رواية ماركيز الأخيرة

Page 1

‫ذاكرة غانياتي الحزينات‬

‫غابرييل غارسيا ماركيز‬ ‫ترجمة صالح علماني‬

‫"الفصل اللول‬

‫في السنة التسعين من سنلوات حياتي‪ ،‬رغبت في أن أهدي إلى نفسي ليلة حب مجنلون‪ ،‬مع مراهقة‬ ‫عذراء‪ .‬تذكرت رلوسا كباركاس‪ ،‬صاحبة بيت سري‪ ،‬اعتادت أن تتصل بزبائنها الجيدين‪ ،‬عندما يكلون‬ ‫تحت تصرفها جديد جاهز‪ .‬لم أستسلم قط لهذا الغراء‪ ،‬ألو لي لواحد آخر من إغراءاتها الفاحشة‪،‬‬

‫لولكنها لم تكن تؤمن بنقاء مبادئي‪ .‬فكانت تقلول بابتسامة خبيثة‪ :‬الخل قق مسألة زمن أيضا ‪ ،‬لولسلوف‬

‫ترى‪ .‬كانت أصغر مني بعض الشيء‪ ،‬لولم تعد لدي أخبار عنها منذ سنلوات طلويلة‪ ،‬بحيث يمكن أن‬

‫تكلون قد ماتت‪ .‬لولكنني‪ ،‬منذ الرنين اللول‪ ،‬تعرفت على صلوتها في الهاتف‪ ،‬لوبادرتها دلون مقدمات‪:‬‬

‫‪ -‬اليلوم‪ ،‬أجل‪ .‬فتنهدت قائلة‪ :‬آه‪ ،‬يا عالمي الحزين‪ ،‬تختفي عشرين عاما‪ ،‬لوتعلود لتطلب مستحيلت‬

‫فقط‪ .‬لوفلورا‪ ،‬استعادت السيطرة على فنها‪ ،‬لوعرضت علي ستة من الخيارات الشهية‪ ،‬لولكن عليك أن‬

‫تعلم‪ ،‬جميعهن مستعملت‪ .‬ألححت عليها أن ل‪ ،‬لويجب أن تكلون عذراء‪ ،‬لوأريدها هذه الليلة بالذات‪.‬‬ ‫فسألت مفزعة‪ :‬ما الذي تريد أن تجربه؟ ل شيء‪ ،‬أجبتها مهانا‪ ،‬حيث تسبب الهانة لي أكبر ألم‪ ،‬فأنا‬

‫أعرف جيدا ما أستطيعه لوما ل أستطيعه‪ .‬فردت دلون تأثر بأن العلماء يعرفلون كل شيء‪ ،‬لولكن ليس‬

‫كل شيء‪ :‬فاللوحيدلون الخذلون بالبقاء من ملواليد برج العذراء هم أنتم أناس آب‪ .‬لماذا لم تطلب مني‬

‫ذلك قبل بعض اللوقت؟ فأجبتها‪ :‬ال لقهام ل يعطي إنذا ار مسبقا‪ .‬لولكن ‪ ،‬ربما أستطيع‪ ،‬انتظر‪ ،‬قالت‬ ‫ذلك‪ ،‬لوهي أكثر علما على الدلوام من أي رجل‪ ،‬لوطلبت مني‪ ،‬لوللو يلومين‪ ،‬لتتقصى السلو ق بعم ق‪.‬‬

‫فرددت عليها بجد أنه في صفقة مثل تلك‪ ،‬لوفي مثل عمري‪ ،‬تكلون كل ساعة سنة‪ .‬قالت هي دلون‬ ‫مجال للشك‪ :‬ليس ممكنا إذن‪ ،‬ثم أضافت‪ :‬لولكن ل يهم‪ ،‬فالمر هكذا أكثر إثارة‪ ،‬يا للعنة‪ ،‬سأتصل بك‬

‫بعد ساعة‪.‬‬

‫ل حاجة لن أقلول ذلك ل نقه يمكن تمييزي عن بعد فراسخ‪ :‬أنا قبيح خجلول‪ ،‬لومن زمن مضى‪ .‬لكنني‬

‫لعدم رغبتي في أن أكلون كذلك‪ ،‬رحت أتصنع العكس تماما‪ ،‬حتى شمس هذا اليلوم‪ ،‬الذي قررت فيه أن‬ ‫أرلوي لنفسي كيف أنا‪ ،‬بمشيئتي الحرة لوالخاصة‪ ،‬لوللو لمجرد طمأنة ضميري‪ .‬لقد بدأت بمكالمتي غير‬


‫المأللوفة مع رلوسا كاباركاس‪ ،‬لن تلك المكالمة‪ ،‬لوأنا أنظر إليها اليلوم‪ ،‬كانت بداية حياة جديدة‪ ،‬في‬

‫سن يكلون فيها معظم البشر الفانين قد ماتلوا‪.‬‬

‫إنني أعيش في بيت من الطراز الكلوللونيالي‪ ،‬على رصيف شمس حديقة سان نيكلولس‪ ،‬حيث أمضيت‬ ‫كل أيام حياتي‪ ،‬بل امرأة لوبل ثرلوة‪ ،‬لوحيث عاش لومات أبلواي‪ ،‬لوحيث قررت أن أملوت لوحيدا‪ ،‬على‬

‫السرير نفسه الذي لولدت فيه‪ ،‬لوفي يلوم أرغب أن يكلون بعيدا‪ ،‬لوبل ألم‪ .‬لقد اشترى أبي البيت في مزاد‬ ‫علني‪ ،‬في ألواخر القرن التاسع عشر‪ ،‬فأجر الطاب ق الرضي‪ ،‬كمتاجر فاخرة لشركة يملكها إيطاليلون‪،‬‬

‫لواحتفظ لنفسه بهذا الطاب ق الثاني‪ ،‬ليعيش سعيدا مع ابنة أحد ألولئك اليطاليين‪ ،‬فللورينا دي ديلوس‬

‫كارغامنتلوس‪ ،‬عازفة ماهرة لملوسيقى ملوزارت‪ ،‬لومتعددة اللغات‪ ،‬لوغاريبالدية‪ ،‬لوالمرأة ال كقثر جمال‬ ‫لوالفضل ملوهبة بين كل من عرفتهن المدينة على الطل قق‪ :‬إنها أمي‪.‬‬

‫نطا ق البيت لواسع لومنير‪ ،‬فيه أعمدة من المرمر‪ ،‬لوأرضيات شطرنجية من الملوزاييك الفللورنسي‪،‬‬ ‫لوأربعة من أبلواب زجاجية تتفتح على شرفة بارزة حيث كانت تجلس أمي في ليالي آذار‪ ،‬لتردد أغنيات‬ ‫حب مع بنات عملومتها اليطاليات‪ .‬لومن هناك‪ ،‬ترى حديقة سان نيكلولس‪ ،‬لومعها الكاتدرائية لوتمثال‬

‫كريستلوف كلوللومبس‪ ،‬إلوالى اللوراء منها حانات المرسى النهري‪ ،‬لوالف ق الفسيح لنهر مجدالينا الكبير‪،‬‬ ‫على بعد عشرين فرسخا من مصبه‪ .‬الشيء اللوحيد غير اللطيف في البيت‪ ،‬هلو أن الشمس تنتقل من‬ ‫نافذة إلى أخرى خل لق النهار‪ ،‬لويتلوجب إغلقها جميعها من أجل محالولة نلوم القيللولة في العتمة‬

‫الحارقة‪ .‬عندما بقيت لوحيدا‪ ،‬لوأنا في الثانية لوالثل ثقين من عمري‪ ،‬انتقلت إلى ما كان مخدع أبلوي‪،‬‬ ‫لوفتحت بابا للمرلور إلى غرفة المكتبة لوبدأت أبيع في المزاد كل ما يفيض عن حاجتي لكي أعيش‪،‬‬ ‫لوانتهى المر بما يفيض عن حاجتي إلى أن يكلون كل شيء باستثناء الكتب لوأرغن اللفافات‪.‬‬

‫لقد كنُت طلوال أربعين سنة‪ ،‬مصحح البرقيات في جريدة دياريلو ل باث‪ ،‬لوهي مهمة تتلخص في ترميم‬ ‫أخبار العالم التي نتلقفها من الفضاء الفلكي‪ ،‬على الملوجات القصيرة ألو من رملوز شفرة ملورس‪،‬‬ ‫لواستكمالها بنثر محلي‪ .‬لوأنا اليلوم أعيش بين بين‪ ،‬على معاشي التقاعدي من تلك المهنة المنقرضة؛‬

‫لوأعيش بقدر أقل على تقاعدي كأستاذ نحلو قشتالي لول تقيني‪ ،‬لول أكاد أكسب شيئا تقريبا من عملود يلوم‬

‫الحد الذي أكتبه للجريدة دلون تلوقف‪ ،‬منذ أكثر من نصف قرن‪ ،‬لول أكسب شيئا على الطل قق من‬ ‫تعليقاتي الملوسيقية لوالمسرحية التي ينشرلونها مجانا في المرات الكثيرة التي يأتي فيها عازفلون‬

‫بارزلون‪ .‬لم أفعل شيئا قط غير الكتابة‪ ،‬لولكنني ل أمتلك ملوهبة الرلوائي لول مزيته‪ ،‬لوأجهل تماما قلوانين‬

‫التأليف الدرامي‪ ،‬إلواذا كنت قد لورطت نفسي في هذا المشرلوع‪ ،‬فل نقني أث ق بنلور الكثير الذي قرأته في‬ ‫الحياة‪ .‬لوهذا يعني‪ ،‬بلغة رلومانس فجة‪ ،‬أنني نهاية سل لقة بل مزايا لول بري ق‪ ،‬ليس لديه ما يلورثه‬ ‫لحيائه سلوى هذه اللوقائع التي أتهيأ لرلوايتها كيفما أمكن‪ ،‬في هذا الستذكار للحب الكبير‪.‬‬


‫تذكرت يلوم إكمالي تسعين سنة‪ ،‬كالعادة‪ ،‬في الخامسة صباحا‪ .‬لوكان التزامي اللوحيد‪ ،‬لن اليلوم جمعة‪،‬‬

‫هلو كتابة عملودي الصحفي الذي يحمل تلوقيعي‪ ،‬لوينشر أيام الحاد في ريلو دي ل باث‪ .‬كان يمكن‬

‫لعراض الفجر أن تكلون مل ئقمة تماما ل نقعدام السعادة‪ :‬فقد كانت تؤلمني عظامي منذ الصباح الباكر‪،‬‬

‫لوهناك حرقة في شرجي‪ ،‬لوكان هناك رعد عاصفة‪ ،‬بعد ثل ثقة شهلور من الجفاف‪ .‬استحممت فيما كانت‬ ‫القهلوة تسخن‪ ،‬تنالولت فنجانا محلى بعسل النحل‪ ،‬لومعه قرصان من الكاثابيه‪ ،‬لولبست أفرهلولي البيتي‬

‫الكتاني الفضفاض‪.‬‬

‫ملوضلوع مقالتي لذلك اليلوم‪ ،‬لوكيف ل‪ ،‬هلو سنلواتي التسعلون‪ .‬لم أفكر قط في السن على أنها ثقب في‬

‫السقف يقطر الماء منه‪ ،‬لينبه أحدنا إلى كمية الحياة الخذة بالتبقي له‪ .‬لقد سمعت منذ طفلولتي‬

‫المبكرة أن القمل الذي يتكاثر في الشعر يهرب مذعلو ار على اللوسائد‪ ،‬عندما يملوت الشخص‪ ،‬مسببا‬

‫الحرج لوالخجل للسرة‪ .‬لوكان هذا عبرة ل تقجنب ذلك المصير‪ ،‬فسمحت بقص شعر رأسي كله عندما‬

‫ذهبت إلى المدرسة‪ ،‬لوما زلت أغسل خصلت الشعر القليلة المتبقية لي‪ ،‬بصابلون الكلب الشكلور‪ .‬هذا‬

‫يعني‪ ،‬لوأقلوله الن‪ ،‬إن حس الحياء الجتماعي كان‪ ،‬منذ طفلولتي المبكرة‪ ،‬أفضل تكلونا لدي من حس‬ ‫الملوت‪.‬‬

‫لقد احتطت منذ شهلور‪ ،‬كيل يكلون مقالي في ذكراي‪ ،‬مجرد حسرة على السنلوات الذاهبة‪ ،‬إلوانما العكس‬ ‫تماما‪ :‬تمجيد للشيخلوخة‪ .‬بدأت بالتساؤل‪ ،‬متى بدأت أعي أنني صرت عجلوزا‪ ،‬لوأظن أن المر حدث‬ ‫قبل لوقت قصير جدا من ذلك اليلوم‪ .‬ففي الثانية لوالربعين من عمري لجأت إلى الطبيب ل لقم في‬

‫ظهري‪ ،‬سبب لي ضيقا في التنفس‪ ،‬فلم يلول الطبيب أهمية للمر‪ ،‬لوقال لي‪ :‬إنه ألم عادي في مثل‬

‫سنك‪ .‬فقلت له‪ - :‬غير العادي إذن‪ ،‬في هذه الحالة‪ ،‬هي سني‪.‬‬

‫ابتسم لي الطبيب ابتسامة مشفقة‪ ،‬لوقال‪ :‬أرى أنك فيلسلوف‪ .‬كانت تلك هي المرة اللولى التي فكرت‬

‫فيها بسني‪ ،‬بمعايير الشيخلوخة لولكنني سرعان ما نسيت ذلك‪ .‬اعتدت على الستيقاظ كل يلوم بألم‬

‫مختلف‪ ،‬يبدل ملوضعه لوأسللوبه مع مرلور السنلوات‪ ،‬فهلو يبدلو أحيانا كمخلب الملوت‪ ،‬لوفي اليلوم التالي‬

‫يزلول‪ .‬لوقد سمعت‪ ،‬في تلك الفترة من يقلول إن ألول أعراض الشيخلوخة هلو بدء المر بالتشابه مع‬

‫أبيه‪ .‬ل بد أنني محكلوم بالشباب البدي‪ .‬هذا ما فكرت فيه آنذاك‪ ،‬لن برلوفيلي الحصاني ليس فيه أي‬

‫شبه على الطل قق بالبرلوفيل الكاريبي الخام الذي كان عليه أبي‪ ،‬لول برلوفيل أمي الرلوماني‬

‫المبراطلوري‪ ،‬لوالحقيقة هي أن ألول التبدلت تكلون شديدة البطء‪ ،‬ل تكاد تلحظ‪ ،‬لويلواصل أحدنا العيش‪،‬‬

‫بينه لوبين نفسه‪ ،‬مثلما كان على الدلوام‪ ،‬إل أن الخرين يلحظلون التبدلت من الخارج‪.‬‬

‫في العقد الخامس‪ ،‬بدأت أتخيل ما هي الشيخلوخة‪ ،‬عندما انتبهت إلى ألولى فجلوات الذاكرة‪ .‬كنت أذرع‬

‫البيت بحثا عن النظارة‪ ،‬ثم اكتشفت أنني أضعها على عيني‪ ،‬ألو أدخل بها تحت مرشة الستحمام‪ ،‬ألو‬


‫أضع نظارة القراءة دلون أن أنزع نظارة بعد البصر‪ .‬لوفي أحد اليام تنالولت الفطلور مرتين‪ ،‬ل نقني نسيت‬

‫المرة اللولى منهما ؛ لوتعلمت التعرف إلى ضي ق أصدقائي عندما ل يجرؤلون على تنبيهي إلى أنني‬

‫أرلوي لهم الحكاية نفسها التي رلويتها السبلوع الفائت‪ .‬في ذلك الحين‪ ،‬كانت هناك في ذاكرتي قائمة‬

‫لوجلوه معرلوفة‪ ،‬لوقائمة أخرى باسم كل لواحد من أصحاب تلك اللوجلوه‪ ،‬لولكنني في لحظة تبادل التحية‪،‬‬

‫ل أتلوصل إلى المطابقة بين اللوجلوه لوالسماء‪.‬‬

‫عمري الجنسي لم يقلقني قط‪ ،‬لن قدراتي الجنسية ل تعتمد علي أنا نفسي بقدر ما تعتمد عليهن‪،‬‬

‫لوهن يعرفن كيف يفعلن ذلك لوماذا يفعلن‪ ،‬عندما يشأن‪ .‬إنني أضحك اليلوم من الفتيان الذين في‬

‫الثمانين‪ ،‬ممن يستشيرلون الطبيب مذعلورين من هذه التبدلت المفاجئة دلون أن يدرلوا أنها ستكلون‬ ‫أسلوأ في التسعين‪ ،‬لولكنها ل تهم‪ :‬إنها مخاطر بقاء المرء حيا‪ .‬لوما يمكن اعتباره نص ار للحياة‪،‬‬

‫بالمقابل أن ذاكرة المسنين تضيع في الملور غير الجلوهرية‪ ،‬لولكنها ناد ار ما تخطئ في الملور التي‬ ‫تهمنا حقا‪ .‬لوقد ألوضح شيشرلون ذلك بجرة قلم‪ :‬ل لوجلود لمسن ينسى أين خبأ كنزه‪.‬‬

‫بهذه الفكار‪ ،‬لوأخرى عديدة أنهيت المسلودة اللولى لمقالتي‪ ،‬عندما اندلعت شمس آب من بين أشجار‬ ‫الللوز في الحديقة‪ :‬لودخلت سفينة البريد النهرية‪ ،‬المتأخرة أسبلوعا بسبب الجفاف‪ ،‬في قنال المرفأ لوهي‬

‫تجأر‪ .‬فكرُت ‪:‬ق إلى هنا لوصلت سنلواتي التسعلون‪ .‬لن أعرف السبب أبدا‪ .‬لولست أسعى إلى معرفته‪،‬‬ ‫لولكن المر كان تعلويذة للتعزيم على ذلك الستذكار المدمر‪ ،‬عندما قررت ال تقصال هاتفيا برلوسا‬

‫كاباركاسن كي تساعدني في تكريم ذكراي بليلة ماجنة‪ .‬كنت قد أمضيت سنلوات في سلم مقدس مع‬

‫جسدي مكرسا نفسي لعادة قراءة غير منتظمة للكلسيكيين الذين أفضلهم‪ ،‬لولبرامج ملوسيقاي‬

‫الخاصة المنتقاة‪ ،‬غير أن رغبتي في ذلك اليلوم كانت ملحة‪ ،‬حتى إنها بدت لي رسالة من الرب‪ .‬بعد‬

‫المكالمة‪ ،‬لم أستطع ملواصلة الكتابة علقت أرجلوحة النلوم في ركن المكتبة‪ ،‬حيث ل تصل شمس‬

‫الصباح‪ ،‬لواستلقيت بصدر منقبض بلهفة ال نقتظار‪.‬‬

‫لقد كنت طفل مدلل لب متعدد الملواهب قضى عليه السل لوهلو في الخمسين‪ ،‬لومتمسك بالشكليات لم‬

‫يعرف له خطأ قط ‪ ،‬لوطلع عليه الصباح ميتا في فراش ترمله‪ ،‬في يلوم تلوقيع معاهدة نيرل نقدا التي‬ ‫لوضعت حدا لحرب ال لقف يلوم‪ ،‬لوحرلوب القرن الماضي الهلية الكثيرة‪ .‬لقد بدل السلم المدينة في‬ ‫اتجاه لم يكن متلوقعا لول مرغلوبا‪ .‬فقد أغنى حشد من النساء المتحررات‪ ،‬حتى الهذيان‪ ،‬الحانات‬

‫القديمة‪ ،‬في شارع أنتشا الذي تحلول بعد ذلك إلى ممر آبييلو‪ ،‬لوهلو الن جادة كلوللومبس‪ ،‬في مدينة‬

‫رلوحي هذه التي يقدرها المقربلون لوالغرباء لطيب طباع ناسها لوصفاء ضلوئها‪.‬‬

‫لم أضاجع امرأة قط دلون أن أدفع لها! لوالقليلت الللواتي لم يكن من نساء المهنة‪ ،‬أقنعتهن بالحجة ألو‬

‫بال كقراه‪ ،‬بأن يأخذن النقلود لوللو لمجرد رميها في القمامة‪ .‬منذ العشرين من عمري بدأت بلوضع سجل‬


‫بالسم‪ ،‬لوالسن‪ ،‬لوالمكان‪ ،‬لوبملوجز تذكيري بالظرف لوالسللوب‪ .‬فكّن حتى الخمسين من عمري‬ ‫خمسمائة لوأربع عشرة امرأة‪ ،‬ضاجعت كل لواحدة منهن مرة لواحدة على القل‪ .‬ألوقفت تلك القائمة‬ ‫عندما لم يعد الجسد قاد ار على الكثير‪ ،‬لولواصلت الحساب بل ألورا ق‪ .‬لقد كانت لي أخلقياتي الخاصة‪.‬‬

‫فأنا لم أشارك قط في عربدة جماعية‪ ،‬لول في معاشرات عامة‪ ،‬لولم أشاطر أحدا السرار‪ ،‬لول رلويت‬

‫لحد مغامرة من مغامرات الجسد ألو الرلوح‪ .‬فقد أدركت منذ شبابي أنه ل يمكن لي من ذلك كله أن‬

‫يمر دلون حساب‪.‬‬

‫العلقة الغريبة اللوحيدة هي تلك التي أقمتها لسنلوات‪ ،‬مع داميانا اللوفية‪ .‬لقد كانت طفلة تقريبا‪ ،‬شبه‬

‫هندية‪ ،‬لوقلوية لوبدائية‪ ،‬كلمها قليل لوحاسم‪ ،‬تتنقل حافية كيل تزعجني لوأنا أكتب‪ .‬أتذكر أنني كنت أق أر‬

‫)النضارة ال نقدلسية( في أرجلوحة النلوم في الردهة‪ ،‬لورأيتها مصادفة تنحني على حلوض غسل الثياب‪،‬‬

‫بتنلورة قصيرة جدا‪ ،‬تكشف تكلوراتها الغضة‪ .‬لومدفلوعا بحمى ل تقالوم‪ ،‬رفعتها من لوراء‪ ،‬أنزلت لها‬

‫سرلوالها الداخلي حتى الركبتين‪ ،‬انقضضت بالمقللوب‪ .‬فقالت هي‪ ،‬بآهة كئيبة‪ :‬آي‪ ،‬يا سيدي‪ ،‬هذا لم‬

‫يخل ق للدخال إلوانما للخراج‪ .‬زلزلة عميقة هزت جسدها لولكنها ظلت ثابتة‪ .‬لولحساسي بالمهانة‪،‬‬ ‫ل نقني امتهنتها‪ ،‬أردت أن أدفع لها ضعف ما كانت تتقاضاه أغلهّن آنذاك‪ ،‬لولكنها لم تقبل لول فلسا‬ ‫لواحدا‪ .‬فكان علي أن أزيد راتبها بقيمة مضاجعة كل شهر‪ ،‬لودلوما لوهي تغسل الملبس‪ ،‬لودائما في‬

‫ال تقجاه المعاكس‪.‬‬

‫لقد فكرت في بعض الحيان بأنه يمكن لسجلت الفراش تلك‪ ،‬أن تكلون دعامة لقصة عن بؤس حياتي‬ ‫الضائعة‪ ،‬لونزل علي العنلوان من السماء )ذاكرة غانياتي الحزينات(‪ ،‬حياتي العامة بالمقابل‪ ،‬تخللو مما‬

‫هلو مشلو ق لومثير للهتمام‪ :‬يتيم الب لوالم‪ ،‬أعزب بل مستقبل‪ ،‬صحفي متلوسط المكانيات‪ ،‬لومتلوصل‬

‫أربع مرات إلى التصفية النهائية في مسابقات كارتاخينا دي إندياس الشعرية‪ ،‬لوالشخص المفضل لرسم‬ ‫الكاريكاتير بسبب قبحي النملوذجي‪ .‬هذا يعني‪ :‬حياة ضائعة بدأت‪ ،‬بصلورة سيئة‪ ،‬مساء اليلوم الذي‬

‫أخذتني فيه أمي من يدي‪ ،‬لوأنا في التاسعة عشرة من عمري‪ ،‬إلى صحيفة )دياريلو دي ل باث( لترى‬ ‫إن كان بإمكانها التلوصل إلى نشر عرض عن الحياة المدرسية‪ ،‬كنت قد كتبته لمادة اللغة القشتالية‬

‫لوالخطابة‪ .‬لوقد نشر يلوم الحد‪ ،‬مع تقديم تشجيعي كتبه مدير الجريدة‪ .‬لوبعد مرلور سنلوات‪ ،‬حين‬

‫عرفت أن أمي قد دفعت مقابل نشره‪ ،‬لومقابل نشر مقال تقي السبع التالية كذلك‪ ،‬كان اللوقت قد فات‬

‫للشعلور بالخجل‪ ،‬إذ كان عملودي الصحفي السبلوعي يحل ق بجناحيه الخاصين‪ ،‬لوكنت قد سرت فلو ق‬

‫ذلك مصحح البرقيات‪ ،‬لوناقدا ملوسيقيا‪.‬‬

‫منذ حصلولي على شهادة الثانلوية بدرجة امتياز‪ ،‬بدأت بإعطاء درلوس في اللغة القشتالية لوالل تقينية‪،‬‬

‫في ثلث مدارس عامة‪ ،‬في اللوقت نفسه‪ .‬كنت أستاذا سيئا بل ميلول‪ ،‬لوبل أي شفقة على ألولئك‬


‫الطفال المساكين الذين يذهبلون إلى المدرسة‪ ،‬باعتبارها أسهل الطر ق للهرب من طغيان آبائهم‪.‬‬

‫الشيء اللوحيد الذي استطعت عمله لهم‪ ،‬هلو إبقاؤهم تحت رعب مسطرتي الخشبية‪ ،‬لكي يحفظلوا عني‬

‫على القل‪ ،‬قصيدتي المفضلة‪) :‬هذي التي تراها الن يا فابيلو‪ ،‬لويا لل لقم‪ ،‬مجرد حقلول عزلة لوربلوة‬

‫ذالوية كانت في زمن مضى إيتاليكا الشهيرة(‪ .‬لوفي شيخلوختي فقط عرفت مصادفة اللقب الخبيث الذي‬

‫أطلقه علي التلميذ من لوراء ظهري‪ :‬الستاذ ربلوة ذالوية‪ .‬هذا هلو ما منحتني إياه الحياة‪ ،‬لولم أفعل‬

‫شيئا لستخلص منها المزيد‪ .‬كنت أتنالول الغداء لوحيدا‪ ،‬في الستراحة بين حصة لوأخرى‪ .‬لوفي الساعة‬

‫السادسة مساء أصل إلى مكاتب تحرير الجريدة‪ ،‬ل تقصيد الخبار عن الفضاء الفلكي‪ .‬لوفي الحادية‬

‫عشرة ليل عند إغل قق الطبعة تبدأ حياتي الحقيقية‪.‬‬

‫كنت أنام في الحي الصيني مرتين ألو ثلث مرات كل أسبلوع‪ ،‬مع رفقة شديدة التنلوع‪ ،‬حتى إنني تّلو جقت‬

‫مرتين بلقب )زبلون السنة(‪ ،‬فبعد العشاء في مقهى رلوما القريب‪ ،‬أختار أّيا من الملواخير دلون تعيين‪،‬‬ ‫لوأدخل خفية من بلوابة الفناء الخلفي‪ .‬كنت أدخل من هناك بدافع المتعة‪ ،‬لولكن المر تحلول إلى جزء‬

‫من مهنتي‪ ،‬بفضل خفة لسان كبار ثرثاري السياسة‪ ،‬ممن يقدملون لعشيقات ليلة عابرة‪ ،‬ما لديهم من‬

‫أسرار الدلولة‪ ،‬دلون أن يخطر ببالهم أن الرأي العام يسمع أصلواتهم من خل لق الجدران الكرتلونية‪ .‬عن‬

‫هذه الطري ق ‪،‬لوكيف ل‪ ،‬اكتشفت أيضا أنهم يعزلون عزلوبتي التي ل عزاء لها‪ ،‬إلى ميلول للوطية ليلية‬

‫أشبعها مع أطفال أيتام في شارع دي ل كقريمن‪ .‬لوقد حالفني الحفظ بنسيان ذلك ل نقني إضافة إلى‬ ‫أسباب طيبة أخرى‪ ،‬عرفت أيضا الشياء الجيدة التي كانت تقال عني‪ ،‬لوقدرتها بما تستح ق‪.‬‬

‫لم يكن لي أصدقاء حميملون قط‪ ،‬لوالقلة الذين تمكنلوا من القتراب مني‪ ،‬هم الن في نيلويلورك‪ .‬هذا‬

‫يعني أنهم ميتلون‪ .‬لن ذلك هلو المكان الذي أفترض أن الرلواح المحزلونة تذهب إليه‪ ،‬كيل تتمثل‬

‫حقيقة حياتها الماضية‪ .‬منذ تقاعدي لم يعد لدي إل القليل لعمله‪ ،‬اللهم إل حمل ألوراقي إلى الجريدة‬

‫أيام الجمعة مساء‪ ،‬ألو القيام بمساع أخرى على شيء من الهمية‪ :‬حضلور حفلت ملوسيقية في قاعة‬ ‫الفنلون الجميلة‪ ،‬ألو معارض رسم في المركز الفني‪ ،‬لوأنا عضلو مؤسس فيه؛ ألو محاضرة تمدنية بين‬ ‫حين لوآخر في جمعية الصلح العام؛ ألو حدث كبير مثل ملوسم فابريغاس في مسرح أبلوللو‪.‬‬

‫في شبابي‪ ،‬كنت أذهب إلى صالت السينما غير المسقلوفة‪ ،‬حيث يمكن أن يفاجئنا خسلوف قمري‪ ،‬ألو‬

‫نزلة صدرية مزدلوجة‪ ،‬بفعل لوابل مطر في غير ألوانه‪ ،‬لولكنني لم أكن أهتم بالفلم قدر اهتمامي‬

‫بعصفلورات الليل الللواتي يضاجعن بثمن تذكرة الدخلول‪ ،‬ألو يقدمن ذلك مجانا ألو بالدين‪ .‬فالسينما ليست‬

‫من ميلولي‪ .‬لوكان العجاب الداعر بشيلي تيمبل هلو القطرة التي طفحت بها الكأس‪.‬‬

‫الرحلت اللوحيدة في حياتي‪ ،‬هي أربع رحلت إلى المسابقات الشعرية في كارتاخينا دي إندياس‪ ،‬قبل‬

‫بللوغي الثل ثقين‪ ،‬لوليلية خبيثة في مركب ذي محرك‪ ،‬بدعلوة من سكرامينتلو ملونتييل إلى افتتاح ماخلور‬


‫له في مدينة سانتا مارتا‪ .‬أما بشأن حياتي المنزلية فأانا قليل ال كقل لوغير متطلب‪ .‬عندما هرمت‬

‫داميانا‪ ،‬لولم تعد تطبخ لي في البيت صارت لوجبتي النظامية اللوحيدة منذ ذلك الحين عجة البطاطا في‬

‫مقهى رلوما بعد إغل قق الجريدة‪.‬‬

‫لولهذا ظللت عشية إكمالي التسعين سنة دلون غداء‪ ،‬لولم أستطع التركيز على القراءة‪ ،‬بانتظار أخبار‬

‫من رلوسا كاباركاس‪ .‬كانت الزيزان تصفر حد التقزز في قيظ الساعة الثانية‪ ،‬لوقد أجبرني دلوران‬

‫الشمس على النلوافذ المفتلوحة على أن أبدل مكان أرجلوحة النلوم ثلث مرات‪ .‬لقد بدا لي على الدلوام‬ ‫أن أيام ذكرى ميلدي هي الشد ح ار طلوال العام‪ ،‬لوقد تعلمت تحمل ذلك‪ ،‬غير أن مزاجي في ذلك اليلوم‬ ‫لم يتح لي التحمل كثيرا‪ .‬ففي الساعة الرابعة بعد الظهر‪ ،‬حالولت أن أهدئ نفسي بسماع مقطلوعات‬

‫التشيللو المنفرد الست‪ ،‬لجان سبستيان باخ‪ ،‬في نسختها النهائية لدلون بابللو كاسالس‪ .‬إنني أرى فيها‬

‫ما تتضمنه الملوسيقى كلها من حكمة‪ .‬لولكنها بدل أن تهدئني كالعادة خلفتني في أسلوأ حالت اللوهن‪.‬‬ ‫غفلوت مع السلوناتا الثانية منها‪ ،‬لوهي تبدلو لي متكاسلة بعض الشيء‪ .‬لوفي الحلم اختلط علي أنين‬

‫التشيللو بأنين سفينة حزينة مضت‪ .‬لوعلى الفلور تقريبا أيقظني الهاتف‪ ،‬لوأعاد لي الحياة صلوت رلوسا‬ ‫كاباركاس الصدئ‪ :‬إن لك حظا مجنلونا‪ ،‬قالت لي‪ ،‬ثم أضافت‪ :‬لوجدت لك لواحدة أفضل مما أردته أنت‪،‬‬

‫لولكن هناك مشكلة‪ :‬إنها تكاد ل تتجالوز الرابعة عشرة‪ .‬قلت لها مازحا دلون أن أفهم مسلوغاتها‪ :‬ليس‬ ‫لدي مانع في تبديل حفاظات‪ .‬فقالت هي‪ :‬المر ل يتعل ق بك‪ ،‬لولكن من الذي سيدفع عني ثلث‬

‫سنلوات سجن؟‬

‫لن يكلون هناك من يدفعها‪ ،‬لوهي نفسها أقل من أي شخص آخر بالطبع‪ .‬فهي تجني محصلولها من‬

‫بين قاصرات السن الللواتي يعرضن أنفسهن في محلها‪ ،‬فتدربهّن لوتعتصرهن‪ ،‬إلى أن ينتقلن إلى أسلوأ‬ ‫حياة عاهرات مجازات‪ ،‬في ماخلور إلوفيميا الزنجية التاريخي‪ .‬لم تدفع أي غرامة قط‪ ،‬لن بيتها هلو‬

‫منتدى السلطات المحلية‪ ،‬ابتداء من المحافظ لوحتى أصغر ملوظف في مقر المحافظة‪ ،‬لولم يكن ممكنا‬ ‫تصلور أن صاحبة المحل تنقصها القدرات على ارتكاب المخالفات على هلواها‪ .‬لوهكذا فإنه ل هدف من‬

‫لوسالوسها‪ ،‬في اللحظة الخيرة سلوى جني منفعة أكبر من خدماتها‪ :‬فالخدمة أغلى ثمنا كلما كانت‬

‫أكثر عرضة للعقاب‪ .‬تمت تسلوية الخلف بإضافة بيزلوين اثنين إلى الخدمة‪ .‬لواتفقنا على أن أكلون في‬ ‫بيتها الساعة العاشرة ليل لومعي خمسة بيزلوات نقدا لومقدما‪ .‬لول دقيقة لواحدة قبل ذلك‪ ،‬لن الطفلة‬ ‫يجب أن تقدم الطعام لخلوتها الصغار لوتنلومهم‪ ،‬لوتنلوم أمها المقعدة بفعل الرلوماتيزم‪.‬‬

‫كانت ل تزال هناك أربع ساعات‪ ،‬لوفي أثناء انقضائها كان قلبي يمتلئ بزبد حامض يعي ق تنفسي‪.‬‬

‫بذلت مجهلودا عقيما لمضي اللوقت بإجراءات اللباس‪ .‬ل جديد في الحقيقة‪ ،‬فحتى داميانا تقلول إنني‬

‫أرتدي ملبسي بطقلوس سيد مطران‪ .‬جرحت نفسي بشفرة الحلقة‪ ،‬لوكان علي أن أنتظر إلى أن يبرد‬


‫ماء الدش الذي سخنته الشمس في ال نقابيب‪ .‬لومجرد الجهد البسيط في تجفيف جسدي بالمنشفة‬

‫جعلني أتعر ق من جديد‪ .‬لبست ما يتلواف ق مغامرة الليلة‪ :‬بدلة الكتان البيضاء‪ ،‬لوالقميص ذا الخطلوط‬

‫الزر ق‪ ،‬لوالياقة المقساة بالنشاء‪ ،‬لوربطة العن ق الحريرية الصينية‪ ،‬لوالحذاء المستعاد الشباب لوالملمع‬

‫بالزنك لوالساعة الذهبية ذات السلسلة المثبتة بعرلوة الياقة‪ .‬لوبعد ذلك طلويت طرفي ساقي البنطال إلى‬

‫الداخل كيل يلحظ أني تقلصت شبرا‪.‬‬

‫يشاع عني أنني بخيل‪ ،‬ل نقه ليس هناك من يتصلور أنني فقير إلى هذا الحد‪ ،‬لوأنا أسكن حيث أسكن‪،‬‬

‫لوالحقيقة أن ليلة مثل تلك الليلة كانت أكبر بكثير من ملواردي‪ .‬أخرجت من صندلو ق مدخراتي الملوضلوع‬ ‫تحت السرير بيزلوين اثنين لستئجار الغرفة‪ ،‬لوأربعة لصاحبة البيت‪ ،‬لوثل ثقة للصبية‪ ،‬لوخمسة احتياطية‬ ‫لعشائي لونفقات ضئيلة أخرى‪ .‬أي الربعة عشر بيزلوا التي تدفعها لي الجريدة مقابل شهر من مقالت‬

‫يلوم الحد‪ ،‬خبأتها في جيب سري في الحزام‪ ،‬لوتعطرت بمرشة ماء فللوريدا من صنع ل نقمان أند‬

‫كيمب‪ -‬باركلي أند كلومباني‪ .‬عندئذ أحسست بمخلب الذعر‪ ،‬لومع قرع ناقلوس الساعة الثامنة اللول‬

‫نزلت متلمسا طريقي على الدرج المظلم‪ ،‬متعرقا من الخلوف‪ ،‬لوخرجت إلى ليلة عشية ذكراي السنلوية‬ ‫المشعة‪.‬‬

‫كان الجلو قد برد‪ .‬جماعات من الرجال المتلوحدين يتجادللون صارخين حلول كرة القدم في جادة‬ ‫كلوللومبس‪ ،‬بين سيارات الجرة المتلوقفة صفا في منتصف الشارع‪ .‬جلوقة نحاسية تعزف فالسا فاترا‪،‬‬

‫تحت أشجار الحلور المزهرة‪ .‬إحدى العاهرات البائسات الللواتي يصطدن زبائن معدمين في شارع )الكتبة‬ ‫العملوميين( طلبت مني السيجار المعهلودة لوأجبتها الجلواب الدائم نفسه‪ :‬تركت التدخين منذ ثل ثقة‬

‫لوثل ثقين عاما لوشهرين لوسبعة عشر يلوما‪ .‬لولدى المرلور أمام "السلك الذهبي" نظرت إلى اللواجهات‬ ‫المضاءة لولم أر نفسي مثلما أشعر بها‪ ،‬إلوانما أكثر شيخلوخة لوأسلوأ ملبسا‪.‬‬ ‫قبل العاشرة بقليل ركبت سيارة أجرة لوطلبت من السائ ق أن يلوصلني إلى المقبرة الكلونية‪ ،‬كيل يعرف‬ ‫إلى أين أنا ذاهب في اللواقع‪ ،‬نظر إلي من خل لق المرآة لوقال لي‪ :‬ل تخفني بهذه الملور أيها السيد‬

‫العالم‪ ،‬أرجلو من ال أن يبقيني بمثل حيلويتك‪ .‬نزلنا معا من السيارة قبالة المقبرة‪ ،‬ل نقه لم يكن يملك‬ ‫نقلودا فكة‪ ،‬لوكان علينا أن نصرف النقلود في )القبر(‪ ،‬لوهي حانة بائسة يبكي فيها سكارى الفجر على‬ ‫ملوتاهم‪ .‬عندما صفينا الحساب قال لي السائ ق بجد‪ :‬كن حذ ار يا دلون‪ ،‬فبيت رلوسا كاباركاس لم يعد‬

‫لوللو مجرد خيال لما كان عليه‪ ،‬فلم أستطع إل أن أشكره مقتنعا مثل الجميع بأنه ل لوجلود لي سر‬

‫تحت السماء يخفى على سائ ق جادة كلوللومبس‪.‬‬

‫تلوغلت في حي فقراء ل علقة له بالذي عرفته في أزمنتي‪ .‬كانت الشلوارع الفسيحة ذات الرمال‬

‫الساخنة نفسها‪ ،‬ببيلوت أبلوابها مشرعة‪ ،‬لوجدران من خشب غير مصقلول‪ ،‬سقلوف من السعف المر‪،‬‬


‫لوأفنية مفرلوشة بالحصى‪ .‬لكن ناسها فقدلوا الطمأنينة‪ .‬لوكانت هناك في معظم البيلوت حفلت جمعة‪،‬‬

‫يرتد صخبها لوأطباقها في الحشاء‪ .‬يمكن لي كان أن يدخل بخمسين سنتافلو إلى الحفلة التي ترلوقه‬

‫أكثر‪ ،‬إنما يمكنه كذلك أن يظل يرقص مجانا على الرصفة‪ .‬كنت أمشي متلهفا أن تبتلعني الرض‬

‫داخل أبهتي المزركشة‪ ،‬لكن أحدا لم يلتفت إلّي باستثناء خلسي نحيل كان يجلس متنالوما عند بلوابة‬ ‫بيت جماعي‪ .‬صرخ من كل قلبه‪:‬‬ ‫‪ -‬لوداعا يا دكتلور‪ .‬لوأتمنى لك ضربا سعيدا‪.‬‬

‫لوماذا يمكنني أن أفعل سلوى شكره؟ كان علي أن أتلوقف ثلث مرات كي ألتقط أنفاسي‪ ،‬قبل أن أبلغ‬

‫المنحدر الخير‪ ،‬لومن هناك رأيت القمر النحاسي الضخم الذي يرتفع في الف ق‪ ،‬لوأحسست بتسرع غير‬ ‫متلوقع في البطن‪ .‬جعلني أخشى على مصيري‪ ،‬لولكنه مر مرلو ار عابرا‪ .‬لوفي نهاية الشارع‪ ،‬حيث‬

‫يتحلول الحي إلى غابة أشجار مثمرة‪ ،‬دخلت إلى حانلوت رلوسا كاباركاس‪.‬‬

‫لم تكن تبدلو هي نفسها‪ .‬لقد كانت فيما مضى أكثر القلوادات تكتما‪ ،‬لوبالتالي أكثرهن شهرة‪ .‬امرأة‬

‫ضخمة الحجم‪ ،‬كنا نريد تتلويجها رقيب إطفائيين‪ ،‬سلواء لضخامتها ألو لفعاليتها في إطفاء شب ق رجال‬

‫المدينة‪ .‬لكن اللوحدة قلصت جسدها‪ ،‬لوجعدت جلدها‪ ،‬لوشحذت صلوتها ببراعة شديدة‪ .‬بدت معها كما‬

‫للو أنها طفلة مسنة‪ .‬لم يب ق لها مما كانت عليه في الساب ق إل أسنانها الدقيقة‪ ،‬مع لواحد منها غلفته‬

‫بالذهب للتجمل‪ .‬لوكانت تحتفظ بحداد صارم على زلوجها الميت‪ ،‬بعد خمسين سنة من الحياة‬

‫المشتركة‪ ،‬لوقد زادت على ثياب الحداد قلنسلوة سلوداء لملوت ابنها اللوحيد الذي كان يساعدها في‬ ‫إساءاتها‪ .‬لم يب ق حيا فيها سلوى عينيها الصافيتين لوالقاسيتين لومنهما عرفت أن طبيعتها لم تتغير‪.‬‬

‫هناك في الحانلوت مصباح شاحب‪ ،‬يتدلى من السقف‪ ،‬لوليس في خزائن الدكان أي شيء للبيع‪ ،‬حتى‬ ‫أنه ل ينفع أحيانا كغطاء لتجارة يعرفها الجميع‪ ،‬لولكن ل أحد يعترف بها‪ .‬كانت رلوسا كاباركاس‬

‫تتحدث إلى زبلون عندما دخلت على رؤلوس أصابع قدمي‪ .‬لست أدري إذا ما كانت لم تتعرف علي‬ ‫حقا‪ ،‬أم أنها تظاهرت بذلك للحفاظ على الشكليات‪ .‬جلست على مقعد ال نقتظار ريثما تنتهي‪ ،‬لوحالولت‬

‫أن أعيد في ذاكرتي ترميم ما كانت عليه‪ .‬فأكثر من مرتين عندما كنا كل نقا كاملين‪ ،‬أخرجتني هي من‬ ‫الرهبة‪ .‬أظن أنها قرأت أفكاري‪ ،‬ل نقها التفتت إلي لوتفحصتني بتمعن منذر بالخطر‪ .‬ثم تنهدت بأسى‪:‬‬

‫الزمن ل يؤثر عليك‪ .‬فأردت مجاملتها‪ :‬أما أنت فيؤثر عليك‪ ،‬لولكن إلى الحسن‪ .‬لوقالت هي‪ :‬بجد‪،‬‬ ‫حتى إن لوجه الحصان الميت الذي لك يبدلو لوقد انبعث‪ .‬فقلت بخبث‪ :‬ربما ل نقني بدلت المذلود‪.‬‬

‫لوتحمست هي لوقالت لي‪ :‬كان لك‪ ،‬على ما أذكر‪ ،‬نبلوت عبد تجديف‪ .‬كيف حاله الن؟ تملصت من‬ ‫السؤال بمهارة‪ :‬الشيء اللوحيد المختلف منذ لم نعد نلتقي هلو أنني أشعر بحرقة في الشرج أحيانا‪.‬‬

‫لوكان تشخيصها فلوريا‪ :‬بسبب عدم الستعمال‪ .‬فقلت لها‪ :‬ل أستعمله إل لما صنعه الرب من أجله‪.‬‬


‫لولكنه كان يحرقني حقا منذ زمن‪ ،‬لودائما عندما يكلون القمر بدرا‪ .‬بحثت رلوسا في درج منضدتها الذي‬

‫مثل درج الخياط لوفتحت علبة مرهم أخضر‪ ،‬له رائحة مرهم نبتة العطاس‪ .‬قل للطفلة أن تدهنها لك‬

‫بإصبعها هكذا‪ ،‬محركة سبابتها بقلوة لوبدلون خجل‪ .‬فأجبتها بأنني ما زلت بحمد ال قاد ار على القيام‬

‫بلواجبي دلون مراهم شعلوذات شعبية‪ .‬فقالت ساخرة‪ :‬آي أيها المعلم‪ ،‬عذ ار للحياة‪ .‬لوانتقلت إلى‬ ‫ملوضلوعها‪.‬‬

‫الطفلة في الغرفة منذ العاشرة‪ ،‬قالت لي؛ إنها جميلة‪ ،‬نظيفة‪ ،‬لوحسنة التربية‪ ،‬لولكنها تكاد تملوت‬

‫خلوفا‪ ،‬لن صديقة لها هربت مع حمال سفن من غايرا‪ ،‬قد نزفت خل لق ساعتين‪ .‬لوأقرت رلوسا‪ :‬لولكن‬ ‫المر مفهلوم‪ ،‬لن رجال غاي ار مشهلورلون بأنهم يجعللون البغلت تلوللول‪ .‬لوعادت إلى المساك بخيط‬ ‫حديثها‪ :‬يا لها من مسكينة‪ ،‬لوعليها فلو ق ذلك أن تعمل طلوال النهار في تثبيت ال زقرار في أحد‬

‫المصانع‪ .‬لم تبد لي خياطة ال زقرار عمل شاقا‪ .‬فردت هي‪ :‬هذا ما يظنه الرجال‪ ،‬لولكنه أسلوأ من العمل‬ ‫في تكسير الحجار‪ .‬لواعترفت لي كذلك بأنها أعطت الطفلة مشرلوبا من البرلوملور مع الفاليريانا‪ ،‬لوأنها‬

‫نائمة الن‪ .‬خشيت أن تكلون شفقتها مجرد حيلة أخرى لزيادة السعر‪ ،‬لولكن ل‪ ،‬قالت هي‪ ،‬فكلمتي من‬ ‫ذهب‪ .‬بقلواعد ثابتة‪ :‬كل شيء يدفع على حدة‪ ،‬بنقلود نظيفة‪ ،‬لومقدما‪ .‬لوهذا ما كان‪.‬‬

‫لحقت بها عبر الفناء مشفقا على ذبلول بشرتها‪ ،‬لوسلوء مشيتها بساقيها المتلورمتين لوراء جلورب‬

‫القطن الطبي‪ .‬كان للون القمر المكتمل يقترب من منتصف السماء‪ ،‬لوتبدلو الدنيا كما للو أنها غارقة في‬

‫ماء أخضر‪ .‬كان هناك بالقرب من الدكان سقيفة من سعف النخل‪ ،‬لحفلت الدارة العامة‪ ،‬مع كثير‬ ‫من الكراسي الجلدية التي بل مساند‪ ،‬لوأراجيح النلوم المعلقة إلى الدعائم‪ .‬لوفي الفناء الخلفي‪ ،‬حيث‬

‫تبدأ غابة الشجار المثمرة‪ ،‬هناك رلوا ق يضم ست غرف نلوم‪ ،‬مبنية من اللبن غير المجصص‪ ،‬بنلوافذ‬ ‫مزلودة بشباك إضافية للحماية من البعلوض‪ .‬الغرفة اللوحيدة المشغلولة كانت نصف مضاءة‪ ،‬لوتلونيا‬ ‫الزنجية تغني من المذياع أغنية غرامية خبيثة‪ .‬استنشقت رلوسا كاباركاس الهلواء لوقالت‪ :‬ألحان‬

‫البلوليرلو هي الحياة‪ .‬لوكنت متفقا معها في الرأي‪ ،‬لولكنني لم أتج أر على كتابة ذلك حتى اليلوم‪ .‬دفعت‬

‫الباب‪ ،‬دخلت هنيهة‪ ،‬ثم عادت للخرلوج لوقالت‪ :‬ل تزال نائمة‪ .‬تحسن صنعا بتركها تستريح كل اللوقت‬ ‫الذي يتطلبه جسدها‪ ،‬فليلَُك أطلول من ليله‪ .‬كنت مبهلورا‪ ،‬لوسألتها‪ :‬ما الذي علي عمله برأيك؟ فقالت‬ ‫هي بلوداعة في غير محلها‪ :‬أنت تعرف ما عليك عمله‪ ،‬فلسبب ما أنت عالم‪ .‬دارت على عقبيها‪،‬‬ ‫لوتركتني لوحيداً مع الرعب‪.‬‬

‫لم يكن ثمة مفر‪ .‬دخلت إلى الحجرة بقلب مزعزع‪ ،‬لورأيت الطفلة النائمة عارية لوعزلء على سرير‬ ‫اليجار الفسيح‪ ،‬مثلما لولدتها أمها‪ .‬ترقد على جانبها‪ ،‬لولوجهها إلى الباب‪ ،‬مضاء من البهلو‪ ،‬بنلور‬

‫كثيف ل يغفل تفصيل منها‪ ،‬جلست أتأملها من حافة السرير‪ ،‬بافتتان حلواسي الخمس‪ .‬كانت سمراء‬


‫لودافئة‪ .‬لوكانلوا قد أخضعلوها لعملية تنظيف لوتجميل لم تهمل حتى زغب عانتها المستجد‪ .‬لوقد جعدلوا‬ ‫شعرها‪ ،‬لوكان على أظفار يديها لوقدميها طلء ذلو للون طبيعي‪ ،‬أما بشرتها التي بللون دبس القصب‬

‫فتبدلو خشنة لوفي حالة مزرية‪ .‬النهدان حديثا البرلوز ل يزالن يبدلوان كما للو أنهما لطفل ذكر‪ ،‬لولكن‬

‫يبدلو أنهما يتحفزان بقلوة سرية تلوشك أن تتفجر‪ .‬أفضل ما في جسدها هما القدمان الكبيرتان اللتان‬

‫تمشيان بخطلوات متكتمة‪ ،‬بأصابعهما الطلويلة لوالحسية كما في أيد أخرى‪ .‬كانت مبللة بعر ق فسفلوري‬

‫لمع بالرغم من المرلوحة‪ ،‬لوكانت لوطأة الحر الذي ل يطا ق تزداد مع تقدم الليل‪ .‬كان من المستحيل‬

‫تخيل كيف هلو اللوجه المطلي بالصبغة لوبطبقة كثيفة من بلودرة مسحلو ق الرز‪ ،‬مع لطختين حمرالوين‬

‫على الخدين‪ ،‬لوكانت الرملوش الصطناعية لوالحاجبان لوالجفنان كما للو أنها مدّخ نقة بهباب أسلود‪،‬‬

‫لوالشفتان مضخمتان بطلء لمع من الشلوكل تقة‪ .‬لولكن لم تستطع الخر ق لول الصبغة أن تخفي‬

‫شخصيتها‪ :‬ال نقف المتكبر‪ ،‬الحاجبين المتصلين‪ ،‬الشفتين الممتلئتين‪ .‬لوفكرت‪ :‬ثلور مصارعة رقي ق‪.‬‬

‫في الساعة الحادية عشرة ذهبت للقيام بإجراءات رلوتينية في الحمام‪ ،‬حيث كانت ملبسها كفقيرة‬

‫مطلوية على كرسي بعناية غنية‪ ،‬فستان مطّبع برلوسلوم فراشات‪ ،‬سرلوال داخلي أصفر‪ ،‬لوصندل من‬ ‫القنب‪ ،‬لوكان هناك فلو ق الملبس سلوار رخيص‪ ،‬لوقلدة رفيعة جدا‪ ،‬مع ميدالية لرسم العذراء‪ ،‬لوعلى‬

‫رف المغسلة محفظة يدلوية لوقلم شفاهن لوعلبة أصبغة تجميل‪ ،‬لومفتاح لوقطعة نقدية صغيرة‪ .‬كل شيء‬

‫بالغ الرخص‪ ،‬لومستهلك من كثرة الستعمال‪ ،‬إلى حد لم أستطع تصلور من هلو أفقر منها‪.‬‬

‫خلعت ملبسي لولوضعت كل قطعة منه بأفضل ما استطعت على المشجب كيل أفسد حرير القميص‬ ‫لوكّي الك ّتان‪ ،‬تبلولت في المرحاض ذي السلسلة جالسا‪ ،‬مثلما علمتني فللورينا دي ديلوس منذ طفلولتي‪،‬‬ ‫ف مقعد المرحاض‪ ،‬كان بلولي ل يزال يندفع‪ ،‬لولندع التلواضع جانبا‪ ،‬في دفقة فلورية‬ ‫كيل ألّلو ثق حلوا ّ‬ ‫لومتلواصلة مثل مهر جملوح‪ ،‬لوقبل أن أخرج نظرت إلى مرآة المغسلة‪ .‬الحصان الذي نظر إلي من‬

‫الجانب الخر‪ ،‬لم يكن ميتا إلوانما كئيبا‪ ،‬لوله غبب تحت ذقنه كغبب البابا‪ ،‬لوجفنان منتفخان‪ ،‬لوناصية‬ ‫الملوسيقي التي كانت له قد تهدلت‪ .‬فقلت له‪:‬‬ ‫‪ -‬خراء‪ ،‬ماذا يمكنني أن أفعل إذا كنت ل تحبني‪.‬‬

‫لوفي محالولة مني لعدم إيقاظها‪ ،‬جلست عاريا على السرير‪ ،‬بنظرات اعتادت على خدع الضلوء‬

‫الحمر‪ ،‬لوتفحصتها شب ار شبرا‪ .‬مررت بطرف سبابتي انزلقا على قفا عنقها المبلل‪ ،‬فارتعشت كلها من‬ ‫الداخل‪ ،‬مثل لوتر قيثارة‪ ،‬لوانقلبت باتجاهي بهمهمة‪ ،‬لوأحاطتني بجلو أنفاسها الحامضة‪ .‬ضغطت أنفها‬

‫بين إبهامي لوسبابتي‪ ،‬فاهتزت‪ ،‬لوأبعدت رأسها‪ ،‬لوألولتني ظهرها دلون أن تستيقظ‪ .‬حالولت مباعدة‬

‫ساقيها بركبتي‪ ،‬في إغلواء مفاجئ‪ .‬فقالومت ذلك في المحالولتين اللوليين‪ ،‬بفخذيها المتصلبين‪ .‬غنيت‬

‫في أذنها‪) :‬سرير ديلغادينا‪ ،‬محاط بالمل ئقكة( فاسترخت قليل‪ .‬صعد تيار دافئ في عرلوقي‪ ،‬لواستيقظ‬


‫حيلواني البطيء المتقاعد من سباته الطلويل‪.‬‬

‫ديلغادينا‪ ،‬يا رلوحي‪ ،‬تلوسلت إليها متلهفا‪ ،‬ديلغادينا‪ .‬فأطلقت أنة كئيبة‪ ،‬لوابتعدت عن فخذي‪ .‬أدارت لي‬

‫ظهرها‪ .‬لوتكلورت على نفسها مثل حلزلون في قلوقعته‪ .‬ل بد أن مشرلوب الفاليريانا كان فعال معي‬ ‫كفعاليته معها‪ ،‬لن شيئا لم يحدث لها لول لحد‪ .‬لولكن ذلك لم يهمني‪ .‬تساءلت عن الفائدة من‬

‫إيقاظها لوأنا ذليل لوحزين مثلما كنت‪ ،‬لوبارد مثل أرنب صغير مذعلور‪.‬‬

‫د ّلو ىق عندئذ‪ ،‬لواضحا لومؤكدا‪ ،‬قرع نلواقيس الثانية عشرة ليل‪ ،‬لوبدأ فجر التاسع لوالعشرين من آب‪ ،‬يلوم‬ ‫استشهاد القديس يلوحنا المعمدان‪ .‬أحد كان يبكي صارخا في الشارع‪ .‬لوليس هناك من يهتم به‪.‬‬

‫صليت من أجله‪ ،‬إذا ما كان ذلك ينفعه‪ ،‬لوكذلك من أجلي‪ ،‬في شكر للرب على المنافع التي تلقيتها‪:‬‬ ‫)ل يخدعن أحد نفسه‪ ،‬ل ‪ ،‬مفك ار في أن ما ينتظره سيدلوم أكثر مما رآه(‪ .‬تألوهت الطفلة في حلمها‪،‬‬

‫فصليت من أجلها أيضا‪) :‬فكل شيء سينقضي بهذه الطريقة(‪ .‬ثم أطفأت بعد ذلك المذياع لوالنلور‪ ،‬كي‬

‫أنام‪.‬‬

‫استيقظت فج ار دلون أن أدري أين أنا‪ .‬كانت الطفلة ل تزال نائمة‪ ،‬ملولية إلي ظهرها‪ ،‬في لوضع جنيني‪.‬‬ ‫رالودني إحساس مبهم بأنني سمعتها تنهض في الظلم‪ ،‬لوبأنني سمعت ماء سيفلون الحمام‪ ،‬لولكن‬

‫يمكن لذلك أن يكلون حلما‪ .‬كان المر جديدا بالنسبة لي‪ .‬فأنا أجهل نزلوات الغلواء‪ .‬لوكنت أختار‬

‫عرلوساتي لليلة لواحدة بالمصادفة‪ ،‬لوباهتمام بالسعر أكثر من المفاتن‪ .‬لونمارس دلون حب‪ ،‬لونحن‬

‫بنصف ملبسنا في معظم الحيان‪ .‬لودلوما في الظلم‪ .‬كي يتخيل كل منا الخر أفضل مما هلو عليه‪.‬‬

‫في تلك الليلة اكتشفت المتعة التي ل تصد ق‪ .‬في تأمل جسد امرأة نائمة‪ .‬دلون تسرع الشهلوة ألو‬

‫علوائ ق الحياء‪.‬‬

‫نهضت في الخامسة‪ .‬قلقا لن مقالتي ليلوم الحد‪ ،‬يجب أن تكلون على منضدة التحرير قبل الساعة‬

‫الثانية عشرة‪ .‬قمت بتغلوطي في ملوعده الدقي ق‪ ،‬لوكانت حرقة القمر البدر ل تزال ملوجلودة‪ ،‬لوعندما‬

‫شددت سلسلة الماء‪ ،‬أحسست أن أحقاد ماضّي قد ذهبت في المجاري‪ .‬لوحين رجعت منتعشا لومرتديا‬ ‫ملبسي إلى غرفة النلوم‪ ،‬كانت الطفلة تنام على ظهرها‪ ،‬على ضلوء الفجر المهادن‪ ،‬معترضة السرير‬ ‫من جانب إلى آخر‪ ،‬لوذراعاها مفتلوحان في صليب لوسيدة قلت لها‪ :‬فليحمك الرب‪ .‬لوكل النقلود المتبقية‬ ‫معي‪ .‬نقلودها لونقلودي‪ .‬لوضعتها على اللوسادة‪ ،‬لولودعتها إلى البد‪ ،‬بقبلة على جبينها‪ .‬كان البيت مثل‬

‫كل الملواخير عند الفجر‪ ،‬أقرب ما يكلون من الفردلوس‪ .‬خرجت من البلوابة المطلة على البستان‪ ،‬كيل‬

‫ألتقي بأحد‪ .‬لوتحت شمس الشارع اللسعة‪ ،‬بدأت أشعر بلوطأة سنلواتي التسعين‪ ،‬لوأعد دقيقة فدقيقة‪،‬‬ ‫دقائ ق الليالي التي تفصلني عن الملوت‪.‬‬


‫الفصل الثاني‬ ‫أكتب هذه الذكريات‪ ،‬في القليل المتبقي من المكتبة التي كانت لبلوي‪ ،‬لورفلوفها على لوشك أن تنهار‬ ‫بسبب العث‪ .‬لوأنا في نهاية المطاف‪ ،‬من أجل ما تبقى علي عمله في هذه الدنيا‪ .‬تكفيني معاجمي‬

‫التي من كل نلوع‪ ،‬مع المجملوعتين اللوليين من )المراحل اللوطنية( لدلون بينيتلو غالدلوس‪ ،‬لورلواية‬

‫)الجبل السحري( التي علمتني فهم تقلب أجلواء أمي بسبب السل‪.‬‬

‫خلفا لقطع ال ثقاث الخرى‪ ،‬لوخلفا لي أنا بالذات‪ ،‬تبدلو المنضدة التي أكتب عليها في أحسن صحة‬

‫مع مرلور الزمن‪ ،‬لن من صنعها من أخشاب ثمينة هلو جدي لبي‪ ،‬لوكان نجار سفن‪ .‬لوحتى عندما ل‬ ‫يكلون علي أن أكتب فإنني أهيئها كل صباح بالصرامة المتكاسلة التي تسببت في فقداني غراميات‬

‫كثيرة‪.‬‬

‫ي في متنالول يدي‪ ،‬كتبي المتلواطئة‪ :‬مجلدْي )المعجم المصلور اللول( لل كقاديمية الملكية‪ ،‬طبعة‬ ‫لولد ّ‬ ‫‪1903‬م‪ :‬لو)كنز اللغة القشتالية ألو السبانية( لدلون سيبستيان دي كلوفارلوبياسح لو)نحلو دلون‬ ‫أندرييس بيلو(‪ .‬إذا ما اعترضتني شكلوك في مدللول لفظة ما‪ ،‬بالصرامة الل زقمة‪ .‬لو)المعجم‬

‫اليديلوللوجي( المستجد لدلون خلوليلو كاساريس‪ ،‬لولسيما بسبب مترادفاته لوأضداده‪ :‬لو)مفردات اللغة‬ ‫اليطالية( لنيكلول زينغاريلي‪ ،‬ليكلون علونا لي في لغة أمي التي تعلمتها من المهد‪ ،‬لومعجم اللغة‬

‫الل تقينية‪ ،‬ل نقها أم لغتين أخريين أعتبرهما لغة ملولدي‪.‬‬

‫إلوالى يسار المنضدة أحتفظ على الدلوام برزم اللور ق الخمس‪ .‬ذات الحجم الرسمي‪ ،‬من أجل كتابة‬ ‫عملودي ليام الحاد‪ ،‬لوقرن مسحلو ق تنشيف الرسائل الذي أفضله على لوسائد لور ق النشاف المحدثة‪.‬‬ ‫إلوالى اليمين هناك دلواة حبر لوحمالة رياش كتابة من خشب البالسلو الخفيف‪ ،‬لوالريشة الذهبية‪ ،‬فأنا ما‬ ‫زلت أكتب بيدي‪ ،‬بالخط الرلومنطيقي الذي علمتني إياه فللورينا دي ديلوس‪ ،‬كيل أعتاد على الكتابة‬ ‫بالخط الرسمي لزلوجها الذي كان كاتبا بالعدل‪ ،‬لومحاسبا محلفا‪ .‬حتى نفسه الخير‪ .‬منذ زمن فرض‬

‫علينا في الجريدة أن نكتب على اللة الكاتبة‪ ،‬من أجل تقدير حسابي أفضل لحجم النص في رصاص‬ ‫اللينلوتيب‪ .‬لودقة أكبر في الخراج‪ ،‬لولكنني لم أتف ق قط مع هذه العادة السيئة‪ .‬لواصلت الكتابة يدلويا‪،‬‬

‫لواستنساخ ما أكتبه على اللة الكاتبة‪ ،‬بنقر دجاجة شا ق‪ ،‬بفضل المتياز المزعج‪ ،‬باعتباري أقدم‬

‫الملوظفين‪ .‬لوأنا اليلوم‪ ،‬متقاعد لولكن غير مهزلوم‪ ،‬أنعم بالمتياز المقدس بالكتابة في البيت‪ ،‬لوالهاتف‬

‫مفصلول كيل يزعجني أحد‪ ،‬لودلون رقيب يرصد ما أكتبه من فلو ق كتفي‪.‬‬

‫أعيش بل كلب لول طيلور لول خدم‪ ،‬باستثناء داميانا اللوفية التي أخرجتني من مآز ق ل تخطر على‬ ‫بال‪ ،‬لوهي تلواصل المجيء مرة كل أسبلوع‪ ،‬لترى إذا كان ثمة ما يجب عمله‪ ،‬حتى لوهي في حالتها‬


‫الراهنة‪ ،‬ضعيفة البصر لوالعقل‪ .‬لقد تلوسلت إلّي أمي‪ ،‬لوهي على فراش الملوت أن أتزلوج لوأنا شاب من‬ ‫امرأة بيضاء‪ ،‬لوأن ننجب ثل ثقة أبناء على القل‪ ،‬بينهم طفلة تحمل اسمها الذي كان اسم أمها‬ ‫لوجدتها‪ .‬كنت حريصا على الستجابة لتلوسلها‪ ،‬إنما كانت لدي فكرة شديدة المرلونة عن الشباب‪ ،‬لم‬ ‫يبد لي معها قط أن اللوقت قد تأخر‪ .‬حتى ظهيرة يلوم بالغ القيظ‪ ،‬أخطأت فيه بباب البيت الذي كان‬

‫يملكه آل باللوماريس دي كاسترلو في برادلومار‪ ،‬لوفاجأت البنة الصغرى خيمنتا ألورتيث عارية لوهي‬

‫تنام القيللولة في الغرفة المجالورة‪ .‬كانت مستلقية لوظهرها إلى الباب‪ ،‬لوالتفتت لتراني من فلو ق كتفها‪،‬‬

‫بحركة سريعة جدا‪ ،‬لم تتح لي اللوقت للهرب‪ .‬آي اعذرني‪ ،‬تلوصلت إلى قلول ذلك لورلوحي في فمي‪.‬‬

‫فابتسمت هي لواستدارت نحلوي بحركة غزال‪ ،‬لوأظهرت لي جسدها كامل‪ .‬بدت الحجرة كلها مترعة‬

‫بحميميتها‪ ،‬لم تكن عارية تماما‪ ،‬فقد كانت على أذنها زهرة سامة‪ ،‬بتل تقها مائلة إلى الللون البرتقالي‬

‫مثل )ألولمبيا( مانيه‪ ،‬لوكانت تضع أيضا سلوا ار ذهبيا في معصمها اليمن‪ ،‬لوعقد لؤلؤ حباته دقيقة‪ .‬لم‬ ‫أتخيل قط أنه يمكن لي رؤية شيء أشد إثارة لل رقتباك فيما تبقى لي من الحياة‪ ،‬لويمكنني اليلوم أن‬

‫أؤكد أنني كنت على صلواب‪.‬‬

‫أغلقت دفعة لواحدة‪ ،‬خجل من بلدتي‪ ،‬لومصمما على نسيانها‪ .‬لكن خيمينا ألورتيث حالت دلون ذلك‪،‬‬

‫فقد راحت ترسل إلي رسائل شفهية مع أصدقاء مشتركين لوبطاقات غرام استفزازية لوتهديدات قاسية‪،‬‬ ‫فيما هي تنشر الشاعة بأننا نحب أحدنا الخر‪ ،‬دلون أن نكلون قد تبادلنا كلمة لواحدة‪ .‬كانت المقالومة‬

‫مستحيلة‪ ،‬فقد كانت لها عينا قطة متلوحشة‪ ،‬لوجسد بالغ ال ثقارة‪ ،‬بالملبس لومن دلونها‪ ،‬لوشعر غزير‬

‫من ذهب هائج‪ .‬زهلوها كامرأة يدفعني إلى البكاء غيظا على اللوسادة‪ .‬كنت أعرف أن ذاك لن يصل أبدا‬ ‫لن يكلون حبا‪ ،‬لكن الغلواية الشيطانية التي مارستها علي كانت شديدة الحرا ق‪ ،‬أحالول تهدئتها مع‬

‫أي غانية خضراء العينين أصادفها في طريقي‪ ،‬لم أستطع قط إخماد نار ذكراها في سرير برادلومار‪،‬‬ ‫لوهكذا سلمتها أسلحتي بطلب يديها رسميا‪ ،‬لوبتبادل خلواتم لوالعل نق عن حفلة زفاف كبرى قبل عيد‬

‫العنصرة‪.‬‬

‫انفجر الخبر في الحي الصيني بقلوة أكبر مما في ال نقدية الجتماعية‪ .‬في البدء بسخرية لولكنه تحلول‬

‫إلى معارضة أكيدة لبعض ال كقاديميات المحترفات الللواتي يرين أن الزلواج حالة مضحكة أكثر منها‬

‫مقدسة‪ .‬تقيدت خطلوبتي بكل طقلوس الخل قق المسيحية‪ ،‬على شرفة أزهار اللوركيدا المازلونية‬

‫لوالسراخس المعلقة في بيت خطيبتي‪ ،‬كنت أصل إلى هناك في الساعة السابعة مساًء‪ ،‬مرتديا بذلة‬

‫كاملة من الكتان البيض‪ ،‬لوحامل أي هدية من مشغلولت الخرز التقليدية ألو الشلوكل تقة السلويسرية‪.‬‬ ‫فنتبادل الحديث‪ ،‬نصفه بالرملوز لونصفه بجد‪ ،‬حتى الساعة العاشرة‪ ،‬تحت حراسة أرخينديا التي كانت‬

‫تغفلو مع ألول طرفة عين‪ ،‬مثل الرقيبات ذلوات القلنسلوات في رلوايات ذلك العهد‪.‬‬


‫كانت خيمنتا تزداد شراهة كلما صار تعارفنا أفضل‪ ،‬فهي تتخلص من حمالت الصدر لوالتنانير كلما‬

‫ازدادت لوطأة حر حزيران‪ ،‬لوكان من السهل تصلور القدرة الهدامة الطاغية التي تمتلكها في العتمة‪.‬‬ ‫بعد شهرين من الخطلوبة‪ ،‬لم يعد لدينا ما نتحدث عنه‪ ،‬لوطرحت هي ملوضلوع البناء‪ ،‬دلون أن تقلول‬

‫مباشرة‪ ،‬إلوانما بحياكة أخفاف صلوف خام بالسنارة‪ ،‬لطفال حديثي اللولدة‪ .‬لوتعلمت أنا الخطيب الشهم‬ ‫الحياكة معها‪ ،‬لوهكذا صارت الساعات غير المجدية المتبقية لحفل الزفاف‪ ،‬تمضي لوأنا أحلوك الخفاف‬ ‫الزرقاء للملواليد الذكلور‪ ،‬لوهي تحلوك الخفاف اللوردية لل نقاث‪ ،‬لنرى من منا سيصيب‪ ،‬إلى أن صارت‬ ‫الخفاف تكفي لخمسين ابنا‪ .‬لوقبل أن تد ق نلواقيس الساعة العاشرة كنت أركب عربة تجرها أحصنة‪،‬‬

‫لوأذهب إلى الحي الصيني لعيش ليلتي في سلم الرب‪.‬‬

‫كانت حفلت لوداع العزلوبية الصاخبة التي يقيملونها لي في الحي الصيني تمضي في طري ق معاكس‬

‫لسهرات النادي الجتماعي ثقيلة اللوطأة لوالمضجرة‪ .‬لوهلو تناقض أفادني في أن أعرف أي العالمين هلو‬ ‫عالمي الحقيقي‪ ،‬لوقد ألوهمت نفسي بأنهما عالماي على السلواء‪ ،‬لولكن كل منهما في ساعاته‬

‫المحددة‪ .‬فمن أي لواحد منهما‪ ،‬كنت أرى الخر يبتعد بالزفرات المؤثرة التي تتباعد بها سفينتان‪،‬‬ ‫إحداهما عن الخرى‪ ،‬في عرض البحر‪ .‬الحفلة الراقصة عشية يلوم زفافي‪ ،‬في ماخلور )إلبلودير دي‬

‫ديلوس( تضمن طقسا أخي ار ل يمكن له أن يخطر إل لخلوري غاليسي متلورط في لوحلول الشهلوة‪ ،‬ألبس‬ ‫جميع العاملت ال نقاث طرحات زفاف لوأكاليل زهر برتقال‪ ،‬كيف يتزلوجن جميعهن مني‪ ،‬في طقس ديني‬

‫جماعي‪ .‬كانت ليلة تدنيس عظيمة للمقدسات‪ ،‬أقسمت فيها اثنتان لوعشرلون منهن على الحب‬ ‫لوالطاعة‪ ،‬لوأجبتهن بقسم اللوفاء لوالعالة إلى ما بعد القبر‪.‬‬

‫لم أستطع النلوم بسبب نذير أمر ل خلص منه‪ .‬لومنذ الفجر بدأت أعد مرلور الساعات على دقات‬ ‫نلواقيس الكاتدرائية‪ ،‬حتى دقات الناقلوس السبع المرهلوبة التي يتلوجب علي عندها أن أكلون في‬

‫الكنيسة‪ .‬بدأ جرس الهاتف بالرنين في الثامنة؛ طلويل لجلوجا بل لين‪ ،‬طلوال أكثر من ساعة‪ .‬لولم‬ ‫أكتف بعدم الرد عليه لوحسب‪ ،‬إلوانما بعدم التنفس أيضا‪ .‬لوقبل العاشرة بقليل طرقلوا علي الباب‪ ،‬بقبضة‬ ‫اليد في البدء‪ ،‬ثم بصرخات أصلوات معرلوفة لومستنكرة‪ .‬خشيت أن يحطملوه اعتقادا منهم بحدلوث‬ ‫مكرلوه خطير‪ ،‬لولكن في حلوالي الحادية عشرة ساد البيت صمت متلوتر كالذي يلي الكلوارث الكبرى‪.‬‬

‫عندئذ بكيت من أجلها لومن أجلي‪ ،‬لوصليت من أعما ق قلبي متلوسل أل ألتقي بها في حياتي‪ ،‬مطلقا‬

‫إلوالى البد‪ .‬لول بد أن قديسا ما سمعني نصف استماع‪ ،‬لن خيمينا ألورتيث غادرت البلد‪ ،‬في تلك‬ ‫الليلة بالذات‪ ،‬لولم ترجع إل بعد مرلور عشرين عاما‪ ،‬لوكانت قد تزلوجت لوصار لها سبعة أبناء‪ ،‬كان‬ ‫يمكن لهم أن يكلونلوا أبنائي‪.‬‬

‫تكلفت جهدا في الحفاظ على ملوقعي لوعملودي السبلوعي في )الدياريلو دي ل باث(‪ ،‬بعد تلك الساءة‬


‫الجتماعية‪ .‬لولكنها لم تكن السبب في إبعاد عملودي الصحفي إلى الصفحة الحادية عشرة‪ ،‬إلوانما‬ ‫السبب هلو ال نقدفاع الهلوج الذي دخل به القرن العشرلون‪ .‬فقد تحلول التقدم إلى أسطلورة المدينة‪ .‬كل‬ ‫شيء تبدل‪ .‬طارت الطائرات‪ ،‬لوألقى رجل مبادرات كيس رسائل من طائرة "جنكر" مخترعا بذلك البريد‬

‫الجلوي‪.‬‬

‫الشيء اللوحيد الذي بقي على حاله هلو أعمدتي في الصحيفة‪ .‬انقضت الجيال الجديدة عليها في‬

‫هجمات مضادة‪ ،‬مثلما تنقض على ملومياء من الماضي يجب تدميرها؛ لولكنني حافظت على مقال تقي‪،‬‬ ‫بالنبرة نفسها‪ ،‬دلون تنازل‪ ،‬في ملواجهة رياح التجديد‪ .‬صممت أذني عن كل شيء‪ .‬لوكانت مقال تقي قد‬

‫أكملت أربعين سنة‪ ،‬لكن المحررين الشبان كانلوا يسملونها )ملودا ار النغل(‪ .‬استدعاني مدير ذلك الزمن‬ ‫إلى مكتبه‪ ،‬ليطلب مني أن أجاري نبرة ال تقجاهات الجديدة‪ .‬لوقال لي بلهجة لوقلورة‪ ،‬كما للو أنه اخترع‬

‫ذلك للتلو‪ :‬العالم يتقدم‪ .‬فقلت له‪ :‬أجل إنه يتقدم لولكن بالدلوران حلول الشمس‪ .‬أبقى على عملودي‬

‫ألحدي‪ ،‬ل نقه لم يجد مصحح برقيات آخر‪ .‬لوأنا أعرف اليلوم أنني كنت على ح ق‪ ،‬لوأعرف السبب‪.‬‬

‫فمراهقلو جيلي النهملون للحياة نسلوا ألوهام المستقبل رلوحا لوجسدا‪ ،‬إلى أن علمهم اللواقع بأن المستقبل‬

‫ليس كما يحلملون به‪ ،‬لواكتشفلوا الحنين‪.‬‬

‫لوهناك كانت أعمدتي ألحدية مثل لقية أثرية بين أنقاض الماضي‪ ،‬لوانتبهلوا إلى أنها ليست للشيلوخ‬

‫فقط‪ ،‬إلوانما هي كذلك للشباب الذين لم يخافلوا أن يشيخلوا‪ .‬لوعندئذ رجع عملودي إلى صفحة‬ ‫الفتتاحيات‪ ،‬لوحتى الصفحة اللولى في بعض المناسبات الخاصة‪.‬‬ ‫كل من يسألني أجيبه دلوما بالحقيقة‪ :‬العاهرات لم يتحن لي اللوقت ل تقزلوج‪ .‬لومع ذلك يجب أن أعترف‬ ‫بأنني لم أجد هذا التفسير قط ‪ ،‬حتى يلوم إكمال سنلواتي التسعين‪ ،‬عندما خرجت من بيت رلوسا‬

‫كاباركاس‪ ،‬مصمما على عدم العلودة مطلقا إلى استفزاز القدر‪ .‬كنت أشعر أنني شخص آخر‪ .‬انقلب‬

‫مزاجي من جماعات الناس الذين رأيتهم متكئين على السلور الحديدي المحيط بالحديقة العامة‪ .‬لوجدت‬ ‫داميانا مقرفصة في الصالة تمسح الرضية فأثار في شباب فخذيها لوهي في هذه السن‪ ،‬رعشة أزمنة‬ ‫أخرى‪ .‬ل بد أنها أحست بذلك‪ ،‬ل نقها غطت نفسها بالتنلورة ‪ .‬لولم أستطع كبح الغراء بسؤالها‪:‬‬

‫أخبريني يا داميانا‪ :‬ما الذي تتذكرينه؟ فقالت‪ :‬لم أكن أتذكر شيئا‪ ،‬لولكن سؤالك ذكرني‪ .‬أحسست‬

‫بضي ق في الصدر‪ .‬قلت لها‪ :‬لم أعرف الحب قط‪ .‬فردت هي على الفلور‪ :‬أنا بلى‪ ،‬عرفته‪ .‬لولواصلت‬ ‫قائلة ‪ .‬لودلون أن تتلوقف عن عملها‪ :‬بكيت اثنتين لوعشرين سنة من أجلك‪.‬‬

‫أحسست بقلبي يطفر من مكانه‪ .‬فقلت لها‪ ،‬باحثا عن مخرج مشرف‪ :‬كان يمكن لنا أن نكلون ثنائيا‬ ‫جيدا‪ .‬فقالت‪ :‬إنك تسيء إلي بقلول هذا الن‪ ،‬ل نقه لم يعد ينفعني لوللو كعزاء‪ .‬لوبينما هي تغادر البيت‪،‬‬

‫قالت لي بطريقة أكثر طبيعية‪ :‬أنت لن تصدقني لولكنني ما زلت عذراء‪ ،‬لوالحمد ل‪.‬‬


‫اكتشفت بعد قليل أنها تركت لورلودا حمراء في كل أنحاء البيت‪ ،‬لوبطاقة على اللوسادة‪) :‬أتمنى لك بللوغ‬

‫المئة(‪ .‬بهذا المذا ق الكريه جلست لملواصلة كتابة عملودي الذي لم أكمله في اليلوم الساب ق‪ .‬أنهيته في‬ ‫نفس لواحد‪ ،‬لوخل لق أقل من ساعتين‪ ،‬لوكان علي أن أللوي عن ق البجعة لخرجها من أحشائي دلون أن‬ ‫يظهر علي البكاء‪ .‬لوبنفحة إلهام متأخرة قررت أن أنهي هذا المقال بلوضع حد سعيد‪ ،‬لحياة صحفية‬

‫طلويلة لوجديرة دلون الخضلوع لشرط ملوتي البغيض‪.‬‬

‫كنت أنلوي ترك المقال في استعلمات الجريدة‪ ،‬لوالعلودة إلى البيت‪ .‬لولكنني لم أستطع‪ .‬فالعامللون كلهم‬ ‫كانلوا بانتظاري للحتفال بعيد ميلدي‪ .‬كانت هناك لورشة ترميم في البناء‪ ،‬مع سقالت لوأنقاض باردة‬

‫في كل مكان‪ ،‬لولكنهم ألوقفلوا أعمال البناء من أجل الحتفال‪ .‬لوعلى منضدة نجار كانت مشرلوبات‬

‫ال نقخاب لوالهدايا الملفلوفة بلور ق مبهرج‪ .‬لوبينما أنا مشلوش بلوميض آلت التصلوير‪ ،‬استجبت لكل ما‬

‫طلب من صلور للذكرى‪.‬‬

‫أسعدني أن أجد هناك صحفيين من الذاعة‪ ،‬لومن جرائد المدينة الخرى‪ .‬من جريدة )لبرنسا(‬

‫الصباحية المحافظة‪ ،‬لوجريدة )الهيرالدلو( الصباحية الليبرالية‪ ،‬لو)الناثيلونال( المسائية شديدة التأثير‪،‬‬

‫التي تحالول التخفيف من تلوترات النظام العام برلوايات عاطفية مسلسلة‪ .‬لم يكن غريبا أن يكلونلوا معا‪،‬‬

‫فضمن رلوح المدينة كان هناك تقبل حسن للحفاظ على سلمة الصدقات بين الجنلود‪ ،‬بينما الماريشات‬ ‫يخلوضلون حرلوب الفتتاحيات‪.‬‬

‫لوكان هناك أيضا‪ ،‬خارج ألوقات دلوامه‪ ،‬الرقيب الرسمي دلون خيرلونيملو ألورتيغا‪ ،‬الذي كنا نسميه رجل‬ ‫الساعة التاسعة البغيض‪ ،‬ل نقه يصل بدقة في هذه الساعة من الليل‪ ،‬بقلمه الدملوي كعاهل قلوطي‪.‬‬

‫لويبقى هناك إلى أن يتأكد من عدم لوجلود أي حرف لم ينل جزاءه من طبعة الصباح‪ .‬كان لديه نفلور‬ ‫شخصي تجاهي‪ ،‬لعجرفتي النحلوية‪ ،‬ألو ل نقني أستخدم كلمات إيطالية‪ ،‬عندما تبدلو لي أكثر قدرة على‬

‫التعبير من الكلمة القشتالية‪ ،‬دلون أن أضمنها في أقلواس ألو أكتبها بخط مائل‪ ،‬لوهلو استخدام يجب أن‬ ‫يكلون مشرلوعا بين لغات من أصل لواحد‪ .‬لوبعد أن عانينا منه أربع سنلوات انتهينا إلى تقبله‪ ،‬باعتباره‬

‫ضميرنا الخبيث‪.‬‬

‫حملت السكرتيرات إلى القاعة قالب حللوى بلودين‪ ،‬عليه تسعلون شمعة مشتعلة‪ ،‬لواجهتني للول مرة‬

‫بعدد سنلوات حياتي‪ .‬لوكان ل بد لي من ابتلع الدملوع‪ ،‬عندما غنلوا النخب‪ ،‬لوتذكرت الطفلة دلون أي‬ ‫مبرر‪ .‬لم تكن خبطة حقدن إلوانما شفقة متأخرة على المخللوقات التي لم أكن آمل بالعلودة إلى تذكرها‪.‬‬ ‫لوريثما انقضى مرلور المل كق‪ ،‬كان أحدهم قد لوضع في يدي سكينا من أجل تقطيع الحللوى‪ .‬لولم يتج أر‬ ‫أحد على ارتجال خطبة‪ ،‬خلوفا من السخرية‪ .‬لوكنت أفضل الملوت على الرد على مثل تلك الخطب‪.‬‬ ‫لول نقهاء الحفلة عمد رئيس التحرير الذي لم أشعر نحلوه قط بتعاطف كبير‪ ،‬إلى إعادتنا إلى اللواقع‬


‫الفظ‪ .‬فقد قال‪ :‬لوالن‪ ،‬أيها التسعيني اللمع‪ ،‬أين هي مقالتك؟‬

‫الحقيقة أنني كنت أشعر بها تحرقني‪ ،‬طلوال ما بعد الظهر‪ ،‬مثل جمرة في جيبي‪ ،‬غير أن التأثر كان قد‬

‫تغلغل عميقا‪ ،‬على حد لم يطالوعني معه قلبي على إفساد الحفلة باستقالتي‪ .‬فقلت‪ :‬إنها غير ملوجلودة‬

‫هذه المرة‪ .‬استاء رئيس التحرير لهذا الخطأ الذي لم يكن تصلوره ممكنا منذ القرن الساب ق‪ .‬فقلت له‪:‬‬ ‫تفهم المر مرة لواحدة‪ ،‬لقد أمضيت ليلة شاقة‪ ،‬لواستيقظت مشلوشا‪ .‬فقال هلو بمزاجه الذي كالخلب‪:‬‬

‫كان عليك إذن أن تكتب هذا‪ ،‬فالقراء يحبلون أن يعرفلوا من صاحب العلقة مباشرة كيف هي الحياة في‬ ‫التسعين‪ .‬فتلوسطت إحدى السكرتيرات‪ ،‬ربما هناك سر لذيذ‪ ،‬قالت ذلك لونظرت إلي بخبث‪ :‬أم أن المر‬ ‫ليس كذلك؟ أحرقت لوجهي هبة ملتهبة‪ ،‬لوفكرت‪ :‬يا للعنة‪ ،‬كم هلو جاحد الحياء‪ .‬فأشارت أخرى‪،‬‬

‫مشرقة‪ ،‬إلي بإصبعها‪ :‬يا للرلوعة! ما زالت لديه أناقة الحساس بالحياء‪ .‬فاستثارت في لوقاحتها حياء‬

‫آخر فلو ق الحياء‪ .‬لوقالت السكرتيرة اللولى‪ :‬ل بد أنها كانت ليلة انقضاض‪ ،‬أشعر بالحسد! لوقبلتني‬ ‫قبلة ظلت مرسلومة على لوجهي‪ .‬ازداد المصلورلون ضرالوة‪ .‬لوبإحساس بالختنا ق سلمت المقالة إلى‬ ‫رئيس التحرير لوقلت له إن ما قلته سابقا كان مزاحا‪ ،‬لوهاهي ذي‪ ،‬لوهربت في جلبة نلوبة التصفي ق‬

‫الخيرة‪ ،‬كيل أكلون حاض ار عندما يكتشفلون أنها رسالة استقالتي‪ ،‬بعد نصف قرن من عبلودية‬

‫التجديف‪.‬‬

‫استمر الجزع طلوال تلك الليلة‪ ،‬فيما أنا أفتح الهدايا في بيتي‪ .‬عمال اللينلوتيب جانبلوا الصلواب بإهدائي‬

‫آلة صنع قهلوة كهربائية‪ ،‬مثل اللت الثلث التي قدمت لي في أعياد ميلد سابقة‪ .‬لوقدم لي‬

‫الطباعلون تفلويضا باستلم قط أنغلو ار من الحظيرة البلدية للحيلوانات‪ .‬لوقدمت لي الدارة زيادة نقاط‬

‫رمزية‪ .‬لوأهدت إلي السكرتيرات ثل ثقة سرالويل داخلية حريرية‪ ،‬عليها آثار قبلت مطبلوعة‪ ،‬لوبطاقة‬

‫يعرضن فيها علي خلع السرالويل عني‪ .‬خطر لي إن إحدى مفاتن الشيخلوخة هي الستف اززات التي‬

‫تسمح الصديقات الشابات ل نقفسهن بها ل نقهن يعتقدن أننا خارج الخدمة‪.‬‬

‫لم أعرف قط من الذي أرسل لي اسطلوانة تضم افتتاحيات شلوبان الربع لوالعشرين‪ ،‬بتلوزيع ستيفان‬

‫اسكيناس‪ .‬لوأهدى إلي معظم المحررين كتبا رائجة‪ .‬لم أكن قد انتهيت من فتح الهدايا‪ ،‬عندما اتصلت‬ ‫بي رلوسا كاباركاس هاتفيا‪ ،‬لوبادرتني بالسؤال الذي ل أريد سماعه‪ :‬ما الذي جرى لك مع الطفلة؟ ل‬

‫شيء‪ ،‬قلت دلون أن أفكر بالمر‪ .‬فقالت رلوسا كاباركاس‪ :‬أيبدلو لك ل شيء أنك لم تجرب مجرد‬

‫إيقاظها؟ ل يمكن لمرأة أن تتسامح قط مع رجل يزدري تدشينها‪ .‬فتعللت بأنه ل يمكن للطفلة أن‬ ‫تكلون مستنفدة إلى ذلك الحد لمجرد أنها تركب أز اررا‪ ،‬لوربما كانت تتصنع النلوم خلوفا من خطلورة‬

‫اللحظة‪ .‬فقالت رلوسا‪ :‬المر اللوحيد الخطير هلو أنها تظن حقا أنك لم تعد تنفع‪ ،‬لول أحب أن تذيع عنك‬

‫ذلك في الرياح الربع‪.‬‬


‫لم أمنحها متعة مفاجأتي‪ .‬لوقلت لها‪ :‬حتى للو كان المر كذلك فإن حالتها يرثى لها‪ ،‬لول يمكن‬

‫العتماد عليها‪ ،‬سلواء أكانت نائمة أم مستيقظة‪ ..‬إنها لحم مستشفى‪ .‬أخفضت رلوسا كاباركاس من‬ ‫نبرتها‪ :‬المشكلة في التسرع الذي تم به ال تقفا ق‪ ،‬لولكن هناك علج‪ ،‬لولسلوف ترى‪ .‬تعهدت لي بأن‬

‫تجعل الطفلة تعترف‪ ،‬لوأن تجبرها إذا كان المر كما أقلول على إعادة النقلود‪ ،‬ما رأيك؟ فقلت لها‪ :‬دعي‬ ‫المر عند هذا الحد‪ ،‬فهنا لم يحدث شيء‪ ،‬لولكنه أفادني بالمقابل كدليل على عدم صلحيتي لهذه‬ ‫الملور‪ .‬لوبهذا المعنى تكلون الطفلة على ح ق‪ :‬فانا لم أعد أنفع‪ .‬أغلقت الهاتف‪ ،‬مفعما بإحساس‬

‫بالتحرر لم أعرفه في حياتي‪ ،‬لوبمنجى‪ ،‬أخيرا‪ ،‬من مهانة أبقتني تحت نيرها منذ كنت في الثالثة عشرة‬

‫من عمري‪.‬‬

‫في الساعة السابعة مساء كنت ضيف شرف على كلونشيرتلو جاك ثيبلول لوألفرد كلورتلو في قاعة الفنلون‬

‫الجميلة‪ ،‬في عزف مجيد لسلوناتا الكمان لوالبيانلو لسيسر فرانك‪ ،‬لوقد أخذني المعلم بيدرلو بيافا‪،‬‬

‫ملوسيقينا العظيم‪ ،‬بما يشبه الجرجرة‪ ،‬إلى الكلواليس‪ ،‬ليقدمني إلى العازفين‪ .‬شعرت بانبهار شديد‪ ،‬حتى‬

‫أنني هنأتهما على سلوناتا لشلومان لم يعزفاها‪ ،‬فصحح لي أحدهم خطأي أمام المل‪ ،‬لوبصلورة خبيثة‪.‬‬ ‫ال نقطباع بأنني خلطت بجهل بسيط بين السلوناتتين‪ ،‬ظل مغرلوسا في الجلو المحلي‪ ،‬لوزاد من الحرج‬ ‫أنني حالولت ترقيع المر‪ ،‬بتلوضيح أرعن‪ ،‬في تعليقي النقدي على الكلونشيرتلو يلوم الحد التالي‪.‬‬

‫أحسست للول مرة في حياتي الطلويلة بأنني قادر على قتل أحدهم‪ .‬رجعت إلى البيت معذبا بهذا‬

‫الشيطان الصغير الذي يهمس في الذن بالجابات المفحمة التي لم ترد إلى ذهني في اللوقت‬

‫المناسب‪ ،‬لولم تخفف القراءة لول الملوسيقى من غضبي‪ .‬لحسن الحظ أن رلوسا كاباركاس أخرجتني من‬

‫ذلك الهذيان بصرخة أطلقتها عبر الهاتف‪ :‬إنني سعيدة بالجريدة ل نقني لم أكن أظن انك أكملت‬ ‫التسعين إلوانما المئة‪ .‬فأجبتها مغتاظا‪ :‬أبمثل هذا التهالك رأيِتني؟ فقالت هي‪ :‬بالعكس‪ ،‬فما فاجأني هي‬ ‫رؤيتك في أحسن حال‪ .‬لويا لرلوعة أنك لست من المسنين المتصابين الذين يزيدلون عمرهم‪ ،‬ليراهم‬

‫الخرلون في حالة حسنة‪ .‬ثم غيرت الملوضلوع دلون تمهيد‪ :‬لقد أعددت لك هديتك‪ .‬فاجأتني بذلك حقا‪:‬‬

‫لوما هي؟ فقالت‪ :‬الطفلة‪.‬‬

‫لم أتريث لحظة لواحدة للتفكير‪ ،‬لوقلت‪ :‬شكرا‪ ،‬فهذا المر انتهى‪ .‬لكنها لواصلت الكلم‪ ،‬متجالوزة ما قلته‪:‬‬

‫سأرسلها إليك في بيتك‪ ،‬ملفلوفة بلور ق صيني‪ ،‬لومسللوقة مع علود صندل على البخار‪ ،‬لوكل هذا مجانا‪.‬‬ ‫بقيت متشبثا بملوقفي‪ ،‬لوانهمكت هي في تفسير علويص‪ ،‬بدا لي مخلصا‪ .‬قالت إن الطفلة كانت في‬

‫حالة بالغة السلوء في يلوم الجمعة ذاك‪ ،‬ل نقها أنجزت خياطة مئتي زر بالبرة لوالكشتبان‪ .‬لوصحيح أنها‬ ‫كانت خائفة من الغتصاب الدملوي‪ ،‬لولكنها دربت الن للتضحية‪ .‬لوأنها استيقظت في ليلتي معها‪،‬‬

‫لتذهب إلى الحمام‪ ،‬لولوجدتني أغط في نلوم عمي ق‪ ،‬فأشفقت أن تلوقظني‪ ،‬لوعندما استيقظت ثانية في‬


‫الصباح كنت قد غادرت‪ .‬غضبت لما بدا لي أنه كذب بل طائل‪ .‬فلواصلت رلوسا كاباركاس‪ :‬حسن‪ ،‬حتى‬

‫للو كان المر كذلك فإن الطفلة نادمة‪ .‬يا لها من مسكينة‪ .‬إنها هنا أمامي‪ .‬أتريد التكلم معها؟ فقلت‬ ‫لها‪ :‬ل‪ ،‬بال عليك‪.‬‬

‫كنت قد بدأت الكتابة‪ ،‬عندما اتصلت سكرتيرة الجريدة‪ .‬لوكانت الرسالة هي أن المدير يريد رؤيتي في‬ ‫اليلوم التالي‪ ،‬الساعة الحادية عشرة صباحا‪ .‬ذهبت في الملوعد الدقي ق‪ .‬كانت جلبة ترميم البناء ل‬

‫تحتمل‪ ،‬فالهلواء مخلخل بضربات مطار ق لوغبار أسمنتي‪ ،‬لورائحة قطران‪ ،‬لولكن المحررين كانلوا قد‬ ‫اعتادلوا على التفكير لوسط رلوتين الفلوضى‪ .‬أما مكاتب المدير بالمقابل‪ ،‬فكانت باردة لوهادئة‪ ،‬إنها في‬

‫بلد مثالية ليست بلدنا‪.‬‬

‫نهض ماركلو تلوليلو الثالث لواقفا بهيئته المراهقة حين رآني أدخل‪ ،‬لودلون أن يقطع محادثة هاتفية‪ ،‬شد‬

‫على يدي من فلو ق منضدة المكتب‪ ،‬لوألومأ إلي بأن أجلس‪ .‬تلوصلت إلى التفكير في أنه ل لوجلود لحد‬ ‫في الجانب الخر من الخط‪ ،‬لوأنه يقلوم بهذه المهزلة لبهاري‪ ،‬لولكنني سرعان ما تبينت أنه يتكلم مع‬

‫المحافظ‪ ،‬لوكان حلوا ار صعبا في الحقيقة‪ ،‬بين عدلوين حميمين‪ .‬لوأظن أنه فلو ق ذلك‪ ،‬كان يسعى إلى أن‬ ‫يبدلو حازما أمامي‪ ،‬مع أنه ظل لواقفا لوهلو يتكلم إلى السلطة‪.‬‬

‫كانت تبدلو عليه رذيلة العناية بحسن هندامه‪ .‬فقد أكمل التاسعة لوالعشرين من عمره‪ ،‬لولديه أربع‬ ‫لغات‪ ،‬لوثلث شهادات خبرة دلولية‪ ،‬على عكس الرئيس اللول مدى الحياة‪ ،‬جده لبيه‪ ،‬الذي صار‬

‫صحفيا تجريبيا بعد أن جمع ثرلوة من تجارة الرقي ق البيض‪ .‬إنه لطيف في التعامل‪ ،‬مشهلور بأنه أني ق‬

‫لوهادئ‪ ،‬لوالصلوت اللوحيد الذي يعرض مهابته للخطر هي نبرة زائفة في صلوته‪ .‬يرتدي سترة رياضية‬

‫على ياقتها زهرة ألوركيدا حية‪ ،‬لوكل شيء فيه يلوحي بأنه جزء من كيانه الطبيعي‪ ،‬لولكن ليس فيه ما‬

‫هلو مخللو ق لجلواء الشارع‪ ،‬إلوانما لربيع مكاتبه لوحسب‪ .‬لوأنا الذي أنفقت قرابة الساعتين لكي أرتدي‬ ‫ملبسي أحسست بخزي الفقر لوتفاقمت حدة غضبي‪.‬‬ ‫لومع ذلك فقد كان السم القاتل في صلورة بانلورامية جماعية للعاملين في الجريدة‪ ،‬ملتقطة في الذكرى‬

‫الخامسة لوالعشرين لتأسيسها‪ ،‬مشا ار فيها بصليب فلو ق رؤلوس من ماتلوا‪ .‬كنت أنا الثالث إلى اليمين‬

‫في الصلورة‪ ،‬بقبعة قش مسطحة الحلواف لوربطة عن ق ذات عقد كبيرة‪ ،‬مع لؤلؤة في المشبك‪ ،‬لوشاربي‬ ‫اللول الشبيه بشارب كلوللونيل مدني‪ ،‬لوالذي كان لي حتى سن الربعين‪ ،‬لونظارة طالب معهد ديني‬

‫معدنية لم أعد أحتاجها بعد تجالوزي نصف القرن‪ .‬لقد رأيت هذه الصلورة من قبل معلقة في مكاتب‬

‫عديدة‪ ،‬لولكنني لم أتحسس رسالتها إل في تلك اللحظة‪ :‬من الثمانية لوأربعين ملوظفا الصليين لم يب ق‬

‫سلوى أربعة على قيد الحياة‪ .‬لوأصغرنا يقضي عقلوبة بالسجن عشرين سنة لجريمة قتل متعدد‪.‬‬

‫أنهى المدير المكالمة لوفاجأني لوأنا أنظر على الصلورة فابتسم قائل‪ :‬الصلبان لم أضعها أنا‪ ،‬لوأظن أنها‬


‫مزعجة‪ .‬جلس إلى المكتب لوبدل نبرة صلوته‪ :‬اسمح لي أن أقلول لك إنك أكثر الرجال الذين عرفتهم‬

‫تهلورا‪ .‬لوحيال مفاجأتي قال مستبقا كل شيء‪ :‬أقلول هذا بسبب استقالتك‪ .‬لوتمكنت من أن أقلول له‪:‬‬

‫إنها حياة كاملة‪ .‬فرد هلو بان هذا بالضبط هلو السبب في عدم كلون الستقالة هي الحل المناسب‪ .‬فقد‬

‫بدت له المقالة رائعة‪ ،‬لوكل ما تقلوله عن الشيخلوخة هلو من أفضل ما قرأه على الطل قق لوليس هناك‬

‫من معنى ل نقهائها بقرار يبدلو أشبه بإعل نق ملوتي مدنيا‪ .‬لوقال‪ :‬لحسن الحظ أن )رجل الساعة التاسعة‬

‫البغيض( قرأها‪ ،‬بعد أن كانت صفحة الفتتاحية مخرجة‪ ،‬لوبدت له غير مقبلولة‪ .‬لودلون أن يبحث المر‬ ‫مع أحد شطبها من أعلها إلى أسفلها بقلمه التلوركيمادي‪ ،‬لوعندما علمت بالمر هذا الصباح أرسلت‬

‫ملحظة احتجاج إلى مكتب المحافظ‪ .‬هذا هلو لواجبي‪ ،‬لولكن يمكنني أن أقلول لك بيننا إنني شاكر جدا‬ ‫لتعسف الرقيب‪ .‬مع أنني لم أكن مستعدا لن ألواف ق على شطبه المقالة‪ .‬لوقال‪ :‬أتلوسل إليك من أعما ق‬ ‫رلوحي‪ .‬ل تغادر السفينة في عرض البحر‪ .‬ثم أنهىا بأسللوب بديع‪ :‬ما زال لدينا الكثير لقلوله في‬

‫الملوسيقى‪.‬‬

‫رأيت أنه مصمم جدا‪ ،‬فلم أتج أر على زيادة حدة الختلف بحجة مسلية‪ .‬المشكلة في اللواقع هي أنني‬ ‫لم أجد آنذاك أيضا سببا محترما لمغادرة الناعلورة‪ ،‬لوقد أرعبتني فكرة القلول له نعم مرة أخرى‪ ،‬لمجرد‬

‫كسب اللوقت‪ .‬لوكان علي أن أكبح نفسي كيل يبدلو علي التأثر اللعين الذي يستعجل الدملوع‪ .‬لومرة‬ ‫أخرى كالعادة ظللنا على ما كنا علي‪ ،‬بعد كل تلك السنلوات الطلويلة‪.‬‬

‫في السبلوع التالي‪ ،‬لوبينما أنا ضحية حالة هي أقرب إلى التشلوش منها إلى السعادة‪ ،‬مررت بمتجر‬ ‫الحيلوانات لخذ الهر الذي أهداه إلي الطباعلون‪ .‬ليس لدي ميل طبيعي إلى الحيلوانات‪ ،‬لوهلو الحساس‬ ‫نفسه الذي أشعر به تجاه الطفال قبل أن يبدؤلوا التكلم‪ ،‬ل نقهم يبدلون لي بكم الرلوح‪ .‬لست أكرههم‪،‬‬

‫لولكنني ل أستطيع تحملهم‪ ،‬ل نقي لم أتعلم التعامل معهم‪ .‬يبدلو لي أم ار مخالفا للطبيعة أن يتمكن رجل‬

‫من التفاهم مع كلبه أكثر من تفاهمه مع زلوجته‪ ،‬فيعلمه ال كقل لوعدم ال كقل في ملواعيد محددة‪ ،‬لوالرد‬

‫على أسئلته لومشاطرته أحزانه‪ .‬لولكن امتناعي عن أخذ هر الطباعين‪ ،‬يمكن له أن يكلون كارثة‪ .‬أضف‬ ‫إلى ذلك‪ :‬أنه قط أنغلو ار بديع‪ ،‬له لوبر لوردي مصقلول‪ ،‬لوعينان لمعتان‪ ،‬لويبدلو ملواؤه كما للو أنه على‬

‫لوشك أن يكلون كلما‪ .‬قدملوه لي في سلة من الخيزران‪ ،‬مع شهادة لسل لقته‪ ،‬لوكراس استخدام مثل‬

‫الذي يقدم مع الدراجات لتركيبها‪.‬‬

‫كانت هناك دلورية عسكرية تدق ق في لوثائ ق إثبات شخصية العابرين قبل السماح لهم بالمرلور عبر‬

‫حديقة سان نيكلولس‪ .‬لم أر قط شيئا مماثل‪ ،‬لول يمكنني أن أتصلور شيئا أشد تثبيطا للعزيمة كعلمة‬

‫على شيخلوختي‪ .‬كانت دلورية من أربعة شرطيين‪ ،‬يقلودها ضابط يكاد يكلون مراهقا‪ .‬كان الشرطيلون‬

‫رجال من المناط ق الباردة‪ ،‬قساة صامتين‪ ،‬لولهم رائحة إسطبل‪ ،‬لوكان الضابط يراقبهم جميعها بخديه‬


‫ال نقديزيين المحرلوقين على الساحل‪ .‬بعد تفحص بطاقة هلويتي لوبطاقة اعتمادي الصحفية سألني عما‬ ‫أحمله في السلة‪ .‬فقلت له‪ :‬هر‪ .‬أراد رؤيته‪ .‬فرفعت غطاء السلة بكل حذر‪ ،‬خلوفا من أن يهرب‪ ،‬لولكن‬

‫شرطيا أراد أن يرى إذا لم يكن هناك شيء آخر‪ ،‬في قاع السلة‪ ،‬فلوجه إليه القط ضربة من مخالبه‪.‬‬

‫تدخل الضابط قائل‪ :‬إنه هر أنغلو ار ثمين‪ .‬لوداعبه بينما هلو يتمتم بشيء‪ ،‬فلم يهاجمه القط‪ ،‬لولكنه لم‬

‫يلوله اهتمامه أيضا‪ .‬سألني‪ :‬كم سنة عمره؟ فقلت له‪ :‬ل أدري‪ ،‬لقد أهدي إلي للتلو‪ .‬قال‪ :‬إنني أسأل‬

‫ل نقه يبدلو مسنا جدا‪ ،‬ر بما عمره عشر سنلوات‪ .‬أردت أن أسأله كيف يعرف ذلك لوأشياء كثيرة أخرى‪،‬‬ ‫لولكن غيظي من أسللوبه المهذب‪ ،‬لوطريقته المتدفقة في الكلم‪ ،‬أشعرتني بأنه ليس لدي معدة لتحمل‬

‫التحدث إليه‪ .‬لوقال‪ :‬يبدلو لي أنه هر مهجلور‪ ،‬تبادله أناس كثيرلو‪ .‬لن تجعله يتكيف معك‪ ،‬إلوانما أنت‬ ‫الذي ستتكيف معه‪ .‬اتركه على هلواه‪ ،‬إلى أن تكسب ثقته‪ .‬أطب ق غطاء السلة‪ ،‬لوسألني‪ :‬ماذا تشتغل‬

‫حضرتك؟ صحفي‪ .‬منذ متى؟ فقلت له‪ :‬منذ نحلو قرن‪ .‬شد على يدي لولودعني بعبارة يمكن لها أن‬ ‫تكلون نصيحة طيبة ألو تهديدا على السلواء‪ - :‬انتبه لنفسك‪.‬‬

‫فصلت الهاتف عند الظهيرة كي أللوذ بالملوسيقى في برنامج بديع‪ :‬رابسلودية كل رقينيت لوألوركستا‬

‫لفاغنر‪ ،‬لوساكسيفلون لديبلوس‪ ،‬لوالخماسي اللوتري لبرلوكنر‪ ،‬لوهذه الخيرة هي سكينة عدنية في كارثية‬

‫أعماله‪ .‬لولوجدت نفس محاطا بظلمة المكتب‪ .‬أحسست بشيء ينسل تحت طالولتي‪ ،‬لم يكن جسدا حيا‬ ‫إلوانما حضلو ار خارقا للطبيعة احتّك بقدمي‪ ،‬فقفزت صارخا‪ .‬كان الهّر بذيله اللوبري البديع‪ ،‬لوتثاقله‬ ‫الغامض‪ ،‬لوسل لقته السطلورية‪ ،‬لولم أستطع كبح قشعريرة إحساسي بأنني لوحيد في البيت‪ ،‬مع كائن‬ ‫غير بشري‪.‬‬

‫عندما دقت الساعة السادسة في الكاتدرائية‪ ،‬كانت هناك نجمة لوحيدة لونظيفة في السماء ذات الللون‬ ‫اللوردي‪ ،‬أطلقت سفينة صفير لوداع محزلون‪ ،‬لوأحسست في حلقي بعقدة من المستحيل حلها‪ ،‬لكل‬

‫الغراميات التي كان يمكن له أن تكلون لولم تكن‪ .‬لم أستطع تحمل المزيد‪ .‬رفعت سماعة الهاتف لوقلبي‬ ‫في فمي‪ ،‬لوأدرت الرقام الربعة ببطء شديد كيل أخطئ‪ ،‬لولدى الرنين الثالث تعرفت على الصلوت‪.‬‬

‫حسن يا امرأة‪ ،‬قلت لها بزفرة ارتياح‪ ،‬لوتابعُت ‪:‬ق اعذريني على نزقي هذا الصباح‪ .‬فقالت بهدلوء‪ :‬ل‬ ‫تقل ق‪ ،‬كنت أنتظر مكالمتك‪ ،‬فنبهتها‪ :‬أريد أن تنتظرني الطفلة مثلما ألقى ال بها إلى الدنيا‪ ،‬لودلون‬ ‫أصبغة على لوجهها‪ .‬ضحكت هي ضحكة مجلجلة‪ ،‬لوقالت‪ :‬كما تشاء‪ ،‬لولكنك ستفقد متعة تعريتها‬

‫قطعة فقطعة‪ ،‬مثلما يفتتن المسّنلون‪ ،‬لولست أدري السبب‪ .‬فقلت‪ :‬أما أنا فأعرفه‪ :‬ل نقهم يشيخلون أكثر‬ ‫فأكثر‪ .‬لواعتبرت هي المر ناجزا‪ .‬فقالت‪ -:‬حسن‪ ،‬هذه الليلة إذن‪ ،‬في العاشرة تماما‪ ،‬قبل أن تبرد‬

‫السمكة‪.‬‬


‫الفصل الثالث‬ ‫كيف يمكن أن يكلون اسمها؟ صاحبة المحل لم تخبرني به‪ .‬عندما حدثتني عنها لم تكن تسميها إل‪:‬‬ ‫"الطفلة"‪ .‬لوقد حلولته أنا إلى اسم شخصي‪ ،‬كما هي طفلة العينين ]بؤبؤ العين[‪ ،‬ألو السفينة الطفلة‬

‫]أصغر سفن كلوللومبس الثلث[‪ .‬لورلوسا كاباركاس تضع لفتياتها‪ ،‬فلو ق ذلك‪ ،‬اسما مختلفا مع كل‬

‫زبلون‪ .‬لوقد كنت أستمتع بتخمين أسمائهن من خل لق ملمح لوجلوههن‪ .‬لومنذ البدء كنت متأكدا من أن‬ ‫للطفلة اسما طلويل‪ ،‬مثل فيللومينا‪ ،‬ألو ساتلورنينا‪ ،‬ألو نيكلولسا‪ .‬كنت مستغرقا في التفكير في هذا المر‬ ‫عندما انقلبت هي نصف دلورة‪ ،‬في السرير‪ ،‬لوصارت تلوليني ظهرها‪ ،‬بدا لي كما للو أنها قد خلفت‪ ،‬في‬

‫حركتها‪ ،‬بركة دم لها حجم جسدها لوشكله‪ .‬كانت مفاجأة آنية‪ ،‬إلى أن أدركت أنه بلل العر ق على‬

‫الملءة‪.‬‬

‫كانت رلوسا كاباركاس قد نصحتني بأن أعاملها بحرص‪ ،‬لن خلوف المرة اللولى ما زال مسيط ار عليها‪.‬‬

‫بل أكثر من ذلك‪ ،‬أظن أن مهابة هذا الطقس قد فاقمت من خلوفها‪ ،‬لوكان عليها أن تزيد لها جرعة‬

‫الفاليريانا المهدئة‪ .‬ل نقها كانت تنام بلوداعة‪ ،‬يبدلو من المحزن معها إيقاظها دلون تهديل‪ .‬لوهكذا رحت‬

‫أمسح عرقها بالمنشفة‪ ،‬لوأنا أغني لها هامسا أغنية دليغادينا‪ ،‬ابنة الملك الصغرى‪ ،‬التي جاهر أبلوها‬ ‫بحبها‪ .‬لوكلما مسحت مكانا‪ ،‬كانت تكشف لي جانبا آخر متعرقا‪ ،‬على إيقاع أغنيتي‪) :‬ديلغادينا‪ ،‬أنت‬

‫ستكلونين محبلوبتي العزيزة(‪ .‬كانت متعة بل حدلود‪ ،‬فقد كان أحد جانبيها يتعر ق من جديد‪ ،‬عندما‬

‫أنتهي من مسح الجانب الخر‪ ،‬كيل تنتهي الغنية أبدا‪ .‬لوغنيت في أذنها‪) :‬انهضي يا ديلغادينا‪،‬‬

‫لوالبسي تنلورتك الحريرية(‪ .‬لوأخي ار عندما لوجدها خدم الملك ميتة من العطش في فراشها‪ ،‬بدا لي أن‬ ‫طفلتي على لوشك أن تستيقظ لوهي تسمع السم‪ :‬إنها هي إذن‪ :‬ديلغادينا‪.‬‬

‫رجعت إلى السرير بسرلوالي الداخلي المطبع بالقبلت‪ ،‬لواستلقيت بجانبها‪ .‬نمت حتى الخامسة على‬

‫هدهدة تنفسها الهادئ‪ .‬ارتديت ملبسي بأقصى سرعة دلون أن أغتسل‪ ،‬لوعندئذ فقط رأيت الكتابة‪ ،‬بقلم‬

‫أحمر الشفاه‪ ،‬على مرآة المغسلة‪) :‬النمر ل يأكل بعيدا(‪ .‬أعرف أن هذه الكتابة لم تكن ملوجلودة في‬ ‫الليلة السابقة‪ ،‬لوأنه ل يمكن أن يكلون أحد قد دخل الغرفة‪ ،‬فاعتبرتها معلقة الشيطان‪ .‬فاجأني عند‬

‫الباب رعد مرعب‪ ،‬لوامتلت الحجرة برائحة التراب المبلل المنذرة‪ .‬لم أجد اللوقت الكافي للهرب سليما‪.‬‬ ‫فقبل أن أعثر على سيارة أجرة هطل لوابل عظيم‪ .‬من تلك المطار التي تنشر الفلوضى في المدينة بين‬

‫شهري أيار لوتشرين اللول‪ .‬فشلوارع الرمل الملتهب التي تنحدر باتجاه النهر‪ ،‬تحلولت إلى سيلول تجرف‬ ‫كل ما تجده في طريقها‪ .‬يمكن لمياه أيللول الغريبة تلك بعد ثل ثقة أشهر من الجفاف‪ ،‬أن تكلون آتية‬

‫من العناية ال لقهية ألو مدمرة على السلواء‪.‬‬


‫منذ أن فتحت باب البيت‪ ،‬خرج للقائي إحساس مادي بأنني لست لوحدي‪ .‬تمكنت من رؤية نذر الهر‬

‫الذي قفز عن الصلوفا لوتلوارى في الشرفة‪ .‬كانت ل تزال هناك في طبقه بقايا طعام لم أقدمه أنا إليه‪.‬‬ ‫لوكانت رائحة بلوله الزنخ لوبرازه الساخن تللوث كل شيء‪ .‬كنت قد عكفت على دراسته‪ ،‬مثلما درست‬

‫اللغة الل تقينية‪ .‬الكراس المرجعي يقلول إن القطط تحفر في الرض‪ ،‬لخفاء برازها‪ ،‬لوفي البيلوت التي‬ ‫ليس فيها فناء مثل هذا البيت يفعل القط ذلك في أصص نباتات الزينة‪ ،‬ألو في ركن خفي آخر‪ ،‬لوالحل‬

‫المناسب هلو أن يؤمن له‪ .‬منذ اليلوم اللول صندلو ق ممللوء بالرمل‪ ،‬لتلوجيه عاداته‪ ،‬لوهذا ما فعلته‪.‬‬

‫لويقلول الكراس أيضا إن ألول ما تفعله القطط في بيت جديد‪ ،‬هلو تحديد مجالها الخاص‪ ،‬بالتبلول في كل‬

‫ال نقحاء‪ ،‬لوربما كان هذا هلو اللوضع الذي ألواجهه‪ .‬لولكن الكراس ل يشير إلى كيفية معالجة ذلك‪.‬‬

‫تتبعت آثاره كي أتآلف مع عاداته الصلية‪ ،‬لولكنني لم أصل إلى مخابئه السرية لوأماكن راحته‪ ،‬لوأسباب‬

‫تقلب أهلوائه‪ ،‬أردت تعليمه ال كقل في ملواعيد محددة لواستعمال صندلو ق الرمل على الشرفة لوعدم‬

‫الصعلود إلى سريري لوأنا نائم‪ ،‬لوعدم تشمم الطعمة على المائدة‪ ،‬لولم أتمكن من جعله يفهم أن هذا‬

‫البيت له كح ق شرعي لوليس كغنيمة حرب‪ .‬لولهذا تركته على هلواه‪.‬‬

‫عند الغرلوب لواجهت لوابل المطر‪ ،‬لوكانت رياحه العصارية تهدد باقتلع البيت‪ .‬عانيت من نلوبة‬

‫عطاس متتال‪ ،‬لوأصبت بألم في رأسي لوبحمى‪ ،‬لولكنني كنت أشعر بامتل كق قلوة لوتصميم لم أمتلك‬

‫مثلهما في أي مرحلة عمرية أخرى‪ ،‬لول في سبيل أية قضية‪ .‬لوضعت قدلو ار على الرض‪ ،‬ل لقتقاط الماء‬ ‫المتسرب من ثقلوب السقف‪ ،‬لوانتبهت إلى أن هناك ثقلوبا أخرى قد ظهرت منذ الصيف الفائت‪ .‬أكبرها‬

‫بدا يغر ق الجانب اليمن من المكتبة‪ .‬سارعت إلى إنقاذ الكّتاب الغري ق لوالل تقينيين الذين يعيشلون في‬ ‫ذلك الجانب‪ ،‬لولكنني ما إن رفعت الكتب حتى لوجدت تدف ق ماء عالي الضغط‪ ،‬يخرج من أنبلوب مكسلور‬ ‫داخل الجدار‪ .‬خففت من التدف ق بِخرق ق‪ ،‬قدر استطاعتي‪ ،‬كي اتيح لنفسي اللوقت ل نققاذ الكتب‪ .‬ازداد‬ ‫صخب الماء لوعلويل الريح في الحديقة‪ .‬لوفجأة مل بر ق شبحي لورعده المراف ق الجلو برائحة كبريت‬

‫قلوية‪ .‬هشمت الريح زجاج الشرفة‪ .‬لوكسرت عاصفة البحر العاتية القفال لودخلت إلى البيت‪ .‬لومع ذلك‬ ‫لوقبل انقضاء عشر دقائ ق‪ ،‬تلوقف المطر فجأة‪ .‬جففت شمس بديعة الشلوارع الممتلئة بأنقاض جانحة‪،‬‬

‫لورجع الحر‪.‬‬

‫عندما انقطع لوابل المطر‪ ،‬كنت ل أزال على إحساسي بأنني لست لوحيدا في المنزل‪ .‬تفسيري اللوحيد‬

‫هلو أنه مثلما هناك لوقائع لواقعية تنسى‪ ،‬فإن هناك أيضا لوقائع لم تحدث قط‪ ،‬لويمكن لها أن تظل في‬ ‫الذاكرة‪ ،‬كما للو أنها حدثت فعل‪ .‬لوالمسألة أنني عندما أستذكر التعجل الذي تصرفت به خل لق لوابل‬

‫المطر‪ ،‬فإنني ل أرى نفسي لوحيدا في البيت‪ ،‬إلوانما برفقة ديلغادينا على الدلوام‪ .‬شعرت بها قريبة جدا‬ ‫مني في تلك الليلة‪ ،‬حتى أنني أحسست بإيقاع أنفاسها في غرفة النلوم‪ ،‬لوبنبض خدها على لوسادتي‪،‬‬


‫لوهكذا فقط أدركت كيف أمكن لنا أن نفعل أشياء كثيرة في مثل ذلك اللوقت الكثير‪ .‬أتذكر نفسي لوأنا‬

‫أقف فلو ق مقعد المكتبة الذي بل مسند‪ ،‬لوأتذكرها مستيقظة بفستانها المطبع بأزهار تتلقى الكتب مني‬ ‫لتضعها في مكان آمن‪ .‬أراها تركض من جانب إلى آخر في البيت‪ ،‬لوهي تصارع العاصفة‪ ،‬مبللة‬

‫بالمطر لوبماء ال نقابيب‪ .‬أتذكر كيف أعدت في صباح اليلوم التالي فطلو ار لم يكن قط‪ ،‬لوكيف رتبت‬ ‫المائدة لوأنا أمسح الماء من أرضية الغرف‪ ،‬لوأرتب البيت الغار ق‪ .‬لم أنس قط نظرتها المكفهرة‪ ،‬لونحن‬ ‫نتنالول الفطلور‪ :‬لماذا تعرفت إلي لوأنت عجلوز؟ لوأجبتها بالحقيقة‪ :‬ليست السن هي ما بلغه أحدنا من‬

‫العمر‪ ،‬بل ما يشعر به‪.‬‬

‫منذ ذلك الحين صارت ملوجلودة في ذاكرتي‪ ،‬بلوضلوح يمكنني معه أن أفعل بها ما أشاء‪ .‬أبدل للون‬

‫عينيها حسب حالتي المعنلوية‪ :‬للون الماء عند الستيقاظ‪ ،‬للون قطر القصب حين تضحك‪ ،‬للون‬

‫الضلوء عندما أعارضها‪ .‬لوألبسها حسب السن لوالظرلوف التي تتلءم مع تبدلت مزاجي‪ :‬ثياب عرلوس‬ ‫محبة في العشرين‪ ،‬لوعاهرة صاللون في الربعين‪ ،‬لوملكة بابلية في السبعين‪ ،‬لوقديسة في المئة‪ .‬نغني‬

‫ثنائيات حب على ملوسيقى بلوتشيني‪ ،‬لوألحان بلوليرلو للوغسطين لرا‪ ،‬لوأغنيات تانغلو لكارللوس غارديل‪،‬‬

‫لونبرهن لنفسينا مرة أخرى أن من ل يغنلون ل يمكنهم أن يتصلورلوا‪ ،‬مجرد تصلور‪ ،‬ما هي سعادة‬

‫الغناء‪ .‬اليلوم أعلم أن ذلك لم يكن أضغاث أحلم‪ ،‬إلوانما معجزة أخرى من معجزات حب حياتي اللول‪،‬‬ ‫لوأنا في التسعين‪.‬‬ ‫عند ال نقتهاء من ترتيب البيت‪ ،‬اتصلت برلوسا كاباركاس‪ ،‬فهتفت حين سمعت صلوتي‪ :‬يا للرب‬

‫المقدس! ظننت أنك قد غرقت‪ .‬لولم يكن بإمكانها تفهم كيف أنني عدت لقضاء ليلة أخرى مع الطفلة‪،‬‬

‫دلون أن ألمسها‪ .‬لك كامل الح ق في أل تعجبك‪ ،‬لولكن عليك أن تتصرف كراشد‪ .‬حالولت أن ألوضح لها‬

‫لولكنها بدلت الملوضلوع دلون تمهيد‪ :‬لقد لوجدت لك على أي حال لواحدة أخرى‪ ،‬أكبر قليل‪ ،‬جميلة‬

‫لوعذراء كذلك‪ .‬أبلوها يريد استبدالها ببيت لولكن يمكننا المسالومة على تخفيض‪ .‬تجمد قلبي‪ .‬لم يكن‬ ‫ينقصني إل هذا‪ ،‬اعترضت مذعلو ار دلون إخفا ق كالعادة لودلون مشاجرات لودلون ذكريات سيئة‪ .‬ساد‬

‫الصمت خط الهاتف‪ ،‬لوأخي ار جاء الصلوت المذعن الذي قالت به كما للو أنها تكلم نفسها‪ :‬حسن‪ ،‬ل بد‬

‫أن هذا هلو ما يسميه الطباء عته الشيخلوخة‪.‬‬

‫ذهبت في العاشرة ليل‪ ،‬مع سائ ق معرلوف بفضيلة عدم تلوجيه أسئلة غريبة‪ .‬أخذت معي مرلوحة‬ ‫نقالة‪ ،‬لوللوحة للورل نقدلو ريفيرا‪ ،‬العزيز )فيغلوريتا(‪ ،‬لومطرقة لومسما ار لتعلي ق الللوحة‪ .‬تلوقفت في الطري ق‬

‫لشراء فرشاة أسنان لومعجلون لوصابلون معطر‪ ،‬لوماء كلوللونيا‪ ،‬لوأقراص عر ق سلوس‪ .‬لوأردت أن آخذ‬ ‫كذلك مزهرية جيدة‪ ،‬لوباقة أزهار صفراء لطرد بلهة ال زقهار اللورقية‪ ،‬لولكنني لم أجد محل مفتلوحا‪،‬‬

‫فاضطررت إلى أن أسر ق من حديقة خاصة‪ ،‬باقة أزهار أسترلوميل حديثة التفتح‪.‬‬


‫لوبناء على تعليمات صاحبة المحل‪ ،‬صرت أدخل من ذلك اليلوم من الشارع الخلفي‪ ،‬من جهة المجرى‬

‫المائي‪ ،‬كيل يراني أحد داخل من البلوابة المطلة على البستان‪ .‬لوقد حذرني السائ ق‪ :‬حذار أيها العالم‪.‬‬ ‫ففي هذا البيت يقتللون‪ .‬لوأجبته‪ :‬ليس مهما‪ ،‬إذا كان القتل قتل بدافع الحب‪ .‬كان الفناء مظلما‪ ،‬إل أنه‬

‫كانت هناك أنلوار حياة في النلوافذ‪ ،‬لوصخب ملوسيقى في الحجرات الست‪ .‬لوفي حجرتي‪ ،‬بصلوت أعلى‬ ‫من الخريات‪ ،‬ميزت الصلوت الدافئ لبيدرلو بارغاس‪ ،‬تينلور أميركا‪ ،‬في لحن بلوليرلو لميغل‬

‫ماتاملورلوس‪ .‬أحسست أنني سأملوت‪ .‬دفعت الباب بأنفاس مقطلوعة‪ ،‬لورأيت ديلغادينا في السرير‪ ،‬مثلما‬

‫هي في ذكرياتي‪ :‬عارية لونائمة في سلم مقدس على جانب قلبها‪.‬‬

‫لوقبل أن أستلقي في السرير رتبت خلوان الزينة‪ ،‬لولوضعت المرلوحة الجديدة محل الصدئة‪ ،‬لوعلقت‬ ‫الللوحة حيث يمكنها رؤيتها من السرير‪ .‬استلقيت إلى جلوارها‪ ،‬لوتفحصتها شب ار فشبرا‪ .‬إنها هي نفسها‬

‫التي كانت تجلوب أنحاء بيتي‪ :‬اليدان نفسيهما اللتان تتعرفان إلي باللمس في الظلم‪ ،‬القدمان‬

‫نفسيهما بخطلواتهما الخفيفة التي يمكن الخلط بينها لوبين خطلوات القط‪ ،‬رائحة العر ق نفسها التي‬

‫تفلوح من ملءاتي‪ ،‬لوأصبع الكشتبان‪ .‬أمر ل يصد ق‪ :‬فأنا أراها لوألمسها لوهي من لحم لوعظم فتبدلو لي‬ ‫أقل لواقعية مما هي عليه في ذكرياتي‪.‬‬

‫قلت لها‪ :‬تلوجد للوحة على الجدار المقابل‪ ،‬رسمها فيغلوريتا‪ ،‬لوهلو رجل أحببناه كثيرا‪ ،‬لوأفضل راقص‬

‫ملواخير لوجد على الطل قق‪ ،‬لوطيب القلب إلى حد أنه كان يشف ق على الشيطان‪ ،‬رسمها بلورنيش‬

‫السفن على كتان محتر ق الطراف‪ ،‬من طائرة انفجرت في جبال سيي ار نيفادا‪ ،‬بالقرب من مدينة سانتا‬

‫مارتا‪ ،‬لوبرياش صنعها بنفسه من لوبر كلب‪.‬‬

‫المرأة المرسلومة هي راهبة اختطفها من دير لوتزلوجها‪ .‬إنني أترك الللوحة هنا لتكلون ألول شيء ترينه‬

‫عندما تستيقظين‪.‬‬

‫لم تكن قد بدلت لوضعها عندما أطفأت النلور في اللواحدة بعد منتصف الليل‪ ،‬لوكان تنفسها خفيفا إلى‬

‫حد أنني أمسكت معصمها‪ ،‬لجس نبضها لوأتأكد من أنها حية‪ .‬كانت الدماء تنساب في عرلوقها بتدف ق‬

‫أغنية تتفرع حتى أكثر الركان خفية في جسمها‪ ،‬لوتعلود إلى القلب المطهر بالحب‪.‬‬

‫لوقبل أن أغادر عند الفجر رسمت خطلوط راحة يدها على لورقة‪ ،‬لوقدمتها إلى العرافة ديفا ساهبي‬

‫لمعرفة رلوحها‪ .‬فكانت هكذا‪ :‬إنها خطلوط يد شخصية ل تقلول إل ما تفكر فيه‪ .‬لوهي مؤهلة تماما‬

‫للعمال اليدلوية‪ .‬كانت لها اتصالت مع شخص مات‪ ،‬لوهي تنتظر مساعدة منه‪ ،‬لولكنها مخطئة‪:‬‬

‫فالمساعدة التي تبحث عنها في متنالول يدها‪ .‬لم تقم أي ارتباط لولكنها ستملوت متقدمة في السن‬

‫لومتزلوجة‪ .‬لديها الن رجل أسمر‪ ،‬لن يكلون رجل حياتها‪ .‬لوسيكلون بإمكانها أن تنجب ثمانية أبناء‪،‬‬

‫لولكنها ستقتصر على ثل ثقة فقط‪ .‬في الخامسة لوالثل ثقين من عمرها ستفعل ما يمليه عليها القلب‬


‫لوليس العقل‪ ،‬لوسيكلون لديها مال كثير‪ ،‬لوفي الربعين ستتلقى ميراثا‪ .‬ستسافر كثيرا‪ .‬لها حياة مزدلوجة‬

‫لوحظ مزدلوج‪ ،‬لويمكن لها أن تؤثر على قدرها‪ .‬تحب أن تجرب كل شيء بدافع الفضلول‪ ،‬لولكنها ستندم‬ ‫إذا لم تأخذ بتلوجيهات قلبها‪.‬‬

‫لومعذبا بالحب قمت بإصلح الضرار التي سببتها العاصفة لوانتهزت الفرصة لجراء ترميمات كثيرة‬ ‫كنت أؤجلها منذ سنلوات‪ ،‬لعدم القدرة على تكاليفها ألو بسبب الهمال لوالتراخي‪ .‬أعدت تنظيم المكتبة‪،‬‬

‫لوف ق الترتيب الذي قرأت فيه الكتب‪ .‬لوأخي ار بعت الرغن الميكانيكي في مزاد‪ ،‬كتحفة تاريخية‪ ،‬مع‬

‫لفافاته الملوسيقية الكلسيكية التي تزيد على مئة لواشتريت فلونلوغرافا مستعمل‪ ،‬لكنه أفضل من الذي‬ ‫لدي‪ ،‬مع مكبرات صلوت عالية الدقة‪ ،‬ضخمت أجلواء البيت‪ .‬فصرت على حافة الفلس‪ ،‬لولكن مع‬

‫تعلويض جيد‪ ،‬بمعجزة بقائي حيا لوأنا في هذه السن‪ .‬كان البيت يلولد من رماده‪ ،‬لوأنا أبحر في حب‬

‫ديلغادينا بزخم لوسعادة لم أعرفهما قط في حياتي السابقة‪ .‬لوبفضلها تلواجهت ألول مرة مع كياني‬

‫الطبيعي فيما سنتي التسعلون تمضي‪ .‬اكتشفت أن لوسلواسي بأن يكلون كل شيء في مكانه لوكل مسألة‬ ‫في لوقتها لوكل كلمة بأسللوبها ليس المكافأة المستحقة لذهن مرتب‪ ،‬بل هلو على العكس من ذلك‪،‬‬

‫نظام تصنع ابتدعته نفسي لملواراة فلوضاء الطبيعية‪ .‬اكتشفت أنني لست منضبطا بدافع الفضيلة إلوانما‬ ‫كرد فعل على تهالوني لوتقصيري؛ لوأنني أبدلو سخيا لكي ألواري خستي‪ ،‬لوأنني أتظاهر بالتعقل لوالحذر‬ ‫ل نقني سيئ الظنلون‪ ،‬لوأنني أميل إلى المصالحة كيل أنقاد لنلوبات غضبي المكبلوحة‪ ،‬لوأنني دقي ق في‬

‫ملواعيدي لمجرد أل يعرف مدى استهانتي بلوقت الخرين‪ .‬لواكتشفت أخي ار أن الحب ليس حالة رلوح‬ ‫إلوانما هلو علمة برلوج فلكية‪.‬‬ ‫صرت شخصا آخر‪ .‬حالولت قراءة الكلسيكيين الذين لوجهلوني في صباي فلم أستطع ذلك‪ .‬أغرقت‬

‫نفسي في الداب الرلومانسية التي نفرت منها عندما أرادت أمي فرضها علي بالقلوة‪ .‬لومنها تلوصلت‬

‫إلى أن أعي أن القلوة الغلبة التي دفعت العالم قدما‪ ،‬ليست في الغراميات السعيدة‪ ،‬إلوانما في الغراميات‬ ‫المعاكسة‪ .‬لوعندما تعرض ذلوقي الملوسيقي ل زقمة اكتشفت كم أنا متأخر لوهرم‪ ،‬لوفتحت قلبي لمتع‬

‫المصادفات‪.‬‬

‫إنني أتساءل كيف أمكن لي أن أرزح تحت لوطأة هذا الدلوار البدي الذي أسببه أنا نفسي لوأخشاه‪.‬‬

‫كنت أطفلو بين غيلوم تائهة‪ ،‬لوأكلم نفسي قبالة المرآة‪ ،‬سعيا إلى اللوهم الباطل بمعرفة من أنا‪ .‬لوبلغ‬

‫هذياني حدا في إحدى المظاهرات الطلبية بالحجارة لوالزجاجات‪ ،‬أن استجمعت قلوة من ضعفي كيل‬

‫أتصدر المظاهرة بلفتة تكرس حقيقتي‪ ) :‬إنني مجنلون بالحب(‪.‬‬

‫لومغشي علي باستذكار ديلغادينا النائمة‪ ،‬دلون هلوادة‪ ،‬بدلت دلون أدنى خبث رلوح مقال تقي في أيام‬ ‫الحاد‪ .‬فصرت أكتبها لها‪ ،‬أيا كانت المسألة التي أطرحها‪ .‬كنت أضحك في مقال تقي ألو أبكي من‬


‫أجلها لوفي كل كلمة منها تستنفد حياتي‪ .‬لوبدل من صيغة التعلي ق المحلي التقليدي التي كانت عليه‬

‫منذ ال زقل‪ ،‬صرت أكتبها كرسائل حب‪ ،‬يمكن لي كان أن يعتبرها له‪ .‬اقترحت على الجريدة أل يطبع‬ ‫النص بحرلوف اللينلوتيب الطباعية‪ ،‬إلوانما بخطي المنم ق‪ .‬لوبدا المر لرئيس التحرير ‪ ،‬كيف ل‪ ،‬مجرد‬ ‫إفراط آخر في غرلور الشيخلوخة‪ ،‬لكن المدير العام أقنعه بجملة ما زالت تمضي طليقة في قاعة‬ ‫التحرير‪ -:‬ل تخطئ‪ :‬فالمجانين اللوديعلون يستبقلون المستقبل‪.‬‬

‫لوكان الرد الشعبي فلوريا لوحماسيا‪ ،‬في الكثير من رسائل القراء العاشقين‪ ،‬لوبعض السطلور في نشرات‬

‫الخبار المستعجلة لخر ساعة‪ .‬لواستنسخت منها نسخا بمحاكاة الخط يدلويان ألو باستخدام لور ق‬

‫الكربلون‪ ،‬لوكانت تباع مثل السجائر المهربة على نلواصي شارع سان بلس‪ .‬كان جلّيا منذ البداية‪،‬‬ ‫أنها تستجيب للهفتي في التعبير عن حالتي‪ ،‬لولكنني تعلودت على أخذ ردلود الفعل تلك بالعتبار لوأنا‬

‫أكتب‪ ،‬لودائما بصلوت رجل في التسعين من عمره‪ ،‬لم يتعلم التفكير كعجلوز هرم‪ .‬أبدى اللوسط الثقافي‪،‬‬ ‫كما هي عادته‪ ،‬الفزع لوال نققسام‪ :‬لوحتى خبراء الخطلوط الذين ل يخطرلون على بال أحد‪ ،‬عقدلوا‬

‫مناظرات حلول التحاليل الخاطئة لخطي‪ .‬لوكانلوا هم من قسملوا التلوجهات الحماسية لوأحملوا النقاش‪،‬‬

‫لوجعللوا من الحنين ملوضة رائجة‪.‬‬

‫قبل انتهاء السنة كنت قد رتبت مع رلوسا كاباركاس من أجل البقاء في الغرفة على المرلوحة‬ ‫الكهربائية لومستحضرات التجميل على خلوان الزينة‪ ،‬لوما سألواصل إحضاره إليها في المستقبل‪ ،‬لجعلها‬

‫صالحة للمعيشة‪ .‬كنت أصل في العاشرة على الدلوام حامل شيئا جديدا لها‪ ،‬ألو مناسبا لذلوقنا نحن‬

‫ال ثقنين‪ ،‬لوأكرس بضع دقائ ق لخراج الشياء المخّبأة‪ ،‬لوترتيب مسرح ليالينا‪ ،‬لوقبل أن أغادر‪ ،‬ليس بعد‬ ‫الخامسة على الطل قق‪ ،‬أعلود لحفظ كل شيء لوتأمينه لوراء قفل‪ .‬فتصير الحجرة عندئذ هزيلة‪ ،‬مثلما‬ ‫كانت في الصل‪ ،‬للغراميات الحزينة للزبائن العابرين ‪.‬‬

‫في صباح أحد اليام سمعت أن ماركلوس بيريث‪ ،‬ألوسع الصلوات شعبية في الذاعة منذ الفجر‪ ،‬قد‬ ‫قرر قراءة مقالتي الحدية في برنامجه الخبارية أيام ال ثقنين‪ .‬لوعندما تمكنت من كبح غثياني قلت‬

‫متفاجئا‪ :‬أنت تعرفين يا ديلغادينا‪ ،‬الشهرة سيدة بدينة ل تنام مع المرء‪ ،‬لولكنه حين يستيقظ يجدها‬

‫تنظر إليه قبالة السرير‪.‬‬

‫في لواحد من تلك اليام بقيت لتنالول الفطلور مع رلوسا كاباركاس‪ ،‬لوكانت قد بدأت تبدلو لي أقل هرما‬ ‫على الرغم من الحداد الصارم لوالقلنسلوة السلوداء التي تصل حتى حاجبيها‪ .‬كانت لوجبة الفطلور التي‬

‫تعدها مشهلورة برلوعتها‪ ،‬مع شحنة من الفلفل الحار أنزلت دملوعي‪ .‬لومع لقمة النار الحارقة اللولى‪،‬‬

‫قلت لها مستحما بالدملوع‪ :‬لن أحتاج هذه الليلة إلى قمر مكتمل كي أصاب بحرقة في شرجي‪ .‬فقالت‬

‫هي‪ :‬ل تتذمر‪ ،‬إذا كان يحرقك فل نقه ل يزال ملوجلودا لديك‪ ،‬بحمد ال‪.‬‬


‫أبدت استغرابها عندما ذكرت أمامها اسم ديلغادينا‪ .‬فقالت‪ :‬هذا ليس اسمها‪ .‬لن اسمها‪ .‬فقاطعتها‪ :‬ل‬

‫تخبريني به‪ ،‬فهي ديلغادينا بالنسبة لي‪ .‬هزت كتفيها‪ :‬حسن‪ ،‬إنها لك في نهاية المطاف‪ ،‬لولكنه يبدلو‬ ‫لي اسما مدّرا للبلول‪ .‬أخبرتها بعبارة النمر التي كتبتها الطفلة على المرآة‪ .‬فقالت رلوسا‪ :‬ل يمكن أن‬ ‫تكلون هي من فعلت ذلك‪ ،‬ل نقها ل تعرف القراءة لوالكتابة‪ .‬من كتبها إذن؟ فهزت كتفيها‪ :‬يمكن أن‬ ‫يكلون شخصا قد مات في الغرفة‪.‬‬

‫كنت أنتهز جلسات الفطلور تلك لفرج عن نفسي‪ ،‬لوافتح قلبي لرلوسا كاباركاس‪ ،‬لوألتمس منها تقديم‬

‫خدمات ضئيلة‪ ،‬من أجل راحة ديلغادينا لوحسن مظهرها‪ .‬لوكانت تمنحني تلك الخدمات دلون أن تفكر‬ ‫فيها‪ ،‬بشيطنة تلميذة‪ .‬لوقد قالت لي في تلك اليام‪ :‬يا له من أمر مضحك! أشعر كما للو أنني أطلب‬

‫يدها‪ .‬لوخطرت لها الفكرة‪ :‬لوبالمناسبة‪ ،‬لماذا ل تتزلوجها؟ أصبت بالتجمد‪ .‬فألحت هي‪ :‬بجد‪ ،‬سيكلون‬

‫ذلك أرخص لك‪ .‬لولمشكلة في سنك هذه‪ ،‬في نهاية المطاف‪ ،‬هي إن كنت تنفع أم ل‪ ،‬لوقد أخبرتني بأن‬ ‫هذه المشكلة محللولة‪ .‬فاعترضتها‪ :‬الجنس هلو العزاء الذي يلجأ إليه المرء عندما ل يحصل على‬

‫الحب‪.‬‬

‫أفلتت هي ضحكتها‪ :‬آي‪ ،‬يا عالمي‪ ،‬لقد كنت أعرف على الدلوام أنك رجل‪ ،‬لوقد كنت كذلك دلوما‪،‬‬

‫لويسعدني أنك ما زلت‪ ،‬بينما يسلم أعداؤك أسلحتهم‪ .‬إنهم محقلون بال كقثار من الحديث عنك‪ .‬هل‬

‫سمعت ماركلوس بيريث؟ فقلت لها‪ ،‬لقطع الملوضلوع‪ :‬الجميع يستمعلون إليه‪ .‬لولكنها ألحت‪ :‬لوكذلك‬

‫البرلوفلوسلور كاماتشلو كانلو‪ ،‬قال بالمس‪ ،‬في برنامج "ساعة لقليل من كل شيء"‪ ،‬إن العالم لم يعد‬

‫مثلما كان‪ ،‬ل نقه لم يب ق فيه رجال كثيرلون من أمثالك‪.‬‬

‫في نهاية ذلك السبلوع‪ ،‬لوجدت دليغادينا مصابة بالحمى لوالسعال‪ .‬أيقظت رلوسا اكاباركاس كي تعطيني‬

‫دلواء بيتيا ما‪ ،‬فحملت إلي‪ ،‬في الغرفة‪ ،‬صيدلية إسعافات ألولية‪ .‬بعد يلومين من ذلك كانت صحة‬

‫ديلغادينا ل تزال لواهنة‪ ،‬لولم تستطع العلودة إلى عملها الرلوتيني في تركيب ال زقرار‪ .‬كان الطبيب قد‬

‫لوصف لها علجا بيتيا من زكام عادي‪ ،‬يخف خل لق أسبلوع‪ ،‬لولكنه ذعر لحالة سلوء تغذيتها العامة‪.‬‬ ‫تلوقفت عن رؤيتها لوأحسست أنني أفتقدها‪ ،‬فانتهزت الفرصة لرتب الغرفة في غيابها‪.‬‬

‫حملت إلى هناك أيضا رسما بالقلم لسيسيليا بلوراس‪ ،‬رسمته من أجل )جميعنا في ال نقتظار(‪ ،‬كتاب‬

‫قصص قصيرة ل لقفارلو سبيدا‪ .‬لوأخذت أيضا الجزاء السبعة من رلواية "جلوان كريستلوفر" لرلومان رلولن‪،‬‬ ‫كي أرعى سهراتي‪ .‬لوعندما استطاعت ديلغادينا العلودة إلى الغرفة‪ ،‬لوجدتها جديرة بسعادة مستقرة‪:‬‬

‫الهلواء المنقى بمضاد حشرات معطر‪ ،‬جدران مطلية بللون لوردي‪ ،‬مصابيح خافتة‪ ،‬أزهار جديدة في‬ ‫المزهريات‪ ،‬كتبي المفضلة‪ ،‬أفضل للوحات أمي معلقة بطريقة أخرى‪ ،‬لوف ق ذلو ق هذه اليام‪ .‬لوكنت قد‬ ‫استبدلت المذياع القديم بآخر ذي ملوجة قصيرة‪ ،‬أبقيته متزامنا مع برنامج ملوسيقى راقية‪ ،‬كي تتعلم‬


‫ديلغادينا النلوم على رباعيات ملوزارت‪ .‬لولكنني لوجدته في إحدى الليالي على محطة متخصصة‬

‫بأغنيات البلوليرلو الرائجة‪ .‬إنه ذلوقها دلون شك‪ ،‬فتقبلته دلون ألم‪ ،‬فأنا أيضا عنيت بالبلوليرلو من قلبي‬

‫في أفضل أيامي‪ .‬لوقبل أن أرجع إلى البيت‪ ،‬في اليلوم التالي‪ ،‬كتبت على المرآة بقلم أحمر الشفاه‪:‬‬

‫)إننا لوحيدان في العالم يا طفلتي(‪.‬‬

‫في هذه الفترة رالودني إحساس غريب بأنها تكبر قبل ملوعدها‪ .‬تحدثت في المر مع رلوسا كاباركاس‪،‬‬

‫لوبدا لها ذلك طبيعيا‪ .‬فقد قالت لي‪ :‬ستكمل الخامسة عشرة من عمرها في الخامس من كانلون اللول‬

‫القادم‪ .‬إنها نملوذج كامل لبرج القلوس‪ ،‬لوأقلقني أنها لواقعية إلى حد أن لها عيد ميلد‪ .‬ماذا يمكنني أن‬

‫أهدي إليها؟ فقالت رلوسا كاباركاس‪ :‬دراجة‪ .‬فعليها أن تجتاز المدينة مرتين كل يلوم‪ ،‬من أجل الذهاب‬ ‫لتثبيت ال زقرار‪ .‬لوأرتني في مستلودع الدكان الخلفي‪ ،‬الدراجة التي تستخدمها‪ ،‬لوقد بدت لي في‬

‫الحقيقة‪ ،‬خردة غير جديرة بامرأة محبلوبة مثلها‪ .‬لولكن لوجلود الدراجة أقنعني‪ ،‬مع ذلك بالدليل‬ ‫الململوس‪ ،‬بأن ديلغادينا ملوجلودة في الحياة اللواقعية‪.‬‬

‫عندما ذهبت لشراء أفضل دراجة لها‪ ،‬لم استطع مقالومة إغلواء تجربتها‪ .‬لوقمت ببعض الجلولت‬

‫العارضة على منصة المتجر المائلة‪ .‬البائع الذي سألني عن سني أجبته بتدلل الشيخلوخة‪ .‬سأكمل‬ ‫اللواحدة لوالتسعين‪ .‬فقال الملوظف ما كنت ألود سماعه بالضبط‪ :‬إنك تبدلو اصغر بعشرين سنة‪ .‬أنا‬

‫نفسي لم أفهم كيف ما زلت أحتفظ بممارسات المدرسة‪ ،‬لوأحسست أنني مترع بمتعة مشعة‪ .‬بدأت‬

‫أغني‪ .‬غنيت ألول بيني لوبين نفسي‪ ،‬بصلوت خافت‪ ،‬لوبعد ذلك بملء صدري‪ ،‬بزهلو كارلوسلو العظيم‪،‬‬

‫لوسط المتاجر المزركشة‪ ،‬لوحركة المرلور المجنلونة في السلو ق العام‪ .‬كان الناس ينظرلون إلي بمرح‪،‬‬ ‫لويصرخلون بي‪ ،‬لويحثلونني على المشاركة في مسابقة "اجتياز كلوللومبيا" على الدراجات‪ .‬فكنت ألوجه‬

‫إليهم بيدي تحية ملح سعيد‪ ،‬دلون أن ألوقف الغنية‪ .‬في هذا السبلوع‪ ،‬تكريما لكانلون اللول كتبت‬

‫مقالة جريئة أخرى‪) :‬كيف تكلون سعيدا على دراجة لوأنت في التسعين(‪.‬‬

‫في ليلة عيد ميلدها غنيت لديلغادينا أغنية أعياد الميلد كاملة‪ ،‬لوقبلتها في كل أنحاء جسمها‪ ،‬إلى‬

‫أن انقطعت أنفاسي‪ :‬ألعملود الفقري فقرة فقرة‪ ،‬حتى الردفين الهزيلين‪ ،‬لوالخاصرة ذات الشامة‪ ،‬في جهة‬ ‫قلبها الذي ل يكل لول يستنفد‪ .‬لوكلما تماديت في تقبيلها ازدادت حرارة جسدها لوأطل ق عبقا لوحشيا لوقد‬

‫ردت علي بارتعاشات جديدة في كل بلوصة من بشرتها‪ ،‬لوفي كل بلوصة كنت أجد دفئا مختلفا‪ ،‬لوطعما‬ ‫خاصا‪ ،‬لوأنة جديدة‪ ،‬لورنت كلها من الداخل في دلوزان ملوسيقي‪ ،‬لوتفتحت حلمتا نهديها كزهرتين دلون‬

‫لمسهما‪ .‬بدأت أغفلو في الفجر عندما سمعت ما يشبه جلبة حشد في البحر‪ ،‬لوهلع أشجار اختر ق‬ ‫قلبي‪ .‬عندئذ ذهبت إلى الحمام‪ ،‬لوكتبت على المرآة‪ ) :‬لقد جاءت نسائم أعياد الميلد يا ديلغادينا‬

‫حياتي(‪.‬‬


‫أحد أكثر ذكرياتي سعادة هلو تشلوش أحسست به في صباح مثل ذاك‪ ،‬لدى خرلوجي من المدرسة‪.‬‬

‫ماذا جرى لي؟ فقالت لي المعلمة ببلهة‪ :‬آي‪ ،‬أيها الصغير‪ ،‬أل ترى أنها النسائم؟ بعد ثمانين سنة‬ ‫من ذلك‪ ،‬عدت أشعر الشعلور نفسه‪ ،‬عندما استيقظت في سرير ديلغادينا‪ ،‬لوكان كانلون اللول نفسه‬

‫الذي يرجع دقيقا في ملوعده‪ ،‬بسمائه الصافية‪ ،‬لوعلواصفه الرملية لوزلوابع ال زققة التي تنزع سقلوف‬ ‫البيلوت‪ ،‬لوترفع تنانير التلميذات‪.‬‬

‫المدينة تكتسب عندئذ رنينا شبحيا‪ .‬في ليالي النسيم‪ ،‬يمكن أن تسمع صرخات السلو ق العام‪ ،‬حتى في‬

‫أكثر الحياء ارتفاعا‪ ،‬كما للو أنها عند المنعطف‪ .‬لولم يكن غريبا عندئذ أن تتيح لنا هبات كانلون‬

‫اللول العثلور على أصدقائنا المبعثرين في ملواخير نائية من خل لق أصلواتهم‪.‬‬

‫لومع ذلك‪ ،‬فقد لوصلني مع النسائم أيضا‪ ،‬الخبر التعس بأن ديلغادينا ل تستطيع قضاء أعياد الميلد‬

‫معي‪ ،‬إلوانما مع أسرتها‪ ،‬إذا كان هناك ما أمقته في العالم‪ ،‬فهي العياد الجبارية التي يبكي فيها‬ ‫الناس من السعادة‪ ،‬لوال لقعاب النارية‪ ،‬لوأهازيج عيد الميلد الغبية‪ ،‬لوأكاليل لور ق الكلورنيش التي ليست‬ ‫لها أي علقة بطفل لولد منذ ألفي عام‪ ،‬في إسطبل فقير‪ .‬لومع ذلك لم أستطع عندما جاءت ليلة‬

‫الميلد‪ ،‬أن أقالوم الحنين‪ ،‬فذهبت إلى الغرفة من دلونها‪، .‬نمت جيدا لواستيقظت إلوالى جانبي دب من‬ ‫فرلو‪ ،‬يمشي على قائمتين كما للو كان ديا قطبيا‪ ،‬لوبطاقة تقلول‪ :‬إلى بابا القبيح‪ .‬كانت رلوسا قد‬ ‫أخبرتني بأن ديلغادينا بدأت تتعلم القراءة من درلوسي المكتلوبة على المرآة‪ ،‬لوقد بدا لي خطها ال نقي ق‬

‫رائعا‪ .‬لولكن رلوسا نفسها خيبت ظني‪ ،‬بخبر أسلوأ حين قالت‪ ،‬إن الدب هدية منها‪ .‬لوهكذا‪ ،‬لم أب ق في‬ ‫ليلة الميلد في بيتي منذ الساعة الثامنة ليل‪ ،‬لونمت دلون مرارة‪ .‬كنت سعيدا‪ ،‬فمع دقات الساعة‬ ‫الثانية عشرة‪ ،‬لولوسط قرع النلواقيس الهائجة‪ ،‬لوصفارات المصانع لوعربات الطفاء‪ ،‬لوأنين السفن‪،‬‬

‫أحسست أن ديلغادينا قد دخلت على رؤلوس أصابعها لواستلقت إلى جانبي‪ ،‬لوقبلتني‪ .‬كانت لواقعية إلى‬

‫حد ظلت معه رائحة عر ق السلوس المنبعثة من فمها‪ ،‬عالقة بفمي‪.‬‬ ‫الفصل الرابع‬

‫في بداية العام الجديد‪ ،‬بدأنا التعرف أحدنا على الخر‪ ،‬كما للو أننا نعيش معا‪ ،‬مستيقظين‪ .‬فقد‬

‫تلوصلت إلى العثلور على نبرة صلوت حذر تسمعه هي دلون أن تستيقظ‪ ،‬لوترد علي بلغة طبيعية من‬ ‫جسدها‪ .‬كانت حالتها المعنلوية تتبدى من خل لق طريقتها في النلوم‪ .‬فمن حالة ال نقهاك لوالنفلور التي‬

‫بدت عليها في البدء‪ ،‬راحت تتحلول إلى حالة سلم داخلي تجمل لوجهها لوتثري أحلمها‪ .‬صرت أرلوي‬ ‫لها قصة حياتي‪ ،‬لوأق أر في مسمعها مسلودات مقال تقي ليلوم الحد‪ ،‬لوكانت هي‪ ،‬لوهي لوحدها‪ ،‬ملوجلودة‬


‫فيها دلون أن أقلول ذلك‪.‬‬

‫في هذه الفترة تركت لها على اللوسادة قرطين من الزمرد كانا لمي‪ .‬فلوجدتها تضعهما في أذنيها في‬

‫الملوعد التالي‪ ،‬لولم يكلونا مناسبين لها‪ .‬فحملت لها بعد ذلك قرطين آخرين‪ ،‬أكثر ملءمة لللون‬

‫بشرتها‪ .‬لوألوضحت لها‪ :‬القرطان اللولن اللذان جئتك بهما ل يتناسبان مع شخصيتك لوقصة شعرك‪.‬‬

‫هذان يناسبانك أكثر‪ .‬فلم تضع أيا منهما في الملوعد التاليين‪ ،‬لولكنها لوضعت في الملوعد الثالث اللذين‬

‫أشرت إليهما‪ .‬لوهكذا بدأت أفهم أنها ل تنصاع للوامري‪ ،‬لولكنها تتحين الفرص لرضائي‪ .‬لوفي تلك‬

‫اليام‪ ،‬أحسست أنني قد اعتدت على ذلك النمط من الحياة المنزلية‪ ،‬فلم أعد أنام عاريا‪ ،‬بل صرت‬ ‫أرتدي بيجامة من الحرير الصيني كنت قد تلوقفت عن استخدامها‪ ،‬ل نقه لم تعد هناك من تنتزعها‬

‫عني‪.‬‬

‫بدأت أق أر لها )المير الصغير( لسانت إكزلوبري‪ ،‬المؤلف الفرنسي الذي يقدره العالم بأسره أكثر من‬

‫الفرنسيين‪ .‬كان الكتاب اللول الذي أمتعها دلون أن يلوقظها‪ ،‬فكان علي أن أذهب يلومين متتاليين كي‬ ‫أنهي قراءاته لها لولواصلنا بقراءة )حكايات بيرلول( لوقصص )التاريخ المقدس( لو)ألف ليلة لوليلة( في‬ ‫طبعة مهذبة للطفال‪ .‬لوبسبب الختلفات بين كتاب لوآخر انتبهت إلى أن لنلومها درجات متفالوتة من‬

‫العم ق‪ ،‬حسب اهتمامها بالقراءات‪ .‬لوعندما كنت أشعر أنها لم تعد قادرة على تقبل المزيد‪ ،‬أطفئ النلور‬

‫لوأنام لوأنا أحتضنها إلى أن تصيح الديكة‪.‬‬

‫كنت أشعر بسعادة غامرة تدفعني إلى تقبيل رملوشه‪ ،‬برقة شديدة‪ ،‬لوحدث في إحدى الليالي‪ ،‬مثل نلور‬

‫من السماء‪ ،‬أن ابتسمت للول مرة‪ .‬لوبعد ذلك لودلون أي سبب‪ ،‬انقلبت في السرير لوألولتني ظهره‪،‬‬

‫لوقالت باستياء‪ :‬إيزابيل هي التي أبكت الحلزلونات‪ .‬لومبتهجا بلوهم إقامة حلوار‪ ،‬سألتها بالنبرة نفسها‪:‬‬

‫لولمن كانت الحلزلونات؟ فلم تجب‪ .‬كان لصلوتها أثر عامي‪ ،‬كما للو أنه ليس صلوتها إلوانما صلوت‬ ‫شخص غريب تحمله في داخلها‪.‬لوعندئذ تلشت كل ظل لق الشك من رلوحي‪ :‬إنني أفضلها نائمة‪.‬‬ ‫كانت مشكلتي اللوحيدة هي الهر‪ .‬فقد كان ضعيف الشهية لونفلورا‪ ،‬لومضى عليه يلومان دلون أن يرفع‬

‫رأسه في ركنه المعهلود‪ ،‬لوقد لوجه إلي ضربة مخلب ضارية عندما أردت لوضعه في سلته الخيزرانية‪،‬‬

‫كي تأخذه داميانا إلى البيطري‪ .‬لم تتمكن من السيطرة عليه إل بصعلوبة‪ ،‬لوحملته لوهلو يرفس في كيس‬ ‫من القنب‪ .‬لوبعد قليل‪ ،‬اتصلت بي من متجر الحيلوانات‪ ،‬لتقلول لي إنه ل لوجلود للوسيلة أخرى سلوى‬

‫التضحية به‪ ،‬لوهم يريدلون ملوافقتي على ذلك‪ .‬لماذا؟ فقالت داميانا‪ :‬ل نقه هرم جدا‪ .‬لوفكرت غاضبا في‬

‫أنهم قد يشلولونني حيا أنا أيضا‪ ،‬في فرن لحرا ق القطط‪ .‬أحسست بأني أعزل بين نارين‪ :‬فأنا لم أتعلم‬ ‫حب القط بعد‪ ،‬لولكن ليس لدي قلب كذلك‪ ،‬للواف ق على قتله‪ ،‬لمجرد أنه هرم لوحسب‪ .‬أين يقلول‬

‫الكراس ذلك؟‬


‫أثر في الحادث بعم ق‪ ،‬حتى أنني كتبت مقالة ليلوم الحد بعنلوان مسرلو ق من نيرلودا‪) :‬هل القط نمر‬

‫صاللونات مصغر؟( لوتسببت المقالة في حملة جديدة‪ ،‬فسمت القراء‪ ،‬مرة أخرى‪ ،‬إلى مؤيدين‬

‫لومعارضين للقطط‪ .‬لوخل لق خمسة أيام تغلبت الطرلوحة القائلة بمشرلوعة التضحية بقط‪ ،‬لسباب لها‬

‫علقة بالصحة العامة‪ ،‬لولكن ليس ل نقه هرم‪.‬‬

‫بعد ملوت أمي كان يؤرقني الرعب من أن هناك من يلمسني لوأنا نائم‪ .‬لوذات ليلة أحسست بها‪ ،‬لكن‬

‫صلوتها أعاد إلي الطمأنينة‪ ،‬لوهي تقلول لي باليطالية‪ .Figlio mio poveretto :‬لوعدت إلى‬

‫الحساس به في فجر أحد اليام‪ ،‬في غرفة ديلغادينا‪ ،‬فتللويت من البهجة‪ ،‬معتقدا أنها قد لمستني‪.‬‬

‫لولكن ل‪ :‬كانت رلوسا كاباركاس في الظلم‪ .‬لوقالت لي‪ :‬ارتد ملبسك‪ ،‬لوتعال معي‪ ،‬لدي مشكلة جديدة‪.‬‬ ‫لوقد كانت كذلك فعل‪ ،‬بل أكثر جديا مما استطعت تخيله‪ .‬فأحد كبار زبائن المحل قتل مطعلونا في‬ ‫الغرفة اللولى من الجناح‪ .‬كان القاتل قد هرب‪ .‬لوالجثة الضخمة العارية‪ ،‬باستثناء الحذاء‪ ،‬كانت‬

‫شاحبة شحلوب فرلوج على البخار‪ ،‬في سرير مضمخ بالدم‪ .‬عرفته على الفلور‪ :‬إنه خ‪ .‬م‪ .‬ب‪ .‬مصرفي‬ ‫كبير‪ ،‬مشهلور بلوجاهته لولطفه لوتأنقه في الملبس‪ ،‬لوقبل ذلك بجمال منزله‪ .‬كان هناك في عنقه‬

‫جرحان بنفسجيان‪ ،‬مثل شفتين‪ ،‬لوفجلوة في البطن لم تتلوقف عن النزيف بعد‪ .‬لوما أثر في أكثر من‬

‫الجراح هلو اللواقي الذكري الذي بدا أنه لم يستعمل بعد‪ ،‬على العضلو المنكمش بفعل الملوت‪.‬‬

‫لم تكن رلوس كاباركاس تعرف مع من كان في الغرفة‪ ،‬ل نقه كان يتمتع كذلك بامتياز الدخلول من‬

‫البلوابة المطلة على البستان‪ .‬لولم تستبعد الشكلوك في أن من كان برفقته هلو رجل آخر‪ .‬الشيء اللوحيد‬ ‫الذي كانت صاحبة المحل تريده مني‪ ،‬هلو مساعدتها في إلباس الجثة ثيابها‪ .‬بدت لواثقة من نفسها‪.‬‬ ‫حتى أنني أحسست بالقل ق من فكرة أن الملوت في نظرها ل يعدلو أن يكلون مسألة مطبخ‪ .‬قلت لها‪:‬‬

‫ليس هناك ما هلو أصعب من إلباس ميت ثيابه‪ .‬فردت هي‪ :‬لقد فعلت ذلك كثيرا‪ .‬لوالمر سهل إذا كان‬

‫هناك سيثبت لي الميت‪ .‬فلفت نظرها‪ :‬هل تتصلورين أن هناك من سيصد ق الحديث عن جسد ممز ق‬ ‫بالطعنات داخل بدلة جنتلمان إنكليزي سليمة؟‬

‫ارتعدت خلوفا على ديلغادينا فقالت لي رلوسا كاباركاس‪ :‬من الفضل أن تأخذها أنت من هنا‪ .‬فقلت لها‬

‫بلعاب متجمد‪ :‬أفضل الملوت قبل ذلك‪ .‬لوانتبهت هي إلى حالتي‪ ،‬لولم تستطع ملواراة ازدرائها‪ :‬إنك‬

‫ترتجف! فقلت‪ :‬خلوفا عليها‪ ،‬لولكن قلولي لم يكن سلوى نصف الحقيقة‪ .‬لوأضفت قائل‪ :‬اطلبي منها أن‬

‫تغادر قبل أن يأتي أحد‪ .‬فقالت‪ :‬حسن‪ ،‬أما أنت فلن يحدث لك شيء باعتبارك صحفيا‪ .‬لوأنت أيضا لن‬

‫يحدث لك شيء‪ ،‬قلت لها بشيء من الحن ق‪ ،‬فأنت الشخصية الليبرالية اللوحيدة التي تأمر لوتنهى في‬ ‫هذه الحكلومة‪.‬‬

‫المدينة المشتهاة‪ ،‬لطبيعتها السلمية‪ ،‬لوأمنها الفطري‪ ،‬كانت تجرجر في كل سنة نكبة عملية قتل‬


‫فاضحة لومرلوعة‪ .‬لكن عملية القتل تلك لم تكن لواحدة منها‪ .‬فالخبر الرسمي الذي ظهر بعنالوين بارزة‬

‫لوتفاصيل لوفيرة يقلول إن المصرفي الشاب تعرض للعتداء لوالقتل طعنا‪ ،‬عرى طري ق برادلومار‪ ،‬لسباب‬

‫غير معرلوفة‪ .‬ل نقه ليس له أعداء‪ .‬لويشير بيان الحكلومة‪ ،‬كقتلة مزعلومين‪ ،‬مزعلومين إلى لجئين من‬ ‫مناط ق البلد الداخلية‪ ،‬كانلوا يقلوملون بملوجة جرائم غريبة عن الرلوح الملواطنية لسكان المدينة‪ .‬لوقد‬

‫جرى خل لق الساعات اللولى اعتقال أكثر من خمسين شخصا‪.‬‬

‫هرعت مستشيطا من الغيط مع المحرر القضائي‪ ،‬لوهلو صحفي نملوذجي من صحفيي سنلوات‬

‫العشرينيات‪ ،‬يضع لواقية شمس من السيللويللويد الخضر‪ ،‬لوربطتين على كميه‪ ،‬يتبجح بأنه يسب ق‬

‫اللوقائع‪ .‬لومع ذلك لم يكن يعرف إل نسالت متفرقة عن الجريمة‪ ،‬فأكملتها له بقدر ما يتيحه لي‬

‫الحذر‪ .‬لوهكذا كتبنا معا خمس صفحات لخبر ينشر على ثمانية أعمدة في الصفحة اللولى‪ ،‬منسلوب‬

‫إلى الشبح البدي الذي نسميه‪ :‬مصادر تستح ق ثقتنا الكاملة‪ .‬لولكن يد رجل الساعة التاسعة البغيض‬

‫–الرقيب‪ -‬لم ترتجف لفرض الرلواية الرسمية القائلة إنه اعتداء قطاع طر ق ليبراليين‪ .‬فغسلت ضميري‬

‫بتقطيبة حزن‪ ،‬في أشد جنازات القرن صفاقة لوألوسعها حضلورا‪.‬‬

‫عندما رجعت إلى البيت في تلك الليلة‪ ،‬اتصلت برلوسا كاباركاس لستفسر عما حدث لديلغادينا لولكنها‬

‫لم ترد على الهاتف طلوال أربعة أيام‪ .‬في اليلوم الخامس‪ ،‬ذهبت إلى البيت لوأنا أضغط على أسناني‪.‬‬

‫كان الباب مختلوما‪ ،‬لولكن ليس من الشرطة إلوانما من قبل مصلحة الصحة‪ .‬لولم يكن هناك في الجلوار‬ ‫من يعرف شيئا‪ .‬لودلون أن يكلون لدي أي مؤشر لمكان لوجلود ديلغادينا انطلقت في بحث ضا ٍر ‪ ،‬ق‬

‫لومضحك أحيانا‪ ،‬خلفني لهثا‪ .‬أمضيت أياما بطلولها أراقب الفتيات راكبات الدراجات‪ ،‬من مقاعد حديقة‬

‫معفرة بالغبار‪ ،‬حيث الطفال يلعبلون بتسل ق تمثال مقشر لسيملون بلوليفار‪ .‬كنت أرى مرلورهن على‬

‫الدراجات كالغزالت؛ جميلت‪ ،‬جاهزات‪ ،‬مستعدات لن يمسك بهن في لعبة الدجاجة العمياء‪ .‬لوعندما‬ ‫نفدت آمالي لجأت إلى سلم ألحان البلوليرلو‪ .‬كنت أشبه بمخملور مسمم‪ :‬كل كلمة كانت )هي(‪ .‬لقد‬ ‫كنت أحتاج إلى الصمت دائما‪ ،‬من أجل الكتابة‪ ،‬لن عقلي يلتفت إلى متابعة الملوسيقى أكثر من‬

‫الكتابة‪ .‬لولكن المر انقلب آنذاك‪ :‬لم أعد أستطيع الكتابة إل في ظل لق ألحان البلوليرلو‪ .‬امتلت حياتي‬ ‫بها‪ .‬المقالت التي كتبتها في ذينك السبلوعين كانت نماذج مشفرة لرسائل الحب‪ .‬فطلب مني رئيس‬

‫التحرير المعارض لذلك السيل من الردلود أن أخفف من الحب ريثما نفكر في طريقة نلواسي بها كل‬ ‫ألولئك القراء العاشقين‪.‬‬

‫انعدام السكينة أجهز على صرامة أيامي‪ .‬كنت أستيقظ في الخامسة‪ ،‬لولكنني أظل في عتمة الغرفة‪،‬‬ ‫متخيل ديلغادينا في حياتها الل لوقاقعية‪ ،‬لوهي تلوقظ إخلوتها‪ ،‬لوتلبسهم ملبسهم المدرسية‪ ،‬لوتقدم لهم‬

‫الفطلور‪ ،‬إن لوجد‪ ،‬لوتجتاز المدينة على الدراجة لتقضي محكلوميتها بخياطة ال زقرار‪ .‬تساءلت مذهلول ما‬


‫الذي تفكر فيه امرأة لوهي تخيط ال زقرار؟ تراها تفكر في؟ هل تبحث هي أيضا عن رلوسا كاباركاس‬

‫لتلتقي بي؟ أمضيت أسبلوعا دلون أن أخلع أفرهلول المميكانيكي‪ ،‬في الليل لوالنهار‪ ،‬لودلون أن أستحم‪،‬‬

‫لودلون أن أحل ق ذقني‪ ،‬لودلون أن أنظف أسناني‪ ،‬لن الحب علمني في لوقت متأخر جدا‪ ،‬أن المرء‬

‫يتهندم من أجل احد‪ ،‬يلبس لويتعطر من أجل أحد‪ ،‬لوأنا لم يكن لدي قط من أفعل ذلك من أجله‪ .‬ظنت‬

‫داميانا أنني مريض عندما لوجدتني عاريا في أرجلوحة النلوم في الساعة العاشرة صباحا‪ .‬رايتها بعينين‬

‫معكرتين بالجشع‪ ،‬لودعلوتها للتقلب معي لونحن عاريان‪ .‬فقالت لي بازدراء‪:‬‬ ‫‪ -‬لوهل فكرت فيما ستفعله‪ ،‬إذا قلت لك نعم؟‬

‫هكذا عرفت إلى أي حد أفسدتني المعانة‪ .‬لم أكن أتعرف على نفسي في ألمي المراه ق‪ .‬لولم أعد أخرج‬

‫من البيت كيل أبتعد عن رصد الهاتف‪ .‬فصرت اكتب دلون أن افصله لولدى ألول رنين أقفز إليه مفك ار‬

‫في أنها قد تكلون رلوسا كاباركاس‪ .‬لوأقطع أياما بطلولها إلى أن أدركت أنه هاتف بل قلب‪.‬‬

‫لولدى علودتي إلى البيت في مساء أحد اليام‪ ،‬لوجدت القط متقلوقعا على نفسه عند أدراج البلوابة‪ .‬كان‬

‫متسخا لومزريا‪ ،‬لوفي حالة من اللوداعة مثيرة للشفقة‪ .‬ألوضح لي الكراس أنه مريض‪ ،‬لواتبعت تعليماته‬ ‫ليستعيد عافيته‪ .‬لوفجأة بينما أنا أتنالوم في إفاءة قيللولة‪ ،‬أيقظتني فكرة أنه يمكن أن يقلودني إلى بيت‬

‫ديلغادينا‪ .‬حملته في كيس مشتريات حتى حانلوت رلوسا كاباركاس‪ ،‬فكان ل يزال مختلوما‪ ،‬لوبل أي‬ ‫إشارة إلى لوجلود حياة فيه‪ ،‬لولكن القط تقلب في الكيس باندفاع شديد‪ .‬تمكن معه من الهرب‪ .‬قفز‬

‫حاجز البستان‪ ،‬لواختفى بين الشجار‪ .‬طرقت البلوابة بقبضتي‪ ،‬فسألني صلوت عسكري‪ ،‬دلون أن يفتح‪:‬‬

‫من هناك؟ أناس مسالملون‪ ،‬قلت ذلك كيل أكلون أقل منه‪ ،‬لوأضفت‪ :‬إنني أبحث عن صاحبة المحل‪.‬‬

‫فقال الصلوت‪ :‬ل تلوجد صاحبة المحل‪ .‬فألححت‪ :‬افتح لي كي آخذ القط على القل‪ .‬قال‪ :‬ل يلوجد قط‪.‬‬

‫سألته‪ :‬لومن تكلون أنت؟ ل أحد‪ ،‬قال الصلوت‪.‬‬

‫لقد أعتقد على الدلوام‪ ،‬أن الملوت حبا ليس إل لوسيلة شعرية‪ .‬لولكنني في ذلك المساء‪ ،‬بينما أنا عائد‬

‫إلى البيت‪ ،‬من دلون القط‪ ،‬لومن دلونها‪ ،‬تأكدت من أن الملوت حبا ليس ممكنا لوحسب‪ ،‬إلوانما أنا نفسي‪،‬‬ ‫العجلوز الذي ليس لديه أحد آخذ بالملوت حبا‪ .‬لولكنني انتبهت أيضا إلى أن الحقيقة المعاكسة تنطب ق‬ ‫علي‪ :‬ل يمكن لي أن أستبدل بغمي كل متع الدنيا‪ .‬كنت قد أضعت ما يقارب الخمس عشرة سنة‪ ،‬في‬

‫محالولة ترجمة أغنيات ليلوباردي‪ ،‬لوفي تلك المسية فقط أحسست بها بعم ق‪) :‬آه لحالي‪ ،‬إذا كان حبا‬ ‫فكم هلو معذب(‪.‬‬

‫دخلولي إلى الجريدة بالفرهلول‪ ،‬لوبذقن غير حليقة‪ ،‬أيقظ بعض الشكلوك حلول حالتي الذهنية‪ .‬المبنى‬ ‫المرمم‪ ،‬مع كبينات فردية من الزجاج‪ ،‬لوأنلوار سمتية‪ ،‬بدا كأنه مستشفى أملومة لوتلوليد‪ .‬فالجلو الصامت‬

‫لوالمريح بتصنع يغري بالتحدث همسا لوالمشي على رؤلوس الصابع‪ .‬في ردهة المدخل‪ ،‬لومثل نلواب‬


‫ملك ملوتى‪ ،‬كانت الصلورة الزيتية للمديرين الثل ثقة مدى الحياة‪ ،‬لوالصلور الفلوتلوغرافية للزائرين‬

‫المشهلورين‪ .‬لوكان يتصدر القاعة الرئيسة الهائلة صلورة ضخمة لهيئة التحرير الحالية‪ ،‬التقطت في‬ ‫مساء عيد ميلدي‪ .‬لم أستطع تفادي المقارنة الذهنية مع الصلورة الخرى‪ ،‬الملتقطة لوأنا في الثل ثقين‪.‬‬

‫لوتأكدت مرة أخرى بذعر أن المرء يشيخ في الصلور أكثر‪ ،‬لوبصلورة أسلوأ‪ ،‬مما هلو في اللواقع‪.‬‬

‫السكرتيرة التي قبلتني في مساء يلوم عيد ميلدي‪ ،‬سألتني إذا ما كنت مريضا‪ .‬لوأسعدني أن أجيبها‬

‫بالحقيقة كيل تصدقني‪ :‬إنني مريض بالحب‪ .‬فقالت هي‪ :‬مؤسف أنه ليس هياما بي! فرددت إليها‬ ‫المجاملة‪ :‬ل تكلوني لواثقة إلى هذا الحد‪.‬‬

‫خرج المحرر القضائي من كبينته صارخا بأن هناك جثتي فتاتين مجهلولتي الهلوية في المشرحة‬

‫البلدية‪ .‬سألته مذعلورا‪ :‬ما هي سنهما؟ فقال هلو‪ :‬إنهما شابتان‪ .‬يمكن أن تكلونا لجئتين من المناط ق‬ ‫الداخلية‪ ،‬طاردهما قتلة النظام إلى هنا‪ .‬زفرت براحة‪ .‬لوقلت‪ :‬اللوضع يداهمنا بصمت مثل بقعة دم‪.‬‬

‫فصرخ المحرر القضائي لوقد صار بعيدا‪:‬‬ ‫‪ -‬ليس مثل بقعة دم يا معلم‪ ،‬بل براز‪.‬‬

‫شيء أسلوأ من ذلك حدث لي بعد أيام‪ ،‬عندما لمحت بصلورة خاطفة فتاة تحمل سلة مثل سلة القط‪،‬‬

‫مرت كأنها قشعريرة قبالة مكتبة ملوندلو‪ .‬لحقت بها أش ق طريقي بمنكبي بين حشد في زحام الساعة‬ ‫الثانية عشرة ظهرا‪ .‬كانت جميلة جدا‪ ،‬خطلواتها لواسعة لوانسيابية في ش ق طري ق لنفسها بين الناس‪،‬‬

‫مما كلفني جهدا في اللحا ق بها‪ .‬لوأخي ار تجالوزتها‪ ،‬لونظرت إليها ملواجهة‪ .‬فأبعدتني جانبا بيدها‪ ،‬دلون‬

‫أن تتلوقف لودلون استئذان‪ .‬لم تكن من ظننتها‪ ،‬لولكن كبرياءها آلمني كما للو كانت هي‪ .‬عندئذ أدركت‬

‫أنني لن أكلون قاد ار على التعرف على ديلغادينا لوهي مستيقظة لومرتدية ملبسها‪ ،‬لول يمكن لها هي أن‬ ‫تعرف من أنا ل نقها لم ترني قط‪ .‬لوفي تصرف جنلوني‪ ،‬قمت خل لق ثل ثقة أيام بحياكة اثني عشر زلوجا‬

‫من الخفاف الصغيرة الزرقاء لواللوردية لطفال حديثي اللولدة‪ ،‬محالول بذلك منح نفسي الشجاعة على‬ ‫عدم سماع ألو غناء ألو تذكر الغنيات التي تذكرني بها‪.‬‬

‫الحقيقة أني لم أكن قاد ار على تحمل رلوحي‪ ،‬لوبدأت أعي الشيخلوخة من هلواني في الحب‪ .‬لوجاءني‬

‫دليل آخر أشد درامية‪ ،‬عندما صدمت حافلة نقل عامة فتاة على دراجة‪ ،‬في لوسط مركز المدينة‬

‫التجاري‪ .‬كانلوا قد حمللوها للتلو في سيارة إسعاف‪ ،‬لوكان يمكن تقدير حجم المأساة من الخردة التي‬ ‫تحلولت إليها الدراجة فلو ق بركة من الدم الطازج‪ .‬لولكن تأثري لم يكن كبير بسبب تهشم الدراجة‪ ،‬إلوانما‬ ‫بسبب ماركتها‪ ،‬لوملوديلها‪ ،‬لوللونها‪ .‬ل يمكن لها إل أن تكلون الدراجة نفسها التي أهديتها أنا نفسي إلى‬

‫ديلغادينا‪.‬‬

‫اتف ق من شهدلوا الحادث على أن صاحبة الدراجة الجريحة‪ ،‬شابة فتية‪ ،‬طلويلة القامة لونحيلة‪ ،‬لها‬


‫شعر قصير لوأجعد‪ ،‬لوبارتباك ركبت ألول سيارة أجرة مرت من هناك لوطلبت أخذي إلى مستشفى‬

‫الحسان‪ ،‬لوهلو بناء قديم‪ ،‬لجدرانه للون أمغر قاتم‪ ،‬يبدلو كأنه سجن جانح على شط رملي‪ .‬احتجت إلى‬ ‫نصف ساعة من أجل الدخلول‪ ،‬لونصف ساعة أخرى للخرلوج من فناء يعب ق برائحة أشجار مثمرة‪ ،‬حيث‬

‫اعترضت امرأة مدعية طريقي‪ ،‬نظرت إلى عيني لوهتفت‪:‬‬ ‫‪ -‬أنا هي من تبحث عنها‪.‬‬

‫عندئذ فقط تذكرت أن ذلك المكان يعيش فيه‪ ،‬طليقين‪ ،‬نزلء مشفى المجانين اللوديعلون‪ .‬كان ل بد لي‬

‫من التعريف بنفسي كصحفي‪ ،‬أمام إدارة المستشفى‪ ،‬كي يقلودني ممرض إلى قسم السعاف‪ .‬لوجدت‬ ‫المعللومات عن الفتاة في سجل الدخلول‪ :‬رلوسالبا ريلوس‪ ،‬ستة عشر عاما‪ ،‬بل مهنة معرلوفة‪.‬‬

‫لوالتشخيص‪ :‬ارتجاج في الدماغ‪ .‬التلوقعات‪ :‬تحفظ‪ .‬سألت رئيس القسم إذا كان بإمكاني رؤيتها‪ ،‬لوأنا‬

‫آمل في أعماقي أن يقال لي ل‪ .‬لكنهم أخذلوني إليها بسعادة‪ ،‬على أمل أن أكتب شيئا عن حالة‬ ‫الهمال المزرية في المستشفى‪.‬‬

‫اجتزنا قاعة تعب ق برائحة حمض فينيك نفاذة‪ ،‬لوالمرضى فيها مكلوملون على السرة‪ .‬لوفي العم ق في‬ ‫حجرة منفردة كانت من نبحث عنها ممددة على عربة نقالة‪ .‬كان رأسها ملفلوفا بالضمادات‪ ،‬لولوجهها‬

‫الذي ل يمكن تفسيره مشلوها لونغطى بكدمات زرقاء داكنة‪ ،‬لولكن رؤية قدميها كانت كافية لعرف أنها‬ ‫ليست هي‪ .‬لوعندئذ فقط‪ ،‬خطر لي أن أسأل نفسي‪ :‬ما الذي كنت سأفعله للو أنها هي؟‬

‫لوبينما أنا ل أزال متلورطا في شبكة عنكبلوت الليلة السابقة لوجدت الشجاعة للذهاب‪ ،‬في اليلوم التالي‪،‬‬

‫إلى مصنع القمصان حيث أخبرتني رلوسا كاباركاس‪ ،‬ذات مرة أن الطفلة تعمل فيه‪ ،‬لوطلبت من‬

‫صاحبة المصنع أن يرينا منشآته‪ ،‬لتكلون نملوذجا لمشرلوع قاري ستقيمه المم المتحدة‪ .‬كان لبنانيا‬ ‫سميك الجلد‪ ،‬لوقليل الكلم‪ ،‬فتح لنا أبلواب مملكته‪ ،‬على أمل أن تصبح نملوذجا عالميا‪.‬‬

‫ثل ثقمائة فتاة يرتدين بللوزات بيضاء‪ ،‬لورماد الربعاء على جباههن‪ ،‬يخطن أز ار ار في القاعة الفسيحة‬

‫المنيرة‪ ،‬عندما رأيننا ندخل انتصبن لواقفات كتلميذات‪ ،‬لونظرن إلينا بطرف عيلونهن‪ ،‬لوالمدير يشرح لنا‬

‫لويلوضح مساهماته في فن تثبيت ال زقرار العري ق‪ .‬كنت أتفحص لوجه كل لواحدة منهن‪ ،‬خائفا أن‬

‫أكتشف لوجلود ديلغادينا مرتدية ثيابها لومستيقظة‪ .‬غير أن لواحدة منهن هي التي اكتشفتني‪ ،‬بنظرتها‬

‫الخائفة من الدارة التي ل ترحم‪:‬‬

‫‪ -‬قل لي يا سيدي‪ ،‬ألست أنت من يكتب رسائل الحب في الجريدة؟‬

‫لم أتخيل قط أنه يمكن لطفلة نائمة أن تحدث مثل هذا الخراب‪ .‬هربت من المصنع دلون أن ألودع‪،‬‬ ‫لوحتى دلون أن أفكر في أن من أبحث عنها هي لواحدة من عذ ارلوات المطهر ألولئك‪ ،‬عندما خرجت من‬ ‫هناك‪ ،‬كان الشعلور اللوحيد الذي تبقى لي في الحياة‪ ،‬هلو الرغبة في البكاء‪.‬‬


‫اتصلت بي رلوسا كاباكاس بعد شهر‪ ،‬بتفسير ل يصد ق‪:‬‬

‫لقد ذهبت في استراحة مستحقة‪ ،‬إلى كارتاخينا دي إندياس‪ ،‬بعد مقتل المصرفي‪ .‬لم أصدقها بالطبع‪،‬‬ ‫لولكنني هنأتها على حسن حظها لوتركتها تتمادى في كذبتها قبل أن ألوجه السؤال الذي يفلور في قلبي‪:‬‬

‫‪ -‬لوهي؟‬

‫استغرقت رلوسا كارباكاس في صمت طلويل‪ ،‬ثم قالت أخيرا‪ :‬إنها ملوجلودة‪ ،‬لولكن صلوتها صار متهربا‬

‫لوهي تقلول‪ :‬ل بد من ال نقتظار لبعض اللوقت‪ .‬كم؟ ليست لدي أي فكرة‪ ،‬سلوف أخبرك لحقا‪ .‬أحسست‬ ‫أنها ستفلت مني‪ ،‬فألوقفتها بجفاء‪ :‬انتظري أعطيني نلو ار ما؟ فقالت‪ :‬ل لوجلود لي نلور‪ ،‬لوانتهت إلى‬

‫القلول‪ :‬كن حذرا‪ ،‬يمكن لك أن تلح ق الضرر بنفسك‪ ،‬لوأن تسبب لها ضر ار أكبر‪ .‬لم أكن مستعدا لمثل‬ ‫هذا النلوع من التمنع‪ .‬تلوسلت إليها لوللو مجرد فرصة لتقريبي من الحقيقة‪ ،‬لوقلت لها إننا في نهاية‬

‫المطاف شركاء في التلواطؤ‪ .‬لولكنها لم تقم بأي خطلوة إضافية‪ .‬بل قالت‪ :‬اهدأ‪ ،‬الطفلة بخير‪ ،‬لوتنتظر‬ ‫أن أستدعيها‪ ،‬لولكن ليس هناك ما يمكن عمله الن‪ ،‬لولن أقلول المزيد‪ .‬لوداعا‪.‬‬

‫ظللت ممسكا الهاتف بيدين دلون أن أدري من أين سألواصل‪ ،‬فقد كنت أعرفها جيدا‪ ،‬لوبما يكفي لن‬

‫أفكر في أنني لن أستطيع الحصلول على أي شيء منها إل بالحسنى‪ .‬بعد الظهر قمت بجلولة‬

‫اضطرارية باتجاه بيتها‪ ،‬لواضعا ثقتي في المصادفة أكثر من العقل‪ ،‬لولوجدت الباب ل يزال مقفل لوعليه‬

‫ختم مصلحة الصحة‪ .‬فكرت في أن رلوسا كاباركاس قد اتصلت بي من مكان آخر‪ ،‬لوربما من مدينة‬

‫أخرى‪ .‬لومجرد الفكرة مل تقني بنذر عكرة‪ .‬لومع ذلك‪ ،‬في الساعة السادسة مساء‪ ،‬لوحين لم أكن أنتظر‬ ‫ذلك‪ ،‬لوجهت إلي عبر الهاتف‪ ،‬كلمة السر نفسها التي كنت قد قلتها لها من قبل‪:‬‬

‫‪ -‬حسن‪ ،‬الن أجل‪.‬‬

‫في الساعة العاشرة‪ ،‬لوكنت أرتجف لوأعض شفتي كيل أبكي‪ ،‬ذهبت محمل بعلب شلوكل تقة سلويسرية‪،‬‬ ‫لوحللوى للوز لوسكاكر‪ ،‬لوسلة أزهار متلوقدة لغطي بها السرير‪ .‬كان الباب ملواربا‪ ،‬لوال نقلوار مضاءة‪،‬‬

‫لوكانت تنساب من المذياع بصلوت متلوسط الرتفاع‪ ،‬سلوناتا الكمان لوالبيانلو اللولى لبراهمز‪ .‬لوكانت‬

‫ديلغادينا في السرير مشعة لومختلفة إلى حد تكلفت جهدا في التعرف إليها‪.‬‬

‫كانت قد كبرت‪ ،‬لولكن ذلك لم يبد في طلول قامتها‪ ،‬إلوانما في نضلوجها المندفع الذي جعلها تبدلو أكبر‬ ‫بسنتين ألو ثلث سنلوات‪ ،‬لوكانت أكثر عريا من أي لوقت آخر‪ .‬لوجنتاها المرتفعتان‪ ،‬لوالبشرة المحمصة‬ ‫بشملوس بحر مائج‪ ،‬لوالشفتان الدقيقتان لوالشعر القصير لوالمجعد‪ ،‬كلها كانت تضفي على لوجهها بري ق‬

‫)أبلو للو( براكستليس خنثى‪ .‬لولكن لم يكن ثمة مجال للخطأ‪ ،‬لن نهديها قد كبرا‪ ،‬حتى أن كفي لم تعد‬

‫تتسع لهما‪ ،‬لواكتمل تشكل ردفيها لوتناسقهما للتلو‪ .‬فتنتني دقة الطبيعة الصائبة تلك‪ ،‬لولكن حيل الزينة‬

‫بلبلتني‪ :‬الهداب الصطناعية‪ ،‬أظفار اليدين لوالقدمين المطلية بللون صدفين لوالعطر الرخيص الذي‬


‫ليست له أي علقة بالحب‪ .‬لومع ذلك فإن ما أثار حفيظتي هي الثرلوة التي تتزين بها‪ :‬قرط ذهبي‬

‫مرصع بالزمرد‪ ،‬لوعقد من اللؤلؤ الطبيعي‪ ،‬لوسلوار ذهبي يتخلله بري ق ألماس‪ ،‬لوخلواتم بأحجار ثمينة في‬

‫كل أصابعها‪ .‬على الكرسي كان فستانها كبنت ليل ملوشى بالخرز لوالتطريز‪ ،‬لوكان هناك أيضا حذاؤها‬

‫المخملي‪ ،‬صعد رعب غريب من أعماقي لوصرخت‪:‬‬ ‫‪ -‬عاهرة‪.‬‬

‫فقد همس الشيطان في اذني بفكرة مشؤلومة‪ .‬لوكانت كما يلي‪ :‬ل بد أن رلوسا كاباركاس لم تجد‪ ،‬في‬ ‫ليلة الجريمة اللوقت لول صفاء الذهن الل زقمين لتنبه الطفلة‪ ،‬فلوجدتها الشرطة في الغرفة لوحدها‪ ،‬قاصر‬

‫لوفي مسرح الجريمة‪ .‬ليس هناك من هي مثل رلوسا كاباركاس في استغل لق مثل ذلك اللوضع‪ :‬باعت‬

‫بكارة الطفلة إلى أحد زبائنها المتنفذين الكبار‪ ،‬مقابل أن يخرجلوها نظيفة من الجريمة‪ .‬لوكان ألول ما‬

‫فعلته طبعا هلو الختفاء ريثما تهدأ الفضيحة‪ .‬يا للرلوعة! شهر عسل لثل ثقة‪ .‬هما ال ثقنان في الفراش‪،‬‬ ‫لورلوسا كاباركاس على شرفة فاخرة‪ ،‬تستمتع بنجاتها السعيدة من العقاب‪ .‬أعماني غضب أهلوج‪،‬‬

‫لورحت أهشم على الجدران كل شيء في الغرفة‪ :‬المصابيح‪ ،‬المذياع‪ ،‬المرلوحة‪ ،‬المرايا‪ ،‬المزهريات‪،‬‬

‫الكؤلوس‪ .‬فعلت ذلك دلون تسرع‪ ،‬لولكن دلون تلوقف أيضا‪ ،‬لوبضجة كبيرة‪ ،‬لوبنشلوة منهجية أنقذت‬

‫حياتي‪ .‬طفرت الطفلة في مكانها لدى الفرقعة اللولى‪ ،‬لولكنها لم تنظر إلي‪ ،‬إلوانما تكلورت مديرة ظهرها‬ ‫لي‪ ،‬لوظلت على تلك الحال‪ ،‬مع تشنجات عضلية ل إرادية‪ ،‬إلى أن انتهت الضجة لوزادت دجاجات‬ ‫الفناء لوكلب الفجر من الجلبة‪ .‬لوبلوضلوح الغضب المبهر جاءني ال لقهام الخير بإضرام النار في‬

‫البيت‪ ،‬في اللوقت الذي ظهرت فيه رلوسا كارباكاس هادئة عند الباب بقميص النلوم‪ .‬لم تقل شيئا‪.‬‬

‫جردت بنظرها أضرار الكارثة‪ ،‬لوتأكدت من أن الطفلة التي تتقلوقع على نفسها مثل حلزلون لورأسها‬ ‫مخبأ بين ذراعيها‪ ،‬مرلوعة لولكنها سليمة‪.‬‬

‫ رباه‪ ،‬هتفت رلوسا كاباركاس‪ ،‬ما الذي لم أكن مستعدة لتقديمه مقابل حب كهذا؟‬‫تأملت كامل قامتي بنظرة مشفقة‪ ،‬لوقالت لي آمرة‪ :‬هيا بنا‪ .‬تبعتها إلى بيتها‪ .‬قدمت لي كأس ماء‬

‫بصمت‪ ،‬لوألومأت لي أن أجلس قبالتها‪ ،‬لوطالبتني بالعتراف‪ .‬قالت لي‪ :‬حسن‪ ،‬تصرف الن كراشد‪،‬‬ ‫لوأخبرني‪ :‬ما الذي أصابك؟‬

‫أخبرتها بما أرى أنه حقيقة بينة‪ .‬استمعت إلي رلوسا كاباركاس بصمت‪ ،‬دلون استغراب‪ ،‬لوأخي ار بدت‬

‫مشرقة‪ .‬قالت لي‪ :‬يا للرلوعة‪ ،‬لقد كنت أقلول على الدلوام‪ ،‬إن الغيرة تعرف أكثر مما تعرفه الحقيقة‪.‬‬

‫لوأخبرتني عندئذ بالحقيقة دلون تحفظ‪ .‬قالت إنها في ذهلول ليلة الجريمة نسيت الطفلة بالفعل نائمة‬

‫في إحدى الغرف‪ .‬لوقد قام أحد زبائنها لوهلو محامي القتيل في اللوقت نفسه‪ ،‬بتلوزيع الهبات لوالرشى‬

‫بسخاء‪ ،‬لودعا رلوسا إلى فند ق استجمام في كارتاخينا دي إندياس‪ ،‬ريثما تتلشى ضجة الجريمة‪.‬‬


‫لوقالت رلوسا‪ :‬لم أتلوقف طلوال هذا اللوقت لحظة لواحدة عن التفكير بك لوبالطفلة‪ .‬لوقد رجعت ألول أمس‪،‬‬

‫لوكان ألول ما فعلته هلو ال تقصال بك هاتفيا‪ .‬لولكن أحدا لم يرد‪ ،‬أما الطفلة فجاءت فلو ار لوكانت في حالة‬

‫مزرية جدا حتى إنني حممتها لك لوألبستها لوأرسلتها إلى صاللون التجميل‪ ،‬طالبة أن يجمللوها كملكة‪،‬‬ ‫لوقد رأيت كيف هي‪ :‬على أكمل حال‪ .‬الملبس الفاخرة؟ إنها من الفساتين التي أؤجرها إلى فتياتي‬

‫الفقيرات‪ ،‬عندما يكلون عليهن الذهاب إلى حفلت راقصة مع الزبائن‪ .‬المجلوهرات؟ إنها مجلوهراتي‪،‬‬

‫لويكفي أن تلمسها لتتبين أنها الماس من الزجاج‪ ،‬لوحلي من الصفيح‪ .‬لوانتهت إلى القلول‪ :‬لوهكذا كفاك‬

‫إزعاجا‪ ،‬هيا اذهب ليقاظها لوالعتذار منها‪ ،‬لوتلول مسؤلوليتها نهائيا‪ .‬ليس هناك من هلو أح ق منكما‬

‫بالسعادة‪.‬‬

‫بذلت جهدا خارقا لصدقها‪ ،‬لولكن الحب كان أقلوى من العقل‪ .‬عاهرات! قلت لها معذبا بالنار المتأججة‬

‫التي تحرقني من الداخل‪ .‬لوصرخت‪ :‬هذه هي حقيقتكن‪ :‬عاهرات براز! ل أريد أن أعرف أي شيء عنك‬ ‫ألو عن أي عاهرة أخرى في العالم‪ ،‬لوخاصة هي‪ .‬ألومأت إليها من الباب بإشارة لوداع إلى البد‪ ،‬لولم‬

‫يخامر رلوسا كاباركاس الشك في جديتي‪.‬‬

‫‪ -‬ليكن الرب معك –قالت لي بتكشيرة حزن‪ ،‬ثم عادت إلى حياتها اللواقعية لتقلول‪ -:‬على كل حال‪،‬‬

‫سأرسل إليك فاتلورة بالضرار التي أحدثتها في الغرفة‪.‬‬

‫الفصل الخامس‪:‬‬ ‫بينما أنا أق أر )إيدلوس مارس( لوجدت جملة مشؤلومة ينسبها المؤلف إلى يلوليلوس قيصر‪ ) :‬من‬

‫المستحيل أل ينتهي المرء إلى أن يكلون مثلما يظنه الخرلون(‪ .‬لم أستطع التأكد من الصل الحقيقي‬ ‫للجملة في كتابات يلوليلوس قيصر‪ ،‬لول في أعمال كتاب سيرته‪ ،‬ابتداء من سيتلونيلو حتى كاركلوبينلو‪،‬‬

‫لولكن معرفتها تستح ق العناء‪ ،‬فانطبا ق قدريتها على مسار حياتي في الشهلور الخيرة التالية هلو ما‬ ‫منحني التصميم الذي أحتاج إليه‪ ،‬ليس من أجل كتابة هذه الذاكرة فقط‪ ،‬إلوانما لبدأها حياء بحبي‬ ‫لديلغادينا‪.‬‬ ‫لم أكن أجد لحظة من الراحة‪ ،‬لوكنت ل أكاد آكل شيئا‪ ،‬لوفقدت كثي ار من لوزني حتى أن بناطيلي لم تعد‬

‫تثبت على خصري‪ .‬اللم المتنقلة استقرت في عظامي‪ ،‬لوكان مزاجي يتبدل دلون سبب‪ .‬أقضي الليالي‬ ‫في حالة انبهار‪ ،‬ل تسمح لي بالقراءة‪ ،‬لول سماع الملوسيقى‪ ،‬لواقضي النهار بالمقابل‪ ،‬لورأسي يتثاقل‬

‫في إغفاءات بلهاء‪ ،‬ل تنفع للنلوم‪.‬‬

‫نزلت علي الراحة من السماء‪ ،‬ففي جندلول للوما فريسكا المزدحم همست في أذني جارة في المقعد‪ ،‬لم‬


‫أنتبه إليها حين صعدت‪ :‬هل ما زلت تضاجع؟ كانت كاسيلدا أرمينتا‪ .‬إنها حب قديم من غراميات ثل ثقة‬

‫بخمسة‪ ،‬تحملتني كزبلون ملواظب منذ كانت صبية متكبرة‪ .‬لوبعد تقاعدها‪ ،‬لوهي نصف مريضة لوليس‬

‫لديها فلس لواحد‪ ،‬تزلوجت من بستاني صيني منحها اسما لودعما‪ ،‬لوربما القليل من الحب‪ .‬كان ل يزال‬

‫لها الللون نفسه‪ ،‬لوهي في الثالثة لوالسبعين من عمرها‪ ،‬لول تزال جميلة لوقلوية الشخصية لوتحتفظ‬ ‫بتدف ق المهنة لوطلقة اللسان‪.‬‬

‫أخذتني إلى بيتها في بستان صنيين على رابية في الطري ق على البحر‪ .‬جلسنا على كراسي الشاطئ‪،‬‬

‫على شرفة ظليلة‪ ،‬ما بين سراخس لوشجيرات أسترلومليا لوارفة‪ ،‬لوأقفاص طيلور معلقة بأفاريز السقف‪.‬‬ ‫لوعلى سفح الرابية‪ ،‬كان البستانيلون الصينيلون يظهرلون بقبعاتهم المخرلوطية‪ ،‬لوهم يزرعلون‬

‫الخضرلوات تحت الشمس المحرقة‪ ،‬لويظهر لنا كذلك البحر الرمادي عند بلوكاس دي ثينيثا‪ ،‬مع سدين‬

‫من الصخلور يحددان ضفتي النهر‪ ،‬لعدة فراسخ داخل البحر‪.‬‬

‫لوبينما نحن نتبادل الحديث رأينا عابرة محيطات بيضاء تدخل مصب النهر‪ ،‬لوتتبعناها صامتين على أن‬

‫سمعنا خلوار الثلور الكئيب الذي أطلقته في المرفأ النهري‪ .‬فتنهدت هي‪ :‬أتتذكر؟ منذ أكثر من نصف‬

‫قرن‪ ،‬هذه هي المرة اللولى التي ل أستقبلك فيها في الفراش‪ .‬فقلت‪ :‬لقد صرنا آخرين‪ .‬لولواصلت هي‬

‫دلون أن تسمعني‪ :‬كلما قاللوا شيئا عنك في المذياع‪ ،‬يمتدحلونك للمحبة التي يكنها الناس لك‪،‬‬

‫لويسملونك معلم الحب‪ ،‬تصلور‪ ،‬أفكر في انه ليس هناك من عرف ظرافاتك لونزلواتك مثلما عرفتها أنا‪.‬‬

‫لوقالت‪ :‬بجد‪ ،‬ما كان يمكن لحد أن يتحملك خي ار مني‪.‬‬

‫لم أستطع المقالومة أكثر‪ .‬لوانتبهت هي إلى ذلك‪ ،‬رأت عيني المضمختين بالدملوع‪ ،‬لول بد أنها اكتشفت‬

‫عندئذ فقط أنني لست الشخص الذي كنته‪ .‬حدقت فيها بجرأة لم أتصلور قط أنني قادر عليها‪ ،‬لوقلت‬

‫لها‪ :‬المسألة هي أنني آخذ بالهرم‪ .‬فتنهدت هي‪ :‬بل إننا هرمنا‪ .‬لوالمسألة هي أن أحدنا ل يشعر بذلك‬

‫في داخله‪ ،‬فيما الجميع يرلونه من الخارج‪.‬‬

‫كان مستحيل أل افتح لها قلبي‪ ،‬لوهكذا أخبرتها بقصة ما يحرقني من الداخل كاملة‪ ،‬منذ مكالمتي‬

‫اللولى مع رلوسا كاباركاس‪ ،‬عشية بللوغي التسعين‪ ،‬لوحتى الليلة التراجيدية التي حطمت فيها الغرفة‪،‬‬ ‫لولم أرجع بعدها‪ .‬استمعت إلي لوأنا أفرج عن نفسي‪ ،‬كما للو أنها تعيش ما أرلويه‪ ،‬ثم قلبته لوفكرت فيه‬

‫بتمهل شديد‪ ،‬لوأخي ار ابتسمت‪ ،‬لوقالت لي‪:‬‬

‫‪ -‬افعل ما تشاء‪ ،‬لولكن ل تضيع هذه المخللوقة‪ .‬فليس هناك نكبة أسلوأ من ملوت المرء لوحيدا‪.‬‬

‫ذهبنا إلى بلويرتلو كلوللومبيا‪ ،‬في القطار الصغير الشبيه بلعبة أطفال‪ ،‬لوالبطيء مثل حصان‪ .‬تنالولنا‬

‫الغداء قبالة المرسى الخشبي المنخلور الذي دخل منه الجميع إلى البلد‪ ،‬قبل أن يتم تجريف مصب‬

‫بلوكاس دي ثينيثا‪ .‬جلسنا تحت مظلة من سعف النخيل‪ ،‬حيث تقدم النساء الزنجيات السمينات‪ ،‬سمكا‬


‫مقليا مع رز جلوز الهند‪ ،‬لوشرحات الملوز الخضر‪ .‬غفلونا في قيظ الساعة الثانية الشديد‪ ،‬لولواصلنا‬

‫الحديث إلى أن غطست الشمس الملتهبة الضخمة في البحر‪ .‬بدا لي اللواقع لوهميا‪ .‬انظر إلى أين‬

‫تحق ق شهر عسلنا‪ ،‬قالت هي ساخرة‪ ،‬لولكنها تابعت بجد‪ :‬إنني أنظر اليلوم إلى اللوراء‪ ،‬لوأرى صفلوف‬

‫آلف الرجال الذين مرلوا على فراشي‪ ،‬لوأقدم رلوحي ل نقني بقيت لوللو مع السلوأ منهم‪ ،‬الحمد ل أنني‬

‫عثرت على صيني في اللوقت المناسب‪ .‬إنني كمن هي متزلوجة من عقلة الصبع‪ ،‬لولكنه لي لوحدي‪.‬‬

‫نظرت إلى عيني لتقدر رد فعلي على ما حدثتني به للتلو‪ ،‬لوقالت لي‪ :‬اذهب الن فلورا‪ ،‬للبحث عن هذه‬

‫المخللوقة البائسة‪ ،‬حتى إلوان كان صحيحا ما تقلوله لك الغيرة‪ ،‬لولتكن ما تكلون‪ ،‬فما حدث ل يمكن لحد‬ ‫أن يبدله‪ .‬لولكن دلون رلومانسيات جد عجلوز‪ ،‬أيقظها‪ ،‬ضاجعها حتى من أذنيها بعضلو الحمار هذا‬ ‫الذي كافأك به الشيطان‪ ،‬بسبب نذالتك لوخستك‪ .‬لوانتهت إلى القلول من أعما ق رلوحها‪ :‬بجد‪ ،‬إياك أن‬

‫تملوت قبل أن تجرب رلوعة المضاجعة عن حب‪.‬‬

‫كانت يدي ترتجف‪ ،‬في اليلوم التالي‪ ،‬عندما أدرت رقم الهاتف‪ ،‬سلواء بسلواء تلوتري من العلودة للقاء مع‬ ‫ديلغادينا‪ ،‬ألو من تشككي من الطريقة التي سترد بها علي رلوسا كاباركاس‪ ،‬كنا قد اختلفنا في نزاع‬

‫جدي‪ ،‬بسبب تعسفها في تقلويم الضرار التي أحدثت في غرفتها‪ .‬لوكان علي أن أبيع للوحة محببة من‬ ‫للوحات أمي‪ ،‬تقدر قيمتها بثرلوة كبيرة‪ ،‬لولكنني في ساعة الحقيقة لم أحصل لوللو على عشر ألوهامي‪.‬‬

‫فزدت المبلغ بما تبقى من مدخراتي‪ ،‬لوحملته إليها بعبارة ل تقبل الستئناف‪ :‬إما أن تأخذي المبلغ ألو‬

‫تتخلي عنه‪ .‬كان تصرفا انتحاريا‪ ،‬ل نقه يمكن لها ببيع سر لواحد من أسراري أن تقلوض اسمي‬

‫لوسمعتي‪ .‬لولكنها لم تتأثر بل احتفظت بالللوحات التي كانت قد أخذتها كرهن‪ ،‬في ليلة النزاع كنت‬

‫الخاسر المطل ق في لعبة لواحدة‪ :‬فقد لوجدت نفسي من دلون ديلغادينا لومن دلون رلوسا‪ ،‬لومن دلون آخر‬ ‫مدخراتي‪ ،‬لومع ذلك سمعت رنين الهاتف مرة مرتين ثل ثقا‪ ،‬لوأخي ار جاء صلوتها‪ :‬نعم؟ لم يخرج صلوتي‪.‬‬

‫لوأعدت سماعة الهاتف‪ .‬استلقيت في أرجلوحة النلوم محالولة استعادة هدلوئي بشعر زهدي غنائي‬

‫لساتيه‪ ،‬لوتعرقت إلى حد تبلل معه قماش الرجلوحة‪ .‬لولم أجد الشجاعة لل تقصال حتى اليلوم التالي‪.‬‬

‫‪ -‬حسن يا امرأة – قلت بصلوت حاسم‪ -‬اليلوم أجل‪.‬‬

‫لوكانت رلوسا كاباركاس‪ ،‬لوكيف ل‪ ،‬قد تجالوزت كل شيء‪ ،‬تنهدت بحماسها الذي ل يهزم‪ :‬آي يا‬

‫عالمي الحزين‪ ،‬تختفي شهرين لوتأتي لتطلب ألوهاما لوحسب‪ .‬أخبرتني أنها لم تر ديلغادينا منذ أكثر‬ ‫من شهر‪ ،‬لوبدا لها أنها قد استعادت تلوازنها من الرعب الذي سببه لها تحطيمي للغرفة‪ ،‬حتى إنها لم‬

‫تتحدث عن تلك الضرار‪ ،‬لولم تسأل عني‪ .‬لوكانت سعيدة جدا بعمل جديد أكثر راحة لوأفضل أج ار من‬ ‫خياطة ال زقرار‪ .‬أحرقت ملوجة نار متقدة أعماقي‪ .‬لوقلت‪ :‬ل يمكن لهذا العمل إل أن يكلون الدعارة‪.‬‬

‫فردت علي رلوسا كاباركاس دلون أن يرف لها جفن‪ :‬ل تكن فظا‪ ،‬للو أنها عملت عاهرة لكانت هنا‪.‬‬


‫فأين يمكن لها أن تكلون أفضل؟ سرعة جلوابها المنطقي زادت من شكلوكي‪ :‬لوكيف أعرف أنها ليست‬

‫عندك؟ فأجابت هي‪ :‬في هذه الحالة‪ ،‬من الفضل لك أل تعرف شيئا‪ ،‬أليس كذلك؟ كرهتها مرة أخرى‪.‬‬ ‫لوتعهدت هي‪ ،‬متجالوزة الضغائن‪ ،‬بتتبع أثر الطفلة‪ .‬لولكن دلون أمل كبير‪ ،‬لن هاتف الجارة‪ ،‬حيث‬

‫كانت تتصل بها‪ ،‬ل يزال مقطلوعا لوليس لديها أدنى فكرة عن مكان إقامتها‪ .‬لوقالت‪ :‬لولكن هذا ل يعني‬

‫أن تستسلم للملوت‪ ،‬يا للعنة‪ ،‬سأتصل بك خل لق ساعة‪.‬‬

‫كانت ساعة من ثل ثقة أيام‪ ،‬لولكنها عثرت على الطفلة مستعدة لوسليمة‪ .‬رجعت خجل‪ ،‬لوقبلتها شب ار‬

‫شبرا‪ ،‬كتكفير‪ ،‬منذ الثانية عشرة ليل حتى صياح الديكة‪ .‬اعتذار طلويل عاهدت نفسي على ملواصلة‬ ‫تكراره إلى البد‪ ،‬لوكان ذلك كالعلودة في كل مرة للبدء من الصفر‪ .‬كانت الغرفة خربة‪ ،‬لوكان سلوء‬

‫التصرف قد أجهز على كل ما لوضعته فيها‪ .‬لقد تركت رلوسا الغرفة على هذه الحال‪ ،‬لوقالت لي إن أي‬

‫تحسين يجب أن أقلوم به بنفسي‪ ،‬مقابل ما أنا مدين لها به‪ .‬لومع ذلك فإن لوضعي المادي كان يلمس‬

‫القاع‪ .‬فنقلود التقاعد ل تكفي إل لشياء أقل في كل مرة‪.‬لو الشياء القليلة القابلة للبيع مما تبقى في‬

‫البيت –باستثناء مجلوهرات أمي المقدسة‪ -‬تخللو من أي قيمة تجارية‪ ،‬لوليس هناك ما هلو قديم جدا‬

‫ليباع على أنه أثري‪ .‬ففي أزمنة أفضل من هذه قدم لي المحافظ عرضا مغريا‪ ،‬لشراء كامل ما لدي من‬ ‫مؤلفات الكتاب الكلسيكيين الغريقيين لوالل تقينيين لوالسبان‪ ،‬من أجل مكتبة المقاطعة‪ ،‬لولكن قلبي لم‬ ‫يطالوعني على بيعها‪ .‬لوفيما بعد مع التبدلت السياسية لوتردي العالم‪ ،‬لم يعد هناك في الحكلومة من‬

‫يفكر في الفنلون ألو الداب‪ .‬لومتعبا من البحث عن حل مشرف‪ ،‬لوضعت في جيبي المجلوهرات التي‬ ‫كانت ديلغادينا قد أعادتها إلي لوذهبت لرهنها في شارع شؤم يؤدي إلى السلو ق العام‪ .‬ذرعت عدة‬

‫مرات‪ ،‬بهيئة عالم ساه‪ ،‬زقا ق اللوكار ذاك المزحلوم بحانات سيئة السمعة‪ ،‬لومحلت بيع كتب قديمة‪،‬‬ ‫بيلوت رهلونات‪ ،‬لكن كرامة فللورينا دي ديلوس‪ ،‬سدت الطري ق أمامي‪ :‬لم أمتلك الجرأة‪ ،‬عندئذ قررت أن‬

‫أبيعها برأس مرفلوع‪ ،‬في أقدم محل مجلوهرات لوأرسخها مكانة‪.‬‬

‫لوجه إلي الملوظف بعض السئلة لوهلو يفحص المجلوهرات بنظارة الملونلوكل‪ .‬كان له سللوك لوأسللوب‬

‫لورهبة الطبيب‪ .‬ألوضحت له أنها مجلوهرات ملورلوثة عن أمي‪ .‬لوكن يلواف ق على كل تلوضيح مني‬ ‫بهمهمة‪ .‬لوأخي ار نزع الملونلوكل عن عينه لوقال‪:‬‬

‫‪ -‬آسف لولكنه مجرد زجاج من قلوارير‪.‬‬

‫لوحيال مفاجأتي ألوضح لي بعذلوبة مشفقة‪ :‬لحسن الحظ أن الذهب ذهب لوالبل تقين بل تقين‪ .‬لمست‬

‫جيبي ل تقأكد من لوجلود إيصالت الشراء معي لوقلت دلون إساءة‪:‬‬

‫‪ -‬لقد اشتريت المجلوهرات من هذا المتجر السامي نفسه‪ ،‬قبل أكثر من مئة سنة‪.‬‬

‫لم يسبب له ذلك أي ارتباك‪ .‬لوقال‪ :‬يحدث عادة في المجلوهرات الملورلوثة أن تأخذ أثمن الحجار‬


‫بالختفاء مع مرلور الزمن؛ لوتستبدل على يد ضالين من السرة ألو على يد صائغين لصلوص‪ .‬لول‬ ‫تكتشف الخدعة إل عندما يحالول أحد بيعها‪ .‬لولكن اسمح لي بثانية لواحدة‪ ،‬قال ذلك‪ ،‬لوحمل‬

‫المجلوهرات عبر الباب الذي في العم ق‪ .‬لورجع بعد دقائ ق‪ ،‬لودلون أن يقدم أي تلوضيح‪ ،‬ألومأ لي بان‬

‫أجلس على كرسي ال نقتظار‪ ،‬لولواصل عمله‪ .‬تفحصت لمتجر‪ .‬كنت قد جئت إليه مع أمي عدة مرت‪،‬‬ ‫لوأتذكر كلمة كانت تتكرر‪) :‬ل تخبر أباك(‪ .‬لوفجأة خطرت لي فكرة جعلت بدني يقشعر ‪ :‬أل تكلون رلوسا‬ ‫كاباركاس لوديلغادينا‪ ،‬في اتفا ق مشترك‪ ،‬قد باعتا الحجار الثمينة الصلية‪ ،‬لوأعادتا لي المجلوهرات‬

‫بأحجار مزيفة؟‬

‫كنت تأجج في الشكلوك‪ ،‬عندما دعتني سكرتيرة لمرافقتها عبر الباب نفسه الذي في العم ق‪ ،‬إلى مكتب‬

‫صغير‪ ،‬فيه خزانة طلويلة تضم مجلدات ضخمة‪ .‬نهض بدلوي بدين من لوراء المنضدة التي في صدر‬

‫الغرفة‪ ،‬لوصافحني قائل على سبيل التحية دلون كلفة‪ ،‬لوبتدف ق أصدقاء قدماء‪ :‬لقد درسنا الثانلوية معا‪.‬‬

‫كان من السهل علي تذكره‪ ،‬فقد كان أفضل لعب كرة قدم في المدرسة‪ ،‬لوبطل ملواخيرنا اللولى‪ .‬كنت‬

‫قد تلوقفت عن اللقاء به في لحظة غير مؤكدة‪ ،‬لول بد أنه رآني هرما جدا فخلط بيني لوبين أحد زملء‬ ‫الطفلولة‪.‬‬

‫كان هناك على زجاج منضدته مجلد مفتلوح‪ ،‬من مجلدات أرشيف المحل‪ ،‬حيث سجل مجلوهرات أمي‪،‬‬ ‫سرد دقي ق‪ ،‬بالتلواريخ لوالتفاصيل‪ ،‬يبين أنها هي نفسها من طلبت استبدال أحجار جيلين من نساء آل‬ ‫كارغامينتلوس الجميلت لواللوقلورات لو باعت الحجار الصلية إلى المتجر نفسه‪ .‬حدث هذا عندما كان‬

‫أبلو المالك الحالي يدير متجر المجلوهرات‪ ،‬لوكنا أنا لوهلو تلميذين في المدرسة‪ ،‬لولكنه طمأنني‪ ،‬فمثل‬ ‫تلك الحيل كانت شائعة بين العائلت الكبيرة المنكلوبة‪ ،‬من أجل حل حاجة مستعجلة للمال‪ ،‬دلون‬

‫التضحية بشرفها‪ .‬لوحيال الحقيقة الفجة‪ ،‬فضلت الحتفاظ بالمجلوهرات كذكرى من فللورينا دي ديلوس‬

‫أخرى لم أعرفها قط‪.‬‬

‫في ألوائل شهر تملوز‪ ،‬أحسست بالبعد الحقيقي للملوت‪ ،‬فقد قلبي لوزنه‪ ،‬لوبدأت أرى نذر النهاية‬

‫المؤكدة‪ ،‬لوأشعر بها في كل مكان‪ .‬لوكان أكثر تلك النذر لوضلوحا‪ ،‬الحفلة الملوسيقية في قاعة الفنلون‬ ‫الجميلة‪ .‬فقد تعطلت أجهزة التكييف‪ ،‬لوكان صفلوة رجال الفنلون لوالداب ُيطهلون بعرقهم في القاعة‬ ‫المكتظة‪ ،‬لولكن سحر الملوسيقى كان جلوا سمالويا‪ .‬لوفي النهاية‪ ،‬عند عزف ‪Allegretto poco‬‬ ‫‪ ، mosso‬هزني الكشف المبهر بأنني أستمع إلى آخر كلونشيرتلو يتيحه لي القدر قبل أن أملوت‪ ،‬لم‬

‫أشعر بألم لول بخلوف‪ ،‬إلوانما بتأثر جارف‪ ،‬بأنني تمكنت من الملواصلة إلى أن انتهيت من سماع‬ ‫الكلونشيرتلو‪.‬‬

‫لوعندما تمكنت في النهاية من ش ق طريقي لوأنا مبلل بالعر ق لوسط المعانقات لوالصلور‪ ،‬لوجدت نفسي‬


‫لوجها للوجه مع خيمينا ألورتيث‪ ،‬مثل ربة عمرها مئة سنة‪ ،‬على كرسي متحرك‪ ،‬مجرد حضلورها فرض‬

‫نفسه علي مثل خطيئة مميتة‪ .‬كانت ترتدي عباءة حريرية‪ ،‬لوتضع عقد لؤلؤ أصلي من ثلث لفات‪،‬‬

‫لوكان شعرها الذي بللون الصدف مقصلوصا على ملوضة سنلوات العشرينات‪ ،‬مع طرف منه على خدها‪،‬‬ ‫كجناح نلورس‪ ،‬لوعيناها اللواسعتان الصف ارلوان تزدادان تألقا بالظل الطبيعي الذي يحيط بهما‪ .‬كل شيء‬

‫فيها يناقض ما يشاع عن أن عقلها قد مسح لوصار بياضا‪ ،‬بفعل تآكل الذاكرة الذي ل مفر منه‪.‬‬ ‫لوجدت نفسي متجمد لوبل مهرب في ملواجهتها‪ ،‬فتغلبت على هبة النار التي صعدت إلى لوجهي‬

‫لوحييتها بصمت‪ ،‬بانحناءة فرسائية‪ .‬فابتسمت مثل ملكة‪ ،‬لوأمسكت يدي‪ ،‬لوانتبهت عندئذ أنها هي أيضا‬

‫مستهدفة من القدر‪ ،‬لولم أضيع الفرصة كي انتزع شلوكة تؤرقني منذ ال زقل‪ ،‬فقلت لها‪ :‬لقد حلمت‬

‫سنلوات طلويلة بهذه اللحظة‪ .‬بدا عليها أنها لم تفهمني‪ ،‬لوقالت‪ :‬صحيح! لومن تكلون أنت؟ لم أدر قط‪،‬‬

‫إذا كانت قد نسيتني حقا أم أنه انتقام حياتها الخير‪.‬‬

‫أما اليقين بأنني خالد بالمقابل‪ ،‬ففاجأني قبل قليل من بللوغي الخمسين‪ ،‬في مناسبة كتلك‪ ،‬في ليلة‬ ‫كرنفال‪ ،‬رقصت فيه تانغلو أباتشي مع امرأة عجيبة‪ ،‬لم أر لوجهها قط‪ ،‬أضخم جسدا مني بما يقارب‬

‫الربعين ليبرة‪ ،‬لوأطلول قامة بشبرين تقريبا‪ ،‬لوتتيح أن تحمل مع ذلك مثل ريشة في مهب الريح‪ .‬كنا‬ ‫نرقص متلصقين جدا‪ ،‬حتى إنني أحسست بدلوران دمها في عرلوقها‪ ،‬لولوجدت نفسي كالمنلوم تلذذا‬

‫بأنفاسها اللهثة‪ ،‬لورائحة أملونياك عرقها لوثدييها اللذين كثديي منجمة عندما هزني للول مرة جؤار‬

‫الملوت‪ ،‬لوكاد يطرحني أرضا‪ .‬كان ذلك على شكل نبلوءة فظة في الذن‪ :‬افعل ما تشاء‪ ،‬ففي هذه‬

‫السنة ألو بعد مئة سنة ستكلون ميتا إلى أبد البدين‪ .‬ابتعدت المرأة عني مذعلورة‪ :‬ماذا أصاباك؟ ل‬

‫شيء‪ ،‬قلت لها ذلك لوأنا أحالول تثبيت قلبي‪ ،‬لوأضفت‪:‬‬ ‫‪ -‬إنني أرتعش هياما بك‪.‬‬

‫منذ ذلك الحين‪ ،‬بدأت أقيس الحياة بالعقلود لوليس بالسنين‪ ،‬فخمسينياتي كانت حاسمة‪ ،‬ل نقني لوعيت‬ ‫فيها أن الجميع تقريبا‪ ،‬أصغر مني سنا‪ ،‬لوسنلوات ستينات حياتي كانت ال كقثر زخما بسبب شكلوكي‬

‫بأنه لم يب ق لي متسع من اللوقت للخطأ‪ .‬لوكانت سنلوات السبعينات مرهلوبة بسبب خلوفي من أن تكلون‬

‫الخيرة‪ .‬لومع ذلك عندما استيقظت حيا في صباح اليلوم اللول من سنلوات تسعيناتي في سرير‬

‫ديلغادينا السعيد‪ ،‬اخترقتني الفكرة السارة بأن الحياة ليست شيئا يمضي مثل نهر هيراقليط‪ .‬إلوانما‬ ‫فرصة لوحيدة لقلبنا على الشلواية لوملواصلة شلوائنا جانبنا الخر لتسعين سنة أخرى‪.‬‬

‫صرت سهل الدمع‪ ،‬فأي إحساس له علقة بالحنان‪ ،‬يسبب لي عقدة في حلقي ل أتمكن دلوما من‬ ‫التحكم بها‪ ،‬لوفكرت في التخلي عن متعة السهر على نلوم ديلغادينا‪ ،‬ليس ذلك لعدم يقينية ملوتي‪ ،‬بقدر‬

‫ما هلو ألم من تصلورها من دلوني في بقية حياتها‪ .‬لوفي أحد أيام ال لقتباس تلك رحت أجلوب ساهيا‬


‫شارع )الكتبة بالعدل( بالغ النبل‪ ،‬لوفلوجئت بأنه لم يعد يلوجد هناك إل أنقاض فند ق الغراميات القديم‪،‬‬

‫حيث أدخلت ُ عنلوة ً إلى عالم فنلون الحب‪ ،‬قبل قليل من بللوغي الثانية عشرة من عمري‪ .‬لقد كان‬

‫منزل لصحاب شركة ملحة‪ ،‬ل يضاهيه في الرلوعة إل قلة من البيلوت في المدينة‪ ،‬بأعمدة مغطاة‬

‫بصفائح المرمر‪ .‬لوأفاريز ملمعة بماء الذهب‪ ،‬يقلوم حلول فناء داخلي ذي قبة زجاجية من سبعة أللوان‪،‬‬ ‫تشع ببري ق دفيئ‪ .‬في الطاب ق السفلي ذي البلوابة القلوطية المطلة على الشارع كانت هناك ل كقثر من‬

‫قرن مكاتبة تلوثي ق العقلود الستعمارية‪ ،‬حيث عمل لوالدي لوازدهر لوأفلس على امتداد حياة كاملة من‬ ‫الحلم الخيالية‪ .‬راحت العائلت التاريخية تهجر‪ ،‬شيئا فشيئا‪ ،‬الطلواب ق العليا التي انتهت إلى أن‬

‫يشغلها جيش من بنات الليل المنكلوبات الللواتي يصعدن لوينزلن حتى الفجر‪ ،‬مع زبائن يصطدنهم‪،‬‬

‫ببيزلو لونصف‪ ،‬من حانات المرفأ النهري القريب‪.‬‬

‫في الثانية عشرة من عمري لوكنت لم أزال أرتدي بنطالي القصير لوجزمة المدرسة البتدائية‪ ،‬لم أستطع‬ ‫مقالومة إغلواء التعرف على الطلواب ق العليا‪ ،‬فيما لوالدي يجادل في لواحد من اجتماعاته التي ل تنتهي‪،‬‬

‫فلوجدت نفسي في مشهد سمالوي‪ ،‬النساء الللواتي يهدرن أجسادهن حتى الفجر يتنقلن في البيت منذ‬ ‫الحادية عشرة صباحا‪ ،‬عندما يشتد حر قبة الزجاج المللون بصلورة ل تطا ق‪ ،‬لويكلون عليهن ممارسة‬ ‫حياتهن المنزلية بالتنقل عاريات في كل أنحاء البيت‪ ،‬لوهن يتبادلن الحديث بأصلوات صارخة عن‬

‫مغامراتهن الليلية‪ .‬لوقفت مرعلوبا‪ .‬لوالشيء اللوحيد الذي خطر لي هلو الهرلوب من حيث دخلت‪ ،‬لولكن‬ ‫احتضنتني من الخلف إحدى العاريات‪ .‬كانت متينة اللحم‪ ،‬تعب ق برائحة صابلون ريفي‪ .‬لوحملتني إلى‬

‫حجرتها كرتلونية الجدران‪ ،‬دلون أن أتمكن من رؤيتها لوسط صراخ لوتصفي ق النزيلت العرايا‪ .‬ألقت بي‬

‫على ظهري فلو ق سريرها الذي يتسع لربعة أشخاص‪ ،‬لونزعت بنطالي بحركة بارعة‪ ،‬لوامتطتني‪ ،‬لكن‬

‫الهلع الجليدي الذي كان يبلل جسدي حال دلون أن أتلقاها كرجل‪ .‬في تلك الليلة لوأنا مؤر ق في فراشي‬

‫في بيتنا‪ ،‬من خجل ذلك ال نققضاض‪ .‬لم أستطع النلوم أكثر من ساعة‪ ،‬لوأنا متلهف للعلودة لرؤيتها‪.‬‬ ‫لولكنني في صبح اليلوم التالي‪ ،‬فيما أهل السهر ل يزاللون نائمين‪ ،‬صعدت مرتجفا إلى حجرتها‪،‬‬

‫لوأيقظتها لوأنا أبكي بصلوت عال‪ ،‬في حب مجنلون استمر على أن عاثت به دلون شفقة رياح الحياة‬

‫اللواقعية‪ .‬كان اسمها كاستلورينا‪ ،‬لوكانت ملكة المحل‪.‬‬

‫كانت غرفة الفند ق تؤجر ببيزلو لواحد للغراميات العابرة‪ ،‬لولكن قلة هم الذين يعرفلون أن قضاء أربع‬

‫لوعشرين ساعة‪ ،‬يكلف السعر نفسه‪ .‬أضف على ذلك أن كاستلورينا أدخلتني في عالمها التعس‪ ،‬حيث‬

‫اعتادت النزيلت دعلوة الزبائن الفقراء إلى فطلور احتفالي‪ ،‬إلواعارتهم الصابلون‪ ،‬لومعالجة آلم أسنانهم‪،‬‬ ‫لوفي بعض الحالت المستعجلة‪ ،‬يقدمن لهم الحب إحسانا‪.‬‬ ‫لولكن في أمسيات شيخلوختي الخيرة لم يعد هناك من يتذكر كاستلورينا الخالدة‪ ،‬الميتة منذ لوقت ل‬


‫يعرفه أحد‪ ،‬لوالتي ارتقت من نلواصي المرفأ النهري البائسة لتصل إلى العرش المقدس للقلوادة الم‬

‫الكبرى‪ ،‬بعصبة قرصان على عينه المفقلودة في نزاع حانة‪ .‬لوكان حاميها الخير المنالوب زنجيا سعيدا‬ ‫من كاماغلوي‪ ،‬يسملونه يلونس المجذف‪ ،‬لوقد كان عازف ترلومبلون من الكبار في هافانا‪ ،‬إلى أن فقد‬

‫البتسامة الكاملة في كارثة قطارات‪.‬‬

‫لدى خرلوجي من تلك الزيارة المرة‪ ،‬أحسست بلوخزة في القلب لم أستطع التخفيف منها‪ ،‬طلوال ثل ثقة‬

‫أيام‪ ،‬بكل أنلواع مشرلوبات النباتات البيتية المغلية‪ .‬الطبيب الذي لجأت إليه على عجل‪ ،‬لوهلو فرد من‬ ‫سل لقة أطباء مشهلورين‪ ،‬كان حفيدا للذي فحصني لوأنا في الثانية لوالربعين‪ ،‬لوقد أفزعني شبهه به‪،‬‬

‫فقد كان هرما جدا مثل جده السبعيني‪ ،‬بفعل صلعة مبكرة‪ ،‬لونظارة قصر نظر ل علودة عنه‪ ،‬لوكآبة ل‬ ‫عزاء لها‪ .‬أجرى لي فحص دقيقا لجسدي بكامله‪ ،‬بتركيز ِ صائغ ٍ‪ ،‬تنصت إلى صدري لوظهري‪ ،‬لوفحص‬ ‫ضغطي الشرياني‪ ،‬لوحركة ركبتي ال نقعكاسية‪ ،‬لوعم ق عيني‪ ،‬لوللون الجفن السفلي‪ .‬لوخل لق اللوقفات لوأنا‬

‫أبدل لوضعي على منضدة الفحص‪ ،‬كان يلوجه إلي أسئلة شديدة البهام‪ ،‬لوبسرعة يكاد ل يتيح لي‬

‫معها المجال للجابة‪ .‬لوبعد ساعة من الفحلوص نظر إلي بابتسامة سعيدة لوقال‪ :‬حسن‪ ،‬أظن أنه ليس‬ ‫لدي ما أفعله لك‪ .‬ما الذي تعنيه حضرتك؟ أعني أن لوضعك في أحسن حال في سنك هذه‪ .‬فقلت له‪:‬‬

‫يا للغرابة‪ ،‬لقد قال لي جدك الشيء نفسه‪ ،‬حين كنت في الثانية لوالربعين من عمري‪ ،‬يبدلو كما للو أن‬ ‫الزمن ل ينقضي‪ .‬فقال‪ :‬سلوف تجد دلوما من يقلول لك الشيء نفسه‪ ،‬ل نقه ستكلون لك سن ما في كل‬

‫مرة‪ .‬فحالولت أنا استفزازه لصدار حكم مرعب بالقلول له‪ :‬السن اللوحيدة الحاسمة هي الملوت‪ .‬فقال‬ ‫هلو‪ :‬أجل‪ ،‬لولكن ليس من السهل اللوصلول إليه في حال جيدة مثل حالتك‪ .‬يؤسفني حقا أنني ل‬

‫أستطيع خدمتك‪.‬‬

‫لقد كانت ذكريات نبيلة‪ .‬لولكنني في عشية التاسع لوالعشرين من آب‪ ،‬أحسست بالثقل الهائل للقرن‬

‫الذي ينتظرني‪ ،‬لوأنا أصعد بخطلوات حديدية أدراج بيتي‪ .‬لوعندئذ عدت لرى مرة أخرى فللورينا دي‬

‫ديلوس‪ ،‬أمي‪ ،‬في سريري الذي كان سريرها حتى ملوتها‪ .‬لومشلوشا بالتأثر‪ ،‬فهمت تلك الذكرى على أنها‬ ‫ال نقذار الخير‪ ،‬فاتصلت برلوسا كاباركاس كي تستدعي لي الطفلة‪ ،‬في تلك الليلة بالذات‪ ،‬خلوفا من أل‬ ‫يتحق ق ملوتي بالبقاء على قيد الحياة حتى النفس الخير من سنلواتي التسعين‪ .‬لوعدت لل تقصال بها‬

‫في الساعة الثامنة‪ ،‬فكررت لي مرة أخرى‪ ،‬أن ذلك غير ممكن‪ .‬فصرخت بها مرعلوبا‪ :‬يجب أن يكلون‬ ‫ممكنا بأي ثمن‪ .‬أغلقت الهاتف دلون لوداع‪ ،‬لولكنها عادت لل تقصال بعد خمس عشرة دقيقة‪:‬‬

‫‪ -‬حسن‪ ،‬هاهي هنا‪.‬‬

‫لوصلت في العاشرة لوعشرين دقيقة ليل‪ ،‬لوقدمت إلى رلوسا كاباركاس آخر ألورا ق حياتي‪ ،‬مع ترتيباتي‬

‫بشأن الطفلة بعد نهايتي الرهيبة‪ .‬ظنت هي أنني قد تأثرت للتجريح‪ ،‬لوقالت لي بمزاج ساخر‪ :‬إذا كنت‬


‫تريد الملوت فل تفعل ذلك هنا‪ ،‬تصلور‪ .‬لولكنني قلت لها‪ :‬قلولي إن قطار بلويرتلو كلوللومبيا‪ ،‬ذلك الخردة‬

‫البائس المحزن غير القادر قتل أحد‪ ،‬قد صدمني‪ ،‬لومستعدا لكل شيء في تلك الليلة‪ ،‬استيقظ على‬ ‫ظهري بانتظار ال لقم النهائي‪ ،‬في اللحظة اللولى من سنتي اللواحدة لوالتسعين‪ .‬سمعت قرع نلواقيس‬

‫نائية‪ ،‬لوشممت شذا رلوح ديلغادينا النائمة على جنبها‪ .‬سمعت صرخة في الف ق‪ ،‬لونحيب أحد ربما‬

‫يكلون قد مات قبل قرن‪ ،‬فقي الغرفة نفسها‪ .‬لوعندئذ أطفأت النلور بالنفس الخير‪ ،‬لوشبكت أصابعي‬

‫بأصابعها كي أقتادها من يدها‪ ،،‬لوعددت ال ثقنتي عشرة دقة التي أعلنت الثانية عشرة لوبدملوعي‬

‫ال ثقنتي عشرة الخيرة إلى أن بدأت الديكة تصيح‪ ،‬لودلوت على الفلور نلواقيس الغبطة السمالوية‪ ،‬لوفرقعة‬ ‫السهم النارية في الحفلة التي كانلوا يقيملونها فرحا بتجالوزي التسعين من حياتي سليما ألو معافى‪.‬‬

‫كانت كلماتي اللولى ملوجهة إلى رلوسا كاباراكاس‪ :‬أنا مستعد لشراء البيت منك‪ ،‬كله ‪ ،‬مع الحانلوت‬

‫لوالبستان‪ ،‬فقالت هي‪ :‬فلنتلوصل إلى رهان مسنين‪ :‬من يبقى منا حيا يستحلوذ على كل ما يملكه‬

‫الخر‪ ،‬لونلوقع على ذلك أمام كاتب بالعدل‪ .‬ل لست ملوافقا ل نقني إذا مت أريد أن يصير كل شيء‬

‫إليها‪ .‬فقالت رلوسا كارباكاس‪ :‬لوهذا ما أريده أنا‪ .‬فسلوف أتلولى أمر الطفلة‪ ،‬لوأترك لها بعد ذلك كل‬ ‫شيء‪ ،‬ممتلكاتك لوممتلكاتي؛ فليس لي أحد سلواها في هذا العالم‪ .‬لوفي أثناء ذلك فلنعد ترميم غرفتك‬

‫لوترتيبها بحمام جديد لوجهاز تكييف هلواء‪ ،‬لوبكتبك لوملوسيقاك‪.‬‬ ‫‪ -‬أتظنين أنها ستلواف ق؟‬

‫فقالت كاباركاس لوهي تكاد تملوت من الضحك‪:‬‬ ‫‪ -‬آي يا عالمي الحزين‪ ،‬أفهم أنك عجلوز‪ ،‬لولكن ليس أبله‪ .‬هذه المخللوقة المسكينة لوفية في حبها‬

‫لك‪ .‬خرجت إلى الشارع المشع‪ ،‬لوللول مرة تعرفت على نفسي في الف ق البعيد لقرني اللول في الحياة‪.‬‬ ‫كان بيتي الصامت لوالمرتب‪ ،‬في الساعة السادسة لوالربع‪ ،‬قد بدأ ينعم بأللوان فجر سعيد‪ .‬كانت داميانا‬

‫تغني بأعلى صلوته في المطبخ‪ ،‬لوالقط الذي استعاد الحياة‪ ،‬حك ذيله بكعبي‪ ،‬لولواصل المشي معي حتى‬

‫منضدة كتابتي‪ .‬لوهناك كانت مرتبة ألوراقي الذابلة لودلواة الحبر‪ ،‬لوريشة البجعة‪ ،‬في اللوقت الذي اندلعت‬

‫فيه الشمس بين أشجار الللوز في الحديقة‪ ،‬لودخلت سفينة البريد النهرية‪ ،‬المتأخرة أسبلوعا بسبب‬

‫الجفاف‪ ،‬إلى قنال المرفأ لوهي تطل ق الجؤار‪ .‬إنه الحياة اللواقعية أخيرا‪ ،‬بقلبي الناجي لوالمحكلوم بالملوت‬

‫في حب طيب‪ ،‬في الحتضار السعيد لي يلوم بعد بللوغي المئة‪.‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.