ ‫‪ 2.1‬مليار دوالر أمريكي) للخطة األوىل اليت‬ ‫انتهت يف العام ‪ 2010‬واخلطة املوسعة اليت‬ ‫سيبدأ تنفيذها يف العام ‪.2011‬‬

‫مصرية ضمن الئحة اجلامعات العربية األكثر‬ ‫إنتاجاً من وجهة نظر البحث العلمي املوثّق‬ ‫عاملياً‪ ،‬تليها يف ذلك أربع جامعات من اململكة‬ ‫العربية السعودية‪ ،‬وتواكبها جامعات فردية من‬ ‫بعض الدول العربية‪ ،‬ألمكن حتديد اخلصائص‬ ‫اليت جتعل اجلامعات املعنيّة تظهر من ضمن‬ ‫الئحة اجلامعات األكثر إنتاجاً‪ ،‬وأهمها‪:‬‬ ‫‪ 1 - 4‬جامعات مصر‬

‫متتاز جامعات مصر بكونها تتمتّع بكتل‬ ‫ممن‬ ‫حرجة من أعضاء هيئات التدريس ّ‬ ‫حيملون مؤ ّهالت عالية‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫العوامل اليت ميكن أن تعيق القيام بالبحث‬ ‫العلمي ونشر نتاجاته يف الدوريات العاملية‪،‬‬ ‫والسيّما إرهاق أعضاء هيئات التدريس بنصاب‬ ‫تعليمي عال ألعداد كبرية من الطلبة بشكل ال‬ ‫يسمح بالتف ّرغ ولو اجلزئي ألغراض البحث‬ ‫العلمي‪ ،‬وعدم امتالك الكثري من أعضاء هيئات‬ ‫التدريس اللغات األجنبية اليت تتيح الكتابة بهذه‬ ‫اللغات والنشر يف الدوريات املفهرسة عاملياً‪ ،‬فإن‬

‫يف اجلامعات املصرية أعداداً كافية من أعضاء‬ ‫هيئات التدريس تضمن إسهام‪ ،‬ولو عدد قليل‬ ‫منهم‪ ،‬يف نشر مقاالت علمية يف دوريات حم ّكمة‬ ‫وموثّقة عاملياً‪.‬‬ ‫ومن ضمن السياسة العامة بشأن تعزيز‬ ‫البحث العلمي يف اجلامعات املصرية‪ّ ،‬‬ ‫متت‬ ‫مؤخراً إعادة تنظيم حوكمة البحث العلمي يف‬ ‫اجلامعات من خالل إنشاء إدارة عامة يف ك ّل‬ ‫منها تعنى بإدارة خمتلف شؤون البحث العلمي‪،‬‬ ‫من اإلشراف على وضع اخلطط البحثية‬ ‫للقطاعات األكادميية يف اجلامعة‪ ،‬مبا يف ذلك‬ ‫اخلطط اآليلة إىل تطوير التجهيزات العلمية‬ ‫املتوافرة واالستخدام األمثل هلا‪ ،‬إىل إدارة‬ ‫خدمات متويل البحوث العلمية والتنسيق مع‬ ‫اجلهات املاحنة‪ ،‬احمللية واألجنبية‪ ،‬ووضع نظام‬ ‫للحوافز واجلوائز وإدارته‪ ،‬واالهتمام بالنشر‬ ‫العلمي‪ ،‬والرتويج لنتاجات البحث العلمي حملياً‬ ‫وعربياً ودولياً‪.‬‬ ‫أخريا‪ ،‬وضعت جامعات مصر أنظمة حوافز‬ ‫مالية خاصة تش ّجع أعضاء هيئات التدريس‬ ‫على النشر العلمي‪ ،‬خباصة يف الدوريات العاملية‬ ‫املشهود هلا ‪ .‬لكن يبدو أ ّن نظام احلوافز هذا‬ ‫مل يؤ ّد إىل اخنراط األعداد الكبرية من أعضاء‬ ‫هيئات التدريس يف البحث العلمي اجلدير بالنشر‬ ‫على الصعيد العاملي‪ ،‬إذ إ ّن أعداد املستفيدين‬ ‫من هذه احلوافز يبقى هامشياً نسب ًة ألعداد‬ ‫أعضاء هيئات التدريس‪ ،‬كما يبدو أن الكثريين‬ ‫من هؤالء املستفيدين هم من مؤلّفي أكثر من‬ ‫حبث منشور‪.‬‬ ‫هناك إذاً يف جامعات مصر العوامل الثالثة‬ ‫اآلتية اليت تس ّهل وصول هذه اجلامعات إىل‬ ‫مكانة ما يف لوائح الرتتيب الدولي للجامعات‬ ‫‪11‬‬

‫‪ 11‬مثال‪ ،‬اعتمد جملس جامعة القاهرة بتاريخ ‪ 27/12/2006‬نظام حوافز للنشر العلمي يف الدوريات العاملية متد ّرجة بناء على معامل‬ ‫الوقع هلذه الدوريات‪ ،‬يصل أقصاها إىل ‪ 50,000‬جنيه مصري للمقاالت املنشورة يف الدوريات ذات معامل الوقع العالي مثل جملّيت‬ ‫"الطبيعة" و"العلم"‪.‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪12‬‬

‫‪ 2 - 4‬جامعات السعودية‬

‫ال ّ‬ ‫شك أن يف جامعات السعودية الكتل‬ ‫احلرجة من أعضاء هيئات التدريس الذين‬ ‫ميكن أن يسهموا يف رفع منزلة هذه اجلامعات‬ ‫خيص النشر العلمي يف الدوريات املوثّقة‬ ‫يف ما ّ‬ ‫دولياً‪ .‬لكن من الواضح أن احلوافز اليت تلحظها‬ ‫"الالئحة املو ّحدة للبحث العلمي يف اجلامعات‬ ‫السعودية" ال تكفي لتحفيز أعضاء هيئات‬ ‫التدريس على بذل اجلهد املطلوب لكتابة‬ ‫املقاالت العلمية اليت من شأنها أن تنشر يف‬ ‫دوريات علمية حم ّكمة وموثّقة عاملياً‪ ،‬خباصة‬ ‫أ ّن الّلغة األكثر استخداماً يف هذه الدوريات‬ ‫هي الّلغة اإلنكليزية اليت ال يتقنها عادة العديد‬ ‫من أعضاء هيئات التدريس العربية‪ ،‬كما‬ ‫‪13‬‬

‫البحث العلمي‬

‫األكثر إنتاجية حبثية‪ ،‬ولو مل تكن مكانة هذه‬ ‫اجلامعات متق ّدمة بالقدر املطلوب‪ .‬وهذه‬ ‫العوامل هي‪ :‬العدد الكايف من أعضاء هيئات‬ ‫التدريس املؤ ّهلني للقيام ببحوث علمية جديرة‬ ‫باملستويات العاملية ولو باحل ّد األدنى‪ ،‬وجود‬ ‫حوكمة واعدة وتأطري إداري فاعل لشؤون‬ ‫البحث العلمي‪ ،‬وجود حوافز مالية تش ّجع‬ ‫على االخنراط بالبحث العلمي وحت ّمل مشقّته‬ ‫والتعويض عن صعوبات نشره يف الدوريات‬ ‫احمل ّكمة واملوثّقة عاملياً‪.‬‬ ‫يف املقابل‪ ،‬يبقى ج ّل أعضاء هيئات التدريس‬ ‫خارج هذه املعادلة‪ ،‬وإذا قاموا بأحباث علمية‬ ‫وأ ّدت هذه األحباث إىل النشر‪ ،‬فإ ّن ذلك يبقى‬ ‫يف إطار جغرايف حمدود ال يتع ّدى عادة الدوريات‬ ‫اليت تصدرها الكلية أو اجلامعة اليت ينتمي‬ ‫إليها‪ ،‬أو على األكثر البلد الذي ينتمي إليه عضو‬ ‫هيئة التدريس ‪.‬‬

‫أ ّن مع ّدالت قبول املقاالت للنشر يف مثل هذه‬ ‫الدوريات واملتدنّية إمجاالً حتبط من عزمية‬ ‫أغلبيتهم لالخنراط يف الكتابة املضنية ووفقاً‬ ‫لتعليمات معقدة تفرضها هذه الدوريات‪.‬‬ ‫لكن اجملتمع األكادميي يف‬ ‫السعودية قد‬ ‫ّ‬ ‫ع ّوض إىل درجة ما هذه الصعوبة بإنشاء‬ ‫دوريات علمية حم ّكمة يف ميادين خمتلفة من‬ ‫ميادين العلوم األساسية والتطبيقية وعمل على‬ ‫إدخاهلا يف قواعد الدوريات املوثّقة عاملياً‪.‬‬ ‫فنجد مثال ‪ 8‬دوريات علمية موثّقة يف قاعدة‬ ‫معلومات تومسون رويترز و‪ 20‬دورية موثّقة يف‬ ‫قاعدة معلومات سكوبوس ‪ -‬السفير‪ .‬وبذلك‪،‬‬ ‫تأتي اململكة العربية السعودية يف املرتبة‬ ‫خيص عدد الدوريات‬ ‫الثانية بعد مصر يف ما ّ‬ ‫املفهرسة يف قواعد املعلومات العاملية ‪ .‬كما‬ ‫جتدر اإلشارة إىل األهمية النوعية للخطط‬ ‫الوطنية للعلوم والتقنية واالبتكار (األوىل منذ‬ ‫العام ‪ 2008‬بدعم فاق ‪ 8‬مليار ريال – ما يعادل‬ ‫‪ 2.1‬مليار دوالر امريكي ‪ -‬واملوسعة اعتباراً من‬ ‫العام ‪ 2011‬واملدعومة مببلغ ‪ 16‬مليار ريال –‬ ‫(ما يعادل ‪ 4.3‬مليار دوالر أمريكي) ودورها‬ ‫يف خلق أجواء حبثية متميّزة ضمن اجلامعات‬ ‫السعودية‪ ،‬وبالتالي تطوير وحتسني املؤشرات‬ ‫املتعلقة مبخرجات البحوث العلمية فيها‪.‬‬ ‫ويظهر التف ّحص الدقيق للمعطيات املتوافرة‬ ‫حول خصائص أعضاء هيئات التدريس يف‬ ‫اجلامعات السعودية أن اجلامعات اليت تظهر يف‬ ‫لوائح الرتتيبات الدولية تعتمد بشكل واسع على‬ ‫خربات وافدة‪ ،‬والسيّما من دول آسيوية وغربية‪،‬‬ ‫متشبّعة بضرورة القيام بالبحوث العلمية ونشر‬ ‫نواجتها على الصعيد العاملي‪ ،‬أو ملزمة بذلك‬ ‫يف عقود عملها الصرحية أو الضمنية‪ .‬مث ًال‪،‬‬ ‫‪14‬‬

‫‪ 12‬سالمه‪ ،‬رمزي‪"،‬الدوريات الرتبوية العربية ونظم النشر والرتقية‪ ".‬الندوة اإلقليمية حول نظم النشر والرتقية والتصنيف يف‬ ‫اجلامعات العربية‪ ،‬اجلامعة األمريكية يف بريوت‪ 12 - 11 ،‬شباط‪/‬فرباير ‪.2010‬‬ ‫‪ 13‬أنظر نسخة منها على العنوان التالي‪http://old.jazanu.edu.sa/deanships/scientific_research/index. :‬‬ ‫‪php?option=com_content&view=article&id=63&itemid=79&lang=ar‬‬ ‫‪ 14‬أنظر اجلدول رقم (‪ )12‬أدناه الذي يعطي عدد الدوريات العلمية املوثّقة يف قواعد املعلومات الدولية يف ك ّل من الدول العربية‪.‬‬

‫‪49‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 50‬للتنمية الثقافية‬

‫من بين الجامعات التي تتص ّدر‬ ‫يخص النشر‬ ‫الجامعات العربية في ما ّ‬ ‫العلمي في الدوريات الموثّقة عالمياً‬ ‫جامعتان صغيرتان نسبياً هما الجامعة‬ ‫األميركية في بيروت والجامعة األميركية‬ ‫في الشارقة‪ ..‬وإذا كانت الجامعة األخيرة‬ ‫تعتمد على أعضاء هيئات تدريس ت ّم‬ ‫اختيارهم بشكل أساسي من أميركا‬ ‫الشمالية‪ ،‬فإن الذي يميّز الجامعة األولى‬ ‫هو االلتزام بالفلسفة األميركية ألعضاء‬ ‫هيئات التدريس والمشهورة بتسمية "أنشر‬ ‫أو اندثر!" والتي تؤتي ثمارها في جعل‬ ‫هذه الجامعة الصغيرة نسبياً تتب ّوأ مرتبة‬ ‫بحثية مرموقة بين مصاف الجامعات في‬ ‫العالم‪..‬‬

‫ش ّكل غري السعوديّني ‪ % 33‬من معادل الوقت‬ ‫الكامل جململ أعضاء هيئة التدريس يف جامعة‬ ‫امللك سعود يف العام ‪ ،2009 - 2008‬وبلغت‬ ‫نسبة الوافدين ‪ % 45‬من األعضاء ذوي الرتب‬ ‫األكادميية املتق ّدمة‪ ،‬أي اليت يقوم البحث‬ ‫العلمي عادة على عاتقها ‪.‬‬ ‫مع ذلك‪ ،‬مل يش ّكل اإلنتاج البحثي املوثّق‬ ‫عاملياً ألعضاء هيئات التدريس يف اجلامعات‬ ‫السعودية خالل العام ‪ 2008‬سوى ما يعادل مقاالً‬ ‫واحداً لك ّل ستة أعضاء هيئة تدريس من الرتب‬ ‫اجلامعية الثالث األعلى والذين حيملون مجيعاً‬ ‫شهادة الدكتوراه أو ما يعادهلا‪ .‬لكن‪ ،‬كيف‬ ‫ميكننا تو ّقع إنتاجية حبثية عالية عندما نعلم أن‬ ‫املع ّدل العام للطلبة لك ّل عضو هيئة تدريس يبلغ‬ ‫‪ ، 1/ 40‬بينما املع ّدل العاملي ال يتجاوز ‪1/ 16‬‬ ‫يف معظم مناطق العامل؟ أما يف اجلامعات‬ ‫السعودية اليت حتت ّل مكانة متق ّدمة على صعيد‬ ‫النشر يف الدوريات املوثّقة عاملياً فيتحسن هذا‬ ‫ املؤشر ليبلغ ‪ 1 /17‬يف جامعة امللك سعود‪1/ 15,5 ،‬‬ ‫يف جامعة امللك فهد للبترول واملعادن‪1/ 4,2 ،‬‬ ‫يف جامعة امللك سعود بن عبد العزيز للعلوم‬ ‫الصحية و ‪ 1/ 28,2‬يف جامعة امللك فيصل ‪.‬‬ ‫يف بعض جامعات السعودية أيضاً‪ ،‬العوامل‬ ‫الثالثة اآلتية اليت تس ّهل وصول هذه اجلامعات‬ ‫إىل مكانة ما يف لوائح الرتتيب الدولي للجامعات‬ ‫األكثر إنتاجية حبثية‪ ،‬هي‪ :‬عدد ال بأس به من‬ ‫أعضاء هيئات التدريس الوافدين واملؤ ّهلني‬ ‫للقيام ببحوث علمية جديرة باملستويات العاملية‬ ‫ولو باحل ّد األدنى واملمتلكني للغة النشر العاملية‬ ‫‪15‬‬

‫‪16‬‬

‫‪17‬‬

‫‪18‬‬

‫وللمنهجيات املعتمدة عاملياً لتحرير املقاالت‬ ‫العلمية‪ ،‬دعم مالي خاص للجامعات املعنية‬ ‫يؤ ّدي إىل ختفيض األعباء التدريسية ألعضاء‬ ‫خيص مع ّدل الطلبة لك ّل‬ ‫هيئات التدريس يف ما ّ‬ ‫عضو هيئة تدريس ومبا يسمح هلم بتخصيص‬ ‫بعض الوقت للبحوث العلمية والنشر‪ ،‬وإنشاء‬ ‫متخصصة ّ‬ ‫تتخطى الدوائر‬ ‫دوريات علمية‬ ‫ّ‬ ‫املؤسسية الضيّقة وتضمني هذه الدوريات يف‬ ‫قواعد املعلومات العاملية‪.‬‬ ‫ومنذ اخلطة الوطنية األوىل للعلوم والتقنية‬ ‫واالبتكار اليت بوشر بتنفيذها العام ‪ 2008‬حدث‬ ‫تغري كبري يف املعطيات واملؤشرات‪ .‬حيث إنه‬ ‫منذ ّمت انفاق ما قيمته ‪ 8.1‬بليون ريال خالل‬ ‫هذه الفرتة على مشاريع حبثية يف اجلامعات‬ ‫املوسعة‬ ‫السعودية‪ .‬وهناك أيضاً اخلطة الوطنية ّ‬ ‫للعلوم والتقنية واالبتكار اليت تضمنتها خطة‬ ‫التنمية التاسعة اليت أقرها جملس الوزراء يف‬ ‫شهر أغسطس‪ /‬آب ‪ 2010‬واملتضمنة ميزانية‬ ‫تنفيذ هذه اخلطة املوسعة والبالغة ‪ 16‬مليار‬ ‫ريال وسيباشر تنفيذها اعتباراً من العام ‪.2011‬‬ ‫‪ 3 - 4‬جامعات عربية أخرى‬

‫من بني اجلامعات اليت تتص ّدر اجلامعات‬ ‫خيص النشر العلمي يف الدوريات‬ ‫العربية يف ما ّ‬ ‫املوثّقة عاملياً جامعتان صغريتان نسبياً‬ ‫هما اجلامعة األميركية يف بيروت واجلامعة‬ ‫األميركية يف الشارقة‪ .‬وإذا كانت هذه اجلامعة‬ ‫األخرية تعتمد على أعضاء هيئات تدريس ّمت‬ ‫اختيارهم بشكل أساسي من أميركا الشمالية‪،‬‬

‫‪ 15‬أنظر‪http://ksu.edu.sa/AboutKSU/Pages/Factsandstatistics.aspx :‬‬ ‫‪ 16‬يبقى املعدّل مرتفعاً نسبياً حتى يف حال أخذت باحلسبان أعداد احملاضرين الذين ال حيملون شهادة الدكتوراه‪ ،‬إذ يبلغ املعدّل عندذاك‬ ‫‪.1/ 30‬‬ ‫‪ 17‬أنظر املعطيات بهذا الشأن على موقع معهد اليونسكو لإلحصاء‪:‬‬ ‫‪http://stats.uis.unesco.org/unesco/TableViewer/document.aspx?ReportId=136&IF_Language=eng&BR_Top‬‬‫‪ic=0‬‬ ‫‪ 18‬يف حال أخذت باحلسبان أعداد أعضاء هيئات التدريس من فئة احملاضرين‪ ،‬تتدنّى هذه املعدّالت لتصل إىل ‪1 /3,6 ،1/ 10 ،1 /13,7‬‬ ‫و ‪ .1 /22,5‬أنظر املعطيات املتعلّقة بهذه اجلامعات وبسائر جامعات اململكة على موقع وزارة التعليم العالي‪:‬‬ ‫‪http://www.mohe.gov.sa/ar/Ministry/Deputy-Ministry-for-Planning-and-Information-affairs/HESC/universi‬‬‫‪tiesStatistics/Pages/default.aspx‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪19‬‬

‫وجامعة اإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬واجلامعة‬

‫الهاشمية يف األردن‪ ،‬وجامعة اخلرطوم‪ ،‬اليت ال‬ ‫تتيح معلومات دقيقة حول خصائصها التعليمية‬

‫‪21‬‬

‫‪20‬‬

‫‪22‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي (‪ ،)2009‬التقرير العربي الثاني للتنمية الثقافية‪ ،‬بريوت‪.‬‬ ‫‪ 19‬أنظر ّ‬ ‫‪ 20‬مثل جامعة الكويت وجامعة اإلمارات العربية املتّحدة‪.‬‬ ‫‪ 21‬كما هي حال اجلامعة اهلامشية يف األردن اليت حتظى بتمويل إضايف خاص من السلطات احلكومية نسبة لسائر اجلامعات‪( .‬أنظر‬ ‫املرجع املذكور يف احلاشية ‪ 15‬أعاله)‪.‬‬ ‫‪ 22‬متتاز جامعة العلوم والتكنولوجيا األردنية واجلامعة اهلامشية عن غريهما من اجلامعات يف األردن بأنهما تنفقان النسبة األعلى من‬ ‫ميزانيتهما على البحث العلمي (طوقان‪ ،2006 ،‬نقال عن بطاح‪.)2007 ،‬‬

‫تحت ّل المنطقة العربيّة الصدارة‬ ‫لجهة انخفاض أعضاء هيئات التدريس‬ ‫نسبة ألعداد الطلبة‪ ،‬وبالتالي فإنها تشهد‬ ‫ارتفاعاً شديداً في مع ّدالت التأطير‪ ،‬حتى‬ ‫مقارن ًة مع دول إفريقية جنوب الصحراء‬ ‫التي أصبحت توازيها تقريباً في هذا‬ ‫المجال‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫البحث العلمي‬

‫فإن الذي مييّز اجلامعة األوىل هو االلتزام‬ ‫بالفلسفة األمريكية ألعضاء هيئات التدريس‬ ‫واملشهورة بتسمية "أنشر أو اندثر!" واليت‬ ‫تؤتي مثارها يف جعل هذه اجلامعة الصغرية‬ ‫نسبياً تتب ّوأ مرتبة حبثية مرموقة بني مصاف‬ ‫اجلامعات يف العامل‪.‬‬ ‫وتبينّ املعطيات املتوافرة أن اجلامعة‬ ‫األميركية يف بيروت تتميّز عن سواها من‬ ‫اجلامعات يف الدول العربية بإنفاق عال على‬ ‫الطالب يصل إىل حدود ‪ 17‬ألف دوالر سنوياً‪،‬‬ ‫وهي تضاهي يف ذلك دوالً غنيّة مثل الكويت‬ ‫واإلمارات العربية املتّ حدة الّلتني تصرفان‬ ‫بسخاء على جامعاتهما احلكومية‪ .‬كما أنها‬ ‫تتميّز مبع ّدل منخفض للطلبة مقابل أعضاء‬ ‫هيئة التدريس نسب ًة للمع ّدالت العاملية يصل‬ ‫إىل ‪ ،1 /14‬وهي بذلك تضاهي جامعات عريقة‬ ‫يف الدول املتق ّدمة صناعياً‪ .‬أخرياً‪ ،‬متتاز هذه‬ ‫املخصصة للبحث‬ ‫اجلامعة بارتفاع امليزانية ّ‬ ‫العلمي نسبة لسائر اجلامعات يف الدول العربية‬ ‫واليت تقع يف حدود ‪ % 8,6‬من امليزانية السنوية‬ ‫وبقدرة أساتذتها على استقطاب الدعم املالي‬ ‫احمللي والدولي لتمويل حبوثهم‪ .‬وبذلك‪ ،‬ميكن‬ ‫اعتبار اجلامعة األميركية يف بيروت من بني‬ ‫اجلامعات البحثية‪ ،‬ولو أ ّن حجمها صغري نسبة‬ ‫إىل جامعات العامل اليت تتص ّدر لوائح اإلنتاجية‬ ‫البحثية‪.‬‬ ‫ويف العامل العربي جامعات مثل جامعة‬ ‫الكويت‪ ،‬وجامعة العلوم والتكنولوجيا األردنية‪،‬‬ ‫وجامعة السلطان قابوس يف سلطنة عمان‪،‬‬

‫والبحثية‪ ،‬واليت ميكن عزو تص ّدرها سائر‬ ‫اجلامعات العربية إىل تراكيب خاصة من‬ ‫عال‬ ‫العوامل املس ّهلة السابقة الذكر‪ ،‬من إنفاق ٍ‬ ‫حقيقي أو نسيب على الطالب الواحد أو على‬ ‫البحوث العلمية ‪ ،‬ووجود كتل حرجة من أعضاء‬ ‫هيئات التدريس‪ .‬وقد جند بني هؤالء عدداً ال‬ ‫بأس به من امللتزمني بالبحث العلمي‪ ،‬كما قد‬ ‫جند يف هذه اجلامعات حوافز أو ضغوطاً إدارية‬ ‫للقيام بالبحث العلمي ونشر نتاجاته‪ ،‬وخربات‬ ‫وافدة تسهم بشكل فاعل يف هذا اجملال‪.‬‬ ‫يف اخلالصة‪ ،‬يظهر من جممل املعطيات‬ ‫املتوافرة بشأن اجلامعات العربية اليت حتت ّل‬ ‫مكانة بارزة يف جمال البحث العلمي على‬ ‫الصعيد العاملي أ ّن عاملني اثنني يؤثّران بشكل‬ ‫حاسم يف جعل هذه اجلامعات حتت ّل مثل هذه‬ ‫املكانة‪ ،‬بينما ال تصل اجلامعات العربية األخرى‬ ‫إىل احتالل موقع متق ّدم بني جامعات العامل‪.‬‬ ‫ويتمثّل هذان العامالن‪ ،‬من جهة‪ ،‬بوجود كتلة‬ ‫حرجة من املوارد البشرية الكفوءة وامللتزمة‬ ‫باإلسهام بتق ّدم املعرفة من خالل القيام بالبحث‬ ‫العلمي ونشر نواجته على الصعيد العاملي‪ ،‬ومن‬ ‫جهة ثانية‪ ،‬بتمتّع اجلامعة مبوارد مالية عالية‬ ‫مما تسمح به‪ ،‬إما باستقطاب أعضاء‬ ‫تسمح‪ّ ،‬‬ ‫تدريس وافدين يتمتّعون بقدرات حبثية عالية‪،‬‬ ‫أو بتخفيض األعباء التدريسية ألعضاء هيئات‬ ‫التدريس مبا يتيح هلم اجملال للقيام بالبحث‬ ‫العلمي أو يسمح للجامعات بتضمني موجبات‬ ‫هؤالء القيام بالبحوث ونشر نواجته على‬ ‫الصعيد العاملي‪ ،‬أو بوضع حوافز خاصة لتعزيز‬ ‫القيام بالبحوث ونشر نواجته على هذا الصعيد‪.‬‬ ‫لكن هذه اجلامعات تبقى نادرة نسبياً يف العامل‬ ‫العربي وهي تش ّكل الشواذ الذي يؤ ّكد القاعدة‪.‬‬

‫‪51‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 52‬للتنمية الثقافية‬

‫يش ّكل توافر الموارد البشرية والمالية‬ ‫المخصصة للبحث العلمي العاملين‬ ‫ّ‬ ‫مؤسسات التعليم‬ ‫الحاسمين لظهور ّ‬ ‫المؤسسات‬ ‫العالي العربية في مصاف‬ ‫ّ‬ ‫ذات اإلنتاجية البحثية على الصعيد‬ ‫العالمي‪ ،‬لكن هذين العاملين ال يختزالن‬ ‫مجمل المعادلة‪ ،‬فهناك عدد من العوامل‬ ‫المساندة التي تسمح بالتنبّؤ بإمكان خرق‬ ‫الجامعات العربية بشكل أفضل جدار‬ ‫السمعة العالمية‪..‬‬

‫إطار ‪8‬‬

‫والقاعدة هي أ ّن اجلامعات العربية تفتقد املوارد‬ ‫البشرية املؤ ّهلة للنهوض بالبحث العلمي ك ّماً‬ ‫ونوعاً‪ ،‬وال تتمتّع إمجاالً مبوارد مالية عالية‪ ،‬أو إذا‬ ‫ختصص نسبة‬ ‫كان لديها مثل هذه املوارد فهي ال ّ‬ ‫عالية منها لتعزيز البحث العلمي‪.‬‬ ‫ولع ّل أهم ّ‬ ‫مؤشر عن قصور الدول العربية‬ ‫خيص املوارد البشرية يتعلّق بتخلّفها عن‬ ‫يف ما ّ‬ ‫ركب مناطق العامل كافة بشأن مع ّدالت التأطري‬ ‫أو نسبة الطلبة لك ّل عضو هيئة تدريس‪ .‬إذ‬ ‫إن املعطيات اإلحصائية املتوافرة تد ّل على أن‬ ‫املنطقة العربية حتت ّل الصدارة جلهة اخنفاض‬ ‫أعداد أعضاء هيئات التدريس نسبة ألعداد‬ ‫الطلبة‪ ،‬وبالتالي فإنها تشهد ارتفاعاً شديداً يف‬ ‫مع ّدالت التأطري‪ ،‬حتى مقارنة مع دول إفريقية‬ ‫جنوب الصحراء اليت أصبحت توازيها تقريباً يف‬

‫‪ 90‬ألف باحث يف اجلامعات العربية!‬

‫بنا ًء على املعطيات املتوافرة‪ ،‬ميكن تقدير عدد أعضاء هيئات التدريس‬ ‫يف اجلامعات العربية مبا يقارب ‪ .300,000‬وإذا سلّمنا جدالً بأنّه يف احلاالت‬ ‫املثلى ميكن لعضو هيئة التدريس تكريس حواىل ‪ % 30‬من وقت العمل‬ ‫للقيام مبختلف األنشطة املتعلّقة بالبحث العلمي‪ ،‬يكون لدى اجلامعات‬ ‫العربية خزّان بشري يساوي ‪ 90,000‬باحث بدوام كامل‪ ،‬ينتظر منهم إنتاج‬ ‫حبثي يوازي أضعاف ما تنتجه جامعات دول مثل كندا أو فرنسا ‪ .‬لكن‬ ‫يبدو أن الواقع بعيد ك ّل البعد عن هذا األمر‪.‬‬ ‫‪25‬‬

‫‪26‬‬

‫هذا اجملال‪ .‬وإذا كان املع ّدل العاملي للتأطري‪ ،‬قد‬ ‫تراوح بني العامني ‪ 1999‬و‪ 2005‬ما بني ‪ 14‬و‪16‬‬ ‫طالباً لكل عضو هيئة تدريس‪ ،‬فإنه هذه املع ّدالت‬ ‫مل يتم ختطيها يف السنتني املعنيّتني سوى يف‬ ‫إفريقيا (حيث يبلغ ‪ )1 /24‬وآسيا اجلنوبية‬ ‫والغربية (حيث يبلغ ‪ ،)1 /20‬وحبال أفضل من‬ ‫ معدل املنطقة العربية (حيث يبلغ ‪. )1 /25‬‬ ‫وتشري املعطيات املتوافرة إىل أن الدول العربية‬ ‫تتحسن يف هذا اجملال ما بني العامني ‪2005‬‬ ‫مل ّ‬ ‫و‪ ،2007‬بل أ ّن بعضها شهد تراجعاً ‪.‬‬ ‫ويظهر تقدير حديث نسبياً أ ّن اجلامعات‬ ‫العربية حباجة إىل أكثر من مئة ومخسني ألف‬ ‫حامل دكتوراه لتأمني احل ّد األدنى من أعضاء‬ ‫هيئات التدريس املؤ ّهلني أكادميياً للقيام مبهمات‬ ‫التعليم اجلامعي والبحث العلمي‪ .‬واجلدير بالذكر‬ ‫أن دراسة االجتاهات احلالية تد ّل على أن الدول‬ ‫العربية بعيدة عن اخلروج من هذا النفق املظلم‪.‬‬ ‫فمع ّدالت االلتحاق بالدراسات العليا يف هذه الدول‬ ‫منخفض إىل ح ّد كبري مقارن ًة باملع ّدالت العاملية‪،‬‬ ‫وليس من شأنه أن يؤ ّمن أعضاء هيئات تدريس‬ ‫يتحلّون مبؤ ّهالت عالية لس ّد االحتياجات احلالية‬ ‫للتعليم العالي ولتأمني التأطري املناسب لألعداد‬ ‫مؤسسات‬ ‫املتزايدة من الطلبة املتوافدين على ّ‬ ‫التعليم العالي ‪.‬‬ ‫من ناحية ثانية‪ ،‬تد ّل املعطيات املتوافرة‬ ‫‪23‬‬

‫‪24‬‬

‫‪27‬‬

‫‪28‬‬

‫‪29‬‬

‫‪ 233‬أنظر اإلحصاءات املتوافرة على موقع معهد اليونسكو لإلحصاء‪http://stats.uis.unesco.org/unesco/TableViewer/docu� :‬‬ ‫‪ment.aspx?ReportId=136&IF_Language=eng&BR_Topic=0‬‬ ‫‪ 24‬أنظر اإلحصاءات املتوافرة على موقع مركز األحباث اإلحصائية واالقتصادية واالجتماعية والتدريب للدول اإلسالمية‪:‬‬ ‫‪http://www.sesrtcic.org/baseind.php‬‬ ‫‪ 25‬كان يف العام ‪ 2008-2009‬يعمل يف جامعات كندا حواىل ‪ 42,000‬عضو هيئة تدريس‪ .‬وتقدّر قيمة األحباث اليت يقومون بها بأكثر‬ ‫من ‪ 10‬مليارات دوالر‪ ،‬حواىل ‪ % 60‬منها تأتي من مصادر من خارج ميزانيات اجلامعات‪ .‬أنظر موقع رابطة اجلامعات واملعاهد الكندية‪:‬‬ ‫‪http://www.aucc.ca/policy/quick-facts_f.html‬‬ ‫‪ 26‬كان يف العام ‪ 2008-2009‬يعمل يف جامعات فرنسا حواىل ‪ 90,000‬عضو هيئة تدريس‪ ،‬منهم حواىل ‪ 58,000‬أستاذ باحث‪ .‬أنظر‪:‬‬ ‫‪http://www.enseignementsup-recherche.gouv.fr/cid20715/les-chiffres-cles-2008.html‬‬ ‫مؤسسة حممد بن راشد آل مكتوم‪28-29 ،‬‬ ‫‪ 27‬سالمه‪ ،‬رمزي (‪ ،)2007‬أحوال التعليم العالي يف الدول العربية‪ ،‬مؤمتر املعرفة األول‪ .‬دبي‪ّ :‬‬ ‫تشرين األول‪/‬أكتوبر ‪.2007‬‬ ‫‪ 28‬أنظر مث ً‬ ‫ال ما ص ّرح به وزير التعليم العالي والبحث العلمي يف اجلزائر يف العام ‪ 2004‬حول حاجة هذا البلد إىل ‪ 24400‬عضو هيئة‬ ‫تدريس جديد لس ّد النقص املتو ّقع يف غضون العام ‪ 2008‬وإىل ‪ 43300‬عضو هيئة تدريس لالرتقاء مبعدّالت التأطري إىل املستويات العاملية‪،‬‬ ‫باإلضافة إىل كون ‪ % 15‬فقط من أعضاء هيئات التدريس الذين على رأس عملهم ينتمون إىل الرتبتني املتقدّمتني من الرتب اجلامعية‪،‬‬ ‫واليت يع ّول عليها القيام بالبحث العلمي‪ ،‬وعدم قدرة النظام على تأمني األعداد الالزمة لالرتقاء بهذا املعدّل‪http://www.algeria- .‬‬ ‫‪.)watch.org/fr/article/div/recrutement_enseignants.htm (Accessed April 6, 2009‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪ - 5‬عوامل مساندة‬

‫يش ّكل توافر املوارد البشرية واملالية‬ ‫املخصصة للبحث العلمي العاملني احلامسني‬ ‫ّ‬ ‫مؤسسات التعليم العالي العربية يف‬ ‫لظهور ّ‬ ‫املؤسسات ذات اإلنتاجية البحثية على‬ ‫مصاف ّ‬ ‫الصعيد العاملي‪ .‬لكن هذين العاملني ال خيتزالن‬ ‫جممل املعادلة‪ .‬فهناك بالطبع عدد من العوامل‬ ‫املساندة اليت من شأنها حتسني القدرة على‬ ‫التنبّؤ بإمكان خرق اجلامعات العربية بشكل‬ ‫أفضل جدار السمعة العاملية‪ .‬ويف ما يلي العوامل‬ ‫األربعة اآلتية اليت تبدو ذات شأن يف تعزيز‬ ‫املكانة البحثية للجامعات العربية‪ ،‬وهي‪ :‬وسائل‬ ‫نشر نواتج البحث العلمي‪ ،‬التشبيك والتعاون‪،‬‬ ‫شروط ترقية أعضاء هيئات التدريس‪ ،‬احلريات‬ ‫األكادميية‪.‬‬ ‫‪ 1 - 5‬وسائل نشر نواتج البحث العلمي‬

‫يش ّكل نشر نواتج البحث العلمي إحدى‬ ‫احللقات الرئيسة يف عملية إنتاج املعرفة‬ ‫واالستفادة منها‪ .‬فال قيمة لبحث من دون نشر‬ ‫نتائجه‪ .‬ويالحظ املراقب أن اجلامعات العربية‬ ‫قد اختذت بعض املبادرات لنشر نواتج البحث‬ ‫العلمي‪ ،‬لكن هذه املبادرات تبقى خجولة إىل‬ ‫ح ّد كبري وال تفي باملطلوب ‪.‬‬ ‫فقد بادر مث ًال بعض اجلامعات العربية‬ ‫إىل نشر معلومات حول الرسائل واألطروحات‬ ‫‪30‬‬

‫اجلامعية اليت تنتج يف إطارها‪ .‬لكن املعلومات‬ ‫يظهر تقرير حديث نسبياً أ ّن‬ ‫املتوافرة تكاد ال تتع ّدى اسم املؤلّف وعنوان الجامعات العربية بحاجة إلى أكثر من‬ ‫األطروحة وتاريخ تقدميها‪ .‬كما بادر احتاد مئة وخمسين ألف حامل دكتوراه لتأمين‬ ‫الح ّد األدنى من أعضاء هيئات التدريس‬ ‫اجلامعات العربية إىل إنشاء مركز إليداع هذه‬ ‫المؤ ّهلين أكاديمياً للقيام بمهمات التعليم‬ ‫‪31‬‬ ‫الرسائل واألطروحات ‪ .‬لكن التعاون مع هذا الجامعي والبحث العلمي‪..‬‬ ‫املركز من اجلامعات األعضاء متفاوت إىل ح ّد‬ ‫كبري‪ .‬كما أن هذا املركز مل يثبت جدواه‪ ،‬مث ًال‬ ‫من خالل اعتماد مرجعية مو ّحدة للمعلومات‬ ‫حول هذه الرسائل واألطروحات مثل تلك املعمول‬ ‫بها يف " ّ‬ ‫امللخصات الدولية لألطروحات" ‪،‬‬ ‫‪32‬‬

‫جدول رقم ‪ 12‬عدد الدوريات العلمية الصادرة يف الدول العربية واملفهرسة يف‬ ‫قواعد املعلومات العاملية‬ ‫البلد‬ ‫األردن‬ ‫اإلمارات‬ ‫البحرين‬ ‫تونس‬ ‫اجلزائر‬ ‫السعودية‬ ‫سوريا‬ ‫العراق‬ ‫ُعمان‬ ‫قطر‬ ‫الكويت‬ ‫لبنان‬ ‫ليبيا‬ ‫مصر‬ ‫املغرب‬ ‫جمموع الدول‬ ‫العربية‬ ‫اجملموع العام يف‬ ‫قاعدة املعلومات‬

‫عدد الدوريات املفهرسة عدد الدوريات املفهرسة عدد الدوريات املفهرسة‬ ‫يف قاعدة معلومات يف قاعدة معلومات يف قاعدة إينيست للعلوم‬ ‫سكوبوس ‪ -‬السفري اإلنسانية واالجتماعية‬ ‫تومسون رويرتز‬

‫اجملموع‬

‫‪7‬‬

‫‪5‬‬

‫‪5‬‬

‫‪17‬‬

‫‪3‬‬

‫‪5‬‬

‫‪1‬‬

‫‪9‬‬

‫‪0‬‬

‫‪3‬‬

‫‪0‬‬

‫‪3‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪6‬‬

‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪4‬‬

‫‪8‬‬

‫‪20‬‬

‫‪2‬‬

‫‪30‬‬

‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫‪2‬‬

‫‪2‬‬

‫‪0‬‬

‫‪4‬‬

‫‪0‬‬

‫‪4‬‬

‫‪0‬‬

‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪4‬‬

‫‪0‬‬

‫‪5‬‬

‫‪2‬‬

‫‪6‬‬

‫‪1‬‬

‫‪9‬‬

‫‪1‬‬

‫‪4‬‬

‫‪3‬‬

‫‪8‬‬

‫‪0‬‬

‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪24‬‬

‫‪16‬‬

‫‪9‬‬

‫‪49‬‬

‫‪2‬‬

‫‪2‬‬

‫‪6‬‬

‫‪10‬‬

‫‪50‬‬

‫‪74‬‬

‫‪36‬‬

‫‪160‬‬

‫‪16539‬‬

‫‪28194‬‬

‫‪11403‬‬

‫‪56136‬‬

‫‪ 29‬أنظر مؤسسة الفكر العربي (‪ ،)2009‬التقرير العربي الثاني للتنمية الثقافية‪.‬‬ ‫‪ 30‬جتدر اإلشارة مث ً‬ ‫ال إىل املبادرة اليت قام بها احتاد اجلامعات العربية بإنشاء جملة إلكرتونية حم ّكمة يف ميدان التعليم العالي بتنسيق‬ ‫من جامعة العلوم والتكنولوجيا يف صنعاء‪.‬‬ ‫‪ 31‬يقع هذا املركز يف اجلامعة األردنية‪.‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫البحث العلمي‬

‫على أ ّن اجلامعات احلكومية يف معظم الدول‬ ‫العربية‪ ،‬عدا النفطية منها‪ ،‬تنفق قدراً حمدوداً‬ ‫على الطالب الواحد‪ ،‬بينما ال يصيب البحث‬ ‫العلمي يف جامعات الدول النفطية سوى القدر‬ ‫اليسري من امليزانية السنوية‪.‬‬

‫‪53‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 54‬للتنمية الثقافية‬

‫تفيد األرقام أن مصر تحت ّل مركز‬ ‫الصدارة في ما يتعلّق بتوثيق الدوريات‬ ‫عالمياً‪ ،‬يليها في ذلك المملكة العربية‬ ‫المتخصصة‬ ‫السعودية (في ما عدا الدوريات‬ ‫ّ‬ ‫ في العلوم اإلنسانية واالجتماعية)‪،‬‬ ‫يخص‬ ‫فاألردن ثم المغرب في ما‬ ‫ّ‬ ‫المتخصصة في العلوم اإلنسانية‬ ‫الدوريات‬ ‫ّ‬ ‫واالجتماعية‪ ،‬بينما تبقى المئات من‬ ‫الدوريات العلمية المنشورة في الدول‬ ‫العربية من دون أي واجهة على العالم‬ ‫الخارجي‪..‬‬

‫أو من خالل املتابعة احلثيثة للجامعات لكي‬ ‫تفي بالتزامها القيام باإليداع‪ ،‬أو من خالل‬ ‫معاجلة املعلومات املتاحة وإتاحتها جلمهور‬ ‫املستفيدين‪ .‬ويبدو من املعطيات املتوافرة أ ّن‬ ‫إجناز الرسائل واألطروحات نادراً ما يؤ ّدي إىل‬ ‫نشر نتائجها يف الدوريات العلمية‪ ،‬ولو احمللية‪.‬‬ ‫وبذلك‪ ،‬تبقى نتائج اجلهد البحثي الذي يقوم‬ ‫به طلبة الدراسات العليا يف اجلامعات العربية‬ ‫متاحاً يف نطاق ضيّق ال يتع ّدى اجلامعة أو الكلية‬ ‫اليت ينجز فيها‪.‬‬ ‫ويالحظ املراقب يف هذا اجملال أن اجملتمع‬ ‫األكادميي يف الدول العربية بادر يف الغالبية‬ ‫الساحقة من األحيان بإنشاء دوريات خاصة‬ ‫مؤسسة تعليم عال على حدة‪ ،‬ومل‬ ‫بك ّل كلية أو ّ‬ ‫يبادر‪ ،‬سوى يف حاالت نادرة إىل إنشاء دوريات‬ ‫وطنية أو عربية جامعة ‪ .‬ويظهر من املعطيات‬ ‫املتوافرة أن عدد الدوريات اليت ّ‬ ‫تتخطى حدود‬ ‫الكلية أو اجلامعة اليت تصدر عنها حمدود جداً‪.‬‬ ‫كما أن من النادر أن جتد دوريات علمية عربية‬ ‫موثّقة يف قواعد املعلومات العاملية‪.‬‬ ‫فقد تبينّ من التف ّحص الدقيق لقواعد‬ ‫املعلومات حول الدوريات املفهرسة عاملياً أن‬ ‫‪ 10‬فقط من الدوريات اليت تصدر يف الدول‬ ‫العربية مفهرسة يف قاعدة املعلومات الفرنسية‬ ‫باسكال اليت تُعنى بالعلوم البحتة واليت حتتوي‬ ‫على ما يزيد على ‪ 3000‬دورية مبختلف الّلغات‬ ‫ومن مجيع أحناء العامل‪ ،‬كما أ ّن هناك ‪ 7‬فقط‬ ‫‪33‬‬

‫‪34‬‬

‫من أمثاهلا من الدوريات املفهرسة يف قاعدة‬ ‫املعلومات فرنسيس اليت تعنى بالعلوم اإلنسانية‬ ‫واالجتماعية واليت حتتوي على ما يزيد على‬ ‫‪ 2200‬دورية ‪ .‬ويبدو من تف ّحص ناشري هذه‬ ‫مؤسسات‬ ‫الدوريات أ ّن قسماً منها تصدره ّ‬ ‫حبثية أجنبية‪ ،‬وفرنسية بالذات‪ ،‬متج ّذرة يف‬ ‫بعض أرجاء العامل العربي‪.‬‬ ‫ويظهر اجلدول رقم (‪ )12‬السابق أعداد‬ ‫الدوريات العلمية املفهرسة يف جمموعة‬ ‫تومسون‪ -‬رويترز اليت متتلك شبكة املعرفة‬ ‫ّ‬ ‫مؤشر االستشهادات العلمية‪ ،‬ويف‬ ‫وتصدر‬ ‫جمموعة سكوبوس‪-‬السفير اليت تصدر ترتيب‬ ‫الدول واجلامعات بناء على إنتاجيتها البحثية‪،‬‬ ‫ويف قاعدة معلومات اإلينيست للعلوم اإلنسانية‬ ‫واالجتماعية اليت مجعت الدوريات املفهرسة‬ ‫يف مجلة من قواعد املعلومات ‪.‬‬ ‫يظهر من هذا اجلدول أ ّن هناك ‪ 50‬دورية‬ ‫مؤسسات من الدول العربية مفهرسة‬ ‫تصدر عن ّ‬ ‫يف قاعدة معلومات تومسون ‪ -‬رويترز واليت‬ ‫حتتوي على ‪ 16539‬دورية تصدر يف خمتلف‬ ‫أحناء العامل‪ ،‬أي ما يعادل ‪ 3‬باأللف‪ .‬يضاف‬ ‫إىل ذلك ‪ 54‬دورية يصدرها ناشر جتاري‬ ‫أجنيب واحد اتخّ ذ من اإلمارات مق ّرا له نظراً‬ ‫للتسهيالت اليت متنحها هذه الدولة‪ .‬أما يف‬ ‫قاعدة معلومات سكوبوس – السفير فنجد ‪74‬‬ ‫دورية عربية من أصل ‪ ،28194‬أي ما يعادل ‪2,6‬‬ ‫باأللف‪ ،‬ويف قاعدة معلومات إينيست للعلوم‬ ‫‪35‬‬

‫‪36‬‬

‫‪37‬‬

‫‪38‬‬

‫‪.Dissertation Abstracts International 32‬‬ ‫‪ 33‬يبدو ذلك مث ً‬ ‫ال يف ميدان الرتبية من خالل مقارنة املقاالت املنشورة يف الدوريات الرتبوية مع الرسائل واألطروحات‪ .‬أنظر قاعدة معلومات "شبكة امللومات العربية الرتبوية"‬ ‫(مشعة)‪www.shamaanet.org :‬‬ ‫‪ 34‬من الدوريات اجلديرة بالذكر واليت ّ‬ ‫تتخطى احلدود الضيّقة للكليات واجلانعات تلك اليت يصدرها احتاد اجلامعات العربية واليت تصدرها املنظمة العربية للرتبية والثقافة والعلوم‬ ‫(أليكسو)‪ .‬لكن هذه الدوريات أيضا تشكو من عدم انتشار مؤلّفيها على مساحة العامل العربي‪.‬‬ ‫‪ 35‬تنتمي الدوريات املوثّقة يف باسكال إىل مصر (‪ ،)2‬وتونس (‪ .)8‬أنظر‪ .http://www.inist.fr/spip.php?article22 :‬بينما تنتمي الدوريات املوثّقة يف فرنسيس إىل الدول اآلتية‪:‬‬ ‫لبنان (‪ ،)1‬سوريا (‪ ،)1‬مصر (‪ ،)2‬تونس (‪ .)3‬أنظر‪http://www.inist.fr/spip.php?article23 :‬‬ ‫‪Thomson Reuters Master Journal List: http://science.thomsonreuters.com/cgi-bin/jrnlst/jlresults.cgi?PC=MASTER 36‬‬ ‫‪/Scopus Elsevier: http://www.info.scopus.com/scopus-in-detail/facts 37‬‬ ‫‪ 38‬جتمع هذه القاعدة املعطيات املتوافرة بشكل أساسي يف قواعد املعلومات اآلتية‪:‬سكوبوس‪ 5624 :‬دورية؛ السجل األوروبي للدوريات يف العلوم اإلنسانية (‪ ERIH): 5184‬دورية؛ سجل الوكالة‬ ‫الفرنسية لتقييم األحباث والتعليم العالي (‪ AERES): 5115‬دورية؛ سجل االستشهادات يف العلوم االجتماعية جملموعة تومسون رويرتز (‪ AHCI-SSCI): 3918‬دروية؛ قاعدة املعلومات فرنسيس‪:‬‬ ‫‪ 2226‬دورية؛ ملا جمموعه ‪ 11403‬دوريات خمتلفة‪.‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫إطار ‪9‬‬

‫البحث العلمي‬

‫اإلنسانية واالجتماعية جند ‪ 36‬دورية من أصل‬ ‫‪ ،11403‬أي ما يعادل ‪ 3,2‬باأللف‪ .‬ويبدو من هذا‬ ‫اجلدول أن مصر حتت ّل مركز الصدارة يف ما‬ ‫يتعلّق بتوثيق الدوريات عاملياً‪ ،‬يليها يف ذلك‬ ‫املتخصصة‬ ‫السعودية (يف ما عدا الدوريات‬ ‫ّ‬ ‫يف العلوم اإلنسانية واالجتماعية)‪ ،‬فـاألردن‬

‫املتخصصة يف‬ ‫خيص الدوريات ّ‬ ‫ثم املغرب يف ما ّ‬ ‫العلوم اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬بينما تبقى املئات‬ ‫من الدوريات العلمية املنشورة يف الدول العربية‬ ‫من دون أي واجهة على العامل اخلارجي‪.‬‬ ‫يف هذا اإلطار‪ ،‬ميكن تص ّور أربع مستويات‬ ‫يتوجه املستوى األول إىل‬ ‫للنشر العلمي ‪ّ .‬‬ ‫‪39‬‬

‫املعايري الدولية لتصنيف الدوريات العلمية‬

‫مؤسسات عديدة حول العامل على تصنيف الدوريات العلمية‪ ،‬األكادميية واملهنية‪ ،‬بناء على معايري حم ّددة ‪ .‬وقد‬ ‫درجت ّ‬ ‫أ ّدى ذلك إىل اعتماد تصنيفات متع ّددة وغري متطابقة يف بعض األحيان تقع باإلمجال يف ثالث مرتبات ميكن تلخيصها‬ ‫كاآلتي‪ :‬الدوريات املمتازة‪ ،‬الدوريات اجليّدة‪ ،‬الدوريات العادية‪ .‬ويضيف بعض هذه التصنيفات مرتبة عليا حمصورة‬ ‫بعد ٍد قليل من الدوريات األكادميية ميكن تسميتها باخلارقة‪ ،‬بينما تضيف مرتبة دنيا خاصة بالدوريات املهنية ذات األثر‬ ‫احملدود نسبة إىل قريناتها‪.‬‬ ‫وللوصول إىل تصنيف هذه الدوريات‪ ،‬يت ّم تقييمها بناء على معايري متن ّوعة ميكن مجعها حتت العناوين الثالثة اآلتية‪:‬‬ ‫املعايري املتعلّقة مبحتويات الدورية‪ ،‬املعايري املتعلّقة بإدارة الدورية وبآليات النشر فيها‪ ،‬واملعايري املتعلّقة بانتشار الدوريّة‬ ‫ومبكانتها‪ .‬يف ما يلي املعايري القصوى اليت من شأن تلبيتها بشكل كامل تصنيف الدورية يف مرتبة الدوريات املمتازة‪،‬‬ ‫بينما تؤ ّدي تلبيتها اجلزئية إىل تصنيف الدورية يف املرتبات األدنى‪.‬‬ ‫أوال ‪ -‬املعايري املتعلّقة مبحتويات الدوريّة‪:‬‬ ‫ تتط ّرق مقاالت الدورية ملوضوعات حبث متج ّددة‪.‬‬‫ تنشر الدورية مقاالت أساسية للتع ّمق يف حقول املعرفة اليت تعنى بها‪.‬‬‫ يت ّم يف مقاالتها تغطية األدبيات املعنية بشكل واسع وباستخدام أحدث املراجع املتوافرة‪ ،‬مبا يف ذلك األدبيات العاملية‪.‬‬‫توصل إليه العلم‬ ‫ تكون خطط وطرائق وأساليب وأدوات البحث والتحليل مضبوطة بشكل دقيق ومبنية على أحدث ما ّ‬‫يف امليدان املعين وامليادين ذات الصلة‪.‬‬ ‫ تسهم املقاالت اليت تتض ّمنها الدورية إسهاماً كبرياً يف تق ّدم املعرفة يف امليادين اليت تتط ّرق هلا‪.‬‬‫ثانيا ‪ -‬املعايري املتعلّقة بإدارة الدورية وبآليات النشر فيها‪:‬‬ ‫ تتولىّ إدارة الدورية هيئة حترير مؤلّفة من اختصاصيّني مشهود هلم بالعلم باملوضوعات اليت تتط ّرق هلا‪.‬‬‫مؤسسات عديدة غري مرتبطة عضوياً يف ما بينها‪.‬‬ ‫ تتك ّون هيئة التحرير من أشخاص ينتمون إىل ّ‬‫ يشارك يف حتكيم املقاالت املعروضة للنشر أشخاص من غري الذين ينشرون فيها‪.‬‬‫ يت ّم حتكيم ك ّل مقال معروض للنشر باثنني من االختصاصيّني أو أكثر يق ّدمون رأيهم خطياً بناء على استمارة مع ّدة‬‫تتوجه إليه‪ ،‬وسائر األمور اليت‬ ‫مسبقاً وعلى سياسة حترير واضحة حت ّدد أهداف الدورية‪ ،‬وجماالتها‪ ،‬واجلمهور الذي ّ‬ ‫حت ّدد الشخصية اخلاصة بالدورية‪.‬‬ ‫ تنظر هيئة التحرير باملقاالت املعروضة للنشر أخذاً باالعتبار رأي احمل ّكمني‪.‬‬‫عال من احمل ّكمني ومن أعضاء هيئة التحرير؛ وال تتجاوز عادة نسبة‬ ‫ ال تنشر الدوريّة سوى املقاالت اليت حتظى بتقدير ٍ‬‫قبول املقاالت ‪ % 20‬أو ‪ % 30‬من جممل املقاالت املعروضة للنشر‪.‬‬ ‫ثالثا ‪ -‬املعايري املتعلّقة بانتشار الدوريّة ومبكانتها‪:‬‬ ‫ حتظى الدورية بانتشار واسع‪ ،‬والسيّما على الصعيد العاملي‪ ،‬ويق ّدر ذلك بشكل خاص بعدد املشرتكني بها وبتوزيعهم‬‫اجلغرايف‪ ،‬والسيّما وجودها يف أغلبية املكتبات اجلامعية‪ .‬ويتحتّم عادة بسبب ذلك أن تكون مقاالت الدوريّة‪ ،‬أو على األقل‬ ‫ّ‬ ‫ملخصات وافية عنها‪ ،‬متوافرة بالّلغة اإلنكليزية‪.‬‬ ‫ حتظى الدورية مبكانة عالية عند أصحاب االختصاص‪ .‬ويق ّدر ذلك من خالل ّ‬‫مؤشرات مثل صيت املسؤولني عنها‪،‬‬ ‫وقبول قادة الفكر والعلم االنضمام إىل هيئة حتريرها وإىل هيئة احمل ّكمني‪ ،‬وعدد املقاالت اليت يطلب مؤلّفوها النشر‬ ‫فيها‪ ،‬وشهادة أصحاب االختصاص مبوقعها املميّز يف عامل الدوريات‪.‬‬ ‫املتخصصة‪.‬‬ ‫ حتظى الدورية بتكشيف يف عدد كبري من قواعد املعلومات ّ‬‫املتخصصة‪.‬‬ ‫‪ -‬حتظى املقاالت املنشورة يف الدورية بعدد عال من االستشهادات يف الكتابات ّ‬

‫‪55‬‬

‫‪40‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 56‬للتنمية الثقافية‬

‫اجملتمع األكادميي احمللّي فيعاجل مسائل خاصة‬ ‫باملؤسسة اليت يصدر عنها وينشر يف وسائل‬ ‫ّ‬ ‫املؤسسة نفسها‪ .‬أما املستوى‬ ‫النشر اليت تتيحها ّ‬ ‫الثاني فيتمثّل بالبحوث اليت تعاجل مسائل أو‬ ‫ويتوجب أن ينشر‬ ‫تتناول قضايا ذات بعد وطين ّ‬ ‫يف وسائل نشر متاحة على هذا الصعيد لتعميم‬ ‫اإلفادة منها يف تكوين فكر وطين أو تطوير‬ ‫السياسات واملمارسات الوطنية وغري ذلك‪.‬‬ ‫ويف املستوى الثالث قد يتط ّرق البحث العلمي‬ ‫إىل قضايا ومسائل ذات بعد أمشل من البعد‬ ‫الوطين‪ ،‬إن جلهة تناوله لقضايا أو معاجلته‬ ‫ملسائل مطروحة على الصعيد العربي كك ّل أو‬ ‫على املستوى العاملي‪ ،‬أو إلساهمه يف تطوير‬ ‫الفكر العربي أو الدولي أو يف تطوير منهجيات‬ ‫البحث وأدواته‪ ،‬أو يف تعريف العامل على أوضاع‬ ‫الدول العربية أو على إجنازاتها‪ ،‬وما إىل ذلك‬ ‫من أمور‪ .‬عند ذاك‪ ،‬ال ب ّد من إتاحة الفرص‬ ‫ملثل هذا البحث ألن ينشر على املستوى العربي‬ ‫الواسع أو على املستوى الدولي وبالّلغات اليت‬ ‫من شأنها أن توصل اإلسهامات العربية ملن‬ ‫يستطيع االستفادة منها على الصعيد العاملي‪.‬‬ ‫ويف املستوى الرابع تبدو إعادة النظر يف الوضع‬ ‫القائم على صعيد الدول العربية كك ّل وعلى‬ ‫مؤسسة للتعليم العالي على‬ ‫صعيد ك ّل دولة وك ّل ّ‬ ‫حدة‪ ،‬حاجة مل ّحة إذا ما أريد الرق ّي بالنشر‬ ‫العلمي العربي إىل مصاف اجملموعات الّلغوية‬ ‫املتق ّدمة وتعميم الفائدة من البحث العلمي الذي‬ ‫يقوم به العلميّون العرب‪.‬‬

‫‪ 2 - 5‬التشبيك والتعاون في النشر‬ ‫المحكم‬

‫ين عن البيان أ ّن الرق ّي بالنشر العلمي‬ ‫غّ‬ ‫وتعزيز جودته يتطلّب إقامة شراكات واسعة‬ ‫املختصني لإلشراف على أهمية املوضوعات‬ ‫بني ّ‬ ‫املطروحة للبحث وعلى جودة ما ينشر على‬ ‫الصعيد العاملي ‪ .‬ويتطلّب ذلك إنشاء دوريات‬ ‫مؤسسة تعليم عال حب ّد‬ ‫ّ‬ ‫متخصصة ال تنتمي إىل ّ‬ ‫ذاتها بل تشرف عليها جمموعات من الباحثني‬ ‫مؤسسات متع ّددة‪،‬‬ ‫املستقلني ينتمون إىل ّ‬ ‫تعتمد شروطاً للنشر وآليات للتحكيم تضمن‬ ‫الشفافية واملوضوعية واحليادية وااللتزام‬ ‫باملعايري األكادميية من دون سواها من املعايري‬ ‫واالعتبارات‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ويتطلّب ذلك أيضا تشبيكا وثيقا ما بني‬ ‫مؤسسات‬ ‫أعضاء هيئات التدريس يف خمتلف ّ‬ ‫التعليم العالي العربية‪ .‬ولع ّل يف مجعيات الكليات‬ ‫املتناظرة اليت أنشأها احتاد اجلامعات العربية‬ ‫الرباعم األساسية ملثل هذا التشبيك واليت من‬ ‫شأن تفعيل عملها إنشاء دوريات علمية عربية‬ ‫متخصصة ذات بعد عربي وعاملي شامل جلعلها‬ ‫ّ‬ ‫منرباً لألحباث العلمية اليت يقوم بها أعضاء‬ ‫هيئات التدريس يف اجلامعات واليت ميكن‬ ‫أن تكون ذات وقع ّ‬ ‫يتخطى احليّز الوطين أو‬ ‫املؤسسي الضيّق ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وال شك أ ّن من شأن إنشاء مثل هذه‬ ‫الدوريات أن يش ّكل حافزاً للتنافس الشريف‬ ‫ما بني الباحثني إلثراء املكتبة العربية والعاملية‬ ‫‪41‬‬

‫‪42‬‬

‫‪ 39‬سالمه‪ ،‬رمزي‪"،‬الدوريات الرتبوية العربية ونظم النشر والرتقية‪ ".‬الندوة اإلقليمية حول نظم النشر والرتقية والتصنيف يف اجلامعات العربية‪.‬‬ ‫اجلامعة األمريكية يف بريوت‪ 12 - 11 ،‬شباط‪/‬فرباير ‪.2010‬‬ ‫‪ 40‬من أشهر هذه التصنيفات ما يأتي‪ISI Web of Knowledge of Thompson Reuters Co., with its SCI and SSCI (2500 - :‬‬

‫‪periodicals), Journal Citation Reports, and Impact Factor (citation of a journal) :http://isiwebofknowledge.com/‬‬ ‫‪- European Science Foundation (ERIH) :http://www.esf.org/research-areas/humanities/erih-european-reference‬‬‫‪index-for-the-humanities/erih-initial-lists.html - AERES: http://www.aeres-evaluation.fr/La-liste-des-revues‬‬‫‪scientifiques - CNRS: http://lirhe.univ-tlse1.fr/publications/Autres/revuesgrhclassement.pdf‬‬ ‫‪ 41‬أنظر إطار ‪.9‬‬ ‫‪ 42‬ميكن التفكري مث ً‬ ‫املتخصصة حتت املس ّمى العام "اجمللة العربية" ‪ ،‬على أن يُعطف عليها‬ ‫ال بإنشاء جمموعة من الدوريات العلمية‬ ‫ّ‬

‫املؤسسات البحثية واجلامعات املصرية‪ .‬مث ً‬ ‫ال‪ ،‬اجمللّة العربية‬ ‫عليها اجملال العلمي املعينّ‪ ،‬على غرار جمالت علمية متعدّدة يصدرها عدد من ّ‬ ‫لعلوم الصيدلة‪ ،‬وتت ّم ترمجتها إىل ‪ .Arab Journal of Pharmaceutical Studies‬ويت ّم توثيقها يف قواعد املعلومات العاملية ويسهل‬ ‫الوصول إليها من خالل الكلمة املفتاحية ‪.Arab‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫البحث العلمي‬

‫باألحباث العلمية ذات القيمة العالية‪ ،‬كما من وليس اهليئات الوطنية املختصة باملعادالت‪،‬‬ ‫شأنه أن يؤ ّدي إىل إقامة عالقات تعاون يف مبوجب إنتاج حبثي ال يرقى إىل املستوى املعهود‬ ‫جماالت البحث نفسها‪ .‬فمن املسلّم به أنّه‪ ،‬يف ألطروحة الدكتوراه‪ .‬ومن شأن هذه املمارسات‬ ‫معظم ميادين املعرفة‪ ،‬ليس مبقدور ك ّل باحث أن تلغي مفاعيل أنظمة الرتقية العلمية‪ ،‬وأن‬ ‫عال‪ .‬جتعل مهنة التعليم العالي كأ ّي وظيفة من‬ ‫على حدة أن يقوم بأحباث علمية ذات وقع ٍ‬ ‫ولذلك‪ ،‬ال ب ّد من إقامة جمموعات من الباحثني الوظائف احلكومية يتد ّرج شاغلها يف مراتبها‬ ‫لتعزيز التعاون يف جماالت البحوث كافة بدءاً بناء على تراكم سنني اخلدمة وتزكية رئيسه‬ ‫املؤسسات احلكومية واخلاصة يف املباشر واإلفادة بسلوكه املرضي‪ .‬‬ ‫بالتعاون بني ّ‬ ‫ويف حتليل حديث للنصوص القانونية اليت‬ ‫الدولة الواحدة‪ ،‬وصوالً إىل التعاون بني باحثني‬ ‫مؤسسات دول متع ّددة على الصعيدين ترعى ترقية األساتذة اجلامعيّني يف املغرب‪،‬‬ ‫من ّ‬ ‫يظهر غياب منطق األهلية األكادميية للرتقية‬ ‫العربي والدولي‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يف النصوص كما يف النفوس‪ .‬وتؤكد هذا املنحى‬ ‫دراسة ميدانية مع عيّنة من أعضاء الّلجان‬ ‫‪ 3 - 5‬شروط ترقية أعضاء هيئات‬ ‫العلمية للرتقية واليت تظهر أ ّن أعضاء الّلجان‬ ‫التدريس‬ ‫يد ّل حتليل ما توافر من نصوص تنظيمية العلمية يف املغرب يؤ ّكدون أن "مسألة تقييم‬ ‫على أن اجلامعات احلكومية يف الدول العربية األستاذ اجلامعي عن طريق اإلنتاج العلمي‬ ‫قد اعتمدت‪ ،‬بشكل عام‪ ،‬املعايري الدولية يف ما املرتبط بالبحث فكرة جديدة مل تعرف طريقها‬ ‫خيص الرتقية من رتبة أكادميية إىل أخرى‪ ،‬بعد إىل التوطني"‪ .‬أما يف تونس‪ ،45‬فيتبينّ أن‬ ‫ّ‬ ‫بشكل أساسي من حيث ضرورة تأمني ّ‬ ‫املرشح هناك ثالثة عوامل على األقل تؤثّر يف تدنّي‬ ‫إلنتاج حبثي وجودة يف التعليم‪ ،‬وقد تضاف مكانة البحث العلمي يف العمل اجلامعي مع‬ ‫إليها خدمة اجلامعة واجملتمع‪ .‬لكن الالفت أن تأثريها على شروط الرتقية‪ .‬أولهّ ا أن التحاق‬ ‫واملؤسسات‪ ،‬وبدعم من أعضاء "العدد الكبري من الطلبة قد استدعى تأمني‬ ‫بعض الدول ّ‬ ‫هيئات التدريس‪ ،‬تعتمد تفريقاً بني الرتقية التأطري بقطع النظر ع ّمن يتوىل ذلك فوفدت‬ ‫العلمية القائمة على معايري األداء‪ ،‬وما يس ّمى على اجلامعة شرائح من املد ّرسني ال ميارسون‬ ‫أو ميكن أن يس ّمى بالرتقية الوظيفية القائمة البحث العلمي"‪ .‬كما أ ّن مشروعات اإلصالح‬ ‫على تراكم سين اخلدمة مع إنتاج حبثي بعدد "اليت ّ‬ ‫املؤسسة‬ ‫متت حتت شعار"الشراكة مع ّ‬ ‫متد ّن نسبياً أو من دون مثل هذا اإلنتاج إطالقاً‪ .‬االقتصادية"‪ ،‬حرمت اجلامعة من القيام‬ ‫كمؤسسة إنتاج علمي وأكادميي وتكاد‬ ‫ومن ذلك‪ ،‬الرتقية إىل رتبة األستاذ املساعد بدورها ّ‬ ‫ً‬ ‫مؤسسة تكوين مهين"‪ .‬أخريا‪ ،‬يبدو‬ ‫من دون احلصول على الدكتوراه أو بناء على حت ّوهلا إىل ّ‬ ‫معادلة للدكتوراه متنحها اجلامعة نفسها‪ ،‬أ ّن "الغموض يف مقاييس التأهيل اجلامعي (وهو‬ ‫‪43‬‬

‫‪44‬‬

‫‪ 43‬التهامي‪ ،‬ضرضاري (‪" .)2010‬األهلقراطية (‪ )meritocracy‬وآثارها على الوجود األكادميي هليئات التدريس من خالل منوذج‬ ‫العلوم اإلنسانية واالجتماعية باجلامعة املغربية‪ ".‬الندوة اإلقليمية حول نظم النشر والرتقية والتصنيف يف اجلامعات العربية‪ ،‬اجلامعة‬ ‫األمريكية يف بريوت‪ 12 - 11 ،‬شباط‪/‬فرباير ‪.2010‬‬ ‫‪ 44‬أوزي‪ ،‬أمحد (‪" .)2010‬اجتاهات األساتذة وأعضاء اللجان العلمية حنو نظام الرتقية يف اجلامعة املغربية"‪ ،‬الندوة اإلقليمية حول‬ ‫نظم النشر والرتقية والتصنيف يف اجلامعات العربية‪ ،‬اجلامعة األمريكية يف بريوت‪ 12 - 11 ،‬شباط‪/‬فرباير ‪.2010‬‬ ‫‪ 45‬لبيض‪ ،‬سامل (‪" .)2010‬اجلامعة التونسية‪ :‬جتارب اإلصالح ووضع املد ّرس الباحث"‪ ،‬الندوة اإلقليمية حول نظم النشر والرتقية‬ ‫والتصنيف يف اجلامعات العربية‪ ،‬اجلامعة األمريكية يف بريوت‪ 12 - 11 ،‬شباط‪/‬فرباير ‪.2010‬‬

‫‪57‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 58‬للتنمية الثقافية‬

‫املدخل إىل الرتقية) والضبابية يف شروطه أ ّدى‬ ‫إىل تنامي الصعوبات يف تطبيق تلك الشروط‬ ‫بسبب تع ّدد التأويالت اليت حتوم حوهلا‪،‬‬ ‫فانتشرت طفيليات اإلقصاء واحملاباة املستندة‬ ‫إىل خلفيات ع ّدة غري اخللفية العلمية‪ ،‬فعرفت‬ ‫اجلامعة ظواهر غريبة بسبب اخلوف من‬ ‫اإلقصاء واحلرمان من احلصول على التأهيل‬ ‫اجلامعي"‪ .‬وتقتضي األمانة العلمية اإلقرار بأن‬ ‫هذا الوصف السليب لألوضاع األكادميية ينطبق‬ ‫على عشرات اجلامعات العامة واخلاصة يف دول‬ ‫إطار ‪10‬‬

‫اجلامعيون‪ :‬بني البحث والرتقية‬

‫جتدر اإلشارة إىل أن األعراف واملمارسات اجلامعية يف أمريكا الشمالية تقضي بتحديد املهمات‬ ‫السنوية لعضو هيئة التدريس على شكل مسؤولية مق ّررات دراسية‪ ،‬واإلشراف على عدد معينّ‬ ‫من طلبة الدراسات العليا‪ ،‬وإدارة أحباث مم ّولة من جهات داخلية أو خارجية أو غري مم ّولة‪،‬‬ ‫وإنتاج حبثي‪ ،‬ومشاركة يف مؤمترات وغريها‪ ،‬ومشاركة يف جمالس وجلان‪ ،‬وما إىل ذلك من أمور‪،‬‬ ‫من دون ذكر أي دوام وما إليه‪ .‬ويق ّدم ك ّل عضو هيئة تدريس يف نهاية ك ّل سنة دراسية تقريراً‬ ‫سنوياً عن جممل أنشطته وأعماله وإجنازاته وتص ّوب مهماته الالحقة نظراً لإلجنازات السابقة‬ ‫ولاللتزامات املستقبلية‪ .‬والالفت يف األمر أن جممل األحباث تد ّل على أن عضو هيئة التدريس‬ ‫خيصصه‬ ‫يف هذه اجلامعات يقضي ما ال يق ّل عن مخسني ساعة أسبوعياً كمع ّدل عام للوقت الذي ّ‬ ‫البحاثة األغزر إنتاجاً‬ ‫ملهماته اجلامعية‪ ،‬وقد يصل ذلك عند البعض من املبتدئني بالتعليم أو من ّ‬ ‫إىل سبعني ساعة أسبوعياً‪.‬‬ ‫تد ّل املعطيات املتوافرة حول اإلنتاج العلمي ألعضاء هيئات التدريس يف الواليات املتحدة األمريكية‬ ‫مؤسسات جامعية تبلغ يف غضون مخس سنوات‪،‬‬ ‫على أن املع ّدالت العامة إلنتاج الذين يعملون يف ّ‬ ‫أي ما يعادل الفرتة املطلوبة عادة للرتقية من رتبة أكادميية إىل أخرى‪ 6.5 ،‬مقاالت منشورة‬ ‫يف دوريات حم ّكمة‪ ،‬و‪ 1.25‬كتاباً أو دراسة أو تقريراً منشوراً‪ ،‬و ‪ 2.25‬مراجعة منشورة لكتابات‬ ‫وضعها آخرون‪ ،‬و ‪ 3.25‬مقاالً غري حم ّكمة‪ ،‬و ‪ 14.75‬تقدمياً يف مؤمتر أو ندوة أو معرض ‪.‬‬ ‫مؤسسات التعليم العالي العربية‪ ،‬فنظراً لشروط الرتقية املتدنّية نسبياً‪ ،‬ال ّ‬ ‫شك أ ّن هناك‬ ‫أما يف ّ‬ ‫ابتعاداً شديداً عن مثل هذه اإلنتاجية البحثية‪ .‬مث ً‬ ‫ال‪ ،‬أظهرت دراسة يف كلية اآلداب يف جامعة‬ ‫القاهرة أ ّن متوسط عدد األعمال العلمية اليت ينتجها عضو هيئة التدريس يف الكلية بلغ ‪1.35‬‬ ‫عم ً‬ ‫ال علمياً يف السنة‪ ،‬وأ ّن معظم اإلنتاج العلمي عبارة عن أوراق غري حم ّكمة مق ّدمة إىل مؤمترات‬ ‫حملية‪ ،‬أو‪ ،‬على أقصى تقدير‪ ،‬منشورة يف دوريات حملية تفتقر إىل التحكيم اجليد"‪.‬‬ ‫‪47‬‬

‫‪48‬‬

‫أخرى يف أرجاء املشرق واملغرب واخلليج العربي‪.‬‬ ‫يد ّل اخنراط أعضاء هيئات التدريس يف‬ ‫هذه املمارسات على ضعف الثقافة بشأن ماهية‬ ‫العمل اجلامعي وماهية الرتب اجلامعية اليت‬ ‫يتطلّب الرت ّقي يف سلّمها سنوات طويلة من‬ ‫العمل الدؤوب‪ ،‬مع إنتاج علمي ملحوظ وأداء‬ ‫تعليمي ومهين متميّز‪ .‬ويعزّز هذا املنحى اعتبار‬ ‫مهنة التعليم اجلامعي كوظيفة حكومية ارتباط‬ ‫مؤسسات التعليم العالي املباشر بالسلطات‬ ‫ّ‬ ‫احلكومية وحتديد واجبات أعضاء هيئات‬ ‫التدريس بعدد من الساعات املكتبية والتدريسية‬ ‫وغريها تشبه إىل ح ّد بعيد دوام ّ‬ ‫املوظفني‬ ‫(غالباً ما بني ‪ 25‬و‪ 40‬ساعة أسبوعياً) بدالً‬ ‫من حتديدها مبهمات تدريسية وحبثية وخدمية‬ ‫ومساءلة الفرد عن حسن إجنازها بدالً من‬ ‫اشرتاط االلتزام بدوام عمل قد يكون يف غالب‬ ‫األحيان عقيماً وغري منتج‪ ،‬إضافة إىل تضخيم‬ ‫النصاب التدريسي إىل ما يعادل ضعف ما‬ ‫يصيب عادة أعضاء هيئات التدريس يف الدول‬ ‫الصناعية املتق ّدمة وتقليص الوقت الذي ميكن‬ ‫خيصصه عضو هيئة التدريس للبحث العلمي‬ ‫أن ّ‬ ‫والتب ّحر والكتابة اليت قد ال تتطلّب حضوراً‬ ‫املؤسسة‪ ،‬وإمنا يتطلّب جهداً مستق ًال بعيداً‬ ‫يف ّ‬ ‫عن األنظار‪ ،‬خباصة يف اختصاصات العلوم‬ ‫اإلنسانية واالجتماعية والرتبوية وما شابهها‪.‬‬ ‫مما يزيد املشهد قتامة ّ‬ ‫تفشي ظاهرة‬ ‫و ّ‬ ‫مؤسسات خاصة للتعليم العالي وعدم‬ ‫إنشاء ّ‬ ‫اعتماد معايري وطنية لرتقية أعضاء هيئات‬ ‫‪46‬‬

‫‪ 46‬تقرير املعرفة العربي للعام ‪ – 2009‬حنو تواصل معرفى منتج (‪.)2010‬الفصل اخلامس‪ :‬األداء االعربى فى جمال البحث واالبداع‪ ،‬أعد‬ ‫ومؤسسة حممد بن راشد آل مكتوم ‪ ،‬طبع يف دبي – اإلمارات العربية املتحدة‪.‬‬ ‫بدعم ورعاية مشرتكة من برنامج األمم املتحدة اإلمنائى ّ‬ ‫‪Cataldi, E.F., Bradburn, E.M., and Fahimi, M. (2005). 2004 National Study of Postsecondary Faculty 47‬‬ ‫‪(NSOPF:04): Background Characteristics, Work Activities, and Compensation of Instructional Faculty and‬‬ ‫‪Staff: Fall 2003 (NCES 2006-176). U.S. Department of Education. Washington, DC: National Center for Edu‬‬‫‪.cation Statistics. http://nces.ed.gov/pubs2006/2006176.pdf Accessed April 4, 2009‬‬ ‫‪ 48‬يونس‪ ،‬فيصل (‪" .)2010‬نظام الرتقيات ألعضاء هيئة التدريس يف اجلامعة املصرية‪ :‬نظرة من الداخل"‪ .‬الندوة اإلقليمية حول نظم‬ ‫النشر والرتقية والتصنيف يف اجلامعات العربية‪ ،‬اجلامعة األمريكية يف بريوت‪ 11-12 ،‬شباط‪/‬فرباير ‪.2010‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪49‬‬

‫‪50‬‬

‫‪ 4 - 5‬الحريات األكاديمية واإلنتاجية‬ ‫البحثية‬

‫يتطلّب إسهام اجلامعات يف تق ّدم املعرفة‬ ‫التأكيد على التالزم بني دور ّي التعليم والبحث‬ ‫العلمي ألعضاء هيئات التدريس‪ ،‬وإحداث‬ ‫التوازن ما بني مهماتهم التدريسية ومهماتهم‬ ‫البحثية‪ .‬وتزداد احلاجة إىل هذا التأكيد‬ ‫مؤسسات‬ ‫نظراً ألن أعضاء هيئات التدريس يف ّ‬ ‫التعليم العالي يش ّكلون الكتلة األساسية للبحث‬ ‫العلمي يف الدول العربية ‪ ،‬وذلك لندرة وجود‬ ‫مراكز أحباث حكومية وغري حكومية مستقلّة‬ ‫مؤسسات التعليم العالي وتعمل من خالل‬ ‫عن ّ‬ ‫باحثني متف ّرغني ‪ .‬ويتأتّى من ذلك "االعرتاف‬ ‫باملعرفة والبحث العلمي كمادة أولية رئيسية‬ ‫ومورد دائم" ‪ ،‬وبالتالي متتّع أعضاء هيئات‬ ‫التدريس باحلريات األكادميية‪ ،‬يف التعليم‪،‬‬ ‫والبحث‪ ،‬واإلنتاج املعريف واألدبي والفين‬ ‫والتقين‪ ،‬والتعبري الفكري احل ّر والناقد‪ ،‬من‬ ‫مؤسسية أو جمتمعية ومن دون‬ ‫دون ضغوط ّ‬ ‫متييز‪ ،‬ليتم ّكنوا من سرب غور املعرفة وتوسيع‬ ‫نطاقها والرق ّي بها حبريّة تامة‪.‬‬ ‫ويد ّل حتليل الوثائق الرمسية اليت ترعى‬ ‫مؤسسات التعليم العالي على أنها‬ ‫عمل ّ‬ ‫حترتم بشكل عام املعايري الدولية بشأن‬ ‫احلريات األكادميية‪ .‬لكن الدراسة املتع ّمقة‬ ‫للممارسات تظهر أن معظم الدول العربية‬ ‫تفتقد إىل الشروط األساسية لتحقيق هذه‬ ‫‪51‬‬

‫‪52‬‬

‫‪53‬‬

‫البحث العلمي‬

‫التدريس فيها بغياب األعراف األكادميية‬ ‫مؤسسيها واملشرفني عليها‬ ‫العريقة عن فكر ّ‬ ‫وتغييب هذه األعراف عن ممارسات العديد‬ ‫من قياداتها األكادميية بفعل الضغوط اليت‬ ‫املؤسسات ومن‬ ‫متارس عليهم من مالكي هذه ّ‬ ‫أعضاء هيئات التدريس فيها على ح ّد سواء‪.‬‬ ‫املؤسسات يتباهون‬ ‫فتجد بعض العاملني يف هذه ّ‬ ‫برتب أكادميية عالية اكتسبوها عن غري ح ّق إذا‬ ‫طبّقت األعراف الدولية بشأنها‪.‬‬ ‫وتد ّل املعطيات املتوافرة عن املقاالت‬ ‫املنشورة يف دوريات حم ّكمة وموثّقة عاملياً‬ ‫على أن مع ّدل اإلنتاج البحثي السنوي املنشور‬ ‫يف الدوريات املفهرسة عاملياً ألعضاء هيئات‬ ‫التدريس يف اجلامعات العربية خالل العقد‬ ‫الواقع ما بني ‪ 1999‬و‪ 2008‬يرتاوح ما بني نصف‬ ‫حبث و‪ 35‬حبثاً لك ّل مئة شخص مبتوسط قدره‬ ‫‪ 5.8‬أحباث لك ّل مئة شخص‪ .‬ويظهر الشكل‬ ‫خيص هذا‬ ‫رقم (‪ )4‬ترتيب الدول تنازلياً يف ما ّ‬ ‫اإلنتاج ‪.‬‬ ‫ين عن البيان أنه بغياب ثقافة اإلنتاجية‬ ‫غّ‬ ‫البحثية عند أعضاء هيئات التدريس فإ ّن تدنّي‬ ‫املؤسسات جتاه هذه اإلنتاجية والتساهل‬ ‫تو ّقعات ّ‬ ‫يف منح الرتب اجلامعية يؤ ّديان إىل اخلمول‬ ‫البحثي عند معظم أعضاء هيئات التدريس‬ ‫وإىل تدنّي اإلنتاجية البحثية عندهم واالكتفاء‬ ‫بنشر البحوث يف ما يتوافر من قنوات حم ّكمة‬ ‫وغري حم ّكمة‪ ،‬غالباً ما تكون حملية‪ ،‬بقصد‬ ‫الرتقية ال أكثر‪.‬‬

‫‪59‬‬

‫يشير المشهد الخاص بشروط‬ ‫ترقية أعضاء هيئات التدريس في البلدان‬ ‫العربيّة إلى ّ‬ ‫مؤسسات‬ ‫تفشي ظاهرة إنشاء ّ‬ ‫خاصة للتعليم العالي وعدم اعتماد معايير‬ ‫وطنية لترقية أعضاء هيئات التدريس‬ ‫فيها بغياب األعراف األكاديمية العريقة‬ ‫مؤسسيها والمشرفين عليها‬ ‫عن فكر ّ‬ ‫وتغييب هذه األعراف عن ممارسات‬ ‫العديد من قياداتها األكاديمية بفعل‬ ‫الضغوط التي تمارس عليهم من مالكي‬ ‫المؤسسات ومن أعضاء هيئات‬ ‫هذه‬ ‫ّ‬ ‫التدريس فيها على ح ّد سواء‪ .‬وبعض‬ ‫المؤسسات قد يتباهون‬ ‫العاملين في هذه ّ‬ ‫برتب أكاديمية عالية اكتسبوها عن غير‬ ‫ح ّق إذا طبّقت األعراف الدولية بشأنها‪..‬‬

‫‪ 49‬أنظر‪http://www.scimagojr.com/countrysearch.php :‬‬ ‫‪ 50‬غاب الصومال عن الشكل لعدم توافر أي معطيات عن أعداد أعضاء هيئات التدريس فيه‪.‬‬ ‫‪ 51‬تقرير املعرفة العربي للعام ‪ – 2009‬حنو تواصل معرفى منتج (‪،)2010‬الفصل اخلامس‪ :‬األداء االعربى فى جمال البحث واالبداع‪،‬‬ ‫ومؤسسة حممد بن راشد آل مكتوم ‪ -‬طبع يف دبي – اإلمارات العربية‬ ‫أعد بدعم ورعاية مشرتكة من برنامج األمم املتّحدة اإلمنائي ّ‬ ‫املتحدة‪.‬‬ ‫‪ 52‬ينطبق هذا القول حتى على مصر‪ ،‬وهي البلد العربي األكثر نشاطاً يف البحث العلمي خارج إطار التعليم العالي‪ .‬أنظر بهذا الشأن‪:‬‬ ‫‪Radi, Saadia (2005). La recherche scientifique et l’enseignement supérieur en Egypte, un état des lieux. Dossi‬‬‫‪ers et documents N°19. Le Caire : CEDEJ, http://www.cedej.org.eg/article.php3?id_article=322. Accessed‬‬ ‫‪.April 9, 2009‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 60‬للتنمية الثقافية‬

‫املعايري على أرض الواقع ‪ .‬فال تزال معظم‬ ‫مؤسسات التعليم العالي ختضع بشكل مباشر‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫للسلطات احلكومية وال تتمتّع حقا باالستقاللية‬ ‫املؤسسات أعضاء‬ ‫األكادميية‪ .‬وتعترب هذه ّ‬ ‫هيئات التدريس ّ‬ ‫كموظفني شأنهم يف ذلك‬ ‫شأن ّ‬ ‫املوظفني احلكوميّني اخلاضعني جلملة من‬ ‫القيود اليت حت ّد من قدرتهم على السفر خارج‬ ‫أوطانهم‪ ،‬وتنظيمهم للقاءات وندوات ومؤمترات‬ ‫أو مشاركتهم فيها‪ ،‬ونشر نتاجات حبوثهم من‬ ‫دون رقابة مسبقة‪ ،‬ومشاركتهم يف مناقشة‬ ‫السياسات العامة واملؤسسية وما إىل ذلك من‬ ‫أمور‪ .‬كذلك‪ ،‬تنفرد السلطات احلكومية يف تعيني‬ ‫مؤسسات التعليم العالي وتتو ّقع‬ ‫املسؤولني عن ّ‬ ‫‪54‬‬

‫منهم الوالء لأليديولوجية السائدة‪.‬‬ ‫ويبدو هذا األمر بشكل صارخ يف العلوم‬ ‫اإلنسانية واالجتماعية‪ ،‬حيث تندر الدوريات‬ ‫املتخصصة يف هذه اجملاالت واملوثّقة‬ ‫العربية‬ ‫ّ‬ ‫يف قواعد املعلومات العاملية‪ ،‬كما تندر املقاالت‬ ‫املنشورة يف هذه اجملاالت‪ ،‬بينما تكثر نسبياً‬ ‫املقاالت املنشورة يف الدوريات العلمية املوثّقة‬ ‫عاملياً واليت تعنى بالعلوم البحتة والعلوم‬ ‫الطبية وما إليها‪ .‬فكأ ّن ليس للباحثني العرب‬ ‫أ ّي إسهامات أو مكانة عاملية يف الفلسفة‬ ‫واألخالقيات‪ ،‬وعلوم الّلغة‪ ،‬وعلم النفس‪ ،‬وعلم‬ ‫االجتماع‪ ،‬وعلم القانون‪ ،‬والعلوم االقتصادية‬ ‫واإلدارية‪ ،‬وما إليها‪.‬‬

‫شكل رقم ‪4‬‬ ‫معدّل اإلنتاج البحثي السنوي املنشور يف الدوريات املفهرسة عاملياً لك ّل ‪ 100‬من أعضاء هيئات التدريس يف اجلامعات العربية خالل العقد الواقع‬ ‫ما بني ‪ 1999‬و ‪2008‬‬ ‫‪40.0‬‬ ‫‪35.0‬‬ ‫‪30.0‬‬ ‫‪25.0‬‬ ‫‪20.0‬‬ ‫‪15.0‬‬ ‫‪10.0‬‬ ‫‪5.0‬‬ ‫‪0.0‬‬

‫ليبيا‬ ‫عراق‬ ‫ال‬ ‫يمن‬ ‫ال قمر‬ ‫زر ال‬ ‫ج‬ ‫ودان‬ ‫الس‬ ‫طني‬ ‫فلس‬ ‫وريا‬ ‫س‬ ‫زائر‬ ‫اجل‬ ‫بنان‬ ‫ل‬ ‫صر‬ ‫م‬ ‫تانيا‬ ‫موري‬ ‫بوتي‬ ‫جي‬ ‫غرب‬ ‫امل‬ ‫ودية‬ ‫لسع‬ ‫ا‬ ‫ونس‬ ‫ت‬ ‫ردن‬ ‫األ‬ ‫عمان‬ ‫ُ‬ ‫رات‬ ‫اإلما‬ ‫رين‬ ‫البح‬ ‫قطر‬ ‫ويت‬ ‫الك‬ ‫‪ 53‬تقرير وزارة التعليم العالي‪ ،‬اجلزائر (‪ ،)2007‬ص‪.26 .‬‬ ‫‪Salamé, Ramzi (2006). Academic Freedom in the Arab States – Summary. Beirut UNESCO Regional Bu� 544‬‬ ‫‪reau for Education in the Arab States‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫البحث العلمي‬

‫وقد يعزى هذا األمر إىل غياب البيئة‬ ‫االجتماعية الداعمة للحريات األكادميية ووجود‬ ‫موضوعات حمظور البحث عن احلقائق يف ما‬ ‫خيصها وتعميق املعرفة املتعلّقة بها من خالل‬ ‫ّ‬ ‫البحث العلمي الرصني والنقاش اجملتمعي‪.‬‬ ‫وتتعلّق هذه احملظورات مبا يعترب يف معظم‬ ‫حساسة جيدر عدم‬ ‫الدول العربية موضوعات ّ‬ ‫التط ّرق هلا‪ ،‬مثل مناقشة املوضوعات واملعتقدات‬ ‫الدينية‪ ،‬واألمور املتعلّقة باألمن القومي‬ ‫والقوات املسلّحة ومكافحة اإلرهاب والقضاء‪،‬‬ ‫متس النظام السياسي ورئيس‬ ‫واملوضوعات اليت ّ‬ ‫الدولة ورؤساء الدول األخرى‪ ،‬وقد تصل أحياناً‬ ‫إىل املوضوعات املتعلّقة بالتاريخ واجلغرافيا‪،‬‬ ‫نظراً ملا ميكن أن تنطوي عليه من حساسيات‬ ‫ما بني الدول وداخل ك ّل دولة‪ ،‬كما قد تصل‬ ‫إىل املوضوعات املتعلّقة بالعائلة والعالقات‬ ‫األسرية‪ ،‬والعالقات اجملتمعية‪ ،‬وحقوق األقليات‬ ‫واجملموعات امله ّمشة‪ ،‬وشؤون املرأة‪ ،‬والبنى‬ ‫االقتصادية‪ ،‬وسواها من املوضوعات اإلنسانية‬ ‫واالجتماعية‪.‬‬ ‫املؤسسي واجملتمعي‬ ‫يف اخلالصة‪ ،‬يبدو املناخ ّ‬ ‫يف غالبية الدول العربية غري مؤات للحريات‬ ‫األكادميية بشكل مطلق‪.‬‬ ‫ونتيجة للضغوط املختلفة اليت يتع ّرض هلا‬ ‫أعضاء هيئات التدريس‪ ،‬يالحظ أن معظمهم‬ ‫اعتمد سياسة الرقابة الذاتية واإلحجام عن‬ ‫الدخول يف نقاش ك ّل مسألة قد تعترب حساسة‬ ‫أو مثرية لالعرتاض من جانب أصحاب‬ ‫النفوذ‪ .‬وقد أ ّدى ذلك إىل تقليص دور أعضاء‬ ‫هيئات التدريس يف البحث العلمي ويف إنتاج‬ ‫املعرفة واملشاركة يف نقاش املسائل اليت ميكن‬ ‫ومؤسساته‪ ،‬كما‬ ‫أن تسهم يف تطوير اجملتمع ّ‬ ‫يف تكوين النخب الفكرية اليت تتمتّع بالفكر‬ ‫الناقد واليت من شأنها أن تقود عجلة التطوير‬ ‫يف اجملتمع‪.‬‬

‫واقع البحث العلمي‪ :‬تقصير على‬ ‫أكثر من صعيد‬

‫‪61‬‬

‫يش ّكل أعضاء هيئات التدريس يف اجلامعات‬ ‫العربية‪ ،‬على األقل من حيث املبدأ‪ ،‬اخلزّان‬ ‫األساسي للبحث العلمي‪ ،‬ألسباب أساسية عديدة‬ ‫أهمها االنتشار الواسع للجامعات يف خمتلف‬ ‫أصقاع البلدان العربية‪ ،‬بينما ال جند مثل هذا‬ ‫املتخصصة‪ .‬ويف‬ ‫االنتشار ملراكز البحث العلمي ّ‬ ‫حني يقدر حجم هيئات التعليم العالي العربية‬ ‫مبا ال يق ّل عن ‪ 170‬ألف شخص‪ ،‬فإن مؤهالتهم‬ ‫العلمية والسيّما تد ّربهم املسبق على القيام‬ ‫باألحباث العلمية من خالل إجنازهم لرسائل‬ ‫املاجستري وأطروحات الدكتوراه‪ ،‬وتو ّقعات‬ ‫اجلامعات حنوهم‪ ،‬على األقل من حيث املبدأ‪،‬‬ ‫جلهة ضرورة إسهامهم يف تق ّدم املعارف‬ ‫والعلوم‪ ،‬من شأنها أن تفتح آفاقاً رحبة لتطوير‬ ‫البحوث والتنمية العربية‪.‬‬ ‫لك ّن الواقع يد ّل على ختلّف أعضاء هيئات‬ ‫التدريس يف اجلامعات العربية عن الركب‬ ‫خيص اإلنتاجية العلمية ث ّم‬ ‫العاملي أوالً يف ما ّ‬ ‫خيص نشر ما ينتج من أحباث يف قنوات‬ ‫يف ما ّ‬ ‫حبثية حتظى باالهتمام على الصعيد العاملي‪،‬‬ ‫إن من خالل فهرستها يف قواعد املعلومات‬ ‫األكثر انتشاراً على الصعيد العاملي‪ ،‬أو من‬ ‫خالل حظوتها باستشهادات من سائر العلميّني‪.‬‬ ‫وتظهر املعطيات املتوافرة تقصرياً على‬ ‫أكثر من صعيد‪ .‬فقليلة هي الدول العربية اليت‬ ‫أعارت االهتمام الكايف للبحث العلمي مبختلف‬ ‫أوجهه‪ ،‬من وضع اسرتاتيجيات هادفة‪ ،‬ومتويل‬ ‫مناسب ألنشطته‪ ،‬وتثمري نتائجه يف التنمية‪،‬‬ ‫وخطط وطنية لنشر نواجته بشكل يسهم يف‬ ‫تق ّدم املعارف والعلوم على نطاق واسع‪ .‬وقليلة‬ ‫مؤسسات التعليم العالي اليت اعتمدت‬ ‫هي ّ‬ ‫فع ًال اإلسهام يف تق ّدم املعارف والعلوم كركيزة‬ ‫أساسية ألنشطتها وكموجب ال مف ّر منه لرتقية‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 62‬للتنمية الثقافية‬

‫يبدو أنه لن تكون هناك نقلة نوعية‬ ‫للبحث العلمي في أغلب الدول العربية من‬ ‫دون محاولة الرق ّي بنوعيّته إلى المستويات‬ ‫العالمية‪ ،‬من خالل إطالق الحريات‬ ‫األكاديمية على أوسع نطاق‪ ،‬والتشبيك‬ ‫بين مجموعات الباحثين‪ ،‬والتش ّدد في‬ ‫شروط الترقية إلى الرتب األكاديمية‬ ‫العليا‪ ،‬ومن دون أن يت ّم االعتراف‬ ‫بقنوات نشره عالمياً كمراجع قيّمة‪ ،‬من‬ ‫خالل تعزيز نوعيّتها بناء على المعايير‬ ‫المعتمدة عالمياً‪ ،‬وفهرستها في قواعد‬ ‫المعلومات العالمية‪ ،‬وتعزيز االستشهاد‬ ‫بها في دوائر البحث العلمي المشهود لها‬ ‫بالرصانة والتج ّدد واالبتكار‪..‬‬

‫أعضاء هيئات التدريس واستقرارهم الوظيفي‪.‬‬ ‫وخبالف بعض اإلضاءات اليت تش ّكل استثناءات‬ ‫على القاعدة العامة‪ ،‬ال يبدو أن ضرورة اإلسهام‬ ‫متأصلة يف ذهنية‬ ‫يف تق ّدم املعارف والعلوم ّ‬ ‫أعضاء هيئات التدريس أنفسهم‪ ،‬كمك ّون‬ ‫أساسي من مك ّونات مهنة التدريس اجلامعي‪،‬‬ ‫باإلضافة إىل النقص الواضح يف أعضاء هيئات‬ ‫التوسع الكبري‬ ‫التدريس عالي الكفاءة‪ ،‬نسبة إىل ّ‬ ‫مؤسسات التعليم العالي ويف أعداد‬ ‫والعشوائي يف ّ‬ ‫الطلبة امللتحقني بها‪.‬‬ ‫يبقى أ ّن هناك بصيص أمل يف بعض‬ ‫أصقاع الدول العربية‪ .‬فها هي مث ًال جامعات‬ ‫يف السعودية وسواها تك ّرس بعض التمويل‬ ‫اخلارج عن النمط املعتاد‪ ،‬الستقطاب كفاءات‬ ‫وافدة منتجة حبثياً وقادرة على رفع املكانة‬ ‫البحثية هلذه اجلامعات على الرتتيبات العاملية‬ ‫للجامعات‪ .‬وها هي بعض جامعات مصر تعزّز‬ ‫احلوافز املالية ألعضاء هيئات التدريس الذين‬

‫ينشرون نتاجات أحباثهم يف الدوريات املفهرسة‬ ‫عاملياً‪ ،‬وتؤتي هذه احلوافز مثارها من حيث‬ ‫االزدياد املضطرد لعدد املستفيدين من احلوافز‬ ‫وعدد األحباث املنشورة يف الدوريات املفهرسة‬ ‫عاملياً‪.‬‬ ‫لكن‪ ،‬يبدو واضحاً أنه لن تكون هناك نقلة‬ ‫نوعية للبحث العلمي يف أغلب الدول العربية‬ ‫من دون حماولة الرق ّي بنوعيّته إىل املستويات‬ ‫العاملية‪ ،‬من خالل إطالق احلريات األكادميية‬ ‫على أوسع نطاق‪ ،‬والتشبيك بني جمموعات‬ ‫الباحثني‪ ،‬والتش ّدد يف شروط الرتقية إىل الرتب‬ ‫األكادميية العليا‪ ،‬ومن دون أن يت ّم االعرتاف‬ ‫بقنوات نشره عاملياً كمراجع قيّمة‪ ،‬من خالل‬ ‫تعزيز نوعيّتها بناء على املعايري املعتمدة عاملياً‪،‬‬ ‫وفهرستها يف قواعد املعلومات العاملية‪ ،‬وتعزيز‬ ‫االستشهاد بها يف دوائر البحث العلمي املشهود‬ ‫هلا بالرصانة والتج ّدد واالبتكار‪.‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫البحث العلمي‬

‫دور البحث العلمي واإلبداع في التنمية‬ ‫البحث العلمي وتحديات التنمية‬

‫حدد تقرير‬ ‫العربية‪ ،‬الذي أطلقه‬

‫حتديات التنمية في الدول‬ ‫برنامج األمم املتحدة‬

‫اإلمنائي وجامعة الدول العربية نهاية العام‬ ‫‪ ، 2009‬ستة حتديات رئيسة ومتشابكة تواجهها‬ ‫املؤسسات‪ ،‬وتأمني‬ ‫دول املنطقة‪ ،‬وتشمل إصالح ّ‬ ‫فرص العمل‪ ،‬وتعزيز عمليات النمو ومتويلها‬ ‫ملصلحة الفقراء‪ ،‬وإصالح نظام التعليم‪ ،‬وتنويع‬ ‫مصادر النم ّو االقتصادي‪ ،‬وزيادة األمن الغذائي‬ ‫واالكتفاء الذاتي يف ظ ّل القيود البيئية القائمة‪.‬‬ ‫ويلفت التقرير إىل أن معدالت التق ّدم حنو‬ ‫حتقيق األهداف التنموية لأللفية الثالثة يف‬ ‫الدول العربية "ال ترقى إىل مستوى طموحات‬ ‫الشعوب العربية يف حتقيق الطفرة التنموية‬ ‫حض التقرير الدول العربية‬ ‫املرجوة"‪ .‬كما ّ‬ ‫"على اعتماد نهج اقتصادي جديد يعتمد على‬ ‫عنصرين مرتابطني‪ ،‬هما التح ّول من منوذج‬ ‫منو قائم على البرتول واملواد األولية ال حيقق‬ ‫التنمية املستدامة‪ ،‬إىل منوذج التنمية الذي‬ ‫يتوقف مقياس النجاح فيه على أداء القطاعات‬ ‫املنتجة‪ ،‬واحل ّد من الفقر‪ ،‬ومتكني املرأة‪ ،‬وإجياد‬ ‫فرص عمل جديدة"‪.‬‬ ‫بدأت الدول العربية يف إقامة مراكز وطنية‬ ‫للبحث والتطوير بشكل متد ّرج منذ أواسط‬ ‫القرن املاضي‪ ،‬إال أن تأثرياتها اليت قد تتجاوز‬ ‫‪55‬‬

‫‪63‬‬

‫املنشورات العلمية واجلهد األكادميي ما زالت‬ ‫حمدودة يف اإلمجال‪ .‬فمنذ مطلع التسعينيات‬ ‫مؤسسات‬ ‫باشر بعض الدول العربية يف إنشاء ّ‬ ‫خاصة لرعاية اإلبداع وتطويره وتسهيل انتقاله‬ ‫إىل مرحلة التسويق واإلنتاج االقتصادي‪ ،‬كما‬ ‫مؤسسات وطنية‬ ‫عمدت دول أخرى إىل إقامة ّ‬ ‫للرتويج لالستثمار الصناعي‪.‬‬ ‫‪ - 1‬المردود المجتمعي واالقتصادي‬ ‫للمعرفة العلمية‬

‫مي ّر انتقال التجديد اإلبداعي من املب ِدع‬ ‫إىل املستفيد النهائي مبراحل متع ّددة‪ ،‬تتض ّمن‬ ‫استيعاب املستجدات اإلبداعية ووضعها يف‬ ‫أطر وقوالب تس ّهل انتقاهلا واقتباسها من قبل‬ ‫مؤسسات اإلنتاج واخلدمات الوطنية‪ ،‬ومن ثم‬ ‫ّ‬ ‫تطويعها وتوظيفها يف جماالت تطبيقية جديدة‪.‬‬ ‫وتقاس قدرة الدول على امتالك املردود‬ ‫االقتصادي واجملتمعي لإلبداعات واملستجدات‬ ‫املعرفية بعدد من املؤشرات ‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫ً‬ ‫• القيمة املضافة املنتجة حمليا للفرد‬ ‫الواحد يف السنة‪ ،‬خباصة يف الصناعة‪.‬‬ ‫• القيمة املضافة يف الصادرات الصناعية‬ ‫للفرد الواحد يف السنة‪.‬‬ ‫• نسبة التكنولوجيا عالية القيمة املضافة‬ ‫املنتجة حملياً خباصة يف الصناعة‪.‬‬ ‫‪56‬‬

‫‪ 55‬حتديات التنمية يف الدول العربية‪ ،‬برنامج األمم املتحدة اإلمنائي املكتب اإلقليمي للدول العربية وجامعة الدول العربية‪2009 ،‬‬ ‫‪World Economic Forum, WEF Global Competitiveness Report, 2010 56‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 64‬للتنمية الثقافية‬

‫االرتفاع الهائل في مداخيل النفط‬ ‫والغاز في بعض الدول العربية م ّكنها‬ ‫من احتالل مراتب متقدمة في العديد‬ ‫من المؤشرات الدولية‪ ،‬باستثناء ربما‬ ‫الجزائر وليبيا‪ ،‬في حين بقي معظم الدول‬ ‫العربية األخرى يراوح في مراتب وسطية‬ ‫أو متأخرة لغياب أ ّي استراتيجيات وطنية‬ ‫تر ّكز على األنشطة اإلبداعية وتربطها‬ ‫عضوياً وبشكل تفاعلي مع التنمية‬ ‫المجتمعية الشاملة ومع قطاعات اإلنتاج‬ ‫والخدمات بشكل خاص‪..‬‬

‫في معظم الدول العربية‪ ،‬تق ّل نسبة‬ ‫الصادرات الصناعية عن ‪ % 15‬من‬ ‫مجمل الصادرات‪ ،‬باستثناء عدد محدود‬ ‫منها‪ ،‬مثل األردن وتونس ولبنان والمغرب‪،‬‬ ‫وذلك بسبب غياب صادرات النفط والغاز‬ ‫في هذه الدول أوالً‪ ..‬باإلضافة إلى اعتماد‬ ‫بعضها إقامة المناطق الصناعية الح ّرة‪،‬‬ ‫واتفاقيات الشراكة الخاصة مع االتّحاد‬ ‫األوروبي كما هو الحال في تونس‪ ،‬ومع‬ ‫الواليات المتحدة بالنسبة إلى األردن‪..‬‬

‫• نسبة التكنولوجيا عالية القيمة املضافة‬ ‫حملياً يف الصادرات الصناعية‪.‬‬ ‫ويشري تقرير التنافسية العاملي الصادر‬ ‫عام ‪ 2009‬إىل تقدم الدول املنتجة للنفط والغاز‬ ‫يف اخلليج يف ترتيب الدول يف مؤشر التنافسية‬ ‫العاملي‪ .‬فقد جاءت قطر العام ‪ 2009‬كأول دولة‬ ‫عربية يف جمموعة الدول األربعني اليت "تدفعها‬ ‫االبتكارات يف املرحلة الثالثة من التنمية" اليت‬ ‫ض ّمت أيضاً ك ًال من اإلمارات والبحرين‪ .‬كما‬ ‫جاءت ‪ 5‬دول عربية يف اجملموعة الثانية اليت‬ ‫"تدفعها الفاعلية" فحلّت تونس يف املرتبة‬ ‫الثالثة من أصل ‪ 40‬دولة واألوىل عربياً يف هذه‬ ‫اجملموعة اليت مشلت أيضاً ك ً‬ ‫ال من ُعمان‬ ‫واألردن وليبيا واجلزائر؛ يف حني حلّت مصر‬ ‫وسوريا واملغرب يف مراتب خمتلفة يف اجملموعة‬ ‫األوىل اليت "حتركها النسبة العالية يف املوارد‬ ‫الطبيعية يف اقتصاداتها"‪.‬‬ ‫ختتلف املؤشرات املنشورة يف تقارير‬ ‫التنافسية العاملية‪ ،‬كما ختتلف بياناتها وتتناقض‬ ‫أحياناً‪ .‬هلذا فمن الصعب املقارنة بني املؤشرات‬ ‫املؤسسات الدولية للوصول‬ ‫الصادرة عن خمتلف ّ‬ ‫إىل حتليل موضوعي حول تط ّور الدول العربية يف‬ ‫اجملاالت املعرفية واإلبداعية‪ .‬لكن ميكن القول‬ ‫إن االرتفاع اهلائل يف مداخيل النفط والغاز‬ ‫يف بعض الدول العربية قد م ّكنها من احتالل‬ ‫مراتب متقدمة يف العديد من املؤشرات الدولية‪،‬‬ ‫باستثناء رمبا اجلزائر وليبيا‪ .‬يف حني بقيت‬ ‫معظم الدول العربية األخرى تراوح يف مراتب‬ ‫وسطية أو متأخرة لغياب أ ّي اسرتاتيجيات‬ ‫وطنية تر ّكز على األنشطة اإلبداعية وتربطها‬ ‫عضوياً وبشكل تفاعلي مع التنمية اجملتمعية‬ ‫‪57‬‬

‫الشاملة ومع قطاعات اإلنتاج واخلدمات بشكل‬ ‫خاص‪.‬‬ ‫يف ما يلي بعض ما ميكن استنتاجه من‬ ‫دراسة عدد من املؤشرات ذات العالقة الواردة‬ ‫يف عدد من املراجع ذات املصداقية ‪:‬‬ ‫• يف معظم الدول العربية‪ ،‬تق ّل نسبة‬ ‫الصادرات الصناعية عن ‪ % 15‬من جممل‬ ‫الصادرات‪ ،‬باستثناء عدد حمدود منها‪ ،‬مثل‬ ‫األردن وتونس ولبنان واملغرب (اجلدول رقم‬ ‫‪ ،)13‬وذلك بسبب غياب صادرات النفط والغاز‬ ‫يف هذه الدول أوالً‪ ،‬باإلضافة إىل اعتمادها إقامة‬ ‫املناطق الصناعية احل ّرة يف بعضها‪ ،‬واتفاقيات‬ ‫الشراكة اخلاصة مع االحتاد األوروبي بالنسبة‬ ‫إىل تونس‪ ،‬ومع الواليات املتحدة بالنسبة‬ ‫إىل األردن‪ ،‬وكذلك بتأثري صادرات فروع‬ ‫بعض املصانع األوروبية اليت أقيمت يف املغرب‬ ‫لالستفادة من تسهيالت العمالة فيها‪.‬‬ ‫• يرتاوح ّ‬ ‫مؤشر االرتباط بسلسلة حلقات‬ ‫اإلنتاج العاملية يف الدول العربية بني متوسط‬ ‫ومتأخر‪ ،‬مما يعكس ضعف هذا االرتباط وعجز‬ ‫املؤسسات اإلنتاجية على استيعاب التكنولوجيا‬ ‫ّ‬ ‫احلديثة وتراجع قدرتها التنافسية‪.‬‬ ‫• يرتاوح ّ‬ ‫مؤشر تو ّفر رأس املال املبادر‬ ‫متدن يف ك ّل الدول العربية‪،‬‬ ‫من متوسط إىل ٍّ‬ ‫ما يعكس حذر املستثمرين العرب وتر ّددهم‬ ‫يف إطالق مشروعات التجديد اإلبداعية‪ ،‬على‬ ‫الرغم من تراكم السيولة املالية يف املنطقة‪ .‬ومع‬ ‫ذلك فقد بدأت تظهر بعض املبادرات اخلجولة‬ ‫مؤسسات عربية غري حكومية‬ ‫اليت ترعاها ّ‬ ‫جلمع املبدعني من الباحثني العرب مع املبادرين‬ ‫من املستثمرين يف املنطقة بهدف متويل انتقال‬ ‫‪58‬‬

‫‪59‬‬

‫‪World Economic Forum, WEF Global Competitiveness Report, 2009 57‬‬ ‫‪ 58‬اإلحصاءات الصناعية للبلدان العربية ‪ ،2001-2007‬جلنة األمم املتحدة االقتصادية واالجتماعية لغرب أسيا‪ ،‬اإلسكوا واملنظمة‬ ‫العربية للتنمية الصناعية والتعدين؛ ‪World Economic Forum, WEF Global Competitiveness Report, 2009‬؛ مؤشرات البنك‬ ‫‪2009‬‬ ‫الدولي ‪ ،KAM‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪ 59‬مؤشرات البنك الدولي ‪ ،KAM‬‬ ‫‪ 60‬اإلحصاءات الصناعية للبلدان العربية ‪ ،2007 – 2001‬جلنة األمم املتحدة االقتصادية واالجتماعية لغرب أسيا‪ ،‬األسكوا واملنظمة‬ ‫العربية للتنمية الصناعية والتعدين‪.‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫املعلومات واالتصاالت واملدن الصناعية في جبل‬

‫علي)‪ .‬كما تصل هذه النسبة يف املغرب إىل‬ ‫‪ ،% 10.1‬بسبب املشروعات املشرتكة الفرنسية‪-‬‬ ‫األوروبية اليت تستفيد من التسهيالت الصناعية‬ ‫املتوفرة يف املغرب واليت تعيد تصدير نواجتها‬ ‫مباشرة إىل مصانعها األم يف أوروبا‪.‬‬ ‫• تشري نشرة اإلحصاءات الصناعية‬ ‫العربية إىل أنه خالل ‪ 6‬سنوات‪ ،‬وحتديداً بني‬ ‫تتغي نسبة الصناعات‬ ‫عامي ‪ 2001‬و‪ ،2007‬مل رّ‬ ‫التحويلية من الناتج القومي احمللي يف معظم‬ ‫الدول العربية‪ .‬ما يعين استمرار النمط‬ ‫االقتصادي نفسه وعدم تأثري السياسات‬ ‫اجلديدة يف إحداث تغيري يذكر لصاحل تشجيع‬ ‫التجديد اإلبداعي (اجلدول رقم ‪ 14‬والشكل‬ ‫رقم ‪. )5‬‬ ‫• تشري اإلحصاءات الصناعية للدول‬ ‫العربية إىل أن القيمة املضافة للعامل يف‬ ‫الصناعات التحويلية يف معظم الدول مل تشهد‬ ‫سوى زيادات طفيفة‪ ،‬ما ّ‬ ‫تدن‬ ‫يؤشر على ٍّ‬ ‫ملحوظ يف استيعاب التكنولوجيا احلديثة يف هذه‬ ‫الصناعات‪ ،‬وبشكل خاص على تدني القيمة‬ ‫املعرفية هلذه الصناعات (اجلدول رقم ‪.)15‬‬ ‫• تشري إحصاءات البنك الدولي ‪KAM‬‬ ‫للعام ‪ ،2009‬أخذاً باالعتبار للتط ّور الزمين منذ‬ ‫العام ‪ ،1995‬إىل أن ّ‬ ‫مؤشر اقتصاد املعرفة يف‬ ‫الدول العربية كافة ما زال يراوح دون املعدل‬ ‫‪60‬‬

‫البلد‬

‫األردن‬ ‫اإلمارات‬ ‫البحرين‬ ‫تونس‬ ‫اجلزائر‬ ‫السعودية‬ ‫سوريا‬ ‫عمان‬ ‫قطر‬ ‫الكويت‬ ‫لبنان‬ ‫مصر‬ ‫املغرب‬ ‫اليمن‬

‫نسبة الصادرات الصناعية ( ‪ ) %‬من‬ ‫جممل الصادرات‬

‫نسبة الصادرات عالية التكنولوجيا ( ‪ ) %‬من‬ ‫جممل الصادرات الصناعية‬

‫‪72.0‬‬

‫‪5.2‬‬

‫‪24.0‬‬

‫‪10.2‬‬

‫‪7.0‬‬

‫‪2.0‬‬

‫‪78.0‬‬

‫‪4.9‬‬

‫‪2.0‬‬

‫‪1.0‬‬

‫‪9.0‬‬

‫‪1.3‬‬

‫‪11.0‬‬

‫‪1.0‬‬

‫‪6.0‬‬

‫‪2.2‬‬

‫‪7.0‬‬

‫‪1.2‬‬

‫‪7.0‬‬

‫‪1.0‬‬

‫‪70.0‬‬

‫‪2.4‬‬

‫‪31.0‬‬

‫‪0.6‬‬

‫‪65.0‬‬

‫‪10.1‬‬

‫‪4.0‬‬

‫‪5.3‬‬

‫املصدر‪ :‬مؤشرات البنك الدولي ‪2009 ، KAM‬‬

‫جدول رقم ‪14‬‬ ‫البلد‬

‫األردن‬ ‫اإلمارات العربية املتحدة‬ ‫البحرين‬ ‫تونس‬ ‫اجلزائر‬ ‫اململكة العربية السعودية‬ ‫السودان‬ ‫اجلمهورية العربية السوريا‬ ‫العراق‬ ‫عمان‬ ‫فلسطني‬ ‫قطر‬ ‫الكويت‬ ‫لبنان‬ ‫اجلماهريية العربية الليبية‬ ‫مصر‬ ‫املغرب‬ ‫اليمن‬ ‫إمجالي البلدان العربية‬

‫النسبة املئوية ملساهمة الصناعات التحويلية يف الناتج احمللي‬ ‫اإلمجالي‬ ‫‪2001‬‬

‫‪2007‬‬

‫‪12.8‬‬

‫‪15.3‬‬

‫‪13.8‬‬

‫‪12.4‬‬

‫‪12.3‬‬

‫‪11.7‬‬

‫‪20.8‬‬

‫‪14.0‬‬

‫‪6.0‬‬

‫‪4.6‬‬

‫‪10.1‬‬

‫‪9.7‬‬

‫‪6.2‬‬

‫‪9.3‬‬

‫‪6.1‬‬

‫‪2.6‬‬

‫‪1.8‬‬

‫‪2.1‬‬

‫‪8.3‬‬

‫‪10.0‬‬

‫‪12.3‬‬

‫‪10.9‬‬

‫‪6.1‬‬

‫‪7.8‬‬

‫‪6.3‬‬

‫‪7.9‬‬

‫‪12.3‬‬

‫‪11.4‬‬

‫‪4.9‬‬

‫‪1.7‬‬

‫‪17.9‬‬

‫‪17.8‬‬

‫‪14.5‬‬

‫‪15.0‬‬

‫‪6.0‬‬

‫‪7.2‬‬

‫‪10.8‬‬

‫‪9.6‬‬

‫المصدر‪ :‬اإلحصاءات الصناعية للبلدان العربية ‪ ،2007 – 2001‬جلنة األمم املتحدة االقتصادية واالجتماعية‬ ‫لغرب أسيا‪ ،‬األسكوا واملنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين‪.‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫البحث العلمي‬

‫مشروعات إبداعية واعدة إىل مرحلة اإلنتاج‪،‬‬ ‫وإقامة وحدات لرعاية املستجدات اإلبداعية‬ ‫الواعدة يف عدد من مراكز التميّز اليت أقيمت‬ ‫حديثاً يف عدد من دول اخلليج ومصر واملغرب‬ ‫العربي‪.‬‬ ‫• تتدنّى نسبة الصادرات عالية التكنولوجيا‬ ‫ يف ك ّل الدول العربية فال تتجاوز يف أعالها‬ ‫‪ % 10.2‬يف دولة اإلمارات‪ ،‬بسبب ما أقامته دبي‬ ‫من أنشطة حديثة (مدينة دبي لتكنولوجيا‬

‫جدول رقم ‪13‬‬

‫نسبة الصادرات الصناعية والصادرات عالية التكنولوجيا‬

‫‪65‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 66‬للتنمية الثقافية‬

‫شكل رقم ‪5‬‬ ‫‪ %‬القيمة املضافة للصناعات التحويلية يف الناتج القومي احمللي‪2008 ،‬‬ ‫‪% 25‬‬

‫‪% 20‬‬

‫‪% 15‬‬

‫‪% 10‬‬ ‫‪%5‬‬

‫الجزائر‬

‫السعودية‬

‫لبنان‬

‫سوريا‬

‫‪%0‬‬ ‫المغرب‬

‫تونس‬

‫مصر‬

‫األردن‬

‫‪ - 2‬وضع الصناعات العربية‬ ‫واستيعابها لإلبداع‬

‫املصدر‪ :‬مؤشرات ‪ :UNDP/POGAR‬اإلحصاءات العربية ‪.2008‬‬ ‫إنتاجية العمالة العربية يف الصناعات التحويلية‬

‫جدول رقم ‪15‬‬

‫إنتاجية العمالة تعبرّ عن متوسط نصيب العامل من القيمة املضافة للصناعات التحويلية باألسعار‬ ‫الثابتة للدوالر األمريكي لعام ‪2000‬‬ ‫البلد‬

‫‪2001‬‬

‫‪2007‬‬

‫قطر‬ ‫اإلمارات العربية املتحدة‬ ‫األردن‬ ‫فلسطني‬ ‫اليمن‬ ‫اجلمهورية العربية السوريا‬ ‫تونس‬ ‫السودان‬

‫‪33, 608‬‬

‫‪203, 117‬‬

‫‪8, 983‬‬

‫‪17, 561‬‬

‫‪50, 940‬‬ ‫‪6, 828‬‬ ‫‪6, 085‬‬ ‫‪2, 708‬‬

‫‪11, 493‬‬ ‫‪6, 407‬‬

‫العام الدولي‪ ،‬وتأتي هذه الدول يف مراتب‬ ‫متأخرة حتى مقارنة بدول مماثلة مثل ماليزيا‬ ‫وتركيا (الشكل رقم ‪.)6‬‬ ‫• تظهر مؤشرات االسترياد للبنك الدولي‬ ‫الصادرة العام ‪ 2008‬تنامي االسترياد يف الدول‬ ‫العربية كافة مقارنة بك ّل الدول األخرى‪ ،‬وبشكل‬ ‫مما يدل على أن‬ ‫خاص يف الدول النفطية‪ّ ،‬‬ ‫القطاعات اإلنتاجية يف الدول العربية ما زالت‬ ‫غري قادرة على النمو مبا جياري زيادة الطلب‬ ‫احمللّي على خمتلف السلع االستهالكية‪ ،‬حتى‬ ‫يف جمال السلع التقليدية ذات التكنولوجيا‬ ‫املستقرة‪.‬‬

‫‪125, 263‬‬ ‫‪13, 990‬‬ ‫‪12, 126‬‬ ‫‪11, 045‬‬ ‫‪9, 851‬‬

‫‪6, 588‬‬

‫املصدر‪ :‬اإلحصاءات الصناعية للبلدان العربية ‪ ،2007 – 2001‬جلنة األمم املتحدة االقتصادية‬ ‫واالجتماعية لغرب أسيا‪ ،‬األسكوا واملنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين‬

‫تتميّز الصناعات التنافسية يف العامل‬ ‫بتح ّوهلا إىل اقتصاد املعرفة من جهة‪ ،‬وبرتكيز‬ ‫يف االستثمارات املدعومة ملواجهة االحتباس‬ ‫احلراري ومواجهة األزمة املالية العاملية من‬ ‫جهة أخرى‪ .‬ومن مسات هذه الصناعات عالية‬ ‫التنافسية ما يلي‪:‬‬ ‫• كثافة مدخالت املعرفة واإلبداعات عالية‬ ‫القيمة املضافة؛‬ ‫• جتاوب متسارع مع متطلبات السوق‬ ‫العاملية ورغبات املستهلكني‪ ،‬ومع حوافز‬ ‫بالتوجه‬ ‫مواجهة األزمة املالية وتلك املرتبطة ّ‬ ‫العاملي ملواجهة إشكاالت االحتباس احلراري‬ ‫وبشكل خاص يف صناعات الطاقة البديلة‪.‬‬ ‫• حسن إعداد املوارد البشرية الوطنية‬ ‫واستيعابها‪ ،‬والقدرة على استقطاب االستثمارات‬ ‫واملوارد املالية والتكنولوجية احمللية والعاملية‪.‬‬ ‫وتكشف مؤشرات االقتصاد العاملي أن‬ ‫األزمة املالية العاملية قد أ ّدت إىل تراجع عاملي‬

‫‪ 61‬لقد خصصت معظم الدول الصناعية‪ ،‬مبا يف ذلك الواليات املتحدة وأوروبا والصني‪ ،‬مبئات مليارات الدوالرات لالستثمار يف الطاقة‬ ‫املتجدّدة‪ ،‬من مراحل البحث والتطوير إىل مراحل الدعم املباشر لنواجتها وحتويلها إىل طاقة كهربائية‪ ،‬كما تشري إىل ذلك ك ّل التقارير‬ ‫العلمية الدورية حول الطاقة‪.‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫شكل رقم ‪6‬‬ ‫‪Denmark‬‬ ‫‪Iceland‬‬ ‫‪China‬‬ ‫‪Untied Kingdom‬‬ ‫‪France‬‬

‫‪10‬‬ ‫‪Hong Kong‬‬

‫‪improvement‬‬

‫‪Italy‬‬ ‫‪Greece‬‬

‫‪ 2-2‬السياسات الوطنية المحفزة‬

‫يرتبط جناح عمليات التنمية بسياسات‬ ‫وطنية واضحة لتحفيز اإلبداع واالستثمار‬

‫‪8‬‬

‫‪UAE‬‬

‫‪7‬‬ ‫‪Ukraine‬‬

‫‪Bahrain‬‬

‫‪Kuait‬‬

‫‪Argentina‬‬

‫‪6‬‬

‫‪Jordan‬‬ ‫‪Jamica‬‬ ‫‪Lebanon‬‬ ‫‪China‬‬ ‫‪Malaysia‬‬ ‫‪Moldova‬‬ ‫‪Vensuela‬‬ ‫‪Ecuador‬‬ ‫‪Vietnam‬‬ ‫‪Egypt, Arab Rep.‬‬ ‫‪Middle East and North Africa‬‬ ‫‪Indonisua‬‬ ‫‪Morocco‬‬ ‫‪Kenya‬‬ ‫‪Tunisia‬‬ ‫‪Syrian Arab Rep‬‬ ‫‪Yaman‬‬

‫‪5‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪Most Recent‬‬

‫إن دراسة متأنية لنمو االستثمارات الصناعية‬ ‫العربية تشري إىل أن االجتاهات احلالية هلذه‬ ‫االستثمارات ما زالت حذرة وتقليدية يف قطاعات‬ ‫مضمونة الربح‪ .‬وهي ختتلف بشكل جذري عن‬ ‫التوجهات السائدة لالستثمارات اإلبداعية يف‬ ‫االقتصاد العاملي‪ .‬فعلى الرغم من الرتاجع‬ ‫النسيب يف مداخيل النفط والغاز يف سنوات‬ ‫ما بعد األزمة املالية العاملية‪ ،‬نتيجة اخنفاض‬ ‫الطلب العاملي‪ ،‬ما زالت معظم الدول النفطية‬ ‫العربية متتلك إمكانات مالية ضخمة؛ وما زالت‬ ‫االستثمارات الرأمسالية العربية املرتاكمة‬ ‫كبرية يف ك ّل من القطاع اخلاص والقطاع‬ ‫العام‪ .‬لكن االستثمارات العربية حافظت‬ ‫على توجهها األساسي حنو االستثمارات يف‬ ‫البنى التحتية بالنسبة إىل القطاع العام‪ ،‬ويف‬ ‫اجملاالت مضمونة املردود الرحبي بالنسبة إىل‬ ‫القطاع اخلاص‪ ،‬مع جتنب واضح لالستثمارات‬ ‫يف الصناعات اإلبداعية‪ ،‬بل حتى يف صناعات‬ ‫الطاقة البديلة إالّ بشكل حمدود‪.‬‬

‫‪9‬‬

‫‪Slovak Republic‬‬ ‫‪Lithuania‬‬

‫‪61‬‬

‫‪ 1 - 2‬إسهام االستثمار في الطاقة‬ ‫النظيفة‬

‫البحث العلمي‬

‫يف االستثمار يف معظم الصناعات واخلدمات‬ ‫للسنوات ‪ ،2010 - 2008‬ما عدا يف صناعات‬ ‫الطاقة البديلة واملتج ّددة اليت حافظت نسبياً‬ ‫على استمراريتها نتيجة احلوافز الضخمة اليت‬ ‫ّ‬ ‫خصصتها الدول الصناعية والصني والهند لتلبيّ‬ ‫التزاماتها يف ختفيف انبعاثات غازات االحتباس‪.‬‬ ‫وهلذا تتوسع بشكل كبري االستثمارات يف الطاقة‬ ‫الشمسية وطاقة الرياح‪ ،‬ولدرجة أقل يف الطاقة‬ ‫النووية ويف خدمات ترشيد الطاقة ‪.‬‬

‫مؤشر اقتصاد املعرفة‬ ‫(مقارنة أحدث املعطيات مع العام ‪)2005‬‬

‫‪3‬‬ ‫‪Angola‬‬

‫‪2‬‬

‫‪Bangladesh‬‬

‫‪regression‬‬

‫‪Ethiopia‬‬

‫‪1‬‬ ‫‪0‬‬

‫‪10‬‬

‫‪8‬‬

‫‪9‬‬

‫‪7‬‬

‫‪6‬‬

‫‪5‬‬

‫‪4‬‬

‫‪3‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪0‬‬

‫‪2005‬‬ ‫املصدر‪ :‬مؤشرات البنك الدولي – ‪KAM، 2010‬‬

‫‪http://info.worldbank.org/etools/kam2/KAM_page7.asp; Accessed on 9/5/2010‬‬

‫مؤشر التنافسية املسؤولة يف الدول العربية ‪2009‬‬

‫جدول رقم ‪16‬‬

‫تشري هذه املؤشرات إىل املمارسات املسؤولة يف األعمال واليت ترتبط بقوة بالقدرة التنافسية‬ ‫والتنمية البشرية والتجديد اإلبداعي وبشكل أقل باألداء البيئي‪.‬‬ ‫‪Responsible competitiveness index‬‬

‫الرتتيب‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪14‬‬

‫البلد‬ ‫اإلمارات‬ ‫قطر‬ ‫الكويت‬ ‫لبنان‬ ‫البحرين‬ ‫عمان‬ ‫األردن‬ ‫مصر‬ ‫تونس‬ ‫السعودية‬ ‫املغرب‬ ‫اجلزائر‬ ‫سوريا‬ ‫اليمن‬

‫‪67‬‬

‫الرتتيب‬ ‫‪64.3‬‬ ‫‪64.1‬‬ ‫‪63‬‬ ‫‪62.5‬‬ ‫‪62.1‬‬ ‫‪60.8‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪59.4‬‬ ‫‪58.6‬‬ ‫‪58.3‬‬ ‫‪57.9‬‬ ‫‪57.3‬‬ ‫‪56.9‬‬ ‫‪54.3‬‬

‫املصدر‪ :‬مؤشرات البنك الدولي‬ ‫‪Responsible Competiveness in the Arab World, 2009‬‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 68‬للتنمية الثقافية‬

‫وتشجيع التصنيع‪ ،‬ومحاية حقوق املبدعني‬ ‫واملستثمرين من رجال األعمال املبادرين‬ ‫وجهودهم ومواردهم‪ ،‬وذلك بسبب طول الفرتة‬ ‫الزمنية اليت يستلزمها أي إبداع لالنتقال من‬ ‫مرحلة الفكرة الواعدة إىل االندماج االقتصادي‬ ‫املربح يف اجملتمع‪.‬‬ ‫إطار رقم ‪11‬‬

‫وتأخذ السياسات احملفزة صوراً متع ّددة‬ ‫ومتنوعة ترتبط بالسمات الوطنية احمللية‪ ،‬كما‬ ‫تراعي الظروف الدولية‪ ،‬مبا يف ذلك قواعد‬ ‫منظمة التجارة العاملية اليت قد متنع الدعم‬ ‫املباشر للصناعات الوطنية‪ .‬ومن سياسات‬ ‫الدعم املعتمدة يف الكثري من الدول‪ ،‬والغائبة‬

‫إطار رقم ‪12‬‬

‫استثمار الطاقة الشمسية‬

‫تزداد احلاجة إىل الطاقة الكهربائية بشكل خاص يف الدول العربية كافة‪ ،‬وبوترية‬ ‫متصاعدة‪ ،‬بسبب الزيادة السكانية‪ ،‬ونتيجة حتسن القدرة الشرائية واالستهالكية‬ ‫للمواطن العربي‪ .‬ومن املفيد اإلشارة إىل املخططات العاملية لالستفادة من حزام‬ ‫الشمس يف املنطقة العربية‪ ،‬مثل مشروعات ‪ Desertec‬واملخطط الشمسي للمتوسط‬ ‫خصصت مئات مليارات الدوالرات لالستفادة من هذه الطاقة على امتداد العقود‬ ‫اليت ّ‬ ‫القادمة‪ .‬وقد أخذ بعض الدول العربية يسعى لالستفادة من االستثمارات العاملية يف‬ ‫صناعات الطاقة البديلة‪ ،‬وبشكل خاص املغرب اليت أعلنت عن خطة عمل مفصلة‬ ‫للطاقة املتجددة تبلغ قيمتها أكثر من عشرين مليار دوالر على مدى عشر سنوات‪،‬‬ ‫مت ّول من مصادر خمتلفة مبا يف ذلك البنك الدولي واالحتاد األوروبي إىل جانب‬ ‫القطاع اخلاص‪ .‬وتتض ّمن هذه اخلطة برامج لتدريب القوى املاهرة الوطنية على البحث‬ ‫والتطوير يف صناعات الطاقة املستدامة وحتلية املياه‪ ،‬وإدارة هذه الربامج‪ .‬كما يتض ّمن‬ ‫ربطاً كهربائياً مع أوروبا لتصدير فائض الكهرباء إليها‪ .‬وهنالك مشروعات مماثلة يف‬ ‫اجلزائر‪ ،‬خصوصاً يف حاسي مراح‪ ،‬حيث أقيمت مشروعات مشرتكة بني شركات وطنية‬ ‫جزائرية وشركات أملانية إلنتاج الطاقة الكهربائية‪ ،‬باستخدام خمتلط للغاز اجلزائري‬ ‫وبعض الطاقة الشمسية يف مرحلة أوىل‪ ،‬على أن تكون املراحل التالية للطاقة الشمسية‬ ‫بالكامل‪ .‬وتتض ّمن هذه املشروعات املشرتكة االستفادة من جزء من الطاقة املولدة لتحلية‬ ‫املياه‪ ،‬وإقامة شبكة ربط كهربائي لتصدير بعض الطاقة املولدة يف اجلزائر إىل أملانيا؛‬ ‫كما تتض ّمن بنا ًء للقدرات البشرية اجلزائرية لتتولىّ مهمات متزايدة يف هذه املشروعات‬ ‫املشرتكة‪ ،‬مبا يف ذلك مراحل البحث والتطوير واإلبداع التكنولوجي والصناعي‪ .‬أخرياً‬ ‫هنالك مشروعات يف الطاقة الشمسية وطاقة الرياح يف مصر مماثلة ملا هو يف املغرب‬ ‫واجلزائر‪ .‬إال أن الرتكيز على التجديدات اإلبداعية يف ك ّل هذه املشروعات ما زال يف‬ ‫بداياته‪.‬‬ ‫وتتض ّمن مشروعات الطاقة الشمسية يف دول املغرب العربي‪ ،‬ومثيالتها اليت خيطط‬ ‫هلا يف عدد من الدول العربية املشرقية‪ ،‬مثل مصر واألردن واململكة العربية السعودية‬ ‫واإلمارات العربية املتحدة وقطر‪ ،‬استثمارات يف حمطات مزدوجة اهلدف لتوليد الكهرباء‬ ‫ويف الوقت نفسه لتحلية املياه الستخدامات خمتلفة؛ كما تتض ّمن بناء قدرات بشرية وطنية‬ ‫توجه لالستفادة من‬ ‫لتطوير تقنيات حتلية املياه وحتسينها ورفع كفاءتها‪ .‬ويف هذا بدايات ّ‬ ‫السوق العربية الواسعة يف هذه اجملاالت‪ .‬وال ب ّد من اإلشارة إىل مبادرة مدينة مصدر‬ ‫يف أبو ظيب اليت تتض ّمن معهداً مص ّدراً للعلم والتكنولوجيا للبحث والتطوير واإلبداع يف‬ ‫إنتاج الطاقة النظيفة لتشمل الحقاً إقامة صناعات تبنى على نواتج املعهد واالستثمار فيها‬ ‫لنقلها إىل مراحل اإلنتاج والتصنيع والقيمة االقتصادية املرحبة بالتشارك مع شركات‬ ‫عربية وأجنبية‪.‬‬ ‫‪62‬‬

‫‪63‬‬

‫‪64‬‬

‫إعداد القدرات البشرية والتكنولوجية‬ ‫العربية يف جمال الطاقة النووية‬

‫شهدت مشروعات الطاقة الذرية فرتة ازدهار على الصعيد‬ ‫العاملي يف مطلع الستينيات من القرن املاضي تلتها فرتة ركود‪،‬‬ ‫وتراجع بعد حادث ّي ثري ميل أيلند يف الواليات املتحدة وتشرنوبل‬ ‫يف االحتاد السوفياتي السابق‪ ،‬نتيجة التخوف الشديد من املخاطر‬ ‫البيئية والصحية اليت تنتج عن أ ّي حادث يف مفاعل نووي‪ .‬وقد‬ ‫عاد االهتمام بهذه الطاقة يف مطلع العام ‪ 2008‬عندما وصل سعر‬ ‫برميل النفط إىل ما يزيد على ‪ 150‬دوالراً‪ .‬وتشهد سوق إنتاج‬ ‫الطاقة الكهربائية من الطاقة النووية منواً ملحوظاً حالياً‪ .‬إال أن‬ ‫نسبة هذه الطاقة ما زالت تراوح حول ‪ % 18‬من جممل إنتاج‬ ‫الكهرباء على الصعيد العاملي‪.‬‬ ‫ومؤخراً أبدى معظم الدول العربية اهتماماً بالطاقة النووية‪،‬‬ ‫وبشكل خاص إمكانات إقامة حمطات نووية مزدوجة لتوليد‬ ‫الكهرباء ولتحلية املياه‪ .‬وقد عقد املؤمتر العربي األول حول آفاق‬ ‫توليد الكهرباء وإزالة ملوحة مياه البحر بالطاقة النووية يف تونس‪،‬‬ ‫يف شهر يونيو‪/‬حزيران ‪ 2010‬وكان من أه ّم توصياته‪:‬‬ ‫• تنفيذ برامج تدريبية وتعليمية وإعداد دراسات حول ك ّل ما‬ ‫يتعلق بإقامة احملطات النووية‪.‬‬ ‫• وضع اسرتاتيجية عربية واضحة لقضايا الطاقة الذرية‪ ،‬مبا‬ ‫يف ذلك إنتاج الكهرباء وحتلية املياه‪ ،‬قبل البدء بإقامة حمطات‬ ‫نووية‪.‬‬ ‫• تشجيع التعاون العربي الدولي‪ ،‬وبشكل خاص يف تنمية القدرات‬ ‫العربية ونقل التكنولوجيا‪.‬‬ ‫• االهتمام املسبق بقضايا البنى التحتية الوطنية والعربية‬ ‫املتعلقة بالطاقة النووية‪.‬‬ ‫تنطلق هذه التوصيات من تقييم موضوعي ملختلف برامج‬ ‫التكنولوجيا النووية العربية القائمة حالياً‪ ،‬فقد ّ‬ ‫مت التأكيد على ح ّق‬ ‫الدول العربية يف امتالك وتطوير القدرات البشرية والتكنولوجية‬ ‫لالستعماالت السلمية للطاقة النووية‪ ،‬وإقامة البنى التحتية‬ ‫األساسية على أن يلي ذلك إعداد دراسات اجلدوى االقتصادية‬ ‫والتكنولوجية املتعلقة بإقامة حمطات نووية لتوليد الكهرباء أو‬ ‫لتحلية املياه‪.‬‬

‫‪Mediterranean Solar Plan, Desertec Homepage: www.dii-eumena.com 62‬‬ ‫‪Global Arab Network, November 2009 and June 2010; www.globalarabnetwork.com 63‬‬ ‫‪Accessed on: 11/2009 & 6/2010‬‬ ‫‪Masder Homepage: www.masdar.ae 64‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫االقتصادي واجملتمعي‪.‬‬

‫البحث العلمي‬

‫إىل درجة كبرية يف معظم الدول العربية‪ ،‬ما‬ ‫يلي‪:‬‬ ‫• اإلنفاق على القسم األكرب من مراحل ‪ 3 - 2‬احتياجات السوق العربية‬ ‫تبينّ دراسات تط ّور عمليات التصنيع يف‬ ‫البحث والتطوير‪ ،‬وعلى إعداد املوارد البشرية‪،‬‬ ‫سواء من خالل التعليم مبراحله كافة أم من خمتلف الدول الصناعية والنامية‪ ،‬أن جناح‬ ‫املخصصة لرفع كفاءة إدماج مستجدات التكنولوجيا يف قطاعات‬ ‫خالل الدورات التدريبية ّ‬ ‫العاملني وحتديث معارفهم النظرية والعملية اإلنتاج واخلدمات (خصوصاً اإلبداعات احمللية)‬ ‫وتهيئتهم الستيعاب املستجدات اإلبداعية‪ .‬من يرتكز على مدى تلبية هذه اإلبداعات الحتياجات‬ ‫ذلك مث ًال‪ ،‬اسهام الدولة بنسبة عالية من السوق احمللية أوالً‪ ،‬وتالياً الحتياجات أسواق‬ ‫تكاليف مساح املصانع "للمتدربني الشباب" التصدير‪ .‬فوجود سوق حملية تتمتّع بقوة‬ ‫بالتد ّرب العملي فيها‪ ،‬ويف مراحل متع ّددة من شرائية كافية يسمح للمنتَج اإلبداعي باكتساب‬ ‫الثقة واملوارد‪ ،‬والنجاح احمللي اقتصادياً‬ ‫مسريتهم التعليمية والعملية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫• استخدام القوة الشرائية للدولة وجمتمعيا حيقّق مكاسب رحبية متنامية‪ ،‬مبا‬ ‫املؤسسة الصناعية من االستمرار ويس ّهل‬ ‫ومؤسساتها‪ ،‬خباصة القطاع العسكري واألمين‪ ،‬مي ّكن ّ‬ ‫ ّ‬ ‫لتوسيع الطلب على املستجدات اإلبداعية تصدير منتجها الحقاً‪.‬‬ ‫هلذا ال ب ّد أوالً من حتديد االحتياجات‬ ‫الوطنية‪ ،‬وزيادة استخداماتها يف السوق احمللية‪.‬‬ ‫وإقامة آليات لدعم االستثمارات اإلبداعية اجملتمعية ذات األولوية يف اإلبداع واالستثمار‪،‬‬ ‫طويلة األمد تراعي الظروف املالية الصعبة وبشكل خاص‪ ،‬حتديد االحتياجات واسعة‬ ‫اليت قد مت ّر بها هذه االستثمارات يف مراحلها الطلب اليت قد ال تلبيها املستجدات العاملية‬ ‫بشكل مباشر وكاف‪ .‬ومن هذه الفرص املتاحة‬ ‫األوىل‪ ،‬واليت قد متت ّد لسنوات ع ّدة‪.‬‬ ‫• إقامة صناديق ائتمان ملساندة الصادرات عربيا‪ً:‬‬ ‫• سوق تقنيات وصناعات حتلية املياه‪ ،‬حيث‬ ‫للنواتج اإلبداعية‪ ،‬وبشكل خاص لتسهيل توفري‬ ‫موارد مالية لعمليات التصدير اليت قد يتأخر تشكل دول اخلليج العربية سوقاً ضخمة قد تكون‬ ‫مردودها املالي كثرياً‪ ،‬وإقامة صناديق رأس األوىل واألوسع عاملياً‪ ،‬ومتثل إمكانات هامة‬ ‫املال املبادر وتأمينه ضد املخاطر غري املتوقعة‪ .‬للتجديد اإلبداعي يف هذه التقنيات‪ .‬وتتوسع‬ ‫كما جتدر اإلشارة إىل أن هذه التوجهات هذه السوق عاملياً مع زيادة الطلب على املياه‬ ‫قد انتشرت يف الدول الصناعية ويف العديد من العذبة وتقلص مصادرها‪.‬‬ ‫• استثمار مصادر جديدة للطاقة غري‬ ‫الدول النامية‪ ،‬إالّ أن غالبية الدول العربية مل‬ ‫تسع بعد إىل بلورة سياسات وطنية صناعية األحفورية (الطاقة الشمسية والطاقة النووية)‬ ‫عملية واضحة طويلة األمد للتنمية اإلبداعية يف مشروعات حتلية مياه البحر وتلبية الطلب‬ ‫املستقبلية‪ .‬وحتى يف بعض الدول اليت صاغت املتزايد على الطاقة الكهربائية يف ك ّل الدول‬ ‫مثل تلك السياسات‪ ،‬مبا يف ذلك اخلطط العربية‪ ،‬وحتى النفطية منها‪.‬‬ ‫• صناعة الغذاء يف مراحلها كافة وتن ّوع‬ ‫التنموية الدورية‪ ،‬فإن آليات التنفيذ الفعلي‬ ‫ملثل تلك اخلطط ما زالت دون الفعالية املرجوة نواجتها‪ .‬فالدول العربية تستورد معظم‬ ‫القادرة على حتقيق اخرتاقات مثمرة يف الوضع احتياجاتها من نواتج الصناعات الغذائية‬

‫‪69‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 70‬للتنمية الثقافية‬

‫ث ّمة فرص متاحة وذات أولوية في‬ ‫اإلبداع واالستثمار عربياً‪ ،‬منها سوق‬ ‫تقنيات وصناعات تحلية المياه‪ ،‬حيث‬ ‫تش ّكل دول الخليج العربية سوقاً ضخمة‬ ‫قد تكون األولى واألوسع عالمياً‪ ،‬واستثمار‬ ‫مصادر جديدة للطاقة غير األحفورية‬ ‫(الطاقة الشمسية والطاقة النووية) في‬ ‫مشروعات تحلية مياه البحر وتلبية الطلب‬ ‫المتزايد على الطاقة الكهربائية في ك ّل‬ ‫الدول العربية‪ ،‬وحتى النفطية منها‪،‬‬ ‫وصناعة الغذاء في مختلف مراحلها وتن ّوع‬ ‫نواتجها‪..‬‬

‫بنسب تتجاوز ‪ % 70‬يف أغلب‬ ‫واخلليج‪ .‬وتزداد نسبة االسترياد بوترية‬ ‫عالية مع الزيادة السكانية السريعة وحتسن‬ ‫القدرة الشرائية للمواطن العربي‪ .‬وتشمل‬ ‫هذه الصناعات اليت تتضمن إمكانات واسعة‬ ‫للتجديد اإلبداعي احمللي‪ :‬حتديد معايري‬ ‫ضبط اجلودة واحرتام النوعية‪ ،‬حفظ‬ ‫اإلنتاج الزراعي بالتعليب أو التربيد‪ ،‬والتعبئة‬ ‫والتغليف والنقل (مبا يف ذلك النقل املربد)‪،‬‬ ‫وكذلك تقانات الر ّي احلديثة واحتياجاتها‬ ‫الصناعية املختلفة‪.‬‬

‫يف صناعات النفط والغاز والطريان وحتلية‬ ‫املياه‪.‬‬ ‫ومن التجارب الالفتة يف هذا اجملال أيضاً‬ ‫اتفاقيات بناء السفن بني دولة اإلمارات‬ ‫وشركات فرنسية متعاقدة للتسليح‪ .‬وقد أقيمت‬ ‫يف اإلمارات مصانع لتجميع اهلليكوبرتات‬ ‫ألغراض عسكرية ومدنية‪ ،‬من خالل شركة‬ ‫أبو ظبي لتكنولوجيا صناعة الطائرات‪ .‬كذلك‬ ‫ميكن ذكر التاريخ القديم للصناعات احلربية‬ ‫املصرية (والعراقية)‪ ،‬على الرغم من أن‬ ‫تأثري هذه الصناعات على تشجيع التجديدات‬ ‫اإلبداعية يف الصناعات املدنية بقيت حمدودة‬ ‫جداً‪.‬‬

‫تستفيد مشروعات التسليح العربية‬ ‫ومشروعات التجهيزات األمنية من موازنات‬ ‫حكومية ضخمة ترتكز بالكامل تقريباً على‬ ‫االسترياد‪ .‬وقد بدأ بعض الدول العربية برامج‬ ‫متع ّددة لالستفادة من مشروعات التسليح يف‬ ‫دعم الصناعات الوطنية من خالل مشروعات‬ ‫التوازن‪ .‬ففي السعودية ‪ّ ،‬مت االتفاق مع شركة‬ ‫جنرال إلكتريك على إقامة صناعات حملية‬ ‫إلنتاج توربينات ذات جودة عاملية‪ ،‬وتطوير‬ ‫املهارات والقدرات الوطنية‪ ،‬مبا يف ذلك‬ ‫التدريب املستمر يف املعامل وبرامج البحث‬ ‫والتطوير بهدف زيادة القيمة املضافة حملياً‬ ‫وزيادة مشاركة املوارد البشرية الوطنية على‬ ‫املستويات كافة‪ .‬ويتض ّمن هذا االتفاق أيضاً‬ ‫إقامة مصانع حملية إلنتاج توربينات ذات‬ ‫حمرك العنفات وحمركات الضغط واملضخات‪،‬‬ ‫مع كامل التطبيقات املمكنة هلذا اإلنتاج يف‬ ‫القطاعني العام واخلاص يف اململكة‪ ،‬مبا يف ذلك‬

‫‪ 5 - 2‬دور الّلغة المشتركة‬

‫دول املشرق‬

‫‪ 4 - 2‬إسهام االستثمار في البحوث‬ ‫العسكرية‬

‫تستورد الدول العربية معظم‬ ‫احتياجاتها من نواتج الصناعات الغذائية‬ ‫بنسب تتجاوز ‪ % 70‬في أغلب دول‬ ‫المشرق والخليج‪ ،‬وتزداد نسبة االستيراد‬ ‫بوتيرة عالية مع الزيادة السكانية السريعة‬ ‫وتحسن القدرة الشرائية للمواطن‬ ‫العربي‪ .‬وتشمل هذه الصناعات التي‬ ‫تتض ّمن إمكانات واسعة للتجديد اإلبداعي‬ ‫المحلي‪ :‬تحديد معايير ضبط الجودة‬ ‫واحترام النوعية‪ ،‬حفظ اإلنتاج الزراعي‬ ‫بالتعليب أو التبريد‪ ،‬والتعبئة والتغليف‬ ‫والنقل‪ ،‬وكذلك تقانات الر ّي الحديثة‬ ‫واحتياجاتها الصناعية المختلفة‪..‬‬

‫‪65‬‬

‫‪66‬‬

‫يف مراجعة لتاريخ عمليات التصنيع يف‬ ‫خمتلف الدول املتقدمة والنامية‪ ،‬يتبّني أن من‬ ‫العوامل املؤثّرة بشكل حاسم يف جناح عملية‬ ‫التصنيع تنامي ثقافة علمية ولغة تقنية مشرتكة‬ ‫تشمل العاملني كافة يف جمال اإلبداع ويف‬ ‫اجملتمع‪ .‬إن من شأن تنامي لغة علمية مشرتكة‬ ‫بني األطراف ذات املصلحة يسهل تبلور آليات‬ ‫عملية فاعلة يف نقل املعرفة (املولدة حملياً أو‬ ‫املستوردة)‪ ،‬إذ يصبح من األسهل "التفاهم"‬ ‫بني األطراف املختلفة حول مضمون "املنتج‬ ‫أو اخلدمة" والفوائد اجملتمعية واالقتصادية‬ ‫املرجوة؛ كما تسهل هذه الّلغة املشرتكة التفاهم‬ ‫حول السمات التقنية والعلمية ذات العالقة‪.‬‬ ‫هلذا توسعت اجملتمعات العلمية واإلنتاجية يف‬ ‫املؤسسات واجلمعيات‬ ‫الدول الصناعية يف إقامة ّ‬ ‫املتخصصة ويف عقد املؤمترات واملعارض‪ ،‬ليس‬ ‫ّ‬ ‫بهدف توسيع املعارف التقنية فقط‪ ،‬ولكن أيضاً‬ ‫‪67‬‬

‫‪Global Arab Network, May 2010; www.globalarabnetwork.com; Accessed 5/2010 65‬‬ ‫‪Global Arab Network, May 2010; www.globalarabnetwork.com; Accessed 5/2010 66‬‬ ‫‪Scientific Culture and the Making of the Industrial West; Margaret C. Jacob; 1997, Oxford University Press 67‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫األردن‬ ‫أسس هيئة‬ ‫أسس األردن هيئة الطاقة الذرية عام ‪ ،2007‬بعد تعديل قانون الطاقة النووية ليتض ّمن عدداً من قضايا األمن واألمان النوويّني‪ .‬كما ّ‬ ‫ّ‬ ‫مستقلة للرقابة والتشريعات النووية‪ .‬وتدرس اهليئة حالياً ‪ 3‬عروض لبناء احملطة النووية األوىل لتوليد الكهرباء على أن يعلن اختيار الشركة املنفذة‬ ‫مع نهاية عام ‪ .2010‬كما يع ّد األردن اتفاقية مفصلة مع الواليات املتّحدة تتضمن قضايا البنى التحتية واللوجستية للطاقة النووية‪ ،‬مبا يف ذلك‬ ‫ختصيب اليورانيوم الطبيعي إىل مرحلة استخدامه كوقود يف احملطة النووية‪ .‬واملشروع األول الذي بوشر به يف جامعة العلوم والتكنولوجيا هو مفاعل‬ ‫أحباث من نوع الربكة املفتوحة بسعة ‪ 5‬ميغاوات ميكن زيادتها يف املستقبل إىل ‪ 10‬ميغاوات‪.‬‬ ‫اإلمارات العربية املتحدة‬ ‫ّ‬ ‫مت توقيع اتفاقيات تعاون مع الواليات املتحدة تلزم اإلمارات بعدم القيام بأ ّي عمليات حتويلية على مادة اليورانيوم‪ ،‬سواء التخصيب أم معاجلة الوقود‬ ‫أجنبية‬ ‫شركات‬ ‫إىل‬ ‫بذلك‬ ‫يعهد‬ ‫أن‬ ‫على‬ ‫املشعة‪،‬‬ ‫النفايات‬ ‫معاجلة‬ ‫أم‬ ‫املنضب‬ ‫متخصصة‪ .‬ويف العام ‪ 2009‬أصدرت دولة اإلمارات القانون املتعلق‬ ‫ّ‬ ‫بالطاقة الذرية‪ ،‬مبا يف ذلك إقامة السلطة االحتادية للتشريعات واإلجراءات وللمراقبة وضبط ك ّل األنشطة النووية يف الدولة‪ .‬نهاية العام ‪2009‬‬ ‫أنشأت هيئة احتادية هي شركة اإلمارات للطاقة النووية لإلشراف على تنفيذ األنشطة النووية كافة‪ ،‬مبا يف ذلك إقامة حمطات توليد الطاقة‪ .‬كما‬ ‫أنشأت اإلمارات صندوق التخلص من املنشآت النووية املنتهية صالحيته‪ ،‬لتضمن توفّر األموال للتخلص من ك ّل النفايات املشعة‪ ،‬والسيما عند انتهاء‬ ‫صالحية املفاعالت النووية لتوليد الكهرباء بعد ‪ 60‬عاماً من تشغيلها‪.‬‬ ‫اجلزائر‬ ‫متتلك اجلزائر خامات اليورانيوم الطبيعي مبا يقدر بـ ‪ 56,000‬طن ميكن استغالهلا جتارياً ولكنها تفتقر للقدرات العلمية لتخصيب هذا اليورانيوم‪،‬‬ ‫باإلضافة إىل مفاعلني لألحباث‪ .‬مؤخراً أعلنت اجلزائر عن برنامج لبناء حمطات إلنتاج الكهرباء بواسطة الطاقة النووية (األوىل يف العام ‪.)2020‬‬ ‫املغرب‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ميتلك املغرب خامات الفوسفات اليت تتض ّمن نسبا جتارية من اليورانيوم الطبيعي‪ ،‬وقد وقعت الشركة الفرنسية أريفا عقدا لالستفادة من هذه‬ ‫املوارد الطبيعية‪ ،‬كما أعلن املغرب عن نيته إقامة حمطات نووية لتوليد الكهرباء‪ ،‬على أن تكون األوىل يف الفرتة ‪ .2024 – 2022‬بينما جيري العمل‬ ‫حالياً على بناء مفاعل لألحباث بقدرة ‪ 2‬ميغاوات من نوع ‪ Triga‬قرب مدينة الرباط ‪ .‬كما باشر املغرب بإقامة البنى التحتية الضرورية‪ ،‬مبا يف ذلك‬ ‫املتخصصة‪.‬‬ ‫التشريعات وإقامة هيئات األمان النووي والوقاية من اإلشعاع وإعداد املوارد البشرية ّ‬ ‫السعودية‬ ‫أعلن الربنامج الوطين النووي يف ربيع العام ‪ 2010‬ومن ضمنه إقامة مدينة امللك عبداهلل للطاقة النووية والطاقات املتج ّددة‪ ،‬وميتد الربنامج إىل‬ ‫حواىل ‪ 20‬سنة‪ ،‬ويتض ّمن دراسة إمكانات إقامة خمابر وحمطات لتخصيب األورانيوم الطبيعي املتوفر يف اململكة بكميات جتارية إىل الدرجات الكافية‬ ‫لالستفادة منه كوقود يف حمطات الطاقة النووية‪ .‬كما ّ‬ ‫مت اختيار الشركة الفنلندية ‪ Pory‬كشركة استشارية للمساعدة يف إعداد دراسات اجلدوى‬ ‫االقتصادية والتقنية ملختلف مراحل إقامة حمطة نووية إلنتاج الكهرباء‪ ،‬على أن تشمل أيضاً ما يلزم من برامج إعداد الكوادر البشرية السعودية‬ ‫اليت ستزيد نسبتها يف خمتلف مراحل الربنامج‪.‬‬ ‫مصر‬ ‫ّ‬ ‫مت اختيار الشركة األسرتالية ‪ Worley Passons‬لالستشارات التقنية‪ ،‬للمساعدة يف ك ّل مراحل إنشاء حمطة نووية إىل مراحل تشغيلها وإدارتها‪ .‬كما‬ ‫املؤسسات املصرية حتديث الدراسات السابقة‪ ،‬مبا يف ذلك دراسات خمتلف املواقع املقرتحة‪ ،‬خصوصاً موقع الضباع غرب اإلسكندرية كأول‬ ‫أجنزت‬ ‫ّ‬ ‫موقع مفضل إلقامة حمطة نووية لتوليد الكهرباء‪ .‬بدأت مصر بإيفاد بعثات من اخلرباء للتدرب على خمتلف اجملاالت واألنشطة النووية للمشاركة‬ ‫يف تسلم خمتلف مراحل إدارة وتشغيل احملطات النووية املنوي إقامتها العام ‪ ،2025‬وهي ‪ 4‬حمطات بطاقة إمجالية تصل إىل ‪ 4,000‬ميغاوات‪ ،‬على‬ ‫أن يبدأ تشغيل احملطة األوىل العام ‪.2019‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫البحث العلمي‬

‫إطار رقم ‪13‬‬

‫االستثمارات العربية احلالية يف تطوير إنتاج الكهرباء من الطاقة الذرية‬

‫‪71‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 72‬للتنمية الثقافية‬

‫بهدف تطوير شبكات تواصل وبلورة لغة علمية‬ ‫وتقنية مشرتكة‪ .‬ومن املؤسف اإلشارة إىل ندرة‬ ‫املؤمترات العلمية والصناعية اليت تنظم بالّلغة‬ ‫العربية‪ ،‬وكذلك إىل ندرة املعارض التقنية‬ ‫ذات املستوى عالي اإلبداع يف البلدان العربية‪.‬‬ ‫كذلك ال ب ّد من اإلشارة هنا إىل أن انتشار "لغة‬ ‫علمية مبسطة" يف اجملتمع يكون فاع ًال يف تزايد‬ ‫وعي املواطن العادي باملستجدات التكنولوجية‬ ‫وفوائدها‪ ،‬كما يسهل استيعاب العمالة ملتطلبات‬ ‫هذه املستجدات ويسهل تدريبها على متطلباتها‪.‬‬ ‫‪ 6 - 2‬االندماج في شبكات اإلنتاج‬ ‫واإلبداع العالمية‬

‫إن التطور املتسارع يف االقتصاد العاملي‬ ‫وتنامي انتشاره‪ ،‬وبالتالي عوملة عمليات االبتكار‬ ‫والتجديد اإلبداعي واإلنتاج‪ ،‬تطرح فرصاً واعدة‬ ‫ملعظم الدول النامية اليت مل تصل بعد إىل مراحل‬ ‫متقدمة يف عملية التصنيع‪ .‬وتتمثل هذه الفرص‬ ‫بشكل أساسي يف دخول هذه الدول يف سلسلة‬

‫شبكات‬

‫اإلنتاج‬

‫العاملية‪Internationally‬‬

‫‪.Integrated Production Networks‬‬ ‫ويكون هذا الدخول عادة يف مراحلها األوىل‪،‬‬ ‫حيث القيمة املضافة متدنية‪ ،‬ثم السعي للوصول‬ ‫إىل مراتب هذه الشبكات لتزداد القيمة املضافة‬ ‫احمللية‪/‬الوطنية‪ .‬وقد سارت يف هذا الطريق دول‬ ‫نامية كانت إىل فرتة قريبة متخلفة يف مراحل‬ ‫التصنيع‪ ،‬مثل منور الشرق األقصى‪ ،‬تلتها بعد‬ ‫ذلك دول مثل ماليزيا واندونيسيا واليت تعد‬ ‫اآلن يف طليعة الدول حديثة التصنيع‪.‬‬ ‫وتلعب الشركات الكربى متع ّددة اجلنسيات‬ ‫دوراً حامساً يف شبكات اإلنتاج واإلبداع العاملية‪،‬‬ ‫ويف إدماج الدول النامية يف خمتلف مراحل‬ ‫اإلبداع واإلنتاج‪ ،‬بدءاً من إقامة مواقع جتميع‬ ‫للمنتج النهائي‪ ،‬حيث القيمة املضافة احمللية‬ ‫تكون حمدودة وتكاد تنحصر يف اليد العاملة‬

‫الرخيصة‪ ،‬وصوالً إىل إقامة خمابر متقدمة‬ ‫للتجديد اإلبداعي والبحث والتطوير ذات القيمة‬ ‫املضافة العالية واليت تسعى الشركات الكربى‬ ‫من خالهلا إىل االستفادة من املوارد الوطنية‬ ‫عالية الكفاءة ولكن ذات التكلفة األقل مقارنة‬ ‫مبثيالتها يف الدول الصناعية‪ .‬واملبدأ املعتمد يف‬ ‫هذه الشبكات العاملية هو وفق التسلسل التالي‪:‬‬ ‫التقليد‪ ،‬فالتجديد اإلبداعي فاالخرتاع ثم‬ ‫االندماج‪.‬‬ ‫وتعتمد مرتبة الدول النامية‪ ،‬ومنها الدول‬ ‫العربية‪ ،‬يف تسلسل االندماج بنظم اإلبداع‬ ‫واإلنتاج العاملية على العديد من العوامل‪ ،‬أهمها‪:‬‬ ‫مهارة املوارد البشرية الوطنية املتوفرة وتكلفتها‪،‬‬ ‫وتوفر البنى التحتية املتقدمة واكتماهلا وتكلفتها‪،‬‬ ‫وخصوصاً شبكات تكنولوجيا االتصاالت‬ ‫واملعلومات‪ ،‬وأخرياً سالمة البيئة اجملتمعية‬ ‫العامة والضمانات اليت تتوفر للمستثمرين‬ ‫ومؤسسات اخلدمات واإلنتاج اإلبداعية الوطنية‬ ‫ّ‬ ‫أو األجنبية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ومن العوامل املؤثرة يف هذا اجملال صيغ‬ ‫العقود اليت تقيمها الدول النامية مع الشركات‬ ‫العاملية الكربى السترياد التكنولوجيا يف عمليات‬ ‫التصنيع‪ .‬وإىل فرتة قريبة‪ ،‬كانت معظم الدول‬ ‫العربية تعتمد على أسلوب استرياد التكنولوجيا‬ ‫بصيغة "املفتاح باليد" ‪ ،Turn Key‬حيث‬ ‫القيمة املضافة احمللية متدنية جداً ألن‬ ‫الشركات املوردة تتولىّ املشروع من األلف إىل‬ ‫الياء‪ ،‬من دون أ ّي مدخل وطين‪ ،‬والسيما من‬ ‫املختصة اليت ميكن أن تكتسب‬ ‫املوارد البشرية ّ‬ ‫اخلربة الالزمة لضمان استمرار املشروع‬ ‫وتطويره وحتديثه‪ .‬إال أن بعض الدول العربية‬ ‫بدأت تتجاوز ببطء مثل هذا الصيغ‪ ،‬وأخذت‬ ‫تفرض بنوداً يف خمتلف العقود تؤ ّكد على‬ ‫ضرورة الزيادة املتنامية للمدخالت الوطنية يف‬ ‫عمليات اإلنتاج احمللية‪ ،‬سواء يف تدريب املوارد‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫الخاتمة‬

‫يقاس اإلبداع يف أ ّي بلد بعدد براءات‬ ‫االخرتاع اليت تسجل ملواطنيه ومبدى اخرتاق‬ ‫نواتج هذا اإلبداع إىل خمتلف قطاعات اإلنتاج‬

‫البحث العلمي‬

‫البشرية وحتديث معارفها أم يف إقامة وحدات‬ ‫للبحث والتطوير واإلبداع أو تصنيع بعض‬ ‫املك ّونات حملياً‪ .‬وأبرز مثل على هذه التجارب‬ ‫يف الدول العربية هي "قوانني التوازن" ‪Off-‬‬ ‫‪ Set‬اليت بدأت دول اخلليج تعتمدها منذ عقود‬ ‫وتسعى من خالهلا إىل إعادة توظيف نسبة‬ ‫من استثمارات استرياد التكنولوجيا حملياً مبا‬ ‫يتض ّمن زيادة املدخالت الوطنية وتدريب القوى‬ ‫البشرية‪ ،‬خباصة يف عقود التسلّح العسكري‬ ‫والتجهيز األمين‪.‬‬

‫واخلدمات‪ ،‬حبيث تنتشر فوائدها على أوسع‬ ‫نطاق ممكن من شرائح اجملتمع‪ .‬وتتو ّزع‬ ‫جماالت التجديد اإلبداعي عاملياً إىل نواتج‬ ‫مراكز البحث والتطوير العلمية‪ ،‬والتجديدات‬ ‫يف أساليب اإلدارة والتطبيقات العملية‪،‬‬ ‫واالخرتاعات الفريدة اليت قد ينجزها أفراد‬ ‫مبدعون‪ .‬ويف التقييم األولي هلذه املبادرات‪،‬‬ ‫اليت تستحق أحياناً الثناء والتقدير‪ ،‬يبدو جلياً‬ ‫املؤسسات العربية املعنية بتطوير الصناعة‬ ‫أن ّ‬ ‫اإلبداعية مل تستطع بعد حتقيق إجنازات تتعلق‬ ‫بتنمية مق ّومات اإلبداع الوطين وحتويله إىل‬ ‫قيمة فاعلة‪ ،‬ويف نقل التجديد اإلبداعي واالبتكار‬ ‫إىل احلياة االقتصادية‪ ،‬على الرغم من احلاجة‬ ‫املاسة والتحديات االقتصادية والبيئية والغذائية‬ ‫اليت يواجهها العامل العربي‪.‬‬

‫‪73‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 74‬للتنمية الثقافية‬

‫المؤسسية الجديدة لبناء القدرات العلمية العربية‬ ‫البنى‬ ‫ّ‬ ‫التميز”‬ ‫“حدائق التقنية ومراكز‬ ‫ّ‬

‫على الرغم من أن الدول العربية لم‬ ‫تشرع في بناء قدراتها الذاتية العلمية‬ ‫والتقنية منذ أمد بعيد‪ ،‬إال أنها حققت‬ ‫قدراً ملموساً من اإلنجازات‪ ..‬فهي موطن‬ ‫لعديد من المعاهد الجامعية ومراكز‬ ‫البحث التي ق ّدمت جهود العاملين‬ ‫فيها نتائج مفيدة‪ ،‬والسيما في مجاالت‬ ‫الزراعة وإنتاج األغذية والمياه والبيئة‬ ‫ومعالجتها‪..‬‬

‫سبل مبتكرة لحل معضالت التنمية‬

‫شهدت العقود القليلة املاضية‪ ،‬وما زال العامل‬ ‫يشهد‪ ،‬تقدماً مل يسبق له نظري يف فروع العلم‬ ‫والتقنية متيّز بعمق واتساع رقعة آثاره ومشل‬ ‫سائر جوانب احلياة االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬ ‫وطرح احتدام التنافس املستند إىل املعارف‬ ‫العلمية والتقنية اجلديدة مقروناً بنشوء سوق‬ ‫عاملية مفتوحة ما ش ّكل حتديات جسيمة أمام‬ ‫املؤسسات التقليدية اليت رعت يف املاضي ك ّل ما‬ ‫ّ‬ ‫يتعلق بتوليد املعارف العلمية والتقنية ونشرها‬ ‫واستثمارها‪ ،‬من جامعات ومراكز للبحث‬ ‫التوجه‬ ‫وللبحث والتطوير أحياناً‪ .‬وقد أ ّدى هذا ّ‬ ‫املؤسسية‬ ‫إىل بروز أمناط جديدة من البنى ّ‬ ‫للعلوم والتقنية‪ ،‬كحدائق ومدن العلم والتقنية‪،‬‬ ‫املؤسسية النمطية على‬ ‫لتكون "أقدر" من البنى ّ‬ ‫توليد معارف علمية متميّزة لغايات حم ّددة‪ ،‬من‬ ‫ضمن آليات متكاملة تتضمن نشرها وتطويعها‬ ‫ومن ثم استثمارها يف منتجات وعمليات مبتكرة‬ ‫يف صميم قطاعات اإلنتاج واخلدمات‪ .‬وقد‬ ‫أطلقت خالل النصف الثاني من القرن املاضي‬ ‫مبادرات عديدة لبناء القدرات العلمية والتقنية‬ ‫تستند إىل هذه البنى املستحدثة‪ .‬تركزت بداية‬ ‫يف الدول املتقدمة ثم انتشرت يف الكثري من‬ ‫الدول النامية والساعية حنو التصنيع‪.‬‬ ‫املؤسسية اجلديدة يف البعض‬ ‫وتستند البنى ّ‬ ‫من جوانبها إىل مكونات كانت قائمة يف السابق‪،‬‬

‫من جامعات ومعاهد للتعليم العالي والتدريب‬ ‫املهين وخمابر أحباث‪ .‬لكنها تفرتض يف الوقت‬ ‫ذاته مراجعة ألمناط إدارة هذه املكونات وآليات‬ ‫تواصلها‪ .‬كما تتض ّمن البنى املؤسسية اجلديدة‬ ‫مكونات مستحدثة من أبرزها مراكز التميّز‬ ‫وحاضنات التقنية ‪.‬‬ ‫يشري كثري من الدالئل إىل تزايد وعي‬ ‫حكومات الدول العربية بضرورة تبنيّ سبل‬ ‫مبتكرة ملقاربة معضالت التنمية وحتديات‬ ‫املستقبل‪ .‬وعلى الرغم من أن الدول العربية مل‬ ‫تشرع يف بناء قدراتها الذاتية العلمية والتقنية‬ ‫منذ أمد بعيد‪ ،‬إال أنها حققت قدراً ملموساً‬ ‫من اإلجنازات‪ .‬فهي موطن لعديد من املعاهد‬ ‫اجلامعية ومراكز البحث‪ ،‬ق ّدمت جهود العاملني‬ ‫فيها نتائج مفيدة يف جماالت من أبرزها ما‬ ‫يتعلّق بالزراعة وإنتاج األغذية واملياه والبيئة‬ ‫ومعاجلتها‪.‬‬ ‫وملشروعات صياغة السياسات الوطنية‬ ‫للعلم والتقنية آثار مباشرة وغري مباشرة‬ ‫على ما حققته الدول العربية وما ختطط له‬ ‫من مبادرات ترمي لالرتقاء بقدراتها العلمية‬ ‫والتقنية‪ .‬وال ريب أن العديد من املبادرات‬ ‫اليت تشهدها اليوم دول يف مشرق العامل‬ ‫العربي ومغربه هي مثار الوعي الذي ولّدته‬ ‫السياسات الوطنية بأهمية املدخالت العلمية‬ ‫والتقنية يف بلوغ أهداف التنمية‪ .‬إال أن الدالئل‬ ‫‪1‬‬

‫املؤسسية‬ ‫‪ 1‬وال ريب أن انتشار هذه املبادرات على حنو واسع وسريع نسبياً قد أدّى إىل التباسات ما تزال ماثلة اليوم‪ .‬فقد تعطى البنى ّ‬ ‫املتشابهة أمساء خمتلفة‪ .‬بينما قد يستخدم املصطلح الواحد يف اإلشارة إىل مبادرات ختتلف عن بعضها اختالفات جوهرية‪.‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫البحث العلمي‬

‫تشري إىل ضرورة استكمال ومراجعة سياسات‬ ‫واسرتاتيجيات العلم والتقنية يف الدول العربية‬ ‫مستجدات ما برحت تظهر على‬ ‫لتتماشى مع‬ ‫ٍ‬ ‫أصعدة شتى؛ سياسية واجتماعية واقتصادية‪.‬‬ ‫وال ب ّد من استقراء اخلربات اليت بدأت ترتاكم‬ ‫املؤسسية‬ ‫لديها يف تشييد واستثمار البنى ّ‬ ‫اجلديدة اليت سبق ذكرها‪ .‬واستثمار الدروس‬ ‫املستخلصة إلثراء سياسات واسرتاتيجيات‬ ‫العلم والتقنية‪ ،‬والتنمية االقتصادية‪ ،‬بعامة‪ً.‬‬ ‫املؤسسية‬ ‫إذ يعود البطء يف استحداث البنى ّ‬ ‫اجلديدة والنجاح احملدود الذي أحرزه بعضها‬ ‫والفشل يف إقالع بعضها اآلخر بالسياسات اليت‬ ‫ّمت تبنيها واالسرتاتيجيات اليت يت ّم تنفيذها‬ ‫ين ومنها‬ ‫على صعد شتى منها العلم ّي والتق ّ‬ ‫االقتصاد ّي واالجتماع ّي‪.‬‬ ‫يتناول هذا الفصل منطني من البنى‬ ‫املؤسسية اجلديدة استحدثا يف كثري من دول‬ ‫العامل؛ هما حدائق العلم والتقنية ومراكز‬ ‫التميّز‪ .‬ويرت ّكز اهتمام الفصل على هذين‬ ‫النمطني ألسباب عديدة؛ من أهمها أنهما‬ ‫ناال يف السنوات القليلة املاضية قسطاً كبرياً‬ ‫من االهتمام يف معظم دول العامل‪ .‬ومن جهة‬ ‫ثانية فإن حدائق التقنية ومراكز التميّز‪،‬‬ ‫ومؤسساتها‬ ‫أقرب مناالً جلميع الدول العربية ّ‬ ‫اجلامعية والبحثية‪ .‬ومن املمكن إن أُحسن‬ ‫تصميمها وأفلحت إدارتها أن تسهم يف إحراز‬ ‫الكثري من غايات سياسات التنمية العلمية‬ ‫والتقنية الوطنية‪ .‬ويتطرق هذا الفصل بإجياز‬ ‫حلاضنات التقنية اليت تش ّكل مك ّونات أساسية‬ ‫يف مراكز التميز وحدائق التقنية‪ .‬كما يستعرض‬ ‫الفصل املبادرات الرامية إلحداث مراكز التميّز‬ ‫وحدائق التقنية يف الدول العربية حيثما توافرت‬

‫املعلومات املناسبة حوهلا‪ .‬ويشار حيثما أمكن‬ ‫ذلك إىل مبادرات ما زالت قيد الدرس ومل‬ ‫تسفر لآلن عن نتائج على أرض الواقع ‪ .‬ويتناول‬ ‫الفصل كذلك أبرز املسائل املتعلقة بالتخطيط‬ ‫املؤسسية اجلديدة‪.‬‬ ‫لتشييد البنى ّ‬ ‫‪2‬‬

‫مؤسسات العلم‬ ‫‪ - 1‬أنماط جديدة من ّ‬ ‫والتقنية‬

‫مؤسسية مستحدثة تتض ّمن مراكز‬ ‫تسمح بنى ّ‬ ‫التميّز البحثي وحدائق العلم والتقنية باستثمار‬ ‫املوارد املتاحة على حنو أكثر فعالية‪ .‬وحتفز‬ ‫حدائق التقنية عمليات التجديد واالبتكار من‬ ‫خالل الربط بني البحوث األساسية والتطبيقية‪،‬‬ ‫مؤسسات‬ ‫من جانب أول‪ ،‬وبينها وبني أنشطة ّ‬ ‫األعمال املعنيّة بالتصميم واإلنتاج والتسويق‪،‬‬ ‫ثان‪ ،‬مع ما يتض ّمن ذلك من إجراء‬ ‫من جانب ٍ‬ ‫البحوث التطبيقية اليت تع ّد ضرورية لرتمجة‬ ‫املفاهيم العلمية اجلديدة إىل منتجات أو‬ ‫عمليات إنتاجية أو أطر لتقديم خدمات تقنية‬ ‫مستحدثة‪ ،‬من املمكن تطبيقها جتارياً‪ ،‬إذ‬ ‫ومؤسسات األعمال‬ ‫يساعد وجود فعاليات البحث ّ‬ ‫املعنيّة بالتصميم واإلنتاج والتسويق‪ ،‬يف موقع‬ ‫مؤسسية مؤاتية‪ ،‬تفاعلها‬ ‫واحد ومن ضمن أطر ّ‬ ‫وفقاً لنماذج الخطية تعبرّ إىل حدود أبعد عن‬ ‫آليات للتغيري التقين تتجاوز النماذج اخلطية‬ ‫اليت سادت يف ما مضى‪ .‬حبيث يتسنّى استثمار‬ ‫العديد من الروابط والطروحات النامجة عن‬ ‫أنشطة التجديد التقين و االبتكار(اإلطار ‪.)14‬‬ ‫ولقد ابت ِك َرت مصطلحات عديدة يشار خالهلا‬ ‫املؤسسية اليت أحدثت خالل العقود‬ ‫إىل البنى ّ‬ ‫املاضية‪ .‬فيشري مصطلح القطب التقني مث ًال‪،‬‬ ‫إىل جممعات صناعية تستند إىل التقنيات‬ ‫‪3‬‬

‫‪ 2‬يعود هذا إىل ش ّح املعلومات عن هذه املبادرات يف بعض األحيان‪ ،‬وخصوصاً عندما تكون يف طور الدراسة أوالتصميم‪ .‬كما أن استحداث‬ ‫معظم ما هو متاح من معلومات من املصادر املعهودة؛ كمواقع اجلامعات املعنيّة ومراكز التميّز اليت تديرها وحدائق التقنية على شبكة‬ ‫اإلنرتنت ال يت ّم بوترية مقبولة يف أغلب األحيان‪.‬‬ ‫‪ 3‬قطب تقان ّي ‪Technopole‬‬

‫‪75‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 76‬للتنمية الثقافية‬

‫إطار رقم ‪14‬‬

‫النموذج الالخطي للتغيري التق ّ‬ ‫ين‬

‫تعاظم الوعي يف ستينيات وسبعينيات القرن العشرين بوجود تناقضات ضمن النموذج اخلطي املعتمد‬ ‫لتمثيل التغيري التقين‪ .‬إذ تبني أن املكاسب االقتصادية واجملتمعية النامجة عن املدخالت املستحدثة‬ ‫أثناء العمر الفعال لتقنية إنتاجية أو خدمية معيّنة كثرياً ما توازي املنافع املتحققة من استثمار تقنيات‬ ‫جديدة ك ّل اجل ّدة‪ .‬وحبلول مثانينيات القرن املاضي أضحت نظريات التجديد التقين تنظر إليه على‬ ‫املؤسسات املعنيّة واملستثمرين ضمن أطر ناظمة‬ ‫أنه عملية الخطية متصلة؛ تتأثر بأفعال وردود أفعال ّ‬ ‫الستثمار التجديد التقين‪ ،‬من تشريعات وعالقات تعاقدية وفرص منظورة أو متوقعة لتطبيقات‬ ‫مستقبلية‪ .‬ومينح النموذج اجلديد للتجديد التقين الدور الذي يلعبه مستثمرو التقنيات اجلديدة أهمية‬ ‫مما منحه النموذج التقليدي‪ .‬فمن املنظور التقليدي كان مستثمر التقنية اجلديدة يعترب جمرد‬ ‫أكرب ّ‬ ‫مستقبل‪ ،‬ج ُّل ما يتسنى له انتقاء التقنية من بني ما يطرح يف السوق من بدائل‪ .‬بينما يقوم ُمنتجو‬ ‫التقنية أو مط ّوروها بالدور األساس‪ .‬إال أن التحليل املعمق لتجارب التجديد التقين عرب عقود طويلة‬ ‫بينّ أن مستخدمي التقنية كثرياً ما يقومون بأدوار هامة يف جممل عمليات التجديد التقين‪ .‬وأن هذا‬ ‫الدور ال يقتصر على املراحل األوىل اليت تنطوي على انتقاء التقنية اجلديدة املعروضة يف السوق‪ .‬بل‬ ‫يتعدى ذلك فيتناول مرحلتني أساسيتني يف التغري التقين‪ ،‬وهما تصميم املنشآت اإلنتاجية أو اخلدمية‬ ‫اجلديدة اليت تستثمر التقنيات املستحدثة‪ ،‬ثم إدماج هذه التقنيات يف نظم اإلنتاج وتأمني اخلدمات‬ ‫املؤازرة‪ .‬إذ توضح جتربة العقود املاضية أن املستثمر النشط للتقنيات احلديثة كثرياً ما يقوم بدور‬ ‫فاعل يف هاتني املرحلتني‪ .‬حيث يستفيد من جتارب جمموعة متن ّوعة من الشركات‪ ،‬ومو ّردي املواد‬ ‫األولية واملعدات وبيوت اخلربة اهلندسية وخرباء اإلدارة‪ .‬كما يوظف خرباته اخلاصة يف التعامل‬ ‫مع التقنيات اليت ّ‬ ‫مت استبداهلا يف ما مضى من خالل عمليات سابقة للتغيري التقينّ‪ .‬وأصبح من‬ ‫الواضح أن "مستخدمي" التقنية يلعبون دوراً مهماً يف توفري تيار منتظم بشكل أو بآخر من االبتكارات‬ ‫يتجاوز جمرد تدبري االستثمار الرأمسالي‪ .‬وخالل املراحل األخرية من توظيف التقنيات اجلديدة‬ ‫يستفيد مستثمروها من مدخالت يستمدونها من مصادر خارجية إىل جانب مصادر ذاتية‪ ،‬حبيث‬ ‫يؤ ّدي التفاعل بني املستثمر النشط للتقنية اجلديدة واملوردين اخلارجيني للمعرفة التقنية دوراً ذا أهمية‬ ‫خاصة كمح ّرك للتغيري التقين‪.‬‬ ‫وباإلضافة إىل ذلك‪ ،‬ونظراً ألن التغيري التقين ينطوي على قدر كبري من التعقيد‪ ،‬فإن النجاح يتطلّب‬ ‫املؤسسات واألفراد املعنيّني من دون عوائق تقلّص من‬ ‫اعتماد أساليب كفوءة لتدفق املعلومات بني ّ‬ ‫فعالية العملية أو تزيد تكلفتها‪ .‬ويؤكد هذا احلاجة إىل توثيق الروابط بني جانيب العرض والطلب يف‬ ‫ومؤسسات اإلنتاج والتسويق‪،‬‬ ‫عمليات التغيري التق ّ‬ ‫ين وإحداث صالت متينة بني خمترب البحث والتطوير ّ‬ ‫من ناحية‪ ،‬وعالقات متينة مع مصادر املعارف التقنية األساسية والتطبيقية‪ ،‬من ناحية أخرى‪ .‬وإذا‬ ‫كانت ردود األفعال الواردة من جانب اإلنتاج والتسويق ذات أهمية إلدخال حتسينات إضافية على‬ ‫ّ‬ ‫الالخطي للتجديد التقينّ‪ ،‬فإن العمليات اليت تنطوي‬ ‫التصميم واإلنتاج والتسويق‪ ،‬كما يتطلّب النموذج‬ ‫مما يدعم‬ ‫على جتديد تقين جذر ّي حتتاج إىل روابط أقوى مع مصادر املعارف األساسية والتطبيقية‪ّ .‬‬ ‫ين ونشره‪.‬‬ ‫يف نهاية املطاف تبنيّ حدائق ومدن وأقطاب التقنية إلحداث التغيري التق ّ‬

‫اجلديدة وتربط بني أنشطة البحث والتطوير‬ ‫واإلنتاج الصناعي‪ .‬وغالباً ما يستخدم هذا‬ ‫املصطلح يف اإلشارة إىل جتمعات ظهرت تلقائياً‪،‬‬ ‫أي من دون ختطيط مسبق‪ ،‬جبوار معاهد جامعية‬

‫ومراكز للبحث يُشهد هلا بالتفوق يف جمال معينّ‬ ‫من جماالت العلم والتقنية؛ كحال القطب‬ ‫التقين املدعو "الطريق ‪ "128‬بالقرب من مدينة‬ ‫بوسطن‪ .‬وقد تتعاون احلكومات مع الشركات‬ ‫الكربى يف إنشاء األقطاب التقنية‪ ،‬اليت تتخذ يف‬ ‫كثري من األحيان طابعاً ختصصياً‪ .‬واملثال األبرز‬ ‫التخصصية هي تلك اليت شيّدتها‬ ‫على األقطاب ّ‬ ‫صالت متينة بني أنشطة التعليم‬ ‫النمسا لتحقيق ٍ‬ ‫العالي والتدريب التخصصي والبحث العلمي‬ ‫والتطوير التقين والصناعة وقطاع األعمال ‪.‬‬ ‫شاع استخدام مصطلح "حديقة" أو "واحة"‬ ‫العلم والتقنية اليت جتمع األنشطة البحثية‬ ‫والتعليمية والتدريبية والصناعية واخلدمية يف‬ ‫موقع جغرايف واحد‪ .‬وذلك حبيث يسهل تبادل‬ ‫املؤسسات اليت تعمل من‬ ‫اخلربات والتعاون بني ّ‬ ‫ضمنها‪ .‬ومن الوظائف الرئيسة حلدائق التقنية‬ ‫مؤسسات‬ ‫تقديم الدعم لعمليات نقل التقنية إىل ّ‬ ‫األعمال‪ ،‬ودعم مهاراتها التنافسية‪ .‬واألمثلة‬ ‫على حدائق التقنية كثرية‪ .‬منها حديقة‬ ‫املختصة بتطبيقات التقنية يف‬ ‫كمبريدج للعلم ّ‬ ‫قطاع الرعاية الصحية وعلوم احلياة ‪ .‬وحتتوي‬ ‫حدائق العلم والتقنية يف معظم األحيان شركات‬ ‫تستند أعماهلا إىل التجديد املبين على تقنيات‬ ‫مستحدثة وخمابر للبحث والتطوير وفعاليات‬ ‫ملؤسسات األعمال‬ ‫تعليمية وتدريبية وحاضنات ّ‬ ‫الناشئة ‪.‬‬ ‫ويفرتض أن توفر حدائق العلم والتقنية بيئة‬ ‫ملؤسسات األعمال اليت ترتكز أنشطتها‬ ‫جذابة ّ‬ ‫اإلنتاجية واخلدمية ضمن جماالت تقنية يتسم‬ ‫التطور فيها بسرعة إيقاعه‪ .‬وتتطلّب بالتالي‬ ‫‪4‬‬

‫‪5‬‬

‫‪6‬‬

‫‪ 4‬حيث أنشئ قطب كرمز تقين للعمل يف أحباث التقنية احليوية وأحد جماالت الطب احلديث الطب التجديدي؛ يسعى إىل إعادة توليد النسج البيولوجية‪ .‬وقطب تولن التقين الذي يهدف‬ ‫إىل توظيف التقنية احليوية يف رعاية البيئة ويف الزراعة‪ .‬وقطب فينر نويشتات الذي خيتص يف مضمار هندسة النظم امليكروية وتقنيات النظم الطبية‪.‬‬ ‫‪ 5‬انظر موقع حديقة العلم يف كامربيدج على املوقع‪ّ .www.cambridge-science-park.com :‬‬ ‫مت االطالع على هذا املوقع يف أيار‪/‬مايو ‪.2010‬‬ ‫مما يؤدي إىل تصنيف احلدائق أيضاً حبسب مكوناتها واجملاالت اليت تنال األولوية يف أنشطتها من ضمن زمر‬ ‫‪ 6‬وهنالك يف الواقع أمثلة عن حدائق ال متتلك مجيع هذه املكونات معاً‪ّ .‬‬ ‫كحدائق العلم وحدائق التقنية وحدائق األحباث وحدائق االبتكار‪ .‬لكن معظم احلدائق جتسد خصائص مستمدة من أكثر من منط تصميمي واحد‪ .‬فهنالك حدائق تقطنها شركات هلا‬ ‫مما يؤهلها أيضاً لتسمية‬ ‫مما يؤهلها لتسمية احلديقة البحثية‪ ،‬لكنها قد تض ّم يف الوقت ذاته شركات تسعى للخروج بابتكارات قد ال تستند إىل أنشطة حبث معمقة‪ّ ،‬‬ ‫توجهات حبثية‪ّ ،‬‬ ‫“حديقة ابتكار‪ ”.‬وكثرياً ما تستخدم املصطلحات‪ :‬حديقة التقنية وحديقة العلم وحديقة االبتكار واحلديقة البحثية على أنها مرادفات الواحدة لألخرى‪.‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪7‬‬

‫العلمية والتقنية والصناعية‪ .‬وحيتوي كثري من‬

‫تجمع "حديقة" أو "واحة" العلم‬ ‫املدن حاضنات ّ‬ ‫ملؤسسات األعمال اليت تستند والتقنية األنشطة البحثية والتعليمية‬ ‫أنشطتها إىل مدخالت علمية وتقنية مكثفة‪ .‬كما والتدريبية والصناعية والخدمية في‬ ‫موقع جغرافي واحد‪ ،‬إذ يس ّهل ذلك تبادل‬ ‫تتضمن عادة مرافق سكنية وترفيهية‪.‬‬ ‫المؤسسات التي‬ ‫ولقد قام البعض من الدول العربية‪ ،‬وعديد الخبرات والتعاون بين ّ‬ ‫تعمل ضمنها‪ ..‬ومن الوظائف الرئيسة‬ ‫من دول العامل النامي بإحداث مدن للعلم لحدائق التقنية تقديم الدعم لعمليات‬ ‫مؤسسات األعمال‪ ،‬ودعم‬ ‫والتقنية‪ .‬فأحدثت السعودية مدينة امللك عبد نقل التقنية إلى ّ‬ ‫العزيز للعلوم والتقنية يف مثانينيات القرن مهاراتها التنافسية‪ ،‬واألمثلة على حدائق‬ ‫ّ‬ ‫التقنية كثيرة‪ ،‬منها حديقة كمبريدج‬ ‫المختصة بتطبيقات التقنية في‬ ‫املاضي‪ .‬وتُع ّد مدينة امللك عبد العزيز من للعلم‬ ‫ّ‬ ‫أوىل "مدن العلم والتقنية" يف املنطقة‪ .‬لكن قطاع الرعاية الصحية وعلوم الحياة‪..‬‬

‫النظر إىل مهامها وما قامت به من أنشطة‬ ‫يف ما مضى ال يؤيّد اعتبارها مدينة للعلم‬ ‫والتقنية وفقاً للتعاريف الدولية الراهنة‪ .‬فهي‬ ‫مؤسسات القطاع العام‪ ،‬تتضمن‬ ‫مؤسسة من ّ‬ ‫ّ‬ ‫جانباً فقط من املك ّونات األساسية ملدن العلم‬ ‫والتقنية‪ ،‬إذ حتتوي معاهد للبحث وحمطات‬ ‫للدراسات احلقلية‪ ،‬تشارك من خالهلا بتوليد‬ ‫املعارف العلمية والتقنية‪ .‬كما تسهم أيضاً‬ ‫بعدد من األنشطة الرامية إلعداد سياسات‬ ‫واسرتاتيجيات العلم والتقنية الوطنية‪ .‬وتدير‬ ‫برامج اخلطة الوطنية للعلوم والتقنية املك ّرسة‬ ‫لدعم أنشطة البحث والتطوير يف اململكة‪.‬‬ ‫املخصصة لتنفيذ هذه اخلطط على‬ ‫وتو ّزع املنح ّ‬ ‫جامعات اململكة‪ .‬أي أنها تقوم مقام هيئة وطنية‬ ‫عليا لدعم البحث العلمي والتطوير التقينّ‪ ،‬ال‬ ‫يمُ ثل القطاع اخلاص من ضمن هيكلها‪ .‬إال أن‬ ‫املدينة قامت مؤخراً بإنشاء حاضنة لألعمال‬ ‫وتتّجه اآلن لبناء عالقات وثيقة مع شركاء يف‬ ‫قطاع األعمال الوطين‪.‬‬ ‫وقد أحدثت مصر يف مطلع القرن احلالي‬ ‫مدينة مبارك للبحث العلمي اليت تنتمي إىل‬ ‫اجليل الثاني من مدن العلم والتقنية العربية‪.‬‬ ‫أما مدينة مصدر يف إمارة أبو ظبي (اإلطار ‪)15‬‬

‫دول عربيّة ع ّدة بدأت تشهد قيام‬ ‫مدن العلم والتقنية‪ ،‬فأحدثت السعودية‬ ‫مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية‬ ‫في ثمانينيّات القرن الماضي‪ ،‬كما أحدثت‬ ‫مصر مدينة مبارك للبحث العلمي في‬ ‫مطلع القرن الحالي‪ ،‬وهي تنتمي إلى‬ ‫الجيل الثاني من مدن العلم والتقنية‬ ‫العربية‪ ..‬أما مدينة مصدر في إمارة أبو‬ ‫ظبي فتمثّل جي ً‬ ‫ال متقدماً من مدن التقنية‬ ‫على الصعيد العالمي‪..‬‬

‫مؤسسية لدعم التنمية العلمية والتقنية مصممة أساساً لتتخذ أبعاد “مدينة للعلم والتقنية‪ ”،‬فمن املمكن أن‬ ‫‪ 7‬بينما ميكن أن يتم تشييد بنى ّ‬ ‫تنشأ مثل هذه املدن نتيجة امتداد احلديقة عرب منطقة جغرافية واسعة وأن توسع أنشطتها لتشمل العديد من فروع العلم واجملاالت التقنية‪.‬‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫البحث العلمي‬

‫التواصل املستمر مع املنشآت البحثية‪ .‬وتضع‬ ‫املؤسسات‬ ‫حدائق التقنية معايري حم ّددة النتقاء ّ‬ ‫اليت تستضيفها‪ .‬وقد تض ّم احلدائق شركات‬ ‫ختتص بتقديم املشورة اخلاصة بنقل التقنية‪،‬‬ ‫باإلضافة إىل مشروعات لتأمني اخلدمات‬ ‫ومؤسسات مصرفية ووكاالت حكومية‪،‬‬ ‫األساسية ّ‬ ‫تهتم بقضايا اجلودة ومعايريها‪ .‬وتعترب حدائق‬ ‫العلم والتقنية بصورة عامة أقرب مناالً بالنسبة‬ ‫إىل الدول النامية من مدن العلم والتقنية‪.‬‬ ‫أما مركز‬ ‫التميز البحثي فهو مصطلح‬ ‫ّ‬ ‫يطلق على مراكز األحباث اليت تتوافر لديها‬ ‫كتلة حرجة من الباحثني من مصاف النخبة‬ ‫يف جماالت اختصاصهم‪ ،‬من الذين حققوا‬ ‫إجنازات يشهد بها أقرانهم‪ ،‬من خالل ما‬ ‫قدموا من اسهامات أ ّدت إىل تطوير اجملاالت‬ ‫اليت عملوا ضمنها‪ .‬و تعمل مراكز التميّز عادة‬ ‫يف جماالت تقع عند حدود املعارف العلمية‬ ‫والتقنية‪ ،‬إذ يقصد منها الكشف عن تفاصيل‬ ‫يف جماالت عملها تسمح بتطبيقات جديدة‪ ،‬بل‬ ‫ثورية‪ ،‬للعلم والتقنية ختتلف اختالفاً جذرياً عن‬ ‫التطبيقات املعهودة‪.‬‬ ‫ويستخدم مصطلح "مدن" العلم والتقنية يف‬ ‫اإلشارة لبنى مؤسسية واسعة النطاق‪ ،‬من حيث‬ ‫الرقعة اجلغرافية وجماالت العلم والتقنية اليت‬ ‫تغطيها ‪ .‬ومن األمثلة عنها مدينة تسوكوبا‬ ‫للعلم في اليابان‪ّ .‬‬ ‫وخيطط إلنشاء مدن العلم‬ ‫والتقنية وتدار أنشطتها بغية تقديم الدعم‬ ‫ومؤسسات لألعمال حتتاج أنشطتها‬ ‫لشركات ّ‬ ‫إىل مدخالت علمية وتقنية مكثفة وإىل تواصل‬ ‫مستمر مع مراكز وخمابر البحث والتطوير‬ ‫ومعاهد التعليم العالي والتدريب التخصص ّي‪.‬‬ ‫وتتضمن مدن العلم والتقنية عادة طيفاً عريضاً‬ ‫املؤسسات املؤازرة أو املساندة لألنشطة‬ ‫من ّ‬

‫‪77‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 78‬للتنمية الثقافية‬

‫إطار رقم ‪15‬‬

‫مدينة مصدر يف إمارة أبو ظيب‬

‫تش ّكل مدينة مصدر جم ّمعاً ومق ّراً لتطوير واختبار التقنيات النظيفة ‪ ،‬حيث ستستخدم مصادر الطاقة املتج ّددة فقط لتشغيل مرافقها كافة‪ .‬وتشغل املدينة مساحة ‪6‬‬ ‫كيلومرتات مربعة على بعد ‪ 17‬كيلومرتاً من وسط مدينة أبوظيب‪ .‬بالقرب من مطار أبو ظيب الدولي‪ ،‬وعلى مسافة قصرية نسبياً من جزيرتي السعديات وياس‪ .‬وتعترب‬ ‫موقعاً مثالياً إلجراء أحباث الطاقة النظيفة واختبار التقنيات احلديثة اليت سيت ّم تطويرها إذ تص ّمم املدينة حبيث تكون حيادية الكربون وخالية من النفايات وتضحي‬ ‫أمثولة لدول العامل يف جمال التنمية احلضرية املستدامة باستخدام مصادر الطاقة املتج ّددة‪.‬‬ ‫بدأت أعمال بناء مدينة مصدر سنة ‪ ،2008‬ومن املقرر افتتاح املباني األوىل فيها يف الربع الثالث من سنة ‪ .2010‬وتقدر تكلفة بنائها حبواىل ‪ 22‬مليار دوالر أمريكي‪.‬‬ ‫ومؤسسات األحباث املدينة مقراً لألنشطة البحثية والتجارية‪ .‬فقد جنحت إدارة املدينة باستقطاب عدد من الشركات العاملية‬ ‫ومن املق ّدر أن يتّخذ عديد من الشركات ّ‬ ‫متخصصة بعلوم وتقنيات الطاقة املتج ّددة‪ .‬منها جنرال إلكرتيك اليت انض ّمت إىل مبادرة مصدر كشريك‬ ‫يف جمال الطاقة اليت ستحدث فعاليات حبثية ومراكز متيّز ّ‬ ‫ملؤسسات‬ ‫اسرتاتيجي‪ .‬وشركة شنايدر إلكرتيك اليت ستشيد مركزاً لالبتكار يشمل وحدة لألحباث والتطوير ومركزاً تقنياً للتميّز سري ّكز على اخلروج حبلول مستدامة ّ‬ ‫ين يف جماالت الطاقة املتج ّددة‬ ‫مما سيجعل املدينة مركزاً دولياَ لألحباث وأنشطة التطوير التق ّ‬ ‫األعمال القادرة على تطوير وتوظيف وتعميم تقنيات الطاقة اجلديدة‪ّ .‬‬ ‫وتقنيات التنمية املستدامة‪ .‬وهي اليوم من القطاعات األسرع منواً يف العامل‪.‬‬ ‫مؤسسات األعمال اليت تتخذها مقراً‪ ،‬ولزوارها املناطق اجملاورة‪ .‬ومن املرتقب أن يعيش‬ ‫وسوف توفّر مرافق املدينة السكن للمقيمني فيها من باحثني وعاملني يف ّ‬ ‫ً‬ ‫هؤالء مجيعاً جتربة فريدة من خالل املشاركة الفعلية باختبار االبتكارات التقنية اليت تطورها مراكز األحباث‪ .‬أي أن مدينة مصدر ستكون حقل جتارب فعليّا للمناهج‬ ‫اجلديدة يف التخطيط والتصميم واهلندسة والبناء والتشغيل إلنشاء مدن مستدامة بيئياً‪ .‬حبيث يضحي ما يت ّم تطويره من تقنيات موثوقاً ويسمح بتقليص تكاليف تطوير‬ ‫مدن مستدامة أخرى يف أحناء املنطقة والعامل‪.‬‬ ‫ومدينة مصدر جزء من مبادرة مصدر اليت أطلقتها حكومة إمارة أبو ظيب يف نيسان‪ /‬إبريل سنة ‪ 2006‬بغية تطوير التقنيات واحللول اخلاصة بالطاقة املتج ّددة‬ ‫والنظيفة ومن ثم توظيفها واستخدامها جتارياً‪ .‬وتتألف مصدر من وحدات األعمال التالية‪ ،‬باإلضافة إىل ذراع استثماري تابع هلا‪:‬‬ ‫• وحدة مصدر كربون‪ ،‬اليت ختتص بتحسني كفاءة توليد الطاقة وحتويلها‪ ،‬ومشروعات الوقود املستحاثي النظيف وتقليص انبعاثات الكربون‪.‬‬ ‫املتجددة واالستثمار بنتاجها‪.‬‬ ‫• وحدة مصدر للطاقة‪ ،‬املختصة بإنشاء مشروعات إنتاج الكهرباء من الطاقة ّ‬ ‫• وحدة مصدر للمشروعات املشرتكة اليت تقوم بإدارة صناديق مصدر للطاقة النظيفة‪ :‬وهي جمموعة من االستثمارات املشرتكة ترمي لتأسيس حمافظ استثمارية‬ ‫مباشرة يف تقنيات الطاقة النظيفة واملتج ّددة‪.‬‬ ‫• معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا الذي يعترب أول مؤسسة أكادميية وحبثية تكرس اهتماماتها بصورة تامة لعلوم وتقنيات الطاقة البديلة والتنمية املستدامة‪.‬‬ ‫املتخصصة بالتعاون مع معهد ماساتشوستس للتقنية (‪ .)MIT‬كما سيسعى‬ ‫وسوف مينح معهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا شهادات الدراسات العليا يف األحباث العلمية ّ‬ ‫لتطوير وتقديم برامج دراسية تر ّكز على التعليم والبحث العلمي يف جماالت الطاقة وتقنيات التنمية املستدامة والسياسات اليت حتكم نشرها واستثمارها‪ .‬ومن العناصر‬ ‫البارزة يف رسالة املعهد القيام باألحباث الرائدة واهلادفة إىل تأمني احتياجات اإلنسان من الطاقة يف املستقبل مع االستجابة يف الوقت ذاته لتحديات تغري املناخ‪.‬‬ ‫وتتسق مهام املعهد مع رؤية إمارة أبو ظيب اهلادفة إىل بناء اقتصاد املعرفة‪ .‬وسيمثّل املعهد مركزاً لألفكار اخلالقة ومصدراً لالبتكار والتقنيات احلديثة‪ ،‬حيث سيت ّم‬ ‫تأهيل الطلبة ليصبحوا قادة املستقبل يف جمال الطاقة والتنمية املستدامة‪ .‬ويش ّكل معهد مصدر نواة ملناهج الدراسة متع ّددة األوجه ومركزاً للبحوث املتطورة يف أبوظيب‪،‬‬ ‫مركز رئيسي للتقنيات املتطورة واملوارد البشرية الكفوءة‪ .‬ومن املخطط أن يتعاون معهد مصدر مع معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا‪ ،‬يف‬ ‫سيسهم بتحويل اإلمارة إىل ٍ‬ ‫القيام بأحباث مشرتكة وتطوير الربامج التدريسية وتقييم األطر التدريسية والطلبة‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪9‬‬

‫‪10‬‬

‫فتمثل جي ًال متقدماً من مدن التقنية على الصعيد‬ ‫املؤسسية والوظائف‬ ‫العاملي‪ .‬إذ جتمع البنى ّ‬ ‫كافة اليت يشملها مفهوم مدن العلم والتقنية‪،‬‬ ‫من معهد للعلم والتقنية ومراكز للبحث وفروع‬ ‫ختتص مبجاالت حم ّددة‬ ‫لشركات كربى‪ .‬كما ّ‬

‫املعامل نسبياً من جماالت العلم والتقنية‪ ،‬وتتناول‬ ‫أنشطتها حتديداً أحباث مصادر الطاقة املتج ّددة‬ ‫وترويج تطبيقاتها‪ .‬ويستند جانب من مبادرات‬ ‫املؤسسية اجلديدة يف بعض األحيان إىل‬ ‫البنى ّ‬ ‫مبادرات للتنمية احلضرية‪ ،‬ومثال هذه املبادرات‬ ‫ٍ‬

‫‪ 8‬انظر ‪ّ .http://www.masdar.ae/ar/Menu/index.aspx?MenuID=48&CatID=60&mnu=Cat‬‬ ‫مت االطالع على املوقع يف حزيران‪ /‬يونيو ‪.2010‬‬ ‫‪ 9‬أو ستة ماليني مرت مريع‪.‬‬ ‫‪ 10‬متتلك شركة مبادلة للتنمية مبادرة مصدر وما حتتوي من وحدات‪.‬‬ ‫‪ 11‬يعود هذا إىل ش ّح املعلومات عن هذه املبادرات يف بعض األحيان‪ ،‬خباصة عندما تكون يف طور الدراسة أوالتصميم‪ .‬كما أن استحداث معظم ما هو متاح من معلومات من املصادر‬ ‫املعهودة كمواقع اجلامعات املعنية ومراكز التميّز اليت تديرها وحدائق التقنية على شبكة اإلنرتنت ال يت ّم بوترية مقبولة يف أغلب األحيان‪.‬‬ ‫‪ 12‬يت ّم تشييد مرافق املدينة ضمن حيّز املدينة املنورة لكن خارج الطريق احمللق الثاني‪.‬‬ ‫‪International Association of Science Parks 13‬‬ ‫‪Technology Park 14‬‬ ‫‪ 15‬حديقة األحباث ‪Research Park‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪11‬‬

‫‪12‬‬

‫إطار رقم ‪17‬‬

‫حدائق األحباث والعلم والتقنية‬

‫تستخدم لوصف النماذج املختلفة من حدائق العلم والتقنية تعاريف كثرية متباينة‪ .‬إال أن العديد‬ ‫من احلدائق العاملة يف أحناء العامل تقوم مبهام تعود ألكثر من منط أو صنف من احلدائق‪.‬‬ ‫فكثرياً ما تجُ رى يف حدائق العلوم أنشطة من املفرتض أن تت ّم من ضمن حدائق األحباث أو‬ ‫حدائق التقنية‪ ،‬وبالعكس‪ .‬أي أن التعاريف اليت يق ّدمها هذا اإلطار ال تنطبق حرفياً يف واقع احلال‪.‬‬ ‫حديقة األحباث‪ :‬من أبرز أهدافها توليد وتطويع ونشر املعارف العلمية والتقنية‪ .‬وهلا صالت‬ ‫واملتخصصة وصالت وثيقة كذلك باجلهات الرامية إىل‬ ‫وثيقة باجلامعات ومراكز البحوث الوطنية‬ ‫ّ‬ ‫تسويق خمرجات البحوث‪ .‬وال حتتاج حديقة البحث إىل كثافة مرتفعة من املنشآت قياساً بغريها‬ ‫املؤسسية اجلديدة‪ .‬لكن من الواجب أن يتميّز نتاجها بأصالة احملتوى العلمي‬ ‫من أمناط البنى ّ‬ ‫وحداثة املضمون التقين‪.‬‬ ‫حديقة العلم‪ :‬ترت ّكز مهامها على نقل منتجات البحث اليت تولدها خمابر اجلامعات ومراكز‬ ‫واملتخصصة إىل مراحل مت ّكن من الكشف عن إمكانات تطبيقها‪ .‬ويش ّكل نقل‬ ‫البحث الوطنية‬ ‫ّ‬ ‫وتطوير التقنية وتطوير النماذج اإلرشادية ومناذج التصنيع الكم ّي جوانب مه ّمة من أنشطتها‪.‬‬ ‫ومؤسساتها البحثية‪ ،‬كما تربطها صالت وثيقة أيضاً‬ ‫وترتبط أنشطة حديقة العلوم باجلامعات ّ‬ ‫مبراكز البحوث الوطنية‬ ‫واملتخصصة‪ .‬وتع ّرف رابطة حدائق العلم يف اململكة املتحدة حديقة‬ ‫ّ‬ ‫العلم على أنها "مبادرة رامية لدعم املشروعات التجارية ونقل التقنية تتميّز بأنها‪:‬‬ ‫• تشجع وتدعم إطالق واحتضان املشروعات القائمة على املعارف اجلديدة؛‬ ‫• تهيئ البيئة اليت تسمح للمشروعات األكرب حجماً واملشروعات الدولية بتنمية روابط وثيقة‬ ‫وحم ّددة مع مركز معينّ خللق املعرفة من أجل حتقيق منافع متبادلة؛‬ ‫• تتميّز بصالت رمسية وعالقات عمل مع مراكز توليد املعرفة‪ ،‬مثل اجلامعات ومعاهد التعليم‬ ‫واملؤسسات البحثية‪.‬‬ ‫العالي ّ‬ ‫حديقة التقنية‪ :‬يش ّكل السعي حنو التطبيقات التجارية للتقنيات احلديثة جوهر مهامها‪ .‬وتت ّم‬ ‫ضمنها أعمال البحث التطبيقي اهلادف إىل وسائل مستحدثة إنتاجية أو خدمية‪ .‬وتربطها مبراكز‬ ‫ييسر توضع فعاليات البحث والتطوير‬ ‫البحث واجلامعات صالت قوية‪ ،‬وتتميّز مبناخ ج ّذاب ِّ‬ ‫ومؤسسات القطاع اخلاص احمللية واألجنبية لديها‪.‬‬ ‫والتأهيل املتميّز ّ‬ ‫‪16‬‬

‫‪ - 2‬حدائق العلم والتقنية‬

‫يعترب االحتاد الدولي حلدائق العلم أن‬ ‫مؤسسات تُطلق‬ ‫مصطلح "حديقة العلم" يشمل ّ‬ ‫عليها تسميات عديدة؛ منها "حديقة التقنية"‬ ‫و"حديقة األبحاث‪ ".‬وتشرتك أمناط احلدائق‬ ‫مؤسسات تسعى لزيادة الثروات الوطنية‬ ‫بكونها ّ‬ ‫أو احمللية من خالل تعزيز ثقافة التجديد وبناء‬ ‫‪13‬‬

‫‪14‬‬

‫‪15‬‬

‫يتم اإلعداد إلنشاء مدينة اقتصاد املعرفة ضمن نطاق املدينة املنورة كمشروع من مشروعات‬ ‫القطاع اخلاص؛ يُربز دور املدينة املنورة يف التاريخ اإلسالمي‪ .‬ويخُ ّطط أن تشكل مدينة اقتصاد‬ ‫املعرفة قطباً للسياحة الدينية وموئ ً‬ ‫ملؤسسات‬ ‫املؤسسات التعليمية املتطورة وحمطة ّ‬ ‫ال لعدد من ّ‬ ‫األعمال وأحد حماور النقل العام الوطنية‪ ،‬إذ سينتهي عندها خط السكة احلديدية الذي يت ّم‬ ‫إجنازه لريبط مكة املكرمة وجدة باملدينة املنورة‪.‬‬ ‫املؤسسات التعليمية يف مدينة اقتصاد املعرفة وفقاً ألساليب متقدمة؛ حيث ستتضمن‬ ‫ويت ّم تصميم ّ‬ ‫مدارس "ذكية" ومعاهد جامعية ومهنية تستخدم التقنيات احلديثة يف أعماهلا‪ .‬وستض ّم املدينة‬ ‫مراكز حبث ومكتبة كربى ومرافق متطورة للرعاية الصحية‪ .‬كما خيطط إلنشاء فعاليات الحتواء‬ ‫مؤسسات لألعمال تتّخذ من تقنيات املعلومات واالتصاالت حموراً ألنشطتها‪ .‬وهذا باإلضافة إىل‬ ‫ّ‬ ‫مرافق الضيافة ومعاهد لتدريب العاملني فيها‪.‬‬ ‫ويبلغ رأمسال مشروع مدينة اقتصاد املعرفة ‪ 1.5‬مليار دوالر أمريكي‪ .‬وسيطرح مبلغاً قدره ‪30‬‬ ‫باملئة من رأس املال كأسهم يف الشركة اليت ستمتلك مدينة اقتصاد املعرفة‪ ،‬اليت تعترب من أصغر‬ ‫املدن االقتصادية الست اليت تسعى اململكة جا ّدة إلجنازها‪ ،‬إذ ال تتجاوز مساحتها ‪ 8‬ماليني مرت‬ ‫مربع‪ .‬إال أن املدينة تص ّمم حبيث تتّسع لقاطنني يبلغ تعدادهم ‪ 150‬ألفاً‪ ،‬ستحدث ألجلهم ‪ 30‬ألف‬ ‫وحدة سكنية‪ .‬ولكن يتوقع أن يولّد املشروع فرصاً استثمارية قدرها مثانية مليارات دوالر أمريكي‪.‬‬ ‫كما يتو ّقع أن يؤدي لنشوء ‪ 20‬ألف فرصة للتوظيف‪.‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫البحث العلمي‬

‫"مدينة املعرفة" يف السعودية (اإلطار ‪.)16‬‬ ‫تتطلّب مجيع مبادرات بناء القدرات التقنية‬ ‫مؤسسات البحث‬ ‫مستويات عالية من النضج يف ّ‬ ‫والتطوير الوطنية وضمن املناخ احمليط بها‪.‬‬ ‫املؤسسية اجلديدة حتديات‬ ‫ويطرح تشييد البنى ّ‬ ‫كبرية تتضمن مجيع العناصر اليت تعرتض‬ ‫تنفيذ وإدارة أ ّي من املشروعات الكبرية‪ .‬إذ‬ ‫يستوجب تفعيل الشراكة بني جهات حكومية‬ ‫ومؤسسات‬ ‫وشركات من القطاع اخلاص‬ ‫ّ‬ ‫جامعية وحبثية رفيعة املستوى مل يقم مثيل‬ ‫هلا يف املاضي‪ .‬وحتتاج لبناء جسور مع جهات‬ ‫خارجية من بينها البنى املماثلة يف دول اجلوار‬ ‫والدول املتقدمة ورمبا التعاون مع الشركات‬ ‫متع ّددة اجلنسية‪ .‬وبينما يستوجب إحداث مدن‬ ‫التقنية توظيف مقادير كبرية من املوارد على‬ ‫خمتلف األصعدة‪ ،‬فإن حدائق التقنية ومراكز‬ ‫التميّز تطرح متطلبات حمدودة نسبياً من‬ ‫حيث القوى العاملة واملوارد االستثمارية‪ .‬وكما‬ ‫سبقت اإلشارة ستتناول الفقرات التالية بقدر‬ ‫املؤسسية‬ ‫من التفصيل منطني من أمناط البنى ّ‬ ‫املك ّرسة لبناء القدرات العلمية والتقنية وتيسري‬ ‫استثمارها‪ ،‬هما حدائق العلم والتقنية ومراكز‬ ‫التميز‪ .‬كما ستق ّدم موجزاً عن املبادرات‬ ‫ّ‬ ‫الرامية إلحداث هذه احلدائق واملراكز يف‬ ‫الدول العربية‪ .‬وستشري حيثما أمكن ذلك إىل‬ ‫املبادرات اليت ما زالت قيد الدرس واليت رمبا‬ ‫مل تسفر لآلن عن نتائج على أرض الواقع ‪.‬‬

‫إطار رقم ‪16‬‬

‫مدينة املعرفة يف اململكة العربية السعودية‬

‫‪79‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 80‬للتنمية الثقافية‬

‫القدرات التنافسية استناداً ملدخالت علمية‬ ‫وتقنية قامت بتوليدها أو تطويرها مراكز‬ ‫األحباث املستقلة أو امللحقة باجلامعات أو معاهد‬ ‫الدراسات العليا‪ .‬وكثرياً ما يت ّم تطوير وتطويع‬ ‫التقنيات املستحدثة وجتسيدها من ضمن‬ ‫منتجات وخدمات قابلة للتسويق بنا ًء على تعاون‬ ‫ومؤسسات األعمال أو‬ ‫وثيق بني خمابر األحباث ّ‬ ‫ً‬ ‫الشركات اليت تتّخذ من حديقة العلم مقرا هلا‬ ‫أو لفرع من فروعها‪ .‬وستستخدم الحقاً تسمية‬ ‫حديقة العلم والتقنية لتبيان اتساع اجملاالت‬ ‫املؤسسية املستحدثة‪،‬‬ ‫اليت تتناوهلا هذه البنى ّ‬ ‫فهي ال تقتصر على استثمار العلوم األساسية‬ ‫والتطبيقية‪ ،‬بل كثرياً ما تتع ّدى ذلك لتشمل‬ ‫تعديل تقنيات ناضجة أُخضعت جمدداً ألحباث‬ ‫تنشد تعديلها لتضحي مالئمة الستخدامات مل‬ ‫تط ّور أص ًال من أجلها (اإلطار ‪.)17‬‬ ‫بدأت حدائق العلم والتقنية باالنتشار منذ‬ ‫منتصف القرن املاضي‪ .‬وتذكر بعض املراجع أن‬ ‫ تعدادها فاق ‪ 400‬يف أحناء العامل‪ ،‬يف العام ‪. 2007‬‬ ‫وأحدث معظمها بداي ًة بالقرب من اجلامعات أو‬ ‫من ضمن حرمها‪ .‬إال أن جناح بعضها كثرياً ما‬ ‫مؤسسات األعمال والفعاليات‬ ‫جيذب املزيد من ّ‬ ‫املؤازرة واملرافق اخلدمية حبيث متت ّد لتشغل‬ ‫مساحات واسعة تؤهلها ألن تدعى مدن العلم أو‬ ‫التقنية‪ .‬ومقابل هذا النمط التدرجيي لنشوء‬ ‫وتوسع حدائق العلم والتقنية الذي شهدته‬ ‫سبعينيات ومثانينيات القرن املاضي‪ ،‬فقد‬ ‫أحدثت يف عقده األخري حدائق العلم والتقنية‬ ‫يف عدد من الدول املتقدمة وبعض الدول النامية‪،‬‬ ‫بناء على خمططات تض ّمنت منذ البداية‬ ‫‪17‬‬

‫العناصر كافة اليت تبيّنت ضرورة وجودها‬ ‫على مقربة من بعضها البعض ليسمح تفاعلها‬ ‫عن قرب بأداء أمثل‪ .‬وشهد النصف الثاني من‬ ‫مثانينيات القرن املاضي طفرة يف إنشاء حدائق‬ ‫العلوم يف أحناء العامل‪ ،‬حيث شيدت نسبة تفوق‬ ‫‪ % 23‬من احلدائق الناشطة اآلن خالل تلك‬ ‫املدة‪ .‬كما شهد العقد األول من القرن احلالي‬ ‫إنشاء عدد ملموس من حدائق العلوم والتقنية‪.‬‬ ‫وقد شيِّدت معظم حدائق العلم والتقنية على‬ ‫مقربة من املدن أو من ضمنها‪ .‬فتبلغ نسبة‬ ‫احلدائق اليت أحدثت يف مناطق حضرية ‪66‬‬ ‫‪ %‬من اجملموع‪ .‬بينما تقع نسبة من احلدائق‬ ‫تقارب ‪ % 27‬على مسافة ال تزيد على ‪ 25‬كم‬ ‫من أقرب املدن إليها‪ .‬وتشري إحصاءات االحتاد‬ ‫الدولي حلدائق العلم أن نسبة كبرية‪ ،‬تقارب‬ ‫‪ % 78‬من احلدائق الناشطة اليوم‪ ،‬قد ُو ّسعت‬ ‫مرافقها منذ إنشائها ‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن املفهوم األساس الذي‬ ‫تستند إليه حديقة العلم والتقنية قد اكتسب‬ ‫قدراً غري قليل من الوضوح عرب العقود املاضية‪،‬‬ ‫فمن أبرز النتائج اليت خيرج بها الناظر إىل‬ ‫حدائق العلم والتقنية يف أحناء العامل هي أنه‬ ‫ما من نهج وحيد ميكن اعتباره مثاالً لتكوينها‬ ‫وإدارتها‪.‬‬ ‫إذ تتفاوت حدائق العلم والتقنية من حيث‬ ‫املؤسسات اليت تتّخذها‬ ‫تع ّدد توجهاتها وعدد ّ‬ ‫مقراً ألنشطتها‪ .‬ففيما يتعلّق بتوجهات احلدائق‪،‬‬ ‫تشري إحصاءات االحتاد الدولي حلدائق‬ ‫العلم إىل أن نسبة متواضعة‪ ،‬تبلغ ‪ % 16‬من‬ ‫احلدائق اليت اشرتكت يف مسح حلدائق العلوم‬ ‫‪18‬‬

‫‪ 16‬أنظر موقع االحتاد الدول ّي حلدائق العلم يف اململكة املتحدة‪ّ .http://www.ukspa.org.uk :‬‬ ‫مت االطالع على مضمون املوقع يف أيار‪/‬‬ ‫مايو ‪.2010‬‬ ‫‪ 17‬تشري وثيقة وضتعها جلنة األمم املتحدة االقتصادية إلفريقيا إىل تواجد حواىل‪ 700‬حديقة للعلم والتقنية يف العامل يف العام ‪.2003‬‬ ‫املؤسسات املشابهة‪ .‬أنظر الوثيقة‪:‬‬ ‫واملرجح أن هذه اإلحصائية تتبنّى تعريفاً مرناً حلدائق العلم والتقنية يض ّم طيفاً واسعاً من ّ‬ ‫‪Technology Parks, Incubation Centres, Centres of Excellence; best practices and business model development in‬‬ ‫‪.North Africa and Southern Africa; January 2009. Call number E/ECA/CODIST/1/14 26 March 2009‬‬ ‫‪ 18‬أنظر موقع االحتاد الدولي حلدائق التقنية على العنوان‪ .http://www.iasp.ws/publico/index.jsp?enl=2 :‬وقد ّ‬ ‫مت احلصول‬ ‫على املعلومات املذكورة يف هذه الفقرة من احليز ابلمعنون “إحصائيات” يف ‪ 2‬حزيران‪ /‬يونيو العام ‪.2010‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫البحث العلمي‬

‫ختتص بفروع حم ّددة من العلوم‬ ‫يف العامل‪ّ ،‬‬ ‫مؤسسات تعمل خارج‬ ‫والتقنيات وال تستضيف ّ‬ ‫حقل عملها‪ .‬كما أنها ال تقوم بأنشطة تقع خارج‬ ‫هذه احلقول‪ .‬وتعمل نسبة أكرب من احلدائق‪،‬‬ ‫تبلغ ‪ % 40‬من احلدائق اليت شاركت يف املسح‬ ‫ضمن جمال أوسع من االختصاصات‪ ،‬أي أنها‬ ‫متخصصة‪ .‬بينما تعترب نسبة تبلغ ‪% 36‬‬ ‫شبه ّ‬ ‫من احلدائق ضمن كل اجملاالت املمكنة‪ ،‬أي أنها‬ ‫تعترب عمومية التوجه‪.‬‬ ‫وتقع معظم حدائق العلوم والتقنية من ضمن‬ ‫مناطق تكثر فيها اجلامعات ومعاهد التعليم‬ ‫العالي‪ .‬حبيث تشري إحصاءات االحتاد الدولي‬ ‫حلدائق العلم إىل أن ‪ % 60‬من حدائق العلوم‬ ‫والتقنية اليت أسهمت يف مسح قام به االحتاد‬ ‫تقع ضمن دائرة قطرها ‪ 100‬كم يوجد ضمنها‬ ‫ما ال يق ّل عن مخس جامعات‪ .‬ويقع ‪ % 21‬من‬ ‫مما‬ ‫احلدائق املشاركة يف املسح على مقربة ّ‬ ‫يزيد على ‪ 20‬جامعة‪.‬‬ ‫وتق ّدم إدارة حدائق العلم والتقنية طيفاً من‬ ‫للمؤسسات اليت تقطنها تتفاوت هي‬ ‫اخلدمات ّ‬ ‫أيضاً من حالة ألخرى تبعاً للظروف التشريعية‬ ‫والتنظيمية السائدة على الصعيد الوطين أو‬ ‫احملل ّي‪ .‬وتوكل إدارة احلديقة يف بعض األحيان‬ ‫لشركات من القطاع اخلاص على أن تكون‬ ‫مسؤولة أمام جملس لإلدارة يض ّم ممثلني عن‬ ‫مؤسسات تعليمية وحبثية‬ ‫قاطين احلديقة من ّ‬ ‫وصناعية أو خدمية‪ .‬ومن اخلدمات اليت تسعى‬ ‫حدائق العلم والتقنية لتقدميها‪ ،‬اخلدمات‬ ‫املصرفية واللوجستية وخدمات الشحن والربيد‬ ‫السريع‪ .‬ويف أغلب األحيان تقوم شركات تتّخذ‬ ‫من احلديقة مقراً هلا بتأمني هذه اخلدمات‪.‬‬ ‫ومن العناصر اليت تعترب أساسية الجتذاب‬ ‫املؤسسية‬ ‫املستثمرين والتعاون يف إنشاء البنى ّ‬ ‫املستحدثة للعلم والتقنية‪:‬‬ ‫• املوقع ونوعية املباني واملرافق املتاحة ضمنه؛‬

‫• توافر قدر كاف من األطر العاملة امللتزمة‬ ‫من املستويات املختلفة؛‬ ‫• البيئة احمليطة وما حتتوي من مزايا‬ ‫طبيعية؛‬ ‫• أنظمة متميزة لالتصاالت‪ ،‬تتمثّل‬ ‫باستثمار شبكة ذات سرعة مرتفعة للوصول‬ ‫إىل خدمات اإلنرتنت؛‬ ‫• مرافق سكنية وترفيهية من مستوى جيد؛‬ ‫• أنظمة املواصالت املتاحة قرب املوقع؛ من‬ ‫مطارات دولية وطرق سريعة وحمطات سكك‬ ‫احلديدية‪.‬‬

‫‪81‬‬

‫‪19‬‬

‫‪ 1 - 2‬مكونات حدائق العلم والتقنية‬ ‫واألطراف المساهمة بها‬

‫يتطلّب التوصل إىل فهم أفضل حلديقة‬ ‫من حدائق العلم والتقنية النظر بتم ّعن إىل‬ ‫األطراف املساهمة يف تكوينها‪ .‬وتصنف هذه‬ ‫األطراف عموماً يف جمموعتني‪ ،‬جهات مشاركة‬ ‫مؤسسات‬ ‫وجهات راعية‪ .‬فيتض ّمن املشاركون ّ‬ ‫األعمال النزيلة أو املستأجرة واجلامعات‬ ‫واملؤسسات البحثية وإدارة احلديقة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫أما اجلهات الراعية فمن املألوف أن تتض ّمن‬ ‫املؤسسات والشخصيات السياسية احمللية‬ ‫ّ‬ ‫والوطنية املعنيّة بقطاع األعمال وتلك املعنيّة‬ ‫بالتنمية العلمية والتقنية‪ .‬وتعترب شركات‬ ‫التنمية العقارية أحياناً من اجلهات الراعية‪.‬‬ ‫يبقى للمعاهد التعليمية ومراكز البحث‬ ‫ومؤسسات األعمال النزيلة الدور األهم يف‬ ‫ّ‬ ‫حتديد طبيعة حديقة العلم والتقنية‪ .‬فتن ّوع‬ ‫ختصصها‬ ‫املؤسسات من حيث جماالت ّ‬ ‫هذه ّ‬ ‫وحجم أعماهلا وموضعها على سلّم التق ّدم‬ ‫التقين وطموحاتها املستقبلية عوامل حت ّدد‬ ‫توجهاتها وفلسفة إدارة حديقة العلم والتقنية‬ ‫وفرص من ّوها‪ .‬وقد يتض ّمن نزالء احلديقة‬ ‫نسبة طاغية من الشركات الناشئة امللمة‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 82‬للتنمية الثقافية‬

‫متاماً باملنتجات املزمعة من دون أن تتوافر‬ ‫هلا اخلربات التجارية الالزمة‪ .‬كما قد تتض ّمن‬ ‫احلديقة نسبة مرتفعة من شركات اخلدمات‬ ‫وبيوت اخلربة االستشارية اليت تهدف إىل نقل‬ ‫ما لديها من خربات‪ ،‬تتض ّمن املعارف التقنية‬ ‫مؤسسات األعمال سواء‬ ‫أو أساليب التسويق إىل ّ‬ ‫داخل احلديقة أم خارجها‪ .‬وتتض ّمن بعض‬ ‫مؤسسات نزيلة متثّل فروعاً لشركات‬ ‫احلدائق ّ‬ ‫كربى هلا وجود مستقل خارج أسوار احلديقة‪.‬‬ ‫وغالباً ما تنشد هذه الشركات الوجود ضمن‬ ‫مؤسسات‬ ‫احلديقة إلقامة عالقات وطيدة مع ّ‬ ‫األحباث والشركات األخرى اليت تقطنها‪.‬‬ ‫مؤسسات األعمال الناشئة‬ ‫‪ّ 1-1-2‬‬

‫هنالك دالئل واضحة على الدور اإلجيابي‬ ‫الذي ميكن حلدائق التقنية القيام به‪ ،‬منها‬ ‫مؤسسات األعمال اليت‬ ‫ارتفاع معدالت جناح ّ‬ ‫تتّخذ من حدائق التقنية مقراً هلا‪ ،‬بالنسبة إىل‬ ‫مؤسسات األعمال‬ ‫معدالت النجاح املناظرة لدى ّ‬ ‫خارج مدينة أو حديقة التقنية ‪ .‬وهناك بصورة‬ ‫مؤسسات األعمال الناشئة‬ ‫عامة ثالثة أنواع من ّ‬ ‫اليت تستضيفها حدائق التقنية‪:‬‬ ‫مؤسسات لديها نتائج حبثية ميكن‬ ‫• ّ‬ ‫توظيفها ضمن منتجات مبتكرة أو مع ّدلة قابلة‬ ‫للتسويق؛‬ ‫مؤسسات متتلك منتجات معتادة ميكن‬ ‫• ّ‬ ‫تسويقها باستهداف جمموعة حم ّددة من‬ ‫املستهلكني؛‬ ‫مؤسسات تك ّرس جهودها البتكار منتجات‬ ‫• ّ‬ ‫جديدة ومن ث ّم تصنيعها وتسويقها‪.‬‬ ‫مؤسسات‬ ‫وكثرياً ما يقوم الباحثون بإطالق ّ‬ ‫األعمال من الصنف األول‪ ،‬يف حماولة‬ ‫الستغالل معارف أو مكتشفات توصلوا إليها‬

‫قبل انضمامهم إىل عامل األعمال‪ .‬وعلى الرغم‬ ‫من أن هذه الظاهرة آخذة يف التزايد‪ ،‬يبقى‬ ‫الشكل التقليدي لتناقل املعارف التقنية‪ ،‬الذي‬ ‫مؤسسات األعمال مع معاهد‬ ‫ينجم عن تعاقد ّ‬ ‫األحباث‪ ،‬النمط السائد يف الكثري من احلاالت‪.‬‬ ‫مؤسسات األعمال ذات‬ ‫‪ّ 1-1 - 1 - 2‬‬ ‫التوجه الخارجي‬

‫املؤسسات إىل بيوت خربة‬ ‫يعود بعض هذه ّ‬ ‫مؤسسات‬ ‫ومؤسسات استشارية هلا عالقات مع ّ‬ ‫ّ‬ ‫أعمال أخرى يف احلديقة وخارجها‪ .‬وتنض ّم‬ ‫املؤسسات إىل عداد نزالء حدائق التقنية‬ ‫هذه ّ‬ ‫لتحسني مسعتها بني أقرانها‪ .‬كما قد ترمي من‬ ‫خالل االنضمام إىل احلديقة إىل االستفادة من‬ ‫املعارف التقنية النابعة أو املستقاة من املنشآت‬ ‫البحثية يف احلديقة‪ ،‬وإيصاهلا إىل مراحل أبعد‬ ‫من النضج‪ ،‬ورمبا اإلسهام يف ما بعد بنشرها‬ ‫املؤسسات غالبية نزالء‬ ‫وتسويقها‪ .‬وتش ّكل هذه ّ‬ ‫حدائق التقنية يف الدول املتقدمة‪.‬‬

‫‪20‬‬

‫مؤسسات األعمال ذات‬ ‫‪ّ 2-1-1-2‬‬ ‫التوجه الداخلي‬

‫املؤسسات على استثمار‬ ‫ترتكز أنشطة هذه ّ‬ ‫مدخالت البحث والتطوير وتقديم اخلدمات‬ ‫املتعلقة بأنشطة البحث والتطوير‪ .‬وغالباً‬ ‫املؤسسات خربات مع ّمقة يف‬ ‫ما متتلك هذه ّ‬ ‫جماالت توليها احلديقة األولوية‪ .‬وكثرياً ما تتمتّع‬ ‫مؤسسات األعمال ذات التوجه الداخل ّي برؤوس‬ ‫ّ‬ ‫أموال مساهمة تفوق نظرياتها خارج احلديقة‪.‬‬ ‫مؤسسات األعمال اليت تتّخذ أنشطة‬ ‫وفيما تعترب ّ‬ ‫احلديقة حمور أعماهلا املتطلبات التمويلية ونقص‬ ‫البحوث التسويقية والتخطيط من املعوقات‬ ‫األساسية لنموها‪ ،‬فمن نقاط الضعف اليت‬

‫‪ 19‬أي عرض حزمة مرتفعة‪.‬‬ ‫‪J. Bower, “Successful joint ventures in science parks,” Long Range Planning, 26, 6 (1993), quoted in 20‬‬ ‫‪.Ferguson, Panacea or Let-down?, p. 14‬‬ ‫مؤسسات األعمال اخلروج بها إىل السوق‪ ،‬مبا يتض ّمن‬ ‫‪ 21‬يستخدم تعبري املنتجات هنا يف اإلشارة إىل طيف واسع من النتائج اليت تأمل ّ‬ ‫“املنتجات” اخلدمية‪.‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫المؤسسات البحثية‬ ‫‪2-1-2‬‬ ‫ّ‬

‫تتض ّمن املنشآت البحثية اليت تتّخذ حدائق‬ ‫التقنية مقراً هلا معاهد األحباث املستقلة‪،‬‬ ‫باإلضافة إىل األقسام البحثية التابعة للجامعات‬ ‫ومؤسسات األعمال الكربى‪ ،‬وبعض جهات القطاع‬ ‫ّ‬ ‫املؤسسات البحثية ضمن‬ ‫العام‪ .‬ويتيح وجود ّ‬ ‫احلديقة فرصاً أكرب لضمان احلصول على عقود‬ ‫مؤسسات األعمال النزيلة‬ ‫البحث والتطوير من ّ‬ ‫ً‬ ‫ومن اجلهات احلكومية‪ .‬ونظرا ألن البيئات‬ ‫السائدة يف حدائق التقنية حتفز تكوين شبكات‬ ‫املقاولني والتلزيم الضمين فإن هذا يدعم فرص‬ ‫املعاهد البحثية للحصول على التعاقدات‪.‬‬ ‫املؤسسات البحثية‬ ‫وبصورة عامة فإن وجود ّ‬ ‫ومؤسسات األعمال من ضمن حيز جغرا ّيف‬ ‫ّ‬ ‫واحد يؤدي إىل نشوء عالقات مهنية وشخصية‬ ‫تلعب دوراً مهماً يف إجناح عمليات نقل التقنية‬ ‫وتنمية القدرات البشرية على مغالبة الصعاب‬ ‫اليت تعرتض استثمارها‪ .‬حبيث يعود التواصل‬ ‫ومؤسسات األعمال‬ ‫بني معاهد ومراكز األحباث ّ‬ ‫يف بعض األحيان إىل الصالت الشخصية اليت‬ ‫مؤسسات األعمال أو العاملون‬ ‫ك ّونها أصحاب ّ‬ ‫لديهم مع أساتذتهم أو أقرانهم السابقني الذين‬ ‫مكثوا يف معاهد ومراكز األحباث‪ .‬ويكتسب هذا‬ ‫النمط من التعاون أهمية كبرية يف صنف من‬ ‫أصناف حدائق العلم والتقنية تطلق عليه تسمية‬ ‫حديقة األحباث (اإلطار ‪.)18‬‬ ‫‪ 3 - 1 - 2‬الجامعات‬

‫يتجلّى الكثري من اآلثار اإلجيابية املعهودة‬ ‫للجامعات يف اجملتمع بصفة عامة من ضمن‬ ‫حدائق التقنية‪ .‬وتشري خربات عديد من‬ ‫احلدائق إىل أن جمرد اندماج اجلامعات يف‬

‫إطار رقم ‪18‬‬

‫البحث العلمي‬

‫تشكو منها نظرياتها خارج احلدائق نقص رؤوس‬ ‫األموال وندرة العمالة املاهرة‪.‬‬

‫حدائق التقنية يسهم يف ختريج أطر تفي إىل‬ ‫مؤسسات‬ ‫حدود أكرب من السابق مبتطلبات ّ‬ ‫األعمال يف احلديقة‪ .‬إال أن إحراز روابط وثيقة‬ ‫ومؤسسات األعمال‬ ‫ومستدامة بني اجلامعات ّ‬ ‫لتحقيق غايات أكثر طموحاً يبقى من املهام‬ ‫مما يتطلّب‬ ‫الشاقة‪ ،‬حتى يف الدول املتقدمة‪ّ ،‬‬ ‫قدراً كبرياً من اجلهود اليت ينبغي أن تضطلع‬ ‫بها إدارة احلديقة‪ ،‬واجلهات احلكومية املسؤولة‬ ‫عن التعليم العالي والبحث العلمي‪ .‬وكما ذكر يف‬ ‫مواقع كثرية أخرى‪ ،‬ميكن للتشريعات واألنظمة‬ ‫اليت تتبناها احلكومات تقديم حوافز ألمناط‬ ‫التعاون كما ميكنها أن تولّد العديد من احلدود‬ ‫والعراقيل‪ .‬وعلى أ ّي حال‪ ،‬فإن جتارب حدائق‬ ‫التقنية يف دول متقدمة ونامية تشري إىل ِّ‬ ‫متكن‬ ‫مؤسسات األعمال اليت تواجه مشكالت علمية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أو فنية من احلصول على العون من العاملني‬

‫‪83‬‬

‫أمناط التعاون يف حدائق األحباث‬

‫مؤسسات األعمال املكرسة للخروج مبنتجات مبتكرة موقعاً‬ ‫تنشأ حدائق األحباث عندما تتّخذ ّ‬ ‫هلا ضمن أو جبوار مراكز حبثية جامعية تتميز بنقاط قوة يف جمال ‪ .‬مما يُيَ ّسر هلا إقامة‬ ‫عالقات عمل وطيدة ويس ّرع نقل املنتجات واخلدمات املط ّورة إىل السوق‪ .‬وهنالك تن ّوع كبري‬ ‫ومؤسسات األعمال اليت تتّخذ من احلديقة موئ ً‬ ‫ال‬ ‫يف أمناط العالقات املمكنة بني اجلامعات ّ‬ ‫ألنشطتها‪ ،‬تعرض القائمة التالية بعض جوانبها‪:‬‬ ‫مؤسسات األعمال؛‬ ‫• متويل مشروعات البحث اجلامعية استناداً إىل منح مباشرة تق ّدمها ّ‬ ‫• االشرتاك بتمويل مشروعات ومقرتحات حبثية مشرتكة؛‬ ‫مؤسسات األعمال بأنشطة مشرتكة ضمن‬ ‫• قيام الباحثني من اجلامعات والفنيّني من ّ‬ ‫مؤسسات احلديقة‪ ،‬كتدريس دورات ختصصية وتصميم وتشغيل خمابر أو تصميم مشروعات‬ ‫ّ‬ ‫األحباث والتجارب احلقلية والتصنيعية؛‬ ‫• تقديم اخلربة االستشارية للمشروعات من قبل أساتذة اجلامعات و الباحثني فيها؛‬ ‫• توفري فرص لتوظيف خرجيي اجلامعة الواعدين يف املشروعات القائمة حبديقة البحث؛‬ ‫مؤسسات‬ ‫• التشارك باستخدام املعدات املكلفة واملتوافرة لدى اجلانبني‪ ،‬كاالستعانة مبرافق ّ‬ ‫مؤسسات األعمال مبعدات خمابر اجلامعات ومكتباتها؛‬ ‫األعمال يف البحث والتدريب‪ ،‬واستعانة ّ‬ ‫مؤسسات األعمال على منح الزمالة واملنح املالية واملنح الدراسية يف‬ ‫• حصول العاملني يف ّ‬ ‫اجلامعات؛‬ ‫• منح فرص لطالب اجلامعات الكتساب خربات عملية والتدرب خالل عملهم األكادميي؛‬ ‫• عقد ندوات ومؤمترات مشرتكة لتسويق منتجات احلديقة وأنشطتها من مشروعات علمية‬ ‫وتقنية وإنتاجية‪.‬‬ ‫‪21‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 84‬للتنمية الثقافية‬

‫إطار رقم ‪19‬‬

‫التعاون بني اجلامعات ومؤ ّسسات األعمال يف "احلدائق"‬

‫مؤسسات األعمال ألسباب عديدة‪ ،‬منها تباين يف نسق القيم‬ ‫حيجم بعض األكادمييني عن التعاون مع ّ‬ ‫مؤسسات األعمال‬ ‫من‬ ‫فكثري‬ ‫األعمال‪.‬‬ ‫سات‬ ‫مؤس‬ ‫حيكم‬ ‫اليت حتكم البحث العلمي عن النسق الذي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫يسعى لتحقيق الربح السريع بينما يسعى الباحثون‪ ،‬عامة‪ ،‬حنو تف ّهم مع ّمق للمسائل اليت تطرح عليهم‬ ‫ويسعون حليازة مكانة علمية مرموقة بني أقرانهم من خالل ما يتسنّى هلم نشره من نتائج أصيلة‪.‬‬ ‫كذلك فإن التباين بني إيقاع احلياة األكادميية وتفاصيل العملية التعليمية وأساليب تقييم األداء يف‬ ‫مؤسسات األعمال‪ .‬فكثرياً ما يهت ّم‬ ‫مؤسسات التعليم يتعارض يف كثري من األحيان مع متطلّبات ّ‬ ‫ّ‬ ‫مؤسسات األعمال‪ ،‬يف مجيع احلاالت‪ ،‬إجناز األحباث‬ ‫األكادمييون باألحباث األساسية‪ ،‬بينما تتطلّب ّ‬ ‫التطبيقية‪ .‬وغالبية األساتذة والباحثني وطالبهم‪ ،‬هم بالتعريف معنيّون بتوليد املعرفة ونشرها‪ ،‬وما‬ ‫قد يصحب ذلك من اكتساب مكانة مرموقة بني نظرائهم‪ .‬وغالباً ما يعمل هؤالء من ضمن نظم‬ ‫تعترب فيها األحباث رفيعة املستوى‪ ،‬أو برامج التدريس اليت تتسم باإلبداع‪ ،‬إجنازات تؤدي للحصول‬ ‫مؤسسة األعمال الناجحة‪ ،‬فال يعدو البحث املتميّز كونه‬ ‫على مكانة أفضل‪ .‬أما بالنسبة للقيّم على ّ‬ ‫وسيلة لتحقيق غايات معينة‪ ،‬كثرياً ما تتمثّل بتحسني املنتجات أو اخلدمات موضوع البحث ابتغا ًء‬ ‫املؤسسة‪ .‬وتع ّد هذه الفروق منشأً لكثري من الصعاب اليت تعيق التعاون بني األكادمييني‬ ‫لزيادة أرباح ّ‬ ‫مؤسسات األعمال‪ ،‬إذ إن األهداف املتباينة تؤدي خلالفات حول تفاصيل األحباث اليت ينبغي‬ ‫و ّ‬ ‫إجراؤها وكيف ينبغي أن جتري‪ ،‬ومن ثم ما ميكن نشره من املعارف املكتسبة بنتيجتها‪.‬‬ ‫وحتى حني تفلح اجلامعة بتكوين أقسام وفرق حبثية مكرسة ملؤازرة قطاع األعمال‪ ،‬فإن الكثري من‬ ‫الباحثني اجلامعيني‪ ،‬حتى يف البلدان املتقدمة‪ ،‬مييل إىل االهتمام باملشكالت اليت تفسح اجملال‬ ‫لبحوث طويلة األجل ختدم أهدافاً عديدة‪ ،‬منها نشر بعض النتائج يف الدوريات العلمية‪ ،‬وتوفري أسس‬ ‫مؤسسات األعمال الصغرية‬ ‫ملشروعات طلبة الدراسات العليا‪ .‬أما أمناط األحباث اليت تنشدها ّ‬ ‫واملتوسطة‪ ،‬فغالباً ما تتطلّب القيام بأنشطة حبثية حمدودة النطاق واألجل‪ .‬وكثرياً ما تُسند مؤازرة‬ ‫املؤسسات إىل من هم أدنى مستوى‪ ،‬من حيث اخلربة واملؤهالت العلمية‪.‬‬ ‫هذه ّ‬ ‫مؤسسات األعمال أحياناً عدم احرتام سرية املعلومات من قبل الباحثني الذين‬ ‫ويشكو القيّمون على ّ‬ ‫يتداولون املعلومات اخلاصة بعملهم ضمن البيئة املفتوحة نسبياً اليت تعترب أساساً للتعاون العلمي‬ ‫يف اجلامعات ومراكز البحث‪ .‬ولكي يت ّم نقل التقنية بصورة جمدية ال ب ّد من اخلوض يف مشروعات‬ ‫مشرتكة تضمن التواصل الوثيق واملستمر بني الطرفني‪ .‬ويتطلّب هذا بدوره صياغة آليات وإرساء‬ ‫تقاليد تكفل حسن سري العمل املشرتك وتضمن نشوء حوار ينطلق لدى الشروع بتطوير التقنية ونقلها‪،‬‬ ‫ويستمر خالل مراحل استثمارها التجرييب واحلقلي ومن ثم التجاري‪ ،‬يف نهاية املطاف‪ .‬وهذا من دون‬ ‫إحلاق الضرر بأساليب العمل العلمي وحبيث يت ّم احلفاظ على سرية ما يت ّم الوصول إليه من معلومات‬ ‫تتصل مباشرة بالتطبيقات التجارية‪.‬‬ ‫ومؤسسات األعمال‬ ‫ويعترب التغلّب على هذه التفاوتات من التحديات األساسية أمام اجلامعات ّ‬ ‫كمؤسسة‬ ‫وصنّاع القرار املعنيني بنجاح احلديقة العلمية‪ .‬والتوجه األسلم يقضي بأن يتسنّى للجامعة ّ‬ ‫مؤسسات األعمال‪ .‬لذا يتوجب على اجلهات املشرفة على احلديقة ضمان‬ ‫االستفادة من التعاون مع ّ‬ ‫منافع متبادلة بني اجلانبني‪ .‬وبصورة عامة فإن اخنراط اجلامعات يف حديقة العلم والتقنية يعزّز‬ ‫مكانتها‪ ،‬إذ يعرب عن إسهامها املباشر يف التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ .‬كما أن األحباث اليت‬ ‫مؤسسات األعمال كثرياً ما تسفر عن تطوير املناهج الدراسية وجعلها أكثر‬ ‫جتريها اجلامعة حلساب ّ‬ ‫استجابة الحتياجات السوق‪ .‬وباإلضافة إىل التعاون يف استثمار املرافق املشرتكة لتدريب العاملني من‬ ‫اجلانبني‪ ،‬فإن الصالت غري الرمسية بني أعضاء هيئيت التدريس والبحث يف اجلامعة والعاملني يف‬ ‫مؤسسات األعمال كثرياً ما تؤدي إىل تكوين شبكات حملية للمعرفة ولنشوء فرص أكثر التحاور وطرح‬ ‫ّ‬ ‫املسائل اليت تتسم باهتمام مشرتك‪.‬‬ ‫ملؤسسات األعمال التوصل إليها‪ ،‬من خالل وجودها ضمن حدائق العلم‬ ‫أما الفوائد اليت ميكن ّ‬ ‫والتقنية‪ ،‬فتتمثّل حبظوظ أكرب لإلحاطة بالتطورات التقنية‪ ،‬ولتبينّ فرص التطبيقات التجارية املمكنة‬ ‫لبعض هذه التطورات يف وقت مبكر‪ .‬وهذا ما مينحها الفرصة الستغالل بعض التطورات التقنية‬ ‫مؤسسات األعمال والباحثني من ذوي املهارات‬ ‫قبل غريها‪ .‬ومن شأن التفاعل الوثيق بني الفنّيني يف ّ‬ ‫الرفيعة من ضمن أطر وقواعد ناظمة تضعها إدارة حديقة التقنية‪ ،‬أن يسمح بالتعرف إىل التطورات‬ ‫التقنية اجملدية وإنضاجها قبل أن يُقدم املنافسون على ذلك‪.‬‬

‫يف أقسام التدريس والبحث اجلامعية أو من‬ ‫أخصائيّي املكتبات واملعلومات‪ ،‬بل وحتى‬ ‫املشاغل اجلامعية‪ .‬وغالباً ما يأتي العون من‬ ‫الباحثني اجلامعيني ضمن إطار عقود يقوم‬ ‫مؤسسات األعمال والباحثون‬ ‫مبقتضاها فنّيو ّ‬ ‫بالتعاون إلجناز مهام حم ّددة وفقاً خلطط‬ ‫مؤسسات األعمال عقوداً‬ ‫يتفق عليها‪ .‬وقد تربم ّ‬ ‫مع الباحثني فرادى أو مع خمترب حبثي حللّ‬ ‫مشكلة معيّنة‪ ،‬واخلروج بنتائج ميكن تقييمها‬ ‫وفقاً لشروط أو معايري أداء معيّنة‪ .‬و يُتّبع مثل‬ ‫هذا املنهج يف احلاالت اليت ميكن فيها صياغة‬ ‫األهداف وسبل العمل بصورة واضحة بناء على‬ ‫خربات سابقة لألطراف املعنيّة‪ .‬وعلى الرغم‬ ‫مؤسسات‬ ‫من أن نقل املعارف من اجلامعات إىل ّ‬ ‫األعمال ليس باألمر اليسري عموماً‪ ،‬فبإمكان‬ ‫إدارة احلديقة إحراز الكثري من خالل تبنيّ‬ ‫أساليب مناسبة (اإلطار ‪.)19‬‬ ‫مؤسسات األعمال واجلامعات أو‬ ‫لكن وجود ّ‬ ‫مراكز البحوث على مقربة من بعضها البعض‬ ‫ليس إال واحداً من الشروط الضرورية للنجاح يف‬ ‫حيازة التقنيات اجلديدة واستثمارها‪ .‬وليتسنّى‬ ‫هذا النجاح ال ب ّد من التصدي جملموعة من‬ ‫املعوقات‪ ،‬منها نقص اخلربة لدى الباحثني‬ ‫مؤسسات األعمال من‬ ‫األكادمييني مبتطلبات ّ‬ ‫اجلوانب التجارية‪ .‬وكثرياً ما تتّسع الفجوة بني‬ ‫مؤسسات األعمال من جهة واجلامعات أو مراكز‬ ‫ّ‬ ‫البحوث من جهة أخرى نتيجة سياسات ولوائح‬ ‫املؤسسات أو‬ ‫تنظيمية غري مؤاتية تتبنّاها هذه ّ‬ ‫اجلهات احلكومية املعنيّة‪ .‬ومن اآلليات املتبعة‬ ‫لتخطي الفجوة النامجة عن اختالف األنظمة‬ ‫ونظم القيم السائدة لدى األطراف املتعاونة يف‬ ‫حدائق التقنية تصميم مشروعات حم ّددة املعامل‬ ‫واألهداف تض ّم اجلهات املتعاونة‪ .‬وقد تتطلّب‬ ‫الظروف أحياناً وضع آليات من أمناط متع ّددة‬ ‫لنقل التقنية بني طرف وآخر‪ .‬كما أن التح ّوالت‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫البحث العلمي‬

‫مؤسسات األعمال بصورة‬ ‫اليت تطرأ على خمتلف األصعدة تتطلّب التطوير بتقديم خدماته لدعم ّ‬ ‫املستمر آلليات نقل التقنية القائمة يف اجملاالت عامة (اإلطار‪.)20‬‬ ‫نشأت حاضنات التقنية‪ ،‬أواخ َر السبعينيات‬ ‫املختلفة‪ .‬وقد أحدثت يف بعض مدن العلم‬ ‫متخصصة مبساندة عمليات وأوائل الثمانينيات من القرن املاضي‪ ،‬كأداة‬ ‫والتقنية وحدات ّ‬ ‫نقل التقنية‪ .‬حبيث تؤخذ باالعتبار متطلبات لتنمية الصناعات واخلدمات املستندة إىل‬ ‫املستخدم النهائي‪ ،‬والظروف القانونية والبيئية التقنيات احلديثة‪ .‬فتبنّت بلدان منظمة التعاون‬ ‫االقتصادي والتنمية مشروعات إلحداث‬ ‫السائدة‪.‬‬ ‫ومن ناحية أخرى قد يت ّم نقل التقنية من حاضنات التقنية واالنتقال بنتائج األحباث‬ ‫مؤسسات األعمال من دون اجلامعية إىل االستثمار التجاري‪ .‬وقد اتّسمت‬ ‫اجلامعات إىل ّ‬ ‫املؤسسات اجلهود الرامية إلنشاء حاضنات التقنية يف‬ ‫اتصال مباشر بينها وبني الباحثني أو ّ‬ ‫اليت يعملون بها‪ .‬فهناك حاالت عديدة ّمت فيها عديد من بلدان العامل بالرتكيز على أولويات‬ ‫نقل التقنية من معاهد األحباث اجلامعية التنمية الوطنية واستهداف الكثري منها توطني‬ ‫مؤسسات األعمال وتطويع تقنيات املعلومات والتقنية احليوية‪،‬‬ ‫ومراكز التميّز البحثي إىل ّ‬ ‫من خالل وسطاء من اخلرباء االستشاريّني أو بوجه اخلصوص‪ .‬وميكن حلاضنات التقنية‬ ‫املتخصصة بتأمني اخلدمات القيام بدور مزدوج بالعمل لتحويل نتائج البحوث‬ ‫مؤسسات األعمال ّ‬ ‫ّ‬ ‫التقنية‪ .‬وتشري بعض املراجع إىل هذا النمط إىل منتجات وخدمات جتارية من ناحية‪ ،‬وتهيئة‬ ‫من نقل التقنية بالنقل اهلرمي‪ .‬وبينما قد يؤ ّدي البيئة املناسبة لتدريب أصحاب األعمال الناشئة‬ ‫اتباع هذا النمط لنشر التقنية إىل تقليص بعض من التقنيني‪ ،‬من ناحية أخرى‪ .‬كما ميكن‬ ‫املزايا الكامنة يف األسلوب املباشر لنقل التقنية‪ ،‬حلاضنات التقنية أن تدعم االستخدام الفعال‬ ‫إال أنه يسمح يف الوقت ذاته بإزالة بعض الصعاب لرؤوس األموال املتاحة من أجل تنمية القدرات‬ ‫اليت يعاني منها هذا األسلوب األخري‪ .‬ويف مجيع الوطنية العلمية والتقنية‪ .‬ومن الفوائد اليت‬ ‫األحوال فإن توافر اإلمكانات للنقل اهلرمي ال أمثرت بها مبادرات احلاضنات يف عديد من‬ ‫مؤسسات األعمال بلدان العامل الصناعي خلق فرص جديدة للعمل‬ ‫يغين عن احلاجة إىل وجود ّ‬ ‫مؤسسات األعمال حال‬ ‫بالقرب من اجلامعات أو املنشآت البحثية‪ .‬ضمن احلاضنات ويف ّ‬ ‫ملؤسسات األعمال ضمن احلديقة خترجها‪ .‬كما أن إحداث حاضنات التقنية كثرياً‬ ‫حيث يتسنّى ّ‬ ‫أن تتلقّى املعارف التقنية من فريق الباحثني ما يؤدي إىل توليد عمالة ثانوية يف صناعات‬ ‫مؤسسات األعمال‬ ‫مباشرة ثم تقوم بنقلها إىل مستخدمني آخرين‪ .‬أخرى‪ .‬ويتّسم احتضان ّ‬ ‫املستندة إىل التقنية بتكلفة باهظة مقارنة‬ ‫مؤسسات األعمال املألوفة‪ .‬وقد‬ ‫‪ 4 - 1 - 2‬الحاضنات‬ ‫باحتضان ّ‬ ‫تش ّكل احلاضنات إحدى املكونات الرئيسة يف أحدث العديد من احلاضنات التقنية بالقرب‬ ‫عديد من حدائق العلم والتقنية‪ .‬وبصورة عامة من اجلامعات أو ضمن حرمها‪ .‬ومن األمثلة‬ ‫ختتص احلاضنات اليت تقع ضمن هذه احلدائق على أوىل مشروعات احلاضنات التقنية "مركز‬ ‫ّ‬ ‫مؤسسات األعمال اليت تستند أنشطتها تطوير التقنية املتقدمة" يف الواليات املتحدة‬ ‫بتنمية ّ‬ ‫إىل التقنيات اجلديدة‪ .‬لكن بعضها يقوم أيضاً الذي أحدثه معهد جورجيا للتقنية‪ ،‬وكانت‬ ‫‪22‬‬

‫‪Organization for Economic Cooperation and Development 22‬‬

‫‪85‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 86‬للتنمية الثقافية‬

‫مهمته األساسية لدى إطالقه يف مثانينيات‬ ‫القرن املاضي مؤازرة نشر التقنيات اجلديدة‬ ‫وحتفيز انتقاهلا إىل السوق على صورة منتجات‬ ‫جمددة‪ .‬ومن العوامل اليت‬ ‫وخدمات جديدة أو َّ‬ ‫تؤيد إحداث احلاضنات بالقرب من اجلامعات‬ ‫ومعاهد البحث التابعة هلا ما ينجم عن ذلك‬ ‫من تفاعل جم ٍد على املدى الطويل‪ ،‬بني أعضاء‬ ‫يت البحث والتدريس يف اجلامعات والفنيني‬ ‫هيئ ّ‬ ‫مؤسسات األعمال‪.‬‬ ‫يف ّ‬ ‫وبصرف النظر عن األهداف التنموية اليت‬ ‫قد تتبناها بعض اجلهات املساهمة مببادرات‬ ‫مؤسسة جتارية‬ ‫االحتضان‪ ،‬فإن احلاضنة تع ّد ّ‬ ‫واملتخصصة‬ ‫مكرسة لتقديم اخلدمات العامة‬ ‫ّ‬ ‫لنزالئها من أصحاب مشروعات األعمال‪ .‬بل إن‬ ‫احلاضنات تستند عام ًة ضمن حدود متباينة إىل‬ ‫التنمية العقارية الكامنة أو املنشودة أص ًال من‬ ‫إحداثها‪ .‬وتشري جتارب بعض الدول املتقدمة يف‬ ‫العقود األخرية من القرن املاضي إىل تناقضات‬ ‫حمتملة بني رحبية املشروعات القائمة على‬ ‫االستثمارات العقارية وبني األهداف بعيدة املدى‬ ‫حلاضنات التقنية من حيث التنمية االقتصادية‬ ‫واالجتماعية الشاملة‪ .‬إذ يؤدي احلرص على‬ ‫رحبية مشروعات احلاضنات من قبل اجلهات‬ ‫املسؤولة عن إدارتها إىل قبول مستأجرين ال‬ ‫يتمتعون بتآلف غاياتهم‪ ،‬حفاظاً على معدالت‬ ‫استثمار جمدية للمرافق املتاحة‪ .‬ومن املنافع‬ ‫غري املباشرة للحاضنات نشر ثقافة املبادرة‬ ‫واجتذاب الصناعات اخلدمية اليت توظف‬ ‫العمالة املاهرة و شبه املاهرة‪.‬‬ ‫ومن حيث املبدأ فإن حاضنات التقنية تسعى‬ ‫لتذليل التحديات اليت جتابه مشروعات األعمال‬ ‫لدى انطالقها مبا يف ذلك ارتفاع التكاليف‬ ‫وتعسر الوصول إىل رؤوس املال وقصور‬ ‫الثابتة ّ‬ ‫‪23‬‬

‫املتخصص‬ ‫البنى األساسية وش ّح الدعم الفنيّ‬ ‫ّ‬ ‫وندرة املهارات اإلدارية املتاحة بني التقنيني‬ ‫عا ّمة وش ّح املعلومات عن األسواق املنشودة‬ ‫والتعقيدات اليت قد تعرتض التعامل مع دوائر‬ ‫الدولة‪ .‬هذا باإلضافة إىل السماح بالتواصل‬ ‫مع مصادر اخلربة العلمية والتقنية الذي قد‬ ‫ينجم عن متوضع احلاضنة بالقرب من جامع ٍة‬ ‫مركز لألحباث‪ .‬وحيث إن احلاضنات بعامة‬ ‫أو ٍ‬ ‫غري قادرة على تأمني مجيع هذه اخلدمات‪،‬‬ ‫مؤسسات مؤازرة‬ ‫فإن الشروع بالشراكة مع ّ‬ ‫وإبرام حتالفات واتفاقيات لتلزيم بعض‬ ‫ملؤسسات أعمال متخصصة أضحت‬ ‫األنشطة ّ‬ ‫من املمارسات السائدة‪ .‬وقد أضحى من املعتاد‬ ‫اختيار موقع احلاضنة من ضمن مناطق تت ّم‬ ‫تنميتها لتحفيز األنشطة اإلنتاجية واخلدمية‪.‬‬ ‫حبيث يكفل ذلك الوصول إىل اخلدمات الفنية‬ ‫واستثمار املنشآت املساعدة والبنى األساسية‬ ‫وسبل التواصل مع األسواق املنشودة‪ .‬وبصفة‬ ‫عامة تعترب احلاضنات ناجحة إذا أفلحت يف‬ ‫ما يلي‪:‬‬ ‫• توليد عائدات مناسبة على االستثمارات‬ ‫وجهت إلحداثها؛‬ ‫اليت ّ‬ ‫مؤسسات‬ ‫• ختريج تعداد مناسب من ّ‬ ‫األعمال وفرص العمل من ضمن فرتات زمنية‬ ‫معقولة؛‬ ‫• تعزيز التنمية املستندة إىل مدخالت‬ ‫علمية وتقنية جديدة من ضمن املنطقة أو‬ ‫اجلهة أو الدولة املعنيّة‪.‬‬ ‫وقد اجتهت دول عربية عديدة إلحداث‬ ‫حاضنات تنشد اإلجنازين الثاني والثالث‪.‬‬ ‫ويستند كثري من هذه املبادرات إىل تقنية‬ ‫املعلومات واالتصاالت (اإلطار ‪.)21‬‬

‫‪ 23‬أسهم هذا املركز يف ترويج البحوث اجلامعية من خالل برنامج ُك ِّرس هلذا الغرض يف العام ‪.1991‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫البحث العلمي‬

‫إطار رقم ‪20‬‬

‫حاضنات األعمال‬

‫مؤسسات األعمال املبادرة من اآلليات الفاعلة لتنويع مصادر الدخل الوطين وتوليد فرص عمل‪ .‬وقد أحدثت‬ ‫يعترب احتضان ّ‬ ‫أوىل حاضنات األعمال يف الواليات املتحدة أوائ َل الستينيات‪ .‬أما اليوم فتض ّم أمريكا الشمالية ما يزيد على األلف حاضنة‬ ‫حبسب إحصاءات االحتاد الوطين حلاضنات األعمال يف الواليات املتحدة‪ .‬ويقدر أن احلاضنات يف الواليات املتحدة أسهمت‬ ‫بإطالق ما يزيد على ‪ 27‬ألف شركة وأ ّدت إىل توليد أكثر من مئة ألف وظيفة‪ ،‬وعائدات قاربت ‪ 17‬مليار دوالر العام ‪.2005‬‬ ‫مؤسسات األعمال املبادرة‬ ‫وتشري إحصاءات االحتاد الوطين حلاضنات األعمال يف الواليات املتحدة إىل أن ‪ % 87‬من ّ‬ ‫اليت انتسبت إىل احلاضنات جنحت يف التخرج منها وما زالت ناشطة يف السوق مخس سنوات بعد خترجها‪.‬وهي نسبة‬ ‫مؤسسات األعمال اليت يت ّم إنشاؤها خارج إطار احلاضنات يف الدول املتقدمة‪.‬‬ ‫تفوق املعتاد (حواىل ‪ ) % 50‬بالنسبة إىل ّ‬ ‫ويقدر املعدل احلالي إلحداث احلاضنات يف أمريكا الشمالية بأكثر من ‪ 70‬حاضنة سنوياً‪ .‬ويف االحتاد األوروبي يزيد عدد‬ ‫احلاضنات حالياُ على ‪ 900‬حاضنة‪ ،‬تولّد أكثر من ‪ 40‬ألف فرصة عمل جديدة سنوياً‪ .‬وهذا على األخص من أجل محلة‬ ‫مؤسسات األعمال يف دول االحتاد األوربي‬ ‫الشهادات اجلامعية‪ .‬وتشري التقارير إىل أن معدالت جناح احلاضنات يف ختريج ّ‬ ‫تزيد على ‪ . % 84‬وقد انتشرت احلاضنات يف الصني مؤخراً فأصبح عددها يداني ‪ 500‬حاضنة‪ .‬أما تعداد احلاضنات يف‬ ‫العامل فيقدر بثالثة آالف حاضنة‪.‬‬ ‫تتض ّمن منظومة احلاضنات عدداً من العناصر‪ .‬فهي تستند إىل رواد األعمال أو املبادرين الذين حيملون أفكاراً مبتكرة‬ ‫مؤسسات األعمال املبادرة‪ .‬من أهمها رأس مال‬ ‫لتطويع أو استثمار تقنيات جديدة‪ .‬وتتطلب احلاضنات توافر آليات لتمويل ّ‬ ‫املخاطر والدعم املالي الذي تقّدمه الدولة واجلهات املعنية بالتنمية احمللية‪ .‬كما تق ّدم احلاضنات اخلدمات اإلدارية‪ ،‬ومنها‬ ‫تيسري تعامل إدارة احلاضنة ونزالئها مع اجلهات احلكومية ومع املستوردين واملصدرين يف األسواق الوطنية والدولية‪ .‬كما‬ ‫تقدم احلاضنات لنزالئها املشورة التقنية والعلمية والقانونية‪ .‬وتستقبل حاضنة األعمال االعتيادية باملتوسط حواىل عشرين‬ ‫شركة‪ ،‬تقدم هلا إدارة احلاضنة اخلدمات واملشورة العلمية والتقنية‪ ،‬كما توفر هلا اخلدمات اإلدارية بتكلفة منخفضة‪ .‬إال‬ ‫أن أهم ما تقدمه احلاضنات من دعم لنزالئها يتجلّى بتفاعلهم بعضهم مع بعض‪.‬‬ ‫يتخصص بأنشطة إنتاجية أو خدمية حمددة‪ .‬بينما يتناول‬ ‫ويتباين جمال عمل احلاضنات من واحدة ألخرى‪ .‬فمنها ما ّ‬ ‫بعضها اآلخر جماالت يتسع أو يضيق مداها من حالة ألخرى‪ .‬وتتجه نسبة ملموسة من احلاضنات حديثة العهد حنو‬ ‫جماالت تستند إىل تقنيات جديدة كتطوير الربجميات والتقنية احليوية‪ .‬إال أن بعض احلاضنات تؤازر أيضاً األعمال‬ ‫املبادرة ضمن جماالت ميكن أن توصف بالتقليدية كتصنيع املنتجات الغذائية أو اللدائن‪.‬‬ ‫ُصمم احلاضنة ضمن برامج وأنشطة أوسع نطاقاً؛ تستهدف‪ ،‬مث ً‬ ‫ال‪ ،‬دعم قطاع إنتاج ّي أو خدم ّي معينّ أو‬ ‫ومن الضرور ّي أن ت َّ‬ ‫النهوض باإلمكانات االقتصادية ملنطقة ما أو كجزء من املساعي الرامية إلنشاء جتمع صناعي‪ .‬على أن يستجيب التصميم‬ ‫دوماً ملتطلبات قائمة يت ّم التثبت منها بإجراء دراسات ختطيطية واقعية وتفصيلية إىل أبعد احلدود‪ .‬وال ب ّد يف مجيع‬ ‫مؤسسات األعمال وبرامج اقرتاض‬ ‫األحوال من تضمني خطط العمل تأمني الدعم املال ّي من خالل صناديق مكرسة لتنمية ّ‬ ‫خمصوصة من املصارف الوطنية وباالستعانة بآليات تتض ّمن رأمسال املخاطر‪.‬‬ ‫وغالباً ما تؤدي الشراكة املدروسة بني القطاعني اخلاص والعام إلجناح مبادرات احلاضنات‪ .‬وبوجه اخلصوص فإن تأمني‬ ‫الدعم األولي من الدولة أو القطاع العام يوفّر فوائد مجة يف املراحل األوىل من العمل‪ .‬على أن تشهد املراحل التالية تراجعاً‬ ‫يف دور الدولة ليبقى هذا الدور حمصوراً باإلشراف العام ومراقبة األداء والتزام إدارة احلاضنة بالقواعد املتفق عليها‪ ،‬يف‬ ‫ما يتعلق مث ً‬ ‫ال بتعويضات وأجور العاملني أو الشروط البيئية لعملها‪ .‬والدقة يف انتقاء نزالء احلاضنة من املهام اليت جيب‬ ‫تنفيذها بعناية‪ ،‬لكن من دون تشدد فائق‪ .‬فالرقابة والتقييم املنتظمان كفيالن حب ّل املشكالت لدى نشوئها‪ .‬أما شروط‬ ‫مؤسسات األعمال من احلاضنات فتختلف حبسب طبيعة احلاضنة ونزالئها؛ لكن فرتة االحتضان ترتاوح عادة بني‬ ‫ختريج ّ‬ ‫ثالث ومخس سنوات‪.‬‬ ‫يعود إلدارة حاضنات التقنية الدور األكرب يف جناحها‪ .‬فمن املألوف أن يُنتقى َمن تتوافر لديه اخلربة يف البحث والتطوير ويف‬ ‫إدارة األعمال إلدارة حدائق التقنية‪ .‬أما إدارة احلاضنة فمن الضروري أن تسند ألصحاب اخلربة يف قطاع األعمال‪ ،‬على‬ ‫املؤسسية‬ ‫أن تتوافر هلم املشورة الفنية ّ‬ ‫املتخصصة متى لزم ذلك‪ .‬ويف مجيع األحوال ال ب ّد أن تتض ّمن جمالس إدارة البنى ّ‬ ‫مؤسسات األعمال واملستثمرين والعاملني ضمنها من سائر فئاتهم‪.‬‬ ‫املستحدثة ممثلني عن ّ‬ ‫وباإلضافة إىل ذلك ينبغي أن تسعى إدارة احلاضنة سعياً حثيثاً إلقامة الروابط على املستويني الوطين والدولي‪ .‬وللتحالفات‬ ‫االسرتاتيجية مع الشركات املرموقة والناشطة يف مضمار عمل احلاضنة أهمية كبرية يف حشد الدعم هلا‪ ،‬وزيادة قدرتها‬ ‫التنافسية وفتح أسواق عاملية لنزالئها‪.‬‬ ‫‪24‬‬

‫‪ 24‬أنظر موقع االحتاد الوطين حلاضنات األعمال يف الواليات املتحدة على املوقع‪:‬‬ ‫‪ّ .NBIA‬‬ ‫مت االطالع على املوقع يف أيار‪/‬مايو ‪.2010‬‬

‫‪87‬‬

‫‪National Business Incubation Association‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 88‬للتنمية الثقافية‬

‫إطار رقم ‪21‬‬

‫حاضنة "بادر" يف مدينة امللك عبد العزيز للعلوم والتقنية يف الرياض‬

‫أنشأت مدينة امللك عبد العزيز العام ‪ 2008‬أوىل حاضنات األعمال اليت تنوي إطالقها ضمن إطار اخلطة الوطنية‬ ‫مؤسسات األعمال‬ ‫يف عدد من جماالت التقنية احلديثة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وختتص احلاضنة اليت أطلق عليها تسمية "بادر‪ "،‬باستضافة ّ‬ ‫الناشئة اليت ترمي إىل العمل يف حقول تقنية املعلومات واالتصاالت‪ .‬ومن أبرز شركاء املدينة يف تأسيس وإطالق خدمات‬ ‫احلاضنة الشركة السعودية لالتصاالت‪ ،‬والبنك السعودي للتسليف واإلدخار‪ .‬وتشارك الغرفة التجارية الصناعية يف الرياض‬ ‫مؤسسات القطاع اخلاص يف هذه احلاضنة‪ .‬ويستحوذ قطاع تطوير الربجميات واالتصاالت والوسائط املتع ّددة‬ ‫وعدد من ّ‬ ‫ّ‬ ‫املراتب األوىل يف دعم املشروعات احملالة للحاضنة‪ .‬وقد مت تأسيس احلاضنة بنا ًء على دراسة جدوى اقتصادية وتقنية‬ ‫شاملة شارك فيها خمتصون من مراكز حبثية يف جامعة ستانفورد يف الواليات املتحدة‪ .‬وقد تبنّت حاضنة "بادر" لتقنية‬ ‫مؤسسات األعمال املبادرة‪ ،‬وبلغ‬ ‫املعلومات واالتصاالت ‪ -‬منذ إطالقها قبل عامني كأول حاضنة وطنية سعودية‪ 26 -‬من ّ‬ ‫ملؤسسات األعمال‬ ‫عدد املشروعات املقيّمة يف نهاية العام ‪ 2009‬حنو ‪ 162‬مشروعاً فيما يفوق حجم االستثمارات احلالية ّ‬ ‫مؤسسات األعمال الناشئة اليت تبنتها احلاضنة أن تصبح شركات تقنية‬ ‫الناشئة ‪ 150‬مليون ريال‪ .‬ويتوقع لنحو سبع من ّ‬ ‫مؤسسة أخرى حتقيق دخل‬ ‫عالية النم ّو‪ ،‬وأن تتمكن اثنتان منها حتقيق حنو ‪ 12‬مليون ريال‪ ،‬وأن يتسنى الثنيت عشرة ّ‬ ‫إمجال ّي يقدر بنحو ‪ 290‬مليون ريال‪.‬‬ ‫ويت ّم تقييم أولوية املشروعات بنا ًء على جمموعة من املعايري وفق مناهج ثبت جناحها يف عديد من احلاضنات األخرى‬ ‫يف أحناء العامل‪ .‬حيث يت ّم اختيار املشروعات األكثر صلة ببناء اقتصاد املعرفة‪ .‬وقد استحوذت مشروعات الربجميات‬ ‫واالتصاالت والوسائط املتع ّددة املراتب األوىل يف برامج عمل احلاضنة‪.‬‬ ‫وتشرف جلنة برئاسة نائب رئيس مدينة امللك عبد العزيز للعلوم والتقنية ملعاهد البحوث على أنشطة بادر‪ .‬فتقوم الّلجنة‬ ‫املؤسسات الوطنية والدولية املعنية مبجاالت‬ ‫برسم التوجهات العامة وتقديم اإلرشادات إضافة لتفعيل تواصل "بادر" مع ّ‬ ‫متخصصة من‬ ‫مؤسسات وهيئات ّ‬ ‫عملها‪ .‬بينما تتولىّ شركة أسرتالية إدارة احلاضنة‪ .‬وتسهم يف برامج "بادر" وخدماتها ّ‬ ‫املؤسسات الغرفة التجارية يف الرياض ومجعية هندسة االتصاالت السعودية‬ ‫خالل مكاتب هلا يف موقع احلاضنة‪ .‬من هذه ّ‬ ‫ومجعية احلاسبات السعودية ومجعية املخرتعني السعوديني‪.‬‬ ‫املؤسسات اليت حتتضنها يف‬ ‫تشمل اخلدمات اليت تقدمها "بادر" لتقنية املعلومات واالتصاالت يف فرتة االحتضان مؤازرة ّ‬ ‫التوصل إىل التمويل ومصادر الدعم األخرى‪ .‬فتقدم برناجمني للمساعدة يف التمويل وتسهيل الوصول إىل مصادر الدعم‬ ‫وهما منح قرض بالتعاون مع بنك التسليف واإلدخار السعودي‪ ،‬حبيث يق ّدم البنك قروضاً للمنشآت املحُ تضنة حبسب‬ ‫احتياجاتها وفقاً لطبيعتها وحجمها وبنا ًء على خطة العمل النهائية املعتمدة من احلاضنة إضافة إىل التمويل من خالل‬ ‫أسسته شركة االتصاالت السعودية لدعم أنشطة "بادر"‪ .‬وحترص إدارة‬ ‫املشاركة برأس املال من خالل صندوق املال الذي ّ‬ ‫املؤسسات‬ ‫مؤسسات األعمال الناشئة كما تسعى الستطالع آراء ّ‬ ‫احلاضنة على تقييم اخلدمات اليت تقدمها لنزالئها من ّ‬ ‫النزيلة واستبيان مواطن القوة والضعف يف البيئة اليت توفرها احلاضنة‪.‬‬ ‫‪25‬‬

‫‪ 2 - 2‬حدائق العلم والتقنية في بعض‬ ‫‪26‬‬ ‫الدول العربية‬

‫تعترب تونس واملغرب ومصر وقطر ولبنان من‬ ‫الدول العربية اليت قطعت أشواطاً ملموسة يف‬ ‫إنشاء حدائق العلم والتقنية‪ .‬وقد أنشئت معظم‬ ‫احلدائق يف هذه الدول وغريها من الدول العربية‬ ‫يف مطلع القرن احلالي‪ .‬وتتفاوت الفعاليات اليت‬ ‫ّمت تأسيسها من حيث اتساع رقعتها وتعداد‬ ‫املؤسسات املشاركة فيها‪ .‬فبينما تعترب حديقة‬ ‫ّ‬

‫الدار البيضاء يف املغرب والغزالة يف تونس من‬ ‫احلدائق الصغرية نسبياً‪ ،‬فإن القرية الذكية يف‬ ‫مصر تعترب من حدائق العلم والتقنية الكبرية‪.‬‬ ‫لكن مساحات احلدائق وامليزانيات املرصودة‬ ‫هلا ال تعكس بالضرورة عدد الشركات اليت‬ ‫تستضيفها‪ .‬فأصغر احلدائق‪ ،‬أي حديقة الدار‬ ‫البيضاء للتقنية‪ ،‬تستضيف العدد األكرب من‬ ‫الشركات باملقارنة مع احلدائق األخرى اليت‬ ‫تضمنتها دراسة قامت بها جلنة األمم املتحدة‬

‫‪ 25‬أنظر املوقع‪http://www.aleqt.com/2010/04/24/article_383630.html :‬؛ للصحيفة االقتصادية الوطنية‪ .‬العدد ‪ ،6039‬الصادر يوم السبت مجادي األول ‪ 1431‬املوافق‬ ‫‪ 24‬إبريل ‪ .2010‬مت اإلطالع على املعلومات اليت يعرضها املوقع يف متوز‪ /‬يوليو العام ‪.2010‬‬ ‫املؤسسية اليت أطلقت عليها تسميات خمتلفة منها "قرية" و"واحة" و "قطب" التقنية‪ .‬وهذا ألن هذه‬ ‫‪ 26‬تستخدم هنا تسمية "حديقة" تقنية يف اإلشارة إىل عدد من البنى ّ‬ ‫املؤسسية املختلفة يف الدول العربية حالياً‪.‬‬ ‫التسميات حتمل مجيعها دالالت متقاربة بالنسبة إىل البنى ّ‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪27‬‬

‫‪28‬‬

‫‪ 27‬يبلغ عدد الشركات اليت تتّخذ من قطب الغزالة مقراً هلا ‪ 140‬شركة‪.‬‬ ‫كمؤسسة غرب حكومية وغري رحبية العام ‪.2006‬‬ ‫‪ 28‬أنشئت هذه احلاضنة من قبل اجلمعية السورية للحاسوب ّ‬

‫البحث العلمي‬

‫االقتصادية إلفريقيا ‪.‬‬ ‫أما أعداد العاملني يف احلدائق ومرافقها‬ ‫فتتوقف إىل ح ّد كبري على أتساع رقعة اخلدمات‬ ‫اليت تقدمها القرية لنزالئها من شركات‬ ‫ومعاهد وخمابر‪ ،‬وترتاوح كما هو متوقع من‬ ‫بلد آلخر‪ .‬وهكذا فقد بلغ عدد العاملني يف العام‬ ‫‪ 2008‬يف مرافق القرية الذكية يف مصر ‪12,000‬‬ ‫عامل من مجيع الفئات الوظيفية‪ .‬أما تعداد‬ ‫العاملني يف حديقيت الغزالة التونسية والدار‬ ‫البيضاء املغربية فقارب ‪ 1,400‬عامل من مجيع‬ ‫الفئات الوظيفية يف ك ّل منهما‪.‬‬ ‫وكما هو احلال يف عديد من حدائق العلم‬ ‫والتقنية يف البلدان النامية‪ ،‬واملتق ّدمة أحياناً‪،‬‬ ‫فإن تقنية املعلومات واالتصاالت تستأثر بقسط‬ ‫ملموس من أنشطة حدائق التقنية العربية‪ .‬بل‬ ‫إن القرية الذكية يف مصر‬ ‫خمتصة بتقنيات‬ ‫ّ‬ ‫املعلومات واالتصاالت دون غريها من التقنيات‪.‬‬ ‫ويتض ّمن عديد من حدائق التقنية اليت‬ ‫شيدت يف الدول العربية حاضنات لألعمال‪،‬‬ ‫ملؤسسات األعمال الصغرية اليت تعمل‬ ‫وخباصة ّ‬ ‫يف مضمار تقنيات املعلومات واالتصاالت‪ .‬ومن‬ ‫احلدائق اليت تتض ّمن مثل هذه احلاضنات‬ ‫قطب الغزالة يف تونس والقرية الذكية يف مصر‬ ‫وحديقة الدار البيضاء يف املغرب‪ .‬وهذا ال يعين‬ ‫أن دوالً أخرى مل تشيّد بعد حدائق للتقنية‬ ‫مل تقم بإحداث حاضنات للتقنية‪ .‬فسوريا‬ ‫وفلسطني اللتان مل تقوما لآلن ببناء حدائق‬ ‫مؤسستني الحتضان األعمال‬ ‫تقنية شكلتا ّ‬ ‫الصغرية واملتوسطة الناشطة يف مضمار تقنيات‬ ‫املعلومات واالتصاالت ‪.‬‬ ‫مؤسسات‬ ‫وتقع حديقتا تونس وقطر جبوار ّ‬ ‫للتعليم العالي والبحث‪ .‬كما أن حدائق العلم‬ ‫والتقنية األخرى تتفاعل من دون ريب مع‬

‫املؤسسات الوطنية املكرسة للبحث والتعليم‬ ‫ّ‬ ‫العالي‪ ،‬وإن مل تشيّد جبوارها‪ .‬وفيما عدا قطب‬ ‫الغزالة التونسي‪ ،‬فإن احلدائق األخرى قد‬ ‫شيّدت بناء على برامج مشرتكة بني القطاعني‬ ‫العام واخلاص‪ .‬وبينما تدير شركة من شركات‬ ‫القطاع العام احلديقة التونسية‪ ،‬كلّفت بإدارة‬ ‫احلدائق األخرى شركات من القطاع اخلاص‪.‬‬ ‫يف ما عدا حديقة العلم والتقنية اليت تدار من‬ ‫قبل‬ ‫املؤسسة‬ ‫مؤسسة قطر اليت تتّخذ طابع ّ‬ ‫ّ‬ ‫املستقلة وإن كانت تتلقّى دعماً سخياً من‬ ‫احلكومة القطرية‪.‬‬ ‫وبصورة عامة‪ ،‬فإن املواقع املنتقاة إلقامة‬ ‫حدائق العلم والتقنية يف مجيع البلدان اليت‬ ‫تتوافر معطيات حوهلا مناسبة من أوجه‬ ‫عديدة؛ كقربها من مراكز وطنية للتعليم‬ ‫العالي والبحث العلمي ومن وسائط املواصالت‬ ‫احلديثة‪ .‬أما من حيث اجلهات اليت قامت على‬ ‫ومؤسسات القطاع العام‬ ‫تأسيسها فاحلكومات ّ‬ ‫املكلفة من قبلها تقوم بالدور األهم يف تشييد‬ ‫املؤسسية اليت أحدثت يف‬ ‫خمتلف أمناط البنى ّ‬ ‫البلدان العربية‪ .‬بل إن قطب التقنية التونسي‬ ‫تأسس بصورة كاملة حتت رعاية احلكومة‪ .‬إال‬ ‫ّ‬ ‫أن القطاع اخلاص يقوم بأدوار ملموسة يف بعض‬ ‫احلاالت‪ ،‬كما ّمت يف مصر واملغرب‪.‬‬ ‫ومن حيث الغاية من إحداث حدائق العلم‬ ‫والتقنية‪ ،‬يبدو أن األولوية متنح يف معظم‬ ‫احلاالت لتأمني وظائف للخرجيني الشباب‪.‬‬ ‫ويلي هذه الغاية على سلم األولويات الرغبة‬ ‫باستقطاب الشركات األجنبية ومتع ّددة اجلنسية‬ ‫املرموقة لتأسيس فروع هلا من ضمن احلدائق‪،‬‬ ‫ابتغا ًء ملنافع أع ّم على صعيد االقتصاد احملل ّي‬ ‫والوطينّ‪.‬‬ ‫أما فيما يتعلّق بإدارة احلدائق‪ ،‬فاألسلوب‬

‫‪89‬‬

‫تُعتبر تونس والمغرب ومصر وقطر‬ ‫ولبنان من الدول العربية التي قطعت‬ ‫أشواطاً ملموسة في إنشاء حدائق العلم‬ ‫والتقنية‪ ،‬وقد أنشئت معظم الحدائق في‬ ‫هذه الدول وغيرها من الدول العربية في‬ ‫مطلع القرن الحالي‪ ،‬وتتفاوت الفعاليات‬ ‫التي ت ّم تأسيسها من حيث اتساع رقعتها‬ ‫المؤسسات المشاركة فيها‪..‬‬ ‫وتعداد ّ‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 90‬للتنمية الثقافية‬

‫يتب ّنى الكثير من الحدائق معايير‬ ‫األداء المعتادة والمتبعة في حدائق العلم‬ ‫مؤسسات‬ ‫والتقنية في أنحاء العالم‪ ،‬كعدد ّ‬ ‫األعمال التي تستضيفها الحديقة‬ ‫والشركات المبادرة التي ت ّم إطالقها‬ ‫والوظائف التي ت ّم توليدها‪ ..‬وتنفرد‬ ‫حديقة الدار البيضاء لكونها أجرت مسحاً‬ ‫على درجة من الشمول في العام ‪2008‬‬ ‫حول مدى تقبّل الجهات التي تتعامل معها‬ ‫لسوية الخدمات التي تق ّدمها وما يمكن‬ ‫تطويره من مناهج عملها‪ ..‬وعلى الرغم‬ ‫من أن حدائق التقنية في الدول العربية‬ ‫لم تبدأ العمل الجاد إال منذ سنوات قليلة‪،‬‬ ‫إال أن بعضها أفلح في توليد عدد كبير‬ ‫نسبياً من فرص العمل‪ ،‬فباالستناد إلى‬ ‫دليل حديقة الدار البيضاء التقنية للعام‬ ‫‪ ،2007‬نجحت هذه الحديقة في توليد‬ ‫ألف ّي فرصة عمل‪ ..‬ومن جهة أخرى‪،‬‬ ‫أشارت خطط القرية الذكية في مصر‬ ‫السابقة إلى عزمها على توليد ‪120,000‬‬ ‫فرصة عمل توزّع على قرابة ‪ 120‬شركة‬ ‫تعمل القرية على إطالقها إلى السوق في‬ ‫نهاية العام ‪. .2008‬‬

‫الغالب هو تكليف جملس لإلدارة بذلك‪.‬‬ ‫إال أن بعض احلدائق يذهب أبعد من ذلك‬ ‫فيؤسس جملساً من اخلرباء للنظر يف القضايا‬ ‫ّ‬ ‫االسرتاتيجية والنظر إىل أداء احلديقة على‬ ‫أساس سنوي أو نصف سنوي‪ .‬ومن األمثلة‬ ‫عن احلدائق اليت مضت يف اجتاهات مماثلة‬ ‫حديقة الدار البيضاء اليت ش ّكلت جلنة‬ ‫اسرتاتيجية وقطب الغزالة الذي ألّف جملساً‬ ‫علمياً‪ ،‬باإلضافة إىل اآلليات املعتادة من جملس‬ ‫اإلدارة‪.‬‬ ‫ويتفاوت طيف اخلدمات اليت تق ّدمها‬ ‫اجلهات املشرفة على إدارة احلدائق من حالة‬ ‫ألخرى‪ .‬كما أن عدداً من احلدائق يلزّم تقديم‬ ‫متخصصة من القطاع‬ ‫ملؤسسات ّ‬ ‫بعض اخلدمات ّ‬ ‫اخلاص‪ .‬ومثال القرية الذكية يف مصر يشري‬ ‫إىل مثل هذا التوجه‪ .‬وكما سبقت اإلشارة فإن‬ ‫أسست‬ ‫نسبة ملموسة من حدائق التقنية اليت ّ‬ ‫يف املنطقة العربية تتض ّمن حاضنات لألعمال أو‬ ‫هي بصدد إنشائها‪.‬‬ ‫ويشري ما هو متاح من نشرات حول تقييم‬ ‫أداء احلدائق إىل أن الكثري منها يتبنّى معايري‬ ‫األداء املعتادة واملتبعة يف حدائق العلم والتقنية‬ ‫مؤسسات األعمال اليت‬ ‫يف أحناء العامل‪ .‬كعدد ّ‬ ‫تستضيفها احلديقة والشركات املبادرة اليت ّمت‬ ‫إطالقها والوظائف اليت ّمت توليدها‪ .‬ويبدو أن‬ ‫حديقة الدار البيضاء تتفرد لكونها قد أجرت‬ ‫مسحاً على درجة من الشمول يف العام ‪2008‬‬ ‫حول مدى تقبل اجلهات اليت تتعامل معها‬ ‫لسوية اخلدمات اليت تق ّدمها وما ميكن تطويره‬ ‫من مناهج عملها‪ .‬وعلى الرغم من أن حدائق‬

‫التقنية يف الدول العربية مل تبدأ العمل اجلاد إال‬ ‫منذ سنوات قليلة إال أن بعضها قد أفلح يف توليد‬ ‫عدد كبري نسبياً من فرص العمل‪ .‬فباالستناد‬ ‫إىل دليل حديقة الدار البيضاء التقنية للعام‬ ‫‪ ،2007‬جنحت هذه احلديقة يف توليد ألف ّي‬ ‫فرصة عمل‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬أشارت خطط‬ ‫القرية الذكية في مصر السابقة إىل عزمها على‬ ‫توليد ‪ 120,000‬فرصة عمل تو ّزع على قرابة ‪120‬‬ ‫شركة تعمل القرية على إطالقها إىل السوق‬ ‫بنهاية العام ‪. 2008‬‬ ‫ويف ما يتعلّق مبخرجات احلدائق من‬ ‫أوراق األحباث وبراءات االخرتاع فاملعلومات‬ ‫شحيحة لكن النشرات املتاحة تشري إىل أن‬ ‫حدائق التقنية يف مصر وتونس واملغرب ق ّدمت‬ ‫مساهمات ملموسة لصادرات هذه البلدان من‬ ‫منتجات وخدمات تستند إىل تقنيات املعلومات‬ ‫واالتصاالت‪ .‬كذلك فإن تقريراً وضع بنتيجة‬ ‫زيارات ميدانية لعدد من حدائق التقنية يشري‬ ‫إىل أن حدائق التقنية يف ك ّل من مصر وتونس‬ ‫واملغرب كان هلا أثر إجياب ّي على البنى األساسية‬ ‫لتقنيات االتصاالت املتاحة وعلى البيئة التمكينية‬ ‫ضمن هذه البلدان ‪ .‬ويشري التقرير ذاته إىل أن‬ ‫حديقيت الغزالة والدار البيضاء أسهمتا بتحفيز‬ ‫مؤسسات األعمال اليت‬ ‫صالت التعاون بني ّ‬ ‫تستضيفها ومعاهد التعليم والبحث اليت أقيمت‬ ‫على أرضها‪ .‬لكن التقرير ذاته يلحظ أن هذه‬ ‫الصالت اقتصرت إىل ح ّد كبري على تدريب‬ ‫مؤسسات‬ ‫مؤسسات األعمال لدى ّ‬ ‫العاملني يف ّ‬ ‫خمتصة واشرتاك بعض الطلبة كمتدربني يف‬ ‫ّ‬ ‫مؤسسات األعمال‪ .‬وقد‬ ‫برامج عمل فعلية لدى ّ‬ ‫‪29‬‬

‫‪30‬‬

‫‪ 29‬هذه معلومات وردت يف تقرير جلنة األمم املتحدة االقتصادية إلفريقيا الذي أشري إليه يف مالحظة سابقة (‪Technology Parks,‬‬ ‫‪Incubation Centres, Centres of Excellence; best practices and business model development in North Africa and‬‬ ‫‪)Southern Africa; January 2009. Call number E/ECA/CODIST/1/14 26 March 2009‬‬ ‫‪ 30‬املصدر هنا أيضاً هو تقرير جلنة األمم املتحدة االقتصادية إلفريقيا الذي أشري إليه يف مالحظة سابقة (‪Technology Parks,‬‬ ‫‪Incubation Centres, Centres of Excellence; best practices and business model development in North Africa and‬‬ ‫‪Southern Africa; January 2009. Call number E/ECA/CODIST/1/14 26 March 2009‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪31‬‬

‫البحث العلمي‬

‫أ ّدى التعاون بني هذين اجلانبني يف قليل من‬ ‫احلاالت فقط إلجناز برامج مشرتكة حمدودة‬ ‫األبعاد للبحث والتطوير‪.‬‬ ‫ومن النقاط اليت يرتكز االهتمام على‬ ‫رصدها يف تتبع أداء حدائق التقنية الرضا الذي‬ ‫يشعر به نزالء احلديقة عن مستوى اخلدمات‬ ‫املتاحة ضمنها‪ .‬وقد لوحظ أن نزالء احلدائق يف‬ ‫مصر وتونس واملغرب قيّموا املنافع اليت حصلوا‬ ‫عليها من جراء انضمامهم إىل احلديقة بصورة‬ ‫إجيابية‪ .‬ومن نقاط القوة الرئيسة اليت لقيت‬ ‫تقديراً خاصاً من قبل نزالء حدائق التقنية يف‬ ‫مسح ميداني قريب العهد لعدد من احلدائق‪:‬‬ ‫قرب موقعها من مراكز النشاط االقتصادي‪،‬‬ ‫وتوافر املساحات الالزمة للتوسع ورسوم اإلجيار‬ ‫املعقولة وتوافر طيف عريض من اخلدمات‬ ‫مؤسسات‬ ‫والفوائد املعنوية املرتتبة عن مسعة ّ‬ ‫األعمال من جراء انضمامها إىل عداد نزالء‬ ‫احلديقة‪.‬‬ ‫أما نقاط الضعف اليت يشار إليها من قبل‬ ‫النزالء‪ ،‬فأهمها ضعف أو غياب التفاعل املنشود‬ ‫بني النزالء‪ ،‬من جراء تواجدهم ضمن احلديقة‬ ‫مؤسسات األعمال من أن‬ ‫ذاتها‪ .‬كما تشكو بعض ّ‬ ‫فعاليات البحث والتطوير اليت تتّخذ من احلديقة‬ ‫موئ ًال هلا ال متتلك من اخلربات ما يكفي لدعم‬ ‫أنشطتها اخلدمية أو اإلنتاجية‪ .‬من جهة أخرى‪،‬‬ ‫فإن شكوى معاهد التعليم وفعاليات البحث‬ ‫والتطوير ترتكز على تسرب العاملني لديها باجتاه‬ ‫مؤسسات األعمال الناشطة ضمن احلديقة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تعطي الفقرات التالية نبذاً عن حدائق‬ ‫وواحات وأقطاب العلوم والتقنية يف الدول‬ ‫العربية‪ .‬وتبينّ أن العدد األكرب من هذه‬ ‫الفعاليات قد أنشئ يف السنوات العشر املاضية‪.‬‬ ‫كما تبينّ أن األغلبية الساحقة من الفعاليات‬

‫اليت أنشئت أو اليت خيطط إلنشائها أو اليت‬ ‫يت ّم اآلن تشييدها تتّخذ من تقنيات املعلومات‬ ‫واالتصاالت حماور أساسية لعملها‪ .‬إال أن نسبة‬ ‫ملموسة تستهدف أيضاً استثمار التقنية احليوية‬ ‫يف تطبيقات طبية وصيدالنية وملعاجلة األغذية‪.‬‬ ‫كما يتّجه بعضها لرتويج اخلدمات السياحية‬ ‫وتقنيات املعلومات واالتصاالت املتعلقة بها‪.‬‬ ‫ومعظم املرافق اليت ّمت تشييدها أو اليت ما‬ ‫زالت يف طور التخطيط أو التشييد تتض ّمن‬ ‫إمكانات الحتضان الشركات املبادرة‪.‬‬ ‫‪ 1 - 2 - 2‬تونس‬

‫قطب الغزالة لتقنيات المعلومات‪:‬‬

‫أنشئ قطب الغزالة لتقنيات االتصاالت على‬ ‫مساحة تبلغ ‪ 60,000‬مرت مربع يف املدينة‬ ‫التقنية لالتصاالت اليت متت ّد بدورها على‬ ‫مساحة تساوي ‪ 650,000‬مرت مربع‪ .‬ويبعد قطب‬ ‫الغزالة بضعة كيلومرتات فقط عن مطار تونس‬ ‫قرطاج‪ .‬يستضيف قطب الغزالة الشركات اليت‬ ‫تستند إىل التجديد التقين كركيزة لعملها‪.‬‬ ‫ومنها عدد من الشركات الدولية الناشطة يف‬ ‫حقول تقنيات االتصاالت مثل ألكاتل وإريكسون‬ ‫األوروبيتني وهواهوي الصينية‪ .‬ويهدف لتطوير‬ ‫ومؤسسات البحث‬ ‫آليات للتعاون بني الصناعة ّ‬ ‫ومعاهد التعليم العالي‪ .‬كما يسعى قطب الغزالة‬ ‫لتحفيز التعاون الدولي يف مضمار تقنيات‬ ‫االتصاالت‪ .‬انض ّم قطب الغزالة لتقنيات‬ ‫االتصاالت يف العام ‪ 2000‬إىل االتّ حاد الدولي‬ ‫حلدائق العلم‪ .‬كما تربطه اتفاقيات تعاون مع‬ ‫عدد من حدائق التقنية األوروبية ‪.‬‬ ‫حديقة صفاقس التقنية‪ :‬ختطط‬ ‫احلكومة التونسية إلنشاء حديقة صفاقس‬ ‫التقنية على مساحة تبلغ ‪ 600,000‬مرت مربع يف‬ ‫‪32‬‬

‫‪ 31‬يشري التقرير إىل “ … ‪.”… a few small research and development projects‬‬ ‫‪ 32‬أنظر موقع قطب الغزالة على الشبكة‪ ./http://www.elgazalacom.nat.tn/ar :‬مت اإلطالع على املعلومات اليت يعرضها املوقع‬ ‫\ يولي‬

‫‪91‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 92‬للتنمية الثقافية‬

‫مدينة صفاقس جنوب البالد‪ .‬وهذا كجزء من‬ ‫اسرتاتيجية تهدف إىل تنمية املناطق اجلنوبية‪.‬‬ ‫ومن املرتقب أن ترتكز أنشطة احلديقة يف‬ ‫تقنيات املعلومات واالتصاالت وفروع اهلندسة‬ ‫املتقدمة‪ .‬وستجاور احلديقة جامعة صفاقس‬ ‫اليت تعترب من معاهد التعليم العالي الرائدة يف‬ ‫مضمار العلوم والتقنية‪ ،‬حبيث يتسنّى للجامعة‬ ‫دعم مشروع احلديقة‪ ،‬باإلضافة إىل مؤازرة‬ ‫غرفة الصناعة والتجارة يف صفاقس‪ .‬كما يتلقّى‬ ‫املشروع بعض الدعم من وكالة الواليات املتحدة‬ ‫للتنمية الدولية‪.‬‬ ‫حديقة سوسة التقنية‪ :‬أنشئت هذه‬ ‫احلديقة على مساحة تقارب ‪ 600,000‬مرت مربع‬ ‫يف ضواحي مدينة سوسة‪ ،‬وهي تبعد بضعة‬ ‫كيلومرتات فقط عن مطار موناستير الدولي‬ ‫وعن املرفأ وخط السكة احلديدية الذي يربط‬ ‫سوسة بـ تونس العاصمة‪ .‬وترت ّكز أنشطة‬ ‫احلديقة ضمن تقنيات املعلومات واالتصاالت‬ ‫واإللكرتونيات وفروع اهلندسة املتق ّدمة‪ .‬وقد‬ ‫ّمت إنشاء أربعة مصانع ضمن احلديقة إلنتاج‬ ‫مك ّونات السيارات ومعدات النقل‪.‬‬ ‫حديقة بنزرت التقنية‪ :‬أطلق مشروع‬ ‫حديقة بنزرت التقنية مبوجب برنامج للتعاون‬ ‫بني حديقة بنزرت لألنشطة االقتصادية‬ ‫ومؤسسة أغروبوليس يف مونبلييه جنوب‬ ‫ّ‬ ‫فرنسا‪ .‬ومن املرتقب أن ترتكز أنشطة احلديقة‬ ‫على تقنيات األغذية ومعاجلتها‪ .‬وترتبط‬ ‫حديقة بنزرت لألنشطة االقتصادية اليت‬ ‫حتتضن احلديقة التقنية باتفاقيات للتعاون مع‬ ‫املنطقة احل ّرة يف قادش يف إسبانيا ومع منطقة‬ ‫جبل علي يف اإلمارات‪.‬‬ ‫حديقة برج سدرية التقنية‪ :‬ص ّمم‬ ‫مشروع حديقة برج سدرية التقنية للعمل‬ ‫‪33‬‬

‫ضمن جماالت من أبرزها تقنيات الطاقة‬ ‫املتج ّددة واملياه والبيئة وتطبيقات التقنية‬ ‫ُصصت احلديقة‬ ‫احليوية النباتية‪ .‬وقد خ ّ‬ ‫مبساحة تبلغ ‪ 730,000‬مرت مربع‪ .‬وهي مك ّونة‬ ‫من مخس مناطق‪ ،‬األوىل مك ّرسة للمصانع‬ ‫والورش املؤازرة هلا‪ ،‬ومن األنشطة اليت‬ ‫تنجزها هذه الورش تيسري االنتقال بالنماذج‬ ‫اليت يت ّم تطويرها ضمن خمابر البحث إىل‬ ‫حيز اإلنتاج الكم ّي‪ .‬أما املنطقة الثانية فهي‬ ‫خمصصة لألنشطة األكادميية ومن املق ّرر أن‬ ‫ّ‬ ‫تض ّم املعهد العالي لعلوم البيئة واملعهد العالي‬ ‫لعلوم احلاسوب واملعهد العالي للدراسة التقنية‪.‬‬ ‫أما املنطقة الثالثة فتقوم ضمنها أنشطة‬ ‫البحث والتطوير وتضم ثالثة مراكز عاملة‬ ‫اآلن وهي مركز أبحاث تقنيات املياه ومركز‬ ‫أبحاث تقنيات الطاقة ومركز أبحاث التقنيات‬

‫احليوية‪ .‬وتض ّم املنطقة الرابعة فعاليات مركز‬ ‫لنقل التقنية وحلاضنات الشركات املبادرة‪ .‬أما‬ ‫املنطقة اخلامسة يف هذه احلديقة فهي مكرسة‬ ‫للخدمات العامة بأنواعها‪ .‬كما ترتبط حديقة‬ ‫برج سدريه التقنية باتفاقيات تعاون مع عديد‬ ‫املؤسسات الوطنية واألجنبية ومنها مدينة‬ ‫من ّ‬ ‫صوفيا‪-‬أنتيبوليس الفرنسية‪.‬‬ ‫حديقة سيدي ثابت التقنية‪ُ :‬صممت‬ ‫حديقة سيدي ثابت التقنية لتعمل ضمن‬ ‫جماالت التقنية احليوية بالرتكيز على العقاقري‬ ‫واألمصال املستخدمة يف جماالت الطب البشري‬ ‫والبيطري وتتض ّمن أربع مناطق رئيسة‪ .‬األوىل‬ ‫منطقة مكرسة الحتواء املصانع ومرافق العمل‬ ‫املؤسسات‬ ‫املشرتكة‪ ،‬ومنها ما ُصمم ملؤازرة ّ‬ ‫الصناعية على ختطي املشكالت اليت تعرتض‬ ‫املراحل األوىل من اإلنتاج الصناعي‪ .‬واملنطقة‬ ‫خمصصة لألنشطة األكادميية وهي‬ ‫الثانية ّ‬

‫‪ 33‬أنظر املوقع‪ .www.ecopark.rnrt.tn/en/index.htm :‬واملوقع‪ّ .http://www.unido.org/index.php?id=o26781 :‬‬ ‫مت‬ ‫االطالع على املعلومات اليت يعرضها هذان املوقعان يف متوز‪/‬يوليو العام ‪.2010‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫حتتوي اآلن معهداً للطب البيطري ويتو ّقع أن‬ ‫تض ّم عدداً من املعاهد األخرى يف املستقبل‬ ‫القريب‪ ،‬منها املعهد العالي للتقنية احليوية‬

‫‪ 3-2-2‬البحرين‬

‫البحث العلمي‬

‫حديقة البحرين التقنية‪ :‬تهدف‬ ‫احلديقة إىل تنمية واستثمار املهارات اليت‬ ‫واملعهد العالي لتقنية املعلومات واملعهد العالي ميتلكها مواطنو البحرين وإىل توليد فرص‬ ‫للمنتجات الصيدالنية‪ .‬أما املنطقة الثالثة فهي استثمارية وبيئة خصبة لنشوء صناعات جديدة‬ ‫مكرسة ملعاهد البحث والتطوير وتض ّم حالياً يف اململكة‪ .‬وترتكز أنشطة احلديقة اليت مت ّوهلا‬ ‫املركز الوطني للعلوم والتقنيات النووية واملعهد‬ ‫مؤسسة مالية كويتية يف جماالت تقنية املعلومات‬ ‫ّ‬ ‫الوطني لألبحاث الكيميائية والفيزيائية‪ .‬واالتصاالت والرعاية الصحية والطبابة‪.‬‬ ‫خمصصة إلنشاء‬ ‫واملنطقة الرابعة من احلديقة ّ‬ ‫مركز لنقل التقنية وحلاضنات الشركات‬ ‫‪ 4-2-2‬السعودية‬ ‫املبادرة‪.‬‬ ‫حديقة األمير عبد الله بن عبد‬ ‫تأسست هذه احلديقة العام‬ ‫العزيز للعلم‪ّ :‬‬ ‫‪ 2-2-2‬الجزائر‬ ‫‪ 2003‬على مساحة تبلغ حواىل ‪ 300,000‬مرت‬ ‫قطب سيدي عبد الله للتقنية‪ :‬يقع مربع مشال جامعة امللك فهد للبترول واملعادن‪.‬‬ ‫قطب سيدي عبد الله للتقنية على مسافة ‪ 30‬وهي تتكامل إىل ح ّد كبري مع اجلامعة يف‬ ‫كم من اجلزائر العاصمة‪ .‬وقد أُنشئ على مساحة توجهاتها‪ .‬كما أن وجودها على مقربة من‬ ‫واسعة من قبل بلدييت احمللمة والرحمانية‪ .‬كليات العلوم واهلندسة يولّد فرصاً للتفاعل‬ ‫ويتض ّمن املوقع ثالث حدائق للتقنية‪ :‬حديقة بني الشركات اليت تتخذها مقراً ألعماهلا‬ ‫البستان للتقنية وحديقة ابن سينا للتقنية واألخصائيني العاملني يف هذه الكليات‪ .‬وتعمل‬ ‫واحلديقة السيبريانية‪ .‬وميكن هلذه احلدائق هذه الشركات من ضمن حقول متصلة بصناعة‬ ‫ختتص بالتقنيات املتقدمة البرتول والكيميائيات كما يتنامى عدد نزالء‬ ‫استيعاب شركات ّ‬ ‫باإلضافة إىل جت ّمع صناعي يدعى حديقة احلديقة من الشركات املختصة بتقنيات‬ ‫التخصص اليت املعلومات واالتصاالت‪.‬‬ ‫سيدي بن نور‪ .‬وترتك ّز جماالت ّ‬ ‫ّ‬ ‫خيطط أن تتوالها حديقة البستان يف ثالتة‬ ‫جماالت‪ :‬التقنية احليوية اخلاصة بصناعة املواد‬ ‫حديقة جدة للتقنية الحيوية‬ ‫الصيدالنية‪ ،‬واإللكرتونيات وتقنيات املعلومات (بيوستي)‪ :‬من املخطط أن تنشأ حديقة‬ ‫واالتصاالت‪ .‬وتشرتك حديقة ابن سينا مع جدة التقنية جبوار جامعة امللك عبد العزيز‬ ‫وستختص بأحباث وصناعات تستند‬ ‫شقيقتها األوىل باختصاصني هما التقنية يف جدة‬ ‫ّ‬ ‫احليوية اخلاصة مع الرتكيز على الصيدالنيات إىل التقنيات احليوية‪ .‬جتدر اإلشارة إىل‬ ‫وتقنيات املعلومات واالتصاالت‪ .‬كما تضيف أن َّ جملس الوزراء السعودي أقر بتاريخ‬ ‫جماالت هي السياحة والرعاية الصحية ‪19/10/1426‬هـ خطة التنمية الثامنة للمملكة‬ ‫نصت يف الفصل‬ ‫والطب واهلندسة‪ .‬وترت ّكز أنشطة احلديقة بالقرار رقم (‪ )251‬واليت ّ‬ ‫السيبريانية على تقنيات املعلومات واالتصاالت الثاني منها على أن‪":‬تسعى اخلطة إىل تشجيع‬ ‫وتقنيات اإلعالم والتواصل‪ .‬أما حديقة سيدي إنشاء احلدائق العلمية يف اجلامعات ومراكز‬ ‫بن نور‬ ‫فتختص بالصناعات الزراعية والغذائية‪ .‬األحباث‪ ،‬وتوجيه املزيد من االهتمام لتشجيع‬ ‫ّ‬

‫‪93‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 94‬للتنمية الثقافية‬

‫التمويل املشرتك وبرامج األحباث املشرتكة‬ ‫ومؤسسات القطاع العام‪ ،‬وقيام‬ ‫بني الصناعة ّ‬ ‫حاضنات األعمال بهدف حتويل نتائج األحباث‬ ‫إىل تطبيقات جتارية وصناعية"‪.‬‬

‫لالستثمار‬

‫بيوت خبرة عالمية‬

‫‪ 5-2-2‬سوريا‬

‫وادي الرياض للتقنية‪ :34‬أنشأت جامعة‬

‫امللك سعود وادي الرياض للتقنية الستثمار‬ ‫خمرجات األحباث وتوطني التقنية واإلسهام‬ ‫ببناء جمتمع واقتصاد املعرفة يف اململكة العربية‬ ‫السعودية ‪ .‬ويستقطب املشروع الشركات‬ ‫ّ‬ ‫الرائدة يف جماالت منتقاة كما يسعى ملؤازرة‬ ‫املؤسسات‬ ‫املبدعني ولتحقيق التواصل بني ّ‬ ‫البحثية احمللية والعاملية‪ .‬وقد أجريت دراسات‬ ‫متخصصة‬ ‫جدوى من قبل بيوت خربة عاملية ّ‬ ‫يف جمال الواحات العلمية استندت إىل حاجات‬ ‫السوق احمللية والعاملية والتوجهات العامة خلطط‬ ‫اململكة االسرتاتيجية واجملاالت البحثية اليت‬ ‫تتميّز بها اجلامعة ّمت بنتيجتها حتديد ثالثة‬ ‫جماالت حبثية وتقنية ألنشطة وادي الرياض‬ ‫للتقنية هي‪ :‬التقنيات الكيماوية وتقنيات‬ ‫املواد‪ ،‬والتقنيات احليوية وتطبيقاتها الزراعية‬ ‫والبيئية‪ ،‬وتقنيات املعلومات واالتصاالت‪.‬‬ ‫وتتولىّ شركة أستحدثت بفضل استثمارات مت‬ ‫تأمينها من قبل القطاعني العام واخلاص إدارة‬ ‫أنشطة الوادي وتأمني بيئة استثمارية وتعاونية‬ ‫منسجمة وفعالة‪ .‬ويشرف جملس إدارة الوادي‬ ‫على فريق عمل احرتايف يتولىّ اإلدارة التنفيذية‪.‬‬ ‫وتسهم يف أنشطة وادي الرياض للتقنية جمموعة‬ ‫املؤسسات احملورية يف منظومة اإلبداع الوطنية‬ ‫من ّ‬ ‫يف السعودية تتض ّمن جامعة امللك سعود ومدينة‬ ‫‪35‬‬

‫و"مؤسسة امللك‬ ‫امللك عبد العزيز للعلوم والتقنية‬ ‫ّ‬

‫عبد العزيز ورجاله لرعاية املوهوبني"‬

‫والهيئة‬

‫السعودية للمواصفات واملقاييس والهيئة العامة‬ ‫‪36‬‬

‫‪.‬‬

‫حديقة العلم والتقنية السورية‪ :‬شرع‬

‫املعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا‬

‫يف‬ ‫استهدفت إنشاء حديقة العلم والتقنية‬ ‫السورية بالتعاون مع جهات دولية‪ ،‬منها الّلجنة‬ ‫سوريا‬

‫يف منتصف العقد املاضي بدراسة‬

‫االقتصادية واالجتماعية لغربي آسيا (اإلسكوا)‪.‬‬

‫ومن املتو ّقع أن تتض ّمن احلديقة حاضنة للتقنية‬ ‫وأن تقوم بتحويل نتائج األحباث اليت ينجزها‬ ‫املعهد العالي إىل منتجات وخدمات قابلة‬ ‫للتسويق واالستثمار‪ .‬وسيستند تصميم احلديقة‬ ‫إىل اخلربات اليت تراكمت لدى املعهد من جراء‬ ‫ما ق ّدم سابقاً‪ ،‬ويتابع تقدميه اآلن‪ ،‬من خدمات‬ ‫ملؤسسات األعمال واجلهات احلكومية يف عديد من‬ ‫ّ‬ ‫اجملاالت؛ يرتكز معظمها على تقنيات املعلومات‬ ‫واالتصاالت ويتعلّق بعضها بتقنيات محاية البيئة‪.‬‬ ‫وذلك خصوصاً يف إجراء قياسات ميدانية للمواد‬ ‫امللوثة الناجتة عن األنشطة الصناعية وخملفات‬ ‫التجمعات احلضرية‪ ،‬ويف مضمار استغالل‬ ‫مصادر الطاقة املتج ّددة لتسخني املياه وتوليد‬ ‫الكهرباء‪ ،‬ويف األمتتة الصناعية‪.‬‬

‫‪ 6 -2-2‬مصر‬ ‫مدينة مبارك للبحث العلمي‬ ‫وتطبيقات التقنية‪ :‬تهدف املدينة بصورة‬

‫أساسية إىل تطوير الصناعة يف‬

‫مصر‬

‫من‬

‫‪ 34‬أنظر املوقع‪ .http://rtv.com.sa/arabic/default.htm :‬مت اإلطالع على املعلومات اليت يعرضها املوقع يف متوز ‪ /‬يوليو العام‬ ‫‪.2010‬‬ ‫أقر جملس جامعة امللك سعود بتاريخ ‪ 20/11/1429‬هـ يف قراره رقم (‪ )1‬بالتوصية باعتماد “مشروع وادي الرياض للتقنية وتأسيس‬ ‫‪َّ 35‬‬ ‫شركة وادي الرياض القابضة” الذي تسعى اجلامعة من خالله إىل حتقيق جمموعة من األهداف‪ ،‬من أهمها‪ :‬نقل التقنية وتوطينها‪.‬‬ ‫‪ 36‬أنظر املوقع‪./http://www.gifted.org.sa/sp :‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫والتقنية احليوية ومعهد أبحاث تقنية املعلومات‬ ‫ومعهد أبحاث املواد اجلديدة ومعهد تطوير‬

‫اإلمكانات التقنية‪ .‬ومن املعاهد والفعاليات‬ ‫األخرى اليت يتو ّقع أن تكون قد اختذت املدينة‬ ‫مقراً ألعماهلا معهد أحباث الزراعة يف املناطق‬ ‫اجلافة ومعهد ألحباث الكيميائيات ومعهد‬ ‫ألحباث الصيدالنيات والصناعات التخمريية‬ ‫ومركز لتنمية الصناعات الصغرية ومعهد‬ ‫لتنمية الصناعات اهلندسية‪ .‬وترتبط مدينة‬ ‫مؤسسات‬ ‫مبارك بعدد من االتفاقيات الدولية مع ّ‬ ‫يف االحتاد األوربي ويف الصني‪.‬‬ ‫ص ّممت القرية الذكية‬ ‫القرية الذكية‪ُ :‬‬ ‫الجتذاب الصناعات واألنشطة اخلدمية اليت‬ ‫تستند إىل تقنيات املعلومات واالتصاالت‪،‬‬ ‫وتغطي مساحة تقارب ‪ 1.3‬مليون مرت مربع‬ ‫على مسافة قصرية من مركز العاصمة ومن‬ ‫مطار القاهرة‬ ‫الدولي‪ .‬ولدى اكتمال تشييدها‬ ‫ّ‬ ‫ستحتوي القرية الذكية ما يقارب ستني رقعة‬ ‫مؤسسات األعمال املبادرة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫خمصصة لتشييد ّ‬ ‫حبيث تستوعب يف نهاية املطاف ما يقارب ‪30‬‬

‫البحث العلمي‬

‫خالل استثمار نتائج البحث العلمي وتطبيقات‬ ‫التقنيات اجلديدة‪ .‬تشغل مدينة مبارك مساحة‬ ‫تفوق مليون مرت مربع غربي اإلسكندرية‪ ،‬اليت‬ ‫تشكل موئ ًال لـ ‪ % 40‬من الصناعات املصرية‪.‬‬ ‫وقد بدأت األعمال اإلنشائية العام ‪ ،1993‬ثم‬ ‫دشنت املرحلة األوىل منها العام ‪ .2000‬يشرف‬ ‫على أنشطة املدينة جملس يرأسه وزير التعليم‬ ‫العالي وتستوعب املدينة عدداً كبرياً من مراكز‬ ‫البحث‪ .‬ومن أبرز جماالت التقنية اليت تعمل‬ ‫املدينة لرتويج استثمارها‪ :‬التقنية احليوية‬ ‫وتقنية املعلومات وتقنية املواد متناهية الصغر‬ ‫أو تقنية النانو وتقنيات املواد اجلديدة بعامة‪.‬‬ ‫كما تتض ّمن املدينة عدداً من معاهد البحث‬ ‫وفعاليات التدريب املتق ّدم‪ .‬من املعاهد اليت‬ ‫تقطن مدينة مبارك‪ :‬معهد الهندسة الوراثية‬

‫ألف من العاملني‪.‬‬

‫‪95‬‬

‫وادي سيناء التقني‪ :‬يسعى هذا املشروع‬ ‫إىل التنمية االقتصادية واالجتماعية يف شبه‬ ‫ُصصت له مساحة واسعة‬ ‫جزيرة سيناء‪ .‬وقد خ ّ‬ ‫تبلغ ‪ 72‬كيلومرتاً مربعاً‪ ،‬على الشاطئ الشرقي‬ ‫من قناة السويس شمال شرقي البالد‪ .‬ويعترب‬ ‫وادي سيناء قطباً للتقنية‪ ،‬حيث سيض ّم العديد‬ ‫املؤسسات العلمية والبحثية والتعليمية‬ ‫من ّ‬ ‫والتدريبية والصناعية واخلدمية‪ .‬وتتض ّمن‬ ‫مؤسسات الوادي‬ ‫اجملاالت اليت ستعنى بها ّ‬ ‫املختلفة تقنيات املعلومات واالتصاالت والتقنيات‬ ‫احليوية واإللكرتونيات الصغرية وتقنيات املواد‬ ‫اجلديدة وتقنيات الطاقة املتج ّددة‪ .‬وتشرف‬ ‫على تشييد منشآت الوادي وتشغيلها جهات‬ ‫عديدة‪ ،‬منها وزارة التعليم العالي ووزارة الدولة‬ ‫للبحث العلمي وصندوق التنمية االجتماعية‪.‬‬ ‫‪ 7 -2-2‬قطر‬ ‫مؤسسة قطر وحديقة العلم‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫مؤسسة قطر‬ ‫نشئت‬ ‫أ‬ ‫القطرية‪:‬‬ ‫والتقنية‬ ‫ّ‬

‫للتربية والعلوم وتنمية اجملتمع سنة ‪ .1995‬ومن‬ ‫أبرز أهدافها تنمية العنصر البشري ليصبح‬ ‫رأس ماالً مستداماً وحي ّل حمل الثروات الباطنية‬ ‫املؤسسة‬ ‫املتمثلة مبخزون النفط والغاز‪ .‬وتتعاون ّ‬ ‫مع جمموع ٍة من املراكز املتميّزة يف ختصصاتها‪،‬‬ ‫من خالل شراكات تستهدف يف نهاية املطاف‬ ‫إدخال التغيري إىل اجملتمع‪ ،‬مع احلرص على‬ ‫الرتاث والثقافة القطرية الفريدة ومحايتهما‪.‬‬ ‫مؤسسة قطر مساحة‬ ‫تشغل املدينة التعليمية يف ّ‬ ‫تقارب مليون مرت مربع يف إحدى ضواحي مدينة‬ ‫املؤسسة وشركائها‪.‬‬ ‫الدوحة وتض ّم معظم مراكز ّ‬ ‫املؤسسة فروعاً‬ ‫تتض ّمن مدينة التعليم ضمن ّ‬ ‫لست جامعات أمريكية مرموقة‪ .‬كما تتض ّمن‬ ‫ّ‬ ‫مؤسسة قطر مؤسسة تعنى بالبحث العلمي يف‬ ‫ّ‬ ‫دولة قطر وتدير الصندوق الوطني للبحث الذي‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 96‬للتنمية الثقافية‬

‫أسس يف العام ‪ 2006‬لدعم أنشطة البحث يف‬ ‫ّ‬ ‫قطر‪ .‬ومن بني الفعاليات البحثية اليت ّ‬ ‫خيطط‬ ‫مؤسسة قطر مركز السدره‬ ‫لتشييدها حتت مظلّة ّ‬ ‫لألبحاث الطبية الذي رصد لتشييده مبلغ يقارب‬ ‫‪ 8‬مليارات دوالر أمريكي ومن املنتظر أن يبدأ‬ ‫العمل يف ‪.2012‬‬ ‫تش ّكل حديقة قطر للعلم والتقنية جزءاً من‬ ‫مؤسسة قطر يف الدوحة‪ .‬ومن أبرز مهام‬ ‫منشآت ّ‬ ‫املؤسسات‬ ‫احلديقة إحراز صالت وثيقة بني ّ‬ ‫التعليمية والبحثية يف مدينة التعليم وجمموعة‬ ‫من الصناعات الناشئة‪ .‬وتقوم احلديقة خدمة‬ ‫هلذا الغرض بتأمني املق ّر واخلدمات األساسية‬ ‫لعدد من الشركات تتض ّمن مايكروسوفت‬ ‫وشل واكسون موبيل‪ .‬وتتض ّمن جماالت عمل‬ ‫احلديقة خدمات الطريان والبيئة وصناعة‬ ‫الغاز والبرتوكيميائيات وتقنيات املياه والرعاية‬ ‫الصحية وتقنيات املعلومات واالتصاالت‪.‬‬ ‫وحديقة العلم والتقنية القطرية حديثة العهد‪،‬‬ ‫إذ دشنت فع ًال يف الشهر الثالث من العام ‪،2009‬‬ ‫لكنها تتميّز مبرافق رصد لتنفيذها جتاوز ‪300‬‬ ‫مليون دوالر أمريكي‪.‬‬

‫درست جلنة‬ ‫ألّفها جملس التخطيط األعلى يف دولة الكويت‬ ‫جدوى إحداث حديقة للتقنيات املتقدمة‪ .‬ومن‬ ‫املزمع أن ترت ّكز جهود احلديقة على تكوين‬ ‫األطر اخلبرية يف عديد من جماالت العلم‬ ‫والتقنية اليت تتميّز بأولويتها يف خطط التنمية‬ ‫الوطنية‪ ،‬وعلى حيازة وتطوير التقنيات اجلديدة‬ ‫من مصادرها احمللية والدولية‪ .‬كما يتض ّمن‬ ‫تصميم احلديقة بنى أساسية تسمح بتقديم‬ ‫اخلدمات للشركات صغرية ومتوسطة احلجم‬ ‫املبادرة اليت تتخذ التقنيات املتقدمة أساساً‬ ‫لعملها‪.‬‬

‫‪ 8-2-2‬األردن‬ ‫حديقة الجامعة الهاشمية للتقنية‪:‬‬

‫‪ 10-2-2‬لبنان‬ ‫قطب بريتيك التقني‪ّ :‬‬ ‫مت تدشني قطب‬

‫يت ّم تشييد هذه احلديقة يف مدينة الزرقاء مشال‬ ‫شرقي البالد بالتعاون مع إحدى الشركات‬ ‫ُصصت للمدينة مساحة‬ ‫متع ّددة اجلنسية‪ .‬وقد خ ّ‬ ‫تبلغ ‪ 1.5‬كيلومرتات مربعة ضمن حرم اجلامعة‬ ‫الهاشمية‪ .‬وترت ّكز اهتمامات احلديقة على‬ ‫تقنيات املعلومات واالتصاالت‪ .‬كما يتو ّقع أن‬ ‫مؤسسات أخرى يف‬ ‫تسهم يف أنشطة احلديقة ّ‬ ‫األردن‪.‬‬ ‫المدينة السيبريانية‪ :‬يت ّم تشييد هذه‬ ‫املدينة املكرسة لتقنيات املعلومات واالتصاالت‬ ‫من ائتالف شركات استثمارية تتعاون مع جامعة‬

‫العلوم والتكنولوجيا األردنية‪ .‬وقد ص ّممت‬ ‫احلديقة لتقوم بأنشطتها من ضمن منطقة‬ ‫تأسست بالقرب من ع ّمان العاصمة وعلى‬ ‫ح ّرة ّ‬ ‫ُصصت مبساحة‬ ‫مسافة مناسبة من املطار وخ ّ‬ ‫قدرها ‪ 4.5‬كيلومرتات مربعة‪ .‬وستسعى املدينة‬ ‫لتسويق منتجاتها وخدماتها يف األردن والبلدان‬ ‫اجملاورة‪.‬‬ ‫‪ 9 -2-2‬الكويت‬ ‫حديقة الكويت التقنية‪:‬‬

‫مؤسسة‬ ‫بريتيك التقني العام ‪ ،2002‬وهو أول ّ‬ ‫من نوعها يف لبنان يف مقر رحب على مقربة‬ ‫من العاصمة‪ .‬وله مق ّر آخر لإلدارة والعالقات‬ ‫العامة من ضمن حرم جامعة القديس يوسف‬ ‫املؤسسات‬ ‫يف بيروت‪ .‬وبريتيك‪ ،‬كغريها من ّ‬ ‫املماثلة‪ ،‬تسعى لبناء اجلسور بني معاهد‬ ‫البحث والتعليم العالي من جهة والشركات‬ ‫املبادرة والناضجة اليت حتتاج إىل مدخالت‬ ‫علمية وتقنية للقيام مبهامها‪ .‬كما أن قطب‬ ‫بريتيك ميتلك مقومات متميّزة لالتصاالت‬ ‫تسمح للشركات اليت تتّخذ منها مقراً بإحداث‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪37‬‬

‫‪38‬‬

‫‪ 11-2-2‬المغرب‬ ‫حديقة الدار البيضاء التقنية‪:‬‬

‫أُنشئت حديقة الدار البيضاء العام‬ ‫على مساحة فعلية تبلغ ‪ 16,000‬مرت مربع ‪.‬‬ ‫واحلديقة تعود لشركة تأسست من خالل حتالف‬ ‫يض ّم وزارة الصناعة ووزارة التجارة ووزارة‬ ‫االتصاالت اليت متتلك يف ما بينها ‪ % 35‬من‬ ‫األسهم ومخسة بنوك متتلك احلصة املتبقية‪.‬‬ ‫‪2001‬‬ ‫‪39‬‬

‫البحث العلمي‬

‫واملؤسسات اليت‬ ‫شبكات فعالة مع زبائنها‬ ‫ّ‬ ‫تتعاون معها‪ .‬ترت ّكز أنشطة بريتيك حول عديد‬ ‫من جماالت التقنية منها تقنيات املعلومات‬ ‫واالتصاالت وتقنيات اإلعالم والتواصل‬ ‫وتقنيات الرعاية الصحية والبيئة ومعاجلة‬ ‫األغذية والطاقة‪ .‬ويقوم قطب بريتك باحتضان‬ ‫مؤسسات األعمال الناشئة اليت جنح‬ ‫عدد من ّ‬ ‫مؤسسات تقنية‬ ‫بعضها بإحداث شراكات مع ّ‬ ‫كربى يف العامل ‪.‬‬ ‫مدينة الدامور التقنية ‪ :‬قامت‬ ‫احلكومة الّلبنانية يف مطلع القرن احلالي‬ ‫بدراسات إلنشاء مدينة الدامور التقنية لتطوير‬ ‫اإلمكانات الوطنية يف مضمار تقنيات املعلومات‬ ‫واالتصاالت واإللكرتونيات وتقنيات الرعاية‬ ‫وخصص‬ ‫الصحية والطب والتقنية احليوية‪ّ .‬‬ ‫إلقامة املدينة موقع جبوار بلدة الدامور‬ ‫جنوب بيروت نظراً لقربها من املطار الدولي‬ ‫والعاصمة‪ .‬ويتض ّمن التص ّور األساسي احتواء‬ ‫املدينة على حاضنات للتقنية‪ .‬وقد يكون من‬ ‫املناسب إعادة دراسة اجلدوى حبيث يؤخذ‬ ‫ين يف املنطقة والعامل باالعتبار‪ .‬وقد‬ ‫التطور التق ّ‬ ‫توجه حنو إحداث مدينة إعالمية‬ ‫برز حديثاً ّ‬ ‫تشرتك مع مدينة التقنية يف املوقع ذاته‪.‬‬

‫ويعادل رأس مال هذه الشركة ‪ 5.2‬مليون‬ ‫دوالر أمريكي‪ ،‬وهلا جملس إدارة خاص بها‪.‬‬ ‫تق ّدم حديقة الدار البيضاء للتقنية خدمات‬ ‫شتى للشركات واملعاهد اليت تتخذ احلديقة‬ ‫مقراً هلا‪ .‬ومتت ّد خدماتها إىل خارج القطر‬ ‫املغربي لتشمل عدداً من الدول يف االحتاد‬ ‫مؤسسات األعمال‬ ‫األوروبي‪ .‬ويؤ ّمن تقارب ّ‬ ‫الصغرية واملتوسطة اليت تقطن احلديقة مع‬ ‫الشركات املبادرة اليت يت ّم احتضانها فرصاً‬ ‫للتعاون ولنشوء حتالفات الحقة‪ .‬وتتض ّمن‬ ‫احلديقة فعاليات للتدريب من بينها مرافق‬ ‫للتعلم اإللكرتون ّي‪ .‬أما جماالت نشاط احلديقة‬ ‫فتتض ّمن تقنيات املعلومات واالتصاالت‪ .‬وضمن‬ ‫هذا اإلطار تقوم فعاليات تقطن احلديقة‬ ‫بتطوير الربجميات الستخدامات عديدة‬ ‫منها الرعاية الصحية وإدارة األعمال والتعلم‬ ‫اإللكرتون ّي وصناعة اإلعالم‪ .‬ولقد أبرمت‬ ‫احلديقة عدداّ من اتفاقات التعاون من بينها‬ ‫يؤسس للتعاون مع قطب بريتيك التقني يف‬ ‫ما ّ‬ ‫لبنان وحديقة الغزالة يف تونس‪.‬‬ ‫حديقة بوزنيقة التقنية‪ :‬يت ّم تأسيس‬ ‫هذه احلديقة ضمن إطار مبادرة وطنية أطلقها‬ ‫ملك املغرب حتت التسمية ‪،e-Morocco‬‬ ‫بنا ًء على اتفاق بني قطب التقنية الفرنسي‬ ‫صوفيا أنتيبوليس واحلكومة املغربية‪ .‬وترت ّكز‬ ‫أنشطة احلديقة يف مضمار تقنيات املعلومات‬ ‫خصصت هلا مساحة تفوق‬ ‫واالتصاالت‪ .‬وقد ّ‬ ‫مليون مرت مربع‪.‬‬ ‫‪ُ 12-2-2‬عمان‬ ‫واحة المعرفة في مسقط‪ :‬أنشئت واحة‬

‫املعرفة يف مسقط بنتيجة اتفاق بني جهات من‬

‫مت ّ‬ ‫‪ 37‬أنظر موقع قطب بريتك التقين‪ّ ./http://www.berytech.org :‬‬ ‫االطالع على املوقع يف آب‪/‬أغسطس ‪.2010‬‬ ‫‪ 38‬يشار إىل مدينة الدامور التقنية يف بعض النشرات بـ “منطقة بريوت للتقنية البازغة‪”.‬‬ ‫‪ 39‬تفوق املساحة اإلمجالية ‪ 29,000‬مرت مربع‪ .‬لكن هذه املساحة تشمل مناطق ال ميكن استخدامها ألغراض احلديقة‪.‬‬

‫‪97‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 98‬للتنمية الثقافية‬

‫تقارير ع ّدة تتح ّدث عن النجاح‬ ‫الباهر لبعض مشروعات حدائق العلم‬ ‫والتقنية‪ ،‬وتعتبرها وسيلة ال تخيب لتعزيز‬ ‫أنشطة االبتكار ونقل التقنية واحتضان‬ ‫المشروعات التجارية الناشئة وللتنمية‬ ‫االقتصادية على الصعيدين المحل ّي‬ ‫والوطن ّي‪ ،‬لكن يستحيل عملياً على هذه‬ ‫المؤسسات أن تحقق بمفردها جميع هذه‬ ‫ّ‬ ‫المهام بصورة ُمرضية‪ ..‬وعلى الرغم من‬ ‫أن حديقة ستانفورد البحثية التي أ ّدت إلى‬ ‫نشوء وادي السليكون ق ّدمت العديد من‬ ‫الشروط الالزمة لنجاح أنشطة البحث‬ ‫مؤسسات األعمال‬ ‫والتطوير ومؤازرة ّ‬ ‫على استثمار التقنيات الجديدة في كثير‬ ‫من المجاالت‪ ،‬إال أن توافر عوامل أخرى‬ ‫أسهم بالفعل في نجاح هذه المبادرة‬ ‫أو ظاهرة وادي السليكون الذي قامت‬ ‫مؤسساته ضمن الحديقة وحولها‪..‬‬ ‫ّ‬

‫القطاع اخلاص واحلكومة ال ُعمانية‪ .‬وتهدف‬ ‫من حيث املبدأ إىل توفري مناخ ميكن من‬ ‫املؤسسات البحثية والتعليمية‬ ‫ضمنه أن تتعاون ّ‬ ‫مؤسسات األعمال الصغرية واملتوسطة‬ ‫مع ّ‬ ‫والشركات متع ّددة اجلنسية للقيام بأنشطة‬ ‫مستندة إىل التقنيات املستحدثة والتجديد‬ ‫ضمن بلدان مجلس التعاون اخلليجي‪ .‬وتقع‬ ‫الواحة‪ ،‬اليت تبلغ مساحتها ‪ 680,000‬مرت‬ ‫مربع على مسافة ‪ 32‬كيلومرتاً من مسقط يف‬ ‫بقعة متتاز جبمال حميطها‪ .‬ومن نقاط الرتكيز‬ ‫األساسية ألنشطة الواحة تقنيات املعلومات‬ ‫واالتصاالت واخلدمات السياحية‪.‬‬ ‫حديقة جامعة السلطان قابوس‬ ‫للعلم‪ :‬ختطط جامعة السلطان قابوس إلنشاء‬

‫حديقة للعلم تهدف لالرتقاء بالقدرات الوطنية‬ ‫يف مضمار البحث العلمي واستثمار التقنيات‬ ‫اجلديدة يف التنمية االقتصادية عام ًة‪ .‬وقد رصد‬ ‫هلذا الغرض متويل من مصادر خمتلفة بلغ ‪2.5‬‬ ‫مليون دوالر أمريكي‪.‬‬ ‫‪ 3 - 2‬عناصر النجاح في مشروعات‬ ‫حدائق العلم والتقنية‬

‫تتحدث تقارير عديدة عن النجاح الباهر‬ ‫لبعض مشروعات حدائق العلم والتقنية‪.‬‬ ‫وتعتربها وسيلة ال ختيب لتعزيز أنشطة االبتكار‬ ‫ونقل التقنية واحتضان املشروعات التجارية‬ ‫الناشئة وللتنمية االقتصادية على الصعيدين‬ ‫احملل ّي والوطينّ‪ .‬لكن يستحيل عملياً على هذه‬ ‫املؤسسات أن حتقق مبفردها مجيع هذه املهام‬ ‫ّ‬ ‫بصورة ُمرضية‪ .‬وعلى الرغم من أن حديقة‬ ‫ستانفورد البحثية اليت أدت إىل نشوء وادي‬ ‫السليكون قدمت العديد من الشروط الالزمة‬ ‫مؤسسات‬ ‫لنجاح أنشطة البحث والتطوير ومؤازرة ّ‬ ‫األعمال على استثمار التقنيات اجلديدة يف كثري‬

‫من اجملاالت‪ ،‬إال أن توافر عوامل أخرى أسهم‬ ‫بالفعل يف جناح هذه املبادرة أو ظاهرة وادي‬ ‫مؤسساته ضمن احلديقة‬ ‫السليكون الذي قامت ّ‬ ‫وحوهلا‪ .‬ومن هذه العوامل توفر ما يلي‪:‬‬ ‫• اخلربات الفنية املكثفة يف جماالت معينة‬ ‫تزايدت احلاجة إليها يف قطاعات إنتاجية‬ ‫وخدمية حيوية؛‬ ‫• البنى األساسية املؤاتية والشبكات‬ ‫الرمسية وغري الرمسية لتبادل املعلومات‬ ‫واملعارف؛‬ ‫• رؤوس األموال الالزمة إلحداث الشركات‬ ‫ضمن شروط تسمح باملخاطرة وتقي املساهمني‬ ‫من خماطر الفشل؛‬ ‫• تقاليد تسمح بالتنقل بني الوظائف بتواتر‬ ‫يفوق املعتاد‪ ،‬بل تشجع هذا التنقل أساساً لنشر‬ ‫املعارف؛‬ ‫• مشروعات إنتاجية وخدمية متفرعة عن‬ ‫ملؤسسات األعمال‬ ‫التقنيات اجلديدة ميكن ّ‬ ‫القائمة االستناد إليها‪.‬‬ ‫املؤسسة‬ ‫وبصورة عامة فإن جناح البنى ّ‬ ‫احلديثة الرامية لبناء القدرات التقنية‪ ،‬من‬ ‫أقطاب تقنية وحدائق وواحات ومدن للعلم‬ ‫والتقنية ومراكز للتميز البحث ّي وسواها‪ ،‬تتطلّب‬ ‫توافر أربعة عناصر أساسية‪:‬‬ ‫• كتلة حرجة من مرافق البحث والتطوير‬ ‫للقيام بأحباث ضمن اجملاالت اليت يرتكز‬ ‫مؤسسات األعمال املشاركة؛‬ ‫عليها اهتمام ّ‬ ‫• معاهد للتعليم العالي والتدريب ميكنها‬ ‫إحراز روابط وثيقة بني أنشطة التدريب املتقدم‬ ‫والبحث؛‬ ‫• شركات مقتدرة تتطلب أعماهلا مدخالت‬ ‫علمية وتقنية ال ب ّد لتوفريها من القيام بأنشطة‬ ‫خمصصة للبحث والتطوير؛‬ ‫• مساحات للتوسع ميكن استخدامها‬ ‫الستقبال الشركات الناشئة والفعاليات‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫البحث العلمي‬

‫اإلنتاجية واخلدمية اليت تتطلبها األنشطة‬ ‫املستقبلية‪.‬‬ ‫املؤسسية اجلديدة‬ ‫ومي ّر إحداث البنى ّ‬ ‫مبرحلتني أساسيتني‪ .‬تبدأ األوىل بإقامة‬ ‫املؤسسات البحثية‬ ‫منشآت احلديقة‪ ،‬مبا يف ذلك ّ‬ ‫والتعليمية والتدريبية وفروعها يف املوقع‪ .‬وليس‬ ‫من املعتاد أن يسفر عن هذه املرحلة اخلروج‬ ‫بكثري من املبتكرات أو أن تؤدي لتوسيع فرص‬ ‫املؤسسات‬ ‫التوظيف إىل حدود بعيدة‪ .‬حيث إن ّ‬ ‫البحثية والتعليمية والتدريبية كثرياً ما تأتي إىل‬ ‫احلديقة مع أطرها البشرية‪ .‬أما املرحلة الثانية‬ ‫فكثرياً ما تؤتي مثارها بعد مض ّي أعوام قليلة‬ ‫على إنشاء احلديقة؛ نتيجة التعاون بني األطر‬ ‫ومؤسسات األعمال‪ .‬كذلك فإن اخلروج‬ ‫البحثية ّ‬ ‫برباءات اخرتاع ومنتجات أو خدمات تتضمن‬ ‫مدخالت تقنية جديدة وإطالق مشروعات‬ ‫جتارية تبين على ما أحرز من مبتكرات وتولد‬ ‫فرصاً جديدة للعمل‪ ،‬يستغرق بعض الوقت‪ .‬وهذه‬ ‫كلها عوامل قد تؤدي لربوز توجهات سلبية حيال‬ ‫املؤسسية اجلديدة وإدارتها؛‬ ‫مشروعات البنى ّ‬ ‫قد تصل إلثارة الشكوك حول احلكمة من‬ ‫املؤسسية‬ ‫إحداثها‪ .‬إال أن التقييم املنصف للبنى ّ‬ ‫اجلديدة جيب أن يأخذ باالعتبار املرحلة اليت‬ ‫وصل العمل إليها‪ .‬ومدى جناحها يف توليد ثقافة‬ ‫تؤيد املشروعات التجارية‪ ،‬وتسهم يف صياغة‬ ‫األطر القانونية والتسهيالت التمويلية املؤاتية‪،‬‬ ‫مما يؤكد‬ ‫وما حققت من دعم للمجتمع احمللي‪ّ .‬‬ ‫أهمية االنتقاء احلصيف ملوقع احلديقة واحلاجة‬ ‫إىل وجود خطط للتنمية تش ّجع اجملتمع احمللي‬ ‫على تقديم الدعم ملشروع احلديقة‪ ،‬إذ يش ّكل‬ ‫دعم سلطات اإلدارة احمللية‪ ،‬واجملتمع احمللي‬ ‫عموماً‪ ،‬عنصراً حيوياً لنجاح حدائق التقنية‪.‬‬ ‫ولذلك ال ب ّد من إعدا ٍد ألطر تشريعية مؤاتية‬ ‫على صعيد اإلدارة احمللية‪ ،‬والقيام حبمالت‬ ‫التوعية وإحداث إدارة للعالقات العامة منذ‬

‫ابتداء أعمال اإلنشاء‪ ،‬لتربز أهمية عناصر‬ ‫منتقاة من ضمن البيئة احمللية باعتبارها داعمة‬ ‫لتوطني واستثمار التقنية والتجديد بعامة‪.‬‬ ‫املؤسسات‬ ‫من أبرز امل ّميزات اليت جتتذب ّ‬ ‫للمشاركة يف حدائق العلم والتقنية واحلاضنات‬ ‫يف الدول النامية توافر املرافق واخلربات التقنية‬ ‫اليت يصعب احلصول عليها من مصادر بديلة‪.‬‬ ‫وهكذا ينبغي على اجلهات املسؤولة عن إدارة‬ ‫حدائق وحاضنات التقنية يف الدول العربية‬ ‫السعي اجلاد لتأمني أوسع طيف ممكن من‬ ‫املرافق واخلربات التقنية اليت ال تتوافر بيسر‬ ‫يف البيئة احمليطة‪.‬‬ ‫وقد تتض ّمن حدائق العلم والتقنية حاضنات‬ ‫مؤسسات لألعمال الصغرية واملتوسطة‬ ‫ملؤازرة ّ‬ ‫ال تتض ّمن أنشطة نزالئها بالضرورة استثمار‬ ‫التقنيات اجلديدة؛ إال أنها قد جتين منافع‬ ‫عديدة من خالل التعاون مع اجلهات األكادميية‬ ‫والبحثية لتحقيق أهداف تقع ضمن اجملاالت‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫• اكتساب املعلومات وتعميق املعارف‬ ‫احملورية املتصلة باملنتجات واخلدمات اجلديدة‬ ‫اليت تقع ضمن نطاق أولويات املشروعات اليت‬ ‫تسعى لرتوجيها أو تشكل استكماالً ألنشطتها‬ ‫احلالية أو تتيح هلا فرصاً أكرب لتحسني مواقعها‬ ‫التنافسية؛‬ ‫• اكتساب معلومات موثوقة حول تقنيات‬ ‫وممارسات داعمة الستثمار التقنيات اجلديدة‪،‬‬ ‫كأساليب خمصوصة لقياس األداء ومراقبة‬ ‫النوعية أو اجلودة‪ ،‬واملعلومات اخلاصة بالقيود‬ ‫اليت قد تنشأ على جماالت استخدامها والنتائج‬ ‫االقتصادية واالجتماعية املرتتبة عن اعتمادها‪،‬‬ ‫مؤسسات األعمال على‬ ‫وتدريب العاملني ضمن ّ‬ ‫التعامل مع التقنيات احلديثة‪.‬‬ ‫وكثري من هذه األنشطة ينطوي على نقل‬ ‫التقنية بشكل أو آخر‪ ،‬ويتضمن فوائد أخرى‬

‫‪99‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 100‬للتنمية الثقافية‬

‫كذلك‪ ،‬كالوصول إىل معدات أو أساليب‬ ‫إنتاجية أقل كلفة أو توظيف عاملني جدد‬ ‫ضمن اختصاصات متكن مؤسسة األعمال من‬ ‫جين بعض مثار التقنيات اجلديدة من دون أن‬ ‫ختتص هي بتوليدها أو نشرها أساساً‪.‬‬ ‫التميز‬ ‫‪ - 3‬مراكز‬ ‫ّ‬

‫للمؤسسات التي تطلق‬ ‫السمة الجامعة ّ‬ ‫عليها صفة التميّز اليوم هي القدرة على‬ ‫استثمار المدخالت التقنية المستحدثة‪،‬‬ ‫والدينامية في تجديد هذه المدخالت‪،‬‬ ‫واستثمارها في ك ّل ما تقوم به من‬ ‫تختص بتقديمه من خدمات‪،‬‬ ‫أنشطة‪ ،‬وما ّ‬ ‫من حيث الشكل والمضمون وعلى صعيد‬ ‫اإلدارة والتواصل مع الزبائن والشركاء‪. .‬‬

‫تش ّكل مراكز التميّز مك ّونات أساسية يف‬ ‫منظومات العلم والتقنية والتجديد الوطنية‪.‬‬ ‫وتعود أصوهلا إىل مراكز "التعاون البحثي‪"،‬‬ ‫اليت أنشئت نتيجة مبادرات قام بها أعضاء‬ ‫هيئة التدريس والباحثون يف بعض جامعات‬ ‫الواليات املتحدة املرموقة‪ ،‬وذلك بنا ًء على‬ ‫إمكانات قائمة ضمن منظومات مكرسة للتعليم‬ ‫العالي والبحث العلم ّي تتمتّع بسج ّل متميّز‬ ‫أص ًال‪ ،‬من حيث منشوراتها ومنجزات العاملني‬ ‫فيها‪ .‬وتطلق تسمية "مركز التميّز" يف بعض‬ ‫مؤسسات حبثية ومعاهد‬ ‫البلدان املتقدمة على ّ‬ ‫تعليمية من قبل اهليئات الوطنية اليت تشرف‬ ‫على أنشطة البحث والتعليم‪ .‬وذلك استجابة‬ ‫لسياسات العلم والتقنية الوطنية اليت وضعت‬ ‫أص ًال لتحفيز التميّز من ضمن جماالت تعترب‬ ‫من أولويات التنمية الوطنية‪ .‬كما تطلق هذه‬ ‫التسمية أحياناً على معهد تعليمي أو مؤسسة‬ ‫حبثية من قبل االحتاد الوطين أو اإلقليمي‬ ‫أو الدولي الذي يُعين باجملال الذي ينشط‬ ‫املؤسسة‬ ‫ضمنه املعهد التعليمي أو تعمل ضمنه ّ‬ ‫البحثية‪ .‬وغالباً ما يت ّم هذا لتحفيز التنافس‬ ‫املؤسسات على األصعدة املختلفة‪ ،‬الوطنية‬ ‫بني ّ‬ ‫أو اإلقليمية أو الدولية‪ .‬لكن العقود األخرية‬ ‫من القرن املاضي شهدت مرونة متزايدة يف‬ ‫استخدام تسمية "مركز التميّز" يف البلدان‬

‫املتقدمة والنامية على ح ّد سواء حيث تستخدم‬ ‫هذه التسمية اآلن للداللة على تفوق مفرتض أو‬ ‫ملؤسسات تعمل من ضمن طيف عريض من‬ ‫فعل ّي ّ‬ ‫املؤسسات‬ ‫اجملاالت على نظرياتها‪ .‬وتض ّم هذه ّ‬ ‫مؤسسات البحث والتعليم‬ ‫اليوم‪ ،‬إضافة إىل ّ‬ ‫العالي‪ ،‬معاهد للتعليم يف املراحل املختلفة‬ ‫ومؤسسات للرعاية الصحية‪ ،‬وللتدريب‬ ‫ومشايف ّ‬ ‫املهين ولتقديم اخلدمات االجتماعية وللعديد‬ ‫من الغايات األخرى‪ .‬بل إن تسمية "مركز‬ ‫املؤسسات حال‬ ‫التميّز" تطلق أحياناً على بعض ّ‬ ‫إنشائها تعبرياً عن نية القائمني عليها للتفوق‪.‬‬ ‫للمؤسسات اليت تطلق عليها‬ ‫والسـمة اجلامعة ّ‬ ‫صفة التميّز اليوم هي القدرة على استثمار‬ ‫املدخالت التقنية املستحدثة‪ ،‬والدينامية يف‬ ‫جتديد هذه املدخالت‪ ،‬واستثمارها يف ك ّل ما‬ ‫تقوم به من أنشطة‪ ،‬وما ختتص بتقدميه من‬ ‫خدمات‪ ،‬من حيث الشكل واملضمون وعلى‬ ‫صعيد اإلدارة والتواصل مع الزبائن والشركاء‪.‬‬ ‫وبصورة عامة‪ ،‬يت ّم إنشاء مراكز التميز يف‬ ‫كثري من احلاالت من قبل اجلامعات أو باالستناد‬ ‫إىل حتالفات بينها أو مع جهات حكومية أو‬ ‫شركات القطاع اخلاص املرموقة‪ .‬ويف مجيع هذه‬ ‫احلاالت ميثّل مركز التميّز‪ ،‬متى ما ّمت تشييده‬ ‫وتكاملت قدراته‪ ،‬مدخ ًال لالرتقاء بالقدرات‬ ‫الوطنية يف جماالت اختصاصه‪ .‬وبالنظر إىل‬ ‫مؤسسات التعليم العالي‬ ‫العالقة اجلوهرية بني ّ‬ ‫ومراكز البحث العلمي‪ ،‬يغدو التكامل بني هذين‬ ‫املؤسسات على درجة كبرية من‬ ‫الصنفني من ّ‬ ‫األهمية‪ .‬والتميّز يف أ ّي منها غري قابل للتحقيق‬ ‫مبوجب صدور صكوك إنشائها‪ .‬بل ال ب ّد من‬ ‫توافر شروط ال ميكن الوصول إليها قبل تراكم‬ ‫اخلربات والتأقلم مع الوسط احمليط والتعرض‬

‫‪Government of India, Ministry of Human Resource Development, IIT Review Committee, 1986 40‬‬ ‫‪.http://us.rediff.com/money/2005/may/25iit.htm 41‬‬ ‫‪.http://www.littleindia.com/january2003/Dream % 20Team.htm 42‬‬ ‫‪.http://www.highbeam.com/doc/1P3-998814451.html 43‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫التميز في مضمار التعليم‬ ‫‪ 1 - 3‬مراكز‬ ‫ّ‬ ‫العالي‬

‫تق ّدم جتربة معاهد التقنية اهلندية مثاالً‬ ‫للتميّز يف مضمار التعليم العالي ضمن فروع‬ ‫العلم والتقنية (اإلطار‪ .)22‬ويبينّ تاريخ هذه‬ ‫املعاهد أن النية إلحراز التميّز تعود إىل مراحل‬ ‫مبكرة من نشأتها لتنعكس على سويات اإلنفاق‬ ‫وعلى األساليب املتبعة يف اختيار العاملني من‬ ‫املستويات املختلفة وعلى آليات التقييم وأمناط‬ ‫التحالف والتعاون اليت اتبعت على الصعيدين‬ ‫ين والدول ّي‪ .‬كما تبينّ جتربة معاهد التقنية‬ ‫الوط ّ‬ ‫اهلندية احلاجة لقيام املواطنني إىل جانب من‬ ‫يعينهم من اخلرباء األجانب بإسهامات جوهرية‬ ‫يف تكوين املفاهيم األساسية وصياغة السياسات‬ ‫واالسرتاتيجيات ومعايري التقييم ومن ثم‬ ‫اكتساب اخلربات ونشرها واستثمارها وتسلّم‬ ‫زمام تسيري املعاهد املتميزة حبيث يت ّم إحراز‬ ‫الغايات املرج ّوة ضمن الشروط االقتصادية‬ ‫واالجتماعية القائمة وتلبي ًة ألولويات التنمية‬ ‫املعتمدة‪ .‬وكذلك ليتسنّى إدخال التعديالت‬ ‫املناسبة بيسر ومرونة بنا ًء على معطيات تقييم‬ ‫األداء كلما لزم ذلك‪.‬‬ ‫وبصورة عامة‪ ،‬فإن إطالق تسمية "مركز‬ ‫التميّز" على معهد للتعليم العالي يطرح الكثري‬ ‫من املسائل‪ .‬منها التوافق املُعلن على تفوق‬ ‫املعهد من حيث ما يستخدم من آليات للعمل‬ ‫وما حيرز من نتائج‪ .‬ويف كثري من احلاالت‬ ‫تتجلّى منجزات معاهد التعليم العالي بقبول‬ ‫خرجييها حال خترجهم للدراسات العليا أو‬ ‫للعمل يف معاهد ومراكز لألحباث يشهد هلا‬ ‫بالتفوق على الصعيد الدول ّي‪ ،‬أو"باصطيادهم"‬ ‫من قبل الشركات الكربى اليت تنشد التف ّوق‬ ‫والتميّز على نظرياتها‪ .‬ومن جانب عمل ّي فال‬

‫ُوضع التصور اخلاص بإنشاء هذه املراكز ونفذت يف اخلمسينيات وأوائل الستينيات‪ ،‬وكان من املتوقع أن‬ ‫"خترج العلماء والتقنيني على أرقى املستويات ملمارسة البحث العلمي والتصميم والتطوير وللمساعدة‬ ‫يف بناء قدرات األمة ولتحقيق االعتماد على الذات يف تلبية االحتياجات التقنية ‪.‬‬ ‫واكتسبت املعاهد منذ إنشائها مسعة عاملية المتيازها يف تدريس اهلندسة‪ ،‬ونظراً لسويّة البحوث اليت‬ ‫كان أعضاء هيئة التدريس يقومون بها‪ .‬وعلى الرغم من تباين الربامج اليت تتبعها معاهد التقنية‬ ‫اهلندية يف أرجاء اهلند فمن املمكن تل ّمس صفات مميّزة ومشرتكة جتمعها‪.‬‬ ‫أنشئت أوىل معاهد التقنية اهلندية ‪ ،IIT- Indian Institutes of Technology‬لتخريج النخبة‬ ‫من املهندسني والتقنيني ليتولوا مسرية اهلند حنو التصنيع بعد استقالهلا العام ‪ .1947‬ورأى أوهلا‬ ‫النور العام ‪ ،1950‬ثم تلته معاهد أخرى يف أحناء البالد خالل مخسينيات وستينيات القرن املاضي‪.‬‬ ‫وبالنظر للنجاح الذي لقيته هذه املعاهد وحافظت عليه لعقود تلت إنشاءها أحدثت على نسقها‬ ‫جمموعة من املعاهد املختصة بتقنية املعلومات‪ ،‬أطلقت عليها تسمية املعاهد اهلندية لتقنية املعلومات‬ ‫‪ .Indian Institutes for Information Technology - IIT‬وحي ّق للطالب من مجيع أحناء اهلند‬ ‫االنتساب أل ّي من معاهد التقنية اهلندية اليت يبلغ عددها اآلن ‪ 15‬معهداً‪ .‬ويتمتّع الطالب حبرية‬ ‫اختيار االختصاصات اليت سيدرسونها بناء على امتحان قبول مشرتك يعترب من أفضل االمتحانات‬ ‫التنافسية لاللتحاق بالتعليم العالي يف العامل‪.‬‬ ‫املؤسسات األكادميية والبحثية األرفع مستوى يف العامل‪.‬‬ ‫وينتقى أعضاء هيئة التدريس من بني خرجيي ّ‬ ‫ومتنحهم إدارة املعهد حرية ختطيط وتنفيذ برامج التدريس والبحث طبقاً لقناعاتهم وخرباتهم‪ .‬وتتبع‬ ‫املعاهد نظاماً إدارياً مفتوحاً ال مركزياً‪ ،‬خيالف النظم التقليدية املتبعة يف اجلامعات اهلندية األخرى‪.‬‬ ‫حتصل معاهد التقنية اهلندية على دعم سخي من احلكومة وبعض املتربعني‪ .‬فبينما تنال معاهد‬ ‫اهلندسة األخرى ميزانيات سنوية ترتاوح بني ‪ 4 - 2‬ماليني دوالر‪ ،‬ينال ك ّل من معاهد التقنية اهلندية‬ ‫ميزانيات تقع ضمن اجملال ‪ 26 - 18‬مليون دوالر ‪ .‬حبيث ميكنها إنشاء بنى أساسية متفوقة من‬ ‫خمابر وجتهيزات للبحث ومراكز للحاسوب وورش للعمل‪ .‬كما أن نسبة أعضاء اهليئة التدريسية إىل‬ ‫الطالب ترتاوح بني ‪ 1:6‬و ‪.1:8‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫وتر ّكز مناهج التدريس يف مرحلة البكالوريوس تركيزا شديدا على تفهم املبادئ األساسية ال املعارف‬ ‫املتخصصة‪ .‬كما تتميز باملرونة حيث تتمتع املعاهد املختلفة بقدر كبري من االستقالل يف تغيري املناهج‬ ‫ّ‬ ‫وجتديدها‪ .‬أما برامج الدراسات العليا فتتميز مبسارات متع ّددة التخصصات بالرتكيز على عنصر البحث‪.‬‬ ‫تع ّد معاهد التقنية اهلندية من التجارب اهلامة‪ .‬وتق ّدم أمثولة لعديد من الدول النامية يف سبل‬ ‫متس سياسات التعليم‬ ‫اإلصالح الشامل للتعليم التقين العالي‪ ،‬على حنو يتجاوز املناهج ليتناول جوانب ّ‬ ‫العالي من أساسها‪ .‬وهذا بكلفة تبدو مقبولة متاماً بالنظر ملا تنفقه دول العامل الصناعي وما قد‬ ‫يت ّم إنفاقه يف معاهد استحدث خالل العقد املاضي يف بعض بلدان اخلليج العرب ّي‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫اإلجنازات املرموقة ملعاهد التقنية اهلندية‪ ،‬فإنها تتعرض لالنتقاد أحياناً بسبب ارتفاع كلفة برامج‬ ‫التعليم اليت تقدمها نسبة لغريها من املعاهد يف اهلند وبسبب ممارساتها النخبوية وعدم كفاية‬ ‫التفاعل بينها وبني املشروعات الصناعية‪ .‬كما تُنتقد معاهد التقنية اهلندية‪ ،‬ظلماً من قبل البعض‪،‬‬ ‫لتسببها بهجرة خنبة العقول الوطنية‪ .‬وإن كانت هذه اهلجرة قد بدأت بالرتاجع مؤخراً‪ .‬ويعود هذا‬ ‫إىل ح ّد كبري إىل سياسات الشركات الكربى متعددة اجلنسية اليت بدأت بافتتاح فروع هلا يف اهلند‬ ‫وتوظيف أعداد كبرية من خرجيي معاهد التقنية اهلندية فيها‪.‬‬ ‫كمؤسسات طليعية‬ ‫اهلندية‬ ‫التقنية‬ ‫معاهد‬ ‫ولقد أ ّدت مجلة من الصعوبات إىل تراجع نسيب يف دور‬ ‫ّ‬ ‫ورائدة‪ .‬ولذا ش ّكلت قي منتصف الثمانينيات جلنة ُكلّفت بإجراء مراجعة شاملة لنظم عملها‪ .‬وتناول‬ ‫تقرير مستفيض للّجنة املقاصد واألهداف والربامج األكادميية وأساليب اإلدارة‪ ،‬كما تض ّمن توصيات‬ ‫الستعادة املكانة اخلاصة اليت كانت تتمتع بها هذه املعاهد‪ ،‬ولتدعيم العالقات بينها وبني أنشطة‬ ‫قطاعات اإلنتاج واخلدمات يف اهلند‪ ،‬وحتفيز هيئات التدريس وجعل أعضائها أكثر اهتماماً بالتعليم‬ ‫الفنيّ العالي يف اهلند من خالل إنشاء الشبكات اإللكرتونية وتطوير املناهج‪ .‬وخالصة القول إن نظام‬ ‫املؤسسات اهلندية التقليدية لتتيحها‪ .‬ويعود‬ ‫معاهد التقنية اهلندية أدى إىل نتائج مبتكرة مل تكن ّ‬ ‫الكثري مما حققته اهلند من تق ّدم يف جماالت الفضاء والطاقة الذرية واالتصاالت إىل ما ق ّدمه‬ ‫خرجيو هذه املعاهد‪ .‬وتشهد السمعة العاملية خلرجيي معاهد التقنية اهلندية بفعالية النظم اليت‬ ‫تتبعها‪.‬‬ ‫‪40‬‬

‫‪41‬‬

‫‪42‬‬

‫‪43‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫البحث العلمي‬

‫للمنافسة اليت تُذكي السعي حنو التميّز‪.‬‬

‫إطار رقم ‪22‬‬

‫معاهد التقنية اهلندية؛ مثال ملراكز التميّز يف مضمار التعليم‬ ‫العالي‬

‫‪101‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 102‬للتنمية الثقافية‬

‫ب ّد ملعاهد التعليم العالي اليت تتّخذ التميّز صفة‬ ‫هلا أن تتمتع بآليات متطورة للعمل‪ ،‬تتض ّمن يف‬ ‫فروع العلوم التطبيقية والتجريبية‪ ،‬مث ًال‪ ،‬توافر‬ ‫إمكانات وجتهيزات خمربية متفوقة‪ .‬كما تتمتّع‬ ‫عموماً بقدرات متميزة للتواصل بني األساتذة‬ ‫والطلبة واإلدارة من جهة أوىل‪ ،‬ونظرائهم‬ ‫يف املعاهد املماثلة‪ ،‬من جهة ثانية‪ .‬ويف مجيع‬ ‫احلاالت ال ب ّد أن يتّصل متيّز معهد التعليم العالي‬ ‫بالسجل األكادميي ألساتذته‪ .‬ويف الدول املتقدمة‪،‬‬ ‫وكذلك يف عدد متزايد من الدول النامية‪ ،‬يرتبط‬ ‫تقييم هذا السجل مبا ينشر أعضاء اهليئة‬ ‫التدريسية من أوراق علمية يف الدوريات الدولية‬ ‫احملكمة واملرموقة ومن كتب ومراجع يف جماالت‬ ‫اختصاصهم لقيت رواجاً واسعاً أو ما جنحوا يف‬ ‫تطويره من مناهج ومنتجات تتض ّمن معارف‬ ‫علمية مستحدثة‪ .‬وما متكنوا من تأمينه من منح‬ ‫وموارد خارجية للبحث أو لتطوير مناهج تعليمية‬ ‫جديدة‪ .‬وما حازوا عليه من جوائز عاملية‪.‬‬ ‫وغالباً ما تكون املنح واجلوائز مصدراً لثقة أكرب‬ ‫بتميز املعهد والعاملني ضمنه عندما تق ّدم من‬ ‫قبل منظمات إقليمية أو دولية‪ .‬وتؤ ّكد معايري‬ ‫التميّز يف مضمار التعليم العالي بصورة واضحة‬ ‫الصلة الوثيقة بني التعليم والبحث العلمي‪ .‬ومن‬ ‫خالل هذه الصلة تربز أهمية العالقة بني املعهد‬ ‫العالي الذي ي ّدعي التميّز والقطاعات اإلنتاجية‬ ‫واخلدمية اليت تستثمر سائر خمرجاته‪.‬‬ ‫البحثي‬ ‫التميز‬ ‫‪ 2 - 3‬مراكز‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫تزايد تعداد مراكز التميز البحث ّي خالل‬ ‫العقدين املاضيني يف مجيع أحناء العامل‪ .‬وتسعى‬

‫بعض الدول لوضع خطط وطنية خمصصة‬ ‫لرعاية إحداثها‪ .‬وعلى الرغم من أن أهداف‬ ‫مراكز التميّز البحثي تتباين يف تفاصيلها‪ ،‬إال‬ ‫أنها تتوافق يف‪:‬‬ ‫• دعم وتطوير اإلمكانيات البحثية واألنشطة‬ ‫املهنية املتصلة مبجال ختصصها؛‬ ‫• تكوين بيئة مالئمة للتعاون بني‬ ‫التخصصات املختلفة؛‬ ‫ّ‬ ‫• مؤازرة الباحثني إليصال ما أحرزوا من‬ ‫ابتكارات إىل حيّز التطبيق الفعلي‪.‬‬ ‫ومن أكثر أمناط مراكز التميّز انتشاراً‬ ‫يف الدول املتقدمة تلك اليت أنشأتها جامعات‬ ‫مرموقة الستثمار ما أحرزته مرافقها البحثية‬ ‫من منجزات علمية وما تتفرد به من أطر‬ ‫متفوقة‪ .‬تق ّدم فنلندة مثاالً مفيداً عن هذا‬ ‫التوجه‪ .‬إذ بدأت يف مطلع القرن بإجناز‬ ‫برناجمني وطنيّني إلحداث مراكز متيز يفوق‬ ‫عددها األربعني ‪ .‬ومن خصائص املبادرة‬ ‫الفنلندية استهدافها مراكز وخمتربات قائمة‬ ‫تتمتّع بسجل مرموق أص ًال وهلا خطط وغايات‬ ‫حبثية حم ّددة‪ ،‬كما تض ّم باحثني يُشهد هلم‬ ‫بالتفوق‪ .‬ومن اجملاالت اليت تنال االهتمام‬ ‫األكرب من قبل املبادرة الفنلندية تلك املتصلة‬ ‫بعلوم احلياة بصورة عامة والتقنيات احليوية‬ ‫واهلندسة الوراثية وتطبيقاتها الطبية‪ ،‬بوجه‬ ‫اخلصوص‪ .‬كما تنال املركبات النانوية والبيئة‬ ‫قسطاً ملموساً من االهتمام‪.‬‬ ‫بصورة عامة‪ ،‬فإن اهتمام العديد من‬ ‫مراكز التميّز اليت أحدثت خالل العقد املاضي‬ ‫ينصب على اكتساب القدرة للتعامل مع تقنيات‬ ‫ّ‬ ‫‪44‬‬

‫‪45‬‬

‫‪46‬‬

‫‪ 44‬أنظر التقرير ‪ّ .Science, Technology and Innovation: Recent Policy Development in South Africa‬‬ ‫مت االطالع عليه‬ ‫من املوقع‪ http://www.oecd.org/dataoecd/25/35/2112129.pdf :‬يف ‪ 17‬من الشهر السادس (حزيران‪ /‬يونيو) العام ‪.2010‬‬ ‫‪OECD Case Study on Innovation: The Finnish Biotechnology Innovation System;” von Blankenfeld-“ 45‬‬ ‫‪Enkvist, et al. Turku School of Economics and Business Administration Business Research and Development‬‬ ‫‪Centre. http://www.oecd.org/dataoecd/23/6/31669860.pdf‬‬ ‫‪ 46‬يقدر جمموع املبالغ املخصصة لتغطية أنشطة هذين الربناجمني حبواىل ‪ 40.6‬ماليني يورو‪ ،‬قدمت األكادميية الفنلندية القدر األكرب‬ ‫منه‪ ،‬بينما قدمت الوكالة الوطنية للتقنية ‪ 7.7‬ماليني يورو‪ .‬كما أن اجلامعات ومراكز البحث القائمة تسهم إسهامات ملموسة أيضاً يف‬ ‫إجناز الربناجمني‪.‬‬ ‫‪ 47‬عقد هذا االجتماع يف جامعة سرت بني ‪ 20‬و‪ 31‬من الشهر الرابع (نيسان‪ /‬إبريل) ‪ .2010‬أنظر تقرير هذه الدورة على موقع‬ ‫االحتاد‪ّ .http://www.aaru.edu.jo/index.php?option=com_content&task=view&id=355&Itemid=6 :‬‬ ‫مت االطالع‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫البحث العلمي‬

‫جديدة وبازغة منها املواد اجلديدة وتقنية‬ ‫النانو والتقنية احليوية واهلندسة الوراثية‬ ‫والليزر وتقنيات املعلومات واالتصاالت والطاقة‬ ‫املتج ّددة‪ .‬وحت ّدد جماالت وأولويات العمل‬ ‫الدقيقة يف مراكز التميّز البحثي من خالل‬ ‫حتليل معمق لنقاط القوة والضعف واحمل ّددات‬ ‫والفرص‪ .‬كما تنحو اهليئات املعنيّة إلحداث‬ ‫املراكز لالسرتشاد بتجارب دول أخرى‬ ‫استهدفت تشييد مراكز متيّز مماثلة‪ .‬ومن‬ ‫املعايري األكثر أهمية لتحديد جماالت العلم‬ ‫والتقنية اليت يفرتض أن تغطيها أنشطة املركز‬ ‫املزمع إمكانية الوصول إىل نتائج حم ّددة من‬ ‫ضمن الئحة أولويات التنمية الوطنية يف األمد‬ ‫املتوسط‪ ،‬أي خالل مخس إىل عشر سنوات‪.‬‬ ‫ومن املؤشرات اليت توضع لتتبّع سري العمل‬ ‫ما يتعلّق بالنتائج املعهودة للبحث من براءات‬ ‫اخرتاع وأوراق علمية وكتب وأطر مدربة من‬ ‫سوية النخبة ورمبا منتجات وخدمات تتض ّمن‬ ‫معارف مستحدثة يت ّم تطويرها استناداً إىل‬ ‫أنشطة أجنزها مركز التميّز‪ .‬وميكن أن تتض ّمن‬ ‫املعايري املستخدمة لتقييم أداء مراكز التميّز‬ ‫مؤشرات تتناول مدى إسهام املركز يف برامج‬ ‫األحباث اإلقليمية والدولية والعقود املربمة‬ ‫خمصصات‬ ‫مع الصناعة وما يرتتب عنها من ّ‬ ‫ميكن استثمارها لبناء املختربات وتدريب األطر‬ ‫من مستوى النخبة؛ وبالتالي الدور الذي يؤديه‬ ‫املركز يف االرتقاء مبستويات اإلنفاق على البحث‬ ‫والتطوير على الصعيد الوطينّ‪ .‬وغالباً ما يشمل‬ ‫اهتمام مركز التميّز البحثي جوانب متع ّددة من‬ ‫املوضوعات العلمية أو التقنية اليت تغطيها‪،‬‬ ‫حبيث يتطلّب ذلك تعاون العاملني يف طيف من‬ ‫االختصاصات لتغطية موضوعات البحث على‬ ‫حنو متكامل‪ .‬ويت ّم هذا التعاون يف الكثري من‬ ‫األحيان بتشكيل فرق عمل متع ّددة التخصصات‬ ‫تتكامل ضمنها املعارف واملهارات املطلوبة من‬

‫اجلوانب املختلفة‪.‬‬ ‫يأتي معظم الدعم الذي تقوم عليه مراكز‬ ‫التميّز من مصادر خارج اجلامعة األم‪،‬‬ ‫املؤسسات احلكومية‬ ‫كالشركات الكربى أو ّ‬ ‫املعنيّة بالبحوث والسعي للبناء على نتائجها‪.‬‬ ‫وكثرياً ما تعمل مراكز التميّز ضمن جماالت هلا‬ ‫األولوية على الصعيد الوطين‪ ،‬حبيث متنحها‬ ‫اجلهات احلكومية قدراً ملموساً من الدعم‪.‬‬ ‫ومن أبرز الغايات اليت تسعى احلكومات‬ ‫إليها جراء الدعم الذي تق ّدمه ملراكز التميّز‪،‬‬ ‫التوصل إىل الصدارة على املستوى اإلقليمي أو‬ ‫ّ‬ ‫الدولي‪ ،‬حبيث ينعكس هذا على مكانة الدولة‬ ‫من وجهات عديدة؛ منها العلمية والتقنية‪،‬‬ ‫من خالل ما ميكن ملركز التميّز إجنازه من‬ ‫برامج حبثية وتعليمية رفيعة املستوى‪ ،‬وبالتالي‬ ‫االقتصادية‪ ،‬وحتى السياسية‪.‬‬ ‫يتوقف جناح مراكز التميّز البحثي‪ ،‬كغريها‬ ‫من املبادرات الرامية إىل تنمية القدرات‬ ‫الوطنية العلمية والتقنية‪ ،‬على تفاعلها اجملدي‬ ‫املؤسسي‪ .‬فال ميكن ملراكز التميّز‪،‬‬ ‫مع حميطها ّ‬ ‫خيصص هلا‬ ‫على ما متتلك من ميزات وما قد ّ‬ ‫من موارد‪ ،‬أن تسهم يف تنمية القدرات الوطنية‬ ‫بنـاء مع‬ ‫العلمية والتقنية من دون تواصل ّ‬ ‫املؤسسات الوطنية األخرى ضمن‬ ‫طيف من ّ‬ ‫أطر تشريعية وترتيبات تنظيمية مؤاتية‪.‬‬ ‫والوسيلة املثلى لضمان حدود دنيا من تواصل‬ ‫مركز التميّز مع حميطه وتأمني مناخ تشريعي‬ ‫مؤات لعمله واستثمار أمثل لنتاج عمله‬ ‫وتنظيمي ٍ‬ ‫تتمثل بسياسة وطنية شاملة للعلم والتقنية تؤ ّمن‬ ‫وتؤسس إلنشاء مراكز‬ ‫األطر الناظمة واجلامعة ّ‬ ‫التميّز املنشودة وملتابعة أدائها والسعي املستمر‬ ‫لتطوير إمكاناتها‪.‬‬ ‫وكثرياً ما تبين مراكز التميّز عالقات‬ ‫ومؤسسات أكادميية أخرى‬ ‫الشراكة مع مراكز ّ‬ ‫حبيث يتسنّى هلا توسيع قاعدة املعارف‬

‫‪103‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 104‬للتنمية الثقافية‬

‫واملهارات املتاحة هلا‪ .‬ويف معظم األحوال فإن‬ ‫مراكز التميّز البحثية تُنشأ وتدار حبيث حتافظ‬ ‫على عالقات وثيقة مع اجلهات العاملة يف‬ ‫جماالت مماثلة داخل اجلامعة األم واجلامعات‬ ‫الوطنية األخرى وخارجها‪ .‬كما تسعى للتواصل‬ ‫مؤسسات صناعية أو خدمية تستثمر نتائج‬ ‫مع ّ‬ ‫أحباثها‪ .‬ويت ّم هذا بوسائل ع ّدة منها متويل‬ ‫املراحل األخرية من األحباث اليت قد يتوجب‬ ‫إجراؤها لقاء االسهام باستثمار التقنيات‬ ‫النامجة واستغالل ريع الرتخيص باستثمار‬ ‫براءات االخرتاعات‪ .‬وحيتوي بعض مراكز‬ ‫مؤسسات األعمال اليت‬ ‫التميّز مرافق الحتضان ّ‬ ‫تستند أنشطتها إىل منتجات أو خدمات تتض ّمن‬ ‫حمتو ًى تقنياً متقدماً‪.‬‬ ‫التميز البحثي‬ ‫‪ 1 - 2 - 3‬مراكز‬ ‫ّ‬ ‫والتنمية‬

‫يتساءل البعض حول ما إذا كانت فكرة‬ ‫التميّز البحثي وفقاً للتعاريف املتداولة مناسبة‬ ‫ملعاجلة قضايا التنمية األهم يف الدول النامية‪،‬‬ ‫مع ما ينبغي أن توليه هذه الدول من اهتمام‬ ‫ملعاجلة مسائل مثل تنويع مصادر الدخل الوطين‬ ‫والبطالة ومحاية البيئة وغريها‪ .‬كما يشار إىل‬ ‫أن الدول املتقدمة متتلك يف غالب األحوال‬ ‫األدوات الضرورية لتحقيق التميّز البحثي‬ ‫وللتثبت من إحرازه بالفعل‪ ،‬من خالل آليات‬ ‫راسخة للمراجعة والتقييم‪ .‬أما الدول النامية‬ ‫فما زالت قاصرة عن ذلك بصورة عامة‪،‬‬ ‫خباصة يف احلاالت اليت ال تنشر فيها معاهد‬ ‫البحث يف هذه الدول نتائج أحباثها يف الدوريات‬ ‫الدولية احملكمة‪ .‬ويشار يف السياق ذاته أيضاً‬ ‫إىل أن فكرة التميّز البحثي تتناقض مع احلاجة‬ ‫إىل تناول قضايا ال تتطلّب معاجلتها بالضرورة‬ ‫تقنيات متقدمة‪ .‬بل كثرياً ما تستدعي القيام‬ ‫مبسوحات حقلية تفلح يف تناوهلا آليات حتليلية‬

‫مألوفة كما تستند يف نهاية املطاف إىل تقنيات‬ ‫وقواعد علمية راسخة‪ .‬هذا بينما يت ّم تصنيف‬ ‫األحباث على أنها متميزة يف أغلب األحيان‬ ‫بالنظر ملا تنجز على حدود املعارف العلمية‬ ‫وباستخدام أكثر التقنيات تطوراً‪ .‬كذلك فإن‬ ‫فكرة التميّز قد تغفل يف الكثري من احلاالت‬ ‫اعتبارات الكلفة مقابل الفعالية يف الوصول إىل‬ ‫الغايات املنشودة أص ًال‪ .‬ومن االنتقادات اليت‬ ‫توجه لفكرة التميّز يف الدول النامية أن إحداث‬ ‫ّ‬ ‫مراكز التميّز يؤدي إىل نشوء "جزر" تمُ ا َرس‬ ‫ضمنها أنشطة البحث وفقاً للقواعد السائدة‬ ‫يف الدول املتقدمة لكنها ال تستجيب بالضرورة‬ ‫لالحتياجات امللحة اليت تقع ضمن أولويات‬ ‫حميطها‪.‬‬ ‫ومن الواضح أن العالقة بني التميّز البحثي‬ ‫وجهود التنمية األساسية والشاملة ليست‬ ‫بالبسيطة‪ .‬فمن املمكن الوصول إىل التميّز يف‬ ‫األحباث املتصلة بالتنمية من خالل التصميم‬ ‫األمثل ملشروعات البحث وانتقاء آليات حصيفة‬ ‫يف تنفيذ هذه املشروعات وإخراج نتائجها‬ ‫حبيث يتسنّى للفئات املستهدفة استثمارها‪.‬‬ ‫كما ميكن أن يستهدف التميّز أساليب التعاون‬ ‫والتواصل بني اجلهات املعنيّة بتنفيذ األحباث‬ ‫ومتابعة نتائجها‪ .‬ومن جهة أخرى يقوم إحداث‬ ‫مراكز التميّز البحثي يف جماالت العلم والتقنية‬ ‫املتق ّدمة‪ ،‬حماكا ًة لنزعات تنشأ وتنتشر يف الدول‬ ‫املتقدمة؛ منها حتسني نوعية التعليم العالي يف‬ ‫هذه اجملاالت واالندماج ضمن اجملتمع العلمي‬ ‫العامل ّي‪ .‬وانتقاد مفهوم التميّز ألنه يسفر عن‬ ‫انفصام بني أنشطة البحث وجهود التنمية قد‬ ‫يكون صحيحاً فقط يف احلاالت اليت تفشل فيها‬ ‫إدارة هذه املراكز يف تصميم مشروعاتها بصورة‬ ‫تضمن االستجابة الحتياجات التنمية وتطبيق‬ ‫آليات مناسبة للتواصل بينها وبني حميطها‪.‬‬ ‫أما من حيث املبدأ‪ ،‬فليس هنالك ما حيول دون‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫التميز في الدول العربية‬ ‫‪ 3-3‬مراكز‬ ‫ّ‬

‫أنشأت دول عربية ع ّدة خالل القرن املاضي‬ ‫مراكز وطنية لألحباث‪ .‬وتعترب مصر والسعودية‬ ‫والكويت واألردن من الدول العربية الرائدة يف‬ ‫تأسيس مراكز وطنية تناولت جماالت عريضة‬ ‫نسبياً من القضايا املتصلة بالتنمية‪ .‬ومن‬ ‫اجملاالت اليت شهدت االهتمام األكرب يف عديد‬ ‫من الدول العلوم والتقنيات املتعلقة باإلنتاج‬ ‫الزراعي ومعاجلة األغذية‪ ،‬والبيئة‪ ،‬والرعاية‬ ‫الصحية‪ ،‬والثروات الباطنية والطاقة‪ .‬وقد‬

‫البحث العلمي‬

‫استخدام آخر ما توصلت إليه تقنيات املعلومات‬ ‫واالتصاالت حداث ًة حملو األمية واجتثاث الفقر‬ ‫يف األرياف واملناطق احملرومة يف ضواحي املدن‬ ‫الكربى‪ .‬أو استثمار الهندسة الوراثية للحفاظ‬ ‫على التن ّوع احليوي وعلى نباتات حملية آخذة‬ ‫باالنقراض أو حتقيق مستويات أعلى من‬ ‫اإلنتاجية يف زراعة حماصيل مقاومة لألمراض‬ ‫وقادرة على حتمل اجلفاف‪.‬‬ ‫ويُربز ما سبق ضرورة النظر إىل مفهوم‬ ‫التميّز البحثي بتم ّعن‪ ،‬وتطويعه لضمان استجابة‬ ‫أمثل لقضايا ملحة يف اجملتمع من دون االنعزال‬ ‫عن التيارات العلمية والتقنية الرائدة‪ ،‬وال سيما‬ ‫تلك اليت اتضحت فرص تطبيقها حل ّل مشكالت‬ ‫تتّصل بقضايا التنمية الوطنية واحمللية من‬ ‫الوجهات املختلفة‪ .‬ويؤ ّكد هذا التوجه احلاجة‬ ‫املتزايدة لتأمني البنى األساسية اليت تسمح‬ ‫بتوظيف خمرجات مراكز التميّز البحثي يف‬ ‫جماالت تؤدي ملنافع حقيقية‪ .‬كما يؤ ّكد احلاجة‬ ‫لتبين ممارسات جم ّربة لتقييم أداء مراكز‬ ‫التميّز حبيث حتقق صالت وثيقة بينها وبني‬ ‫احتياجات حميطها وال يؤدي إنشاؤها إىل‬ ‫أمناط مستحدثة من "هجرة األدمغة" ومزيد‬ ‫من "تغريب" املختصني يف فروع العلم والتقنية‬ ‫اجلديدة عن جمتمعاتهم‪.‬‬

‫سعت معظم الدول العربية بداي ًة إلنشاء معاهد‬ ‫مؤسسات التعليم العالي و ّمت‬ ‫لألحباث ضمن ّ‬ ‫متخصصة للقيام باألحباث‬ ‫استحداث مراكز ّ‬ ‫والتطوير التقين يف موضوعات حم ّددة تتّصل‬ ‫بأولويات التنمية‪ .‬ومن األمثلة عليها مراكز‬ ‫حبوث املياه والزراعة اليت أنشأتها مصر‬ ‫وسوريا والسعودية وتونس واملغرب ولبنان وعدد‬ ‫غري قليل من الدول العربية األخرى‪ .‬كما جيدر‬ ‫ختصصت بالتقنيات اجلديدة‪،‬‬ ‫هنا ذكر مراكز ّ‬ ‫كتقنيات املعلومات واالتصاالت واالستشعار عن‬ ‫بعد والطاقة الذرية‪ ،‬اليت أنشأت يف ك ّل من‬

‫‪105‬‬

‫على الرغم م ّما بذل من جهود‪،‬‬ ‫مصر وسوريا ولبنان واألردن والسعودية وتونس ما زال النتاج العلمي العرب ّي‪ ،‬المتمثّل‬ ‫واملغرب ويف بعض الدول العربية األخرى‪ .‬ويف بالمنتجات والخدمات التي تتجسد فيها‬ ‫مجيع احلاالت احتلّت العلوم التطبيقية مركز التقنيات الجديدة وبراءات االختراع‬ ‫واألوراق العلمية المنشورة في الدوريات‬ ‫الصدارة يف هذه املراكز‪.‬‬ ‫الدولية المحكمة‪ ،‬أق ّل بكثير من المتو ّقع‬ ‫على الرغم ّ‬ ‫مما بذل من جهود‪ ،‬ما زال بالنسبة إلى العديد من دول العالم‪،‬‬ ‫النتاج العلمي العرب ّي‪ ،‬املتمثّل باملنتجات المتق ّدمة منها والنامية‪ ،‬غير أن هذا ال‬ ‫يعني أن المراكز التي ت ّم إنشاؤها خالل‬ ‫واخلدمات اليت تتجسد فيها التقنيات اجلديدة‬ ‫العقود الماضية لم تحرز نتائج ثمينة في‬ ‫وبراءات االخرتاع واألوراق العلمية املنشورة يف عدد من المجاالت‪ ،‬في مضمار العلوم‬ ‫الدوريات الدولية احملكمة‪ ،‬أق ّل بكثري من املتو ّقع الزراعية والطبية مث ً‬ ‫ال‪ ،‬بل يمكن اعتبار‬ ‫بعض مختبرات األبحاث متميّزة بالنظر‬ ‫بالنسبة إىل العديد من دول العامل‪ ،‬املتق ّدمة‬ ‫إلى آرائها حول برامج التنمية المحلية‪..‬‬

‫منها والنامية‪ .‬إال أن هذا ال يعين أن املراكز‬ ‫اليت ّمت إنشاؤها خالل العقود املاضية مل حترز‬ ‫نتائج مثينة يف عدد من اجملاالت‪ ،‬يف مضمار‬ ‫العلوم الزراعية والطبية مث ًال‪ ،‬بل ميكن اعتبار‬ ‫بعض خمتربات األحباث متميّزة بالنظر إىل‬ ‫آرائها حول برامج التنمية احمللية‪.‬‬ ‫أما مراكز التميّز اليت أنشأتها الدول‬ ‫العربية حتت هذه التسمية وباالستناد إىل‬ ‫التعاريف السائدة اآلن ملفهوم التميّز‪ ،‬فأعمارها‬ ‫ال تتجاوز عموماً بضع سنوات‪ .‬ومل يتبلور نتاجها‬ ‫ليسمح بتقييم ذي مغزى‪ .‬حتى أن قرارات‬ ‫الدورة الثالثة واألربعني للمؤمتر العام الحتاد‬ ‫اجلامعات العربية الذي عقد مطلع العام ‪2010‬‬ ‫تضمنت النية ملخاطبة "اجلامعات األعضاء يف‬ ‫‪47‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 106‬للتنمية الثقافية‬

‫االحتاد للتعرف إىل مراكز التميّز العلمي يف‬ ‫التخصصات املختلفة على أن يصار إىل تبين‬ ‫ّ‬ ‫هذه املراكز ودعمها وإخطار مجيع اجلامعات‬ ‫العربية بها‪".‬‬ ‫ويرى الناظر إىل املبادرات الرامية إلحداث‬ ‫مراكز التميّز اليوم ثالثة أمناط أساسية من‬ ‫التوجهات‪ .‬يسعى البعض من الدول العربية‬ ‫مؤسسات تنشد التميّز‬ ‫مبوجب أوهلا إلحداث ّ‬ ‫يف مضمار التعليم العالي‪ ،‬وقد تقوم من ضمنها‬ ‫أنشطة للبحث‪ .‬بينما يت ّم بنا ًء على النمط‬ ‫الثاني من التوجهات إحداث مراكز للتميّز‬ ‫البحثي من ضمن جامعات قائمة‪ .‬حبيث تنجز‬ ‫هذه املراكز األحباث املعمقة يف جماالت كاملواد‬ ‫اجلديدة والتقنية احليوية وتقنيات املعلومات‬ ‫واالتصاالت‪ .‬ويت ّم وفقاً للنمط الثالث تأسيس‬ ‫مراكز متيّز تقوم باألحباث املتقدمة يف جماالت‬ ‫طبية يف الوقت الذي قد تق ّدم خالله خدمات‬ ‫الرعاية الصحية‪ .‬وبينما تتسم بعض املبادرات‬ ‫من النمط األخري باالستقاللية‪ ،‬فإن معظمها‬ ‫يرتبط مبعاهد جامعية أو مستشفيات قائمة‪،‬‬ ‫حبيث ميكن اعتبارها إمجاالً حالة خاصة من‬ ‫النمط الثاني من مراكز التميّز‪ ،‬أي مراكز‬ ‫املتخصصة واليت تنشد التفوق ضمن‬ ‫األحباث ّ‬ ‫جمال عملها‪.‬‬ ‫تعطي الفقرات التالية نبذة عن مراكز‬ ‫التميّز يف الدول العربية اليت تتوافر املعلومات‬ ‫حوهلا‪ .‬فتق ّدم نبذة عن األنشطة الرامية إىل‬ ‫إحداث معاهد متميّزة للتعليم العالي‪ .‬ثم تصف‬ ‫بإجياز بعض املبادرات الرامية إىل تأسيس‬ ‫مراكز للتميز البحثي‪ ،‬فتتناول أنشطة مركز‬ ‫التميز للعلوم املتقدمة الذي أحدث ضمن املركز‬

‫القومي لألبحاث يف مصر‪ .‬وتق ّدم بعدئ ٍذ صورة‬ ‫عن مراكز التميّز اليت سعت وتسعى السعودية‬ ‫إلنشائها من خالل خطتها االسرتاتيجية للعلم‬ ‫والتقنية‪ .‬وتق ّدم ختاماً أمثلة عن املساعي‬ ‫املوجهة إلحداث مراكز متيّز تعنى بقضايا ذات‬ ‫أبعاد إقليمية ودولية‪.‬‬ ‫التميز في‬ ‫‪ 1 - 3 - 3‬مبادرات نحو‬ ‫ّ‬ ‫التعليم العالي‬

‫يستضيف عدد من دول‬ ‫اخلليجي اآلن فروعاً جلامعات من الدول‬ ‫ملؤسسات‬ ‫املتقدمة‪ .‬ويعود معظم هذه املبادرات ّ‬ ‫مرموقة للتعليم العالي من الواليات املتحدة‬ ‫واململكة املتحدة‪ ،‬وفرنسا مؤخراً‪ .‬إال أن دولة‬ ‫قطر و السعودية تأتيان يف مقدمة هذه الدول‪ ،‬يف‬ ‫السعي إلحداث مراكز للتميّز يف مضمار التعليم‬ ‫العالي‪ .‬وتتصف هذه املبادرات حبداثة عهدها‪،‬‬ ‫حبيث ال ميكن التوصل إىل تقييم معمق ألدائها‬ ‫ومساهماتها يف التنمية االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬ ‫بينما تق ّدم مبادرة أقدم عهداً نفذت يف سوريا‬ ‫يف الربع األخري من القرن املاضي منوذجاً‬ ‫مغايراً للسعي حنو التميّز يف مضمار التعليم‬ ‫العالي‪ .‬تعرض الفقرات التالية مالمح أساسية‬ ‫لـ مدينة التعليم يف قطر وجامعة امللك عبد‬ ‫منظمة التعاون‬

‫الله للعلوم والتقنية في السعودية واملعهد العالي‬

‫للعلوم التطبيقية والتقنية يف سوريا‬

‫‪48‬‬

‫‪.‬‬

‫‪ 1 - 1 - 3 - 3‬مدينة التعليم في دولة‬ ‫قطر‬

‫تقدم مدينة التعليم في دولة قطر مثاالً عن‬ ‫سعي دول اخلليج إلنشاء فروع لبعض اجلامعات‬

‫على التقرير من هذا املوقع يف حزيران‪ /‬يونيو العام ‪.2010‬‬ ‫‪ 48‬يشار إىل أن نصف املنتسبني إىل هذه الفروع هم من القطريني‪ .‬وأن ما تبقى من الطلبة ميثلون ‪ 45‬جنسية من أحناء العامل‪ .‬انظر‬ ‫مؤسسة قطر‪ّ .http://www.qf.org.qa/output/Page17.asp :‬‬ ‫مت االطالع على املوقع يف الشهر الرابع (نيسان‪/‬‬ ‫موقع مدينة التعليم يف ّ‬ ‫إبريل) ‪.2010‬‬ ‫‪ 49‬ترمجة مصطلح “‪ ”Grandes Ecoles‬من الفرنسية‪.‬‬ ‫‪ 50‬يعود قسط كبري من جناح سوريا بتأسيس كلية هلندسة املعلوميات يف جامعة دمشق ملا قدمه خرجيو املعهد العالي من معارف وخربات‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪ 2 - 1 - 3 - 3‬جامعة الملك عبد الله‬ ‫للعلوم والتقنية في السعودية‬

‫تنشد جامعة امللك عبد الله للعلوم والتقنية‪،‬‬ ‫اليت افتتحت رمسياً يف العام ‪ 2009‬يف مدينة تول‪،‬‬ ‫مشال مدينة جدة‪ ،‬التميّز يف مضماري األحباث‬ ‫والتعليم العالي‪ .‬وتتض ّمن اجلامعة أربعة أقسام‬ ‫أكادميية هي قسم علوم األرض وعلوم وهندسة‬ ‫البيئة‪ ،‬وقسم العلوم احليوية واهلندسة احليوية‪،‬‬ ‫وقسم الرياضيات وعلوم وهندسة احلاسوب‪،‬‬ ‫وقسم العلوم واهلندسة الفيزيائية والكيميائية‪.‬‬ ‫ومن املق ّرر أن متنح اجلامعة شهادات يف عدد من‬ ‫التخصصات العلمية واهلندسية تشمل الرياضيات‬ ‫ّ‬ ‫التطبيقية واحلاسوب والكيمياء والبيولوجيا‬ ‫والبيئة والكهرباء وامليكانيك‪ .‬كما تتض ّمن اجلامعة‬ ‫التخصصات تتناول احلفز‬ ‫مراكز حبثية متع ّددة ّ‬ ‫الكيميائي واالحرتاق النظيف والعلوم البيولوجية‬ ‫احلاسوبية والنمذجة اهلندسية وعلوم وهندسة‬ ‫البحر األمحر وعلوم وهندسة الطاقة ومصادر‬ ‫الطاقة البديلة وحتلية املياه وإعادة استخدامها‪.‬‬ ‫ترت ّكز اجلهود البحثية يف جامعة امللك‬ ‫عبد الله على إجياد حلول للمشكالت املتعلقة‬ ‫بالتنمية االقتصادية واالجتماعية‪ .‬حيث يض ّم‬ ‫برنامج األحباث يف اجلامعة أربعة حماور‬

‫البحث العلمي‬

‫اليت يشهد هلا بالتف ّوق يف الدول املتقدمة‪ .‬وقد‬ ‫أحدثت‬ ‫مؤسسة قطر مدينة التعليم يف مطلع‬ ‫ّ‬ ‫كمؤسسة خاصة ال تسعى للربح‪.‬‬ ‫العقد املاضي ّ‬ ‫وترت ّكز أنشطة املدينة على التعليم مبختلف‬ ‫مراحله‪ ،‬مع الرتكيز على التعليم العالي وختريج‬ ‫أطر من مستوى النخبة يف عدد من اجملاالت‬ ‫تتض ّمن الطب وإدارة األعمال واهلندسة‪ .‬كما‬ ‫املؤسسة واملدينة القيام بالبحث‬ ‫تتض ّمن أنشطة ّ‬ ‫العلمي وتعزيز التنمية احمللية‪.‬‬ ‫مؤسسة قطر ست‬ ‫تتض ّمن مدينة التعليم يف ّ‬ ‫جامعات‪ :‬جامعة فرجينيا كومنويلث يف قطر‬ ‫تأسست العام ‪ ،1998‬وكلية وايل كورنيل‬ ‫اليت ّ‬ ‫تأسست العام ‪،2002‬‬ ‫للطب يف قطر اليت ّ‬ ‫تأسست‬ ‫وجامعة تكساس (‪ )A&M‬يف قطر اليت ّ‬ ‫العام ‪ ،2003‬وجامعة كارجني ميللون يف قطر‬ ‫تأسست العام ‪ ،2004‬وكلية جورجتاون‬ ‫اليت ّ‬ ‫لدراسات الشؤون الدولية اليت أحدثت العام‬ ‫‪ ،2005‬وجامعة نورث وسترن يف قطر اليت‬ ‫أنشئت العام ‪ .2008‬وقد شهد العام ‪2008‬‬ ‫بداية تدريس صفوف اهلندسة األوىل يف جامعة‬ ‫تكساس (‪ .)A&M‬كما شهد العام ذاته خترج‬ ‫الدفعات األوىل من برامج التدريس اليت قامت‬ ‫بها هذه اجلامعة وكذلك خترج الدفعة األوىل‬ ‫من الطلبة الذين أ ّ‬ ‫متوا دراسات املرحلة األوىل‬ ‫يف الطب البشري يف كلية وايل كورنيل للطب‬ ‫وخت ّرج الدفعة األوىل من طلبة جامعة كارجني‬ ‫ميللون يف قطر‪.‬‬ ‫ومن املتو ّقع أن تفلح فروع اجلامعات املمثلة‬ ‫يف مدينة التعليم خالل السنوات املقبلة بتكوين‬ ‫مراكز متيّز يف مضمار التعليم العالي‪ .‬كما‬ ‫يتو ّقع أن تسهم هذه الفروع بتقديم اسهامات‬ ‫حيوية على الصعيدين الوطين واإلقليمي مع‬ ‫تزايد تعداد خرجييها من مواطين قطر والدول‬ ‫اجملاورة وانهماكهم يف أنشطة فروع اجلامعات‬ ‫اليت خت ّرجوا منها ويف جهود التنمية االقتصادية‬

‫واالجتماعية يف قطر ودول اخلليج‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من الفروق الشاسعة بني‬ ‫الشروط احمللية والدولية اليت حتيط بـاملبادرة‬ ‫مؤسسة قطر‪ ،‬وما سبقها‬ ‫الرائدة اليت تقوم بها ّ‬ ‫من مبادرات مماثلة رمت إىل التميّز يف دول‬ ‫أخرى ضمن املنطقة العربية وخارجها‪ ،‬من‬ ‫املفيد النظر إىل النهج الذي تسعى دولة قطر‬ ‫من خالله إلنشاء مراكز التميّز يف التعليم‬ ‫العالي‪ ،‬مع األساليب اليت تبنتها مبادرات‬ ‫سابقة سعت حنو غايات مشابهة يف دول أخرى‬ ‫يف املنطقة والعامل‪.‬‬

‫‪107‬‬

‫تق ّدم مدينة التعليم في قطر مثاالً‬ ‫عن سعي دول الخليج إلنشاء فروع لبعض‬ ‫الجامعات التي يشهد لها بالتف ّوق في‬ ‫الدول المتقدمة‪..‬وتتض ّمن هذه المدينة‬ ‫ست جامعات‪ :‬جامعة فرجينيا كومنويلث‬ ‫للطب (‪،)2002‬‬ ‫(‪ ،)1998‬كلية وايل كورنيل ّ‬ ‫جامعة تكساس (‪ ،)A&M) (2003‬جامعة‬ ‫كارنجي ميللون (‪ ،)2004‬كلية جورجتاون‬ ‫لدراسات الشؤون الدولية(‪ ،)2005‬جامعة‬ ‫نورث وسترن (‪ .)2008‬لكن النجاح األمثل‬ ‫لهذه الجامعات مازال يتوقف على توفير‬ ‫بنى تحتية وطنية لها وعلى وجه الخصوص‬ ‫في مجال الهيئة التدريسية المتاحة‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 108‬للتنمية الثقافية‬

‫تنشد جامعة الملك عبد اهلل للعلوم‬ ‫والتقنية‪ ،‬التي افتتحت رسمياً في العام‬ ‫‪ 2009‬في مدينة تول في شمال مدينة‬ ‫ج ّدة‪ ،‬التميّز في مضماري األبحاث‬ ‫والتعليم العالي‪ ..‬وتتض ّمن أربعة أقسام‬ ‫أكاديمية هي‪ :‬قسم علوم األرض وعلوم‬ ‫وهندسة البيئة‪ ،‬وقسم العلوم الحيوية‬ ‫والهندسة الحيوية‪ ،‬وقسم الرياضيات‬ ‫وعلوم وهندسة الحاسوب‪ ،‬وقسم العلوم‬ ‫والهندسة الفيزيائية والكيميائية‪ ..‬كما‬ ‫تتض ّمن الجامعة مراكز بحثية متع ّددة‬ ‫التخصصات تتناول الحفز الكيميائي‬ ‫ّ‬ ‫واالحتراق النظيف والعلوم البيولوجية‬ ‫الحاسوبية والنمذجة الهندسية وعلوم‬ ‫وهندسة البحر األحمر وعلوم وهندسة‬ ‫الطاقة ومصادر الطاقة البديلة وتحلية‬ ‫المياه وإعادة استخدامها‪..‬‬

‫اسرتاتيجية‪ :‬املوارد والطاقة والبيئة‪ ،‬والعلوم‬ ‫واهلندسة احليوية‪ ،‬وعلوم وهندسة املواد‪،‬‬ ‫والرياضيات التطبيقية واحلوسبة‪.‬‬ ‫وقد ّمت جتهيز خمتربات األحباث يف‬ ‫اجلامعة بأحدث األجهزة واملعدات‪ .‬ومن األمثلة‬ ‫على ذلك‪:‬‬ ‫• احلاسوب العمالق األول من نوعه يف‬ ‫املنطقة الذي ّمت تصميمه بالتعاون مع شركة‬ ‫آي بي إم حبيث يتسنّى له إجراء ‪ 222‬تريليون‬ ‫عملية حسابية يف الثانية؛‬ ‫• خمترب واقع افرتاضي ّمت بناؤه بالشراكة‬ ‫مع جامعة كاليفورنيا ليمنح الطلبة والباحثني‬ ‫يف اجلامعة القدرة على حتويل البيانات إىل‬ ‫هياكل ثالثية األبعاد؛‬ ‫• غرفة نظيفة جمهزة بأحدث األدوات‬ ‫لدعم البحوث يف جمال املواد املتقدمة‪ ،‬والتقنية‬ ‫احليوية‪ ،‬واإللكرتونيات والضوئيات‪ ،‬واألنظمة‬ ‫اإللكرتوميكانيكية امليكرومرتية والنانومرتية؛‬ ‫• جتهيزات متق ّدمة تستخدم مطيافية‬ ‫الرنني النووي املغناطيسي ومطيافية رامان‬ ‫ومرافق للفحص اجملهري باملسح الضوئي‬ ‫وإنفاذ اإلشعاع وغريها من التجهيزات‬ ‫املصممة لدراسة السطوح واملواد على املستوى‬ ‫النانومرت ّي؛‬ ‫• خمترب للموارد الساحلية والبحرية‬ ‫يق ّدم اخلدمات لسفن األحباث يف جمال‬ ‫االستكشافات والكائنات البحرية؛‬ ‫• خمتربات التقنيات اجلينومية والربوتيومية‬ ‫اجملهزة باإلنساالت واملعدات املؤمتتة لدراسة‬ ‫سالسل احلمض النووي والتحليل اجليين‬ ‫وتفحص العمليات اخللوية‪.‬‬ ‫وترتبط اجلامعة باتفاقيات للتعاون مع عدد‬ ‫من املعاهد املرموقة منها معهد وودز هول لعلوم‬ ‫احمليطات لتعزيز األحباث يف جماالت تتض ّمن‬

‫دراسة الشعاب املرجانية والتيارات املائية‬ ‫ومصائد األمساك يف البحر األحمر واستزراع‬ ‫األحياء والنباتات املائية‪ ،‬واملساحة البحرية‬ ‫لتقديم وصف شامل جلغرافية البحر األحمر‬ ‫الفيزيائية‪ ،‬وإجراء دراسات للنظم البيئيية‬ ‫الطبيعية للشعاب املرجانية تقدم أساساً لرصد‬ ‫البيئة الساحلية على املدى البعيد‪ .‬وستعمل‬ ‫اجلامعة مع علماء املعهد لتأسيس مركز األبحاث‬ ‫البحرية يف اجلامعة‪ ،‬واملعهد الفرنسي للبترول‬ ‫للتعاون يف برامج أحباث الطاقة النظيفة‬ ‫واستخالص غاز ثاني أكسيد الكربون من‬ ‫اهلواء واحلفز الكيميائي والنمذجة الرياضية يف‬ ‫اهلندسة الكيميائية‪.‬‬ ‫‪ 3 - 1 - 3 - 3‬المعهد العالي للعلوم‬ ‫التطبيقية والتقنية في سوريا‬

‫يعترب‬

‫املعهد العالي للعلوم التطبيقية‬

‫والتقنية يف سوريا من أوىل املبادرات العربية‬ ‫الساعية للتميّز يف مضمار التعليم العالي‬ ‫تأسس املعهد يف سبعينيات‬ ‫والبحث العلم ّي‪ .‬إذ ّ‬ ‫القرن املاضي مستنداً إىل اتفاقية للتعاون‬ ‫بني املعهد العالي للعلوم التطبيقية والتقنية‬ ‫وجمموعة املدارس الكبرى الفرنسية ‪ ،‬إلعداد‬ ‫الطلبة املتفوقني يف امتحانات الشهادة الثانوية‬ ‫إعداداً خاصاً يتيح هلم االلتحاق باملدارس‬ ‫الكربى يف فرنسا ملتابعة الدراسة اجلامعية‪.‬‬ ‫وتر ّكز اإلعداد اخلاص الذي ناله هؤالء‬ ‫الطلبة على حتصيل الّلغات ومتتني معارفهم يف‬ ‫الرياضيات والعلوم األساسية‪ .‬وكان التدريس‬ ‫والتقييم يت ّم مبعونة من أساتذة فرنسيني من‬ ‫املعاهد املرموقة اليت كان الطلبة يوفدون إليها‬ ‫الحقاً‪ ،‬وذلك لنيل شهادات اهلندسة ومن ثم‬ ‫شهادات عليا ضمن ختصصات تضمنت تقنيات‬ ‫املعلومات واالتصاالت واألمتتة واإللكرتونيات‬ ‫‪49‬‬

‫وإلسهاماتهم ضمن هيئة التدريس يف هذه الكلية‪ .‬كما قدّم خرجيو قسم هندسة اإلدارة يف املعهد اسهامات مثينة على أصعدة مماثلة‪.‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪50‬‬

‫تأسس ضمنها املعهد العالي ختتلف من عدة‬ ‫نواح جوهرية عن الظروف اليت أحدثت ضمنها‬ ‫ٍ‬ ‫مدينة التعليم يف قطر‪ .‬لكن من املفيد إلقاء‬ ‫نظرة متمعنة يف املستقبل إىل هاتني التجربتني‬ ‫خباصة النطالقهما من طريف نقيض‪ ،‬من‬ ‫خصصت لتأسيسهما‬ ‫حيث املوارد املالية اليت ّ‬ ‫والستدامة أنشطتهما‪ ،‬ومدى انهماك األطر‬ ‫الوطنية يف التخطيط هلما‪ ،‬ومن ثم إدارة‬ ‫أعماهلما‪ ،‬وما حققتاه من منجزات وتكامل‬ ‫مؤسسي على الصعيد الوطينّ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫البحثي‬ ‫‪ 2 - 3 - 3‬مبادرات للتميز‬ ‫ّ‬

‫أنشئت خالل السنوات القليلة املاضية يف‬ ‫عدد حمدود من الدول العربية‪ ،‬على رأسها‬ ‫مصر والسعودية مراكز لألحباث تستهدف‬ ‫التميّز يف جماالت حمددة تتناول التقنيات‬ ‫احلديثة‪ .‬وعلى الرغم من حداثة عهد هذه‬ ‫املراكز فإنها قد تقطع أشواطاً ملموسة خالل‬ ‫فرتات وجيزة‪ .‬إذ أنها تبين يف احلالتني على‬ ‫خمزون ملموس من اخلربات يف جماالت‬ ‫االختصاص اليت تتص ّدى للعمل بها‪ .‬كما أنها‬ ‫تتمتع يف احلالتني أيضاً خبربات أجنبية تق ّدمها‬ ‫مؤسسات حبثية مرموقة يف دول متقدمة‪ .‬وفيما‬ ‫ّ‬ ‫يلي صورة موجزة عن هذه املراكز العربية‪.‬‬

‫البحث العلمي‬

‫امليكروية وهندسة اإلدارة‪ .‬وهذا حبيث‬ ‫تش ّكلت كتلة حرجة من األطر التدريسية اليت‬ ‫أمكن باالستناد إليها افتتاح أقسام ختصصية‬ ‫يف املعهد العالي الستقبال وختريج املزيد من‬ ‫الطلبة املتفوقني بعد خوضهم املرحلة اإلعدادية‬ ‫اليت سبق ذكرها‪ .‬ومن املآخذ اليت ترد يف نقد‬ ‫منوذج املعهد العالي اقتصاره على عدد حمدود‬ ‫من االختصاصات‪ .‬لكن يُشهد يف الوقت ذاته‬ ‫للمعهد العالي جناحه يف ختريج جمموعة من‬ ‫األطر املتفوقة أمثرت‪ ،‬يف مثانينيات وتسعينيات‬ ‫القرن املاضي بوجه اخلصوص‪ ،‬بتوطني خربات‬ ‫تدريسية‪ ،‬وحبثية أيضاً‪ ،‬ضمن جماالت مل تكن‬ ‫متاحة يف املاضي‪ .‬وعلى الرغم من أن السوية‬ ‫املتفوقة اليت متتّع بها خرجيو املعهد أدت‬ ‫مؤسسات األعمال‬ ‫إىل اصطيادهم من قبل ّ‬ ‫الفرنسية‪ ،‬واألوروبية عموماً‪ ،‬إال أن أعداداً‬ ‫ملموسة كانت تعود لإلسهام يف تطوير قدرات‬ ‫املعهد وتوسيع رقعتها‪ .‬ومما مييّز جتربة‬ ‫املعهد العالي أنه ز ّود سوريا بالرعيل األول من‬ ‫مهندسي املعلوماتية الذين قادوا سعيها حنو‬ ‫توطني هذه التقنية وجتذيرها خالل العقدين‬ ‫املاضيني ‪.‬‬ ‫والواقع أن مقارنة النموذج الذي اتبع يف‬ ‫تأسيس وإدارة املعهد العالي يف سوريا بالنموذج‬ ‫مؤسسة قطر مث ًال‬ ‫الذي تتبعه مدينة التعليم يف ّ‬ ‫غري ممكنة ألسباب عديدة‪ .‬منها أن تقييم‬ ‫"جتارب" من هذا النوع غري ذي داللة قبل‬ ‫انقضاء فرتة كافية على الشروع بها‪ ،‬تقدر بعقد‬ ‫ونيف من الزمن على أقل تقدير‪ .‬وبينما تسمح‬ ‫"جتربة" املعهد العالي بتقييم ينطوي على بعض‬ ‫العمق‪ ،‬فإن هذا غري ممكن اآلن يف حالة مدينة‬ ‫التعليم يف قطر‪ ،‬إذ مل متض على تأسيس فروع‬ ‫جامعاتها فرتة كافية‪ .‬كذلك فإن الظروف اليت‬

‫‪109‬‬

‫أنشئ مركز التميّز للعلوم المتقّدمة‬ ‫من قبل المركز القومي للبحوث في‬ ‫مصر مطل َع العام ‪ 2008‬وتتض ّمن رسالة‬ ‫هذا المركز السعي لتحويل نزف العقول‬ ‫من مصر إلى كسبها‪ ..‬كما تتض ّمن‬ ‫بناء القدرات الوطنية في مجاالت‬ ‫العلوم المتقدمة وإنجاز أبحاث أساسية‬ ‫وتطبيقية في العلوم المتقدمة من قبل‬ ‫التخصصات‪..‬‬ ‫فرق متع ّددة ّ‬

‫التميز للعلوم‬ ‫‪1 - 2 - 3 - 3‬مركز‬ ‫ّ‬ ‫المتقدمة في مصر‬

‫أنشئ مركز التميّز للعلوم املتقّدمة من قبل‬ ‫املركز القومي لألبحاث يف مصر مطل َع العام‬ ‫‪ :2008‬وتتض ّمن رسالة هذا املركز السعي‬ ‫لتحويل نزف العقول من مصر إىل كسبها‪ .‬كما‬ ‫تتض ّمن بناء القدرات الوطنية يف جماالت العلوم‬ ‫املتقدمة وإجناز أحباث أساسية وتطبيقية يف‬ ‫‪51‬‬

‫‪ 51‬أنشئ مركز التميز للعلوم املتقدمة بناء على مشروع كان املركز القومي لألحباث قد أطلقه العام ‪ .2006‬أنظر املوقع‪http://ceas- :‬‬ ‫‪ ،nrc.org/pages.php?id=2‬الذي ّ‬ ‫مت االطالع عليه يف حزيران‪ /‬يونيو العام ‪.2010‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 110‬للتنمية الثقافية‬

‫التخصصات‪.‬‬ ‫العلوم املتقدمة من قبل فرق متع ّددة ّ‬ ‫ويقوم مركز التميّز بأحباث رفيعة املستوى كما‬ ‫يسعى لتدريب الباحثني اجلدد من سوية النخبة‬ ‫يف أحباث التقنية احليوية وتقنية النانو والطاقة‬ ‫املتج ّددة والصيدالنيات‪ .‬ويستمد مركز التميز‬ ‫األطر البحثية العاملة لديه من الباحثني الذين‬ ‫يوفدهم املركز القومي للدراسة للخارج‪ .‬ويُنتقى‬ ‫املختصون يف جماالت تقع من ضمن اهتمامات‬ ‫ّ‬ ‫مركز‬ ‫التميز للعلوم املتقدمة للعمل فيه ملدة‬ ‫ّ‬ ‫جدول رقم ‪17‬‬

‫أحباث مركز متيز العلوم املتقدمة يف مصر‬ ‫نسبة التبدل‬ ‫‪2009 - 2008 2008 - 2007‬‬ ‫(‪)%‬‬

‫أحباث املركز القومي‬

‫‪40‬‬

‫‪26‬‬

‫‪35-‬‬

‫أحباث وطنية‬

‫‪8‬‬

‫‪16‬‬

‫‪100‬‬

‫أحباث دولية‬

‫‪23‬‬

‫‪33‬‬

‫‪43‬‬

‫اجملموع‬

‫‪71‬‬

‫‪75‬‬

‫‪6‬‬

‫جمموع األوراق املنشورة يف الدوريات الدولية والرباءات املمنوحة‬ ‫واجلوائز العلمية اليت منحت ملركز متيز العلوم املتقدمة‬

‫جدول رقم ‪18‬‬

‫‪2009 - 2008 2008 - 2007‬‬

‫األوراق املنشورة يف الدوريات الدولية‬ ‫الرباءات املمنوحة‬

‫‪52‬‬

‫اجلوائز العلمية‬

‫‪53‬‬

‫‪93‬‬

‫‪90‬‬

‫‪4‬‬

‫‪5‬‬

‫‪10‬‬

‫‪10‬‬

‫سنتني أو ثالث سنوات بعد عودتهم من اإليفاد‪،‬‬ ‫ليتسنّى هلم اإلسهام يف تطوير إمكانات مركز‬ ‫التميّز من اجلوانب املختلفة‪.‬‬ ‫ويق ّدم اجلدول رقم (‪ )17‬الئحة مبشروعات‬ ‫األحباث اليت أجريت خالل السنتني ‪- 2007‬‬ ‫‪ 2008‬و‪ .2009 - 2008‬ويبني اجلدول تضاعف‬ ‫تعداد األحباث اليت طرحت من قبل جهات‬ ‫وطنية أو اليت تنفذ لصاحلها أو بالتعاون معها‪.‬‬ ‫كما يبني اجلدول ازدياداً نسبياً يف تعداد األحباث‬ ‫املشرتكة مع جهات دولية‪ .‬ويقابل الزيادة يف‬ ‫هذين الصنفني من األحباث تناقص يف تعداد‬ ‫األحباث اليت يتم تنفيذها لصاحل املركز القومي‬ ‫أو بناء على تكليف منه‪.‬‬ ‫ويعطي اجلدول رقم (‪ )18‬الئحة بتعداد‬ ‫األوراق اليت نشرتها جمموعات األحباث يف‬ ‫مركز التميز يف الدوريات الدولية والرباءات‬ ‫املمنوحة هلا واجلوائز العلمية اليت حازتها‬ ‫يف الفرتة ‪ .2009 - 2007‬ومن اجلدير بالذكر‬ ‫أن الرباءات اليت ناهلا مركز التميز تنقسم‬ ‫بالتساوي بني تلك اليت منحت من قبل جهات‬ ‫دولية وتلك اليت منحتها اجلهة الوطنية‬ ‫املسؤولة‪ .‬ويالحظ أن تعداد األوراق العلمية‬ ‫املنشورة يف الدوريات الدولية واجلوائز اليت‬ ‫نالتها جمموعات البحث بقي ثابتاً يف العامني‬ ‫الذين توافرت املعلومات حوهلما‪.‬‬ ‫التميز البحثي في‬ ‫‪ 2 - 2 - 3 - 3‬مراكز‬ ‫ّ‬ ‫السعودية‬

‫تتض ّمن‬

‫اخلطة الوطنية األولى للعلوم‬

‫والتقنية واالبتكار‬

‫يف‬

‫السعودية‬

‫مشروعات‬

‫‪ 52‬يتوزع تعداد الرباءات على صنفني من اجلهات املاحنة‪ .‬فهي متنح إما من قبل إحدى مكاتب براءات االخرتاع يف دول العامل أو من قبل‬ ‫الدائرة الوطنية املختصة‪ .‬وقد منحت جهات دولية مركز التميز براءتني يف العام ‪ ،2008 - 2007‬من أصل أربع براءات حصل عليها ذلك‬ ‫العام‪ .‬ثم منحته هذه اجلهات ثالت براءات‪ ،‬من أصل مخس‪ ،‬يف العام التالي‪.‬‬ ‫‪ 53‬يتوزع تعداد اجلوائز العلمية على ثالثة من املصادر‪ :‬الدولية وتلك اليت مينحها املركز القومي وجوائز الدولة‪ .‬وقد نال مركز التميز‬ ‫جائزة دولية واحدة يف العام ‪ 2008 - 2007‬وجائزتني دوليتني يف العام التالي‪.‬‬ ‫‪ 54‬وثائق اخلطة الوطنية األوىل للعلوم والتقنية واالبتكار يف اململكة العربية السعودية‪ ،‬مدينة امللك عبد العزيز للعلوم والتقنية‪،‬العام ‪.2010‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫ّ‬ ‫خمصصات برنامج تطوير قدرات البحث العلمي والتطوير التقين ضمن اخلطة الوطنية‬ ‫املخطط‪ّ :‬‬ ‫األوىل للعلوم والتقنية واالبتكار يف السعودية‬ ‫خمصصات الربنامج‪ 2.3 :‬ريال سعودي)‬ ‫(جمموع ّ‬ ‫مراكز أبحاث البنى األساسية‬ ‫والبترول والغاز و التحلية ‪% 13‬‬

‫مراكز أبحاث البيئة‬ ‫والزراعة والغذاء ‪% 6‬‬

‫مراكز أبحاث ودراسات‬ ‫واختبارات متفرقة ‪% 6‬‬

‫مراكزالتميز في‬ ‫الجامعات ‪% 7‬‬

‫‪54‬‬

‫‪55‬‬

‫‪56‬‬

‫مركز صناعات التقنيات‬ ‫االستراتيجية ‪% 27‬‬

‫األبحاث والدراسات‬ ‫ومراكز التميز الطبية‬ ‫‪% 41‬‬

‫ويتض ّمن برنامج آخر يت ّم تنفيذه ضمن إطار‬ ‫اخلطة اخلمسية األوىل‪ ،‬هو برنامج نقل وتوطني‬ ‫وتطوير التقنية‪ ،‬برامج فرعية تهدف لتشييد‬ ‫املناطق الصناعية ومراكز التميّز وحاضنات‬ ‫التقنية‪ .‬تفوق امليزانية املكرسة هلذه الربامج‬ ‫الفرعية ‪ 100‬مليون دوالر أمريكي‪ .‬وتتض ّمن‬ ‫خمصصاته إنشاء واحة للعلوم يف جامعة امللك‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫كـ ّرس هلا مبلغا يقارب ‪ 14‬مليون دوالر‬ ‫سعود‪ُ ،‬‬ ‫أمريكي‪ .‬كما تتض ّمن خمصصات هذا الربنامج‬ ‫قرابة ‪ 28‬مليون دوالر أمريكي‪ ،‬أو ‪ % 16‬من‬ ‫املخصصات اإلمجالية للربنامج‪ ،‬ستستخدمها‬ ‫ّ‬ ‫وزارة التجارة والصناعة إلنشاء مركز يقوم‬ ‫بتطوير وتنمية أنشطة املنشآت الصغرية‬ ‫واملتوسطة ووحدة لتطوير وتوطني الصناعات‬ ‫التقنية ‪.‬‬ ‫وتتض ّمن اخلطة اخلمسية األوىل للعلوم‬ ‫والتقنية واالبتكار أيضاً املزيد من املشروعات‬ ‫الرامية إلحداث مراكز متيّز حبثي تسهم مدينة‬ ‫امللك عبد العزيز للعلوم والتقنية بالتخطيط يف‬ ‫‪57‬‬

‫‪ 55‬تشمل مراكز األحباث واالختبارات املتفرقة اليت يشري إليها املخطط مراكز تعنى بدراسات وأحباث اجلودة ونظم احلكومة اإللكرتونية‬ ‫واخلدمات االجتماعية‪ .‬بينما تتض ّمن الزمرة اليت يشري إليها املخطط مبراكز البنى األساسية والبرتول والغاز وحتلية املياه مراكز ألحباث‬ ‫الطرق والطاقة الكهربائية واخلدمات البلدية‪.‬‬ ‫‪ 56‬تنال أمراض كالسكري وآفات جهاز الدورة الدموية واألورام السرطانية قدراً ملموساً من العناية‪.‬‬ ‫‪ 57‬كذلك ك ّرست مدينة امللك عبد العزيز للعلوم التقنية ما يقارب ‪ 16‬باملائة من خمصصاتها ضمن إطار اخلطة اخلمسية األوىل للعلوم‬ ‫والتقنية إلنشاء مخس حاضنات تقنية يف جامعات اململكة‪.‬‬ ‫‪ 58‬تنشد الدول املتقدمة والدول الساعية إىل التصنيع يف العامل مثل هذه الغايات من خالل طيف واسع من اإلجراءات تتض ّمن اإلعفاءات‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫البحث العلمي‬

‫تسعى لتحسني تنافسية االقتصاد الوطين وتنويع‬ ‫مصادر الدخل الوطين وتوليد فرص جديدة‬ ‫للعمل وتأمني مستويات أفضل من الرعاية‬ ‫الصحية (الشكل رقم ‪ .)7‬ومن هذه املشروعات‬ ‫ما ينشد إحداث مراكز للتميّز وحاضنات للتقنية‬ ‫ومراكز لتوطني وتطوير التقنيات احلديثة‪ .‬وقد‬ ‫كـ ّرس لتنفيذ هذه املشروعات ما يقارب ‪670‬‬ ‫ُ‬ ‫مليون دوالر أمريكي‪ ،‬أو ما يزيد على ‪% 32‬‬ ‫املخصصات اإلمجالية للخطة األوىل ‪.‬‬ ‫من ّ‬ ‫وتنفذ هذه املشروعات ضمن برنامج "تطوير‬ ‫قدرات البحث العلم ّي" الذي يش ّكل جانباً مه ّماً‬ ‫من اخلطة األولى للعلوم والتقنية يف اململكة‪.‬‬ ‫ويلخص املخطط التالي تو ّزع مك ّونات برنامج‬ ‫تطوير قدرات البحث العلمي على املراكز‬ ‫وجماالت األحباث ‪ .‬ويالحظ أن هذا الربنامج‬ ‫يولي قسطاً كبرياً من االهتمام إلنشاء مراكز‬ ‫التميّز الطبية ولألحباث والدراسات املتعلقة‬ ‫بشؤون الرعاية الصحية‪ .‬إذ ك ّرست هلذه املراكز‬ ‫خمصصات الربنامج‬ ‫نسبة تقارب ‪ % 41‬من ّ‬ ‫اإلمجالية ‪ .‬كذلك فإن تقنيات الصناعات‬ ‫اإلسرتاتيجية تنال قسطاً غري قليل من الدعم‪،‬‬ ‫إذ تقارب املخصصات املكرسة للمركز الذي‬ ‫سيتوىل أنشطة حمورية يف هذا املضمار ‪27‬‬ ‫‪ %‬من إمجالي خمصصات الربنامج‪ .‬وجيدر‬ ‫الذكر هنا أن األحباث املتصلة بالبرتول والغاز‬ ‫خمصصات إضافية من‬ ‫وحتلية املياه تنال ّ‬ ‫برنامج آخر خمتص حبيازة التقنيات املتقدمة‬ ‫كـ ّرس هلا من ضمن‬ ‫واالسرتاتيجية‪ ،‬إضافة ملا ُ‬ ‫برنامج قدرات البحث العلمي إلنشاء مركز‬ ‫متخصص يف البرتول والغاز والتحلية‪.‬‬ ‫ّ‬

‫شكل رقم ‪7‬‬

‫‪111‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 112‬للتنمية الثقافية‬

‫إجنازها‪ .‬ومن األمثلة على هذه‬ ‫متيز احلياة الفطرية يف الهيئة الوطنية حلماية‬ ‫ّ‬

‫املراكز مركز‬

‫متيز ألبحاث‬ ‫احلياة الفطرية وإمنائها‪ ،‬ومركز ّ‬

‫ودراسات البترول والغاز سيستحدث ضمن وزارة‬ ‫متيز ألبحاث الهندسة الوراثية‬ ‫البرتول‪ ،‬ومركز ّ‬ ‫والتقنية احليوية تستضيفه مستشفى امللك‬

‫متيز ألبحاث ودراسات‬ ‫فيصل‬ ‫التخصصي‪ ،‬ومركز ّ‬ ‫ّ‬ ‫تقنيات احملافظة على البيئة‬

‫لدى‬

‫الرئاسة‬

‫العامة لألرصاد‪.‬‬ ‫من جهة أخرى أطلقت وزارة التعليم العالي‬ ‫ضمن إطار اخلطة اخلمسية األولى للعلوم‬ ‫والتقنية واالبتكار مبادرة "مراكز التميز‬ ‫البحثي" إلحداث مراكز متيّز تسعى إىل تلبية‬ ‫احلاجة ملزيد من التعاون يف املشروعات اليت‬ ‫ختصصات‬ ‫يتطلّب إجنازها تضافر العاملني يف ّ‬ ‫متع ّددة واليت تتّسم بأهداف متوسطة وبعيدة‬ ‫املدى ال ميكن ملعهد أو مركز وحيد أن حيققها‬ ‫مبفرده‪ .‬وسيت ّم بنتيجة مبادرة مراكز التميّز‬ ‫البحثي دعم وإنشاء مراكز متيّز حبثية‬ ‫ضمن جامعات اململكة يُراد منها إحراز مركز‬ ‫ختصصاتها وتوجهاتها البحثية‬ ‫الصدارة ضمن ّ‬ ‫على املستوى الوطين واإلقليمي‪ ،‬ورمبا الدولي‬ ‫أيضاً‪ .‬يتض ّمن اجلدول رقم (‪ )19‬الئحة بهذه‬ ‫املراكز اليت كرست إلحداثها ميزانية تفوق ‪130‬‬ ‫مليون دوالر أمريكي‪ .‬وتتض ّمن خطط اإلجناز‬ ‫املرسومة ملعظم املراكز األهداف العامة التالية‪:‬‬ ‫• بناء قواعد علمية وحبثية متميّزة‬ ‫وتوظيفها حل ّل املشكالت املعقدة؛‬ ‫• خلق بيئة مناسبة ملساعدة الباحثني‬ ‫للتوصل إىل حلول ابتكارية ملشروعات معيّنة؛‬ ‫• إجناز أنشطة حبثية واعدة بآثار‬ ‫اجتماعية وبيئية واقتصادية مباشرة وتعزيز‬ ‫تنافسية الصناعات السعودية؛‬ ‫• تشكيل شبكة للتواصل والشراكة مع‬ ‫الوحدات املماثلة من حيث جماالت االهتمام‬

‫واألنشطة البحثية‪.‬‬ ‫• استقطاب املوهوبني والباحثني واملهنيني‬ ‫إلجياد احللول املبتكرة والتقنيات اجلديدة؛‬ ‫• تنشيط العمل اجلماعي ضمن وبني‬ ‫التخصصات املعنيّة؛‬ ‫ّ‬ ‫• تقديم الدعم واملساعدة التقنية والبحثية‬ ‫واملؤسسات اليت حتتاجها داخل‬ ‫للجهات‬ ‫ّ‬ ‫اجلامعة األم وخارجها؛‬ ‫• دعم الشراكة بني الباحثني والعلماء‬ ‫واجلهات احلكومية واخلاصة بغية ابتكار‬ ‫تقنيات متط ّورة؛‬ ‫متخصصة‬ ‫• اإلسهام يف تأهيل قوى عاملة ّ‬ ‫وقادرة على املنافسة؛‬ ‫• تطوير برامج تعليمية يف موضوعات‬ ‫ختصصية ضمن برامج الدراسات العليا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ويف ما يتعلق مبراكز التميّز اليت تنشد الوصول‬ ‫إىل تقنيات صناعية معيّنة وترسيخها‪ ،‬يف جماالت‬ ‫كصناعة التكرير والبرتوكيماويات والتآكل مث ًال‪،‬‬ ‫ترمي مراكز التميز البحثي ألهداف منها‪:‬‬ ‫• توليد خمرتعات وابتكارات يف جماالت‬ ‫منتقاة تتالقى مع أولويات الصناعة؛‬ ‫• تطوير منتجات وعمليات إنتاجية تسفر‬ ‫عن قيم إضافية أفضل وتكاليف إنتاج أدنى؛‬ ‫• تعزيز تنافسية الصناعات الوطنية‬ ‫وتكاملها مقارنة بنظرياتها يف أحناء العامل‪.‬‬ ‫التميز في‬ ‫‪ 4 - 3‬مقومات نجاح مراكز‬ ‫ّ‬ ‫الدول العربية‬

‫لقد عزّزت مراكز التميّز نقل التقنية‬ ‫ونشرها يف عديد من دول العامل‪ .‬وتفيد قصص‬ ‫النجاح واإلخفاق اليت شهدتها العقود القليلة‬ ‫املاضية إىل عدم وجود منهج وحيد أو وصفة‬ ‫فريدة تضمن جناح مراكز التميّز يف ك ّل البلدان‬ ‫وضمن مجيع اجملاالت‪ .‬وعلى الرغم من أن‬ ‫الدول العربية تشرتك يف الكثري من اخلصائص‪،‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫جدول رقم ‪19‬‬

‫‪113‬‬

‫مراكز التميّز البحثي اليت أنشئت بدعم من وزارة التعليم العالي يف السعودية خالل العامني ‪ 2007‬و‪2008‬‬

‫مركز حبوث املواد اهلندسية‬

‫جامعة امللك سعود (‪)2007‬‬

‫إجراء حبوث تتناول املواد اهلندسية بأنواعها‪ ،‬وتقديم الدعم واملساعدات التقنية‬ ‫واملؤسسات اليت حتتاجها داخل اجلامعة وخارجها‪.‬‬ ‫والبحثية املمكنة للجهات ّ‬

‫مركز التميّز لبحوث اجلينوم الطبية جامعة امللك عبد العزيز (‪)2007‬‬

‫إجناز أنشطة البحث يف مضمار األمراض اليت تعود إىل خلل جيين‪ .‬وتطوير طرق‬ ‫حتليلية حديثة تستثمر احلاسوب لدراسة جينات حم ّددة تتعلّق بأمراض معيّنة‪.‬‬ ‫إجراء حبوث أساسية وتطبيقية يف جماالت تكرير البرتول والبرتوكيماويات‬ ‫واحملفزات وعلم تكنولوجيا البوليمرات‪ .‬وتوليد مفاهيم جديدة وملكيات فكرية‪،‬‬ ‫حمسنة ذات مستوى أعلى‪ ،‬وختفيض تكاليف‬ ‫تؤ ّدي إىل إنتاج منتجات قيمة إضافية ّ‬ ‫اإلنتاج‪.‬‬ ‫تكريس مكانة النخيل يف اململكة تراثياً واقتصادياً واجتماعياً واإلسهام يف حتقيق‬ ‫األمن الغذائي يف اململكة‪.‬‬ ‫تطوير اإلمكانات البحثية يف جمال التقنية احليوية‪ .‬وحتسني مستوى الدراسات العليا‬ ‫يف اجلامعة من خالل الربط بني التعليم والبحث العلمي املتميّز يف التقنية احليوية‪.‬‬ ‫والرتكيز على ح ّل مشكالت حم ّددة يف اجملاالت الزراعية والطب والعقاقري ‪.‬‬ ‫دراسة تل ّوث بيئة البحر األمحر والتل ّوث الغذائي وتل ّوث مياه الشرب ورصد تل ّوث‬ ‫اهلواء والضوضاء والتل ّوث اإلشعاعي وإدارة املخلفات الصلبة والتقويم البيئي‬ ‫محى‬ ‫للمشروعات التنموية ومكافحة األمراض املعديّة ذات املصدر البيئي مثل ً‬ ‫الضنك‪.‬‬ ‫استثمار الطاقة الشمسية وطاقة الرياح من خالل تقنيات خاليا الوقود وتقنيات‬ ‫ختزين الطاقة وأنظمة التحكم املتقدمة‪ .‬والقيام بدراسات حول اقتصاديات الطاقة‬ ‫ين على مواد الطاقة البديلة كاهليدروجني وامليثانول‪.‬‬ ‫املتج ّددة‪ ،‬سعياً حنو اقتصاد مب ّ‬ ‫تطوير البيئة العمرانية ووسائط النقل وإدارة احلشود والتح ّكم بها وتوطني التقنيات‬ ‫احلجاج‪.‬‬ ‫املتقدمة وتطبيقاتها يف خدمة ّ‬ ‫للمؤسسات‬ ‫تطوير تعليم العلوم والرياضيات وأحباثها وتقديم الدعم العلمي والرتبوي ّ‬ ‫التعليمية على املستوى احمللي والعربي والعاملي‪.‬‬

‫مركز التميّز يف تكرير البرتول‬ ‫والبرتوكيماويات‬

‫جامعة امللك فهد للبرتول واملعادن‬ ‫(‪)2007‬‬

‫مركز التميّز البحثي يف النخيل و‬ ‫التمور‬

‫جامعة امللك فيصل (‪)2007‬‬

‫مركز التميّز البحثي يف التقنية‬ ‫احليوية‬

‫جامعة امللك سعود (‪)2007‬‬

‫مركز التميّز البحثي يف الدراسات‬ ‫البيئية‬

‫جامعة امللك عبد العزيز (‪)2007‬‬

‫مركز التميّز البحثي يف الطاقة‬ ‫املتجددة‬

‫جامعة امللك فهد للبرتول واملعادن‬ ‫(‪)2007‬‬

‫مركز التميّز البحثي يف أحباث احلج‬ ‫والعمرة‬

‫جامعة أم القرى (‪)2007‬‬

‫مركز التميّز البحثي يف تطوير تعليم‬ ‫العلوم والرياضيات‬

‫جامعة امللك سعود (‪)2008‬‬

‫مركز التميّز البحثي يف التآكل‬

‫جامعة امللك فهد للبرتول واملعادن معاجلة مشكالت التآكل وتطوير برامج مشرتكة مع الصناعة وابتكار وسائل حملية‬ ‫ملراقبة التآكل بغية احليلولة دومنا حصول أعطال كارثية يف قطاع الصناعة‪.‬‬ ‫(‪)2008‬‬

‫تقديم املشورة الفقهية للجهات احلكومية واألهلية من مصارف أو شركات أو‬ ‫مركز التميّز البحثي يف فقه القضايا جامعة اإلمام حممد بن سعود‬ ‫مؤسسات صحية أو خدمية‪.‬‬ ‫اإلسالمية (‪)2008‬‬ ‫املعاصرة‬ ‫ّ‬ ‫القيام باألحباث األساسية والتطبيقية يف جماالت حتلية املياه‪ ،‬وتقييم طرق التحلية‬ ‫مركز التميّز البحثي يف حتلية املياه جامعة امللك عبدالعزيز (‪ )2008‬احلرارية والغشائية واحليوية والكيميائية للمياه تقنياً واقتصادياً وبيئياً وتقييم‬ ‫وحتسني املواد اإلنشائية املستخدمة فيها‪.‬‬ ‫التوصل إىل معارف جديدة تسمح بتشخيص وعالج وإدارة هشاشة العظام واخلروج‬ ‫ّ‬ ‫مركز التميّز البحثي يف هشاشة‬ ‫جامعة امللك عبدالعزيز (‪ )2008‬مبمارسات سريرية مناسبة‪ .‬وتطوير تقنيات عالجية متطورة تستند إىل التقنية‬ ‫العظام‬ ‫احليوية‪ .‬واالرتقاء بالوعي العام مبخاطر هشاشة العظام‪.‬‬ ‫املتخصصة يف مضمار أمن املعلومات‪ .‬والقيام‬ ‫تقديم احللول واخلدمات االستشارية ّ‬ ‫مركز التميّز البحثي يف أمن املعلومات جامعة امللك سعود (‪)2008‬‬ ‫بدراسات وأحباث تؤ ّهل املركز للريادة يف هذا املضمار على الصعد الوطنية‬ ‫واإلقليمية والعاملية‪.‬‬ ‫أنظر إىل املوقع‪http://www.mohe.gov.sa/ar/Secretariats-and-committees/Research-centers-of-excellence/Pages/crc2.aspx :‬‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫البحث العلمي‬

‫مركز التميز البحث ّي‬

‫اجلامعة املضيفة‬

‫مهام رئيسة‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 114‬للتنمية الثقافية‬

‫فإن أنظمتها االقتصادية تتّسم باختالفات‬ ‫واضحة‪ ،‬وهذا خباصة يف ما يتعلّق باشرتاك‬ ‫الدولة يف ختطيط االقتصاد وإدارته‪ .‬وحيتم‬ ‫هذا تصميم املبادرات الوطنية لتتالءم والنظام‬ ‫االقتصادي يف البلد املعين واملوارد املتاحة له‬ ‫وأولويات التنمية اليت يتبناها واالسرتاتيجيات‬ ‫اليت يتبعها ملقاربة أهدافه‪.‬‬ ‫وتتمتع املبادرات املك ّرسة لوضع السياسات‬ ‫الوطنية للعلم والتقنية‪ ،‬ولصياغة اسرتاتيجيات‬ ‫مالئمة لتنفيذها‪ ،‬بأهمية رئيسة يف السعي حنو‬ ‫إحراز قدرات تقنية مفيدة على الصعيد العمل ّي‪.‬‬ ‫كما أن تطوير البيئة املالئمة للتجديد من‬ ‫اجلوانب التشريعية والتنظيمية شرط ال غنى‬ ‫عنه على هذا املسار‪ .‬إذ إن البيئة التشريعية‬ ‫والتنظيمية مسؤولة ألبعد احلدود عن فرص‬ ‫تأمني املوارد املالية واستدامتها واإلمكانات‬ ‫املؤسسية وجتميع‬ ‫املستقبلية لتكوين األطر ّ‬ ‫اخلربات وتدريب العاملني من املستويات‬ ‫املختلفة‪ .‬ويف نهاية املطاف فإن مستوى النضج‬ ‫املؤسسية العلمية والتقنية‬ ‫الذي مييّز البنى ّ‬ ‫عامل حاسم يف النجاح‪ .‬كذلك شأن املقدرة‬ ‫املؤسسية اجلديدة من‬ ‫على تصميم البنى ّ‬ ‫املؤسسات‬ ‫جتمعات تقنية ‪ -‬صناعية وشبكات ّ‬ ‫وإدارتها‪ .‬والنجاح يف بناء قدرات علمية وتقنية‬ ‫متميّزة تشمل مبنافعها شرائح اجملتمع كافة‬ ‫يتطلّب تآزر احلكومات وهيئات اجملتمع املدني‬ ‫واملنظمات الدولية املعنيّة يف تنفيذ جوانب‬ ‫حم ّددة من املشروعات الوطنية الرامية إلحراز‬ ‫هذه القدرات‪.‬‬

‫املؤسسية التقليدية العربية‬ ‫ال ميكن للبُنى ّ‬ ‫من جامعات ومراكز للبحث جمابهتها بيسر‬ ‫املؤسسية‬ ‫وكفاءة‪ .‬وعلى الرغم من أن البنى ّ‬ ‫اجلديدة‪ ،‬من مدن وحدائق وواحات وحاضنات‪،‬‬ ‫تفلح عادة يف س ّد العديد من الثغرات اليت‬ ‫عانت منها البنى السابقة‪ ،‬فإنها‪،‬على أهميتها‪،‬‬ ‫مؤات‪ ،‬وترتيبات‬ ‫ليست كافية إن مل يتوافر مناخ ٍ‬ ‫إطارية تتض ّمن سياسات وطنية وأطر تشريعية‬ ‫ومؤسسية‪ ،‬باإلضافة إىل املوارد‬ ‫وتنظيميّة ّ‬ ‫واملؤسسات املساندة‬ ‫املالية والبشرية القديرة ّ‬ ‫واملؤازرة‪ ،‬يف جماالت القياس واملعايرة ومراقبة‬ ‫اجلودة‪.‬‬ ‫المؤسسية الجديدة‬ ‫‪ 1 - 4‬البنى‬ ‫ّ‬ ‫وسياسات العلم والتقنية‬

‫شـيد معظم الدول العربية مك ّونات يف‬ ‫َ‬ ‫منظومات العلم والتقنية الوطنية خالل النصف‬ ‫الثاني من القرن املاضي‪ ،‬من دون االستناد‬ ‫إىل سياسات وطنية شاملة وواضحة املعامل‬ ‫للعلم والتقنية‪ .‬بينما متثل هذه السياسات‬ ‫األساس املوضوع ّي من أجل بناء قدرات‬ ‫مستدامة تسمح بالتنافس يف األسواق الدولية‬ ‫وتع ّم فوائدها شرائح اجملتمع كافة‪ ،‬كما تلعب‬ ‫دوراً أساسياً يف التنسيق بني منظومات التعليم‬ ‫واملؤسسات اإلنتاجية واخلدمية‬ ‫العالي من جهة ّ‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬ويف تعزيز آليات نشر التقنية‬ ‫ويف إزالة العقبات اليت تواجه التعاون اإلقليمي‬ ‫مؤسسات التعليم العالي‬ ‫والدولي ويف إصالح ّ‬ ‫والبحث والتطوير وضمان تكيّفها مع التطورات‬ ‫التقنية املتسارعة‪.‬‬ ‫المؤسسية‬ ‫‪ - 4‬أطر إلنشاء البنى‬ ‫كما أن سياسات العلم والتقنية تكفل احل ّد‬ ‫ّ‬ ‫الجديدة‬ ‫األدنى من املوارد ألنشطة البحث والتطوير‬ ‫التخصصي‪ .‬وهي أنشطة ال غنى‬ ‫برزت خالل العقود األخرية من القرن املاضي والتعليم العالي ّ‬ ‫ومطلع القرن احلالي حت ّديات جديدة يف حيازة عنها لتمكني منظومات العلم والتقنية والتجديد‬ ‫التقنيات احلديثة وتطويرها وتطويعها ونشرها من استدامة أنشطتها وتطوير ذاتها يف األمد‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪58‬‬

‫البحث العلمي‬

‫األبعد‪ .‬ويف الكثري من احلاالت يُعزى الفشل يف‬ ‫بناء القدرات العلمية والتقنية‪ ،‬أو قصورها يف‬ ‫حتقيق ما خ ِّ‬ ‫ُطط إلجنازه‪ ،‬إىل غياب الرؤية‬ ‫واإلطار الشامل والتنسيقي الذي تقدمه‬ ‫السياسات الوطنية الشاملة للعلم والتقنية‪.‬‬ ‫أما وقد دخل العامل مرحلة جديدة حيتدم‬ ‫فيها التنافس املستند إىل املدخالت العلمية‬ ‫والتقنية والتجديد املستند إىل هذه املدخالت‬ ‫يف سائر قطاعات اإلنتاج واخلدمات‪ ،‬فمن‬ ‫الواجب إعادة النظر يف األطر اليت حكمت يف‬ ‫املاضي عمليات بناء القدرات العلمية والتقنية‪.‬‬ ‫املؤسسات املعنيّة‬ ‫ومن الضروري أن تولي ّ‬ ‫بالتنمية االقتصادية يف الدول العربية اهتماماً‬ ‫خاصاً بتطوير سياسات واسرتاتيجيات العلم‬ ‫والتقنية والتجديد وصياغة السبل اليت من‬ ‫شأنها حتفيز القطاع اخلاص للقيام بدور أكرب‬ ‫يف تنفيذها من خالل اإلسهام يف توليد ونشر‬ ‫املدخالت التقنية الضرورية للتنمية االجتماعية‬ ‫واالقتصادية واالستثمار يف جماالت تؤدي إىل‬ ‫مؤسسات األعمال‬ ‫التجديد التقين وخلق ّ‬ ‫الصغرية واملتوسطة اليت تسهم يف تطويع ونشر‬ ‫عناصر التجديد التقين واالبتكار وتطبيقاتها‬ ‫إىل جوانب عديدة من حياة املواطنني‪ .‬واخلطوة‬ ‫املؤسسات املعنيّة‬ ‫األوىل اليت يتوقع أن تقوم بها ّ‬ ‫بالتنمية االقتصادية القيام بتحليل مع ّمق‬ ‫وتفصيلي لنقاط القوة والضعف اليت يتصف‬ ‫بها االقتصاد الوطين ميكن البناء عليها وانتقاء‬ ‫األمناط املناسبة من املبادرات وتوجهاتها‬ ‫وتقديم الدعم هلا‪ .‬ثم ال ب ّد من تولّي هيئات‬ ‫قريبة من مركز القرار السياسي واالقتصادي‬ ‫مهام وضع السياسات الوطنية للعلم والتقنية‬ ‫واخلطط الضرورية إلجناز االسرتاتيجيات‬ ‫املبنية عليها مع ما تتضمنّه من مبادرات لتشييد‬

‫املؤسسية اجلديدة‪ ،‬من مراكز متيّز‬ ‫البنى ّ‬ ‫وحدائق وحاضنات للتقنية‪ .‬وذلك بالتشاور‬ ‫مؤسسات القطاعني العام واخلاص‬ ‫الوثيق مع ّ‬ ‫ومؤسسات اجملتمع املدني‪ .‬ومن املتوقع أن يؤدي‬ ‫ّ‬ ‫بناء مثل هذه الشراكة إىل حتقيق النتائج‬ ‫املرجوة إذا استند إىل معلومات وحتاليل معمقة‬ ‫حول احتياجات هذه القطاعات وتنافسيتها‬ ‫على الصعيد اإلقليمي والدولي وحول املسارات‬ ‫متس‬ ‫احملتملة للتق ّدم التقين يف اجملاالت اليت ّ‬ ‫األولويات الوطنية يف جماالت اإلنتاج والتطوير‪.‬‬ ‫‪ 2 - 4‬التشريعات والترتيبات التنظيمية‬

‫املؤسسية اجلديدة‬ ‫يتطلّب إنشاء البنى ّ‬ ‫مثل مدن التقنية واحلاضنات ومراكز التميّز‪،‬‬ ‫وتوفري املرونة الالزمة حلسن أدائها‪ ،‬سـ ّن‬ ‫تشريعات وترتيبات تنظيمية مؤاتية‪ ،‬تفتقر‬ ‫إليها معظم الدول العربية‪ ،‬حيث تضع هذه‬ ‫التشريعات والرتتيبات عوائق جسيمة يف وجه‬ ‫التعاون بني مراكز األحباث التابعة للجهات‬ ‫احلكومية وجهات القطاع اخلاص‪ ،‬وحتى‬ ‫القطاع العام‪ ،‬اليت حتتاج الستثمار خمرجات‬ ‫البحث والتطوير‪ .‬كما ينبغي إفساح اجملال يف‬ ‫حقول منتقاة لتعاون مراكز البحث والتطوير‬ ‫مع اجلهات اإلقليمية والدولية ضمن مبادرات‬ ‫متع ّددة اجلنسية‪ ،‬حيث خيلّف قصور التشريعات‬ ‫آثاراً سلبية ملموسة على التعاون بني اجلهات‬ ‫الوطنية واألجنبية‪ .‬وال ب ّد للدول العربية من‬ ‫متابعة ما قامت به دول مثل ماليزيا وتركيا‬ ‫وفنلندا وإيرلندا خالل العقدين املاضيني من‬ ‫تعديالت على نظمها الضريبية يف سياق التحول‬ ‫حنو اقتصاد قائم على املعرفة‪ ،‬حبيث يتسنى‬ ‫هلا التوصل إىل خربات وأسواق أرحب مما‬ ‫هو متاح هلا اآلن ضمن حدود وعلى الصعيد‬ ‫‪59‬‬

‫الضريبية وتقديم املساعدة املباشرة وغري املباشرة للتدريب والتزود مبقومات التجديد التقينّ‪.‬‬ ‫مما يبذل من جهد يف معظم الدول العربية لتنظيم املنتديات واملؤمترات‬ ‫‪ 59‬يبقى العديد من املشروعات االستثمارية جم ّمداً على الرغم ّ‬ ‫الدولية الرامية إىل تشجيع االستثمارات األجنبية‪ .‬ويف تقرير صحايف حديث العهد نسبياً يشار إىل أن قيمة املشروعات اجمل ّمدة يف إحدى‬

‫‪115‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 116‬للتنمية الثقافية‬

‫اإلقليم ّي‪ .‬ومن الضروري أيضاً وضع قواعد‬ ‫لعمل البنى املؤسسية املستحدثة لتاليف حت ّوهلا‬ ‫مؤسسات‬ ‫إىل جم ّرد استثمارات عقارية بدالً من ّ‬ ‫إلنتاج املعرفة ونشر التقنية واستثمارها‪.‬‬ ‫‪ 3 - 4‬األطر البشرية العاملة في البنى‬ ‫المؤسسية الجديدة‬

‫من القضايا اليت اعرتضت وما زالت‬ ‫مؤسسات القطاع العام‬ ‫تنتقص من كفاءة ّ‬ ‫العاملة يف جماالت األحباث والتطوير التقين‬ ‫يف عديد من الدول العربية‪ ،‬تدني الرواتب‬ ‫واملكافآت واحلوافز اليت متنح للعاملني فيها‬ ‫باملقارنة مع ما يتلقاه نظراؤهم يف القطاع‬ ‫اخلاص‪ .‬وعلى الرغم من ضرورة تكريس املثل‬ ‫اليت حدت بالباحثني يف القطاع العام النتقاء‬ ‫البحث العلم ّي مهنة هلم‪ ،‬فال ب ّد أيضاً من منح‬ ‫األكادمييني والباحثني لدى اجلهات احلكومية‬ ‫حوافز توازي ما يقدمون من جهد‪ ،‬وتجُ اري ما‬ ‫يناله العاملون يف جماالت مشابهة يف القطاع‬ ‫اخلاص‪ .‬ومبا أن معظم اجلامعات ومراكز‬ ‫البحث يف الدول العربية تنتمي إىل القطاع‬ ‫العام‪ ،‬فال ب ّد من صياغة األطر القانونية‬ ‫يتيسر نقل خمرجات البحث‬ ‫والتنظيمية حبيث ّ‬ ‫املؤسسات األكادميية والبحثية إىل‬ ‫والتطوير من ّ‬ ‫حيز االستثمار التجار ّي‪.‬‬ ‫‪60‬‬

‫واحملافظة على سوية متميّزة ألنشطتها‪ .‬ومن‬ ‫املصادر الشائعة اليت تستخدم هلذا الغرض بنود‬ ‫امليزانية الوطنية املكرسة للمشروعات التنموية‪.‬‬ ‫وكثرياً ما يصنف الدعم املالي املق ّدم ملبادرات‬ ‫العلم والتقنية ضمن بنود اإلنفاق االستثماري‪.‬‬ ‫فمن شأن االستثمار مببادرات العلم والتقنية‬ ‫تدعيم أداء منظومات العلم والتقنية والتجديد‬ ‫مؤسسات األعمال‬ ‫الوطنية‪ ،‬ومن ثم قدرة ّ‬ ‫الوطنية على املنافسة يف السوق اإلقليمية‬ ‫والدولية‪ ،‬مما يؤدي بدوره إىل فوائد تنعكس‬ ‫إجياباً على االقتصاد الوطين‪ .‬وإذا ما صممت‬ ‫املبادرات والشروط احمليطة بعملها على حنو‬ ‫سليم‪ ،‬فمن املرجح أن تؤدي إىل نشوء حلقة‬ ‫محيدة يقود فيها حتسن التنافسية إىل منافع‬ ‫اقتصادية واجتماعية تنعكس على جهود التنمية‬ ‫بعامة وعلى مستويات األطر البشرية اليت ميكن‬ ‫توظيفها يف مبادرات موازية أو مكملة خباصة‪.‬‬ ‫‪ 5 - 4‬استكمال البنى األساسية في‬ ‫منظومات العلم والتقنية العربية‬

‫ما زالت عناصر حمورية ضمن البنى‬ ‫األساسية ملنظومات العلم والتقنية والتجديد‬ ‫الوطنية غائبة أو منقوصة الفعالية يف عدد‬ ‫من الدول العربية‪ .‬ومن هذه العناصر هيئات‬ ‫املعايري‪ ،‬ومعاهد علوم القياسات‪ ،‬ومراكز‬ ‫اختبار املواد والتصديق عليها وإدارة اجلودة‬ ‫‪ 4-4‬الموارد المالية‬ ‫ومحاية البيئة واحملافظة على الطاقة وغري‬ ‫كاف من ذلك‪ .‬كما ال ب ّد من جتنيد وحتفيز قدرات‬ ‫ال ب ّد للحكومات من توفري قسط ٍ‬ ‫املوارد املالية الالزمة لبناء القدرات التقنية املنظمات غري احلكومية كغرف التجارة‬

‫الدول العربية تربو على اخلمسني مليار دوالر‪ .‬ويعزو اخلرباء هذا القصور إىل األساليب البريوقراطية املتبعة يف دراسة وتنفيذ املشروعات‬ ‫وختلّف النظم املصرفية‪ .‬أنظر املوقع‪ّ .http://www.uaeec.com/news-action-show-id-19047.htm :‬‬ ‫مت اإلطالع على املوقع يف‬ ‫حزيران‪ /‬يونيو ‪.2010‬‬ ‫‪ 60‬جتدر اإلشارة إىل أن فرنسا‪ ،‬مث ُ‬ ‫املؤسسات‬ ‫ال‪ ،‬توجهت يف العام ‪ 1999‬لوضع األطر القانونية الالزمة لدعم وحتفيز التعاون بني ّ‬ ‫األكادميية واحلكومية والشركات اخلاصة‪ .‬وال ب ّد بصورة عامة من اختاذ التدابري الالزمة لتجنب تضارب املصاحل الذي قد يسببه الوالء‬ ‫للمؤسسات األكادميية واحلكومية من جهة وملشروعات الشركات اليت قد تنشأ بناء على نتائج البحث والتطوير اليت ساهموا‬ ‫املزدوج ّ‬ ‫بإخراجها أو اليت يقومون مبساندتها‪ ،‬من جهة أخرى‪.‬‬ ‫‪ 61‬هنالك من يقول بأن مثل هذا الدعم جوهر ّي ولواله فإن كثرياً من املبادرات املزدهرة اليوم مثل صوفيا أنتيبولس‪ ،‬يف فرنسا‪ ،‬ومدينة‬ ‫احلسن للعلم‪ ،‬يف األردن‪ ،‬وغريهما مل تكن لرتى النور أبداً‪.‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪ - 5‬منهجيات استحداث البنى‬ ‫المؤسسية الجديدة‬ ‫ّ‬

‫يتطلب التخطيط لبناء القدرات العلمية‬ ‫والتقنية والتجديد املستند إليها التسلي َم بداي ًة‬ ‫بأن ما يصلح من ممارسات ضمن أطر وجماالت‬ ‫اقتصادية واجتماعية معيّنة ال يص ّح يف مجيع‬ ‫األطر واجملاالت‪ .‬فال ب ّد من تطويع األفكار‬ ‫األساسية لتناسب متطلبات البيئة السائدة‪،‬‬ ‫دون األخذ بعناصر هذه البيئة على أنها من‬ ‫املسلمات اليت ال ب ّد من التعايش معها‪ ،‬بل من‬ ‫خالل منظور يسمح بتعديلها وتطويرها أيضاً‪.‬‬ ‫لكن العوامل األساسية للنجاح يف استحداث‬ ‫املؤسسية اجلديدة تتض ّمن‪:‬‬ ‫البنى ّ‬ ‫• إشراك القطاع اخلاص بتخطيط وتصميم‬ ‫وإدارة البنى املستحدثة؛‬ ‫• وضع مناهج ترتكز على االعتبارات‬ ‫املتعلقة بالطلب وال تسمح جلانب العرض‬ ‫بالتوسع من دون حدود؛‬ ‫• حتفيز التطبيقات الرائدة يف جماالت‬

‫البحث العلمي‬

‫والصناعة والزراعة واحتادات املنتجني‬ ‫ونقابات العمال والفنيني‪ .‬فعلى الرغم من أن‬ ‫مصاحل أعضاء هذه املنظمات تتأثر إىل حدود‬ ‫كبرية مبدخالت التجديد والتطوير التقينّ‪،‬‬ ‫إال أنها نادراً ما تضع القضايا املتصلة بهذه‬ ‫املدخالت على لوائح أنشطتها‪ ،‬بل هي تتّخذ‬ ‫يف معظم األحيان موقف املتفرج ونادراً ما‬ ‫تشارك يف صياغة السياسات واالسرتاتيجيات‬ ‫الوطنية الرامية الستثمار التقنيات اجلديدة‬ ‫يف القطاعات اليت َ‬ ‫مت ُّسها‪ .‬ومن املفيد التأكيد‬ ‫املؤسسية اليت يت ّم‬ ‫على أهمية توافق البنى ّ‬ ‫إحداثها ضمن جماالت املعايرة واملواصفات‬ ‫وضبط اجلودة مع النظم العاملية أو اإلقليمية‪،‬‬ ‫كالنظم اليت تتبعها دول االتّ حاد األوروبي‬ ‫مث ًال‪.‬‬

‫حمورية‪ ،‬كالتعلّم والتد ّرب عن بعد‪ ،‬والتجارة‬ ‫اإللكرتونية؛‬ ‫• التوصل إىل دعم رفيع املستوى ملبادرات‬ ‫العلم والتقنية على املستويني الوطين واحمللي‪،‬‬ ‫إذ يسفر مثل هذا الدعم عن إزالة العقبات‬ ‫وخلق بيئة خصبة للتشاور واختاذ القرارات‬ ‫ضمن أزمنة معقولة‪.‬‬

‫‪117‬‬

‫‪61‬‬

‫‪ 1 - 5‬المفاهيم واألنشطة التمهيدية‬

‫املؤسسية‬ ‫تستند مبادرات إحداث البنى ّ‬ ‫اجلديدة عاد ًة إىل مفاهيم رئيسة تتّصل‬ ‫مباشرة باخلطط الوطنية الرامية إىل حتقيق‬ ‫التنمية االجتماعية واالقتصادية‪ .‬وتوضع هذه‬ ‫املفاهيم بناء على أنشطة متهيدية تتضمن‬ ‫إجراء مسوح مستفيضة وحتاليل معمقة تتناول‬ ‫أولويات التنمية واحتياجاتها من منظومة العلم‬ ‫والتقنية الوطنية‪ ،‬واملدخالت العلمية والتقنية‪،‬‬ ‫بصورة عامة‪ .‬كما تتض ّمن األنشطة عقد لقاءات‬ ‫استشارية تض ّم اجلهات املعنيّة كلّها ليتسنّى‬ ‫تعريف املفاهيم الرئيسة بصورة مشرتكة‬ ‫وحبيث يتسنّى حتديد األهداف الرئيسة وأمناط‬ ‫اإلجراءات وبدائلها إبان وضع االسرتاتيجيات‬ ‫التفصيلية الحقاً‪ .‬فال ب ّد من التشاور مع‬ ‫املنظمات احلكومية وغري احلكومية املعنيّة‪ ،‬مبا‬ ‫يف ذلك معاهد التعليم العالي ومراكز األحباث‪،‬‬ ‫واحتادات غرف الصناعة والتجارة والزراعة‬ ‫املؤسسية‬ ‫واملؤسسات املالية وفقاً ألمناط البنى ّ‬ ‫ّ‬ ‫املزمعة‪.‬‬ ‫‪ 2 - 5‬دراسات الجدوى الفنّ ية‬ ‫واالقتصادية‬

‫تعترب دراسة اجلدوى املتّزنة من الشروط‬ ‫األساسية للنجاح‪ .‬بينما يؤدي التفاؤل املفرط‬ ‫والتقليل من أهمية الصعوبات والعوائق‬ ‫احملتملة‪ ،‬إىل الفشل يف آخر املطاف‪ .‬لذلك ال‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 118‬للتنمية الثقافية‬

‫ب ّد من صياغة مبادرات بناء القدرات استناداً‬ ‫إىل دراسات جدوى موضوعية وجدية ومعمقة؛‬ ‫توضح اجلوانب اإلجيابية والسلبية للمشروع‬ ‫وانعكاساتها االقتصادية واالجتماعية والبيئية‪.‬‬ ‫وجيب أن تأخذ دراسة اجلدوى باالعتبار‬ ‫آراء السلطات املعنيّة املبنيّة على تف ّهم دقيق‬ ‫وتفصيلي للمشروع املزمع‪ ،‬إذ ال ب ّد هلذه‬ ‫السلطات من املشاركة يف اتخّ اذ القرارات‬ ‫حول القضايا احليوية مثل نطاق وموقع املبادرة‬ ‫ومراحل إجنازها‪ .‬كما ينبغي أن تنظر دراسة‬ ‫اجلدوى بالعمق إىل األولويات الوطنية وإىل توزع‬ ‫القدرات واملوارد البشرية الوطنية وإمكانات‬ ‫تطويرها حبسب احلاجة‪.‬‬

‫على التحفيز وتنشيط االستثمار ومراقبة‬ ‫األداء‪ ،‬بينما ميكن أن تتولىّ السلطات احمللية‬ ‫وملؤسسات األعمال‬ ‫دور املستثمر والشريك‪ّ ،‬‬ ‫أدوار ترتكز على مرونة القطاع اخلاص‬ ‫وقدرته على املبادرة‪ ،‬أما اجلامعات فخري ما‬ ‫تسهم به تقديم اخلربات واألطر البشرية اليت‬ ‫تتحلّى باملهارات الرفيعة‪ .‬ثم ال ب ّد من استقراء‬ ‫واملؤسسات اليت حققت النجاح‬ ‫جتارب البلدان ّ‬ ‫سابقاً ضمن جماالت هلا األولوية بالنسبة إىل‬ ‫البلدان العربية‪ .‬وهذا خباصة من حيث املناهج‬ ‫اليت جتعل بعض األطر التشريعية والرتتيبات‬ ‫مؤسسات األعمال‬ ‫التنظيمية جذابة بالنسبة إىل ّ‬ ‫واملستثمرين من الداخل واخلارج‪.‬‬

‫‪ 3 - 5‬خطط العمل التفصيلية‬

‫المؤسسية الجديدة‬ ‫‪ 5-5‬شبكات البنى‬ ‫ّ‬

‫كثرياً ما تفتقر خطط العمل الرامية إىل تنفيذ‬ ‫مؤسسات العلم والتقنية إىل التفاصيل‬ ‫مبادرات ّ‬ ‫حول أساليب تنفيذ املبادرات وأمناط العالقات‬ ‫اليت ينبغي أن تتحقق بني مك ّوناتها‪ .‬لذا ال ب ّد أن‬ ‫يسبق التخطيط التفصيلي مجيع األنشطة األخرى‬ ‫من ختطيط هندسي للموقع وتأمني االستثمارات‬ ‫الالزمة‪ ،‬واحلاجة لوضع خطط تفصيلية نابعة من‬ ‫ضرورة االستجابة ألمناط العالقات ومتطلبات‬ ‫التعاون بني مك ّونات حدائق العلم والتقنية ومراكز‬ ‫التميّز‪ ،‬وإال أضحت املنشآت ذات طابع عمومي ال‬ ‫يفي باملتطلبات اليت كثرياً ما تكون ملحة لتجاور‬ ‫بعض املك ّونات أو تباعدها‪ ،‬بل قد يت ّم تركيب‬ ‫هياكل ومعدات لتهدم يف وقت الحق أو تعيق‬ ‫االنتفاع األمثل باملوقع مستقب ًال‪.‬‬ ‫‪ 4 - 5‬توزيع العمل بين الجهات‬ ‫المشاركة‬

‫املؤسسات املعنيّة‬ ‫يعزّز توزيع العمل بني ّ‬ ‫فرص جناح املبادرات الرامية إىل إستحداث‬ ‫املؤسسية اجلديدة‪ .‬فاحلكومات أقدر‬ ‫البنى ّ‬

‫تربز أهمية الشبكات اإلقليمية أساساً‬ ‫املؤسسية اجلديدة عندما‬ ‫يف مبادرات البنى ّ‬ ‫تفتقر هذه البنى إىل كتلة حرجة من األطر‬ ‫املاهرة ويصغر حجم السوق احمللية وتكثر‬ ‫القيود على املوارد االستثمارية يف الدول‬ ‫املتجاورة‪ .‬وتستغ ّل بعض املبادرات اإلقليمية‬ ‫الطابع اخلاص للمناطق احل ّرة من أجل تبسيط‬ ‫إجراءات اإلدارة والتعاون‪ .‬ويف بعض األحيان‬ ‫مؤسسات‬ ‫تلعب التحالفات االسرتاتيجية بني ّ‬ ‫األعمال يف دول نامية متجاورة والشركات‬ ‫متع ّددة اجلنسية دوراً مهماً يف إجناح املبادرات‬ ‫اإلقليمية‪ .‬فكثرياً ما يتسنّى من خالل هذه‬ ‫التحالفات توطيد معايري دولية جلودة املنتجات‬ ‫واملمارسات مع ضمان مستويات مرتفعة من‬ ‫االستثمار األجنيب املباشر‪ .‬ومن املفيد حت ّري‬ ‫إمكانات توسيع املفهوم السائد هلذه الشبكات‬ ‫حبيث يتجاوز النطاق التقليدي ويشمل الشبكات‬ ‫االفرتاضية اليت تو ّحد جهود األطراف واجلهات‬ ‫اليت تغطي جماالت تقنية ووظيفية معيّنة‪،‬‬ ‫وحيث تثمر هذه الشبكات بتنسيق أدوار اجلهات‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫نحو سياسة لدعم مراكز التميز‬ ‫العلمي‬

‫أثبتت مدن وحدائق التقنية كفاءتها يف‬ ‫الربط بني عامل الصناعة واجلامعات‪ .‬كما تبينّ‬ ‫جتارب العديد من حاضنات التقنية فعالية‬ ‫يف نشر التقنيات املستحدثة كقواعد إلطالق‬ ‫مؤسسات األعمال الصغرية واملتوسطة‪ .‬ومت ّكنت‬ ‫ّ‬ ‫مراكز التميّز من توليد مدخالت ضمن حقول‬ ‫التقنيات املتقدمة‪ ،‬ميكن استثمارها يف قطاعات‬ ‫اإلنتاج واخلدمات التقليدية بدالً من تقنيات‬ ‫متقادمة فقدت أو تضاءلت قدراتها التنافسية‪.‬‬ ‫وميكن إذا ما ّمت تأسيس حدائق وحاضنات‬ ‫التقنية ومراكز للتميّز يف ظ ّل سياسات لتنمية‬ ‫القدرات العلمية والتقنية مرتبطة بسياسات‬ ‫للتنمية االقتصادية واالجتماعية املستدامة‪،‬‬ ‫إحراز منافع مثينة تتمثّل بتمتني أواصر‬ ‫التعاون بني اجلامعات واملشروعات الصناعية‬ ‫يف ح ّل مشكالت الصناعة‪ ،‬وتوليد بيئة تؤازر‬ ‫االبتكار وتش ّجعه من خالل تعزيز الروابط بني‬ ‫ومؤسسات األعمال‬ ‫املؤسسات البحثية من ناحية ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلنتاجية واخلدمية من ناحية ثانية‪ ،‬ومؤازرة‬ ‫الشراكات القائمة على التقنيات املستحدثة‪.‬‬ ‫املؤسسية اجلديدة منافع‬ ‫كما تق ّدم البنى ّ‬ ‫تؤسس إلعادة هيكلة االقتصاد‬ ‫أعم وأمشل إذ ّ‬ ‫ين ولتحقيق استثمار‬ ‫ولتنويع مصادر الدخل الوط ّ‬ ‫أمثل للموارد الطبيعية وإدخال عناصر التجديد‬ ‫إىل القطاعات التقليدية واالستجابة لتوقعات‬ ‫املواطنني املتصاعدة‪ ،‬وخباصة تأمني فرص‬ ‫العمل للشباب منهم وتأمني حلول جمدية لعديد‬ ‫من املشكالت البيئية يف املناطق احلضرية‬

‫البحث العلمي‬

‫املتشاركة‪ .‬وميكن إن أحسنت إدارتها أن تتناغم‬ ‫ين على الصعيدين احملل ّي‬ ‫مع وتائر التجديد التق ّ‬ ‫ين وما يتبع ذلك من امتالك قدرات‬ ‫والوط ّ‬ ‫تنافسية وإحراز أهداف تنموية‪.‬‬

‫واألرياف‪ .‬ومن املنافع غري املباشرة اليت‬ ‫املؤسسية‬ ‫ميكن تلمسها نتيجة تشييد البنى ّ‬ ‫اجلديدة حتسن يف نوعية التعليم وارتفاع يف‬ ‫مستوى االستثمارات املخصصة لنقل واستثمار‬ ‫التقنيات اجلديدة وتعزيز تنافسية القطاعات‬ ‫اليت تتفاعل معها‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن بعض الدول العربية‪،‬‬ ‫وعلى رأسها تونس ومصر واملغرب والسعودية‬ ‫واإلمارات‪ ،‬قد أحدث مناذج عديدة من البنى‬ ‫املؤسسية احلديثة على أراضيها‪ ،‬فإن احلاجة‬ ‫ّ‬ ‫ماسة للمزيد منها‪ ،‬كي يتسنّى هلا مواجهة‬ ‫التحديات االجتماعية واالقتصادية اليت حتملها‬ ‫السنوات والعقود املقبلة‪ .‬كما أن إحراز النتائج‬ ‫املؤسسية اجلديدة‬ ‫املثلى من تشييد البنى ّ‬ ‫مرهون بتوافر مبادرات وأنشطة موازية يكمل‬ ‫بعضها بعضاً على أصعدة من أبرزها‪:‬‬ ‫• تصميم سياسات حت ّدد األولويات الوطنية‬ ‫يف جماالت العلم والتقنية‪ ،‬واسرتاتيجيات‬ ‫تتضمن آليات مناسبة للتنسيق بني األنظمة‬ ‫واملؤسسات القائمة وتقلّص العوائق اليت تواجه‬ ‫ّ‬ ‫نشر التقنية وتكفل زيادة اإلنفاق اجملدي على‬ ‫أنشطة البحث والتطوير والتجديد بأمناطه‬ ‫املختلفة؛‬ ‫• إعادة النظر يف األطر التشريعية‬ ‫والتنظيمية وإصالحها لتتماشى مع احتياجات‬ ‫قطاعات االقتصاد الوطين‪ ،‬وذلك من خالل‬ ‫تيسري اجلهود الرامية إىل نقل التقنية ودعم‬ ‫مشروعات التجديد وإقامة روابط وثيقة‬ ‫مؤسسات البحث والتطوير‪ ،‬اليت يتولىّ‬ ‫بني ّ‬ ‫القطاع احلكومي واجلامعات شؤونها من جهة‪،‬‬ ‫ومؤسسات األعمال من جهة أخرى؛‬ ‫ّ‬ ‫• تنمية وتطوير املوارد البشرية العاملة‬ ‫يف فروع العلم والتقنية واليت تقوم باستثمار‬ ‫املدخالت العلمية والتقنية من خالل أمناط‬ ‫مستحدثة للتعليم العالي والتدريب املهينّ؛‬

‫‪119‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 120‬للتنمية الثقافية‬

‫املؤسسية الوطنية‬ ‫• تعزيز قدرات البنى ّ‬ ‫من خالل برامج للتعاون والشراكة بني البنى‬ ‫املؤسسية الوطنية املستحدثة‪ ،‬ونظرياتها يف‬ ‫ّ‬ ‫الدول اجملاورة ويف بلدان أخرى يف أحناء‬ ‫العامل‪.‬‬ ‫املؤسسية‬ ‫ولكي تؤتي مبادرات تشييد البنى ّ‬ ‫اجلديدة مثارها ال ب ّد من اعتبار أولويات التنمية‬ ‫من منظور واسع يتض ّمن إحراز مردود اقتصادي‬ ‫مناسب لقاء ما ّمت استثماره من موارد ويشمل‬ ‫يف الوقت ذاته الوصول إىل أهداف اجتماعية‬ ‫تتض ّمن مث ًال تأمني فرص عمل للمواطنني‬ ‫وتنشيط قطاع األعمال الصغرية واملتوسطة‪.‬‬ ‫وتنشد أيضاً الوصول بالقدرات العلمية والتقنية‬ ‫املؤسسات املعنيّة من اإلسهام‬ ‫إىل مستوى ميكن ّ‬ ‫يف املزيد من أنشطة التنمية العلمية والتقنية‬ ‫منفردة ومتعاونة مع نظرياتها يف حميطها‬ ‫اإلقليمي ويف رحاب العامل‪.‬‬ ‫كما يتوجب توخي العناية لتجنب خطط‬ ‫وممارسات تتح ّول فيها مبادرات تشييد البنى‬ ‫املؤسسية اجلديدة إىل استثمارات تقتصر على‬ ‫ّ‬ ‫التنمية العقارية‪ ،‬من دون أثر ملموس على‬ ‫تنمية القدرات العلمية والتقنية‪ .‬وتشكل دراسات‬ ‫اجلدوى القائمة على الواقع ودقة التصميم‬ ‫املستندة إىل إدراك مع ّمق جلانب الطلب قبل‬ ‫جانب العرض‪ ،‬واإلدارة اجليدة اليت تسهم‬ ‫فيها شركات القطاع اخلاص عناصر أساسيّة‬ ‫للنجاح‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ويف كل ما سبق تضطلع احلكومات بأدوار‬

‫مهمة يف تأمني البيئة الصاحلة لبناء القدرات‬ ‫العلمية والتقنية‪ .‬فاحلكومات تتح ّمل املسؤولية‬ ‫األوىل يف اعتماد التشريعات والتنظيمات اليت‬ ‫تؤازر تقدم البحث والتطوير وتعزز التوجه حنو‬ ‫مشروعات ال تسفر عن نقل التقنية فحسب‪ ،‬بل‬ ‫تؤ ّدي إىل متلّك أسباب تطويرها وتطويعها‪ .‬كما‬ ‫ميكن الحتادات الشركات الناشطة يف مضمار‬ ‫الصناعة والزراعة واخلدمات القيام بأدوار‬ ‫مه ّمة أيضاً يف السعي إلنشاء بيئات تشريعية‬ ‫ومؤسسات‬ ‫وتنظيمية مواتية‪ ،‬ومؤازرة الشركات ّ‬ ‫املؤسسية‬ ‫األعمال الناشئة يف تعاونها مع البنى ّ‬ ‫اجلديدة من حدائق للعلم والتقنية واحلاضنات‬ ‫ومراكز للتميز البحث ّي‪.‬‬ ‫واإلدارات احلكومية املعنيّة‪ ،‬كما هو حال‬ ‫واملؤسسات البحثية والتنموية‪ ،‬غالباً‬ ‫اجلامعات ّ‬ ‫ما تكون أقدر وأكثر مالءمة للحلول الطويلة‬ ‫األجل يف بناء القدرات العلمية والتقنية‪.‬‬ ‫فالقطاع اخلاص‪ ،‬مبا عهد عنه من تع ّجل جلين‬ ‫نتاج استثماراته‪ ،‬كثرياً ما يفشل يف بذل جهود‬ ‫مستدامة‪ .‬كما أن املنظمات غري احلكومية غالباً‬ ‫ما تنشغل مبشكالت تنموية أكثر إحلاحاً‪ ،‬وهي‬ ‫تفتقر يف معظم األحيان إىل املوارد املالئمة‪.‬‬ ‫لذلك فإن انتهاج أساليب تستثمر يف آن واحد‬ ‫قدرة احلكومات على السعي حنو أهداف‬ ‫اسرتاتيجية بعيدة املدى‪ ،‬وتستغ ّل حيوية ومرونة‬ ‫مؤسسات القطاع اخلاص‪ّ ،‬‬ ‫وتوظف العزمية اليت‬ ‫ّ‬ ‫متتلكها املنظمات غري احلكومية‪ ،‬هي الكفيلة‬ ‫بتحقيق النتائج املثلى‪.‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪121‬‬

‫تجسير الفجوة بين العربية والحاسوب‬

‫يجُ مع االختصاصيون يف جماالت الّلغة‬ ‫والتقنية على أن الّلغة العربية مل تنل ما ينبغي‬ ‫هلا من عناية حبيث يضحي التعامل معها‬ ‫باستخدام احلاسوب يسرياً كما هو احلال مع‬ ‫الّلغة اإلجنليزية خباصة‪ ،‬واللغات الالتينية‬ ‫توصل البشر إىل‬ ‫األصل بعامة‪ ،‬علماً بأن ّ‬ ‫املعارف من خالل لغتهم واستخدامها لتوليد‬ ‫معارف مستحدثة شرط أساسي من شروط‬ ‫التنمية املتوازنة والعادلة واملستدامة‪ .‬ولن‬ ‫يسعف الّلغة العربية وأهلها نفاذ القلة من امللمني‬ ‫باللغات األجنبية إىل مصادر املعلومات ومناهل‬ ‫املعرفة‪ ،‬بل سيؤسس ذلك النفصام اجملتمعات‬ ‫واندحارها أمام هيمنة ثقافية مأزومة أص ًال‪.‬‬ ‫يتطلب التوصل إىل معدالت الستخدام‬ ‫الّلغة العربية على شبكة اإلنرتنت مبا يداني‬ ‫ما هو قائم اآلن بالنسبة إىل لغات العامل‬ ‫األخرى جهوداً كبرية على مستويات ع ّدة‪.‬‬ ‫ومن الوجهة التقنية فقط يتطلب الوصول إىل‬ ‫معدالت مقبولة الستخدام الّلغة العربية اكتساب‬ ‫مجلة من القدرات الضرورية للتعامل مع الّلغة‬ ‫ذاتها‪ ،‬وصياغة وتنفيذ مبادرات طموحة على‬ ‫الصعيدين الوطين واإلقليمي حبيث تعود الّلغة‬ ‫العربية أداة فاعلة إلنتاج املعارف بشتى فروعها‪.‬‬ ‫‪ - 1‬تقنية المعلومات واالتصاالت في‬ ‫الدول العربية‬

‫دخل احلاسوب البلدان العربية منتصف‬ ‫ستينيّات القرن املاضي‪ .‬وسادت يف كثري‬ ‫‪1‬‬

‫من األوساط حينئذ نظرة سطحية مفادها‬ ‫فيؤسس‬ ‫أن احلاسوب سيصنع املعجزات‪ّ ،‬‬ ‫إلصالحات إدارية ويلغي احلاجة إىل الكثري‬ ‫من اإلجراءات املضنيّة من دون جهد كبري‪.‬‬ ‫إال أن هذه النظرة تبدلّت خالل العقود التالية‬ ‫من خالل التجارب اليت خاضتها شركات‬ ‫وإدارات عديدة باستخدام حواسيب اجليل‬ ‫الثاني والثالث يف األعمال املالية واإلدارية‬ ‫واإلحصائية‪ .‬ونظراً للقدرات احملدودة اليت‬ ‫امتلكتها البلدان العربية آنذاك مل تتمتّع هذه‬ ‫التطبيقات بالكفاءة والفاعلية اليت متيّزت‬ ‫بها نظرياتها يف الدول املتق ّدمة‪ .‬ويف كثري من‬ ‫احلاالت استخدم احلاسوب كجهاز متط ّور‬ ‫لطباعة اجلداول اإلدارية واإلحصائية من دون‬ ‫التم ّكن من استغالل إمكاناته التقنية للتحليل‬ ‫واالستشراف‪.‬‬ ‫وكان معظم التعامل مع هذه احلواسيب يت ّم‬ ‫دوماً بالّلغة اإلنكليزية‪ ،‬بينما متيّز التعامل مع‬ ‫الّلغة العربية‪ ،‬والعديد من لغات العامل األخرى‪،‬‬ ‫يف العقود األوىل من نشأة وانتشار احلوسبة‪،‬‬ ‫فلم يتعد ترميز احلروف العربية وبرجميات‬ ‫تسمح مبعاجلة أولية لنصوصها ‪.‬‬ ‫وتزامن ظهور وانتشار احلاسوب الصغر أو‬ ‫‪ minicomputer‬خالل سبعينيّات القرن املاضي‬ ‫مع حتوالت جذرية يف عدد من التطبيقات ومع‬ ‫نشوء سبل إلدخال املعطيات مباشرة بواسطة‬ ‫احملطات الطرفية ‪ .terminals‬كما أضحى‬ ‫ربط هذه احملطات ممكناً بواسطة خطوط‬ ‫اهلاتف‪ ،‬وبدأت صلة تعاظم مداها خالل ما‬

‫البحث العلمي‬

‫ا ّللغة العربية والفجوة التقنية‬

‫تشير أحوال تقنية المعلومات‬ ‫واالتصاالت في الدول العربية إلى وجود‬ ‫فروق شاسعة بينها‪ ،‬وإلى احتدام هذه‬ ‫الفروق أيضاً بين شرائح المجتمع في‬ ‫الدول العربية ومناطقها‪ ..‬كما تشير‬ ‫المعطيات إلى أن الفجوة الرقمية ضمن‬ ‫ك ّل من البلدان العربية مرتبطة ارتباطاً‬ ‫وثيقاً بمستويات الدخل والتعليم‪ ،‬ومتعلقة‬ ‫بمدى إتقان مستثمري التقنية للّغات‬ ‫األجنبية واإلنكليزية بخاصة‪ ..‬وهذا ليس‬ ‫منطقياً ألن النفاذ إلى الخدمات التي‬ ‫تحملها التقنيات الحديثة ينبغي له أن‬ ‫يكون متاحاً أمام شرائح المجتمع كافة‬ ‫وبلغتها األم أيضاً‪. .‬‬

‫‪1‬‬

‫“أداء البلدان العربية يف التطبيقات املعلوماتية؛” عبد اإلله الديوه جي‪ ،‬الّلجنة االقتصادية واالجتماعية لغرب ّي آسيا (اإلسكوا)‪.2008 ،‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 122‬للتنمية الثقافية‬

‫تال من العقود بني احلاسوب وتقنية االتصاالت‪.‬‬ ‫وأضاف ظهور احلاسوب الشخص ّي يف النصف‬ ‫الثاني من عقد السبعينيات بعداً فائق األهمية‬ ‫إذ أ ّدى متضافراً مع اإلنرتنت إىل دخول تقنية‬ ‫املعلومات واالتصاالت إىل طيف غري متناه من‬ ‫التطبيقات ‪.‬‬ ‫تش ّكل تقنية املعلومات واالتصاالت اليوم‬ ‫‪2‬‬

‫جدول رقم ‪20‬‬

‫تعداد السكان واستخدام اإلنرتنت يف بعض البلدان العربية‬

‫مستخدمو اإلنرتنت مستخدمو اإلنرتنت وفقاً نسبة نفاذ السكان‬ ‫معدل الزيادة بني‬ ‫عام ‪2000‬‬ ‫آلخر اإلحصاءات إىل اإلنرتنت‬ ‫‪2009 - 2000‬‬ ‫(باآلالف)‬ ‫(‪)%‬‬ ‫(باآلالف)‬ ‫البحرين‬ ‫اجلزائر‬ ‫جيبوتي‬ ‫مصر‬ ‫العراق‬ ‫األردن‬ ‫الكويت‬ ‫لبنان‬ ‫ليبيا‬ ‫ُعمان‬ ‫فلسطني*‬ ‫قطر‬ ‫موريتانيا‬ ‫املغرب‬ ‫السعودية‬ ‫السودان‬ ‫سوريا‬ ‫تونس‬ ‫اإلمارات‬ ‫اليمن‬

‫‪40‬‬

‫‪403‬‬

‫‪55.3‬‬

‫‪907‬‬

‫‪50‬‬

‫‪4,100‬‬

‫‪12.0‬‬

‫‪8100‬‬

‫‪2.6‬‬

‫‪1271‬‬

‫‪21.1‬‬

‫‪3597‬‬

‫‪1.0‬‬

‫‪2300‬‬

‫‪25.4‬‬

‫‪1153‬‬

‫‪37.1‬‬

‫‪567‬‬

‫‪23.5‬‬

‫‪215‬‬ ‫‪3130‬‬

‫‪1.4‬‬

‫‪19‬‬

‫‪450‬‬

‫‪16,636‬‬

‫‪12‬‬

‫‪300‬‬

‫‪127‬‬

‫‪1,595‬‬

‫‪150‬‬

‫‪1,000‬‬

‫‪300‬‬

‫‪945‬‬

‫‪10‬‬

‫‪323‬‬

‫‪5.1‬‬

‫‪90‬‬

‫‪557‬‬

‫‪16.3‬‬

‫‪519‬‬

‫‪35‬‬

‫‪356‬‬

‫‪14.4‬‬

‫‪916‬‬

‫‪30‬‬

‫‪436‬‬

‫‪52.3‬‬

‫‪1353‬‬

‫‪5‬‬

‫‪60‬‬

‫‪1.9‬‬

‫‪1100‬‬

‫‪100‬‬

‫‪10,443‬‬

‫‪33.4‬‬

‫‪10343‬‬

‫‪27.1‬‬

‫‪3781‬‬

‫‪10.2‬‬

‫‪13900‬‬

‫‪16.4‬‬

‫‪11783‬‬

‫‪33.4‬‬

‫‪3400‬‬

‫‪74.1‬‬

‫‪384‬‬

‫‪1.6‬‬

‫‪2367‬‬

‫‪200‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪100‬‬

‫‪7,762‬‬ ‫‪4,200‬‬ ‫‪3,565‬‬ ‫‪3,500‬‬

‫‪735‬‬

‫‪3,558‬‬

‫‪15‬‬

‫‪370‬‬

‫* الضفة الغربية؛ ‡ نسبة مستخدمي اإلنترنت إلى تعداد السكان‪.‬‬ ‫المصدر‪ :‬موقع إحصاءات اإلنترنت في العالم؛ ‪http://www.internetworldstats.com/‬‬ ‫‪stats.htm‬‬

‫حجر الزاوية يف التنمية املعاصرة وأداة ال‬ ‫غنى عنها لبناء جمتمعات املعرفة العربية‪.‬‬ ‫وقد قطعت الدول العربية أشواطاً ملموسة يف‬ ‫اكتساب هذه التقنيات ونشرها خالل العقدين‬ ‫املاضيني‪ ،‬إال أن نظرة متم ّعنة إىل أحوال تقنية‬ ‫املعلومات واالتصاالت يف الدول العربية (اجلدول‬ ‫رقم ‪ )20‬تؤكد فروقاً شاسعة بينها‪.‬‬ ‫وحتتدم الفروق أيضاً بني شرائح اجملتمع يف‬ ‫الدول العربية ومناطقها‪ .‬لكن الفجوة الرقمية‬ ‫ضمن ك ّل من البلدان العربية حتتاج إىل دراسة‬ ‫متمعنة‪ .‬وهنالك ما يشري إىل أنها مرتبطة‬ ‫ارتباطاً وثيقاً مبستويات الدخل والتعليم‪،‬‬ ‫ومتعلقة مبدى إتقان مستثمري التقنية للّغات‬ ‫األجنبية واإلنكليزية خباصة‪ .‬وال يعترب من‬ ‫املنطق ّي أن حيتاج من شاء استثمار تطبيقات‬ ‫التقنية الّلغات األجنبية‪ ،‬بل من الطبيعي أن‬ ‫يتسنّى النفاذ إىل اخلدمات اليت حتملها‬ ‫التقنيات احلديثة لشرائح اجملتمع كافة بلغتها‬ ‫األم‪ .‬ولو اقتصر استغالل التقنيات احلديثة‬ ‫على من يتقن هذه الّلغات فلن يؤدي ذلك إال‬ ‫ملزيد من التشرذم واالنفصام وما يليهما من‬ ‫التطرف‪.‬‬ ‫وبالرجوع إىل معطيات مؤشر وضعه االحتاد‬ ‫الدولي لالتصاالت يصنّف مبوجبه ‪ 154‬من‬ ‫بلدان العامل وفقاً لعدد من العناصر اخلاصة‬ ‫بالبنى األساسية والتمكينية للوصول إىل تقنية‬ ‫املعلومات واالتصاالت واستثمارها‪ ،‬يبدو أن‬ ‫الدول العربية حتتل مراتب متأخرة‪ .‬فال تقع‬ ‫بني الدول اخلمسني األول يف ترتيب بلدان‬ ‫العامل اليت يغطيها تقرير حديث العهد لالحتاد‬ ‫الدولي لالتصاالت سوى ثالث دول هي‪ :‬اإلمارات‬ ‫(‪ )32‬والبحرين (‪ )42‬وقطر (‪ .)44‬بينما تقع‬ ‫عشر دول عربية‪ ،‬تتض ّمن مصر وسوريا واملغرب‬ ‫واجلزائر‪ ،‬وهي من أكثر الدول العربية تعداداً‪،‬‬ ‫ضمن النصف الثاني من البلدان اليت يغطيها‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪ 1-1‬الدول العربية وشبكة اإلنترنت‬

‫فاق عدد مستخدمي شبكة اإلنرتنت بالعربية‬ ‫مطلع العام ‪ ،2008‬ستني مليوناً من تعداد سكان‬ ‫البلدان العربية‪ .‬أي ما يوازي معدل اخرتاق‬ ‫لإلنرتنت يداني نسبة قدرها ‪ % 17‬من سكان‬ ‫الدول العربية‪ .‬وتقع هذه النسبة دون املتوسط‬ ‫العاملي الذي يقارب ‪ ،% 27‬كما تع ّد من األدنى‬ ‫بني نسب اخرتاق فئات املتكلمني بلغات العامل‬ ‫العشر األوىل للشبكة‪ .‬وعلى الرغم من أن نسبة‬ ‫النفاذ هذه تداني النسبة املقابلة للمتكلمني‬ ‫بالصينية لإلنرتنت‪ ،‬فإن نسبة االخرتاق من‬ ‫أجل الّلغة العربية تبلغ ‪ .% 66‬وهي تقع يف‬ ‫مصاف النسب اليت حققتها لغات العامل احلية‬ ‫املستخدمة يف دول متقدمة كاليابانية واألملانية‪.‬‬ ‫أما تعداد مستخدمي اإلنرتنت من املتكلمني‬ ‫بالّلغة العربية نسبة إىل مستخدمي اإلنرتنت يف‬ ‫أحناء العامل فيقارب ‪ .% 3.3‬وهي نسبة تأتي‬ ‫يف املرتبة السابعة بني الّلغات العشر األوىل‬ ‫استخداماً على شبكة اإلنرتنت‪ ،‬لكنها أدنى من‬ ‫نسبة تعداد سكان الدول العربية إىل جمموع‬ ‫سكان العامل‪.‬‬ ‫أما معدل تزايد مستخدمي الّلغة العربية على‬ ‫شبكة اإلنرتنت فهو األعلى ضمن جمموعة الّلغات‬ ‫ العشر األوىل على الشبكة‪ ،‬إذ دانى ‪% 2300‬‬

‫يشير ّ‬ ‫مؤشر االتحاد الدولي‬ ‫لالتصاالت الذي صنّف بموجبه‬ ‫من بلدان العالم وفقاً لعدد من العناصر‬ ‫الخاصة بالبنى األساسية والتمكينية‬ ‫للوصول إلى تقنية المعلومات واالتصاالت‬ ‫واستثمارها‪ ،‬إلى أن الدول العربية تحت ّل‬ ‫مراتب متأخرة‪ .‬فال تقع بين الدول‬ ‫الخمسين األول في ترتيب بلدان العالم‬ ‫سوى ثالث دول هي‪ :‬اإلمارات (‪)32‬‬ ‫والبحرين (‪ )42‬وقطر (‪ .)44‬بينما تقع‬ ‫عشر دول عربية‪ ،‬تتض ّمن مصر وسوريا‬ ‫والمغرب والجزائر‪ ،‬ضمن النصف الثاني‬ ‫من البلدان‪. .‬‬

‫‪154‬‬

‫لئن كان معدل تزايد مستخدمي‬ ‫الّلغة العربية على شبكة اإلنترنت(وهو‬ ‫األعلى من ضمن مجموعة الّلغات العشر‬ ‫األولى على الشبكة) قد دانى ‪% 2300‬‬ ‫خالل الفترة ‪ ،2009 – 2000‬إال أن تعداد‬ ‫مستخدمي اإلنترنت من المتكلمين بالّلغة‬ ‫العربية نسب ًة إلى مستخدمي اإلنترنت في‬ ‫أنحاء العالم يقارب ‪ .. % 3.3‬وهي نسبة‬ ‫تقارب تلك الخاصة بمستخدمي اإلنترنت‬ ‫من المتكلمين بالّلغة الفرنسية نسب ًة إلى‬ ‫مستخدميه في أنحاء العالم والبالغة‬ ‫‪ . % 3.2‬ولئن أتت هذه النسبة المتعلقة‬ ‫بالدول العربية في المرتبة السابعة بين‬ ‫الّلغات العشر األولى استخداماً على شبكة‬ ‫اإلنترنت‪ ،‬فإنها تبقى أدنى من نسبة‬ ‫تعداد سكان الدول العربية إلى مجموع‬ ‫سكان العالم‪. .‬‬

‫‪ 2‬الديوه جي‪ ،‬يف املصدر السابق‪.‬‬ ‫‪ 3‬قياس جمتمع املعلومات؛” االحتاد الدولي لالتصاالت؛ مؤشر تطور تقنية املعلومات واالتصاالت‪.2009 ،‬‬ ‫من الموقع‪http://www.itu.int/ITU-D/ict/publications/idi/2009/index.html:‬‬ ‫‪ 4‬من املألوف اعتبار مجيع القاطنني يف بلد ما من املتكلمني بلغته‪ .‬إال أن هذا ال ينطبق بدقة كبرية يف بعض البلدان العربية ذات تعداد‬ ‫السكان العرب املنخفض نسبياً ووجود مرتفع للوافدين‪.‬‬ ‫‪Internet penetration rate 5‬‬

‫‪ 6‬البالغ حواىل ‪ 314‬مليون نسمة وفقاً لتقرير برنامج األمم املتحدة اإلمنائي (‪ .)2008 - 2007‬لكن إحصائيات املوقع الذي استقيت منه‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫البحث العلمي‬

‫التقرير‪ .‬وحتت ّل دول أخرى مثل املغرب (‪)101‬‬ ‫والسودان (‪ )120‬واليمن (‪ )124‬وموريتانيا‬ ‫الدولي‬ ‫(‪ )134‬مراتب متخلفة على سلّم االحتاد‬ ‫ّ‬ ‫لالتصاالت‪.‬‬

‫خالل الفرتة ‪( 2009 – 2000‬اجلدول رقم ‪.)21‬‬ ‫ّ‬ ‫والشك أن تزايد مستخدمي الّلغة العربية‬ ‫لإلنرتنت يبشر بإسهامات مقبلة هلا يف‬ ‫النهوض باألداء املعريف العربي ويتيح فرصاً‬ ‫مثينة الستثمارها من أجل نشر احملتوى الرقمي‬ ‫بالعربية‪ .‬إال أن وجود هذه الّلغة على الشبكة ما‬ ‫زال دون املتوسط العاملي‪ ،‬كما أن أهمية هذا‬ ‫املؤشر اإلجيابي قد تتقلص إىل حدود كبرية‬ ‫لدى انتشار أجيال مقبلة من تقنيات الشبكة‬ ‫تتطلب تعرف النصوص‪ ،‬إذ ستربز حينذاك‬ ‫بصورة حادة مشكالت جوهرية تعانيها الّلغة‬ ‫العربية يف تفاعلها مع تقنية املعلومات‪.‬‬ ‫ويوضح (الشكل رقم ‪ )8‬تنامي تعداد‬ ‫مستخدمي اإلنرتنت بازدياد حصة الفرد من‬ ‫الدخل احمللي اإلمجالي‪ ،‬مقاساً مبكافئ القوة‬ ‫الشرائية املعادل بالدوالر األمريكي يف بلدان‬ ‫العامل (النقاط السوداء) ويف الدول العربية‬ ‫(النقاط اخلضراء)‪ ،‬وتبني الدائرة الربتقالية‬ ‫الّلون املتوسط العاملي‪ .‬ويبينّ هذا الشكل أن‬ ‫تزايد متوسط حصة الفرد من الناتج احمللي‬ ‫اإلمجالي ال حتفز على استخدام اإلنرتنت‬ ‫بالدرجة اليت تؤدي إليها زيادة مماثلة يف العامل‬ ‫بأسره‪ .‬ومن املرجح أن هذا يعود من جهة‬ ‫أوىل إىل مدى استجابة احملتوى الرقمي بالّلغة‬ ‫العربية الحتياجات مواطين الدول العربية‬ ‫ومؤسساتها‪ ،‬ومن جهة أخرى‪ ،‬ملستوى إتقان‬ ‫ّ‬ ‫القاطنني يف الدول العربية للغات أجنبية تيسر‬ ‫هلم استخدام اإلنرتنت ملختلف األغراض‪.‬‬ ‫وما تزال شبكات االتصاالت اليت ميكن من‬

‫‪123‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 124‬للتنمية الثقافية‬

‫الّلغات العشر األوىل برتتيب تعداد مستخدميها على شبكة‬ ‫اإلنرتنت‬

‫جدول رقم ‪21‬‬

‫مستخدمو‬ ‫اإلنرتنت‬ ‫اللغات العشر األوىل‬ ‫حبسب الّلغة‬ ‫(باملاليني)‬ ‫اإلنكليزية‬ ‫الصينية‬ ‫اإلسبانية‬ ‫اليابانية‬ ‫الربتغالية‬ ‫األملانية‬ ‫العربية‬ ‫الفرنسية‬ ‫الروسية‬ ‫الكورية‬ ‫اللغات العشر األوىل‬ ‫باقي اللغات‬ ‫اجملموع العاملي‬

‫نسبة‬ ‫اخرتاق‬ ‫منو اللغات على‬ ‫مستخدمي‬ ‫الشبكة‬ ‫اإلنرتنت ‪%‬‬ ‫اإلنرتنت إىل‬ ‫حبسب الّلغة‬ ‫‪2009 - 2000‬‬ ‫اجملموع ‪%‬‬ ‫‪%‬‬

‫‪499.21‬‬

‫‪39.5‬‬

‫‪139.85‬‬

‫‪34.0‬‬

‫‪77.57‬‬

‫‪31.4‬‬

‫‪923.9‬‬

‫‪17.5‬‬

‫‪2297.7‬‬

‫‪3.3‬‬

‫‪45.25‬‬

‫‪32.3‬‬

‫‪1359.7‬‬

‫‪2.5‬‬

‫‪1,492.60‬‬

‫‪33.8‬‬

‫‪379.2‬‬

‫‪82.8‬‬

‫‪1,802.33‬‬

‫‪26.6‬‬

‫‪399.3‬‬

‫‪100.0‬‬

‫‪407.65‬‬ ‫‪95.98‬‬

‫‪29.7‬‬

‫‪1162.0‬‬

‫‪22.6‬‬

‫‪75.5‬‬

‫‪103.9‬‬

‫‪5.3‬‬

‫‪72.34‬‬

‫‪75.0‬‬

‫‪57.02‬‬

‫‪16.9‬‬

‫‪60.25‬‬

‫‪37.48‬‬

‫‪309.74‬‬

‫‪251.7‬‬

‫‪27.7‬‬

‫‪669.2‬‬

‫‪161.1‬‬

‫‪375.2‬‬

‫‪52.7‬‬

‫‪96.8‬‬

‫‪13.2‬‬

‫‪525.3‬‬

‫‪7.8‬‬

‫‪4.3‬‬

‫‪4.0‬‬

‫‪3.2‬‬

‫‪2.1‬‬

‫‪17.2‬‬

‫تعداد‬ ‫مستخدمي‬ ‫الّلغة‬ ‫‪2009‬‬

‫(باملاليني)‬ ‫‪1,263.83‬‬ ‫‪1,373.86‬‬ ‫‪411.63‬‬ ‫‪127.08‬‬ ‫‪247.22‬‬ ‫‪96.39‬‬ ‫‪344.14‬‬ ‫‪337.05‬‬ ‫‪140.04‬‬ ‫‪71.17‬‬ ‫‪4,412.42‬‬ ‫‪2,355.39‬‬ ‫‪6,767.81‬‬

‫مستخدمو اإلنرتنت لكل ألف من سكان دول العامل والدول العربية‬ ‫مقابل حصة الفرد من الناتج احمللي اإلمجالي‬

‫شكل رقم ‪8‬‬

‫(املعدل العاملي باللون االسود واملعدل العربي باللون األخضر)‬ ‫‪1000‬‬ ‫‪900‬‬ ‫‪R2 = 0.7984‬‬

‫‪700‬‬ ‫‪600‬‬ ‫‪500‬‬ ‫‪400‬‬ ‫‪R2 = 0.6226‬‬

‫‪300‬‬ ‫‪200‬‬ ‫‪100‬‬ ‫‪0‬‬

‫‪60,000‬‬

‫‪50,000‬‬

‫‪40,000‬‬

‫‪30,000‬‬

‫‪20,000‬‬

‫‪10,000‬‬

‫حصة الفرد من الناتج المحلي اإلجمالي بالدوالر األميركي‬ ‫مكافئ القوة الشرائية‬

‫املصدر‪ :‬قاعدة معطيات البنك الدولي – ‪)KAM ) Dec. 2009‬‬

‫‪0‬‬

‫مستخدمو االنترنت لكل ألف من السكان‬

‫‪800‬‬

‫خالهلا النفاذ إىل خدمات اإلنرتنت يف الدول‬ ‫العربية ذات مواصفات متدنية‪ .‬إذ يت ّم النفاذ‬ ‫إىل اإلنرتنت يف كثري من الدول العربية من‬ ‫خالل خطوط تقل سرعة نقل املعطيات عربها‬ ‫مئات املرات عما تتمتع به دول متقدمة‪ ،‬وحتى‬ ‫بعض الدول النامية‪ .‬كما أن عرض حزمة‬ ‫االتصال بشبكة اإلنرتنت يتفاوت بني واحدة‬ ‫من الدول العربية وأخرى‪ .‬وحلصة املستخدم من‬ ‫عرض حزمة اإلنرتنت أهمية حمورية يف النفاذ‬ ‫إىل خدمات التعليم والصحة واالرتقاء بأنشطة‬ ‫البحث واخلدمات احلكومية‪ ،‬خصوصاً من أجل‬ ‫متخصصة‬ ‫التطبيقات اليت تتطلب معاجلة‬ ‫ّ‬ ‫للنصوص العربية اليت تتميّز بالتعقيد يف مجيع‬ ‫األحوال‪.‬‬ ‫وقد مت ّكن بعض الدول العربية‪ ،‬مثل اليمن‬ ‫والسودان وليبيا وفلسطني‪ ،‬من زيادة قيمة‬ ‫عرض احلزمة املتاحة للمستخدم بصورة‬ ‫كبرية‪ ،‬جتاوزت العام ‪ 2007‬يف حالة اليمن‬ ‫مث ًال‪ ،‬ثالثني ضعفاً ما كانت عليه العام ‪.2002‬‬ ‫إال أن هذه الدول كانت متتلك قدرات متدنية‬ ‫للغاية يف املاضي‪ ،‬لذا فإن ما أحرزت من تقدم‬ ‫يب باهر ال يع ّد كافياً لنشر تطبيقات تقنية‬ ‫نس ّ‬ ‫املعلومات واالتصاالت التعليمية والبحثية على‬ ‫نطاق واسع‪ .‬ومن املالحظ أن بعض الدول اليت‬ ‫كانت تتمتع العام ‪ 2002‬مبستويات مرتفعة نسبياً‬ ‫من حيث عرض حزمة النفاذ الدولية مل تتمكن‬ ‫خالل السنوات املاضية من زيادة عرض حزمة‬ ‫النفاذ الدولية للمستخدم إىل ح ّد كبري‪ .‬وبغض‬ ‫النظر عن أن قدراً حمدوداً من التحسينات قد‬ ‫أدخل على النفاذ إىل الشبكة يف بلدان مثل لبنان‬ ‫وسوريا واألردن‪ ،‬على سبيل املثال‪ ،‬فإن التفسري‬ ‫املناسب لتدني مرتبة هذه الدول وغريها هو‬ ‫‪7‬‬

‫املعلومات حول الّلغات املستخدمة على الشبكة تشري إىل ‪ 357‬مليون متكلم بالعربية‪.‬‬ ‫‪ 7‬يّسـتخدم مصطلح عرض احلزمة لتقدير معدل تناقل املعطيات عرب شبكة اإلنرتنت‪ .‬ويقاس هذا املعدل بواحدة “البتة يف الثانية‬ ‫‪ ”.bits per second‬وتستخدم واحدة “بتة لكل نسمة” هنا للداللة على إمكانات نفاذ املواطنني إىل اإلنرتنت بفضل البنى األساسية‬ ‫الوطنية والصالت اليت تربطها بالشبكات العاملية‪ ،‬بوسائط تشمل السواتل (األقمار الصناعية) وشبكات األلياف البصرية ‪optical fiber‬‬ ‫واألسالك النحاسية التقليدية‪ .‬ومبا أن تناقل املعطيات عرب هذه الوسائط يتم بسرعات خمتلفة‪ ،‬فإن عرض احلزمة املتاحة يتأثر بعرض‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫احلزمة اليت متيّز ك ً‬ ‫ال من الوسائط‪.‬‬ ‫‪ 8‬إحصائيات مركز حبوث االقتصاد الرقمي يف دبي “مدار‪”.‬‬ ‫‪ 9‬الذي يربو اآلن على ‪ 40‬مليار صفحة‪.‬‬

‫‪ - 2‬المحتوى الرقمي العربي‬

‫ينبئ حتري احملتوى الرقمي العربي‪ ،‬وهو‬ ‫الدليل األصدق ملدى استثمار وإنتاج املعرفة‬ ‫بالعربية‪ ،‬أن الدول العربية ما زالت مقصرة‬ ‫بالنسبة إىل عدد من املعايري‪ ..‬وتظهر‬ ‫إحصائيات حديثة العهد نسبياً تدني حمتوى‬ ‫اإلنرتنت من الصفحات بالعربية‪ ..‬فنسبة هذه‬ ‫الصفحات إىل إمجالي صفحات اإلنرتنت ال‬ ‫تتجاوز الواحد يف األلف من التعداد اإلمجالي‬ ‫للصفحات على الشبكة­ ‪ .‬وتشري هذه النسبة إىل‬ ‫تدني حجم احملتوى الرقمي العربي بالنسبة إىل‬ ‫ما يقابله يف لغات أخرى‪ .‬إال أن عدد املواقع‬ ‫والصفحات العربية يتزايد مبعدالت مرتفعة‪،‬‬ ‫فقد بلغ معدل النمو السنوي للصفحات اليت‬ ‫تتضمن احملتوى العرب ّي بني العامني ‪2005‬‬ ‫و‪ 2006‬مث ًال ‪ ،% 55‬لكن هذه النسبة ما‬ ‫زالت أدنى من النسبة املقابلة الزدياد تعداد‬ ‫الصفحات اليت وضعت باإلجنليزية خالل‬ ‫الفرتة ذاتها‪ ،‬واليت بلغت ‪. % 63‬‬ ‫وتطغى النصوص على غريها من أمناط‬

‫البحث العلمي‬

‫تزايد تعداد مستخدمي اإلنرتنت على حنو يفوق‬ ‫كثرياً ما يت ّم إحرازه من حتسينات على إمكانات‬ ‫النفاذ إىل الشبكة يف هذه الدول‪.‬‬ ‫ويف ما يتعلّق بنوعية النفاذ إىل شبكة‬ ‫اإلنرتنت يف العام ‪ 2007‬فإن الدول الثالث‬ ‫األوىل اليت متتلك نسباً مرتفعة لعرض حزمة‬ ‫النفاذ الدولية للمستخدم هي البحرين وقطر‬ ‫واإلمارات‪ ،‬تليها دولتان يف املغرب العربي هما‬ ‫املغرب وموريتانيا‪ .‬ومن الالفت أن فلسطني‬ ‫تتمتّع بنسب مرتفعة هلذا املؤشر‪ ،‬مما يدل‬ ‫واملؤسسات املعنيّة‬ ‫على إمكانية قيام املعاهد ّ‬ ‫باستخدام تطبيقات متقدمة لسد الثغرات‬ ‫يف نظم التعليم والبحث لديها‪ .‬وهي نامجة‪،‬‬ ‫بالدرجة األوىل‪ ،‬عن األوضاع اليت تعانيها يف‬ ‫الضفة والقطاع من حصار وحواجز تعيق حركة‬ ‫الطلبة والباحثني‪.‬‬ ‫ولتكلفة النفاذ إىل شبكة اإلنرتنت أثر‬ ‫بالغ على وترية استخدام الشبكة بالنسبة إىل‬ ‫شرحية عريضة من مواطين الدول العربية‪.‬‬ ‫ومن املشجع أن أسعار النفاذ يف معظم الدول‬ ‫العربية تق ّل عن القيمة املتوسطة لدول العامل‬ ‫جمتمعة‪ .‬وتق ّل تكلفة النفاذ يف مصر عن القيم‬ ‫السائدة يف أ ّي من الدول العربية‪ ،‬بل هي أدنى‬ ‫منها يف كثري من دول العامل املتقدمة‪ .‬كما تق ّل‬ ‫تكلفة النفاذ إىل اإلنرتنت إىل ح ّد كبري يف‬ ‫عشر من الدول العربية‪ ،‬وتقارب نصف قيمة‬ ‫سـت من الدول العربية‬ ‫املتوسط العامل ّي يف ّ‬ ‫(مصر واجلزائر ولبنان واليمن واألردن وتونس)‪،‬‬ ‫بينما ترتفع بصورة ملموسة يف ثالثة (السودان‬ ‫وموريتانيا وجيبوتي)‪ ،‬وهي دول ما زال عليها‬ ‫أن تقطع أشواطاً ملموسة‪ ،‬حتى بالنسبة لباقي‬ ‫الدول العربية‪ ،‬يف حيازة تقنيات املعلومات‬ ‫واالتصاالت‪ .‬ويعود اخنفاض كلفة النفاذ إىل‬

‫اإلنرتنت يف بعض الدول العربية إىل السياسات‬ ‫اليت انتهجت من قبل حكوماتها‪ ،‬ومن الواجب‬ ‫أن متضي هذه احلكومات إىل أبعد مما وصلت‬ ‫إليه يف التصدي للصعوبات اليت جتابه شرائح‬ ‫عريضة يف اجملتمعات العربية يف استثمار‬ ‫التقنية‪ ،‬فتعطي األولوية لتطوير احملتوى العربي‬ ‫ومتلّك التقانات القادرة على معاجلة احملتوى‪.‬‬ ‫تيسر‬ ‫وال ب ّد أيضاً من تبنيّ أساليب مبتكرة ّ‬ ‫لألميني وملن يفتقر إىل املهارات احلاسوبية‬ ‫إمكانات للتفاعل مع احلواسيب والنفاذ إىل‬ ‫اإلنرتنت باستخدام تقنيات مؤاتية من أعتدة‬ ‫وبرجميات‪.‬‬

‫‪125‬‬

‫ينبئ تح ّري المحتوى الرقمي العربي‪،‬‬ ‫وهو الدليل األصدق لمدى استثمار وإنتاج‬ ‫المعرفة بالعربية‪ ،‬أن الدول العربية‬ ‫ما زالت مقصرة بالنسبة إلى عدد من‬ ‫المعايير‪ ..‬وتظهر إحصائيات حديثة‬ ‫العهد نسبياً تدني محتوى اإلنترنت‬ ‫من الصفحات بالعربية‪ ..‬فنسبة هذه‬ ‫الصفحات إلى إجمالي صفحات اإلنترنت‬ ‫ال يتجاوز الواحد باأللف من التعداد‬ ‫اإلجمالي للصفحات على الشبكة‪..‬‬

‫‪8‬‬

‫‪9‬‬

‫‪10‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 126‬للتنمية الثقافية‬

‫احملتوى السمعية واملرئية‪ ،‬كما أن هذه‬ ‫النصوص تظهر على مواقع الشبكة كما ترد يف‬ ‫أصوهلا املطبوعة‪ ،‬أي من دون تطويع يتالءم مع‬ ‫اإلمكانات اليت تتيحها األوساط الرقمية‪ .‬أما‬ ‫عن املوضوعات اليت يتناوهلا احملتوى الرقمي‬ ‫بالّلغة العربية اليوم فتشري الدالئل إىل أن الكثري‬ ‫منها يقتصر على عدد حمدود من اجملاالت‬ ‫ال يُثري املعارف املرتبطة بالتنمية االجتماعية‬ ‫واالقتصادية‪ .‬كما أنها نادراً ما تعاجل اجملاالت‬ ‫العلمية والتكنولوجية والفكر بصفة عامة‪ .‬بل إن ‪ 1 - 1 - 2‬التعليم‬ ‫تشمل الوسائل املعلوماتية األجهزة‬ ‫قسطاً ملموساً من احملتوى الرقمي العربي تغلب‬ ‫عليه نزعات انعزالية ومتطرفة‪ ،‬وصلته واهية والربجميات العامة كمعاجلات النصوص‬ ‫مبجتمعات املعلومات واملعرفة اليت تنشد دول واجلدولة وإعداد الشرائح التوضيحية ومقاطع‬ ‫الفيديو كوسائط إليصال األفكار واملفاهيم‬ ‫املنطقة بناءها‪.‬‬ ‫للطالب‪ .‬ومعظم هذه الوسائط مع ّرب بصورة‬ ‫الرقمي العربي‬ ‫‪ 1 - 2‬المحتوى‬ ‫سطحية وقابل بالتأكيد ملستويات أعمق من‬ ‫ّ‬ ‫وتطبيقات تقنية المعلومات‬ ‫التعريب‪ .‬وتتيح تقنية املعلومات بتطبيقاتها‬ ‫يرتبط مستقبل احملتوى الرقمي بالعربية املتعددة مسارات جديدة يف قطاع التعليم‪،‬‬ ‫على الشبكة بانتشار تطبيقات تقنية املعلومات ميكن إن أحسنت إدارتها تكريس مكانة الّلغة‬ ‫يف التعليم والبحث العلمي واخلدمات االجتماعية العربية‪ .‬وكما أثبتت جتارب حديثة العهد يف‬ ‫والصحية واخلدمات احلكومية والتجارة العديد من الدول النامية‪ ،‬فمن املمكن أن يت ّم‬ ‫واألعمال‪ ،‬وتوليد احملتوى الرقمي املتعلق بك ّل هذا من دون املساس بنوعية العملية التعليمية‬ ‫هذه التطبيقات‪ ،‬باإلضافة إىل حفظ الرتاث وكفاءتها‪ ،‬بل مع طرح إمكانات لتطوير العملية‬ ‫الثقايف والبناء عليه‪ .‬وتتناول الفقرات التالية التعليمية وتوثيق صلتها بالتحديات التقنية‬ ‫التعليم والبحث العلمي وصناعة احملتوى نظراً والثقافية الراهنة‪ .‬لكن عدداً من الدراسات‬ ‫ألهمية هذه املوضوعات يف بناء جمتمعات يشري إىل أن اإلنفاق على تقنية املعلومات‬ ‫املعرفة العربية وتعميم ما يرتتب عن ذلك من يف قطاع التعليم يف خمتلف بقاع العامل غري‬ ‫منافع تنموية على شرائح اجملتمع كافة‪.‬‬ ‫كاف لتحقيق التطور املنشود يف املخرجات‬ ‫ٍ‬ ‫سيطرت على صناعة األعتدة والربجميات التعليمية‪ .‬ومن أسباب ذلك غياب التوازن‬ ‫أمناط من التنافس أعطت اجلوانب التقنية بني مدخالت العملية التعليمية من مناهج‬ ‫مركز الصدارة؛ ويتّجه التطور الذي تشهده وأساليب‪ ،‬من جهة‪ ،‬والعناصر املستحدثة اليت‬ ‫منتجات التقنية بصورة عامة حنو الفئات اليت تتطلبها تقنية املعلومات‪ ،‬من أجهزة وبرجميات‬ ‫تتمتع بالقدرة الشرائية املرتفعة دون غريها من لتطوير العملية التعليمية‪ ،‬من جهة أخرى‪.‬‬ ‫‪11‬‬

‫فئات ذوي املداخيل احملدودة وممن مل ينالوا‬ ‫التعليم الكايف الستخدام التقنيات احلديثة‪ .‬وقد‬ ‫بات من الضروري تغيري هذا املنحى‪ ،‬إذ أضحى‬ ‫الربط بني األهداف التنموية اليت تنشدها‬ ‫واملؤسسات املعنية بالتنمية‪ ،‬مع‬ ‫حكومات الدول ّ‬ ‫ما تتيحه التقنيات احلديثة من قدرات ختدم‬ ‫املواطنني وجمتمعاتهم والبيئة احمليطة بهم‪ ،‬من‬ ‫الضرورات امللحة‪.‬‬

‫‪12‬‬

‫‪ 10‬تتضمن نسبة من هذه الصفحات احملتوى بالعربية واإلجنليزية يف آن واحد‪.‬‬ ‫النصي ‪hypertextin‬‬ ‫‪ 11‬كثرياً ما يت ّم نقل احملتوى إىل األوساط الرقمية من دون إغنائه بإضافة الكلمات املفتاح والوصالت الفائقة للتتبع ّ‬ ‫‪Knowledge Maps: ICT in Education. Washington, DC: infoDev / World Bank, Trucano, Michael. 2005“ 12‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫على الرغم من أن الخطط التي‬ ‫أعلنتها دول عربية‪ ،‬منها السعودية‬ ‫واإلمارات وقطر والكويت وعمان ومصر‬ ‫واألردن وتونس‪ ،‬تعكس اهتماماً متزايداً‬ ‫المخصص للتعليم‪ ،‬إال‬ ‫بالمحتوى الرقمي‬ ‫ّ‬ ‫أن التوجهات االستراتيجية والممارسات‬ ‫تفيد بأن المبادرات القائمة قد تمحورت‬ ‫حول التعليم النظامي‪ ..‬وهي ال تتيح‬ ‫االستفادة م ّما توفّره األوساط الرقمية‬ ‫من تكامل بين نمط ّي التعليم األساسيين‪:‬‬ ‫النظامي والالنظامي‪ .‬ومن شأن مثل هذا‬ ‫التكامل‪ ،‬متى تحقّق‪ ،‬أن يؤدي إلى نقلة‬ ‫نوعية في الممارسات التربوية تسمح‬ ‫للناشئة والبالغين على ح ّد سواء بالتوصل‬ ‫إلى إمكانات للتعلم الذات ّي والمستمر مدى‬ ‫الحياة‪..‬‬

‫‪15 14 13‬‬

‫‪Available at: http://www.infodev.org/en/Publication.8.html‬‬ ‫‪.ICT in Education, Victoria L. Tinio, UNDP - APDIP, 2003 13‬‬ ‫‪.Learning to Change: ICT in Schools, Organization for Economic Co-operation and Development (OECD), 2001 14‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫البحث العلمي‬

‫وعلى الرغم من أن اخلطط اليت أعلنتها دول واملواقع التعليمية ذات العالقة بكفاءة عالية؛‬ ‫• تأمني الوصول إىل حمتوى تعليمي متميز‬ ‫عربية‪ ،‬منها السعودية واإلمارات وقطر والكويت‬ ‫وعمان ومصر واألردن وتونس‪ ،‬تعكس اهتماماً وربط املدارس مبصادر املعارف عرب اإلنرتنت‪.‬‬ ‫ومن األولويات وثيقة الصلة مبستقبل الّلغة‬ ‫املخصص للتعليم‪،‬‬ ‫متزايداً باحملتوى الرقمي ّ‬ ‫إال أن التوجهات االسرتاتيجية واملمارسات العربية وتفاعلها مع تقنية املعلومات تعريب‬ ‫اليت ميكن تبيّنها تفيد بأن املبادرات القائمة الوسائل املكرسة لتعليم التقنية ذاتها ونشر‬ ‫قد متحورت حول التعليم النظامي‪ ،‬وهي ال املعارف املتصلة بها‪ .‬فما زالت املواد املتداولة‬ ‫مما تو ّفره األوساط الرقمية من بالّلغة العربية من ضمن هذه اجملاالت شحيحة‬ ‫تتيح االستفادة ّ‬ ‫تكامل بني منط ّي التعليم األساسيني‪ :‬النظامي وضحلة من اجلانبني األكادميي والعملي‪،‬‬ ‫والالنظامي‪ .‬ومن شأن مثل هذا التكامل‪ ،‬متى ومعظم ما ينشر يف الدوريات الرائجة ال يتع ّدى‬ ‫حتقق‪ ،‬أن يؤدي إىل نقلة نوعية يف املمارسات استعراض األعتدة والربجميات املستحدثة‬ ‫الرتبوية تسمح للناشئة والبالغني على ح ّد سواء اليت تسعى الشركات الكربى لتسويقها من‬ ‫بالتوصل إىل إمكانات للتعلم الذات ّي واملستمر دون قيمة مضافة‪ ،‬ومن دون النسب املرج ّوة‪.‬‬ ‫وقد ال تش ّكل الّلغة العربية أداة عملية مهمة‬ ‫مدى احلياة‪.‬‬ ‫ماسة ملعاجلة متسقة للمحرتفني واملهنيني‪ ،‬إال أن أهميتها يف مراحل‬ ‫واحلاجة أضحت ّ‬ ‫ّ‬ ‫جملموعة من العوامل البشرية واملادية التعليم أمر ال خالف حوله‪ .‬وقد ال يشكل‬ ‫واملؤسسية‪ .‬حبيث تشري جتارب عدد من الدول استخدام الّلغة العربية للربجمة هدفاً حبد‬ ‫ّ‬ ‫إىل أن استخدام تقنية املعلومات يف قطاع ذاته‪ ،‬إال أنه يسمح ببناء القدرة على التحليل‬ ‫التعليم أدى إىل نتائج إجيابية جتلت بتطوير الوصفي اخلوارزمي للمسائل‪ ،‬ويسمح للشباب‬ ‫املهارات على ح ّل املسائل وبتحسني خمرجات بإتقان األسس التحليلية بلغتهم األم يف مراحل‬ ‫العملية التعليمة عندما أوليت العناية الكافية التحصيل املبكرة‪ ،‬حبيث يضحي التح ّول إىل‬ ‫­‬ ‫الّلغات األخرى بعد إتقان املفاهيم األساسية‬ ‫لتكامل العناصر التالية‪:‬‬ ‫• النفاذ إىل اإلنرتنت وحتسني نوعيته‪ ،‬أمراً يسرياً‪.‬‬ ‫من دون إهمال املناطق واجملتمعات املهمشة يف‬ ‫‪ 2-1-2‬البحث العلمي‬ ‫املدن واألرياف؛‬ ‫تتأثر أنشطة البحث العلمي والتطوير التقين‬ ‫• استثمار الوسائط املتعددة واكتساب‬ ‫أكثر من غريها من اجملاالت مبا تق ّدمه تقنية‬ ‫القدرة على تطويرها باستمرار؛‬ ‫إمكانات للوصول‬ ‫• زيادة عدد احلواسيب يف املدارس (معدل املعلومات واالتصاالت من‬ ‫ٍ‬ ‫عدد الطالب لك ّل حاسوب) وتدريب األطر إىل منابع املعرفة واستخالصها وتطويعها‬ ‫واستثمارها يف شتى قطاعات اإلنتاج واخلدمات‪.‬‬ ‫التدريسية بصورة مالئمة؛‬ ‫• بناء الشبكات احمللية يف املدارس واملعاهد وتتيح أنشطة البحث والتطوير فرصاً هامة‬ ‫لتكريس الّلغة العربية أساساً لبناء جمتمعات‬ ‫التعليمية وحتسني نوعيتها؛‬ ‫• إتاحة الفرص للوصول إىل اإلنرتنت املعرفة يف الدول العربية‪ .‬وتقع نقطة االنطالق‬

‫‪127‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 128‬للتنمية الثقافية‬

‫ضمن معاهد الدراسات العليا‪ ،‬حيث يت ّم تدريب‬ ‫أطر البحث العلمي من املستويات الرفيعة‪ ،‬ولدى‬ ‫مراكز البحث والتطوير الوطنية‪ ،‬وحيث يت ّم‬ ‫توليد املعارف العلمية املستحدثة وتطوير وتطويع‬ ‫التقنيات‪ .‬ويربز دور تقنية املعلومات واالتصاالت‬ ‫يف هذا املضمار على عدد من األصعدة‪ ،‬منها‬ ‫بالطبع ما يرتبط بإسهامها يف معاجلة مشكالت‬ ‫الّلغة العربية يف جماالت االختصاص املختلفة‪.‬‬ ‫والفرص متاحة هنا للتعاون الدولي مع اجلهات‬ ‫املعنية بالّلسانيات الّلغوية وتطوير برجمياتها‪،‬‬ ‫باإلضافة إىل تعاون اجلهات املعنية يف املنطقة‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫ومن اإلسهامات اليت ميكن أن تقدمها تقنية‬ ‫املعلومات واالتصاالت من أجل مستقبل الّلغة‬ ‫العربية يف مضمار البحث العلمي بناء الشبكات‬ ‫املتخصصة باألحباث‬ ‫الوطنية واإلقليمية‬ ‫ّ‬ ‫التنموية والبيئية والرامية إىل نشر تطبيقات‬ ‫التقنية وتطويرها وتيسري الوصول إىل املراجع‬ ‫واملعاجم والربجميات‪ .‬وتتطلّب اجلهود يف هذا‬ ‫املضمار أيضاً تنشيط الشراكات اإلقليمية يف‬ ‫حقول تتميز باألولوية من أجل دول املنطقة‪،‬‬ ‫كاستخدام املياه ومعاجلتها ومكافحة التص ّحر‬ ‫وتنويع مصادر الطاقة والرعاية الصحية‪.‬‬ ‫‪ - 3‬الّلغة العربية والتقنية‬

‫‪16‬‬

‫تتجاوز آثار الّلغات اجلوانب االجتماعية‪ ،‬مع‬ ‫ما هلا من أهمية يف حقول الرتبية والثقافة‪،‬‬ ‫وتتعداها إىل جماالت االقتصاد والسياسة‪.‬‬ ‫ولقد أسهمت تقنية املعلومات يف تعميق اآلثار‬ ‫االقتصاديّة وتشعبها ونشرها على رقعة أوسع‬ ‫مما مضى‪ .‬إذ تستخدم تطبيقات تقنية‬ ‫بكثري ّ‬ ‫املعلومات اليوم يف العديد من اجملاالت‪ ،‬منها‬ ‫التعليم والتجارة واخلدمات احلكومية والصحية‬

‫اليت ال ب ّد من تأمينها للمواطنني بلغتهم األم‪.‬‬ ‫ويطرح تعامل احلاسوب مع الّلغات كثرياً من‬ ‫القضايا‪ .‬فعلى الرغم من أن تقنية املعلومات‬ ‫قد قطعت شوطاً بعيداً يف التعامل مع الّلغة‬ ‫اإلنكليزية خباصة‪ ،‬والّلغات التينية األصول‬ ‫بعامة‪ ،‬إال أن أخصائيّي تقنية املعلومات ال‬ ‫يرون أم ًال يف الوصول إىل التفاعل األمثل‬ ‫بني الّلغة واآللة من دون اللجوء إىل أساليب‬ ‫الذكاء االصطناعي‪ .‬بل يسعى البعض لتطوير‬ ‫الربجميات واستخدام احلواسيب فائقة األداء‬ ‫لتتسنّى حماكاة املدارك الّلغوية اليت يتمتّع بها‬ ‫الدماغ البشري‪ .‬وقد أدت اجلهود اليت بُذلت‬ ‫يف هذا املضمار إىل نشوء فروع جديدة من‬ ‫العلوم والتقنيات املرتبطة بها كعلم اللسانيات‬ ‫احلاسوبية‪ .computational linguistics‬وليس‬ ‫من املبالغة القول بأن تقنية املعلومات قد‬ ‫حفزت الكثري من األحباث اليت تتناول النظم‬ ‫اللغوية‪ .‬وبعض ما أجري من أحباث يسعى‬ ‫للخروج بتقنيات معلوماتية جديدة‪ ،‬تتحرر من‬ ‫املعماريات ‪ architectures‬احلاسوبية التقليدية‬ ‫اليت تالئم التطبيقات احلسابية والعلمية‪ ،‬وال‬ ‫ميكنها التعامل مع الّلغات وتعقيداتها‪ .‬وعلى‬ ‫الرغم من أن الكثري من األحباث على األصعدة‬ ‫املختلفة مل تؤت بعد مثارها‪ ،‬إال أن مستقبل‬ ‫العالقة بني التقنية والّلغة واعد بتقدم ملموس‬ ‫يعود الفضل فيه إىل التطور على صعيد األعتدة‬ ‫اليت تزايدت سعاتها وسرعتها‪ ،‬وما زالت تزداد‬ ‫حبيث تسمح مبقاربات طموحة يف مضمار‬ ‫الذكاء االصطناعي‪ ،‬على وجه اخلصوص‪.‬‬ ‫واملسألة تفوق من حيث العمق واالتساع جمرد‬ ‫إدراك احلاسوب ملعاني النصوص أو النطق بها‬ ‫أياً كانت الّلغة اليت يتعامل معها‪ .‬فالّلغة ليست‬ ‫بالكيان البسيط‪ ،‬وألفاظ الّلغة أياً كانت حتمل يف‬

‫‪.Knowledge Maps: ICT in Education, InfoDev, The World Bank, 2005 15‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪ 1 - 3‬خصائص الّلغة العربية‬

‫يش ّكل االشتقاق الصريف واحداً من أبرز‬ ‫مميزات عائلة الّلغات السامية‪ .‬وتتفو ُق الّلغة‬ ‫سبل االشتقاق فيها عن شقيقاتها‬ ‫العربي َة بغنى ِ‬ ‫ضمن هذه العائلة‪ .‬وعلى الرغم من أن هذا‬ ‫الغنى يعقد تعامل اآللة معها‪ ،‬إال أن االشتقاق‬ ‫الصريف يف الّلغة العربية يتبع قواعد منتظمة‬ ‫فيبسـط‬ ‫جتعلها أقرب إىل الكيان اجلرب ّي‪ّ ،‬‬ ‫معاجلة اآللة للنصوص العربية‪ .‬إال أن الّلغة‬ ‫العربية تتميز بعدد من اخلواص األخرى اليت‬ ‫تعقّد تعامل تقنية املعلومات معها‪ ،‬منها تع ّدد‬ ‫أوجه الصرف املتاحة‪ ،‬واملثال األقرب تع ّدد‬ ‫صيغ اجلمع‪ .‬ومن اخلصائص األخرى اليت‬ ‫متيّز الّلغة العربية وتعقّد تعامل اآللة معها‪،‬‬ ‫يف الوقت ذاته‪ ،‬املرونة اليت ميكن مبوجبها‬ ‫صياغة اجلمل العربية‪ ،‬من تقديم وتأخري‬ ‫وإضمار وحذف وتورية وإبدال ملفرداتها‪ .‬هذا‬ ‫باإلضافة إىل الطول املفرط للجملة الذي‬ ‫اعتاد عليه ُكتّابها‪ ،‬وتعدد اللهجات واالزدواجية‬ ‫اللغوية للفصحى والعامية وجنوح الكثريين‬ ‫الستخدام مفردات وتراكيب مستقاة من اللغتني‬ ‫اإلنكليزية والفرنسية من دون سبكها وتطويعها‬ ‫وفقاً لقواعد حم ّددة‪ .‬ومن املمارسات اليت‬ ‫‪17‬‬

‫البحث العلمي‬

‫معظم األحيان معاني شتى تتعدد وتتباين بتعدد‬ ‫وتباين واضعيها وسامعيها أو قارئيها واتساع‬ ‫مداركهم‪ .‬والصعوبات اليت جتابه تعامل تقنية‬ ‫املعلومات مع لغات كاإلنكليزية‪ ،‬مث ًال‪ ،‬كثرية‬ ‫على الرغم من بساطة بنيتها ومهما تضاءلت‬ ‫مرونة تراكيبها‪ .‬أما الصعوبات اليت جتابه الّلغة‬ ‫العربية فتفوق ما تعانيه لغات أخرى مبراحل‬ ‫نظراً لتعقيد بنيتها ومرونة تراكيبها الفائفة‬ ‫وغنى مفرداتها‪.‬‬

‫مجـة يف التعامل مع الّلغة‬ ‫تطرح صعوبات ّ‬ ‫العربية‪ ،‬سواء أكان هذا التعامل آلياً أم قام‬ ‫به املرتمجون من البشر‪ ،‬الفوضى يف التشكيل‬ ‫واستخدام الفواصل والتنقيط وغريها من‬ ‫الشارات اليت تنظم معاني النصوص وغاياتها‪،‬‬ ‫مما يتطلّب وضع نظام قياسي متكامل يت ّم تبنيه‬ ‫ّ‬ ‫من قبل ك ّل الوسائط اليت تستخدم هذه الّلغة‪.‬‬ ‫ومن القضايا اليت أعاقت استثمار التقنية يف‬ ‫التعامل مع الّلغة التلكؤ يف اعتماد رموز موحدة‬ ‫للحروف العربية وااللتزام الدقيق حبركاتها‬ ‫(اإلطار ‪ .)23‬فلم يتس ّن للدول العربية منذ‬ ‫ستينيات القرن املاضي تبنيّ رموز موحدة‬ ‫حلروف العربية وحركاتها مت ّهد لتعامل تقنية‬ ‫املعلومات مع الّلغة العربية ونصوصها بصورة‬ ‫جمدية‪ .‬وتغلّب اإلصرار على طرق موروثة لكتابة‬ ‫حروف الّلغة العربية على االهتمام جبوهر الّلغة‬ ‫ذاتها‪ ،‬فمنحت أشكال احلروف وتغريها من‬ ‫موقع إىل آخر يف كتابة كلمات العربية‪ ،‬من‬ ‫األهمية ما فاق العناية بقضايا من شأنها تيسري‬ ‫تعامل احلاسوب مع الّلغة‪ .‬وتسبب التأخر يف‬ ‫وضع أشكال موحدة للحروف العربية وااللتزام‬ ‫حبركاتها بقصور العديد من التطبيقات‬ ‫املتصلة مبعاجلة الّلغة‪ ،‬منها التطبيقات اخلاصة‬ ‫باللسانيات وتوثيق املعلومات واسرتجاعها‪ .‬ومن‬ ‫املتوقع أن تؤ ّدي ممارسات ومواقف كهذه‪ ،‬إن‬ ‫استمرت‪ ،‬إىل قصور يف أساليب معاجلة الّلغة‬ ‫العربية بواسطة عديد من تقنيات املعاجلة‬ ‫اآللية املتاحة اآلن وتلك املنظورة يف املستقبل‬ ‫القريب‪.‬‬

‫‪129‬‬

‫من القضايا التي أعاقت استثمار‬ ‫التقنية في التعامل مع الّلغة التلكؤ في‬ ‫اعتماد رموز مو ّحدة للحروف العربية‬ ‫وااللتزام الدقيق بحركاتها‪ ،‬فلم يتس ّن‬ ‫للدول العربية منذ ستينيات القرن‬ ‫الماضي تبنّي رموز موحدة لحروف‬ ‫العربية وحركاتها تم ّهد لتعامل تقنية‬ ‫المعلومات مع الّلغة العربية ونصوصها‬ ‫بصورة مجدية‪..‬‬

‫‪ 2 - 3‬معالجة الّلغات الطبيعية‬

‫تهدف األحباث يف مضمار معاجلة الّلغات‬ ‫الطبيعية إىل اخلروج بأدوات برجمية منها‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 130‬للتنمية الثقافية‬

‫التخاطب مع احلاسوب بلغة املستخدم وتع ّرف‬ ‫الكالم آلياً وإعادة تركيبه والرتمجة اآللية‪ .‬كما‬ ‫ترمي باإلضافة ملا سبق إىل االرتقاء بالتطبيقات‬ ‫مما ينعكس على‬ ‫الداللية للّغات الطبيعية‪ّ ،‬‬ ‫جماالت شتّى تتضمن الرتمجة اآللية‪ ،‬والتنقيب‬ ‫عن املعلومات والتصنيف اآلل ّي‪ ،‬وبناء منظومات‬ ‫دعم القرار الودودة للمستخدم‪ .‬ومعاجلة‬ ‫الّلغات الطبيعية ضرورية السرتجاع املعلومات‬ ‫وتبويبها والرتمجة اآللية والتعامل مع شبكة‬ ‫اإلنرتنت‪ ،‬إذ تؤدي معاجلة الّلغات الطبيعية دوراً‬ ‫إطار رقم ‪23‬‬

‫حروف العربية وحركاتها‬

‫‪18‬‬

‫من اجلوانب اليت أثارت اجلدل حول الّلغة العربية ومعاجلتها باستخدام تقنية املعلومات منذ سنني‬ ‫عديدة تقليص عدد الرموز اليت ميكن باستخدامها كتابة النصوص العربية‪ .‬فالكتابة املخطوطة أو‬ ‫املطبوعة ال تعدو كونها تعبرياً عن الّلغة‪ ،‬أما معاجلة الّلغة فغري حمكومة بشكل احلرف‪ ،‬لكنها تضحي‬ ‫أيسر كلما َّ‬ ‫قل عدد الرموز اليت تكتب بها‪ .‬ويدعو الّلغويون دوماً إىل تبسيط الكتابة لتحقيق اهلدف‬ ‫تغي‬ ‫األساس وهو نشر النتاج املعريف والبناء عليه ضمن أوسع رقعة ممكنة‪ ،‬جغرافياً واجتماعياً‪ ،‬ويعود رّ‬ ‫شكل احلرف يف الكلمة بتغري موقعه أص ً‬ ‫ال إىل الزمن الذي سادت فيه الكتابة اليدوية‪ .‬ولقد اتبعت‬ ‫اللغات الالتينية أمناطاً مشابهة لكتابة العربية قبل انتشار الطباعة اآللية‪ ،‬إال أن الشعوب األوروبية‬ ‫سعت آنذاك الستخدام احلرف املعياري الذي ال خيتلف شكله حبسب موقعه ضمن الكلمة‪ ،‬فاختصرت‬ ‫يسـر التطور‬ ‫وبسطت صناعة الكتب ّ‬ ‫مما أسهم بنشر لغاتها يف أرجاء العامل‪ .‬من جهة أخرى ّ‬ ‫اجلهد ّ‬ ‫التقين معاجلة الرموز وتغيريها بواسطة برجميات بسيطة نسبياً‪ ،‬فظهرت أجهزة تتض ّمن ما يسمى‬ ‫خبوارزميات حتليل السياق ‪ ،context analysis algorithms‬وهي برامج مدجمة ضمن أجهزة‬ ‫متكـن املستخدم من إدخال شكل واحد للحرف يقوم جهاز اإلدخال بتحويله آلياً‬ ‫اإلدخال واإلخراج ّ‬ ‫إىل الشكل املناسب ملوقعه يف الكلمة قبل عرضه على الشاشة أو طبعه‪ .‬وهكذا استخدمت الوسائل‬ ‫التقنية املستجدة إلبقاء حال الطباعة العربية مشابهة للكتابة اليدوية‪ .‬لكن برجميات حتليل السياق‬ ‫تضيف حلقة ال ضرورة فعلية هلا إىل سلسلة عمليات معاجلة الّلغة العربية وتزيد من تعقيد معاجلتها‬ ‫بالوسائل املتاحة‪ .‬ورمبا ش ّكل انتهاج األسلوب الذي اتبعته كتابة اللغات الالتينية احلل األمثل‪ ،‬واحلد‬ ‫األدنى لتمثيل النصوص العربية غري املشكولة يتحقق باستخدام ‪ 31‬رمزاً هي عبارة عن األحرف‬ ‫الثمانية والعشرين‪ ،‬إضافة إىل اهلمزة والتاء املربوطة واأللف املقصورة‪ ،‬كما أن العرب اعتادوا‬ ‫قراءة النصوص غري املشكولة‪ .‬إال أن هذا الوضع يؤدي يف الكثري من احلاالت إىل أخطاء جتانب‬ ‫البث اإلذاعي والتلفازي حافلة باألمثلة على‬ ‫قواعد النحو‪ ،‬وتؤدي إىل خلل يف نقل املعاني‪ .‬وبرامج ّ‬ ‫النص العربي‪ ،‬وإهماهلا حي ّد من انتشار الّلغة وتعلمها بالشكل‬ ‫ذلك‪ ،‬فاحلركات ضرورية لفهم معنى ّ‬ ‫الصحيح‪ ،‬وقد يستم ّر تدني مستوى إتقان الّلغة العربية من جيل إىل آخر بسبب إهمال التشكيل‪ .‬واحل ّد‬ ‫األدنى من الرموز اليت ميكن من خالهلا توليد احلركات املطلوبة ستة رموز هي الفتحة والض َمة‬ ‫والكسرة وامل َدة والش َدة والسكون‪ .‬وميكن توليد التنوين يف معاجلة النصوص من خالل فتحتني أو‬ ‫ض ّمتني أو كسرتني متعاقبتني تظهران عند الطباعة أو العرض بالشكل املألوف‪.‬‬

‫مهماً يف بناء البوابات وتطويرها على الشبكة‬ ‫حمركات البحث‪ .‬ويُتوقع أن تنتشر‬ ‫والتعامل مع ِّ‬ ‫حد كبري‬ ‫تطبيقات معاجلة الّلغات الطبيعية إىل ٍّ‬ ‫يف املستقبل ضمن اهلواتف اخللوية واملساعدات‬ ‫املرجح‪ ،‬إن مت تنفيذ‬ ‫الرقمية الشخصية‪ .‬ومن ّ‬ ‫املبادرات الوطنية املعلنة يف العديد من الدول‬ ‫العربية‪ ،‬أن تتمتع منتجات املعاجلة بسوق واسعة‬ ‫يف الدول العربية تشمل التطبيقات واخلدمات‬ ‫املضافة القابلة للتشغيل على منصات متن ّوعة‬ ‫وأن تقّيم تعزيز احملتوى الرقمي العربي وإثرائه‬ ‫يف قطاعات التعليم والسياحة واخلدمات العامة‪.‬‬ ‫تعود األحباث الرامية إىل معاجلة اللغات‬ ‫الطبيعية إىل مخسينيات القرن املاضي‪ .‬وتزداد‬ ‫أهميتها مع تط ّور معارف البشر وتوسعها‬ ‫وتغلغل تقنية املعلومات واالتصاالت يف جوانب‬ ‫نشاطهم اليوم ّي‪ .‬تشمل األحباث يف مضمار‬ ‫معاجلة الّلغات الطبيعية عدداً من احملاور منها‪:‬‬ ‫فهم الّلغات الطبيعية وتع ّرف الصوت والكالم‬ ‫وتدقيق النصوص وتصحيحها‪ .‬ويتص ّدى عدد‬ ‫من املعاهد واملخابر املعنيّة مبعاجلة الّلغات‬ ‫الطبيعية ملسألتني أساسيتني هما القواعد‬ ‫والشكل‪ ،‬من جهة أوىل‪ ،‬والداللة‪ ،‬من جهة‬ ‫ثانية‪ .‬وتتجه بعض األحباث حنو حتسني‬ ‫نظم احملادثة واإلجابة اآللية حبيث يتسنّى‬ ‫التخاطب مع املستخدم بلغته وبلهجات متن ّوعة‪.‬‬ ‫ومن املؤكد أن تكتسب أحباث معاجلة الّلغات‬ ‫الطبيعية املزيد من األهمية مع دخول األجيال‬ ‫املقبلة شبكة اإلنرتنت حيّز االستخدام الفعل ّي‪.‬‬ ‫وقد أ ّدى التق ّدم احملرز يف معاجلة الّلغات‬ ‫الطبيعية إىل انتشار وتعقيد التطبيقات املتاحة‬ ‫على الشبكة وإىل إضفاء بعض مسات "الذكاء"‬ ‫عليها وإكسابها القدرة على متثيل املفاهيم‬

‫‪“ 16‬الفصل التاسع” من كتاب د‪ .‬نبيل علي ووثائق أخرى وضعها بناء على تكليف اللجنة االقتصادية واالجتماعية لغرب ّي آسيا (اإلسكوا)‪.‬‬ ‫‪ 17‬من اجلرب الرياض ّي‪.‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫البحث العلمي‬

‫واملعرفة‪ .‬ومن التقنيات اليت تط ّور هلذه املتوسطة والصغرية‪ .‬وليس من املبالغة اعتبار‬ ‫الغايات‪ :‬األنتولوجيات ‪ ،ontologies‬والشبكة صناعة احملتوى الرقمي العربي فرصة ذهبية‬ ‫الداللية ‪ semantic web‬وتنقيب الشبكة ‪ web‬إلحراز التكامل العربي ولالنفتاح على العامل‬ ‫معاً‪ .‬وفرص جناح هذه الصناعة كبرية حتى‬ ‫‪.mining‬‬ ‫لو اقتصر سوقها على مواطين الدول العربية‬ ‫الذين يفوق عددهم اآلن ‪ 350‬مليون نسمة‪ ،‬نظراً‬ ‫‪ - 4‬أدوات المحتوى الرقمي العربي‬ ‫يطرح استخدام الّلغة العربية على اإلنرتنت لالعتماد املتزايد على شبكة اإلنرتنت يف شتى‬ ‫فرصاً وحتديات عديدة ومتداخلة تتطلّب توسيع األنشطة االقتصادية واالجتماعية‪ .‬فاستخدام‬ ‫قاعدة مستخدمي هذه الّلغة واالرتقاء مبكانتها اإلنرتنت بالّلغة العربية (اجلدول السابق رقم‬ ‫على الشبكة‪ .‬ويستوجب هذا تبنيّ سياسات ‪ )21‬تزايد مبعدالت تفوق ما يناظرها من‬ ‫ومبادرات مؤاتية‪ ،‬والدخول يف شراكات إقليمية الّلغات األخرى‪ .‬كما بذلت الدول العربية جهوداً‬ ‫ودولية تسمح بالقيام بأحباث حول الّلغة‪ ،‬من ملموسة يف السنوات األخرية لدعم نشر احملتوى‬ ‫جهة‪ ،‬وسبل التعامل اآللي معها‪ ،‬من جهة الرقمي العربي على اإلنرتنت‪ ،‬إال أن هذه اجلهود‬ ‫أخرى‪ .‬هذا إضافة إىل إنتاج ونشر احملتوى ما زالت غري كافية مقارنة مع اجلهود اليت‬ ‫الرقمي املتعلق بالدول العربية ببعض الّلغات بذلتها وتبذهلا شعوب أخرى يف هذا اجملال‪ .‬فما‬ ‫زال عدد الصفحات املدونة بالّلغة العربية على‬ ‫األجنبية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ومن املتو ّقع أن تنخفض باستمرار تكلفة اإلنرتنت ضئيال مقارنة بالصفحات بالّلغات‬ ‫النفاذ إىل اإلنرتنت يف املناطق النائية‪ .‬كما األخرى‪ ،‬ويعزى قصور احملتوى الرقمي العربي‬ ‫سيتسارع اندماج تقنية املعلومات واالتصاالت إىل أسباب من أبرزها‪:‬‬ ‫ غياب اسرتاتيجية لصناعة احملتوى الرقمي‬‫بوسائط اإلعالم مع انتشار البنى األساسية اليت‬ ‫مما سيزيد العربي على الصعيدين الوطين واإلقليمي؛‬ ‫تتيح استخدام احلزمة العريضة‪ّ .‬‬ ‫املتخصصة وقصور يف مواكبة‬ ‫الفرص واخليارات املتاحة أمام املواطنني‬ ‫ ندرة األطر ّ‬‫للحصول على اخلدمات التعليمية واإلعالمية التقنيات املستحدثة يف كثري من األحيان؛‬ ‫ قلة مشروعات البحث والتطوير الرامية‬‫والثقافية والصحية واحلكومية‪ .‬وهذا إضافة‬ ‫إىل تنشيط قطاع األعمال وتنمية اجملتمعات إىل إثراء احملتوى الرقمي العربي‪ ،‬وال ختفى‬ ‫املهمشة يف األرياف واملدن‪ .‬بيد أن استثمار هنا ضرورة تص ّدي بعض هذه املشروعات‬ ‫هذه الفرص مرهون بتطبيق سياسات عربية للقضايا االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬إضافة‬ ‫واضحة توائم بني ما تتطلّبه تقانة االتصال من للقضايا التقنية‪ ،‬اليت تعيق انتشار هذا احملتوى‬ ‫استثمارات ضخمة‪ ،‬وبني كفالة احل ّق االجتماعي واستثماره؛‬ ‫ النفاذ احملدود لإلنرتنت يف كثري من‬‫لك ّل فئات املواطنني يف االستفادة من تقنيات‬ ‫الدول العربية وتفاوت كبري يف هذا النفاذ بني‬ ‫االتصاالت واملعلومات‪.‬‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬فإن صناعة احملتوى الرقمي شرائح اجملتمع واألعمار‪.‬‬ ‫يتطلّب تعميم تطبيقات تقنية املعلومات يف‬ ‫تفتح األبواب واسعة أمام االستثمار يف نشر‬ ‫تقنيات املعلومات واالتصاالت‪ ،‬وتؤمن فرصاُ جمتمع ما إنتاج ونشر احملتوى الرقم ّي بلغة‬ ‫مؤسسات األعمال أفراده‪ .‬ولقد وضعت أدوات تسمح مبعاجلة‬ ‫مثينة لعمل الشباب وإنشاء ّ‬

‫‪131‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 132‬للتنمية الثقافية‬

‫احملتوى ونشره‪ ،‬لكن معظمها ما زال غري قادر‬ ‫على إحداث األثر املطلوب‪ .‬كما أن املساعي‬ ‫الرامية إىل متابعة تطويرها ما تزال دون‬ ‫احلدود املقبولة‪ .‬يف ما يلي موجز ألبرز هذه‬ ‫األدوات واستعراض ألحوال الرتمجة اآللية‪ .‬وقد‬ ‫خصصت الرتمجة اآللية بقدر من التوسع يفوق‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫خصت به األدوات األخرى نظرا ألهميتها يف‬ ‫ما ّ‬ ‫إثراء احملتوى املعريف بالعربية‪ ،‬من جهة أوىل‪،‬‬ ‫ونقل ذخائر الّلغة العربية إىل لغات العامل‬ ‫األخرى‪ ،‬من جهة ثانية‪ .‬كما سوف يت ّم تناول‬ ‫جمموعة من أدوات املصدر املفتوح اليت ميكن‬ ‫استثمارها وتطويرها لبناء احملتوى العرب ّي‬ ‫وإثرائه ونشر الّلغة العربية على الشبكة وتأمني‬ ‫البنى األساسية من مواد مرجعية وأساليب‬ ‫للمعاجلة اآللية‪.‬‬ ‫تعرف الحرف العربي بواسطة‬ ‫‪ّ 1-4‬‬ ‫‪19‬‬ ‫البصري‬ ‫الماسح‬ ‫ّ‬

‫تتعلق دقة تع ّرف احلرف العرب ّي بواسطة‬ ‫النص الذي تت ّم معاجلته‪.‬‬ ‫املسح البصر ّي جبودة ّ‬ ‫واملاسح اآللي املتاح اآلن قليل الفائدة ملسح‬ ‫النصوص العربية اليت ّ‬ ‫متت طباعتها بالقوالب‬ ‫الرصاصية اليت كانت تستخدم الطباعة يف‬ ‫املاضي‪ ،‬حيث تزيد نسبة األخطاء يف مسح هذه‬ ‫مما يعيق استخدام‬ ‫النصوص إىل حدود كبرية‪ّ ،‬‬ ‫املاسح للتعامل مع السجالت الصحافية والكتب‬ ‫اليت متت طباعتها قدمياً بهذا األسلوب‪ .‬والقدر‬ ‫األكرب من الرتاث األدبي الذي وضع خالل القرون‬ ‫القليلة املاضية نشر باستخدام هذه التقنية ‪.‬‬ ‫‪20‬‬

‫‪ 2 - 4‬مدقق التهجئة‬

‫تسمح النظم املتوافرة يف السوق بتدقيق‬

‫تهجئة الكلمات العربية‪ ،‬حبيث يتسنّى استخدام‬ ‫النصوص للمعاجلة الالحقة‪ ،‬كالتدقيق النحوي‬ ‫أو الرتمجة اآللية‪ ،‬مث ًال‪ .‬وتتض ّمن بعض‬ ‫األنظمة مالمح تعزّز قدرتها على اكتشاف‬ ‫األخطاء النامجة عن عدم توافق الكلمات‬ ‫املتجاورة‪ ،‬حيث ميكن أن تكون الكلمات سليمة‬ ‫من حيث تهجئتها وخاطئة حنوياً بالنظر إىل‬ ‫السياق الذي تفرضه الكلمات املتجاورة‪ .‬ومثال‬ ‫ذلك مقدرة بعض النظم على استبدال "مل‬ ‫يأت الرجل‪ ".‬أو استبدال‬ ‫يأتي الرجل" بـ "مل ِ‬ ‫"أتت البنتان احلاسرتني" بـ " أتت البنتان‬ ‫احلاسرتان‪ ".‬بدالً من إحالة أخطاء كهذه إىل‬ ‫مراحل الحقة‪ ،‬كالتدقيق النحوي الذي يتسم‬ ‫بتعقيد مفرط‪.‬‬ ‫‪ 3 - 4‬نظام التشكيل التلقائي‬

‫يعترب تشكيل النصوص العربية ضرورة‬ ‫مل ّحة لتخليصها من الّلبس‪ .‬ويتطلب التشكيل‬ ‫اآلل ّي اجلاد املرور مبرحلة إعراب اجلمل آلياً‪.‬‬ ‫يعتمد النظام املتاح حالياً للتشكيل التلقائي‬ ‫على العالقات الرتكيبية احمللية ألجزاء اجلمل‪،‬‬ ‫وبعض البيانات املعجمية ‪ -‬النحوية من أجل‬ ‫حتديد الكلمات املتعلقة باألفعال وما يشتق‬ ‫منها‪ .‬ومن الضروري القيام باألحباث الكفيلة‬ ‫بتطوير برجميات تسمح مبعاجلة النصوص غري‬ ‫املشكولة أو النصوص املشكولة جزئياً وحتويلها‬ ‫إىل نصوص مشكولة كلياً‪ .‬وعلى الرغم من أن‬ ‫اخلوارزميات املطلوب تصميمها للتشكيل اآللي‬ ‫ال ب ّد أن تتّسم بكثري من التعقيد‪ ،‬إال أن تشجيع‬ ‫األحباث يف هذا اجملال ضروري ألن التشكيل‬ ‫مرتبط باملعنى‪ ،‬وال ب ّد من التوصل إىل املعنى‬ ‫بغية استخدام الكثري من التطبيقات املتاحة‬

‫‪“ 18‬أداء البلدان العربية يف التطبيقات املعلوماتية؛” عبد اإلله الديوه جي‪ ،‬اللجنة االقتصادية واالجتماعية لغرب ّي آسيا (اإلسكوا)‪.2008 ،‬‬ ‫‪ 19‬من املرادفات املقرتحة ملصطلح املاسح الضوئي املاسح البصر ّي أو القارئ اآلل ّي‪ ،‬حيث أن املقابل لكلمة ‪ optical‬هو بصري وليس كلمة‬ ‫"ضوئي"‪.‬‬ ‫‪ 20‬بينما يشري نبيل علي إىل نسب تقع بني ‪ 80‬و‪ % 85‬من أجل دقة املاسحات املتاحة‪ ،‬فإن موقع شركة صخر يشري إىل أن نظام القارئ‬ ‫اآلل ّي الذي طور ملسح النصوص املطبوعة بالعربية متيز بكفاءة تتجاوز ‪ % 99‬من أجل النصوص املطبوعة باستخدام تقنيات طباعة جيدة‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪ 4 - 4‬المدقق النحوي‬

‫ال ب ّد من تأسيس املدقق النحوي على نظام‬ ‫قوي إلعراب اجلمل العربية ولتحديد مواضع‬ ‫اخلطأ النحوي على مستوى اجلملة‪ ،‬ومن ثم‬ ‫يستخدم احمللل الصريف لتحديد أخطاء التهجئة‬ ‫على مستوى الكلمة‪ .‬وهناك نظامان للتدقيق‬ ‫النحوي من تطوير شركيت "صخر" و"كولتك"‬ ‫وال يستخدم أ ّي منهما نظاماً لإلعراب اآللي‪،‬‬ ‫بل يعتمدان على ختزين أمناط اخلطأ النحوي‬ ‫ضمن أمناط سياقية على صورة سالسل‬ ‫من الكلمات املتعاقبة‪ .‬ويشري اختبار أجري‬ ‫باستخدام هذين املدققني إىل أن مدقق‬ ‫"كولتك" يتميز بأدائه يف اجلمل اليت تتسم‬ ‫ببساطة تركيبها‪ .‬أما إذا ارتفع مستوى تعقيد‬ ‫اجلمل‪ ،‬واستندت تراكيبها إىل قواعد متقدمة‪،‬‬ ‫كأن تتضمن عناصر العطف املتكرر والشرط‬ ‫واالستفهام‪ ،‬فينخفض أداؤه اخنفاضاً ملحوظاً‪.‬‬ ‫أما أداء مدقق "صخر" فإن أداءه يرتاوح بني‬ ‫املقبول واجليد بغض النظر عن املستوى الّلغوي‬ ‫للعبارات اليت استخدمت يف االختبار‪ .‬والنظامان‬ ‫عاجزان متاماً حيال األخطاء النحوية اليت ترد‬ ‫ضمن الكلمات والعناصر النحوية املتباعدة‪،‬‬ ‫وليس مبقدور أ ّي منهما ضبط إعراب أواخر‬ ‫الكلمات يف اجلمل الطويلة‪ ،‬وهي كثرية الورود‬ ‫يف النصوص العربية‪.‬‬ ‫‪21‬‬

‫‪22‬‬

‫‪ 5 - 4‬المحلّل الصرفي واإلعراب اآللي‬

‫ميهد احمللّل الصريف ملعاجلة النصوص‬ ‫النص‬ ‫آلياّ بتحليل بنية الكلمة العربية‪ ،‬فيع ّد ّ‬ ‫املعاجل للفهرسة أو اإلعراب أو الرتمجة اآللية‪.‬‬ ‫وتتوافر اآلن نظم جتارية للتحليل الصريف يتميّز‬ ‫البعض منها بالقدرة على إدماج عناصر تسمح‬ ‫بالتحليل الداللي والصريف واملعجمي‪ .‬كذلك فإن‬ ‫استخدام األجيال التالية من تطبيقات معاجلة‬ ‫الّلغات الطبيعية‪ ،‬اليت تتض ّمن نظم الفهم‬ ‫اآللي للنصوص‪ ،‬يفرض تطوير نظم آلية كفوءة‬ ‫إلعراب اجلمل العربية‪ ،‬وهو ما مل يت ّم بعد‪.‬‬ ‫‪23‬‬

‫‪ 6 - 4‬محركات البحث العربية‬

‫يسود حم ّرك حبث غوغل البحث يف‬ ‫النصوص العربية على اإلنرتنت‪ ،‬وهو يلبيّ‬ ‫مطالب املستخدم العادي ضمن حدود ضيقة‬ ‫وال يليب متطلبات البحث املعمق من أجل‬ ‫تطبيقات ثقافية وتعليمية‪ .‬ويعود ذلك إىل‬ ‫أن حمرك غوغل متع ّدد الّلغات وال يراعي‬ ‫اخلصائص البنيوية للكلمة العربية‪ .‬ويعمل‬ ‫النص‪،‬‬ ‫النظام على أساس الكلمة كما تبدو يف ّ‬ ‫من دون النظر إىل أصلها املعجمي الذي‬ ‫بصيَ ٍغ قد يفوق عددها يف الّلغة العربية‬ ‫يتمثل ِ‬ ‫املئات‪ .‬وذلك نتيجة لتع ّدد املشتقات اليت‬ ‫ميكن توليدها بإلصاق اللواحق والسوابق‪.‬‬ ‫لذا فإن حمرك غوغل عاجز عن توسيع‬ ‫نطاق البحث استناداً إىل كلمة البحث اليت‬ ‫يقدمها الباحث‪ .‬وعلى سبيل املثال‪ ،‬عندما‬ ‫يراد البحث باستخدام كلمة "مثرة" ال يعود‬ ‫‪24‬‬

‫و‪ % 96‬من أجل النصوص اليت استخدمت تقنيات أدنى نوعية يف إخراجها‪.‬‬ ‫‪ 21‬أنظر املوقع ‪ّ .http://www.wahajr.net/hajrvb/showthread.php?t=402818711&p=405205109‬‬ ‫مت االطالع على املوقع‬ ‫يف آب‪ /‬أغسطس ‪.2010‬‬ ‫‪ 22‬يعطي املوقع عائد لشركة مايكروسوفت ‪ http://support.microsoft.com/kb/325735/ar‬الئحة باملشكالت اليت جتابه املدقق‬ ‫النحوي الذي يستخدمه نظام ‪ .Microsoft Office XP Microsoft Office XP‬ويتض ّمن عبارات تشي بنوعية التدقيق النحوي الذي‬ ‫ميكن احلصول عليه مثل‪“ :‬جنب إىل جنبا األصلي النص مع الرتمجة لعرض هنا انقر‪ ”،‬و” يعمل هذا التحديث على تصحيح مشكلة املقرتحة‬ ‫نفس الكلمة عن األخطاء اإلمالئية عندما األحرف الكبرية أو األحرف حالة أحرف خمتلطة اتبع بعالمة اقتباس أحادية يف مستند لغة‬ ‫فرنسية‪”.‬‬ ‫‪ 23‬جتدر اإلشارة هنا إىل النظام األول ّي الذي عملت شركة صخر على تطويره سابقاً‪ ،‬ويبدو أنها توقفت اآلن مكتفية بنظام تقرييب للتشكيل‬ ‫التلقائي‪.‬‬

‫البحث العلمي‬

‫من أجل الّلغات األخرى‪ .‬كذلك فإن النجاحات‬ ‫اجلزئية يف هذا االجتاه تفيد يف التوصل إىل‬ ‫أساليب مبتكرة للمعاجلة اآللية‪.‬‬

‫‪133‬‬

‫ال ب ّد من تأسيس املد ّقق النحوي على‬ ‫نظام حاسوبي قوي إلعراب اجلمل‬ ‫العربية ولتحديد مواضع اخلطأ النحوي‬ ‫على مستوى اجلملة‪ ،‬ومن ثم يستخدم‬ ‫احمللّل الصريف لتحديد أخطاء التهجئة‬ ‫على مستوى الكلمة‪ ..‬وهناك نظامان‬ ‫للتدقيق النحوي من تطوير شركيت‬ ‫"صخر"و"كولتك" وال يستخدم أ ّي منهما‬ ‫نظاماً لإلعراب اآللي‪ ،‬بل يعتمدان على‬ ‫ختزين أمناط اخلطأ النحوي من ضمن‬ ‫أمناط سياقية على صورة سالسل من‬ ‫الكلمات املتعاقبة‪ ..‬والنظامان عاجزان‬ ‫متاماً حيال األخطاء النحوية اليت ترد‬ ‫من ضمن الكلمات والعناصر النحوية‬ ‫املتباعدة‪ ،‬وليس مبقدور أ ّي منهما ضبط‬ ‫إعراب أواخر الكلمات يف اجلمل الطويلة‪،‬‬ ‫وهي كثرية الورود يف النصوص العربية‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 134‬للتنمية الثقافية‬

‫احملرك مبواقع أو مصادر تتضمن "أمثار" أو للخروج بنظم أكثر تقدماً ملعاجلة احملتوى‬ ‫"مثار"‪ ،‬وإذا قدم الباحث الفعل "يُفصح" ال العربي‪.‬‬ ‫تأتي النتائج بصيغه التصريفية مثل " أفصح‪،‬‬ ‫تعرف الكالم وتوليده‬ ‫تفصح‪ ،‬يفصحون‪ ."...‬وتوجد باإلضافة حملرك ‪ّ 9 - 4‬‬ ‫تستخدم نظم تع ّرف الكالم العربي األكثر‬ ‫غوغل أربعة حمركات حبث للنصوص العربية‬ ‫على اإلنرتنت هي عربي وأين وتايا إت وأنكوش‪ .‬كفاءة األسس اإلحصائية ‪ .‬إال أن معدالت‬ ‫وهنالك مواقع أخرى للبحث لكن من األصوب اخلطأ يف تع ّرف الكالم ما زالت مرتفع ًة ‪ ،‬وال‬ ‫اعتبارها فهارس أو أدلة حبث ‪ directories‬ب ّد من دمج املقاربات اإلحصائية مع أساليب‬ ‫‪ search‬تتضمن قوائم وعناوين املواقع العربية‪ .‬تسمح باملعاجلة الصرفية والنحوية واملعجمية‬ ‫من أجل الوصول إىل منتجات مقبولة‪ .‬كذلك‬ ‫‪ 7 - 4‬أدوات النشر اإللكتروني‬ ‫شأن توليد الكالم‪ ،‬إذ حتتاج النظم اآللية‬ ‫وتطوير المواقع‬ ‫لتوليد الكالم إىل مزيد من التطوير حتى‬ ‫ما زال من الواجب تطوير أدوات للنشر يقرتب الكالم العربي املولّد آلياً من مستوى‬ ‫اإللكرتوني على الشبكة تفوق إمكانات النظم اجلودة اليت ّمت حتقيقها فع ًال من أجل لغات‬ ‫املتاحة اآلن ومنها نظام الكتاب اإللكتروني أخرى‪ .‬وبالطبع فإن تعدد الّلهجات املنطوقة‬ ‫‪ e-book‬الذي ط ّور من قبل مايكروسوفت‪ ،‬بالعربية يضيف إىل الصعوبات النامجة عن‬ ‫والذي أجريت حماولة لتعريبه‪ .‬ويبقى أداء هذا التعقيدات الضمنية‪ ،‬الصرفية والنحوية‪.‬‬ ‫النظام متدنياً بسبب إغفاله خصائص الّلغة إال أن عدداً من فرق البحث تنشط اآلن يف‬ ‫العربية الصرفية والنحوية‪.‬‬ ‫جامعات ومراكز أحباث عربية ويف جامعات‬ ‫أجنبية بغية الوصول إىل نظم موثوقة‬ ‫‪ 8 - 4‬نظم الفهرسة واالستخالص‬ ‫لتمييز الكالم بالعربية وتوليده‪ .‬والعديد‬ ‫اآللي‬ ‫من املشروعات البحثية اليت يت ّم إجنازها‬ ‫بادرت شركة صخر بطرح بعض نظم آلية اآلن يف جامعات أمريكية وأوروبية تقع ضمن‬ ‫للفهرسة واالستخالص اآللي تستند إىل أسس نطاق مبادرات متوهلا وكالة مشروعات‬ ‫إحصائية‪ ،‬وذلك الستخالص كلمات مفتاحة أحباث الدفاع املتقدمة يف الواليات املتحدة‬ ‫‪27‬‬ ‫‪ ،keywords‬وحتديد موضوعات النصوص ‪Defense Advanced Research‬‬ ‫واستنباط مجل تد ّل على مضامينها‪ .‬ومن ‪ .Projects Agency -DARPA‬أما يف‬ ‫الواجب تطوير النظم اليت قامت على تقنيات الدول العربية فتع ّد جامعة امللك سعود ومدينة‬ ‫متقادمة سواء يف استخدام النماذج الّلغوية امللك عبد العزيز للعلوم والتقنية يف السعودية‬ ‫اإلحصائية أم يف حتليل بنية السرد العربي واملعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا‬ ‫‪25‬‬

‫‪26‬‬

‫يسود حم ّرك حبث غوغل البحث يف‬ ‫النصوص العربية على اإلنرتنت‪ ،‬وهو يلبيّ‬ ‫مطالب املستخدم العادي من ضمن حدود‬ ‫ضيقة وال يلبيّ متطلبات البحث املعمق من‬ ‫أجل تطبيقات ثقافية وتعليمية‪ .‬ويعود ذلك‬ ‫إىل أن حمرك غوغل متع ّدد الّلغات وال يراعي‬ ‫اخلصائص البنيوية للكلمة العربية‪..‬‬

‫‪ 24‬هذا مقارنة بالبنية البسيطة للكلمة اإلنكليزية اليت صمم النظام ألجلها‪.‬‬ ‫‪ 25‬تستخدم جمموعات حبثية‪ ،‬يف جامعة كارنيجي ميللون مث ً‬ ‫ال‪ ،‬برنامج سفينكس‪ -4‬الذي وضع بلغة “جافا” وهو متاح ضمن نطاق‬ ‫الربجميات مفتوحة املصدر‪ .‬كما تستخدم مشروعات األحباث يف هذا املضمار خمزون حمطات اإلذاعة والتلفزة كرصيد يت ّم استناداً إليه‬ ‫تصميم ومن ثم ’تدريب‘ الربجميات‪.‬‬ ‫‪ 26‬تشري املراجع إىل عدد من النظم املتاحة لالستخدام التجاري من بينها نظم ط ّورت من قبل صخر وآي بي إم‪ .‬وترتاوح معدالت األخطاء‬ ‫مما يستدعي التدخل البشري للوصول إىل نتائج ال تتضمن اإللتباس‪.‬‬ ‫بني ‪ 15 - 9‬باملائة‪ّ .‬‬ ‫‪ 277‬تقع املشروعات املتعلقة مبعاجلة الّلغات وتع ّرفها ضمن إطار مبادرة “استثمار الّلغة العاملية املستقلة” �‪Global Autonomous Lan‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪28‬‬

‫‪ 10 - 4‬الترجمة اآللية‬

‫نظراً لعدد من العوامل‪ ،‬من بينها متطلبات‬ ‫اجليل املقبل للشبكة‪ ،‬تتزايد احلاجة ملنظومات‬ ‫موثوقة للرتمجة اآللية‪ .‬ويف واقع احلال فإن‬ ‫الرتمجة اآللية ما زالت من أعقد املسائل يف حقل‬ ‫االصطناعي‬ ‫معاجلة الّلغات الطبيعية والذكاء‬ ‫ّ‬ ‫‪ Artificial Intelligence (AI).‬وعلى الرغم‬ ‫من أن أول ما كتب حول الرتمجة اآللية يعود إىل‬ ‫القرن السابع عشر‪ ،‬فإن والدة هذا احلقل تعود‬ ‫بالفعل إىل أربعينيات القرن املاضي متزامنة مع‬ ‫ظهور احلاسوب اإللكرتوني‪ .‬وعلى الرغم من‬ ‫بساطة املنظومات اليت استخدمت آنذاك فإن‬ ‫النتائج اليت ّمت الوصول إليها باستخدام معاجم‬ ‫ثنائية وقواعد أولية لرتتيب اجلمل بدت مش ّجعة‬ ‫أول األمر‪ .‬إال أن عدم إحراز تق ّدم يذكر يف‬ ‫مخسينيات وستينيات القرن املاضي أ ّدى يف‬ ‫خمتصة‬ ‫الواليات املتحدة مث ًال إىل تشكيل جلنة ّ‬ ‫العام ‪ ،1966‬كلّفت بدراسة أوضاع الرتمجة‬ ‫اآللية وسبل النهوض بها‪ .‬وجدت هذه الّلجنة‬ ‫أن أساليب الرتمجة اآللية اليت كانت تستخدم‬ ‫حينئ ٍذ كانت تستغرق أزمنة أطول وتؤتي نتائج‬ ‫أق ّل دقة كما كانت أكرب تكلفة من الرتمجة‬ ‫املخصصات اليت‬ ‫البشرية‪ .‬وأوصت بتحويل ّ‬ ‫كانت تك ّرس ألحباث الرتمجة اآللية ألحباث‬ ‫معاجلة الّلغات الطبيعية‪ .‬وأ ّدت توصية هذه‬ ‫‪29‬‬

‫‪30‬‬

‫البحث العلمي‬

‫يف سوريا من املراكز الناشطة يف أحباث تع ّرف‬ ‫الكالم‪.‬‬

‫خمصصات أحباث‬ ‫الّلجنة بالفعل إىل تقليص ّ‬ ‫الرتمجة اآللية لعقدين من الزمن‪ ،‬إىل أن‬ ‫ظهرت احلواسيب األكرب واألسرع اليت كان‬ ‫مبقدورها التعامل مع مقادير فائقة احلجم من‬ ‫املعطيات‪ ،‬فاستعادت أحباث الرتمجة اآللية‬ ‫عنفوانها األسبق‪ .‬ومنذ مطلع القرن احلالي‬ ‫بدأ حقل الرتمجة اآللية يتلقى املزيد من‬ ‫مؤسسات الدفاع واألمن‬ ‫الدعم نتيجة الهتمام ّ‬ ‫يف الدول الغربية‪ ،‬ويف الواليات املتحدة بوجه‬ ‫اخلصوص‪ ،‬بالرتمجة من وإىل لغات كالعربية‬ ‫واألفغانية الّلتني تستخدمان يف املناطق اليت‬ ‫تقوم فيها قوات هذه الدول بعمليات عسكرية‪.‬‬ ‫وكذلك جلمع املعلومات االستخباراتية من خالل‬ ‫أنظمة مراقبة التهاتف والرتاسل عرب خطوط‬ ‫اهلاتف احمللية والدولية وباستخدام اإلنرتنت‪.‬‬ ‫ويضاف إىل ما سبق أن عدداً من الشركات‬ ‫اليت تعمل على شبكة اإلنرتنت رأت يف تطوير‬ ‫منظومات كفوءة للرتمجة اآللية فوائد جتارية‬ ‫حدت بها لتمويل األحباث يف هذا املضمار‪ .‬كما‬ ‫يشهد حقل الرتمجة اآللية قدراً ملموساً من‬ ‫النشاط بسبب سعي شركات اهلاتف احملمول‬ ‫لتضمني منظومات مبسطة للرتمجة اآللية‬ ‫ضمن منتجاتها‪ ،‬وكذلك نظراً للتوسع الذي‬ ‫تشهده السياحة يف أحناء العامل وحاجة السياح‬ ‫إىل جمموعة متزايدة من اخلدمات‪ ،‬يت ّم السعي‬ ‫ألمتتتها وخفض تكلفتها بتقليص دور العنصر‬ ‫البشري يف تأديتها‪.‬‬ ‫أمثر حتويل املوارد حنو أحباث معاجلة‬ ‫‪31‬‬

‫‪.guage Exploitation - GALE‬‬ ‫‪ 28‬أنظر مؤلفات العتييب والغامدي حول تعرف الكالم املهتوف (تعريف من األمثلة حديثة العهد ع ّما وضع ضمن هذا النطاق) حبث بعنوان‪:‬‬

‫“‪”Speech Recognition System of Arabic Alphabet based on a Telephony Arabic Corpus‬‬ ‫ليوسف عجمي العتيبي ومنصور الغامدي وفهد العتيبي‪ .‬وقد تم االطالع على هذا البحث من الموقع‪:‬‬ ‫‪ /http://www.springerlink.com/content/j6207wx494197114‬يف آب ‪ /‬أغسطس العام ‪.2010‬‬ ‫‪ 29‬تعترب معاجلة اللغات الطبيعية أحد حقول الذكاء االصطناع ّي واللغويات احلوسبية ‪Computational Linguistics‬‬

‫األوىل دراسة تفهم اللغات آلياً وتوليد اللغات الطبيعية‪.‬‬

‫وتتناول بالدرجة‬

‫‪ 30‬جلنة املشورة حول معاجلة الّلغة الطبيعية ‪Automatic Language Processing Advisory Committee -ALPAC‬‬ ‫‪ 31‬انظر الكتاب “‪ “ ;Empirical Machine Translation and its Evaluation‬ملؤلفه ‪J. A. G. Linares‬؛ على موقع اجلمعية اإلسبانية‬ ‫ملعاجلة اللغات الطبيعية‪ http://www.sepln.org/monografiasSEPLN/monografia-jgimenez-sepln.pdf :‬شباط ‪ /‬فرباير‬ ‫‪ .2009‬االطالع على املوقع يف شهر آب ‪ /‬أغسطس العام ‪.2010‬‬

‫‪135‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 136‬للتنمية الثقافية‬

‫الّلغات الطبيعية بتمهيد السبيل أمام تب ّدل‬ ‫نوعي يف توجهات أحباث الرتمجة اآللية‪.‬‬ ‫فقد ّمت خالل هذه الفرتة جتميع الكثري من‬ ‫املوارد الالزمة لتغذية حبوث الرتمجة اآللية‬ ‫و"تدريب" برجميات الرتمجة وأنشئت‬ ‫ين‬ ‫قواعد معرفة ملؤازرة أنشطة التطوير التق ّ‬ ‫يف مضمار الرتمجة اآللية‪ .‬إال أن معظم هذه‬ ‫املوارد كان مرتبطاً بلغات واسعة االستخدام‬ ‫كاإلنكليزية والفرنسية واألملانية يف دول‬ ‫متقدمة كدول االحتاد األوروبي‪ ،‬مث ًال‪ .‬على‬ ‫أية حال فإن أحباث معاجلة الّلغات الطبيعية‬ ‫أدت إىل نشوء آليات أمكن بواسطتها تفكيك‬ ‫معضالت الرتمجة اآللية إىل عدد أقل صعوبة‬ ‫من املسائل‪ .‬فمن حيث املبدأ تستند نظم‬ ‫الرتمجة اآللية اآلن إىل نهجني أساسيني‪،‬‬ ‫األول إحصائي والثاني حتليلي‪ ،‬كما تط ّور نظماً‬ ‫جتمع بني النهجني معاً‪ .‬وال ب ّد من التدخل‬ ‫البشري للحصول على نتائج مفيدة باستخدام‬ ‫أ ّي من النظم املتاحة‪ ،‬إال أن بعض النظم قد‬ ‫يفلح باخلروج برتمجات آلية حبتة إذا ما ّمت‬ ‫"تدريبه" لرتمجة نصوص حول موضوعات‬ ‫حم ّددة‪ ،‬كالنشرات اجلوية‪ ،‬أو نشرات أسواق‬ ‫املال‪ ،‬مث ًال‪.‬‬ ‫‪32‬‬

‫‪33‬‬

‫على شبكة اإلنرتنت اآلن مواقع ع ّدة‬ ‫لتقديم خدمات الرتمجة اآللية غري‬ ‫أن أداءها ال يوازي من حيث الد ّقة ما‬ ‫ميكن للمرتجم اخلبري أن يق ّدمه‪ ،‬وبوجه‬ ‫اخلصوص الّلغات اليت تتميّز خبصائص‬ ‫تعقّد التعامل معها من قبل الربجميات‬ ‫املتاحة كالّلغتني العربية والصينية‪..‬‬

‫‪ 1 - 10 - 4‬نظم للترجمة اآللية على‬ ‫اإلنترنت‬

‫توجد على شبكة اإلنرتنت اآلن مواقع ع ّدة‬ ‫لتقديم خدمات الرتمجة اآللية‪ ،‬إال أن أداءها‬ ‫ال يوازي من حيث الد ّقة ما ميكن للمرتجم‬ ‫اخلبري أن يق ّدمه‪ ،‬وبوجه اخلصوص الّلغات اليت‬ ‫تتميّز خبصائص تعقّد التعامل معها من قبل‬

‫الربجميات املتاحة كالّلغتني العربية والصينية‪.‬‬ ‫لكن هذا ال يعين البتة بأن منظومات الرتمجة‬ ‫اآللية من أجل لغات أخرى أكثر استخداماً‬ ‫وشيوعاً قد بلغت احلدود املتقدمة واملرضية من‬ ‫الدقة‪ .‬ومن النظم األكثر شيوعاً واستخداماً‬ ‫للرتمجة من وإىل العربية ‪:‬‬ ‫• نظام غوغل متع ّدد الّلغات الذي يتبنّى‬ ‫النص‬ ‫النهج اإلحصائي‪ ،‬ويعيبه تدني جودة ّ‬ ‫املرتجم خصوصاً يف ترمجة النصوص اإلنكليزية‬ ‫إىل العربية‪ .‬ونظام غوغل ذو أساس إحصائي‬ ‫متاماً‪ ،‬لذا يتو ّقع أن تبقى جودة الرتمجة املمكنة‬ ‫بواسطته ذات حدود قصوى متدنية‪ ،‬وهو غري‬ ‫صاحل لرتمجة الكتب والوثائق العلمية أو‬ ‫لدعم برامج اكتساب الّلغات األجنبية من قبل‬ ‫الناطقني بالعربية‪.‬‬ ‫• نظام سيستران وهو أقدم نظام للرتمجة‬ ‫من اإلنكليزية إىل العربية‪ ،‬ويتبنّى ما يعرف‬ ‫بـ النموذج التحويلي ‪ ،transfer model‬وهو‬ ‫ذو أساس لغوي ومعجمي متواضع‪ .‬وقد تعثّرت‬ ‫حماوالت متك ّررة لتحسني أدائه عرب العقود‬ ‫الثالثة اليت انقضت منذ ظهوره‪.‬‬ ‫• نظام صخر الذي يستخدم النموذج‬ ‫التحويلي املستند إىل القواعد الّلغوية والبيانات‬ ‫املعجمية‪ .‬لكن أداءه ال يفوق أداء نظام غوغل‬ ‫ذي األساس اإلحصائي‪ .‬ويرجع ذلك إىل ضعف‬ ‫مما‬ ‫األساس الّلغوي‪ -‬املعجمي الذي يستند إليه ّ‬ ‫حي ّد كثرياً من احتماالت تطويره وحتسني جودة‬ ‫خمرجاته‪.‬‬ ‫• نظام مسبار للرتمجة من اإلنكليزية إىل‬ ‫العربية وهو يشبه نظام صخر إال أنه يق ّل عنه‬ ‫النص املرتجم‪.‬‬ ‫من حيث جودة ّ‬ ‫‪34‬‬

‫‪ 32‬وفقاً لتوصية اللجنة اليت شكلت يف ستينيات القرن املاضي ملراجعة التقدم احملرز يف مضمار الرتمجة اآللية‪.‬‬ ‫‪ 33‬يشري هذا املصطلح إىل استخدام برجميات تسمح لنظم الرتمجة بتحسني أدائها من خالل مقارنة النصوص اليت تتم ترمجتها آلياً‬ ‫بنصوص مرتمجة من قبل خرباء‪.‬‬ ‫‪“ 34‬مسح للمحتوى العربي الرقمي وبرجمياته وتطبيقاته وتقييم احتياجاته”‪ ،‬دراسة ضمن مشروع تعزيز تطوير صناعة احملتوى الرقمي‬ ‫العربي يف حاضنات تقنية املعلومات واالتصاالت أعدّها الدكتور نبيل علي العام ‪ ، 2008‬الّلجنة االقتصادية واالجتماعية لغربي آسيا‬ ‫(اإلسكوا)‪.‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫يقوم املعهد الوطني للمعايير والتقنية يف‬ ‫الواليات املتحدة بتنفيذ برامج تتض ّمن دعم‬ ‫أحباث الرتمجة اآللية وتقييم النظم اليت ّمت‬ ‫تطويرها‪ .‬ويت ّم تقييم هذه النظم مبقارنة ما‬ ‫ترجم من نصوص برتمجة للنصوص ذاتها‬ ‫قام بها مرتمجون خرباء‪ .‬ويبينّ اجلدول رقم‬ ‫(‪ )22‬نتائج االختبارات اليت أجريت ملقارنة‬ ‫عدد من النظم اليت ط ّورت لرتمجة النصوص‬ ‫العربية والصينية إىل اإلنكليزية‪ .‬وقد ّمت‬ ‫استخدام أسلوب آلي للتقييم ط ّورته شركة‬ ‫آي بي إم (‪ ،)IBM‬حبيث ترتاوح نتائج تقييم‬ ‫النظم بني صفر وواحد (وهو احل ّد األعلى‬ ‫النص الذي ّ‬ ‫متت‬ ‫ويعين تطابقاً تاماً بني ّ‬ ‫ترمجته آلياً‬ ‫والنص املرجعي الذي ترمجه‬ ‫ّ‬ ‫خبري)‪ ،‬وقد أتت النتائج لتشري بوضوح إىل‬ ‫نتائج متدنية يف احلالتني العربية والصينية‬ ‫(ال ميكن استخدام النصوص اليت حترز‬ ‫نتائج بالقرب من منتصف جمال التقييم أو‬ ‫من دونه قبل تدخّل بشري إلجراء مراجعة‬ ‫مما ينفي الفائدة منها‬ ‫كاملة للرتمجة‪ّ ،‬‬ ‫إىل ح ّد بعيد)‪ .‬كما يتبني أيضاً أن النظام‬ ‫األجنح هو ذاك الذي ط ّور من قبل شركة‬ ‫غوغل‪ ،‬فالنتائج اليت أحرزها هذا النظام‬ ‫من أجل ترمجة النصوص العربية تفوق من‬ ‫حيث جودتها النتائج اليت ّمت احلصول عليها‬ ‫من أجل ترمجة النصوص الصينية‪ .‬كذلك‬ ‫األمر بالنسبة لباقي األنظمة اليت اشرتكت يف‬ ‫االختبار برتمجة نصوص عربية وصينية يف ما‬ ‫عدا نظام سيستران‪.‬‬ ‫‪35‬‬

‫البحث العلمي‬

‫‪ 2 - 10 - 4‬مقارنة ألداء نظم للترجمة‬ ‫اآللية من الّلغتين العربية والصينية‬

‫‪ 3 - 10 - 4‬تقييم برمجيات الترجمة‬ ‫اآللية‬

‫يشري عدد من الدراسات حديثة العهد‬ ‫إىل أن األساليب املستخدمة لتقييم برجميات‬ ‫الرتمجة اآللية مل تصل إىل النضج املطلوب‪.‬‬ ‫أما تقييم الرتمجة من قبل خرباء فهو مكلف‬ ‫النص‬ ‫ويتطلّب يف احلالة املثالية مراجعة ّ‬ ‫املرتجم من قبل أكثر من خبري للتوصل إىل قدر‬ ‫أكرب من املوضوعية‪ .‬يق ّدم (اإلطار ‪ )24‬مثاالً‬ ‫لتقييم بعض الربجميات شائعة االستخدام من‬ ‫أجل الرتمجة اآللية من وإىل اإلسبانية‪ .‬ويربز‬ ‫ضرورة االستعانة باخلرباء من أجل الوصول‬ ‫إىل نسب مقبولة من األخطاء يف النصوص‬ ‫املرتمجة آلياً حتى من أجل الّلغات األوروبية‬ ‫اليت لقيت اهتمام الباحثني واليت ال تعاني من‬ ‫الصعوبات اليت تواجهها لغات كالعربية‪.‬‬ ‫جدول رقم ‪22‬‬

‫نتائج اختبار الرتمجة اآللية أجراه املعهد الوطين للمعايري والتقنية‬ ‫النظام‬

‫‪137‬‬

‫ترمجة من العربية ترمجة من الصينية‬ ‫إىل اإلجنليزية‬ ‫إىل اإلجنليزية‬

‫غوغل (‪)GOOGLE‬‬

‫‪0.5131‬‬

‫‪0.3531‬‬

‫آي إس آي (‪)ISI‬‬

‫‪0.4657‬‬

‫‪0.3073‬‬

‫آي بي إم (‪)IBM‬‬

‫‪0.4646‬‬

‫‪0.2571‬‬

‫يو إم دي (‪)UMD‬‬

‫‪0.4497‬‬

‫‪0.3000‬‬

‫جامعتا جون هوبكنز وكامربيدج (‪)JHU-CU‬‬

‫‪0.4348‬‬

‫‪0.2827‬‬

‫جامعة أدنربه (‪)EDINBURGH‬‬

‫‪0.3970‬‬

‫‪0.2513‬‬

‫نظام سيسرتان (‪)SYSTRAN‬‬

‫‪0.1079‬‬

‫‪0.1471‬‬

‫نظام ماتر (‪)MITRE‬‬

‫‪0.0772‬‬

‫‪0.0542‬‬

‫‪ 35‬أسهمت يف االختبار نظم مل تسع لرتمجة النصوص العربية والصينية بل اقتصرت اسهاماتها على الرتمجة من لغة دون األخرى‪ .‬وال‬ ‫يتضمن هذا اجلدول النتائج اليت أحرزتها‪ ،‬علماً بأنها متدنية عموماً‪.‬‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 138‬للتنمية الثقافية‬

‫تقييم نظم للرتمجة اآللية من اإلسبانية إىل اإلجنليزية‬

‫إطار رقم ‪24‬‬

‫من أكثر النظم الربجمية املستخدمة للرتمجة اآللية بني الّلغات الشائعة على‬ ‫شبكة اإلنرتنت سيسرتان ‪ Systran‬وإس دي إل ‪ SDL‬وورلدلينغو ‪WorldLingo‬‬ ‫وإنرتتران ‪ .InterTran‬ولتبينّ إمكانيات هذه الربجميات أجريت جتربة ّ‬ ‫متت‬ ‫مبوجبها ترمجة عشرين مجلة اقتطفت من كتاب متهيد ّي بالّلغة اإلسبانية إىل‬ ‫الّلغة اإلجنليزية‪ .‬وقد تبينّ بنتيجة هذه التجربة أن نظام إس دي إل فاق سواه‬ ‫من النظم اآللية من حيث دقة الرتمجة‪ .‬إذ مت ّكن من ترمجة مجلتني بدقة‬ ‫وسبع مجل على حنو يسمح بفهم الرتمجة بصورة صحيحة‪ ،‬بينما مت ّكن نظام‬ ‫سيسرتان من ترمجة أربع مجل على هذه الصورة‪ .‬ومت ّكنت املنظومتان إس دي إل‬ ‫وسيسرتان من ترمجة ست مجل من املمكن فهمها إال أنها تتض ّمن أخطاء حنوية‪.‬‬ ‫وبنتيجة االختبار ح ّل نظام إس دي إل يف املرتبة األوىل‪ ،‬إذ بلغ معدل الدقة يف‬ ‫اجلمل اليت ترمجها ‪ . % 75‬أما سيسرتان وورلدلينغو فحازتا معدالً قدره ‪% 55‬‬ ‫وح ّل نظام إنرتتران يف املؤخرة مبعدل بلغ ‪ . % 10‬ومل يتمكن خبري الرتمجة الذي‬ ‫أسهم بتقييم املنظومات اآللية من فهم تسع من اجلمل اليت ترمجتها سيسرتان‪،‬‬ ‫أو توصل إىل صورة خاطئة ملدلوهلا‪ .‬وعلى الرغم من أن اخلبري اعترب منظوميت‬ ‫سيسرتان وورلدلينغو متفوقتني من حيث قابلية تفهم الرتمجات اليت خرجت‬ ‫بهما‪ ،‬إال أن نظام إس دي إل كان أكثر دقة من حيث مدلول اجلمل بالّلغة املصدر‪،‬‬ ‫أي اإلسبانية‪ .‬وبطبيعة احلال فإن تف ّوق نظم برجمية للرتمجة اآللية من أجل لغة‬ ‫أو جمموعة حمدودة من الّلغات ال يعين بالضرورة تفوقها على سواها يف الرتمجة‬ ‫اآللية من وإىل لغة أخرى‪.‬‬ ‫‪36‬‬

‫‪ 4 - 10 - 4‬واقع الترجمة اآللية من‬ ‫وإلى العربية‬

‫على الرغم من نشوء جهود حممودة يف العقدين‬ ‫املاضيني إال أن احلالة الراهنة تقوم على التسليم‬ ‫الكامل وغري املشروط مبا تق ّدمه شركات تقنية‬ ‫املعلومات الكربى‪ .‬وقد أ ّدى طغيان ما تطرحه‬

‫منتجات جمانية‪ ،‬ذات أداء‬ ‫هذه الشركات من‬ ‫ٍ‬ ‫مرض بصورة عامة‪ ،‬إىل تعثّر جهود البحث‬ ‫غري ٍ‬ ‫املخصص هلا‪ .‬ومن‬ ‫احمللية وضمور التمويل ّ‬ ‫العوامل اليت تعيق جهود التطوير احمللية لنظم‬ ‫الرتمجة اآللية من وإىل الّلغة العربية العناية‬ ‫احملدودة اليت تناهلا من قبل اجلهات املعنية‬ ‫مما‬ ‫حكومية كانت أم ضمن القطاع اخلاص‪ .‬و ّ‬ ‫يثبط جهود القطاع اخلاص يف الدول العربية‬ ‫أن الشركات الكربى الناشطة يف مضمار تقنيات‬ ‫املعلومات واالتصاالت تتبنّى مناذج أعمال تعتمد‬ ‫على تقديم طيف من اخلدمات اجملانية‪ ،‬منها‬ ‫نظم متواضعة األداء للرتمجة اآللية‪ ،‬وتستثمر‬ ‫اإلعالنات لس ّد كلف التطوير احملدود الذي بذل‬ ‫مؤسسات‬ ‫لتطوير هذه النظم‪ .‬وهو ّ‬ ‫توجه جيعل ّ‬ ‫األعمال العربية عاجزة عن املنافسة حتى عندما‬ ‫تفلح بتطوير منتجات بديلة تتميّز من بعض‬ ‫األوجه على ما تق ّدمه الشركات العاملية الكربى‪،‬‬ ‫حبيث يتوارى تدرجيياً أ ّي جهد حمل ّي لتطوير‬ ‫برجميات الّلغة العربية ذات نوعية متميزة‪ ،‬وتقع‬ ‫اجملتمعات العربية حتت رمحة هذه الشركات يف‬ ‫خيص أوىل مقومات ثقافتها‪ ،‬الّلغة العربية‪.‬‬ ‫ما ّ‬ ‫حتتاج أدوات احملتوى إىل اهتمام استثنائ ّي‬ ‫املؤسسات احلكومية واجلامعات واملعاهد‬ ‫من قبل ّ‬ ‫املختصة واملعنيّة مبستقبل‬ ‫واملؤسسات‬ ‫ّ‬ ‫البحثية ّ‬ ‫الّلغة العربية وبتحقيق جمتمع واقتصاد املعرفة‬ ‫يف الدول العربية‪ .‬وال يتو ّقع أن يكون للتقنيات‬ ‫اليت سيت ّم تطويرها ربح سريع الذي كثرياً ما‬ ‫مؤسسات القطاع اخلاص‪ ،‬وحيفزها‬ ‫تتوخاه ّ‬ ‫‪37‬‬

‫‪38‬‬

‫‪ 36‬أنظر الورقة “‪ ”Spanish-to-English Translation Using the Web‬اليت قدمها ‪ M. W. Aiken‬و‪ Z. Wong‬يف املؤمتر السنو ّي‬ ‫السابع والثالثني ملعهد اجلنوب الغرب ّي لعلوم القرار الذي عقد يف بريكتاون ‪ -‬أوكالهوما يف الواليات املتّحدة األمريكية‪ّ .‬‬ ‫مت االطالع على‬ ‫الورقة على املوقع ‪ http://www.swdsi.org/swdsi06/Proceedings06/Papers/IBT04.pdf‬يف شهر آب‪ /‬أغسطس العام ‪.2010‬‬

‫تتضمن برمجيات الترجمة اآللية المتداولة اآلن نظام سيستران وهو أقدم نظم الترجمة من اإلنجليزية إلى العربية‪ ،‬ويتبنّى ما يعرف بالنموذج‬ ‫التحويلي‪ ،‬وهو ذو أساس لغوي ومعجمي متواضع‪ ،‬ممّا يفسر تعثّر المحاوالت التي أجريت لتحسين أدائه منذ ظهوره قبل ثالثة عقود تقريباً‪ .‬ونظام‬ ‫صخر ثنائي االتجاه للّغتين اإلنجليزية والعربية‪ .‬وهو يستند إلى النموذج التحويلي‪ .‬وال يفوق أداؤه بكثير أداء نظام غوغل ذي األساس اإلحصائي‪.‬‬ ‫ونظام مسبار من إنتاج شركة ‪ ATA software‬للترجمة من اإلنجليزية إلى العربية وهو يشبه في كثير من األوجه نظام صخر إال أنه ّ‬ ‫يقل عنه من‬ ‫حيث جودة النصوص المترجمة‪.‬‬ ‫‪“ 38‬مسح للمحتوى العربي الرقمي وبرجمياته وتطبيقاته وتقييم احتياجاته”‪ ،‬دراسة ضمن مشروع تعزيز تطوير صناعة احملتوى الرقمي‬ ‫العربي يف حاضنات تقنية املعلومات واالتصاالت أعدها الدكتور نبيل علي العام ‪ 2008‬لـ الّلجنة االقتصادية واالجتماعية لغربي آسيا‬

‫(اإلسكوا)‪.‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪ - 5‬البرمجيات مفتوحة المصدر‬ ‫‪Open source software‬‬

‫من العقبات اليت تعيق انتشار تطبيقات تقنية‬ ‫املعلومات بالّلغة العربية الدعم احملدود الذي تناله‬ ‫الربجميات مفتوحة املصدر يف املنطقة العربية‪.‬‬ ‫والربجميات مفتوحة املصدر رمزها ‪ coding‬متاح‬ ‫مما يسمح‬ ‫للجميع وقابل للتوسيع والتوزيع حبرية‪ّ ،‬‬ ‫ملطوريها مبراجعتها واختبارها ومن ث ّم التشارك‬ ‫ِّ‬ ‫يف إثرائها وحتسني أدائها على حنو أسرع‪ ،‬مقارنة‬ ‫بالربجميات االمتالكية‪ ،‬اليت تط ّورها شركة‬ ‫مما ينفي فرص االبتكار‬ ‫معيّنة وحتتكر رمزها‪ّ ،‬‬ ‫واملراجعة واالختبار‪ .‬هناك على سبيل املثال‬ ‫عديد من اإلضافات املفيدة للمستخدم العربي‬ ‫يف منظومات التدقيق اهلجائي والنحوي املدجمة‬ ‫ضمن النسخة العربية من برمجيات وورد اليت‬ ‫تسوقها شركة مايكروسوفت ملعاجلة الكلمات‪،‬‬ ‫إال أن إغالق باب التعديل من قبل هذه الشركة‬ ‫‪39‬‬

‫البحث العلمي‬

‫على توظيف االستثمارات املؤاتية وتوظيف‬ ‫املوارد البشرية املناسبة‪ .‬ومن األساليب اليت‬ ‫ينبغي أن تولىّ القسط األكرب من االهتمام‬ ‫بهذا الصدد عقد شراكات حبثية بني معاهد‬ ‫األحباث العربية حبيث تطرح نتائج األحباث‬ ‫ضمن نطاق املصدر املفتوح‪ ،‬فيتسنّى البناء‬ ‫عليها يف أحباث وأنشطة تطويرية مستقبلية‪.‬‬ ‫التوجه لكنها قد‬ ‫وهنالك بوادر مشجعة ملثل هذا ّ‬ ‫ال تكون كافية جملابهة الصعوبات اليت ال ينكرها‬ ‫أي من العاملني يف هذا احلقل املعريف‪.‬‬

‫ميثل عقبة أمام إدخاهلا وتطوير أدائها من قبل‬ ‫املستثمرين احملليني‪.‬‬ ‫ولقد أضحت الربجميات مفتوحة املصدر‬ ‫واسعة االنتشار يف أحناء العامل‪ ،‬وباتت تؤدي‬ ‫وظائف أساسية يف نشر تطبيقات تقنية من‬ ‫بينها تطبيقات عسكرية وأمنية تعترب من‬ ‫أش ّد اجملاالت حاجة للوثوقية أو االعتمادية‪.‬‬ ‫بل إن بعض الشركات اليت ختتص بتطوير‬ ‫مكونات مفتوحة‬ ‫الربجميات وتسويقها تستثمر ِّ‬ ‫املصدر يف الربجميات االمتالكية اليت تبيعها‬ ‫للزبائن‪ .‬ومن حسن الطالع أن تصميم كثري من‬ ‫الربجميات املفتوحة يت ّم حبيث تقبل التطويع‬ ‫ملطالب لغة معيّنة أو التطبيقات اخلاصة بسوق‬ ‫حم ّددة‪ .‬واخلالصة أن الربجميات مفتوحة‬ ‫املصدر تتسم مبيزات أهمها‪:‬‬ ‫ خفض تكاليف التطوير نتيجة حرية النفاذ‬‫إىل مكتبات الرمز املشرتك؛‬ ‫ خضوعها جلهود التطوير واألقلمة‬‫مما يؤدي إليقاع سريع يف إصداراتها‬ ‫باستمرار ّ‬ ‫ولسرعة انتشارها وتوظيفها؛‬ ‫ إمكانات للتالؤم مع النظم القائمة‪.‬‬‫ومن املرجح أن تؤدي االضطرابات‬ ‫االقتصادية العاملية والشيوع املتزايد للتجهيزات‬ ‫املعلوماتية النتشار الربجميات مفتوحة املصادر‬ ‫على نطاق أوسع‪ .‬فيتوقع أن متثل نسبة‬ ‫الربجميات املفتوحة املصدر ‪ % 50 - 20‬من‬ ‫سوق الربجميات‪ ،‬خالل السنوات القليلة‬ ‫املقبلة‪ .‬ومن أهم القطاعات اليت ستتأثر‬

‫‪139‬‬

‫‪40‬‬

‫‪41‬‬

‫‪ 39‬ما زالت معظم اجلهود احلالية يف مضمار الربجميات مفتوحة املصدر فردية‪ .‬وهناك مبادرة مشجعة يقوم بها موقع ‪Arabeyes.com‬‬

‫من أجل تنسيق اجلهود وتقديم الدعم ملطوري الربجميات مفتوحة املصدر يف جمال التعريب‪ ،‬وقد أُطلقت عرب هذا املوقع عدّة مشروعات‬ ‫املؤسسات يف سوريا خالل السنوات القليلة‬ ‫هلذا الغرض تر ّكز على إدخال إضافات وتعديالت على تطبيقات قائمة بالفعل‪ .‬وقد بادر بعض ّ‬ ‫املؤسسات السورية نظام التشغيل ‪Linux‬‬ ‫املاضية بتكثيف نشاطها يف مضمار الربجميات مفتوحة املصدر‪ ،‬إذ يستخدم عدد ملموس من ّ‬ ‫وبرجميات أخرى مفتوحة املصدر‪.‬‬ ‫مطورة من قبل جمتمعات املمارسني يف أرجاء العامل‪ ،‬فإن توظيف احللول اليت‬ ‫املكونات الرئيسة لربجميات املصدر املفتوح َّ‬ ‫‪ 40‬مبا أن ِّ‬ ‫تقدّمها يت ّم بسرعة تفوق ما ميكن توظيفه باستخدام الربجميات االمتالكية اليت غالباً ما تقوم بتطويرها جمموعات حمدودة من املربجمني‬ ‫العاملني يف الشركات‪.‬‬ ‫‪ 41‬هذا بناء على استفتاء أجرته الشركة نورث بريدج ‪ North Bridge‬يف العام ‪ ،2008‬والذي أسهمت فيه قرابة ‪ 120‬شركة تستخدم‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 140‬للتنمية الثقافية‬

‫مستقب ًال بالربجميات املفتوحة املصدر‪:‬‬ ‫ تطبيقات النشر على الشبكة وإدارة احملتوى‪،‬‬‫ برجميات الشبكات االجتماعية‪،‬‬‫مؤسسات األعمال اليت تض ّم‬ ‫ برجميات ّ‬‫طيفاً واسعاً من التطبيقات والتقنيات اهلادفة‬ ‫إىل مجع املعطيات وختزينها والنفاذ إليها ملؤازرة‬ ‫نظم اتخّ اذ القرار‪.‬‬ ‫متثّل الربجميات مفتوحة املصدر خيارات‬ ‫مناسبة للحصول على نظم التشغيل والتطبيقات‬ ‫املختلفة بتكلفة منخفضة‪ ،‬مع حرية التعديل‬ ‫حبسب احلاجة‪ .‬وال ب ّد لذلك من مالئمة هذه‬ ‫الربجميات مع الّلغة العربية‪ ،‬لتش ّكل وسيلة‬ ‫لنشر احملتوى العربي الرقمي على اإلنرتنت‪،‬‬ ‫وإدارته‪ .‬وكذلك من أجل تطوير الربجميات‬ ‫املناسبة للمستخدم العربي بتكلفة منخفضة‪.‬‬ ‫وقد اقتصرت التطبيقات العربية اليت تعتمد‬ ‫الربجميات مفتوحة املصدر إىل ح ّد كبري على‬ ‫جماالت حمدودة‪ ،‬منها تعليم الّلغة العربية‬ ‫وتقديم خدمات على مواقع الوب‪ ،‬بينما‬ ‫الفرص ساحنة للتوسع يف قطاعات التطبيق‬ ‫األخرى‪ .‬وال ميكن ذلك إال بنشر الوعي واملعرفة‬ ‫لدى املهندسني والفنيني العاملني يف جمال‬ ‫الربجميات‪ ،‬خالل مرحلة التعليم اجلامعي‪،‬‬ ‫وعرب "جتمعات املطورين االفرتاضية" لتداول‬ ‫تطوير الربجميات مفتوحة املصدر وتعديلها‪.‬‬ ‫املؤسسات احلكومية وغري‬ ‫ويربز هنا دور ّ‬ ‫احلكومية يف تشجيع جتمعات مربجمي املفتوح‬ ‫بتنمية القدرات التقنية فيها‪ ،‬منفردة ومتعاونة‪،‬‬ ‫املتخصصة‪ ،‬وإرساء‬ ‫وتشكيل جمموعات العمل‬ ‫ّ‬ ‫البنى األساسية لصناعة الربجميات وس ّن‬ ‫‪42‬‬

‫التشريعات واللوائح الناظمة هلا‪ .‬واحلكومات‬ ‫العربية‪ ،‬شأنها شأن كثري من حكومات الدول‬ ‫مما تو ّفره شركات‬ ‫النامية‪ ،‬فقد آثرت االستفادة ّ‬ ‫الربجميات‪ ،‬وخباصة مايكروسوفت‪ ،‬من دعم‬ ‫فنيّ تق ّدمه احلزم التجارية اجلاهزة‪ ،‬على بذل‬ ‫اجلهد الالزم لتطوير قدراتها الذاتية‪ .‬هذا‬ ‫مع أن االهتمام بالربجميات مفتوحة املصدر‬ ‫يش ّكل السبيل األمثل إلقامة صناعة برجميات‬ ‫وطنية تستوجب تدريب األطر الفنية لصيانتها‬ ‫وتعديلها‪ .‬ولدى عدد من البلدان العربية كتلة‬ ‫حرجة من هذه األطر ميكن البناء عليها لتطوير‬ ‫قواعد تقنية مناسبة‪.‬‬ ‫‪43‬‬

‫‪ 1 - 5‬برمجيات مفتوحة المصدر‬ ‫لتوليد ونشر المحتوى الرقمي العربي‬

‫إن العديد من حزم الربجميات مفتوحة‬ ‫املصدر متوافر لدعم أنشطة شتّى يف جماالت‬ ‫التعليم والبحث وإدارة األعمال ولتقديم‬ ‫اخلدمات احلكومية ولتوليد ونشر احملتوى‬ ‫الرقمي بالعربية‪ .‬وقد ّمت تصميم الكثري من‬ ‫هذه النظم أص ًال حبيث تتقبّل التعامل مع‬ ‫لغات ع ّدة‪ .‬وبينما ّمت تعريب قسط ملموس من‬ ‫هذه النظم بصورة متكاملة‪ ،‬تستمر املساعي‬ ‫لتعريب نظم أخرى أو بعض مكوناتها جزئياً‬ ‫لدعم احتياجات مستخدمي الّلغة العربية‪.‬‬ ‫وهناك مبادرات عربية حمدودة لتعريب هذه‬ ‫الربجميات أو إضافة مك ّونات ميكن توليفها‬ ‫استجابة لبعض مطالب املستخدم العربي‪.‬‬ ‫أما اجلهات املؤهلة للقيام بأنشطة التعريب‬ ‫والتطوير فهي يف الدرجة األوىل معاهد‬

‫الربجميات املفتوحة املصدر لبيان مدى استخدامها احلالي هلذه الربجميات‪ ،‬مقارنة بالربجميات االمتالكية‪.‬‬ ‫‪ 42‬غالباً ما تقود احلكومات ركب الربجميات مفتوحة املصدر كي ال تقع النظم احلكومية احلساسة حتت رمحة الشركات املوردة حلزم‬ ‫الربامج اجلاهزة‪ .‬وقد كانت حكومة الصني سباقة يف استخدام املصادر املفتوحة يف مجيع األجهزة احلكومية‪ ،‬كما ط ّورت النسخة الصينية‬ ‫لنظام التشغيل مفتوح املصدر ‪.Linux‬‬ ‫‪ 43‬متثل اخلطة اليت نفذتها تايوان إلدخال برجميات املصدر املفتوح يف كثري من التطبيقات منوذجاً جتدر دراسته واالقتداء به من جوانب‬ ‫عدّة‪.‬‬ ‫‪ 44‬ملخصات مشروعات اخلطة الوطنية األوىل للعلوم والتقنية يف اململكة العربية السعودية‪ ،‬مدينة امللك عبد العزيز للعلوم والتقنية‪.2010 ،‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫البحث العلمي‬

‫إطار رقم ‪25‬‬

‫أنشطة معاهد األحباث العربية يف مضمار الّلغة العربية وتقنية‬ ‫املعلومات واالتصاالت‬

‫‪141‬‬

‫تتض ّمن برامج األحباث يف العديد من الدول العربية أنشطة تتعلق مباشرة بتفاعل الّلغة العربية مع تقنية‬ ‫املعلومات واالتصاالت واستخدامها على اإلنرتنت‪ .‬ومن األمثلة على ذلك ما تقوم به معاهد حبثية يف اململكة‬ ‫العربية السعودية من مشروعات ترمي لتيسري االستخدام الذكي للّغة العربية على احلاسوب وضمن شبكة‬ ‫اإلنرتنت‪ .‬وعلى سبيل املثال‪ ،‬ينجز فريق حبث ّي يف جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية مشروعاً يهدف‬ ‫لتطوير خوارزميات ‪ algorithms‬متكاملة لضغط نصوص الّلغة العربية والبحث ضمنها‪ .‬ومن ميزات النظام‬ ‫الذي يسعى الباحثون لتطويره أنه يأخذ باالعتبار خصائص الّلغة العربية‪ ،‬حبيث ستبين اخلوارزميات على‬ ‫اخلصائص االشتقاقية والصرفية والنحوية للّغة العربية‪ .‬وستؤدي خمرجات املشروع لتسريع نقل النصوص‬ ‫العربية على الشبكة‪ ،‬وأرشفة البيانات واسرتجاعها من النصوص املضغوطة والبحث ضمنها‪.‬‬ ‫ويهدف مشروع آخر تقوم بإجنازه جامعة اإلمام حممد بن سعود اإلسالمية إىل تطوير مفهرس عربي آلي‬ ‫ذكي يراعي طبيعة وخصائص احملتوى العربي على اإلنرتنت بشكل جيعل استخالص هذا احملتوى أكثر كفاءة‬ ‫ودقة‪ .‬وميكن تلخيص منجزات املشروع العلمية بدراسة تصاميم املفهرسات العربية اآللية وإعداد إطار عام‬ ‫لتقييمها وتطويرها؛ وبناء مفهرس عربي آلي باستخدام تقنيات متط ّورة‪ .‬وستوضع الربجميات اليت يت ّم‬ ‫تطويرها مبتناول الباحثني ليتسنّى استخدامها لبناء وحتسني املكتبات الرقمية وحمركات البحث العربية‬ ‫واألدلة اإللكرتونية وكذلك حتسني قدرات البحث على اإلنرتنت من قبل املستخدم العربي‪.‬‬ ‫ويف جامعة امللك فهد للبرتول واملعادن يت ّم إجناز مشروع يهدف للتع ّرف إىل النصوص العربية املكتوبة خبط‬ ‫اليد‪ .‬فعلى الرغم من النجاح الذي حظيت به لغات أخرى كالّلغات الالتينية والصينية واليابانية مل يل َق التعرف‬ ‫إىل الكتابة العربية املكتوبة خبط اليد االهتمام ذاته‪ .‬ويتض ّمن املشروع وضع قاعدة بيانات للكتابة العربية‬ ‫اليدوية تشمل أمناطاً عديدة من اخلطوط املكتوبة‪ ،‬تشكل قاعدة لتقييس نظم التعرف إىل الكتابة العربية‬ ‫اليدوية‪ .‬ومن الغايات املنشودة هلذا البحث رقمنة املخطوطات القدمية‪ ،‬إضافة إىل استخدامات نتاج املشروع‬ ‫البحثي من قبل األفراد ويف املعامالت التجارية ولقراءة عناوين الرسائل آلياً‪.‬‬ ‫ويسعى مشروع آخر‪ ،‬يت ّم إجنازه يف جامعة امللك فهد أيضاً‪ ،‬لتطوير نظام للتعرف اآللي إىل الكالم بالّلغة‬ ‫العربية وباستخدام هلجات متباينة‪ .‬وسيستند العمل يف هذا املضمار إىل أنشطة أجنزها الفريق البحثي سابقاً‬ ‫بالتعاون مع مدينة امللك عبد العزيز للعلوم والتقنية‪ .‬ويهدف املشروع إىل تطوير تطبيقات تصلح للتسويق‬ ‫التجاري‪ ،‬ميكن أن تستند إليها نظم للرتمجة الفورية اآللية من وإىل العربية‪ .‬وسيت ّم يف إطار هذا املشروع‬ ‫اختبار طرق حديثة لبناء اجليل اجلديد من نظم التعرف على الكالم‪ ،‬تتض ّمن تقنيات الشبكات العصبية‬ ‫‪ neural networks‬االصطناعية‪.‬‬ ‫كما يهدف عدد من مشروعات األحباث يف تقنية املعلومات إىل مؤازرة املعوقني‪ ،‬فيقوم فريق حبثي يف جامعة‬ ‫امللك سعود‪ ،‬مث ً‬ ‫ال‪ ،‬بتنفيذ مشروع يرمي إىل تطوير نظام متكامل مي ّكن املكفوفني من استخدام احلاسب اآللي‬ ‫وجعل التواصل بني املبصر والكفيف أكثر مرونة وفاعلية‪ .‬بينما يرمي مشروع يقوم بتنفيذه فريق حبثي يف‬ ‫جامعة امللك عبد العزيز إىل تطوير نظام يسمح للمعوقني الذين فقدوا القدرة على احلركة بالتح ّكم بالبيئة‬ ‫احمليطة بهم بقراءة إشارات الدماغ‪ .‬ويستهدف مشروع آخر يقوم بتنفيذه فريق حبثي يف جامعة اإلمام‬ ‫النص العربي إىل لغة‬ ‫حممد بن سعود اإلسالمية بناء مرتجم افرتاضي يعتمد على بنية اجلملة لتحويل ّ‬ ‫اإلشارة السعودية‪ ،‬وذلك حبيث يتسنى للص ّم يف اجملتمع السعود ّي‪ ،‬التواصل مع من حوهلم واحلصول على‬ ‫املعلومات دون مساعدة مكثفة‪ .‬وذلك باستخدام برجميات تستند إىل تقنيات معاجلة النصوص واإلشارة‬ ‫والصور والبيانات احلاسوبية ‪ .computer graphics‬ومن املخطط أن يت ّم استناداً إىل نتائج البحث تطوير نظم‬ ‫قابلة للرتكيب على أجهزة اهلاتف احملمول ترتبط مع شبكة االتصاالت احمللية‪.‬‬ ‫ويت ّم العمل على مشروعات أخرى يت ّم إجنازها بالتعاون بني مدينة امللك عبد العزيز للعلوم والتقنية يف‬ ‫السعودية واملعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا يف سوريا‪ .‬ومن مثار مشروعات البحث يف مضمار‬ ‫تطبيقات تقنية املعلومات واالتصاالت والّلغة العربية‪ ،‬اليت ستجد قريباً طريقها إىل شبكة اإلنرتنت‪ ،‬املعجم‬ ‫احلاسوبي التفاعل ّي الذي ترعى مدينة امللك عبد العزيز للعلوم والتقنية تنفيذه‪ ،‬وسيطرح لتطويره الحقاً وفقاً‬ ‫آلليات املصدر املفتوح‪.‬‬ ‫‪44‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 142‬للتنمية الثقافية‬

‫الدراسات العليا والبحث العلمي وحاضنات يف الدول العربية للتعرف إىل الكالم ومتييز‬ ‫التقنية واألعمال املتصلة بها‪ ،‬حبيث تقوم مثل الّلهجات (اإلطار ‪ ،)25‬إال أن مراجعة األدبيات‬ ‫املؤسسات بدور رائد يف دول العامل لتطوير املتاحة تفيد بأن اجلهود اليت بذلت سابقاً يف‬ ‫هذه ّ‬ ‫الربجميات مفتوحة املصدر ودعم تطبيقاتها‪ .‬هذه اجملاالت وغريها من احلقول املرتبطة‬ ‫وعلى الرغم من نشوء شبكات من خرباء بالّلغة العربية تكاد ال تالمس ما هو مطلوب‬ ‫الربجميات مفتوحة املصدر يف الدول العربية‪ ،‬وضروري لضمان مستقبل مقبول هلا على شبكة‬ ‫إال أن احلاجة ماسة لتشكيل املزيد من هذه اإلنرتنت‪ .‬ومن العوامل اليت أعاقت وما زالت‬ ‫تعيق بذل جهود توازي املطلوب‪ ،‬االستسالم شبه‬ ‫الشبكات والربط بينها‪.‬‬ ‫التام ملو ّردي املنظومات احلاسوبية اليت تتعامل‬ ‫‪ - 6‬أنشطة بحثية حول تطبيقات‬ ‫مع الّلغة العربية‪.‬‬ ‫تقنية المعلومات واالتصاالت بالّلغة‬ ‫ويبدو املستقبل القريب واعداً من جوانب‬ ‫العربية‬ ‫عديدة‪ .‬إذ تتض ّمن اسرتاتيجيات التقنية اليت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫استحدثت جامعات عديدة يف أوروبا أضحت تش ّكل جانبا حموريا ضمن خطط التنمية‬ ‫والواليات املتحدة جمموعات للبحث تتناول الوطنية واسرتاتيجياتها يف عدد من الدول‬ ‫مسائل تتعلق بالّلغة العربية العامية والفصحى العربية مبادرات تتناول متكني الّلغة العربية من‬ ‫وتقنية املعلومات‪ .‬وقد أنشئ القسط األكرب التفاعل البناء مع األوساط الرقمية‪ .‬فقد أطلق‬ ‫من هذه اجملموعات من ضمن أقسام جامعية بعض الدول العربية مبادرات وطنية يف مضمار‬ ‫معنيّة باحلوسبة والّلغويات‪ .‬كما أن العديد الّلغة العربية وتقنية املعلومات واالتصاالت‪،‬‬ ‫من اجلامعات ومراكز األحباث يف دول منها مبادرة امللك عبد الله للمحتوى العربي‬ ‫املشرق واملغرب العربيّني قد أحدث أقساماً والّلجنة الرئاسية اليت شكلت يف سوريا لرعاية‬ ‫أو ش ّكل وحدات حبثية تتناول مسائل تتعلق الّلغة العربية أساساً جملتمع املعلومات‪ .‬وهنالك‬ ‫بالّلغة العربية وتعاملها مع تقنية املعلومات مؤشرات عن تنامي اجلهود اإلقليمية الرامية‬ ‫واالتصاالت‪ .‬هذا باإلضافة إىل جمموعات إىل دعم الّلغة العربية من أبرزها مبادرة رئيس‬ ‫البحث اخلاصة اليت أحدثتها الشركات مؤسسة الفكر العربي لعقد القمة العربية‬ ‫الكربى الناشطة يف مضمار تقديم خدمات الثقافية األولى في العام ‪( 2011‬اإلطار ‪.)26‬‬ ‫تقنية املعلومات واالتصاالت‪ ،‬مثل مايكروسوفت‬ ‫وغوغل وأوراكل‪ .‬وتقوم معاهد للتعليم العالي تقنية المعلومات في خدمة اللغة‬ ‫والبحث العلمي يف دول عربية مثل السعودية العربية‪ :‬أوجه التطوير‬ ‫واملغرب ومصر وسوريا وبعض دول اخلليج أيضاً‬ ‫ترتبط تقنية املعلومات أكثر من غريها من‬ ‫بأنشطة حبثية يف مضمار الّلغة العربية وتقنية التقنيات احلديثة بالّلغة وأمناط استخدامها‪.‬‬ ‫املعلومات واالتصاالت‪ .‬ويتّجه اهتمام الباحثني ذلك أن مدخالت وخمرجات هذه التقنية هي‬ ‫‪45‬‬

‫‪ 45‬يشري نبيل علي مث ً‬ ‫ال إىل أن تقنيات احملتوى يف املنطقة العربية هي اآلن حمتكرة من قبل ثالث شركات كربى‪ ،‬حبيث تتولىّ مايكروسوفت‬ ‫“توريد برامج معاجلة احملتوى ونظم تشغيل خادمات مواقعه ونظم تشغيل حواسيب مستخدميه يف حني تتكفل أوراكل مبهمة بناء قواعد‬ ‫البيانات وتتوىل غوغل الشق اخلاص بالبحث‪ ”.‬أنظر الدراسة اليت أعدّها الدكتور نبيل علي العام ‪ 2008‬للّجنة االقتصادية واالجتماعية‬ ‫لغربي آسيا (اإلسكوا)‪ ،‬حتت العنوان “مسح للمحتوى العربي الرقمي وبرجمياته وتطبيقاته وتقييم احتياجاته؛” ضمن مشروع تعزيز تطوير‬ ‫صناعة احملتوى الرقمي العربي يف حاضنات تقنية املعلومات واالتصاالت‪.‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫إطار رقم ‪26‬‬

‫القمة الثقافية العربيّة األوىل يف العام ‪2011‬‬

‫‪143‬‬

‫‪46‬‬

‫البحث العلمي‬

‫مؤسسة الفكر العربي األمري خالد الفيصل الدعوة إىل عقد قمة ثقافية عربيّة‪ ،‬والقت‬ ‫عام ‪ 2009‬أطلق رئيس ّ‬ ‫الدعوة موافقة القمة العربية اليت ُعقدت يف سرت‪ -‬ليبيا يف آذار‪ /‬مارس العام ‪ 2010‬على عقد هذه القمة يف‬ ‫العام ‪ .2011‬وتض ّمن البند ‪ 14‬من إعالن "سرت" الصادر عن القمة‪:‬‬ ‫"وجهنا لإلعداد لعقد ق ّمة ثقافيّة عربيّة لصياغة رؤية ثقافيّة مستقبليّة للدول العربيّة ولتوفري أشكال الدعم كافة‬ ‫ّ‬ ‫للمؤسسات الثقافيّة واملبدعني والكتّاب العرب لالرتقاء باإلبداع العربي يف خمتلف اجملاالت"‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ومؤسسة الفكر العربي ومنظمة االلكسو‪ ،‬واتفق على أن‬ ‫ومن ثم ُش ّكلَت جلنة حتضريية من جامعة الدول العربيّة ّ‬ ‫مؤسسة الفكر العربي تنظيمّلقاء يع ّد للقمة الثقافية العربيّة األوىل‪ ،‬وميهد لوضع جمموعة من التوصيات‬ ‫تتولىّ ّ‬ ‫ّ‬ ‫نص الوثيقة اخلتامية الصادرة عن اللقاء التحضريي األول للق ّمة الذي عقد يف متوز‪ /‬يوليو‬ ‫خيص ّ‬ ‫يف هذا الشأن‪ّ .‬‬ ‫من العام ذاته "إنقاذ الّلغة العربية" باألولوية‪ ،‬فقد تضمن بنوداً تتناول وضع اخلطط الرامية إىل‪:‬‬ ‫• تشخيص أوضاع الّلغة العربية بتعيني املشكالت ونقاط الضعف اليت تعاني منها وحتديد أسبابها‪ ،‬والتعرف‬ ‫إىل التحديات اليت تواجهها‪.‬‬ ‫• توفري معلومات ومعطيات وإحصاءات تتيح التعرف إىل أوضاع الّلغة العربية على صعيد ك ّل بلد عربي على‬ ‫حدة‪ ،‬وعلى صعيد العامل العربي كله‪.‬‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‪.‬‬ ‫• ختصيص ملف للّغة العربيّة يف التقرير السنوي الذي تع ّده ّ‬ ‫املؤسسات العربية ألن تكون مؤمتراتها كلّها‪ ،‬مبا فيها مؤمترات الشباب‪ ،‬بالّلغة العربيّة ‪.‬‬ ‫• دعوة ك ّل ّ‬ ‫وضمن اإلطار الدستوري والقانوني تضمنت توصيات اللقاء األول‪:‬‬ ‫تنص على أن‬ ‫• تفعيل املواد املتعلقة بالّلغة العربيّة يف الدساتري أو النظم األساسية للحكومات العربية‪ ،‬اليت ّ‬ ‫الّلغة العربيّة الفصحى هي الّلغة الرمسية للبلدان العربيّة‪ ،‬وذلك بإصدار األنظمة والتشريعات اليت حتمي الّلغة‬ ‫العربيّة وتعزّز مكانتها يف مجيع اجملاالت‪.‬‬ ‫• إقرار سياسة لغويّة واضحة لدعم الّلغة العربيّة‪ ،‬على الصعيدين الرمسي والشعيب‪ ،‬وبصورة خاصة يف‬ ‫قطاعات التعليم واالقتصاد واإلعالم والتقنية‪.‬‬ ‫• إنشاء جملس أعلى للّغة العربيّة‪ ،‬يرتبط مباشرة بالقمة العربيّة‪ ،‬يتولىّ دراسة أوضاع الّلغة العربيّة يف‬ ‫البلدان العربيّة‪ ،‬ورسم السياسات واالسرتاتيجيات ومتابعة تنفيذها‪ .‬ويكون له فروع يف ك ّل بلد عربي‪.‬‬ ‫ويف قطاع التعليم تض ّمنت توصيات الّلقاء األول الدعوة العتماد الّلغة العربيّة لغ ًة للتدريس والبيئة التعليميّة‬ ‫وحث وزارات الرتبية والتعليم يف‬ ‫والبحث العلم ّي‪ ،‬يف مجيع مراحل التعليم‪ ،‬مع العناية بتعليم الّلغات األخرى‪ّ .‬‬ ‫البالد العربيّة على إعداد مد ّرسي الّلغة العربيّة إعداداً مالئماً وتطوير مناهج الّلغة العربيّة‪ .‬ويف جمال اإلعالم‬ ‫أوصى اللقاء األول بتعزيز العالقة بني الّلغة واهلويّة والتأكيد على توسيع نطاق استخدام الّلغة العربيّة الفصحى‬ ‫يف وسائل اإلعالم املقروءة واملسموعة واملرئيّة وتشجيع إنتاج املواد والربامج اإلعالمية املع ّدة بالّلغة العربية‬ ‫الفصحى‪.‬‬ ‫ختص دعم احملتوى الرقمي العربي على شبكة اإلنرتنت‬ ‫كما تض ّمنت توصيات الّلقاء التمهيدي األول للقمة بنوداً ّ‬ ‫منها‪:‬‬ ‫• التأكيد على أهمية عدم وضع أية قيود حملية أو دولية تؤثر على حرية تداول املعلومات والبيانات واآلراء؛‬ ‫• وضع سياسات رشيدة ومتوازنة للتعامل مع الشركات العاملية يف تقنية املعلومات بهدف ضمان اإلسهام‬ ‫العربي الفعال يف صناعة احملتوى الرقمي؛‬ ‫• توحيد قوانني امللكية الفكرية الواجب تطبيقها يف العامل العربي بشكل ال يعيق إثراء احملتوى العربي على‬ ‫اإلنرتنت‪ ،‬وس ّد الفجوة يف تشريعات اإلنرتنت بشكل يضمن احلفاظ على اخلصوصية الفردية وال يتعارض مع‬ ‫حرية التعبري والنشر وتبادل املعلومات؛‬ ‫• الشروع يف احلفاظ على الذاكرة العربية الرقمية عن طريق أرشفة املخزون العربي الرقمي وتوثيقه؛‬ ‫• رأب الفجوة الرقمية املتفاقمة للّغة العربية واعتبارها الّلغة األساسية لصناعة احملتوى الرقمي العربي‬ ‫واستغالل إمكانات حوسبتها اليت تتيحها تقنية املعلومات واالتصاالت يف ذلك‪.‬‬ ‫وعلى صعيد الرتمجة وترشيدها اقرتح الّلقاء التمهيدي األول للقمة تأسيس "هيئة عربية للرتمجة والنشر" تتمثّل‬ ‫واملؤسسات األكادميية ودور النشر العربية‪ ،‬وخنبة من اخلرباء‬ ‫فيها ك ّل الدول العربية‪ ،‬وأهم مراكز الرتمجة ّ‬ ‫املختصني‪ .‬حبيث توكل إىل هذه اهليئة مهمة اإلشراف على ترمجة أهم األعمال اإلنسانية من العربية وإليها‬ ‫وتشكيل جلنة تبلور املقرتح وتصوغ الركائز واألهداف واألولويات واالسرتاتيجيات وآليات التنفيذ‪ ،‬توطئة لعرض‬ ‫ما ختلص إليه على القمة الثقافية املزمع عقدها‪ .‬ومن اجلدير بالذكر أن التوصيات اخلاصة بالرتمجة اآللية مل‬ ‫تفرد بنوداً تتناول الرتمجة اآللية‪.‬‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‪:‬‬ ‫‪ 46‬استقيت املعلومات اليت يتضمنها هذا اإلطار يف آب ‪ /‬أغسطس ‪ 2010‬من موقع ّ‬ ‫‪.http://www.arabthought.org/index.php?option=com_content&task=blogcategory&id=28&Itemid=172‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 144‬للتنمية الثقافية‬

‫املعلومات اليت ال ب ّد أن يتداوهلا أفراد اجملتمع‬ ‫بلغته‪ .‬وقد يبدو للوهلة األوىل أن البلدان العربية‬ ‫متتلك من القدرات االقتصادية وحجم السكان‬ ‫ما مي ّكنها من فرض احتياجات لغتها على‬ ‫مصنّعي األجهزة والربجميات‪ ،‬إال أن هذا مل‬ ‫يكن صحيحاً يف املاضي وما يزال غري صحيح‬ ‫اليوم‪ .‬ومن األسباب الرئيسة يف ذلك أن التطوير‬ ‫التقين يت ّم لدى الشركات الكربى املنتجة من‬ ‫املؤسسات الوطنية‪،‬‬ ‫دون إسهامات تذكر من قبل ّ‬ ‫اليت ال متتلك من القدرة ما مي ّكنها من القيام‬ ‫بالتطوير التقين بنفسها‪ .‬وللشركات الكربى‬ ‫غايات وممارسات ال تتطابق‪ ،‬بل تتعارض‪،‬‬ ‫يف كثري من األحيان مع التنمية الرشيدة يف‬ ‫اجملتمعات النامية‪.‬‬ ‫وقد تصبح الصورة مؤاتية إىل ح ّد أكرب يف‬ ‫املستقبل‪ .‬فاهتمام شركات تقنية املعلومات‬ ‫واالتصاالت الدولية بالسوق العربية يتنامى‬ ‫ويتخذ أبعاداً تتجاوز ما سبق‪ .‬على الرغم من‬ ‫ذلك فإن اخلشية تبقى قائمة يف أال يتجاوز هذا‬ ‫االهتمام القضايا السطحية اليت حتفّز املستهلك‬ ‫على ابتياع العتاد احلاسوبي والربجميات من‬ ‫دون التطرق إىل بعض القضايا الرئيسة اليت‬ ‫تعيق استخدام الّلغة العربية بالنحو األمثل‬ ‫على الشبكة‪ .‬وال بديل لضمان استخدام كهذا‬ ‫من إطالق ورعاية مبادرات لتنمية احملتوى‬ ‫العربي وتطوير تقنيات العتاد والربجميات‬ ‫الكفيلة بوضع الّلغة العربية يف مكانة الصدارة‪.‬‬ ‫ومن املبادرات اليت ينبغي منحها األولوية تلك‬ ‫اليت ترتكز على مناهج تشاركية وتعاونية بني‬ ‫واملؤسسات املعنية بالّلغة‬ ‫املطورين واملستثمرين ّ‬ ‫والتقنية‪ ،‬أي مبا مياثل نهج املصدر املفتوح يف‬ ‫تطوير الربجميات‪ ،‬ويتجاوزه يف ك ّل ما يتعلّق‬ ‫‪47‬‬

‫بأحباث الّلغة ومعاجلتها وأمناط وجودها‬ ‫واستخدامها على الشبكة‪.‬‬ ‫وقد استند األسلوب الذي اتبع يف املعاجلة‬ ‫اآللية للعديد من الّلغات إىل تطويع التقنيات‬ ‫لتتماشى مع الكيان الّلغوي‪ .‬إال أن حدود‬ ‫اإلمكانات التقنية املتاحة‪ ،‬وبصورة خاصة‬ ‫احلدود اليت ما زال ذكاء اآللة يقف عندها‪،‬‬ ‫تتطلّب من جهة أخرى القيام بإدخال تطوير‬ ‫حمدود على الّلغة أحياناً‪ .‬واإلصرار على احللول‬ ‫التقنية من دون القيام مبثل هذا التطوير‪،‬‬ ‫لتتالءم الّلغة مع التقنيات املتاحة‪ ،‬يستوجب‬ ‫كلفاً مفرطة من اجلوانب الثقافية واالقتصادية‬ ‫واحلضارية‪.‬‬ ‫وال ب ّد من حتديد أوجه اإلصالح والتطوير‬ ‫بناء على حبث بدأ بعضه منذ حني‪ ،‬لكن‬ ‫استمراره حيتاج لدعم يفوق بكثري ما نال‬ ‫حتى اآلن‪ .‬ومن الواضح أن اإلصالح والتطوير‬ ‫املطلوبني ال بد أن يتناوال قضايا متباينة يف العمق‬ ‫واألثر‪ ،‬من مراجعة شكل احلروف وتشكيلها‬ ‫إىل اخلروج بقواعد مبتكرة للنحت واالشتقاق‬ ‫وتعريب مفردات الّلغات األخرى‪ .‬فالسعي حنو‬ ‫مستقبل زاهر للّغة العربية ال يكون بإهمال تعليم‬ ‫الّلغات األخرى واحل ّد من التفاعل مع ثقافاتها‪،‬‬ ‫بل إن العكس هو الصحيح‪ .‬وما أد ّل على ذلك‬ ‫من أن الّلغة العربية بلغت أوجها‪ ،‬وأضحت لغة‬ ‫عاملية املدى للعلوم والتقنية والتجارة والفنون‪،‬‬ ‫عندما تفاعلت مع لغات وحضارات العامل‬ ‫الغث منها‪.‬‬ ‫فتقبلت الغ ّ‬ ‫ين وجانبت ّ‬ ‫تتطلّب صعوبة املسرية املقبلة والعقبات اليت‬ ‫تعرتضها تشييد بنى يف شتى جماالت احلياة‬ ‫العلمية والثقافية والفنية تضمن صياغة وتنفيذ‬ ‫سياسات للتنمية الوطنية‪:‬‬

‫‪ 47‬من األدلة اليت تشري إىل تزايد اهتمام شركات تقنية املعلومات بالسوق العربية ابتياع ياهو لشركة مكتوب األردنية‪ ،‬اليت كانت تقدم‬ ‫خدمات اإلنرتنت والتواصل‪ ،‬مببلغ يعتقد أنه قارب أو فاق ‪ 150‬مليون دوالر أمريكي‪ .‬ومن املقرر استمرار مكتوب بتقديم خدماتها للجمهور‬ ‫العربي واستفادتها إىل حدود تفوق ما سبق من التقنيات اليت طورتها ياهو‪.‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫البحث العلمي‬

‫• تضع العربية يف مكانة الصدارة فع ًال عند‬ ‫سعيها لبناء جمتمعات املعرفة؛‬ ‫• تهدف إىل إصالح الّلغة العربية وتطوير‬ ‫تعليمها استناداً إىل أحباث علمية معمقة؛‬ ‫• ترعى اإلبداع يف معاهد التعليم مبستوياتها‬ ‫املختلفة؛‬ ‫• تسعى المتالك التقنيات احلديثة‬ ‫وتطويرها وتوظيفها؛‬ ‫مؤسسات األعمال‬ ‫• حتفز على إحداث ّ‬ ‫املعنية بالّلغة والتقنية وتطبيقاتها؛‬ ‫• تتّخذ من التفاعل واالنفتاح على لغات‬ ‫العامل وثقافاته النهج األساس؛‬ ‫• تدعم التعاون العربي والدولي يف البحث‬ ‫والتطوير التقين من دون اختاذه شرطاً للمضي‬ ‫قدماً‪.‬‬ ‫كما يتطلّب اللحاق باملوجة الثانية ملعاجلة‬ ‫الّلغات الطبيعية وتهيئة الّلغة العربية للمناخ‬ ‫الذي ستحلّه الشبكة الداللية خالل السنوات‬ ‫القليلة املقبلة‪ ،‬تبين برامج لألحباث والتنسيق‬

‫بينها‪ ،‬وتطوير النظم ووضع معايري مشرتكة‬ ‫للتطبيقات التقنية‪ .‬ومن اجملاالت الرئيسة‬ ‫اليت تستوجب العناية اخلاصة‪ ،‬تطوير نظم آلية‬ ‫للفهرسة واالستخالص والرتمجة استناداً إىل‬ ‫أحباث لغوية معمقة بدالً من احللول السطحية‬ ‫املتاحة اآلن‪ .‬وتشكل األحباث يف جماالت الذكاء‬ ‫االصطناعي حموراً مهماً يف هذا املضمار‪،‬‬ ‫كذلك شأن التوثيق املستنري للّغة العربية وبناء‬ ‫معاجم لغوية حديثة‪.‬‬ ‫ومن عوامل القوة اليت ميكن االعتماد عليها‬ ‫أيضاً احلماسة اليت تبديها بعض القيادات‬ ‫السياسية العربية يف دفع التنمية التقنية‬ ‫وبناء جمتمعات املعلومات واملعرفة يف بلدانها‪،‬‬ ‫والوعي السائد بأن الّلغة العربية حجر األساس‬ ‫يف هذه اجملتمعات‪ .‬كما أن اخلربات املتوافرة‬ ‫حملياً وإقليمياً ويف أحناء العامل‪ ،‬إن كان على‬ ‫صعيد تقنيات املعلومات ونظمها أم يف أحباث‬ ‫يؤسس ملستقبل‬ ‫الّلسانيات‪ ،‬تشكل رصيداً مثيناً ّ‬ ‫الّلغة العربية وأهلها‪.‬‬

‫‪145‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 146‬للتنمية الثقافية‬

‫آليات جديدة لدعم البحوث العربية‬

‫ترابط البحث العلمي في اإلطار‬ ‫العربي والدولي‬ ‫على الرغم من التحسن اجلوهري جهود عربية لكن مشتته‬ ‫احلاصل يف القدرات العلمية والتكنولوجية‬ ‫من املسلم به يف الوقت الراهن‪ ،‬أن التعاون‬ ‫أكثر‬ ‫ملعظم الدول العربيّة‪ ،‬تربز‬ ‫احلاجةشبكات العلمي الدولي بات ميثل أدا ًة متعاظمة‬ ‫من أ ّي وقت مضى إىل إقامة‬ ‫واملؤسسات األهمية يف بناء القدرات العلمية والتكنولوجية‬ ‫الرتابط لتشبيك الباحثني‬ ‫ّ‬ ‫البحثية بغية التجديد املعريف وتعزيز ثقة وتعزيز املنظومة الوطنية لالبتكار‪ .‬ولطاملا‬ ‫الباحث العربي بنفسه ليكون العباً مبتكر‬ ‫فرضتهااً م ّكن التعاون الدولي يف جمال البحث العلمي‬ ‫يف ظ ّل هذه البيئة التنافسية اليت‬ ‫العلماء والباحثني يف خمتلف الدول من مواكبة‬ ‫وتفرضها العوملة الشرسة‪..‬‬

‫املستجدات العلمية يف حقوهلم‪ ،‬وخلق املعرفة‬ ‫املشرتكة ونشرها‪ ،‬باإلضافة إىل متكني البلدان‬ ‫ومؤسساتها من جتاوز الثغرات املعرفية وندرة‬ ‫ّ‬ ‫املوارد‪ .‬وال عجب أن جند اليوم أن ما يزيد على‬ ‫مخس اإلنتاج املعريف العاملي منشور عن طريق‬ ‫التأليف العاملي املشرتك (‪International‬‬ ‫‪ .)co-authoring‬وقد أمكن تطوير التواصل‬ ‫بني الباحثني بفضل البيئة التمكينية املتنامية‬ ‫اليت وضعتها ثورة املعلومات واالتصاالت يف‬ ‫تصرفهم يف أغلب دول العامل‪ ،‬وسهولة التنقل‬ ‫عرب احلدود‪ .‬ومن املظاهر الالفتة أيضاً أن‬ ‫التعاون البحثي الدولي قد أضحى عنصراً‬ ‫مفتاحياً من عناصر اسرتاتيجية العوملة ألي‬ ‫مؤسسة أو بلد‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وإذا كانت الثورة الصناعية قد أفرزت‬ ‫املصنع كأهم بنية تنظيمية إنتاجية اقرتنت‬ ‫باالقتصاد الصناعي‪ ،‬فإن ثورة املعلومات أفرزت‬

‫"الشبكة" كبنية تنظيمية ومعرفية اقرتنت‬ ‫باالقتصاد املعريف (أو الشبكي)‪ ،‬وسرعان ما‬ ‫وظفت خلدمة التعاون الدولي يف البحث العلمي‬ ‫واالبتكار‪ ،‬وأكسبت الرتابط الشبكي‪ ،‬أو ما‬ ‫يسمى بالتشبيك كمفهوم وآلية‪ ،‬على أثر هذا‬ ‫التوظيف مدلوالً اقتصادياً هاماً‪.‬‬ ‫وهكذا منت شبكات البحث والتطوير‬ ‫املؤسسات والدول‪ ،‬هادفة مجيعها‬ ‫واالبتكار عرب ّ‬ ‫للمؤسسات عن‬ ‫إىل رفع الكمون االبتكاري ّ‬ ‫طريق املساعدة يف عملية بناء القدرات وتأمني‬ ‫الكفاءات وتبادل اخلربات مع النظراء‪ .‬إن ما‬ ‫يضمن فاعلية هذه الشبكات املعرفية وجود‬ ‫شراكات بني خمتلف اجلهات املعنيّة بتوليد‬ ‫املعرفة واستثمارها‪ ،‬وما يزيد من أهميتها‬ ‫بالنسبة إىل الدول ذلك الدور احليوي والفاعل‬ ‫املناط بها يف حتويل املنظومة الوطنية للعلوم‬ ‫والتقانة إىل منظومة وطنية لالبتكار‪.‬‬ ‫ويف البلدان العربية اليت ال زالت تعاني من‬ ‫التشتت يف جهودها الوطنية يف البحث والتطوير‬ ‫واالبتكار‪ ،‬على الرغم من التحسن اجلوهري‬ ‫احلاصل يف القدرات العلمية والتكنولوجية‬ ‫ملعظمها‪ ،‬تربز احلاجة أكثر من أ ّي وقت مضى‬ ‫إىل إقامة شبكات الرتابط لتشبيك الباحثني‬ ‫واملؤسسات البحثية من أجل التجديد املعريف‬ ‫ّ‬ ‫وتعزيز ثقة الباحث العربي بنفسه ليكون‬ ‫العباً مبتكراً يف ظل هذه البيئة التنافسية اليت‬ ‫فرضتها وتفرضها العوملة الشرسة‪ ،‬سواء على‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪ - 1‬الترابط البيني اإلقليمي‬ ‫والعالمي‪ ،‬خلفية نظرية‬

‫شهد العقد املاضي والدة تيارين‬ ‫خيصان املنظومة العاملية للعلم‬ ‫متناميني ّ‬ ‫والتكنولوجيا وهما ‪ :‬تدويل البحث والتطوير‬ ‫(‪ )Internationalization of R&D‬وعوملة‬ ‫االبتكار (‪ .)Globalization of Innovation‬وقد‬ ‫جتلّى تدويل البحث والتطوير من خالل مظاهر‬ ‫خمتلفة‪ ،‬أهمها‪:‬‬ ‫• تزايد إنفاق الشركات متع ّددة اجلنسيات‬ ‫‪ Multi-National Corporate -MNCs‬على‬ ‫البحث العلمي يف اخلارج (تصرف شركتا ‪ HP‬و‬ ‫‪ IBM‬أكثر من ثلث ميزانيتها اخلاصة بالبحث‬ ‫والتطوير خارج الواليات املتحدة)‪،‬‬ ‫• انتشار الشركات متع ّددة اجلنسيات‬ ‫يف العامل بالقرب من مكامن البحث العلمي‬ ‫واالبتكار مبا يف ذلك الدول النامية‪ ،‬حيث‬ ‫ترافق ذلك مع إحداث وحدات حبث وتطوير‬ ‫‪ ،R&D Units‬وخمتربات فنية باإلضافة إىل‬ ‫إحداث مراكز متيز شبكية عاملية تتبع هلذه‬ ‫الشركات‪.‬‬ ‫• إقامة شراكات اسرتاتيجية مع مراكز‬ ‫البحوث احلكومية يف العامل‪ ،‬وهي يف الواقع‬ ‫منوذج لشراكة العقل املبتكر املنتشر يف مجيع‬ ‫أحناء العامل من جهة‪ ،‬مع اخلربات املميزة‬ ‫يف التطوير والتمويل والتسويق اليت متتلكها‬ ‫‪1‬‬

‫البحث العلمي‬

‫املستوى العربي أم على املستوى العاملي‪.‬‬ ‫ ‬

‫الشركات متع ّددة اجلنسيات من جهة أخرى‪.‬‬ ‫وما جتدر اإلشارة إليه هو أن أكثر من نصف‬ ‫"الشراكات االسرتاتيجية" القائمة يف الواليات‬ ‫املتحدة حالياً هي شراكات عاملية ‪ .‬كمثال على‬ ‫هذا االجتاه نذكر حالة اخملبر الوطني ألبحاث‬ ‫الكيمياء يف الهند ‪National Chemical‬‬ ‫‪ Laboratory - NCL‬الذي يعمل حالياً لصاحل‬ ‫كربيات الشركات الكيميائية متع ّددة اجلنسيات‬ ‫مثل ‪ Du Pont‬و ‪ GE‬و ‪ Ciba Geigy‬وغريها ‪.‬‬ ‫• نشوء شبكات البحث العلمي كبنية‬ ‫تنظيمية جديدة عزّزتها تكنولوجيا املعلومات‬ ‫واالتصاالت‪.‬‬ ‫أما عوملة االبتكار فهو تيار حديث مك ّمل‬ ‫لألول‪ ،‬اقرتن بظهور شبكات االبتكار العاملية‬ ‫(‪ ،)Innovation Networks‬بتحريض من‬ ‫الشركات اليت حتاول االمتداد عاملياً إىل مواقع‬ ‫أجنبية افرتاضية للتزود باالبتكار‪ ،‬خصوصاً‬ ‫أن شبكات االبتكار هذه ال تتطلّب جتاوراً‬ ‫ملواقع البحث والتطوير مع مواقع اإلنتاج‪.‬‬ ‫ونتيجة هلذا التوجه أصبح باإلمكان تطوير‬ ‫وإنتاج منتجات "كونية" كنواتج ألنشطة حبث‬ ‫وتطوير متع ّددة املواقع جتمع مواهب وقدرات‬ ‫متميّزة من اقتصادات متع ّددة ‪ .‬يعترب احملللون‬ ‫االقتصاديون أن شبكات البحث العلمي واالبتكار‬ ‫العاملية سوف متثل موجة التزود اخلارجي‬ ‫(‪ )Outsourcing‬الثانية ‪ ،‬إشارة إىل املوجة‬ ‫األوىل اليت سادت يف سنوات الثمانينيات من‬ ‫القرن املاضي‪ ،‬واليت متثلت بالتصنيع خارج‬

‫‪147‬‬

‫‪2‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫‪5‬‬

‫‪Krishna, V.V. and Sujit Bhattacharya (2009), Internationalization of R&D and Global Nature of Innovation 1‬‬ ‫‪Emerging Trends in India, Asia Research Institute, Working Paper Series No. 123‬‬ ‫‪"Hirwani R.R. (2000), "Globalization of R&D – A Perspective from a Developing Country 2‬‬ ‫‪Proceedings for International Seminar on Accreditation and Certification of Research and‬‬ ‫‪Technology Organizations, WAITRO‬‬ ‫‪Innovation: Is Global the Way Forward? A joint study by Booz & Company and INSEAD, 2006 3‬‬ ‫‪Edler J and Ebersberger B, (2005), Globalization and National Innovation Systems: Empirical Trends and 4‬‬ ‫‪Policy Challenges, Presentation at the 13th Annual Seminar of the Association for Technology Implementation‬‬ ‫‪in Europe: "Chances and Challenges for SMEs in a Globalised Innovation System”, Berlin‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 148‬للتنمية الثقافية‬

‫إطار رقم ‪27‬‬

‫شبكات للبحث واالبتكار‬

‫والسلبية‪ ،‬منها مث ًال تقصري دورة البحث‬ ‫والتطوير وتقصري زمن االخرتاق لألسواق‬ ‫العاملية‪ ،‬وكذلك تقصري دورة حياة املنتج‬ ‫اجلديد يف األسواق‪.‬‬

‫بشكل عام تعرف شبكات البحث والتطوير واالبتكا ­ر بأنها "ترتيبات مشرتكة تعتمدها قوى فاعلة‬ ‫واملؤسسات البحثية والشركات‪ ،‬وتكون‬ ‫متنوعة متثل جمموعة الالعبني يف الشبكة‪ ،‬ومنهم الباحثون ّ‬ ‫مهمة هذه القوى الفاعلة حتقيق أهداف ومهمات مشرتكة‪ ،‬مستخدمة موارد مشرتكة وفق جدول‬ ‫أعمال متفق عليه وحمدد بشكل جيد"‪.‬‬ ‫يف عامل البحث والتطوير واالبتكار تصنف الشبكات إىل صنفني أساسيني‪ :‬شبكات البحث والتطوير (أو ‪ - 2‬التشبيك البحثي واالبتكاري‬ ‫شبكات ما قبل التنافسية)‪ ،‬وشبكات االبتكار (أو شبكات التنافسية)‬ ‫اليت تعد وسيلة متكن الشركات إن املشهد املعريف‪/‬االبتكاري العاملي اليوم هو‬ ‫ً‬ ‫من الوصول إىل خارج جدرانها للعثور على مصادر جديدة لألفكار‪ .‬وغالبا ما تتضمن شبكات االبتكار‬ ‫أشبه ما يكون مبنظومة بيئية كونية ‪Ecosystem‬‬ ‫أنشطة حبث وتطوير‪ ،‬وبالتالي مرحلة تشارك تكون شبه خالية من املنافسة‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫إطار رقم ‪28‬‬

‫يف تقريب املسافات!‬

‫أ ّدى التقدم اهلائل يف تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت إىل بعث املزيد من الدينامية واحليوية يف عملية‬ ‫مؤسسات البحث العلمي واالبتكار واىل حترير الشبكات من االتكال على القرب‬ ‫التشبيك والرتابط بني ّ‬ ‫املادي‪ .‬يف الواقع جعلت تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت من هذه الشبكات تنظيماً فعاالً ومتميزاً‬ ‫لإلثراء املعريف عن طريق املساعدة على ترميز املعرفة الضمنية (‪ )Implicit knowledge‬ونشرها‪،‬‬ ‫وإتاحة التعلم املستمر والتدريب أثناء العمل‪ .‬كما أن قانون الشبكات املعروف ب ‪ Metcalf's Law‬الذي‬ ‫يثبت بأن نفعية الشبكة (اليت يعبرّ عنها باحملتوى املعلوماتي املتوفر على شبكة) يتناسب مع مربع عدد‬ ‫املربوطني بهذه الشبكة‪ ،‬يؤ ّكد على دور الشبكة كبيئة لإلثراء املعريف‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫البلد األم متسببة يف تفكيك سالسل اإلنتاج‬ ‫والتوزيع الوطنية لتكتسب هي األخرى بعداً‬ ‫وجه هذان التياران األنظار إىل‬ ‫عاملياً‪ .‬لقد ّ‬ ‫الطرق واآلليات اليت باتت االقتصاديات‬ ‫العاملية تتعامل وتتكامل مبوجبها‪ ،‬حيث مل‬ ‫تعد التعامالت املالية والتجارية متثل اآلليات‬ ‫مؤسسات‬ ‫الوحيدة للتعامل‪ ،‬بل أضيفت إليها ّ‬ ‫املعرفة ومنظومات االبتكار املنتشرة يف أرجاء‬ ‫العامل‪ .‬أ ّدت هذه التوجهات اجلديدة إىل خلق‬ ‫مجلة من القوى احملركة اليت زادت من ح ّدة‬ ‫عوملة البحث العلمي واالبتكار‪ ،‬حبيث نتج عن‬ ‫ذلك عدد من املؤشرات اجلديدة اإلجيابية‬

‫‪ Global‬تعمل فيها الشركات واجلامعات واملراكز‬ ‫البحثية واحلكومات معاً وبشكل مرتابط وفق‬ ‫مقاربة شبكية لالبتكار‪ .‬يف هذه املنظومة‬ ‫مؤسسات حبثية وأكادميية وشركات يف حالة‬ ‫ّ‬ ‫حراك دائم عرب احلدود حبثاً عن شراكات‬ ‫تعاونية‪ ،‬تتم ّكن الشركات عربها وبسهولة‬ ‫من قطف مثار االبتكارات الناجتة عن هذه‬ ‫الشراكات‪ .‬يف الواقع تشري اإلحصائيات العاملية‬ ‫إىل أن ‪ % 91‬من الشركات األلف األكثر إنفاقاً‬ ‫على البحث والتطوير يف العامل تنفّذ أنشطة‬ ‫ابتكارات خارج بلدان إداراتها الرئيسية‪.‬‬ ‫تؤ ّمن شبكات البحث والتطوير واالبتكار‬ ‫أطر عمل وآفاقاً رحبة تساعد على جتاوز‬ ‫مؤسسات‬ ‫العديد من املعوقات اليت تعاني منها ّ‬ ‫العامل النامي‪ ،‬وعلى حتقيق قدرة تنافسية أكرب‬ ‫وختفيف وطأة التحديات النامجة عن العوملة‬ ‫والتحول حنو االقتصاديات القائمة على املعرفة‪.‬‬ ‫ويتبلور ذلك من خالل (أ) دعم وتعزيز قدرات‬ ‫واملؤسسات وبالتالي إنشاء كتلة حرجة‬ ‫األفراد ّ‬ ‫من الباحثني ذوي اخلربة يف جماالت حم ّددة‪،‬‬ ‫(ب) تقاسم تكلفة البحث والتطوير وتاليف‬ ‫ازدواجيتهما‪( ،‬ج) تعزيز املناهج متع ّددة‬ ‫االختصاصات ‪ Multidisciplinary‬واملشرتكة بني‬ ‫القطاعات‪( ،‬د) تطويع البحوث كماً ونوعاً من‬

‫‪Radjou N, Innovation Networks: Forrester Research, Global Progress Report 2006 5‬‬ ‫‪Jaruzelski B and Dehoff K (2008), Beyond Borders, The Global Innovation 1000, Booz Allen Hamilton 6‬‬ ‫‪ 7‬إقامة شبكات البحث والتطوير واالبتكار يف البلدان العربية‪ ،‬اللجنة االقتصادية واالجتماعية لغرب آسيا (إسكوا)‪2005 ،‬‬ ‫‪Hatakenaka S, New Developments in International Research Collaboration, International Higher Education, 8‬‬ ‫‪No 50, winter 2008‬‬

‫‪6‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪ 1 - 2‬التجربة الصينية والهندية‬

‫أرست االقتصادات البازغة والصاعدة‬ ‫مثل الصني والهند بفضل هذه البنية احلديثة‬ ‫معاني جديدة للتعاون الدولي والرتابط‬ ‫البحثي ‪ .‬وكما هو معروف اليوم أسهمت‬ ‫شبكات البحث العلمي واالبتكار التعاونية‬ ‫املؤسسات الصناعية األمريكية‬ ‫اليت ربطت ّ‬ ‫بهذين البلدين إسهاماً واضحاً بالنجاح الذي‬ ‫حققه وادي السيليكون يف كاليفورنيا‪ ،‬والذي‬ ‫ظ ّل ينهل من طفرة الربجميات وتكنولوجيا‬ ‫املعلومات احلاصلة يف الهند ومن التكنولوجيا‬ ‫اإللكرتونية املتقدمة يف الصني‪ .‬جتدر املالحظة‬ ‫هنا إىل أن النجاحات العلمية والتكنولوجية‬ ‫تأت فقط من العمالة‬ ‫هلذين البلدين مل ِ‬ ‫الرخيصة فيهما‪ ،‬فقد حقّقت الصني والهند‬ ‫اخرتاقات مه ّمة يف جذب استثمارات وأنشطة‬ ‫البحث والتطوير العاملية‪ ،‬وهذا ما سعت إليه‬ ‫اقتصادات عريقة يف أميركا الشمالية وأوروبا‬ ‫منذ عقود‪ ،‬وهي اآلن تلهث وراء إقامة الروابط‬ ‫مع اقتصادات معرفية صاعدة مثل الصني‬ ‫والهند‪ ،‬ليس ملرحلة التصنيع النهائي فقط‪،‬‬ ‫بل أيضاً ملرحلة البحث والتطوير‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫البحث العلمي‬

‫حيث مشوليتها وكمونها االبتكاري‪.‬‬ ‫ينطلق مفهوم الشبكات من أن املعرفة ليست‬ ‫حكراً على أحد‪ ،‬وأن استخدامها من طرف أو‬ ‫مؤسسة معيّنة ال يستثين إمكانيات استخدامها‬ ‫ّ‬ ‫من قبل اآلخرين أو يقلل منها‪ .‬وتأتي الشبكات‬ ‫منسجمة مع كفاءات التعلم اخلاصة بالتعامل‬ ‫مع املعرفة‪ ،‬فشبكات البحث والتطوير تعمل على‬ ‫تعزيز كفاءة نقل واستيعاب املعرفة من اخلارج‬ ‫ونشر املعرفة‪ ،‬بينما تعمل شبكات االبتكار‬ ‫باإلضافة إىل ذلك على تعزيز كفاءة إنتاج‬ ‫املعرفة واستثمار املعرفة يف تطوير املنتجات‬ ‫واخلدمات‪.‬‬

‫‪2 -2‬‬

‫التجربة الفنلندية‬

‫‪149‬‬

‫ومن آسيا إىل أوروبا وجتربة فنلندا اليت‬ ‫حقّقت اخرتاقاً بتحويل اقتصادها التقليدي‬ ‫إىل اقتصاد قائم على االبتكار مكتسبة بذلك‬ ‫درجة عالية من القدرة التنافسية على املستوى‬ ‫العاملي‪ ،‬ومعتمدة على دورها القوي كبلد منتج‬ ‫لتكنولوجيا املعلومات واالتصاالت‪ .‬وإذا أردنا‬ ‫االطالع على الطبيعة الشبكية لالقتصاد املعريف‬ ‫الفنلندي يكفي أن نذكر جتربة شركة نوكيا اليت‬ ‫حققت إجنازاً مذه ًال يف االنتقال خالل عقد‬ ‫من الزمن من منتج حملّي ألجهزة اهلواتف‬ ‫النقالة إىل أكرب منتج عاملي متعدد اجلنسيات‬ ‫هلذا النوع من اهلواتف‪ ،‬وذلك بفضل نهج إقامة‬ ‫الشبكات والتجمعات الذي ّمت تبنيه على املستوى‬ ‫الوطين من قبل الوكالة الوطنية للتكنولوجيا‬ ‫يف فنلندا‪.‬‬ ‫أما على املستوى الوطين فلقد ترمجت فنلندا‬ ‫اهتمامها بتأسيس شبكات البحث والتطوير‪،‬‬ ‫بإنشائها الوكالة الوطنية للتكنولوجيا‬ ‫(‪ )TEKES‬اليت أخذت على عاتقها تشجيع‬ ‫القوى الفاعلة يف املنظومة الوطنية لالبتكار‬ ‫واملؤسسات البحثية وشركات القطاع‬ ‫كاجلامعات ّ‬ ‫اخلاص على التشبيك يف ما بينها‪ ،‬و ّقدمت هلا‬ ‫املزيد من الدعم املالي لتمويل برامج حبثية‬ ‫مشرتكة‪ .‬وكمثال عن جهود هذه الوكالة يف‬ ‫دعم إقامة شبكات البحث والتطوير ميكن ذكر‬ ‫الشبكة الشمالية للبحث البيئي املعروفة بـ‬ ‫مؤسسة حبثية‬ ‫(‪ )NorNet‬واليت تض ّم حالياً ‪ّ 11‬‬ ‫وطنية يف احلقول املتعلقة بالبيئة ملتفّني حول‬ ‫جامعة أولو‪.‬‬ ‫‪ 3 - 2‬التجربة اإليرلندية‬

‫متثّل التجربة اإليرلندية منوذجاً آخر يتمثّل‬ ‫مؤسسة مركزية ذات بنية شبكية‪،‬‬ ‫يف إقامة ّ‬ ‫تعنى بالتعاون العلمي والصناعي والتقين جلذب‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 150‬للتنمية الثقافية‬

‫االستثمارات اخلارجية يف هذه اجملاالت‪ .‬فقد‬ ‫ش ّكلت وكالة التطوير الصناعي ‪ IDA‬اليت تولّت‬ ‫عملية التنمية قصة جناح قائمة بذاتها حيث‬ ‫أوصلت إيرلندة إىل الرتتيب األول يف مصاف‬ ‫الدول املستفيدة من موجة شبكات االبتكار ‪.‬‬ ‫وبالفعل‪ ،‬استطاعت إيرلندة من خالل هذه‬ ‫نابضا باحلياة‬ ‫الوكالة أن تبين اقتصا ًدا حديثًا ً‬ ‫ومفعماً بالتقانة‪ ،‬وأن تصبح قاعدة تصديرية‬ ‫مثالية بالنسبة للشركات متعددة اجلنسية اليت‬ ‫تهدف إىل اخرتاق السوق األوروبية‪ .‬وإذا أردنا‬ ‫تلخيص جناح الوكالة مبؤشر واحد فيكفي أن‬ ‫نذكر أنه يف العام‪ 2006‬وصل طيف الشركات‬ ‫األجنبية املستثمرة يف إيرلندة إىل ‪ 980‬شركة‬ ‫و ّفرت ‪ 135487‬فرصة عمل‪ .‬وما يضاعف‬ ‫النجاح هنا االنتقائية العالية اليت متيّزت بها‬ ‫يف اختيار هذه الشركات اليت اتسمت مجيعها‬ ‫مبستوى عاملي متميّز من التقانة العالية وبكمون‬ ‫ابتكاري عال واستعداد كبري للبحث‪ .‬وكمثال‬ ‫على االندفاع الكبري للوكالة يف االستثمار يف‬ ‫البحث والتطوير‪ ،‬فقد تبينّ أنها م ّولت يف العام‬ ‫‪ 2006‬ما جمموعه ‪ 54‬مشروعاً استثمارياً حبثياً‬ ‫كبرياً بلغت قيمتها االستثمارية ‪ 470‬مليون يورو‪،‬‬ ‫بينما كانت هذه القيمة ‪ 140‬مليون دوالر العام‬ ‫‪ 2004‬و ‪ 260‬مليون دوالر العام ‪ .2005‬قد امت ّدت‬ ‫هذه االستثمارات على طيف واسع من األعمال‬ ‫والقطاعات‪ ،‬واقرتنت مجيعها باستثمارات‬ ‫أجنبية‪ ،‬وهذه خصوصية كبرية ميزت االنطالقة‬ ‫اإليرلندية يف البحث والتطوير التقين فأعطتها‬ ‫فرصة لتحقيق القفزة التنموية املسماة بـ‬ ‫القفزة الضفدعية ‪ Leapfrogging‬يف جمال نقل‬ ‫وتوطني التقانة‪ ،‬عن طريق جلب االستثمارات‬ ‫اخلارجية يف البحث والتطوير واالبتكار‪.‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪I‬‬

‫‪ 4 - 2‬التجربة الكورية الجنوبية‬

‫أما كوريا اجلنوبية فقد ق ّدمت منوذجاً‬ ‫آخر متحور حول مراكز البحث اإلقليمية‬ ‫اليت أنشئ منها ما يزيد على ‪ 37‬مركزاً‬ ‫مو ّزعة على أقاليم البلد اخلمسة عشر‪،‬‬ ‫يف جماالت متن ّوعة من جماالت البحث‬ ‫والتطوير كالتكنولوجيا البيئية واإللكرتونيات‬ ‫والبيوتكنولوجيا‪ .‬وقد كان هلذه املراكز‬ ‫املؤسسات‬ ‫اإلقليمية أكرب األثر يف التشبيك مع ّ‬ ‫مما أ ّدى إىل إقامة جمتمعات‬ ‫ذات العالقة‪ّ ،‬‬ ‫حملية للعلم والتكنولوجيا وجتمعات للبحث‬ ‫والتطوير واالبتكار‪ .‬وكمثال على هذه املراكز‬ ‫اإلقليمية نورد مركز البحث حول معدات‬ ‫أشباه املوصالت ‪SERC - Semiconductor‬‬ ‫‪ .Equipment Research Center‬الذي تأسس‬ ‫العام ‪ 1996‬من رحم جامعة هوسيو وسرعان‬ ‫ما شبك مع مخس جامعات حملية ومعهدين‬ ‫للبحث‪ ،‬أ ّدى تعاضد أنشطتها أن أصبح املركز‬ ‫حموراً رائداً لشبكات البحث يف جمال أشباه‬ ‫املوصالت يف إقليم شنيونان – آسان‪ ،‬وأ ّدى‬ ‫بالتالي إىل تشكيل جتمع ابتكار استثنائي يف‬ ‫اإلقليم‪.‬‬ ‫‪10‬‬

‫‪ - 3‬اآلثار المباشرة لتشبيك البحث‬ ‫العلمي واالبتكار‬

‫املؤسسات‬ ‫أحدث تشبيك البحث العلمي بني ّ‬ ‫والعلميّني والشراكات وتنامي ظهور البيئات‬ ‫الشبكية والشبكة كمفاهيم وآليات معتمدة‬ ‫للتعاون‪ ،‬حتوالت بنيوية وأثراً مباشراً على‬ ‫العملية االبتكارية وطبيعة االبتكار العلمي‬ ‫والتقين‪.‬‬

‫‪Ireland’s expanding innovation landscape, IDA Annual report 2006, http://www.idaireland.com/news- 9‬‬ ‫‪media/publications/annual-reports/accesible-versions/Build03/research_and_innovation.html‬‬ ‫‪Chung S, Korean Development and Innovation Policy: Any Lessons? World Bank Rapid Innovation Action 10‬‬ ‫‪.Learning (RIAL) Workshop, Beirut, July 5-6, 2010‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫أفسحت البنى الشبكية اجملال واسعاً أمام‬ ‫ظهور العديد من البيئات العلمية االبتكارية‬ ‫كمراكز التميّز البحثية واملخابر االفرتاضية‬ ‫واحلاضنات االفرتاضية واجلامعات االفرتاضية‪،‬‬ ‫كما أفسحت هذه البنى اجلديدة اجملال لتشكيل‬

‫شبكات من األفراد ‪Networks of Individuals‬‬

‫ألغراض التعلّم أو البحث العلمي واالبتكار‪،‬‬ ‫وذلك باستخدام الشبكات اإللكرتونية سوا ًء‬ ‫املؤسسة الواحدة أم بني فروعها أم عرب‬ ‫داخل ّ‬ ‫العامل باستخدام شبكة اإلنرتنت ‪.‬‬

‫البحث العلمي‬

‫‪ 1 - 3‬بيئات ابتكارية افتراضية‬

‫على االقتصادات الثرية يف العامل‪ ،‬فاالبتكار‬ ‫مما م ّكن‬ ‫قليل التكلفة أصبح يف ازدياد اليوم ّ‬ ‫اقتصاد االبتكار من التوسع ليصل إىل ك ّل جزء‬ ‫من الكرة األرضية‪ .‬فالك ّل يعلم أن ال حاجة إال‬ ‫إىل القليل من املال الستحداث خدمات مبتكرة‬ ‫جديدة على اإلنرتنت‪ ،‬فشركتا ياهو وغوغل‬ ‫أنشأهما طالب يف جامعة ستانفورد معتمدين‬ ‫على مبلغ ضئيل من املال‪ .‬أما االستثمارات‬ ‫الكبرية فقد جاءت بعد أن ّمت تأسيس وبدء عمل‬ ‫هذه الشركات‪.‬‬

‫‪11‬‬

‫‪ 3-3‬االبتكار الجماعي‬

‫ولعل أهم أثر للتشبيك والشبكات على االبتكار‬ ‫‪ 2 - 3‬ديمقراطية االبتكار‬ ‫تغي النموذج اإلرشادي أو االنزياح املفهومي‬ ‫أصبح العامل أكثر ابتكاراً وازداد الكمون هو رّ‬ ‫االبتكاري فيه حيث تلعب املنتجات واخلدمات (‪ )Paradigm Shift‬الذي طال مفاهيم وآليات‬ ‫والعمليات الناجتة عن االبتكار دوراً متنامياً يف االبتكار ومتثّل بربوز ظاهرة االبتكار التعاوني‬ ‫حياة املواطنني عرب مساحة متزايدة من الكرة أو اجلماعي أو املفتوح ‪ .Open Innovation‬يعود‬ ‫األرضية‪ .‬وبالفعل فقد انتقلت أجزاء كبرية جوهر هذا التح ّول املفهومي املهام يف األصل‬ ‫من العامل إىل ما يسمى بـ اقتصاد االبتكار إىل كون االبتكار عم ًال مجاعياً يف طبيعته‪ .‬إن‬ ‫‪ ،Innovation Economy‬أما بقية األجزاء فقد ما مييّز مجيع األنظمة االبتكارية‪ ،‬إن كانت‬ ‫مؤسسة صغرية أم‬ ‫بدأت تلحق بها بسرعة‪ .‬ويف السياق عينه‪ ،‬على مستوى فريق عمل أم ّ‬ ‫أضحى االبتكار أكثر دميقراطية ومل يعد متوسطة أم كبرية أم على املستوى الوطين‪ ،‬أن‬ ‫مرتبطاً بالتق ّدم التكنولوجي‪ ،‬فقد حفزت الالعبني املبتكرين نادراً ما يبتكرون لوحدهم‪،‬‬ ‫األخص يف الدول املتقدمة اليت تتعامل‬ ‫التقنيات االبتكارية إدخال حتسينات يف حقول وعلى‬ ‫ّ‬ ‫متنوعة كالقروض الصغرية وتنظيم الشركات مع منظومات إنتاجية معقدة تفرض تفاع ًال‬ ‫والتعلّم ويف نوعية اخلدمات‪ .‬ومن األمثلة مباشراً بني مجيع األطراف املشاركة يف هذه‬ ‫اجليدة على ذلك القروض الصغرية وامليسرة املنظومات (فعاليات البحث والتطوير والتسويق‬ ‫املؤسسات بني بعضها‪،‬‬ ‫املؤسسة الواحدة‪ّ ،‬‬ ‫اليت متكن أصحاب الدخل احملدود من بدء داخل ّ‬ ‫املؤسسة مع احمليط االقتصادي أو القانوني‬ ‫شركات أعمال جديدة بتكلفة منخفضة‪ ،‬وبرامج‬ ‫ّ‬ ‫الكمبيوتر اجملانية ذات املصدر املفتوح اليت أو السياسي‪ ،)...‬حيث يؤ ّدي هذا التفاعل‬ ‫تنتجها جمتمعات أهلية ال تبغي الربح‪ ،‬مثل نظام إىل عملية تعلّم دائم واستغالل جم ٍد للموارد‬ ‫تشغيل الكمبيوتر لينوكس أو متصفح اإلنرتنت املعرفية املتاحة بشكليها املرمز واملضمر‬ ‫فاير فوكس‪ .‬كما أن االبتكار مل يعد حكراً ‪ ،Codified and Tacit‬وبذلك تأتي العملية‬ ‫‪12‬‬

‫‪ 11‬جنيب عبد الواحد وواثق رسول آغا‪“ ،‬االبتكار يف جمتمع املعرفة”‪ ،‬ورقة مقدمة إىل املؤمتر التاسع للوزراء املسؤولني عن التعليم‬ ‫العالي والبحث العلمي يف الدول العربية‪ ،‬دمشق ‪ 18 - 15‬كانون األول‪/‬ديسمرب ‪.2003‬‬ ‫‪ 12‬جنيب عبد الواحد وآصف دياب‪“ ،‬دور التعليم العالي والبحث العلمي يف بناء جمتمع املعرفة”‪ ،‬ورقة مقدمة إىل املؤمتر التاسع للوزراء‬ ‫املسؤولني عن التعليم العالي والبحث العلمي يف الدول العربية‪ ،‬دمشق ‪ 18 - 15‬كانون األول‪/‬ديسمرب ‪.2003‬‬

‫‪151‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 152‬للتنمية الثقافية‬

‫االبتكارية نتيجة تفاعل وتعاضد بني األفراد واملسماة‪:‬‬ ‫واملؤسسات املتعاونة يف ما بينها‪.‬‬ ‫اإللكترونية" (‪Open Ecosystem for Chip‬‬ ‫والشركات ّ‬ ‫إن األمثلة وقصص النجاح عن االبتكار ‪ )R&D‬حيث تض ّمنت هذه الشبكة تسعة من‬ ‫املفتوح عديدة‪ ،‬فقد أعطت شركة ‪ IBM‬أول العمالقة يف هذا اجملال أمثال ‪Advanced‬‬ ‫مثال للتطبيق "الثوروي" لنموذج االبتكار ‪Micro Devices, Sony, Toshiba,‬‬ ‫املفتوح عندما أطلقت شبكتها لالبتكار املفتوح ‪... Freescale Semiconductor‬إخل‪،‬‬ ‫كما أن يف النجاح الباهر لشركة ‪ Apple‬يف‬ ‫إطار رقم ‪29‬‬ ‫االبتكار املفتوح‬ ‫جممل االبتكارات اليت جتسدت يف هواتفها‬ ‫هنري تشيزبرو‪ ،‬أستاذ يف جامعلة بريكلي‪ ،‬هو أول من استخدم مصطلح "االبتكار املفتوح" العام احملمولة ‪ i-phone‬خري مثال على االخرتاقات‬ ‫املؤسسات‪ ،‬بل ويتوجب عليها‪ ،‬أن تستخدم األفكار اليت حققها وميكن أن حيققها منوذج االبتكار‬ ‫‪ 2003‬حني عرفه بأنه "منوذج يفرتض أن بإمكان ّ‬ ‫املؤسسة والداخلية معاً‪ ،‬وأيضاً‬ ‫األسواق"‪.‬‬ ‫إىل‬ ‫املؤدية‬ ‫واخلارجية‬ ‫الداخلية‬ ‫السبل‬ ‫اخلارجية بالنسبة إىل ّ‬ ‫املفتوح‪ ،‬فنجاح ‪ iPhone‬ال يعود فقط لقدرة‬ ‫دون‬ ‫من‬ ‫املتوفرة‬ ‫مواردهم‬ ‫من‬ ‫أكرب‬ ‫قيمة‬ ‫استجرار‬ ‫املفتوح‬ ‫االبتكار‬ ‫يف‬ ‫والقادة‬ ‫وهكذا ميكن للمدراء‬ ‫برامج تطوير شاملة‪ .‬يف هذا اجملال‪ ،‬تتم ّكن الشركات من االستفادة من الشبكات موظفي ‪ Apple‬على العمل معاً يف خمتلف‬ ‫احلاجة إلطالق‬ ‫مما يسمح بتوليد دورة ابتكار‪ .‬لقد عربت جماالت اخلربة‪ ،‬مبا فيها املوسيقى واهلاتف‬ ‫باآلخرين‪،‬‬ ‫اخلاصة‬ ‫التطويرية‬ ‫القدرات‬ ‫إىل‬ ‫الفعالة والولوج‬ ‫ّ‬ ‫جملة ماكينزي الفصلية يف تقريرها لعام ‪ 2008‬أن "شبكات االبتكار الفعالة تسمح ألناس مبعارف والتصوير الرقمي واإلنرتنيت‪ ،‬بل أيضاً للعمل‬ ‫خمتلفة وسبل خمتلفة ملعاجلة املشكالت بأن تتقاطع أفكارهم وتتالقح" ‪.‬‬ ‫مع املبتكرين واملبدعني اخلارجيني الذين عملوا‬ ‫وفق النموذج التعاوني املفتوح على تطوير أكثر‬ ‫إطار رقم ‪30‬‬ ‫من مئة ألف برجمية حيتويها جهاز ‪.I-phone‬‬ ‫االبتكار الشبكي يف وادي السيليكون‬ ‫وميثل وادي السيليكون في كاليفورنيا‪ ،‬حيث‬ ‫يع ّد مركز سيليكون فالي يف والية كاليفورنيا‪ ،‬أجنح نظام تعاوني لالبتكار يف عصرنا هذا‪ ،‬وأحد األنظمة االبتكار هو الصناعة الرئيسية هلذه املنطقة‪،‬‬ ‫اليت تعتمد بدرجة عالية على تالقح األفكار يف ما بني ابتكاراته التكنولوجية العديدة‬ ‫واالبتكارات مثاالً آخر للبيئة التعاونية املفتوحة اليت تسخر‬ ‫األخرى‪ .‬يف العام ‪ 1968‬عرض دوغ انغلبارت أول منوذج جترييب لنظام كمبيوتر شخصي حديث‪.‬‬ ‫النص التفاعلي‪ ،‬الذكاء اجلماعي خلدمة االبتكار عرب شبكات‬ ‫متيّز العرض بوجود أول فأرة كمبيوتر يراها عامة الناس‪ .‬أدخل هذا الكمبيوتر ّ‬ ‫العرض‬ ‫أنغلبارت‬ ‫والنص املرتابط‪ .‬مل يس ّم‬ ‫مؤمترات الفيديو‪ ،‬املؤمترات عن بعد‪ ،‬الربيد اإللكرتوني‪ّ ،‬‬ ‫االبتكار املنتشرة‪.‬‬ ‫"نظام كمبيوتر شخصي جديد"‪ ،‬بل أعطاه العنوان الغريب "مركز أحباث زيادة الذكاء اإلنساني"‪.‬‬ ‫من الواضح إذاً أن االبتكار املفتوح يعتمد‬ ‫مل يهدف جهاز انغلبارت لصنع أجهزة كمبيوتر أكثر ذكاء‪ ،‬بل كان يتعلّق بصنع أفراد أكثر ذكاء (عن‬ ‫طريق التشبيك)‪ .‬كما كان من املقرر أن تتصل أجهزة الكمبيوتر الشخصية هذه ببعضها البعض كي على الذكاء اجلماعي وتأمني البيئة التمكينية‬ ‫يتم ّكن الناس من العمل سوية حل ّل املشكالت‪ ،‬ليشكلوا بذلك هيئة ذكاء مجاعية قد تتم ّكن من ح ّل الستثمار الذكاء لدى اجملتمعات األهلية ‪ .‬ومن‬ ‫الكثري من املشكالت اليت يصعب حلها من دون الربط الشبكي لللكمبيوترات اخلاصة بهم‪ .‬كانت هذه‬ ‫الفكرة جاحمة يف ذلك الوقت‪ ،‬ومل يفهمها سوى القليل من الناس‪ .‬أصبحت تلك الرؤية اليوم واقعاً املنتجات اجلانبية "الذكية" لالبتكار املفتوح‬ ‫بوجود اإلنرتنت‪ ،‬واهلواتف اخلليوية اليت هي أجهزة كمبيوتر شخصية صغرية‪ ،‬وتطبيقات الشبكات نشوء شركات وسيطة تستقطب الذكاء اجلماعي‬ ‫االجتماعية‪.‬‬ ‫لتوظفه لصاحل الشركات الكربى الطالبة‬ ‫المرجع‪ :‬شبكة النبأ المعلوماتية‬ ‫‪http://www.annabaa.org/nbanews/2009/12/059.htm; Accessed 01/09/2010‬‬ ‫لالبتكار املفتوح‪ ،‬وتق ّدمه هلا كسلعة وفق منوذج‬ ‫"البيئة املفتوحة لتطوير الرقائق‬

‫‪15‬‬

‫‪13‬‬

‫‪14‬‬

‫‪16‬‬

‫‪Chesbrough, H.W. (2003), Open Innovation: The new Imperative for Creating and Profiting from 13‬‬ ‫‪.Technology, Boston: Harvard Business School Press‬‬ ‫‪Bughin J et al (2008), The Next Step in Open Innovation, McKinsey Quarterly. Accessible at https:// 14‬‬ ‫‪www.mckinseyquarterly.com/next_step_in_open_innovation_2155‬‬ ‫‪.Radical Collaboration: Lessons from IBM’s innovation factory (2007), Special Report 15‬‬ ‫‪Accessible at: http://www.businessweek.com/innovate/content/aug2007/id20070830_258824.htm‬‬ ‫‪Butcher, D. R., (2009), Harnessing Collective Innovation 16‬‬ ‫‪Accessible at: http://news.thomasnet.com/IMT/archives/2009/08/designing-an-innovation-network‬‬‫‪creativity-team-building-ideas.html‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪ 4 - 3‬المشاع الفكري مقابل الملكية‬ ‫الفكرية‬

‫ترافق االنفجار املعريف وما نتج عنه من‬ ‫بيئات متكينية مسهلة للولوج إىل التكنولوجيا‬ ‫تقض مضاجع الدول‬ ‫اجلديدة مع قيود قانونية ّ‬ ‫النامية اليت تعاني بش ّدة من القوانني احمل ّددة‬ ‫للملكية الفكرية واملعيقة لعملية النهل احل ّر من‬ ‫املخزون املعريف والتقين املتوفر ‪ .‬فقد محل‬ ‫االنفجار املعريف يف طياته العديد من اإلشكاالت‬ ‫التقنية والقانونية املتعلقة حبقوق املؤلفني‬ ‫واملبدعني‪ ،‬وصالحيات النشر واالقتباس‪،‬‬ ‫وحتميل املعلومات عن شبكة اإلنرتنت وغريها‬ ‫من الوسائط املتقدمة‪ ،‬وكيفية استخدام هذه‬ ‫املعلومات واالستغالل التجاري هلا‪.‬‬ ‫ولكن ذلك مل حيل دون مبادرات فردية‬ ‫ومجاعية ملكافحة احلصرية القانونية‪ ،‬وبالفعل‬ ‫بدأت التيارات والتكتالت تعمل معاً من خالل‬ ‫شبكة اإلنرتنت خللق منتجات تنافس وأحياناً‬ ‫تغلب منتجات الشركات العمالقة‪ .‬فكان أن بزغ‬ ‫عصر املصادر املفتوحة و"املشاع الفكري"‪ ،‬جنم‬ ‫عنه نشوء العديد من املنظمات غري الرحبية‬ ‫اليت هدفت إىل تنظيم استخدام اإلنرتنت‪،‬‬ ‫ووضع التشريعات الالزمة بني مبدعي األعمال‬ ‫الفنية واألدبية والعلمية واإلعالمية من جهة‪،‬‬ ‫‪17‬‬

‫تأسست شركة ‪ InnoCentive‬اليت أطلقت يف العام ‪ 2001‬من قبل إيلي ليلي‪ ،‬وتعد نفسها اليوم‬ ‫ّ‬ ‫منوذجاً حديثاً لبيع نتائج األحباث واالبتكارات اليت حتصل عليها وفق النموذج املفتوح‪ .‬توفّر‬ ‫الشركة وسيلة للبحث عن حلول للمشكالت التقنية خارج آليات األحباث التقليدية وبنى التطوير‬ ‫الثابتة‪ ،‬فرتسل لعمالئها (اليت تسميهم الباحثني عن احللول) املشكالت عرب موقع إنرتنت إىل‬ ‫جانب مكافأة مالية ألفضل ح ّل ميكن أن يق ّدم خالل وقت معينّ ‪ .‬أما عن زبائن تلك الشركة‬ ‫الذين يشرتون هذه احللول فهم يف الغالب شركات ضخمة تلجأ إىل شركة ‪InnoCentive‬للبحث‬ ‫عن عالمة جتارية جديدة أو أفكار جديدة ملنتجاتهم‪ .‬توفّر الشركة إمكانية الوصول إىل موقعها‬ ‫على اإلنرتنت ألكثر من ‪ 100‬ألف يقدمون احللول بأمل الفوز باملكافأة‪ .‬كما تسهل نشر وصياغة‬ ‫هذه املشكلة وتعرضها على موقعها يف إطار من اخلصوصية يراعي اتفاقات محاية امللكية الفكرية‬ ‫وحتصل بالتالي على حلول وأحباث من قبل مواهب عشرات آالف العلماء من دون زيادة التكاليف‬ ‫الثابتة للشركة‪.‬‬ ‫يف حتليل تناول ‪ 166‬مشكلة نشرها موقع‪ InnoCentive.com‬من قبل شركات ضخمة يف جمال‬ ‫الصناعات الكيميائية والدوائية‪ ،‬تبينّ أن الباحثني كانوا يف ما مضى يقضون من ‪ 6‬أشهر إىل‬ ‫سنتني يف حماوالتهم حل ّل مثل هذه املشكالت داخل شركاتهم‪ ،‬ومن دون جناح مضمون‪ .‬لكن من‬ ‫بني ‪ 166‬مشكلة علمية نشرت على املوقع ّ‬ ‫مت حل ‪ 49‬مشكلة من قبل مجهور ‪ ،InnoCentive‬وهذا‬ ‫حب ّد ذاته جناح باهر ألفراد نافسوا خمتربات حبثية كبرية‪ .‬واألهم من ذلك‪ ،‬فقد تبينّ أن مبتكر‬ ‫احل ّل (الذي يفوز باحل ّل األفضل للمشكلة) قد أمضى يف املتوسط ‪ 74‬ساعة فقط للوصول إىل ح ّل‪،‬‬ ‫وهو رقم ضئيل جداً مقارن ًة مع فرتة ‪ 6‬إىل ‪ 24‬شهراً غري جمدية كانت تستغرقها حلول الشركات‬ ‫الكبرية لألحباث‪ .‬والسبب يف تلك النتيجة اليت تكاد ال تصدق بسيط نوعاً ما‪ ،‬وهو أن صاحب‬ ‫احل ّل يعرف احل ّل مسبقاً‪ ،‬إذ إن ‪ InnoCentive‬تساعد الباحثني عن طريق معلومات موجودة‬ ‫مسبقاً وموزعة على مجهورها العريض البالغ مئة ألف عامل‪ .‬ويف ‪ % 72.5‬من جممل احلاالت‪،‬‬ ‫فإن الذي حيظى باحل ّل يقوم فقط بإعادة استخدام ح ّل موجود مسبقاً يف مهمة سابقة ّ‬ ‫مت حلها يف‬ ‫سياق خمتلف‪ ،‬ويف معظم احلاالت فإن احل ّل يكون من خارج جمال خربة واختصاص من جيده‪.‬‬ ‫المرجع ‪http://www.we-magazine.net/we-create-mass-customazation-and-beyound-in-ara� :‬‬ ‫‪bic; Accessed 01/09/2010‬‬

‫واملؤسسات الكربى‬ ‫ومستخدمي اإلنرتنت‬ ‫ّ‬ ‫العاملة يف خمتلف القطاعات من جهة أخرى‪،‬‬ ‫بشكل يتيح ملستخدمي اإلنرتنت والوسائط‬ ‫التقنية املتقدمة التمتّع مبا يشهده العامل من‬ ‫ثورة معرفية وثقافية شاملة‪ ،‬من دون أن يؤثّر‬ ‫ذلك على حقوق املبدعني املادية واملعنوية ‪.‬‬ ‫ويف أساس هذا املفهوم املتق ّدم جهود عدد‬ ‫املؤسسات غري احلكومية وغري الرحبية‬ ‫من ّ‬ ‫مؤسسة املشاع اإلبداعي ‪Creative‬‬ ‫مثل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫‪18‬‬

‫‪Corres, C.M., (2005), How intellectual property rights can obstruct progress, Science and Development 17‬‬ ‫‪Network, Accessible at http://www.scidev.net/en/science-and-innovation-policy/opinions/how‬‬‫‪intellectual-property-rights-can-obstruct-prog.html‬‬ ‫‪Lee, J, The Neglected Role of Non-Profit Organizations in the Intellectual-Commons Environment, A PhD 18‬‬ ‫‪Dessertation Submitted to the Stanford Law School, May,2009‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫البحث العلمي‬

‫التزويد اخلارجي (‪ .)Outsourcing‬كمثال‬ ‫على هذه الشبكات الوسيطة نذكر‪Flintbox, :‬‬ ‫‪Verticali, InnoCentive, Innovation Exchange,‬‬ ‫‪[Hypios], InnovationXchange, NineSigma,‬‬ ‫‪Starmind, yet2.com, MillionBrains, and‬‬ ‫‪.One Billion Minds in India,… etc‬‬ ‫ ‬

‫اطار رقم ‪31‬‬

‫‪ : InnoCentive‬شركة مزودة لالبتكار املفتوح‬

‫‪153‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 154‬للتنمية الثقافية‬

‫ومؤسسة حدود اإللكترونيات‬ ‫‪،Commons‬‬ ‫ّ‬ ‫‪،Electronic Frontiers Foundations‬‬ ‫احلرة ‪Free Software‬‬ ‫ومؤسسة البرمجيات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ومؤسسة املعرفة العامة‬ ‫‪،Foundation‬‬ ‫ّ‬ ‫‪.Public Knowledge‬‬

‫إطار رقم ‪32‬‬

‫على الرغم من أن الصراع ال يزال قائماً‬ ‫إلجياد توازن أمثل بني عامل املشاع الفكري‬ ‫ومحاية امللكية الفكرية‪ ،‬إال أن تعزيز التوزيع‬ ‫الواسع واحل ّر للمعرفة واملعلومات يعترب أمراً‬ ‫أساسياً للدول النامية‪ ،‬ولن يتحقق إال بتبنيّ‬ ‫منوذج املشاع الفكري مع ضمان تلقّي املؤلفني‬ ‫واملخرتعني احلماية املالئمة ألعماهلم‪.‬‬

‫املشاع وامللكية الفكرية‬

‫يشري مصطلح "املشاع الفكري" املعاكس ملصطلح "امللكية الفكرية" إىل مواد ومعلومات ال‬ ‫تؤ ّمن محايتها حقوق امللكية الفكرية‪ .‬وتتوفّر املعلومات يف عامل املشاع الفكري الستعماهلا من‬ ‫جانب العامة من دون شرط احلصول على إذن مسبق أو فرض قيود على إعادة استعماهلا‪.‬‬ ‫وتأتي مؤسسة املشاع اإلبداعي على رأس املنظمات غري الرحبية املعنيّة بتطبيق مفهوم‬ ‫املشاع الفكري واليت توصلت إىل عقد اتفاقيات مع اجلهات العاملة على اإلنرتنت من مز ّودي‬ ‫خدمات الوب ومدراء احملتوى وصوالً إىل املستخدمني الراغبني بتداول احملتوى الرقمي بشكل‬ ‫قانوني‪ّ .‬‬ ‫ونظمت أشكال السماح بالنشر على اإلنرتنت‪ ،‬وطبيعة احلقوق اليت ميكن للمؤلف‬ ‫واملبدع أن يتنازل عنها بشكل جزئي‪ ،‬من أجل انتشار أكرب للمعرفة‪ ،‬وإيصال إبداعه إىل أكرب‬ ‫قدر ممكن من البشر‪ ،‬مع احلفاظ على حقوقه األساسية يف نسب العمل له‪ ،‬وحصر الفائدة‬ ‫التجارية بشخصه‪ .‬كما وضعت يف االستثمار أمناط رخص معمول بها يف "املشاع اإلبداعي"‬ ‫والرموز املستخدمة على نطاق اإلنرتنت لك ّل منها‪ ،‬واقرتحت برناجماً للملكية الفكرية ّ‬ ‫مت‬ ‫اعتماده من قبل ‪ 52‬دولة يف العامل‪ ،‬وهناك ترمجة هلذه الرخصة بالّلغة العربية يُعمل عليها‬ ‫يف األردن ‪ .‬هذا وقامت منظمات وهيئات دولية مثل اليونيسكو ‪ ،‬ومؤمتر القمة العاملية‬ ‫لألمم املتحدة حول جمتمع املعلومات‪ ،‬واجمللس الدولي للعلوم‪ ،‬وجلنة قاعدة بيانات العلوم‬ ‫والتكنولوجيا‪ ،‬برتكيز اهتمامها على أهمية املشاع الفكري بالنسبة للدول املتطورة والنامية‬ ‫على ح ّد سواء ‪.‬‬ ‫‪19‬‬

‫‪21‬‬

‫‪20‬‬

‫‪22‬‬

‫املوقع الرمسي‪/http://creativecommons.org :‬‬ ‫األوس للنشر يرعى افتتاح نشاطات املشاع اإلبداعي يف سوريا‬

‫‪ - 4‬واقع الدول العربية لجهة‬ ‫الترابط والتشبيك‬

‫خيتلف مشهد الرتابط املعريف العربي‪-‬‬ ‫العربي بشكل عام اختالفاً جذرياً عن نظريه‬ ‫العاملي حيث يتمحور الرتابط العربي حول‬ ‫املؤسسات‬ ‫أمناط خجولة من التعاون الثنائي بني ّ‬ ‫التعليمية والبحثية‪ ،‬وال غرابة أن جند يف كثري‬ ‫من األحيان حاالت من التعاون العربي تت ّم حتت‬ ‫مظلة برامج التعاون الدولية‪ ،‬وخباصة عندما‬ ‫تعطي هذه الربامج األولوية للتعامل مع جتمعات‬ ‫إقليمية‪ ،‬كما هو احلال يف برامج التعاون اليت‬ ‫يديرها االحتاد األوروبي‪.‬‬ ‫مع تدني املؤشرات العربية يف البحوث‬ ‫والتطوير واالبتكار وغياب الرؤية الكفيلة‬ ‫بتجاوز املعوقات السياسية اليت حت ّد من تبادل‬ ‫اخلربات وتكامل املوارد‪ ،‬ازدادت املخاوف من‬ ‫بقاء املنطقة العربية يف حالة ختلف عن باقي‬ ‫دول العامل يف إقامة اقتصاد املعرفة‪ .‬وقد أطلقت‬ ‫مبادرات ثنائية وإقليمية وعربية ع ّدة تفاوتت‬ ‫درجات جناحها وجدواها‪ ،‬من دون أن حتجب‬ ‫اإلمجاع على أهميتها االسرتاتيجية يف بناء‬ ‫جمتمع املعرفة العربي‪.‬‬ ‫يش ّكل اتّ حاد مجالس البحث العلمي يف‬ ‫الدول العربية مثاالً حياً آلليات الرتابط‬ ‫البحثي العقيمة واملرتهلة‪ .‬لقد كان من أبرز‬ ‫أهداف اتّ حاد مجالس البحث العلمي العربية‬ ‫التخطيط إلجراء مشروعات حبوث مشرتكة‬

‫‪19‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪http://www.discover-syria.com/news/5220‬‬ ‫‪UNESCO Publishes Policy Guidelines Related to Governmental Public Domain Information, Paris, (2004): 21‬‬ ‫‪http://portal.unesco.org/ci/en/ev.php-URL_ID=15863&URL_DO=DO_TOPIC&URL_SECTION=201.‬‬ ‫‪html‬‬ ‫‪ 22‬أهمية امللك العام املشاع (‪،)2008‬‬ ‫‪http://www.america.gov/st/business-arabic/2008/April/20100629112149x0.4585382.html‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪ 1 - 4‬الواقع العربي في مجال الترابط‬ ‫العلمي على المستوى الدولي‬

‫يشارك الباحثون العرب يف العديد من‬ ‫برامج التعاون البحثي العلمي والتقاني اليت‬ ‫املؤسسات البحثية األوروبية واألمريكية‪،‬‬ ‫تطلقها ّ‬ ‫وأبرزها البرامج اإلطارية التابعة لالحتاد‬ ‫األوربي ‪ FPs‬واليت تش ّكل منوذجاً للتعاون بني‬ ‫دول الشمال واجلنوب‪ ،‬ويف إطار الدول املشرفة‬

‫على حوض البحر املتوسط‪.‬‬ ‫يش ّكل اتحّ اد جمالس البحث العلمي يف‬ ‫أطلق االتّ حاد األوروبي برامج السنوات الدول العربية مثاالً حياً آلليات الرتابط‬ ‫البحثي العقيمة واملرتهلة‪ ،‬قام االتحّ اد‬ ‫ً‬ ‫اخلمس "اإلطارية" اعرتافا منه بالدور الذي حتى اآلن بإنشاء سبع روابط مل يتم ّكن‬ ‫ميكن للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي معظمها من حتقيق األهداف اليت أحدثت‬ ‫االضطالع به‪ ،‬وبهدف مواكبة احتدام املنافسة من أجلها‪ ،‬حيث احنصرت نشاطاتها يف‬ ‫أحسن األحوال‪ ،‬يف تبادل الزيارات وعقد‬ ‫الصناعية يف السياق العاملي‪ ،‬وسعياً لتحسني اجتماعات مومسية أو إقامة دورات‬ ‫ختصصاتها‪ ،‬من دون أن يكون‬ ‫نوعية حياة مواطنيه‪ .‬وقد بدأ التعاون الدولي تدريبية يف ّ‬ ‫يأخذ حيزاً يف هذه الربامج بدءاً من البرنامج هناك قيم مضافة تعبرّ عن الرتابط‬ ‫العلمي يف ما بينها‪. .‬‬

‫اإلطاري اخلامس ‪ FP5‬الذي امت ّد خالل الفرتة‬ ‫‪ 2002 - 1998‬ومسح فيه باملشاركة ألول م ّرة‬ ‫لباحثني من خارج االتّ حاد األوروبي‪ .‬ثم جاء‬ ‫برنامج اإلطار السادس ‪ FP6‬الذي امت ّد خالل‬ ‫الفرتة ‪ 2006 - 2002‬وتض ّمن ميزانية خاصة‬ ‫قدرها ‪ 315‬مليون يورو لدعم التعاون الدولي‬ ‫العلمي والتكنولوجي بإشراك الباحثني من خارج‬ ‫دول املنظومة األوروبية‪ ،‬وذلك يف مجيع اجملاالت‬ ‫العلمية والبحثية اليت ح ّددها الربنامج‪.‬‬ ‫اتسمت املشاركة العربية يف البرنامج اإلطاري‬ ‫اخلامس بالتواضع حيث مل يتجاوز حجمها ‪54‬‬ ‫إطار رقم ‪33‬‬

‫بعض الربامج البحثية البينيّة املشرتكة‬ ‫اليت عمد بعض الدول العربية إىل‬ ‫إطالقها وفق اتفاقيات ثنائية مشرتكة‬ ‫أبرمت بني احلكومات‪ ،‬مثّلت بداي ًة‪ ،‬ولو‬ ‫خجولة‪ ،‬ملساعي ترابط حبث ّي عرب ّي ميكن‬ ‫البناء على جتربتها وتعميمها بسهولة بني‬ ‫دول عربية متجاورة جغرافياً وتتّصف‬ ‫مبوارد وتطلّعات متشابهة‪. .‬‬

‫برنامج التعاون البحثي السوري – الّلبناني‬

‫أطلق هذا الربنامج يف العام ‪ 2001‬ضمن إطار االتفاق اخلاص بالتعليم العالي والبحث العلمي‬ ‫بني احلكومتني السورية واللبنانية‪ ،‬وذلك بهدف تعزيز الرتابط العلمي والبحثي بني الباحثني‬ ‫السوريني ونظرائهم اللبنانيني‪ .‬ينفذ الربنامج حالياً بني اجلامعات واهليئات واملراكز العلمية‬ ‫السورية من جهة واجلامعة اللبنانية واجمللس الوطين للبحوث العلمية يف لبنان من جهة أخرى‪،‬‬ ‫ويق ّدم دعماً مالياً وفق صيغة تعاقدية مباشرة مع الباحث‪ ،‬حبيث يت ّم متويل الربنامج مناصفة‬ ‫بني اجلانبني السوري واللبناني‪.‬‬ ‫مت حتى اآلن تنفيذ ستة وثالثني حبثاً علمياً‪ ،‬باإلضافة إىل سبعة مشروعات ّ‬ ‫وقد ّ‬ ‫مت التعاقد‬ ‫عليها مؤخراً من ضمن إطار اإلعالن السابع‪ ،‬وذلك يف خمتلف فروع املعرفة‪ ،‬حبيث اختريت‬ ‫موضوعات البحوث من ضمن املسائل العلمية التطبيقية ذات االهتمام املشرتك للبلدين يف‬ ‫جماالت الطاقة املتج ّددة والزراعة واملياه والصحة والعلوم اهلندسية والبيئة‪ .‬وقد حقّق الربنامج‬ ‫بعضاً من أهدافه‪ ،‬والسيما لناحية تنشيط البحث العلمي املشرتك من خالل تشبيك اجلامعات‬ ‫ومراكز وهيئات البحث العلمي السورية مع نظرياتها الّلبنانية‪ ،‬وإنشاء روابط واعدة بني الباحثني‬ ‫من البلدين نتيجة للتواصل العلمي يف ما بينهم وخباصة عرب األيام البحثية السورية الّلبنانية‪،‬‬ ‫وتطوير آلية للبحوث املشرتكة على أسس عقدية أثبتت جناحها‪ ،‬مما م ّكن الطرفني من تعميمها‬ ‫على عدد من الربامج البحثية املشرتكة مع دول أخرى‪.‬‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫البحث العلمي‬

‫بني األقطار العربية ودعمها وتسيري تنفيذها‬ ‫ومتابعة تقدمها‪ .‬وإمياناً بأهمية تنفيذ هذا‬ ‫اهلدف بالصورة املرجوة قام جملس االتحّ اد‬ ‫بتكليف أمانته العامة إلعداد مشروع نظام‬ ‫املتخصصة واليت تض ّم‬ ‫أساسي للروابط العلمية ّ‬ ‫واملؤسسات واهليئات ذات‬ ‫يف عضويتها املراكز ّ‬ ‫االختصاصات املتماثلة‪ .‬قام االتحّ اد حتى اآلن‬ ‫بإنشاء سبع روابط مل يتم ّكن معظمها ولألسف‬ ‫من حتقيق األهداف اليت أحدثت من أجلها‪،‬‬ ‫حيث احنصرت نشاطاتها يف أحسن األحوال‪،‬‬ ‫يف تبادل الزيارات وعقد اجتماعات مومسية أو‬ ‫ختصصاتها‪ ،‬من دون‬ ‫إقامة دورات تدريبية يف ّ‬ ‫أن يكون هناك قيم مضافة تعرب عن الرتابط‬ ‫العلمي يف ما بينها‪.‬‬ ‫أما خارج هذه الروابط فيمكن التحدث عن‬ ‫بعض الربامج البحثية البينية املشرتكة اليت‬ ‫عمدت بعض الدول العربية إىل إطالقها وفق‬ ‫اتفاقيات ثنائية مشرتكة أبرمت بني احلكومات‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن غالبية هذه الربامج‬ ‫واالتفاقيات بقيت دون مستوى الطموح من حيث‬ ‫األنشطة والفعاليات البحثية املشرتكة اليت ّمت‬ ‫تفعيلها من خالل هذه الربامج‪ ،‬إال أنها متثّل‬ ‫بداية‪ ،‬ولو خجولة‪ ،‬ملساعي ترابط حبث ّي عرب ّي‬ ‫ميكن البناء على جتربتها وتعميمها بسهولة بني‬ ‫دول عربية متجاورة جغرافياً وتتّصف مبوارد‬ ‫وتطلّعات متشابهة‪.‬‬

‫‪155‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 156‬للتنمية الثقافية‬

‫بدأ التعاون الدولي يأخذ حيّزاً يف برامج‬ ‫السنوات اخلمس "اإلطارية" الذي أطلقه‬ ‫االتحّ اد األوروبي بدءاً من الربنامج‬ ‫اإلطاري اخلامس للبحث والتطوير‬ ‫التكنولوجي ‪ ،) FP5 (1998-2002‬ثم‬ ‫برنامج اإلطار السادس ‪FP6 (2002-‬‬ ‫‪ ،)2006‬ويف حني اتسمت املشاركة‬ ‫العربية يف الربنامج اإلطاري اخلامس‬ ‫بالتواضع ومل يتجاوز حجمها ‪ 54‬مشروعاً‬ ‫حبثياً توزّع معظمها على قطاعات املياه‬ ‫وإدارة األراضي وتكنولوجيا املعلومات‬ ‫واالتصاالت‪ ،‬شهد الربنامج اإلطاري‬ ‫السادس قفزة نوعية يف املشاركة العربية‬ ‫بلغت ‪ 10‬أضعاف املشروعات املقبولة يف‬ ‫برنامج اإلطار اخلامس‪ ،‬وأظهرت منطاً‬ ‫متميّزاً من الرغبة يف التعاون والتشبيك مع‬ ‫دول الشمال األوروبي ودول عربية أخرى‪.‬‬ ‫ويف الربنامج اإلطاري السابع ‪ FP7‬اتّسع‬ ‫الدعم املالي ليصل إىل ‪ 50.5‬مليار يورو‬ ‫يف عموم االتحّ اد األوروبي‪ ،‬وليحت ّل بالتالي‬ ‫مركز الصدارة يف تعزيز البحث والتطوير‬ ‫يف املنطقة العربية وخباصة يف بلدان‬ ‫حوض البحر املتوسط‪..‬‬

‫جدول رقم ‪23‬‬

‫املشروعات املقدمة‬

‫املشروعات الفائزة‬ ‫نسبة النجاح‬

‫مشروعاً حبثياً تو ّزع معظمها على قطاعات‬ ‫املياه وإدارة األراضي وتكنولوجيا املعلومات‬ ‫واالتصاالت ‪.‬‬ ‫أما البرنامج اإلطاري السادس فقد شهد‬ ‫قفزة نوعية يف املشاركة العربية (اجلدول رقم‬ ‫‪ )23‬بلغت ‪ 10‬أضعاف املشروعات املقبولة‬ ‫يف برنامج اإلطار اخلامس‪ ،‬وأظهرت منطاً‬ ‫متميّزاً من الرغبة يف التعاون والتشبيك مع دول‬ ‫الشمال األوروبي ودول عربية أخرى وأبرزت‬ ‫قناعة متزايدة لدى الباحثني العرب بأهمية‬ ‫البحث عن موارد مالية إضافية واالندماج يف‬ ‫املنظومة األوروبية‪ .‬وقد سجلت أعلى النسب‬ ‫يف املشروعات املقبولة واملمولة ضمن اإلعالن‬ ‫كل من اجلزائر و لبنان‪ ،‬وتقاربت‬ ‫السادس يف ٍّ‬ ‫نسب الدول العربية األخرى املشاركة‪.‬‬ ‫ويف البرنامج اإلطاري السابع للبحث‬ ‫والتطوير التكنولوجي ‪ FP7‬اتّسع الدعم املالي‬ ‫ليصل إىل ‪ 50.5‬مليار يورو يف عموم االتّ حاد‬ ‫األوروبي‪ ،‬وليحت ّل بالتالي مركز الصدارة يف‬ ‫تعزيز البحث والتطوير يف املنطقة العربية‪،‬‬ ‫وخباصة يف بلدان حوض البحر املتوسط‪ .‬وقد‬ ‫بوشر يف العام ‪ 2009‬بتشكيل شبكة من املنظمات‬ ‫البحثية يف تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت يف‬ ‫االتحّ اد األوروبي والبلدان املتوسطية الشريكة‪.‬‬ ‫‪23‬‬

‫‪24‬‬

‫ويف نهاية العام ‪ 2009‬و ّقعت املفوضية األوروبية‬

‫اتفاقيات لتحديد األولويات البحثية املشرتكة‪،‬‬ ‫إضافة إىل اجملاالت ذات االهتمام املشرتك مثل‬ ‫الطاقة والتنمية املستدامة والبيئة‪ ،‬مع ك ّل من‬ ‫األردن ومصر وتونس واملغرب‪.‬‬ ‫وباإلضافة إىل الربامج اإلطارية أطلق‬ ‫العديد من الدول العربية مبادرات تعاون‬ ‫الدول‪/‬املؤسسات البحثية‬ ‫ثنائية مع بعض‬ ‫ّ‬ ‫األوروبية‪ .‬من هذه املبادرات ميكن ذكر العديد‬ ‫من الربامج الثنائية بني دول املغرب العربي‬ ‫ومصر ولبنان من جهة ودول أوروبية كفرنسا‬ ‫وإيطاليا وأملانيا والسويد من جهة ثانية‪.‬‬ ‫وتعمل هذه الربامج على متويل مشروعات‬ ‫حبوث ثنائية وتشجيع التبادل العلمي ونقل‬ ‫التكنولوجيا ورعاية طلبة الدكتوراه معتمدة‬ ‫متساو من الدولتني املتعاقدتني‪،‬‬ ‫على متويل‬ ‫ٍ‬ ‫ومتثّل حالياً منوذجاً للرتابط العربي –‬ ‫الدولي (األوروبي)‪.‬‬ ‫‪ 2 - 4‬مبادرات واعدة بالترابط مع‬ ‫المؤسسات العالمية‬ ‫ّ‬

‫تشهد بعض األنظمة التعليمية العربية‬ ‫للتعليم األساسي والتعليم العالي الكثري من‬ ‫االهتمام على التدريب املهين وتطوير املناهج‬

‫املشاركة العربية يف برنامج اإلطار السادس األوروبي‬ ‫اجلزائر‬

‫لبنان‬

‫تونس‬

‫املغرب‬

‫فلسطني‬

‫األردن‬

‫سوريا‬

‫مصر‬

‫اجملموع‬

‫‪185‬‬

‫‪173‬‬

‫‪448‬‬

‫‪528‬‬

‫‪101‬‬

‫‪245‬‬

‫‪122‬‬

‫‪469‬‬

‫‪2271‬‬

‫‪56‬‬

‫‪48‬‬

‫‪110‬‬

‫‪123‬‬

‫‪21‬‬

‫‪50‬‬

‫‪24‬‬

‫‪91‬‬

‫‪523‬‬

‫‪% 30‬‬

‫‪% 28‬‬

‫‪% 25‬‬

‫‪% 23‬‬

‫‪% 21‬‬

‫‪% 20‬‬

‫‪% 20‬‬

‫‪% 19‬‬

‫‪% 23‬‬

‫‪ 23‬إقامة شبكات البحث والتطوير واالبتكار يف البلدان العربية‪ ،‬الّلجنة االقتصادية واالجتماعية لفرب آسيا (إسكوا)‪2005 ،‬‬ ‫‪www.ec.europa.eu/research/fp6, 2007 24‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪25‬‬

‫كامبردج وأمبيريال كوليدج مع جامعة امللك عبد‬

‫الله ما يسمى بتحالف التميّز والتفوق األكادميي تعبرياً عن األهداف االسرتاتيجية لبعض‬ ‫الذي سيغطي مع كامبردج أحباث العلوم الدول العربيّة يف حتويل اقتصادها إىل‬ ‫احليوية واهلندسة احليوية‪ ،‬يف حني سيغطي مع اقتصاد قائم على املعرفة والتكنولوجيا‪،‬‬ ‫برزت بعض املبادرات العربيّة الواعدة‬ ‫إمبريال كوليدج اهلندسة وعلوم املواد‪.‬‬ ‫عرب ارتباطها بعالقات شراكة مع‬ ‫املؤسسات العاملية‪ ،‬ومن ذلك جامعة امللك‬ ‫وتقود مدينة امللك عبد العزيز للعلوم‬ ‫ّ‬ ‫والتقنية (‪ )KACST‬عمليات البحث والتطوير عبد اهلل للعلوم والتقنية (‪)KAUST‬‬ ‫اليت و ّقعت شراكات مع بعض من أفضل‬ ‫السعودية منذ العام ‪ 1977‬حيث تقوم حالياً‬ ‫املؤسسات األكادميية العاملية‪ ،‬مبا يف‬ ‫ّ‬ ‫بتنفيذ برنامج بقيمة ‪ 16‬مليار ريال (ما ذلك اجلامعات الربيطانية مثل أكسفورد‬ ‫‪ Oxford‬وكامربيدج ‪ Cambridge‬إضافة‬ ‫يعادل ‪ 4.3‬مليار دوالر أمريكي) يف إطار‬ ‫إىل أمبرييال كوليج ‪،Imperial College‬‬ ‫اخلطة اخلمسية األوىل واملوسعة (اليت تنتهي وكذلك حتالف التميّز والتفوق األكادميي‬ ‫يف العام ‪ )2014‬لتطوير البنية التحتية للعلوم بني جامعة امللك عبد اهلل يف السعودية‬ ‫وجامعة كامربدج وأمبرييال كوليدج‬ ‫والتكنولوجيا يف اململكة العربية السعودية‪ .‬الذي سيغطي مع كامربدج أحباث العلوم‬ ‫ويف العام ‪ ،2009‬قامت املدينة بعقد جمموعة احليوية واهلندسة احليوية‪ ،‬يف حني‬ ‫شراكات مع أنتل وأي بي أم ووكالة أبحاث الفضاء سيغطي مع إمربيال كوليدج اهلندسة‬ ‫وعلوم املواد‪ ..‬كما تقود مدينة امللك عبد‬ ‫األميركية (ناسا)‪ ،‬وغريها‪.‬‬ ‫العزيز للعلوم والتقنية عمليات البحث‬ ‫ومن ناحية أخرى تبذل دول جملس التعاون والتطوير السعودية منذ العام ‪..1977‬‬

‫اخلليجي جهوداً جلذب الشراكات واالستثمار‬ ‫يف جماالت البحث والتطوير واالبتكار‪ .‬فقد‬ ‫ّ‬ ‫مت تدشني حديقة قطر للعلوم والتكنولوجيا‬ ‫(‪ )QSTP‬بتكلفة ‪ 600‬مليون دوالر يف آذار‪/‬‬ ‫مارس ‪ .2009‬وتع ّد هذه احلديقة جزءاً من‬ ‫مؤسسة قطر وتقع يف مدينة قطر التعليمية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اليت تستضيف أيضا احلرم اجلامعي لست من‬ ‫اجلامعات األمريكية‪ .‬ومن املق ّرر أن تصبح قطباً‬ ‫دولياً معرتفاً به لألحباث واالبتكارات وريادة‬ ‫األعمال‪ .‬وحبلول نهاية العام ‪ ،2009‬مت تأسيس‬ ‫‪ 25‬شركة يف حديقة قطر للعلوم والتكنولوجيا‪،‬‬ ‫مع التزامات مببلغ يزيد على ‪ 225‬مليون دوالر‬ ‫لالستثمار يف جماالت البحث والتطوير وذلك‬ ‫للفرتة ‪ 2013 - 2008‬تتض ّمن‪ :‬شيفرون ‪Chevron‬‬ ‫وسيسكو ‪ Cisco‬وشركة جنرال إلكتريك ‪،GE‬‬ ‫مايكروسوفت ‪ ،Microsoft‬ورولز رويس ‪Rolls-‬‬

‫‪Tarbush, S (2010), Strength in knowledge - MENA accelerating research, development and innovation, 25‬‬ ‫‪Global Arab Network, Accessible at‬‬ ‫‪http://www.english.globalarabnetwork.com/201004075427/Technology/strength-in-knowledge-mena‬‬‫‪accelerating-research-development-and-innovation.html‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫البحث العلمي‬

‫إضافة إىل القيام بتحديثها بهدف رفع مستوى‬ ‫تدريس الرياضيات والعلوم‪ ،‬وتشجيع ثقافة‬ ‫البحث والتطوير واالبتكار‪ ،‬ومجيع ذلك يت ّم‬ ‫عرب آليات تعاون خارجي وروابط قوية مع أهم‬ ‫املؤسسات العاملية الرائدة ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫باعتباره أحد أهدافها االسرتاتيجية‪ ،‬تهدف‬ ‫اململكة العربية السعودية إىل حتويل اقتصادها‬ ‫إىل االقتصاد القائم على املعرفة والتكنولوجيا‪.‬‬ ‫وتع ّد جامعة امللك عبد الله للعلوم والتقنية‬ ‫(‪ )KAUST‬البالغة تكلفتها ‪ 2.6‬مليار دوالر‪،‬‬ ‫واليت ّ‬ ‫مت افتتاحها يف أيلول‪ /‬سبتمرب ‪2009‬‬ ‫حموراً هلذه االسرتاتيجية‪ .‬تعتمد هذه اجلامعة‬ ‫وقف مقداره ‪ 10‬مليار دوالر‬ ‫اليت حصلت على ٍ‬ ‫مما جيعلها ومنذ‬ ‫على مبدأ التعليم املشرتك‪ّ ،‬‬ ‫تأسيسها واحدة من اجلامعات األكثر ثراء يف‬ ‫العامل‪ .‬وقد و ّقعت شراكات مع بعض من أفضل‬ ‫املؤسسات األكادميية العاملية‪ ،‬مبا يف ذلك‬ ‫ّ‬ ‫اجلامعات الربيطانية مثل أكسفورد ‪Oxford‬‬ ‫وكامبريدج ‪ Cambridge‬إضافة إىل أمبيريال‬ ‫كوليج ‪.Imperial College‬‬ ‫تُع ّد جامعة أكسفورد واحدة من اجلامعات‬ ‫العاملية األربع اليت قامت بكسب شراكة جامعة‬ ‫خيص األحباث العاملية‪.‬‬ ‫امللك عبد الله يف ما ّ‬ ‫وقد حصل مركز أكسفورد اجلديد للرياضيات‬ ‫التطبيقية (‪ )OCCAM‬على منحة سنوية تقدر‬ ‫بحِ واىل‪ 25‬مليون دوالر على مدى مخس سنوات‪.‬‬ ‫وسوف تقوم أحباث (‪ )OCCAM‬بإجياد حلول‬ ‫رياضية للمشكالت احلقيقية يف العامل واليت‬ ‫هلا أهمية خاصة بالنسبة إىل اململكة العربية‬ ‫السعودية‪ ،‬مبا يف ذلك الزراعة واستخدام‬ ‫األراضي وإدارة مكامن النفط‪ .‬تش ّكل جامعة‬

‫‪157‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 158‬للتنمية الثقافية‬

‫‪ Royce‬ووليامز‪.Williams F11‬‬ ‫حترص قطر على تشجيع األحباث يف جمال‬ ‫الطاقة النظيفة واحلد من إنبعاثات الكربون‪.‬‬ ‫وقد ّ‬ ‫مت التعاون بني شركة ّ‬ ‫شل ‪ SHELL‬وشركة‬ ‫قطر للبترول وإمبريال كوليدج وحديقة قطر‬

‫للعلوم والتكنولوجيا‪ ،‬من خالل مشروع حبث‬ ‫مشرتك مل ّدة عشر سنوات يف موضوع كربونات‬ ‫قطر وإلنشاء مركز حبوث لتخزين الكربون‬ ‫بقيمة ‪ 70‬مليون دوالر‪ ،‬ويقوم فريق مؤلف‬ ‫من ‪ 20‬باحثاً من إمبريال كوليدج بالبحث يف‬ ‫جمال احتجاز الكربون وختزينه يف خزانات‬ ‫الكربونات‪.‬‬ ‫وتسعى أبو ظبي ودبي بقوة إىل إقامة‬ ‫شراكات يف جمال البحث العلمي والتطوير‬ ‫املؤسسات‬ ‫التقاني حيث تراهن يف ذلك على ّ‬ ‫اليت متتلكها للخوض يف هذه االستثمارات‬ ‫املؤسسات الشركة‬ ‫الطموحة‪ ،‬ومن بني هذه ّ‬

‫املتقدمة‬

‫لالستثمار‬

‫التكنولوجي(‪)AITC‬‬

‫وشركة مبادلة للتنمية‪ .‬وقد انتقلت‬ ‫(‪ )AITC‬بشكل حاسم لتأمني سوق هلا‬ ‫يف أشباه املوصالت من خالل إقناع صانع‬ ‫الرقائق األميركي‪ ،AMD‬حيث متتلك شركة‬ ‫مبادلة للتنمية حواىل ‪ 20‬يف املائة من‬ ‫أسهمها‪ ،‬بالتخلص من عمليات السباكة‬ ‫وتأسيس شركة جديدة مقرها كاليفورنيا هي‬ ‫‪ .Globalfoundries‬ويف حني يت ّم التحكم‬ ‫فنياً يف هذه الشركة اجلديدة من قبل ‪،AMD‬‬ ‫متلك ‪ AITC‬ل‪ % 66‬من األسهم‪ ،‬حبيث‬ ‫ستكون القوة املالية وراء أ ّي عملية متلّك‬ ‫مستقبلية‪ ،‬وآخرها كان شركة يف سنغافورة‬ ‫لتصنيع أشباه املوصالت‪.‬‬ ‫ً‬ ‫كما تسعى أبو ظبي أيضا إىل تطوير تقنيات‬ ‫الطريان‪ ،‬حبيث توصلت وحدة مبادلة للتنمية‬ ‫شركة‬

‫الفضائية إىل اتفاقيات مع العديد من شركات‬ ‫تكنولوجيا الطريان يف الشرق األوسط وأوروبا‬ ‫والهند‪ .‬وتتطلّع دبي أيضاً لتصبح مركزاً عاملياً‬ ‫للبحث والتطوير واالبتكار اإللكرتوني‪ ،‬إذ ّمت‬ ‫بناء ك ّل من واحة دبي للسيلكون لتكون حديقة‬ ‫للتكنولوجيا العالية لصناعة اإللكرتونيات‬ ‫الدقيقة وأشباه املوصالت‪ ،‬ومدينة دبي العاملية‬ ‫للطيران كمركز وحيد وشامل إللكرتونيات‬ ‫الطريان‪.‬‬ ‫‪ 3 - 4‬يقظة عربية في التشبيك‬ ‫التكنولوجي‬

‫شهدت الساحة العربية مؤخراً والدة عدد‬ ‫من شبكات البحث والتطوير واالبتكار العربية‬ ‫والعاملية‪ ،‬ومجيعها يع ّد واعداً وحمفزاً للرتابط‬ ‫واملؤسساتي‪ .‬ومن‬ ‫البحثي على املستوى الفردي ّ‬ ‫هذه الشبكات‪:‬‬ ‫الشبكة العربية لنقل التكنولوجيا‬ ‫‪26‬‬ ‫واالبتكار‬

‫أخذت وزارة التجارة والصناعة يف‬ ‫مصر املبادرة لتأسيس الشبكة العربية لنقل‬ ‫التكنولوجيا‪ ،‬اليت تهدف إىل إنشاء شبكة‬ ‫بني الدول العربية لتبادل التكنولوجيا والوفاء‬ ‫باالحتياجات التكنولوجية للصناعة واخلدمات‬ ‫يف الدول العربية‪ .‬شارك يف عملية التأسيس‬ ‫حتى اآلن عشر دول عربية‪ ،‬وتهدف هذه الشبكة‬ ‫إىل‪:‬‬ ‫• نقل وتوطني التكنولوجيات الصناعية‬ ‫احلديثة واملتط ّورة للصناعات العربية املختلفة‪.‬‬ ‫• فتح قنوات االتصال بني البحوث‬ ‫والتطبيقات الصناعية املتط ّورة‪.‬‬ ‫• تطوير اإلنتاج الصناعي وزيادة قدرته‬

‫‪ 26‬املوقع الرمسي للشبكة‪ 29 ،‬آب‪/‬أغسطس ‪http://www.tic.gov.eg/arabnet.htm 2010‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫عرب كرانش‬

‫أول شبكة اجتماعية عربية لالبتكار‬ ‫والريادة تق ّدم اإلرشاد لرجال األعمال الرواد‬ ‫يف أحناء العامل كافة‪ .‬منذ إطالقها يف العام‬ ‫‪ ،2008‬منا املوقع ليصبح األكثر قراءة بني‬ ‫املدونات التكنولوجية يف العامل العربي‪ ،‬حبيث‬ ‫يتصفّحه شهرياً أكثر من ‪ 30‬ألف زائر‪ .‬وهذا‬ ‫املوقع القائم على مبدأ التدوين االحرتايف أصبح‬ ‫املصدر الرئيسي للمعلومات حول آخر التطورات‬ ‫التكنولوجية ذات العالقة بالعامل العربي‪ .‬وقد‬ ‫أطلقت نسخة عربية تعتمد على صحافة املواطن‬ ‫والقت جناحاً كبرياً‪ .‬تق ّدم عرب كرانش أدوات‬ ‫وتطبيقات لدعم وتعزيز العاملني يف القطاع‬ ‫التقين والبيئات التقنية الداعمة‪ ،‬وتض ّم يف‬ ‫عضويتها رواد األعمال والعلماء واألكادمييني‬ ‫واملشروعات الصاعدة والشركات البادئة‬ ‫واملؤسسات واملنظمات الداعمة ومزودي‬ ‫ّ‬ ‫اخلدمات واملستثمرين‪.‬‬ ‫‪27‬‬

‫فرص عولمة االبتكار‬

‫يتيح تيارا تدويل البحث العلمي‬ ‫االبتكار‪ ،‬فيما لو أحسن استثمارهما‪،‬‬ ‫من الفرص للدول العربية من أجل‬ ‫املزيد من الرتابط يف جمال البحث‬

‫وعوملة‬ ‫العديد‬ ‫حتقيق‬ ‫العلمي‬

‫‪ 27‬املوقع الرمسي للشبكة ‪http://arabcrunch.net/ar/pages/8-‬‬

‫إطار رقم ‪34‬‬

‫يتيح تيارا تدويل البحث العلمي وعوملة‬ ‫االبتكار‪ ،‬فيما لو أحسن استثمارهما‪،‬‬ ‫العديد من الفرص للدول العربية من أجل‬ ‫حتقيق املزيد من الرتابط يف جمال البحث‬ ‫العلمي واالبتكار‪ ،‬ملا يف ذلك من إجيابيات‬ ‫ترتبط باستثمار القدرات العلمية‬ ‫للح ّد من هجرة العقول‪ ،‬وتعزيز القدرات‬ ‫االبتكارية والبحثية الوطنية وثقافة األعمال‬ ‫يف أذهان العلميني‪ ،‬ورفد الصناعة‬ ‫الوطنية بشراكات جديدة مثمرة‪..‬‬

‫"يوميد كونكت" و"جاينت"‬

‫يوميد كونكت‪ ،‬مشروع قامت بتمويله املفوضية األوروبية يف إطار عمل الربنامج اإلقليمي لرابطة‬ ‫تنمية الشرق األوسط (ميدا)‪ ،‬مستندة إىل بروتوكول اإلنرتنت خلدمة هيئات البحث والتعليم‬ ‫يف منطقة البحر املتوسط‪ ،‬ومتصلة بشبكة جيانت اليت تغطي جممل أوروبا‪ .‬وتعمل شبكة يوميد‬ ‫املتخصصة بالبحث والتعليم‬ ‫كونكت على إحداث طفرة نوعية يف نطاق وامتداد شبكات االتصال ّ‬ ‫يف منطقة البحر املتوسط وربطها بأوروبا عن طريق الشبكة األوروبية للبحث والتعليم‪ .‬وقد متّ‬ ‫متويل املشروع حتى حزيران ‪ 2006‬مببلغ عشرة ماليني يورو من برنامج املفوضية األوروبية‬ ‫"يوميديس" الذي يسعى للرتويج لـمجتمع املعلومات يف املنطقة‪ .‬وقد تولت شركة دانيت عملية‬ ‫التنسيق هلذا املشروع‪ .‬وشريكاتها يف منطقة املتوسط هي الشبكات القومية للبحث والتعليم يف‬ ‫الدول التالية‪ :‬اجلزائر‪ ،‬قربص‪ ،‬مصر‪ ،‬األردن‪ ،‬لبنان‪ ،‬مالطة‪ ،‬املغرب‪ ،‬السلطة الفلسطينية‪،‬‬ ‫سوريا‪ ،‬تونس‪،‬تركيا‪ .‬أما شريكاتها األوروبيات فهي الشبكات القومية للبحث والتعليم يف ك ّل من‬ ‫اليونان وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا‪.‬‬ ‫أما شبكة جيانت فهي مشروع تشارك يف متويله املفوضية األوروبية مبوجب الربنامج اإلطاري‬ ‫اخلامس للبحث والتنمية‪ .‬والشركاء هم ‪ 26‬شبكة أوروبية وطنية للبحث والتعليم‪ ،‬إىل جانب‬ ‫مؤسسة للبحث والتعليم يف ‪ 32‬دولة‬ ‫دانيت اليت تؤ ّدي دور املنسق بربطها ملا يزيد على ‪ّ 3500‬‬ ‫أوروبية من خالل اتصاهلا املباشر بـ ‪ 28‬شبكة وطنية وإقليمية للبحث والتعليم‪ .‬إىل جانب‬ ‫توفريها لربط دولي سريع ملناطق أخرى يف العامل‪ ،‬توفّر جيانت أعلى سعة وأكرب تغطية جغرافية‬ ‫من أ ّي شبكة مماثلة هلا يف العامل‪ .‬وهي يف الوقت ذاته مت ّكن الباحثني من التنافس على الصعيد‬ ‫الدولي‪ ،‬عن طريق إمدادهم بشبكة ذات عمود فقري عالي املستوى يوفّر اخلدمات ووسائل‬ ‫االتصال ذات السعة الضخمة‪ ،‬واليت تع ّد ضرورية ألعمال البحث على هذا املستوى‪.‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫البحث العلمي‬

‫التنافسية يف األسواق العاملية‪.‬‬ ‫• تعزيز املهارات الفنية والتقنية وتدريب‬ ‫الكوادر الصناعية‪.‬‬ ‫• تبادل اخلربات الفنّية والتكنولوجية‪.‬‬ ‫• إجياد احللول التكنولوجية للمصاعب‬ ‫واملشكالت الصناعية ‪.‬‬ ‫• تسويق املنتجات واخلامات الصناعية بني‬ ‫األعضاء يف الشبكة لدعم التكامل الصناعي‪.‬‬

‫واالبتكار‪ ،‬ملا يف ذلك من إجيابيات ترتبط‬ ‫باستثمار القدرات العلمية للح ّد من هجرة‬ ‫العقول‪ ،‬وتعزيز القدرات االبتكارية والبحثية‬ ‫الوطنية وثقافة األعمال يف أذهان العلميني‪،‬‬ ‫ورفد الصناعة الوطنية بشراكات جديدة‬ ‫مثمرة‪ .‬لذلك فإن حتسني القدرة على االبتكار‬ ‫يتعلّق خبلق املنظومة البيئية املناسبة اليت من‬ ‫شأنها إطالق الذكاء اجلماعي اخلالق لفئات‬ ‫اجملتمع‪ ،‬وتشجيع النظام املتكامل أو التعاوني‬ ‫لالبتكار‪ ،‬وإتاحة التدفق احل ّر للمعلومات أمام‬ ‫اجملتمع بك ّل مك ّوناته‪.‬‬ ‫اكتسب الرتابط الشبكي مفاهيم جديدة‬ ‫زادت يف من ّو شبكات البحث والتطوير‬ ‫وزادت من أثرها يف رفع الكمون االبتكاري‬

‫‪159‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 160‬للتنمية الثقافية‬

‫للمؤسسات‪ .‬وقد بيّنت املعطيات السائدة أن‬ ‫ّ‬ ‫الدول العربية ال زالت تعاني من التشتت يف‬ ‫جهودها الوطنية يف البحث والتطوير واالبتكار‪،‬‬ ‫مؤسساتها‬ ‫وتفتقر إىل الرتابط والتشبيك بني ّ‬ ‫البحثية‪ ،‬وأن احلاجة ماسة أكثر من أي وقت‬ ‫مضى إىل إقامة هكذا شبكات‪ ،‬على غرار‬ ‫النماذج األوروبية أو األوروبية ‪ -‬املتوسطية‬ ‫(برامج اإلطار) بغية التجديد املعريف وتعزيز‬ ‫ثقة الباحث العربي بنفسه‪ .‬كما كشف‬

‫استطالع اآلفاق املستقبلية الستثمار الشبكات‬ ‫عن بزوغ مناذج من االبتكار املفتوح تعتمد‬ ‫على منوذج املصدر املفتوح للجميع يف البحث‬ ‫والتطوير‪ ،‬أو ما بات يعرف باملشاع الفكري‪.‬‬ ‫ويتيح هذان النموذجان‪ ،‬أي االبتكار املفتوح‬ ‫واملشاع الفكري‪ ،‬عدداً من الفرص أمام الدول‬ ‫مما يدعو الدول العربية إىل اإلسراع‬ ‫النامية‪ّ ،‬‬ ‫يف حماكاة هذه النماذج وتطوير بيئات املشاع‬ ‫الفكري كونها بيئات مساندة لالبتكار‪.‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫البحث العلمي‬

‫من هجرة األدمغة إلى بناء مجتمعات‬ ‫الشتات املعرفية‬ ‫ناقوس خطر مازال يدق‬

‫اتسعت هجرة الكفاءات العلمية من الدول‬ ‫العربية إىل الدول الغربية كثرياً خالل العقدين‬ ‫األخريين نتيجة عوامل متع ّددة سياسية‬ ‫واقتصادية وعلمية‪ ،‬وال زالت هذه اهلجرة ترمي‬ ‫بثقلها على تط ّور اجملتمعات العربية وتق ّدمها‪،‬‬ ‫وخباصة على مسرية البحث العلمي واإلبداع‪.‬‬ ‫ولطاملا د ّق الكثريون نواقيس اخلطر حمذرين‬ ‫من العواقب السلبية ملا اصطلح على تسميته بنزح‬ ‫األدمغة الفتاك‪ ،‬وعقدوا املؤمترات والندوات‬ ‫لبحث وسائل احل ّد منها وكيفية استعادة بعض‬ ‫هذه األدمغة إىل موطنها‪ ،‬لكن دون جدوى‪.‬‬ ‫األمر الذي حدا مبعظم الدول إىل االستثمار يف‬ ‫برامج ومشروعات لتحويل مشكلة نزح األدمغة‬ ‫إىل مكسب‪ ،‬بعدما برهنت جتارب عاملية عديدة‬ ‫على فاعلية دور الشتات العلمي يف تدوير املعرفة‬ ‫من أجل التنمية‪ ،‬خباصة بعدما أثبتت التجارب‬ ‫والدراسات أن مشكلة نزوح األدمغة ذات صلة‬ ‫وثيقة بسياسات العلم والتقانة وأنظمة البحث‬ ‫والتطوير واالبتكار للبلدان النامية بشكل عام‪،‬‬ ‫والعربية بشكل خاص‪.‬‬ ‫تستهدف الدراسة موضوع هذا احملور واقع‬ ‫العلميّني العرب يف املغرتب وسبل النهوض‬ ‫مبجتمعات الشتات املعرفية العربية وكيفية‬ ‫تسخريها لتعزيز منظومات البحث العلمي‬ ‫واالبتكار يف بلدانها األم‪ .‬كما يتناول أبعاد‬ ‫هجرة األدمغة العربية وتط ّورها يف زمن العوملة‬

‫وعرض للتحول الذي طرأ على طريقة التعامل‬ ‫عاملياً مع هذه الظاهرة‪ ،‬مربزاً القراءة الواقعية‬ ‫هلا والقاضية بضرورة االستفادة من املهاجرين‬ ‫وبناء الشراكات معهم‪ ،‬حموالً إياها من منط‬ ‫ملهاجرين مطالبني بالعودة إىل بالدهم‪ ،‬إىل‬ ‫منط جملتمع شتات معريف يف املغرتب‪ .‬كما‬ ‫يعرض هذا احملور اإلطار املفهومي جملتمعات‬ ‫الشتات املعرفية ورصداً جملتمع الشتات املعريف‬ ‫العربي والكمون العلمي الواعد الذي يتمتع به‪،‬‬ ‫على الرغم من حالة التشتّت اليت يعيشها‪.‬‬ ‫‪ - 1‬هجرة األدمغة العربية‪ :‬نزف في‬ ‫زمن العولمة‬

‫تسبّب نضوج مفهوم االقتصاد املرتكز على‬ ‫املعرفة لدى الدول املتقّدمة والنامية‪ ،‬وبروز‬ ‫دور البحث العلمي واالبتكار كعنصر أساسي‬ ‫يف اسرتاتيجية التنمية االقتصادية‪ ،‬بازدياد‬ ‫مضطرد يف هجرة العقول من الدول النامية‬ ‫إىل الدول الصناعية‪ .‬فلقد استطاع بعض الدول‬ ‫املتقدمة‪ ،‬اجلاذبة لألدمغة املهاجرة‪ ،‬خباصة‬

‫الدول األوروبية والواليات املتحدة األميركية‬

‫وكندا‪ ،‬توظيف هذه اهلجرة مبا خيدم أهدافها‬ ‫اآلنية واملستقبلية‪ ،‬مستفيدة من النبوغ الذهين‬ ‫املتط ّور هلؤالء املهاجرين‪ ،‬بينما أغفلت العديد‬ ‫من الدول األخرى‪ ،‬الطاردة لألدمغة‪ ،‬والسيما‬ ‫دول العامل الثالث ومنها الدول العربية‪ ،‬هذه‬ ‫مما أدى إىل خسارتها اجلسيمة‬ ‫الظاهرة‪ّ ،‬‬

‫‪161‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 162‬للتنمية الثقافية‬

‫هلؤالء العلماء ال كمواطنني فحسب‪ ،‬بل كأدمغة‬ ‫وخربات وإمكانيات متط ّورة باتت ضرورية‬ ‫ومؤ ّكدة يف ظل احلركة املتسارعة للتنمية‪ .‬لقد‬ ‫اعتربت منظمة اليونسكو هجرة العقول على‬ ‫أنها "نوع شاذ من أنواع التبادل العلمي بني‬ ‫الدول يتّسم بالتدفق يف اجتاه واحد ناحية‬ ‫الدول املتقدمة‪ ،‬أو ما يعرف بالنقل العكسي‬ ‫للتكنولوجيا"‪ ،‬باعتبار أن هجرة العقول تع ّد‬ ‫نق ًال مباشراً ألحد أهم عناصر اإلنتاج‪ ،‬وهو‬ ‫العنصر البشري ‪.‬‬ ‫تشري تقارير ودراسات أصدرتها ك ّل من‬

‫هناك أكثر من مليون خبري واختصاصي‬ ‫عربي من محلة الشهادات العليا أو الفنّيني‬ ‫املهرة‪ ،‬من املهاجرين العاملني يف الدول‬ ‫املتقدمة‪ ،‬وتض ّم أمريكا وأوروبا ‪ 450‬ألف‬ ‫عربي من محلة الشهادات العليا وفق تقرير‬ ‫مؤسسة العمل العربية‪ .‬وتؤ ّكد التقارير أن‬ ‫ّ‬ ‫‪ % 54‬من الطالب العرب الذين يدرسون‬ ‫يف اخلارج ال يعودون إىل بالدهم‪ ،‬وأن ‪34‬‬ ‫‪ %‬من األطباء األكفاء يف بريطانيا ينتمون‬ ‫إىل اجلاليات العربية‪ ،‬وأن مصر وحدها‬ ‫قدمت يف السنوات األخرية ‪ % 60‬من‬ ‫العلميني العرب واملهندسني إىل الواليات‬ ‫‪1‬‬ ‫املتحدة‪ ،‬فيما كانت "مساهمة" ك ّل من‬ ‫العراق ولبنان ‪ . % 15‬وشهد العراق ما‬ ‫بني ‪ 1991-1998‬هجرة ‪ 7350‬عاملاً تركوا‬ ‫ومؤسسة العمل العربية‬ ‫بالدهم بسبب األحوال السياسية واألمنية جامعة الدول العربية‬ ‫ّ‬ ‫ونتيجة احلصار الدولي الذي كان مفروضاً وبرنامج األمم املتحدة اإلمنائي‪ ،‬عرب تقارير‬ ‫على العراق آنذاك‪..‬‬ ‫التنمية اإلنسانية العربية‪ ،2‬إىل أن اجملتمعات‬

‫العربية باتت أكثر من أ ّي وقت مضى بيئة طاردة‬ ‫للكفاءات العلمية‪ .‬فهناك أكثر من مليون خبري‬ ‫واختصاصي عربي من محلة الشهادات العليا أو‬ ‫الفنّيني املهرة‪ ،‬من املهاجرين ويعملون يف الدول‬

‫إطار رقم ‪35‬‬

‫تشتت العقول العربية يف املهجر‬

‫وفق دراسة أع ّدها مركز اخلليج للدراسات االسرتاتيجية يف اإلمارات العربية املتحدة (أيار‪ /‬مايو‬ ‫‪ ،)2004‬فإن اإلحصاءات األولية تشري إىل وجود ‪ 284‬ألف أستاذ جامعي مهاجر يف جمال العلوم‬ ‫اهلندسية والتطبيقية‪ ،‬و‪ 179‬ألف يف جمال العلوم احلياتية والزراعية‪ ،‬و‪ 152‬ألف يف جمال الصحة‪،‬‬ ‫و‪ 225‬ألف يف العلوم التطبيقية والرياضية‪ ،‬و‪ 136‬ألف يف جمال العلوم اإلدارية (اجملموع حواىل‬ ‫‪ 750‬ألف عامل وخبري عربي!)‪ .‬وهذا يعين أن نسبة العقول العربية املشاركة يف التق ّدم العلمي‬ ‫والرتبوي والتكنولوجي يف الدول املتقدمة تصل إىل ‪ % 2‬من جمموع العلميني املتميزين فيها‪ .‬وعلى‬ ‫الرغم من صعوبة تقدير اآلثار السلبية الناجتة عن هذا النزف املستمر‪ ،‬إال أنه ميكننا بسهولة أن‬ ‫نتصور‪ ،‬وبطريقة عكسية‪ ،‬مدى التطور الذي كان من املمكن حتقيقه عربياً‪ ،‬ويف الدول املصدرة‬ ‫للموارد البشرية بالذات‪ ،‬يف حال ّ‬ ‫متت احملافظة على نسبة ‪ 30‬أو ‪ % 50‬منهم يف أوطانهم‪ .‬وال سيما‬ ‫أن معظم هذه الدول "املستنزفة" شهدت منذ العام ‪ 2004‬أزمات اقتصادية وسياسية متالحقة‪،‬‬ ‫وأن حرمان هذه الدول من قسم هام من رأس ماهلا البشري يعين يف أبسط األحوال تغييب الكتلة‬ ‫احلرجة الالزمة للبناء املعريف‪ ،‬وبالتالي تكريس وضعية التخلّف العلمي والتقين واإلنتاجي واحل ّد من‬ ‫إمكانيات تطوير التعليم واإلدارة‪.‬‬

‫املتقدمة‪ ،‬حبيث تض ّم أميركا وأوروبا ‪ 450‬ألف‬ ‫عربي من محلة الشهادات العليا وفق تقرير‬ ‫مؤسسة العمل العربية‪ .‬وتؤ ّكد هذه التقارير‬ ‫ّ‬ ‫أن ‪ % 54‬من الطالب العرب الذين يدرسون‬ ‫يف اخلارج ال يعودون إىل بالدهم‪ ،‬فيما يستقر‬ ‫اآلخرون يف اخلارج‪ .‬ومن األرقام الدالة أيضاً أن‬ ‫‪ % 34‬من األطباء األكفاء يف بريطانيا ينتمون‬ ‫إىل اجلاليات العربية‪ ،‬وأن مصر وحدها قدمت‬ ‫يف السنوات األخرية ‪ % 60‬من العلميني العرب‬ ‫واملهندسني إىل الواليات املتحدة‪ ،‬فيما كانت‬ ‫"مساهمة" ك ّل من العراق ولبنان ‪ . % 15‬وشهد‬ ‫العراق ما بني ‪ 1998 - 1991‬هجرة ‪ 7350‬عاملاً‬ ‫تركوا بلدهم بسبب األحوال السياسية واألمنية‬ ‫ونتيجة احلصار الدولي الذي كان مفروضاً على‬ ‫العراق آنذاك‪.‬‬ ‫وباالستناد إىل بعض التقديرات ‪ ،‬فإن‬ ‫اخلسائر اليت منيت بها الدول العربية بسبب‬ ‫هجرة العقول ق ّدرت حبدود ‪ 11‬مليار دوالر‬ ‫يف سنوات السبعينيات‪ .‬كما تضاعفت هذه‬ ‫اخلسائر خالل ‪ 4‬عقود من الزمن حواىل‬ ‫عشرين م ّرة لتصل يف العقد احلالي إىل حدود‬ ‫‪ 200‬مليار دوالر تقريباً‪" .‬إذا افرتضنا أن تعلّم‬ ‫أحد املهاجرين العرب يكلّف بلده يف املتوسط‬ ‫عشرة آالف دوالر‪ ،‬فإن ذلك يعين حتويل ‪18‬‬ ‫مليار دوالر من األقطار العربية إىل الواليات‬ ‫املتحدة وأوروبا ك ّل عام ‪ ".‬ولطاملا تر ّددت هذه‬ ‫املقولة على ألسن العديد من املفكرين‪ ،‬حتى‬ ‫الغربيني منهم‪ ،‬يف أن الدول العربية ومعها‬ ‫سائر الدول النامية‪ ،‬تق ّدم "مساعدات" إىل‬ ‫البلدان املتقدمة عرب تأهيلها هذه الكفاءات‬ ‫ثم تصديرها إليها لتفيد من خرباتها العلمية‪،‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫‪ 1‬جملة الربملان العربي ‪ ،‬السنة‪ ، 22/‬العدد ‪ ( 1982/‬كانون األول ‪ /‬ديسمرب ‪ ) 2001‬ص‪.3‬‬ ‫‪ 2‬خالد غزال “نزيف األدمغة العربية الذي يفاقم التخلف” جريدة احلياة‪ 27 ،‬نيسان‪/‬إبريل ‪.2010‬‬ ‫‪ 3‬د‪ .‬منى حممد احلسيين عمار‪“ ،‬هجرة العقول البشرية من الدول العربية إىل الدول املتقدمة”‪ ،‬حبث منشور على اإلنرتنت ‪www.imamu. -‬‬ ‫‪. edu.sa‬‬ ‫‪ 4‬ريفيني برنز يف كتابه “القرن املالي”‪ ،‬نق ً‬ ‫ال عن املرجع (‪ )3‬أعاله‪.‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪5‬‬

‫جامعة الدول العربية ومنظمة العمل العربية‬

‫ومنظمة اليونسكو‪ ،‬حيث يتبني اآلتي ‪:‬‬ ‫• حواىل مائة ألف من أرباب املهن وعلى‬ ‫رأسهم العلماء واملهندسني واألطباء واخلرباء‬ ‫يهاجرون ك ّل عام من مثانية أقطار عربية هي‬ ‫‪6‬‬

‫لبنان وسوريا والعراق واألردن ومصر وتونس‬

‫واملغرب واجلزائر‪ .‬كما أن ‪ % 70‬من العلماء‬ ‫للتخصص‬ ‫الذين يسافرون إىل الدول الغربية ّ‬ ‫ال يعودون إىل بلدانهم ‪.‬‬ ‫• منذ العام ‪ 1977‬حتّى اآلن‪ ،‬هاجر أكثر‬ ‫من ‪ 750000‬عامل عربي إىل الواليات املتحدة‬ ‫األميركية ‪.‬‬ ‫• يسهم الوطن العربي يف ثلث هجرة‬ ‫الكفاءات من البلدان النامية خباصة‪.‬‬ ‫• تد ّل التقديرات أن ‪ % 50‬من األطباء‬ ‫و‪ % 23‬من املهندسني و‪ % 15‬من العلميني من‬ ‫جمموع الكفاءات العربية يهاجرون إىل أوروبا‬ ‫والواليات املتّ حدة األميركية وكندا‪ .‬يف حني‬

‫جتتذب ثالث دول غربية (الواليات املتّ حدة ُق ّدرت اخلسائر اليت منيت بها الدول‬ ‫العربية بسبب هجرة العقول حبدود ‪11‬‬ ‫األميركية وبريطانيا وكندا) حنو ‪ % 75‬من مليار دوالر يف السبعينيّات‪ ،‬ثم تضاعفت هذه‬ ‫العقول العربية املهاجرة‪.‬‬ ‫اخلسائر خالل ‪ 4‬عقود حواىل عشرين م ّرة‬ ‫تتع ّدد األسباب اليت تدفع األدمغة العربية لتصل يف العقد احلالي إىل حدود ‪ 200‬مليار‬ ‫دوالر تقريباً‪ ..‬هذا مع االفرتاض بأن تعلّم‬ ‫إىل اهلجرة‪ ،‬فمنها ما يتّصل بعوامل داخلية‪ ،‬أحد املهاجرين العرب يكلّف بلده يف املتوسط‬ ‫ومنها ما يعود ألسباب موضوعية تتعلق بالثورة عشرة آالف دوالر‪ ،‬وأنه يت ّم حتويل ‪ 18‬مليار‬ ‫التكنولوجية والتق ّدم العلمي الذي ال يزال الغرب دوالر من األقطار العربية إىل الواليات‬ ‫املتحدة وأوروبا ك ّل عام‪..‬‬

‫حقله الفعلي‪ .‬وبغض النظر عن هذه األسباب‬ ‫اليت باتت معروفة‪ ،‬إال أن الظاهرة تبقى من‬ ‫دون أي معاجلة‪ ،‬أو حتى مالمح رؤية للمعاجلة‬ ‫واالستفادة من هذه الطاقات العلمية املهدورة‪.‬‬

‫‪ - 2‬من خيار استعادة األدمغة إلى‬ ‫خيار مجتمعات الشتات‬ ‫‪ 1 - 2‬تغير التعاطي مع هجرة األدمغة‬

‫على الرغم من جناح بعض الدول خالل‬ ‫العقدين املاضيني يف استعادة جزء من علمائها‬ ‫املهاجرين يف اخلارج بفضل سياسات حم ّددة‬ ‫شأن الصني والهند ودول آسيوية أخرى‪ ،‬إال أن‬ ‫مجيع الدالئل تؤ ّكد أن معظم الدول النامية‪،‬‬ ‫وعلى رأسها الدول العربية‪ ،‬مل تنجح حتى اآلن‬ ‫يف كبح مجاح التيار املتزايد هلجرة تلك العقول‬ ‫أو حتى يف االستفادة منها أثناء وجودها يف‬ ‫بلدان املهجر‪.‬‬ ‫توجهات تبلورت منذ مطلع‬ ‫لكن مثة ّ‬ ‫التسعينيات بنيت على نظرة أكثر عقالنية‬ ‫وواقعية إىل هذه الظاهرة‪ .‬انطلقت هذه‬ ‫النظرة من القناعة بإمكانية االستفادة من‬ ‫ظاهرة اهلجرة بدالً من شجب آثارها السلبية‬ ‫واملطالبة بعودة األدمغة كما كان حال الدعوات‬ ‫عدمية اجلدوى يف املاضي‪ .‬لقد متخض عن‬

‫‪ 5‬تقرير املعرفة العربي للعام ‪ – 2009‬حنو تواصل معريف منتج‪ ،‬الفصل اخلامس‪ :‬األداء االعربي يف جمال البحث واإلبداع‪ ،‬أع ّد بدعم ورعاية‬ ‫ومؤسسة حممد بن راشد آل مكتوم‪ ،‬دبي – اإلمارات‪.‬‬ ‫مشرتكة من برنامج األمم املتحدة اإلمنائي ّ‬ ‫‪ ،.?http:// www . shabablek . com / vb / showthread php 6‬متوز‪/‬يوليو ‪2010‬‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫البحث العلمي‬

‫وهو أمر يوجب على الدول املستقطبة للموارد‬ ‫البشرية تعويضاً إلزامياً للدول النامية املنتجة‬ ‫هلذه املوارد‪.‬‬ ‫ً‬ ‫لكن هذا النزف ال زال مستمرا ولألسف‪،‬‬ ‫فبحسب تقرير املعرفة العربي األول ‪،2009‬‬ ‫ميكن تصنيف ك ّل الدول العربية يف جمموعة‬ ‫الدول الطاردة للكفاءات العلمية‪ ،‬باستثناء الدول‬ ‫اخلليجية‪ .‬وتأتي سوريا ومصر يف مقدمتها وذلك‬ ‫بقيمة ‪ 2.3‬ملؤشر هجرة األدمغة (املعتمد ضمن‬ ‫منهجية قياس املعرفة للبنك الدولي لعام ‪2008‬‬ ‫والذي يتدرج من واحد أي األعلى هجرة‪ ،‬إىل ‪7‬‬ ‫أي األقل هجرة)‪ .‬من ناحية أخرى‪ ،‬وإلدراك‬ ‫احلجم احلقيقي هلذا النزف املستمر‪ ،‬ال ب ّد من‬ ‫إيراد بعض املعطيات املتاحة وفقاً إلحصائيات‬

‫‪163‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 164‬للتنمية الثقافية‬

‫برزت منذ مطلع التسعينيات نظرة‬ ‫أكثر عقالنية وواقعية لظاهرة هجرة‬ ‫األدمغة‪ ،‬تفيد بإمكانية االستفادة من‬ ‫ظاهرة الهجرة بدالً من شجب آثارها‬ ‫السلبية والمطالبة بعودة األدمغة وقد‬ ‫تمخض عن ذلك سعي العديد من الدول‬ ‫المصدرة للعقول‪ ،‬أو الطاردة لها‪ ،‬إلى‬ ‫بناء شراكة وتعاون مع علمائها المغتربين‬ ‫في الخارج‪ ..‬وقد أثبتت تجارب عديدة‬ ‫في دول المنطقة (سوريا‪ ،‬لبنان‪ ،‬األردن‪،‬‬ ‫مصر‪ ،‬المغرب‪ ،‬تونس‪ )...،‬جدوى هذه‬ ‫الشراكة الواعدة‪ .‬لقد أصبح هناك اليوم‬ ‫ما يعرف بالشبكات الرقمية للجاليات‬ ‫‪ Digital Diaspora Networks‬أو مجتمعات‬ ‫الشتات اإللكترونية ‪ e-Diaspora‬التي‬ ‫أثبتت جدواها في إحداث "انقالب" في‬ ‫مفهوم هجرة ونزف األدمغة‪ ،‬وتحويله‬ ‫إلى نمط من أنماط استعادة الكفاءات‬ ‫بتسهيل عملية التشارك في المعرفة ونقل‬ ‫التكنولوجيا إلى البلد األم‪..‬‬

‫ذلك سعي العديد من الدول املصدرة للعقول‪،‬‬ ‫أو الطاردة هلا‪ ،‬إىل بناء شراكة وتعاون مع‬ ‫علمائها املغرتبني يف اخلارج‪ .‬وقد أثبتت جتارب‬ ‫عديدة يف دول املنطقة (سوريا‪ ،‬لبنان‪ ،‬األردن‪،‬‬ ‫مصر‪ ،‬املغرب‪ ،‬تونس‪ )...،‬جدوى هذه الشراكة‬ ‫الواعدة‪ .‬فالكثري من العلماء العرب الذين عملوا‬ ‫ويعملون اليوم على تطوير أعرق املراكز العلمية‬ ‫واجلامعية والبحثية والصناعية يف الغرب‪،‬‬ ‫يتجاوبون بتلقائية ومحاسة مع الدعوات املهنية‬ ‫اليت يتلقونها للمشاركة من مواقعهم يف الربامج‬ ‫الوطنية القائمة يف مراكز البحث واجلامعات‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫ش ّكل هذا التوجه اجلديد منعطفاً هاماً‪ ،‬بل‬ ‫تغرياً يف طريقة التعاطي مع موضوع اهلجرة‬ ‫بشكل عام والعلميني املغرتبني بشكل خاص‪،‬‬ ‫وال سيما أن منطق العوملة والبيئة التمكينية‬ ‫اليت وفرتها ثورة املعلومات واالتصاالت أبقت‬ ‫مهاجري اليوم‪ ،‬خبالف مهاجري األمس‪ ،‬يف‬ ‫حالة اتصال دائم مع حميطهم األصلي من‬ ‫خالل البنى الشبكية اجلديدة اليت استحدثوها‬ ‫بالتنسيق مع بلدانهم‪ .‬لقد أصبح هناك اليوم ما‬ ‫يعرف بـ الشبكات الرقمية للجاليات‪Digital‬‬ ‫‪ Diaspora Networks‬أو مجتمعات الشتات‬ ‫اإللكترونية ‪ e-Diaspora‬اليت أثبتت جدواها‬ ‫يف إحداث "انقالب" يف مفهوم هجرة ونزيف‬ ‫األدمغة‪ ،‬وحتويله إىل منط من أمناط استعادة‬ ‫الكفاءات بتسهيل عملية التشارك يف املعرفة‬ ‫ونقل التكنولوجيا إىل البلد األم ‪.‬‬ ‫هكذا بزغ مفهوم خيار مجتمع الشتات أو‬ ‫ما يس ّمى ‪ Diaspora Option‬الذي يك ّرس ح ّق‬ ‫اإلنسان باهلجرة وينظر إىل مسألة اهلجرة‬ ‫على أنها لفائدة كال البلدين‪ ،‬البلد األم والبلد‬ ‫‪7‬‬

‫املهاجر إليه‪ .‬وقد اعتمد هذا النموذج اجلديد‬ ‫الذي اصطلح على تسميته نزف األدمغة املفيد‬ ‫(‪ )Beneficial brain drain‬أو كسب األدمغة‬ ‫(‪ )Brain gain‬على مبدأ أن العلماء املغرتبني‬ ‫ميكن أن يشكلوا يف مغرتباتهم جمتمع الشتات‬ ‫العلمي‪ ،‬وحيافظوا على والئهم لبلدهم األم مع‬ ‫بقائهم يف املغرتب‪ .‬كما أن بإمكانهم اإلسهام‬ ‫جدياً يف تنمية بلدهم األم عن طريق نقل‬ ‫املعرفة والتقانة اليت تؤدي إىل تنمية االبتكار‬ ‫يف بلدهم وبالتالي اإلسهام بتنميته اقتصادياً‬ ‫واجتماعياً‪ .‬إن آلية نقل املعرفة هذه تتم بشكل‬ ‫أساسي عن طريق شبكات اصطلح على تسميها‬ ‫بـ شبكات مجتمع الشتات املعرفي ‪Knowledge‬‬ ‫‪ Diaspora Networks‬اليت تربط العلميني‬ ‫املغرتبني ببلدانهم االم‪.‬‬ ‫لقد ت ّوج بزوغ مفهوم جمتمع الشتات املعريف‬ ‫وما رافق ذلك من نشوء لشبكات نقل املعرفة‬ ‫وما حقّقته من كسب لألدمغة‪ ،‬ظهور مصطلح‬ ‫جديد باسم دوران األدمغة ‪Brain Circulation‬‬ ‫الذي اعترب بدي ًال ملصطلح نزف األدمغة‪ ،‬والذي‬ ‫ص ّكه ‪ Saxenian‬العام ‪ 2003‬يف حمفل وصفه‬ ‫للروابط القائمة بني مجتمع الشتات التايواني‬ ‫يف وادي السيليكون وبني أقرانهم يف تايوان‪،‬‬ ‫واصفاً دوران األدمغة على أنه "منوذج لدينامية‬ ‫جريان املعرفة بشكل مستمر ويف االجتاهني"‪.‬‬ ‫وسرعان ما امتدت هذه الظاهرة إىل اجلالية‬ ‫مما حدا بالدولتني إىل إدخال‬ ‫الصينية واهلندية ّ‬ ‫مفهوم دوران األدمغة يف صلب اسرتاتيجياتهما‬ ‫التنافسية‪ ،‬عن طريق االستثمار الفعال لشبكات‬ ‫جمتمع الشتات املعريف‪ ،‬ولدفع عجلة االبتكار‬ ‫فيهما ‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪9‬‬

‫‪Martin Grossman, “Diaspora Knowledge Flows in the Global Economy”, E-Leader Budapest 2010 7‬‬ ‫‪Saxenian, A, “Brain circulation and capitalist dynamics: The Silicon Valley-Hsinchu- Shanghai Triangle”. The 8‬‬ ‫‪Center for Economy and Society. CSES Working Paper Series. Paper # 8. 2003‬‬ ‫‪.Saxenian, A.”The New Argonauts: Regional Advantage in a Global Economy”. Harvard University Press, 2007 9‬‬ ‫‪Barre, R., Hernandez, V., Meyer J.B. & Vinck, D. « Scientific Diasporas : How can Developing Countries Ben� 100‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫تعرف مجتمعات الشتات املعرفية يف‬ ‫املغرتب بأنها "جمتمعات ذاتية التنظيم‬ ‫مؤلفة من علماء ومهندسني مغرتبني يعملون‬ ‫لتنمية بلدهم أو إقليمهم األم‪ ،‬وبشكل رئيسي‬ ‫يف جماالت العلم والتقانة والتعليم"‪ .‬متتلك‬ ‫هذه اجملتمعات كموناً علمياً عالياً وتلعب دوراً‬ ‫مؤسسات دول االغرتاب‪ .‬وميكن‬ ‫مهماً يف خدمة ّ‬ ‫تلخيص هذا الدور على الشكل التالي‪:‬‬ ‫• زيادة رأس املال الفكري للدولة املضيفة‬ ‫من القوى العاملة املؤهلة تأهي ًال عالياً‪ ،‬وذلك‬ ‫عن طريق زيادة أنشطة البحث والتطوير يف‬ ‫البلد املضيف‪ ،‬وزيادة االلتحاق يف برامج‬ ‫الدراسات العليا‪ ،‬وزيادة التعاون العلمي مع‬ ‫البلد األم واحلراك املعريف (‪ Knowledge‬أشكاالً عديدة‪ ،‬من أهمها الشبكات العلمية‬ ‫‪.)Spillovers‬‬ ‫رواد‬ ‫‪ Scientific Networks‬وشبكات األعمال أو ّ‬ ‫• اإلسهام املهم يف النم ّو االقتصادي للبلد‬ ‫األعمال ‪Business or Entrepreneurs Networks‬‬ ‫املضيف بفضل روح االبتكار وريادة األعمال والشبكات املهنية ‪ .Professional Networks‬منت‬ ‫هذه الشبكات خالل العقدين املاضيني منواً‬ ‫اليت غالباً ما تتمتع بها هذه اجملتمعات‪.‬‬ ‫مضطرداً لتشهد على جناعة وغلبة خيار جمتمع‬ ‫‪ 3 - 2‬البيئات الشبكية لمجتمعات‬ ‫الشتات ‪ Diaspora Option‬واالنتشار السريع له‪.‬‬ ‫الشتات المعرفية‬ ‫ولقد رصد ‪ Leclerc & Meyer‬تط ّور انتشار‬ ‫يف تواصلها البيين وتواصلها مع البلد هذه الشبكات يف العامل كما وردت يف املراجع‬ ‫األم‪ ،‬تبنّت جمتمعات الشتات املعريف مفهوم‬ ‫املختصة وعلى مدى أعوام متتالية‪ ،‬فأحصى‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫التنظيمات الشبكية وهو ما اعتمد بتسميته‬ ‫• ‪ 41‬شبكة خاصة بدول متقدمة ونامية‬ ‫شبكات مجتمع الشتات املعرفي‪Diaspora‬‬ ‫• ‪ 106‬شبكات علمية حبتة وخاصة بالدول‬ ‫‪ Knowledge Networks - DKN‬اليت اختذت النامية‬ ‫‪10‬‬

‫• خالل الفرتة ‪ ،2004 - 1990‬أكثر من نصف محلة جائزة نوبل األمريكيني يف العلوم كانوا من‬ ‫املهاجرين و‪ % 37‬منهم حصلوا على تعليمهم اجلامعي خارج الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫• يف العام الدراسي ‪ ،2005 - 2004‬بلغت نسبة األجانب من طالب الدكتوراه يف االختصاصات‬ ‫اهلندسية ‪ % 60‬واملاجستري ‪. % 40‬‬ ‫• األمريكيون من أصل أجنيب واملولودون خارج الواليات املتحدة يشكلون‪:‬‬ ‫ أكثر من ‪ % 25‬من املتقدمني إىل مسار التأصيل األكادميي (‪)Tenure Track‬‬‫ ‪ % 60‬من جمتمع الباحثني بعد الدكتوراه((‪Postdoctoral‬‬‫ ‪ % 43‬من درجات الدكتوراة املمنوحة يف جمال العلوم واهلندسة‬‫ ‪ % 44‬من االسم األول ملؤلفي األحباث املنشورة يف جمال العلوم‬‫• يف العام ‪ ،2007‬أكثر من نصف العلماء األجانب الباحثني يف املعاهد القومية للصحة (‪)NIH‬‬ ‫والبالغ عددهم ‪ 2800‬كانوا من أصل آسيوي‪.‬‬ ‫• يف العام ‪ ،2006‬بلغ نصيب اجلاليات العلمية من براءات االخرتاع األمريكية املسجلة ‪% 25‬‬ ‫• بلغ نصيب اجلاليات من الرباءات املسجلة يف كربيات الشركات ‪ % 72‬من العدد اإلمجالي لدى‬ ‫‪ Qualcomm‬و‪ % 65‬لدى ‪ Merck‬و‪ % 64‬لدى ‪ GE‬و‪ % 60‬لدى ‪Cisco Systems‬‬ ‫• أكثر من ‪ % 40‬من طلبات براءات االخرتاع العاملية املقدمة من احلكومة األمريكية أصحابها‬ ‫باحثون من اجلاليات املقيمة يف أمريكا ‪.‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪12‬‬

‫‪13‬‬

‫‪14‬‬

‫‪.efit from their Expatriate Scientists and engineers” ? Paris, france, Institut de Recherche pour le Development, IRD Editions, 2003‬‬ ‫‪Anwar Aridi, “Science & Technology Diasporas”, 2010 Annual Meeting of the American Association for the Advancement of Science, February 11‬‬ ‫‪18-22, 2010 San Diego, CA‬‬ ‫‪Leclerc, Eric and Meyer, Jean-Baptiste(2007) ‘KNOWLEDGE DIASPORAS FOR DEVELOPMENT’, Asian Population Studies, 3: 2, 153 — 168 12‬‬ ‫‪.MEYER, J.-B. & BROWN, M. (1999) Scientific Diasporas: A New Approach to the Brain Drain, UNESCO MOST Working Paper Series 41: 1_22 13‬‬ ‫‪Barre, R., Hernandez, V., Meyer J.B. & Vinck, D. « Scientific Diasporas : How can Developing Countries Benefit from their Expatriate Scientists and 14‬‬ ‫‪.engineers” ? Paris, france, Institute de Recherche pour le Development, IRD Editions, 2003‬‬ ‫‪.LOWELL, L. & GEROVA, S. (2004) Diasporas and Economic Development: State of Knowledge, World Bank, Washington, DC 15‬‬ ‫‪MEYER, J.-B. & WATTIAUX, J.-P. (2006) ‘Diaspora knowledge networks: Vanishing doubts and increasing evidence’, International Journal on 16‬‬ ‫‪Multicultural Societies, vol. 8, no. 1, pp. 4_24‬‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫البحث العلمي‬

‫‪ 2-2‬مجتمعات الشتات المعرفية‬

‫إطار رقم ‪36‬‬

‫إسهام اجلاليات العلمية املقيمة يف أمريكا يف اإلنتاج املعريف األمريكي‬

‫‪165‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 166‬للتنمية الثقافية‬

‫• ‪ 61‬شبكة خاصة بدول متقدمة ونامية‬ ‫أما يف ما يتعلّق بانتماء هذه الشبكات‬ ‫• ‪ 158‬شبكة خاصة حصراً بالدول النامية وبالبلدان األم امل ّولدة هلا (بالتنسيق طبعاً‬ ‫يف العام ‪ % 57 ،2005‬منهم جملتمع الشتات مع جمتمعات شتاتها يف اخلارج)‪ ،‬فقد بيّنت‬ ‫األسيوي‬ ‫الدراسات أن الطفرة األهم قد متركزت يف‬ ‫• ‪ 191‬شبكة خاصة بدول متقدمة ونامية‬ ‫الدول اآلسيوية ‪ ،‬حيث يتبني أن ‪ % 57‬من‬ ‫الشبكات الفعالة تعود إىل جمتمعات الشتات‬ ‫اآلسيوي (اجلدول رقم ‪ 24‬والشكل رقم ‪.)9‬‬ ‫‪15‬‬

‫‪16‬‬

‫‪13‬‬

‫‪17‬‬

‫‪17‬‬

‫جدول رقم ‪24‬‬

‫توزّع شبكات جمتمع الشتات املعريف على مناطق العامل‬

‫‪18‬‬

‫عدد الشبكات الفعالة‬ ‫املنطقة من العامل عدد الشبكات املكتشفة‬ ‫يف ‪2005‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪25‬‬ ‫أمريكا الالتينية‬ ‫‪27‬‬ ‫‪51‬‬ ‫أفريقيا‬ ‫‪56‬‬ ‫‪82‬‬ ‫آسيا‬ ‫‪98‬‬ ‫‪158‬‬ ‫اجملموع‬

‫شكل رقم ‪9‬‬

‫عدد البلدان األم‬ ‫‪9‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪38‬‬

‫توزّع الشبكات وفق بلدانها األم يف آسيا‬

‫‪%7‬‬

‫‪% 23‬‬

‫‪%7‬‬

‫‪India‬‬

‫تقودنا طفرة الشبكات اليت رافقت بزوغ‬ ‫جمتمعات الشتات املعرفية إىل احلديث‬ ‫عن الدور الذي تلعبه تكنولوجيا املعلومات‬ ‫واالتصاالت يف نقل املعرفة من جمتمعات‬ ‫الشتات إىل بلدانها األم‪ ،‬وبالتالي تكريس خيار‬ ‫دوران األدمغة‪ .‬لقد فاقت اإلنرتنت مجيع أدوات‬ ‫االتصال السابقة يف تغطيتها اجلغرافية وجتاوز‬ ‫احلدود واملسافات‪ ،‬ويف خلق جمتمعات احلوار‬ ‫االجتماعي‪ ،‬بل يف خلق جيل من املهاجرين‬ ‫"املوصولني" ببلدانهم ‪ ،‬والت ّواقني للبحث عن‬ ‫فرص اقتصادية وتعليمية فيها‪ .‬كما تتض ّمن‬ ‫األدبيات العديد من املواقف واآلليات اليت‬ ‫مت ّكن املهاجرون عربها من اإلسهام يف ختفيف‬ ‫الفجوة الرقمية يف أوطانهم يف العديد من‬ ‫اجملاالت‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫• اجتماعية وثقافية‪ :‬منتديات افرتاضية‪،‬‬ ‫لقاءات شبكية بني مفكرين يف املهجر وصنّاع‬ ‫‪19‬‬

‫‪%7‬‬

‫‪China‬‬

‫‪20‬‬

‫‪Middle East‬‬ ‫‪% 13‬‬

‫‪Bangladesh‬‬ ‫‪S. E. Asia‬‬

‫‪ 4 - 2‬دور تكنولوجيا المعلومات‬ ‫واالتصاالت‬

‫‪% 14‬‬

‫‪Nepal‬‬ ‫‪Korea‬‬ ‫‪Others‬‬

‫المصدر‪Meyer & Wattiaux, 2006 :‬‬

‫‪% 16‬‬

‫‪% 13‬‬

‫‪TOBIN, S. & SALLEE, N. (2006) One Million Secret Agent: A Report on Diaspora, Drains and Development, Kea, New Zealand Talent Community 17‬‬ ‫‪Abroad. [Online] Available at: http:// www.keanewzealand.com/index.html‬‬ ‫‪MEYER, J.-B. & WATTIAUX, J.-P. (2006) ‘Diaspora knowledge networks: Vanishing doubts and increasing evidence’, International Journal on 18‬‬ ‫‪Multicultural Societies, vol. 8, no. 1, pp. 4_24‬‬ ‫‪.Diminescu D (2008). The connected migrant: an epistemological manifesto. Social Science Information, 47. 565-579 19‬‬ ‫‪Gueron, J. and Spevacek, A. M. (2008). Diaspora-development nexus: The role of ICT. USAID 20‬‬ ‫‪Knowledge Services Center. Available at: http://www.unitar.org/ny/sites/default/files/Hannafin % 20ICT % 20Diasporas.pdf‬‬ ‫‪Martin Grossman, “Diaspora Knowledge Flows in the Global Economy”, E-Leader Budapest 2010 21‬‬ ‫‪/http://www.unesco.org/new/en/social-and-human-sciences/themes/social-transformations/international-migration/projects 22‬‬ ‫‪Cai, H. & Welch, A. R. (2009) The Chinese Knowledge Diaspora in The Development of Chinese Research Universities: A case Study of the 111 23‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪21‬‬

‫يع ّد برنامج اهلجرة الدولية التابع ملنظمة اليونسكو من أشهر الربامج اليت اعتمدت هذا النهج‬ ‫ووضعت كأوىل أولوياتها تعزيز قدرات واستدامة وفعالية شبكات جمتمعات الشتات اهلادفة إىل‬ ‫استعادة األدمغة من خالل استخدام تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت‪ .‬يؤ ّكد موقع املنظمة على‬ ‫االعتقاد املتفائل بإمكانية استخدام هكذا نهج كسالح اسرتاتيجي للح ّد بشكل غري مباشر من‬ ‫نزف األدمغة‪" ،‬سيؤدي استخدام تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت إىل االنتقال من نزف األدمغة‬ ‫إىل كسب األدمغة‪ ،‬معتربين جمتمع املهاجرين يف املغرتب كموناً بشرياً مؤه ً‬ ‫ال وأحد األصول القومية‬ ‫اليت ميكن االعتماد عليها‪ .‬وعلى هذا ميكن جملتمعات الشتات أن ختلق دينامية تنموية من خالل‬ ‫تسهيل تبادل املعلومات ونقل التكنولوجيا وتوسيع ألعمال جديدة سعياً إىل ربط الوطن بالنظام‬ ‫االقتصادي العاملي"‪.‬‬

‫‪ - 3‬تجارب عالمية‬

‫‪ 1 - 3‬قصص نجاح صينية‬

‫بدأت اسرتاتيجية الصني الناجحة يف التعامل‬ ‫مع علمائها يف املغرتب خبيار استعادة األدمغة‬ ‫ثم استم ّرت جناحاتها مع تبنّيها خيار جمتمع‬ ‫الشتات ودوران األدمغة‪ .‬يُع ّد جمتمع الشتات‬ ‫الصيين يف املغرتب‪ ،‬والذي تر ّكز يف الواليات‬ ‫املتّ حدة األميركية‪ ،‬من أكرب اجملتمعات املغرتبة‬ ‫يف العامل حيث يوجد خارج الصني ما يقارب‬ ‫مليون من الذين ّ‬ ‫متت تسميتهم صيني مهني‬ ‫وراء البحار‪Overseas Chinese Professionals 22‬‬

‫‪ ، OCP‬منهم‪:‬‬ ‫ ‪ 62500‬دكتور يف العلوم واهلندسة كانوا‬‫يعملون يف الواليات املتحدة يف العام ‪.2003‬‬ ‫ ‪ 32000‬طالب صيين حازوا شهادة دكتوراه‬‫يف الواليات املتحدة يف العام ‪ 2007‬من أصل‬ ‫‪ 142000‬طالب أجنيب‪.‬‬ ‫ ‪ 2600 -‬عامل بيولوجيا حازوا منصب التأصي‬ ‫األكادميي ‪ Tenure Position‬بينهم ‪ 800‬أستاذ‬ ‫ يعملون يف جامعات حبثية مرموقة يف ‪34‬‬ ‫والية ‪.‬‬ ‫‪23‬‬

‫‪.Project. The International Conference on Diaspora for Development. World Bank, Washington, D.C‬‬ ‫‪Ding, S.(2007, Winter). Digital diaspora and national image building: A new perspective on Chinese diaspora study in the age of China’s rise. Pacific 24‬‬ ‫‪.Affairs, 80(4). 627- 649‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫البحث العلمي‬

‫قرار يف البلد األم‪،‬‬ ‫مؤسساتي‪،‬‬ ‫• علمية وتقنية‪ :‬تشبيك حبثي ّ‬ ‫استشارات تقنية‪ ،‬حتفيز مبادرات إنشاء شركات‬ ‫تكنولوجية بادئة (‪،)Technology Start-ups‬‬ ‫• تنمية اقتصادية‪ :‬املساعدة يف تقديم‬ ‫فرص عمل عن بعد ‪ ،Telework‬ومساعدة رواد‬ ‫األعمال احملليني يف تسويق منتجاتهم يف اخلارج‬ ‫عرب اإلنرتنت‪.‬‬ ‫ لقد مت الرتويج لنهج "املعلوماتية االجتماعية"‬ ‫‪ Social Informatics‬املعتمد على تكنولوجيا‬ ‫املعلومات واالتصاالت باعتباره العالج احملتمل‬ ‫لنزف األدمغة و ّمت تبنيه من قبل العديد من‬ ‫أبرز وكاالت التنمية الدولية على مدى العقود‬ ‫املاضية‪ .‬وتتلخص االسرتاتيجيات الرئيسية‬ ‫اليت تبنتها اليونسكو (اإلطار ‪ )37‬لتحقيق هذه‬ ‫األهداف‪ ،‬يف (‪ )1‬اإلسهام يف الرتويج ملقاربة‬ ‫كسب األدمغة من خالل استخدام تكنولوجيا‬ ‫املعلومات واالتصاالت‪ ،‬و(‪ )2‬تطوير آليات‬ ‫وأدوات فعالة لتطوير روابط التعاون والتشارك‬ ‫يف املعرفة‪ ،‬و(‪ )3‬تعزيز شبكات جمتمعات‬ ‫الشتات‪ ،‬و(‪ )4‬حتسني نفاذ جمتمعات الشتات‬ ‫إىل تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت‪ .‬وقد‬ ‫بدأ مشروع شبكات جمتمع الشتات املعريف‬ ‫التابع لليونسكو يف العام ‪ 2005‬بالتص ّدي‬ ‫هلذه األهداف ووضع التدابري الكمية والنوعية‬ ‫للتضامن االجتماعي‪ .‬ورافق املشروع إطالق‬ ‫أكثر من ‪ 150‬شبكة جمتمع شتات معر ّيف على‬ ‫شبكة اإلنرتنت‪ .‬وقد اتسعت مساحة خيار‬ ‫تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت إىل هيئات‬ ‫دولية أخرى مثل وكالة املساعدات األميركية‬ ‫‪ USAID‬اليت تبنته أيضاً كوسيلة ملقاربة نزف‬ ‫األدمغة وردم الفجوة الرقمية ‪.‬‬

‫إطار رقم ‪37‬‬

‫مشروع اليونسكو لشبكات جمتمع الشتات املعريف‬

‫‪167‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 168‬للتنمية الثقافية‬

‫تنبّهت الصين منذ البداية إلى الدور‬ ‫الحيوي والواعد لتكنولوجيا المعلومات‬ ‫واالتصاالت كأداة تمكينية أساسية في‬ ‫بلورة خيار دوران األدمغة‪ ،‬فتم ّكنت بحسن‬ ‫استثمارها لهذه التكنولوجيا من أن تخلق‬ ‫من شبيبة الشتات الصينيّة مجتمع الشتات‬ ‫الرقمي ‪ Digital Diaspora‬القادر على‬ ‫استغالل جميع اإلمكانات التي وف ّرها‬ ‫مجتمع المعلومات العالمي‪ ،‬األمر الذي‬ ‫انعكست ايجابياته بشكل مباشر على صورة‬ ‫التنمية االقتصادية في الصين‪..‬‬

‫جدول رقم ‪25‬‬ ‫اسم البرنامج‬

‫وقد عمدت الصني منذ انفتاحها االقتصادي‬ ‫يف أواخر السبعينيات إىل إصدار ما يزيد على‬ ‫مخسني قانوناً وتشريعاً وإطالق العديد من‬ ‫الربامج لتسهيل التعامل مع الصينيّني املغرتبني‬ ‫وجذبهم للعودة إىل بلدهم‪ .‬يلخص اجلدول رقم‬ ‫(‪ )25‬اجلهود املبذولة والربامج اليت أطلقتها‬ ‫الصني من ضمن إطار خيار استعادة األدمغة‬ ‫عن طريق التحفيز والرتغيب‪ ،‬واألثر الذي‬ ‫أحدثته هذه اجلهود منذ منتصف التسعينيات‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى تنبّهت الصني منذ‬

‫الربامج اليت أطلقتها الصني ضمن إطار خيار استعادة األدمغة‬ ‫اجلهة املسؤولة‬

‫تاريخ‬ ‫اإلطالق‬

‫مئة موهبة‬

‫أكادميية الصني للعلوم‬ ‫(‪)CAS‬‬

‫‪1994‬‬

‫الصندوق الوطين‬ ‫للمتميزين‬

‫املؤسسة الصينية الوطنية‬ ‫للعلوم الطبيعية ‪NSFC‬‬

‫‪1994‬‬

‫ضوء الربيع‬

‫وزارة التعليم ‪MOE‬‬

‫‪1996‬‬

‫وزارة التعليم ‪MOE‬‬

‫‪1998‬‬

‫برنامج ‪Cheung Kong‬‬

‫ملنح الباحثني‬

‫برنامج الشراكة العاملي أكادميية الصني للعلوم‬ ‫للفرق البحثية املبدعة (‪ )CAS‬ووزارة اخلارجية‬ ‫أسبوع رواد األعمال‬ ‫والباحثني العائدين‬

‫منظمة الشبيبة الشيوعية‬ ‫ومجعية الباحثني العائدين‬

‫‪2001‬‬

‫(‪ )HOME‬لنساعد‬ ‫وطننا األم مبواهبنا‬ ‫العائدة‬

‫مؤسسة الصني للعلوم‬ ‫والتكنولوجيا‬

‫‪2004‬‬

‫ألف موهبة‬

‫قسم األعمال يف اللجنة‬ ‫املركزية للحزب الشيوعي‬ ‫الصيين‬

‫عودة ‪ 1122‬باحث مغرتب لغاية‬

‫‪2008‬‬

‫‪2001‬‬

‫مواهب من وراء البحار املكتب الصيين لعمال ما وراء‬ ‫البحار‬ ‫يف خدمة الوطن‬

‫األثر‬

‫‪2005‬‬

‫‪2008‬‬

‫دعم ‪ 366‬من حاملي الدكتوراه‬ ‫العائدين خالل الفرتة ‪1994‬‬ ‫ ‪2004‬‬‫دعم ‪ 12000‬باحث منذ إطالق‬ ‫الربنامج‬ ‫دعم ‪ 1308‬باحث خالل الفرتة‬ ‫‪2007 - 1998‬‬ ‫مت تشكيل ‪ 35‬فريقاً‬ ‫لغاية ‪ّ ،2005‬‬ ‫حبثياً شارك فيه ‪ 224‬باحثاً‬ ‫مغرتباً و‪ 362‬باحثاً حملياً‬ ‫مشاركة ‪ 3400‬باحث عائد من‬ ‫‪ 26‬بلد خالل الفرتة ‪2001‬‬ ‫ ‪2008‬‬‫عودة ‪ 375‬باحثاً لغاية ‪2008‬‬ ‫شاركوا يف ‪ 156‬مشروعاً يف‬ ‫تكنولوجيا املعلومات‬ ‫‪ 300‬رجل أعمال صيين مغرتب‬ ‫وجدوا شركاء هلم يف شركات‬ ‫صينية‪2006 ،‬‬ ‫توظيف ‪ 126‬موهبة العام ‪2008‬‬

‫البداية إىل الدور احليوي والواعد لتكنولوجيا‬ ‫املعلومات واالتصاالت كأداة متكينية أساسية‬ ‫يف بلورة خيار دوران األدمغة‪ ،‬فتم ّكنت حبسن‬ ‫استثمارها هلذه التكنولوجيا من أن ختلق من‬ ‫شبيبة الشتات الصينية جمتمع الشتات الرقمي‬ ‫‪ Digital Diaspora‬القادر على استغالل مجيع‬ ‫اإلمكانات اليت وف ّرها جمتمع املعلومات العاملي‪،‬‬ ‫األمر الذي انعكس بشكل مباشر على صورة‬ ‫التنمية االقتصادية يف الصني ‪ ،‬وأضحت تقنيات‬ ‫اإلنرتنت قاعدة أساسية لتشبيك اجليل اجلديد‬ ‫من جمتمع الشتات الصيين‪ .‬فالعديد من‬ ‫رب الرئيسي‬ ‫املهاجرين اجلدد‪ ،‬وال سيما من ال ّ‬ ‫للصني‪ ،‬تولدت لديهم عقلية الزائر املؤقت ورغبة‬ ‫قوية للبقاء على اتصال بالوطن األم‪ .‬وكان‬ ‫لذلك تأثري عميق ليس على السياسة اخلارجية‬ ‫فقط بل على التنمية االقتصادية للصني‪ ،‬لدرجة‬ ‫أن تكنولوجيا املعلومات واالتصاالت ساعدت‬ ‫الصينيني املغرتبني يف أميركا يف احلفاظ على‬ ‫هويتهم العرقية‪.‬‬ ‫‪24‬‬

‫‪ 2 - 3‬قصص نجاح هندية‬

‫تقرتن قصص النجاح الهندية مع جمتمعات‬ ‫شتاتها بشكل رئيسي بتط ّور الهند يف تكنولوجيا‬ ‫املعلومات واالخرتاقات اليت حققتها يف جمال‬ ‫صناعة الربجميات‪ .‬فلقد تنبهت احلكومة‬ ‫اهلندية إىل الكمون العالي الذي تتمتع به‬ ‫جمتمعات الشتات املعريف اهلندية يف الواليات‬ ‫املتحدة‪ ،‬وعلى األخص يف وادي السيليكون‬ ‫معقل الصناعات املعلوماتية األميركية‪ ،‬وبالتالي‬ ‫استطاعت هذه اجملتمعات أن تلعب دور الشريك‬ ‫املؤسس ورائد األعمال يف تط ّور هذه الصناعة‬ ‫ّ‬ ‫يف البلد األم من خالل املساهمات الرئيسية‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫• تهجري ‪ Off-shoring‬خدمات املعلوماتية‬ ‫اليت حتتاجها الواليات املتحدة إىل الهند وخلق‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫‪13 12‬‬

‫‪26 12‬‬

‫جتدر اإلشارة إىل أن الهند اتخّ ذت مجلة من‬ ‫خمتصة‬ ‫مؤسسات ّ‬ ‫التدابري التنظيمية وأنشأت ّ‬ ‫أسهمت بفعالية يف إجناح هذه التجربة‪ ،‬منها‬ ‫وزارة خاصة مسؤولة عن اهلنود يف الشتات‬ ‫وشبكات مقامة مببادرة من املغرتبني أو من‬ ‫احلكومة اهلندية واتفاقيات ثنائية مع احلكومة‬ ‫األميركية‪ ،‬باإلضافة إىل حوافز أساسية‬ ‫كالسماح بازدواجية اجلنسية‪ ،‬وعقد مؤمتر‬ ‫سنوي للهنود املغرتبني‪ ،‬وتسهيالت لتعيني‬ ‫العلماء اهلنود العائدين يف اجلامعات اهلندية‪،‬‬ ‫وبرنامج منح وإقامات علمية ‪  .‬‬ ‫‪27‬‬

‫‪ 3-3‬وقصص فشل‬

‫جتدر اإلشارة إىل حاالت إخفاق عديدة‬ ‫يف بعض الدول النامية‪ ،‬فقد اعرتت مسرية‬ ‫اجلمعيات أو الشبكات اخلاصة مبجتمعات‬ ‫الشتات املعرفية‪ ،‬وخباصة تلك اليت ّمت إحداثها‬

‫لتلمس مدى حرص احلكومة الصينية على االستفادة من الفرص اليت وفرتها تكنولوجيا املعلومات‬ ‫املوجهة حنو جمتمعات الشتات‬ ‫واالتصاالت‪ ،‬من املفيد مالحظة كثرة املواقع احلكومية الصينية ّ‬ ‫املهنية يف اخلارج‪ .‬من أمثلة ذلك‪ :‬موقع باحثي الصني يف اخلارج (‪ )www.chisa.edu.cn‬الذي‬ ‫أنشأته وزارة التعليم‪ ،‬وموقع جمتمع الشتات الصيين على الشبكة العاملية (‪)www.hslmw.com‬‬ ‫و(‪ ،)www.liuxue.net‬واملواهب الصينية وراء البحار (‪ )www.chinatalents.gov.cn‬واألكادميية‬ ‫الصينية للدراسة يف اخلارج والتعليم املستمر (‪ .)www.castalents.ac.cn‬من ناحية أخرى أصبحت‬ ‫الشبكات االجتماعية أداة هامة بتصرف العلماء الصينيني يف املغرتب‪ ،‬والكثري من املواقع اليت تتض ّمن‬ ‫ميزات الويب ‪ 2.0‬أصبحت متاحة‪ .‬فعلى سبيل املثال يتض ّمن موقع الصينيني وراء البحار (‪http://‬‬ ‫‪ )www.overseaschinesenetwork.com‬أقساماً خمصصة للمدونات ومنتديات احلوار ‪..‬إخل‪.‬‬ ‫‪25‬‬

‫إطار رقم ‪39‬‬

‫جناحات هندية‬

‫من الشواهد الدالة على مساهمات وجناحات اجلالية اهلندية يف املغرتب‪:‬‬ ‫• خالل العام ‪ 2003‬أقامت مئة شركة متع ّددة اجلنسيات مراكز حبثية هلا يف اهلند بالتنسيق مع‬ ‫علماء هنود عائدين‪.‬‬ ‫• خالل العام ‪ 2006‬فقط‪ ،‬عيّنت شركة ‪ Reddy‬للصناعات الدوائية ما يزيد على مئة عامل عائد‬ ‫إىل اهلند‪.‬‬ ‫• أكثر من نصف الباحثني من محلة الدكتوراه العاملني يف خمترب ‪ IBM‬البحثي يف اهلند هم من‬ ‫النود العائدين من الواليات املتحدة األمريكية‪.‬‬ ‫• ‪ % 34‬من الباحثني العاملني يف مركز ‪ GE‬يف اهلند هم من اهلنود العائدين من الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية ‪.‬‬ ‫أسسها ويديرها رواد أعمال هنود‬ ‫• ‪ 19‬شركة برجميات من أصل العشرين شركة األوىل يف اهلند ّ‬ ‫عائدين ‪.‬‬ ‫‪28‬‬

‫‪29‬‬

‫من قبل احلكومات ومل حتظ بالدعم املالي‬ ‫واملستدام من قبلها‪ .‬نذكر من هذه احلاالت‬ ‫شبكة ‪ Red Caldas‬يف كولومبيا اليت أحدثت‬ ‫العام ‪( 1991‬توجهت إىل ‪ 27‬بلداً وضمت ‪874‬‬ ‫عاملاً قبل أن تتالشى العام ‪ ،)2004‬وبرنامج‬ ‫املوجه‬ ‫مجلس العلوم والتكنولوجيا في الفلبني ّ‬ ‫إىل العلماء املغرتبني‪ ،‬وشبكة ‪South Africa‬‬ ‫‪12‬‬

‫‪Network of Skills Abroad - SANSA‬‬

‫‪Biao, X.(2008). A ritual economy of ‘talent’: China and overseas Chinese professionals. Working paper 60. Centre on Migration, Policy and Society. 25‬‬ ‫‪.University of Oxford‬‬ ‫‪.Khadria, B.(2004), Migrations of Highly Skilled Indians: Case Studies of IT and Health Professionals. STI Working Paper, OECD 26‬‬ ‫‪.Seguin et al, (20060, Scientific Diaspora, Science, 312 27‬‬ ‫‪Wadhwa, V.(2009), Tapping Talent in a Global Economy: A Reverse Brain Drain. Issues in Science and Technology. The National Academies of 28‬‬ ‫‪.Sciences‬‬ ‫‪Asian Development Bank (2004), Developing the Diaspora, Third Coordinating Meeting on International Migration Manillam Asian Development 29‬‬ ‫‪.Bank‬‬ ‫‪ 30‬موقع اليوم اإللكرتوني (تصفح بتاريخ ‪ 18‬آب‪ -‬اغسطس ‪)2010‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫البحث العلمي‬

‫فرص تزويد خارجي ‪ Outsourcing‬يف الهند هلذه‬ ‫اخلدمات‪ .‬إن منوذج األعمال اهلندي املعتمد‬ ‫على التصدير يف جمال تكنولوجيا املعلومات‬ ‫بعد سنوات الثمانينيات يعود الفضل فيه إىل‬ ‫الشراكات اليت أقامتها جاليات األعمال اهلندية‬ ‫ مع الصناعة األميركية يف هذا اجملال ‪. ،‬‬ ‫• تطوير قطاع تكنولوجيا املعلومات يف الهند‪،‬‬ ‫وذلك من خالل ابتكار مناذج أعمال جديدة‬ ‫قائمة على التزويد اخلارجي ‪Business Process‬‬ ‫‪ Outsourcing‬واالنتقال بالصناعة املعلوماتية‬ ‫اهلندية إىل العاملية‪ ،‬والرتويج لنموذج التزويد‬ ‫اخلارجي للبحث والتطوير ‪. ،‬‬

‫إطار رقم ‪38‬‬

‫احلرص الصيين على الربط مع جمتمع الشتات‬

‫‪169‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 170‬للتنمية الثقافية‬

‫اليت تأسست العام ‪( 1998‬بلغ عدد املنتمني‬ ‫إليها ‪ 2200‬عامل يف ‪ 60‬بلداً)‪ ،‬وشبكة ‪South‬‬ ‫تأسست‬ ‫‪ Africa Diaspora Network‬اليت ّ‬ ‫العام ‪.2001‬‬ ‫‪ - 4‬مجتمع الشتات أو التشتت‬ ‫المعرفي العربي‬

‫يتمتّع جمتمع الشتات املعريف العربي من‬ ‫دون أدنى شك بكمون علمي عال يف املغرتب‪،‬‬ ‫ويتمركز بشكل رئيسي ضمن جمتمع شتات‬ ‫عاملي يف الواليات املتحدة وكندا وبعض الدول‬ ‫األوروبية مثل بريطانيا وأملانيا وفرنسا باإلضافة‬ ‫إىل استراليا‪ .‬وإذا كنّا ال منلك معلومات‬ ‫وإحصائيات مباشرة ودقيقة عن حجم املساهمة‬ ‫اليت تق ّدمها اجلاليات العلمية العربية املقيمة يف‬ ‫املغرتب يف اإلنتاج املعريف للدول اليت تستضيفها‪،‬‬ ‫إال أن نظرة إىل املراكز املرموقة اليت حيتلّها‬ ‫العديد من علمائنا العرب املغرتبني تع ّد خري‬ ‫إطار رقم ‪40‬‬

‫‪ ...‬ومن العلماء العرب الذين أبدعوا يف املغرتب‬

‫• أمحد زويل‪ :‬عامل كيمياء مصري وأول عامل عربي يفوز جبائزة نوبل يف الكيمياء العام ‪1999‬عن‬ ‫اكتشافه العلمي املعروف باسم (ثانية الفيمتو) وهي أصغر وحدة زمنية يف الثانية‪.‬‬ ‫• شارل عشي‪ :‬عامل فضاء لبناني ومدير خمترب الدفع النفاث ‪ JPL‬يف وكالة الفضاء األمريكية‪ ،‬ناسا‪،‬‬ ‫وكان مسؤوالً عن رحالت ع ّدة للمكوك الفضائي‪.‬‬ ‫• عبد العالي العوضي‪ :‬عامل الطب احليوي املغربي‪ ،‬توىل رئاسة اجمللس الدولي للطب احليوي‬ ‫والتكنولوجيا احليوية يف الواليات املتحدة‪ ،‬وهي هيئة رأت النور مببادرة منه‪.‬‬ ‫• فاروق الباز‪ :‬عامل فضاء مصري ومدير مركز أحباث الفضاء والتحكم االستشعاري يف جامعة‬ ‫بوسطن‪.‬عمل يف أول رحلة هلبوط اإلنسان على القمر‪ ،‬حيث أسهم يف اختيار مواقع اهلبوط على‬ ‫سطحه‪.‬‬ ‫• منري حسن نايفة‪ :‬عامل الفيزياء الفلسطيين الذي يعد أحد أبرز علماء الفيزياء يف القرن العشرين‬ ‫إذ ارتبط امسه باكتشاف أسرار جديدة للذرة وأسس ما بات يعرف بكيمياء الذرة املفردة‪.‬‬ ‫• إلياس زيرهوني‪ :‬عامل الطب الشعاعي اجلزائري وأستاذ التصوير الشعاعي التشخيصي يف جامعة‬ ‫جون هوبكنز‪ ،‬واملدير اخلامس عشر ملعاهد الصحة القومية ‪ NIH 2008 - 2002‬يف الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية‪.‬‬ ‫• فواز عليب‪ :‬سوري اجلنسية وعامل يف التكنولوجيا اإلشعاعية الكهربائية‪ ،‬عمل مديراً ألحد مراكز‬ ‫أحباث الفضاء ‪ Space Terahertz Technology‬يف وكالة الفضاء األمريكية‪ ،‬ناسا‪ ،‬وهو حاصل على‬ ‫ميدالية توماس إديسون يف الكهرباء‪.‬‬ ‫• مصطفى السيد‪ :‬عامل فيزياء مصري حاصل على ميدالية العلم للعام ‪ 2009‬يف الواليات املتحدة‬ ‫األمريكية‪.‬‬

‫مؤشر على حجم هذه املساهمة ونوعيتها‪،‬‬ ‫واليت قدرت مبا نسبته ‪ % 2‬من اإلنتاج املعريف‬ ‫العاملي ‪ .‬يف اإلطار (‪ )40‬باقة خمتارة على‬ ‫سبيل املثال ال احلصر لعلماء عرب مرموقني‬ ‫أبدعوا يف مراكزهم وال زالوا يف عز عطائهم‪.‬‬ ‫لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة‪ ،‬هل‬ ‫حقاً يش ّكل هذا اجملتمع العلمي العربي يف‬ ‫املغرتب جمتمع الشتات املعرفي؟ وهل بدأ يف‬ ‫بلورة ذاته يف ظ ّل هذا االنزياح املفهومي كي‬ ‫يتم ّكن من ركوب موجة جمتمع الشتات ودوران‬ ‫األدمغة؟ وهل هناك أ ّي حت ّرك اسرتاتيجي‬ ‫عربي فعلي يف هذا االجتاه؟ إن الوقائع ما‬ ‫زالت تشري ولألسف‪ ،‬إىل أن جمتمع الشتات‬ ‫العربي مببدعيه وكمونه العلمي الواعد‪ ،‬ما‬ ‫زال يف مرحلة مللمة الشتات‪ ،‬وبالتالي مل تظهر‬ ‫حتى اآلن أ ّي دالئل على اعتماد اسرتاتيجيات‬ ‫واعدة من أ ّي من احلكومات العربية منفردة أو‬ ‫جمتمعة‪.‬‬ ‫من املشروعات الالفتة‪ ،‬مبادرة العلماء‬ ‫العرب املقيمني في الغرب العام ‪ ،1992‬بالتنسيق‬ ‫مع اتحّ اد اجلامعات العربية‪ ،‬بإطالق مشروع‬ ‫حلصر الكفاءات العربية يف اخلارج‪ ،‬بعد أن‬ ‫قاموا بإنشاء شبكة للعلماء العرب يف املهجر‬ ‫أمسوها شبكة العلماء والتكنولوجيني العرب‬ ‫في اخلارج واليت تعرف اختصاراً باسم الستا‬ ‫(‪ .)ALSTA‬تهدف هذه الشبكة إىل الكشف‬ ‫عن مواقع الكفاءات يف الدول الغربية ورصد‬ ‫إسهاماتها يف مسرية التق ّدم العلمي احلديث‪،‬‬ ‫وذلك كخطوة أوىل إلعداد دليل متكامل عنهم‬ ‫يوضع يف متناول أصحاب القرار السياسي‬ ‫واألكادميي والصناعي واالقتصادي يف العامل‬ ‫العربي‪ .‬يف العام ‪ 1999‬بوشر بتنفيذ املشروع‪،‬‬ ‫إال أن العمل توقف نتيجة أحداث احلادي عشر‬ ‫من سبتمرب ‪ ،2001‬ومل يعاود العمل باملشروع إال‬ ‫يف شهر آب ‪/‬أغسطس من العام ‪. 2007‬‬ ‫‪30‬‬

‫‪30‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫والعلوم وتنمية اجملتمع بتح ّرك واعد وطموح‬ ‫بعقد املؤمتر التأسيسي للعلماء العرب املغتربني‬ ‫يف مدينة الدوحة يف نيسان‪/‬إبريل ‪،2006‬‬ ‫ومتحورت رؤيته حول بناء شراكة "تؤ ّمن إسهام‬ ‫العلماء العرب يف املهجر يف دعم البحث العلمي‬ ‫يف العامل العربي"‪ ،‬وعلى الرغم من طموح‬ ‫األهداف ومشاركة خنبة من العلماء والكفاءات‬ ‫العربية املهاجرة بلغت حواىل ‪ 200‬من خمتلف‬ ‫التخصصات‪ ،‬إال أن اجلهود مل تثمر حتى اآلن‬ ‫ّ‬ ‫عن مبادرات عملية حمسوسة‪.‬‬ ‫ويف مصر‪ ،‬و ّقع جهاز حكومي العام ‪2010‬‬ ‫بروتوكول تعاون مع مجعية أهلية تدعى‬ ‫جمعية عصر العلم إلجراء حصر دقيق حلجم‬ ‫اإلجنازات اليت حقّقها العلماء املصريون يف‬ ‫اخلارج‪ ،‬وكيفية االستفادة منها‪.‬‬ ‫مل تقتصر املبادرات العربية على ما سبق‬ ‫ذكره‪ ،‬وبقيت مجيعها يف مراحل أولية ومل‬ ‫تتجاوز إال نادراً عتبة النوايا‪ .‬وهكذا يصعب‬ ‫احلديث عن قصص جناح عربية‪ ،‬فقد واجهت‬ ‫ك ّل مشروعات إقامة شبكات معرفية عربية يف‬ ‫املهجر باإلضافة إىل غياب التمويل املستمر‪،‬‬ ‫حتدياً أساسياً‪ ،‬شكل حكماً مسبقاً بالفشل‪،‬‬ ‫ومتثل باإلخفاق يف امتالك قاعدة بيانات‬ ‫دقيقة وشاملة عن الكفاءات العلمية املستهدفة‬ ‫يف املغرتب (ألسباب لوجستية أو لغياب الثقة‬ ‫التوجه والقيمني عليه)‪ ،‬أو من حيث‬ ‫جبدوى ّ‬ ‫األثر (‪ )Impact‬يف البلد األم املعينّ‪.‬‬ ‫‪31‬‬

‫‪ - 5‬توجهات ملزمة‬

‫تنطوي التجارب العاملية والعربية‪ ،‬بنجاحها‬ ‫وفشلها‪ ،‬على العديد من الدروس الواجب‬

‫شبكة العلماء والتكنولوجيني الفلسطينيني يف الشتات (‪)PALESTA‬‬

‫أطلقت الشبكة وزارة التخطيط والتعاون الدولي الفلسطينية يف العام ‪ 1996‬بالتعاون مع برنامج‬ ‫األمم املتحدة اإلمنائي‪ ،‬وهي شبكة تعتمد على اإلنرتنت لالستفادة من املعرفة واخلربة العلمية‬ ‫والتكنولوجية لفلسطينيّي الشتات لصاحل التنمية االجتماعية واالقتصادية يف فلسطني‪ .‬تسجل الشبكة‬ ‫الفلسطينية جناحاً نسبياً فهي تضم ‪ 1300‬منتسب‪ ،‬وقاعدة بيانات عن اخلرباء‪.‬‬ ‫شبكة العلماء والتقنيني واملبدعني السوريني يف املغرتب (‪)NOSSTIA‬‬ ‫تأسست يف العام ‪ 1998‬بهدف حتقيق التواصل بني العلماء واخلرباء السوريني وأقرانهم الذين‬ ‫هاجروا إىل اخلارج‪ .‬وهي منظمة غري حكومية ملتزمة بدعم القطاعني العام واخلاص يف سوريا‬ ‫لطرح وتقديم أحدث التقانات واألساليب العلمية على مجيع األصعدة‪ .‬جنحت نوستيا يف بناء الشبكة‬ ‫من خالل القيام بالعديد من النشاطات مثل الندوات واملؤمترات املختلفة يف جماالت املعلوماتية‬ ‫ومؤسساتهم العلمية‬ ‫واالتصاالت واملياه والطاقة‪ ،‬وعقد عدد من اتفاقيات التعاون بني أعضاء نوستيا ّ‬ ‫من جهة وعدد من اجلامعات السورية من جهة أخرى‪.‬‬ ‫"بعد مرور حواىل ‪ 10‬سنوات على التجربة السورية‪ ،‬جيب اإلقرار بأن تنامي االنطباع العام بأن‬ ‫املؤسسات االغرتابية يقتصر على إقامة املؤمترات‪ ،‬وغياب االستجابة ملا يطرحه املغرتب‬ ‫دور ّ‬ ‫السوري من أسئلة جوهرية قد أ ّدى إىل ردة فعل متثل انكماشاً‪ ،‬كي ال نقول إحباطاً‪ ،‬لدي الكثري‬ ‫من املغرتبني‪ .‬يف الواقع‪ ،‬إن غياب اآلليات الواضحة الستثمار الطاقات االغرتابية‪ ،‬وغياب آليات‬ ‫واملؤسسات احمللية‪ ،‬وكذلك غياب اإلمكانيات املادية‬ ‫املتابعة وعدم الوضوح يف األدوار بني املغرتب ّ‬ ‫اليت جيب أن ترافق االستثمار العلمي‪ ،‬هو ما جعل من جتارب نوستيا تقف عند ح ّد معني‪ ،‬معطياً‬ ‫املؤسسات االغرتابية" (من تقييم خاص بالشبكة أع ّده باسل‬ ‫بذلك االنطباع اخلاطئ مبحدودية دور ّ‬ ‫سليمان‪ ،‬رئيس سابق جمللس أمناء شبكة نوستيا)‪.‬‬

‫استعراضها متهيداً لبلورتها يف صيغة توجهات‬ ‫وآليات عمل تساعد على رسم معامل طريق‬ ‫مفتوح وحمفز للحكومات العربية‪ ،‬كي متسك‬ ‫بناصية االستفادة من رأس ماهلا املعريف‬ ‫النازح‪ .‬ومن أبرز هذه التوجهات‪:‬‬ ‫• حيتاج االلتزام خبيار جمتمع الشتات‬ ‫املعريف إىل اسرتاتيجية وطنية متكاملة‪،‬‬ ‫مدعومة من أعلى مستويات صنع القرار يف‬ ‫الدولة‪ ،‬مبنية على رؤية وآفاق موضوعية‪،‬‬ ‫وبعيدة عن اإلدارة املباشرة لألجهزة احلكومية‪.‬‬ ‫املؤسسات‬ ‫• يش ّكل مستوى ونوعية ومرونة ّ‬ ‫يف البلد األم عام ًال حمدداً يف إجناح أ ّي مبادرة‬ ‫علمية نابعة من مغرتب ‪ ،‬وعام ًال مفتاحياً‬ ‫‪32‬‬

‫‪www.alyaum.com/issue/page.php?IN=12482&P=8‬‬ ‫‪ 31‬خطة مصرية لالستفادة من العقول املهاجرة‪ ،‬صحيفة احلياة الّلندنية‪ 14 ،‬آب ‪ 2010‬‬ ‫‪Anand et al., (2009), The Globalization of Health Research: Harnessing the Scientific Diaspora. Academic Medicine, 84(4), p. 529 32‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫البحث العلمي‬

‫من جهتها قامت‬

‫مؤسسة قطر للتربية‬ ‫ّ‬

‫إطار رقم ‪41‬‬

‫شبكات عربية‬

‫‪171‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 172‬للتنمية الثقافية‬

‫لألثر الذي ميكن أن حيدثه املغرتب‪ ،‬وليس‬ ‫بريق املغرتب وحجم موارده ‪ .‬كما أن املقدرة‬ ‫على استيعاب معارف ومهارات املغرتب وتوافر‬ ‫كتلة حرجة أساسية من العلميني والفعاليات‬ ‫األكادميية‪ ،‬تع ّد عوامل حامسة يف إجناح عملية‬ ‫نقل املعرفة والتكنولوجيا ‪.‬‬ ‫• تتناسب درجة االستفادة من خيار‬ ‫مجتمع الشتات مع مستوى منظومة العلوم‬ ‫والتقانة واالبتكار واملناخ االستثماري القائم‬ ‫يف البلد األم‪ .‬فتطوير آليات االستفادة من‬ ‫الكفاءات العلمية يف اخلارج يع ّد عملية طويلة‬ ‫األمد‪ ،‬تتطلّب سياسات حكومية واضحة‬ ‫حيال جمتمعات الشتات تتوجه إىل العلميني‬ ‫واألكادمييني واملهنيني ورواد األعمال على‬ ‫السواء‪ ،‬وتركز على بعض القطاعات التنموية‬ ‫النوعية‪ ،‬آخذة بعني االعتبار أهداف املغرتبني‬ ‫ومتطلّباتهم وجتنّب األعمال اخلالية من الرؤية‬ ‫واألفق‪ ،‬واليت تبدأ وال تنتهي‪.‬‬ ‫‪33‬‬

‫‪34‬‬

‫المؤسساتي‬ ‫‪ 1 - 5‬اإلطار‬ ‫ّ‬

‫إن أي ّ‬ ‫خطة ملقاربة جمتمعات الشتات املعريف‬

‫إطار رقم ‪42‬‬

‫"حمنة العلم والعلماء العرب يف الداخل واخلارج"‬

‫"إن تطوير البحث العلمي يف العامل العربي ال ينفصل عن معاجلة مسألة اغرتاب العلماء ونزف العقول‬ ‫املستمر منذ عقود‪ ،‬إذ إن عودة هؤالء العلماء أو االستفادة من أحباثهم‪ ،‬بطريقة مباشرة أو غري‬ ‫مباشرة‪ ،‬تشكل مهمة رئيسية من مهام أي برنامج تنمية عربية جدي‪ .‬لكن مشكلة اغرتاب هؤالء‬ ‫العلماء ليست يف الواقع إال الوجه اآلخر الغرتاب العلماء العرب يف بلدانهم نفسها‪ .‬وسيكون من الصعب‬ ‫االستفادة من املغرتبني منهم ما دامت الظروف اليت دفعتهم إىل اهلجرة أو البقاء يف املغرتبات‬ ‫والعمل فيها مل تتغري يف بلدانهم األصلية‪ .‬فمن الصعب أن تتح ّول البيئة الطاردة للعلم والعلماء إىل‬ ‫بيئة جاذبة هلما مبجرد بناء شبكة حبثية أو حتى مدينة علماء‪.‬‬ ‫المرجع‪ :‬من مقال لبرهان غليون في صحيفة االتحاد اإلماراتية بتاريخ ‪ 26‬نيسان ‪ -‬إبريل ‪.2006‬‬

‫بشكل براغماتي تقتضي تعاون ثالث جهات‬ ‫أساسية ذات صلة‪ ،‬الدولة األم‪ ،‬والدولة املضيفة‬ ‫واملؤسسات اليت يعمل فيها‬ ‫للعلماء املغرتبني‪ّ ،‬‬ ‫هؤالء العلماء (اجلامعات ومراكز األحباث) على‬ ‫املؤسسات توجد يف دول متقدمة‬ ‫اعتبار أن هذه ّ‬ ‫وتتمتع باستقاللية عن حكوماتها يف سياساتها‪.‬‬ ‫يف ما يتعلّق بالدولة األم‪ ،‬الراغبة ببناء‬ ‫وجذب جمتمع الشتات املعريف يف املغرتب‪،‬‬ ‫تش ّكل العناصر التالية جزءاً من خطة حترك‬ ‫متكاملة‪ ،‬أهمها‪:‬‬ ‫• ضرورة وجود مؤسسة ناظمة‪ ،‬بعيدة عن‬ ‫الرتهل لرعاية وتنظيم أمور العلماء املغرتبني‬ ‫واملؤسسات املماثلة‬ ‫(أثبتت وزارت املغرتبني ّ‬ ‫يف الدول العربية عدم جدواها)‪ ،‬وأن يكون‬ ‫املؤسسة أن تتدخل بشكل دائم‬ ‫مبقدور هذه ّ‬ ‫ومكثف لتقديم ما يلزم من الدعم املالي والفنيّ‬ ‫واإلداري والسياسي لشبكات الشتات املعرفية‪.‬‬ ‫• ضرورة توفري حزم حوافز جمزية‬ ‫الستقطاب العلميني العائدين‪ ،‬والرتكيز على‬ ‫البيئات الشبكية جملتمعات الشتات املعرفية‪،‬‬ ‫وتوفري نظام إدارة معلوماتي هلذه الشبكات‬ ‫‪ ،Network Information System‬وإقامة‬ ‫حتالفات وشراكات أعمال مع املغرتبني‪،‬‬ ‫والرتكيز على استهداف األفراد من ذوي‬ ‫املهارات العاملية ورجال األعمال الناجحني‬ ‫ممن ميكنهم املساعدة يف تأمني فرص عمل يف‬ ‫ّ‬ ‫بلدانهم‪.‬‬ ‫• تنظيم محالت إعالمية تسهم يف إشهار‬ ‫قصص النجاح‪ ،‬وتأمني آليات متويل ملشروعات‬ ‫حبثية مشرتكة مع الباحثني من جمتمع الشتات‪،‬‬ ‫ومواءمة املتطلبات العلمية والفنية للبلد األم مع‬ ‫التوجهات املهنية لشبكات الشتات‪ ،‬وتنظيم‬

‫‪Kuznetsov, Y, (2005), From Brain Drain to Brain Circulation: Emerging Policy Agenda. Available at http://info.worldbank.org/etools/docs/ 33‬‬ ‫‪library/203731/Diasporas_ % 20Nov9_05.pdf‬‬ ‫‪OECD, (2008), The Global Competition for Talent: Mobility of the Highly Skilled, OECD Publishing 34‬‬


‫البحث العلمي في العالم العربي‬

‫جتاوزت تداعيات أحداث احلادي عشر من أيلول (سبتمرب) ‪ 2001‬أبعادها السياسية‪ ،‬لتلقي بظالهلا‬ ‫السلبية على جمال التبادل العلمي والثقايف‪ .‬ويبدو األمر أحياناً وكأنه حماولة ملنع العرب من امتالك‬ ‫القدرات العلمية والتكنولوجية احلديثة أو تطويرها‪ .‬واتضح ذلك مث ً‬ ‫ال يف ما يتعرض له املبعوثون‬ ‫العرب يف اخلارج راهناً من مضايقات‪ ،‬وعرقلة منح تأشريات الدخول للشباب‪ ،‬حتى بالنسبة إىل‬ ‫من يريد استكمال السنوات الدراسية املتبقية‪ ،‬والتضييق على إيفاد مزيد من الشباب العربي‬ ‫ملختلف اجلامعات ومراكز البحث العلمي يف الدول الغربية‪ ،‬للحصول على الدكتوراه واملاجستري يف‬ ‫اجملاالت العلمية املتطورة‪ .‬ويالحظ عموماً أن الغرب‪ ،‬خباصة الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬مل يعد‬ ‫يفتح جامعاته ومعاهده ومراكزه البحثية أمام مبعوثي العرب بالقدر الذي كان يف املاضي‪ ،‬ال سيّما‬ ‫وختصصات علمية م ّعينة‪ .‬ويف مذكرة بعنوان "الدفاع القومي والتعليم"‪ ،‬ح ّددت وزارة‬ ‫يف جماالت ّ‬ ‫التخصصات "احلساسة" باملوضوعات اآلتية‪ :‬تكنولوجيا الذرة‪ ،‬الصواريخ‪ ،‬التوجيه‬ ‫األمريكية‬ ‫اخلارجية‬ ‫ّ‬ ‫اإللكرتوني‪ ،‬الطريان‪ ،‬التصوير عن بعد‪ ،‬تكنولوجيا حتديد األهداف‪ ،‬الليزر‪ ،‬املواد اجلديدة‪ ،‬نظم‬ ‫الطاقة املوجهة بالليزر‪ ،‬تكنولوجيا املعلومات‪ ،‬اإللكرتونيات الدقيقة‪ ،‬السبائك فائقة األداء‪ ،‬تكنولوجيا‬ ‫التخصصات من علوم العصر وال غنى لباحث أو لدولة عن التع ّمق فيها‬ ‫الروبوت وغريها‪ .‬وتع ّد هذه ّ‬ ‫ومتابعتها‪ .‬فحظرها على هذا النحو سيعيق مسار التقدم فيها‪ ،‬يف عدد من دول اجلنوب العتمادها‬ ‫على املستجدات يف ما يسمى بـ"العلوم احلاكمة"‪ .‬وميكن وصف هذه اإلجراءات بأنها نوع من التمييز‬ ‫العنصري علمياً‪.‬‬ ‫المرجع‪ :‬مصطفى عبد العزيز مرسي‪ ،‬مقال في جريدة الحياة بتاريخ ‪13/12/2004‬‬

‫االستفادة من علماء المهجر‪ :‬كيف‬ ‫السبيل؟‬

‫استهدف هذا احملور االستدالل إىل سبل‬ ‫النهوض مبجتمعات الشتات املعرفية العربية‬ ‫بهدف تسخريها لتعزيز منظومات البحث‬ ‫العلمي واالبتكار يف بلدانها األم‪ .‬إن معاجلة‬ ‫مسألة العلماء املغرتبني يف الشتات واالستفادة‬ ‫من معارفهم‪ ،‬بطريقة مباشرة أو غري مباشرة‪،‬‬ ‫تش ّكل مهمة رئيسية من مهام أ ّي برنامج تنمية‬ ‫عربية جدي‪ .‬وهي مهمة ملتصقة بتطوير البحث‬ ‫العلمي يف اجملتمعات العربية وال تنفصل عنها‪.‬‬ ‫كما أن املعطيات السائدة تد ّل على أن الكفاءات‬ ‫العربية ستبقى يف حال من عدم االستقرار‪ ،‬بني‬ ‫مهاجر ووافد‪ ،‬إىل أن تتمكن اجملتمعات العربية‬ ‫من االخنراط يف مشروع نهضوي متكامل‪،‬‬ ‫يتبنّى سياسة وطنية للعلم والتقانة واالبتكار‪،‬‬ ‫ويتعهد بناء منظومة ابتكار ديناميكية تسمح‬ ‫هلذه العقول باإلسهام ولو عن بعد بنقل معارفها‬ ‫القيمة إىل احمليط العلمي يف أوطانها‪.‬‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫البحث العلمي‬

‫عملية إنشاء الشركات واحملافظ االستثمارية‬ ‫وتبسيطها‪ ،‬ورعاية املشروعات الصناعية وتأمني‬ ‫قوانني االستثمار السهلة‪.‬‬ ‫• ضمان بيئة علمية مشجعة لالبتكار ومنظومة‬ ‫ابتكار ديناميكية‪ ،‬وسياسة وطنية موجهة للعلم‬ ‫مؤسساتي‬ ‫والتقانة واالبتكار‪ ،‬وحتقيق نظام ّ‬ ‫تسوده احلوكمة الرشيدة والقيم املهنية‪.‬‬ ‫أما يف ما يتعلق حبكومات الدول املضيفة‪،‬‬ ‫فهي مطالبة بتشجيع ورعاية شبكات جمتمع‬ ‫الشتات املعرفية‪ ،‬وبتقديم خمتلف التسهيالت‬ ‫الالزمة لـ دوران األدمغة ‪Brain Circulation‬‬ ‫للعلماء املغرتبني‪ ،‬وعدم ممارسة أ ّي سياسات‬ ‫انتقائية أو ضغوط تقيد حركتهم جلهة سفرهم‬ ‫إىل بلدانهم األم أو جلهة االختصاصات العلمية‬ ‫اليت حيملونها‪.‬‬ ‫مبؤسسات الدولة املضيفة‪ ،‬وعلى‬ ‫ويف ما يتعلّق ّ‬ ‫الرغم من أن التعاون املرجو من طرف هذه‬ ‫املؤسسات ال يدخل ضمن إطار االسرتاتيجية‬ ‫ّ‬ ‫الوطنية لبناء جمتمع الشتات املعريف‪ ،‬إال أنه‬ ‫ذو أثر كبري يف إجناحها‪ .‬وميكن ضمان تعاون‬ ‫املؤسسات عن طريق إبرام اتفاقيات ثنائية‬ ‫هذه ّ‬ ‫معها تستهدف بناء شراكات علمية وعلى بعض‬ ‫اإلجراءات العملية‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫• استحداث آليات غياب قصيرة (‪Mini‬‬ ‫‪ )Sabbaticals‬خاصة بالعلميني املغرتبني‪،‬‬ ‫وتسهيل قضاء فرتات "بعد الدكتوراه ‪Post‬‬ ‫‪ "Docs‬يف الوطن األم‪.‬‬ ‫• ختصيص ميزانيات لتغطية املهمات‬ ‫مؤسسات‬ ‫القصرية اهلادفة إىل التعاون مع ّ‬ ‫البلد األم‪ ،‬واعتبار هذا التعاون جزءاً من املهام‬ ‫األساسية لألكادميي أو الباحث‪.‬‬ ‫• السماح للباحثني املغرتبني بالعمل‬ ‫يف مشروعات مع أقرانهم يف الوطن األم‪،‬‬ ‫واإلشراف املشرتك على حبوث الدكتوراه‬ ‫ومشروعات التطوير التكنولوجي‪.‬‬

‫إطار رقم ‪43‬‬

‫العوملة و ‪ 11‬سبتمرب وأثرهما يف التطور العلمي عربياً‬

‫‪173‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 174‬للتنمية الثقافية‬


‫املعلوماتية‬

‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 176‬للتنمية الثقافية‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫مواز‬ ‫الفضاء اإللكتروني‪ :‬عالم ثقافي ٍ‬ ‫العربية من منظور ثقافي‬ ‫واقع البنية المعلوماتية‬ ‫ّ‬ ‫مفهوم التواصل الرقمي‬ ‫منهجية قياس التواصل الثقافي العربي عبر شبكة اإلنترنت‬

‫عيّنة البحث‬ ‫منهجيّة البحث‬ ‫رقمية يبحث عنها العرب؟‬ ‫أي ثقافة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫لكل إنتاج ثقايف مستهلكوه‬ ‫كيف تواصل اجلمهور رقميّاً يف ‪ 20‬فرعاً ثقافياً؟‬ ‫السمات العامة الستهالك الثقافة رقميّاً وحدود انتشارها عرب الفروع الثقافيّة‬ ‫استهالك احملتوى الثقايف للقضايا العامة‬ ‫نتائج وحتليالت لسمات مستهلكي الثقافة العربيّة الرقميّة وأدائهم‬ ‫نقاط الق ّوة‬ ‫نقاط الضعف‬

‫أي محتوى رقمي ينتجه العرب؟‬ ‫ّ‬

‫منتج الثقافة ومستهلكها عرب املواقع وجهاً لوجه‬

‫رقمي ًا واستهالكها‬ ‫العربية‬ ‫التحديات والفرص في إنتاج الثقافة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫املنتجون‬ ‫املستهلكون‬ ‫خالصات مشرتكة‬

‫‪177‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 178‬للتنمية الثقافية‬

‫مواز‬ ‫الفضاء اإللكتروني‪ :‬عالم ثقافي ٍ‬

‫تقع الثقافة العربيّة حالياً‪ ،‬شأن العديد من‬ ‫اجملاالت األخرى‪ ،‬حتت عصف شديد وواضح‬ ‫من رياح التكنولوجيا‪ ،‬وهذا العصف بات‬ ‫حُيدث فيها تغيرياً وقلقلّة جديرين بالرصد‬ ‫والتحليل‪.‬‬ ‫و لع ّل أبرز تأثريات هذا العصف أنه أفرز‬ ‫"عاملاً ثقافياً موازياً" للتيار الثقايف السائد‬ ‫والتقليدي‪ ،‬وهذا العامل املوازي أصبح ميتلك‬ ‫من الفاعلية والقوة ما حيت ّم على قادة الثقافة‪،‬‬ ‫ويف مق ّدمتهم خمططو اسرتاتيجيات وبرامج‬ ‫التنمية الثقافيّة‪ ،‬أخذه يف االعتبار‪ ،‬فرياح‬ ‫التكنولوجيا "باتت تش ّكل تهديداً للهويّة‪ ،‬وقد‬ ‫انتاب اجلميع قلق بالغ على مصري هويتهم‬ ‫من جراء هذه التكنولوجيا الساحقة‪ ،‬ووصل‬ ‫هذا القلق إىل ح ّد توقع أن تقضي التكنولوجيا‬ ‫املعلوماتية على التن ّوع الثقايف مثلما كادت‬ ‫أن تقضي سابقتها الصناعية على التن ّوع‬ ‫البيولوجي ‪.‬‬ ‫ويف قلب العامل الثقايف املوازي وما حيمله‬ ‫من حت ّدياًت وخماطر وفرص يربز "التواصل‬ ‫الثقايف الرقمي" وحالة إنتاج واستهالك‬ ‫الثقافة عرب اإلنرتنت يف العامل العربي‬ ‫‪1‬‬

‫كظاهرة جديرة بالرصد واملتابعة والتحليل‪،‬‬ ‫ملا حتمله ‪ -‬يف تقديرنا‪ -‬من أهمية بالغة‬ ‫جلهود التنمية الثقافيّة وجهود احتواء تأثريات‬ ‫عصف التكنولوجيا بالثقافة‪ ،‬ومثل هذا الرصد‬ ‫والتحليل مطلوب الستشراف ومعرفة كيف‬ ‫استجابت الثقافة العربيّة هلذه الرياح‪ ،‬وإىل‬ ‫أ ّي ح ّد تأثرت بها‪ ،‬مبا يعمل يف النهاية على‬ ‫إضاءة الصورة أمام صانعي القرار وواضعي‬ ‫اسرتاتيجيات التنمية الثقافيّة يف العامل‬ ‫العربي من زاوية مهمة وهي‪ :‬كيف يتواصل‬ ‫ويتفاعل منتج الثقافة ومستهلكها أو املثقف‬ ‫واجلمهور معاً يف العامل املوازي اجلديد؟‪.‬‬ ‫مفهوم التواصل الثقافي الرقمي‬

‫يشري مصطلح "التواصل الثقايف الرقمي"‬ ‫عن بظاهرة تقوم على وجود‬ ‫إىل أنه َم يّ‬ ‫معادلة مكونّة من طرفني متمايزين‪ ،‬األول‬ ‫هم منتجو الثقافة من املؤلفني واملبدعني يف‬ ‫شتى اجملاالت‪ ،‬والثاني هم مستهلكو الثقافة‬ ‫ومتلقوها يف صورتها الرقميّة‪ ،‬ولكي تنشأ‬ ‫عالقة رقميّة بني الطرفني فمن املتعينّ عليهما‬ ‫أن يستخدما تكنولوجيا املعلومات واإلنرتنت‬

‫‪ 1‬د‪ .‬نبيل علي حمورية الثقافة يف جمتمع املعرفة ‪ :‬رؤية عربية مستقبلية حبث مقدم إىل ندوة الثقافة العربية يف ظل وسائط االتصال‬ ‫احلديثة ‪8‬ـ ‪ 10‬مارس ‪.2010‬‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫دور وظيفي أدائي لإلنترنت‬

‫وانطالقاً من أن هذا امللف داخل‬ ‫عن باستشراف توظيف تكنولوجيا‬ ‫التقرير َم يّ‬ ‫املعلومات يف عمليات التنمية الثقافيّة وآفاق‬ ‫هذا التوظيف يف العامل العربي‪ ،‬فإن اهلدف‬ ‫األساسي للدراسة هذا العام يتمثّل يف "رصد‬ ‫وحتليل الكيفية اليت قام من خالهلا منتجو‬ ‫الثقافة ومستهلكوها يف العامل العربي بتوظيف‬ ‫اإلنرتنت من أجل تدعيم وتنمية عالقة‬ ‫التواصل والتفاعل يف ما بينهما‪ ،‬بعبارة أخرى‬ ‫هدف البحث هو التعرف على الدور الوظيفي‬ ‫أو األدائي لإلنرتنت يف تنمية العالقة بني منتج‬ ‫الثقافة ومستهلكها‪ ،‬من دون التط ّرق بالطبع‬ ‫إىل ما حيدثه هذا التواصل من تأثريات على‬ ‫احملتوى الثقايف نفسه وتطوره"‪.‬‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫وأدواتها املتن ّوعة يف اإلمكانات ومستوى النضج‬ ‫والسرعة كقناة لالتصال والتواصل والتفاعل‬ ‫وتبادل الفعل ورد الفعل‪.‬‬

‫‪179‬‬

‫نرصد وحنلل معادلة إنتاج واستهالك الثقافة‬ ‫على اإلنرتنت‪ ،‬سنعترب أن إنتاج الثقافة‬ ‫الرقميّة مقصود به "أي عملية لعرض أو‬ ‫حتديث أو كتابة أو إتاحة أ ّي مادة أو حمتوى‬ ‫ثقايف على اإلنرتنت أو اإلضافة إليها أو‬ ‫املشاركة يف تطويرها بأي صورة من الصور"‪.‬‬ ‫أما استهالك الثقافة الرقميّة فمقصود بها‬ ‫" أ ّي عمليات للمطالعة والقراءة واالستماع‬ ‫واملشاهدة والبحث عن احملتوى الثقايف أو‬ ‫زيارته أو التعليق عليه أو تنزيله من اإلنرتنت‬ ‫أو التفاعل معه بأي صورة من الصور"‪.‬‬

‫معنى اإلنتاج واالستهالك الرقمي‬

‫ومن املهم هنا اإلشارة إىل أنّنا وحنن‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 180‬للتنمية الثقافية‬

‫العربية من منظور‬ ‫واقع البنية املعلوماتية‬ ‫ّ‬ ‫ثقافي‬

‫تعترب البنية املعلوماتية العربيّة التحتيّة‬ ‫مبكوناتها وعناصرها املختلفة ‪ -‬شبكات‬ ‫اتصاالت وشبكات معلومات وحاسبات‬ ‫واإلنرتنت مبواقعها وخدماتها ‪ -‬هي القناة‬ ‫اليت تتحقق من خالهلا مجيع أشكال التواصل‬ ‫الثقايف الرقمي يف العامل العربي بني منتجي‬ ‫الثقافة ومتلقيها ومستهلكيها‪ ،‬وانطالقاً من‬ ‫ذلك سنق ّدم يف ما يلي عرضاً موجزاً ألوضاع‬ ‫البنية املعلوماتية يف العامل العربي وذلك‬ ‫يوضح أوضاع ومالمح األداة‬ ‫كتمهيد ضروري ّ‬ ‫أو القناة األساسيّة املستخدمة يف هذا النوع‬ ‫من التواصل يف العامل العربي‪.‬‬ ‫وكما كان احلال يف العام املاضي أعتمد‬ ‫هذا اجلزء على البيانات واملعلومات املتاحة‬ ‫عن أوضاع تكنولوجيا املعلومات واإلنرتنت‬ ‫يف الوطن العربي بقاعدة البيانات التفاعلية‬ ‫على اإلنرتنت اخلاصة بالتقرير العاملي‬ ‫لتقنيّة املعلومات الصادر عن منتدى دافوس‬ ‫االقتصادي العاملي يف ‪ 25‬مارس ‪ ،2010‬وعنوانها‬ ‫‪.http://www.insead.edu/v1/gitr/wef/main/home.cfm‬‬

‫التحتية‬ ‫وتحسن في البنية‬ ‫تراجع‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫يوضح اجلدول رقم "‪ "1‬أوضاع مستويات‬ ‫ّ‬ ‫النضج يف البنية التحتيّة املعلوماتية يف العامل‬ ‫العربي من املنظور الثقايف خالل العام ‪2008‬‬ ‫مقارنة بأوضاع العام ‪ ،2009‬واليت أوردها‬ ‫التقرير العالمي‬ ‫لتقنية المعلومات الصادر يف‬ ‫ّ‬ ‫‪ 25‬مارس ‪( ،2010‬جدول رقم ‪)1‬‬ ‫ويكشف اجلدول أن الرتاجعات اليت حدثت‬ ‫يف أوضاع البنية املعلوماتية التحتيّة يف العامل‬

‫العربي خالل العام ‪ 2009‬كانت كالتالي‪:‬‬ ‫ يف ّ‬‫مؤشرات تقنيّات املعلومات واالتّصاالت‬ ‫يف الرؤى احلكومية‪ ،‬حدث اخنفاض طفيف‬ ‫يف معيارين للقياس‪ ،‬هما معيار مشرتوات‬ ‫احلكومات العربيّة من تقنيّات املعلومات‬ ‫ومعيار تقنيّات املعلومات واالتّصاالت بالرؤى‬ ‫احلكومية‪ ،‬بينما طرأ تق ّدم طفيف يف معيارين‬ ‫هما مستوى تقنيّات املعلومات يف قائمة أولويات‬ ‫احلكومة ومعيار جناح احلكومات يف الرتويج‬ ‫لتقنيّات املعلومات داخل اجملتمعات العربيّة‪.‬‬ ‫تحسن باألداء الحكومي‬ ‫ّ‬

‫ يف مؤشرات األداء احلكومي وتقنيات‬‫وحتسن‬ ‫املعلومات واالتّصاالت‪ ،‬حدث تق ّدم ّ‬ ‫طفيف يف املعايري األربعة اليت تض ّمها هذه‬ ‫اجملموعة‪ ،‬وهي مستوى تدريب موظفي‬ ‫احلكومة على التقنيّات وتوافر اخلدمات‬ ‫اإللكرتونية باإلنرتنت وتفعيل تقنيّات‬ ‫املعلومات يف تطوير األداء احلكومي وانتشار‬ ‫تقنيّات املعلومات باملكاتب احلكومية‪.‬‬

‫تراجع باالتّ صاالت‬

‫ يف ّ‬‫مؤشرات البنية التحتيّة لقطاع‬ ‫االتّصاالت‪ ،‬حدث تراجع يف ثالثة معايري‬ ‫من املعايري الستة املوجودة يف هذه اجملموعة‬ ‫وهي املعيار اخلاص بعدد خطوط التليفون لك ّل‬ ‫ومتوسط تكلفة‬ ‫‪ 100‬نسمة يف العامل العربي‪ّ ،‬‬ ‫االشرتاك التليفون الشهري بالنسبة إىل دخل‬ ‫سجل هذا االشرتاك ارتفاعاً‬ ‫الفرد‪ ،‬حيث ّ‬ ‫واضحاً خالل العام ‪ ،2009‬وتكلفة مكاملة‬


‫متوسط درجات الدول العربية املتاح عنها بيانات يف مؤشرات البنية املعلوماتية لعامي ‪ 2008‬و‪2009‬‬

‫جدول رقم ‪1‬‬

‫المعيار‬ ‫مؤشرات تقنيات العالم‬ ‫المعلومات‬ ‫العربي‬ ‫واالتصاالت في‬

‫دول‬ ‫الرؤى الحكومية‬ ‫اخرى‬ ‫‪2009‬‬ ‫مؤشرات‬

‫المعيار‬

‫األداء الحكومى العالم‬ ‫العربي‬ ‫وتقنيات‬ ‫المعلومات‬ ‫واالتصاالت‬

‫‪2008‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫ماليزيا‬ ‫كوريا‬ ‫المانيا‬ ‫اسبانيا‬

‫دول‬ ‫اخرى‬ ‫‪2009‬‬

‫‪2008‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫ماليزيا‬ ‫كوريا‬ ‫المانيا‬ ‫اسبانيا‬

‫المعيار‬ ‫المعلوماتية‬ ‫(قطاع‬ ‫االتصاالت)‬

‫مؤشرات البنية‬ ‫المعلوماتية‬ ‫(اإلنترنت‬ ‫وتقنيات‬ ‫المعلومات)‬

‫دول‬ ‫اخرى‬ ‫‪2009‬‬

‫المعيار‬ ‫العالم‬ ‫العربي‬ ‫دول‬ ‫اخرى‬ ‫‪2009‬‬

‫‪2008‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫ماليزيا‬ ‫كوريا‬ ‫المانيا‬ ‫اسبانيا‬

‫المعيار‬ ‫العالم‬ ‫مؤشرات البيئة العربي‬ ‫اإلبداعية‬

‫دول‬ ‫اخرى‬ ‫‪2009‬‬

‫‪2008‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫ماليزيا‬ ‫كوريا‬ ‫المانيا‬ ‫اسبانيا‬

‫المعيار‬ ‫العالم‬ ‫مؤشرات أوضاع‬ ‫العربي‬ ‫التعليم (نظام‬ ‫التعليم)‬

‫دول‬ ‫اخرى‬ ‫‪2009‬‬

‫‪2008‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫ماليزيا‬ ‫كوريا‬ ‫المانيا‬ ‫اسبانيا‬

‫‪4.58‬‬ ‫‪4.38‬‬ ‫‪3.93‬‬ ‫‪3.60‬‬

‫‪5.67‬‬ ‫‪5.44‬‬ ‫‪5.20‬‬ ‫‪4.33‬‬

‫‪5.39‬‬ ‫‪5.32‬‬ ‫‪4.43‬‬ ‫‪4.12‬‬

‫‪5.30‬‬ ‫‪5.25‬‬ ‫‪4.76‬‬ ‫‪3.82‬‬

‫تفعيل تقنيات المعلومات وتطور األداء‬ ‫الحكومي‬ ‫‪58.17‬‬ ‫‪61.64‬‬

‫مستوى انتشار تقنيات المعلومات‬ ‫بالمكاتب الحكومية‬ ‫‪57.20‬‬ ‫‪59.39‬‬

‫‪5.47‬‬ ‫‪5.78‬‬ ‫‪4.94‬‬ ‫‪4.61‬‬

‫‪5.40‬‬ ‫‪5.98‬‬ ‫‪5.33‬‬ ‫‪4.60‬‬

‫مستوى تدريب موظفي الحكومة‬ ‫على التقنيات‬ ‫‪3.84‬‬ ‫‪3.86‬‬

‫‪3.45‬‬ ‫‪4.55‬‬

‫‪4.89‬‬ ‫‪4.66‬‬ ‫‪5.18‬‬ ‫‪3.86‬‬

‫‪0.63‬‬ ‫‪1.00‬‬ ‫‪0.55‬‬ ‫‪0.77‬‬

‫عدد خطوط التليفون‬ ‫ّ‬ ‫لكل ‪ 100‬نسمة‬ ‫‪12.88‬‬ ‫‪10.88‬‬ ‫‪15.89‬‬ ‫‪44.29‬‬ ‫‪62.48‬‬ ‫‪45.41‬‬

‫توافر الخدمات اإللكترونية باإلنترنت‬

‫متوسط تكلفة االشتراك‬ ‫التليفوني الشهري من‬ ‫دخل الفرد‬ ‫‪2.21‬‬ ‫‪8.84‬‬

‫عدد مشتركي التليفون عدد مشتركي الخطوط‬ ‫تكلفة مكالمة المحمول‬ ‫كل ‪ 100‬السريعة بين ّ‬ ‫المحمول بين ّ‬ ‫كل ‪100‬‬ ‫بالنسبة لمتوسط دخل الفرد‬ ‫نسمة‬ ‫نسمة‬ ‫‪2.05‬‬ ‫‪70.95‬‬ ‫‪0.16‬‬ ‫‪3.58‬‬ ‫‪72.28‬‬ ‫‪0.27‬‬ ‫‪0.24‬‬ ‫‪0.50‬‬ ‫‪0.18‬‬ ‫‪0.71‬‬

‫‪7.67‬‬ ‫‪6.90‬‬ ‫‪19.19‬‬ ‫‪34.30‬‬

‫‪102.59‬‬ ‫‪94.71‬‬ ‫‪128.27‬‬ ‫‪111.67‬‬

‫سهولة توافر خطوط التليفونات‬ ‫الجديدة‬ ‫‪5.84‬‬ ‫‪5.93‬‬ ‫‪5.93‬‬ ‫‪6.14‬‬ ‫‪6.58‬‬ ‫‪5.93‬‬

‫‪4.93‬‬ ‫‪32.00‬‬ ‫‪27.47‬‬ ‫‪20.22‬‬

‫متوسط سعة الربط‬ ‫الدولي باإلنترنت‬ ‫بالميجا ثانية ّ‬ ‫لكل ‪100‬‬ ‫نسمة‬ ‫‪5.63‬‬ ‫‪14.39‬‬

‫‪19.62‬‬ ‫‪27.87‬‬

‫‪679.43‬‬ ‫‪46.29‬‬

‫‪10.30‬‬ ‫‪19.57‬‬

‫‪17.95‬‬ ‫‪18.76‬‬

‫‪23.37‬‬ ‫‪45.49‬‬ ‫‪255.51‬‬ ‫‪111.57‬‬

‫‪27.34‬‬ ‫‪695.90‬‬ ‫‪549.59‬‬ ‫‪170.14‬‬

‫‪37.74‬‬ ‫‪26.62‬‬ ‫‪28.25‬‬ ‫‪25.43‬‬

‫‪23.15‬‬ ‫‪58.14‬‬ ‫‪65.45‬‬ ‫‪40.04‬‬

‫‪55.80‬‬ ‫‪76.50‬‬ ‫‪75.33‬‬ ‫‪56.74‬‬

‫عدد حاسبات اإلنترنت الخادمة‬ ‫المؤمنة ّ‬ ‫لكل مليون نسمة‬

‫متوسط عدد‬ ‫متوسط عدد مستخدمي اإلنترنت بين‬ ‫نسبة تكلفة اشتراك دي إس إل شهريا الحاسبات ّ‬ ‫لكل ‪100‬‬ ‫ّ‬ ‫من الدخل الشهري‬ ‫كل ‪ 100‬نسمة‬ ‫نسمة‬

‫إتاحة قوانين لها عالقة بتقنيات‬ ‫متوسط عدد البراءات‬ ‫درجة حرية الصحافة‬ ‫ّ‬ ‫المعلومات واالتصاالت‬ ‫لكل مليون نسمة‬ ‫‪3.71‬‬ ‫‪4.43‬‬ ‫‪0.59‬‬ ‫‪3.81‬‬ ‫‪4.46‬‬ ‫‪1.22‬‬ ‫‪5.63‬‬ ‫‪155.97‬‬ ‫‪108.06‬‬ ‫‪6.79‬‬

‫‪4.19‬‬ ‫‪5.09‬‬ ‫‪6.67‬‬ ‫‪5.92‬‬

‫جودة نظام التعليم‬

‫اإلنفاق على التعليم‬

‫‪3.52‬‬ ‫‪3.64‬‬

‫‪3.72‬‬ ‫‪3.59‬‬

‫‪4.84‬‬ ‫‪3.97‬‬ ‫‪4.66‬‬ ‫‪3.38‬‬

‫‪5.51‬‬ ‫‪3.85‬‬ ‫‪4.43‬‬ ‫‪3.92‬‬

‫جودة مؤسسات البحث‬ ‫المعيار‬ ‫العلمي‬ ‫‪3.75‬‬ ‫العالم ‪2008‬‬ ‫مؤشرات أوضاع‬ ‫‪3.49‬‬ ‫العربي ‪2009‬‬ ‫التعليم (البحث‬ ‫‪4.73‬‬ ‫ماليزيا‬ ‫دول‬ ‫والتدريب)‬ ‫‪5.03‬‬ ‫كوريا‬ ‫اخرى‬ ‫‪5.77‬‬ ‫المانيا‬ ‫‪2009‬‬ ‫‪4.18‬‬ ‫اسبانيا‬ ‫صادرات التقنيات‬ ‫العالية إلجمالي‬ ‫المعيار‬ ‫الصادرات‬ ‫‪0.90‬‬ ‫مؤشرات البيئة العالم ‪2008‬‬ ‫‪0.83‬‬ ‫العربي ‪2009‬‬ ‫االقتصادية‬ ‫‪36.61‬‬ ‫ماليزيا‬ ‫والتجارية‬ ‫دول‬ ‫‪29.19‬‬ ‫كوريا‬ ‫اخرى‬ ‫‪11.55‬‬ ‫المانيا‬ ‫‪3.76‬‬ ‫‪ 2009‬اسبانيا‬

‫‪5.15‬‬ ‫‪5.60‬‬ ‫‪5.43‬‬ ‫‪4.54‬‬

‫مستوى استقاللية‬ ‫القضاء‬ ‫‪4.54‬‬ ‫‪4.37‬‬

‫مستوى فعالية‬ ‫االطار القانوني‬ ‫‪4.19‬‬ ‫‪3.94‬‬

‫مستوى حماية‬ ‫الملكية الفكرية‬ ‫‪4.03‬‬ ‫‪4.02‬‬

‫القدرة على‬ ‫اإلبداع واالبتكار‬ ‫‪2.89‬‬ ‫‪2.78‬‬

‫‪4.21‬‬ ‫‪4.08‬‬ ‫‪6.41‬‬ ‫‪4.07‬‬

‫‪4.40‬‬ ‫‪3.75‬‬ ‫‪5.12‬‬ ‫‪3.64‬‬

‫‪4.51‬‬ ‫‪4.20‬‬ ‫‪5.72‬‬ ‫‪4.31‬‬

‫‪4.08‬‬ ‫‪4.71‬‬ ‫‪5.87‬‬ ‫‪3.66‬‬

‫جودة تعليم الرياضيات‬ ‫والعلوم‬ ‫‪4.04‬‬ ‫‪4.13‬‬

‫‪25.39‬‬ ‫‪26.00‬‬

‫‪4.81‬‬ ‫‪5.19‬‬ ‫‪4.53‬‬ ‫‪3.34‬‬

‫‪30.24‬‬ ‫‪93.67‬‬ ‫‪43.60‬‬ ‫‪68.91‬‬

‫التسجيل الجامعي‬

‫الوصول لإلنترنت‬ ‫بالمدارس‬ ‫‪3.41‬‬ ‫‪3.64‬‬

‫‪3.80‬‬ ‫‪3.93‬‬

‫‪4.53‬‬ ‫‪6.23‬‬ ‫‪4.58‬‬ ‫‪4.34‬‬

‫‪4.78‬‬ ‫‪4.48‬‬ ‫‪4.96‬‬ ‫‪5.83‬‬

‫توافر خدمات البحوث والتدريب محليا‬

‫انفاق المؤسسات على البحوث‬

‫‪3.83‬‬ ‫‪3.87‬‬

‫‪3.03‬‬ ‫‪2.89‬‬

‫‪4.85‬‬ ‫‪4.61‬‬ ‫‪6.03‬‬ ‫‪4.82‬‬

‫‪4.34‬‬ ‫‪4.94‬‬ ‫‪5.76‬‬ ‫‪3.55‬‬

‫سهولة الوصول‬ ‫للمحتوى الرقمي‬ ‫‪4.46‬‬ ‫‪4.61‬‬ ‫‪5.19‬‬ ‫‪6.32‬‬ ‫‪6.06‬‬ ‫‪5.42‬‬

‫جودة المنافسة فى قطاع‬ ‫االتصاالت وتقنيات‬ ‫المعلومات‬ ‫‪4.12‬‬ ‫‪3.57‬‬ ‫‪6.00‬‬ ‫‪6.00‬‬ ‫‪6.00‬‬ ‫‪6.00‬‬

‫جودة كليات اإلدارة‬

‫التعاون البحثي بين الصناعة‬ ‫والجامعة‬ ‫‪3.12‬‬ ‫‪3.20‬‬ ‫‪4.63‬‬ ‫‪4.56‬‬ ‫‪5.25‬‬ ‫‪3.74‬‬

‫مدى استيعاب التقنيات‬ ‫داخل المؤسسات‬

‫مدى استخدام‬ ‫اإلنترنت تجاريا‬

‫واردات خدمات تقنيات المعلومات‬ ‫واالتصاالت‬

‫‪4.93‬‬ ‫‪5.04‬‬ ‫‪5.39‬‬ ‫‪5.96‬‬ ‫‪6.00‬‬ ‫‪5.11‬‬

‫‪3.87‬‬ ‫‪4.27‬‬ ‫‪4.96‬‬ ‫‪6.19‬‬ ‫‪5.79‬‬ ‫‪4.47‬‬

‫‪17.91‬‬ ‫‪16.72‬‬ ‫‪38.35‬‬ ‫‪38.99‬‬ ‫‪40.58‬‬ ‫‪48.43‬‬

‫تشير األرقام الملونة باللون االخضر في أرقام العام ‪ 2009‬إىل املعايري اليت حدث فيها تراجع عن العام ‪ ،2008‬واألرقام امللونة باللون الرمادي إىل املعايري اليت حدث فيها تقدّم عن العام ‪.2008‬‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫مؤشرات البنية‬

‫العالم‬ ‫العربي‬

‫‪2008‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫ماليزيا‬ ‫كوريا‬ ‫المانيا‬ ‫اسبانيا‬

‫مشتروات الحكومة من تقنيات‬ ‫المعلومات‬ ‫‪3.89‬‬ ‫‪3.83‬‬

‫مستوى تقنيات المعلومات في قائمة‬ ‫أولويات الحكومة‬ ‫‪4.61‬‬ ‫‪4.66‬‬

‫تقنيات المعلومات واالتصاالت بالرؤية‬ ‫الحكومية‬ ‫‪4.18‬‬ ‫‪4.17‬‬

‫نجاح الحكومة في ترويج تقنيات‬ ‫المعلومات بالمجتمع‬ ‫‪4.41‬‬ ‫‪4.42‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 182‬للتنمية الثقافية‬

‫متوسط دخل الفرد‪،‬‬ ‫احملمول بالنسبة إىل ّ‬ ‫حتسنت املعايري اخلاصة بعدد‬ ‫ويف املقابل ّ‬ ‫مشرتكي التليفون احملمول بني ك ّل ‪ 100‬نسمة‬ ‫وعدد مشرتكي اخلطوط السريعة بني ك ّل ‪100‬‬ ‫نسمة‪ ،‬ويف توافر خطوط التليفونات اجلديدة‪.‬‬ ‫ يف ّ‬‫مؤشرات البنية املعلوماتية اخلاصة‬ ‫حتسن‬ ‫باإلنرتنت وتكنولوجيا املعلومات‪،‬حدث ّ‬ ‫يف مخسة من املعايري الستة اليت تض ّمها هذه‬ ‫متوسط سعة الربط‬ ‫اجملموعة وهي معيار ّ‬ ‫الدولي باإلنرتنت وعدد حاسبات اإلنرتنت‬ ‫اخلادمة املؤمنة لك ّل مليون نسمة وتكلفة‬ ‫اشرتاك اخلطوط عالية السرعة "الدي إس‬ ‫ومتوسط عدد احلاسبات لك ّل‬ ‫إل" الشهري‬ ‫ّ‬ ‫ومتوسط عدد مستخدمي اإلنرتنت‬ ‫‪ 100‬نسمة ّ‬ ‫بني ك ّل ‪ 100‬نسمة‪ ،‬يف ما ثبت املعيار اخلاص‬ ‫بنسبة تكلفة ‪ 100‬كيلوبايت ثانية من الدخل‬ ‫الشهري‪.‬‬ ‫اإلبداع‪ 3 :‬خطوات لألمام ‪ 4‬للخلف‬

‫ يف ّ‬‫مؤشرات البيئة اإلبداعية‪ ،‬حدث‬ ‫متوسط عدد‬ ‫حتسن يف ثالثة معايري هي ّ‬ ‫ّ‬ ‫الرباءات لك ّل مليون نسمة ودرجة حرية‬ ‫الصحافة وإتاحة قوانني هلا عالقة بتقنيّات‬ ‫املعلومات واالتّصاالت‪ ،‬وطرأ تراجع على أربعة‬ ‫ّ‬ ‫مؤشرات أخرى هي مستوى استقاللية القضاء‬ ‫وفعالية اإلطار القانوني ومستوى محاية امللكية‬ ‫الفكرية والقدرة على اإلبداع واالبتكار‪.‬‬ ‫ يف ّ‬‫حتسن‬ ‫مؤشرات أوضاع التعليم‪ ،‬حدث ّ‬ ‫يف مخسة معايري هي جودة نظام التعليم‬ ‫وجودة تعليم الرياضيات والعلوم والتسجيل‬ ‫اجلامعي والوصول لإلنرتنت باملدارس وجودة‬ ‫كليّات اإلدارة‪ ،‬وحدث تراجع يف املعيار اخلاص‬ ‫باإلنفاق على التعليم‪.‬‬ ‫ يف ّ‬‫مؤشرات البحث والتدريب‪ ،‬تراجع‬ ‫مؤسسات البحث العلمي وحدث‬ ‫معيار جودة ّ‬ ‫حتسن يف توافر خدمات البحوث والتدريب‬ ‫ّ‬

‫املؤسسات على البحوث والتعاون‬ ‫حملياً وإنفاق ّ‬ ‫البحثي بني الصناعة واجلامعة‪.‬‬ ‫ يف ّ‬‫مؤشرات البيئة االقتصادية والتجارية‪،‬‬ ‫حتسن يف أربعة معايري هي سهولة‬ ‫حدث ّ‬ ‫الوصول للمحتوى الرقمي وجودة املنافسة يف‬ ‫قطاع االتّصاالت وتقنيّات املعلومات ومدى‬ ‫املؤسسات ومدى‬ ‫استيعاب التقنيّات داخل ّ‬ ‫استخدام اإلنرتنت جتارياً‪ ،‬بينما طرأ تراجع‬ ‫على معيارين هما صادرات التقنيّات العالية‬ ‫بالنسبة إلمجالي الصادرات العربيّة وواردات‬ ‫خدمات تقنيّات املعلومات واالتّصاالت‪.‬‬ ‫مالمح ثابتة للعام الثاني‬

‫وبصورة إمجالية يكشف اجلدول رقم "‪"1‬‬ ‫عن وجود تراجعات يف ‪ 13‬معياراً من معايري‬ ‫وحتسن يف ‪ 29‬معياراً‬ ‫التقييم وحدوث تق ّدم ّ‬ ‫من معايري التقييم وثبات معيار واحد بال‬ ‫تغيري‪ ،‬ولكن أوجه الرتاجع وأوجه التق ّدم مل‬ ‫تكن حادة أو كبرية بالصورة اليت تغري جوهرياً‬ ‫من مالمح الصورة اليت ّ‬ ‫مت شرحها تفصي ًال يف‬ ‫تقرير العام املاضي‪ ،‬إذ ال تزال السمات أو‬ ‫املالمح العامة لبنية جمتمع املعلومات العربي‬ ‫من املنظور الثقايف ثابتة كما هي يف جمملها أو‬ ‫يف عناصرها األساسيّة اليت ذكرناها يف تقرير‬ ‫العام املاضي وميكن تلخيصها على النحو‬ ‫التالي‪:‬‬ ‫ تتوافر لربامج التنمية الثقافيّة يف العامل‬‫العربي حالياً مساحة معقولة من البنية‬ ‫املعلوماتية اليت ميكن اختاذها كنقطة انطالق‬ ‫كمنصة أوليّة حنو التوظيف الثقايف لتقنيّات‬ ‫أو ّ‬ ‫املعلومات واالتّصاالت‪ ،‬آخذاً يف االعتبار قابلية‬ ‫هذه البنية للتجدد والتطور والتوسع واإلضافة‪،‬‬ ‫وذلك انطالقاً من االلتزام احلالي لدى‬ ‫احلكومات العربيّة بدعم تشييد وصيانة وتوسيع‬ ‫نطاق البنية األساسيّة لتقنيّات املعلومات‬ ‫واالتّصاالت حالياً ومستقب ًال‪ ،‬وإمجاالً يهيىء‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫‪183‬‬

‫هذه الفرصة قابلة للتطوير والتحسني وجاهزة‬ ‫لالستغالل‪ ،‬لكنها يف الوقت نفسه عرضة‬ ‫للضياع والتالشي إذا ما تركت لفرتة من‬ ‫دون رعاية وتنمية وجهد رصني يف استغالهلا‪،‬‬ ‫وهو ما يتعينّ أن يعيه ك ّل من خيطط أو ينفذ‬ ‫مشروعاً أو برناجماً للتنمية الثقافيّة يف العامل‬ ‫العربي‪.‬‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫هذا الوضع فرصة حلدوث تواصل ثقايف رقمي‬ ‫ملحوظ وقابل للنمو مع الوقت‪.‬‬ ‫ إذا ما أخذنا يف االعتبار أن مستخدمي‬‫اإلنرتنت واحلاسبات وخطوط االتّصاالت هم‬ ‫يف العادة أقرب للفئات اليت حصلت على‬ ‫مستوى معقول من التعليم وذات قدرة معيشية‬ ‫املتوسطة‪ ،‬فإن هذه‬ ‫متوسطة أو فوق ّ‬ ‫ومادية ّ‬ ‫الشرحية من السكان اليت يدور عددها حول‬ ‫‪ 50‬مليون نسمة ما بني مستخدمني للشبكة أو تحدي الفئات المحرومة‬ ‫ متثّل الشرائح احملرومة من االستفادة‬‫مالكني للحاسبات تعترب نواة حميط اجتماعي‬ ‫سكاني ثقايف قابل ألن ينجز تواص ًال ثقافياً من إمكانات تقنيّات املعلومات واالتّصاالت أو‬ ‫التعامل معها حت ّدياً كبرياً أمام جهود توظيف‬ ‫رقميّاً بصور متن ّوعة‪.‬‬ ‫هذه التقنيّات يف التنمية الثقافيّة يف العامل‬ ‫العربي‪ ،‬ذلك ألن حمدودية انتشار البنية‬ ‫الثقافية‬ ‫فرصة لدعم التنمية‬ ‫ّ‬ ‫ يهيئ االستعداد املوجود لدى اجلهات املعلوماتية باجملتمعات العربيّة ‪ -‬خباصة‬‫احلكومية واخلاصة واألفراد لإلنفاق على خارج بعض دول اخلليج الغنية ‪ -‬جيعل النسبة‬ ‫امتالك وتشغيل تقنيّات املعلومات واالتّصاالت األكرب من سكان العامل العربي حتت وطأة‬ ‫تربة سابقة االستعداد أمام ّ‬ ‫خمططي ومنفّذي الفجوة الرقميّة‪.‬‬ ‫ مثة ارتباط شديد بني التنمية الثقافيّة‬‫برامج التنمية الثقافيّة لكي يستخدموها يف زرع‬ ‫وتوطني جهود التنمية الثقافيّة‪ ،‬على اعتبار ومق ّومات البيئة اإلبداعية السائدة‪ ،‬كما أن‬ ‫مماث ًال بني فرص نشر وتوظيف‬ ‫أن من لديه استعداد للدفع يف امتالك أدوات هناك ارتباطاً ّ‬ ‫تقنيّات املعلومات واالتّصاالت يكون مهيئاً بصورة تقنيّات املعلومات واالتّصاالت ومق ّومات البيئة‬ ‫أو بأخرى وبدرجة أو بأخرى لتحمل بعض أو ك ّل اإلبداعية‪ ،‬ومن سوء احلظ أن العديد من‬ ‫األعباء املادية اليت قد يتطلبها التوظيف الثقايف مق ّومات البيئة اإلبداعية املطلوبة للطرفني غري‬ ‫مؤاتية يف العامل العربي‪ ،‬وهو ما يش ّكل حت ّدياً‬ ‫لتقنيّات املعلومات واالتّصاالت‪.‬‬ ‫ مثة ّ‬‫مؤشرات دالة على وجود قدر ال جديراً باالعتبار عند التفكري يف التوظيف‬ ‫بأس به من املهارات والنجاح يف االستفادة من الثقايف لتقنيّات املعلومات واالتّصاالت‪.‬‬ ‫تقنيّات املعلومات عملياً وتوليد قيمة مضافة‬ ‫منها‪ ،‬وهذه يف ح ّد ذاتها نقطة بداية جيّدة إىل أزمة تدني التعليم‬ ‫ يش ّكل الوضع املتدني جلودة نظم‬‫ح ّد ما أمام التواصل الثقايف الرقمي‪ ،‬حيث‬ ‫ميكن للقائمني على هذه اجلهود االطمئنان التعليم يف العامل العربي حت ّدياً كبرياً أمام‬ ‫إىل أن منتجهم املتولد عن التوظيف التوظيف الثقايف للبنية املعلوماتية‪ ،‬سواء‬ ‫الثقايف لتقنيّة املعلومات واالتّصاالت سيجد املتاحة حالياً أم اليت تتط ّور مع الوقت‪ ،‬ألن‬ ‫مستخدمني مسلحني إىل ح ّد كبري باملهارات نظم التعليم ركيزة أساسية من ركائز الثقافة‬ ‫املطلوبة الستخدامه وتوظيفه واحلصول على يف أ ّي جمتمع‪ ،‬وبالتالي فإن الثقافة احلقة ال‬ ‫قيمة مضافة من ورائه‪ ،‬وكما هو واضح فإن ميكن إنتاجها ونشرها بنجاح يف بيئة جاهلة‪،‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 184‬للتنمية الثقافية‬

‫في ضوء ّ‬ ‫المؤشرات المتدنية حول‬ ‫جودة نظم التعليم في معظم الدول‬ ‫العربيّة يظ ّل هناك هاجس قوي حول‬ ‫مدى النجاح الذي يمكن أن يتحقق‬ ‫في جهود التوظيف الثقافي لتقنيّات‬ ‫المعلومات‪..‬‬

‫سواء كانت هذه البيئة مسلحة بأرقى أدوات‬ ‫تقنيّة املعلومات أم حمرومة منها‪ ،‬ويف ضوء‬ ‫ّ‬ ‫املؤشرات املتدنية حول جودة نظم التعليم يف‬ ‫معظم الدول العربيّة يظ ّل هناك هاجس قوي‬ ‫حول مدى النجاح الذي ميكن أن يتحقق يف‬ ‫جهود التوظيف الثقايف لتقنيّات املعلومات‪.‬‬ ‫ معظم الدول العربيّة مصنّفة على أنها‬‫متوسطة‪ ،‬وحتقق‬ ‫إ ّما شديدة الفقر أو فقرية أو ّ‬ ‫دخوالً منخفضة ملواطنيها إىل الدرجة اليت‬ ‫جتعل تكلفة املكاملة الشهرية أو االشرتاك‬ ‫الشهري يف خدمة اخلدمات أو اقتناء حاسب‬ ‫معضلة حقيقية تلتهم جزءاً ال يستهان به من‬ ‫دخل الفرد‪ ،‬والقلّة القليلة من الدول العربيّة‬ ‫هي الغنيّة اليت تتمتّع بفوائض حتقق دخوالً‬ ‫عالية ملواطنيها متكنهم من حت ّمل تكلفة‬ ‫استخدام تقنيّات املعلومات واالتّصاالت سواء‬ ‫يف التنمية الثقافيّة أم غريها‪ ،‬وهذا الوضع‬ ‫سوف يش ّكل حت ّدياً أمام جهود التوظيف‬ ‫الثقايف لتقنيّات املعلومات يف العامل العربي‪.‬‬ ‫ ترزح أوضاع البحث العلمي والتدريب يف‬‫العامل العربي حتت وطأة ظروف عديدة غري‬ ‫مؤاتية بامل ّرة‪ ،‬وهو أمر ينسحب تلقائياً على‬ ‫جهود البحث والتطوير يف جمال التوظيف‬ ‫الثقايف لتقنيّات املعلومات واالتّصاالت‪ ،‬األمر‬ ‫الذي يصنع حت ّدياً عميقاً على األجل البعيد‪،‬‬ ‫لكونه مرتبطاً بإعادة صياغة أوضاع البحث‬ ‫العلمي كك ّل داخل العامل العربي ووضعه يف‬ ‫املكانة اليت يستحقها ومنحه الدور الذي يتعينّ‬ ‫أن يلعبه يف مسرية التنمية‪.‬‬ ‫قلّة الحاسبات المؤمنة ‪..‬عقبة‬

‫ يش ّكل تدني عدد احلاسبات العربيّة‬‫اخلادمة املؤمنة احلاملة للمحتوى على اإلنرتنت‬ ‫حت ّدياً البد من االنتباه إليه جيداً يف جهود‬ ‫التنمية الثقافيّة‪ ،‬وإال ستصبح البنية املعلوماتية‬

‫املتاحة أشبه بطرق جرى تعبيدها لكي يأتي‬ ‫املنتج الثقايف الرقمي األجنيب ويستعمر العقل‬ ‫العربي بدون أدنى مقاومة بل وبالبنية املعلوماتية‬ ‫اليت حتمل اإلنسان العربي تكاليفها‪.‬‬ ‫تؤسس فجوة الثقة بني ما تعرضه‬ ‫ ّ‬‫املؤسسات الرمسيّة العربيّة من خدمات‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫معتمدة على تقنيّة املعلومات حاليا لفجوة‬ ‫مماثلة ستعرتض طريق التوظيف الثقايف‬ ‫ّ‬ ‫للتقنيّة حال البدء فيها بصورة جادة‪ ،‬ومثل‬ ‫هذا التحدي سيظل قائماً حتى تستطيع‬ ‫املؤسسات الثقافيّة الرمسيّة العربيّة تقديم‬ ‫ّ‬ ‫حمتوى ثقايف صادق ورصني وجدير بالنفاذ‬ ‫إىل عقول وقلوب مواطنيها وعبور فجوة الثقة‬ ‫ويبين مكانها جسراً للتواصل‪.‬‬ ‫الثقافية‬ ‫فجوة التشريعات‬ ‫ّ‬

‫متثّل التشريعات الثقافيّة املستحدثة واحدة‬ ‫من أهم احللقات اليت فرضتها وتغذيها ثورة‬ ‫املعلومات واالتّصاالت باستمرار‪ ،‬خاصة‬ ‫يف ما يتعلق حبقوق النشر وامللكية الفكرية‬ ‫وقضايا اإلبداع الثقايف وغريها‪ ،‬واحلاصل أن‬ ‫استجابة العامل العربي هلذا اجلانب متفاوتة‬ ‫من حيث السرعة والنضج إىل ح ّد كبري‪،‬‬ ‫وجاءت يف معظمها بطيئة وقاصرة‪ ،‬وهو ما‬ ‫يش ّكل حت ّدياً أمام التوظيف الثقايف لتقنيّة‬ ‫املعلومات واالتّصاالت خاصة يف ما يتعلق‬ ‫باألطر القانونية احلاكمة حلقوق التأليف‬ ‫والنشر وامللكية الفكرية وغريها من القوانني‬ ‫ذات الصلة املباشرة والوثيقة باإلبداع الثقايف‬ ‫عرب الفضاء اإللكرتوني الرقمي‪.‬‬ ‫وقد استفادت مئات اجملتمعات حول‬ ‫العامل ثقافياً من إمكانات تقنيّة املعلومات‬ ‫واالتّصاالت يف هذا الصدد‪ ،‬واآلن هناك‬ ‫اجتاه قوي يف املشهد الثقايف العاملي ميضي‬ ‫حتت شعار "املعرفة من خالل التشبيك"‪ ،‬أو‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫استغالل قوة التكنولوجيا يف الربط والتشبيك‬ ‫لتحقيق تنمية ثقافيّة ومعرفية قائمة على‬ ‫التواصل والتبادل املستمر للبيانات واملعلومات‬ ‫واملعارف بني جمموعات من البشر‪.‬‬ ‫وتط ّورت فكرة التشبيك والربط الثقايف‬ ‫عرب اإلنرتنت حتى ظهر ما يعرف "باجملتمعات‬ ‫التخيّلية"‪ ،‬وهي مواقع على الشبكة متثّل نقطة‬ ‫التقاء جملموعة من األشخاص يتواصلون معاً‬ ‫من خالهلا باستخدام نظم القوائم الربيدية‬ ‫أو الرتاسل الفوري واحملادثة والدردشة‬ ‫واحلوارات املط ّولة وجمموعات األخبار وغريها‬ ‫من أساليب التواصل اجلماعي‪ ،‬ويكون القاسم‬ ‫املشرتك بينهم قضيّة ذات اهتمام مشرتك‬ ‫أو التخصص املهين أو التوافق يف اهلوايات‬ ‫واالهتمامات‪.‬‬ ‫وتشري أرقام البنية التحتيّة املعلوماتية يف‬ ‫العامل العربي لعامي ‪ 2008‬و‪ 2009‬والسابق‬ ‫عرضها بصورة موجزة إىل أن مسار "املعرفة‬ ‫من خالل التشبيك" يفرض نفسه بقوة كمسار‬ ‫من مسارات توظيف تقنيّة املعلومات كرافعة‬ ‫للتنمية الثقافيّة‪ ،‬وذلك للقيام مبا يلي‪:‬‬ ‫ تشبيك أدبي يربط ما بني األدباء العرب‬‫من القاصني والشعراء والنقاد يف جمتمع‬ ‫ختيّلي واحد أو ع ّدة جمتمعات ختيّلية‬ ‫تلتزم التوجهني السابقني املتعلقني حبرية‬ ‫تداول املعلومات واملصادر املفتوحة لتبادل‬ ‫املساهمات واآلراء الستعراض اإلبداعات‬ ‫اجلديدة لصغار وكبار األدباء وإدارة حوار‬ ‫جاد حوهلا وحتقيق مستوى من التواصل‬ ‫الداخلي يف ما بينهم‪ ،‬فض ًال عن التواصل‬ ‫اخلارجي مع اجلمهور العام‪.‬‬ ‫ً‬ ‫مؤسسي حيقق نوعا من‬ ‫ تشبيك ثقايف ّ‬‫املؤسسات‬ ‫الربط واملشاركة يف ما بني ّ‬ ‫الثقافيّة العربيّة كوزارات الثقافة وغريها‬ ‫املؤسسات املشابهة مبا يفتح الطريق‬ ‫من ّ‬

‫حنو حركة تنسيق جادة يف جهود التنمية‬ ‫الثقافيّة الرمسيّة‪ ،‬تعتمد على تبادل‬ ‫املنافع وتكامل املصادر واملوارد املتاحة‬ ‫للبلدان العربيّة‪ ،‬فالبعض ميلك ذخرية‬ ‫تراثية عريضة وضاربة يف القدم والبعض‬ ‫اآلخر ميلك موارد مالية وفريق ثالث‬ ‫ميلك خربات وكوادر ذات قدرات متن ّوعة‬ ‫يف العمل الثقايف والتنمية الثقافيّة‪ ،‬ومن‬ ‫للمؤسسات الثقافيّة‬ ‫خالل جمتمع ختيّلي ّ‬ ‫الرمسيّة العربيّة ميكن القفز بعيداً فوق‬ ‫العديد من املشكالت والعوائق الروتينية‬ ‫السائدة واملعضالت السياسية املزمنة‬ ‫واالنطالق يف تعاون طوعي سريع وسهل‬ ‫ميكن أن حيقق مردوداً إجيابياً قد يبدأ‬ ‫بسيطاً لكنه قابل للتعاظم مع الوقت‪.‬‬ ‫ تشبيك فين على صعيد السينما‬‫واملوسيقى واملسرح يتيح تواصل ومشاركة‬ ‫جادة بني مراكز اإلنتاج الفين الرئيسية‬ ‫يف العامل العربي بالقاهرة وبريوت واخلليج‬ ‫واملغرب العربي وغريها‪ ،‬ويفتح جماالت‬ ‫للتعاون وتبادل األفكار واملشروعات‬ ‫املشرتكة وإعادة عرض الرتاث الفين‬ ‫العربي عرب اإلنرتنت‪.‬‬ ‫مؤسسات‬ ‫ تشبيك حبثي وعلمي لربط ّ‬‫البحث العلمي والعاملني بها وحتقيق قدر‬ ‫من املشاركة يف األفكار واإلبداعات وتبادل‬ ‫النتائج وفتح نقاشات أكادميية وعلمية‬ ‫حوهلا‪ ،‬وكذلك تبادل املعلومات والبيانات‬ ‫املتعلقة باملوضوعات العلمية ذات الصبغة‬ ‫التصحر وندرة املياه‬ ‫املشرتكة كقضايا‬ ‫ّ‬ ‫وحتلية مياه البحر والتلوث البيئي‪.‬‬ ‫ تشبيك ومشاركة سياسية خاصة يف‬‫القضايا ذات الصبغة القومية‪ ،‬وهو أمر‬ ‫جتلى بوضوح حيال قضايا الصراع العربي‬ ‫‪ -‬اإلسرائيلي واحتالل العراق وقضايا‬

‫‪185‬‬

‫تشير أرقام البنية التحتيّة المعلوماتية‬ ‫في العالم العربي لعامي ‪ 2008‬و‪ 2009‬إلى‬ ‫أن مسار "المعرفة من خالل التشبيك"‬ ‫يفرض نفسه بقوة كمسار من مسارات‬ ‫توظيف تقنيّة المعلومات كرافعة للتنمية‬ ‫الثقافيّة‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 186‬للتنمية الثقافية‬

‫السودان وغريها‪ ،‬حيث تشكلت العديد من‬ ‫الروابط واجملموعات اليت تض ّم ناشطني‬ ‫سياسيني ويف جمال حقوق االنسان يف‬ ‫الوطن العربي وغريها للعمل بصورة‬ ‫مشرتكة‪.‬‬ ‫ تشبيك يف جمال النشر واإلعالم والكتب‬‫واملكتبات والرتاث‪ ،‬لفتح قنوات لتبادل‬ ‫املعارف والكتب يف خمتلف اجملاالت من‬ ‫خالل املكتبات الرقميّة واملستودعات‬ ‫اإلخبارية واإلعالمية التخيّلية املفتوحة‪،‬‬ ‫ومستودعات النشر الرقمي واملد ّونات‬ ‫مما يتيح‬ ‫والشبكات االجتماعية وغريها‪ّ ،‬‬ ‫موارد ثقافيّة هائلة أمام املواطن العربي‬ ‫للنيل منها طوال الوقت بصورة جمانية أو‬ ‫بتكلفة زهيدة‪.‬‬ ‫والفن القائم على‬ ‫ثقافة اإلبداع‬ ‫ّ‬ ‫المعرفة‪“ :‬اإلبداع من خالل إتاحة‬ ‫المعرفة”‬

‫يف هذا السياق تربز اجملموعات املهنيّة‬ ‫عرب اإلنرتنت كآلية ميكن ملشروعات وبرامج‬ ‫التنمية الثقافيّة العربيّة توظيفها لدعم‬ ‫اإلتاحة الدائمة للمعرفة أو املعارف اليت‬ ‫ميكن للموهوبني االستفادة بها يف صقل‬ ‫مهاراتهم وقدراتهم على اإلبداع‪ ،‬فاحلاصل‬ ‫أن أعضاء مثل هذه الشبكات ينقلون معارفهم‬ ‫ومهاراتهم لآلخرين‪ ،‬خصوصاً يف ما يتعلق‬ ‫بالتواصل ما بني األجيال‪ ،‬فهي تتيح لألساتذة‬ ‫تقديم خرباتهم بشكل دائم ومتجدد للشباب‬ ‫لالستفادة منها‪ ،‬وقد عرف منذ زمن طويل‬ ‫أن شعور االنتماء للمجموعة احملرتفة هو‬

‫عامل ثقة‪ ،‬وأن إمكانات اللقاء والتبادل مع‬ ‫حمرتفني حتفز املوهبة لالحرتاف والرغبة يف‬ ‫التعلّم‪ ،‬وهكذا يدعم التعلّم شعور االنتماء إىل‬ ‫جمموعة معرفية معيّنة‪.‬‬ ‫إن استخدام اإلنرتنت وتكنولوجيا املعلومات‬ ‫واالتّصاالت كوسيلة لإلتاحة الدائمة للمعارف‬ ‫بصورة إحرتافية للمبدعني واملوهوبني مسح‬ ‫بنشر الف ّن واإلبداع القائم على املعرفة وبدأ‬ ‫يكسر احتكار الوسائل التقليدية الناقلّة للمعرفة‬ ‫املؤسسات التعليمية‬ ‫للمبدعني‪ ،‬ويف مقدمتها ّ‬ ‫واألكادميية والكتب واملواد املطبوعة‪ ،‬ومن هنا‬ ‫فإن الفرصة ساحنة أمام مشروعات التنمية‬ ‫واملؤسسات القائمة عليها لكي‬ ‫الثقافيّة العربيّة ّ‬ ‫تتبنّى سلسلة من اخلطط واملشروعات املعنية‬ ‫بالتنمية الثقافيّة العربيّة بهدف إتاحة معارف‬ ‫من نوع الدراسات النقدية والقصائد الشعرية‬ ‫واملسرحيات اجلديدة بني أدباء شبان وكبار‬ ‫ينضوون يف جمموعات مهنية حمرتفة‪ ،‬وإتاحة‬ ‫الربامج الدراسية واحملاضرات األكادميية‬ ‫ولوحات الف ّن التشكيلي بني جتمعات الفنانني‬ ‫التشكيليني املنضوين يف قوائم مهنية حمرتفة‪،‬‬ ‫وإتاحة أفالم السينما ومكتبات السيناريو‬ ‫وكتب الرتاث والفقه بشكل دائم وعلى نطاق‬ ‫واسع بني حمرتيف كتابة السيناريو وصناع‬ ‫السينما‪ ،‬إىل غري ذلك من اجملموعات املهنيّة‬ ‫ذات العالقة باإلبداع الثقايف‪ ،‬وإذا ّ‬ ‫متت‬ ‫صياغة هذه اجلهود بطريقة احرتافية تناسب‬ ‫احتياجات املبدعني العرب يف ك ّل اجتاه‪ ،‬فإن‬ ‫ذلك ميكن أن حيقق توظيفاً فعاالً وسريعاً‬ ‫لتكنولوجيا املعلومات يف إجناز ما يعرف‬ ‫"باإلبداع من خالل إتاحة املعرفة"‪.‬‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫‪187‬‬

‫مفهوم التواصل الرقمي‬

‫جذور التواصل الرقمي‬

‫من التواصل البطيء إلى السريع‬

‫تعود جذور التواصل اإلنساني الرقمي عرب‬ ‫اإلنرتنت إىل النصف الثاني من سبعينيات‬ ‫القرن املاضي‪ ،‬حينما جنحت بعض األدوات‬ ‫والتكنولوجيات املختلفة على الشبكة يف أن‬ ‫تتجاوز الشكل احملدود لتبادل البيانات داخل‬ ‫شبكات املعلومات‪ ،‬الذي يت ّم بني طرفني أو‬ ‫مؤسسي داخل‬ ‫ع ّدة أطراف تعمل وفق إطار ّ‬ ‫منشاة أو هيئة أو أكثر ومغلق على أصحابه‬

‫مبرور الوقت بدأت هذه األدوات‬ ‫والتكنولوجيات تتط ّور وتتسع‪ ،‬فمن الناحية‬ ‫األدائية بدأت تنتقل من األدوات اليت حتقّق‬ ‫تواص ًال بطيئاً إىل األدوات اليت حتقق تواص ًال‬ ‫سريعاً وصل اآلن إىل ذروته حبدوث التواصل‬ ‫اللحظي أو الفوري‪ ،‬كما أصبحت تتّسم مبزيد‬ ‫من السهولة يف االستخدام ورخص التكلفة‪،‬‬ ‫حتى بات باستطاعة أ ّي شخص استخدامها‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫إن التواصل اإلنساني عرب الوسائل الرقميّة‬ ‫ وخصوصاً اإلنرتنت ‪ -‬مل يظهر فجأة‪ ،‬بل‬‫تش ّكل عرب رحلة طويلة من التطور املستمر‪.‬‬ ‫ففي البداية مل يكن التواصل اإلنساني الرقمي‬ ‫ذا استخدامات سياسية أو جتارية أو ثقافيّة‪ ،‬بل‬ ‫ظل حمصوراً يف الطبيعة التقنيّة والتخصصية‬ ‫لفرتة طويلة‪ ،‬وترافق التح ّول صوب االستخدام‬ ‫الثقايف لوسائل االتصال الرقميّة مع ما شهدته‬ ‫هذه الوسائل من تق ّدم تقين أضفى املزيد من‬ ‫السهولة على استخدامها‪.‬‬ ‫وعملياً تش ّكل اإلنرتنت أكرب وسيط‬ ‫للتواصل الرقمي‪ ،‬وما عداها ميثل شذرات‬ ‫بسيطة إما يف طريقها لالضمحالل واالنزواء‬ ‫لكونها ظهرت قبل اإلنرتنت أو تنافست معها‬ ‫وخسرت املعركة‪ ،‬أو كونها وسائل جديدة‬ ‫تعيش على التوازي مع الشبكة وال تزال يف‬ ‫أطوارها األوىل‪ ،‬ولذلك سنركز على رحلة‬ ‫تطور التواصل اإلنساني الرقمي عرب اإلنرتنت‪،‬‬ ‫كمثال جيد وأكثر تعبرياً من غريه عن نشأة‬ ‫الظاهرة وتطورها‪.‬‬

‫ومستخدميه وحي ّدد لك ّل منهم صالحيات‬ ‫بعينها‪ ،‬ثم راحت هذه األدوات تنشئ قنوات‬ ‫لتبادل معلومات وأفكار وآراء بني أطراف ال‬ ‫مؤسسي وليس بينها من عالقة‬ ‫حيكمها إطار ّ‬ ‫سوى االستخدام املشرتك للشبكة ومواردها‬ ‫املفتوحة للجميع‪.‬‬ ‫استم ّر التطور وبدأت تظهر أشكال من‬ ‫التواصل اإلنساني تشمل تبادل املعلومات‬ ‫والرأي والنقاشات على فرتات متباع ّدة زمنياً‪،‬‬ ‫مبعنى أن األدوات والتكنولوجيات املستخدمة‬ ‫كانت ‪ -‬على سبيل املثال ‪ -‬جتعل من احملت ّم‬ ‫على من يطرح رأياً أو يبعث مبعلومة أو مشاركة‬ ‫يف قضيّة ما حيتدم حوهلا اجلدل أن ينتظر‬ ‫لفرتة رمبا تطول لساعات أو أيام حتى يتعرف‬ ‫إىل ردود ومالحظات واجتاهات اآلخرين حيال‬ ‫ما يطرحه‪ ،‬وبالتالي كان التواصل يف جممله‬ ‫جيري ببطء وبصعوبة واضحة‪ ،‬وبالتزامن مع‬ ‫ذلك كان موضوع التواصل اإلنساني ذا طابع‬ ‫علمي تقين متخصص كاد أن يكون مغلقاً على‬ ‫قضايا املعلوماتية بفروعها املختلفة‪.‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 188‬للتنمية الثقافية‬

‫مبجرد اكتساب بعض املهارات البسيطة اليت‬ ‫ميكنه احلصول عليها بالتدريب والتعلّم الذاتي‪،‬‬ ‫ومن ناحية االنتشار واجلماهريية انفتحت على‬ ‫التخصصية‬ ‫جماالت جديدة وانتقلت من‬ ‫ّ‬ ‫إىل العموم‪ ،‬ومن دائرة املعلوماتية املنغلقة‬ ‫على أصحابها واملهتمني بها إىل رحابة عامل‬ ‫السياسة واألدب والثقافة والف ّن واالجتماع‬ ‫والرتفيه والعقيدة وغريها‪.‬‬ ‫رقمي ًا والسياسة‬ ‫الماليين يتواصلون‬ ‫ّ‬ ‫والثقافة على الخط‬

‫أ ّدى ذلك كلّه إىل حتفيز أعداد هائلة‬ ‫من البشر حول العامل للدخول يف جمال‬ ‫التواصل اإلنساني عرب اإلنرتنت وفضائها‬ ‫اإللكرتوني‪ ،‬وبالطبع فإن الزيادة الرهيبة يف‬ ‫أعداد املستخدمني كانت تعين يف الوقت نفسه‬ ‫تنوعاً وانفتاحاً واسعاً يف االهتمامات والقضايا‬ ‫املطروحة للنقاش من قبل املشاركني الذين‬ ‫باتوا يعبرّ ون بصورة متزايدة عن اجملتمع‬ ‫اإلنساني بك ّل فئاته وتنويعاته‪ ،‬ومن ثم دخلت‬ ‫قضايا السياسة واالجتماع والثقافة والشؤون‬ ‫الدولية على اخلط واحتلت الواجهة‪ ،‬هذا‬ ‫عالوة على أن جناح التكنولوجيا يف توفري‬ ‫أدوات التبادل الفوري للمعلومات واآلراء‬ ‫وإجراء النقاشات احلية حفز املزيد من الناس‬ ‫على املشاركة ورفع عنهم إحساسهم بامللل‬ ‫والنفور الذي كان سائداً يف املرحلة األوىل‪.‬‬ ‫المفهوم والمغزى‬

‫يف ضوء املراحل اليت م ّرت بها رحلة‬ ‫التواصل اإلنساني الرقمي وما قدمته من‬ ‫إمكانات وما أسفرت عنه امل ّمارسات العملية‬ ‫من خربات يف التواصل بني مستخدميها ميكن‬ ‫تعريف ظاهرة التواصل اإلنساني الرقمي‬ ‫بأنها "قيام أ ّي فرد أو جمموعة من األفراد‬

‫باستخدام وسائل وأدوات االتصال الرقميّة‬ ‫كشبكات االتّصاالت وشبكات املعلومات‬ ‫البث واالستقبال وقواعد‬ ‫واإلنرتنت وأجهزة ّ‬ ‫البيانات ووسائط التخزين والتداول املثبتة يف‬ ‫احلاسبات‪ ،‬واألجهزة احملمولة باليد أو عرب‬ ‫أجهزة متحركة وما يستخدم معها من أدوات‬ ‫وآليات لتداول املعلومات رقميّاً على نطاق‬ ‫واسع كالربيد اإللكرتوني واملواقع اإللكرتونية‬ ‫يف إنتاج أو تداول أو تبادل النصوص والصور‬ ‫والتسجيالت الصوتية واملرئية اخلاصة‬ ‫باملعلومات اليت جيري توظيفها يف تسيري‬ ‫وإدارة تفاصيل احلياة اليومية سواء باالطالع‬ ‫أم املشاركة أم النشر أم املتابعة على املستوى‬ ‫الفردي أم اجلماعي‪ ،‬وباملنتجات واخلدمات‬ ‫القابلة بذاتها لإلنتاج والتداول رقميّاً أو اليت‬ ‫تستخدم وسائل االتصال الرقميّة يف إنتاجها‬ ‫وتداوهلا‪ ،‬وبناء أو عرض أو املشاركة يف‬ ‫االجتاهات واملواقف والفعاليات حيال القضايا‬ ‫املختلفة اإلبداع واإلنتاج املعريف واحلضاري‬ ‫بشتى صوره"‪.‬‬ ‫التواصل الثقافي الرقمي‬

‫من رحم ظاهرة التواصل اإلنساني الرقمي‬ ‫العامة وما شهدته من تط ّور‪ ،‬انبثق "التواصل‬ ‫الثقايف الرقمي" كظاهرة فرعية تستخدم ما‬ ‫أتاحته الظاهرة العامة من مزايا وإمكانات‬ ‫يف تسهيل عملية إنتاج واستهالك الثقافة عرب‬ ‫اإلنرتنت‪.‬‬ ‫ويالحظ يف هذا الصدد أن التواصل الثقايف‬ ‫الرقمي بصورته اجلماهريية الواسعة جاء‬ ‫متأخراً مقارنة بأشكال أخرى من التواصل‬ ‫اإلنساني اليت سبقته‪ ،‬كالتواصل التجاري‬ ‫والتقين واألكادميي‪ ،‬والتواصل األدائي أو‬ ‫الوظيفي بني اجلماعات املهنيّة ذات الطابع‬ ‫املميّز‪ ،‬من مهندسني وأطباء وغريهم‪.‬‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫وعلى الرغم من حداثته النسبية‪ ،‬يتسم ألقصى احلدود املمكنة من ك ّل اآلليات‬ ‫التواصل الثقايف الرقمي بكونه جاء بقدر كبري واألدوات اليت وفرتها التكنولوجيا ويزخر بها‬ ‫من العنفوان واالنتشار والقوة اجلماهريية‪ ،‬فضاء اإلنرتنت‪ ،‬حتى بات من املتاح أن نعرفه‬ ‫ومرجع ذلك إىل أن الغالبية الساحقة من على أنه "قيام منتجي الثقافة ومستهلكيها‬ ‫واملؤسسات واهليئات‬ ‫أشكال الثقافة هي بطبيعتها أشياء قابلة ألن من األفراد واجلماعات ّ‬ ‫يت ّم التفكري فيها والتخطيط هلا وإنتاجها واجلهات الرمسيّة وغري الرمسيّة باستخدام‬ ‫وتداوهلا ونشرها واستهالكها والتعليق عليها وتوظيف وسائل االتصال الرقميّة وعلى رأسها‬ ‫والتأثري فيها والتأثر بها بصورة رقميّة ويف اإلنرتنت كقناة إلنتاج وتبادل وتداول وإدارة‬ ‫فضاء رقمي بالكامل‪.‬‬ ‫ونشر واستهالك املنتج الثقايف واإلبداع املعريف‬ ‫ففروع الثقافة من أدب وشعر وسينما وغناء واحلضاري مبختلف صوره‪ ،‬ولبناء وتكوين‬ ‫وموسيقى وفلكلور وفكر وغريه‪ ،‬مجيعاً قابلة توجهات ومواقف وفعاليات تتعلق بالثقافة‬ ‫ألن تتحرك بسهولة وحرية يف فضاء رقمي واملشاركة فيها‪ ،‬ولبناء وإدارة عالقات بني‬ ‫بصورة رقميّة‪ ،‬ما بني املبدع أو املنتج واملتلقي منتجي الثقافة وبعضهم البعض أو مستهلكيها‬ ‫أو املستهلك‪ ،‬فاألغاني واألفالم واألحلان وبعضهم البعض"‪.‬‬ ‫وعملياً يتيح التواصل الثقايف الرقمي فرصاً‬ ‫والقصص والروايات واملسرحيات والكتب‬ ‫واخلرائط والصور واإلبداع التشكيلي مجيعها ال حمدودة يف جمال التنمية الثقافيّة‪ ،‬فعلى‬ ‫إنتاج ذهين يكون يف إحدى مراحله يف صورة جانب منتج الثقافة أو املبدعني يتيح آفاق‬ ‫المادية قابلة أن توضع يف صورة رقميّة تتداول رحبة يف جمال إنتاج ونشر الوعي الثقايف‪،‬‬ ‫وتسافر عرب األسالك وتشاهد عرب الشاشات‪ ،‬وتوصيل املنتج الثقايف إىل قطاعات واسعة‬ ‫ويت ّم التفاعل معها واستهالكها افرتاضياً عرب من اجلماهري بصورة سريعة رخيصة رمبا مل‬ ‫الساحات‪.‬‬ ‫يكن مبقدور املبدع أو املثقف امتالكها والتمتّع‬ ‫ولذلك حينما وصلت اإلنرتنت ‪ -‬كوسيط مبزاياها من قبل‪ ،‬وعلى جانب متلقي الثقافة‬ ‫للتواصل اإلنساني الرقمي ‪ -‬إىل مرحلة ومستهلكها يتيح فرصاً ال حمدودة أيضاً يف‬ ‫التواصل شبه اللحظي ثم اللحظي‪ ،‬عملت احلصول على املنتجات الثقافيّة واستهالكها‬ ‫على الفور كمهاد فسيح تهادى فوقه التواصل طازجة فور إبداعها إذا كانت جديدة‪ ،‬بل‬ ‫الثقايف بك ّل سهولة ويسر حمققاً فضاء والوصول إليها بسهولة ويسر مهما كانت قدمية‬ ‫ثقافياً موازياً للفضاء الثقايف الواقعي بصوره أو مضى عليها مئات السنني ومن خمتلف بقاع‬ ‫التقليدية وعلى رأسها الورق‪ ،‬وك ّل يوم يكتسب األرض‪ ،‬وفوق ذلك إمكانات واسعة للتفاعل‬ ‫التواصل الثقايف الرقمي أرضاً جديدة يزداد مع املثقف الذي أبدع أو الناقد الذي يرصد‬ ‫فيها إنتاج واستهالك الثقافة مع الوقت‪ ،‬حتى أو املستهلك اآلخر الذي يتذ ّوق حبرية وسرعة‬ ‫أصبح واقعاً ال ميكن جتاهله يف اسرتاتيجيات وسهولة مل تكن معهودة من قبل‪.‬‬ ‫وخطط التنمية الثقافيّة يف أي دولة حول‬ ‫كل هذا يعين أن رياح التكنولوجيا تعصف‬ ‫ً‬ ‫العامل‪.‬‬ ‫بالثقافة فتحدث فيها تغيريا وقلقلّة جديرين‬ ‫وتؤ ّكد حالة التواصل الثقايف الرقمي عاملياً بالرصد والتحليل‪ ،‬خصوصاً أن هذه الرياح‬ ‫أن هذا النوع من التواصل اإلنساني استفاد ليست يف ك ّل أحواهلا فرصاً ومزايا‪ ،‬بل يف‬

‫‪189‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 190‬للتنمية الثقافية‬

‫بعض جوانبها حت ّديات وخماطر‪ ،‬وهو ما‬ ‫يستدعي رصد وحتليل ظاهرة التواصل الثقايف‬ ‫الرقمي العربي على اإلنرتنت حالياً من زاوية‬ ‫منتج الثقافة ومتلقّيها عسى أن يساعد هذا‬ ‫الرصد يف استشراف كيف استجابت الثقافة‬ ‫العربيّة هلذه الرياح‪ ،‬وإىل أ ّي ح ّد تأثرت بها‪،‬‬ ‫وهو ما يعمل يف النهاية على إضاءة الصورة‬ ‫أمام صانعي القرار وواضعي اسرتاتيجيات‬ ‫التنمية الثقافيّة يف العامل العربي‪.‬‬ ‫منهجية قياس التواصل الثقافي‬ ‫العربي عبر شبكة اإلنترنت‬

‫رياح التكنولوجيا تعصف بالثقافة‬ ‫فتحدث فيها تغييراً وقلقلة جديرين‬ ‫بالرصد والتحليل‪ ،‬خصوصاً أن هذه‬ ‫الرياح ليست في ك ّل أحوالها فرصاً‬ ‫ومزايا‪ ،‬بل هي في بعض جوانبها تح ّديات‬ ‫ومخاطر‪ ،‬وهو شأن يستدعي رصد ظاهرة‬ ‫التواصل الثقافي الرقمي العربي وتحليلها‬ ‫من زاوية منتج الثقافة ومتلقّيها‪..‬‬

‫على الرغم من تش ّعب وتن ّوع وضخامة‬ ‫حجم ظاهر التواصل اإلنساني الرقمي عرب‬

‫إمجالي عيّنة مفردات البحث موزعة على قنوات التواصل وعلى الفروع الثقافيّة‬ ‫املختلفة‬

‫جدول رقم ‪2‬‬ ‫الفرع وقناة‬ ‫التواصل‬ ‫آثار وعمارة‬ ‫أدب‬ ‫إعالم‬ ‫تراث‬ ‫ثقافة‬ ‫سينما‬ ‫شعر‬ ‫غناء‬ ‫فعاليات‬ ‫ثقافيّة‬ ‫فنون مجيلة‬ ‫كتب‬ ‫لغة‬ ‫مسرح‬ ‫موسيقى‬ ‫مؤ ّسسات‬ ‫نشر‬ ‫إمجالي‬

‫اإلنرتنت‪ ،‬فإن األوعية أو القنوات املستخدمة‬ ‫يف تفعيل هذه الظاهرة تتمثّل يف جمموعة من‬ ‫األدوات واآلليات حمدودة العدد‪ ،‬تأتي يف‬ ‫مقدمتها املواقع واملنتديات والقوائم الربيدية‬ ‫واملد ّونات والشبكات االجتماعية وشبكات‬ ‫كقنوات‬ ‫الفيديو‪ ،‬حيث تُستخدم هذه األدوات‬ ‫ٍ‬ ‫إلنتاج أو نقل أو استهالك احملتوى أو مادة‬ ‫التواصل اإلنساني الرقمي بك ّل أشكاله عرب‬ ‫اإلنرتنت‪ ،‬ومن هنا فإنه عند رصد وحتليل‬ ‫أنشطة إنتاج واستهالك الثقافة العربيّة على‬ ‫اإلنرتنت‪ ،‬اليت تت ّم يف إطار ظاهرة التواصل‬ ‫التوجه مباشرة‬ ‫الثقايف الرقمي كك ّل‪ ،‬ال ب ّد من ّ‬ ‫إىل قنوات أو أوعية التواصل اليت تربط بني‬ ‫منتج الثقافة ومستهلكها عرب الشبكة‪ ،‬فهذه‬

‫املواقع‬

‫املدوّنات‬

‫املنتديات‬

‫فيس بوك‬

‫القوائم‬ ‫الربيدية‬

‫يوتيوب‬

‫إمجالي‬

‫‪1‬‬

‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫‪1‬‬

‫‪6‬‬

‫‪9‬‬

‫‪5‬‬

‫‪5‬‬

‫‪9‬‬

‫‪1‬‬

‫‪35‬‬

‫‪2‬‬

‫‪2‬‬

‫‪0‬‬

‫‪4‬‬

‫‪0‬‬

‫‪1‬‬

‫‪9‬‬

‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪7‬‬

‫‪12‬‬

‫‪5‬‬

‫‪0‬‬

‫‪13‬‬

‫‪0‬‬

‫‪14‬‬

‫‪2‬‬

‫‪34‬‬

‫‪7‬‬

‫‪8‬‬

‫‪3‬‬

‫‪13‬‬

‫‪14‬‬

‫‪3‬‬

‫‪48‬‬

‫‪7‬‬

‫‪16‬‬

‫‪2‬‬

‫‪13‬‬

‫‪6‬‬

‫‪13‬‬

‫‪57‬‬

‫‪5‬‬

‫‪1‬‬

‫‪3‬‬

‫‪0‬‬

‫‪5‬‬

‫‪4‬‬

‫‪18‬‬

‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫‪4‬‬

‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫‪4‬‬

‫‪6‬‬

‫‪4‬‬

‫‪5‬‬

‫‪4‬‬

‫‪7‬‬

‫‪3‬‬

‫‪29‬‬

‫‪1‬‬

‫‪5‬‬

‫‪0‬‬

‫‪10‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪21‬‬

‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫‪6‬‬

‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫‪6‬‬

‫‪3‬‬

‫‪4‬‬

‫‪1‬‬

‫‪7‬‬

‫‪5‬‬

‫‪4‬‬

‫‪24‬‬

‫‪3‬‬

‫‪0‬‬

‫‪2‬‬

‫‪6‬‬

‫‪2‬‬

‫‪1‬‬

‫‪14‬‬

‫‪4‬‬

‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫‪12‬‬

‫‪1‬‬

‫‪1‬‬

‫‪18‬‬

‫‪0‬‬

‫‪1‬‬

‫‪0‬‬

‫‪5‬‬

‫‪1‬‬

‫‪0‬‬

‫‪7‬‬

‫‪50‬‬

‫‪50‬‬

‫‪40‬‬

‫‪85‬‬

‫‪69‬‬

‫‪43‬‬

‫‪337‬‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫‪ 337‬مفردة بحث‬

‫ويف ك ّل قناة أو أداة ّ‬ ‫مت فحص عيّنة من‬ ‫املفردات اليت ينشئها ويستخدمها منتجو‬ ‫ومقدمو الثقافة العرب وهم يتواصلون رقميّاً‬ ‫مع مجهورهم‪ ،‬وقد تشكلت العيّنة كما هو وارد‬ ‫يف اجلدول رقم "‪ "2‬من إمجالي ‪ 337‬مفردة‪،‬‬ ‫واملقصود باملفردة هنا األداة اليت يستخدمها ك ّل‬ ‫طرف ينتج الثقافة‪ ،‬سواء كان شاعراً أم ناشراً‬ ‫مؤسسة أم أديباً أم قصاصاً أم حتى املعجبني‬ ‫أم ّ‬ ‫به‪ ،‬وسواء جتسدت يف شكل موقع أم مدونة أم‬ ‫صفحة على الفيس بوك أم قناة فيديو على‬ ‫يوضح اجلدول‬ ‫يوتيوب أم قائمة بريدية‪ ،‬وكما ّ‬ ‫فإن العيّنة تض ّمنت مفردات من القنوات الست‬ ‫الرئيسية‪ ،‬وجرى توزيع هذه املفردات على ‪16‬‬ ‫فرعاً من فروع الثقافة املختلفة‪ ،‬حبسب االنتشار‬ ‫واحلضور والوزن النسيب لك ّل فرع ثقايف على‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫األوعية أو القنوات هي اليت تستخدم يف نقل الشبكة طبقاً ملا تظهره نتائج حمركات البحث‬ ‫املادة الثقافيّة من منتجيها إىل مستهلكيها العاملية الكربى ويف مقدمتها غوغل‪ ،‬وكما هو‬ ‫وكذلك يف إنتاجها واستهالكها‪ ،‬وبالتالي فإن مالحظ فإن هذه الفروع مشلت اآلثار والرتاث‬ ‫واملؤسسات واملسرح واللّغة‬ ‫رصدها وحتليل حمتواها يضع أيدينا تلقائياً والشعر واألدب‬ ‫ّ‬ ‫وبالضرورة على املادة الثقافيّة املقدمة بصورة والفنون اجلميلة والكتب ‪..‬إخل‪.‬‬ ‫رقميّة من منتجي الثقافة ومبدعيها‪ ،‬كما‬ ‫يضع أيدينا يف الوقت نفسه على كيفية تلقي منهجية البحث‬ ‫عند الرصد واالستكشاف ّ‬ ‫مت تصميم‬ ‫املستخدمني أو اجلمهور هذه املادة وكيف‬ ‫مصفوفات للتحليل تراعي خصوصية ك ّل قناة‬ ‫تعاملوا معها واستهلكوها‪( .‬جدول رقم ‪)2‬‬ ‫أو وعاء تواصلي يستخدمه منتجو الثقافة‬ ‫ومستهلكوها يف تبادل املواد الثقافيّة على‬ ‫عينة البحث‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫انطالقا من ذلك ّ‬ ‫مت حتديد عيّنة ممثلة اإلنرتنت‪ ،‬حيث تشكلت مصفوفة حتليل تكاد‬ ‫ً‬ ‫لألدوات والقنوات املستخدمة يف التواصل تكون واحدة تقريبا لك ّل من املواقع واملنتديات‬ ‫الثقايف الرقمي العربي عرب اإلنرتنت‪ ،‬تتض ّمن واملد ّونات‪ ،‬ثم مصفوفة فيها قدر بسيط‬ ‫أبرز ست قنوات على اإلنرتنت وهي‪" :‬املواقع‪ ،‬من التغيري للفيس بوك كنموذج للشبكات‬ ‫املد ّونات‪ ،‬املنتديات‪ ،‬القوائم الربيدية‪ ،‬الفيس االجتماعية‪ ،‬ومصفوفة حتليل قائمة بذاتها‬ ‫بوك ممث ًال للشبكات االجتماعية‪ ،‬واليوتيوب للقوائم الربيدية وكذلك احلال بالنسبة إىل‬ ‫اليوتيوب الختالف الطبيعة التقنيّة لك ّل منهما‬ ‫ممث ًال لشبكات الفيديو"‪.‬‬ ‫عن أ ّي قناة تواصل أخرى‪.‬‬

‫‪191‬‬

‫اختالفات منهجية‬

‫وقد عكست هذه االختالفات التقنيّة‬ ‫نفسها على منهجية التحليل ومجع البيانات‬ ‫واستخالص النتائج‪ ،‬ولذلك ستظهر اجلداول‬ ‫واألرقام اخلاصة باملواقع واملد ّونات واملنتديات‬ ‫والفيس بوك بصورة مشرتكة‪ ،‬بينما ستظهر‬ ‫التحليالت اخلاصة ب ّكل من اليوتوب والقوائم‬ ‫الربيدية بشكل منفرد ومستقل عن اجلميع‪،‬‬ ‫وإن كان فريق البحث قد حاول قدر االستطاعة‬ ‫استخالص بعض القواسم املشرتكة بني‬ ‫اجلميع عند التحليل النهائي‪.‬‬ ‫وقد صممت مصفوفة التحليل اخلاصة‬ ‫مبجموعة األربعة "املواقع واملنتديات واملد ّونات‬ ‫وصفحات الفيس بوك" حبيث تق ّدم يف النهاية‬ ‫قياساً جملموعتني من املعايري هما‪:‬‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 192‬للتنمية الثقافية‬

‫أو ً‬ ‫ال‪ :‬مجموعة المعايير الخاصة‬ ‫بمنتجي الثقافة وعارضيها على‬ ‫اإلنترنت وتشمل‪:‬‬

‫طبيعة منتج املادة الثقافيّة املقدمة (أفراد‪،‬‬ ‫مؤسسات رمسيّة‪ ،‬منظمات مدنية غري حكومية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫شركات خاصة)‪ ،‬كمعيار حي ّدد ثقل ومستوى‬ ‫جهد ك ّل جهة من هذه اجلهات يف تقديم وإنتاج‬ ‫الثقافة عرب الفضاء الرقمي‪.‬‬ ‫نطاق االنتشار الذي اختاره منتج املادة الثقافيّة‬ ‫للتواصل مع مجهور الفضاء الرقمي الذي رأى‬ ‫أنه ٌ‬ ‫هدف للتواصل أو الستهالك وتلقي مادته‬ ‫الثقافيّة‪ ،‬وقد حت ّددت نوعية النطاق ما بني‬ ‫نطاق مفتوح على ك ّل اجلمهور بال عوائق أو قيود‬ ‫يف االستخدام‪ ،‬أو نطاق مغلق على فئة معيّنة‬ ‫كأصحاب مهنة واحدة أو شرحية من اجلمهور‬ ‫بناء على شروط معيّنة‪ ،‬أو نطاق غري حمدد‪.‬‬ ‫سن اجلمهور الذي اختار منتج الثقافة أن‬ ‫خياطبه (أطفال‪ ،‬شباب‪ ،‬بالغون‪ ،‬مسنون)‪.‬‬ ‫املستوى التعليمي للجمهور الذي اختار منتج‬ ‫متوسط‪ ،‬حتت‬ ‫الثقافة أن خياطبه (عال‪ّ ،‬‬ ‫املتوسط)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫واهلدف من هذين املعيارين هو الوقوف على‬ ‫توجهات القائمني على الثقافة ومنتجيها حنو‬ ‫اختيار مجاهريهم وأي شرائح من اجلماهري‬ ‫يستهدفونها ويرغبون يف أن تتلقى وتستهلك‬ ‫وتتواصل مع ما يقدمونه من حمتوى ثقايف‪.‬‬ ‫منط احملتوى أو املادة الثقافيّة املق ّدمة من‬ ‫قبل منتجي الثقافة‪( ،‬النصوص‪ ،‬الصور‪،‬‬ ‫الصوت‪ ،‬الفيديو‪ ،‬أم خليط متن ّوع من ك ّل‬ ‫ذلك)‪ ،‬على اعتبار أن ذلك ّ‬ ‫يؤشر على مدى‬ ‫استفادة منتجي الثقافة من اإلمكانات اليت‬ ‫تتيحها تعددية الوسائط يف تقديم احملتوى‬ ‫الثقايف للجمهور‪ ،‬ويف إنتاج وعرض احملتوى‬ ‫الثقايف عرب الفضاء الرقمي‪.‬‬ ‫مستوى التحديث والتجديد واإلضافة الدورية‬

‫اليت يقوم بها منتجو الثقافة للمحتوى الثقايف‬ ‫الذي جيري عرضه أو إنتاجه عرب الفضاء‬ ‫الرقمي‪( ،‬وهل هو حمتوى ثابت‪ ،‬متجدد‪،‬‬ ‫تفاعلي‪ ،‬متن ّوع يضم أكثر من منط؟)‪ ،‬ويرصد‬ ‫هذا املستوى حجم وثقل نوعية احملتوى من‬ ‫حيث التج ّدد والثبات والتفاعلية والتن ّوع يف‬ ‫ك ّل من النصوص والصور والصوت والفيديو يف‬ ‫أدوات وقنوات التواصل الثقايف اليت يشملها ك ّل‬ ‫مسح على حدة‪ ،‬ويعطي نقاطاً من مئة نقطة‬ ‫لك ّل نوعية داخل املفردات اليت مشلها املسح‬ ‫بصورة إمجالية‪ ،‬وذلك لقياس مدى التفاعلية‬ ‫والتواصل ما بني عرض وإنتاج الثقافة‬ ‫واستهالكها عرب الفضاء الرقمي‪.‬‬ ‫مستوى تفاعلية مق ّدم املادة أو احملتوى‬ ‫الثقايف مع مجاهريه اليت تتواصل معه عرب‬ ‫املوقع أو املد ّونة أو املنتدى‪ ،‬وذلك بقياس‬ ‫ما يق ّدمه من مساهمات أصلية أو ردود على‬ ‫مالحظات ورسائل ومساهمات تصله من‬ ‫اجلمهور‪ ،‬ويقيس هذا املعيار مستوى تفاعلية‬ ‫القائم بالثقافة يف مخسة مستويات هي‪ :‬تفاعل‬ ‫متوسط‪ ،‬منخفض‪ ،‬ال يوجد‪،‬‬ ‫عال جداً‪ ،‬عال‪ّ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫وذلك على اعتبار أن اهتمام القائم على عرض‬ ‫احملتوى الثقايف بالتفاعل مع اجلمهور يُع ّد من‬ ‫ّ‬ ‫املؤشرات اإلجيابية على التفاعلية واحليوية بني‬ ‫إنتاج الثقافة واستهالكها رقميّاً‪.‬‬ ‫ثاني ًا‪ :‬مجموعة المعايير الخاصة‬ ‫بقياس التفاعل واالستهالك الذي‬ ‫حظي به منتج الثقافة من قبل‬ ‫الجمهور وتشمل‪:‬‬

‫مستوى إقبال اجلمهور على احملتوى‬ ‫الثقايف املق ّدم‪ ،‬وذلك بقياس حجم‬ ‫اجلمهور‪ ،‬وخيتلف املقياس من قناة تواصل‬ ‫ألخرى‪ ،‬ففي املواقع يستخدم تصنيف موقع‬ ‫"أليكسا‪"http://www.alexa.com/siteinfo‬‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫يوتيوب وضعية خاصة‬

‫أ ّما مصفوفة التحليل اخلاصة باليوتيوب‬ ‫فتض ّمنت معايري ع ّدة للرصد والقياس تتناسب‬ ‫مع طبيعة املوقع كشبكة للفيديو‪ ،‬ومشلت هذه‬ ‫املعايري عدد املشرتكني يف ك ّل قناة فيديو‬ ‫وعدد املقاطع املعروضة وعدد مرات مشاهدة‬ ‫ك ّل مقطع وعدد التعليقات على ك ّل مقطع وعدد‬ ‫التعليقات على القناة كك ّل وعدد مشاهدات‬ ‫القناة كك ّل‪ ،‬ونصيب ك ّل مقطع أو فيديو من‬ ‫التعليقات‪ ،‬ونصيب ك ّل مشرتك يف القناة‬ ‫ومتوسط املعدل‬ ‫من املشاهدات والتعليقات‪ّ ،‬‬ ‫الزمين لتجديد مقاطع الفيديو واإلضافة‬ ‫إليها‪ ،‬أ ّي عدد التحديثات على القناة مقارنة‬ ‫بعدد األيام واألسابيع والشهور اليت تلت‬ ‫إنشاءها وحتى زيارتها وإخضاعها للتحليل‪.‬‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫وهو من أشهر املواقع على اإلنرتنت اليت تقيس‬ ‫مستوى الزيارات اليت يتلقاها ك ّل موقع على‬ ‫الشبكة‪ ،‬ويق ّدم املوقع قائمة مو ّحدة طبقاً لعدد‬ ‫الزيارات اليت يتلقاها أ ّي موقع على الشبكة‪،‬‬ ‫فاملوقع رقم واحد هو األكثر زيارة ومجاهريية‬ ‫وتأثرياً على اإلطالق على مستوى العامل‪ ،‬ويليه‬ ‫الثاني وهكذا‪ ،‬ويف املدّونات بعدد التدوينات‬ ‫وعدد الردود والتعليقات‪ ،‬ويف املنتديات بعدد‬ ‫األعضاء وعدد املوضوعات املطروحة للمشاركة‬ ‫والنقاش وعدد املشاركني‪ ،‬ويف الفيس بوك بعدد‬ ‫املرتبطني بالصفحة وعدد املشاركات إىل آخره‪.‬‬ ‫منط احملتوى أو املادة الثقافيّة املقدمة من‬ ‫قبل اجلمهور كإسهام وتفاعل مع مق ّدم احملتوى‬ ‫ومنتجه األصلي‪ ،‬على اعتبار أن هذه اإلسهامات‬ ‫تد ّل مبدئياً على أن اجلمهور قرأ أو شاهد أو‬ ‫استمع للمحتوى الثقايف املق ّدم أ ّي استهلكه‬ ‫بصورة أو بأخرى ثم قرر التفاعل مع القائم‬ ‫على إنتاجه أو عرضه‪ ،‬ويقيس هذا املعيار‬ ‫منط مساهمات اجلمهور من حيث "النصوص‪،‬‬ ‫الصور‪ ،‬الصوت‪ ،‬الفيديو‪ ،‬أم خليط متن ّوع من‬ ‫ك ّل ذلك"‪.‬‬ ‫مستوى تفاعلية اجلمهور مع املادة املقدمة‬ ‫ومع منتج الثقافة‪ ،‬وهل مستوى هذه التفاعلية‬ ‫متوسط‪ ،‬منخفض‪ ،‬أم ال‬ ‫عال‪ّ ،‬‬ ‫"عال جداً‪ٍ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫يوجد"‪ ،‬على اعتبار أن مستوى التفاعل مع‬ ‫احملتوى الثقايف املعروض يُع ّد ّ‬ ‫مؤشراً على‬ ‫مدى اإلقبال عليه واستهالكه‪.‬‬ ‫مستوى التحديث والتجديد يف اإلضافات‬ ‫والردود واإلسهامات املقدمة من قبل اجلمهور‬ ‫جتاه احملتوى الثقايف املق ّدم أو جتاه القائم‬ ‫بإنتاج املادة الثقافيّة‪ ،‬وذلك ألن كثرة التحديث‬ ‫والتجديد تُع ّد هي أيضاً‪ ،‬من عالمات التواصل‬ ‫والتفاعل واإلقبال على استهالك ورمبا إعادة‬ ‫إنتاج املنتج الثقايف املعروض واإلضافة إليه‬ ‫وحتسينه‪.‬‬

‫‪193‬‬

‫معايير مستقلّة للقوائم البريدية‬

‫ويف النهاية ُصممت مصفوفة التحليل اخلاصة‬ ‫بالقوائم الربيدية بهدف قياس املعايري التالية‪:‬‬ ‫متوسط أعداد الرسائل‬ ‫"عدد أعضاء اجملموعة‪ّ ،‬‬ ‫يف الشهر‪ ،‬إمجالي أعداد الرسائل من يناير إىل‬ ‫مارس ‪ ،2010‬معدل التواصل بالنسبة املئوية‪،‬‬ ‫إمجالي أعداد الرسائل"‪ ،‬وذلك كبيانات أساسية‬ ‫للتحليل‪ ،‬كما تض ّمنت املصفوفة جمموعة من‬ ‫املعايري لقياس حالة التواصل داخل ك ّل قائمة‬ ‫بريدية على حدة‪ ،‬و تض ّمنت هذه املعايري" أطراف‬ ‫قناة التواصل‪ ،‬خيارات وصالحيات إرسال‬ ‫املشاركات‪ ،‬خيارات وصالحيات إرفاق امللفات‪،‬‬ ‫خيارات وصالحيات مشاهدة احملتوى‪ ،‬خيارات‬ ‫وصالحيات االنضمام للمجموعة‪ ،‬خيارات‬ ‫وصالحيات اإلشراف‪ ،‬خيارات وصالحيات‬ ‫إنشاء الصفحات‪ ،‬خيارات وصالحيات الظهور‬ ‫واحلجب‪ ،‬خيارات وصالحيات االرتباط مبوقع‬ ‫خارجي"‪.‬‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 194‬للتنمية الثقافية‬

‫رقمية يبحث عنها العرب؟‬ ‫أي ثقافة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫لكلّ إنتاج ثقافي مستهلكوه‬

‫إذا كانت املواقع واملنتديات واملد ّونات‬ ‫والقوائم الربيدية وجمموعات الفيس بوك‬ ‫واليوتيوب هي أوعية التواصل الرقميّة الرئيسية‬ ‫اليت ميكن من خالهلا قياس مدى تواصل‬ ‫منتجي الثقافة مع مستهلكيها من اجلمهور‬ ‫العام‪ ،‬فإن حمركات البحث ومتصفحات‬ ‫اإلنرتنت هي األداة األبرز اليت ميكن من‬ ‫خالهلا تتبّع ورصد توجهات اجلمهور العام‬ ‫يف تواصله مع منتجي الثقافة ويف استهالكه‬ ‫للثقافة‪ ،‬ألن أ ّي فرد من اجلمهور يلجأ عادة‬ ‫ إن مل يكن دائماً ‪-‬إىل حمركات البحث‬‫ويستخدمها كمعرب أ ّولي يصل من خالله إىل‬ ‫من يريد التواصل معه أو ما يريد استهالكه‪،‬‬ ‫ومن هنا فإن البيانات الدالة على عمليات‬ ‫البحث من حيث العدد والتصنيف والتوقيت‬ ‫تعد وسيلة مهمة تكشف إىل ح ّد كبري عن‬ ‫واملؤسسات‬ ‫الشخصيات واملوضوعات والقضايا ّ‬ ‫اليت يرغب مجهور الشبكة يف التواصل معها‬ ‫واستهالكها رقميّاً‪.‬‬ ‫ويأتي‬ ‫محرك البحث غوغل على رأس‬ ‫ّ‬ ‫حمركات البحث املتاحة على الشبكة‪ ،‬باعتباره‬ ‫احملرك الذي يستحوذ على احلصة األكرب من‬ ‫عمليات البحث عرب الشبكة عاملياً‪ ،‬وداخل‬ ‫غوغل توجد العديد من األدوات والتكنولوجيات‬ ‫اليت ميكن من خالهلا استخالص بيانات خام‬ ‫دالة على طبيعة عمليات البحث اجلارية عرب‬ ‫اإلنرتنت واليت تدل بدورها على ما يريد‬

‫مستهلكو الثقافة أن يستهلكوه‪.‬‬ ‫جيدة لتوفير البيانات‬ ‫أداة ّ‬

‫وقد وجد فريق البحث أن "أداة الكلمات‬ ‫الرئيسية أو املفتاحية ‪ " Keyword Tool‬اليت‬ ‫وفرها محرك بحث غوغل يف اآلونة األخرية‬ ‫تع ّد من أفضل األدوات اليت ميكن االعتماد‬ ‫عليها يف الوصول إىل البيانات اخلام الدالة‬ ‫على عمليات البحث اجلارية عرب املوقع‪ ،‬وما‬ ‫يكمن داخلها من دالالت ترصد توجهات‬ ‫مستهلكي الثقافة حنو استخدام اإلنرتنت‬ ‫كقناة للتواصل الرقمي مع منتجي الثقافة‪،‬‬ ‫وذلك لألسباب التالية‪:‬‬ ‫‪ .1‬تعرض هذه األداة إحصاءات خاصة‬ ‫مبتوسط العدد التقرييب شهريّاً لطلبات‬ ‫ّ‬ ‫البحث املطابقة لنتيجة ك ّل كلمة رئيسية يت ّم‬ ‫إدخاهلا يف األداة‪ ،‬وذلك ضمن عمليات البحث‬ ‫اليت تجُ ري على غوغل وشبكة البحث يف فرتة‬ ‫االثين عشر شهراً األخرية‪ ،‬وتتض ّمن هذه‬ ‫اإلحصائية عدد الزيارات يف مجيع البلدان‬ ‫واللّغات‪.‬‬ ‫‪ .2‬تُتيح إمكانية إنشاء قوائم كلمات رئيسية‬ ‫شاملة وذات صلة من واجهة واحدة بسيطة‪.‬‬ ‫‪ّ .3‬‬ ‫مت تصميم األداة مبرونة كاملة لتتناسب‬ ‫مع الطريقة اليت تو ّد استخدامها بها‪.‬‬ ‫‪ .4‬وعند استخدام هذه األداة تت ّم كتابة‬ ‫كلمة البحث املفتاحية أو الرئيسية يف اخلانة‬ ‫املخصصة لذلك بصفحة األداة‪ ،‬ثم يت ّم‬ ‫ّ‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫إصدار أمر البحث فيعرض حم ّرك البحث جمموعة خمتارة من الكلمات املفتاحية اخلاصة‬ ‫قائمة نتائج تتضمن ك ّل عمليات البحث اليت بالثقافة بفروعها املختلفة‪ ،‬فإن ذلك ميكن أن‬ ‫أجريت على غوغل يف فرتة االثين عشر شهراً يقدم ّ‬ ‫مؤشراً جيداً على الكيفية اليت يستخدم‬ ‫األخرية باستخدام هذه الكلمة مبفردها أو بها مستهلكو الثقافة اإلنرتنت يف التواصل مع‬ ‫مبشتقاتها أو ببعض اإلضافات عليها أو منتجي الثقافة واستهالك منتجاتهم‪ ،‬باعتبار‬ ‫باجلمل اليت احتوت عليها‪ ،‬وذلك بالّلغة اليت أن هذه األداة تق ّدم رصداً وتتبعاً لسلوك وقع‬ ‫بالفعل من قبل مجهور مستخدمي الشبكة‪ ،‬عرب‬ ‫كتبت بها كلمة البحث املفتاحية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫حمرك البحث األشهر عامليا والذي يستوعب ما‬ ‫يزيد على ثالثة أرباع عمليات البحث اجلارية‬ ‫مثال للتوضيح‬ ‫لو كنا نريد أن نعرف عدد عمليات البحث عاملياً عرب حمركات البحث الرئيسية على‬ ‫اليت ّ‬ ‫متت على كلمة "شاعر" بالّلغة العربيّة الشبكة يومياً‪.‬‬ ‫على اإلنرتنت خالل ‪ ،2009‬فيمكن الدخول‬ ‫على صفحة هذه األداة يف أ ّي وقت من شهر‬ ‫الكلمات املفتاحية املستخدمة يف تتبّع ما سعى اجلمهور للتواصل معه‬ ‫جدول رقم ‪3‬‬ ‫يناير ‪ ،2010‬وكتابة كلمة شاعر يف خانة البحث‪،‬‬ ‫واستهالكه من ثقافة رقميّة خالل ‪2009‬‬ ‫ويف هذه احلالة سنحصل على نتيجة تعرض‬ ‫اإلمجالي‬ ‫الكلمات املفتاحية املستخدمة‬ ‫الفئة‬ ‫قائمتني‪ ،‬األوىل تتضمن عمليات البحث اليت‬ ‫‪1‬‬ ‫ثقافة‬ ‫ثقافة‬ ‫تض ّمنت كلمة شاعر سواء كانت عملية البحث‬ ‫مؤ ّسسات‬ ‫‪2‬‬ ‫مؤ ّسسات ثقافيّة وزارة ثقافة‬ ‫اليت استخدمها اجلمهور مقصورة فقط على‬ ‫ثقافيّة‬ ‫‪2‬‬ ‫فن تشكيلي فنان تشكيلي فن تشكيلي‬ ‫كلمة شاعر أم كانت كلمة شاعر جزءاً من‬ ‫‪2‬‬ ‫فنون‬ ‫فن‬ ‫فنون‬ ‫مجلة مثل "شاعر املليون" أو "ديوان شاعر"‬ ‫‪2‬‬ ‫مسرحية‬ ‫مسرح‬ ‫مسرح‬ ‫إخل‪ ،‬وقائمة ثانية تعرض كلمات البحث اليت‬ ‫‪2‬‬ ‫سينما‬ ‫افالم‬ ‫سينما‬ ‫كتبها مجهور اإلنرتنت وكانت تتضمن مشتقات‬ ‫‪3‬‬ ‫دور النشر دار نشر‬ ‫نشر‬ ‫نشر‬ ‫أو إضافات من وإىل كلمة شاعر‪ ،‬مثل "شعر"‬ ‫‪2‬‬ ‫متحف‬ ‫آثار‬ ‫آثار‬ ‫ّ‬ ‫‪3‬‬ ‫متثيل‬ ‫ممثل‬ ‫ممثلة‬ ‫متثيل‬ ‫أو "الشاعر"‪ ،‬أو كلمات قريبة منها يف املعنى‬ ‫‪5‬‬ ‫احلان‬ ‫ملحن‬ ‫ملحنون‬ ‫موسيقار‬ ‫موسيقي‬ ‫موسيقى‬ ‫مثل "قصيدة"‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫أغاني‬ ‫غناء‬ ‫مطرب‬ ‫مطربة‬ ‫غناء‬ ‫وتتيح غوغل تنزيل قائميت نتائج‬ ‫‪2‬‬ ‫الفلكلور‬ ‫تراث‬ ‫تراث‬ ‫البحث يف ملفني منفصلني يف صيغة برنامج‬ ‫‪4‬‬ ‫صحف جمالت‬ ‫صحافة‬ ‫جرائد‬ ‫صحافة‬ ‫اجلداول اإللكرتونية الشهري إكسل ‪excel‬‬ ‫‪4‬‬ ‫روائى قصة قصرية أدب‬ ‫رواية‬ ‫أدب‬ ‫‪5‬‬ ‫مؤلف‬ ‫كتاب‬ ‫كاتب‬ ‫كاتبة‬ ‫كتب‬ ‫كتب وكتاب‬ ‫من مايكروسوفت‪ ،‬األمر الذي يو ّفر للباحث‬ ‫‪5‬‬ ‫شاعر‬ ‫شاعرة‬ ‫قصيدة‬ ‫شعر‬ ‫شعراء‬ ‫شعر‬ ‫البيانات اخلام يف صورة سهلة قابلة للتصنيف‬ ‫‪2‬‬ ‫مكتبة‬ ‫مكتبات‬ ‫مكتبات‬ ‫والتحليل باستخدام الربنامج املذكور‪.‬‬ ‫منتديات‬ ‫‪1‬‬ ‫منتديات ثقافيّة‬ ‫بهذا الشكل تتيح هذه البيانات اخلام التعرف‬ ‫ثقافيّة‬ ‫‪1‬‬ ‫فكر‬ ‫فكر‬ ‫إىل عمليات البحث اليت قام بها مستخدمو‬ ‫معارض‬ ‫معرض‬ ‫‪2‬‬ ‫معارض كتب‬ ‫اإلنرتنت بالّلغة العربيّة عن كلمة مفتاحية‬ ‫الكتب‬ ‫الكتاب‬ ‫رئيسية معيّنة خالل عام‪ ،‬وإذا ما أمكن استخدام‬ ‫‪54‬‬ ‫اإلمجالي‬

‫‪195‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 196‬للتنمية الثقافية‬

‫منهجية الحصول على البيانات الخام‬

‫تأسيساً على ذلك صمم فريق البحث‬ ‫مصفوفة للكلمات املفتاحية مكونة من ‪ 54‬كلمة‬ ‫مفتاحية تغطي ‪ 20‬فرعاً من فروع الثقافة‪ ،‬كما‬ ‫موضح يف اجلدول رقم "‪ ،"3‬كما ّ‬ ‫مت تتبع‬ ‫هو ّ‬ ‫سلوك مستخدمي اإلنرتنت حيال ‪ 12‬من القضايا‬ ‫الثقافيّة املثارة على الساحة لقياس مدى اإلقبال‬ ‫على استخدام اإلنرتنت يف احلصول على منتج‬ ‫ثقايف يتعلق بهذه القضايا بغرض استهالكه‪ ،‬أو‬ ‫على األقل التواصل مع املعنيني بهذه القضايا‪،‬‬ ‫وهي‪( :‬إصالح سياسي‪ ،‬فكر عربي‪ ،‬تنوير‪،‬‬ ‫مذهبية‪ ،‬حقوق اإلنسان‪ ،‬دميقراطية‪ ،‬حرية‪،‬‬ ‫إسرائيل‪ ،‬أمريكا‪ ،‬طائفية‪ ،‬فلسطني‪ ،‬عربي"‬ ‫والكلمة املفتاحية األخرية "عربي وعربية" كان‬ ‫الغرض منها رصد عمليات البحث اجلارية عن‬ ‫القضايا أو املوضوعات واألشياء املشرتكة بني‬ ‫العرب واليت تظهر فيها العروبة أو العربيّة‬ ‫كقاسم مشرتك‪.‬‬ ‫وطبقاً خلصائص أداة البحث السابقة‬ ‫املوضحة يف‬ ‫أنتجت الـ ‪ 54‬كلمة مفتاحية ّ‬ ‫اجلدول السابق ‪ 123‬ملفاً إحصائياً يض ّم ك ّل‬ ‫مما‬ ‫املتوسط ‪ 150‬كلمة حبث مستقاة ّ‬ ‫ملف يف ّ‬ ‫كتبه الباحثون على اإلنرتنت بالّلغة العربيّة‬ ‫(مبتوسط عام ‪150×123‬‬ ‫عن التواصل الثقايف‬ ‫ّ‬ ‫= ‪ 18450‬كلمة)‪ ،‬كما أنتجت كلمات البحث‬ ‫املفتاحية املستخدمة يف رصد توجهات الباحثني‬ ‫بالّلغة العربيّة حنو الـ ‪ 12‬قضيّة عامة املشار‬ ‫إليها ‪ 26‬ملفاً إحصائياً‪ ،‬يضم ك ّل ملف يف‬ ‫مما كتبه‬ ‫املتوسط ‪ 75‬كلمة حبث مستقاة ّ‬ ‫ّ‬ ‫الباحثون على اإلنرتنت بالّلغة العربيّة عن هذه‬ ‫مبتوسط عام‬ ‫اجملموعة من القضايا العامة ّ‬ ‫‪ 1950 = 26 ×75‬كلمة‪.‬‬

‫إحصائياً متثّل الفروع الثقافيّة الرئيسية وهي‬ ‫مؤسسات ثقافيّة‪ ،‬ف ّن تشكيلي‪ ،‬فنون‪،‬‬ ‫(ثقافة‪ّ ،‬‬ ‫مسرح‪ ،‬سينما‪ ،‬نشر‪ ،‬آثار‪ ،‬متثيل‪ ،‬موسيقى‪،‬‬ ‫غناء‪ ،‬تراث‪ ،‬صحافة‪ ،‬أدب‪ ،‬كتب وكتاب‪،‬‬ ‫شعر‪ ،‬مكتبات‪ ،‬منتديات ثقافيّة‪ ،‬معارض كتب‪،‬‬ ‫فكر)‪ ،‬وتض ّمنت عملية الدمج‪:‬‬ ‫ تنميط البيانات إمالئياً ولغوياً‬‫ تصنيفها حبسب املوضوع‬‫ ض ّم عمليات البحث اليت استخدمت‬‫كلمات متشابهة يف الوصول للهدف نفسه‪.‬‬ ‫ إلغاء التكرار يف األلفاًظ والكلمات‬‫املستخدمة يف عمليات البحث حتى ال تظهر‬ ‫تضخماً غري واقعي يف عدد عمليات البحث‪.‬‬ ‫ إلغاء عمليات البحث اخلاصة بكلمات‬‫إباحية وخارجة‪.‬‬ ‫‪ 11‬مسار ًا للبحث والتحليل‬

‫وبعد الدمج ّ‬ ‫مت تقسيم ك ّل ملف من الـ‬ ‫‪ 20‬إىل أقسام فرعية حبسب موضوع أو مسار‬ ‫البحث الذي اختاره اجلمهور‪ ،‬وهو يسعى‬ ‫الستهالك الثقافة والتواصل مع منتجيها‪.‬‬ ‫وقد أسفرت عملية التجهيز والفهرسة عن‬ ‫وجود أحد عشر مساراً حبثياً موضوعياً‬ ‫داخل عمليات البحث اليت جرت يف ك ّل فرع‬ ‫املوضحة سلفاً‪،‬‬ ‫من فروع الثقافة العشرين ّ‬ ‫(مؤسسات‪،‬‬ ‫وهذه املسارات األحد عشر هي‪ّ :‬‬ ‫قضايا‪ ،‬موارد‪ ،‬دول فعاليات‪ ،‬عام‪ ،‬عصور‪،‬‬ ‫فروع‪ ،‬إبداعات‪ ،‬مبدعون‪ ،‬منشآت ثقافيّة)‪.‬‬ ‫ويه ّمنا هنا التأكيد م ّرة أخرى على أن‬ ‫هذه املسارات البحثيّة ّ‬ ‫مت استخالصها من‬ ‫التحليالت والفهرسة اليت أجراها فريق‬ ‫البحث على الكلمات الواردة يف عمليات البحث‬ ‫اليت قام بها مجهور اإلنرتنت وكتبها عرب‬ ‫غوغل‪ ،‬ومل يضعها فريق البحث بشكل مسبق‪،‬‬ ‫تجهيز البيانات الخام للتحليل‬ ‫ّ‬ ‫مت دمج امللفات وختفيضها إىل ‪ 20‬ملفاً أ ّي أن اجلمهور وسلوكه البحثي وتوجهاته‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫حنو استهالك الثقافة الرقميّة هو صاحب‬ ‫هذه املسارات ومنشئها احلقيقي وليس فريق‬ ‫البحث‪ ،‬وميكن شرح هذه املسارات ومدلوالتها‬ ‫كالتالي‪:‬‬ ‫‬‫مؤسسات‪ :‬ويقصد بها عمليات البحث‬ ‫ّ‬ ‫اليت استهدفت التواصل مع واستهالك املواد‬ ‫باملؤسسات الثقافيّة الرمسيّة‬ ‫الثقافيّة اخلاصة ّ‬ ‫والعامة املنوط بها إدارة قضايا وملفات ثقافيّة‬ ‫معيّنة وتتوىل مسؤولية التخطيط لتنميتها‬ ‫وحتسينها مثل هيئات الكتاب وقصور الثقافة‬ ‫ومؤسسات السينما وغريها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ قضايا‪ :‬واملقصود بها عمليات البحث‬‫اليت سعى من خالهلا اجلمهور الستهالك‬ ‫منتجات ثقافيّة ذات عالقة مع القضايا‬ ‫املرتبطة بفرع ما من فروع الثقافة وتبني أن‬ ‫اجلمهور يبحث عن معلومات وبيانات حوهلا‬ ‫ليتواصل مع اآلخرين يف ما يطرحونه من أفكار‬ ‫وآراء حوهلا‪ ،‬فعلى سبيل املثال حتت الكلمة‬ ‫املفتاحية "ثقافة" كان مجهور اإلنرتنت الذين‬ ‫اهتموا بها يبحثون عن قضايا ثقافيّة من نوع‬ ‫"بناء الثقافة‪ ،‬إدارة الثقافة‪ ،‬دور الثقافة‪،‬‬ ‫التنمية الثقافيّة‪ ،‬خصائص الثقافة‪ ،‬صناعة‬ ‫الثقافة ‪ ..‬إخل"‪.‬‬ ‫ موارد‪ :‬ويقصد بها عمليات البحث اليت‬‫استهدفت الوصول أو التواصل مع املواقع‬ ‫واملصادر اليت توقع اجلمهور أن حيصل منها‬ ‫على منتج ثقايف قابل لالستهالك بصورة‬ ‫مباشرة كتنزيل الكتب واألغاني واألفالم‬ ‫والنصوص الكاملة لألعمال الشعرية‬ ‫والروائية‪ ،‬أو املنتديات اليت تض ّم قوائم‬ ‫ببليوجرافية عن الثقافة واملثقفني إىل غري‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫ دول‪ :‬وهي عمليات البحث اليت قصد‬‫أصحابها من خالهلا التواصل مع عناصر أو‬ ‫مفردات ثقافيّة تابعة لدولة عربيّة بعينها‪ ،‬أ ّي‬

‫كان القصد استهالك ثقافة دولة أو جمتمع‬ ‫ما أوالً وليس مثقّفاً أو منتجاً ثقافياً بعينه‪،‬‬ ‫كالبحث عن الرتاث املصري والشعر السعودي‬ ‫والرواية السورية ‪...‬إخل‪.‬‬ ‫ فعاليات‪ :‬واملقصود بها عمليات البحث‬‫اليت استهدفت التواصل مع فعاليات ثقافيّة‬ ‫بعينها‪ ،‬بغرض استهالك حمتوى ثقايف متعلق‬ ‫بها‪ ،‬كندوات أو معارض كتب أو مهرجانات‬ ‫شعريّة أو تظاهرات ثقافيّة كان يت ّم طلبها‬ ‫باالسم‪.‬‬ ‫ عـام‪ :‬مقصود بها عمليات البحث اليت‬‫متت بكلمات عامة ال حتمل داللة أو تصنيف‬ ‫ّ‬ ‫بعينه‪ ،‬بل تسعى الستهالك أ ّي منتج ثقايف‬ ‫ميكن الوصول إليه من كلمة حبث مفتاحية‬ ‫عامة‪ ،‬ففي الشعر مث ًال جند كلمات عامة من‬ ‫نوع "الشعر‪ ،‬قصيدة‪ ،‬الشاعر‪ ،‬قصائد‪ ،‬أشعار‪،‬‬ ‫للشعر‪ ،‬بيت شعر‪ ،‬الشعراء"‪.‬‬ ‫ عصور‪ :‬وهي عمليّات البحث اليت حاول‬‫من خالهلا مجهور اإلنرتنت الوصول إىل‬ ‫منتجات ثقافيّة يف عصر من العصور بغرض‬ ‫استهالكها‪ ،‬كعمليات البحث اليت استهدفت‬ ‫التواصل مع الشعر العباسي‪ ،‬أو اآلثار القبطية‬ ‫املصرية‪ ،‬أو املسرح اليوناني واألدب يف العصر‬ ‫األموي ‪ ...‬إخل"‪.‬‬ ‫ فروع‪ :‬ويقصد بها عمليات البحث اليت‬‫استهدفت االستهالك والتواصل مع فروع معيّنة‬ ‫داخل القسم أو الفرع الثقايف حمل التحليل‪.‬‬ ‫فتحت الكلمة املفتاحية "أدب" كانت هناك‬ ‫عمليات حبث استهدفت التواصل مع فروع‬ ‫أدبية عديدة عبرّ عنها مجهور اإلنرتنت من‬ ‫مستهلكي الثقافة بـ (أدب األطفال‪ ،‬األدب‬ ‫الشعيب‪ ،‬أدب الرحالت‪ ،‬األدب املهجري‪،‬‬ ‫األدب الساخر ‪..‬إخل)‬ ‫ إبداعات‪ :‬ويقصد بها عمليات البحث‬‫اليت سعى من خالهلا اجلمهور الستهالك‬

‫‪197‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 198‬للتنمية الثقافية‬

‫البحث اليت سعى من خالهلا أصحابها‬ ‫لالستهالك أو التواصل مع املنتج الثقايف‬ ‫ملنشآت ثقافيّة حم ّددة وباالسم‪ ،‬كمسرح معينّ‬ ‫أو مكتبة ودار للكتب أو دار سينما أو ما شابه‪.‬‬ ‫وطبقاً للفروع الرئيسية للثقافة والتقسيمات‬ ‫املوضوعية داخل ك ّل فرع‪ ،‬تك ّون لدى فريق‬ ‫البحث مصفوفة تض ّم ‪ 20‬فرعاً و‪ 11‬تقسيماً‬ ‫موضح يف اجلدول رقم "‪،"4‬‬ ‫موضوعياً كما هو ّ‬ ‫وهي عناصر للتحليل أنتجت ما إمجاله ‪31‬‬ ‫جدوالً أصبحت هي املادة اخلام األساسيّة‬ ‫اليت استخدمها فريق البحث يف احلصول على‬ ‫ّ‬ ‫مؤشرات ترصد وتكشف مسات سلوك الباحثني‬

‫منتجات ثقافيّة وإبداعية حم ّددة باالسم‪،‬‬ ‫كطلب البحث عن فيلم باالسم‪ ،‬أو رواية‬ ‫باالسم أو مسرحية باالسم أو أغنية باالسم‬ ‫إىل غري ذلك‪.‬‬ ‫ مبدعون‪ :‬ويقصد بها عمليات البحث‬‫اليت سعى من خالهلا اجلمهور استهالك‬ ‫إبداعات ومنتجات ملثقّف أو مبدع باالسم‬ ‫وبصورة حمددة‪ ،‬كعمليات البحث اليت‬ ‫استهدفت اإلنتاج الثقايف للشاعر نزار قباني أو‬ ‫املمثل عادل إمام أو الروائي نجيب محفوظ‬ ‫‪ ...‬إخل‪.‬‬ ‫ منشآت‬‫ثقافية‪ :‬ويقصد بها عمليات‬ ‫ّ‬ ‫جدول رقم ‪4‬‬

‫الفرع واملسار‬ ‫‪1‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪6‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪12‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪18‬‬ ‫‪19‬‬ ‫‪20‬‬

‫مصفوفة حتليل سلوك املستهلكني وتضم ‪ 20‬فرعاً ثقافياً و‪ 11‬مساراً حتليلياً مجيعها مستقاة من عمليات االستهالك املنفذة من‬ ‫قبل اجلمهور‬ ‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫مؤ ّسسات‬

‫قضايا‬

‫موارد‬

‫ثقافة‬ ‫مؤ ّسسات ثقافيّة‬ ‫فن تشكيلي‬ ‫فنون‬ ‫مسرح‬ ‫سينما‬ ‫نشر‬ ‫اثار‬ ‫متثيل‬ ‫موسيقى‬ ‫غناء‬ ‫تراث‬ ‫صحافة‬ ‫أدب‬ ‫كتب وكتاب‬ ‫شعر‬ ‫مكتبات‬ ‫منتديات ثقافيّة‬ ‫معارض كتب‬ ‫فكر‬

‫‪4‬‬

‫دول‬

‫‪5‬‬

‫فعاليات عام‬

‫‪6‬‬

‫‪7‬‬

‫‪8‬‬

‫عصور‬

‫فروع‬

‫‪9‬‬

‫‪10‬‬

‫إبداعات مبدعون‬

‫‪11‬‬

‫منشآت ثقافيّة‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫‪ - 1‬االستهالك الرقمي للسينما‬

‫كشفت عمليات الرصد والتحليل اليت يشري‬ ‫متوسط عدد عمليات‬ ‫إليها الشكل رقم "‪ ،"2‬أن ّ‬ ‫البحث اليت استهدفت االستهالك والتواصل‬ ‫مع املنتج الثقايف السينمائي ومنتجيه رقميّاً‬ ‫من قبل اجلمهور العربي على اإلنرتنت يبلغ‬

‫من بين ‪ 320‬مليون عملية بحث يقوم‬ ‫بها العرب شهريّاً على شبكة اإلنترنت‪،‬‬ ‫احتلت السينما والغناء ‪ % 60‬من هذا‬ ‫الرقم والباقية توزّعت ‪ % 40‬على ثمانية‬ ‫عشر فرعاً آخر من فروع الثقافة!‪..‬‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫بالّلغة العربيّة على اإلنرتنت وهم يتواصلون مع‬ ‫منتجي الثقافة ويستهلكون املنتجات الثقافيّة‬ ‫يف خمتلف العصور‪ ،‬وحدث الشيء نفسه مع‬ ‫الكلمات املفتاحية املتعلقة بالقضايا العامة‪،‬‬ ‫حيث ّ‬ ‫مت دمج امللفات اإلحصائية يف جمموعة‬ ‫من اجلداول اخلاصة بك ّل كلمة مفتاحية على‬ ‫حدة‪ ،‬ويف املباحث التالية نستعرض نتائج‬ ‫عمليات الرصد واالستكشاف اليت جرت خالل‬ ‫الدراسة‪ ،‬سواء رأسياً يف ك ّل فرع من الفروع‬ ‫العشرين على حدة‪ ،‬أو أفقياً من خالل تناول‬ ‫مسات توجهات اجلمهور للتواصل الثقايف‬ ‫الرقمي طبقاً للمسارات املوضوعية األحد‬ ‫عشر السابقة‪.‬‬

‫والتواصل مع احملتوى الثقايف ومنتجي الثقافة‬ ‫يف ك ّل عنصر من العناصر العشرين على حدة‪.‬‬

‫شكل رقم ‪1‬‬ ‫إجمالي‬

‫‪% 100‬‬ ‫‪% 33.27‬‬

‫رقمي ًا في ‪20‬‬ ‫كيف تواصل الجمهور‬ ‫ّ‬

‫‪% 26.46‬‬

‫فرع ًا ثقافي ًا؟‬

‫ّ‬ ‫مت تقسيم الثقافة إىل ‪ 20‬فرعاً‪ ،‬وجرى‬ ‫استخدام ‪ 54‬كلمة مفتاحية ّ‬ ‫مت توزيعها على‬ ‫الفروع العشرين مبعدالت تراوحت بني‬ ‫املوضح يف‬ ‫كلمة ومخس كلمات‪ ،‬على النحو ّ‬ ‫شكل رقم "‪ ،"1‬وقد أسفرت عملية الرصد‬ ‫واالستكشاف والتحليل اليت ّ‬ ‫متت على بيانات‬ ‫متوسط إمجالي عمليات البحث‬ ‫العام ‪ 2009‬أن ّ‬ ‫اليت استخدمها الباحثون عرب اإلنرتنت بالّلغة‬ ‫العربيّة يف تواصلهم مع فروع الثقافة العشرين‬ ‫كان ‪ 319‬مليوناً و‪ 268‬ألفاً و‪ 941‬عملية حبث يف‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬كان يف مق ّدمتها السينما ثم‬ ‫ّ‬ ‫الغناء ثم الكتب والكتاب فالشعر فاملوسيقى‬ ‫فاألدب فالصحافة فاملسرح فاملكتبات فالفنون‬ ‫فالتمثيل فالثقافة فاآلثار فالفكر فالرتاث‬ ‫فالنشر فالف ّن التشكيلي فاملنتديات الثقافيّة‬ ‫املؤسسات الثقافيّة‪،‬‬ ‫فمعارض الكتب وأخرياً ّ‬ ‫أنظر شكل رقم "‪ ،"1‬ويف ما يلي عرض‬ ‫نتائج وحتليالت توضح الكيفية اليت سعى‬ ‫من خالهلا مجهور اإلنرتنت لالستهالك‬

‫‪% 19.53‬‬ ‫‪% 5.11‬‬ ‫‪% 4.31‬‬ ‫أدب‬

‫‪% 4.09‬‬ ‫‪% 1.70‬‬ ‫‪% 1.50‬‬ ‫‪% 0.91‬‬ ‫‪% 0.79‬‬ ‫‪% 0.48‬‬ ‫‪% 0.44‬‬

‫آثار‬

‫‪% 0.40‬‬ ‫‪% 0.38‬‬ ‫‪% 0.36‬‬ ‫‪% 0.09‬‬ ‫‪% 0.032‬‬ ‫‪% 0.027‬‬ ‫‪% 0.025‬‬

‫‪199‬‬

‫شكل رقم "‪ "1‬معدل الطلب على‬ ‫االستهالك والتواصل رقمياً مع‬ ‫املنتج الثقايف يف اجملاالت والفروع‬ ‫الثقافية املختلفة طبقاً ملتوسط‬ ‫عمليات البحث بالعدد والنسبة‬ ‫املئوية خالل ‪.2009‬‬

‫‪% 0.014‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 200‬للتنمية الثقافية‬

‫شكل رقم ‪2‬‬ ‫إجمالي‬

‫‪% 100‬‬ ‫‪% 48.030‬‬ ‫‪% 40.54‬‬ ‫‪% 5.61‬‬

‫فروع‬

‫مواقع تنزيل األفالم هي الهدف‬

‫‪% 5.50‬‬ ‫‪% 0.19‬‬ ‫‪% 0.049‬‬ ‫‪% 0.005‬‬ ‫‪% 0.002‬‬

‫نوعاً ما‪ ،‬فهي تكتب كلمات حبث تقودها يف‬ ‫الغالب إىل معلومات أو مشاهدة خمتصرات أو‬ ‫مما خيص األفالم على الرغم من أنها‬ ‫غريها ّ‬ ‫كانت تستهدف يف األساس الوصول إىل نسخ‬ ‫من األفالم نفسها لتنزيلها على احلاسبات‬ ‫اخلاصة بها‪.‬‬

‫شكل رقم "‪ "2‬املتوسط الشهري‬ ‫لعدد عمليات البحث عن‬ ‫“السينما” خالل عام ‪2009‬‬ ‫وتوزيعاتها على التقسيمات‬ ‫املوضوعية الفرعية‪.‬‬

‫‪% 0.001‬‬ ‫‪% 0.00‬‬ ‫‪% 0.00‬‬

‫‪ 106‬ماليني و‪ 239‬ألف و ‪ 724‬عملية حبث يف‬ ‫املتوسط شهريّاً خالل العام ‪.2009‬‬ ‫ّ‬ ‫بحث بكلمات عامة‬

‫وكانت عمليات البحث بكلمات عامة غري‬ ‫حمددة اجملال أو املسار تتص ّدر التقسيمات‬ ‫املوضوعية الداخلية للسينما وتش ّكل تقريباً‬ ‫متوسط عمليات البحث الشهرية‪ ،‬حيث‬ ‫نصف ّ‬ ‫تشكل ‪ % 48‬من إمجالي العمليات البحثية‪،‬‬ ‫ومبراجعة الكلمات البحثية وحتليل مضمونها‬ ‫ميكن استنتاج أن الشرحية اليت تستخدم هذه‬ ‫النوعية من كلمات البحث يف استهالك األفالم‬ ‫تتّسم يف الغالب بامتالك مهارات حبث بدائية‬

‫ويف املرتبة التالية تأتي نوعية أعلى قلي ًال‬ ‫يف مهارات البحث‪ ،‬حيث استخدمت عبارات‬ ‫حبث تقودها مباشرة إىل املواقع واألماكن‬ ‫اليت توجد فيها نسخ من األفالم على الشبكة‬ ‫قابلة للتنزيل واالستهالك على احلاسبات‪،‬‬ ‫وظهرت هذه النوعية من كلمات البحث يف‬ ‫التقسيم املوضوعى حتت اسم "موارد" كما‬ ‫ّ‬ ‫مت شرحها يف التمهيد اخلاص بهذا الفصل‪،‬‬ ‫وتش ّكل هذه الفئة حواىل ‪ % 40‬من عمليات‬ ‫البحث اليت استهدفت التواصل مع السينما‬ ‫واستهالكها‪ ،‬وعلى الرغم من أن هذه الفئة‬ ‫تأتي إمجاالً يف املرتبة الثانية بني التقسيمات‬ ‫املوضوعية‪ ،‬فإن املفردات املستخدمة فيها‬ ‫جاءت يف املرتبة األوىل بني كلمات البحث‬ ‫املستخدمة يف استهالك السينما والتواصل‬ ‫معها على اإلطالق‪ ،‬واليت بلغت بعد تصنيفها‬ ‫وإزالة تكرارياتها ‪ 195‬مفردة‪ ،‬حيث احتلت‬ ‫كلمة "حتميل أفالم" املركز األول وبلغ معدل‬ ‫استخدامها من قبل اجلمهور ‪ 39‬مليوناً و‪926‬‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬وهكذا فإن‬ ‫ألفاً و‪ 200‬مرة يف ّ‬ ‫‪ % 88‬من عمليات استهالك السينما والتواصل‬ ‫معها كانت تستهدف الوصول إىل األفالم إما‬ ‫بصورة غري مباشرة كما هو احلال يف عمليات‬ ‫البحث بكلمات عامة من قبل غري احملرتفني يف‬ ‫عمليات البحث‪ ،‬أو بصورة مباشرة باستخدام‬ ‫كلمات حمددة من قبل اجلمهور األعلى‬ ‫احرتافاً واألكثر امتالكاً ملهارات البحث‪.‬‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫متوسط عدد عمليات البحث‪،‬‬ ‫من إمجالي ّ‬ ‫مهارات األقلية أعلى‬ ‫أما النسبة الباقية من عمليات البحث واليت ويف هذه النسبة الضئيلة للغاية جند عمليات‬ ‫تشكل تقريباً ‪ ،% 12‬فهي متثّل عمليات البحث البحث اليت تسعى للتواصل مع القضايا‬ ‫اليت استخدمت فيها كلمات أكثر حتديداً‪ ،‬السينمائية ويف هذا الصدد تربز قضايا‬ ‫وتدل على أنها يف الغالب صادرة عن مجهور مثل أفضل األفالم وقصص األفالم وتاريخ‬ ‫أكثر اقرتاباً من السينما كفن وصناعة وساحة السينما والسينما واملسرح‪ ،‬وعمليات البحث‬ ‫لإلبداع‪ ،‬وهي بدورها انقسمت إىل مستويني اليت تسعى للتواصل مع فروع متخصصة من‬ ‫متوسط عمليات السينما‪ ،‬وعلى رأس الفروع اليت ّ‬ ‫مت رصدها‬ ‫األول يش ّكل ‪ % 10‬من إمجالي ّ‬ ‫ً‬ ‫االستهالك والتواصل مع السينما‪ ،‬وهو يسعى أفالم الكرتون ‪ 3‬ماليني و‪ 686‬ألفا و‪ 600‬عملية‬ ‫استهالك السينما والتواصل معها يف دولة أو شهريّاً‪ ،‬يليها أفالم الرعب ثم أفالم احلركة‬ ‫متوسط عمليات‬ ‫شعب معني‪ ،‬والالفت للنظر يف هذه النوعية أن ثم أفالم االغتصاب اليت بلغ ّ‬ ‫من يفضلون البحث عن السينما العربيّة عموماً البحث الساعية للتواصل معها ‪ 74‬ألف عملية‬ ‫من دون حتديد لدولة أكثر ممن يبحثون عن شهريّاً‪.‬‬ ‫يلفت النظر أيضاً أن هذا اجلمهور العريض‬ ‫التواصل مع السينما األجنبية‪ ،‬لكن من يبحثون‬ ‫عن السينما األجنبية أكرب ممن يبحثون عن من الباحثني عن االستهالك والتواصل رقميّاً‬ ‫أ ّي سينما تابعة ألي دولة عربية مبا فيها مع السينما مل يظهروا سعياً ملحوظاً حنو‬ ‫متوسط التفاعل مع الفعاليات السينمائية وعلى‬ ‫السينما املصرية‪ ،‬فمث ًال يف حني يصل ّ‬ ‫عدد عمليات البحث اليت استهدفت التواصل رأسها مهرجانات السينما املنتشرة يف الوطن‬ ‫متوسط عمليات البحث‬ ‫مع السينما املصرية إىل ‪ 700‬ألف و‪ 200‬عملية العربي‪ ،‬فإمجالي ّ‬ ‫شهريّاً‪ ،‬يصل عدد العمليات الساعية للتواصل اخلاصة بهذه النوعية يبلغ ‪ 5750‬عملية‪ ،‬وهو‬ ‫مع السينما األجنبية إىل مليون و‪ 749‬ألفاً رقم بالغ الضآلة إذا ما قورن بالرقم اإلمجالي‬ ‫شهريّاً‪ ،‬أما باقي السينمات العربيّة كالسورية الذي يزيد على ‪ 106‬ماليني عملية شهريّاً‪.‬‬ ‫والتونسية واملغربية وغريها فاإلقبال على‬ ‫ال نصيب لمهرجانات السينما‬ ‫إستهالكها والتواصل معها ضعيف‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تأتي يف هذه الفئة أيضا عمليات البحث‬ ‫الساعية للتواصل مع املنتديات الثقافيّة‬ ‫الهندية‬ ‫المركز الثاني للسينما‬ ‫ّ‬ ‫واملؤسسات الرمسيّة‬ ‫بالسينما‪،‬‬ ‫اخلاصة‬ ‫ّ‬ ‫ومن األمور الالفتة للنظر أيضاً أن عمليات‬ ‫البحث عن السينما اهلنديّة تأتي بعد السينما واخلاصة املسؤولة عن السينما‪ ،‬ويندر أن جند‬ ‫املصريّة مباشرة‪ ،‬وأكرب من البحث عن أ ّي من من يسعى لالستهالك والتواصل مع فيلم‬ ‫متوسط بعينه أو باالسم‪ ،‬ومل حيدث هذا إال مع ثالثة‬ ‫السينمات العربيّة األخرى‪ ،‬كما أن ّ‬ ‫عمليات البحث اليت تستهدف التواصل مع أفالم فقط خالل العام ‪ ،2009‬كما تغيب متاماً‬ ‫السينما اإلسرائيلية بالّلغة العربيّة واستهالكها الرغبة من قبل اجلمهور الستهالك أي حمتوى‬ ‫أو منتج ثقايف خاص باملبدعني يف السينما‬ ‫يصل إىل ‪ 9900‬عملية حبث شهريّاً‪.‬‬ ‫أما املستوى الثاني من الفئة غري الساعية على مستوى السيناريو والتصوير واإلخراج‬ ‫للحصول على األفالم فيش ّكل ‪ % 2‬تقريباً والتواصل معه‪.‬‬

‫‪201‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 202‬للتنمية الثقافية‬

‫وعرب هذا العدد من عمليات البحث‬ ‫وتقسيماته املوضوعية السابقة ميكن القول‬ ‫إن االستهالك والتواصل الرقمي للجمهور‬ ‫ينصب‬ ‫العربي أو الباحث بالعربيّة مع السينما ّ‬ ‫بصورة ساحقة على التواصل مع األفالم كمنتج‬ ‫سينمائي نهائي يوظف بصورة استهالكية‬ ‫النزعة‪ ،‬حيكمها البحث عن الرتفيه السريع‪ ،‬بل‬ ‫والشاذ أحياناً كما هو احلال عند من يفضلون‬ ‫التواصل مع أفالم الرعب واالغتصاب‪ ،‬وحيمل‬ ‫هذا التوجه الطاغي حنو استخدام اإلنرتنت‬ ‫كوسيلة للحصول على األفالم كصورة من‬ ‫صور االستهالك والتواصل ّ‬ ‫مؤشراً بأن مجهور‬ ‫اإلنرتنت العربي ‪ -‬كغريه من اجلماهري األخرى‬ ‫عاملياً‪ -‬ينظر لإلنرتنت كقناة "جمانية" لتوفري‬ ‫توجه يتعينّ أن حيسب‬ ‫األفالم والتمتّع بها‪ ،‬وهو ّ‬ ‫له القائمون على صناعة السينما حسابه‪،‬‬ ‫لتأثريه على اقتصادياتها يف مراحل اإلنتاج‬ ‫والتوزيع‪ ،‬وأمناط املشاهدة‪ ،‬خصوصاً أن‬ ‫الوعي بقضايا امللكية الفكرية يف الوطن العربي‬ ‫شكل رقم ‪3‬‬

‫إجمالي‬

‫‪% 100‬‬ ‫‪% 80.14‬‬

‫متدن‪ ،‬فض ًال عن أن اهلوة تتسع بني مهارات‬ ‫ٍ‬ ‫ارتكاب جرائم املعلومات وفعالية ومتانة البيئة‬ ‫التشريعية املضادة هلا والسائدة يف املنطقة‬ ‫العربيّة‪.‬‬ ‫‪ - 2‬االستهالك الرقمي للغناء‬ ‫والطرب‬

‫متوسط عدد عمليات البحث بالّلغة‬ ‫وصل ّ‬ ‫العربيّة عرب اإلنرتنت واليت استهدفت‬ ‫االستهالك والتواصل مع الغناء والطرب إىل‬ ‫‪ 84‬مليوناً و‪ 482‬ألفاً و‪ 550‬عملية شهريّاً يف‬ ‫‪ ،2009‬ويشرح الشكل رقم "‪ "3‬توزيعات هذا‬ ‫الرقم‪ ،‬وقد تصدرتها عمليات البحث اليت‬ ‫استخدمت فيها كلمات البحث العامة مثل‬ ‫"أغاني ‪ -‬أغنية ‪ -‬غناء ‪ -‬األغنية ‪ ..‬إخل"‪،‬‬ ‫وبلغت الكلمات املستخدمة يف هذا النوع من‬ ‫عمليات البحث ‪ 81‬كلمة‪ ،‬أكثر من ‪% 80‬‬ ‫من عمليات البحث اليت سعى القائمون بها‬ ‫لالستهالك والتواصل مع األغاني‪ ،‬وهي نتيجة‬ ‫ال ختتلف كثرياً عما يالحظ يف السينما من أن‬ ‫الرغبة العامة والساحقة لدى مجهور اإلنرتنت‬ ‫تنصرف إىل التواصل مع األغنية كمنتج نهائي‬ ‫مييلون بل وحيبون تعاطيه واستهالكه عرب‬ ‫االستماع‪.‬‬

‫‪% 8.40‬‬

‫السعي لمبدعي األغنية في المقدمة‬

‫‪% 7.50‬‬ ‫فروع‬

‫‪% 2.50‬‬ ‫‪% 1.12‬‬ ‫‪% 0.17‬‬ ‫‪% 0.00‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫شكل رقم “‪ ”3‬المتوسط الشهري لعدد‬ ‫عمليات البحث عن “الغناء” خالل‬ ‫عام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على التقسيمات‬ ‫الموضوعية الفرعية‪.‬‬

‫لكن الالفت للنظر أنه يف جمال األغنية‬ ‫هناك رغبة أوضح للتعامل مع مبدعي‬ ‫األغنية خاصة من املطربني واملطربات وكتّاب‬ ‫الكلمات‪ ،‬حيث متثّل عمليات البحث اليت‬ ‫استهدفت التواصل مع مبدعي األغنية ‪% 8.4‬‬ ‫يف حني كانت هذه النسبة صفر يف املائة عند‬ ‫البحث عن األفالم والسينما‪.‬‬ ‫من املالحظ أيضاً أن البحث عن املواقع‬ ‫واملصادر أو املوارد اليت ميكن احلصول من‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫أعلى ‪ 10‬مطربني ومطربات مطلوبني لالستهالك طبقاً لعمليات‬ ‫البحث خالل ‪2009‬‬

‫املطرب‬

‫متو ّسط عمليات‬ ‫البحث‬

‫املركز‬

‫املطربة‬

‫متو ّسط عمليات‬ ‫البحث‬

‫املركز‬

‫تامر حسين‬

‫‪2742150‬‬

‫‪1‬‬

‫أم كلثوم‬

‫‪89081‬‬

‫‪1‬‬

‫‪2011675‬‬

‫‪2‬‬

‫‪73400‬‬

‫‪2‬‬

‫‪695863‬‬

‫‪3‬‬

‫‪40610‬‬

‫‪3‬‬

‫‪647041‬‬

‫‪4‬‬

‫‪39400‬‬

‫‪4‬‬

‫‪201480‬‬

‫‪5‬‬

‫‪31500‬‬

‫‪5‬‬

‫‪61770‬‬

‫‪6‬‬

‫أصالة‬

‫‪29100‬‬

‫‪6‬‬

‫‪28220‬‬

‫‪7‬‬

‫فريوز‬

‫‪18493‬‬

‫‪7‬‬

‫‪27420‬‬

‫‪8‬‬

‫صباح‬

‫‪14800‬‬

‫‪8‬‬

‫‪24763‬‬

‫‪9‬‬

‫‪14800‬‬

‫‪9‬‬

‫‪23528‬‬

‫‪10‬‬

‫‪12820‬‬

‫‪10‬‬

‫عمرو دياب‬ ‫فضل شاكر‬

‫مصطفى كامل‬ ‫مساري‬

‫عماد بعرور‬ ‫عبداحلليم‬ ‫حافظ‬ ‫وائل كفوري‬ ‫وائل جسار‬

‫جورج وسوف‬

‫وردة‬

‫جنات‬ ‫جناة‬

‫شادية‬

‫فايزة امحد‬

‫ليلي غفران‬

‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬وتنتهي‬ ‫و‪ 990‬عملية حبث يف ّ‬ ‫بالغناء القبلي الذي نال ‪ 36‬عملية حبث يف‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬ويف ما بينهما هناك غناء‬ ‫ّ‬ ‫األفراح واألطفال والسبوع والغناء القديم‬ ‫والغناء احلزين والغناء عموماً‪ ...‬إخل‪.‬‬ ‫ال مكان للشعوبية في الغناء‬

‫من األمور اجلديرة باملالحظة أن النعرة‬ ‫الشعوبية يف البحث عن األغنية ضئيلة بصورة‬ ‫احتفاء بالغناء الشعبي‬ ‫ليس هذا هو امللمح الوحيد يف ما يتعلق كبرية لدى مجهور اإلنرتنت العربي‪ ،‬فمن بني‬ ‫املتوسط شهريّاً تسعى‬ ‫بالتواصل الرقمي مع األغنية‪ ،‬فاملالحظ ‪ 84‬مليون عملية حبث يف ّ‬ ‫كذلك أن البحث عن لون غنائي بعينه له لالستهالك والتواصل مع األغنية ومبدعيها‪،‬‬ ‫املتوسط تسعى‬ ‫حضوره القابل للمالحظة‪ ،‬فهناك أكثر من هناك ‪ 947‬ألف عملية فقط يف ّ‬ ‫أغان على أساس قطري وشعوبي‪،‬‬ ‫مليون ّي عملية حبث شهريّاً تسعى الستهالك الستهالك ٍ‬ ‫ألوان بعينها من الغناء والتواصل معها‪ ،‬حيث مثل البحث عن الغناء املصري واخلليجي‬ ‫ّ‬ ‫مت رصد ‪ 53‬لوناً من الغناء يسعى مجهور ‪..‬إخل‪ ،‬ويف هذه القائمة تتص ّدر عمليات البحث‬ ‫اإلنرتنت الستهالكها والتواصل معها‪ ،‬تبدأ الساعية للتواصل مع الغناء املصري القائمة‬ ‫بالغناء الشعيب الذي حظي بـ ‪ 727‬ألفاً بعمليات حبث تبلغ ‪ 612‬ألفاً و‪ 501‬عملية‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫خالهلا على األغاني وحتميلها تأتي خلف‬ ‫عمليات البحث اليت تستهدف التواصل مع‬ ‫املبدعني أو حتديداً املطربني واملطربات‪،‬‬ ‫وهنا أيضاً اختالف طفيف عما هو حاصل‬ ‫يف السينما اليت جاء فيها البحث عن مواقع‬ ‫حتميل األفالم تالياً لعمليات البحث بالكلمات‬ ‫العامة‪ ،‬وهذا يدلّنا على أن التواصل مع األغنية‬ ‫رقميّاً واستهالكها خيتلف عنه مع السينما‪،‬‬ ‫حيث يرتاجع قلي ًال االهتمام بالتواصل مع‬ ‫األغنية كمنتج‪ ،‬لينافسه االهتمام بالتواصل‬ ‫مع املطرب أو املطربة كمبدع‪( .‬جدول رقم ‪)5‬‬ ‫وعلى رأس الذين سعى مجهور اإلنرتنت‬ ‫للتواصل معهم عرب استهالك معلومات أو‬ ‫ختصهم جاءت أم كلثوم‬ ‫أغان أو غريها ّ‬ ‫ووردة وجنات ونجاة الصغيرة وشادية من‬ ‫املطربات‪ ،‬وتامر حسني وعمرو دياب وفضل‬ ‫شاكر ومصطفى كامل من املطربني‪ ،‬ويعرض‬ ‫اجلدول رقم "‪ "5‬قائمة أكرب عشر مطربات‬ ‫ك ّن مطلوبات لالستهالك الرقمي يف عمليات‬ ‫البحث عرب اإلنرتنت خالل ‪ ،2009‬وكذلك‬ ‫قائمة بعشرة مطربني‪ ،‬وذلك من بني قوائم‬ ‫متوسط‬ ‫تض ّم ‪ 104‬مطربني و‪ 118‬مطربة بلغ ّ‬ ‫عمليات البحث عنهم مجيعاً ستة ماليني و‪408‬‬ ‫آالف و‪ 614‬عملية حبث شهريّاً‪.‬‬

‫جدول رقم ‪5‬‬

‫‪203‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 204‬للتنمية الثقافية‬

‫عروبة األغنية هي الصفة األبرز على‬ ‫شبكة اإلنترنت بينما تتراجع النزعات‬ ‫الشعوبية والشوفينية إلى نحو ‪% 1.13‬‬ ‫فقط وهي نسبة األغاني التي يبحث عنها‬ ‫العرب لمطربين من خارج أقطارهم‬ ‫العربيّة‪..‬‬

‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬يليه الغناء السوداني‬ ‫يف ّ‬ ‫فاملغربي فالعراقي يف قائمة تض ّم ‪ 18‬كلمة‬ ‫حبث استخدمت على أساس قطري وشعوبي‪.‬‬ ‫والشيء نفسه موجود يف البحث عن املطربني‬ ‫واملطربات‪ ،‬فاجلمهور ال يتذ ّكر جنسية أو وطن‬ ‫املطرب أو املطربة وهو يبحث أو يرغب يف‬ ‫التواصل وإمنا يتذ ّكر كونه فقط مطرباً عربياً‪،‬‬ ‫ففي مقابل ‪ 6‬ماليني و‪ 615‬ألفاً و‪ 568‬عملية‬ ‫حبث تت ّم شهريّاً عن املطربني باالسم بعيداً‬ ‫عن الوطن أو اجلنسية كانت هناك ‪6320‬‬ ‫املتوسط شهريّاً تبحث عن‬ ‫عملية حبث يف ّ‬ ‫مطربني على أساس اجلنسية أو الشعب الذي‬ ‫ينتمي إليه‪ ،‬ويف مقابل ‪ 513171‬عملية حبث‬ ‫سعت الستهالك والتواصل مع مطربات بعيداً‬ ‫عن اجلنسية والوطن كانت هناك ‪ 2743‬عملية‬ ‫املتوسط تسعى لالستهالك والتواصل مع‬ ‫يف ّ‬ ‫مطربات على أساس جنسيته ّن ووطنهنّ‪.‬‬ ‫هذه الظاهرة يف االستهالك والتواصل‬ ‫الرقمي مع األغنية تؤكد أن ف ّن األغنية‬

‫شكل رقم ‪4‬‬ ‫إجمالي‬

‫‪% 100‬‬ ‫‪% 92.16‬‬ ‫‪% 3.66‬‬

‫فروع‬

‫‪% 1.93‬‬ ‫‪% 1.40‬‬ ‫‪% 0.73‬‬ ‫‪% 0.062‬‬ ‫‪% 0.025‬‬ ‫‪% 0.019‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫شكل رقم “‪ ”4‬المتوسط الشهري لعدد‬ ‫عمليات البحث عن “الكتب والكتاب” خالل‬ ‫عام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على التقسيمات‬ ‫الموضوعية الفرعية‪.‬‬

‫وثقافتها على اإلنرتنت يقفز باجلمهور فوق‬ ‫االختالفات القطرية والنعرات الشعوبية‬ ‫وجيعل املواطن العربي يبحر عرب اإلنرتنت‬ ‫حبثاً عن ف ّن عربي‪ ،‬وهذا عكس ما حيدث‬ ‫يف جماالت أخرى‪ ،‬وعكس العديد من الصور‬ ‫النمطية اليت يروجها البعض حول اإلنرتنت‬ ‫لبث الفرقة والتنابذ‪.‬‬ ‫باعتبارها أداة ّ‬ ‫بعد ذلك تتضاءل عمليات البحث والرغبة‬ ‫يف االستهالك والتواصل رقميّاً يف مسارات‬ ‫أخرى‪ ،‬مثل قضايا الغناء اليت نالت ‪ 147‬ألف‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬وتركزت حول‬ ‫عملية حبث يف ّ‬ ‫تعريف الغناء وحتليل الغناء والتدلع يف الغناء‬ ‫وألعاب الغناء وتعلّم الغناء واملوهبة والغناء‪،‬‬ ‫مماثلة يف ما يتعلق باالهتمام‬ ‫وحدثت ضآلة ّ‬ ‫باستهالك اإلبداعات واألغاني اليت يت ّم‬ ‫البحث عنها باالسم والتواصل معها واليت‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬وبعد‬ ‫تصل إىل ‪ 975‬عملية يف ّ‬ ‫ذلك يالحظ انعدام عمليات البحث متاماً عن‬ ‫املنشآت الثقافيّة اخلاصة باألغنية والغناء‬ ‫واملؤسسات القائمة على أمور‬ ‫عرب العصور ّ‬ ‫األغنية سواء يف القطاع اخلاص أم احلكومي‪،‬‬ ‫والفعاليات اخلاصة باألغنية كاملهرجانات‬ ‫واالحتفاالت‪.‬‬ ‫خنلص من األرقام والتحليالت السابقة‬ ‫إىل أن السعي لالستهالك والتواصل الرقمي‬ ‫مع األغنية يش ّكل قناة لنشر األغنية وثقافتها‬ ‫والرتويج ملطربيها بصورة كبرية باتت تناطح‬ ‫إن مل تكن تتفوق أحياناً على جماالت تسويق‬ ‫األغنية التقليدية ووسائل التواصل مع القائمني‬ ‫عليها‪.‬‬ ‫‪ - 3‬التواصل مع الكتاب واستهالك‬ ‫رقمي ًا‬ ‫الكتب‬ ‫ّ‬

‫متوسط عدد عمليات البحث الشهري‬ ‫بلغ ّ‬ ‫اليت استهدفت االستهالك والتواصل مع‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫الكتب والكتاب رقميّاً ‪ 18‬مليوناً و‪ 688‬ألفاً و‬ ‫يوضح الشكل رقم‬ ‫عملية حبث يف الشهر كما ّ‬ ‫"‪ ،"4‬وهو رقم جعل االستهالك والتواصل مع‬ ‫الكتب والكتاب حيتل املركز الثالث يف التسلسل‬ ‫العام بني فروع الثقافة العشرين اليت خضعت‬ ‫للرصد والتحليل‪ ،‬والالفت يف هذا النوع من‬ ‫التواصل أن الغالبية الساحقة من الباحثني‬ ‫عن االستهالك والتواصل الرقمي مع الكتب‬ ‫والكتاب يستخدمون كلمات حبث عامة من‬ ‫مما‬ ‫دون حتديد‪ ،‬رمبا بصورة أكثر انتشاراً ّ‬ ‫حيدث يف السينما والغناء‪ ،‬حبيث ش ّكلت هذه‬ ‫النوعية من الكلمات البحثية ‪ % 92‬من إمجالي‬ ‫متوسط عمليات البحث عن الكتب والكتاب‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫‪846‬‬

‫‪205‬‬

‫من العمومية وعدم التحديد الواضح لعملية‬ ‫البحث‪ ،‬واستخدمت هذه الكلمات يف أكثر من‬ ‫املتوسط شهريّاً‪.‬‬ ‫‪ 17‬مليون عملية حبث يف ّ‬ ‫القصص والروايات الدافع األول‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫وعلى الرغم من العموميّة الغالبة على‬ ‫هذه النوعية من الكلمات‪ ،‬فإن هناك ملمحاً‬ ‫ال ختطئه العني‪ ،‬وهو أن السعي لالستهالك‬ ‫والتواصل مع القصص والروايات كان هو‬ ‫اهلدف وراء العدد األكرب من عمليات البحث‪،‬‬ ‫فقائمة الـ ‪ 51‬كلمة العامة كان من بينها‬ ‫وقصة قصرية‬ ‫وقصة ّ‬ ‫ثالث كلمات هي قصص ّ‬ ‫متوسط عدد مرات استخدامها يف الشهر‬ ‫بلغ ّ‬ ‫تسعة ماليني و‪ 470‬ألفاً و‪ 500‬مرة‪ ،‬تش ّكل‬ ‫حواىل نصف عمليات البحث اإلمجالية عن‬ ‫كتب بال اختيارات مسبقة‬ ‫وإذا كانت هذه النتيجة من الناحية التقنيّة الكتب والكتاب‪ ،‬وهذا يعكس وجود حالة من‬ ‫تعكس قدراً واضحاً من البدائية يف مهارات اإلقبال واسع النطاق بني مجهور اإلنرتنت‬ ‫البحث وقدرات توظيف اإلنرتنت كوسيلة على القصة والرواية‪ ،‬وجود شغف باالستهالك‬ ‫للتواصل‪ ،‬إال أنها تد ّل من ناحية أخرى على والتواصل الرقمي مع هذا اللون الثقايف واألدبي‪،‬‬ ‫أن مجهور اإلنرتنت الساعي لالستهالك و لع ّل يف هذا الشغف ما قد يبدد القلق الذي‬ ‫والتواصل الرقمي مع الكتب والكتاب ليس له يبديه البعض من أن اإلنرتنت أضعفت عادة‬ ‫اختيارات مسبقة يف ما يبحث عنه أو يسعى القراءة عموماً‪ ،‬واإلقبال على األدب خصوصاً‬ ‫للتواصل معه‪ ،‬بل لديه يف األغلب األعم وغريت من ميول وتفضيالت قطاعات واسعة‬ ‫شغف بالبحث عن الكتب والكتاب عموماً بال من الشباب والكبار جتاه الكتب والكتاب‪ ،‬فها‬ ‫متييز أو حتديد واضح يف ما يتعلق باملؤلف أو هو مجهور الشبكة يقبل على البحث والتواصل‬ ‫ختصص الكتاب أو مكان إنتاجه وطبعه إىل رقميّاً مع القصة والرواية مبعدالت رمبا تفوق‬ ‫ّ‬ ‫غري ذلك‪ ،‬ويدلّنا على ذلك أن أعلى كلمات من يزورون املكتبات ودور النشر واملعارض‬ ‫البحث اليت استخدمت يف هذا املسار كانت الواقعية‪.‬‬ ‫وكما هو احلال مع السينما والغناء تأتي‬ ‫متوسط عمليات البحث‬ ‫كلمة "قصص" وبلغ ّ‬ ‫بهذه الكلمة شهريّاً ستة ماليني و‪ 120‬ألفاً النسبة الضئيلة الباقية من عمليات البحث‬ ‫عملية حبث‪ ،‬تليها كلمة "كتاب" واستخدمت الساعية لالستهالك والتواصل مع الكتب‬ ‫مبتوسط ثالثة ماليني و‪ 350‬ألف والكتاب واليت تناهز الـ ‪ % 8‬ممن ميتلكون‬ ‫يف البحث ّ‬ ‫مرة شهريّاً‪ ،‬تلتها كتب مبعدل مليون و‪ 830‬مهارات جيّدة يف البحث‪ ،‬ومن يستخدمون‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬وض ّمت قائمة كلمات حبث أكثر حتديداً‪ ،‬تتوجه مباشرة إىل‬ ‫ألف مرة يف ّ‬ ‫كلمات البحث العامة ‪ 51‬كلمة على هذا املنوال السؤال عن التنزيل واحلصول على الكتب من‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 206‬للتنمية الثقافية‬

‫متوسط عمليات البحث‬ ‫من بين ّ‬ ‫الشهري على الكتب على شبكة اإلنترنت‬ ‫تستأثر كتب الطبخ وحدها بنسبة ‪% 22‬‬ ‫من اهتمام العرب!!‪..‬‬

‫والتخصصات‪ ،‬وهذه النسبة‬ ‫خمتلف األنواع‬ ‫ّ‬ ‫املتوسط‬ ‫ترتجم يف ‪ 44‬مليون عملية حبث يف ّ‬ ‫شهريّاً من اجلمهور املستخدم للغة العربيّة‪،‬‬ ‫ويد ّل على ذلك نوعيّة الكلمات املستخدمة يف‬ ‫البحث والتواصل‪.‬‬ ‫فهناك ‪ 243‬ألفاً و‪ 800‬عملية حبث يف‬ ‫املتوسط شهريّاً تسعى وراء استهالك الكتب‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫املتاحة جمانا على اإلنرتنت وميكن حتميلها‬ ‫على احلاسبات‪ ،‬وال حي ّدد أصحابها نوعية‬ ‫معيّنة للكتب‪ ،‬بل يريدونها فقط جمانية‪،‬‬ ‫وهذا يعكس شغفاً كبرياً وواضحاً بالبحث عن‬ ‫الكتب والطلب على القراءة يسعى أصحابه إىل‬ ‫جتاوز عقبة السعر لكي يصلوا إىل ما يريديون‬ ‫ويتواصلون معه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تحتل الصدارة‬ ‫كتب الطبخ‬

‫هناك كذلك من يسعون لالستهالك‬ ‫والتواصل مع كتب وكتاب بعينه‪ ،‬ويف ما يتعلق‬ ‫بالبحث عن نوعية معيّنة من الكتب كانت‬ ‫هناك أمور الفتة‪ ،‬حيث تص ّدرت عمليات‬ ‫البحث الساعية لالستهالك والتواصل مع كتب‬ ‫جدول رقم ‪6‬‬

‫ترتيب ألكرب ‪ 10‬نوعيات من الكتب طلباً لالستهالك الرقمي خالل‬ ‫‪ 2009‬طبقاً لعمليات البحث عنها‬

‫نوع الكتب‬ ‫كتب الطبخ‬ ‫كتب تعليمية‬ ‫الكتب اإلسالمية‬ ‫كتب تارخيية‬ ‫كتب عربية‬ ‫كتب علمية‬ ‫كتب ممنوعة‬ ‫كتب طبية‬ ‫كتب اإلدارة‬ ‫كتب احلاسب‬

‫متو ّسط عمليات البحث عنها شهريّاً‬ ‫‪52900‬‬ ‫‪50600‬‬ ‫‪36320‬‬ ‫‪25480‬‬ ‫‪19200‬‬ ‫‪16100‬‬ ‫‪15000‬‬ ‫‪11800‬‬ ‫‪10200‬‬ ‫‪9000‬‬

‫وسجل‬ ‫الطبخ ومؤلّفيها قائمة هذه النوعية ّ‬ ‫الرصد وجود ‪ 52‬ألفاً و‪ 900‬عملية حبث عن‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬تلتها الكتب‬ ‫كتب الطبخ يف ّ‬ ‫التعليمية فاإلسالمية فالتارخيية‪ ،‬وجاءت‬ ‫الكتب النفسية يف ذيل هذه القائمة اليت ض ّمت‬ ‫‪ 45‬كلمة حبث استخدمها مجهور اإلنرتنت‬ ‫ووصل إمجالي عمليات البحث اليت ّ‬ ‫متت على‬ ‫املتوسط‬ ‫أساسها إىل ‪ 361‬ألفاً و‪ 160‬كلمة يف ّ‬ ‫شهريّاً‪ .‬أنظر اجلدول رقم "‪."6‬‬ ‫أما من اختاروا االستهالك والتواصل‬ ‫مع الكتّاب والبحث عن نوعية معيّنة منهم‬ ‫فكانوا يبحثون عن كاتب سيناريو أو كاتب‬ ‫ساخر أو كاتب مسرحي أو كاتب صحفي‪،‬‬ ‫وهؤالء يصدرون شهريّاً ‪ 2966‬عملية حبث‬ ‫شهريّاً‪ ،‬وهناك من يبحثون عن قصص وكتب‬ ‫وإبداعات بعينها‪ ،‬فمث ًال جند ‪ 5400‬عملية‬ ‫املتوسط شهريّاً تسعى للتواصل رقميّاً‬ ‫حبث يف ّ‬ ‫مع كتب مصطفى محمود‪ ،‬و‪ 2900‬عملية حبث‬ ‫تسعى للوصول لكتب أنيس منصور‪ ،‬و‪1300‬‬ ‫تسعى لكتب محمد حسنين هيكل‪ ،‬وهناك‬ ‫كذلك ‪ 136‬ألفاً و‪ 484‬عملية حبث يسعى‬ ‫أصحابها للتواصل مع كتّاب ومؤلفني باالسم‪،‬‬ ‫و‪ 49‬كاتبة من خمتلف أحناء الوطن العربي‬ ‫تتصدرهم كاتبه باسم معاني ثم الكاتبة وداد‬ ‫الكواري‪ ،‬باإلضافة إىل قائمة كتّاب يتق ّدمهم‬ ‫شكسبير وطه حسين بعمليات حبث تصل يف‬ ‫املتوسط إىل ‪ 49‬ألفاً و‪ 500‬عملية شهريّاً لك ّل‬ ‫ّ‬ ‫منهما‪ ،‬ثم توفيق الحكيم بـ ‪ 18100‬عملية‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬لكن هذه النوعية من‬ ‫حبث يف ّ‬ ‫عمليات البحث تتسم بالضآلة حيث ال تش ّكل‬ ‫سوى ‪ % 0.73‬من إمجالي عمليات البحث‬ ‫الساعية للتواصل مع الكتب والكتّاب‪.‬‬ ‫مؤسسات الكتب‬ ‫عزوف عن ّ‬

‫ويشري الرصد والتحليل إىل عزوف مجهور‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫‪ - 4‬االستهالك الرقمي للشعر‬ ‫والتواصل مع الشعراء‬

‫متوسط عدد عمليات البحث اليت‬ ‫احتل ّ‬ ‫سعى أصحابها لالستهالك والتواصل رقميّاً‬ ‫مع الشعر والشعراء والقصائد والدواوين‬ ‫الشعريّة يف املركز الرابع بني عناصر أو فروع‬ ‫يوضح الشكل رقم "‪"5‬‬ ‫منظومة الثقافة‪ ،‬وكما ّ‬ ‫فقد بلغ عدد عمليات البحث اخلاصة بالشعر‬ ‫‪ 16‬مليوناً و‪ 335‬ألفاً و‪ 178‬عملية حبث يف‬ ‫املتوسط شهريّاً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بحث عام عن الشعر‬

‫مل خيتلف األمر عن الفروع السابقة من‬ ‫حيث استحواذ عمليات البحث بكلمات عامة‬ ‫غري حمددة اهلدف على النسبة األكرب من‬ ‫عدد عمليات البحث يف هذا الصدد‪ ،‬لكنه‬ ‫مل يكن ساحقاً كما هو احلال بفروع أخرى‪،‬‬ ‫حيث شكلت عمليات البحث العامة ‪% 71‬‬ ‫فقط وليس ‪ % 92‬كما هو احلال مع الكتاب‪،‬‬ ‫ووصل عدد كلمات البحث العامة املستخدمة‬

‫يف االستهالك والتواصل مع الشعر والشعراء‬ ‫إىل ‪ 127‬كلمة‪ ،‬صدرت على أساسها ‪ 11‬مليوناً‬ ‫و‪ 601‬عملية حبث‪ ،‬وتصدرتها كلمة "الشعر"‬ ‫بواقع مليونني و‪ 740‬ألف كلمة وقصيدة بواقع‬ ‫مليون و‪ 830‬ألف كلمة‪ ،‬والشاعر بواقع مليون‬ ‫و‪ 220‬ألف كلمة‪ ،‬وكما هو احلال مع الكتب‬ ‫والكتاب بدت النسبة الغالبة من مجهور‬ ‫اإلنرتنت الساعي لالستهالك والتواصل رقميّاً‬ ‫مع الشعر والشعراء شغوفة بالبحث عن الشعر‬ ‫بصورة عامة‪ ،‬من دون حتديد للون شعري أو‬ ‫مدرسة شعرية أو شاعر بعينه أو شعر يف وطن‬ ‫ما أو عصر تارخيي إىل غري ذلك‪ ،‬ألن اهلدف‬ ‫األسرع واألكرب الذي يسعى إليه هؤالء هو‬ ‫الوصول إىل "شعر" و"قصيدة" قبل أ ّي شيء‬ ‫آخر‪.‬‬ ‫نزار قباني األكثر مطلوبية‬

‫أما النسبة الباقية واليت متثّل ما يناهز‬ ‫ثلث اجلمهور الذي سعى لالستهالك والتواصل‬ ‫مع الشعر وعامله رقميّاً‪ ،‬فانشغلت أول شيء‬ ‫مببدعي الشعر من الشعراء والشاعرات‬ ‫العرب قدمياً وحديثاً وحاولت االستهالك‬ ‫والتواصل معهم رقميّاً‪ ،‬عرب البحث عن‬ ‫إنتاجهم الشعري وتنزيل نصوصه والدخول‬ ‫على مواقعهم ومنتدياتهم ومتابعة أعماهلم‬ ‫ومسريتهم الشعرية‪ ،‬وبلغت عمليات البحث‬ ‫اليت سعى أصحابها لالستهالك والتواصل‬ ‫مع شعراء بعينهم وباالسم مليونني و‪ 173‬ألفاً‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬وقد‬ ‫و‪ 925‬عملية حبث يف ّ‬ ‫أسفرت عمليات التحليل عن ظهور قائمتني‬ ‫إحداهما للشعراء واألخرى للشاعرات‪،‬‬ ‫وتضم قائمة الشعراء اليت سعى اجلمهور‬ ‫للتواصل معهم ‪ 95‬شاعراً من خمتلف االجيال‬ ‫واملدارس والعصور‪ ،‬يتصدرهم نزار قباني‬ ‫الذي حظي بعمليات حبث وسعي للتواصل مع‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫الساعني لالستهالك والتواصل الرقمي مع‬ ‫املؤسسات‬ ‫الكتب والكتّاب عن التواصل مع ّ‬ ‫القائمة على أمور الكتب والكتّاب سواء يف‬ ‫القطاع احلكومي أم اخلاص‪ ،‬حيث مل نرصد‬ ‫املتوسط‬ ‫سوى ‪ 11‬ألفاً و‪ 600‬عملية حبث يف ّ‬ ‫املؤسسات كان‬ ‫شهريّاً تسعى للتواصل مع ّ‬ ‫معظمها حول دار الكتب املصرية‪ ،‬واشتد‬ ‫العزوف أكثر عن التواصل مع القضايا ذات‬ ‫العالقة بالكتب والكتّاب‪ ،‬ومل تكن القضايا‬ ‫اليت سعى الباحثون للتواصل حوهلا ذات‬ ‫قيمة من حيث الكم أو الكيف‪ .‬أما الرغبة‬ ‫يف التواصل مع الفعاليات الثقافيّة اخلاصة‬ ‫بالكتاب فمعدومة متاماً ومل تسجل حوهلا أ ّي‬ ‫عمليات حبث‪.‬‬

‫‪207‬‬

‫مازال المتنبي هو أحد أكثر الشعراء‬ ‫العرب المطلوبين على شبكة اإلنترنت‬ ‫إذ يأتي في المرتبة الثانية مباشرة بعد‬ ‫الشاعر نزار قباني‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 208‬للتنمية الثقافية‬ ‫إنتاجه وعامله الشعري بلغت ‪ 953‬ألفاً و‪880‬‬ ‫الفيصل وأحمد شوقي وغريهم‪ ،‬أما قائمة‬ ‫ّ‬ ‫عملية حبث شهريّاً‪ ،‬تاله المتنبي الذي حظي الشاعرات فض ّمت ‪ 70‬شاعرة عربية من‬ ‫بعمليات حبث بلغت ‪ 141‬ألفاً و‪ 460‬عملية خمتلف املدارس والتوجهات والعصور أيضاً‪،‬‬ ‫املتوسط ثم محمود درويش وخالد تصدرتهن الشاعرة نجاح المساعيد بعمليات‬ ‫شهريّاً يف ّ‬ ‫حبث بلغت ‪ 20‬ألفاً و‪ 820‬عملية حبث شهريّاً‬ ‫املتوسط‪ ،‬وتلتها لميس فسعاد الصباح‬ ‫يف‬ ‫ّ‬ ‫وغريهن‪ .‬أنظر اجلدول رقم "‪."7‬‬

‫شكل رقم ‪5‬‬ ‫إجمالي‬

‫‪% 100‬‬ ‫‪% 71.02‬‬ ‫‪% 13.30‬‬

‫فروع‬

‫‪% 7.140‬‬ ‫‪% 6.840‬‬ ‫‪% 0.750‬‬ ‫‪% 0.450‬‬ ‫‪% 0.440‬‬

‫شكل رقم “‪ ”5‬المتوسط الشهري‬ ‫لعدد عمليات البحث عن “الشعر”‬ ‫خالل عام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على‬ ‫التقسيمات الموضوعية الفرعية‪.‬‬

‫‪% 0.032‬‬ ‫‪% 0.001‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫جدول رقم ‪7‬‬

‫ترتيب أكرب ‪ 10‬شعراء وشاعرات طلباً لالستهالك طبقاً ملتو ّسط‬ ‫عمليات البحث يف ‪2009‬‬

‫الشاعر‬

‫متو ّسط عمليات البحث‬

‫نزار قباني‬ ‫املتنيب‬ ‫حممد الشاعر‬ ‫حممود درويش‬ ‫خالد الفيصل‬ ‫أمحد شوقي‬ ‫ياسر التوجيري‬ ‫رثاء‬ ‫عباس جيجان‬ ‫حامد زيد‬

‫متو ّسط عمليات البحث‬ ‫‪953880‬‬ ‫‪141460‬‬ ‫‪110000‬‬ ‫‪106360‬‬ ‫‪101200‬‬ ‫‪79800‬‬ ‫‪79400‬‬ ‫‪74000‬‬ ‫‪70700‬‬ ‫‪62100‬‬

‫الشاعرة‬ ‫جناح املساعيد‬ ‫مليس أبو شعر‬ ‫سعاد الصباح‬ ‫نهى نبيل‬ ‫إميان البكري‬ ‫عيدة اجلهين‬ ‫اخلنساء‬ ‫ردينة الفياللي‬ ‫اجلهين‬ ‫نازك املالئكة‬

‫‪20820‬‬ ‫‪18100‬‬ ‫‪9146‬‬ ‫‪8328‬‬ ‫‪4539‬‬ ‫‪3102‬‬ ‫‪2760‬‬ ‫‪1963‬‬ ‫‪1300‬‬ ‫‪720‬‬

‫البحث عن ألوان من الشعر‬

‫واجتاه األغلبية حنو االستهالك والتواصل‬ ‫رقميّاً مع الشعر بصفة عامة ثم مبدعيه يف‬ ‫مرتبة تالية مل حيل دون ظهور فئة ثالثة‬ ‫من العارفني أكثر بأمور الشعر ومدارسه‬ ‫وأمناطه وأنواعه‪ ،‬وجدت يف اإلنرتنت وسيلة‬ ‫لالستهالك والتواصل مع هذا العامل على‬ ‫طريقتها‪ ،‬فراحت تسعى ألنواع أو ألوان بعينها‬ ‫من الشعر‪ ،‬وهكذا تش ّكلت قائمة من كلمات‬ ‫البحث تض ّم ‪ 46‬كلمة‪ ،‬ك ّل منها حاول أصحابها‬ ‫الوصول من خالهلا إىل نوعية معيّنة أو لون‬ ‫شعري معني‪ ،‬وأنتجت هذه القائمة مليوناً و‪167‬‬ ‫املتوسط شهريّاً‪،‬‬ ‫ألفاً و‪ 460‬عملية حبث يف ّ‬ ‫وجاء على رأسها شعر احلب والغزل يليه شعر‬ ‫املدح ثم الشعر احلزين ثم شعر الرثاء ثم‬ ‫املسموع فالشعيب فشعر العتاب والرومانسي‬ ‫والنبطي وشعر اهلجاء ‪...‬إخل‪.‬‬ ‫اهتمام ضئيل بقضايا الشعر‬ ‫ومنتدياته‬

‫تضاءلت بعد ذلك الرغبة يف التواصل‬ ‫رقميّاً مع الشعر يف مساراته األخرى‪ ،‬فوجدنا‬ ‫نفراً ضئي ً‬ ‫ال يهت ّم بقضايا الشعر ويصدر ‪122‬‬ ‫ألفاً و‪ 711‬عملية حبث شهريّاً حول قضايا مثل‬ ‫حتليل القصيدة والشعر احل ّر ونقد القصيدة‬ ‫وشرح الشعر وأهم الشعراء وغريها‪ ،‬وظهر‬ ‫الفتور واضحاً بشدة يف التعامل مع مواقع‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫الشعراء ومنتدياتهم كوسيلة للتواصل‪ ،‬وفضلت‬ ‫الغالبية الساحقة الوصول للشعر عرب ما‬ ‫تتيحه حمركات البحث مباشرة‪ ،‬وعملياً مل‬ ‫تظهر عمليات حبث تذكر مواقع لشعراء‬ ‫حمددين باالسم إال يف ثالث حاالت هي مواقع‬ ‫الشاعرات إيمان بكري ونجاح المساعيد ونهى‬ ‫نبيل‪ ،‬ويد ّل هذا التوجه على أن مواقع الشعراء‬ ‫ال توفر للجمهور هدفاً ميكن السعي إليه‪ ،‬كما‬ ‫تدل على أن االستهالك والتواصل الرقمي مع‬ ‫الشعر وعامله يت ّم يف جممله من خارج املواقع‬ ‫الرمسيّة للشعراء‪ ،‬حيث يقوم آخرون يف‬ ‫املنتديات العامة واملواقع الثقافيّة الكربى أو‬ ‫حتى مدونات ومواقع تابعة للمعجبني بالشعراء‬ ‫بعبء بناء احملتوى اخلاص باحلضور الرقمي‬ ‫للشعراء على الشبكة‪ ،‬وهذه مسة تعكس ضعفاً‬ ‫يف حضور الشعراء العرب املباشر على الشبكة‬ ‫ويف مدى إقباهلم على استخدام هذا الوسيط‬ ‫الرحب يف مبادلة اجلمهور السعي للتواصل‬ ‫الرقمي‪.‬‬ ‫ومل تكشف التحليالت عن أن مجهور‬ ‫اإلنرتنت يأبه كثرياً أو يسعى لبذل أ ّي جهد‬ ‫يتعلق باالستهالك والتواصل رقميّاً مع‬ ‫املؤسسات واملنشآت الثقافيّة ذات العالقة‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫بالشعر وقضاياه‪ ،‬أو يتنبه كثريا أو يلتفت‬ ‫إىل جنسية أو وطن الشاعر‪ ،‬وال يقيم وزناً‬ ‫للفعاليات الشعرية املختلفة وال يلتفت هلا حيث‬ ‫مل تسجل أ ّي عمليات حبث سعى أصحابها‬ ‫للتواصل مع فعاليات شعرية كاملهرجانات‬ ‫الشعرية وحتى برامج الشعر ومسابقاته يف‬ ‫الفضائيات‪ ،‬ومل يكن هناك ّ‬ ‫مؤشر على اهتمام‬ ‫مجهور الشبكة بالبحث عن الشعر أو التواصل‬ ‫معه وفق عصوره الزمنية املمتدة من العصر‬ ‫اجلاهلي حتى اليوم‪ ،‬فعمليات البحث اليت‬ ‫سعى أصحابها للتواصل من خالهلا مع الشعر‬ ‫طبقاً لعصر ما مل تتعد ‪ 5300‬عملية حبث يف‬

‫املتوسط شهريّاً وتناولت الشعر اجلاهلي وشعر‬ ‫ّ‬ ‫العصر العباسي‪ ،‬وهكذا بدا التواصل الشعري‬ ‫رقميّاً حمتفياً باألساس بالشعر أوالً ومببدعيه‬ ‫وشعرائه ثانياً ثم فروعه ثم إبداعاتهم‪ ،‬ويف ما‬ ‫وراء ذلك مل يعره التفاتاً‪ ،‬وهي نتيجة ال بأس‬ ‫بها تؤكد أن مكانة الشعر ال تزال قائمة عند‬ ‫شرحية ال يستهان بها من املواطنني العرب‬ ‫الذين وجدوا يف اإلنرتنت وسيلة لالستهالك‬ ‫والتواصل مع الشعر حتى ولو من خلف ظهر‬ ‫احلضور الرقمي للشعراء أنفسهم الذين‬ ‫عجزت مواقعهم ووسائل متثيلهم رقميّاً يف‬ ‫جذب اهتمام اجلمهور‪.‬‬

‫‪209‬‬

‫الرقمية‬ ‫‪ - 5‬استهالك الموسيقى‬ ‫ّ‬

‫اتسم تواصل اجلمهور رقميّاً مع املوسيقى‬ ‫ببعض السمات متيزه عن غريه من أشكال‬ ‫التواصل السابقة‪ ،‬واملقصود باملوسيقى هنا‬ ‫هو عمليات البحث اليت سعى أصحابها‬ ‫لالستهالك والتواصل مع أحلان وقطع‬ ‫موسيقيّة يف ح ّد ذاتها بغض النظر عن‬ ‫ارتباطها بالغناء واملطربني واملطربات‪،‬‬ ‫حيث سعى أصحابها لالستهالك والتواصل‬ ‫مع اللحن وامللحن واملوسيقار وليس املطرب‬ ‫واملطربة واألغنية وكلماتها‪ ،‬ويتضح من‬ ‫الشكل رقم "‪ "6‬أن النسبة الغالبة من‬ ‫عمليات البحث تت ّم من خالل كلمات حبث‬ ‫عامة تسعى إىل املوسيقى واألحلان وامللحنني‬ ‫واملوسيقيني بال دالالت حم ّددة‪ ،‬وشكل‬ ‫هذا النوع من االستهالك أكثر من ثالثة‬ ‫أرباع عمليات البحث (حتديداً ‪)% 78.30‬‬ ‫تق ّدمتها كلمات حبث مثل "موسيقى" اليت‬ ‫املتوسط‬ ‫استخدمت يف عمليات حبث بلغت يف ّ‬ ‫‪ 274‬ألف عملية شهريّاً‪ ،‬وكلمة "نغمات " اليت‬ ‫متوسط استخدامها ‪ 150‬ألف مرة‪ ،‬وكلمة‬ ‫بلغ ّ‬ ‫"أحلان" ‪ 100‬ألف مرة‪ ،‬وحيمل هذا ّ‬ ‫املؤشر ك ّل‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 210‬للتنمية الثقافية‬

‫شكل رقم ‪6‬‬ ‫إجمالي‬

‫‪% 100‬‬ ‫‪% 78.30‬‬

‫فروع‬

‫‪% 12.39‬‬ ‫‪% 3.72‬‬ ‫‪% 2.87‬‬ ‫‪% 1.57‬‬ ‫‪% 1.03‬‬ ‫‪% 0.083‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫شكل رقم “‪ ”6‬المتوسط الشهري‬ ‫لعدد عمليات البحث عن‬ ‫“الموسيقى” خالل عام ‪2009‬‬ ‫وتوزيعاتها على التقسيمات‬ ‫الموضوعية الفرعية‪.‬‬

‫شهريّاً‪ ،‬وتلتها موسيقى األغاني فاملوسيقى‬ ‫احلزينة فاهلادئة فموسيقى املسلسالت‬ ‫ويأتي يف النهاية موسيقى البيانو والكمان‬ ‫والراي واجليتار‪ ،‬ولعلها نتيجة غري متوقعة‬ ‫بعض الشيء أن تأتي املوسيقى الكالسيكية‬ ‫على رأس أنواع املوسيقى اليت يسعى مجهور‬ ‫اإلنرتنت الستهالكها والتواصل معها رقميّاً‪،‬‬ ‫خباصة مع الصورة الذهنية السائدة عن أن‬ ‫مستخدمي الشبكة يف األغلب من الشباب الذي‬ ‫مييل إىل ألوان أخرى من املوسيقى‪ ،‬ولكن ال‬ ‫غرابة يف ذلك ألن هذا التواصل يأتي من قبل‬ ‫شرحية اجلمهور اليت تستخدم كلمات حبث‬ ‫أكثر حتديداً وتتمتّع مبهارات حبث أفضل يف‬ ‫جمال املوسيقى وهم غالباً مجهور أكثر قرباً‬ ‫وختصصاً يف عامل املوسيقى‪.‬‬ ‫ّ‬

‫املعاني اليت ذكرت يف معرض احلديث سابقاً‬ ‫من األمور اليت متيّز االستهالك والتواصل‬ ‫عن عمليات البحث اليت توجهت إىل كلمات‬ ‫الرقمي مع املوسيقى أن السعي للتواصل مع‬ ‫البحث العامة‪.‬‬ ‫املوسيقى على أساس اهلويّة الوطنية أو‬ ‫اجلنسية يتق ّدم على الكثري من املسارات‬ ‫متخصص عن الموسيقى‬ ‫بحث‬ ‫ّ‬ ‫املتوسط الشهري هلذا النوع‬ ‫لكن ما مييز التواصل مع املوسيقى عن أخرى‪ ،‬حيث بلغ ّ‬ ‫غريه من أشكال االستهالك والتواصل الثقايف من عمليات البحث ‪ 396‬ألفاً و ‪ 43‬عملية‪،‬‬ ‫األخرى هو توزيع باقي النسبة على مسارات تص ّدرها البحث عن املوسيقى اخلليجيّة ثم‬ ‫التواصل املتبقية‪ ،‬فالالفت أن املوسيقى هي الرتكيّة فالعربيّة فاملغربيّة فاهلنديّة وجاءت‬ ‫أول فرع ثقايف يضع فيه اجلمهور االستهالك املوسيقى األندلسيّة واملصريّة يف نهاية هذه‬ ‫والتواصل مع الفروع التخصصية يف مرتبة القائمة اليت ض ّمت موسيقى ثالث عشرة‬ ‫تالية للبحث العام‪ ،‬ويف هذا الصدد تطالعنا دولة‪.‬‬ ‫أما نسبة الساعني للوصول إىل مواقع متثّل‬ ‫األرقام بأن اجلمهور خصص مليوناً و‪706‬‬ ‫املتوسط شهريّاً من مصادر وموارد للحصول على أحلان ونغمات‬ ‫آالف و‪ 540‬عملية حبث يف ّ‬ ‫أجل االستهالك والتواصل مع أنواع وتقسيمات موسيقية بغية استهالكها فجاءت يف املرحلة‬ ‫بعينها من املوسيقى‪ ،‬و تض ّمنت قائمة الثالثة ضمن الرتتيب العام مبعدل عمليات‬ ‫املتوسط شهريّاً‪،‬‬ ‫اهتمامات اجلمهور يف هذا الصدد ‪ 38‬نوعاً من حبث بلغت ‪ 513‬ألفاً و‪ 80‬يف ّ‬ ‫أنواع املوسيقى تتصدرها املوسيقى الكالسيكية متق ّدمة على عمليات البحث اليت استهدفت‬ ‫املتوسط التواصل مع أحلان ونغمات بعينها وبلغت ‪216‬‬ ‫بواقع ‪ 389‬ألفاً و‪ 580‬عملية حبث يف ّ‬ ‫"الهوية"‬ ‫موسيقى بحسب‬ ‫ّ‬

‫بيّن االستهالك والتواصل الرقمي‬ ‫مع الموسيقى أن السعي الموسيقي على‬ ‫أساس الهويّة الوطنية أو الجنسية يتق ّدم‬ ‫على الكثير من المسارات األخرى حيث‬ ‫المتوسط الشهري لهذا النوع من‬ ‫بلغ‬ ‫ّ‬ ‫عمليات البحث ‪ 396‬ألفاً و‪ 43‬عمليّة‪،‬‬ ‫تص ّدرتها الموسيقى الخليجيّة ثم التركيّة‬ ‫فالمغربيّة والهنديّة‪ ،‬وجاءت الموسيقى‬ ‫المصريّة في نهاية القائمة‪..‬‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫ألفاً و‪ 895‬عملية حبث‪ ،‬وقد تض ّمنت قائمة‬ ‫األحلان اليت طلبت باالسم ‪ 98‬حلناً‪ ،‬جاء على‬ ‫رأسها حلن باسم سالم‪ ،‬ثم مونامور ثم حلن‬ ‫نور‪ ،‬ثم حلن وتمضي األيام‪ ،‬ثم تيتانيك ثم‬ ‫لحظة وداع‪.‬‬ ‫تلى ذلك عمليات البحث اليت استهدفت‬ ‫التواصل مع املبدعني من امللحنني واملوسيقيني‬ ‫املتوسط‪،‬‬ ‫وبلغت ‪143‬ألفاً و‪680‬عملية حبث يف ّ‬ ‫عكس ما حدث يف األغنية اليت كان السعي فيها‬ ‫لالستهالك والتواصل مع املطربني واملطربات‬ ‫يسبق السعي للوصول إىل األماكن اليت تعرض‬ ‫األغاني‪ ،‬وهذه السمة ال متيز املوسيقى عن‬ ‫الغناء فقط‪ ،‬ولكن عن باقي الفروع الثقافيّة‬ ‫السابقة األخرى‪ ،‬ويف ما يتعلق بعمليات‬ ‫البحث الساعية للتواصل مع امللحنني ومبدعي ‪ 35‬فرع ًا لألدب مطلوبة لالستهالك‬ ‫املوسيقى ظهرت قائمة تض ّم ‪ 20‬موسيقاراً‬ ‫لوحظ يف هذا السياق أن الفروع األدبية‬ ‫وملحناً على رأسهم عمر خيرت ثم بيتهوفن اليت سعى اجلمهور الستهالك منتجاتها‬ ‫ثم محمد عبدالوهاب ثم حسين الجسمي ثم األدبية جاءت يف قائمة تض ّم ‪ 35‬فرعاً أدبياً‪،‬‬ ‫عمر خورشيد‪.‬‬ ‫أما القضايا املوسيقية فكان اإلقبال على‬ ‫شكل رقم‪7‬‬ ‫التواصل معها بالغ الضآلة ومل يتجاوز ‪11‬‬ ‫املتوسط شهريّاً‪،‬‬ ‫ألفاً و‪ 532‬علمية حبث يف ّ‬ ‫إجمالي‬ ‫تركزت يف الغالب على تعلّم املوسيقى وأنواعها‬ ‫فروع‬ ‫وتعريفاتها‪ ،‬يف ما انعدم متاماً أ ّي اهتمام‬ ‫‪% 10.68‬‬ ‫بالتواصل الرقمي مع املنشآت الثقافيّة‬ ‫‪% 9.68‬‬ ‫املوسيقية من معاهد وأكادمييات‪ ،‬وكذلك‬ ‫‪% 3.72‬‬ ‫املؤسسات الرمسيّة القائمة على أمور‬ ‫مع ّ‬ ‫‪% 2.17‬‬ ‫املوسيقى‪ ،‬واملوسيقى عرب العصور والفعاليات‬ ‫‪% 0.94‬‬ ‫املوسيقية املختلفة من حفالت ومهرجانات وما‬ ‫‪% 0.11‬‬ ‫شابه‪.‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫‪ - 6‬استهالك األدب والتواصل مع‬ ‫رقمي ًا‬ ‫األدباء‬ ‫ّ‬

‫يف استهالكه لألدب وتواصله مع األدباء‬ ‫كسر مجهور اإلنرتنت النمط السائد يف‬

‫‪% 0‬‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫االعتماد على كلمات البحث العامة بصورة‬ ‫غالبة أو كاسحة كما سبق ورأينا مع فروع‬ ‫يوضح‬ ‫الثقافة السابقة‪ ،‬ففي هذا الفرع وكما ّ‬ ‫الشكل رقم "‪ "7‬تق ّدمت كلمات البحث األكثر‬ ‫حتديداً وداللة على كلمات البحث العامة بفارق‬ ‫وجتسد ذلك يف أن عمليات البحث اليت‬ ‫كبري‪ّ ،‬‬ ‫سعى أصحابها لالستهالك والتواصل من‬ ‫خالهلا مع فروع أدبية بعينها كانت يف‬ ‫الصدارة واستحوذت على تسعة ماليني و‪562‬‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬من‬ ‫ألفاً و‪ 761‬عملية حبث يف ّ‬ ‫بني ‪ 13‬مليوناً و‪ 89‬ألفاً و‪ 970‬عملية حبث يف‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬وهو ما ميثّل ‪ % 73.05‬من‬ ‫ّ‬ ‫إمجالي عمليات البحث عن األدب‪.‬‬

‫‪211‬‬

‫‪% 100‬‬ ‫‪% 73.05‬‬

‫شكل رقم “‪ ”7‬المتوسط الشهري‬ ‫لعدد عمليات البحث عن “االدب”‬ ‫خالل عام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على‬ ‫التقسيمات الموضوعية الفرعية‪.‬‬

‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 212‬للتنمية الثقافية‬

‫تأتي رواية األديب العربي الراحل‬ ‫نجيب محفوظ على رأس قائمة الروايات‬ ‫وبمتوسط‬ ‫المطلوبة على شبكة اإلنترنت‬ ‫ّ‬ ‫بحث شهري قدره ‪ 25‬ألف عملية بحث‪..‬‬

‫جدول رقم ‪ 8‬أ‬

‫تص ّدرها الكتاب فالقصة القصرية فالرواية‬ ‫فأدب األطفال واألدب الشعيب واألدب املقارن‬ ‫وأدب الرحالت‪ ،‬وانتهت باألدب املسرحي وأدب‬ ‫الرتاسل واألدب الوجداني وأدب الرسالة‪،‬‬ ‫مما‬ ‫وذلك حبسب التصنيفات املستخلصة ّ‬ ‫كتبه اجلمهور‪.‬‬ ‫ليس هذا فقط النمط الوحيد الذي‬ ‫كسره الساعون الستهالك األدب رقميّاً‪ ،‬ففي‬ ‫املركز التالي للفروع األدبية جاءت اإلبداعات‬ ‫األدبية‪ ،‬وهي األعمال األدبية واألدباء الذين‬ ‫سعى اجلمهور للتواصل معهم واستهالك‬ ‫منتجاتهم باالسم‪ ،‬سواء اسم املؤلف واألديب‬ ‫أم اسم العمل األدبي نفسه‪ ،‬ويف هذا املسار‬ ‫بلغت عمليات البحث مليوناً و‪ 399‬ألفاً و‪273‬‬ ‫املتوسط شهريّاً متثّل ‪% 10.68‬‬ ‫عملية حبث يف ّ‬ ‫من إمجالي البحث عن األدب‪ ،‬وقد تض ّمنت‬ ‫قائمة الكتب اليت يبحث عنها اجلمهور باالسم‬ ‫‪ 86‬مجلة حبث تض ّمنت سؤاالً عن مؤلف كتاب‬ ‫من الكتب‪ ،‬وكان يف مقدمة هذه القائمة سؤاالً‬ ‫متوسط‬ ‫عن مؤلف كتاب النغمات الذي بلغ ّ‬ ‫عمليات البحث عن مؤلفه ‪ 3500‬عملية حبث‬

‫ترتيب أكرب ‪ 10‬مؤلفي كتب طبقاً لعدد مرات السؤال عنهم‬

‫الكتاب والسؤال حول مؤلفه‬ ‫من هو مؤلف النغمات‬ ‫من هو مؤلف كتاب البداية والنهاية‬ ‫من هو مؤلف كتاب لسان العرب‬ ‫من هو مؤلف كتاب رياض الصاحلني‬ ‫من هو مؤلف كتاب الرحيق املختوم‬ ‫من هو مؤلف كتاب املال والعمل‬ ‫من هو مؤلف كتاب تاريخ اخللفاء‬ ‫من هو مؤلف كتاب احلاوي يف العصر العباسي‬ ‫من هو مؤلف كتاب زاد املعاد‬ ‫من هو مؤلف سلسة العبقريات‬

‫متو ّسط مرات السؤال شهريّاً‬ ‫‪3500‬‬ ‫‪1719‬‬ ‫‪1534‬‬ ‫‪1390‬‬ ‫‪1243‬‬ ‫‪1074‬‬ ‫‪1060‬‬ ‫‪890‬‬ ‫‪885‬‬ ‫‪867‬‬

‫شهريّاً ثم سؤال عن مؤلف كتاب‬ ‫والنهاية بعمليات حبث بلغت ‪" .1719‬أنظر‬ ‫اجلدول رقم "‪."8‬‬ ‫أما قائمة الروايات اليت سعى مجهور‬ ‫اإلنرتنت الستهالكها والتواصل معها أو مع‬ ‫متوسط عمليات‬ ‫مؤلفيها فض ّمت ‪ 128‬رواية كان ّ‬ ‫البحث عنها ‪ 796‬ألفاً و‪ 949‬عملية حبث‬ ‫شهريّاً‪ ،‬وقد تص ّدرت هذه القائمة روايات ح ّدد‬ ‫اجلمهور أمساءها كالتالي "التوحيد والجامع‬ ‫والتفسير‪ ،‬والروضة والحب وأهل الكهف‬ ‫والجفر وتحفة العروس وبداية ونهاية واللص‬ ‫والكالب وأحفاد الشيطان إىل آخر القائمة"‪،‬‬ ‫ولو نظرنا إىل بعض الروايات الشهرية يف‬ ‫األدب العربي اليت وردت يف القائمة مثل‬ ‫روايات نجيب محفوظ سنجد أن رواية‬ ‫املتوسط بـ ‪ 25‬ألفاً‬ ‫بداية ونهاية حتظى يف ّ‬ ‫و‪ 90‬عملية حبث شهريّاً‪ ،‬يف ما حتظى رواية‬ ‫اللص والكالب بـ ‪ 25‬ألفاً وبني القصرين‬ ‫بـ ‪ 5400‬عملية حبث‪ ،‬وزقاق المدق ‪،2990‬‬ ‫وهذه األرقام تعكس تواص ًال رقميّاً قوياً مع‬ ‫نجيب محفوظ أمام املبيعات الشهرية هلذه‬ ‫الروايات داخل املكتبات ودور النشر الواقعية‪.‬‬ ‫البداية‬

‫كتب الدين والتراث في الصدارة‬

‫وكانت الكتب اليت سعى اجلمهور الستهالكها‬ ‫والتواصل معها رقميّاً وسأل وحبث عنها باالسم‬ ‫‪ 14‬كتاباً‪ ،‬تص ّدرها كتاب شمس المعارف الذي‬ ‫املتوسط‬ ‫حظي بـ ‪ 74‬ألف عملية حبث يف ّ‬ ‫شهريّاً‪ ،‬يليه صحيح البخاري ‪ 60‬ألفاً و‪500‬‬ ‫عملية حبث ولسان العرب ‪ 40‬ألفاً و‪ ،500‬ورياض‬ ‫الصالحين وقصة الحب بواقع ‪ 33‬ألفاً و‪100‬‬ ‫عملية حبث لك ّل منهما‪ ،‬وصحيح مسلم ‪22‬‬ ‫ألفاً و‪ 200‬ثم كتاب نهج البالغة ‪ 18‬ألفاً و‪100‬‬ ‫وفقه السنّ ة ‪ 14‬ألفاً و‪ ،800‬وكما هو واضح فإنها‬ ‫مجيعا تقريباً كتب دينية متن ّوعة‪.‬‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫وتنوع‬ ‫القضايا األدبية‪ :‬ضآلة الحجم‬ ‫ّ‬ ‫كلمات البحث‬

‫أما القضايا األدبية فبلغت ‪ 267‬ألفاً و‬ ‫عملية‪ ،‬لكنّها متيّزت بتن ّوع وغزارة كلمات‬ ‫البحث املستخدمة اليت سعى من خالهلا‬ ‫مجهور اإلنرتنت للتواصل مع قضايا أدبية‬ ‫معيّنة‪ ،‬حيث ض ّمت قائمة البحث يف القضايا‬ ‫األدبية ‪ 48‬كلمة أو مجلة حبثية‪ ،‬وتصدرتها‬ ‫القصة وتلخيص الرواية‬ ‫قضايا مثل تلخيص ّ‬ ‫وحتليل الرواية واألدب والغرابة ونقد الرواية‬ ‫ونظرية األدب واخلطاب الروائي وأنواع األدب‬ ‫ونقد القصة والواقعية يف األدب والرومانسية‬ ‫يف األدب العربي إىل غري ذلك‪.‬‬ ‫ويف الذيل جاءت العمليات اليت اهت ّم‬ ‫أصحابها باالستهالك والتواصل مع عصور‬ ‫أدبية بعينها‪ ،‬وكانت يف اجململ ‪ 14‬ألفاً و‪800‬‬ ‫املتوسط شهريّاً يف قائمة موزعة على‬ ‫عملية يف ّ‬ ‫مثانية عصور أدبية حسبما صنّفها الباحثون‪،‬‬ ‫وهي األدب احلديث والعباسي واألموي واألدب‬ ‫‪490‬‬

‫حقّق كتاب شمس المعارف أعلى‬ ‫معدل بحث على شبكة اإلنترنت في‬ ‫العام ‪ 74000( 2009‬عملية بحث‬ ‫شهريّاً) يليه كتاب صحيح البخاري‬ ‫(‪ )60500‬ثم لسان العرب (‪)40500‬‬ ‫ورياض الصالحين وقصة الحب (‪33100‬‬ ‫عملية بحث لك ّل منهما) وصحيح‬ ‫مسلم (‪ )22000‬ثم كتاب نهج البالغة‬ ‫(‪ )18000‬وفقه السنّة (‪..)14000‬‬

‫شكل رقم ‪8‬‬ ‫إجمالي‬

‫‪% 100‬‬ ‫‪% 79.90‬‬

‫فروع‬

‫‪% 11.67‬‬ ‫‪% 8.03‬‬ ‫‪% 0.14‬‬ ‫‪% 0.12‬‬ ‫‪% 0.10‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫شكل رقم “‪ ”8‬المتوسط الشهري لعدد عمليات‬ ‫البحث عن “الصحافة” خالل عام ‪2009‬‬ ‫وتوزيعاتها على التقسيمات الموضوعية‬ ‫الفرعية‪.‬‬

‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫جاءت بعد ذلك عمليات البحث اليت سعى‬ ‫أصحابها للوصول إىل املواقع أو األماكن اليت‬ ‫يرونها كموارد حيصلون من خالهلا على‬ ‫األعمال األدبية أو يصلون من خالهلا إىل‬ ‫األدباء والروائيني والقصاصني‪ ،‬وقد وصل‬ ‫متوسط هذه النوعية إىل مليون و‪ 267‬ألفاً‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫و‪ 599‬عملية حبث شهريّا‪ ،‬وركزت على مواقع‬ ‫تنزيل الروايات والقصص ومواقع املوسوعات‬ ‫واملنتديات والنوادي األدبية الرقميّة‪.‬‬ ‫تلي ذلك عمليات البحث املعتمدة على‬ ‫الكلمات العامة وبلغت ‪ 487‬ألفاً و‪ 673‬عملية‬ ‫املتوسط وض ّمت قائمة الكلمات‬ ‫حبث يف‬ ‫ّ‬ ‫املستخدمة فيها ‪ 18‬كلمة حبث عامة‪،‬‬ ‫وتص ّدرتها كلمات مثل "األدب‪ ،‬أدب‪ ،‬األدب‬ ‫املغربي‪ ،‬أدب وشعر‪ ،‬أروقة األدب"‪ ،‬وشكلت‬ ‫‪ ،% 3.72‬وهي نسبة معكوسة تقريباً مقارنة مع‬ ‫املسارات السابقة اليت كانت عمليات البحث‬ ‫بالكلمات العامة ال تق ّل فيها حبال من األحوال‬ ‫عن ‪ ،% 70‬وجيري تفتيت الباقي على مسارات‬ ‫التواصل العشرة األخرى‪.‬‬

‫‪213‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 214‬للتنمية الثقافية‬

‫العربي احلديث والقديم واجلاهلي واألدب‬ ‫القديم‪ ،‬وكاملعتاد يف العديد من الفروع‬ ‫الثقافيّة السابقة مل يكرتث مجهور التواصل‬ ‫الرقمي مع األدب على اإلطالق باملنشآت‬ ‫الثقافيّة اليت ترعى األدب وال فعالياته أو‬ ‫املؤسسات الرمسيّة املعنية به حيث كانت‬ ‫ّ‬ ‫حصيلة العمليات البحثية يف هذه املسارات‬ ‫صفر‪ ،‬كما كان الفتاً للغاية أن أحداً مل يبحث‬ ‫يف جمال األدب بكلمة واحدة تبحث عن األدب‬ ‫على أساس الوطن أو الشعب أو اجلنسية‪.‬‬ ‫ما يثير اهتمام العرب على شبكة‬ ‫اإلنترنت في مجال المسرح ليس‬ ‫النصوص المسرحية المكتوبة بل‬ ‫المسرحيات التي سبق عرضها وعلى وجه‬ ‫التحديد المسرحيات الكوميدية حيث بلغ‬ ‫متوسط عمليات البحث الشهري ‪43150‬‬ ‫ّ‬ ‫لمسرحية مدرسة المشاغبين ثم تليها‬ ‫مسرحيات اللعب والعيال كبرت والواد‬ ‫سيد الشغال والزعيم في داللة واضحة‬ ‫على زائقة المشاهد العربي!!‪..‬‬

‫‪ - 7‬االستهالك الرقمي للصحافة‬

‫يف االستهالك والتواصل الرقمي مع‬ ‫متوسط‬ ‫الصحافة ‪ -‬صحف وجمالت ‪ -‬وصل ّ‬ ‫يوضح الشكل رقم‬ ‫عدد عمليات البحث كما ّ‬ ‫ً‬ ‫"‪ "8‬إىل مخسة ماليني و‪ 456‬ألفا و‪ 633‬عملية‬ ‫شهريّاً‪ ،‬ويف خضم هذا الرقم‪ ،‬يعود منط‬ ‫البحث بالكلمات العامة جمدداً ليسود بقوة‬ ‫بعد تراجع استثنائي حدث مع األدب واألدباء‪،‬‬ ‫حيث وصلت عمليات البحث بالكلمات العامة‬ ‫إىل ‪ 4‬ماليني و‪ 360‬ألفاً و‪ 885‬عملية حبث‬ ‫املتوسط‪ ،‬ضمن قائمة تض ّم ‪130‬‬ ‫شهريّاً يف ّ‬ ‫كلمة من كلمات البحث العامة تتصدرها‬ ‫كلمات مثل "جملة‪ ،‬الصحف‪ ،‬صحف‪ ،‬جملة‪،‬‬ ‫جمالت‪ ،‬صحف‪ ،‬اجملالت‪ ،‬صحف وجمالت ‪..‬‬ ‫إخل"‪ ،‬وهي تش ّكل ‪ % 79.9‬من إمجالي عمليات‬ ‫البحث يف هذا املسار‪.‬‬ ‫سمات خاصة الستهالك الصحافة‬ ‫رقمي ًا‬ ‫ّ‬

‫لكن خضوع هذا الفرع من الثقافة لنمط‬ ‫البحث بالكلمات العامة مل مينع ظهور بعض‬ ‫السمات اخلاصة به‪ ،‬وعلى رأسها أن املرتبة‬ ‫الثانية يف التواصل الرقمي يف الصحف‬ ‫واجملالت كانت من نصيب السعي لالستهالك‬

‫والتواصل مع صحف وجمالت على أساس‬ ‫التخصص أو الفرع أو النوع‪ ،‬ويف هذا الصدد‬ ‫سجل اجلمهور ‪ 637‬ألفاً و‪ 206‬عمليات حبث‬ ‫املتوسط شهريّاً متثّل ‪ % 11.67‬من إمجالي‬ ‫يف ّ‬ ‫عمليات البحث يف هذا املسار‪ ،‬واستخدم‬ ‫كلمات حبث استهدفت باألساس التواصل مع‬ ‫املقاالت يف الصحف واجملالت وأصحابها من‬ ‫الكتاب وقادة الرأي‪ ،‬حيث استحوذت الرغبة‬ ‫يف االستهالك والتواصل مع املقاالت على ‪550‬‬ ‫ألف كلمة من الـ ‪ 637‬ألفاً‪ ،‬وجاءت بعده‬ ‫الصحف اإللكرتونية يف املرتبة الثانية بعمليات‬ ‫حبث بلغت ‪ 19‬ألفاً و‪ 778‬عملية‪ ،‬ثم جمالت‬ ‫األزياء فاألطفال فاجملالت العلمية احملكمة‪،‬‬ ‫وجمالت احلائط‪ ،‬واجملالت املدرسية‪،‬‬ ‫وجمالت الدراسات واجملالت الفنيّة‪ ،‬وغريها‬ ‫من الكلمات اليت اندرجت يف قائمة ض ّمت ‪54‬‬ ‫فرعاً من الصحف واجملالت املختلفة كان يف‬ ‫نهايتها الصحف املمنوعة والصحف اإلخبارية‪.‬‬ ‫(انظر جدول رقم ‪ 8‬ب)‬ ‫وشعوبي ًا‬ ‫قطري ًا‬ ‫األعلى في البحث‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫تلى ذلك عمليات البحث اليت سعت‬ ‫لالستهالك والتواصل مع الصحف واجملالت‬ ‫استناداً إىل معيار وطن أو دولة الصدور‪ ،‬ورمبا‬ ‫يكون التواصل الرقمي بالصحافة واجملالت هو‬ ‫األعلى أو بني املعدالت األعلى يف استخدامه‬ ‫لكلمات حبث تستند إىل توجهات ُقطرية‬ ‫وشعوبية مقارنة بباقي عمليات البحث اليت‬ ‫جرت يف داخله‪ ،‬حيث شكلت هذه النوعية من‬ ‫الكلمات ‪ ،% 8.03‬وهي نسبة مرتفعة مقارنة‬ ‫باملسارات األخرى‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وكان اهتمام اجلمهور ضعيفا بشكل واضح‬ ‫يف االستهالك والتواصل رقميّاً مع موارد‬ ‫املعلومات اخلاصة بالصحف واجملالت‪،‬‬ ‫كاألدلة واملوسوعات ومواقع حتميل الصحف‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫جدول رقم ‪ 8‬ب‬

‫الرتتيب الصحيفة‬

‫‪2‬‬

‫األهرام‬

‫‪3‬‬

‫الرياض‬

‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬

‫عكاظ‬ ‫القدس‬ ‫العربى‬

‫عرض ألوضاع جمموعة من الصحف العربية على اإلنرتنت‪ ،‬والرتتيب طبقا إلمجالي عدد الزيارات ملوقع كل صحيفة ‬

‫عنوان املوقع‬ ‫‪www.almasry-alyoum.‬‬ ‫‪com‬‬ ‫‪http://www.ahram.‬‬ ‫‪org.eg‬‬

‫الدولة‬ ‫مصر‬

‫بيانات مستقاه من خدمة ‪ google ad planner‬عن بيانات‬ ‫سبتمرب‪2010‬‬ ‫متوسط زمن‬ ‫عدد الصفحات‬ ‫عدد الزوار‬ ‫إمجالي‬ ‫الزيارات املتف ّردين “غري اليت تتم مطالعتها البقاء على‬ ‫املوقع بالدقيقة‬ ‫باملليون‬ ‫باملليون املتك ّررين” باملليون‬ ‫‪9.50‬‬ ‫‪55.000‬‬ ‫‪1.300‬‬ ‫‪13.000‬‬

‫الرتتيب على‬ ‫مقياس اليكسا‬ ‫‪ alexa.com‬يوم‬ ‫‪ 2‬نوفمرب ‪2010‬‬ ‫‪3153‬‬

‫مصر‬

‫‪9.000‬‬

‫‪1.200‬‬

‫‪45.000‬‬

‫‪9.50‬‬

‫‪3930‬‬

‫‪www.alriyadh-np.com‬‬

‫السعودية‬

‫‪6.800‬‬

‫‪0.900‬‬

‫‪34.000‬‬

‫‪9.00‬‬

‫‪1840‬‬

‫‪www.okaz.com.sa‬‬

‫السعودية‬

‫‪3.800‬‬

‫‪0.480‬‬

‫‪21.000‬‬

‫‪9.50‬‬

‫‪5282‬‬

‫‪www.alquds.co.uk‬‬

‫صحف دولية‬

‫‪3.400‬‬

‫‪0.380‬‬

‫‪14.000‬‬

‫‪9.00‬‬

‫‪9399‬‬

‫اجلزائر‬

‫‪2.900‬‬

‫‪0.520‬‬

‫‪11.000‬‬

‫‪9.00‬‬

‫‪4904‬‬

‫املغرب‬

‫‪1.800‬‬

‫‪0.240‬‬

‫‪2.300‬‬

‫‪6.10‬‬

‫‪13601‬‬

‫األردن‬

‫‪1.600‬‬

‫‪0.320‬‬

‫‪6.100‬‬

‫‪7.20‬‬

‫‪25511‬‬

‫‪1.600‬‬

‫‪0.200‬‬

‫‪7.300‬‬

‫‪6.30‬‬

‫‪20419‬‬

‫‪1.200‬‬

‫‪0.150‬‬

‫‪5.100‬‬

‫‪8.50‬‬

‫‪16782‬‬

‫‪www.ennaharonline.‬‬ ‫‪com‬‬ ‫‪http://www.assabah.‬‬ ‫‪press.ma‬‬

‫‪6‬‬

‫النهار‬

‫‪7‬‬

‫الصباح‬

‫‪8‬‬

‫الدستور‬

‫‪9‬‬

‫الوسط‬

‫‪www.alwasatnews.com‬‬

‫‪10‬‬

‫السفري‬

‫‪www.assafir.com‬‬

‫‪11‬‬

‫احلياة‬

‫‪http://www.daralhayat.‬‬ ‫‪com‬‬

‫‪www.addustour.com‬‬

‫البحرين‬ ‫لبنان‬ ‫صحف دولية‬

‫‪1.100‬‬

‫‪0.290‬‬

‫‪3.100‬‬

‫‪6.00‬‬

‫‪11064‬‬

‫‪12‬‬

‫القبس‬

‫‪www.alqabas.com.kw‬‬

‫الكويت‬

‫‪1.100‬‬

‫‪0.290‬‬

‫‪3.500‬‬

‫‪6.00‬‬

‫‪12007‬‬

‫‪13‬‬

‫القدس‬

‫‪www.alquds.com‬‬

‫فلسطني‬

‫‪1.100‬‬

‫‪0.220‬‬

‫‪5.100‬‬

‫‪8.10‬‬

‫‪24152‬‬

‫‪14‬‬

‫األيام‬

‫‪http://www.al-ayyam.ps‬‬

‫فلسطني‬

‫‪0.910‬‬

‫‪0.024‬‬

‫‪0.470‬‬

‫‪5.40‬‬

‫‪346627‬‬

‫‪15‬‬

‫األنباء‬

‫‪www.alanba.com.kw‬‬

‫الكويت‬

‫‪0.830‬‬

‫‪0.180‬‬

‫‪2.900‬‬

‫‪6.40‬‬

‫‪19528‬‬

‫‪16‬‬

‫الراية‬

‫‪www.raya.com‬‬

‫‪0.760‬‬

‫‪0.150‬‬

‫‪2.600‬‬

‫‪6.10‬‬

‫‪32477‬‬

‫‪17‬‬

‫اخلليج‬

‫‪0.750‬‬

‫‪0.180‬‬

‫‪2.900‬‬

‫‪6.40‬‬

‫‪18067‬‬

‫‪18‬‬

‫الفجر‬

‫‪19‬‬

‫الثورة‬

‫‪20‬‬

‫الشرق‬ ‫األوسط‬

‫‪www.alkhaleej.ae/‬‬ ‫‪http://www.al-fadjr.‬‬ ‫‪com/‬‬ ‫‪http://thawra.alwehda.‬‬ ‫‪gov.sy‬‬ ‫‪www.asharqalawsat.‬‬ ‫‪com/‬‬

‫قطر‬ ‫اإلمارات‬ ‫اجلزائر‬

‫‪0.520‬‬

‫‪0.110‬‬

‫‪1.400‬‬

‫‪6.10‬‬

‫‪35574‬‬

‫سوريا‬

‫‪0.320‬‬

‫‪0.110‬‬

‫‪0.760‬‬

‫‪4.20‬‬

‫‪15038‬‬

‫صحف دولية‬

‫‪0.240‬‬

‫‪0.033‬‬

‫‪0.260‬‬

‫‪2.50‬‬

‫‪3953‬‬

‫ــ فى خدمة ‪: google ad planner‬‬ ‫ــ يقصد بإجمالى عدد الزيارات‪ :‬عدد الزيارات التى تمت على موقع ما من قبل مستخدمى االنترنت حول العالم خالل شهر محدد‪ ،‬حتى لو قام مستخدم واحد بعدة زيارات‬ ‫متكررة للموقع‪ ،‬فكل منها تحسب زيارة بغض النظر عن من قام بها‪.‬‬ ‫ــ يقصد بالزوار المتفردين‪ :‬عدد الزوار الذين زاروا موقع ما خالل شهر محدد‪ ،‬ومهما تعددت زيارات كل واحد منهم للموقع فيحسب على أنه زائر واحد فقط‪.‬‬ ‫ــ يقصد بعدد الصفحات التى تمت زيارتها‪ :‬عدد الصفحات التى طالعها وتصفحها مستخدمو الشبكة على الموقع‪ ،‬وتتضمن جميع المطالعات لكل الصفحات حتى لو كان هناك‬ ‫زائر واحد يتصفح عدة صفحات فتحسب مرات تصفح كل صفحة على أنها مطالعة مستقلة‪.‬‬ ‫ــ يقصد بمتوسط زمن البقاء على الموقع متوسط طول الفترة الزمنية التى يقضيها زائر الموقع وهو يتصفح الصفحات ويطالع المواد المختلفة‪ ،‬وتقاس بالدقائق‪.‬‬ ‫ــ فى مقياس أليكسا‪:‬‬ ‫يقصد بالترتيب على مقياس أليكسا الترتيب الذى يحتله الموقع بين جميع مواقع اإلنترنت حول العالم استنادا إلى حركة المرور واإلقبال عليه‪.‬‬ ‫* المواقع الواردة في أعاله هي مواقع إلكترونية للطبعات الورقيّة من الصحف‪ ،‬وهي بهذا تختلف عن المواقع اإللكترونية اإلخبارية على اإلنترنت‪”.‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫‪1‬‬

‫املصري‬ ‫اليوم‬

‫‪215‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 216‬للتنمية الثقافية‬

‫واجملالت سواء من مواقعها الرمسيّة أم عرب‬ ‫املنتديات اإلعالمية والصحافية وغريها‪ ،‬حيث‬ ‫سجلت هذه النوعية من عمليات البحث ‪ 7‬آالف‬ ‫ّ‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬وكان‬ ‫و‪ 694‬عملية حبث يف ّ‬ ‫االهتمام أكثر ضعفاً يف االستهالك والتواصل‬ ‫الرقمي مع املنشآت الصحافة واإلعالمية ومع‬ ‫القضايا اليت ته ّم الصحف واجملالت‪ ،‬ففي‬ ‫مسار القضايا مث ًال كانت قائمة كلمات البحث‬ ‫مكونة من مخس كلمات فقط هي مانشيت‬ ‫الصحف واجملالت وتصميم اجملالت وخدمات‬ ‫الصحف وتصميم صحف وخلفيات صحف‪،‬‬ ‫وتبلغ عمليات البحث الصادرة بشأنها مخسة‬ ‫املتوسط شهريّاً‪.‬‬ ‫آالف و‪ 490‬عملية يف ّ‬ ‫أما اهتمام اجلمهور باالستهالك والتواصل‬ ‫مع املبدعني وإبداعاتهم يف عامل الصحافة‬ ‫واملراحل والعصور الصحافية املختلفة‬ ‫وبفعاليات عامل الصحافة واجملالت وكذلك‬ ‫املؤسسات الرمسيّة املعنية بهذه اجملاالت‬ ‫ّ‬ ‫فكان صفراً‪ ،‬حيث مل تظهر أ ّي عمليات حبث‬ ‫كان أصحابها يسعون من خالهلا إىل التواصل‬ ‫مع صحافيني أو كتاب باالسم أو صحف أو‬ ‫جمالت باالسم‪.‬‬ ‫وهنا يبدو بعض االختالف بني هذه النتائج‬ ‫من جهة وما يقال ويؤكده الكثريون مراراً‬ ‫من وجود إقبال هائل من مستخدمي الشبكة‬ ‫ومجهورها على مواقع الصحف واجملالت من‬ ‫جهة أخرى‪ ،‬وتقديرنا أنه ال يوجد تناقض أو‬ ‫اختالف‪ ،‬ألن املقياس الذي نستند إليه يف هذا‬ ‫املقام هو التواصل القائم على عمليات وكلمات‬ ‫البحث املستخدمة من قبل مجهور الشبكة عرب‬ ‫محرك بحث غوغل فقط‪ ،‬أما زيارات مواقع‬ ‫الصحف واجملالت اليت تعلن من قبل مصادر‬ ‫أو جهات أخرى ويستند إليها يف رصد ظاهرة‬ ‫الصحافة االلكرتونية يف مقابل الورقية‪ ،‬فهي‬ ‫تت ّم من خالل زيارة املوقع عرب الرابط املسجل‬

‫يف برنامج التصفّح يف ك ّل مرة تت ّم فيها زيارة‬ ‫املوقع وليس عرب كتابة اسم الصحيفة يف‬ ‫محرك البحث غوغل‪ ،‬تلك العملية اليت غالباً‬ ‫ما تت ّم ملرة واحدة هي املرة األوىل للزيارة‪،‬‬ ‫ومن هنا فإن رقم اخلمسة ماليني و‪ 456‬ألفاً‬ ‫املتوسط عن‬ ‫و‪ 633‬عملية حبث يف الشهر يف ّ‬ ‫الصحف واجملالت تبدو معقولة إىل ح ّد كبري‪،‬‬ ‫جيسد حالة التواصل الرقمي يف حلظة‬ ‫لكونه ّ‬ ‫االحتياج إىل استهالك ومطالعة الصحف‬ ‫واجملالت‪.‬‬ ‫رقمي ًا مع‬ ‫‪ - 8‬تواصل الجمهور‬ ‫ّ‬ ‫المسرح‬

‫متوسط عمليات البحث الشهرية عن‬ ‫بلغ ّ‬ ‫املسرح كما يشري الشكل رقم "‪ 4 "9‬ماليني‬ ‫و‪ 800‬ألف و‪ 11‬عملية‪ ،‬وال خيتلف املسرح عن‬ ‫غريه من فروع الثقافة األخرى يف شيوع منط‬ ‫البحث بالكلمات العامة غري احملددة واالعتماد‬ ‫عليها بصورة رئيسية‪ ،‬فقد ش ّكل هذا النمط‬ ‫حواىل نصف عمليات البحث ‪ ،% 49.83‬وض ّمت‬ ‫قائمة البحث بهذه الكلمات ‪ 43‬كلمة تص ّدرتها‬ ‫كلمات مثل "مسرحية‪ ،‬مسرحيات‪ ،‬املسرح‪،‬‬ ‫مشاهد مسرحية‪ ،‬املسرحية‪ ،‬مسرحيّات‪،‬‬ ‫املسرحي ‪ ...‬إخل"‪.‬‬

‫المسرحية‬ ‫المرتبة الثانية لإلبداعات‬ ‫ّ‬

‫لكن هذا االستهالك والتواصل رسم لنفسه‬ ‫مالمح خاصة‪ ،‬فعمليات البحث اليت سعت‬ ‫لالستهالك والتواصل مع اإلبداعات املسرحية‬ ‫احتلت املركز الثاني وبلغت مليوناً و‪ 202‬ألف‬ ‫و‪ 610‬عمليات بنسبة ‪ ،% 25.05‬وقد تر ّكزت‬ ‫عمليات البحث يف هذا الصدد على املسرحيات‬ ‫اليت ّ‬ ‫مت جتسيدها على املسرح وليس على‬ ‫النصوص املسرحية املكتوبة‪ ،‬أ ّي كان االستهالك‬ ‫والتواصل مع عمل مسرحي مكتمل ّ‬ ‫مت عرضه‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫أو جاري عرضه على اجلمهور بغرض احلصول‬ ‫على تسجيالت رقميّة ميكن تنزيلها له‪ ،‬وض ّمت‬ ‫قائمة التواصل ‪ 105‬مسرحيات تص ّدرتها‬ ‫مسرحية مدرسة المشاغبين اليت حظيت‬ ‫بأعلى معدل حبث مقارنة بغريها‪ ،‬حيث وصل‬

‫‪217‬‬

‫متوسط عمليات البحث عنها إىل ‪ 431‬ألفاً و‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫عملية شهريّا‪ ،‬ويف املركز الثاني جاءت مسرحية‬ ‫اللعب ثم مسرحية العيال كبرت ثم الواد سيد‬ ‫الشغال ثم الزعيم‪ .‬أنظر اجلدول رقم"‪."9‬‬ ‫‪500‬‬

‫شكل رقم ‪9‬‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫إجمالي‬

‫‪% 100‬‬ ‫‪% 49.83‬‬ ‫‪% 25.05‬‬ ‫‪% 18.03‬‬

‫فروع‬

‫‪% 3.39‬‬ ‫‪% 2.26‬‬ ‫‪% 0.52‬‬ ‫‪% 0.39‬‬ ‫‪% 0.33‬‬ ‫‪% 0.058‬‬

‫شكل رقم “‪ ”9‬المتوسط الشهري‬ ‫لعدد عمليات البحث عن “المسرح”‬ ‫خالل عام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على‬ ‫التقسيمات الموضوعية الفرعية‪.‬‬

‫‪% 0.58‬‬ ‫‪% 0.046‬‬

‫جدول رقم ‪9‬‬

‫"ترتيب أكرب ‪ 10‬مسرحيات طلباً لالستهالك طبقاً ملتو ّسط عمليات البحث يف ‪2009‬‬

‫املسرحية‬

‫مدرسة املشاغبني‬ ‫اللعب‬ ‫العيال كربت‬ ‫الواد سيد الشغال‬ ‫الزعيم‬ ‫البيت بيتك‬ ‫املتزوجون‬ ‫صح لسانك‬ ‫كدة اوكية‬ ‫قدها ونص‬

‫متو ّسط عمليات البحث عنها‬ ‫‪431500‬‬ ‫‪135000‬‬ ‫‪117880‬‬ ‫‪72020‬‬ ‫‪40500‬‬ ‫‪33100‬‬ ‫‪26200‬‬ ‫‪22200‬‬ ‫‪21310‬‬ ‫‪14800‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 218‬للتنمية الثقافية‬

‫عادل إمام ومحمد صبحي قبل‬ ‫شكسبير‬

‫سعى مجهور اإلنرتنت بعد ذلك لالستهالك‬ ‫والتواصل مع مبدعي املسرح‪ ،‬ويف هذا الصدد‬ ‫متوسط عمليات البحث الشهرية إىل ‪865‬‬ ‫وصل ّ‬ ‫ألفاً و‪ 540‬عملية تشكل ‪ ،% 18.03‬والالفت هنا‬ ‫أن هذه النسبة توزعت على قائمة خمتصرة‬ ‫للغاية من مؤلّفي وفناني املسرح‪ ،‬ض ّمت هذه‬ ‫القائمة ك ًال من عادل إمام بواقع ‪ 749‬ألفاً‬ ‫املتوسط شهريّاً ومحمد‬ ‫و‪ 600‬عملية حبث يف ّ‬ ‫صبحي بواقع ‪ 444‬ألفاً وشكسبير بواقع ‪49‬‬ ‫ألفاً و‪ 500‬عملية حبث‪ ،‬وتوفيق الحكيم ‪19‬‬ ‫ألفاً و‪ 140‬عملية‪ ،‬وثالثي أضواء المسرح‬ ‫‪ 2900‬عملية‪ ،‬وكما هو واضح فإن عمليات‬ ‫البحث اليت استهدفت التواصل رقميّاً مع‬ ‫الفنانني عادل إمام ومحمد صبحي حتديداً‬ ‫هي املسؤولة عن احلضور الذي سجله التواصل‬ ‫مع مبدعي املسرح‪ ،‬وهذا يكشف مدى شعبية‬ ‫فناني املسرح بصورة عامة ومدى الرغبة يف‬ ‫التواصل معهم رقميّاً‪ ،‬حيث مل حيظ بهذه‬ ‫الرغبة من قبل اجلمهور سوى ثالثة من‬ ‫الفنانني واثنني من املؤلفني‪.‬‬ ‫عاد اجلمهور لكي يستهلك ويتواصل رقميّاً‬ ‫مع اإلبداعات املسرحية جمدداً‪ ،‬ولكن هذه‬ ‫امل ّرة ليس بالبحث عن مسرحية ما حب ّد‬ ‫ذاتها‪ ،‬ولكن بالبحث عنها من خالل املواقع‬ ‫واملنتديات واألدلة الرقميّة وغريها من مصادر‬ ‫وموارد املعرفة على الشبكة‪ ،‬ويف هذا املسار‬ ‫متوسط عمليات البحث عن موارد‬ ‫اتضح أن ّ‬ ‫معلوماتية معرفية حول املسرح يصل إىل ‪108‬‬ ‫املتوسط‪ ،‬ذهب معظمها‬ ‫آالف و‪ 870‬عملية يف ّ‬ ‫إىل مواقع تنزيل املسرحيات والبحث عن‬ ‫لقطات مسرحية عرب يوتيوب والبحث عن‬ ‫أخبار املسرح ومنتدياته عرب اإلنرتنت‪.‬‬

‫رقمي ًا‬ ‫‪ 25‬ألف ًا يسعون لدور العرض‬ ‫ّ‬

‫وكانت هناك حواىل ‪ 25‬ألف عملية حبث‬ ‫املتوسط تسعى للتواصل رقميّاً‬ ‫شهريّاً يف ّ‬ ‫مع دور العرض املسرحي بغرض التعرف‬ ‫إىل مواعيد عرض املسرحيات وأمسائها‬ ‫واحلجز فيها وخالفه‪ ،‬وهذه نسبة ضئيلة‬ ‫لكنها معقولة مقارنة مبا حدث يف التواصل‬ ‫الرقمي مع املنشآت الثقافيّة املناظرة للمسرح‬ ‫يف الفروع الثقافيّة األخرى‪ ،‬ويف ما عدا ذلك‬ ‫أبدى مجهور اإلنرتنت اهتماماً ضئيال بباقي‬ ‫املسارات كالفعاليات املسرحية والعصور‬ ‫املسرحية واملسرح يف الدول املختلفة‪ ،‬حيث‬ ‫تراوحت عمليات البحث يف ك ّل هذه املسارات‬ ‫بني ‪ 18‬ألفاً وألفني‪ ،‬ومع هذا االهتمام‬ ‫الضئيل إال أن املسرح يعد أول فرع ثقايف ‪-‬‬ ‫من حيث الرتتيب العام ‪ -‬تظهر فيه عمليات‬ ‫حبث سعت لالستهالك والتواصل مع مجيع‬ ‫املسارات األحد عشر‪ ،‬عكس العديد من‬ ‫الفروع األخرى اليت كان مجهورها ال يلقي باالً‬ ‫واملؤسسات واملنشآت الثقافيّة‬ ‫مطلقاً للفعاليات ّ‬ ‫املعنية بها‪ ،‬ويف قضايا املسرح على سبيل املثال‬ ‫وجدنا أن هناك ‪ 18‬ألفاً و‪ 962‬علمية حبث يف‬ ‫املتوسط شهريّاً يسعى أصحابها لالستهالك‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫والتواصل رقميّا مع املسرح وفنانيه ومعجبيه‬ ‫ومتابعيه حول مفهوم املسرح والكتابة‬ ‫للمسرح ونشأة املسرح وديكور املسرح ورواد‬ ‫املسرح وتطوره وخصائصه وأنواعه وحتليل‬ ‫النصوص املسرحية‪ ،‬إىل غري ذلك من قائمة‬ ‫تض ّم ‪ 18‬قضيّة مسرحية متن ّوعة‪ ،‬كما وجد‬ ‫املتوسط شهريّاً يسعى‬ ‫‪ 2830‬عملية حبث يف ّ‬ ‫أصحابها للتواصل رقميّاً مع عصور مسرحية‬ ‫بعينها‪ ،‬كاملسرح الروماني واملسرح اإلغريقي‬ ‫واليوناني‪ ،‬و‪ 16‬ألفاً و‪ 90‬عملية حبث يريد‬ ‫أصحابها التواصل مع مسارح تابعة لدول‬ ‫وأوطان بعينها‪ ،‬كاملسرح املصري واجلزائري‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫‪ - 9‬االستهالك والتواصل الرقمي‬ ‫لمحتوى المكتبات‬

‫فاملكتبات الشاملة فمكتبات الربامج‪ ،‬وانتهت‬ ‫باملكتبات الصوتية واملتخصصة والدينية‪.‬‬ ‫"أنظر اجلدول رقم "‪."10‬‬ ‫ويف الفروع الثقافيّة السابقة كان نصيب‬ ‫املنشآت الثقافيّة صفراً أو نسبة ضئيلة للغاية‬ ‫شكل رقم ‪10‬‬ ‫إجمالي‬

‫‪% 65.48‬‬ ‫فروع‬

‫‪% 17.55‬‬ ‫‪% 13.09‬‬

‫سيطرت عمليات البحث بالكلمات العامة‬ ‫على استهالك اجلمهور وتواصله رقميّاً مع‬ ‫املكتبات‪ ،‬حيث بلغت ‪ 2‬مليون و‪ 926‬ألفاً و‪550‬‬ ‫عملية شكلت ‪ % 65.48‬من إمجالي عمليات‬ ‫يوضح الشكل رقم "‪ ،"10‬وتشكلت‬ ‫البحث كما ّ‬ ‫قائمة البحث بالكلمات العامة من ‪ 48‬كلمة‬ ‫تصدرتها كلمات "مكتبة‪ ،‬املكتبة‪ ،‬املكتبات‪،‬‬ ‫مكتبة للكتب‪ ،‬مكتبات عربية ‪ ...‬إخل"‪.‬‬

‫‪% 2.80‬‬ ‫‪% 0.80‬‬ ‫‪% 0.204‬‬ ‫‪% 0.051‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫شكل رقم “‪ ”10‬المتوسط الشهري لعدد‬ ‫عمليات البحث عن “المكتبات” خالل‬ ‫عام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على التقسيمات‬ ‫الموضوعية الفرعية‪.‬‬

‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫مكتبات األفالم تكتسح‬

‫وبسبب طبيعة نشاط املكتبات كان من‬ ‫املتوقع أو املفرتض أن يكون البحث يف املكتبات‬ ‫التخصص أو الفرع من األمور اليت‬ ‫حبسب‬ ‫ّ‬ ‫حتظى بنصيب وافر من جهود االستهالك‬ ‫والتواصل الرقمي من قبل اجلمهور‪ ،‬وهو ما‬ ‫حتقق بالفعل‪ ،‬حيث احتلت عمليات البحث‬ ‫ختصص‬ ‫املستندة إىل كلمات حبث تدور حول‬ ‫ّ‬ ‫متوسط عمليات‬ ‫املكتبات املرتبة الثانية ووصل ّ‬ ‫البحث عن فروع املكتبات وختصصاتها إىل ‪513‬‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬عرب قائمة‬ ‫ألفاً و‪ 681‬عملية يف ّ‬ ‫حبث ض ّمت ‪ 54‬كلمة حبث متن ّوعة‪ ،‬تصدرتها‬ ‫مكتبات األفالم ثم املكتبات اإللكرتونية‬

‫‪% 100‬‬

‫جدول رقم ‪10‬‬

‫أكرب ‪ 10‬ختصصات يف املكتبات مطلوبة لالستهالك طبقاً ملتو ّسط‬ ‫عمليات البحث‬ ‫ختصص املكتبة‬

‫مكتبة أفالم‬ ‫املكتبات اإللكرتونية‬ ‫املكتبات الشاملة‬ ‫مكتبات الربامج‬ ‫مكتبة اإلسكندرية‬ ‫املكتبات االسالمية‬ ‫مكتبة العاب‬ ‫مكتبة األغاني‬ ‫مكتبة كتب‬ ‫مكتبات عامة‬

‫متو ّسط عمليات البحث‬ ‫‪90500‬‬ ‫‪62231‬‬ ‫‪61410‬‬ ‫‪51913‬‬ ‫‪49500‬‬ ‫‪44570‬‬ ‫‪41540‬‬ ‫‪41200‬‬ ‫‪22200‬‬ ‫‪5460‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫والتونسي واملغربي والكوييت والعاملي‪ ،‬وتدل‬ ‫هذه السمة على أن تواصل مجهور اإلنرتنت‬ ‫رقميّاً مع املسرح وإن كان يتسم بقلّة احلجم‬ ‫مقارنة مبا حيدث مع فروع أخرى كالسينما‬ ‫واألغنية‪ ،‬إال أنه تواصل عريض النطاق يتوزع‬ ‫على ك ّل املسارات‪ ،‬األمر الذي يدعو إىل‬ ‫القول بأنه تواصل تقف وراءه شرحية نوعية‬ ‫مثقفة من اجلمهور تدرك أهمية وفعاليته دور‬ ‫اإلنرتنت يف حتقيق التواصل يف ما بينها وبني‬ ‫املسرح ومبدعيه وإبداعاته وقضاياه‪.‬‬

‫‪219‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 220‬للتنمية الثقافية‬

‫أكرب ‪ 10‬مكتبات مطلوبة لالستهالك طبقاً ملتو ّسط عمليات البحث‬

‫جدول رقم ‪11‬‬

‫املكتبة‬

‫مكتبة املصطفى‬ ‫املكتبة الشاملة‬ ‫مكتبة امللك‬ ‫مكتبة القصص‬ ‫مكتبة الكتب‬ ‫مكتبة العبيكان‬ ‫مكتبة العربيّة‬ ‫مكتبة فهد‬ ‫مكتبة االإسالمية‬ ‫مكتبة مبارك العامة‬

‫متو ّسط عمليات البحث‬ ‫‪83400‬‬ ‫‪60500‬‬ ‫‪22200‬‬ ‫‪18100‬‬ ‫‪14800‬‬ ‫‪12100‬‬ ‫‪9900‬‬ ‫‪9900‬‬ ‫‪9700‬‬ ‫‪8500‬‬

‫من عمليات البحث‪ ،‬لكن يف فرع املكتبات‬ ‫اختلف الوضع ومل يعد هذا املسار هامشياً أو‬ ‫غائباً‪ ،‬بل أصبح حاضراً بصورة واضحة واحتل‬ ‫املرتبة الثالثة‪ ،‬بعدما بلغت عمليات البحث‬ ‫اليت سعى أصحابها لالستهالك والتواصل‬ ‫مع املكتبات باعتبارها منشآت ثقافيّة ‪383‬‬ ‫املتوسط شهريّاً‪،‬‬ ‫ألفاً و‪ 333‬عملية حبث يف ّ‬ ‫شكلت ‪ ،% 13.09‬وض ّمت قائمة البحث عن‬ ‫املكتبات الواقعية ومواقعها على اإلنرتنت ‪81‬‬ ‫مكتبة‪ ،‬تص ّدرها البحث عن مكتبة المصطفى‬ ‫والمكتبة الشاملة‪ ،‬وانتهت مبكتبات برناسوس‬ ‫ومكتبة الموسوعة الشاملة‪ ،‬واملالحظ أن‬ ‫القائمة تتضمن مكتبات من دول ومدن عربية‬ ‫عديدة ومتن ّوعة‪ .‬أنظر اجلدول رقم "‪،"11‬‬ ‫وإذا ما افرتضنا جدالً أن ك ّل عملية حبث‬ ‫متت‬ ‫عن مكتبة من املكتبات يف مقام زيارة ّ‬ ‫للمكتبة الواقعية فلنا أن نتص ّور مدى الفاعلية‬ ‫اليت ميكن أن تقوم بها اإلنرتنت كوسيلة‬ ‫تواصل رقمي مع املكتبات يف حالة ما إذا كانت‬ ‫املكتبات نفسها مهيأة لتقديم خدمات تواصل‬ ‫رقميّة مع روادها على اإلنرتنت‪ ،‬من حيث‬

‫فهرسة حمتوياتها وإتاحتها على املوقع وتوفري‬ ‫أداة حبث وعرض جيّدة للكتب ثم نظام‬ ‫للمدفوعات اإللكرتونية‪ ،‬ونظام ملحق لتوصيل‬ ‫الكتب لطالبيها إما رقميّاً عرب املوقع يف حالة‬ ‫الكتب املوضوعة يف صيغ إلكرتونية‪ ،‬أو عرب‬ ‫الربيد العادي يف حالة شراء النسخ املطبوعة‪،‬‬ ‫متوسط عمليات‬ ‫ويف املسار اخلاص باملوارد بلغ ّ‬ ‫البحث الشهرية ‪ 81‬ألفاً و‪ 973‬عملية شهريّاً‪.‬‬ ‫المكتبات المجانية مطلب أساسي‬

‫لكن يلفت النظر يف هذا اجملال أن نسبة‬ ‫كبرية من البحث عن موارد املكتبات توجهت‬ ‫باألساس للبحث عن املكتبات اجملانية على‬ ‫اإلنرتنت‪ ،‬وبلغ الطلب على التواصل مع‬ ‫هذا النوع من املكتبات ‪ 38‬ألفاً و‪ 740‬عملية‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬وهو أمر مشابه‬ ‫حبث يف ّ‬ ‫ملا الحظناه من قبل يف عمليات التواصل مع‬ ‫مما يد ّل على أن حاجز السعر‬ ‫الكتب والكتاب‪ّ ،‬‬ ‫بالنسبة للكتب ميثل عائقاً أمام شرحية كبرية‬ ‫من مجهور اإلنرتنت الذي يسعى للتواصل مع‬ ‫مما جيعل‬ ‫املكتبات رقميّاً ورمبا ورقيّاً أيضاً‪ّ ،‬‬ ‫هناك حاجة ألخذ مسألة السعر والتكلفة‬ ‫يف االعتبار عند مراجعة ظاهرة انكماش‬ ‫ظاهرة القراءة واإلقبال على املكتبات يف‬ ‫العامل العربي‪ ،‬كما يد ّل على أن اإلنرتنت‬ ‫واحملتوى الرقمي اإللكرتوني رخيص التكلفة‬ ‫ميكن أن يوظف كبديل مهم يلبيّ حاجة هؤالء‬ ‫لالستهالك والتواصل مع املكتبات والكتب‬ ‫معاً‪ ،‬إذا ما أحسن عرضه وتنظيمه وفهرسته‬ ‫وربطه مبجموعة خدمات كالدفع اإللكرتوني‬ ‫والتوصيل للمنازل وغريها كما سبق التوضيح‬ ‫يف موضع آخر‪.‬‬ ‫وآخر مسار ينطوي على مغزى يف مسألة‬ ‫االستهالك والتواصل الرقمي مع املكتبات هو‬ ‫املشاركة يف ما يثار حول املكتبات من قضايا‪،‬‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫غري حمددة واستحوذت على ‪ % 89.5‬منها أ ّي‬ ‫أكثر من مليونني‪ ،‬وض ّمت قائمة البحث بهذه‬ ‫الكلمات ‪ 19‬كلمة مل خترج عن "فن ‪ -‬فنون"‬ ‫واشتقاقاتهما أو مع بعض اإلضافات مثل ف ّن‬ ‫وإبداع وبيت الف ّن وعامل الف ّن ‪...‬إخل‪.‬‬ ‫شكل رقم ‪11‬‬ ‫إجمالي‬

‫‪2.532.070‬‬ ‫‪2.268.080‬‬

‫فروع‬

‫‪141.580‬‬

‫‪% 5.59‬‬

‫‪42.140‬‬

‫‪% 1.60‬‬

‫‪33.040‬‬

‫‪% 1.30‬‬

‫‪24.730‬‬ ‫‪22.500‬‬

‫‪% 100‬‬

‫‪% 89.50‬‬

‫‪% 0.97‬‬ ‫‪% 0.88‬‬

‫‪0‬‬

‫‪% 0‬‬

‫‪0‬‬

‫‪% 0‬‬

‫‪0‬‬

‫‪% 0‬‬

‫‪0‬‬

‫‪% 0‬‬

‫‪0‬‬

‫‪% 0‬‬

‫شكل رقم ‪ 11‬املتوسط الشهري‬ ‫لعدد عمليات البحث عن "الفنون"‬ ‫خالل العام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على‬ ‫التقسيمات املوضوعية الفرعية‪.‬‬

‫‪ - 10‬االستهالك الرقمي للفنون‬

‫على الرغم من أن العديد من فروع الثقافة‬ ‫السابقة ‪ -‬بل والالحقة يف العرض ‪ -‬ميكن‬ ‫أن تندرج حتت مظلة الفنون‪ ،‬فإن مجهور‬ ‫اإلنرتنت كان له رأي آخر‪ ،‬وهو السعي‬ ‫لالستهالك والتواصل رقميّاً مع الفنون من‬ ‫خالل البحث بكلمات ف ّن وفنون‪ ،‬باعتبارها‬ ‫جمال حبث مستقل وفضاء واسع‪ ،‬متاماً‬ ‫كما هو احلال مع الثقافة نفسها كما سيأتي‬ ‫احلديث سريعاً‪ ،‬وهذه الرغبة لدى اجلمهور‬ ‫جسدت نفسها يف ‪ 2‬مليون و‪ 532‬ألفاً و‪70‬‬ ‫ّ‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬كما هو واضح‬ ‫عملية حبث يف ّ‬ ‫يف الشكل رقم "‪ "11‬سيطرت عليها بشكل‬ ‫متت بكلمات عامة‬ ‫ساحق عمليات البحث اليت ّ‬

‫أكرب ‪ 10‬فروع فنية مطلوبة لالستهالك طبقاً ملتو ّسط عمليات البحث‬

‫جدول رقم ‪12‬‬

‫الفن‬ ‫فن الرسم‬ ‫الفن الشعيب‬ ‫فن الديكور‬ ‫فن العمارة‬ ‫فن التصوير‬ ‫فن النحت‬ ‫فن اخلط العربي‬ ‫الفن احلديث‬ ‫فن العمارة‬ ‫فن التطريز‬

‫متو ّسط عمليات البحث‬ ‫‪28880‬‬ ‫‪8100‬‬ ‫‪8100‬‬ ‫‪7710‬‬ ‫‪6600‬‬ ‫‪6600‬‬ ‫‪6000‬‬ ‫‪5400‬‬ ‫‪5400‬‬ ‫‪5400‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫ويف هذه النقطة وصلت معدالت البحث إىل‬ ‫املتوسط‪،‬‬ ‫‪ 23‬ألفاً و‪ 530‬عملية حبث شهريّاً يف ّ‬ ‫تناولت ‪ 20‬قضيّة من القضايا املثارة يف عامل‬ ‫املكتبات منها اإلعارة يف املكتبات والتصنيف‬ ‫والنظم اآللية يف املكتبات وأمناء املكتبات‬ ‫وبراجمها وخدماتها وعلومها ودور املكتبات‬ ‫وفهارسها ومشروعاتها ‪...‬إخل‪.‬‬ ‫تضاءلت بعد ذلك رغبة اجلمهور يف‬ ‫التواصل رقميّاً مع املكتبات عرب مسارات‬ ‫واملؤسسات‪ ،‬حيث بلغت عمليات البحث‬ ‫الدول ّ‬ ‫فيهما ‪ 5983‬و‪ 1510‬عمليات حبث على التوالي‪،‬‬ ‫يف ما انعدم اهتمام اجلمهور بأي تواصل رقمي‬ ‫مع الفعاليات اخلاصة باملكتبات واملبدعني‬ ‫فيها وإبداعاتها واملكتبات عرب العصور‬ ‫املختلفة‪ ،‬وخالصة ذلك كله أن التواصل‬ ‫ينصب باألساس على‬ ‫الرقمي مع املكتبات‬ ‫ّ‬ ‫البحث العام وعلى املكتبات طبقاً للتخصص‬ ‫وعلى املكتبات كمنشأة ثقافيّة وعلى السعي إىل‬ ‫الكتب اجملانية‪ ،‬وهو توجه يتماشى مع النظرة‬ ‫إىل املكتبة كمنشأة تبيع سلعة ثقافيّة‪.‬‬

‫‪221‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 222‬للتنمية الثقافية‬

‫شكل رقم ‪12‬‬ ‫إجمالي‬

‫‪% 100‬‬ ‫‪% 63.80‬‬ ‫‪% 27.23‬‬ ‫‪% 4.90‬‬ ‫‪% 3.70‬‬ ‫‪% 0.25‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫فروع‬

‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫شكل رقم “‪ ”12‬المتوسط الشهري لعدد‬ ‫عمليات البحث عن “التمثيل” خالل‬ ‫عام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على التقسيمات‬ ‫الموضوعية الفرعية‪.‬‬

‫‪% 0‬‬

‫فن الرسم يتفوق‬

‫وتو ّزعت النسبة الضئيلة الباقية على‬ ‫املسارات األخرى بصورة مميزة نوعاً‪ ،‬إذ‬ ‫قفزت عمليات البحث اليت سعى أصحابها‬ ‫لالستهالك والتواصل رقميّاً مع فروع الف ّن‬ ‫املختلفة لتحتل املرتبة الثانية ‪ 141‬ألفاً و‪850‬‬ ‫املتوسط‪ ،‬وقائمة حبث تض ّم‬ ‫عملية حبث يف ّ‬ ‫‪ 54‬نوعاً من الفنون‪ ،‬يتق ّدمها ف ّن الرسم والف ّن‬ ‫الشعيب وفن الديكور وفن العمارة‪ ،‬وتنتهي‬ ‫بفن التحنيط والف ّن اخليالي‪ .‬أنظر اجلدول‬ ‫رقم "‪."12‬‬ ‫الفنية أكبر من غيرها‬ ‫العصور‬ ‫ّ‬

‫أما الذين استهدفوا التواصل مع العصور‬ ‫الفنيّة املختلفة فكانوا هم األكرب مقارنة‬ ‫بنظرائهم يف املسارات األخرى‪ ،‬حيث بلغت‬ ‫متت يف هذا الصدد ‪42‬‬ ‫عمليات البحث اليت ّ‬ ‫املتوسط شهريّاً‪،‬‬ ‫ألفاً و‪ 140‬عملية حبث يف ّ‬ ‫وهو ما يتناسب إىل ح ّد ما مع التن ّوع الكبري‬

‫يف الفنون وامتدادها تارخييا بصورة تدفع إىل‬ ‫البحث فيها وفقاً حلقب تارخيية متن ّوعة‪ ،‬وقد‬ ‫ش ّكلت عمليات البحث اليت استهدفت التواصل‬ ‫مع العصور الفنيّة قائمة من كلمات البحث‬ ‫ض ّمت ‪ 13‬مجلة حبثية ك ّل منها يد ّل على‬ ‫عصر من العصور‪ ،‬وتصدرها الف ّن اإلسالمي‬ ‫ثم الف ّن القديم فالف ّن القبطي والفرعوني‬ ‫واملعاصر وفاإلغريقي ‪...‬إخل‪.‬‬ ‫اهتمت‬ ‫ومل تنس الشرحية الضيقة اليت‬ ‫ّ‬ ‫بالفنون كفضاء عام أن تسعى أيضاً للتواصل‬ ‫مع القضايا الفنيّة املثارة على الساحة‪ ،‬ولذلك‬ ‫وجدنا ‪ 33‬ألفاً و‪ 40‬عملية حبث من هذا النوع‬ ‫شهريّاً‪ ،‬أما القضايا اليت سعت للتواصل معها‬ ‫فشملت تعلّم الف ّن والف ّن واإلبداع وتاريخ الف ّن‬ ‫والف ّن والرسم ومدارس الف ّن وتعريف الف ّن‬ ‫وتعلّم الف ّن ‪...‬إخل‪.‬‬ ‫المنتديات والمواقع مصدر للفنون‬

‫جاءت بعد ذلك الرغبة يف التواصل‬ ‫رقميّاً مع املواقع واملنتديات واألماكن اليت‬ ‫تعترب موارد ميكن احلصول من خالهلا على‬ ‫معارف ومعلومات عن الفنون بل ومنتجات‬ ‫الفنون ذاتها‪ ،‬وأنتج الساعون هلذا النوع‬ ‫من االستهالك والتواصل ‪ 24‬ألفاً و‪730‬‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬تر ّكزت يف‬ ‫عملية حبث يف ّ‬ ‫االستهالك والتواصل مع منتديات الفنون‬ ‫ومواقع الفنون املعمارية وجمالت الفنون‪،‬‬ ‫وبصورة متقاربة جاء بعد ذلك من يرغبون يف‬ ‫االستهالك والتواصل مع فنون جمتمعات ودول‬ ‫بذاتها‪ ،‬وسجل هؤالء ‪ 22‬ألفاً و‪ 500‬عملية حبث‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬استهدفوا من خالهلا‬ ‫يف ّ‬ ‫التواصل مع الف ّن املصري واليمين والعراقي‬ ‫والسوري والصيين والياباني واألفريقي‬ ‫واليوناني‪ ،‬وبعد ذلك أهمل مجهور اإلنرتنت‬ ‫التواصل رقميّاً مع املنشآت الثقافيّة املعنية‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫بالفنون ومع املبدعني يف الفنون وإبداعاتهم‬ ‫واملؤسسات املعنية بالفنون‪.‬‬ ‫ومع الفعاليات ّ‬ ‫‪ - 11‬التواصل واالستهالك الرقمي‬ ‫لفن التمثيل ومبدعيه‬

‫املمثّلة‬ ‫إغراء‬ ‫زينة‬ ‫نورهان‬ ‫بوسى‬ ‫توبا‬ ‫نسرين‬ ‫بسمة‬ ‫يسرا‬ ‫مليس‬ ‫نورا‬

‫أكرب ‪ 10‬ممثلني وممثالت طلبوا لالستهالك طبقاً ملتو ّسط عدد‬ ‫عمليات البحث‬

‫متو ّسط عمليات‬ ‫البحث‬ ‫‪16840‬‬ ‫‪12280‬‬ ‫‪7300‬‬ ‫‪6800‬‬ ‫‪4900‬‬ ‫‪4310‬‬ ‫‪4080‬‬ ‫‪3880‬‬ ‫‪3600‬‬ ‫‪3490‬‬

‫املمثل‬ ‫عادل إمام‬ ‫مهند الرتكي‬ ‫اياد الرتكي‬ ‫شاروخ خان‬ ‫زاك ايفرون‬ ‫وائل شرف‬ ‫مصطفي زماني‬ ‫أمري خان‬ ‫شاهد كابور‬ ‫هريتك روشان‬

‫متو ّسط عمليات‬ ‫البحث‬ ‫‪673880‬‬ ‫‪24459‬‬ ‫‪14370‬‬ ‫‪8610‬‬ ‫‪3330‬‬ ‫‪3280‬‬ ‫‪2900‬‬ ‫‪2180‬‬ ‫‪1900‬‬ ‫‪1600‬‬

‫ذهب منها ‪ 124‬ألفاً و‪ 920‬عملية حبث لقائمة‬ ‫تض ّم ‪ 73‬ممثّلة‪ ،‬على رأسهن إغراء ثم زينة‬ ‫فنورهان فبوسي‪ .‬أنظر اجلدول رقم "‪."13‬‬ ‫صور الممثالت مطلب كبير‬

‫الممثلون ً‬ ‫وكانت هناك شرحية من اجلمهور تنفّذ‬ ‫أوال وقبل ّ‬ ‫كل شىء‬ ‫وقد جتسد ذلك بأوضح ما يكون يف عمليات حبث تذكر فيها صراحة أنها تسعى‬ ‫ختصيص ‪ % 63.80‬من عمليات البحث يف للتواصل مع املمثلني واملمثالت بالصور‪ ،‬ويف‬ ‫جمال التمثيل للبحث عن املمثلني واملمثالت هذا النوع من البحث كانت هناك قائمة بـ‬ ‫وصورهم على اإلنرتنت‪ ،‬ومن الناحية العدديّة ‪ 19‬ممث ًال حرص اجلمهور على متابعة صورهم‬ ‫كانت هناك ‪ 982‬ألف و‪ 637‬عملية حبث شهريّاً‬ ‫وكان على رأسهم الرتكي مهند برصيد ‪43‬‬ ‫عن املمثلني واملمثالت‪ 769 ،‬ألفاً و‪ 880‬عملية ألفاً ‪ 220‬طلب لصوره شهريّاً‪ ،‬ثم املمثل زاك‪،‬‬ ‫منها ذهبت للبحث عن قائمة من املمثلني وأفرزت هذه القائمة ‪ 72‬ألفاً و‪ 797‬عملية‬ ‫تض ّم ‪ 61‬ممث ًال على رأسهم عادل إمام برصيد حبث عن صور املمثلني شهريّاً‪ ،‬أما طلبات‬ ‫املتوسط شهريّاً صور املمثالت فانتجت قائمة تض ّم ‪ 17‬ممثّلة‬ ‫‪ 673‬ألفاً و‪ 880‬عملية حبث يف ّ‬ ‫استهدفت االستهالك والتواصل معه على يف مقدمتهن بوسي وهندية ويف النهاية لميس‬ ‫مستوى النص والصورة واخلرب‪ ،‬تاله مهند ويسرا وأفرزت هذه القائمة ‪ 15‬ألفاً و‪ 40‬طلباً‬ ‫املتوسط شهريّاً‪.‬‬ ‫التركي برصيد ‪ 24‬ألفاً و‪ 459‬عملية حبث‪ ،‬لصور املمثالت يف ّ‬ ‫أعطى اجلمهور كذلك اهتماماً خاصاً‬ ‫ثم شاروخ خان اهلندي ثم زاك ايفرون‪ ،‬كما‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫عند رصد مدى إقبال مجهور اإلنرتنت‬ ‫على االستهالك والتواصل رقميّاً مع التمثيل‬ ‫استخدمنا ثالث كلمات مفتاحية هي متثيل‬ ‫وممثل وممثّلة‪ ،‬وكشف الرصد عن أن‬ ‫اجلمهور قام بتنفيذ مليون و‪ 539‬ألفاً و‪573‬‬ ‫عملية حبث باستخدام هذه الكلمات حبسب‬ ‫موضح يف الشكل رقم "‪ ،"12‬وكان‬ ‫ما هو ّ‬ ‫خمتلفاً إىل ح ّد كبري يف توزيع هذه العمليات‬ ‫البحثية على أغراض ومسارات االستهالك‬ ‫والتواصل الرقمي‪ ،‬فاهتمامه األول مل يكن‬ ‫البحث بكلمات عامة معتادة أو البحث عن‬ ‫منتج ثقايف قابل لالستهالك‪ ،‬بل كان الرغبة‬ ‫اجلارفة يف التواصل مع مبدعي ف ّن التمثيل‬ ‫وهم املمثلون واملمثالت سواء باملعلومة أم‬ ‫الصورة أم اللقطات الفيديويّة السريعة‪.‬‬

‫جدول رقم ‪13‬‬

‫‪223‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 224‬للتنمية الثقافية‬

‫بالتواصل رقميّاً مع قضايا التمثيل وخصها‬ ‫املتوسط‬ ‫بـ ‪ 419‬ألفاً و‪ 280‬عملية حبث يف ّ‬ ‫شهريّاً تشكل ‪ % 27.23‬من إمجالي عمليات‬ ‫البحث يف جمال التمثيل‪ ،‬والالفت أن هذه‬ ‫العمليات أفرزت قائمة خمتصرة تض ّم سبع‬ ‫قضايا مجيعها تدور بصورة أو بأخرى حول‬ ‫كيف يصبح اإلنسان ممث ًال‪ ،‬فمن بني الكلمات‬ ‫املستخدمة "إعداد املمثل‪ ،‬دروس متثيل‪،‬‬ ‫كيف تصبح ممث ًال" وهذه الكلمات الثالث‬ ‫أفرزت وحدها ‪ 304‬آالف و‪ 690‬عملية حبث يف‬ ‫املتوسط شهريّاً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ويف ما يبدو أن حالة اهلوس باملمثلني‬ ‫واملمثالت وصورهم واللهفة على االقتداء‬ ‫بهم وحلم العمل كممثل أو ممثّلة قد جرفا‬ ‫املتطلعني للتواصل الرقمي مع التمثيل عن‬ ‫مسارات التواصل الرقمي األخرى‪ ،‬حتى على هوس مرضي بالتمثيل وقضاياه‬ ‫وعند هذا احلد مل يعد لدى مجهور‬ ‫مستوى عمليات البحث بالكلمات العامة وغري‬ ‫احمل ّددة اليت كانت هي العنصر الطاغي يف اإلنرتنت وقت للتواصل رقميّاً مع أ ّي مسار‬ ‫للمؤسسات‬ ‫معظم املسارات السابقة‪ ،‬حيث جاءت كلمات آخر يف جمال التمثيل‪ ،‬فلم يلق باالً ّ‬ ‫الرمسيّة يف جمال التمثيل ومل يعطها سوى‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬وجتاهل‬ ‫‪ 3990‬عملية حبث يف ّ‬ ‫متاماً اإلبداعات يف التمثيل وفروع التمثيل‬ ‫وتطوره عرب العصور وكذلك فعالياته املختلفة‪،‬‬ ‫‪% 100‬‬ ‫ومل يكن معنياً حتى بالبحث عن موارد معرفية‬ ‫‪% 81.15‬‬ ‫يف هذا اجملال‪.‬‬ ‫‪% 11.49‬‬ ‫وتكشف أرقام التواصل السابقة أن اجلمهور‬ ‫‪% 4.27‬‬ ‫‪% 1.90‬‬ ‫اختصر التواصل الرقمي مع جمال التمثيل يف‬ ‫‪% 0.15‬‬ ‫كيف تصل إىل صورة ممثل أو معلومة عنه‬ ‫‪% 0.00‬‬ ‫وكيف تصبح ممث ًال‪ ،‬وهذا يكشف عن هوس‬ ‫‪% 0‬‬ ‫شكل رقم “‪ ”13‬المتوسط الشهري لعدد‬ ‫واضح بهذا العامل من قبل مجهور اإلنرتنت‬ ‫‪% 0‬‬ ‫عمليات البحث عن “الثقافة” خالل‬ ‫العربي‪ ،‬وهذا اهلوس يتجسد إما يف متابعة‬ ‫‪% 0‬‬ ‫عام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على التقسيمات‬ ‫الفرعية‪.‬‬ ‫الموضوعية‬ ‫‪% 0‬‬ ‫ما جيري فيه من تفصيالت وأخبار للممثلني‬ ‫‪% 0‬‬ ‫واملمثالت أو يف التطلع لدخوله باعتباره حلماً‬ ‫كبرياً‪.‬‬

‫البحث العامة يف املرتبة الثالثة حبجم عمليات‬ ‫حبث متواضعة نسبيّاً‪ ،‬إذ بلغت ‪ 76‬ألفاً و‪96‬‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬كما تدنت‬ ‫عملية حبث يف ّ‬ ‫كذلك عمليات البحث عن ممثلني استناداً‬ ‫إىل جنسياتهم وأوطانهم‪ ،‬وبلغت ‪ 57‬ألفاً‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬وأنتجت‬ ‫و‪ 570‬عملية يف‬ ‫ّ‬ ‫قائمة تض ّمنت ‪ 14‬ممث ًال و‪ 16‬ممثّلة‪ ،‬ومن‬ ‫اجلدير باملالحظة يف هذا املسار أن البحث‬ ‫عن املمثلني طبقاً للجنسية أو الوطن تص ّدره‬ ‫البحث عن املمثلني املغاربة ثم اهلنود ثم‬ ‫الفرنسيني فاللبنانيني واملصريني‪ ،‬أما يف‬ ‫املمثالت فجاءت املمثالت املصريات يف‬ ‫الصدارة تليه ّن السوريات ثم اهلنديات ثم‬ ‫األمريكيات‪.‬‬

‫شكل رقم ‪13‬‬

‫إجمالي‬

‫فروع‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫‪ - 12‬االستهالك الرقمي للمنتج‬ ‫الثقافي العام‬

‫للمرة األولى‬ ‫الثقافية‬ ‫القضايا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫مثة ملمح بارز آخر يف جمال االستهالك‬ ‫والتواصل رقميّاً مع الثقافة كمصطلح وفضاء‬ ‫عام‪ ،‬أال وهو أن السعي لالستهالك والتواصل‬ ‫يسجل ألول مرة‬ ‫مع القضايا الثقافيّة رقميّاً ّ‬ ‫مكانة متق ّدمة من حيث العدد والنسبة‪،‬‬ ‫فكما هو واضح يف الشكل رقم "‪ "13‬هنا‬ ‫حيت ّل املركز الثاني حتت الفضاء الثقايف‬ ‫العام‪ ،‬بعدما سجلت عمليات البحث الشهرية‬ ‫الساعية للتواصل مع القضايا الثقافيّة الكربى‬ ‫والعريضة نوعاً ما ‪ 163‬ألفاً و‪ 700‬عملية يف‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬وش ّكلت قائمة قضايا تصل‬ ‫ّ‬ ‫إىل ‪ 31‬عنواناً أو قضيّة‪ ،‬تسعة منها ميكن‬ ‫إدراجها ضمن قضايا الثقافة والعوملة مثل‬ ‫عوملة الثقافة واهلويّة الثقافيّة والغزو الثقايف‬ ‫وثقافة احلوار والتعدد الثقايف‪ ،‬وهذه وصل‬ ‫متوسط عمليات البحث الساعية للتواصل معها‬ ‫ّ‬ ‫‪ 20‬ألفاً و‪ 820‬عملية حبث شهريّاً‪ ،‬كما كان‬ ‫هناك سبع قضايا ميكن إدراجها ضمن قضايا‬ ‫الثقافة واجملتمع مثل ثقافة األطفال والثقافة‬

‫أكرب ‪ 10‬فروع ثقافيّة مطلوبة لالستهالك طبقاً ملتو ّسط عمليات‬ ‫البحث عنها‬

‫جدول رقم ‪14‬‬

‫نوع الثقافة‬

‫متو ّسط عمليات البحث شهريّاً‬

‫ثقافة عامة‬ ‫ثقافة إسالمية‬ ‫ثقافة علمية‬ ‫ثقافة تنظيمية‬ ‫ثقافة وتعليم‬ ‫طبيعة وثقافة‬ ‫ثقافة تربوية‬ ‫ثقافة الرتفيه‬ ‫ثقافة سياسية‬ ‫ثقافة صحية‬

‫واجملتمع وثقافة الشباب والثقافة اجلماهريية‬ ‫وثقافة املرأة وهذه مجيعاً سجلت عمليات‬ ‫حبث بلغت ‪ 8900‬عمليّة حبث شهريّاً‪ ،‬وأخرياً‬ ‫اجملموعة الرئيسية اليت ض ّمت ‪ 15‬عنواناً من‬ ‫القضايا الثقافيّة املتن ّوعة وتصدرتها قضايا‬ ‫من نوع بناء الثقافة والفكر والثقافة ومفهوم‬ ‫الثقافة وصناعة الثقافة والتنمية الثقافيّة‬ ‫وخصائص الثقافة وغريها‪ ،‬وهذه سجلت‬ ‫املتوسط ‪ 133‬ألفاً و‪980‬‬ ‫عمليات حبث بلغت يف ّ‬ ‫عملية شهريّاً‪ ،‬ويتوافق هذا االهتمام امللحوظ‬ ‫بالقضايا الثقافيّة واالتساع يف تنوعها وعددها‬ ‫مع طبيعة الثقافة كفضاء رحب حيتوي الكثري‬ ‫والكثري من القضايا اليت تشكل جزءاً حيوياً‬ ‫من اهلموم العامة ألي جمتمع‪.‬‬

‫‪22200‬‬ ‫‪8270‬‬ ‫‪3260‬‬ ‫‪2900‬‬ ‫‪2880‬‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫مليون و‪ 423‬ألفاً و‪ 530‬عملية حبث فقط‬ ‫هي حصيلة السعى للتواصل الرقمي مع‬ ‫الثقافة بصورة عامة‪ ،‬وهذا الرقم وضع‬ ‫الثقافة كمصطح عام يف املركز الثاني عشر‬ ‫بني الفروع األخرى للثقافة‪ ،‬وهو ترتيب الفت‬ ‫ويدفع للقول بأن الفروع تتفوق على األصل من‬ ‫حيث جذب الناس للتواصل الرقمي حوهلا‪،‬‬ ‫وهنا يربز تدني الوعي لدى اجلمهور العام بأن‬ ‫الرتفيه‪ ،‬وما يضمه من سينما وغناء وأفالم‬ ‫ومتثيل ومسرح وغريها‪ ،‬هو أحد ألوان الثقافة‬ ‫اليت تغذي الوجدان‪ ،‬وميكن البحث عنه حتت‬ ‫نطاق الثقافة‪.‬‬

‫‪225‬‬

‫‪2620‬‬ ‫‪1980‬‬ ‫‪1900‬‬ ‫‪1900‬‬ ‫‪1260‬‬

‫يأتي معدل البحث على شبكة اإلنترنت‬ ‫عن الثقافة اإلسالمية ‪ 8270‬عملية بحث‬ ‫شهريّاً قبل البحث عن الثقافة العلمية‬ ‫(‪ )3260‬والتعليم (‪ )2880‬والطبيعة (‪)2620‬‬ ‫والتربية (‪ )1980‬والسياسة (‪..)1900‬‬

‫ثقافات وليس ثقافة واحدة‬

‫وحتت القضايا الثقافيّة مباشرة تأتي رغبة‬ ‫مجهور اإلنرتنت يف التواصل مع أنواع متباينة‬ ‫من الثقافات‪ ،‬وهنا حنن أمام قائمة مكونة‬ ‫من ‪ 30‬نوعاً من الثقافات اليت سعى اجلمهور‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 226‬للتنمية الثقافية‬

‫للتواصل معها‪ ،‬تتق ّدمها الثقافة العامة تليها‬ ‫الثقافة اإلسالمية ثم الثقافة العلمية‪ ،‬وتنتهي‬ ‫بالثقافة احلقوقية‪ ،‬والرغبة يف التواصل مع‬ ‫الثقافات املتن ّوعة أفرزت ‪ 60‬ألفاً و‪ 880‬عملية‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ .‬أنظر اجلدول رقم‬ ‫حبث يف ّ‬ ‫"‪."14‬‬ ‫وعكس الفضاء الثقايف العام مستوى أعلى‬ ‫نسبيّاً من التوجه صوب الثقافات القطرية‬ ‫والشعوبية‪ ،‬حيث بلغت عمليات البحث اليت‬ ‫استهدفت التواصل رقميّاً مع ثقافات قطرية‬ ‫املتوسط‬ ‫بعينها ‪ 27‬ألفاً و‪ 140‬عملية حبث يف ّ‬ ‫شهريّاً‪ ،‬وهو اجتاه خمالف للعديد من الفروع‬ ‫الثقافيّة السابقة اليت كان مجهور اإلنرتنت ال‬ ‫يأبه فيها بالقطر أو اجلنسية أو الشعب وهو‬ ‫يسعى للتواصل مع هذا اللّون الثقايف أو ذلك‪،‬‬ ‫ورأينا ذلك بوضوح يف الغناء واملسرح وغريها‪،‬‬ ‫بل كانت هناك فروع انعدم فيها البحث استناداً‬ ‫إىل اهلويّة الوطنية أو القطرية‪ ،‬ومن ثم حنن‬ ‫هنا أمام تواصل رقمي أساس التجزئة عندما‬ ‫يتعلق األمر بالفضاء الثقايف العام‪ ،‬وتواصل‬ ‫شكل رقم ‪14‬‬ ‫إجمالي‬

‫‪% 100‬‬ ‫‪% 65.50‬‬

‫فروع‬

‫‪% 22.13‬‬ ‫‪% 7.10‬‬ ‫‪% 2.21‬‬ ‫‪% 1.80‬‬

‫‪ - 13‬االستهالك الرقمي لآلثار‬

‫‪% 0.62‬‬ ‫‪% 0.55‬‬ ‫‪% 0.04‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫رقمي على أساس الثقافة واملنتج الثقايف‬ ‫حينما يكون األمر متعلقاً بالفضاءات األكثر‬ ‫ختصصاً كالغناء والتمثيل والرواية‪.‬‬ ‫ويتبقّى بعد ذلك ‪ 16‬ألفاً و‪ 480‬عملية‬ ‫خصصها اجلمهور للتواصل مع املواقع‬ ‫حبث ّ‬ ‫واملنتديات واملوسوعات اليت ميكن استخدامها‬ ‫كموارد للحصول على معلومات ومعارف حول‬ ‫الثقافة‪ ،‬وهي نسبة ضئيلة كما هو واضح‪ ،‬أما‬ ‫املؤسسات الثقافيّة‬ ‫املسارات األخرى وهي ّ‬ ‫والفعاليات الثقافيّة العامة والعصور الثقافيّة‬ ‫واإلبداعات يف الفضاء الثقايف العام واملبدعني‬ ‫واملنشآت الثقافيّة العامة واخلاصة فجميعها‬ ‫مل متثّل أ ّي أهمية جلمهور اإلنرتنت‪ ،‬ومن ثم‬ ‫مل يسع اجلمهور الستهالكها والتواصل معها‬ ‫رقميّاً ولو بعملية حبث واحدة طوال العام‬ ‫‪.2009‬‬ ‫حنن إذاً أمام نوع من االستهالك والتواصل‬ ‫الرقمي مع الفضاء الثقايف العام يتوافق مع ما‬ ‫هو متو ّقع من حيث حجم االهتمام وتوزيعه‪،‬‬ ‫فمن حيث احلجم تواجهنا الضآلة اليت دفعت‬ ‫به للمركز الثاني عشر‪ ،‬ومن حيث االهتمام‬ ‫يعلو البحث العام والقضايا الثقافيّة الكربى‬ ‫عريضة النطاق والفروع الثقافيّة والبحث‬ ‫عن الثقافة على أساس اهلويّة القطرية‪ ،‬ثم‬ ‫يهبط بشدة وخيتفي يف ما سواه‪ ،‬وكأنه يرسم‬ ‫خارطة أو يقدم مرآة ملا جيري للثقافة يف‬ ‫الواقع الفعلي‪.‬‬

‫شكل رقم “‪ ”14‬المتوسط الشهري‬ ‫لعدد عمليات البحث عن “آثار” خالل‬ ‫عام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على التقسيمات‬ ‫الموضوعية الفرعية‪.‬‬

‫تع ّدت عمليات البحث ‪ -‬اليت سعى أصحابها‬ ‫الستخدامها يف االستهالك والتواصل مع‬ ‫احملتوى الثقايف واملعرفة اخلاص باآلثار رقميّاً‬ ‫يوضح الشكل‬ ‫ املليون عملية حبث بقليل كما ّ‬‫رقم "‪ ،"14‬ووقفت بالتحديد عند مليون و‪282‬‬ ‫املتوسط شهريّاً‪،‬‬ ‫ألفاً و‪ 237‬عملية حبث يف ّ‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫وهو معدل يعكس اهتماماً ضئي ًال بقضيّة قطر بنصيب ‪ 6621‬عملية حبث شهريّاً‪ ،‬وتضم‬ ‫اآلثار ودورها يف منظومة الثقافة لدى مجهور القائمة اليت كونتها طلبات التواصل من قبل‬ ‫اإلنرتنت العربي بصورة عامة‪ ،‬واشرتكت اجلمهور مجيع املتاحف العربيّة تقريباً إىل‬ ‫جهود االستهالك والتواصل رقميّاً مع اآلثار مع جانب بعض املتاحف العاملية‪ ،‬وتنتهي بمتحف‬ ‫العديد من فروع الثقافة األخرى يف أن النمط السادات بمكتبة اإلسكندرية ومتحف‬ ‫السائد كان كلمات البحث العامة اليت شكلت المشاعل ومتحف قالقة ومتحف مدريد‬ ‫حواىل ثلثي الرقم اإلمجالي لعمليات البحث الوطني‪ ،‬والشك أن توزيع طلبات التواصل‬ ‫الرقمي مع املتاحف على هذا النوع الواسع‬ ‫وبلغت ‪ 840‬ألفاً و‪ 42‬عملية بواقع ‪.% 65.5‬‬ ‫يعكس اهتماماً واضحاً من قبل شرحية من‬ ‫مجهور اإلنرتنت بالتواصل رقميّاً مع املتاحف‬ ‫طلب عال على اآلثار الفرعونية‬ ‫التوجه حنو التواصل واالطالع على حمتوياتها‪ ،‬األمر الذي يلقي‬ ‫ويف املقابل برز ّ‬ ‫ّ‬ ‫الرقمي مع األنواع املختلفة من اآلثار واحتل مبسؤولية كربى على مسؤولي منتجي احملتوى‬ ‫املركز الثاني بنصيب ‪ 283‬ألفاً و‪ 762‬عملية الرقمي اخلاص باملتاحف وضرورة قيامهم‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬متحورت حول قائمة بتطويره واالنتقال به إىل مرحلة التفاعلية‬ ‫حبث يف ّ‬ ‫ض ّمت عشرة أنواع من اآلثار يف مقدمتها الكاملة اليت تفي مبا يتوقعه مستخدم الشبكة‬ ‫اآلثار الفرعونية اليت حظيت بـ ‪ 270‬ألفاً من خدمات‪ ،‬خصوصاً أنه يزور مواقع املتاحف‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬تليها العاملية على الشبكة ويرى كيف يقدم اآلخرون‬ ‫و‪ 821‬عملية حبث يف ّ‬ ‫اآلثار اإلسالمية مبعدل ‪ 3880‬عملية ثم ثروتهم األثرية على اإلنرتنت ويعرضونها‪،‬‬ ‫اآلثار القدمية والرومانية والغارقة والقطبية ليس ملواطنيهم فقط ولكن لك ّل العامل‪.‬‬ ‫والعثمانية واليهودية‪.‬‬ ‫برزت أيضاً املنشآت املتحفية واألثرية نظرة ال شعوبية لآلثار‬ ‫وعلى الرغم من طبيعة اآلثار كرتاث لصيق‬ ‫واحتلت املركز الثالث يف مسارات التواصل‬ ‫الرقمي داخل فئة اآلثار بنصيب ‪ 91‬ألفاً بك ّل شعب أو دولة على حدة‪ ،‬كانت هناك‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬واملالحظ يف نسبة ضئيلة ممن يريدون التواصل مع اآلثار‬ ‫و‪ 143‬عملية يف ّ‬ ‫هذا النوع من االستهالك والتواصل أنه على اعتماداً على كلمات حبث على أساس الوطن‬ ‫قلّة عدد عمليات البحث اجلارية فيه مقارنة أو الدولة مقارنة مبن يبحثون عن اآلثار ككل‪،‬‬ ‫مبسارات أخرى عديدة‪ ،‬إال أنه كان موزعاً حيث بلغت هذه النوعية ‪ 28‬ألفاً و‪ 417‬عملية‬ ‫توزيعاً عرضياً واسع النطاق‪ ،‬حيث وصلت حبث متثّل ‪ % 2.21‬من إمجالي البحث عن‬ ‫قائمة كلمات البحث املستخدمة فيه إىل ‪ 111‬اآلثار‪ ،‬واحتوت قائمة البحث يف هذه النوعية‬ ‫كلمة‪ ،‬ك ّل منها كان يستهدف التواصل مع على ‪ 20‬كلمة حبث ك ّل منها كان يريد التواصل‬ ‫متحف أو منشأة أثرية أو تارخيية بعينها‪ ،‬مع آثار دولة بعينها‪ ،‬وتصدرت اآلثار املصرية‬ ‫وقد كان المتحف المصري يف صدارة القائمة القائمة بـ ‪ 23‬ألفاً و‪ 482‬عملية‪ ،‬تليها اآلثار‬ ‫املتوسط العراقية ثم الفلسطينية ثم اليونانية وجاءت يف‬ ‫بنصيب ‪ 18‬ألفاً و‪ 654‬عملية حبث يف ّ‬ ‫شهريّاً يليه اللوفر يف فرنسا بنصيب ‪ 12‬ألفاً نهايتها اآلثار الفرنسية وآثار تلمسان‪ ،‬وتشري‬ ‫الفن اإلسالمي يف هذه األرقام إىل أن مجهور اإلنرتنت العربي‬ ‫و‪ 881‬عملية‪ ،‬ثم متحف‬ ‫ّ‬

‫‪227‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 228‬للتنمية الثقافية‬

‫شكل رقم ‪15‬‬ ‫إجمالي‬

‫‪% 100‬‬

‫فروع‬

‫‪% 45.90‬‬ ‫‪% 45.20‬‬ ‫‪% 5.14‬‬ ‫‪% 2.20‬‬ ‫‪% 0.62‬‬ ‫‪% 0.57‬‬ ‫‪% 0.12‬‬ ‫‪% 0.093‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫شكل رقم “‪ ”15‬المتوسط الشهري‬ ‫لعدد عمليات البحث عن “فكر” خالل‬ ‫عام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على التقسيمات‬ ‫الموضوعية الفرعية‪.‬‬

‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫يزيد اهتمام العرب بالبحث عن‬ ‫أغاني وأخبار مطرب واحد هو تامر حسني‬ ‫‪ % 220‬عن معدل اهتمامهم بك ّل صور‬ ‫الفكر العربي ومنتجاته وأعالمه! على‬ ‫شبكة اإلنترنت‪..‬‬

‫يفضل التواصل رقميّاً مع اآلثار باعتبارها‬ ‫تراثاً إنسانياً وعربياً أكثر منها تراثاً خاصاً‬ ‫مبجتمع أو ُقطر بعينه‪.‬‬ ‫يف مستوى متقارب جاءت الرغبة يف التواصل‬ ‫مع اآلثار على مستوى إبداعات أو آثار شهرية‬ ‫بعينها أو بصورة حمددة‪ ،‬وتضمن هذا التوجه‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬ومتحور‬ ‫‪ 23‬ألفاً و‪ 96‬عملية يف ّ‬ ‫حول قائمة طلبات استهالك وتواصل كانت‬ ‫مجيعها منصبّة على طلب صور لقطع أثرية‬ ‫سواء بصورة عامة‪ ،‬أم لقطع أثرية موجودة‬ ‫يف متحف بعينه كالمتحف المصري والمتحف‬ ‫اإلسالمي ومتحف البحرين والمتحف القبطي‬ ‫الفن اإلسالمي يف قطر وغريها‪.‬‬ ‫ومتحف‬ ‫ّ‬ ‫أما الرغبة يف التواصل مع املواقع واملنتديات‬ ‫واملوسوعات األثرية على اإلنرتنت واليت ميكن‬ ‫استخدامها كمورد للمعارف واملعلومات األثرية‬ ‫فكانت ضئيلة وقليلة‪ ،‬وسعت إليها ‪ 8054‬عملية‬ ‫املتوسط شهريّاً فقط‪ ،‬واقتصرت على‬ ‫حبث يف ّ‬

‫طلب التواصل مع اثنني من منتديات اآلثار‬ ‫ومواقع بعض املتاحف اليت تتيح خدمات‬ ‫معلوماتية من هذا النوع‪ ،‬ومل يكن احلال‬ ‫أفضل بالنسبة إىل القضايا األثرية‪ ،‬حيث‬ ‫استطاع هذا املسار أن جيذب طلبات تواصل‬ ‫املتوسط شهريّاً‪،‬‬ ‫بلغت ‪ 7170‬عملية حبث يف ّ‬ ‫تركزت حول قضايا تهريب اآلثار وسرقة اآلثار‬ ‫وجتارتها‪.‬‬ ‫وعزف اجلمهور عن االستهالك والتواصل‬ ‫باملؤسسات‬ ‫رقميّاً مع احملتوى اخلاص‬ ‫ّ‬ ‫الرمسيّة املعنية باآلثار ومل مينحها سوى ‪553‬‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬وامتنع نهائياً‬ ‫عملية حبث يف ّ‬ ‫عن التواصل رقميّاً مع املبدعني يف جمال‬ ‫اآلثار وكذلك التواصل مع عصور أثرية بعينها‪،‬‬ ‫أو التفاعل ومتابعة أ ّي نوع من الفعاليات تتعلق‬ ‫باآلثار‪.‬‬ ‫اهتمام واضح االنخفاض‬

‫وتقول لنا األرقام السابقة أن االهتمام‬ ‫باحملتوى الرقمي اخلاص باآلثار من قبل‬ ‫مجهور اإلنرتنت العربي منخفض بوضوح‪ ،‬وهو‬ ‫يف اخنفاضه يفضل االستهالك والتواصل معها‬ ‫باستخدام كلمات حبث عامة‪ ،‬كما يتعامل مع‬ ‫اآلثار كصور للمطالعة ومكان زيارتها بغرض‬ ‫التسلية‪ ،‬ويف ما عدا ذلك يبدو قليل االكرتاث‬ ‫أو ال يكرتث كلية مبا جيري يف هذا اجملال‪،‬‬ ‫ومن ثم تش ّكل اآلثار عنصر ضعف يف منظومة‬ ‫مما‬ ‫التواصل الثقايف الرقمي على الرغم ّ‬ ‫أتاحته اإلنرتنت من إمكانات هائلة هلذا النوع‬ ‫من التواصل‪ ،‬وجنحت العديد من اجملتمعات‬ ‫عاملياً يف توظيفها توظيفاً جيداً ومؤثراً أدخل‬ ‫إىل الساحة الدولية ما يعرف بالسياحة‬ ‫الثقافيّة األثرية التخيّلية عرب املواقع‪ ،‬وهو‬ ‫أمر تكشف األرقام السابقة أنه بعيد املنال‬ ‫يف العامل العربي تارة بسبب عزوف اجلمهور‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫وقلّة وعيه وتارة أخرى ‪ -‬وهو األهم ‪ -‬بسبب‬ ‫تقصري اجلهات القائمة على التوظيف األثري‬ ‫لإلنرتنت يف الدخول لعامل السياحة الثقافيّة‬ ‫األثرية الرقميّة‪.‬‬ ‫‪ - 14‬االستهالك الرقمي للفكر‬

‫الفكر الماركسي مطلوب أكثر من غيره‬

‫بعد هذه املالحظة اليت الب ّد للجميع من‬ ‫التوقف عندها جند أن السعي لالستهالك‬ ‫والتواصل مع ألوان بعينها من الفكر هو‬ ‫الغالب على الشرحية القليلة من اجلمهور‬ ‫اليت لديها رغبة يف تواصل فكري رقمي‪،‬‬ ‫حيث تقدر عمليات البحث اليت تبحث يف‬ ‫فروع الفكر بـ ‪ 562‬ألفاً و‪ 739‬تشكل ‪% 45.9‬‬ ‫من إمجالي عمليات البحث يف الفكر‪ ،‬لكن‬ ‫هذه النسبة حتمل يف طياتها ملحوظة مهمة‬ ‫إن مل تكن مفاجأة‪ ،‬فقائمة فروع الفكر تض ّم‬ ‫‪ 29‬فرعاً‪ ،‬تتق ّدمها بل تكتسحها عمليات البحث‬ ‫مبتوسط شهري يبلغ ‪550‬‬ ‫عن الفكر املاركسي ّ‬ ‫ألف عملية حبث‪ ،‬يليها عمليات البحث يف باقي‬ ‫الفروع وأوهلا الفكر الليربالي احلر بعمليات‬

‫جدول رقم ‪15‬‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫متوسط عمليات البحث اليت‬ ‫حينما نطالع ّ‬ ‫ً‬ ‫يسعى أصحابها للتواصل رقميّا مع الفكر‬ ‫وأعالمه وقضاياه بالوطن العربي‪ ،‬سنجدها‬ ‫متوسط عمليات البحث اليت‬ ‫أق ّل من نصف ّ‬ ‫يسعى أصحابها للتواصل رقميّاً مع مطرب‬ ‫مثل تامر حسني‪ ،‬فعمليات البحث اليت‬ ‫هدفها االستهالك والتواصل معه ومع أغانيه‬ ‫املتوسط‬ ‫عددها مليونني و‪ 742‬ألفاً و‪ 150‬يف ّ‬ ‫شهريّاً‪ ،‬وعدد عمليات البحث اليت تستهدف‬ ‫االستهالك والتواصل مع الفكر ومنتجاته‬ ‫يوضح الشكل رقم "‪ "15‬عددها‬ ‫وأعالمه كما ّ‬ ‫مليون و‪ 225‬ألفاً و‪ 411‬عملية‪ ،‬أ ّي أن املطرب‬ ‫يتفوق على الفكر بأكمله بـ ‪ % 220‬تقريباً‪.‬‬

‫متوسطها ‪ 2900‬عملية وآخرها الفكر‬ ‫حبث ّ‬ ‫مبتوسط ‪ 28‬عملية حبث يف الشهر‪،‬‬ ‫الفلسفي ّ‬ ‫أ ّي أن البحث يف فروع الفكر هو يف حقيقته‬ ‫حبث يف الفكر املاركسي‪ ،‬وهذه نتيجة الفتة‪ ،‬أن‬ ‫يكون جل الرغبة يف التواصل رقميّاً مع الفكر‬ ‫من قبل مجهور اإلنرتنت العربي منصباً على‬ ‫الفكر املاركسي الذي أفل جنمه وختلى عنه‬ ‫حتى أصحابه من الروس والسوفييت سابقاً‪،‬‬ ‫وال تفسري هلذا الرقم املدهش سوى أنه قد‬ ‫يت ّم مبعرفة أكادمييني وباحثني عرب‪ ،‬أو أن‬ ‫لدينا شرحية ممن اليزالون يعتنقونه‪ ،‬وتتسم‬ ‫بكونها نشطة فكرياً ويف التعامل مع اإلنرتنت‬ ‫من ثم تسعى للتواصل معه رقميّاً‪.‬‬ ‫تأتي بعد ذلك عمليات البحث بالكلمات‬ ‫العامة واليت تصل إىل ‪ 554‬ألفاً و‪ 920‬عملية‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬وهي نسبة متقاربة إىل ح ّد‬ ‫يف ّ‬ ‫كبري مع نسبة البحث يف الفروع‪ ،‬لكن االختالف‬ ‫بينهما أن قائمة كلمات البحث العامة تض ّم ‪55‬‬ ‫كلمة الفكر اليهودي اليت تصل عمليات البحث‬ ‫اخلاصة بها إىل ‪ 165‬ألف عملية شهريّاً‪،‬‬ ‫وتنتهي بالفكر النقدي الذي يصل نصيبه ‪28‬‬

‫مازال العرب يبحثون عن الفكر‬ ‫الماركسي قبل الفكر الليبرالي على شبكة‬ ‫اإلنترنت‪ ،‬إذ بلغت عمليات البحث عن‬ ‫الفكر الماركسي حوالى ‪ 550‬ألف عملية‬ ‫بحث شهريّاً مقابل ‪ 2900‬عملية بحث عن‬ ‫الفكر الليبرالي!‪..‬‬

‫أكرب ‪ 10‬قضايا فكرية مطلوبة لالستهالك طبقاً ملتو ّسط عمليات‬ ‫البحث‬ ‫القضيّة‬

‫بناء الفكر والثقافة‬ ‫بناء الفكر‬ ‫الفكر واإلبداع‬ ‫الفكر واللغة‬ ‫الفكر والثقافة‬ ‫تطابق الفكر مع الواقع‬ ‫حرية الفكر‬ ‫الفكر بني العصرية و املعاصرة‬ ‫نقد الفكر الديين‬ ‫الفكر الرتبوي عند ابن تيمية‬

‫‪229‬‬

‫متو ّسط عمليات البحث عنها‬ ‫‪11043‬‬ ‫‪5052‬‬ ‫‪2400‬‬ ‫‪1690‬‬ ‫‪800‬‬ ‫‪720‬‬ ‫‪720‬‬ ‫‪590‬‬ ‫‪390‬‬ ‫‪320‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 230‬للتنمية الثقافية‬

‫شكل رقم ‪16‬‬ ‫إجمالي‬

‫فروع‬

‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬وتضم كلمات أ ّي من املفكرين أو الفالسفة العرب أو غريهم‬ ‫عملية حبث يف ّ‬ ‫أخرى مثل تنمية الفكر وفكر ونقد ومفهوم باالسم يف أ ّي عصر من العصور‪.‬‬ ‫الفكر وحمراب الفكر ‪...‬إخل‪.‬‬ ‫بعد ذلك جند عمليات البحث اليت تدهور البحث عن المفكرين وقضايا‬ ‫استهدفت التواصل رقميّاً مع املبدعني يف الفكر‬ ‫يتدهور األمر بصورة أكرب يف ما يتعلق‬ ‫الفكر‪ ،‬ويطالعنا يف هذا رقم هزيل للغاية إذا‬ ‫متوسط بالقضايا الفكرية اليت يسعى مجهور اإلنرتنت‬ ‫ما قورن بأهمية املوضوع‪ ،‬حيث يصل ّ‬ ‫هذا النوع من عمليات البحث إىل ‪ 63‬ألفاً و‪ 81‬للتواصل معها واملشاركة فيها ولو باملتابعة‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬وهو رقم ال فقط‪ ،‬فعدد عمليات البحث املتعلقة بالقضايا‬ ‫عملية حبث يف ّ‬ ‫املتوسط‬ ‫يقارن على اإلطالق بعمليات البحث عن املمثل يتوقف عند ‪ 27‬ألفاً و‪ 192‬عملية يف ّ‬ ‫عادل إمام الذي يستحوذ على عمليات حبث شهريّاً‪ ،‬تتوزع على قائمة تض ّم ‪ 28‬قضيّة‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬فكرية تتصدرها قضيّة بناء الفكر والثقافة‬ ‫تتجاوز النصف مليون عملية يف ّ‬ ‫واملؤسف أن قائمة البحث عن املفكرين تض ّم وتطابق الفكر مع الوقع وحرية الفكر والفكر‬ ‫مخسة فقط يتق ّدمهم ابن خلدون ونصيبه ‪ 60‬بني العصرية واملعاصرة ونقد الفكر الديين‪،‬‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬ثم وتنتهي بإشكاليات الفكر الرتبوي العربي‪.‬‬ ‫ألفاً و‪ 500‬عملية حبث يف ّ‬ ‫ديكارت مبعدل ‪ 1600‬عملية‪ ،‬وسيد قطب مبعدل أنظر اجلدول رقم "‪."15‬‬ ‫‪ 720‬عملية حبث وراما مبعدل ‪ 170‬عملية ومالك‬ ‫يستمر التدهور يف االهتمام باالستهالك‬ ‫والتواصل رقميّاً مع الفكر لنصل إىل ‪7656‬‬ ‫بن نبي مبعدل ‪ 91‬عملية‪ ،‬ويف ما عدا ذلك ال‬ ‫يكرتث مجهور اإلنرتنت بالتواصل رقميّاً مع عملية حبث فقط عن املنتديات واملواقع‬ ‫واألماكن اليت تعترب موارد ملعارف فكرية عرب‬ ‫اإلنرتنت‪ ،‬ثم رقم أق ّل يف ما يتعلق بالتواصل‬ ‫مع عصور الفكر املختلفة‪ ،‬ورقم شديد الضآلة‬ ‫يف ما يتعلق بالرغبة يف التواصل مع اإلبداعات‬ ‫‪% 100‬‬ ‫الفكرية‪ ،‬حيث تتدنى عمليات البحث لتصل إىل‬ ‫‪% 49.50‬‬ ‫‪% 41.60‬‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬معظمها‬ ‫‪ 1584‬عملية حبث يف ّ‬ ‫‪% 5.50‬‬ ‫ينصب على جمالت وكتب يف الفكر‪ ،‬ثم نواجه‬ ‫ّ‬ ‫‪% 1.56‬‬ ‫رغبة شديدة اخلفوت يف التواصل رقميّاً مع‬ ‫‪% 1.20‬‬ ‫املؤسسات الفكرية‪ ،‬حيث تصل عمليات البحث‬ ‫ّ‬ ‫‪% 0.28‬‬ ‫املؤسسات إىل ‪1144‬‬ ‫عن هذه النوعية من ّ‬ ‫شكل رقم “‪ ”16‬المتوسط الشهري‬ ‫‪% 0.19‬‬ ‫لعدد عمليات البحث عن “تراث” خالل‬ ‫عملية حبث شهريّاً‪ ،‬ثم ينعدم االهتمام كلية مع‬ ‫‪% 0‬‬ ‫عام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على التقسيمات‬ ‫املنشآت الثقافيّة املعنية بأمور الفكر وبالفعاليات‬ ‫‪% 0‬‬ ‫الموضوعية الفرعية‪.‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫الفكرية وبالفكر على مستوى الدول‪.‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫وتعكس هذه األرقام أزمة التواصل بني‬ ‫اجلمهور العام وأصحاب الفكر يف العامل العربي‪،‬‬ ‫فاإلنرتنت تبدو يف هذا املسار قناة شديدة‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫‪ - 15‬االستهالك الرقمي للتراث‬

‫أقصى اهتمام منحه مجهور اإلنرتنت‬ ‫لالستهالك والتواصل رقميّاً مع الرتاث مل‬ ‫يسفر إال عن مليون و‪ 173‬ألفاً و‪ 644‬عملية‬ ‫يوضح الشكل‬ ‫املتوسط شهريّاً كما ّ‬ ‫حبث يف ّ‬ ‫رقم "‪ ،"16‬وهو رقم أدخل هذا املسار من‬ ‫ضمن زمرة املسارات ذات االهتمام اخلافت‬ ‫من قبل اجلمهور‪ ،‬وقد كان نصف هذه‬ ‫العمليات البحثية أو ‪ % 49.5‬منها يت ّم بكلمات‬ ‫حبث عامة انضوت يف قائمة مك ّونة من‬ ‫‪ 36‬كلمة تصدرتها كلمة الرتاث‪ ،‬و تض ّمنت‬ ‫كلمات أخرى كاألكالت والفلكلور والرتاث‬ ‫الشعيب والفلكلور الشعيب وتراث األجداد‬ ‫وتراث املاضي‪...‬إخل‪ ،‬وجاءت يف املرتبة الثانية‬ ‫عمليات البحث عن فروع وتنويعات معيّنة‬ ‫من الرتاث‪ ،‬ووصل عددها إىل ‪ 489‬ألفاً‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬وسعى‬ ‫و‪ 37‬عملية حبث يف ّ‬ ‫مجهور اإلنرتنت من خالهلا إىل التواصل‬ ‫رقميّاً مع أحد عشر لوناً من الرتاث والفلكلور‬ ‫الشعيب‪ ،‬من بينها املوسيقى الرتاثية واملالبس‬ ‫الفلكلورية والرتاثية واألمثال الشعبية واألغاني‬ ‫الرتاثية والرتاث البدوي واللوحات الرتاثية‪.‬‬ ‫ضآلة الحجم وعمومية البحث‬

‫وعلى الرغم من أن الرتاث ‪ -‬كما هو احلال‬

‫جدول رقم ‪16‬‬

‫أبدى جمهور اإلنترنت فتوراً طاغياً‬ ‫في االهتمام بالتواصل رقميّاً مع المواقع‬ ‫والمنتديات التي تعمل كموارد لمعارف‬ ‫ومعلومات حول التراث ولم يمنحها‬ ‫المتوسط‬ ‫سوى ‪ 3381‬عملية بحث في‬ ‫ّ‬ ‫شهريّاً‪ ،‬في ما تجاهل الجمهور تماماً أ ّي‬ ‫استهالك أو تواصل رقمي مع المبدعين‬ ‫في مجال التراث‪..‬‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫الضيق‪ ،‬على الرغم من كونها غنية باألدوات‬ ‫اليت جتعلها فسيحة ورحبة‪ ،‬وكما هو احلال يف‬ ‫اآلثار‪ ،‬جند األمر يف الفكر كدائرة مفرغة من‬ ‫قلّة الوعي واالهتمام لدى اجلمهور العام بأهمية‬ ‫التواصل مع الفكر وأصحابه‪ ،‬والقصور الواضح‬ ‫من جانب القائمني على الفكر يف جذب شرائح‬ ‫عريضة من اجلمهور‪ ،‬ورمبا تكون هذه نقطة‬ ‫ضعف يف التواصل الثقايف الرقمي أشد خطورة‬ ‫مما أشرنا إليه يف جمال اآلثار‪.‬‬ ‫ّ‬

‫مع اآلثار ‪ -‬لصيق الصلة باجملتمع الذي أنتجه‪،‬‬ ‫بل هو من العالمات اليت تعبرّ عن خصوصية‬ ‫ك ّل جمتمع‪ .‬إال أن الرغبة يف االستهالك‬ ‫والتواصل مع الرتاث من منطلق وطين أو‬ ‫ُقطري جاءت يف املرتبة الثالثة‪ ،‬وكانت قليلة‬ ‫بصورة الفتة‪ ،‬فعمليات البحث اليت نفذت من‬ ‫هذا النوع توقفت عند ‪ 64‬ألفاً و‪ 769‬عملية يف‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬وهو رقم يش ّكل ‪ % 5.5‬فقط‬ ‫ّ‬ ‫متت يف‬ ‫من إمجالي عمليات البحث اليت ّ‬ ‫جمال الرتاث‪ ،‬و ّ‬ ‫مت تنفيذ هذا الرقم من خالل‬ ‫قائمة كلمات حبث تض ّم ‪ 29‬كلمة حبثية‪ ،‬جاء‬ ‫يف مقدمتها عمليات البحث اليت استهدفت‬ ‫التواصل رقميّاً مع الرتاث اإلماراتي وبلغت ‪17‬‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬ثم‬ ‫ألفاً و‪ 526‬عملية حبث يف ّ‬ ‫الرتاث الفلسطيين ثم السعودي ثم العماني‬ ‫فاليمين فالكوييت فالعراقي فاألردني‪ ،‬إىل أن‬ ‫تنتهي القائمة بعمليات البحث اليت استهدفت‬ ‫التواصل رقميّاً مع الفلكلور اإليراني وكانت ‪46‬‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ .‬أنظر اجلدول‬ ‫عملية حبث يف ّ‬ ‫رقم "‪."16‬‬

‫أكرب ‪ 10‬دول طلباً الستهالك الرتاث طبقاً لعمليات البحث‬ ‫الرتاث‬

‫الرتاث اإلماراتي‬ ‫الرتاث الفلسطيين‬ ‫الرتاث السعودي‬ ‫الرتاث العماني‬ ‫الرتاث اليمين‬ ‫الرتاث الكوييت‬ ‫الرتاث العراقي‬ ‫الرتاث االأردني‬ ‫الرتاث البحريين‬ ‫الرتاث اللييب‬

‫‪231‬‬

‫متو ّسط عمليات البحث‬ ‫‪17526‬‬ ‫‪9617‬‬ ‫‪7797‬‬ ‫‪3583‬‬ ‫‪3580‬‬ ‫‪3348‬‬ ‫‪3181‬‬ ‫‪2531‬‬ ‫‪2400‬‬ ‫‪1790‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 232‬للتنمية الثقافية‬

‫وتوزيع عمليات البحث اليت تستهدف‬ ‫االستهالك والتواصل رقميّاً مع الرتاث على‬ ‫أساس قطري ووطين تنبىء بأنها نامجة عن‬ ‫عمليات حبث ينفذها عدد من مواطين ك ّل‬ ‫دولة على حدة‪ ،‬لكنها ال تشكل تياراً مشرتكاً‬ ‫وقويّاً‪ ،‬األمر الذي جيعلنا أمام إشارة جديدة‬

‫شكل رقم ‪17‬‬ ‫إجمالي‬

‫‪% 100‬‬ ‫‪% 68.78‬‬ ‫‪% 25.63‬‬

‫فروع‬

‫‪% 3.53‬‬ ‫‪% 0.80‬‬ ‫‪% 0.75‬‬ ‫‪% 0.48‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫شكل رقم “‪ ”17‬المتوسط الشهري لعدد عمليات‬ ‫البحث عن “نشر” خالل عام ‪ 2009‬وتوزيعاتها‬ ‫على التقسيمات الموضوعية الفرعية‪.‬‬

‫‪% 0‬‬

‫رقمي ًا‬ ‫سيئة الحظ‬ ‫التراث‬ ‫ّ‬ ‫قضية ّ‬ ‫ّ‬

‫‪% 0‬‬

‫جدول رقم ‪17‬‬

‫أكرب ‪ 10‬دور نشر مطلوبة لالستهالك طبقاً ملتو ّسط عمليات البحث‬ ‫دار النشر‬

‫دار التحرير‬ ‫دار كوم‬ ‫دار العربي‬ ‫دار الكتب‬ ‫دار الشروق‬ ‫دار احلياة‬ ‫دار الفكر‬ ‫دار الكتاب‬ ‫دار املعارف‬ ‫دار املعرفة‬

‫يقدمها مجهور اإلنرتنت العربي وتد ّل على أنه‬ ‫يبحث عن التواصل الرقمي مع الرتاث العربي‬ ‫بعيداً عن النظرة الشعوبية والقُطرية‪ ،‬وينظر‬ ‫للرتاث على أنه إرث للحضارة العربيّة عموماً‪.‬‬ ‫ويف ما يتعلق باإلبداعات اخلاصة بالرتاث‬ ‫توقفت عمليات البحث عند ‪ 18‬ألفاً و‪361‬‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬ودارت يف جمملها‬ ‫عملية يف ّ‬ ‫حول السعي لالستهالك والتواصل مع الرتاث‬ ‫القديم عرب الصور املعبرّ ة عنه وعن إبداعاته‪،‬‬ ‫ويف هذا الصدد تشكلت قائمة تض ّم كلمات حبث‬ ‫منها "صور الرتاث ‪ -‬صور الرتاث الشعيب ‪-‬‬ ‫صور فلكلور‪...‬إخل"‪ ،‬أما قضايا الرتاث فوصل‬ ‫االهتمام بالتواصل معها إىل مستوى إصدار‬ ‫املتوسط شهريّاً‪،‬‬ ‫‪ 14‬ألفاً و‪ 193‬عملية حبث يف ّ‬ ‫أما القضايا الرتاثية نفسها فكان يف مقدمتها‬ ‫الرتاث والثقافة وأنواع الرتاث واستلهام الرتاث‬ ‫وتعريف الفلكلور وغريها‪.‬‬

‫متو ّسط عمليات البحث‬ ‫‪14800‬‬ ‫‪9900‬‬ ‫‪8100‬‬ ‫‪8100‬‬ ‫‪5446‬‬ ‫‪5400‬‬ ‫‪5400‬‬ ‫‪5400‬‬ ‫‪4428‬‬ ‫‪3600‬‬

‫أبدى مجهور اإلنرتنت فتوراً طاغياً يف‬ ‫االهتمام بالتواصل رقميّاً مع املواقع واملنتديات‬ ‫اليت تعمل كموارد ملعارف ومعلومات حول‬ ‫الرتاث ومل مينحها سوى ‪ 3381‬عملية حبث يف‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬وكان الفتور أشد يف ما يتعلق‬ ‫ّ‬ ‫املؤسسات املعنية بأمور الرتاث‬ ‫بالتواصل مع ّ‬ ‫حيث وصلت عمليات البحث بشأنها إىل ‪2306‬‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬يف ما جتاهل‬ ‫عملية فقط يف ّ‬ ‫اجلمهور متاماً أ ّي استهالك أو تواصل رقمي‬ ‫مع املبدعني يف جمال الرتاث والفعاليات‬ ‫املعنية بالرتاث وكذلك املنشآت الثقافيّة اليت‬ ‫تعمل يف جمال الرتاث‪ ،‬والرتاث عرب العصور‬ ‫الزمنية املختلفة‪.‬‬ ‫هكذا جند بني أيدينا أرقاماً تدل داللة‬ ‫واضحة على أن الرتاث قضيّة سيّئة احلظ‬ ‫إىل ح ّد كبري يف إقبال مجهور اإلنرتنت‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫وتض ّمنت قائمة دور النشر اليت حظيت‬ ‫العربي على استهالكها والتواصل معها رقميّاً‪،‬‬ ‫وتقرتب كثرياً من األوضاع اليت تعاني منها بطلبات استهالك وتواصل رقمي باالسم ‪ 21‬دار‬ ‫قضيّة اآلثار‪ ،‬وهذا ّ‬ ‫مؤشر مقلق‪ ،‬ألنه يد ّل على نشر على مستوى العامل العربي‪ ،‬تص ّدرتها دار‬ ‫أن األجيال اجلديدة ‪ -‬اليت هي عماد أو ركيزة التحرير للنشر ثم دار كوم ثم دار العربي ثم دار‬ ‫من يستخدمون اإلنرتنت ‪ -‬يبتعدون بسرعة الكتب فدار الشروق‪ .‬أنظر اجلدول رقم "‪."17‬‬ ‫ويف املرتبة الثالثة جاءت رغبة اجلمهور يف‬ ‫عن تراث بالدهم وأوطانهم وال يعريونه‬ ‫االهتمام الكامل وهم يستخدمون اإلنرتنت التواصل مع النشر وقضاياه ودوره من منطلق‬ ‫التخصص أو الفرع‪ ،‬وبلغت عمليات البحث‬ ‫كفضاء رقمي للتواصل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫من هذا النوع ‪ 10‬آالف و‪ 361‬عملية حبث يف‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬تو ّزعت على النشر اإللكرتوني‬ ‫‪ - 16‬االستهالك والتواصل الرقمي‬ ‫ّ‬ ‫والنشر العلمي ونشر الكتب ونشر اإلعالنات‬ ‫مع النشر والناشرين‬ ‫من مئات املاليني يف السينما والغناء إىل ونشر املقاالت‪ ،‬وعلى املستوى نفسه من‬ ‫مئات اآلالف يف النشر‪ ...‬هذه هي النقلة االهتمام جاءت عمليات البحث اليت استهدفت‬ ‫الضخمة إىل أسفل يف مستوى اهتمام مجهور التواصل مع املواقع واملنتديات اليت تو ّفر موارد‬ ‫اإلنرتنت باالستهالك والتواصل رقميّاً مع يت ّم احلصول من خالهلا على معارف ومعلومات‬ ‫عن حركة النشر‪ ،‬وبلغت هذه العمليات ‪2227‬‬ ‫قضيّة النشر اليت تع ّد أحد روافد الثقافة‪،‬‬ ‫املتوسط انصبّت على مواقع دور‬ ‫فهذا الفرع مل حيصل إال على ‪ 293‬ألفاً و‪ 101‬عملية حبث يف ّ‬ ‫يوضح النشر وأدلة دور النشر اإللكرتونية ومنتديات‬ ‫املتوسط شهريّاً كما ّ‬ ‫عملية حبث يف ّ‬ ‫مما حيظى النشر وأدلة عناوين دور النشر‪ ،‬ثم تلى ذلك‬ ‫الشكل رقم "‪ ،"17‬وهو رقم أق ّل ّ‬ ‫به مطرب مغرور أو ناشئ‪ ،‬وكان ما يربو على االهتمام بالتواصل مع قضايا النشر اليت مل‬ ‫املتوسط‬ ‫موجهاً حتقق سوى ‪ 1420‬عملية حبث يف ّ‬ ‫ثلثي هذا الرقم ‪ -‬حتديداً ‪ّ - % 68.78‬‬ ‫إىل عمليات البحث بالكلمات العامة اليت شهريّاً وكانت تدور حول قوانني النشر وقواعد‬ ‫مشلتها قائمة تض ّم ‪ 22‬كلمة حبث مل خترج النشر وحرية النشر وإجراءات النشر إلكرتونياً‬ ‫عن "نشر‪ ،‬النشر‪ ،‬دار النشر‪ ،‬دور النشر‪ ،‬ومطبوعاً‪ ،‬أما باقي املسارات فكانت حصيلة‬ ‫عمليات البحث فيها صفراً‪ ،‬وينطبق ذلك على‬ ‫النشر والتوزيع ‪...‬إخل"‪.‬‬ ‫واملؤسسات‬ ‫اإلبداع يف النشر ومبدعيه وفعالياته ّ‬ ‫الرمسيّة املعنية به‪ ،‬ومن مجلة األرقام السابقة‬ ‫مؤسسات النشر بالمركز الثاني‬ ‫ّ‬ ‫ثاني مسار مضت فيه طلبات الساعني ميكن القول بأن قضيّة النشر حظيت باهتمام‬ ‫لالستهالك والتواصل الرقمي مع النشر بائس من قبل اجلمهور ورمبا يكمن وراء ذلك‬ ‫والناشرين كان هو املنشآت العاملة يف جمال أن هذه النوعية من التواصل ال تتمحور حول‬ ‫النشر وحتديداً دور النشر اليت كان اجلمهور منتج ثقايف ميكن احلصول عليه كما هو احلال‬ ‫يسعى للتواصل معها باالسم‪ ،‬وقد وصلت يف املسارات األخرى‪ ،‬بل تتعلق بقضيّة ذات أبعاد‬ ‫عمليات البحث من هذا النوع إىل ‪ 75‬ألفاً و‪ 135‬فكرية واقتصادية وجتارية ورمبا سياسية أيضاً‪،‬‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬متثّل ‪ % 25.63‬األمر الذي أدخلها يف زمرة القضايا اليت تهت ّم‬ ‫عملية حبث يف ّ‬ ‫بها شرحية ضيقة من اجلمهور‪.‬‬ ‫من إمجالي عمليات البحث عن النشر‪.‬‬

‫‪233‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 234‬للتنمية الثقافية‬

‫للفن‬ ‫‪ - 17‬االستهالك الرقمي ّ‬ ‫التشكيلي‬

‫مل خيتلف حال الف ّن التشكيلي يف الفضاء‬ ‫الرقمي عنه يف الواقع الفعلي‪ ،‬فمثلما هو ف ّن‬ ‫للخاصة ولشرحية ضيقة يف اجملتمع الواقعي‪،‬‬ ‫كان كذلك بالنسبة لالستهالك والتواصل‬ ‫الثقايف الرقمي عرب اإلنرتنت‪ ،‬فقد هبط‬ ‫متوسط عدد عمليات البحث اخلاصة به إىل‬ ‫ّ‬ ‫املتوسط شهريّاً كما‬ ‫‪ 104‬آالف و‪ 361‬عملية يف ّ‬ ‫يوضح الشكل رقم "‪ ."18‬لكن على الرغم من‬ ‫ّ‬ ‫الضآلة الشديدة يف الرقم اإلمجالي‪ ،‬إال أن‬ ‫توزيعاته على مسارات االستهالك والتواصل‬ ‫املختلفة كانت أكثر انتظاماً وتنسيقاً وتوازناً‪،‬‬ ‫متت‬ ‫فعلى الرغم من أن عمليات البحث اليت ّ‬ ‫بالكلمات العامة غري احملددة احتلت املركز‬ ‫األول‪ ،‬فإنها مل حتصل إال على ‪ 51‬ألفاً و‪930‬‬ ‫عملية حبث تشكل ‪ ،% 49.76‬أ ّي ما يناهز‬ ‫النصف فقط‪ ،‬عكس عمليات البحث العامة‬ ‫اليت تسيدت معظم املسارات السابقة بنسب‬ ‫شكل رقم ‪18‬‬ ‫إجمالي‬

‫‪% 100‬‬ ‫‪% 49.76‬‬ ‫‪% 25.63‬‬

‫فروع‬

‫‪% 3.53‬‬ ‫‪% 0.80‬‬ ‫‪% 0.75‬‬ ‫‪% 0.48‬‬ ‫‪%0‬‬ ‫‪%0‬‬ ‫‪%0‬‬ ‫‪%0‬‬ ‫‪%0‬‬

‫شكل رقم “‪ ”18‬المتوسط الشهري لعدد‬ ‫عمليات البحث عن “الفن التشكيلي”‬ ‫خالل عام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على‬ ‫التقسيمات الموضوعية الفرعية‪.‬‬

‫استحواذ وصلت إىل أكثر من ‪ % 90‬يف كثري‬ ‫من األحيان‪ ،‬وقد ض ّمت قائمة كلمات البحث‬ ‫العامة يف هذا الصدد ‪ 13‬كلمة فقط مل خترج‬ ‫عن لفظيت الف ّن التشكيلي ومشتقاتهما‬ ‫والكلمات املرتبطة بهما‪ ،‬مثل فنان تشكيلي ف ّن‬ ‫تشكيلي وغريها‪.‬‬ ‫توزيع متوازن لالهتمامات‬

‫َّ‬ ‫وتوزع النصف الثاني من عمليات البحث‬ ‫بصورة متوازنة نوعاً ما‪ ،‬حيث ذهبت ‪ 20‬ألفاً‬ ‫املتوسط شهريّاً متثّل‬ ‫و‪ 152‬عملية حبث يف ّ‬ ‫‪ % 19.3‬للبحث عن لوحات ورسوم وإبداعات‬ ‫تشكيلية خمتلفة‪ ،‬وض ّمت قائمة البحث يف‬ ‫هذا املسار أربع كلمات حبث هي صور الف ّن‬ ‫التشكيلي وصور فنان تشكيلي ولوحات من‬ ‫الف ّن التشكيلي وروائع الف ّن التشكيلي وعامل‬ ‫ن التشكيلي‪ ،‬كما استهدفت ‪ 19‬ألفاً و‪379‬‬ ‫الف ّ‬ ‫عملية حبث التواصل مع فروع الف ّن التشكيلي‬ ‫املختلفة‪ ،‬وض ّمت قائمة البحث يف هذا املسار‬ ‫‪ 11‬كلمة حبث تص ّدرتها كلمات البحث اليت‬ ‫سعى أصحابها للتواصل مع ف ّن النحت‬ ‫وتاله ف ّن اخلط ثم ف ّن التصميم والزخرفة‬ ‫والديكوباج والف ّن الشعيب واملكرمية ‪...‬إخل‪.‬‬ ‫استمرت حالة التوازن يف البحث لتمنح‬ ‫الساعني لالستهالك والتواصل مع الف ّن‬ ‫التشكيلي للدول واجملتمعات املختلفة ‪% 4.32‬‬ ‫من عمليات البحث‪ ،‬وجاء يف قائمة هذا‬ ‫النوع من البحث ‪ 18‬فناً تشكيلياً تابعاً لبلدان‬ ‫وجمتمعات خمتلفة‪ ،‬وتص ّدرتها عمليات البحث‬ ‫اليت سعت للتواصل مع الف ّن التشكيلي العراقي‪،‬‬ ‫ثم املصري ثم الفلسطيين فاملغربي ثم العربي‬ ‫بصفة عامة فالسوري فالسعودي‪...‬إخل‪.‬‬ ‫وبعد ذلك جاء من يرغبون يف االستهالك‬ ‫والتواصل مع قضايا الف ّن التشكيلي املثارة‬ ‫على الساحة وطلبوا استهالكها والتواصل‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫القيام بدور فعال يف التواصل الرقمي يف الف ّن‬ ‫التشكيلي‪ ،‬أما عدد من يقومون بتوظيفها‬ ‫ومدى انتشارهم يف جمتمع ما فقضيّة ال تقلّل‬ ‫من اإلمكانات الكامنة يف اإلنرتنت كوسيط‬ ‫تفاعلي تواصلي‪.‬‬ ‫‪ - 18‬التواصل واالستهالك الرقمي‬ ‫الثقافية‬ ‫عبر المنتديات‬ ‫ّ‬

‫أبرز ما ميكن مالحظته يف مسار‬ ‫االستهالك والتواصل الرقمي مع املنتديات‬ ‫الثقافيّة أن عمليات البحث اخلاصة بها ر ّكزت‬ ‫على مسارين فقط وأهملت الباقي‪ ،‬والالفت‬ ‫أيضاً أن البحث بالكلمات العامة كان من بني‬ ‫املسارات املهملة اليت كان نصيبها من عمليات‬ ‫البحث صفراً‪ ،‬وهي املرة الوحيدة اليت ظهر‬ ‫فيها مسار البحث بالكلمات العامة بقيمة صفر‬ ‫يف العشرين فرعاً من فروع الثقافة اليت جرى‬ ‫رصدها وحتليلها خالل الدراسة‪.‬‬ ‫وقد تر ّكزت عمليات البحث يف طلب‬ ‫منتديات ذات فروع أو ختصصات معيّنة‪ ،‬وكما‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫معها رقميّاً‪ ،‬وض ّمت قائمة القضايا املطلوبة‬ ‫يف هذا الصدد ‪ 15‬قضيّة منها معنى الف ّن‬ ‫التشكيلي ومدارسه وتارخيه وأنواعه والزمن‬ ‫يف الف ّن التشكيلي والتجريد يف الف ّن التشكيلي‬ ‫وامللمس يف الف ّن التشكيلي والسرييالية يف الف ّن‬ ‫التشكيلي وغريها‪.‬‬ ‫كان هناك أيضاً من يبحث عن االستهالك‬ ‫والتواصل مع عصور معيّنة من الف ّن التشكيلي‪،‬‬ ‫املتوسط‬ ‫ّ‬ ‫وسجل هؤالء ‪ 1558‬عملية حبث يف ّ‬ ‫شهريّاً‪ ،‬بنسبة ‪ % 1.49‬من إمجالي عمليات‬ ‫البحث يف هذا الف ّن أو الفرع الثقايف‪ ،‬وض ّمت‬ ‫قائمة البحث يف هذا املسار عمليات حبث حول‬ ‫الف ّن التشكيلي اإلسالمي والف ّن التشكيلي‬ ‫القديم والف ّن التشكيلي احلديث واملعاصر‪،‬‬ ‫وكان هناك ‪ 1102‬عملية حبث شهريّاً تبحث‬ ‫عن املبدعني التشكيليني‪ ،‬وحاولت هذه‬ ‫العمليات استهالك أعمال والتواصل رقميّاً‬ ‫مع الفنانني محمد ناجي وأنور سونيا ومحمد‬ ‫سعود ومحمد السليم ومحمد خدة وبيكاسو‬ ‫وغريهم‪ ،‬وأخرياً كان هناك ‪ 900‬عملية حبث‬ ‫املتوسط شهريّاً يسعى أصحابها للتواصل‬ ‫يف ّ‬ ‫رقميّاً مع الفعاليات اخلاصة بالفن التشكيلي‬ ‫وحتديداً معارض الف ّن التشكيلي يف العامل‬ ‫العربي‪ ،‬أما مسار املنشآت العاملة يف جمال‬ ‫املؤسسات الرمسيّة‬ ‫الف ّن التشكيلي وكذلك ّ‬ ‫املعنية به فلم حتظ بأي رغبة يف التواصل‬ ‫معها‪.‬‬ ‫ويعكس التوازن السابق يف توزيع عمليات‬ ‫البحث على مسارات التواصل املختلفة تعدداً‬ ‫يف مهارات شرحية مستخدمي اإلنرتنت اليت‬ ‫أبدت اهتماماً بهذا الفرع الثقايف‪ ،‬كما يعكس‬ ‫ارتفاعاً يف اهتماماتها ووعيها باإلمكانات اليت‬ ‫ميكن أن تق ّدمها اإلنرتنت كقناة للتواصل مع‬ ‫الف ّن الذي حيبونه ويتابعونه‪ ،‬وينهض هذا‬ ‫دلي ًال على أن اإلنرتنت قادرة بالفعل على‬

‫‪235‬‬

‫شكل رقم ‪19‬‬ ‫‪% 100‬‬ ‫‪% 98.4‬‬ ‫‪% 1.5‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫شكل رقم “‪ ”19‬المتوسط الشهري لعدد‬ ‫عمليات البحث عن “منتديات ثقافية”‬ ‫خالل عام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على‬ ‫التقسيمات الموضوعية الفرعية‪.‬‬

‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 236‬للتنمية الثقافية‬

‫هو واضح يف الشكل رقم "‪ ،"19‬استحوذت‬ ‫املتوسط‬ ‫على ‪ 85‬ألفاً و‪ 762‬عملية حبث يف ّ‬ ‫شهريّاً تشكل ‪ % 98.4‬من إمجالي عمليات‬ ‫البحث يف املنتديات‪ ،‬و تض ّمنت قائمة البحث‬ ‫‪ 12‬ختصصاً أو فرعاً من املنتديات الثقافيّة‪،‬‬ ‫تص ّدرتها منتديات األدب أوالً‪ ،‬يليها املنتديات‬ ‫التارخيية‪ ،‬فمنتديات التعليم‪ ،‬ثم منتديات‬ ‫الثقافة العامة‪ ،‬ومنتديات الدين‪ ،‬فالسياسة‪،‬‬ ‫فالشباب‪ ،‬فمنتديات الصحف ثم املنتديات‬ ‫العلمية فالفنيّة وأخرياً منتديات القانون‬ ‫ومنتديات الكتب‪.‬‬ ‫أما البقية الباقية من عمليات البحث واليت‬ ‫متثّل ‪ % 1.5‬و تض ّمنت ‪ 1367‬عملية حبث يف‬ ‫املتوسط فقد ر ّكز أصحابها على االستهالك‬ ‫ّ‬ ‫والتواصل مع مواقع ومنتديات بعينها وباالسم‬ ‫رأوا أنها تعمل كموارد معرفية وموارد‬ ‫للمعلومات وقنوات للتواصل الفروع املختلفة‬ ‫من املنتديات الثقافيّة‪ ،‬وتض ّمنت املنتديات‬ ‫الثقافيّة التالية "منابر‪ ،‬رذاذ‪ ،‬اهلادي‪،‬‬ ‫فرسان‪ ،‬احلرف‪ ،‬همسات‪ ،‬املصباح‪ ،‬سندباد"‪.‬‬

‫أهم خمسة معارض عربية للكتب‬ ‫األكثر بحثاً على شبكة اإلنترنت هي‬ ‫معرض القاهرة يليه معرض الرياض‬ ‫ث ّم معرض الشارقة ومعرض طرابلس‬ ‫ثم معرض الدوحة‪ .‬وك ّل هذه المعارض‬ ‫تسجل إجماالً رقماً ضئي ً‬ ‫ال في عمليات‬ ‫البحث اإللكتروني مقارنة بغيرها من‬ ‫االهتمامات‪..‬‬

‫شكل رقم ‪20‬‬ ‫‪% 100‬‬ ‫‪% 47.8‬‬ ‫‪% 46.9‬‬ ‫‪% 5.3‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫شكل رقم “‪ ”20‬المتوسط الشهري لعدد‬ ‫عمليات البحث عن “معارض الكتب”‬ ‫خالل عام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على‬ ‫التقسيمات الموضوعية الفرعية‪.‬‬

‫عزوف وتجاهل جماهيري عام‬

‫تعكس هذه األرقام عزوفاً عارماً من قبل‬ ‫مجهور اإلنرتنت عن استخدام املنتديات الثقافيّة‬ ‫االفرتاضية كوسيلة لالستهالك والتواصل‬ ‫الثقايف‪ ،‬هذا فض ًال عن أن مفهوم املنتديات‬ ‫والصالونات الثقافيّة يف العامل العربي لدى‬ ‫مجهور اإلنرتنت ينصرف فقط إىل املنتديات‬ ‫الثقافيّة الرقميّة على الشبكة وال يأخذ يف‬ ‫حسبانه الصالونات الثقافيّة الفكرية اليت جتري‬ ‫فعالياتها وأنشطتها يف الواقع الفعلي‪ ،‬إذ مل ترد‬ ‫عملية حبث واحدة تسعى للسؤال أو التواصل مع‬ ‫أ ّي منتدى أو صالون ثقايف عربي يت ّم يف الواقع‬ ‫الفعلي‪ ،‬و لع ّل هذا ما يفسر اإلهمال املطلق من‬ ‫جانب مجهور اإلنرتنت لبقية مسارات التواصل‬ ‫التسعة األخرى اليت مل حيظ أ ّي منها ولو بعملية‬ ‫حبث واحدة‪ ،‬وكان نصيبها مجيعاً صفراً‪.‬‬ ‫‪ - 19‬االستهالك والتواصل الرقمي‬ ‫مع معارض الكتب‬

‫تك ّمل حالة االستهالك والتواصل مع‬ ‫معارض الكتب رقميّاً الصورة البائسة اليت‬ ‫بدت عليها قضيّة النشر‪ ،‬إن مل تكن أشد‬ ‫منها بؤساً‪ ،‬وإذا ترمجنا هذه السمة إىل أرقام‬ ‫سنجد أن إمجالي عمليات البحث عن معارض‬ ‫الكتب تبلغ ‪ 81‬ألفاً و‪ 174‬عملية حبث يف‬ ‫املتوسط شهريّاً كما يشري الشكل رقم "‪،"20‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫منها ‪ 38‬ألفا و‪ 720‬عملية بواقع ‪ % 47.8‬موجهة‬ ‫للبحث بالكلمات العامة‪ ،‬وتض ّم قائمة البحث يف‬ ‫هذه العمليات ‪ 19‬كلمة حبث من نوع "معرض‬ ‫الكتاب‪،‬معرض الكتاب الدولي‪ ،‬معرض الكتب‪،‬‬ ‫معرض كتاب‪ ،‬معرض الكتاب العربي‪ ،‬معرض‬ ‫كتاب الطفل‪...‬إخل"‪ ،‬أما عمليات البحث اليت‬ ‫استهدفت االستهالك والتواصل مع املعارض‬ ‫على أساس الدولة املنظمة أو املضيفة فحازت‬ ‫على ‪ 38‬ألفاً و‪ 107‬عملية حبث تش ّ‬ ‫كل ‪% 46.9‬‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫بؤس رقمي لمعارض الكتب‬

‫تنطق هذه األرقام بسمة البؤس اليت حتدثنا‬ ‫فمتوسط عدد عمليات البحث ضئيل‬ ‫عنها‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫للغاية‪ ،‬وتوزيعها على املسارات ينحو أكثر حنو‬ ‫البحث بالكلمات العامة‪ ،‬وإن كان هناك بعض‬ ‫من حياة فموجود يف ما يتعلق بالتواصل مع‬ ‫املعارض على مستوى الدول واألقطار املختلفة‪،‬‬ ‫كاستجابة لطبيعة املعارض الوطنية يف ك ّل دولة‬ ‫على حدة‪ ،‬ويف البحث عن مواقع تعمل كموارد‬ ‫للمعارف واخلدمات واملعلومات عن املعارض‪،‬‬ ‫لكن هناك جتاه ًال تاماً للبحث املتخصص الذي‬ ‫يرغب يف التواصل مع ك ّل معرض حبسب الفرع‬ ‫يتخصص فيه‪ ،‬وجتاه ًال تاماً للفعاليات‬ ‫الذي ّ‬ ‫واجلهات الرمسيّة وجهات القطاع اخلاص‬ ‫القائمة على صناعة املعارض والقضايا اليت‬ ‫ته ّم صناعة املعارض وفعالياتها الداخلية‪،‬‬ ‫وهو وضع يعكس ضحالة شديدة يف استخدام‬ ‫اإلنرتنت كوسيط للتواصل رقميّاً مع معارض‬ ‫الكتب‪ ،‬ويف الغالب يعود ذلك إىل إن إدارات‬ ‫املعارض والقائمني عليها يف العامل العربي مل‬

‫أكرب ‪ 10‬معارض للكتب مطلوبة لالستهالك رقميّاً طبقاً ملتو ّسط‬ ‫عمليات البحث‬

‫املعرض‬

‫معرض القاهره الدولي للكتاب‬ ‫معرض الرياض الدولي للكتاب‬ ‫معرض الشارقة الدولي للكتاب‬ ‫معرض طرابلس الدولي للكتاب‬ ‫معرض الدوحة الدولي للكتاب‬ ‫معرض الكويت الدولي للكتاب‬ ‫معرض أبوظيب الدولي للكتاب‬ ‫معرض مسقط الدولي للكتاب‬ ‫معرض البحرين الدولي للكتاب‬ ‫معرض بريوت الدولي للكتاب‬

‫متو ّسط عمليات البحث‬ ‫‪12474‬‬ ‫‪9745‬‬ ‫‪5580‬‬ ‫‪2161‬‬ ‫‪1508‬‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫من إمجالي عمليات البحث‪ ،‬وتض ّم قائمة‬ ‫كلمات البحث املستخدمة فيها ‪ 18‬كلمة حبث‬ ‫هي يف الوقت نفسه أمساء ‪ 18‬معرضاً للكتاب‬ ‫يف الدول العربيّة وبعض الدول األجنبية‪،‬‬ ‫ويتصدرها معرض القاهرة الدولي للكتاب ثم‬ ‫معرض الرياض ثم معرض الشارقة ثم معرض‬ ‫طرابلس‪" .‬أنظر اجلدول رقم "‪."18‬‬ ‫ويف النهاية تأتي عمليات البحث اخلاصة‬ ‫بالرغبة يف االستهالك والتواصل مع املوارد‬ ‫املختلفة‪ ،‬وهذه كان نصيبها ‪ 4347‬عملية حبث‬ ‫توجهت قائمة مك ّونة من سبع‬ ‫املتوسط‪ّ ،‬‬ ‫يف ّ‬ ‫مجل حبثيّة تتعلق مبواعيد معارض الكتب‬ ‫والتقارير املنشورة عنها وعناوين مواقعها‬ ‫والكتب املعروضة فيها وجداول فعالياتها‪.‬‬

‫جدول رقم ‪18‬‬

‫‪237‬‬

‫‪1437‬‬ ‫‪1081‬‬ ‫‪858‬‬ ‫‪849‬‬ ‫‪748‬‬

‫يتنبهوا بعد ومبا فيه الكفاية ملا حتمله اإلنرتنت‬ ‫من إمكانات يف هذا الصدد والذي وصل إىل‬ ‫مرحلة تنظيم معارض افرتاضية رقميّة تتوازى‬ ‫يوماً بيوم وساعة بساعة مع ما جيري يف املعارض‬ ‫على أرض الواقع‪ ،‬وهذا أمر يتطلب تغيرياً يف‬ ‫النظرة والتفكري وطريقة األداء والتنظيم والتفاعل‬ ‫مع اجلمهور‪ ،‬وتعتمد بصورة جوهرية على مفهوم‬ ‫اخلدمات اإللكرتونية السريعة القادرة على جذب‬ ‫مستخدم الشبكة إىل مواقع املعارض وصناعتها‬ ‫يف الفضاء الرقمي‪.‬‬ ‫المؤسسات‬ ‫‪ - 20‬التواصل الرقمي مع‬ ‫ّ‬ ‫الثقافية‬ ‫ّ‬

‫مل تزد عمليات البحث اليت استهدفت‬ ‫االستهالك والتواصل مع احملتوى الثقايف اخلاص‬ ‫باملؤسسات املعنية بأمور الثقافة على ‪ 45‬ألفاً و‪993‬‬ ‫ّ‬ ‫موضح يف الشكل‬ ‫يف‬ ‫حبث‬ ‫عملية‬ ‫املتوسط‪ ،‬وكما هو ّ‬ ‫ّ‬ ‫رقم "‪ ."21‬فقد تو ّزع هذا املعدل شديد التواضع‬ ‫على ثالثة من مسارات التواصل األحد عشر‪،‬‬ ‫متت باستخدام كلمات‬ ‫وهي عمليات البحث اليت ّ‬ ‫البحث العامة غري احملددة وهذه استحوذت على‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 238‬للتنمية الثقافية‬

‫‪ 34‬ألفاً و‪ 525‬عملية بنسبة ‪ ،% 75.2‬وض ّمت قائمة‬ ‫البحث اليت احتوت على هذه الكلمات ‪ 16‬عنصراً‬ ‫أما املسار الثاني فهو خاص بعمليات البحث‬ ‫ما بني كلمة ومجلة‪ ،‬تصدرتها كلمة ّ‬ ‫"املؤسسة اليت استهدفت االستهالك والتواصل مع احملتوى‬ ‫مبؤسسات وطنية وقطرية‬ ‫الثقافيّة‪،‬مجعية ثقافيّة‪ ،‬وزارة الثقافة‪ ،‬وظائف الثقايف اخلاص ّ‬ ‫وزارة الثقافة واإلعالم ‪ ..‬إخل"‬ ‫تابعة لبلد ما‪ ،‬وهذه استحوذت على ‪7954‬‬ ‫املتوسط شهريّاً متثّل ‪،% 16.6‬‬ ‫عملية حبث يف ّ‬ ‫واستهدفت السعي للتواصل مع وزارات الثقافة‬ ‫‪ % 100‬يف البلدان العربيّة‪ ،‬وتض ّمنت قائمة املواقع مج ًال‬ ‫حبثيّة وكلمات تدل على وزارات الثقافة العربيّة‪،‬‬ ‫‪% 75.2‬‬ ‫‪% 16.6‬‬ ‫المصرية تليها‬ ‫وتصدرت القائمة وزارة الثقافة‬ ‫ّ‬ ‫‪% 7.3‬‬ ‫السعودية ثم‬ ‫السورية فالعراقية إىل آخر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪% 0‬‬ ‫القائمة اليت انتهت بوزارة الثقافة األردنية‬ ‫‪% 0‬‬ ‫وتض ّم ‪ 22‬عنصراً ما بني كلمة ومجلة‪ ،‬واملسار‬ ‫‪% 0‬‬ ‫شكل رقم “‪ ”21‬المتوسط الشهري لعدد‬ ‫املؤسسية وتضمن‬ ‫الثالث فكان خاصاً بالقضايا ّ‬ ‫عمليات البحث عن “مؤسسات ثقافية”‬ ‫‪% 0‬‬ ‫خالل عام ‪ 2009‬وتوزيعاتها على‬ ‫املتوسط متثّل ‪% 7.3‬‬ ‫‪ 3514‬عملية حبثية يف ّ‬ ‫‪% 0‬‬ ‫التقسيمات الموضوعية الفرعية‪.‬‬ ‫املؤسسية‬ ‫واستهدفت التواصل مع ‪ 9‬من القضايا ّ‬ ‫‪% 0‬‬ ‫واملؤسسة كمظهر ثقايف‬ ‫‪% 0‬‬ ‫املؤسسة ّ‬ ‫من بينها ثقافة ّ‬ ‫‪% 0‬‬ ‫املؤسسة يف التسيري ‪...‬إخل‪ ،‬أما باقي‬ ‫ودور ّ‬ ‫مسارات التواصل فكان نصيبها مجيعاً صفراً‪.‬‬ ‫املؤسسات‬ ‫وتكشف هذه األرقام عن أن ّ‬ ‫املعنية بأمور الثقافة يف العامل العربي معزولة‬ ‫يف شرنقة ضيقة تفصلها عن الغالبية الساحقة‬ ‫من مجهور اإلنرتنت‪ ،‬وذلك بسبب ضعف‬ ‫املؤسسات على الشبكة‪ ،‬فض ًال عن‬ ‫حضور هذه ّ‬ ‫تواضع عالقاتها مع اجلمهور يف الواقع الفعلي‪،‬‬ ‫كما تشري هذه األرقام إىل وجود أزمة ثقة بني‬ ‫واملؤسسات الثقافيّة جعلت اجلمهور‬ ‫اجلمهور ّ‬ ‫يدفع بها إىل ذيل قائمة التواصل الرقمي‬ ‫شكل رقم “‪ ”22‬السمات العامة للطلب‬ ‫ومينحها أق ّل القليل من عمليات البحث‪.‬‬ ‫مؤسسات في عزلة‬ ‫ّ‬

‫شكل رقم ‪21‬‬

‫شكل رقم ‪22‬‬

‫الثقافي‬ ‫مبدعين‬

‫على استهالك والتواصل رقمياً مع‬ ‫الثقافة وتوزيعها على فروع الثقافية‬ ‫المختلفة بالنسبة المئوية من اجمالي‬ ‫عمليات البحث خالل ‪2009‬‬

‫السمات العامة الستهالك الثقافة‬ ‫رقمي ًا وحدود انتشارها عبر الفروع‬ ‫ّ‬ ‫الثقافية‬ ‫ّ‬

‫التحليالت الرأسية السابقة ال تكفي لرصد‬ ‫واستشراف خمتلف جوانب ظاهرة استهالك‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫فيها كلمات عامة بال متييز وال حتمل داللة‬ ‫أو تصنيف بعينه‪ ،‬وقد ش ّكلت هذه الطريقة يف‬ ‫استهالك الثقافة السمة األكرب اليت ميزت‬ ‫السلوك االستهالكي جلمهور اإلنرتنت وهو‬ ‫يسعى لالستهالك والتواصل رقميّاً مع الثقافة‬ ‫بفروعها املختلفة‪ ،‬وقد كشفت التحليالت أن‬ ‫حدود انتشار هذه السمة االستهالكية وصلت‬ ‫إىل ‪ 173‬مليوناً و‪ 309‬آالف و‪ 522‬عملية حبث‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬تش ّكل ‪ % 54‬من إمجالي‬ ‫يف ّ‬ ‫املتوسط الشهري لعمليات البحث‪.‬‬ ‫ّ‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫الثقافة العربيّة رقميّاً‪ ،‬لكونها تو ّفر فقط نظرة‬ ‫جزئية إىل ك ّل فرع ثقايف مبفرده‪.‬‬ ‫من هنا تظل هناك حاجة ملحة للتعرف‬ ‫إىل السمات اليت تنتشر بني الفروع الثقافيّة‬ ‫العشرين بشكل عام ومشرتك‪ ،‬وليس هناك‬ ‫وسيلة لرصد هذه السمات العامة املشرتكة‬ ‫أفضل من تتبّع األحد عشر مساراً اليت‬ ‫استخدمت يف ك ّل فرع ثقايف على حدة‪ ،‬ورصد‬ ‫حدود انتشارها ونطاق استخدامها عرضياً‬ ‫وأفقياً يف ك ّل الفروع معاً‪ ،‬وهو ما يكمل‬ ‫الصورة ويقدم نظرة كلية لظاهرة استهالك‬ ‫الثقافة العربيّة رقميّاً عرب اإلنرتنت‪ .‬وكتمهيد‬ ‫ملا سيت ّم تناوله يف ك ّل مسار على حدة جتدر‬ ‫اإلشارة إىل أن توزيع هذه املسارات إمجاالً‬ ‫على الفروع الثقافيّة يد ّل على أن االستهالك‬ ‫الثقايف الرقمي الذي يت ّم بصورة عامة وبال‬ ‫متييز واستنادا إىل كلمات حبث غري حمددة‬ ‫الداللة يعترب السمة األكثر بروزاً إن مل تكن‬ ‫هي املتسيدة الساحة‪ ،‬فهذه السمة تنتشر‬ ‫يف ‪ % 54‬تقريباً من عمليات البحث اليت‬ ‫سعت الستهالك الثقافة رقميّاً‪ ،‬ويليها مسة‬ ‫االستهالك عرب املنافذ املعرفية اليت تعمل‬ ‫كوسيط يقود املستهلك إىل غايته النهائية‪،‬‬ ‫سواء كان يبحث عن فيلم أم أغنية أم قصيدة‬ ‫أم رواية أم قصة أم غريها‪ ،‬وتتوإىل بعد ذلك‬ ‫موضح يف‬ ‫السمات العامة األخرى كما هو ّ‬ ‫الشكل رقم "‪ "22‬الذى يعرض عدد عمليات‬ ‫البحث يف ك ّل مسة من السمات العامة ونسبتها‬ ‫املئوية من إمجالي عمليات البحث كك ّل‪ ،‬ويف‬ ‫ما يلي نستعرض أوضاع ك ّل مسة عامة بهذا‬ ‫اجلدول على حدة‪.‬‬

‫‪239‬‬

‫منتجات سهلة االستهالك‬

‫وقطاعياً اختذت هذه السمة وضعية جعلتها‬ ‫ترت ّكز باألساس يف الفروع اليت يغلب عليها‬ ‫أو يتوافر فيها ما ميكن أن تطلق عليه املنتج‬ ‫الثقايف القابل لالستهالك أو االستخدام املباشر‬ ‫السهل على نطاق مجاهريي واسع من قبل‬ ‫شرائح جمتمعية خمتلفة‪ ،‬كاألغاني واألفالم‬ ‫والكتب وغريها‪ ،‬وتشري التحليالت إىل أنه‬ ‫كلما كان الفرع الثقايف أكثر غنى بهذه النوعية‬ ‫من املنتجات زاد فيه انتشار مسة االستهالك‬ ‫بالكلمات العامة‪ .‬أما إذا كان هذا الفرع أو ذاك‬ ‫يق ّدم خدمة أو يرسم سياسة أو ينفذ خطة أو‬ ‫حتى يقدم منتجاً ال حيظى جبماهريية واسعة‬ ‫موضح يف الشكل‬ ‫قلّت فيه هذه السمة‪ ،‬وكما هو ّ‬ ‫رقم "‪ "23‬نالحظ أن أكرب عمليات البحث اليت‬ ‫ّ‬ ‫متت بكلمات عامة كانت يف األغاني ثم السينما‬ ‫ثم الكتب ثم الشعر فاملوسيقى والصحافة‬ ‫واملسرح والفنون إىل آخر الفروع الثقافيّة‬ ‫العشرين واليت جند يف نهايتها فرع املنتديات‬ ‫الثقافيّة اليت ختتفي فيها متاماً عمليات البحث‬ ‫بالكلمات العامة‪ ،‬وعلى مستوى كلمات البحث‬ ‫املستخدمة جند أن قائمة أكرب ‪ 10‬كلمات حبث‬ ‫‪ -1‬استهالك ثقافي عام بال تمييز‬ ‫داخل ك ّل فرع من فروع الثقافة العشرين عامة استخدمت يف االستهالك والتواصل الثقايف‬ ‫السابقة ظهرت عمليات حبث استخدمت الرقمي عام ‪ 2009‬تص ّدرتها كلمات "أغاني‪،‬‬

‫نصف مليار عملية بحث عن األغاني‬ ‫واألفالم قام بها العرب على شبكة‬ ‫اإلنترنت خالل العام ‪ 2009‬بينما لم‬ ‫يتجاوز البحث عن قضايا الثقافة األخرى‬ ‫‪ 386‬ألف عملية بحث!!‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 240‬للتنمية الثقافية‬

‫لذلك فهو يسعى إىل ما يش ّكل له مورداً أو معيناً‬ ‫متص ًال ال ينضب من هذه املنتجات واخلدمات‬ ‫باستمرار‪ ،‬من خالل ما جيمعه منها يف موقع‬ ‫أو مكان واحد‪ ،‬أو ما يو ّفره عنها من معلومات‬ ‫ومعارف‪ ،‬وهذه الرغبة اكتسبت مسة مميزة من‬ ‫ضمن السمات العامة لظاهرة إنتاج واستهالك‬ ‫الثقافة الرقميّة العربيّة‪ ،‬وهي االستهالك عرب‬ ‫املنافذ واملوارد املعرفية والثقافيّة‪ ،‬وقد وصل‬ ‫عدد عمليات البحث اإلمجالية هلذه السمة يف‬ ‫النشاط االستهالكي جلمهور اإلنرتنت العربي‬ ‫يف العام ‪ 2009‬إىل ‪ 523‬مليوناً و‪ 730‬ألفاً و‪48‬‬ ‫موضح‬ ‫املتوسط شهريّاً كما هو ّ‬ ‫عملية حبث يف ّ‬ ‫يف الشكل رقم "‪ ،"24‬وهذا العدد ميثل ‪ % 30‬من‬ ‫املتوسط الشهري لعمليات البحث الكلية‬ ‫إمجالي ّ‬ ‫اخلاصة بالتواصل الثقايف الرقمي العربي على‬

‫أفالم‪ ،‬قصص‪ ،‬كتاب‪ ،‬موسيقى‪ ،‬الشعر ‪ ..‬إخل"‪.‬‬ ‫أنظر اجلدول رقم "‪."19‬‬ ‫ويدفعنا هذا األمر إىل القول بأن مسة‬ ‫البحث بالكلمات العامة كانت العمود الفقري‬ ‫لظاهرة االستهالك والتواصل الثقايف الرقمي‬ ‫العربي على اإلنرتنت يف العام ‪ ،2009‬وهو ما‬ ‫يدعم بعض األفكار اليت ّ‬ ‫مت سابقاً من أن هذا‬ ‫التواصل كان تواص ًال استهالكياً يف معظمه‪ ،‬وين ّم‬ ‫عن قدرات بدائية أو على األقل غري احرتافية يف‬ ‫اختيار كلمات البحث من قبل الغالبية‪.‬‬

‫في مجال تحميل محتويات رقميّة‬ ‫على شبكة اإلنترنت قام العرب في العام‬ ‫‪ 2009‬بتحميل نحو ‪ 43‬مليون فيلماً وأغنية‬ ‫معرفية‬ ‫بينما قاموا بتحميل ربع مليون كتاب ‪ - 2‬استهالك عبر منافذ‬ ‫ّ‬ ‫فقط!!‪..‬‬

‫ال يكتفي الكثري من مجهور اإلنرتنت بأن يصل‬ ‫باملصادفة أو عرب عمليات حبث عامة إىل ما يريد‬ ‫من منتجات أو خدمات ثقافيّة رقميّة خمتلفة‪،‬‬ ‫شكل رقم ‪24‬‬

‫شكل رقم ‪23‬‬ ‫إجمالي‬

‫‪% 100‬‬

‫إجمالي‬

‫‪% 100‬‬ ‫‪% 82.20‬‬

‫‪% 39.06‬‬ ‫‪% 29.40‬‬

‫‪% 12.20‬‬

‫‪% 9.90‬‬

‫‪% 2.40‬‬

‫‪% 6.60‬‬

‫‪% 1.30‬‬

‫‪% 6.20‬‬

‫‪% 0.97‬‬

‫‪% 2.50‬‬

‫‪% 0.20‬‬

‫‪% 1.38‬‬

‫آثار‬

‫‪% 0.16‬‬

‫‪% 1.30‬‬

‫‪% 0.15‬‬

‫‪% 1.10‬‬

‫‪% 0.13‬‬

‫‪% 0.66‬‬

‫‪% 0.047‬‬

‫‪% 0.47‬‬

‫‪% 0.031‬‬ ‫آثار‬

‫‪% 0.33‬‬ ‫أدب‬

‫‪% 0.015‬‬

‫‪% 0.32‬‬

‫‪% 0.015‬‬

‫‪% 0.28‬‬

‫‪% 0.014‬‬ ‫ً‬

‫‪% 0.11‬‬ ‫‪% 0.043‬‬ ‫‪% 0.029‬‬

‫ً‬

‫ً‬

‫‪% 0.008‬‬ ‫‪% 0.006‬‬ ‫‪% 0.004‬‬

‫‪% 0.023‬‬

‫‪% 0.002‬‬

‫‪% 0.019‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫ً‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫مزيد من العمق والمهارات‬

‫وهنا حنن أمام مسة استهالكية ترتفع فيها‬ ‫مهارات البحث ويتّجه فيها االستهالك والتواصل‬ ‫الرقمي حنو مزيد من العمق‪ ،‬من خالل‬ ‫انتقائية ما يت ّم حتميله وتضييق نطاق عملية‬ ‫البحث نفسها لتصبح أكثر جتديداً‪ ،‬وهو األمر‬ ‫الذي دفع بعض الفروع الثقافيّة اليت ال تق ّدم‬ ‫منتجاً ثقافياً مجاهريياً إىل حتسني مراكزها‬ ‫واحلصول على نسب أعلى من اهتمامات‬ ‫الساعني للتواصل الثقايف الرقمي‪ ،‬ومن ذلك‬ ‫على سبيل املثال التق ّدم الذي حققته املكتبات‬ ‫كمنشآت ثقافيّة كان السعي إليها ضئي ًال عند‬

‫الثقافة‬

‫جدول رقم ‪20‬‬

‫‪368000‬‬

‫أكرب عشر كلمات حبث استهدفت موارد معرفية وثقافيّة تقود‬ ‫ملنتجات قابلة لالستهالك‬ ‫اجملال‬

‫حتميل أفالم‬ ‫مواقع أغاني‬ ‫مشاهدة أفالم‬ ‫مزيكا‬ ‫كليبات‬ ‫حتميل أغاني‬ ‫موسوعة‬ ‫موقع أفالم‬ ‫مواقع قصص‬ ‫حتميل كتب‬

‫متو ّسط عمليات البحث‬ ‫‪39926200‬‬ ‫‪3350000‬‬ ‫‪1845680‬‬ ‫‪1000000‬‬ ‫‪823000‬‬ ‫‪673000‬‬ ‫‪550000‬‬ ‫‪301000‬‬ ‫‪246000‬‬ ‫‪246000‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫حتسن نسبيّاً يف‬ ‫اإلنرتنت‪ ،‬األمر الذي جعله يأتي يف املركز الثاني البحث بالكلمات العامة‪ ،‬لكنه ّ‬ ‫حالة البحث عن املواقع املعنية باملوارد املعرفية‪،‬‬ ‫بعد مسة االستهالك العام‪.‬‬ ‫واألغلب أن مواقع أدلة املكتبات وبوابات البحث‬ ‫السينما في المقدمة والمنتديات‬ ‫عن املكتبات والكتب هي اليت شكلت إغراء أكرب‬ ‫األخيرة‬ ‫للجمهور العربي لكي يسعى إىل حتقيق نوع من‬ ‫وحينما ننظر إىل األرقام اخلاصة بتوزيع االستهالك والتواصل مع املكتبات عرب البحث يف‬ ‫هذه السمة على الفروع الثقافيّة‪ ،‬سنجد أن املوارد املعرفية على الشبكة‪.‬‬ ‫املشهد العام حدثت به تغريات ملحوظة مقارنة‬ ‫بالسمة السابقة‪ .‬أنظر الشكل رقم "‪ ،"24‬ففي‬ ‫أكرب ‪ 10‬كلمات حبث عامة استخدمت استهالك الثقافة رقميّاً‬ ‫مسة االستهالك عرب املوارد املعرفية تأتي‬ ‫جدول رقم ‪19‬‬ ‫خالل عام ‪2009‬‬ ‫السينما يف املرتبة األوىل من حيث اعتمادها‬ ‫على هذه السمة وليس الغناء‪ ،‬وتقفز املنتديات‬ ‫متو ّسط عمليات البحث‬ ‫الفرع‬ ‫الثقافيّة من املركز األخري إىل املركز السابع‪،‬‬ ‫‪24900000‬‬ ‫أغاني‬ ‫ويتف ّوق األدب على الكتب‪ ،‬واملوسيقى على‬ ‫‪20400000‬‬ ‫أفالم‬ ‫املسرح‪ ،‬ويعزز هذه النظرة قائمة أكرب عشر‬ ‫‪6120000‬‬ ‫قصص‬ ‫كلمات حبث استهدفت موارد معرفية وثقافيّة‬ ‫‪3350000‬‬ ‫كتاب‬ ‫الستخدمها كخطوة لالستهالك والتواصل‬ ‫‪2740000‬‬ ‫موسيقى‬ ‫الثقايف الرقمي طبقاً لعمليات البحث يف العام‬ ‫‪2740000‬‬ ‫الشعر‬ ‫‪ 2009‬كان من بينها مواقع املوسوعات والكتب‪،‬‬ ‫‪1500000‬‬ ‫جملة‬ ‫جنباً إىل جنب مع مواقع حتميل األغاني‬ ‫‪1220000‬‬ ‫مسرحية‬ ‫‪823000‬‬ ‫الصحف‬ ‫واألفالم‪ .‬أنظر جدول رقم "‪."20‬‬

‫‪241‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 242‬للتنمية الثقافية‬

‫شكل رقم ‪25‬‬

‫‪ - 3‬استهالك بالتخصص الثقافي‬

‫إجمالي‬

‫‪% 100‬‬

‫أدب‬

‫‪% 40.35‬‬ ‫‪% 24.80‬‬ ‫‪% 8.90‬‬ ‫‪% 7.20‬‬ ‫‪% 4.90‬‬ ‫‪% 2.68‬‬ ‫‪% 2.37‬‬ ‫‪% 2.16‬‬ ‫‪% 2.06‬‬ ‫‪% 1.52‬‬

‫آثار‬

‫‪% 1.20‬‬ ‫‪% 0.86‬‬ ‫‪% 0.59‬‬ ‫‪% 0.25‬‬ ‫‪% 0.08‬‬ ‫‪% 0.04‬‬

‫ً‬

‫الفروع الثقافية في المجاالت‬ ‫ً‬

‫‪% 0.01‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫جدول رقم ‪21‬‬

‫أكرب ‪ 10‬جماالت ثقافيّة أكثر ختصصاً مطلوبة لالستهالك طبقاً‬ ‫ملتو ّسط عمليات البحث‬ ‫اجملال التخصصى‬

‫أفالم كارتون‬ ‫كتاب‬ ‫القصة القصرية‬ ‫الرواية‬ ‫كليبات‬ ‫غناء شعيب‬ ‫الفكر املاركسي‬ ‫مقاالت‬ ‫أغاني الرميكس‬ ‫املوسيقى الكالسيكية‬

‫متو ّسط عمليات البحث‬ ‫‪3686600‬‬ ‫‪3350000‬‬ ‫‪3028366‬‬ ‫‪2937066‬‬ ‫‪823000‬‬ ‫‪727990‬‬ ‫‪550000‬‬ ‫‪550000‬‬ ‫‪497400‬‬ ‫‪389580‬‬

‫يف ك ّل فرع من فروع الثقافة توجد فروع‬ ‫أخرى أكثر ختصصاً‪ ،‬ففي فرع األدب مث ًال‬ ‫هناك (أدب األطفال‪ ،‬األدب الشعيب‪ ،‬أدب‬ ‫الرحالت‪ ،‬األدب املهجري‪ ،‬األدب الساخر ‪..‬‬ ‫إخل)‪ ،‬وقد كشفت عمليات التحليل أن هناك‬ ‫شرحية من مجهور اإلنرتنت كانت تسعى‬ ‫حديثاً للتواصل رقميّاً مع التخصصات املختلفة‬ ‫يف فروع الثقافة‪.‬‬ ‫وقد ش ّكل هذا األمر مسة استهالكية ضمن‬ ‫ظاهرة االستهالك والتواصل الثقايف الرقمي‬ ‫العامة‪ ،‬حصلت على ‪ 23‬مليوناً و‪ 696‬ألفاً و‪713‬‬ ‫املتوسط شهريّاً تش ّكل ‪ % 7.4‬من‬ ‫عملية حبث يف ّ‬ ‫املتوسط الشهري لعمليات االستهالك‬ ‫إمجالي ّ‬ ‫يوضح الشكل‬ ‫والتواصل الثقايف الرقمي‪ ،‬وكما ّ‬ ‫رقم "‪ ،"25‬كان الساعون لالستهالك والتواصل‬ ‫الرقمي مع األدب واألدباء هم األكثر استخداماً‬ ‫هلذه السمة‪ ،‬والالفت أن فروع األدب التخصصية‬ ‫استحوذت على ‪ % 40‬من عملياتها البحثية‪ ،‬ويلي‬ ‫هؤالء من رغبوا يف التواصل رقميّاً مع السينما‪،‬‬ ‫ثم الغناء‪ ،‬فاملوسيقى والشعر‪.‬‬ ‫أفالم الكرتون أكبر مجال للبحث‬ ‫المتخصص‬

‫على صعيد الكلمات البحثية الدالة على‬ ‫التقسيمات التخصصية يف الفروع املختلفة‬ ‫احتلت كلمة أفالم الكرتون ‪ -‬اليت تنتمي إىل‬ ‫فرع السينما ‪ -‬املرتبة األوىل‪ ،‬تليها الكلمات‬ ‫ختصص الكتاب ثم القصة‬ ‫الدالة على ّ‬ ‫ً‬ ‫القصرية ثم الرواية وهي مجيعا تندرج حتت‬ ‫فرع األدب‪ .‬أنظر جدول رقم "‪."21‬‬ ‫وعلى الرغم من ضآلة هذه السمة مقارنة‬ ‫بالسمات السابقة فهي حتمل داللة إجيابية‬ ‫نوعاً ما‪ ،‬وهي أن إمجالي من سعوا لالستهالك‬ ‫والتواصل رقميّاً مع ختصصات أدبية متنح‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫‪243‬‬

‫"املتعة العقلية" والذهنية من خالل القراءة إنتاجه وإبداعه‪ ،‬أو التواصل معه شخصياً‬ ‫والنصوص األدبية والكتب تفوقوا ‪ -‬عددياً إذا كان اليزال حياً ولديه قنوات تواصل عرب‬ ‫على األقل ‪ -‬على إمجالي من سعوا إىل اإلنرتنت من بريد إلكرتوني أو مدونة أو موقع‬ ‫االستهالك والتواصل رقميّاً مع ختصصات شخصي أو كان عضواً أو ضيفاً يف منتدى أو له‬ ‫سينمائية وغنائية وموسيقية‪ ،‬األمر الذي يعين صفحة على الفيس بوك‪ ،‬وإمجاالً حصلت هذه‬ ‫أنه مبجرد ختطي حاجز اجلماهريية الواسعة السمة على ‪ 11‬مليوناً و‪ 800‬ألف و‪ 896‬عملية‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬تشكل ‪ % 3.6‬من‬ ‫مبتطلباتها الكربى من الرتفيه السريع‪ ،‬نلمح حبث يف ّ‬ ‫يفيد التواصل الثقافي الرقمي لدى‬ ‫ً‬ ‫قدرا من التوازن يف توجهات الشرحية الباقية إمجالي ظاهرة التواصل الرقمي العامة‪ .‬أنظر العرب بأن السينما المصرية كانت وال‬ ‫من مجهور اإلنرتنت العربي‪ ،‬وجند الكتاب الشكل رقم "‪."26‬‬ ‫تزال في الصدارة يليها الغناء المصري‬ ‫ثم الموسيقى الخليجيّة ثم الصحافة‬ ‫والنص األدبي يأخذ مكانة أفضل ويصمد أمام‬ ‫المصرية‪..‬‬ ‫ترفيه األغاني واألفالم‪ ،‬و لع ّل يف ذلك إشارة الشعراء يسبقون المطربين‬ ‫والالفت بشكل خاص أن الشعراء جاؤوا يف‬ ‫إىل أنه ال تزال لدى مجهور اإلنرتنت العربي‬ ‫نواة متماسكة تسعى ملا هو أعلى قيمة يف األدب املركز الثاني بعد املطربني واملغنني‪ ،‬وسبقوا‬ ‫وترغب يف استهالكه والتواصل معه رقميّاً‪.‬‬ ‫ويف املقابل حتمل هذه األرقام داللة سلبية‬ ‫شكل رقم ‪26‬‬ ‫يف ما يتعلق برغبة اجلمهور يف التواصل رقميّاً‬ ‫وختصصياً مع فروع ثقافيّة كان يفرتض أن‬ ‫إجمالي‬ ‫‪% 100‬‬ ‫مما حصلت عليه‪ ،‬حبكم‬ ‫حتصل على أكثر ّ‬ ‫‪% 60.50‬‬ ‫‪% 18.40‬‬ ‫طبيعتها وطبيعة مجهورها‪ ،‬كالكتب والكتاب‬ ‫‪% 8.32‬‬ ‫واملسرح والف ّن التشكيلي والفكر واملنتديات‬ ‫‪% 7.30‬‬ ‫الثقافيّة‪ ،‬ففي مجيع هذه الفروع أبدى مجهور‬ ‫أدب‬ ‫‪% 2.40‬‬ ‫اإلنرتنت مي ًال ضعيفاً وأق ّل من املتوقع حنو‬ ‫‪% 1.20‬‬ ‫التواصل رقميّاً مع ختصصاتها الداخلية أو‬ ‫‪% 1.10‬‬ ‫‪% 0.50‬‬ ‫الفرعية املختلفة‪.‬‬ ‫بلغت عمليات البحث التي قام‬ ‫بها العرب في العام ‪ 2009‬على شبكة‬ ‫اإلنترنت عن المطرب تامر حسني ضعف‬ ‫عمليات البحث التي قاموا بها عن نزار‬ ‫قباني والمتنبي ونجيب محفوظ ومحمود‬ ‫درويش مجتمعين!!‪..‬‬

‫‪ - 4‬استهالك بانتقاء المبدعين‬

‫ش ّكل االستهالك والتواصل مع شخص‬ ‫املبدع أو منتج الثقافة مسة ال ميكن جتاهلها‪،‬‬ ‫ويف هذه السمة سعى اجلمهور لالستهالك‬ ‫والتواصل مع مثقف أو مبدع أو منتج للثقافة‬ ‫باالسم وبصورة حم ّددة‪ ،‬كعمليات البحث اليت‬ ‫استهدفت التواصل مع الشاعر نزار قباني أو‬ ‫املمثل عادل إمام أو الروائي نجيب محفوظ‬ ‫‪ ...‬إخل‪ ،‬ور ّكزت على احلصول على معلومات‬ ‫عن املبدع أو الشخص أو جتميع ك ّل أو بعض‬

‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫آثار‬

‫ً‬

‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫ً‬ ‫‪.‬‬

‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫‪% 0.09‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 244‬للتنمية الثقافية‬

‫شكل رقم ‪27‬‬ ‫إجمالي‬

‫‪% 100‬‬ ‫‪% 73.6‬‬ ‫‪% 11.6‬‬ ‫‪% 5.4‬‬ ‫‪% 4.85‬‬ ‫‪% 0.90‬‬

‫ممثلي السينما واملسرح والتليفزيون واألدباء من‬ ‫حيث الرغبة يف التواصل مع شخوصهم‪ ،‬وهذا‬ ‫يعطي داللة إجيابية على أن الّلغة ومبدعيها ويف‬ ‫مق ّدمتهم الشعراء هلم مكانة قوية لدى شرحية‬ ‫اجلمهور اليت تبحث عن جنوم الثقافة‪ ،‬فهذه‬ ‫الشرحية تضعهم يف املرتبة الثانية‪ ،‬وهذا من‬ ‫حيث عمليات البحث اإلمجالية‪.‬‬

‫‪% 0.79‬‬

‫تامر حسني يسبق نجيب محفوظ‬

‫‪% 0.71‬‬ ‫‪% 0.47‬‬ ‫آثار‬

‫‪% 0.35‬‬ ‫‪% 0.33‬‬ ‫‪% 0.27‬‬ ‫‪% 0.19‬‬ ‫‪% 0.09‬‬ ‫‪% 0.07‬‬ ‫ً‬

‫‪% 0.06‬‬ ‫‪% 0.06‬‬

‫ً‬

‫‪% 0.03‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫أدب‬

‫جدول رقم ‪22‬‬

‫‪% 0‬‬

‫أكرب ‪ 10‬مبدعني ومنتجني عرب طبقاً ملعدالت الطلب عليهم خالل‬ ‫‪2009‬‬ ‫املبدع أو منتج الثقافة‬

‫املطرب تامر حسين‬ ‫املطرب عمرو دياب‬ ‫الشاعر نزار قباني‬ ‫املمثل عادل إمام‬ ‫املطرب فضل شاكر‬ ‫الشاعر املتنيب‬ ‫االديب جنيب حمفوظ‬ ‫الشاعر حممد الشاعر‬ ‫الشاعر حممود درويش‬ ‫املوسيقار عمر خريت‬

‫متو ّسط عمليات البحث‬ ‫‪2742150‬‬ ‫‪2011675‬‬ ‫‪953880‬‬ ‫‪749600‬‬ ‫‪695863‬‬ ‫‪141460‬‬ ‫‪127650‬‬ ‫‪110000‬‬ ‫‪106360‬‬ ‫‪106100‬‬

‫على املستوى الفردي جند أن قائمة املبدعني‬ ‫ومنتجي الثقافة يف خمتلف الفروع اليت سعى‬ ‫اجلمهور للتواصل معهم باالسم وبصورة‬ ‫شخصية وفرديّة يتصدرها اثنان من املطربني‬ ‫تالهما الشاعر الكبري نزار قباني ثم ممثل ثم‬ ‫مطرب ثم الشاعر المتنبي ثم األديب نجيب‬ ‫محفوظ ثم املوسيقار عمر خيرت‪.‬‬ ‫وتقول لنا األرقام السابقة أن الرغبة‬ ‫يف االستهالك والتواصل رقميّاً مع مبدعي‬ ‫ومنتجي الثقافة بشخوصهم ضئيلة للغاية‬ ‫يف مقابل الرغبة يف التواصل رقميّاً مع‬ ‫املنتجات الثقافيّة‪ ،‬ففي مقابل أكثر من ‪522‬‬ ‫مليون عملية حبث عن املنتجات واإلبداعات‬ ‫الثقافيّة بالكلمات العامة‪ ،‬جند ما يربو على‬ ‫‪ 11‬مليون عملية حبث فقط عن املبدعني‬ ‫ومنتجي الثقافة‪ ،‬والالفت أيضاً أن البحث‬ ‫الفردي عن املطربني واملمثلني يفوق مبراحل‬ ‫البحث عن األدباء والشعراء واملفكرين‪ ،‬و‬ ‫متوسط عمليات‬ ‫لع ّل أبرز دليل على ذلك أن ّ‬ ‫البحث عن املطرب املثري للجدل تامر حسني‬ ‫تزيد على املليوني عملية شهريّاً‪ ،‬يف ما يصل‬ ‫متوسط عمليات البحث عن نزار قباني ونجيب‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫محفوظ ما يزيد قليال على ‪ 141‬ألفا و‪127‬‬ ‫ألفاً على التوالي‪ .‬أنظر اجلدول رقم "‪،"22‬‬ ‫وهذه أرقام تعكس جمدداً كيف تستحوذ‬ ‫الرغبة النهمة للمنتج الثقايف االستهالكي‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫على عقول وتوجهات غالبية مجهور اإلنرتنت‬ ‫العربي‪ ،‬وهي صورة ال ختتلف كثرياً عما‬ ‫حيدث يف الواقع الفعلي خارج اإلنرتنت‪.‬‬ ‫‪ - 5‬استهالك شعوبي ُ‬ ‫وقطري‬

‫"السينما المصرية" أكبر كلمة بحث‬ ‫ُقطرية‬

‫أما قائمة كلمات البحث ُ‬ ‫القطرية والوطنية‬ ‫األكثر استخداماً يف االستهالك والتواصل‬ ‫الثقايف الرقمي كانت السينما املصرية يف‬ ‫الصدارة يليها الغناء املصري ثم املوسيقى‬

‫جدول رقم ‪23‬‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫كانت هناك نسبة من عمليات البحث قصد‬ ‫أصحابها من ورائها التواصل مع عناصر أو‬ ‫مفردات ثقافيّة تابعة لدولة عربية بعينها‪ ،‬أ ّي‬ ‫كان القصد التواصل مع ثقافة دولة أو جمتمع‬ ‫ما أوالً وليس التواصل مع مثقف أو منتج ثقايف‬ ‫بعينه‪ ،‬كالبحث عن الرتاث املصري والشعر‬ ‫السعودي والرواية السورية ‪...‬إخل‪ ،‬وقد ش ّكلت‬ ‫هذه النوعية مسة تنتمي إىل فئة السمات ضئيلة‬ ‫احلضور واحلجم‪ ،‬فهي مل متثّل سوى ‪ % 2.5‬من‬ ‫متوسط عمليات البحث عموماً‪ ،‬ألن‬ ‫إمجالي ّ‬ ‫متوسط عمليات البحث الشهرية عن الثقافات‬ ‫ّ‬ ‫الوطنية والقُطرية بلغ ‪ 8‬ماليني و‪ 105‬آالف‬ ‫و‪ 105‬عملية‪ ،‬كان من بينها ‪ 5‬ماليني و‪ 969‬و‪520‬‬ ‫عملية حبث أصحابها يرغبون يف التواصل مع‬ ‫السينمات العربيّة املختلفة أ ّي أن ما يزيد على‬ ‫‪ % 73‬من عمليات البحث القُطرية كانت مر ّكزة‬ ‫يف جمال السينما‪ .‬أما النسبة القليلة الباقية‬ ‫فموزعة على ‪ 16‬فرعاً ثقافياً بكميات ضئيلة‬ ‫ال يعت ّد بها‪ ،‬يف ما خال فرعان ثقافيان من أ ّي‬ ‫عمليات حبث ُ‬ ‫قطرية متاماً‪ ،‬وتلى السينما الغناء‬ ‫فالصحافة فاملوسيقى فالشعر والرتاث والتمثيل‬ ‫ومعارض الكتب واآلثار والثقافة وغريها‪ .‬أنظر‬ ‫الشكل رقم "‪."27‬‬

‫اخلليجية ثم الصحافة املصرية ‪".‬اجلدول رقم‬ ‫"‪."23‬‬ ‫تقود هذه األرقام إىل القول بأنه على الرغم‬ ‫مما يُشاع عن تراجع فكرة القومية العربيّة‬ ‫ّ‬ ‫على الصعيد السياسي واالقتصادي ورمبا‬ ‫االجتماعي‪ ،‬واإليغال يف ُ‬ ‫القطرية على حنو الفت‬ ‫يف هذه اجملاالت‪ ،‬فإن سلوك واجتاهات الباحثني‬ ‫عن التواصل الثقايف الرقمي عرب اإلنرتنت يد ّل‬ ‫على أن الثقافة بالنسبة للعرب هي يف ‪% 97‬‬ ‫من احلاالت نسيج واحد يت ّم البحث فيه وعنه‬ ‫باعتباره عنصراً مشرتكاً ال ُقطرياً‪ ،‬وبالتالي‬ ‫فإن الوحدة الثقافيّة العربيّة التزال تشكل توجهاً‬ ‫غالباً وكاسحاً لدى الغالبية الساحقة من مجهور‬ ‫اإلنرتنت يف العام ‪ ،2009‬على اعتبار أن هذا‬ ‫اجلمهور حبث عن الثقافة ومنتجاتها ومبدعيها‬ ‫وفروعها العامة والتخصصية باعتبارها ثقافة‬ ‫عربية ال ُقطرية أو وطنية أو حملية‪ ،‬إال يف بعض‬ ‫احلاالت اليت ينتشر فيها اإلنتاج الثقايف لبلد‬ ‫ما ويغلب على غريه لدى الساعني لالستهالك‬ ‫والتواصل الثقايف الرقمي‪ ،‬مثلما هو احلال مع‬ ‫السينما والغناء املصري‪ ،‬واملوسيقى اخلليجية‪.‬‬ ‫أكرب ‪ 10‬ثقافات وطنية مطلوبة لالستهالك طبقاً لعمليات البحث‬ ‫يف ‪2009‬‬ ‫الثقافة الوطنية‬ ‫سينما مصرية‬ ‫غناء مصري‬ ‫موسيقى خليجية‬ ‫الصحف املصرية‬ ‫سينما لبنانية‬ ‫الصحف السودانية‬ ‫سينما كويتية‬ ‫غناء سوداني‬ ‫الصحف السعودية‬ ‫االثار املصرية‬

‫‪245‬‬

‫متو ّسط عمليات البحث‬ ‫‪700800‬‬ ‫‪612501‬‬ ‫‪197060‬‬ ‫‪186098‬‬ ‫‪95140‬‬ ‫‪81242‬‬ ‫‪39390‬‬ ‫‪32010‬‬ ‫‪30961‬‬ ‫‪23482‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 246‬للتنمية الثقافية‬

‫شكل رقم ‪28‬‬

‫‪ - 6‬استهالك بانتقاء اإلبداعات‬

‫إجمالي‬

‫‪% 100‬‬

‫أدب‬

‫‪% 32.80‬‬ ‫‪% 28.20‬‬ ‫‪% 26.20‬‬ ‫‪% 6.15‬‬ ‫‪% 5.08‬‬

‫آثار‬

‫‪% 0.54‬‬ ‫‪% 0.47‬‬ ‫‪% 0.43‬‬ ‫‪% 0.030‬‬ ‫‪% 0.028‬‬ ‫‪% 0.021‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫ً‬

‫ء‬ ‫ء‬

‫‪% 0‬‬ ‫ً‬

‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫‪.‬‬

‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫جدول رقم ‪24‬‬

‫أكرب ‪ 10‬أعمال إبداعية ثقافيّة عربية مطلوبة لالستهالك طبقاً‬ ‫ملعدالت البحث يف ‪2009‬‬ ‫العمل اإلبداعي‬

‫مسرحية مدرسة املشاغبني‬ ‫مسرحية اللعب‬ ‫رواية التوحيد‬ ‫مسرحية العيال كربت‬ ‫كتاب اجلامع‬ ‫كتاب مشس املعارف‬ ‫مسرحية الواد سيد الشغال‬ ‫كتاب صحيح البخاري‬ ‫قصيدة حممد‬ ‫كتاب لسان العرب‬

‫متو ّسط عمليات البحث‬ ‫‪431500‬‬ ‫‪135000‬‬ ‫‪135000‬‬ ‫‪117880‬‬ ‫‪110000‬‬ ‫‪74000‬‬ ‫‪72020‬‬ ‫‪60500‬‬ ‫‪49500‬‬ ‫‪40500‬‬

‫عرب خمتلف العصور ويف خمتلف الثقافات‬ ‫كانت هناك دوماً أعمال إبداعية متثّل عالمات‬ ‫أو رمبا مقاصد يسعى إليها مجهور الثقافة‬ ‫والساعني إىل االستهالك والتواصل الثقايف‪،‬‬ ‫وظاهرة االستهالك والتواصل الثقايف الرقمي‬ ‫مل تكن استثناء من ذلك‪ ،‬فقد كشفت التحليالت‬ ‫عن نسبة من عمليات البحث اليت قام بها مجهور‬ ‫خصصها‬ ‫اإلنرتنت العربي خالل العام ‪ّ 2009‬‬ ‫أصحابها للتواصل مع منتجات ثقافيّة وإبداعية‬ ‫حمددة باالسم كطلب البحث عن فيلم باالسم‪ ،‬أو‬ ‫رواية باالسم أو مسرحية باالسم وأغنية باالسم‬ ‫إىل غري ذلك‪ ،‬وقد ش ّكلت هذه النوعية من عمليات‬ ‫البحث مسة مستقلّة وإن كانت متواضعة‪ ،‬فنسبتها‬ ‫مل تتعد ‪ % 1.3‬من إمجالي عمليات البحث‪ ،‬ومن‬ ‫متوسط البحث عن اإلبداعات‬ ‫حيث العدد وصل ّ‬ ‫أربعة ماليني و‪ 263‬ألفاً و‪ 747‬عملية حبث يف‬ ‫املتوسط شهريّاً‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وقد احتل األدب قائمة الفروع الثقافيّة‬ ‫العشرين من حيث البحث عن أعمال إبداعية‬ ‫باالسم‪ ،‬ويف املركز الثاني جاء املسرح ويف املرتبة‬ ‫الثالثة جاء الشعر‪ ،‬يف حني تقهقرت السينما إىل‬ ‫املركز العاشر والغناء للمركز احلادي عشر‪،‬‬ ‫مبعدالت حبث ال تكاد تذكر‪ ،‬وتق ّدمت فروع أخرى‬ ‫لطاملا احتلت املؤخرة يف الكثري من األحوال مثل‬ ‫الف ّن التشكيلي والكتاب والكتب واآلثار والرتاث‪.‬‬ ‫أنظر الشكل رقم "‪."28‬‬ ‫وقد انعكس هذا التوجه العام حنو السعي‬ ‫للتواصل رقميّاً مع بعض النصوص األدبية أو‬ ‫الشعرية باالسم على عمليات البحث الفرديّة اليت‬ ‫جرت على هذه اإلبداعات وغريها‪ ،‬حيث اتضح‬ ‫أن قائمة أكرب ‪ 10‬أعمال إبداعية ثقافيّة عربية‬ ‫مطلوبة لالستهالك طبقاً ملعدالت البحث يف العام‬ ‫‪ 2009‬تض ّم أربع مسرحيات ورواية وقصيدة شعر‬ ‫وأربعة كتب‪ .‬أنظر اجلدول رقم "‪"24‬‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫النصوص األدبية المكتوبة "على العرش"‬

‫شكل رقم ‪29‬‬ ‫إجمالي‬

‫‪% 100‬‬ ‫‪% 32.80‬‬ ‫‪% 16.25‬‬ ‫‪% 12.80‬‬ ‫‪% 11.50‬‬ ‫‪% 9.60‬‬

‫أدب‬

‫‪% 5.02‬‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫يف هذه السمة حنن أمام سلوك أو توجه من قبل‬ ‫شرحية من اجلمهور يؤ ّكد أن النصوص الثقافيّة‬ ‫املكتوبة من روايات وقصائد شعر وقصص وكتب‬ ‫ال يزال هلا اعتبارها و"على العرش" كإبداعات‬ ‫ثقافيّة تطلب باالسم ويسعى إليها مريدوها الذين‬ ‫يرون يف اإلنرتنت وسيلة للتواصل معها والوصول‬ ‫إليها رقميّاً‪ ،‬ليس هذا فحسب وإمنا عند البحث‬ ‫عن إبداع ثقايف باالسم فإن النصوص املكتوبة‬ ‫التزال قادرة على أن جتعل األعمال املسموعة‬ ‫واملرئية ترتاجع بصورة واضحة‪ ،‬مفسحة اجملال‬ ‫للنصوص املكتوبة حتى وإن اختذت صورة رقميّة‬ ‫قابلة للتداول عرب اإلنرتنت‪.‬‬

‫‪% 2.85‬‬ ‫‪% 2.12‬‬ ‫‪% 1.84‬‬ ‫‪% 1.48‬‬ ‫‪% 1.11‬‬ ‫‪% 0.90‬‬ ‫آثار‬

‫‪% 0.56‬‬ ‫‪% 0.42‬‬

‫‪ - 7‬استهالك بتتبع القضايا‬ ‫والمشاركة فيها‬

‫‪% 0.28‬‬

‫امتدت ظاهرة االستهالك والتواصل الثقايف‬ ‫الرقمي لتشمل رغبة البعض يف استخدام‬ ‫اإلنرتنت كوسيلة لتتبع القضايا الثقافيّة‬ ‫واملشاركة فيها‪ ،‬ولو على مستوى احلصول‬ ‫على معلومات تقود إىل تكوين رأي أو متابعة‬ ‫ما ينشر ويقال عن هذه القضيّة أو تلك‪ ،‬فعلى‬ ‫سبيل املثال حتت الكلمة املفتاحية "ثقافة" كان‬ ‫الذين اهتموا بها يبحثون عن قضايا ثقافيّة من‬ ‫نوع "بناء الثقافة‪ ،‬إدارة الثقافة‪ ،‬دور الثقافة‪،‬‬ ‫التنمية الثقافيّة‪ ،‬خصائص الثقافة‪ ،‬صناعة‬ ‫الثقافة ‪ ..‬إخل"‪.‬‬ ‫إعداد الممثّ ل على قمة القضايا‬ ‫الثقافية‬ ‫ّ‬

‫يف هذه السمة وجدنا أن هناك مليوناً و‬ ‫املتوسط شهريّاً‬ ‫ألفاً و‪ 163‬عملية حبث تصدر يف ّ‬ ‫متثّل ‪ % 0.46‬من إمجالي البحث عن القضايا‬ ‫عموماً‪ ،‬ويستهدف أصحابها التواصل مع‬ ‫القضايا الثقافيّة املثارة يف هذا الفرع الثقايف أو‬ ‫‪278‬‬

‫‪247‬‬

‫‪% 0.28‬‬

‫مع القضايا الثقافية في‬

‫‪% 0.26‬‬ ‫‪% 0.11‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫جدول رقم ‪25‬‬

‫أكرب ‪ 10‬قضايا ثقافيّة طلبها اجلمهور العربي طبقاً ملعدالت البحث‬ ‫يف ‪2009‬‬ ‫القضيّة‬

‫اعداد املمثل‬ ‫أغاني أفالم‬ ‫التمثيل املسرحي‬ ‫الثقافة‬ ‫شرح قصيدة‬ ‫كلمات أغاني‬ ‫ترمجة أفالم‬ ‫بناء الثقافة‬ ‫تلخيص قصة‬ ‫تعلّم فن‬

‫متو ّسط عمليات البحث‬ ‫‪303490‬‬ ‫‪114500‬‬ ‫‪90500‬‬ ‫‪74000‬‬ ‫‪74000‬‬ ‫‪67100‬‬ ‫‪40500‬‬ ‫‪23880‬‬ ‫‪18100‬‬ ‫‪18000‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 248‬للتنمية الثقافية‬

‫ذاك‪ ،‬وقد احتلت قضايا التمثيل املركز األول‬ ‫ثم السينما ثم الغناء ثم قضايا الشعر واألدب‪،‬‬ ‫وحيتل التمثيل مركز الصدارة بفارق كبري عما‬ ‫سواه‪ ،‬فهو يش ّكل وحده حواىل ثلث عمليات‬ ‫البحث عن القضايا الثقافيّة بشكل عام أنظر‬ ‫شكل رقم "‪."29‬‬ ‫أما قائمة أكرب عشر قضايا ثقافيّة تابعها‬ ‫وسعى مجهور اإلنرتنت العربي الستهالكها‬ ‫والتواصل معها رقميّاً يف العام ‪ 2009‬تك ّونت من‬ ‫قضيّة "إعداد املمثل‪ ،‬أغاني األفالم‪ ،‬التمثيل‬ ‫املسرحي‪ ،‬الثقافة‪ ،‬شرح قصيدة‪ ،‬كلمات أغاني‬ ‫‪ ...‬إخل‪ .‬أنظر اجلدول رقم "‪."25‬‬ ‫والالفت ‪ -‬ورمبا املؤسف ‪ -‬يف هذه السمة أن‬ ‫اهتمت بالتواصل مع‬ ‫ضآلة عمليات البحث اليت ّ‬ ‫القضايا الثقافيّة مل تكن هي النقيصة الوحيدة‬ ‫بها‪ ،‬بل توزيعها على الفروع الثقافيّة املختلفة كان‬ ‫هو النقيصة األكرب‪ ،‬فقد انصرف اهتمام مجهور‬ ‫هذه السمة إىل قضايا التمثيل والغناء باألساس‬ ‫وأهمل القضايا اجلادة واملهمة واملصريية يف‬ ‫جمال الثقافة والفكر والقضايا املتخصصة ذات‬ ‫القيمة األدبية والفكرية اليت تعلي من استخدام‬ ‫وحتث على املتابعة وتوسيع األفق‬ ‫العقل‬ ‫ّ‬ ‫واالطالع‪ ،‬ولو راجعنا األرقام اخلاصة بهذه‬ ‫متوسط عمليات البحث اليت‬ ‫القضايا سنجد أن ّ‬ ‫يسعى أصحابها ملتابعة قضايا التمثيل عموماً‬ ‫املتوسط‬ ‫يبلغ ‪ 419‬ألفاً و‪ 280‬عملية حبث يف ّ‬ ‫متوسط عدد عمليات البحث اليت‬ ‫شهريّاً‪ ،‬أما ّ‬ ‫يسعى أصحابها للتواصل مع قضيّة إعداد املمثل‬ ‫املتوسط‬ ‫فيبلغ ‪ 303‬آالف و‪ 490‬عملية حبث يف ّ‬ ‫شهريّاً‪ ،‬وإذا علمنا أن الرقم األول ميثل ‪32.8‬‬ ‫‪ %‬من إمجالي عمليات البحث عن القضايا‬ ‫الثقافيّة‪ ،‬فهذا معناه أن أكثر من ربع من يسعون‬ ‫للتواصل مع القضايا الثقافيّة يسعون باألساس‬ ‫للتعرف إىل كيفية إعداد املمثل أو كيف يصبح‬ ‫اإلنسان ممث ًال‪ ،‬ولعله من األمور املقلقة أن يكون‬

‫االهتمام األكرب بالقضايا الثقافيّة منصباً على‬ ‫كيف يصبح اإلنسان ممث ًال أو مطرباً‪ ،‬يف ما‬ ‫القضايا األخرى مهملة أو ال يت ّم االلتفات إليها‬ ‫أص ًال‪.‬‬ ‫‪ - 8‬استهالك عبر المنشآت‬

‫هل هناك منشآت ودور ثقافيّة يف العامل‬ ‫العربي حمددة باالسم ‪ -‬كمسارح ودور سينما‬ ‫ومتاحف ومكتبات عامة ‪ ..‬إخل ‪ -‬هلا نصيب‬ ‫من ظاهرة االستهالك والتواصل الثقايف‬ ‫الرقمي؟‪ ..‬اإلجابة‪ :‬نعم وهذه تش ّكل مسة من‬ ‫مسات ظاهرة استهالك الثقافة‪ ،‬لكنها مسة‬ ‫فمتوسط‬ ‫ظهرت خافتة وعلى استحياء شديد‪ّ ،‬‬ ‫عمليات البحث اليت سعى من خالهلا‬ ‫أصحابها لالستهالك والتواصل مع منشآت‬ ‫ثقافيّة حم ّددة يبلغ ‪ 633‬ألفاً و‪ 804‬عمليات‬ ‫املتوسط شهريّاً‪.‬‬ ‫حبث فقط يف ّ‬ ‫المؤسسات المطلوبة‬ ‫المكتبات أولى‬ ‫ّ‬

‫يف هذا الصدد حتت ّل املكتبات مركز‬ ‫الصدارة وتستحوذ على ‪ % 60.4‬من هذا‬ ‫الرقم‪ ،‬تليها اآلثار ثم السينما ثم املسرح ثم‬ ‫الصحافة ويف ما عدا ذلك مل يبد اجلمهور‬ ‫أ ّي اهتمام بالتواصل مع املنشآت الثقافيّة يف‬ ‫الفروع األخرى وأعطاها صفراً‪ ،‬أنظر شكل‬ ‫رقم "‪ ."30‬وهو أمر غري مقبول بالطبع يف‬ ‫العديد من الفروع الثقافيّة ويف مقدمتها‬ ‫معارض الكتب واملوسيقى والرتاث والف ّن‬ ‫التشكيلي‪ ،‬ففي هذه الفروع توجد الكثري من‬ ‫املنشآت الثقافيّة اليت يفرتض أن يكون بينها‬ ‫وبني اجلمهور نوع من التواصل واالهتمام حتى‬ ‫وإن كان بدرجة ضئيلة‪.‬‬ ‫هذا على مستوى البحث اإلمجالي داخل هذه‬ ‫السمة‪ ،‬ولو أخذنا املنشآت الثقافيّة على املستوى‬ ‫الفردي سنجد أن قائمة أكرب عشر منشآت‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫شكل رقم ‪30‬‬ ‫إجمالي‬

‫‪% 100‬‬ ‫‪% 60.40‬‬

‫آثار‬

‫‪% 14.30‬‬ ‫‪% 11.80‬‬ ‫‪% 8.20‬‬ ‫‪% 3.90‬‬ ‫‪% 1.06‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫قبول مبدئي بالتواصل مع المنشآت‬ ‫الثقافية‬ ‫ّ‬

‫وتشري هذه األرقام والنتائج إىل أن مجهور‬ ‫اإلنرتنت العربي يقبل مبدئياً بفكرة التواصل‬ ‫الرقمي مع املنشآت الثقافيّة‪ ،‬ومقتنع بأن‬ ‫اإلنرتنت تصلح قناة لتفعيل هذا التواصل‬ ‫املنشود‪ ،‬ومن دالئل ذلك أنه سعى إىل الكثري‬ ‫من هذه املنشآت رقميّاً‪ ،‬وحاول الوصول إليها‬ ‫أم ًال يف خدمات يتوقعها أو معلومات يبحث‬ ‫عنها‪ ،‬وحبثاً عن أداء جديد يناسب ما يو ّفره‬ ‫العصر الرقمي من تسهيالت ملن يبحث عن‬ ‫الثقافة ومنتجاتها وخدماتها املقدمة بهذه‬ ‫املشآت‪ ،‬لكن من الواضح أن املنشآت نفسها‬ ‫ليست مع ّدة أو مهيأة بصورة كافية هلذا الدور‬ ‫حتى وإن كان مطلوباً من شرحية ضيقة وقليلة‬ ‫للغاية من مجهور اإلنرتنت‪.‬‬

‫قاعدة الزمن‬ ‫‪ - 9‬استهالك على‬ ‫ّ‬

‫ميثل الرتاكم الزمين واحداً من األسس‬ ‫اليت تبين أ ّي ثقافة من الثقافات‪ ،‬ومن هنا‬ ‫يش ّكل التواصل أو السعي لالستهالك والتواصل‬ ‫مع الثقافة عرب العصور املختلفة وطبيعة هذا‬ ‫التواصل عرب العصور واحداً من املالمح املهمة‬ ‫يف بنية الثقافة يف املاضى واحلاضر واملستقبل‪،‬‬ ‫وقد وعى عدد قليل من مجهور اإلنرتنت يف العامل‬ ‫العربي هذا اجلانب وهو يستهلك ويتواصل رقميّاً‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫مطلوبة لالستهالك الثقايف تض ّم متاحف ودور‬ ‫نشر ومسارح ودور سينما ويتق ّدمها املتحف‬ ‫املصري‪ ،‬ومن الالفت يف هذه القائمة هو‬ ‫تنوعها على العديد من املنشآت الثقافيّة العاملة‬ ‫يف فروع ثقافيّة متن ّوعة والتقارب الواضح يف‬ ‫مستوى االهتمام بالعديد منها‪ ،‬كما هو احلال يف‬ ‫ألفارق بني المتحف المصري ومسرح القصبة‪.‬‬ ‫أنظر اجلدول رقم "‪."26‬‬

‫‪249‬‬

‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫أدب‬

‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪30‬‬

‫‪% 0‬‬

‫ً‬

‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫ً‬

‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫جدول رقم ‪26‬‬

‫أكرب ‪ 10‬منشآت ثقافيّة عربية مطلوبة لالستهالك والتواصل طبقاً‬ ‫ملعدالت البحث عام ‪2009‬‬

‫املنشأة‬ ‫املتحف املصري‬ ‫مسرح القصبة‬ ‫دار التحرير للنشر‬ ‫متحف اللوفر‬ ‫دار كوم للنشر‬ ‫سينما البحرين‬ ‫دار العربي للنشر‬ ‫دار الكتب‬ ‫متحف الف ّن اإلسالمي يف قطر‬ ‫سينما ستار‬

‫متو ّسط عمليات البحث‬ ‫‪18654‬‬ ‫‪17081‬‬ ‫‪14800‬‬ ‫‪12881‬‬ ‫‪9900‬‬ ‫‪9900‬‬ ‫‪8100‬‬ ‫‪8100‬‬ ‫‪6621‬‬ ‫‪6600‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 250‬للتنمية الثقافية‬

‫شكل رقم ‪31‬‬ ‫إجمالي‬

‫‪% 100‬‬ ‫‪% 57.15‬‬

‫أدب‬

‫‪% 20.07‬‬ ‫‪% 9.62‬‬ ‫‪% 7.10‬‬ ‫‪% 3.80‬‬

‫الفن اإلسالمي مطلوب قبل غيره‬

‫‪% 2.11‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫ً‬

‫‪% 0‬‬ ‫آثار‬

‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫ً‬

‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫جدول رقم ‪27‬‬

‫أكرب ‪ 10‬فرتات زمنية ثقافيّة مطلوبة لالستهالك طبقاً لعمليات‬ ‫البحث يف ‪2009‬‬

‫العصر أو احلقبة الزمنية‬

‫الفن اإلسالمي‬ ‫الفن القديم‬ ‫األدب احلديث‬ ‫الفن القبطي‬ ‫األدب يف العصر العباسي‬ ‫الفن الفرعوني‬ ‫الفن املعاصر‬ ‫األدب القديم‬ ‫املسرح الروماني‬ ‫األدب العربي احلديث‬

‫مع الثقافة‪ ،‬فخصص جزءاً من عمليات البحث‬ ‫حاول من خالله التواصل مع لون أو فرع ثقايف‬ ‫ما يف عصر من العصور‪ ،‬كعمليات البحث اليت‬ ‫استهدفت التواصل مع الشعر العباسي‪ ،‬أو اآلثار‬ ‫القبطية املصرية‪ ،‬أو املسرح اليوناني واألدب يف‬ ‫العصر األموي ‪ ...‬إخل"‪.‬‬

‫متو ّسط عمليات البحث‬ ‫‪21920‬‬ ‫‪5400‬‬ ‫‪5400‬‬ ‫‪4600‬‬ ‫‪3280‬‬ ‫‪3230‬‬ ‫‪2400‬‬ ‫‪1900‬‬ ‫‪1600‬‬ ‫‪1600‬‬

‫وقد كشفت التحليالت عن أن هذه السمة‬ ‫يف االستهالك والتواصل الثقايف رقميّاً حظيت‬ ‫املتوسط ‪ 73‬ألفاً و‪723‬‬ ‫بعمليات حبث بلغت يف ّ‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬تر ّكز أكثر من نصفها‬ ‫عملية يف ّ‬ ‫بقليل يف جمال الفنون‪ ،‬ثم تلى ذلك العصور‬ ‫األدبية ثم العصور الفكرية ثم عصور الشعر‬ ‫فعصور املسرح والف ّن التشكيلي‪ ،‬ويف ما عدا‬ ‫ذلك مل يكرتث اجلمهور للبحث عن العصور‬ ‫الثقافيّة حتى يف جماالت مثل الكتب والصحافة‬ ‫والرتاث والغناء واملوسيقى واآلثار والسينما‬ ‫والنشر‪ .‬أنظر شكل رقم "‪."31‬‬ ‫أما على مستوى البحث بالفرتات الزمنية‬ ‫يف جمال حمدد فقد اتضح أن قائمة أكرب ‪10‬‬ ‫فرتات زمنية ثقافيّة مطلوبة لالستهالك طبقاً‬ ‫لعمليات البحث يف العام ‪ 2009‬تصدرتها عمليات‬ ‫البحث عن حقبة أو عصر الف ّن اإلسالمي‪ ،‬ثم‬ ‫الف ّن القديم واألدب احلديث والف ّن القبطي‪.‬‬ ‫أنظر اجلدول رقم "‪."27‬‬ ‫ويالحظ أنه يف هذه القائمة املختصرة املكونة‬ ‫من عشرة مراكز مل تظهر عمليات حبث كربى‬ ‫حول التواصل مع التاريخ اخلاص بك ّل جمتمع أو‬ ‫دولة على حدة كما يبدو متوقعاً للوهلة األوىل‪،‬‬ ‫فمث ًال مل تظهر عمليات حبث كربى عن أ ّي من‬ ‫فروع الثقافة يف العصر الفرعوني‪ ،‬أو ما شابه‪،‬‬ ‫وهنا تربز حقيقة تدعم فكرة النظر من جانب‬ ‫مجهور اإلنرتنت إىل الثقافة يف العامل العربي‬ ‫كنسيج واحد وليس كطبقات ذات أساس ُ‬ ‫قطري‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫أو شعوبي‪ ،‬لكن ضآلة عمليات البحث يف هذه‬ ‫السمة عموماً واختفاءها متاماً يف العديد من‬ ‫الفروع اليت كان الب ّد من البحث فيها يد ّل على‬ ‫ضعف كبري يف تواصل اجلمهور مع ماضيه الثقايف‬ ‫وعلى تراخ يف حرصه على فهم املاضي واستيعابه‬ ‫كخطوة ضرورية ملعايشة احلاضر واستشراف‬ ‫املستقبل‪.‬‬

‫‪251‬‬

‫شكل رقم ‪32‬‬ ‫إجمالي‬

‫‪% 100‬‬ ‫‪% 44.50‬‬ ‫‪% 15.30‬‬ ‫‪% 9.10‬‬ ‫‪% 8.80‬‬ ‫‪% 8.50‬‬ ‫‪% 5.80‬‬

‫باملؤسسات‬ ‫حظي احملتوى الثقايف اخلاص ّ‬ ‫الثقافيّة الرمسيّة والعامة مبعدل استهالك‬ ‫وتواصل رقمي مع مجهور اإلنرتنت يتسم‬ ‫باخلفوت الشديد حتى يكاد ال يُسمع له صوت‪،‬‬ ‫ملتوسط عمليات البحث اليت‬ ‫فالرقم اإلمجالي ّ‬ ‫املؤسسات الثقافيّة‬ ‫استهدفت التواصل مع ّ‬ ‫الرمسيّة بلغ ‪ 26‬ألفاً و‪ 23‬عملية حبث يف‬ ‫مما حظيت به بعض‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬وهو أق ّل ّ‬ ‫ّ‬ ‫مطربات الدرجة الثانية‪ ،‬والالفت أن ‪% 44.5‬‬ ‫مؤسسات‬ ‫من هذا الرقم ُخصص للتواصل مع ّ‬ ‫هلا عالقة بالكتب والكتاب‪ ،‬والنصف الباقي‬ ‫مؤسسات السينما والرتاث واملسرح‬ ‫تو ّزع على ّ‬ ‫املؤسسات‬ ‫واملكتبات والفكر واآلثار والشعر‪ ،‬أما ّ‬ ‫الرمسيّة املعنية مبعارض الكتب واألدب‬ ‫واملنتديات والصحافة والنشر واملوسيقى فلم‬ ‫حتظ بأي نوع من التواصل وكان نصيبها صفراً‪.‬‬ ‫أنظر الشكل رقم "‪."32‬‬ ‫مؤسسات ثقافيّة‬ ‫وحينما نطالع قائمة أكرب ‪ّ 10‬‬ ‫عربية رمسيّة طبقاً ملعدالت البحث عنها يف العام‬ ‫‪ 2009‬جند دار الكتب المصرية ومعهد التمثيل‬ ‫والمعهد العالي للفنون المسرحية ومعهد‬ ‫السينما وفرقة التراث وشبكة المكتبات وهيئة‬ ‫اآلثار وغريها‪ .‬أنظر اجلدول رقم "‪."28‬‬ ‫المؤسسات والجمهور‬ ‫تواصل ضعيف بين‬ ‫ّ‬

‫تكشف هذه األرقام عن وضع مؤسف للغاية‪،‬‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫المؤسسي‬ ‫‪ - 10‬استهالك المحتوى‬ ‫ّ‬

‫‪% 4.30‬‬ ‫آثار‬

‫‪% 2.10‬‬ ‫‪% 1.20‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫أدب‬

‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫‪32‬‬

‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫جدول رقم ‪28‬‬

‫أكرب ‪ 10‬مؤ ّسسات ثقافيّة عربية رمسيّة مطلوبة لالستهالك‬ ‫والتواصل طبقاً ملعدالت البحث يف ‪2009‬‬ ‫املؤ ّسسة‬

‫دار الكتب املصرية‬ ‫موقع معهد التمثيل‬ ‫املعهد العالي للفنون املسرحية‬ ‫معهد السينما‬ ‫فرقة الرتاث‬ ‫شبكة املكتبات‬ ‫أكادمية الفكر واإلبداع‬ ‫هيئة األثار املصرية‬ ‫مصر للسينما‬ ‫بيت الرتاث‬

‫متو ّسط عمليات البحث‬ ‫‪8100‬‬ ‫‪2400‬‬ ‫‪1900‬‬ ‫‪1900‬‬ ‫‪880‬‬ ‫‪720‬‬ ‫‪590‬‬ ‫‪480‬‬ ‫‪480‬‬ ‫‪390‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 252‬للتنمية الثقافية‬

‫شكل رقم ‪33‬‬ ‫إجمالي‬

‫‪% 100‬‬ ‫‪% 60.65‬‬ ‫‪% 29.80‬‬ ‫‪% 9.49‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫أدب‬

‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫آثار‬

‫ً‬

‫‪% 0‬‬ ‫ً‬

‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬ ‫‪% 0‬‬

‫جدول رقم ‪29‬‬

‫أكرب ‪ 10‬فعاليات ثقافيّة مطلوبة لالستهالك طبقاً ملعدالت البحث‬ ‫يف ‪2009‬‬ ‫الفعاليات‬

‫مهرجان السينما‬ ‫مهرجان املسرح‬ ‫‪ 100‬سنة سينما‬ ‫معارض الف ّن التشكيلي‬ ‫عروض مسرحية‬ ‫مواعيد السينما‬ ‫‪ 100‬سنة سينما‬ ‫مهرجان املسرح العربي‬ ‫يوم املسرح العاملي‬

‫متو ّسط عمليات البحث‬ ‫‪3600‬‬ ‫‪1900‬‬ ‫‪1300‬‬ ‫‪900‬‬ ‫‪590‬‬ ‫‪590‬‬ ‫‪260‬‬ ‫‪170‬‬ ‫‪170‬‬

‫يتمثّل يف الضعف الشديد يف التواصل الرقمي‬ ‫املؤسسات الثقافيّة الرمسيّة والعامة‬ ‫القائم بني ّ‬ ‫فمتوسط عمليات البحث‬ ‫ومجهور اإلنرتنت‪ّ ،‬‬ ‫املؤسسات يتّضح‬ ‫خمجل‪ ،‬وتوزيعات الرقم على ّ‬ ‫منه إهمال ‪ 11‬فرعاً ثقافياً أ ّي أكثر من نصف‬ ‫فروع الثقافة اليت خضعت للتحليل‪ ،‬وإذا ما‬ ‫أخذنا يف االعتبار أن مجهور اإلنرتنت يض ّم‬ ‫شرحية واسعة ممن حصلوا على درجة معقولة‬ ‫من التعليم ولديهم اهتمام واضح بالشأن‬ ‫العام‪ ،‬سنجد أنفسنا أمام ّ‬ ‫مؤشر يد ّل على أن‬ ‫التواصل ضعيف بصورة واضحة بني املواطن‬ ‫واملؤسسات الثقافيّة‪ ،‬وهو وضع يتسم بقدر‬ ‫ّ‬ ‫غري قليل من اخلطورة‪ ،‬ألن الثقافة تتعامل‬ ‫يف األساس مع العقل والوجدان معاً على‬ ‫مستوى الفرد واجلماعة واجملتمع واألمة كك ّل‪،‬‬ ‫ولذلك يصبح من الضروري أن يكون هناك‬ ‫نوع من التواصل اجليد واملستمر والعميق بني‬ ‫املؤسسات الثقافيّة الرمسيّة والعامة املنوط‬ ‫ّ‬ ‫بها إدارة قضايا وملفات ثقافيّة معيّنة وتتوىل‬ ‫مسؤولية التخطيط لتنميتها وحتسينها من‬ ‫جهة‪ ،‬واجلمهور العام على مستوى املواطن‬ ‫الفرد أو اجلماعات احمللية واملهنيّة والقطاعية‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬وإذا غاب هذا التواصل تأثرت‬ ‫أوضاع الثقافة سلبياً بصورة حادة‪ ،‬ويخُ شى أن‬ ‫يكون هذا هو احلاصل بالفعل‪.‬‬ ‫‪ - 11‬استهالك عبر الفعاليات‬

‫تعترب الفعاليات الثقافيّة املختلفة هي‬ ‫التجسيد احل ّي الذي يت ّم من خالله واحد من‬ ‫أفضل صور التواصل بني اجلمهور ومنتجي‬ ‫الثقافة ومبدعيها أال وهو التواصل املباشر‪،‬‬ ‫ففي هذه الفعاليات ‪ -‬كالندوات واملعارض‬ ‫واملهرجانات الفنيّة والشعرية واملؤمترات‬ ‫والصالونات والتظاهرات الثقافيّة األخرى‬ ‫‪ -‬تتو ّفر الفرصة للجمهور لكي يتالقى مع‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫املبدعني وجهاً لوجه ويناقش ويبدي رأيه‬ ‫وحيصل على املزيد من الفهم وحيقق تواص ًال‬ ‫محيماً مع القائم على الثقافة‪.‬‬ ‫إقبال في ذيل االهتمام‬

‫خاتمة درامية‬

‫مثة خامتة درامية تضاف إىل ما ّ‬ ‫مت رصده‬ ‫املؤسسات الثقافيّة‬ ‫على صعيد التواصل مع ّ‬ ‫والعصور الثقافيّة واملنشآت الثقافيّة والقضايا‬ ‫الثقافيّة وهي الفروع اليت ميكن القول إنه‬ ‫يتعني أن تنتقل فيها العالقة بني اجلمهور‬ ‫ومبدعي الثقايف واملثقفني من مستوى "املنتج‪،‬‬ ‫واملستهلك السليب" إىل مستوى الشريك‬

‫استهالك المحتوى الثقافي للقضايا‬ ‫العامة‬

‫عند رصد واستكشاف توجهات اجلمهور‬ ‫حنو ظاهرة التواصل الثقايف الرقمي يف‬ ‫العامل العربي‪ ،‬ال يكفي التعرض إىل الكيفية‬ ‫اليت تواصل بها اجلمهور مع الفروع الثقافيّة‬ ‫املختلفة وكيفية االقرتاب منها عرب مسارات‬ ‫حبثية بعينها‪ ،‬بل يكون من املفيد واملهم أيضاً‬ ‫التعرض للكيفية اليت تواصل بها اجلمهور‬ ‫وتفاعل من خالهلا رقميّاً مع بعض القضايا‬ ‫الثقافيّة والفكرية املهمة على الساحة العربيّة‪.‬‬ ‫ويف اجلزء السابق من حتليل توجهات‬ ‫اجلمهور ّ‬ ‫مت حتديد جماالت للبحث متثّل يف‬ ‫‪ 20‬فرعاً من فروع الثقافة بكلمات مفتاحية‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫ومن األسف أن إقبال مجهور اإلنرتنت يف‬ ‫العامل العربي على الفعاليات الثقافيّة جاء‬ ‫يف ذيل اهتمامه على اإلطالق‪ ،‬ومن ثم فهي‬ ‫تش ّكل مسة تكاد ال ترى يف ظاهرة استهالك‬ ‫الثقافة رقميّاً‪ ،‬فالفعاليات مل حتصل إال على‬ ‫املتوسط شهريّاً‬ ‫‪ 9‬آالف و‪ 480‬عملية حبث يف ّ‬ ‫خالل العام ‪ ،2009‬متثّل ‪ % 0.003‬من إمجالي‬ ‫متوسط عمليات البحث اخلاصة بالتواصل‬ ‫ّ‬ ‫الثقايف‪ .‬أنظر الشكل رقم "‪."33‬‬ ‫واألكثر مدعاة لألسف أن هذا الرقم‬ ‫البالغ الضآلة مل يكن أمامه فرصة للظهور‬ ‫سوى يف ثالثة فروع فقط هي السينما واملسرح‬ ‫والف ّن التشكيلي ومل يظهر يف الـ ‪ 17‬فرعاً‬ ‫األخرى‪ ،‬ويف مقدمتها معارض الكتب والشعر‬ ‫ومهرجاناته والصحافة مبجالتها وصحفها‬ ‫مبؤسساته إىل‬ ‫واألدب مبؤمتراته والنشر ّ‬ ‫غري ذلك‪ ،‬وحينما ننظر إىل قائمة أكرب‬ ‫‪ 10‬فعاليات ثقافيّة سعى اجلمهور للتواصل‬ ‫معها رقميّاً يف العام ‪ 2009‬جند يف املقدمة‬ ‫مهرجانات السينما ثم املسرح ثم معارض‬ ‫الف ّن التشكيلي‪ .‬أنظر اجلدول رقم "‪."29‬‬

‫والشريك اإلجيابي" اللذين تقوم بينهما‬ ‫عالقة على مستوى التخطيط للثقافة والتفكري‬ ‫ملستقبلها والتفاعل احلميم بني أطرافها‪.‬‬ ‫واألرقام األخرية اخلاصة بالفعاليات‪ ،‬ومعها‬ ‫ما سبقها من أرقام حول املنشآت والعصور‬ ‫والقضايا‪ ،‬تشري إىل أن هذه اجملموعة من‬ ‫السمات يف ظاهرة استهالك الثقافة تعاني من‬ ‫حالة ضمور شديد‪ ،‬وهي أزمة تتو ّزع مسؤوليتها‬ ‫باملؤسسات‬ ‫على منتجي الثقافة والقائمني عليها ّ‬ ‫الرمسيّة والعامة واخلاصة من جهة واجلمهور‬ ‫نفسه من جهة أخرى‪ ،‬وتعبرّ عن مأزق شديد‬ ‫ومزدوج تعيشه الثقافة يف العامل العربي داخل‬ ‫الفضاء الرقمي يف الوقت الراهن‪ ،‬وإن كانت‬ ‫مسؤولية منتجي الثقافة وتقصريهم يف التكيف‬ ‫مع مقتضيات الفضاء الرقمي هي األكرب‪،‬‬ ‫ألنها س ّهلت وضاعفت من سرعة وقوع مجهور‬ ‫اإلنرتنت العربي يف فخ التقصري هو اآلخر‬ ‫واجنرافه حنو التعامل مع اإلنرتنت كوسيط‬ ‫لالستهالك النهم للثقافة‪ ،‬وليس املشاركة يف‬ ‫صنعها وحتسينها‪.‬‬

‫‪253‬‬

‫يشير تحليل عمليات البحث التي قام‬ ‫بها جمهور اإلنترنت العربي حول فلسطين‬ ‫متوسط عمليات‬ ‫خالل العام ‪ 2009‬إلى أن ّ‬ ‫البحث الشهرية في القضيّة بلغ ‪ 7‬ماليين‬ ‫و‪ 445‬ألفاً و‪ 180‬عملية بحث‪ ،‬وهو رقم‬ ‫يضع القضيّة الفلسطينيّة في المرتبة‬ ‫األولى بين القضايا السياسيّة محل‬ ‫البحث لهذا الجمهور‪..‬‬

‫تتصدر فلسطين ترتيب القضايا‬ ‫العامة التي يبحث عنها الجمهور العربي‬ ‫على شبكة اإلنترنت بعدد عمليات بحث‬ ‫بلغت سبعة ماليين ونصف المليون خالل‬ ‫العام ‪ 2009‬وبنسبة ‪ % 46.6‬من إجمالي‬ ‫القضايا العامة العربيّة‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 254‬للتنمية الثقافية‬

‫تناسب ك ّل فرع‪ ،‬أ ّي كان البحث يت ّم يف "جمال"‬ ‫أو "فضاء" وليس يف "موضوع" أو "قضيّة‬ ‫بعينها"‪ ،‬وتُركت البيانات تتدفق وفقاً ملا اختاره‬ ‫اجلمهور وهو ينجز عمليات البحث يف الفروع‬ ‫واملسارات املختلفة‪ ،‬وخرجت ك ّل التصنيفات‬ ‫شكل رقم ‪34‬‬ ‫إجمالي‬

‫‪% 100‬‬ ‫‪% 46.6‬‬ ‫‪% 16.3‬‬ ‫‪% 13.3‬‬

‫أميركا‬

‫‪% 10.8‬‬

‫إسرائيل‬

‫‪% 7.2‬‬ ‫‪% 2.4‬‬ ‫‪% 1.5‬‬

‫حقوق اإلنسان‬

‫‪% 1.1‬‬

‫اإلنترنت العربي طبقاً‬

‫‪% 0.27‬‬ ‫‪% 0.09‬‬ ‫‪% 0.05‬‬ ‫‪% 0.04‬‬

‫شكل رقم ‪35‬‬

‫واألرقام من واقع السلوك البحثي للجمهور‪،‬‬ ‫لكن يف هذا اجلزء سيحدث اختالف طفيف يف‬ ‫هذه املنهجية يف الرصد والتحليل‪ ،‬ويتمثّل هذا‬ ‫االختالف يف أن فريق البحث قام ‪ -‬بالتنسيق‬ ‫مع املنسق العام للتقرير ‪ -‬بتحديد جمموعة‬ ‫من القضايا واستخدامها هي نفسها ككلمات‬ ‫حبث مفتاحية‪ ،‬بهدف استكشاف توجهات‬ ‫اجلمهور جتاهها بالتحديد‪ ،‬ومعرفة كيف كان‬ ‫اجلمهور يتعامل مع ك ّل قضيّة من خالل سلوكه‬ ‫يف البحث والتنقيب والتواصل الرقمي مع‬ ‫القضيّة‪ ،‬لقياس مدى اإلقبال على استخدام‬ ‫اإلنرتنت يف احلصول على معلومات أو تكوين‬ ‫رأي أو التواصل مع املعنيني بهذه القضايا‪ ،‬وقد‬ ‫مشلت هذه القضايا ما يلي‪:‬‬ ‫(إصالح سياسي‪ ،‬فكر عربي‪ ،‬تنوير‪،‬‬ ‫مذهبية‪ ،‬حقوق اإلنسان‪ ،‬دميقراطية‪ ،‬حرية‪،‬‬ ‫إسرائيل‪ ،‬أميركا‪ ،‬طائفية‪ ،‬فلسطين‪ ،‬عربي"‬ ‫والكلمة املفتاحية األخرية "عربي وعربية" كان‬ ‫الغرض منها رصد عمليات البحث اجلارية عن‬ ‫القضايا أو األشياء املشرتكة بني العرب واليت‬ ‫تظهر فيها العروبة أو العربيّة كقاسم مشرتك‪.‬‬ ‫فلسطين في المقدمة بال منازع‬

‫إجمالي‬

‫‪% 100‬‬ ‫‪% 32.6‬‬ ‫‪% 27.5‬‬ ‫‪% 16.9‬‬ ‫‪% 9.4‬‬ ‫‪% 7.2‬‬ ‫‪% 3.2‬‬ ‫‪% 1.3‬‬ ‫‪% 0.74‬‬ ‫‪% 0.73‬‬ ‫‪% 0.17‬‬

‫ء‬

‫ً‬

‫يعرض الشكل رقم "‪ "34‬مستوى اإلقبال‬ ‫على استهالك احملتوى الثقايف اخلاص‬ ‫مبجموعة القضايا العامة السابقة ويرتبها‬ ‫طبقاً لعدد وحجم عمليات البحث عنها خالل‬ ‫العام ‪ ،2009‬حيث تصدرت قضيّة فلسطين‬ ‫هذه القضايا جمتمعة من حيث عمليات البحث‬ ‫تلتها قضيّة الطائفية ثم املوضوعات العربيّة‬ ‫املشرتكة ثم أميركا ثم إسرائيل ثم قضايا‬ ‫احلرية‪ ،‬ويف ما يلي نتائج الرصد واالستكشاف‬ ‫يف ك ّل قضيّة على حدة‪ ،‬طبقاً للرتتيب التنازلي‬ ‫ملتوسط عمليات البحث الذي حظيت به ك ّل‬ ‫ّ‬ ‫قضيّة شهريّاً‪.‬‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫قضية‬ ‫‪ - 1‬التواصل الرقمي مع‬ ‫ّ‬ ‫فلسطين‬

‫فلسطين بعشرة أوجه للبحث‬

‫وبعد فهرسة وتصنيف كلمات البحث‬ ‫املختلفة اليت استخدمها اجلمهور اتضح أن‬ ‫البحث عن فلسطين يسري يف عشرة مسارات‬ ‫فرعية ك ّل منها جيسد وجهاً من األوجه‬ ‫املتعددة لقضيّة فلسطين‪ ،‬وتقول األرقام ‪ -‬كما‬ ‫موضح يف الشكل رقم "‪ - "35‬أن ‪% 32.6‬‬ ‫هو ّ‬ ‫من عمليات البحث عن هذه القضيّة تنظر‬ ‫إىل فلسطني باعتبارها وطناً ضاع ويتعينّ‬ ‫اسرتداده‪ ،‬ويبحث القائمون بهذا النوع من‬ ‫عمليات البحث عن معلومات تعرض "الوطن"‬ ‫الفلسطيين كك ّل‪ ،‬كاخلرائط والسكان واملساحة‬ ‫والتاريخ‪ .‬أما عدد هذه النوعية من عمليات‬ ‫البحث فبلغ ‪ 2‬مليون و‪ 427‬ألفاً و‪ 550‬عملية‬ ‫املتوسط شهريّاً‪.‬‬ ‫حبث صدرت يف ّ‬

‫‪500‬‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫ال حاجة للقول بأن قضيّة‬ ‫كانت والتزال وستظل قضيّة العرب احملورية‬ ‫واجلوهرية على خمتلف الصعد‪ ،‬ومن هنا‬ ‫تأتي أهمية التعرف إىل كيفية تعامل العرب‬ ‫رقميّاً مع فلسطين كوطن وقضيّة وشعب‪ ،‬وما‬ ‫هي األولويات اليت تشغلهم وهم يبحثون عن‬ ‫فلسطين عرب الفضاء الرقمي‪ ،‬وما هي املداخل‬ ‫اليت يستخدمونها لالقرتاب من القضيّة ‪.‬‬ ‫يف هذا الصدد يشري حتليل عمليات البحث‬ ‫اليت قام بها مجهور اإلنرتنت يف العامل العربي‬ ‫حول فلسطني خالل العام ‪ 2009‬إىل أن‬ ‫متوسط عمليات البحث الشهرية عن القضيّة‬ ‫ّ‬ ‫بلغ ‪ 7‬ماليني و‪ 445‬ألفاً و‪ 180‬عملية حبث‪،‬‬ ‫وهو رقم يضعها يف املرتبة األوىل بني االثنيت‬ ‫عشرة قضيّة حمل البحث‪ ،‬حبصة تصل إىل‬ ‫املتوسط الشهري لعمليات‬ ‫‪ % 46.6‬من إمجالي ّ‬ ‫البحث عن القضايا االثنيت عشرة‪.‬‬ ‫فلسطين‬

‫يف املرتبة التالية كان هناك مليونان و‬ ‫املتوسط شهريّاً تبحث‬ ‫ألف و‪ 60‬عملية حبث يف ّ‬ ‫عن فلسطين بكلمات حبث عامة ال حت ّدد‬ ‫شيئاً بعينه‪ ،‬وش ّ‬ ‫كلت هذه النوعية ‪،% 27.5‬‬ ‫وبعدها ُوجدت شرحية من عمليات البحث‬ ‫يقرتب منفذوها من القضيّة من مدخل الشعب‬ ‫الفلسطيين وأحواله املعيشية وما يتعرض له‬ ‫من أخطار وحصار وظلم وتهجري وخالفه‪،‬‬ ‫وقد بلغت نسبة عمليات البحث املعبرّ ة عن‬ ‫هذا التوجه ‪. % 16.9‬‬ ‫كان هناك أيضاً من اختار أن يقرتب من‬ ‫القضيّة من باب املتابعة اإلخبارية واإلعالمية‬ ‫ملا جيرى يومياً وسعى للتعرف إىل أخبار‬ ‫فلسطين‪ ،‬وقد شكلت عمليات البحث اليت‬ ‫املتوسط اإلمجالي‬ ‫نفّذها هؤالء ‪ % 9.4‬من ّ‬ ‫للبحث عن فلسطين‪ ،‬وهناك من حبث عن‬ ‫واملؤسسات‬ ‫املؤسسات الفلسطينية يف الداخل ّ‬ ‫ّ‬ ‫املؤسسات‬ ‫املرتبطة بفصائل املقاومة‪ ،‬سواء ّ‬ ‫الفلسطينية أم الدولية‪ ،‬وهؤالء بلغت نسبتهم‬ ‫‪ ،% 7.2‬أما من اختاروا االقرتاب والتواصل مع‬ ‫القضيّة من بوابة كفاح الشعب الفلسطيين‬ ‫ومقاومته فنفذوا عمليات حبث وصلت نسبتها‬ ‫املتوسط العام إلمجالي البحث‬ ‫إىل ‪ % 3.2‬من ّ‬ ‫عن فلسطين‪ ،‬وجاء بعدهم من سعوا للوصول‬ ‫إىل مواقع توفر هلم موارد معرفية ومعلوماتية‬ ‫عن القضيّة عرب الشبكة‪ ،‬وبلغت نسبة عملياتهم‬ ‫املتوسط العام‪ ،‬ثم جاء‬ ‫البحثية ‪ % 1.3‬من ّ‬ ‫من رأوا أن قضيّة فلسطني هي يف جوهرها‬ ‫مأساة إنسانية وبشرية أكثر من أ ّي شيء آخر‪،‬‬ ‫وركزوا على البحث عن املعلومات اليت جتسد‬ ‫هذا التوجه يف تعاطيهم مع القضيّة‪ ،‬وقد بلغت‬ ‫عمليات البحث اليت نفذها هؤالء ‪ 55‬ألفاً‬ ‫املتوسط العام‪،‬‬ ‫و‪ 320‬عملية بنسبة ‪ % 0.74‬من ّ‬ ‫وهو رقم يقرتب بشدة من عميات البحث اليت‬ ‫نفّذها من اختاروا االقرتاب من تاريخ القضيّة‬

‫‪255‬‬

‫بخالف فلسطين قضيّة العرب األولى‬ ‫على شبكة اإلنترنت بنسبة ‪ ،% 46.6‬توزّعت‬ ‫اهتمامات العرب األخرى بين قضيّة الحرية‬ ‫التي مثلت ‪ % 2.4‬من إجمالي عمليات البحث‬ ‫والديمقراطية بنسبة ‪ % 1.5‬وحقوق اإلنسان‬ ‫بنسبة ‪ % 1.1‬والتنوير بنسبة ‪.. % 0.09‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 256‬للتنمية الثقافية‬

‫ووثائقها وفصوهلا عرب العقود املاضية حيث‬ ‫وصلت عمليات البحث اليت نفّذوها ‪ 54‬ألفاً‬ ‫و‪ 670‬عملية تش ّكل ‪ ،% 0.73‬ويف املرتبة األخرية‬ ‫جاءت عمليات البحث اليت نفذها من اهتموا‬ ‫بتتبع عالقات الدول العربيّة املختلفة بالقضيّة‬ ‫الفلسطينية ومواقفهم منها وتركزت عمليات‬ ‫حبثهم على العالقات بني لبنان واألردن‬ ‫ومصر والقضيّة الفلسطينية‪ ،‬ونفّذ هؤالء ‪13‬‬ ‫املتوسط شهريّاً متثّل‬ ‫ألفاً و‪ 120‬عملية حبث يف ّ‬ ‫املتوسط العام‪.‬‬ ‫‪ % 0.17‬من إمجالي ّ‬ ‫تركيز على الجوانب الكبرى‬

‫شكل رقم ‪36‬‬

‫الطارئة املرتبطة بأحداث يومية أو تلك اليت‬ ‫تثري هبات عطف طارئة يف عنفوانها وطغيانها‪،‬‬ ‫فاجلزء األكرب من عمليات البحث انصرف‬ ‫إىل الرتكيز على فلسطين كوطن وشعب‬ ‫وقضيّة كربى جيري البحث عنها بكلمات تو ّفر‬ ‫معلومات يف شتى مساراتها‪ ،‬حيث تشكل هذه‬ ‫التوجهات الثالثة معاً ‪ % 77‬من عمليات البحث‬ ‫اليت نفذها اجلمهور‪ ،‬بينما تو ّزعت النسبة‬ ‫الباقية على شرائح اجلمهور األخرى اليت‬ ‫أثارت اهتمامها اجلوانب اإلنسانية والتفاصيل‬ ‫اجلارية للقضيّة‪ ،‬سواء على صعيد املتابعة أم‬ ‫املؤسسات أم الكفاح أم اجلوانب املأسوية يف‬ ‫ّ‬ ‫القضيّة‪ ،‬ومن املقدر أن هذا يش ّكل عالمة وعي‬ ‫لدى مجهور اإلنرتنت يف تواصله مع القضيّة‪،‬‬ ‫حيث ال يزال توجهه األساسي حنو لب القضيّة‬ ‫وجوهرها ال حول تفاصيلها‪.‬‬

‫تكشف لنا هذه األرقام عن أن التواصل‬ ‫الرقمي من قبل اجلمهور مع القضيّة‬ ‫الفلسطينية يعكس مدى اهتمامه الكبري‬ ‫بالقضيّة وأنه يعتربها قضيته األوىل مقارنة‬ ‫ببقية القضايا األخرى‪ ،‬إذ وضعها يف املرتبة‬ ‫قضية‬ ‫األوىل وأعطاها ما يناهز نصف عمليات ‪ - 2‬التواصل الرقمي حول‬ ‫ّ‬ ‫البحث اإلمجالية‪ ،‬وباإلضافة لذلك اتسم هذا الطائفية‬ ‫جاءت قضيّة الطائفية يف املرتبة الثانية‬ ‫االهتمام بالرتكيز على اجلوانب الكلية الكربى‬ ‫ً‬ ‫طويلة األجل يف القضيّة مقارنة بالفعاليات وحصلت على مليونني و‪ 614‬ألفا و‪ 498‬عملية‬ ‫املتوسط شهريّاً متثّل ‪ % 16.3‬من‬ ‫حبث يف ّ‬ ‫املتوسط العام الشهري لعمليات‬ ‫امجالي‬ ‫ّ‬ ‫البحث‪ ،‬والالفت يف هذه القضيّة أن الغالبية‬ ‫الساحقة من عمليات البحث تنصرف إىل‬ ‫الرتكيز على الطائفية الدينية اليت استحوذت‬ ‫على ‪ % 99‬من عمليات البحث السابقة‪ ،‬كما‬ ‫يوضح الشكل رقم "‪."36‬‬ ‫ّ‬ ‫الشيعة ثم السنة‬

‫وتض ّم قائمة الطوائف الدينية اليت تتو ّزع‬ ‫عليها عمليات البحث ‪ 16‬طائفة دينية تتصدرها‬ ‫الطائفة الشيعية مبليون و‪ 368‬ألفاً و‪ 390‬عملية‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬ثم الطائفة السنية‬ ‫حبث يف ّ‬ ‫املتوسط‬ ‫مبليون و‪ 201‬ألفاً و‪ 378‬عملية حبث يف ّ‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫االهتمام بالطائفية ‪ % 2‬من السينما‬

‫ويعكس هذا التوزيع أوضاع الطائفية على‬ ‫أرض الواقع يف العامل العربي إىل ح ّد ما‪،‬‬ ‫وذلك من حيث التوزيع الدميوغرايف والثقل‬ ‫السياسي والديين واالجتماعي‪ ،‬وعلى الرغم‬ ‫من أن قضيّة الطائفية تأتي يف املركز الثاني‬ ‫بعد فلسطين من حيث عدد عمليات البحث‬ ‫املهتمة بها‪ ،‬فإنها إمجاالً مل حتظ مبستوى‬ ‫اهتمام ملحوظ أو مقلق من قبل مجهور‬ ‫اإلنرتنت يف العامل العربي‪ ،‬فجميع من يهتمون‬ ‫بها أق ّل من ‪ % 2‬ممن يهتمون بالسينما وأقل‬ ‫من ‪ % 5‬ممن يهتمون بالغناء‪ ،‬ونصف من‬ ‫يهتمون باملسرح ويتساوون تقريباً مع من‬ ‫يهتمون باملكتبات‪ ،‬بل إن عمليات البحث عن‬ ‫املطرب تامر حسني أكرب من عمليات البحث‬ ‫عن الطائفية يف العامل العربي‪ ،‬وهذا يعين أنه‬ ‫إذا كانت قضيّة الطائفية تشكل عوامل قلق‬ ‫وأرق واضطراب يف الواقع الفعلي يصل إىل ح ّد‬ ‫إراقة الدماء وإشاعة الفرقة بني أبناء الوطن‬ ‫الواحد‪ ،‬فإنها على صعيد التواصل الرقمي ال‬ ‫تشكل اهتماماً بالقدر نفسه‪ ،‬بل تعترب قضيّة‬ ‫غري مثرية وغري جاذبة للغالبية الساحقة من‬ ‫مجهور اإلنرتنت يف العامل العربي‪ ،‬بل قضيّة‬ ‫النخبة الرقميّة باألساس‪.‬‬

‫ّ‬ ‫مت استخدام كلميت "عربي وعربية" بهدف‬ ‫الوصول إىل معدل عمليات البحث عن األشياء‬ ‫واملوضوعات املشرتكة يف العامل العربي‪ ،‬من‬ ‫خالل استخدام ما تنتجه أداة البحث يف‬ ‫غوغل من نتائج مرتبطة بهاتني الكلمتني‪،‬‬ ‫ويف النهاية وجدنا أن عمليات البحث اليت‬ ‫تأتي مرتبطة بكلميت "عربي وعربية" تصل‬ ‫إىل مليونني و‪ 128‬ألفاً و‪ 893‬عملية حبث يف‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬وهو رقم جعلها حتتل املرتبة‬ ‫ّ‬ ‫الثالثة بني القضايا املشاركة يف التحليل بنسبة‬ ‫وصلت إىل ‪ % 13.3‬من إمجالي عمليات البحث‬ ‫عن القضايا العامة ككل‪ ،‬وهو رقم ضئيل بك ّل‬ ‫املقاييس‪.‬‬

‫السلوك البحثي لجمهور اإلنترنت‬ ‫العربي تجاه أميركا يكشف أن ‪ 85‬في‬ ‫المائة من عمليات البحث عن ذلك‬ ‫البلد تت ّم بكلمات بحث عامة ال تربط‬ ‫بين أميركا وبين أ ّي قضيّة من القضايا‬ ‫الساخنة على الساحة العربيّة‪ ،‬بل العملية‬ ‫هي محض بحث عن أميركا بال هدف‬ ‫مسبق‪..‬‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫شهريّاً‪ ،‬وبعد ذلك تأتي طوائف أخرى كالدرزية‬ ‫والسامرية والزيدية واملعمدانية واإلجنيلية‬ ‫واملارونية والنصريية وغريها‪.‬‬ ‫وتتو ّزع النسبة الضئيلة الباقية على‬ ‫عمليات حبث عامة عن الطائفية وبعض‬ ‫القضايا الطائفية كالفتنة الطائفية والطائفية‬ ‫السياسية والطائفية يف بعض البلدان العربيّة‬ ‫كالعراق ولبنان والكويت والسعودية والصراع‬ ‫الطائفي‪.‬‬

‫العربية‬ ‫‪ - 3‬التواصل مع الموضوعات‬ ‫ّ‬ ‫المشتركة‬

‫‪257‬‬

‫األفالم أكبر مجال اهتمام عربي‬ ‫مشترك‬

‫لكن الالفت أكثر هو التوزيع الفرعي هلذا‬ ‫الرقم على املسارات املختلفة‪ ،‬فكما هو واضح‬ ‫من الشكل رقم "‪ "37‬يتّضح أن نصف عمليات‬ ‫البحث يف هذا الصدد تذهب إىل األفالم‬ ‫العربيّة‪ ،‬وربعها يذهب إىل األغاني العربيّة‪،‬‬ ‫و‪ % 9‬تذهب إىل اجلنس العربي‪.‬‬ ‫يتقدم على البحث والجامعات‬ ‫الجنس‬ ‫ّ‬ ‫والصحف‬

‫الالفت هنا أن يأتي اجلنس كموضوع‬ ‫مشرتك بني العرب متق ّدماً على املنتديات‬ ‫والقصص والكتب واجملالت واجلامعات‬ ‫والبحوث والصحف‪ ،‬ويستقطب اهتماماً يعادل‬ ‫عشرات أضعاف االهتمام الذي تستقطبه هذه‬ ‫املوضوعات عند النظر إليها كقضيّة مشرتكة‪.‬‬ ‫أما ك ّل القضايا واملوضوعات املشرتكة‬ ‫احلقيقية اليت يتعني أو من الواجب أن يكون‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 258‬للتنمية الثقافية‬

‫كان االهتمام بالتواصل الرقمي حول‬ ‫إسرائيل أق ّل مقارنة بنظيره حول أميركا‬ ‫متوسط البحث عن إسرائيل عند‬ ‫حيث يقف ّ‬ ‫مليون و‪ 162‬ألفاً و‪ 72‬عملية‪ ،‬وهو ما يق ّل عن‬ ‫عدد عمليات البحث عن أميركا بما يزيد‬ ‫على النصف مليون عملية بحث‪..‬‬ ‫يتباين اهتمام العرب بإسرائيل‬ ‫على شبكة اإلنترنت إذ يتصدر االهتمام‬ ‫بم ّمارسات إسرائيل العدوانية بمعدل‬ ‫‪ 77‬ألف عملية بحث شهريّاً‪ ،‬ثم متابعة‬ ‫اإلعالم اإلسرائيلي (‪ 57‬ألف عملية بحث‬ ‫شهريّاً) يلي ذلك التع ّرف إلى إسرائيل‬ ‫من الداخل (‪ 30‬ألف عملية بحث شهريّاً)‬ ‫ثم البحث عن إسرائيل كمكان للجنس‬ ‫واللذة (‪ 16‬ألف عملية بحث شهريّاً)‬ ‫واالهتمام بالجيش اإلسرائيلي (حوالى‬ ‫‪ 10‬آالف عملية بحث شهريّاً)‪..‬‬

‫شكل رقم ‪37‬‬ ‫ء‬ ‫ء‬

‫إجمالي‬

‫هناك اهتمام كاف بها فبعضها موجود لكنه‬ ‫يندرج حتت النسبة الباقية اليت تق ّل عن الربع‪،‬‬ ‫فمث ًال حظيت الصحف العربيّة بـ ‪ % 1.9‬من‬ ‫عمليات البحث بعدد ‪ 40‬ألفاً و‪ 900‬عملية يف‬ ‫املتوسط‪ ،‬واجلامعات العربيّة حظيت بـ ‪% 0.22‬‬ ‫ّ‬ ‫من عمليات البحث بعدد ‪ 4800‬عملية يف‬ ‫املتوسط‪ ،‬والبحوث العربيّة كان نصيبها ‪% 0.027‬‬ ‫ّ‬ ‫املتوسط شهريّا‪ً.‬‬ ‫مبعدل ‪ 590‬عملية حبث يف ّ‬ ‫العربية‬ ‫النكت أهم من الوحدة‬ ‫ّ‬

‫مشرتك يف ما بينهم‪ ،‬حيث أنتج هؤالء‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬وال شك أن‬ ‫عملية حبث يف ّ‬ ‫هذا األمر يكشف إىل أ ّي ح ّد حدث تراجع‬ ‫االهتمام بقضيّة الوحدة العربيّة على صعيد‬ ‫التواصل الرقمي حتى أنها بدت أق ّل من أن‬ ‫تصبح نكتة‪ ،‬وإمجاالً تعكس هذه األرقام وهناً‬ ‫شديداً يف القضايا اليت تثري اهتمام العرب‬ ‫بصورة مشرتكة عرب الفضاء الرقمي أو متثّل‬ ‫عامل جذب لتواصل رقمي مشرتك حوهلا‪،‬‬ ‫ومن املهم أن يلتفت القائمون على أمور‬ ‫الثقافة والتنمية الثقافيّة إىل هذه الظاهرة‬ ‫السلبية والتع ّمق يف دراستها ووضع حلول هلا‪.‬‬ ‫‪6600‬‬

‫أما قضيّة الوحدة العربيّة فكان نصيبها‬ ‫املتوسط تشكل ‪،% 0.015‬‬ ‫‪ 333‬عملية حبث يف ّ‬ ‫واملفارقة أن هذا الرقم يقل مبقدار ‪19‬‬ ‫رقمي ًا‬ ‫ضعفاً عمن يبحثون عن النكت العربيّة كشيء ‪ - 4‬التواصل مع أميركا‬ ‫ّ‬ ‫يقف االهتمام بـ أميركا عند ح ّد مليون‬ ‫املتوسط شهريّاً‪،‬‬ ‫و‪ 739‬ألفاً و‪ 500‬عملية حبث يف ّ‬ ‫املتوسط الشهري‬ ‫تشكل ‪ % 10.8‬من إمجالي ّ‬ ‫لعمليات البحث عن القضايا العامة اليت‬ ‫‪% 100‬‬ ‫مما‬ ‫خضعت للتحليل‪ ،‬وهي قضيّة أق ّل كثرياً ّ‬ ‫‪% 49.2‬‬ ‫‪% 25.8‬‬ ‫ميكن توقعه يف ضوء ما يثار عن أميركا على‬ ‫‪% 9.0‬‬ ‫الساحة الواقعية ويف وسائل اإلعالم املختلفة‪.‬‬ ‫‪% 5.0‬‬

‫‪% 2.80‬‬

‫قضية‬ ‫أمريكا ال ترتبط بأي‬ ‫ّ‬

‫‪% 1.9‬‬

‫لكن ليس هذا وحده الفتاً يف السلوك البحثي‬ ‫جلمهور اإلنرتنت العربي جتاه أميركا‪ ،‬ألن ‪% 85‬‬ ‫من عمليات البحث عن أميركا تت ّم بكلمات‬ ‫حبث عامة ال تربط بني أميركا وبني أ ّي قضيّة‬ ‫من القضايا الساخنة على الساحة العربيّة‪ ،‬بل‬ ‫هو حمض حبث عن أمريكا بال هدف حمدد‬ ‫يوضح الشكل رقم "‪."38‬‬ ‫مسبق‪ ،‬كما ّ‬

‫‪% 1.5‬‬ ‫‪% 1.5‬‬ ‫‪% 0.69‬‬ ‫‪% 0.69‬‬ ‫‪% 0.60‬‬ ‫‪% 0.31‬‬ ‫‪% 0.22‬‬ ‫‪% 0.13‬‬ ‫‪% 0.11‬‬ ‫‪% 0.027‬‬ ‫‪% 0.027‬‬ ‫‪% 0.027‬‬ ‫‪% 0.015‬‬

‫ً‬

‫ء‬

‫‪ ..‬ومكان للسيارات والجنس‬

‫بعد ذلك جند أمامنا رقماً ال خيلو من‬ ‫مفاجأة وهو أن ثاني مسار للبحث عن أميركا‬ ‫يتعامل معها باعتبارها بلداً ينتج السيارات‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫ء‬

‫ء‬

‫ء‬

‫ء‬

‫‪1,162,072‬‬

‫‪915,700‬‬

‫‪66,657‬‬ ‫‪57,051‬‬ ‫‪30,083‬‬ ‫‪29,880‬‬ ‫‪16,870‬‬ ‫‪15,291‬‬ ‫‪14,530‬‬ ‫‪9,830‬‬ ‫‪4,320‬‬ ‫‪1,860‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫وميكن احلصول منه على سيارات جديدة أو احلاكمة إىل غري ذلك‪.‬‬ ‫مستعملة أو تباع فيه السيارات‪ ،‬والذين يرون‬ ‫أميركا على هذا النحو ينتجون ‪ 75‬ألفاً و‪ 510‬أرقام ضئيلة بال موقف مسبق‬ ‫لكن عمليات البحث اليت استهدفت‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬يليهم من‬ ‫عمليات حبث يف ّ‬ ‫يبحثون عن أميركا باعتبارها مؤثرة على التواصل مع أميركا متيل إىل عكس ذلك‪،‬‬ ‫العرب واإلسالم وهؤالء ينتجون ‪ 65‬ألفاً و‪690‬‬ ‫شكل رقم ‪38‬‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬ثم هناك من‬ ‫عملية حبث يف ّ‬ ‫ً‬ ‫يرون أميركا مهجرا حيلمون باهلجرة إليه‬ ‫إجمالي‬ ‫‪% 100‬‬ ‫واالستقرار فيه وهؤالء ينتجون ‪ 48‬ألفاً و‪320‬‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬ثم هناك من‬ ‫عملية حبث يف ّ‬ ‫‪% 85‬‬ ‫يرون أميركا مكاناً للجنس وما يرتبط به من‬ ‫‪% 4.34‬‬ ‫متع حسية ول ّذة جسدية‪ ،‬وهؤالء ينتجون ‪26‬‬ ‫‪% 3.20‬‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬أما‬ ‫ألفاً و‪ 30‬عملية حبث يف ّ‬ ‫‪% 2.70‬‬ ‫من يرون أميركا مكاناً للدراسة فينتجون يف‬ ‫‪% 1.49‬‬ ‫املتوسط ‪ 16‬ألفاً و‪ 810‬عملية حبث شهريّاً‪ ،‬ثم‬ ‫ّ‬ ‫التعامل مع أميركا من قبل‬ ‫‪% 1.02‬‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫هناك شرحية أقل ترى أميركا بلدا ينتج الف ّن‬ ‫‪% 0.96‬‬ ‫واألدب الذي ميكن متابعته وهؤالء ينتجون ‪15‬‬ ‫في‬ ‫‪% 0.91‬‬ ‫املتوسط‪،‬‬ ‫ألفاً و‪ 960‬عملية حبث شهريّاً يف ّ‬ ‫ويف ذيل القائمة جند من يبحثون عن قضايا‬ ‫‪% 0.19‬‬ ‫تعيشها أميركا ويسعون للتعرف إليها كقضايا‬ ‫السود واهلجرة العشوائية وسياسات أميركا‬ ‫وعالقة كوبا بأميركا وغريها‪ ،‬وهؤالء ينتجون‬ ‫شكل رقم ‪39‬‬ ‫املتوسط‪.‬‬ ‫‪ 3390‬عملية حبث شهريّاً يف ّ‬ ‫وهنا حنن أمام أرقام ال تتناسب يف‬ ‫حجمها اإلمجالي وال يف توزيعها الداخلي مع‬ ‫إجمالي‬ ‫‪% 100‬‬ ‫عام‬ ‫ما هو متوقع أو يشاع أو يعد افرتاضاً عاماً بأن‬ ‫‪% 78.80‬‬ ‫عدوان‬ ‫‪% 5.70‬‬ ‫صورة أميركا لدى اجلمهور العربي حتتل مكانة‬ ‫اعالم‬ ‫‪% 4.90‬‬ ‫متق ّدمة يف صدارة املشهد الثقايف والفكرى يف‬ ‫‪% 2.58‬‬ ‫داخل‬ ‫العامل العربي وما ميوج به من قضايا مهمة‪،‬‬ ‫‪% 2.57‬‬ ‫عالقات‬ ‫شكل رقم ‪ 39‬أوجه التعامل‬ ‫نظراً الرتباط أمريكا بالقضيّة احملورية لدى‬ ‫جنس‬ ‫‪% 1.45‬‬ ‫مع اسرائيل من قبل مجهور‬ ‫‪% 1.31‬‬ ‫ممارستها واملنحازة‬ ‫موارد‬ ‫العرب وهي فلسطين ثم ّ‬ ‫اإلنرتنت العربي طبقاً ملسارات‬ ‫‪ % 1.25‬وعدد والنسبة املئوية لعمليات‬ ‫قضايا‬ ‫إلسرائيل‪ ،‬هذا فض ًال عن تأثريها وارتباطاتها‬ ‫البحث عنها يف ‪2009‬‬ ‫‪% 0.80‬‬ ‫جيش‬ ‫القوية بالعديد من القضايا الساخنة يف‬ ‫‪% 0.37‬‬ ‫قادة‬ ‫املنطقة وعلى رأسها قضايا الدميقراطية‬ ‫ثقافة‬ ‫‪% 0.16‬‬ ‫واحلريات والعالقة مع الدول العربيّة ونظمها‬

‫‪259‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 260‬للتنمية الثقافية‬

‫فعلى صعيد الكيف والعدد نصطدم بالضآلة الشكل رقم "‪ ،"39‬أن ‪.7‬‬ ‫الشديدة اليت وقفت بالعدد عند ما يربو‬ ‫قلي ً‬ ‫كيان عدواني‬ ‫ال على مليون وسبعمائة ألف عملية‬ ‫يتوجه البحث العام عن إسرائيل بكلمات‬ ‫حبث‪ ،‬وهو معدل أق ّل من معدل البحث عن‬ ‫ّ‬ ‫متوسط املوهبة‪ ،‬ثم يكشف التوزيع غري حمددة اهلدف أو القصد‪ ،‬ويأتي يف مرتبة‬ ‫مطرب ّ‬ ‫الداخلي هلذا العدد أن مجهور اإلنرتنت تالية عمليات حبث يرى أصحابها إسرائيل‬ ‫العربي حينما يبحث عن أميركا على كياناً عدوانياً ال ّ‬ ‫ممارسة العدوان‬ ‫يكف عن ّ‬ ‫اإلنرتنت ال يتخذ يف األغلب موقفاً مسبقاً‬ ‫بصور متن ّوعة‪ ،‬وهؤالء ينتجون ‪ 66‬ألفاً و‪657‬‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬يليهم من‬ ‫نتيجة خربات أو معلومات يعرفها عن أميركا عملية حبث يف ّ‬ ‫ومواقفها‪ ،‬بل يبحث عنها على غري هدى‪ ،‬يرغب يف متابعة اإلعالم اإلسرائيلي وهؤالء‬ ‫املتوسط‪،‬‬ ‫وال يكرتث مبا يقال عن أميركا أو تفعله هي ينتجون ‪ 57‬ألفاً و‪ 51‬عملية حبث يف ّ‬ ‫بالفعل‪ ،‬وحتى الشرحية أو الشرائح اليت ثم من يسعى للتعرف إىل إسرائيل من الداخل‬ ‫قررت البحث عن أميركا وفق تصور أو هدف وهؤالء ينفذون ‪ 30‬ألفاً و‪ 83‬عملية حبث يف‬ ‫املتوسط‪ ،‬ثم من يبحثون عن عالقات إسرائيل‬ ‫مسبق وجدناها ترى يف أميركا بلداً للسيارات‬ ‫ّ‬ ‫واجلنس واهلجرة‪ ،‬ويف مرتبة متدنية للغاية مع العرب وينتجون ‪ 29‬ألفاً و‪ 880‬عملية حبث‬ ‫املتوسط‪ ،‬ثم من يرون إسرائيل كمكان‬ ‫جييء على استحياء من يرون أميركا طرفاً يف ّ‬ ‫للجنس واللّذة وهؤالء ينتجون ‪ 16‬ألفاً و‪870‬‬ ‫يف قضايا تتعلق بالعرب واإلسالم أو مكانا‬ ‫للدراسة والف ّن واألدب‪ ،‬وخنلص من هذا عملية حبث‪ ،‬ثم من يودون التعرف إىل‬ ‫كله أنّنا إمجاالً أمام صورة هزلية ألميركا مواقع ومنتديات تتيح معلومات عن إسرائيل‪،‬‬ ‫لدى اجلمهور العربي الذى يبحث عنها عرب ويصدرون عمليات حبث تصل إىل ‪ 15‬ألفاً‬ ‫املتوسط‪ ،‬ثم من يبحثون عن‬ ‫اإلنرتنت‪ ،‬والذي ال تقيم غالبيته العظمى و‪ 291‬عملية يف ّ‬ ‫معلومات حول جيش إسرائيل وينتجون ‪9830‬‬ ‫وزناً ورمبا ال تكرتث بك ّل ما يقال ليل نهار يف‬ ‫وسائل اإلعالم املختلفة عن سياسات أميركا عملية حبث ثم عن قادة إسرائيل وينتجون‬ ‫‪ 4320‬عملية‪ ،‬وثقافة إسرائيل وينتجون ‪1860‬‬ ‫ودورها مع مصاحل املسلمني والعرب‪.‬‬ ‫املتوسط شهريّاً‪.‬‬ ‫عملية حبث يف ّ‬ ‫‪ - 5‬التواصل الرقمي مع إسرائيل‬ ‫وتقول لنا األرقام السابقة أن حجم االهتمام‬ ‫كان االهتمام بالبحث عن إسرائيل أق ّل بالبحث عن إسرائيل متواضع للغاية وأقل من‬ ‫مقارنة بالبحث عن أمريكا‪ ،‬حيث يقف املتوقع أو املفرتض‪ ،‬وإن كان ما خيفف من‬ ‫متوسط البحث عن إسرائيل عند مليون و‪ 162‬ذلك النقص أو يعوضه هو االقبال الكاسح‬ ‫ّ‬ ‫ألفاً و‪ 72‬عملية حبث تشكل ‪ % 7.2‬من إمجالي على البحث عن فلسطني باعتباره يليب الكثري‬ ‫البحث يف القضايا اليت خضعت للتحليل‪ ،‬وهو من االهتمام املطلوب بفلسطني وإسرائيل معاً‪.‬‬ ‫ما يقل عن عدد عمليات البحث عن أميركا‬ ‫أما التوزيع الداخلي هلذا الرقم الضئيل‬ ‫مبا يزيد على النصف مليون عملية حبث‪ ،‬فيشري إىل أن صورة إسرائيل لدى شرحية‬ ‫أما التوزيع الداخلي والفرعي هلذا الكم من اجلمهور كانت متوقعة ومعربة عن الواقع‬ ‫يوضح إىل ح ّد كبري‪ ،‬فإسرائيل يف نظر هؤالء دولة‬ ‫عمليات البحث عن إسرائيل ففيه‪ ،‬كما ّ‬ ‫‪.% 78‬‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫عدوانية ويتعني التعرف على ما جيري فيها‬ ‫من إعالم وقضايا وجيش وقادة‪.‬‬

‫‪261‬‬

‫شكل رقم ‪40‬‬

‫قضية الحرية‬ ‫‪ - 6‬التواصل مع‬ ‫ّ‬

‫طلب حرية النشر في المقدمة‬

‫والالفت أن قائمة كلمات البحث يف هذا‬ ‫املسار تض ّمنت حرية النشر وحرية اإلرادة‬ ‫وحرية الشعوب لكنها تض ّمنت أيضاً حرية‬ ‫احليوان وحرية الطيور وحرية التملّك‪ ،‬أما‬ ‫النسبة بالغة الضآلة الباقية وهي تناهز الـ ‪% 3‬‬ ‫فتوجهت إىل البحث عن قضايا احلرية‬ ‫ّ‬ ‫مثل حدود احلرية وضوابط احلرية وعوائق‬ ‫حرية التعبري واحلرية بني االلتزام والفوضى‬ ‫متوسط عدد‬ ‫وااحلرية والتحرر وغريها‪ ،‬وبلغ ّ‬ ‫عمليات البحث يف هذه القضايا وغريها ‪12‬‬ ‫املتوسط شهريّاً‪.‬‬ ‫ألفاً و‪ 464‬عملية حبث يف ّ‬ ‫أنظر الشكل رقم "‪."40‬‬ ‫قضية شديدة النخبوية‬ ‫ّ‬

‫وانطالقاً من هذه األرقام ميكن القول‬ ‫إن احلرية يف الفضاء الرقمي قضيّة شديدة‬ ‫النخبوية وتهت ّم بها فئة قليلة للغاية من مجهور‬ ‫الباحثني عن املعلومات من العرب مقارنة‬ ‫بإمجالي عدد مستخدمي اإلنرتنت أو حتى‬

‫ء‬

‫ً‬

‫الباحثني عن نوعيات أخرى من املعلومات‪ ،‬وهو‬ ‫ما جيعل منها قضيّة ته ّم منتجيها واملدافعني‬ ‫عنها داخل النخبة الضيقة أكثر منها قضيّة‬ ‫ته ّم من يفرتض أنهم مستقبلوها واملتعاطون‬ ‫معها من اجلمهور العام‪.‬‬ ‫‪ - 7‬التواصل مع الديمقراطية‬

‫يبدو االستهالك والتواصل الرقمي مع‬ ‫قضيّة الدميقراطية أسوأ من االستهالك‬ ‫والتواصل مع قضيّة احلرية‪ ،‬فعمليات البحث‬ ‫عن الدميقراطية بلغت ‪ 247‬ألفاً و‪ 351‬عملية‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ .‬أنظر الشكل رقم "‪."41‬‬ ‫يف ّ‬ ‫وهو رقم يقل عن عمليات البحث عن احلرية‬ ‫بـ ‪ 136‬ألفاً و‪ 751‬عملية‪ ،‬وهو ما جعل قضيّة‬ ‫الدميقراطية ترتاجع ملا بعد احلرية من‬ ‫حيث النسبة وحتصل على ‪ % 1.5‬فقط من‬ ‫متوسط عمليات البحث عن القضايا‬ ‫إمجالي ّ‬ ‫العامة‪ ،‬ويضاف هلذا أن التوزيع الداخلي‬ ‫لعمليات البحث عن الدميقراطية يبدو أكثر‬ ‫سوءاً‪ ،‬فغالبيتها الساحقة من نوعية عمليات‬ ‫البحث اليت تت ّم بكلمات عامة ال تن ّم عن‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫نالت قضيّة احلرية ‪ 384‬ألفاً و‪ 102‬عملية‬ ‫املتوسط شهريّاً متثّل ‪ % 2.4‬من‬ ‫حبث يف ّ‬ ‫متوسط البحث عن القضايا العامة‪،‬‬ ‫إمجالي ّ‬ ‫وكان ‪ % 88‬منها عمليات حبث بكلمات عامة ال‬ ‫حتدد قضيّة أو مساراً بعينه‪ ،‬أما الباقي فتوزع‬ ‫‪ % 1‬على من يرغبون يف الوصول إىل مواقع‬ ‫ومنتديات وموسوعات تو ّفر معارف ومعلومات‬ ‫عن احلرية‪ ،‬و‪ % 8‬كانت عمليات حبث تستهدف‬ ‫الوصول إىل معلومات حول أنواع وفروع معيّنة‬ ‫من احلرية‪.‬‬

‫فروع‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 262‬للتنمية الثقافية‬

‫موقف أو تعبرّ عن رأي أو وعي بقضيّة ما‪،‬‬ ‫وتش ّكل هذه النوعية ‪ % 91‬من عمليات البحث‬ ‫اليت استهدفت االستهالك والتواصل مع‬ ‫قضيّة الدميقراطية‪ ،‬يف حني كانت يف قضيّة‬ ‫احلرية ‪ ،% 88‬أما النسبة الباقية من عمليات‬ ‫البحث فقد كان ‪ % 5‬منها تش ّكل ‪ 11‬ألفاً و‪402‬‬ ‫املتوسط موجهة للبحث عن‬ ‫عمليات حبث يف ّ‬ ‫قضايا الدميقراطية مثل التحول الدميقراطي‬ ‫واإلسالم والدميقراطية‪ ،‬والدميقراطية‬ ‫والشورى والرتبية والدميقراطية والتغيري‬ ‫الدميقراطي والقيم الدميقراطية والعوملة‬ ‫والدميقراطية إىل غريها من قضايا‬ ‫أخرى تض ّمنتها قائمة مكونة من ‪ 31‬قضيّة‬ ‫كان آخرها حبسب عدد عمليات البحث‬ ‫قضيّة عيوب الدميقراطية وحقوق اإلنسان‬ ‫والدميقراطية يف البحرين‪.‬‬ ‫تأثير محدود لإلنترنت في‬ ‫الديمقراطية في العالم العربي‬

‫أما نسبة الـ ‪ % 4‬الباقية فتو ّزعت على‬ ‫عمليات البحث اليت استهدفت التع ّرف إىل‬ ‫أوضاع الدميقراطية يف الدول العربيّة واليت‬ ‫املتوسط شهريّاً‬ ‫حظيت بـ ‪ 6139‬عملية حبث يف ّ‬ ‫واملؤسسات‬ ‫بنسبة ‪ ،% 2‬وفروع الدميقراطية ّ‬ ‫الدميقراطية بنسبة ‪ % 1‬لك ّل منهما‪ ،‬والالفت‬ ‫باملؤسسات‬ ‫أن قائمة كلمات البحث اخلاصة ّ‬ ‫الدميقراطية مل تتض ّمن سوى عشر كلمات‬ ‫ورد من بينها حزب المجتمع الديمقراطي‬ ‫وحزب الوحدة والديمقراطية‪ ،‬وهو ما يعين أن‬ ‫عمليات البحث عن األحزاب السياسية يف الوطن‬ ‫العربي واليت اقرتنت بقضيّة الدميقراطية تكاد‬ ‫تكون نادرة أو معدومة‪ ،‬وهو ما يشري إىل أن‬ ‫املؤسسات الدميقراطية‬ ‫األحزاب ‪ -‬كجزء من ّ‬ ‫ ال حتظى باهتمام كبري من قبل الباحثني عن‬‫املعلومات عرب اإلنرتنت‪.‬‬

‫وهذا بدوره يلقي بتساؤالت عديدة حول‬ ‫حدود التأثري الذي حتدثه اإلنرتنت يف قضايا‬ ‫احلرية والدميقراطية وغريها من القضايا‬ ‫العامة من هذا النوع بني مجهور اإلنرتنت‬ ‫العربي الواسع‪ ،‬الذي ال يزال إما يكتفي‬ ‫بالفرجة أو البحث بصورة قشرية عامة وال‬ ‫يك ّون رأيّاً أو موقفاً يقتنع به ويبحث عما يؤيده‬ ‫أو يشارك يف فعالياته حتى على الشبكة‪.‬‬ ‫قضية حقوق‬ ‫‪ - 8‬التواصل مع‬ ‫ّ‬ ‫اإلنسان‬

‫‪ 176‬ألفاً و‪ 157‬عملية حبث فقط هو‬ ‫املتوسط الشهري لعدد عمليات البحث‬ ‫ّ‬ ‫الصادرة عن مجهور اإلنرتنت العربي خالل‬ ‫العام ‪ 2009‬واليت استهدفت احلصول على‬ ‫معلومات وبيانات وأشياء أخرى حتقق‬ ‫االستهالك والتواصل الرقمي مع قضيّة حقوق‬ ‫اإلنسان‪ ،‬وميثل هذا الرقم ‪ % 1.1‬من إمجالي‬ ‫متوسط عمليات البحث يف القضايا العامة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يوضح‬ ‫وعلى مستوى التوزيع الداخلي ‪ -‬كما ّ‬ ‫الشكل رقم "‪ - "42‬جاء يف املركز األول‬ ‫عمليات البحث اليت استهدفت التعرف إىل‬ ‫قضايا حقوق اإلنسان‪ .‬حيث بلغت ‪ 80‬ألفاً‬ ‫املتوسط شهريّاً متثّل ‪% 46‬‬ ‫و‪ 389‬عملية يف ّ‬ ‫من عمليات البحث يف حقوق اإلنسان‪ ،‬أما‬ ‫عمليات البحث بالكلمات العامة فرتاجعت‬ ‫لتحتل املركز الثاني وتتوقف عند ‪ 49‬ألفاً‬ ‫املتوسط شهريّاً ومتثّل ‪% 28‬‬ ‫و‪ 942‬عملية يف ّ‬ ‫متوسط عمليات البحث يف حقوق‬ ‫من إمجالي ّ‬ ‫اإلنسان‪ ،‬وبعد ذلك جاءت عمليات البحث‬ ‫اليت استهدفت التعرف إىل حقوق اإلنسان‬ ‫يف الدول العربيّة وبلغت ‪ 26‬ألفاً و‪ 4‬عملية يف‬ ‫املتوسط تشكل ‪ % 15‬من االمجالي‪ ،‬ثم البحث‬ ‫ّ‬ ‫مؤسسات حقوق اإلنسان وحظيت بـ ‪14‬‬ ‫عن ّ‬ ‫املتوسط تشكل ‪% 8‬‬ ‫ألفاً و‪ 424‬عملية حبث يف ّ‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫‪263‬‬

‫املتوسط العام‪ ،‬ثم فروع وختصصات نشطاء حقوق اإلنسان واملتابعني هلذه القضيّة‬ ‫من ّ‬ ‫حقوق اإلنسان وحظيت بنسبة ‪ % 2‬ووثائق ولذلك مل يستخدموا كلمات البحث العامة‬ ‫بكثرة كما هو احلال مع الدميقراطية واحلرية‪.‬‬ ‫حقوق اإلنسان وحظيت بنسبة ‪. % 1‬‬ ‫ضآلة عدد يقابلها توازن توزيع‬

‫املتوسط الشهري لعدد عمليات البحث‬ ‫بلغ ّ‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫ونالحظ يف هذه األرقام أنه يف مقابل‬ ‫الضآلة الشديدة يف العدد والذي جيعل حقوق‬ ‫اإلنسان أسوأ حظاً من احلرية والدميقراطية‪،‬‬ ‫فإن التوزيع الداخلي هلذا الرقم الضئيل‬ ‫يبدو أكثر توازناً من سابقيه‪ ،‬حيث تراجعت‬ ‫عمليات البحث بالكلمات العامة للمركز الثاني‬ ‫لتحتل ‪ % 28‬فقط‪ ،‬وذلك عكس ما حدث يف‬ ‫الدميقراطية "‪ "%91.5‬واحلرية "‪،"% 88‬‬ ‫وافسح الباحثون جماالً أوسع لقضايا حقوق‬ ‫اإلنسان لتحت ّل املركز األول‪ ،‬ومنها قضايا‬ ‫مثل اإلعالم وحقوق اإلنسان واحلريات العامة‬ ‫وحقوق اإلنسان والقيود املفروضة على حقوق‬ ‫اإلنسان والفقر وحقوق اإلنسان‪ ،‬كما استمرت‬ ‫درجة من التوازن يف بقية مسارات البحث‬ ‫الفرعية األخرى‪ ،‬حيث جاءت عمليات البحث‬ ‫مؤسسات حقوق اإلنسان وعن الوثائق‬ ‫عن ّ‬ ‫والفروع يف نهاية الرتتيب‪ ،‬ومل يشذ عن هذا‬ ‫التوازن إال عمليات البحث اليت استهدفت‬ ‫احلصول على معلومات عن أوضاع حقوق‬ ‫اإلنسان يف العامل العربي واليت حظيت بنسبة‬ ‫أق ّل من املفرتض مل تتعد ‪ % 15‬متثّلها ‪ 26‬ألف‬ ‫املتوسط شهريّاً فقط‪،‬‬ ‫و‪ 4‬عمليات حبث يف ّ‬ ‫وخنلص من هذه األرقام وتوزيعها الداخلي‬ ‫إىل أن حقوق اإلنسان قضيّة غري جاذبة‬ ‫للجمهور العام الساعي لالستهالك والتواصل‬ ‫الثقايف الرقمي عرب اإلنرتنت‪ ،‬وأيضاً قضيّة‬ ‫خنبوية بامتياز مثلما هو احلال مع احلرية‬ ‫والدميقراطية‪ ،‬وإن كان التوازن الطفيف‬ ‫الذي أظهره توزيع عمليات البحث يد ّل على أن‬ ‫الباحثني عن هذه القضيّة هم يف األغلب من‬

‫المذهبية‬ ‫‪ - 9‬التواصل مع‬ ‫ّ‬

‫شكل رقم ‪41‬‬ ‫فروع الديموقراطية‬

‫ء‬

‫ً‬

‫شكل رقم ‪42‬‬ ‫فروع‬ ‫ء‬

‫ء‬

‫ء‬ ‫ء‬

‫ء‬

‫ً‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 264‬للتنمية الثقافية‬

‫السلوك البحثي في التواصل الثقافي‬ ‫الرقمي من قبل جمهور اإلنترنت العربي‬ ‫يحمل في طياته نواة جيّدة الستهالك‬ ‫بالتخصص‬ ‫وتواصل ثقافي نوعي يتّسم‬ ‫ّ‬ ‫والتواصل‪ ،‬وإن كان هذا التواصل اليزال‬ ‫ضيقاً من حيث االنتشار وقلي ً‬ ‫ال من حيث‬ ‫العدد‪..‬‬

‫اليت استهدفت االستهالك والتواصل مع‬ ‫احملتوى اخلاص بقضيّة املذهبيّة خالل ‪2009‬‬ ‫من العامل العربي ‪ 43‬ألفاً و‪ 151‬عملية تش ّكل‬ ‫املتوسط اإلمجالي للبحث يف‬ ‫‪ % 0.27‬من ّ‬ ‫القضايا العامة‪ ،‬واستخدمت يف هذه العمليات‬ ‫‪ 13‬كلمة حبث فقط مل تظهر فيها أ ّي تصنيفات‬ ‫سوى كلمات عامة ال حتمل معنى حم ّدداً أو‬ ‫مسبقاً مثل "مذهبية‪ ،‬املذهبيّة‪ ،‬مذهيب يف‬ ‫احلياة‪ ،‬حر ومذهب ك ّل حر مذهيب ‪ ..‬إخل"‪،‬‬ ‫مما يد ّل على أنها قضيّة شديدة اهلامشية‬ ‫ّ‬ ‫والضآلة بالنسبة إىل مجهور اإلنرتنت العربي‬ ‫الذى يبحث عن قضايا ثقافيّة عامة أو‬ ‫ختصصية‪ ،‬وهذا ليس بسبب ضآلة عدد‬ ‫عمليات البحث فقط ولكن بسبب العمومية‬ ‫الشديدة يف كلمات البحث املستخدمة‪ ،‬بل‬ ‫وتشويشها أحياناً واختفاء أ ّي كلمات حبث تن ّم‬ ‫عن اهتمام حقيقي بالقضيّة ‪.‬‬

‫املتوسط‬ ‫التنوير وهذه بلغت ‪ 264‬عملية حبث يف ّ‬ ‫شهريّاً‪ ،‬وأخرياً عمليات البحث اليت استهدفت‬ ‫املؤسسات القائمة على قضايا التنوير وبلغت‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫املتوسط شهريّا تثمل ‪.% 1‬‬ ‫‪ 162‬عملية حبث يف ّ‬ ‫أنظر الشكل رقم "‪."43‬‬ ‫والالفت أن الرقم اإلمجالي لعمليات‬ ‫البحث عن قضيّة التنوير وإن كان يق ّل عن‬ ‫الرقم اإلمجالي للبحث عن املذهبيّة إال أنه‬ ‫محل يف طياته تقسيمات ومسارات فرعية‬ ‫واضحة‪ ،‬األمر الذي يعين أن القائمني على‬ ‫هذا النوع من عمليات البحث يهتمون بالفعل‬ ‫بالقضيّة ويبحثون يف جوانبها املختلفة‪ ،‬ولعلنا‬ ‫الحظنا كيف أن فئة الباحثني عن كتب يف‬ ‫التنوير حتتل املرتبة الثانية بعد الباحثني عنها‬ ‫بالكلمات العامة‪ ،‬لكن هذا امللمح اإلجيابي‬ ‫ال ينفي أن القضيّة مهمشة بالنسبة جلمهور‬ ‫اإلنرتنت الباحث عن املعلومات إن مل تكن‬ ‫بالفعل مهملة تقريباً‪.‬‬

‫يهبط االهتمام باالستهالك والتواصل مع‬ ‫قضيّة التنوير إىل مستوى شديد الضآلة‪ ،‬حيث‬ ‫متوسط عمليات البحث عن هذه القضيّة‬ ‫توقف ّ‬ ‫املتوسط شهريّاً‬ ‫عند ‪ 13‬ألفاً و‪ 607‬عمليات يف ّ‬ ‫متوسط عمليات‬ ‫متثّل ‪ % 0.09‬من إمجالي ّ‬ ‫البحث عن القضايا العامة‪ ،‬ويتو ّزع هذا الرقم‬ ‫فرعياً إىل عمليات حبث بالكلمات العامة‬ ‫بلغت ‪ 9‬آالف و‪ 856‬عملية حبث تش ّ‬ ‫كل ‪% 73‬‬ ‫منه‪ ،‬وعمليات حبث استهدفت الوصول إىل‬ ‫كتب تتناول قضيّة التنوير وبلغت ‪ 2340‬عملية‬ ‫متثّل ‪ ،% 17‬وعمليات حبث تتعلق بالتعرف إىل‬ ‫زوايا ووجهات نظر خمتلفة يف قضيّة التنوير‬ ‫مثل عصر التنوير وفلسفة التنوير وفكر التنوير‬ ‫املتوسط‬ ‫وفالسفة التنوير وهذه بلغت يف‬ ‫ّ‬ ‫‪ 985‬عملية تشكل ‪ ،% 7‬ثم املواقع واملنتديات‬ ‫واملوسوعات اليت توفر معارف ومعلومات عن‬

‫قضية الفكر‬ ‫‪ - 11‬التواصل مع‬ ‫ّ‬ ‫العربي‬

‫قضية التنوير‬ ‫‪ - 10‬التواصل مع‬ ‫ّ‬

‫يف املرتبة قبل األخرية يأتي االهتمام‬ ‫املتوسط‬ ‫بقضيّة الفكر العربي‪ ،‬حيث مل يتجاوز ّ‬ ‫الشهري لعمليات البحث اليت استهدفت‬ ‫استهالك والتواصل مع القضيّة ‪ 7960‬عملية‪،‬‬ ‫ويغلب على كلمات البحث املستخدمة فيها‬ ‫السمة نفسها اليت ظهرت يف البحث عن‬ ‫قضيّة املذهبيّة‪ ،‬واملتمثّلة يف استخدام كلمات‬ ‫حبث شديدة العمومية يغلب على البعض منها‬ ‫التشويش ويسودها مجيعاً عدم التحديد الذي‬ ‫يد ّل على عدم اكرتاث أو ال مباالة من قبل‬ ‫مما يد ّل على أن‬ ‫منفّذي عمليات البحث‪ّ ،‬‬ ‫عمليات البحث يف القضيّة رمبا جاءت عرضاً‬ ‫ومل تنجم عن اهتمام حقيقي‪.‬‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫قضية اإلصالح‬ ‫‪ - 12‬التواصل مع‬ ‫ّ‬ ‫السياسي‬

‫شكل رقم ‪43‬‬

‫(نقاط القوة والضعف)‬

‫بعد عمليات الرصد واالستكشاف السابقة‬ ‫يف ك ّل الفروع الثقافيّة والسمات العامة‬ ‫املشرتكة لالستهالك الثقايف الرقمي ‪ ..‬يصبح‬ ‫السؤال اآلن‪ :‬ما هي نقاط القوة والضعف اليت‬ ‫توجهات اجلمهور ومستهلكي الثقافة‬ ‫حتملها ّ‬ ‫جتاه ظاهرة التواصل الثقايف الرقمي العربي؟‬ ‫بعبارة أخرى أين هي اإلجيابياًت والسلبيات‬ ‫يف سلوك مجهور اإلنرتنت العربي وهو يسعى‬ ‫من تلقاء نفسه للبحث عن الثقافة ومنتجيها‬ ‫وفروعها ومنتجاتها وقضاياها بغية استهالكها‬ ‫والتواصل معها رقميّاً؟‬ ‫القوة‬ ‫نقاط ّ‬

‫يف ضوء عمليات الرصد اليت ّ‬ ‫متت وما‬

‫‪ - 1‬شغف عام في البحث عن الثقافة‬

‫أظهر السلوك البحثي جلمهور اإلنرتنت‬ ‫العربي يف كثري من األحيان مسحة من الشغف‬ ‫العام بالثقافة أو الفرع الثقايف الذي مييل إليه‬ ‫ويبحث على اإلنرتنت سعياً وراء استهالكه‬ ‫والتواصل معه‪ ،‬وقد متثّلت هذه املسحة يف‬ ‫السعي إىل الوصول إىل ك ّل ما حيتويه أ ّي فرع‬ ‫من الفروع الثقافيّة من منتجات وإبداعات‬ ‫ثقافيّة‪ ،‬فهو حينما يسعى للتواصل مع الكتب‬ ‫والكتاب ال يضع اختيارات مسبقة يف ما يبحث‬ ‫عنه أو يسعى الستهالكه والتواصل معه‪،‬‬ ‫بل لديه يف األغلب األعم شغف بالبحث عن‬ ‫الكتب والكتاب عموماً بال متييز أو حتديد‬ ‫واضح يف ما يتعلّق باملؤلف أو ختصص الكتاب‬ ‫أو مكان إنتاجه وطبعه إىل غري ذلك‪ ،‬والشيء‬ ‫القصة أو‬ ‫نفسه حينما يبحث عن الشعر أو ّ‬ ‫املسرحية أو الرواية‪ ،‬فاالجتاه السائد دائماً‬

‫ء‬

‫ً‬

‫اإلقبال واسع النطاق بين جمهور‬ ‫اإلنترنت على القصة والرواية عبر‬ ‫اإلنترنت‪ ،‬وشغفه بالتواصل الرقمي مع‬ ‫هذا اللون الثقافي واألدبي رقميّاً‪ ،‬ووجود‬ ‫رغبة واضحة في البحث عن الكتب‬ ‫حيث كانت هناك ‪ 243‬ألفاً و‪ 800‬عملية‬ ‫المتوسط شهريّاً تسعى وراء‬ ‫بحث في‬ ‫ّ‬ ‫الكتب المتاحة مجاناً على اإلنترنت‪ ،‬وال‬ ‫يح ّدد أصحابها نوعية معيّنة للكتب‪ ،‬بل‬ ‫يريدونها مجانية فقط‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫يف املرتبة األخرية جاءت قضيّة اإلصالح‬ ‫السياسي من ضمن ‪ 12‬قضيّة عامة خضعت‬ ‫متوسط عمليات البحث املهتمة‬ ‫للبحث‪ ،‬ووصل ّ‬ ‫املتوسط شهريّاً‬ ‫بالقضيّة إىل ‪ 6946‬قضيّة يف ّ‬ ‫املتوسط العام إلمجالي‬ ‫تشكل ‪ % 0.004‬من ّ‬ ‫عمليات البحث يف القضايا العامة‪ ،‬وأصاب‬ ‫هذه القضيّة ما أصاب قضييت الفكر العربي‬ ‫واملذهبيّة من استخدام كلمات حبث عامة‬ ‫تن ّم عن المباالة وعدم اكرتاث بالقضيّة‪،‬‬ ‫ويكفي أن نعلم أن عمليات البحث اليت جرت‬ ‫باستخدام كلمة "اإلصالح السياسي يف مصر"‬ ‫املتوسط شهريّاً‪،‬‬ ‫بلغت ‪ 73‬عملية حبث يف ّ‬ ‫وبالقطع فاألرقام تن ّم عن إهمال شديد هلذه أعقبها من حتليالت‪ ،‬أمكن رصد عشر نقاط‬ ‫القضيّة من قبل مجهور اإلنرتنت الباحث عن قوة يف توجهات اجلمهور العربي حنو االستهالك‬ ‫والتواصل الثقايف الرقمي‪ ،‬وهي كالتالي‪:‬‬ ‫املعلومات على الشبكة‪.‬‬ ‫نتائج وتحليالت لسمات مستهلكي‬ ‫الرقمية وأدائهم‬ ‫العربية‬ ‫الثقافة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪265‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 266‬للتنمية الثقافية‬

‫أسماء شعراء وكتّاب من طراز نجيب‬ ‫محفوظ ونزار قباني مثاالً ال حصراً‪،‬‬ ‫جاؤوا في المركز الثاني من أولويات‬ ‫"اإلنترنتيّين العرب" بعد المطربين‬ ‫والمغنّين‪..‬وسبقوا ممثّلي السينما‬ ‫والمسرح والتلفزيون من حيث الرغبة‬ ‫في التواصل مع شخوصهم‪..‬وهذا يعطي‬ ‫داللة إيجابية على أن الّلغة ومبدعيها‪،‬‬ ‫وفي مق ّدمتهم الشعراء‪ ،‬لهم مكانة قويّة‬ ‫لدى شريحة الجمهور التي تبحث عن‬ ‫نجوم الثقافة‪..‬‬

‫هو البحث عن حمض "الرواية"‪ ،‬أو "قصة" أو‬ ‫"قصيدة" وهكذا‪ ،‬وكأنه يريد الوصول إىل ك ّل‬ ‫ما هو متاح على اإلنرتنت عن الرواية والقصة‬ ‫والقصيدة بغض النظر عن املؤلف أو العمل‬ ‫اإلبداعي نفسه‪ ،‬وليس روايات ملؤلف ما أو‬ ‫رواية حتمل عنواناً بعينه‪ ،‬ويضع هذا السلوك‬ ‫البحثي بني أيدينا نقطة ق ّوة تتمثّل يف أن هناك‬ ‫شرحية واسعة من مجهور اإلنرتنت لديه طلباً‬ ‫على الثقافة يتّسم بالرحابة والسعة والقابلية‬ ‫للتمدد والزيادة مع الوقت‪ ،‬ومن ثم ميكن‬ ‫العمل على توسيع نطاقه مع الوقت‪.‬‬ ‫فعالية‬ ‫‪ - 2‬نواة تواصل نوعي أكثر‬ ‫ّ‬

‫املؤلف واألديب أم اسم العمل األدبي نفسه‪،‬‬ ‫ورأينا السلوك نفسه يف الف ّن التشكيلي الذى‬ ‫بدت مسارات البحث فيه متوازنة وأكثر‬ ‫انتظاماً وتنسيقاً بصورة تعكس ارتفاعاً يف‬ ‫اهتمامات ووعي هذه الشرحية من اجلمهور‬ ‫باإلمكانات اليت ميكن أن تق ّدمها اإلنرتنت‬ ‫كقناة للتواصل مع هذا الفن‪.‬‬ ‫ميكننا أن نعترب أن السلوك البحثي‬ ‫للجمهور جتاه البحث عن األدب واألدباء‬ ‫يق ّدم حالة ترتفع فيها مهارات البحث ويتّجه‬ ‫فيها االستهالك والتواصل الرقمي حنو مزيد‬ ‫من العمق‪ ،‬من خالل انتقائية ما يت ّم حتميله‬ ‫وتضييق نطاق عملية البحث نفسها لتصبح‬ ‫أكثر حتديداً‪ ،‬ففروع األدب التخصصيّة‬ ‫استحوذت على ‪ % 40‬من العمليات البحثية‬ ‫هلذا املسار‪ ،‬وتلى هؤالء من رغبوا يف التواصل‬ ‫رقميّاً مع السينما‪ ،‬ثم الغناء‪ ،‬ثم املوسيقى ثم‬ ‫الشعر‪.‬‬ ‫كما لوحظ أيضاً أن إمجالي من سعوا‬ ‫ختصصات‬ ‫لالستهالك والتواصل رقميّاً مع ّ‬ ‫أدبية متنح "املتعة العقلية" والذهنية من‬ ‫خالل القراءة والنصوص األدبية والكتب‬ ‫تفوقوا ‪ -‬عددياً على األقل ‪ -‬على إمجالي‬ ‫ختصصات‬ ‫من سعوا إىل التواصل رقميّاً مع ّ‬ ‫سينمائية وغنائية وموسيقية‪ ،‬األمر الذى يعين‬ ‫أنه مبج ّرد ّ‬ ‫ختطي حاجز اجلماهريية الواسعة‬ ‫مبتطلباتها الكربى من الرتفيه السريع‪ ،‬نلمح‬ ‫قدراً من التوازن يف توجهات الشرحية الباقية‬ ‫من مجهور اإلنرتنت العربي وجند مي ًال حنو‬ ‫تواصل نوعي متخصص أعلى يف الفاعلية‪.‬‬

‫تنبىء التحليالت واألرقام السابقة بأن‬ ‫السلوك البحثي يف التواصل الثقايف الرقمي‬ ‫من قبل مجهور اإلنرتنت العربي حيمل يف‬ ‫طياته بذرة أو نواة جيّدة الستهالك وتواصل‬ ‫بالتخصص والتواصل األكثر‬ ‫ثقايف نوعي يتّسم‬ ‫ّ‬ ‫فعالية تنفذه شرحية من هذا اجلمهور‪ ،‬وإن‬ ‫كان هذا التواصل اليزال ضيقاً نوعاً ما من‬ ‫حيث االنتشار وقلي ًال من حيث العدد مقارنة‬ ‫بالشرائح األخرى‪.‬‬ ‫وهناك العديد من اإلشارات الدالة على‬ ‫وجود هذه النقطة من نقاط القوة‪ ،‬جندها‬ ‫مث ًال يف جمال املوسيقى اليت تص ّدرت املوسيقى‬ ‫الكالسيكية قائمة أنواع املوسيقى اليت يسعى‬ ‫مجهور اإلنرتنت الستهالكها والتواصل معها‬ ‫رقميّاً‪ ،‬ووجدناها يف عمليات البحث اليت‬ ‫تستهدف التواصل مع األدب واألدباء واليت‬ ‫كسر فيها اجلمهور النمط السائد يف االعتماد‬ ‫على كلمات البحث العامة واعتمد فيها على‬ ‫مما جعل ‪ - 3‬الثقافة كنسيج عربي وغير‬ ‫كلمات البحث األكثر حتديداً وداللة ّ‬ ‫فروع أدبية تأتي يف الصدارة‪ ،‬تليها األعمال ُقطري‬ ‫من أبرز نقاط القوة اإلجيابية يف توجهات‬ ‫األدبية واألدباء الذين سعى اجلمهور للتواصل‬ ‫معهم وكان البحث عنهم باالسم‪ ،‬سواء اسم مجهور اإلنرتنت جتاه الثقافة الرقميّة أن‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫‪ - 4‬وسيط لتوسيع نطاق النشر‬

‫أظهر السلوك البحثي للساعني إىل‬ ‫التواصل الثقايف الرقمي رغبة واضحة يف‬ ‫استخدام اإلنرتنت كوسيط لتوسيع نطاق‬ ‫النشر الثقايف الرقمي يف خمتلف فروعه جنباً‬ ‫إىل جنب مع وسائل النشر التقليدية‪ ،‬خصوصاً‬ ‫نشر الكتب واإلنتاج األدبي‪ ،‬ومن أبرز األدلة‬ ‫على ذلك اإلقبال واسع النطاق بني مجهور‬ ‫اإلنرتنت على القصة والرواية عرب اإلنرتنت‪،‬‬ ‫وشغفه بالتواصل الرقمي مع هذا اللون الثقايف‬ ‫واألدبي رقميّاً‪ ،‬ووجود رغبة واضحة يف البحث‬ ‫عن الكتب حيث كانت هناك ‪ 243‬ألفاً و‪800‬‬ ‫املتوسط شهريّاً تسعى وراء‬ ‫عملية حبث يف ّ‬ ‫الكتب املتاحة جماناً على اإلنرتنت‪ ،‬وال حي ّدد‬ ‫أصحابها نوعية معيّنة للكتب‪ ،‬بل يريدونها‬ ‫جمانية فقط‪.‬‬ ‫وبالطبع فإن هذه عالمة ق ّوة ميكن أن‬ ‫يستفيد منها املبدعون واملثقفون والناشرون‪،‬‬ ‫والقائمون على أمور الثقافة‪ ،‬لكونها تعكس‬ ‫شغفاً بالبحث عن الكتب طلباً لقراءتها‪ ،‬ولع ّل‬ ‫يف هذا الشغف ما يب ّدد بعض القلق الذي‬ ‫يبديه البعض من أن اإلنرتنت أضعفت عادة‬ ‫القراءة وقللت اإلقبال على األدب بشكل خاص‬ ‫وغيرّ ت من ميول وتفضيالت قطاعات واسعة‬ ‫من الشباب والكبار جتاه الكتب والكتاب‪ ،‬فها‬ ‫هو مجهور الشبكة يقبل على البحث والتواصل‬ ‫رقميّاً مع القصة والرواية مبعدالت رمبا تفوق‬ ‫من يزورون املكتبات ودور النشر واملعارض‬ ‫الواقعية‪.‬‬

‫تباين سلوك مستخدمي اإلنترنت في‬ ‫تواصلهم مع العديد من القضايا الكبرى‬ ‫التي شملها الرصد والتحليل‪ ،‬فبينما‬ ‫منح الجمهور قدراً كبيراً من التركيز‬ ‫واالهتمام للقضايا الكبرى كما هو الحال‬ ‫مع قضيّة فلسطين‪ ،‬أظهر قدراً واضحاً‬ ‫من اإلهمال واالنصراف مع قضيتي‬ ‫المذهبيّة والطائفية وقضايا أخرى مثل‬ ‫الحريّة والديمقراطيّة والتنوير‪..‬‬

‫‪ - 5‬تواصل مع قنوات الثقافة‬ ‫التقليدية‬

‫مل تدفع نقطة أو عالمة القوة السابقة‬ ‫السلوك البحثي جلمهور اإلنرتنت صوب‬ ‫حالة من اخلصومة الكاملة والتخلّي املطلق‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫الثقافة بالنسبة للعرب كانت يف ‪ % 97‬من‬ ‫احلاالت والعمليات البحثيّة نسيجاً واحداً‬ ‫يت ّم البحث فيه وعنه باعتباره عنصراً عاماً‬ ‫مشرتكاً وليس ُ‬ ‫قطرياً‪ ،‬ومن األمور الالفتة يف‬ ‫هذا الصدد أن ما يزيد على ‪ % 73‬من عمليات‬ ‫البحث اليت استخدمت كلمات تعتمد على‬ ‫القُطرية كانت مركزة يف جمال السينما بشكل‬ ‫أساسي‪ ،‬أما النسبة القليلة الباقية فتو ّزعت‬ ‫على ‪ 16‬فرعاً ثقافياً بكميات ضئيلة ال يعت ّد‬ ‫بها‪ ،‬وقد خال فرعان ثقافيان من أ ّي عمليات‬ ‫حبث ُ‬ ‫قطرية متاماً‪.‬‬ ‫ومن األمثلة األخرى البارزة على ذلك فرع‬ ‫اآلثار‪ ،‬فعلى الرغم من طبيعة اآلثار كرتاث‬ ‫لصيق بك ّل شعب أو دولة على حدة‪ ،‬كانت‬ ‫هناك نسبة ضئيلة ممن يريدون التواصل‬ ‫مع اآلثار اعتماداً على كلمات حبث على‬ ‫أساس الوطن أو الدولة مقارنة مبن يبحثون‬ ‫عن اآلثار ككل‪ ،‬ومل خيتلف احلال يف الرتاث‪،‬‬ ‫حيث جاءت الرغبة يف التواصل مع الرتاث‬ ‫من منطلق وطين أو قطري يف املرتبة الثالثة‬ ‫وكانت قليلة بصورة الفتة‪.‬‬ ‫ومن اجليّد أن حيدث ذلك على الرغم‬ ‫مما يقال عن تراجع فكرة القوميّة العربيّة‬ ‫ّ‬ ‫على الصعيد السياسي واالقتصادي ورمبا‬ ‫االجتماعي‪ ،‬واإليغال يف ُ‬ ‫القطرية على حنو‬ ‫الفت للنظر يف هذه اجملاالت‪ ،‬وبالتالي فإن‬ ‫سلوك الباحثني عن التواصل الثقايف الرقمي‬ ‫يؤ ّكد أن الوحدة الثقافيّة العربيّة تش ّكل توجهاً‬ ‫غالباً وكاسحاً لدى الغالبية الساحقة من‬ ‫مجهور اإلنرتنت‪ ،‬إال يف بعض احلاالت اليت‬ ‫يتفوق فيها انتشار اإلنتاج الثقايف لبلد ما‬ ‫على غريه لدى الباحثني عن التواصل الثقايف‬ ‫الرقمي‪ ،‬مثلما هو احلال مع السينما والغناء‬ ‫املصري‪ ،‬واملوسيقى اخلليجيّة‪.‬‬

‫‪267‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 268‬للتنمية الثقافية‬

‫تواصل الجمهور مع المنتجات‬ ‫الثقافيّة التي يمكن توظيفها في الترفيه‬ ‫السريع‪ ،‬بل والشاذ أحياناً كما هو الحال‬ ‫عند من يفضلون التواصل مع أفالم‬ ‫الرعب واالغتصاب‪ ،‬وذلك على حساب‬ ‫االهتمام بالتواصل رقميّاً مع المنتج‬ ‫الثقافي أو الفروع الثقافيّة التي تساعد‬ ‫في بناء المعرفة وتنمية العقل‪..‬‬

‫عن قنوات نشر الثقافة التقليدية‪ ،‬بل محل‬ ‫هذا السلوك يف طيّاته قدراً من التوازن جعله‬ ‫يظهر يف الكثري من حاالته وهو يدفع باجتاه‬ ‫وضعية يتعاون فيها التواصل الثقايف الرقمي‬ ‫مع التواصل الثقايف غري الرقمي يف آن واحد‪،‬‬ ‫وهذه نقطة ق ّوة تد ّل على إجيابية واضحة من‬ ‫مستخدمي الشبكة وباحثيها‪ ،‬وقد ظهر هذا‬ ‫التوجه يف العديد من الفروع الثقافيّة‪ ،‬كان من‬ ‫ّ‬ ‫بينها فرع املكتبات اليت دلّت كلمات البحث‬ ‫املستخدمة فيه أن التواصل الرقمي ليس بدي ًال‬ ‫للذهاب إىل املكتبة‪ ،‬ولكن وسيلة لتقليل اجلهد‬ ‫يف الوصول للمكتبة وحمتوياتها وكيفية التواصل‬ ‫معها‪ ،‬بعبارة أخرى كان السلوك البحثي يف‬ ‫هذا الصدد يرى اإلنرتنت قناة رقميّة تقود‬ ‫إىل مكتبة عادية وليست بديلة عنها‪ ،‬وذلك‬ ‫يف حالة ما إذا كانت املكتبات نفسها مهيأة‬ ‫لتقديم خدمات تواصل رقميّة مع روادها‬ ‫على اإلنرتنت‪ ،‬من حيث فهرسة حمتوياتها‬ ‫وإتاحتها على املوقع وتوفري أداة حبث وعرض‬ ‫جيّدة للكتب ثم نظام للمدفوعات اإللكرتونية‪،‬‬ ‫ونظام ملحق لتوصيل الكتب لطالبيها إما‬ ‫رقميّاً عرب املوقع يف حالة الكتب املوضوعة يف‬ ‫صيغ إلكرتونيّة‪ ،‬أو عرب الربيد العادي يف حالة‬ ‫شراء النسخ املطبوعة‪.‬‬ ‫ويد ّل اإلقبال الواضح على الكتب اجملانية‬ ‫على اإلنرتنت أن حاجز السعر بالنسبة للكتب‬ ‫ميثّل عائقاً أمام شرحية كبرية من مجهور‬ ‫لإلنرتنت الذى يسعى للتواصل مع املكتبات‬ ‫رقميّاً وورقياً أيضاً‪ ،‬كما يد ّل على أن اإلنرتنت‬ ‫واحملتوى الرقمي اإللكرتوني رخيص التكلفة‬ ‫ميكن أن ّ‬ ‫يوظف كبديل مه ّم يليب حاجة هؤالء‬ ‫للتواصل مع املكتبات والكتب معاً‪ ،‬إذا ما أحسن‬ ‫عرضه وتنظيمه وفهرسته وربطه مبجموعة‬ ‫خدمات كالدفع اإللكرتوني والتوصيل للمنازل‪.‬‬

‫‪ - 6‬تواصل نشط مع مبدعي‬ ‫وإبداعات اللغة‬

‫حينما يأتي الشعراء يف املركز الثاني بعد‬ ‫املطربني واملغنني ويسبقون ممثلي السينما‬ ‫واملسرح والتليفزيون واألدباء من حيث الرغبة‬ ‫يف التواصل رقميّاً مع شخوصهم‪ ،‬فنحن أمام‬ ‫نقطة قوة جديرة باملالحظة يف االستهالك‬ ‫التوجه‬ ‫والتواصل الثقايف الرقمي‪ ،‬لكون هذا ّ‬ ‫يعطي داللة إجيابية على أن الّلغة ومبدعيها‪،‬‬ ‫ويف مق ّدمتهم الشعراء‪ ،‬هلم مكانة قوية‬ ‫لدى شرحية اجلمهور اليت تبحث عن جنوم‬ ‫الثقافة‪ ،‬فقد بدت النسبة الغالبة من مجهور‬ ‫اإلنرتنت الساعي للتواصل رقميّاً مع الشعر‬ ‫والشعراء شغوفة بالبحث عن الشعر بصورة‬ ‫عامة‪ ،‬من دون حتديد للون شعري أو مدرسة‬ ‫شعريّة أو شاعر بعينه أو شعر يف وطن ما أو‬ ‫عصر تارخيي إىل غري ذلك‪.‬‬ ‫‪ - 7‬احتفاء باالبداعات األدبية‬ ‫النصية‬ ‫ّ‬

‫احت ّل األدب صدارة قائمة الفروع الثقافيّة‬ ‫العشرين من حيث البحث عن أعمال إبداعية‬ ‫باإلسم‪ ،‬وجاء وراؤه املسرح يف املركز الثاني‪،‬‬ ‫يف حني تقهقرت السينما إىل املركز العاشر‬ ‫والغناء للمركز احلادي عشر مبعدالت حبث ال‬ ‫توجه من‬ ‫تكاد تذكر‪ ،‬وهنا حنن أمام سلوك أو ّ‬ ‫قبل شرحية من اجلمهور يؤكد أن النصوص‬ ‫الثقافيّة املكتوبة من روايات وقصص وكتب‬ ‫اليزال هلا اعتبارها كإبداعات ثقافيّة تطلب‬ ‫باالسم ويسعى إليها مريدوها الذين يرون يف‬ ‫اإلنرتنت وسيلة للوصول إليها واستهالكها‪،‬‬ ‫بل ال تزال قادرة على أن جتعل األعمال‬ ‫املسموعة واملرئية ترتاجع بصورة واضحة‪،‬‬ ‫حتى وإن اختذت صورة رقميّة قابلة للتداول‬ ‫عرب اإلنرتنت‪ ،‬وهذا ما جيعلنا نرى يف هذا‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫السلوك البحثي نقطة قوة جيب التوقف‬ ‫عندها‪ ،‬ألنها تعكس احتفاء باإلبداعات األدبية‬ ‫النصيّة‪ ،‬سواء يف صيغتها الورقية املطبوعة أم‬ ‫اإللكرتونية املطلوبة للمطالعة على اإلنرتنت‬ ‫وشاشات احلاسبات‪.‬‬ ‫‪ - 8‬تواصل رشيد مع قضايا كبرى‬

‫المؤسسات المعنيّة‬ ‫تكشف األرقام أن ّ‬ ‫بأمور الثقافة عربيّاً معزولة في شرنقة‬ ‫ضيّقة تفصلها عن الغالبيّة الساحقة من‬ ‫جمهور اإلنترنت‪ ،‬وذلك بسبب ضعف‬ ‫المؤسسات على الشبكة‪،‬‬ ‫حضور هذه‬ ‫ّ‬ ‫فض ً‬ ‫ال عن تواضع عالقتها مع الجمهور‬ ‫في الواقع الفعلي‪..‬‬

‫‪ - 9‬جمهور يتجاوز المبدعين‬

‫ظهر السلوك البحثي جلمهور اإلنرتنت‬ ‫العربي أكثر نشاطاً وطلباً للتواصل من‬ ‫املبدعني ومنتجي الثقافة وإبداعاتها‬ ‫ومثقفيها‪ ،‬بعبارة أخرى حينما كان اجلمهور‬ ‫ال جيد لدى منتجي الثقافة ما يتو ّقعه من‬ ‫حمتوى ومعلومات وخدمات تفاعلية أو حتى‬ ‫بسيطة‪ ،‬كان يلجأ لوسائل أخرى متاحة على‬ ‫الشبكة للتواصل معهم ومع منتجاتهم عرب‬ ‫مصادر وموارد معرفية معلوماتية تتجاوز ما‬ ‫يضعه املبدع أو املثقّف أو األديب أو الشاعر‬ ‫عنه نفسه وعن إنتاجه‪ ،‬وظهر هذا جلياً‬ ‫يف جمال الشعر واملتاحف ومعارض الكتب‬ ‫واملتاحف واآلثار والنشر‪ ،‬وهذه نقطة قوة‬ ‫حتسب للجمهور الساعي للتواصل الرقمي‪،‬‬ ‫لكونه يسعى للتواصل حتى ولو جتاوز ما يتيحه‬ ‫واملؤسسات‪،‬‬ ‫املبدع أو منتج الثقافة من األفراد ّ‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫تباين سلوك مستخدمي اإلنرتنت يف‬ ‫تواصلهم مع العديد من القضايا الكربى اليت‬ ‫مشلها الرصد والتحليل‪ ،‬فبينما منح اجلمهور‬ ‫قدراً كبرياً من الرتكيز واالهتمام للقضايا‬ ‫الكربى كما هو احلال مع قضيّة فلسطين‪،‬‬ ‫أظهر قدراً واضحاً من اإلهمال واالنصراف مع‬ ‫قضييت املذهبيّة والطائفية وقضايا أخرى مثل‬ ‫احلريّة والدميقراطيّة والتنوير‪ ،‬وهذا معناه‬ ‫أنه يهت ّم بالقضايا اليت يفرتض أن جتمع‬ ‫وتو ّحد األ ّمة وتع ّد قضيتها املركزيّة‪ ،‬وينفر أو‬ ‫ال يكرتث بالقضايا اليت تف ّرق وحتدث مزيداً‬ ‫من الشروخ بني العرب كالقضايا الطائفية‬ ‫واملذهبيّة‪.‬‬ ‫وسلوك حبثي من هذا النوع يع ّد من‬ ‫عالمات الق ّوة ألنه يعكس قدراً من الوعي‬ ‫والرشادة والنضج يف توظيف اإلنرتنت كقناة‬ ‫تواصل مع هذه القضايا‪ ،‬ففي التواصل الرقمي‬ ‫مع قضيّة فلسطني اتسم هذا السلوك البحثي‬ ‫بالرتكيز على اجلوانب الكلية الكربى طويلة‬ ‫األجل يف القضيّة مقارنة بالفعاليات الطارئة‬ ‫املرتبطة بأحداث يومية أو تلك اليت تثري‬ ‫هبّات عطف طارئة يف عنفوانها وطغيانها‪،‬‬ ‫فاجلزء األكرب من عمليات البحث انصرف‬ ‫إىل الرتكيز على فلسطين كوطن وشعب‬ ‫وقضيّة كربى جيري البحث عنها بكلمات‬ ‫تو ّفر معلومات يف شتى مساراتها‪ ،‬بينما‬ ‫تو ّزعت النسبة الباقية على شرائح اجلمهور‬ ‫األخرى اليت أثار اهتمامها اجلوانب اإلنسانية‬

‫والتفاصيل اجلارية للقضيّة‪ ،‬وعلى النقيض‬ ‫من ذلك وجدنا أن من يهتمون بقضيّة‬ ‫الطائفية أق ّل من ‪ % 2‬ممن يهتمون بالسينما‬ ‫وأقل من ‪ % 5‬ممن يهتمون بالغناء‪ ،‬وهذا يعين‬ ‫أنه إذا كانت قضيّة الطائفية تش ّكل عوامل قلق‬ ‫وأرق واضطراب يف الواقع الفعلي يصل إىل ح ّد‬ ‫إراقة الدماء وإشاعة الفرقة بني أبناء الوطن‬ ‫الواحد‪ ،‬فإنها على صعيد التواصل الرقمي ال‬ ‫تش ّكل اهتماماً بالقدر نفسه‪ ،‬بل تعترب قضيّة‬ ‫غري مثرية وغري جاذبة للغالبية الساحقة من‬ ‫مجهور اإلنرتنت يف العامل العربي‪.‬‬ ‫وال خيتلف األمر مع قضيّة املذهبيّة اليت‬ ‫بدت يف عمليات البحث شديدة اهلامشية‬ ‫والضآلة‪ ،‬ويت ّم البحث عنها بكلمات تشوبها‬ ‫العمومية الشديدة والتشويش أحياناً واختفاء‬ ‫أ ّي كلمات حبث تن ّم عن اهتمام حقيقي‬ ‫بالقضيّة ‪.‬‬

‫‪269‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 270‬للتنمية الثقافية‬

‫ومثال على ذلك أنه مل تظهر عمليات حبث‬ ‫تذكر مواقع لشعراء حمددين باالسم إال يف‬ ‫التوجه على أن مواقع‬ ‫ثالث حاالت‪ ،‬ويد ّل هذا ّ‬ ‫الشعراء ال تو ّفر للجمهور هدفاً ميكن السعي‬ ‫إليه‪ ،‬كما تد ّل على أن التواصل الرقمي مع‬ ‫بدائية أدوات البحث والتواصل‬ ‫الشعر وعامله يت ّم يف جممله من خارج املواقع ‪- 2‬‬ ‫ّ‬ ‫ش ّكلت عمليات البحث بالكلمات العامة‬ ‫الرمسيّة للشعراء‪.‬‬ ‫والسطحية‪ ،‬اخلالية من أ ّي حتديد أو ذكر‬ ‫نقاط الضعف‬ ‫لنطاق حبثي معينّ سواء على صعيد املوضوع‬ ‫لتوجهات‬ ‫يف مقابل نقاط الق ّوة السابقة أظهرت أو الزمن أو السمات‪ ،‬العمود الفقري ّ‬ ‫توجهات اجلمهور حنو التواصل مجهور اإلنرتنت العربي وهو حياول التواصل‬ ‫التحليالت أن ّ‬ ‫الثقايف الرقمي تعاني من نقاط الضعف التالية‪ :‬ثقافياً بصورة رقميّة‪ ،‬وقد تر ّكز البحث‬ ‫بالكلمات العامة والسطحيّة يف الفروع الثقافيّة‬ ‫‪ - 1‬التواصل الثقافي الرقمي‬ ‫اليت يغلب عليها أو تسودها املنتجات الثقافيّة‬ ‫االستهالكي‬ ‫القابلة لالستهالك أو االستخدام املباشر‬ ‫بدت توجهات اجلمهور حنو التواصل الثقايف على نطاق مجاهريي واسع من قبل شرائح‬ ‫االرقمي استهالكيّة ترفيهيّة سطحيّة النزعة جمتمعية خمتلفة‪ ،‬كاألغاني واألفالم والكتب‬ ‫يف الغالبية الساحقة من عمليات البحث اليت وغريها‪ ،‬وميكن القول إنه كلما كان الفرع‬ ‫نفّذوها‪ ،‬فقد ر ّكزت على التواصل مع املنتجات الثقايف أكثر غنى بهذه النوعية من املنتجات‬ ‫الثقافيّة اليت ميكن توظيفها يف الرتفيه زاد فيه انتشار عمليّات البحث بالكلمات العامة‬ ‫السريع‪ ،‬بل والشاذ أحياناً كما هو احلال السطحيّة‪ ،‬أما إذا كان هذا الفرع أو ذاك‬ ‫عند من يفضلون التواصل مع أفالم الرعب يق ّدم خدمة أو يرسم سياسة أو ينفذ خطة أو‬ ‫واالغتصاب‪ ،‬وذلك على حساب االهتمام حتى يق ّدم منتجاً ال حيظى جبماهريية واسعة‬ ‫بالتواصل رقميّاً مع املنتج الثقايف أو الفروع ق ّل فيه استخدام الكلمات السطحيّة‪ ،‬وبالتالي‬ ‫الثقافيّة اليت تساعد يف بناء املعرفة وتنمية كانت نقطة الضعف هذه تتغ ّذى على السابقة‬ ‫العقل وترشيد التعامل مع التح ّدياًت الثقافيّة وتغذيها‪ ،‬مبعنى أنه كلما كان اهلدف الوصول‬ ‫الكربى واحلامسة على الساحة وفهمها‪ ،‬أو إىل منتج ثقايف استهالكي سطحي بطبعة‪ ،‬زاد‬ ‫اليت ميكن القول إنها تنتقل فيها العالقة بني استخدام الكلمات السطحيّة والعامة‪.‬‬ ‫اجلمهور ومبدعي الثقايف واملثقفني من مستوى‬ ‫وعملياً تع ّد هذه السمة عالمة على بدائية‬ ‫"املنتج‪ ،‬واملستهلك السليب" إىل مستوى مهارات البحث وأدواته ونقطة ضعف كبرية‬ ‫ألن استخدام هذه النوعية من‬ ‫الشريك والشريك اإلجيابي" اللذين بينهما لدى هؤالء‪َّ ،‬‬ ‫عالقة تفكري وفهم مشرتك للثقافة ومستقبلها الكلمات يف البحث يغرق أصحابها عادة يف‬ ‫وتفاعل محيم بني أطرافها‪ ،‬وهذه دون شك ما يطلق عليه "احلمل الزائد للمعلومات" أو‬ ‫نقطة ضعف لكونها حتصر اإلنرتنت يف جم ّرد املعلومات اليت تتد ّفق عرب عمليات البحث وال‬ ‫قناة لتغذية حالة النهم االستهالكي أللوان من تليب بد ّقة اهتمامات املستخدم وتتح ّول إىل‬ ‫املنتجات الثقافيّة ليست هي األعلى قيمة أو‬ ‫األشد أهمية‪ ،‬وإن كان الب ّد من اإلشارة هنا‬ ‫إىل أنها صورة ال ختتلف كثرياً ع ّما حيدث يف‬ ‫الواقع الفعلي خارج اإلنرتنت‪.‬‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫المؤسسات‬ ‫‪ - 3‬ضعف التواصل مع‬ ‫ّ‬ ‫والمنشآت‬

‫بدا التواصل الثقايف الرقمي جلمهور‬ ‫اإلنرتنت يف العامل العربي ضامراً خافتاً‬ ‫وشحيحاً للغاية يف سعيه لالستهالك والتواصل‬ ‫رقميّاً مع األنشطة واحملتوى الثقايف اخلاص‬ ‫باملؤسسات الثقافيّة الرمسيّة والعامة املسؤولة‬ ‫ّ‬ ‫عن رعاية واحلفاظ على الثقافة والتخطيط‬ ‫لتنميتها وتطويرها‪ ،‬وكذلك املنشآت الثقافيّة‬ ‫اخلاصة والعامة اليت تتولىّ نشرها مجاهريياً‪،‬‬ ‫فهناك عزوف بالغ الوضوح عن التواصل مع‬ ‫املؤسسات القائمة على أمور الكتب والكتّاب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫سواء يف القطاع احلكومي أم اخلاص‪ ،‬وباملنشآت‬ ‫واملؤسسات الرمسيّة‬ ‫الثقافيّة اليت ترعى األدب ّ‬ ‫املعنيّة به حيث كانت حصيلة العمليات البحثية‬ ‫يف هذه املسارات صفراً‪ ،‬وهكذا تكشف األرقام‬ ‫املؤسسات املعنية بأمور الثقافة‬ ‫السابقة عن أن ّ‬ ‫يف العامل العربي مفصولة عن الغالبية الساحقة‬ ‫من مجهور اإلنرتنت‪ ،‬على الرغم من أن هذا‬ ‫اجلمهور أبدى قبوالً مبدئيّاً بفكرة التواصل‬ ‫الرقمي معها‪ ،‬بدليل أنه سعى إىل العديد منها‬ ‫رقميّاً‪ ،‬وحاول الوصول إليها أم ًال يف خدمات‬ ‫يتوقعها أو معلومات يبحث عنها‪ ،‬وحبثاً عن أداء‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫عبء عليه بدالً من أن تكون مفيدة له‪ ،‬ومن‬ ‫ثم جتعل من عمليات البحث أشبه بفقاعة‬ ‫حتمل الكثري من اهلواء ال القيمة املضافة‪،‬‬ ‫وقد شاهدنا ذلك كثرياً عند جتهري وإعداد‬ ‫البيانات حيث بدت هذه الفقاعة متض ّخمة‬ ‫يف ك ّل الفروع وباألخص يف السينما واألغاني‬ ‫واملوسيقى كما سبقت اإلشارة‪ ،‬وقمنا بإزالة‬ ‫مئات اآلالف وأحياناً املاليني من عمليات‬ ‫البحث ونتائجها ألنها وضعت بني يدي اجلمهور‬ ‫نتائج ال عالقة هلا بالثقافة والتواصل الثقايف‬ ‫وإمنا ظهرت بسبب بدائية البحث وأدواته‪.‬‬

‫جديد من هذه املنشآت يناسب ما يو ّفره العصر‬ ‫الرقمي من تسهيالت ملن يبحث عن الثقافة‬ ‫ومنتجاتها وخدماتها املق ّدمة بهذه املنشآت‪،‬‬ ‫لكن من الواضح أن املنشآت نفسها ليست مع ّدة‬ ‫أو مهيّأة بصورة كافية هلذا الدور حتى وإن كان‬ ‫مطلوباً من شرحية ضيقة وقليلة للغاية من‬ ‫مجهور اإلنرتنت‪.‬‬ ‫خنلص من ذلك إىل أن قلّة التواصل‬ ‫املؤسسات يع ّد نقطة ضعف ألن‬ ‫الرقمي مع ّ‬ ‫واملؤسسات فشال معاً يف استخدام‬ ‫اجلمهور ّ‬ ‫اإلنرتنت كوسيط جديد وواعد للتواصل يف ما‬ ‫بينهما رقميّاً‪ ،‬وهو وضع يتّسم بقدر غري قليل‬ ‫من اخلطورة‪ ،‬ألن الثقافة تتعامل يف األساس‬ ‫مع العقل والوجدان معاً على مستوى الفرد‬ ‫واجلماعة واجملتمع واألمة كك ّل‪ ،‬ولذلك يصبح‬ ‫من الضروري أن يكون هناك نوع من التواصل‬ ‫املؤسسات‬ ‫اجليد واملستمر والعميق بني ّ‬ ‫الثقافيّة الرمسيّة والعامة املن ّوط بها إدارة‬ ‫قضايا وملفات ثقافيّة معيّنة وتتولىّ مسؤوليّة‬ ‫التخطيط لتنميتها وحتسينها من جهة‪،‬‬ ‫واجلمهور العام على مستوى املواطن الفرد أو‬ ‫اجلماعات احملليّة واملهنيّة والقطاعيّة من جهة‬ ‫أخرى‪ ،‬وإذا غاب هذا التواصل تأثّرت أوضاع‬ ‫الثقافة سلبياً بصورة حادة‪ ،‬وخنشى أن يكون‬ ‫هذا هو احلاصل بالفعل‪.‬‬

‫‪271‬‬

‫الحي والفوري‬ ‫‪ - 4‬ضعف التواصل‬ ‫ّ‬

‫سواء كانت عمليات البحث الساعية‬ ‫لالستهالك والتواصل الرقمي ضخمة‬ ‫وباملاليني كما هو احلال يف السينما والغناء أم‬ ‫قليلة باآلالف كما هو احلال مع الفكر وغريه‪،‬‬ ‫فإنها مل تفرز قدراً معقوالً من التواصل‬ ‫الرقمي احل ّي والفوري‪ ،‬بل كانت يف الغالبية‬ ‫العظمى من احلاالت عمليّات تواصل جامدة‬ ‫خالية من اللحظيّة واحليويّة اليت باتت السمة‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 272‬للتنمية الثقافية‬

‫الغالبة للتواصل الرقمي عرب اإلنرتنت يف‬ ‫شتى اجملاالت‪ ،‬ويؤكد ذلك االهتمام شديد‬ ‫الضآلة بالفعاليات الثقافيّة يف شتى الفروع‪،‬‬ ‫حيث مل يظهر االهتمام بالفعاليات الثقافيّة‬ ‫اجلارية على أرض الواقع خارج اإلنرتنت أو‬ ‫داخلها إال يف ثالثة فروع فقط هي السينما‬ ‫ن التشكيلي ومل يظهر يف الـ ‪17‬‬ ‫واملسرح والف ّ‬ ‫فرعاً األخرى‪ ،‬ويف الوقت نفسه لوحظ عزوف‬ ‫واضح من قبل مجهور اإلنرتنت عن املشاركة‬ ‫يف املنتديات الثقافيّة االفرتاضية واستخدامها‬ ‫كوسيلة للتواصل الثقايف‪ ،‬هذا فض ًال عن أن‬ ‫مفهوم املنتديات والصالونات الثقافيّة يف العامل‬ ‫العربي لدى مجهور اإلنرتنت ينصرف فقط إىل‬ ‫املنتديات الثقافيّة الرقميّة على الشبكة وال يأخذ‬ ‫يف حسبانه الصالونات الثقافيّة الفكريّة اليت‬ ‫جتري فعالياتها وأنشطتها يف الواقع الفعلي‪،‬‬ ‫إذ مل ترد عملية حبث واحدة تسعى للسؤال أو‬ ‫التواصل مع أ ّي منتدى أو صالون ثقايف عربي‬ ‫يت ّم يف الواقع الفعلي‪ ،‬وتكمل حالة التواصل مع‬ ‫معارض الكتب رقميّاً الصورة اجلامدة اخلالية‬ ‫من احليوية واللحظية يف التواصل الثايف الرقمي‪،‬‬ ‫فاجلمهور لديه جتاهل تام للفعاليات اليت ته ّم‬ ‫صناعة املعارض وجتري أثناء فرتة انعقادها‪،‬‬ ‫وهو وضع يعكس ضحالة شديدة يف استخدام‬ ‫اإلنرتنت كوسيط لالستهالك والتواصل رقميّاً‬ ‫مع معارض الكتب‪ ،‬ويف الغالب يعود ذلك إىل‬ ‫أن إدارات املعارض والقائمني عليها يف العامل‬ ‫العربي مل يتنبهوا بعد ومبا فيه الكفاية ملا حتمله‬ ‫اإلنرتنت من إمكانات يف هذا الصدد والذي‬ ‫وصل إىل مرحلة تنظيم معارض افرتاضية‬ ‫رقميّة تتوازى يوماً بيوم وساعة بساعة مع ما‬ ‫جيري يف املعارض على أرض الواقع‪.‬‬ ‫تش ّكل هذه التوجهات وغريها نقطة ضعف‬ ‫إن مل تكن أزمة‪ ،‬تتو ّزع مسؤوليتها على منتجي‬ ‫املؤسسات الرمسيّة‬ ‫الثقافة والقائمني عليها ّ‬

‫والعامة واخلاصة‪ ،‬ليس فقط ألنها حرمت‬ ‫اجلمهور من فرصة التواصل الرقمي اللحظي‬ ‫والفوري‪ ،‬ولكن ألنها سهلت وضاعفت من‬ ‫سرعة وقوع مجهور اإلنرتنت العربي يف فخ‬ ‫التقصري هو اآلخر واجنرافه حنو التعامل مع‬ ‫اإلنرتنت كوسيط لالستهالك النهم للثقافة‪،‬‬ ‫وليس املشاركة يف صنعها وحتسينها بالتواصل‬ ‫احلي الفوري بني الطرفني‪.‬‬ ‫‪ - 5‬ضآلة االهتمام بالقضايا واألفكار‬

‫كان واضحاً بصورة عامة أنه كلما ابتعدت‬ ‫عمليات البحث عن املنتج واقرتبت من القضايا‬ ‫واألفكار ضعف االستهالك والتواصل‪ ،‬واستمر‬ ‫هذا االجتاه حتى بلغ االستهالك والتواصل‬ ‫ق ّمة الضعف يف ما يتعلق بالقضايا واألفكار‪،‬‬ ‫بل األكثر من ذلك لوحظ استخدام كلمات‬ ‫حبث شديدة العموميّة يغلب على البعض منها‬ ‫التشويش ويسودها مجيعاً عدم التحديد الذي‬ ‫يد ّل على عدم اكرتاث أو ال مباالة من قبل‬ ‫منفّذي عمليّات البحث للقضيّة‪ ،‬فحينما نطالع‬ ‫متوسط عمليات البحث اليت يسعى أصحابها‬ ‫ّ‬ ‫للتواصل رقميّاً مع الفكر وأعالمه وقضاياه‬ ‫بالوطن العربي سنجدها إمجاالً أق ّل من نصف‬ ‫متوسط عمليات البحث اليت يسعى أصحابها‬ ‫ّ‬ ‫للتواصل رقميّاً مع مطرب مثل تامر حسني‪،‬‬ ‫والرقم اإلمجالي لعمليات البحث عن قضيّة‬ ‫التنوير يد ّل على أنها قضيّة مه ّمشة بالنسبة‬ ‫جلمهور اإلنرتنت الباحث عن املعلومات إن مل‬ ‫تكن بالفعل األكثر تهميشاً على اإلطالق‪ ،‬ومن‬ ‫جانب آخر تكشف هذه التوجهات عن أن هناك‬ ‫قصوراً واضحاً من جانب القائمني على الفكر‬ ‫يف جذب شرائح عريضة من اجلمهور‪ ،‬وهكذا‬ ‫تبدو اإلنرتنت ‪ -‬يف ما يتعلق بالقضايا واألفكار ‪-‬‬ ‫قناة تواصل شديدة الضيق‪ ،‬على الرغم من‬ ‫كونها غنيّة باألدوات اليت جتعلها فسيحة‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫مما يضعنا يف النهاية أمام نقطة‬ ‫ورحبة‪ّ ،‬‬ ‫ضعف يف التواصل الرقمي ال ميكن جتاهلها‪.‬‬

‫حنو االستهالك والتواصل الثقايف الرقمي‪،‬‬ ‫األمر الذي يش ّكل نقطة ضعف يف بنيان هذه‬ ‫التوجهات وفعاليتها من حيث اجلودة‪.‬‬

‫عانى االستهالك والتواصل الثقايف الرقمي‬ ‫من قبل اجلمهور من ظاهرة االحنياز الواضح‬ ‫لك ّل ما هو أق ّل قيمة أو أدنى أهمية على قائمة‬ ‫األولويات الثقافيّة‪ ،‬فبدا تواص ًال غري رشيد‬ ‫مشوباً باالختالالت‪ ،‬فعلى سبيل املثال وجدنا‬ ‫أن معدل االهتمام بكتب الطبخ يبلغ ‪ 52‬ألفاً‬ ‫املتوسط شهريّاً‪ ،‬وهو‬ ‫و‪ 900‬عمليّة حبث يف ّ‬ ‫رقم يعادل ‪ 1.8‬ضعف عمليات البحث عن‬ ‫قضايا اإلصالح السياسي والفكر العربي‬ ‫والتنوير جمتمعة‪ ،‬ويتجاوز قلي ًال عدد عمليات‬ ‫املؤسسات الثقافيّة وأكثر من‬ ‫البحث عن ّ‬ ‫نصف الباحثني عن معارض الكتب واملنتديات‬ ‫الثقافيّة‪ ،‬و‪ 158‬ضعف البحث عن الوحدة‬ ‫العربيّة‪ ،‬وستة أضعاف البحث عن الفكر‬ ‫العربي‪ ،‬ووجدنا أيضاً أن البحث عن النكت‬ ‫أكرب بـ ‪ 19‬ضعفاً من البحث عن قضايا‬ ‫الوحدة‪ ،‬ويف جمال االهتمام بالقضايا الثقافيّة‬ ‫املختلفة وجدنا اهتمام اجلمهور بقضايا‬ ‫التمثيل والغناء باألساس وإهمال القضايا‬ ‫اجلادة واملهمة واملصرييّة يف جمال الثقافة‬ ‫املتخصصة ذات القيمة‬ ‫والفكر والقضايا‬ ‫ّ‬ ‫األدبية والفكرية اليت تُعلي من استخدام‬ ‫وحتث على املتابعة وتوسيع األفق‬ ‫العقل‬ ‫ّ‬ ‫واالطالع‪ ،‬ولو راجعنا األرقام اخلاصة بهذه‬ ‫القضايا سنجد أن أكثر من ربع من يسعون‬ ‫للتواصل مع القضايا الثقافيّة يسعون باألساس‬ ‫للتعرف إىل كيفية إعداد املمثل أو كيف يصبح‬ ‫اإلنسان ممث ًال‪.‬‬ ‫على هذا املنوال تنتشر االختالالت‬ ‫بدرجات وصور متفاوتة وخمتلفة يف معظم‬ ‫أجزاء "اجلسم العام" لتوجهات اجلمهور‬

‫العربية‬ ‫‪ - 7‬تفضيل للثقافات غير‬ ‫ّ‬ ‫ورموزها أحيان ًا‬

‫‪ - 6‬اختالالت لمصلحة األقل قيمة‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫أظهر مجهور اإلنرتنت العربي يف بعض‬ ‫األحيان احنيازاً وإقباالً للعديد من الفروع‬ ‫الثقافيّة غري العربيّة ورموزها بشكل يفوق‬ ‫الثقافة العربيّة ورموزها‪ ،‬ومن األمثلة البارزة‬ ‫التوجه حنو السينما اهلنديّة‬ ‫يف هذا الصدد ّ‬ ‫واملمثلني األتراك‪ ،‬كما ظهرت هذه السمة‬ ‫بصورة أق ّل يف فروع أخرى مثل املتاحف اليت‬ ‫حظي فيها متحف مثل اللوفر وبعض املتاحف‬ ‫الروسية واألمريكية باهتمام فاق عمليات‬ ‫املوجهة للبحث عن اآلثار العربيّة‪،‬‬ ‫البحث ّ‬ ‫وكانت هناك بعض اإلشارات املقلقة‪ ،‬منها مث ًال‬ ‫أن الرقم اخلاص بعمليات البحث اليت سعت‬ ‫لالستهالك والتواصل مع السينما اإلسرائيلية‬ ‫وصل إىل ‪ 9900‬عملية حبث شهريّاً‪ ،‬وهو‬ ‫رقم يفوق بل ورمبا يصل إىل ضعف األرقام‬ ‫اخلاصة بالعديد من أوجه التواصل مع فروع‬ ‫ثقافيّة عربية أصيلة كالرتاث واآلثار مث ًال‪،‬‬ ‫والشك أن االنفتاح على اآلخر مطلوب‪ ،‬ولكن‬ ‫أن يت ّم توظيف اإلنرتنت كقناة للتواصل مع‬ ‫اآلخر بصورة تتجاوز التواصل مع الثقافة األم‬ ‫فهذا بال شك نقطة ضعف يف االستخدام‪ ،‬ألنها‬ ‫تقود إىل جعل اإلنرتنت أداة ليس للتواصل مع‬ ‫اآلخر واالنفتاح عليه‪ ،‬بل أداة لالنبطاح أمامه‬ ‫والسماح له بالطغيان على االنتماء واالهتمام‬ ‫بالثقافة الوطنية والقوميّة‪.‬‬

‫‪273‬‬

‫‪ - 8‬ظهور الجنس في غير موضعه‬

‫من األمور اليت ال ختلو من فجاجة‬ ‫أن مجهور اإلنرتنت العربي وهو يسعى‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 274‬للتنمية الثقافية‬

‫لالستهالك والتواصل مع قضايا فكريّة‬ ‫وثقافيّة وقوميّة أقحم البحث عن اجلنس‬ ‫ربر‪،‬‬ ‫والل ّذة احلسيّة يف غري موضعه وبال م ّ‬ ‫وكأنه يسعى إىل تتفيه عمليات االستهالك‬ ‫والتواصل الثقايف اليت يبحث عنها‪ ،‬أو أنه ال‬ ‫يطيق التو ّقف عن استخدام اإلنرتنت كمطيّة‬ ‫للوصول إىل مواد إباحية حتى وهو يسعى‬ ‫للتواصل الثقايف‪ ،‬ونذكر هنا على سبيل املثال‬ ‫أن البحث عن اجلنس احت ّل املركز الثالث‬ ‫عند البحث عن األشياء والقضايا العربيّة‬ ‫املشرتكة متفوقاً على أشياء عربية مشرتكة‬ ‫أخرى كاملنتديات والقصص والكتب واجملالت‬ ‫واجلامعات والبحوث والصحف‪.‬‬ ‫تكر ّرت الظاهرة نفسها عند التواصل مع‬ ‫أميركا رقميّاً‪ ،‬فاجلنس احت ّل املركز اخلامس‬ ‫بني تسعة مراكز مشلتها قائمة اهتمامات‬ ‫العرب يف أميركا‪ ،‬حيث وجدنا أن هناك من‬ ‫يرون أميركا مكاناً للجنس وما يرتبط به من‬ ‫متع حسيّة ول ّذة جسديّة‪ ،‬وقد لوحظ أن عدد‬ ‫عمليات البحث اليت ينتجها هؤالء تتف ّوق‬ ‫على عدد عمليات البحث اليت أنتجها من‬ ‫ينظرون إىل أميركا كمكان للدراسة أو إنتاج‬ ‫األدب والفن‪ ،‬والشيء نفسه مع إسرائيل‪،‬‬ ‫حيث وجدنا أن اجلنس حيتل املركز السادس‬ ‫من بني أحد عشر مركزاً تضمها قائمة‬ ‫اهتمامات العرب بإسرائيل‪ ،‬فعدد عمليات‬ ‫البحث اليت أنتجها من يبحثون عن إسرائيل‬ ‫كمكان للجنس والل ّذة يفوق عدد عمليات‬ ‫البحث اليت أنتجها من يبحثون عن املوارد‬ ‫الداخلية ومصادر ق ّوة إسرائيل وقضاياها‬ ‫الداخلية وقادتها‪.‬‬ ‫هذا خبالف عمليات البحث املتعمدة عن‬ ‫اجلنس واليت تقدر باملاليني وظهرت يف الكثري‬ ‫من الفروع الثقافيّة واملسارات البحثية‪ ،‬وتر ّكز‬ ‫معظمها عند البحث عن املمثّالت واملطربات‬

‫وعند البحث عن الكتب واألفالم‪ ،‬حيث برزت‬ ‫فجة‬ ‫هذه النوعية من عمليات البحث بصورة ّ‬ ‫وطاغية‪ ،‬و ّ‬ ‫متت إزالتها ملا حتمله من إباحية‬ ‫ولكونها ال تعبرّ عن اجلوهر احلقيقي لعمليات‬ ‫االستهالك والتواصل الثقايف الرقمي اجلديرة‬ ‫بالدراسة‪.‬‬ ‫‪ - 9‬ضعف التواصل مع القضايا ذات‬ ‫المنظور السياسي‬

‫وضح متاماً أن مجهور اإلنرتنت العربي‬ ‫وهو يسعى لالستهالك والتواصل الثقايف‬ ‫الرقمي ال يقيم وزناً للمنظور الثقايف للقضايا‬ ‫الثقافيّة الرئيسية الساخنة على الساحة‪ ،‬بل‬ ‫رمبا ال نكون مبالغني إذا قلنا أنه ال يأبه به‬ ‫من األصل‪ ،‬فعمليات البحث اليت حتمل يف‬ ‫طياتها أ ّي إشارة تربط بني الثقافة والقضايا‬ ‫السياسيّة اليت ّ‬ ‫مت إدراجها ضمن القضايا‬ ‫العامة تكاد تكون معدومة‪ ،‬وحتديداً يف‬ ‫قضايا احلرية والدميقراطية وحقوق اإلنسان‬ ‫واإلصالح السياسي‪ ،‬فاحلرية يف الفضاء‬ ‫الرقمي تبدو قضيّة شديدة النخبوية وتهت ّم‬ ‫بها فئة قليلة للغاية من مجهور الباحثني‬ ‫عن املعلومات من العرب مقارنة بإمجالي‬ ‫عدد مستخدمي اإلنرتنت أو حتى الباحثني‬ ‫عن نوعيات أخرى من املعلومات‪ ،‬يف ما يبدو‬ ‫حال االستهالك والتواصل الرقمي مع قضيّة‬ ‫الدميقراطية من منظور الثقافة أسوأ من‬ ‫قضيّة احلرية‪ ،‬ويكفي مث ًال اإلشارة إىل ما‬ ‫استنتجاه من أن قائمة كلمات البحث اخلاصة‬ ‫باملؤسسات الدميقراطية مل تتضمن سوى‬ ‫ّ‬ ‫عشر كلمات ورد من بينها حزب المجتمع‬ ‫الديمقراطي وحزب الوحدة والديمقراطية‪،‬‬ ‫وهو ما يعين أن عمليّات البحث عن األحزاب‬ ‫السياسيّة يف الوطن العربي واليت اقرتنت‬ ‫بقضيّة الدميقراطية تكاد تكون نادرة أو‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫‪ - 10‬ضعف التواصل مع الموروث‬ ‫الثقافي‬

‫يش ّكل الرتاث واآلثار والعصور الثقافيّة‬ ‫السابقة ملختلف الفروع الثقافيّة العشرين اليت‬ ‫خضعت للتحليل ما ميكن أن نطلق عليه املوروث‬ ‫الثقايف يف التواصل الرقمي عرب اإلنرتنت‪،‬‬ ‫وتد ّل عمليات البحث وحتليالتها السابقة‬ ‫على أن توجهات اجلمهور العربي حنو املوروث‬ ‫الثقايف الرقمي ضئيلة للغاية‪ ،‬فاالهتمام‬ ‫باآلثار منخفض بوضوح‪ ،‬وهو يف اخنفاضه‬ ‫يفضل التواصل معها باستخدام كلمات حبث‬ ‫ّ‬ ‫عامة‪ ،‬كما يتعامل مع اآلثار كصور للمطالعة‬ ‫وزيارتها بغرض التسلية‪ ،‬ويف ما عدا ذلك يبدو‬ ‫قليل االكرتاث أو ال يكرتث كليّاً مبا جيري يف‬ ‫هذا اجملال‪ ،‬ومن ثم تش ّكل اآلثار عنصر‬ ‫ضعف يف منظومة التواصل الثقايف الرقمي‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫معدومة‪ ،‬ومل تبد قضيّة حقوق اإلنسان أفضل‬ ‫حاالً‪ ،‬فعدد عمليات البحث عنها يؤ ّكد أنها‬ ‫غري جاذبة للجمهور العام عرب اإلنرتنت وأنها‬ ‫خنبوية بامتياز مثلما هو احلال مع احلريّة‬ ‫والدميقراطية‪.‬‬ ‫هذا الوضع جيعلنا بصدد نقطة ضعف‬ ‫تلقي بتساؤالت عديدة حول حدود التأثري‬ ‫الذي حتدثه اإلنرتنت يف قضايا احلرية‬ ‫والدميقراطية وغريها من القضايا العامة من‬ ‫هذا النوع‪ ،‬فمن الواضح أن مجهور اإلنرتنت‬ ‫العربي اليزال إما يكتفي بالفرجة أو البحث‬ ‫بصورة قشريّة عامة وال يك ّون رأياً أو موقفاً‬ ‫يقتنع به ويبحث عما يؤيده أو يشارك يف‬ ‫فعالياته‪ ،‬ومن ثم فهي من منظور التواصل‬ ‫الثقايف الرقمي قضايا ته ّم منتجيها واملدافعني‬ ‫عنها داخل النخبة الضيقة أكثر منها قضيّة‬ ‫تهم من يفرتض أنهم مستقبلوها واملتعاطون‬ ‫معها من اجلمهور العام‪.‬‬

‫مما أتاحته اإلنرتنت من إمكانات‬ ‫على الرغم ّ‬ ‫هائلة هلذا النوع من التواصل‪ ،‬وجنحت العديد‬ ‫من اجملتمعات عاملياً يف توظيفها توظيفاً جيداً‬ ‫ومؤثراً أدخل إىل الساحة الدولية ما يعرف‬ ‫بالسياحة الثقافيّة األثريّة التخيّلية عرب‬ ‫املواقع‪ ،‬وهو أمر تكشف األرقام السابقة أنه‬ ‫بعيد املنال يف العامل العربي‪ ،‬تارة بسبب‬ ‫عزوف اجلمهور وقلّة وعيه‪ ،‬وتارة أخرى‪ ،‬وهو‬ ‫األهم‪ ،‬بسبب تقصري اجلهات القائمة على‬ ‫التوظيف األثري لإلنرتنت يف الدخول إىل‬ ‫عامل السياحة الثقافيّة األثرية الرقميّة‪.‬‬ ‫مماثلة يف ما‬ ‫توصلنا كذلك إىل نتيجة ّ‬ ‫يتعلق بالرتاث‪ ،‬إذ قلنا إن الرتاث قضيّة سيئة‬ ‫احلظ إىل ح ّد كبري يف إقبال مجهور اإلنرتنت‬ ‫العربي على التواصل معها رقميّاً‪ ،‬وتقرتب‬ ‫كثرياً من األوضاع اليت تعاني منها قضيّة‬ ‫اآلثار‪ ،‬ولع ّل يف هذا ّ‬ ‫مؤشر مقلق‪ ،‬ألنه يد ّل على‬ ‫أن األجيال اجلديدة‪ ،‬اليت هي عماد أو ركيزة‬ ‫من يستخدمون اإلنرتنت‪ ،‬يبتعدون بسرعة عن‬ ‫تراث بالدهم وأوطانهم وال يعريونه االهتمام‬ ‫الكامل وهم يستخدمون اإلنرتنت كفضاء‬ ‫رقمي للتواصل‪.‬‬ ‫وحينما استكشفنا مدى اإلقبال على الفروع‬ ‫واملنتجات الثقافيّة يف العصور املختلفة وجدنا‬ ‫متوسط عمليات البحث الشهرية اخلاصة‬ ‫أن ّ‬ ‫باملوروث الثقايف لألمة العربيّة بك ّل فروعه‬ ‫العشرين اليت خضعت للتحليل تقل عن‬ ‫عمليات البحث عن املطرب عمرو دياب مبعدل‬ ‫‪ 27.2‬ضعفاً‪.‬‬ ‫توجهات‬ ‫وهذه بالطبع تشكل نقطة ضعف يف ّ‬ ‫وتراخ‬ ‫اجلمهور حنو التواصل الثقايف الرقمي‪ٍ ،‬‬ ‫يف حرصه على فهم املاضي واستيعابه‬ ‫كخطوة ضرورية ملعايشة احلاضر واستشراف‬ ‫املستقبل‪.‬‬

‫‪275‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 276‬للتنمية الثقافية‬

‫أي محتوى رقمي ينتجه العرب؟‬ ‫جدول رقم ‪30‬‬

‫مسات منتجي الثقافة عرب املواقع "األرقام بالنسب املئوية"‬ ‫أفراد‬

‫طبيعته‬ ‫مؤ ّسسة رمسيّة مؤ ّسسة مدنية شركات خاصة‬

‫‪58‬‬

‫مغلق‬

‫‪18‬‬

‫‪100‬‬

‫‪2‬‬

‫‪24‬‬

‫‪34‬‬

‫‪0‬‬

‫‪48‬‬

‫‪20‬‬

‫‪20‬‬

‫‪60‬‬

‫منط املنتج الثقايف الذي قدمه‬ ‫صوت‬ ‫صور‬

‫نصوص‬ ‫‪76‬‬

‫‪64‬‬

‫فيديو‬

‫متن ّوع‬

‫‪6‬‬

‫‪16‬‬

‫منخفض‬

‫اليوجد‬

‫‪4‬‬

‫‪76‬‬

‫‪20‬‬

‫مستوى تفاعليته ومشاركته مع مجهوره‬ ‫متو ّسط‬ ‫عال‬

‫‪10‬‬

‫جدول رقم ‪31‬‬

‫غري حمدد‬

‫مسنون‬

‫مستوى تعليم اجلمهور الذي خياطبه‬ ‫عال ومثقفون غري حمدد‬ ‫متو ّسط‬

‫‪0‬‬

‫النمط‬ ‫املنتج‬

‫‪0‬‬

‫سن اجلمهور الذي خياطبه‬ ‫بالغون‬ ‫شباب‬

‫أطفال‬

‫عال جدا‬

‫‪16‬‬

‫نطاق االنتشار الذي حدده للتعامل مع اجلمهور‬ ‫غري حمدد‬ ‫مفتوح‬

‫‪0‬‬

‫حتت املتو ّسط‬

‫‪8‬‬

‫‪6‬‬

‫‪4‬‬

‫منط حتديثه للمادة الثقافيّة املقدمة‬ ‫متجدد‬ ‫ثابت‬ ‫‪13‬‬

‫تفاعلي‬

‫متن ّوع‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫‪23‬‬

‫"مسات مستهلكي الثقافة عرب املواقع " األرقام بالنسب املئوية"‬

‫نصوص‬

‫صور‬

‫منط االسهامات املقدمة‬ ‫صوت‬

‫فيديو‬

‫‪28‬‬

‫‪2‬‬

‫‪10‬‬

‫‪4‬‬

‫عال جدا‬ ‫‪16‬‬

‫النمط‬ ‫املتلقى‬

‫مستوى تفاعليته مع املادة الثقافيّة املقدمة‬ ‫منخفض‬ ‫متو ّسط‬ ‫عال‬ ‫‪10‬‬

‫‪10‬‬

‫‪8‬‬

‫منط حتديثه إلسهاماته وردود افعاله‬ ‫تفاعلي‬ ‫متجدد‬ ‫ثابت‬ ‫‪4‬‬

‫‪2‬‬

‫‪4‬‬

‫متن ّوع‬ ‫‪6‬‬

‫ال يوجد‬ ‫‪46‬‬

‫متن ّوع‬ ‫‪0‬‬

‫تش ّكلت عيّنة املواقع الثقافيّة العربيّة اليت‬ ‫ويوضح‬ ‫خضعت للتحليل من ‪ 50‬موقعاً ثقافياً‪ّ .‬‬ ‫اجلدول رقم "‪ "30‬مسات منتج الثقافة‬ ‫"أصحاب املواقع" طبقاً ملعايري التحليل السابق‬ ‫اإلشارة إليها‪ ،‬وبنا ًء على األرقام الواردة يف هذا‬ ‫اجلدول ميكن إمجال هذه السمات يف ما يلي‪:‬‬ ‫املؤسسة‪.‬‬ ‫طغيان الفرد وغياب ّ‬ ‫إنفتاح كامل على اجلمهور‪.‬‬ ‫سيادة احملتوى املوجه للبالغني‪.‬‬ ‫وجود شرحية كبرية من احملتوى ليس هلا‬ ‫مجهور حمدد موجهة إليه‪.‬‬ ‫النصوص ال تزال على القمة من حيث‬ ‫تعددية الوسائط‪.‬‬ ‫وجود حالة من احلماس لدى املستهلكني‬ ‫تقابلها حالة فتور من املنتجني وأصحاب‬ ‫املواقع‪.‬‬ ‫حدوث انتعاشة يف جتديد احملتوى مقارنة‬ ‫باحلالة اليت ّ‬ ‫مت رصدها يف حتليالت تقرير‬ ‫العام املاضي‪.‬‬ ‫أما مسات مستهلكي الثقافة زوار املواقع‬ ‫فيوضحها اجلدول رقم "‪ ."31‬واستناداً إىل‬ ‫ّ‬ ‫األرقام الواردة فيه‪ ،‬ميكن رصد السمات‬ ‫اخلاصة مبستهلكي الثقافة الرقميّة على‬ ‫املستوى العربي يف ما يلي‪:‬‬ ‫اجلماهريية الضعيفة أو الغائبة وهذه‬ ‫يوضحها الشكل رقم "‪"44‬؟‬ ‫ّ‬ ‫وجود أقلية مجاهريية نشطة وفعالة‬ ‫وإجيابية تبحث عن قدر من التفاعل مع هذه‬ ‫املواقع وما تق ّدمه من حمتوى ثقايف‪ ،‬وجتلّى‬ ‫ذلك يف إسهامات هذه األقلية وإضافاتها على‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫‪277‬‬

‫شكل رقم ‪44‬‬ ‫ً‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫ً‬

‫شكل رقم ‪45‬‬

‫ّ‬ ‫شكل رقم ‪46‬‬

‫ّ‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 278‬للتنمية الثقافية‬

‫شكل رقم ‪47‬‬

‫جدول رقم ‪32‬‬ ‫أ‬

‫مسات منتج الثقافة عرب املنتديات الثقافيّة "األرقام بالنسبة املئوية"‬

‫أفراد‬

‫مؤ ّسسة رمسيّة‬

‫‪83‬‬

‫‪5‬‬

‫أطفال‬ ‫‪0‬‬

‫نصوص‬ ‫‪100‬‬

‫ثابت‬ ‫‪0‬‬

‫مغلق‬ ‫‪95‬‬

‫حتت املتو ّسط‬ ‫‪0‬‬

‫عال جداً‬ ‫‪65‬‬

‫طبيعته‬

‫مؤ ّسسة مدنية‬ ‫‪13‬‬

‫سن اجلمهور الذي خياطبه‬ ‫بالغون‬ ‫شباب‬ ‫‪80‬‬

‫‪45‬‬

‫منط املنتج الثقايف الذي قدمه‬ ‫صوت‬ ‫صور‬ ‫‪83‬‬

‫‪68‬‬

‫معدل حتديثه للمادة الثقافيّة املقدمة‬ ‫تفاعلي‬ ‫متجدد‬ ‫‪34‬‬

‫‪29‬‬

‫شركات خاصة‬ ‫‪0‬‬

‫مسنون‬ ‫‪15‬‬

‫فيديو‬ ‫‪55‬‬

‫متن ّوع‬ ‫‪1‬‬

‫نطاق االنتشار الذي حدده للتعامل مع اجلمهور‬ ‫غري حمدد‬ ‫مفتوح‬ ‫‪0‬‬

‫‪5‬‬

‫مستوى تعليم اجلمهور الذي خياطبه‬ ‫عال ومثقفون‬ ‫متو ّسط‬ ‫‪63‬‬

‫‪53‬‬

‫مستوى تفاعليته ومشاركته مع مجهوره‬ ‫متو ّسط‬ ‫عال‬ ‫‪23‬‬

‫‪20‬‬

‫منخفض‬ ‫‪0‬‬

‫املواقع اليت توافرت فيها وسائل‪.‬‬ ‫امليل إىل "النصية" يف التفاعل والتواصل‬ ‫الثقايف وليس تعددية الوسائط‪.‬‬ ‫وجود ضعف عام يف مستوى تفاعلية‬ ‫اجلمهور أو املستهلك مع املادة الثقافيّة‬ ‫املق ّدمة عرب املوقع‪.‬‬ ‫انتشار كثيف للمحتوى الثابت يف عمليّة‬ ‫التفاعل وغياب احملتوى املتن ّوع متج ّدد‬ ‫التحديث‪.‬‬ ‫منتج الثقافة ومستهلكها عبر‬ ‫المواقع وجه ًا لوجه‬

‫من خالل وضع التحليالت اخلاصة مبنتج‬ ‫الثقافة ومستهلكها عرب املواقع الثقافيّة وجهاً‬ ‫لوجه اتضح اآلتي‪:‬‬ ‫هناك تشابه يف استخدام تعددية‬ ‫يوضحه شكل رقم "‪."45‬‬ ‫الوسائط‪ ،‬وهو ما ّ‬ ‫هناك حالة من التقلب ُوجدت من حيث‬ ‫التحديث لدى منتجي الثقافة عرب املواقع‪،‬‬ ‫مقابل توازن لدى املستهلكني‪ ،‬كما هو واضح‬ ‫يف الشكل رقم "‪."46‬‬ ‫التفاعلية كانت أعلى لدى املستهلك‪ ،‬كما‬ ‫يشري إىل ذلك الشكل رقم"‪."47‬‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫إنتاج الثقافة عبر المنتديات‬ ‫واستهالكها‬

‫مسات مجهور املنتديات الثقافيّة‬

‫عال جداً‬

‫عا ٍل‬

‫‪35‬‬

‫‪3‬‬

‫نصوص‬

‫صور‬

‫‪40‬‬

‫‪33‬‬

‫عدد الزوار‬ ‫طبقاً ألليكسا‬

‫عدد األعضاء‬

‫‪8291071‬‬

‫‪1268597‬‬

‫"التفاعلية واملشاركة"‬ ‫منخفض‬ ‫متو ّسط‬ ‫‪0‬‬

‫‪2‬‬

‫منط املنتج الثقايف املقدم‬ ‫فيديو‬ ‫صوت‬

‫مغلق على‬ ‫مفتوح للجمهور‬ ‫أصحاب املهنة‬ ‫العام‬ ‫والتخصص‬

‫‪26‬‬

‫‪22‬‬

‫ال يوجد‬ ‫‪0‬‬

‫متن ّوع‬ ‫‪0‬‬

‫احلجم‬ ‫عدد املشاركني‬ ‫عدد املشاركات‬ ‫(املوضوعات )‬ ‫‪28394658‬‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫قام فريق البحث باستعراض املئات‬ ‫من املنتديات اليت تصنف نفسها على أنها‬ ‫منتديات ثقافيّة عربية على اإلنرتنت‪ ،‬واختار‬ ‫منها عيّنة مك ّونة من ‪ 40‬منتدى‪ ،‬وفقاً لقاعدة‬ ‫االنتشار وحجم األعضاء واملشاركة النشطة‪،‬‬ ‫واستخدم يف حتليل هذه املنتديات املعايري‬ ‫نفسها تقريباً اليت استخدمت مع املواقع‪،‬‬ ‫مع إضافة وحيدة هي حتليل أداء اجلمهور‬ ‫املشارك يف املنتديات من واقع عدد األعضاء‬ ‫وعدد املساهمات وعدد املوضوعات املقرتحة‬ ‫من قبل اجلمهور‪ ،‬ويعرض اجلدول رقم "‪"32‬‬ ‫نتائج التحليالت اخلاصة بسمات منتجي‬ ‫الثقافة عرب املنتديات‪ ،‬وبنا ًء على اإلحصاءات‬ ‫ميكن تلخيص هذه السمات يف‪:‬‬ ‫هيمنة األفراد على اإلنتاج الثقايف عرب‬ ‫املنتيجات‪.‬‬ ‫وجود احنياز للشباب والبالغني واملتعلّمني‬ ‫على حساب الفئات العمرية والتعليمية األخرى‪،‬‬ ‫خصوصاً األطفال وذوي التعليم املنخفض‪.‬‬ ‫وجود ميل واضح لدى أصحاب هذه‬ ‫املنتديات حلجب حمتواها وإغالقه على‬ ‫أعضائها فقط وعدم فتحها لعامة اجلمهور‪.‬‬ ‫الرتكيز على احملتوى املتجدد التفاعلي‬ ‫من قبل مديري املنتديات‪.‬‬ ‫وجود حالة من احلماس لدى منتجي‬ ‫الثقافة للتفاعل مع اجلمهور بعكس املواقع‪.‬‬ ‫رصد حالة من التوازن يف تع ّددية‬ ‫النص‬ ‫الوسائط املقدمة من املنتجني ما بني ّ‬ ‫والصورة والصوت‪.‬‬ ‫أما مسات املستهلكني "مجهور املنتديات"‬ ‫فيوضحها اجلدول رقم "‪ 32‬ب"‪ ،‬واستناداً‬ ‫ّ‬ ‫لإلحصاءات الواردة فيه ميكن رصد هذه‬ ‫السمات يف‪:‬‬

‫جدول رقم ‪32‬‬ ‫ب‬

‫‪279‬‬

‫‪1236886‬‬

‫نطاق االنتشار‬ ‫غري حمدد‬

‫‪38‬‬

‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫حتت املتو ّسط‬

‫متو ّسط‬

‫املستوى التعليمى‬ ‫عال ومثقفون‬

‫‪0‬‬

‫‪25‬‬

‫‪21‬‬

‫أطفال‬

‫شباب‬

‫السن‬ ‫بالغون‬

‫مسنون‬

‫‪0‬‬

‫‪32‬‬

‫‪18‬‬

‫‪6‬‬

‫أن هذه السمات خليط من الذي حيدث‬ ‫على املواقع من مطالعة بطيئة قليلة التفاعلية‬ ‫مع احملتوى املعروض‪ ،‬وما حيدث عرب قنوات‬ ‫التواصل السريعة عالية التفاعلية‪.‬‬ ‫ضعف اإلقبال على املنتديات الثقافيّة‪،‬‬ ‫سواء من حيث الزيارة والتصفح وهذا‬ ‫يوضحه شكل رقم "‪ ،"48‬أم من حيث املشاركة‬ ‫ّ‬ ‫يوضحه شكل رقم "‪."49‬‬ ‫والتسجيل وهذا ما ّ‬ ‫سيادة منطق املشاركة يف التعليقات وندرة‬ ‫يوضحه شكل‬ ‫املشاركة يف املوضوعات‪ ،‬وهذا ما ّ‬ ‫رقم "‪."50‬‬ ‫من حيث طبيعة اإلنتاج الثقايف أظهر‬ ‫النصي‪،‬‬ ‫اجلمهور اعتماداً كلياً على اإلسهام ّ‬ ‫وتفاعلية عالية مع املواد املقدمة‪ ،‬وكثافة‬

‫وفقاً لمقياس "أليكسا" لتحديد‬ ‫اإلقبال الجماهيري على المنتديات‪،‬‬ ‫فإن ‪ % 5‬فقط من المنتديات الثقافيّة‬ ‫العربيّة على شبكة اإلنترنت تحظى‬ ‫بإقبال جماهيري مرتفع و ‪ % 2.5‬تحظى‬ ‫بتصنيف مرتفع جداً‪..‬‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 280‬للتنمية الثقافية‬

‫شكل رقم ‪48‬‬ ‫ء‬

‫ء‬

‫ً‬

‫شكل رقم ‪49‬‬ ‫ء‬

‫ء‬

‫ء‬

‫شكل رقم ‪50‬‬ ‫ء‬

‫ء‬ ‫ء‬

‫ء‬

‫ء‬

‫ء‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫شكل رقم ‪51‬‬ ‫يف ما‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫وانتشاراً واسعاً للمحتوى املتج ّدد سريع‬ ‫التحديث‪.‬‬ ‫وعند مقارنة أداء منتجي الثقافة ومستهلكيها‬ ‫عرب املنتديات وجهاً لوجه اتضح ما يلي‪:‬‬ ‫يف معيار تعددية الوسائط يصل أداء‬ ‫الطرفني لذروته يف استخدام النصوص‬ ‫وينحدر ليصل ألدنى مستوى يف استخدام‬ ‫الفيديو كما هو واضح يف شكل "‪."51‬‬ ‫هناك نفور من احملتوى الثابت لدى‬ ‫الطرفني وميل للمحتوى املتج ّدد والتفاعلي‪،‬‬ ‫يوضح الشكل رقم "‪."52‬‬ ‫كما ّ‬ ‫تتخذ التفاعلية حالة وسط لدى الطرفني‪،‬‬ ‫وإن كان املستهلك يتفوق فيها على املنتج كما‬ ‫يوضح الشكل رقم "‪."53‬‬ ‫ّ‬

‫شكل رقم ‪52‬‬ ‫ّ‬

‫المدونات‬ ‫إنتاج الثقافة عبر‬ ‫ّ‬ ‫واستهالكها‬

‫تش ّكلت عيّنة املد ّونات اليت خضعت‬ ‫للتحليل من ‪ 51‬مدونة ثقافيّة‪ ،‬تو ّزعت على‬ ‫جماالت وفروع ثقافيّة ع ّدة‪ ،‬فكانت هناك ‪16‬‬ ‫مدونة يف الشعر و‪ 9‬يف األدب و‪ 8‬يف السينما‬ ‫و‪ 5‬يف الكتب و‪ 4‬يف الفنون التشكيلية واجلميلة‬ ‫و‪ 4‬يف املسرح و‪ 2‬يف اإلعالم وواحدة يف الغناء‬ ‫ويوضح اجلدول رقم "‪"33‬‬ ‫وواحدة يف النشر‪ّ ،‬‬ ‫نتائج التحليالت اخلاصة بأصحاب املد ّونات‬ ‫الثقافيّة باعتبارهم منتجني للثقافة‪ ،‬واستناداً‬ ‫إىل هذا اجلدول ميكن تلخيص مسات‬ ‫املد ّونني كمنتجني للثقافة يف ما يلي‪:‬‬ ‫سيادة التدوين الفردي وندرة أو اختفاء‬ ‫املؤسسي أو اجلماعي أو‬ ‫املد ّونات ذات الطابع ّ‬ ‫القائمة على فكرة‪.‬‬ ‫انفتاح املد ّونني على اجلمهور وعدم‬ ‫استخدام أ ّي قيود أو حواجز أمام وصول‬ ‫اجلمهور ملدوناتهم‪.‬‬ ‫ظهور األطفال وصغار الس ّن من ضمن‬

‫‪281‬‬

‫شكل رقم ‪53‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 282‬للتنمية الثقافية‬

‫جدول رقم ‪33‬‬

‫أفراد‬ ‫‪100‬‬

‫مسات منتج الثقافة يف تقدميه للمحتوى عرب املد ّونات "األرقام‬ ‫بالنسبة املئوية من إمجالي عيّنة البحث وهي ‪ 50‬مدونة"‬

‫طبيعته‬ ‫مؤ ّسسة مؤ ّسسة شركات‬ ‫رمسيّة مدنية خاصة‬ ‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫نطاق االنتشار الذي حدده للتعامل مع اجلمهور‬

‫‪0‬‬

‫مغلق‬

‫مفتوح‬

‫غري حمدد‬

‫‪2‬‬

‫‪96‬‬

‫‪2‬‬

‫سن اجلمهور الذي خياطبه‬

‫أطفال‬ ‫‪12‬‬

‫مستوى تعليم اجلمهور الذي خياطبه‬

‫شباب بالغون مسنون حتت املتو ّسط‬ ‫‪100‬‬

‫‪98‬‬

‫‪35‬‬

‫‪86‬‬

‫منط املنتج الثقايف الذي قدمه‬ ‫نصوص‬

‫صور‬

‫‪98‬‬

‫‪73‬‬

‫معدل‬ ‫حتديث‬ ‫احملتوى درجة‬ ‫املقدم االنتشار‬

‫النمط‬

‫جدول رقم ‪34‬‬ ‫حجم اجلمهور‬ ‫ومشاركاته‬ ‫نصوص‬ ‫‪86‬‬

‫عال جدا‬ ‫‪16‬‬

‫صوت فيديو‬ ‫‪12‬‬

‫‪22‬‬

‫متو ّسط‬

‫عال ومثقفون‬

‫‪90‬‬

‫‪92‬‬

‫مستوى تفاعليته ومشاركته مع مجهوره‬ ‫عال‬ ‫متن ّوع جدا‬ ‫‪12‬‬

‫‪16‬‬

‫عال‬

‫متو ّسط منخفض اليوجد‬ ‫‪8‬‬

‫‪8‬‬

‫عدد‬ ‫ثابت متجدد تفاعلي متن ّوع‬ ‫حجم التدوينات‬ ‫اإلنتاج‬ ‫‪9‬‬

‫‪30‬‬

‫‪1‬‬

‫‪0‬‬

‫‪25‬‬

‫عدد املوضوعات‬

‫‪111130‬‬

‫‪264‬‬

‫مسات مستهلكي الثقافة عرب املد ّونات "األرقام بالنسبة املئوية من‬ ‫إمجالي العيّنة‬ ‫عدد الردود والتعليقات‬ ‫‪4196‬‬

‫منط اإلسهامات املقدمة‬ ‫صوت‬ ‫صور‬ ‫‪14‬‬

‫‪14‬‬

‫فيديو‬ ‫‪14‬‬

‫مستوى تفاعليته مع املادة الثقافيّة املقدمة‬ ‫منخفض‬ ‫متو ّسط‬ ‫عال‬ ‫‪12‬‬

‫‪12‬‬

‫‪45‬‬

‫‪8‬‬

‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫مسوى حتديثه إلسهاماته وردود افعاله "درجة انتشار ك ّل منط"‬ ‫متن ّوع‬ ‫تفاعلي‬ ‫متجدد‬ ‫ثابت‬ ‫‪9‬‬

‫‪43‬‬

‫متن ّوع‬ ‫‪14‬‬

‫ال يوجد‬ ‫‪16‬‬

‫املد ّونني الثقافيني‪.‬‬ ‫ضعف استخدام تع ّددية الوسائط من قبل‬ ‫املد ّونني‪.‬‬ ‫تف ّوق احملتوى املتجدد على الثابت‪ ،‬وهي‬ ‫داللة على ديناميكية املد ّونني وعلى نشاطهم‬ ‫وحيويتهم‪.‬‬ ‫ضعف مستوى التفاعل الذي يبديه‬ ‫املد ّونون مع مجهورهم‪ ،‬حيث وجد أن نصف‬ ‫املد ّونني ال يتفاعلون مع اجلمهور‪ ،‬وإمنا‬ ‫يعرضون فقط تدويناتهم‪.‬‬ ‫سمات مستهلكي الثقافة عبر‬ ‫المدونات الجمهور‬ ‫ّ‬

‫يف مقابل السمات السابقة اليت اتصف‬ ‫بها أصحاب املد ّونات كانت هناك جمموعة‬ ‫من السمات اليت اتصف بها مجهور املد ّونات‪،‬‬ ‫ويوضح اجلدول رقم "‪ "34‬هذه السمات اليت‬ ‫ّ‬ ‫ميكن تلخيصها يف ما يلي‪:‬‬ ‫اللجوء إىل استخدام النصوص املكتوبة‬ ‫كنمط أساسي يف إنتاج وتقديم اإلسهامات‬ ‫اليت يتّم بثّها عرب املد ّونات‪.‬‬ ‫وجود حالة من الفتور املتبادل مع املدّونني‬ ‫يف مستوى التفاعل والتواصل عرب مدوناتهم وهو‬ ‫ما أثّر سلباً على دور املدّونات وفاعليتها كوسيلة‬ ‫من وسائل التواصل الثقايف وأداة من أدوات إنتاج‬ ‫واستهالك الثقافة عرب الفضاء الرقمي‪.‬‬ ‫اللجوء إىل احملتوى الثابت كاختيار أول‬ ‫يف التفاعل مع املد ّونات يليه املتجدد‪.‬‬ ‫ومبقارنة إنتاج واستهالك الثقافة عرب‬ ‫املد ّونات ووضعهما وجها لوجه اتضح اآلتي‪:‬‬ ‫يف ما يتعلق بطبيعة إنتاج الثقافة‬ ‫واستهالكها عرب املد ّونات‪ ،‬وجد أن جمال‬ ‫السينما يتص ّدر مجيع الفروع الثقافيّة األخرى‬ ‫يف جمال التدوين وبفارق كبري من حيث‬ ‫اإلنتاج‪ ،‬أما من حيث االستهالك‪ ،‬فإن الشعر‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫يوضح الشكل‬ ‫حيتل املرتبة األوىل‪ ،‬وذلك كما ّ‬ ‫رقم "‪."54‬‬ ‫اإلنتاج أعلى بكثري من االستهالك‬ ‫خصوصاً يف جماالت معيّنة أبرزها الكتب‪،‬‬ ‫حيث يالحظ أن التدوينات اخلاصة بالكتب ال‬ ‫يوضح‬ ‫تستهلك تقريباً من قبل اجلمهور كما ّ‬ ‫الشكل رقم "‪."55‬‬ ‫ّ‬ ‫مت اختيار عيّنة التحليل من اجملموعات‬ ‫والصفحات الثقافيّة بصورة انتقائية يدوية‬ ‫شكل رقم ‪54‬‬ ‫ء‬

‫ء‬

‫‪ % 12‬من المد ّونات العربيّة على‬ ‫شبكة اإلنترنت تق ّدم محتوى ثقافياً‬ ‫يخاطب األطفال‪..‬‬

‫بينما تمثّل السينما ‪ % 50‬من انتاج‬ ‫المد ّونات العربيّة على شبكة اإلنترنت‪،‬‬ ‫فإن نسبة األدب ال تتجاوز ‪ % 7‬والمسرح‬ ‫‪ % 1‬فقط من إنتاج هذه المد ّونات‪..‬‬

‫ثمة فجوة هائلة بين معدل انتاج‬ ‫الثقافة العربيّة واستهالكها على شبكة‬ ‫اإلنترنت إذ ال تتجاوز مشاركات الجمهور‬ ‫(كنمط استهالك)‪ ،‬نصف في المائة من‬ ‫حجم المد ّونات والمواقع والموضوعات‬ ‫(كنمط إنتاج)‪..‬‬

‫ء‬

‫شكل رقم ‪55‬‬

‫ء‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫إنتاج الثقافة عبر الفيس بوك واستهالكها‬

‫ألن الفيس بوك ال يتيح آليات متق ّدمة للبحث‪،‬‬ ‫وقد روعي يف الصفحات واجملموعات اليت‬ ‫ّ‬ ‫مت اختيارها أال يقل عدد املشرتكني فيها أو‬ ‫املعجبني أو املرتبطني عن مائة فرد‪ ،‬كما روعي‬ ‫للمؤسسات واجلهات‬ ‫أن تغطي الطيف الواسع ّ‬ ‫والتيارات الثقافيّة على الفيس بوك‪ ،‬وقد‬ ‫تش ّكلت العيّنة من ‪ 61‬جمموعة و‪ 24‬صفحة‬ ‫فرديّة‪ ،‬بإمجالي ‪ 85‬مفردة‪.‬‬ ‫ويرصد اجلدول رقم "‪ "35‬مسات منتجي‬ ‫الثقافة عرب فيس بوك‪ ،‬واستناداً هلذا اجلدول‬ ‫ميكن تلخيص هذه السمات يف‪:‬‬

‫‪283‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 284‬للتنمية الثقافية‬

‫مسات منتج الثقافة يف تقدميه للمحتوى عربالفيس بوك "األرقام‬ ‫بالنسبة املئوية من إمجالي عيّنة البحث‬

‫جدول رقم ‪35‬‬

‫نطاق االنتشار الذي حدده للتعامل مع اجلمهور‬

‫طبيعته‬ ‫أفراد‬

‫مؤ ّسسة‬ ‫رمسيّة‬

‫مؤ ّسسة‬ ‫مدنية‬

‫شركات‬ ‫خاصة‬

‫مغلق‬

‫مفتوح‬

‫غري حمدد‬

‫‪59‬‬

‫‪22‬‬

‫‪14‬‬

‫‪5‬‬

‫‪6‬‬

‫‪94‬‬

‫‪0‬‬

‫مستوى تعليم اجلمهور الذي خياطبه‬

‫سن اجلمهور الذي خياطبه‬ ‫أطفال‬

‫شباب‬

‫بالغون‬

‫مسنون‬

‫حتت املتو ّسط‬

‫متو ّسط‬

‫عال ومثقفون‬

‫‪0‬‬

‫‪100‬‬

‫‪84‬‬

‫‪84‬‬

‫‪18‬‬

‫‪28‬‬

‫‪100‬‬

‫مستوى تفاعليته ومشاركته مع مجهوره‬

‫منط املنتج الثقايف الذي قدمه‬ ‫نصوص‬

‫صور‬

‫صوت‬

‫فيديو‬

‫متن ّوع‬

‫عال‬ ‫جدا‬

‫‪94‬‬

‫‪76‬‬

‫‪45‬‬

‫‪45‬‬

‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫النمط‬

‫معدل‬ ‫التحديث درجة‬ ‫االنتشار‬

‫جدول رقم ‪36‬‬

‫عال متو ّسط منخفض اليوجد‬ ‫‪0‬‬

‫‪22‬‬

‫‪7‬‬

‫‪69‬‬

‫ثابت متجدد تفاعلي متن ّوع‬ ‫‪0‬‬

‫‪11‬‬

‫‪40‬‬

‫‪0‬‬

‫مسات مستهلكي الثقافة عربالفيس بوك "األرقام بالنسبة املئوية من‬ ‫إمجالي العيّنة‬ ‫منط االسهامات املقدمة‬

‫نصوص‬

‫صور‬

‫صوت‬

‫فيديو‬

‫متن ّوع‬

‫‪94‬‬

‫‪71‬‬

‫‪46‬‬

‫‪46‬‬

‫‪0‬‬

‫مستوى تفاعليته مع املادة الثقافيّة املقدمة‬ ‫عال جدا‬

‫عال‬

‫متو ّسط‬

‫منخفض‬

‫ال يوجد‬

‫‪0‬‬

‫‪2‬‬

‫‪5‬‬

‫‪86‬‬

‫‪0‬‬

‫مستوى حتديثه إلسهاماته وردود افعاله‬ ‫النمط‬ ‫درجة االنتشار‬

‫ثابت‬

‫متجدد‬

‫تفاعلي‬

‫متن ّوع‬

‫‪10‬‬

‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫‪42‬‬

‫تراجع دور األفراد‪ ،‬حيث إن مسؤولية‬ ‫عرض وتقديم الثقافة رقميّاً عرب الفيس بوك‬ ‫ليست مسؤولية األفراد بصورة كاملة كما هو‬ ‫احلال مع املد ّونات‪ ،‬بل يقع حواىل نصف هذه‬ ‫املؤسسات الرمسيّة واملدنية‬ ‫املسؤولية على ّ‬ ‫واخلاصة‪.‬‬ ‫استخدام منهج انفتاحي مع اجلمهور‬ ‫يف أغلب األحوال‪ ،‬حيث الغالبية الساحقة‬ ‫من الصفحات واجملموعات مفتوحة للجمهور‬ ‫العام بال قيود لالنضمام واملشاركة والتعليق‬ ‫واإلضافة‪.‬‬ ‫غياب األطفال‪ ،‬حيث لوحظ أن مجيع‬ ‫الصفحات واجملموعات اليت خضعت للتحليل‬ ‫موجه لألطفال‪.‬‬ ‫ختلو من أ ّي حمتوى ثقايف ّ‬ ‫النصي بصورة‬ ‫استمرار سيادة احملتوى ّ‬ ‫كاسحة كما هو احلال يف املد ّونات‪ ،‬على حساب‬ ‫الصور والصوت والفيديو‪ ،‬وذلك على الرغم‬ ‫من أن الفيس بوك كشبكة اجتماعية يقوم‪،‬‬ ‫تقنياً وفنياً‪ ،‬على فكرة تعددية الوسائط‪.‬‬ ‫التفاعلية املنخفضة‪ ،‬حيث مل يسجل‬ ‫التحليل صفحة أو جمموعة واحدة حرص فيها‬ ‫أصحابها على حتقيق تفاعلية ومشاركة عالية‬ ‫جداً مع اجلمهور الذي يستهدفونه‪.‬‬ ‫ظهور أداء جيّد للمنتجني يف ما يتعلق‬ ‫مبعدل التحديث والتجديد املعروض على‬ ‫صفحاتهم أو جمموعاتهم‪.‬‬ ‫أما مسات مستهلكي الثقافة على فيس بوك‬ ‫فريصدها اجلدول رقم "‪ ،"36‬واستناداً هلذا‬ ‫اجلدول ميكن عرض ما يلي‪:‬‬ ‫ميل اجلمهور إىل النصوص ال يزال‬ ‫واضحاً‪ ،‬وإن كانت تعددية الوسائط بدأت‬ ‫تظهر بشكل الفت وسجلت حضوراً يف أق ّل من‬ ‫نصف عيّنة البحث‪.‬‬ ‫على غري املتوقع والشائع أبدى اجلمهور‬ ‫تفاع ًال فاتراً مع ما يق ّدمه منتجو الثقافة عرب‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫شكل رقم ‪56‬‬ ‫ً‬

‫ء‬

‫إمجالي‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫صفحات وجمموعات الفيس بوك‪ ،‬وبدا بصورة‬ ‫عامة غري متحمس للتفاعل‪.‬‬ ‫انسحاب الفتور على طبيعة اإلسهامات‬ ‫املق ّدمة من اجلمهور فغلب عليها احملتوى‬ ‫الثابت اخلال من التجديد‪.‬‬ ‫وعند وضع أداء املنتجني واملستهلكني‬ ‫للثقافة عرب الفيس بوك وجهاً لوجه جند‬ ‫اآلتي‪:‬‬ ‫تف ّوق كاسح للمجموعات على الصفحات‬ ‫من حيث املشاركني واألعضاء النشطني إنتاجاً‬ ‫واستهالكاً‪.‬‬ ‫مركز الثقل األساسي إلنتاج الثقافة هو‬ ‫اجملموعات وليس الصفحات الفرديّة‪ ،‬وذلك‬ ‫يوضحه الشكل رقم "‪."56‬‬ ‫ما ّ‬ ‫ من املالحظ أن االستهالك الثقايف على‬‫الفيس بوك أعلى من اإلنتاج‪ ،‬كما هو واضح يف‬ ‫الشكل رقم "‪."57‬‬ ‫من حيث توزيعات اإلنتاج واالستهالك عرب‬ ‫الفيس بوك على الفروع الثقافيّة املختلفة حتت ّل‬ ‫الكتب قائمة الفروع األعلى إنتاجاً يليها الشعر‪،‬‬ ‫أما االستهالك فتتفوق فيه املوسيقى على‬ ‫اجلميع‪ ،‬كما هو واضح يف الشكل رقم "‪."58‬‬ ‫هناك حالة من الضمور الشديد يف اإلنتاج‬ ‫على الصفحات الفرديّة‪ ،‬يقابلها حالة نشطة من‬ ‫االستهالك‪ ،‬خصوصاً يف الشعر والسينما اللذين‬ ‫يتصدران القائمة يف املركز األول والثاني‪ ،‬كما‬ ‫هو واضح يف الشكل رقم "‪."59‬‬ ‫لوحظ انتشار ظاهرة التشرذم والتشتت‬ ‫والتفتت يف استخدام الصفحات واجملموعات‬ ‫كوسيلة للتعبري عن شخص أو فكرة معيّنة‪.‬‬ ‫هناك انتشار كثيف للتيارات الدينية‪،‬‬ ‫ونادراً ما جتد جمموعة أو صفحة ثقافيّة ذات‬ ‫أعداد كبرية من املشرتكني على غرار املواقع‬ ‫الدينية‪.‬‬ ‫لوحظ أنه ليس هناك عالقة بني‬

‫‪285‬‬

‫ء‬

‫شكل رقم ‪57‬‬ ‫الفروع‬

‫ء‬

‫ء‬

‫شكل رقم ‪58‬‬ ‫ء‬

‫ء‬

‫ً‬

‫ء‬

‫ء‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 286‬للتنمية الثقافية‬

‫ثمة غياب الفت وملحوظ لمواقع‬ ‫الفيس بوك ذات المحتوى الثقافي‬ ‫الموجه لألطفال‪ ،‬كما أن مستوى‬ ‫المشاركة التفاعلية في جانب الجمهور‬ ‫مع أصحاب مواقع الفيس بوك عموماً‬ ‫تبدو بالغ الضآلة‪..‬‬

‫تعتبر التيّارات الدينية األكثر‬ ‫استقطاباً على صفحات الفيس بوك‪،‬‬ ‫تليها مجموعات الممثلين والمطربين‪..‬‬

‫وصل عدد المشتركين في قنوات‬ ‫الفيديو الثقافيّة العربيّة محل البحث‬ ‫إلى ‪ 8‬آالف و‪ 746‬مشتركاً‪..‬وهو مبدئياً‬ ‫رقم ضئيل للغاية وال يقارن بأ ّي صورة‬ ‫بعدد المشتركين في قنوات أخرى غير‬ ‫ثقافيّة‪..‬‬

‫شكل رقم ‪59‬‬

‫مستوى التفاعل الثقايف وأعداد املشرتكني‬ ‫يف اجملموعات أو املعجبني بالصفحات‪ ،‬ويف‬ ‫الغالب تكون هذه األعداد الكبرية وهمية‪.‬‬ ‫يظهر على الصفحات واجملموعات‬ ‫الثقافيّة الفيس بوك الوجود املصري بوضوح‪،‬‬ ‫وهو أمر تشعر به للوهلة األوىل يف أغلب‬ ‫اجملموعات الثقافيّة‪.‬‬ ‫هناك اهتمام كبري من جانب اجلمهور‬ ‫العربي بالشعر‪ ،‬وجتلّى ذلك يف أعداد‬ ‫املشرتكني الكبرية يف جمموعات الشعر العربي‬ ‫والشعراء وتع ّدد هذه اجملموعات بصورة الفتة‪.‬‬ ‫املؤسسات الثقافيّة‬ ‫وجود غالبية‬ ‫ّ‬ ‫والصحافية واإلعالمية العربيّة ضعيف للغاية‬ ‫وأغلب حماوالت احلضور فرديّة من قبل أفراد‬ ‫املؤسسات‪.‬‬ ‫يعملون يف هذه ّ‬ ‫كان من الصعب التمييز بسهولة يف‬ ‫احلاالت كلّها بني مشاركات منتج الثقافة‬ ‫واجلمهور يف اجملموعات بعكس الصفحات اليت‬ ‫يسهل التمييز بني مشاركات اجلمهور واملنتج‪.‬‬ ‫ال ميثل عدد املشرتكني أو املرتبطني يف‬ ‫صفحة أو جمموعة ّ‬ ‫مؤشراً على حجم التفاعل‬ ‫يف الصفحة‪ ،‬فقد يكون عدد املشرتكني صغرياً‬ ‫ولكنهم يتفاعلون بكثافة‪ ،‬وباملقارنة قد تتميز‬ ‫الصفحة أو اجملموعة بعدد مشرتكني كبري‬

‫ء‬ ‫ء‬

‫ء‬ ‫ء‬

‫ولكنهم قلي ًال ما يتفاعلون‪ ،‬ويكاد يقتصر‬ ‫التفاعل على عدد معينّ من األعضاء‪.‬‬ ‫عند البحث يف الفيس بوك عن‬ ‫املصطلحات الثقافيّة‪ ،‬يالحظ أن الصفحات‬ ‫تكون دائماً أكثر د ّقة وارتباطاً من عبارة‬ ‫البحث من اجملموعات‪ ،‬وبعبارة أخرى ميكن‬ ‫القول بأن الصفحات على الفيس بوك متيل‬ ‫التخصص مقارنة باجملموعات اليت قد‬ ‫إىل‬ ‫ّ‬ ‫حتيد عن غرضها أو نشاطها األصلي‪.‬‬ ‫العربية‬ ‫إنتاج واستهالك الثقافة‬ ‫ّ‬ ‫الفيديوية عبر يوتيوب‬ ‫ّ‬

‫لدراسة حالة الثقافة العربيّة الرقميّة‬ ‫الفيديويّة إنتاجاً واستهالكاً عرب اليوتيوب ّ‬ ‫مت‬ ‫انتقاء عيّنة مك ّونة من ‪ 43‬قناة فيديو ثقافيّة‪،‬‬ ‫مو ّزعة على الفروع الثقافيّة املختلفة‪ ،‬ويف‬ ‫يوتيوب تغريت املعايري املستخدمة يف الرصد‬ ‫والتحليل جوهرياً عن تلك املستخدمة مع‬ ‫املواقع واملنتديات والفيس بوك واملد ّونات‪،‬‬ ‫وذلك نظراً لطبيعة املادة املق ّدمة وطريقة‬ ‫عرضها وكيفية التعامل معها وحجم املعلومات‬ ‫املتاح عنها‪ ،‬وقد تض ّمنت مصفوفة التحليل‬ ‫احلقول التالية‪ :‬وقت الزيارة وإسم القناة‬ ‫وتصنيفها حسب الفروع الثقافيّة "فن‪ ،‬شعر‪،‬‬ ‫موسيقى‪ ،‬إخل"‪ ،‬وعدد املشرتكني فيها وعدد‬ ‫مقاطع الفيديو وعدد مشاهدات مقاطع‬ ‫الفيديو وعدد التعليقات على القناة وعدد‬ ‫مشاهدات القناة وعدد األيام اليت مضت على‬ ‫آخر حتديث طرأ على القناة والدولة التابعة‬ ‫هلا‪ ،‬وهل هلا ارتباط مبوقع خارجي وعدد‬ ‫األيام منذ اإلنشاء‪.‬‬ ‫وألن مادة الفيديو املقدمة على اليوتيوب‬ ‫تصبح يف عداد املواد الثقافيّة تامة اإلنتاج‬ ‫مبجرد عرضها مجاهريياً على اليوتيوب‪ ،‬فقد‬ ‫اعتربنا أن عدد مقاطع الفيديو املوضوعة على‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫شكل رقم ‪60‬‬ ‫الفروع‬

‫‪51‬‬ ‫‪23‬‬

‫‪16‬‬

‫‪8‬‬

‫‪0.7‬‬ ‫‪0.19‬‬

‫‪0.14‬‬

‫‪0.13‬‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫القنوات الثقافيّة أو املوضوعة بصورة منفردة‬ ‫وتتعلق بالثقافة متثّل جانب "اإلنتاج" الثقايف‬ ‫الرقمي الفيديوي على اليوتيوب‪ ،‬وألن مشاهدة‬ ‫أ ّي مقطع فيديو يعين أن شخصاً واحداً على‬ ‫األقل قد شاهده أ ّي تعرض له وتلقى ما فيه‬ ‫من حمتوى فقد أعتربنا أن عدد املشاهدات‬ ‫سواء للقناة كك ّل أم ملقاطع الفيديو املنفردة‬ ‫ميثل جانب "االستهالك" الثقايف الرقمي‬ ‫الفيديوي على اليوتيوب‪.‬‬ ‫وبتحليل البيانات اجمل ّمعة من هذه احلقول‬ ‫مجيعاً وفق املعايري السابقة أمكن استخالص‬ ‫جمموعة من ّ‬ ‫املؤشرات اخلاصة بطبيعة‬ ‫التواصل الثقايف الرقمي الفيديوي العربي عرب‬ ‫اليوتيوب أو بعبارة أخرى رصد جمموعة من‬ ‫مالمح إنتاج واستهالك هذا اللّون من الثقافة‬ ‫العربيّة رقميّاً على الشبكة‪ ،‬وذلك على النحو‬ ‫التالي‪:‬‬ ‫ضآلة عدد املشرتكني‪ ،‬والذي ال يقارن‬ ‫بأ ّي صورة بعدد املشرتكني يف قنوات أخرى‬ ‫ويوضح الشكل رقم "‪ "60‬توزيعات‬ ‫غري ثقافيّة‪ّ ،‬‬ ‫املشرتكني على الفروع الثقافيّة‪.‬‬ ‫تص ّدر أفالم الشعراء وتف ّوقها على غريها‬ ‫من أفالم الفروع الثقافيّة األخرى‪ ،‬وذلك كما‬ ‫هو واضح يف الشكل رقم "‪."61‬‬ ‫ضآلة إنتاجية املشرتكني‪ ،‬يف قنوات‬ ‫الفيديو الثقافيّة العربيّة بصورة عامة حيث‬ ‫يصل معدل اإلنتاجية إىل مقطع لك ّل مشرتك‪،‬‬ ‫موضح يف الشكل رقم "‪."62‬‬ ‫كما هو ّ‬ ‫اخنفاض مستوى التفاعل مع مقاطع‬ ‫الفيديو الثقافيّة املعروضة حيث وصل نصيب‬ ‫ك ّل مقطع فيديو من التعليقات إىل ‪ 1.9‬تعليقات‬ ‫فقط كما هو واضح يف الشكل رقم "‪."63‬‬ ‫ال حتظى قنوات الفيديو الثقافيّة بنصيب‬ ‫وافر من التحديث واملتابعة‪ ،‬حيث يصل معدل‬ ‫حتديث الفيديو يف هذه القنوات إىل م ّرة ك ّل‬

‫‪287‬‬

‫‪0.4‬‬

‫‪0.3‬‬

‫‪0.07‬‬

‫‪0.03‬‬

‫شكل رقم ‪61‬‬ ‫ء‬ ‫ء‬

‫‪20‬‬

‫‪17‬‬

‫‪0.94‬‬

‫‪0.51‬‬

‫‪0.43‬‬

‫‪1.05‬‬

‫‪1.07‬‬

‫‪26‬‬

‫‪30‬‬

‫‪2‬‬

‫‪0.65‬‬

‫شكل رقم ‪62‬‬

‫ء‬

‫‪1‬‬

‫‪0.5‬‬ ‫‪0.3‬‬

‫‪0.3‬‬

‫‪0.2‬‬

‫‪0.2‬‬ ‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫‪0‬‬

‫‪0.3‬‬

‫‪0.2‬‬

‫‪0.3‬‬

‫‪0‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 288‬للتنمية الثقافية‬

‫شكل رقم ‪63‬‬ ‫للفروع‬

‫‪1.9‬‬

‫‪0.8‬‬

‫‪0.7‬‬

‫‪0.9‬‬

‫‪0.8‬‬

‫‪0.6‬‬ ‫‪0.3‬‬

‫‪0.2‬‬

‫‪0.1‬‬

‫شكل رقم ‪64‬‬

‫‪226.8‬‬

‫‪72.9‬‬ ‫‪20.0‬‬

‫‪8.0‬‬

‫شكل رقم ‪65‬‬

‫‪31.9‬‬

‫‪41.6‬‬ ‫‪22.5‬‬

‫‪22.8‬‬

‫‪35.7‬‬

‫‪7.3‬‬

‫‪8.5‬‬

‫‪23.3‬‬

‫انتاج املواد الثقافية على قنوات يوتيوب الثقافية العربية فى مقابل االستهالك‬ ‫على مستوى مقاطع الفيديو والقنوات ككل‬

‫‪85977322‬‬

‫‪1000000‬‬

‫‪1102221‬‬

‫‪100000‬‬ ‫‪1000‬‬

‫‪43.4‬‬

‫‪2765‬‬

‫‪2499‬‬

‫‪100‬‬ ‫‪1‬‬

‫انتاج منتجي‬ ‫الثقافة‬

‫استهالك املقاطع انتاج املستهلكني‬ ‫اجلمهور‬ ‫عدد املشاهدات‬

‫استهالك القوات‬ ‫عدد املشاهدات‬

‫يوضح الشكل رقم"‪."64‬‬ ‫‪ 43‬يوماً‪ ،‬كما ّ‬ ‫على الرغم من السمات الضعيفة‬ ‫السابقة اليت تعكس أدا ًء متواضعاً للمنتجني‪،‬‬ ‫فإن استهالك مقاطع الفيديو يعادل أضعاف‬ ‫يوضحه الشكل رقم "‪."65‬‬ ‫اإلنتاج‪ ،‬وذلك ما ّ‬ ‫هناك ميل واضح الستهالك اإلنتاج‬ ‫الفيديوي الفردي‪ ،‬وليس اجلماعي املق ّدم عرب‬ ‫القنوات الكاملة‪ ،‬فاستهالك املقاطع الفرديّة‬ ‫متوسط استهالك‬ ‫أعلى ‪ 275‬مرة مقارنة مع ّ‬ ‫يوضحه‬ ‫قنوات الفيديو الكاملة‪ ،‬وهذا ما ّ‬ ‫الشكل رقم "‪."66‬‬ ‫من حيث توزيع منط االستهالك على‬ ‫الفروع الثقافيّة وجد أن اعلى نسبة مشاهدة‬ ‫ملقاطع الفيديو الثقافيّة كانت من نصيب‬ ‫يوضحه الشكل رقم "‪."67‬‬ ‫املسرح‪ ،‬وهذا ما ّ‬ ‫تعاني أفالم الفيديو املق ّدمة عرب‬ ‫القنوات الثقافيّة الكاملة حالة من الركود‬ ‫يف االستهالك‪ ،‬حيث يبدو معدل إنتاج هذه‬ ‫األفالم أكرب كثرياً من معدل استهالكها‪،‬‬ ‫يوضحه الشكل رقم "‪."68‬‬ ‫وهذا ما ّ‬ ‫ال تثري أفالم ومقاطع الفيديو املعروضة‬ ‫اهتمام اجلمهور إىل الدرجة اليت تدفعه‬ ‫للتعليق عليها‪ ،‬فكما هو واضح يف الشكل رقم‬ ‫املتوسط العام لنصيب ك ّل مقطع‬ ‫"‪ "69‬فإن ّ‬ ‫فيديو من تعليقات اجلمهور يف الفروع الثقافيّة‬ ‫متدن‬ ‫املختلفة هو ‪ 0.9‬تعليقات‪ ،‬وهو معدل ٍّ‬ ‫للغاية‪.‬‬ ‫حضور قوي للخليج وهيمنته على احملتوى‬ ‫الفيديوي الثقايف العربي الرقمي سواء إنتاجاً‬ ‫أم استهالكاً‪.‬‬ ‫للمؤسسات الثقافيّة العربيّة مثل‬ ‫غياب ّ‬ ‫الوزارات‪ ،‬أ ّما اجلمعيات املدنية املعنية بشؤون‬ ‫الثقافة فال تزال غائبة عن استخدام اليوتيوب‬ ‫كوسيلة للتواصل الثقايف مع اجلمهور‪.‬‬ ‫كما هو احلال يف الفيس بوك هناك‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫‪289‬‬

‫شكل رقم ‪66‬‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫حضور طاغ للثقافة اإلسالمية متمثّ ًال يف‬ ‫اخلطب والدروس الدينية لكبار العلماء‬ ‫والشيوخ‪.‬‬ ‫هناك إدمان للممثلني واملمثالت‬ ‫واملطربني وغريهم من أهل الفن‪ ،‬فأكثر‬ ‫القنوات حتديثاً مث ًال‪ ،‬هي قناة موقع فنان‬ ‫العرب محمد عبده (‪ 0.69‬يوم)‪.‬‬ ‫ال تعبرّ أمساء القنوات دائماً عن حقيقة‬ ‫حمتواها من الفيديو‪ ،‬فعند البحث عن رواية‪،‬‬ ‫كانت نتيجة البحث البارزة يف قسم الفيديو‬ ‫هي غسان كنفاني شهيد الرواية الفلسطينية‬ ‫وهو أحد كبار الكتّاب واألدباء‪ ،‬ولكن عند‬ ‫زيارة القناة اليت يوجد فيها هذا الفيديو‬ ‫وجدنا أنها لفرد‪.‬‬

‫شكل رقم ‪67‬‬

‫شكل رقم ‪68‬‬

‫إنتاج واستهالك الثقافة عبر القوائم‬ ‫البريدية‬

‫من الناحية التقنيّة ميكن تعريف القوائم‬ ‫الربيدية على أنها شكل خاص من أشكال‬ ‫استخدام الربيد اإللكرتوني‪ ،‬يت ّم فيه جتميع‬ ‫قائمة من عناوين الربيد اإللكرتوني معاً يف‬ ‫قائمة واحدة‪ ،‬بهدف إتاحة الفرصة ملستخدم‬ ‫الربيد اإللكرتوني لكي يرسل رسائل إلكرتونيّة‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 290‬للتنمية الثقافية‬

‫مبا لديه من معلومات أو آراء يف أ ّي قضيّة‬ ‫حم ّل املناقشة إىل أ ّي عدد من األشخاص حول‬ ‫املسجلني بهذه القائمة مبج ّرد ضغطة‬ ‫العامل ّ‬ ‫زر واحدة من حاسبه الشخصي‪ ،‬أو يتلقّى أ ّي‬ ‫كم من الرسائل يرسله املشرتكون اآلخرون يف‬ ‫يسجل‬ ‫القائمة‪ ،‬ومعنى ذلك أن أ ّي شخص ّ‬ ‫امسه وعنوان بريده اإللكرتوني يف أ ّي قائمة‬ ‫يكون مبقدوره عرض إنتاجه الثقايف على‬ ‫املشرتكني يف القائمة تلقي واستهالك إنتاج‬ ‫اآلخرين يف الوقت نفسه‪.‬‬

‫شكل رقم ‪69‬‬ ‫شكل رقم "‪ "69‬متوسط نصيب كل مقطع فيديو من التعليقات‬

‫العينة‬ ‫اختيار ّ‬

‫ّ‬ ‫مت اختيار عيّنة البحث بعد استخدام‬ ‫الكلمات السابق اإلشارة إليها يف اجلزء‬ ‫التمهيدي‪ ،‬ومن نتائج البحث اليت ظهرت مع‬ ‫ك ّل مصطلح من هذه املصطلحات‪ّ ،‬‬ ‫مت اختيار‬ ‫أكرب القوائم من حيث أعداد األعضاء‪ ،‬ويف‬ ‫النهاية تشكلت العيّنة من ‪ 69‬قائمة ثقافيّة‪.‬‬ ‫وقد تض ّمنت مصفوفة حتليل العيّنة‬ ‫جمموعتني من احلقول‪ ،‬األوىل ترصد حجم‬ ‫ما يتداول من رسائل والثانية تقيس مستوى‬ ‫التواصلية والتفاعلية داخل ك ّل قائمة بريدية على‬ ‫حدة‪ ،‬وبتحليل هذه القوائم واحلقول تبينّ ما يلي‪:‬‬

‫شكل رقم ‪70‬‬ ‫شكل رقم "‪ "70‬الجهات المسؤولة عن القوائم البريدية‬

‫المسؤولية األكبر لألفراد‬ ‫ّ‬

‫شكل رقم ‪71‬‬ ‫ء‬

‫ء‬

‫يضطلع األفراد باملسؤولية األكرب عن‬ ‫موضح يف‬ ‫إنشاء وتشغيل هذه القوائم‪ ،‬كما هو ّ‬ ‫الشكل رقم "‪."70‬‬ ‫كظاهرة عامة بدأت القوائم الربيدية‬ ‫الثقافيّة العربيّة بداية متواضعة ثم سجلت‬ ‫منواً سريعاً‪ ،‬وتشهد تصاعداً مستمراً يف‬ ‫أعدادها منذ ‪ 2005‬وحتى اآلن‪ ،‬كما هو واضح‬ ‫يف الشكل رقم "‪."71‬‬ ‫تسجل القوائم الربيدية اليت تض ّم خليطاً‬ ‫من رسائل الف ّن واإلباحية االنتشار األوسع بني‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫تفاعل المنتجين والمستهلكين‬ ‫بالقوائم البريدية‬

‫عند إنشاء أ ّي قائمة بريدية تكون هناك‬ ‫قائمة من القواعد اإلجرائية اليت تعترب‬ ‫ّ‬ ‫مؤشراً قوياً على مدى تفاعلية أعضاء القائمة‬ ‫ومسؤوليها بني بعضهم البعض ومع اجلمهور‬ ‫العام لإلنرتنت‪ ،‬ووفقاً للقواعد اإلجرائية‬ ‫املتبعة بالقوائم يرصد اجلدول رقم "‪"37‬‬ ‫احلالة التفاعلية بني املنتجني واملستهلكني‬ ‫داخل القوائم الربيدية‪ ،‬واستناداً للجدول ّ‬ ‫مت‬ ‫التوصل إىل ما يلي‪:‬‬

‫شكل رقم ‪72‬‬

‫أدبية‬

‫إجمالي أو‬

‫أغاني‬

‫شكل رقم ‪73‬‬

‫ء‬

‫ء‬

‫شكل رقم ‪74‬‬ ‫ء‬

‫إجمالي‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫يوضح‬ ‫القوائم الربيدية الثقافيّة العربيّة كما ّ‬ ‫اجلدول رقم "‪."72‬‬ ‫تشهد هذه القوائم تصاعداً سريعاً يف‬ ‫تبادل احملتوى كما توضح األشكال رقم "‪،"73‬‬ ‫"‪ ،"75" ،"74‬حيث يظهر تصاعد يف اإلمجالي‬ ‫العام ويف رسائل القوائم األدبية وقوائم الشعر‬ ‫والشعراء‪.‬‬ ‫على مستوى حجم الرسائل املتبادلة‬ ‫داخل القوائم الربيدية ترتاجع قوائم اإلباحة‬ ‫والف ّن وتتق ّدم القوائم الثقافيّة العامة‪ ،‬تليها‬ ‫يوضح الشكل رقم "‪."76‬‬ ‫السينما كما ّ‬ ‫ّ‬ ‫يتّسم نصيب كل فرع ثقايف من الرسائل‬ ‫املنتجة واملستهلكة‪ ،‬بالضآلة واحملدودية‪ ،‬حيث‬ ‫متوسط اإلنتاج واالستهالك العام داخل‬ ‫يصل ّ‬ ‫الفروع الثقافيّة إىل رسالة لك ّل ‪ 14‬عضواً‪ ،‬كما‬ ‫يوضح الشكل رقم "‪."77‬‬ ‫ّ‬ ‫للمتوسط‬ ‫ال خيتلف الوضع كثرياً بالنسبة ّ‬ ‫العام إلنتاج واستهالك الفرد املشرتك يف‬ ‫املتوسط‬ ‫القوائم الربيدية ككل‪ ،‬حيث يصل ّ‬ ‫العام لنصيب أعضاء القوائم الربيدية ككل‬ ‫من الرسائل املنتجة رسالة لك ّل ‪ 14.1‬عضو‪،‬‬ ‫وهذا الرقم يتفاوت من فرع ثقايف آلخر‪ ،‬كما‬ ‫هو واضح يف الشكل رقم "‪."78‬‬

‫‪291‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 292‬للتنمية الثقافية‬

‫شكل رقم ‪75‬‬

‫إجمالي‬

‫شكل رقم ‪76‬‬

‫أدبية‬

‫إجمالي أو‬

‫أغاني‬

‫شكل رقم ‪77‬‬

‫أدبية‬

‫أغاني‬

‫يمثل الغناء والموسيقى والسينما‬ ‫‪ % 79‬من إجمالي القوائم البريدية‪،‬‬ ‫بينما تمثّل الثقافة العامة ‪ % 5‬فقط‪..‬‬

‫إجمالي أو‬

‫هناك قدر ال ميكن جتاهلة من القيود‬ ‫اليت وضعها أصحاب القوائم الربيدية أمام‬ ‫املشاركة املفتوحة من قبل اجلمهور‪ .‬سواء على‬ ‫صعيد إرسال املشاركات أم على صعيد إرفاق‬ ‫امللفات واإلشراف على املساهمات‪.‬‬ ‫مل خيتلف األمر يف ما يتعلّق باحلرية‬

‫املمنوحة لألعضاء يف إنشاء وتعديل الصفحات‬ ‫املختلفة داخل القائمة‪.‬‬ ‫أظهرت الكثري من القوائم الربيدية مي ًال‬ ‫إىل استخدام أسلوب "االنتشار أوالً والقيود‬ ‫ثانياً" مبعنى أن القائمني على القوائم الربيدية‬ ‫يهمهم يف املقام األول أن حتظى القائمة بأكرب‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫أكثر من نصف القوائم الربيدية مرتبطة‬ ‫مبواقع خارجية على الويب تر ّوج هلا وترسل‬ ‫للمشرتكني رسائل باجلديد من املوضوعات‬ ‫توجه األعضاء لزيارتها بانتظام‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫جدول رقم‪37‬‬

‫حالة التواصل والتفاعلية بني املنتجني واملستهلكني داخل القوائم‬ ‫الربيدية‬

‫معيار التواصل‬

‫اخليارات‬

‫األعضاء يستطيعون إرسال املشاركات‬ ‫األعضاء يستقبلون الرسائل فقط‬ ‫إرسال املشاركات‬ ‫النشر متاح لألعضاء وغري األعضاء‬ ‫األعضاء ال يستطيعون إرفاق امللفات‬ ‫إرفاق امللفات‬ ‫األعضاء يستطيعون إرفاق امللفات‬ ‫األعضاء فقط ميكنهم املشاهدة‬ ‫مشاهدة احملتوى‬ ‫أي شخص ميكنه املشاهدة‬ ‫أي شخص ميكنه االنضمام‬ ‫االنضمام للمجموعة‬ ‫الب ّد من موافقة املدراء‬ ‫صالحيات اإلشراف على غري حمدد‬ ‫املساهمات‬ ‫مساهمات األعضاء خاضعة إلشراف املدراء‬ ‫يستطيع األعضاء تعديل الصفحات‬ ‫إنشاء الصفحات‬ ‫ميكن للمدراء فقط تعديل الصفحات‬ ‫الظهور واحلجب عن اجملموعة ظاهرة‬ ‫اجلمهور العام‬ ‫اجملموعة حمجوبة‬ ‫غري مرتبطة مبوقع خارجي‬ ‫االرتباط مبوقع خارجي‬ ‫مرتبطة مبوقع خارجي‬

‫االنتشار‬ ‫بالنسبة املئوية‬ ‫‪46.4‬‬ ‫‪39.1‬‬ ‫‪14.5‬‬ ‫‪73.9‬‬ ‫‪26.1‬‬ ‫‪23.2‬‬ ‫‪76.8‬‬ ‫‪94.2‬‬ ‫‪5.8‬‬ ‫‪46.4‬‬ ‫‪53.6‬‬ ‫‪20.3‬‬ ‫‪79.7‬‬ ‫‪76.8‬‬ ‫‪23.2‬‬ ‫‪46.4‬‬ ‫‪53.6‬‬

‫شكل رقم ‪78‬‬

‫أدبية‬

‫أغاني‬

‫إجمالي أو‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫عدد ممكن من العضوية وأن حتقق أكرب انتشار‬ ‫ممكن بني مجهور اإلنرتنت العام‪ ،‬وبعد ذلك‬ ‫يفرضون نوعاً من القيود اإلجرائية اليت حت ّد‬ ‫من مشاركة األعضاء واجلمهور معاً عند إنتاج‬ ‫وتداول وتلقي احملتوى واستهالكه‪.‬‬ ‫لوحظ أن القوائم تنقسم قسمني‪ ،‬األول‬ ‫القوائم "اإلبالغية" أو اليت تكون وظيفتها‬ ‫إبالغ أعضائها أو مجهورها بأشياء حمددة يف‬ ‫مواعيد خيتارها مسؤولو القائمة أو أعضاؤها‪،‬‬ ‫والثاني عبارة عن القوائم الربيدية التفاعلية‬ ‫اليت قد تكون مرتبطة أو غري مرتبطة مبوقع‬ ‫معينّ ويستطيع أ ّي شخص االنضمام إليها‪،‬‬ ‫وبعد ذلك تطبق عليه قواعد التواصلية‬ ‫والتفاعلية اليت ختتارها لنفسها‪.‬‬ ‫لوحظ أن القوائم الربيدية تتعرض كثرياً‬ ‫لالخرتاق من قبل الذين يتقاضون عمولة‬ ‫على ترويج بعض املواقع ويستغلون العبارات‬ ‫اإلباحية‪.‬‬ ‫يغلب على القوائم التن ّوع فهي ال تقتصر‬ ‫أو تر ّكز على موضوع حم ّدد بل جتدها يف‬ ‫الغالب شاملة على سبيل املثال "التصميم‪،‬‬ ‫الف ّن التشكيلي‪ ،‬اخلط والزخرفة‪ ،‬السينما‪،‬‬ ‫التلفزيون‪ ،‬املوسيقى‪ ،‬املسرح‪ ،‬تاريخ الفن"‪.‬‬ ‫احملتوى الديين مسة بارزة يف أغلب‬ ‫القوائم الثقافيّة يف غوغل‪.‬‬

‫‪293‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 294‬للتنمية الثقافية‬

‫التحديات والفرص في إنتاج‬ ‫ّ‬

‫رقمي ًا‬ ‫العربية واستهالكها‬ ‫الثقافة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫المنتجون‬ ‫فشل جماهيرى لألغلبية ونجاح‬ ‫لألقلية‬

‫على صعيد مجاهريية احملتوى املق ّدم‬ ‫كان التحدي الغالب هو عدم القدرة على‬ ‫جذب قطاعات واسعة من اجلمهور‪ ،‬حيث‬ ‫بدا واضحاً أن القائمني على قنوات أو أدوات‬ ‫التواصل الرقمي مل يسجلوا جناحاً كافياً يف‬ ‫جذب قطاعات واسعة من مجهور اإلنرتنت‪،‬‬ ‫لكن نسبة قليلة من املنتجني تغلبوا على هذا‬ ‫التحدي وحولوه إىل فرصة وحققوا مجاهريية‬ ‫واسعة وسط شرحية اجلمهور املهتمة بالثقافة‪،‬‬ ‫فوجدنا مث ًال أن ‪ % 2.5‬من املنتديات حققت‬ ‫ثاني أعلى مستوى ممكن من اجلماهريية‬ ‫بعدما ّ‬ ‫مت تصنيفها ضمن أكرب ‪ 10‬آالف موقع‬ ‫من حيث الزيارة على مستوى اإلنرتنت كلها‪،‬‬ ‫وحققت ‪ % 5‬من املنتديات مستويات مجاهريية‬ ‫مماثل‬ ‫مصنفة على أنها مرتفعة‪ ،‬وحدث شيء ّ‬ ‫سجلت ‪ % 2‬من املواقع الثقافيّة‬ ‫يف املواقع حيث ّ‬ ‫ضمن العشرة آالف موقع األوىل على اإلنرتنت‪،‬‬ ‫مما‬ ‫و‪ % 2‬منها ضمن املواقع مرتفعة الزيارة‪ّ ،‬‬ ‫يعين أن فرص جذب اجلمهور واسعة وممكنة‬ ‫أمام من جيتهد‪.‬‬ ‫ومؤسسي بازغ‬ ‫طابع فردي سائد‬ ‫ّ‬

‫واجه إنتاج الثقافة واستهالكها عرب‬ ‫اإلنرتنت حتدي غلبة الطابع الفردي وضعف‬

‫املؤسسات يف‬ ‫املؤسسي‪ ،‬إثر تراجع دور ّ‬ ‫األداء ّ‬ ‫عملية اإلنتاج والنشر‪ ،‬حتى ميكن القول إن‬ ‫اإلنتاج الثقايف الرقمي العربي عرب الشبكة‬ ‫جتسد‬ ‫هو يف األغلب األعم ظاهرة فرديّة‪ّ ،‬‬ ‫غياب اجلهود املخططة والرؤى املتكاملة‬ ‫واالسرتاتيجيات ذات األهداف الواضحة عن‬ ‫أنشطة وأداء جهات إنتاج الثقافة وعرضها‬ ‫ونشرها عرب اإلنرتنت‪ ،‬كما تؤ ّكد أن اإلنتاج‬ ‫الثقايف الرقمي العربي خيضع للعفوية الفرديّة‬ ‫واألمزجة الشخصية واألهواء الوقتيّة والرؤى‬ ‫قصرية النظر وغريها من السمات اليت غالباً‬ ‫ما حتكم تص ّورات األفراد وحت ّركاتهم‪ ،‬و لع ّل‬ ‫هذا يفسر الرتكيز الشديد للمحتوى الثقايف‬ ‫النشط واجلاذب للجمهور يف بعض اجملاالت‬ ‫ذات االستهالك السطحي السريع الذي يهت ّم‬ ‫باملتع احلسيّة وال تعنيه القيمة أو التنمية‬ ‫الثقافيّة‪.‬‬ ‫لكن يف املقابل حققت نسبة ال بأس بها‬ ‫من املنتجني توازناً يف طبيعة القائمني على‬ ‫اإلنتاج‪ ،‬مؤ ّكدة أن فرص التخلّص من هذا‬ ‫التحدي قائمة وممكنة‪ ،‬وق ّدم منتجو الثقافة‬ ‫عرب الفيس بوك مثاالً جيداً على ذلك‪ ،‬حيث‬ ‫واملؤسسات الرمسيّة ‪% 22‬‬ ‫شكل األفراد ‪ّ % 59‬‬ ‫واملؤسسات املدنية ‪ % 14‬والشركات اخلاصة ‪،% 5‬‬ ‫ّ‬ ‫وقد حقق هذا التوزيع أعلى قدر من التوازن‬ ‫قياساً جبميع قنوات وأدوات التواصل األخرى‪،‬‬ ‫وجعل الفيس بوك أكثر جتسيداً للحركة‬ ‫الثقافيّة من بعض قنوات التواصل األخرى‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫اليت مل جتذب سوى األفراد‪.‬‬ ‫تضييق يقابله إنفتاح‬

‫اختالالت كبرى وتوازنات صغرى في‬ ‫اختيار الجمهور‬

‫ظهر اختالل واضح يف اختيارات املنتجني‬ ‫يتوجهون إليه‬ ‫اخلاصة باجلمهور الذي ّ‬ ‫باحملتوى الثقايف‪ ،‬فقد كان هناك تركيز حاد‬ ‫من غالبيتهم على فئيت الشباب والبالغني على‬ ‫حساب فئة األطفال‪ ،‬وذلك من حيث معيار‬ ‫مماثل على‬ ‫العمر‪ ،‬كما كان هناك تركيز حاد ّ‬ ‫املتوسط والتعليم العالي على‬ ‫فئيت التعليم ّ‬ ‫حساب ذوي التعليم املنخفض‪ ،‬وذلك من‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫أظهر الكثري من منتجي الثقافة العرب‬ ‫وموفريها على اإلنرتنت مي ًال واضحاً حنو‬ ‫تضييق انتشار قنوات التواصل اليت يعملون‬ ‫من خالهلا بني مجهور املستخدمني‪ ،‬واختذوا‬ ‫إجراءات حت ّد من قدرة املستخدم العادي ‪-‬‬ ‫الذي ينتمي للجمهور العام للشبكة ‪ -‬على‬ ‫استخدام قنوات التواصل اخلاصة بهم‪،‬‬ ‫وهذا توجه معاكس لطبيعة جمتمع اإلنرتنت‬ ‫الذي يقوم على مفهوم االنفتاحية واملشاركة‪،‬‬ ‫لكن هذا التحدي الناجم عن امليل للتضييق‬ ‫والتعقيد ال جيعلنا نندهش ونيأس‪ ،‬ففي‬ ‫املقابل كانت هناك شرحية من منتجي الثقافة‬ ‫اتسم أداؤها باالنفتاح يف التعامل مع اجلمهور‬ ‫وظهر األمر يف جمال املد ّونات أكثر من غريه‪،‬‬ ‫حيث كانت ‪ % 82‬من املد ّونات مفتوحة متاماً‬ ‫للجمهور‪ ،‬وظهر الشيء نفسه عرب الفيس‬ ‫سجلت‬ ‫بوك‪ ،‬وحتى يف القوائم الربيدية اليت ّ‬ ‫مستوى عالياً من االنغالق‪ ،‬كان من بينها من‬ ‫يقلص إجراءات التحجيم والغلق حينما يتعلّق‬ ‫األمر بالتعامل مع اجلمهور العام لإلنرتنت‬ ‫خارج القائمة‪.‬‬

‫حيث معيار التعليم‪ ،‬بل ظهر قدر ال يستهان به‬ ‫من احملتوى الثقايف مل يهت ّم أصحابه بتوجيهه‬ ‫أو ختصيصه إىل فئة عمريّة أو تعليميّة بعينها‪،‬‬ ‫ويف مقابل هذا التحدي الصعب برزت شرحية‬ ‫من املنتجني متثّل نقاطاً مضيئة يف اختيارها‬ ‫املتزن لفئات اجلمهور املختلفة عمرياً وتعليمياً‪،‬‬ ‫وق ّدمت نفسها كفرصة ميكن توسيعها وتنميتها‬ ‫للتخفيف من هذا االختالل‪ ،‬ففي املد ّونات‬ ‫مث ًال برز نصيب لألطفال مل يظهر مثله يف‬ ‫قنوات التواصل األخرى‪ ،‬كما كان هناك توازن‬ ‫بني الشباب والبالغني واملسنني‪ ،‬وحدث الشيء‬ ‫نفسه يف الفيس بوك‪.‬‬

‫‪295‬‬

‫نصية وبعضهم‬ ‫المنتجون ظاهرة‬ ‫ّ‬ ‫متعدد الوسائط‬

‫ال يزال يؤخذ على معظم منتجي الثقافة‬ ‫الرقميّة العربيّة أنهم أقرب إىل "الظاهرة‬ ‫النصيّة" اليت متيل بشكل ساحق إىل‬ ‫النص يف تقديم احملتوى الثقايف‪،‬‬ ‫استخدام ّ‬ ‫وهو حت ّد كبري يتعاكس مع ما حيدث يف عامل‬ ‫اإلنرتنت اليت اجنرفت بك ّل ق ّوة وسرعة وعمق‬ ‫حنو استخدام الوسائط املتعددة القائم على‬ ‫رباعية النصوص والصور والصوت والصورة‬ ‫املتحركة وصهرها مجيعاً يف نسيج واحد عند‬ ‫تقديم احملتوى الثقايف‪ ،‬لكن هذا مل مينع ظهور‬ ‫حاالت استطاعت التخلص من داء االستسالم‬ ‫للنصيّة وبدت كفرصة للتطوير والنضج‪ ،‬ففي‬ ‫املواقع ظهرت النصوص بنسبة ‪ % 76‬والصور‬ ‫‪ % 64‬والصوت ‪ ،% 20‬أما يف املنتديات فسجلت‬ ‫النصوص حضوراً قدره ‪ % 100‬والصور ‪% 74‬‬ ‫والفيديو ‪ ،% 22‬وبصورة عامة ميكن القول إن‬ ‫املنتديات رمبا تكون هي أكثر أوعية التواصل‬ ‫الثقايف الرقمي نضجاً يف استخدام الوسائط‬ ‫املتعددة‪ ،‬سواء وهي تنتج الثقافة أم وهي‬ ‫تستهلكها‪.‬‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 296‬للتنمية الثقافية‬

‫أن هناك فرصة للتميز على املستوى الفردي‬ ‫فتور أكبر من الحماس‬ ‫يف واحدة من أكثر التح ّديات إثارة للدهشة بغض النظر عن اإلمكانات البشرية والتقنيّة‪.‬‬ ‫بادلت نسبة كبرية من منتجي الثقافة الرقميّة‬ ‫مجهورها الفتور بدالً من احلماس حينما مستوى تقني متواضع تقطعه‬ ‫أبدى اجلمهور رغبة يف التفاعل معها‪ ،‬ومبعث االستثناءات‬ ‫كان التواضع وفقر املستوى مسة غالبة على‬ ‫الدهشة يف هذا امللمح أن أ ّي منتج أو عارض‬ ‫للثقافة على الشبكة حيرص بل يتمنى بش ّدة أن الناحية التصميمية واألدائية لقنوات التواصل‬ ‫جيد أمامه مجهوراً راغباً يف التفاعل ليبادله اليت خضعت للتحليل‪ ،‬وقد استكان منتجو‬ ‫تفاع ًال أكرب‪ ،‬بيد أن هذا التحدي املدهش الثقافة الرقميّة لذلك إما كس ًال أو جه ًال أو‬ ‫مما أفقدهم قطاعات‬ ‫قابله على اجلانب اآلخر فرصة مدهشة‪ ،‬حيث المباالة‪ ،‬أو قلّة خربة‪ّ ،‬‬ ‫استطاعت شرحية من منتجي الثقافة ليس واسعة من اجلماهري‪ ،‬ويف مقابل هذا التحدي‬ ‫فقط يف مبادلة مجهورها احلماس‪ ،‬بل قدمت مت ّكن العديد من منتجي الثقافة وقنوات‬ ‫أيضاً حمتوى ثقافياً جنح يف حتقيق قدر من التواصل املسؤولني عنها من حتقيق مستويات‬ ‫التفاعلية الناضجة مع املتلقني واملستهلكني‪ ،‬تصميم وأداء قياسيّة‪ ،‬وهذه مل تكن صفة‬ ‫ومتثّلت عالمات النضج يف ارتفاع تفاعلية موقع أو منتج ثقايف بعينه‪ ،‬بل كانت مسة قابلة‬ ‫املستهلك أو اجلمهور من حيث عدد الردود للمالحظة يف فئة بكاملها‪ ،‬ومن حيث التفاعلية‬ ‫والتعليقات واإلسهامات ومعدل الزيارات‪ ،‬حقق ‪ % 16‬من املواقع أعلى مستوى من‬ ‫التفاعلية وهو التفاعلية العالية جداً‪ ،‬و‪% 10‬‬ ‫ووصل جناح احملتوى إىل الدرجة اليت تف ّوق‬ ‫فيها اجلمهور على املنتج كمياً يف عمليات من املواقع صنفت على أنها عالية التفاعل‪ ،‬ويف‬ ‫سجلت ‪ % 16‬منها تفاعلية عالية جداً‬ ‫املد ّونات ّ‬ ‫التفاعل املتبادلة بني االثنني‪.‬‬ ‫وهو أعلى مستوى للتفاعلية يف املد ّونات‪ ،‬و‪% 8‬‬ ‫تفاعلية عالية‪.‬‬ ‫تخدع وقلّة تجود‬ ‫كثرة‬ ‫ّ‬ ‫من التح ّديات املؤسفة اليت كشفت عنها‬ ‫التحليالت هي جلوء بعض من منتجي الثقافة المستهلكون‬ ‫ممارسات خداعية وهم‬ ‫الرقميّة العرب إىل ّ‬ ‫يتواصلون مع مجهورهم أو وهم حياولون بحث بدائي يقابله شغف عام‬ ‫كان أول حت ّد خاص باملستهلكني أظهرته‬ ‫تقديم ما لديهم من منتجات ثقافيّة وعرضها‪،‬‬ ‫وذلك كوسيلة جلذب اجلمهور أو الظهور التحليالت أن مجهور مستهلكي الثقافة‬ ‫مبظهر من يق ّدم شيئاً قيّماً‪ ،‬ويف مقابل ذلك الرقميّة أظهر مي ًال الستخدام أدوات البحث‬ ‫حد والتواصل البدائية‪ ،‬فقد ش ّكلت عمليات البحث‬ ‫كانت هناك مناذج فرديّة ملنتجني تع ّد يف ِّ‬ ‫ذاتها نقطة قوة وقصص جناح باعثة على بالكلمات العامة والسطحية ‪ -‬اخلالية من أ ّي‬ ‫األمل ملا قدمته من تواصل ثقايف عالي القيمة حتديد أو ذكر لنطاق حبثي معني سواء على‬ ‫يف إنتاج الثقافة وعرضها وما القته من تفاعل صعيد املوضوع أم الزمن أم السمات ‪ -‬العمود‬ ‫جيد وتقدير وإقبال من اجلمهور‪ ،‬وقد أوردنا الفقري لتوجهات مجهور اإلنرتنت العربي‬ ‫يف ثنايا التحليالت أمثلة هلؤالء الذين يؤكدون وهو حياول التواصل ثقافياً بصورة رقميّة‪،‬‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫لكن يف املقابل صنع مجهور املستهلكني فرصة‬ ‫رمبا تكون أكرب من هذا التحدي "األدائي"‬ ‫إن جاز التعبري‪ ،‬حيث أظهر السلوك البحثي‬ ‫من التح ّديات املثرية للقلق يف جانب‬ ‫جلمهور اإلنرتنت العربي حالة من الشغف املستهلكني أن هناك قدراً غري قليل من‬ ‫العام بالثقافة أو الفرع الثقايف الذي مييل إليه عمليات البحث اليت سعى أصحابها من‬ ‫ويبحث على اإلنرتنت سعياً وراء التواصل معه‪ ،‬ورائها الستهالك حمتوى ثقايف غري عربي‪،‬‬ ‫فهو حينما يسعى للتواصل مع الكتب والكتاب وكأنهم يفضلون الثقافات غري العربيّة‬ ‫مث ًال ال يضع اختيارات مسبقة يف ما يبحث ورموزها ويسعون الستهالكها أكثر من الثقافة‬ ‫التوجه حنو‬ ‫عنه أو يسعى للتواصل معه‪ ،‬بل لديه يف األغلب العربيّة‪ ،‬ويف هذا الصدد يبدو ّ‬ ‫األعم شغف بالبحث عن الكتب والكتاب عموماً السينما اهلندية واملمثلني األتراك منوذجاً‬ ‫بال متييز سعياً وراء استهالك ما يرتبط بها واضحاً على ذلك خالل عمليات البحث اليت‬ ‫من حمتوى‪.‬‬ ‫جرت يف العام ‪ ،2009‬كما ظهرت هذه السمة‬ ‫بصورة أق ّل يف فروع أخرى مثل املتاحف اليت‬ ‫تواصل استهالكي ‪ ..‬وبحث رشيد‬ ‫حظي فيها متحف مثل اللوفر وبعض املتاحف‬ ‫بدت ّ‬ ‫توجهات اجلمهور حنو التواصل الثقايف الروسية واألمريكية باهتمام فاق عمليات‬ ‫االرقمي استهالكية ترفيهية سطحيّة النزعة البحث املوجهة للبحث عن اآلثار العربيّة‪ ،‬بل‬ ‫يف الغالبية الساحقة من عمليات البحث اليت كانت هناك بعض اإلشارات املقلقة منها مث ًال‬ ‫نفذوها‪ ،‬فقد ر ّكزت على التواصل مع املنتجات أن الرقم اخلاص بعمليات البحث اليت سعت‬ ‫الثقافيّة اليت ميكن توظيفها بصورة حيكمها للتواصل مع السينما اإلسرائيلية وصل إىل‬ ‫البحث عن الرتفيه السريع‪ ،‬بل والشاذ أحياناً ‪ 9900‬عملية حبث شهريّاً‪ ،‬وهو رقم يفوق بل‬ ‫كما هو احلال عند من يفضلون التواصل مع ورمبا يصل إىل ضعف األرقام اخلاصة بالعديد‬ ‫أفالم الرعب واالغتصاب‪ ،‬ويف مقابل هذا من أوجه التواصل مع فروع ثقافيّة عربية‬ ‫مما يد ّل على‬ ‫النمط الذي يش ّكل حت ّدياً أمام حتقيق معادلة أصيلة‪ ،‬كالرتاث واآلثار مث ًال‪ّ ،‬‬ ‫إنتاج واستهالك رشيدة للثقافة الرقميّة‪ ،‬كان أن لدى شرحية من اجلمهور العربي نوعاً من‬ ‫هناك سلوك مغاير يش ّكل فرصة‪ ،‬فقد كانت التشتت‪ ،‬ويف مقابل هذا التحدي املثري للقلق‬ ‫هناك شرحية من اجلمهور رشيدة يف حبثها كان هناك سلوك استهالكي من قبل اجلمهور‬ ‫وطلبها وسعيها الستهالك الثقافة األعلى ميثّل فرصة تبعث على االطمئنان‪ ،‬أال وهو‬ ‫قيمة‪ ،‬حتى أن سلوكها فاق وجتاوز ما عرضه أن الغالبية الساحقة من اجلمهور تعاملت مع‬ ‫املبدعون من حمتوى‪ ،‬فحينما كان اجلمهور ال الثقافة كنسيج عربي وليس ُقطري‪ ،‬فالثقافة‬ ‫جيد لدى منتجي الثقافة ما يتو ّقعه من حمتوى بالنسبة إىل العرب كانت يف ‪ % 97‬من احلاالت‬ ‫ومعلومات وخدمات تفاعلية أو حتى بسيطة‪ ،‬كان نسيجاً واحداً يت ّم البحث فيه وعنه باعتباره‬ ‫يلجأ لوسائل أخرى متاحة على الشبكة للتواصل عنصراً مشرتكاً ال ُ‬ ‫قطرياً‪ ،‬ومن األمور الالفتة‬ ‫معهم ومع منتجاتهم عرب مصادر وموارد معرفية يف هذا الصدد أن ما يزيد على ‪ % 73‬من‬ ‫معلوماتية تتجاوز ما يضعه املبدع أو املثقف أو عمليات البحث اليت استخدمت كلمات تعتمد‬ ‫األديب أو الشاعر عن نفسه وعن إنتاجه‪.‬‬ ‫على القُطرية كانت مركزة يف جمال السينما‪،‬‬

‫‪297‬‬

‫العربية للترابط والوحدة ‪..‬‬ ‫الثقافة‬ ‫ّ‬ ‫واألجنبية للجذب والتشتيت‬

‫ا لمعلو ما تية‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 298‬للتنمية الثقافية‬

‫أما النسبة القليلة الباقية فتو ّزعت على‬ ‫فرعاً ثقافياً بكميات ضئيلة ال يعت ّد بها‪ ،‬وقد‬ ‫كانت عمليات التواصل من قبل اجلمهور‬ ‫خال فرعان ثقافيان من أ ّي عمليات حبث يف أغلب األحيان جامدة خالية من اللحظية‬ ‫ُ‬ ‫قطرية متاماً‪.‬‬ ‫واحليويّة اليت باتت السمة الغالبة للتواصل‬ ‫الرقمي عرب اإلنرتنت يف شتى اجملاالت‪،‬‬ ‫ضعف استهالك األفكار ‪ ..‬وتواصل‬ ‫وقد شاعت هذه السمة سواء كانت عمليات‬ ‫رشيد مع قضايا كبرى‬ ‫البحث الساعية للتواصل الرقمي ضخمة‬ ‫كان واضحاً بصورة عامة أنه كلما وباملاليني كما هو احلال يف السينما والغناء‬ ‫ابتعدت عمليات البحث عن املنتج واقرتبت أم قليلة باآلالف كما هو احلال مع الفكر‬ ‫من القضايا واألفكار ضعف التواصل وقلت وغريه‪ ،‬األمر الذى جعل منها حت ّدياً ونقطة‬ ‫الرغبة يف استهالك الثقافة‪ ،‬وقد تسبّب ضعف بالنسبة اىل املستهلكني‪ ،‬لكن يف مقابل‬ ‫استمرار هذا ّ‬ ‫التوجه يف وصول االستهالك ذلك و ّفر اجلمهور ملنتجي الثقافة والقائمني‬ ‫والتواصل الثقايف الرقمي إىل أعلى درجات على أمورها يف شتى اجلهات املعنية فرصة‬ ‫الضعف يف ما يتعلق بالتواصل مع القضايا جيّدة‪ ،‬فقد أظهر السلوك البحثي للساعني‬ ‫واألفكار‪ ،‬فعند السعي للوصول إىل احملتوى إىل التواصل الثقايف الرقمي أن لديهم رغبة‬ ‫الثقايف اخلاص بالقضايا واألفكار الثقافيّة واضحة يف استخدام اإلنرتنت كوسيط لتوسيع‬ ‫كان اجلمهور يستخدم كلمات حبث شديدة نطاق النشر الثقايف يف خمتلف فروعه‪،‬‬ ‫العمومية يغلب على البعض منها التشويش خصوصاً نشر الكتب واإلنتاج األدبي‪ ،‬يضاف‬ ‫ويسودها مجيعاً عدم التحديد الذي يد ّل إىل عمليات النشر التقليدية‪ ،‬ومن أبرز األدلّة‬ ‫على عدم اكرتاث أو ال مباالة‪ ،‬ويف مقابل على ذلك اإلقبال على القصة والرواية عرب‬ ‫هذا التحدي ظهر سلوك مجاهريي رشيد اإلنرتنت‪ ،‬والسعي الستهالكها حلظياً وبصورة‬ ‫يف التعامل مع العديد من القضايا الكربى حية إن كان ذلك متاحاً‪.‬‬ ‫اليت ته ّم األمة العربيّة‪ ،‬كما هو احلال مع‬ ‫قضيّة فلسطين‪ ،‬ويف املقابل أظهر قدراً انحياز لألقل قيمة يقابله قدرات‬ ‫واضحاً من اإلهمال واالنصراف مع قضييت انتقائية استثنائية‬ ‫املذهبيّة والطائفية‪ ،‬وهذا معناه أنه يهت ّم‬ ‫بدا التواصل الثقايف الرقمي من قبل‬ ‫بالقضايا اليت يفرتض أن جتمع األ ّمة اجلمهور غري رشيد وتشوبه االختالالت وينحاز‬ ‫وتو ّحدها وتع ّد قضيتها املركزية‪ ،‬وينفر أو ال بوضوح لك ّل ما هو أق ّل قيمة أو أدنى أهمية‬ ‫يكرتث بالقضايا اليت تف ّرق وحتدث مزيداً على قائمة األولويات الثقافيّة‪ ،‬فعلى سبيل‬ ‫من الشروخ بني العرب‪ ،‬وبالقطع هذه فرصة املثال وجد أن معدل االهتمام بكتب الطبخ يبلغ‬ ‫املتوسط شهريّاً‪،‬‬ ‫ميكن البناء عليها وتوسيعها‪ ،‬فرمبا قاد ‪ 52‬ألفاً و‪ 900‬عملية حبث يف ّ‬ ‫السلوك اجلماهريي جتاه استهالك الثقافة وهو رقم يعادل ‪ 1.8‬ضعف عمليات البحث‬ ‫الرقميّة اخلاصة بهذه القضايا إىل جعل عن قضايا اإلصالح السياسي والفكر العربي‬ ‫اإلنرتنت ساحة للتالقي والوحدة أكثر ّ‬ ‫حتد حي ّد من جدوى‬ ‫مما والتنوير جممتعه‪ ،‬وهو ٍّ‬ ‫يظ ّن البعض‪.‬‬ ‫معادلة إنتاج واستهالك الثقافة رقميّاً عرب‬ ‫‪16‬‬

‫تواصل بطيء ودالالت تفاعل لحظي‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫ا لمعلو ما تية‬

‫اإلنرتنت‪ ،‬لكن هذا التحدي مل يكن متسيداً منتجي الثقافة الرقميّة وغري الرقميّة دراستها‬ ‫لفض االشتباكات أو التعارضات‬ ‫الساحة وحده‪ ،‬بل ناطحه سلوك آخر من قبل واالستفادة بها ّ‬ ‫اجلمهور صنع فرصة ال ختطئها العني‪ ،‬أال وهي بني الفعاليات الرقميّة وغري الرقميّة يف العديد‬ ‫وجود شرحية من اجلمهور ذات قدرات انتقائية من الفروع الثقافيّة‪.‬‬ ‫عالية وهي تتوجه حنو استهالك الثقافة‪،‬‬ ‫فحينما يأتي الشعراء يف املركز الثاني بعد خالصات مشتركة‬ ‫وإىل جانب التح ّديات والفرص اليت اتسم‬ ‫املطربني واملغنني يف عمليات البحث‪ ،‬وحينما‬ ‫يسبقون ممثلي السينما واملسرح والتليفزيون بها من ك ّل املنتجني واملستهلكني على حدة‪،‬‬ ‫واألدباء من حيث الرغبة يف التواصل رقميّاً مع هناك مثة خالصات عامة مشرتكة ميكن‬ ‫شخوصهم‪ ،‬وحينما حيتل األدب قائمة الفروع اإلشارة إليها يف ضوء ما سبق من عمليات‬ ‫الثقافيّة العشرين من حيث البحث عن أعمال رصد وحتليل يف مقدمتها أن منتجي الثقافة‬ ‫إبداعية باالسم‪ ،‬حينما حيدث ك ّل هذا نكون ومستهلكيها من اجلمهور أظهروا معاً وبشكل‬ ‫أمام فرصة أو توجه إجيابي حنو استهالك ما مشرتك قبوالً عاماً بالتواصل الثقايف الرقمي‬ ‫واحملتوى الثقايف الرقمي‪ ،‬وأظهروا استعداداً‬ ‫هو عالي القيمة‪.‬‬ ‫الستهالك املزيد منه والتفاعل معه‪ ،‬ويد ّل‬ ‫مؤسسات خافتة التواصل وجمهور‬ ‫على ذلك أن العديد من أشكال احملتوى‬ ‫ّ‬ ‫الثقايف الذي ّ‬ ‫يسعى لبعضها‬ ‫مت إنتاجه أو تقدميه عرب قنوات‬ ‫بدا التواصل الثقايف الرقمي جلمهور التواصل الرقمي اليت خضعت للتحليل كان‬ ‫اإلنرتنت يف العامل العربي ضامراً خافتا جيداً وجاذباً فاستهلك بالكامل أحياناً‪ ،‬وكان‬ ‫املؤسسات اإلقبال عليه أكرب كثرياً من املعروض منه‪،‬‬ ‫وشحيحاً للغاية يف سعيه للتواصل مع ّ‬ ‫الثقافيّة الرمسيّة والعامة املسؤولة عن احلفاظ وقد رأينا كيف أن االستهالك اإلمجالي ملقاطع‬ ‫على الثقافة والتخطيط لتنميتها ورعايتها الفيديو الثقافيّة فاق مبراحل عديدة اإلنتاج‬ ‫وتطويرها‪ ،‬وكذلك املنشآت الثقافيّة اخلاصة اإلمجالي‪ ،‬وكيف أن االستهالك على الفيس‬ ‫والعامة اليت تتوىل نشرها مجاهريياً‪ ،‬وهو بوك يعادل أضعاف اإلنتاج‪ ،‬وهذا ّ‬ ‫املؤشر يد ّل‬ ‫ومؤسساته على أن اإلنرتنت كوسيط للتواصل الثقايف‬ ‫حت ّد يعكس فجوة ثقة بني اجلمهور ّ‬ ‫الرمسيّة يف الواقع الفعلي‪ ،‬لكن هذا التحدي اليزال يف بداياته وحيمل فرصاً وإمكانات‬ ‫مل يصل إىل حالة من اخلصومة الكاملة مع واعدة تستطيع استيعاب املزيد واملزيد من‬ ‫املؤسسات الثقافيّة‪ ،‬بدليل أن اجلمهور ع ّوض احملتوى الثقايف‪ ،‬وأن هناك مجاهري ال بأس‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫هذا التحدي بفرصة مغايرة متاما متثّلت يف أن بها على اإلنرتنت لديها استعداد لإلقبال عليه‬ ‫اجلمهور دفع باجتاه حالة يتعاون فيها التواصل والتفاعل معه‪.‬‬ ‫الثقايف الرقمي مع التواصل الثقايف غري الرقمي‬ ‫مؤسسات بعينها كدور النشر نواة لتواصل ثقافي نوعي‬ ‫يف آن واحد عرب ّ‬ ‫ً‬ ‫ومن هذه اخلالصات أيضا أن سلوك‬ ‫واملكتبات واملسارح ودور السينما‪ ،‬وهذه نقطة‬ ‫قوة تد ّل على إجيابية واضحة من مستخدمي منتجي ومستهلكي الثقافة من اجلمهور حيمل‬ ‫الشبكة وباحثيها‪ ،‬ومتثّل فرصة يتعينّ على يف طياته بذرة أو نواة جيّدة لتواصل ثقايف‬

‫‪299‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 300‬للتنمية الثقافية‬

‫نوعي تنفذه شرحية من املنتجني واجلمهور‪،‬‬ ‫بالتخصص والفعالية األكرب‪ ،‬حتى وإن‬ ‫ويتسم‬ ‫ّ‬ ‫كان ضيقاً نوعاً ما من حيث االنتشار وقلي ًال‬ ‫من حيث العدد مقارنة بالشرائح األخرى‪،‬‬ ‫ومن األمثلة البارزة يف هذا الصدد ما ميكن‬ ‫أن نطلق عليه "النواة الرقميّة الواع ّدة للشعر‬ ‫واللغة"‪ ،‬فقد ق ّدم منتجو الثقافة الرقميّة يف‬ ‫جمال الشعر واللغة جتربة جيّدة ّ‬ ‫مت خالهلا‬ ‫تكوين نواة واعدة ال بأس بها لالهتمام‬ ‫بك ّل من الشعر واللغة عرب الفضاء الرقمي‪،‬‬ ‫وجتلّى ذلك يف األعداد الكبرية من املنتديات‬ ‫واملد ّونات وجمموعات الفيس بوك واملواقع‬ ‫والقوائم الربيدية اليت تهت ّم بالشعر واللغة‪ ،‬بل‬ ‫كان األمر الفتاً أيضاً يف تق ّدم الشعر وحتقيقه‬ ‫حضوراً بارزاً على اليوتيوب‪ ،‬ولإلنصاف‬ ‫الب ّد من القول إن اجلمهور العام من متابعي‬ ‫ومستهلكي هذين اللونني من الثقافة كان له دور‬ ‫كبري يف تكوين هذه النواة الواعدة‪ ،‬حيث أقبل‬ ‫باآلالف على هذه القنوات الرقميّة للتواصل‬ ‫مع الشعر واللغة‪ ،‬كما ميكننا القول إن ظاهرة‬ ‫التواصل الثقايف الرقمي عرب اإلنرتنت بدأت‬

‫تفرز نوعاً من اجلماعية أو العمل اجلماعي‬ ‫يف إنتاج واستهالك الثقافة على السواء‪ ،‬أو‬ ‫بعبارة أخرى جعلت من املمكن إنتاج حمتوى‬ ‫ثقايف يعتمد على اجلماعية والعمل املشرتك يف‬ ‫إنتاجه واستهالكه‪.‬‬ ‫وخالصة ما ميكن اخلروج به من هذه‬ ‫الدراسة أن إنتاج الثقافة العربيّة واستهالكها‬ ‫رقميّاً عرب اإلنرتنت وما يكتنفها من تواصل‬ ‫ثقايف رقمي هو حالة "واضحة املرض"‪،‬‬ ‫و"واضحة القابلية للشفاء والتعايف"‪ ،‬بعبارة‬ ‫أخرى حنن بصدد حالة ليست وردية لكنها‬ ‫ليست سيّئة على طول اخلط كما هو شائع‬ ‫أو حياول البعض إشاعته وتسويقه من صورة‬ ‫منطية عن الثقافة العربيّة على اإلنرتنت وعن‬ ‫سلوك منتجيها وسلوك مستهلكيها ومستوى‬ ‫تواصلهم مع بعضهم البعض‪ ،‬فبقدر ما‬ ‫فيها من عالمات وهن حتمل من إمكانات‬ ‫مما تظهره من عالمات‬ ‫للقوة‪ ،‬وعلى الرغم ّ‬ ‫لإلحباط‪ ،‬فإن فيها ما يبعث على األمل ويؤجل‬ ‫الوصول لليأس‪.‬‬


‫التواصل الثقافي العربي على شبكة اإلنترنت‬

‫‪301‬‬

‫ا لمعلو ما تية‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬



‫حركة التأليف والنشر‬ ‫في العام ‪2009‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 304‬للتنمية الثقافية‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫‪305‬‬

‫التأليف والنشر‬

‫ّ‬ ‫القراء‬ ‫العوامل‬ ‫المؤثرة في ّ‬ ‫توجهات ّ‬ ‫جوانب من حركة النشر العربية‬ ‫ماذا قرأ العرب في العام ‪2009‬؟‬ ‫للقراء العرب‬ ‫الموضوعات األكثر جذب ًا ّ‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 306‬للتنمية الثقافية‬

‫العوامل ّ‬ ‫القراء‬ ‫املؤثرة في ّ‬ ‫توجهات ّ‬

‫حينما نتساءل‪ :‬ماذا قرأ العرب؟ فإنه‬ ‫يتبادر إلى الذهن سؤال مضاد وهو‪ :‬ماذا‬ ‫كتب العرب؟ وعندما نشير إلى مسألت ّي‬ ‫القراءة والتأليف‪ ،‬فنحن إذاً بصدد دراسة‬ ‫الحال الثقافية في العالم العربي‪ ،‬فالثقافة‬ ‫في المحصلة هي روح األ ّمة وعنوان‬ ‫هويتها‪..‬‬

‫ّمت إعداد هذا البحث يف ظ ّل أوضاع اقتصادية‬ ‫وسياسية متوترة مي ّر بها العامل بأسره‪ ،‬مبا يف‬ ‫ذلك الوطن العربي‪ ،‬حيث تتّسع الصراعات‬ ‫السياسية‪ ،‬واإلقليمية‪ ،‬واملذهبية‪ ،‬والعرقية‬ ‫بشكل ملحوظ‪ ،‬يف العراق‪ ،‬وفلسطين والصومال‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ّ‬ ‫ولعل هذه الظروف تدفع إىل التساؤل‪ :‬ما هي‬ ‫أوضاع حال النشر والقراءة يف الوطن العربي؟‬ ‫وهل استسلم العرب لك ّل هذه الظروف؟ وهل ال‬ ‫تتمسك خبيوط األمل؟‬ ‫يزال هناك مجاعة منهم ّ‬ ‫أي األمل باإلصالح السياسي واالقتصادي‬ ‫واالجتماعي‪ ،‬من خالل العلم واملعرفة الّلذين‬ ‫لن يستطيع العرب احلصول عليهما إال من خالل‬ ‫القراءة‪ ،‬وذلك رغب ًة يف املزيد من املعرفة‪.‬‬ ‫ال ّ‬ ‫شك أن احلديث عن القراءة يقضي‬ ‫بالتع ّرف إىل حركة النشر والتأليف يف الوطن‬ ‫العربي؛ ألن القراءة ال ب ّد أن تُواكبها حركة‬ ‫ونشر؛ فحني يُطرح سؤال‪ :‬ماذا قرأ‬ ‫ٍ‬ ‫تأليف ٍ‬ ‫العرب؟ يتبادر إىل الذهن سؤال مضاد‪ ،‬وهو‪:‬‬ ‫ماذا كتب العرب؟ واإلشارة إىل القراءة والتأليف‬ ‫تعين دراسة احلالة الثقافية يف الوطن العربي‪،‬‬ ‫ألن الثقافة هي روح األمة وعنوان هويتها‪.‬‬ ‫وهناك عوامل ع ّدة تؤثّر على القراءة‬ ‫ودوافعها واإلشباعات املتحقّقة منها‪ ،‬مثل‪:‬‬ ‫التع ّرض للكتب أو املادة املقروءة‪ ،‬واالنتظار‪،‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫البعض يف أربع طبقات‪ ،‬هي‪:‬‬ ‫توجد أيضاً أنواع للق ّراء‪ ،‬حدّدها ُ‬ ‫ ‬ ‫‪ .1‬الباحثون عن املعلومات‪ .‬‬ ‫ ‬ ‫املستهلكني‪.‬‬ ‫‪ .2‬املدافعون عن حقوق ‬ ‫‪ .3‬املولعون بقراءة التحقيقات واملوضوعات املثرية‪ .‬‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫‪ .4‬قراء الرأي‪ .‬‬

‫واالهتمام‪ ،‬واإلدراك‪ ،‬ثم القراءة ذاتها بفهم‬ ‫واستيعاب‪.‬‬ ‫ومثة عالقة بني املتغريات الدميوغرافية‬ ‫والقراءة‪ ،‬مثل‪ ،‬العمر‪ ،‬واجلنس(النوع)‪،‬‬ ‫واملهنة‪ ،‬ومستوى التعليم‪ ،‬واحلالة االقتصادية‪،‬‬ ‫واالجتماعية‪ ...‬إخل‪ .‬كما أ ّن هناك من يربط‬ ‫بني القراءة وعوامل أخرى‪ ،‬من قبيل اجملتمع‪،‬‬ ‫واملؤسسات اإلعالمية‬ ‫واألصدقاء‪ ،‬والزمالء‪ّ ،‬‬ ‫والرتبوية‪ ،‬كاملدارس واجلامعات ودور العبادة‬ ‫املختلفة‪...‬إخل‪ ،‬وهي من العوامل املؤثّرة يف‬ ‫القراءة واليت سوف يعاجلها هذا البحث ‪.‬‬ ‫واملعرفة اليت يُطمح إىل أن ميتلكها اإلنسان‬ ‫العربي‪ ،‬واليت يستهدفها التقرير‪ ،‬مَّإنا هي جممل‬ ‫املخزون املعريف والثقايف‪ ،‬وهي الناظم الرئيسي‬ ‫جململ النشاطات اإلنسانية والتنموية‪ ،‬اليت‬ ‫ترمي إىل توسيع خيارات وفرص تق ّدم اإلنسان‬ ‫العربي وحتقيق حريته وعيشه الكريم؛ وبذلك‬ ‫تصبح املعرفة "اكتساباً"‪ ،‬وإنتاجاً‪ ،‬وتوطيناً‪،‬‬ ‫وتوظيفاً‪ ،‬باعتبارها أداة وغاية للمجتمع كك ّل‪،‬‬ ‫تصل إىل خمتلف الشرائح على قدم املساواة‪،‬‬ ‫وتستهدف ك ّل اجملاالت املعرفية‪ ،‬مبا يف ذلك‬ ‫اجملاالت العلمية‪ ،‬والفنّية‪ ،‬والثقافية‪ ،‬والرتاثية‪،‬‬ ‫واخلربات اجملتمعية املرتاكمة كلّها‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪)Information searchers) or seekers‬‬ ‫‪Consumer Advocates‬‬ ‫‪Fascinated Feature Readers‬‬ ‫‪Opinion Readers‬‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫منهجية‬ ‫توضيحات‬ ‫ّ‬

‫هل اشتريت كتب ًا في العام ‪2009‬؟‬ ‫هل أنت معتاد على قراءة الكتب؟‬

‫أي كتب ّ‬ ‫تفضل؟‬ ‫ّ‬ ‫ما هو المجال الذي ّ‬ ‫تفضل أن تقرأ فيه؟‬ ‫ً‬ ‫إقباال على‬ ‫ما األسباب التي تجعلك أكثر‬ ‫شراء الكتب؟‬ ‫ما هو شكل الكتاب المفضل إليك (المطبوع‬ ‫أم الرقمي )؟‬

‫منهج البحث‬

‫يُع ّد هذا البحث من األحباث االستطالعية‬ ‫الوصفية‪ ،‬وهو يعتمد على التحليل اإلحصائي يف‬ ‫الكثري من تفسري الظواهر وحتليلها ودراستها‪،‬‬ ‫وذلك باالستناد إىل استمارة استبيان أُع ّدت‬ ‫هلذا الغرض‪ ،‬وهي ذات شقني‪:‬‬ ‫• الشق األول‪ :‬خاص بالق ّراء‪.‬‬ ‫• الشق الثاني‪ :‬خاص بالناشرين‪.‬‬ ‫وقد احتوت استمارات االستبيان على‬ ‫جمموعة من العناصر واألسئلة اليت استهدفت‬ ‫اإلحاطة مبعظم املؤثرات أو العوائق اليت تؤثّر‬ ‫يف اإلقبال (أوالعزوف) على أو (عن) القراءة‪،‬‬ ‫وتزايد أو قلة النشر يف الوطن العربي‪ ،‬وهل‬ ‫ملعارض الكتب يف الوطن العربي أثر يف توسيع‬ ‫قاعدة الق ّراء؟ وهل تواجه دور النشر أ ّي‬ ‫عوائق‪ ،‬وخصوصاً يف طبع مؤلفات بعينها أو‬ ‫تروجيها‪ ...‬إخل؟‪.‬‬

‫التأليف والنشر‬

‫حت ّدد اهلدف العام من إجراء هذا البحث‬ ‫يف حماولة التع ّرف إىل منط من أمناط احلياة‬ ‫الثقافية للمواطن العربي‪ ،‬وهو القراءة ومدى‬ ‫إقبال العرب عليها‪ ،‬وذلك بغية الوصول إىل‬ ‫تص ّور أفضل عن حالة القراءة يف الوطن‬ ‫العربي‪ ،‬والتع ّرف إىل املشهد الثقايف يف‬ ‫المنطقة العربية بر ّمتها‪ .‬كما أن التع ّرف‬ ‫إىل واقع القراءة يف الوطن العربي يقتضي‬ ‫بالضرورة التع ّرف إىل ما يُنشر من إنتاج ثقايف‬ ‫يف جمال الكتب (يف اجملاالت كافة)‪ ،‬والسيما أن‬ ‫النشر والقراءة وجهان لعملة واحدة‪ .‬ومل يرتكز‬ ‫البحث بطبيعته الوصفية التحليلية الشاملة على‬ ‫إبراز نقطة بذاتها وحماولة حتليلها واستنباط‬ ‫نتائجها فحسب‪ ،‬بل ر ّكز أيضاً على قضية القراءة‬ ‫بشكل عام‪ ،‬وعلى ما حييط بها من متغريات‬ ‫اجتماعية وسياسية واقتصادية‪ ،‬تتكامل مجيعها‬ ‫حنو تغطية ثقافة القراءة أو العكس‪ ،‬وذلك‬ ‫يف ضوء متغيرّ ات فرعية خمتلفة‪ .‬ومن بني‬ ‫أبرز املتغريات اليت تض ّمنها البحث‪:‬اجلنس‪،‬‬ ‫املستويات التعليميّة واملهنيّة‪ ،‬ومستوى الدخل‪،‬‬ ‫وملكية جهاز استقبال(ساتياليت‪ ،‬دش)‪ ،‬فض ًال‬ ‫عن أجهزة الكمبيوتر وغري ذلك من املتغريات‪.‬‬ ‫كما اشتمل االستبيان اخلاص بالقارئ على‬ ‫أسئلة ع ّدة‪ ،‬من قبيل‪:‬‬

‫‪307‬‬

‫(عينة البحث)‪:‬‬ ‫الفئات المستهدفة ّ‬

‫استهدف البحث الفئة العمرية من ‪ 15‬إىل‬ ‫‪ 65‬عاماً من مواطين الدول العربية‪ ،‬من خالل‬ ‫عيّنة عشوائية من املواطنني العرب (مبن‬ ‫فيهم الق ّراء املصريّون) الذين تر ّددوا على‬ ‫معرض القاهرة الدولي للكتاب يف دورته الثانية‬ ‫واألربعني لعام ‪ ،2010‬وكذلك ر ّواد معرض‬ ‫تونس للكتاب لعام ‪ ،2010‬فض ًال عن عدد‬ ‫من أبناء الوطن العربي‪ ،‬والسيما مصر‪ ،‬ودول‬ ‫الخليج العربي‪ ،‬والمشرق العربي‪ ،‬وتونس‪.‬‬ ‫واشتملت العيّنة العشوائية للق ّراء على حواىل‬ ‫‪ 1215‬شخصاً‪ ،‬فيما اشتملت العيّنة العشوائية‬ ‫للناشرين على حواىل ‪ 160‬ناشراً ‪.‬‬ ‫هذا‪ ،‬وواجه العمل امليداني حت ّديات ع ّدة‪،‬‬ ‫من أبرزها‪:‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪َّ 2‬‬ ‫لسد بعض النقص يف حجم العيّنة‬ ‫مت الوصول إىل بعض العرب األفارقة املقيمني يف مصر‪ ،‬وحتديداً املقيمني يف مدينة البعوث اإلسالمية ِّ‬ ‫املخصصة لعرب إفريقيا‪.‬‬ ‫ّ‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 308‬للتنمية الثقافية‬

‫‪ .1‬عدم استجابة كثري من القراء مللئ‬ ‫استمارة االستبيان؛ ما أ ّدى إىل استبعاد عدد‬ ‫ال بأس به من االستمارات‪.‬‬ ‫‪ .2‬عدم التم ّكن من الوصول إىل عدد كبري‬ ‫من أبناء الدول العربية‪ ،‬مثل الصومال‪ ،‬جيبوتي‪،‬‬ ‫جزر القُ مر‪ ،‬موريتانيا‪ ،‬دول المغرب العربي‪.‬‬ ‫‪ .3‬عدم وجود أرقام دقيقة عن حجم ما‬ ‫ّمت نشره بالفعل يف معظم الدول العربية خالل‬ ‫العام ‪ ،2009‬نظراً إلحجام الناشرين عن إعطاء‬ ‫أرقام صحيحة‪ ،‬فض ًال عن افتقاد بعض الدول‬ ‫العربية ألرقام دقيقة‪.‬‬ ‫حال القراءة في الوطن العربي خالل‬ ‫العام ‪2009‬‬

‫توجه االستبيان إىل ر ّواد‬ ‫أ ّدى ّ‬ ‫القاهرة الدولي للكتاب يف دورته الثانية‬ ‫واألربعني للعام ‪ ،2010‬ومعرض تونس الدولي‬ ‫للعام ‪ ،2010‬إىل احنياز العيّنة‪ ،‬إىل ح ّد بعيد‪،‬‬ ‫إىل ك ّل من الرأي العام املصري‪ ،‬والرأي العام‬ ‫التونسي‪ .‬إذ ّ‬ ‫مت االستطالع يف ك ّل من القاهرة‬ ‫وتونس‪ ،‬مبا يعين أ ّن غالبية املستطلعني كانوا‬ ‫من املصريني والتونسيني‪ ،‬وذلك على الرغم‬ ‫من احلرص على كرب حجم العيّنة املؤلّفة من‬ ‫ممن يرت ّددون على معارض‬ ‫‪ 1500‬شخص ّ‬ ‫الكتاب حبكم اهتماماتهم‪ ،‬ويف أيام وأوقات‬ ‫خمتلفة‪ .‬غري أن احلرص على أن ميثّل ر ّواد‬ ‫املعرض خمتلف االنتماءات والتوجهات الفكرية‪،‬‬ ‫فض ًال عن خمتلف األقطار العربية (حبيث‬ ‫تك ّونت العيّنة من حواىل ‪ 20‬دولة عربيّة)‪ ،‬مل‬ ‫حيل دون بروز تفاوت بني النسبة اليت ميثّلها‬ ‫ك ّل بلد عربي يف العيّنة من جهة‪ ،‬وبني نسبته‬ ‫من حيث عدد سكان الدول العربية جمتمعة من‬ ‫جهة أخرى‪.‬‬ ‫معرضي‬ ‫ّ‬

‫عينة البحث‬ ‫ّ‬

‫(الجنسية – النوع – الحالة االجتماعية –‬

‫النواحي االقتصادية‪ ...‬إلخ)‬

‫تش ّكلت العيّنة من القراء املوجودين يف سرايا‬ ‫معرضي القاهرة الدولي للكتاب ومعرض تونس‬ ‫الدولي وقاعاتهما‪ ،‬وكانت األغلبية العظمى‬ ‫من االستمارات الصحيحة اليت ّمت احلصول‬ ‫عليها من معرض القاهرة الدولي بنسبة ‪% 79‬‬ ‫ ‬ ‫من العيّنة‪ ،‬فيما مثّلت استمارات معرض تونس‬ ‫النسبة الباقية وهي ‪ .% 21‬فكان من املنطقي‬ ‫بالتالي أن ميثّل املصريون النسبة الغالبة من‬ ‫بني استمارات البحث ‪ ،% 64.8‬يليهم التونسيون‬ ‫بنسبة ‪ ،% 20.1‬والّليبيّون (‪ )% 2.7‬والعمانيّون‬ ‫(‪ )% 2.4‬والفلسطينيون (‪ )% 1.3‬والسعوديون‬ ‫(‪ )% 1.2‬واملغاربة(‪ ،)% 1.2‬أما النسبة الباقية‬ ‫من العيّنة (‪ )%6.3‬فتو ّزعت ما بني ‪ 13‬دولة‬ ‫عربية أخرى‪.‬‬ ‫لع ّل طبيعة اإلقبال على املعرض يف ك ّل من‬ ‫القاهرة وتونس يف خمتلف األوقات أ ّدت إىل‬ ‫حتيّز العيّنة ملصلحة الذكور‪ ،‬لكونهم يتواجدون‬ ‫بشكل أكرب يف املعرض‪ ،‬ويقبلون أكثر من النساء‬ ‫على التعاون مع استطالعات الرأي العام‪ .‬وهكذا‬ ‫ تو ّزعت العيّنة ما بني الذكور واإلناث بواقع‬ ‫‪ % 69‬للذكور‪ ،‬و ‪ % 31‬لإلناث‪ ،‬وكانت غالبيتهم‬ ‫يف الفئة العمرية ‪ 30 - 21‬عاماً‪ ،‬وذلك بنسبة‬ ‫‪ ،% 34.4‬يليها الفئة العمرية ‪ 40 - 31‬عاماً‬ ‫بنسبة ‪ ،% 19.3‬ثم الفئة العمرية أكثر من ‪60‬‬ ‫عاماً‪ ،‬وذلك بنسبة ‪ ،% 7‬ويبدو واضحاً من‬ ‫تلك النتائج أ َن أكثر من نصف العيّنة من رواد‬ ‫معارض الكتاب كانوا أق ّل من ‪ 30‬عاماً‪ ،‬أي أن‬ ‫‪ % 53.6‬من العيّنة هم من الشباب‪.‬‬ ‫وقد تو ّزع أفراد العيّنة حبسب الوضع‬ ‫ االجتماعي إىل‪ % 55.7‬لغري املتأهلني‪% 44.3 ،‬‬

‫‪ 3‬أسهم الطالب العرب الذين يدرسون يف جامعة األزهر يف اتساع عيّنة البحث‪.‬‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫ما ّمت الربط بني نسبة َمن ميتلكون الساتياليت‬ ‫والكمبيوتر ألهميتهما يف احلياة املعاصرة‪ ،‬وبني‬ ‫املتعلّمني الذين حصلواعلى مرحلة البكالوريوس‬ ‫أو أكثر‪ ،‬تبدو النسبة متقاربة للغاية (‪% 86‬‬ ‫للساتياليت‪ ،‬و‪ % 89.6‬للكمبيوتر‪ ،‬و‪% 75.8‬‬ ‫شكل رقم ‪1‬‬

‫توزّع أفراد العيّنة حبسب العمر(‪)%‬‬

‫‪60‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪0‬‬

‫الفئة العمرية حتى‬ ‫‪ 30‬عاماً‬

‫شكل رقم ‪2‬‬

‫الفئة العمرية من ‪ 31‬عاماً‬ ‫حتى ‪ 60‬عاماً‬

‫غري مبني‬

‫الفئة العمرية أكرب من‬ ‫‪ 60‬عاماً‬

‫توزّع أفراد العيّنة حبسب املستوى التعليمي (‪)%‬‬

‫‪80‬‬ ‫‪70‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪0‬‬

‫ثانوي‬

‫اعدادي أو أقل‬

‫شكل رقم ‪3‬‬

‫دبلوم متوسط‬

‫بكالوريوس فأعلى‬

‫نسبة توزّع أفراد العيّنة حبسب متوسط الدخل الشهري‪)%( $‬‬

‫‪25‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪0‬‬

‫‪ 55‬دوالراً‬ ‫أو أقل‬

‫من ‪110 - 56‬‬

‫دوالرات‬

‫من ‪200 - 111‬‬

‫دوالر‬

‫من ‪400 - 201‬‬

‫دوالر‬

‫من ‪930 - 401‬‬

‫دوالراً‬

‫اكثر من ‪931‬‬

‫دوالراً‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫التأليف والنشر‬

‫للمتأهلني‪ .‬أما عن املستوى التعليمي فقد كانت‬ ‫النسبة الغالبة يف العيّنة لفئة احلاصلني على‬ ‫شهادة جامعية‪ ،‬وذلك بنسبة ‪ % 41.4‬للحاصلني‬ ‫على بكالوريوس‪ ،‬و‪ % 13.5‬للحاصلني على‬ ‫املاجستري و‪ % 8.4‬للحاصلني على دكتوراه‪.‬‬ ‫فيما استأثر احلاصلون على شهادة الثانوي‬ ‫بنسبة ‪ % 13.4‬من جمموع العيّنة واحلاصلون‬ ‫عال بنسبة ‪ ،% 12.5‬وعلى دبلوم‬ ‫على دبلوم ٍ‬ ‫متوسط بنسبة ‪ . % 7.6‬واستأثر احلاصلون على‬ ‫اإلعدادي وما دون على النسبة األقل( ‪.)%3.2‬‬ ‫أما على صعيد العمل‪ ،‬فكان ثلثا أفراد‬ ‫ العيّنة عاملني (‪ )%66.8‬مقابل ثلث غري عامل‬ ‫( ‪ ،)%33.2‬فيما بلغت نسبة العاملني يف القطاع‬ ‫العام أو لدى احلكومة من بني جمموع العاملني‬ ‫(‪ )%52.1‬مقابل‪ % 40.7‬من العاملني يف‬ ‫القطاع اخلاص‪ .‬كما لوحظ َّأن الفئة األكرب يف‬ ‫العيّنة تعود للعاملني يف جمال التدريس‪ ،‬وذلك‬ ‫بنسبة ‪ ،% 24.1‬يليهم فئة املوظفني (موظفون‬ ‫ومديرون)‪ ،‬وذلك بنسبة ‪ .% 21.4‬أما َمن‬ ‫يعملون يف اجملال اإلعالمي والتأليف فبلغت‬ ‫نسبتهم ‪ % 8.7‬مقابل نسبة ‪ % 3‬فقط للطالب‪.‬‬ ‫وقد أظهر ّ‬ ‫مؤشر مستوى الدخل أن األفراد‬ ‫الذين ترتاوح متوسطات الدخل الشهرية لديهم‬ ‫ما بني (‪ )$400 - 201‬ش ّكلوا نسبة ‪،% 23.1‬‬ ‫يليهم من يرتاوح متوسط دخلهم الشهري ما‬ ‫بني(‪)$200-111‬والذين ش ّكلت نسبتهم ‪،% 19‬‬ ‫ثم َمن يزيد دخلهم الشهري على (‪)$930‬‬ ‫بنسبة ‪.% 11.2‬‬ ‫والالفت لدى أغلب أفراد العيّنة أ َن‬ ‫نسبة كبرية جداً لديها "ساتياليت" و"جهاز‬ ‫كمبيوتر"‪ ،‬وأن ما ورد حول مستوى الدخل قد‬ ‫يكون غري مطابق للواقع نظراً للحرج أو لعدم‬ ‫الرغبة لدى الغالبية يف ذكر األرقام الصحيحة‬ ‫اخلاصة مبستوى الدخل الشهري‪ ،‬على اعتبار‬ ‫أن هذه املسألة تندرج يف اإلطار الشخصي‪ .‬وإذا‬

‫‪309‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 310‬للتنمية الثقافية‬

‫للمتعلمني)‪ ،‬حبيث يبدو أن هؤالء رمبا ميتلكون‬ ‫هذه الوسائل ألغراض تثقيفية‪.‬‬ ‫هل القراءة ِمن عادات المواطن‬ ‫العربي؟‬

‫في محاولة للتعرف إلى الذين اشتروا‬ ‫كتباً خالل العام ‪ ،2009‬يتّضح أن األكثر‬ ‫شراء للكتب هم من الفئة العمرية ‪30 - 21‬‬ ‫عاماً (بنسبة ‪ )% 34.8‬تليهم الفئة العمرية‬ ‫‪ 31-40‬عاماً (بنسبة ‪ .)% 19.9‬وكذلك‬ ‫األمر بالنسبة إلى اعتياد القراءة‪ ،‬فالذين‬ ‫قالوا إنهم معتادون على القراءة هم في‬ ‫الفئة العمرية ‪ 30 - 21‬عاماً (بنسبة ‪32.8‬‬ ‫‪ )%‬تليهم الفئة العمرية ‪ 40 - 31‬عاماً‬ ‫(بنسبة ‪..)% 19.9‬‬

‫تشري الدراسات السابقة إىل اخنفاض نسبة‬ ‫القراءة بني العرب عموماً؛ إذ أشار البعض‬ ‫متوسط ساعات‬ ‫مث ًال‪ ،‬إىل دراسة قارنت بني ّ‬ ‫القراءة عند العرب واألوروبيّني‪ ،‬فجاءت‬ ‫النسبة‪ ،‬بالطبع‪ ،‬ملصلحة األوروبيني (متوسط‬ ‫القراءة يف الدول األوروبية حواىل ‪ 200‬ساعة‬ ‫سنوياً‪ ،‬بينما تنخفض هذه الساعات وتتقلص‬ ‫إىل‪ 6‬دقائق سنوياً للفرد العربي)‪.‬‬ ‫هذه اإلحصائيات وغريها تشري دائماً إىل‬ ‫ضآلة نسبة القراءة يف الوطن العربي مقارن ًة‬ ‫مبا هو عليه احلال يف الدول األوروبية‪ ،‬إال أن‬ ‫هذه املقارنة قد تكون غري منصفة ألن املتعارف‬ ‫عليه علمياً يتمثّل يف ضرورة إجراء املقارنة‬ ‫بني متناظرين يف الظروف كافة (االجتماعية‪،‬‬ ‫واالقتصادية‪ ،‬والنفسانية‪ ،‬والسياسية‪ ...‬إخل)‪،‬‬ ‫فأين التناظر بني الوضع يف العامل العربي‬ ‫أمر‬ ‫ومثيله يف العامل األوروبي؟ ومهما يكن من ٍ‬ ‫فإن حماولة معرفة واقع القراءة لدى اجلمهور‬ ‫العربي‪ ،‬وخباصة يف معارض الكتب‪ ،‬ال ب ّد أن‬ ‫يواكبها افرتاض بارتفاع مستوى القراءة إىل‬ ‫ح ّد ما مقارن ًة بدراسات سابقة‪ ،‬ألن َمن يرت ّدد‬ ‫عموماً إىل معارض الكتب يكون يف الغالب من‬ ‫الق ّراء املتابعني للحراك الثقايف‪.‬‬ ‫وعند سؤال ر ّواد املعرض ع ّما إذا كانوا‬ ‫ معتادين على القراءة‪ ،‬اتّضح أن غالبيتهم‬ ‫(‪ )%80.9‬من املعتادين عليها‪ ،‬مقابل نسبة‬ ‫‪ % 19.1‬فقط لغري املعتادين عليها‪ ،‬وهؤالء‬ ‫ممن‬ ‫ممن ال يقرأون‪ ،‬ولكنهم ّ‬ ‫ليسوا بالضرورة ّ‬ ‫ال يقرأون باستمرار‪ ،‬أو أن القراءة ليست من‬ ‫املفضلة‪ ،‬ومع ذلك يزورون معرض‬ ‫هوايتهم ّ‬

‫الكتاب‪ ،‬رمبا ملتابعة ما يدور فيه من أنشطة‬ ‫ثقافية خمتلفة‪ .‬وكان الفتاً أن تقارب نسبة‬ ‫َمن قاموا بشراء كتب يف العام ‪ 2009‬نسب َة‬ ‫املعتادين على القراءة؛ إذ تبينّ أن ‪ % 79.5‬من‬ ‫أفراد العيّنة اشرتوا كتباً خالل العام ‪ ،2009‬يف‬ ‫مقابل‪ % 20.5‬للّذين مل يشرتوا‪ ،‬وبذلك يكون‬ ‫الفارق بني نسبة املعتادين على القراءة وبني َمن‬ ‫اشرتوا كتباً حبدود ‪ ،% 1.4‬ورمبا يكون هؤالء‬ ‫ممن ليست لديهم القدرة على شراء الكتب‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫القراء؟‬ ‫من هم ّ‬

‫يف حماولة للتعرف بشكل أكثر تفصي ًال إىل‬ ‫هؤالء الذين اشرتوا كتباً خالل العام ‪،2009‬‬ ‫يتّضح أن األكثر شرا ًء للكتب هم من الفئة العمرية‬ ‫‪ 30 - 21‬عاماً‪ ،‬وذلك بنسبة ‪ ،% 34.8‬تليهم‬ ‫ الفئة العمرية ‪ 40 - 31‬عاماً(بنسبة ‪.)% 19.9‬‬ ‫وكذلك األمر بالنسبة إىل اعتياد القراءة‪ ،‬إذ‬ ‫إن األكثر اعتياداً على القراءة انتموا إىل الفئة‬ ‫العمرية ‪ 30 - 21‬عاماً وجاءت نسبتهم ‪،% 32.8‬‬ ‫تالهم املنتمون إىل الفئة العمرية ‪40 - 31‬عاماً‪،‬‬ ‫وذلك بنسبة ‪.% 19.9‬‬ ‫وقد انعكست تلك النسبة يف كون األكثر شرا ًء‬ ‫للكتب خالل العام ‪ 2009‬هم‪ ،‬أيضاً‪ ،‬من محلة‬ ‫درجة البكالوريوس‪ ،‬بنسبة ‪ ،% 42.4‬يليهم َمن‬ ‫حيملون درجة املاجستري‪ ،‬وذلك بنسبة ‪.% 15.4‬‬ ‫كما كان محلة البكالوريوس من الفئات األكثر‬ ‫اعتياداً على القراءة‪ ،‬وذلك بنسبة ‪ ،% 41.2‬يليهم‬ ‫ ‬ ‫محلة املاجستري أو ما فوقها بنسبة ‪.% 41.8‬‬ ‫أما عن الوضع املهين ألفراد العيّنة‪ ،‬فقد‬ ‫ممن‬ ‫تبينّ أن العاملني يشكلون النسبة األكرب ّ‬ ‫يشرتون الكتب‪ ،‬وذلك بنسبة ‪ ،% 69.5‬وأن‬ ‫أكثر من نصفهم يعمل يف القطاع العام(بنسبة‬ ‫‪ )% 53.1‬مقابل ‪ % 39.8‬للعاملني يف القطاع‬ ‫اخلاص‪ ،‬وهي نتيجة متاثل تلك املتعلّقة‬ ‫باالعتياد على القراءة؛ إذ بلغت نسبة املعتادين‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫العالقة بين شراء ساتياليت‬ ‫وكمبيوتر وبين شراء الكتب‬

‫ممن قاموا‬ ‫ظهر أخرياً أن الغالبية العظمى ّ‬ ‫بشراء كتب خالل العام ‪ 2009‬لديهم القدرة‬ ‫على مشاهدة القنوات الفضائية عرب امتالكهم‬

‫‪40‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪0‬‬

‫اقل من‬

‫من ‪ 21‬الى‬

‫من ‪ 31‬الى‬

‫من ‪ 41‬الى‬

‫من ‪ 51‬الى‬

‫أكثر من‬

‫‪ 20‬سنة‬

‫‪ 30‬سنة‬

‫‪ 40‬سنة‬

‫‪ 50‬سنة‬

‫‪ 60‬سنة‬

‫‪ 61‬سنة‬

‫شكل رقم ‪5‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪0‬‬

‫شراء الكتب حبسب االنتماء العمري( ‪)%‬‬

‫االعتياد على القراءة حبسب العمر( ‪)%‬‬

‫اقل من‬

‫من ‪ 21‬الى‬

‫من ‪ 31‬الى‬

‫من ‪ 41‬الى‬

‫من ‪ 51‬الى‬

‫أكثر من‬

‫‪ 20‬سنة‬

‫‪ 30‬سنة‬

‫‪ 40‬سنة‬

‫‪ 50‬سنة‬

‫‪ 60‬سنة‬

‫‪ 61‬سنة‬

‫شكل رقم ‪6‬‬

‫شراء الكتب حبسب مستوى الدخل( ‪)%‬‬

‫‪%25‬‬ ‫‪%20‬‬ ‫‪%15‬‬ ‫‪%10‬‬ ‫‪%5‬‬ ‫‪%0‬‬

‫‪ 55‬دوالراً‬ ‫أو أقل‬

‫شكل رقم ‪7‬‬

‫من ‪110 - 56‬‬

‫دوالراً‬

‫من ‪200 - 111‬‬

‫دوالراً‬

‫من ‪400 - 201‬‬

‫دوالراً‬

‫من ‪930 - 401‬‬

‫دوالراً‬

‫اكثر من ‪931‬‬

‫دوالراً‬

‫االعتياد على القراءة حبسب مستوى الدخل( ‪)%‬‬

‫‪%25‬‬ ‫‪%20‬‬ ‫‪%15‬‬ ‫‪%10‬‬ ‫‪%5‬‬ ‫‪%0‬‬

‫‪ 55‬دوالر‬ ‫أو أقل‬

‫من ‪110 - 56‬‬

‫دوالرات‬

‫من ‪200 - 111‬‬

‫دوالرات‬

‫من ‪400 - 201‬‬

‫دوالرات‬

‫من ‪930 - 401‬‬

‫دوالرات‬

‫اكثر من ‪931‬‬

‫دوالر‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫التأليف والنشر‬

‫على القراءة‪ % 69.8‬من جمموع العاملني‪ ،‬فيما‬ ‫ ش ّكلت نسبة العاملني منهم يف القطاع اخلاص‬ ‫( ‪ .)%52.6‬وبذلك ش ّكل مستوى الدخل عام ًال‬ ‫حم ّدداً يف عملية شراء الكتب‪ ،‬إذ إن النسبة‬ ‫األكرب من الذين اشرتوا كتباً خالل العام‪2009‬‬ ‫انتموا إىل فئة الدخل ‪ 400 - 201‬دوالر‪ ،‬كما أن‬ ‫شراء الكتب تزايد مع ارتفاع مستوى الدخل إىل‬ ‫فئة ‪ 400 - 201‬دوالر‪ .‬وقد تك ّرر النمط نفسه‪،‬‬ ‫أيضاً‪ ،‬يف ما يتعلق باالعتياد على القراءة‪.‬‬ ‫ومبالحظة ك ّل من الشكلني (الشكالن رقم ‪6‬‬ ‫و‪ )7‬يتّضح أن نسبة من حيصلون على ‪ 55‬دوالراً‬ ‫يف الشهر وما دون بالنسبة إىل شراء الكتب‬ ‫‪( %13.5‬شكل رقم‪ ،)6‬تفوق نسبة َمن حيصلون‬ ‫على أكثر من ‪ 931‬دوالراً والذين بلغت نسبتهم‬ ‫‪ .% 12.7‬وميكن ر ّد ذلك إىل ارتفاع نسبة‬ ‫من حيصلون على ‪ 55‬دوالراً وما دون ‪% 15.1‬‬ ‫َ ‬ ‫مقارن ًة بالذين حيصلون على ‪ 931‬دوالراً وما‬ ‫فوق‪ .‬وينسحب األمر عينه على العالقة بني‬ ‫االعتياد على القراءة ومستوى الدخل )شكل‬ ‫رقم ‪)7‬؛ فبلغت نسبة َمن اعتاد على القراءة‬ ‫من بني الذين حيصلون على ‪ 55‬دوالراً وما دون‬ ‫‪ ،% 12.7‬مقابل نسبة ‪ % 11.8‬للّذين حيصلون‬ ‫على ‪ 931‬دوالراً وما فوق‪.‬‬ ‫يف املقابل تبينّ أن الفئات األكثر شرا ًء للكتب‬ ‫هي فئة املدرسني‪ ،‬وذلك بنسبة ‪ ،% 15.5‬يليها‬ ‫فئة أعضاء هيئة التدريس يف اجلامعات بنسبة‬ ‫‪ .% 10.3‬أما الفئات األكثر اعتياداً على القراءة‬ ‫فهي فئة املدرسني (‪ ،)% 15.4‬ثم فئة أعضاء‬ ‫هيئة التدريس يف اجلامعة (‪.)% 10.1‬‬

‫شكل رقم ‪4‬‬

‫‪311‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 312‬للتنمية الثقافية‬

‫األغلب األعم م ّمن قام بشراء كتب‬ ‫خالل العام ‪ 2009‬هم م ّمن لديهم القدرة‬ ‫على مشاهدة القنوات الفضائية عبر‬ ‫امتالكهم جهاز ساتياليت‪ ،‬أو ما يُعرف‬ ‫في بعض الدول العربية بـ "الوصلة"‬ ‫(‪ ،)% 89.9‬وم ّمن لديهم جهاز كومبيوتر‬ ‫في المنزل (‪ .. )% 92.5‬وم ّرة أخرى‬ ‫يتك ّرر النمط نفسه مع االعتياد على‬ ‫القراءة‪ ،‬فمن بين ما قالوا إنهم من‬ ‫معتادي القراءة‪ ،‬كان ‪ % 89‬لديهم‬ ‫ساتياليت ووصلة‪ ،‬و‪ % 90.6‬لديهم جهاز‬ ‫كومبيوتر‪ ،‬وهو األمر الذي يدفع في اتجاه‬ ‫إعادة النظر في العالقة بين مشاهدة‬ ‫القنوات الفضائية واستخدام الكومبيوتر‬ ‫واإلنترنت على عملية اقتناء الكتب في‬ ‫شكلها الورقي أو المطبوع‪. .‬‬

‫المفضلة لدى‬ ‫بخصوص الكتب‬ ‫ّ‬ ‫ك ّل من الذكور واإلناث يتّضح أن نسبة‬ ‫تفضيل الكتب العربية بين الذكور أعلى‬ ‫فضل‬ ‫من مثيلتها بين اإلناث‪ ،‬فبينما ّ‬ ‫‪ % 72.5‬من الذكور الكتب العربية‪،‬‬ ‫انخفضت تلك النسبة بين اإلناث لتصل‬ ‫إلى ‪ .. % 64.1‬وفي مقابل ذلك كانت‬ ‫نسبة تفضيل الكتب المترجمة إلى‬ ‫العربية بين اإلناث أعلى من مثيلتها لدى‬ ‫فضل ‪ % 22.4‬من اإلناث‬ ‫الذكور‪ ،‬فبينما ّ‬ ‫الكتب المترجمة إلى العربية انخفضت‬ ‫تلك النسبة بين الذكور إلى ‪..% 18.9‬‬

‫جهاز ساتياليت‪ ،‬أو عرب ما يُعرف يف بعض‬ ‫الدول العربية بـ "الوصلة" ( ‪ ،)%89.9‬وكذلك‬ ‫الذين لديهم جهاز كمبيوتر يف املنزل( ‪.)%92.5‬‬ ‫يتك ّرر النمط نفسه يف ما يتعلّق باالعتياد‬ ‫على القراءة‪ .‬إذ إن غالبية املعتادين على‬ ‫القراءة لديهم ساتياليت ووصلة(‪ )% 89‬وجهاز‬ ‫كمبيوتر(‪ .)% 90.6‬وهو األمرالذي يدفع إىل‬ ‫إعادة النظر يف العالقة القائمة بني مشاهدة‬ ‫القنوات الفضائية واستخدام الكمبيوتر‬ ‫واإلنرتنت من جهة‪ ،‬وعملية اقتناء الكتب يف‬ ‫شكلها الورقي أو املطبوع من جهة أخرى‪.‬‬ ‫غري أن السؤال الذي يطرح نفسه هو التالي‪:‬‬ ‫هل توجد عالقة بني شراء الكتب والتع ّود على‬ ‫القراءة؟ أو بصيغة أخرى هل الذين أفادوا بأن‬ ‫القراءة من عاداتهم هم أنفسهم الذين يشرتون‬ ‫الكتب؟‬ ‫يف الواقع توضح النتائج أن‪ % 13.9‬فقط من‬ ‫الذين ش ّكلت القراءة عادة لديهم مل يقوموا‬ ‫بشراء كتب‪ ،‬مقابل ‪ % 86.1‬للّذين اشرتوا‬ ‫كتباً خالل العام ‪ .2009‬ويف هذه النتائج ما‬ ‫يشري إىل وجود فئة من األفراد الذين ميلكون‬ ‫عادة القراءة لكن من دون أن يكونوا قادرين‬ ‫على شراء الكتاب‪ ،‬بل ميكنهم االطالع عليه‬ ‫وتصفّحه من خالل زيارة املكتبات العامة أو‬ ‫تصفّح اإلنرتنت‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫المفضلة للقراءة‬ ‫الكتب‬

‫يف حماولة التع ّرف إىل طبيعة ما يقرأه‬ ‫العرب‪ ،‬وإىل الكتّاب الذين يقرأون هلم‪،‬‬ ‫كتاب بذاته‪،‬‬ ‫واألسباب اليت جتعلهم يُقبلون على ٍ‬ ‫توجه االستبيان بسؤال إىل املستطلعني حول‬ ‫ّ‬ ‫يفضلون القراءة‬ ‫كتبهم املفضلة‪ ،‬وع ّما إذا كانوا ّ‬ ‫ بالعربية أم بلغة أجنبية أخرى؛ فتبينّ أن ‪% 69.6‬‬ ‫من الق ّراء يفضلون الكتب العربية‪ ،‬و‪% 19.7‬‬ ‫يفضلون الكتب املرتمجة من لغات أجنبية إىل‬

‫فضل حنو ‪ % 10.7‬قراءة‬ ‫الّلغة العربية‪ ،‬بينما ّ‬ ‫الكتب غري العربية؛ وهو األمر الذي يعين أ َن‬ ‫حواىل ‪ % 89.3‬يفضلون القراءة بالّلغة العربية‪.‬‬ ‫املفضلة للقراءة‬ ‫وقد أظهرت العالقة بني الّلغة ّ‬ ‫وبني املستوى التعليمي أن فئة احلاصلني على‬ ‫دبلوم متوسط ش ّكلوا الفئة األكثر تفضي ًال للكتب‬ ‫العربيّة(‪ ،)% 78.2‬وأن فئة احلاصلني على‬ ‫الثانوية كانوا األكثر تفضي ًال للكتب املرتمجة‬ ‫إىل الّلغة العربية(‪ ،)% 22.9‬فيما ش ّكل محلة‬ ‫الدكتوراه الفئة األق ّل تفضي ًال للكتب املرتمجة‬ ‫إىل الّلغة العربية(‪ ،)% 15.2‬أما محلة شهادتي‬ ‫الدبلوم العالي والدكتوراه فمثلوا الفئات األكثر‬ ‫ تفضي ً‬ ‫ال للكتب غري العربية بنسبة‪ % 22.6‬و‪% 9.2‬‬ ‫على التوالي‪.‬‬ ‫مقروئية الكتب بحسب الجنس‬

‫تبينّ أن نسبة تفضيل الكتب العربية بني‬ ‫الذكور (‪ )% 72.5‬أعلى من مثيلتها بني اإلناث‬ ‫(‪ ،)% 64.1‬مقابل ارتفاع نسبة تفضيل الكتب‬ ‫ املرتمجة إىل الّلغة العربية بني اإلناث (‪)% 22.4‬‬ ‫مقارن ًة مبثيلتها لدى الذكور(‪،)% 18.9‬‬ ‫وارتفاعها كذلك يف ما يتعلّق بتفضيل الكتب غري‬ ‫ العربية‪ ،‬حبيث بلغت نسبة تفضيلها بني اإلناث‬ ‫( ‪ )% 13.5‬مقابل ( ‪ )% 8.6‬للذكور‪.‬‬ ‫العالقة بين الّلغة المفضلة للقراءة‬ ‫ومتغيرات أخرى‬ ‫ّ‬

‫لوحظ أن نسبة تفضيل الكتب غري العربية يف‬ ‫فئة الشباب دون سن العشرين فاقت مثيالتها‬ ‫يف الفئات العمرية األخرى‪ ،‬كما لوحظ تراجع‬ ‫االهتمام بالكتب غري العربية مع تق ّدم السن‪،‬‬ ‫فبينما بلغت هذه النسبة يف فئة َمن هم دون‬ ‫العشرين ‪ ،%9.9‬بلغت يف فئة َمن هم فوق الستني‬ ‫عاماً ‪ .% 1.5‬أما عن الكتب املرتمجة إىل الّلغة‬ ‫ العربية‪ ،‬فبلغت نسبة من يفضلونها ‪% 28.5‬‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫الّلغة ّ‬ ‫املفضلة للقراءة حبسب اجلنس‬

‫‪120 %‬‬ ‫‪100 %‬‬ ‫‪80 %‬‬ ‫‪60 %‬‬ ‫‪40 %‬‬ ‫‪20 %‬‬ ‫‪0%‬‬ ‫الكتب غير العربية‬

‫ذكر‬ ‫الكتب المترجمة من اللغات االجنبية الى العربية‬

‫الدخل ‪ 400 - 201‬دوالر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫المفضلون‬ ‫الكتّ اب‬

‫انثى‬

‫حول الكتّاب املفضلني لديهم‪ ،‬أعرب حنو‬ ‫‪ % 76.8‬من جمموع أفراد العيّنة عن تفضيلهم‬ ‫الكتّاب الذين يكتبون بالّلغة العربية‪ ،‬ومن بينهم‬ ‫يفضلون الكتّاب املصريني و‪% 22.1‬‬ ‫‪ّ % 54.7‬‬ ‫يفضلون الكتّاب العرب‪ .‬ويف املقابل تبينّ أيضاً أن‬ ‫ّ‬ ‫ اإلناث يفضلون الكتّاب املصريني بنسبة ‪% 51.3‬‬ ‫يفضل‬ ‫مقابل نسبة ‪ % 57.1‬للذكور‪ .‬يف حني ّ‬ ‫الذكور الكتّاب العرب بنسبة ‪ % 22.5‬مقابل‬ ‫تفضل اإلناث الكتّاب‬ ‫نسبة ‪ % 21.1‬لإلناث‪ .‬كما ّ‬ ‫األجانب بنسبة ‪ % 27.3‬مقابل نسبة ‪% 20.4‬‬ ‫للذكور‪.‬‬ ‫ويف ما يتعلق بتفضيل الكتّاب يف الفئات العمرية‬ ‫املختلفة‪ ،‬تبينّ أن نسبة تفضيل ال ُكتّاب املصريني‬ ‫بلغت أعلى نسبة هلا يف الفئة العمرية ‪60 - 51‬‬ ‫سنة‪ ،‬وذلك بنسبة ‪ ،% 80.9‬وأدناها يف الفئة‬ ‫ العمرية ‪ -30 21‬سنة‪ ،‬وذلك بنسبة ‪.% 59.5‬‬ ‫فيما بلغت نسبة الذين يفضلون الكتّاب األجانب‬ ‫أعالها يف الفئة العمرية ‪ 20‬وما دون‪ ،‬وذلك‬ ‫بنسبة ‪ ،% 20.4‬وأدناها يف الفئة العمرية ‪41‬‬ ‫‪ -50‬سنة‪ .‬وقد يُر ّد تفضيل الشباب يف س ّن‬

‫الكتب العربية‬

‫في ما يتّصل بالعالقة بين العمر‬ ‫وتفضيل الكتب تبيّن أن تفضيل الكتب‬ ‫غير العربية في فئة الشباب دون سن‬ ‫العشرين هي األكبر بين مثيالتها في‬ ‫فئات العمر األخرى‪ ،‬بل لوحظ انخفاض‬ ‫نسبة تفضيل الكتب غير العربية مع تق ّدم‬ ‫السنّ‪ ،‬فبينما بلغت نسبة من هم دون‬ ‫العشرين ‪ ، % 9.9‬بلغت في فئة من هم‬ ‫فوق الستين عاماً ‪. .% 1.5‬‬

‫أعلى نسبة تفضيل الكتب العربية على‬ ‫ما عداها كانت فئة الموظفين‪ ،‬وذلك‬ ‫بنسبة ‪ ،% 88.7‬يليهم فئة الكتّاب بنسبة‬ ‫‪ ،% 86.7‬بينما جاءت فئة المترجمين في‬ ‫المرتبة األخيرة بنسبة ‪ ،% 50‬وكانت فئة‬ ‫المترجمين هي األعلى تفضي ً‬ ‫ال للكتب‬ ‫المترجمة إلى العربية (‪ ،)% 39.9‬يليهم‬ ‫فئة المدرسين الجامعيين بنسبة ‪% 23.7‬‬ ‫بينما عبّر الطالب عن عدم تفضيلهم‬ ‫التام للكتب المترجمة إلى الّلغة العربية‪. .‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫التأليف والنشر‬

‫مل َن هم دون العشرين عاماً مقابل ‪.‬‬ ‫ملَن تراوحت أعمارهم ما بني ‪ 41‬و‪50‬عاماً وهي‬ ‫الفئة العمرية اليت تفضل النسبة األكرب من‬ ‫أفرادها الكتب العربية‪ ،‬وذلك بنسبة ‪،% 82.8‬‬ ‫مقابل نسبة ‪ % 61.6‬ملَن هم دون العشرين عاماً‪.‬‬ ‫يف ما يتعلق بالعالقة بني املهنة والكتب املفضلة‬ ‫تشري النتائج إىل أ ّن أعلى نسبة لتفضيل الكتب‬ ‫ غري العربية هي بني فئة الطالب (‪)% 21.1‬‬ ‫يليهم املدرسون اجلامعيون (‪ ،)% 16.9‬ث ّم فئة‬ ‫املدرسني ‪ ..)% 15.1‬أ ّما فئة املرتمجني فقد‬ ‫كان الفتاً أنها تأتي يف املرتبة الرابعة يف تفضيل‬ ‫الكتب غري العربية وذلك بنسبة ‪.% 11.1‬‬ ‫املفضلة‪،‬‬ ‫أما عن العالقة بني املهنة والكتب ّ‬ ‫فقد ارتفعت نسبة َمن يفضلون الكتب غري‬ ‫العربية بني فئة الطالب(‪ ،)%21.1‬يليهم‬ ‫ املد ّرسون اجلامعيون (‪ ،)%16.9‬ثم فئة املدرسني‬ ‫(‪ .)%15.1‬فيما احتلّت فئة املرتمجني املرتبة‬ ‫الرابعة يف تفضيل الكتب غري العربية(‪.)% 1.1‬‬ ‫يف املقابل ارتفعت نسبة تفضيل الكتب‬ ‫العربية بني فئة املوظفني(‪ ،)% 88.7‬يليهم فئة‬ ‫الكتّاب(‪ ،)% 86.7‬يف حني جاءت فئة املرتمجني‬ ‫يف املرتبة األخرية(‪ .)% 50‬إال أن فئة املرتمجني‬ ‫برزت من بني الفئات األكثر تفضي ًال للكتب‬ ‫املرتمجة إىل الّلغة العربية (‪ ،)%39.9‬تليها فئة‬ ‫املدرسني اجلامعيني (‪ .)% 23.7‬أما الطالب‬ ‫فأبدوا عدم رغبة تامة بالكتب املرتمجة إىل‬ ‫الّلغة العربية‪.‬‬ ‫بالنسبة إىل العالقة بني مستوى الدخل‬ ‫وتفضيل الكتب‪ ،‬ظهر أن نسبة تفضيل الكتب‬ ‫العربية ارتفعت لدى الفئة اليت يزيد مستوى‬ ‫دخلها على ‪ 931‬دوالراً‪ ،‬يليها األفراد يف فئة‬ ‫الدخل ‪ 110 - 56‬دوالرات‪ .‬وارتفعت نسبة‬ ‫تفضيل الكتب املرتمجة لدى فئة الدخل ‪- 56‬‬ ‫‪ 110‬دوالرات‪ ،‬ونسبة تفضيل الكتب غري العربية‬ ‫يف فئة الدخل ‪ 930 - 401‬دوالراً‪ ،‬يليها فئة‬ ‫‪% 14 5‬‬

‫شكل رقم ‪8‬‬

‫‪313‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 314‬للتنمية الثقافية‬

‫الّلغة ّ‬ ‫املفضلة للقراءة حبسب املهنة( ‪)%‬‬

‫شكل رقم ‪9‬‬ ‫‪120 %‬‬ ‫‪100 %‬‬ ‫‪80 %‬‬ ‫‪60 %‬‬ ‫‪40 %‬‬

‫كانت أعلى نسبة لتفضيل الكتب‬ ‫العربية بين المستويات التعليمية‬ ‫المختلفة من بين فئة الحاصلين على‬ ‫دبلوم متوسط‪ ،‬وذلك بنسبة ‪% 78.2‬‬ ‫منهم ‪ ..‬أ ّما الكتب المترجمة إلى الّلغة‬ ‫العربية فكانت من بين فئة الحاصلين‬ ‫على الثانوية‪ ،‬وهي أكثر الفئات تفضي ً‬ ‫ال‬ ‫للكتب المترجمة إلى الّلغة لعربية‪ ،‬وذلك‬ ‫بنسبة ‪ ..% 22.9‬فيما كان حملة الدكتوراه‬ ‫الفئة األق ّل تفضي ً‬ ‫ال لكتب المترجمة‬ ‫ إلى العربية وذلك بنسبة ‪..% 15.2‬‬ ‫وكان حملة شهادة الدبلوم العالم‬ ‫والدكتوراه هم أكثر الفئات تفضي ً‬ ‫ال للكتب‬ ‫غير العربية وذلك بنسبة ‪ % 22.6‬و ‪% 19.2‬‬ ‫ ‬ ‫على الترتيب‪..‬‬

‫‪ % 69.6‬من الق ّراء يفضلون الكتب‬ ‫يفضلون‬ ‫العربية‪ ،‬إضافة إلى ‪ّ % 19.7‬‬ ‫الكتب المترجمة من لغات أجنبية إلى‬ ‫فضل ‪ % 10.7‬قراءة‬ ‫الّلغة العربية‪ ،‬بينما ّ‬ ‫الكتب غير العربية‪ ،‬وهو األمر الذي يعني‬ ‫أن حوالى ‪ % 89.3‬يفضلون القراءة بالّلغة‬ ‫العربية‪..‬‬ ‫عبّر الق ّراء عن درجة أعلى من‬ ‫التفضيل للكتّاب العرب مقارنة بالكتّاب‬ ‫االجانب‪ ،‬إذ أعرب ‪ % 76.8‬من الق ّراء‬ ‫عن تفضيلهم للكتّاب العرب الذين يكتبون‬ ‫بالّلغة العربية‪ ،‬وجاءت نسبة من يفضلون‬ ‫ الكتّاب المصريين بينهم ‪،% 54.7‬‬ ‫بينما جاءت نسبة الكتّاب العرب الباقين‬ ‫‪. .% 22.1‬‬

‫‪20 %‬‬ ‫‪0%‬‬

‫مترجم‬

‫الكتب غير العربية‬

‫صحافي أو‬ ‫اعالمي‬

‫مدرس‬

‫الكتب المترجمة من اللغات االجنبية الى العربية‬

‫العشرين وما دون للكتّاب األجانب إىل أن هؤالء‬ ‫الشباب ال زالوا يف سنني الدراسة‪ ،‬وإىل انتشار‬ ‫التعليم األجنيب يف الوطن العربي‪ .‬يف حني‬ ‫استأثر الكتّاب العرب بالنسبة األكرب يف الفئة‬ ‫العمرية‪ 60‬عاماً وما فوق‪.‬‬ ‫املفضلني حبسب‬ ‫أما عن جنسية الكتّاب ّ‬ ‫املستويات التعليمية‪ ،‬فقد برز تفضيل الكتّاب‬ ‫ املصريني يف فئة محلة درجة البكالوريوس‬ ‫‪ )% 68.6‬يليهم محلة الدكتوراه (‪ ،)% 56.3‬فيما‬ ‫برز تفضيل الكتّاب العرب لدى محلة الشهادة‬ ‫الثانوية (‪ ،)% 32.6‬فحملة الدبلوم املتوسط‬ ‫(‪ .)% 29.6‬وقد استأثر الكتّاب األجانب بالنسبة‬ ‫األكرب من محلة دبلوم التعليم العالي(‪)% 39.3‬‬ ‫مقابل استئثارهم بالنسبة األدنى من فئة محلة‬ ‫البكالوريوس (‪.)% 15.8‬‬ ‫مجاالت القراءة‬

‫مدرس جامعي‬

‫مدير عام‬

‫يف سياق التع ّرف إىل ما يقرأه ر ّواد معرضي‬ ‫الكتاب يف القاهرة وتونس‪ ،‬بهدف التع ّرف إىل‬ ‫واقع القراءة يف الوطن العربي من خالل‬ ‫االطالع على طبيعة ما يُقرأ وعلى اجملاالت‬ ‫اليت جتذب القارئ العربي‪ ،‬وعدم االقتصار‬ ‫فقط على معرفة نسبة القراءة‪ ،‬أظهرت النتائج‬

‫كاتب‬

‫موظف‬

‫طالب‬

‫الكتب العربية‬

‫كما هو مبينّ يف اجلدول رقم (‪ )1‬أن النسبة‬ ‫األكرب من أفراد العيّنة يقرأون بشكل أساسي‬ ‫يف جمال األدب والثقافة العامة( ‪،)%28‬‬ ‫يفضلون القراءة يف جمال األديان‬ ‫ يليهم َمن ّ‬ ‫(‪ ،)%18.4‬ثم الق ّراء يف جماالت العلوم‬ ‫ الطبيعية والرياضيات والتكنولوجيا(‪.)% 12.9‬‬ ‫ومل تظهر جماالت تو ّزع القراءة بني الذكور‬ ‫واإلناث اختالفات جوهرية عموماً‪ ،‬بل‬ ‫لوحظ ارتفاع نسبة القراءة يف جمال األدب‬ ‫لدى الذكور(‪ )% 28.2‬مقارن ًة مبثيلتها لدى‬ ‫اإلناث(‪ ،)% 26.5‬وارتفاع هذه النسبة أيضاً‬ ‫لدى الذكور يف جمال التكنولوجيا(‪)% 11.2‬‬ ‫مقارن ًة مبثيلتها لدى اإلناث(‪ ،)% 7‬ويف جمال‬ ‫العلوم الطبيعية والرياضيات(‪ )% 3.4‬لدى‬ ‫الذكور و(‪ )% 1.7‬لدى اإلناث‪ ،‬فض ًال عن جمال‬ ‫السياسة (‪% 6.5‬للذكور و‪ % 3.9‬لإلناث)‪ .‬فيما‬ ‫ارتفعت نسبة قراءة اإلناث عن مثيلتها لدى‬ ‫الذكور يف بعض اجملاالت األخرى‪ ،‬وهي‪ :‬جمال‬ ‫الفلسفة وعلم النفس (‪ % 9.8‬لإلناث و‪% 4.2‬‬ ‫ للذكور)‪ ،‬والفنون(‪ % 6.4‬لإلناث و‪% 3.9‬‬ ‫ للذكور) واملعارف العامة (‪ % 8.4‬لإلناث‬ ‫و‪ % 6.7‬للذكور)‪.‬‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫جدول رقم ‪1‬‬

‫نسب توزّع أفراد العيّنة حبسب‬ ‫جماالت القراءة‬

‫شكل رقم ‪10‬‬

‫‪315‬‬

‫الّلغة ّ‬ ‫املفضلة للقراءة حبسب فئة الدخل( ‪)%‬‬ ‫‪90 %‬‬ ‫‪80 %‬‬

‫جمال القراءة‬ ‫األدب‬ ‫األديان‬ ‫التكنولوجيا‬ ‫التاريخ واجلغرافيا‬ ‫العلوم االجتماعية بصفة عامة‬ ‫العلوم الطبيعية والرياضيات‬ ‫الفلسفة وعلم النفس‬ ‫الفنون‬ ‫الّلغات‬ ‫السياسة‬ ‫املعارف العامة‬

‫النسبة( ‪)%‬‬ ‫‪28.0‬‬ ‫‪18.4‬‬ ‫‪10.0‬‬ ‫‪8.0‬‬ ‫‪6.8‬‬ ‫‪2.9‬‬ ‫‪6.1‬‬ ‫‪4.6‬‬ ‫‪2.4‬‬ ‫‪5.6‬‬ ‫‪7.3‬‬

‫بدا األدب‪ -‬كما هو مبينّ يف اجلدول رقم(‪)2‬‬ ‫ اجملال األكثر تفضي ًال لدى أفراد العيّنة من‬‫خمتلف املستويات التعليمية‪ ،‬باستثناء محلة‬ ‫شهادة الدبلوم املتوسط‪ .‬إذ احت ّل جمال األديان‬ ‫املرتبة األوىل من بني جماالت القراءة املفضلة‬ ‫لتلك الفئة‪ ،‬وذلك بنسبة ‪ ،% 29.9‬يف حني تساوت‬ ‫نسب تفضيل القراءة يف جمال ّي األدب واألديان‬ ‫يف فئة حاملي الشهادة اإلعدادية وما دونها‪،‬‬ ‫وذلك بنسبة ‪% 19.4‬؛ وهي الفئة الوحيدة اليت‬ ‫مل تُب ِد أ ّي اهتمام بالقراءة يف جمال السياسة‪.‬‬ ‫أما األكثر الفئات تفضي ًال للقراءة يف جمال‬ ‫األدب فهي فئة محلة درجة املاجستري‪ ،‬وذلك‬ ‫بنسبة ‪.% 35.5‬‬ ‫أما بالنسبة إىل العالقة بني العمر وجمال‬ ‫فضل‪ ،‬فتبينّ أن أكثر الفئات العمرية‬ ‫القراءة املُ ّ‬ ‫تفضي ًال للقراءة يف جمال األدب وجمال‬ ‫األديان هي الفئة العمرية ‪ 60 - 51‬سنة‪ ،‬وذلك‬ ‫بنسبة‪ % 39.7‬و‪ % 29.5‬على التوالي‪ ،‬يليها الفئة‬

‫‪60 %‬‬ ‫‪50 %‬‬ ‫‪40 %‬‬ ‫‪30 %‬‬ ‫‪20 %‬‬ ‫‪10 %‬‬ ‫‪0%‬‬ ‫أكثر من ‪931‬‬

‫دوالراً‬

‫الكتب غير العربية‬

‫من ‪930 - 401‬‬

‫دوالراً‬

‫من ‪400 - 201‬‬

‫من ‪200 - 111‬‬

‫دوالر‬

‫من ‪110 - 56‬‬

‫دوالرات‬

‫دوالر‬

‫الكتب المترجمة من اللغات االجنبية الى العربية‬

‫‪ 55‬دوالراً‬ ‫أو أقل‬

‫الكتب العربية‬

‫العمرية ‪ 50 - 41‬سنة‪ ،‬وذلك بنسبة ‪.‬‬

‫‪% 35 1‬‬

‫في ما يتصل بالعالقة بين النوع‬ ‫لألدب و‪ 28.4‬لألديان‪ ،‬فيما بدت الفئة العمرية‬ ‫والكتّاب المفضلين‪ ،‬فإ ّن النتائج تشير‬ ‫ما دون س ّن العشرين األق ّل تفضي ً‬ ‫ال للقراءة يف إلى أن اإلناث يفضلّن الكتّاب المصريين‬ ‫جمال األدب (‪ )% 15.3‬وأكثر تفضي ً‬ ‫ال لألديان بنسبة ‪ ،% 51.3‬فيما يفضلهم الذكور‬ ‫(‪ .)% 18‬ورمبا أنه من الطبيعي أن يتّجه األكرب بنسبة ‪ ،% 57.1‬بينما يفضل الذكور‬ ‫الكتّاب العرب بنسبة ‪ ،% 22.5‬أ ّما اإلناث‬ ‫سنّاً إىل القراءة يف جمال األديان‪ ،‬وأن تق ّل‬ ‫فيفضلن الكتّاب العرب بنسبة ‪،% 21.1‬‬ ‫ّ‬ ‫فتفضلهم اإلناث‬ ‫النسبة عند الشباب‪ .‬لكن استحواذ الشباب يف أما الكتّاب األجانب ّ‬ ‫يفضلهم الذكور‬ ‫املرحلة العمرية ‪ 20‬سنة وما دون ولغاية سنّ‪ 30‬بنسبة ‪ ،% 27.3‬فيما ّ‬ ‫بنسبة ‪. .% 20.4‬‬

‫سنة على نسبة‪ % 35.1‬من جمموع أفراد العيّنة‬ ‫يفضلون القراءة يف جمال األديان‪ ،‬رمبا‬ ‫الذين ّ‬ ‫يشري إىل تأثّر هذه األعمار الشبابيّة بكثرة‬ ‫القنوات الدينية‪ ،‬وبظهور عدد من الدعاة‬ ‫الشبان الذين جيذبون الشباب ويدفعونهم حنو‬ ‫القراءة يف جمال الدين‪.‬‬ ‫املفضلة للقراءة لدى أصحاب‬ ‫وعن اجملاالت ّ‬ ‫املهن املختلفة‪ ،‬أتى ال ُكتّاب ‪ -‬كما هو مبينّ يف‬ ‫تفضل‬ ‫اجلدول رقم (‪ - )3‬يف مقدمة الفئات اليت ّ‬ ‫ القراءة يف جمال األدب‪ ،‬وذلك بنسبة ‪،% 60‬‬ ‫لتخصصهم يف جمال الكتابة‪ ،‬يليهم فئة‬ ‫نظراً ّ‬ ‫املدرسني بنسبة ‪ ،% 40.9‬فيما جاء الطالب‬

‫خص المجاالت المفضلة للقراء‬ ‫في ما ّ‬

‫ أظهرت النتائج أن النسبة األكبر (‪)% 28‬‬

‫تقرأ بشكل أساسي في مجال األدب‬ ‫يفضلون‬ ‫والثقافة العامة‪ ،‬يليهم من ّ‬ ‫القراءة في مجال األديان (‪ ،)% 18.4‬أي‬ ‫أن مجال ّي األدب واألديان يمثالن ‪44.4‬‬ ‫‪ %‬من حجم الق ّراء‪ ،‬يليهم من يقرأون‬ ‫في مجل العلوم الطبيعية والرياضيات‬ ‫والتكنولوجيا وذلك بنسبة ‪..% 12.9‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫التأليف والنشر‬

‫مجاالت القراءة بحسب المستوى‬ ‫التعليمي ومتغيرات أخرى‬

‫‪70 %‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 316‬للتنمية الثقافية‬

‫تفضل القراءة‬ ‫نسبة الذكور التي ّ‬ ‫في مجال األدب (‪ )% 28.2‬مقارن ًة بـ‬ ‫(‪ )% 26.5‬بين اإلناث‪ ،‬ونسبة الذكور‬ ‫التي تفضل القراءة في مجال التكنولوجيا‬ ‫‪ % 11.2‬مقارن ًة بـ ‪ % 7‬بين اإلناث‪،‬‬ ‫تفضل القراءة في‬ ‫ونسبة الذكور التي ّ‬ ‫ مجال العلوم الطبيعية والرياضيات ‪% 3.4‬‬ ‫مقارن ًة بـ ‪ % 1.7‬لإلناث‪ ،‬ونسبة الذكور‬ ‫تفضل القراءة في مجال السياسة‬ ‫التي ّ‬ ‫‪ % 6.5‬مقارن ًة بـ ‪ % 3.9‬بين اإلناث‪..‬‬

‫أكثر الفئات العمرية تفضي ً‬ ‫ال للقراءة‬ ‫في مجال األدب ومجال األديان هي الفئة‬ ‫العمرية التي يتراوح عمرها ما بين ‪51‬‬ ‫عاماً و‪ 60‬عاماً‪ ،‬وذلك بنسبة ‪ % 39.7‬و‬ ‫‪ % 29.5‬على التوالي‪ ،‬يليها الفئة العمرية‬ ‫التي يتراوح عمرها ما بين ‪ 41‬عاماً إلى‬ ‫‪ 50‬عاماً وذلك بنسبة ‪ % 35.1‬و ‪،% 28.4‬‬ ‫فيما كانت الفئة التي يقل عمرها عن‬ ‫عشرين عاماً هي األقل تفضي ً‬ ‫ال للقراءة‬ ‫في مجال األدب وذلك بنسبة ‪،% 15.3‬‬ ‫أما مجال القراءة األكثر تفضي ً‬ ‫ال لتلك‬ ‫الفئة فهو مجال األديان‪..‬‬

‫المفضلة‬ ‫على مستوى المجاالت‬ ‫ّ‬ ‫للقراءة لدى أصحاب المهن المختلفة‪،‬‬ ‫فإن الكتّاب يأتون في مقدمة الفئات‬ ‫التي تفضل القراءة في مجال األدب‬ ‫وذلك بنسبة ‪ ،% 60‬تليهم فئة المدرسين‬ ‫بنسبة ‪ ،% 40.9‬بينما كان الطالب‬ ‫األقل تفضي ً‬ ‫ال للقراءة في مجال األدب‬ ‫ومجال األديان وذلك بنسبة ‪ % 15.8‬و‬ ‫‪ % 5.3‬على التوالي؛ أ ّما فئة الموظفين‬ ‫فكانت األكثر تفضي ً‬ ‫ال للقراءة في مجال‬ ‫األديان وذلك بنسبة ‪ ،% 32.3‬تليهم فئة‬ ‫المدرسين بنسبة ‪..% 17.2‬‬

‫إمجالي عيّنة مفردات البحث موزعة على قنوات التواصل وعلى الفروع الثقافيّة‬ ‫املختلفة‬

‫جدول رقم ‪2‬‬

‫أدب‬

‫علوم‬ ‫علوم فلسفة‬ ‫تاريخ و اجتماعية‬ ‫طبيعية و وعلم‬ ‫أديان تكنولوجيا‬ ‫جغرافيا بصفة‬ ‫رياضيات نفس‬ ‫عامة‬

‫فنون‬

‫معارف‬ ‫لغات سياسة‬ ‫عامة‬

‫إعدادي‬ ‫وما دون‬

‫‪19.4‬‬

‫‪19.4‬‬

‫‪13.9‬‬

‫‪11.1‬‬

‫‪11.1‬‬

‫‪5.6‬‬

‫‪8.3‬‬

‫‪2.8‬‬

‫‪2.8‬‬

‫‪5.6‬‬

‫ثانوي‬

‫‪20.4‬‬

‫‪17.1‬‬

‫‪11.2‬‬

‫‪7.9‬‬

‫‪3.9‬‬

‫‪2.6‬‬

‫‪8.6‬‬

‫‪7.2‬‬

‫‪2.6‬‬

‫‪6.6‬‬

‫‪11.8‬‬

‫دبلوم‬ ‫متوسط‬

‫‪24.1‬‬

‫‪29.9‬‬

‫‪5.7‬‬

‫‪3.4‬‬

‫‪3.4‬‬

‫‪3.4‬‬

‫‪4.6‬‬

‫‪11.5‬‬

‫‪3.4‬‬

‫‪4.6‬‬

‫‪5.7‬‬

‫بكالوريوس‬

‫‪29.5‬‬

‫‪19.6‬‬

‫‪11.1‬‬

‫‪5.6‬‬

‫‪5.6‬‬

‫‪2.5‬‬

‫‪5.6‬‬

‫‪2.3‬‬

‫‪3.7‬‬

‫‪6.6‬‬

‫‪8.0‬‬

‫دبلوم عا ٍل‬

‫‪29.4‬‬

‫‪11.9‬‬

‫‪11.2‬‬

‫‪5.6‬‬

‫‪9.1‬‬

‫‪2.8‬‬

‫‪6.3‬‬

‫‪6.3‬‬

‫‪1.4‬‬

‫‪7.7‬‬

‫‪8.4‬‬

‫ماجستري‬

‫‪35.5‬‬

‫‪16.8‬‬

‫‪6.5‬‬

‫‪12.9‬‬

‫‪7.7‬‬

‫‪2.6‬‬

‫‪4.5‬‬

‫‪3.9‬‬

‫‪0.6‬‬

‫‪5.2‬‬

‫‪3.9‬‬

‫دكتوراه‬

‫‪22.4‬‬

‫‪16.3‬‬

‫‪10.2‬‬

‫‪19.4‬‬

‫‪14.3‬‬

‫‪5.1‬‬

‫‪5.1‬‬

‫‪3.1‬‬

‫‪-‬‬

‫‪1.0‬‬

‫‪3.1‬‬

‫جدول رقم ‪3‬‬

‫توزّع اجملاالت ّ‬ ‫املفضلة للقراءة حبسب املهنة( ‪)%‬‬ ‫ّ‬ ‫المفضل للقراءة‬ ‫المجال‬

‫علوم‬ ‫علوم فلسفة‬ ‫تاريخ و اجتماعية‬ ‫طبيعية و وعلم‬ ‫أدب أديان تكنولوجيا‬ ‫جغرافيا بصفة‬ ‫رياضيات لنفس‬ ‫عامة‬

‫معارف‬ ‫لفنون لغات سياسة‬ ‫عامة‬

‫صحايف أو‬ ‫إعالمي‬

‫‪30.3‬‬

‫‪9.1‬‬

‫‪-‬‬

‫‪12.1‬‬

‫‪33.3‬‬

‫‪3.0‬‬

‫‪3.0‬‬

‫‪3.0‬‬

‫‪-‬‬

‫‪3.0‬‬

‫‪3.0‬‬

‫مد ّرس‬

‫‪40.9‬‬

‫‪17.2‬‬

‫‪9.7‬‬

‫‪8.6‬‬

‫‪5.4‬‬

‫‪2.2‬‬

‫‪3.2‬‬

‫‪3.2‬‬

‫‪1.1‬‬

‫‪2.2‬‬

‫‪6.5‬‬

‫مد ّرس‬ ‫جامعي‬

‫‪24.1‬‬

‫‪12.1‬‬

‫‪12.1‬‬

‫‪17.2‬‬

‫‪17.2‬‬

‫‪6.9‬‬

‫‪5.2‬‬

‫‪-‬‬

‫‪3.4‬‬

‫‪1.7‬‬

‫كاتب‬

‫‪60.0‬‬

‫‪13.3‬‬

‫‪6.7‬‬

‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫‪-‬‬

‫‪6.7‬‬

‫‪6.7‬‬

‫‪-‬‬

‫‪6.7‬‬

‫‪-‬‬

‫موظف‬

‫‪17.7‬‬

‫‪32.3‬‬

‫‪3.2‬‬

‫‪8.1‬‬

‫‪6.5‬‬

‫‪-‬‬

‫‪9.7‬‬

‫‪9.7‬‬

‫‪-‬‬

‫‪4.8‬‬

‫‪8.1‬‬

‫طالب‬

‫‪15.8‬‬

‫‪5.3‬‬

‫‪10.5‬‬

‫‪5.3‬‬

‫‪10.5‬‬

‫‪5.3‬‬

‫‪31.6‬‬

‫‪10.5‬‬

‫‪5.3‬‬

‫‪-‬‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫كفئة أق ّل تفضي ًال للقراءة يف جمال األدب‬ ‫ وجمال األديان‪ ،‬وذلك بنسبة ‪ % 15.8‬و‪% 5.3‬‬ ‫على التوالي‪ ،‬أما فئة املوظفني فكانت األكثر‬ ‫تفضي ًال للقراءة يف جمال األديان‪ ،‬وذلك بنسبة‬ ‫‪ ،% 32.3‬يليها فئة املد ّرسني بنسبة ‪.% 17.2‬‬ ‫دواعي اإلقبال على الكتب‬

‫أسباب اإلقبال على شراء الكتب‬

‫‪70‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪0‬‬

‫أن يكون يف جمال التخصص‬

‫أن يكون جديداً يف جمال ما‬

‫شرائه فكانت فئة املوظفني(‪،)% 17.5‬يليها فئة‬ ‫احملامني(‪ .)% 13‬أ ّما فئة الكتّاب فكانت األكثر‬ ‫لكاتب معروف‬ ‫ تعوي ًال على أن يكون الكتاب ٍ‬ ‫(‪.)% 18.8‬‬ ‫اقتناء الكتاب أو ّ‬ ‫االطالع عليه؟‬

‫عند سؤال الق ّراء ع ّما إذا كانوا يشرتون‬ ‫الكتاب أم أنهم يكتفون باالطالع عليه فقط؟‬ ‫أ ّكدت غالبية أفراد العيّنة ‪ % 77.1‬تفضيل‬ ‫فضلوا أن يقرأوه يف‬ ‫شراء الكتاب‪ ،‬أما الذين ّ‬ ‫املكتبات فكانت نسبتهم قليلة للغاية(‪،)% 9.9‬‬ ‫ وبلغت نسبة الذين فضلوا قراءته على اإلنرتنت‬ ‫(‪ ،)%12.9‬ورمبا يعود ذلك إىل ارتفاع نسبة‬ ‫َمن لديهم كمبيوتر يف املنزل‪ ،‬فض ًال عن ارتفاع‬ ‫نسبة الشباب يف العيّنة بعامة‪.‬‬ ‫ومن ناحية أخرى يثري اخنفاض نسبة َمن‬ ‫فضلوا قراءة الكتب يف املكتبات العامة الكثري‬ ‫ّ‬ ‫من األسئلة حول تراجع دور املكتبات العامة‬ ‫بالنسبة إىل الق ّراء‪ ،‬على الرغم من ك ّل ما‬ ‫يُقال عن اخنفاض مستويات الدخل‪ .‬وميكن‬ ‫تفسري األمر بشيوع ثقافة اإلنرتنت من جانب‪،‬‬ ‫وبشيوع ظاهرة القنوات الفضائية من جانب‬

‫أن يكون سعره مناسباً‬

‫أن يكون لكتاب معروف‬

‫شارو الكتب هم النسبة األكبر م ّمن‬ ‫لديهم عمل‪ ،‬ومن بين الذين قالوا إنهم‬ ‫معتادون على القراءة هناك ‪% 69.8‬‬ ‫منهم لديهم عمل أيضاً‪ ...‬وفي ما يتعلّق‬ ‫بمستوى الدخل‪ ،‬فإن النسبة األكبر من‬ ‫الذين اشتروا كتباً خالل العام ‪2009‬‬ ‫كانوا من الفئة التي يتراوح مستوى دخلها‬ ‫ما بين ‪ 201‬إلى ‪ 400‬دوالر‪ ،‬كما يُالحظ‬ ‫أن القيام بشراء الكتب يتزايد بحسب‬ ‫مستوى الدخل حتى يصل إلى ما بين من‬ ‫‪ 201‬إلى ‪ 400‬دوالر‪ ،‬ث ّم يبدأ في التناقص‬ ‫بعد ذلك ليصل إلى أدنى مستوى ما بين‬ ‫الفئة التي يزيد دخلها على ‪ 931‬دوالراً‪. .‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫التأليف والنشر‬

‫من بني أبرز األسباب اليت تدفع الق ّراء‬ ‫لشراء كتاب معينّ حبسب أفراد العيّنة‪ ،‬هو أن‬ ‫ختصص القارئ‪،‬‬ ‫يكون هذا الكتاب يف جمال ّ‬ ‫وذلك بنسبة ‪ ،% 62.9‬يف حني جاءت مسألة‬ ‫سعر الكتاب‪ ،‬وعلى عكس ما يعتقد البعض‪ ،‬يف‬ ‫املرتبة الثالثة من بني األسباب اليت حت ّدد شراء‬ ‫كتاب معينّ ‪ ،‬وذلك بنسبة ‪.% 10.2‬‬ ‫كما اتّضح أن الذين يع ّولون على سعر الكتاب‬ ‫كمعيار لإلقبال على شرائه هم من الفئة اليت‬ ‫يق ّل متوسط دخل أفرادها عن ‪ 55‬دوالراً‪ ،‬وأن‬ ‫فئة األشخاص الذين كانوا أكثر اهتماماً بأن‬ ‫ختصصهم هي الفئة اليت‬ ‫يكون الكتاب يف جمال ّ‬ ‫ً‬ ‫يزيد دخلها على ‪ 931‬دوالرا‪ ،‬والفئة اليت يرتاوح‬ ‫دخلها ما بني ‪ 111‬و ‪ 200‬دوالر كانت األكثر‬ ‫تعوي ًال على أن يكون الكتاب جديداً يف جمال‬ ‫حم ّدد‪ ،‬والفئة اليت يرتاوح دخلها ما بني ‪401‬‬ ‫إىل ‪ 930‬دوالراً كانت األكثر تعوي ًال على أن يكون‬ ‫لكاتب معروف‪.‬‬ ‫الكتاب ٍ‬ ‫ويف النظر إىل العالقة بني بعض املهن‬ ‫وأسباب اإلقبال على شراء الكتب‪ ،‬يتّضح أن‬ ‫أكثر الفئات إقبالاً على الشراء بسبب جمال‬ ‫التخصص هي فئة أعضاء هيئة التدريس يف‬ ‫ّ‬ ‫اجلامعات( ‪ )% 81‬يليها فئة املدرسني(‪،)% 1.7‬‬ ‫بينما برزت فئة احملاسبني كأق ّل الفئات تعوي ًال‬ ‫على هذا السبب( ‪ )% 34.8‬ولكنّها الفئة اليت‬ ‫عبرّ ت عن رغبتها يف أن يكون الكتاب جديداً يف‬ ‫جمال حم ّدد‪% 39.1‬؛ أ ّما أكثر الفئات حرصاً‬ ‫ٍ‬ ‫كسبب لإلقبال على‬ ‫على رخص سعر الكتاب ٍ‬

‫شكل رقم ‪12‬‬

‫‪317‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 318‬للتنمية الثقافية‬

‫لدى سؤال القراء ع ّما إذا كانوا‬ ‫يفضلون شراء الكتاب أو أنهم يكتفون‬ ‫باإلطالع عليه فقط‪ ،‬أ ّكد أكثر من ‪77.1‬‬ ‫‪ %‬منهم أنهم يفضلون شراء الكتاب بينما‬ ‫فضلوا قراءته في المكتبات‬ ‫كانت نسبة َمن ّ‬ ‫قليلة للغاية‪ ،‬وهي ‪ ،% 9.9‬وازدادت نسبة‬ ‫من فضلوا أن يقرأوه على اإلنترنت (‪12.9‬‬ ‫‪ ،)%‬وربما يعود ذلك إلى ارتفاع نسبة َمن‬ ‫لديهم أجهزة كومبيوتر في المنازل‪..‬‬

‫نسبة تفضيل شراء الكتاب بغرض‬ ‫قراءته لدى الذكور(‪ )% 78.2‬أعلى من‬ ‫مثيلتها لدى اإلناث (‪ ،)% 74.5‬بينما‬ ‫نسبة تفضيل قراءة الكتاب في المكتبة‬ ‫أو عبر اإلنترنت بين اإلناث أعلى من‬ ‫فضل ‪12.1‬‬ ‫مثيالتها لدى الذكور‪ .‬فبينما ّ‬ ‫‪ %‬من اإلناث قراءة الكتاب في المكتبة‪،‬‬ ‫انخفضت النسبة بين الذكور لتصل إلى‬ ‫‪ .. % 9‬وبينما عبّر ‪ % 13.4‬من بين‬ ‫اإلناث عن تفضيلهم قراءة الكتاب عبر‬ ‫اإلنترنت‪ ،‬انخفضت النسبة قلي ً‬ ‫ال لدى‬ ‫الذكور (‪..)% 12.8‬‬

‫فضلوا قراءة‬ ‫انخفاض نسبة َمن ّ‬ ‫الكتب في المكتبات العامة يثير الكثير من‬ ‫األسئلة حول تراجع دورها لدى الق ّراء‪،‬‬ ‫على الرغم من أن تفسير هذه الظاهرة‬ ‫يمكن ر ّده إلى شيوع ثقافة اإلنترنت من‬ ‫جانب‪ ،‬وشيوع ظاهرة القنوات الفضائية‬ ‫من جانب آخر‪..‬‬

‫آخر‪ ،‬فض ًال عن تراجع دور املدرسة واجلامعة‬ ‫يف ما يتعلّق بتحفيز الشباب على القراءة‪ ،‬وعدم‬ ‫عناية األسرة العربية بفكرة القراءة‪ ،‬وعدم‬ ‫تعويد األبناء على هذه الثقافة‪ ،‬مقارن ًة باألسرة‬ ‫األوروبية اليت تزرع يف األطفال عادة القراءة‬ ‫باعتبارها سلو ًكا اجتماعياً يومياً‪.‬‬ ‫اقتناء الكتاب أو ّ‬ ‫االطالع عليه‬ ‫بحسب الجنس‬

‫أظهرت النتائج أيضاً أن نسبة تفضيل شراء‬ ‫ الكتاب بغرض قراءته ارتفعت لدى الذكور‬ ‫(‪ )%78.2‬مقارن ًة مبثيلتها لدى اإلناث ( ‪،)%74.5‬‬ ‫فيما ارتفعت نسبة تفضيل قراءة الكتاب يف‬ ‫املكتبة أو عرب اإلنرتنت بني اإلناث مقارن ًة‬ ‫مبثيلتها لدى الذكور‪ .‬إذ بلغت نسبة تفضيل‬ ‫ قراءة الكتاب يف املكتبة لدى اإلناث ‪% 12.1‬‬ ‫مقابل نسبة ‪ % 9‬لدى الذكور‪ .‬كما بلغت نسبة‬ ‫تفضيل قراءة الكتاب عرب اإلنرتنت لدى اإلناث‬ ‫‪ % 13.4‬مقابل ‪ % 12.8‬لدى الذكور‪.‬‬ ‫أما يف ما يتّصل باملستوى التعليمي‪ ،‬فاتّضح‬ ‫أن محلة الشهادة الثانوية كانوا أق ّل مي ًال لشراء‬ ‫الكتاب يف حال أرادوا قراءته ‪ ،%71‬كما كانوا‬ ‫أكثر الفئات تفضي ًال لقراءته عرب اإلنرتنت‬ ‫شكل رقم ‪6‬‬

‫(‪ .)% 18.1‬وكان محلة الشهادة املتوسطة‬ ‫األكثر تفضي ًال لقراءة الكتاب يف املكتبات العامة‬ ‫‪.% 20.9‬‬ ‫ً‬ ‫لوحظ أيضا‪ ،‬أن الرغبة يف شراء الكتاب‬ ‫بهدف قراءته تق ّل كلما تدنّى متوسط الدخل‬ ‫الشهري؛ ويف املقابل فإن نِ َسب تفضيل قراءة‬ ‫الكتاب يف املكتبات العامة أو عرب اإلنرتنت تق ّل‬ ‫كلّما ارتفع متوسط الدخل الشهري؛ فبينما‬ ‫فضل ‪ % 17.6‬قراءة الكتاب يف املكتبات العامة‬ ‫ّ‬ ‫من بني الفئة اليت يق ّل دخلها عن ‪ 55‬دوالراً‬ ‫يف الشهر‪،‬اخنفضت تلك النسبة لتصل إىل‬ ‫أق ّل من‪ % 1‬يف الفئة اليت يزيد متوسط دخلها‬ ‫فضل ‪% 19.1‬‬ ‫ الشهري على ‪ 931‬دوالراً‪ ،‬وبينما ّ‬ ‫قراءة الكتاب عرب اإلنرتنت بني الفئة اليت‬ ‫يق ّل دخلها عن ‪ 55‬دوالراً يف الشهر‪ ،‬اخنفضت‬ ‫هذه النسبة بني الفئة اليت يزيد متوسط دخلها‬ ‫الشهري على ‪ 931‬دوالراً لتصل إىل ‪.% 4.7‬‬ ‫لقد أوضحت النتائج أيضاً أن الفئة اليت‬ ‫يق ّل عمرها عن عشرين عاماً هي أق ّل الفئات يف‬ ‫ما يتّصل بنسبة تفضيل شراء الكتاب لقراءته؛‬ ‫فبينماعبرّ ‪ % 71.1‬من أفراد تلك الفئة عن‬ ‫ممن‬ ‫تفضيلهم شراء الكتاب لقراءته‪ ،‬فإن‪ّ % 91‬‬ ‫ربوا عن‬ ‫تراوحت أعمارهم بني‪ 51‬و‪ 60‬سنة ع ّ‬

‫القراءة عرب اإلنرتنت حبسب العمر( ‪)%‬‬ ‫‪%20‬‬ ‫‪%18‬‬ ‫‪%16‬‬ ‫‪%14‬‬ ‫‪%12‬‬ ‫‪%10‬‬ ‫‪%8‬‬ ‫‪%6‬‬ ‫‪%4‬‬ ‫‪%2‬‬ ‫‪%0‬‬

‫أكثر من‬

‫من ‪ 51‬إلى‬

‫من ‪ 41‬إلى‬

‫من ‪ 31‬إلى‬

‫من ‪ 21‬إلى‬

‫أقل من‬

‫‪ 61‬سنة‬

‫‪ 60‬سنة‬

‫‪ 50‬سنة‬

‫‪ 40‬سنة‬

‫‪ 30‬سنة‬

‫‪ 20‬سنة‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫المكان أو الطريقة المفضلة لشراء‬ ‫كتاب‬

‫املفضلة‬ ‫عندما ُسئل أفراد العيّنة عن الطريقة ّ‬ ‫املفضل لشراء الكتاب‪ ،‬أ ّكد ‪% 47‬‬ ‫ أو املكان ّ‬ ‫يفضلون شراء الكتاب من معارض‬ ‫منهم أنهم ّ‬ ‫يفضلون شراءها من دور‬ ‫الكتب‪ ،‬مقابل‪ّ % 35.3‬‬ ‫بيع النشر ومنافذها‪ ،‬فيما أ ّكد‪ % 4.5‬فقط أنّهم‬ ‫يفضلون شراء الكتب من خالل اإلنرتنت‪ .‬حبيث‬ ‫ّ‬ ‫تكتسب معارض الكتب األهمية األوىل يف مسألة‬ ‫شيوع الكتب يف الوطن العربي‪ ،‬ألنها تتيح للق ّراء‬ ‫فرصة التع ّرف إىل الكتب يف جماالت خمتلفة‪،‬‬ ‫فيما يعتقد الق ّراء أن األسعار مناسبة مقارن ًة‬ ‫باألسعار خارج املعارض‪.‬‬

‫المفضلة‬ ‫عند السؤال عن الطريقة ّ‬ ‫المفضل لشراء الكتاب‪،‬‬ ‫أو المكان‬ ‫ّ‬ ‫يفضلون شراء الكتاب‬ ‫أ ّكد‪ % 47‬أنهم ّ‬ ‫من معارض الكتب بينما أ ّكد ‪35.3‬‬ ‫‪ %‬تفضيلهم شراء الكتب من دور بيع‬ ‫النشر ومنافذها‪ ..‬وأ ّكد ‪ % 4.5‬فقط‬ ‫يفضلون شراء الكتب من خالل‬ ‫أنهم ّ‬ ‫اإلنترنت‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫التأليف والنشر‬

‫تفضليهم شراء الكتاب إذا ق ّرروا قراءته‪ .‬ويف‬ ‫املقابل‪ ،‬كانت الفئة اليت يق ّل عمر أفرادها عن‬ ‫عشرين سنة من الفئات األكثر تفضي ًال لقراءة‬ ‫الكتاب عرب اإلنرتنت‪ ،‬وذلك بنسبة ‪،% 17.8‬‬ ‫مقابل ‪ % 5.1‬للفئة العمرية ‪ 60 - 51‬سنة‪.‬‬ ‫أما يف ما يتعلق بتفضيل قراءة الكتاب‬ ‫يف املكتبات العامة فقد كانت أعلى بني الفئة‬ ‫اليت يزيد أعمار أفرادها على ‪ 60‬سنة‪ ،‬وذلك‬ ‫بنسبة ‪ ،% 13.8‬يليها الفئة العمرية دون س ّن‬ ‫العشرين(‪ ،)% 11.2‬فالفئة العمرية ‪60 - 51‬‬ ‫سنة( ‪.)% 3.8‬‬ ‫يبدو أن مثة عالقة وثيقة بني متغيرّ العمر‬ ‫وطريقة القراءة‪ .‬فالقراءة عرب اإلنرتنت‬ ‫تستقطب قطاعاً عريضاً من الشباب‪،‬‬ ‫وخصوصاً شباب اجلامعات‪ ،‬الذين يفضلون‬ ‫من خالله إعداد حبوثهم ودراساتهم اجلامعية‪،‬‬ ‫أو ممارسة القراءة العامة‪ ،‬وهو األمر الذي ال‬ ‫يتالءم مع الفئات العمرية األكرب‪ ،‬السيما الفئة‬ ‫العمرية اليت يزيد عمر أفرادها على ‪ 60‬سنة‬ ‫واليت اعتاد أفرادها على القراءة التقليدية وال‬ ‫جييد معظمهم التعامل مع الكمبيوتر‪.‬‬

‫كما اتّضح من النتائج أيضاً‪ ،‬أن الفئة‬ ‫اليت مل يتجاوز مستواها التعليمي الشهادة‬ ‫اإلعدادية هي األكثر تفضي ًال لشراء الكتب‬ ‫من املعارض(بنسبة ‪،)% 66.7‬وأن فئة محلة‬ ‫شهادة الدكتوراه هي األكثر تفضي ًال للشراء‬ ‫من دور النشر(بنسبة ‪ ،)% 48.5‬وأن فئة محلة‬ ‫الشهادات املتوسطة هي األكثر تفضي ًال للشراء‬ ‫فضلت‬ ‫من باعة الصحف(‪ ،)% 24.1‬فيما ّ‬ ‫فئة محلة الشهادة الثانوية الشراء من خالل‬ ‫اإلنرتنت (بنسبة ‪ ،)% 9.2‬يليها فئة َمن أنهوا‬ ‫التعليم اجلامعي وحصلوا على البكالوريوس‪،‬‬ ‫وذلك بنسبة‪.% 4.1‬‬ ‫أما يف ما يتعلّق بشراء الكتب حبسب متوسط‬ ‫الدخل الشهري‪ ،‬فتبينّ أن الفئة اليت يق ّل دخلها‬ ‫عن ‪ 55‬دوالراً شهرياً هي األكثر تفضي ًال لشراء‬ ‫الكتب من معارض الكتب(بنسبة ‪ ،)% 52.6‬بينما‬ ‫كانت الفئة اليت يزيد متوسط دخلها الشهري‬ ‫على ‪ 931‬دوالراً هي أكثر الفئات تفضي ًال لشراء‬ ‫الكتب من دور النشر‪( ،‬بنسبة ‪ ،)% 55.2‬أما أكثر‬ ‫الفئات تفضي ًال لشراء الكتب من باعة الصحف‬ ‫فهي الفئة اليت يرتاوح متوسط دخلها الشهري‬ ‫ ما بني ‪ 200 - 111‬دوالر(بنسبة ‪)% 15.6‬‬ ‫وهي الفئة األق ّل تفضي ًال يف الوقت عينه للشراء‬ ‫من خالل اإلنرتنت(بنسبة ‪ ،)% 2.8‬وذلك‬ ‫مقابل الفئة اليت يرتاوح متوسط دخلها الشهري‬ ‫ما بني ‪ -110 56‬دوالرات كفئة أكثر تفضي ًال‬ ‫لشراء الكتب من خالل اإلنرتنت‪.‬‬ ‫أما من حيث العمر فلوحظ أن أكثر‬ ‫الفئات تفضي ًال لشراء الكتب من معارض‬ ‫الكتب هي الفئة اليت ُّ‬ ‫يقل عمرها عن عشرين‬ ‫عاماً(بنسبة‪ ،)% 60.5‬يف حني أن أكثر‬ ‫الفئات تفضي ًال للشراء من دور النشر هي فئة‬ ‫األعمار‪ 60 - 51‬سنة(بنسبة ‪ ،)% 50‬واألكثر‬ ‫تفضي ًال لشراء الكتب من باعة الصحف هم‬ ‫األفراد يف الفئة العمرية‪ 30 - 21‬عاماً(بنسبة‬

‫‪319‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 320‬للتنمية الثقافية‬

‫‪ ،)% 11.3‬وكانت الفئة اليت يق ّل أعمر أفرادها‬ ‫عن عشرين عاماً هي األكثر تفضي ًال لشراء‬ ‫الكتب من خالل اإلنرتنت(بنسبة ‪.)% 7.2‬‬ ‫الكتاب الرقمي والكتاب الورقي‬

‫على الرغم من ك ّل ما وصلت إليه‬ ‫التكنولوجيا من تسهيالت ّ‬ ‫لالطالع على‬ ‫الكتب الرقمية‪ ،‬ال يزال اقتناء الكتاب‬ ‫فضل ‪% 89.9‬‬ ‫ الرقمي متواضعاً ‪ ..‬وقد ّ‬ ‫الكتاب المطبوع في مقابل ‪% 10.1‬‬ ‫فضلوا الكتاب الرقمي‪ ..‬ولعل هذا يع ّد‬ ‫ّ‬ ‫مؤشراً على حجم القراءة على اإلنترنت‬ ‫‪ ..‬وبقدر ما يبدو هذا الرقم ضعيفاً إال‬ ‫أنه يزداد من عام إلى آخر‪. .‬‬

‫ال يزال مستوى اقتناء الكتاب الرقمي‬ ‫متواضعاً على الرغم من ك ّل التسهيالت اليت‬ ‫و ّفرتها التكنولوجيا ّ‬ ‫لالطالع على الكتب‬ ‫الرقمية‪ ،‬فض ًال عن اخنفاض تكلفة ّ‬ ‫االطالع‬ ‫على تلك الكتب مقارن ًة بالنسخة املطبوعة‪.‬‬ ‫فضل فقط حنو ‪ % 10.1‬من أفراد العيّنة‬ ‫وقد ّ‬ ‫فضلوا‬ ‫الكتاب الرقمي‪ ،‬مقابل ‪ % 89.9‬للّذين ّ‬ ‫الكتاب املطبوع‪ .‬ولعل هذا يع ّد مؤشراً على‬ ‫حجم القراءة على اإلنرتنت‪ ،‬وهو ال يزال حجماً‬ ‫ضئي ًال وإن كان يف ازدياد من عام إىل آخر‪.‬‬ ‫والالفت أن احلاصلني على درجة‬ ‫الدكتوراه كانوا األكثر تفضي ًال للكتاب الورقي‬ ‫(بنسبة ‪ )% 93.9‬واألق ّل تفضي ًال للكتاب‬ ‫الرقمي(بنسبة‪ ،)% 6.1‬وأن الذين يرتاوح‬ ‫متوسط دخلهم الشهري ما بني من ‪400 - 201‬‬ ‫دوالر كانوا األكثر تفضي ًال للكتاب املطبوع‪ ،‬أما‬ ‫األكثر تفضي ًال للكتاب الرقمي فكانوا من فئة‬ ‫الدخل ‪ 930 - 401‬دوالراً‪.‬‬ ‫ويف ما يتعلق مبتغيرّ العمر‪ ،‬لوحظ أن الفئات‬ ‫العمرية األكثر تفضي ًال للكتاب املطبوع هي‬ ‫الفئة اليت ترتاوح أعمارها ما بني‪60 - 51‬‬ ‫عاماً(بنسبة ‪ )% 96‬فيما كانت الفئة اليت تق ّل‬ ‫أعمارها عن عشرين عاماً الفئة األكثر تفضي ًال‬ ‫للكتاب الرقمي(بنسبة ‪.)% 13‬‬ ‫وميكن ر ّد تفضيل الفئة العمرية من ‪ 51‬عاماً‬ ‫وما فوق للكتاب الورقي إىل أسباب تتعلق بارتباط‬ ‫هذه األعمار نفسياً وعاطفياً بالقراءة التقليدية‪،‬‬ ‫حتّى وإن ّ‬ ‫متت زيارة املواقع اإللكرتونية للتعرف‬ ‫إىل كتاب بذاته‪ .‬إذ تبقى القراءة الورقية هي‬ ‫الظاهرة السائدة لدى هذه الفئة العمرية‪.‬‬

‫من ناحية ثانية‪ ،‬تبينّ أن من ميتلكون جهاز‬ ‫كمبيوتر يف منازهلم كانوا أكثر تفضي ًال للكتاب‬ ‫الرقمي‪ ،‬وبالتالي أق ّل تفضي ًال للكتاب املطبوع؛‬ ‫يفضلون الكتاب الرقمي من‬ ‫إذ بلغت نسبة من ّ‬ ‫ بني من لديهم جهاز كمبيوتر يف املنزل ‪% 10.2‬‬ ‫مقابل ‪ % 8.5‬ملن ال ميتلكون جهاز كمبيوتر‪.‬‬ ‫واألمر عينه ينسحب على من ميتلكون جهاز‬ ‫ممن لديهم جهاز‬ ‫ساتياليت؛ إذ فضل‪ّ % 10.5‬‬ ‫ممن‬ ‫ساتياليت الكتاب الرقمي‪ ،‬مقابل ‪ّ % 7.9‬‬ ‫ال ميتلكون جهاز ساتياليت‪.‬‬ ‫استنتاجات عامة‬

‫يشري ك ّل ما ورد حول القراءة يف الوطن‬ ‫العربي إىل وجود بعض اجلوانب اإلجيابيّة‬ ‫والسلبيّة‪ .‬ومن أبرزها‪:‬‬ ‫أو ً‬ ‫اإليجابية‬ ‫ال‪ :‬أبرز الجوانب‬ ‫ّ‬

‫• اعتياد الغالبية العظمى من عيّنة الدراسة‬ ‫على القراءة (‪ ،)% 80.9‬حتّى وإن كانت العيّنة‬ ‫قد طالت ر ّواد معرض الكتاب يف ك ّل من مصر‬ ‫وتونس‪ ،‬وما يعنيه ذلك من احنياز هذه‬ ‫الشرحية إىل القراءة‪ .‬إذ إن اهلدف من خالل‬ ‫هذا البحث ليس التع ّرف إىل "كم من الوقت‬ ‫يقرأ العرب؟" بل اإلجابة عن سؤال مه ّم‪ ،‬وهو‪:‬‬ ‫"هل يقرأ العرب؟ وماذا يقرأون؟"‪ .‬األمر الذي‬ ‫حييي األمل يف ارتفاع نسبة ما يقرأه املواطن‬ ‫العربي يف األعوام القادمة‪ ،‬وأن يرتافق ذلك مع‬ ‫ختصيص وقت أكرب للقراءة‪.‬‬ ‫• تفضيل غالبية ق ّراء العيّنة الكتب العربية‬ ‫بنسبة مرتفعة بلغت ‪ ،% 69.6‬وذلك على الرغم‬ ‫مما حييط بالعامل العربي من مؤثرات‪ ،‬خصوصاً‬ ‫ّ‬ ‫يف ظ ّل العوملة‪ ،‬جتعله يبتعد عن القراءة بلغته‬ ‫األم‪ .‬ومن ذلك مث ًال‪ ،‬انتشار التعليم األجنيب يف‬ ‫الوطن العربي والتعليم بالّلغات األجنبية‪.‬‬ ‫• ارتفاع نسبة ق ّراء األدب‪ ،‬وذلك بنسبة‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫ثاني ًا‪ :‬أبرز الجوانب السلبية‬

‫• قلّة املعروض واملقروء يف جماالت العلوم‬ ‫والتكنولوجيا عموماً‪ ،‬وخصوصاً ما ينتج منها‬ ‫بالّلغة العربية‪ .‬فاألمم ال تتق ّدم باآلداب‬ ‫والعلوم النظرية فقط‪ ،‬والدول اليت قطعت‬ ‫شوطاً يف التق ّدم اعتنت كثرياً بالعلوم الطبيعية‬ ‫والتكنولوجية‪ .‬وهذا ما يدعو إىل ضرورة اهتمام‬ ‫واملؤسسات اخلاصة بتلك اجملاالت‪.‬‬ ‫احلكومات ّ‬ ‫والتوجه إىل القراءة‬ ‫• اقتناء الكتاب‬ ‫ّ‬ ‫التخصص كما أظهرت نتائج‬ ‫حي ّركه جمال‬ ‫ّ‬ ‫البحث‪ .‬وهذا أمر يتناقض مع جدوى القراءة‬ ‫كمح ّرض أساسي للتق ّدم؛ إذ إن القراءة يف‬ ‫التخصص فقط – على أهميته – ال‬ ‫جمال ّ‬ ‫تع ّد من ضروب الثقافة العامة‪ ،‬إذ من املفرتض‬ ‫ختصصه‬ ‫أال حيصر اإلنسان نفسه يف جمال ّ‬ ‫فقط‪ ،‬وأن يتّجه إىل العلوم املساعدة اليت توسع‬ ‫مداركه وتفيده بشكل غري مباشر يف اإلبداع‬ ‫والتف ّوق‪ ،‬كما أن ظاهرة القراءة العامة‪ ،‬بصرف‬ ‫التخصص‪ ،‬تُكسب املواطن رؤ ًى‬ ‫النظر عن‬ ‫ّ‬

‫خص مجاالت‬ ‫دلّت النتائج في ما ّ‬ ‫القراءة أن اختيار األدب كان األعلى‪،‬‬ ‫حيث جاءت نسبته (‪ )% 28‬بينما جاءت‬ ‫األديان في المرتبة الثانية (‪،)% 18.4‬‬ ‫وذلك بعدما كانت األديان تستحوذ في‬ ‫استطالعات الرأي السابقة على النسبة‬ ‫األعلى‪. .‬‬

‫عربي ًا قارئ ًا؟‬ ‫كيف نصنع مجتمع ًا‬ ‫ّ‬

‫ويف النهاية ال ب ّد من التساؤل‪ :‬كيف نصنع‬ ‫جمتمعاً عربيّاً قارئاً؟ واإلجابة تكون من خالل‬ ‫حتديد عدد من العوامل اليت ميكنها أن تلعب‬ ‫دوراً كبرياً يف تنشيط عادة القراءة يف اجملتمع‬ ‫العربي‪ ،‬وخباصة لدى الشباب‪ ،‬ومنها ضرورة‬ ‫تنبّه األسر إىل تنمية عادة القراءة لدى أبنائها‪،‬‬ ‫مؤسسات التعليم (من مدارس‪،‬‬ ‫وضرورة قيام ّ‬ ‫ومعاهد‪ ،‬وجامعات‪ )..‬باالهتمام مبكتباتها‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫التأليف والنشر‬

‫‪ ،% 28‬مقابل نسبة‪ % 18.4‬لق ّراء األديان‪.‬‬ ‫وتعترب هذه النسبة إجيابيّة بعدما كانت األديان‬ ‫تستحوذ يف استطالعات الرأي السابقة على‬ ‫النسبة األعلى من الق ّراء‪ .‬وتراجع األديان إىل‬ ‫املرتبة الثانية ال يعين تراجع اهتمام الق ّراء‬ ‫باألديان‪ ،‬بل رمبا يدعو إىل تفسري تراجع‬ ‫القراءة يف املعارف الدينية ملصلحة القراءة‬ ‫يف املعارف األدبية والثقافة العامة‪ ،‬من قبيل‬ ‫الرواية والشعر والسري الذاتية‪ ...‬إخل‪.‬‬ ‫• الكتاب املطبوع ما زال يرتبّع على القمة‬ ‫يف مواجهة الكتاب الرقمي؛ إذ جاءت نسبة من‬ ‫يفضلون الكتاب املطبوع ‪ % 89.9‬مقابل ‪% 10.1‬‬ ‫ ّ‬ ‫يفضلون الكتاب الرقم ّي‪ ،‬رمبا بسبب‬ ‫للّذين ّ‬ ‫اخلصوصية واحلميمية اليت حيدثها الكتاب‬ ‫املطبوع مع القارئ خبالف الكتاب الرقمي‪.‬‬

‫مقارنة واختيارات متن ّوعة‪.‬‬ ‫فضلوا القراءة يف املكتبات العامة‬ ‫• بلوغ َمن ّ‬ ‫نسبة متدنّية بلغت ‪ ،% 9.9‬األمر الذي يستدعي‬ ‫التف ّكر يف تراجع دور املكتبات العامة إما بسبب‬ ‫ما يعرتيها من إهمال‪ ،‬أو بسبب وجودها يف‬ ‫املدن الكربى‪ ،‬ويف مناطق مزدمحة ال يستطيع‬ ‫املرء الوصول إليها بسهولة‪ ،‬مبا قد يكلّفه‬ ‫الكثري من الوقت واجلهد واملال‪ .‬هذا باإلضافة‬ ‫إىل عدم تزويد املكتبات بأحدث اإلصدارات‬ ‫بسبب التمويل‪ ،‬أو بسبب تقاعس جلان التزويد‪.‬‬ ‫واملُالحظ أن أكثر الذين اهتموا بالقراءة يف‬ ‫املكتبات العامة كانوا فوق س ّن الستني سنة‬ ‫(‪ ،)% 13.8‬لكونهم يف الغالب يف س ّن التقاعد‬ ‫الذي يسمح هلم بالرت ّدد إىل املكتبات العامة‬ ‫أكثر من أ ّي فئة عمرية أخرى‪ .‬كما أن املكتبات‬ ‫العامة تظ ّل املصدر األهم للمعنيّني بالثقافة‬ ‫الرتاثية والتارخيية واالجتماعية‪.‬‬ ‫• بروز فئة الشباب دون س ّن العشرين كفئة‬ ‫أق ّل شرا ًء للكتب‪ ،‬رمبا بسبب األوضاع املادية‬ ‫اليت ال تسمح هلم القيام بذلك‪ ،‬لكونهم بالكاد‬ ‫يلبّون متطلباتهم الشخصية‪ ،‬والسيما أنهم يف‬ ‫العموم طالب وال يعملون‪ ،‬ويفضلون قراءة ما‬ ‫حيتاجون إىل قراءته عرب اإلنرتنت‪ ،‬خصوصاً‬ ‫بعد أن بينّ االستطالع أنهم الفئة العمرية األكثر‬ ‫اهتماماً بالقراءة عرب اإلنرتنت(‪.)% 17.8‬‬

‫‪321‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 322‬للتنمية الثقافية‬

‫وتيسري سبل االستعارة وعقد املسابقات الثقافية‬ ‫حتث على القراءة وارتياد املكتبات‪...‬إخل‪،‬‬ ‫اليت ّ‬ ‫فض ًال عن مسؤولية النخبة املثقفّة يف غرس‬ ‫عادة القراءة يف اجملتمع‪ ،‬عن طريق إقامة‬ ‫املؤسسات‬ ‫الندوات واحملاضرات‪ ،‬ومسؤولية ّ‬ ‫والشعبية(مؤسسات الدولة‪ ،‬كوزارات‬ ‫الرمسية‬ ‫ّ‬ ‫الثقافة‪ ،‬والشباب‪ ،‬واإلعالم ‪ ...‬وغريها)‬ ‫يف توجيه الرأي العام والشباب حنو القراءة‬ ‫التوسع يف إنشاء املكتبات العامة‬ ‫عن طريق ّ‬ ‫يف األندية ومراكز الشباب‪ ،‬وإقامة الندوات‬ ‫املختلفة‪ .‬ناهيك بدور العبادة نظراً ملا يلعبه‬ ‫الدين من دور يف حياة الفرد العربي‪ ،‬واإلعالم‬

‫يف شتّى صوره (املقروء – املسموع – املرئي)‬ ‫الذي ميكنه توجيه الق ّراء إىل أحدث ما أنتجته‬ ‫دور النشر العربية واألجنبية وعرض ك ّل ما هو‬ ‫جديد من الكتب‪ ،‬وكذلك دور احلكومات اليت‬ ‫يفرتض أن تنشر الوعي والعلم والثقافة بني‬ ‫أبنائها‪ ،‬وأن تتبنّى املشروعات الثقافية الكربى‬ ‫اليت تبين العقول‪ ،‬ولنا يف مشروع (مكتبة‬ ‫األسرة) يف مصر‪ ،‬ومشروع (مكتبة ّ‬ ‫لكل أسرة)‬ ‫الذي تبنّته حكومة الشارقة‪ ،‬خري مثال على‬ ‫ما يش ّجع على القراءة واقتناء الكتب بأسعار‬ ‫زهيدة‪.‬‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫‪323‬‬

‫جوانب من حركة النشر العربية‬ ‫ماذا نشر العرب؟‬

‫العينة‬ ‫خصائص ّ‬

‫تو ّزعت عيّنة دور النشر وقوامها‬

‫‪154‬‬

‫دار‬

‫التأليف والنشر‬

‫ال تستهدف الدراسة حصراً حجم النشر‬ ‫يف الوطن العربي‪ ،‬بل اإلجابة عن سؤال‪ :‬ماذا‬ ‫نشر العرب؟ وما هي أه ّم اجملاالت اليت اهت ّم‬ ‫الناشرون بطباعتها؟ وما هي املشكالت اليت‬ ‫تواجه الناشرين‪ ،‬وكيفية التغلّب عليها؟‬ ‫إن مستوى حركة التأليف والنشر يف الوطن‬ ‫العربي ليس بأفضل من حال القراءة لدى‬ ‫العرب؛ فمعدل القراءة‪ ،‬الذي ميثّل عنصر‬ ‫الطلب‪ ،‬باملصطلحات االقتصادية‪ ،‬متد ّن إىل‬ ‫درجة ال ميكن معها تفعيل النشر والتأليف(أي‬ ‫العرض)‪ .‬ويبدو أنه ما زال من الصعب احلديث‬ ‫العرض‬ ‫عن إمكانية التعويل على أن خيلق‬ ‫ُ‬ ‫الطلب يف جمال القراءة والتأليف ونشر الكتب‪،‬‬ ‫َ‬ ‫والسيما مع الرتاجع الواضح يف مستوى حركة‬ ‫النشر يف البلدان العربيّة‪ ،‬والذي عبرّ عنه‬ ‫مدير معرض القاهرة الدولي للكتاب الثاني‬ ‫واألربعني‪ ،‬بالقول‪ :‬إن "حركة النشر يف مصر‬ ‫وك ّل الدول العربية غري جيّدة؛ والدليل على‬ ‫ذلك أن أكرب ناشر ال جيرؤ على طباعة أكثر‬ ‫من ‪ 3‬آالف نسخة من الكتاب‪ ،‬والبعض يطبع‬ ‫‪ 500‬نسخة فقط"‪.‬‬ ‫فما هي حقيقة النشر يف العامل العربي‪ ،‬وما‬ ‫هي أه ّم املشكالت اليت تواجه الناشرين‪ ،‬وماذا‬ ‫عن فائدة معارض الكتب للناشرين؟‬

‫نشر لتمثّل معظم الدول العربية‪ ،‬فجاءت‬ ‫مصر يف املقدمة بنسبة ‪ ،% 39.3‬تليها سوريا‬ ‫بنسبة ‪ ،% 15‬ثم السعودية بنسبة ‪،% 12.1‬‬ ‫ثم األردن بنسبة ‪ .% 8.6‬كما يُظهر الشكل رقم‬ ‫(‪ )1‬أن مثة ‪ % 1.4‬من دور النشر يف العيّنة يقع‬ ‫مق ّرها الرئيس يف تركيا‪ ،‬وأن ‪ % 21‬فقط من‬ ‫دور النشر املمثّلة هلذه العيّنة هلا فروع يف دول‬ ‫عربية‪ ،‬بينما الغالبية منها ليست له أ ّي فروع‬ ‫خارجية‪ ،‬إضافة إىل ذلك فإن معظم دور النشر‬ ‫يف العيّنة (‪ )%85‬أعضاء يف اتحّ اد الناشرين‬ ‫العرب‪ ،‬بينما ‪ % 15‬فقط هم من غري األعضاء‬ ‫يف االتحّ اد‪.‬‬ ‫تخصص دور النشر‬ ‫مجاالت‬ ‫ّ‬

‫متخصصة يف النشر يف‬ ‫غالبية دور النشر ّ‬ ‫جماالت حم ّددة‪ ،‬إذ إن ‪ % 66‬من جمموع دور‬ ‫متخصصة‬ ‫النشر اخلاصة بعيّنة البحث هي دور ّ‬ ‫يف جماالت نشر بذاتها(كما هو مبينّ يف اجلدول‬ ‫رقم‪.)1‬‬ ‫ومن بني هذه اجملاالت‪ :‬املعارف اإلسالمية‬ ‫وطباعة املصحف الشريف بنسبة ‪ ،% 19.2‬يليها‬ ‫ ‬ ‫جمال األدب ونشر الروايات بنسبة ‪.% 13.7‬‬ ‫املتخصصة يف نشر‬ ‫والالفت تراجع نسبة الدور ّ‬ ‫األعمال العلمية والتكنولوجية‪ ،‬حبيث بلغت نسبة‬ ‫املتخصصة يف اجملاالت العلمية ‪% 2.7‬‬ ‫ الدور‬ ‫ّ‬ ‫والتكنولوجية ‪ % 1.4‬فقط‪ ،‬يف حني تنشر غالبية‬ ‫تلك الدور ما دون املائيت كتاب يف العام‪ ،‬بل إن‬ ‫حواىل مُخس تلك الدور أنتـج أق ّل من عشرة‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 324‬للتنمية الثقافية‬

‫كتب خالل العام ‪ ،2009‬بينما مل تتع ّد الدور اليت‬ ‫نشرت أكثر من ‪ 300‬كتاب نسبة ‪ ،% 1.2‬وهو‬ ‫األمر الذي يؤ ّكد ضعف اإلنتاج العلمي يف الوطن‬ ‫العربي‪ ،‬وضعف اإلقبال العام عليه‪.‬‬ ‫الكتب األكثر رواج ًا‬

‫عند سؤال دور النشر (اليت مل تنشر خالل‬ ‫العام‪ 2009‬سوى‪ 2683‬كتاباً فقط منها حنو‪% 46‬‬ ‫طبع للم ّرة الثانية) عن الكتب األكثر رواجاً‪ ،‬أو‬ ‫تلك اليت لقيت قبوالً أكثر من الق ّراء؟ تبينّ أن‬ ‫الكتب األكثر مبيعاً هي الكتب املتعلقة باألديان‬ ‫بنسبة ‪ ،% 35‬تليها الكتب املتعلقة باجملاالت‬ ‫توزيع العيّنة على الدول العربية‬

‫شكل رقم ‪1‬‬ ‫‪45‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪10‬‬

‫األدبية واملعارف العربية بنسبة ‪ ،% 27‬بينما‬ ‫جاءت كتب العلوم الطبيعية والرياضيات يف آخر‬ ‫األولويات‪ ،‬وذلك بنسبة ‪ .% 1.5‬فيما ارتفعت‬ ‫نسبة اإلقبال على الكتب املتعلقة بالتكنولوجيا‬ ‫إىل ح ّد ما‪ ،‬وجاءت نسبتها‪ .% 4.4‬ولك ّن ذلك‬ ‫يطرح تساؤالً حول نوع الكتب التكنولوجية اليت‬ ‫يقبل عليها الق ّراء‪ .‬وعلى الرغم من عدم تط ّرق‬ ‫البحث إىل سؤال من هذا النوع‪ ،‬ميكن ترجيح‬ ‫أن تكون الكتب املتعلّقة بالكمبيوتر وبكيفية‬ ‫استخدام براجمه املختلفة هي املسؤولة عن‬ ‫ارتفاع هذه النسبة‪ ،‬وليس الكتب املتعلّقة‬ ‫بالتكنولوجيا مبفهومها الواسع‪.‬‬ ‫أما عن أسباب إقبال الق ّراء على الكتب‬ ‫من وجهة نظر الناشرين‪ ،‬فقد تبينّ أن السبب‬ ‫ختصص‬ ‫األول هو اندراج الكتاب يف جمال ّ‬ ‫الق ّراء أو اهتمامهم ‪ ،%61.8‬فيما جاء سبب أن‬ ‫ يكون الكتاب جديداً يف جماله يف املرتبة الثالثة‬ ‫( ‪ % 15.1‬من األسباب) وأن يكون الكتاب لكاتب‬ ‫معروف يف املرتبة األخرية(‪ .)% 2‬وبذلك يغدو‬ ‫جدول رقم ‪1‬‬

‫‪5‬‬

‫ختصص دور النشر‬ ‫جماالت ّ‬

‫‪0‬‬ ‫اإلم‬ ‫ارات‬

‫عمان‬

‫ال‬ ‫عراق‬

‫مصر‬

‫فل‬ ‫سطين‬

‫ليبيا‬

‫تونس‬

‫سوريا‬

‫لبنان‬

‫ا‬ ‫ألردن‬

‫تركيا‬

‫اليمن‬

‫ال‬ ‫كويت‬

‫الس‬ ‫عودية‬

‫شكل رقم ‪2‬‬

‫معدل نشر الكتب خالل عام ‪2009‬‬

‫‪40‬‬ ‫‪35‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪15‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪0‬‬

‫أقل من ‪ 10‬كتب‬

‫من ‪ 11‬إىل‬ ‫‪ 50‬كتاباً‬

‫من ‪ 51‬إىل‬ ‫‪ 100‬كتاباً‬

‫من ‪ 101‬إىل‬ ‫‪ 200‬كتاباً‬

‫من ‪ 201‬إىل‬ ‫‪ 300‬كتاباً‬

‫من ‪ 301‬إىل‬ ‫‪ 400‬كتاباً‬

‫التخصص‬ ‫جماالت‬ ‫ّ‬ ‫القانون وعلوم الشرطة‬ ‫جمال ذوي االحتياجات اخلاصة‬ ‫الثقايف‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬مصاحف جتويد‬ ‫العلمي‬ ‫التعليمي‬ ‫الطيب‬ ‫كتب األطفال‬ ‫السياسي‬ ‫الروايات – األدب‬ ‫الدراسات الفكرية‬ ‫الفلسفة والعلوم االجتماعية‬ ‫التاريخ‪ -‬والرتاث‬ ‫التكنولوجيا‬ ‫التخصصات‬ ‫كل‬ ‫ّ‬ ‫التنمية البشرية‬ ‫العلوم اإلدارية‬

‫النسبة (‪)%‬‬ ‫‪4.1‬‬ ‫‪8.2‬‬ ‫‪8.2‬‬ ‫‪19.2‬‬ ‫‪2.7‬‬ ‫‪11.0‬‬ ‫‪1.4‬‬ ‫‪9.6‬‬ ‫‪1.4‬‬ ‫‪13.7‬‬ ‫‪2.7‬‬ ‫‪5.5‬‬ ‫‪5.5‬‬ ‫‪1.4‬‬ ‫‪1.4‬‬ ‫‪1.4‬‬ ‫‪1.4‬‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫جدول رقم ‪3‬‬

‫األدب‬ ‫األديان‬ ‫التكنولوجيا‬ ‫اجلغرافيا والتاريخ‬ ‫الفلسفة وعلم النفس‬ ‫السياسة‬ ‫املعارف العامة‬

‫التأليف والنشر‬

‫من املنطقي أن يكون جمال األديان عموماً هو نسبة املسؤولني عن دور النشر الذين أشاروا إىل‬ ‫اجملال األ ّول يف اهتمامات الق ّراء وأن يكون أيضاً أن الكتب السياسية تثري املشكالت مع السلطات‬ ‫تتخصص فيه دور النشر‪ ،‬والسيما ‪ % 55.1‬ش ّكلت دور النشر منها يف ك ّل من مصر‬ ‫اجملال الذي ّ‬ ‫أن السبب الثاني إلقبال الق ّراء على الكتب هو وسوريا نسبة ‪ ،% 23.1‬يف حني مل تثر الكتب‬ ‫سعر الكتاب يف ضوء اخنفاض مستويات الدخل السياسية أ ّي مشكالت مع السلطات حبسب دور‬ ‫لغالبية الق ّراء‪ ،‬وذلك بنسبة ‪ ،% 21.1‬ويف ضوء النشر يف ك ّل من ُعمان وتونس‪ .‬أما الكتب اليت‬ ‫اخنفاض أسعار الكتب يف جمال األديان‪ ،‬ثم مل تثر مشكالت مع السلطات حبسب دور النشر‬ ‫اجملاالت األدبية‪ ،‬مقارن ًة بأسعارها يف اجملاالت املصرية فكانت الكتب املتعلقة بالتاريخ‪.‬‬ ‫ويكتسب عامل إثارة املشكالت مع السلطات‬ ‫األخرى‪ ،‬وخصوصاً العلمية‪.‬‬ ‫ومن املالحظ أن غالبية دور النشر تدرك أن أهميته يف ظ ّل مستوى الرقابة على املطبوعات؛‬ ‫ إذ أ ّكد غالبية املسؤولني عن دور النشر‪% 76.1‬‬ ‫األسعار احلالية للكتب ال تناسب أغلب الق ّراء؛‬ ‫إذ ذهب ‪ % 14.5‬فقط من املسؤولني عن دور وجود رقابة على الكتب يف دوهلم‪ ،‬سواء على‬ ‫النشر إىل أن األسعار احلالية للكتب تناسب‬ ‫الق ّراء‪ .‬كما تبينّ حبسب املسؤولني بأن الكتب‬ ‫نوع الكتب اليت يقبل عليها الق ّراء‬ ‫جدول رقم ‪2‬‬ ‫أكثر( ‪)%‬‬ ‫الدينية أق ّل إثارة للمشكالت مع السلطات‪،‬‬ ‫مقارن ًة بالكتب السياسية مث ًال؛ فالكتب الدينية‬ ‫النسبة‬ ‫نوع الكتب‬ ‫تأتي يف املرتبة الثالثة من ضمن قائمة الكتب‬ ‫‪27.0‬‬ ‫األدب‬ ‫اليت تُثري املشكالت؛ إذ ذهب‪ % 1 6.3‬من‬ ‫‪35.0‬‬ ‫األديان‬ ‫‪4.4‬‬ ‫التكنولوجيا‬ ‫املسؤولني عن دور النشر إىل أن الكتب الدينية‬ ‫‪2.9‬‬ ‫اجلغرافيا والتاريخ‬ ‫تثري مشكالت مع السلطات‪ ،‬وقد استحوذت‬ ‫‪8.8‬‬ ‫العلوم االجتماعية بصفة عامة‬ ‫هذه النسبة على ‪ % 62.5‬من دور النشر اليت‬ ‫‪1.5‬‬ ‫العلوم الطبيعية والرياضيات‬ ‫‪5.8‬‬ ‫الفلسفة وعلم النفس‬ ‫يوجد مق ّرها الرئيسي يف مصر(كما هو مبينّ يف‬ ‫‪5.1‬‬ ‫اللغات‬ ‫اجلدول رقم ‪ ،)3‬نسب ًة إىل دور النشر املوجودة‬ ‫‪3.6‬‬ ‫السياسة‬ ‫يف ك ّل من اإلمارات‪ُ ،‬وعمان‪ ،‬وفلسطين‪ .‬وبلغت‬ ‫‪5.8‬‬ ‫املعارف العامة‬ ‫نوع الكتب اليت يقبل عليها الق ّراء أكثر حبسب املق ّر الرئيسي للدار( ‪)%‬‬ ‫املقر الرئيس للدار‬ ‫اإلمارات‬

‫عُمان‬

‫العراق‬

‫مصر‬

‫فلسطني‬

‫ليبيا‬

‫تونس‬

‫سوريا‬

‫لبنان‬

‫األردن‬

‫‪5.7‬‬

‫‪5 .7‬‬

‫‪2.9‬‬

‫‪25.7‬‬

‫‪2 .9‬‬

‫‪2.9‬‬

‫‪2.9‬‬

‫‪11.4‬‬

‫‪5.7‬‬

‫‪17.1‬‬

‫‪9.1‬‬

‫‪16.7‬‬

‫‪40.9‬‬ ‫‪50.0‬‬

‫‪14.3‬‬ ‫‪37.5‬‬

‫‪25.0‬‬ ‫‪50.0‬‬

‫‪15.9‬‬ ‫‪33.3‬‬ ‫‪28.6‬‬

‫‪25.0‬‬ ‫‪25.0‬‬

‫‪4.5‬‬

‫‪2.3‬‬

‫‪14.3‬‬

‫‪28.6‬‬

‫‪12.5‬‬

‫‪12.5‬‬

‫‪25.0‬‬

‫‪325‬‬

‫اليمن‬ ‫‪2.3‬‬ ‫‪25.0‬‬

‫الكويت السعودية‬ ‫‪2 .9‬‬

‫‪2 .3‬‬

‫‪14.3‬‬ ‫‪20.5‬‬ ‫‪50.0‬‬

‫‪12.5‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 326‬للتنمية الثقافية‬

‫الكتب املخطوطة ( ‪ ،)%70.4‬أم على الكتب‬ ‫املطبوعة (‪ .)%72.3‬وجدي ٌر بالذكر أنّه على‬ ‫الرغم من تلك الرقابة فإن ‪ % 82.4‬من‬ ‫املسؤولني عن دور النشر أ ّكدوا أنه مل تت ّم‬ ‫مصادرة كتب للدار اليت يعملون فيها‪ .‬كما جتدر‬ ‫اإلشارة إىل بعض التناقض يف ما تقوم به دور‬ ‫مما سبق أن األسعار تبدو‬ ‫النشر؛ فبينما يُفهم ّ‬ ‫أمراً يتح ّكم يف إقبال الق ّراء على شراء الكتاب‪،‬‬ ‫فإنه عند السؤال عن‪ :‬املعايري اليت يت ّم أخذها‬ ‫ يف احلسبان عند نشر كتاب؟ أفادت الغالبية‬ ‫(‪ )%80.1‬بأهمية اإلخراج الفنيّ ‪ ،‬مقابل‪% 19.9‬‬ ‫ ‬ ‫للّذين رأوا أهمية يف معيار تكلفة الكتاب‪.‬‬ ‫وعند السؤال عن حال اإلقبال على الكتب‬ ‫هذا العام مقارن ًة بالعام املاضي؟ أفادت‬ ‫الغالبية أن اإلقبال أسوأ من العام املاضي‪،‬‬

‫وذلك بنسبة ‪ % 59.1‬وهو أمر يبدو منطقياً يف‬ ‫حال كان السبب املتح ّكم باإلقبال على الكتب‬ ‫هو جمال االهتمام املرت ّكز أساساً يف النواحي‬ ‫الدينية‪ ،‬وسعر الكتاب الذي يرتفع باستمرار‪.‬‬ ‫النشر وحركة الترجمة‬

‫يف ما يتعلّق حبركة الرتمجة من الّلغات‬ ‫األجنبية‪ ،‬بدا واضحاً أن اإلقبال عليها من قبل‬ ‫الق ّراء ال يتناسب مع ما تقوم به دور النشر‬ ‫من جهد يف نشر الكتب املرتمجة؛ فبينما يقوم‬ ‫ أكثر من نصف دور النشر بنشر كتب مرتمجة‬ ‫(‪ ،)%55.6‬فإن مستوى إقبال الق ّراء على هذه‬ ‫ٌ‬ ‫الكتب‬ ‫منخفض نسبياً (‪ .)%22.3‬وعلى الرغم‬ ‫من اهتمام دور النشر بالكتب املرتمجة‪ ،‬إال أن‬ ‫غالبية تلك الدور ال يوجد فيها قسم خاص‬

‫املعايري اليت تراعيها الدار عند نشر‬

‫شكل رقم ‪3‬‬ ‫‪80‬‬ ‫‪70‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪0‬‬

‫جدول رقم ‪3‬‬

‫تارخيية‬ ‫دينية‬ ‫سياسية‬ ‫جنسية‬ ‫روايات‬ ‫اإلمجالي‬

‫اإلمارات‬ ‫‪28.6‬‬

‫االخراج الفني‬

‫نوعية الكتب األكثر إثارة للمشكالت مع السلطات تبعاً للمق ّر الرئيس لدار النشر( ‪)%‬‬ ‫املقر الرئيس للدار‬ ‫عُمان‬ ‫‪14.3‬‬

‫‪19.2‬‬

‫‪15.6‬‬

‫تكلفة الكتاب‬

‫مصر‬ ‫‪62.5‬‬ ‫‪23.1‬‬

‫‪33.3‬‬

‫‪2.2‬‬

‫‪100.0‬‬ ‫‪28.9‬‬

‫فلسطني‬ ‫‪3.8‬‬

‫‪2.2‬‬

‫تونس‬

‫‪33.3‬‬ ‫‪2.2‬‬

‫سوريا‬ ‫‪28.6‬‬ ‫‪25.0‬‬ ‫‪23.1‬‬

‫‪% 22.2‬‬

‫لبنان‬ ‫‪12.5‬‬ ‫‪7.7‬‬

‫‪33.3‬‬ ‫‪8.9‬‬

‫األردن‬ ‫‪14.3‬‬

‫السعودية‬ ‫‪14.3‬‬

‫‪15.4‬‬

‫‪7.7‬‬

‫‪11.1‬‬

‫‪6.7‬‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫الكتاب الرقمي والكتاب الورقي‬

‫توجهات املسؤولني عن دور‬ ‫من الواضح أن ّ‬ ‫النشر‪ ،‬بشأن األسباب اليت تدفع الق ّراء لشراء‬ ‫الكتب‪ ،‬متثّل عام ًال أساسياً يف ما تنشره تلك‬ ‫الدور من كتب‪ ،‬أو يف ما يتعلّق باملؤلفني الذين‬ ‫يت ّم التعامل معهم‪ .‬وحيث إن املسؤولني عن‬ ‫دور النشر يرون أن بعض الق ّراء ال يعريون‬ ‫اهتماماً كبرياً للكاتب عند اختيارهم للكتاب‪،‬‬ ‫فقد رأى املسؤولون عن هذه الدور أن نشر‬ ‫كتاب لكاتب معروف ال ميثّل سوى ‪ % 2‬فقط‬ ‫من األسباب اليت تدفع الق ّراء القتناء الكتاب‪.‬‬ ‫وبالتالي عكست تلك النتيجة نفسها يف حقيقة‬ ‫قيام الغالبية العظمى من دور النشر ‪%79.7‬‬ ‫بنشر كتب ملؤلّفني جدد مل يسبق هلم النشر‬ ‫من قبل‪ .‬هذا من ناحية‪ ،‬ومن ناحية أخرى‬ ‫أ ّدت قناعة املسؤولني عن دور النشر بأن‬

‫الق ّراء ما زالوا غري معنيّني بالكتب الرقمية‪،‬‬ ‫إىل عدم إيالء االهتمام الكايف لنشر الكتب‬ ‫الرقمية‪ ،‬وذلك على الرغم من أن نسبة كبرية‬ ‫من املسؤولني عن دور النشر(‪ )% 48.3‬رأت‬ ‫أن اإلقبال على الكتب الرقمية يتزايد مقارن ًة‬ ‫ بالعام املاضي‪ .‬غري أن اقتناع غالبية املسؤولني‬ ‫(‪ )%82.7‬بأن اإلقبال على الكتب الرقمية ما زال‬ ‫ربر بدوره تراجع نسبة دور‬ ‫متوسطاً أو ضعيفاً‪ ،‬ي ّ‬ ‫ النشر اليت تنشر كتباً رقمية إىل حنو ‪،% 24.4‬‬ ‫مقابل ‪ % 75.6‬للدور اليت ال تتعامل مع الكتب‬ ‫الرقمية‪.‬‬ ‫العالقة بين الناشر والمؤلّف‬

‫عن العالقة بني دار النشر واملؤلّف‪ ،‬بدا‬ ‫أنها عالقة مقنّنة إىل ح ّد بعيد‪ ،‬وأنها ال تثري‬ ‫مشكالت يُعت ّد بها على األق ّل من جانب دور‬ ‫رب‬ ‫النشر‪ ،‬وذلك عكس ما قد يُشاع‪ .‬فقد ع ّ‬ ‫معظم املسؤولني عن دور النشر‪ ،‬وبنسبة بلغت‬ ‫‪ % 95.8‬أنهم حريصون دائماً على التعاقد‬ ‫مع املؤلّف قبل النشر‪ ،‬كما أ ّكدوا بنسبة عالية‬ ‫( ‪ )%83.9‬أن لديهم نظاماً ثاباً لدفع حقوق‬ ‫املؤلّف‪ ،‬وأن دور النشر حترص دائماً على‬ ‫جدول رقم ‪4‬‬

‫التأليف والنشر‬

‫للرتمجة (‪ ،)%60.1‬كما أن النسبة األكرب‬ ‫من تلك الدور( ‪ )%51.4‬ال تعتمد على مرتجم‬ ‫متخصص يف األعمال اليت تنشرها مرتمج ًة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫جتدر اإلشارة إىل أن دور النشر هي اليت‬ ‫تتح ّمل تكلفة عملية الرتمجة‪ ،‬فعندما ُسئل‬ ‫املسؤولون عن دور النشر ع ّما إذا كانوا قد‬ ‫مؤسسة لرتمجة كتاب‬ ‫حصلوا على دعم من أ ّي ّ‬ ‫معينّ ؟ أجاب ‪ % 89.6‬منهم بالنفي‪ ،‬فيما أجاب‬ ‫‪ % 10.4‬فقط بأنهم حصلوا على دعم من بعض‬ ‫املؤسسات لرتمجة كتاب معينّ ‪ ،‬كما أن ‪% 86.2‬‬ ‫ّ‬ ‫من دور النشر حريصة على االلتزام حبقوق‬ ‫نشر الكتب املرتمجة‪.‬‬ ‫كما جيدر التوقف عند ما أ ّكده غالبية‬ ‫املسؤولني يف دور النشر حول عدم وجود‬ ‫مشكالت تواجه نشر الكتب املرتمجة؛ حبيث‬ ‫أ ّكد حنو ‪ % 70.1‬منهم‪ ،‬وكما هو مبينّ يف‬ ‫اجلدول رقم‪ ،4‬أنه ال توجد أ ّي مشكالت‬ ‫تواجههم يف عملية الرتمجة‪.‬‬

‫‪327‬‬

‫املشكالت اليت تواجه الدار يف نشر الكتب املرتمجة‬

‫مشكالت تواجه الرتمجة‬ ‫ال توجد مشكلة‬ ‫عدم جودة الطباعة‬ ‫ارتفاع التكلفة‪ ،‬عجز امليزانية – مغاالة الكاتب‬ ‫البريوقراطية‬ ‫عدم املعرفة باحلقوق‪ ،‬حقوق امللكية الفكرية‬ ‫الرتمجة يف ح ّد ذاتها‪ ،‬قلّة املرتمجني اجليدين ‪ -‬الرتمجة احلرفية‬ ‫التسويق‬ ‫ركود السوق بشكل عام – التوزيع‬ ‫احلصار املفروض على غزة – أسباب سياسية‬ ‫احلصول على عناوين جديدة‬ ‫تكرار ترمجة الكتاب الواحد يف أكثر من دار نشر‪ ،‬عدم التنسيق‬ ‫صعوبة احلصول على ترخيص من املؤلّف‬

‫النسبة‬ ‫‪70.1‬‬ ‫‪0.7‬‬ ‫‪6.9‬‬ ‫‪0.7‬‬ ‫‪6.3‬‬ ‫‪9.0‬‬ ‫‪0.7‬‬ ‫‪2.1‬‬ ‫‪0.7‬‬ ‫‪0.7‬‬ ‫‪0.7‬‬ ‫‪1.4‬‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 328‬للتنمية الثقافية‬

‫حتديد فرتة حصوهلا على حقوق النشر(بنسبة‬ ‫‪ ،)% 83.2‬وأن الطريقة األكثر شيوعاً لدفع‬ ‫حقوق املؤلّف هي املكافأة الشاملة‪،‬أي أن متتلك‬ ‫الدار املادة العلمية واحلقوق واالمتيازات كافة‬ ‫اليت ترتتّب عنها مبجرد توقيع العقد مع املؤلّف‬ ‫وإعطائه مكافأته‪ ،‬وذلك بنسبة(‪.)% 68.2‬‬ ‫وعن املشكالت اليت قد تواجه دور النشر مع‬ ‫املؤلّف‪ ،‬كان الالفت‪-‬كما هو مبينّ يف اجلدول‬ ‫رقم ‪ 5‬أن غالبية الدور (‪ )%69.2‬عبرّ ت عن‬ ‫عدم وجود مشكالت يف التعامل مع املؤلّف‪،‬‬ ‫مقابل نسبة ‪ % 30.8‬لتلك اليت عبرّ ت عن وجود‬ ‫مشكالت من قبيل‪:‬اخلسائر املادية‪ ،‬عدم التزام‬ ‫ينص عليه العقد مع دور‬ ‫بعض املؤلّفني مبا ّ‬ ‫النشر‪ ،‬جلوء املؤلّف ألكثر من دار لنشر الكتاب‬ ‫الواحد‪...‬إخل‪.‬‬ ‫معارض الكتب‬

‫أ ّكد معظم دور النشر احلرص على االشرتاك‬ ‫يف معارض الكتب‪ ،‬وذلك بنسبة‪% 93.3‬من‬ ‫جمموع الدور اليت مشلها االستطالع‪ .‬فمعارض‬ ‫جدول رقم ‪5‬‬

‫الكتب يف العامل العربي تتمتّع برأي املسؤولني‬ ‫عن هذه الدور مبزايا ع ّدة‪ ،‬أهمها التنظيم‬ ‫اجليّد‪ ،‬كما أنها تسمح بالتع ّرف إىل ناشرين‬ ‫من دول خمتلفة وإىل ثقافات الدول األخرى‪.‬‬ ‫ومن حيث فائدتها بالنسبة إىل دور النشر‬ ‫فإن املعارض(كما يظهر يف اجلدول رقم ‪)6‬‬ ‫تساعد يف عملية زيادة املبيعات‪ ،‬نظراً لإلقبال‬ ‫اجليّد عليها‪ ،‬مبا يسمح بالتواصل املباشر مع‬ ‫الق ّراء‪.‬‬ ‫وعن بعض عيوب معارض الكتب يف الدول‬ ‫العربية(كما يظهر يف اجلدول رقم ‪ ، )7‬يأتي‬ ‫يف مق ّدمة هذه العيوب حبسب آراء املستطلعني‪،‬‬ ‫تداخل تواريخ بعض املعارض مع بعضها‪ ،‬أي عدم‬ ‫ وجود تنسيق بني املعارض العربية (‪،)% 27.2‬‬ ‫يلي ذلك تدنّي مستوى اخلدمة املق ّدمة‬ ‫وسوء التنظيم (‪ ،)% 19.8‬وارتفاع رسوم‬ ‫االشرتاك(‪.)% 14.8‬‬ ‫وعن أهم معارض الكتب اليت تشارك فيها‬ ‫دور النشر‪ ،‬جاء معرض القاهرة الدولي يف‬ ‫املرتبة األوىل(بنسبة ‪ ،)% 63.6‬يليه معرض‬

‫املشكالت اليت تواجهها دور النشر مع املؤلّف‬

‫ال توجد مشكلة‬ ‫عدم إدراك الدار حلقوقها‪ ،‬عدم فهم العقد بينها وبني املؤلّف‬ ‫ضياع احلقوق املالية‬ ‫قلّة التوزيع‬ ‫ارتفاع األسعار‪ ،‬مغاالة الكاتب يف السعر‬ ‫عدم سعي املؤلّف للرتويج للكتاب‬ ‫اقتباس املؤلّف من الكتاب ونشره حتت عنوان خمتلف‬ ‫طلب املؤلّف زيادة النسخ‪ ،‬شكل إخراج معي‬ ‫عدم ثقة الطرفني يف بعضهما البعض‬ ‫جلوء املؤلّف ألكثر من دار نشر لنشر الكتاب الواحد‬ ‫رغبة املؤلّف يف سرعة النشر والتوزيع‪ ،‬بغض النظر عن السوق‬ ‫عدم خربة املؤلّف‪ ،‬عدم وجود مؤلّفني جادين‬ ‫عدم التزام املؤلّف مبيعاد تسليم الكتاب‬ ‫تقييم العمل املقدّم للنشر‬ ‫عدم وجود حرية كافية الختيار املوضوعات‬ ‫عدم شهرة املؤلّف‪ ،‬عدم معرفته لدى اجلمهور‬

‫النسبة ( ‪)%‬‬ ‫‪69.2‬‬ ‫‪3.5‬‬ ‫‪5.6‬‬ ‫‪0.7‬‬ ‫‪4.9‬‬ ‫‪1.4‬‬ ‫‪0.7‬‬ ‫‪0.7‬‬ ‫‪3.5‬‬ ‫‪2.8‬‬ ‫‪2.1‬‬ ‫‪1.4‬‬ ‫‪1.4‬‬ ‫‪0.7‬‬ ‫‪0.7‬‬ ‫‪0.7‬‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫‪329‬‬

‫الرياض (بنسبة ‪ ،)% 12.1‬ثم معرض الشارقة‬

‫يف دولة اإلمارات(بنسبة‪.)% 5‬‬

‫مشكالت تواجه عملية النشر‬

‫مزايا معارض الكتب‬

‫النسبة( ‪)%‬‬

‫عرض اإلصدارات احلديثة‬ ‫فتح أسواق جديدة‪ ،‬البحث عن قارئ جديد‬ ‫التنظيم اجليّد – االلتزام‬ ‫عرض خمتلف العلوم والثقافات العربية واألجنبية‬ ‫إتاحة الفرصة لسعة االطالع على ثقافات البلدان املختلفة‬ ‫التعرف إىل الناشرين من أماكن ودول خمتلفة‬ ‫تعدّد الكتب املعروضة وكثرتها‬ ‫زيادة املبيعات‪ ،‬اإلقبال اجلماهريي‬ ‫تواصل القارئ مع الناشر‬ ‫زيادة اإلعالن عن الكتب‬ ‫شعبية املعارض‬ ‫أخرى‬

‫جدول رقم ‪7‬‬

‫‪3.3‬‬ ‫‪4.4‬‬ ‫‪20.9‬‬ ‫‪7.7‬‬ ‫‪8.8‬‬ ‫‪18.7‬‬ ‫‪5.5‬‬ ‫‪13.2‬‬ ‫‪7.7‬‬ ‫‪2.2‬‬ ‫‪2.2‬‬ ‫‪5.5‬‬

‫عيوب معارض الكتب يف العامل العربي‬

‫عيوب معارض الكتب‬

‫النسبة‬

‫تداخل تواريخ بعض املعارض مع بعضها‬

‫‪27.2‬‬

‫مصادرة الكتب‬

‫‪2.5‬‬

‫اإلجراءات التعقيدية‬

‫‪3.7‬‬

‫التكلفة العالية‪ ،‬ارتفاع رسوم االشرتاك‬

‫‪14.8‬‬

‫اخنفاض معدّالت شراء الكتب‪ ،‬عدم اإلقبال‬

‫‪6.2‬‬

‫تدني مستوى اخلدمة املقدّمة وسوء التنظيم‬

‫‪19.8‬‬

‫ضيق املساحة‬

‫‪6.2‬‬

‫عدم وجود إعالنات كافية‬

‫‪6.2‬‬

‫أخرى‬

‫‪13.2‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫التأليف والنشر‬

‫مثة عقبات كثرية تواجه عملية نشر الكتاب‬ ‫يف العامل العربي أشار إليها املستطلعون(كما‬ ‫يظهر يف اجلدول رقم‪ ،)8‬وكان أبرزها زيادة‬ ‫تكلفة الطباعة‪ ،‬وذلك بنسبة ‪ ،% 27.5‬يليها‬ ‫الرقابة على الكتب اليت تصل إىل ح ّد املصادرة‬ ‫أحياناً‪ ،‬وذلك بنسبة ‪ ،% 23.2‬فض ًال عن‬ ‫املشكالت املتعلقة بصعوبة شحن الكتب ونقلها‬ ‫بنسبة ‪ .% 8.7‬وقد جاء سعر الكتاب كآخر تلك‬ ‫العقبات من حيث األهمية‪ ،‬وذلك بنسبة ‪.% 1.4‬‬ ‫وعن التزام دور النشر األخرى حبقوق النشر‬ ‫ اخلاصة بهم‪( ،‬وكما يظهر يف اجلدول رقم‪،)9‬‬ ‫أجاب حنو ‪ % 55.4‬بأن الناشرين يلتزمون‬ ‫حبقوق النشر اخلاصة ببعض منهم‪ ،‬مقابل‬ ‫نسبة ‪ % 14.9‬فقط للّذين اعتربوا أن الناشرين‬ ‫ال يلتزمون حبقوق النشر اخلاصة بالدور‬ ‫األخرى‪ .‬وينطبق األمر نفسه على املواد األولية‬ ‫الالزمة للطباعة واملشكالت مع املطابع‪،‬؛ إذ أ ّكد‬ ‫حنو ‪ % 62.8‬من الناشرين أنهم ال يواجهون‬ ‫أ ّي مشكالت للحصول على املواد األولية الالزمة‬ ‫للطباعة‪ ،‬كما أ ّكد ‪ % 50.9‬أنهم ال يواجهون أ ّي‬ ‫مشكالت مع املطابع عند طبع الكتب‪.‬‬ ‫ويف مقابل ذلك أ ّكد حنو ‪ % 47.5‬تعرضهم‬ ‫للتزوير والنشر من قبل ناشرين آخرين‪ ،‬مقابل‬ ‫نسبة ‪ % 15‬للّذين أفادوا بأنهم يتعرضون هلا‬ ‫أحياناً‪ .‬كما أ ّكد حنو ‪ % 33.9‬أنهم يواجهون‬ ‫بعض املشكالت يف توزيع مطبوعاتهم‪ ،‬كما أ ّكد‬ ‫حنو ‪ % 29‬أنهم يتعرضون أحياناً ملشكالت يف‬ ‫عملية توزيع مطبوعاتهم‪.‬‬ ‫وعلى صعيد التزام دور النشر بالقواعد اليت‬ ‫ّ‬ ‫امللزم بضرورة‬ ‫تنظم عملية النشر(حيث القانون ِ‬ ‫احلصول على رقم إيداع للكتب املنشورة يسري‬

‫جدول رقم ‪6‬‬

‫مزايا معارض الكتب يف العامل العربي‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 330‬للتنمية الثقافية‬

‫شكل رقم ‪5‬‬

‫أهم معارض الكتب‬

‫‪70‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪0‬‬ ‫ياض‬

‫قاهرة‬ ‫ال‬ ‫دولي‬ ‫ال‬

‫الر‬

‫ال‬

‫ورت‬

‫شارقة‬

‫رانكف‬ ‫ف‬

‫ا‬ ‫الردن‬

‫أبو‬ ‫ظبي‬

‫مسقط‬

‫رابلس‬ ‫ط‬

‫خرى‬ ‫أ‬

‫‪14‬‬

‫مشكالت تواجه دور النشر‬ ‫املشكلة‬

‫نعم‬

‫كل‬

‫النسبة( ‪)%‬‬ ‫‪27.5‬‬ ‫‪5.8‬‬ ‫‪5.8‬‬ ‫‪1.4‬‬ ‫‪23.2‬‬ ‫‪2.9‬‬ ‫‪8.7‬‬ ‫‪4.3‬‬ ‫‪2.9‬‬ ‫‪2.9‬‬

‫ال‬

‫المعا‬

‫العوائق‬ ‫زيادة تكلفة الطباعة‪ ،‬زيادة التكاليف بشكل عام‬ ‫العجز املالي للمشرتي‬ ‫عدم التنسيق والتنظيم بني دور النشر‬ ‫ارتفاع سعر الكتاب‬ ‫عدم وجود حرية – الرقابة املبالغ فيها‪ ،‬مصادرة الكتب‬ ‫اخلالف مع املؤلّف‬ ‫صعوبة الشحن ونقل الكتب‬ ‫ضعف القراءة‬ ‫التزوير‬ ‫قلّة التوزيع‬ ‫أخرى‬

‫جدول رقم ‪9‬‬

‫رض‬

‫جدول رقم ‪8‬‬

‫عوائق نشر الكتب يف العامل العربي‬

‫أحياناً‬

‫( ‪)%‬‬ ‫يلتزم الناشرون اآلخرون حبقوق النشر اخلاصة بالدار‬

‫‪55.4‬‬

‫‪14.9‬‬

‫‪29.8‬‬

‫تواجه الدار مشكالت يف احلصول على املواد األولية الالزمة‬ ‫للطباعة‬

‫‪16.8‬‬

‫‪62.8‬‬

‫‪20.4‬‬

‫تواجه الدار مشكالت مع املطابع عند طبع الكتب‬

‫‪19.8‬‬

‫‪50.9‬‬

‫‪29.3‬‬

‫تعرض كتب الدار للتزوير والنشر من قبل ناشرين آخرين‬

‫‪47.5‬‬

‫‪37.5‬‬

‫‪15‬‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫مالحظات نهائية‬

‫تشري حالة النشر يف الوطن العربي خالل‬ ‫العام ‪ 2009‬حبسب نتائج استطالع الرأي إىل‬ ‫األمور التالية‪:‬‬ ‫• قلة اإلنتاج العلمي يف الوطن العربي‪،‬‬ ‫حبيث تبلغ نسبة املنتج من املؤلفات العلمية‬ ‫‪ % 2.7‬مقارن ًة باجملاالت اإلسالمية واألدبية‬ ‫والروايات‪ ،‬وهو األمر الذي يطابق اهتمامات‬ ‫الق ّراء‪ ،‬إذ تص ّدر األدب اهتماماتهم‪ ،‬وتاله‬ ‫الدين‪ ،‬بينما تضاءلت اهتمامات هؤالء الق ّراء‬ ‫بالنواحي العلمية‪ ،‬ومل تتعد نسبة ‪.% 29‬‬ ‫• قلة النشر عموماً (والسيما لدى دور‬ ‫النشر غري احلكومية)‪ ،‬حبيث تنشر غالبية‬

‫التأليف والنشر‬

‫يف ‪ % 85.1‬من الدول اليت تنتمي إليها دور‬ ‫النشر اليت مشلتها عيّنة البحث)‪ ،‬لوحظ وجود‬ ‫درجة عالية من االلتزام من قبل ور النشر‪.‬‬ ‫فعبرّ حنو ‪ % 91.8‬من املسؤولني عن دور النشر‬ ‫يف العيّنة أنهم حريصون على احلصول على‬ ‫أرقام إيداع للكتب اليت ينشرونها‪ ،‬مقابل نسبة‬ ‫‪ % 8.2‬لغري احلريصني على ذلك؛ األمر الذي‬ ‫رمبا جيد تفسريه يف اإلشارة إىل وجود ‪% 16.5‬‬ ‫من الدور اليت مشلتها العيّنة ال تواجه مشكالت‬ ‫يف احلصول على أرقام لإليداع‪.‬‬ ‫ويف مقابل ذلك تق ّل درجة االلتزام للحصول‬ ‫على رقم اإليداع الدولي لتصل إىل ‪.% 78.3‬‬ ‫املؤسسات الثقافية يف دعم‬ ‫أما عن تراجع دور ّ‬ ‫أو متويل عملية نشر الكتب‪ ،‬فقد أفاد ‪% 82.5‬‬ ‫من املسؤولني عن دور النشر أنهم مل يتلقّوا أ ّي‬ ‫مؤسسات ثقافية حملية‪ ،‬وأفاد ‪% 85.1‬‬ ‫ دعم من ّ‬ ‫مؤسسة‬ ‫أنهم مل حيصلوا على دعم من أ ّي ّ‬ ‫ثقافية عربية لنشر كتب معيّنة‪ ،‬وأفاد ‪% 89‬‬ ‫مؤسسة‬ ‫أنهم مل حيصلوا على أ ّي متويل من أ ّي ّ‬ ‫ثقافية أجنبية لنشر كتب معيّنة‪.‬‬

‫يت‬ ‫دور النشر العربية (‪ )%98.7‬اق ّل من مائ ّ‬ ‫كتاب يف العام‪.‬‬ ‫• توخّي دور النشر الربح بشكل أساسي‬ ‫وحتقيق نسبة مبيعات عالية‪ ،‬فهي تنشر وفقاً‬ ‫لرغبة القارئ (الزبون)‪ ،‬وليس خلدمة العمل‬ ‫الثقايف عموماً‪ .‬األمر الذي حيتّم على دور‬ ‫واملؤسسات‬ ‫النشر احلكومية ودور الكتب العربية ّ‬ ‫غري الرحبية أ ْن تهت ّم بنشر الكتب العلمية‬ ‫ودعمها‪.‬‬ ‫• تر ّكز معظم إنتاج دور النشر حول الكتب‬ ‫الدينية‪ ،‬وذلك عائد إىل أنها تعيد نشر كتب‬ ‫الرتاث الدينية‪ ،‬اليت ال تحُ دث مشكالت مع‬ ‫الرقابة بشكل كبري‪ ،‬وحتقّق عائدات مالية‬ ‫ضخمة‪.‬‬ ‫• مواجهة دور النشر مشكالت ع ّدة عند‬ ‫نشر الكتب املرتمجة‪ .‬بدءاً من عدم االستعانة‬ ‫متخصص‪ ،‬وعدم وجود قسم خاص‬ ‫مبرتجم ّ‬ ‫بالرتمجة يف دار النشر املعنيّة‪ ،‬وصوالً إىل‬ ‫الكساد أو األسباب السياسية‪ .‬األمر الذي‬ ‫يستدعي القول إن دور النشر غري قادرة على‬ ‫النهوض مبشروعات الرتمجة منفردة‪ ،‬ألن هذه‬ ‫املشروعات تُع ّد من املشروعات القومية اليت‬ ‫واملؤسسات الثقافية‬ ‫جيب أن تتبناها الدول ّ‬ ‫احلكومية‪ ،‬وذلك على الرغم من احملاوالت‬ ‫القائمة يف هذا الصدد يف مجيع الدول العربية‪،‬‬ ‫لكونها حماوالت ال ترقى إىل درجة قيام نهضة‬ ‫ثقافية كبرية‪.‬‬ ‫• وجود مشكالت ع ّدة تواجه دور النشر يف‬ ‫العامل العربي‪ ،‬منها التداخل يف مواعيد انعقاد‬ ‫هذه املعارض أو تقاربها بشكل كبري‪ ،‬وتدنّي‬ ‫مستوى اخلدمة املق ّدمة فيها‪ ،‬فض ًال عن سوء‬ ‫التنظيم وارتفاع رسوم االشرتاك‪.‬‬ ‫• عدم حرص الناشرين على اإليداع‬ ‫القانوني الذي يش ّكل مؤشراً خطرياً‪ ،‬ألن ذلك‬ ‫من شأنه أن يؤدي من مجلة ما يؤدي إليه‬

‫‪331‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 332‬للتنمية الثقافية‬

‫إىل أن تكون اإلحصاءات والدراسات اخلاصة‬ ‫يتم نشره يف الوطن العربي منافية‬ ‫حبجم ما ُّ‬ ‫للواقع‪ ،‬نظراً العتماد أصحاب هذه الدراسات‬ ‫على ما ّمت نشره وفقاً ألرقام اإليداع‪.‬‬ ‫خالصة‬

‫ثمة حاجة إلى ثقة متبادلة بين‬ ‫الكاتب والناشر‪ ،‬وثقة الناشر بالدولة‪،‬‬ ‫فض ً‬ ‫ال عن ثقة القارئ بهؤالء جميعهم‪..‬‬

‫ال يت ّم إنتاج املعرفة والثقافة والعلم جبهد‬ ‫جهة واحدة‪ ،‬وإمنا مبجموعة من اجلهود‪.‬‬ ‫فاملعرفة ال تت ّم إال إال بكاتب‪/‬مؤلّف‪ ،‬وال يستطيع‬ ‫هذا األخري نقل أفكاره إال عن طريق الناشر‬ ‫الذي ال يقوم فقط بالنشر‪ ،‬وإمنا‪ ،‬بالتسويق‬ ‫أيضاً‪ .‬وإىل جانب الناشر هناك احلكومات اليت‬ ‫تيسر – أو قد تعرقل – عملية النشر‪ ،‬إىل أن‬ ‫ّ‬ ‫يصل املُْنتَج (الكتاب) إىل املستفيد‪ ،‬أي القارئ‪.‬‬ ‫فحالة القراءة والنشر يف الوطن العربي‬ ‫كما برز بعض مالحمها يف هذا البحث تؤ ّكد‬ ‫ضرورة تضافر اجلهود بني املؤلِّف والناشر‬ ‫بهدف شيوع ثقافة املعرفة بني أبناء الوطن‬ ‫العربي‪ .‬األمر الذي يستدعي الثقة املتبادلة‬ ‫بني الكاتب والناشر‪ ،‬وضرورة وجود ضوابط‬

‫قانونية تضمن حصول املؤلّف على حقوقه‬ ‫كاملة‪ ،‬سواء أكانت مادية أم فكرية‪ ،‬ومن‬ ‫دون أدنى مماطلة‪ ،‬فض ًال عن ثقة الناشر‬ ‫بالكاتب اليت تقتضي التزام املؤلّف بقواعد‬ ‫التعاقد مع الناشر‪ ،‬وثقة الناشر بالدولة من‬ ‫خالل دعمه وتيسري سبل النشر له‪ ،‬ومحاية‬ ‫حقوقه‪ ،‬وثقة احلكومة يف الناشر‪ ،‬فض ًال عن‬ ‫ثقة القارئ بهؤالء مجيعهم‪ :‬ثقته يف الكاتب‬ ‫اجلاد الذي يق ّدم له املعرفة والثقافة واملعلومة‬ ‫غري الفاسدة‪ ،‬أي ذات احملتوى الرصني‪ ،‬وثقة‬ ‫القارئ يف الناشر اجلاد‪ ،‬أيضاً‪ ،‬الذي يتخيرّ‬ ‫له الكتاب اجليد‪ ،‬والكاتب اجلاد‪ ،‬والطباعة‬ ‫اجليدة‪ ،‬والسعر املعقول‪ ،‬وعدم املغاالة يف‬ ‫األسعار‪ ،‬واالكتفاء بهامش ربح مناسب‪ ،‬حرصاً‬ ‫على تقديم خدمة ثقافية وليس سلعة جتارية‪،‬‬ ‫وثقة القارئ يف أن تسمح الدولة بتداول األفكار‬ ‫واآلراء‪ ،‬وإتاحة حرية الرأي والتعبري من دون‬ ‫املساس باملعتقدات والثوابت‪ .‬فإذا صلحت هذه‬ ‫املنظومة‪ ،‬وحدثت الثقة املتبادلة بني أركانها‪،‬‬ ‫ستكون النتيجة يف صاحل اجملتمع العربي بر ّمته‪.‬‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫‪333‬‬

‫ماذا قرأ العرب في العام ‪2009‬؟‬

‫التأليف والنشر‬

‫تساؤالت‬ ‫الدراسة جتري يف إطاره‪ .‬وذلك باستطالع رأي‬ ‫ماذا يقرأ العرب‪..‬؟ أو باألحرى ماذا الناشرين أنفسهم‪ ،‬فض ًال عن الكتّاب واملثقفني‪،‬‬ ‫قرأوا يف عامهم الذي خيتتمون به العقد األول يف حماولة ملعرفة ماهي أهم الكتب اليت صدرت‬ ‫من القرن احلادي والعشرين؟ وإىل أين تتّجه العام ‪ .2009‬ومن ثم ّمت عرض مضمون تلك‬ ‫حركة النشر مع بدايات هذا القرن اجلديد؛ ك ّماً الكتب‪ ،‬يف حماولة للتع ّرف إىل املوضوعات‬ ‫وكيفاً؟ وهل هي إىل رواج‪ ،‬أو أن الكتاب العربي اليت كان حضورها غالباً يف مداد الكتّاب‬ ‫كما يعتقد البعض‪ ،‬يف طريقه إىل أن يفقد العرب‪ .‬كما عمد الباحثون إىل االستفادة من‬ ‫مكانته املتميّزة يف الثقافة العربية منذ عرف إمكانات القياس الرقمية اليت تو ّفرها الشبكة‬ ‫العرب «الو ّراقني»؟ وماهي الكتب «األه ّم» بني العنكبوتية‪ ،‬وذلك بالرجوع إىل قوائم بيع الكتب‬ ‫املخصصة لذلك‪ ،‬وإىل قدر‬ ‫ما أخرجته لنا مطابعنا؟ وأيها أكثرها رواجاً؟ العربية يف املواقع ّ‬ ‫مع اإلقرار بأن الرواج ال ميثّل بالضرورة معياراً تفاعل ز ّوار تلك املواقع (ومعظمهم من جيل‬ ‫ألهمية الكتاب املنشور؟‬ ‫الشباب) مع هذاالكتاب أو ذاك‪ ،‬تعليقاً أو‬ ‫مناقشة أو ترشيحاً لألصدقاء‪.‬‬ ‫عن المنهج‬ ‫ومع اإلقرار مبا يف هاتني الوسيلتني من‬ ‫مثة غياب ملحوظ للبيانات واألرقام قصور «ك ّمي» مقارن ًة باألرقام واإلحصاءات‬ ‫واإلحصاءات «الرمسية» الالزمة والضرورية (مع افرتاض وجودها أو د ّقتها)‪ ،‬إال أنها تبقى‬ ‫للتع ّرف إىل حركة التأليف والنشر‪ ،‬تبعاً ذات داللة‪ .‬إذ ال يوجد كتاب «مه ّم» إال إذا‬ ‫لألصول العلمية املستقرة‪ .‬سواء تلك اخلاصة كانت النخبة الثقافية قد رأت فيه ما يستح ّق‬ ‫بعدد العناوين اليت جرى إصدارها يف خمتلف االهتمام‪ .‬كما أخذ الباحثون يف اعتبارهم نتائج‬ ‫البلدان العربية يف هذا العام ‪ ،‬أم من جهة الدراسات والتقارير السابقة ذات الصلة‪ ،‬سواء‬ ‫اإلحصاءات اخلاصة بالتوزيع‪ ،‬خصوصاً أن تلك الصادرة عن هيئات دولية أم إقليمية‪ .‬وكان‬ ‫األعراف يف صناعة النشر استق ّرت يف بالدنا مفيداً االطالع على نتائج تقرير (قيد النشر)‬ ‫لسنني طويلة على اعتبارها من قبيل األسرار‪ .‬ملكتبة اإلسكندرية استهدف استطالع «إدراك‬ ‫وعليه‪ ،‬مل يكن أمام القائمني على هذه الدراسة النخبة ّ‬ ‫ملؤشرات اإلصالح الثقايف يف العامل‬ ‫غري الّلجوء إىل مقياس «عملي» ميكن الّلجوء العربي»‪.‬‬ ‫إليه‪ ،‬مع احلرص على التنويه بأن هذه‬ ‫كانت وسيلة التع ّرف إىل املوضوعات اليت‬ ‫‪1‬‬

‫أي جهة رسمية‪ ،‬بما فيها «اتّحاد الناشرين العرب»‪ْ .‬‬ ‫ال يوجد مثل هذا اإلحصاء في ّ‬ ‫ولكن ثمة إحصاء سنوي يدرجه التقرير الفرنسي"أوضاع العالم"‬ ‫مؤسسة ‪ La Découverte‬الفرنسية‪ ،‬وفي طبعة ‪ 2010‬من هذا التقرير بلغ إمجالي عدد إصدارات الكتب‬ ‫‪ L’état du monde‬الصادر عن ّ‬ ‫مؤسسة الفكر العربي فقد بلغ إمجالي الكتب العربية‬ ‫العربية حواىل ‪ 17‬ألف كتاب‪ .‬أ ّما يف التقرير العربي األول للتنمية الثقافية الصادر عن ّ‬ ‫للعام ‪ 2007‬حواىل ‪ 27800‬كتاباً‪.‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 334‬للتنمية الثقافية‬

‫كانت حاضرة أكثر من غريها يف الكتب اليت‬ ‫قرأها العرب يف العام ‪ ،2009‬استطالع رأي‬ ‫الناشرين والكتّاب واملثقفني‪ ،‬واحلصيلة كانت‬ ‫جمموعة من العناوين يف جماالت معرفية‬ ‫خمتلفة‪ .‬منها ما هو «فكري» من قبيل الكتب‬ ‫املؤسسة‪ ،‬ومنها ما انشغل بقضايا اهلوية الدينية‬ ‫ّ‬ ‫اليت يبدو أنها باتت هاجساً عربياً يف هذه األيام‬ ‫اليت اختلطت فيها السياسات بالعقائد فرزاً‬ ‫وتوظيفاً‪ ،‬بعدما خفت االنتماء القومي أو كاد‪.‬‬ ‫كما كان طبيعياً أن يوجد بني االختيارات كتب‬ ‫يف االقتصاد تُعنى بهموم املنطقة االقتصادية‬ ‫بني الفقر والنفط‪ .‬ثم كان هناك النقد األدبي‬ ‫يف ثقافة مل يتنكر مثقّفوها ملا تتميّز به لغتهم‬ ‫من ثراء إبداعي‪ .‬ثم كان هناك من اختار كتباً‬ ‫مرتمجة‪.‬‬ ‫يف ما يلي شريط بأهم الكتب اليت قرأها‬ ‫العرب يف العام ‪2009‬‬ ‫أو ً‬ ‫ال‪ :‬في تأصيل الفكر‬

‫الكتاب‪ :‬أن تكون عربي ًا في أيامنا‬ ‫الكاتب‪ :‬عزمي بشارة‬ ‫الناشر‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‬ ‫– بيروت‬

‫يطرح د‪ .‬عزمي بشارة سؤاالً بديهياً مؤملاً يف‬ ‫كتابه “أن تكون عربي ًا في أيامنا”‪ ،‬فما معنى‬ ‫أن تكون عربياً يف أيامنا؟‪.‬‬ ‫جزّأ املف ّكر العربي كتابه إىل ثالثة أقسام‬ ‫رئيسية‪ ،‬األول عن “قضايا عربية” ويناقش‬ ‫فيه ه ّم املواطنة والدميقراطية‪ ،‬والثاني عن‬ ‫املتغريات األمريكية يف نهاية مرحلة الرئيس‬ ‫األمريكي جورج بوش‪ ،‬ويف الفصل الثالث يناقش‬ ‫القضية الفلسطينية بأبعادها داخلياً وخارجياً‪.‬‬ ‫حول سؤال “ما الذي مييّز الفكر القومي‬ ‫العربي؟ جييب بشارة بأن االعرتاف بوجود‬ ‫قومية عربية لديها احل ّق يف أن تصبح أمة ذات‬

‫سيادة أوالً‪ ،‬واالدعاء بأن منطلق صوغ الربامج‬ ‫السياسية املشتقّة عنه هو مصلحة لألمة ثانياً‪،‬‬ ‫هما ما مييّز الفكر القومي العربي‪.‬‬ ‫لكنه يعود ليؤ ّكد أن هذين األمرين غري‬ ‫كافيني إلدارة بلد‪ ،‬أو لتحديد موقف من‬ ‫الدميقراطية وحقوق املواطن والسياسة‬ ‫التعليمية‪ ..‬إخل‪ ،‬وأفضل تعبري عن إرادة األ ّمة‬ ‫هو الدميقراطية‪ ،‬وأن الوجه اآلخر لسيادة األ ّمة‬ ‫هو مبدأ املواطنة املتساوية‪ ،‬ملاذا؟ ألن الفكرة‬ ‫القومية ال تنتج الربامج السياسية‪ ،‬فهذه امله ّمة‬ ‫تقع على عاتق محلة الفكرة القومية‪ ،‬وتطوير‬ ‫الفكر القومي العربي يكون حبسم موقفه إىل‬ ‫جانب الدميقراطية‪ ،‬واحلقوق االجتماعية‬ ‫واملدنية للمواطن‪ ،‬وهي مه ّمة تتضح باملمارسة‪.‬‬ ‫ويرفض عزمي بشارة اتهام دعاة القومية‬ ‫العربية بالرومانسية نتيجة فشل الدول العربية‬ ‫يف بناء األمة على أساس املواطنة‪ ،‬فقد حت ّولت‬ ‫األمة اليت كان يفرتض أن تبنى على أساس‬ ‫االنتماء إىل الدولة إىل هوية قطرية فولكلورية‬ ‫ورومانسية مع حماوالت جتذيرها تارخيياً يف‬ ‫مهرجانات بابلية وفينيقية وفرعونية‪.‬‬ ‫والدولة العربية فشلت أيضاً يف تقديره يف‬ ‫تشكيل أمة مدنية على أساس تشكيل هوية‬ ‫منفصلة هلذا القطر أو ذاك‪ ،‬ونشأت بدالً من‬ ‫ذلك العشرية والطائفة كضامن للهوية‪ ،‬ويف مثل‬ ‫حالة تشظي الدولة هذه إىل عشائر وطوائف‬ ‫مل يعد ممكناً التعاطي مع القومية العربية‬ ‫كرومانسية إال كسوء نية سياسي‪ .‬ويوضح لنقّاد‬ ‫القومية الفرق بني القومية وجتلّياتها كثقافة‬ ‫وسياسة‪ ،‬وبني نظرية القومية اليت تبحث يف‬ ‫ماهية القومية‪ ،‬فالقومية العربية عنده “حاجة‬ ‫عملية لتوحيد غالبية الشعب‪ ،‬حتى يف الدولة‬ ‫القطرية كي ال تنهار إىل طوائف”‪ ،‬وتعترب القومية‬ ‫بعناصرها الرومانسية حاجة ماسة للوصول إىل‬ ‫جمتمع حديث قائم على االنتماء الفردي‪ ،‬وتزويد‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫معنى أن تكون عروبياً في نظر عزمي‬ ‫بشارة يعني أن تع ّرف نفسك بأنك عربي‬ ‫في فضاء االنتماءات السياسية‪ ،‬ألن‬ ‫القومية العربية ليست أيديولوجية شاملة‪،‬‬ ‫بل انتماء ثقافي أصلح من الطائفة ومن‬ ‫العشيرة لتنظيم المجتمع‪ ،‬وأن تكون‬ ‫عروبياً ال يعني أن تجعل االنتماء إلى‬ ‫القومية أساساً للمواطنة‪ ،‬بل يعني أن‬ ‫العروبة أساس حق تقرير المصير وبناء‬ ‫الدولة‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫التأليف والنشر‬

‫الباردة بني املعسكرين نشطت ّ‬ ‫منظمات اجملتمع‬ ‫هذا املواطن بهوية ثقافية جامعة‪.‬‬ ‫ويرى بشارة أن التط ّور التارخيي منذ العام املدني العاملية يف احلديث عن مبادئ عاملية‪،‬‬ ‫‪ 1967‬وما أضيف إليه من عوامل إقليمية‪ ،‬مثل االنصياع للقانون الدولي ومبادئ حقوق‬ ‫وتدهور املشروع القومي إىل أيديولوجية تربيرية اإلنسان‪ ،‬وانتشرت أدبيات تتح ّدث عن نهاية‬ ‫ألنظمة ال تطرح إال مسألة بقائها يف السلطة‪ ،‬سيادة الدولة‪ ،‬وهنا بدأ احلديث أيضاً عن إقامة‬ ‫دفع خصوم القومية العربية إىل إنكار وجود حمكمة اجلنايات الدولية‪ ،‬وتوسيع معاهدة منع‬ ‫قومية عربية‪ ،‬ثم ضاق اهلامش حتى بات ك ّل التجارب النووية‪ ،‬وضمن هذه اليوتوبيا بدا أن‬ ‫من يع ّرف نفسه كعربي يف نظرهم قومياً عربياً‪ .‬البعض يف املنطقة العربية يراهن على فقدان‬ ‫وأن تكون عروبياً ال يعين أن جتعل االنتماء إىل إسرائيل لوظيفتها بعد نهاية عامل القطبني‪،‬‬ ‫القومية أساساً للمواطنة‪ ،‬بل يعين أن العروبة لكن الرهان العربي سرعان ما فشل بعد حت ّول‬ ‫أساس حق تقرير املصري وبناء الدولة‪ ،‬واحنالل املفاوضات إىل رهينة موازين القوى‪ ،‬وأسرية‬ ‫املشروعات القطرية أ ّدى إىل تركيبات سكانية التحالف األمريكي ‪ -‬اإلسرائيلي‪ ،‬وتض ّمنت هذه‬ ‫طائفية وعشائرية‪ ،‬وبات التشديد على العربية النظرة اليوتوبية معسكراً منتصراً يرى نفسه‬ ‫يف وجه الطائفية والعشائرية موقفاً عروبياً‪ ،‬أن حم ّقاً وخيرّ اً بالطبيعة‪ ،‬وأن قيمه تستح ّق أن‬ ‫تكون عروبياً يف أيامنا يعين أن تتّخذ اهلوية تع ّمم على اإلنسانية مجعاء‪ ،‬ولكنها تض ّمنت‬ ‫العربية نقيضاً لتسيّس اهلويات‪ ،‬وهذا يعين وفق أيضاً أن يطرح القوي نفسه على أنه شرطي‬ ‫مناهضي القومية العربية أن ك ّل عربي عروبي‪ .‬دولي‪.‬‬ ‫ويؤ ّكد املؤلّف أن أحداث احلادي عشر من‬ ‫هذا التبسيط يرفضه بشارة‪ ،‬ويرى أن‬ ‫معنى أن تكون عروبياً يعين أن تع ّرف نفسك سبتمرب ز ّودت احملافظني اجلدد والّليرباليني‬ ‫ربرات الشرعية للخروج إىل احلرب‪،‬‬ ‫بأنك عربي يف فضاء االنتماءات السياسية‪ ،‬بامل ّ‬ ‫ألن القومية العربية ليست أيديولوجية شاملة‪ ،‬فكالهما لديه تص ّور لدور ورسالة أمريكية‬ ‫بل انتماء ثقايف ي ّدعي العروبي أنه أصلح من عاملية‪ ،‬ومع ذلك يظ ّل هناك فارق جوهري ميثّله‬ ‫الطائفة ومن العشرية لتنظيم اجملتمع‪ ،‬وأن احملافظون اجلدد‪ ،‬إنه انتزاع اليمني لفكرة‬ ‫تكون عروبياً ال يعين أن جتعل االنتماء إىل اليوتوبيا والنظريات اخلالصية شبه الدينية‬ ‫القومية أساساً للمواطنة‪ ،‬بل يعين أن العروبة من اليسار‪ ،‬والعمل الف ّعال الستخدام العنف‬ ‫أساس حق تقرير املصري وبناء الدولة‪ ،‬وألن لتنفيذها وتغيري اجملتمعات حبجة دميقراطية‬ ‫االستعمار أيضاً وإسرائيل قد اتخّ ذا موقفاً املظهر‪ ،‬وهي أن اجملتمعات متساوية ومتشابهة‪،‬‬ ‫ض ّد العروبة هوية لشعوب املنطقة‪ ،‬وموقفاً وال يوجد جمتمع ال يتالءم مع الدميقراطية‪،‬‬ ‫ض ّد االتحّ اد العربي‪ ،‬ومن السطو املسلح على وأ ّدت األدوات واألهداف اليت وضعت إىل‬ ‫فلسطين‪ ،‬فأن تكون عروبياً يف أيامنا يعين كوارث‪ ،‬وهذه الكوارث هي اليت فصلت بني‬ ‫املعسكرين يف الواليات المتّ حدة‪ ،‬وأدت إىل‬ ‫بالضرورة أن تدعم املقاومة‪.‬‬ ‫تراشق االتهامات والعودة إىل احلالة العادية‪.‬‬ ‫فانهيار الدولة يف العراق وتط ّور املقاومة‬ ‫المتغيرات األميركية في نهاية‬ ‫فيها‪ ،‬والنفور اإلقليمي والدولي من نتائج هذه‬ ‫مرحلة بوش‬ ‫يقول عزمي بشارة إنه بعد نهاية احلرب احلرب‪ ،‬وفشل ما مسي باحلرب على اإلرهاب‪،‬‬

‫‪335‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 336‬للتنمية الثقافية‬

‫تح ّدي الوحدة الفلسطينية اليوم‬ ‫في رأي عزمي بشارة هو تح ّدي تح ّول‬ ‫االنقسام الجغرافي إلى انقسام سياسي‪،‬‬ ‫وال ب ّد أن تتض ّمن الوحدة الوطنية االتفاق‬ ‫على إدارة المجتمع وبنائه وإعادة بناء‬ ‫منظمة التحرير وتنظيم المقاومة‬ ‫والعمل السياسي في الخارج‪ ،‬وقد وقعت‬ ‫حركة التح ّرر الوطنية الفلسطينية في‬ ‫أخطاء تاريخية مذ تبنّت فكرة الدولة‬ ‫الفلسطينية‪..‬‬

‫أديا إىل خالف قوي داخل أميركا‪ ،‬وإىل تعديل‬ ‫هذه السياسات ال إىل صحوة ضمري‪.‬‬ ‫أما القضية الفلسطينية فريى الدكتور عزمي‬ ‫بشارة أنها تتقاطع يف مسألتني خطريتني‪،‬‬ ‫املسألة العربية من ناحية‪ ،‬وهي املسألة القومية‬ ‫اإلقليمية الرئيسية اليت تفرز تعقيدات ال ح ّد‬ ‫هلا من الصراعات بني وداخل البلدان العربية‪،‬‬ ‫وتُستخدم فيها القضية الفلسطينية وسيلة وليس‬ ‫هدفاً‪ ،‬واملسألة اليهودية العاملية من ناحية‬ ‫أخرى‪ ،‬وهي املسألة اليت صدرت وما زالت‬ ‫تصدر إىل منطقتنا من أوروبا‪ ،‬واليت متنع‬ ‫رؤية قضية فلسطين كقضية كولونيالية‪ ،‬وجتعل‬ ‫إسرائيل جزءاً من أوروبا أو الغرب‪ ،‬حتى وهي‬ ‫خارجها يف الشرق‪.‬‬ ‫من هاتني املسألتني تنبع خصوصية تعقيد‬ ‫القضية الفلسطينية‪ ،‬ومن سخرية التاريخ أن‬ ‫العداء للسامية رفض اليهود كجزء من أوروبا‪،‬‬ ‫ولكي يقبلوا كجزء منها‪ ،‬كان عليهم أن خيرجوا‬ ‫منها‪.‬‬ ‫هذا االنتقال من الخارج إلى الداخل‬

‫ويف العقدين األخريين جرى تغيري جذري يف‬ ‫عالقة الدولة العربية مع فكرة وجود إسرائيل‬ ‫والتسوية‪ ،‬ومع فكرة مقاومة إسرائيل‪ ،‬فبعد‬ ‫إقفال آخر جبهة للمقاومة الفلسطينية يف‬ ‫اخلارج (اجلبهة الّلبنانية) انتقل مركز ثقل‬ ‫حركة التح ّرر الفلسطينية إىل الداخل‪ ،‬إىل‬ ‫االنتفاضات‪ ،‬وهذا االنتقال من اخلارج إىل‬ ‫الداخل مل يؤ ّد إىل اسرتاتيجية مو ّحدة يف‬ ‫الداخل‪ ،‬بل أدى إىل شرخ ألنه انتهى إىل‬ ‫سلطة حتت االحتالل‪ ،‬وإىل فقدان عناصر‬ ‫الوحدة الوطنية اليت قامت عليها حركة التح ّرر‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬ومل يكن هذا االنتقال مقصوداً كما‬ ‫يروج مؤيدو التسوية‪ ،‬بل كان قسرياَ بعدما قمعت‬ ‫إسرائيل املقاومة من اخلارج‪ ،‬لتختزل القضية‬

‫الفلسطينية بعد ذلك يف نظر منظمة التحرير‬

‫الفلسطينية إىل االعرتاف اإلسرائيلي والدولي‬ ‫بها ممث ًال للشعب الفلسطيين يف املناطق احملتلة‬ ‫العام ‪ ،1967‬وكانت االنتفاضات يف نظرها أداة‬ ‫يف سبيل ذلك‪ ،‬وليست أداة للتحرير‪.‬‬ ‫هذا االنتقال من اخلارج إىل الداخل مل يؤ ّد‬ ‫إىل اسرتاتيجية موحدة يف الداخل‪ ،‬بل أدى إىل‬ ‫شرخ ألنه انتهى إىل سلطة حتت االحتالل‪،‬‬ ‫وإىل فقدان عناصر الوحدة الوطنية اليت قامت‬ ‫عليها حركة التحرر الفلسطينية‪ ،‬وكان أخطر ما‬ ‫يف األمر أنه ليس تعددية يف إطار حركة التحرر‪،‬‬ ‫بقدر ما كان انقساماً حول االسرتاتيجية ذاتها‪.‬‬ ‫وما إن أصبح حلم حركة التح ّرر الفلسطينية‬ ‫هو اعرتاف إسرائيل بها‪ ،‬حتى حت ّولت إىل طرف‬ ‫بني طرفني‪ ،‬أحدهما طرف افرتاضي وهو دولة‬ ‫نظرية تسعى إىل أن تصبح دولة حقيقة‪ ،‬ويف‬ ‫هذه األثناء خسرت عامل حركة التح ّرر‪ ،‬ومل‬ ‫تربح عامل الدولة‪ ،‬وأخطر ما يف هذه املرحلة هو‬ ‫حالة االحنالل واالرتباك القيمي والثقايف اليت‬ ‫تنشرها‪.‬‬ ‫وحت ّدي الوحدة الوطنية الفلسطينية اليوم‬ ‫هو حت ّدي حت ّول االنقسام اجلغرايف إىل انقسام‬ ‫سياسي‪ ،‬وال ب ّد أن تتض ّمن الوحدة الوطنية‬ ‫االتفاق على إدارة اجملتمع وبنائه‪ ،‬وإعادة بناء‬ ‫منظمة التحرير‪ ،‬وتنظيم املقاومة‪ ،‬والعمل‬ ‫السياسي يف اخلارج‪ ،‬وقد وقعت حركة التح ّرر‬ ‫الوطنية الفلسطينية يف أخطاء تارخيية منذ‬ ‫تبنّت فكرة الدولة الفلسطينية‪.‬‬ ‫الكتاب‪ :‬العقل العربي ومجتمع المعرفة‬ ‫مظاهر األزمة واقتراحات الحلول‬ ‫الكاتب‪ :‬نبيل علي‬ ‫الناشر‪ :‬سلسلة عالم المعرفة المجلس‬ ‫الوطني للثقافة والفنون واآلداب‬ ‫الكويت‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫يشير نبيل علي إلى أ ّن نظم التعليم‬ ‫في البلدان العربية ال تزال تراوح مكانها‬ ‫حيث مهارة اكتساب المعرفة في حدودها‬ ‫الدنيا‪ ،‬هي غاية ما يحقّقه المتعلمون‪،‬‬ ‫بغض النظر عن ك ّم المعلومات وتن ّوعها‪،‬‬ ‫وال يتطلّع القائمون على التعليم في‬ ‫بلداننا إلى قمة الهرم حيث مهارة‬ ‫التقييم وإصدار األحكام وال حتى إلى ما‬ ‫هو دون ذلك من مهارات الفهم والتطبيق‬ ‫والتحليل‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫التأليف والنشر‬

‫يف اجلزء الثاني من كتاب العقل العربي الّلغوي العربي إذ يقول‪“ :‬تواجه الّلغة العربية‬ ‫ومجتمع المعرفة للدكتور نبيل علي عن سلسلة حتديات جساماً إزاء النقلة النوعية احلادة‬ ‫عالم المعرفة الكويتية‪ ،‬نعود جمدداً لتأ ّمل جملتمع املعرفة‪ ،‬فقد فرضت عليها‪ ،‬مثل لغات‬ ‫مشكالت العقل العربي املعاصر‪ ،‬وأسباب ختلّف العامل األخرى‪ ،‬ضرورة تلبية مطالب هذا‬ ‫العرب وتأخّرهم عن ركب احلضارة املعاصرة‪ .‬اجملتمع الذي متارس فيه الّلغة دوراً حمورياً‪،‬‬ ‫ينقسم الكتاب إىل ثالثة فصول‪ ،‬األول‪ :‬يف الوقت الذي تعاني فيه العربية أزمة حادة‪:‬‬ ‫التفكري النقدي‪ ،‬رؤية معلوماتية‪ -‬عربية‪ ،‬ومنه تنظرياً وتعليماً وتوظيفاً وتوثيقاً‪ ،‬وأظهر‬ ‫البث ح ّدة‬ ‫تلك الشواهد السالفة‪ ،‬والفصل الثاني عنوانه‪ :‬اإلنرتنت‪ ،‬سواء على صعيد البحث أم ّ‬ ‫ترسخت حتى كادت‬ ‫ثالثية العقول‪ ،‬رؤية معلوماتية عربية‪ ،‬ويعرض هذه األزمة الطاحنة اليت ّ‬ ‫فيه الكاتب إلمكانية دمج ثالثة عقول يف عقل تصبح عاهة حضارية شوهاء‪.”..‬‬ ‫واحد‪ :‬العقل اإلنساني‪ ،‬والعقل اآللي‪ ،‬والعقل‬ ‫ويعطي املؤلّف يف اجلزء الثاني من كتابه‬ ‫اجلمعي الذي يدمج العقلني األول والثاني أولوية للتفكري اخلالق يف هذا اجملال الذي يراه‬ ‫يف عملية االتصال والتواصل‪ ،‬ويشري إىل أنه أساساً لعصر املعلوماتية الذي نعيشه‪ ،‬وأرجع‬ ‫كلما‪“ :‬ارتقت التكنولوجيا وارتقى معها اجملتمع غياب هذا النوع من التفكري لتخلّف أنظمة‬ ‫أظهرت ثالثية العقول خاصتني مميزتني‪ :‬التعليم‪ ،‬وطرقه السائدة البعيدة عن ختريج‬ ‫أوالهما‪“ :‬زيادة قابلية االندماج فيها حتى أجيال تتمتّع بأمناط التفكري النقدي املبدع‪.‬‬ ‫تنصهر مكون ًة ما ميكن أن نطلق عليه عق ًال كلياً‬ ‫ويشري د‪ .‬علي إىل أ ّن نظم التعليم يف‬ ‫جامعاً‪ ،‬عقل جمتمع التعلّم‪ ،‬ذروة ارتقاء اجملتمع البلدان العربية ال تزال تراوح مكانها يف سفح‬ ‫اإلنساني بعد أن يسمو متجاوزاً جمتمع ما بعد “هرم بلوم”‪ ،‬حيث مهارة اكتساب املعرفة يف‬ ‫الصناعة‪ ،‬ومن بعده جمتمع املعلومات‪ ،‬فمجتمع حدودها الدنيا‪ ،‬هي غاية ما حيقّقه املتعلمون‪،‬‬ ‫املعرفة” ‪.‬‬ ‫بغض النظر عن ك ّم املعلومات وتن ّوعها‪ ،‬وال‬ ‫وثانيهما‪“ :‬توجه حنو مزيد من التماثل يتطلّع القائمون على التعليم يف البلدان‬ ‫البنائي والوظيفي ما بني العقول الثالثة‪ ،‬ويرجع املذكورة إىل ق ّمة اهلرم‪ ،‬حيث مهارة التقييم‪،‬‬ ‫التماثل البنائي إىل الطابع الشبكي الكثيف وإصدار األحكام‪ ،‬وال حتى إىل ما هو دون ذلك‬ ‫الذي يتميّز به العقل اإلنساني أص ًال‪ ..‬ويسعى من مهارات الفهم والتطبيق والتحليل‪ .‬وهذا‬ ‫إىل التحلّي به ٌّ‬ ‫كل من العقلني اآللي واجلمعي‪ ..‬النمط من التعليم التلقيين موجود يف املدارس‬ ‫أما التماثل الوظيفي فمرجعه إىل أن العقول على اختالف درجاتها ومراحلها‪ ،‬وسائد يف‬ ‫الثالثة ترنو إىل حتقيق اهلدف نفسه‪ ،‬وهو اجلامعات العربية اليت تنهج بدورها نهج‬ ‫التصدي لتعقد الواقع”‪.‬‬ ‫املدارس نفسها‪ ،‬وعن أمناط التلقني السائدة‬ ‫في الفصل الثالث‪“ :‬الّلغة نهجاً معرفياً‪ ،‬يف اجلامعات يقول الكاتب‪ ..“ :‬وحتى التعليم‬ ‫رؤية معلوماتية عربية”‪ ،‬يتناول املؤلف الّلغة اجلامعي الذي مشله هو اآلخر داء التلقني‪،‬‬ ‫باعتبارها ‪“ ..‬الوسيلة إلصالح عقولنا‪ ،‬ولتنمية ما عاد يشغل نفسه بالتفكري‪ ،‬فال يوجد يف أ ّي‬ ‫تفكرينا ولزيادة إسهامنا يف إنتاج املعرفة”‪ .‬من جامعاتنا مقرر واحد للتفكري النقدي الذي‬ ‫ويتحدث يف هذا الفصل عن الّلغة واألدب‪ ،‬وعن قال عنه بعضهم ‪“ :‬إ ّن مقرراً واحداً لتدريس‬ ‫الّلغة واألدب واملعلوماتية‪ ،‬وعن فجوة العقل التفكري النقدي ألجدى نفعاً من أربع سنوات‬

‫‪337‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 338‬للتنمية الثقافية‬

‫من التعليم اجلامعي‪.”..‬‬ ‫االسترشاد بحكمة كونفوشيوس‬

‫حتى التعليم الجامعي شمله هو‬ ‫اآلخر داء التلقين‪ ..‬فما عاد المعن ّي به‬ ‫يشغل نفسه بالتفكير وبات ال يوجد في أ ّي‬ ‫من جامعاتنا مق ّرر واحد للتفكير النقدي‬ ‫الذي قال عنه بعضهم إن مقرراً واحداً‬ ‫لتدريس التفكير النقدي ألجدى نفعاً من‬ ‫أربع سنوات من التعليم الجامعي‪..‬‬

‫قارن املؤلّف بني عصرين تعليميني هما‬ ‫عصر الصناعة الذي اعتمد على التلقني‬ ‫لتخريج كوادر تلبي ًة حلاجة أعمال حم ّددة‪ ،‬وبني‬ ‫عصر املعلوماتية الذي يتطلّب العناية بامللكات‬ ‫الشخصية اليت متيّز املتعلّم عن غريه‪ ،‬و “‪..‬‬ ‫التفكري‪ ،‬بال جدال‪ ،‬يأتي على رأس قائمة هذه‬ ‫امللكات إضافة إىل أنه عامل أساسي يف تنمية‬ ‫امللكات األخرى‪.”..‬‬ ‫ويضيف‪“ .. :‬وعلى الرغم من ثبوت أهمية‬ ‫حب العلم‬ ‫الدور الذي متارسه املشاعر يف ّ‬ ‫والتعلّم والنفور منها‪ ،‬مازال اجلانب العاطفي‬ ‫يف عملية الرتبية جمهوالً وغائباً أو مغيّباً”‪،‬‬ ‫واملقصود باجلوانب العاطفية يف ما نعرف‪ ،‬هو‬ ‫تعليم الفنون بأنواعها تلك الفنون اليت تعتمد‬ ‫على األنشطة اليت تسهم يف تفتيح مواهب‬ ‫الشخصية ومتيّزها عن غريها وتن ّمي فرادتها‬ ‫وتق ّوي وجودها يف احلياة‪ .‬فالرسم واملوسيقى‬ ‫واملسرح والرياضة والقراءة والكتابة املستقلة‬ ‫عن املناهج‪ ،‬وغري ذلك من الفنون اليت ال‬ ‫يعريها التعليم العربي اليوم أ ّي اهتمام‪ ،‬ال‬ ‫تدخل يف حساب الدرجات النهائية‪ ،‬وبالتالي‬ ‫ال جيري االهتمام بها وال بالكوادر اليت تساعد‬ ‫على تنميتها‪.‬‬ ‫وعن أهمية التفكري اسرتشد املؤلّف حبكمة‬ ‫كونفوشيوس عن التعليم قاعد ًة وأساساً‪ ،‬اليت‬ ‫يقول فيها‪“ :‬تعليم بال تفكري جهد ضائع‪ ،‬وتفكري‬ ‫بال تعليم أمر حمفوف باملخاطر”‪ .‬ويضيف‪..“ :‬‬ ‫و اإلنسان مبدع بالفطرة‪ ،‬والتح ّدي احلقيقي هو‬ ‫يف إجياد الطرق العملية لتفجري هذه الطاقة‬ ‫الكامنة يف عقولنا‪ ،‬وكيف نرعاها يف طفولة‬ ‫نشأتها‪ ،‬ونداوم على تنميتها على مدى مراحل‬ ‫عمرنا”‪.‬‬

‫ويستعرض نبيل علي جمموعة الكوابح‬ ‫اليت يتص ّدرها تهميش الثقافة كنتيجة طبيعية‬ ‫لعوملة ذات متركز اقتصادي طاغ‪ ،‬وختلّف الفكر‬ ‫السياسي على خمتلف املستويات‪ ،‬إىل جانب‬ ‫التهميش والتخلّف النامجني عن غياب البصرية‬ ‫الرشيدة‪ ،‬وختلّف الفكر االقتصادي‪ ،‬وقصور‬ ‫الرؤية اإلنسانية الشاملة‪.‬‬ ‫وما يراه مؤلّف الكتاب يف حركة التط ّور‬ ‫اإلنساني من دفع وكبح‪ ،‬يراه يف حركة التط ّور‬ ‫العربي يف تعاطيها مع العوملة‪ ،‬فقد تراوحت‬ ‫ردود الفعل العربية إزاءها بني القبول والرفض‪،‬‬ ‫وهناك من يرى ضرورة التسليم بها‪ ،‬بصفتها‬ ‫مرحلة تارخيية حتميّة يف مسار تط ّور اجملتمع‬ ‫يتوسم بها خرياً من أجل إشاعة‬ ‫اإلنساني‪ ،‬بل ّ‬ ‫الدميوقراطية‪ ،‬وضمان حقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫واإلسراع يف حركة التنمية االجتماعية‪ ،‬وتوطني‬ ‫التكنولوجيا يف البلدان العربية‪.‬‬ ‫وعلى النقيض من ذلك هناك من يرفض‬ ‫العوملة‪ ،‬واألسس كلّها اليت قامت عليها‪ ،‬ويرى‬ ‫العوملة شراً‪ ،‬وتغريباً يه ّدد اهلوية القومية‪ ،‬بني‬ ‫هذين املوقفني املتناقضني إزاء العوملة هناك‬ ‫مواقف توفيقية يتبنّاها أقطاب من أصحاب‬ ‫الفكر املاركسي‪ ،‬وآخرون من املعسكر الليربالي‪،‬‬ ‫تدعو إىل اإلنسالخ االنتقائي‪ ،‬القائم على‬ ‫رفض العوملة أساساً مع انتقاء مزاياها‪ ،‬أو‬ ‫االندماج احلذر‪ ،‬وخصوصاً يف ما يتعلّق باهليمنة‬ ‫السياسية‪.‬‬ ‫تصدع العقل العربي المعاصر‬ ‫الكتاب‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫الصدام الصاعق مع الحداثة‬ ‫الكاتب‪ :‬كميل الحاج ‬ ‫الناشر‪ :‬دار الحداثة ‪ -‬بيروت ‬

‫حيلّق الكاتب كميل الحاج بالقارئ يف كتابه‬

‫تصدع العقل العربي المعاصر أو الصدام‬ ‫ّ‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫التأليف والنشر‬

‫الصاعق مع الحداثة‪ :‬يف “الواقع املعريف‬ ‫والسياسي والثقايف واحلضاري العربي”‪ ،‬خلف‬ ‫تساؤالت حيوية وراهنة حول العقل العربي‬ ‫املعاصر‪ ،‬وينقب يف رسوبيات الفكر العربي‪،‬‬ ‫بأسئلة مهمة جداً‪ :‬ملاذا ينقسم العقل العربي‬ ‫املعاصر إىل نصفني متنابذين لك ّل منهما‬ ‫مرجعيته احلضارية وزمنه الثقايف املختلف؟‬ ‫النصف األول حداثي (علماني)‪ ،‬واآلخر إسالمي‬ ‫(سلفي)‪ ،‬وملاذا تعيش اجملتمعات العربية يف‬ ‫وماض‬ ‫حالة انفصام دائمة بني حاضر تعيشه‪ٍ ،‬‬ ‫ذهيب تريد العودة إليه؟ وملاذا بقي العرب‬ ‫غرباء عن احلداثة؟ فعلى الرغم من مض ّي قرن‬ ‫ونصف القرن على انطالق بواكري النهضة يف‬ ‫القرن التاسع عشر‪ ،‬ال نزال على األعتاب‪ ،‬جن ّرت‬ ‫ونعض أنامل‬ ‫إخفاقاتنا‪ ،‬ونلعق خيبتنا األليمة‪ّ ،‬‬ ‫الندم‪ ،‬ونتساءل خبجل عن الرؤية اليت جيب‬ ‫أن ننتهجها لكي نتق ّدم‪ ،‬وحتاصرنا إشكاليات‬ ‫التق ّدم واحلرية والدميقراطية وحقوق اإلنسان‬ ‫والتنمية ومكانة املرأة‪ ،‬وغريها من قضايانا‬ ‫اجلوهرية اليت ازدادت تعقيداً مبرور العقود‪،‬‬ ‫وانطفاء األحالم تدرجيياً‪.‬‬ ‫ويستفسر املؤلّف عن “النموذج احلضاري”‬ ‫الذي ميكن أن يساعدنا يف الّلحاق بالعصر‪،‬‬ ‫ويسأل بوضوح جارح عن أسباب ختلّف‬ ‫اجملتمعات العربية اإلسالمية حضارياً حتى‬ ‫اآلن‪ ،‬وخماصمتها للحداثة مبعناها الواسع‪.‬‬ ‫قسم الحاج كتابه إىل أبواب أربعة تتناول‬ ‫تباعاً “املسألة املعرفية”‪ ،‬وهي تتض ّمن قراءات‬ ‫للنص الديين‪ ،‬و“املسألة‬ ‫تأويلية جديدة ّ‬ ‫الثقافية” اليت تتض ّمن إشكاليّة الرتاث‬ ‫واحلداثة‪ ،‬و“املسألة السياسية” اليت تتض ّمن‬ ‫اإلسالم والسياسة‪ ،‬واإلسالم والدميوقراطية‪،‬‬ ‫و“املسألة احلضارية” اليت تتض ّمن التق ّدم‬ ‫والنهوض‪ .‬ثم حاول التوصل إىل خمارج هذه‬ ‫اإلشكاليات ببحث نقدي رصني عن الفرتة من‬

‫‪ 1967‬إىل ‪ ، 2007‬ق ّدم من خالله مشهداً واسعاً‬ ‫يشمل ميادين الفكر العربي يف العقود األربعة‬ ‫األخرية‪ ،‬وجذورها الرتاثية‪ ،‬الصاحل منه أو ما‬ ‫ّ‬ ‫متت مقاطتعه‪.‬‬ ‫ويرجع يف الباب األول إىل أسئلة املعرفة عند‬ ‫النصي»‪ ،‬وحتت عنوان «املسألة املعرفية»‬ ‫«التيار ّ‬ ‫يقف أمام األسئلة املعرفية اإلسالمية األوىل‪،‬‬ ‫واجلدال الذي صاحب قيام الدعوة اإلسالمية‪،‬‬ ‫ونشوء علم الكالم‪ ،‬واالجتهادات واألحكام‬ ‫الفقهية اليت تزامنت معه‪ ،‬وحتى الوقت‬ ‫ويوسع املدى للسؤال املعريف عند “التيار‬ ‫احلالي‪ّ ،‬‬ ‫العقلي”‪ ،‬مستعرضاً السجاالت اليت دارت حول‬ ‫املعرفة العقلية وغري العقلية‪ ،‬واحتلّت مكانة ال‬ ‫يستهان بها يف التاريخ العربي اإلسالمي‪ ،‬من‬ ‫املعتزلة إىل عصر النهضة‪ ،‬وناقش “االجتاه‬ ‫للنص”‪ ،‬عرب أهم‬ ‫التأويلي أو القراءات املضادة ّ‬ ‫الذين اشتغلوا بهذا التأويل‪ ،‬مثل محمد أركون‪،‬‬

‫‪339‬‬

‫ومحمد شحرور‪ ،‬و نصر حامد أبو زيد‪ ،‬وحسن‬

‫ممن شاركوا يف املعرتك‪.‬‬ ‫حنفي‪ ،‬وغريهم ّ‬ ‫“إما‪ ،‬أو”‬ ‫العقل العربي‪ّ ..‬‬

‫وص ّنف الكتاب املف ّكرين وفرزهم وفق‬ ‫املعيار اإلبيستمولوجي وخلص إىل أنّ‪“ :‬ك ّل‬ ‫بالنص الديين ومبرجعيّته وبأولويته‬ ‫من يؤمن ّ‬ ‫ً‬ ‫يف املعرفة والثقافة والسياسة‪ ،‬هو حكما داخل‬ ‫النصي (نسبة‬ ‫مسيته التيّار ّ‬ ‫تيار فكر ّي واحد‪ّ ،‬‬ ‫النص الديين)‪ ،‬وك ّل مف ّكر يقول بأولويّة‬ ‫إىل ّ‬ ‫النص‪ ،‬ويع ّده مرجعيته األوىل يف‬ ‫العقل على ّ‬ ‫املعرفة والسيّاسة والثقافة واالجتماع هو حتماً‬ ‫مسيته التيار العقلي‬ ‫داخل تيار فكري واحد‪ّ ،‬‬ ‫(نسبة إىل العقل)”‪ ،‬ويضيف الحاج‪“ :‬أصبحت‬ ‫ك ّل اجتاهات الفكر اإلسالمي‪ :‬سلفي‪ ،‬أصولي‪،‬‬ ‫إصالحي‪ ،‬يف جهة واحدة‪ ،‬ومن ضمن فريق‬ ‫واحد‪ .‬ويف املقابل‪ ،‬أصبحت ك ّل اجتاهات الفكر‬ ‫الّليربالي‪ ،‬القومي‪ ،‬املاركسي‪ ،‬من جهة ثانية‪،‬‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 340‬للتنمية الثقافية‬

‫ومن ضمن فريق واحد”‪.‬‬ ‫وال يزال العقل العربي يف رأي املؤلّف خيضع‬ ‫لعملية جتاذب عنيفة بني رؤيتني للعامل‪ :‬األوىل‬ ‫دينية الهوتية‪ ،‬والثانية حداثيّة علميّة وعلمانيّة‬ ‫وجتد مرجعيتها املعرفيّة يف ك ّل ما أنتجه العقل‬ ‫الغربي‪.‬‬ ‫لذا رصد كميل الحاج يف الباب الثاني‬ ‫“املسألة الثقافية” جهود بعض املفكرين العرب‬ ‫يف الرتاث والتجديد‪ ،‬فاستعرض آراء ورؤى‬

‫نصار‪ ،‬وأدونيس‪،‬‬ ‫عبدالله العروي‪ ،‬وناصيف ّ‬ ‫ومحمد عابد الجابري‪ ،‬وحسن حنفي‪ ،‬وفهمي‬

‫ال يزال العقل العربي في رأي كميل‬ ‫الحاج يخضع لعملية تجاذب عنيفة بين‬ ‫رؤيتين للعالم‪ :‬األولى دينية الهوتية‬ ‫والثانية حداثية وعلمانية تجد مرجعيتها‬ ‫المعرفية في ك ّل ما أنتجه العقل الغربي‪..‬‬

‫جدعان‪ ،‬وعزيز العظمة‪ ،‬وصادق جالل العظم‪،‬‬

‫وفؤاد زكريا‪ ،‬يف ما يتعلق بالتعاطي مع احلداثة‪.‬‬ ‫ويف بابه الثالث “املسألة السياسية” أظهر‬ ‫اهتماماً كبرياً مبسألة الدين والسياسة‪ ،‬وقضية‬ ‫الدولة يف اإلسالم وما تثريه من سجاالت‬ ‫مؤيدة لوحدة الدولة والدين‪ ،‬أو الداعني لدولة‬ ‫دميوقراطية مثل النموذج الغربي‪ ،‬وأجرى‬ ‫موسعة للنقاش الذي اندلع يف السابق‬ ‫جردة ّ‬ ‫وما زال متواص ً‬ ‫ال لآلن‪ ،‬منه كتابات حسن‬ ‫الترابي‪ ،‬وناصيف نصار‪ ،‬وسيد قطب‪ ،‬ويوسف‬ ‫القرضاوي‪ ،‬ومحمد مهدي شمس الدين‪ ،‬وفهمي‬

‫هويدي‪ ،‬وآخرون أسهموا يف هذا امليدان‪.‬‬ ‫وعرض الحاج يف الباب الرابع “املسألة‬ ‫احلضارية” لقضية التخلّف العربي وكيفية‬ ‫اخلروج من مستنقعه إىل براح التق ّدم‪،‬‬ ‫واستعرض الشروط املوضوعية والذاتية لدخول‬ ‫العرب يف العصر احلديث واكتساب مق ّومات‬ ‫التحضر‪ ،‬وناقش احلداثة واهلوية من وجهة‬ ‫ّ‬ ‫نظر مستنريين كبار‪ ،‬مثل مالك بن نبي وطارق‬

‫البشري وأحمد كمال أبو المجد وهشام شرابي‬

‫ونديم البيطار‪ ،‬ومل يهمل الرؤية السلفية‬ ‫املضادة هلم‪.‬‬ ‫نتيجة هلذا االستقطاب احلاد‪ ،‬بات العقل‬ ‫العربي املعاصر يعمل وفق منطق‪« :‬إما‪ ،‬أو»‬

‫‪ Either or‬أو ما يُعرف بـ“التفكري باجملموع‬ ‫صفر” ‪ ،zero-sum thinking‬ما يع ّده الفريق‬ ‫األول سبباً يف التق ّدم‪ ،‬يع ّده الثاني علّة‬ ‫االحنطاط واالحنالل‪ ،‬وما ينظر إليه الثاني‬ ‫أساساً لالنطالق واالنبعاث‪ ،‬يراه الفريق األول‬ ‫عقبة أمام أ ّي نوع من أنواع التغيري اإلجيابي‪،‬‬ ‫فأصبحنا أمام «عقلني عربيّني» يعمالن يف‬ ‫اجتاهني متعاكسني أو أمام «رؤيتني للعامل»‪ ،‬ك ّل‬ ‫واحدة منهما تدين األخرى وترفضها‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من حتليقات الكاتب الواسعة يف‬ ‫املاضي لقراءته يف ضوء احلاضر‪ ،‬إال أنه حصر‬ ‫حبثه يف أربعة عقود من ‪ 1967‬إىل ‪ .2007‬فـ‬ ‫‪ 1967‬كان عام النكسة العربية العسكرية‪ ،‬لكنها‬ ‫كانت هزمية للمشروع النهضوي العربي الذي‬ ‫تبلور من أواخر القرن التاسع عشر‪ ،‬ووصل‬ ‫ذروته مع التح ّرر من االستعمار واستقالل‬ ‫األقطار العربية‪ ،‬وتعلقها مبشروع نهضوي‬ ‫متكامل‪ ،‬كانت أبرز مالحمه استكمال التح ّرر‬ ‫الوطين من االستعمار واستعادة األراضي‬ ‫احملتلة يف فلسطين‪ ،‬وبناء دولة العدالة‬ ‫االجتماعية وحتسني الوضع االقتصادي‬ ‫واملعيشي للمواطن العربي‪ ،‬وبناء دولة القانون‬ ‫واملساواة بني املواطنني أمام القانون‪ ،‬وحتقيق‬ ‫الدميوقراطية واحل ّق يف التعبري احل ّر عن الرأي‪،‬‬ ‫وجاءت النكسة لتكشف خواء الشعارات اليت‬ ‫وعدت بها الشعوب العربية‪ ،‬وأظهرت جبالء‬ ‫ا ّدعاءات األنظمة‪ ،‬فكانت اهلزمية يف حقيقتها‬ ‫إعالناً فاقعاً لفشل املشروع النهضوي‪ ،‬وعجزه‬ ‫حتى عن الوفاء باحل ّد األدنى من الوعود‪.‬‬ ‫وبهذا املعنى نظر كميل الحاج إىل اهلزمية‬ ‫بوصفها هزمية عسكرية وسياسية وثقافية‬ ‫وحضارية‪ ،‬فقد ش ّكلت منعطفاً يف التاريخ‬ ‫العربي احلديث‪ ،‬وباتت فارقاً تارخيياً ملا قبلها‬ ‫وما بعدها‪ ،‬بل إن األحداث اجلارية منذ أربعة‬ ‫عقود حتى اليوم تصعب قراءتها مبعزل عن‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫التأليف والنشر‬

‫آثار اهلزمية على ك ّل املستويات‪ ،‬لذا ميكن دنيوية‪ ،‬فهذه كلّها أمور خمتلفة متاماً‪.‬‬ ‫وهذا االستخدام ملصطلح النظرة إىل العامل‬ ‫القول إن العام ‪ 2007‬الذي ختم به الكاتب ال‬ ‫يش ّكل قطيعة مع العقود األربعة املاضية مبقدار غري معتاد‪ ،‬وهذا له سببان‪:‬‬ ‫األول هو طبيعة املصطلحات ذاتها‪ ،‬فك ّل‬ ‫ما يعلن تواصل واستمرار اهلزمية اليت ألقت‬ ‫ً‬ ‫مصطلح يكون حممال باستخداماته الشائعة‪،‬‬ ‫بظالهلا الكثيفة على العقل العربي‪ .‬‬ ‫فحينما يستخدم هذا املصطلح يستدعي إىل‬ ‫الذهن مباشرة نظرة فلسفية حضارية معيّنة‬ ‫الكتاب‪ :‬العلم والنظرة العربية إلى‬ ‫إىل العامل‪ ،‬والسبب الثاني هو اعتيادنا على‬ ‫العالم‪ ..‬التجربة العربية والتأسيس‬ ‫استخدام مثل هذا املصطلح يف إطار املوضوعات‬ ‫العلمي للنهضة‬ ‫الثقافية واالجتماعية‪ ،‬ورمبا الدينية‪ ،‬وألننا هنا‬ ‫الكاتب‪ :‬سمير أبو زيد‬ ‫الناشر‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية نستخدمه يف إطار قضية العلم‪ ،‬فهل يبدو‬ ‫استخداماً غري معتاد؟‪.‬‬ ‫ بيروت‬‫ولكننا إذا نظرنا إىل هذا املصطلح بشكل‬ ‫يف استهالل كتابه “العلم والنظرة العربية‬ ‫إىل العالمَ ” تساءل الدكتور سمير أبو زيد‪ :‬هل حمايد‪ ،‬خالياً من محولته املرتسبة يف أذهاننا‪،‬‬ ‫هناك حقاً نظرة عربية إلي العامل؟ إذا اعتربنا سنجد أننا ميكننا استخدامه يف موضوعات‬ ‫أن هناك ما ميكن أن نسميه “ الفكر العربي” عديدة شديدة التن ّوع‪ .‬فمن ناحية‪ ،‬يرتبط‬ ‫خيص مفهوم النظرة إىل العامل باجملتمع الذي تنشأ‬ ‫واجملتمعات العربية‪ ،‬كما هي احلال يف ما ّ‬ ‫الفكر األوروبي واجملتمعات األوروبية‪ ،‬مث ًال‪ ،‬ومل فيه هذه النظرة‪ ،‬فهي نظرة “جمتمع معني”‬ ‫يتحلّل أو ينقرض هذا الفكر بعد‪ ،‬فاإلجابة هي إىل العامل‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬ليس العلم يف‬ ‫نعم‪ ،‬هناك ما ميكن أن نسميه “ النظرة العربية نهاية األمر سوى نظرة إىل العامل‪ ،‬فإذا أردنا‬ ‫إىل العامل “‪ .‬وهذه اإلجابة ترتكز على تصور أن نطرح قضية حت ّول اجملتمع‪ ،‬أ ّي جمتمع‪،‬‬ ‫بديهي‪ ،‬هو أن ك ّل إنسان‪ ،‬وك ّل جمتمع‪ ،‬ميتلك إىل حالة اجملتمع العلمي‪ ،‬أي تأسيس العلم يف‬ ‫نظرة إىل العامل ‪ ،‬ووجود هذه النظرة‪ ،‬وغالباً اجملتمع‪ ،‬فيكون من األمور الضرورية أال يوجد‬ ‫ربر افرتاضنا وحدة سلوك تناقض بني هاتني النظرتني‪ ،‬وهذا أمر بديهي‬ ‫واع‪ ،‬هو الذي ي ّ‬ ‫بشكل ٍ‬ ‫ويشبه املنطق البسيط‪.‬‬ ‫هذا اجملتمع وتصرفاته‪.‬‬ ‫فإذا كان هناك اختالف بني النظرتني‪،‬‬ ‫ويضيف أبو زيد‪“ :‬والفرد العربي‪ ،‬واجملتمعات‬ ‫العربية‪ ،‬مثلهما مثل أ ّي فرد أو جمتمع آخر‪ ،‬أصبح من الالزم أن حي ُدث تغيري يف إحدى‬ ‫ميتلكان وجهة نظر جتاه العامل‪ ،‬تقبع بشكل هاتني النظرتني‪ ،‬أو يف كلتيهما‪ ،‬حتى ينتفي هذا‬ ‫طبيعي على مستوى الالشعور‪ ،‬وتؤ ّدي إىل نوع التناقض ويتحقّق االتساق بينهما‪ .‬فاستخدامنا‬ ‫من الوحدة يف السلوك والتصرف سواء على ملفهوم النظرة العربية ليس باملعنى احلضاري‬ ‫املستوى الفردي أم املستوى اجلماعي‪ .‬ووجود القومي‪ ،‬وإمنا باملعنى اجملتمعي‪ .‬ويف هذا املعنى‬ ‫هذه النظرية أمر بديهي‪ ،‬إما أن تتّسم هذه يكون لك ّل جمتمع نظرة إىل العامل‪ ،‬وتكون‬ ‫مبستوى معينّ من العقالنية أو الالعقالنية‪ ،‬نظرته إىل العامل هي احمل ّدد النهائي ملا ميكن‬ ‫يتأسس يف اجملتمع‪ ،‬ويتحقق يف أرض الواقع‪،‬‬ ‫أو أن تكون على درجة معيّنة من البساطة أو أن ّ‬ ‫يتأسس أو يتحقّق فيه‪.‬‬ ‫التعقيد‪ ،‬أو أن تكون مرتكزة على أسس دينية أو وما ال ميكن أن ّ‬

‫‪341‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 342‬للتنمية الثقافية‬

‫بهذا املعنى يكون هلذه القضية شقّان‪ ،‬العلم‪،‬‬ ‫ونظرة اجملتمع إىل العامل‪.‬ولذلك حتتاج معاجلة‬ ‫هذه القضية إىل صياغة ماهية العلم الذي نأمل‬ ‫يف تأسيسه يف اجملتمع‪ ،‬من جانب‪ ،‬وإىل صياغة‬ ‫ماهية النظرة إىل العامل اليت ميتلكها اجملتمع‪،‬‬ ‫وإنشاء عالقة هذه النظرة بالعلم‪ ،‬من جانب‬ ‫آخر ‪.‬‬ ‫وعملية التأسيس العلمي ليست قضية خاصة‬ ‫باجملتمعات العربية فقط‪ ،‬وإمنا هي قضية‬ ‫إنسانية عامة‪ ،‬متثّل مرحلة أساسية من مراحل‬ ‫التط ّور يف أ ّي حضارة‪.‬‬ ‫يرى سمير أبو زيد أن مفهومنا للعلم‬ ‫الذي نطمح لتأسيسه في مجتمعاتنا‬ ‫العربية هو الفكر العلمي المعاصر‬ ‫الذي يمثّل مستوى أكثر شموالً وتعقيداً‬ ‫من العلم الحديث‪ ..‬وعليه فإن النظرة‬ ‫العلمية هي جزء من النظرة الحضارية‬ ‫للمجتمع وبالتالي هي جزء أساسي إن لم‬ ‫تكن الجزء األساسي منها‪ ..‬إنها بمثابة‬ ‫فكر النهضة‪..‬‬

‫قضية التأسيس العلمي‬

‫يستطرد سمير أبو زيد يف شرح رؤيته‬ ‫بقوله‪”:‬فإذا قمنا باستخالص هذه الشروط من‬ ‫التجربة األوروبية‪ ،‬باعتبارها جتربة إنسانية‪،‬‬ ‫سوف يكون من املمكن أن نبحث عملية التأسيس‬ ‫العلمي يف جمتمعاتنا العربية املعاصرة على‬ ‫أساس صحيح‪ ،‬وأن حن ّدد النقص الذي أ ّدى إىل‬ ‫فشل عملية التح ّول إىل العلمية عرب حواىل قرن‬ ‫ونصف القرن من حماوالت النهضة والتحديث‪،‬‬ ‫كما ميكن أن حن ّدد الشروط الصحيحة الالزم‬ ‫حتققها حتى تنجح حماوالتنا الراهنة لتحقيق‬ ‫اهلدف نفسه‪.‬‬ ‫لذلك فمفهومنا للعلم الذي نطمح لتأسيسه‬ ‫ يف جمتمعاتنا العربية هو الفكر العلمي املعاصر‬ ‫(أو التصورات العلمية اجلديدة)‪ ،‬الذي ميثّل‬ ‫مستوى أكثر مشوالً وتعقيداً من العلم احلديث‪.‬‬ ‫ويف هذا العمل نطرح تصورنا للجانب الثاني‬ ‫من القضية‪ ،‬وهو طبيعة النظرة إىل العامل‬ ‫اليت ميتلكها الفرد ومتتلكها اجملتمعات العربية‬ ‫وطبيعة اجلانب املعريف فيها وتأسيس عالقتها‬ ‫بالعلم يف مفهومه املعاصر ‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن القضية واضحة‪ ،‬وهي‬ ‫التأسيس العلمي للنهضة العربية‪ ،‬إال أن البعض‬

‫خيطئ يف فهم املوضوع معترباً أن احلديث هو‬ ‫التخصصي‪ ،‬وهو‬ ‫عن العلم باملعنى التقين أو ّ‬ ‫خطأ ناجم عن النظرة امليكانيكية السائدة‬ ‫حالياً اليت تعتمد النظرة التجزيئية الر ّدية‪.‬‬ ‫ولكن احلقيقة هي أن النظرة العلمية جزء من‬ ‫النظرة احلضارية للمجتمع‪ ،‬وبالتالي هي جزء‬ ‫أساسي‪ ،‬إن مل تكن اجلزء األساسي‪ ،‬يف فكر‬ ‫النهضة‪.‬‬ ‫وترتب عن ذلك أن نظر البعض إىل قضية‬ ‫التأسيس العلمي باعتبارها قضية تتعارض مع‬ ‫االعتماد على الفكر الديين الصحيح والفكر‬ ‫العقلي الفلسفي الصحيح‪ ،‬كنتيجة للنظرة‬ ‫التجزيئية السائدة نفسها‪ .‬واحلقيقة أيضاً‬ ‫هي أن طرحنا لقضية التأسيس العلمي هو يف‬ ‫إطار عالقة االتساق الصحيحة بينه وبني ك ّل‬ ‫الفكر الديين والفلسفي العربي املعاصر‪ ،‬فليس‬ ‫التأسيس العلمي يف اجملتمعات العربية بدي ًال‬ ‫من قضية التجديد الديين‪ ،‬أو قضية حتقيق‬ ‫االستقالل الفلسفي يف هذه اجملتمعات ‪.‬‬ ‫ويرى أبو زيد أن “االتساق” كمفهوم جوهري‬ ‫يف “النظرة إىل العالمَ ”‪ ،‬كان سبب جناح‬ ‫احلضارة العربية اإلسالمية القدمية وانتشارها‬ ‫يف العامل القديم‪ ،‬بسبب “االتساق” مع الذات‬ ‫ومع العامل‪.‬‬ ‫ويقرتح اعتماد منوذج من الرتاث لتحقيق‬ ‫القضية املطروحة وهي“العالقة بني النظرة‬ ‫العربية والعلم”‪ ،‬على أن يتمتّع هذا النموذج‬ ‫بثالث مسات‪ :‬بأن يكون منوذجاً علمياً‪ ،‬وأن‬ ‫يعتمد املفهوم االحتمالي لالستقراء‪ ،‬وأن يعتمد‬ ‫عدم الفصل الكامل بني الذات واملوضوع‪.‬‬ ‫والتطبيق الذي يطرحه باعتباره منوذجاً‪،‬‬ ‫هو منهج “الفصل‪/‬الوصل” عند عبد القاهر‬ ‫الجرجاني‪ ،‬القائم على ثالث خطوات‬ ‫أساسية‪ )1(:‬إنشاء ك ّل من القضية الدينية‬ ‫والقضية العلمية يف جماهلا بشكل كامل؛ (‪)2‬‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫والفصل بينهما حبسب جمال ك ّل منهما؛ (‪)3‬‬ ‫وإنشاء رابطة بني القضيتني‪ ،‬وهي عالقة‬ ‫التدرج يف القدرة الّلغوية بال حدود‪.‬‬ ‫واعتماد منهج “الفصل‪/‬الوصل”‪ ،‬إضافة‬ ‫لإلسهام اإلجيابي يف صياغة النموذج العلمي‬ ‫اجلديد‪ ،‬والعمل على صياغة قوانني الطبيعة يف‬ ‫ك ّل مستوياتها‪ ،‬ك ّل ذلك يفضي يف النهاية إىل‬ ‫تقديم ح ّل ملشكلة العلوم اإلنسانية‪ ،‬وتأسيسها‬ ‫من جديد‪.‬‬ ‫الكتاب‪ :‬هندســة الطاغيــة‬ ‫الكاتب‪ :‬بدر خضر‬ ‫الناشر‪ :‬دار نينوى‪ -‬دمشق‬

‫فارس واليونان والصين‪.‬‬ ‫يبينّ الباحث العراقي الفروقات الّلغوية بني‬ ‫الطاغية واملستب ّد‪ .‬فالطاغية هو “ َمن جتاوز‬ ‫حدود االستقامة‪ ،‬وأسرف يف املعاصي والظلم‬ ‫والقهر”‪ .‬أما املستبد فهو “« َمن تف ّرد برأيه‬ ‫واستق ّل”‪ .‬وسيجتمع املصطلحان يف العصر‬ ‫احلديث مبفردة واحدة هي الديكتاتور صاحب‬ ‫السلطة املطلقة‪ .‬أفالطون أول من سعى إىل‬ ‫تشريح صفات الطاغية وميوله ورغباته ليصل‬ ‫إىل نتيجة مفادها أ ّن الدولة اليت حيكمها‬ ‫طاغية ال ميكن أن تكون ح ّرة بل مستعبدة‪.‬‬ ‫وهو ما سيشري إليه فالسفة ومفكرون أمثال‬ ‫أرسطو‪ ،‬ومونتسكيو‪ ،‬وجمال الدين األفغاني‪،‬‬

‫وروسو‪ ،‬وكانط‪ ،‬وهيغل‪ ،‬يف أطروحات متشابهة‬ ‫تنبذ العسف السياسي وتع ّري الطاغية من زيّه‬ ‫الديين‪ ،‬كما تعيد اجملتمع من صفة القطيع إىل‬ ‫حال املواطنة‪.‬‬ ‫لكن هل الطغيان صفة للشرق؟ هذا ما‬ ‫يؤ ّكده الكتاب وهو يقتفي أثر الطغاة تارخيياً‪.‬‬ ‫فاالستبداد الشرقي بات مصطلحاً متداوالً‪،‬‬ ‫نظراً إىل تناسل النماذج وحال االستسالم‬ ‫للحاكم حتت وطأة القوة والبطش‪ ،‬واملفهوم‬ ‫القبلي والديين للسلطة‪ .‬ويرى بعضهم أ ّن‬ ‫عبودية الشرق ناجتة من انعدام الوعي‬ ‫الذاتي للفرد‪ ،‬وهذا ما يفسره املف ّكر األملاني‬ ‫كارل أوغست فيتفوجل حني يقول “السلطة‬ ‫املستبدة ال تقوى على أن ترى وجود سلطات‬ ‫فاعلة إىل جانبها‪ ،‬فتعوق من ّو أ ّي سلطة أخرى‬ ‫عرب التخويف والعقاب‪ .‬وهلذا نظرت حكومات‬ ‫االستبداد الشرقي إىل العقاب على أنّه الوسيلة‬ ‫اجلوهرية لنجاح الدولة يف إدارة شؤونها”‪.‬‬

‫التأليف والنشر‬

‫افتتح الكاتب بدر خضر كتابه املشوق‬ ‫“هندسة الطاغية” بسؤال ضروري‪“ :‬هل‬ ‫تقصي‬ ‫االستبداد صفة مالزمة للشرق؟ وحاول ّ‬ ‫أثر الطغاة تارخيياً منذ أثينا وإسبارطة وروما‪،‬‬ ‫متسائ ًال عن س ّر جت ّذر قانونهم الدنيوي واإلهلي‬ ‫يف هذه البقعة املسحوقة من العامل‪ ،‬العامل‬ ‫العربي املنكوب بهم ‪.‬‬ ‫وطرح سؤاالً موازياً ومالزماً‪ :‬هل االستبداد‬ ‫ظاهرة إنسانيّة أو قدر إهلي؟ ورحلة البحث عن‬ ‫إجابة هلذه السئلة احلائرة رمبا ترسم مالمح‬ ‫االستبداد والطغيان‪ ،‬منذ تش ّكالتهما األوىل يف‬ ‫الر َقم‬ ‫التاريخ‪ ،‬بدءاً من بالد الرافدين‪ ،‬إذ تشري ِّ‬ ‫البابلية إىل دور اآلهلة يف اإلمساك خبيوط‬ ‫الّلعبة التارخيية يف ثنائية الراعي والرعية‪،‬‬ ‫أو السيّد والعبد‪ .‬وإذا بها متت ّد لتطال ك ّل‬ ‫احلضارات القدمية مبعايري وقوانني مستنسخة‬ ‫يف معنى الطاعة واخلضوع‪ .‬ولع ّل إشارة عبد‬ ‫الرحمن الكواكبي يف طبائع االستبداد‪“:‬ما من‬ ‫مستب ّد سياسي إال ويتّخذ لنفسه صفة قدسية‬ ‫يشارك بها اهلل”‪ ،‬وختتزل تاريخ البشرية‬ ‫وتعاقب الطغاة من مصر الفرعونية إىل بالد‬

‫‪343‬‬

‫التدمير اإلجباري للخيال‬

‫وباستقرار اخلالفة اإلسالمية يف العهد‬ ‫األموي وما تاله‪ ،‬كان السيف هو احلكم يف تثبيت‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 344‬للتنمية الثقافية‬

‫بيّن الباحث العراقي بدر خضر‬ ‫الفروقات الّلغوية بين الطاغية والمستب ّد‪..‬‬ ‫فالطاغية هو من تجاوز حدود االستقامة‪،‬‬ ‫وأسرف في المعاصي والظلم والقهر‪..‬‬ ‫أ ّما المستب ّد فهو من تف ّرد برأيه واستقل‪،‬‬ ‫وسيجتمع المصطلحان في العصر الحديث‬ ‫بمفردة واحدة هي الديكتاتور صاحب‬ ‫السلطة المطلقة‪..‬‬

‫أركان سلطة احلاكم‪ ،‬وهناك عشرات اخلطب‬ ‫اليت قامت على التهديد والوعيد للرعية‪.‬‬ ‫ستحضرنا منها خطبة الحجاج بن يوسف‬ ‫الثقفي بوصفه طاغية منوذجياً يف سفك الدماء‬ ‫وقطع الرؤوس‪ ،‬وصاحب املقولة الشهرية “إني‬ ‫أرى رؤوساً قد أينعت وحان قطافها”‪ ،‬ولن يش ّذ‬ ‫عنه المعزّ الدين الله الفاطمي عندما دخل‬ ‫القاهرة وخطب يف الناس‪ ،‬وحني سألوه عن‬ ‫حسبه ونسبه‪ ،‬أخرج من جيبه حفن ًة من الدنانري‬ ‫ونثرها فوق رؤوسهم قائ ًال‪“ :‬هذا حسيب”‪.‬‬ ‫ثم أخرج سيفه من غمده وقال “هذا نسيب”‪.‬‬ ‫املال والقوة إذاً‪ ،‬هما جناحا الطاغية الشرقي‬ ‫قاض يص ّدر‬ ‫لتثبيت أركان حكمه‪ ،‬إضافة إىل ٍ‬ ‫الفتاوى تبعاً هلوى احلاكم‪ .‬يف العهد العباسي‪،‬‬ ‫كان الناس يعتقدون بتأثري الفتاوى واخلوف من‬ ‫املواجهة أو التم ّرد أنه إذا ُقتل اخلليفة “اخت ّل‬ ‫نظام الكون‪ ،‬واحتجبت الشمس‪ ،‬وامتنع املطر‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وجف النبات”‪ ،‬وهكذا بات قانون الطاعة مدخ ًال‬ ‫إىل تكريس العبودية وسحق تطلّعات الفرد يف‬ ‫أثينا وإسبارطة وروما على السواء‪ ،‬ليستق ّر هذا‬ ‫القانون الدنيوي واإلهلي أخرياً‪ ،‬يف الشرق‪ ،‬من‬ ‫دون أن يغادر هذه اخلريطة املسحوقة حتت‬ ‫وطأة الطغاة إىل اليوم‪.‬‬ ‫واإلذعان هو الوصفة السحرية للطغاة‪ ،‬وذلك‬ ‫بالتدمري اإلجباري للخيال‪ ،‬واستئصال ك ّل توق‬ ‫إىل احلرية عرب التعذيب والتنكيل ونشر الفساد‬ ‫يف الدولة‪ ،‬وإحباط ثقافة املقاومة‪ ،‬وتفتيت البنى‬ ‫الداخلية للمجتمع‪ ،‬هذه بعض املالمح الثقافية‬ ‫والسيكولوجية للفرد يف جمتمع القهر اليت يراها‬ ‫الكاتب نزعة أساسية يف نشأة الدولة التسلّطية‬ ‫وصورة للذهنية املقهورة املتمثّلة يف االنفعالية‬ ‫والذاتية وانعدام اليقني‪ ،‬وقصور الفكر النقدي‪،‬‬ ‫وتشويه اإلنسان واستباحة كرامته وحريته‪،‬‬ ‫كمحصلة تراكمية لعصور االحنطاط وحكم‬ ‫ّ‬ ‫الطغاة‪.‬‬

‫الكتاب‪ :‬المثقف‪ :‬مداخل التعريف‬ ‫واألدوار‬ ‫الكاتب‪ :‬زكي العليو‬ ‫الناشر‪ :‬االنتشار العربي – بيروت‬

‫يذهب املؤلّف زكي العليو يف كتابه “املثقف‪-‬‬ ‫مداخل التعريف واألدوار” إىل “أن إحدى‬ ‫املسائل امله ّمة اليت حيتاجها ك ّل من املثقف‬ ‫واجملتمع يف املرحلة الراهنة هي إعادة النظر‬ ‫يف تعريف املثقف ودوره‪ ،‬باعتبار أن املثقف كائن‬ ‫تع ّرض للتغيرّ ات والتحوالت مفهوماً ووجوداً‪،‬‬ ‫فهو ليس مبنأى عن ذلك‪ .‬وألنه كثرياً ما اشتغل‬ ‫على األفكار والقضايا‪ ،‬كما اشتغل على اجملتمع‬ ‫والسياسة والدين‪ ،‬ومل يشتغل كثرياً على نفسه‪،‬‬ ‫فإنه حباجة ضرورية لتقبّل نقد اآلخرين له‪،‬‬ ‫وليمارس هو النقد الذاتي لنفسه‪ ،‬وأن يكون‬ ‫موضوعاً للنقد كما ميارسه هو‪ ،‬ليبقى فاع ًال‬ ‫اجتماعياً وصاحب دور تنويري” ‪.‬‬ ‫ويضيف‪“ :‬الميكن ملثقف حقيقي أن ينطلق‬ ‫من موضعة مقدسة‪ ،‬إن البناء على مقدس‬ ‫يؤدي إىل رؤية مبتسرة لإلنسان‪ ،‬وال ميكن‬ ‫ليقيين اخلاص أن يدعوني إىل اإلنصاف‬ ‫والعدل واملساواة واإلنسانية مبفهومها الشامل‪،‬‬ ‫وأ ّي احنياز عقدي ملبدأ مساوي مهما كان‬ ‫نبي ًال يعين االحنياز لفئة دون فئة‪ ،‬ومنط دون‬ ‫منط‪ ،‬وملرحلة دون مرحلة‪ ،‬ولثقافة دون أخرى‪،‬‬ ‫وهذا االحنياز فضيلته الوحيدة يف االستقرار‬ ‫والسكون‪ ،‬حتى لو كان على حممل من اإلجحاف‬ ‫املستمر‪.‬‬ ‫وأيضاً يف رأي املؤلّف ال ميكن الدمج بني‬ ‫خطاب ثقايف وخطاب فقهي إال عرب تلفيقات‬ ‫وحتايالت‪ .‬صحيح أننا مجيعاً نضطر إىل‬ ‫التوفيق (وهو شكل مجُ َ ّمل من التلفيق)‪،‬‬ ‫لكن يف احملصلة تكمن أهمية هذا التوفيق يف‬ ‫كونه مرحلة متقدمة على احلالة الدوغمائية‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫كل منهما يؤثّ ر في اآلخر‬

‫ويضيف الكاتب‪“ :‬اليوم إذ يرتدي الفقيه‬ ‫ثوب املثقف‪ ،‬فإنه يصادر هذا الدور ليش ّوهه‬ ‫وليخرجه من فعاليته وأهميته‪ ،‬بل ليمسخه‬ ‫ويقطع دابره قبل أن يش ّكل ذهنية مجاعية‬ ‫تتحلّل من التزاماتها املقدسة جتاه الطبقة‬ ‫اإلكلريوسية املهيمنة على املعنى والتفسري‪،‬‬ ‫واليت تتكفّل مبواجهة أ ّي تأويل‪ .‬وأ ّي معرفة‬ ‫حت ّدها مسائل اليقني‪ ،‬هي ناقصة وممسوخة‪،‬‬ ‫وغري منتجة حلالة سوية‪.‬‬ ‫وينتهي املؤلف إىل أن‪“ :‬هناك الكثري من‬ ‫األفراد يوضعون حتت مقولة املثقف‪ ،‬ومع هذا‬ ‫ال ميكن النظر إليهم على أنهم كتلة واحدة‬ ‫متجانسة‪ ،‬حيث االختالفات الكثرية املوجودة‬ ‫يصب‬ ‫بينهم‪ ،‬اجلوهري والعرضي‪ ،‬الذي‬ ‫ّ‬ ‫تعريفهم بتعريف مو ّحد ودقيق‪ .‬ويف رأي املؤلّف‪،‬‬ ‫أن أحد االختالفات املوجودة بني املثقفني هو‬ ‫اختالفهم على حتديد من هو املثقف؟ فبني‬ ‫املثقفني يكثر النقاش حول َمن املثقف؟‬ ‫وتتّسم العالقة بني املثقف واجملتمع بأنها‬

‫التأليف والنشر‬

‫الرافضة‪ ،‬ويف حوارات سابقة وطويلة بيين وبني‬ ‫أحد األخوة األكارم والكالم للمؤلف زكي العليو‬ ‫كان حياول جهده رفع سيف ديموقليس يف‬ ‫وجهي‪ ،‬بينما كنت أجتهد ليدرك أن لي احل ّق‬ ‫أن أحضر مثله يف املشهد احلياتي‪ ،‬وأنا أعذره‬ ‫حقيقة ألن ما يؤمن به من مقدس نشأ يف‬ ‫ظ ّل رفض االختالف‪ ،‬والصراع من أجل س ّدة‬ ‫اهليمنة الشاملة‪ .‬‬ ‫على أ ّي حال أنا ال أع ّول على اخلطاب‬ ‫الثقايف فهو مرهون خبصوصياته وحمليته‬ ‫ومستواه العلمي ونظامه املعريف‪ ،‬ما أع ّول عليه‬ ‫هو االرتقاء املستمر والشامل يف مسائل فهم‬ ‫بنية اإلنسان وتكونه‪ .‬أي اخلطاب اإلنساني‬ ‫الذي يبنى على فهم املختلف‪.‬‬

‫من النوع اجلدلي‪ ،‬مبعنى أن ك ًال منهما يؤثر‬ ‫يف اآلخر‪ ،‬فليست العالقة بني املثقف واجملتمع‬ ‫عالقة عامل مستقل وعامل تابع كما هي يف‬ ‫علم الرياضيات‪ ،‬ولتوضيح ذلك يقول املؤلف‪:‬‬ ‫“باعتبار أن املثقف نتاج جمتمعه ألنه فرد‬ ‫يف جمتمع‪ ،‬فاملثقف يتأثر مبا حيمل اجملتمع‬ ‫من قيم سلبية أو إجيابية ومبا يوجد فيه من‬ ‫تعقيدات‪ ،‬فاملفرتض يف املثقف الوقوف موقفاً‬ ‫سلبياً أمام القيم السلبية يف اجملتمع ونقدها‬ ‫واالعرتاض عليها وحماولة تغيريها‪ ،‬كما‬ ‫املفرتض من املثقف الوقوف موقفاً إجيابياً من‬ ‫القيم اإلجيابية لنشرها والعمل من خالهلا على‬ ‫أال تتح ّول هذه القيم كسلطة تفرض اجتاهاً‬ ‫يصب يف صاحلها وتعارض مناقشتها‪.‬‬ ‫واحداً ّ‬ ‫فمتى جنح املثقف يف مواجهة سلبيات اجملتمع‬ ‫استطاع التأثري على اجملتمع وإحداث تغيريات‬ ‫يف مساراته‪ ،‬فالذي يعيق التغريات يف اجملتمع‬ ‫هي هذه السلبيات فمتى زالت تغري اجملتمع‪.‬‬ ‫وهناك جماالت متع ّددة لتناول عالقات‬ ‫املثقف املتع ّددة بالسلطة أو بالسياسة أو بأنظمة‬ ‫احلكم‪ ،‬ولكن ما سيت ّم الرتكيز عليه من قبل‬ ‫املؤلّف هو السلطة السياسية احلاكمة‪ ،‬فقد‬ ‫تكون السلطة أوسع من السلطة السياسية‬ ‫حيث السلطة االجتماعية والسلطة الدينية‬ ‫والسلطة اإلعالمية‪ ،‬وقد تكون السياسة أوسع‬ ‫من السياسة النظرية حيث السياسة العملية‪،‬‬ ‫وميكن أن يأخذ حديث السلطة السياسية أحناء‬ ‫ع ّدة‪.‬‬ ‫ويرى زكي العليو أنه يف الواقع العربي‪“ :‬من‬ ‫الصعوبة خروج املثقف عن سيطرة السلطة‬ ‫السياسية احلاكمة اليت استحوذت على اجملتمع‬ ‫بعدما استحوذت على الدولة اليت تغولت بدورها‬ ‫املؤسسات االجتماعية‬ ‫يف اجملتمع وأضعفت ك ّل ّ‬ ‫فيه‪ ،‬مبعنى أن املساحات اليت يستطيع املثقف‬ ‫االستقالل داخلها من دون أن يكون هناك‬

‫‪345‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 346‬للتنمية الثقافية‬

‫تأثري للسلطة السياسية على هذه املساحات‬ ‫قليلة جداً‪ .‬فعندما حياول املثقف التأثري على‬ ‫السياسي أو املشاركة السياسية تتك ّون مناذج‬ ‫ع ّدة لعالقة املثقف بالسياسي‪ ،‬منها ان تكون‬ ‫قطيعة بني املثقف والسياسي أو حتالف بينهما‪.‬‬ ‫ثاني ًا‪ :‬كتب في قضايا الدين والعقائد‬ ‫والطوائف‬ ‫الكتاب‪ :‬الالهوت العربي وأصول العنف‬ ‫الديني‬ ‫الكاتب‪ :‬يوسف زيدان‬ ‫الناشر‪ :‬دار الشروق للطبع والنشر‪-‬‬ ‫القاهرة‬

‫ص ّدر الكاتب يوسف زيدان كتابه املثري‬ ‫للجدل‪“ :‬الالهوت العربي وأصول العنف”‬ ‫بعبارة عاتبة جادة هي‪ “ :‬مل يوضع هذا الكتاب‬ ‫للقارىء الكسول‪ ،‬وال ألولئك الذين أدمنوا تلقي‬ ‫اإلجابات اجلاهزة عن األسئلة املعتادة‪ ،‬وهو يف‬ ‫نهاية األمر كتاب قد ال يق ّدم وال يؤخّر”‪.‬‬ ‫ويف مقدمته الطويلة بينّ طبيعة ارتباط‬ ‫الديانات السماوية الثالث‪ :‬اإلسالم‪ ،‬واملسيحية‪،‬‬ ‫واليهودية‪ ،‬وع ّرف مصطلح “الالهوت العربي”‪،‬‬ ‫وخلص إىل أقوال سبعة أوهلا “مساوية الدين‬ ‫بالضرورة” وأشار إىل إعتياد الناس مؤخراً‬ ‫وصف اليهودية واملسيحية واإلسالم بالديانات‬ ‫السماوية‪ ،‬مع أن السلف مل يستخدموا هذا‬ ‫الوصف‪ .‬ويرى زيدان أن األص ّح وصف الديانات‬ ‫بالرسالية والرسولية لتمييز الديانات الثالث‬ ‫الكربى عن غريها‪ ،‬ألنها أتت إىل الناس‬ ‫برسالة من السماء‪ ،‬عرب رسول من اهلل‪ ،‬سواء‬ ‫جاء الرسول بكتاب‪ ،‬أم كان نبياً ملتحقاً بكتاب‬ ‫سابق‪ .‬وعليه‪ ،‬فاليهودية رسالة موسى وأنبياء‬ ‫العهد القديم‪ ،‬واإلسالم رسالة النبي محمد‬

‫اليت تلقاها من اهلل تعاىل بالوحي الذي نزل‬ ‫به جربيل‪.‬‬ ‫وثاني أقواله “الديانات الثالث واحدة‬ ‫بثالثة جتليات”‪ ،‬عرب الزمان املمت ّد بعد النبي‬ ‫إبراهيم امللقب بـأبي األنبياء يف اإلسالم‪،‬‬ ‫وهو ج ّد عيسى يف املسيحية‪ ،‬فكانت نتيجة‬ ‫املسرية الطويلة تلك التجليات الثالثة الكربى‬ ‫يف الديانات اليت حيفل ك ّل منها بصيغ اعتقادية‬ ‫متع ّددة‪ ،‬تس ّمى املذاهب والفرق والنحل‬ ‫والطوائف‪.‬‬ ‫ويف قوله الثالث “فحوى مقارنة األديان” أ ّكد‬ ‫زيدان أن كتابه ليس حبثاً يف مقارنة األديان‬ ‫باملعنى املعروف‪ ،‬وال هو العلم الذي يقارن بني‬ ‫األديان‪ ،‬ويرصد أوجه االختالف واالتفاق بني‬ ‫ديانتني أو أكثر‪ ،‬حبسب عدد الديانات اليت‬ ‫يتع ّرض هلا يف متونه‪.‬‬ ‫والقول الرابع “االلتزام باملنهج” الذي‬ ‫يؤ ّكد زيدان انطالقه منه‪ ،‬جترداً من امليول‬ ‫واملعتقدات الدينية واملذهبية‪ ،‬والوصول إىل‬ ‫املوضوعية يف تفسري الظواهر الدينية‪ ،‬ويف قوله‬ ‫اخلامس ق ّدم فرضيات ع ّدة‪ ،‬منها أن الرتاث‬ ‫العربي اإلسالمي ال ميكن فهمه من دون نظرة‬ ‫متعمقة يف أصوله‪ .‬والقول السادس عن تداخل‬ ‫الدوائر ويعين بها زيدان أن الرتاثيات املتزامنة‬ ‫واملتعاقبة دوائر متفاوتة املساحة حبسب ما‬ ‫أعطاه الرتاث ألهل زمانه‪ ،‬ولإلنسانية بعامة‪،‬‬ ‫فهذه الدوائر قد تتماس أو تتداخل وفقاً‬ ‫للظروف‪.‬‬ ‫وقوله السابع عن ضبط املفردات ويوضح‬ ‫فيه أن مثة اصطالحات وألفاظاً وتسميات‬ ‫سيستخدمها كثرياً يف هذا الكتاب‪ ،‬ولطاملا‬ ‫استخدمها الباحثون من قبل حتى بهت معناها‬ ‫األول من فرط تكرارها‪ ،‬ومن الضروري النظر‬ ‫بعمق يف دالالتها‪ ،‬لتنضبط وتتح ّدد بدقة جتنباً‬ ‫للتشويش الداللي‪ ،‬وغموض الكتابات اليت تناولت‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫التأليف والنشر‬

‫هذه املنطقة اجملهولة من تراثنا املشرتك‪،‬‬ ‫وعانت منها العلوم اإلنسانية‪ .‬ويتوجب االنتباه‬ ‫للصيغ املتباينة يف أمساء األعالم ومشاهري‬ ‫الرجال‪ ،‬اليت ترد يف كتابات معاصرة بأشكال‬ ‫خمتلفة‪ ،‬مثل األسقف نسطور المرعشلي الذي‬ ‫ولد يف قرية مرعش العربية القريبة من حلب‪،‬‬ ‫وهي البلدة املسماة باليونانية‪ :‬جرمانيقي‪،‬‬ ‫وأستاذه األسقف تيودور الذي يس ّمى يودوروس‬ ‫الموبسويستي‪ ،‬ويقال له أيضاً تيودور‬ ‫المصيصي ألن بلدة المصيصة كانت تسمى‬ ‫باليونانية موبوسويستا‪.‬‬ ‫وثامن أقواله “فحوى الالهوت العربي”‬ ‫وفصول الكتاب كلّها تبيان لقصد املؤلّف‬ ‫الذي يرى أن الديانة املسيحية مل تعرف‬ ‫“الالهوت” إال عرب بعض حماوالت أرادت نقل‬ ‫الفكر الديين املسيحي من االشتغال حبقيقة‬ ‫املسيح إىل االنشغال بالذات اإلهلية‪ ،‬وهي‬ ‫حماوالت مرفوضة أرثوذكسياً‪ ،‬وهي ما يسميه‬ ‫األرثوذكس هرطقات‪ ،‬أي املذاهب الدينية‬ ‫املنحرفة‪ ،‬واحملاوالت «اهلرطوقية»‪ ،‬ظهرت‬ ‫يف منطقة الهالل الخصيب اليت سادت فيها‬ ‫الثقافة العربية يف العصر املسيحي‪ ،‬قبل ظهور‬ ‫اإلسالم بقرون‪ ،‬وأ ّدت بشكل مباشر إىل صياغة‬ ‫األرثوذكسية ذاتها‪ ،‬وإىل صيغ اإلميان املتع ّددة‪.‬‬ ‫وختم زيدان مقدمته بتأكيده أنه مل يضع‬ ‫الكتاب ألجل «املتعمقني» يف دراسة علم الكالم‬ ‫اإلسالمي‪ ،‬وال «املتوغلني» يف الالهوت املسيحي‪،‬‬ ‫فغالبيتهم انشغلوا بالدرس والبحث‪ ،‬ومل‬ ‫يلتفتوا أل ّي شيء خارج جمال نظرهم وميدان‬ ‫اهتمامهم‪.‬‬ ‫ض ّم الكتاب سبعة فصول‪ ،‬وخامتة‪ ،‬ثم‬ ‫فص ًال منفص ًال عن جدلية العالقة بني الدين‬ ‫والعنف والسياسة‪ .‬والفصل األول املعنون‬ ‫بـ“جذور اإلشكال‪ ..‬صفات اهلل يف التوراة”‬ ‫تناول إشكاليات ع ّدة وردت يف التوراة كحقائق‪،‬‬

‫واعرتفت بها املسيحية‪ ،‬بينما تشكك فيها‬ ‫اإلسالم‪ ،‬منها إشكالية “صورة اهلل” اليت‬ ‫جتاوزت أمساء اهلل‪“ ،‬آدوناي‪ ،‬الرب‪ ،‬يهوه‪،‬‬ ‫ياهو‪ ،‬إيل‪ ،‬إلوهيم”‪ ،‬إىل طبيعة اهلل وصفاته‪.‬‬ ‫وتناول يف هذا الفصل ما يطرحه القصص‬ ‫التوراتي من صفات بشرية يصعب إحلاقها‬ ‫بالذات اإلهلية‪.‬‬ ‫ويرى املؤلّف أن الشروح والتأويالت اليت‬ ‫ق ّدمت عرب تاريخ اليهودية إلضفاء القداسة على‬ ‫تلك النصوص التوراتية كانت أبطأ يف االنتقال‬ ‫من الّلغة اليت كتبت بها التوراة‪ ،‬وهو ما أثّر يف‬ ‫االنتباه خلطورة تلك النصوص‪ ،‬ليبقى اإلشكال‬ ‫العميق قائماً حتى جاءت املسيحية‪.‬‬ ‫يف الفصل الثاني “احل ّل املسيحي من‬ ‫الثيولوجيا إىل الكريستولوجيا” أوضح زيدان‬ ‫أن املسيحية طرحت نفسها كامتداد للديانة‬ ‫اليهودية‪ ،‬ثم تط ّورت وقدمت ذاتها للبشرية‬ ‫كلّها باعتبارها تصحيحاً عاماً لليهودية‪،‬‬ ‫وأعطت ح ًال للمشكلة املطروحة يف الفصل األول‬ ‫بأن أكدت وجود اهلل مع اإلنسان يف األرض‪،‬‬ ‫لتتوافق بذلك مع اليهودية‪ ،‬ثم رفعته ثانية إىل‬ ‫السماء‪ ،‬إىل املوضع الذي يليق به‪ ،‬واملسيح كان‬ ‫صيغة اخلالص من مشكلة اندماج اهلل مع‬ ‫اإلنسان‪ ،‬واملسيح باملفهوم الديين هو صيغة‬ ‫اخلالص اإلنساني من خطيئة آدم األوىل اليت‬ ‫اقرتفها ثم ورثها أبناؤه من البشر‪ ،‬واملسيح يف‬ ‫العقيدة األرثوذكسية‪ ،‬القبطية وغري القبطية‪،‬‬ ‫املتجسد‪ ،‬واهلو هو‪،‬‬ ‫الرب الكامل‪ ،‬واإلله‬ ‫هو ّ‬ ‫ّ‬ ‫وجيب التنبه هلذا املصطلح «اهلو هو» الذي‬ ‫ظهر للم ّرة األوىل يف املناقشات الكريستولوجية‬ ‫املتعلقة بطبيعة املسيح‪ ،‬يسوع‪ ،‬عيسى‪ ،‬خريستو‪،‬‬ ‫كريستوس”‪ ،‬وهي مناقشات حامية جرت بني‬ ‫الكنائس الكربى قبل ظهور اإلسالم‪ ،‬ثم ظهر‬ ‫هذا املصطلح «اهلو هو» عربياً بعد اإلسالم‪،‬‬ ‫وتوسع املتكلمون املسلمون «املعتزلة» وأفاضوا‬

‫‪347‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 348‬للتنمية الثقافية‬

‫يف هذا املفهوم‪ ،‬حتى صار نظرية كالمية‬ ‫شهرية‪ ،‬تعاجل مشكلة الصفات اإلهلية عند‬ ‫املسلمني‪ ،‬انطالقاً من الرؤية املعتزلية القائلة‬ ‫إن صفات اهلل غري زائدة على ذاته‪ ،‬وهناك‬ ‫خالف آخر نشأ بني املؤرخني الكنسيني حول‬ ‫توقيت ظهور األناجيل‪ ،‬وترتيب ظهورها‪ ،‬مؤكداً‬ ‫أن أقدم جمموعة للعهدين القديم واجلديد‬ ‫يعود زمن كتابتها إىل منتصف القرن الرابع‬ ‫امليالدي‪ ،‬وهي حمفوظة اآلن يف الفاتيكان‬ ‫وتعرف باسم التيين هو كودكس فاتيكانو‪ ،‬إال‬ ‫أن احلقيقة الواضحة هي أن كثرة األناجيل قبل‬ ‫اعتماد األربعة الشهرية (متى‪ ،‬مرقص‪ ،‬لوقا‪،‬‬ ‫يوحنا)‪ ،‬مبا تضمنته من تعبريات جمازية‪،‬‬ ‫كانت سبباً مباشراً لنشوب اجلدل حول ماهية‬ ‫السيد المسيح‪ ،‬بشريته «الناسوت»‪ ،‬وربوبيته‬ ‫«الالهوت»‪ ،‬إال أنه وبعد االعرتاف باملسيحية‬ ‫كواحدة من ديانات اإلمرباطورية الرومانية يف‬ ‫مرسوم ميالنو عام ‪ 313‬ميالدية‪ّ ،‬مت إرساء‬ ‫نظم وحتديد االعتبارات الكفيلة باحلفاظ‬ ‫على الديانة املسيحية‪ ،‬وهو ما ّمت عمله بشكل‬ ‫تنظيمي عاملي يف القرن الرابع امليالدي يف‬ ‫مجمع نيقية املسكوني‪ ،‬واجتمع فيه ‪ 318‬أسقفاً‬ ‫من أحناء العامل وتق ّرر فيه قانون اإليمان الذي‬ ‫عدل مرات ع ّدة يف جمامع كنسية تالية ملواجهة‬ ‫“اهلرطقات”‪.‬‬ ‫أشهر الهراطقة‬

‫يف الفصل الثالث “النبوة والبنوة‪ ..‬فهم‬ ‫الديانة‪ ،‬شرقاً وغرباً”‪ ،‬واصل البحث التارخيي‬ ‫للديانات البشرية شارحاً الفروق بني الكنائس‬ ‫الغربية (غرب فلسطين) والكنائس الشرقية‬ ‫اليت كانت تقع شرق فلسطين يف الجزيرة‬ ‫العربية والهالل الخصيب‪ ،‬ليربهن على صحة‬ ‫املقولة اخلاصة بتأثّر الديانات مبا سبقها من‬ ‫تراث‪ ،‬باإلضافة إىل البيئة اليت بزغت فيها‪.‬‬

‫ويبدأ زيدان باملنطقة الغربية مثل‬ ‫واليونان والبحر المتوسط‪ ،‬ثم منطقة الهالل‬ ‫الخصيب والجزيرة العربية ويوضح االختالف‬ ‫بينهما‪ ،‬وخيتم بشرح أن ما يس ّمى يف الرتاث‬ ‫املسيحي بالالهوت إمنا هو الهوت ال يتعلّق باهلل‬ ‫ذاته‪ ،‬بل باملسيح الذي صار اهلل حني صارت‬ ‫الكلمة جسداً حبسب الفهم األرثوذكسي لطبيعة‬ ‫يسوع‪.‬‬ ‫وبدأ فصله الرابع بتأكيد أن األرثوذكسية‬ ‫كانت ترى اهلرطقات خطراً شديداً على‬ ‫املسيحية أكثر من اليهودية والوثنية‪ ،‬وهما‬ ‫ما جنحت هذه اهلرطقات يف القضاء عليهما‬ ‫تدرجيياً وحماصرتهما من خالل كتابات اآلباء‬ ‫يف الكنيسة‪ .‬واستعرض مناذج ألشهر اهلراطقة‪،‬‬ ‫مثل إبيون وبولس السميساطي ولوقيانوس‪،‬‬ ‫مصر‬

‫وآريوس ومقدونيوس‪ ،‬و أبوليناريوس‪ ،‬وكيرلس‬

‫ونسطور ثم عرض بعض ما نادوا به من أفكار‪.‬‬ ‫وأوضح زيدان يف ختام الفصل حالة العامل‬ ‫املسيحي حتى ظهور اإلسالم‪ ،‬حيث كان هناك‬ ‫شعور يقيين أنه ال ب ّد من إجياد ح ّل الختالف‬ ‫العقائد املسيحية بني صيغ متع ّددة لقانون‬ ‫اإلميان‪ ،‬ورسائل احلرومات‪ ،‬وبنود الّلعنات‬ ‫اليت يصبّها الك ّل فوق رأس الك ّل‪ ،‬ويف تلك‬ ‫الّلحظة احلرجة نزل القرآن‪ ،‬كإشارة مثرية‬ ‫للجدل من املؤلّف بربطه الديانات الثالث‪،‬‬ ‫حبيث إن ك ّل ديانة تالية لألخرى تأتي كامتداد‬ ‫وتصحيح هلا‪ ،‬وهي النقطة اليت تضع الكتاب‬ ‫يف موضع مثري للجدل‪ ،‬فهل من املتصور أن‬ ‫اإلسالم أصله املسيحية‪ ،‬وهل املسيحية أصلها‬ ‫اليهودية؟ وتأكيداً لذلك جاء الفصل اخلامس‬ ‫“احلل القرآني‪..‬إعادة بناء التصورات” وحوت‬ ‫صفحاته قصة اإلسالم وبداياته‪ ،‬وجزءاً بعنوان‬ ‫“أحسن القصص”(وتسمية القرآن بأحسن‬ ‫القصص يشري إىل قصص أخرى أقل حسناً)‬ ‫وعرضاً حلقيقة املسيح يف القرآن‪.‬‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫يرى الباحث يوسف زيدان أن الديانة‬ ‫المسيحية لم تعرف “الالهوت” إالّ عبر‬ ‫بعض محاوالت أرادت نقل الفكر الديني‬ ‫المسيحي من االنشغال بحقيقة المسيح إلى‬ ‫االنشغال بالذات اإللهية‪ ،‬وهي محاوالت‬ ‫مرفوضة أرثوذكسياً‪ ،‬وهي ما يسميه‬ ‫األرثوذكس هرطقات‪ ،‬أي المذاهب الدينية‬ ‫المنحرفة‪ ،‬والمحاوالت الهرطوقية ظهرت‬ ‫في منطقة الهالل الخصيب التي سادت‬ ‫فيها الثقافة العربية في العصر المسيحي‬ ‫وقبل ظهور اإلسالم بقرون‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫التأليف والنشر‬

‫ويف الفصل السادس “كالم اإلسالم ‪ ..‬النخبة اإليرانية حول شرعية فوز الرئيس نجاد‪،‬‬ ‫الوصلة الشامية العراقية” ق ّدم املؤلّف تصوراً واستحضار احنياز املرشد األعلى للجمهورية‬ ‫ثورياً لعالقة علم الكالم اإلسالمي بالالهوت علي خامنئي ّ‬ ‫لصف الرئيس أحمدي نجاد‬ ‫املسيحي العربي الذي ظهر على يد آريوس نظرية والية الفقيه إىل قلب السجال السياسي‬ ‫ونسطور وغريهما من رجال الكنيسة الذين رمبا بصورة مل يسبق هلا مثيل يف تاريخ‬ ‫عاشوا يف منطقة انتشار الثقافة العربية الجمهورية اإلسالمية‪.‬‬ ‫من هنا كانت ضرورة هذه الدراسة‪“ :‬إيران‪..‬‬ ‫(الهالل الخصيب‪ :‬سورية والعراق) قبل ظهور‬ ‫مجهورية إسالمية أم سلطنة مخينية؟” الصادرة‬ ‫اإلسالم بقرون‪.‬‬ ‫ويف الفصل السابع “الالهوت وامللكوت‪..‬أطر عن مركز األهرام‪.‬‬ ‫حتت عنوان “طائر إيران اخلرايف ثالثي‬ ‫التدين ودوائره” نظر زيدان إىل أن “اجلوهر‬ ‫املتخصص يف‬ ‫يف اليهودية واملسيحية واإلسالم واحد‪ ،‬وأن األجنحة” ذهب د‪ .‬مصطفى الّلباد ّ‬ ‫عمق النسق الديين الرسالي اإلبراهيمي الشؤون اإليرانية مدير مركز الشرق للدراسات‬ ‫ميتاز بسمات عامة‪ ،‬وبنيات نظرية أساسية”‪ .‬اإلقليمية واالستراتيجية في القاهرة‪ ،‬إىل‬ ‫وحت ّدث املؤلّف عن دوائر التديّن وأطره النظرية أن احلراك السياسي يف إيران‪ ،‬كان وال يزال‪،‬‬ ‫وهي برتتيب ورودها “اإلنابة”‪ ،‬و”اإلبادة”‪ ،‬مضبوطاً على رؤى وأهداف الثورة عرب سلسلة‬ ‫و”اخلروج”‪ .‬وختم زيدان خبالصات عامة من معقّدة من املراحل يف عمليات صنع القرار اليت‬ ‫الكتاب وفقاً للرؤية اليت عرضها يف املقدمة ظلّت دوماً حمطة لتوازن التيارات املختلفة‬ ‫والفصول السبعة‪ ،‬منتهياً بنظرية عن ارتباط املنضوية حتت عباءة النظام‪.‬‬ ‫وتناول د‪.‬مدحت أحمد حماد أستاذ‬ ‫العنف بالدين والسياسة‪ ،‬والتأكيد بأن العلمانية‬ ‫خرافة ألنه ال ميكن تص ّور دين من دون سياسة‪ ،‬الدراسات اإليرانية يف جامعة طنطا يف مقالة‬ ‫له عنوانها “النظام السياسي اإليراني اخلماسي‬ ‫أو تص ّور سياسة من دون دين‪.‬‬ ‫األضالع ‪ ..‬مركز الثقل ونقاط الضعف”‪ ،‬من‬ ‫الكتاب‪ :‬إيران جمهورية إسالمية ‪ ..‬أم حيكم إيران؟ املرشد‪ ،‬أم رئيس اجلمهورية‪ ،‬أم‬ ‫جملس الشورى اإلسالمي؟ أم جممع تشخيص‬ ‫سلطنة خمينية ‬ ‫املصلحة؟‬ ‫الكاتب‪ :‬مجموعة مؤلفين ‬ ‫ورأى د‪.‬محمد السعيد عبد المؤمن أستاذ‬ ‫الناشر‪ :‬مركز األهرام للدراسات‬ ‫الدراسات اإليرانية يف كلية اآلداب‪ ،‬جامعة عين‬ ‫السياسية واالستراتيجية‬ ‫شمس‪ ،‬يف دراسته “الشرعية يف إيران ‪ ..‬األسس‬ ‫مركز األهرام للنشر والترجمة‬ ‫واإلشكاليات” أن الدولة يف املفهوم الشيعي ذات‬ ‫والتوزيع‪ -‬مصر‬ ‫مهمة مزدوجة‪ :‬دينية ودنيوية‪ ،‬واختلف علماء‬ ‫هذا كتاب متع ّدد املؤلّفني‪ ،‬كانت انتخابات الشيعة يف أساس شرعية احلكم يف اإلسالم‬ ‫الرئاسة اإليرانية‪ ،‬اليت جرت يف يونيو ‪ 2009‬بسبب االختالف يف حتديد األسس واملبادئ‬ ‫سبباً يف وضعه‪ ،‬بعدما أثارت نتائجها أزمات العامة لقضية السلطة من جهة‪ ،‬ولضغط الوقائع‬ ‫داخلية تع ّد األكرب منذ قيام الثورة اإلسالمية التارخيية واملخزون الذهين يف ذاكرة األمة من‬ ‫يف العام ‪ ،1979‬وما زالت تثري اجلدل يف أوساط جهة ثانية‪ ،‬ومن هنا برزت النظريات التالية‪:‬‬

‫‪349‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 350‬للتنمية الثقافية‬

‫‪ - 1‬نظرية والية أهل احل ّل والعقد‪ - 2 .‬نظرية‬ ‫والية األمة‪ - 3 .‬نظرية والية الفقيه العامة‪.‬‬ ‫ويف دراسته رسم د‪ .‬محمد عباس‬ ‫ناجي الباحث يف مركز األهرام للدراسات‬ ‫االستراتيجية‪“ :‬خريطة القوى السياسية‬ ‫اإليرانية يف ضوء انتخابات ‪ ”2009‬قائ ًال إن‬ ‫األزمة السياسية اليت أثارتها انتخابات الدورة‬ ‫العاشرة لرئاسة اجلمهورية (‪ )2009‬اجتهت‬ ‫إىل التهدئة واالحنسار‪ ،‬لكن ذلك ليس نهاية‬ ‫املطاف‪ .‬فعلى الرغم من أن النظام احتوى‬ ‫األزمة‪ ،‬إال أنها فتحت الباب على مصراعيه‬ ‫أمام صراعات سياسية أكثر سخونة أهمها‬ ‫الصراع على‪ :‬احلاكمية ملن؟‬ ‫أما د‪ .‬وحيد عبد المجيد اخلبري‬ ‫االسرتاتيجي يف مركز الدراسات السياسية‬ ‫واالستراتيجية يف األهرام‪ ،‬ورئيس مركز‬ ‫مؤسسة األهرام‪ ،‬فانتهى يف‬ ‫الترجمة والنشر يف ّ‬ ‫دراسته “مدخل إىل املستقبل ‪ ..‬الصراع على‬ ‫إيران” إىل أن النظام يف إيران شبه مجهوري‬ ‫أو نصف مجهوري‪ ،‬وتساءل عن االجتاه الذي‬ ‫متضي إليه البالد‪ ،‬هل تتّجه مث ًال حنو مجهورية‬ ‫إسالمية كاملة أو حنو سلطنة مخينية ؟‪.‬‬ ‫وينطلق الكتاب إمجاالً من فرضية أساسية‬ ‫مفادها أن أزمة انتخابات الرئاسة اإليرانية‬ ‫األخرية ليست عادية‪ ،‬بل هي “أزمة انقسام‬ ‫يف بنية اجملتمع اإليراني وخنبته السياسية‬ ‫والثقافية”‪ ،‬ومن ثم فهي ممتدة ميكن إمخاد‬ ‫االحتجاجات املتعلقة بها لبعض الوقت‪ ،‬ولكن‬ ‫يصعب السيطرة عليها طول الوقت‪.‬‬ ‫ويناقش املؤلفون طبيعة النظام السياسي‬ ‫اإليراني وطرح التساؤالت حول مستقبل إيران‪،‬‬ ‫وحبسب د‪ .‬مدحت حماد‪ ،‬هو هيكل مخاسي‬ ‫مؤسسة جملس خرباء‬ ‫األضالع يتك ّون من‪ّ :‬‬ ‫ومؤسسة‬ ‫ومؤسسة الولي الفقيه‪ّ ،‬‬ ‫القيادة‪ّ ،‬‬ ‫رئاسة اجلمهورية‪ ،‬والسلطة القضائية‪ ،‬وجملس‬

‫الشورى اإلسالمي‪.‬‬ ‫كما يتميّز النظام اإليراني بوجود “الوالية‬ ‫الثنائية”‪“ :‬والية الفقيه” “ووالية الشعب”‪.‬‬ ‫مبؤسسات خاصة بها مثل‬ ‫واألوىل تتمتّع ّ‬ ‫جملس صيانة الدستور‪ ،‬وجممع تشخيص‬ ‫ختتص والية الشعب‬ ‫مصلحة النظام‪ ،‬يف حني ّ‬ ‫مبؤسسات نافذة أخرى هي جملس خرباء‬ ‫ّ‬ ‫ومؤسسة‬ ‫ومؤسسة رئاسة اجلمهورية‪ّ ،‬‬ ‫القيادة‪ّ ،‬‬ ‫املؤسسات‬ ‫جملس الشورى اإلسالمي‪ ،‬وهي ّ‬ ‫اليت يت ّم الوصول إليها عرب انتخاب مباشر من‬ ‫املؤسسات يتمتّع املرشد‬ ‫الشعب‪ ،‬ووسط ك ّل هذه ّ‬ ‫األعلى “بنفوذ عنقودي” شامل لك ّل شؤون إيران‬ ‫مؤسسات النظام‪ ،‬وله نفوذ آخر بارز‪،‬‬ ‫ويف ك ّل ّ‬ ‫يشبه ذلك النفوذ املتمتّع به الرئيس يف النظام‬ ‫السياسي املصري‪ ،‬مرتبط بعملية إعادة النظر‬ ‫يف الدستور‪ ،‬وله أيضاً “مكانة مقدسة” تتحقّق‬ ‫من خالل ّ‬ ‫مؤشر نوعي خطري الداللة‪ :‬وهو عدم‬ ‫وجود “ميني دستورية” يقوم املرشد بأدائها فور‬ ‫اختياره من جملس خرباء القيادة‪ ..‬وعلى الرغم‬ ‫من هذه الصالحيات املمنوحة للمرشد واملكانة‬ ‫الدستورية والدينية والسياسية اليت حيظى بها‬ ‫املؤسسات األمنية العسكرية والشرطية‬ ‫لدى ّ‬ ‫بنص‬ ‫واحلرس الثوري‪ ،‬والباسيج‪ ،‬فإنه “ملجوم” ّ‬ ‫دستوري تفرضه املادة ‪ 79‬يقول‪“ :‬حيظر فرض‬ ‫األحكام العرفية‪ ،‬ويف حاالت احلرب والظروف‬ ‫االضطرارية املشابهة حي ّق للحكومة بعد‬ ‫مصادقة جملس الشورى اإلسالمي أن تفرض‬ ‫مؤقتاً بعض القيود الضرورية على أال تستمر‬ ‫مطلقاً أكثر من ثالثني يوماً‪ .‬وعلى ما سبق‬ ‫ال ميكن استبعاد حدوث حالة من “العصيان‬ ‫املؤسسي” ض ّد مرشد اجلمهورية‪ -‬كما جرى‬ ‫ّ‬ ‫يف االنتخابات الرئاسية اليت حنن بصددها‪،‬‬ ‫خصوصاً من جانب جممع تشخيص مصلحة‬ ‫النظام أومن جانب جملس خرباء القيادة‪ ،‬وهي‬ ‫احلالة اليت ميكن أن تتفاقم ح ّدتها إذا مل يكن‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫املرشد ضامناً بالفعل لوالء “جملس الشورى‬ ‫مؤسسة منتخبة‬ ‫اإلسالمي” له بوصفه أكرب ّ‬ ‫مباشرة من جانب الشعب‪.‬‬ ‫جمهورية ذات طابع عسكري‬

‫التأليف والنشر‬

‫يرى مصطفى اللباد يف دراسته أن األهمية‬ ‫التارخيية لالنتخابات الرئاسية العاشرة‬ ‫ومظاهر االعرتاض اليت تلتها‪ ،‬نبعت من حقيقة‬ ‫أن إيران تشهد منذ فرتة والية الرئيس محمود‬ ‫أحمدي نجاد األوىل العام ‪ 2005‬خماض‬ ‫التح ّول من اهلياكل املدنية جلمهورية إيران‬ ‫اإلسالمية إىل مجهورية ذات طابع عسكري‬ ‫بقيادة احلرس الثوري اإليراني (الباسداران)‪،‬‬ ‫ولكن حتت إشراف روحي ومعنوي‪ ،‬وليس قيادة‬ ‫وسيطرة‪ ،‬من رجال الدين واملرشد‪ ،‬ومثلت‬ ‫أزمة االنتخابات الرئاسية العاشرة يف إيران‬ ‫نقطة مفصلية يف تاريخ النظام اإليراني‪ ،‬أصبح‬ ‫معها النظام “طائراً خرافياً بثالثة أجنحة على‬ ‫اليمني”‪ :‬وهي التيارات الثالثة داخل املعسكر‬ ‫احملافظ‪ ،‬يف حني سيضمر اجلناح الواقع على‬ ‫اليسار بعد هزمية اإلصالحيني‪.‬‬ ‫وعكست هذه األزمة توزيعاً جديدا للقوى‬ ‫داخل إيران بني “النخبة القدمية” اليت تتجسد‬ ‫من شخصيات اجليل األول للثورة وغالبية طبقة‬ ‫رجال الدين وهدفها األساسي بقاء النظام مع‬ ‫إدخال أق ّل قدر من التعديالت على تركيبته‬ ‫وحمتواه الديين‪ ،‬يف مقابل “النخبة اجلديدة”‬ ‫املش ّكلة من ضباط ومنتسيب احلرس الثوري‬ ‫واملستفيدين منه اقتصادياً وجهاز األمن ووزارة‬ ‫الداخلية وميليشيا املتطوعني (الباسيج)‪،‬‬ ‫باإلضافة إىل أقلية من بني رجال الدين يقودهم‬ ‫مرشد اجلمهورية السيد علي خامنئي وآية الله‬ ‫أحمد جنتي‪ ،‬واملرشد الروحي للرئيس أحمدي‬ ‫نجاد وهو آية اهلل مصباح يزدي‪.‬‬ ‫والكتلة الثانية تريد بقاء النظام أيضاً‪ ،‬ولكن‬

‫مع إعادة توزيع املوارد االقتصادية والسلطة‬ ‫السياسية يف النظام مبا خيدم مصاحلها وعلى‬ ‫حساب األجنحة األخرى‪.‬‬ ‫ويذهب الّلباد إىل إن مقام املرشد “الذي‬ ‫اضطر إىل النزول من علياء موقعه للدفاع‬ ‫عن الرئيس أحمدي نجاد وتياره يف أعقاب‬ ‫االنتخابات يف مواجهة تظاهرات اإلصالحيني”‪،‬‬ ‫سيحاول أن ينقل الصراع من الشارع إىل‬ ‫احللقة الضيقة للنظام‪ .‬وسيعمل على حتجيم‬ ‫الرئيس أحمدي نجاد وإضعافه نسبياً يف‬ ‫مباراة مضبوطة اإليقاع وحم ّددة الرقعة ليس‬ ‫ملصلحة اإلصالحيني بالطبع‪ ،‬ولكن ملصلحة‬ ‫التيار احملافظ الربامجاتي ممث ً‬ ‫ال يف هاشمي‬ ‫رفسنجاني وعلي الريجاني‪.‬‬ ‫وعلى خالف ما يتص ّور البعض‪ ،‬خباصة‬ ‫يف الغرب‪ ،‬من أن الضغط على “الديكتاتور”‬ ‫(املقصود الولي الفقيه) يزيده ديكتاتورية‪ ،‬يرى‬ ‫د‪ .‬محمد السعيد عبد املؤمن أن الوضع خمتلف‬ ‫يف إيران‪ ،‬حيث ستجدي أدوات الضغط مع الولي‬ ‫الفقيه مبا له من صالحيات ووضع يسمح له‬ ‫بتغيري مواقفه متاماً‪ ،‬وكذلك تربيرها‪ ،‬فاملعركة‬ ‫احلالية لن حتول دون وجود التيار اإلصالحي‬ ‫على الساحة السياسية بفاعلية‪ ،‬بل على العكس‬ ‫فإن النظام‪ ،‬ممث ًال يف الولي الفقيه‪ ،‬سيبقي‬ ‫علي رفسنجاني وتياره‪ ،‬فرمبا حيتاج إليه يوماً‬ ‫ما‪ ،‬وال غنى للنظام‪ ،‬عن وجود االجتاه الذي‬ ‫يقوده رفسنجاني ألن النظام يريد يف النهاية أن‬ ‫يضفي طابعاً دميقراطياً على العملية السياسية‪،‬‬ ‫لذا يتوقع أن تتّسم قرارات الولي الفقيه والنظام‬ ‫اإليراني بشكل عام باملرونة على مدى السنوات‬ ‫األربع املقبلة‪ ،‬فمن شأن الضغوط اليت متارس‬ ‫عرب الرأي العام أن جتعل الولي ال يغالي يف‬ ‫السلطة‪ ،‬خباصة يف ظ ّل حمددات أخرى إقليمية‬ ‫ودولية سيضعها النظام نصب عينيه يف حالة‬ ‫اختاذ أ ّي قرار‪ ،‬بعبارة أخرى كلما ازدادت‬

‫‪351‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 352‬للتنمية الثقافية‬

‫الضغوط‪ ،‬خباصة الداخلية على الولي الفقيه‪،‬‬ ‫ازدادت مواقفه مرونة‪ ،‬بدليل مساح خامنئي‬ ‫لـ رفسنجاني بإلقاء خطبة اجلمعة اليت أعلن‬ ‫فيها صراحة موقفه من مبدأ والية الفقيه‪.‬‬ ‫ويرجع عبد المؤمن هذه املرونة اليت يتّسم‬ ‫بها الولي الفقيه إىل ارتباط األيديولوجية‬ ‫باملصلحة يف إيران‪ ،‬وهو ارتباط يسمح لألخرية‬ ‫بتقديم تنازالت سواء للمعارضني يف الداخل‬ ‫والثائرين على الفساد‪ ،‬أم لدول املنطقة سعياً‬ ‫لكسب دعمها أو حيادها‪ ،‬واخلالف حول والية‬ ‫الفقيه‪“ ،‬يتعلق بفروع وليس بأصول” بني‬ ‫اجتاهني‪ :‬األول اجتاه رفسنجاني الذي جيعل‬ ‫والية الفقيه انتخابية‪ ،‬حبيث يكون للجماهري‬ ‫ح ّق انتخاب الفقيه وعزله حبسب شروط‬ ‫يضعها الدستور بناء على مبدأ املقبولية‪ ،‬والثاني‬ ‫يرى تعيني الفقيه بناء على مبدئ ّي األعلمية‬ ‫واألعدلية‪ ،‬ويأتي آية اهلل محمد تقي مصباح‬ ‫يزدي على رأس املدعمني للوالية التعيينية‬ ‫املطلقة‪ ،‬حيث يرى أن الناس ليس من حقهم‬ ‫تعيني الولي الفقيه‪ ،‬بل تأييده‪ ،‬وحيصل الولي‬ ‫الفقيه‪ ،‬على مشروعيته من ارتقائه يف املراتب‬ ‫العلمية والعدلية‪ ،‬ومن هذه الزاوية ال تنطبق‬ ‫الدميقراطية الغربية على النظام اإلسالمي‪.‬‬ ‫اصطفافات جديدة في المشهد‬ ‫اإليراني‬

‫ال تع ّد األزمة الراهنة يف إيران يف نظر محمد‬

‫عباس ناجي بني النظام اإلسالمي ومعارضيه‪،‬‬ ‫بل هي بني أبناء هذا النظام وأنصاره‪ ،‬أي أنها‬ ‫أزمة من داخل النظام وليست من خارجه‪ ،‬وهذا‬ ‫الفارق‪ ،‬غاية يف األهمية‪ ،‬ألنه يعين أن مف ّجري‬ ‫األزمة األخرية من اإلصالحيني واحملافظني‬ ‫التقليديني املعرتضني على نتيجة االنتخابات‬ ‫ليسوا رافضني للنظام وال ساعني إىل تغيريه‪،‬‬ ‫بل هم مؤمنون به وموالون له‪ ،‬لكنهم يهدفون‬

‫يف املقام األول إىل تطويره مبا يتواكب مع‬ ‫التطورات اليت مت ّر بها إيران داخلياً وخارجياً‪،‬‬ ‫وبناء عليه‪ ،‬فإن الصراع احلالي‪ ،‬ليس صراع‬ ‫استقطابات سياسية ولكنّه صراع اجتاهات‬ ‫داخل نظام اجلمهورية اإلسالمية‪ ،‬يربز منها‬ ‫اجتاهان رئيسيان‪:‬‬ ‫األول اجتاه التغيري الذي يقوده املعتدلون من‬ ‫داخل النظام‪ ،‬وينتمون إىل التيار اإلصالحي‬ ‫واجلناح التقليدي من التيار احملافظ‪ ،‬ويرى‬ ‫ضرورة إجراء تغيريات داخل نظام اجلمهورية‬ ‫اإلسالمية مبا جيعله أكثر قدرة على التوافق مع‬ ‫التطورات اليت متر بها إيران داخلياً وخارجياً‪،‬‬ ‫ويدعو إىل تغليب املصلحة على األيديولوجيا‪،‬‬ ‫ويعترب أن املرشد ‏األعلى (‏الولي الفقيه)‏ ليس‬ ‫خليفة اهلل يف األرض وال منزّهاً عن األخطاء‪،‬‬ ‫بل ميكن حماسبته ومراقبته من خالل الدستور‪.‬‏‬ ‫أما االجتاه الثاني الذي يقوده اجلناح‬ ‫األصولي املتش ّدد من التيار احملافظ الذي ينتمي‬ ‫إليه الرئيس أحمدي نجاد‪ ،‬فيلتزم حرفياً‬ ‫بالثوابت اليت قام عليها النظام اإلسالمي منذ‬ ‫الثورة العام ‪ ،1979‬ويؤمن بالنظام املنغلق يف‬ ‫جمال ّي السياسة والثقافة‪ ،‬ويدافع عن تدخل‬ ‫الدولة يف اجملال االقتصادي‪ ،‬ويرفض استرياد‬ ‫القيم الثقافية الغربية واالنفتاح الثقايف‪ ،‬كما‬ ‫يؤمن بنظرية املؤامرة‪ ،‬واألهم من ذلك أنه يرى‬ ‫أن الشعب ال دور له يف اختيار املرشد الذي‪ ،‬يف‬ ‫رؤيته‪ ،‬ال يعترب مسؤوالً أمام الشعب‪.‬‬ ‫ومع تأكيده على احلقيقة السابقة‪ ،‬يرصد‬ ‫ناجي جمموعة من التداعيات اليت أسفرت‬ ‫عنها أزمة االنتخابات الرئاسية‪ ،‬أهمها أن‬ ‫األزمة ش ّكلت حتدياً صرحياً ملكانة املرشد‬ ‫األعلى للجمهورية وإرادته‪ ،‬وهو مبثابة تط ّور‬ ‫جديد وخطري يف النظام السياسي اإليراني‪.‬‬ ‫فقد دفعت األزمة العديد من العلماء وآيات اهلل‬ ‫يف حوزة قم إىل تأكيد ضرورة فرض رقابة على‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫التأليف والنشر‬

‫تصرفات خامنئي‪ ،‬بل ومطالبة بعضهم جمللس احملافظ‪ ،‬حيث يربز يف هذا السياق موقف‬ ‫اخلرباء‪ ،‬وهو اهليئة املنوط بها تعيني املرشد “حزب املؤتلفة اإلسالمي” الذي اتخّ ذ موقفاً‬ ‫األعلى وعزله ومراقبة أعماله‪ ،‬بدراسة م ّدة متش ّدداً ض ّد هذه الدعوات‪ ،‬بدا من خالهلا‬ ‫أهلية خامنئي لتولّي منصب الولي الفقيه‪ ،‬قريباً جداً من موقف اجلناح األصولي على‬ ‫ووفقاً لرأي هؤالء فإن “والية الفقيه” تسقط الرغم من انتمائه للجناح التقليدي من التيار‬ ‫عن أ ّي شخص منحاز ويقف ض ّد إرادة الناس‪ ،‬احملافظ‪ .‬أما التطور الثاني فيتعلق باخلالفات‬ ‫وال جيوز االستمرار حبكم والية الفقيه ليوم الناشئة داخل اجلناح األصولي من التيار‬ ‫واحد من خالل ممارسة الكبت وإرسال مئات احملافظ‪ ،‬والسيما بني جمموعة الرئيس‬ ‫اآلالف من قوى األمن واحلرس والتعبئة لقمع أحمدي نجاد‪ ،‬وجمموعة األصوليني املعارضني‬ ‫احملتجني‪ ،‬يف حني أن أئمة الشيعة‪ ،‬وفقاً هلذه له واملنتقدين لسياسته واليت تض ّم رموزاً‬ ‫الرؤية‪ ،‬كانوا دوماً يسمحون خلصومهم ببيان أصولية بارزة مثل علي الريجاني رئيس جملس‬ ‫الشورى‪ ،‬ومحسن رضائي أمني جممع تشخيص‬ ‫رأيهم وحيرتمون مواقف اآلخرين وإرادتهم‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬أفرزت األزمة اصطفافاً مصلحة النظام وقائد احلرس الثوري األسبق‪،‬‬ ‫جديداً داخل النخبة السياسية اإليرانية‪ ،‬ومحمد باقر قاليباف رئيس بلدية طهران‪،‬‬ ‫فخريطة القوى السياسية اإليرانية بعد ويأتي هذا االصطفاف السياسي اجلديد داخل‬ ‫االنتخابات الرئاسية مل تعد كما كانت قبلها‪ ،‬التيار احملافظ‪ ،‬حبسب ناجي‪ ،‬على خلفية‬ ‫حيث شهدت‪ ،‬وما زالت‪ ،‬حراكاً حزبياً مستمراً‪ ،‬اجلهود احلثيثة اليت يبذهلا بعض رموز التيار‬ ‫رمبا ال يؤ ّدي إىل تشكيل خريطة سياسية جديدة احملافظ واملقربني من املرشد األعلى للجمهورية‬ ‫فحسب‪ ،‬بل إىل تدشني استقطاب سياسي جديد علي خامنئي لتقليص مكانة التيار اإلصالحي‬ ‫يف إيران‪ ،‬ومل تعد خريطة القوى السياسية داخل ونفوذه‪ ،‬متهيداً الستبعاده من خريطة القوى‬ ‫التيار اإلصالحي كما كانت قبل االنتخابات‪ ،‬السياسية اإليرانية واملنظومة اليت تعمل من‬ ‫حيث بدأت بعض القوى يف مراجعة رؤاها خالهلا داخل نظام اجلمهورية اإلسالمية‪،‬‬ ‫وأطروحاتها جتاه النظام اإلسالمي اإليراني‪ ،‬وبالتالي إنهاء االستقطاب السياسي الكالسيكي‬ ‫فيما انزوت قوى أخرى ورمبا تتّجه إىل التفتت‪ ،‬الذي سيطر على احلياة السياسية اإليرانية‬ ‫وبدأ ظهور قوى ثالثة يف االجتاه حنو رفض منذ وصول اإلصالحيني إىل السلطة يف العام‬ ‫كامل للنظام‪ ،‬وبالنسبة إىل التيار احملافظ‪ 1997 ،‬بني التيار اإلصالحي والتيار احملافظ‪،‬‬ ‫مثة تطوران مهمان قد حيدثان تغيرياً كبرياً يف واستبداله باستقطاب سياسي جديد من‬ ‫أمناط التحالفات واالئتالفات بني القوى املك ّونة داخل التيار احملافظ بني أصوليني راديكاليني‬ ‫هلذا التيار‪ ،‬يتمثّل التطور األول‪ ،‬يف الدعوات وأصوليني براغماتيني‪ ،‬ورمبا يدعم ذلك أن‬ ‫اليت تصاعدت من داخل التيار اإلصالحي‪ ،‬خربة احلياة السياسية واحلراك احلزبي داخل‬ ‫على خلفية أزمة االنتخابات الرئاسية‪ ،‬لفرض إيران‪ ،‬حتى قبل قيام الثورة العام ‪ ،1979‬متيل‬ ‫قيود على صالحيات الولي الفقيه‪ ،‬بل وجتاوز دائماً إىل فكرة االستقطابات الثنائية مع رفض‬ ‫ذلك للمطالبة بإلغاء العمل بها‪ .‬فقد أحدثت تام للتع ّددية احلزبية‪.‬‬ ‫ويذهب ناجي إىل أن أوىل مؤشرات تبلور‬ ‫هذه الدعوات تقارباً ملحوظاً يف رؤى اجلناحني‬ ‫األصولي والتقليدي وطروحاتهما داخل التيار هذا االستقطاب السياسي اجلديد‪ ،‬بدت واضحة‬

‫‪353‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 354‬للتنمية الثقافية‬

‫يف تع ّمد خامنئي تقوية األصوليني الرباغماتيني‬ ‫(الريجاني – رضائي – قاليباف) على‬ ‫حساب األصوليني الراديكاليني بزعامة الرئيس‬ ‫أحمدي نجاد يف حماولة خللق توازن بني‬ ‫التيارين ميكن من خالله إدارة احلكم من خالل‬ ‫التنافس‪ ،‬بشرط أال يتح ّول إىل صراع على حنو‬ ‫التجربة السابقة لإلصالحيني مع احملافظني‪.‬‬ ‫المؤسسة الدينية ال الثورة‬ ‫انقسام‬ ‫ّ‬ ‫المخملية‬

‫ربما يكون أخطر ما في األزمة التي‬ ‫ارتبطت باالنتخابات الرئاسية اإليرانية‬ ‫أنها تجاوزت السطح السياسي ونفذت إلى‬ ‫أعماق المجتمع‪ ،‬فكشفت عمق االنقسام‬ ‫فيه بصورة ال يمكن اإلطمئنان معها إلى‬ ‫مستقبل الجمهورية اإلسالمية‪ ،‬بمجرد‬ ‫انتهاء مظاهره الخارجية في الشارع‪،‬‬ ‫وأهم ما ينطوي عليه االنقسام المجتمعي‬ ‫الحالي في إيران هو أنه يه ّدد بتنامي‬ ‫حركة اجتماعية مدينية شابة قد تسعى‬ ‫للتغيير على المدى الطويل‪..‬‬

‫رمبا يكون أخطر ما يف األزمة اليت ارتبطت‬ ‫باالنتخابات الرئاسية اإليرانية‪ ،‬حبسب دراسة‬ ‫د‪ .‬وحيد عبد المجيد أنها قد جتاوزت‬ ‫السطح السياسي ونفذت إىل “أعماق اجملتمع”‪،‬‬ ‫فكشفت عن مدى عمق االنقسام فيه بصورة ال‬ ‫ميكن االطمئنان معها إىل مستقبل اجلمهورية‬ ‫اإلسالمية مبجرد إنهاء مظاهره اخلارجية يف‬ ‫الشارع‪ .‬وأهم ما ينطوي عليه االنقسام اجملتمعي‬ ‫احلالي يف إيران هو أنه يه ّدد “بتنامي حركة‬ ‫اجتماعية مدينية شابة قد تسعى للتغيري على‬ ‫املدى الطويل عرب أساليب احتجاجية تتجاوز‬ ‫األطر املتاحة ما دام الطريق إىل التجديد من‬ ‫داخل هذه األطر مسدوداً”‪ ،‬فاجملتمع احلضري‬ ‫يف إيران‪ ،‬شاب بل فيت‪ ،‬عالوة على أنه مي ّر‬ ‫بتغيرّ ات عميقة تعبرّ يف رأي البعض عن حالة‬ ‫صحوة يف أوساط فئات اجتماعية مهمة نوعياً‬ ‫على الرغم من أنها ال متثّل أغلبية‪.‬‬ ‫من ذلك يستبعد عبد المجيد إمكانية‬ ‫املؤسسات‬ ‫حدوث ثورة خمملية‪“ ،‬ففي ظ ّل سطوة ّ‬ ‫املرتبطة باملرشد األعلى ويف مقدمتها احلرس‬ ‫الثوري‪ ،‬واستمرار التحديات اخلارجية ورمبا‬ ‫تعاظمها إذا أخفق احلوار األمريكي – اإليراني‪،‬‬ ‫املؤسسة احلاكمة‪ ،‬وليس شبح ثورة‬ ‫أصبح انقسام ّ‬ ‫خمملية‪ ،‬مصدر التهديد الرئيسي لالستقرار‬ ‫يف إيران”‪ ،‬فقد أعادت األزمة الراهنة إنتاج‬

‫اخلالف القديم على مبدأ والية الفقيه‪ ،‬وعلى‬ ‫الرغم من أن هذا اخلالف قديم‪ ،‬فإنه مل يقرتن‬ ‫يف أ ّي وقت مضى بأزمة من هذا النوع تستم ّد‬ ‫أهميتها اخلاصة من أنها كشفت يف ّ‬ ‫حمك عملي‬ ‫أن وضع مصري أمة بني يدي فقيه فرد مطلقة‬ ‫واليته ميثّل خطراً ليس عليها فقط‪ ،‬ولكن أيضاً‬ ‫على مكانة الفقيه يف العقيدة الشيعية‪ ،‬وفتحت‬ ‫األزمة الباب أمام مراجعة مبدأ الدميقراطية‬ ‫الدينية‪ ،‬أو ما يس ّميه املرشد األعلى احلالي‬ ‫السيد علي خامنئي “حاكمية الشعب الدينية”‪،‬‬ ‫وال تعين هذه املراجعة‪ ،‬استبدال دميقراطية‬ ‫تنافسية ح ّرة مفتوحة على النمط الغربي بهذه‬ ‫الدميقراطية الدينية‪ ،‬إذ إن التيار السائد يف‬ ‫أوساط اإلصالحيني حمكوم بسقف النظام‬ ‫اإلسالمي‪ .‬ولكن حتت هذا السقف‪ ،‬ميكن احل ّد‬ ‫من القيود املفروضة على احلريات واحلقوق‬ ‫العامة والشخصية اليت حت ّول حياة أقسام‬ ‫كبرية من اجملتمع‪ -‬وخصوصاً نساءه‪ -‬إىل‬ ‫جحيم ال يرى احملافظون اخلمينيون فردوساً‬ ‫خارج نطاقه‪ .‬فالصراع ليس على استمرار هذا‬ ‫النظام‪ ،‬وإمنا على إبقائه حتت عباءة الخميني‬ ‫أو حتريره منها‪.‬‬ ‫وإن كان خامنئي قد خرج منتصراً من أزمة‬ ‫نتائج االنتخابات الرئاسية‪ ،‬فإنه دفع مثناً باهظاً‬ ‫ألنه مل يعد مرشداً للجميع‪ ،‬وإمنا بات أقرب إىل‬ ‫زعيم تيار‪ ،‬والسؤال احملوري هنا‪ ،‬ما إذا كان‬ ‫املؤسسة الدينية مؤثراً إىل‬ ‫الشرخ الذي أصاب ّ‬ ‫املؤسسة‬ ‫احل ّد الذي يؤ ّدي إىل تهميشها ملصلحة ّ‬ ‫العسكرية‪ -‬األمنية بعدما برز دورها قوياً‬ ‫ومهيمناً يف األزمة اليت مل تنت ِه فصوهلا‪.‬‬ ‫ويطرح وحيد عبد المجيد يف دراسته ثالثة‬ ‫املؤسسة الدينية ‪:‬‬ ‫سيناريوهات ملستقبل ّ‬ ‫األول‪ :‬إصالح الشرخ الذي حدث فيها‪،‬‬ ‫ويتوقف هذا السيناريو على مدى قدرة‬ ‫املرشد األعلى احلالي على احتواء األزمة‪،‬‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫التأليف والنشر‬

‫ومدى استعداده بالتالي إللزام الرئيس نجاد القرآن الكريم‪ ،‬والكتاب املقدس‪ ،‬واألديان غري‬ ‫مب ّد جسور مع خصومه اإلصالحيني واختاذ السماوية‪ ،‬وأساطري األولني‪ ،‬وذلك حول مسألة‬ ‫مما دعا إليه الفقر واجلوع وسبل معاجلتها‪ ،‬وتزايد اهتمام‬ ‫إجراءات انفتاحية حتقق شيئاً ّ‬ ‫موسوي وكروبي خالل احلملة االنتخابية‪ ،‬ورمبا املفكرين الكالسيكيني واحملدثني يف بناء‬ ‫دمج نجاد عدداً من أنصارهما يف احلكومة‪ ،‬نظرياتهم االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وال سيما‬ ‫على حنو يرضي معظم علماء الدين املتعاطفني اليسارية منها‪ ،‬بهذه الظاهرة‪ ،‬يف حماوالت‬ ‫معهما أو الذين أزعجتهم الطريقة التى أديرت خلفض آثارها الضارة على أفراد اجملتمع‪.‬‬ ‫بها االنتخابات واإلصرار على تثبيت فوز نجاد‪ .‬ولكن تزايد السكان ومن ّوهم‪ ،‬وفقاً ألفكار‬ ‫السيناريو الثاني‪ :‬أن يبقى الشرخ الذي روبرت مالثوس‪ ،‬ومتض ّمنات النظريات السكانية‬ ‫املؤسسة الدينية ولكن من دون اتساع‪ ،‬املعاصرة‪ ،‬وعدم كفاءة السياسات االقتصادية‪،‬‬ ‫أصاب ّ‬ ‫حبيث تبقى قادرة على بناء توافق ال بديل عنه وما متخّض عنها من تفاوت واسع يف إعادة‬ ‫الستمرار دورها إذا غاب السيد علي خامنئي توزيع الدخل‪ ،‬ترتب عنها اختالل توازن املعادلة‬ ‫قبل حلول موعد االنتخابات الرئاسية املقبلة “السكانية ‪ -‬الغذائية” وقاد هذا االختالل إىل‬ ‫أو اضطر إىل التقاعد لظروف صحية تتعلق ارتفاع معدل الفقر البشري‪ ،‬ومظاهر اجلوع يف‬ ‫مبرضه الذي ال تتوافر معلومات كافية عن العديد من مناطق العامل‪ ،‬وال سيما املناطق‬ ‫النامية واألقل من ّواً‪.‬‬ ‫املستوى الذي بلغه‪.‬‬ ‫وتعكس أزمة الكساد العاملية يف نهاية العقد‬ ‫أما السيناريو الثالث فهو أن يزداد‬ ‫املؤسسة الدينية على الثاني من القرن العشرين إحدى صور احلالة‬ ‫الشرخ الذي أصاب ّ‬ ‫حنو جيعلها عاجزة عن التوافق على القضايا األخرية‪ .‬وكانت لآلراء الكينزية يف جمال خلق‬ ‫الكربى‪ ،‬األمر الذى يفتح الباب أمام مزيد من الطلب الفعال آنذاك آثار حمسوسة يف التحسن‬ ‫املؤسسة العسكرية – األمنية‪ .‬الذي طرأ على حال معظم اجملتمعات‪ ،‬وال سيما‬ ‫التوسع يف نفوذ ّ‬ ‫تلك اليت واجهت األزمة بصورة مباشرة‪ ،‬حني‬ ‫كانت معطيات “مشروع مارشال” يف اجلزء‬ ‫ثالث ًا‪ :‬كتب في االقتصاد وهمومه‬ ‫األوروبي الذي خاض احلرب العاملية الثانية‪،‬‬ ‫إحدى أكثر الصور وضوحاً يف معاجلة جوانب‬ ‫الكتاب‪ :‬األمـــن الغذائـي العـربــي ‪-‬‬ ‫العرض يف الزمن املعاصر‪ ،‬للخروج من دورة‬ ‫مقاربات إلى صناعة الجوع‬ ‫الكساد يف االقتصادات الّليربالية”‪.‬‬ ‫الكاتب‪ :‬سالم توفيق النجفي ‬ ‫ويذكر املؤلف أن‪“:‬النظرية االقتصادية‬ ‫الناشر‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪-‬‬ ‫الكالسيكية احلديثة يف امتدادتها التوسعية يف‬ ‫بيروت‬ ‫بعض جغرافية العامل الثالث يف العقود الثالثة‬ ‫يسته ّل الدكتور سالم النجفي كتابه “األمن املاضية‪ ،‬كانت إحدى املرجعيات األيديولوجية‬ ‫الغذائي العربي” بقوله‪“ :‬منذ أمد بعيد‪ ،‬يف للنظام االقتصادي الرأمسالي‪ ،‬وذلك نتيجة‬ ‫عمق التاريخ البشري‪ ،‬كان الصراع قائماً الصراعات السياسية وتنامي احلرب الباردة‪،‬‬ ‫للحصول على الغذاء أو موارده اإلنتاجية‪ ،‬وال سيما يف عقد السبعينيات‪ .‬وبذلك سادت‬ ‫وجاءت دالالته يف العديد من متضمنات الدعوة إىل الّليربالية واعتماد برامج اإلصالح‬

‫‪355‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 356‬للتنمية الثقافية‬

‫االقتصادي وفقاً ملفاهيم آليات السوق‪ ،‬واجته‬ ‫منط توزيع الفائض االقتصادي‪ ،‬والسيما‬ ‫الزراعي منه‪ ،‬حنو رأس املال املزرعي أكثر من‬ ‫نظريه العمل الزراعي‪ ،‬وهو ما أوجد تفاوتاً يف‬ ‫منط توزيع الدخل‪ ،‬وتنامي الالمساواة والفقر‪،‬‬ ‫مما زاد األمر سوءاً‬ ‫وخصوصاً يف الريف‪ .‬و ّ‬ ‫على الصعيدين االقتصادي واالجتماعي تراكم‬ ‫أعباء املديونية اخلارجية بعد عقد الثمانينيّات‪،‬‬ ‫وحت ّوهلا إىل أزمة اقتصادية‪ ،‬وال سيّما يف‬ ‫البلدان النامية واألقل منواً‪ ،‬فتمخّض عن هذه‬ ‫احلال مصفوفة معقدة من القيود واحمل ّددات‪،‬‬ ‫ش ّكلت يف جمملها أزمة معقدة يف اقتصادات‬ ‫األمن الغذائي يف العديد من البلدان املذكورة‪،‬‬ ‫والسيما العربية منها‪ ،‬ويف نهاية القرن احلادي‬ ‫والعشرين‪ ،‬جنم عنها ارتفاع أسعار السلع‬ ‫الغذائية الرئيسية‪ ،‬وال سيما احلبوب‪ ،‬ومن ثم‬ ‫تنامي العجز والنقص النسيب يف الغذاء لدى‬ ‫بعض فئات اجملتمع”‪.‬‬ ‫نوعان من انعدام األمن الغذائي‬

‫يقول النجفي‪ :‬يشري مفهوم “األمن‬ ‫الغذائي” إىل إمكانية حصول أفراد اجملتمع يف‬ ‫األوقات كلّها على الغذاء الكايف الذي يتطلّبه‬ ‫نشاطهم وصحتهم‪ ،‬وتواجه البلدان العربية‬ ‫نوعني من انعدام األمن الغذائي‪ ،‬يوصف األول‬ ‫بأنه مزمن‪ ،‬وغالباً ال يعود األخري إىل منط‬ ‫السياسات االقتصادية املعتمدة وكفاءتها‪،‬‬ ‫بقدر ما يعود إىل متغريات مرتابطة يتقدمها‬ ‫اخنفاض إنتاجية وحدة املوارد الزراعية‬ ‫وندرتها‪ ،‬وتدنّي اإلمكانيات املادية اليت‬ ‫تطلبها التنمية‪ ،‬وارتفاع التقلبات يف إنتاجية‬ ‫احملاصيل الزراعية‪ ،‬بينما يوصف النوع الثاني‬ ‫بأنه مؤقت‪ ،‬وغالباً ما يسود هذا النوع من‬ ‫ج ّراء عدم كفاءة األداء االقتصادي والزراعي‪،‬‬ ‫واألزمات الطارئة على االقتصادات الزراعية‬

‫احمللية‪ ،‬األمر الذي يتطلّب أن تكون إحدى‬ ‫معاجلاته‪ ،‬والسيما املتأتية من انعطافات بيئة‬ ‫غري متوقعة‪ ،‬تأسيس شبكة أمان من املخزون‬ ‫الغذائي‪ ،‬وتتطلّب االجتاهات الرئيسية‬ ‫ملعاجلات انعدام األمن الغذائي تغريات‬ ‫هيكيلية يف قطاع إنتاج الغذاء‪ ،‬فض ًال عن‬ ‫اعتماد سياسات سعرية (األسعار اجلزئية)‬ ‫تؤ ّدي إىل حتفيز تزايد العرض من الغذاء‪،‬‬ ‫وسياسات سعرية (األسعار الكلية) حتقق‬ ‫إعادة توزيع الدخل املنخفض من احلصول‬ ‫على متطلباتهم األساسية من الغذاء‪.‬‬ ‫إدارة الطلب‬

‫وقد ارتبطت مسارات األمن الغذائي يف‬ ‫معظم بلدان العامل يف مطلع األلفية الثالث‬ ‫مبسارات “العوملة”‪ ،‬وتأثرياتها‪ ،‬وال سيما يف‬ ‫تلك اجلوانب املتعلقة بسياسات “إدارة الطلب”‬ ‫املؤثّر يف القدرة الشرائية لألفراد منخفضي‬ ‫الدخل‪ ،‬وخصوصاً أولئك الذين هم حتت‬ ‫“خط الفقر”‪ .‬وترتبط متضمنات العوملة حبرية‬ ‫التجارة اخلارجية‪ ،‬والسمات الّليربالية ألسواق‬ ‫املال‪ ،‬وكذلك االنفتاح االقتصادي على األسواق‬ ‫العاملية‪.‬‬ ‫وينتهي املؤلف إىل أن أوضاع األمن الغذائي‬ ‫العربي‪ ،‬ورثت يف مطلع األلفية الثالثة إشكاليات‬ ‫معقّدة ُمتأتية من الظواهر االقتصادية‬ ‫واالجتماعية والبيئية املرتاكمة‪ ،‬قيّدت فاعلية‬ ‫الربامج الساعية إىل النم ّو والتنمية املؤدية إىل‬ ‫تدني أعباء انعدام األمن الغذائي‪ ،‬وأبطأت من‬ ‫سبل معاجلة النقص والعجز النسيب يف الغذاء‪،‬‬ ‫يف البلدان العربية‪ .‬‬ ‫لذا‪ ،‬يتطلّب من السياسات االقتصادية‬ ‫العربية اعتماد برامج وقائية لألمن الغذائي يف‬ ‫مواجهة املتغريات احملتملة جراء حترير التجارة‬ ‫الزراعية‪.‬‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫الكتاب‪ :‬الفقر والفساد في العالم‬ ‫العربي‬ ‫الكاتب ‪ :‬سمير التنير‬ ‫الناشر‪ :‬الساقي ‪ -‬بيروت‬

‫التأليف والنشر‬

‫رمبا تستح ّق ظاهرة “الفقر والفساد” يف‬ ‫الوطن العربي لقب “الظاهرة األوجع” عن‬ ‫جدارة‪ ،‬ألنها الفاعل األول والرئيسي يف إحباط‬ ‫ك ّل األحالم اجلماعية والفردية‪ ،‬وسبب انهيار‬ ‫منظومات القيم اليت اعتزّت بها طوي ًال الطبقة‬ ‫املتوسطة يف اجملتمعات العربية‪ ،‬من فرتة‬ ‫الكفاح ض ّد االستعمار‪ ،‬واملطالبة باالستقالل‪،‬‬ ‫إىل زمن التح ّرر ونهوض املشروعات الكربى‪،‬‬ ‫وقبل أن تثمر جاء الفساد ليعصف بك ّل شيء ‪.‬‬ ‫مؤلّف هذا الكتاب هو الدكتور سمير التنير‪،‬‬ ‫األكادميي والباحث االقتصادي الّلبناني‪ ،‬واخلبري‬ ‫يف منظمة التنمية الصناعية (اليونيدو)‬ ‫التابعة لـ األمم المتّ حدة‪ ،‬وله ع ّدة مؤلفات‬ ‫اقتصادية مهمة‪ ،‬كان آخرها هو هذا الكتاب‬ ‫الذي يعاجل قضية الفقر والفساداليت باتت‬ ‫اهلاجس األول للمواطن يف ك ّل األقطار العربية‪.‬‬ ‫يرجع التنير ظاهرة الفقر يف الوطن العربي‬ ‫إىل مجلة أسباب معقدة على الصعيدين‬ ‫الداخلي واخلارجي‪ ،‬حيث مل يطرأ أ ّي حتسن‬ ‫على مؤشرات الدخل وال الضمانات االجتماعية‪،‬‬ ‫ألن برامج التنمية مل تنطلق من رؤى وحاجات‬ ‫داخلية‪ ،‬بل جاءت ضمن سياق تنفيذ اسرتاتيجية‬ ‫اقتصادية وضعها البنك الدولي وصندوق النقد‬ ‫الدولي‪ ،‬وأيضاً كان لتقلبات أسعار النفط دور‬ ‫بارز يف اإلنفاق احلكومي‪ ،‬وانعكست على النم ّو‬ ‫برتاجع دور الدولة يف الشأن االجتماعي‪.‬‬ ‫واملقلق يف نظر الكاتب هو“اتساع ظاهرة‬ ‫الفقر”‪ ،‬الرتباطه بالعدالة االقتصادية‬ ‫املوجهة‬ ‫واالجتماعية‪ ،‬والسياسات االقتصادية ّ‬ ‫ملصلحة األغنياء‪ ،‬والسياسة النقدية اليت تؤثّر‬ ‫على سعر الفائدة وتعترب من أهم السياسات‬

‫املسببة للفقر أيضاً‪ ،‬ألن سعر الفائدة يؤثّر‬ ‫يف خفض احلوافز املرتبطة باالستثمار سواء‬ ‫احمللي أم األجنيب‪ ،‬وخيفض الطلب على‬ ‫العمالة‪ ،‬فاخنفاض النم ّو االقتصادي العربي‬ ‫رفع معدل البطالة إىل أكثر من ‪ ،% 15‬حيث‬ ‫مل تتجاوز نسبة النمو ‪ % 1.2‬من العام ‪1980‬‬ ‫إىل العام ‪ ،2000‬وأ ّدت السياسات النقدية إىل‬ ‫ارتفاع التضخم‪ ،‬خباصة يف البلدان العربية‬ ‫منخفضة الدخل‪ ،‬مثل السودان واليمن‬ ‫والصومال وموريتانيا‪ ،‬وخفض ذلك مباشرة‬ ‫القيمة الشرائية لعمالت تلك الدول وتدهورها‪.‬‬ ‫وأثّرت السياسات املالية للدولة‪ ،‬بطريقة‬ ‫مباشرة أو غري مباشرة‪ ،‬عرب آليات توزيع‬ ‫الدخل ومن خالل الضرائب املباشرة وغري‬ ‫املباشرة‪.‬‬ ‫يقول سمير التنير إن “انتشار الفقر ال‬ ‫يقتصر على ندرة املوارد الطبيعية والسياسات‬ ‫االقتصادية للدولة‪ ،‬بل يتو ّقف أيضاً على‬ ‫اجتاهات االقتصاد العاملي واملتغريات اخلارجية‬ ‫املؤثرة على ظاهرة الفقر أو على احل ّد منها”‪.‬‬ ‫وكذلك أفضت األوضاع غري التنافسية إىل‬ ‫التط ّرف يف توزيع الفائض االقتصادي ملصلحة‬ ‫رأس املال من دون األجر‪ ،‬إضافة لتخصيص‬ ‫مبالغ هائلة لإلنفاق العسكري على حساب‬ ‫الرعاية االجتماعية‪ ،‬وأفضت األزمات االقتصادية‬ ‫يف بعض البلدان العربية إىل هروب رؤوس‬ ‫األموال الدولية‪ ،‬وأسهمت يف إنتاج الفقر‪ ،‬بسبب‬ ‫اخنفاض الطلب على العمل وتدنّي األجور‪.‬‬

‫‪357‬‬

‫ظاهرة الفساد‬

‫وتع ّرف‬ ‫بأنه‪“ :‬استغالل السلطة من أجل املنفعة‬ ‫اخلاصة”‪ .‬أما البنك الدولي فيع ّرف الفساد‬ ‫بأنه “إساءة استعمال الوظيفة العامة للكسب‬ ‫اخلاص”‪.‬‬ ‫منظمة الشفافية العالمية الفساد‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 358‬للتنمية الثقافية‬

‫ويرى التنير أن “الفساد حيدث عادة عندما‬ ‫يقوم موظف بقبول أو طلب ابتزاز أو رشوة‬ ‫لتسهيل عقد أو إجراء طرح ملنافسة عامة‪ ،‬كما‬ ‫يت ّم عندما يعرض وكالء أو وسطاء لشركات‬ ‫أو أعمال خاصة تقديم رشوة لالستفادة من‬ ‫سياسات أو إجراءات عامة للتغلب على منافسني‬ ‫وحتقيق أرباح خارج إطار القوانني املرعية‪ .‬كما‬ ‫ميكن أن حيصل الفساد عن طريق استغالل أو‬ ‫سرقة أموال الدولة مباشرة”‪.‬‬ ‫وميكن تبينّ آليتني رئيسيتني من آليات‬ ‫الفساد من خالل هذا التعريف‪ ،‬أوهلا آلية دفع‬ ‫الرشوة والعمولة إىل املوظفني واملسؤولني يف‬ ‫احلكومة ويف القطاعني العام واخلاص مباشر ًة‬ ‫لتسهيل عقد الصفقات وتدبري األمور‪ ،‬واآللية‬ ‫الثانية الرشوة املقنّعة يف شكل وضع اليد على‬ ‫املال العام واحلصول على مواقع متقدمة لألبناء‬ ‫واألصهار واألقارب يف اجلهاز الوظيفي‪ ،‬وهذه‬ ‫الظاهرة هي األكثر انتشاراً يف البلدان العربية‪.‬‬ ‫ويذهب الكاتب إىل أن عمليات اخلصخصة‬ ‫يف كثري من بلدان العامل‪ ،‬أ ّدت إىل نوع جديد‬ ‫من الفساد هو التوجه لبيع أمالك الدولة‬ ‫بواسطة املسؤولني احلكوميني لتحقيق املصاحل‬ ‫الشخصية‪ ،‬هذا النوع من الفساد يصنف يف فئة‬ ‫الفساد “الكبري” الذي خيالف القانون والذي‬ ‫حيدث عادة يف بالد ال حترتم قوانينها‪ ،‬ويؤ ّدي‬ ‫إىل تس ّرب الفساد إىل اجلسم القضائي املؤمتن‬ ‫عادة على إحقاق احلقوق وضمان العدالة‪.‬‬ ‫بشكل عام‪ ،‬ميكن اعتبار الفساد ظاهرة‬ ‫اقتصادية واجتماعية وسياسية توجد يف ك ّل‬ ‫دول العامل‪ ،‬وإن كان األمر متفشياً يف البلدان‬ ‫اليت يدعونها بالعامل الثالث حيث يت ّم الوصول‬ ‫إىل احلكم عادة بطرق غري مشروعة‪ ،‬ويستغ ّل‬ ‫السياسيون مراكزهم من أجل املصلحة‬ ‫اخلاصة‪ ،‬وحيصل الفساد عادة يف التماس بني‬ ‫القطاعني العام واخلاص ‪.‬‬

‫ويرى املؤلّف أن مكافحة الفساد تقتضي‬ ‫إقامة ندوات ومؤمترات حول هذا املوضوع‬ ‫الشائك واملعقد‪ ،‬ووضع األحباث والدراسات‬ ‫اليت تفضح الطرق واألساليب الشيطانية اليت‬ ‫يلجأ إليها املفسدون‪ ،‬وهي أساليب مبتكرة يف‬ ‫غالب األحيان‪.‬‬ ‫مفردة الفساد‬

‫ميكن أن تكون مفردة الفساد مضلّلة أحياناً‪،‬‬ ‫نظراً إىل محولتها األخالقية‪ ،‬اليت توحي بأن‬ ‫أصل الظاهرة يرجع إىل خراب ضمائر بعض‬ ‫األفراد أو كثري منهم أو حتى كلّهم‪ ،‬لكن عند‬ ‫استخدام هذه املفردة ينبغي الرتكيز على‬ ‫الفساد بوصفه عالقة اجتماعية وسياسية‪،‬‬ ‫ويتصل جبملة موازين القوى االجتماعية‬ ‫وعالقات الطبقات ومنط الرتاكم املادي يف‬ ‫املتخصصة‬ ‫اجملتمع املعين‪ .‬وتؤكد الدراسات‬ ‫ّ‬ ‫وجود عالقة قوية بني نسبة اإلنفاق العسكري‬ ‫والفساد‪،‬أي أن احلكومات األكثر فساداً متيل‬ ‫إىل اإلنفاق العسكري األكرب‪ ،‬بسبب انعدام‬ ‫الرقابة الفعالة على هذا النوع من الفساد‪.‬‬ ‫“وميثّل الفساد الشر األساسي الذي تنتجه‬ ‫غالبية أنظمتنا السياسية العربية احلالية‪ ،‬وهو‬ ‫يكشف عن وجهه القبيح يف ك ّل مكان‪ ،‬وحيدث‬ ‫آثاره املدمرة يف مناطق عاملنا الفقرية‪ ،‬حيث‬ ‫يدع املاليني من البشر أسرى البؤس والفقر‬ ‫املختصون أن املرتاكم من‬ ‫واملرض”‪.‬ويرى‬ ‫ّ‬ ‫إمجالي الدخل القومي العربي يف النصف‬ ‫األخري من القرن العشرين (‪)2000 - 1950‬‬ ‫يق ّدر بنحو ثالثة آالف مليار دوالر‪ ،‬أي (ثالثة‬ ‫تريليونات دوالر) ويقدر ما صرف على التسليح‬ ‫من هذا املبلغ حبدود ألف مليار دوالر‪.‬‬ ‫خصص‬ ‫أما إعمار البنى التحتية وما ّ‬ ‫للقطاعات الصناعية والزراعية واخلدمية‪،‬‬ ‫فقد استهلك حبدود ألف مليار دوالر أخرى‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫يذهب سمير التنير إلى أن عمليات‬ ‫الخصخصة في كثير من بلدان العالم‬ ‫أ ّدت إلى نوع جديد من الفساد وهو التوجه‬ ‫لبيع أمالك الدولة بواسطة المسؤولين‬ ‫الحكوميين لتحقيق المصالح الشخصية‪،‬‬ ‫وإلى أن هذا النوع من الفساد يصنف في‬ ‫فئة الفساد “الكبير” الذي يحدث عادة في‬ ‫بالد ال تحترم قوانينها‪ ،‬ويؤ ّدي إلى تس ّرب‬ ‫الفساد إلى جسهما القضائي‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫التأليف والنشر‬

‫يف الفرتة ذاتها‪ .‬أما األلف الثالثة فيقدر أنها على قواعد التمويل السياسي املعروفة‪ ،‬وإجبار‬ ‫ومؤسسات عملوا وسعوا القطاع اخلاص على دفع أموال للحماية من‬ ‫ذهبت إىل أشخاص ّ‬ ‫املخصصة‬ ‫من أجل تسهيل وتسيريها العمليات واألعمال إجراءات الدولة‪ ،‬وختفيض األموال ّ‬ ‫املطلوبة للشقني األولني‪ ،‬وهذا يعين‪ ،‬إن ص ّحت ألحزاب املعارضة‪.‬‬ ‫ويقّر املؤلّف بوجود عقبات وموانع كثرية‬ ‫هذه األرقام‪ ،‬أن ثلث ثروة األمة نهبت وحجبت‬ ‫إلمكانية التحقّق من وجهة صرف األموال‪،‬‬ ‫عن مشروعات التنمية نتيجة الفساد‪.‬‬ ‫ويسبّب الفساد املزيد من الفقر وانعدام ويطالب بوضع قوانني وقواعد جديدة‬ ‫العدالة يف احلصول على وظائف الدولة‪ ،‬نظراً لكيفية صرفها‪ ،‬والوجهة اليت تتوجه إليها‪،‬‬ ‫لعدم حصول طالبيها على الدعم املعروف عرباالستعانة بسلسلة القوانني واإلجراءات‬ ‫املصدر‪ .‬ميكن إلساءة استعمال املال يف اليت طبّقها بعض الدول املتقدمة‪ ،‬وأهم تلك‬ ‫السياسة أن تعكس وحتدث مشكالت كبرية اإلجراءات كيفية اإلعالن عن وجهة الصرف‬ ‫للدول الدميقراطية‪ .‬ويؤ ّدي األداء املش ّوه ومراقبة األحزاب السياسية واملرشحني‬ ‫لألحزاب السياسية ولألفراد‪ ،‬عند إساءة لالنتخابات‪ ،‬ويعترب أن اإلعالن عن األموال‬ ‫استعمال املال‪ ،‬إىل انعدام الثقة يف اجملالس مه ّم جداً بالنسبة إىل الناشطني والسياسيني‬ ‫خيص‬ ‫السياسية ويف النشاطات اليت تقوم بها‪ ،‬وهناك على السواء‪ ،‬لكن تطبيق القوانني يف ما ّ‬ ‫ختص املال السياسي والفساد‪ ،‬املال السياسي صعب التحقيق إذا مل يالزمه‬ ‫مشكالت كثرية ّ‬ ‫وتقع يف صلب ما يعرف بالفساد السياسي‪ ،‬مع الفرض الذي مينع وحده الفساد السياسي‪.‬‬ ‫أن التمويل السياسي والفساد أمران منفصالن‪،‬‬ ‫لكن عندما خيتلط األمران معاً‪ ،‬فإن الفساد الفساد السياسي‬ ‫يع ّرف املؤلّف الفساد السياسي بأنه إساءة‬ ‫يربز حتماً‪ ،‬ذلك أن املك ّونات اليت جتمع بني‬ ‫الفساد والتمويل السياسي هي أمور غري معروفة استخدام السلطة من قبل القادة السياسيني‬ ‫من أجل حتقيق الربح اخلاص وزيادة قوتهم‬ ‫متاماً‪.‬‬ ‫ويعترب املؤلّف أن الفساد يف التمويل السياسي وثروتهم‪ .‬وال حيتاج الفساد السياسي إىل دفع‬ ‫يعين إساءة استعمال األموال يف احلقل السياسي األموال مباشرة‪ ،‬بل قد يتّخذ شكل “جتارة‬ ‫بواسطة األحزاب السياسية واملرشحني يف النفوذ” ملنح األفضليات اليت تس ّمم احلياة‬ ‫االنتخابات‪ ،‬وذلك ملصلحة مرشح‪ ،‬أو حزب السياسية والدميقراطية‪.‬‬ ‫يشتمل الفساد السياسي على جمموعة من‬ ‫وتتجسد أه ّم‬ ‫سياسي‪ ،‬أو مجاعة سياسية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫النشاطات اخلاصة بإساءة استعمال األموال اجلرائم اليت يرتكبها القادة السياسيون يف‬ ‫يف اجملال السياسي يف اإلنفاق غري املشروع مبا أثناء توليهم مناصبهم الرمسية أو بعد تركهم‬ ‫فيه شراء األصوات‪ ،‬والتمويل من مصادر غري هلا‪ ،‬وختتلف هذه اجلرائم عن التجاوزات‬ ‫معروفة‪ ،‬وبيع املقابالت الدعائية‪ ،‬أو الوصول اإلدارية اليت يرتكبها املوظفون الرمسيون‪،‬‬ ‫إىل اإلعالم األكثر انتشاراً‪ ،‬وإساءة استعمال الذين ميثلون إىل ح ّد ما املصلحة العامة‪.‬‬ ‫والفساد السياسي أخطر بكثري من الفساد‬ ‫مصادر الدولة املالية‪ ،‬وتدخّل األثرياء وأصحاب‬ ‫رؤوس األموال يف دعم بعض املرشحني االقتصادي‪،‬كونه يرتبط عاد ًة بتفصيل قوانني‬ ‫والسياسيني‪ ،‬إضافة إىل النشاطات اخلارجة االنتخابات ومتويل محالت إعالمية تضمن‬

‫‪359‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 360‬للتنمية الثقافية‬

‫لبعض السياسيني االستيالء من دون وجه ح ّق‬ ‫على مناصب حكومية رفيعة ال يستحقونها‪،‬‬ ‫و”يشكل الفساد السياسي عقبة أمام الشفافية‬ ‫يف احلياة العامة‪ ،‬كما يشكل فقدان الثقة‬ ‫بالسياسيني واألحزاب السياسية‪ ،‬حتدياً قوياً‬ ‫للقيم الدميقراطية‪ .‬وهي أمور تع ّمقت يف معظم‬ ‫بلدان العامل‪ ،‬يف العقود املاضية”‪.‬‬ ‫وتشمل وسائل مكافحة الفساد السياسي‬ ‫مجلة من اإلجراءات التالية‪ ،‬تتمثّل يف وضع‬ ‫قواعد للتمويل السياسي‪ ،‬ووضع قوانني ملراقبة‬ ‫اإلنفاق السياسي‪ ،‬وخباصة يف ما يتعلق بشراء‬ ‫األصوات يف االنتخابات العامة‪ ،‬ووضع رقابة‬ ‫خاصة على القطاع اخلاص يف ما يتعلق بصفقات‬ ‫األسلحة والنفط‪.‬‬ ‫كما تشمل اإلجراءات التدابري اآليلة إىل‬ ‫خفض تضارب املصاحل‪ ،‬ووضع رقابة على‬ ‫املوظفني الذين يتمتعون باحلصانة‪ ،‬وخصوصاً‬ ‫مؤسسات القطاع العام‪.‬‬ ‫يف ّ‬ ‫الكتاب‪ :‬الثروة النفطية ودورها العربي‬ ‫الدور السياسي واالقتصادي للنفط‬ ‫العربي‬ ‫الكاتب‪ :‬عاطف سليمان‬ ‫الناشر‪ :‬مركز دراسات الوحدة العربية‪-‬‬ ‫لبنان‬

‫يض ّم كتاب “الثروة النفطية ودورها العربي‪..‬‬ ‫الدور السياسي واالقتصادي للنفط العربي”‬ ‫للدكتور عاطف سليمان‪ ،‬أربعة فصول‪ ،‬تدور‬ ‫حول قضية رئيسية يتفاعل فيها الفنيّ مع‬ ‫االقتصادي والسياسي واالجتماعي تفاع ًال قوياً‪.‬‬ ‫حيوي الفصالن األول والثاني املعلومات‬ ‫األساسية املتعلقة بالنفط العربي‪ ،‬خصائصه‪،‬‬ ‫واحتياطياته‪ ،‬وإنتاجه‪ ،‬والبلدان املنتجة‬ ‫له‪ ،‬وصادراته‪ ،‬وعائداته‪ ،‬واإلطار القانوني‬

‫الستثماراته وتطوراتها‪.‬‬ ‫ويعرض الفصل الثالث للدور السياسي‬ ‫للنفط العربي‪ ،‬والتصورات املستقبلية املمكنة‬ ‫لتفعيل دور النفط العربي سياسياً‪ ،‬وضرورة‬ ‫توظيف القوة االقتصادية االسرتاتيجية العربية‬ ‫خلدمة قضايا املصري العربي‪ ،‬ويف القلب منها‬ ‫حترير فلسطين‪.‬‬ ‫ويشرح الفصل الرابع الدور االقتصادي‬ ‫للثروة النفطية العربية‪ ،‬بالرتكيز على العالقة‬ ‫بني النفط والتنمية يف مبحثني مهمني هما‪:‬‬ ‫“النفط والتنمية يف البلدان املنتجة”‪ ،‬و“الدور‬ ‫االقتصادي للنفط يف التنمية العربية الشاملة”‪.‬‬ ‫ويدور الكتاب بعامة حول بعض األسئلة‬ ‫احملورية احلائرة منذ بداية تدفق البرتول‬ ‫العربي‪ ،‬وهي‪ :‬ملاذا مل تقم ثروات العرب‬ ‫الطبيعية‪ ،‬على رأسها النفط‪ ،‬بدورها حتى اآلن‪،‬‬ ‫بشكل فعال يف حتقيق التنمية الشاملة يف الوطن‬ ‫العربي‪ ،‬وتأمني التق ّدم احلضاري‪ ،‬والقضاء على‬ ‫مظاهر الفقر والتخلف؟‬ ‫ويورد الكتاب مميزات النفط العربي‬ ‫املعروفة‪ ،‬أهمها سهولة العثور عليه‪ ،‬وقلّة‬ ‫تكاليف إنتاجه وتطويره‪ ،‬ووفرة إنتاج آباره‪،‬‬ ‫وموقعه االسرتاتيجي بني الشرق والغرب‪،‬‬ ‫وقرب حقوله الرئيسية على اليابسة من البحار‪،‬‬ ‫وموانئ التصدير‪ ،‬وتع ّد تكاليف إنتاجه األرخص‬ ‫يف العامل‪.‬‬ ‫وحبسب إحصاءات منظمة األقطار‬ ‫المصدرة للنفط (أوبك)‪ ،‬فإن إمجالي‬ ‫االحتياطي النفطي العربي يف نهاية ‪ 2006‬بلغ‬ ‫‪ 669،6‬مليار برميل‪ ،‬وقدرت وكالة الطاقة‬ ‫الدولية جمموع الصادرات العاملية من النفط‬ ‫لعام ‪ 2006‬بنحو ‪ 52‬مليون برميل يومياً‪ ،‬حيوز‬ ‫النفط العربي حنو ‪.% 38‬‬ ‫ويشري سليمان إىل أن البلدان العربية‬ ‫حقّقت يف ‪ 2006‬مستوى قياسياً يف إيراد‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫حول استخدام النفط كسالح‬

‫تنص على دفع ريع‬ ‫فقد كانت االتفاقيات ّ‬ ‫منخفض للبلد املضيف‪ ،‬وكانت الشركات‬ ‫النفطية تستبعد البلد املضيف من أ ّي مشاركة‬ ‫يف عملية اختاذ القرارات‪ ،‬ومبوجب نظام‬

‫التأليف والنشر‬

‫صادرات النفط‪ ،‬حيث بلغت أكثر من ‪ 393‬مليار‬ ‫دوالر بزيادة حنو ‪ 76‬مليار دوالر عن ‪،2005‬‬ ‫وأفاد تقرير ملكتب الشال الكوييت لالستثمارات‬ ‫االقتصادية أن دول مجلس التعاون الخليجي‬ ‫حققت خالل عامي ‪ 2008‬و‪ 2009‬حنو ‪1300‬‬ ‫مليار دوالر من العائدات النفطية‪ ،‬ووفق تقارير‬ ‫دولية ستتزايد أهمية النفط خالل العشرين‬ ‫سنة املقبلة‪.‬‬ ‫ويتساءل املؤلف عن موقع النفط العربي يف‬ ‫املستقبل‪ ،‬وعلى الرغم من تو ّقعه تزايد حت ّديني‬ ‫اثنني إلنتاج النفط العربي‪ ،‬هما زيادة استخدام‬ ‫بدائل أخرى للطاقة‪ ،‬كالفحم والوقود احليوي‪،‬‬ ‫ودخول منتجني آخرين للنفط من خارج املنطقة‬ ‫العربية‪ ،‬إال أنه يؤ ّكد أن الطلب على النفط‬ ‫سيتزايد‪ ،‬والسيما النفط العربي‪.‬‬ ‫وبدراسة االمتيازات واتفاقات النفط يف‬ ‫البلدان املنتجة للنفط يف الشرق األوسط منذ‬ ‫بدايات التنقيب عنه بني احلربني العامليتني‪،‬‬ ‫توصل عاطف سليمان إىل أن هذه االمتيازات‬ ‫واالتفاقيات كانت متنح لفرتات طويلة وبشكل‬ ‫مفرط‪ ،‬كما أنها كانت ّ‬ ‫تغطي مساحات كبرية‬ ‫من البلد املضيف‪ ،‬وأحياناً مجيع أراضي هذه‬ ‫البلدان‪ ،‬وقال‪“:‬هيمنة الشركات النفطية‬ ‫الغربية على النفط العربي طبقاً لنظام‬ ‫اتفاقيات االمتياز التقليدية بدأت تتغري يف‬ ‫مخسينيات وستينيات القرن املنصرم‪ ،‬إىل أن‬ ‫انهار نظام االمتياز يف سبعينيات القرن ذاته‪،‬‬ ‫لتسيطر حكومات البلدان املنتجة للنفط على‬ ‫صناعة النفط”‪.‬‬

‫االمتيازات هذا كانت الصناعة النفطية تعمل‬ ‫كجيب اقتصادي أجنيب بالكامل‪.‬‬ ‫لكن هذا الوضع بدأ يتغري يف مخسينيات‬ ‫وستينيات القرن املنصرم‪ ،‬إىل أن انهار يف‬ ‫سبعينيات القرن ذاته‪ ،‬لتسيطر حكومات‬ ‫البلدان املنتجة للنفط على صناعة النفط‪ ،‬ومن‬ ‫أهم العوامل اليت أ ّدت إىل هذا التغيري حبسب‬ ‫مؤلف الكتاب ‪:‬‬ ‫ قرارات األمم المتحدة حول مبدأ السيادة‬‫الدائمة على الثروات الطبيعية‪.‬‬ ‫ تأسيس منظمة الدول المصدرة للنفط‬‫(أوبك) العام ‪ 1960‬اليت هدفت إىل الدفاع‬ ‫عن مصاحل البلدان املنتجة للنفط‪.‬‬ ‫ تأسيس شركات النفط الوطنية يف البلدان‬‫املنتجة للنفط‪.‬‬ ‫ تأميم الصناعة النفطية يف بعض هذه‬‫البلدان‪.‬‬ ‫ دخول شركات نفطية من خارج نادي‬‫الشركات النفطية الكربى‪.‬‬ ‫ قيام بعض البلدان املنتجة بتحقيق‬‫السيطرة الكاملة على االمتيازات النفطية‪.‬‬

‫‪361‬‬

‫ويؤ ّكد املؤلف أن هذه التطورات أ ّدت إىل‬ ‫سيطرة الدول املصدرة على صناعة النفط‪،‬‬ ‫حيث أصبحت هذه الدول تتّخذ القرار يف‬ ‫حتديد اإلنتاج واألسعار‪ .‬ثم يستعرض تاريخ‬ ‫اإلجراءات النفطية اليت ّمت الّلجوء إليها يف‬ ‫بعض املناسبات‪ ،‬ويشري إىل كالم أثري حول‬ ‫استخدام سالح النفط العربي ض ّد الصهيونية‬ ‫يف العام ‪ 1947‬ومن ثم يف العام ‪ ،1956‬لكنه‬ ‫مل يستخدم فعلياً إال مع حرب أكتوبر العام‬ ‫‪ ،1973‬ويف هذه املعركة ق ّررت البلدان العربية‬ ‫املنتجة للنفط يف الكويت ختفيض إنتاج النفط‬ ‫وصادراته بنسبة ترتاوح بني ‪ % 10‬و‪،% 25‬‬ ‫وفرض حظر على تصدير النفط العربي إىل‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 362‬للتنمية الثقافية‬

‫الواليات المتحدة لوقوفها إىل جانب إسرائيل‪،‬‬ ‫ومع أن هذا اإلجراء يف رأيه مل حيقّق اهلدف‬ ‫الرئيسي الذي أعلنه وزراء النفط يف الكويت‬ ‫املتمثّل يف خفض اإلنتاج حتى انسحاب إسرائيل‬ ‫من األراضي احملتلة‪ ،‬فإنه حقق أهدافاً أخرى‬ ‫ذات أهمية كبرية ‪:‬‬ ‫ لفت أنظار العامل إىل القضية العربية‪.‬‬‫ اإلجراءات أفهمت البلدان املستهلكة للنفط‬‫أن تتعامل مباشرة مع الدول املنتجة للنفط‪.‬‬ ‫ زيادة أسعار النفط‪ ،‬والعوائد املالية‪.‬‬‫ الضغط على دول أوروبا الغربية واليابان‬‫باعتبارها أه ّم الدول املستهلكة للنفط للضغط‬ ‫على حليفتها الواليات المتحدة ملمارسة‬ ‫الضغوط على إسرائيل‪.‬‬ ‫ويعود املؤلّف للقول إن أ ّي إجراء مشابه‬ ‫يف املستقبل لن حيقّق أ ّي نتائج مرجوة إذا ما‬ ‫فكرت الدول العربية باستخدام سالح النفط يف‬ ‫خدمة قضاياها القومية‪ ،‬ويدعو الدول العربية‬ ‫يف حال قررت استخدام مواردها االقتصادية‬ ‫والسياسية للدفاع عن مصاحلها إىل اتباع‬ ‫اإلجراءات التالية ‪:‬‬ ‫ حظر النفط على الواليات المتحدة مل ّدة‬‫تتجاوز بكثري األشهر الستة اليت خفض فيها‬ ‫اإلنتاج يف العام ‪.1973‬‬ ‫ السحب التدرجيي لألرصدة املالية العربية‬‫من األسواق األمريكية‪.‬‬ ‫ وقف استرياد السالح والسلع واخلدمات من‬‫الواليات المتحدة‪.‬‬ ‫ التخفيف من غلواء جمتمع االستهالك‬‫املفرط‪ ،‬والتوعية املكثفة مبساوئ االستهالك‬ ‫الرتيف‪ ،‬وما حيمله من تبذير للموارد الوطنية‪.‬‬ ‫ تكثيف العمل العربي املشرتك من مجيع‬‫اجلوانب‪ ،‬وبيان أهميته للمواطن العربي‪.‬‬ ‫ توفري قدر معقول من األمن الغذائي للوطن‬‫العربي‪ ،‬الذي يستورد معظم احتياجاته‬

‫ الغذائية من‬ ‫األوروبية‪.‬‬

‫الواليات المتحدة والدول‬

‫االستهالك بنوعيه الخاص والعام‬

‫وعن طبيعة الدور االقتصادي للنفط العربي‪،‬‬ ‫أو أ ّي دور ميكن أن تؤديه الثروة النفطية يف‬ ‫التنمية االقتصادية واالجتماعية‪ ،‬يقول‪:‬‬ ‫‪ - 1‬النفط والتنمية في البلدان‬ ‫المنتجة‪ :‬مع تو ّفر العائدات النفطية‬

‫الضخمة‪ ،‬انطلقت جهود التنمية خبطى سريعة‪،‬‬ ‫خصصت ميزانية كبرية لإلمناء يف البلدان‬ ‫حيث ّ‬ ‫املنتجة للنفط‪ ،‬فكانت الربامج الطموحة لبناء‬ ‫الطرق واملدارس واملستشفيات واملولدات‬ ‫الكهربائية واملساكن‪ ،‬وسواها من عناصر البنى‬ ‫اهليكلية االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬ ‫لقد حقّقت البلدان املنتجة للنفط إجنازات‬ ‫إمنائية واضحة‪ ،‬لكن ذلك ال يعين حبسب‬ ‫املؤلف أن هنالك تنمية حقيقية‪ ،‬فال يزال‬ ‫اقتصاد هذه الدول يعتمد بشكل مباشر على‬ ‫إنتاج النفط اخلام وتصديره‪ ،‬ويعتمد بالكامل‬ ‫على التجارة اخلارجية‪.‬‬ ‫ومع تو ّفر العائدات النفطية الضخمة‪،‬‬ ‫انطلقت جهود التنمية خبطى سريعة‪ ،‬حبيث‬ ‫خصصت ميزانية كبرية لإلمناء يف البلدان‬ ‫ّ‬ ‫املنتجة للنفط‪ ،‬فكانت الربامج الطموحة‬ ‫لبناء البنى اهليكلية االقتصادية واالجتماعية‪.‬‬ ‫فالتغريات االقتصادية واالجتماعية يف هذه‬ ‫الدول مل تؤ ّد إىل إجياد بناء إنتاجي قادر على‬ ‫دعم عملية التنمية واستمرارها‪ ،‬كما أنها مل‬ ‫تؤ ّد إىل بناء اهليكل اإلنتاجي املادي والبشري‪،‬‬ ‫القادر على توليد طاقة إنتاجية مدعمة ذاتياً‪،‬‬ ‫وقادرة على حتقيق زيادة منتظمة يف متوسط‬ ‫الدخل احلقيقي للفرد يف املدى املنظور‪.‬‬ ‫بعبارة أخرى‪ ،‬مل ختدم العائدات النفطية‬ ‫غرضها كأداة الكتساب اجملتمع النفطي للقدرة‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫التكنولوجية اليت هي شرط أساسي لقيام تنمية‬ ‫حقيقية‪.‬‬ ‫يكتف الدكتور عاطف سليمان بذلك‪ ،‬بل‬ ‫ومل ِ‬ ‫عرض لآلثار السلبية اليت نتجت عن جمتمع‬ ‫االستهالك‪ ،‬فاالستهالك الكبري بنوعيه اخلاص‬ ‫والعام‪ ،‬أ ّدى إىل تغيرّ يف القيم والعالقات والبنى‬ ‫االجتماعية واالعتبارات األخالقية‪ ،‬واالنفصال‬ ‫الصارخ بني اجملهود واملردود لدى فئات من‬ ‫مواطين هذه الدول‪ ،‬أض ّر كثرياً خبلقية العمل‬ ‫وانضباطيته لدى قوى العمل الوطين‪ ،‬كما أن‬ ‫التحسس‬ ‫توافر األموال اجلديدة أ ّدى إىل ضعف ّ‬ ‫يف القطاعات غري النفطية‪ ،‬كالقطاع الزراعي‪.‬‬

‫هنا على حتمية التعاون العربي يف ميدان‬ ‫استثمار العائدات النفطية لبلداننا املنتجة‪،‬‬ ‫ويرى أن شروط التنمية مل تتيسر لبلد واحد‬ ‫من البلدان العربية‪ ،‬فالذين ميلكون الطاقة‬ ‫البشرية تنقصهم الثروة الطبيعية والتمويل‪،‬‬ ‫والذين ميلكون املال تنقصهم املوارد الطبيعية‬ ‫والطاقة البشرية‪.‬‬ ‫ويضيف أن الطريقة اجملدية الفعالة‬ ‫الستثمار عائداتنا وتطوير بلداننا‪ ،‬حتتم قيام‬ ‫تعاون وتنسيق على مستوى الوطن العربي‪ ،‬ومن‬ ‫شأن ذلك أن يؤدي إىل حتقيق مصاحل مشرتكة‬ ‫بني البلدان املنتجة وسائر الوطن العربي‪ ،‬سواء‬ ‫من الناحية االقتصادية واملالية‪ ،‬أم من حيث‬ ‫اآلثار السياسية أو القومية نتيجة قيام وطن‬ ‫عربي متق ّدم ومتط ّور‪.‬‬ ‫الكتاب‪ :‬النظام اإلداري في عهد عمر‬ ‫بن الخطاب‬ ‫الكاتب‪ :‬فاروق مجدالوي‬ ‫مؤسسة‬ ‫الناشر‪ :‬برنامج “ترجم” ّ‬

‫محمد بن راشد آل مكتوم‬

‫يعيد املؤلّف إىل األذهان نصاعة كلمة‬ ‫العدالة االجتماعية اليت تفتقدها البشرية اآلن‪،‬‬ ‫باستعادة شخصية عمر بن الخطاب واستخالص‬ ‫مبادئ علم اإلدارة يف عهده الرشيد‪ ،‬وكيف‬ ‫استطاع تنظيم دولة مرتامية األطراف تعترب‬ ‫بلغة عصرنا “نظاماً عاملياً جديداً” بعد انهيار‬ ‫يت الروم والفرس‪ ،‬من دون توافر‬ ‫إمرباطوري ّ‬ ‫أبسط وسائل االتصاالت واملواصالت احلديثة‪.‬‬ ‫يقول املؤلّف‪“:‬أكثر ما مييّز هذه الشخصية‬ ‫العبقرية يف التاريخ اإلسالمي اعتمادها على‬ ‫املصدر اإلسالمي يف إدارة الدولة باالرتكاز على‬ ‫القرآن الكريم‪ ،‬واحلديث الشريف‪ ،‬ثم اجتهاد‬ ‫نص فيه‪ ،‬واالقتباس أيضاً من‬ ‫املسلمني يف ما ال ّ‬ ‫احلضارات السابقة على اإلسالم‪ ،‬وفتح البالد‪،‬‬ ‫ونشر العدل بني العباد‪ .‬فقد أنشأ أول وزارة‬ ‫مالية يف اإلسالم‪ ،‬وك ّون جيشاً نظامياً للدفاع‬ ‫ومحاية احلدود‪ّ ،‬‬ ‫ونظم املرتبات واألرزاق‪ ،‬ود ّون‬ ‫الدواوين‪ ،‬وعينّ الوالة والعمال والقضاة‪ ،‬وأق ّر‬ ‫النقود للتداول احلياتي‪ ،‬ورتّب الربيد‪ ،‬وأنشأ‬ ‫نظام احلسبة‪ ،‬وثبّت التأريخ اهلجري‪ ،‬وأبقى‬ ‫األرض املفتوحة من دون قسمة‪ّ ،‬‬ ‫وخطط املدن‬ ‫اإلسالمية وبناها‪ ،‬فهو حب ّق أمري املؤمنني‪،‬‬ ‫وباني الدولة اإلسالمية”‪.‬‬ ‫ويروي الطربي أن عمر بن الخطاب رضي‬ ‫اهلل عنه خاطب الناس يوم اجلمعة فقال‪:‬‬ ‫“اللهم إني أشهدك على أمراء األمصار‪ ،‬إني‬ ‫إمنا بعثتهم ليعلموا الناس دينهم وسنّة نبيهم‪،‬‬ ‫وأن يقسموا فيهم فيئهم‪ ،‬وأن يعدلوا‪ ،‬فإن أشكل‬ ‫عليهم شيء رفعوه إلي”‪.‬‬ ‫وكان رضي اهلل عنه إذا استعمل العمال‬ ‫على األقاليم خرج معهم يشيعهم ويوصيهم‬ ‫فيقول‪“ :‬إني مل أستعملكم على أشعارهم وال‬ ‫على أبشارهم‪ ،‬وإمنا استعملتكم عليهم لتقيموا‬ ‫بهم الصالة‪ ،‬وتقضوا بينهم باحلق‪ ،‬وتقسموا‬

‫بلغ إجمالي االحتياطي النفطي‬ ‫العربي في نهاية ‪ 2006‬بحسب إحصاءات‬ ‫أوبك ‪ 669.6‬مليار برميل‪ ،‬وحقّقت البلدان‬ ‫العربية في العام نفسه مستوى قياسياً في‬ ‫إيراد صادرات النفط حيث بلغت أكثر من‬ ‫‪ 393‬مليار دوالر بزيادة نحو ‪ 76‬مليار دوالر‬ ‫عن العام ‪ ،2005‬وأفاد تقرير لمكتب الشال‬ ‫الكويتي أن دول مجلس التعاون الخليجي‬ ‫حقّقت خالل عامي ‪ 2008‬و‪ 2009‬نحو‬ ‫‪ 1300‬مليار دوالر من العائدات النفطية‪..‬‬ ‫ووفق تقارير دولية ستتزايد أهمية النفط‬ ‫خالل العشرين سنة المقبلة‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫التأليف والنشر‬

‫‪ - 2‬الدور االقتصادي للنفط العربي‬ ‫في التنمية العربية الشاملة‪ :‬يؤ ّكد املؤلف‬

‫‪363‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 364‬للتنمية الثقافية‬

‫بالعدل‪ ،‬وإني مل أسلطكم على أبشارهم وال‬ ‫أشعارهم‪ ،‬وال جتلدوا العرب فتذلوها‪ ،‬وال‬ ‫جتمروها فتفتنوها‪ ،‬وال تغفلوا عنها فتحرموها‪،‬‬ ‫جردوا القرآن‪ ،‬وأقلوا من رواية حممد ص ّل اهلل‬ ‫عليه وسلم‪ ...‬وأنا شريككم”‪.‬‬ ‫وكان رضي اهلل عنه إذا استعمل عام ًال‬ ‫كتب له عهداً وأشهد عليه رهطاً من املهاجرين‬ ‫واألنصار‪ ،‬واشرتط عليه “أال يركب برذواناً‪ ،‬وال‬ ‫يأكل نقياً‪ ،‬وال يلبس رقيقاً‪ ،‬وال يتّخذ باباً دون‬ ‫حاجات الناس”‪.‬‬ ‫وعمر بن الخطاب هو أول من وضع التأريخ‬ ‫اإلسالمي وكتبه يف العام السادس عشر للهجرة‪،‬‬ ‫وأول من وضع تقليداً بتأريخ الكتب والرسائل‬ ‫وختم بالطني‪ ،‬وأول من مجع الناس على إمام‬ ‫لصالة الرتاويح يف شهر رمضان وكتب بذلك‬ ‫إىل البلدان‪ ،‬وكان يف العام الرابع عشر‪ ،‬وكان‬ ‫أول من محل الدرة وضرب بها تأديباً‪ ،‬وكان‬ ‫الفاروق يوزع ماالً آتاه بني املسلمني‪ ،‬فرأى سعد‬ ‫بن أبي وقاص يزاحم الناس حتى خلص إليه‪،‬‬ ‫فعاله عمر بالدرة وقال‪“ :‬إنك أقبلت ال تهاب‬ ‫سلطان اهلل يف األرض‪ ،‬فأحببت أن أعلمك أن‬ ‫سلطان اهلل ال يهابك”‪.‬‬ ‫الشفاء بنت عبد الله العدوية‬

‫وكان عمر رضي اهلل عنه يستشري الرجال‪،‬‬ ‫وأيضاً يستشري النساء‪ ،‬فقد كان يق ّدم الشفاء‬ ‫بنت عبد الله العدوية يف الرأي‪ ،‬إذ كان‬ ‫يستشريها يف أمور الدولة‪ ،‬ويرضى عن رأيها‪،‬‬ ‫وكان رضي اهلل عنه يعترب نفسه أبا العيال‬ ‫فيمشي إىل املغيبات الّلواتي غاب أزواجهنّ‪،‬‬ ‫فيقف على أبوابه ّن ويقول‪ :‬ألكن حاجة؟ وأيتك ّن‬ ‫تريد أن تشرتي شيئاً؟ فإني أكره أن ختدعن يف‬ ‫البيع والشراء‪ ،‬فريسلن معه جبواريهنّ‪ ،‬فيدخل‬ ‫السوق‪ ،‬ووراءه من جواري النساء وغلمانه ّن ما‬ ‫ال حيصى‪ ،‬فيشرتي هل ّن حوائجه ّن ومن ليس‬

‫عندها شيء اشرتى هلا من عنده‪ ،‬وإذا قدم‬ ‫يقول‪ :‬أزواجك ّن يف سبيل اهلل‪ ،‬وأن ّ‬ ‫نت يف بالد‬ ‫رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪ ،‬إن كان عندك ّن‬ ‫من يقرأ‪ ،‬وإال فاقربن من األبواب حتى اقرأ‬ ‫لَ ُكنَّ‪ ،‬ويقول هلنّ‪ :‬هذه دواة وقرطاس فادنني‬ ‫من األبواب‪ ،‬حتى اكتب لَ ُكنّ‪ ،‬ومي ّر إىل املغيبات‪،‬‬ ‫فيأخذ كتبه ّن فيبعث بها إىل أزواجهنّ‪.‬‬ ‫مل يكن عمر يكتفي بأن حيسن اختيار عماله‪،‬‬ ‫بل كان يبذل أقصى اجلهد ملتابعتهم بعد أن يتولّوا‬ ‫أعماهلم ليطمئن على حسن سريتهم وخمافة أن‬ ‫تنحرف بهم نفوسهم‪ ،‬وكان شعاره هلم‪“ :‬خري لي‬ ‫أن أعزل ك ّل يوم والياً من أن أبقي ظاملاً ساعة‬ ‫نهار”‪ ،‬وقال‪“ :‬أميا عامل لي ظلم أحداً فبلغين‬ ‫مظلمته فلم أغريها فأنا ظلمته‪ ،‬وقال يوما ملن‬ ‫حوله‪ :‬أرأيتم إذا استعملت عليكم خري من أعلم‬ ‫ثم أمرته بالعدل‪ ،‬أكنت قضيت ما علي؟ فقالوا‪:‬‬ ‫نعم‪ .‬قال ‪ :‬ال‪..‬حتى أنظر يف عمله‪ ،‬أعمل مبا‬ ‫أمرته أم ال؟”‪ .‬وقد سار رضي اهلل عنه حبزم‬ ‫يف رقابته اإلدارية لعماله وتابعهم بدقة‪ ،‬وكانت‬ ‫طريقة عمر يف اإلدارة إطالق احلرية للعامل‬ ‫يف الشؤون احمللية‪ ،‬وتقييده يف املسائل العامة‪،‬‬ ‫ومراقبته يف سلوكه وتصرفاته‪ ،‬وكان له جهاز‬ ‫س ّري مربوط به ملراقبة أحوال الوالة والرعية‪،‬‬ ‫وقد بيّنت لنا املصادر التارخيية أنه يشبه اليوم‬ ‫(املخابرات) وميكن هنا أن نقول‪ :‬إن املخابرات‬ ‫يف عهد عمر بن الخطاب كان هدفها األول‬ ‫واألخري توفري األمن واحلماية للدولة اإلسالمية‪،‬‬ ‫وبث الرعب يف‬ ‫التجسس على عورات الناس ّ‬ ‫وليس ّ‬ ‫نفوسهم كما هو حاصل يف كثري من األنظمة اليت‬ ‫حتكم الناس اليوم‪ ،‬ومن أهدافها أيضاً املتابعة‬ ‫الدقيقة للوالة‪ ،‬فقد كان علمه مبن نأى عنه من‬ ‫ع ّماله كمن بات معه يف مهاد واحد‪ ،‬وعلى وساد‬ ‫واحد‪ ،‬فلم يكن يف قطر من األقطار وال ناحية‬ ‫من النواحي عامل أو أمري جيش إال وعليه عني ال‬ ‫تفارقه‪ ،‬فكانت ألفاظ من يف املشرق واملغرب عنده‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫عمر وأموال العمال‬

‫كما كان عمر يف الغالب يقوم مبناقشة هؤالء‬ ‫املوفدين وسؤاهلم عن بالدهم‪ ،‬وعن والتهم‬ ‫وسلوكهم معهم‪ ،‬وكان يرسل الربيد إىل الوالة‬ ‫يف األمصار‪ ،‬فقد كان يأمر عامل الربيد عند‬ ‫العودة إىل املدينة أن ينادي يف الناس من الذي‬ ‫يريد إرسال رسالة إىل أمري املؤمنني؟ حتى‬ ‫حيملها إليه من دون تدخل والي البلد‪ ،‬وكان‬ ‫صاحب الربيد نفسه ال يعلم شيئاً من هذه‬ ‫الرسائل‪ ،‬وبالتالي يكون اجملال مفتوحاً أمام‬ ‫الناس لرفع أ ّي شكوى أو مظلمة إىل عمر نفسه‬ ‫من دون أن يعلم الوالي أو رجاله بذلك‪ ،‬وحينما‬ ‫يصل حامل الرسائل إىل عمر ينثر ما معه من‬ ‫صحف‪ ،‬ويقرأها عمر ويرى ما فيها‪.‬‬ ‫واستعان الفاروق بـ محمد بن مسلمة‬ ‫األنصاري يف متابعة الوالة‪ ،‬وحماسبتهم‪ ،‬والتأكد‬ ‫من الشكاوى اليت تأتي ض ّدهم‪ ،‬فكان موقع محمد‬ ‫بن مسلمة كاملفتش العام يف دولة اخلالفة‪.‬‬

‫وكان موسم احلج فرصة يستقي منها‬ ‫أخبار رعيته ووالته‪ ،‬فجعله مومساً للمراجعة‬ ‫واحملاسبة‪ ،‬واستطالع آراء الرعية يف والتهم‪،‬‬ ‫فيجتمع فيه أصحاب الشكايات واملظامل‪،‬‬ ‫والرقباء الذي كان عمر يبثّهم يف أرجاء دولته‬ ‫ملراقبة العمال والوالة‪ ،‬ويأتي العمال أنفسهم‬ ‫لتقديم كشف احلساب عن أعماهلم‪ ،‬فكان‬ ‫موسم احلج مجعية عمومية كأرقى ما تكون‬ ‫عليه اجلمعيات العمومية يف عصر من العصور‪.‬‬ ‫وف ّكر عمر قبل مقتله أن جيول على الواليات‬ ‫بنفسه ملراقبة العمال‪ ،‬لتفقد أحوال الرعية‪،‬‬ ‫واالطمئنان على أحوال الدولة املرتامية‬ ‫األطراف‪ ،‬وقال‪“ :‬لئن عشت إن شاء اهلل‬ ‫ألسري ّن يف الرعية حوالً‪ ،‬فإني أعلم أن للناس‬ ‫حوائج تقطع دوني‪ ،‬أما عماهلم فال يرفعونها‬ ‫إل ّي‪ ،‬وأما هم فال يصلون إل ّي‪ ،‬فأسري إىل‬ ‫الشام فأقيم بها شهرين‪ ،‬ثم أسري إىل اجلزيرة‬ ‫فأقيم بها شهرين‪ ،‬ثم أسري إىل الكوفة فأقيم‬ ‫بها شهرين‪ ،‬ثم أسري إىل البصرة فأقيم بها‬ ‫شهرين‪ ،‬ثم واهلل لنعم احلول هذا‪.‬‬ ‫وعزل عمر خالد بن الوليد يف امل ّرة األوىل‬ ‫عن القيادة العامة‪ ،‬وإمارة األمراء يف الشام‪،‬‬ ‫يف السنة الثالثة عشرة من اهلجرة غداة تولي‬ ‫عمر اخلالفة بعد وفاة أبي بكرالصديق‪ ،‬ويف‬ ‫قنسرين من قرى بالد مشال الشام جاء العزل‬ ‫الثاني لـ خالد‪ ،‬وذلك يف السنة السابعة عشرة‬ ‫من اهلجرة‪ ،‬وأسباب العزل يف قول عمر‪“:‬ولكن‬ ‫الناس فتنوا به‪ ،‬فخفت أن يوكلوا إليه ويبتلوا به”‬ ‫وظنّهم أن النصر يسري يف ركاب خالد‪ ،‬فيضعف‬ ‫اليقني بأن النصر من عند اهلل‪ ،‬وكان عمر يرى‬ ‫أن فرتة تأليف القلوب‪ ،‬وإغراء ضعاف العقيدة‬ ‫باملال والعطاء قد انتهت‪ ،‬وصار اإلسالم يف غري‬ ‫حاجة إىل هؤالء‪ ،‬وأنه جيب أن يوكل الناس إىل‬ ‫إميانهم‪ ،‬بينما رأى خالد بن الوليد أن من معه‬ ‫عمر‬

‫ش ّكل موسم الحج فرصة أمام عمر‬ ‫بن الخطاب ليستقي أخبار رعيته ووالته‪،‬‬ ‫فجعله موسماً للمراجعة والمحاسبة‪،‬‬ ‫واستطالع آراء الرعية في والتهم فيجتمع‬ ‫فيه أصحاب الشكايات والمظالم والرقباء‬ ‫الذين كان عمر يبثّهم في أرجاء دولته‬ ‫لمراقبة العمال والوالة ويأتي العمال‬ ‫أنفسهم لتقديم كشف الحساب عن‬ ‫أعمالهم‪ ،‬فكان موسم الحج “جمعية‬ ‫عمومية” كأرقى ما تكون عليه الجمعيات‬ ‫العمومية في عصر من العصور‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫التأليف والنشر‬

‫يف ك ّل ممس ومصبح‪ ،‬وأنت ترى ذلك يف كتبه إىل‬ ‫عماله حتى كان العامل منهم ليتهم أقرب الناس‬ ‫إليه وأخصهم‪ ،‬وكانت وسائل عمر يف متابعته‬ ‫لعماله متع ّددة‪ ،‬فكان يطلب من والته دخول‬ ‫املدينة نهاراً‪ ،‬وال يدخلوها بالليل حتى يظهر ما‬ ‫يكون قد جاءوا به من أموال ومغامن فيسهل‬ ‫السؤال واحلساب‪ ،‬وطلب من الوالة أن يرسلوا‬ ‫وفداً من أهل البالد ليسأهلم عن بالدهم‪،‬‬ ‫عن اخلراج املفروض عليهم ليتأكد بذلك من‬ ‫عدم ظلمهم‪ ،‬ويطلب شهادتهم فكان خيرج إليه‬ ‫مع خراج الكوفة عشرة من أهلها‪ ،‬ومع خراج‬ ‫البصرة مثلهم‪ ،‬فإذا حضروا أمامه شهدوا باهلل‬ ‫أنه مال طيب ما فيه ظلم مسلم وال معاهد وكان‬ ‫هذا اإلجراء كفي ًال مبنع الوالة من ظلم الناس‬ ‫إذ لو حدث هذا لرفعه هؤالء املوفدون إىل أمري‬ ‫املؤمنني وأخربوه به‪.‬‬

‫موسم المراجعة والمحاسبة‬

‫‪365‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 366‬للتنمية الثقافية‬

‫ممن مل‬ ‫من ذوي البأس واجملاهدين يف ميدانه‪ّ ،‬‬ ‫ختلص نياتهم حملض ثواب اهلل‪ ،‬أمثال هؤالء يف‬ ‫حاجة إىل من يقوي عزميتهم‪ ،‬ويثري محاستهم‬ ‫من هذا املال‪ ،‬وال شك أن ك ً‬ ‫ال من عمر وخالد‬ ‫ولكن عمر أدرك أموراً‬ ‫اجتهدا يف ما ذهبا إليه ْ‬ ‫مل يدركها خالد‪ ،‬ولع ّل من األسباب اليت دعت‬ ‫عمر إىل عزل خالد أيضاً إفساح اجملال لطالئع‬ ‫جديدة من القيادات‪ ،‬حتى تتوافر يف املسلمني‬ ‫مناذج كثرية أمثال خالد‪ ،‬والمثنى وعمرو بن‬ ‫العاص‪ ،‬ثم ليدرك الناس أن النصر ليس رهناً‬ ‫برجل واحد مهما كان هذا الرجل‪.‬‬ ‫قال الطبري‪ :‬إن أمري املؤمنني كان إذا‬ ‫اجتمع إليه جيش من أهل اإلميان أ ّمر عليهم‬ ‫رجلاً من أهل الفقه والعلم‪.‬‬ ‫وكان عمر حيصي أموال العمال والوالة‬ ‫ليحاسبهم على ما زادوه بعد الوالية وكان يقول‬ ‫هلم‪ :‬إمنا بعثناكم والة ومل نبعثكم جتاراً‪ .‬وروى‬ ‫أن عام ً‬ ‫ال لـ عمر بن الخطاب امسه الحارث‬ ‫بن كعب بن وهب‪ ،‬ظهر عليه الثراء‪ ،‬فسأله عمر‬ ‫عن مصدر ثرائه فأجاب‪ :‬خرجت بنفقة معي‬ ‫فاجترت بها‪ ،‬فقال عمر‪ :‬أما واهلل ما بعثناكم‬ ‫لتتّجروا‪ ،‬وأخذ منه ما حصل عليه من ربح‪.‬‬ ‫رابع ًا‪ :‬كتب في النقد األدبي‬ ‫الكتاب‪ :‬رواية الحرب اللبنانية ‪..‬‬ ‫مدخل ونماذج‬ ‫الكاتب‪ :‬عبده وازن‬ ‫الناشر‪ :‬دبي الثقافية – دار الصدى‪-‬‬ ‫دبي‬

‫يف كتابه “رواية احلرب اللبنانية” يرصد‬ ‫الشاعر والناقد عبده وازن‪ ،‬الكاتب يف جريدة‬ ‫الحياة الّلندنية‪ ،‬أه ّم الروايات يف رأيه اليت‬ ‫تناولت احلرب األهلية الّلبنانية‪ ،‬وانتقى روايات‬

‫ع ّدة هي‪“ :‬رحلة غاندي الصغري” لـ‬ ‫خوري‪ ،‬و“عزيزي السيد كواباتا” لـ رشيد‬ ‫الضعيف‪ ،‬و“مريم احلكايا” لـ علوية صبح‪،‬‬ ‫و“امرأتان على شاطئ البحر” لـ حنان‬ ‫الشيخ‪ ،‬و“مدرسة احلرب” لـ إسكندر نجار‪،‬‬ ‫و “تقرير ميليس” لـ ربيع جابر‪.‬‬ ‫أهدى املؤلّف كتابه إىل “شهداء احلرب‬ ‫اللبنانية”‪ ،‬ومت ّعن عرب صفحاته يف انعكاس‬ ‫احلرب الّلبنانية على اإلبداع الروائي الّلبناني‪،‬‬ ‫ويف بداية الكتاب حاول املؤلّف اإلجابة عن سؤال‬ ‫هل مثّلت احلرب األهلية الّلبنانية فاص ًال بني‬ ‫مرحلتني‪ ،‬ورأى وازن أن النقاد اعتادوا احلديث‬ ‫عن األدب قبل احلرب وبعدها‪“ ،‬فأدب احلرب”‬ ‫إشكالية نقدية قدمية خاضها نقاد كثريون‬ ‫وحاولوا استجالء معطياتها وتداعياتها املختلفة‬ ‫يف الشرق والغرب‪ ،‬وهي إشكالية متج ّددة‪ ،‬تكمن‬ ‫يف زمنية كتابة هذا األدب الذي يتولّد عادة أثناء‬ ‫احلروب وبعدها‪ ،‬فاحلرب وقود وفري للكتابة‬ ‫األدبية‪ ،‬لكثرة تداعياتها‪ ،‬والرواية ف ّن متفاعل‬ ‫مع جمتمعه‪ ،‬وميكنها إجياد صوتها اخلاص‬ ‫وغري املباشر وسط الفنون األخرى‪ ،‬وتسهم‬ ‫معها يف إعادة قراءة الواقع‪.‬‬ ‫أشار وازن يف كتابه إىل معاناة لبنان من‬ ‫احلروب األهلية‪ ،‬يف ‪ ،1958‬واحلرب األليمة اليت‬ ‫امت ّدت من ‪ 1975‬إىل ‪ ،1990‬ومل يستبعد إمكانية‬ ‫التشكيك يف مسألة ما قبل احلرب وما بعدها‪،‬‬ ‫ألن األدب حركة حية ومستمرة‪ ،‬تعرف من‬ ‫“الثبات” بقدر ما تعرف من “التح ّول”‪ ،‬وتعاني‬ ‫“االحنطاط” كما تشارك يف صناعة النهضة”‪.‬‬ ‫لكنه يعود ليؤ ّكد أن تشكيكه هذا “ال ينفي أن‬ ‫احلروب أو نهاياتها قد تؤلّف حافزاً على نهوض‬ ‫أدب جديد”‪“،‬فهل ميكن الكالم لبنانياً عن‬ ‫آداب نشأت ما بعد احلروب اليت شهدها لبنان‬ ‫على التوالي مثل أدب ما بعد احلربني العامليتني‪:‬‬ ‫األوىل والثانية وأدب ما بعد احلرب ‪ 1958‬وأدب‬ ‫إلياس‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫حرب ‪ 1975‬وما بعدها؟‬ ‫واستعرض أدب ما يعرف بـ “السلم‬ ‫األهلي” الذي اشتهر يف العام ‪ 1990‬بنشوء‬ ‫اجلمهورية الثانية وفق “اتفاق الطائف”‪ ،‬ويرى‬ ‫وازن أن هذا العام كان بداية ملرحلة أدبية هي‬ ‫“األخصب أدبياً”‪.‬‬ ‫تجارب روائية باألسماء‬

‫يرى عبده وزان أن النقاد اعتادوا‬ ‫الحديث عن األدب قبل الحرب وبعدها‪،‬‬ ‫“فأدب الحرب” إشكالية نقدية قديمة‬ ‫خاضها نقاد كثيرون وحاولوا استجالء‬ ‫معطياتها وتداعياتها المختلفة في الشرق‬ ‫والغرب‪ ،‬وهي إشكالية متج ّددة تكمن في‬ ‫زمنية كتابة هذا األدب الذي يتولّد عاد ًة‬ ‫في أثناء الحروب وبعدها‪ ،‬فالحرب وقود‬ ‫وفير للكتابة األدبية لكثرة تداعياتها‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫التأليف والنشر‬

‫تنتمي النماذج الروائية اليت أوردها‬ ‫إىل أجيال خمتلفة “ليس يف املفهوم الزمين‬ ‫الصرف‪ ،‬وإمنا يف املفهوم الزمين املتعاقب”‪،‬‬ ‫ومتثّل بتقديره ثالث جتارب‪ ،‬فرواية “رحلة‬ ‫غاندي الصغري” لـ إلياس خوري صدرت‬ ‫يف ‪ ،1989‬و“عزيزي السيد كواباتا” لـ رشيد‬ ‫الضعيف صدرت ‪ ،1995‬و“مريم احلكايا” لـ‬ ‫علوية صبح صدرت يف ‪ ،2002‬و“تقرير ميليس”‬ ‫لـ ربيع جابر يف ‪ ،2005‬و“امرأتان على شاطئ‬ ‫البحر” لـ حنان الشيخ ‪ ،2002‬و“مدرسة‬ ‫احلرب” لـ إسكندر نجار كتبت بالفرنسية‬ ‫وترمجة إىل العربية يف العام ‪.2002‬‬ ‫وبعد استعراض وازن رواية “رحلة غاندي”‪،‬‬ ‫قال “إن جتربة صاحبها إلياس خوري تأخذ‬ ‫طابع البحث واالختبار‪ ،‬فهو يعيد قراءة تاريخ‬ ‫الرواية كي يتجاوز تارخييتها وصوالً إىل‬ ‫جوهرها وجتلّياتها‪ ،‬فاندجمت روايته بالواقع‬ ‫النص يندمج‬ ‫الذي تفضحه وتضيئه‪ ،‬متاماً كما ّ‬ ‫يف بعده املعيش‪ ،‬والكالم املكتوب بالكالم‬ ‫الشفوي‪.‬‬ ‫أما رواية “عزيزي السيد كواباتا” فكتبها‬ ‫رشيد الضعيف كرسالة إىل األديب الياباني‬ ‫ياسوناري كواباتا الذي انتحر يف العام ‪،1972‬‬ ‫ما يعين أن كواباتا لن يقرأ الرواية‪ ،‬لكن رشيد‬ ‫الضعيف تذ ّرع بالرسالة كمحاولة منه إليصال‬ ‫ما يريد إىل املتلقي‪ ،‬ويسلّط الضوء فيها على‬ ‫ممارسات الطائفة املارونية‪ ،‬ويرى وازن أنها‬ ‫وازن‬

‫األفضل بني أعمال الضعيف‪.‬‬ ‫وتأتي “مريم احلكايا” رواية علوية صبح‬ ‫الثانية‪ ،‬مغايرة لروايتها األوىل “نوم األيام”‬ ‫الصادرة يف ‪ ،1986‬ويعتربها وازن “رواية‬ ‫النهايات اليت يؤول إليها ف ّن الكتابة‪ ،‬فهي ختفي‬ ‫الكثري من الوعي واخلربة التقنية واملعاناة‬ ‫والعمق والبساطة والشفافية”‪ ،‬ويف مستهلّها‬ ‫تعلن علوية صبح‪“:‬املسالة انتهت بالنسبة إل ّي”‪،‬‬ ‫لكنها يف اخلتام تنتهي ّ‬ ‫للشك بعدما “مل تتأ ّكد‬ ‫من شيء”‪ّ ،‬‬ ‫والشك هنا كما يشمل الكتابة ذاتها‪،‬‬ ‫ينسحب على نسيج احلكايات اليت سردتها‬ ‫مريم‪ ،‬متوسلة بأسلوب “الرواية داخل الرواية”‪،‬‬ ‫ويرى وازن أنه من املستحيل اختصارها ألنها‬ ‫رواية احلكايات اليت ال تنتهي‪.‬‬ ‫وتتح ّدث حنان الشيخ يف روايتها “امرأتان‬ ‫على الشاطئ” عن امرأتني خمتلفيت الدين‪،‬‬ ‫ويرى عبده وازن أن حنان “تكتب عن قضايا‬ ‫ال يرى فيها القارئ الّلبناني جديداً”‪ ،‬مشرياً‬ ‫إىل أنها تكتب لألجانب‪ ،‬فرواياتها ترتجم إىل‬ ‫لغات أخرى وهي ما تزال خمطوطة‪ ،‬ما يد ّل‬ ‫حبسب وازن ‪“ :‬أن روايات حنان الشيخ جتذب‬ ‫الناشرين الغربيني الذين يه ّمهم أن يتبنّوا‬ ‫األدب اإلكزوتيكي‪ ،‬النافر والغريب‪ ،‬ويتساءل‪:‬‬ ‫“ملاذا ال تعمد حنان الشيخ إىل الكتابة بإحدى‬ ‫الّلغات األجنبية ما دام القارئ األجنيب يستأثر‬ ‫بذاكرتها وخميلتها؟”‪.‬‬ ‫يف حني يرى املؤلف يف رواية “مدرسة‬ ‫احلرب” لـ إسكندر نجار‪ ،‬اليت كتبها‬ ‫بالفرنسية وترمجها بسام حجار إىل العربية‪،‬‬ ‫أ ّن البساطة هي أكثر وأول ما يلفت النظر هلذه‬ ‫الرواية‪ ،‬وصاحبها مل يكتب قصصاً عن احلرب‪.‬‬ ‫ويلفت وازن إىل أن رواية “تقرير ميليس” لـ‬ ‫ربيع جابر‪ ،‬تنتهي عشية رفع التقرير الشهري‬ ‫الذي وضعه احملقق األملاني ديتلييف ميليس يف‬ ‫قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري‪ ،‬ويتّخذ‬

‫‪367‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 368‬للتنمية الثقافية‬

‫ربيع جابر من تقرير ميليس ذريعة لسرد‬ ‫األيام األخرية يف حياة بطل روايته “مسعان‬ ‫يارد”‪ ،‬األرستقراطي البريوتي الضجر والعاشق‬ ‫الذي توقف عن العمل‪ ،‬ووجد يف املشي تسليته‬ ‫اليومية‪ ،‬لكن هذا “املشاء” ميلك عيناً أخرى‬ ‫متكنه من اخللط بني رؤية “احلاضر” البريوتي‬ ‫والتذ ّكر‪ ،‬ويقول وازن إن هذه رواية فريدة جتمع‬ ‫عاملني غاية يف الطرافة والواقعية والغرائبية‪.‬‬ ‫الكتاب‪ :‬النقد األدبي والهوية الثقافية‬ ‫الكاتب‪ :‬د‪ .‬جابر عصفور ‬ ‫الناشر‪ :‬دبي الثقافية – دار الصدى ‬

‫يتميز هذا الكتاب بطابع املساءلة إلعادة‬ ‫النظر يف مفاهيم سائدة يف الواقع الثقايف‬ ‫العربي الذي يراوح بني أصوليتني دينيّة‬ ‫وعوملية‪ ،‬وما بينهما‪ ،‬ويستند الكتاب إىل أربعة‬ ‫حماور هي‪“ :‬مفهوم الثقافة الوطنية”‪ ،‬و“علم‬ ‫االستغراب”‪ ،‬و“مساءلة سؤال”‪ ،‬و“عاملية‬ ‫األدب”؛ اليت عاجلها املؤلف من منظور النقد‬ ‫الثقايف األوسع من املعنى التقين املباشر للنقد‬ ‫األدبي‪ ،‬كما حاول حتليل الواقع الثقايف العربي‬ ‫وتأثره باألدب العاملي‪ .‬‬ ‫يبدأ جابر عصفور مبفهوم الثقافة الوطنية‬ ‫الذي ارتبطت نشأته بالدفاع عن اهلوية الوطنية‬ ‫العربية يف مواجهة الغزو االستعماري الذي ه ّدد‬ ‫الوجود القومي لألنا الوطنية على مستويات‬ ‫ع ّدة‪ ،‬وجاء مفهوم الثقافة الوطنية نقيضاً‬ ‫للسياق العدائي الغربي الذي وصل بني التبعية‬ ‫واإلتباع‪ ،‬فكان من أسلحة الدفاع عن هوية األمة‬ ‫ووسيلة لتأكيد امتدادها التارخيي‪ ،‬فانطوى على‬ ‫عالقة ثالثية األبعاد بأطراف متباينة صارت‬ ‫هي املك ّونات األساسية للمفهوم‪ ،‬أوهلا “عالقة‬ ‫التضاد” اليت بدا بها نقيضاً لثقافة “اآلخر”‬ ‫العدواني‪ ،‬خصوصاً ما يتّصل بالقمع‪ ،‬وثاني هذه‬

‫األبعاد عالقة التشابه اليت وصلت املفهوم‪ ،‬مبا‬ ‫يستند إليه من عناصر موروثة ميكن أن تدعمه‬ ‫يف عالقة التضاد العدائية باآلخر‪ ،‬بعملية‬ ‫تأويلية تستبدل بالسالب املوجب يف خمزون‬ ‫الذاكرة القومية أو تسقط املوجب على السالب‬ ‫مبا يعيد تشكيل حضوره على املستوى التخييلي‬ ‫يف الغالب‪ ،‬مع حضور الرتاث بشكل أساسي‬ ‫يف مفاهيم الثقافة الوطنية‪ ،‬ووصله بك ّل ما‬ ‫يؤسس للهوية القومية يف جذورها التارخيية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وحيفظ عليها امتدادها الذي حت ّول إىل سالح‬ ‫من أسلحة مقاومتها “اآلخر” الذي يدين هلذا‬ ‫الرتاث نفسه يف نهضته اليت بدأ بها عصره‬ ‫احلديث‪ ،‬وثالث بُعد هو العالقة حبركة الواقع‬ ‫الصاعدة يف مدرج التح ّرر الوطين واالستقالل‬ ‫الوطين‪ ،‬وهي حركة قادتها طالئع عسكرية يف‬ ‫أغلبها‪ ،‬األمر الذي أوجد دوالً عسكرية أو شبه‬ ‫عسكرية‪ ،‬ال تفارق منطقة الرتاتب القمعي يف‬ ‫بنائها الذي قصد إىل تأكيد روح اإلمجاع وعدم‬ ‫اخلروج على الصفاء‪ ،‬الذي الزمه احلرص على‬ ‫توحيد اهلوية‪ ،‬وزعامة القائد امللهم الذي ال‬ ‫يقبل االختالف أو املخالفة‪ ،‬وأداته األيديولوجية‬ ‫يف ذلك هي فرض مبدأ الرغبة على الواقع‬ ‫وإسقاط الصورة املؤولة للماضي القومي على‬ ‫املستقبل الواعد باحلرية والوحدة واالشرتاكية‪.‬‬ ‫وهذه األبعاد العالئقية جعلت من الثقافة‬ ‫الوطنية مفهوماً عن الثقافة القومية بوجه عام‪،‬‬ ‫وعندما حت ّول ماضي األنا القومية إىل واحة‬ ‫للعزاء‪ ،‬وانتخب منه ما صاغت به املخيلة صورة‬ ‫املستقبل العائد إىل أصله املشتهى‪ّ ،‬مت تسليط‬ ‫املوجب من املاضي ليمحو السالب منه‪ ،‬وغدا‬ ‫التاريخ القومي كلّه موجباً اإلجياب املطلق‪،‬‬ ‫بالقدر الذي غدت اهلوية القومية منبع الفضائل‬ ‫اليت ال يعرفها اآلخر‪ ،‬والثقافة الوطنية قرينة‬ ‫إجياب الكمال الذي ال يشوبه النقص وال يقبل‬ ‫النقد‪ ،‬والطريف أنه كلما أوغلت األنا القومية‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫النزعة المركزية األوروبية‪ -‬األميركية‬ ‫ال تظهر تجلّياتها األدبية عند منتجيها‬ ‫األصليّين وحدهم وإنما عند مستقبليها‬ ‫أيضاً‪ ،‬الذين يقعون في أسر تخييلها‪،‬‬ ‫وذلك على نحو يؤ ّدي بتجليات هذه النزعة‬ ‫إلى مجاوزة التأثير المراد في عقل التابع‬ ‫إلى ما يقوم به هذا التابع نفسه من إعادة‬ ‫إنتاج هذه النزعة في ممارساته الثقافية‪،‬‬ ‫وعندئذ يغدو التابع في فعل إعادة اإلنتاج‬ ‫شبيهاً بالمرآة التي تعيد إنتاج الموضوع‬ ‫المنعكس على صفحتها وتشعه في اتجاه‬ ‫األنظار المتطلّعة إليها‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫التأليف والنشر‬

‫يف ماضيها بعيداً عن وجود اآلخر القار يف األدبي دون سواه‪ ،‬هو نوع من إحلاح املنطوقات‬ ‫احلاضر‪ ،‬كانت صورة هذا املاضي تتش ّكل دائماً اخلطابية لآللية الدفاعية اليت تنبين وتتش ّكل‬ ‫بالنظر إىل هذا اآلخر‪ ،‬مهما تباعدت عنه بالكيفية اليت ينبين بها ك ّل فعل أيديولوجي‬ ‫صورة املاضي‪ ،‬أو بدت أنها تتش ّكل يف غيبة من يتجه مبناه إىل غايته‪ ،‬وذلك بواسطة التخييل‬ ‫ربر الغاية‬ ‫حضوره‪.‬‬ ‫الذي يراوغ به الفعل علّة إنتاجه‪ ،‬وي ّ‬ ‫من هذا اإلنتاج يف سياقات النقد األدبي أو غريه‬ ‫من اجملاالت اليت تشبهه‪ ،‬بصياغة التأصيلية‬ ‫نقد حسن حنفي‬ ‫وينتقد عصفور ما جاء يف كتاب الدكتور اليت ختفي منطلق الفعل األيديولوجي‪ ،‬وهو‬ ‫حسن حنفي “االستغراب” الذي جاء كنقيض الدفاع العصابي عن اهلوية القومية أو الدينية‬ ‫"االستشراق" الغربي بقوله‪" :‬ها حنن بدل أو السياسية يف جمال من جماالتها‪ ،‬والـتأكيد‬ ‫مواجهة العقل النقدي ننازل الغرب بالكلمات االنفعالي حلضورها يف هذا اجملال أو ذاك‬ ‫اليت ختتزل حضوره يف صفة واحدة مطلقة‪ ،‬قياساً إىل نظريها الغائب عن سياق اخلطاب‬ ‫ونناوشه بالكلمات اليت ال تؤثّر فيه‪ ،‬واليت قد والفاعل املضمر ملنطوقاته‪ .‬وحول عاملية األدب‬ ‫ترحينا بأن نفرغ شحنتنا االنفعالية‪ ،‬لكن جتعلنا يطرح املؤلّف عاملية التن ّوع اخلالق كما يسميها‪،‬‬ ‫يف أعني غرينا ويف أعيننا الناقدة‪ ،‬بعد أن ختفت هذه العاملية تتميز خبطاب التن ّوع اخلالق الذي‬ ‫يؤسس لعاملية مغايرة‪ ،‬عاملية تؤ ّكد االختالف‬ ‫وقدة احلماسة العنرتية شبيهني بذلك الكافور‬ ‫ّ‬ ‫الذي صاح بغالمه‪ ،‬يف قصيدة أمل دنقل كي والتباين والتع ّدد‪ ،‬وتتيح للبشرية كلّها إمكانات‬ ‫يشرتي جارية رومية‪ ،‬جتلد كي تصيح ‪ :‬واروماه ال ح ّد هلا من الثراء اإلبداعي‪ ،‬وذلك بوصل‬ ‫اخلاص بالعام واحمللّي بالعاملي ‪.‬‬ ‫‪ ..‬واروماه"‪.‬‬ ‫ويذهب عصفور إىل أن القضاء على هيمنة‬ ‫ويرى جابر عصفور أن السؤال يف تشكيالته‬ ‫املتع ّددة أو جتلياته املتباينة سؤال هوية متوترة‪ ،‬اآلخر والتخلّص من التبعية له ال يعين رفضه‬ ‫تبحث عن سبيل إىل التق ّدم‪ ،‬يف تعارضها من دون دراسة عميقة‪ ،‬وال يعين اهلرب من‬ ‫العالئقي مع آخر يبدو أنه يفرض عليها التخلّف‪ ،‬سطوته بالتقوقع يف الذات واالنغالق على ما‬ ‫وال تدرك هذه اهلوية نفسها‪ ،‬أو تعي حضورها يس ّمى باهلوية الثقافية أو الثقافة الوطنية‬ ‫على حنو ما يتجلّى يف سؤاهلا إال يف تناقضها مبعناها العصابي‪ .‬فكال األمرين ال يؤديان إالّ‬ ‫مع غريها‪ ،‬ومن منظور عصابي هو نتاج للتوتر إىل تعميق هوة التبعية هلذا اآلخر والغوص‬ ‫الذي يزيد حديته مبدأ الرغبة املسقط على يف شباكه حتى حتت زعم البعد عنه والرفض‬ ‫مبدأ الواقع والعكس صحيح بالقدر نفسه‪ ،‬املطلق له‪ ،‬ومن هنا ال ب ّد أن ننطلق من الوعي‬ ‫فالواقع الذي يتولد عنه السؤال هو الوجه الثاني يف مناقشة األدب والعاملية‏‪.‬‬ ‫والعجيب أن النزعة املركزية األوروبية‪-‬‬ ‫للرغبة اليت تتجسد يف طرح السؤال سعياً إىل‬ ‫جماوزة الواقع‪ ،‬واليت تتأول الواقع تأوالً يدنى األمريكية ال تظهر جتلياتها األدبية عند منتجيها‬ ‫بالطرفني إىل حال من االحتاد يف آلية التش ّكل األصليني وحدهم‪ ،‬وإمنا عند مستقبليها الذين‬ ‫يقعون يف أسر ختييلها‪ ،‬وذلك على حنو يؤ ّدي‬ ‫املضاد للدوافع ‪.‬‬ ‫وعن وجود نظرية نقدية عربية يقول بتجليات هذه النزعة إىل جماوزة التأثري املراد‬ ‫عصفور‪“:‬إذا قصرنا السؤال على جمال النقد يف عقل التابع إىل ما يقوم به هذا التابع نفسه‬

‫‪369‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 370‬للتنمية الثقافية‬

‫من إعادة إنتاج هذه النزعة يف ممارساته‬ ‫الثقافية‪ ،‬وعندئ ٍذ يغدو التابع يف فعل إعادة‬ ‫اإلنتاج شبيهاً باملرآة اليت تعيد إنتاج املوضوع‬ ‫املنعكس على صفحتها وتش ّعه يف اجتاه األنظار‬ ‫املتطلّعة إليها‪.‬‏‏‬ ‫وتشيع هذه النزعة يف أقطار العامل الثالث‬ ‫نتيجة عالقة االتباع اليت تربط بعض التيارات‬ ‫األدبية أو النقدية أو الفكرية يف هذه األقطار‬ ‫بنماذج حتاكيها يف أقطار املركز األوروبي‬ ‫األمريكي ويف هذه التجليات يغدو ما نر ّدده‬‫عن عاملية األدب نتيجة من نتائج عملية التخييل‬ ‫اليت وقعنا‪ ،‬وأوقعنا أنفسنا‪ ،‬يف شراك غوايتها‬ ‫متخيّلني العاملية صفة مينحها املتق ّدم للمتخلّف‪.‬‏‏‬ ‫الكتاب‪ :‬محمود درويش‪ ..‬حالة‬ ‫شعرية ‬ ‫الكاتب‪ :‬صالح فضل‬ ‫الناشر‪ :‬دار الصدى ‪ -‬دبي ‬ ‫“محمود‬

‫يق ّدم الناقد صالح فضل يف كتابه‬ ‫ً‬ ‫درويش حالة شعرية” حتلي ًال وتقييما ملسار‬ ‫الراحل محمود درويش الشعري‪ ،‬راصداً‬ ‫حت ّوالته الشعرية‪ ،‬وأشكال التعبري اليت ك ّرسته‬ ‫كحالة فريدة‪ ،‬سكنت الوجدان العربي وأكسبته‬ ‫“يقني اخللود”‪.‬‬ ‫تزامن صدور الكتاب مع مرور عام على‬ ‫رحيل الشاعر الفلسطيين الكبري‪ ،‬الذي يع ّد‬ ‫حالة متفردة يف مسرية الشعر العربي املعاصر‪،‬‬ ‫ويقارب الدكتور صالح فضل جتربته بعني‬ ‫احملب‪ ،‬وأدوات الناقد‪ ،‬ليكشف غنى رموزها‪،‬‬ ‫واتساع دالالتها‪ ،‬وحداثة تعابري الشاعر‪ ،‬الذي‬ ‫مل يقنع على امتداد جتربته بأ ّي جناح حقّقه‪،‬‬ ‫وال أ ّي مجاهريية‪ ،‬وظ ّل يتجاوز نفسه‪ ،‬ويسابق‬ ‫مريديه‪ ،‬ويراوغ نقاده‪.‬‬ ‫ويف املقدمة يروي فضل سرية الشاعر‪ ،‬بدءاً‬

‫من نزوحه عن فلسطين مع عائلته‪ ،‬وعودتهم‬ ‫إليها‪ ،‬ثم مغادرته األرض احملتلة إىل مصر‪،‬‬ ‫ومنها إىل أرجاء العامل‪.‬‬ ‫ور ّكز صالح فضل على بدايات درويش‪،‬‬ ‫وارتباطه األساسي بالقضية الفلسطينية‪،‬‬ ‫وكأن درويش والقضية صنوان‪ .‬فقد أضفى‬ ‫الشاعر بإرثه الشعري على القضية الفلسطينية‬ ‫ألقاً مضاعفاً‪ ،‬خبالف بعض قادة النضال‬ ‫الفلسطيين الذين أضعفوا القضية‪ ،‬وأوهنوها‬ ‫خبذالنهم‪ ،‬وختلّيهم عن قضايا شعبهم‪،‬‬ ‫بعكس درويش الذي بقي حتى آخر أنفاسه‬ ‫خملصاً لشعبه وهمومه‪ ،‬إىل احل ّد الذي دفع‬ ‫بياسر عرفات للقول ذات م ّرة بعد مساعه‬ ‫درويش‪“:‬الشعر هو الثورة الفلسطينية” ‪.‬‏‬ ‫ويلفت املؤلّف األنظار إىل اإلشارات والرموز‬ ‫“الواضحة للقارئ” يف قصائد درويش‪ ،‬وحتوالته‬ ‫النص الدرويشي املميّز‪ ،‬واملقارنة‬ ‫األسلوبية‪ ،‬يف ّ‬ ‫النص تعود ملكيته‬ ‫بني ديوان وآخر له‪ ،‬ليتبينّ أن ّ‬ ‫إىل محمود درويش‪ ،‬ملفرداته وأسلوبه الذي‬ ‫مييّزه بسهولة عن باقي الشعراء‪.‬‏‬ ‫ويتجاوز صالح فضل الكثري من قصائد‬ ‫درويش ودواوينه مثل “سرير الغريبة” و“أمحد‬ ‫الزعرت” و“عابرون يف كالم عابر” لكثرة ما‬ ‫كتب عنها‪ ،‬من دون أن يلتزم بالتسلسل الزمين‬ ‫لألعمال الشعرية‪.‬‬ ‫شعرية العشق‬

‫حيوي الكتاب ثالثة فصول تض ّم احلاالت‬ ‫الشعرية األهم يف جتربة درويش‪ ،‬ويستهل‬ ‫الفصل األول وعنوانه “شعرية العشق” بدراسة‬ ‫قصائد درويش األوىل‪ ،‬أوهلا قصيدته الشهرية‬ ‫“بطاقة هوية” اليت ذاعت باسم “سجل أنا‬ ‫عربي”‪ ،‬وقال فيها‪:‬‬ ‫“س ّجل أنا عربي‬ ‫ورقم بطاقيت مخسون ألف‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫التأليف والنشر‬

‫وأطفالي مثانية‬ ‫وتاسعهم سيأتي بعد صيف‬ ‫فهل تغضب‏؟”‬ ‫وعلى الرغم من تناول هذه القضية‬ ‫الفلسطينية بطريقة خمتلفة‪ ،‬وجتاوز درويش‬ ‫للمرحلة اليت أنتجتها‪ ،‬إال أن مجهور الشاعر‬ ‫توقف أمامها طوي ًال‪ .‬ورأى فضل من جهة أخرى‬ ‫أن املوتيفات املتك ّررة مثل القدس والربتقال‬ ‫والبحر واحلجر والعصافري يف قصائد درويش‬ ‫هي رموز مكثفة أعاد خلقها مبهارة يف كثري من‬ ‫قصائده‪ ،‬من دون اتهامه بالتكرار‪ ،‬فمهارته‬ ‫تتجلّى يف عدم تقييده لنفسه داخل إطار ضيق‪،‬‬ ‫ومتيّزه يف قدرته على صياغة لفتات تعبريية‬ ‫خاصة وإسنادات جمازية‪ ،‬وقدرة على بلورة‬ ‫الرؤية‪ ،‬واستحضار مناذج بصرية غنية باملتخيّل‬ ‫الشعري‪ ،‬تتكفّل بنقل ألق خاص باملتلقي ‪.‬‬ ‫ويؤ ّكد فضل‪ ..“ :‬أن حياة الشعراء ال حتسب‬ ‫بالسنوات وال باألماكن فحسب‪ ،‬بل تقاس يف‬ ‫نهاية املطاف مبا أجنزه الشاعر من قصائد‬ ‫وجمموعات وما أحدثه من أثر يف من ّو الشعرية‬ ‫اليت يكتب بلغتها‪ ،‬فإن حصاد درويش قد شارف‬ ‫على ثالثني ديواناً شعرياً”‪ ،‬هذا “‪ ..‬جبانب‬ ‫عديد من الكتب النثرية والرسائل والسري‪،‬‬ ‫ك ّل ذلك جيعل تأمل مالمح شعريته العاشقة‬ ‫واستكناه جتلياتها املتحولة مبناهج نقدية‬ ‫متج ّددة‪ ،‬متعة مجالية حقيقية‪ ،‬ومطارحة‬ ‫نصية حتاول اقتناص رحيقها املفعم بسحر‬ ‫ّ‬ ‫الّلغة ونشوة املغامرة وعطر الف ّن يف فصول‬ ‫متتالية يربطها نسق موصول من احملبة والتفهم‬ ‫الودود”‪.‬‬ ‫ويتوقف الناقد صالح فضل ملياً أمام تعامل‬ ‫درويش مع املوت‪ ،‬ومواجهته له يف أكثر من‬ ‫قصيدة‪ ،‬وكانت ذروتها يف “اجلدارية” وديوانه‬ ‫“كزهر الّلوز أو أبعد” الذي يقول فيه درويش‪:‬‬ ‫“يف القدس أغين داخل السور القديم‬

‫أسري من زمن إىل زمن بال ذكرى‬ ‫تصوبين فإن األنبياء هناك يقتسمون‬ ‫تاريخ املقدس ‪ ..‬يصعدون إىل السماء‬ ‫ويرجعون أقل إحباطاً وحزناً‪ ..‬فاحملبة‬ ‫والسالم مقدسان وقادمان إىل املدينة‬ ‫أمشي كأني واحد غريي وجرحي وردة‬ ‫بيضاء إجنيلية ويداي مثل محامتني‬ ‫على الصليب حتلقان وحتمالن األرض‬ ‫ال أمشي‪ ،‬أطري‪ ،‬أصري غريي يف‬ ‫التجلي‪ ،‬ال مكان وال زمان‪ ،‬فمن أنا؟‬ ‫أنا ال أنا يف حضرة املعراج‪ ،‬لكين أفكر‬ ‫وحده كان النيب حممد‬ ‫يتكلم العربية الفصحى‬ ‫وماذا بعد؟‬ ‫ماذا بعد ؟‪ ..‬صاحت فجأة جندية‬ ‫هو أنت ثانية أمل أقتلك؟‬ ‫قلت ‪ :‬قتلتين ‪ ..‬ونسيت مثلك أن أموت”‪.‬‬

‫‪371‬‬

‫عالم من التحوالت‬

‫وحتت عنوان “عامل من التحوالت” رصد‬ ‫فضل يف الفصل الثاني من كتابه املراحل‬ ‫الشعرية اليت يصنّف من ضمنها نتاج الشاعر‪،‬‬ ‫أو يوضع من ضمن أطر أو ثيمات خاصة بك ّل‬ ‫مرحلة‪ ،‬خصوصاً أن درويش كان دائم الصعود‬ ‫يف جتربته الشعرية‪ ،‬والبحث عن صيغ وصور‬ ‫شعرية متج ّددة‪ ،‬وهو يف قصيدته “بطاقة‬ ‫أسس حب ّق للتحوالت الشعرية الالحقة‬ ‫هوية” ّ‬ ‫يف مسريته احلافلة‪ ،‬فشعره بالذات يف هذه‬ ‫القصيدة مثّل أكرب املشاغل براءة وأش ّدها‬ ‫خطورة يف آن‪ ،‬ال مبنطق اجلدال العقلي‬ ‫والتارخيي‪ ،‬إمنا مبنطق إيقاظ احللم‪ ،‬وتسمية‬ ‫األشياء بالكلمات العارية البسيطة‪ ،‬وهو هنا ال‬ ‫يعبرّ عن قضية بقدر ما خيلق املعادل الشعري‬ ‫هلا‪ ،‬وتصريح محمود درويش الذي قال فيه‪:‬‬ ‫“أنا منحاز للغناء يف الشعر‪ ،‬ألن املناخ اإلنساني‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 372‬للتنمية الثقافية‬

‫يعتبر الناقد صالح فضل أ ّن ما يميّز‬ ‫شعر محمود درويش هو اللّغة المتفردة‬ ‫والعبارات األنيقة التي تضيف للشعر شعراً‬ ‫آخر ينفتح على أفق فسيح يتجاوز المألوف‬ ‫ليضع القارئ على تخوم الملحمة ‪ ..‬هذه‬ ‫الملحمة التي كانت طموح الشاعر‪ ،‬وعمل‬ ‫جاهداً ليصل إلى هذا النوع الشعري الغني‬ ‫العاصف‪ ،‬ما جعله في ك ّل ما كتب نثراً أو‬ ‫شعراً حالة شعرية متف ّردة‪..‬‬

‫احلزين يقتضي دائماً الشفافية يف التعبري‪ ،‬ليصل إىل هذا النوع الشعري الغين والعاصف‪،‬‬ ‫وأحياناً ال أجد هذه الشفافية إال يف الغناء” يُع ّد ما جعله يف ك ّل ما كتب نثراً أو شعراً حالة شعرية‬ ‫مفتاحاً لفهم غنائية شعر محمود درويش‪ ،‬عرب متف ّردة يف مسرية الشعر العربي‪.‬‬ ‫حبثه الدائم ع ّما يط ّور عامله الشعري‪.‬‬ ‫واستعرض صالح فضل يف الفصل الثالث الكتاب‪ :‬فلسطين في الشعر المصري‬ ‫نصية ‪ :‬حاالت الشعر واحلصار” بعض الكاتب‪ :‬محمد سالمان‬ ‫“قراءات ّ‬ ‫العناوين الفرعية للخروج مبفاهيم نقدية‪ ،‬الناشر‪:‬الهيئة العامة للكتاب ‪ -‬القاهرة‬ ‫تقرتب من احلالة الشعرية املسيطرة يف شعر‬ ‫درويش‪.‬‬ ‫رصد د‪ .‬محمد سالمان يف كتابه “فلسطني يف‬ ‫الشعر املصري" القضية الفلسطينية يف الشعر‬ ‫على تخوم الملحمة‬ ‫املصري‪ ،‬عرب مئة عام تقريباً‪ ،‬منذ وعد بلفور‬ ‫وحتت عنوان “قصيدة درامية شاملة” إىل اتفاقية كامب ديفيد‪ ،‬من خالل أعمال‬ ‫تناول الناقد بنية القصيدة الدرويشية وتع ّدد عدد كبري من الشعراء املصريني الذين انشغلوا‬ ‫النص الواحد‪ ،‬وكيف انتزع بالقضية الفلسطينية‪ ،‬إضافة إىل بعض األعمال‬ ‫األصوات ضمن ّ‬ ‫الشاعر من خمتلف الفنون الشعرية ما صاغه الشعرية اليت مل تنشر‪.‬‬ ‫يف قالب واحد متآلف‪ ،‬لتقديم تركيبة جديدة‬ ‫يتض ّمن الكتاب رؤيتني موضوعية‪ ،‬وفنّية‪،‬‬ ‫للنص الشعري‪ ،‬وديوان “حالة حصار” ويف الباب األول صورة عن الالجئني يف الشعر‬ ‫متط ّورة ّ‬ ‫واحلض على‬ ‫للنص متع ّدد األصوات والشخوص‪ ،‬وأبعاد املأساة‪ ،‬وشعر االستنفار‬ ‫ّ‬ ‫أمنوذجاً ّ‬ ‫فهو يض ّم حوارات متخيلة ومتماسكة تصنع رؤية الثورة‪ ،‬والقضية بني حماور احلرب ولغة‬ ‫شاملة حلاالت الشعر واحلصار‪ .‬وضمن عنوان السالم‪ ،‬ويتناول الباب الثاني البعد اللّغوي‬ ‫“ملسات احلداثة” يرى فضل أنه على الرغم من واألسلوبي‪ ،‬والبناء التصويري والصوتي‪ ،‬جبانب‬ ‫أن األبرز يف شعر احلداثة هو غياب املوضوع حملة تارخيية عن فلسطين يف مقدمة الكتاب‪.‬‬ ‫وتشتّت الداللة‪ ،‬إال أن القصيدة عند درويش‬ ‫ورصد املؤلف أعمال عدد كبري جداً من‬ ‫تقرتب أكثر من الشعر التعبريي‪ ،‬عرب دالالت الشعراء املصريني الذين كتبوا عن القضية‬ ‫وإسنادات جمازية ختلق توتر احلالة الشعرية‪ ،‬الفلسطينية‪ ،‬مثل إبراهيم عيسى وأحمد زكي‬ ‫وتتجاوز املعنى املألوف‪ ،‬وعرب تع ّدد العناوين أبو شادي‪ ،‬وأحمد هيكل‪ ،‬وأمل دنقل‪ ،‬وجليلة‬ ‫جيول فضل يف بانوراما سريعة على أبرز املالمح رضا‪ ،‬وحامد طاهر‪ ،‬وحسن فتح الباب‪ ،‬وسعد‬ ‫نص القصيدة ويف جممل اإلنتاج الشعري لدى ظالم‪ ،‬وشوقي هيكل‪ ،‬وصابر عبد الدايم‪،‬‬ ‫يف ّ‬ ‫درويش الغين بالرتاكيب واملفردات واحلاالت وعامر بحيري‪ ،‬وعبد الرحمن الشرقاوي‪،‬‬ ‫الشعرية اليت ق ّل أن يوجد مثيل هلا عند شاعر وعبد العليم عيسى‪ ،‬وعبد العليم القباني‪،‬‬ ‫واحد‪ ،‬معترباً أن ما مييّز شعر درويش هو وعبد المنعم يوسف عواد‪ ،‬وعبده بدوي‪،‬‬ ‫الّلغة املتفردة‪ ،‬والعبارات األنيقة اليت تضيف وعفيفي محمود‪ ،‬وعلي الجارم‪ ،‬وعلي محمود‬ ‫للشعر شعراً آخر‪ ،‬ينفتح على أفق فسيح يتجاوز طه‪ ،‬وفاروق جويدة‪ ،‬وقاسم مظهر‪ ،‬وكامل‬ ‫املألوف ليضع القارئ على ختوم امللحمة‪ ،‬هذه أمين‪ ،‬ومحمد األسمر‪ ،‬ومحمد التهامي‪،‬‬ ‫امللحمة اليت كانت طموح الشاعر‪ ،‬وعمل جاهداً ومحمد حوطر‪ ،‬ومحمد عبد الغني حسن‪،‬‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫ومحمد علي عبد العال‪ ،‬ومحمد كامل إمام‪،‬‬ ‫ومحمد مصطفى الماحي‪ ،‬ومحمود أبو ألوفا‪،‬‬ ‫ومحمود حسن إسماعيل‪ ،‬ومحمود الخفيف‪،‬‬ ‫ومحمود غنيم‪ ،‬ومحمود محمد صادق‪ ،‬ومحمد‬ ‫محمد صادق‪ ،‬ومصطفى بهجت بدوي‪ ،‬وهاشم‬ ‫الرفاعي‪ ،‬والورداني ناصف‪ ،‬ويوسف خليف‪.‬‬

‫واملالحظ أن املؤلّف الذي رصد األعمال‬ ‫الشعرية املنشورة‪ ،‬جلأ أيضاً إىل بعض‬ ‫املخطوطات اليت مل تنشر مثل ديوان إبراهيم‬ ‫عيسى “مع األيام” ورشاد يوسف “وا إسالماه”‪،‬‬ ‫ومحمد الحساني حسن عبد الله “من وحي‬ ‫الوافر وقصائد أخرى”‪ .‬األمر الذي يد ّل على‬ ‫مدى اجلهد الذي بذله يف إعداد الكتاب‪.‬‬ ‫ولع ّل من املفيد هنا رصد مدى االهتمام‬ ‫الشعيب املصري املبكر جداً بالقضية الفلسطينية‪،‬‬ ‫حبيث واكب الشعر املصري املوضوع منذ وعد‬ ‫بلفور يف الثاني من نوفمرب‪/‬تشرين الثاني ‪.1917‬‬ ‫فالشاعر املصري أحمد محرم ّ‬ ‫نظم قصيدة‬ ‫طويلة رصد فيها وعد بلفور “الذي أمساه الوعد‬ ‫املشؤوم” ويف مطلع تلك القصيدة يقول الشاعر‬ ‫أحمد محرم‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫بلفور بئس الوع ُد وع ُدك لأللي‬ ‫جعلوك لألمل املخيَّ ِب ُسلَّ ًما‬ ‫ ‬ ‫خدعوك حني أط ْعتَ ُهم وخد ْعتَ ُهم‬ ‫إ ْذ طا َو ُعوك وتلك منزلة ال َع َمى‬ ‫ ‬ ‫لاَ‬ ‫احلق وإن مل يندمو‬ ‫لسنا ُو َة ِّ‬ ‫وال أنت أ ْولىَ أن تتوب وتندما‬ ‫ ‬ ‫تلك اإلساء ُة ما استَق ََّل مبثلِها‬ ‫الد ْه ِر قبلَك َم ْن أساء وأجر َما‬ ‫ ‬ ‫يف َّ‬ ‫َّأما حممود حسن إمساعيل فيقول‪:‬‬ ‫يا يو َم بلفور ُش ْؤ ُم َك خال ٌد‬ ‫ْت هذا املَْو ِع َدا‬ ‫ ‬ ‫ضر لَ ْو أَ ْخلَف َ‬ ‫ما َّ‬ ‫عا َه ْد َت أَ ْعزَا َل ا ُ‬ ‫جل ُسوم سال ُحهم‬

‫التأليف والنشر‬

‫االهتمام الشعبي المبكر بفلسطين‬

‫ما كان إال احلق صاح مقيَّ ًدا‬ ‫ ‬ ‫وتركتَهم ر ْه َن املطامع تبتغي‬ ‫فيهم على ح ّر املواطن أعبدا‬ ‫ ‬ ‫عاجز‬ ‫ثاروا بأرض اهلل ثورة ٍ‬ ‫فتوعدا‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫مسع ُّ‬ ‫القوي َشكاته َّ‬ ‫ِ‬ ‫كما ص ّور علي محمود طه وعد بلفور بأنه‬ ‫وع ٌد خ َّ‬ ‫َط ُه ُ‬ ‫الظلم‪ ،‬وأنه ُحلْ ٌم ِم ْن عالمَ اخليال‬ ‫القوة‪ ،‬وأخرجتْه إىل عالمَ‬ ‫والوهم‪ ،‬حمَ َ تْ ُه َّ‬ ‫أهوال‪،‬‬ ‫احلقيقة‪ ،‬فكان َمثَا َر خ ٍ‬ ‫ُطوب و َم ْب َع َث ٍ‬ ‫فيقول‪:‬‬ ‫حما اهلل وع ًدا خ َّ‬ ‫َط ُه الظلم مل يكن‬ ‫ ‬ ‫َّال‬ ‫سوى ُحلْ ٍم عن عامل الوهم َخت ِ‬ ‫محتْه ال َق َنا َك ْي َما يكو ُن حقيق ًة‬ ‫َ‬ ‫فكان َمثَا ًرا من خ ُ‬ ‫وب وأ ْه َوال‬ ‫ ‬ ‫ُط ٍ‬ ‫أبواب ِفتْ َن ٍة‬ ‫القوم َ‬ ‫وفتَّ َح بني ِ‬ ‫ ‬ ‫ُط ُّل بأحداث وتُو ِمي بأ ْو َج ِال‬ ‫تِ‬ ‫هذا االهتمام الشعري املصري املبكر جداً‬ ‫بالقضية‪ ،‬كان أمراً طبيعياً بالنظر إىل ُعمق‬ ‫الوجدان الديين املصري‪ ،‬وانفتاح الثقافة‬ ‫املصرية على العروبة والوطنية بصورة عامة‪.‬‬ ‫ومل يقتصر األمر بالطبع على ك ّل من أحمد‬

‫‪373‬‬

‫محرم ومحمود حسن إسماعيل وعلي محمود‬

‫طه‪ ،‬بل يرصد املؤلّف أبيات الشعر والقصائد‬ ‫اليت ّ‬ ‫نظمها عدد كبري من الشعراء املصريني‬ ‫مبناسبة وعد بلفور‪ ،‬مثل محمد كمال إمام‪،‬‬

‫ومحمود محمد صادق‪ ،‬وعفيفي محمود‬

‫وغريهم‪ ،‬ثم يقوم بنقلها‪.‬‬

‫تفاعل الشعراء مع القضية‬

‫وبعد ذلك يورد تفاعل الشعراء مع القضية‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬فيص ّور الشاعر محمد األسمر‬ ‫بعضاً من حملات النضال الفلسطيين ض ّد‬ ‫الصهيونية املتحالفة مع اإلجنليز قائلاً ‪:‬‬ ‫ُر ِّدي ِحبَالَ ِك عنهمو يا ه ِذ ْه‬ ‫فالغاب يؤخذ من قوى أخاذه‬ ‫ ‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 374‬للتنمية الثقافية‬

‫تسعون يو ًما والعرين ُمزجمر‬ ‫َغ َضبًا على من فيه من شذاذه‬ ‫ ‬ ‫ما ُّ‬ ‫كل أرض لقم ٌة مأكولة‬ ‫بل بعضها كالسهم حني نَفَاذه‬ ‫ ‬ ‫شادت فلسطين الشهيدة صرحه‬ ‫من قلبها الدامي ومن أفالذه‬ ‫ ‬ ‫حلمى فيها بأبطال احلمى‬ ‫الذ ا ِ‬ ‫خلري مال ِذ ِهم ومال ِذه‬ ‫ ‬ ‫َ‬ ‫فمضوا ِ‬ ‫وعندما عقد مؤتمر بلودان (مصيف يف‬ ‫سوريا) يف ‪ 8‬سبتمرب ‪ 1937‬وحضرته مصر‬ ‫وسوريا ولبنان واألردن والمغرب العربي‬

‫نث َر الزُّهو َر مع الوعود‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫زيتو ُن غص ِنك واأل َزا ِهر‬ ‫يف ي ِد األقدار ُسود‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫ويردف يف قصيدة أخرى‪:‬‬ ‫يا جملس األمن العتِيد حتيَّيت‬ ‫أشعلْتُها نا ًرا َف َن ْم بأمان‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫بِ ْع َت املسي َح إىل اليهود مساح ًة‬ ‫أرخصتَ​َنا يف َّ‬ ‫الشان‬ ‫ ‬ ‫ال بِ ْد َع إن ْ‬ ‫ثم يواصل الشعر املصري مواكبة احلدث‬ ‫الفلسطيين يف معارك ‪ ،1948‬فالشاعر أحمد‬ ‫يوجه التحية إىل الشهيد عبد القادر‬ ‫مخيمر ّ‬ ‫الحسيني قائلاً ‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫نِلْ َت الشهاد َة فا ْه َنأ أيُّها البط ُل‬ ‫الدو ُل‬ ‫ ‬ ‫مبثل ع ْز ِم َك تَ ْبنيِ جم َدها ُّ‬ ‫ويف اإلطار نفسه يقول محمد محمد صادق‪:‬‬ ‫احلسيين “احلسنيْ”‬ ‫حل َق‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫زين‬ ‫ ‬ ‫ ‬ ‫وأي ْ‬ ‫زي َن الشباب ُّ‬ ‫حن الشهيد جلده‬ ‫َّ‬ ‫فتشابها يف امليتي‬ ‫ ‬ ‫ ‬

‫وفلسطين‪ ،‬ق ّرر املؤمتر رفض التقسيم‪ ،‬ورفض‬ ‫قيام دولة يهودية‪ ،‬واعتبار فلسطين جزءاً من‬ ‫جسم األمة العربية‪ ،‬وقامت الثورة الفلسطينية‬ ‫الكربى‪ ،‬وقامت احلكومة الربيطانية بنفي صفوة‬ ‫اجملاهدين الفلسطينيني إىل جزر سيشل‪ ..‬يقول‬ ‫الشاعر محمد األسمر‪:‬‬ ‫شاعر‬ ‫ُ‬ ‫أسو َد فلسطين حتيَّ َة ٍ‬ ‫ُّ‬ ‫وكل فلسطين أسو ٌد بواسلُ‬ ‫ ‬ ‫حللْتُم على الوادي املبارك أهلُه‬ ‫فأنَّى نزلتم فالقلوب َمنازل‬ ‫ ‬ ‫ومل يغفل الشعر املصري عن رصد جرائم‬ ‫ذهبتم إىل املنفَى وأنتم أهلة‬ ‫الصهاينة يف فلسطين‪ ،‬ويف هذا اإلطار كتب‬ ‫وعدمت كما عادت بدو ٌر كوامل‬ ‫ ‬ ‫عد ٌد من الشعراء املصريني بقلوب حزينة‬ ‫وما أنتم إال ُ‬ ‫مالحم‬ ‫سيوف‬ ‫وعيون دامعة عن جمازر دير ياسين‪ ،‬وكفر‬ ‫ٍ‬ ‫وما‬ ‫الدهر إال َصيا ِقل‬ ‫ ‬ ‫ٌ‬ ‫قاسم‪ ،‬وغريهما‪ ،‬ومنهم الشاعر شوقي هيكل‪،‬‬ ‫حادثات َّ‬ ‫الذي قال‪:‬‬ ‫مل يقتصر االهتمام الشعري املصري يف‬ ‫اسم‬ ‫اذكروا يف َّ‬ ‫الد ْهر ِذ ْك َرى َكف ِْر َق ِ‬ ‫ذلك الوقت على أبعاد النِّضال الفلسطيين‪،‬‬ ‫واذكروا ياسني دي ًرا مل يسال‬ ‫واذكروا اجلسر الذي َّ‬ ‫ولكنه واكب مراحل القضية وأشكاهلا؛ فعندما‬ ‫ظل يقاوم‬ ‫صدر قرار التقسيم يف العام ‪ ،1947‬ثار الشعراء‬ ‫واذكروا القدس وفيها املوت جاثم‬ ‫املصريون على األمم المتحدة‪ ،‬والظلم الدولي‬ ‫وازدواج املعايري والتواطؤ الغربي‪ ..‬يقول محمود الشعر وازدواج المعايير الغربية‬ ‫محمد صادق جمللس األمن‪:‬‬ ‫وقد تض ّمنت تلك القصائد معاني قدمية‪ ،‬ال‬ ‫جملس األمن الذي‬ ‫تزال موجودة حتى اليوم‪ ،‬مثل املؤامرة الغربيَّة‬ ‫يا َ‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫وال يزال يؤمن حبتميَّة إزالة إسرائيل وحترير‬ ‫كامل الرتاب الفلسطيين‪ ،‬وعدم جواز التفريط‬ ‫شرب من األرض‪ ،‬وبني املوقف احلكومي‬ ‫يف أي ٍ‬ ‫بعد توقيع اتفاقية كامب ديفد العام ‪،1979‬‬ ‫وهو ٌ‬ ‫موقف له تعقيداتُه الدولية والدبلوماسية‬ ‫بالطبع‪ ،‬ولع ّل من أه ّم موضوعات هذا الكتاب‬ ‫اليت ناقشها املؤلّف هو موقف الشعر املصري‬ ‫من مسألة السالم بني مصر وإسرائيل بعد‬ ‫توقيع اتفاقية السالم بني احلكومتني املصرية‬ ‫واإلسرائيلية العام ‪.1979‬‬ ‫وكان الفريق الرافض للسالم كبري‪ :‬ومنهم‬ ‫الشعراء الحساني حسن عبد الله‪ ،‬ومصطفى‬ ‫بهجت بدوي‪ ،‬ومحمد علي عبد العال‪ ،‬وأمل‬

‫دنقل‪ ،‬وصابر عبد الدايم‪ ،‬فهؤالء انطلقوا من‬ ‫أن هذا السالم ذ ّل واستسالم ّ‬ ‫ومؤشر لضياع‬ ‫احلقوق العربية‪ ،‬ودعوة إىل ضرورة األخذ بالثأر‬ ‫ألبنائنا الشهداء‪.‬‬ ‫كتب أمل دنقل قصيدة أصبحت عنواناً لك ّل‬ ‫الرافضني للسالم واملناهضني لـ إسرائيل‪،‬‬ ‫وهي قصيدة “ال تصالحِ ” الذي جاء فيها‪:‬‬ ‫ال تُصال‬ ‫وال ت ْقت َِس ْم مع َم ْن قتلوك العظام‬ ‫ويقول‪:‬‬ ‫الدرع كامل ًة‬ ‫سوف يولَ ُد من يلبَ ُس ِّ‬ ‫يو ِق ُد النا َر شامل ًة‬ ‫يطلب الثَّأر‬ ‫احلق‬ ‫يَ ْستَ ْولِ ُد َّ‬ ‫أضلُِع املستحيل‬ ‫من ْ‬ ‫‪ ..‬ال تصال‬

‫التأليف والنشر‬

‫على اإلسالم‪ ،‬وازدواج املعايري الغربية‪ ،‬وضعف‬ ‫العروبة واإلحساس العربي لدى َّ‬ ‫احلكام العرب‪،‬‬ ‫والدعوة إىل اجلهاد‪ ،‬باعتبار أن ذلك هو الطريق‬ ‫الوحيدة للحؤول دون َضيَاع فلسطين‪ ،‬والدعوة‬ ‫إىل وحدة العرب‪ ،‬واألخذ بأسباب القوة‪.‬‬ ‫ولقد واكب الشعر املصري بعد ذلك‬ ‫مراحل النضال الفلسطيين‪ ،‬وتفاعل مع القوى‬ ‫اجملاهدة املناهضة لالحتالل‪ ،‬والرافضة له‪،‬‬ ‫وخباصة تلك اليت محلت السالح يف مواجهته‪،‬‬ ‫مثل الشيخ عز الدين‬ ‫القسام ‪ ،1935‬ثم الثورة‬ ‫َّ‬ ‫الفلسطينية ‪ 1939 – 1936‬وغريها من مالمح‬ ‫النضال واملقاومة‪.‬‬ ‫ويستم ّر الكاتب يف رصد تفاعل الشعر‬ ‫املصري مع احلدث الفلسطيين بعد ‪،1948‬‬ ‫وإبَّان هزمية ‪ ،1967‬وانتصار ‪ ،1973‬ثم اندالع‬ ‫االنتفاضات الفلسطينية املتواصلة اليت ش ّكلت‬ ‫جزءاً مه ّماً من احلدث يف نهاية القرن املاضي‬ ‫وبداية القرن احلالي‪ ،‬ولكن من املال َحظ أن‬ ‫املؤلف مل يعط الفرتة من العام ‪ 1948‬حتى‬ ‫العام ‪ 1978‬الكثري من االهتمام‪ ،‬وجلأ إىل رص ٍد‬ ‫موضوع ّي للشعر‪ ،‬مثل موقف الشعر املصري من‬ ‫الالجئني‪ ،‬ومدى تعاطفه مع مأساتهم‪ ،‬وكذا‬ ‫واحلض على الثورة‪ ،‬ثم أثر‬ ‫شعر االستنفار‬ ‫ّ‬ ‫االنتفاضات الفلسطينية على الشعر املصري‪.‬‬ ‫ويرصد املؤلّف عدداً من املالحظات على‬ ‫الشعر املصري بالنسبة إىل فلسطين بعد ‪1948‬‬ ‫مثل قوله‪“ :‬من السمات اليت متيّز هذا الشعر‬ ‫االتكاء على الدين‪ ،‬واستلهام املعاني الروحية”‪،‬‬ ‫وقوله‪“ :‬ربط الشعراء املصريون‪ ،‬أو معظمهم‪،‬‬ ‫بني قضية فلسطين وضياع األندلس من‬ ‫قبل”‪ ،‬وكذا يرصد املؤلّف جتاوز الشعر املصري‬ ‫احلدود املصرية إىل األبعاد العربية واإلسالمية‬ ‫واإلنسانية‪.‬‬ ‫لع ّل الشعر املصري كان أحد التجلّيات اليت‬ ‫ميّزت بني املوقف الشعيب املصري‪ ،‬الذي كان‬

‫‪375‬‬

‫خامس ًا‪ :‬كتب مترجمة‬ ‫الكتاب‪ :‬العمامة واألفندي‬ ‫سوسيولوجيا خطاب وحركات الخطاب‬ ‫الديني‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 376‬للتنمية الثقافية‬

‫الكاتب‪ :‬فالح عبد الجبار‪ ،‬ترجمة‬ ‫أمجد حسين‬ ‫الناشر‪ :‬منشورات الجمل ‪ -‬بيروت‬

‫أ ّول ما يلفت يف هذا الكتاب عنوانه” العمامة‬ ‫النص‬ ‫واألفندي”‪ ،‬ليس باعتباره أول عتبات ّ‬ ‫فقط‪ ،‬بل ملا فيه من طرافة ومفارقة ظاهرية‪،‬‬ ‫تزداد عمقاً وتأخذ منحى فكرياً بالتوغل‬ ‫يف قراءته‪ ،‬وهي توحي للقارئ بتب ّدل أحوال‬ ‫غطاء الرأس العربي واإلسالمي‪ ،‬حيث كانوا‬ ‫يف السابق يعتمرون العمامة‪ ،‬اليت ختتلف من‬ ‫طائفة ألخرى‪ ،‬وترمز إىل اهلوية والطائفة‬ ‫والدين‪ ،‬ورمبا الطبقة‪ ،‬ثم استبدلت بالطربوش‬ ‫يف العصر العثماني‪ ،‬الذي ساوى بني رؤوس‬ ‫الناس وأخفى هوياتهم وطوائفهم‪ ،‬وقد يكون‬ ‫مي ًال خفياً إلنهاء التمييز‪ ،‬وترسيخ املساواة بدءاً‬ ‫من غطاء الرأس‪.‬‬ ‫نص الكتاب يصحبنا إىل قضايا أعمق‬ ‫لكن ّ‬ ‫وأعقد من ذلك الظاهر بكثري‪ ،‬وقد وصفه‬ ‫الربوفسور سامي زبيدة أستاذ علم االجتماع‬ ‫يف كلية بيركبك يف جامعة لندن‪ ،‬بأنه “أشبه‬ ‫بوليمة معرفية لك ّل دارس للعراق أواملنطقة كما‬ ‫لك ّل قارئ عليم وفضولي”‪ ،‬و“مساهمة فريدة‬ ‫وقيّمة يف دراسة اإلطار احلديث للتشيع يف‬ ‫العراق جمتمعاً وثقافة وسياسة”‪ ،‬ألنه “يرسم‬ ‫مبؤسساته‬ ‫لوحة أخّاذة عن املشهد الشيعي ّ‬ ‫ومرجعياته بشخوصه وأسره وفئاته وباقتصاد‬ ‫احلياة الدينية وحاالت امل ّد واجلزر املالي‬ ‫فيها”‪“ ،‬وأخّاذ مبا حيويه من سرديات عن‬ ‫املعرفة الدينية ووسائط نقلها والطقوس ببنيتها‬ ‫السياسية املرتبطة بأحداث معينة”‪“ ،‬ووصف‬ ‫وحتليل احلركات السياسية الشيعية ومنابعها‬ ‫االجتماعية والفكرية هي بؤرة اهتمام الكتاب‪،‬‬ ‫لكن ذلك يندرج يف إطار أوسع يق ّدم ثروة من‬ ‫املعلومات واالكتشافات عن العراق جمتمعاً‬

‫وسياسة”‪“ .‬ويق ّدم الكتاب حملة تارخيية عن‬ ‫ومؤسساتها من ناحية‬ ‫تش ّكل الدولة العراقية ّ‬ ‫القوى االجتماعية اليت صاغتها‪ .‬كما حيتوي‬ ‫حتليالت مهمة عن املنابع االجتماعية لنظام‬ ‫حكم ص ّدام والنتائج اليت آلت إليها”‪ ،‬وقال‬ ‫زبيدة يف تقدميه للكتاب‪“ :‬إن الفضاء الشيعي يف‬ ‫العراق مر ّكب ومتع ّدد األبعاد فهو مجاعة دينية‬ ‫وختوم اجتماعية وتشكيالت سياسية وينبوع‬ ‫أفكار ومعرفة”‪ ،‬وهو أيضاً‪“ :‬غري متجانس‬ ‫اجتماعياً‪ ،‬إذ يض ّم الطبقات اإلكلريكية يف‬ ‫العتبات املقدسة وبرجوازية املدن واملثقفني‬ ‫احلديثني والفالحني القبليني وشيوخ العشائر‪.‬‬ ‫وأضاف أن السياسة يف هذا الفضاء‪“:‬ال تنحصر‬ ‫يف عصبوية طائفية موحدة‪ ،‬بل تنطوي على‬ ‫مر ّكب متن ّوع من املصاحل واأليديولوجيات‬ ‫واحلركات اليت تتجاوز التخوم الطائفية يف‬ ‫أغلب األحيان”‪ ،‬وأن املثقفني الشيعة “برزوا يف‬ ‫معظم احلركات السياسية والتيارات الفكرية‬ ‫احلديثة يف العراق”‪.‬‬ ‫وقال سامي زبيدة يف مقدمته إن احلزب‬ ‫الشيوعي العراقي‪“ :‬ض ّم الكثري من القادة‬ ‫والكوادر الشيعية واجتذب أوسع تأييد قاعدي يف‬ ‫املدن واألحياء الشيعية‪ ،‬والقادة الشيعة برزوا‬ ‫يف خمتلف األحزاب القومية مبا يف ذلك حزب‬ ‫البعث قبل أن يقع فريسة قبلية احلكومة”‪.‬‬ ‫ثالث مقاربات متمايزة‬

‫حيت ّل عبد الجبار برأي زبيدة “موقعاً فريداً‬ ‫يؤهله للكتابة عن تاريخ العراق احلديث”‪“ ،‬‬ ‫فهو مشارك بارز يف املشهد السياسي والثقايف‪،‬‬ ‫أوالً داخل بالده‪ ،‬ثم شأن العديد من املثقفني‬ ‫الذين جنوا من التصفية يف املهجر‪ ،‬ويتابع أن‬ ‫معارفه وأحباثه علمية صارمة‪ ،‬لكنها ال تنبع من‬ ‫معطيات أرشيفية وثائقية فحسب‪ ،‬بل هي مثرة‬ ‫ارتباط وثيق باألحداث والشخوص والتيارات‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫التأليف والنشر‬

‫الفكرية‪ ،‬بل إن سردياته مشبعة مبعرفة محيمية‬ ‫بالتاريخ والسياسة يف عموم املنطقة ما يضفي‬ ‫على البحث منظوراً مقارناً‪ .‬أما التحليل فإنه‬ ‫ثري باملعرفة النظرية االجتماعية والسياسية”‪.‬‬ ‫ويقول الدكتور فالح عبد الجبار نفسه عن‬ ‫كتابه “العمامة واألفندي” إنه‪“ :‬حماولة لفهم‬ ‫العالقة بني املقدس والدنيوي يف مناشئ حركات‬ ‫االحتجاج الدينية يف العراق‪ ،‬مقارنة مع إيران‪،‬‬ ‫واعتماداً على أدوات نظرية لسوسيولوجيا‬ ‫الدين‪ ،‬ومناهج البحث األكادميية”‪.‬‬ ‫يق ّدم عبد‬ ‫الجبار يف كتابه ثالث مقاربات‬ ‫ّ‬ ‫متمايزة‪ ،‬يف أدبيات املذهب الشيعي‪ ،‬واحلركة‬ ‫اإلسالمية الشيعية العراقية‪ ،‬وهي مقاربة‬ ‫طائفية‪ ،‬ومقاربة اجلوهرية الثقافية‪ ،‬ومقاربة‬ ‫بنيوية ظرفية‪.‬‬ ‫حيوي الكتاب مخسة أجزاء هي‪“ :‬الدولة‪،‬‬ ‫األمة‪ ،‬النزعة اإلسالمية”‪“ ،‬النشوء والطفرة”‪،‬‬ ‫“املرجعية والطقوس الشعبية”‪“ ،‬التصادم يف عهد‬ ‫البعث”‪ “ ،‬األيديولوجيا‪ :‬النظريات االجتماعية‪-‬‬ ‫السياسية والنظريات االقتصادية”‪.‬‬ ‫ويبحث فالح جتليات احلياة الدينية لدى‬ ‫شيعة العراق‪ ،‬وجتاذبهم مع ح ّكامه يف العصر‬ ‫احلديث‪ ،‬وبدت تأمالته أوسع من احلالة‬ ‫العراقية‪ ،‬تنشد معرفة أعمق ملسارات اخلطاب‬ ‫الديين وتعبرياته‪ ،‬من دون تبسيط وال جتريد‪.‬‬ ‫وقارب شيعة العراق كظاهرة تارخيية بالغة‬ ‫الرتكيب‪ ،‬وتتبّع أصوهلم‪ ،‬وفحص طبائعهم‬ ‫وتكويناتهم‪ ،‬حماذراً املقاربات السوسيولوجية‬ ‫اليت تعترب الطوائف كيانات متجانسة مغلقة‬ ‫على ذاتها وتارخيها‪ ،‬فهو يراها ظاهرة حيوية‪،‬‬ ‫مرتبطة جبذورها االجتماعية والتارخيية اليت‬ ‫أنتجتها‪ ،‬كما يراها أيضا متفاوتة ومتعارضة‬ ‫ومتع ّددة العناصر وامليول‪.‬‬ ‫ومتيزت رؤية عبد الجبار بوعيه جبدلية‬ ‫اإليقاع التارخيي الوطين للعراق وحتوالته‪ ،‬مع‬

‫اإليقاع التارخيي للمحيط العربي واإلقليمي‬ ‫وتطوراته‪ ،‬خباصة إيران بعد الثورة اإلسالمية‪،‬‬ ‫وعرب سردية عميقة حلياة العراق السياسية‪،‬‬ ‫والشيعة حتديداً‪ ،‬يوضح لنا كيف تتبلور وتضمر‬ ‫بعض النظريات واملفاهيم وفق ظروف خارجية‬ ‫وداخلية‪ ،‬وكيف تستغل الطقوس الشعبية‬ ‫الدينية الشيعية‪ ،‬كذكرى عاشوراء‪ ،‬وزيارة‬ ‫العتبات املقدسة يف تأجيج الضغائن املكبوتة‬ ‫ض ّد احلكومات العراقية القائمة‪ ،‬فتتداخل‬ ‫مظلمة كربالء التارخيية يف املأساة السياسية‬ ‫واالجتماعية الراهنة‪.‬‬ ‫وحيلّل العالقة املتوترة بني شيعة العراق‬ ‫واحلكم الذي تبنّى شعارات القومية العربية‪،‬‬ ‫مذ ّكراً مبقولة الشيعة اليت تقرن القومية العربية‬ ‫بالطائفة السنية‪ ،‬وأوردها ولي نصر يف كتابه‬ ‫األخري “صحوة الشيعة” واتهم دعاة القومية‬ ‫باستخدامها ض ّد الشيعة هلضم حقوقهم‪ ،‬ودرء‬ ‫أ ّي تهديد هليبة أنظمة احلكم العربية التقليدية‪،‬‬ ‫كما فعل كنعان مكية يف كتابه “مجهورية‬ ‫اخلوف” حني حت ّرى أصول النزعة القومية يف‬ ‫صلب املذهب السنيّ العربي‪ ،‬وهو تعميم كان‬ ‫حرياً بـ عبد الجبار الكاتب املوضوعي تفادي‬ ‫هذا التعميم‪.‬‬ ‫يغطي كتاب «العمامة واألفندي» ظروفاً‬ ‫ّ‬ ‫تارخيية وحتوالت اجتماعية وسياسية يف‬ ‫العراق‪ ،‬وداخل صفوف الشيعة‪ ،‬ويكشف‬ ‫األرضية والشروط اليت اكتملت فيها عناصر‬ ‫الصراعات والتجاذبات املتكتلة حيناً‪ ،‬واملبعثرة‬ ‫أحيانا‪ ،‬الظاهرة تارةً‪ ،‬واملختفية طوراً‪ .‬وح ّدد‬ ‫بداية التنافس الس ّري ثم العلين‪ ،‬بني الدولة‬ ‫العراقية والطائفة الشيعية‪ ،‬بانبثاق «حزب‬ ‫الدعوة» أول حزب شيعي عراقي‪ ،‬فبعد ثورة‬ ‫متوز ‪ 5819‬انكفأت األيديولوجيات العلمانية‪،‬‬ ‫وازدادت جاذبية األيديولوجيات املقدسة‪،‬‬ ‫واشتد عود اهلويات اإلثنية والطائفية‪ ،‬وعبرّ‬

‫‪377‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 378‬للتنمية الثقافية‬

‫يغطي كتاب “العمامة واألفندي”‬ ‫ظروفاً تاريخية وتح ّوالت اجتماعية‬ ‫وسياسية في العراق‪ ،‬وداخل صفوف‬ ‫الشيعة‪ ،‬ويكشف األرضية والشروط‬ ‫التي اكتملت فيها عناصر الصراعات‬ ‫والتجاذبات المتكتلة حيناً والمبعثرة‬ ‫أحياناً‪ ،‬الظاهرة تار ًة والمختفية طوراً‪..‬‬ ‫وحد ّد بداية التنافس الس ّري ثم العلني بين‬ ‫الدولة العراقية والطائفة الشيعية‪ ،‬بانبثاق‬ ‫حزب الدعوة أ ّول حزب شيعي عراقي‪..‬‬

‫النهوض الطائفي‪ ،‬عن ضعف سريورة التكامل‪،‬‬ ‫واالندماج الوطين بني أطياف الشعب العراقي‪،‬‬ ‫الذي يتوزع والؤه على أكثر من موقع طبقي‬ ‫وطائفي وقبلي وعرقي‪ ،‬ودفع التوجس من حكم‬ ‫عبد الرحمن وعبد السالم عارف املنحازين‬ ‫سنّياً‪ ،‬إىل سلوك الشيعة طريق العمل السياسي‬ ‫السري‪ ،‬عرب تشكيل التنظيمات احلزبية ذات‬ ‫األيديولوجية الدينية‪.‬‬ ‫لذلك يضع فالح عبد الجبار‪ ،‬يف حتليله‬ ‫الظاهرة الدينية الشيعية‪ ،‬احلوزات يف كربالء‬ ‫والنجف يف بؤرة الضوء‪ ،‬بوصفها مركز‬ ‫تأثري وجذب وحتريض‪ .‬وسبق له أن حلّل يف‬ ‫كتاب سابق املوارد املالية للحوزات‪ ،‬وطرائق‬ ‫جبايتها وصرفها‪ ،‬وصراع املرجعيات يف ما‬ ‫بينها على استقطاب األموال الشرعية‪ ،‬من‬ ‫زكاة مُ‬ ‫وخس وأوقاف‪ ،‬األموال اليت تساعدها‬ ‫على بسط شبكات نفوذها‪ ،‬وخلق مجاعات من‬ ‫األتباع واملريدين‪ .‬وقد حاولت هذه اجلماعات‬ ‫بقيادة علماء الطائفة أن تتغلغل إىل جماالت‬ ‫غري خاضعة لسيطرة الدولة‪ ،‬مثل ميادين‬ ‫التعليم‪ ،‬واملساعدات االجتماعية‪ ،‬واألعمال‬ ‫اخلريية‪ ،‬والعناية الطبية‪ ،‬وإصدار املطبوعات‬ ‫اليت ترمي إىل بناء نظرية اجتماعية‬ ‫وسياسية منافحة عن اإلسالم‪ ،‬لتش ّكل ما‬ ‫يشبه اجملتمع املدني الشيعي‪ .‬ويف مواجهة‬ ‫تهديد األيديولوجية العلمانية‪ ،‬لعبت جملة‬ ‫أضواء دوراً توجيهياً وتثقيفياً بارزاً يف إعداد‬ ‫اجلماعة‪ ،‬ومنافسة الفكر املاركسي‪.‬‬ ‫منحى حزب الدعوة‬

‫ويف قراءته ملنحى “حزب الدعوة” الفكري‬ ‫واسرتاتيجيته السياسية‪ ،‬ع ّد عبد الجبار‬ ‫خطاب الدعوة وإطاره التنظيمي خطاباً وإطاراً‬ ‫حياكيان األحزاب العلمانية احلديثة مبضامينها‬ ‫وأساليبها واسرتاتيجياتها ومفاهيمها‪ ،‬ولكن‬

‫بتغطية واستيحاءات إسالمية‪ .‬واستلهم حزب‬ ‫الدعوة برأي عبد الجبار أساليب التنظيم‬ ‫الّلينيين الذي أرسته األممية الشيوعية الثالثة‪،‬‬ ‫يف عشرينيات القرن املاضي‪ ،‬وتبنّاه شيوعيون‬ ‫عرب وقوميون راديكاليون‪ ،‬وأخوان مسلمون‪.‬‬ ‫وحلّل عبد الجبار طبيعة املعرفة الدينية‪،‬‬ ‫وتكوين ركائز السلطة لدى علماء الدين‬ ‫الشيعة‪ ،‬استناداً إىل نظرية ميشيل فوكو عن‬ ‫عالقة املعرفة بالسلطة‪ ،‬إذ نُسجت هذه العالقة‬ ‫تارخيياً وبصورة تدرجيية‪ ،‬وقامت أوالً على‬ ‫فكرة ضرورة أخذ الشيعي بنصائح الفقيه طوعاً‬ ‫واستحساناً‪ ،‬ومع تنامي الدور املنوط بالفقيه‬ ‫الشيعي‪ ،‬غدا تقليده واجباً أخالقياً ودينياً‬ ‫مفروضاً على أبناء امللّة كافة‪.‬‬ ‫الكتاب‪ :‬اختالل العالم‪ ..‬حضارتنا‬ ‫المتهافتة! (مترجم عن الفرنسية)‬ ‫الكاتب‪ :‬أمين معلوف‬ ‫الناشر‪ :‬دار الفارابي – بيروت‬

‫يف كتابه “اختالل العامل‪ ..‬حضارتنا‬ ‫املتهافتة” عرض األديب الّلبناني أمين معلوف‬ ‫لقضايا ع ّدة‪ ،‬منها االحتالل األمريكي للعراق‪،‬‬ ‫وأثر املرحلة الناصرية على العامل العربي‪،‬‬ ‫وأزمة الشرعية وأنظمة احلكم العربية‪ ،‬وصراع‬ ‫احلضارات‪ ،‬واإلسالم السياسي‪ ،‬ودور الواليات‬ ‫المتحدة العاملي‪ ،‬واضطهاد األقليات‪ ،‬وكلّها‬ ‫مشوبة بقلق وجودي اشتهر به معلوف يف‬ ‫أطروحاته‪ ،‬وتوقف أمام حالة اإلنهاك الشديدة‬ ‫اليت نالت من العامل‪ ،‬وقادته إىل منطقة‬ ‫“القصور األخالقي”‪.‬‬ ‫ووسم فصول كتابه بعناوين ذات دالالت مثل‬ ‫“االنتصارات الكاذبة”‪ ،‬و“الشرعيات الضالة”‪،‬‬ ‫والتيقنات اخلياليّة”‪ ،‬و“عهد سابق لتاريخ‬ ‫مفرط يف الطول”‪ ،‬لتدور أفكاره حول اهلوية‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫ازدياد ضياع اإلنسان‬

‫واختالل العامل يف تقديره ناتج من إنهاك‬ ‫احلضارات‪ ،‬خصوصاً حضارتي الغرب والعامل‬ ‫العربي الّلتني شكلتا ثقافتني نهل منهما العامل‪،‬‬ ‫وهي يف نظره ليست “حرب حضارات”‪ ،‬فالغرب‬ ‫يعيبه ضعف انتمائه لقيمه اخلاصة‪ ،‬والعرب‬ ‫والدول االسالمية قابعون يف مأزق تارخيي ال‬ ‫يسعون لإلفالت منه‪ ،‬ولتغيريه يف املدى املنظور‬ ‫حبسب إمكاناتهم وأوضاعهم على األرض‪.‬‬ ‫ويُذ ّكر معلوف باألمل الذي ساد العامل عند‬ ‫سقوط جدار برلين‪ ،‬وتوقف احلرب الباردة بني‬ ‫املعسكرين الذي أبعد شبح املواجهة النووية الذي‬ ‫ناوش البشرية ألكثر من أربعة عقود‪ ،‬وأرهقها‬ ‫بهواجس الزلزال الذي يصعب تصوره‪ ،‬وتفاؤل‬ ‫البشر وقتها باحتماالت انتشار الدميقراطية‬ ‫وزوال احلواجز بني الدول‪ ،‬لتزدهر اإلنسانية‪،‬‬ ‫لكن شيئاً من هذا مل يكن‪ ،‬وازدادت احلياة‬ ‫تعقيداً‪ ،‬وانتشرت احلركات الدينية املتطرفة‪،‬‬ ‫وختلّى الناس عن أحالمهم املهيضة‪ ،‬والذوا‬ ‫بآفاق طائفية يتلمسون فيها احلماية واألمان ‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من التط ّور التكنولوجي الذي‬ ‫شهده العامل يف العقود الثالثة املنصرمة‪ ،‬بدت‬ ‫السبل وكأنها تضيع من األقدام‪ ،‬وازداد اإلنسان‬ ‫ضياعاً مع تق ّدمه‪ ،‬ومع أن البعض اعترب انهيار‬ ‫االتحاد السوفييتي انتصاراً جمانياَ للغرب‪،‬‬ ‫بيد أن أوروبا تاهت حلظة انتصارها‪ ،‬وانشغلت‬ ‫ومؤسساتها‬ ‫بالتفتيش عن هويتها وحدودها ّ‬ ‫وموقعها يف العامل اجلديد‪.‬‬ ‫وقاد هذا املنزلق األيديولوجي اإلنسانية‬ ‫حبسب أمين معلوف حنو فكرة اهلوية الضيقة‬ ‫اليت ص ّعبت التعايش السلمي بني اجلماعات‬ ‫البشرية للغاية‪ ،‬خباصة بني طوائف الدين‬ ‫الواحد‪ ،‬كما بني السنة والشيعة الذين تبادلوا‬ ‫االتهامات والشكوك‪ ،‬وبعدما كانت حاالت‬ ‫الزواج متواترة ومنتشرة بينهم‪ ،‬استبدلوها‬

‫التأليف والنشر‬

‫وتداعياتها اليت خلّفت خالفات هائلة‪ ،‬وحلّت‬ ‫مكان األيديولوجية اليت تسبّبت سابقاً بنزاعات‬ ‫وحروب مريرة‪.‬‬ ‫ومت ّعن يف انقسام العامل بني غرب وعرب‬ ‫بعدما ختليا عن مثلهما العليا‪ .‬فبينما تراجع‬ ‫الغرب عن قيمه الّليربالية اليت ّ‬ ‫بشر بها العامل‬ ‫لعقود مديدة‪ ،‬وبات خملصاً ملنظومة قيم‬ ‫خاصة‪ ،‬فتش ّوه وجهه الدميقراطي الّليربالي‪،‬‬ ‫اكتسبت األصولية الدينية زمخاً يف اجملتمعات‬ ‫العربية واإلسالمية‪ ،‬واعتمدت العنف نهجاً هلا‬ ‫جتاه الغرب العلماني‪“ ،‬الكافر” برأي احلركات‬ ‫املتطرفة‪.‬‬ ‫ويعتقد أمين معلوف أن السنوات العصيبة‬ ‫اليت يشهدها العامل اآلن رمبا تقوده إىل رؤى‬ ‫خيص االنتماءات واالختالفات‬ ‫أنضج يف ما ّ‬ ‫الفكرية‪ ،‬ولعلّها تنقذ البشرية من مصري‬ ‫خميف‪ ،‬فال سبيل أمامها غري هذا‪ .‬وافتتح‬ ‫كتابه بعبارة موحية هي‪ «:‬يبدو أننا دخلنا‬ ‫هذا القرن اجلديد بال بوصلة»‪ ،‬ليس ختوفاً‬ ‫من االنتقالة إىل األلفية الثالثة‪ ،‬وال مشاطرة‬ ‫ملن جيزعون من التغيري‪ ،‬بل ألنه تنويري كبري‬ ‫يعرف حجم املسؤولية الواقعة على عاتقه‪،‬‬ ‫شأن املبدعني الكبار يف انشغاهلم مبصري‬ ‫اإلنسانية وحتوالتها الكربى‪ ،‬فبعدما كانت‬ ‫اجملتمعات تتميّز بالتن ّوع والتعايش‪ ،‬انفلتت‬ ‫برعونة من قيود احرتام اآلخر واحلفاظ على‬ ‫احلريات‪ ،‬وناءت باالنهيارات االقتصادية‪،‬‬ ‫اليت تقود األرض إىل اضطرابات يتعذر‬ ‫التكهن بنتائجها‪ ،‬إضافة إىل تدهور مناخ‬ ‫العامل نتيجة تعسف الغرب الصناعي وقسوته‬ ‫علي البيئة‪ ،‬ووسط هذا ال يتقبّل معلوف فكرة‬ ‫فناء احلضارة اإلنسانية‪ ،‬فهو مبدع عاشق‬ ‫للحياة‪ ،‬عارف بقيمتها‪ ،‬وحبتمية الدفاع عنها‪،‬‬ ‫وفهم أسباب االحندار‪ ،‬وإمكانية اخلروج من‬ ‫الدرك‪.‬‬

‫‪379‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 380‬للتنمية الثقافية‬

‫لم يعد ثمة غرباء في هذا القرن‪،‬‬ ‫بل “رفاق سفر”‪ ،‬وسواء أكان معاصرونا‬ ‫يسكنون الجهة األخرى من الشارع أم‬ ‫الجهة األخرى من الكرة األرضية‪ ،‬فهم‬ ‫وتمسهم‬ ‫ال يبعدون عنّا‪ ،‬سوى خطوتين ّ‬ ‫تمسنا‬ ‫تصرفاتنا في الصميم‪ ،‬كما ّ‬ ‫تصرفاتهم تماماً‪ ،‬وإذا كنّا نحرص على‬ ‫صون السلم األهلي في أنحاء الكرة‬ ‫األرضية فنحن بحاجة إلى معرفة اآلخرين‬ ‫بدقة وإرادة معرفية للتواصل مع ثقافتهم‬ ‫وآدابهم‪..‬‬

‫مبجازر متبادلة جتسد مأساة العراق‪.‬‬ ‫حقيقة األمر يف رأي معلوف كامنة يف‬ ‫إهدار الدول الغنية لعالقاتها بالشعوب‬ ‫الفقرية‪ ،‬ومساعدتها دكتاتوريّي العامل الثالث‪،‬‬ ‫باملخالفة الف ّجة للدميقراطية اليت يفاخرون‬ ‫بها يف الغرب الذي خسر خنباً حداثية‪،‬‬ ‫وحتالف مع قوى متخلّفة على أرض املصاحل‪،‬‬ ‫فتضاعفت حريته بني متدين العامل والسيطرة‬ ‫عليه‪ ،‬وهما نقيضان ال جيتمعان‪ ،‬وحيدث‬ ‫هذا يف وقت ينطلق فيه اإلنرتنت ويفتح آفاقاً‬ ‫هائلة أمام البشر على أعتاب القرن احلادي‬ ‫والعشرين‪ ،‬وهو حال خيتلف جذرياً ع ّما‬ ‫اعتادته اإلنسانية قبل «الشبكة املعلوماتية»‬ ‫اليت تع ّد أداة عصرية عظيمة تش ّجع تداخل‬ ‫الثقافات‪.‬‬ ‫ويستطرد معلوف يف شرح رؤيته‪ ،‬فإذا كان‬ ‫واجباً علينا وحتمياً أن نتق ّدم‪ ،‬فعلينا أن نصنع‬ ‫احتياجاتنا بأيدينا‪ ،‬وهذا لن يأتي بالتعلّق‬ ‫باملاضي مهما بدا عريقاً وعظيماً‪ ،‬وإال حت ّول إىل‬ ‫وهم‪ ،‬أمام عصر ال ّ‬ ‫يكف عن تقديم مفاجآته‬ ‫العلمية‪ ،‬وتقتضي احلكمة منّا ّ‬ ‫الكف عن مقارنة‬ ‫عصرنا بالسابق‪ ،‬فمحصلة التاريخ من احلروب‬ ‫والدمار صادمة ال ّ‬ ‫شك‪ ،‬فهي جرائم يندى هلا‬ ‫جبني اإلنسانية‪ ،‬يف حني يتغنّى البعض جبمال‬ ‫املاضي‪ ،‬وما جيب عليهم فعله هو نفض ُعقد‬ ‫املاضي اليت تراكمت عرب قرون على رؤوس‬ ‫البشر‪ ،‬لينطلقوا حنو املستقبل ‪.‬‬ ‫ويؤ ّكد أمين معلوف أنه “مل يعد بوسعنا‬ ‫أن نكتفي مبعرفة اآلخرين معرفة تقريبية‪،‬‬ ‫سطحية‪ ،‬غليظة‪ ،‬وإمنا حنن حباجة ملعرفتهم‬ ‫معرفة دقيقة ولصيقة من خالل ّ‬ ‫اطالعنا‬ ‫بإرادة معرفية على ثقافتهم وآدابهم‪ ،‬وينطبق‬ ‫احلال أيضاً على الشعوب املتع ّددة األصول اليت‬ ‫تعيش جنباً إىل جنب يف مجيع البلدان‪ ،‬وال تزال‬ ‫تنظر إىل بعضها من خالل مؤشرات مش ّوهة‪،‬‬

‫وأفكار موروثة‪ ،‬وأحكام قدمية العهد‪ ،‬وتصورات‬ ‫ساذجة‪.‬‬ ‫ما يعين أنه حان وقت تغيري األولويات‪،‬‬ ‫واإلصغاء جبدية ملا يقوله العامل‪ ،‬فلم يعد مثة‬ ‫غرباء يف هذا القرن‪ ،‬بل “رفاق سفر”‪ ،‬وسواء‬ ‫أكان معاصرونا يسكنون اجلهة األخرى من‬ ‫الشارع أم اجلهة األخرى من الكرة األرضية‪،‬‬ ‫فهم ال يبعدون سوى خطوتني‪ ،‬ومتسهم‬ ‫متسنا تصرفاتهم‬ ‫تصرفاتنا يف الصميم‪ ،‬كما ّ‬ ‫متاماً‪ ،‬وإذا كنّا حنرص على صون السلم األهلي‬ ‫يف أحناء الكرة األرضية‪ ،‬فنحن حباجة إىل‬ ‫معرفة اآلخرين بدقة وإرادة معرفية للتواصل‬ ‫مع ثقافتهم وآدابهم‪.‬‬ ‫ويقرتح معلوف االستغناء عن األفكار‬ ‫السابقة واالنطباعات املوروثة‪ ،‬والتق ّدم خبطى‬ ‫واثقة إىل طور جديد من املغامرة البشرية‪،‬‬ ‫خترتع فيها الشرعيات واهلويات والقيم من‬ ‫جديد‪ ،‬لتأسيس عامل جديد تكون الثقافة على‬ ‫رأس سلم قيمه‪ ،‬ففيها اخلالص‪ .‬وكما قد‬ ‫يض ّل البشر الطريق بواسطة الدين رمبا أضلوا‬ ‫الطريق من دونه أيضاً‪ ،‬والثقافة ليست وسيلة‬ ‫تتزيّن بها فئة من الناس‪ ،‬بل هي معني األدوات‬ ‫الفكرية واخللقية اليت ستسمح لنا بالبقاء‪،‬‬ ‫ومن دونها سنخطئ القرن واأللفية‪ ،‬و“القرن‬ ‫احلادي والعشرون لن ينقذ إال بواسطة الثقافة‬ ‫اليت ستعزّز شيئاً فشيئاً اإلميان بوحدة املغامرة‬ ‫اإلنسانية‪ ،‬فاسحة اجملال بذلك حلصول صحوة‬ ‫إنقاذية”‪“ ،‬وإذا كنا نتمنّى أال نستنفذ موارد‬ ‫نفضل قدر‬ ‫الكوكب بسرعة‪ ،‬فسيكون علينا أن ّ‬ ‫املستطاع أشكاالً أخرى للشبع‪ ،‬وأشكاالً أخرى‬ ‫للمتعة‪ ،‬من بينها حتصيل املعرفة وتنمية حياة‬ ‫داخلية تساعد على التفتح”‪ ،‬وال يعين هذا‬ ‫فرض حرمانات أو العيش يف تقشف‪ ،‬لكننا إذا‬ ‫رغبنا يف االستمتاع مبا تق ّدمه لنا احلياة‪ ،‬فعلينا‬ ‫تعديل سلوكياتنا‪.‬‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫الكتاب‪ :‬العرب والمحرقة النازية‬ ‫حرب المرويات العربية اإلسرائيلية‬ ‫الكاتب‪ :‬جلبير األشقر‪ ،‬ترجمة بشير‬ ‫السباعي‬ ‫الناشر‪ :‬المركز القومي للترجمة‪-‬‬ ‫القاهرة‪ ،‬بالتعاون مع دار الساقي‪ -‬بيروت‬

‫لالجئني اليهود األوروبيني‪.‬‬ ‫لكن الغرب برأيه‪ ،‬ويف مقدمته أميركا مل‬ ‫يكن معنياً بإنقاذ اليهود‪ ،‬إذ إن “بعض الدول‬ ‫سعت إىل ح ّل املشكلة املتمثلّة يف الناجني من‬ ‫احملرقة على حساب الفلسطينيّني مثلما يسعى‬ ‫بعض الدول اليوم إىل التخلّص من النفايات‬ ‫النووية املشعة بتصديرها إىل بلدان فقرية”‪.‬‬ ‫العرب والمحرقة النازية‬

‫ويقول املؤلّف إن من يشرع يف الكتابة عن‬ ‫إبادة اليهود يف ألمانيا النازية سيكون يف مواجهة‬ ‫“مشكلة حساسة” تتعلّق باملصطلح الذي لن يكون‬ ‫حمايداً ألن اإلبادة مثقلة باإلحياءات‪ ،‬ويتساءل‬ ‫عن االسم الذي جيب أن يعطى جلائحة سوف‬ ‫تظ ّل إىل األبد من زاوية األخالق اإلنسانية غري‬ ‫قابلة للتسمية؟‬ ‫وس ّجل الكاتب يف مقدمة كتابه أن “الزعيم‬ ‫الفلسطيين” عزمي بشارة العضو السابق يف‬ ‫الكنيست انتقد الربط بني مصطلحي “العرب‬ ‫واحملرقة” إذ ش ّدد (أي بشارة) على أن العالقة‬ ‫بني العرب واحملرقة النازية “خالية من املعنى‬ ‫خلو العالقة بني اهلنود واحملرقة‪”.‬‬ ‫مما يراه مؤرخون‬ ‫ويروي األشقر جانباً ّ‬ ‫تواطؤاً نازياً ويهودياً بقوله‪“ :‬إن احلكومة‬ ‫النازية اتفقت العام ‪ 1933‬مع الوكالة اليهودية‬ ‫على تسهيل هجرة اليهود األملان إىل فلسطين‬ ‫والسماح “هلم وحدهم” بتحويل جزء من‬ ‫أرصدتهم على شكل سلع مستوردة من ألمانيا‪.‬‬ ‫كما سجل أن الشرطة السرية األملانية‬ ‫“اجلستابو” ومصلحة األمن تعاونتا مع‬ ‫منظمات صهيونية سرية يف تنظيم اهلجرة‬ ‫“غري الشرعية لالجئني اليهود على الرغم من‬ ‫احلصار الربيطاني املفروض على اهلجرة إىل‬ ‫فلسطني” عامي ‪ 1938‬و‪ 1939‬إذ كانت فلسطين‬ ‫حتت االنتداب الربيطاني منذ ‪.1920‬‬

‫التأليف والنشر‬

‫يذهب الكاتب الّلبناني جلبير األشقر األستاذ‬ ‫يف معهد الدراسات الشرقية واإلفريقية يف‬ ‫جامعة لندن‪ ،‬إىل أن العرب كانوا ومازالوا‬ ‫األكثر تأثراً بنتائج احملرقة اليت تع ّرض هلا‬ ‫اليهود على يد الزعيم األملاني‪" ،‬نتيجة للمشروع‬ ‫الصهيوني" و "اهلجرات اليهودية إىل فلسطين"‬ ‫وهي حتت االنتداب الربيطاني‪.‬‬ ‫يقول‪“ :‬إن دولة اليهود إمنا تدين بقيامها‬ ‫إىل احملرقة” اليت أدت إىل تضاعف أعداد‬ ‫اليهود املهاجرين إىل فلسطني‪ ،‬ووفقا للتعداد‬ ‫الربيطاني كان اليهود ميثلون العام ‪ 1931‬مخس‬ ‫سكان فلسطني (‪ 175‬ألف يهودي و‪ 880‬ألف‬ ‫فلسطيين)‪ ،‬ثم شهدت معدالت اهلجرة صعوداً‬ ‫هائ ًال عقب وصول هتلر إىل السلطة يف العام‬ ‫‪.”.1933‬‬ ‫وس ّجل املؤلّف يف كتابه أن “االستيطان‬ ‫الصهيوني لفلسطين” سابق بوقت طويل على‬ ‫وصول هتلر إىل السلطة‪ ،‬والعرب والفلسطينيون‬ ‫يرون حركة االستيطان باعتبارها أحد أشكال‬ ‫االستعمار األوروبي‪ ،‬وإن كان استيالء النازيني‬ ‫على احلكم يف ألمانيا العامل احلاسم الذي‬ ‫مسح بتحقيق املشروع الصهيوني وإعالن قيام‬ ‫إسرائيل العام ‪.1948‬‬ ‫ويذهب املؤلّف مع الرأي القائل بأنه إذا‬ ‫كانت ألمانيا املسؤول األول عن احملرقة‪ ،‬فإن‬ ‫الواليات المتحدة وبريطانيا “ال ب ّد من‬ ‫اعتبارهما متواطئتني على األق ّل يف اإلبادة”‪،‬‬ ‫إذ كانتا يف وضع يسمح هلما بتوفري مالذ آمن‬

‫‪381‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 382‬للتنمية الثقافية‬

‫واضطرت بريطانيا أمام الثورة الفلسطينية‬ ‫العام ‪ 1936‬إىل إعادة تقييم سياستها يف‬ ‫فلسطين ّ‬ ‫فنظمت مؤمتراً يف لندن وأصدرت‬ ‫العام ‪“ 1939‬الكتاب األبيض” الذي قيد بيع‬ ‫األراضي لليهود يف فلسطين‪ ،‬كما قيد هجرتهم‬ ‫خالل مخس سنوات تبدأ من أول أبريل‪ /‬نيسان‬ ‫‪.1939‬‬ ‫ويقول املؤلف إن “إسرائيل هي الدولة‬ ‫االستيطانية االستعمارية األوروبية الوحيدة اليت‬ ‫ال يزال يتعينّ فيها استعادة احلقوق السياسية‬ ‫للسكان األصليني”‪ ،‬وبعد اختفاء نظام التفرقة‬ ‫العنصرية يف جنوب إفريقيا العام ‪ 1994‬تصبح‬ ‫“املسألة الفلسطينية هي آخر املسائل امله ّمة‬ ‫والساخنة الناجتة عن االستعمار األوروبي”‪،‬‬ ‫وإسرائيل هي الدولة الوحيدة اآلن يف العامل اليت‬ ‫جتمع بني ثالثة أشكال لالضطهاد االستعماري‪،‬‬ ‫فاملنتمون إىل األقلية الفلسطينية الذين ظلّوا‬ ‫على أرض الدولة بعد ‪(1948‬عرب إسرائيل‬ ‫هلم وضعية مواطنني من الدرجة الثانية)‪ ،‬ومنذ‬ ‫‪ 1967‬فإن سكان الضفة الغربية وقطاع غزة‬ ‫هلم وضعية سكان حتت االحتالل األجنيب أو‬ ‫السيطرة املباشرة من جانب احملتلني السابقني‪،‬‬ ‫أما الغالبية العظمى من الفلسطينيني فلها‬ ‫وضعية شعب اقتلع من أرضه وحرم من العودة‬ ‫إليها”‪ .‬و“استمرار هذه األشكال االستعمارية‬ ‫لالضطهاد جيعل من إسرائيل ظاهرة انقضى‬ ‫زمانها” كدولة استعمارية ولدت يف زمن تصفية‬ ‫االستعمار واحنساره وأن االعرتاف بذلك تأخر‬ ‫كثرياً‪ ،‬ويورد األشقر هنا قول بني موريس أشهر‬ ‫املؤرخني اإلسرائليني اجلدد الذي مل يرت ّدد يف‬ ‫أن يكتب يف العام ‪“ :1999‬لقد كانت الصهيونية‬ ‫أيديولوجية وحركة استعمارية وتوسعية‪”.‬‬ ‫ويس ّجل املؤلف أن إسرائيل خاضت سبع‬ ‫حروب يف ‪ 60‬سنة يف أعوام ‪ ،1948‬و‪،1956‬‬ ‫و‪ ،1967‬و‪ ،1973‬و‪ ،1982‬و‪ ،2006‬و‪- 2008‬‬

‫‪ ،”2009‬وكانت احلربان األخريتان “ضد‬ ‫حزب الله الّلبناني‪ .‬واالضطهاد اإلسرائيلي‬ ‫للفلسطينيني بلغ اآلن أعلى مستوى تارخيي له”‪.‬‬ ‫ويتساءل األشقر‪“ :‬ملاذا جيب على‬ ‫الفلسطينيني أن يدفعوا مثن جرائم النازيني؟‬ ‫ويف املقابل يسجل أن املوقف الرمسي للعامل‬ ‫العربي استبعد‪“ :‬بشكل صريح أي تفكري يف‬ ‫طرد اليهود الذين كانوا قد استقروا بالفعل يف‬ ‫فلسطين” بعد انتهاء احلرب العاملية الثانية‪،‬‬ ‫ويستشهد على ذلك بكلمة ألقاها األمني العام‬ ‫األول لجامعة الدول العربية عبد الرحمن‬ ‫عزام يف ‪ 4‬يناير‪ /‬كانون األول ‪ 1946‬يف الجامعة‬ ‫األمريكية في القاهرة إذ وصف اليهود بأنهم‬ ‫“شعب ضعيف ومشتّت‪ ،‬وهو األحوج من بني‬ ‫مجيع الشعوب إىل تعاطفنا ألنهم أبناء عمومتنا‬ ‫املضطهدون وقد أملت بهم مصيبة الصهيونية‪،‬‬ ‫وحنن ال نزال من ّد إىل اليهود يد الصداقة وال‬ ‫نود أن نكون شركاء يف جرمية اضطهادهم”‪.‬‬ ‫أمين الحسيني وألمانيا النازية‬

‫يقسم الكاتب املواقف العربية من احملرقة‬ ‫النازية إىل أربعة تيارات خمتلفة‪ ،‬هي‪ :‬املوقف‬ ‫الّليربالي‪ ،‬واملاركسي‪ ،‬والقومي‪ ،‬والسلفي‪،‬‬ ‫موضحاً أن تلك املواقف تراوحت بني اإلدانة‬ ‫الصرحية للنازية من ناحية‪ ،‬واملعاداة الصرحية‬ ‫لليهود من ناحية ثانية‪ .‬فقد تبنّى الّليرباليون‬ ‫واملاركسيون موقفاً واضحاً إزاء احملرقة‪ ،‬حيث‬ ‫أدانوها وأ ّكدوا على التفريق بني اليهودية‬ ‫واحلركة الصهيونية؛ يف حني أُعجب بعض‬ ‫القوميني العرب بالنموذج النازي والفاشي‬ ‫وسعى إىل اقتباسه‪ .‬أما التيار السلفي فقد تبنّى‬ ‫خطاباً معادياً لليهود مستنداً إىل تفسرياته‬ ‫اخلاصة لبعض اآليات القرآنية إضافة إىل‬ ‫نصوص معادية للسامية مثل “بروتوكوالت‬ ‫حكماء صهيون”‪.‬‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫التأليف والنشر‬

‫حاول األشقر يف كتابه جتاوز ما يسميه‬ ‫بـ“الصيغ الكاريكاتورية” وتصحيح الصور‬ ‫النمطية اليت حتيط بهذا املوضوع‪ ،‬ومنها‬ ‫مث ًال اتهام العرب بالتورط املباشر مع النازية‪،‬‬ ‫وبالتالي املشاركة يف احملرقة‪ .‬ويعلّل املؤيدون‬ ‫هلذه النظرية ذلك بالعالقة الوثيقة اليت ربطت‬ ‫مفيت القدس آنذاك أمين الحسيني بقادة‬ ‫النازية وعلى رأسهم أدولف هتلر‪ ،‬معتربين‬ ‫أن موقف الحسيني يثبت تورطه املباشر يف‬ ‫عملية اإلبادة املنهجية اليت تعرض هلا اليهود؛‬ ‫كما يرون أن موقفه ينسحب على موقف معظم‬ ‫العرب‪.‬‬ ‫وأوضح املؤلّف أن تعاون املفيت أمين‬ ‫الحسيني مع ألمانيا النازية وإيطاليا‬ ‫الفاشستية خالل احلرب العاملية الثانية “موثق‬ ‫ومعروف”‪ ،‬كما هو معروف أيضاً أن املفيت “قام‬ ‫بدور مه ّم يف الدعاية للنازية والفاشستية يف‬ ‫العاملني العربي واإلسالمي‪ ،‬واشرتك يف احلملة‬ ‫العنصرية النازية ض ّد اليهود‪ ،‬وأسهم يف إنشاء‬ ‫كتيبتني من املسلمني يف البوسنة ليحاربوا مع‬ ‫القوات النازية”‪ .‬غري أن هذا الدور‪ ،‬يقول‬ ‫األشقر‪ ،‬كان حمدود التأثري وموضع إدانة‬ ‫آنذاك من جانب بعض القوميني العرب‪،‬‬ ‫وينتقد “املبالغة الشديدة” اليت يُص ّور بها‬ ‫دور أمين الحسيني‪ ،‬مشرياً إىل أن موسوعة‬ ‫الهولوكوست اليت أصدرها متحف ياد فاشيم‬ ‫ختصص ملفيت القدس ثاني أطول‬ ‫يف إسرائيل ّ‬ ‫مقالة بعد هتلر‪ ،‬وكأنه يتح ّمل مسؤولية مباشرة‬ ‫عن احملرقة‪.‬‬ ‫ويذكر األشقر أن عدد العرب الذين حاربوا‬ ‫يف صفوف احملور النازي الفاشسيت مل يتع ّد ستة‬ ‫آالف وبضع مئات‪ ،‬بينما كان عدد الفلسطينيني‬ ‫وحدهم الذين حاربوا يف صفوف اجليش‬ ‫الربيطاني ض ّد النازيني يصل إىل تسعة آالف‪،‬‬ ‫فإذا أخذنا عدد العرب من خمتلف األقطار‬

‫العربية يف احلسبان‪ ،‬فسنصل إىل رقم كبري؛‬ ‫فهناك ربع مليون من املغاربة العرب والرببر‬ ‫الذين شاركوا مع القوات الفرنسية الديغولية‪،‬‬ ‫وهذا يبينّ ‪“ :‬أن صدى الدعاية اليت قام بها‬ ‫املفيت كان ضئي ً‬ ‫ال جداً‪ ،‬وال ينسى األشقر‬ ‫إدانة “التواطؤ اإلجرامي” الذي مجع املفيت مع‬ ‫النازيني”‪.‬‬ ‫وبينّ األشقر أن كثريين يف العامل العربي‬ ‫تعاطفوا مع النظام النازي من منطلق أن عد ّو‬ ‫عد ّوي حليفي‪ ،‬أي أنهم اعتربوا التحالف مع‬ ‫يصب يف مصلحة العرب أثناء صراعهم‬ ‫األملان ّ‬ ‫مع اإلنكليز والفرنسيني‪ ،‬لكن األفكار النازية مل‬ ‫تنتشر يف العامل العربي‪ ،‬ويعتقد أن هناك مبالغة‬ ‫يف هذه النقطة أيضاً بقوله‪“ :‬صحيح أن جزءاً‬ ‫من الرأي العام كان يعتقد بكثري من السذاجة‬ ‫السياسية أن هتلر بطل‪ ،‬وهو ما حدث يف دول‬ ‫أخرى كانت ترزح حتت االحتالل الربيطاني‬ ‫مثل الهند‪ ،‬غري أن غالبية الرأي العام العربي‪،‬‬ ‫هكذا يقول املؤرخون اجلادون‪ ،‬مل تكن مع هذا أو‬ ‫ذاك‪ ،‬بل كانت ترى أن الصراع حيدث بني قوى‬ ‫غربية تريد أن تتقاسم العامل‪ ،‬وال يتمنّى العربي‬ ‫من هذا الصراع سوى استقالل منطقته‪”.‬‬ ‫وإذا كانت أوروبا قد عرفت تارخياً طوي ًال‬ ‫من معاداة السامية فإن الوضع خمتلف بالنسبة‬ ‫إىل العامل العربي‪“ ،‬فمعاداة اليهود”‪“ :‬مل تكن‬ ‫قائمة يف املنطقة العربية قبل مشكلة فلسطني”‪،‬‬ ‫فوضع اليهود يف العامل اإلسالمي بشكل عام‬ ‫كان أفضل بكثري منه يف العامل املسيحي‪.‬‬ ‫ويشري األشقر يف كتابه إىل أن البعض‬ ‫ينكر احملرقة وينظر إليها على أنها “أسطورة”‬ ‫استخدمت لتأسيس دولة إسرائيل‪َ ،‬من يفعل‬ ‫ذلك يتجاهل الواقع والوقائع‪ ،‬كما يتجاهل أن‬ ‫الذين بذلوا أقصى اجلهود إلمساع الغرب صوت‬ ‫الفلسطينيني هم مفكرون “يستندون حتديداً‬ ‫إىل الدروس اإلنسانية العامة للمحرقة”‪ ،‬كما‬

‫‪383‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 384‬للتنمية الثقافية‬

‫أن عديدين من هؤالء املفكرين‪ ،‬إن مل يكن‬ ‫معظمهم‪ ،‬يهود‪ .‬ولكن ملاذا ينتشر – إذن ‪-‬‬ ‫إنكار احملرقة يف العامل العربي يف الوقت احلالي؟‬ ‫وملاذا يتعاطف كثريون مع منكري اهلولوكوست‬ ‫من أمثال روجيه غارودي؟‬ ‫يرجع املؤلّف ذلك إىل أن موقف غارودي‬ ‫– على سبيل املثال ‪ -‬جاء يف ظرف شهدت‬ ‫توترات حادة على الصعيد العربي بعد اجتياح‬ ‫لبنان وبعد قمع االنتفاضة األوىل‪ ،‬وبعدما دخلت‬ ‫عملية السالم يف طريق مسدودة‪“ .‬هذا ما س ّهل‬ ‫انتشار هذا النوع من املواقف اليت تسيء يف‬ ‫النهاية إىل القضية الفلسطينية”‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ويوافق األشقر أن هناك إنكارا يتواىل‬ ‫للمحرقة يف العامل العربي‪ ،‬لكنه يستدرك‪“ :‬نعم‬ ‫ولكن مثل موضوع املفيت‪ :‬جيب أال نص ّور هذا‬ ‫املوقف وكأنه موقف العرب مجيعاً”‪ .‬ويؤ ّكد‬ ‫األشقر أن الغالبية يف العامل العربي ال تهتم‬ ‫مبوضوع إنكار احملرقة‪ ،‬وأن “املوقف العقالني‬ ‫الذي يعرتف بأن احملرقة شيء فظيع وال إنساني‬ ‫وأليم هو موقف الغالبية”‪ ،‬ويشري املؤلف إىل أن‬ ‫مفيت القدس نفسه‪ ،‬أمين الحسيني‪ ،‬يعرتف‬ ‫باحملرقة يف مذكراته عندما روى ما حدث خالل‬ ‫لقائه بقائد سالح اإلس إس‪ ،‬هاينريش هيملر‪،‬‬ ‫يف صيف العام ‪ .1943‬ويستشهد الحسيني يف‬ ‫مذكراته بقول هيملر بأنه ّ‬ ‫متت إبادة ‪ 3‬ماليني‬ ‫يهودي حتى تلك السنة‪.‬‬ ‫نظرة ختامية‪« :‬الرواج» و«القيمــة»‬

‫لرواج الكتاب أسبابه وعلله الكثرية واملثرية‬ ‫أحياناً‪..‬فاإلباحية واإلثارة اجلنسية‪ ،‬واالستفزاز‬ ‫الديين والسياسي واالجتماعي‪ ،‬واملتاجرة باملنع‬ ‫الرقابي‪..‬إخل‪ ،‬من بني األساليب اليت تؤ ّدي إىل‬ ‫الرواج ويسعى إليها مؤلّفون وناشرون‪ .‬وقد ظهر‬ ‫ذلك أكثر ما ظهر يف روايات عربية‪ ،‬ويف كتب‬ ‫تناولت الدين والسياسة بصورة سلبية‪ ،‬ولقيت‬

‫يبث ذلك عرب وسائل اإلعالم‪ ،‬فأقبل عليها‬ ‫من ّ‬ ‫الق ّراء‪.‬‬ ‫ومن الضروري اإلشارة إىل أن الكتاب‬ ‫املرتجم أكثر رواجاً من الكتاب املؤلَّف يف حاالت‬ ‫كثرية لدى شرائح واسعة من القراء العرب‪.‬‬ ‫وتأثّر الناشر بالرواج ومتابعته لنشر ما يروج‬ ‫وحيقق رحباً فقط‪ ،‬يدفعه إىل حتديد خياراته‬ ‫وبراجمه السنوية للنشر‪ ،‬ومن ثم نوع اإلسهام‬ ‫الذي يقدمه يف احلركة الثقافية‪.‬‬ ‫املتفق عليه بني النقّاد أن «ال عالقة ارتباط‬ ‫حتمية بني ظاهرة الرواج يف ذاتها والقيمة‬ ‫الفكرية أو اإلبداعية» كما يقول جابر عصفور‬ ‫يف مقال عن ظاهرة الروايات الرائجة‪ .‬حبيث‬ ‫يضيف عصفور مدل ًال على رأيه الذي يوافقه‬ ‫فيه الناشرون‪« :‬فما أكثر الكتب اليت راجت‬ ‫يف العامل كلّه لفرتة أو فرتات وما أسرع ما‬ ‫اختفت‪ .‬وتذكر األجيال السابقة جيداً كتاب‬ ‫“آثرت احلرية” يف جمال الدعاية األمريكية‬ ‫ض ّد االحتاد السوفياتي‪ ،‬كما يذكر رواية إيليا‬ ‫إهرنبورغ «ذوبان اجلليد» اليت ارتبطت بتحطيم‬ ‫السور احلديدي القمعي من داخل االتحاد‬ ‫السوفياتي‪ ،‬وقس على ذلك رواية بوريس‬ ‫باسترناك “دكتور زيفاغو” اليت أُجرب صاحبها‬ ‫على رفض جائزة نوبل‪ ،‬فذاعت الرواية ذات‬ ‫القيمة اإلبداعية يف العامل كلّه‪ ،‬بسبب ذلك‬ ‫املوقف‪ .‬وهناك رواية داني براون «شيفرة‬ ‫دافنشي» اليت حقّقت أرقاماً غري مسبوقة‬ ‫عاملياً‪ ،‬إىل اليوم‪ ،‬يف التوزيع بلغتها األصلية‬ ‫وعدد الّلغات اليت ترمجت إليها ومنها العربية‪.‬‬ ‫واحل ّق أن «شيفرة دافنشي» تضع قضية القيمة‬ ‫اإلبداعية موضع املساءلة‪ ،‬وميكن أن تكون دلي ًال‬ ‫على أن اجلماهريية الساحقة شيء والقيمة‬ ‫األدبية شيء آخر‪ ،‬فال ميكن لناقد حيرتم نفسه‬ ‫وحيافظ على نزاهة سلّم القيم الذي ينطوي‬ ‫عليه أن يضع «شفرة دافنشي» يف املوضع نفسه‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫التأليف والنشر‬

‫الذي يضع فيه وداعاً للسالح» لـهيمنغواي‪،‬‬ ‫أو «ملن تد ّق األجراس» للكاتب نفسه‪ .‬وسوف‬ ‫يكون الناقد هزأة لو قارن بني «شفرة دافنشي»‬ ‫و«يولسيز» جيمس جويس يف القيمة‪ ،‬أو «البحث‬ ‫عن الزمن الضائع» لـ مارسيل بروست‪ ،‬وقس‬ ‫على ما ُذكر ما مل يُذكر يف ميزان القيمة‪ ،‬ولكن‬ ‫«شفرة دافنشي» مل تنتشر من فراغ أو يف فراغ‪،‬‬ ‫إنها تنطوي على عناصر جذب وتشويق ال تقاوم‪،‬‬ ‫فيها إنطاق املسكوت عنه من تأصيل العقيدة‬ ‫املسيحية‪ ،‬وفيها من االجرتاء على حمرمات‬ ‫هذه العقيدة ما يثري رغبة الفضول يف معرفة‬ ‫املمنوعات‪ ،‬على طريقة ك ّل ممنوع مرغوب‪،‬‬ ‫وفيها قصة حب تزدوج مع املغامرة‪ ،‬وفيها ك ّم‬ ‫وافر من املعلومات املخايلة والرموز اليت حتتاج‬ ‫إىل ّ‬ ‫فك شفراتها‪ ،‬وهناك عنصر التشويق الذي‬ ‫يأخذ من الرواية البوليسية أفضل تقنياتها‬ ‫اليت جتعل ذهن القارئ يسابق الصفحات يف‬ ‫اكتشاف حل الّلغز‪ ،‬والسؤال الذي ال ّ‬ ‫يكف عن‬ ‫طرح نفسه وماذا بعد؟ وأخرياً هناك املفاجآت‬ ‫ين‬ ‫غري املتوقعة اليت تتالحق مبا يس ّمر عي ّ‬ ‫القارئ على األسطر إىل أن تنتهي الرواية‪.‬‬ ‫طبيعي إذاً أن حيدث ما هو موجود يف فضاء‬ ‫اإلبداع يف العامل‪ ،‬وهو وضع قرين احندار‬ ‫الثقافة العامة ألسباب ميكن حصرها وحتليلها‪،‬‬ ‫فض ًال عن أنه وضع تشيع فيه أشكال الكبت‬ ‫اجلنسي والسياسي واالجتماعي والديين‪ .‬وعدم‬ ‫سواء هذا الوضع يلزم عنه ذوق مجاهريي عام‬ ‫يبحث ع ّمن خياطب اخلطاب املقموع يف داخله‬ ‫سياسياً وجنسياً واجتماعياً ودينياً وثقافياً‪.‬‬ ‫وإذا كان احملروم يبحث دائماً عن احمل ّرمات‬ ‫املمنوعة عليه‪ ،‬وجيد مسارب خفية يف الوصول‬ ‫إليها حتى لو كانت شائهة‪ ،‬فاملقموع يفعل األمر‬ ‫نفسه‪ ،‬ويبحث ع ّمن ميتعه ويسليه ويالمس فيه‬ ‫األوتار اليت تنطق سراح املكبوتات واملقموعات‬ ‫على ك ّل مستوياتها‪ .‬والقيمة اإلبداعية فريضة‬

‫غائبة غري مرغوب فيها داخل هذا الوضع الذي‬ ‫ال يعرف املتعة اجلمالية املقرونة باحلق واخلري‪،‬‬ ‫بل إفراغ الكبت املانع من إنطاق ك ّل أنواع‬ ‫اخلطاب احملجور عليه أو احملتجز داخله‪.‬‬ ‫وبقدر ما ظهرت روايات اجلنس وسفاح‬ ‫احملارم لتحقيق وظيفة التنفيس اجلنساني يف‬ ‫اجملتمعات الغربية‪ ،‬ظهرت روايات الصراخ‬ ‫السياسي واهلوس الديين واالنفالت االجتماعي‬ ‫يف جمتمعاتنا العربية‪...‬وخمايلة احليل اإلعالمية‬ ‫يف تسويق األعمال مبا يزيد من غواية القارئ‪،‬‬ ‫خصوصاً الذي ختت ّل معايري القيم اجلمالية يف‬ ‫وعيه الفردي أو اجلمعي فيستبدل الذي هو أدنى‬ ‫بالذي هو خري‪ ،‬يف سياق وعي ثقايف متخلّف‪.‬‬ ‫وهو وضع يستحق املواجهة النقدية الصرحية‪،‬‬ ‫خصوصاً يف ما يتّصل بظاهرة الروايات العربية‬ ‫الرائجة يف هذا الزمان املتخلّف»‪.‬‬

‫‪385‬‬

‫الجديد ليس بالكثرة‬

‫ويف احلقيقة فقد حفلت املقاالت النقدية‬ ‫املنشورة يف العام ‪ 2009‬مبا يؤيّد ما ذهب إليه‬ ‫الدكتور جابر عصفور يف هذا األمر‪ ،‬ويتحدث‬ ‫النقّاد عن ظاهرة «عني على الرتمجة»‪ ،‬اليت‬ ‫يبدو أن أنها انتشرت بني الكتّاب واألدباء‬ ‫الذين يعمدون التط ّرق إىل موضوعات و«تيمات»‬ ‫معروف سلفاً أنها سرتوق للناشر الغربي‪،‬‬ ‫ويسردون حتت هذا العنوان قوائم طويلة لكتب‬ ‫وروايات نشرت أو أعيد نشرها يف العام ‪. 2009‬‬ ‫مما‬ ‫ويعتقد عدد كبري من النّقاد أن كثرياً ّ‬ ‫نشر يف اجملاالت املعرفية املختلفة جاء تكراراً‬ ‫آلراء وموضوعات سبق أن نشرت وعوجلت‬ ‫كثرياً‪ ،‬واإلضافات اجلديدة عليها قليلة نسبياً‪،‬‬ ‫أو أنها نصوص ودراسات وردت يف سياق جديد‪،‬‬ ‫من دون أن حتمل حمتوى إبداعياً جديدأ‪..‬‬ ‫لذلك يبقى اجلديد ليس بالكثرة اليت يستدعيها‬ ‫العصر والتواصل مع معطياته واالستجابة‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 386‬للتنمية الثقافية‬

‫لتح ّدياته‪ .‬فنقد الشعر‪ ،‬ونقد النثر‪ ،‬وكثري‬ ‫من كتب األيديولوجيا أو نقد األيديولوجيني‬ ‫وإنتاجهم‪ ،‬ونقد بعض السلفيني وإنتاجهم‪،‬‬ ‫يدور يف احللقة املعرفية ذاتها وال يتصاعد يف‬ ‫من ّو معريف لوليب إن ص ّح التعبري‪ .‬وتلك مسؤولية‬ ‫الكتّاب والدارسني والباحثني والنقاد واملفكرين‬ ‫وحتى املبدعني‪ ،‬وليست مسؤولية الق ّراء‬ ‫أنفسهم‪.‬‬ ‫ملحوظــات ختامية‬

‫‪ .1‬هناك حاجة ماسة ألن تضطلع جهة ما‬ ‫بتوثيق األرقام واإلحصاءات املرتبطة بصناعة‬ ‫النشر العربية‪ ،‬سواء من ناحية األعداد أم‬ ‫التصنيف النوعي للكتب اليت ّمت نشرها وكذلك‬ ‫أرقام التوزيع‪ .‬وذلك ليتم ّكن الباحثون من رصد‬ ‫حركة القراءة‪ ،‬يف العامل العربي واجتاهاتها‪.‬‬ ‫ويف ذلك فائدة للجميع مبن فيهم الناشرون‬ ‫أنفسهم‪.‬‬ ‫‪ .2‬يتّصل بذلك أيضاً احلاجة إىل إجراء‬ ‫موسعة عن تأثري التقنيات اإللكرتونية‬ ‫دراسات ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫احلديثة(سلبا أو إجيابا) على حركة النشر‬ ‫والقراءة‪ ،‬بل والتأليف‪ .‬ومن ذلك مث ًال رصد‬ ‫حركة النشر(أو باألحرى إعادة النشر‪/‬‬ ‫اإلتاحة)على اإلنرتنت لنسخ إلكرتونية‬ ‫للكثري جداً من الكتب العربية (يذكر يف هذا‬ ‫السياق مث ًال أن الـ (‪ )267‬كتاباً األول من‬ ‫سلسلة عالم المعرفة الشهرية تتو ّفر منذ‬ ‫سنوات بصيغة ‪ PDF‬على العديد من مواقع‬ ‫اإلنرتنت‪ .‬فض ًال عن تو ّفرها يف (صيغة‬

‫نصية) على املوقع اخلاص بأرشيف اإلنرتنت‬ ‫ ّ‬ ‫‪ .)http://www.archive.org‬كما أن هناك‬ ‫جهداً مطلوباً إلبداع طرق خمنلفة ّ‬ ‫لفك‬ ‫الشتباك بني هذا الواقع‪ ،‬وبني حقوق امللكية‬ ‫الفكرية احملفوظة‪.‬‬ ‫‪ .3‬حيتاج األمر أيضاً إىل أن نولي عناية‬ ‫حبثية لألرقام اليت ميكن توفريها من‬ ‫املواقع اليت تو ّفر سبل شراء الكتب عن طريق‬ ‫ اإلنرتنت مثل ‪http://www.neelwafurat.com‬‬ ‫و ‪ http://www.adabwafan.com‬وغريها‪.‬‬ ‫وهي طرق مت ّكن من اجتياز عقبات الربيد‬ ‫(فض ًال عن عقبة الزمن) وتو ّفر للقارئ شراء‬ ‫الكتب (فوراً) بتحميلها على جهاز احلاسوب‬ ‫اخلاص به‪ ،‬أو حالياً على جهاز ‪ .IPad‬ومن شأن‬ ‫األرقام اليت تو ّفرها تقنيات البحث والتصفّح‬ ‫ومن ثم الشراء من تلك املواقع أن يساعد‬ ‫الباحثني املهتمني برصد حركة القراءة والرواج‬ ‫بني ق ّراء العربية‪.‬‬ ‫‪ .4‬احلاجة إىل تطوير أجهزة القارئ‬ ‫اإللكرتونية احملمولة واليت اجتاحت صناعة‬ ‫النشر يف العام‪ 2009‬لتتعامل مع الّلغة العربية‪.‬‬ ‫يذكر يف هذا السياق أن جهازاً صغرياً حبجم‬ ‫كتاب واحد (مثل ‪ Kindle‬من أمازون أو ‪IPad‬‬ ‫من أبل) ميكنه أن خيزن آالف الكتب‪ ،‬واليت‬ ‫ميكنك ببساطة أن تضعها يف حقيبتك لتطالع‬ ‫أيها ختتار وأنت جالس على مقعدك يف احلافلة‬ ‫أو يف حديقة عامة (يستوعب اجلهاز الواحد‬ ‫حالياً ‪ 3500‬كتاب)‪ .‬‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫‪387‬‬

‫للقراء العرب‬ ‫املوضوعات األكثر جذب ًا‬ ‫ّ‬

‫التأليف والنشر‬

‫إن طرح سؤال”ما الذي اهت ّم به املواطن‬ ‫العربي القارئ‪ ،‬أكثر من سواه‪ ،‬من بني الكتب‬ ‫املنشورة يف جماالت املعرفة والعلم واألدب‬ ‫واإلبداع؟”مه ّم وأساس يف مقاربة هذا املوضوع‪..‬‬ ‫فهل ما اهت ّم به هذا القارئ هو قضايا فكرية‪:‬‬ ‫“فلسفية‪ ،‬دينية‪ ،‬سياسية‪ ،‬اجتماعية”؟‪ ،‬وما‬ ‫الذي اهت ّم به أكثر من بني األجناس األدبية؟‬ ‫هل هو مث ًال‪ :‬الرواية‪ ،‬املسرحية‪ ،‬القصة‬ ‫القصرية‪ ،‬الشعر‪ ،‬املقالة؟ أو أنه أوىل أهمية‬ ‫للنقد األدبي وتاريخ األدب‪ ..‬إخل؟‬ ‫ومن اإلنتاج العلمي واملعريف اآلخر بأنواعه‪،‬‬ ‫ماذا يقرأ العرب‪ ،‬وما الذي يروج أكثر يف‬ ‫أرضهم؟ هل هي العلوم االجتماعية‪ ،‬التاريخ‪،‬‬ ‫الفكر السياسي والديين‪ ،‬االقتصاد‪ ،‬الوعظ‬ ‫السائر‪ ،‬األبراج‪ ،‬الطبخ‪ ،‬األزياء‪ ،‬كتب السحر‬ ‫والشعوذة‪ ..‬إخل؟ وما الذي غاب أو تضاءل‬ ‫أو تراجع يف الرتبة الثقافية العربية؟ هل هو‬ ‫إنتاج فكري وحبثي‪ :‬الفكر القومي والفلسفة‬ ‫وعلم النفس والدراسات التحليلية اجتماعية‬ ‫واقتصادية وسياسية‪ ..‬إخل‪ ،‬أو هي العلوم‬ ‫التطبيقية‪ ،‬أو أجناس أخرى تتّصل باإلبداع‬ ‫بعامة‪ ،‬وبالرواية من بني أجناس اإلبداع‬ ‫خباصة؟‪.‬‬ ‫ً‬ ‫يقولون إن أكثر الكتب رواجا هي الكتب اليت‬ ‫يعرف مؤلفوها ماذا يريد القارئ‪ ،‬وما الذي‬ ‫يثريه‪ ،‬فريكضون وراء ذلك‪ ...‬ولكن هل هذه‬ ‫احلالة‪ ،‬بفرض دقة تشخيصها وسعة حضورها‪،‬‬ ‫هي حال ص ّحية‪ ،‬وتتوافق مع حاجة اجملتمع‬ ‫ومسؤولية املؤلف املنتمي‪ -‬حامل رسالة الكلمة‬

‫يف اجملتمع‪ -‬ومع حالة شريكه يف املسؤولية‪ ،‬أي‬ ‫الناشر؟ إنه سؤال ملقى على من يه ّمه اجملال‬ ‫العام للمعرفة‪ ،‬وموقف املؤلّف والناشر ودورهما‬ ‫ورسالتهما‪.‬‬ ‫وقد ّ‬ ‫متت حماولة مقاربة اجلواب على ما‬ ‫ميكن تسميته بأسئلة ذات شعب وشجون‪ ،‬من‬ ‫خالل استطالعات رأي مشلت معارض كتب‪،‬‬ ‫وناشرين‪ ،‬ومكتبات‪ ،‬ومثقفني وقرا ًء‪ ،‬لقراءة‬ ‫خالصتها بعد ذلك‪.‬‬ ‫ففي استطالع مشل مث ًال معظم الناشرين‬ ‫املشاركني يف معرض ربيع دمشق ‪ 2010‬طلب‬ ‫إليهم أن يذكروا عناوين ثالث فئات من الكتب‪:‬‬ ‫أ ‪ -‬كتب جيدة تالقي رواجاً‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬كتب جيدة ال تالقي رواجاً‬ ‫ج ‪ -‬كتب غري جيدة وتالقي رواجاً‬ ‫ق ّدم الناشرون املستطلَعون عناوين يف‬ ‫اجملالني األول والثاني‪ ،‬ومل يشر أ ّي منهم إىل‬ ‫عناوين من النوع الثالث‪ ،‬أي “كتب غري جيدة‬ ‫وتالقي رواجاً”‪ ،‬ورمبا كان ذلك من باب‬ ‫حرص التاجر على رواج بضاعته‪ ،‬وجتنّبه‬ ‫املزالق واملشكالت‪ .‬وقد الحظنا شيئاً من ذلك‬ ‫سابقاً‪ ،‬حيث ق ّدم ك ّل من الناشرين املشاركني‬ ‫يف معرض دمشق الدولي الخامس والعشرين‬ ‫للكتاب ‪ ،2007‬العناوين األكثر رواجاً لديه‪ ،‬وق ّدم‬ ‫بعضهم معظم منشوراته على أنها رائجة‪ ،‬يف‬ ‫حركة دعائية مكشوفة‪ .‬ومن ثم مل تتك ّون صورة‬ ‫دقيقة عن األكثر رواجاً يف املعرض املشار إليه‬ ‫بصورة عامة‪ ،‬ومل يت ّم التأ ّكد من عدد النسخ‬ ‫اليت ّمت بيعها فع ًال‪ ..‬وأفادت اإلشارات العامة‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 388‬للتنمية الثقافية‬

‫اليت جرى التقاطها من ذلك بأن الكتب األكثر‬ ‫رواجاً هي كتب دينية‪ ،‬وكتب أدب‪ ،‬وكتب يف‬ ‫العلوم االجتماعية‪ ..‬ثم كتب أخرى متنوعة‪.‬‬ ‫ورمبا كان يف هذا “خداع هادف” إىل محاية‬ ‫املنفعة‪ ،‬تك ّرر يف معرض ربيع دمشق ‪ 2010‬ويف‬ ‫معارض واستطالعات رأي أخرى‪.‬‬ ‫والالفت يف االستطالعات اليت أجريناها‬ ‫أيضاً بعد العامني ‪ 2007‬و‪ 2008‬مع عدد من‬ ‫املثقفني واملهتمني ور ّواد معارض كتب ومكتبات‪،‬‬ ‫عالوة على حم ّركات حبث‪ ..‬الالفت وبوضوح‬ ‫كان ضعف االهتمام أو غيابه بالكتب العلمية‪،‬‬ ‫والعلوم التطبيقية‪ ،‬والفلسفة‪ ،‬والفنون‪ ،‬والّلغة‬ ‫والبالغة‪ ،‬والسري والرتاجم‪ ..‬بصورة عامة‪ .‬وال‬ ‫املتخصصني‬ ‫يستهدف الكالم هنا قراءة الطالب ّ‬ ‫يف حقول علمية معيّنة‪.‬‬ ‫إن رواج كتب العلوم االجتماعية بأفقها‬ ‫الواسع يشري إىل اهتمامات سياسية وفكرية‬ ‫واجتماعية عامة‪ ،‬كما يشري تق ّدم اإلنتاج األدبي‬ ‫إىل استمرار أمناط من القراءة والرواج يف‬ ‫هذا اجملال‪ ،‬وهو أمر طبيعي‪ .‬ورمبا كان من‬ ‫أسباب ذلك قرب الكتاب األدبي‪ :‬رواية‪ ،‬قصة‪،‬‬ ‫مسرحية‪ ،‬شعر‪..‬إخل من القارئ العربي تارخيياً‪،‬‬ ‫وانتشار نوع من األدب الروائي على اخلصوص‬ ‫خياطب اجلسد أو يستثريه‪ ،‬وكذلك ما يف‬ ‫نصوص السرد األدبي من تشويق وتسلية ومتعة‬ ‫وجتارب اجتماعية‪ ،‬وأساليب تدغدغ مشاعر‬ ‫القارئ وحتى غرائزه‪ ،‬أو جيد القارئ نفسه يف‬ ‫مراياها وحتت ظالهلا‪ ،‬وتؤثّر فيه مالمستها‬ ‫القوية ملا يف أعماقه‪ ،‬مبا حيتاج إىل االستبطان‬ ‫لكشفه‪ ،‬سواء أكانت تلك املالمسة سلبية أم‬ ‫إجيابية‪ ..‬ص ّحية أم مرضية‪.‬‬ ‫أما تق ّدم الكتابني الرتاثي والديين على‬ ‫سواهما‪ ،‬كما تشري استطالعات متن ّوعة‪،‬‬ ‫وبعض مؤشرات استطالعاتنا هذه‪ ،‬من‬ ‫حيث الرواج واإلقبال على القراءة‪ ،‬ودرجة‬

‫التفاعل مع النصوص‪ ،‬فمر ّده إىل ما ميكن‬ ‫تسميته “صحوة دينية” نتيجة ما تعرض له‬ ‫اإلسالم على اخلصوص من اتهامات باإلرهاب‬ ‫وحماوالت تشويه‪ ،‬وحتديات متع ّددة األوجه‪،‬‬ ‫وهجوم عليه وإساءات لرموزه‪ ،‬ونتيجة أيضاً‬ ‫لنم ّو تيار املقاومة اإلسالمية يف مواقع تتص ّدى‬ ‫فيها لالحتالل وتستقطب اهتمام اجلمهور‪..‬‬ ‫وكذلك إىل تراجع التيارات القومية واليسارية‬ ‫تراجعاً عاماً‪ ،‬رافقه إحباط وإفالس‪ ،‬والتطلع‬ ‫إىل بدائل‪ ،‬وال سيما عند قطاعات من الشباب‬ ‫ُصدمت بسياسات وتنظيمات ومواقف عربية‪،‬‬ ‫فأخذت تبحث عن بدائل ال حترمها من أصوهلا‬ ‫وانتمائها ومق ّومات هويتها العربية اإلسالمية‪.‬‬ ‫فكان الرتاث الديين على اخلصوص والفكر‬ ‫اإلسالمي والقومي املنفتح على الدين‪ ،‬جاذباً‬ ‫هلا أو بدي ًال لديها‪ .‬وهناك تأثري أيضاً لنم ّو‬ ‫حركة التغيري واإلصالح يف العامل بصورة عامة‬ ‫وحبثها عن بدائل شاملة‪ ..‬األمر الذي فتح نوافذ‬ ‫البحث يف اجتاهات تغيري متع ّددة‪ .‬وهناك تأثري‬ ‫أيضاً لنمو حركة التغيري واإلصالح يف العامل‬ ‫بصورة عامة‪ ،‬وحبث فئات وشرائح من الناس‬ ‫عن بدائل شاملة ملا تعانيه يف واقع متخلف من‬ ‫طغيان وقمع وفساد وإفساد‪.‬‬ ‫إن تقصي أسباب رواج كتاب ما‪ ،‬ومعرفة‬ ‫ما إذا كان يستحق ذلك الرواج أو ال يستحقه‪،‬‬ ‫كتاب ال يستح ّق العتمة اليت‬ ‫وأسباب عدم رواج ٍ‬ ‫فرضت عليه والتهميش الذي حلق به‪ ،‬هي من‬ ‫األمور امله ّمة‪ ..‬ومن املؤكد أن هناك عوامل‬ ‫ع ّدة تؤثّر‪ ،‬سلباً وإجياباً‪ ،‬يف رواج الكتاب‪ ،‬وقد‬ ‫ال تتصل مبوضوع الكتاب ومضمونه ومستواه‬ ‫الفين وتقوميه املوضوعي‪ ،‬علمياً وفكرياً وفنياً‪،‬‬ ‫مبقدار ما تتأتّى من عوامل وأعراض أخرى‪ ،‬قد‬ ‫يكون بعضها صحياً وقد يكون بعضها اآلخر غري‬ ‫صحي‪ ،‬ولكنها تفضي‪ ،‬إما إىل تركيز الضوء‬ ‫ومن ثم الرواج على أنواع وعناوين وأمساء‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫الفجوة بين ما ينشر وما يقرأ‬ ‫أي موضوعات‬ ‫ماذا يكتب العرب؟ ّ‬ ‫تستحوذ على النسبة األعلى من‬ ‫اهتمامهم؟‬

‫إن مقاربة اإلجابة عن هذا السؤال الدال‬ ‫واملتش ّعب تستدعي معرفة ماذا يطبع العرب‬ ‫وما الذي يقبل عليه الق ّراء‪ ،‬أو ما هو األكثر‬ ‫مما ينشرون‪ ،‬ألن ذلك يش ّكل أحد أه ّم‬ ‫قراءة ّ‬ ‫املؤشرات يف هذا اجملال‪ .‬نذكر على سبيل املثال‬ ‫أن نتائج تقرير التنمية الثقافية لعام ‪2007‬‬ ‫(مؤسسة الفكر العربي) أشارت إىل األرقام‬ ‫ّ‬ ‫اآلتية‪:‬‬ ‫إن العدد اإلمجالي ملنشورات الوطن العربي‬ ‫من الكتب خالل العام ‪ 2007‬هو” ‪ ”27800‬عنوان‬ ‫تقريباً‪ .‬موزعة حبسب األصناف وفق اآلتي‪:‬‬ ‫األدب والبالغة “‪ ”7060‬عنواناً‪ ،‬العلوم‬ ‫االجتماعية “‪ ”6351‬عنواناً‪ ،‬الديانات “‪”5157‬‬

‫التأليف والنشر‬

‫ومواقع‪ ،‬أو إىل التهميش والظلم‪ ،‬وأن يقبع‬ ‫مؤلّف وكتاب يف الظالم‪ ،‬ويسدل ستار على جهد‬ ‫فكري أو إبداعي ما‪ ،‬ويُلقى يف الظ ّل أو يف عتمة‬ ‫النسيان‪.‬‬ ‫ولوحظ أن هناك عوامل كثرية وراء ذلك‪،‬‬ ‫بعضها يتّصل بال ِكتاب والكاتب ومبا يثريانه‬ ‫من قضايا ومشكالت ويستفزانه من مشاعر‪،‬‬ ‫أو مبا يُثار حوهلما من ضجيج إعالمي مرب َمج‬ ‫أو عفوي‪ ،‬وقد يعود ذلك إىل عالقات عامة‬ ‫أو خاصة ال ختلو من أمراض‪ ،‬وقد يكون لفت‬ ‫النظر واإلثارة‪ ،‬ومن ثم الرتكيز على ما يستفزّه‬ ‫الكاتب والكتاب لدى القارئ‪ ،‬أو ما يستنفره من‬ ‫جهات وأشخاص ومواقف وعواطف وأحاسيس‬ ‫ومشاعر وغرائز‪..‬إخل‪ ،‬قد يكون ذلك مدخ ًال‬ ‫من مداخل “الشهرة والرواج” ومن ثم الربح‬ ‫املادي‪.‬‬

‫عنواناً‪ ،‬التاريخ واجلغرافيا “‪ ”2769‬عنواناً‪،‬‬ ‫التكنولوجيا والعلوم التطبيقية “‪ ”2208‬عناوين‪،‬‬ ‫العلوم البحتة “‪ ”1129‬عنواناً‪ ،‬املعارف العامة “‬ ‫‪ “ 960‬عنواناً‪ ،‬الّلغات “‪ ”909‬عناوين‪ ،‬الفلسفة‬ ‫وعلم النفس “‪ ”714‬عنواناً‪ ،‬الفنون “‪”552‬‬ ‫عنواناً‪.‬‬ ‫ويستنتج من ذلك‪:‬‬ ‫‪ .1‬أن التأليف يف جمال العلوم النظرية‬ ‫التكنولوجيا والعلوم التطبيقية حيت ّل مرتبة‬ ‫متدنّية بني عدد املنشورات اليت ال تكاد تساوي‬ ‫مبجملها نسبة ضئيلة من إنتاج بلد متق ّدم‪.‬‬ ‫‪ .2‬أن معظم املنشورات كان يف حقل ّي األدب‬ ‫والديانات “‪ ،”13411‬أي ما يقارب النصف‪ ،‬وأن‬ ‫العلوم التطبيقية والنظرية مبجموعها وصلت‬ ‫إىل “‪ ”3337‬عنواناً أي ثمُ ن عدد املنشورات‬ ‫تقريباً‪.‬‬ ‫املرتجم إىل الّلغة العربية من‬ ‫‪ .3‬أن‬ ‫َ‬ ‫الّلغات األجنبية يف منشورات العام ‪ 2007‬هو‬ ‫يرتجم‬ ‫يف حدود“‪”1300‬عنوان تقريباً‪ ،‬عدا ما َ‬ ‫يف اجلامعات للتدريس‪ ،‬ويشكل نسبة ‪% 4.53‬‬ ‫تقريباً من املنشورات العربية‪ .‬أما الرتمجة من‬ ‫العربية إىل الّلغات األجنبية فهي أدنى من ذلك‬ ‫بكثري‪ ،‬ومعظمها يف جمال األدب‪.‬‬ ‫‪ .4‬أن الكتب يف صنف الديانات تبدو رقماً‬ ‫مرتفعاً‪ ،‬وتش ّكل أعلى املبيعات يف املعارض‬ ‫واملكتبات‪ .‬ولكن بالتدقيق يف اجلديد منها يبدو‬ ‫أنه قليل‪ ،‬ألن معظم اإلنتاج املنشور قديم وتُعاد‬ ‫طباعته‪.‬‬ ‫‪ .5‬أن املنشورات يف جمال الفنون حتت ّل‬ ‫املرتبة األخرية “ ‪ ”552‬عنواناً‪.‬‬ ‫إن قراءة األرقام واملؤشرات السابقة تضعنا‬ ‫يف مواجهة حت ّديات خطرية وأمام مسؤوليات‬ ‫كبرية‪ ،‬ومن ثم أمام ما الذي ينبغي أن نهت ّم‬ ‫بتأليفه أكثر لنس ّد الثغرات واحلاجات ونكون‬ ‫مبستوى التحديات‪ ،‬حيث هناك مشكالت‬

‫‪389‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 390‬للتنمية الثقافية‬

‫ضاغطة وحت ّديات مل يكتب يف جماهلا‪.‬‬ ‫وتفيد األرقام واملؤشرات املستقاة من معرض‬

‫تق ّدم الكتب التراثية والدينية على‬ ‫سواها‪ ،‬رواجاً وإقباالً على القراءة‪ ،‬مر ّده‬ ‫إلى ما يمكن تسميته “صحوة دينية” نتيجة‬ ‫ما تع ّرض له اإلسالم على الخصوص‬ ‫من اتهامات باإلرهاب ومحاوالت تشويه‬ ‫وتح ّديات متع ّددة األوجه وهجوم عليه‬ ‫وإساءات لرموزه‪ ..‬كما راجت الكتب‬ ‫المذكورة نتيجة تراجع خطاب التيارات‬ ‫القومية واليسارية الذي ساد لعقود خلت‪..‬‬

‫مؤشرات النشر ليست بالضرورة‬ ‫مؤشرات قراءة ورواج‪ ،‬فالفجوة بين ما‬ ‫يُنشر وما يقرأ قائمة وربما كبيرة‪ ،‬والكتب‬ ‫التي يقرؤها الناس ليس من السهل رصدها‬ ‫بدقة‪ ،‬فهناك كثرة من الق ّراء وكثرة من‬ ‫الكتب وتن ّوع االهتمامات والمتابعات‪،‬‬ ‫ولك ّل هذا يصعب حصر المقروء من بين‬ ‫المنشور‪..‬‬

‫للرواج أسبابه وعلله الكثيرة والمثيرة‬ ‫أحياناً فاإلباحية واإلثارة الجنسية‬ ‫واالستفزاز الديني والسياسي واالجتماعي‬ ‫والمتاجرة بالمنع الرقابي إلخ‪ ..‬هي‬ ‫جميعها من بين األسباب التي تؤ ّدي إلى‬ ‫الرواج ويسعى إليها مؤلّفون وناشرون‪..‬‬

‫الكتاب الخامس والعشرين لمكتبة األسد‬

‫الوطنية يف دمشق‪ ،‬آب‪ /‬أغسطس ‪،2009‬‬ ‫وهي بالتسلسل‪:‬‬ ‫التخصصية العلمية‪.‬‬ ‫أ‪ .‬الكتب ّ‬ ‫ب‪ .‬كتب املعلوماتية‬ ‫ج‪ .‬الكتب الفكرية السياسية‬ ‫د‪ .‬الدوريات‪ ،‬الكتب الرتاثية‪ ،‬الكتب الدينية‪،‬‬ ‫الكتب األجنبية‪ ،‬كتب األطفال‪.‬‬ ‫إن مؤشرات النشر ليست بالضرورة مؤشرات‬ ‫قراءة ورواج‪ ،‬فالفجوة بني ما ينشر وما يقرأ‬ ‫قائمة ورمبا كبرية‪ ،‬والكتب اليت يقرأها الناس‬ ‫ليس من السهل رصدها‪ ،‬فهناك كثرة من‬ ‫الق ّراء وكثرة من الكتب‪ ،‬وتن ّوع يف االهتمامات‬ ‫واملتابعات‪ ،‬ولك ّل هذا يصعب حصر املقروء‬ ‫ومؤشر الرواج مؤش ّر أيضاً‬ ‫من بني املنشور‪ّ .‬‬ ‫على القراءة‪ ،‬ولكنّه ليس ّ‬ ‫مؤشراً على دالالت‬ ‫ممن‬ ‫حصرية تامة‪ ،‬ألن من يقرؤون أكثر بكثري ّ‬ ‫يقتنون الكتب‪ ،‬حيث اإلعارة والنسخ والقراءة يف‬ ‫املكتبات العامة‪ ،‬من بني بعض أساليب الوصول‬ ‫إىل الكتاب وقراءته‪ ،‬وألن بعض من يقتنون‬ ‫الكتب من األفراد واجلهات اخلاصة والعامة‬ ‫يقتنونها للزينة أو جمارا ًة للظاهرة احلضارية‪،‬‬ ‫وكثري منهم ال يقرأ معظم ما يقتنيه‪.‬‬ ‫ولكن يبقى يف الرواج بعض املؤشرات‪ ،‬وللرواج‬ ‫أسبابه وعلله الكثرية واملثرية أحياناً‪..‬فاإلباحية‬ ‫واإلثارة اجلنسية‪ ،‬واالستفزاز الديين والسياسي‬ ‫واالجتماعي‪ ،‬واملتاجرة باملنع الرقابي‪..‬إخل‪ ،‬هي‬ ‫مجيعها من بني األساليب اليت تؤدي إىل الرواج‬ ‫ويسعى إليها مؤلّفون وناشرون‪ .‬وقد ظهر ذلك‬ ‫أكثر ما ظهر يف روايات عربية‪ ،‬ويف كتب تناولت‬ ‫يبث‬ ‫الدين والسياسة بصورة سلبية‪ ،‬ولقيت من ّ‬ ‫ذلك عرب وسائل اإلعالم‪ ،‬فأقبل عليها الق ّراء‪.‬‬ ‫ومن الضروري اإلشارة إىل أن الكتاب‬

‫املرتجم أكثر رواجاً من الكتاب املؤلَّف يف حاالت‬ ‫كثرية لدى شرائح واسعة من الق ّراء العرب‪.‬‬ ‫وتأثر الناشر بالرواج ومتابعته لنشر ما يروج‬ ‫وحيقق رحباً فقط‪ ،‬يدفعه إىل حتديد خياراته‬ ‫وبراجمه السنوية للنشر‪ ،‬ومن ثم نوع اإلسهام‬ ‫الذي يق ّدمه يف احلركة الثقافية‪.‬‬ ‫يقال إن أكثر الكتب رواجاً هي الكتب اليت‬ ‫يعرف مؤلّفوها ماذا يريد القارئ‪ ..‬ولكن ما هي‬ ‫الكتب واملوضوعات اليت حيتاج إليها القارئ‪،‬‬ ‫مما يفرضها حت ّدي العصر والتق ّدم من جهة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وضرورات اجملتمع واحتياجاته وما يواجهه من‬ ‫قضايا وأزمات من جهة أخرى‪ ..‬لتكون موضوع‬ ‫تأليف ونشر وترويج‪ ،‬ومسؤولية مؤلّف وناشر‪،‬‬ ‫وموضع سياسة ثقافية حملية أو قومية؟ إنه ألمر‬ ‫ال يت ّم الرتكيز على ضرورته وأهميته واملسؤولية‬ ‫فيه‪.‬‬ ‫ما ذكره مدير المكتبة‬

‫ومن املفيد الوقوف عند بعض املعطيات عن‬ ‫شرائح القراءة للتع ّرف إىل توجهات القراءة‬ ‫وبعض ما يُقرأ‪:‬‬ ‫يف شرحية الطالب اجلامعيني على‬ ‫اخلصوص ميكن الوقوف على رواج كتب‪ ،‬وإقبال‬ ‫التخصصية‬ ‫على قراءة‪ ،‬من خالل االهتمامات ّ‬ ‫واملعرفية العامة‪ ..‬وقد تبينّ من مراجعة مكتبات‬ ‫ومنافذ بيع أن الرواج يشمل كتباً يف جماالت‬ ‫التخصص يف اجلامعات‬ ‫ختصصية حبسب فروع ّ‬ ‫ّ‬ ‫واملعاهد اخلاصة‪ ،‬حيث حيال الطالب إىل‬ ‫مراجع ليست من ضمن املنهج الدراسي‪ ،‬بل‬ ‫إضافة إليه يف إطار البحث‪ .‬ومما لوحظ أيضاً‪،‬‬ ‫رواج كتب يف جماالت‪ :‬إدارة األعمال‪ ،‬القانون‪،‬‬ ‫الكمبيوتر‪ ،‬علم النفس‪ ،‬علم االجتماع‪.‬‬ ‫يف املكتبات الوطنية واملكتبات اجلامعية‪ ،‬وجد‬ ‫أن شرائح الق ّراء من الطالب طاغية يف أوقات‪،‬‬ ‫وقليلة يف أخرى‪ ،‬وأولئك طالب جامعيون يقبلون‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫الكتاب المترجم أكثر رواجاً من‬ ‫الكتاب المؤلّف في حاالت كثيرة لدى‬ ‫شرائح واسعة من الق ّراء العرب‪ ..‬وتأثر‬ ‫الناشر بالرواج ومتابعته لنشر ما يروج‬ ‫ويحقق ربحاً فقط يدفعه إلى تحديد‬ ‫خياراته وبرامجه السنوية للنشر ومن‬ ‫ثم نوع اإلسهام الذي يق ّدمه في الحركة‬ ‫الثقافية‪..‬‬

‫الجزائريون يقرؤون الكتب بالفرنسية‬ ‫والعربية‪ ..‬وجيل ما فوق س ّن األربعين‬ ‫يقرأ بالفرنسية أكثر م ّما يقرأ بالعربية‪،‬‬ ‫والشرائح العمرية ما دون تلك الس ّن من‬ ‫المع ّربين تقرأ بالعربية أكثر م ّما تقرأ‬ ‫بالفرنسية‪ ،‬متابع ًة للتعلّم بالعربية الذي‬ ‫شقّته حركة التعريب في الجزائر‪..‬‬

‫الكتب األكثر مبيعاً في الجزائر ال‬ ‫تعني األكثر مقروئية‪ ،‬فالكثر من الق ّراء‬ ‫يقرؤون من دون أن يشتروا الكتب‪ ،‬ويت ّم‬ ‫ذلك باالستعارة أو بالنسخ‪ ..‬والقارىء‬ ‫الجزائري يتّجه إلى المتميّز وليس إلى‬ ‫المفروض عليه‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫التأليف والنشر‬

‫على قاعات املطالعة حني يكلفون بإجناز حلقات‬ ‫حبث من أساتذتهم‪ ،‬ثم يغيبون طوي ًال رمبا إىل‬ ‫موسم جامعي آخر‪ ،‬عدا طالب الدراسات العليا‬ ‫يف اجلامعات الذين يرتادون املكتبات إلجناز‬ ‫رسائلهم اجلامعية‪ ..‬وتلك قراءات يف املنهاج‬ ‫اجلامعي‪ ،‬أو يف إطار البحث األكادميي لنيل‬ ‫شهادة‪ .‬وقد ّمت احلصول على أرقام حول عدد‬ ‫الق ّراء وما يقبلون على قراءته من خالل التعرف‬ ‫إىل احلركة يف قاعات املطالعة يف مكتبة األسد‬ ‫الوطنية يف دمشق‪ .‬وممّ ا ذكره مدير املكتبة‬ ‫ممن‬ ‫إن “عدد الرواد يومياً ‪ 4000‬قارئ !؟؟” ّ‬ ‫بلغوا سن الثامنة عشرة فما فوق‪ ،‬وهم طالب‬ ‫وباحثون وق ّراء عاديون‪ ،‬وأصناف الكتب األكثر‬ ‫طلباً يف املكتبة هي الرتبية وعلم النفس‪ ،‬اآلثار‪،‬‬ ‫املكتبات‪ ،‬الدين‪ ،‬الّلغة‪ ،‬اآلداب‪ ،‬الرتاجم‪”.‬‬ ‫ثم كانت متابعة ملعلومات عن القراءة‬ ‫وما يُقرأ يف موقع آخر هو الجزائر‪ ،‬حيث ّمت‬ ‫الوقوف على أوضاع تكمل املشهد القرائي‬ ‫العربي‪ ،‬وبعضها أوضاع خاصة جديرة باملتابعة‪،‬‬ ‫وتشري إىل وضع متقارب يف معظم دول المغرب‬ ‫العربي‪..‬ما يعين أن هناك أوضاعاً خمتلفة‪،‬‬ ‫وأخرى خاصة يف أقطار الوطن العربي‪ ،‬حتكم‬ ‫القراءة‪ ،‬منها‪ :‬أن اجلزائريني مث ًال يقرؤون‬ ‫الكتب بالفرنسية والعربية‪ ،‬وأن اجليل ما فوق‬ ‫مما‬ ‫س ّن أربعني سنة يقرأ بالفرنسية أكثر ّ‬ ‫يقرأ بالعربية‪ ،‬والشرائح العمرية ما دون تلك‬ ‫مما تقرأ‬ ‫املعربني تقرأ بالعربية أكثر ّ‬ ‫السن من َّ‬ ‫ّ‬ ‫بالفرنسية‪ ،‬متابع ًة للتعلم بالعربية الذي شقّته‬ ‫حركة التعريب يف الجزائر‪ .‬ومن الكتب األكثر‬ ‫رواجاً وقراء ًة الكتب الدينية‪ ،‬وكتب التاريخ‪،‬‬ ‫وال سيما تاريخ الثورة اجلزائرية وما يتّصل‬ ‫بها‪ ،‬وكتب األدب (شعر نزار قباني مث ًال)‪.‬‬ ‫وهناك إقبال على القراءة العمومية يف املكتبات‬ ‫العامة اليت انتشرت بكثرة‪ ،‬مبناسبة الجزائر‬ ‫عاصمة للثقافة العربية‪ ،‬حيث يوجد ماليني‬

‫الق ّراء‪ .‬والكتب األكثر مبيعاً يف الجزائر ال تعين‬ ‫األكثر قراءة “فالكثري من الق ّراء يقرؤون من‬ ‫دون أن يشرتوا الكتب”‪ ،‬ويت ّم ذلك باالستعارة‬ ‫أو النسخ‪ .‬و“القارئ اجلزائري يتّجه إىل املتميّز‬ ‫وليس إىل املفروض عليه”‪ .‬وهناك كتب يعلن‬ ‫عن أنها رائجة ويتبينّ أن الق ّراء ال يقبلون على‬ ‫ما يدخل يف باب الدعاية‪ ..‬وهذا الوضع ليس‬ ‫خاصاً بالجزائر وحدها‪ ،‬بل هو موجود عربياً‪.‬‬ ‫ويف تونس والمغرب كثريون يقرؤون بالّلغتني‬ ‫العربية والفرنسية‪ ،‬واإلقبال على كتب يف‬ ‫المغرب مث ًال خيتلف عن اإلقبال على كتب يف‬ ‫الجزائر أو ليبيا أو موريتانيا‪ ..‬فاجلمهور ذو‬ ‫اهتمامات وتوجهات ال ميكن حصرها‪.‬‬ ‫ويف مجيع األقطار واملكتبات العامة هناك‬ ‫ر ّواد من الباحثني‪ ،‬يرتبطون بقاعات املطالعة‬ ‫يف املكتبات إلجناز أحباث ودراسات‪ ..‬وال خيلو‬ ‫األمر من وجود ق ّراء يبحثون عن كتب حم ّددة‪،‬‬ ‫أو ق ّراء للمجالت والصحف‪ ،‬ومشاهدة األفالم‬ ‫ومتابعة األنشطة الثقافية املتن ّوعة‪ .‬كما يوجد‬ ‫ق ّراء من نوعيات خمتلفة يتابعون القراءة يف‬ ‫بيوتهم‪ ،‬أو يف مكتبات مراكز ثقافية وأندية‬ ‫ومجعيات ونقابات مهنية واحتادات ومنظمات‬ ‫شعبية‪..‬إخل‪ ،‬وتلك حاالت من الصعب حصرها‪،‬‬ ‫ومن األكثر صعوبة معرفة ما تقرأ تلك الشرائح‬ ‫من املهتمني بالقراءة يف تلك األماكن‪.‬‬ ‫وللمكتبات العامة دور مؤثّر يف نشر املعرفة‬ ‫وإتاحة الفرص أمام الق ّراء‪ ،‬فهي تق ّدم للق ّراء‬ ‫الكتب واخلدمات املتن ّوعة ومناخ مطالعة‬ ‫مناسباً‪ ..‬ومن الطبيعي أنها ال تستطيع أن‬ ‫تتح ّكم بنوع الق ّراء‪ ،‬أو كمهم‪ ،‬أو مستواهم‪،‬‬ ‫أو مبا يطلبونه ويقبلون عليه من كتب‪ ..‬ولكنها‬ ‫جذب من دون عوائق‪ ،‬فإنها‬ ‫حني تكون عنص َر ٍ‬ ‫تسهم يف حتسني املناخ العام للقراءة إقباالً‬ ‫واستفادة‪ .‬واملكتبات العامة ختتلف يف مستواها‬ ‫ونوع اخلدمات اليت تق ّدمها‪ ،‬فهناك مكتبات‬

‫‪391‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 392‬للتنمية الثقافية‬

‫مركزية ضخمة مثل املكتبات الوطنية يف ك ّل‬ ‫بلد عربي ومكتبات اجلامعات‪ ،‬وهناك مكتبات‬ ‫املراكز الثقافية واألندية واجلمعيات والبلديات‬ ‫واملدارس‪..‬إخل‪ ،‬وتق ّدم ك ّل من هذه املكتبات‬ ‫وتيسر له سبل التواصل مع‬ ‫مساعدة للقارئ‪ّ ،‬‬ ‫الكتاب‪ .‬وميكن للربامج واملبادرات واألنشطة‬ ‫اليت تبتكرها املكتبات‪ ،‬والوسط االجتماعي‬ ‫واملعريف الذي تصنعه وتشيعه‪ ،‬أن يسهم يف‬ ‫ازدهار القراءة‪ ،‬ومتتني عالقة القارئ بالكتاب‪،‬‬ ‫وتنمية حقول املعرفة‪ ،‬بتنويع االهتمامات وتوفري‬ ‫اجلديد واملفيد‪ ،‬والتنبيه إليهما‪.‬‬ ‫واملكتبات العامة‪ ،‬وال سيما الكربى منها‪،‬‬ ‫تق ّدم برامج ثقافية متن ّوعة‪ ،‬وتق ّدم حماضرات‪،‬‬ ‫وتقيم معارض كتب ودورات وندوات‪ ،‬وتعرض‬ ‫أفالماً‪ ،‬وتق ّدم حفالت موسيقية ومسرحيات‪..‬‬ ‫إخل؛ وك ّل ذلك يؤ ّدي إىل نشر املعرفة من جهة‪،‬‬ ‫وبلورة صلة بني املكان والناس من جهة أخرى‪،‬‬ ‫ومن ثم إتاحة فرص التشجيع على االرتباط‬ ‫بالكتاب‪ ،‬وإجياد مناخ مالئم للقراءة‪ ،‬األمر‬ ‫الذي يعزّز الصلة بني القارئ والكتاب‪ ،‬ويعطي‬ ‫دفعاً إجيابياً حلركة القراءة والتنمية الثقافية‪.‬‬ ‫ال تسجن معرفتك وبادل كتبك‬

‫وهناك مشروعات ومبادرات مبتكرة تسهم‬ ‫مع املكتبات العامة يف نشر القراءة‪ ،‬ومتكني‬ ‫الق ّراء‪ ،‬وال سيما الفقراء منهم‪ ،‬من التواصل‬ ‫مع الكتاب‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬ ‫‪ - 1‬مشروع مكتبة األسرة في مصر‪ .‬وهو من‬ ‫أبرز املشروعات الثقافية املصرية اليت ق ّدمت‬ ‫أكثر من أربعة آالف عنوان كتاب‪ ،‬مباليني‬ ‫النسخ‪ ،‬يف طبعات شعبية‪ ،‬وأسعار مناسبة مت ّكن‬ ‫القارئ من اقتناء الكتاب‪ ،‬كما مت ّكن األسرة‬ ‫من تكوين مكتبة منزلية‪ .‬وهي تصدر سالسل‬ ‫من املنشورات يف جماالت‪ :‬األدب‪ ،‬الفكر‪،‬‬ ‫العلوم االجتماعية‪ ،‬العلوم التكنولوجية‪ ،‬الفنون‪،‬‬

‫الرتاث‪ ،‬سلسلة الطفل‪.‬‬ ‫‪ - 2‬مهرجان تبادل الكتب الذي أقيم هذا‬ ‫العام يف القاهرة واإلسكندرية حتت شعار“ال‬ ‫تسجن معرفتك وبادل كتبك”‪ ،‬وهو مدخل‬ ‫إجيابي لتجربة ناجحة‪ ،‬عرب إرسائه قاعدة نشر‬ ‫ثقافة القراءة بأق ّل التكاليف وأبسط الطرق‪.‬‬ ‫وقد حضر املهرجان يف القاهرة ما يزيد على‬ ‫‪ 2800‬زائر‪ .‬وعرض فيه ‪ 7500‬عنوان كتاب‪،‬‬ ‫تن ّوعت مضامينها بني فروع األدب والعلوم كافة‪.‬‬ ‫وجرى فيه أكثر من ‪ 800‬عملية تبادل كتب و‪560‬‬ ‫عملية شراء‪.‬‬ ‫‪ - 3‬مبادرة الكتاب العابر يف اإلمارات‪ ،‬من‬ ‫خالل توزيع مئات الكتب على اجلمهور جماناً‪،‬‬ ‫واملبادرة تأتي مبثابة متهيد ملعرض الكتاب‬ ‫ولتحفيز اجلمهور على القراءة‪.‬‬ ‫‪ - 4‬مشروع كتاب في جريدة الذي يق ّدم‬ ‫فرصاً واسعة للق ّراء‪ ،‬ويضع بني أيديهم كتباً‬ ‫متن ّوعة تو ّزع جماناً مع اجلرائد العربية اليت‬ ‫تتعاون مع هذا املشروع‪.‬‬ ‫وال ميكن القفز فوق حقيقة الرواج على‬ ‫“الكتب الرقمية” واإلقبال عليها يف احلواسيب‬ ‫واملعلوماتية وبعض التقانات‪ ،‬نتيجة شيوع‬ ‫استخدام الشبكة العنكبوتية “اإلنرتنت”‪،‬‬ ‫مستها “اجملامع العربية”‪،‬‬ ‫أو “شابك” كما ّ‬ ‫وضرورات التعامل معها واإلقبال على تعلّم‬ ‫تقنياتها وتقنيات وسائل االتصال احلديثة‬ ‫األخرى‪ ،‬واستخدام األقراص املدجمة للقراءة‪،‬‬ ‫والنشر الرقمي أو اإللكرتوني‪ ،‬وكذلك شيوع‬ ‫الكتاب املسموع‪ ..‬ك ّل ذلك أ ّدى ويؤدي إىل‬ ‫انتعاش حركة الرتمجة والتأليف والقراءة‬ ‫والتعلُّم من خالل دراسات نظامية ودورات‬ ‫تدريبية على علوم ومعارف يف حقول املعلوماتية‬ ‫واحلواسيب وتقنيات االتصال احلديثة وأساليب‬ ‫التعامل معها‪ ..‬وال سيما أن الطلب على عناصر‬ ‫بشرية تتقن هذا النوع من األداء التقين‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫القارئ وكسب معركة الثقة‬

‫القارئ العربي مقصر‪ ،‬لكنه حمكوم بك ّل‬ ‫مع ّوقات احلياة العربية‪ ،‬وحمروم من كثري من‬ ‫زاد املعرفة ومثرات القرائح واملطابع ومصانع‬ ‫األقراص املدجمة احلاملة للزاد املعريف‪ ،‬لعدم‬ ‫قدرته يف احملصلة على توفري مناخ العيش الذي‬ ‫يسمح للم ِعدة والرأس بغذاء مادي وروحي‬ ‫متوازن أو متقارب‪ ،‬نتيجة للفقر‪ ،‬وضغط‬ ‫احلاجة‪ ،‬وفقدان اخلدمات‪ ،‬وتراخي اإلرادة‪،‬‬ ‫وتآكل التطلّع والطموح‪ ،‬ولكثرة ترسبات القهر‬ ‫واإلحباط ورصيد اجلهل أو العنجهية يف اجملتمع‬ ‫العربي‪ ،‬وغياب السياسات املعنيّة بإخراجه من‬ ‫تلك الدوامة ومن ضجيج أدعياء املعرفة إىل‬ ‫فضاء احلرية املسؤولة الذي يتّسع باملعرفة‬ ‫والوعي‪ ..‬هذا القارئ يبقى يف النهاية هو‬ ‫املقصود حبركة النشر وهو أهم حم ّركاتها‪،‬‬ ‫واملقصود أيضاً برسالتها النبيلة‪.‬‬

‫إن للمكتبات العامة دوراً مؤثّراً في‬ ‫نشر القراءة والخدمات المتن ّوعة ومناخ‬ ‫المطالعة المناسب للق ّراء‪ ..‬ومن الطبيعي‬ ‫أنها ال تستطيع أن تتح ّكم بنوع الق ّراء أو‬ ‫كمهم أو مستواهم‪ ..‬ولكنها حين تكون‬ ‫جذب من دون عوائق فإنها تسهم‬ ‫عنص َر ٍ‬ ‫في تحسين المناخ العام للقراءة إقباالً‬ ‫واستفادة‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫التأليف والنشر‬

‫واملعلوماتي أصبح كبرياً‪ ،‬وشرطاً لشغل بعض‬ ‫الوظائف أو للرتفيع الوظيفي أو لشغل مواقع‬ ‫معيّنة تتطلّب أداء تقنياً عالياً‪ ..‬بعد مشروعات‬ ‫“أتمتة الدولة”‪ ،‬أي دخول هذه التقنيات إىل‬ ‫جماالت العمل الرمسي‪ ..‬األمر الذي جعل هذه‬ ‫االختصاصات مطلوبة‪ ،‬كما جعل اإلقبال على‬ ‫قراءة املراجع واملصادر والكتب اليت تق ّدم هذه‬ ‫املعارف سوقاً رائجة‪.‬‬ ‫وتعلُّم قراءة املنشور رقمياً “إلكرتونياً”‪ ،‬سواء‬ ‫أكان كتاباً أم جريدة أم جملة أم مدونات‪ ..‬إخل‪،‬‬ ‫واالعتياد عليه‪ ،‬يتطلّب حتصيل معارف معيّنة‪،‬‬ ‫واكتساب مهارات بالتدريب والقراءة واملمارسة‪،‬‬ ‫وإتقان التعامل مع هذا النوع من املنشورات‬ ‫مما‬ ‫والتقنيات للقراءة والتخزين واإلتاحة‪ّ ،‬‬ ‫تزخر به علوم العصر ومعارفه‪ ،‬وال سيما ذلك‬ ‫الذي يلقى إقباالً من أوساط الشباب واألجيال‬ ‫الصاعدة‪.‬‬

‫إن كسب معركة الثقة الذي ال ب ّد منه لبناء‬ ‫جسور اتصال تعمل باالجتاهني‪ ،‬بني املؤلف‬ ‫والقارئ عرب الناشر واملو ّزع‪ ،‬أمر يف غاية‬ ‫األهمية‪ ،‬ومن أجل الوصول إىل ذلك ال ب ّد من‬ ‫تذليل صعوبات كثرية‪ ،‬وخلق ظروف مالئمة‬ ‫القتناء الكتاب وتداوله وقراءته‪ ،‬واالرتفاع به‬ ‫إىل مرتبة احلاجة يف البيت‪ ،‬واملرجع يف التعلّم‬ ‫والعمل‪ ،‬واملستند يف القرار‪ ..‬وإقامة عالقة بني‬ ‫الطفل والكتاب يف البيت واملدرسة‪ ،‬وبني الشاب‬ ‫“الطالب” والكتاب يف اجلامعة واجملتمع‪ ،‬وبني‬ ‫أفراد األسرة واملكتبة املنزلية‪ ،‬وأفراد اجملتمع‬ ‫واملكتبات العامة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫إن للمكتبات العامة دورا مؤثّرا يف نشر‬ ‫القراءة واخلدمات املتن ّوعة ومناخ املطالعة‬ ‫املناسب للق ّراء‪ ..‬ومن الطبيعي أنها ال تستطيع‬ ‫أن تتح ّكم بنوع الق ّراء أو كمهم أو مستواهم‪..‬‬ ‫جذب من دون عوائق‪،‬‬ ‫ولكنها حني تكون عنص َر ٍ‬ ‫فإنها تسهم يف حتسني املناخ العام للقراءة إقباالً‬ ‫واستفادة‪ .‬وهي متنوعة ومتع ّددة األغراض‪،‬‬ ‫فهناك مكتبات مركزية ضخمة يف ك ّل بلد‪،‬‬ ‫ومكتبات اجلامعات‪ ،‬ومكتبات املراكز الثقافية‬ ‫واألندية واجلمعيات والبلديات واملدارس‪..‬إخل‪،‬‬ ‫وتيسر له سبل‬ ‫وكلّها تق ّدم مساعدة للقارئ ّ‬ ‫التواصل مع الكتاب‪ ،‬وميكنها أن تسهم بصورة‬ ‫أفضل يف ازدهار القراءة ومتتني عالقة القارئ‬ ‫بالكتاب‪ ،‬وال سيما حني تتز ّود بالتجهيزات‬ ‫احلديثة لتكون منسجمة مع تط ّور العصر‪ ،‬لذا‬ ‫فإن التطلّع إىل املستقبل حباجة إىل عامل‬ ‫املتخصصة الذي يتطلّب بدوره‬ ‫املكتبات الرقمية ّ‬ ‫تضافر اجلهود اإلدارية والفنّية واستخدام‬ ‫التخطيط االسرتاتيجي حتقيقاً لسمة التميّز‬ ‫واإلبداع‪.‬‬ ‫إن التطور املستقبلي املنتظر لزيادة عدد‬ ‫القراء حمت َملني يف الوطن العربي‪ ،‬جيعل‬ ‫إمكانية خفض تكلفة الكتاب والدورية أمراً‬

‫‪393‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 394‬للتنمية الثقافية‬

‫ممكناً جداً‪ ،‬ويساعد على اقتناء الكتاب‪ ،‬وهذا‬ ‫يتيح مداخل وفرصاً لتحرير املؤلّف املبدع‬ ‫اقتصادياً ومتكينه مادياً‪ ،‬وحترير قلمه وطاقته‬ ‫اإلبداعية من القيود اخلارجية واملعوقات‬ ‫الداخلية‪ ،‬املنظورة وغري املنظورة‪ِّ ،‬‬ ‫وميكنه من‬ ‫أن ينصرف مبسؤولية وحرية وثقة إىل حتسني‬ ‫قدراته وأدائه وتطوير معارفه وإبداعه واملادة‬ ‫اليت يقدمها للقارئ‪ ..‬وهذا ينعكس على الكتاب‬ ‫جودةً‪ ،‬وعلى القارئ فائدةً‪ ،‬ومن ثم على اجملتمع‬ ‫واألمة وعياً وتقدماً‪ ..‬فالقارئ حيتاج إىل الكتاب‬ ‫املتميّز‪ ،‬فض ًال عن املردود املعريف الذي ال ميكن‬ ‫التك ّهن مبدى تأثريه اإلجيابي يف حركة الوعي‬ ‫عمقاً ومشوالً‪ ،‬ويف امل ّد النهضوي واحلضاري‬ ‫العربي سع ًة وعمقاً‪.‬‬

‫النص هو‬ ‫التعامل السطحي مع ّ‬ ‫من أمراض القراءة عندنا‪ ،‬وهو تعامل‬ ‫يسود في وسائل اإلعالم على الخصوص‬ ‫وتشوبه أغراض وأمراض وأحكام مسبقة أمراض القراءة عندنا‬ ‫وعدائية‪ ،‬تصدر عن مواقف من نصوص ومن أمراض القراءة عندنا تعام ٌل سطحي‬ ‫وكتب وأفكار‪ ،‬وك ّل ذلك يؤثّر على‬ ‫النص‪ ،‬وهو تعامل يسود يف وسائل‬ ‫الفهم متس ّرع مع ّ‬ ‫والتقويم في نهاية المطاف‪ ،‬وعلى تراتبية‬ ‫النصوص والكتّاب واإلبداع بصورة عامة اإلعالم على اخلصوص‪ ،‬وتشوبه أغراض‬ ‫وأمراض وأحكام مسبقة أو سطحية أو عدائية‪،‬‬ ‫وعلى التذوق بصورة خاصة‪..‬‬

‫تصدر عن مواقف من نصوص وكتّاب وأفكار‪،‬‬ ‫وك ّل ذلك يؤثّر على الفهم والتقويم يف نهاية‬ ‫املطاف‪ ،‬وعلى تراتبية النصوص والكتاب‬ ‫واإلبداع بصورة عامة‪ ،‬وعلى التذوق بصورة‬ ‫خاصة‪.‬‬ ‫املدركة املنصفة أكثر‬ ‫وعلى هذا فإن القراءة ِ‬ ‫ما حنتاج إليه يف حاضرنا العربي‪ ،‬والقراءة‬ ‫املنصفة وع ٌي وعق ٌل ومنطق‪ ،‬ووجدان ح ّي وذوق‬ ‫سليم‪ ،‬وهي أيضاً قدرة على الفهم واإلنصاف‪،‬‬ ‫ووضع للنصوص واألفكار يف مكانتها‪ ،‬بعد سرب‬ ‫النص من دون أحكام مسبقة ومواقف من‬ ‫غور ّ‬ ‫صاحبه‪ ،‬ومن دون مؤثرات وإحياءات خارجية‪،‬‬ ‫وخضوع هلاالت يصنعها اإلعالم وير ّوجها‬ ‫املروجون‪ .‬إن ك ّل ما يساعد على الفهم العميق‬ ‫للنص ودالالته وما يتض ّمنه ويوحي به من رؤية‬ ‫ّ‬

‫استشرافية‪ ،‬وما حي ّرض عليه من فعل بناء وقيم‬ ‫نبيلة‪ ،‬يدخل يف املعيار السليم حلكم القيمة عليه‬ ‫وعلى مؤلفه‪ ،‬ويشري إىل بيئة معرفية سليمة‬ ‫تساعد على النضج والنم ّو واإلبداع‪.‬‬ ‫وكثرياً ما يدخل التلقّي املعريف‪ ،‬عرب وسائل‬ ‫اإلعالم املسموعة واملرئية على اخلصوص‪ ،‬يف‬ ‫دائرة سلبيّة نسبياً‪ ،‬دائرة الثقافة الشفهية‬ ‫اليت ال تتمتّع برتكيز وتأثري عميقني كذاك‬ ‫الذي تفضي إليه الثقافة املتأتية من املقروء‪،‬‬ ‫حيث احلواس والعقل يف حالة تركيز‪ ،‬لريسخ‬ ‫النص يف النفس‪ ،‬ويسمح للعقل‬ ‫ما حيمله ّ‬ ‫مبناقشته أثناء القراءة بتأمل وتدبّر وتأويل‪ .‬إن‬ ‫التلقي من وسائل اإلعالم ووسائل الرتويج الذي‬ ‫يشبه التلقّي القديم عرب املشافهة‪ ،‬والذي تت ّم‬ ‫من خالله إشاعة املقوالت واملعلومات واآلراء‬ ‫بالتواصل الكالمي وليس بالكتاب والكتابة‬ ‫والقراءة‪ ،‬قد جتاوزه البشر إىل مراحل اكتساب‬ ‫املعرفة والبحث عنها بطرق متقدمة‪ ،‬تعتمد‬ ‫الرتكيز واحملاكمة والتوثيق والتدقيق‪ .‬وكانت‬ ‫تلك الثقافة تعتمد قدمياً على “كبار الشيوخ‬ ‫والعرافني والكهنة واملعمرين واملغنني والشعراء‬ ‫الشعبيني”‪ .‬إن البحث عن املعلومة اليت‬ ‫تو ّفرها وسائل االتصال احلديثة شيء وقراءة‬ ‫الكتاب الذي يسهم يف تكوين العقل والروح‬ ‫وهندسة النفس البشرية وإعادة تكوينها‪،‬‬ ‫وإحداث املراجعة الذاتية الداخلية العميقة‬ ‫بوعي‪ ،‬وإنعاش الروح والنفس من خالل متعة‬ ‫القراءة والتفاعل مع املق ّومات اإلبداعية والقيم‬ ‫النص‬ ‫الفنّية والفكرية واجلمالية والروحية يف ّ‬ ‫املكتوب‪ ..‬شيء خمتلف متاماً‪ ،‬وهي أمور رئيسة‬ ‫ال حيقّقها إال التواصل احليوي التام مع الكتاب‬ ‫بوعائية الورقي واإللكرتوني‪.‬‬ ‫ويالحظ أن الثقافة الشفاهية‪ ،‬بصورتها‬ ‫املعاصرة‪ ،‬منتشرة يف املنطقة العربية‪ ،‬فمعظم‬ ‫ما يف اإلعالم املرئي واملسموع ثقافة مشافهة‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫لماذا ال نقرأ؟‬ ‫أما لماذا ال نقرأ أكثر‪ ،‬فذلك يعود‬ ‫إلى أسباب كثيرة منها‪:‬‬

‫أ‪ .‬عدم قيام البيت واملدرسة بتوطيد عالقة‬ ‫الطفل والتلميذ والطالب بالكتاب‪ ،‬وضعف‬ ‫التدريب على املطالعة واالستيعاب‪ ،‬من خالل‬ ‫كشف عوامل املعرفة والكتب املغرية واملمتعة‪،‬‬ ‫وسرب عملية الفهم واالستخالص بوسائل‬ ‫جمدية وحمرضة على املتابعة والتعمق‪ ،‬وتعزيز‬ ‫القدرة على الرتكيز‪.‬‬ ‫ب‪ .‬تراجع التعليم بالعربية‪ ،‬األمر الذي‬ ‫يؤثّر سلباً على القراءة بها‪ ،‬ومتابعة ما يصدر‬ ‫منشوراً فيها‪ ،‬بوصفها لغة تعبري وأداة تفكري‪،‬‬ ‫وحامل هوية‪ .‬ألن الذي ال يتقن العربية ال يقرأ‬ ‫بها‪ ،‬وال يتابع القراءة إذا كان من متابعيها بلغة‬ ‫أخرى جييدها‪ .‬وحنن نالحظ أن كثرياً من‬ ‫اجلامعات يف الوطن العربي اجتهت إىل تدريس‬ ‫معظم املواد‪ ،‬إن مل يكن كلّها‪ ،‬بلغات أجنبية‬

‫إن البحث عن المعلومة التي توفّرها‬ ‫وسائل االتصال الحديثة شيء‪ ،‬وقراءة‬ ‫الكتاب الذي يسهم في تكوين العقل‬ ‫والروح وهندسة النفس البشرية وإعادة‬ ‫تكوينها شيء مختلف تماماً‪ ،‬وهي أمور‬ ‫رئيسة ال يحقّقها إالّ التواصل الحيوي التام‬ ‫مع الكتاب بوعائيه الورقي واإللكتروني‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫التأليف والنشر‬

‫ال تتغلغل يف العمق الفكري والشعوري ويستند‬ ‫معظمها إىل ما يروج من أحكام على أساس‪:‬‬ ‫“مسعنا‪ ،‬وحدث فالن قال‪ ،‬ويقولون‪ ،‬وقيل عن‬ ‫قال‪ ..‬إخل‪ ،‬وهي حتمل “أحكام قيمة مزيفة”‬ ‫لكنّها سيارة من دون تدقيق وال إطالع يف‬ ‫األغلب األع ّم‪ ،‬ومن دون توثيق دائماً‪ .‬وأصبح‬ ‫من ميلك لساناً ال حيكمه عقل ومنطق وضمري‪،‬‬ ‫يسرح وميرح ويل ّون املواقف واملشاهد والناس‪،‬‬ ‫وجيعل األحكام اليت ير ّوج هلا “ثقافة” سائدة‬ ‫يف سوق الكالم‪ ،‬ويعترب ذلك جناحاً‪ ،‬بل‬ ‫انتصاراً لقدراته وآرائه ومذهبه السياسي أو‬ ‫األيديولوجي‪ ،‬ولرؤى وآراء من ينتمي إليهم‪..‬‬ ‫وكثريون هم الذين يشهرون مثل هذا السالح‬ ‫الفتاك بوجه احلقائق والقيم‪ ،‬ويبثّون يف الناس‬ ‫ما ليس له صلة باملعرفة العلمية السليمة‪.‬‬

‫(إنكليزية وفرنسية) على اخلصوص‪.‬‬ ‫ج‪ .‬ضعف القدرة الشرائية لدى شرائح‬ ‫واسعة من اجلمهور‪ ،‬بسبب تدنّي الدخل وارتفاع‬ ‫تكاليف املعيشة من جهة‪ ،‬وارتفاع مثن الكتاب‬ ‫من جهة أخرى‪ .‬وحبذا لو يعمد اتّ حاد الناشرين‬ ‫العرب إىل ختصيص نسبة مئوية ولو يف حدود‬ ‫‪ % 2‬من ك ّل طبعة كتاب‪ ،‬للق ّراء الفقراء الذين‬ ‫ال يستطيعون اقتناء الكتاب‪ ،‬توضع بتصرفهم يف‬ ‫معارض الكتب العربية‪ ،‬أو تعرض بسعر رمزي‬ ‫جداً‪ ،‬ليقتين الكتاب من يرغب يف اقتنائه وال‬ ‫جيد إىل ذلك سبي ًال‪.‬‬ ‫د‪ .‬عدم وجود الكتاب يف منافذ بيع يف مدن‬ ‫وبلدات وقرى عربية كثرية‪ ،‬وحتى يف أحياء من‬ ‫مدن عربية كربى‪ ..‬األمر الذي يش ّكل صعوبة يف‬ ‫العثور عليه‪ ،‬ومن ثم صعوبة يف تواصل القارئ‬ ‫مع املنشورات واحلصول عليها‪.‬‬ ‫هـ‪ .‬ضياع كثري من وقت املواطن العربي‬ ‫وجهده يف البحث عن لقمة العيش‪ ،‬أو يف أشكال‬ ‫من هدر الوقت وعدم استثمار الزمن وعدم‬ ‫الشعور حتى بقيمته وأهميته‪ ..‬فقضاء ساعات‬ ‫يف الفرجة على برامج هابطة أو عابرة التأثري‬ ‫يف التلفاز‪ ،‬ويف املقاهي وأماكن التسلية األخرى‪،‬‬ ‫جيعل الشخص غري قادر على ختصيص وقت‬ ‫ومال للمعرفة‪ ،‬والعلى تركيز تفكريه يف قراءة‬ ‫كتب مفيدة‪.‬‬ ‫و‪ .‬ضعف الدعاية للكتب واإلعالن عنها‪،‬‬ ‫وشيوع أساليب غري ص ّحية يف الدعاية هلذا‬ ‫الكتاب أو ذاك‪ ،‬هذا املؤلف أو ذاك‪ ،‬وترويج‬ ‫أحكام “إجيابية أو سلبية” عرب وسائل عديدة‬ ‫منها اإلعالم‪ ،‬حول كتب ومؤلّفني‪ ،‬وهي يف‬ ‫األغلب األع ّم أحكام ال تأتي نتيجة قراءة واعية‪،‬‬ ‫خمتصون أو قادرون على‬ ‫وقراءة نقدية يقوم بها ّ‬ ‫احلكم‪ ،‬يتحلّون باملعرفة والكفاءة‪.‬‬ ‫ز‪ .‬قصور بعض الكتب عن حتقيق مستوى‬ ‫فكري أو إبداعي مقبول‪ ،‬أو عجزها عن‬

‫‪395‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 396‬للتنمية الثقافية‬

‫جماراة التق ّدم املعريف وتقديم اجلديد للق ّراء‬ ‫يف جماالته‪ ،‬وحتقيق ارتياد يف مستوى األداء‪..‬‬ ‫وذلك ألسباب منها عدم املتابعة‪ ،‬والقصور عن‬ ‫تقديم معرفة وعلم متقدمني بأساليب عصرية‬ ‫مقنعة ومغرية وبسيطة‪ ،‬تغين عن مصادر أخرى‬ ‫أو تغري بتفضيلها على قنوات وأوعية معرفية‬ ‫وأساليب حتصيل مغايرة‪.‬‬ ‫بين الترويج والتعتيم‬

‫من أسباب عدم اإلقبال على القراءة‬ ‫تراجع التعليم بالعربية‪ ،‬األمر الذي يؤثّر‬ ‫سلباً على القراءة بها ومتابعة ما يصدر‬ ‫منشوراً فيها بوصفه لغة تعبير وأداة تفكير‬ ‫وحام َل هوية‪ ،‬ألن الذي ال يتقن العربية ال‬ ‫يقرأ بها‪ ،‬وال يتابع القراءة إذا كان من‬ ‫متابعيها بلغة أخرى يجيدها‪..‬‬

‫مما ال ب ّد من التأكيد على مالحظته يف هذا‬ ‫و ّ‬ ‫اجملال‪ ،‬ويؤثّر سلباً أو جياباً يف الرواج والقراءة‬ ‫على مؤلفني ومؤلَّفات‪ :‬الرتويج والتعتيم‪ ،‬على‬ ‫أسس جتارية وأيديولوجية وحزبية وطائفية‬ ‫أحياناً‪..‬إخل‪ ،‬وغري ذلك من أسباب الرتويج أو‬ ‫التعتيم غري الصحية يف وسائل منها اإلعالم‪،‬‬ ‫وجناح ناشرين يف تقديم ما يرغب فيه اجلمهور‬ ‫ال ما يسمو به ويرتفع مبستواه األدبي واملعريف‬ ‫والعلمي وا ُ‬ ‫خللُقي‪ .‬ويأتي هذا موافقاً لظاهرة‬ ‫رواج بعض الكتب الغربية عاملياً حتت تأثري‬ ‫اهلسترييا اإلعالمية اليت تنتقل إىل هسترييا‬ ‫مجاهريية‪ ،‬وتدور العجلة بهذه الدوافع ويف هذه‬ ‫االجتاهات‪..‬‬

‫وقد تو ّقف الناقد األمريكي‬ ‫عند ظاهرة كتاب “هاري بوتر” للربيطانية‬ ‫رولينغ‪ ،‬وسجل املالحظة القيمة اآلتية‪“ :‬إن‬ ‫ظاهرة هاري بوتر أزالت الفارق الضروري بني‬ ‫القراءة واالستهالك اإلعالمي‪ .‬فما الذي يتبقّى‬ ‫من جتربة القراءة إذا فقدت فرديّتها ومغايرتها‬ ‫للسائد‪ ،‬وحت ّولت إىل سلوك مجعي حت ّرضه‬ ‫آليات الدعاية والسوق واإلعالم؟ وهل يوحي‬ ‫هذا املشهد بنبوءة قامتة‪ ،‬هي موت القراءة يف‬ ‫ثقافتنا؟” ولكن ذلك حيدث يف جمتمع قارئ‪،‬‬ ‫والقارئ فيه يعي ما يفعل‪ ،‬ولو نسبياً‪ ،‬فكيف‬ ‫مبجتمعات حيتاج فيها القارئ إىل َمن يرشده؟‬ ‫ماذا تفعل فيها هسترييا الدعاية؟‬ ‫إن هذا يضعنا يف مواجهة “‏جتربة القراءة‬ ‫مساها‬ ‫احلقيقية املنزّهة عن آليات السوق؟” كما ّ‬ ‫صاحب املقال املشار إليه‪ .‬واألمر نفسه حيدث‬ ‫مع كتاب “الكيميائي” ملؤلفه باولو كويلو‪ ،‬وكتب‬ ‫أخرى‪ .‬إن هذه الظاهرة تستح ّق املالحظة‬ ‫والتوقف عندها ومعاجلة آثارها السلبية‪.‬‬ ‫رون تشارلز‬


‫حركة التأليف والنشر‬

‫‪397‬‬

‫التأليف والنشر‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 398‬للتنمية الثقافية‬


‫املشهد اإلبداعي العربي‬ ‫األدب‬

‫تجليات الرواية والشعر في العام ‪2009‬‬

‫السينما‬

‫هل من جديد في صناعة السينما العربية؟‬

‫المسرح‬

‫حركة المسرح العربي في العام ‪2009‬‬

‫الغناء والموسيقى‬

‫قضية الكلمة في األغنية العربية‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 400‬للتنمية الثقافية‬


‫تجليات الرواية والشعر‬

‫‪401‬‬

‫األدب‬ ‫جتليات الرواية والشعر في العام ‪2009‬‬ ‫اإلبداع‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 402‬للتنمية الثقافية‬

‫يكمل ما سبقه‬ ‫عام ّ‬

‫يبدو الشعر في الغالب مفتقراً إلى‬ ‫المتابعة النقدية‪ ،‬عالوة على انحسار‬ ‫ق ّرائه‪ ،‬وهذا ما يظهر واضحاً في جداول‬ ‫المبيعات لدى دور النشر والمكتبات‬ ‫العربية‪ .‬أما الرواية فهي على العكس‬ ‫تماماً‪ ،‬إنها أش ّد حضوراً من الشعر وأكثر‬ ‫رواجاً‪..‬‬

‫لع ّل السؤال البديهي الذي يواجه من يسعى‬ ‫لرصد احلياة الثقافية سنة تلو األخرى هو‪ :‬هل‬ ‫ميكن استخالص مالمح ثقافية عا ّمة خالل‬ ‫فرتة زمنية تتمثّل هنا يف سنة كاملة أو اثين‬ ‫عشر شهراً؟ وقد يفرتض هذا السؤال طرح‬ ‫سؤال آخر هو‪ :‬أتكفي مالمح عام من احلراك‬ ‫الثقايف لبلورة صورة شاملة عن واقع الثقافة‬ ‫اليت شهدها عامل بأكمله هو العامل العربي؟‬ ‫وإن بدت اإلجابة عن هذين السؤالني‬ ‫حمتملة‪ ،‬فإنها لن تكون نهائية‪ .‬فالعام يف‬ ‫املفهوم الثقايف ال خيتلف بالضرورة عن‬ ‫العام الذي سبقه أو الذي يليه‪ ،‬إال من جهة‬ ‫الوقائع واألحداث‪ .‬وهذه الوقائع أو األحداث‬ ‫نفسها ال ميكن عزهلا عن سياقها الزمين‬ ‫املتوالي‪ ،‬فالعام الثقايف يك ّمل العام السابق‬ ‫ومي ّهد لالحق‪ ،‬والثقافة ليست إال مبثابة‬ ‫اخليط املتواصل الذي ال ينتهي هنا وال هناك‪.‬‬ ‫لكننا إذا قرأنا العام الثقايف يف ضوء التقرير‬ ‫ومفهومه التأرخيي أو الكرونولوجي والتوثيقي‪،‬‬ ‫فإن من املمكن استخالص مالمح معيّنة للعام‬ ‫‪ 2009‬حتّى ولو كانت على عالقة وطيدة مبا‬ ‫حصل سابقاً‪ .‬ولعلّها تكون يف أحيان مثار بذور‬ ‫زرعت قبل عام أو عامني ومل حين قطفها إال‬ ‫راهناً‪ .‬وهكذا ميكننا استجالء الواقع الثقايف‬ ‫يف حركته ّ‬ ‫املطردة واليت ال تعرف الكمون ولو‬ ‫عرفت أحياناً حاالً من الرتاجع‪ .‬فقد يكون عام‬ ‫معني أفضل من عام آخر‪ ،‬تبعاً للمناخ الشامل‬ ‫الذي يهيمن على املرحلة نفسها‪.‬‬

‫غري أن قراءة متأنية‪ ،‬إحصائية وتوثيقية‬ ‫يوازيها عمل حتليلي‪ ،‬ميكنها أن تستخلص‬ ‫مالمح عام مضى من خالل حراكه الثقايف‪،‬‬ ‫ومعطيات هذا احلراك وآفاقه وظواهره‪ .‬وقد‬ ‫تكون هذه القراءة أش ّد رسوخاً إذا تناولت‬ ‫احلراك اإلبداعي األدبي يف خمتلف فروعه أو‬ ‫مدارسه‪ .‬فالظواهر األدبية قادرة فع ًال على‬ ‫أن تستقل بنفسها عرب بروز اخلصائص اليت‬ ‫متيّزها أو تسمها‪ .‬ويف هذا املنحى سعى هذا‬ ‫التقرير إىل اختصار املشهد األدبي العربي‬ ‫الذي هيمن على عام بكامله‪ ،‬من خالل منهج‬ ‫شبه مشولي‪ ،‬جيمع بني اإلحصاء والتوثيق‬ ‫والتحليل‪.‬‬ ‫ ‬

‫هل ما زلنا في زمن الرواية؟‬

‫ال تزال مقولة "زمن الرواية" وهي الصفة‬ ‫اليت أطلقت على املرحلة األدبية الراهنة اليت‬ ‫تهيمن فيها الرواية‪ ،‬على املشهد اإلبداعي‬ ‫العربي‪ ،‬عرضة للسجال والنقاش‪ .‬فالعام ‪2009‬‬ ‫قد يكون عاماً للرواية‪ ،‬لكنه كان أيضاً عاماً‬ ‫للشعر‪ .‬وقد أثار الشعر الكثري من الضوضاء‬ ‫عرب املهرجانات اليت شهدها هذا العام ومن‬ ‫خالل السجاالت والظواهر واألحداث اليت‬ ‫برزت‪ .‬إال َّأن الشعر بصفته حركة إبداعية‬ ‫مل ينل االهتمام الذي نالته الرواية إعالمياً‬ ‫وشعبياً‪ ،‬على الرغم من أ ّن عدد الدواوين اليت‬ ‫صدرت يف العام ‪ 2009‬ليس أقل بكثري من عدد‬ ‫الروايات‪ ،‬لك ّن الدواوين ال جتد عادة َمن يهتم‬ ‫بها‪ ،‬نقداً ومراجعة‪ ،‬على خالف الرواية اليت‬


‫تجليات الرواية والشعر‬

‫ما نشر عن روايات ّ‬ ‫يتخطى هذا‬ ‫العام من حيث المبدأ الثالثمئة رواية‪.‬‬ ‫اإلقبال على كتابة الرواية بيّن جداً‪.‬‬ ‫شعراء ومسرحيون كثيرون شاءوا خوض‬ ‫حقل الرواية بعدما وجدوا فيها فسحة‬ ‫رحبة للتعبير ولقول ما ال يحتمل الشعر‬ ‫أوالمسرح قوله‪..‬‬

‫اإلبداع‬

‫جتذب النقاد وتثري محاستهم‪ .‬وميكن القول وإن مل يكن اجملال هنا متاحاً للخوض يف‬ ‫إن نقد الشعر يكاد يكون منحسراً وقلي ًال تبعاً قضية النشر وأزماته‪ ،‬فال ب ّد من اإلشارة إىل‬ ‫املتخصصني يف حقله‪ .‬وهذه أ ّن الرواية عرفت خالل هذا العام حاالً من‬ ‫لقلّة أو ندرة النقاد ّ‬ ‫ظاهرة الفتة جداً وهلا دالالتها‪ ،‬وقد برزت منذ االزدهار‪ ،‬أقلّه على مستوى النشر أو الطباعة‪.‬‬ ‫الستينيات من القرن املنصرم‪ ،‬عندما انطلقت وتكفي مراجعة حثيثة حلركة النشر الروائي‬ ‫ثورة الشعر العربي احلديث اليت مل تلق حركة عرب ما تتيحه اإلحصاءات األولية لتكوين‬ ‫نقدية شاملة تواكبها وترافقها وتلقي الضوء فكرة شاملة عن طبيعة هذه احلركة وحجمها‪.‬‬ ‫على شعرائها وعلى التح ّوالت اليت طرأت فما نشر من روايات ّ‬ ‫يتخطى هذا العام من‬ ‫يف املعرتك الشعري اجلديد‪ .‬يبدو الشعر يف حيث املبدأ الثالمثئة رواية‪ .‬وقد ال تكون داللة‬ ‫الغالب مفتقراً إىل املتابعة النقدية‪ ،‬عالوة العدد وحدها كافية لرتسيخ مبدأ ازدهار‬ ‫على احنسار ق ّرائه‪ ،‬وهذا ما يظهر واضحاً الرواية‪ ،‬فامله ّم وربمّ ا األهم هو اختالط أجيال‬ ‫يف جداول املبيعات لدى دور النشر واملكتبات الروائيني بعضهم ببعض والصعود الدائم‬ ‫العربية‪ .‬أما الرواية فهي على العكس متاماً‪ ،‬جليل جديد ينطلق من تراث األجيال السابقة‬ ‫إنها أش ّد حضوراً من الشعر وأكثر رواجاً‪ .‬ليق ّدم نتاجه‪ .‬وقد تكون هذه الظاهرة واضحة‬ ‫وإذا ّ‬ ‫مت التوافق على أ ّن الرواية العربية‪ ،‬متام الوضوح يف املشهد الروائي املصري‪،‬‬ ‫كما العاملية‪ ،‬تعيش اآلن عصرها الذهيب‪ ،‬حيث تتعاقب األجيال‪ ،‬واحدة تلو اآلخر‬ ‫مّ‬ ‫فإنا ألنّها قادرة فع ًال على مواجهة األسئلة وتتواىل األمساء الروائية اجلديدة وبعضها‬ ‫املطروحة راهناً‪ ،‬والسيما يف عصر العوملة مت ّكن فع ًال من احتالل موقع متق ّدم يف احلركة‬ ‫واالنفتاح احلضاري والثورة املعلوماتية‪ .‬وقد الروائية خالل فرتة قصرية‪ .‬اإلقبال على‬ ‫تكون الرواية هي النوع األدبي الوحيد الشامل كتابة الرواية بينّ جداً‪ .‬شعراء ومسرحيون‬ ‫والقادر على اإلحاطة بالقضايا واألزمات كثريون شاءوا خوض حقل الرواية بعدما‬ ‫الكثرية اليت جتتاح الزمن القائم‪ .‬إنها فع ًال وجدوا فيها فسحة رحبة للتعبري ولقول ما ال‬ ‫سليلة عصر العوملة كما كانت من قبل سليلة حيتمل الشعر أواملسرح قوله‪ .‬لقد أصبحت‬ ‫الثورات العلمية والسياسية واالجتماعية اليت الرواية أحد أبرز األجناس األدبية اآلن‪ ،‬نظراً‬ ‫إىل احتوائها األنواع األخرى األدبية والفنية‪،‬‬ ‫صنعت اجملتمع احلديث‪.‬‬ ‫كالشعر واملسرح والقصة والسينما والصورة‬ ‫وسواها‪ .‬إنها منفتحة على سائر األنواع‪ ،‬ألنها‬ ‫اختالط أجيال الروائيين‬ ‫يستحيل فع ًال إحصاء الروايات العربية تط ّوعها ملصلحتها وتصهرها يف بوتقتها‪.‬‬ ‫ولع ّل الالفت أن فرادة املشهد الروائي مل‬ ‫اليت صدرت خالل العام ‪ 2009‬إحصاء‬ ‫دقيقاً ما دامت حركة النشر يف العامل العربي تبق مقتصرة على إسهامات الروائيني الر ّواد أو‬ ‫رسخوا أنفسهم‬ ‫تفتقر إىل سياسة اإلحصاء العلمي واملنهجي ما بعد الر ّواد والروائيني الذين ّ‬ ‫والربجمة‪ .‬فثمة دور صغرية‪ ،‬مناطقية أو يف هذا احلقل‪ ،‬بل أن الفرادة تكمن يف الطابع‬ ‫إقليمية ال تدرج منشوراتها يف القوائم‪ ،‬إضافة املختلط هلذا املشهد الروائي‪ .‬ففي حماولة‬ ‫إىل الروائيني الذين ينشرون على نفقتهم فال تبينّ احلقول اليت استأثرت بالرواية العربية‬ ‫يو ّزعون أعماهلم جيداً فتظ ّل أسرية حملّيتها‪ .‬خالل العام ‪ ،2009‬يالحظ أن هذه احلقول‬

‫‪403‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 404‬للتنمية الثقافية‬

‫يستحيل إحصاء الروايات العربية‬ ‫التي صدرت في العام ‪ 2009‬إحصا ًء‬ ‫دقيقاً مادامت حركة النشر في العالم‬ ‫العربي تفتقر إلى سياسة اإلحصاء‬ ‫العلمي والمنهجي ‪ ..‬فثمة دور صغيرة‬ ‫أو إقليمية ال تدرج منشوراتها في القوائم‬ ‫‪ ..‬ناهيك بالروائيين الذين ينشرون على‬ ‫نفقتهم فال يوزعون أعمالهم جيداً فتظ ّل‬ ‫أسيرة محليتها‪..‬‬

‫بلورتها روايات ع ّدة تنتمي إىل أجيال خمتلفة‪:‬‬ ‫جيل الر ّواد‪ ،‬جيل املخضرمني وجيل الشباب‪.‬‬ ‫لقد أصبحت امليادين أو احلقول الروائية‬ ‫مش ّرعة أمام األجيال كلّها‪ .‬فالرواية التارخيية‬ ‫مث ًال‪ ،‬مل تبق وقفاً على جيل دون سواه‪ ،‬وكذلك‬ ‫الرواية االجتماعية أو السياسية والرواية ذات‬ ‫االجتاه الواقعي اجلديد أو الرواية الغرائبية‬ ‫وسواها‪ .‬ويف املشهد الروائي الراهن يتآخى‬ ‫الرواد واملخضرمون والشباب‪ ،‬لكن التآخي ال‬ ‫يعين التشابه بل يعين االختالف والتناقض يف‬ ‫أحيان‪ ،‬ولع ّل هذا األمر هو الذي مينح املشهد‬ ‫الروائي حيويته‪ ،‬فروائيون مثل طالب الرفاعي‬ ‫وعبده خال وعالء األسواني وربيع جابر‬ ‫وعلوية صبح وعلي المقري وإبراهيم فرغلي‬ ‫وعلي بدر ومنصورة عز الدين وروزا ياسين‬

‫حسن وواسيني األعرج وسواهم‪ ،‬يك ّملون‬ ‫روائيني ينتمون إىل اجليل املخضرم مثل‬ ‫صنع الله ابراهيم وجمال الغيطاني وإبراهيم‬

‫فوز رواية عزازيل للمصري يوسف‬ ‫زيدان بجائزة البوكر في العام‬ ‫أثار حفيظة الروائيين المصريين أوالً‬ ‫والعرب ثانياً ‪ ..‬فهذا الروائي "المبتدئ"‬ ‫و"الغريب" عن عالم الرواية استطاع‬ ‫أن يزاحم أسماء روائيّة مصرية وعربية‬ ‫مه ّمة ومك ّرسة على الجائزة ذات األفق‬ ‫العالمي‪ ،‬لكونها مرتبطة بجائزة البوكر‬ ‫البريطانية ‪ ..‬فما أن يفوز الروائي العربي‬ ‫بها مث ً‬ ‫ال‪ ،‬حتى تنفتح أمامه آفاق عالمية‬ ‫وتترجم أعماله إلى لغات ع ّدة من شأنها‬ ‫أن تضعه على الئحة األسماء األدبية‬ ‫العالمية‪..‬‬ ‫‪2009‬‬

‫الكوني ورضوى عاشور ونبيل سليمان ومحمد‬ ‫البساطي وبهاء طاهر ومحمد برادة وأمير تاج‬

‫السر وعزالدين التازي وسواهم‪ .‬وإزاء هذين‬ ‫ّ‬ ‫اجليلني تربز أمساء ع ّدة‪ ،‬بعضها يدرج يف‬ ‫خانة الر ّواد مثل حنّ ا مينة الذي ما برح يصدر‬ ‫أعماالً روائية وبعضها اآلخر يدرج يف خانة‬ ‫عصية على التصنيف مثل سليم بركات وأمين‬ ‫الزاوي وليلى العثمان وفواز حداد ومحمد أبو‬

‫معتوق وسواهم‪ .‬طبعاً هذه األمساء حتضر‬ ‫هنا بصفتها التمثيلية ال التصنيفية خالل العام‬ ‫‪ ،2009‬فثمة أمساء أخرى مه ّمة أيضاً ال يسع‬ ‫اجملال إلدراجها‪ ،‬وهي ستمثّل يف الّلوائح اليت‬ ‫ّ‬ ‫مت عربها رصد حركة النشر الروائي‪.‬‬ ‫الرواية وإشكالية الجوائز‬

‫ما إن انطلقت جائزة "البوكر" العربية أو‬ ‫"اجلائزة العاملية للرواية العربية" العام ‪2007‬‬

‫وفاز يف دورتها األوىل الروائي املصري‬ ‫طاهر عن روايته واحة الغروب حتى أضحت‬ ‫ظاهرة أدبية تثري ك ّل عام سجاالً يتج ّدد يف‬ ‫العام الذي يلي‪ .‬فهذه اجلائزة ال تكمن أه ّميتها‬ ‫مبكافأتها املادية فقط (‪ 60‬ألف دوالر)‪ ،‬بل‬ ‫يف فتحها أفقاً عاملياً أمام الروائي الفائز‪،‬‬ ‫لكونها مرتبطة بجائزة البوكر الربيطانية‬ ‫الكبرية‪ .‬فما إن تفوز الرواية باجلائزة حتى‬ ‫حتظى برتمجات إىل لغات أجنبية ع ّدة وهذه‬ ‫الرتمجات تضع الروائي على الئحة األمساء‬ ‫العاملية‪ .‬قد يكون هذا السبب هو احلافز‬ ‫على صعود هذه اجلائزة وعلى إثارتها رغبة‬ ‫الروائيني يف ّ‬ ‫الرتشح هلا‪ .‬لك ّن اجلائزة اليت‬ ‫شهدت سجاالً عربياً منذ انطالقتها مل تستطع‬ ‫أن حتسم هذا السجال وال أن تتخلّص منه‪.‬‬ ‫وقد شهد العام ‪ 2009‬حاالً من السجال‬ ‫الشامل حول اجلائزة وشارك فيه نقّاد وكتّاب‬ ‫من العامل العربي‪ .‬فما إن أعلن فوز الروائي‬ ‫املصري يوسف زيدان باجلائزة عن روايته‬ ‫عزازيل (دار الشروق المصرية) حتى اندلعت‬ ‫"معركة" بدأت أوالً يف مصر ثم امت ّدت عربياً‪.‬‬ ‫وكان ال ب ّد من أن يثري فوز رواية عزازيل‬ ‫بجائزة بوكر حفيظة الروائيني املصريني أوالً‬ ‫والعرب ثانياً‪ .‬فهذا اآلتي من عامل الرتاث‬ ‫واملخطوطات استطاع بني ليلة وضحاها أن‬ ‫حيتل املشهد الروائي مصريّاً وعربيّاً وأن‬ ‫يقطف جائزة حيلم بها املتمرسون يف الف ّن‬ ‫الروائي‪ .‬وما زاد من ح ّدة ر ّد الفعل أن هذا‬ ‫الروائي "املبتدئ" و "الغريب" عن عامل‬ ‫الرواية‪ ،‬استطاع أن يزاحم أمساء مهمة‪،‬‬ ‫ويف مقدمها محمد البساطي الذي تق ّدم إىل‬ ‫اجلائزة بروايته البديعة جوع‪ ،‬وكان يستحقها‬ ‫مثلما استحقتها "عزازيل" وكما تستحقها‬ ‫روايات أخرى مل تفز بها‪.‬‬ ‫جاء زيدان عامل الرواية من زاوية هو خري‬ ‫بهاء‬


‫تجليات الرواية والشعر‬

‫العارفني بها‪ّ ،‬‬ ‫ووظف خربته الطويلة يف حتقيق‬ ‫املخطوطات وإحياء ما طواه التاريخ ونام عليه‪،‬‬ ‫وراح حيبك خيوط لعبته السردية مرتكزاً على‬ ‫الذاكرة "املقموعة" واملخيّلة يف آن واحد‪ .‬ومل‬ ‫يكن اختالقه شخصية "املرتجم" املتو ّهم‬ ‫الذي ع ّرب "اللفائف" أو املخطوطات القدمية‬ ‫إال حافزاً على خلق عامل وهمي‪ ،‬وبطل وهمي‪،‬‬ ‫هو الراهب املصري األصل الذي يدعى "هيبا"‬ ‫والذي يتوىل فعل السرد كاتباً مذكراته بالّلغة‬ ‫السريانية‪.‬‬ ‫مفاجأة شيرين‬

‫لم تخل "جائزة البوكرالعربية"‬ ‫من بعض اللغط واإلثارة‪ ،‬فقد انسحبت‬ ‫الناقدة شيرين أبو النجا من عضوية‬ ‫لجنة تحكيم الجائزة معتبرة أنه لم تكن‬ ‫هناك معايير واضحة أو مقاييس نقدية‬ ‫يتكئ عليها أعضاء لجنة التحكيم‪..‬‬

‫اإلبداع‬

‫وكان ال ب ّد من أن يثري فوز‬ ‫بجائزة بوكر حفيظة الكنيسة القبطية أيضاً‪.‬‬ ‫اليت اعتربت هذا الفوز إساءة إىل تارخيها‬ ‫وعقيدتها‪ .‬فالرواية مل تسئ إىل الكنيسة البتة‬ ‫وال إىل عقيدتها‪ ،‬بل هي كانت أمينة يف إحيائها‬ ‫تلك الفرتة من التاريخ املسيحي الذي عرف‬ ‫"حروباً" عقيدية مل يعد الكالم عليها عم ًال‬ ‫تشهريياً‪ ،‬والسيما بعدما اعرتفت الكنيسة‬ ‫نفسها مبا حصل من صراعات ومواجهات‪،‬‬ ‫دموية أحياناً‪ ،‬لتطوي تلك الصفحات وكأنها‬ ‫من املاضي البعيد‪ .‬وبدا يوسف زيدان غري‬ ‫منحاز إىل الفكر اهلرطوقي الذي مثله‬ ‫الراهب نسطور‪ ،‬فهو ال يلبث أن يص ّوره وقد‬ ‫انقلب من ضحية إىل "جالد"‪ ،‬يضطهد الذي‬ ‫خيالفونه الرأي مثلما اضطهده من قبل الذين‬ ‫خالفهم الرأي‪ .‬وكان يوسف زيدان نزيهاً جداً‬ ‫يف مقاربته هذه احلقبة من التاريخ احلافل‬ ‫باحلروب والصراعات اليت ال ميكن نكرانها‪.‬‬ ‫مل يشعر يوسف زيدان حلظة أنه غريب‬ ‫عن الرتاث القبطي الذي ميثل جزءاً مهماً‬ ‫من تاريخ مصر وحضارتها‪ .‬إنه يف هذا املعنى‬ ‫قبطي مثلما هو فرعوني ومسلم‪ .‬فمصر هي‬ ‫مصر‪ ،‬وتراثها ملك أبنائها مجيعأً أياً تكن‬ ‫عزازيل‬

‫انتماءاتهم أو هوياتهم ومشاربهم‪.‬‬ ‫ومل يكد ينتهي السجال حول فوز يوسف‬ ‫زيدان باجلائزة حتى جت ّدد يف منتصف شهر‬ ‫كانون األول (ديسمرب) ‪ ،2009‬بعدما أعلنت‬ ‫أمساء الفائزين الستة يف ما يس ّمى الالئحة‬ ‫القصرية للجائزة‪ .‬وكان الفائزون هم‪ :‬ربيع‬ ‫جابر (لبنان) عن روايته أميركا‪ ،‬جمال ناجي‬ ‫(األردن) عن روايته عندما تشيخ الذئاب‪،‬‬ ‫ربعي المدهون (فلسطين) عن روايته السيدة‬ ‫من تل أبيب‪ ،‬عبده خال (السعودية) عن‬ ‫روايته ترمي بشرر – أعلن فوزها باجلائزة يف‬ ‫وقت الحق من العام اجلديد ‪ -‬محمد المنسي‬ ‫قنديل (مصر) عن روايته يوم غائم في البر‬ ‫الغربي‪ ،‬ومنصورة عز الدين (مصر) عن‬ ‫روايتها وراء الفردوس‪.‬‬ ‫وكانت املفاجأة إعالن الناقدة املصرية‬ ‫شيرين أبو النجا‪ ،‬عضو جلنة التحكيم‬ ‫انسحابها من الّلجنة اعرتاضاً على الطريقة‬ ‫اليت ّ‬ ‫متت بها املناقشة واختيار األمساء‪ .‬فهي‬ ‫كما ص ّرحت إىل الصحافة العربية مل تفهم ما‬ ‫هي املعايري النقديّة اليت عمل أعضاء الّلجنة‬ ‫مبوجبها ليقرأوا األعمال ويقيّموها‪ .‬ويف رأيها‬ ‫مل تكن هناك معايري واضحة أو مقاييس‬ ‫نقدية يتكئ عليها أعضاء جلنة التحكيم واليت‬ ‫ال ميكن من دونها احلكم على األعمال‪ .‬ومل‬ ‫تكن شيرين مقتنعة بالّلجوء إىل التصويت‬ ‫قبل إنهاء النقاش‪ .‬فاألرقام يف التصويت‬ ‫حبسب رأيها ال تعبرّ عن حقيقة االختيار‪ ،‬ما‬ ‫دامت تفتقد إىل النقاش أو احلوار‪ .‬وقد يكون‬ ‫التصويت ح ًال يلجأ اليه يف اخلتام بعد أن يصل‬ ‫النقاش النقدي إىل طريق مسدود‪.‬‬ ‫أما أعضاء جلنة التحكيم فهم‪ :‬طالب‬ ‫الرفاعي (روائي وقاص كوييت)‪ ،‬رجاء بن‬ ‫سالمة (أستاذة حماضرة يف كلية اآلداب‬ ‫والفنون واإلنسانيات يف منوبة – تونس)‪،‬‬

‫‪405‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 406‬للتنمية الثقافية‬

‫سيف الرحبي (شاعر وكاتب عماني)‪ ،‬شيرين‬ ‫أبو النجا (أستاذة األدب اإلنكليزي يف جامعة‬

‫القاهرة)‪ ،‬فريدريك الغرانج (باحث فرنسي‬ ‫ومرتجم ومدير قسم الدراسات العربية‬ ‫والعربية يف جامعة السوربون يف فرنسا)‪.‬‬ ‫تتميّز الروايات الست الفائزة بأجوائها‬ ‫وأساليبها املختلفة‪ .‬فالروائي الفلسطيين‬ ‫األردني جمال ناجي خيتار يف روايته عندما‬ ‫تشيخ الذئاب (منشورات وزارة الثقافة –‬ ‫عمان) تقنية تع ّدد الوجوه واألصوات‪ ،‬فينسحب‬ ‫ّ‬ ‫الراوي العليم ليفسح اجملال أمام شخصيات‬ ‫متعاقبة‪ ،‬تروي أحداثاً ومشاهد تتك ّرر وختتلف‬ ‫وتتنامى من شخصية إىل أخرى‪ .‬إنها رواية‬ ‫تص ّور اهلشاشة البشرية والعالقة املعقدة‬ ‫بني اجلنس والدين والسياسة‪ ،‬وتق ّدم لوحة‬ ‫حيّة عن عوامل الوعاظ واجلمعيات اخلريية‬ ‫والساسة‪ ،‬وأسرار االرتقاء االجتماعي من‬ ‫احلارات الفقرية إىل مراكز السلطة والثراء يف‬ ‫عمان‪ .‬الشخصية الرئيسة يف الرواية ال تتكلّم‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫وتبقى لغزا على الرغم من انكشافها اجلزئي‪:‬‬ ‫عزمي الوجيه‪ .‬فهل هو الذئب الوحيد الذي‬ ‫ال يشيخ؟‬ ‫أما الكاتب الفلسطيين ربعي المدهون‬ ‫فيتناول يف روايته السيدة من تل أبيب‬ ‫(‬ ‫المؤسسة العربية للدراسات والنشر)‪ ،‬قضيّة‬ ‫ّ‬ ‫الصراع الفلسطيين‪ -‬العربي‪-‬اإلسرائيلي‪،‬‬ ‫وخيتار حلظة مشحونة باهلواجس والتوتّر‬ ‫والريّبة حتى االنفجار‪ .‬البطالن هما وليد‬ ‫دهمان العائد من مغرتبه األوروبي بعد سنني‬ ‫طويلة لزيارة أهله يف غزّ ة عرب مطار بن‬ ‫غوريون يف تل أبيب‪ ،‬واإلسرائيلية دانا أهوفا‬ ‫اليت تشاء املصادفات أن جتلس يف املقعد‬ ‫اجملاور ملقعده‪ .‬هكذا يبدأ التماس بينهما‪،‬‬ ‫وما يشبه احلوار ّ‬ ‫املتقطع الذي يأخذ القارئ‬ ‫إىل أصقاع نائية يف الذاكرة والتاريخ والذات‬

‫البشرية‪.‬‬ ‫وتستحضر رواية الّلبناني ربيع جابر‬ ‫"أميركا" (المركز الثقافي العربي) ملحمة‬ ‫الناس الذين دفعهم الفقر وروح املغامرة‬ ‫إىل ترك سورية الكربى يف السنوات األوىل‬ ‫من القرن العشرين ليجربوا حظهم يف أميركا‬ ‫الناشئة‪ ،‬حاملني "الكشة" عرب السهول‬ ‫واجلبال‪ ،‬فيندجمون تدرجياً يف نسيجها‬ ‫االجتماعي ويشاركون يف حروبها‪ .‬ير ّكز السرد‬ ‫على سرية مارتا اليت تق ّرر الذهاب وحدها‬ ‫إىل نيويورك من أجل العثور على زوجها‬ ‫بعدما انقطعت عنه األخبار‪ .‬تأتي الرواية‬ ‫حتيّة من الباقني إىل الذين رحلوا يف أراضي‬ ‫املهجر‪ّ ،‬‬ ‫متخطني ما كانت ظروفهم تق ّدره هلم‬ ‫من مصري‪ ،‬حتى يصنعوا هويّاتهم اجلديدة‬ ‫بأيديهم وعزميتهم‪.‬‬ ‫رواية ترمي بشرر‪ ،‬للروائي السعودي عبده‬ ‫خال (دار الجمل) تدور حول حكاية مكان هو‬ ‫أشبه جبنّة‪ ،‬يرمي بشرره على جحيم احلارات‬ ‫جدة‪ ،‬فيمتد السرد جسراً بني عامل‬ ‫البائسة يف ّ‬ ‫سيد املكان ومن حت ّولوا دمى بشريّة وعبيدا‪ً.‬‬ ‫رواية ساخرة فاجعة تص ّور فظاعة تدمري‬ ‫البيئة وتدمري النفوس‪ ،‬وتق ّدم البوح امللتاع ملن‬ ‫أغوتهم األنوار الفاحشة فاستسلموا لعبوديّة‬ ‫خمتارة من النوع احلديث‪.‬‬ ‫الروائي املصري محمد المنسي قنديل‬ ‫يحيي يف روايته يوم غائم في البر الغربي (دار‬ ‫الشروق‪ ،‬القاهرة) فرتة االكتشافات األثريّة‬ ‫والنضال الوطين يف مصر‪ ،‬ويض ّمنها ملحمة‬ ‫فتاة تهرب بها والدتها من زوجها املغتصب‪،‬‬ ‫وتودعها ديراً يف أسيوط بعد أن تغيرّ امسها‬ ‫وت ّدق على ذراعها الصغرية صليباً‪ .‬ثم يتداخل‬ ‫مصري الفتاة وقد أضحت مرتمجة‪ ،‬مع مسرية‬ ‫شخصيات تارخيية‪.‬‬ ‫أما رواية وراء الفردوس (دار العين‪،‬‬


‫تجليات الرواية والشعر‬

‫القاهرة) للروائية املصرية‬ ‫فتتناول الطبقة البورجوازية يف الريف‪ ،‬من‬ ‫خالل شخصية سلمى اليت تعمل حم ّررة يف‬ ‫ماض‬ ‫جريدة أدبيّة وحتاول أن تتخلّص من ٍ‬ ‫طويل حم ّمل بذكريات أليمة وبصور سلبيّة عن‬ ‫الذات‪ ،‬ما شجعها على كتابة رواية خاصة بها‪،‬‬ ‫تسرد فيها تاريخ العائلة‪ ،‬تاريخ احلب‪ ،‬تاريخ‬ ‫اجلسد‪ ،‬تاريخ احلراك الطبقي داخل القرية‪،‬‬ ‫تاريخ اجلنون‪ ،‬تاريخ الكتابة‪.‬‬ ‫منصورة عزّ الدين‬

‫جائزة نجيب محفوظ‬

‫ال ب ّد للجوائز األدبية‪ ،‬كما هو شائع‪،‬‬ ‫أن تحدث سجاالً في أوساط األدباء‪،‬‬ ‫يقبلها بعضهم ويرفضها البعض اآلخر‪،‬‬ ‫وقد ال تبالي بها قلة تجد نفسها خارج‬ ‫حلبة هذا "الصراع"‪ .‬هذا أحد شؤون‬ ‫الجوائز التي يتبارى حولها األدباء‪ ،‬طمعاً‬ ‫مال ونجومية‪ ...‬كأ ّن الجائزة‬ ‫بشهرة أو ٍ‬ ‫هي التي تت ّوج تجربة الكاتب أو مساره‪،‬‬ ‫وكاتب بال جوائز يظل في نظر الكثيرين‬ ‫– وربما في نظر نفسه – كاتباً غير‬ ‫مك ّرس‪ ،‬وينقصه "اعتراف" هو بمثابة‬ ‫الوسام الذي يعلّق على صدره‪..‬‬

‫عودة يحيى حقي‬

‫اإلبداع‬

‫مل يقتصر سجال اجلوائز الروائية على‬ ‫جائزة البوكر يف العام ‪ 2009‬بل تع ّداها إىل‬ ‫جائزة نجيب محفوظ اليت متنحها الجامعة‬ ‫األميركية يف القاهرة واليت باتت إحدى أه ّم‬ ‫اجلوائز األدبية عربياً‪ .‬وقد فاز الروائي خليل‬ ‫وراق‬ ‫صويلح بـ جائزة محفوظ عن روايته ّ‬ ‫الحب وهي من الروايات العربية اليت ال ميكن‬ ‫جتاهلها أو التغاضي عنها‪ .‬رواية فريدة جب ّوها‬ ‫وفكرتها ولعبتها السردية القائمة على الشك يف‬ ‫الف ّن الروائي نفسه‪ .‬فالراوي املثقف والقارئ‬ ‫النهم الذي يتولىّ مهمة السرد‪ ،‬ال مينع نفسه‬ ‫من االنزالق يف ش ْرك الكتابة الروائية الذي‬ ‫ينتهي به إىل حبك روايته وكأنها رواية داخل‬ ‫رواية‪ .‬وعندما صدرت هذه الرواية العام ‪2002‬‬ ‫يف طبعة أوىل لقيت ترحاباً كبرياً لدى النقاد‬ ‫والروائيني‪.‬‬ ‫بدا فوز رواية ّوراق الحب باجلائزة مفاجأة‬ ‫غري منتظرة‪ .‬كانت سرت قبل شهرين أخبار‬ ‫تؤكد فوز الروائية السعودية رجاء عالم‬ ‫باجلائزة عن روايتها ستر‪ .‬واألخبار هذه مل‬ ‫تكن مبثابة شائعات أطلقت بالس ّر كما حيصل‬ ‫دوماً إزاء اجلوائز‪ ،‬ومل يعمد أحد من أعضاء‬ ‫الّلجنة كذلك إىل تسريبها‪ .‬فاسم رجاء عالم‬ ‫كان مطروحاً بقوة‪ ،‬و ُعلِم‪ ،‬ال أحد يدري كيف‪،‬‬

‫أن روايتها حظيت بإمجاع جلنة التحكيم‪ .‬ومل‬ ‫يكن أمام اإلعالم السعودي إال أن حيتفل بهذا‬ ‫احلدث قبل وقوعه‪ ،‬بعفوية تامة ومحاسة‪ .‬ففوز‬ ‫رواية ستر بهذه اجلائزة املهمة هو فوز للرواية‬ ‫السعودية احلديثة أو الراهنة اليت تشهد حاالً‬ ‫من "الغليان" مل تشهدها سابقاً‪ .‬لك ّن هذا‬ ‫االحتفال اإلعالمي العفوي كان السبب األول‬ ‫يف حجب اجلائزة عن رجاء عالم كما قيل‪،‬‬ ‫ويف البحث عن اسم آخر يستحقها‪ .‬مل يرق‬ ‫ على ما بدا ‪ -‬للّجنة ورمبا هليئة اجلائزة‬‫(الجامعة األميركية في القاهرة)‪ ،‬أن يستبق‬ ‫اإلعالم النتيجة ويعلنها وكأنه هو القائم على‬ ‫منح اجلائزة‪ .‬طبعاً ال عالقة للعالم مبا حصل‪،‬‬ ‫ولعلها فوجئت بهذا االحتفال املسبق مثلها مثل‬ ‫الكثريين‪.‬‬ ‫ترى هل كان تراجع اهليئة عن قرارها‬ ‫صائباً؟ أمل يظلم روائية مهمة بريئة كل الرباءة‬ ‫مما حصل؟ مثل هذه األسئلة كان مثار سجال‬ ‫ّ‬ ‫عربي‪ ،‬لكن هذا السجال مل يتع ّرض للروائي‬ ‫السوري الشاب الذي بدا يستحق اجلائزة ك ّل‬ ‫االستحقاق‪.‬‬

‫‪407‬‬

‫ال ب ّد للجوائز األدبية‪ ،‬كما هو شائع‪ ،‬أن‬ ‫حتدث سجاالً يف أوساط األدباء‪ ،‬يقبلها بعضهم‬ ‫ويرفضها البعض اآلخر‪ ،‬وقد ال تبالي بها قلة‬ ‫جتد نفسها خارج حلبة هذا "الصراع"‪ .‬هذا‬ ‫أحد شؤون اجلوائز اليت يتبارى حوهلا األدباء‪،‬‬ ‫مال وجنومية‪ ...‬كأ ّن اجلائزة‬ ‫طمعاً بشهرة أو ٍ‬ ‫هي اليت تت ّوج جتربة الكاتب أو مساره‪ ،‬وكاتب‬ ‫بال جوائز يظل يف نظر الكثريين – ورمبا‬ ‫يف نظر نفسه – كاتباً غري مك ّرس‪ ،‬وينقصه‬ ‫"اعرتاف" هو مبثابة الوسام الذي يعلّق على‬ ‫صدره‪.‬‬ ‫استح ّق يحيى حقي‪ ،‬الروائي والقاص‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 408‬للتنمية الثقافية‬

‫يحيى حقي كان يستحق كروائي كبير‬ ‫أن يحمل صورته الطابع البريدي الذي‬ ‫صدر غداة انعقاد "الملتقى اإلبداعي‬ ‫األول للبريد المصري" في شهر مايو‬ ‫‪ 2009‬والذي ك ّرم حقي‪ ..‬كما احتفى‬ ‫بما س ّمي "األدب البريدي" الذي كان‬ ‫من ر ّواده المحدثين الروائي إبراهيم‬ ‫أصالن‪..‬‬

‫املصري الكبري‪ ،‬أن حيمل طاب ٌع بريدي صورته‬ ‫غداة انعقاد "امللتقى اإلبداعي األول للربيد‬ ‫املصري" الذي ك ّرمه يف القاهرة (أيار‪ /‬مايو‬ ‫‪ ،)2009‬واحتفى مبا يُسمى "األدب الربيدي"‪،‬‬ ‫ومن ر ّواده احملدثني الروائي إبراهيم أصالن‬ ‫الذي عمل "بوسطجياً" وكتب رائعته وردية‬ ‫ليل من وحي هذه املهنة‪ .‬بدا امللتقى هذا حدثاً‬ ‫فريداً وكذلك تكريم يحيى حقي‪ .‬فهو الذي مل‬ ‫ينل حقه كام ًال‪ ،‬يف اإلعالم والرتمجة والنقد‪،‬‬ ‫كان أول من ابتدع شخصية "البوسطجي" أو‬ ‫ساعي الربيد يف قصة دماء وطين اليت باتت‬ ‫تعرف شعبياً بـ "البوسطجي"‪ ،‬بعدما أخرج‬ ‫منها حسين كمال فيلماً بديعاً يف العام ‪.1968‬‬ ‫النص السردي "يقتحم" حقي عزلة‬ ‫ويف هذا ّ‬ ‫ساعي الربيد الذي يُدعى عباس والذي نفاه‬ ‫أهل القرية الصعيدية إىل اهلامش‪ ،‬ومل جيد‬ ‫من طريقة ملواجهة الوحشة سوى التلصص‬ ‫على الرسائل اليت يو ّزعها‪ ،‬قارئاً ما حتمل‬ ‫من أخبار وأسرار‪ .‬لك ّن هذا التلصص سرعان‬ ‫ما يوقعه يف "شرك" قصة حب تنتهي مأسوياً‪،‬‬ ‫ويص ّوره الكاتب يف اخلتام يهرول يف الشارع‬ ‫رامياً الرسائل يف اهلواء حزناً وغضباً‪ .‬وهنا‬ ‫بدا "البوسطجي" شخصاً عبثياً‪ّ ،‬‬ ‫ختطى البيئة‬ ‫القروية وأضحى شاهداً غري بريء‪ ،‬على مقتل‬ ‫الفتاة العاشقة على يد والدها‪ ،‬يف ما يس ّمى‬ ‫جرمية شرف‪.‬‬ ‫نادراً ما عرفت الرواية العربية شخصية‬ ‫نص يحيى حقي‪.‬‬ ‫"البوسطجي" مثلما جتلّت يف ّ‬ ‫فهذه الشخصية الطريفة جداً اليت باتت شبه‬ ‫منقرضة يف عاملنا املعاصر‪ ،‬مل تعد تثري خميلة‬ ‫الروائيني‪ ،‬وأضحت إطاللتها سريعة أو عابرة‪،‬‬ ‫ومقتصرة على بضع قصص تستعيد صورة‬ ‫"البوسطجي" من املاضي البعيد أو القريب‪.‬‬ ‫لقد أضحى "البوسطجي" بد ّراجته اهلوائية‬ ‫وحقيبته اجللد اليت يضع فيها الرسائل‪ ،‬ذكرى‬

‫شخص كان له حضوره يف حياة الناس‪ ،‬وكان‬ ‫الكثريون ينتظرونه يوماً تلو يوم‪ ،‬حاملني مبا‬ ‫حيمل إليهم من رسائل وأخبار‪ ،‬مجيلة أحياناً‬ ‫وأليمة يف أحيان‪ .‬كان "البوسطجي" شخصاً‬ ‫أليفاً‪ ،‬يوقف دراجته عند عتبات البيوت‪ ،‬يرتاح‬ ‫ويشرب املاء البارد‪ ،‬وقد يدعى أيضاً إىل‬ ‫الغداء وكأنه فرد من العائلة‪ .‬فهو كما تفيد‬ ‫كلمة "الساعي" لغوياً‪ ،‬رسول يطوف املدن‬ ‫محله إياه أناس‬ ‫واألزقة ينقل إىل أناس ما ّ‬ ‫آخرون‪ .‬إنه رسول اجملهول الذي حيمل رسالة‬ ‫مسي "ساعي الربيد" ألنه‬ ‫جيهل ما فيها‪ .‬وقد ّ‬ ‫يسعى إىل الناس مبا يوصله إليهم من رسائل‬ ‫أو "خطابات" كما يقول املصريون‪.‬‬ ‫الطيب صالح وأسطورته‬

‫يف ‪ 17‬شباط (فرباير) غيّب املوت الروائي‬ ‫السوداني الكبري الطيب صالح يف لندن عن‬ ‫مثانني عاماً‪ .‬ورحيل روائي يف حجم الطيب‬ ‫صالح قد يكون أشبه باحلدث يف تاريخ احلركة‬ ‫الروائية العربيّة‪ .‬والسؤال الذي يطرحه رحيله‬ ‫هو‪ :‬هل ميكن أن تصنع رواية واحدة من‬ ‫صاحبها "أسطورة" مثلما فعلت موسم الهجرة‬ ‫إلى الشمال من الطيب صالح "أسطورة" األدب‬ ‫العربي احلديث؟ فهذا الروائي مل يستطع‬ ‫طوال حياته أن يتخلّص من سطوة هذه‬ ‫الرواية اليت جلبت له من الشهرة ما جلبت‬ ‫من املتاعب‪ ،‬كما عبرّ م ّرة‪ .‬ظل الطيب صالح‬ ‫أسري موسم الهجرة إلى الشمال‪ ،‬فومست به‬ ‫مثلما وسم بها‪ ،‬مع أنه كتب روايات أخرى ال‬ ‫تقل فرادة عنها‪ ،‬ومنها مث ًال عرس الزين و‬ ‫بندرشاه وسواهما‪.‬‬ ‫وعندما أصدر صالح هذه الرواية العام‬ ‫‪ 1966‬مل يكن يرتاءى له أنه سيسبق املف ّكر‬ ‫األمريكي صموئيل هنتنغتون يف نظرية‬ ‫"صدام احلضارات"‪ ،‬فالرواية كانت سبّاقة‬


‫تجليات الرواية والشعر‬

‫اإلبداع‬

‫فع ًال إىل رسم حال هذا الصراع عرب بطلها فإن أعماله األخرى‪ ،‬الروائية والقصصيّة‪ ،‬ال‬ ‫"مصطفى سعيد" وموقفه‪ ،‬هو ابن العامل ختلو من اخلصوصية‪ ،‬سواء يف لغتها السردية‬ ‫الثالث‪ ،‬من الغرب املتق ّدم‪ .‬وكان صالح أش ّد أم يف تقنياتها وأشكاهلا‪ .‬ومن تلك األعمال‬ ‫جرأة من الروائيني العرب الذين كتبوا يف هذا رواية عرس الزين اليت ترصد أسطورة‬ ‫احلقل قبله ومنهم توفيق الحكيم يف عصفور الشخص القروي الغريب األطوار الذي يدعى‬ ‫من الشرق وسهيل إدريس في‬ ‫الحي الالتيني‪" .‬الزين" يف عالقته بالفتاة "نعمة"‪ ،‬وكذلك‬ ‫ّ‬ ‫فالبطل السوداني كان يدرك يف الرواية أن رواية بندر شاه يف جزأيها‪" :‬ضو البيت" و‬ ‫الغرب مل حيمل إىل الشرق حضارته فقط بل "مريود"‪ .‬ومتثّل هذه الرواية الصدام البيئي‬ ‫االستعمار أيضاً‪ .‬أما حنينه إىل الشمال فبدا واحلضاري بني القديم واحلديث‪ .‬ومن أعماله‬ ‫فيه من احلقد والضغينة مقدار ما فيه من القصصية البديعة دومة ود حامد وهي تدور‬ ‫احلب والتسامح‪.‬‬ ‫حول الصراع بني احلكومة وأهل قرية "ود‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫كان الطيب صالح هو األبرز واألشهر عربيا حامد" اليت تقع على الضفة الشرقية من‬ ‫بني أدباء السودان‪ ،‬وإن كان أدبه الروائي النيل‪ ،‬فاحلكومة تريد حتديث القرية واقتالع‬ ‫والقصصي مبثابة اجلسر بني الداخل السوداني شجرة الدوم اليت هي رمز القرية واألهل‬ ‫واخلارج العربي والعاملي‪ ،‬فهو مل َّيدع يوماً يصرون على تقاليدهم املتوارثة‪ .‬وهذه القرية‬ ‫انفصاله عن األدب السوداني‪ ،‬وال انقطاعه السودانية "ود حامد" حتضر كثرياً يف نصوص‬ ‫عن اهلموم السودانية على اختالفها‪ .‬وقد الطيب صالح رمزاً لعامل الطفولة والرباءة‬ ‫كتب موسم الهجرة إلى الشمال يف لندن حيث املتج ّذر يف مشال السودان‪.‬‬ ‫كان يقيم بدءاً من العام ‪ .1953‬وعندما نشرت‬ ‫رحل الطيب صالح وكان يف نيّته أن يكتب‬ ‫هذه الرواية يف بيروت العام ‪ 1966‬كانت مبثابة سريته‪ ،‬لكن ظروفه مل تساعده فاكتفى بنشر‬ ‫احلدث الروائي الذي كان منتظراً‪ ،‬لكنه عوض كتاب عنوانه منسي‪:‬إنسان نادر على طريقته‪،‬‬ ‫أن يأتي من القاهرة أو بغداد أو بيروت جاء من ومن خالله تتب ّدى بعض معامل تلك السرية‬ ‫السودان‪ .‬استطاع الطيب صالح يف هذه الرواية احلافلة باألحداث والوقائع الطريفة‪.‬‬ ‫الفريدة أن يق ّدم مشروعاً روائياً جديداً حيمل‬ ‫الكثري من عالمات التحديث‪ ،‬شك ً‬ ‫ال وتقنية محمد زفزاف في الواجهة‬ ‫وأحداثاً وشخصيات‪ ،‬عالوة على القضية‬ ‫شهدت الساحة األدبية يف املغرب هذا‬ ‫اإلشكالية اليت محلتها الرواية وهي الصراع العام سجاالً حول رواية الكاتب الراحل محمد‬ ‫بني الشرق والغرب أو بني اجلنوب والشمال زفزاف محاولة عيش‪ ،‬على أثر مقال نشرته‬ ‫من خالل عالقة مأسوية بني مصطفى سعيد إحدى الصحف املغربية‪ ،‬تدعو فيه إىل حذف‬ ‫و زوجته الربيطانية‪ .‬ومنذ أن صدرت الرواية هذه الرواية من املق ّرر الدراسي‪ ،‬وكانت وزارة‬ ‫أصبح اسم هذا البطل "مصطفى سعيد" يف التربية الوطنية المغربية قد اعتمدت هذه‬ ‫شهرة بعض أبطال نجيب محفوظ‪ ،‬وال سيما الرواية قبل أعوام يف املنهج التعليمي‪ .‬وطرحت‬ ‫"أمحد عبد اجلواد" يف الثالثية‪.‬‬ ‫هذه الدعوة أكثر من سؤال حول توقيت هذا‬ ‫وإن بدت موسم الهجرة إلى الشمال ذروة املوقف السليب من رواية يعترب صاحبها واحداً‬ ‫أعمال الطيب صالح‪ ،‬وأكثرها شهرة ورواجاً‪ ،‬من أعالم األدب املغربي‪.‬‬

‫‪409‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 410‬للتنمية الثقافية‬

‫وهامجت اجلريدة الرواية اليت كتبها محمد‬

‫خالل العام ‪ 2009‬ارتفعت أصوات‬ ‫في مؤتمرات روائيّة أقيمت في اإلمارات‬ ‫والكويت والسعوديّة تدعو إلقامة‬ ‫تج ّمع للرواية الخليجية أو الروائيين‬ ‫الخليجيين‪ ،‬ال سعياً إلى االنفصال عن‬ ‫الروابط التي تجمع بين الرواية الخليجية‬ ‫والرواية العربية وإنما ترسيخاً للنتاج‬ ‫الروائي الخليجي والخصائص التي يتميّز‬ ‫بها‪..‬‬

‫ربرة موقفها بكون بطل‬ ‫زفزاف العام ‪ ،1985‬م ّ‬ ‫الرواية وهو شاب فقري يقطن يف دور الصفيح‪،‬‬ ‫يقوم بأفعال ال أخالقية ويتبنّى قيماً ّ‬ ‫منحطة‪،‬‬ ‫وبكون الرواية تدافع عن اآلثام البشرية‪.‬‬ ‫لك ّن كتاباً كثريين انربوا للدفاع عن الرواية‬ ‫مؤ ّكدين ضرورة تدريسها‪ .‬وتباينت ردود‬ ‫أفعاهلم‪ ،‬فمنهم من تناول القضية من زاوية‬ ‫تفرتض ضرورة االهتمام بالبعد اجلمالي‬ ‫والدعوة إىل نقد العمل من زاوية الفن‬ ‫واالهتمام به ضمن السياق األدبي فقط‪ ،‬من‬ ‫دون حماكمته عرب معايري أخالقية‪ ،‬ومنهم‬ ‫من حاول الدفاع عن الرواية وبطلها حماولني‬ ‫دحض ادعاءات املوقف السليب‪ ،‬مشريين‬ ‫إىل كون البطل كان ضحية واقع هش ومرير‪،‬‬ ‫ما جعله يتبنّى أحياناً قيماً ملتبسة‪ .‬لكنه يف‬ ‫احملصلة‪ ،‬يقاوم هذه القيم ويتفلت منها‪.‬‬ ‫والكاتب زفزاف هو من مواليد العام‬ ‫‪ 1945‬يف قريّة سوق األربعاء‪ -‬المغرب‪.‬‬ ‫امتهن التدريس الثانوي يف الدار البيضاء‪،‬‬ ‫وانض ّم إىل اتّ حاد كتّ اب المغرب العام ‪.1968‬‬ ‫وتو ّزع نتاجه بني الكتابة الروائية والقصصية‬ ‫والشعرية والرتمجة‪ .‬أصدر زفزاف أعماالً‬ ‫قصصية وروائية منها‪ :‬حوار في ليل متأخر‬ ‫(قصص)‪ ،‬المرأة والوردة (رواية)‪ ،‬أرصفة‬ ‫وجدران (رواية)‪ ،‬بيوت واطئة (قصص)‪ ،‬قبور‬ ‫في الماء (رواية)‪ ،‬األقوى (قصص)‪ ،‬األفعى‬ ‫والبحر (رواية)‪ ،‬الشجرة المقدسة (قصص)‪،‬‬ ‫غجر في الغابة (قصص)‪ ،‬وأصدرت وزارة‬ ‫الثقافة المغربية أعماله الكاملة يف الرباط‬ ‫العام ‪ 1999‬يف جملدات‪ .‬توفيّ زفزاف يف العام‬ ‫‪ 2001‬عن ‪ 56‬سنة‪.‬‬ ‫تجمع للرواية الخليجية؟‬ ‫ّ‬

‫ارتفعت خالل العام ‪ 2009‬بضعة أصوات يف‬

‫مؤمترات روائيّة عقدت يف مدن خليجية ومنها‬ ‫مدينة أبها السعودية وعجمان يف اإلمارات‬ ‫والكويت وسواها طرحت أسئلة حول إمكانية‬ ‫إقامة جت ّمع للرواية اخلليجية أو الروائيني‬ ‫اخلليجيني‪ ،‬ال سعياً إىل االنفصال عن الروابط‬ ‫اليت جتمع بني الرواية اخلليجية والرواية‬ ‫العربية وإمنا ترسيخاً للنتاج الروائي اخلليجي‬ ‫واخلصائص اليت يتميّز بها‪ .‬وقد حلظ هؤالء‬ ‫الروائيون والنقّاد أ ّن أحاديث كثرية جتري‬ ‫يف امللتقيات واملهرجانات واللقاءات الثقافية‬ ‫اخلليجية والعربية‪ ،‬حول مكانة الرواية‬ ‫العربية املكتوبة بأقالم خليجية‪ ،‬وتبعاً لذلك‬ ‫حول مكانة الروائي اخلليجي بني أقرانه من‬ ‫الروائيني العرب‪ ،‬وجواز أن ينتظم الروائيون‬ ‫يف منطقة اخلليج أنفسهم يف جت ّمع سردي‪،‬‬ ‫بقصد إيصال نتاجهم إىل اآلخر‪ ،‬عربياً كان‬ ‫أم أجنبياً‪.‬‬ ‫ورأى بعضهم أن احلديث عن رواية عربية‬ ‫خليجية‪ ،‬حتمل مالمح أو عوامل بيئتها اخلاصة‪،‬‬ ‫يشري إىل إمكانية احلديث عن رواية عربية‬ ‫مصرية‪ ،‬وأخرى سورية‪ ،‬ومغربية‪ ،‬وسودانية‪،‬‬ ‫وعراقية‪ ،‬ولبنانية‪ ،‬وجزائرية‪ ،‬وتونسية وغريها‪.‬‬ ‫لكن الواقع الثقايف العربي يؤ ّكد وجود رواية‬ ‫عربيّة واحدة حتت مظلة واسعة ومل ّونة‪ ،‬تق ّدم‬ ‫مادتها اإلبداعية النابعة من بيئاتها‪ .‬وبالتأكيد‬ ‫فإن من بينها رواية خليجية عربية‪ ،‬ق ّدمت‬ ‫عواملها خبصوصيّة تلك العوامل‪ ،‬وظروفها‬ ‫االجتماعية‪ ،‬املتشابهة إىل ح ّد ما‪ ،‬مثلما ق ّدمت‬ ‫رواية أي بلد عربي عواملها‪.‬‬ ‫ولع ّل نظرة متأملة يف النتائج الروائي‬ ‫العربي‪ ،‬خالل العقد األخري‪ ،‬توضح أن مثة‬ ‫رواية عربية خليجية قائمة بذاتها وناطقة بلسان‬ ‫حال جمتمعاتها‪ ،‬تسلّط الضوء على احلراك‬ ‫االجتماعي احملتدم هناك‪ ،‬وأن هذه الرواية‪،‬‬ ‫بات هلا وجود ملحوظ يف ساحة الرواية العربية‪،‬‬


‫تجليات الرواية والشعر‬

‫باإلمكان القول إن العام ‪ 2009‬كان‬ ‫عام عودة الروائية الّلبنانية الرائدة ليلى‬ ‫بعلبكي‪ ،‬تلك التي تنتمي إلى جيل الروائية‬ ‫النسائيّة الحديثة والرائدة عربياً‪ ،‬وتكمن‬ ‫أهمية عودتها في كونها غابت ربع قرن‬ ‫هو عمر الحرب الّلبنانية التي اندلعت‬ ‫في العام ‪ 1975‬وكانت سبباً رئيساً في‬ ‫اعتزالها‪ ،‬هي التي تعتبر بح ّق نجمة من‬ ‫نجوم الكاتبات العربيات االستثنائيات في‬ ‫القرن الفائت‪..‬‬

‫اإلبداع‬

‫وأن أعماالً روائية خليجية تقف جنباً إىل جنب‪،‬‬ ‫ميكن القول إن العام ‪ 2009‬كان عام عودة‬ ‫بالنظر إىل درجة إبداعها‪ ،‬إىل جانب أي رواية الروائية الّلبنانية ليلى بعلبكي اليت تنتمي‬ ‫عربية أخرى‪ ،‬ورمبا هذا وحده يستحق أن إىل اجليل الروائي الرائد‪ ،‬والسيما اجليل‬ ‫مييزها‪ ،‬وال ضرر يف أن يقال عنها رواية عربية النسائي‪ ،‬وتكمن أهمية عودتها يف كونها غابت‬ ‫خليجية‪ ،‬بسبب انتمائها اجلغرايف إىل منطقة حنو ربع قرن هو عمر احلرب الّلبنانية اليت‬ ‫اخلليج العربي أوالً‪ ،‬وغوصها يف قضايا أو هموم اندلعت يف العام ‪ 1975‬وكانت سبباً رئيسياً‬ ‫جمتمعاتها ثانياً‪ ،‬وكتابتها بأقالم أبناء املنطقة يف اعتزال هذه الكاتبة الطليعية وانقطاعها‬ ‫عن املعرتك األدبي الّلبناني والعربي الذي‬ ‫من جهة ثالثة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ويرى هؤالء أيضا أن الدعوة إىل جت ّمع كانت وجها من وجوهه البارزة‪ ،‬خصوصا يف‬ ‫سردي خليجي‪ ،‬وسط النتاج الكثيف ومنافسة الستينيات والسبعينيات‪.‬‬ ‫عادت ليلى بعلبكي إىل الواجهة بعدما‬ ‫الرواية العربية‪ ،‬ووسط عامل حتتله وسائل‬ ‫اإلعالم‪ ،‬رمبا تكون مسوغة يف سعيها املشروع أعادت دار اآلداب الّلبنانية إصدار أعماهلا‬ ‫ربر لإلشارة إىل النتاج السردي اخلليجي‪ ،‬السردية الكاملة اليت كانت رواية أنا أحيا‬ ‫وامل ّ‬ ‫من أجل الوصول إىل اآلخر العربي‪ ،‬بالدرجة ذروتها‪ .‬وهذه الرواية اليت صدرت يف العام‬ ‫األوىل‪ ،‬كتّاباً ونقّاداً ومثقفني وق ّراء‪ ،‬ومن ثم ‪ 1958‬عن دار مجلة شعر يف بيروت راجت‬ ‫لفت نظرهم إىل ذلك النتاج‪ ،‬بوصفه رواية ولقيت جناحاً كبرياً يف األوساط النقديّة‬ ‫حمققّة لشرطها اإلبداعي‪ ،‬تأتي من البيئة وأضحت مبثابة حدث روائي يف بيروت‬ ‫الستينيات ويف بعض العواصم العربية‪ .‬ومل‬ ‫اخلليجية العربية‪.‬‬ ‫وخلص هؤالء إىل أن من النافل القول إن تلبث الرواية أن أصبحت أشبه بـ "الظاهرة"‪،‬‬ ‫أبناء اخلليج هم األقدر على أن يعبرّ وا عن وكان يكفي ذكر أنا أحيا حتى ترتسم صورة‬ ‫تاريخ بيئاتهم وطبيعتها ومجاهلا وهمومها بطلتها لينا فياض يف أذهان الكثريين‪ ،‬نقاداً‬ ‫ومنعطفاتها من خالل اجلنس الروائي‪ .‬ويبدو وأدباء وق ّراء‪.‬‬ ‫يف الدورة األخرية ملعرض الكتاب يف‬ ‫منسجماً مع ذلك تأكيد حقهم يف أن يكون هلم‬ ‫جتمع سردي ثقايف ينطق بامسهم‪ ،‬ويكون رافداً بريوت أطلّت ليلى بعلبكي على ق ّرائها‬ ‫إبداعياً من روافد الرواية العربية‪ ،‬ال خيرج الّلبنانيني وو ّقعت كتبهاً هلم‪ ،‬وأحاطها النقّاد‬ ‫عن مظلتها الواسعة‪ ،‬بل يأخذ مكانه الصحيح والصحافيون بالكثري من املو ّدة واالحتفاء‬ ‫إىل جانب الكتابات الروائية العربية األخرى‪ ،‬لكنها رفضت أن جتري أ ّي حوار‪.‬‬ ‫يف موسوعة الكاتبة العربية الصادرة عن‬ ‫مشرعاً صدره للتواصل واحلوار مع اآلخر‪،‬‬ ‫وواضعاً نصب عينيه أن الكاتب اخلليجي إذا المجلس األعلى للثقافة في مصر‪ ،‬ويف اجلزء‬ ‫أراد ألعماله أن تصل إىل اآلخر‪ ،‬فإن اإلبداع الذي تناول الرواية النسائية الّلبنانية‪ ،‬اختارت‬ ‫وحده هو الشرط األساسي القادر على محلها الناقدة يمنى العيد رواية أنا أحيا كأوىل‬ ‫بقوة إىل ذلك اآلخر‪ ،‬أينما كان مكانه‪ ،‬وأياً كان الروايات النسائية احلديثة واصفة إياها‬ ‫بأنها "ش ّكلت عالمة بارزة على تط ّور الكتابة‬ ‫موقفه من البيئة اخلليجية وأهلها‪.‬‬ ‫الروائية العربية يف لبنان"‪ .‬وهذه "املرتبة"‬ ‫استعادة ليلى بعلبكي‬ ‫اليت احتلتها "أنا أحيا" سابقاً ما زالت حتتلها‬

‫‪411‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 412‬للتنمية الثقافية‬

‫عرف المشهد الشعري العربي في‬ ‫العام ‪ 2009‬صخباً كبيراً‪ ،‬من تجلّياته‬ ‫السجال الذي دار في بيروت ورام اهلل‬ ‫حول ديوان محمود درويش "ال أريد‬ ‫لهذي القصيدة أن تنتهي"‪ ،‬وقد صدر في‬ ‫الذكرى األولى لرحيله‪ ،‬ولم يكن الشاعر‬ ‫قد وضع لمساته األخيرة عليه‪ ،‬بل لعلّه‬ ‫لم يكن يشاء نشره ما دام لم يكتمل وما‬ ‫دامت بضع قصائد فيه غير منجزة‪..‬‬

‫شهدت القاهرة في العام‬ ‫سجاالً شعرياً حاداً أيضاً تمثّل في إقامة‬ ‫مهرجانين للشعر كانا على تنافس واضح‬ ‫‪ ..‬األول أقامه المجلس األعلى للثقافة‬ ‫وعلى رأسه الشاعر أحمد عبدالمعطي‬ ‫حجازي وكان عنوانه "المشهد الشعري‬ ‫اآلن" ‪ ..‬والثاني أحياه شعراء مصريون‬ ‫وعرب شباب تحت عنوان "الملتقى األول‬ ‫لقصيدة النثر"‪ ..‬وكان على السجال بين‬ ‫المهرجانين أن يتّخذ طابع الصراع بين‬ ‫تيّارين أدبيين‪..‬‬ ‫‪2009‬‬

‫تارخيياً‪ ،‬فهي الرواية األوىل "الفضائحية"‬ ‫يف املعنى الوجودي العميق اليت تعلن متردها‬ ‫أوالً على اإلرث الروائي اللبناني جاعلة مدينة‬ ‫بيروت إطاراً مكانياً و"العصر" احلديث إطاراً‬ ‫زمنياً‪ .‬وأعلنت ثانياً متردها على الف ّن الروائي‬ ‫الكالسيكي أو التقليدي وعلى مفهوم الشخصية‬ ‫اإلجيابية وعلى النظام البنائي ماحنة "األنا"‬ ‫الراوية الفرصة لتتداعى حبرية وتوتر وتصبح‬ ‫احملور الرئيس الذي تدور حوله "األحداث"‬ ‫وتنطلق منه‪.‬‬ ‫ولع ّل املستغرب هو أن هذه الكاتبة‬ ‫اليت أطلت بق ّوة‪ ،‬ظلت أسرية هذه الرواية‬ ‫الفريدة واختتمت مسارها الروائي يف العام‬ ‫‪ 1960‬عندما أصدرت روايتها الثانية اإللهة‬ ‫الممسوخة ومل َ‬ ‫حتظ مبا حظيت به "أنا‬ ‫أحيا" من فرادة وجناح‪ .‬لكنها‪ ،‬هي اليت مل‬ ‫تتوا َر حلظة عن املعرتك الروائي‪ ،‬ما لبثت‬ ‫أن اختطفت األضواء يف العام ‪ 1964‬عندما‬ ‫منعت وزارة اإلعالم جمموعتها القصصية‬ ‫القصة اليت‬ ‫سفينة حنان إلى القمر‪ ،‬وكانت ّ‬ ‫حتمل اجملموعة عنوانها‪ ،‬هي احلافز على املنع‬ ‫نظراً إىل احتوائها مقطعاً أو مجلة وصفت بـ‬ ‫"اإلباحية"‪ .‬وحوكمت ليلى بعلبكي وأوقفت ثم‬ ‫تراجعت احملكمة عن قرار املنع مربئة الكاتبة‬ ‫والقصة أيضاً‪ .‬واليوم تبدو تلك اجلملة اإلباحية‬ ‫خفيفة جداً نظراً إىل النزعة اإليروسية اليت‬ ‫جتتاح األدب الراهن‪ ،‬شعراً ورواية‪.‬‬ ‫المشهد الشعري‬

‫مل يكن املشهد الشعر ّي العربي خالل‬ ‫العام ‪ 2009‬أق ّل صخباً من املشهد الروائي بل‬ ‫إن السجال الذي ساده مل يشهده يف السابق‪،‬‬ ‫والسيما السجال الذي دار يف بيروت ورام الله‬ ‫حول ديوان محمود درويش ال أريد لهذي‬ ‫القصيدة أن تنتهي وقد صدر يف الذكرى‬

‫األوىل لرحيله‪ ،‬ومل يكن الشاعر قد وضع‬ ‫ملساته األخرية عليه‪ ،‬بل لعلّه مل يكن يشاء‬ ‫نشره ما دام مل يكتمل وما دامت بضع قصائد‬ ‫منه غري منجزة‪ .‬والسجال الذي أثري كان‬ ‫سببه األخطاء اليت اعرتت الديوان‪ ،‬وهي‬ ‫عروضية ولغوية وطباعيّة‪ ،‬واختذ هذا السجال‬ ‫حجماً مل يعرفه سجال آخر‪.‬‬ ‫إال أن القاهرة شهدت سجاالً شعرياً حاداً‬ ‫أيضاً متثّل يف إقامة مهرجانني للشعر كانا على‬ ‫تنافس واضح‪ ،‬األول أقامه المجلس األعلى‬ ‫للثقافة وعلى رأسه الشاعر أحمد عبد‬ ‫المعطي حجازي وكان عنوانه "املشهد الشعري‬ ‫اآلن" والثاني أحياه شعراء مصريون وعرب‬ ‫شباب حتت عنوان "امللتقى األول لقصيدة‬ ‫النثر"‪ .‬وكان على السجال بني املهرجانني أن‬ ‫يتّخذ طابع الصراع بني تيّارين‪ ،‬األول يتبنّى‬ ‫قصيدة التفعيلة ويدافع عنها رافضاً قصيدة‬ ‫النثر والثاني جيعل من قصيدة النثر قضيّة‬ ‫شعريّة يلتزم بها الشعراء الشباب‪.‬‬ ‫أما دمشق فشهدت بدورها سجاالً سرعان‬ ‫ما اتخّ ذ طابعاً عربياً وقد دار حول الشاعر‬ ‫محمد الماغوط بعدما ّ‬ ‫أعمال له‬ ‫مت نشر‬ ‫ٍ‬ ‫جمهولة كتبها يف مطلع شبابه ونشرها يف‬ ‫صحافة احلزب السوري القومي االجتماعي‪.‬‬ ‫والسجال هذا اختذ مواصفات سياسية‪،‬‬ ‫فبعض الكتّاب أص ّر على انتماء املاغوط‬ ‫القومي وبعضهم نفى عنه هذا االنتماء‬ ‫معترباً أنّه كان من محاسة الصبا‪ .‬وأخذ نقّاد‬ ‫كثريون على ناشري هذه النصوص سلبية هذه‬ ‫البادرة‪ ،‬فلو شاء الشاعر الراحل أن ينشرها‬ ‫لنشرها هو بنفسه خالل حياته‪ .‬أما السؤال‬ ‫الذي ظ ّل مطروحاً أو معلّقاً فهو‪ :‬هل جيوز‬ ‫نشر نصوص وقصائد لشاعر راحل كان رفض‬ ‫نشرها أو جتاهلها خالل حياته؟‬ ‫وشهد املشهد الشعري العربي أحداثاً الفتة‬


‫تجليات الرواية والشعر‬

‫شهدت دمشق في العام ‪ 2009‬سجاالً‬ ‫سرعان ما اتّخذ طابعاً عربياً‪ ،‬دار حول‬ ‫تم نشر‬ ‫الشاعر محمد الماغوط بعدما َّ‬ ‫أعمال له مجهولة كتبها في مطلع شبابه‪،‬‬ ‫ونشرها في صحافة الحزب السوري‬ ‫القومي االجتماعي ‪ ..‬وهذا السجال اتّخذ‬ ‫مواصفات سياسية‪ ،‬حين أص ّر بعض‬ ‫الكتّاب على االنتماء القومي للماغوط‬ ‫وبعضهم نفى عنه هذا االنتماء معتبراً‬ ‫أنه كان من حماسة الصبا ليس إال‪..‬‬

‫من األحداث الشعريّة الالفتة في‬ ‫العام ‪ 2009‬فوز الشاعر المغربي الذي‬ ‫يكتب بالفرنسية عبد الّلطيف الّلعبي بـ‬ ‫جائزة غونكور الشعريّة الفرنسية‪ ،‬وبدا‬ ‫هذا الحدث عربيّاً ألن الّلعبي حاضر‬ ‫في الشعر العربي حضوره في الشعر‬ ‫الفرنكوفوني‪ ،‬ث ّم ألنه في شعره هذا لم‬ ‫يكتب إال عن الذات المغربيّة التي تمأل‬ ‫كيانه‪..‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬

‫اإلبداع‬

‫خالل هذا العام‪ ،‬ومنها فوز الشاعر املغربي إذا قورن مبفهوم محمود درويش للديوان‪،‬‬ ‫عبد اللطيف اللعبي الذي يكتب بالفرنسيّة والسيما يف األعوام األخرية عندما كان‬ ‫جبائزة غونكور الشعرية الفرنسية الراقية‪ ،‬الشاعر ينصرف إىل بناء ديوانه أو تشييده‪،‬‬ ‫وبدا احلدث هذا عربياً ألن الّلعبي حاضر يف لغ ًة ومناخاً ورؤية‪ ،‬حتى ليمسي أشبه باملعمار‬ ‫املساس به‪ .‬يبدو الديوان ناقصاً‬ ‫الشعر العربي حضوره يف الشعر الفرنكوفوني‪ ،‬الذي ال ميكن ّ‬ ‫ثم ألنّه يف شعره هذا مل يكتب إال عن الذات إذا ّ‬ ‫مت وصفه وفق املعيار "الدرويشي"‪ ،‬أو‬ ‫املغربيّة اليت متأل كيانه‪ .‬ومن ناحية أخرى انطالقاً من نظرة الشاعر إىل الديوان‪ ،‬ديوان‬ ‫عاد إىل الواجهة هذه السنة الشاعر توفيق "مر ّكب" من قصائد كانت مبعثرة يف األدراج‬ ‫صايغ السوري األصل‪ ،‬الفلسطيين املولد وبني األوراق‪ ،‬وكان الشاعر‪ ،‬على ما بدا‪ ،‬يؤجل‬ ‫والّلبناني اهلويّة من خالل كتاب شامل وضعه النظر فيها‪ ،‬م ّرة تلو األخرى‪ ،‬مع أنه مل يكن‬ ‫عنه الشاعر والناقد العراقي سامي مهدي‪.‬‬ ‫خيفي حبه لبعضها‪ .‬ولعلّه كان حيدس أن هذه‬ ‫وجاء االحتفال التونسي واملغاربي والعربي القصائد كتبت كي ال جتمع يف ديوان‪ ،‬أو لتبقى‬ ‫بالذكرى املائة لوالدة الشاعر أبو القاسم مبعثرة يف الذاكرة وعلى الورق ّ‬ ‫خبط يده‪ .‬بل‬ ‫الشابي‪ ،‬وكانت هذه الذكرى فرصة مالئمة لعله كان حيدس أن هذه القصائد كتبت لئال‬ ‫الستعادة عصر النهضة الشعرية اليت كان تنتهي‪ ،‬أي لتظل قصائد مفتوحة على املصادفة‬ ‫الشابي أحد أعالمها الكبار على الرغم من اليت هي قدرها اجملهول‪.‬‬ ‫رحيله املبكر‪.‬‬ ‫مل يتخيّل محمود درويش قصائده هذه‪،‬‬ ‫اليت كتبها يف فرتات وظروف وأحوال شديدة‬ ‫محمود درويش ما بعد رحيله‬ ‫مير عليه‬ ‫االختالف‪ ،‬جتتمع يف ديوان مل َّ‬ ‫يف العام ‪ 2009‬حلّت الذكرى األوىل لرحيل قلمه‪ ،‬حاذفاً بضع مفردات هنا‪ ،‬أو يضيف‬ ‫الشاعر الفلسطيين محمود درويش‪ ،‬وهذه مفردات هناك‪ ،‬ديوان مل يلق على صفحاته‬ ‫الذكرى كانت فرصة مالئمة إلصدار ديوانه نظرة أخرية‪ ،‬ثاقبة‪ ،‬تن ّم عن مراسه الصعب‬ ‫األخري ال أريد لهذي القصيدة أن تنتهي‪ .‬يف "ترويض" القصيدة وبلورة اللغة‪ .‬لكن‬ ‫لكن الديوان سرعان ما أحدث سجاالً كبرياً الديوان صدر حام ًال امسه وصفة "الديوان‬ ‫تناقض مع‬ ‫يف العامل العربي مل تنته فصوله‪ .‬فالطبعة األخري"‪ .‬وبدت الصفة هذه على ٍ‬ ‫اليت صدرت حفلت بأخطاء لغوية وعروضية ج ّو القصائد اليت ض ّمها الديوان‪ ،‬وبعضها‬ ‫مما أثار حفيظة أصدقاء بديع ويستحق النشر‪ .‬وكان العنوان كافياً‬ ‫وطباعية كثرية‪ّ ،‬‬ ‫الشاعر والنقّاد والق ّراء على السواء‪ .‬وكتبت ليد ّل على عدم اكتمال الشعر هنا‪ ،‬أو املشروع‬ ‫يف هذا الصدد مقاالت كثرية يف الصحف الشعر ّي الذي مل يرد الشاعر أن ينهيه ويغلق‬ ‫واجملالت سعت إىل تصحيح األخطاء ونقد نوافذه اليت تط ّل على الالنهائي‪ .‬و َمن يقرأ‬ ‫القائمني على إصدار الديوان وجامعي القصيدة اليت محل الديوان عنوانها يدرك‬ ‫قصائده‪.‬‬ ‫أن الشاعر مل يكن البتّة أمام ديوانه األخري‪،‬‬ ‫فهذا الديوان الذي ال حيمل صفة "الديوان وال أمام نهاية مشروعه الشعري الفريد‪.‬‬ ‫أحس‬ ‫األخري" ليس بـ "األخري"‪ ،‬وإن كان صدر وهذا س ّر محمود درويش الذي كلما ّ‬ ‫بُعيد رحيل شاعره‪ .‬وقد ال يكون أص ًال ديواناً أن النهاية تته ّدده شرع يف بداية جديدة‪ .‬فهو‬

‫‪413‬‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 414‬للتنمية الثقافية‬

‫س ّر محمود درويش قائم في أنه كلّما‬ ‫أحس أن النهاية تته ّدده‪ ،‬شرع في بداية‬ ‫ّ‬ ‫جديدة‪..‬إنه شاعر البدايات الدائمة إذاً‪،‬‬ ‫البدايات التي ّ‬ ‫تظل تعقبها بدايات حتى‬ ‫ولو اكتسبت طابع المغامرة الجريئة أو‬ ‫الخطرة‪ ..‬في أحايين شتى‪..‬‬

‫منذ الجلسة األولى لملتقى القاهرة‬ ‫للشعر العربي تجلّى حضور قصيدة النثر‬ ‫نقدياً‪ ..‬فالناقد عبد المنعم تليمة قال في‬ ‫جلسة االفتتاح إن هذه القصيدة تتصدر‬ ‫المشهد الشعري الراهن في مصر‪،‬‬ ‫وذلك بعدما نجحت في استيعاب البالغة‬ ‫الموروثة وتجاوزتها‪..‬‬

‫شاعر البدايات الدائمة‪ ،‬البدايات اليت تعقبها‬ ‫بدايات ولو اكتسبت طابع املغامرة اجلريئة أو‬ ‫اخلطرة يف أحيان‪.‬‬ ‫لكن نشر هذه القصائد املتناثرة واملبعثرة‬ ‫مل يسئ إليها على الرغم من اهلنّات اليت‬ ‫اعرتت الديوان‪ ،‬بل هو أتاح جلمهور الشاعر أن‬ ‫يستعيد قصائد كان قرأها سابقاً أو مسع عنها‬ ‫أو جيهلها متاماً‪ .‬وكان ال ب ّد هلذه القصائد من‬ ‫أن تصدر‪ ،‬فال تظ ّل رهينة األدراج على الرغم‬ ‫من الصيغة املضطربة اليت ظهرت فيها‪.‬‬ ‫وبعض هذه القصائد من أمجل وأعمق ما كتب‬ ‫الشاعر‪ ،‬وفيها يبلغ القمم اليت ارتادها سابقاً‪.‬‬ ‫والديوان كان مجع قصائده الروائي إلياس‬ ‫نصاً طوي ًال أُرفق بالديوان سرد‬ ‫خوري وكتب ّ‬ ‫قصة العثور على القصائد‪ .‬أما الدار‬ ‫فيه ّ‬ ‫الناشرة فهي دار رياض الريس للنشر‪ .‬إال أن‬ ‫السجال ما لبث أن حت ّول إىل خالف قانوني‬ ‫ت ّدخل فيه حمامون و ّ‬ ‫مت البحث الحقاً عن‬ ‫صيغة تضمن ح ّق محمود درويش كشاعر وح ّق‬ ‫الناشر يف وقت واحد‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أما فلسطين اليت شهدت أيضا جزءا من‬ ‫السجال حول ديوان محمود درويش فأبت إال‬ ‫أن حتيي الذكرى األوىل لرحيله عرب إصدار‬ ‫عدد أخري من جملة الكرمل ليكون مبثابة وداع‬ ‫له وللمجلّة اليت كان يرأس التحرير فيها واليت‬ ‫كان يص ّر على عدم إعالن تو ّقفها النهائي على‬ ‫الرغم من احتجابها منذ العام ‪ .2006‬صدر‬ ‫العدد األخري حام ًال الرقم ‪ 90‬الذي طاملا‬ ‫منّى الشاعر نفسه بأن يكون األخري ليعلن من‬ ‫خالله توقف اجمللة نهائياً‪.‬‬ ‫وكان محمود درويش‪ ،‬كلّما سئل عن موعد‬ ‫إعالن توقف الكرمل‪ ،‬يتحاشى اجلواب قائ ًال‬ ‫إن اجمللة مل حتتجب عن الصدور‪ .‬وأص ّر على‬ ‫عدم إعالن توقفها وكأنه يدرك أن العدد ‪90‬‬ ‫متض أعوام ثالثة‬ ‫سيصدر أياً تكن صيغته‪.‬ومل ِ‬

‫حتى صدر العدد األخري من غري أن حي ّرر‬ ‫الشاعر مواده ويشرف على طباعتها‪ .‬وهذا‬ ‫العمل كان يرهقه كما عبرّ أكثر من م ّرة‪،‬‬ ‫والسيّما بعدما شهدت اجمللّة أقسى أزماتها‬ ‫املادية‪ .‬وقبل عام من رحيله سعى درويش إىل‬ ‫يرض عن أي عرض‬ ‫تدبري متويل هلا لكنه مل َ‬ ‫ق ّدم له‪ ،‬فهو رفض أي وصاية على اجمللة ولو‬ ‫من بعيد‪ .‬فهذه اجمللة كانت املشروع الرديف‬ ‫يف حياته‪ ،‬أي املشروع الذي يقابل مشروعه‬ ‫الشعري الكبري‪ .‬وكم كان يزعجه أن تُقا َرن‬ ‫الكرمل بأ ّي جملة فلسطينية أخرى نظراً‬ ‫حلماسته الشديدة لقضيتها وللموقع الذي‬ ‫ارتسمه هلا واهلويّة اليت أسبغها عليها‪ .‬لكن‬ ‫اجمللّة‪ ،‬مثلما كانت جملة محمود درويش‬ ‫كانت أيضاً جملة أصدقائه الذين عاونوه يف‬ ‫إصدارها‪ ،‬سواء كانوا من مدراء حتريرها أم‬ ‫من مراسليها أو كتّابها الدائمني‪.‬‬ ‫القاهرة بين قصيدة التفعيلة‬ ‫وقصيدة النثر‬

‫شهدت القاهرة يف العام ‪ 2009‬مهرجانني‬ ‫للشعر يف وقت واحد‪ ،‬األول ّ‬ ‫ينظمه المجلس‬ ‫األعلى للثقافة وعلى رأسه الشاعر أحمد‬ ‫عبدالمعطي حجازي‪ ،‬والثاني أقامه شعراء‬ ‫شباب ارتأوا أن يس ّموه "امللتقى األول لقصيدة‬ ‫النثر"‪ ...‬هذا التسابق على تنظيم مهرجانني‬ ‫كان دلي ًال على "عافية" الشعر ورواجه‪ .‬لك ّن‬ ‫اجل ّو الذي خيّم عليهما مل يكن إجيابياً متاماً‪.‬‬ ‫فاملهرجان األول الذي ا ّدعى أنه يعقد حتت‬ ‫عنوان عريض هو "املشهد الشعري اآلن"‬ ‫استبعد معظم األصوات الشعرية الشابة يف‬ ‫مصر والعامل العرب ّي‪ ،‬والسيما شعراء قصيدة‬ ‫النثر اليت كان وصفها حجازي بـ "القصيدة‬ ‫اخلرساء" يف كتاب له سابق‪ .‬بدا املهرجان‬ ‫هذا ذا طابع رمس ّي وقد م ّولته وزارة الثقافة‬


‫تجليات الرواية والشعر‬

‫ّ‬ ‫نظم المجلس األعلى للثقافة‬ ‫مهرجان "المشهد الشعري اآلن" وعلى‬ ‫رأسه الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي‬ ‫الذي استبعد معظم األصوات الشعرية‬ ‫الشابة في مصر والعالم العربي‪ ،‬وال سيّما‬ ‫شعراء قصيدة النثر التي كان وصفها‬ ‫حجازي بـ "القصيدة الخرساء"‪ ..‬وبدا‬ ‫المهرجان المذكور هذا ذا طابع رسمي‬ ‫وقد م ّولته وزارة الثقافة واحتل فيه‬ ‫الشاعر حجازي موقع القرار‪..‬‬

‫اإلبداع‬

‫واحتل فيه حجازي موقع القرار‪.‬‬ ‫املاضي‪ ،‬ومتسقاً مع اآلمال املطروحة يف‬ ‫أما املهرجان الثاني‪" ،‬مهرجان قصيدة خمتلف املنتديات‪ ،‬خصوصاً على املستوى‬ ‫النثر"‪ ،‬فبدا هامشياً ومل ينل أ ّي دعم مال ّي السياسي‪ ،‬فض ًال عن جناح امللتقى نفسه‬ ‫من أي جهة‪ ،‬ما عدا "نقابة الصحافيني" اليت تنظيمياً يف شكل فاق توقعات منظميه‪ .‬وقد‬ ‫قدمت له املكان‪ .‬لكن الشعراء الشباب أص ّروا أثار فوز حجازي جبائزة امللتقى الذي يديره‬ ‫على عقده مبا توافر هلم‪ ،‬سعياً منهم إىل إظهار هو ردود فعل سلبية‪ ،‬والسيما يف أوساط‬ ‫املشهد الراهن للشعر املصري والعربي الذي الشباب‪.‬‬ ‫وتلقّى منظمو "ملتقى قصيدة النثر" ما‬ ‫تري ُن عليه قصيدة النثر‪ .‬ولئن بدا هذا املهرجان‬ ‫رداً على مهرجان حجازي الرمس ّي‪ ،‬فهو كان اعتربوه اإلشارة األوىل على جناحهم املبدئي‬ ‫شبابياً‪ ،‬ليس ألن قصيدة النثر هي جنمته‪ ،‬بل من األمني العام للمجلس األعلى للثقافة‬ ‫ألنه أقرب إىل الراهن الشعري وحيمل أسئلة يف تلك السنة علي أبو شادي يف اجللسة‬ ‫االفتتاحية لـ "ملتقى القاهرة" الذي عقد‬ ‫الشعر الراهن يف مصر والعامل العربي‪.‬‬ ‫أما أبرز ما أسفر عنه تزامن امللتقيني حتت شعار "املشهد الشعري اآلن"‪ ،‬إذ قال‪:‬‬ ‫هذين يف القاهرة‪ ،‬فهو فتح باب السجال على "إن ملتقى قصيدة النثر إثراء مللتقى القاهرة‬ ‫صراع أجيال ع ّدة على صدارة املشهد الشعري ومكسب للشعر وللشعراء عموماً"‪ .‬وأضاف‪:‬‬ ‫املصري‪ ،‬وبدا من خالله جتاور األجيال شبه "نؤمن بالتن ّوع وال منلك ترف استبعاد فصيل‬ ‫مستحيل‪ .‬فأيام "ملتقى القاهرة الدولي الثاني شعري"‪ ،‬مشرياً إىل أن المجلس األعلى‬ ‫للشعر العربي" الذي ّ‬ ‫نظمه المجلس األعلى للثقافة يسعى ألن يكون ملكاً لك ّل املثقفني‪ ،‬وأن‬ ‫للثقافة‪ ،‬وأضفى عليه طابعاً رمسياً‪ ،‬خلت يكون للشعر مبختلف تياراته"‪ .‬وبدت مشاركة‬ ‫تقريباً من شعراء وباحثني تق ّل أعمارهم عن الشاعر العراقي الكردي الكبري شيركو بيكه‬ ‫اخلمسني عاماً‪ ،‬وذلك على عكس ما ساد سه‪ ،‬يف األمسية الشعرية اخلتامية مللتقى‬ ‫"امللتقى األول لقصيدة النثر" الذي ّ‬ ‫نظمته قصيدة النثر مفاجأة مجيلة‪ ،‬ألنه أساساً من‬ ‫جمموعة من شعراء جيل الثمانينيات وشارك ضيوف ملتقى المجلس األعلى للثقافة‪ ،‬وقرأ‬ ‫فيه أكثر من مخسني شاعراً من مصر ودول قصائد له بالّلغتني الكردية والعربية وخاطب‬ ‫عربية ع ّدة‪ .‬وعالوة على صراع اجليلني أو منظمي امللتقى قائ ًال‪" :‬يا شباب التجديد‬ ‫األجيال "حضرت ثنائية قصيدة التفعيلة" حنن باالختالف نتجدد‪ ،‬واإلبداع ال عالقة له‬ ‫اليت هيمنت على ملتقى المجلس األعلى عرب بالزمن أو بالعمر‪.‬‬ ‫أمساء معظمها ينتمي إىل جيل الستينيات‪،‬‬ ‫إال أن أحمد عبد المعطي كان أعلن يف‬ ‫وعرب منح رائدها الشاعر أحمد عبد المعطي افتتاح ملتقى القاهرة إن جوهر الشعر واحد‬ ‫حجازي جائزة امللتقى‪ ،‬يف مقابل قصيدة النثر مهما تع ّددت الصور واألشكال واألساليب‪.‬‬ ‫اليت مل يكن هناك سواها يف ملتقى نقابة ورأى أن الشعر "موجود يف ك ّل زمان ومكان‬ ‫الصحافيني‪.‬‬ ‫باعتباره حاجة إنسانية تطلب االرتواء"‪.‬‬ ‫وشهد امللتقيان ما يشبه حرب بيانات‪،‬‬ ‫وحضرت قصيدة النثر بقوة يف "ملتقى‬ ‫وبدا خطاب "ملتقى قصيدة النثر" منطقياً القاهرة للشعر العربي"‪ ،‬على األقل نقديّاً‪ ،‬على‬ ‫جلهة التعبري عن الطموح إىل التغيري وجتاوز الرغم من اتهام منظميه‪ ،‬وعلى رأسهم مق ّرر‬

‫‪415‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 416‬للتنمية الثقافية‬

‫لع ّل المقاالت والقصائد التي كان‬ ‫كتبها الماغوط في مرحلة نهاية المراهقة‬ ‫ومطلع الشباب ونشرها في الصحف‬ ‫القومية ضعيفة جداً وهزيلة حتى في‬ ‫سخريتها وغير جديرة بالخروج من عتمة‬ ‫اإلدراج لتصدر في كتاب ما كان الشاعر‬ ‫ليرضى عن إصداره لو كان على قيد‬ ‫الحياة‪ .‬لكن هذا هو قدر األدباء الكبار‬ ‫الذين ما إن يرحلوا حتى تمتد األيدي إلى‬ ‫أوراقهم األولى التي لم يكونوا راغبين‬ ‫بإخراجها إلى الضوء‪..‬‬

‫جلنة الشعر يف المجلس األعلى للثقافة الشاعر‬ ‫أحمد عبد المعطي حجازي‪ ،‬بتجاهل شعرائها‬ ‫مع أنها‪ ،‬كما قال الناقد عبد المنعم تليمة‪ ،‬يف‬ ‫افتتاح امللتقى‪ ،‬تتصدر املشهد الشعري الراهن‬ ‫بعدما جنحت يف استيعاب البالغة املوروثة‬ ‫وجتاوزها يف غري نهاية‪.‬‬ ‫ومنذ اجللسة األوىل لملتقى القاهرة للشعر‬ ‫العربي جتلّى حضور قصيدة النثر نقدياً وقد‬ ‫ق ّدم الشاعر حلمي سالم مداخلة بعنوان‬ ‫"دفاعاً عن قصيدة النثر"‪ .‬وق ّدم الناقد‬ ‫محمد بريري حبثاً بعنوان "قصيدة النثر‪:‬‬ ‫حتمية ثقافية أم اختيار مجالي"؟‬ ‫وكانت أوساط شعريّة يف القاهرة احتفت‬ ‫بذكرى مرور مخسني عاماً على صدور ديوان‬ ‫الشاعر حجازي مدينة بال قلب‪ ،‬وأعاد بعض‬ ‫النقّاد قراءته يف ضوء التح ّوالت اليت طرأت يف‬ ‫هذه احلقبة اليت تمثّ ل نصف قرن‪ .‬وكان هذا‬ ‫الديوان صدر يف العام ‪ 1959‬يف أوج صعود التيار‬ ‫القومي العروبي‪ .‬وقد صدر الديوان هذا مرفقاً‬ ‫مبقدمة طويلة وضعها الناقد رجاء النقاش‪.‬‬ ‫بدايات محمد الماغوط‬

‫شهدت دمشق وبيروت هذا العام أيضاً‬ ‫سجاالً شعرياً آخر له طابع سياسي وكان‬ ‫حموره الشاعر السوري محمد الماغوط‪.‬‬ ‫ومعروف أن املاغوط مل يكن ّ‬ ‫يكف عن ترداد‬ ‫حكاية "صوبيا" (المدفأة) احلزب السوري‬ ‫القومي‪ ،‬حتى أضحت هذه احلكاية من‬ ‫مأثوراته الطريفة‪ .‬ولع ّل إصراره على سردها‬ ‫يعن البتة إنكاره ماضيه‬ ‫م ّرة تلو أخرى مل ِ‬ ‫القومي وال التن ّكر النضوائه يف صفوف احلزب‪،‬‬ ‫بل كان يسعى عرب هذه احلكاية‪ ،‬إىل القول‬ ‫إن التحاقه بهذا احلزب مل يكن إال مصادفة‪،‬‬ ‫ومل تكن "الصوبيا" (املدفأة) يف مركز احلزب‬ ‫يف قريته السلمية إال ذريعة للقول إن هذا‬

‫االنتماء مل يكن عقائدياً وال فكرياً‪ ...‬فذلك‬ ‫الفتى الفقري ابن السادسة عشرة‪ ،‬وجد يف‬ ‫مركز احلزب اجملاور ملنزله الدفء الذي‬ ‫كان حمروماً منه والذي كانت توفره الصوبيا‬ ‫هناك‪ ،‬فلجأ إليه هرباً من الربد القارس‪.‬‬ ‫أما إنكاره قراءة كتب الزعيم أنطون سعادة‪،‬‬ ‫فيمكن تصديقه وعدم تصديقه يف آن واحد‪.‬‬ ‫فالقصائد واملقاالت اليت كتبها منذ العام‬ ‫‪ 1950‬يف صحف ع ّدة ومنها "البناء" صحيفة‬ ‫احلزب القومي‪ ،‬مل حتمل أثراً من فكر أنطون‬ ‫سعادة وال من الفكر القومي بعامة‪.‬‬ ‫الكالم على "قومية" محمد الماغوط‬ ‫أعاد إحياءه الباحث الّلبناني جان دايه يف‬ ‫كتابه "محمد الماغوط وصوبيا الحزب‬ ‫القومي" الذي صدر يف العام ‪ 2009‬وسرعان‬ ‫ما أثار سجاالً سياسياً شارك فيه شعراء‬ ‫وكتّاب ينتمون إىل تيارات خمتلفة‪ .‬كان من‬ ‫املقدر أن تنطوي حكاية شاعر "حزن يف ضوء‬ ‫القمر" عن "صوبيا" احلزب مع رحيله وتصبح‬ ‫من حكايات املاضي‪ ،‬لكن جان دايه شاء أن‬ ‫يعيده إىل صفوف احلزب الذي انتمى إليه‬ ‫يف شبابه‪ .‬وفع ًال جنح يف إعادته إىل احلزب‬ ‫مستعيداً صورة محمد الماغوط القومي الذي‬ ‫كان يف مقتبل حياته الشعرية والصحافية‪ .‬وقد‬ ‫مجع داية ما توافر له من مقاالت الماغوط‬ ‫وقصائده اليت نشرها يف الصحف بدءاً من‬ ‫العام ‪ ،1958‬ويف مق ّدمها جريدة البناء أحد‬ ‫أبرز منابر القوميني السوريني‪.‬‬ ‫كان محمد الماغوط يف السادسة عشرة‬ ‫عندما التحق باحلزب القومي‪ .‬لكن ما يدفع إىل‬ ‫االستغراب أن هذا االنتماء مل يرتك فيه أثراً‬ ‫كبرياً‪ .‬والشاهد األول على هذا األمر ديوانه‬ ‫األول حزن في ضوء القمر‪ ،‬الذي بدا خالياً‬ ‫من أ ّي أثر قومي‪ ،‬سواء يف املوقف أم يف الرؤيا‬ ‫واملضمون‪ .‬وميكن القول إن شعر الماغوط يف‬


‫تجليات الرواية والشعر‬

‫الشاعر اللعبي يفوز بجائزة غونكور‬

‫بعيداً عن السجاالت الشعرية اليت شهدها‬ ‫العام ‪ 2009‬برز حدث مه ّم على املستوى‬ ‫الشعري متثّل يف فوز الشاعر املغربي عبد‬ ‫الّلطيف اللعبي الذي يكتب بالفرنسية جبائزة‬

‫الشعر العربي منفتح ًا على العالم‬

‫كان من املفاجئ أن ّ‬ ‫تنظم إمارة‬

‫عندما باشر بيت الشعر في دبي‬ ‫في اإلعالن عن مهرجان شعري عربي‬ ‫وعالمي في وقت واحد تحت عنوان‪:‬‬ ‫"مهرجان دبي العالمي للشعر" ُطرح‬ ‫سؤال أساسي‪ :‬هل سيتم ّكن هذا‬ ‫المهرجان من منافسة المهرجانات‬ ‫الشعرية العالمية األخرى مثل مهرجان‬ ‫ميديين في كولومبيا األضخم عالمياً‪ ،‬أو‬ ‫مهرجان روتردام في هولندا الذي يسعى‬ ‫ّكل سنة إلى رسم صورة بانوراميّة للشعر‬ ‫في العالم‪..‬‬

‫اإلبداع‬

‫هذا الديوان ذو بعد "إنسانوي" شامل يناقض‬ ‫الدعوة القومية‪ ،‬وغدا الشاعر فيه شخصاً‬ ‫صعلوكاً بوهيمياً‪ ،‬يرود الشوارع واألرصفة‪،‬‬ ‫جائعاً ومقهوراً‪ ،‬معرتضاً وساخراً ومارقاً‪ ...‬إنها‬ ‫الصورة "املضادة" للشاعر القومي‪ ،‬املناضل‬ ‫واملثقف وصاحب األخالق احلميدة‪ ،‬املرتبط‬ ‫برتاثه يف ما يض ّم من حكم وأساطري‪ .‬وجتلّى‬ ‫خروج الماغوط عن "املثال" القومي يف السجال‬ ‫الذي قام بينه وبني شاعر كان أمنوذجاً للشاعر‬ ‫القومي هو خليل حاوي‪ ،‬وقد خلع صاحب نهر‬ ‫الرماد عن الماغوط رفيقه‪ ،‬صفة الشاعر‪،‬‬ ‫وعن شعره صفة الشعر‪ ،‬ناعتاً قصائده بـ‬ ‫ينثن عن نقد‬ ‫"املنثورات"‪ .‬أما الماغوط فلم ِ‬ ‫فكر حاوي القومي ونزعته احلضارية‪ ،‬داعياً إياه‬ ‫إىل اخلروج إىل احلياة احلقيقية‪ ،‬حياة الناس‬ ‫واألرصفة واآلالم اليومية‪.‬‬ ‫ولع ّل املقاالت والقصائد اليت كان كتبها‬ ‫الماغوط يف مرحلة نهاية املراهقة ومطلع‬ ‫الشباب ونشرها يف الصحف القومية ضعيفة‬ ‫جداً وهزيلة حتى يف سخريتها وغري جديرة‬ ‫باخلروج من عتمة اإلدراج لتصدر يف كتاب ما‬ ‫كان محمد الماغوط لريضى عن إصداره لو‬ ‫كان على قيد احلياة‪ .‬لكن هذا القدر هو قدر‬ ‫األدباء مجيعاً الذين ما إن يرحلوا حتى متتد‬ ‫األيدي إىل أوراقهم األوىل اليت مل يكونوا‬ ‫راغبني بإخراجها إىل الضوء‪ .‬فتصدر يف كتب‪.‬‬ ‫جواب شافياً له‪:‬‬ ‫وهنا يُطرح سؤال أساسي ال َ‬ ‫هل جيوز بعد وفاة الكاتب نشر نصوص له كان‬ ‫يرفض نشرها خالل حياته؟‬

‫غونكور للشعر‪ ،‬وهي من أرقى اجلوائز‬ ‫الشعرية يف فرنسا والعامل الفرنكوفوني‪ .‬ولئن‬ ‫كان الّلعبي يكتب بالفرنسية‪ ،‬فإن اجلائزة هي‬ ‫تتويج لشاعر عربي مل يغب عنه يوماً انتماؤه‬ ‫إىل المغرب العربي‪.‬‬ ‫وكان من املفرتض أن يُك ّرم الشاعر عبد‬ ‫الّلطيف اللعبي يف وطنه األم المغرب‪ ،‬الذي‬ ‫مل يفارقه يوماً حتى يف أقسى أيام منفاه‬ ‫الفرنسي‪ ،‬لك ّن فرنسا كانت سبّاقة إىل تكرميه‬ ‫عرب منحه هذه اجلائزة اليت مل تك ّرسه شاعراً‬ ‫مغربياً يكتب بالفرنسية فقط‪ ،‬بل ك ّرسته‬ ‫شاعراً عربياً محل إىل الّلغة الفرنسية مسات‬ ‫الّلغة األوىل واملكان األول‪ .‬فشعره كان وال يزال‬ ‫نقطة التقاء بني عاملني أو ثقافتني أو لغتني‪،‬‬ ‫ينتمي إليهما انتماء النهر إىل ضفتيه‪.‬‬ ‫بدا فوز عبداللطيف اللعبي بـ جائزة‬ ‫غونكور للشعر العام ‪ ،2009‬مكافأة ألعماله‬ ‫الشعرية ولسريته اليت غالباً ما كانت أحد‬ ‫منابع إهلامه‪ ،‬ولألعوام السود اليت قضاها يف‬ ‫السجن من العام ‪ 1972‬حتى ‪ .1980‬هناك‪ ،‬يف‬ ‫سجن القنيطرة املغربي الشهري محل الشاعر‬ ‫األسري الرقم ‪ 18611‬وبات يُعرف به حتى يف‬ ‫اخلارج‪ ،‬يف املقاالت اليت كتبها رفاقه‪ ،‬شعراء‬ ‫وكتّاباً‪ ،‬مدافعني عنه وداعني إىل إخراجه‪.‬‬ ‫وعندما خرج من سجنه العام ‪ 1980‬وجد‬ ‫نفسه غريباً يف وطنه ومل يستطع أن يواصل‬ ‫متض أعوام قليلة حتى اختار‬ ‫العيش فيه‪ .‬ومل ِ‬ ‫املنفى الفرنسي‪ .‬لكنه مل يصبح فرنسياً البتّة‪،‬‬ ‫بل ظ ّل مغربياً‪ ،‬بروحه وكيانه‪ ...‬وهذا ما وسم‬ ‫أص ًال طبيعة عمله الشعري والسردي‪ ،‬يف الّلغة‬ ‫كما يف القضايا أو اهلموم اليت حفلت بها‬ ‫قصائده ونصوصه السردية واملسرحية‪.‬‬

‫‪417‬‬

‫دبي‬ ‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 418‬للتنمية الثقافية‬

‫عاد الشاعر توفيق صايغ إلى الواجهة‬ ‫خالل العام ‪ 2009‬عبر الكتاب السجالي‬ ‫الذي وضعه عنه الشاعر العراقي سامي‬ ‫مهدي وعنوانه‪ :‬تجربة توفيق صايغ‬ ‫الشعرية‪ .‬ومنذ صدور الكتاب انقسم‬ ‫النقّاد حوله بين مؤيّد وناقد أو رافض‪. .‬‬

‫خالل العام ‪ 2009‬أضخم مهرجان شعري‬ ‫عربي وعاملي يف وقت واحد‪ .‬وعندما باشر‬ ‫بيت الشعر يف دبي يف اإلعالن عن املهرجان‬ ‫ُطرح سؤال أساسي‪ :‬هل سيتم ّكن مهرجان‬ ‫دبي العالمي للشعر من منافسة املهرجانات‬ ‫العاملية األخرى مثل مهرجان ميديين يف‬ ‫كولومبيا وهو يُع ّد األضخم عامليا‪ ً،‬أو مهرجان‬ ‫روتردام يف هولندا الذي يسعى كل سنة إىل‬ ‫رسم صورة بانورامية للشعر يف العامل؟ غري‬ ‫أن هذا املهرجان األضخم عربياً يستح ّق أن‬ ‫يكون يف مصاف املهرجانات العاملية‪ ،‬فهو يف‬ ‫دورته األوىل استطاع أن جيمع أكثر من مئة‬ ‫شاعر من حنو مخس وأربعني دولة‪ ،‬ناهيك‬ ‫بالشعراء اإلماراتيني‪ .‬يف طليعة هؤالء الشعراء‬ ‫أمساء كبرية وأخرى متثّل األصوات اجلديدة‬ ‫اليت حتتل موقع الصدارة يف املشهد الشعري‬ ‫يف بلدانها‪ .‬وما ميّز مهرجان دبي مجعه بني‬ ‫أجيال خمتلفة وقارات وإثنيات تالقت كلها‬ ‫حتت شعار "ألف شاعر‪ ...‬لغة واحدة"‪،‬‬ ‫واملقصود بهذه الّلغة هو الشعر القادر فع ًال‬ ‫على توحيد الشعوب ولو عرب القصائد الطالعة‬ ‫من عمق املخيّلة والروح‪.‬‬ ‫والالفت أن القائمني على املهرجان عمدوا‬ ‫إىل توزيع األمسيات والّلقاءات على أماكن‬ ‫حتفل عادة بالناس‪ ،‬كاألسواق واجملمعات‬ ‫التجارية واجلامعات وأندية اجلاليات‪ ،‬ساعني‬ ‫إىل خماطبة هؤالء الناس يف أماكنهم أو‬ ‫"مطارحهم"‪ .‬وارتأى القائمون على املهرجان‬ ‫أيضاً أن حييوا سوق عكاظ جديداً يف مراكز‬ ‫عامة يرتادها الناس عادة‪ ،‬وهناك قامت فرق‬ ‫مسرحية بتقديم عروض مسرحية تسرد فيها‬ ‫قصصاً ووقائع من تاريخ الشعر والشعراء‪.‬‬ ‫والّالفت أيضاً أن املهرجان جنح يف خلق‬ ‫حال من التوازن بني الشعر العربي والشعر‬ ‫العاملي‪ ،‬وقد ض ّمت األمسيات أمساء خمتلطة‬

‫من أجل إحياء حال من التفاعل بني الشعراء‬ ‫وإقامة حوار شعري اعتماداً على فريق من‬ ‫املرتمجني يتقنون الّلغات اآلسيوية‪ ،‬عطفاً على‬ ‫الّلغات األوروبية‪.‬‬ ‫ولئن كان الشاعر النيجريي وولي سوينكا‬ ‫هو األشهر بني الشعراء العامليني املشاركني‬ ‫يف املهرجان‪ ،‬فإن أمساء كبرية أخرى تع ّرف‬ ‫إليها اجلمهور اإلماراتي والعربي ومنها‬ ‫مث ًال‪ ،‬األملاني يواخيم سارتوريوس واجلنوب‬ ‫أفريقي برايتن برايتنباخ والصيين يانغ‬ ‫ليان واإليطالية إليسا بياجيين وسواهم‪.‬‬ ‫هؤالء قرأوا بلغاتهم األم ترافقهم الرتمجات‬ ‫العربية لقصائدهم‪ .‬أما الشعراء العرب فهم‬ ‫من األمساء اليت تنتمي إىل مدارس وأجيال‬ ‫خمتلفة حتى ليمكن القول إن الصورة الشعرية‬ ‫العربية اليت رمسها املهرجان مثلّت خمتصراً‬ ‫للمشهد الشعري العربي الراهن‪ .‬ومل يغب‬ ‫محمود درويش عن مهرجان دبي‪ ،‬فهو حضر‬ ‫عرب أمسية شعرية وغنائية ختلّلتها شهادات‬ ‫من شعراء عرفوه عن كثب‪.‬‬ ‫ينس املهرجان الذكرى املئوية األوىل‬ ‫ومل َ‬ ‫لرحيل الشاعر أبو القاسم الشابي اليت احتفت‬ ‫بها تونس خالل العام ‪ ،2009‬فأفرد له أمسية‬ ‫قرئت خالهلا خمتارات من أشعاره إضافة إىل‬ ‫وخص املهرجان الشاعر عمر‬ ‫شهادات فيه‪ّ .‬‬ ‫الخيام بأمسية عنوانها "ليلة الخيام"‪.‬‬ ‫العودة إلى توفيق صايغ‬

‫عاد الشاعر توفيق صايغ‪ ،‬املتعدد اجلنسية‬ ‫(سوري‪ ،‬فلسطيين‪ ،‬لبناني) إىل الواجهة‬ ‫خالل العام ‪ 2009‬عرب الكتاب السجالي الذي‬ ‫وضعه عنه الشاعر العراقي سامي مهدي‬ ‫وعنوانه‪ :‬تجربة توفيق صايغ الشعرية (دار‬ ‫رياض الريس)‪ .‬ومنذ صدور الكتاب انقسم‬ ‫النقّاد حوله‪ ،‬بني مؤيد وناقد أو رافض له‪.‬‬


‫تجليات الرواية والشعر‬

‫اإلبداع‬

‫لكن الكتاب أعاد إىل املعرتك الشعري شاعراً الدواوين الثالثة‪ ،‬اليت ض ّمنها الديوان الذي‬ ‫كبرياً ميلك فرادة خاصة‪ .‬ولعل األعوام اليت مجع بعد وفاته حتت عنوان صالة جماعة‬ ‫مضت على رحيل الشاعر (تويف يف ‪ 3‬كانون ثم فرد كأنها ديوان واحد يتو ّزع على مراحل‬ ‫الثاني‪ /‬يناير ‪ )1971‬كانت كافية لتدفع به إىل زمنية أو شخصيّة باألحرى‪ .‬فهذا الشعر‬ ‫النسيان‪ .‬فقد غاب هذا الشاعر غياباً مأسوياً شخصي وذاتي‪ ،‬حتى وإن بدا أنه خيفي ثقافة‬ ‫مثلما عاش حياة مأسوية‪ .‬مات وحيداً مثلما شعرية راقية وخربة نقدية متميّزة‪.‬‬ ‫أمضى سنواته غري الطويلة (‪ 48‬سنة) وحيداً‬ ‫كل الوحدة ومنفياً يف أعمق معاني النفي‪ .‬كان الشعر العربي الكتروني ًا‬ ‫دخل الشعر العربي القديم واملعاصر‬ ‫توفيق سباقاً إىل كتابة قصيدة النثر العربية‬ ‫لكن قصيدته ظلت أسرية البداية‪ ،‬بداية العصر اإللكرتوني وباتت اإلصدارات‬ ‫هذا النوع الشعري اجلديد‪ .‬حتى هو نفسه اإللكرتونية ملوسوعات الشعر العربي تتواىل‬ ‫مل يشأ أن يطلق على قصيدته اسم "قصيدة يف مدينة وأخرى وهي تض ّم خمتارات من‬ ‫النثر" بل كان يس ّميها "شعراً خالياً من الوزن هذا الشعر على م ّر عصوره وثبتاً ملراجعه‬ ‫والقافية"‪ .‬كان توفيق يدرك أنه يكتب قصيدة وسرياً لشعرائه‪ .‬وقد شهد العام ‪ 2009‬صدور‬ ‫جديدة مبهمة املالمح وغري منغلقة على نوع موسوعتني شعريتني إلكرتونيتني (سي‪ .‬دي)‬ ‫دون آخر‪ .‬قصيدة هي على قدر كبري من وهما حتتويان على أعداد كبرية من الدواوين‬ ‫احلرية‪ :‬ترفض العروض ولكنها ال تتخلّى عن والسري‪ .‬األوىل أصدرتها مؤسسة محمد‬ ‫بعض القوايف حتى وإن اقرتبت من السجع بن راشد آل مكتوم يف دبي بعنوان موسوعة‬ ‫الشعري‪ ،‬وتستسلم إلغراء النثر احل ّر ولكن الشعر العربي‪ ،‬وفيها أكثر من ثالثة ماليني‬ ‫من دون أن تهجر الرتاكيب الّلغوية الكالسيكية ومخسمئة ألف بيت شعر‪ ،‬ألكثر من ثالثة‬ ‫آالف شاعر‪ّ ،‬‬ ‫مت اختيارهم وفقاً لعام الوفاة‬ ‫أو التقليدية‪.‬‬ ‫كتب توفيق صايغ الشعر يف مراحل ّ‬ ‫يتعد العام ‪.1952‬‬ ‫متقطعة الذي مل َّ‬ ‫خالل ‪ 15‬سنة بني مطلع العام ‪ 1950‬ونهاية‬ ‫ختبئ هذه األسطوانة الصغرية كمية‬ ‫العام ‪ .1970‬وقصائده األوىل مثل قصائده وفرية من الشعر املوزون املقفى أو القصيد‪،‬‬ ‫األخرية مل ينشرها خالل حياته واكتفى املوزع إما يف دواوين الشعراء أنفسهم‪ ،‬أو يف‬ ‫بدواوينه الثالثة‪ :‬ثالثون قصيدة (‪ ،)1954‬الكتب اليت يقارب عددها الستمئة كتاب‪ ،‬أو‬ ‫القصيدة ك (‪ ،)1960‬معلقة توفيق صايغ يف املعاجم األربعة (الصحاح‪ ،‬تاج العروس‪،‬‬ ‫(‪ .)1963‬لكن شعره ظ ّل هو نفسه يف لغته جمهرة الّلغة‪ ،‬لسان العرب)‪ ،‬اليت ّ‬ ‫تغطي م ّدة‬ ‫ومالحمه وأساليبه‪ .‬حتى قضاياه الوجودية زمنية تقارب عشرة قرون‪ ،‬وتستشهد بالقصيد‬ ‫وامليتافيزيقية والشخصية ظلت تدور حول والرجز والقرآن الكريم لرصد معاني الكلمات‬ ‫احملاور الثالثة اليت ميكن اعتبارها أشبه ورموزها‪ .‬والالفت يف هذه األسطوانة أن‬ ‫بالثوابت الشعرية لديه‪ :‬اهلل أو املاوراء يف البحث عن بيت شعري بعينه يتيح التنقّل‬ ‫جتلياته املختلفة‪ ،‬املنفى يف معانيه املتعددة‪ :‬بني الدواوين والكتب واملعاجم بسهولة ويسر‪،‬‬ ‫اجلغرايف والتارخيي والروحي‪ ،‬السرية الذاتية نظراً إىل وجود حم ّرك حبث يف القرص‪ .‬ولعل‬ ‫ويف مقدمها معاناة احلب األليم‪ .‬هكذا تبدو تو ّفر مدونة رقمية هائلة على هذا النحو‪ ،‬يتيح‬

‫‪419‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 420‬للتنمية الثقافية‬

‫أيضاً أمراً مهماً يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالبحث‬ ‫العلمي‪ ،‬وهو اإلحصاء‪ ،‬إذ إن هذا األخري يعين‬ ‫قبل أ ّي شيء آخر قياس نسبة ورود لفظ أو‬ ‫تركيب معيّنني يف منت الشعر العربي من ضمن‬ ‫فرتة زمنية يستطيع الباحث اختيارها بني‬ ‫جمموعة من التقسيمات من جهة (العصر‬ ‫اجلاهلي‪ ،‬اإلسالمي‪ ،‬األموي‪ ،‬العباسي‪،‬‬ ‫الفاطمي‪ ،‬األيوبي‪ ،‬اململوكي‪ ،‬العثماني‪ ،‬فض ًال‬ ‫عن العصر احلديث)‪ ،‬وجمموعة من البلدان‬ ‫من جهة أخرى‪ ،‬فض ًال عن تدقيق البحث‬ ‫ليخص إما الشعراء أو الشاعرات‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫مؤسسة عبد‬ ‫ومن جهة أخرى أصدرت‬ ‫ّ‬ ‫العزيز سعود البابطين يف الكويت معجم‬

‫مؤسسة عبد العزيز سعود‬ ‫أصدرت ّ‬ ‫البابطين في الكويت معجم البابطين‬ ‫لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع‬ ‫والعشرين‪ ،‬في نسختين‪ ،‬ورقية تقع في عشر والعشرين‪ ،‬يف نسختني‪ ،‬ورقية تقع يف‬ ‫نحو خمسة وعشرين مجلداً من القطع حنو مخسة وعشرين جملداً من القطع الكبري‬ ‫الكبير وبلغ عدد صفحاتها زهاء عشرين‬ ‫ألف صفحة‪ ،‬ونسخة رقمية (اسطوانة وبلغ عدد صفحاتها زهاء عشرين ألف صفحة‪،‬‬ ‫مدمجة)‪ .‬وتكمن أهمية هذا العمل في ونسخة رقمية (اسطوانة مدجمة)‪ .‬وتكمن‬ ‫منهجية جمع المعلومات قبل أ ّي شيء أهمية هذا العمل يف منهجية مجع املعلومات‬ ‫آخر‪ ،‬إذ يتضمن تراجم ونماذج‬ ‫قصائد قبل أ ّي شيء آخر‪ ،‬إذ يتض ّمن تراجم ومناذج‬ ‫للشعراء العرب وللشعراء من غير العرب‬ ‫الذين كتبوا بالعربية‪ ،‬سواء كانوا من قصائد للشعراء العرب وللشعراء من غري‬ ‫المشهورين والمعروفين أم من المغمورين العرب الذين كتبوا بالعربية‪ ،‬سواء كانوا‬ ‫والمنسيّين‪ ،‬وقد بلغ عددهم ثمانية‬ ‫آالفاً من املشهورين واملعروفني أم من املغمورين‬ ‫وتسعة وثالثين شاعراً‪ ،‬ت ّم انتخابهم وفق‬ ‫لمعايير محددة من أصل أحد عشر ألف واملنسيّني‪ ،‬وقد بلغ عددهم مثانية آالف‬ ‫مت انتخابهم وفقاً‬ ‫وتسعة وثالثني شاعراً‪ّ ،‬‬ ‫شاعر‪..‬‬

‫ملعايري حم ّددة من أصل أحد عشر ألف‬ ‫شاعر‪ .‬أما الطريف فإن هذه االسطوانة‬ ‫املدجمة ختتصر احلجم الضخم املتمثل يف‬ ‫املؤسسة أن‬ ‫الكتب املطبوعة ورقياً‪ .‬وتوضح ّ‬ ‫عملية مجع املعلومات هلذا العدد الوفري من‬ ‫الشعراء كانت دقيقة واستندت إىل أساليب‬ ‫شتى‪ ،‬ومنها زيارة املكتبات الشهرية يف البلدان‬ ‫العربية وبعض العواصم العاملية‪ ،‬واهلدف‬ ‫مراجعة الكتب والرسائل اجلامعية واألحباث‬ ‫املنشورة والدوريات القدمية واحلديثة‪ ،‬فض ًال‬

‫عن البحث امليداني أي االتصال بعائالت‬ ‫الشعراء من أجل احلصول على املعلومات‬ ‫الالزمة والصور الشخصية‪ ،‬وصور للقصائد‬ ‫املخطوطة وغريها‪ ...‬و ّ‬ ‫متت االستعانة بفريق‬ ‫من الباحثني بلغ عددهم مخسمئة‪ ،‬عملوا يف‬ ‫شكل متواصل طوال أحد عشر عاماً يف مجع‬ ‫البيانات الالزمة للشعراء الذين توزعوا‬ ‫جغرافياً على امتداد العامل العربي وصوالً‬ ‫إىل شرق آسيا وإيران والقارة الهندية وبعض‬ ‫الدول األوروبية‪ ،‬يف عملية مسح شاملة‪ ،‬مل‬ ‫توفر املناطق النائية والريفية‪ .‬إال أن اإلضافة‬ ‫األه ّم يف هذا املعجم‪ ،‬تكمن يف إثبات "مصادر‬ ‫الدراسة" اليت اعتُمدت يف ذلك‪ ،‬فمن هذا‬ ‫املنظور‪ ،‬يرقى املعجم إىل املستوى املرجعي‬ ‫ويصبح "أداة عمل" ال غنى عنها للباحث‬ ‫والناقد على السواء‪ ،‬كما لو أنها "بيبليوغرافيا‬ ‫جاهزة" لك ّل شاعر‪.‬‬ ‫سنة أبو القاسم الشابي‬

‫صادفت العام ‪ 2009‬الذكرى املئة لوالدة‬ ‫الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي (‪- 1909‬‬ ‫‪ )1934‬وقد انتهزت تونس هذه املناسبة إلحياء‬ ‫ذكرى هذا الشاعر الذي كان واحداً من أبرز‬ ‫الشعراء النهضويني العرب على الرغم من‬ ‫قصر عمره‪ ،‬فهو مل يعش أكثر من مخسة‬ ‫وعشرين عاماً‪ ،‬لكنه استطاع خالل سنوات‬ ‫عطائه القليلة أن يؤلّف ديوانه الشهري "أغاني‬ ‫الحياة" وكتابه النقدي "الخيال الشعري عند‬ ‫العرب"‪ ،‬إضافة إىل مقاالت وقصائد ورسائل‬ ‫ومذ ّكرات صدرت الحقاً‪.‬‬ ‫أبو القاسم الشابي شاعر ذو نزعة‬ ‫وجدانية‪ ،‬تأثر بالرومنطيقية وكان واحداً‬ ‫حال‬ ‫من ر ّوادها العرب‪ .‬بدأ بالنظم وهو يف ٍ‬ ‫من النضج والتم ّرس وبدا غزيراً يف إنتاجه‬ ‫وكأنه كان يشعر أنه على سباق مع املوت‪ .‬ومن‬


‫تجليات الرواية والشعر‬

‫شهد العام ‪ 2009‬االحتفال التونسي‬ ‫والمغاربي والعربي بالذكرى المائة لوالدة‬ ‫الشاعر أبو القاسم الشابي وكانت هذه‬ ‫الذكرى فرصة مالئمة الستعادة عصر‬ ‫النهضة الشعرية التي كانت الشابي أحد‬ ‫أعالمها الكبار على الرغم من رحيله‬ ‫المبكر ‪ ..‬وقد ُوصف الشابي بأنه شاعر‬ ‫وجداني وصاحب لفظة سهلة قريبة من‬ ‫القلوب‪ .‬ولع ّل قصيدته "إرادة الحياة"‬ ‫هي من أش ّد القصائد العربيّة شهرة‬ ‫ورواجاً وتر ّددها األجيال العربية على‬ ‫اختالفها‪..‬‬

‫اإلبداع‬

‫خصائص شعره اعتناؤه بالّلغة واألسلوب الذي يتطرق إليها تعين القارئ العربي مبقدار ما‬ ‫مجع فيهما بني السالسة والصنعة اجلمالية‪ ،‬تعين القارئ الغربي الذي تتوجه إليه عرب لغته‪.‬‬ ‫بني البساطة والرصانة‪ .‬أما أغراضه الشعرية وإذا حاولنا استعراض املوضوعات أو القضايا‬ ‫فتت ّوزع بني تبجيل الطبيعة واإلصغاء إىل اليت يزخر بها هذا األدب لوجدنا أنها تتوزع‬ ‫واحلب والقضايا الوطنية واالجتماعية يف حقول ثقافية عربية‪ ،‬إما تراثية أوحديثة يف‬ ‫الذات ّ‬ ‫واملاورائيات والوجدانيات وسواها‪.‬‬ ‫معنى ارتباطها بالواقع العربي الراهن وما‬ ‫ومتيّزت شخصيته كما نتاجه الشعري يشهد من أزمات وحروب وصراعات‪ .‬أمين‬ ‫ببعض من الكآبة والسويداء‪ ،‬والسيّما بعد معلوف الذي يكتب بالفرنسية على سبيل‬ ‫إصابته باملرض‪ ،‬وكان هو يعاني حاالً من املثل يستعيد معامل كثرية من تراثه اللبناني‪،‬‬ ‫الفقر والعوز‪ ،‬لك ّن ذلك مل حيل دون تثقفه الطاهر بن جلون الذي يكتب بالفرنسية أيضاً‬ ‫يتكئ بدوره على الذاكرة املغربية‪ ،‬رفيق شامي‬ ‫ومتابعته للحركة الشعريّة العربية والعاملية‪.‬‬ ‫ومع أنه رحل باكراً إال أنه ترك نتاجاً فريداً الذي يكتب باألملانية يعنى بشؤون املهاجرين‬ ‫وكان له أثر يف حميطه كما يف األجيال الشعرية العرب‪ ،‬املصرية أهداف سويف اليت تكتب‬ ‫العربية اليت أعقبته‪ .‬ولع ّل قصيدته الشهرية باإلنكليزية ال تفارق الواقع املصري والعربي‪...‬‬ ‫إرادة الحياة هي من أش ّد القصائد العربية ولئن اتّهم بعض من هؤالء الكتّاب العرب‬ ‫شهرة ورواجاً وتر ّددها األجيال العربية على الذين اختاروا الّلغات األجنبية كوسائل تعبري‪،‬‬ ‫اختالفها‪ .‬وقد وصف أبو القاسم بأنه شاعر بالنزعة "اإلكزوتيكية" أو بامليل إىل تغريب‬ ‫وجداني مكثر على الرغم من صغر سنه‪ ،‬ثقافتهم الشرقية وتضخيمها جلذب القارئ‬ ‫شاعر جميد وصاحب لفظة سهلة قريبة من الغربي‪ ،‬فإن كثراً منهم استطاعوا أن يفرضوا‬ ‫القلوب وعبارة بالغية رائعة يصوغها بأسلوب جتاربهم وأعماهلم ككتّاب مبدعني وبعضهم‬ ‫أو قالب شعري مجيل‪ .‬وهو بطبيعته يرنو إىل حاز جوائز كبرية ومهمة ال عالقة هلا باحلوار‬ ‫النفس االنسانية وخواجلها الفياضة من خالل الشرقي – الغربي الذي يش ّكل حموراً أساسياً‬ ‫توسيعه لدائرة الشعر العربي‪.‬‬ ‫يف هذا األدب‪ .‬والالفت أن بعض الدول‬ ‫األجنبية باتت تعترب بعضاً من هؤالء الكتّاب‬ ‫حضور األدب العربي في العالم‬ ‫مواطنني ينتمون إىل ثقافتها وقد أدخلتهم يف‬ ‫ينثن بعض هؤالء‬ ‫مل يب َق ممكناً التغاضي عن احلضور الكبري خانة أدبائها األصليني‪ .‬ومل ِ‬ ‫الذي ميلكه األدب العربي املكتوب بالّلغات الكتاب العرب عن متثيل أوطانهم الثانية – أو‬ ‫األجنبية يف العامل‪ ،‬وال سيّما يف أوروبا وأميركا أوطانهم بالتبنيّ – يف املهرجانات الدولية‪.‬‬ ‫الشمالية والجنوبية‪ .‬فهذا األدب الذي يزداد وهنا ال ميكن نسيان أو تناسي الكاتب‬ ‫رواجاً ورسوخاً يظ ّل ينتمي إىل خريطة األدب الفلسطيين سايد قشوع (مولود يف العام‬ ‫العربي‪ ،‬وإن كتب بلغات بعيدة عن الّلغة األم أ ّي ‪ )1975‬الذي حيمل اجلنسية اإلسرائيلية لكونه‬ ‫العربية‪ .‬وما جيب الوقوف عنده يف هذا السياق ينتمي إىل فلسطين ‪ 1948‬والذي يشارك يف‬ ‫هو أ ّن هذا األدب مبعظمه ذو جذور عربية بل الّلقاءات واملهرجانات العاملية ككاتب إسرائيلي‬ ‫أنه متج ّذر يف أديم الذاكرة العربية والوجدان يدرج امسه إىل جانب الكتاب اإلسرائيليني‬ ‫العربي‪ .‬ومعظم املوضوعات أو القضايا اليت اآلخرين‪ .‬غري أن هذه البادرة اإلسرائيلية‬

‫‪421‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 422‬للتنمية الثقافية‬

‫الروائية األردنية ليلى حلبي غالباً ما‬ ‫تسعى إلى معالجة األزمة الوجودية التي‬ ‫يعيشها العرب المهاجرون في الواليات‬ ‫المتّحدة بعد أحداث الحادي عشر من‬ ‫أيلول (سبتمبر) ‪ 2001‬وما نجم عنها من‬ ‫تمييز عنصري في المجتمع األميركي‪،‬‬ ‫حيث ال يزال الفرز الّلوني قائماً وحيث‬ ‫يقع العرب في مكان ملتبس بين السمر‬ ‫الوافدين من أميركا الالتينية والسود‬ ‫المتحدرين من أصول أفريقية‪..‬‬

‫ليست بريئة وال ثقافية أو أدبية متاماً‪ ،‬بل‬ ‫لع ّل إسرائيل تسعى من خالهلا إىل "أسرلة"‬ ‫الكتّاب الفلسطينيني أوالً‪ ،‬ثم إىل إقناع العامل‬ ‫الغربي بانفتاحها على األدباء العرب كما لو‬ ‫أنهم ينتمون إىل إحدى اثنياتها أو قومياتها‪.‬‬ ‫كان العام ‪ 2009‬حاف ًال باحلراك األدبي‬ ‫العربي يف أوروبا وأميركا‪ .‬وصدرت خالل هذا‬ ‫العام أعمال مه ّمة‪ ،‬سردية وشعرية‪ ،‬كان هلا‬ ‫صدى يف األوساط األدبية واإلعالمية الغربية‬ ‫وكانت مبثابة دليل واضح على النجاح الذي‬ ‫حيظى به الكتّاب العرب هؤالء داخل احلركة‬ ‫األدبية الغربية الراهنة‪.‬‬ ‫غياب عبدالكبير الخطيبي‬

‫رحيل الكاتب املغربي بالّلغة الفرنسية‬ ‫عبدالكبير الخطيبي كان حدثاً كبرياً خالل‬ ‫العام ‪ 2009‬وحتديداً يف حقل األدب العربي‬ ‫املكتوب باألجنبية‪ .‬هذا الكاتب الذي اكتشفه‬ ‫الناقد الفرنسي موريس نادو وتبنّى روايته‬ ‫األوىل الذاكرة الموشومة ونشرها العام‬ ‫‪ ،1971‬هو واحد من املفكرين الطليعيّني‬ ‫الذين شغلوا الساحة الفرنسية واملغربية يف‬ ‫حقبة السبعينيات اليت شهدت ذروة االحتدام‬ ‫األيديولوجي والصراع الفكري املتعدد عقائدياً‬ ‫وسياسياً‪ .‬وبني حال االغرتاب يف فرنسا وواقع‬ ‫مساه‬ ‫العودة إىل املغرب‪ ،‬مارس الخطيبي ما ّ‬ ‫"النقد املزدوج"‪ ،‬هو املغربي املغرق يف مغربيته‬ ‫والفرنكوفوني املنفتح على حضارات الغرب‪.‬‬ ‫وقد طرح‪ ،‬مثلما فعل أسالفه الفرنكوفونيون‪،‬‬ ‫سؤال اهلوية املنقسمة بني لغة اآلخر أو‬ ‫املستعمر الفرنسي‪ ،‬وحقيقة الذات اليت تضرب‬ ‫جذورها يف الرتاث املغربي أو العربي‪ ،‬القديم‬ ‫احل ّي‪ .‬إال أن الخطيبي جنح‪ ،‬أكثر من سواه‪،‬‬ ‫يف التوفيق بني غربة الّلغة وصورة الذات‪ ،‬وقد‬ ‫آزرته يف هذه املهمة ثقافته العميقة ومراسه‬

‫األكادميي ونزعته اإلبداعية اليت محلته على‬ ‫خوض غمار الشعر والرواية والتأمل الفلسفي‪.‬‬ ‫وهذا الكاتب (مواليد ‪ )1938‬الذي كان قد‬ ‫استه ّل حياته اإلبداعية يف الثانية عشرة شاعراً‬ ‫بالعربية‪ ،‬مل يلبث أن انتقل إىل لغة املستعمر‬ ‫من غري أن يهجر لغته األم يوماً‪ ،‬كتاب ًة وقراء ًة‬ ‫على السواء‪ .‬وقد اتكأ يف مواقفه السجالية‬ ‫على املوروث اإلسالمي والشرقي الروحاني‬ ‫مما‬ ‫والصويف الذي اختزنه يف أعماق ذاته‪ّ ،‬‬ ‫منح أفكاره بُعداً معرفياً آخر‪ .‬وبات‪ ،‬خالل‬ ‫إقامته يف باريس اليت كانت تتقاطع معها‬ ‫أسفاره الدائمة إىل المغرب‪ ،‬على صداقة مع‬ ‫كبار املف ّكرين الطليعيني‪ ،‬والشعراء والنقّاد‬ ‫الذين حيتلون الواجهة الفرنسية‪ .‬ومنذ أن‬ ‫نقلت أعماله إىل العربية وعرفت رواجاً يف‬ ‫األوساط األدبية‪ ،‬أضحى الخطيبي كاتباً‬ ‫عربياً وكأنه مل يفارق لغته األم‪.‬‬ ‫أعمال روائية‬

‫صدرت أعمال روائية كثرية لكتّاب عرب‬ ‫يف أوروبا وأميركا خالل العام ‪ 2009‬وميكن‬ ‫التو ّقف عند مناذج منها‪ ،‬متثّل واقع هذا‬ ‫اإلبداع العربي املنتشر يف العامل‪.‬‬ ‫الطاهر بن جلون أصدر رواية جديدة لدى‬ ‫دار غاليمار الباريسية حتت عنوان في بلدي‪،‬‬ ‫وفيها يعاجل القدر املأسوي للمهاجرين املغاربة‬ ‫الذين قدموا إىل فرنسا يف األربعينيات من‬ ‫القرن املاضي سعياً وراء لقمة العيش‪.‬‬ ‫بطل الرواية رجل مس ّن يدعى "حممد"‪،‬‬ ‫بلغ سن التقاعد بعدما أمضى اجلزء األكرب‬ ‫من حياته يف إحدى ضواحي باريس كعامل‬ ‫يف مصنع للسيارات‪ .‬ومنذ الصفحات األوىل‬ ‫جنده يف حال اضطراب شديد نظراً إىل‬ ‫استحقاق التقاعد الذي يرتبّص به ويدفعه‬ ‫يف اجتاه مستقبل جمهول وقامت‪ .‬ولإلفالت‬


‫تجليات الرواية والشعر‬

‫كان العام ‪ 2009‬عام الروائي الّلبناني‬ ‫الكندي راوي الحاج في الساحة األدبية‬ ‫في كندا بعد صدور روايته الجديدة‬ ‫عن منشورات أناناسي برس في تورنتو‬ ‫وعنوانه صرصار‪ .‬وقد ّ‬ ‫رشحت الرواية‬ ‫إلى جوائز ع ّدة وفازت بجائزة اتّحاد‬ ‫كتاب كيبيك‪ .‬وكانت روايته السابقة "لعبة‬ ‫دونيرو" حازت جائزة إيمباك العالمية‪..‬‬

‫اإلبداع‬

‫من حمنته اليت تشتد يوماً بعد يوم‪ ،‬يقوم‬ ‫جبردة حساب حلياته اليت أمضاها بني‬ ‫العمل والصالة الّلذين ش ّكال ملجأه وعزاءه‬ ‫الوحيدين‪ .‬ويف فوضى نفسه الكئيبة والقلقة‪،‬‬ ‫تتقاطر صور املاضي‪ :‬طفولته يف قرية صغرية‬ ‫نائية‪ ،‬زوجته اليت اختارها من قبيلته‪ ،‬رحيله‬ ‫شاباً إىل فرنسا‪ ،‬وسنوات الك ّد الطويلة كعامل‬ ‫منوذجي يف مصنع ش ّكل له املكان الوحيد الذي‬ ‫مل يشعر فيه بأنه عبء على أحد‪ .‬ويف سريورة‬ ‫التذ ّكر هذه‪ ،‬تتشابك تأمالت هذا الرجل‬ ‫التعصب وينبذ‬ ‫الرقيق والتّقي الذي يكره ّ‬ ‫العنف والعنصرية املتعاظمني يف املكان البائس‬ ‫الذي يعيش فيه‪ .‬ويتساءل عن مصري أوالده‬ ‫الذين ولدوا يف فرنسا واندجموا يف جمتمعها‪،‬‬ ‫فلم يتم ّكن من أن ينقل إليهم حبه لوطنه‬ ‫وتقاليده وقيمه اإلسالمية‪ ،‬أوالده الذين كان‬ ‫حبب كبري وهم يقومون بواجباتهم‬ ‫يتأملهم ّ‬ ‫املدرسية‪ ،‬وها هم اليوم ينظرون إليه كرجل‬ ‫عجوز وصامت ويرفضون التماثل به‪ .‬ابنه‬ ‫البكر مراد تزوج من فرنسية‪ ،‬وابنه الثاني‬ ‫عثمان تزوج من فتاة مغربية متعجرفة ألنها‬ ‫من الدار البيضاء وهم من أصل قروي‪ ،‬وابنه‬ ‫الثالث رشيد حت ّول إىل ريشار‪ ،‬وابنته مجيلة‬ ‫غادرت املنزل مع شاب إيطالي بال عودة‪...‬‬ ‫وهذا ما سيدفعه‪ ،‬يف اليوم التالي من دخوله‬ ‫مرحلة التقاعد‪ ،‬إىل مغادرة فرنسا والتوجه‬ ‫من دون تر ّدد إىل قريته املغربية لتحقيق‬ ‫حلمه الوحيد‪ :‬تشييد منزل كبري يل ّم فيه مشل‬ ‫عائلته املشتّتة‪ .‬وما إن جيهز املنزل‪ ،‬حتى‬ ‫يتّصل بأوالده ويدعوهم إىل حفلة كبرية‪ ،‬ثم‬ ‫جيلس يف مدخل املنزل ويبدأ يف انتظارهم‪،‬‬ ‫فتم ّر األيام واألسابيع وال يأتي أحد‪.‬‬ ‫الروائية األردنية ليلى حلبي غالباً ما تسعى‬ ‫إىل معاجلة األزمة الوجودية اليت يعيشها‬ ‫العرب املهاجرون يف الواليات المتّ حدة بعد‬

‫أحداث احلادي عشر من أيلول (سبتمرب)‬ ‫‪ 2001‬وما جنم عنها من متييز عنصري يف‬ ‫اجملتمع األمريكي‪ ،‬حيث ال يزال الفرز الّلوني‬ ‫قائماً وحيث يقع العرب يف مكان ملتبس بني‬ ‫السمر الوافدين من أميركا الالتينية والسود‬ ‫املتحدرين من أصول أفريقية‪.‬‬ ‫أصدرت ليلى رواية عنوانها ذات مرة في‬ ‫أرض الميعاد وحازت جائزة أهل القلم (‪)PEN‬‬ ‫العاملية ووصفتها واشنطن بوست بأنها "بارعة‬ ‫ألن نثرها يتو ّهج ويدفئ‪ ،‬كاشفة ألنها حتيلنا‬ ‫إىل عامل جنهله‪ ،‬مؤثرة ألنها تشعرنا بأزمة‬ ‫أبطاهلا‪ ،‬وممتعة ألنها مكتوبة بلغة اخلرافة‬ ‫مما يسمح لنا بتخيل أبطاهلا قادرين على‬ ‫النفاذ جبلدهم"‪ .‬وتفتتح ليلى حلبي حكاية‬ ‫أرض امليعاد األمريكية بـ "كان يا ما كان‬ ‫يف قديم الزمان" تليها مقدمة "توراتية"‬ ‫تذكر بسفر التكوين‪ ...‬علماً أن أبطال الرواية‬ ‫معاصرون وواقعهم معلّق بني أرضهم احملرتقة‬ ‫ومساء هجرتهم املكف ّهرة بالقلق والتمييز‪.‬‬ ‫ثم تتّخذ ليلى حلبي من مشهد التفتيش‬ ‫واالستجواب احلدودي مدخ ًال رمزياً ساخراً‬ ‫لتصوير اهلوة الثقافية القائمة بني مفهوم‬ ‫األمن األمريكي وبني هلع الوافد العربي إىل‬ ‫الواليات المتّ حدة‪.‬‬ ‫كان العام ‪ 2009‬عام الروائي الّلبناني‬ ‫الكندي راوي الحاج يف الساحة األدبية يف‬ ‫كندا بعد صدور روايته اجلديدة عن منشورات‬ ‫أناناسي برس يف تورنتو وعنوانه صرصار‪ .‬وقد‬ ‫ّ‬ ‫رشحت الرواية إىل جوائز ع ّدة وفازت جبائزة‬ ‫اتّ حاد كتاب كيبيك‪ .‬وكانت روايته السابقة‬ ‫لعبة دونيرو حازت جائزة إيمباك العاملية‪.‬‬ ‫يف هذه الرواية يصبح املهاجر على طريقة‬ ‫فرانز كافكا صرصاراً يف عني ذاته‪ ،‬الصرصار‬ ‫يسرد حيوات شرحية من املهاجرين إىل كندا‪،‬‬ ‫يعيشون يف مونرتيال حتديداً‪ .‬صرصار بك ّل‬

‫‪423‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 424‬للتنمية الثقافية‬

‫شهد أدب المهجر العربي الحديث‬ ‫المكتوب باألجنبية خالل هذا العام‬ ‫ظاهرة يمكن تسميتها "ظاهرة المنفى‬ ‫العراقي"‪ّ .‬‬ ‫وتتلخص بقيام عدد كبير‬ ‫من العراقيين بكتابة الشعر بلغات‬ ‫أوطانهم البديلة‪ ،‬تلك األوطان التي‬ ‫قبلتهم الجئين ومن ثم مواطنين‪.‬‬ ‫هناك اليوم من العراقيين من يكتب‬ ‫أشعاره بالهولندية والسويدية واإلنكليزية‬ ‫واإلسبانية والفرنسية والصربية وصوالً‬ ‫إلى اليابانية‪..‬‬

‫دونيته وعوامله السفلية يرتاءى للراوي عمالقاً‬ ‫كبرياً‪ ،‬يسخر منه‪ ،‬يرعبه‪ ،‬وجيعله أسرياً‬ ‫ألوهامه ومرضه النفسي الذي يذهب به إىل‬ ‫مستشفى اجملانني مرة‪ ،‬وإىل االنتحار مرة‪،‬‬ ‫وإىل جلسات املعاجلة النفسية الطويلة م ّرات‪.‬‬ ‫املهاجر عربي ال اسم له‪ ،‬من بلد ال اسم له‪،‬‬ ‫حماط مباضيه اجلريح وذاكرته التعسة‪ ،‬غارق‬ ‫يف حاضره األسود املخيف يصادف حلقة من‬ ‫املهاجرين‪ ،‬نسا ًء ورجاالً‪ ،‬فقدوا أيضاً بوصلة‬ ‫احلياة اإلنسانية‪ ،‬وها هم يعيشون على‬ ‫هامش اجملتمع‪ ،‬يف أسفل السلّم االجتماعي‬ ‫واالقتصادي‪ .‬أنهم عاجزون عن حتقيق‬ ‫ذواتهم يف اجملتمع اجلديد الذي هاجروا‬ ‫إليه‪ ،‬وعاجزون يف اآلن ذاته عن التملّص من‬ ‫ذاكرتهم‪ ،‬احململة باخلراب واألمل والبؤس‪.‬‬ ‫أما الروائي الّلبناني املقيم يف الواليات‬ ‫املتحدة ربيع علم الدين فأصدر هذه السنة‬ ‫مساها‬ ‫رواية غريبة يف بنيتها وشخصياتها وقد ّ‬ ‫"الحكواتي"‪ .‬وعرفت الرواية جناحاً فور‬ ‫صدورها يف أميركا وبريطانيا وترمجت يف‬ ‫السنة نفسها إىل لغات ع ّدة ما عدا العربية‪.‬‬ ‫وقد أمجع الكثريون من النقّاد أن علم الدين‬ ‫بلغ ذروة عطائه األدبي يف رواية الحكواتي اليت‬ ‫صدرت عن دار كنوف األميركية والثانية عن‬ ‫دار بيكادور العالمية‪ .‬مل يربح علم الدين يف‬ ‫الحكواتي أسلوب الكوالج والرتكيب املشهدي‪،‬‬ ‫بل جعل املتوازيات القصصية غاية‪ ،‬وذهب‬ ‫إىل حدود امللحمة مدركاً ذروة إذهال قارئه‬ ‫ال بالرباعة وحدها‪ ،‬بل بالنشوة األصيلة‪،‬‬ ‫نشوة من يلمس عرب احلكاية عصب الشرط‬ ‫اإلنساني‪ .‬عاملان خمتلفان‪ ،‬واحد من ذاكرة‬ ‫الثقافات‪ ،‬ويف مق ّدمها العربية واإلسالمية‪،‬‬ ‫مع ما تدفق منها وإليها من األلياذة‪ ،‬وألف‬ ‫ليلة وليلة وكليلة ودمنة وغريها‪ ،‬واآلخر من‬ ‫احلاضر املعيش‪ ،‬يتقامسان أكثر من مخسمائة‬

‫صفحة‪ ،‬ألف حكاية وحكاية‪ ،‬ليس بينها رابط‬ ‫سوى ما يرتتّب عن توليد الرغبة يف املتابعة‬ ‫بفعل الكتابة اخلالقة‪.‬‬ ‫يف ألف ليلة وليلة تنتج احلكايات من‬ ‫الرتحال واملصادفة ورغبات االستقصاء‪ .‬أما‬ ‫حكواتي علم الدين فليس حباجة إىل املرجع‬ ‫كي يستمر يف حياكة قصصه‪ .‬فالشخصيات‬ ‫تذهب يف اجتاهات غري متوقعة وجيتمع احملال‬ ‫والواقع وكأن العامل متأرجح أبداً بني اليقظة‬ ‫واحللم‪.‬‬ ‫الكاتب والشاعر املغربي الكبري محمد‬ ‫خيرالدين عاد إىل الواجهة الفرنسية عرب‬ ‫إصدار دار غاليمار الباريسية كتاباً له يف أهم‬ ‫سلسلة شعرية فرنسية لديها‪ ،‬وهو عبارة عن‬ ‫أنطولوجيا عنوانها شمس عنكبوتية‪ .‬ومتثّل‬ ‫ك ّل املراحل الذي اجتازها‪ .‬ومحمد خير الدين‬ ‫(‪ )1941-1995‬ميثّل موقعاً رائداً ومميّزاً على‬ ‫خريطة األدب املغربي املكتوب بالفرنسية‬ ‫فجر قواعد هذا األدب وأسهم‬ ‫لكونه أول من ّ‬ ‫يف جتديده‪.‬‬ ‫بدأ خير الدين الكتابة العام ‪ 1960‬عرب‬ ‫رواييت التحقيق وأغادير وبني عامي ‪1963‬‬ ‫و‪ ،1965‬كتب يف الدار البيضاء ديوان الغثيان‬ ‫األسود وقصة بعنوان الدفن‪ ،‬ودعا إىل ثورة‬ ‫مساها "اإلرهاب الّلغوي" يف بيان قبل‬ ‫شعرية ّ‬ ‫أن يرحل إىل باريس ويستق ّر فيها حتى العام‬ ‫‪.1980‬‬ ‫يف العاصمة الفرنسية‪ ،‬اخترب خير الدين‬ ‫مجة مل متنعه من‬ ‫املنفى وصعوبات حياتية ّ‬ ‫مزاولة نشاطه الكتابي ومن التعرف إىل‬ ‫شخصيات أدبية وشعرية كبرية‪ .‬ويف باريس‬ ‫نصه حيوانات معطوبة ونشر يف جملة‬ ‫أصدر ّ‬ ‫اآلداب الجديدة مقتطفات من رواية أغادير‬ ‫اليت صدرت الحقاً عن دار سوي وحصدت‬ ‫جائزة فرنسية‪ ،‬ونشر سارتر قصيدة لـ‬


‫تجليات الرواية والشعر‬

‫محمد خير الدين الكاتب والشاعر‬ ‫المغربي الفرنكوفوني الكبير (‪- 1995‬‬ ‫‪ )1941‬عاد إلى الواجهة الفرنسية عبر‬ ‫إصدار دار غاليمار الباريسية كتاباً له في‬ ‫أهم سلسلة شعرية فرنسية لديها‪ ،‬وهو‬ ‫عبارة عن أنطولوجيا عنوانها‪" :‬شمس‬ ‫عنكبوتية" تمثل ك ّل المراحل اإلبداعية‬ ‫التي اجتازها‪ ..‬جدير بالذكر أن محمد‬ ‫خير الدين يمثّل موقعاً رائداً ومميزاً‬ ‫على خريطة األدب المغربي المكتوب‬ ‫فجر قواعد هذا‬ ‫بالفرنسية لكونه أول من ّ‬ ‫األدب وأسهم في تجديده‪..‬‬

‫اإلبداع‬

‫والرواية كما باحت الكاتبة نفسها‪ ،‬ترتكز‬ ‫خير الدين عنوانها الملك افتتاحية لعدد‬ ‫كانون الثاني (يناير) ‪ 1967‬من مجلة األزمنة على نواة قصة عائد إلى حيفا للراحل غسان‬ ‫توسعت يف رواية أبو اهلوى‪،‬‬ ‫الحديثة‪ .‬أما قصة الدفن فت ّوجت آنذاك كنفاني‪ .‬هذه النواة ّ‬ ‫وتفتقت عن صور ومتظهرات أخرى‪ ،‬فرضتها‬ ‫جبائزة "القصة المغاربية"‪.‬‬ ‫يف العام ‪ ،1993‬عاد إىل المغرب نهائياً تطورات طرأت على القضية الفلسطينية‪ ،‬بعد‬ ‫مصاباً مبرض السرطان‪ ،‬وتويف فيه العام أعوام طويلة من كتابة كنفاني لقصته‪ ،‬اليت‬ ‫‪ .1995‬وتش ّكل حياة خير الدين مرآة ألعماله مثّلت عهد ذاك‪ ،‬وعياً متقدماً يف فهم تعقيدات‬ ‫الشعرية واألدبية اليت يعربها بق ّوة موضوع القضية الفلسطينية‪.‬‬ ‫الروائي اللبناني بالفرنسية ألكسندر‬ ‫املنفى والتيه من جهة‪ ،‬وموضوع التم ّرد‬ ‫والثورة والتح ّرر من جهة أخرى‪ .‬وفع ًال‪ ،‬تتميّز (أسكندر) نجار سعى يف روايته الصادرة‬ ‫معظم قصائده بنربة عنيفة وثأرية وبشعرية عن دار بلفون الباريسية (‪ )2209‬بعنوان‬ ‫نارية تلجأ أحياناً إىل اهلذيان واحللم‪ ،‬كما برلين ‪ 36‬إىل اقتفاء أثر الالعب الرياضي‬ ‫تتميّز بانشغاهلا الثابت بالناس‪ .‬فخير الدين األمريكي جيس أونز يف الواليات المتّ حدة أوالً‬ ‫مل يتص ّور األدب خارج االلتزام‪ .‬ويتجلّى هذا ثم يف برلين وكتابة ما يشبه السرية له‪ .‬فهذا‬ ‫االهتمام باألمل اجلماعي يف رواياته أيضاً اليت الع ّداء الذي نعم بشهرة عاملية بعد فوزه بأربع‬ ‫تتش ّكل حول مبدأ مساءلة أصول اهلوية األبوية ميداليات ذهبية يف األلعاب األوملبية اليت‬ ‫جرت العام ‪ 1936‬يف برلين النازية‪ ،‬كاد ينساه‬ ‫ونقد السلطة يف ك ّل أشكاهلا‪.‬‬ ‫أما الكاتبة الفلسطينية سوزان أبو الهوى األمريكيون أنفسهم على الرغم من احتالله‬ ‫فأصدرت رواية باإلنكليزية تستوحي فيها قرية صفحات مشرقة من تاريخ الرياضة األمريكية‪.‬‬ ‫عين هود وهي تعين بالعربية عين المجد‪ ،‬لكن ألكسندر نجار جعل منه "بط ًال" روائياً‪،‬‬ ‫قرية فلسطينية على سفح جبل الكرمل‪ ،‬كان انطالقاً من الرمز الذي مثّله كرياضي أسود‬ ‫الفلسطينيون يدعونها عين الحوض وهجروا مت ّكن من هتك سياسة التفرقة العنصرية‬ ‫منها عقب االحتالل اإلسرائيلي العام ‪ .1948‬اليت أنهكت الواليات المتّ حدة طوال عقود‪،‬‬ ‫واختارت الكاتبة الفلسطينية‪ ،‬املقيمة يف واستطاع أن يفضح السلطة النازية املنتصرة‬ ‫أميركا‪ ،‬هذه القرية بالذات‪ ،‬لتجعلها مسرحاً للعرق اآلري والكارهة للساميني والسود أو‬ ‫لروايتها ندبة دافيد أو ندبة داود إلظهار "الزنوج" كما كانت تسميهم‪ .‬وقد أعاد نجار‬ ‫إشكالية تنازع اهلويات حول املكان والتاريخ‪ .‬هذا "البطل" إىل الضوء يف روايته برلين ‪36‬‬ ‫وإذا كان سرد األحداث يبدأ من عين هود‪ ،‬اليت شاء أن يصدرها عشية االحتفاء بالذكرى‬ ‫فإن مساراته الطويلة املعقّدة تتقاطع يف مخيم العشرين لسقوط جدار برلين الذي أعلن نهاية‬ ‫جنين‪ ،‬يف الضفة الغربية‪ ،‬اليت الذت به زمن وبداية آخر‪ .‬وهي كانت مناسبة مؤاتية‬ ‫أسرة حييى أبو احلجى‪ ،‬ثم تفرق أفرادها مع فع ًال إلدانة الثقافة النازية عموماً وفضح‬ ‫الزمن‪ .‬وشكلت معاناتهم‪ ،‬ومطاردة االحتالل آلياتها‪ ،‬اخلفية واملعلنة‪ ،‬من خالل الرياضة‬ ‫هلم وتهجريهم‪ ،‬مادة هذه الرواية اليت أثارت وليس السياسة أو األيديولوجيا والتاريخ‪ ،‬ولو‬ ‫جدالً يف بعض األوساط األدبية األمريكية‪ ،‬أن الرياضة مل ختل هنا من األبعاد السياسية‬ ‫واأليديولوجية‪ ،‬بعدما حاول النازيون تسخري‬ ‫باتهام مؤلفتها مبعاداة السامية‪.‬‬

‫‪425‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 426‬للتنمية الثقافية‬

‫األلعاب األوملبية لتلميع صورة نظامهم العرقي‬ ‫والعنصري‪.‬‬ ‫أدب المهجر الجديد‬

‫تم ّكن كتّاب عرب يعيشون في الواليات‬ ‫المتحدة أن يشكلوا تجمعاً مهماً وأن‬ ‫يقيموا انطالقاً من هذا التجمع مؤتمراً‬ ‫سنوياً عنوانه "مؤتمر الكتّاب العرب‬ ‫األميركيين"‪ ،‬حيث أكدوا من خالله‬ ‫أن الوقت حان للتركيز على اإلسهامات‬ ‫األدبية ذات األهمية المتزايدة في‬ ‫األدبين األميركي والعالمي لهذا العدد‬ ‫الكبير من الكتّاب العرب األميركيين‬ ‫الذين صارت كتاباتهم األدبية تد ّرس في‬ ‫الجامعات األميركية‪..‬‬

‫إال أن أدب املهجر العربي احلديث املكتوب‬ ‫باألجنبية شهد خالل هذا العام ظاهرة ميكن‬ ‫تسميتها "ظاهرة المنفى العراقي"‪ .‬وتتل ّخص‬ ‫بقيام عدد كبري من العراقيني بكتابة الشعر‬ ‫بلغات أوطانهم البديلة‪ ،‬تلك األوطان اليت‬ ‫قبلتهم الجئني ومن ثم مواطنني‪ .‬هناك اليوم‬ ‫من العراقيني من يكتب أشعاره باهلولندية‬ ‫والسويدية واإلنكليزية واإلسبانية والفرنسية‬ ‫والصربية وصوالً إىل اليابانية‪ .‬بل هناك من‬ ‫أصدر كتباً شعرية بتلك الّلغات وصار يق ّدم‬ ‫نفسه بصفته شاعراً أجنبياً‪ .‬وكان البعض من‬ ‫هؤالء قد مارس يف ما سبق الكتابة الشعرية‬ ‫بالعربية‪ .‬بعضهم اآلخر بدأ الكتابة الشعرية‬ ‫بالّلغة البديلة من غري أن تكون له جتربة يف‬ ‫الكتابة بالّلغة األم‪ .‬وإذا تفحصنا هذه الظاهرة‬ ‫فسنجد أن ليس هناك من أولئك الشعراء من‬ ‫ولد خارج العراق فكانت الّلغة اليت يكتب بها‬ ‫أشعاره هي لغته األم‪ .‬كلّهم وصلوا متأخرين‬ ‫إىل بالد الّلجوء أو املنفى‪ ،‬بل إن أصغرهم‬ ‫وصل إىل هناك وقد جتاوز الثالثني من عمره‪.‬‬ ‫أي أنهم تعلّموا الّلغة األخرى اليت يكتبون بها‬ ‫أشعارهم يف س ّن متأخرة‪.‬‬ ‫من ناحية أخرى مت ّكن كتّاب عرب يعيشون‬ ‫يف الواليات المتّ حدة أن يش ّكلوا جت ّمعاً مهماً‬ ‫وأن يقيموا انطالقاً من هذا التج ّمع مؤمتراً‬ ‫سنوياً عنوانه مؤتمر الكتّ اب العرب األميركيين‪.‬‬ ‫وهذا عنوان الفت ومثري لالهتمام‪.‬‬ ‫وقد أ ّكد هذا املؤمتر أن الوقت حان للرتكيز‬ ‫على اإلسهامات األدبية ذات األهمية املتزايدة‬ ‫يف األدبني األمريكي والعاملي هلذا العدد‬ ‫الكبري من الكتّاب العرب األمريكيني الذين‬

‫صارت كتاباتهم األدبية تد ّرس يف اجلامعات‬ ‫األمريكية‪ .‬ولع ّل األعمال األدبية اليت ينتجها‬ ‫هؤالء تتمتّع خبصائص فريدة‪ ،‬على مستوى‬ ‫األسلوب واملضمون‪ ،‬فهم من أصحاب املواهب‬ ‫الكبرية ويستحقون أن يق ّدموا للق ّراء يف العامل‪،‬‬ ‫وأعماهلم جديدة وثريّة وحتوي رؤية جديدة‬ ‫إىل عامل اليوم وشروطه اإلنسانية‪ .‬ومن هذه‬ ‫األمساء‪ :‬غريغوري أورفليا‪ ،‬إلماز أبي نادر‪،‬‬ ‫إيتيل عدنان‪ ،‬حيان شرارة‪ ،‬سوزان مودي دراج‪،‬‬

‫ليلى حلبي‪ ،‬الرا حمزة‪ ،‬ناتالي حنظل‪ ،‬فادي‬ ‫جودة‪ ،‬عاصف الجندي‪ ،‬لورانس جوزيف‪،‬‬ ‫بولين كلداس‪ ،‬كاظم الحالق‪ ،‬مهجة قحف‪،‬‬ ‫ليزا سهير مجاج‪ ،‬خالد مطاوع‪ ،‬دي إتش ملحم‪،‬‬

‫فيليب ميتريس‪ ،‬ديبورا النجار وسواهم‪.‬‬

‫ازدهار الترجمة اإلبداعية ومأزقها‬

‫كان العام ‪ 2009‬عام الرتمجة من الّلغات‬ ‫األجنبية إىل العربية‪ ،‬مثل سائر األعوام‬ ‫السابقة‪ .‬فحركة الرتمجة ال تهدأ يف العامل‬ ‫العربي‪ ،‬بل هي تزداد حضوراً‪ ،‬والسيّما وسط‬ ‫رواج األعمال املرتمجة وإقبال الق ّراء عليها‪.‬‬ ‫وما برح املرتمجون العرب يقبلون على عملهم‬ ‫بشغف ومحاسة‪ ،‬خصوصاً بعد ارتفاع أسعار‬ ‫الرتمجة أو "الرواتب" اليت يتقاضونها يف هذا‬ ‫مؤسسات‬ ‫احلقل‪ ،‬والسبب األبرز هو اضطالع ّ‬ ‫عربيّة كثرية يف مهمة متويل الرتمجة ومنها على‬ ‫سبيل املثل‪ :‬مشروع كلمة في أبو ظبي وترجم‬ ‫في دبي‪ ،‬إضافة إىل المركز القومي للترجمة‬ ‫المؤسسة العربية للترجمة التابعة‬ ‫يف مصر و‬ ‫ّ‬ ‫لـ مركز دراسات الوحدة العربية يف بيروت‪،‬‬ ‫والمركز الوطني للترجمة يف تونس والمجلس‬ ‫الوطني للثقافة واآلداب والفنون يف الكويت‬ ‫املؤسسات واجلمعيات‪.‬‬ ‫وسواها من ّ‬ ‫وقد انهمرت الرتمجات يف شتّى احلقول‪،‬‬ ‫اإلبداعية والعلمية واألكادميية‪ ،‬وصدرت‬


‫تجليات الرواية والشعر‬

‫خالل العام ‪ 2009‬عن اإلنكليزية والفرنسية‬ ‫واإلسبانية والصينية واليابانية والرتكية‬ ‫والروسية والفارسية وسواها‪ .‬وعلى مستوى‬ ‫الرتمجة اإلبداعية فقد ع ّربت أعمال روائية‬ ‫وشعرية وقصصية لكتاب من أمثال‪ :‬هنري‬ ‫ميلر‪ ،‬جون شتاينبك‪ ،‬أميلي رونتي‪ ،‬دوريس‬ ‫ليسنغ‪ ،‬سيمون دو بوفوار‪ ،‬إسماعيل كاداريه‪،‬‬ ‫وليم غولدنغ‪ ،‬أنطونيو غاالن ماريو فارغاس‬ ‫يوسا‪ ،‬إي‪ .‬أم فورستر‪ ،‬جورجي أمادو‪ ،‬باولو‬

‫قد يكون مسموحاً نشر نصوص مرتمجة‬ ‫عن لغة وسيطة يف الصحافة اليومية‪ ،‬والسيما‬ ‫إذا رافقت مقالة عن شاعر ما أو قاص‬ ‫وروائي‪ .‬أما أن تنشر مثل هذه الرتمجات‬ ‫منفردة يف كتب‪ ،‬فهذا ما ال ميكن األخذ به‪ .‬قد‬ ‫تكون الصحافة خري مالذ ملثل هذه الرتمجات‬ ‫العابرة‪ ،‬وقد حيتاجها القارئ اليومي بغية‬ ‫امتالك فكرة عن الكاتب الذي يقرأ عنه‪.‬‬ ‫لكن هذه الرتمجات غري مهيأة ألن تض ّمها‬ ‫كتب حتت ّل رفوف املكتبات‪ ،‬العامة والشخصية‪،‬‬ ‫وتصبح مبثابة مراجع يعاد اليها‪.‬‬ ‫مأزق الترجمة عن العبرية‬

‫عشية انصرام العام ‪ 2009‬ارتفعت أصوات‬ ‫أدباء مصريني تدعو عالنية إىل ترمجة األدب‬ ‫العربي إىل العربية‪ ،‬ورأوا يف هذه الرتمجة‬ ‫ضرورة مل يعد ممكناً التغاضي عنها‪ .‬هذه‬ ‫الدعوة اليت أُطلقت يف ختام املؤمتر الذي‬ ‫عقده اتّ حاد كتّ اب مصر حول الصراع العربي‬ ‫الصهيوني وأثره يف السرد املعاصر‪ ،‬بدت‬ ‫مفاجئة فع ًال وقد أثارت سجاالً كبرياً‪ .‬ولعلّها‬ ‫املرة األوىل تُطلق مثل هذه الدعوة علناً يف‬ ‫مؤمتر أدبي عرب ّي‪ ،‬فاملؤمترات العربية عاد ًة‬ ‫ترفض مشروعاً كهذا‪ ،‬والسبب مناهضة‬ ‫التطبيع واخلشية من أن تكون هذه الرتمجة‬ ‫خطوة أوىل وغري مباشرة حنو هذا التطبيع‪.‬‬ ‫وكان هلذه الدعوة أن ختتم السجال الذي‬ ‫قام يف مصر خالل العام ‪ 2009‬حول قضيّة‬ ‫الرتمجة إىل العربيّة أو منها‪ .‬وقد بلغ ذروته‬ ‫يف احلملة اليت واجهت الشاعرة املصرية إيمان‬ ‫مرسال اليت ترجم ديوانها جغرافية بديلة‬ ‫إىل العربية‪ .‬ولكن‪ ،‬ال تُنسى أيضاً البادرة اليت‬ ‫اعتزم القيام بها المجلس القومي للترجمة‬ ‫قبل أشهر دعماً لقضية الوزير فاروق حسني‬ ‫إبان "معركة اليونسكو" وتقضي بأن يُرتجم‬

‫ولع ّل الترجمات التي أنجزت عن‬ ‫لغة "وسيطة" ال يمكن التعامل معها إال‬ ‫كترجمات عابرة وناقصة‪ ،‬ألنها لم تت ّم‬ ‫عن الّلغة األم‪ ،‬وألنها "خانت" بدورها‬ ‫النصوص األصلية‪ .‬هذه الترجمات ال‬ ‫يمكنها أن تكون نهائية مهما بلغت متانتها‬ ‫وجماليتها‪ ،‬ومهما استقلّت بنفسها‬ ‫كنصوص على هامش النصوص األصلية‪.‬‬ ‫وهي ستظل‪ ،‬كترجمات‪ ،‬عرضة للتصويب‬ ‫أو النقد والمساءلة‪..‬‬

‫اإلبداع‬

‫كويهلو‪ ،‬أورهان باموك وسواهم‪.‬‬ ‫ولئن بدت حركة الرتمجة مزدهرة ولو‬ ‫ظاهراً وبعيداً عن املشكالت العديدة اليت‬ ‫تعانيها‪ ،‬فإن القضية الرئيسة اليت برزت‬ ‫خالل هذا العام متثّلت يف ما يُسمى "الرتمجة‬ ‫عن لغة وسيطة"‪ .‬وهذه "العادة" ما زالت‬ ‫قائمة على الرغم من رواج حركة الرتمجة‬ ‫اليت أسهم الدعم املالي يف ترسيخها أخرياً‪.‬‬ ‫ولع ّل الرتمجات اليت أجنزت عن لغة‬ ‫"وسيطة" ال ميكن التعامل معها إال كرتمجات‬ ‫عابرة وناقصة‪ ،‬ألنها مل تت ّم عن الّلغة األم‪،‬‬ ‫وألنها "خانت" بدورها النصوص األصلية‪.‬‬ ‫هذه الرتمجات ال ميكنها أن تكون نهائية‬ ‫مهما بلغت متانتها ومجاليتها‪ ،‬ومهما استقلّت‬ ‫بنفسها كنصوص على هامش النصوص‬ ‫األصلية‪ .‬وهي ستظ ُل‪ ،‬كرتمجات‪ ،‬عرضة‬ ‫للتصويب أو النقد واملساءلة‪.‬‬ ‫ولع ّل الرتمجات اليت أجنزت عن لغة‬ ‫"وسيطة" ال ميكن التعامل معها إال كرتمجات‬ ‫عابرة وناقصة‪ ،‬ألنها مل تت ّم عن الّلغة األم‪،‬‬ ‫وألنها "خانت" بدورها النصوص األصلية‪.‬‬ ‫هذه الرتمجات ال ميكنها أن تكون نهائية‬ ‫مهما بلغت متانتها ومجاليتها‪ ،‬ومهما استقلّت‬ ‫بنفسها كنصوص على هامش النصوص‬ ‫األصلية‪ .‬وهي ستظل‪ ،‬كرتمجات‪ ،‬عرضة‬ ‫للتصويب أو النقد واملساءلة‪.‬‬

‫‪427‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 428‬للتنمية الثقافية‬

‫ال ب ّد من التو ّقف أمام مؤتمرين عقدا‬ ‫خالل العام ‪ 2009‬وتناوال قضية النسوية‬ ‫األدبية‪ ،‬األول كان عنوانه "الحرية في‬ ‫األدب النسائي" وقد عقدته المؤسسة‬ ‫العامة للثقافة في العاصمة الّليبية طرابلس‪،‬‬ ‫والثاني عنوانه "منتدى المرأة العربية‬ ‫والمستقبل" الذي عقد في بيروت وش ّكل‬ ‫األدب النسائي جزءاً مهماً من برنامجه‪.‬‬ ‫وكان سبقهما مؤتمر "السرديات النسائية"‬ ‫الذي عقدته المكتبة الوطنية في الجزائر‬ ‫آخر العام ‪..2008‬‬

‫األدب اإلسرائيلي إىل العربية ولكن عن لغة‬ ‫وسيطة وليس عن العربية‪ ،‬لئال تُدرج هذه‬ ‫الرتمجة يف خانة "التطبيع" الثقايف‪.‬‬ ‫إال أن بعض الكتّاب رأوا أن هذه الدعوة أو‬ ‫البادرة ليست سليمة أو صحيحة‪ ،‬فهي تك ّرس‬ ‫يف نظرهم مبدأ "القرصنة" األدبية اليت يزخر‬ ‫وترسخ ثانياً مبدأ‬ ‫بها عامل النشر العربي‪ّ ،‬‬ ‫الرتمجة عن لغة وسيطة وليس عن الّلغة األم‪،‬‬ ‫وهذا ما يناقض ّ‬ ‫خطة الناقد جابر عصفور‬ ‫اليت ارتآها لـ المركز القومي للترجمة‪ .‬وقد‬ ‫أراد الوزير حسني عرب هذه الدعوة أن يثبت‬ ‫للغرب أنه ليس من دعاة حرق الكتب العربيّة‬ ‫كما أشيع عنه انطالقاً من مجلة قاهلا م ّرة‪،‬‬ ‫وال من مناهضي ترمجة األدب اإلسرائيلي إىل‬ ‫العربية‪.‬‬ ‫أما دعوة بعض األدباء املصريني إىل‬ ‫ترمجة األدب العربي‪ ،‬فهي ليست جبديدة‬ ‫وإن كانت جريئة‪ .‬فاألدب العربي يرتجم‬ ‫دوماً إىل العربية‪ .‬وتكاد تكون هذه الرتمجة‬ ‫حمط إهتمام الكثريين من األدباء أو املثقفني‬ ‫والق ّراء العرب‪ .‬هذه الرتمجة غالباً ما تت ّم‬ ‫يف صورة شبه سريّة أو غري معلنة يف أحيان‪،‬‬ ‫ومتقطعة أو غري متوالية‪ ،‬لكنها تؤ ّدي دورها‬ ‫يف إيصال بعض األصوات األدبية العربية إىل‬ ‫القراء العرب‪ .‬جملة الكرمل الفلسطينية على‬ ‫سبيل املثال‪ ،‬ق ّدمت مناذج ع ّدة من األدب‬ ‫العربي‪ ،‬وقبلها جملة مشارف اليت أسسها إميل‬ ‫حبيبي‪ .‬وال ميكن أيضاً جتاهل ما تُرجم من‬ ‫روايات إسرائيلية يف فلسطين والقاهرة وعمان‬ ‫وبيروت وسواها‪ ،‬وبعضها لكتّاب معروفني مثل‪:‬‬ ‫عاموس عوز وعاموس كينان وابراهام يهوشع‬ ‫وسواهم‪ ...‬ومل يتو ّرع شاعر مثل سميح القاسم‬

‫‪ 1948‬وفلسطين احمل ّررة‪ ،‬ولو مل تو ّزع األعمال‬ ‫املرتمجة يف السوق العربية أو مل تصل إىل‬ ‫القارئ العربي‪.‬‬ ‫وكلما تُرجم كتاب عربي إىل العربية‬ ‫ترتفع أصوات عربية معرتضة على هذه‬ ‫الرتمجة‪ ،‬ومعلنة رفضها "التطبيع" الثقايف‬ ‫مع إسرائيل‪ .‬فالرتمجة إىل العربية هي‬ ‫يف نظر هؤالء‪ ،‬ضرب من ضروب التطبيع‬ ‫الثقايف حتى وإن كان هذا التطبيع منقوصاً أو‬ ‫من جهة واحدة‪ .‬إال أن الرتمجة إىل العربية‬ ‫غالباً ما تت ّم عرب "القرصنة" امل ّموهة أو غري‬ ‫املعلنة‪ ،‬اليت ترضي الكتّاب العرب والناشر‬ ‫اإلسرائيلي يف آن واحد‪ .‬يغض الكتّاب العرب‬ ‫الذي ترتجم مؤلفاتهم إىل العربيّة نظرهم أو‬ ‫يعرتضون ظاهراً‪ ،‬ويلقون التبعة على القرصنة‬ ‫اإلسرائيلية‪ ،‬أما الناشر اإلسرائيلي فال جيد‬ ‫أ ّي حرج يف ارتكاب هذه "البادرة" اليت جتعل‬ ‫األدب العربي يف متناول الق ّراء اإلسرائيليني‬ ‫وختدم "فكرة" إسرائيل وادعاء االنفتاح على‬ ‫العرب‪.‬‬ ‫إال أن السجال الذي يستعيد نفسه كلما‬ ‫ترجم كتاب عربي إىل العربية يبدو أنه ال يؤثّر‬ ‫يف مسألة الرتمجة هذه‪ ،‬فأعداد الكتب اليت‬ ‫ترمجت إىل العربية منذ مطلع الثالثينيات‬ ‫عندما تُرجم كتاب طه حسني "األيام" حتى‬ ‫اآلن مل تعد حتصى‪ .‬فالرتمجة مستم ّرة‬ ‫والكتّاب العرب املرتمجون ليسوا مبتضررين‬ ‫حتى وإن أعلنوا رفضهم هذه الرتمجة‪ .‬ويكفي‬ ‫أن نستعرض أمساء الشعراء والروائيني‬ ‫العرب الذين ترمجوا إىل العربية‪ ،‬برضاهم‬ ‫أو بعدم رضاهم‪ ،‬ومن هذه األمساء‪ :‬طه‬ ‫حسين‪ ،‬توفيق الحكيم‪ ،‬نجيب محفوظ‪،‬‬

‫عن كتابة مقدمة إلحدى الروايات اإلسرائيلية‬ ‫يف ترمجتها العربية‪ .‬وتبدو حركة الرتمجة من صنع الله إبراهيم‪ ،‬وقد يعين هذا األمر أن‬ ‫العربية إىل العربية ناشطة حالياً يف فلسطين ال أحد يستطيع ختوين الروائيني والشعراء‬ ‫محمود درويش‪ ،‬محمد شكري‪ ،‬إلياس خوري‪،‬‬


‫تجليات الرواية والشعر‬

‫ترى هل بات من الممكن اليوم‬ ‫الكالم على أدب "نسائي" وآخر "رجالي"‬ ‫أو ذكوري؟ ألم يستطع النص "النسائي"‬ ‫أن ّ‬ ‫النص‬ ‫يتخطى في أحيان كثيرة سلطة ّ‬ ‫"الذكوري" ويفضحه متقدماً عليه بجرأته‬ ‫وعمقه؟ ولع ّل ما ال يمكن تجاهله حقاً أن‬ ‫ثمة نصوصاً كتبها نسوة لم يستطع أ ّي‬ ‫رجل أن يبلغ ما بلغته من ذرى‪ ،‬وال أن‬ ‫يسبر ما سبرته من أعماق‪..‬‬

‫اإلبداع‬

‫العرب الذين تُرمجت أعماهلم إىل العربية‪ ،‬أن جييبا عنها هي‪ :‬ال يزال مصطلح "األدب‬ ‫مع أن الرتمجة هذه ال ميكنها أن تكون سليمة النسوي" وما دار يف فلكه مثل "أدب املرأة" أو‬ ‫"إجيابية"‪ ،‬فالرتمجة هي يف أصلها حوار بني "األدب النسائي" أو "األدب األنثوي" غامضاً‬ ‫نص وآخر‪ ،‬وخارج هذا احلوار أو مبهماً باألحرى‪ ،‬نظراً إىل طابعه املطلق‬ ‫لغة وأخرى‪ ،‬بني ّ‬ ‫ال ميكنها أن تقوم‪ .‬والرتمجة من العربية إىل ومعايريه غري الثابتة‪ ،‬ومقاييسه العصية على‬ ‫العربية هي ترمجة إشكالية ألنها مقتطعة أو الوصف أو التحديد‪ .‬فما هو هذا األدب الذي‬ ‫جمتزأة وناقصة‪ .‬إنها تت ّم كما لو كانت فعل ال يُعرف عنه سوى ارتباطه باملرأة‪ ،‬كاتبة‬ ‫قرصنة أو سلب‪ .‬فال حوار فيها وال حوار قبلها وقضية؟ هل هو األدب الذي تكتبه املرأة‬ ‫نفسها؟ أو أنه األدب الذي يتناول شؤون املرأة‬ ‫وال بعدها‪.‬‬ ‫وشجونها‪ ،‬سواء كتبه رجل أم امرأة؟‬ ‫هذه األسئلة وسواها ُطرحت بإحلاح يف‬ ‫إشكالية األدب النسوي‬ ‫برزت ظاهرة األدب النسوي خالل املؤمترات الثالثة وقد شارك فيها مجع من‬ ‫العام ‪ 2009‬وكادت أن تكون إحدى القضايا الكاتبات والكتّاب العرب‪ .‬لكن األسئلة هذه مل‬ ‫مما كتب تلق أجوبتها الشافية‪ ،‬كالعادة‪ ،‬وبدت األجوبة‬ ‫اإلشكالية‪ ،‬على الرغم من الكثري ّ‬ ‫يف هذا احلقل من أحباث ودراسات ومقاالت مؤجلة كما حيصل دوماً يف املؤمترات اليت‬ ‫اختلفت يف مقاربتها هلذه القضيّة ويف نظرتها تتواىل بني مدينة عربية وأخرى‪.‬‬ ‫تُرى هل بات من املمكن اليوم الكالم على‬ ‫إليها‪ .‬والالفت أن األدب النسوي أو النسائي‬ ‫إذا شئنا التعميم كان ّ‬ ‫حمط اهتمام الباحثني أدب "نسائي" وآخر "رجالي" أو ذكوري؟ أمل‬ ‫النص "النسائي" أن ّ‬ ‫يتخطى يف أحيان‬ ‫والباحثات العرب واملبدعني واملبدعات‪ .‬وقد يستطع ّ‬ ‫النص "الذكوري" ويفضحه‬ ‫ترافق املسار النقدي مع املسار اإلبداعي كثرية سلطة ّ‬ ‫األدبي‪ ،‬أوالً من خالل الكتب اليت صدرت‪ ،‬متقدماً إياه‪ ،‬جبرأته وعمقه؟ لع ّل ما ال ميكن‬ ‫وثانياً عرب املؤمترات اليت دارت حول هذه جتاهله حقاً أن مثة نصوصاً كتبتها نسوة مل‬ ‫يستطع أ ّي رجل أن يبلغ ما بلغته من ذرى وال‬ ‫القضية‪.‬‬ ‫وال ب ّد يف البداية من التو ّقف أمام مؤمترين أن يسرب ما سربته من أعماق‪ .‬هناك كاتبات‬ ‫عقدا خالل العام ‪ 2009‬وتناوال قضية النسوية كبريات مثلما هناك كتّاب كبار‪ .‬هناك أدب ال‬ ‫األدبية‪ ،‬األول كان عنوانه "احلرية يف األدب ميكن إدراجه يف خانة "اجلنس"‪ ،‬أو سجنه يف‬ ‫النسائي" وقد عقدته المؤسسة العامة للثقافة هذه "الزنزانة" اليت يبدو أنها صنعت لتأسر‬ ‫يف العاصمة الّليبية طرابلس‪ ،‬والثاني عنوانه أدب املرأة وتؤ ّكد حرية أدب الرجل‪ .‬وقد تكون‬ ‫"منتدى املرأة العربية واملستقبل" الذي عقد املرأة يف أحيان متواطئة يف صنع هذه "اخلانة"‬ ‫يف بيروت وش ّكل األدب النسائي جزءاً مهماً أو السجن‪ ،‬ويف ظنّها أن االنفصال عن األدب‬ ‫من برناجمه‪ .‬وكان سبقهما مؤمتر "السرديات الذكوري واالنعزال يف بقعة ضيقة‪ ،‬يساعدانها‬ ‫النسائية" الذي عقدته المكتبة الوطنية في على التح ّرر من سلطة الرجل اليت منحه‬ ‫الجزائر آخر العام ‪ ،2008‬ومل تكن حماوره إياها التاريخ كما منحته إياها احلياة نفسها‬ ‫و"القيم" واملبادئ‪.‬‬ ‫بعيدة من حماور املؤمترين هذين‪.‬‬ ‫ومل يكن اختيار هذه "اخلانة" إال إمعاناً‬ ‫ولع ّل األسئلة اليت سعى املؤمتران إىل‬

‫‪429‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 430‬للتنمية الثقافية‬

‫من بين التوصيات التي رفعت في‬ ‫ختام مؤتمر "الحرية في األدب النسائي"‬ ‫تخصص جائزة لألدب النسائي‬ ‫أن ّ‬ ‫تشجيعاً للمرأة العربية المبدعة‪ ،‬وأن‬ ‫تخصص جائزة للنقد النسائي تشجيعاً‬ ‫ّ‬ ‫لهذا الفرع المه ّم من فروع المعرفة‪،‬‬ ‫ُخصص وزارات الثقافة العربية‬ ‫وأن ت ّ‬ ‫والمؤسسات المعنيّة مساحة أكبر‬ ‫ّ‬ ‫لنشراألعمال األدبية النسائية‪ ،‬إنشاء‬ ‫مركز أبحاث يعنى بإنتاج اإلبداع النسائي‬ ‫في شتّى فروعه‪..‬‬

‫كتاب الناقدة خالدة سعيد وعنوانه‬ ‫"في البدء كان المثنى" شاءته الناقدة‬ ‫منطلقاً للكشف عن قضايا الكاتبات‬ ‫المبدعات في العالم العربي‪ .‬وسعياً‬ ‫إلى ترسيخ مقاربتها النقدية هذه تر ّكز‬ ‫خالدة على المف ّكر المصري قاسم أمين‪،‬‬ ‫فتتناول أفكاره وتستعرضها ثم تربطها‬ ‫بسياقها التاريخي‪ ،‬لكنها ال توفّره من‬ ‫بعض المالحظات النقدية متوقفة عند‬ ‫حال التناقض الذي اعترى فكره‪ .‬فهو‪،‬‬ ‫بنظرها‪ ،‬يش ّدد تارة على إنسانية المرأة‬ ‫ويتكلّم عليها طوراً ببعدها الوظيفي‬ ‫والبيولوجي‪..‬‬

‫النص‬ ‫يف "الفرز" العنصري ويف ترسيخ سلطة ّ‬ ‫النص النسوي‪ .‬نُفي أدب‬ ‫الذكوري وتهميش ّ‬ ‫املرأة إىل اهلامش واحت ّل أدب الرجل املنت‪.‬‬ ‫أدب ي ّدعي امتالكه احل ّق الق َدري يواجه أدباً‬ ‫منفياً خارج التخوم‪.‬‬ ‫تُرى هل ميكن الكالم على أدب نسائي‬ ‫مثلما جيري الكالم مث ًال على أدب عربي وآخر‬ ‫أجنيب‪ ،‬على أدب واقعي وآخر رمزي‪ ،‬على‬ ‫أدب سياسي وآخر اجتماعي؟ أال تشارك املرأة‬ ‫مثل الرجل متاماً‪ ،‬يف صنع اآلداب مجيعها؟ أال‬ ‫تسهم أيضاً يف خلق األدب اإلنساني العام الذي‬ ‫ويتوجه إىل اإلنسان؟‬ ‫ينطلق من اإلنسان ّ‬ ‫وإذا كان من الصعب جتاهل ظاهرة األدب‬ ‫"النسائي" أو "النسوي" املستشرية يف العامل‬ ‫العربي‪ ،‬بعدما سعت كاتبات وناقدات عربيات‬ ‫إىل ترسيخها انتقاماً لصورته ّن وانتقاماً من‬ ‫سلطة الرجل‪ ،‬فما ميكن فعله هو إلغاء النزعة‬ ‫"العنصرية" اليت تسم هذا األدب واليت‬ ‫ومؤسسات أو مجعيات‬ ‫أص ّرت عليها كاتبات ّ‬ ‫نسوية‪ .‬فهذه النزعة "العصبية" تشبه النزعة‬ ‫األخرى‪ ،‬الذكورية‪ ،‬اليت ابتدعها وتبنّاها كتّاب‬ ‫"ذكوريون" منذ أعوام بعيدة‪ .‬أدب املرأة هو‬ ‫أدب اإلنسان مثلما أن أدب الرجل هو أدب‬ ‫اإلنسان‪ .‬أما اخلصائص اليت ختتلف بني‬ ‫األدبني واخلصال اليت متيّز بني واحدهما‬ ‫واآلخر‪ ،‬فهي ال ميكن إدراجها إال يف باب‬ ‫الضرورة‪ .‬إنها اخلصائص أو اخلصال نفسها‬ ‫اليت متيّز أدباً عن أدب آخر‪ ،‬أو أدباً سياسياً‬ ‫عن أدب سياسي آخر‪.‬‬ ‫لع ّل أهم ما سعت إليه املؤمترات الثالثة‬ ‫هو خلق مناخ خمتلط‪ ،‬امتزجت فيه وتساوت‪،‬‬ ‫تنف الصوت‬ ‫أصوات الكاتبات والكتّاب‪ .‬مل ِ‬ ‫الذكوري لتقتصر على األصوات النسائية‪ ،‬بل‬ ‫أتاحت للكاتب الرجل أن يطرح رأيه ويعبرّ عن‬ ‫وجهة نظره حيال أدب املرأة‪ ،‬وأن يشارك يف‬

‫هذا السجال التارخيي الذي ال نهاية له كما‬ ‫يبدو‪ ،‬يف العامل العربي‪ .‬أما األصوات النسائية‬ ‫فكانت حقيقية وصادقة وعاجلت "القضية" يف‬ ‫خمتلف وجوهها‪ ،‬وانطلقت من مواقع املرأة‬ ‫كافة‪ ،‬ومن معاناتها الشاملة‪ ،‬كامرأة وكائن‬ ‫أو إنسان‪.‬‬ ‫مجعت املؤمترات الثالثة أمساء عربية‬ ‫مهمة وبعضها من أبرز األمساء اليت حتتل‬ ‫"واجهة" األدب "النسائي" مثل‪ :‬سلوى بكر‬ ‫(مصر)‪ ،‬ربيعة جلطي (الجزائر)‪ ،‬علوية‬

‫صبح (لبنان)‪ ،‬ليلى األطرش (فلسطين)‪،‬‬ ‫سميحة خريس (األردن)‪ ،‬روزا ياسين حسن‬ ‫(سورية)‪ ،‬ميسون صقر (اإلمارات)‪ ،‬بروين‬ ‫حبيب (البحرين)‪ ،‬ديمة الشكر (سورية)‪،‬‬ ‫نجاة علي (مصر)‪ ،‬فاطمة الحاجي ورزان‬ ‫المغربي (ليبيا)‪ ،‬بدرية البشر وسمر المقرن‬ ‫(السعودية)‪ ،‬حنان الشيخ (لبنان)‪ ،‬خولة‬ ‫الكريع (السعودية)‪ ،‬ليلى العثمان (الكويت)‪،‬‬ ‫سمر يزبك (سوريا)‪ ،‬عفاف البطانية (األردن)‬

‫وسواهنّ‪ .‬عطفاً على كتّاب ونقّاد عرب‪ .‬أما‬ ‫الشهادات فكانت أقرب إىل النصوص احليّة‬ ‫اليت تعبرّ عن التجربة اليت ختوضها الكاتبة‬ ‫العربية يف العصر الراهن واملشكالت اليت‬ ‫تواجهها‪.‬‬ ‫والتوصيات اليت رفعت يف ختام مؤمتر‬ ‫"احلرية يف األدب النسائي" على سبيل املثال‬ ‫مل تب ُد خمتلفة عن التوصيات اليت تُرفع عادة‬ ‫يف مثل هذه الندوات أينما عقدت‪ .‬ومنها‪ :‬أن‬ ‫تكون هذه الندوة الّلبنة األوىل لندوات مقبلة وأن‬ ‫تعقد سنوياً يف اجلماهريية أو يف إحدى الدول‬ ‫ختصص جائزة لألدب النسائي‬ ‫العربية‪ ،‬أن ّ‬ ‫تشجيعاً للمرأة العربية املبدعة وحتفيزاً إلبراز‬ ‫أعمال قيّمة تُعنى بقضايا اإلنسان احل ّر الذي‬ ‫ختصص جائزة‬ ‫ظ ّل مهمشاً لفرتة طويلة‪ ،‬أن ّ‬ ‫للنقد النسائي تشجيعاً هلذا الفرع امله ّم من‬


‫تجليات الرواية والشعر‬

‫فروع املعرفة‪ ،‬أن تخُ ّصص وزارات الثقافة‬ ‫واملؤسسات املعنيّة مساحة أكرب‬ ‫العربية‬ ‫ّ‬ ‫لنشر األعمال األدبية النسائية‪ ،‬إنشاء مركز‬ ‫أحباث يعنى بإنتاج اإلبداع النسائي يف شتّى‬ ‫فروعه‪ .‬وبدا واضحاً من خالل هذه التوصيات‬ ‫أن املؤمتر مل يسع إىل نقض مقولة "األدب‬ ‫النسائي" وختطيها‪ ،‬مبقدار ما حاول بلورتها‬ ‫وإضفاء طابع "إنسانوي" عليها‪ .‬ولع ّل هذا ما‬ ‫يؤ ّكد رسوخ "اخلانة" اليت طاملا أُدرج فيها‬ ‫أدب املرأة‪ ،‬واليت سيظ ّل يدرج فيها‪ ،‬على‬ ‫خالف األدب النسائي يف الغرب الذي ّ‬ ‫ختطى‬ ‫هذا "الشرك" أو هذا "السجن" الرمزي الذي‬ ‫أسهم الرجل واملرأة معاً يف صنعه‪.‬‬ ‫المرأة الكاتبة‬

‫أفكاره وتستعرضها ثم تربطها بسياقها‬ ‫التارخيي‪ ،‬لكنها ال تو ّفره من بعض املالحظات‬ ‫النقدية متوقفة عند حال التناقض الذي‬ ‫اعرتى فكره‪ .‬فهو‪ ،‬بنظرها‪ ،‬يش ّدد تارة على‬ ‫إنسانية املرأة ويتكلّم عليها طوراً ببعدها‬ ‫الوظيفي والبيولوجي‪ .‬ومن الكاتبات الّلواتي‬ ‫تناولته ّن خالدة‪ :‬فدوى طوقان‪ ،‬أندريه شديد‪،‬‬

‫سحر خليفة‪ ،‬ليانة بدر‪ ،‬نادية تويني‪ ،‬سنية‬ ‫صالح وسواهن‪.‬‬

‫ويف السياق نفسه أصدرت الكاتبة األردنية‬ ‫زليخة أبو ريشة كتاباً بعنوان أنثى اللغة ساعية‬ ‫فيه إىل مواصلة مشروعها األدبي والفكري‬ ‫الداعي إىل حترير املرأة من التصنيف النسوي‪.‬‬ ‫حتاول أبو ريشة املعروفة بنتاجها اإلبداعي‪،‬‬ ‫الشعري والنثري‪ ،‬أن تستبدل اخلطاب الّلغوي‬ ‫والثقايف العربي الذي تهيمن عليه الثقافة‬ ‫الذكورية‪ ،‬خبطاب آخر يعيد إىل املعجم الّلغوي‬ ‫والثقايف العربي طابعه احليوي واملتن ّوع يف صيغة‬ ‫تولي اهتماماً كبرياً لشخصية املرأة العربية‬ ‫وحلضورها البارز يف املشهد الثقايف العربي‪،‬‬ ‫وتعيد االعتبار إىل الدور النسوي يف إدارة شؤون‬ ‫وختص الكاتبة رواية ذاكرة الجسد‬ ‫العامل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫للكاتبة اجلزائرية أحالم مستغانمي بفصل‬ ‫عنوانه الّلغة المذكّ رة في الرواية المؤنثة‪ .‬ويف‬ ‫رأيها أن لغة مستغانمي ذكورية بامتياز ما جعل‬ ‫من منظومتها الفكرية منظومة ذكورية متلك‬ ‫النظرة االستعالئية الذكورية نفسها إىل املرأة‪.‬‬ ‫أما أحالم مستغانمي اليت ما زالت أعماهلا‬ ‫مثار سجال يف حقل النسوية‪ ،‬فأطلت خالل‬ ‫العام ‪ 2009‬بكتاب "نسوي" الفت جداً‪ ،‬بعنفه‬ ‫الرمزي وصرخته احلا ّدة‪ .‬وبدا الكتاب مفاجأة‬ ‫حقاً يف مرحلة تكاد تنعدم فيها ثقافة الفعل‬ ‫النسوي أو الذكوري‪ ،‬والسيما يف األدب واإلبداع‬ ‫عموماً‪ ،‬وهنا تكمن خطورة هذا الكتاب‪.‬‬ ‫كان ق ّراء الكاتبة أحالم مستغانمي ينتظرون‬

‫كان ق ّراء الكاتبة أحالم مستغانمي‬ ‫ينتظرون رواية جديدة لها لكنها فاجأتهم‬ ‫بكتاب يصعب تصنيفه‪ ،‬فال هو رواية وال‬ ‫مجموعة قصصية وال مجموعة مقاالت‪...‬‬ ‫كتاب ال هوية له‪ ،‬وقد يكون أقرب إلى‬ ‫"البيان" النسوي موزّعاً على فصول‪.‬‬ ‫وغرابة هذا الكتاب تبدأ من عنوانه‬ ‫وهو نسيان كوم الذي يتّكئ على الشعار‬ ‫اإللكتروني الرائج‪ .‬ولعلها قصدته لتعلن‬ ‫عنوان الموقع النسوي الجديد الذي‬ ‫أعلنت تأسيسه في هذا الكتاب‪..‬‬

‫اإلبداع‬

‫أما على مستوى التأليف والنشر فربزت‬ ‫كتب ع ّدة يف هذا امليدان وبدت كأنها تواصل‬ ‫السجال حول األدب النسوي‪ .‬وأ ّول كتاب ميكن‬ ‫التوقف عنده هو كتاب الناقدة خالدة سعيد‬ ‫وعنوانه في البدء كان المثنى (دار الساقي)‪.‬‬ ‫وهذا الكتاب شاءته الناقدة منطلقاً للكشف‬ ‫عن قضايا الكاتبات املبدعات يف العامل العربي‬ ‫لكنّها مل حتصره يف اإلبداع األدبي‪ ،‬بل تناولت‬ ‫من خالله أيضاً التجربة النسائية والوجود‬ ‫النسائي‪ .‬والكتاب ال ميكن إطالق "تهمة"‬ ‫النسوية عليه‪ ،‬ألنه مقاربة نقدية عميقة تتناول‬ ‫وضع املرأة يف اجملتمع العربي من وجهات نظر‬ ‫ع ّدة وتكشف بالتالي منظومة من األفكار تتعلق‬ ‫بالعلم واملعرفة والرتبية والفكر‪.‬‬ ‫يف املقدمة تطرح الناقدة أفكارها التنويرية‬ ‫وترسم وجهة كتابها واألسباب اليت محلتها‬ ‫على معاجلة وضع املرأة املتدنّي حبوافزه‬ ‫وخلفياته وبالنتائج اليت آل إليها‪ .‬وسعياً إىل‬ ‫ترسيخ مقاربتها النقدية هذه تر ّكز خالدة‬ ‫على املف ّكر املصري قاسم أمين‪ ،‬فتتناول‬

‫‪431‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 432‬للتنمية الثقافية‬

‫بعض النقّاد ال يتوانى عن الحديث‬ ‫عن "موت" القصة القصيرة‪ .‬لك ّن العام‬ ‫‪ 2009‬لم يكن مجحفاً بح ّق هذا الجنس‬ ‫األدبي الملتبس إذ أطلقت القاهرة أول‬ ‫ملتقى عربي للقصة القصيرة وقد شارك‬ ‫فيه نقاد وقاصون وروائيون لمعالجة ف ّن‬ ‫القصة القصيرة وإشكالياتها المتع ّددة‪.‬‬ ‫القضية األولى التي تمت مواجهتها‬ ‫القاصين أو األدباء المتف ّرغين‬ ‫هي ندرة ّ‬ ‫لكتابة القصة القصيرة‪ .‬إنهم قلّة فعالً‬ ‫أولئك الكتّاب الذين اكتفوا بهذا الف ّن‬ ‫الذي ال يزال شبه هجين وشبه مه ّدد‬ ‫دوماً أمام "زحف" الرواية التي تحت ّل‬ ‫"الساحة" األدبية‪..‬‬

‫رواية جديدة هلا لكنها فاجأتهم بكتاب يصعب‬ ‫تصنيفه‪ ،‬فال هو رواية وال جمموعة قصصية‬ ‫وال جمموعة مقاالت‪ ...‬كتاب ال هوية له‪ ،‬وقد‬ ‫يكون أقرب إىل "البيان" النسوي مو ّزعاً على‬ ‫فصول‪ .‬وغرابة هذا الكتاب تبدأ من عنوانه‬ ‫وهو نسيان كوم (دار اآلداب) الذي يتكئ على‬ ‫الشعار اإللكرتوني الرائج‪ .‬ولعلها قصدته‬ ‫لتعلن عنوان املوقع النسوي اجلديد الذي‬ ‫أعلنت تأسيسه يف هذا الكتاب‪ .‬ومحل الغالف‬ ‫مجلة أو "إعالناً" مثرياً مؤ ّداه أن هذا الكتاب‬ ‫ّ‬ ‫"حيظر بيعه للرجال"‪ .‬وقد جاهرت أحالم يف‬ ‫أحد الفصول األخرية بأن عليها مجع أربعني‬ ‫ألف توقيع نسائي عرب هذا الكتاب‪.‬‬ ‫قد يظ ّن قراء أحالم مستغانمي أن هذا‬ ‫الكتاب ضرب من "املزاح" الذي شاءت الكاتبة‬ ‫األكثر شهرة عربياً‪ ،‬أن تالطفهم به وتؤانسهم‪،‬‬ ‫لكنه مل خي ُل من الّلهجة احلامسة واملواقف‬ ‫النسوية الصارمة واحلماسة النضالية‪ ،‬على‬ ‫الرغم من بعض "النكات" أو "الّلقطات"‬ ‫الطريفة والساخرة اليت تتخلّله‪ .‬ال تنكر أحالم‬ ‫أن الكتاب "جردة نسائية ض ّد الذكورة"‪ ،‬وقد‬ ‫مسته الـ "بالغ رقم‬ ‫أذاعت يف مستهله ما ّ‬ ‫واحد"‪ ،‬معلنة تأسيس "حزب جديد"‪ ،‬هو‬ ‫كما يفهم القارئ للت ّو حزب "النسيان"‪ .‬ولعل‬ ‫أمجل وصف تبتدعه للنسيان هو أنه "أفضل‬ ‫كريم ض ّد التجاعيد"‪.‬‬ ‫الكاتبة والطبيبة نوال السعداوي مل تغب‬ ‫هذا العام أيضاً عن معرتك األدب النسوي‪،‬‬ ‫فقد أصدرت رواية بعنوان زينة (دار الساقي)‪،‬‬ ‫ويف هذه الرواية تص ّر السعداوي على أداء‬ ‫دور املصلحة واملناضلة النسوية والباحثة‬ ‫والطبيبة واملرشدة االجتماعية‪ .‬وهي أص ًال‬ ‫معروفة بدفاعها عن النزعة األنثوية يف وجه‬ ‫الذكورية‪ ،‬األنثوية القويّة أواملتينة والقادرة‬ ‫فع ًال على مواجهة السلطة الذكورية‪ .‬وحتيل‬

‫قارئ روايتها إىل التاريخ السحيق الذي أعلى‬ ‫من مقام الرجل ومكانته ودوره‪ ،‬وأخضع املرأة‬ ‫ملنزلة دون منزلة الرجل‪ .‬وإن كانت السعداوي‬ ‫ترفع لواء الدفاع عن املرأة باملطلق‪ ،‬فإنها‬ ‫تقسو على بنات جنسها اخلانعات املتخاذالت‬ ‫وحتضه ّن على انتزاع حقوقه ّن‬ ‫املرت ّددات‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بأيديهنّ‪ ،‬واستعادة العالقة املتوازنة بينه ّن‬ ‫وبني الرجل‪ ،‬أياً كانت صفته‪.‬‬ ‫ومن الكتب الالفتة يف هذا امليدان أيضاً‬ ‫كتاب الناقد األردني نزيه أبو نضال وعنوانه‬ ‫حدائق األنثى (دار أزمنة)‪ .‬والكتاب هذا‬ ‫يتّسم بالشمولية يف املوضوعات والقضايا‬ ‫واملصطلحات واألجناس املتن ّوعة يف إبداع‬ ‫املرأة‪ .‬ال يؤيّد الكاتب رفض بعض الكاتبات‬ ‫لتسمية الكتابة النسوية‪ ،‬مربراً ذلك‬ ‫بالوضع االجتماعي للمرأة العربية تارخيياً‪،‬‬ ‫وباخلصائص البيولوجية ثانياً‪ .‬ويشري هنا إىل‬ ‫أن الكتابة النسوية ال تعين نسبتها إىل املرأة‬ ‫الكاتبة مقدار ما تعين نسبتها إىل مضمون‬ ‫الكتابة ذاتها‪ ،‬من حيث تناوهلا قضايا املرأة‪،‬‬ ‫وحي ّدد املسألة هنا باجلنسوية واجلندرة‪ .‬وقد‬ ‫يتوافق البعض مع تص ّور الكاتب هذا وقد‬ ‫خيتلف البعض معه‪ .‬فمربرات االحنياز إىل‬ ‫كتابة نسوية‪ ،‬ليست كافية أو واضحة‪ ،‬فالوضع‬ ‫االجتماعي للمرأة العربية ليس نتيجة ثقافة‬ ‫جمزأة‪ ،‬مقدار ما هو جت ّل لثقافة اجتماعية‬ ‫واحدة‪ ،‬وهي ثقافة متغلغلة يف املرأة العربية‬ ‫كما يف الرجل نفسه‪.‬‬ ‫مفارقات القصة القصيرة‬

‫غالباً ما يدور الكالم يف الساحة األدبية‬ ‫العربية على أزمة القصة القصرية ومعاناتها‪،‬‬ ‫حتى أن بعض النقاد ال يتوانى عن احلديث‬ ‫عن "موت" القصة القصرية‪ .‬لك ّن العام‬ ‫‪ 2009‬مل يكن جمحفاً حب ّق هذا اجلنس‬


‫تجليات الرواية والشعر‬

‫الحدث البارز هو منح "ملتقى‬ ‫القاهرة األول للقصة العربية" جائزته‬ ‫األولى إلى القاص السوري زكريا تامر‪،‬‬ ‫وقد كانت هذه الجائزة أه ّم تكريم‬ ‫يحظى به زكريا هو الذي يقارب التاسعة‬ ‫والسبعين من العمر‪ .‬فاز تامر سابقاً‬ ‫بجوائز ع ّدة‪ ،‬لك ّن هذه الجائزة ك ّرست‬ ‫ريادته للقصة العربية الجديدة في مرحلة‬ ‫ما بعد يوسف إدريس‪..‬‬

‫اإلبداع‬

‫األدبي امللتبس إذ أطلقت القاهرة أول ملتقى غري أن تنتمي إىل الشعر‪ ...‬مل تستطع القصة‬ ‫عربي للقصة القصرية وقد شارك فيه نقاد يوماً أن تصبح نوعاً ثابتاً مبعايريه وشروطه‪،‬‬ ‫وقاصون وروائيون ملعاجلة ف ّن القصة القصرية وربمّ ا هنا تكمن فرادتها‪ .‬إنها نوع مفتوح‬ ‫على احتماالت الكتابة نفسها‪ .‬ومهما سعى‬ ‫وإشكالياتها املتع ّددة‪.‬‬ ‫متت مواجهتها هي النقّاد إىل حصر مواصفاتها أو شروطها اليت‬ ‫والقضية األوىل اليت ّ‬ ‫القاصني أو األدباء املتف ّرغني لكتابة باتت معروفة‪ ،‬فهي تظ ّل غري قابلة للحصر‪،‬‬ ‫ندرة ّ‬ ‫القصة القصرية‪ .‬إنهم قلّة فع ًال أولئك الكتّاب وقد اختلف النقّاد أنفسهم حوهلا إىل ح ّد‬ ‫الذين اكتفوا بهذا الف ّن الذي ال يزال شبه التناقض‪ .‬هذه القصة القصرية اليت قد تطول‬ ‫هجني وشبه مه ّدد دوماً أمام "زحف" الرواية حيناً وقد تقصر حيناً حتى لتصبح قصرية‬ ‫اليت حتت ّل "الساحة" األدبية‪ .‬وإذا حبثنا اليوم جداً فال تتع ّدى األسطر‪ ،‬ما زالت حتيرّ النقّاد‬ ‫ثان أو‬ ‫عن ّ‬ ‫قاصني صرفوا حياتهم هلذا الف ّن وحده‪ ،‬والكتّاب أنفسهم الذين "أدمنوها" كف ّن ٍ‬ ‫القصة أعطت ك ّل الفنون األخرى‪ ،‬وال‬ ‫مك ّرسني له أقالمهم وخميالتهم‪ ،‬ملا وجدنا ثانو ّي‪ّ .‬‬ ‫إال بضعة أمساء‪ .‬فما من كاتب بات يه ّمه أن سيما الرواية والقصيدة‪ ،‬لك ّن هذه الفنون مل‬ ‫مما أعطت‪ .‬كم من قصة‬ ‫يُس ّمى "قاصاً" فقط‪ .‬قد تعنيه هذه التسمية تعطها مقدار ذ ّرة ّ‬ ‫لو هي أضيفت إىل تسميات أخرى مثل‪ :‬روائي كانت منطلقاً لرواية‪ ،‬وكم من قصة استحالت‬ ‫قصة كانت‬ ‫أو شاعر ومسرح ّي‪ .‬أما هذه التسمية بذاتها قصيدة من قصائد النثر‪ ،‬وكم من ّ‬ ‫نص مفتوح على املغامرة‬ ‫فال تغري أحداً اليوم‪ ،‬وقد تعين تهميش َمن ما ّدة جتريبية لبناء ّ‬ ‫حيملها أو إقصاءه من املشهد األدبي العام‪ ،‬يف الّلغة كما يف الشكل‪ .‬ولع ّل ما يلفت أن القصة‬ ‫وال سيما يف هذا الزمن الذي حيلو لبعضهم أن شهدت أقصى جتلّياتها على يد الروائيني أو‬ ‫الشعراء وكأنها صنيعهم الفريد‪ .‬وال ميكن‬ ‫يس ّميه زمن الرواية‪.‬‬ ‫تعن يوماً بالطبع إنكار بضعة قاصني برعوا يف بلورة الف ّن‬ ‫غري أن غياب صفة "القاص" مل ِ‬ ‫غياب القصة القصرية عن املشهد األدبي القصصي ويف منحه شرعيته وترسيخه كنوع‬ ‫العربي‪ .‬فهذا النوع الذي يصعب "اإلمساك" مستقل‪ .‬لكنهم قلّة إذا ما قيسوا بالروائيني‬ ‫به أو أسره ضمن مواصفات أو مقاييس الذين كتبوا القصة‪ .‬وبدت قصص هؤالء بديعة‬ ‫نهائيّة‪ ،‬حيت ّل املرتبة الثانية يف جتارب يف أحيان‪ ،‬ورائدة جبماليتها وحلظويتها أو‬ ‫الكتّاب‪ ،‬روائيني كانوا أم شعراء أم مسرحيني‪ .‬كثافتها‪ ،‬وبعنفها التعبريي وقدريتها‪ .‬ومل يكن‬ ‫أصبحت القصة فناً ثانوياً أو فناً مرتبطاً من اخلطأ القول إن الروائيني هم الذين تولّوا‬ ‫باألنواع األخرى‪ ،‬يك ّملها ولكن ال يسبقها‪ .‬ف ّن القصة العربية يف القرن العشرين وط ّوروه‬ ‫ووسعوا آفاقه‪ :‬نجيب محفوظ‪ ،‬يوسف حبشي‬ ‫القصة نفسها هي اليت دفعتها‬ ‫ّ‬ ‫ولع ّل طبيعة ّ‬ ‫إىل أن تكون ف ّن "البني بني"‪ ،‬أي ذاك الف ّن األشقر‪ ،‬محمد البساطي‪ ،‬توفيق يوسف عواد‪،‬‬ ‫الذي تتقامسه الفنون األخرى وال تعرتف به غسان كنفاني‪ ،‬فؤاد التكرلي‪ ،‬وليد إخالصي‪،‬‬ ‫فالقصة تنتمي إىل عامل إسماعيل فهد إسماعيل‪ ،‬إدوار الخراط‪،‬‬ ‫إال بصفته "تابعاً"‪ّ .‬‬ ‫ميكن وصفه بـ "احملتمل" أو "املفرتض"‪ .‬إبراهيم أصالن‪ ،‬بهاء طاهر وسواهم‪ ...‬لك ّن‬ ‫إنها "حتكي" لكنها ليست حبكاية‪ ،‬تروي هذه املقولة ال تقدر أن تلغي أمساء كبرية‬ ‫لكنها ليست رواية‪ ،‬وتقارب القصيدة من انصرفت لإلبداع القصصي دون سواه وكانت‬

‫‪433‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 434‬للتنمية الثقافية‬

‫هلا آثارها البديعة‪:‬‬

‫يوسف إدريس‪ ،‬فؤاد‬

‫كنعان‪ ،‬يوسف الشاروني‪ ،‬زكريا تامر‪ ،‬محمود‬

‫بدا مهرجان بيروت ‪ 39‬أحد أهم‬ ‫المهرجانات األدبية العربية الشبابية‬ ‫خالل العام ‪ .2009‬ولع ّل أهمية هذا‬ ‫المهرجان تكمن في تأكيده أن األدب‬ ‫العربي الشاب ظاهرة ال يمكن تجاهلها‬ ‫مهما بدت ملتبسة وعامة أو "شاملة"‬ ‫باألحرى‪ .‬فهذه الظاهرة ال ب ّد من‬ ‫التوقف عندها ألنها تحمل أوالً نواة‬ ‫ال وألنها تمثّل ثانياً‬ ‫األدب المنتظر مستقب ً‬ ‫المشهد الراهن‪.‬‬ ‫وقد شهد المهرجان سجاالً عربياً‬ ‫واسعاً بين مؤيدين ومعارضين عالوة على‬ ‫التغيرات التي طرأت على أسماء لجنة‬ ‫التحكيم‪ ..‬وصدر كتاب في المناسبة‬ ‫هو عبارة عن أنطولوجيا ض ّمت نصوصاً‬ ‫للكتّاب الـ‪ 39‬مع سير موجزة لهم وفي‬ ‫نسختين بالعربية واإلنكليزية‪..‬‬

‫شقير‪ ،‬يحيى الطاهر عبدالله وسواهم‪.‬‬ ‫"ملتقى القاهرة األول للقصة العربية"‬ ‫الذي عقده المجلس المصري األعلى للثقافة‬ ‫يف مطلع شهر تشرين الثاني (نوفمرب) ‪،2009‬‬ ‫شاركت فيه ‪ 16‬دولة عربية وشهد سجاالً‬ ‫شام ًال حول اجلنس األدبي الذي يستحق أن‬ ‫حيت ّل صدارة املشهد يف الوقت الراهن‪ .‬وأصدر‬ ‫اجمللس ملناسبة هذا امللتقى كتاب املفارقة‬ ‫يف قصص يوسف إدريس‪ ،‬للشاعرة والناقدة‬ ‫املصرية نجاة علي‪ ،‬وكتاباً آخر بعنوان الصوت‬ ‫المنفرد‪ ...‬مقاالت يف القصة القصرية لفرانك‬ ‫اوكونور‪ ،‬ترمجة محمود الربيعي‪ .‬كما أصدر‬ ‫كتاباً مرجعياً عنوانه مشهد القصة القصيرة‬ ‫في الوطن العربي‪ ،‬وكتاباً آخر عنوانه من‬ ‫عيون القصة المصرية وهو عبارة عن ثالثة‬ ‫جملدات تشتمل على خمتارات قصصية خالل‬ ‫املئة عام املاضية‪ .‬وأعاد المجلس األعلى‬ ‫للثقافة نشر كتاب القصة القصيرة في مصر‬ ‫للناقد الراحل شكري عياد‪.‬‬ ‫إالَّ أن احلدث البارز هو منح "ملتقى القاهرة‬ ‫األول للقصة العربية" جائزته األوىل إىل‬ ‫القاص السوري زكريا تامر‪ ،‬وقد كانت هذه‬ ‫اجلائزة أه ّم تكريم حيظى به زكريا هو الذي‬ ‫يقارب التاسعة والسبعني من العمر‪ .‬فاز تامر‬ ‫سابقاً جبوائز ع ّدة‪ ،‬لك ّن هذه اجلائزة ك ّرست‬ ‫ريادته للقصة العربية اجلديدة يف مرحلة ما بعد‬ ‫يوسف إدريس‪ .‬وبدا إعالنها يف القاهرة خالل‬ ‫امللتقى‪ ،‬اعرتافاً عربياً بهذه الريادة‪.‬‬ ‫وكان منتظراً فوز زكريا باجلائزة‪ ،‬فهذا‬ ‫القاص الرائد أمضى حياته يكتب القصة‪،‬‬ ‫منصرفاً عن أ ّي جنس أدبي آخر‪ .‬كانت القصة‬ ‫امليدان الوحيد الذي خاضه جبرأة وبراعة‪.‬‬ ‫وقد أبدع عاملاً قصصياً مل يكن مألوفاً سابقاً‪،‬‬

‫واعتمد لغة مغرقة يف كثافتها وشعريتها‪،‬‬ ‫واختلق شخصيات غاية يف الطرافة واأللفة‪.‬‬ ‫ومجع تامر بني الواقع القاسي واملخيلة‬ ‫الرحبة القادرة على إضفاء طابع سحري على‬ ‫األشخاص واألحداث‪ .‬ومعروف أن زكريا تامر‬ ‫دخل عامل الكتابة من باب حرفة احلدادة‬ ‫اليت زاوهلا أعواماً‪ ،‬بدءاً من الثالثة عشرة‬ ‫من عمره‪ ،‬بعدما اضطر إىل ترك املدرسة‪،‬‬ ‫على غرار كثريين من أطفال حارته الدمشقية‬ ‫الفقرية‪ .‬وعندما انتقل إىل "مهنة" الكتابة مل‬ ‫يتخ ّل عن املطرقة اليت كان يهوي بها على‬ ‫احلديد "بل بقي حداداً شرساً ولكن يف وطن‬ ‫من الفخار"‪ ،‬كما قال فيه م ّرة صديقه محمد‬ ‫الماغوط‪ .‬وسرعان ما حلّق هذا الكتاب‬ ‫الشاب يف حقل الكتابة عرب قصصه ومقاالته‬ ‫الساخرة‪ .‬وعندما أصدر جمموعته القصصية‬ ‫األوىل صهيل الجواد األبيض العام ‪ 1960‬حاز‬ ‫اهتمام النقّاد والكتّاب والق ّراء‪ ،‬فهو منذ‬ ‫هذه القصص األوىل استطاع أن جيد لنفسه‬ ‫موقعاً يف احلركة القصصية العربية اليت كان‬ ‫من روادها يوسف إدريس ونجيب محفوظ‬ ‫وتوفيق يوسف عواد ويوسف الشاروني‬

‫وسواهم‪ .‬وبدا صاحب صوت فريد‪ ،‬ببساطته‬ ‫وعمقه‪ ،‬برمزيته وشفافية لغته‪ .‬وميكن القول‬ ‫إن زكريا تامر أحدث ثورة يف ف ّن القصة‪،‬‬ ‫متخطياً املدرسة الواقعية اليت أسرتها طوال‬ ‫أعوام‪ ،‬جاع ًال من القصة حافزاً على التجريب‬ ‫والقص أو السرد‪.‬‬ ‫القصصي‪ ،‬يف الّلغة واألسلوب ّ‬ ‫وجنح متاماً يف كتابة قصص تنطلق من بيئته‬ ‫األوىل وهي احلارة الدمشقية اليت مل يتخ ّل‬ ‫عنها البتّة‪ .‬فشخصياته وحكاياته وطرائفه‪،‬‬ ‫كلّها مقطوفة من تلك احلارة‪ ،‬ومل يكن له إال‬ ‫أن يضفي عليها ملسته الساحرة حتى خترج‬ ‫من أسر احمللية فتخاطب الق ّراء حيثما كانوا‪.‬‬ ‫أجاد زكريا تامر لعبة التخييل والسخرية امل ّرة‬


‫تجليات الرواية والشعر‬

‫واهلزء‪ .‬وال غرابة أن يقرتب الواقع لديه من‬ ‫احلكاية أو األسطورة الصغرية‪ ،‬فتصبح القصة‬ ‫مسرحاً من األخيلة والظالل والوجوه‪.‬‬ ‫القصة في السودان‬ ‫ازدهار ّ‬

‫تحوالت أدب الشباب‬ ‫ّ‬

‫بدا مهرجان بريوت ‪ 39‬أحد أهم‬ ‫املهرجانات األدبية العربية الشبابية خالل‬ ‫العام ‪ .2009‬فهذا املهرجان الذي ّ‬ ‫نظمته‬ ‫مؤسسة هاي فستيفال الربيطانية بالتعاون مع‬ ‫ّ‬ ‫وزارة الثقافة الّلبنانية يف سياق االحتفال بـ‬ ‫بيروت عاصمة عالمية للكتاب ‪ 2009‬مجع‬ ‫‪ 39‬كاتباً عربياً شاباً من ‪ 14‬بلداً عربياً أحيوا‬ ‫‪ 50‬نشاطاً أدبياً خالل أربعة أيام‪ .‬وما جتدر‬ ‫اإلشارة اليه هو غزارة املشاركة الشبابية‬ ‫العربية يف املسابقة‪ ،‬إذ بلغ عدد املشاركني أكثر‬ ‫من ‪ 450‬كاتباً وكاتبة من معظم الدول العربية‪،‬‬ ‫ومن املغرتب العربي واألوروبي واألمريكي‪.‬‬ ‫وكان على أعضاء جلنة التحكيم اليت ترأسها‬ ‫الناقد املصري جابر عصفور‪ ،‬واليت ض ّمت‬ ‫الروائية الّلبنانية علوية صبح‪ ،‬والشاعر‬ ‫العماني سيف الرحبي‪ ،‬والشاعر والناقد‬ ‫الّلبناني عبده وازن‪ ،‬أن تراجع أعداداً كبرياً‬ ‫من الكتب اليت أرسلها املؤلفون والناشرون‪،‬‬ ‫وتقرأها وتفرزها‪ .‬وقد اعتمدت جلنة التحكيم‬ ‫منهج االختيار املتعاقب‪ ،‬فاختارت يف البدء‬

‫شهد العام ‪ 2009‬ازدهاراً ألدب‬ ‫القصة في السودان‪ ،‬حيث نشط نادي‬ ‫القصة في الخرطوم وعقد سلسلة لقاءات‬ ‫وندوات ناقشت تقنيات القصة وتط ّور‬ ‫أساليبها‪ ..‬كما استحضرت الندوات‬ ‫تجارب نفر من األسماء القصصية‬ ‫السودانية الرائدة‪ ،‬وترافق ذلك مع‬ ‫مسابقات ع ّدة أقامتها جهات مثل وزارة‬ ‫الثقافة ومركز عبد الكريم ميرغني‬ ‫الثقافي‪ ..‬كما صدرت مجموعات قصصية‬ ‫سودانية كثيرة جاءت كتعويض على غياب‬ ‫المنابر وضعف حركة النشر في العقود‬ ‫الثالثة األخيرة‪..‬‬

‫اإلبداع‬

‫لع ّل ما يلفت االنتباه يف حقل القصة‬ ‫القصرية خالل العام ‪ 2009‬هو االزدهار الذي‬ ‫شهدته يف السودان فقد نشط نادي القصة‬ ‫طوال هذا العام وعقد ندوات ناقشت تقنيات‬ ‫كتابتها واستحضرت جتارب عدد من األمساء‬ ‫القصصية الرائدة‪ ،‬وترافق ذلك مع مسابقات‬ ‫ع ّدة أقامتها جهات مثل وزارة الثقافة ومركز‬ ‫عبدالكريم ميرغني الثقافي‪ .‬وقد شهد هذا‬ ‫العام أيضاً صدور جمموعات قصصية كثرية‪.‬‬ ‫ويبدو هذا دلي ًال واضحاً على حيوية لطاملا‬ ‫افتقدها املشهد القصصي السوداني نظراً إىل‬ ‫ما ظ ّل يعانيه من غياب للمنابر وضعف يف‬ ‫حركة النشر‪ ،‬على الرغم من أنه كان سباقاً‬ ‫يف الستينيات من القرن املاضي‪ ،‬عندما أصدر‬ ‫املتخصصة يف‬ ‫إحدى أوىل اجملالت العربية‬ ‫ّ‬ ‫القصة القصرية على ي ّد عثمان علي نور‪.‬‬ ‫ولع ّل ما بدا تتوجياً هلذا االزدهار صدور‬ ‫أنطولوجيا أو خمتارات‪ ،‬تض ّم نصوصاً لـ‪31‬‬ ‫كاتباً قصصياً سودانياً يف إطار مهرجان الثقافة‬ ‫االفريقية الثاني الذي أقامته الجزائر خالل‬ ‫هذا العام‪ ،‬وجاءت بعنوان غابة صغيرة وقد‬ ‫أع ّدها وق ّدم هلا الكاتب نصار الصادق الحاج‪.‬‬ ‫وهذه األنطولوجيا اليت تقع يف ‪ 423‬صفحة‬ ‫من القطع املتوسط تلفت بصدورها خارج‬ ‫السودان أي من الجزائر‪ ،‬وبالتالي ميكن القول‬ ‫إنها أول بادرة عربية يف االهتمام باألدب‬ ‫السوداني الذي ظ ّل لوقت طويل على هامش‬ ‫املراكز الثقافية العربية وك ّل أمسائه اإلبداعية‬ ‫خمتزلة يف اسم هو الطيب صالح! وهذا‬ ‫الكتاب يلقي ضوءاً على التط ّورات التقنية اليت‬

‫أحرزتها القصة القصرية السودانية يف العقود‬ ‫األخرية‪ .‬وإن ظ ّل النقد يتحدث لوقت طويل‬ ‫عن تأثر القصة السودانية بالتجارب املصرية‬ ‫يف اخلمسينيات والستينيات من القرن املاضي‪،‬‬ ‫بل حتى ببعض التجارب احلديثة‪ ،‬فإن هذه‬ ‫املختارات تكشف أن مثة خصوصية الفتة بدأت‬ ‫تربز يف القصة السودانية اجلديدة‪.‬‬ ‫وقد انفتحت يف معظمها على معطيات‬ ‫احلياة السودانية‪ ،‬يف العقود األخرية‪ ،‬يف‬ ‫املدينة والريف‪ ،‬واستوحت على حنو خاص‬ ‫احلروب اليت شهدها السودان‪ ،‬خصوصاً‬ ‫حرب اجلنوب‪ ،‬وإفرازاتها كاهلجرة والنزوح‬ ‫واجلوع والتش ّرد‪.‬‬

‫‪435‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 436‬للتنمية الثقافية‬

‫توصلت إىل‬ ‫مئة اسم ثم ستني امساً إىل أن ّ‬ ‫األمساء التسعة والثالثني‪ .‬واألمساء التسعة‬ ‫والثالثون هذه ّ‬ ‫مت اختيارها انطالقاً من رسوخ‬ ‫نتاجها اإلبداعي‪ ،‬روائياً وقصصياً وشعرياً‪،‬‬ ‫وما ميثّل من أصالة وحتديث يف الوقت نفسه‪،‬‬ ‫ومن استجابة للمعايري األدبية والنقدية‪ .‬إنها‬ ‫أصوات مبدعني شباب‪ ،‬استطاعوا أن يك ّونوا‬ ‫شخصياتهم وأن يفرضوا جتاربهم‪ ،‬متميزين‬ ‫بأساليبهم اخلاصة ولغاتهم ومقارباتهم‪،‬‬ ‫ورؤاهم أو مواقفهم‪.‬‬ ‫أما الفائزون فهم‪ :‬عبدالله ثابت‬ ‫(السعودية)‪ ،‬عبدالعزيز الراشدي (المغرب)‪،‬‬ ‫عبدالقادر‬

‫بن‬

‫علي‬

‫(المغرب‪،‬‬

‫يكتب‬

‫بالهولندية)‪ ،‬عبدالرحيم الخصار (المغرب)‪،‬‬ ‫عبدالرزاق بوكبة (الجزائر)‪ ،‬عبدالله طايع‬ ‫(المغرب‪ ،‬يكتب بالفرنسية)‪ ،‬عدنية شبلي‬ ‫(فلسطين)‪ ،‬أحمد سعداوي (العراق)‪ ،‬أحمد‬ ‫يماني (مصر)‪ ،‬عالء حليحل (فلسطين)‪،‬‬ ‫يحيى أمقاسم (السعودية)‪ ،‬باسم األنصار‬ ‫(العراق)‪ ،‬ديمة ونوس (سورية)‪ ،‬فايزة غوين‬ ‫(الجزائر‪ ،‬تكتب بالفرنسية)‪ ،‬هالة كوثراني‬ ‫(لبنان)‪ ،‬حمدي الجزار (مصر)‪ ،‬حسين‬ ‫العبري (عمان)‪ ،‬حسين جلعاد (األردن)‪،‬‬ ‫هيام يارد (لبنان‪ ،‬تكتب بالفرنسية)‪ ،‬اسالم‬ ‫سمحان (أردني)‪ ،‬جمانة حداد (لبنان)‪،‬‬ ‫كمال الرياحي (تونس)‪ ،‬منصور الصويم‬ ‫(السودان)‪ ،‬منصورة عز الدين (مصر)‪ ،‬محمد‬ ‫حسن علوان (السعودية)‪ ،‬محمد صالح العزب‬ ‫(مصر)‪ ،‬نجاة علي (مصر)‪ ،‬نجوى بن شتوان‬ ‫(ليبيا)‪ ،‬نجوان درويش (فلسطين)‪ ،‬ناظم‬ ‫السيد (لبنان)‪ ،‬ربيع جابر (لبنان)‪ ،‬رندا جرار‬ ‫ّ‬ ‫(فلسطين‪ ،‬تكتب باإلنكليزية)‪ ،‬روزا ياسين‬ ‫حسن (سورية)‪ ،‬سمر يزبك (سورية)‪ ،‬سامر‬ ‫أبو هواش (فلسطين – لبنان)‪ ،‬وجدي األهدل‬ ‫(اليمن)‪ ،‬ياسين عدان (المغرب)‪ ،‬يوسف رخا‬

‫(مصر)‪ ،‬زكي بيضون (لبنان)‪.‬‬ ‫وقد شهد املهرجان سجاالً عربياً واسعاً‪،‬‬ ‫بني مؤيدين ومعارضني‪ ،‬عالوة على التغيريات‬ ‫اليت طرأت على أمساء جلنة التحكيم‪ .‬وصدر‬ ‫يف املناسبة كتاب هو عبارة عن أنطولوجيا‬ ‫ض ّمت نصوصاً للكتّاب التسعة والثالثني مع سري‬ ‫موجزة هلم‪ ،‬يف نسختني‪ ،‬بالعربية واإلنكليزية‬ ‫عن دار بلومزبري (لندن – الدوحة)‪.‬‬ ‫ولع ّل أهمية هذا املهرجان تكمن يف تأكيده‬ ‫أن األدب العربي الشاب ظاهرة ال ميكن‬ ‫جتاهلها مهما بدت ملتبسة وعامة أو "شاملة"‬ ‫باألحرى‪ .‬فهذه الظاهرة ال ب ّد من التوقف‬ ‫عندها ألنها حتمل أوالً نواة األدب املنتظر‬ ‫مستقب ًال وألنها متثّل ثانياً املشهد الراهن‪.‬‬ ‫إال أن الصفة "الشبابية" اليت تطلق على‬ ‫هذه الظاهرة غالباً ما تكون "عمومية" وبال‬ ‫حدود أو مقاييس‪ .‬فهذه الصفة ميكن إطالقها‬ ‫على بضعة أجيال تتو ّزع خالل عقدين أو ثالثة‬ ‫مثلما تطلق على اجليل الراهن الذي خيطو‬ ‫خطواته األوىل يف عامل األدب‪ .‬إنها صفة‬ ‫فضفاضة حتتمل أكثر من موصوف‪ .‬لكن هذا‬ ‫االلتباس مل يكن عائقاً دون تعيني هذا األدب‬ ‫وقراءته بصفته أدباً شاباً وراهناً وخمتلفاً عما‬ ‫سبقه من أدب ينتمي إىل أجيال أخرى‪ .‬وباتت‬ ‫الصفة "الشبابية" تطلق على اجليل اجلديد‬ ‫الذي ّ‬ ‫ختطى مرحلة "االبتداء" أو "اهلواية"‬ ‫ويتهيّأ ليدخل مرحلة االحرتاف أو لعله دخلها‪.‬‬ ‫وبعيداً من هذه "اإلشكاالت" يف التسمية‬ ‫مؤسسة المورد‬ ‫والوصف أو التعيني سعت‬ ‫ّ‬ ‫املصرية إىل رصد حركة األدب العربي‬ ‫الشاب أو "الراهن" وإحياء لقاءات متتالية‬ ‫يف عواصم عربية ع ّدة‪ ،‬جامعة األمساء‬ ‫والوجوه شابة‪ ،‬فاسحة أمامها اجملال لتتعارف‬ ‫وتتبادل اخلربات واألفكار وتعمل معاً يف ما‬ ‫يشبه احملرتفات األدبية‪ .‬وقد جنمت عن هذه‬


‫تجليات الرواية والشعر‬

‫البادرة حمرتفات أدبية‪.‬‬ ‫لكن هذه البادرة حتتاج فع ًال إىل املزيد من‬ ‫البلورة والرتسيخ ألنها ختلق حاالً من املراجعة‬ ‫الذاتية واجلماعية اليت حتتاجها حركة األدب‬ ‫الشاب‪ .‬إنها فرصة مالئمة ليكون هؤالء الشباب‬ ‫مما يكتبون‪ ،‬سواء جنحوا فيه أم‬ ‫على بيّنة ّ‬ ‫أخفقوا‪ .‬فاآلراء املتبادلة تسمح هلم يف أن‬ ‫ّ‬ ‫يتخطوا عثراتهم وهنّاتهم وهي غالباً ما تواجه‬ ‫األدباء يف مقتبل شبابهم‪ .‬وخالل هذه الّلقاءات‬ ‫يظلّون على تواصل وتعاون‪ ،‬فيتابع بعضهم بعضاً‬ ‫ويسعون مجيعاً إىل توطيد جتاربهم وحتديد‬ ‫مواقعهم على اخلريطة األدبية‪.‬‬ ‫األدب السعودي مادة سجالية‬

‫شهدت الرياض في العام‬ ‫أضخم مؤتمر لألدباء السعوديين شارك‬ ‫فيه نحو خمسمئة أديب سعودي من أجيال‬ ‫وأطياف مختلفة‪ ،‬ونظمته وزارة الثقافة‬ ‫واإلعالم تحت عنوان "األدب السعودي‬ ‫وقضاياه"‪ ،‬وكان من أهداف المؤتمر‬ ‫تقديم بحوث حول األدب السعودي وإقامة‬ ‫حوارات ثقافية شاملة‪ ..‬وقدمت أوراق‬ ‫ع ّدة عالج بعضها قضايا أدبية محورية‬ ‫مثل "مدخل لدراسة الشعر السعودي‬ ‫المعاصر" و"األدب السعودي واإلبداع‬ ‫اإللكتروني"‪..‬‬

‫‪2009‬‬

‫اإلبداع‬

‫شهدت مدينة الرياض أضخم مؤمتر لألدباء‬ ‫السعوديني العام ‪ ،2009‬وهو املؤمتر الثالث بعد‬ ‫املؤمتر األول الذي عقد العام ‪ 1974‬والثاني‬ ‫الذي عقد العام ‪ .1998‬إال أن هذا املؤمتر هو‬ ‫األبرز واألمشل وقد شارك فيه حنو مخسمئة‬ ‫أديب سعودي من أجيال وأطياف خمتلفة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ونظمته وزارة الثقافة واإلعالم حتت عنوان‪:‬‬ ‫"األدب السعودي وقضاياه"‪ ،‬وض ّمه مركز الملك‬ ‫فهد الثقافي يف الرياض‪ ،‬الذي شهدت أروقته‬ ‫حراكاً ثقافياً بني أطياف من املثقفني‪ .‬وكانت‬ ‫أهداف املؤمتر هي تقديم حبوث عن األدب‬ ‫السعودي وإقامة حوارات ثقافية شاملة‪ .‬وق ّدمت‬ ‫يف اجللسات أوراق ع ّدة‪ ،‬عاجل بعضها قضايا‬ ‫واملؤسسات الثقافية‪:‬‬ ‫حمورية‪ ،‬مثل "األدب ّ‬ ‫نادي ج ّدة األدبي أمنوذجاً" لـ عبدالفتاح أبو‬ ‫واملؤسسات الثقافية" لمنصور‬ ‫مدين‪ ،‬و"األدب ّ‬ ‫المهوس و"الصالونات األدبية وأثرها يف خدمة‬

‫األدب السعودي" لـ محمد المشوح‪ ،‬و"األدب‬ ‫السعودي واإلبداع اإللكرتوني" لـ عفت‬ ‫خوقير‪ ،‬و"تطوير تقنيات الصورة يف الشعر‬ ‫السعودي املعاصر" لـ عبدالرحمن المحسني‪،‬‬ ‫و"مواقع األدباء السعوديني الشخصية" لـ‬ ‫منيرة المبدل‪ ،‬و"مدخل لدراسة الشعر السعودي‬ ‫املعاصر" لـ حسن الهويمل‪ ،‬و"مكة املك ّرمة يف‬ ‫شعر شعراء جازان" لـ حجاب الحازمي‪.‬‬ ‫ويف ختام فعاليات املؤمتر رفع عدد من‬ ‫املثقفني بياناً موجهاً إىل وزيرة الثقافة‬ ‫واإلعالم‪ ،‬ض ّمنوه مطالب أساسية‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫"الشروع يف اتخّ اذ اإلجراءات الكفيلة بتنفيذ‬ ‫توجهات احلكومة بإعالن اتحّ اد األدباء والكتّاب‬ ‫السعوديني‪ ،‬ليكون مظلّة تنظيمية لتدارس‬ ‫شؤونهم ورعاية مصاحلهم ودعم صورة وطنهم‬ ‫أمام العامل‪ .‬ويف رأيهم أن األدباء ما زالوا خارج‬ ‫الكثري من املنظومات اإلقليمية والدولية لعدم‬ ‫وجود هذا االتحّ اد يف البالد‪ .‬وأشاروا إىل أنهم‬ ‫يأملون من وزارة الثقافة واإلعالم أن تشرع يف‬ ‫استحداث أنظمة التف ّرغ لألدباءالسعوديني‪ ،‬مع‬ ‫ضمان مصادر عيشهم‪ ،‬ورعاية شؤونهم اليوميّة‪.‬‬ ‫والتمس املثقفون من الوزارة السعي حنو حتقيق‬ ‫حلم صندوق وطين لرعاية األدباء‪ ،‬ودعمهم‬ ‫يف حال املرض واحلاجة إىل العيش الكريم‪.‬‬ ‫وأعلنوا عن طموحهم بأن يكون مؤمتر األدباء‬ ‫السعوديني يف الدورات املقبلة‪ ،‬ملتقى لألدباء‬ ‫ملناقشة همومهم ومطالبهم‪.‬‬ ‫ومل خي ُل املؤمتر من مالحظات نقدية‬ ‫سجلها أدباء سعوديون‪ ،‬لكن هذا املؤمتر اعترب‬ ‫ّ‬ ‫حدثاً ثقافياً كبرياً إذ ح ّرك اآلراء وأثار سجاالً‬ ‫واسعاً‪.‬‬

‫‪437‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 438‬للتنمية الثقافية‬

‫خالصات‬

‫لئن بدا االنتاج الروائي خالل العام‬ ‫هو األغرز ك ّماً‪ ،‬إذ أمكن رصد أكثر من ‪300‬‬ ‫رواية صدرت كلّها طوال هذا العام‪ ،‬فإن اإلنتاج‬ ‫الشعري مل يكن قلي ًال إذا ما قورن باإلنتاج‬ ‫الروائي يف زمن بات يُسمى "زمن الرواية"‪ .‬ومع‬ ‫َّأن عملية الرصد مل تكن سهلة وال كاملة نظراً‬ ‫إىل غياب اإلحصاءات الرمسية اليت تتوالّها‬ ‫مؤسسات أو مراكز ويف طليعتها اتحّ اد‬ ‫عادة ّ‬ ‫الناشرين العرب‪ .‬و َمن خيض جمال إحصاء‬ ‫اإلصدارات جيد نفسه مضطراً إىل العودة إ ّما‬ ‫إىل دور النشر نفسها وإىل لوائحها‪ ،‬وبعضها‪،‬‬ ‫وهو كثري‪ ،‬ال يهت ّم مبثل هذه الّلوائح االحصائية‬ ‫الدقيقة‪ ،‬وأو إىل الصحافة واإلنرتنت ليتابع‬ ‫جديد املطابع‪ ،‬وأو إىل معارض الكتب اليت‬ ‫باتت تش ّكل الفرصة األش ّد مالءمة ملتابعة‬ ‫حركة اإلصدارات‪ .‬وعلى خالل حركة النشر‬ ‫يف العامل املتم ّدن ال ميكن الوصول يف العامل‬ ‫العربي إىل أرقام نهائية يف النشر تبعاً الفتقار‬ ‫حركة النشر إىل نظام إحصائي شامل ولعدم‬ ‫إصدار لوائح شهرية متكاملة تضع للباحث‬ ‫وقائع النشر‪ .‬وميكن الكالم على فوضى ما‪،‬‬ ‫تسيطر على هذا القطاع وهي ذات وجوه‬ ‫عديدة ومن أبرزها تف ّرد ك ّل دار بنفسها من‬ ‫دون منح اعتبار للدور األخرى‪ ،‬وكذلك عدم‬ ‫التعاون بني الدور أو عدم التنسيق‪ ،‬ناهيك‬ ‫بالقرصنة والنشر غري املشروع وسواهما‪.‬‬ ‫وال ب ّد من مالحظة وجود أخطاء لغوية‬ ‫وأخطاء يف الصياغة يف كثري من الروايات‬ ‫‪2009‬‬

‫المشكلة التي يواجهها العمل‬ ‫اإلحصائي في النشر هو عدم احترام‬ ‫الدور لتاريخ صدور الكتب أو تاريخ‬ ‫طبعاتها األولى‪ ،‬فتعتبر ك ّل دار أن الكتاب‬ ‫الذي تصدره إنّما هو في طبعته األولى‪،‬‬ ‫وإن صدر في طبعة أو طبعات سابقة‪.‬‬ ‫وهذا ما يد ّل على افتقار قطاع النشر إلى‬ ‫ّ‬ ‫خطة علمية تحافظ على صدقية النشر‬ ‫وح ّق الكاتب أو المؤلّف‪..‬‬

‫الصادرة هذا العام‪ ،‬ما يعين أن دور النشر‬ ‫تفتقد حمررين يقرأون الرواية ويراقبون لغتها‬ ‫قبل اعتمادها للنشر‪ ،‬وما يعين أيضاً أن معظم‬ ‫املؤسساتي‪ ،‬فهي‬ ‫دور النشر تفتقد آلية العمل ّ‬ ‫أشبه بعمل هواة عابرين‪.‬‬ ‫واملشكلة اليت يواجهها العمل اإلحصائي‬ ‫يف النشر هو عدم احرتام الدور لتاريخ صدور‬ ‫الكتب أو تاريخ طبعاتها األوىل‪ ،‬فتعتبرّ ك ّل‬ ‫دار أن الكتاب الذي تصدره مّإنا هو يف طبعته‬ ‫األوىل‪ ،‬وإن صدر يف طبعة أو طبعات سابقة‪.‬‬ ‫وهذا ما يد ّل على افتقار قطاع النشر إىل‬ ‫ّ‬ ‫خطة علمية حتافظ على صدقية النشر وح ّق‬ ‫الكاتب أو املؤلّف‪.‬‬ ‫ويبدو أن مصر حتظى‪ ،‬أكثر من البالد‬ ‫العربية األخرى‪ ،‬بتقاليد للنشر عرب‬ ‫مؤسسات‪ ،‬قد تكون ضعيفة لكنها تعتمد آلية‬ ‫ّ‬ ‫املؤسسة واستقرارها‪ .‬ويرجع ذلك إىل وضوح‬ ‫ّ‬ ‫سوق الكتاب يف بلد واسع األرجاء كثري السكان‬ ‫ويض ّم شركات توزيع توصل املطبوعات إىل‬ ‫أبعد املناطق عن العاصمة‪.‬‬ ‫وإذ كان عدد الروايات الصادرة خالل‬ ‫‪ّ 2009‬‬ ‫ختطى ‪ 300‬رواية‪ ،‬فإ ّن عدد الدواوين‬ ‫أو اجملموعات الشعرية بلغ حبسب اإلحصاءات‬ ‫املعتمدة يف هذا التقرير حنو ‪ 350‬ديواناً أو‬ ‫جمموعة شعرية‪ .‬أما القصص أو النصوص‬ ‫فكانت األق ّل‪ ،‬وهذا يعود بالتأكيد إىل طبيعة‬ ‫هذا النوع األدب ّي "احملايد" أو "امله ّمش" الذي‬ ‫مل يعد جيذب إال قلّة من الكتّاب‪ ،‬وقد بلغ عدد‬


‫تجليات الرواية والشعر‬

‫إذ كان عدد الروايات الصادرة‬ ‫خالل ‪ّ 2009‬‬ ‫تخطى ‪ 300‬رواية‪ ،‬فإ ّن‬ ‫عدد الدواوين أو المجموعات الشعرية‬ ‫بلغ بحسب اإلحصاءات المعتمدة في‬ ‫هذا التقرير نحو ‪ 350‬ديواناً أو مجموعة‬ ‫شعرية‪ .‬أما القصص أو النصوص فكانت‬ ‫األق ّل‪.،‬‬

‫العودة الروائية إلى التاريخ إنّما تعني‬ ‫قراءة الواقع المأزوم في مرآة التاريخ‪،‬‬ ‫والغاية محاولة اإلفادة من معطيات‬ ‫الماضي واستخالص العبر‪ ،‬عالوة على‬ ‫أن التاريخ‪ ،‬والسيما بوجهه المضيء‪،‬‬ ‫يش ّكل منفذاً إلى المصالحة مع الذاكرة‬ ‫والواقع في وقت واحد‪..‬‬

‫اإلبداع‬

‫اإلصدارات يف هذا امليدان حنو ‪ 100‬جمموعة سعيد مكاوي (السائرون نياماً)‪.‬‬ ‫الرواية الواقعية والسياسية مل تغب‬ ‫قصصيّة‪.‬‬ ‫على مستوى احلركة الروائية اليت برزت عن املشهد الروائي وهي ال ميكنها أن‬ ‫خالل العام ‪ 2009‬واليت بدت امتداداً طبيعياً تغيب أص ًال‪ ،‬والسيّما أن توصيف الواقعية‬ ‫للعام السابق وما قبله‪ ،‬أل ّن اإلنتاج الروائي ال ميكن حصره ضمن مقاييس أو معايري‬ ‫يقوم على الرتاكم‪ ،‬ميكن االستنتاج بأ ّن األنواع ثابتة أو جاهزة‪ .‬فالواقع هو احمل ّرض األول‬ ‫الروائية أو االجتاهات تداخلت بعضها ببعض على الكتابة الروائية‪ ،‬وهو متع ّدد األبعاد‬ ‫يف شكل عام ومل يطغ نوع على آخر‪ ،‬فالرواية والتأويالت‪ ،‬وميكنه أن يكون واقعياً صرفاً‬ ‫التارخيية والرواية الواقعية أو السياسية أو واقعياً اجتماعياً أو إنسانياً أو سياسياً ‪...‬‬ ‫والرواية ذات اهلاجس األنرتوبولوجي والثقايف وميكنه أيضاً أن يتبنى ك ّل التوصيفات اليت‬ ‫ترافقت من دون أن تسيطر واحدة منها على تطلق على الواقع واليت يتّسع هلا هذا الواقع‬ ‫املشهد الروائي العام‪ ،‬على خالف ما حيصل مثل الصفة احللمية أو الفانتازية أو الطبيعة أو‬ ‫أحياناً‪ .‬وهنا ال ب ّد من تسجيل االستنتاجات األيديولوجية وسواها‪ .‬وانطالقاً من هنا ميكن‬ ‫إحصاء أعمال روائية ع ّدة تتو ّزع يف هذا احلقل‬ ‫اآلتية‪:‬‬ ‫الرواية التارخيية حضرت بش ّدة خالل الواقعي ومنها‪ :‬إمرأة جتهل أنها إمرأة لـ حنا‬ ‫هذا العام‪ ،‬فالتاريخ مازال جيذب الروائيني مينة‪ ،‬زينة لـ نوال السعداوي‪ ،‬مل أعد أبكي‬ ‫الذين يسعون من خالل استعادته قراءة لـ زينب حفني‪ ،‬الوليمة العارية لـ علي بدر‪،‬‬ ‫الواقع العربي الراهن‪ .‬وهذا اإلقبال على شارع إبليس لـ أمين الزاوي‪ ،‬الثوب لـ طالب‬ ‫الرواية التارخيية يدل على األزمة اليت الرفاعي‪ ،‬مشس القراميد لـ محمد علي‬ ‫يعانيها اإلنسان العرب ّي واجملتمع العربي اليوسفي‪ ،‬عزف منفرد على البيانو لـ فواز‬ ‫ترجح اهلوية واضطراب الذات حداد‪ ،‬امسي سلمى لـ فادية الفقير‪ ،‬شارع‬ ‫واملتمثّلة يف ّ‬ ‫الفردية واجلماعية واخلوف من املستقبل العطايف لـ عبدالله بن بخيت‪ ،‬رماد احلب‬ ‫وسواها‪ .‬فالعودة الروائية إىل التاريخ مّ‬ ‫إنا لـ علي خيون‪ ،‬حيوات متجاورة لـ محمد‬ ‫تعين قراءة الواقع املأزوم يف مرآة التاريخ‪ ،‬برادة‪ ،‬أصوات الصمت لـ محمد األسعد‪َ ،‬من‬ ‫والغاية حماولة اإلفادة من معطيات املاضي يؤنس السيدة؟ لـ محمود ريماوي ‪...‬‬ ‫الرواية ذات الطابع "اإلناسي" أو‬ ‫واستخالص العرب‪ ،‬عالوة على أن التاريخ‪،‬‬ ‫والسيما بوجهه املضيء‪ ،‬يش ّكل منفذاً إىل األنرتوبولوجي كان هلا حضور الفت خالل‬ ‫املصاحلة مع الذاكرة والواقع يف وقت واحد‪ .‬العام ‪ ،2009‬وهي رواية تقوم على البحث‬ ‫وميكن يف هذا الصدد ذكر روائيني كانت عن جذور أفراد ومجاعات‪ ،‬وحتفر يف البنى‬ ‫هلم إسهاماتهم يف ترسيخ الرواية التارخيية الفكرية لشعب معينّ ويف الذاكرة القدمية‬ ‫العام ‪ 2009‬ومنهم‪ :‬رضوى عاشور (ثالثية واألعراق والسالالت والعادات والتقاليد‬ ‫غرناطة)‪ ،‬ربيع جابر (أمريكا)‪ ،‬ألكسندر املتوارثة‪ .‬ومن هذه الروايات‪ :‬سلطانات الرمل‬ ‫نجار (بريوت)‪ ،‬سعيد الوهابي (سور لـ لينا هويان الحسن‪ ،‬رسول السماوات‬ ‫ّ‬ ‫ج ّدة)‪ ،‬محمد أبو معتوق (بلغين أيها امللك السبع لـ ابراهيم الكوني‪ ،‬اليهودي احلال لـ‬ ‫احلزين)‪ ،‬طارق الحيدر (حلة العبيد)‪ ،‬علي المقري‪ ،‬ساق الغراب لـ يحيى أمقاسم‪،‬‬

‫‪439‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 440‬للتنمية الثقافية‬

‫الرواية القائمة على العالقة بين‬ ‫الشرق والغرب بدت حاضرة خالل هذا‬ ‫العام‪ ،‬ومن الروايات التي دارت في هذا‬ ‫الحقل خالل العام ‪ :2009‬يوم غائم في‬ ‫الب ّر الغربي لـ محمد المنسي قنديل‪،‬‬ ‫هواء قليل لـ جنان جاسم حالوي‪،‬‬ ‫الغبار األميركي لـ زهير الهيتي‪ ،‬قمر‬ ‫باريسي لـ أحمد جمعة‪ ،‬يوميات موسكو‬ ‫الحمراء لـ نزار دندش وسواها‪..‬‬

‫شهدت الرواية العراقية في اآلونة‬ ‫األخيرة ازدهاراً الفتاً‪ ،‬أقلّه على مستوى‬ ‫الك ّم‪ ،‬وال ب ّد من انتظار الوقت كي يكتمل‬ ‫هذا المشهد الروائي العراقي فيمكن‬ ‫حينذاك دراسة هذه الرواية كظاهرة‬ ‫قائمة بذاتها‪ .‬ومن األسماء الروائية‬ ‫العراقية الحاضرة العام ‪ :2009‬بثينة‬ ‫عيسى‪ ،‬برهان الخطيب‪ ،‬علي خيون‪،‬‬ ‫علي بدر‪ ،‬أحمد خلف‪ ،‬خضير فليح‪،‬‬ ‫عبدالجليل المياح‪ ،‬بتول الخضيري‪،‬‬ ‫عبدالخالق الركابي‪ ،‬شاكر نوري‪..‬‬

‫توترات القبطي لـ أمير تاج السر‪ ،‬احلمام ال العراقي فيمكن حينذاك دراسة هذه الرواية‬ ‫يطري يف بريدة لـ يوسف المحيميد وسواها‪ .‬كظاهرة قائمة بذاتها‪ .‬ومن األمساء الروائية‬ ‫الرواية القائمة على العالقة بني الشرق العراقية احلاضرة العام ‪ :2009‬بثينة عيسى‪،‬‬ ‫والغرب بدت حاضرة أيضاً خالل هذا العام‪ ،‬برهان الخطيب‪ ،‬علي خيون‪ ،‬علي بدر‪ ،‬أحمد‬ ‫وقد اكتسبت هذه العالقة اجلدلية أبعاداً خلف‪ ،‬خضير فليح‪ ،‬عبدالجليل المياح‪ ،‬بتول‬ ‫أخرى ختتلف عن األبعاد اليت سادت الروايات الخضيري‪ ،‬عبدالخالق الركابي‪ ،‬شاكر نوري‬ ‫السابقة‪ ،‬والسيما املوجة الروائية املتم ّكنة وسواهم‪.‬‬ ‫وال ب ّد من اإلشارة إىل أن الرواية العربية‬ ‫األوىل اليت كان من ر ّودها توفيق احلكيم‬ ‫وسهيل إدريس والطيب صاحل‪ .‬فالعالقة هذه هذا العام مل يتق ّدم توزيعها‪ ،‬وعلى الرغم‬ ‫أضحت أش ّد تعقيداً نظراً إىل انتشار الروائيني من إصدار عناوين كثرية ال يقبل القراء إالّ‬ ‫أنفسهم يف املنايف الغربية‪ .‬مل تعد العالقة يف على أمساء حم ّددة ال تزيد على أصابع اليد‬ ‫الروايات اجلديدة قائمة على الثنائية اليت الواحدة‪ ،‬ويالحظ أن الروايات املرتمجة‬ ‫ك ّرست رؤية نقدية إىل الغرب من خارجه أو حتظى بإقبال يفوق مثيلتها املوضوعة‪ ،‬فكأ ّن‬ ‫بُعيد الرحيل عنه ومغادرته‪ ،‬بل هي أضحت القارئ العربي حيتاج وقتاً مديداً ليثق باسم‬ ‫أش ّد عمقاً ومأسوية‪ ،‬أل ّن الروائيني باتوا روائي عربي جديد ويقبل على قراءة أعماله‪.‬‬ ‫أ ّما على مستوى اإلبداع الشعري خالل‬ ‫ينتمون إىل هذا املنفى الغربي تبعاً إلقامتهم‬ ‫فيه‪ .‬وقد أضحت الثقافة الغربية جزءاً من العام ‪ 2009‬فكان املشهد غنياً ومتع ّدداً وقد‬ ‫ثقافتهم اليومية‪ .‬ومن الروايات اليت دارت تداخلت فيه التيارات الشعرية املختلفة حتى‬ ‫يف هذا احلقل خالل العام ‪ :2009‬يوم غائم التناقض وكذلك املدارس واألنواع واألجيال‪.‬‬ ‫رب الغربي لـ محمد المنسي قنديل‪ ،‬ويصعب فع ًال توصيف هذا املشهد من‬ ‫يف ال ّ‬ ‫ألنواع على‬ ‫هواء قليل لـ جنان جاسم حالوي‪ ،‬الغبار وجهة نقدية أو من ناحية صراع ٍ‬ ‫األمريكي لـ زهير الهيتي‪ ،‬قمر باريسي لـ الرغم من سيطرة قصيدة النثر عليه‪ .‬وهذه‬ ‫أحمد جمعة‪ ،‬يوميات موسكو احلمراء لـ نزار "السيطرة" أصبحت طبيعية بعدما انصرفت‬ ‫األجيال الشعرية املتوالية منذ مثانينيات‬ ‫دندش وسواها‪.‬‬ ‫الرواية العراقية استطاعت هذا العام أن القرن املنصرم إىل كتابة هذا النوع الشعري‬ ‫ترسخ نفسها أكثر فأكثر‪ ،‬سواء داخل العراق املتح ّرر من سلطة الوزن والقافية ومن سيطرة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أم خارجه يف املنفى‪ .‬ولعل القضية العراقية األشكال الثابتة واملش ّرعة على املغامرة اللغوية‬ ‫اليت برزت يف املرحلة األخرية أضحت إحدى والنّصية‪ .‬وانطالقاً من هذا املشهد ميكن‬ ‫القضايا العربية املعقدة واإلشكالية يف الوقت رصد املالحظات اآلتية‪:‬‬ ‫القصيدة الكالسيكية احملافظة مازالت‬ ‫الراهن‪ .‬ومل يكن مستغرباً أن تكون الرواية‬ ‫هي الفسحة القابلة ملعاجلة هذه القضية‪ ،‬حتافظ على حضورها على الرغم من قلّة‬ ‫بأبعدها وتناقضاتها ومآسيها‪ .‬وقد شهدت الشعراء الذين ما زالوا يعتنقون شروطها‬ ‫الرواية العراقية يف اآلونة األخرية ازدهاراً ومعايريها‪ .‬وال تزال هذه القصيدة تنهل‬ ‫الفتاً‪ ،‬أقلّه على مستوى الك ّم‪ ،‬وال ب ّد من من مجاليات العصور السابقة‪ ،‬والسيما‬ ‫انتظار الوقت كي يكتمل هذا املشهد الروائي عصر النهضة‪ ،‬حمافظ ًة على املنهج الشعري‬


‫تجليات الرواية والشعر‬

‫والشكلي وعلى نظام البيت والقافية وعلى‬ ‫وخباصة‬ ‫مبدأ املوضوعات الشعرية واملناسبات‬ ‫ّ‬ ‫املؤسسات إىل دعم‬ ‫الوطنية‪ .‬وتسعى بعض ّ‬ ‫هذا التيار الشعري ونشر أعمال الشعراء‬ ‫املؤسسات‬ ‫الكالسيكيني ويف طليعة هذه ّ‬ ‫مؤسسة البابطين" يف الكويت‪.‬‬ ‫" ّ‬ ‫القصيدة "التفعيلية" أو قصيدة التفعيلة‬ ‫ما زالت جتذب فئة غري قليلة من الشعراء‪،‬‬ ‫خصوصاً أولئك الذين ينتمون إىل مرحلة‬ ‫الستينيات والسبعينيات وجزء من مرحلة‬ ‫الثمانينيات‪ .‬وهذه القصيدة القائمة على نظام‬ ‫التفعيلة وليس على نظام البيت الكالسيكي هي‬ ‫األكثر إصراراً على استيحاء حت ّوالت الواقع‬ ‫العربي واألزمات اليت يعانيها واملشكالت اليت‬ ‫يواجهها‪ .‬وقد مت ّكن شعراء ع ّدة من تطوير‬ ‫أفقها ولغتها وبعدها اإليقاعي بعدما ملست‬ ‫ذروتها مع ر ّودها من أمثال‪ :‬بدر شاكر السياب‪،‬‬ ‫صالح عبدالصبور‪ ،‬نزار قباني‪ ،‬أدونيس‪ ،‬أحمد‬

‫عبدالمعطي حجازي‪ ،‬بلند الحيدري‪ ،‬سعدي‬

‫مت ّكنت من ترسيخ مبادئها ومجالياتها‪ .‬واليوم‬ ‫يتّجه معظم الشعراء الشباب واجلدد إىل‬ ‫إعالن والئهم هلا وإىل خوض غمارها جبرأة‬ ‫تامة‪.‬‬ ‫القصة القصيرة ‪ ..‬عزلة وتهميش‬ ‫ّ‬

‫القصة القصرية‪ ،‬ال يزال هذا‬ ‫على مستوى ّ‬ ‫النوع األدبي يعاني ما عاناه طوال األعوام‬ ‫املاضية من تهميش أدبي وعزلة‪ .‬وما ميكن‬ ‫مالحظته للوهلة األوىل هو تراجع عدد الكتّاب‬ ‫للقصة القصرية أي الذين يُس ّمون‬ ‫املك ّرسني ّ‬ ‫قاصني أو قصاصني على غرار يوسف‬ ‫عادة ّ‬ ‫إدريس وزكريا تامر وفؤاد كنعان ويوسف‬

‫الشاروني ومحمود شقير‪ .‬وهؤالء قصروا‬ ‫القصة كنوع أدبي فريد‪.‬‬ ‫إبداعهم على كتابة ّ‬ ‫القصة كنوع‬ ‫أما اآلن فاختلف األمر ومل تعد ّ‬ ‫قائم بذاته تعين لكتابة ما عدا قلّة قليلة ميكن‬ ‫القصة وقفاً على كتّاب ليسوا‬ ‫استثناؤها‪ .‬وباتت ّ‬ ‫قصاصني‪ ،‬بل هم‪ ،‬إما روائيون‪ ،‬أو‬ ‫قاصني أو ّ‬ ‫ّ‬ ‫القصة من وقت إىل‬ ‫شعراء يلجأون إىل كتابة ّ‬ ‫آخر من دون أن يك ّرسوا هلا ج ّل عملهم أو‬ ‫القصة‬ ‫همومهم‪ .‬إنهم يف معنى ما يكتبون ّ‬ ‫على هامش الرواية أو القصيدة‪ .‬ولعل هذه‬ ‫الظاهرة هي اليت أسهمت يف إضعاف حضور‬ ‫القصة قياساً إىل الرواية والشعر‪ ،‬حتى باتت‬ ‫ّ‬ ‫كأنها نوع أدبي هجني‪ ،‬يكتسب أهميته من كونه‬ ‫يقوم بني أنواع أخرى أو يف وسطها‪ .‬إال أ ّن هذا‬ ‫القصصي مل‬ ‫االنعكاس السليب على النتاج ّ‬ ‫حيل دون بروز أعمال قصصيّة مه ّمة تواىل‬ ‫على كتابتها روائيون من أمثال‪ :‬عالء األسواني‬ ‫(نريان صديقة)‪ ،‬عبدالرحمن مجيد الربيعي‬ ‫(ظالل تونسية)‪ ،‬بهاء طاهر (مل أعرف أ ّن‬ ‫الطواويس تطري)‪ ،‬إسماعيل فهد إسماعيل‬ ‫(مسك)‪ ،‬ليانة بدر (عني املرآة)‪ ،‬إبراهيم‬ ‫أصالن (حجرتان وصالة) وسواهم‪.‬‬

‫اإلبداع‬

‫يوسف‪ ،‬خليل حاوي وسواهم‪.‬‬ ‫قصيدة النثر هي اليت تسيطر اآلن‬ ‫على املشهد الشعري مستميل ًة معظم الشعراء‬ ‫الشبان على اختالف أجياهلم‪ .‬وقد أتاحت‬ ‫هذه القصيدة‪ ،‬للشعراء اجلدد حيّزاً من‬ ‫احلرية يف التعبري والكتابة والتجريب النّصي‬ ‫والّلغوي‪ ،‬وذلك بالنظر إىل حت ّررها من‬ ‫اإليقاع العروضي‪ .‬وقد تع ّددت فيها األساليب‬ ‫والتيارات وتش ّكلت فيها أنواع واجتاهات وذلك‬ ‫بعد حنو مخسني سنة على انطالقها مع‬ ‫شعرائها الرواد من أمثال محمد الماغوط‬ ‫وأنسي الحاج وتوفيق صايغ‪ .‬وكما اكتسبت هذه‬ ‫القصيدة شرعيتها مع األجيال الالحقة اليت‬ ‫اعتنقتها وراحت تط ّورها متكئة على النتاج‬ ‫الشعري العاملي‪ ،‬ومل تعد تتع ّرض للحمالت‬ ‫اليت تع ّرضت هلا يف السابق‪ ،‬خباصة بعد أن‬

‫‪441‬‬

‫مؤسسة الفكر العربي‬ ‫ّ‬


‫التقرير العربي الثالث‬ ‫‪ 442‬للتنمية الثقافية‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.