530

Page 15

‫ادب‬

‫كوردستان‬

‫ليالي ‪2012‬‬

‫يوم للحب وأعوام للقتل والتشرد‬

‫غالية قاسم‬ ‫الهاتف‪..‬‬ ‫رن الهاتف‪ :‬ألو‪ ،‬أنا حنين يا أختي‪.‬‬ ‫النار تسعر في خلدي‪.‬‬ ‫كالسنونو المهاجر رفرفت‬ ‫بأرياشي قاصدة دفء الحياة في‬ ‫خلجان أوروبا‪ .‬رقصت على‬ ‫رؤوس أقدامي في مسارح األلوان‬ ‫والجمال‪ .‬جمال كنا نحلم به‪ .‬أنا‬ ‫يبهر اإلنسان‬ ‫رأيته‪ .‬نعم‪ .‬ولكن كما ُ‬ ‫بجمال جس ٍد فيدور حوله ويتلمسه‪.‬‬ ‫فإذا هو مجرد دمية أو تمثال خا ٍل‬ ‫تماما ً من عالمات الروح‪.‬‬ ‫(يسكت صوتها لبرهة)‬ ‫أختها ‪ :‬حبيبتي لم تتركي لي فرصة‬ ‫ألبوح لك أشواقي فقد سكتت عنا‬ ‫همساتك منذ فترة ليست بقصيرة‪.‬‬ ‫(تعود حنين إلى الكالم)‪ :‬في‬ ‫خاطري رعود مجنونة ترغب‬ ‫في الهطل الغزير علّها تريحني‪.‬‬ ‫اعذريني يا أختي‪..‬واسمعيني‪.‬‬ ‫اسمعي ندائي من أرصفة تتقاذفني‬ ‫وألسنة ترفضني وأوهام حولي‬ ‫كأفالم ثالثية األبعاد‪ .‬أنا وأوروبا‬ ‫كالماء والزيت المخلوط‪ ،‬أشكو إلى‬ ‫األمواج الهائجة وأح ّملها النجوى‬ ‫علّها تتكسر على شواطئكم‪.‬‬ ‫(وتسكت ثانية)‬

‫أختها‪ :‬اهدئي حبيبتي وأنصتي فمن‬ ‫يتلقى السياط ليس كمن يعدها ‪!...‬‬ ‫بالدنا كانت جميلة‪ .‬كانت خميلة‪.‬‬ ‫كانت تع ّج بالهديل وضحكات‬ ‫أطفال المدارس‪ ..‬وكان للشتاء‬ ‫في السواقي أغنيات‪ .‬والثلج‪ .‬هل‬ ‫تذكرين بياضه‪ .‬كيف كان ثقيالً‬ ‫على غصينات الدفلى والزيتون‪.‬‬ ‫هل تذكرين صمود أغصان‬ ‫الرمان‪ .‬واحمرار أصابعنا من‬ ‫ُكراته‪ .‬حتى الكبار فجأة ً يتحولون‬ ‫إلى صغار‪ .‬نعم‪ .‬كان ال حدود‬ ‫للجمال معه‪ .‬أختاه ال تجرحي‬ ‫مصيرك باألوهام‪ .‬ماعادت فتاتنا‬ ‫جميلة‪ .‬حتى أنها فقدت ضفيرتها‬ ‫الخميلة‪ .‬واستبدل الهديل بالهدير‪.‬‬ ‫وامتصت حجارة المدارس المهدمة‬ ‫وخشب المقاعد المحطمة ضحكات‬ ‫أطفال المدارس‪ .‬والشتاء‪ .‬آه‬ ‫من الشتاء‪ .‬بكاء كله وشكوى‪!.‬‬ ‫والثلج األبيض على الروابي قد‬ ‫توشح بالسواد‪ .‬تخيلي ثلجا ً أسود‪.‬‬ ‫أسود‪!.‬فهل على شواطئنا تذعرين‪!.‬‬ ‫شكواك من شكوانا‪ .‬وكالنا في هذي‬ ‫الدروب ننادي‪ !!.‬وتغيب تغطية‬ ‫الهاتف‪!.‬وتغيب معها حنين‪.‬‬

‫طفل متمارض‬

‫رشاد شرف‪ -‬سويسرا‬ ‫لما كنت أمرض وأنا طفل صغير‪،‬‬ ‫كان أبي يجلس أمامي‪ ،‬يقرأ علي‬ ‫آيات‪ ،‬ويزفر في رأسي ويمسح‬ ‫دموعه بين الفينة واألخرى‪ .‬أما أمي‬ ‫فكانت تقول؛ سوف أوصي السائق‬ ‫أن يجلب لك البرتقال والرمان‬ ‫من المدينة‪ .‬فتصبح كل أحاسيسي‬ ‫تصغي لعودة السيارة اليتيمة في‬ ‫قريتنا من مدينة ديريك‪.‬‬ ‫وما إن سمعت مرور السيارة من‬ ‫خلف دارنا‪ ،‬كنت أنسى المرض‬ ‫تماما‪ ،‬وأبقى متفرسا الباب الخشبي‬ ‫لتدخل منه أمي حاملة األكياس‬ ‫الورقية المملوءة بالبرتقال والرمان‪.‬‬ ‫‪www.pdk-s.com‬‬

‫ألنه هو الدواء الذي وصفته لي‬ ‫الحكيمة فاطمي‪ .‬لكن أمي كانت‬ ‫تدخل خاوية اليدين‪ ،‬فأصيب‬ ‫بالدهشة بعد طول إنتظار‪ .‬و هي‬ ‫تقول لي؛ يا بني لم ألحق السيارة في‬ ‫هذا الصباح إلنني إنشغلت بالدواب‬ ‫واألعمال المنزلية‪ .‬غدا‪ ،‬سأوصي‬ ‫لك وستطيب حالما تأكل الفواكه!‪.‬‬ ‫أما أنا وإن طبت؛ كنت أبقى مستلقيا ً‬ ‫على الفراش متمارضا ً وعيناي‬ ‫تراقبان الباب الخشبي‪ .‬أفكر ولعابي‬ ‫يسيل؛ هل سآكل الرمان أوال أم‪...‬؟‬ ‫لما سئمت من الفراش! خرجت‬ ‫أللعب مع أقراني‪ ،‬في طرف‬ ‫القرية‪ ،‬أقدمت امرأة نحوي‪ ،‬كانت‬ ‫قادمة من قرية أخرى حاملة أكياسا ً‬ ‫ورقية مملوءة! نادت باسمي‬ ‫فهرعت إليها مسرعاً‪ ،‬فضمتني‬ ‫إلى صدرها بقوة‪ .‬فشعرت بحنان‬ ‫األم ألول مرة! فقالت‪ :‬هل شفيت‬ ‫يا ولدي؟ هذه األكياس لك لوحدك‪،‬‬ ‫دون غيرك‪.‬‬ ‫فعرفت بأن تلك المرأة التي في‬ ‫بيتنا‪ ،‬ليست بأمي!‪.‬‬

‫العدد (‪2016/2/15 )530‬م – ‪2715‬ك‬

‫‪15‬‬

‫نارين عمر‪-‬المانيا‬ ‫صص العالم يوما ً لالحتفال‬ ‫خ ّ‬ ‫بالحبّ ‪ ،‬أسموه "عيد الحبّ "‬ ‫يحتفلون فيه بالحبّ والعشق كأسمى‬ ‫آيات البقاء والوجود اإلنسان ّي‪،‬‬ ‫المقومات المحافظ ٍة على‬ ‫وكأنبل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نقاء القلب وطهارة النفس‪ ،‬وهم إذ‬ ‫يفعلون ذلك يهبون له ما طاب ولذّ‬ ‫من المال والوقت والجهد‪.‬‬ ‫يفعل البشر ذلك ربّما ليثبتوا لنفسهم‬

‫ولبعضهم البعض على ّ‬ ‫أن الحبّ‬ ‫هو غذاؤهم وشرابهم ومتنفسّهم‪،‬‬ ‫سر نجاحهم وسعادتهم‪.‬‬ ‫وأنهّ ّ‬ ‫يبدو أنّهم بذلك يحاولون أن يخفوا‬ ‫أمورا ً أخرى تض ّج في نفسهم‬ ‫وقلبهم تكون نقيض الحبّ والعشق‬ ‫كالكره واالنتقام والتّلذّذ بسفك الدّم‬ ‫وهدره‪ ،‬كما يحاولون أن يتستّروا‬ ‫خلف مبادئ ومفاهيم كبيرة الحجم‪،‬‬ ‫ثقيلة المعنى هم خلقوها‪ ،‬وابتدعوا‬ ‫في زخرفتها‪ ،‬ولكنَهم ال يستطيعون‬ ‫تطبيقها وااللتزام بها على أرض‬ ‫الواقع‪ ،‬ال ألنّها كبيرة الحجم وثقيلة‬ ‫المعنى على الفكر والوجدان‪ ،‬بل‬ ‫ألنّها ال تروق لهم أصالً‪ ،‬وال تفي‬ ‫حاجتهم إلى الكره واالنتقام‪.‬‬ ‫نحتفل بالحبّ من هنا‪ ،‬ونحتفل بقتل‬ ‫بعضنا لبعضنا اآلخر من هناك‪،‬‬

‫نرتشف كأس العشق من هنا‪،‬‬ ‫ونتلذّذ من كؤوس دمنا الذي ي ُ‬ ‫ُراق‬ ‫من هنا وهناك من دون أن نبدي‬ ‫أسفنا أو ندمنا على ما نفعله ببعصنا‬ ‫البعض‪ ،‬وكأنّنا اقتنعنا بفرضيّة‬ ‫الحبّ والكره‪.‬‬ ‫نحتفل بالحبّ نحن البشر والماليين‬ ‫ُشردون‪،‬‬ ‫منّا يُقت َلون‪ ،‬يُه َّجرون‪ .‬ي ّ‬ ‫يجوعون ويعطشون‪ ،‬يهانون في‬ ‫بلدان الغربة واالغتراب‪.‬‬ ‫يتحول إلى‬ ‫عيد الحبّ يجب أن‬ ‫ّ‬ ‫كرنفا ٍل للحبّ الحقيق ّي‪ ،‬حبّ الحبيب‬ ‫لحبيبه‪ ،‬حبّ أفراد العائلة لبعضهم‬ ‫البعض‪ ،‬حبّ أفراد المجتمع‪ ،‬حبّ‬ ‫س ّكان الوطن‪ ،‬حبّ أفراد العالم‬ ‫لبعضهم البعض‪.‬‬ ‫يتحول إلى مناسب ٍة ندعو‬ ‫يجب أن‬ ‫ّ‬ ‫فيها إلى نبذ العنف بك ّل أشكاله‪،‬‬

‫إلى منع القتل والقتال بمختلف‬ ‫أنواعه وفنونه‪ ،‬إلى وأد الخطف‬ ‫واالغتصاب واالستغالل بك ّل‬ ‫أصوله وفروعه‪ ،‬إلى زرع وغرس‬ ‫ثمار وبذور اإلنسانيّة الحقّة‪،‬‬ ‫والتّعايش السّلم ّي‪ ،‬والسّالم النّفس ّي‬ ‫ي في النّفوس واألذهان وفي‬ ‫والفكر ّ‬ ‫القلب الذي يحبّ أن ينبض بالحبّ‬ ‫صفاء‪.‬‬ ‫المع ّمد في لذّة النّقاء وال ّ‬ ‫عالمنا الذي نسعى إلى أن يكون‬ ‫هو األفضل واألروع‪ ،‬ونفسنا التي‬ ‫نهدف إلى أن تكون هي األنبل‬ ‫يغوصان في بحبوحة أحالمنا‬ ‫وطموحاتنا‪ ،‬فلنجعلهما تنعم في‬ ‫ملهى الواقع‪ ،‬وتسرح في مرعى‬ ‫التحقيق‪ ،‬لنحتفل معا ً بالحبّ في‬ ‫عيده الذي سيصادف ك ّل يوم إن‬ ‫تم ّكنّا من تحقيق ك ّل هذا وذاك‪.‬‬

‫آه آالن‬ ‫(القصيدة مهداة الى الطفل الشهيد الغريق آالن)‬ ‫سيف الدين برزنجي‪ -‬كركوك‬ ‫أتدرون من حملوا على األياد‪ ..‬الطفل آالن من أجمل األوالد‬ ‫باألمس كان حيا يلهو‪ ..‬واليوم خبا ضياء البالد‬ ‫لوال الدواعش واألوغادوا مانزحوا‪ ..‬من كوباني أرض اآلباء واألجداد‬ ‫على الشواطئ واألمواج تتقاذفه‪ ..‬عثر عليه في ظلمة السواد‬ ‫يذكرني طلوع الشمس آالنا‪ ..‬قضى نحبه سبب الجالّد(‪)1‬‬ ‫جرح آالن يا أحبة دام‪ ..‬فمن ينسى مجزرة األوغاد(‪)2‬‬ ‫مات غرقا أمام األنظار‪ ..‬وا أسفا لم تسعفه األياد‬ ‫وفي كوباني وارى الثرى‪ ..‬بالحزن وانطفأت شمعة الميالد‬ ‫آالن يا انشودة نشدو به‪ ..‬في خيمة العزاء محكمة األوتاد‬ ‫أبناء كوردستان لبسو السواد‪ ..‬ونكست أعالمنا يوم الحداد‬ ‫سالم من كوردستان النرجسية‪ ..‬الى كوباني قلعة التحدي حتى المعاد(‪)3‬‬ ‫فدولة الكورد آتية المحالة‪ ..‬بهمة الغيارى رغم أنف األعاد‬ ‫كوردستان الكبرى دولة الميعاد‪ ..‬ال يتحقق ذلك اال باالتحاد‬ ‫ألف تحية لشعب كوباني‪ ..‬أهل النخوة والعزم واألمجاد‬ ‫(‪ )1‬الجالد‪ :‬بشار األسد‬ ‫(‪ )2‬األوغاد‪ :‬الدواعش والميليشيات‬ ‫(‪ )3‬المعاد‪ :‬يوم القيامة‬

‫سأغوص في األلوان ‪ ..‬سأرتدي الحب‬

‫آواز حسن ‪ -‬بيروت‬

‫في الخمسين من العمر‬ ‫حيث لن أتمكن من القفز‬ ‫على الحبل ومطاردة العصافير‬ ‫في الخمسين‬ ‫حيث يبدأ الناس بمناداتي»بالحاجة»‬ ‫ويكون المشي الطويل بقدمين عاريتين‪ ..‬على‬ ‫شاطئ البحر‬ ‫حلما مترفا‪ ..‬حيث يراني العالم»الكلب» ‪..‬‬ ‫عبثا يرجو الفكاك منه‬ ‫سأبتسم طويال وأبقى رابضة على كتف‬ ‫الجمال‬ ‫لن أكف عن األمل‬ ‫سأظل أبحث عن أي شيء ال يثير الملل‬ ‫سأغوص في األلوان‬ ‫ما أستطعت‬

‫ألرتدي ما احب‬ ‫في الخمسين‬ ‫سأنتظر أن يصبح عمري رقما‬ ‫يتكون من خمستين تتجاوران‬ ‫فأثق أكثر‬ ‫بأن لي يدين وعشرة أصابع‬ ‫يحمل كل منها إبداعا ال يعرف الحدود‬ ‫في الخمسين‬ ‫لن أنتظر أن تسقط أسناني‬ ‫سأعتني بهم اكثر واضحك أكثر أكثر‬ ‫سأغني وأتعلم العزف على العود‬ ‫ولن أنتظر أن يصفق لي أحد‬ ‫ألني سأكون سعيدة‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.