ادب
كوردستان
ليالي 2012
يوم للحب وأعوام للقتل والتشرد
غالية قاسم الهاتف.. رن الهاتف :ألو ،أنا حنين يا أختي. النار تسعر في خلدي. كالسنونو المهاجر رفرفت بأرياشي قاصدة دفء الحياة في خلجان أوروبا .رقصت على رؤوس أقدامي في مسارح األلوان والجمال .جمال كنا نحلم به .أنا يبهر اإلنسان رأيته .نعم .ولكن كما ُ بجمال جس ٍد فيدور حوله ويتلمسه. فإذا هو مجرد دمية أو تمثال خا ٍل تماما ً من عالمات الروح. (يسكت صوتها لبرهة) أختها :حبيبتي لم تتركي لي فرصة ألبوح لك أشواقي فقد سكتت عنا همساتك منذ فترة ليست بقصيرة. (تعود حنين إلى الكالم) :في خاطري رعود مجنونة ترغب في الهطل الغزير علّها تريحني. اعذريني يا أختي..واسمعيني. اسمعي ندائي من أرصفة تتقاذفني وألسنة ترفضني وأوهام حولي كأفالم ثالثية األبعاد .أنا وأوروبا كالماء والزيت المخلوط ،أشكو إلى األمواج الهائجة وأح ّملها النجوى علّها تتكسر على شواطئكم. (وتسكت ثانية)
أختها :اهدئي حبيبتي وأنصتي فمن يتلقى السياط ليس كمن يعدها !... بالدنا كانت جميلة .كانت خميلة. كانت تع ّج بالهديل وضحكات أطفال المدارس ..وكان للشتاء في السواقي أغنيات .والثلج .هل تذكرين بياضه .كيف كان ثقيالً على غصينات الدفلى والزيتون. هل تذكرين صمود أغصان الرمان .واحمرار أصابعنا من ُكراته .حتى الكبار فجأة ً يتحولون إلى صغار .نعم .كان ال حدود للجمال معه .أختاه ال تجرحي مصيرك باألوهام .ماعادت فتاتنا جميلة .حتى أنها فقدت ضفيرتها الخميلة .واستبدل الهديل بالهدير. وامتصت حجارة المدارس المهدمة وخشب المقاعد المحطمة ضحكات أطفال المدارس .والشتاء .آه من الشتاء .بكاء كله وشكوى!. والثلج األبيض على الروابي قد توشح بالسواد .تخيلي ثلجا ً أسود. أسود!.فهل على شواطئنا تذعرين!. شكواك من شكوانا .وكالنا في هذي الدروب ننادي !!.وتغيب تغطية الهاتف!.وتغيب معها حنين.
طفل متمارض
رشاد شرف -سويسرا لما كنت أمرض وأنا طفل صغير، كان أبي يجلس أمامي ،يقرأ علي آيات ،ويزفر في رأسي ويمسح دموعه بين الفينة واألخرى .أما أمي فكانت تقول؛ سوف أوصي السائق أن يجلب لك البرتقال والرمان من المدينة .فتصبح كل أحاسيسي تصغي لعودة السيارة اليتيمة في قريتنا من مدينة ديريك. وما إن سمعت مرور السيارة من خلف دارنا ،كنت أنسى المرض تماما ،وأبقى متفرسا الباب الخشبي لتدخل منه أمي حاملة األكياس الورقية المملوءة بالبرتقال والرمان. www.pdk-s.com
ألنه هو الدواء الذي وصفته لي الحكيمة فاطمي .لكن أمي كانت تدخل خاوية اليدين ،فأصيب بالدهشة بعد طول إنتظار .و هي تقول لي؛ يا بني لم ألحق السيارة في هذا الصباح إلنني إنشغلت بالدواب واألعمال المنزلية .غدا ،سأوصي لك وستطيب حالما تأكل الفواكه!. أما أنا وإن طبت؛ كنت أبقى مستلقيا ً على الفراش متمارضا ً وعيناي تراقبان الباب الخشبي .أفكر ولعابي يسيل؛ هل سآكل الرمان أوال أم...؟ لما سئمت من الفراش! خرجت أللعب مع أقراني ،في طرف القرية ،أقدمت امرأة نحوي ،كانت قادمة من قرية أخرى حاملة أكياسا ً ورقية مملوءة! نادت باسمي فهرعت إليها مسرعاً ،فضمتني إلى صدرها بقوة .فشعرت بحنان األم ألول مرة! فقالت :هل شفيت يا ولدي؟ هذه األكياس لك لوحدك، دون غيرك. فعرفت بأن تلك المرأة التي في بيتنا ،ليست بأمي!.
العدد (2016/2/15 )530م – 2715ك
15
نارين عمر-المانيا صص العالم يوما ً لالحتفال خ ّ بالحبّ ،أسموه "عيد الحبّ " يحتفلون فيه بالحبّ والعشق كأسمى آيات البقاء والوجود اإلنسان ّي، المقومات المحافظ ٍة على وكأنبل ّ ّ نقاء القلب وطهارة النفس ،وهم إذ يفعلون ذلك يهبون له ما طاب ولذّ من المال والوقت والجهد. يفعل البشر ذلك ربّما ليثبتوا لنفسهم
ولبعضهم البعض على ّ أن الحبّ هو غذاؤهم وشرابهم ومتنفسّهم، سر نجاحهم وسعادتهم. وأنهّ ّ يبدو أنّهم بذلك يحاولون أن يخفوا أمورا ً أخرى تض ّج في نفسهم وقلبهم تكون نقيض الحبّ والعشق كالكره واالنتقام والتّلذّذ بسفك الدّم وهدره ،كما يحاولون أن يتستّروا خلف مبادئ ومفاهيم كبيرة الحجم، ثقيلة المعنى هم خلقوها ،وابتدعوا في زخرفتها ،ولكنَهم ال يستطيعون تطبيقها وااللتزام بها على أرض الواقع ،ال ألنّها كبيرة الحجم وثقيلة المعنى على الفكر والوجدان ،بل ألنّها ال تروق لهم أصالً ،وال تفي حاجتهم إلى الكره واالنتقام. نحتفل بالحبّ من هنا ،ونحتفل بقتل بعضنا لبعضنا اآلخر من هناك،
نرتشف كأس العشق من هنا، ونتلذّذ من كؤوس دمنا الذي ي ُ ُراق من هنا وهناك من دون أن نبدي أسفنا أو ندمنا على ما نفعله ببعصنا البعض ،وكأنّنا اقتنعنا بفرضيّة الحبّ والكره. نحتفل بالحبّ نحن البشر والماليين ُشردون، منّا يُقت َلون ،يُه َّجرون .ي ّ يجوعون ويعطشون ،يهانون في بلدان الغربة واالغتراب. يتحول إلى عيد الحبّ يجب أن ّ كرنفا ٍل للحبّ الحقيق ّي ،حبّ الحبيب لحبيبه ،حبّ أفراد العائلة لبعضهم البعض ،حبّ أفراد المجتمع ،حبّ س ّكان الوطن ،حبّ أفراد العالم لبعضهم البعض. يتحول إلى مناسب ٍة ندعو يجب أن ّ فيها إلى نبذ العنف بك ّل أشكاله،
إلى منع القتل والقتال بمختلف أنواعه وفنونه ،إلى وأد الخطف واالغتصاب واالستغالل بك ّل أصوله وفروعه ،إلى زرع وغرس ثمار وبذور اإلنسانيّة الحقّة، والتّعايش السّلم ّي ،والسّالم النّفس ّي ي في النّفوس واألذهان وفي والفكر ّ القلب الذي يحبّ أن ينبض بالحبّ صفاء. المع ّمد في لذّة النّقاء وال ّ عالمنا الذي نسعى إلى أن يكون هو األفضل واألروع ،ونفسنا التي نهدف إلى أن تكون هي األنبل يغوصان في بحبوحة أحالمنا وطموحاتنا ،فلنجعلهما تنعم في ملهى الواقع ،وتسرح في مرعى التحقيق ،لنحتفل معا ً بالحبّ في عيده الذي سيصادف ك ّل يوم إن تم ّكنّا من تحقيق ك ّل هذا وذاك.
آه آالن (القصيدة مهداة الى الطفل الشهيد الغريق آالن) سيف الدين برزنجي -كركوك أتدرون من حملوا على األياد ..الطفل آالن من أجمل األوالد باألمس كان حيا يلهو ..واليوم خبا ضياء البالد لوال الدواعش واألوغادوا مانزحوا ..من كوباني أرض اآلباء واألجداد على الشواطئ واألمواج تتقاذفه ..عثر عليه في ظلمة السواد يذكرني طلوع الشمس آالنا ..قضى نحبه سبب الجالّد()1 جرح آالن يا أحبة دام ..فمن ينسى مجزرة األوغاد()2 مات غرقا أمام األنظار ..وا أسفا لم تسعفه األياد وفي كوباني وارى الثرى ..بالحزن وانطفأت شمعة الميالد آالن يا انشودة نشدو به ..في خيمة العزاء محكمة األوتاد أبناء كوردستان لبسو السواد ..ونكست أعالمنا يوم الحداد سالم من كوردستان النرجسية ..الى كوباني قلعة التحدي حتى المعاد()3 فدولة الكورد آتية المحالة ..بهمة الغيارى رغم أنف األعاد كوردستان الكبرى دولة الميعاد ..ال يتحقق ذلك اال باالتحاد ألف تحية لشعب كوباني ..أهل النخوة والعزم واألمجاد ( )1الجالد :بشار األسد ( )2األوغاد :الدواعش والميليشيات ( )3المعاد :يوم القيامة
سأغوص في األلوان ..سأرتدي الحب
آواز حسن -بيروت
في الخمسين من العمر حيث لن أتمكن من القفز على الحبل ومطاردة العصافير في الخمسين حيث يبدأ الناس بمناداتي»بالحاجة» ويكون المشي الطويل بقدمين عاريتين ..على شاطئ البحر حلما مترفا ..حيث يراني العالم»الكلب» .. عبثا يرجو الفكاك منه سأبتسم طويال وأبقى رابضة على كتف الجمال لن أكف عن األمل سأظل أبحث عن أي شيء ال يثير الملل سأغوص في األلوان ما أستطعت
ألرتدي ما احب في الخمسين سأنتظر أن يصبح عمري رقما يتكون من خمستين تتجاوران فأثق أكثر بأن لي يدين وعشرة أصابع يحمل كل منها إبداعا ال يعرف الحدود في الخمسين لن أنتظر أن تسقط أسناني سأعتني بهم اكثر واضحك أكثر أكثر سأغني وأتعلم العزف على العود ولن أنتظر أن يصفق لي أحد ألني سأكون سعيدة