501

Page 13

‫تاريخ‬

‫كوردستان‬

‫العدد (‪2014/12/1 )501‬م – ‪2714‬ك‬

‫‪13‬‬

‫سهل هومان‬ ‫يونس حمي‪ -‬الحسكه‬

‫سهل هومان المعروف تاريخياً‪ ،‬يقع بين نهر الخابور‬ ‫شماالً وجبل عبدالعزيز جنوباً‪ ،‬يمتد من قرية برزان‬ ‫المعربة والمنحدرين سكانها االصليين‪ ،‬حسب روايات‬ ‫بعض المعمرين في المنطقة ومنهم على سبيل المثال‬ ‫الشاعر الراحل والمعروف (تيريژ)‪ ،‬من بقايا عشيرة‬ ‫سينكا (‪ )Sînka‬الكوردية التي سكنت المنطقة قبل‬ ‫مجيء عشيرة البكارة العربية من الجنوب‪ .‬وال توجد‬ ‫مصادر مؤكدة حول سبب رحيل وهجرة هذه العشيرة‬ ‫العريقة من المنطقة والتي تركت آثارا ً ومعالم كثيرة‬ ‫وحتى عائالت استقرت فيها فيما بعد‪.‬‬ ‫اما المعالم فهي واضحة وبأعتراف الجميع‪ ،‬فمثأل‬ ‫فيضة سينكا الواقعة جنوب الجبل‪ ،‬وسنأتي على ذكرها‬ ‫الحقا وايضا نبع خوي بيرا (‪ )Xiwê Bîra‬وتعني‬ ‫البئر المالح جنوب الجبل بين مخفر أم مدفع وقرية‬ ‫زين المبرج‪ ،‬وهم من عشيرة بگارة كليزات‪.‬‬ ‫نبع سوسه‪ :‬الواقع على السفح الشمالي من الجبل‬

‫غرب منطقة مغلوجة التي تبعد ‪3‬كم‪ ،‬حيث ذكرها‬ ‫ياقوت الحموي في المجلد الثالث من معجم البلدان‪.‬‬ ‫يقول سكانها فرس و(سوسه) تعني الجميلة المزينة‪،‬‬ ‫أما السهل فيمتد بطول حوالي ‪70‬كم‪ ،‬كما ذكرت سابقا ً‬ ‫من قرية برزان الوقعة جنوب غرب مدينة تل تمر التي‬ ‫تبعد حوالي ‪20‬كم وحتى قرية فرحية الكوردية الواقعة‬ ‫جنوب شرق مدينة الحسكة وحي غويران والخابور‬ ‫من ‪2-1‬كم وبعمق حوالي من ‪30-10‬كم أي مساحة‬ ‫السهل جنوب نهر الخابور وشمال جبل هومان‪.‬‬ ‫بعد هجرة عشيرة سينكا من الجبل‪ ،‬بقيت المنطقة‬ ‫خالية من السكان وكلها اراضي بور حيث تجوب فيها‬ ‫قطعان الغزالن ومليئة بشجيرات الحوشان (كمبر‪،‬‬ ‫عاگول‪ ،‬خرنوب‪ ،‬مروند‪ ،‬والزعتر البري) خاصة‬ ‫على سفوح الوديان وعلى التالل شجيرة‬ ‫الحرمل‪ .‬ووجدت الكثير من المعالم االثرية فيها مثل‬ ‫قرية الحسينية العائدة ملكيتها الى عائلة مال حسيب‬

‫الكوردية والذين بنوا القرية (التي سنأتي على ذكرها‬ ‫الحقاً) في االربعينيات من القرن العشرين‪ .‬وأيضا‬ ‫قرية المبطوح العائدة ملكيتها الى عائلة شالل العربية‪.‬‬ ‫وقد ذكرها ياقوت الحموي في مجلداته حيث قال‬ ‫(هناك مختفية في هذه المنطة التي ذكرها الرحالة‬ ‫اليوناني اكزين فون)‪ .‬أعتقد ان المدينة الضائعة هي‬ ‫قرية المبطوح النها اكتشفت مؤخراً‪.‬‬ ‫أما قرية الدباغية فيقول الحموي اسمها الفارسي‬ ‫(‪ )Du Baxî‬وتعني حديقتان سكانها فرس‪ ،‬اما مجدو‬ ‫أي (تل مجدل) حاليا ً يقول الحموي بأنه اسم اغريقي‬ ‫ويوجد فوق التل قصر ابيض لكنني ذهبت الى المكان‬ ‫المشار اليه‪ ،‬لكن لم اجد سوى بعض الحجارة شبه‬ ‫اساسات‪ ،‬أما خشمان أي حسكة الحالية‪ ،‬يقول الحموي‬ ‫بأنها كانت قرية فارسية وتعني الغضب سكانها فرس‪.‬‬ ‫ولم يذكر اسم العرب نهائياً‪ ،‬لكن كما‬ ‫ذكرت في اآلونة االخيرة‪ ،‬وتحديدا في االربعينيات‬

‫من القرن العشرين‪ ،‬جاءها فالحون اكراد من‬ ‫عدة عشائر كوردية قاموا باستصالحها وفالحتها‬ ‫واستثمارها وبنوا حوالي عشرون قرية متفاوتة الحجم‬ ‫حيث تبدأ من قرية الحسينية حتى قرية فرحية وسنأتي‬ ‫على ذكر هذه القرى الحقاّ‪.‬‬ ‫مالحظة البد منها‪ :‬يشير ياقوت الحموي الى وجود‬ ‫الفرس في قرى ومناطق هومان‪ ،‬لكن الحقيقة هو ان‬ ‫سكانها كانوا كوردا‪ ،‬ولعدم اجادة الحموي أي من‬ ‫اللغتين الكوردية والفارسية‪ ،‬فاختلط عليه األمر وظن‬ ‫ان السكان هم فرس ويتحدثون الفارسية‪ .‬مثلما معلوم‬ ‫فان اقليم فارس موطن الفرس يقع شرق الخليج في‬ ‫جنوب غرب ايران الحالية وهم منتشرون في وسط‬ ‫الهضبة االيرانية بعيدا عن سلسلة جبال زاغروس‪.‬‬ ‫سكان زاغروس وشمال وادي الرافدين كانوا ومازالوا‬ ‫منذ أكثر من ثالثة آالف عام هم من الكورد واألقوان‬ ‫الكوردستانية‪.‬‬

‫صراعهم الذي لن ينتهي‬ ‫(قصة صراع النفوذ بين بني شمس وبني مناف)‬

‫د‪ .‬هجار شكاكي‬ ‫كان الصراع قويّا في الجاهليّة بين بني عبد شمس‬ ‫وبني عبد مناف‪ ،‬مالت الكفّة لبني عبد مناف في‬ ‫زمن عبدالمطلب بسبب استالمه لسدنة الكعبة وبقي‬ ‫أصحاب التجارة والمال الوفير والقوة االقتصادية‬ ‫هم بنو عبد شمس‪ .‬فبقي بنو عبد مناف بهذا المعنى‬ ‫أوفياء للجانب الروحي والنفسي لقريش‪ ،‬بينما إهتم‬ ‫ي‬ ‫بنو عبد شمس بالجانب المادّي اإلقتصادي الوجود ّ‬ ‫لقريش‪ .‬كان الطرفان متفقين على ضرورة أن تكون‬ ‫قريش هي المرجعيّة للعرب والجزيرة العربيّة‪،‬‬ ‫لذلك فقد كان هناك إصرار من الطرفين على تغذية‬ ‫الفكر الديني ومركَزة الدين والعقائد والشعائر حول‬ ‫الكعبة والبيت العتيق‪ ،‬فيسكبون في ذلك ثالثا‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬تنمية تجارة قريش لما يصاحب الحج للكعبة من‬ ‫تبادل تجاري وتصريف لبضاعة قريش المحمولة‬ ‫من الشام واليمن والحبشة‪ ،‬حيث يحملها ويشتريها‬ ‫بعد الحج قبائل العرب من كل حدب وصوب‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬إنماء مركزيّة قريش في القرار الديني‬ ‫والروحي‪ ،‬فكانت قريش تقوم بتغيير بعض الشعائر‬ ‫بما يتوافق مع استراتيجيتها لحكم العرب‪ ،‬وتفرض‬ ‫‪www.pdk-s.com‬‬

‫على العرب االلتزام بها‪ ،‬مثل األشهر الحرم التي‬ ‫يمنع فيها القتال حيث ينتشر األمان ويتوقف الغزو‬ ‫ويتوقف قطاع الطرق عن العمل فتنشط تجارة قريش‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬اإلصرار على اإلنتساب البراهيم واإلصرار‬ ‫على بنائه للكعبة واإلصرار على اعتبار الحجر‬ ‫األسود حجرا منزال من السماء‪ ،‬مما يمنح قريش‬ ‫قيمة أعلى عن بقية المدن وهذا جعلها شبه عاصمة‬ ‫للحجاز والمناطق المجاورة لها‪ .‬بعد ظهور اإلسالم‬ ‫في بني عبد مناف‪ ،‬ثارت حفيظة بني عبد شمس‬ ‫واستشعروا بتهديد يصيبهم ويقلّص من مركزهم‬ ‫التجاري والديني والمكاني‪ ،‬لذلك تفاوضوا مع عم‬ ‫الرسول أبو طالب عارضين عليه ما يريد هو وإبن‬ ‫أخيه لقاء التخلي عن دعوتهم‪ .‬بالطبع وإيمانا من‬ ‫أبي طالب بوجود أمل كبير في أن يستعيد الرسول‬ ‫(لم يؤمن به أبو طالب أبدا) بعضا من مجد بني عبد‬ ‫مناف الذي ضاع بعد موت عبدالمطلب وخسارتهم‬ ‫لحكيمهم وفيلسوف عائلتهم وداهيتهم ‪ .‬فقد ساند‬ ‫أبوطالب إبن أخيه في مسعاه‪ .‬هذا األمر أثار غيض‬ ‫قريش من غير بني عبد مناف (بالطبع ال يخلو‬ ‫األمر من وقوف بعض من أقارب الرسول لجانب‬ ‫بني عبد شمس لمصالح تجارية أو عالقات زواج‬ ‫أو مسائل أخرى) مما دفع بقريش للتضييق على‬ ‫مح ّمد وعزل آل هاشم في الشعب‪ّ .‬‬ ‫لكن القريشيين‬ ‫بقيادة أبوسفيان ورجاالت بني عبد شمس رأوا أن‬ ‫هذا الصراع سيؤذي تجارتهم ومركزهم التجاري‬ ‫والديني والسياسي بين العرب‪ ،‬فعدّلوا سياستهم إلى‬ ‫نوع من اإلحتواء والعمل على قتل صاحب الدعوة‬ ‫نفسها‪ .‬وبالطبع لم ينجح ذلك وأنتقل الرسول الى‬ ‫يثرب حيث المنافسون األقوياء لقريش في التجارة‬ ‫والمدنيّة والقدرة اإلقتصاديّة حيث لقي الترحيب‬ ‫والتهليل‪ .‬لم ينس بني عبد شمس ما جرى لهم‬

‫وكيف ضيّع مح ّمد بن عبدهللا من بني عبد مناف‬ ‫مركزهم وهيبتهم وسلطانهم على العرب وكيف‬ ‫انتقل السلطان والقوة والسيطرة الى بني عبد‬ ‫مناف عن طريق سيطرة محمد على العرب بدينه‬ ‫الجديد‪ .‬ولدهائهم ولقدرتهم التفاوضية المكتسبة‬ ‫من التجارة إستطاعوا عقد اإلتفاقيات بينهم وبين‬ ‫شره من جهة وكي‬ ‫مح ّمد بن عبدهللا كي يأمنوا ّ‬ ‫ال يخسروا مكانتهم المتبقيّة بين مريديهم والعرب‬ ‫كلّهم ‪ .‬كان صلح الحديبية تتويجا لهذه اإلتفاقيات‬ ‫والتي رفض أبوسفيان التوقيع عليها قبل أن يغيّر‬ ‫مح ّمد صياغتها لتوافق رؤية القريشيين من بني‬ ‫عبد شمس‪ .‬ثم دخل القريشيون من بني عبد شمس‬ ‫للدين الجديد واستغلوا وجود ابن عم لهم ضمن‬

‫رجال مح ّمد وهو عثمان ليتقربوا من السلطة‬ ‫صة الشام‪ .‬بقوا‬ ‫الجديدة ويتولّوا األمصار وخا ّ‬ ‫ينتظرون فرصتهم ويبحثون عن ثأرهم حتّى تولّى‬ ‫ي الخالفة فرفض معاوية بن أبي سفيان مبايعته‬ ‫عل ّ‬ ‫وحدثت ما تتم دعوته بالفتنة الكبرى‪ ،‬وهي لم تكن‬ ‫سوى استعادة لسيناريوهات الصراع بين بني عبد‬ ‫شمس وبين بني عبد مناف ولكن بشكل دموي‬ ‫مروع لم يخسر فيه بنو عبد شمس رجال واحدا‬ ‫ّ‬ ‫فيها‪ .‬واستعاد بنو عبد شمس سلطانهم‪ ،‬ليس على‬ ‫العرب فحسب‪ ،‬بل وعلى الشام حيث حلم أبوسفيان‬ ‫عدو أبوسفيان القديم المنافس‬ ‫القديم وفارس حيث ّ‬ ‫له على تجارة الخليج وعمان‪ .‬ونحن ما زلنا ندفع‬ ‫ثمن صراعهم الذي لم ينته ولن ينته لألبد‪.‬‬


Turn static files into dynamic content formats.

Create a flipbook
Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.
501 by pdk-s - Issuu