Mld 19

Page 1


‫المقدمـــــــــة‬

‫المقدمــــــــــــة‬ ‫إن الجنسية تعد من أهم عناصر اإلنتماء االجتماعي والروحي و السياسي و الثقافي‬ ‫للقول بدخول الفرد في عضوية الدولة‪ ،‬كما تعتبر المعيار الوحيد الذي يتم على أساسه تقسيم‬ ‫العالم الى وحدات سياسية‪ ،‬وهي بذلك األداة التي تقوم بتوزيع البشر إلى مجموعات بما‬ ‫يرضى به أعضاء المجموعة الدولية‪.‬‬ ‫وبذلك بات من الواضح أن الجنسية تقوم على قواعد ومبادئ‪ ،‬مصدرها ليس فقط النظام‬ ‫الداخلي الذي ينظم و يحمي عنصر الشعب‪ ،‬و إنما النظام الدولي الذي من خاللها يتم التمييز‬ ‫بين مختلف شعوب دول العالم‪ ،‬وهذه المبادئ لما تتسم وتتميز به من توافق وتماسك‪ ،‬مما‬ ‫أضفى إلى تسميتها بأحكام الجنسية‪.‬‬ ‫كما أن الدولة وباعتبارها ملزمة بالتقيد باالتفاقيات الدولية التي يكون طرفا فيها‬ ‫ومنها يلي الفحوص اتفاقية الهاي المنعقدة في ‪ 21‬أفريل ‪ 2391‬المتعلقة بتنازع القوانين‬ ‫في الجنسية‪.‬‬ ‫وباعتبار أن الجنسية أصبحت اليوم حقا من حقوق اإلنسان‪ ،‬فقد تم االعتراف بحق‬ ‫كل إنسان بان يتمتع بجنسية دولة ما وذلك بالنص على هذا الحق في اإلعالن العالمي‬ ‫لحقوق اإلنسان عام ‪( .2391‬المادة ‪ 21‬الفقرة األولى)‪.‬‬ ‫و الجزائر سعت جاهدة إلى إرساء قواعد الجنسية انطالقا من قانون الجنسية رقم‬ ‫‪ 33-39‬المؤرخ في ‪ 11‬مارس ‪ 2339‬حيث جاء متأثرا في فحواه بشكل كبير بالحالة‬ ‫الظرفية االستثنائية التي كانت تعيشها الجزائر غداة االستقالل ‪ ،‬إلى أن تم إلغاؤه بموجب‬ ‫األمر رقم ‪ 13-01‬المؤرخ في ‪ 21‬ديسمبر ‪ .2301‬لكن الحاجة للتغيير وليدة األسباب ‪،‬‬ ‫وبناءا على ذلك جاء تعديل قانون الجنسية بحلة جديدة بمقتضى األمر رقم ‪ 12-11‬المؤرخ‬ ‫في ‪ 10‬فيفري ‪ 1111‬متضمنا أحكام الجنسية في التشريع الجزائري‪.‬‬ ‫ومن خالل هذا العرض الوجيز سنحاول في بحثنا هذا أن سنتطرق إلى منازعات الجنسية‬ ‫بشكل خاص‪ ،‬من خالل طرح اإلشكاليات التالية‪:‬‬

‫أ‬


‫المقدمـــــــــة‬ ‫ما هو مفهوم الجنسية؟ وما المقصود بمنازعات الجنسية؟ وما هي الجهة صاحبة‬ ‫االختصاص في مسائل منازعات الجنسية ؟ و ما هي دعاوي الجنسية ؟ وما هي األحكام‬ ‫الفاصلة في مسائل الجنسية ومدى حجيتها؟‬ ‫ومن خالل هذا الطرح قد يبدو للبعض أن موضوع منازعات الجنسية لم يعد يثير‬ ‫جدال وال يغري باحثا‪ ،‬قديم ال جدة فيه‪ ،‬وال أسباب لدراسته‪ ،‬إال أن الواقع عكس ذلك‪ ،‬حيث‬ ‫أنه من الضرورة التعرض لموضوع منازعات الجنسية بشكل واسع وعميق من خالل‬ ‫معرفة هذه المنازعات يستطيع الشخص إثبات جنسيته الرتباطها به أثناء جل مراحل حياته‪،‬‬ ‫من والدته إلى حين وفاته‪ .‬باإلضافة إلى موضوع منازعات الجنسية رغم أهميته البالغة‬ ‫نجد أن المكتبة الجزائرية بشكل خاص و العربية بشكل عام‪ ،‬تعاني من فقر شديد في‬ ‫المصادر والمراجع و الكتب التي تتطرق إليها وتعالجها‪ ،‬باإلضافة إلى غياب تخصصات‬ ‫قائمة بذاتها على مستوى المعاهد والجامعات خاصة بالجنسية‪ ،‬وإيالء التعليم العالي نسبة‬ ‫ضئيلة من المقرر و الدروس لهذا الموضوع و أن الدراسة و التعرض إليه‪ ،‬ومعالجته‬ ‫بطريقة علمية يساهم في إثراءه من حيث المراجع و إعالء شأنه‪ ،‬و الزيادة من قيمته‪ ،‬بغية‬ ‫التشجيع على التخصص فيه‪.‬‬ ‫وترجع الغاية من دراسة موضوع منازعات الجنسية‪ ،‬و الجنسية الجزائرية إلى أهمية‬ ‫الجنسية في حد ذاتها‪ ،‬و التي نذكرها على سبيل المثال ال الحصر على النحو التالي‪:‬‬ ‫‪ -2‬من خالل معرفة المنازعات المتعلقة بالجنسية فإننا نستطيع تحديد الجهة القضائية‬ ‫المختصة تبعا لطبيعة موضوع الدعوى‪.‬‬ ‫‪ -1‬قد يثور نزاع بين الشخص وبين الدولة أو بينه و بين غيره من األفراد أمام القضاء‬ ‫مما يؤدي في النهاية إلى تحديد المركز القانوني للشخص‪.‬‬ ‫‪ -9‬للشخص الحق في المنازعة في مسائل الجنسية من إثبات جنسيته بصفته وطني أو‬ ‫أجنبي لكي يطالب بالحماية الالزمة له في حالة حصول اعتداء عليه أو احتمال‬ ‫حصوله مستقبال‪.‬‬ ‫لذلك فإن الهدف من دراسة الموضوع يرجع إلى الرغبة في الفهم الجيد لموضوع‬ ‫منازعات الجنسية بغية التمكن من قانون الجنسية الجزائرية‪ ،‬الذي يحوي مبادئ و قواعد و‬ ‫ب‬


‫المقدمـــــــــة‬ ‫أحكام جاءت لتأثر في تكوين المجتمع الجزائري‪ ،‬و تركيبته البشرية و الذي هو عماد الدولة‬ ‫الجزائرية و مستقبلها‪.‬‬ ‫نشير أن دراسة موضوع منازعات الجنسية سوف يكون مستوحى أساسا من مختلف‬ ‫قوانين الجنسية الجزائرية لبيان فكرة الجنسية حسب التشريع الجزائري‪ ،‬غير أنه ال يمنعنا‬ ‫من ذلك الذ كر‪ ،‬و االستعانة ببعض األحكام القانونية المذكورة في قوانين الجنسية لتشريعات‬ ‫األجنبية‪ ،‬و ذلك على سبيل المقارنة‪ ،‬و توضيح المادة القانونية‪ ،‬و كذا مبررات المشرع في‬ ‫األخذ بأساس أو مبدأ دون اآلخر في وضعه لقواعد و أحكام قانون الجنسية‪ ،‬وكل هذا يصب‬ ‫في باب إثراء الموضوع‪ ،‬و اإللمام بكامل جوانبه‪.‬‬ ‫كما أن هذه الدراسة ستكون في أغلب أجزائها تحليلية أو استداللية‪ ،‬نظرا لطبيعة‬ ‫الموضوع‪ ،‬مع اإلشارة إلى أنه كلما ادعت الضرورة العلمية و المنهجية‪ ،‬وجب استعمال‬ ‫مناهج أخرى كاألسلوب التاريخي حين سرد بعض المعطيات التاريخية في الموضوع‪ ،‬أو‬ ‫المنهج المقارن أثناء المقارنة بين أحكام قوانين الجنسية فيما بينها فيما يتعلق بمسائل‬ ‫المنازعات‪.‬‬ ‫و لإلجابة على مختلف اإلشكاليات و كذا األسئلة الخاصة بموضوع البحث ينبغي إتباع‬ ‫منهجية بيداغوجية و علمية وفقا للخطة التالية‪:‬‬ ‫سوف نخصص المبحث التمهيدي لدراسة أحكام الجنسية حيث نتطرق في المطلب األول‬ ‫إلى تعريف الجنسية‪ ،‬في المطلب الثاني نبين خصائص الجنسية‪ ،‬و في المطلب الثالث نذكر‬ ‫أهمية الجنسية‪.‬‬ ‫و المبحث األول سوف نخصصه لدراسة االختصاص القضائي في مسائل الجنسية‪،‬‬ ‫فنذكر في المطلب األول مفهوم االختصاص القضائي في منازعات الجنسية‪ ،‬و المطلب‬ ‫الثاني اختصاص القضاء العادي‪ ،‬و المطلب الثالث اختصاص القضاء اإلداري‪.‬‬ ‫ثم نتناول في المبحث الثاني مسألة دعاوي الجنسية فيشمل في المطلب األول المنازعة في‬ ‫الجنسية عن طريق الطعن في قرار إداري‪ ،‬و المطلب الثاني المنازعة بوضعها مسألة‬ ‫أولية‪ ،‬و المطلب الثالث الدعوى المجردة (األصلية)‪.‬‬

‫ج‬


‫المقدمـــــــــة‬ ‫أما في المبحث الثالث فسنتناول األحكام الفاصلة في مسائل الجنسية‪ ،‬ففي المطلب‬ ‫األول سنتطرق إلى حجية الشيء المقضى فيه و شروطها‪ ،‬و المطلب الثاني الحجية المطلقة‬ ‫في مسائل الجنسية‪ ،‬و المطلب الثالث حجية أحكام الجنسية في القانون الجزائري‪.‬‬ ‫ثم نصل إلى خاتمة مجملة بأهم النتائج التي توصّلنا إليها من خالل هذه الدراسة‬ ‫المتواضعة‪.‬‬

‫د‬



‫مفهــــوم الجنسية‬

‫المبحث التمهيدي ‪:‬‬ ‫المبحث التمهيدي‪ :‬مفهوم الجنسية‬

‫يختلف الفقهاء اختالفا كبي ار عند تحديدهم لماهية الجنسية‪ ،‬ومرجع هذا االختالف هو‬ ‫أن الجنسية تقع عند ملتقى العديد من فروع القانون المختلفة‪ ،‬فهي تقع بين القانون الخاص‬ ‫والقانون العام‪ ،‬وبين القانون الداخلي والقانون الدولي العام‪ ،‬ومن هنا تبدو الجنسية كفكرة‬ ‫مركبة وليست بسيطة‪ 1،‬وعليه سوف نتطرق في المطلب األول إلى تعريف الجنسية والمطلب‬ ‫الثاني سوف نبين فيه خصائص الجنسية والمطلب الثالث نبين فيه أهمية الجنسية‪.‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تعريف الجنسية‬ ‫في محاولة إلعطاء تعريف للجنسية نقتضي أن نعرفها من جانبين‪ :‬الجانب اللغوي‬ ‫والجانب االصطالحي‪.‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬مصطلح الجنسية لغة‬ ‫لغة‪ :‬يشتق مصطلح الجنسية في اللغة العربية من كلمة "جنس"‪ ،‬إذ يعتقد أن الجنسية‬ ‫تعني االنتماء إلى نفس الجنس‪ 2،‬وهذا اعتقاد خاطئ‪ ،‬حيث أنه كان حقيقة االنتماء إلى نفس‬ ‫الجنس قد لعب دو ار كبي ار عند بداية تكوين الدول‪ ،‬إال أنه في الوقت الحاضر ليس من‬ ‫شروط ثبوت جنسية دولة معينة على فرد معين‪ ،‬فنتيجة الهجرات والحروب والمبادالت‬ ‫اختلطت الشعوب فيما بينها وزالت بذلك فكرة االنتماء إلى نفس الجنس‪ ،‬إذ حل محله‬ ‫االنتماء إلى دولة شعبها ينحدر من أجناس مختلفة ساهم الزمان في امتزاج دماء أفراده‪.‬‬ ‫وبذلك فإن لفظ الجنسية ليس تسمية‪ ،‬أو إطالقا اصطالحيا‪ ،‬ال يستمد معناه من‬ ‫الجنس الذي يحمل عدة معاني نذكرهما‪:‬‬ ‫ تعني أيضا كلمة الجنس النوع‪ ،‬كما هو الحال في مجال األشياء‪ ،‬ومثال قمح‬‫صلب فهو نوع من نوع القمح‪.‬‬

‫‪ -1‬حفيظة السيد الحداد‪ -‬المدخل إلى الجنسية ومركز األجانب‪ ،‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪ ،0212 ،1‬ص ‪.11‬‬ ‫‪ -2‬أعراب بلقاسم‪ -‬القانون الدولي الخاص‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،0222 ،‬ص ‪.51‬‬ ‫‪1‬‬


‫مفهــــوم الجنسية‬

‫المبحث التمهيدي ‪:‬‬ ‫‪ -‬تعني كلمة الجنس نوع الشخص‪ ،‬هل هو ذكر أم أنثى‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫وفي اللغة الفرنسية‪ ،‬فإن مصطلح » ‪ « Nationalité‬مشتق من كلمة » ‪« Nation‬‬ ‫بمعنى األمة‪ ،‬مما يدفع االعتقاد بأن الجنسية تعني االنتماء إلى األمة وهذا اعتقاد خاطئ‬ ‫كذلك حيث أن االنتماء الذي يكون في الجنسية هو االنتماء للدولة وليس األمة‪ ،‬ومثال ذلك‬ ‫نجد أن أمة واحدة موزعة على عدة دول‪ ،‬مما يجعل المنتمين إليها يحملون جنسيات دول‬ ‫مختلفة ينتمون إليها‪ ،‬فليس هنالك مثال وجود لجنسية األمة العربية‪ ،‬وانما هنالك جنسيات‬ ‫بعدد الدول التي تتوزع عليها األمة العربية‪ ،‬فتجد الجنسية الجزائرية والجنسية الليبية‪...‬‬ ‫حيث تمنح بعض الدول قد ار من االستقالل الذاتي ألقاليمها فالحكم السائد في‬ ‫الواليات المتحدة األمريكية هو الحكم الفيدرالي‪ 2.‬كما أنه يجدر التنويه إلى أن مصطلح‬ ‫الراعية المحلية ال أثر له أيضا في القانون الدولي‪ ،‬إذ أن أثره ال يخرج على الصعيد‬ ‫الداخلي‪.‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الجنسية اصطالحا‬ ‫أظهرت الدراسة التاريخية لتطور المجتمعات وظهور فكرة الجنسية‪ ، 3‬أن كل فرد‬ ‫توفرت فيه شروط ومقاييس معينة اتصف بجنسية تلك الدولة‪ ،‬وأصبح يتصل بها وفق رابطة‬ ‫محددة لذلك فإن الفقه انقسم إلى اتجاهين رئيسين في تعريفه للجنسية‪:‬‬ ‫ اتجاه يرى أن الجنسية صفة‪.‬‬‫ اتجاه يرى أن الجنسية رابطة‪.‬‬‫االتجاه األول‪ :‬يرى أن الجنسية صفة‬ ‫يرى أصحاب هذا االتجاه أن الجنسية هي صفة الفرد‪ ،‬ويمكن التمييز فيه بين رأيين‪:‬‬

‫‪ -1‬ابن منظور‪ -،‬لسان اللسان تهذيب لسان العرب الجزء األول‪ ،‬دار الكتب العلمية لنشر‪ ،‬طبعة ‪ ،1990‬لبنان‪ ،‬ص ‪.252‬‬ ‫‪ -2‬أعراب بلقاسم‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.58‬‬

‫‪ -3‬بن عبيدة عبد الحفيظ‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.09‬‬ ‫‪2‬‬


‫مفهــــوم الجنسية‬

‫المبحث التمهيدي ‪:‬‬

‫الرأي األول‪ :‬اتجه جانب من الفقه الفرنسي في تعريفه للجنسية على أنها صفة تلحق‬ ‫الفرد بالنسبة لمجموعة الروابط القانونية والسياسية التي تكون بين الفرد والدولة‪ ،‬ما تجعله‬ ‫أحد العناصر المكونة للدولة‪.‬‬ ‫الرأي الثاني‪ :‬اتجه جانب آخر من الفقه الفرنسي إلى تعريف الجنسية على أنها تعتبر‬ ‫صفة في الفرد من خالل أن تعطي الدولة المانحة للجنسية للشخص المتلقي لها والية‬ ‫شخصية تمكنه من االحتجاج بها في مواجهة الدول األخرى‪.‬‬ ‫ويدعو أصحاب هذا الرأي إلى أنه يجب التركيز في تعريف الجنسية على الوالية‬ ‫الشخصية التي تتمتع بها الدولة المانحة على من يتلقى جنسيتها‪.‬‬ ‫إال أن هذا االتجاه واجه عدة انتقادات هي‪:‬‬ ‫ إن هذا التركيز في تعريف الجنسية على كون الجنسية هي المعيار الذي بناءا‬‫عليه تعطى الحقوق وتفرض االلتزامات يؤدي إلى طمس كل معالم ذاتية الجنسية‪ ،‬كما من‬ ‫شأنه أن يؤدي أيضا إلى الخلط بينها وبين فكرة "الموطن" وذلك في األحوال التي يتم إعطاء‬ ‫األشخاص ذات الحقوق وذات الواجبات بمجرد تمطونهم في موطن ما‪.‬‬ ‫ باإلضافة إلى أن هذا االتجاه ينظر إلى الجنسية من منظار القانون الدولي العام‬‫فقط‪ ،‬حيث أن هذا التركيز عليها من هذه الزاوية يبرز من خالل كون الدولة التي تمنح‬ ‫الجنسية يكون لها اختصاص خاص بها تستطيع أن تمارسه على مواطنيها أياما كانوا‬ ‫متواجدين‪.‬‬ ‫ كما أن هذا االتجاه في تعريفه للجنسية على أنها صفة تلحق الفرد يكون يلقي‬‫الضوء على أحد بعدي الجنسية أال وهو البعد األفقي‪ ،‬حيث يكون قد عرف الجنسية بأخذ‬ ‫أثرها على الصعيد الدولي‪ ،‬مما يجعل تعريفه للجنسية يعيب المصادرة على المطلوب‪.‬‬

‫‪3‬‬


‫مفهــــوم الجنسية‬

‫المبحث التمهيدي ‪:‬‬ ‫االتجاه الثاني‪ :‬يرى أن الجنسية رابطة‬

‫يرى أصحاب هذا االتجاه أن الجنسية عبارة عن رابطة بين الفرد والدولة‪ ،‬بمعنى أن‬ ‫الجنسية عبارة عن مجموعة من االتجاهات المتبادلة‪ ،‬لكنوا اختلفوا في تحديد نوع هذه الرابطة‬ ‫وبذلك انقسموا بدورهم إلى رأيين‪:‬‬ ‫رأي أول‪ :‬ذهب أصحاب هذا الرأي إلى تعريف الجنسية على أنها عبارة عن رابطة‬ ‫سياسية ألنها تعد رابطة بين الفرد ووحدة سياسية هي الدولة‪ ،‬حيث أن "أساسها سيطرة الدولة‬ ‫وسيادتها في تحديد ركن من أركانها هو الشعب"‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫هذا يعني أن "الجنسية تعتبر والء الفرد للدولة التي يحمل جنسيتها وما يترتب عن هذا‬ ‫الوالء من واجبات وحقوق متبادلة بينهما‪ ،‬كواجب الفرد لألداء الخدمة العسكرية استعدادا‬ ‫للدفاع عن دولته‪ ،‬وواجب الدولة من جهتها من خالل بسطها حمايتها الدبلوماسية عليه في‬ ‫الخارج"‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫وبذلك تكون الجنسية حسب هذا الرأي رابطة سياسية تنشئها الدولة للفرد وتجعله رعية‬ ‫لها‪.‬‬ ‫رأي ثاني‪ :‬يعرف أصحاب هذا الرأي الجنسية على أنها رابطة قانونية‪ ،‬حيث أنه من‬ ‫وجهة نظر الفقه الفرنسي فإن الجنسية عبارة عن تبعية األشخاص قانونا للسكان المكونين‬ ‫للدولة‪ ،‬فالجنسية تقوم الدولة بإنشائها بمقتضى قانون ينظمها وهو قانون الجنسية الذي‬ ‫يتضمن شروط اكتسابها وسحبها واستردادها‪ ،‬كما تعتبر الجنسية رابطة قانونية ألن من يتمتع‬ ‫بها‪ ،‬يتمتع بمجموعة من الحقوق يقرها القانون‪ ،‬ومجموعة التزامات يفرضها القانون كذلك‪.‬‬ ‫ويرى األستاذ الدكتور فؤاد رياض أن الجنسية رابطة قانونية بين الفرد والدولة بموجبها‬ ‫يعتبر الفرد أحد العناصر المكونة للدولة ذاتها‪.‬‬

‫‪ -1‬بن عبيدة عبد الحفيظ‪ -،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬ ‫‪ -2‬أعراب بلقاسم‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.52‬‬

‫‪4‬‬


‫مفهــــوم الجنسية‬

‫المبحث التمهيدي ‪:‬‬

‫وتجدر اإلشارة أن االتجاه الفقهي السائد في فرنسا وفي مصر الذي نادى به الدكتور‬ ‫فؤاد رياض حاول أن يضفي على الجنسية والقواعد التي تحكمها صفة كونها القانون‬ ‫الخاص‪ ،‬وليست من مسائل القانون العام‪.‬‬ ‫كما يجدر التنويه إلى أن محكمة العدل الدولية‪ ،‬وفي حكم من أشهر أحكامها وهو‬ ‫حكم (فوت بوم) ذهبت إلى القول أن الجنسية عبارة عن رابطة قانونية بين الفرد والدولة‪ ،‬وأن‬ ‫هذه العالقة تقوم على أساس رابطة اجتماعية مبنية على تضامن فعلي في المشاكل وكذلك‬ ‫في المصالح‪.‬‬ ‫وهذا كذلك ما أيدته المحكمة اإلدارية العليا في مصر وهي بصدد تعريف الجنسية‪ ،‬إذ‬ ‫أضافت لما سبق جملتين جديرتين بالذكر‪ ،‬وهما‪ :‬أن يوضع على عاتق الفرد واجب الوالء‬ ‫ويوضع على عاتق الدولة واجب الحماية‪.‬‬ ‫وبذلك تكون الجنسية حسب هذا الرأي "الرابطة أو الصلة القانونية التي تربط فرد ما‬ ‫بدولة معينة"‪ 1.‬أو انتماء الشخص قانونا إلى الشعب المكون للدولة‪ .‬كما نجد مجموعة من‬ ‫التعريف األخرى نذكر منها‪:‬‬ ‫تعريف األستاذ ‪ Mayer‬بأنها "صفة يرتب منحها من طرف الدولة للفرد اختصاصا‬ ‫شخصيا لها اتجاهه‪ ،‬يحتج به قبل الدول األخرى"‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫التعريف بالفرنسية‪:‬‬ ‫‪Elle est la qualité dont l’attribution par un état confère à celui-ci‬‬ ‫‪à l’égard de l’individu attributaire une compétence personnelle‬‬ ‫‪opposable aux autres états.‬‬ ‫وتعريف األستاذ أحمد عبد الكريم سالمة بأنها‪:‬‬

‫‪ -1‬محمد طيبة‪ -‬الجديد في قانون الجنسية الجزائرية والمركز القانوني لمتعدد الجنسيات‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،0222 ،‬ص‬

‫‪.19‬‬

‫‪ -2‬أعراب بلقاسم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.58‬‬ ‫‪5‬‬


‫مفهــــوم الجنسية‬

‫المبحث التمهيدي ‪:‬‬

‫"نظام قانوني تضعه الدولة لتحدد به ركن الشعب فيها‪ ،‬إذ يكتسب به الفرد صفة تفيد‬ ‫انتسابه إليها"‬

‫‪1‬‬

‫مهما تعددت التعاريف السابقة فإنها ال تعدو أن تكون اختالفات في الصياغة‬ ‫واألسلوب واللفظ‪ ،‬وبالتالي ال تؤثر على المعنى العام‪ ،‬وأن ما يمكن استخالصه من تلك‬ ‫التعاريف جميعا حقيقة الجنسية‪ ،‬من خالل الجمع بين مختلف االتجاهات واآلراء الفقهية التي‬ ‫حاولت إعطاء مفهوم دقيق وحاسم مما قضى إلى القول بأنها‪:‬‬ ‫عبارة عن رابطة سياسية وقانونية بين الفرد والدول تضفي عليه صفة المواطنة‬ ‫تضمن له مجموعة من الحقوق وترتب عليه مجموعة من الواجبات‪ ،‬وهذا هو التعريف‬ ‫الكامل واألقرب إلى الصواب‪.‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬خصائص الجنسية‬ ‫إن الجنسية رابطة سياسية وقانونية بين الدولة والفرد‪ ،‬تضفي على الفرد صفة‬ ‫المواطنة ضامنة له مجموعة من الحقوق ومرتبة عليه جملة من الواجبات‪.‬‬ ‫من هذا التعريف يمكن استخالص مختلف خصائص الجنسية وهي‪:‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬الجنسية رابطة قانونية‬ ‫والمقصود بها أن القانون هو الذي يقوم بتنظيمها من جميع نواحيها‪ ،‬ويضم األحكام‬ ‫المتعلقة بثبوتها وطرق اكتسابها وحاالت فقدها‪ ،‬ويبين طبيعتها من حيث كونها أصلية أو‬ ‫مكتسبة‪ ،‬كما يحدد مختلف المعايير التي تمنح بناءا عليها‪ ،‬وكل هذا يصب في دائرة تحديد‬ ‫الحقوق التي يتمتع بها حاملوها وااللتزامات التي تفرض عليهم‪.‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الجنسية رابطة سياسية‬ ‫إن كون الجنسية رابطة سياسية بين الفرد ودولة وهذا ما يفيد في تميز الجنسية بمعناها الفني‬ ‫الدقيق عن فكرة اجتماعية عادة ما تخلط بها‪ ،‬وهي فكرة االنتماء إلى األمة وهو القومية‪.‬‬ ‫‪ -1‬أعراب بلقاسم‪ -،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.598‬‬ ‫‪6‬‬


‫مفهــــوم الجنسية‬

‫المبحث التمهيدي ‪:‬‬

‫إن الجنسية بالمعنى الفني الدقيق تفيد انتماء الفرد إلى دولة ما‪" ،‬تكن هذه الدولة‬ ‫ملزمة بحماية هذا الفرد والدفاع عن حقوقه مصالحه في الداخل‪ ،‬وحمايته من الخارج‪ ،‬كما‬ ‫للوطني وحده بالتمتع بالحقوق السياسية واإلقامة في إقليم الدولة‪ ،‬دون أن يكون لها حق‬ ‫إبعاده عنها"‬

‫‪1‬‬

‫أما القومية فهي فكرة اجتماعية تفيد انتماءا بين البشر إلى أمة معينة‪ ،‬وهذا باجتماع‬ ‫عنصري الشعب واإلقليم‪ ،‬ومثال ذلك األمة العربية إذ هي أمة واحدة مقسمة إلى أكثر من‬ ‫دولة‪ ،‬كما نجد عدة قوميات تشكل دولة واحدة مثل سويسرا‪.‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬الجنسية فكرة مركبة‬ ‫تعتبر الجنسية من األفكار التي ليست لها طبيعة متجانسة‪ ،‬إذ يمكن تصنيفها ضمن‬ ‫القانون الخاص والقانون العام‪.‬‬ ‫ويتجلى ذلك في كون الدولة تتمتع في تنظيم جنسيتها بشكل انفرادي على ما يسمى‬ ‫باالختصاص االستشاري‪ ،‬وهو نطاق قاصر على الدولة وحدها‪ ،‬محجوز لها‪ ،‬مضمون في‬ ‫قانونها الداخلي‪ ،‬أال وهو قانون الجنسية‪.‬‬ ‫كما تتصل الجنسية بالقانون الدولي العام إذ أن هذا األخير هو الذي اعترف للدولة‬ ‫بهذا االختصاص القاصر لها في تنظيم جنسيتها‪.‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬الجنسية رابطة غير قابلة للتجزئة‬ ‫مما يميز الجنسية‪ ،‬هو أن الدولة عندما تقوم بمنحها ألحد األفراد‪ ،‬فإن هذا الفرد‬ ‫يعتبر من التابعين أي بعبارة أخرى يعتبر من "الوطنيين الذين يتميزون عن الرعايا بوجود‬ ‫تفاوت بينهم من حيث التمتع بالحقوق السياسية"‪ ، 2‬حيث تضمن لهم الحقوق كاملة دون‬ ‫نقص فيها‪ ،‬أو اقتطاع أو حرمان من أحدها‪.‬‬

‫‪ -1‬بن عبيد عبد الحفيظ‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22-09‬‬ ‫‪ -2‬أعراب بلقاسم‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬

‫‪7‬‬


‫مفهــــوم الجنسية‬

‫المبحث التمهيدي ‪:‬‬ ‫الفرع الخامس‪ :‬الجنسية رابطة غير عنصرية‬

‫من األمور المتفق عليها‪ ،‬أن دقة الجنس ال تلعب أي دور في منح الجنسية‪ ،‬إذ أنه‬ ‫رغم االشتقاق اللغوي (كلمة جنسية مشتقة من كلمة جنس)‪ ،‬إال أنه ال يوجد تطابق بينهما‬ ‫بالمعنى الفني الدقيق‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫وما يجدر ذكره على الصعيد التاريخي‪ ،‬هو أن الجنس كان يلعب دو ار بار از للتفرقة‬ ‫بين الوطني واألجنبي‪ ،‬إذ أن كل الحركات السياسية التي حاولت أن تجعل من الجنس‬ ‫أساسا إلعالء شأن الفرد المنتمي إلى جنس معين‪ ،‬هي في حقيقتها حركات سياسية ذات‬ ‫صبغة استعمارية الهدف منها هو التفريق والتوسع‪.‬‬ ‫الفرع السادس‪ :‬الجنسية رابطة علمانية‬ ‫بمعنى أنها رابطة غير دينية‪ ،‬بالرغم من أن الدين قد لعب دو ار أساسيا في‬ ‫المجتمعات القديمة بين الوطني واألجنبي‪ ،‬إال أن هذه الفكرة دخلت في طي النسيان في‬ ‫العصر الحديث‪ ،‬إذ تعددت أديان األفراد رغم تشاركهم في جنسية دولة واحدة‪.‬‬ ‫المطلب الثالث‪:‬أهمية الجنسية‬ ‫من خالل التعريف السابق للجنسية بقولنا أنها رابطة قانونية وسياسية ينتمي‬ ‫بمقتضاها الفرد إلى دولة معينة‪ ،‬فمن يتمتع بهذه الرابطة يسمى وطني ومن ال يتمتع بها فهو‬ ‫أجنبي‪ .‬كما أن المعيار الذي يتم بمقتضاه التوزيع القانوني لألفراد في المجتمع الدولي‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫ولدراسة الجنسية أهمية بالغة‪ ،‬فهي المعيار الذي يتحدد من خالله التفرقة بين الوطني‬ ‫واألج نبي وذلك خالل الفارق بين الحقوق وااللتزامات‪ ،‬هذه التفرقة تظهر في النظامين‬ ‫الداخلي والدولي وهذه األهمية ستظل قائمة ما دامت ظاهرة تعدد الدول في المجتمع الدولي‬

‫‪ -1‬من الموقع االلكتروني‪www.gam3aonline.com :‬‬

‫‪ -2‬هشام علي صادق‪ -‬الجنسية و الموطن و مركز األجانب‪،‬المجلد األول‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬مصر‪1988،‬‬

‫ص ‪82-28‬‬

‫‪8‬‬


‫مفهــــوم الجنسية‬

‫المبحث التمهيدي ‪:‬‬

‫موجودة وال يمكن إغفال هذه األهمية إال عندما يصل المجتمع الدولي إلى الطموحات‬ ‫المتمثلة فيما يسمى بالدولة العالمية‪.‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬االتجاه الذي يقر بأهمية الجنسية على المستوى الداخلي والدولي‪:‬‬ ‫إن للجنسية أهمية قصوى على المستوى القانون الداخلي‪ ،‬وذلك ألنه يترتب على‬ ‫اكتساب الفرد الصفة الوطنية حقوق والتزامات أكثر مما يترتب على األجنبي‪ ،‬وذلك عندما‬ ‫تخص الدولة مواطنيها جملة من الحقوق كما تلزمهم بواجبات تمتد دائرتها إلى مجال أوسع‬ ‫من االلتزامات المفروضة على األجانب‪.‬‬ ‫ومن جملة الحقوق التي يتمتع بها الفرد بما يعرف بالحقوق السياسية‪ ،‬والتي تخول لهم‬ ‫االشتراك في الحكم مثل حق االنتخاب وحق التشريع للمجالس النيابية‪ ،‬وهي حقوق ال تخول‬ ‫لألجانب‪ ،‬باإلضافة إلى الحقوق المدنية التي تحرم فيها الدولة األجانب من التمتع بها كحق‬ ‫تملك العقارات باإلضافة إلى الحق في االستقرار الدائم في إقليم الدولة التي ينتمون إليها‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫أما جملة األعباء أو االلتزامات التي تعملها الدولة لمواطنيها دون مطالبة األجانب بها‬ ‫فهي مثال‪ :‬االلتزام بتأدية الخدمة الوطنية‪ ،‬وتبرز أهميتها أيضا في مجال تنازع االختصاص‬ ‫وتنازع القوانين أي عند تحديد القانون الواجب التطبيق ولذلك تستخدم الجنسية كضابط إسناد‬ ‫يعول عليه في هذا المجال وكذلك تحديد المحكمة المختصة قضائيا إذ تعول غالبية الدول‬ ‫على جنسية الخصوم كضابط لتحديد المختصة بالمنازعات الدولية الخاصـ ـ ـ ـة‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫كما أن للجنسية أهمية كبرى بالنسبة للدول التي تعاني من نقص المواليد‪ ،‬حيث تقوم‬ ‫هذه الدول بمنح جنسيتها للمولودين على أراضيها من أبناء المهاجرين‪ ،‬فيرتفع بذلك عدد‬ ‫سكانها ‪ ،‬حيث ابرز مثال على ذلك فرنسا إبان القرن الماضي ‪ ،‬إذ إعتمدت على هذا‬ ‫‪ -1‬علي علي سليمان‪ -‬مذكرات في القانون الدولي الخاص الجزائري‪ ،‬ط ‪ ،8‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪،0225،‬‬

‫‪.181‬‬

‫ص‬

‫‪ -2‬عوض اهلل شيبة الحمد السيد‪ -‬الوجيز في القانون الدولي الخاص‪ ،‬ط ‪ ،0‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪،1988،‬‬

‫ص‪.2120‬‬

‫‪9‬‬


‫مفهــــوم الجنسية‬

‫المبحث التمهيدي ‪:‬‬

‫االساس في زيادة نسبة سكانها عندما كانت مصنفة كأضعف دولة من حيث التعداد السكاني‬ ‫في اوروبا‬

‫‪1‬‬

‫وال تقتصر أهمية الجنسية في المجال الداخلي‪ ،‬بل أنه له أهمية كذلك في المجال‬ ‫الدولي فهي تخول للدول حقوقا في مواجهة الدول األخرى كما تفرض عليها التزامات قبل‬ ‫هؤالء األفراد ودول وعليه فإن أهمية الجنسية تبرز بصورة واضحة كونها تصبح معيار هام‬ ‫يحدد من خالله القانون الدولي نطاق سيادة الدول من الناحية الشخصية‪ -‬كيف ذلك؟‬ ‫تستخدم الجنسية كذلك كأساس قانوني وذلك عندما تقوم الدولة بحماية رعاياها في‬ ‫الخارج بواسطة سفاراتها وبرعاية مصالحهم الشخصية بواسطة قنصلياتهم‪ ،‬إذ أن من مبادئ‬ ‫القانون الدولي العام مبدأ حق حماية الدولة لمواطنيها دبلوماسيا وذلك متى أصابهم ضرر‬ ‫في دولة أخرى‪ ،‬وهي حق من الحقوق التي تخولها الجنسية للدولة للمطالبة بالتعويض عن‬ ‫الضرر الذي لحق برعاياها وبذلك مساعدة مواطنيها قضائيا على المستوى الدولي‪ ،‬وترفع‬ ‫الدولة النزاع إلى القضاء الدولي أو التحكيم ضد الدولة المتسببة في الضرر ويخضع النزاع‬ ‫في مثل هذه الحالة لقواعد القانون الدولي العام بوصفه نزاع بين دولتين‪ ،‬ومرجع تقرير هذا‬ ‫لحق للدول عدم سماح القانون الدولي العام لألفراد بالتقاضي أمام الهيئات والمحاكم الدولية‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫نحن نعلم أن سلطان الدولة أو سيادتها يمتد إلى كافة إقليم الدولة وهو ما يعرف‬ ‫بالسيادة اإلقليمية‪ ،‬إال أن لهذه السيادة صورة أخرى‪ ،‬وهو ما يعرف بالسيادة الشخصية على‬ ‫سائر األفراد الذين يتمتعون بجنسيتها حتى ولو تواجدوا خارج إقليم الدولة‪.‬‬ ‫أما بالنسبة لجملة االلتزامات التي تفرضها الجنسية على الدولة اتجاه األفراد الذين‬ ‫ينتمون إليها بجنسيتهم وال منعهم من العودة إلى إقليمها‪ ،‬أما بالنسبة لاللتزامات التي تفرضها‬ ‫الجنسية على الدولة اتجاه الدول األخرى أعضاء المجموعة الدولية يحق لكل دولة استبعاد‬ ‫إقليمها رعايا الدول األجنبية الذين ال ترغب في إبقاءهم على إقليمها بناءا على حقها في‬ ‫‪1‬‬

‫‪Jeanne-Hélene et Pièrre- La France, une chance pour l’Islam, Edition du Félin, Janvier 1991, Page 77 -‬‬

‫‪ -2‬عوض اهلل شيبة الحمد السيد‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21-22‬‬

‫‪10‬‬


‫مفهــــوم الجنسية‬

‫المبحث التمهيدي ‪:‬‬

‫السيادة اإلقليمية وهذا الحق يقابله بالضرورة التزام الدولة التي ينتمي إليها هؤالء الرعايا‬ ‫بجنسيتهم بقبولهم في إقليمهـ ـ ـ ـ ـا‪.‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬االتجاه الذي ينكر أهمية الجنسية وضرورتها‬ ‫يوجد كما سبق وأن ذكرنا اتجاه ينكر أهمية الجنسية وضرورتها فمن أهم أنصار هذا‬ ‫االتجاه؟ وما هي األسس التي يستندون عليها؟‬ ‫إن من أنصار هذا االتجاه الفقيه ‪ ،Keleson‬الذي يرى أن الجنسية ليست من النظم‬ ‫األساسية لقيام الدولة وذلك ألن الجنسية هي من خلق القانون الوضعي‪ ،‬ويكفي لوجود الدولة‬ ‫أن يتوفر فيها عنصر السكان‪ ،‬وأن التفرقة بين الوطني واألجنبي ال ترتبط بوجود الدولة وال‬ ‫تشتق من ماهيتها فال أساس لهذه التفرقة‪ ،‬ويضيف هذا الفقيه حجة علمية على أنه من‬ ‫الممكن أن تنشأ الدولة دون أن تكون لها جنسية معينة ومثال ذلك دولة إسرائيل‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫إال أن هذا االتجاه مرفوض جملة وتفصيال‪ ،‬ذلك أنه إذا نشأت الدولة من الناحية‬ ‫المادية بمجرد توفر عنصر الشعب فيها فإن ذلك لن يكفي لوحده ليوفر للدولة االستقرار‬ ‫المتطلب‪ ،‬وعليه ليس من المقبول ترك ركن الشعب في الدولة دون ضابط قانوني يحدده‬ ‫وبالتالي ال بد ومن الضروري وضع معيار ثابت ليتحدد به‪ ،‬وعليه فإن ضابط الجنسية يقوم‬ ‫على رابطة معنوية يتسم بطابع االستقرار الذي يكفل بتحديد ركن الشعب في الدولة بصفة‬ ‫ثانية‪ ،‬إال أن هذا ال يعني أن نظام الجنسية ينهار بمجرد إزالة الفوارق الوضعية بين الوطني‬ ‫واألجنبي‪ ،‬فنظام الجنسية يهدف أساسا إلى تحديد ركن الشعب في الدولة‪ ،‬وما التفرقة بين‬ ‫الوطني واألجنبي من حيث تحمل االلتزامات والتمتع بالحقوق إال أثر عرضي من آثار‬ ‫الجنسية وأن تخلفه ال يؤثر في ض ـ ـ ـ ـرورة وجود نظام الجنسية ذاته‪.‬‬

‫‪ -1‬عوض اهلل شيبة الحمد السيد مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.20-21‬‬

‫‪ -2‬د‪ .‬هاشم علي صادق‪ ،‬الجنسية والموطن ومركز األجانب‪ ،‬ص ‪.80-08‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪2‬‬



‫االختصاص في مسائل الجنسية‬

‫المبحث األول ‪:‬‬ ‫المبحث االول ‪ :‬االختصاص القضائي في مسائل الجنسية‬

‫الجنسية هي أداة تحديد الهوية الدولية ‪ l’étiquette internationale‬إلى‬ ‫الفرد والتي توضح إلى أي دولة ينتمي سياسيا أو قانونيا والجنسية هي أيضا أداة تمييز‬ ‫الوطني عن األجنبي ‪ ،‬وبالتالي الفيصل في تقرير نطاق ومدى الحقوق التي يتمتع بها‬ ‫والواجبات التي تقع عاتقه‪.‬‬ ‫وفضال عن ذالك فان الجنسية ليست فقط (أداة) بل هي فوق ذالك حق (‪ )droit‬من‬ ‫حقوق اإلنسان التي ال يمكن تجاهلها والتي يؤكد القانون الدولي العام على ضرورة احترامه‬ ‫‪ ،‬فقد نصت المادة ‪ 21‬من اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان الصادر عن األمم المتحدة‬ ‫‪ 2391‬على إن " لكل فرد التمتع بجنسية ما" والجنسية باعتبارها (أداة) تهم الدولة‬ ‫بالدرجة األولى حيث يتم عن طريقها تحديد األفراد المكونين لركن الشعب فيها وبهذه‬ ‫المثابة اليكون من المستغرب أن ينشب خالف بين من يملك األداة و بين من تخاطبه هذه‬ ‫األخيرة‪ ,‬فقد تنكر الدولة على الفرد تمتعه بجنسيتها أو حتى تدعي عليه عضويته في شعبها‬ ‫على خالف‬

‫الواقع‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫والجنسية باعتبارها "حقا" تهم الفرد بالدرجة األولى‪ ،‬فهي الزمة من لوازم وجوده‬ ‫اإلنساني وعليه فان الفرد ال يتوان في الدفاع عن جنسيته إذا تعرضت لإلنكار ‪،‬سواء من‬ ‫قبل الدولة أو من قبل فرد آخر فهو يطالب بثبوتها له حال افتقاده لها‪ ،‬وهو يدافع بتمتعه‬ ‫بها حال م نازعته في ذالك ‪،‬وهنا يثار التساؤل حول الجهة صاحبة االختصاص بتحقيق تلك‬ ‫الحماية‬ ‫واالختصاص بمنازعات الجنسية من المسائل العامة في قانون الجنسية ‪,‬التصاله‬ ‫بتأكيد ثبوت الصفة الوطنية أو األجنبية للشخص الذي تكون جنسيته محال للنزاع ‪ ،‬وهو‬ ‫تأكيد الزم لثبات المركزاو الوضع القانوني واالنتماء السياسي للشخص‬

‫‪1‬‬

‫‪2‬‬

‫ أحمد عبد الكريم سالمة ‪ -‬المبسوط في شرح نظام الجنسية‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ، 1991 ،‬ص ‪058‬‬‫‪2‬‬ ‫‪ -‬أحمد عبد الكريم سالمة ‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪051‬‬

‫‪12‬‬


‫االختصاص في مسائل الجنسية‬

‫المبحث األول ‪:‬‬

‫وبحث االختصاص المشار إليه يقتضي إلقاء الضوء على ماهية االختصاص في‬ ‫مسائل الجنسية بوجه عام ( مطلب أول) واختصاص القضاء العادي ( مطلب ثاني )‬ ‫واختصاص القضاء اإلداري(مطلب ثالث)‬ ‫المطلب األول‪ :‬ماهية أإلختصاص في مسائل الجنسية‬ ‫سوف نتطرق إلى مفهوم االختصاص بوجه عام في الفرع األول والى مفهوم‬ ‫االختصاص القضائي في منازعات الجنسية في الفرع الثاني ‪.‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬مفهوم أإلختصاص بوجه عام‬ ‫االختصاص (‪ ) la compétence‬عموما هو صفة يعترف بها القانون لشخص‬ ‫أو لسلطة او لجهاز معين‬

‫‪1‬‬

‫وتلك الصفة ذات مضمون موضوعي وعضوي و من ناحية مضمونها الموضوعي نقول‬ ‫إن الشخص أو السلطة ذات االختصاص هي السلطة التي لها أهلية القيام بعمل قانوني أو‬ ‫مادي معين ‪ .‬فإذا صدر العمل المذكور عن شخص أو سلطة ليست لها األهلية المحددة‬ ‫قانونا كان عمال صادرا عن غير صائب وكان غير ذي مفعول بحسب األصل ومن ناحية‬ ‫المضمون العضوي فان االختصاص يبدو كفكرة ترسم حدود ونطاق عمل ونشاط شخص‬ ‫أو سلطة أو جهاز معين فنقول إن هذا العمل والنشاط هو من اختصاصه إذا كان يجب عليه‬ ‫وفقا للقانون أن يقوم به أو هو خارج اختصاصه إذا كان ال يسوغ له أن ينهض به‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬مفهوم االختصاص القضائي في منازعات الجنسية‬ ‫بالرغم من أن تنظيم الجنسية وثيق الصلة بالسياسة العليا للدراسة ويدخل باعتراف‬ ‫القانون الدولي العام ضمن االختصاصات القاصر للقانون الوطني ‪ ،‬تتمتع فيه الدولة‬ ‫بصالحيات واسعة ‪ ،‬مما يجعل أعمالها وثيقة الصلة بممارسة سيادتها ‪ ،‬مثال لها الكلمة‬ ‫األخيرة في البت في طلبات التجنس بجنسيتها دون معقب على قرارها ‪ ،‬كذلك تحدد بمطلق‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬أحمد عبد الكريم سالمة ‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪051‬‬

‫‪13‬‬


‫االختصاص في مسائل الجنسية‬

‫المبحث األول ‪:‬‬

‫حريتها أسس بناء جنسيتها األصلية وطرق فقدها أو نزعها ‪ ،‬كذلك اليجوز لغيرها من‬ ‫الدول أن تتد خل بالتشريع لها في جنسيتها أو تتخذ من ظوابط جنسيتها حكما لتوزيع األفراد‬ ‫دوليا‬

‫‪1‬‬

‫إال أنه يجب التمييز بين أعمال السيادة ) ‪ ) acte de souveraineté‬أي‬ ‫األعمال الحكومية أو الوظيفية الحكومية و هي تخرج عن والية القضاء و بين أعمال‬ ‫الوظيفية اإلدارية (‪ ) la fonction administrative‬أو العمل اإلداري الخاضع لرقابة‬ ‫القضاء ‪ .‬وتنفيذ قانون الجنسية إداريا يدخل ضمن الصنف الثاني ‪ ،‬ولو أن لإلدارة سلطة‬ ‫تقديرية للمالءمة أحيانا ‪ .‬إال أن ذلك ال يعني إفالت أعمالها من رقابة القضاء من مشروعية‬ ‫العمل وعدم انحرافها في استعمال السلطة واليستثني من هذا المبدأ بشان الجنسية ‪ ،‬إال‬ ‫الحالة التي ينظم بشأنها حل النزاع بموجب اتفاقية دولية تحدد جنسية الشخص‪ ,‬و اليجوز‬ ‫لهذا األخير ان يلجأ إلى القضاء في إحدى الدولتين متظلما من الحكم القانوني المقرر‬ ‫باالتفاقية الن عمل اإلدارة بشأنه يدخل في إطار وظيفتها الحكومية‬

‫‪2‬‬

‫وفي حالة التعدي على حق الفرد في جنسيته ‪ ،‬كانكار الدولة حقه في الجنسية أو‬ ‫مصادرتها لهذا الحق ‪ ،‬أو منازعة الغير له فيها ‪ ،‬فال مجال إلنكار حقه في اللجوء للقضاء‬ ‫وطلب حماية هذا الحق الذي هو أساس الحقوق األخرى‪.‬‬ ‫ومع إقرار هذا المبدأ إال أن المالحظ هو أن التنظيم التشريعي لهذا الموضوع غير‬ ‫متكامل في القوانين العربية ‪،‬بعض القوانين لم تخصه بتنظيم معين بالرغم من خصوصية‬ ‫المنازعات المتعلقة بالجنسية ‪ ,‬ومن ثم تخضع أحكامه أي القواعد العامة في المنازعات‬ ‫القضائية عموما ‪.‬وبعض التشريعات العربية حولت االختصاص بمنازعات الجنسية إلى‬ ‫لجان خاصة تنشأ لهذا الغرض ‪،‬وبعضها األخر منح االختصاص القضائي في مسائل‬ ‫الجنسية إلى نفس الجهة اإلدارية التي تتولى تنفيذ قانون الجنسية ‪ .‬في حين خصت قوانين‬ ‫‪ -1‬الطيب زروتي‪ -‬الوسيط في الجنسية الجزائرية‪،‬دراسة التحليلية في القوانين العربية و القانون الفرنسي‪،‬مطبعة الكاهنة‬ ‫الجزائر‪،1111‬ص‪.100‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪ -‬أحمد عبد الكريم سالمة ‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪058‬‬

‫‪14‬‬


‫االختصاص في مسائل الجنسية‬

‫المبحث األول ‪:‬‬

‫الجنسية في تونس والمغرب والجزائر أسوة بالقانون الفرنسي هذا الموضوع بأحكام مفصلة‬ ‫مبينة الجهة القضائية المختصة وصور الدعاوي التي تفصل فيها و اإلجراءات المتبعة‬ ‫بشأنها وكيفية إثبات الجنسية وحجية األحكام الصادرة فيها‪ .‬و طبقا للمادة ‪ 90‬فقرة ‪ 2‬من‬ ‫قانون الجنسية الجزائري‪ ،1‬إن المحاكم االبتدائية هي المختصة ‪ ،‬ويفصل في منازعات‬ ‫الجنسية قسم األحوال الشخصية بالمحكمة دون غيره من األقسام األخرى كالقضاء‬ ‫أالستعجالي أو العقاري‪ .‬ولو كانت مسالة الجنسية مثارة كدفع أولي‪ .‬ويجوز الطعن‬ ‫بإستئناف هذه األحكام أمام المجلس القضائي ( المادة ‪ 90‬الفقرة ‪ ) 9‬والطعن فيها بالنقض‬ ‫أمام المحكمة العليا‪.‬‬ ‫المطلب األول ‪ :‬إختصاص القضاء العادي‬ ‫ان المنازعات المتعلقة بالجنسية هي منازعات مدنية ترفع إلى المحاكم العادية وفق‬ ‫إلجراءات رفع الدعاوى المدنية وتخضع لشروط رفع الدعوة وقبولها من حيث رفع الدعوى‬ ‫بعريضة موقعة تتضمن البيانات التي أوجبتها المادة ‪ 29‬من قانون اإلجراءات المدنية‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫وبالتالي فاإلجراءات اإلدارية التي تقوم بها السلطة التنفيذية على مختلف مستوياتها‬ ‫بخصوص مسائل الجنسية ال تعتبر من المنازعات الخاصة بالجنسية ولكن تعتبر إجراءات‬ ‫إدارية سابقة على المنازعات القضائية الخاصة بالجنسية و هو ما نصت عليه المادة ‪90‬‬ ‫الفقرة االولى من قانون الجنسية الجزائري‬

‫‪3‬‬

‫وبالموازاة فان القانون الفرنسي مثال قام بتوحيد مهمة االختصاص القضائي في‬ ‫النظر بالمنازعات الجنسية بحصرها في تشريع ‪ 2391‬في المحكمة المدنية و قضى بأنه‬ ‫إذا أثيرت منازعة أمام أية جهة قضائية عادية أو إدارية حول الجنسية في صورة منازعة‬ ‫أولية يتوقف على الفصل فيها ‪ ،‬الفصل في المنازعة األصلية وجب إيقاف الفصل في‬

‫‪1‬‬

‫ الطيب زروتي‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪579‬‬‫‪2‬‬ ‫ المادة ‪ 11‬من قانون االجراءات المدنية و االدارية رقم ‪" 89/80‬ال يجوز ألي شخص تقاضي‪ ،‬ما لم تكن له صفة ‪"...‬‬‫‪3‬‬ ‫‪ -‬بن عبيدة عبد الحفيظ ‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪191‬‬

‫‪15‬‬


‫االختصاص في مسائل الجنسية‬

‫المبحث األول ‪:‬‬

‫الخصومة األصلية حتى تقضي المحكمة المدنية المختصة في مسألة الجنسية ‪ ،‬كما اوجب‬ ‫تمثيل النيابة العامة في كل منازعات الجنسية أمام القضاء العادي‬

‫‪1‬‬

‫أما القانون المصري القائم رقم ‪ 91‬سنة ‪ 2301‬كسائر التشريعات المصرية السابقة‬ ‫فإنه لم ينص على الجهة القضائية المختصة بمنازعات الجنسية ‪ ،‬ولكن بالرجوع لقانون‬ ‫مجلس الدولة رقم ‪ 11‬لسنة ‪ 2313‬والذي يبين بأن القضاء اإلداري هو صاحب الوالية‬ ‫الوحيدة في جميع منازعات الجنسية وأيا كانت صورة هذه المنازعات ‪ ،‬فإذا ثار أمام‬ ‫القضاء العادي منازعة جنسية كمسالة أولية سابقة عن الفصل في النزاع األصلي يتعين‬ ‫على القضاء العادي إحالة الخصومة في هذه المنازعة إلى القضاء اإلداري للفصل في‬ ‫مسالة الجنسية وفقا لنص المادة ‪ 23‬قانون السلطة القضائية رقم( ‪2301 )93‬‬

‫‪2‬‬

‫وبالرجوع لنص المادة (‪ )90‬الفقرة األولى من قانون الجنسية الجزائري التي تنص‬ ‫على " تختص المحاكم وحدها بالنظر في المنازعات حول الجنسية الجزائرية " ‪ ،‬أي أن‬ ‫اإلختصاص بالنظر في منازعات الجنسية يعود للمحاكم المدنية وحدها فليس لغيرها أن‬ ‫تفصل في مسائل الجنسية ‪ ،‬واليمكن للمحاكم اإلدارية (الغرفة اإلدارية بالمجلس حاليا ) أن‬ ‫تفصل في هذه المنازعات إال فيما تعلق بالطعن باإللغاء في المقررات اإلدارية لتجاوز‬ ‫السلطة‪.‬‬ ‫واعتبار القضاء المدني هو الشخص وليس القضاء اإلداري‪ ،‬و مرده لإلعتبارات التالية‬

‫‪3‬‬

‫ إن الجنسية تعتبر من المسائل المتصلة بحالة األشخاص والتي يحدد بها مركز الفرد‬‫وحالته وحقوقه والتزاماته ‪،‬و عليه يجب أن تكون المنازعات المتعلقة بها من‬ ‫اختصاص القضاء العادي باعتباره القضاء الطبيعي والتقليدي الذي يفصل في حالة‬ ‫األشخاص وأهليتهم ‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫ غالب علي الداودي ‪ -‬القانون الدولي الخاص‪ ،‬الجنسية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار الثقافة للنشر و التوزيع‪ ،‬األردن‪ ،1811 ،‬ص ‪101‬‬‫‪2‬‬ ‫ عوض هللا شيبة الحمد السيد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪111‬‬‫‪3‬‬ ‫‪ -‬أحمد عبد الكريم سالمة ‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪088 ،059‬‬

‫‪16‬‬


‫االختصاص في مسائل الجنسية‬

‫المبحث األول ‪:‬‬

‫ إن منح االختصاص للقضاء المدني مرده الخشية من عدم موضوعية السلطات‬‫اإلدارية بالنظر إلى أن لها دورا مؤثرا أمام القضاء اإلداري وأنها مسؤولة عن‬ ‫سياسة مضيقة في قبول األجانب ومنح الجنسية بصفة عامة‪.‬‬

‫ القضاء المدني يوفرللمتقاضين ضمانات إجرائية أكثر حماية ويسمح بتدخل النيابة‬‫العامة للدفاع عن المصالح العامة للبالد‪.‬‬ ‫ولتوضيح ذلك سوف نتطرق إلى مفهوم أالختصاص النوعي في الفرع األول‬ ‫ومفهوم أالختصاص المحلي في الفرع الثاني ‪.‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬أالختصاص النوعي في منازعات الجنسية‬ ‫المقصود باالختصاص النوعي‬

‫"والية الجهة القضائية على إختالف درجتها‬

‫‪،‬بالنظر في نوع محدد من الدعاوي"‪، 1‬وبهذا فقد نظم المشرع الجزائري هذه المسالة في‬ ‫المادة ‪ 17‬من األمر (‪ ) 81 / 85‬فأعطى اختصاص المحاكم وحدها بالنظر في المنازعات‬ ‫المتعلقة بالجنسية‪ 2‬والمقصود بالمحاكم " المحاكم العادية االبتدائية " دون غيرها من‬ ‫المحاكم األخرى والمقصود أيضا في هذا المجال قسم األحوال الشخصية‬

‫‪3‬‬

‫وهذا االختصاص يشمل المنازعات التي ترفع إلى المحكمة عن طريق الدعوى‬ ‫األصلية ‪ ،‬وكذلك المنازعات التي تثور عن طريق الدفع ‪ .‬هذا ولقد الغي التشريع األخير‬ ‫المادة ‪18‬من قانون الجنسية الجزائري‪ ،4‬والتي تنص على اختصاص القضاء اإلداري‬ ‫بالنظرفي الطعون باإللغاء لتجاوز السلطة بشان القرارات اإلدارية المتعلقة بالجنسية ‪ ،‬فلم‬ ‫يذكر المشرع األسباب التي أدت إلى إلغائها بالرغم من أن نظام القضاء الجزائري قد أصبح‬ ‫يتمتع باالزدواجية فمن غير المعقول أن ترفع الدعوى الناشئة عن الطعن في القرارات‬ ‫‪1‬‬

‫ بربارة عبد الرحمن‪ -‬شرح قانون االجراءات المدنية و االدارية‪ ،‬قانون رقم ‪ 89/80‬المؤرخ في ‪ 11‬فيفري ‪ ،1880‬ط ‪ ، 1‬منشورات‬‫البغدادي‪ ،1889 ،‬ص ‪58‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ أعراب بلقاسم ‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪117‬‬‫‪3‬‬ ‫ بلعيور عبد الكريم‪ -‬محاضرات في قانون الجنسية‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬بن عكنون‪ ،‬الجزائر‪ ،1888/1885 ،‬ص ‪111‬‬‫‪4‬‬ ‫‪ -‬المادة ‪ 18‬من قانون الجنسية الجزائري (ملغاة باالمر رقم ‪ 81/85‬المؤرخ في ‪ 17‬فيفري ‪)1885‬‬

‫‪17‬‬


‫االختصاص في مسائل الجنسية‬

‫المبحث األول ‪:‬‬

‫اإلدارية أمام القضاء العادي‪ ،‬مثال ذلك صدور قرار إداري بإبعاد شخص عن البالد لكونه‬ ‫أجنبي ‪ ،‬فهل يطعن هذا األخير بإعتبار انه وطني وليس أجنبي أمام محكمة مدنية ؟ أو هل‬ ‫من المنطق أن يطعن شخص في قرار أو مرسوم رئاسي متضمن سحب أو تجريد الجنسية‬ ‫الجزائرية منه ؟ ولإلجابة عن ذلك وأمام هذا الوضع في عدم وجود حل قانوني واضح‬ ‫يبرر من خالله المشرع سبب اإللغاء ‪ ،‬يرى بعض األساتذة القانونيين في هذه المسألة و‬ ‫منهم الدكتور "مقني بن عمار" الذي قال " أن مسألة الحصول على قرارات قضائية إدارية‬ ‫لها عالقة بموضوع الجنسية أمر صعب لعدم وجودها حاليا ً وبذلك يصعب التطرق إلى هذا‬ ‫الموضوع " ‪ ،‬بينما يرى البعض انه لو اثيرت مسألة كهذه فمن األرجح ان تظل قواعدها‬ ‫خاضعة لقواعد عامة في القضاء اإلداري‪.‬‬ ‫وبالنسبة للتشريعات العربية األخرى تتباين في مسالة االختصاص النوعي في‬ ‫منازعات الجنسية وهذا حسب األنظمة القضائية التي تنتهجها‪ ،‬فنجد التشريع العراقي قد‬ ‫جعل بنص صريح أن القضاء اإلداري وحده دون غيره الذي يفصل في المنازعات المتعلقة‬ ‫بالجنسية في المادة ‪ 19‬من قانون الجنسية لعام ‪ 11888‬وهناك دول تجعل االختصاص إلى‬ ‫المحاكم المدنية التجاهها إلى أحادية القضاء كالتشريع الكويتي و األردني بينما تشريعات‬ ‫دول المغرب العربي كتونس والمغرب فتتجه إلى إزدواجية القضاء وبالتالي تساير الجزائر‬ ‫في هذه المسألة ‪.‬‬ ‫من جهة أخرى أشار التشريع الجزائري في المادة ‪ 17‬الفقرة الثانية من األمر السابق‬ ‫"على أن النيابة العامة تعد طرفا ً أصليا في جميع القضايا الرامية إلى تطبيق أحكام هذا‬ ‫القانون " فنجد أن المشرع هنا قد قام بتعزيز الدور الكبير للنيابة العامة باعتبارها الطرف‬ ‫األصلي أي تدخلها في كل دعوى خاصة بموضوعات منازعات الجنسية ‪.‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬االختصاص المحلي في منازعات الجنسية‬

‫‪1‬‬

‫‪ -‬المادة ‪ 19‬من قانون الجنسية ال عراقي "تختص المحاكم االدارية في تطبيق أحكام الدعاوى الناشئة عن هذا القانون"‬

‫‪18‬‬


‫االختصاص في مسائل الجنسية‬

‫المبحث األول ‪:‬‬

‫المقصود باالختصاص المحلي االقليمي هو "والية الجهة القضائية بالنظر في‬ ‫الدعاوى المرفوعة امامها استنادا الى المعيار الجغرافي الذي يخضع له التقسيم‬ ‫القضائي"‬

‫‪1‬‬

‫وعليه نجد ان المشرع الجزائري قبل التعديل وبعده لم يحدد في قانون الجنسية‬ ‫المحاكم المختصة محليا بالنظر في منازعات الجنسية على غرار ما فعله بالنسبة‬ ‫لالختصاص النوعي‪ 2‬و امام هذا الوضع يرى شراح القانون الجزائري بانه يجب اللجوء‬ ‫الى القواعد العامة في قانون االجراءات المدنية واالدارية الجديدة المادة ‪ 17‬التي تنص "‬ ‫يؤول االختصاص االقليمي للجهة القضائية الذي يقع في دائرة اختصاصها مواقف المدعي‬ ‫عليه ‪ ,‬ان لم يكن له موطن معروف فيعود االختصاص للجهة القضائية التي يقع فيها اخر‬ ‫موطن له ‪ ,‬وفي حال اختيار موطن يؤول االختصاص االقليمي للجهة القضائية التي يقع‬ ‫فيها الموطن المختار ما لم ينص القانون على خالل ذلك"‪.‬‬ ‫اما الغرفة االدارية بالمجلس هي التي تختص بالبحث في الطعن بااللغاء ضد‬ ‫القرارات االدارية التي تصدرها السلطة العامة‪ 3‬واالختصاص بالنظر في الدعاوى االصلية‬ ‫التي سوف تتعرض لها فيما بعد يرجع الى المحاكم المدنية وحدها فليس لغيرها ا تفصل في‬ ‫مثل هذه الدعاوى التي يكون موضوعها خاص بمنازعات الجنسية ‪ ,‬فطبقا لنص المادة ‪17‬‬ ‫الفقرة الثالثة من قانون الجنسية ترى ان المحاكم غير مدنية مثل المحاكم االدارية او‬ ‫الجزائية فعليها ان تؤجل الفصل في النزاع االصلي المعروض عليها وتمثيل الشخص الذي‬ ‫اثار الرفع الى المحكمة المختصة نوعيا او محليا لرفع دعوى عن الجنسية خالل مدة شهر‬ ‫من تاريخ التأجيل‪ ،‬فاذا م ا قام المعني برفع دعوى خاصة بالجنسية امام المحكمة المختصة‬ ‫خالل شهر وجب على المحكمة غير المدنية التي تنظر في النزاع االصلي ان توقف الفصل‬ ‫حتى تفصل المحكمة المختصة فيها‪ ،4‬واعطى المشرع مدة شهر واحد لمن اثار الدفع‬ ‫بالجنسية برفع األمر الى المحكمة المختصة ‪ ،‬فاذا ما مضت هذه المدة الهمال الدفع المثار‬ ‫‪1‬‬

‫ بربارة عبد الرحمن‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪50‬‬‫‪2‬‬ ‫ بلعيور عبد الكريم‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪111‬‬‫‪3‬‬ ‫ علي علي سليمان‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪199‬‬‫‪4‬‬ ‫‪ -‬محمد طيبة ‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪51‬‬

‫‪19‬‬


‫االختصاص في مسائل الجنسية‬

‫المبحث األول ‪:‬‬

‫فان المحكمة التي تنظر في الدعوى األصلية تفصل فيها وتصرف النظر عن الدفع بالجنسية‬ ‫‪،‬وهذا حسب ماتنص عليه المادة السابقة‪.1‬‬ ‫اما بالنسبة للجزائريين المقيمين بالخارج‪ ،‬فان المحكمة المختصة محليا هي محكمة‬ ‫مقر المجلس القضائي للجزائر العاصمة ‪.‬‬ ‫المطلب الثالث ‪ :‬اختصاص القضاء االداري‬ ‫ان بعض القوانين تسند االختصاص لتنفيذ قانون الجنسية الى السلطة القضائية‬ ‫واغلبها اناطته بالسلطة التنفيذية ‪،‬على اختالف فيما بينها بشان الجهة االدارية المختصة‪.‬‬ ‫ف في القانون الفرنسي وبالرغم من انه حصر مسائل المنازعات المتعلقة بالجنسية‬ ‫وحدد لجهة المختصة وهي القضاء العادي ‪،‬الى انه قد استبقى للقضاء االداري اختصاصه‬ ‫االصيل بنظر في الطعون في القرارات االدارية الخاصة بالتجنس ورقابته عليها‬

‫‪2‬‬

‫اما القانون المصري القائم رقم ‪ 18‬سنة ‪ 1975‬والذي لم ينص ولم يحدد الجهة‬ ‫المختصة بمنازعات الجنسية ولكن بالرغم من ذالك قصور التشريعي فانه منذ صدور قانون‬ ‫مجلس الدولة رقم ‪ 55‬سنة ‪ ،1959‬بان القضاء االداري دون غيره يختص بالنظر في‬ ‫منازعات الجنسية ‪،‬ومنذ صدور هذا القانون و الفقه الغالب مستقر على ان القضاء االداري‬ ‫بات صاحب الوالية الوحيد في جميع المنازعات الجنسية وايا كانت صورة هذه المنازعة ‪،‬‬ ‫وقد اكد قانون مجلس الدولة الحالي رقم ‪ 17‬سنة ‪ 1971‬هذا االختصاص للقضاء االداري‬ ‫فهو ينص في المادة ‪ ’’ 188‬تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل‬ ‫التالية ‪ ...‬دعاوى الجنسية ’’ ‪.‬‬ ‫ولكن قوانين الجنسية في دول المغرب العربي الثالثة ( الجزائر ‪ ،‬تونس ‪ ،‬المغرب )‬ ‫فقد اسندت االختصاص االداري لمسائل الجنسية الى وزارة العدل بوصفها جهازا اداريا‬ ‫وليس سلطة قضائية كما اعتقد البعض‪.1‬‬ ‫‪1‬‬

‫ بن عبيدة عبد الحفيظ ‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪198‬‬‫‪2‬‬ ‫‪ -‬أحمد عبد الكريم سالمة ‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪051‬‬

‫‪20‬‬


‫االختصاص في مسائل الجنسية‬

‫المبحث األول ‪:‬‬

‫فقد نصت المادة ‪ 15‬فقرة األولى من قانون الجنسية الجزائري على انه ترفع‬ ‫الطلبات والتصريحات المقدمة الكتساب الجنسية الجزائرية او التنازل عنها او رفضها‬ ‫وكذلك اسرتدادها الى وزير العدل ‪.‬‬ ‫وهذا النص شامل االختصاص ألهم المسائل االدارية بشأن الجنسية وينصرف حكمه‬ ‫الى كافة الطلبات كطلبات التجنس ‪ ،‬من حيث التثبت من الشروط المطلوبة فيه وصحة‬ ‫االوراق المقدمة في الملف ودراسته والقيام بالتحريات الضرورية بشانه قبل اتخاذ قرار فيه‬ ‫مع مالحظة ان قبول طلب التجنس من اختصاص رئيس الجمهورية بموجب مرسوم‬

‫‪2‬‬

‫كما ان وزارة العدل تختص بتلقي تصريحات اكتساب الجنسية بفضل القانون وطلبات فقدها‬ ‫او رفضها او استردادها ‪ ،‬وهي المختصة ايضا فيما بخص التجريد منها‪.‬‬ ‫وقد خول القانون لوزير العدل ( المادة ‪ 17‬من قانون الجنسية الجزائري ) سلطة‬ ‫رفض طلبات التجنس واالعتراض على التصريحات الخاصة بالدخول في الجنسية ‪ ،‬وكذا‬ ‫سلطة سحبها ممن اكتسبها بصفة غير قانونية خالل االجل المعين‪.‬‬ ‫اال انه بموجب تعديل سنة ‪ 1885‬بموجب االمر ‪ 1- 85‬المؤرخ في ‪ 17‬فيفري‬ ‫‪ 1885‬تم الغاء المادة ‪ 18‬من قانون الجنسية الصادر عام ‪ 1978‬والتي كانت تنص على‬ ‫انه " تختص المحكمة االدارية بالبت في الطعن بااللغاء لتجاوز السلطة ضد القرارات‬ ‫االدارية في قضايا الجنسية " وهذا ما يثير التسائل التالي ‪ :‬هل الهدف منه ان يكون‬ ‫للقضاء المدني والية الفصل في حل المنازعات التي تخص الجنسية حسب ماجاء في نص‬ ‫المادة ‪ 17‬؟ ام ان منازعات الجنسية التي يكون محورها الطعن في قرارات االدارية‬ ‫الصادرة بشانها تبقى خاضعة للقواعد العامة في القضاء االداري ؟ ‪.‬‬ ‫لكن لالجابة على هذا التساؤل وبترجيح المنطق في النظر في المسألة ‪ ،‬تبقى دعاوى‬ ‫الجنسية التي تكون ناشئة عن الطعن في القرارات االدارية المتعلقة بها‪ ،‬سواءا كانت منحا‬ ‫‪،‬فقدا ‪،‬كسبا ‪،‬سحبا او تجريدا ‪ ،‬خاضعة للقواعد العامة الجاري العمل بها في القضاء‬ ‫‪1‬‬

‫ الطيب زيروتي ‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪571‬‬‫‪2‬‬ ‫‪ -‬الطيب زيروتي ‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪571‬‬

‫‪21‬‬


‫االختصاص في مسائل الجنسية‬

‫المبحث األول ‪:‬‬

‫االداري ‪ ،‬اذ انه من غير المعقول ان يتم رفعها امام القضاء العادي‪ 1‬ويكون محلها الطعن‬ ‫في قرار اداري ‪ ،‬وهذا باعتبار النظام القضائي الجاري المعمول به في الجزائر هو نظام‬ ‫ازدواجية القضاء ‪ ،‬وعليه فمن غير المعقول ان تكون الوالية للقضاء العادي للفصل في‬ ‫جميع المنازعات المتعلقة بالجنسية مهما كان موضوعها ‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫ نور الحجايا ‪ -‬االختصاص القضائي بمنازعات الجنسية في القانون االردني‪ ،‬بحث علمي‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة مؤتة‪ ،‬المملكة األردنية‬‫الهاشمية‪ ،1885 ،‬ص ‪18‬‬

‫‪22‬‬



‫دعاوي الجنسية‬

‫المبحث الثاني ‪:‬‬ ‫المبحث الثاني ‪ :‬دعاوي الجنسية‬

‫الدعاوي القضائية بصفة عامة عبارة عن وسيلة من أجل الحصول على الحماية‬ ‫القضائية إما لحق أو لمركز قانوني ‪،‬و بها تمثل الحاجة إلى اللجوء إلى مرفق القضاء لتأكيد‬ ‫حقه تارة أو مركزه القانوني تارة أخرى‬

‫‪1‬‬

‫فقد تصدر جهة اإلدارة قرار بشأن جنسية فرد أو تمتنع عن اتخاذ قرار في هذا‬ ‫الصدد على خالف ما يقضى به القانون ‪،‬فيسارع الفرد إلى القضاء لينازع جهة اإلدارة في‬ ‫موقفها ‪،‬وهذه المنازعة هي التي تتخذ صورة الطعن في قرار إداري ‪،‬من جهة ثانية قد تثور‬ ‫مناعة الجنسية في صورة مسألة أولية أي تثور بصفة تبعية للخصومة األصلية المطروحة‬ ‫أمام القضاء وأخيرا قد تتخذ المنازعة الخاصة بالجنسية صورة دعوى أصلية أو مجردة‬ ‫يرفعها الفرد على الدولة لطلب تقرير ثبوت الجنسية له أو نفيها عنه دون خصومة أصلية أو‬ ‫قرار من اإلدارة أو امتناع عن قرار يدعو للطعن ‪.‬‬ ‫وسنتطرق لكل صورة من هذه الدعاوى في مطلب مستقل على النحو التالي ‪:‬‬ ‫المطلب األول ‪ :‬المنازعة في الجنسية عن طريق الطعن في قرار إداري‬ ‫وهي صدور قرار إداري متعلق بجنسية الشخص ‪ ،‬فينازع هذا األخير في ذلك‬ ‫القرار طالبا إلغاؤه أو التعويض عنه أو األمرين معا‪ 2‬مثل منازعة اإللغاء ضد مراسيم‬ ‫رئاسية متضمنة سحب أو استرداد أو تجريد الشخص منها وبالنسبة للمشرع الجزائري‬ ‫وحسب أحكام المادة ‪ 18‬من قانون الجنسية المعدل فإننا ال نخرج عن حالتين لهذه الدعوى ‪،‬‬ ‫األولى ‪ :‬حالة عدم قبول الطلب إذا كانت الشروط القانونية غير متوفرة‪ ،‬فلوزير العدل‬ ‫سلطة اتخاذ قرار بعدم قبول الشخص‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫ مقني بن عمار‪ -‬إجراءات التقاضي و االثبات في منازعات الجنسية وفقا للقانون الجزائري و المقارن‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬االسكندرية‪،‬‬‫مصر‪ ،1889 ،‬ص ‪71‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ عكاشة محمد عبد العال ‪ -‬الجنسية و مركز األجانب في تشريعات الدول العربية‪ ،‬ط ‪ ،1907‬الدار الجامعية‪ ،‬االسكندرية‪ ،‬مصر‪ ، 1907 ،‬ص‬‫‪578‬‬

‫‪23‬‬


‫دعاوي الجنسية‬

‫المبحث الثاني ‪:‬‬

‫الثانية ‪ :‬حالة توفر الشروط القانونية لكن وزير العدل يرفض طلب الشخص بموجب قرار‬ ‫يبلغ إلى المعني‪.‬‬ ‫وبإتخاذها صورة مسألة أوليه فإن المنازعة يلزم الفصل فيها تمهيدا لحسم الخصومة‬ ‫األصلية المطروحة أمامه ‪ .‬وهي قد تثور على هذا النحو أمام القضاء اإلداري أو العادي‪،‬‬ ‫فقد يطعن مثال شخص في القرار اإلداري الصادر بإبعاده ‪،‬أمام المحاكم اإلدارية ويستند في‬ ‫طعنه كونه من الوطنيين وبالتالي ال يجوز إبعاده ‪.‬وهنا تثور مسألة الجنسية بوصفها مسألة‬ ‫أولية يتعين البث فيها أوال حتى يمكن بعدها الفصل في الدعوى األصلية‪.‬‬ ‫وقد يحدث أن تثور المنازعة في الجنسية في هذه الحالة أمام المحاكم العادية ‪،‬وهو‬ ‫ما يحدث بصفة خاصة في مسائل تنازع القوانين واألمثلة على هذه الصورة ال تدخل تحت‬ ‫الحصر ويمكن ذكر ثالثة أمثلة‬

‫‪1‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬المنازعة أمام القضاء الجنائي‬ ‫كأن يخا ف شخص من القرار الصادر بإبعاده من الدولة فيقدم للمحكمة الجنائية بتهمة‬ ‫مخالفة هذا القرار والبقاء في البالد على وجه غير مشروع ‪،‬وحينها يدفع بأنه جزائري ولم‬ ‫يكن إبعاده جائزا ‪.‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬المنازعة أمام القضاء المدني‬ ‫كأن يثور نزاع حول تركة ‪،‬وادعى مثال الورثة أن المورث الجزائري مما يقتضى‬ ‫تطبيق القانون الجزائري في شأن أنصبت الورثة ‪،‬في حين ادعى البعض األخر تمتعه‬ ‫بجنسية فرنسية من ما يستلزم تطبيق القانون الفرنسي وفقا لقاعدة اإلسناد المنصوص عليها‬

‫‪1‬‬

‫‪ -‬عوض هللا شيبة الحمد السيد ‪ -‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪111‬‬

‫‪24‬‬


‫دعاوي الجنسية‬

‫المبحث الثاني ‪:‬‬

‫في المادة ‪ 18‬من القانون المدني ‪،‬فيتعين على المحكمة بالتالي الفصل في مسألة جنسية‬ ‫المورث كمسألة أولية الزمة لحسم النزاع األصلي المتعلق بتوزيع التركة‬

‫‪1‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬المنازعة أمام القضاء اإلداري‬ ‫كأن يصدر قرار برفض تعيين شخص في إحدى الوظائف العامة ‪،‬المقصورة على‬ ‫المواطنين بحجة عدم انتمائه لتلك الدولة ‪،‬فيطعن في هذا القرار مدعيا أنه وطني وليس‬ ‫أجنبي ‪،‬وبذلك يتوقف الفصل في هذه الدعوى على البث في مسألة الجنسية كمسألة أولية ‪.‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬المنازعة بوصفها مسألة أولية‬ ‫وتفترض هذه المنازعة بعرض مسألة أصلية يتعلق األمر فيها بموضوع من‬ ‫موضوعات األحوال الشخصية في القضاء المدني أو القضية ترفع أمام القضاء اإلداري أو‬ ‫الجنائي فيثور التنازع حول الجنسية بوصفها مسالة أولوية يجب البت فيها‬

‫‪2‬‬

‫حتى يمكن‬

‫الفصل في المسألة األصلية ‪ ،‬ويعطي بذلك الدكتور عكاشة محمد عبد العال ‪ ،‬مثال عن هده‬ ‫الصورة في عرض المسألة متعلقة في اإلرث‪ ،‬في القضاء المصري أو اللبناني أو الكويتي‬ ‫فمثال يكون القانون الواجب للتطبيق هو قانون جنسية المتوفى فيدفع بعض الورثة بأن‬ ‫الموروث ينتمي الى دولة فرنسا فهناك تطبق أحكاما مختلفة ففي مثل هذه الفرض ينبغي‬ ‫على المحكمة أال تفصل في المحكمة األصلية المتعلقة باإلرث ‪ ،‬أال بعد أن يتم الفصل في‬ ‫المسألة األولية المتعلقة بالجنسية وهذا لمعرفة ما اذا كان القانون الواجب التطبيق هو قانون‬ ‫الدولة تطبق أحكام الشريعة اإلسالمية أم القانون الدولة األخرى ‪.‬‬ ‫وقد عالج المشرع الجزائري هذا الموضوع في المادة ‪ 17‬الفقرة الثانية من قانون‬ ‫الجنسية الجزائرية بقولها "عندما تثار هده المنازعات عن طرق الدفع أمام أحكام األخرى‬ ‫تؤجل هده األخيرة المفصل فيها حتى يبث فيها من قبل المحكمة المختصة محليا التي يجب‬ ‫أن يرفع اليها األمر خالل شهر من قرار التأجيل من قبل الشخص الذي ينازع في الجنسية‬ ‫‪1‬‬

‫ هاشم علي صادق ‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬فقرة ‪ 180‬و ما بعدها‬‫‪2‬‬ ‫‪ -‬عكاشة محمد عبد العال ‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪501‬‬

‫‪25‬‬


‫دعاوي الجنسية‬

‫المبحث الثاني ‪:‬‬

‫وإال أهمل الدفع" وطبقا لهدا النص يجب للفصل في النزاع توافر شروط معينة وإتباع‬ ‫إجراءات محددة ‪.‬‬ ‫الفرع االول ‪ :‬الشروط المطلوبة ‪.‬‬ ‫و تتمثل في ‪:‬‬ ‫أوال ‪ :‬وجود دعوى أصلية مطروحة أمام جهة القضائية معينة موضوعها غير مسألة‬ ‫الجنسية‪.‬‬ ‫ثانيا ‪ :‬أثار الدفع الخاص بجنسية أحد أطراف الدعوى بصفة فرعية بشكل جدي ‪ ،‬بحيث‬ ‫يؤثر الفصل فيه في وجه الحكم الخاص بالنزاع األصلي ‪.‬‬ ‫ثالثا ‪ :‬أن تكون الجنسية محل النزاع هي الجنسية الوطنية أما لو تعلق األمر بمنازعة ذات‬ ‫عنصر أجنبي أثيرت فيها مسألة الجنسية األجنبية كدفع أولى ‪ ،‬فيجب على القاضي في‬ ‫فصل الدفع الخاص بالجنسية مع الموضوع الدعوى االصلية حسب أحكام قانون الدولة‬ ‫األجنبية المدعى االنتماء اليها ‪ ،‬وذلك حتى ال يتوقف أداء العدالة الوطنية على مشيئة‬ ‫القضاء األجنبي ‪ ،‬ال سيما أن مثل هذا الحكم ال يتمتع بالحجية في الدولة األجنبية ‪.‬‬ ‫رابعا ‪ :‬أن يكون الفصل في الدفع الخاص للجنسية ‪l’exception de nationalité‬‬ ‫بصفة أولية ضروريا للحكم في الدعوى األصلية ‪ ،‬وتقدر المحكمة جدية الدفع من خالل‬ ‫ظروف الواقع وما يقدمه المتمسك به من مستندات وشهادات بشأنه ومدى ارتباطه‬ ‫بموضوع النزاع األصلي فإذا قدرت أن الدفع الخاص بالجنسية ال ضرورة له للفصل في‬ ‫النزاع األصلي أو ان الغرض من اثارته هو المماطلة والتعسف ألن الوجه الحكم في‬ ‫موضوع الجنسية ظاهر‪ ،‬فتصرف النظر عن الدفع وتعتبره كأن لم يكن وتستمر الدعوى في‬

‫‪26‬‬


‫دعاوي الجنسية‬

‫المبحث الثاني ‪:‬‬

‫مجراها الطبيعي على أن تعلل حكمها في هذا الشأن موضحة عدم جدية دفع الجنسية أو عدم‬ ‫وجود إرتباط بينه وبين الفصل في الدعوى األصلية‬

‫‪1‬‬

‫الفرع الثاني ‪ :‬االجراءات المتبعة ‪.‬‬ ‫اذا اتضح جدية الدفع المثار الخاص بالجنسية وارتباط الفصل في الدعوى االصلية‬ ‫به تعين على المحكمة ان تؤجل الفصل في الدعوى االصلية وتمهل الطرف الذي ينازع في‬ ‫الجنسية اجل شهر من تاريخ التأجيل لرفع دعواه الخاصة بالجنسية أمام المحكمة المختصة‬ ‫نوعيا ومحليا‬

‫‪2‬‬

‫وبالنسبة ألطراف الدعوى إذا كان من أثار الدفع الخاص بالجنسية او نازع فيها‬ ‫اثباتا او نفيا هو الشخص نفسه الطرف في الدعوى ولو ان خصمه شخص طبيعي أو‬ ‫معنوي اخر ‪ ،‬فيكون تأجيل القضية طبقا للمادة ‪ 17‬فقرة ‪ 1‬لصالحة لذلك يتعين عليه خالل‬ ‫االجل المضروب أن يرفع دعواه األصلية الخاصة بالجنسية ضد النيابة العامة ومن تم طبقا‬ ‫للمادة المذكورة ‪ ،‬تأمر المحكمة بوقف الفصل في النزاع االصلي لغاية الحكم نهائيا في‬ ‫مسالة الجنسية من المحكمة المختصة ‪ ،‬ثم تفصل تلك المحكمة في النزاع االصلي على‬ ‫ضوء الحكم الخاص بالجنسية ‪ ،‬كذلك من الممكن أن يكون من أثار دفع الجنسية هو النيابة‬ ‫العامة ‪ ،‬فتتخذ نفس االجراءات السابقة ‪ ،‬ولكن قد يكون من تمسك بدفع الجنسية ليس هو‬ ‫صاحب الجنسية نفسه وحينئذ بعد إمهاله لرفع الدعوى الخاصة بالجنسية يلتمس من النيابة‬ ‫العامة تحريكها ويدخل معها طرفا منضما ‪.‬‬ ‫وعلى ذلك إن أطراف الدعوى من الجائز أن يكونوا أشخاصا طبيعيين أو شخص‬ ‫طبيعي وشخص معنوي أو شخص في مواجهة النيابة العامة ‪ ،‬أما بعد التأجيل ورفع‬ ‫الدعوى الخاصة بالجنسية فهما الشخص المتنازع في جنسيته في مواجهة النيابة العامة مع‬ ‫عدم االخالل بتدخل الغير كطرف منضم مع النيابة العامة ‪ .‬وإذا قصر من تمسك بدفع‬ ‫‪1‬‬

‫ الطيب زروتي ‪ -‬مرجع سابق‪،‬ص‪509،‬‬‫‪2‬‬ ‫‪ -‬محند إسعد ‪ -‬القانون الدولي الخاصنالقواعدالمادية‪،‬الحصانة الدبلوماسيةنالجنسية‪،‬ديوان المطبوعات الجامعية‪،‬الجزائر‪،1909،‬ص‪171،‬‬

‫‪27‬‬


‫دعاوي الجنسية‬

‫المبحث الثاني ‪:‬‬

‫الجنسية في رفع دعواه بعد التأجيل فيصرف النظر في عن ذلك الدفع وتفصل المحكمة في‬ ‫الدعوى االصلية بحالتها ‪ .‬وسيستثنى القانون الفرنسي من وجوب تأجيل الدعوى األصلية‬ ‫لغاية الفصل في دعوة الجنسية ‪ ،‬من المحكمة المختصة اختصاص محاكم الجنايات‪ 1‬التي‬ ‫اجاز لها الفصل في مسالة الجنسية المعروضة عليها كمسالة أولية ‪ ،‬ولكن ال يكون لحاكمها‬ ‫في موضوع الجنسية الحجية المقررة لألحكام الصادرة عن الفضاء المختص بمسائل‬ ‫الجنسية ‪ ،‬ويعلل بعض الفقهاء هذا اإلستثناء على أن الفصل في الجنايات ال يحتمل التأخير‬ ‫وأن اللجان التي تفصل فيها تمثل سيادة الشعب مصدر الوالء‪ .‬وفي القانون المغربي بقوله‬ ‫في الفصل ‪ ، 17‬الفقرة الثالثة من قانون الجنسية على أنه "ال يصح التمسك بدفع الجنسية‬ ‫في الدعاوى التي تعرض على المحاكم الجنائية العادية إال على مستوى التحقيق " ‪.‬‬ ‫أما في القانون الجزائري المادة ‪ 17‬الفقره الثانية ‪ ،‬والقانون التونسي المادة ‪ 58‬فال‬ ‫وجود لهذا اإلستثناء ‪.‬‬ ‫المطلب الثالث ‪ :‬الدعوى المجردة (األصلية)‬ ‫إن الحديث عن الدعوى االصلية يؤدي بنا الى التطرق الى مفهوم هذه الدعوى‬ ‫وإجراءات سير ممارستها ‪.‬‬ ‫الفرع االول ‪ :‬مفهومها ‪.‬‬ ‫ويقصد بالدعوى المجردة في الجنسية "تلك الدعوى التي يرفعها صاحب الشأن‬ ‫على الدعوى بصفة أصلية ومستقلة عن أي منازعة مطالبا فيها الحكم بثبوت الجنسية أو‬ ‫نفيها عنه "‪ 2‬فهي ادن ليست طعنا في قرار اداري وليست من جهة أخرى نزاعنا أو‬ ‫دعوى تبعية ‪،‬بل هي مستقلة يرفعها صاحب الشأن و الغرض منها الحكم لصلحه بصفة‬ ‫مجردة بأنه يتمتع بالجنسية اوال يتمتع بها ‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫المادة ‪،111‬الفقرة الثانية‘من قانون الجنسية الفرنسي المعدل في ‪1971‬‬‫‪2‬‬ ‫‪ -‬مقني بن عمار‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪71‬‬

‫‪28‬‬


‫دعاوي الجنسية‬

‫المبحث الثاني ‪:‬‬

‫وبالرجوع الى القانون الجزائري نجد هدا المفهوم وارد في نص المادة ‪ 91‬من‬ ‫االمر رقم ‪ 12-11‬حيث تنص "لكل شخص الحق في اقامة دعوى يكون موضوعها‬ ‫االصلي استصدار حكم يتمتع به او عدم تمتعه بالجنسية ألجزائرية " إدن موضوع الدعوى‬ ‫هو اثبات أو نفي التمتع بالجنسية الجزائرية وأطرافها هما الفرد والدولة ممثلة في النيابة‬ ‫العامة التي تؤكد المشروع في تعديله األخير على ضرورة ادخالها وجبا كممثلة للدولة‬ ‫بصفتها خصم أصلي وليس مجرد خصم منظم أو متطوع "ويترتب عن عدم ادخالها أو‬ ‫اطلعها بالملف أو حرمانها من أبداء دفعوها بطالن اإلجراءات وبطالن الحكم وقابليته‬ ‫للنقض من طرف المحكمة العليا"‬

‫‪1‬‬

‫كذلك نجد أن للنيابة العامة ألزام في إقامة دعوى متعلقة بالجنسية شخص في حالة ما‬ ‫إ ذا طلبت منها أحدى السلطات العمومية ‪ ،‬فهنا نجدها تحتل المركز المدعى ومن جهة‬ ‫أخرى تحتل مركز مدعى عليه وذلك من خالل الدقة التي ركز بها المشرع ‪ ،‬ففي الفقرة‬ ‫األول من المادة السابقة بقولها "و يرفع المعني باألمر الدعوى ضد النيابة العامة " وهذا‬ ‫األمر متبع كذلك في التشريعين التونسي والمغربي أما الشخص صاحب الحق الذي يعد‬ ‫صاحب الصفة في رفع الدعوى األصلية بتقرير الجنسية فان انعدام الصفة يترتب عن عدم‬ ‫قبول ا لدعوى التي يرفعه أشخاص من غير الذين ليست لهم مصلحة في تقرير وجودها أو‬ ‫عدم وجودها‪ 2‬وهذا سبب ما تؤكد عليه المادة السابقة الذكر وأما من حيث التحقيق والحكم‬ ‫النزاعات حول الجنسية فقد نص المشرع على أن تكون وفقا لقواعد اإلجراءات العادية‬ ‫وأوجب على تبليغ النيابة العامة نسخة من العريضة مقدمة من قبل أحد األشخاص في الدعوى‬ ‫وذلك اعتبار النيابة العامة لها الحق في أن تعلم بكامل االجراءات المتخذ في الملف وهذا ما‬ ‫نصت عليه المادة ‪ 19‬من القانون ‪.‬‬ ‫اذن نجد الدعوى األصلية تتميز بعدة خصائص عن غيرها من الدعوى وقد حصرها‬ ‫الدكتور مقني بن عمار في ثالثة خصائص ‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫ مقني بن عمار – مرجع سابق‪ ،‬ص ‪07‬‬‫‪2‬‬ ‫ بربارة عبد الرحمن‪ -‬شرح قانون االجراءات المدنية و االدارية‪ ،‬قانون رقم ‪ 89/80‬المؤرخ في ‪ 11‬فيفري ‪ ، 1880‬ط ‪ ، 1‬مطبوعات‬‫البغدادي‪ ،‬الجزائر‪ ،1889 ،‬ص ‪11‬‬

‫‪29‬‬


‫دعاوي الجنسية‬

‫المبحث الثاني ‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬الدعوى األصلية بتقرير الجنسية وهي وسيلة حماية القضائية في الجنسية لذا فإنها‬ ‫ترفع دون الحاجة عن النزاع أصليي أخر‬ ‫ثانيا ‪ :‬أنها دعوى ير مقيدة بإجراءات الطعن أو أي تظلم مسبق اداريا كان أو قضائيا‬ ‫ثالثا ‪ :‬هي دعوى تقريرية بمعنى دعوى يكون الغرض منها مجرد تقرير حق أو مركز‬ ‫قانوني لم ينازع فيه وكذلك هي دعوى وقائية حيث يكفي فيه المصلحة المحتملة ‪.‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬إجراءات سير ممارسة الدعوى األصلية‬ ‫إن الدعوى األصلية ‪،‬شأنها شأن أي دعوى فأنها تخضع لضوابط إجرائية‪ ،‬فالمشرع‬ ‫الجزائري قد نظم ممارسة هذه الدعوى وفق إجراءات خاصة نجد بعضها في قانون‬ ‫الجنسية ‪،‬إال أن قانون الجنسية نجده غير ملم بجميع اإلجراءات األمر الذي يؤدي إلى‬ ‫اللجوء إلى القواعد العامة‪.‬‬ ‫و بطبيعة الحال فان القانون الذي يشمل مسائل التقاضي و اإلجراءات الخاصة‬ ‫بالمح اكمة هو قانون اإلجراءات المدنية ‪ ،‬وهذا القانون يطبق على كل دعاوي الجنسية ‪،‬ما‬ ‫لم يوجد نص مخالف وارد في قانون الجنسية‪ ،‬و ذلك تطبيقا للقاعدة القانونية "الخاص يقيد‬ ‫العام "‪.‬‬ ‫و من ناحية أخرى فإننا نجد بان بعض القضايا المتعلقة بالجنسية ال تتماشى مع‬ ‫قانون اإلجراءات المدنية و أإلدارية حيث انه ال يمكن أن تعرض قضايا الجنسية على‬ ‫القضاء اإلستعجالي ‪،‬ألنها قضايا موضوعية بطبيعتها‬

‫‪1‬‬

‫و عليه و انطالقا من نص المادة ‪ 10‬من قانون الجنسية الجزائري نجد بان المشرع‬ ‫قد سمح لكل شخص و لو كان أجنبي أن يرفع دعوى أصلية إمام القضاء الجزائري يطلب‬ ‫فيها من القضاء أن يصدر له حكما بإثبات الجنسية الجزائرية له أو ينفيها عنه‪.‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪ -‬مقني بن عمار‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪97‬‬

‫‪30‬‬


‫دعاوي الجنسية‬

‫المبحث الثاني ‪:‬‬

‫و الدعوى األصلية ترفع ضد النيابة العامة التي تمثل الحق العام أي تمثل الدولة‪،‬‬ ‫التي ال تمنح جنسيتها إال للوطنيين أو األشخاص المقيمين الذين تتوفر فيهم شروط اكتساب‬ ‫الجنسية الجزائرية‬

‫‪1‬‬

‫و هذا ما نجده منصوص عليه في القانون التونسي و المغربي ‪.‬‬ ‫كما انه يجب أن نبين أن رفع الدعوى على النيابة العامة يجب أن ال يؤثر و ال يضر‬ ‫بحق الغير في التدخل إن وجدت لهم مصلحة ‪ ،‬و هذا التدخل يمكن أن يكون إنضماميا إلى‬ ‫جانب المدعي أو اختصاصيا ضد المدعي‪ ،‬و ذلك حسب ما تقتضيه مصلحته في النزاع و‬ ‫يكون هذا التدخل وفقا ألحكام قانون اإلجراءات المدنية و أإلدارية و ال سيما المادة ‪ 01‬منه‬ ‫و التي تنص على أن "كل تدخل في الدعوى مهما كان سببه يجري بموجب التكليف‬ ‫بالحضور حسب األوضاع المنصوص عليها في المواد ‪." 22 ، 22 ، 22 ، 22‬‬

‫‪ -1‬مقني بن عمار‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪90‬‬

‫‪31‬‬



‫المبحث الثالث ‪:‬‬

‫األحكام الفاصلة في مسائل الجنسية‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬االحكام الفاصلة في مسائل الجنسية‬ ‫المبدأ العام في نظرية االحكام هو ان ما يصدر عن القضاء من احكام فاصال في‬ ‫منازعة ما ‪ ،‬إنما يكون حجة فقط من أطرافه و في الموضوع الذي فصل فيه ‪ ،‬إذ ال يجوز‬ ‫للمحكمة وال لغيرها من المحاكم النظر في موضوع النزاع مرة اخرى ‪ ،‬أي ان االحكام لها‬ ‫حجية نسبية فقط بين اطرافها ‪ ،‬أما لو تغيرت االطراف او الموضوع فإنها تفقد حجيتها‪. 1‬‬ ‫وطبقا للقواعد العامة في القانون المدني فإن لألحكام القضائية النهائية حجية تقتصر‬ ‫ع لى أطراف الدعوى وحدهم وال تتعداهم إلى من كان خارج الدعوى أو خارج الحكم او‬ ‫القرار النهائي ‪ ،‬ومن حيث الموضوع تقتصر هذه الحجية على موضوع النزاع الذي فصل‬ ‫فيه دون غيره ‪ ،‬وهو ما نصت عليه المادة ‪ 110‬من القانون المدني الجزائري‪. 2‬‬ ‫ويثور التساؤل ‪ ،‬ماهي حجية الحكام الصادرة في مسائل الجنسية ؟ وهذا ما‬ ‫سنتطرق من خالل هذا المبحث ‪ ،‬حيث سوف نتناول في المطلب االول ‪ ،‬حجية الشيء‬ ‫المقضي فيه وشروطها ‪ ،‬وفي المطلب الثاني للحجية المطلقة في مسائل الجنسية ‪ ،‬وفي‬ ‫المطلب الثالث ‪ ،‬حجية األحكام في القانون الجزائري وهو بعض القوانين المقارنة ‪.‬‬ ‫المطلب األول ‪ :‬حجية الشيء المقضي فيه وشروطها‬ ‫حيث نتناول في الفرع األول ‪ ،‬معنى حجية الشيء المقضي فيه ‪،‬و في الفرع الثاني‬ ‫‪،‬شروط الحجية ‪.‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬معنى حجية الشيء" االمر" المقضي فيه ‪:‬‬ ‫حجية الشيء المقضي فيه أو قوة األمر المقضي أو كما تسمى ايضا ‪« autorité‬‬ ‫» ‪ de la chose jugée‬هي قرينة قانونية قررها المشرع للحكم القضائي ‪ ،‬وتقرير هذه‬ ‫القرينة للحكم القضائي يستهدف وضع حد نهائي للنزاع حتى ال يتكرر ‪ ،‬كما يستهدف ايضا‬ ‫‪1‬‬

‫ قصي محمد العيون ‪ -‬شرح أحكام الجنسية باالضافة الى أحكام محكمة العدل العليا في مسائل الجنسية‪ ،‬ط ‪ ،1‬دار الثقافة للنشر و التوزيع‪،‬‬‫عمان‪ ،‬االردن‪ ،1889 ،‬ص ‪181‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪ -‬بن عبيدة عبد الحفيظ ‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪180‬‬


‫المبحث الثالث ‪:‬‬

‫األحكام الفاصلة في مسائل الجنسية‬

‫الحيلولة دون تناقض األحكام في الخصومة الواحدة ‪ ،‬فاألحكام التي حازت قوة األمر‬ ‫المقضي به تكون حجة بما فصلت به من الحقوق ‪ ،‬وهي قرينة قاطعة ال يجوز قبول دليل‬ ‫ينقضها ‪ ،‬كما انه اليجوز للمحكوم ضده التنصل من تنفيذ هذا الحكم‪. 1‬‬ ‫كما انه يضاف الى هذه الحجية التي تتمتع بها االحكام إن هي إال حجية نسبية ‪،‬‬ ‫بمعنى انها حجية قاصرة على اطراف المنازعة الذين صدر الحكم في مواجهتهم ‪ ،‬ويضاف‬ ‫الى ذلك ان من شروطها وحدة المحل و السبب ‪ ،‬ومتى تحققت هذه الشروط كان للمحكمة‬ ‫ان تثير الحجية من تلقاء نفسها وهي قاعدة اجرائية تعتبرها الكثير من التشريعات العربية‬ ‫من النظام العام ‪ ،‬وان كان المشرع الجزائري خالف هذا االتجاه ولم يعتبره كذلك ‪ ،‬اذ ان‬ ‫المادة ‪ 110‬الفقرة الثانية من القانون المدني إشترطت إثارة مسألة سبق الفصل في القضية‬ ‫من طرف الخصم الذي يهمه األمر‪ ،‬وال يمكن للقاضي أن يثيرها من تلقاء نفسه ‪.‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬شروط الحجية‬ ‫لكي يحوز الحكم حجية الشيء المقضي به ‪ ،‬يجب ان تتوافر عدة شروط هي ‪:‬‬ ‫أوال ‪ -‬ان يكون الحكم صادرا من جهة قضائية ‪ :‬فلكي تثبت الحجية للحكم يجب ان يكون‬ ‫صادرا من هيئة قضائية لما لها من سلطة في اصدارها ‪ ،‬سواء كانت جهة إدارية أو مدنية‬ ‫أو جزائية ‪.‬‬ ‫ثانيا ‪ -‬أن تكون الجهة القضائية مختصة بإصداره ‪ :‬يشترط لحيازة الحكم حجية الشيء‬ ‫المق ضي فيه ان يكون صادرا من جهة قضائية مختصة بإصداره ‪ ،‬فان صدرت عن جهة‬ ‫غير مختصة فقد حجيته ‪.‬‬ ‫ثالثا ‪ -‬أن يكون الحكم قطعيا (‪ : )définitif‬والحكم القطعي هو الذي يفصل في موضوع‬ ‫النزاع أو في جزء منه ‪ ،‬اي أن يكون حاسما في موضوع الدعوى أو في شق منه ‪،‬او في‬ ‫مسألة متفرعة منه سواء تعلقت هذه المسألة بالقانون أو بالوقائع ‪.‬‬ ‫‪11‬‬

‫‪ -‬مقني بن عمار ‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 181‬و ‪185‬‬


‫المبحث الثالث ‪:‬‬

‫األحكام الفاصلة في مسائل الجنسية‬

‫رابعا ‪ -‬اتحاد األطراف والموضوع والسبب في الدعويين ‪ :‬المقصود هنا بالدعوى التي‬ ‫تصدر فيها الحكم والدعوى الجديدة المطروحة امام القضاء ‪ ،‬اذا ما تخلف أحد هذه العناصر‬ ‫الثالث ال يتمتع الحكم بحجية ‪ ،‬ويجوز حينئذ النظر في الدعوى الجديدة ‪.‬‬ ‫خامسا ‪ -‬إقتصار الحجية على منطوق الحكم ‪ :‬معلوم أن كل حكم قضائي يشتمل على‬ ‫ديباجة ‪ ،‬وعرض للوقائع (شرح موجز مرفوع النزاع ) ‪ ،‬وتسبيب (األدلة القانونية ) ‪،‬‬ ‫ومنطوق (نتيجة الحكم في القضية ) ‪.‬‬ ‫والفقه مجمع على أن الحجية مقتصرة على منطوق الحكم ‪ ،‬وال تتعداه إلى األسباب‬ ‫إال إذا كانت مرتبطة ارتباطا وثيقا بالمنطوق‪. 1‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬الحجية المطلقة في مسائل الجنسية‬ ‫سوف نتناول نطاق الحجية المطلقة في الفرع األول ‪،‬وأسباب منح أحكام الجنسية‬ ‫الحجية المطلقة في الفرع الثاني ‪.‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬نطاق الحجية المطلقة‬ ‫األصل في حجية الشيء المحكوم فيه انها تنصرف الى الخصوم أطراف الدعاوى‬ ‫وتحدد بوحدة المحل والسبب‪. 2‬‬ ‫ولئن كان من شأن تمتع الحكم الصادر في مسائل الجنسية ‪ .‬بحجية مطلقة هو عدم‬ ‫إنصراف أثره إلى أطراف الدعوى فحسب ‪ ،‬وإنما يمتد هذا األثر في مواجهة الكافة ‪ ،‬فإن‬ ‫هذا األثر يظل مع ذلك مع ذلك مشروطا بوحدة المحل ووحدة السبب ‪ ،‬على نحو ما‬ ‫سنوضحه في الفقرات التالية ‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫ مقني بن عمار ‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 188‬و ‪187‬‬‫‪2‬‬ ‫ هشام صادق ‪ -‬عكاشة محمد عبد العال ‪ -‬حفيظة السيد الحداد ‪ -‬الجنسية و مركز األجانب‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار المطبوعات الجامعية‪،‬‬‫االسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،1888 ،‬ص ‪191‬‬


‫المبحث الثالث ‪:‬‬

‫األحكام الفاصلة في مسائل الجنسية‬

‫أوال ‪ :‬وحدة المحل‬ ‫محل الحكم الصادر في دعاوى الجنسية هو جنسية الشخص التي ثار بشأنها النزاع ‪،‬‬ ‫و بهذه المثابة فإن تمتع الحكم بالحجية المطلقة ال أثر له إال بالنسبة لجنسية هذا الشخص‬ ‫بالذات‪ . 1‬ومؤدى ذلك أنه او رفعت دعوى أخرى تتعلق بجنسية نفس الشخص الذي سبق‬ ‫صدور الحكم األول في شأن جنسيته ‪ ،‬ألمكن رفع الدعوى الجديدة بحجية الشيء المحكوم‬ ‫فيه ‪ ،‬وال يحتج بالقول بأن الحكم األول حاز حجية مطلقة بالنسبة للصفة االجنبية لألصل‬ ‫المشترك إلختالف محل الدعويين ‪ ،‬فالدعوى الثانية محلها شخص آخر غير الشخص الذي‬ ‫صدر في شأنه الحكم األول بالرغم من إشتراك الشخصين في االنتساب لذات األصل ‪.‬‬ ‫وهذا الرأي هو الذي رجحته محكمة النقض الفرنسية في حكمها الصادر ‪ 11‬ماي‬ ‫‪ ، 1919‬حيث قضت حكم الصادر باعتبار شخص ما أجنبي تأسيسا على أنه فرع ألصل‬ ‫أجنبي ال يقيد المحكمة المطروح أمامها النزاع في جنسية شخص آخر هو فرع لذات‬ ‫األصل ‪ ،‬ويجو ز لهذه المحكمة أن تقضي بجنسية البنوة تأسيسا على الصفة الوطنية لألصل‬ ‫الذي سبق أن أنكر عليه هذه الصفة حكم سابق ضد أحد الفروع‪.‬‬

‫‪2‬‬

‫ثانيا ‪ :‬وحدة السبب‬ ‫السبب في الدعوى هو الواقعة القانونية التي ينشأ عنها الحق موضوع الدعوى اي‬ ‫مصدره ‪ ،‬سواء كان واقعة مادية او تصرفا قانونيا ‪.‬‬ ‫وهذا السبب يختلف عن األدلة التي يلتزم الشخص بتقديمها إلثباته ‪،‬و لذلك فوحدة‬ ‫السبب تنصرف إلى األدلة ‪ ،‬فقد يتحد السبب في دعويين و تختلف األدلة فيهما ‪ ،‬واشتراط‬ ‫إتحاد السبب يغني عن إتحاد الهدف من إقامة الدعويين ‪ .‬وفي دعاوى الجنسية يقصد‬ ‫بالسبب األساس القانوني الذي قامت عليه الجنسية ‪ ،‬مثل البنوة الشرعية في الجنسية‬ ‫األصلية بحق الدم ‪ ،‬و التجنس في الجنسية المكتسبة ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫ هشام صادق ‪ -‬عكاشة محمد عبد العال ‪ -‬حفيظة السيد الحداد – مرجع سابق ص ‪191‬‬‫‪2‬‬ ‫‪ -‬مقني بن عمار‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪111‬‬


‫المبحث الثالث ‪:‬‬

‫األحكام الفاصلة في مسائل الجنسية‬

‫ويذهب بعض الفقهاء في قولهم بأن الحكم يتمتع بحجية حتى بالنسبة لعناصر السبب‬ ‫التي لم يفصل فيها القضاء ويؤسسون رأيهم على أن االستقرار الواجب للجنسية بموجب‬ ‫قفل باب المنازعات حولها ‪،‬فضال على أن تنفيذ الحكم األول يخلق وضعا ظاهرا يرقى إلى‬ ‫مرتبة المركز القانوني الثابت فيكون الوضع الظاهر ليس مجرد قرينة على وجود هذا‬ ‫المركز بل يعتبر مصدر له ‪.‬‬ ‫غير انه يعترض على هذا الرأي بأنه يقيم الجنسية على أساس قانوني ‪ ،‬فالحكم في‬ ‫الجنسية ال يخلقها ولكنه يقتصر فقط على إعالن ثبوتها أو إنكارها إذا توافرت الشروط التي‬ ‫يتطلبها القانون ‪ ،‬فالقانون وليس الحكم القضائي هو الذي يقرر دخول الشخص في الجنسية‬ ‫أو عدم دخوله فيها او فقدها أو استردادها‪. 1‬‬ ‫وعلى ذلك فالحكم القضائي ال يحوز حجية إال بالنسبة لعناصر السبب التي فصل فيها‬ ‫‪ ،‬وال تمتد هذه الحجية إلى العناصر والمسائل التي لم يفصل فيها ‪.‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬أسباب منح الجنسية الحجية المطلقة‬ ‫إن الجنسية كرابطة بين الفرد والدولة تحتاج أن يكون الفصل في منازعاتها بوجه ال‬ ‫يقبل أن يعارضه النظر ما بقيت الوقائع التي يبنى عليها الحكم ال تتغير وهذا أول سبب‬ ‫يمكن الحديث عنه لتبرير هذه الحجة ‪ ،‬ثم إن الجنسية عنصر من حالة األشخاص ‪ ،‬فال‬ ‫يجوز بالتالي أن ينظر فيها من جديد إلعتراض صدر من الغير بعد ان أصبح الحكم نهائيا‬ ‫أو حاز على الحجية ‪ .‬أيضا من األسباب أن الحجية تلزم لعدم حصول تعارض بين األحكام‬ ‫النهائية وحدوث ظاهرة تعدد وانعدام الجنسيات ‪.‬‬ ‫ولعل إحاطة دعوى الجنسية بإجراءات خاصة كإلزام المدعي ان يودع صورتين عن‬ ‫عريضته لدى وزارة العدل لتمكينها من أن تقدم البيانات الالزمة والمستندات المتعلقة‬ ‫بجنسية محل النزاع ليلزم القاضي بعد الفصل إال بعد مضي شهرين من تبليغ العريضة إلى‬

‫‪1‬‬

‫‪ -‬مقني بن عمار‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪111‬‬


‫المبحث الثالث ‪:‬‬

‫األحكام الفاصلة في مسائل الجنسية‬

‫النيابة ‪ ،‬فكل هذه اإلجراءات تجعل أن نتيجة الدعوى وهي الحكم تكون على قدر ال يستهان‬ ‫به من الدقة لتسبغ فيما بعد بالحجية الالزمة ‪.‬‬ ‫والبد من اإلشارة إلى أن الحجية في هذه الحالة ال تلحق الحكم برمته بل تلحق فقط‬ ‫المنطوق وما اتصل به من حيثيات بني عليها ‪ ،‬لتبقى هذه األحكام في منأى عن كل‬ ‫إعر اض يمس حجيتها ‪ ،‬وهذا على قدر من األهمية تحتاجه مسألة الجنسية للحساسية التي‬ ‫تتميز بها كما ذكرنا سلفا إذ تمس الدولة بصفة مباشرة وتمس األفراد في حقوقهم وحرياتهم‪.‬‬ ‫المطلب الثالث ‪ :‬حجية أحكام الجنسية في القانون الجزائري‬ ‫حذا قانون الجنسية الجزائري في مسألة حجية االحكام والقرارات الفاصلة في‬ ‫الجنسية حذو القانون الفرنسي وأغلبية القوانين العربية ‪ ،‬فنص في المادة (‪ )18‬منه على ان‬ ‫تكون لألحكام الصادرة في مسائل الجنسية قوة (حجية ) الشيء المحكوم به تجاه الجميع‬ ‫دون أن يقتصر على الخصوم فقط ‪ ،‬بمعنى ان االعتراف بالجنسية الجزائرية للشخص‬ ‫المعني باألمر او إنكارها عليه بموجب حكم قضائي ‪ ،‬ال يجوز أن يكون موضوع مناقشة‬ ‫قضائية أخرى ‪ ،‬سواء من نفس الخصوم أو من الغير ‪ ،‬وهو أمر أستقر عليه أيضا في‬ ‫القضاء المقارن في مادة الجنسية ‪ ،‬مع انه يخالف ما استقر عليه فقه المرافعات من ان مبدأ‬ ‫الحجية نسب ي ال يقتصر إال على طرفيه او أطرافه دون أن يمتد أثره إلى الغير ( وحدة‬ ‫الخصوم )‪ ،‬إضافة إلى وحدة السبب والمحل ‪.‬‬ ‫وهذه الحجية تسري على جميع أنواع أحكام الجنسية ‪ ،‬سواء حركت في صورة‬ ‫دعوى أصلية ‪ ،‬أو أثيرت في شكل دعوى أو مورست عن طريق دعوى إدارية ‪ ،‬وسواء‬ ‫تعلق األمر بحكم صادر في الجنسية الوطنية أو الجنسية األجنبية ‪.‬‬


‫األحكام الفاصلة في مسائل الجنسية‬

‫المبحث الثالث ‪:‬‬

‫وبالرجوع للمادة ‪ 18‬من قانون الجنسية الجزائري فقد اوردت مصطلح "قوة الشيء‬ ‫المحكوم به" ‪ ،‬وليس "حجية الشيء المقضي فيه"‬

‫‪1‬‬

‫فحجية الشيء المقضي فيه معناها أن كل حكم قضائي فصل في نزاع إتحدت أطرافه‬ ‫وسببه ومحله حاز هذه الحجية‪ ، 2‬وامتنع على المدعي إحياء هذا النزاع بإقامة دعوة جديدة‬ ‫‪ ،‬ولو كان هذا الحكم القطعي قابال للطعن بطرق الطعن العادية وهي المعارضة واالستئناف‬ ‫‪ ،‬بمعنى أن الحجية تثبت للحكم القطعي بمجرد إصداره ‪ ،‬ولكن ذلك ال يعطيه الصالحية‬ ‫للتنفيذ ‪.‬‬ ‫اما قوة الشيء المقضي فيه فال تثبت القوة لألحكام النهائية التي استنفذت طرق‬ ‫الطعن العادية ‪،‬وهي المعارضة واالستئناف ‪ ،‬وعندها يكون هذا الحكم او القرار صالحا‬ ‫لتنفيذه بعد تبليغه ‪.‬‬ ‫وعليه نصل الى نتيجة مفادها أن كل حكم حائز لقوة األمر المقضي يكون بالضرورة‬ ‫حائزا لحجية الشيء المقضي ‪ ،‬والعكس غير صحيح‪. 3‬وإن اثارة الحكم الحائز للحجية يتم‬ ‫في صورة تمسك بالحجية من قبل المدعي عن طريق تقديم نسخة من الحكم السابق ‪ ،‬وقد‬ ‫يتم في صورة دفع من قبل المدعي عليه ‪ ،‬والدفع بحجية األمر المقضي فهو من الدفوع‬ ‫بعدم القبول ‪ ،‬ولكنه ليس من النظام العام في القانون الجزائري ‪ ،‬وعليه فليس للقاضي ان‬ ‫يثيرها من تلقاء نفسه‪. 4‬‬ ‫وباإلضافة إلى هذا فإن المشرع الجزائري وأسوة بالكثير من التشريعات العربية ‪،‬‬ ‫نص في المادة ‪ 18‬من قانون الجنسية المعدل على نشر األحكام القضائية والقرارات‬ ‫ا لنهائية الصادرة في قضايا الجنسية بإحدى الجرائد اليومية الوطنية ‪ ،‬كما تعلق بلوحة‬ ‫اإلعالنات بالحكمة المختصة‪.5‬‬ ‫‪1‬‬

‫ مقني بن عمار‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪110‬‬‫‪2‬‬ ‫ نفس المرجع‪ ،‬ص ‪119‬‬‫‪3‬‬ ‫ فتحي والي ‪ -‬الوسيط في قانون القضاء المدني‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬مصر‪ ،1908 ،‬ص ‪181‬‬‫‪4‬‬ ‫ بوبشير محند أمقران ‪ -‬قانون االجراءات المدنية‪ ،‬ط ‪ ، 1881‬ديوان المطبوعات الجامعية‪ ،‬الجزائر‪ ، 1881 ،‬ص ‪187‬‬‫‪5‬‬ ‫‪ -‬المادة ‪ 18‬من قانون الجنسية الجزائري و التي تنص على أن "تنشر األحكام ‪"....‬‬


‫المبحث الثالث ‪:‬‬

‫األحكام الفاصلة في مسائل الجنسية‬

‫وعلى سبيل المقارنة نجد أن بعض التشريعات العربية اشترطت نشر هذه األحكام‬ ‫في الجريدة الرسمية ‪ ،‬مما يبين حجيتها القانونية والعملية ‪ ،‬ونذكر على سبيل المثال ال‬ ‫الحصر ‪ ،‬قانون الجنسية السوري الذي نص في المادة ‪ 17‬منه " األحكام التي تصدر في‬ ‫مسائل الجنسية تعتبر حجة على الكافة ونشر مضمونها في الجريدة الرسمية " ‪.‬‬ ‫وهو نفس النص الذي تضمنته المادة ‪ 11‬من قانون الجنسية المصري ‪ .‬والحكمة من‬ ‫نشر أحكام الجنسية وقراراتها النهائية هي إعالم الجميع بصدورها واجتناب أي شك في‬ ‫اقتصار أحكام القضاء على المتقاضين أنفسهم دون سواهم ‪ ،‬كما أن النشر يهدف إلى تمكين‬ ‫من يرى له حق االعتراض على الحكم أو القرار لمساسه بمصلحته أو بحق من حقوقه أن‬ ‫يمارس هذا االعتراض وفقا لإلجراءات القانونية ‪ .‬ومن المعروف بأن األحكام الفاصلة في‬ ‫دعاوى الجنسية تصدر بصفة ابتدائية من محاكم الدرجة األولى ‪ ،‬وبالتالي قابلة للطعن‬ ‫باالستئناف‬

‫أمام المجالس القضائية ‪ ،‬وفقا ألحكام المادة ‪ 181‬وما يليها من قانون‬

‫اإلجراءات المدنية ‪ ،‬والمادة ‪ 17‬الفقرة الثالثة من قانون الجنسية ‪.‬‬ ‫وميعاد االستئناف طبقا لقانون اإلجراءات المدنية هو شهر من تاريخ تبليغ الحكم‬ ‫الحضوري المستأنف فيه أو شهرا من تاريخ انهاء آجال المعارضة إذا كان الحكم غيابي ‪.‬‬ ‫ومادام الحكم قابال لالستئناف فإن القرار النهائي الذي يصدر إثر االستئناف يكون قابال‬ ‫للطعن بالنقض أمام المحكمة العليا ‪ ،‬طبقا ألحكام المادة ‪ 118‬وما يليها من قانون‬ ‫اإلجراءات المدنية ‪.‬‬ ‫وتجدر اإلشارة في األخير الى أن الجنسية وباعتبارها عنصرا من عناصر الحالة‬ ‫المدنية للشخص ال تسقط وال تكتسب بالتقادم‪. 1‬‬

‫‪1‬‬

‫‪ -‬مقني بن عمار‪ -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪117‬‬



‫الخـــــــــاتمـــــــة‬

‫الخـــــــــــاتمـــــة‬ ‫إن موضوع الجنسية باعتبارها رابطة سياسية و قانونية بين الفرد و الدولة يبدو في‬ ‫األمور المهمة التي أثارت ومازالت تثير حبر الكثير من أقالم الفقهاء سواء في مادة القانون العام‬ ‫أو القانون الخاص على حد سواء وذلك بالنظر إلى أنها موضوع مشترك بين هذه الفرعين‬ ‫القانونين و لهذا السبب اختلفت التشريعات في تحديد الجهة القضائية التي ينعقد لها االختصاص‬ ‫بنظر منازعات الجنسية‪.‬‬ ‫ففي حين نجد القانون المصري مثال (بعد صدور قانون مجلس الدولة) جعلها من‬ ‫موضوعات القانون العام وعهد االختصاص بنظر منازعاتها للقضاء اإلداري‪ .‬ونجد تشريعات‬ ‫أخرى عهدت االختصاص للقضاء العادي وهذا هو حال القانون الفرنسي وسائر القوانين العربية‬ ‫التي تأثرت به‪ ،‬ومنها بطبيعة الحال القانون الجزائري‪.‬‬ ‫و الواقع أن النصوص المنظمة لالختصاص القضائي لمنازعات الجنسية في معظم‬ ‫التشريعات العربية قليلة ومتناثر األمر الذي فتح بابا للخالف و االختالف في الفقه و القضاء‪ ،‬إال‬ ‫أن تشريعات الجنسية في بعض الدول كالمغرب و تونس و الجزائر قد نظمت المسألة بشيء من‬ ‫التفصيل وبدرجة أقل في مصر و لبنان‪.‬‬ ‫ومن خالل اإلطالع على العديد من النصوص المقارنة المتعلقة بالجنسية نجد أن‬ ‫التشريعات المغاربية‪ ،‬و بال فخر كانت أكثر التشريعات العربية دقة لتنظيم دعاوي ألجنسية خاصة‬ ‫و أنها اقتبست جل أحكامها الموضوعية و اإلجرائية من قانون الجنسية الفرنسي الذي يعتبر بمثابة‬ ‫المصدر التاريخي و المادي لهذه القوانين‪.‬‬ ‫ولكن ما يالحظ على القانون الجزائري أنه كان سابقا يفرق بين ثالث أنواع من دعاوي‬ ‫الجنسية‪ ،‬وهي الدعوة األصلية بتقرير الجنسية التي يختص بها القضاء العادي‪ ،‬رغم أن المصلحة‬ ‫فيها محتملة ال غير‪ ،‬و هناك منازعة الجنسية التي تثار عن طريق دفع أمام قاضي آخر غير‬ ‫مختص (كالقاضي الجزائي مثال)‪ ،‬وهناك منازعة ثالثة ذات طابع إداري (دعوى إلغاء لتجاوز‬ ‫السلطة ضد مقرر إداري يتعلق بقضية الجنسية) ‪ ،‬و هي الدعوى التي ينظر فيها القاضي أإلداري‬ ‫طبقا للمادة ‪91‬من األمر رقم ‪ .13/01‬المؤرخ في ‪ 2301/21/21‬المتضمن قانون الجنسية‬ ‫‪40‬‬


‫الخـــــــــاتمـــــــة‬

‫ألجزائري لكن هذه المادة ألغيت بموجب المادة ‪ 13‬من األمر رقم ‪ 12/11‬المؤرخ في ‪ 10‬فبراير‬ ‫‪ 1111‬المتضمن تعديل وتتميم األمر رقم ‪ ،13/01‬غير أننا نالحظ أن المشرع ألغاها دون أن‬ ‫يكون لها بديل و بما أن المنظومة القضائية الجزائرية ذات طابع ازدواجي فمن غير المنطق أن‬ ‫نجد نصا يلغي الجانب اإلداري فيها وهكذا فإن المشرع أتى بهذا التعديل جاعال االختصاص‬ ‫للقضاء العادي دون سواه بنظر دعاوي الجنسية مهما يكن سببها و وأطرافها وسواء تعلق األمر‬ ‫بدعوى إثبات جنسية جزائرية أصلية أو مكتسبة أو بدعوى نفيها‪ ،‬بموجب حكم قضائي قابل‬ ‫للطعن باالستئناف و بالنقض‪ ،‬و لكن لها حجية األمر المحكوم اتجاه اطرافه (المعني و النيابة‬ ‫العامة) و اتجاه الغير أيضا‪ ،‬و هو ما يشكل استثناء عن القواعد العامة للمرافعات التي يأخذ بمبدأ‬ ‫الحجية النسبية لألحكام القضائية‪.‬‬ ‫كما أن المشرع ومن خالل قانون الجنسية الجديد قام بتعزيز دور النيابة العامة فيما يخص‬ ‫جميع المنازعات المتعلقة بالجنسية‪ ،‬حيث صارت طرفا أصليا في جميع دعاوي الجنسية‪.‬‬ ‫وما خلصنا إليه من خالل هذا البحث هو أن دعاوى الجنسية ال تختلف من حيث طرق‬ ‫رفعها وسيرها و إجراءاتها عن الدعاوي العادية التي ينظمها قانون اإلجراءات المدنية واإلدارية‪،‬‬ ‫ال سيما فيما يتعلق بإجراءات التكليف و إدخال الغير ومواعيد االستئناف و النقض ‪ ،....‬ولكن‬ ‫تختلف فقط في بعض الجزئيات ال غير ومنها إجبارية تدخل النيابة العامة كطرف أصلي بقوة‬ ‫القانون في جميع دعاوي الجنسية‪.‬‬ ‫ولعل أهم مالحظة شدت انتباهنا هي قلة المنازعات المتعلقة بالجنسية في الجزائر قد يرجع‬ ‫السبب إلى أن المشرع قد تشدد في وضع أسس الجنسية و طرق اكتسابها‪.‬‬ ‫وختاما للموضوع فعلى المشرع الجزائري أن يجعل مواد قانون الجنسية تتطابق و تتالءم‬ ‫مع االتفاقيات و المعاهدات التي صادقت و انضمت إليها الجزائر وكذا تكييفها مع التحوالت‬ ‫الكبرى التي عرفتها البالد في كافة النواحي السياسية‪ ،‬االقتصادية‪ ،‬و االجتماعية‪.‬‬ ‫وفي األخير نأمل أن يكون بحثنا هذا قد قدم إضافة إلى األبحاث التي تناولت موضوع الجنسية‬ ‫وطرح بشكل بسيط وواضح ومنازعاتها وساهم و لو بالجزء القليل في إثرائه‪.‬‬

‫‪41‬‬



‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫قائمة المصادر و المراجع‬ ‫الكتب ‪:‬‬ ‫‪ .1‬أ د الطيب زروتي ‪،‬الوسيط في الجنسية الجزائرية (دراسة تحليلية في القوانين العربية و‬ ‫القانون الفرنسي)‪،‬مطبعة الكاهنة ‪،‬الجزائر‪. 1881،‬‬ ‫‪ .1‬أعراب بلقاسم‪ ،‬القانون الدولي الخاص‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع‪،‬‬ ‫الجزائر‪.1881 ،‬‬ ‫‪ .1‬د‪.‬أحمد عبد الكريم سالمة ‪،‬المبسوط في شرح نظام الجنسية ‪،‬الطبعة االولى ‪،‬دار النهضة‬ ‫العربية ‪،‬مصر‪.1991،‬‬ ‫‪ .1‬د‪.‬بربارة عبد الرحمان ‪،‬شرح قانون االجراءات المدنية و االدارية ‪،‬قانون رقم ‪ 89/80‬المؤرخ‬ ‫في ‪ 11‬فيفري ‪، 1880‬الطبعة الثانية ‪،‬مطبوعات البغدادي ‪،‬الجزائر‪.1889،‬‬ ‫‪ .5‬بلعيور عبد الكريم ‪،‬محاضرات في قانون الجنسية ‪،‬كلية الحقوق بن عكنون‬ ‫‪،‬الجزائر‪.1888/1885،‬‬ ‫‪ .8‬بن عبيدة عبد الحفيظ ‪،‬الجنسية و مركز االجانب في الفقه و التشريع الجزائري ‪،‬الطبعة الثانية‬ ‫‪،‬دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع‪.1887 ،‬‬ ‫‪ .7‬د‪ .‬بوبشير محند امقران ‪،‬قانون االجراءات المدنية ‪،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪،‬الطبعة االولى‪،‬‬ ‫‪.1881‬‬ ‫‪ .0‬أ د‪ .‬حفيضة السيد الحداد‪،‬المدخل الى الجنسية و مركز االجانب‪،‬الطبعة االولى‪،‬منشورات الحلبي‬ ‫الحقوقية ‪ ،‬بيروت ‪،‬لبنان‪.1818 ،‬‬ ‫‪ .9‬د ‪.‬عز الدين عبد هللا ‪،‬القانون الدولي الخاص ‪،‬الجزء االول ‪،‬طبعة ‪ ،1818‬القاهرة‬ ‫‪،‬مصر‪.1818،‬‬ ‫د ‪.‬عكاشة محمد عبد العال ‪،‬الجنسية ومركز االجانب في تشريعات الدول العربية ‪،‬طبعة‬ ‫‪.18‬‬ ‫‪ ،1907‬الدار الجامعية ‪،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪.1907 ،‬‬ ‫د‪.‬علي علي سليمان ‪،‬مذكرات في القانون الدولي الخاص الجزائري ‪،‬الطبعة الرابعة‬ ‫‪.11‬‬ ‫‪،‬ديوان المطبوعات الجامعية الجزائر‪.1880 ،‬‬ ‫عوض هللا شيبة الحمد السيد ‪،‬الوجيز في القانون الدولي الخاص ‪ ،‬الطبعة الثانية ‪،‬دار‬ ‫‪.11‬‬ ‫النهضة العربية ‪،‬القاهرة ‪،‬مصر‪.1977،‬‬ ‫أ د‪.‬غالب علي الداودي ‪،‬القانون الدولي الخاص‪،‬الجنسية‪،‬دراسة مقارنة‪،‬الطبعة‬ ‫‪.11‬‬ ‫األولى‪،‬دار الثقافة للنشر و التوزيع‪ ،‬األردن ‪.1811،‬‬ ‫د‪ .‬فتحي والي ‪،‬الوسيط في القضاء المدني ‪،‬طبعة ‪ ،1908‬دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة‬ ‫‪.11‬‬ ‫‪،‬مصر‪.1908،‬‬ ‫قصي محمد العيون ‪ ،‬شرح احكام الجنسية باإلضافة الى احكام محكمة العدل العليا في‬ ‫‪.15‬‬ ‫مسائل الجنسية ‪،‬الطبعة األولى ‪،‬دار الثقافة للنشر و التوزيع ‪،‬عمان ‪،‬االردن‪.1889،‬‬


‫قائمة المصادر و المراجع‬ ‫محمد طيبة ‪،‬الجديد في قانون الجنسية الجزائري و المركز القانوني لمتعدد الجنسيات‬ ‫‪.18‬‬ ‫‪،‬الطبعة الثانية ‪،‬دار هومة للطباعة و النشر و التوزيع ‪ ،‬الجزائر ‪.1888،‬‬ ‫د ‪.‬محند اسعد ‪ ،‬القانون الدولي الخاص‪ ،‬القواعد المادية ‪،‬الحصانة الدبلوماسية‬ ‫‪.17‬‬ ‫‪،‬الجنسية ‪،‬ديوان المطبوعات الجامعية ‪،‬الجزائر‪.1909 ،‬‬ ‫د ‪.‬مقني بن عمار‪ ،‬اجراءات التقاضي و االثبات في منازعات الجنسية وفقا للقانون‬ ‫‪.10‬‬ ‫الجزائري و المقارن ‪،‬دار الجامعة الجديدة االسكندرية ‪،‬مصر‪.1889 ،‬‬ ‫د ‪.‬هشام علي صادق ‪،‬الجنسية و الموطن و مركز االجانب ‪،‬المجلد االول ‪،‬االسكندرية‬ ‫‪.19‬‬ ‫‪،‬مصر‪.1977 ،‬‬ ‫أ د ‪.‬هشام صادق ‪ ،‬أ د‪ .‬عكاشة محمد عبد العال‪ ،‬أ د ‪.‬حفيضة السيد الحداد‪ ،‬الجنسية و‬ ‫‪.18‬‬ ‫مركز االجانب ‪،‬دراسة مقارنة ‪،‬دار المطبوعات الجامعية ‪،‬اإلسكندرية ‪،‬مصر‪.1888 ،‬‬ ‫‪21.Jeanne-Hélène et pierre, la France une chance pour l’islam, édition du‬‬ ‫‪félin, janvier, 1991.‬‬

‫البحوث‬ ‫‪ .1‬نور الحجايا ‪،‬االختصاص القضائي بمنازعات الجنسية في القانون األردني ‪،‬بحث علمي كلية‬ ‫الحقوق ‪،‬جامعة مؤتة ‪ ،‬المملكة األردينة الهاشمية ‪.1885،‬‬ ‫األوامر والقوانين‬ ‫‪ .1‬دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية لعام ‪.1998‬‬ ‫‪ .1‬األمر رقم ‪ 81-85‬المؤرخ في ‪ 17‬فيفري ‪ 1885‬المتعلق بقانون الجنسية الجزائرية‪.‬‬ ‫‪ .1‬األمر رقم ‪ 08-78‬المؤرخ في ‪ 15‬ديسمبر ‪ 1978‬المتعلق بقانون الجنسية الجزائرية‪.‬‬ ‫‪ .1‬القانون رقم ‪ 18-85‬المؤرخ في ‪ 18‬يونيو ‪ 1885‬المعدل و المتمم لألمر رقم ‪ 50-75‬و‬ ‫المتضمن القانون المدني الجزائري‪.‬‬ ‫‪ .5‬قانون اإلجراءات المدنية و اإلدارية الجديد رقم ‪ 89-80‬المؤرخ في ‪ 15‬فيفري ‪.1880‬‬ ‫‪ .8‬قانون الجنسية المصري رقم ‪ 151‬لسنة ‪.1881‬‬ ‫‪ .7‬قانون الجنسية المغربي المؤرخ في ‪ 88‬سبتمبر ‪.1950‬‬ ‫‪ .0‬قانون الجنسية التونسي المؤرخ في ‪ 10‬فيفري ‪.1981‬‬ ‫‪ .9‬قانون الجنسية العراقي رقم ‪.1888-18‬‬


‫قائمة المصادر و المراجع‬

‫القواميس‬ ‫‪ .1‬ابن منظور لسان اللسان تهذيب لسان العرب ‪،‬الجزء االول ‪،‬طبعة عام ‪، 1991‬دار الكتاب‬ ‫العلمية ‪،‬لبنان ‪.1991،‬‬ ‫مواقع االنترنت‬ ‫‪.1‬الموقع المعلوماتي ‪online.comwww.gam3a‬‬



‫الفهــــــرس‬

‫الفـهــــــرس‬

‫المقدمة‬ ‫المبحث التمهيدي ‪ :‬مفهوم الجنسية ‪81..................................................................‬‬ ‫المطلب األول ‪ :‬تعريف الجنسية ‪81...............................................................‬‬ ‫الفرع االول ‪ :‬مصطلح الجنسية لغة ‪81..................................................‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬مصطلح الجنسية اصطالحا ‪81...........................................‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬خصائص الجنسية ‪88............................................................‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬الجنسية رابطة قانونية ‪88...................................................‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬الجنسية رابطة سياسية ‪87..................................................‬‬ ‫الفرع الثالث ‪ :‬الجنسية فكرة مركبة‪87.....................................................‬‬ ‫الفرع الرابع ‪ :‬الجنسية رابطة غير قابلة للتجزئة ‪87.....................................‬‬ ‫الفرع الخامس ‪ :‬الجنسية رابطة غير عنصرية ‪80.......................................‬‬ ‫الفرع السادس ‪ :‬الجنسية رابطة علمانية ‪80...............................................‬‬ ‫المطلب الثالث ‪ :‬اهمية الجنسية ‪80.................................................................‬‬ ‫الفرع األ ول ‪:‬اإلتجاه الذي يقر بأهمية الجنسية غلى المستوى الداخلي و الدولي ‪89.....‬‬ ‫الفرع الثاني ‪:‬اإلتجاه الذي ينكر أهمية الجنسية و ضرورتها ‪11..........................‬‬ ‫المبحث األول ‪ :‬االختصاص القضائي في مسائل الجنسية ‪11..........................................‬‬ ‫المطلب األول ‪ :‬ماهية االختصاص في مسائل الجنسية ‪11......................................‬‬


‫الفهــــــرس‬ ‫الفرع األول ‪ :‬مفهوم االختصاص بوجه عام ‪11.........................................................‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬مفهوم االختصاص القضائي في منازعات الجنسية ‪11.................‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬اختصاص القضاء العادي ‪15....................................................‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬االختصاص النوعي في منازعات الجنسية ‪17............................‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬االختصاص المحلي في منازعات الجنسية ‪10...........................‬‬ ‫المطلب الثالث ‪ :‬اختصاص القضاء اإلداري ‪18...................................................‬‬ ‫المبحث الثاني ‪ :‬دعاوي الجنسية ‪11......................................................................‬‬ ‫المطلب األول ‪ :‬المنازعة في الجنسية عن طريق الطعن في قرار إداري ‪11...............‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬المنازعة أمام القضاء الجنائي ‪11..........................................‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬المنازعة أمام القضاء المدني ‪11..........................................‬‬ ‫الفرع الثالث ‪ :‬المنازعة أمام القضاء اإلداري ‪15.........................................‬‬ ‫المطلب الثاني ‪ :‬المنازعة بوصفها مسألة أولية ‪15...............................................‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬الشروط المطلوبة ‪18..........................................................‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬اإلجراءات المتبعة ‪17........................................................‬‬ ‫المطلب الثالث ‪ :‬الدعوى المجردة (االصلية ) ‪10................................................‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬مفهومها ‪10.....................................................................‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬إجراءات سير ممارسة الدعوى األصلية ‪18..............................‬‬ ‫المبحث الثالث ‪ :‬األحكام الصادرة في مسائل الجنسية‪11..............................................‬‬ ‫المطلب األول ‪ :‬حجية الشيء المقضي فيه و شروطها ‪11......................................‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬مفهوم حجية الشيء المقضي فيه ‪11........................................‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬شروط الحجية ‪11.............................................................‬‬


‫الفهــــــرس‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬الحجية المطلقة في مسائل الجنسية ‪11.........................................‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬نطاق الحجية المطلقة ‪11......................................................‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬أسباب منح أحكام الجنسية الحجية المطلقة ‪18.............................‬‬ ‫المطلب الثالث ‪ :‬حجية األحكام في القانون الجزائري ‪17.......................................‬‬

‫الخـــــــاتمة‬ ‫قائمة المصادر و المراجع‬ ‫الفهرس‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.