النظام القانوني للتفاوض في عقود التجارة الدولية

Page 1

‫جـامعة قـاصدي مربـاح ورقـلـة‬ ‫كلية الحقوق والعلوم السياسية‬ ‫قسم الحقوق‬ ‫مذكرة مقدمة الستكمال متطلبات شهادة ماستر أكاديـمي‬ ‫الميدان‪ :‬الحقوق والعلوم السياسية‬ ‫الشعبة‪ :‬الحقوق‬ ‫التخصص‪ :‬قانون عام لألعمال‬ ‫من إعداد الطالبة‪ :‬تواتي أحمد نورالهدى‬ ‫بعنوان‪:‬‬

‫النظام القانوني للتفاوض في عقود التجارة‬ ‫الدولية‬ ‫نوقشت وأجيزت بتاريخ ‪3692/ 60/91 :‬‬ ‫أمام اللجنة المكونة من ‪:‬‬ ‫الدكتور ‪ :‬هميسي رضا‬

‫أستاذ محاضر (أ)‬

‫جامعة قاصدي مرباح ورقلة‬

‫الدكتورة ‪ :‬لعجال يسمينة‬

‫أستاذة محاضر(ب)‬

‫جامعة قاصدي مرباح ورقلة‬

‫مشرفا ومقررا‬

‫الدكتور ‪ :‬دمانة محمد‬

‫أستاذ محاضر (ب)‬

‫جامعة قاصدي مرباح ورقلة‬

‫مناقشا‬

‫الـسنة الجامعية‪2102/2102 :‬‬

‫رئيسا‬


‫قَال اهلل تعاىل‪:‬‬ ‫ك بِا ِحل ْكمَ ِة واملَو ِع َظةِ احلَسَ َن ِة وجَادِهلُ َم‬ ‫{ا ْد ُع إىل سَبِيِل َربَ َ‬ ‫بِاليت هي أحَسَن}‬ ‫سورة النحل اآلية (‪.)521‬‬


‫إهداء‬

‫هذه احلروف اي قلب ملن هتدهيا وذوي املودة من يدري أمانهيا بعمق قلب ملؤه حمبة وأمل‬ ‫بأن يعطر من دنيا ما هل فهيا أهدي ورود ومثار هجدي وطمويح يف احلياة اىل من اكنيل‬ ‫أس باب النجاح وأرسار الصالح والفالح اىل أيم قرة عيين ورسوري من حضت عليا ويف‬ ‫عطاهئا زكيا رعت طمويح أيم اي غالية اي من متسح ادلمع من عينيا لانم هنية‪ ،‬وان بعدت‬ ‫حفهبا مدى الاييم يدفيين‪،‬اىل من اكن أقرب الناس يف ادلنيا بأهلهيا عرفت به البوة يف‬ ‫أمسى معانهيا وحيايت بشعاعه اليزال يضوهيا أيب احلنون اىل من منحين من الضعف قوة‬ ‫ورجاء ومبحمد صىل هللا عليه وسمل قدوة‪،‬‬ ‫ومن اليأس ارادة اىل من أوصاين ابهلل عوان‬ ‫ً‬ ‫اىل من قال فهيام املوىل ّعز وجل ﴿ َوا ْخ ِف ْض لَهُ َما َجنَ َاح ا ُّذل ِ ّل ِم َن َّالر ْ َْح ِة َوقُ ْل َر ِ ّب ْار َ ْ​ْحهُ َما‬ ‫رب اغفر هلام وارْحهام كام ربياين صغرياً‪.‬اىل‬ ‫َ َمَك َرب َّ َي ِاين َص ِغ ًريا ﴾ ‪،‬الوادلين الكرميني‪ ،‬فاللهم ّ‬ ‫جداي رْحة هللا علهيام‪ ،‬وجداتي أطال هللا يف معرهام‪،‬اىل اخويت وأخوايت‪ ،‬لك‬ ‫ابمسه‪،‬وجعلهم هللا خضر يل ووزار أشدد هبم أزري وأرشكهم يف أمري ‪ .‬اىل لك أخوايل‬ ‫وخاليت خاصة خايل "خملوف" وخاليت "جناة "ومعي النارص جعل هللا سعهيم سعي ًا‬ ‫مشكور ًا وجزامه جز ًاء موفوراً‪ .‬اىل أنيست غربيت وفرج ضيقيت وعوين ورضاعي صديقيت‬ ‫وتوأم رويح واخاليص ماجدة اي من اكنت ونيس يت‪ .‬اىل لك أصدقايئ زايك‪ ،‬جازية‪ ،‬مرمي‬ ‫‪،‬س ناء‪ ،‬اكرام‪،‬عبد احلق ‪ .‬واىل لك زماليئ يف ادلراسة وخارج ادلراسة اىل لك من اكن هل‬ ‫الفضل يف امتايم ملذكريت ومن اكن هل الفضل يف ما أان عليه الآن واىل لك من أحبه قليب‬ ‫ومل تسعه صفحيت ‪.‬و اىل طامق جامعة قاصدي مرابح دون اس تثناء وخاصة "عبد القادر "‬ ‫واىل لك عامل لكية احلقوق والعلوم الس ياس ية جامعة الوادي ‪.‬‬

‫توايت أْحد نور الهدى‬


‫شـكـر وعـرفـان‬

‫امحلد هللا س بحانه وتعاىل هل عظمي الشكر واالمتناانللول والآخر والظاهر والباطن العامل اخلبري‬ ‫اذلي أآاتان من العمل ما مل نكن نعمل ‪،‬اعرتاف ًا ابلود وحفظ ًا للجميل وتقدير ًا لالمتنان‪ ،‬أتقدم جبزيل‬ ‫الشكر وبأمسى عبارات التقدير واالحرتام لذلي أسأل هللا أن جيعلها ممن قالفهيم ﴿ ِم َن الْ ُم ْؤ ِم ِن َني‬ ‫وفاء وتبجي ًال‪.‬اليت يعود‬ ‫ِر َجا ٌل َصدَ قُوا َما عَا َهدُ وا َّ َ‬ ‫اَّلل عَلَ ْي ِه‪ ،﴾...‬الس تاذة املرشفة‪ :‬لعجال يسمينة‪ً ،‬‬ ‫لها الفضل الول لكوهنا من اختاريل املوضوع اذلي زادين حامس وشغفا‬ ‫اىل رئيس القسم طاملا زااكان بعطفه وتواضعة و تفهمه لنا رئيس قسم احلقوق أس تاذي بوليفة معران‬ ‫‪،‬اىل من اكن يل العون والتوجيه أس تاذي الفاضل زرقاط عيىس و معيد لكية احلقوق قوي بوحنيه‬ ‫‪ ,‬اىل الربوفسور أْحد بو طرفايه رئيس جامعة قاصدي مرابح شكرا ال يناقضه عتااب عىل‬ ‫جمهوداهتم وسهرمه اىل جتس يد جناحنا ‪.‬‬ ‫كام أشكر لك أساتذة قسم احلقوق جبامعة قاصدي مرابح‪ ،‬داعيا املوىل عز وجل أن يبلّغهم منازل‬ ‫الشهداء ومراتب السعداء ومرافقة النبياء ‪..‬‬ ‫ون َس َال ٌم عَلَ ْي ُ ُ​ُك ا ْد ُخلُوا الْ َجنَّ َة‬ ‫اللهم ّ‬ ‫رب اجعلهم ممن قلت فهيم‪ِ َّ ﴿ :‬اذل َين ت َ َت َوف َّ ُ ُ‬ ‫امه الْ َم َالئِكَ ُة َط ِ ّيب َِني ي َ ُقولُ َ‬ ‫ون﴾ ‪..‬‬ ‫ِب َما ُك ْن ُ ُْت تَ ْع َملُ َ‬

‫تواتي أحمد نور الهدى‬


‫مقدمة‬


‫مــقدمــة‪:‬‬ ‫شهد العامل خالل اآلونة األخرية سلسلة من التحديات السياسية واالجتماعية واالقتصادية يف ظل األوضاع االقتصادية العاملية‬ ‫اجلديدة وخاصة بظهور التكتالت االقتصادية للمنافسة الدولية وانتشار الشركات املتعددة اجلنسيات والدور اجلديدة للمنظمات‬ ‫التجارية العاملية‪.‬‬ ‫كل هذا أدى إىل االهتمام بضرورة التسويق بصفة عامة واملبادالت التجارية بصفة خاصة‪ ،‬سعيا منها يف زوو األسوا الدولية‬ ‫وهذا بعد تطوير منتجاهتا ووجود وسيلة فعالة وشاملة لكافة الوظائف لتضمن انسياب وتدفق السلع واخلدمات إىل الداخل‬ ‫واخلارج‪ ،‬وهذا ما جعل املفاوضات الدولية حتتل مكانة بارزة يف تفاعالت الدولية على مر العصور‪ ،‬حيث أن ظاهرة التفاوض هي‬ ‫إحدى زايات اإلنسان الرئيسية‪.‬‬ ‫واختياري ملوضوع املفاوضات يف عقود التجارة الدولية لسببني‪:‬‬ ‫شخصي وهو‪ :‬ميولنا لدراسة القانون الدويل بصفة عامة واهتمامي باجملال التجاري حبيث جاء املوضوع برتكيب حمبذة عندي‪.‬‬ ‫أما السبب املوضوعي فهو‪ :‬أن موضوع املفاوضات كتب عليه بصفة عامة‪ ،‬ومل يتم حتديد عنصر العقد التجاري الدويل يف‬ ‫دراسة جانب التفاوض عليه‪ ،‬وهو إلثراء الكتب القانونية بتوكية هذا املوضوع بشكل مواكب ملا حنن فيه من تطور وهذا بتحديد‬ ‫مفهوم نظام قانوين يضبط القواعد واآلليات الواجبة التطبيق خبصوص التفاوض على العقود التجارية الدولية‪.‬‬ ‫ومع ظهور الدول احلديثة وبروز التعاون الدويل وازدهار التجارة الدولية يف خمتلف اجملاالت ونشأة املنظمات التجارية الدولية‬ ‫وتشعب وتعدد العالقات االقتصادية والتجارية‪ ،‬وتداخلها وتشابك مصاحل األطراف املكونة هلذه العالقات والتطورات التكنولوجية‬ ‫اهلائلة وسيادة نظام إقتصاد السو يف العامل واالجتاه حنو العوملة‪ ،‬أصبح فن التفاوض العامل املشرت ك حلل كل املشاكل‪ ،‬سوآءا منها‬ ‫االقتصادية أو التجارية أو السياسية أو االجتماعية أو الثقافية ‪.‬‬ ‫كل هذا وزريه من العوامل أدى إىل إعطاء أمهية للدراسة وأعطيت له املكانة األوىل يف إبرام العقود التجارية الدولية‪ ،‬حيث يعد‬ ‫واحد من وسائل تفسري العقد عند تنفيذه وكما يتم يف مرحلة املفاوضات حتديد القانون الواجب التطبيق على العقد املوعم إبرامه‬ ‫ويف حقيقة األمر فإن أسباب جناح العقد أو فشله تعود يف األصل إىل مرحلة املفاوضات وهي تفرض أمهيتها للضروريات منطقية‬ ‫وموضوعية واقتصادية‪.‬‬ ‫وهتدف الدراسة إىل حماولة توضيح اإلطار القانوين للمفاوضات اخلاصة بعقود التجارة الدولية ومن خالل تعريفها و متييوها عما‬ ‫يشبهها من مصطلحات و إبراز أهم شروطها الواجب توفريها‪.‬‬ ‫وكذلك يهدف إىل إعطاء صور عامة حول األحكام العامة اخلاصة باملسؤولية املتعلقة بالتفاوض يف عقود التجارة الدولية ملا هلا‬ ‫من أثر يف تقنني قواعد قانونية دولية موحدة لتنظيم املفاوضات يف عقود التجارة الدولية‪.‬‬


‫حيث يطرح التساؤل‪ :‬ما هو النظام القانوين للمفاوضات يف عقود التجارة الدولية؟ وما هي أحكام املسؤولية اخلاصة بالتفاوض‬ ‫وطبيعتها؟‬ ‫وذلك بإثارة موضوع االلتوامات وكذا طبيعة املسؤولية لدى الفقه ليتم الوصول عندها لتأسس القانوين للمسؤولية وتأطري آثارها‬ ‫لنصل بعدها إىل وضع القانون الواجب التطبيق‪.‬‬ ‫وتنصب هذه الدراسة على صور معينة للمفاوضات وهي املفاوضات اليت تسبق إبرام العقود التجارة الدولية واليت تسمى‬ ‫"مرحلة حتديد ومناقشة العقد وشروطه" وعلى هذا األساس سوف نستبعد من نطا دراستنا "مرحلة إبرام العقد" وتناول السري‬ ‫فيها بالقدر الذي تتطلبه حاجة البحث واستبعاد التطر لنهايتها ألن ذلك يقعنا ال حمال يف مرحلة اإلبرام ولن تقتصر هذه‬ ‫الدراسة على بيان موقف القانون اجلوائري فيها من عملية املفاوضات وإمنا سنتطر إىل بيان موقف القوانني العامة األخرى‪.‬‬ ‫واعتمدنا يف هذه الدراسة على الطريقة التأصيلية والتحليلية ومجعنا بني النظرية والتطبيق معتمدين يف ذلك على املنهج اإلستنباطي‬ ‫واملنهج االستداليل‪ ،‬حيث نستخلص هذه احللول من القواعد العامة نظرا لعدم وجود نصوص خاصة تنظم عملية املفاوضات قبل‬ ‫التعاقدية‪ ،‬مث نقوم بإختيار احلل األنسب للوقوف على نتائجه و تقومي هذه النتائج و تعميمها على سائر الفروض األخرى مع‬ ‫مراعا املرونة الكافية لتطويرها على حسب احلاجة إليها يف املستقبل و متاشيا مع هذه املناهج ‪.‬‬ ‫أما أهم صعوبات البحث كانت يف طول البحث وخاصة أنه موضوع حساس حيتاج للتعمق لتمكن من بلورة األفكار حوله و‬ ‫إضافة اجلديد وتوكيته‪ ،‬ومن أهم الصعوبات‪ :‬عدم اهتمام املشرع اجلوائري هبذا املوضوع‪ ،‬فالقانون املدين اجلوائري مل ينظم عملية‬ ‫املفاوضات بنصوص خاصة وركو باخلصوص على املراحل التالية إلبرام العقد وانصبت نصوصه على مرحلة تنفيذ العقد و كذا على‬ ‫املسؤولية املرتتبة على اإلخالل هبذه االلتوامات ويف زياب النصوص التشريعية وعدم كفايتها على النحو املتقدم‪ ،‬لتكون دراستنا يف‬ ‫املقام األول دراسة فقهية تستند إىل حتليل عناصر الواقع الذي يكشف عنه التعامل الدويل من خالل إمهال املباد العامة للنظام‬ ‫القانوين و حتليل التطبيقات القضائية ذات العالقة املباشرة أو زري املباشرة ‪.‬‬ ‫ولإلجابة على اإلشكالية املطروحة إرتائينا تقسيم موضوع الدراسة إىل فصلني‪:‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬نتكلم فيه على األحكام العامة للمفاوضات يف عقود التجارةالدولية واليت سنتناول فيها املفاهيم العامة حول‬ ‫املفاوضات واألمهية واهلدف منها ونتناول ضمن املبحث األول متيوه عن املصطلحات املشابه لنتقل إىل دراسة الضوابط املنهجية‬ ‫والبشرية حول عملية التفاوض ودراسة بعد ذلك طبيعة املفاوضات لنتمكن بعدها ضبط العقود التمهيدية اخلاصة مبرحلة‬ ‫املفاوضات‪.‬‬ ‫أما الفصل الثاين‪ :‬تناولنا فيه أحكام املسؤلية املتعلقة بالتفاوض يف عقود التجارة الدولية‪ ،‬كما تناولنا فيه التوامات األطراف‬ ‫املفاوضة وطبيعة مسؤليتهم‪ ،‬لنتكلم من خالهلا على كل من االلتوامات األساسية والثانوية لتفاوض وكذلك طبيعة مسؤولية‬ ‫املفاوضات يف عقود التجارة الدولية لدى الفقه التقليدي وطبيعة مسؤولية املفاوضات يف عقود التجارة الدولية لدى الفقه املعاصر‪،‬‬


‫لنتمكن بعدها من تناول األساس القانوين للمسؤولية الناجته عن التفاوض يف عقود التجارة الدولية والقانون الواجب التطبيق‪ ،‬الذي‬ ‫يتضمن املسؤولية العقدية عن اإلخالل بإتفا التفاوض واملسؤوليه التقصريية يف مرحلة التفاوض‪ ،‬لنصل بعدها لنتائج إرساء‬ ‫الطبيعة القانونية ملسؤلية ناجتة عن التفاوض وبعدها القانون الواجب التطبيق على هذه املرحلة من خالل املقاربات القانونية‪.‬‬


‫الفصل األول ‪ :‬األحكام العامة ملفاوضات‬ ‫يف عقود التجارة الدولية‬


‫الفصل األول‪ :‬األحكام العامة لمفاوضات في عقود التجارة الدولية‬ ‫إن للمفاوضات دور فعال يف عملية إبرام العقود الدولية‪ ،‬فهو يكتسي أمهية موضوعية كبرية لكون املفاوضات تسبق زالبا إبرام‬ ‫معظم العقود الدولية اهلامة‪ ،‬مما استوجب علينا دراسة اإلطار القانوين املفاهيمي هلا وتتجلى أمهية املفاوضات يف أن جناح العقد أو‬ ‫فشله راجع يف األصل إىل هذه املرحلة وهي مرحلة التفاوض‪ ،1‬واليت تعترب املؤشر القانوين الذي حيدد حقو وإلتوامات األطراف يف‬ ‫هذه املرحلة وقبل التطر هلا يستوجب املنهج منا أن نقف أوالا على املفهوم العام هلا‪ ،‬من خالل التعرف على ماهيتها من خالل‬ ‫تعريفها ومدى أمهيتها يف عقود التجارة الدولية وإستبيان خصائصه(املبحث األول)‪ ،‬مث التطر إىل ظوابط عملية التفاوض‬ ‫وإستخالص كل من شروطها وإجراءاهتا واملراحل اليت متر هبا‪ ،‬مث التطر إىل أنواعها وكذلك مراحل وعوامل جناح هذه املفاوضات‪،‬‬ ‫من خالل تقسيمها إىل ضوابط منهجية وضوابط بشرية‪ ،‬طبعتها القانونية والعقود واإلتفاقيات املنظمة هلا (املبحث الثاين)‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم التفاوض في عقود التجارة الدولية‬ ‫زالبا ما يسبق اإلتفا على الصيغة النهائية يف عقود التجارة الدولية الكثري من املفاوضات واملناقشات اليت تؤدي إىل وضع‬ ‫تصور مشرت ك لكل املوضوعات اليت جرت مناقشتها ومن مث تسفر عن صيازة مشروع للعقد‪ ،2‬حيث تلعب املفاوضات دورا وقائيا‬ ‫هاما يف إبرام‪ 3‬عقود التجارة الدولية؛ ولعل أول ما يثري اإلهتمام يف هذه الدراسة هو التعرف على ماهية املفاوضات يف عقود‬ ‫التجارة الدولية وتناول األمهية والغاية منها(املطلب األول) وكذا معاجلة الضوابط املنظمة يف عملية التفاوض يف عقود التجارة الدولية‬ ‫ضمن إطار قانوين (املطلب الثاين)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬تعريف المفاوضات وأهميتها‬ ‫نظرا حلداثة موضوع املفاوضات يف عقود التجارة الدولية ونظرا لعدم وجود نصوص قانونية خاصة تنظم مرحلة املفاوضات فإنه‬ ‫ال يوجد يف الفقه تعريف شامل صانع للمفاوضات‪ ،4‬إال أنه توجد تعريفات متنوعة ومتعددة بتنوع موضوع املفاوضات لنحاول‬ ‫وضع تعريف خاصة مبفاوضات العقود التجارية الدولية(الفرع األول)‪ ،‬لنفح جمال التطر ألمهيتها يف قالب قانوين يساعد على بلورة‬ ‫فكرة عامة حول املفاوضات يف مجيع اجملاالت لنحاول بعدها وضعها يف إيطار قانوين جيسد أمهيتها والغاية منها (الفرع الثاين)‪.‬‬

‫‪ -1‬طار اجلموري ندوة الصيازة وإبرام عقود التجارة الدولية شرم الشيخ – مجهورية مصر العربية ‪ 52-52‬ديسمرب ‪ 5002‬ص ‪.2‬‬

‫‪ 5‬ـ رسالة لنيل دبلوم املاسرت يف قانون األعمال املفاوضات يف التجارة الدولية‪ ،‬ص ‪ 00‬تاريخ التصفح‪ 15/11/52 ،‬ساعة التصفح ‪ 51:52‬من الرابط‪:‬‬ ‫‪http://dc202.4shared.com/img/r81nvpgv/priview-htmk‬‬ ‫‪ 3‬ـ أمحد علي صاحل‪ ،‬املفاوضات يف العقود التجارية الدولية‪ ،‬دار هومه‪ ،‬اجلوائر‪ ،5015 ،‬ص ‪.44‬‬ ‫‪ 4‬ـ ـ نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.42‬‬


‫الفرع األول‪ :‬تعريف المفاوضات‬ ‫للمفاوضات العديد من التعريفات حسب اجملال والنوع والظرف الذي تنشأ فيه وحسب طبيعة الشئ حمل التفاوض كل هذه‬ ‫األمور هلا تأثري على املصطلح التعريفي لتفاوض وهذا ما سيتم تناوله ضمن هذا الفرع‪.‬‬ ‫أوال‪ :‬المفاوضات لغة‪ :‬يقال فوض تفويضا إليه األمر صريه إليه وجعله احلاكم فيه‪( ،‬فاوض يف األمر مفاوض بادله الرأي فيه‬ ‫بغية الوصول إىل تسوية وإتفا )‪ ،‬واملفاوضات هي جانيب األخذ والعطى يف احلديث بادله القول ويف املال شاركة تثمريه (املفاوضة)‬ ‫تبادل الرأي من ذوي الشأن فيه بغية الوصول إىل تسوية وإتفا‬

‫‪.1‬‬

‫و املفاوضة يف اللغة هي املساواة واملشاركة وهي مفاعله من التفويض كأن كل واحد منهما رد ما عنده إىل صاحبه‪ ،‬و يف‬ ‫حديث متساوي قال لدزفل بن حنظلة‪ :‬مبا ضبطت ما أرى؟ قال‪ :‬مبفاوضة العلماء قال‪ :‬وما مفاوضة العلماء‪ ،‬قال‪ :‬كنت إذا‬ ‫إلتقيت عاملا أخذت ما عنده وأعطيته ما عندي‪ ،2‬أما ما جاء يف اللغة الفرنسية فإن كلمة ‪ négociation‬وأصلها يف اللغة‬ ‫الالتينية ‪ négociation‬حتتل معنيني األول ‪ :‬املتاجرة ‪ commerce‬أي عملية الشراء والبيع قيمة منقولة أو عملية تداول‬ ‫األورا التجارية‪ ،‬واملعىن الثاين هو التفاوض إيل العملية اليت تتضمن سلسلة من احملادثات وتبادل وجهات النظر وبذل العديد من‬ ‫املساعي من الطرفني هبدف التوصل اىل اتفا بشأن صفقة معينة؛ ومرادف كلمة ‪ negociatiation‬اي تفاوض هو كلمة‬ ‫‪ ،3pourparlers‬ويف القاموس األمريكي‪" :‬التفاوض هو عملية وضع الشروط أو املعايري اخلاصة باإلتفا بني طرفني أو أكثر‬ ‫وميكن حتقيقها من خالل اإلجتماعات واملباحثات و املداوالت"‪.4‬‬ ‫ثانيا‪ :‬المفاوضات إصطالحا‪ :‬املفاوضات هي الصورة املعربة عن مسار األمور ما بني طرفني على األقل هلم قيم ومعتقدات‬ ‫وحاجات ووجهات نظر خمتلفة‪ ،‬إال أهنم يسعون جاهدين إلتفا حول مواضيع وأمور ذات مصاحل وإهتمامات مشرتكة‪.‬‬ ‫إن مصطلح املفاوضات يكون يف الغالب مقارب ملفهوم عدم اإلتفا أو النواع‪ ،‬وقد يعين يف مرحلة منه عدم التفاهم ألن‬ ‫املفاوضات بدايتها هي صراع ما بني مصاحل الطرفني كل واحد يسعى للحصول على أكرب قدر منها‪ ،5‬والتفاوض هو عملية حتول‬ ‫املواجهة إىل التعاون وتغيري املوقف من الصراع للنقاش إىل مشكلة قابلة للحل‪.‬‬ ‫وكما تعرف املفاوضات بأهنا عبارة عن حوار ملتوم بني األطراف املعنية حتاول هذه األخرية عن طريقها الوصول إىل إتفا يبىن‬ ‫على جمموعة من القواعد واإللتوامات واحلقو ومن الضروري أن تتوفر الرزبة يف الوصول إىل هذا اإلتفا ‪.6‬‬

‫‪- 1‬أمحد علي صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.44‬‬ ‫‪ - 2‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬التفاوض على العقد (دراسة تأصيلية حتليلية مقارنة)‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪ ،5000‬ص ‪.40 – 45‬‬ ‫‪ - 3‬بن أمحد صليحة‪ ،‬املسؤولية املدنية يف حالة قطع املفاوضات‪ ،‬رسالة ماجستري زري منشورة‪ ،‬جامعة ورقلة ‪ 5004،‬ص ‪10‬‬ ‫‪ - 4‬مجال حواش‪ ،‬التفاوض يف األزمات واملواقف الطارئة‪ ،‬إيرتا ك لطباعة والنشر والتوزيع‪ ،‬ط‪ ،5002‬ص ‪.2‬‬

‫‪ - 5‬صاحل صايف خالص‪ ،‬ماهية املفاوضات التجارية ‪ ،5011،‬ب ط‪ ،‬ص ‪.12‬‬ ‫‪ - 6‬صاحل صايف خالص‪ ،‬اإلعالم التجاري واملفاوضات التجارية الدولية‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلوائر ‪ 5001،‬ص ‪.152‬‬


‫ولعل تعدد تعريف املفاوضات يعود إىل الواوية اليت ينظر منها كل طرف إىل املفاوضات من جهة‪ ،‬وإىل أن ظاهرة املفاوضات‬ ‫تتميو بطبيعتها بأهنا أكثر الظواهر تعقيدا وصعوبة‪ ،‬من جهة أخرى حيث ال يوجد شيء ميكن أن يكون أسهل يف تعريفه أو أوسع‬ ‫نطاقه من التفاوض‪.1‬‬ ‫ويعترب التفاوض هو األداة األساسية يف عالقات األفراد ببعضهم البعض إىل درجة ميكن القول أن من ينشأ التفاوض‬ ‫ميكن أن حيقق ما يريد‪ ،‬أي أن التفاوض ينشأ على وجود ركنني أساسيني معا أو أحدمها بني األطراف املتفاوضة وجود‬ ‫مصلحة مشرتكة أو أكثر ووجود قضية مشرتكة أو أكثر‬

‫‪2‬‬

‫وتعرب املفاوضات هنا عبارة عن فن اإلتصال الفعال وإدراة احلوار البناء‪ ،‬فهي سلو ك طبيعي يستخدمه اإلنسان للتفاعل مع‬ ‫حميطه ‪3‬؛ والتفاوض هو عملية يتم مبوجبها وضع مقرتحات حمددة‪ ،‬وواضحة هبدف التوصل إىل إتفا لتبادل أو حتقيق مصلحة‬ ‫مشرتكة مع وجود مصاحل متعارضة‪ ،4‬وهو أن تدخل يف حوار أو نقاش مع طرف أو أطراف أخرى هبدف الوصول إىل إتفا يرضي‬ ‫األطراف املتفاوضة‪ ،‬ويضمن هلا احلد األدىن املقبول من املكاسب‪ ،5‬وهو عملية يتفاعل من خالهلا طرفان أو أكثر لديهم إعتقاد‬ ‫بوجود مصاحل وإهتمامات مشرتكة و متداخلة‪ ،‬وحصوهلم على نتائج مرزوبة تتطلب اإلتصال فيما بينهم كوسيلة أكثر مالئمة‬ ‫لتضييق مساحة اإلختالف‪ ،‬وتوسيع منطقة اإلشرتا ك بينهم من خالل املناقشة والتضحية واحلجة واإلقناع للتوصل حلل قضايا‬ ‫التفاوض‪ ،6‬والتفاوض يف عقود التجارة الدولية هو موقف تعبريي حركي قائم بني طرفني أو أكثر حول قضية من قضايا يتم من‬ ‫خالله عرض وتبادل وتقريب وجهات النظر وإستخدام أساليب اإلقناع للحفاظ على املصاحل القائمة أو للحصول على منفعة‬ ‫جديدة يف إطار عالقة اإلرتباط بني أطراف العملية التفاوضية جتاه أنفسهم أو أجتاه الغري‪ ،‬وهو عملية التخاطب و اإلتصاالت‬ ‫املستمرة بني جهتني للوصول إىل إتفا يفي مبصاحل الطرفني‪ ،7‬وتعد عملية التفاوض من أعقد العمليات على اإلطال ففيها حماورة‬ ‫ومراوزة وكر وفر وإقبال وإصرار ومثابرة فيستعرض كل متفاوض مهارته‪ ،8‬ويقوم التفاوض على التفاعل والتعاون واملشاركة من‬ ‫خالل تقدمي وجهات نظر لكل طرف وأمهية الوصول إىل إبرام العقد أو الصفقة‪.9‬‬ ‫أما بالنسبة للمفهوم التفاوض يف اإلصطالح القانوين من جانب الفقه لضبط تعريف التفاوض نذكر أهم التعريفات‪:‬‬

‫‪ - 1‬علي أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.44‬‬

‫‪ - 2‬مصطفى حممود أبوبكر‪ ،‬التفاوض الناجح (مدخل إسرتاتيجي سلوكي)‪ ،‬الدار اجلامعية ‪ 5002 – 5004‬ص ‪.00 ،04‬‬

‫‪ - 3‬عمر سعد اهلل‪ ،‬قانون التجارة الدولية (النظرية املعاصر)‪ ،‬دار هومه‪ ،‬ص ‪140‬‬ ‫‪ - 4‬مصطفى حممود أبوبكر‪ ،‬املرجع يف وظيفة اإلحتياجات وإدارة األنشطة اللوجستية يف املنظمات املعاصرة‪ ،‬مصر ‪ 5004 – 5000 ,‬ص ‪.450‬‬ ‫‪ - 5‬فارو السيد عثمان‪ ،‬التفاوض وإدارة األزمات‪ ،‬دار األمني‪ ،‬مصر‪ ،‬ط‪ 5004 , 1‬ص ‪.10‬‬ ‫‪ - 6‬مصطفى حممود أبوبكر‪ ،‬التفاوض الناجح‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.45‬‬ ‫‪ - 7‬ياسر محاية‪ ،‬فن التفاوض‪ ،‬كنوز للنشر والتوزيع‪ ،‬مصر ‪ ،5015 ,‬ط‪ ،1‬ص‪.15‬‬ ‫‪ - 8‬حممد حسام حممود لطفي‪ ،‬املسؤولية املدنية يف مرحلة التفاوض‪ ،‬مصر ‪ 1222 ,‬ص ‪.5‬‬

‫‪ - 9‬حماضرة األستاذ زرقاط‪ ،‬أستاذ جبامعة قاصدي مرباح ورقلة‪ ،‬كلية احلقو ‪ ،‬حماضرة يف ‪ 5011/10/00‬زري منشورة‪.‬‬ ‫‪ - 10‬علي أمحد صاحل‪ ،‬املفاوضات يف العقود التجارية الدولية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬

‫‪10‬‬


‫ عرفها البعض ‪ :‬بأهنا حوار جيري بني متعاقدين إحتماليني من أجل البحث عن إمكانية إجياد توافق اإلرادات إجتاه احلقو و‬‫اإللتوامات اليت متثل حمل العقد‪ ،1‬أما البعض اآلخر عرفها املفاوضات بأهنا‪ :‬التحادث و احلوار بني طرفني أو أكثر هبدف الوصول‬ ‫إىل إتفا حول نقطة معينة ليست حمل إتفا بني األطراف‪ ،‬ويف جمال التجارة الدولية هو احلوار من أجل حتديد نوع املبيع أو‬ ‫الربح الناتج عن أي معاملة جتارية‪ ،‬ويذهب البعض إىل تعريف املفاوضات بأهنا‪ :‬كل إتصال أو تشاور أو حوار بني طرفني أو أكثر‬ ‫بغرض الوصول إىل إتفا هنائي أو إبرام عقد معني‪ ،2‬وتعرف املفاوضات بأهنا‪ :‬تلك املرحلة التمهيدية اليت تتم فيها دراسة‬ ‫ومناقشة شروط العقد‪ ،‬ويف هذه املرحلة ال يكون العقد قد م بل ليس هنا ك إجياب بالعقد ميكن قبوله و إمنا هنا ك عروض فحسب‬ ‫و عروض مضادة ‪ ،3‬وعلى ضوء التعريفات السابقة الذكر أقرتح تعريف ا‪ 4‬ومفاده أن "التفاوض على العقد هو حدوث إتصال‬ ‫مباشر أو زري مباشر بني شخصني أو أكثر مبقتضى إتفا بينهم يتم خالله تبادل العروض و املقرتحات و بذل املساعي املشرتكة‬ ‫هبدف التوصل إىل إتفا بشأن عقد معني متهيدا إلبرامه يف املستقبل‪ "5‬ومما تقدم ميكن أن نستنتج بأن املفاوضات تعين أو تشتمل‬ ‫على احلاالت متعدد وهي حالة أو وضعية (‪ )une situation‬لكل طرف من األطراف املتفاوضة وفهم متبادل حيث كل‬ ‫طرف حياول أن يتفهم الطرف املقابل (‪ )une compréhension mutuelle‬وإتصال ومشاركة األطراف املتفاوضة‬ ‫بعضها مع البعض األخر يف عملية املفاوضات (‪ )communiquer‬وإشباع حاجة (‪ )satisfaire besoin‬كل طرف‬ ‫حياول أن حيقق إشباع حاجته اليت يرزب يف حتقيقها‪.‬وهي تسوية أو وفا ( ‪établir un compromis ou un‬‬ ‫‪ )arrangement‬وأهنا عبارة عن مساومة (‪ )un mat chantage‬إذ جيب على كل طرف أن يكون مستعد لألخذ‬ ‫والعطاء‪ .‬وهي حماولة إقناع (‪ )persuader‬أي جعل املقابل يعتقد بأرائنا وذلك عن طريق تقليل اإلحنرافات يف املواقف إجتاه‬ ‫املصاحل املشرتكة والوصول إىل إتفا والبحث عن اخليارات بني األمور (‪ )rechercher les alternatives‬حيث جيب على‬ ‫األطراف املتفاوضة أن تكون سهلة وتعرض مواقفها بصورة مبسطة وأال تعقد األمور وزري متصلبة وأن تستعمل عدة خيارات‬ ‫للتمكن من الوصول إىل إتفا وأهنا إدارة الصراع (‪ )gérer les conflits‬أي حماولة إستعمال كافة اإلمكانيات والوسائل‬ ‫املتاحة لغرض السيطرة على املوقف والوصول إىل التوفيق ما بني املصاحل املتنازعة وهي عملية بيع‪ ،‬وذلك يعين جيب خلق احلاجة ملا‬ ‫حنن بصدد بيعه‪.6‬‬ ‫ومن هذه التعريفات املتعددة نستنتج أن تعريف املفاوضات يف عقود التجارة الدولية ال خيرج على ما ذكر إال أنه يدور حول‬ ‫عقد جتاري كقاعدة عامة وال ميكن هتميش اجلانب السياسي واإلقتصادي والقانوين يف عقود التجارة الدولية نظرا ألن معظم‬ ‫العالقات الدولية تكون متعددة ومتفرعة اجلوانب حسب العقد وطبيعته‪.‬‬

‫‪ - 1‬تعريف حممد علي جواد العقود الدولية (مفاوضات إبرامها – تنفيذها)‪ ،‬دار الثقافة عمان ‪ ،5010 ,‬ط‪ ،1‬ص‪.42‬‬

‫‪- 2‬تعريف هاين صالح نسر الدين‪ ،‬املفاوضات يف عقود التجارة الدولية‪ ،‬جملية إحتاد اجلامعيات العربية للدراسات والبحوث القانونية‪ ،‬عدد ‪ 4‬سنة‪ ،24‬ص‪.4‬‬ ‫‪ - 3‬على أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬ ‫‪ - 4‬وهو التعريف الذي وضعه رجب كريم عبد اهلل التفاوض على العقد ( دراسة تأصيلية تحليلية مقارنة ) ‪،‬مرجع سابق ص ‪ 06‬وما بعدها ‪.‬‬

‫‪ - 5‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬التفاوض على العقد (دراسة تأصيلية حتليلية مقارنة)‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.44‬‬ ‫‪ - 6‬صاحل صايف خالص‪ ،‬ماهية املفاوضات التجارية‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.55-51‬‬


‫ومن هنا ميكن القول أن املفاوضات يف عقود التجارة ال خترج على نطا ما م ذكره إال أهنا تدور حوهلا كقاعدة عامة‪ ،‬وال‬ ‫ميكن هتميش اجلوانب السياسية واإلقتصادية والقانونية فيها‪ ،‬نظرا ألهنا جوء من التنظيم للعالقات الدولية‪ ،‬ومنه جيب متيو التفاوض‬ ‫على ما شباهه‪:‬‬ ‫‪ .1‬تميزالتفاوض عن األفكار القانونية القريبة منه هي‪:‬‬ ‫أ‪ .‬تميز التفاوض عن مرحلة إبرام العقد‪ :‬هنا ك عدة نقاط ميكن من خالهلا حتديد أوجه اإلختالف بينهما أن مرحلة‬ ‫التفاوض تسبق دائما مرحلة إبرام العقد (‪ ،)chronologie pré contractuelle‬ألن إرادة الطرفني زري ثابتة‬ ‫يف مرحلة التفاوض على عكس مرحلة إبرام العقد حيت توجد إرادة باته حالة هي إجياب والقبول‪.‬‬ ‫لكن السؤال الذي يطرح ماهو احلد الفاصل بني مرحلة التفاوض ومرحلة اإلبرام؟ اإلجيابة هي أنه إذا ما إتفق األطراف‬ ‫املتفاوضة على بلورة مجيع املسائل اجلوهرية للعقد املراد إبرامه‪ ،‬تكون املفاوضات قد حققت اهلدف منها‪ ،‬فاإلجياد هو الفاصل بني‬ ‫مرحلة التفاوض ومرحلة إبرام العقد فصدور اإلجياب هو الوصول إىل مرحلة االلتوام‪.1‬‬ ‫ب‪ .‬تميز التفاوض عن اإليجاب‪ :‬إن اإلجياب يعرب عن إرادة جادة يف التعاقد تلوم صاحبها بإبرام العقد مبجرد موافقته‬ ‫بالقبول‪ ،2‬وحىت نكون بصدد اإلجياب يف وسعه اإلسهام يف تكوين العقد وقيام مسؤولية من صدرمنه‪ ،‬جيب أن تتوفر‬ ‫جمموعة من الصفات وهي أن يكون حمددا وجادا وبات وواضحا ال لبس فيه وموجه إىل املرسل إليه‪.3‬‬ ‫ومبفهوم أخر إذا إقرتب اإلجياب بقبول ال ميكن للموجب أن يعدل عنه ونفس احلال يف حالة إذا ما ألوم املوجب نفسه مبيعاد‬ ‫جيب عليه البقاء على إجيابه إىل إنقضائه‪ 4‬وهذا ما نصت عليه املادة ‪ 40‬من القانون املدين اجلوائري‪.5‬‬ ‫ومن خالل توضيح اإلختالف والتمييو بني التفاوض واإلجياب بأن اإلجياب هو "عرض للبضائع مع بيان كميته‪ ،‬القيمة والثمن‬ ‫وأجل التسليم" إىل زريه‪ ،‬أما التفاوض فهو بيان بضائع وحتديد إذا كان بيع أو إجار دون حتديد الثمن إلنه سيكون حمل التفاوض‪.‬‬ ‫ج‪ .‬تمييز التفاوض عن الوعد بالتعاقد‪ :‬يدخل الوعد بالتقاعد والتفاوض ضمن املرحلة اليت تسبق إبرام الصفقة وكل منها‬ ‫يلعب دورا يف التمهيد لإلبرام العقد‪ ،‬إال أهنما خيتلفان من حيث أن الوعد بالتقاعد يتضمن مجيع الشروط واملسائل‬ ‫‪- A.LADE, Le constat judiciaire des pourparlers, R T D. com.1998 ,p551 et s.‬‬

‫‪1‬‬

‫‪ - 2‬بلحاج العريب‪ ،‬مشكالت املرحلة السابقة على التعاقد يف ضوء القانون املدين اجلوائري‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬اجلوائر ‪ 5011‬ص ‪.11‬‬

‫ نظم املشرع اجلوائري مسألة اإلجياب والقبول يف تكوين العقد يف املواد من ‪ 22‬اىل ‪ 44‬من األمر رقم ‪ 24-22‬املؤرخ يف ‪ 50‬رمضان عام ‪ 1022‬املوافق ‪ 54‬سبتمرب سنة‬‫‪ ،1222‬املتضمن القانون املدين‪ ،‬املعدل واملتمم بالقانون رقم ‪ 10-02‬املؤرخ يف ‪ 50‬يونيو ‪.5002‬‬

‫‪ - 3‬نصت املادة ‪ 1/14‬من إتفاقية فيينا لألمم املتحدة بشأن البيع الدويل للبضائع >>يشكل إقرتاح إبرام عقد موجه إىل شخص معني أو عدة أشخاص إجيابا إذا كان حمددا مبا‬ ‫فيه الكفاية وإذا بني إرادة فاعلة أن يرتبط بقبول‪<<.‬‬ ‫‪ - 4‬عبد الرزا أمحد الشهوري‪ ،‬الوسيط يف شرح القانون املدين اجلديد‪ ،‬نظرية اإللتوام بوجه عام (مصادر اإللتوام ج‪ 1‬اجمللد ‪ – 01‬ط‪ 00‬منشورات احلليب احلقوقية‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان‪،‬‬ ‫‪ 5000‬ص ‪.144‬‬ ‫‪ - 5‬حيث نصت م‪ 40‬قانون املدين اجلوائري على >> إذا عني أجل للقبول إلتوم املوجب‪ ،‬بالبقاء على إجيابه إىل إنقضاء هذا األجل وقد يستخلص األجل من ظروف احلال‪ ،‬أو‬ ‫من طبيعة املعاملة<<‬


‫اجلوهرية اليت جيب أن تتوفر يف العقد املومع أبرامه وخاصة جيب توفر مدة الوعد بدقة ومسألة الشكلية اليت جيب توافرها‬ ‫وهذا مانصت عليه املادة ‪ 21‬يف القانون املدين‪ ،1‬أما التفاوض فال يلوم أطرافه بإبرام عقد حيت وإن كانت مرحلة‬ ‫املفاوضات قد متت يف تشكل إتفاقات متهيد به‪ ،‬ألهنا زالبا ما تكون زري ملومة وهدفها هو فتح نقاش بني األطراف‬ ‫لبحث إمكانية التوصل إىل إبرام عقد مل حتدد مالحمه بعد‪.2‬‬ ‫‪ .2‬التفاوض والمصطلحات المشابهة له‪:‬‬ ‫إن مصطلح التفاوض يتشابه مع التناقش وذلك أن كلهما هو تبادل األفكار وهو فن خطابه‪ ،‬واهلدف منها هو اإلقناع‬ ‫ومعرفة من على حق وكذلك التشاور وهو أن يلتقيان يف توفريمها جلو من الثقة ومجيع إمكانيات إلجاد حل للمشكلة‬ ‫بأسرع وقت ويتشابه التفاوض مع التعاون أيضا وهو أنه إتفا بني طرفني أو أكثر للقيام بعمل معني لتحقيق منفعة‪.3‬‬ ‫‪ .3‬تميز التفاوض على المصطلحات البديلة أو المخالفة له وأهم هذه المصطلحات هي‪:‬‬ ‫اإلقناع والتنازل والقهر وحل املشكلة وتوجيه التعليمات والتحكم والوساطة واملساومة‪ ،4‬حيث تعد املقاومة والتحكم‬ ‫والوساطة إحدى األساليب اليت تلجأ إليها األطراف املتنازعة يف عملية التفاوض وذلك لإلقناع‪ 5‬ومن خالل األفكار‬ ‫املتناولة حول مفهوم التفاوض نستخلص أن املفاوضات عالقة ثنائية اجلانب وإختيارية وإدارية‪ 6‬تعتمدعلى التعاون واألخذ‬ ‫والعطاء والتبادل وتقوم على احلاجة وهلا نتائج إحتمالية‪ 7‬جتعل اإلجياب من صنع الطرفني وللمفاوضات مرحلة متهيد‬ ‫إلبرام العقد‪ 8‬وحتدد مضمون اإللتوام العقدي فهي وسيلة لتفسري العقد يف مرحلة التنفيذ‪ 9‬وأساس التفاوض وجود قضية‬ ‫أو مشكلة مهمة يسعى كل طرف من األطراف التفاوض إىل إجياد حل هلا‪.10‬‬

‫‪ - 1‬نصت املادة ‪ 21‬من قانون املدين اجلوائري على>> أن اإلتفا الذي يعدله كال املتعاقدين أو أحدمها بإبرام عقد معني يف املستقبل ال يكون له أثرا إال إذا عينت مجيع املسائل‬ ‫اجلوهرية للعقد املراد إبرامه واملدة اليت جيب إبرامه فيها وإذا اشرتط القانون إمتام العقد إستفاء شكل معني فهذا الشكل يطبق أيضا على اإلتفا املتضمن الوعد بالتعاقد<<‬ ‫‪ - 2‬حماضرة األستاذ زرقاط‪ ،‬حماضرة رقم ‪ 0‬مرجع سابق‪.‬‬ ‫‪ - 3‬مجال حواش‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 4‬ومايليها‪.‬‬ ‫‪ - 4‬نادر أمحد أبو شيخة‪ ،‬اصول التفاوض‪ ،‬دار املرية ص ‪.54 – 50 – 55‬‬

‫‪ - 5‬مصطفى حممود أبوبكر‪ ،‬وظيفة اإلحتياجات وإدارة األنشطة اللوجستية يف املنظمات املعاصرة‪ ،‬الدار اجلامعية‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.455‬‬

‫‪ - 6‬حممد صربى السعدي‪ ،‬شرح القانون املدين اجلوائري‪ ،‬ج‪( 1‬مصادر االلتوام – التصرف القانوين – العقد واالرادة املنفردة) ط‪ ،1‬دار اهلدى‪ ،‬عني مليلة‪ ،‬اجلوائر ‪– 1225‬‬ ‫‪ 1220‬ص ‪.120‬‬ ‫‪ - 7‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.44‬‬ ‫‪ - 8‬التفاوض ال يتعلق جبميع أنواع العقود فهنا ك عقود ال جمال للتفاوض فيها كعقود االذعان ويف ذلك أنظر‪ :‬عبد الرزا الشهوري‪ ،‬الوسط يف شرح القانون املدين‪ ،‬مصادر االلتوام‪،‬‬

‫ج‪ ،1‬دار أحياء الرتاث العريب‪ ،‬بريوت‪ ،‬لبنان ‪ 1225‬ص ‪ ،552‬وقد تطر املشرع اجلوائري يف القانون املدين إىل عقود اإلذعان يف املادة ‪ 20‬وكذلك القانون رقم ‪ 05/04‬املؤرخ يف‬ ‫‪ 5004/02/50‬املتعلق بقواعد املطبقة على املمارسات التجارية‪.‬‬ ‫‪ - 9‬حممد الصرب‪ ،‬فن التفاوض‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬مصر‪ 5002 ،‬ص ‪.05‬‬ ‫‪ - 10‬مصطفى حممود أبوبكر‪ ،‬التفاوض الناجح‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.04 – 02‬‬


‫الفرع الثاني‪ :‬األهمية القانونية للمفاوضات‬ ‫إن التفاوض له أمهية عامة كونه نظام سلوكي يومي وختتلف أمهيته بإختالف اجملال واملصلحة‪ ،‬إلرتباط التفاوض بعقود التجارة‬ ‫الدولية جعل له أمهية أكثر من تلك املفاوضات الواردة بالعقود احمللية أو الوطنية‪ ،1‬وقد جيهل البعض أمهية املفاوضات على إبرام‬ ‫عقود التجارة الدولية‪ ،‬إذ تعكس مدى حسن النية عند األطراف‪ ،‬وتعميمهم على إهناء الصفقة أو القضية املوعم التفاوض‬ ‫عليها‪،‬كما جتد هذه األمهية يف اتفا الطرفني املتعاقدين أو ما يسعى بإرادهتما بشأن جوئيات العقد الدويل ذو طابع جتاري‬ ‫كتحديد نوع اآللة أو اجلهاز املراد بيعه أو شراؤه وكيفية إستعماله‪ ،‬أوتركيب املادة أو طريقة التعليب والتربيد وموج السوائل‪ ،‬وزري‬ ‫ذلك من األسرار الصناعية قبل إبرام العقد التجاري‪ ،‬كما يتوقف عليها جناح العقد أو فشله‪ ،‬ولذلك تتطلب بأن يسبق إفتتاح هذه‬ ‫العملية معرفة فن املفاوضات‪ ،‬ومعرفة أسس جناحها‪ ،‬وبدون ذلك لن يتحقق التوازن العقدي وحسن صيازة العقد‪. 2‬‬ ‫فإنتشار العقود النموذجية جعل التفاوض أمرا يرجع به إىل املاضي‪ ،‬ولكن احلقيقة أن تبادل النماذج العقدية بني الطرفني يعترب‬ ‫تفاوضا بينهما بطريقة الكتابة وأن مبدأ حرية التعاقد قد يتبع مبدأ حرية التفاوض‪3‬؛ إن العقود اليت تسبقها املفاوضات ال يتوقف‬ ‫قيام العقد على مشيئة أحد املتعاقدين بل على مشيئتهما معا‪ 4‬وإدارة عملية املفاوضات هلا دور يف احلد من املنازعات يف املستقبل‪،‬‬ ‫كما تتجلى أمهية التفاوض يف تفسري العقد والوقوف على مقاصد األطراف عند زموض عبارات العقد‪ 5‬فالقاضي يلجأ يف تفسريه‬ ‫للعقد لعوامل داخلية كالعقد نفسه ويف حالة ختلف هذا األخري ميكنه الرجوع إىل مرحلة املفاوضات‪ ،‬حيث توجد إتفاقات متهيديه‬ ‫يربمها املتفاوضون حيددون من خالهلا أهداف التفاوض‪ ،‬وهذا ما ذهبت إليه إتفاقية فيينا املتعلقة بالبيع الدويل للبضائع املؤرخة يف‬ ‫‪ 11‬أفريل ‪ 1240‬يف املادة ‪ 0/4‬إىل إمكانية اإلستناد إىل املباحثات عند حتديد مقاصد األطراف‪ ،6‬واملتفاوض يدخل أيضا يف‬ ‫إبطال العقد لعدم إحرتام املتعاقدين لواجب حسن النية املفروض عليهم إتباعه خالل هذه املرحلة وعليه إعتبار مرحلة التفاوض هي‬ ‫مرحلة اليت فيها يوضع األساس الذي يقوم عليه بناء العقد فيما بعد ومن مث فأي خلل فيها قد يؤدي إىل إهنيار العقد بينما يؤدي‬ ‫خلو هذا األساس من أسباب البطالن؛ الضمان إىل قيام عقد سليم ال يثري‬

‫‪ - 1‬أسامة حممد عثمان خليل‪ ،‬حتديد القانون الواجب التطبيق حلل النواع يف منازعات عقود اإلستثمار األجنيب – دراسة مقارن القانون السوداين ‪,‬والقانون اإلمارايت منوجا‪ ،‬من‬ ‫الرابط اإللكرتوين ‪:‬‬ ‫‪http:// www.svdaneselaw.net / forum/ newthread.php? Do= new thread & f =4 .‬‬ ‫ رسالة لنيل دبلوم املاسرت يف قانون األعمال املفاوضات يف التجارة الدولية‪ ،‬ص ‪ 04‬تاريخ التصفح‪ 15/11/52 ،‬ساعة التصفح ‪ 51:52‬من الرابط‪:‬‬‫‪ - 2‬عمر سعد اهلل‪ ،‬قانون التجارة الدولية‪ ،‬النظرية املعاصرة‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.142‬‬ ‫‪ - 3‬طالب حسن موسى‪ ،‬قانون التجارة الدولية‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬ط‪ ،5001، 1‬ص ‪.104‬‬

‫‪http://dc202.4shared.com/img/r81nvpgv/priview-htmk.‬‬

‫‪ - 4‬نفس املرجع ص ‪.102‬‬ ‫‪ - 5‬نصت املادة ‪ 111‬من ‪.‬م‪.‬ج <<أما إذا كان هنا ك حمل لتأويل العقد فيجب البحث عن النية املشرتكة للمتعاقدين دون الوقوف عند املعىن احلر يف لاللفاظ مع االستهداء يف‬ ‫ذلك بطبيعة التعامل ومبا ينبغي أن يتوافر من أمانة وثقة بني بني املتعاقدين وفقا للعرف اجلاري يف املعامالت >>‬ ‫‪ - 6‬ملحق الكتاب املتضمن لنصوص مواد اتفاقية فيينا بشأن البحث الدويل للبضائع حيث تنص ‪<< 0/4‬عندما يتعلق االمر بتعيني قصد أحد الطرفني أو ما يفهمه شخص سوى‬ ‫االدرا ك جيب أن يأخذ يف االعتبار الظروف املتصلة باحلالة السيما املفاوضات اليت تكون قد متت بني الطرفني والعادات اليت أدت التعامل بينهما واالعراف وأي حق صادر عنها>>‬


‫مشكالت يف التنفيذ‪ ،1‬إذ أن العقود اليت تستوجب التفاوض هي عقود يعترب فيها عامل املدة عنصرا فعاال ومؤثرا على تكوين‬ ‫العقد‪ ،‬حيث يساعد على إجناحها ملا يوفره من فرصة التمعن و التفكري لدى األطراف املتفاوضة حىت ميكنهم من اإلعداد لإلبرام‬ ‫عقد يتالئم مع مصاحلهم‪ ،‬فالتفاوض يلعب دورا وقائيا بالنسبة ملرحلة إبرام العقد إذ حيمي األطراف من عيوب الرضى ألنه يتيح هلم‬ ‫دراسة تفاصيل العقد والتفطن إىل عيوب الرضا ملا يوفره من فرص اإلطالع على املعلومات الضرورية لنشأة إرادة سليمة‪ ،2‬وحتتل‬ ‫املفاوضات يف التجارة الدولية دورا هاما نظرا للطبيعة العقود لدى الدول حيث حتكمها جمموعة من األعراف والعادات الدولية اليت‬ ‫ألوم التجار أنفسهم هبا‪ 3‬تسمى "‪ ،"l'exmercatoria‬وتقوم على تبين كامل لفكرة احلرية التعاقدية وهي كل أمر قابل‬ ‫للتفاوض‪ ،‬وعمليا تربز أمهية التفاوض يف جمال التجارة الدولية يف جمموعة العقود املركبة اليت ظهرت نتيجة للتطور اإلقتصادي العاملي‬ ‫ومقتضيات السو فهذه العقود حتتاج إىل تفاوض بشأهنا قبل إبرامها ومن بينها عقود التعاون بني الشركات‪،4‬وتكتمل أمهية‬ ‫التفاوض من جهة أخرى يف الوقاية من أسباب النواع حيث يرى البعض من الفقهاء أن مفاوضات ما قبل التعاقد تلعب دورا وقائيا‬ ‫سواء أسفرت على إبرام العقد أو عدم إبرامه‪ ،‬فاملفاوضات اجليدة تكون خري ضمان لقيام عقد ال تثور منازعات بصدد تنفيذه و‬ ‫فشل املفاوضات بعد تبيني كل طرف حلقيقة الوضع يقي من إبرام عقد يفتح باب النواع‪. 5‬‬ ‫وبالعودة إىل أمهيته اإلقتصادية فالتفاوض يعد وسيلة فعالة إلعادة التوازن العقدي عند ظروف زري متوقعة تؤدي إىل‬ ‫إختالل األداءات اإلقتصادية اليت نصت على التفاوض‪ ،‬يف حالة تغري الظروف "‪ ،"hard chip‬وهذا ما جاءت به‬ ‫املبادىء املتعلقة بعقود التجارة الدولية اليت أقرها معهد ‪ 1993 in droit‬وقد جاء يف الفقرة ‪ 5‬من هذا املبدأ‬ ‫<<أنه يف حالة شرط الصعوبة (تغري الظروف) يكون للطرف املتضرر طلب إعادة فتح باب املفاوضات وجيب أن يقدم‬ ‫الطلب دون تأخري وأن يكون مسببا >> فالتفاوض يلعب عدة أدوار يف التجارة الدولية فهو مل يعد ينحصر فقط يف‬ ‫احلصول على املواد املنتجة أو البحث عن أسوا لتصريف املنتجات‪ ،‬وإمنا هو أوسع و أمشل حيث ميتد ليشمل اجلوانب‬ ‫املالية والتقنية والعلمية ‪ ،6‬ويعد حتديد معامل وجوانب األهداف ونقاطها عنصر مهم يف إعطاء قيمة أو حتديد مدى أمهية‬ ‫هذه املفاوضات حيث جيب اإلعتماد يف حتديد األهداف العملية للتفاوض‪ 7‬على حتديد معايري األهداف من عملية‬ ‫التفاوض ومراعاة أهداف الطرف اآلخر يف التفاوض وتعيني أهداف وترتيبهاو مراجعتهاو جعلهاقابلة للقياس احملافظة‬ ‫على سريتها‪ 8‬ولتفاوض هدفني رئيسني هو الوصول لإلتفا يرضى عنه طريف النواع وحتسني التعاون وحتسني فعالية‬ ‫‪ - 1‬بن أمحد صليحة‪ ،‬مرجع سابق ص‪14‬ومايليها‪.‬‬ ‫‪ - 2‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪ 51‬ومايليها‪.‬‬

‫‪ - 3‬نص املشرع على اإللتوام بالإلعالم يف األمر ‪ 02/22‬املتعلق بالتأمينات املؤرخ يف ‪ 22/01/52‬حيث نصت املادة ‪ 12‬منه <<يلوم املؤمن له بالتصريح عند اكتتاب العقد‬ ‫جبميع البيانات والظروف املعروفة لديه ضمن استمارة تسمح للمؤمن بتقدير االخطار اليت يتكفل هبا >> وكذا قانون محاية املستهلك مبوجب القانن ‪ 05/04‬املتعلق باملمارسات‬ ‫التجاية املؤرخ يف ‪ 04/02/50‬ينص يف املادة ‪ << 4‬يتوىل البائع وجوبا اعالم الوبائن بأسعار وتعريفات السلع واخلدمات وشروط البيع >>‪.‬‬

‫‪ - 4‬وهذا ما كرسته مباد عقود التجارة الدولية الصادرة عن املعهد الدويل لتوحيد القانون اخلاص بروسانة ‪ 1224‬حيث تضمنت قواعد تنظيم مراحل التفاوض يف عدة مواد منها‬ ‫وأعتربت أن لكل طرف احلرية يف إجراء التفاوض‪.‬‬ ‫‪ - 5‬بن أمحد صليحة‪ ،‬مرجع سابق ص ‪ 12‬وما يليها‪.‬‬ ‫‪ - 6‬أمحد كرمي سالمة‪ ،‬قانون العقد الدويل‪ ،‬مفاوضات العقود الدولية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬ط‪ ،1‬بدون للنشر ص ‪ 45‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪ - 7‬صاحل صايف خالص‪ ،‬يف االعالم التجاري واملفاوضات التجارية الدولية‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.21‬‬ ‫‪ - 8‬مصطفى حممود أبوبكر‪ ،‬التفاوض الناجح‪ ،‬مرجع سابق ص ‪ 144‬ومايليها‪.‬‬


‫اإلعتماد بني املتفاوضني‪ ،‬وعدم اإلضرار باحلد األدين من ذلك التعاون‪ ،1‬وبلوغ املفاوضات اجليد وجيب الرتكيو على‬ ‫ثالثة أهداف رئيسية يف العقد وهي وضع العقد يف صيازة قانونية خاصة‪ .‬حتقيق نوع من املوازنة بني احلقو واإللتوامات‬ ‫املتبادلة والتهرب من طر تسوية النواعات بشكل زري فاعل وزري عادل‪.2‬‬ ‫إن املفاوضات التجارية ال تنحصر فقط يف احلصول على املواد املنتجة أو البحث عن األسوا لتصريف املنتجات‪ ،‬وإمنا هي‬ ‫أوسع وأمشل من ذلك حيث متتد لتشمل اجلوانب املالية والتقنية والعملية‪ ،‬ونعين بذلك أن املؤسسة يف حالة حاجتها إىل مصادر‬ ‫لتمويل ‪ ،‬فإهنا تدخل يف مفاوضات مع املصارف أو البنو ك أو املؤسسات املالية من أجل احلصول على األموال الالزمة لغرض‬ ‫تسديد إلتومات تستحق الدفع يف وقت‪ ،‬أو لغرض مواجهة العمليات اإلستثمارية اليت تنوي القيام هبا و اليت تتطلب أموال كبرية‬ ‫تتجاوز طاقة املؤسسة يف الوقت احلاضر‪ ،3‬إن كل هذه املفاوضات سواء كانت ذات طابع صناعي أو جتاري أو مايل أو علمي‪،‬‬ ‫فإهنا حتتاج إىل دراسات عميقة ودقيقة إذ أن لنتائج هذه املفاوضات آثار كبرية حتدد وتؤثر على مستقبل هذه املؤسسة أو تلك‪،4‬‬ ‫وهلذا فإنه من الضروري حتديد األهداف اليت تسعى هلا أي مؤسسة كانت عند دخوهلا يف املفاوضات جتارية مهما كانت حجمها‬ ‫أو طبيعية نشاطها أو موقعها يف املفاوضات و ذلك لتفادي املشاكل اليت ميكن أن تظهر يف املستقبل‪. 5‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬الظوابط المنظمة لعملية التفاوض في عقود التتجارة الدولية‬ ‫تتطلب املفاوضات بإعتبارها الوسيلة األساسية واملتداولة يف إبرام العقود التتجارية الدولية ذات الصفة الكبرية واملعقدة عند‬ ‫إجرائها األخذ بكل مستلومات النجاح اليت بواسطتها يتم حتقيق األهداف اليت يطمح إليها أطراف التفاوض‪ ،‬وحىت يتم حتقيق ذلك‬ ‫ال بد من أن يتم التفاوض بصورة جيدة من جانب أطراف العقد حىت يستطيع كل طرف التأكد من أن العقد سوف حيقق أهدافه‬ ‫وزاياته‪ ،‬من خالل إتباع خطوات عملية قبل وأثناء وبعد العملية التفاوضية حىت تتحقق األهداف اليت يرزب األطراف الوصول‬ ‫إليها‪ ،‬فهذه اخلطوات إن مل تكن منظمة فلن تؤدي إىل النتائج املرجوة‪ ،‬كل هذا جيعل من احلرص على إجناح املفاوضات أمر‬ ‫ضروري وهاما هو ما يدعو إىل القول أن إجناح التفاوض وحتقيق أهدافه يكون إال عن طريق إستخدام أساليب التفاوض املدروسة‬ ‫لتقوم على ختطيط املنهج والرؤية واملوضوعية وتسند الظوابط التفاوضية املؤثرة على جناح التفاوضات أو فشلها على دعامتني‬ ‫أساسيتني وحتقيق األهداف فإنه من الضروري تناول الظوابط املنهجية(الفرع األول) والظوابط البشرية‪(6‬الفرع الثاين)‪.‬‬

‫‪ - 1‬حممد الصرييف‪ ،‬التفاوض‪ ،‬مرجع سابق ص‪.50‬‬ ‫‪ - 2‬حممد علي جواد‪ ،‬العقود الدولية مفاوضاهتا – ابرامها – تنفيذها‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.12‬‬ ‫‪ - 3‬صاحل صايف خالص ‪ ،‬ماهية املفاوضات التجارية‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.52‬‬ ‫‪ - 4‬نفس املرجع ص ‪.54‬‬

‫‪ - 5‬زياد السمرة‪ ،‬فن التفاوض‪ ،‬دار أسامة‪ ،‬االردن‪ ،‬ط‪ 5004 1‬ص ‪ 55‬وما يليها‪.‬‬ ‫‪ - 6‬إن املقصود بالضوابط يف التفاوض هو القاعدة العامة اليت من خالهلا ميكن وضع نظام حيرتمه الطرفني فيس عملية التفاوض من بدايتها إىل هنايتها إىل السري فيها حىت إهنائيها‪.‬‬


‫الفرع األول‪ :‬الظوابط المنهجية‬ ‫حيث سنتناول الضوابط املنظمة للتفاوض بصفة عامة واليت هي عبارة عن اإلجراءت القانونية اليت جيب إتباعها يف عملية‬ ‫التفاوض وهي الظوابط اليت تتعلق بالعملية املنهجية اخلاصة بالتفاوض ذات العالقة باملنهج والتفاوض أو اإلسرتاجتية التفاوضية‬ ‫املختارة وبضرورة التقيد بالقواعد األساسية واملتبعة يف العمليات التفاوضية‪ ،‬فالتفاوض بدون منهج علمي موضوعي يرتبط بالقضية‬ ‫التفاوضية يتحول إىل جدل ونقاش عقيم ال يوصل إىل نتيجة‪ ،‬وجيدر بنا اخلوض يف أنواع ومراحل العملية التفاوضية اليت من خالهلا‬ ‫حندد الظوابط البشرية والفريق املفاوض وكذا عوامل جناح التفاوض إستوجب علينا‪ ،‬أن نتطر إىل الظوابط املنهجية واليت فيها‬ ‫سنتناول شروط التفاوض وأساليبه واليت حندد هبا عناصره وإسرتاتيجياته وتكتيكاته‪ ،‬وميكن القول أن كل من الظوابط املنهجية‬ ‫والبشرية تدخل يف إطار إجراءات التفاوض‪ ،‬فهذه اإلجراءات حتدد ظوابط التفاوض من نشئة فكرة التفاوض إىل البدء يف التفاوض‬ ‫إىل حد اإلنتهاء منها وهذه الشروط هي ‪:‬‬ ‫أوال‪-‬شروط التفاوض‪ :‬لتفاوض عدة شروط ألنه حمصلة تفاعل عوامل خمتلفة متغرية وثابتة‪ ،‬حىت ميكن الوصول إىل تعظيم‬ ‫األداء اخلاص باملفاوضني الذي يعتمد على القدرة لدى الفرد املفاوض وهذه الشروط هي عبارة عن حمددات للعمل التفاوض اليت‬ ‫تعترب إجراء منهجي يتم من خالهلا حتديد التفويض أو الطر التفاوضية‪.1‬‬ ‫ثانيا‪-‬القوة التفاوضية‪ :‬ترتبط القوة التفاوضية حبدود أو مدى السلطة‪ ،‬والتفويض الذي م منحه للفرد التفاوض وإطار احلركة‬ ‫املسموح له بالسري فيه وعدم إخرتاقه فيما يتصل باملوضوع أو القضية املتفاوض بشأهنا وجيب التحذير من أمرين أساسيني مها‪:‬‬ ‫‪ 1‬ـ إطال احلرية كاملة دون حدود أو ضوابط للمفاوض حبيث يكون هو السلطة وهو مفوضها‪.‬‬ ‫‪ 5‬ـ تقييد حرية التفاوض حبيث يصبح مغلول اإلرادة ويصبح عدمي الفاعلية أو اجلدوى‪.2‬‬ ‫ثالثا‪-‬المعلومات التفاوضية‪ :‬إن املعلومات مهمة جدا يف عملية التفاوض‪ ،3‬وأقل املعلومات اليت توفر للمفاوض لينجح يف‬ ‫اإلجابة عن االسئلة اليت تعترب جوء مهم من اإلجراءات الطبيعية يف املفاوضات هي من حنن؟ ماذا نريد من خصمنا؟ كيف‬ ‫نستطيع حتقيقه هل ميكن حتقيق ما نريد دفعة واحدة؟ أم يتعني أن ححققه على دفعات وجتوئته للوصول اليه على مراحل؟ ما‬ ‫الذي حنتاجه من دعم وأدوات ووسائل وأفراد للوصول إىل تلك األهداف‪4‬؟‬ ‫وبناء على هذه املعلومات يتم وضع برنامج زمين للتفاوض‪. 5‬‬

‫‪ - 1‬مصطفى حممود أبوبكر‪ ،‬التفاوض الناجح‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.150‬‬ ‫‪ - 2‬مجال حواش‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.44‬‬ ‫‪ - 3‬نفس املرجع ص ‪.42 – 41‬‬

‫‪ - 4‬زياد السمرة‪ ،‬فن التفاوض‪ ،‬دار أسامة‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.41‬‬ ‫‪ - 5‬نفس املرجع ص‪.45 – 41‬‬


‫رابعا‪-‬القدرة التفاوضية‪ :‬تتوقف القدرة التفاوضية على براعة ومهارة وكفاءة أعضاء فريق التفاوض باملنهج املتبع يف الطريقة‬ ‫اآلتية‪:‬‬ ‫إختيار اجليد ألعضاء فريق التفاوض وحتقيق اإلنسجام بني أعضاء الفريق التفاوضي و تدريب وتثقيف أعضاء الفريق التفاوض‬ ‫واملتابعة الدقيقة ألداء الفريق املفاوض‪ ،‬وألي تطورات حتدث ألعضائه وعوله عن التأثريات اخلارجية وتوفري كافة اإلمكانيات املتاحة‬ ‫لدعم الفريق املفاوض‪. 1‬‬ ‫خامسا‪-‬الرغبة المشتركة‪ :‬حيث يتصل هذا الشرط بتوفر الرزبة املشرتكة لتفاوض‪ ،2‬وإقتناع كل منهم بأن التفاوض‪ 3‬الوسيلة‬ ‫الوحيدة حلل هذا النواع أو وضع حدود له‪.4‬‬ ‫وبتوفر هذه الشروط احلتمية ميكن البدء يف عملية التفاوض‪ ،‬فإهنا تتناسب شروطها املطلوب توافرها هلا وجيب ضبط حينها‬ ‫عناصر التفاوض اليت من خالهلا يتم إسقاط األسلوب املناسب يف العملية التفاوضية واإلسرتاتيجيات املقيدة هلا يف عناصر‬ ‫التفاوض‪ ،‬وهي املقومات األساسية لنجاح التفاوض‪ ،5‬ومن خالهلا ميكن ضبط اإلسرتاتيجيات والتكتيكات و هذه اإلسرتاتيجيات‬ ‫أنواع ولكل إسرتاتيجية أسلوب خاص هبا أو أكثر هي الطريقة على املستوى الفردي اليت يعتمدها ويتبناها املتفاوض يف طرح وشرح‬ ‫وجهات نظرته أثناء املفاوضات فهنا ك أساليب متعددة يف املفاوضات منيو أربعة أساليب ‪:‬‬ ‫األسلوب االدراكي ‪ ،factuel‬األسلوب احلدسي ‪ ،intuitif‬األسلوب املعياري ‪ ،style normatif‬األسلوب التحليلي‬ ‫‪.style analytique‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬الظوابط البشرية لعملية التفاوض‬ ‫تعترب هذه الضوابط وسيلة أو جهاز يتم من خالهلا تنفيذ ما م جتهيوه من ضوابط منهجية وهنا ك تفاوض "ربح‪/‬ربح" وفيه‬ ‫يلجأ املفاوضون إىل تبين إسرتاتيجيات تقوم على تطور التعاون وتوسيع العالقة القائمة وهنا ك تفاوض "ربح‪/‬خسارة" وحيدث هذا‬ ‫النوع من التفاوض عند عدم وجود توازن يف القوى بني أطراف التفاوض‪ ،6‬وهنا ك التفاوض التمكيين الذي يهدف إىل متكني‬ ‫األوضاع خلفض مستوى حالة التصارع والتناحر لصاحل مفاوضات مقبلة تصبح فيها الظروف أكثر مالئمة جلميع أطراف‬ ‫التفاوض‪ 7‬وميكن مالحظة األنواع التالية للتفاوض‪:‬‬

‫‪ - 1‬زياد السمرة‪ ،‬ص‪.42‬‬

‫‪ - 2‬مجال حواش‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.42‬‬ ‫‪ - 3‬مصطفى حممود أبوبكر‪ ،‬التفاوض الناجح‪ ،‬مرجع سابق ص ‪ 14‬وما يليها‪.‬‬

‫‪ - 4‬زياد السمرة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬ ‫‪ - 5‬إيهاب كمال‪ ،‬مراجعة ’ أمحد حممد صربى‪ ،‬مهارات التفاوض ودبلوماسية االقناع‪ ،‬هيئة النيل العربية للنشر والتوزيع‪ ،‬مصر‪ ،‬بدون طبعة ‪ 5002 – 5004 ,‬ص ‪50‬‬ ‫‪ - 6‬حممد الصريف‪ ،‬التفاوض‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.144‬‬ ‫‪ - 7‬نادر أبو شيحة‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.04‬‬


‫أوال‪:‬أنواع التفاوض‪:‬‬ ‫‪-1‬تفاوض من أجل إتفاقيات أو التعهدات‪.‬‬ ‫‪-5‬تفاوض من اجل تطبيع العالقات‪.‬‬ ‫‪-0‬تفاوض تغيري أوضاع مصاحل طرف ما‪.‬‬ ‫‪-4‬التفاوض اإلبتكاري‪.1‬‬ ‫ثانيا‪ :‬مراحل وخطوات التفاوض‪:‬‬ ‫حيث أن هذه األنواع التفاوضية متر تقريبا ضمن املراحل التالية‪:‬‬ ‫أ‪ .‬مرحلة التحليل‪ :‬وهي مرحلة مجع البيانا ت وحتديد األهداف‪.2‬‬ ‫ب‪ .‬مرحلة التخطيط‪ :‬وهي مرحلة يتم حتديد املصاحل األساسية وخطة التعامل مع الطرف اآلخر‪.3‬‬ ‫ج‪ .‬مرحلة املناقشات‪( :‬التفاوض الفعلي) وضمنها مراحل ‪ 2‬هي‪ :‬مرحلة اإلستكشاف‪ ،‬مرحلة تقدمي العروض‪،‬‬ ‫واملقرتحات‪ ،‬مرحلة املساومة‪ ،‬مرحلة التواصل إىل إتفا أو متويه‪ ،‬مرحلة إقرار الإلتفا ‪.‬‬ ‫وهذه املراحل تكون ضمن ‪4‬خطوات وهي‪:‬‬ ‫اخلطوة األوىل‪ :‬حتديد وتشخيص القضية التفاوضية‪.‬‬ ‫اخلطوة الثانية‪ :‬هتيئة املناخ للتفاوض‪.‬‬ ‫اخلطوة الثالثة‪ :‬قبول اخلصم للتفاوض‪.‬‬ ‫اخلطوة الرابعة‪ :‬التمهيد لعملية التفاوض وعملية وإعدادها‪.‬‬ ‫اخلطوة اخلامسة‪ :‬بدء جلسات للتفاوض الفعلية‪.‬‬ ‫اخلطوة السادسة‪ :‬الوصول إىل اإلتفا اخلتامي وتوقيعه‪.‬‬

‫‪ - 1‬نادر أبو شيخة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.04‬‬ ‫‪ - 2‬إيهاب كمال‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.12‬‬ ‫‪ - 3‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.50‬‬


‫ثالثا‪ :‬مهارات املتفاوض‪:‬‬ ‫فإدرا ك املتفاوض للظروف احمليطة بالعملية التفاوضية ومعرفته باملهارات املطلوبة هي عوامل النجاح يف حتقيق األهداف‬ ‫التفاوضية املرسومة‪ ،‬حيث توجد جمموعة كبرية من الصفات والشروط ملفاوض نتطر هلا أوال قبل احلديث عن املهارات الشخصية‬ ‫منها‪:‬‬ ‫‪-1‬إلتوامه الشرف والقوة على اإلتصال‪ ،‬وإتقان اللغة للتفاوض هبا والتكامل الشخصي‪.‬‬ ‫‪-5‬القدرة على السيطرة والتحكم يف التطور والقدرة على اإلبتداع اخليارات‪.‬‬ ‫‪-0‬الذكاء واللباقة يف احلديث والدميبلوماسية والتعبري وسرعة املالحظة واملوضوعية يف التفكري‪.1‬‬ ‫وعقود التجارة الدولية مل تشرط شروطا عاما جيب توفرها يف عضو الوفد املفاوض إالما تشرتطه القواعد العامة يف القانون‪.‬‬ ‫أما بالنسبة ألهم املهارات الواجب توافرها يف املفاوض الناجح‪:‬‬ ‫‪ .1‬مهارة التحدث‪ :‬وذلك من خالل اإلعتماد على عدة أساليب منها إستخدام صيغ التساؤالت اليت تدفع الطرف اآلخر‬ ‫لإلجابة بقبول لتوسيع منطق التفاهم‪ ،‬وبالتايل التعرف على أوجه القوة ونقاط الضعف يف إقرتاحه‪ 2‬وعدم مقاطقة الطرف‬ ‫اآلخر‪.‬‬ ‫‪ .5‬مهارة اإلستماع واليقظة‪ :‬وهو فهم ما يريده الطرف اآلخر وحفظه يف الذاكرة بصورة إلسرتجاعه يف الوقت املناسب‬ ‫ملناقشته وبيان مافيه من تناقض أو أشياء تؤثر يف مصداقية الطرف اآلخر‪.3‬‬ ‫‪ .0‬القدرة على اإلقناع‪ :‬واإلقناع هو " عملية إبطال يقوم هبا املفاوض من اجل تعديل سلو ك الطرف اآلخر خبصوص موضوع‬ ‫أو مسألة له معينة‪ ،‬حبيث يصري أكثر موصوعية وإتفاقا مع أهداف ومواقف الطرف الذي يسعى على هذا التعديل "‪ ،‬فالواقع أن‬ ‫مهارات اإلقناع تتكون من جمموعة متعددة من املهارات‪.4‬‬ ‫ يف نفس الوقت جيب على املفاوض تأمل أساليب إقامة احلجج أو تقدمي األسانيد يف الثقافة الواحدة أو عرب الثقافات‬‫وكيفية التعامل مع األمناط املختلفة اليت جتسد التسلط يف احلوار‪.5‬‬

‫‪ - 1‬ياسر محاية‪ ،‬فن التفاوض‪ ،‬مرجع سابق ص ‪ 50‬وما يليها‪.‬‬

‫‪ -2‬رسالة لنيل دبلوم املاسرت يف قانون األعمال املفاوضات يف التجارة الدولية‪ ،‬ص ‪ 00‬تاريخ التصفح‪ 15/11/52 ،‬ساعة التصفح ‪ 51:52‬من الرابط‪:‬‬ ‫‪http://dc202.4shared.com/img/r81nvpgv/priview-htmk‬‬ ‫‪ - 3‬طالب حسن موسى‪ ،‬قانون التجارة الدولية مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.112‬‬ ‫‪ - 4‬رسالة لنيل دبلوم املاسرت يف قانون األعمال املفاوضات يف التجارة الدولية‪ ،‬ص ‪ 210‬وما بعدها‪ ،‬تاريخ التصفح‪ 15/11/52 ،‬ساعة التصفح ‪ 51:52‬من الرابط‪:‬‬ ‫‪http://dc202.4shared.com/img/r81nvpgv/priview-htmk‬‬ ‫‪ - 5‬حممد الصريف‪ ،‬التفاوض‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.100‬‬


‫وعلى ذلك فإن عوامل جناح عملية التفاوض يعود أوهلا إىل عامل مادي موضوعي‪ ،‬يتمثل يف توفري املناخ املناسب من الناحية‬ ‫املادية والنفسية وذلك بإختيار املكان املالئم والوقت املناسب من الناحية املادية والنفسية وذلك بإختيار املكان املالئم والوقت‬ ‫املناسب إلجراء عملية املفاوضات‪ ،‬ويف إختيار لغة اإلتصال اليت جيب أن تكون سهلة ومفهومة من الفريقني‪ ،‬أما العامل الثاين فهو‬ ‫شخصي يتمثل يف صفات الشخص أو الفريق التفاوضي الذي خيوض زمار عملية التفاوض‪.1‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬الطبيعة القانونية لتفاوض في عقود التجارة الدولية والعقود المنظمة لها‬ ‫بعد ما تقدمنا يف املبحث األول بإعطاء إطار مفاهيمي حول التفاوض إستوجب علينا تناول الطبيعة القانونية للتفاوض يف‬ ‫عقود التجارة الدولية واليت سيتناول فيها الطبعة املادية والعقدية للتفاوض(املطلب األول)لننتقل بعدها ونتكلم على العقود اليت من‬ ‫خالهلا ميكن حتديد طبيعة التفاوض وهي العقود اليت تنبين عليها عملية التفاوض وهي حبد ذاهتا تنقسم إىل عقود زري مرتبة لإللتوام‬ ‫والعقود املرتبة لإللتوام (املطلب الثاين)‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬الطبيعة القانونية للتفاوض في عقود التجارة الدولية‬ ‫إن من أهم األسباب اليت من خالهلا مل يتضمن القانون نصوص تفصيلية حتكم الفاوضات يف عقود التجارة الدولية ذات‬ ‫القيمة اإلقتصادية العالية لتلك اليت تنظم إبرام العقود التقليدية اليت تنعقد عادة بإجياب و قبول‪ ،‬و هي لكثرة التفاصيل اليت‬ ‫تتضمنها تلك املرحلة من التفاوض وإختالف طبيعة املفاوضات من عقد آلخر‪ ،2‬هلذا مل يعتين املشرع بوضع نصوص تفصيلية‬ ‫تنظم تلك املرحلة مكتفيا باملباد العامة اليت حتكم تصرفات األطراف خالهلا كالتفاوض حبسن نية‪ ،‬وألن موضوع الدراسة يدور‬ ‫حول التكيف القانوين للتفاوض السابق على إبرام العقد النهائي كان علينا تناول الطبيعة القانونية للتفاوض حبد ذاهتا وإىل ما تعود‬ ‫هل إىل طبيعة مادية(الفرع األول) أو طبيعة عقدية(الفرع الثاين) ؟ وهذا ما سيتم التطر اليه‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الطبيعة المادية للتفاوض‬ ‫التفوض ذو طبيعة مرنة ومودوجة يصعب التفرقة فيها كوهنا متغريت ومتطورة وخمتلفة من عدة جوانب فلكل عقد وجمال‬ ‫خصائص تفاوضية معينة قد ال توجد يف عملية تفاوضية أخرى‪ ،‬وتقوم فكرة الطبيعة املادية للتفاوض على أساس أن التفاوض ميثل‬ ‫جمرد واقعة مادية ليس إال‪ ،‬ومن مث فهو زري ملوم ومفرغ من أي قيمة قانونية‪ ،3‬ويذهب الفقهاء التقليدين املعاصرين إىل التفرقة بني‬ ‫املفاوضات زري املصحوبة بإتفا صريح وبني تلك املصحوبة مبثل هذا اإلتفا فاألوىل تعترب يف نظرهم ذات طبيعة مادية أما الثانية‬ ‫‪ - 1‬ملويد من التفاصيل حسن حممد وجبة‪ ،‬مقدمة يف علم التفاوض االجتماعي والسياسي‪ ،‬سلسلة عامل املعرفة‪ ،‬سلسلة كتب ثقافية شهرية‪ ،‬يصدرها اجمللس الوطين للثقافة والفنون‬ ‫واألداب‪ ،‬الكويت ‪ ،120 ,‬أكتوبر ‪ 1224‬ص ‪.012‬‬ ‫‪ - 2‬محدي حممود بارود‪ ،‬حبيث‪ :‬حنو ارساء تكييف قانوين جديد ملفاوضات العقد‪ ،‬الطبيعة العقدية وأثارها‪ ،‬دراسة حتليلية تأصيلية ص ‪ 0‬منشور يف جملة جامعة االزهر‪ ،‬زوة‪،‬‬ ‫سلسلة العلوم االنسانية ‪ 5010 ,‬اجمللد ‪ ،15‬العدد ‪ 1‬من ص ‪ 224 – 250‬م تنويل من الرابط‪:‬‬ ‫‪ ،‬تاريخ التصفح ‪ 5015/10/15‬ساعة التصفح ‪http://www alazhar.ed u.p.s//arabic/Deanships/highereducation.ht.m. .51:15‬‬ ‫‪ - 3‬محدي حممود بارودي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.4‬‬


‫فتعد ذات طبيعة عقدية‪ ،‬واإلتفا الضمين على التفاوض يقصد به املفاوضات اليت تتم دون أن يكون هنا ك إتفا صريح بشأهنا‬ ‫حيث ال يوجد تنظيم إتفاقي لعملية التفاوض بينهم وال يوجد نص قانوين ينظم العالقة بني طريف التفاوض‪.1‬‬ ‫واإلتفا الصريح يهدف إىل التأكيد على أن مفاوضتهما تتم مبوجب إتفا سابق بينهما‪ ،‬وأن هذا اإلتفا هو الذي حيكم‬ ‫العالقة بينهم‪ ،‬كما وأهنم يلومهم بالتفاوض حبسن نية دون أن يلومهم بإبرام العقد النهائي حمل املفاوضة‪ ،‬وبذلك يكفل هذا‬ ‫اإلتفا للطرفني احلرية يف العدول واألمان يف املفاوضات‪ ،2‬إن فكرة الطبيعة املادية للتفاوض ال ميكن التسليم هبا جملافاهتا للمفهوم‬ ‫القانوين الصحيح للتفاوض وبالرجوع إىل عدد من األسانيد منها‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬التفاوض يتم باإلتفا بني املتفاوضني ومل يكن صدفة فدخول الطرفني يف التفاوض يكونا قد جتاوزا مرحلة اللقاءات اليت‬ ‫تتم عادة باملصادفة واليت حتكمها قواعد املسؤولية التقصريية ومن زري املعقول أن يكون الطرفان قد وجدا نفسيهما يف تفاوضات‬ ‫فجاة وبدون إتفا ‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬كما أنه تصرف ثنائي يتم من جانبني فأكثر وليس من جانب واحد فالتفاوض على العقد ال يتحقق إال حبدوث نوع‬ ‫من اإلتصال بني طرفني أو أكثر‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬التفاوض على العقد تصرف إرادي ال يتم إال بتوافق إرادتني وليس فيه إجبار أو إكراه‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬واملتفاوضان يهدفان من ورائه إىل إحداث أثر قانوين معني وهو الوصول ملرحلة متهد للعقد املومع إبرامه‪.‬‬ ‫وأخريا فإن األطراف يف مرحلة التفاوض يلتومان إلتواما حقيق فمن املسلم به أنه مبجرد الدخول يف التفاوض يقع على عاتق‬ ‫الطرفني إلتوامات معينة لعل أمهها ‪ :‬اإللتوام مببدأ التفاوض حبسن نية ومقتضياته‪ ،3‬حيث يعد اإللتوام بالتفاوض حبسن نية من أهم‬ ‫اإللتوامات الناشئة عن الدخول يف عملية التفاوض‪ ،‬وأن هلذا اإللتوام دائن ومدين وحمل يرد إليه‪ ،‬فهو إلتوام تباديل يلوم املتفاوض‬ ‫بقيام بعمل أو اإلمتناع عن عمل‪ ،‬وهذا كذلك بالنسبة لباقي اإللتوامات األخرى املتفرعة عن اإللتوام بالتفاوض حبسن نية كاإللتوام‬ ‫باإلعالم والتعاون وباحملافظة على السرية فهي كلها إلتومات حقيقية مصدرها العقد الذي ينشأ بإتفا الطرفني والذي يعد مصدرا‬ ‫من مصادر اإللتوامات اخلمسة‪.4‬‬ ‫إن التفاوض ذو طبيعة مادية ومن مث فهو عمل مادي زري ملوم يرتتب على التسليم بذلك نتائج عملية زري مستصازة تتمثل‬ ‫يف‪:‬‬

‫‪ - 1‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.524‬‬ ‫‪ - 2‬محدي حممود بارودي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.4‬‬

‫‪ - 3‬عبد الرزا أمحد الشهوري‪ ،‬مرجع سابق ص ‪ 42‬ومايليها‪.‬‬ ‫‪ - 4‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.524‬‬


‫ أوال‪ :‬يف قيام املسؤولية التقصريية على العدول عن التفاوض إذا ما إقرتن ذلك العدول خبطأ مستقل عنه‪.1‬‬‫ ثانيا‪ :‬يف أن املسؤولية التقصريية سوف ال تقوم إال إذا م أثبات اخلطأ التقصريي‪.2‬‬‫الفرع الثاني‪ :‬الطبيعة العقدية للتفاوض‬ ‫وحنن إذ حناول إرساء طبيعة عقدية للتفاوض على العقد‪ ،‬وذلك بالنظر لوجود إتفا على التفاوض بني الطرفني يستوي يف‬ ‫نظرنا أن يكون هذا اإلتفا قد جاء صرحيا أم ضمنيا فحيثما يوجد تفاوض على العقد فثم إتفا ‪ ،‬هنا ك يستشف بني الطرفني‬ ‫على الرزبة يف التفاوض‪ ،‬حىت ولو مل يكن ذلك اإلتفا صرحيا‪.‬‬ ‫واحلق أن التفرقة اليت أقامها الفقه والقضاء املعاصرين بني املفاوضات املصحوبة بإتفا صريح وبني تلك املفاوضات زري‬ ‫املصحوبة مبثل هذا اإلتفا ‪ ،‬هي تفرقة حتكمية تفتقر ألساس قانوين تقوم عليه‪ ،‬فإن من شأن هذه التفرقة أن توجد إزدواجية يف‬ ‫املعيار دون مربر فكيف يتسىن لنا أن جنعل من التفاوض مرة عمل قانوين ملوم ومرة أخرى جنعله عمل مادي زري ملوم جملرد أن‬ ‫األطراف مل يصرحا باتفاقهما على التفاوض؟ ومع أهنما يتفاوضان فعال والتفاوض يف احلالتني هو ذات التفاوض والعدل واملنطق‬ ‫يقضيان ويؤكدان بضرورة توحيد طبيعة التفاوض يف طبيعة واحدة كي حتكمها قواعد قانونية واحدة دون متيو بني صورة وأخرى‪.3‬‬ ‫واحلقيقة أنه مبجرد توافق اإلرادتني على الدخول يف عملية التفاوض يكون الطرفان قد عقدا يف ما بينهما عقدا دون أن يصرحا‬ ‫بذلك أحيانا‪ ،‬وهذا العقد هو الذي حيكم العالقة بينهما سواء أثناء التفاوض أو عند فشله‪ ،‬األمر الذي جيعل عملية التفاوض وما‬ ‫قد ينشأ عنها من مسؤولية ذات طبيعة عقدية‪ ،‬فالثابت يف عقود التجارة الدولية وخاصة املتعلقة بنقل التكنولوجيا منها أهنا تستغر‬ ‫وقتا وجهدا كبريين وما يقابل ذلك من نفقات باهضة‪ ،‬أضف إىل ذلك الفرص اليت ميكن أن يفقدها أحد طريف التفاوض يف‬ ‫الدخول يف صفقة أو أكثر مما قد يتأثر هبا مشروعه التجاري‪ ،‬وإذا كان األمر كذلك فإن قطع التفاوض واليت تتم خارج أي إلتوام‬ ‫عقدي يكتفي بقواعد املسؤولية التقصريية اليت ال تقدم ضمانة كافية ومحاية فعالة لعملية التفاوض‪ ،‬كي تؤدي الغرض املرجو منها‬ ‫قانونيا وإقتصاديا بإعتبار أن التفاوض أضحى من األدوات احلقيقية الالزمة لتيسري إبرام تلك العقود‪ ،4‬من هنا بدأ التفكري يف إجياد‬ ‫عالقة قانونية تربط طريف التفاوض بعقد وهو ما يسمى بعقد التفاوض‪.5‬‬ ‫ونلخص إىل أن إتفا التفاوض الصريح أو الضمين والذي يسمى تارة باإلتفا املبدئي وتارة أخرى بإتفا التفاوض ولكننا‬ ‫نفضل تسميته بعقد التفاوض‪ ،‬وخالصة القول أن إلتوام األطراف باإللتوامات الناجتة عن التفاوض وعن الطبيعة القانونية للتفاوض‬ ‫أن التفاوض هو عملية حساسة ذات إجراءات وضوابط وعيوب ومراحل لكل مرحلة منها وضعية خاصة وإلتوامات خاصة وطبيعة‬

‫‪ - 1‬محدي حممود بارودي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.2‬‬

‫‪ - 2‬أمحد عبد الكرمي سالمة‪ ،‬قانون العقد الدويل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.24‬‬ ‫‪ - 3‬راجع يف هذا املعىن حكم حمكمة التحكيم لغرفة التجارة الدولية بباريس ‪ CCI‬يف أكتوبر ‪.1222‬‬ ‫‪ - 4‬أمحد عبد الكرمي سالمة‪ ،‬قانون العقد الدويل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪22‬‬ ‫‪5‬‬ ‫محدي حممود بارودي‪ ،‬مرجع سابق ص‪.11‬‬


‫خاصة هبا ففي عملية تفاوضية واحد قد ختتلف طبيعتها ليس بسبب مراحلها أو إجراءاهتا فقد يكون السبب خارجي راجع‬ ‫للظروف إقتصادية مثال وهذا سبب متكرر يف عقود التجارة الدولية وكما سبق القول أن التفرقة بني الطبيعة القانونية للتفاوض‬ ‫جتعلنا يف هتميش هذه العملية وعدم القدرة على إرساء قيمة قانونية هلا ولعل الصواب لو كان هنا ك نصوص تنظمها لكانت العملية‬ ‫التفاوضية ذات طبيعة عقدية‪.1‬‬

‫المطلب الثاني‪ :‬العقود التمهيدية في مرحلة المفاوضات في عقود التجارة‬ ‫حيدث تنظيم املفاوضات ورسم اإلطار اإلجرائي هلا من خالل جمموعة كبرية من العقود ختتلف فيما بينها بإختالف مضموهنا‬ ‫ومصطلح التسمية الذي مينح هلا واآلثار القانونية اليت ترتب عليها ولكنها مجيعا تشرت ك يف خاصية جوهرية وهي كوهنا جيمعا عقود‬ ‫متهيدية ‪ centrats prélininaires‬أو حتضريية ‪ contrats préparatoire‬أو عقود سابقة ‪.avant cintrats‬‬ ‫فمرحلة املفاوضات تعترب مرحلة زنية باإلتفاقيات السابقة على التعاقد اليت تتفاوت يف قوهتا امللومة إتفاقيات املبدأ ‪l'accord‬‬ ‫‪ ،de principe‬وقد بلغ من كثرة هذه اإلتفاقيات وتنوعها وإختالف مسمياهتا أن أكد بعض الفقه أننا بصدد فوضى يف جمال‬ ‫املصطلحات ‪ anarchic terminologique‬ويكفي للتدليل على ذلك أن نشري لبعض هذه التسميات‬ ‫اإلتفاقيات املتعلقة بتنظيم املفاوضات ‪،contrats préliminaires visant à organiser la négociation‬‬ ‫اإلتفاقيات امللومة بالتفاوض ‪ ،contrats de négociation‬إتفاقيات املبدأ ‪،l'accord de principe‬‬ ‫اإلتفاقيات اجلوئية ‪ ، contrats partiel‬اإلتفاقيات املؤقتة ‪ ،contrats temporaire‬العقد االطار ‪contrats‬‬ ‫‪، cadre‬خطاب النوايا ‪ ، 2l'ettre d'intension‬خطاب املساندة والربوتوكول اإلتفاقي واإلتفا‬

‫املرحلي وعهد‬

‫الشرف‪،‬واإلتفا على اإلتفا ‪ ،‬ونكتفي هبذا التعداد زري احلصري هلذه اإلتفاقيات واليت يربط بينها مجيعا رابط واحد وهو أهنا‬ ‫تصدر يف املرحلة قبل العقدية وتتفاوت يف قيمتها القانونية‪ ،‬فمنها ما هو قليل القيمة حيث ال يولد إال إلتوامات أدبية حبتة‪ ،‬ومنها‬ ‫ما يولد إلتوامات قانونية حقيقية‪ ،3‬وهذه العقود واإلتفاقيات تفسر نوايا األطراف وإجتاهاهتم حنو مشروع التعاقد‪ ،4‬وإنطالقا من‬ ‫ذلك فإنه ميكننا أن نرد هذه اإلتفاقيات املتعددة إىل فرعني حيث سيتناول يف (الفرع األول) العقود اليت ال متثل زاية هنائية يف ذاهتا‬ ‫بقدر ما متثل وسيلة للوصول إىل العقد النهائي املنشود وهي لذلك تنتمي ملرحلة النفاوضات وتظل حمكومة بظوابطها فال تكون‬ ‫كيانا عقديا مستقال بذاته وبالتايل هي ال تنشأ إلتوامات يتحملها أطراف التفاوض أما (الفرع الثاين) فتمثل زاية هنائية وإذا كان‬ ‫هلا طابع تبعي لتكون إتفاقا على بعض عناصر العقد املنشود أو لتكون كيانا عقديا قائما بذاته‪ ،‬وإن ظل على هامش العقد‬

‫‪ - 1‬محدي حممود بارودي‪ ،‬مرجع سابق ص‪.15‬‬ ‫‪ - 2‬أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪ 500‬وما يليها‪.‬‬

‫‪ - 3‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.542‬‬ ‫‪ - 4‬خطاب النوايا‪ ،‬هنا ك من الفقه من يرى أنه وسيلة يتم من خالهلا التعاقد قبل إبرام العقد النهائي ومنهم من الفقه من يعتربه من العقود التمهيدية للتفاوض‪.‬‬


‫املنشود بتحقيق أهدافه بصفة جوئية أو مؤقتة أو يقدم الضمان لتحقيقها‪ ،‬وعلى هذا النحو وإنطالقا من هذا التقييم سيكون‬ ‫تقسيم املطلب كالتايل ‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬العقود واإلتفاقات التمهيدية التي ال ترتب إلتزامات‬ ‫إن العقود واإلتفاقات التمهيدية هلا خصائص مشرتكة جتمع بينهما مجيعا وتتلخص يف كون هذه العقود واإلتفاقات هي‬ ‫إتفاقات مبدئية‪ ،‬وليست عقود هنائية بني األطراف وال ميكن أن يرتادف مصطلح اإلتفا املبدئي أو الشريف أو رسالة النية مع‬ ‫مصطلح العقد النهائي وهي عقود ال ترتب أي إلتوامات لكن هذا ال يعين أهنا ليست هلا أمهية قانونية حيث هلا دور يف بلورة‬ ‫العملية التفاوضية والتعريف باملفاوضات وهذه العقود ميكن حصرها يف أنواع هي‪ :‬اإلتفا الشريف أواألديب‪ ،‬الربوتوكول اإلتفاقي‪،‬‬ ‫رسائل النية‪.‬‬ ‫أوال‪ :‬اإلتفاق الشرفي أو األدبي‪ :‬يقصد به ذلك الذي يهدف األطراف إىل إقعائه عن دائرة القانون واجلرب وتعليق تنفيذه‬ ‫على أمانة ونواهة كل منهم دون طرح منازعاته أمام القضاء أو التحكيم‪ ،1‬وهو يقف على مشيئة الشخص إن شاء نفذه و إن‬ ‫شاء إمتنع عن تنفيذه دون مسؤولية لطرفان يتفقان على إبقاء إتفاقهما حبيس الضمري‪.2‬‬ ‫إن أول جمال ميكن أن نصادف فيه هذا النوع من اإلتفاقات هو اجملال الذي يتغيب فيه التنظيم التشريعي فغيابه من شأنه أن‬ ‫مينح اجملال أمام هذا النوع من اإلتفاقات‪ 3،‬أما اجملال الثاين هي اإلتفاقات املخالفة للنظام العام وهذا هو الشأن يف اإلتفاقات‬ ‫املتعلقة بالتحكم يف األمثان‪.‬‬ ‫إن الغرض من إعتماد أسلوب اإلتفا األديب أو الشريف يف جمال خمالفة النظام العام وعدم مشروعية إلتوام يرهن شرف كل‬ ‫منهم ومسعته بتنفيذ اإلتفا بدال من أحكام القانون‪.4‬‬ ‫ثانيا‪ :‬البروتوكول اإلتفاقي‪ :‬يستخدم مصطلح بروتوكول اإلتفاقي بشكل واسع يف التعامل بني التجار والشركات التجارية‬ ‫وذلك للداللة على العديد من اإلتفاقات التمهيدية اليت تسبق العقود التجارية املهمة كعقود دمج الشركات وعقود التوريد‬ ‫والتسويق ألنه يف هذا النوع من العقود متر املفاوضات مبرحلتني مها مرحلة يغلب عليها الطابع اإلقتصادي‪ ،‬ومرحلة يغلب عليها‬ ‫الطابع القانوين ويعرف الربوتوكول اإلتفاقي بأنه عقد حقيقي ملوم للجانبني فهو يعمل يف صيانة الشروط األساسية للعقد‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬رسائل النية‪ :‬إختلف الفقه يف تسمية رسائل النية بإختالف الواوية اليت ينظر منها إىل مضمون الرسالة والغرض من‬ ‫إصدارها فمصطلح رسائل النية يطلق على العديد من املستندات اليت يتابدهلا األطراف خالل مرحلة املفاوضات‪ ،‬وقبل إبرام‬ ‫العقد النهائي مثل اإلتفا املرحلي واإلتفا املبدئي ومذكرة التفاهم ولقد ظهرت رسائل نية يف نطا فكرة املستندات قبل‬ ‫‪- LOUIS Rozes.projets et accords de principe. rev.tri.de droit comm.n.03.1989.p.501.‬‬

‫‪ - 2‬مثال على ذلك هو جمال اتفاقيات العمل اجلماعية يف بريطانيا قبل سنة ‪.1221‬‬ ‫‪ - 3‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.011‬‬

‫‪1‬‬

‫‪ - 4‬القضاء اإلجنليوي يرى أنه ليس لإلتفا الشريف أي قيمة قانونية وهذا لعدم وجود عامل املخاطرة يف االتفا الشريف أما القضاء الفرنسي فاألصل أنه ال قيمة قانونية له إال يف‬ ‫حاالت إعطى الصيغة التعاقدية على ضوء الظروف واملالبسات لتوسعه يف تفسري إرادة األطراف‪.‬‬


‫التعاقدية اليت تربز يف مرحلة املفاوضات السابقة على التعاقد حيث ال تشمل رسائل النية يف هذه املرحلة سوى التأكيد على‬ ‫حسن النية التعاقدية يف إجناح العملية التعاقدية وهتدف رسالة النية إذن إىل طمأنة الطرف املتلقي هلا بأن مرسلها جاد يف‬ ‫تعامله وأنه يرزب يف التعاقد على إجناز العقد‪ ،1‬وللرسائل النية أنواع كثرية منها رسائل تتضمن دعوة للبدء يف املفاوضات‬ ‫ورسائل تتضمن حتديد النقاط املتفق عليها ورسائل تتضمن إنعقاد بصفة هنائية ورسالة النية هي عمل إردي إنفرادي أساسي‬ ‫وتباديل ضمنيا يعد وصوله إىل الطرف األخر وتتميو كقاعدة عامة بأهنا ليست هلا أية قيمة قانونية ملومة من الناحية القانونية‬ ‫وال ترتب إال إلتوامات معنوية مثلها يف ذلك مثل اإلتفا الشريف‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬العقود التمهيدية واإلتفاقيات التي ترتب إلتزام‬ ‫وفقا ملبدأ سلطان اإلرادة فإن األصل هو حرية التعاقد وهذه تقتضي بالضرورة حرية التفاوض وتقتضي أن كل متفاوض حر يف‬ ‫الدخول يف مفاوضات أو اإلنسحاب منها يف الوقت الذي يريد دون أن يتعرض ألي مسؤولية إال إذا إقرتن العدول أو اإلنسحاب‬ ‫خبطأ أحلق ضررا بالطرف األخر فحينئذ تقوم املسؤولية التقصريية على من عدل‪.2‬‬ ‫زري أن حرية التفاوض على إطالقها قد تؤدي إىل مفاوضات زري جادة فقد تكون سببا إلضاعة الوقت واملال واجلهد دون أن‬ ‫تكون هنا ك نية حقيقية يف التعاقد‪ ،‬لذلك جند أن كل شخص يقدم على املفاوضات يتنازعه عامالن هامان مها عامل حرية‬ ‫املفاوضات وعامل أمن وإستقرار املفاوضات‪ ،‬فعامل حرية املفاوضات هو اإلنسحاب والدخول فيها يف أي وقت يشاء دون أن‬ ‫يتحمل أدىن مسؤولية فيها‪ ،‬ويف املقابل فإن عامل أمن املفاوضات يتطلب أن يشعر املتفاوض باألمان أثناء سري املفاوضات‬ ‫واليشعر باخلوف لذا تلجأ األطراف املتفاوضة إىل تأمني مفاوضاهتم لإلطمئنان على جناحها والتوفيق بني عامل حرية التفاوض‬ ‫وعامل أمن املفاوضات إىل وضع تفاوضهما يف عقد متهيدي أو حتضريي ينظم سري املفاوضات وينظم حقو وإلتوامات الطرفني‬ ‫املتفاوضيني‪ ،‬ويكون وسيلة إثبات على من حاد منهما عن جادة الصواب وحسن النية أثناء فرتة املفاوضات ‪ ،3‬وسنتناول أشهر‬ ‫وأهم العقود اإلتفاقات التمهيدية اليت ترتب إلتوامات تعاقدية وهي ‪:‬‬ ‫عقد التفاوض‪ ،‬عقد اإلطار‪ ،‬الوعد بالتعاقد والوعد بالتفصيل‪ ،4‬العقد اجلوئي والعقد املؤقت‪ ،‬خطات النوايا‪.‬‬

‫‪ - 1‬عبد الرزا أمحد السنهوري‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.442‬‬

‫‪ -2‬رسالة لنيل دبلوم املاسرت يف قانون األعمال املفاوضات يف التجارة الدولية ‪،‬ص‪ 20‬تاريخ التصفح ‪ 15/11/52 ،‬ساعة التصفح ‪ 51:52‬من الرابط ‪:‬‬ ‫‪. http://dc202.4shared.com/img/r81nvpgv/priview-htmk‬‬ ‫‪ - 3‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪402‬‬ ‫‪ - 4‬أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪025‬‬


‫أوال‪ :‬عقد التفاوض ‪ :‬تبدأ املفاوضات بني الطرفني من خالل طرح العروض والعروض املضادة بني الطرفني‪ ،‬وقد يتجاوز‬ ‫الطرفان هذا املوقف تلقائيا ‪1‬ويسمى عقد التفاوض من أجل تنظيم معني لعملية املفاوضات وإجراءاهتا كأن يتفقا على جدول زمين‬ ‫للمفاوضات أو يتفقا على املكان الذي جيب أن جترى فيه املفاوضات أو يتفق على تشكيل جلان مشرتكة لدراسة اجلوانب الفنية‬ ‫واملالية والقانونية للعقد أو الصفقة املراد إبرامها‪ ،2‬وخيتلف مضمون عقد التفاوض‪ 3‬من حالة إىل أخرى حبسب أمهية العقد‬ ‫املتفاوض عليه‪ ،‬وقد يكتفي الطرفان املتفاوضان بتضمني عقد التفاوض على كيفية إجراء عملية التفاوض فقط‪ ،‬وهذا العقد ال‬ ‫ينشأ إلتواما بإبرام العقد النهائي إمنا يرتب إلتواما بالتفاوض فقط خبصوص العقد املراد إبرامه حبيث ال حيق لكل طرف سواء احلق يف‬ ‫مطالبة الطرف األخر بتنفيذ إلتوامه بالتفاوض حبسن نية‪. 4‬‬ ‫وقد حيرص الطرفان املتفاوضان على بيان التواماهتم أثناء مرحلة املفاوضات مثل اإللتوام باإلعالم أو اإللتوام بالتعاون أو اإللتوام‬ ‫باحملافظة على األسرار وهي اإللتوامات اليت يتقيد هبا الطرفان يف مجيع األحوال مبجرد الدخول يف املفاوضات حىت ولو مل يتم النص‬ ‫عليها صراحة يف عقد التفاوض‪.5‬‬ ‫ويعرف عقد التفاوض بأنه إتفا يلتوم مبقتضاه شخص إجتاه شخص أخر بالبدء أو اإلستمرار يف التفاوض بشأن عقد معني‬ ‫هبدف إبرامه‪ ،6‬وعرفت زرفة التجارة الدولية يف ‪ 1212/10/54‬بأن عقد التفاوض هو "عقد مبقتضاه يتعهد طرفيه بالتفاوض‬ ‫أومبتابعة التفاوض بغرض التوصل إىل إبرام عقد مل يتحدد موضوعه إال بطريقة جوئية ال تكفي يف مجيع األحوال إلنعقاده‪ "7‬وعقد‬ ‫التفاوض هو عقد حقيقي فهو يتم مبوافقة إرادتني حرتني على إحداث أثر قانوين و جيب لقيامه أن تتوافر فيه شروط اإلنعقاد و‬ ‫صحة الالزمة لكل عقد بصفة عامة‪. 8‬‬ ‫زيادة على ذلك جيب أن تتوافر يف عقد التفاوض شروط صحة العقد‪ ،‬وهذه الشروط هي عبارة عن شروط صحة الرتاضي‬ ‫وهي األهلية‪ ،‬وسالمة اإلرادة من العيوب‪ ،‬ومن مث جيب أن تتوافر يف التفاوض أهلية األداء حىت يكون الطرف املفاوض تفاوضه‬ ‫صحيحا‪ ،‬ذلك أن الشخص عندما يريد الدخول يف مفاوضات فإن إرادته تتجه إىل إحداث أثر قانوين حبيث تنطوي هذه اإلرادة‬ ‫على نية اإللتوام‪ ،9‬فإن كان هذا العقد سيقع باطال إلنعدام أهلية املتفاوض أو قابال لإلبطال لنقص أهلية املتفاوض‪.‬‬ ‫‪ - 1‬أسامة حممد عثمان خليل‪ ،‬حتديد القانون الواجب التطبيق حلل النواع يف منازعات عقود اإلستثمار األجنيب – دراسة مقارن القانون السوداين ‪,‬والقانون اإلمارايت منوجا‪ ،‬ص‪22‬‬ ‫من الرابط اإللكرتوين ‪:‬‬ ‫‪.http:// www.svdaneselaw.net / forum/ newthread.php?do= newthread & f =4‬‬

‫‪ - 2‬هي فكرة نادى هبا الفقيه األملاين إهرنج يف نظرية اخلطأ عن تكوين العقد‪.‬‬ ‫‪ - 3‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.522‬‬ ‫‪ - 4‬علي أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.022‬‬

‫‪ - 5‬عقد التفاوض هو وليد احلياة العملية قد لعب القضاء الفرنسي دورا هاما يف ابراز فكرة عقد التفاوض ولعل ألهم وأشهر االحكام يف هذا الصدد احلكم الصادر عن حمكمة‬ ‫النقض الفرنسية بتاريخ ‪.1201/10/10‬‬ ‫‪ - 6‬علي أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪040‬‬ ‫‪ -7‬طالب حسن موسى‪ ،‬املوجو يف قانون التجارة الدولية‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬عمان‪ ،‬االردن‪ ،‬ط‪.5001 1‬‬ ‫‪ - 8‬علي أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.045‬‬ ‫‪ - 9‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.042‬‬


‫فال معىن للتفاوض على العقد طاملا أننا سنصل يف النهاية إىل هذه النتيجة فإذا حتقق اإلجياب وكان كل طرف أهال للتفاوض‬ ‫وإرادته خالية من مجيع العيوب ( الغلط – اإلكراه – التدليس ) إنعقد العقد على التفاوض صحيحا و ترتبت آثاره القانونية‪،1‬‬ ‫ويرتتب على ذلك نتيجة هامة وهي أن عقد التفاوض ال يلوم الطرفني بإبرام العقد النهائي بالفعل و إمنا يلومهما بالتفاوض على‬ ‫هذا العقد فقط‪ ،2‬وعقد التفاوض عقد مؤقت ملدة حمدودة وهي املدة اليت تستغرقها املفاوضات بني الطرفني فإن إنتهت املفاوضات‬ ‫سواء بإبرام العقد النهائي أو بعدم إبرام العقد النهائي زال كل أثر لعقد التفاوض‪.3‬‬ ‫وقد يرد بشكل مستقل يف صورة شرط يتضمنه عقدا أخر وهذه الصورة جندها يف اجملال الصناعي والتجاري ذلك أن العقود‬ ‫التجارية الدولية تتضمن عادة شرطا يلوم األطراف قبل إنقضاء مدة العقد بالتفاوض بشأن جتديده ملدة أخرى بشروط مماثلة لتلك‬ ‫اليت يتضمنها العقداألصلي‪ ،4‬وقد تتضمن يف حالة أخرى شرطا ضد تغري الظروف اإلقتصادية اليت م التعاقد على أساسها‪.5‬‬ ‫وهو يبين على صورتني مها شرط إعادة التوازن العقدي وشرط التفاوض من أجل تسوية املنازعات وديا‪ ،‬ومن أهم اإللتوامات‬ ‫الناشئة عن عقد التفاوض هو اإللتوام بالتفاوض وهو إلتوام أساسي وجوهري ألنه ال ميكن أن تتصور وجود عقد التفاوض دون‬ ‫وجود هذا اإللتوام وهو يقف على‪:‬‬ ‫أ‪ -‬اإللتوام بالبدء يف املفاوضات‪.‬‬ ‫ب‪ -‬اإللتوام مبواصلة التفاوض‪.‬‬ ‫أما اإللتوام الثاين فهو اإلتوام بالتفاوض حبسن نية وهو إلتوام أساسي يف مرحلة املفاوضات ويعترب مطلب جوهري لنجاح‬ ‫املفاوضات خبالف القانون اإليطايل واهلولندي وكذا اليوناين الذين يطبقون مبدأ حسن نية على مرحلة التفاوض بينما تقتصر قوانني‬ ‫أخرى على تطبيق مبدأ حسن نية على مرحلة تنفيذ العقد فقط فال ميتد تطبيق هذا املبدأ إىل مرحلة تكوين العقد وهذا ما جنده يف‬ ‫املادة ‪ 120‬من القانون املدين اجلوائري‪ 6‬واملادة ‪ 0/1104‬من القانون املدين الفرنسي واملادة ‪ 500‬القانون التجاري املوحد‬

‫‪7‬‬

‫للواليات املتحدة األمريكية القسم األول واملادة ‪ 144‬من القانون املصري‪ .8‬ومن أهم آثار عقد التفاوض هو اإللتوام باإلعالم‬ ‫واإللتوام باحملافظة على األسرار واإلتوام حبظر املفاوضات املوازية‪.9‬‬

‫‪ - 1‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪401‬‬ ‫‪ - 2‬علي أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.044‬‬ ‫‪ - 3‬أمحد كرمي سالمة‪ ،‬مرجع سابق ص ‪22‬‬ ‫‪ - 4‬علي أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.020‬‬

‫‪ - 5‬نفس الرجع ص ‪100 – 22‬‬ ‫‪ - 6‬نصت م‪ 102‬من القانون املدين اجلوائري على أنه << يف اإللتوام بعمل‪ ،‬إذا مل يقم املدين بتنفيذ إلتوامه جاز لدائن أن يطلب ترخيص من القاضي يف تنفيذ اإللتوام على نفقة‬ ‫املدين إذا كان هذا التنفيذ ممكنا>>‬ ‫‪ - 7‬علي أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪044 – 041‬‬

‫‪ -8‬نفس املرحع‪ ،‬ص ‪.042‬‬ ‫‪ - 9‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 455‬وما يليها‪.‬‬


‫ثانيا‪ :‬عقد اإلطار‪ :‬يف العقود ذات األمهية اإلقتصادية حيرص الطرفان املتفاوضان على وضع تنظيم لعملية التفاوض يف شكل‬ ‫إتفاقات متهيدية هتدف إىل تسهيل عملية املفاوضات وخاصة إذا كان الطرفان يعتومان إبرام سلسلة من العقود ذات طبيعة واحدة‬ ‫مثل عقود التوريد‪ ،‬فيقومان بإبرام عقد إطار حيددان فيه الشروط األساسية اليت تربم على أساسها العقود الالحقة يف املستقبل‬ ‫وتسمى العقود الالحقة بعقود التطبيق أو عقود التنفيذ‪ ،1‬فبدال من أن يناقش الطرفان يف كل مرة تفاصيل العقد املراد إبرامه‪ ،‬فإهنما‬ ‫يتفقان مبقتضى عقد اإلطار على الشروط األساسية والرئيسية اليت تربم طبقا هلا العقود الالحقة‪ ،‬وميكن تعريف عقد اإلطار بأنه‬ ‫ذلك "العقد الذي حيدد الشروط الرئيسية اليت يلتوم الطرفان بإتباعها فيما يربمانه يف عقود الحقة" وهي العقود اليت تعرف بعقود‬ ‫التطبيق أو عقود التنفيذ‪ ،2‬وقد عرفه بعض الفقهاء بأنه ذلك العقد الذي يهدف إىل حتديد القواعد األساسية اليت ختضع هلا العقود‬ ‫اليت تربم يف املستقبل ومن هنا نستنتج أن عقد اإلطار هو عقد مستقل من عقود التطبيق اليت تربم الحقا فهو عقد متهيدي يهيمن‬ ‫وحيضر لقيام العقود التطبيقية الالحقة ومن مث فإنه يظل مستقال عنها فال يكفي اإلتفا على عقد اإلطار لقيام عقود التطبيق وإمنا‬ ‫جيب أن يتفق الطرفان كذلك على كل عقد يريدان إبرامه من هذه العقود‪. 3‬‬ ‫ويعترب عقد اإلطار عقدا حقيقيا وليس جمرد إجياب بإبرام عقود تطبيق ولذلك يستوجب إلنعقاده أن تتوافر فيه مجيع الشروط‬ ‫الالزمة إلنعقاد العقد طبقا للقواعد العامة وهي الرتاضي واحملل والسبب‪.‬‬ ‫وتنص املادة ‪ 110‬من القانون املدين اجلوائري على أنه <<ال يرتب العقد إلتواما يف ذمة الغري ولكن جيوز أن يكسبه‬ ‫حقا>> وهذا ما قد حيدث يف بعض األحيان أن تكون أطراف عقد اإلطار خمتلفني كليا عن أطراف عقود التطبيق كما هو احلال‬ ‫بوجه خاص يف عقود اجلماعية‪ ،4‬وقد جيدد عقد اإلطار كيفية تنفيذ عقود التطبيق مثل بيان كيفية التسليم ومواعيده والثمن وكيفية‬ ‫النقل والتأمني وقد يتضمن عقد اإلطار إلتوامات سلبية كشرط للعقد‬ ‫ثالثا‪ :‬الوعد بالتعاقد و الوعد بالتفصيل‪ :‬الوعد بالتعاقد هو يلتوم واحد أو كالمها بإبرام عقد معني خالل فرتة معينة حيث‬ ‫تنص املادة ‪ 24‬من القانون املدين اجلوائري على <<أن يكون العقد ملوم للطرفني مىت تبادل املتعاقدان اإللتوام>>‪ ،‬أما املادة‬ ‫‪ 25‬فتنص على <<أن يكون العقد ملوم لشخص أو عدة أشخاص إذا تعاقد فيه شخص حنو شخص أو عدة أشخاص أخرين‬ ‫دون إلتوام من هؤالء األخرين>> والوعد بالتعاقد يف حقيقة عقد كامل يتم بإجياب من الواعد وقبول من املوعود له ولكن كل من‬ ‫اإلجياب والقبول ال ينصب إال على جمرد الوعد بالبيع دون البيع الكامل فالواعد ال يلتوم بنقل ملكية الشي وضمانه‪ ،‬بل يقتصر‬ ‫على أن يلتوم بإجراء عقد البيع يف الوقت الذي يظهر فيه الطرف اآلخر رزبته يف إمتام العقد‪ ،‬أما عقد الوعد بالتفضيل هو عقد‬ ‫يلتوم مبقتضاه الواعد يف حالة التصرف يف شىء بإن يفضل املوعود له على زريه يف التعاقد معه‪ ،5‬و الوعد بالتفضيل هبذه الصورة‬

‫‪ - 1‬علي أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.415‬‬

‫‪ - 2‬نفس املرجع ص ‪.200 – 205‬‬ ‫‪ - 3‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.422‬‬

‫‪ - 4‬على أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.212‬‬ ‫‪ - 5‬عبد الرزا أمحد الشهوري‪ ،‬مرجع سابق ص ‪540‬‬


‫مقصور على جمرد تفضيل الطرف اآلخر على زريه إذا أراد الواعد التعاقد يف املستقبل فال يتم التعاقد النهائي إال بعد توفر أمرين‬ ‫مها‪:‬‬ ‫ أن يظهر الواعد رزبته يف التعاقد ويلتوم يف هذه احلالة أن يعرض التعاقد على الطرف اآلخر مفضال إياه على الغري‪.‬‬‫ أن يقبل الطرف اآلخر التعاقد النهائي عندما يعرضه عليه الطرف األول‪ ،1‬فالوعد بالتفضيل هو عقد حقيقي خيضع يف‬‫تكوينه لشروط العامة شأنه يف ذلك شأن سائر العقود األخرى وهلذا يتعني إلبرامه توافر الرضا واحملل والسبب‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬العقد الجزئي والعقد المؤقت‪ :‬قد تستغر املفاوضات يف العقود التجارية الدولية اهلامة فرتة طويلة ويكتنفها العديد‬ ‫من الصعوبات األمر الذي قد يؤدي إىل هتديد أمن املفاوضات و عرقلة سريها ‪ ،‬وخالل هذه الفرتة كثريا ما حيتاج الطرفان إىل‬ ‫إقامة عالقات مؤقتة بينهما إنتظار إلهناء املفاوضات وإبرام العقد النهائي‪ ، 2‬والعقد اجلوئي أو املرحلي هو إتفا يتم إبرامه أثناء‬ ‫املفاوضات حيدد األطراف مبقتضاه مسائل التفاوض اليت متكنه من إتفا بشأهنا‪ ،‬أو هو ذلك العقد الذي يتوصل إليه الطرفان‬ ‫أثناء املفاوضات ومبوجبه حتسم املسائل اليت م اإلتفا عليها أما العقد املؤقت خيتلف عن اإلتفاقات التمهيدية األخرى يف أمور‬ ‫كثرية فهو خيتلف عن عقد التفاوض ألنه ال يلوم الطرفني املتفاوضني بالتفاوض على العقد النهائي وإمنا يلومهما بتنظيم هذا العقد‬ ‫فقط ويتميو العقد املؤقت عن عقد اإلطار ذلك أن العقد املؤقت ال جيدد شروط العقد النهائي اليت يتم التعاقد على أساسها‬ ‫وخيتلف العقد املؤقت كذلك عن الوعد بالتعاقد ألن العقد املؤقت ال يتضمن رضى أي من الطرفني بالعقد النهائي‪ ،3‬ويتخذ‬ ‫العقد اجلوئي صورتني ‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫إما أن يكون جوءا من عقد واحد‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫إما أن يكون جوءا من جمموعة عقود‪.‬‬

‫واحلقيقة أن القيمة القانونية لإلتفا املرحلي أو اجلوئي تتوقف على إرادة الطرفني فقد يعلق إنعقاد العقد النهائي على التوصل‬ ‫إىل إتفا بشأن املسائل املؤجلة أو زري املتفق عليها وقد يعترب أن اإلتفا اجلوئي كافيا يف حد ذاته لإلنعقاد العقد النهائي شريطه‬ ‫أن يكون هذ اإلتفا متضمنا جلميع العناصر اجلوهرية واألساسية هلذا العقد‪.4‬‬ ‫يف هناية هذا الفصل نالحظ ما يلي أن املفاوضات يف العقود هي علمية تستدعي تطبيق القواعد واملبادى القانونية وأن‬ ‫املفاوضات سوى على الصعيد الدويل أو الداخلي هي ذات أمهية وهلا قيمتها القانونية سوى كان يضبطها قانون معني أو كانت‬ ‫عبارة على بنود وأن التفر حول طبيعتها موضوع تراجع فيه األراء لتتجه حنوى توحيد هذه الطبيعة وأنه ومهما تعددت عقود‬ ‫التفاوض تبقى رهينة تقنني وقواعد حتدد وحتكم تطبيقها حىت حتقق القيمة واألثر القانوين هلا‪.‬‬ ‫‪ - 1‬علي أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.202‬‬ ‫‪ - 2‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.221‬‬ ‫‪ - 3‬علي أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.224‬‬ ‫‪ - 4‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪ 520‬اىل ‪.524‬‬


‫الفصل الثاني ‪ :‬أحكام املسؤولية املتعلقة‬ ‫بالتفاوض يف عقود التجارة الدولية‬


‫الفصل الثاني‪ :‬أحكام المسؤولية المتعلقة بالتفاوض في عقود التجارة الدولية‬ ‫تعترب املفاوضات يف عقود التجارة الدولية من أهم وأشق املراحل اليت مير هبا العقد الدويل نظرا للمدة الطويلة اليت قد تستغرقها‬ ‫املفاوضات والتكاليف اليت يتكبدها األطراف نظري إنتقال الوفود للتفاوض وإقامتهم‪ ،‬وكذا نظري الدراسات الفنية أو اإلقتصادية‬ ‫اليت تتم أثناء التفاوض‪ ،‬هذه التكاليف الكبرية اليت يتكبدها األطراف باإلضافة إىل خماطر تفويت فرص التعاقد مع الغري‪ ،‬حيث‬ ‫يؤدى دخوهلم يف مفاوضات مع أطراف العقد إىل تفويت فرص التعاقد وإضاعتها عليهم‪ ،‬خاصة أنه يف بعض األحيان قد يكون‬ ‫الطرف املتفاوض سيء النية ال يقصد إبرام العقد‪ ،‬بل يهدف إىل أزراض أخرى مثل اإلطالع على أسرار الطرف اآلخر املهنية‬ ‫والفنية أو تفويت فرص التعاقد هلذا الطرف عن طريق شغله بإستمرار مبشروع العقد املومع إبرامه بينهم‪ ،‬وإذا كان العقد يعترب‬ ‫مصدرا من مصادر اإللتوام‪ ،‬فإن إلتوام املتعاقد يكون تاليا لقيام العقد وليس سابقا عليه‪ ،‬فقبل قيام العقد ال يكون هنا ك إلتوام‬ ‫عقدي‪ ،‬فلم تتجه اإلرادة بعد إىل إلوام أي من الطرفني بشي‪ ،‬لكن يف العصر احلديث يعرف إلتوامات تنشأ قبل التعاقد مبناسبة‬ ‫العقد املستقبلي الذي ينوي الطرفان الدخول فيه ويؤدي الدخول يف املفاوضات إىل قيام حالة من الثقة املتبادلة بني األطراف فكل‬ ‫منهما يثق بأن املفاوض اآلخر صاد النية يف إبرام العقد وأنه لن يفشي ما علمه من أسرار مبناسبة التفاوض‪ ،‬ومن مث ينشأ على‬ ‫عاتق املتعاقد خالل مرحلة املفاوضات جمموعة من اإللتوامات‪ ،1‬من شأنه عدم إحرتامها أن يثري املسؤولية املدنية للمتفاوض‪،‬‬ ‫وتلعب املسؤولية املدنية دورا إجيابيا وفعاال يف مرحلة املفاوضات على العقد‪ ،‬حيث إهنا تساهم بشكل كبري يف حتقيق األمن‬ ‫والطمأنينة لألطراف املتفاوضة‪ ،‬وإذا كان من املسلم به أن لكل متفاوض مطلق احلرية يف قطع املفاوضات ‪ ،‬ال حيركه يف ذلك‬ ‫سوى مصلحته اخلاصة‪ ،‬إال أن هذه احلرية على إطالقها تتعارض مع حاجة الطرفني امللحة إىل الشعور باألمان وهو الشعور الذي‬ ‫جيعل كل طرف يقدم على التفاوض وهو مطمئن‪ ،‬فلو ضاع هذا الشعور ما أقبل أحد على التفاوض ‪ ،‬ويف ذلك ما فيه من‬ ‫األضرار باإلستثمارات وزعوعة األمن وإستقرار املعامالت مما يعود بالعواقب الوخيمة على إقتصاد اجملتمع من هنا كان البد من‬ ‫تدخل قواعد املسؤولية املدنية للتوفيق بني متطلبات التفاوض املتعارضة‪ ،‬لذا سنتعرض يف هذا الفصل ألهم اإللتوامات املرتتبة على‬ ‫األطراف خالل مرحلة املفاوضات واحلديث عن الطبيعة القانونية للمسؤولية املدنية لدى الفقهاء املرتتبة عن اإلخالل هبا(املبحث‬ ‫األول )‪،‬لننتقل إىل تأسيس املسؤولية وإستخالص نتائجها والقانون الواجب التطبيق على هذه املفاوضات (املبحث الثاين )‬

‫‪1‬‬

‫‪ -‬طالب حسن موسى‪ ،‬قانون التجارة الدولية‪ ،‬دار الثقافة‪ ،‬ط‪ ،5001، 1‬ص‪.140‬‬


‫المبحث األول‪ :‬إلتزامات األطراف المفاوض وطبيعة مسؤليتهم‬ ‫حيث سنتناول موضوع اإللتوامات يف املفاوضات إلرساء وتكييف طبيعة املسؤلية املدنية يف مرحلة املفاوضات املسؤلية املدنية‬ ‫حيث أن اإللتومات اخلاصة باملفاوضات اليت هلا قواعد يف القانون املدين اجلوائري إال أهنا خاصة بأمور البيع بني األفراد إال أننا‬ ‫سنستعني هبا يف تأسيس قاعدة عامة حول هذه اإللتومات (املطلب األول) لننتقل لطبيعة املسؤولية اخلاصة مبرحلة املفاوضات‬ ‫(املطلب الثاين) لنتمكن من إرساء األحكام اخلاصة هبا‪.‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬إلتزمات األطراف خالل مرحلة التفاوض‬ ‫مىت إنعقد اإلتفا سوى كان ضمين أو صريح على املتفاوض نشأ عنه اإللتوام بالتفاوض على عاتق الطرفني بغية التوصل إىل‬ ‫إتفا هنائي بشأن العقد املومع إبرامه‪1‬ومدامت عقود التجارة الدولية عقود ذات تركيب خطري ومعقد كوهنا متعلق بإقتصاد الدولة‬ ‫املتفاوضة قد تكون يف بعض احلاالت وبعض العقود حمدد للمصري اإلقتصادي واإلجتماعي للدولة املراد التفاوض يف هذه العقود‬ ‫خاصة‪ ،‬إذا كان عقد جتاري خبصوص مواد إستهالكية أساسية أو كان العقد يف بداية السنة أو يف شهر رمضان بالنسبة للدول‬ ‫اإلسالمية فهنا نرى أنه منذ البدء يف التفاوض تقع إلتوامات على كل األطراف أوهلا اإللتوام بالدخول يف التفاوض أي أن اإللتوام‬ ‫اجلوهري هي اإللتوام بالتفاوض حبد ذاته ‪ lobligqtion de ;egocier‬وهو إلتوام بتحقيق نتيجة حيث يتعني على الطرفني‬ ‫الدخول يف التفاوض بالفعل‪ ،‬وذلك بالبدء يف مناقشة شروط العقد يف احلال أو بالذهاب إىل مائدة املفاوضات يف املوعد احملدد‬ ‫لبدء املفاوضة والغالب أن يتفق الطرفان على هذا املوعد صراحة‪ ،2‬واإللتوام األول هو اإللتوام الذي تقوم عليه عملية التفاوض‬ ‫حيث يعترب اإللتوام الفعال يف التفاوض إذا توفر ‪ ،‬فإن التفاوض يأخذ جمراه احلسن و هو اإللتوام حبسن نية " اإللتوام األساسي يف‬ ‫سري العملية التفاوض "(الفرع األول) حيث اإللتوام حبسن نية تتفرع منه إلتوامات أخرى تسمى اإللتوامات املتفرع من اإللتوام حسن‬ ‫النية أو إلتوامات الثانوية لعملية التفاوض(الفرع الثاين ) ‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬اإللتزام األساسي للتفاوض (حسن النية)‬ ‫يرتتب على إتفا التفاوض نشوء إلتوام بالبدء يف التفاوض يقع على عاتق طرفيه ‪ ،‬وهو إلتوام بتحقيق نتيجة حيث يتعني‬ ‫عليهما الدخول يف عملية التفاوض و البدء فيها و متابعتها و ذلك بإختاذ اإلجراءات الالزمة لفتح عملية التفاوض خالل املدة‬ ‫املتفق عليها‪ ،‬فإن مل يتفق على هذه املدة إلتوم الطرفان بالبدء فيها خالل مدة معقولة هذا باإلضافة لتحديد املكان الذي ستجرى‬ ‫فيه املفاوضات والطرف الذي سيتحمل نفقات الدراسات األولية اليت ميكن أن تطلب خالهلا ويتبع ذلك اإللتوام وجوب اإلستمرار‬ ‫يف املفاوضات ومتابعتها وإال أصبح اإللتوام ببدء املفاوضات ذو معىن‪ ،‬حيث أكدت على ذلك احملكمة التحكيم التابعة لغرفة‬ ‫التجارة العاملية يف حكمها الصادر يف قضية رقم ( ‪ )0101‬حيث قررت "أن اإلتفا على التفاوض يرتب إلتواما ببذل عناية"‬ ‫‪ -1‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.413‬‬ ‫‪ -2‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.416- 415‬‬


‫ومن مث فهو ال يعين بالضرورة التوصل إلبرام العقد‪ ،‬هكذا يتمثل األثر الرئيسي إلتفا التفاوض يف نشوء اإللتوام بالتفاوض‬ ‫واإلستمرار فيه ومتابعتة حيث يلتوم األطراف مبقتضى هذا اإلتفا مبناقشة شروط العقد اليت جتري املفاوضة بشأهنا هبدف التوصل‬ ‫إىل العقد النهائي ويعد اإللتوام حبسن النية مطلبا أساسيا لنجاح املفاوضات بل إن مثة إلتوامات أخرى تقع على عاتق الطرفني هلذه‬ ‫املرحلة يستلومها التفاوض على العقد حبسن نية‪ 1‬واإللتوام حبسن نية ‪lobiligation de negocier de bonne foi‬‬ ‫نتوقف أوالا عند املعىن اللغوي لكلمة حسن النية ) ‪ ،(la bonne foi‬و هي العقد وعوم القلب على شيء معني‪ 2‬أما احلسن‬

‫يف لغة فهو من حسن الشيء حتسني‪ ،3‬حيث جند أن زالب التشريعات قد قننت حسن النية كمبدأ عام حيكم سلو ك أطراف‬ ‫العقد أو اإلتفا ‪ ،‬وهي أن اإللتوام بالتفاوض حبسن نية جيد مصدره املباشر يف اإلتفا التفاوض فهو إلتوام إرادي يفرضه إتفا‬ ‫الطرفني على التفاوض وليس إلتواما قانونيا جيبه القانون مباشرة‪4‬والتفاوض حبسن نية هو يف األصل إلتواما وليس جمرد واجب‬ ‫عام‪،‬ألنه إلتوام حقيقي له دائن ومدين وحمل وسبب‪ ،5‬وهذا يف حالة تفاوض على العقد‪ ،‬وخاصة إذا كان العقد ذو خاصية دولية‬ ‫حبيث أنه تتكاتف التشريعات أوال من أجل قانون خيدم املصاحل‪ ،6‬إذ من البديهي أن الشخص ال يلتوم بأن التفاوض حبسن نية إال‬ ‫عندما ما يدخل يف مفاوضة مع الشخص أخر‪ ،‬يف حني أنه يتقيد بالواجب العام يف أي وقت و جتاه أي شخص‪ ،7‬وهو أيضا‬ ‫إلتوام تباديل‪8‬يقع على عاتق الطرفني معا‪ ،‬حيث يكون كل منهما دائما هبذا اإللتوام مدينا به يف الوقت نفسه‪ ،‬كما أن هذا اإللتوام‬ ‫هو إلتوام جوهري ألن التفاوض على العقد ال يستقيم بدونه ومن مث فإنه يفرض على الطرفني مبجرد إتفاقهما على الدخول يف‬ ‫التفاوض حىت ولو مل ينص عليه صراحة‪ ،‬بل ويقع باطال كل إتفا يقضي بإعفاء أحد الطرفني أو كالمها من هذه‬ ‫إلتوامات‪،‬وبالنسبة ملضمون اإللتوام فإن هذا اإللتوام يوجب على املتفاوض أن يكون حبسن نية بالفعل أثناء التفاوض على العقد ال‬ ‫يلجأ إىل الغش واخلديعة بل يتبع املسلك املألوف و املعتاد يف التفاوض‪9‬لتكون اإللتوامات املفرغ عنه هي إلتوامات ببذل عناية‬ ‫كوهنا جوء يكمل اآلخر وحيت يكون التفاوض حسن النية جيب أن يتخذ موقفا‪ ،‬وأن يكون صاد يف قوله خملصا يف عملية و أن‬ ‫يكون سلوكه قائما على الشرف و النواهة و الثقة‪،10‬وال يعين إلتوام حبسن نية إلتوام بإبرام العقد النهائي بالفعل ألنه حيول دون‬ ‫حتقيق مبدأ حرية التعاقد وكذلك بالنسبة للعقود التجارة الدولية فال تستطيع دولة فرض التفاوض اجلربي على دولة أخر‪ ،11‬فالواقع‬ ‫أن التفاوض يظل ممتعا بكامل حريته يف التعاقد من عدمه حبيث جيوز له اإلنسحاب من املفاوضات يف أي وقت شريطه أن يتم‬ ‫ذلك يف إطار حسن النية ‪،‬فاإلتفا على التفاوض هو جمرد إتفا متهيدي يهدف فحسب إىل اإلعداد و التحضري إلبرام العقد‬ ‫‪ - 1‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.417‬‬ ‫‪ - 2‬عبد احلليم عبد اللطيف القوين‪ ،‬مبدأ حسن النية وأثره يف التصرفات يف الفقه اإلسالمي والقانون املصري "دراسة مقارنة "‪ ،‬د ط‪ ،‬مصر‪ 1997 ،‬ص ‪.86‬‬ ‫‪ - 3‬نفس املرجع ص‪ 39‬مابعدها‪.‬‬

‫‪ -4‬رجب عبد الكرمي اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.419‬‬ ‫‪ - 5‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪. 420‬‬

‫‪ - 6‬كما تنص املادة ‪1/2‬من مباد عقود التجارة الدولية على <<أنه جيب على كل طرف أن يتصرف وفق ملا تقضيه حسن النية واألمانة يف التعامل يف التجارة الدولية>>‪.‬‬ ‫‪ -7‬علي أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.012‬‬ ‫‪ -8‬بن أمحد صليحة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.88‬‬ ‫‪ -9‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 20 -21‬‬ ‫‪ -10‬علي أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.392‬‬ ‫‪ -11‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.403‬‬


‫النهائي ومن مث فإنه ال يلوم الطرفني إال بالتفاوض على هذا العقد دون أن يلومهما بإبرامه بالفعل‪ ،‬كما أن هذا اإللتوام ال مينع‬ ‫املتفاوض من إجراء مفاوضات متوازية مع الغري هو أمر مشروع و تقضية حرية املنافسة ‪ ،1‬حيث جرت العادة خاصة يف جمال‬ ‫عقود التجارة الدولية على أن يقوم صاحب الشأن بالتفاوض مع أكثر من شخص يف نفس الوقت‪ ،2‬لكي خيتار من بينهم‬ ‫الشخص الذي يراه مناسبا‪.3‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬اإللتزامات الثانوية للتفاوض المتفرع عن إلتزام حسن النية‬ ‫يتفرع عن اإللتوام حبسن النية جمموعة من اإللتوامات القانونية اليت من شأهنا تنظيم سري عملية املباحثات وإلوام املفاوضني‬ ‫بإتباع سلو ك النواهة سواء وقع التوصل إىل إبرام العقد أومل يقع ذلك وهي‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬اإللتزام باإلعالم ‪ :‬إن أهم مظاهر حسن النية يف التفاوض هو أن يقوم كل طرف باإلفضاء إىل الطرف األخر بكل ما‬ ‫لديه من بيانات ومعلومات تتعلق بعقد التفاوض عليه وذلك حيت يتسىن للطرف اآلخر أن يقدم على التعاقد بإرادة سليمة ومتنورة‬ ‫واحلق أن اإللتوام باإلعالم‪ 4‬يف التفاوض على العقد يلعب دورا إجيابيا وألن عقود التجارة الدولية هلا جوانب كثرية ذات حساسية‬ ‫ألهنا يف حاالت كثري تأخذ هذه املفاوضات يف عقودالتجارة الدولية وقت طويل قد تتغري بضائع موضوع التفاوض أو لعوامل أخر‬ ‫كعامل العمله وزريها من مواضيع كمكان تسليم‪ 5‬البضائع وشكل البضائع وقت التسليم فقد تتطور عملية املفاوضات بدل ما‬ ‫تكون يف الشتاء يتم اإلتفا أن تتم يف الصيف فالبد أن يأخذ عامل اجلوي واحلرارة بعني اإلعتبار وهذا إن كانت خبصوص بضائع‬ ‫سريعة التلف أوال تتحمل حرارة معينة‪ 6‬والواقع أن اإللتوام باإلعالم جيد أساسه يف اإللتوام الرئيسي بالتفاوض حبسن النية‪ 7‬وهو ما‬ ‫حيدث عندما يلتوم املتفاوض فعال عن ذلك بالتحذير أو بالتضحية أي اإللتوام باإلعالم احملض ‪l’obligation de‬‬ ‫‪ renseigments pune‬و اإللتوام بالتحذير ‪ l’obligation de lise en gande‬و اإللتوام بالنصيحة‪.8‬‬ ‫ثانيا‪ :‬االلتزام بالتعاون‪ :‬يلتوم الطرفان املتفاوضان مبا يكفل لوصول هبا إىل نتيجة مرضية إما بإنعقاد العقد املتفاوض عليه وال‬ ‫خترج صور اإللتوام بالتعاون فكل ما حيتاجه السري األمثل للعملية التفاوضية فهو الزم نذكر منها‪:‬‬

‫‪ - 1‬و هذا ما جاء به األمر ‪ 00-00‬مؤرخ يف ‪ 12‬جويلية ‪ 5000‬يتعلق باملنافسة‪ ،‬جريدة رمسية عدد ‪ 40‬صادرة يف ‪ 50‬جويلية ‪ ،5000‬املعدل و املتمم‪ .‬يف مادته ‪4‬و‪ 5‬يف الباب الثاين من الفصل األول ‪.‬‬ ‫‪ -2‬حيث بالنسبة للعقود اخلاصة بالصفقات العمومية هلا قيمة مالية معينة حىت يتم التفوض بشأهنا واإلتفا حوهلا وهذا ما جاءت به املادة ‪ 4‬ـ ‪ 4‬مكرر مرسوم رئاسي رقم‬

‫‪ 504 -10‬مؤرخ يف ‪ 54‬شوال عام‬

‫‪ 1401‬املوافق ‪ 2‬أكتوبر سنة ‪ ،5010‬يتضمن تنظيم الصفقات العمومية‪ ،‬املعدل واملتمم باملرسوم الرئاسي رقم ‪ 00-10‬املؤرخ يف ‪ 10‬جانفي ‪ ،5010‬جريدة رمسية عدد ‪.05‬‬

‫‪ - 3‬كذلك حيث يتم إختيار األطراف يف الوقت الذي يتم فيه التناقش والتفاوض فيما بني املتعاملني اإلقتصاديني لإلختيار أحسن عرض وذلك طبق ملواد ‪ 52، 50، 51، 12‬وما‬ ‫يليها‪.‬‬ ‫‪ - 4‬علي أمحد صاحل مرجع سابق ص ‪412 – 413‬‬

‫‪ - 5‬وهذا ما جاءت به املواد ‪ 04-00-05-01‬من إتفاقية األمم املتحدة بشأن عقود البيع الدويل لبضائع‪.‬‬ ‫‪ - 6‬وكما نصت إتفاقية األمم املتحدة بشأن عقود البيع الدويل للبضائع على ذلك يف كل من املواد‪.)44-02( :‬‬

‫‪ - 7‬أن اإللتوام باإلعالم يبدو ولوهلة األوىل بأنه حديث املنشأ ذلك أنه كان معروفا يف القوانني القدمية مثل القانون الروماين واليوناين فالقانون الروماين يفرض إلتواما باإلعالم على‬ ‫عاتق البائع لفائدة املشرتي عن حالة القانونية للعقارات حبيث يكون البائع مسؤوال أما م املشرتي عن عيوب الشيء املبيع يف احلاليت األوىل يف حالة تعمد إخفاء البائع العيوب على‬ ‫املشرتي وحالة الثانية هي حالة عرض الشيء للبيع ووصفه بأوصاف ال يتضمنها يف احلقيقة الشيء للبيع‪.‬‬ ‫‪ - 8‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪429‬وما بعدها‪.‬‬


‫أ‪ .‬عدم الرتاخي يف حتديد مواعيد جللسات التفاوض وإحرتام هذه املواعيد‪.‬‬ ‫ب‪ .‬عدم االصرار على حتديد اماكن للتفاوض تستدعي السفر واالتفا بدون مربر‪.‬‬ ‫ج‪ .‬املرونة يف مناقشة جدول االعمال واالمتناع عن التعليق يف الرأي‪.‬‬ ‫د‪ .‬احرتام العادات واالعرا التجارية السائدة يف املعامالت الدولية اخل‪...1‬‬ ‫ثالثا‪ :‬االلتزام بمواصلة التفاوض ‪l’obligation de poursuivre la nègociation‬‬ ‫يظل كل متفاوض متمتعا بكامل حريته يف التعاقد من عدمه حبيث يكون يف إستطاعته قطع املفاوضات يف أي وقت ذلك ال‬ ‫يعين أن يقوم املتفاوض باإلنسحاب من املفاوضات وقتا مايشاء دومنا أي مربر موضوعي‪ ،2‬حيث يلتوم املتفاوض ببذل العناية‬ ‫الالزمة لإلستمرار يف التفاوض هبدف إجناحه دون أن يلتوم بإجناح هذا التفاوض بالفعل أي بإبرام العقد النهائي‪.‬‬ ‫رابعا‪:‬اإللتزام بالمحافظة على األسرار‪ :3‬يقصد به ليس جمرد إجراء عملية املفاوضات يف كتمان وسرية تامة بل هو ذلك‬ ‫اإللتوام الذي يفرض على املتفاوض إلتوام الصمت خبصوص كل ما يصل إىل عملية أو يكتشفه أثناء سري املفاوضات أو من خالل‬ ‫ما يتبادله مع املتفاوض اآلخر من مستندات أو مايدور بينهما من مناقشات اليت يستلومها إبرام العقد املوعم إبرامه‪4‬ولإللتوام‬ ‫باحملافظة على أسرار هلا أمهية كبرية‪ ،‬فقد نصت عليه املادة الثانية البند ‪ 16‬من جمموعة مباد عقود التجارة الدولية الىت إعتمدها‬ ‫املعهد الدويل لتوحيد القانون اخلاص بروما عام ‪ 1994‬بقوهلا <<أن اإللتوام الطرف الذي يتلقى أثناء املفاوضات معلومات‬ ‫معينة ذات طابع سري من الطرف اآلخر وسواء أبرم العقد أو مل يربم بعدم إنشائها أوإستخدامها بغري حق ألزراض شخصية‬ ‫ويرتب اإلخالل هبذا الواجب تعويضا يشمل يف هذه احلالة املنافع اليت كان سيحصل عليها الطرف اآلخر‪>>5‬وهلذا اإللتوام‬ ‫وجهان األول خاص بسرية املفاوضات و املناقشات يف حد ذاهتا اليت جترى بني الطرفني من حيث شروط إبرام العقد وزريها من‬ ‫التفاصيل األخرى والوجه الثاين فهو سرية التكنولوجيا موضوع العقد وهو أمر على درجة كبرية من اخلطورة خاصة إذا كانت‬ ‫الصفقة موضوعها نقل التكنولوجيا‪ ،6‬وعقود التجارة الدولية هلا أنواع متعددة وتركيبات خمتلفة يصل إختالفها من عقد إىل أخر من‬ ‫نفس نوع العقد ولكل واحد درجة من السرية خاصة‪ ،‬وأنه يف الوقت املعاصر أصبحت معظم التبادالت التجارية الدولية ذات‬ ‫فعالية إسرتاجتية ونقطة حساسة لكل دولة سوى كانت طرف قوي أو ضعيف‪ ،‬ألهنا تدخل يف مدلول الدولة و مقتنياهتا وكذلك‬

‫‪ -1‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.442 – 444‬‬ ‫‪ -2‬رنفس املرجع‪ ،‬ص ‪.442‬‬

‫‪ -4‬علي أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.480‬‬

‫‪- PHILIPPE le Tourneau. Larupture des nègociations. Rev. Tri de droit commercial.N.03.1998.p.486.‬‬

‫‪ -5‬أمحد عبد الكرمي سالمة‪ ،‬قانون العقد الدويل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.112‬‬ ‫‪ -6‬علي أمحد صاحل مرجع سابق ص ‪.483-482‬‬

‫‪3‬‬


‫السياسة املتبعة من هذه الدولة لذلك عادة ما تكون السرية مطلب أساسي و مستحب للتفاوض يف عقود التجارة الدولية‪ ،1‬وهذا‬ ‫اإللتوام يقف أيضا على اإلمتناع عن إفشاء هذه األسرار واإلمتناع عن اإلستغالل‪.2‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬الطبيعة القانونية للمسؤولية في التفاوض على عقود التجارة الدولية‬ ‫خالل مرحلة املفاوضات الطويلة والشاقة قد يفاجأ أحد الطرفني بإنسحاب الطرف اآلخر‪ ،‬كل ذلك من شأنه أن يكشف‬ ‫ويوضح األمهية الكبرية لدراسة مسؤولية املفاوض يف مرحلة التفاوض اليت ال تنتهي بإبرام العقد املنشود‪ ،‬هنا تكمل املشكلة احلقيقية‬ ‫حمل الدراسة‪ ،‬حيث ال يوجد نص قانوين صريح ينظم العالقة بني الطرفني وهذا بإستثناء القانون املدين اإليطايل واليوناين‪.‬‬ ‫هلذا يطرح التساؤل يف هذه احلالة بالذات عن القيمة القانونية ملثل هذه املفاوضات فهل تفلت هذه املفاوضات من رقابة‬ ‫القانون‪،‬؟ إذ إشتد اخلالف بني هؤالء الفقهاء حول طبيعة هذه املسؤولية و السبب يف ذلك يعود إىل أن معظم القوانني املدنية مل‬ ‫تنظم مرحلة املفاوضات بنصوص خاصة على الرزم من اإلتفا الفقهاء على أن مرحلة املفاوضات ال تفلت من يد القانون‪ ،‬فهل‬ ‫تدخل هذه املسؤولية يف إطار املسؤولية العقدية أما تدخل يف إطار املسؤولية التقصريية‪ ،‬فقد إحتدم اخلالف بني الفقهاء حول‬ ‫التكييف القانوين ملرحلة التفاوض على العقد واخلالف بني الفقه ال يدور يف هذا الصدد حول طبيعة التفاوض نفسه وإمنا حول‬ ‫طبيعة املسؤولية املدنية يف مرحلة التفاوض‪ ،‬ولقد تباينت النظريات الفقهية اليت قيلت يف هذا الشأن فمنهم من يقول بأهنا مسؤولية‬ ‫عقدية وهو رأي التقليدي(الفرع األول)‪ ،‬ومنهم من يقول بأن مسؤولية املفاوض هي مسؤولية تقصريية‪ ،‬وهو رأي الفقه‬ ‫احلديث(الفرع الثاين)‪ ،‬وحىت نتمكن من إرساء املفهوم العام للمسؤولية املدنية للتفاوض يف العقود التجارة الدولية إن كانت عقدية‬ ‫أو تقتصرية وجب الوقوف عليها فيما يلي‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬طبيعة مسؤولية المفاوضات في عقود التجارة لدي الفقه التقليدي‬ ‫بدأ احلديث عن املفاوضات حيث بلغت أنظار الفقهاء التقليديون إليه منذ ‪ 1860‬حيث بدأ الفقه منذ ذلك الوقت بصدد‬ ‫دراسة املسولية الناشئة عن قطع املفاوضات‪ ،‬بقصد حتديد أحكامها ولقد ركو الفقه عنها كثريا‪ ،3‬ولعل أهم النظريات نظرية‬ ‫املسؤولية املوضوعية وكل هذه النظريات نادى هبا الفقهاء األملان وكلها تقول بأن مسؤولية عقدية وليست مسؤولية تقصريية‪ 4‬أما‬ ‫الفقه اإليطايل فأهم النظريات اليت تقول بأن مسؤولية التفاوض هي مسؤولية عقدية هي نظرية فاجيال‪.‬‬ ‫أوال‪ :‬نظرية الخطا عند التكوين العقد ‪ :‬وتعترب هذه النظرية من أهم وأشهر النظريات اليت عاجلت موضوع مسؤولية على‬ ‫العقد وقد جرت عادة الفقهاء على وضع هذه النظرية يف صدارة النظريات اليت متثل اإلجتاه الفقهي القائل بأن مسؤولية املفاوض‬

‫‪ -1‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.449‬‬ ‫‪ -2‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.449‬‬ ‫‪ -3‬علي أمحد صاحل مرجع سابق ص ‪.585‬‬ ‫‪ -4‬نفس الرجع ص ‪.244‬‬


‫يف مرحلة املفاوضات ذات طبيعة عقدية وليست ذات طبيعة تقصريية‪ ،‬ويعود الفضل يف صيازتها لفقه اهرنج‪ ،1‬و ذلك عام‬ ‫‪ 1860‬حيث كان قانون العقود األملاين السائد عند صيازة اهرنج لنظرية قائمة على أساس القانون الروماين‪ ،‬مما يعين أن العقد‬ ‫يكون إنعكاسا إلرادة األطراف احلقيقية إذ لن يستحق تعويضا طاملا أن الطرف األخر ال يعلم مبثل هذا الغلط‪ ،2‬ومنها الحظ‬ ‫اهرنج قصور يف القانون االملاين‪ ،3‬ونستخلص هذه النظرية عند اهرنج يف أن كل شخص يقدم على تعاقد يكون هو السبب يف‬ ‫بطالنه أي أن املسؤولية عن هذا اخلطأ تكون مسؤولية عقدية قوامها العقد الباطل نفسه‪ ، 4‬ومن هنا رأى اهرنج أنه من العدل‬ ‫حقا أن يلتوم املتعاقد الذي جاء سبب بطالنه العقد من جانبه بتعويض املتعاقد األخر عما أصابه من ضرر من جراء إعتقاد يف‬ ‫صحة العقد إعتقادا يؤيده الظاهر‪ ،5‬وإستند الفقيه إهرنج إىل قوانني الرومانية وهي نظرية عامة مفادها أن كل متعاقد يتسبب يف‬ ‫بطالن العقد بسوء نية أو حبسن نية يلتوم بتعويض املتعاقد اآلخر عما حلقه من ضرر مبقتضي العقد الباطل ذاته وخالصة القول أن‬ ‫اهرنج يعترب بأن اخلطأ الذي يقع يف فرتة السابقة على تعاقد هي مرحلة املفاوضات سواء حال بدون إنعاقده مما أدى إىل بطالنه‬ ‫يعتربه خطأ عقديا ترتتب عليه املسؤولية العقدية وليست املسؤولية التقصريية‪ 6‬وخصائص هذه النظرية يف ثالثا وهي ‪:‬‬ ‫‪ .1‬املسؤولة عن اخلطأ مسؤولية عقدية ويربز اهونج ذلك بقوله أن دعوى املسؤولية ال ميكن أن تقع يف دائرة العالقات زري‬ ‫العقدية والدليل القاطع بالنسبة الهرنج‪ ،‬على أن اخلطأ الواقع عند تكوين العقد ذو طبيعة عقدية وهو أن القانون الروماين جيرب‬ ‫إنتقال اإللتوام بالتعويض الناشئ عنه إىل الورثة‪ ،‬فلو كان هذا اخلطأ تقصرييا ما أمكن وفقا هلذا القانون أن ينتقل إليهم‪.‬‬ ‫‪.5‬‬

‫دعوى املسؤولية أساسها اخلطأ املدعي عليه أما اخلاصية الثانية واملتعلقة باخلطأ عند تكوين العقد فريى اهرنج بأن‬

‫دعوى مسؤولية تكوين العقد‪ ،‬والذي يتمثل يف إقدامه على تعاقد مع القيام سبب البطالن يف جانبه سواء كان على علم بسبب‬ ‫البطالن أو زري عامل به ‪ ،‬ذلك أن من يقدم على التعاقد يلتوم بضمان صحة العقد فإذا مل تتوفر هذه الصحة لسبب يف جانبه فإنه‬ ‫يكون قد أخل هبذا اإللتوام واخلطأ عند اهرنج هو إقدام املتعاقد على التعاقد دون أن يكون يف إستطاعته أن يوفر الشروط الالزمة‬ ‫لصحة العقد‪ ،‬وذلك على حنو يؤدي إىل وقوع املتعاقد اآلخر يف زلط نتيجة للمظهر الكاذب هلذا العقد‪.7‬‬ ‫‪.0‬‬

‫التعويض يكون عن مصلحة السلبية دون املصلحة اإلجيابية إن اخلصية الثالثة يف نظرية اخلطأ عند تكوين العقد هي‬

‫التعويض ‪،‬فإهرنج يقول بأنه إذا كان القانون يضمن ألطراف العقد الصحيح تنفيذه لتحقق املصلحة املرجوة منه فإن القانون يف‬ ‫العقد الباطل يتعني أن يضمن ألطرافه عدم الوقوع ضحية مثل هذا البطالن فيعوض الطرف املتضرر عما حلقه من ضرر وحيمي‬ ‫بذلك مصلحته‪ ،8‬وآثار هذه النظرية يف قوانني تظهر واضحة ولقد تأثر هبا القانون األملاين‬ ‫‪ -1‬وهو فقيه األملاين ولد عام ‪ 1818‬وتويف ‪.1425‬‬ ‫‪ -2‬وهو ماحدث يف حكم حمكمة كولونا باملانيا‪.‬‬ ‫‪ -3‬علي أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.589‬‬ ‫‪ -4‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.204‬‬

‫‪ -5‬علي أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.590‬‬ ‫‪ -6‬بن أمحد صليحة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 41‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪ -7‬علي أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.601‬‬ ‫‪ -8‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.207‬‬


‫وكذا الفقهاء الفرنسيون‪ ،1‬حيث نرى أن القانون األملاين كان تأثره مبتور هبذه النظرية ألنه مل يأخذ هبا كنظرية عامة تنطبق على‬ ‫كافة احلاالت‪ ،‬وإمنا أخذ هبا يف حاالت معينة فقط‪ 2‬وهذا بالرجوع إىل املواد ‪118‬إىل ‪ 122‬واملادة ‪ 307‬من القانون األملاين‬ ‫يأخذ هبذه النظرية يف حاالت معينة‪.‬‬ ‫وخالصة القول أن القانون املدين األملاين تأثر بنظرية اخلطأ عند تكوين العقد‪ ،‬لكن مل يأخذ بأهم خصائصها املميوة هلا فلم‬ ‫جيعل املسؤولية عن بطالن العقد أو بطالنه مسؤولية عقدية بل جعلها مسؤولية زري عقدية‪ ،3‬وبرجوع إىل آثار هذه النظرية يف‬ ‫قانون الفرنسيني نرى أن جانب من الفقهاء إعتربوا بأن املسؤولية عن بطالن العقد هي مسؤولية عقدية ‪،‬أسندوا يف ذلك على نص‬ ‫املادة ‪ 1599‬من قانون املدين الفرنسي‪ 4‬اخلاصة ببطالن بيع ملك الغري و اليت تقضي بأن بيع ملك الغري باطل و ترتب عليه‬ ‫جواز احلكم بالتعويض‪ ،‬إذا كان املشرتي جيهل بأن الشيء املبيع مملو ك للغري دون أن تفر بني ما إذا كان البائع حسن النية أو‬ ‫سيء النية‪ ،‬و ذهبوا إىل أن إلتوام بالتعويض يف هذه احلالة ليس مصدره خطأ البائع كما تنص على ذلك املادة ‪ 1382‬من القانون‬ ‫املدين الفرنسي‪، 5‬و عندما تقوم بتقدير نظرية اخلطا عند تكوين العقد نرى هلا موايا و عيوب و أهم موايها قامت بتوسيع املفاهيم‬ ‫اليت كانت سائدة يف القانون الروماين‪ ،‬مبا يستجيب حلاجات التعامل فلم يعد اخلطأ يرتب املسؤولية بالشروط الصارمة الواردة يف‬ ‫قانون ‪ aquilia‬بل يكفي لقيام املسؤولية التسبب يف إجياد مظهر تعاقدي خيلف الثقة لدى املتعاقد األخر و لو كان ذلك حبسن‬ ‫نية‪ ،‬مما جيعله يعتقد أن العقد الذي يربط بينهما أصبح باتا و عدم جواز جتريد العقد الباطل من مجيع آثاره و أن آثار البطالن‬ ‫تقتصر على الركن أو الشرط الباطل فقط ‪.‬‬ ‫أما العيوب رزم الشهرة الكبري اليت حققتها إال أهنا مل تسلم من النقد الشديد الذي نال من فاعليتها‪ ،6‬وأهم ما أخذ على‬ ‫هذه النظرية‪ ،‬أهنا تنطوي على حتايل ال مربر له‪ ،‬فقد أخذ اهرنج بفكرة ضيقه للبطالن وإن أدى إىل زوال األثر الرئيسي للعقد وهو‬ ‫اإللتوام بالتعويض عن مصلحة السلبية‪ 7‬ولقد إعترب بعض الفقهاء بأن التفرقة اليت جاء هبا اهرنج بشأن املصلحة السلبية واملصلحة‬ ‫اإلجيابية ليست إال جمرد حيلة إبتدعها من أجل ترتيب آثار على عقد باطل‪ ،‬وهو ال يتفق مع القواعد العامة‪ ،‬ويصعب تربيره‪.8‬‬ ‫ثانيا‪ :‬نظرية تحمل التبعة العقدية ‪ :‬هنا ك عدة نظريات أخرى إجتهدت يف البحث عن أسس أخرى للمسؤولية قبل العقدية‬ ‫و ذلك لتفادي نقائص و عيوب نظرية اخلطأ عند تكوين العقد‪ ،‬و لعل أهم هذه النظريات هي نظرية حتمل التبعية اليت نادى هبا‬

‫‪ -1‬علي أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.606‬‬ ‫‪ -2‬نفس مرجع‪ ،‬ص ‪.607‬‬

‫‪ -3‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.512‬‬ ‫‪ -4‬هذه املادة تقابلها املادة ‪ 399‬من قانون املدين اجلوائري واليت تنص على أنه <<إذا أبطل البيع يف صاحل املشرتي مبقتضى حكم وكان املشرتي جيهل أن البائع ال ميلك املبيع فله‬ ‫أن يطالب بالتعويض ولو كان البائع حسن نية>> وتقابلها املادة ‪ 468‬من قانون املدين املصري واليت تنص على أنه <<إذا حكم املشرتي بإبطال البيع وكان جيهل أن املبيع زري‬ ‫مملو ك للبائع فله بتعويض ولو كان البائع حسن النية وتعترب هذه املادة بأن خطأ الشخص يف مرحلة ما قبل التعاقد هو خطأ تقصريي وليس عقديا>>‪.‬‬

‫‪ _ 5‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.219‬‬ ‫‪ -6‬على أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.614‬‬

‫‪ -7‬تنص املادة ‪ 124‬من قانون املدين اجلوائري على <<أن كل عمل أي كان يرتكبه املرء ويسبب ضررا للغري يلوم من كان سببا يف حدوثه بالتعويض>>‪.‬‬ ‫‪ -8‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.223‬‬


‫الفقيه األملاين ‪ windscheid‬و محل لواءها كل من ‪ LABBE‬و ‪ JOSSER AND‬و‪ SALEILLES‬يف فرنسا‪،1‬‬ ‫وتقوم هذه النظرية على أن كل مقدم على التعاقد يتعني أن يتحمل األضرار النامجة تبعة النشاط العقدي الذي قام به‪ ،‬أيا كانت‬ ‫األسباب اليت عاقت قيام العقد أو أدت إىل بطالنه بل حىت و لو كانت هذه األسباب جمهولة متاما منه لكون النشاط التعاقدي‬ ‫يتضمن أخطار عديدة قد تلحق ضررا بالقائمني به‪ ،‬فيتعني على الباد بالنشاط التعاقدي أن يتحمل تبعة هذا النشاط التعاقدي‬ ‫و تنعقد مسؤولية الباد بالنشاط التعاقدي ‪ ،‬مبجرد حدوث ضرر منه حىت و لو مل يكن خمطأ‪ 2‬ولقد إمتد تأثري نظرية حتمل التبعية‬ ‫إىل التشريعات الوضعية‪ ،‬فأصبحت كل دول العامل تقيم املسؤولية على أساسها يف خمتلف أنواع النشاطات مثل حوادث العمل و‬ ‫حوادث املهن و حوادث املرور و حوادث النقل اجلوي و األضرار اليت ترتبت حديثا على ظهور املنشأت الذرية‪، 3‬و هذه النظرية‬ ‫ال ختتلف على نظرية اهرنج أن حتمل املتعاقد تبعة األسباب اليت عاقت إبرام العقد أو أدت إىل بطالنه و أهنما يتفقان يف النتيجة‬ ‫إال أهنما ختتلفان يف أساس املسؤولية و عبء اإلثبات حيث هذه النظرية تقيم املسؤولية على الباد بالنشاط أما نظرية اهرنج‬ ‫فكانت على أساس اإلخالل باإللتوام باليقظة عند التعاقد‪.4‬‬ ‫و نظرية حتمل التبعية العقدية زري واضحة املعامل فيما خيص الطبيعة القانونية للمسؤولية قبل العقدية هل هي عقدية أو تقصريية‬ ‫‪،‬مما أدى ببعض الفقهاء‪ 5‬إىل القول بأن املسؤولية قبل العقدية يف نظرية "فينشيد" هي مسؤولية مادية وليست عقدية جممل القول‬ ‫أن نظرية "فينشيد" ال ختتلف كثريا عن نظرية اهرنج اليت حتمل املتعاقد تبعية األسباب اليت أدت إىل عدم إبرام العقد أو أدت إىل‬ ‫بطالنه حىت و لو كان املتعاقد حسن النية فكال النظريتني تلتقيان يف النتيجة و لكنهما ختتلفان يف أساس املسؤولية و عبء‬ ‫اإلثبات‪ ،‬و هلذه النظرية موايا أمهها هي سهولة يف اإلثبات حيث إكتفت لقيام املسؤولية أن يثبت املضرور وقوع ضرر له من جراء‬ ‫النشاط التعاقدي الذي قام به من يقدم على التعاقد‪ ،6‬ولقد أخذت التشريعات احلديثة هبذه النظرية منها التشريع يف اجلوائر صدر‬ ‫قانون التعويض عن حوادث العمل يف سنة ‪ 1225‬و أقام املسؤولية فيه على أساس حتمل التبعية و مل يعفي املسؤول من املسؤولية‬ ‫جوئيا إال بإثبات خطأ إرتكبه العامل بدون مربر‪ 7‬و املدين األملاين الذي تأثر كثريا بنظرية أهرنج يف املادة ‪ 155‬من القانون املدين‬ ‫األملاين السالف ذكرها إال أنه أقام املسؤولية يف احلاالت الواردة يف هذه املادة على فكرة حتمل التبعة العقدية اليت نادى هبا‬ ‫"فينشيد"‪ 8‬و أخذ هبذه أيضا املشرع املصري يف مسؤولية صاحب العمل عن حوادث العمل‪ ،‬و كما هلذه النظرية موايا هلا عيوب‬ ‫أمهها فقد أخذ عليها أهنا مل تفصح عن طبيعة نوع املسؤولية قبل العقدية هل هي عقدية أم تقصريية‪ ،‬و أهنا تنطلق من فكرة‬ ‫خاطئة مؤداها أن الباد بالنشاط التعاقدي يتحمل تبعية وحده و تقوم عليه املسؤولية بإعتبار أنه املوجب و احلقيقة أن ذلك ال‬ ‫يتفق مع الواقع العملي‪ ،‬على أساس أن الباد بالنشاط التعاقدي ليس هو املوجب بالضرورة ذلك أن األدوار تتغري فمن تقدم‬ ‫‪ -1‬على على سليمان‪ ،‬مدكرات يف القانون الدويل اخلاص اجلوائري‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬سنة‪ ،5002‬ص‪.125‬‬ ‫‪ -2‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.125‬‬ ‫‪ -3‬على أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.454‬‬ ‫‪ -4‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.500‬‬ ‫‪ -5‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.504‬‬ ‫‪ -6‬على أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.454‬‬

‫‪ - 7‬على على سليمان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.140‬‬ ‫‪ -8‬علي أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.452‬‬


‫بالعرض األول قد يصبح هو القابل يف هناية األمر و يصبح الطرف الذي تلقى العرض هو املوجب كما هو احلال يف عقد املقاولة‪،‬‬ ‫فمتلقى اإلجياب يصبح موجبا عندما يتقدم بعطائه‪ ،1‬إن األخذ هبذه النظرية يف جمال املفاوضات يف عقود التجارة الدولية من شأنه‬ ‫أن جيعل األفراد يعوفون عن الدخول يف املفاوضات رزم ماهلا من قواعد و موايا عظيمة يف احلياة التجارية و اإلقتصادية عامة‪ ،‬ذلك‬ ‫أن من يعلم أنه مبجرد مبادرته بالدعوة إىل التفاوض يتحمل كل النتائج الوخيمة و الضارة املرتتبة على فشل املفاوضات حىت و لو‬ ‫مل خيطئ‪ ،‬لن يفكر أبدا يف أن يتفاوض حىت ال يتحمل عبء فشل املفاوضات ذلك أن إحتمال فشل املفاوضات أمر إحتمايل‪،2‬‬ ‫فضال عن أن هذه الفكرة تصطدم مببدأ حرية املنافسة و الذي نص عليه املشرع اجلوائري يف األمر رقم ‪ 00/00‬و هو املبدأ السائد‬ ‫يف أزلب بلدان العامل ‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬نظرية الوكالة ‪ :‬صاحب نظرية الوكالة هو الفقيه األملاين شورل ‪ ،scheurl‬وتعترب نظرية الوكالة أن الدعوة إىل التفاوض‬ ‫تتضمن ملن توجب إليه توكيال ضمنيا بإختاذ كل األعمال الالزمة للوصول إىل إبرام العقد وإن املوكل يلتوم بأن يرد للوكيل كل‬ ‫املصروفات اليت أنفقها يف سبيل تنفيذ الوكالة و لو مل ينجح يف مهمته و ذلك وفقا لنص املادة ‪ 245‬من القانون املدين اجلوائري‬

‫‪3‬‬

‫و اليت تنص <<على املوكل أن يرد للوكيل ما أنفقه من تنفيذ الوكالة تنفيذا معتادا‪ ،‬و ذلك مهما كان حظ الوكيل من النجاح يف‬ ‫تنفيذ الوكالة فان إقتضى تنفيذ الوكالة أن يقدم املوكل للوكيل مبالغ إلنفا منها يف شؤون الوكالة وجب على املوكل أن يقدم هذه‬ ‫املبالغ إذا طلب الوكيل ذلك >>‪ ،‬ويضرب لنا "شورل" مثال بأن صاحب فند قد تلقى عرضا حبجو زرفة ليوم معني فقام يتنفيذ‬ ‫ذلك العرض لكن رفض طلب عميل أخر أراد شغل نفس الغرفة يف نفس اليوم لكن صاحب العرض سحب عرضه يف أخر حلظة‬ ‫ففي هذه احلالة يقول "شورل" بأن صاحب الفند يستطيع بإعتباره وكيال عن صاحب العرض أن يرجع على هذا األخري بدعوى‬ ‫الوكالة لتعويض خسائره‪ ،4‬فإن املسؤولية يف مرحلة املفاوضات هي مسؤولية عقدية تقوم على أساس عقد وكالة ضمنية "فشورل"‬ ‫يعترب بأن الشخص الذي تلقى دعوة إىل التفاوض مبثابة وكيل عن صاحب هذه الدعوة يف القيام مبا يراه مناسبا إلبرام العقد ‪،‬حبيث‬ ‫إذا قام هذا الشخص بقطع املفاوضات فإنه يلتوم بتعويض هذا الوكيل عما أصابه من ضرر من جراء تنفيذ عقد الوكالة أي تعويضه‬ ‫عما أنفقه يف سبيل اإلعداد و التحضري للعقد املومع إبرامه و تكون دعوى التعويض يف هذه احلالة دعوى عقدية‪5‬و يف عقد الوكالة‬ ‫جند أن الوكيل يقوم بالعمل بإسم و حلساب املوكل و ال يعمل حلساب نفسه و هو ما تنص عليه املادة ‪ 221‬من القانون املدين‬ ‫اجلوائري‪<< 6‬الوكالة أو اإلنابة هو عقد مبقتضاه يفوض شخص شخص ا أخر للقيام بعمل شئ حلساب املوكل وبإمسه>> ‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬نظرية الفضالة ‪ :‬صاحب نظرية الفضالة هو الفقيه األملاين "تون" ‪ THON‬الذي ذهب إىل تأسيس املسؤولية قبل‬ ‫العقدية على فكرة الفضالة وهي يستطيع الفضويل الرجوع على هذا األخري عند فشل املفاوضات إلسرتداد ما أنفق عن طريق‬ ‫‪ -1‬على أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.454‬‬

‫‪ -2‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.502‬‬ ‫‪ -3‬تقابلها املادة ‪ 1222‬قانون فرنسي واملادة ‪210‬قانون املدين مصر‪.‬‬

‫‪ -4‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.504 – 502‬‬ ‫‪ -5‬نشري إىل أن املشرع اجلوائري تأثر هبذه النظرية يف حالة واحدة وهي التفاوض مع املهندس‪ ،‬بعمل تصميمات ودراسات أولية‪ ،‬بناء على طلب صاحب العمل فإذا فشلت‬ ‫املفاوضات يف هذه احلالة فإن من حق املهندس أن يطالب صاحب العمل باملصاريف اليت أنفقها‪.‬‬ ‫‪ -6‬تقابلها املادة ‪ 1244‬من القانون املدين الفرنسي واملادة ‪ 422‬من القانون املدين املصري‪.‬‬


‫دعوى الفضالة على أساس أن النفقات اليت قام الفضويل يف سبيل إبرام العقد‪ ،‬كان قد أنفقها حتقيقا للمصلحة املشرتكة للطرفني‬ ‫فهو إن كان يهدف إىل حتقيق مصلحته اخلاصة إال أنه حيقق يف نفس الوقت مصلحة صاحب الدعوة فيحق له بالنتيجة أن يسرتد‬ ‫املصروفات والنفقات اليت أنفقها ملصلحة صاحب الدعوة‪ ،1‬وهو ما تنص عليه املادة ‪ 122‬من القانون املدين اجلوائري بقوهلا‬ ‫<<يعترب الفضويل نائبا لرب العمل مىت كان قد بذل يف إدارته عناية الشخص العادي و لو مل تتحقق النتيجة املقصودة>> ويف‬ ‫هذه احلالة يكون رب العمل ملوم بتنفيذ التعهدات اليت إلتوم هبا ويرد النفقات الضرورية أو النافعة اليت سغتها الظروف‪ ،‬وبتعويضه‬ ‫عن الضرر الذي حلقه بسسب قيامه بالعمل وال يستحق الفضويل أجرا على عمله‪ ،‬إال إذا كان هذا العمل من أعمال مهنته وتبني‬ ‫من ذلك أن الفضالة هي احلالة اليت يتوىل فيها أحد األشخاص عن قصد القيام بشأن ضروري وعاجل حلساب شخص أخر دون‬ ‫أن يكون هذا الشخص ملوم هبذا الشأن وهذا ما تنص عليه املادة ‪ 120‬من القانون املدين اجلوائري بقوهلا << الفضالة هي أن‬ ‫يتوىل شخص عن قصد القيام بشأن حلساب شخص أخر دون أن يكون ملوم بذلك >>‪.‬‬ ‫وهذا إذا توافرت شروط الفضالة وهي قيام الفضويل بشأن رب العمل‪ ،2‬وأن ال يكون قصد الفضويل هو العمل لرب العمل‪،‬‬ ‫وأن ال يكون الفضويل ملتوم بالقيام بالعمل الذي به وجب رب العمل‪ ،3‬ولنظرية الفضالة إنتقادات على أساس أن فكرة الفضالة‬ ‫تفرتض أن يكون رب العمل جاهال بتدخل الفضويل‪ ،‬واحلال أن املفاوض يدخل يف املفاوضات يعلم من املفاوض اآلخر وزيادة‬ ‫على ذلك فإن الفضويل يتوىل القيام بعمل عاجل لرب العمل يف حني أن املفاوض ليس يف عجلة من أمرة بل أن عملية‬ ‫املفاوضات تستدعي الرتيث وعدم اإلسراع حىت تكون ناجحة أن الفضويل عندما يقوم بعمل لرب العمل تتجه نيته وقصده إىل أن‬ ‫يعمل ملصلحة رب العمل فقط بينما تتجه نية املتفاوض يف املفاوضات إىل حتقيق مصلحته اخلاصة يتعني أن نشري إىل أن نظرية‬ ‫الوكالة ونظرية الفضالة يتحدان يف اإلنابة‪ ،‬فالوكيل ينوب املوكل يف نظرية الوكالة مبوجب عقد الوكالة أما الفضويل فينوب رب العمل‬ ‫طواعية‪.4‬‬ ‫خامسا ‪ :‬نظرية فاجيال ‪ :‬وهي من أشهر النظريات عاجلت موضوع املسؤولية يف مرحلة املفاوضات بشكل مباشر و صريح يف‬ ‫الفقه اإليطايل و هي نظرية املسؤولية املوضوعية يف مرحلة املفاوضات ‪ ،‬اليت نادى هبا املستشار اإليطايل "جربيال فاجيال" و لقد‬ ‫ميو فاجيال بوضوح بني مرحلة التفاوض على العقد و مرحلة إبرام العقد‪ ،‬مع إبراز خصائص كل مرحلة و األثار القانونية اليت ترتب‬ ‫عليها و قد إستمد فاجيال هذه النظرية من نظرية العالمة اهرنج مع تفادي النقد املوجب عليه و يستند فاجيال يف نظريته على‬ ‫ثالث حماور أساسية هي مبثابة معطيات ينطلق منها فاجيال ليربهن على مصداقية نظريته و تتمثل هذه احملاور الثالثة يف تقسيم‬ ‫ثالثي ملراحل التعاقد‪ ،‬فهو يرى بأن الفرتة قبل العقدية ليست مكونة من مرحلة واحدة بل هي تنقسن اىل ثالثة مراحل متتابعة‬ ‫تتميو كل واحدة منها خبصائص معينة‪ ،5‬ويرى فاجيال بأن الفرتة قبل العقدية ليست عدمية األثر القانوين بل هلا قيمة قانونية‬ ‫‪ -1‬علي أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 400‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪ -2‬هنا ك تشريعات تستوجب أن يكون العدل ضروري وعاجل لكن املشرع اجلوائري مل يتناول هذا الشرط عكس الكثري من القوانني العربية‪.‬‬ ‫‪ -3‬على على سليمان‪ ،‬النظرية العامة لالتوام‪ ،‬مصادر االلتوام يف القانون املدين اجلوائري‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬ص‪.542‬‬ ‫‪-CHRISTOPHE Paulin. Promesse et preference.Rev.Tri.de droit commercial N.03.1998.p.515.‬‬ ‫‪ -5‬أنظر يف ذلك‪ :‬على أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 444‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪4‬‬


‫وترتتب عليها آثار معينة‪ ،‬مث يؤكد بأن كل طرف من األطراف املتفاوضة حيتفظ بكامل حريته يف العدول عن التعاقد طيلة‬ ‫الفرتة قبل العقدية مادام أن العقد املومع إبرامه مل بنعقد بعد‪ 1‬ويشرتط فاجيال بأنه يتعني التوفيق بني مبدأ حرية العدول واملسؤولية‬ ‫عن هذا العدول حبيث تنعقد املسؤولية يف كل مرحلة من هذه املراحل بدرجات متفاوتة‪ ،‬ويذهب إىل القول بأن الطرفني املتافوضني‬ ‫ميران بثالث مراحل هي على التوايل مرحلة املفاوضات التمهيدية ومرحلة صيازة اإلجياب وأخريا مرحلة تصدير إجياب وهلذه‬ ‫النظرية آثار قانونية و هي قسمني ‪:‬‬ ‫‪ .1‬آثار سلبية‪ :‬ويقصد فاجيال هبا بأن الطرفني املتفاوضني متمتعان باحلرية الكاملة طيلة املراحل الثالث قبل العقدية‬ ‫أي خيضعان إىل مبدأ سلطان اإلرادة و املتمثل يف احلق الكامل يف اإلنسحاب أو العدول عن املفاوضات‪ ،2‬وال يقيد‬ ‫هذه احلرية إال إقرتا إرادة تعاقدية أخرى هبا فعندئذ ال يعتد بعدول أي من اإلرادتني ألن العقد يكون قد إنعقد فعال‪،‬‬ ‫ودخل يف مرحلة التنفيذ فيتعني أن يتحقق له اإلستقرار القانوين ‪.3‬‬ ‫‪ .5‬آثار إيجابية ‪ :‬هي ختتلف حبسب املرحلة العقدية اليت يتواجد فيها األطراف حبيث تنعقد املسؤولية يف كل مرحلة من‬ ‫هذه املراحل بدرجات متفاوتة فإذا كنا يف مرحلة املفاوضات األولية أو التمهيدية فإن املسؤولية تقوم يف هذه املرحلة‬ ‫على اإلنسحاب التعسفي من املفاوضات أما إذا كان املتفاوض قد إستند يف إنسحابه إىل أسباب موضوعية تربر‬ ‫ذلك اإلنسحاب ‪،‬كأن يكون مثة تعارض يف املصاحل اإلقتصادية للطرفني فإن إنسحابه يكون عندئذ مشروعا ومن مث‬ ‫ال تقوم مسؤوليته وإذا كان أحد الطرفني قد إنسحب من املفاوضات اجلارية ألنه تلقى عروضا أخرى أكثر نفعا له‬ ‫من تلك اليت عرضها عليه الطرف الذي يتفاوض معه ‪،‬و كان هذا األخري قد رفض أن يقدم له نفس املوايا املطروحة‬ ‫عليه من الطرف األخر‪ ،‬فإن إنسحابه ال يكون تعسفي ذلك ألنه زلب على مصلحته اإلقتصادية و هذا أمر جائو‬ ‫و مشروع يف التعامل التجاري ‪،‬باإلضافة إىل ذلك يشرتط "فاجيال" أن تكون مثة قيمة مالية أهدرها اإلنسحاب من‬ ‫املفاوضات و تتمثل هذه القيمة املالية يف الدراسات األولية و األعمال التحضريية اليت متت أثناء املفاوضات‪ ،‬و على‬ ‫هذا األساس فالطرف املنسحب ال يسأل إال عن النفقات اليت متت بعد بدء املفاوضات أما النفقات اليت متت قبل‬ ‫بدء املفاوضات فال يسأل عنها‪ ،4‬أن املسؤولية عند "فاجيال" تنعقد عند وجود الرتاضي املتبادل الصريح أو الضمين‬ ‫على التفاوض أن أهم موايا نظرية فاجيال أهنا إعرتفت بشكل واضح بأن للمفاوضات قيمة قانونية حقيقية ال ميكن‬ ‫جتاهلها و أن املفاوضات ليست مشروع هويل و زري جدي أو جمرد أعمال مادية زري ملومة و إمنا هي واقعة قانونية‬ ‫حيميها القانون و يرتب عليها آثار إجيابية ‪،‬و هي قيام املسؤولية يف حالة اإلنسحاب التعسفي من املفاوضات و كما‬ ‫إعرتفت بوجود رضاء متبادل بني الطرفني بالدخول يف مفاوضات‪ ،‬وأنه ال يشرتط أن يكون ضمنيا‪، 5‬كما حددت‬ ‫‪ -1‬على أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.444‬‬ ‫‪ -2‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.425‬‬ ‫‪ -3‬نفس املرجع ص ‪.420‬‬

‫‪ -4‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.522‬‬ ‫‪ -5‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.524‬‬


‫هذه النظرية مضمون اإللتوام بالضمان يف مرحلة املفاوضات حيث يتمثل هذا اإللتوام يف عدم اإلنسحاب إال‬ ‫ألسباب إقتصادية ‪،‬كما نبذت نظرية فاجيال فكرة اخلطر العقدي أما أهم اإلنتقاد وجه هلا أهنا قد تبنت تقسيم‬ ‫ثالثي للفرتة قبل العقدية ال يتفق مع الواقع‪.1‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬طبيعة مسؤولية المفاوضات في عقود التجارة الدولية لدى الفقه المعاصر‬ ‫إن الفقه احلديث مل يفر يف هذا الصدد بني صورتني من صور املفاوضات فإذا كانت املفاوضات زري مصحوبة بعقد تفاوض‬ ‫فإن املسؤولية ال تكون يف هذه احلالة إال تقصريية أما إذا كانت املفاوضات مصحوبة بعقد تفاوض فإن املسؤولية يف هذه احلالة‬ ‫تكون مسؤولية عقدية ‪،‬و قد فرض هذا الواقع العملي اجلديد نفسه على الفقه يف القضاء املعاصرين حيث إعرتف كل منهما‬ ‫بالقيمة القانونية إلتفا التفاوض‪ ،‬و إعترباه عقدا حقيقيا كسائر العقود ينشئ على عاتق الطرفني إلتوامات حقيقية و يرتتب على‬ ‫اإلخالل هبا قيام املسؤولية‪ 2‬حيث يالحظ وجود نوعني من املفاوضات لدى الفقه احلديث وهي املفاوضات الغري املصحوبة بعقد‬ ‫تفاوض واملفاوضات املصحوبة بعقد تفاوض ‪.‬‬ ‫أ‪-‬المفاوضات الغير مصحوبة بعقد تفاوض‪ :‬يقصد هبا تلك اليت جتري بني الطرفني املتفاوضني دون أن يكون بينهما إتفا‬ ‫صريح ينظمها‪ ،‬حيث يقوم الطرفان بالدخول يف املفاوضات مباشرة دون وضع تنظيم إتفاقي ينظم عملية املفاوضات‪ ،3‬هنا‬ ‫بالضبط تكمن املشكلة احلقيقية حمل الدراسة‪ ،‬حيث ال يوجد نص قانوين ينظم العالقة بني الطرفني املتفاوضني زيادة على عدم‬ ‫وجود عقد تفاوض ينظم عملية املفاوضات‪ ،‬هلذا يثري التساؤل عن القيمة احلقيقية ملثل هذه املفاوضات املفتوحة فهل تفلت هذه‬ ‫املفاوضات من رقابة القانون؟ وهل يكون الطرفان فيها مبنأى عن أية مسؤولية؟ أي نوع من املسؤولية؟ هلى هي عقدية أم‬ ‫تقصريية؟ وهنا جاءت أراء الفقه احلديث املختلفة حول موضوع املسؤولية بصفة عامة لدى الفقه ولقضاء احلديث‪.‬‬ ‫أوال ‪ -‬القضاء الفرنسي ‪ :‬ال يوجد يف القانون املدين الفرنسي أي نص خاص حيكم مرحلة املفاوضات و القضاء الفرنسيني‬ ‫يعتربان أن املفاوضات الغري مصحوبة بعقد صريح على التفاوض هي جمرد عمل مادي زري ملوم فمجرد الدخول يف مفاوضات ال‬ ‫ينشئ على عاتق الطرفيني املتفاوضيني أي إلتوام قانوين طاملا أن العقد مل ينعقد بعد‪ 4‬و لكل طرف مطلق احلرية يف الدخول يف‬ ‫مفاوضات أو اإلنسحاب منها يف الوقت الذي يشاء و ال يعترب العدول و قطع املفاوضات يف القانون الفرنسي خطأ يف حد ذاته‬ ‫‪ ،‬ففي هذه احلالة تنعقد مسؤولية املتفاوض طبقا لقواعد املسؤولية التقصريية إذا توافرت شروطها حسب نص املادة ‪ 1045‬و‬ ‫‪ 1040‬من القانون املدين الفرنسي و ليس طبقا لقواعد املسؤولية العقدية‪5‬و من التطبيقات القضائية يف جمال املفاوضات زري‬ ‫‪ -1‬علي أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.440‬‬

‫‪ -2‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.541‬‬ ‫‪ - 3‬أميه حسن علوان‪ ،‬مالحظات حول القانون الواجب التطبيق على املسوؤلية قبل التعاقدية عن قطع املفاوضات يف العقود الدولية‪ ،‬حبث مقدم لندوة املنظمة التعاقدية للقانون‬ ‫املدين ومقتضيات التجارة الدولية ـ معهد قانون األعمال الدوىل‪ ،‬كلية احلقو ‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،‬باإلشرتا ك مع القسم العلمي والفين للبعثة الثقافية التابعة لسفارة فرنسا ونقابة حمامي‬ ‫باريس ـ ‪ 0/5‬جانفي ‪.1220‬‬

‫‪ -4‬أميه حسن علوان‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.54‬‬ ‫‪ -5‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.542‬‬


‫املصحوبة بعقد تفاوض و اليت يرتتب عليها حتمل املسؤولية التقصريية ما قضت به حمكمة "ران" الفرنسية يف ‪ 1252/02/04‬و‬ ‫يف قضية أخرى فصلت فيها حمكمة النقض الفرنسية يف ‪ 1225/00/50‬وهلذا فإن املسؤولية يف مرحلة املفاوضات زري املصحوبة‬ ‫بإتفا صريح على التفاوض ال تكون إال تقصريية فقواعد املسؤولية التقصريية الواردة يف املادتني ‪ 1045‬و ‪ 1040‬من القانون‬ ‫املدين الفرنسي هي وحدها الواجبة التطبيق على املسؤولية قبل العقدية على قطع هذه املفاوضات‪ ،1‬و الواقع أن هذا احلل يضرب‬ ‫أيضا جبذوره يف املاضي فقد أخذت به حمكمة إستئناف باريس يف حكم قدمي صدر يف ‪ 10‬فرباير ‪ 1220‬قضت فيه بأن‬ ‫<<وعد اخلداع بالرضاء بالعقد ميكن أن يشكل خطأ تقصرييا دون أن يلوم الواعد عقديا>>‪، 2‬حيث يتضح من ذلك بأن‬ ‫الفقه و القضاء الفرنسي مل يأخذ بنظرية اخلطأ عند إبرام العقد حبجة أن هذا اإلتفا الضمين هو جمرد وهم ‪ ،‬و هلذا فإن املسؤولية‬ ‫يف مرحلة املفاوضات زري املصحوبة بعقد تفاوض ال تكون إال تقصريية وحتكمها قواعد املسؤولية التقصريية وفقا ألحكام املادتني‬ ‫‪ 1045‬و ‪ 1040‬من القانون املدين الفرنسي فهي وحدها واجبة التطبيق على املسؤولية قبل العقدية عن قطع املفاوضات‪. 3‬‬ ‫ثانيا ‪ -‬موقف القضاء األلماني ‪:‬مل يتظم القانون املدين األملاين نصا عام ينظم املسؤولية قبل العقدية و إمنا إكتفى بالنص‬ ‫على بعض تطبيقات هذه املسؤولية يف املواد ‪ 155‬و‪ 142‬و‪ 004‬تركني للفقه و القضاء مهمة إجياد احللول املناسبة للحاالت‬ ‫زري املنصوص عليها ولقد تأثر الفقه والقضاء يف أملانيا بنظرية اخلطأ عند إبرام العقد حىت أصبح من املقبول لديهما أنه‬ ‫مبجردالدخول يف التفاوض من أجل إبرام العقد تنشأ بني الطرفني عالقة قانونية خاصة تلومهما مبراعاة احلرص واألمانة وحسن النية‬ ‫يف التفاوض‪ ،‬ويرتتب اإلخالل هبذه اإللتوامات قيام املسؤولية قبل العقدية ويكمن أساس هذه املسؤولية وفقا ملا إنتهت إليه احملكمة‬ ‫العليا األملانية يف الثقة املتبادلة بني الطرفني ويسلم الفقه والقضاء األملانيان‪ ،‬بأن هذه املسؤولية قبل العقدية ليست مسؤولية تقصريية‬ ‫وإمنا هو نوع خاص من املسؤولية القانونية أو هي باألحرى مسؤولية شبه عقدية‪ 4‬تنطبق عليها قواعد املسؤولية العقدية ويشرتط‬ ‫لقيام املسؤولية قبل العقدية يف القانون األملاين توافر أربعة شروط‪ 5‬ومبقتضى هذه املسؤولية يلتوم الطرف املسؤول بتعويض‪.‬‬ ‫ثالثا‪ -‬موقف القضاء السويسري ‪ :‬مل ينظم قانون اإللتوامات السويسري بدوره املسؤولية قبل العقدية تاركا بذلك اإلجتهاد‬ ‫للفقه والقضاء وقد اختلف الفقه السويسري حول الطبيعة القانونية للمسؤولية يف مرحلة التفاوض فذهب فريق من الفقهاء إىل‬ ‫اعتبار هذه املسؤولية مسؤولية تقصريية‪ 6‬ينطبق عليها حكم املادة ‪ 41‬من قانون الإللتوامات السويسري‪ ،‬وذلك ألن املفاوضات‬ ‫التمهيدية هي جمرد أعمال مادية وأن ما خيضع له الطرفان أثناء هذه املرحلة هو جمرد واجبات عامة وليس إلتوامات باملعىن الصحيح‬ ‫‪ -1‬علي أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.420‬‬

‫‪ -2‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.544‬‬

‫‪ -3‬علي أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.420 – 425‬‬ ‫‪ - 4‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.542 – 544‬‬ ‫‪ -5‬وهذه الشروط هي‪:‬‬ ‫‪ -‬أن توجد بني الطرفني عالقة التوام‪.‬‬

‫ أن يكون الطرف املسؤول قد أخل بأحد اإللتوامات الناشئة عن هذه العالقة قبل العقدية م ‪ 545‬القانون املذين األملاين‪.‬‬‫ أن يعوو اإلخالل باإللتوام قبل العقدية إىل اخلطأ العمدي أو اإلمهال من جانب الطرف املسؤول أو أحد تابعيه‪.‬‬‫ أن يرتتب عن هذا اإلخالل أحلا ضرر بالطرف األخر‪.‬‬‫‪ -6‬يعد الفقه ‪ P.PIOTET‬من أشد أنصار الطبيعة التقصريية للمسؤولية يف مرحلة التفاوض يف الفقه السويسري‪.‬‬


‫و لكن الرأي الراجح يف الفقه السوسري يذهب إىل إعتبار املسؤولية يف مرحلة التفاوض مسؤولية شبه عقدية‪ 1‬تنطبق عليها قواعد‬ ‫املسؤولية العقدية الواردة يف املادة ‪ 24‬من قانون اإللتوامات السويسري‪ ،‬وذلك إلن الواجبات قبل العقدية هي يف احلقيقة إلتومات‬ ‫قانونية يعد اإلخالل هبا خطأ يقيم املسؤولية شبه العقدية‪ ،‬وقد إستقر القضاء السويسري على إعتبار املسؤولية يف مرحلة‬ ‫املفاوضات مسؤولية شبه عقدية وطبق عليها قواعد املسؤولية العقدية فبعد تردد من احملكمة الفيدرالية يف هذا اخلصوص إنتهت إىل‬ ‫األخذ بفكرة اخلطأ املفرتض يف إطار هذه املسؤولية و هي الفكرة املعمول هبا يف جمال املسؤولية العقدية طبقا للفقرة األوىل من‬ ‫املادة ‪ 24‬من قانون اإللتوامات السويسري‪ ،‬مفاده أن املتفاوض املضرور ال يكون ملتوما بإثبات اخلطأ يف جانب املتفاوض‬ ‫املسؤول‪ ،‬وإمنا يكون هذا اخلطأ مفرتضا ويقع على عاتق املتفاوض املسؤول عبء إثبات إنتفاء اخلطأ‪ ،‬كما أن هذه احملكمة تطبق‬ ‫عادة املادة ‪ 1/101‬من قانون اإللتوامات السوسري املتعلقة باملسؤولية العقدية عن فعل الغري‪ ،‬الذي يستعني به صاحب الشأن يف‬ ‫التفاوض تأخذ بالتقادم السنوي املنصوص عليه يف املادة ‪ 40‬من قانون اإللتوامات السوسري واخلاص باملسؤولية التقصريية وال‬ ‫تأخذ بالتقادم العشري املنصوص عليه يف املادة ‪ 154‬من قانون اإللتوامات السويسري ‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬الوضع في القانون األنجلو أمريكي‪ :‬يعترب بأن العقد ينتج عن مفاوضات بني أطراف متكافئة‪ ،‬وأن إبرام العقد يكون‬ ‫حصيلة أخذ وعطاء يف عملية املفاوضات‪ ،‬ويتعني على كل طرف احلرص واإلهتمام مبصاحله اخلاصة لذلك ال يفرض القانون‬ ‫األمريكي قيودا أو إلتوامات على عاتق األطراف املتفاوضة ويرت ك هلم احلرية الكاملة يف التفاوض حىت ال حيتم الناس عن الدخول يف‬ ‫مفاوضات‪ ،‬ويصعب التعامل بني األشخاص األمر الذي يلحق الضرر اجلسيم بالتجارة واملعامالت التجارية الدولية على هذا‬ ‫األساس فإن املفاوضات يف القانون األمريكي تقوم على اإلحتمال واملخاطرة‪ ،2‬وينص القانون األمريكي على اإللتوام مبراعاة مبدأ‬ ‫حسن النية يف تنفيذ العقد وهو ما تشري إليه املادة ‪ 502‬من قانون العقود للواليات األمريكية بقوهلا << يلتوم كل طرف يف‬ ‫العقد بالتصرف حبسن نية وأمانة عند تنفيذه >> كما تنص املادة ‪ 1/1000‬من قانون التجارة املوحدة على أن << العقود‬ ‫اليت ينطبق عليها هذا القانون جيب تنفيذها حبسن نية >>‪، 3‬ويرفض فقهاء القانون األجنليوي إسباغ الطابع العقدي على‬ ‫اإلتفاقات والعقود التمهيدية اليت حتدث خالل مرحلة التفاوض من أجل ذلك ال يعرف القانون اإلجنليوي بعقد التفاوض‪ ،4‬زري أن‬ ‫القضاء االجنليوي كما هو احلال يف القضاء األمريكي بدأ يرتب املسؤولية التقصريية على املفاوضات يف بعض احلاالت اخلاصة ‪.‬‬ ‫خامسا‪ :‬موقف القانون اإليطالي‪ :‬يتفق القانون اإليطايل مع اإلجتاه التقليدي يف موقفه من املفاوضات العقدية زري املصحوبة‬ ‫بإتفا تفاوض حيث يعترب هذه املفاوضات جمرد أعمال مادية زري ملومة فيجوز ألي من الطرفني قطع هذه املفاوضات يف أي‬ ‫وقت دون أن يتعرض ألية مسؤولية زري أن القانون املدين اإليطايل يتميو بكونه يتضمن نصا خاصا يلقي على عاتق الطرفني إلتواما‬ ‫بالتفاوض حبسن نية وهو ما نصت عليه املادة ‪ << 1002‬يلتوم الطرفان بإجراء و إبرام العقد حبسن نية >>‪ 5‬وبذلك أزال‬ ‫‪ -1‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.542‬‬

‫‪ -2‬علي أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.424 – 420‬‬ ‫‪ -3‬أمحد عبد الكرمي سالمة‪ ،‬قانون العقد الدويل‪ ،‬ص ‪. 20‬‬ ‫‪ -4‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.520‬‬ ‫‪ -5‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.521‬‬


‫املشرع اإليطايل أي شك يف وجود هذا اإللتوام يف مرحلة املفاوضة إال أن ذلك ال يعين أن املسؤولية قبل العقدية قد أصبحت‬ ‫مسؤولية عقدية أو شبه عقدية يف القانون اإليطايل وإمنا تضل هذه املسؤولية تقصريية وهذا ما أكدته حمكمة النقض اإليطالية‬ ‫صراح ا‪. 1‬‬ ‫سادسا‪ :‬الوضع في القانون المصري والجزائري ‪ :‬ال يوجد يف القانون املصري أي نص حيكم مرحلة املفاوضات قبل العقدية‬ ‫تار ك للفقه والقضاء مهمة البحث إلجياد حلول مناسبة يف ضوء القواعد العامة والفقه املصري‪ 2‬إستقر رأيه على أن املفاوضات‬ ‫زري املصحوبة بعقد التفاوض ليست إال عمال ماديا وال يرتتب عليها أي أثر قانوين فكل متفاوض حر يف الدخول يف املفاوضات‬ ‫أو اإلنسحاب م نها دون أن يتعرض ألية مسؤولية وهذا تطبيقا ملبدأ حرية التعاقد والعدول يف حد ذاته ال يصلح بذاته سببا لقيام‬ ‫املسؤولية لكن إذا إقرتن العدول أو اإلنسحاب من املفاوضات خبطأ أحلق الضرر بالطرف األخر فهنا تقوم املسؤولية على من‬ ‫إنسحب أو عدل وهي مسؤولية تقصريية‪ 3‬ويعترب خطأ يستوجب قيام املسؤولية التقصريية اجلادة يف التعاقد أو حني يكون سيئ‬ ‫النية ومن مث منحرفا عن سلو ك الرجل العادي فحرية التعاقد كما عرب البعض‪ ،4‬هي املبدأ األساسي هذا ما أخذ به القضاء املصري‬ ‫فقد قضت حمكمة النقض املصرية بأن املفاوضات ليست إال عمال ماديا ال يرتتب عليها أي أثر قانوين‪ ،‬وأهم حكم صدر يف‬ ‫حمكمة النقض املصرية يف شأن التفاوض هو احلكم الصادر يف ‪ ،51244/01/52‬حيث من خالل هذا احلكم يتضح بأن‬ ‫املفاوضات زري املصحوبة بإتفا تفاوض بني الطرفني تعترب يف القانون املصري جمرد عمل مادي ومن مث فال حمل للمسؤولية العقدية‬ ‫يف إطار هذه املفاوضات وذلك إلنتفاء العالقة العقدية بني الطرفني املتفاوضني‪ ،6‬أما يف اجلوائر فلم يتضمن القانون املدين‬ ‫اجلوائري‪،‬ومل يهتم املشرع اجلوائري هبذه املرحلة مثل إهتمامه باملراحل التالية على إبرام العقد إذ جند أن كل نصوص القانون املدين‬ ‫اجلوائري نصبت على تنفيذ كل طرف يف العقد لإلتواماته التعاقدية‪ ،‬وكذا املسؤولية املتربتة على اإلخالل هبذه اإللتوامات فقد نصت‬ ‫املادة ‪ 102‬من ‪.‬م‪.‬ج على أنه << جيب تنفيذ العقد طبقا ملا إشتمل عليه وحبسن نية >>هذا اإلجتاه من جانب املشرع‬ ‫اجلوائري‪ ،‬أثر بدوره يف اإلجتاه الفقهي الذي ركو هو األخر على مراحل تنفيذ العقد وإهنائه‪ ،‬أكثر من تركيوه على املرحلة السابقة‬ ‫على إبرام العقد ويتضح ذلك من خالل اإلطالع على العديد من الدراسات القانونية املتعلقة بنظرية العقد‪ ،‬إذ جند أن هذه‬ ‫الدراسات هتتم بدراسة اجلوانب واآلثار القانونية اليت تثريها املرحلة التالية على إبرام العقد‪ ،7‬إن الفقه اجلوائري زالبا ما مير سريعا‬ ‫أمام مرحلة املفاوضات والسبب يف ذلك يعود إىل ندرة وقلة ما تثريه هذه املرحلة من منازعات أمام القضاء اجلوائري ولعل ذلك‬ ‫راجع إىل سيطرة التصور التقليدي إلبرام العقد‪ ،‬لكن هذا التصور البسيط‪ ،‬أصبح ال يتناسب مع العقود التجارية الدولية والعقود‬ ‫احلديثة‪ ،‬الىت أسفرت عنها أعمال التجارة الدولية ووسائل التسويق احلديثة‪ ،‬فقد تطورت وسائل النقل واإلتصاالت وطرأ على العامل‬ ‫‪ -1‬أميه حسن علوان‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.52‬‬

‫‪ -2‬عبد الرزا الشهوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪504‬‬ ‫‪ -3‬رجب كرمي عبد اهلل ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪522‬‬

‫‪ -4‬علي امحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪424‬‬ ‫‪ -5‬أنظر تفاصيل القضية ‪ -‬على أمحد صاحل‪ ، -‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.424‬‬ ‫‪ -6‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.522‬‬ ‫‪ -7‬أمحد عبد الكرمي سالمة‪ ،‬قانون العقد الدويل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.21‬‬


‫تطورات إقتصادية وتكنولوجية هائلة‪ ،‬حيث أصبحت العقود احلديثة‪ ،‬تنطوي على خماطر كبرية ويغلب عليها التعقيد‪ ،‬وترتتب‬ ‫عليها إنتقال سلع وبضائع عرب احلدود تقدر مبليارات الدوالرات وأصبحت األفكار التقليدية للتفاوض‪ ،‬زري كافية إلهناء الصفقات‬ ‫احلديثة بإجياب وقبول فوريني وبات من الضروري‪ ،‬أن يسبق إبرام العقد مرحلة طويلة من املفاوضات الشاقة الصعبة من أجل‬ ‫اإلعداد والتحضري للعقد املوعم إبرامه يف ظل هذه املتغريات اجلديدة تولدت مشروعات عمالقة يف جمال الصناعة والتجارة‪ ،‬السيما‬ ‫بعد توقيع إتفاقية اجلات (جولة أرجواي عام ‪ ) 1224‬وتكوين الشركات املتعددة اجلنسيات من أجل ذلك كله‪ ،‬كان على املشرع‬ ‫اجلوائري أن يأخذ بعيني اإلعتبار مرحلة املفاوضات يف العقود فيعطيها اإلهتمام الذي يليق هبا وذلك من خالل وضع نصوص‬ ‫قانونية للمتفاوضني‪ ،‬ويبني فيها ماهي اإللتوامات اليت تقع على عاتق كل متفاوض يف مرحلة املفاوضات قبل العقدية ومن خالل‬ ‫ما سبق ذكره يتضح بأن املفاوضات زري املصحوبة بعقد تفاوض يف القانون املدين اجلوائري‪ ،‬تعد عمال ماديا ال يرتتب عليها أي‬ ‫آثر قانوين فكل مفاوض حريف الدخول يف املفاوضات أو اإلنسحاب منها يف الوقت الذي يريد إال إذا إقرتنت عملية من‬ ‫املفاوضات‪ ،‬خبطأ مستقل عن اإلنسحاب يف حد ذاته نتج عن ذلك اخلطأ ضررا بالطرف اآلخر فهنا نكون بصدد املسؤولية‬ ‫التقصريية إذ توافرت شروطها ‪.‬‬ ‫ب‪ -‬المفاوضات المصحوبة بعقد تفاوض‪ :‬يقصد بالفاوضات املصحوبة بعقد تفاوض تلك املفاوضات اليت تتم بناء على‬ ‫عقد تفاوض صريح وذلك بأن يتفق الطرفان قبل الدخول يف املفاوضات على التفاوض من أجل إبرام عقد معني‪ ،‬ويتضمن هذا‬ ‫العقد أو اإلتفا تنظيم العالقة بني الطرفني أثناء مرحلة املفاوضات وقد إزدادت هذه الصورة من املفاوضات يف العصر احلديث‬ ‫السيما يف املفاوضات على الصفقات اهلامة وذلك من أجل التوفيق على عامل حرية املفاوضات والذي يستوجب أن حيتفظ كل‬ ‫متفاوض بكامل حريته طيلة مرحلة املفاوضات وبني عامل أمن املفاوضات‪ ،‬والذي يستدعي أن يشعر املتفاوض باألمان والطمأنينة‬ ‫أثناء عملية املفاوضات‪ 1‬وحيرص الطرفان على أن يتم تفاوضهما بناء على عقد تفاوض ليحكم العالقة التفاوضية بينهما حبيث إذا‬ ‫ما أخل أحد املتفاوضني بإلتواماته الناشئة عن عقد التفاوض فإنه يكون مسؤوال مسؤولية عقدية‪ ،‬فإذا كانت املفاوضات مصحوبة‬ ‫بعقد تفاوض فإهنا تتحول من جمرد عمل مادي ملوم إىل تصرف قانوين ملوم وتتغري املسؤولية بشأهنا من مسؤولية تقصريية إىل‬ ‫مسؤولية عقدية‪ ،‬ويف مايلي سندرس موقف الفقه والقضاء املعاصرين من املفاوضات اليت تكون مصحوبة بعقد تفاوض لنرى‬ ‫موقف كل قانون من هذه املسألة ‪.2‬‬ ‫أوال‪ :‬موقف القانون الفرنسي‪ :‬مل يرتدد الفقه والقضاء‪ 3‬يف فرنسا يف اإلعرتاف بعقد التفاوض وإعترباه إتفاقا حقيقيا ينشئ‬ ‫على عاتق الطرفني إلتومات حقيقية يستوجب اإلخالل هبا قيام املسؤولية العقدية ذلك أن القانون الفرنسي يأخد مببدأ الرضائية يف‬ ‫العقود حبيث ينعقد العقد بأي إتفا مىت م الرضاء به ويف عقد التفاوض م رضى الطرفان به‪ ،‬فيعترب هذا اإلتفا إتفاقا صحيحا‪،‬‬ ‫لقد لعب القضاء الفرنسي دورا هاما يف إرساء فكرة عقد التفاوض‪ ،‬حيث إعرتف يف أكثر من حكم بوجود عقد بني الطرفني على‬ ‫‪ -1‬على أمحد صاحل ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.214‬‬

‫‪ -2‬نفس املرجع ص ‪. 212‬‬ ‫‪ -3‬رجب كرمي عبد اهلل ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.541‬‬


‫التفاوض ورتب املسؤولية العقدية على من أخل بإلتوماته يف هذا العقد رزم كون هذا العقد يف بعض األحيان يكون عقدا ضمنيا‬

‫‪1‬‬

‫أن القضاء الفرنسي ال يعتد يف تكييفه للوقائع والتصرفات حمل النواع بتكييف اخلصم هلا‪ ،‬لذلك يستطيع القاضي أن خيلع على‬ ‫العالقة القائمة بني الطرفني تسمية ختالف تلك اليت حيبذها األطراف‪ ،‬ويستطيع أيضا أن يقضي بوجود عقد تفاوض بني الطرفني‬ ‫بالرزم من عدم تعبريمها عن هذا العقد صراحة وميكنه أيضا أن يصرح بوجود عقد ينكران الطرفان وجوده صراحة أو يصران على‬ ‫إبقائه خارج اإلطار القانوين كما هو احلال يف اإلتفا الشريف أو األديب‪ ،2‬والحرج على القاضي يف إعرتافه بوجود عقد التفاوض‬ ‫كلما توافرت الشروط الالزمة قانونا لوجوده‪ ،‬فال معىن لتعطيل األحكام حبجة أن الطرفني ينكران وجود العقد هتربا من تطبيق‬ ‫القانون مع العلم بأن القاضي خيضع يف تقديره لرقابة احملكمة العليا‪ 3‬ويقع على القاضي إستخالص هذا العقد إما من خالل‬ ‫الوثائق واملستندات املتبادلة بني الطرفني وأما من خالل وقائع القضية نفسها ‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬موقف القانون األنجلوأمريكي‪ :‬يتخذ القانون األجنلوأمريكي موقفا مغايرا ملوقف القانون الفرنسي خبصوص عقد‬ ‫التفاوض ذلك أن القانون األجنليوي واألمريكي هلما مفهوم خاص للعقد خيتلف عن مفهوم العقد يف القانون الفرنسي‪ ،4‬فإذا كان‬ ‫يكفى إلنعقاد العقد يف القانون الفرنسي جمرد تبادل إجياب وقبول متطابقني فإن القانون األجنليوي يشرتط زيادة على ذلك شرطا‬ ‫ثالثا لقيام العقد أال وهو شرط املقابل املادي ففي القانون األجنليوي ليس كل إتفا لإلرادتني يعترب عقدا وإمنا يتعني أن يستند‬ ‫هذا اإلتفا على مقابل مادي لكي يعترب عقدا ملوما من الناحية القانونية‪ ،‬فإذا مل يتلقى الشخص مقابل ماديا يف يده حني‬ ‫تعهده فال ميكن احلديث عن عقد لذلك فإن العقد الذي يعتد به القانون اإلجنليوي هو العقد الذي حيقق للمجتمع فائدة‬ ‫إقتصادية وعلى هذا األساس جاء شرط املقابل املادي ليضع معيارا موضوعيا يتم التمييو به بني العقد امللوم‪ ،‬والعقد زري امللوم يف‬ ‫القانون اإلجنليوي‪ 5‬نتيجة لتلك الفلسفة السائدة يف القانون اإلجنليوي عن مفهوم العقد فإن هذا القانون ال يعرتف بعقد التفاوض‬ ‫فليس هلذا العقد أي صفة ملومة وال يعترب عقدا ملوما يف القانون اإلجنليوي ذلك أن عقد التفاوض هو جمرد تعهد ال يستند إىل‬ ‫مقابل مادي وعقد التفاوض بالنسبة للقانون اإلجنليوي زري واضح املعامل حبيث يصعب على احملكمة تقدير التعويض الناتج عن‬ ‫خمالفة عقد التفاوض لذلك فاحملاكم اإلجنليوية ال تعرتف بعقد التفاوض وال ترتب عليه أية مسؤولية قانونية‪ ،‬وإذا أخل أحد الطرفني‬ ‫هبذا العقد فال تكون هنا ك مسؤولية عقدية فالقاعدة يف القانون اإلجنليوي أن لكل متفاوض أن يسعى لوحده إىل حتقيق مصاحله‬ ‫اخلاصة على النحو الذي حيقق أهدافه زري أن احملاكم اإلجنليوية بدأت تتجه حديثا إىل اإلعرتاف بعقد التفاوض وترتب عليه بعض‬ ‫اآلثار القانونية خاصة إذا م التعبري عن عقد التفاوض صراحة يف شكل رسالة نية‪ ،6‬نفس املوقف جنده يف القانون األمريكي فهذا‬ ‫األخري يرفض اإلعرتاف بعقد التفاوض وال يرتب على اإلخالل به أي جواء قانوين وذلك لعدم القدرة على حتديد نطا اإللتوام‬ ‫بالتفاوض الناشئ عنه فضال عن عدم وجود عنصر املقابل املادي يف العقد لكن احملاكم األمريكية بدأت تتجه حديثا إىل اإلعرتاف‬ ‫‪ -1‬على أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.214‬‬ ‫‪ -2‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.000‬‬

‫‪ -3‬على أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.212‬‬ ‫‪ -4‬رجب كرمي عبد اهلل ‪ ,‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪. 540‬‬ ‫‪ -5‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.540‬‬ ‫‪ -6‬على أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 252‬‬


‫بعقد التفاوض شأهنا من ذلك شأن احملاكم اإلجنليوية وترتب املسؤولية عن اإلخالل بعقد التفاوض خاصة إذا كان التعبري عن عقد‬ ‫التفاوض جاء صرحيا يف شكل رسالة نية وهو ما ظهر جليا يف قضية تكساسو الشهرية‪.1‬‬ ‫ثالثا‪ :‬موقف القانون المصري والجزائري ‪ :‬مل يتضمن القانون املصري كما هو احلال يف القانون اجلوائري أي نص خاص‬ ‫حيكم مرحلة املفاوضات‪ ،‬تاركا للفقه والقضاء مهمة التصدي واإلجتهاد الجياد حلول مناسبة يف ضوء القواعد العامة يف مصر فإن‬ ‫حمكمة النقض املصرية أكدت بعبارات واضحة ال حتتمل التأويل بأن املفاوضات تعترب عمال ماديا ال يرتتب عليها أي أثر قانوين‬ ‫حيث قضت بأن<<املفاوضات ليست إال عمال ماديا ال يرتتب عليها بذاهتا أي أثر قانوين فكل متفاوض حر يف اإلنسحاب‬ ‫من املفاوضات يف الوقت الذي يريد دون أن يتعرض ألي مسؤولية>>‪ ،2‬أما الفقه املصري احلديث فهو يعرتف بعقد التفاوض‬ ‫خاصة الصريح منه ويعترب أن عقد التفاوض ينشئ على عاتق الطرفني إلتواما عقديا بالتفاوض و يستوجب تنفيذه بطريقة مع ما‬ ‫يوجبه حسن النية طبقا ألحكام نص املادة ‪ 1/144‬من القانون املدين املصري‪.3‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬األساس القانوني لمسؤولية الناتجه عن تفاوض في عقود التجارة الدولية والقانون الواجب التطبيق‬

‫إن حتديد املسؤولية الناجتة على مرحلة التفاوض يف عقود التجارة الدولية أمرا يستوجب معاجلة أساس املسؤولية يف حالة‬ ‫اإلخالل باتفا التفاوض ونشوء املسؤولية العقدية من جهة والتقصريية من جهة أخرى‪(.‬املطلب األول) لننتقل بعدها (للمطلب‬ ‫الثاين) وإرساء الطبيعة القانونية للمسؤولية من خالل دراسة آثار املسؤولية املدنية والقانون الواجب التطبيق ‪.‬‬ ‫المطلب األول ‪ :‬أساس المسؤولية في مرحلة المفاوضات‬ ‫تلعب املسؤولية املدنية دورا إجيابيا وفعاال يف مرحلة التفاوض على العقد حيث أهنا تساهم بشكل كبري يف حتقيق األمن‬ ‫والطمأنينة لألطراف املتفاوضة‪ ،‬فمن املسلم به أن لكل متفاوض مطلق احلرية يف قطع املفاوضات والعدول عن التعاقد مىت شاء ال‬ ‫حيركه يف ذلك سوء مصلحته اخلاصة زري أن هذه احلرية على إطالقها تتعارض مع حاجة الطرفني امللحة إىل الشعور باألمان يف‬ ‫التفاوض‪ ،‬من هنا كان البد من تدخل قواعد املسؤولية املدنية للتوفيق بني متطلبات التفاوض املتعارضة‪ ،‬فإذاكانت حرية التفاوض‬ ‫مطلبا أساسيا لكل متفاوض فإن هذه احلرية جيب أن تقف عند احلد الذي ال يصاب فيه الطرف األخر بأي ضرر حبيث ينعم‬ ‫الطرفان باحلرية واآلمان يف آن واحد‪ ،‬وال شك أن هذه القواعد تكفل للمتفاوض محاية قانونية فعالة إذ أهنا تضمن له تعويضا‬ ‫عادال إذا ما حلقه ضرر من جراء إخالل املتفاوض األخر بإلتواماته‪ ،‬وبذلك يتحقق له األمن الذي ينشده فإذا ما أخل أحد‬ ‫الطرفني بإلتواماته الناشئة عن هذا اإلتفا ‪ ،‬وهي اإللتوام بالتفاوض حبسن نية وما يتفرع عنه من إلتوامات فإنه يكون مسؤول‬ ‫مسؤولية عقدية زري أن ذلك ال مينع من قيام املسؤولية التقصريية يف مرحلة التفاوض إىل جانب املسؤولية العقدية وذلك إذا ما كان‬ ‫إخالل املتفاوض بإلتوامه العقدي الناشئ عن إتفا التفاوض بشكل خطأ عقدي ا وخطأ تقصريي ا يف آن وحد‪ ،‬وهو ما حيدث بوجه‬ ‫‪ -1‬على أمحد صاحل ‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪254.‬‬

‫‪ -2‬رجب كرمي عبد اهلل ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.522‬‬ ‫‪ -3‬على أمحد صاحل ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.252‬‬


‫خاص عندما يكون هذا اإلخالل جرمية أو يبلغ حد الغش أو اخلطأ اجلسيم‪ ،‬وعلى ذلك قسمنا هذا املطلب إىل فرعني لنتناول يف‬ ‫(الفرع األول) املسؤولية العقدية عن اإلخالل بإتفا التفاوض و نتكلم يف (الفرع الثاين ) عن املسؤولية التقصريية يف مرحلة‬ ‫التفاوض‪. 1‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬المسؤولية العقدية عن اإلخالل بإتفاق التفاوض‬ ‫وفقا للقواعد العامة تقوم املسؤولية العقدية عن اإلخالل بعقد التفاوض‪ 2‬عند توافر عقد صحيح بني املسؤول و املضرور فإذا مل‬ ‫يوجد هذا العقد فال وجود هلذه املسؤولية‪ ، 3‬وتقوم املسؤولية العقدية مبناسبة اخلطأ الواقع بعد إبرام العقد شريطة أن يظل العقد‬ ‫صحيحا نافذا وأن ينشأ الضرر بسبب اإلخالل بإلتوام عقدي حيث يشرتط لقيام املسؤولية العقدية عن اإلخالل بعقد التفاوض‬ ‫توافر ثالثة شروط وهي اخلطأ العقدي والضرر والعالقة السببية بني اخلطأ والضرر‪ ، 4‬من هنا يتضح أن اخلطأ العقدي يتمثل يف‬ ‫مرحلة املفاوضات يف عدم تنفيذ املتفاوض لإلتواماته التعاقدية الناشئة عن عقد التفاوض فقد يتوافر اخلطأ العقدي منذ اللحظة‬ ‫األوىل لبدء املفاوضات‪ ،‬واخلطأ العقدي ميكن أن يتوفر أثناء التفاوض وقد يتوافر يف حلظة العدول أو اإلنسحاب من املفاوضات‬ ‫مثل اإلنسحاب يف حلظة أوشكت فيها املفاوضات على اإلنتهاء أو بعد حتديد موعد للتوقيع على العقد النهائي الذي م التوصل‬ ‫إليه‪ ،‬و تتعد صور اخلطأ العقدي يف مرحلة التفاوض ولعل أهم هذه الصور وأكثرها إنتشارا وشيوعا‪:5‬‬ ‫‪ -1‬رفض الدخول في مفاوضات ‪ :‬حيث جند بأن اإللتوام بالتفاوض يعترب هو أهم إلتوام ناتج عن عقد التفاوض‬ ‫فاملفاوضات ملومة يأتيها اإللتوام من اإلرتباط التعاقدي بني الطرفني و هو إرتباط ال يستطيع أي من الطرفني املتفاوضني التملص‬ ‫منه أو أن يفك نفسه منه دون موافقة الطرف اآلخر وذلك تطبيقا لقاعدة "العقد شريعة املتعاقدين‪. "6‬‬ ‫فإذا رفض أحد الطرفني الدخول يف مفاوضات إعترب خمال بإلتوامه التعاقدي بالتفاوض‪ ،‬ومن هنا تنشأ املسؤولية التعاقدية‬ ‫واحلقيقة أن جمرد اإلمتناع عن البدء يف املفاوضات يعترب خطأ عقديا يستوجب املسؤولية العقديية وقد رأينا أن اإللتوام بالدخول يف‬ ‫املفاوضات هو إلتوام بتحقيق نتيجة وليس إلتواما ببذل عناية ومن التطبيقات القضائية حول بدء وإفتتاح املفاوضات احلكم الصادر‬

‫‪ -1‬إن احملاكم يف مصر تعترب املسؤولية يف مرحلة التفاوض مسؤولية تقصريية وليست مسؤولية عقدية وذلك لكوهنا تعترب املفاوضة جمرد عمل مادي زري ملوم ‪ ،‬أما احملاكم الفرنسية وكذا‬ ‫حماكم التحكيم فإهنا تفر يف هذا السرد صراحة بني صورتني من صور التفاوض فإذا كان ه ذا األخري مصحوبا بإتفا تفاوض ‪ ،‬كانت املسؤولية عقدية و أما إذا مل يكن هنا ك إتفا‬ ‫على التفاوض ‪ ،‬فإن املسؤولية ال تكون إال تقصريية ‪.‬‬

‫‪ -2‬إختلف الفقه التقليدي حول هذا املصطلح فمنهم من يطلق عليها "إتفا التفاوض" و منهم من يسميها " عقد التفاوض "‪.‬‬ ‫‪ -3‬رجب كرمي عبد اهلل ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.225‬‬ ‫‪ -4‬بن محد صليحة ‪ ،‬مذكرة بعنوان املسؤولية املدنية يف حالة قطع املفاوضات ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.40‬‬ ‫‪ -5‬على أمحد صاحل ‪ ،‬مرجع سابق ص ‪. 200- 205‬‬

‫‪ -6‬تنص املادة ‪ 104‬من القانون املدين اجلوائري على أن << العقد شريعة املتعاقدين فال جيوز نقضه ‪ ،‬وال تعديله إال بإتفا الطرفني ‪ ،‬أو ألسباب اليت يقررها القانون >> ‪،‬‬ ‫تقابلها املادة ‪ 1142‬من القانون الفرنسي – م ‪ 512‬من القانون املدين املصري ‪.‬‬


‫عن حمكمة النقض الفرنسية يف ‪ 12‬ماي ‪1 1225‬واإللتوام بالتفاوض و اإلستمرار فيه ال يعين أبدا إلغاء حرية املتعاقدين‬ ‫وإجبار الطرفني املتفاوضني على إبرام العقد النهائي‪ ،‬ولكن يعين اإللتوام بعدم اخلروج عن مسلك ( الرجل العادي )‬

‫‪2‬‬

‫أثناء‬

‫املفاوضات أي ال ينسحب من املفاوضات بطريقة تعسيفية ‪.‬‬ ‫‪ -2‬قطع المفاوضات دون مبرر مشروع ‪ :‬وهي من أكثر األساب اليت تؤدي إىل فشل املفاوضات يف احلياة العملية‪ ،‬وتتم‬ ‫قطع املفاوضات دائما بقرار من جانب واحد يتخذه أحد الطرفني فجأة ليضع حدا للمفاوضات اجلارية‪ ،‬ولعل املسألة اليت تثري‬ ‫اجلدل يف هذه احلالة هي معرفة احلد الفاصل بني القطع واإلنسحاب املشروع من املفاوضات والقطع أو اإلنسحاب زري املشروع‬ ‫منها‪ .3‬إن معيار التفرقة هو إنعدام املربر املشروع يف هذا القطع ويتمثل السبب املشروع لقطع املفاوضات أو اإلنسحاب منها يف‬ ‫وجود أسباب موضوعية تدعو إىل قطع املفاوضات وتكون كذلك بصدد قطع املفاوضات أو اإلنسحاب منها بسبب مشروع يف‬ ‫حالة إنسحاب املتفاوض من املفاوضات ألنه تلقى من الغري عرضا أفضل بكثري من العرض املقدم إليه من طرف الشخص الذي‬ ‫يتفاوض معه‪ ،4‬بينما نكون بصدد قطع املفاوضات أو اإلنسحاب منها بسبب زري مشروع يف حالة ما إذا كان املتفاوض معه‬ ‫يهدف أصال إىل الدعاية حلجم منتجاته فيدعو عدة شركات أخرى إىل الدخول يف مفاوضات إلبرام عقود توزيع ملنتجاته والتنسيق‬ ‫بني هذه الشركات لتغطية كافة أرجاء البالد وبعد أن يتحقق له اإلعالن الكايف عن منتجاته يقوم بقطع املفاوضات أو اإلنسحاب‬ ‫منها حتت حجج واهية‪.5‬‬ ‫ويتضح أن املعيار الذي يقاس به اخلطأ يف قطع املفاوضات هو معيار موضوعي وليس معيار شخصي لذلك فهو معيار ثابت‬ ‫ال يتغري من شخص إىل أخر وميكن اإلعتماد عليه يف مجيع احلاالت ومثة حالتان لقطع اإلجياب‪ .6‬وقد يتم قطعها بعد صدور‬ ‫اإلجياب‪ 7‬إذا مل تقرتن مبيعاد‪.8‬‬

‫‪ -1‬هذه القضية سبقت اإلشارة إليها ‪ ،‬و هو نفس احلكم يف قضية " رونو"‪.‬‬ ‫‪ -2‬وهوما يسبق معايري رب األسرة الرشيد ‪ ،‬أنظر بالتفاصيل حول هذا املعيار ‪ ،‬عبد احلكم فودة ‪ ،‬اخلطأيف نطا املسؤولية التقصريية (دراسة حتليلية عملية على ضوء الفقه والقضاء )‬ ‫دار الفكر اجلامعي اإلسكندرية ‪ 1224‬ص ‪ 2‬ومايليها‪.‬‬ ‫‪ -3‬رجب عبد اهلل ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪.222‬‬

‫‪ -4‬على أمحد صاحل ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.202- 204‬‬ ‫‪ -5‬هذا ما وقفت به حمكمة النقض الفرنسية يف ‪ – ،1225/00/50‬أشار إليها رجب كرمي عبد اهلل ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪ 222‬حيث جاء يف حيثيات احملكمة مايلي ‪Rompu :‬‬ ‫‪sans raison lègitime, brutalement et unilateralement, les rourparlres avancès‬‬ ‫ و يف قضية أخرى فصلت فيها حمكمة النقض الفرسية يف ‪.1224/05/55‬‬‫‪ -‬رجب كرمي عبد اهلل مرجع سابق ص ‪.400‬‬

‫‪ -6‬رجب كرمي عبد اهلل مرجع سابق ص ‪.401‬‬ ‫‪ -7‬احلقيقة أن املوجب يستطيع العدول عن إجيابه أو التعديل فيه طاملا مل يصل هذا اإلجياب إىل علم من وجه إليه و قبل ذلك يبقى اإلجياب عدمي األثر أي ال يصلح أن يقرتن به‬ ‫قبول ينعقد به العقد و ذلك ما نصت عليه املادة ‪ 41‬من القانون املدين اجلوائري و اليت تشرتط أن يصل التعبري عن اإلرادة إىل علم من وجه إليه لينتج أثره و هذا ما أخذت به‬ ‫إتفاقية األمم املتحدة بشأن عقود البيع األوىل للبضائع فنصت يف املادة ‪ 12‬على أنه حيدث اإلجياب أثره عند وصوله إىل املخاطب ‪.‬‬

‫‪ -8‬حسم املشرع اجلوائري هذه املسألة فنص يف املادة ‪ 40‬من قانون املدين اجلوائري على أنه <<إذا عني أجل للقبول إلتوم املوجب بالبقاء على إجيابه إىل إنقضاء هذا األجل و قد‬ ‫يستخلص األجل من ظروف احلال أو طبيعة املعاملة>>‪.‬‬


‫‪ -0‬استفزاز المتعاقد اآلخر‪ :‬إستفواز املتفاوض اآلخر ودفعه إىل اإلنسحاب أو قطع املفاوضات واحلقيقة أن التصرف‬ ‫اإلستفوازي يتناىف مع مبدأ حسن النية‪ 1‬والتعامل بشرف ونواهة و لذلك يتعني على كل متفاوض أن يبدي قدرا كبريا من الليونة‬ ‫حىت ال تصل املفاوضات إىل طريق مسدود و على هذا األساس فإن املتفاوض الذي يقوم هبذا العمل يعترب خمطأ وتقوم املسؤولية‬ ‫العقدية إلخالله بعقد التفاوض‪. 2‬‬ ‫‪ -4‬اإلخالل باإللتزام اإلعالم‪ :‬يتمثل يف اإلخالل باإللتوام اإلعالم ذلك أن كل طرف من أطراف املفاوضة يقع عليه عبء‬ ‫إلتوام بإعالم الطرف اآلخر بكافة البيانات و املعلومات املتعلقة بالعقد‪ ،‬وأن حيرص كل طرف على إبالغ الطرف اآلخر بأي واقعة‬ ‫من شأهنا التأثري على قراره النهائي فإذا ما أخل املتفاوض هبذا اإللتوام و أدى ذلك إىل فشل املفاوضات فإنه بذلك يكون الطرف‬ ‫األخر إرتكب خطأ عقديا يعرضه للمسؤولية‪. 3‬‬ ‫‪ -5‬إفشاء األسرار‪ :‬الصورة اخلامسة للخطأ العقدي تتمثل يف إفشاء األسرار اليت م اإلطالع عليها أثناء مرحلة املفاوضات‬ ‫ففي هذه احلالة يكون الطرف الذي أفشى األسرار خمطأ إلخالله باإللتوام باحملافظة على األسرار و من مث تقوم املسؤولية العقدية‬ ‫وإثابت اخلطأ العقدي الواقع يف مرحلة املفاوضات يقع على عاتق املدعى وهو الطرف املضرور وذلك وفقا للقاعدة العامة اليت‬ ‫تقول ( البية على من إدعى )‪ ،‬لذلك وجب على املضرور أو املدعى يف دعوى املسؤولية العقدية أن يثبت أوال وجود اإللتوام مث‬ ‫يثبت عدم تنفيذ اإللتوام أي إقامة الدليل على وجود عقد التفاوض لكن عملية إثبات عدم تنفيذ اإللتوام ختتلف بإختالف نوع‬ ‫اإللتوام‪ ،‬فإذا كان اإللتوام هو إلتوام بتحقيق نتيجة فإن إثباته من الناحية العملية يكون سهال لكن هذه السهولة قد ال تتوفر يف‬ ‫بعض اإللتوامات األخرى مثل اإللتوام باحملافظة على األسرار ففي هذه احلالة يتعني على املتفاوض أن يقدم الدليل على أن الطرف‬ ‫اآلخر قد أفشئ األسرار اليت م اإلطالع عليها أثناء مرحلة املفاوضات وهذا ليس باألمر السهل‪، 4‬أما اإللتوام ببذل عناية فتكون‬ ‫عملية اإلثبات فيه أصعب من حالة اإلثبات يف اإللتوام بتحقيق نتيجة ففي اإللتوام ببذل عناية جيب على املتفاوض أن يثبت أن‬ ‫الطرف اآلخر قام بقطع املفاوضات دون سبب جدي أو مربر مشروع ( و هو إلتوام ببذل عناية )‪ ، 5‬وال تقوم املسؤولية العقدية‬ ‫جملرد توافر اخلطأ العقدي وحده‪ ،‬بل يتعني أن يرتتب على هذا اخلطأ أصابة املتفاوض اآلخر بضرر بسبب عدم تنفيذ اإللتوام لذلك‬ ‫يعترب الضرر العنصر األساسي الذي ال تنعقد بدونه املسؤولية العقدية للمتفاوض‪، 6‬و الضرر يف مرحلة املفاوضات أما أن يكون‬ ‫‪ -1‬إن القانون املدين اجلوائري فر بني اجلواء يف حسن النية و هي النية يف جمال احليازة أذ منح إمتيازات للجائو ويف هذا الشأن انظر املواد ‪،404،414،454،452،45‬قانون‬ ‫املدين اجلوائري‪ ،‬ونص كذلك يف املادة‪ 221‬املتعلقة باإللتصا ‪ ،‬نفس احلكم بالنسبة للبناء فو ملك الغري أنظر املواد ‪ 244،242‬من نفس القانون وهذا ما أقرته كذلك احملكمة‬ ‫العليا يف قرار رقم ‪ 44142 :‬بتاريخ ‪ 1244/10/54‬اجمللة القضائية ‪ ،‬عدد‪، 0‬يف سنة ‪ 1220‬ص ‪. 54-50‬‬

‫‪ -2‬بالرجوع إىل نص املادة ‪ 5/44‬جند أن املشرع اجلوائري حتدث عن اجلواء يف حالة خمالفة حسن النية يف مرحلة ماقبل العقدية و الذي يؤدي إىل إبرام عقد معني أذا أعترب أن العقد‬ ‫يف هذه احلالة قابل لإلبطال وال ميكن تعويض املتضرر على أساس املسؤولية التقصريية ‪.‬‬ ‫‪ -3‬هذا ماأقرته حمكمة الفرنسية يف حكمها الصادر بتاريخ ‪.1220/11/12‬‬ ‫‪ -4‬أمحد علي صاحل ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.221 – 242‬‬ ‫‪ -5‬رجب كرمي عبد اهلل ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.411‬‬

‫‪ -6‬و هو املعىن الذي صازه البعض بقوله ‪la faute n'est pas pris en cosidération par le droit civil que si elle a causé un domage.:‬‬ ‫‪PLANIOL et RIPERT Cite par ALISSE.JEAN L'OBLIGATION de renseignement dans les contrats .these paris‬‬ ‫‪11.1975.P194‬‬


‫ماديا أو يكون معنويا ووفقا للقواعد العامة للمسؤولية العقدية فإنه يشرتط يف الضرر املطلوب التعويض عنه أن تتوافر فيه ثالثة‬ ‫شروط‪ 1‬وهي أن يكون مباشرا و حمققا ومتوقعا‪2‬وال يكفي الضرر و اخلطأ لقيام مسؤولية املتفاوض العقدية و إمنا البد من وجود‬ ‫عالقة سببية بينهما و يتحقق ذلك بإثبات وجود عالقة مباشرة ما بني اخلطأ الذي إرتكبه املسؤول و الضرر الذي أصاب املضرور‬ ‫و بعبارة أخرى يتعني أن يكون خطأ املتفاوض هو السبب املباشر يف حدوث الضرر و إال فال تقوم املسؤولية‪.3‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ :‬المسؤولية التقصيرية في مرحلة التفاوض‬ ‫رأينا فيما تقدم أن مسؤولية املتفاوض الذي يتسبب يف فشل املفاوضات هي يف األصل مسؤولية عقدية و ذلك إلخالله‬ ‫بإتفا التفاوض القائم بينه و بني املتفاوض اآلخر صراحة أو ضمنا‪ ،‬و الذي يلومه بالتفاوض على العقد حبسن نية إال أن فعل‬ ‫هذا املتفاوض قد يشكل يف الوقت نفسه خطأ تقيصريا كأن يكون جرمية أو يبلغ حد الغش أواخلطأ اجلسيم مما يعد إحنرافا عن‬ ‫سلو ك الشخص املعتاد و تتعدد األسباب اليت تؤدي إىل فشل املفاوضات و لعل أمهها هو وصول املفاوضات إىل طريق مسدود‬ ‫وذلك بعد أن يستنفذ الطرفان كل املساعي التفاوضية يف سبيل التوصل إىل إتفا هنائي و بعد متحيص كل ما لديهما من‬ ‫إقرتاحات و رزم ذلك تصل املفاوضات إىل طريق مسدود و األصل أن العدول عن املفاوضات يعترب أمر جائوا لكل الطرفني‪،‬‬ ‫لكن املشكل حيدث عندما يكون قطع املفاوضات بطريقة مفاجأة ودون سبب جدي‪ ،‬فيعترب عندئذ هذا القطع عمال خمالفا‬ ‫لقواعد حسن النية والثقة الواجب توافرها يف املفاوضات و يعترب هذا العمل خطأ يرتتب عليه املسؤولية التقصريية إذا ما أحلق ضررا‬ ‫بالطرف اآلخر وال خيفى على أحد ما يف هذا اإلثبات من مشقة و صعوبة ‪ ،‬ذلك أن من يعتوم قطع املفاوضات ميكنه دائما أن‬ ‫خيفى ما يف نفسه و سلوكه تقصري‪ ،‬فيصعب عندئذ على الطرف املتضرر أن يثبت أي خطأ يف جانبه بل قد يستحيل عليه ذلك‬ ‫متاما فيضيع حقه يف التعويض‪.4‬‬ ‫طبقا للقواعد العامة يشرتط لقيام املسؤولية املتفاوض التقصريية مبناسبة فشل املفاوضات توفر ثالثة شروط وهي اخلطأ‬ ‫التقصريي يف مرحلة املفاوضات ويقصد باخلطأ التقصريي بوجه عام ( اإلحنراف على السلو ك املألوف أو املعتاد للرجل العادي )‬ ‫أي إثبات أن أحد األطراف قد إحنرف على السلو ك املألوف الذي يتبعه عادة الشخص العادي اليقظ عند وضعه يف نفس‬ ‫الظروف اخلارجية‪ 5‬ولقد عرف الفقه الفرنسي اخلطأ من جانبه من أنه ( عدم القيام بإلتوام عقدي أو قانوين) وتنعقداملسؤولية‬ ‫التقصريية يف كل مرة يثبت فيها إقرتان العدول عن التعاقد خبطأ يرتكبه أحد األطراف املتفاوضة و أحلق هذا العقد ضررا بالطرف‬ ‫األخر ومما ال شك فيه أن املتفاوض املنحرف عن السلو ك املألوف للرجل العادي إذ جلأ إىل الغش يف املفاوضات إلضرار بالطرف‬

‫‪ -1‬رجب كرمي عبد اهلل ‪ ,‬مرجع سابق ص ‪.415‬‬ ‫‪ -2‬نفس املرجع ص ‪.414 – 410‬‬ ‫‪ -3‬نفس املرجع‪،‬ص ‪.412‬‬

‫‪ -4‬حممد حسام حممود لطفي ‪ ,‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪ 22‬هامش ‪.144‬‬ ‫‪ -5‬أمينة حسن علوان ‪ ,‬مالحظات حول القانون الواجب التطبيق على املسؤولية قبل العقدية عن قطع املفاوضات يف عقود التجارة الدولية ‪ ,‬حبث مقدم يف ندوة التعاقدية للقانون‬ ‫املدين و مقتضيات التجارة الدولية ‪ ,‬معهد قانون االعمال الدويل ‪ ,‬كلية احلقو ‪ ,‬جامعة القاهرة ‪ ,‬باالشرتا ك مع القسم العلمي و النفسي للبعثة الثقافية التابعة للسفارة فرنسا و نقابة‬ ‫حمامي باريس ‪ ,‬جانفي ‪ 1220‬ص ‪. 0-5‬‬


‫األخر أو دخل يف املفاوضات دون أن تتوفر لديه النية اجلادة يف التعاقد ‪،‬هنا مل يرتدد القضاء الفرنسي‪ 1‬يف عقد املسؤولية‬ ‫التقصريية للمتفاوض الذي يقوم بإهناء املفاوضات بطريقة فجائية مع وصول املفاوضات إىل مرحلة جد متقدمة و املضرور له احلق‬ ‫هنا يف املطالبة بالتعويض على هذا الضرر على أساس املسؤولية التقصريية و ذلك إستنادا إىل نص املادة ‪ 1045‬من القانون املدين‬ ‫الفرنسي ومن بني صور اخلطأ التقصريي هي الدخول يف مفاوضات دون أن تكون له نية حقيقية إلبرام العقد و إمنا يكون هدفه‬ ‫هو جمرد معرفة بعض املعلومات و التجسس عن الشخص الذي يتفاوض معه أو من أجل شغل الطرف األخر و إعاقته و تعطيله‬ ‫عن إمتام صفقة أخرى‪ 2‬وقطع املفاوضات أو اإلنسحاب منها بصورة فجائية رزم وصوهلا إىل مرحلة جد متقدمة إستنادا إىل حجج‬ ‫خمالفة لقواعد حسن النية كأن يكون املفاوض زري جاد يف إبرام العقد املنشود و يف مجيع هذه احلاالت تكون املسؤولية التقصريية‬ ‫هي وحدها الواجبة التطبيق إذا إقرتن العدول أو اإلنسحاب من املفاوضات خبطأ إقرتفه أحد الطرفني و أحلق هذا اخلطأ ضررا‬ ‫بالطرف األخر‪ ،3‬إن املسؤولية يف مجيع هذه احلاالت تكون مسؤولية تقصريية مبنية على اخلطأ و ال يعترب العدول أو اإلنسحاب‬ ‫عن إمتامها هو يف حد ذاته املكون لعنصر اخلطأ بل جيب البحث عن اخلطأ مستقال عن العدول يف حد ذاته و يتمثل يف قيام‬ ‫املتفاوض بأفعال خاطئة أخرى مصاحبة للعدول و مستقلة متاما عن العدول احلقيقة أن إشرتاط إستقالل اخلطأ عن العدول ال‬ ‫يتفق مع القانون حىت على فرض صحة أن املسؤولية عن قطع املفاوضات هي مسؤولية تقصريية ذلك أن قوام اخلطأ يف املسؤولية‬ ‫التقصريية هو االحنراف عن سلو ك الرجل العادي يف الظروف اخلارجية اليت وقع فيها الفعل الضار و ما دام ان القضاء قد سلم بان‬ ‫قواعد ا ملسؤولية التقصريية هي الواجبة التطبيق على العدول عن املفاوضات فكان يتعني عليه أن يعرتف بقيامها مىت احنرف‬ ‫املتفاوض و هو يعدل عن املفاوضات ‪.‬‬ ‫وال شك أن عدول املتفاوض عن املفاوضات بغتة وبصورة فجائية ودون أي سبب مشروع‪ ،‬هو اإلحنراف عن سلو ك الرجل‬ ‫املعتاد وبالتايل فهو خطأ تقصريي تقوم به املسؤولية التقصرييةو يف حالة األخذ بفكرة اإلستقالل اخلطأ عن العدول فإن هذه‬ ‫الفكرة حتد كثريا من دور املسؤولية يف مرحلة املفاوضات إذ لن تقوم هذه املسؤولية نتيجة لذلك ولن تتحق للمتفاوض املضرور‬ ‫احلماية القانونية‪ ،‬إال إذا وجد خطأ مستقال متاما عن قطع املفاوضات ونادرا ما يتحقق ذلك عمليا‪ ،‬األمر الذي من شأنه أن‬ ‫يؤدي إىل زعوعة أمن املفاوضات وإهدار حقو املتفاوضني‪ 4‬وأهم صور اخلطأ التقصريي هنا وأكثرها وقوعا يف احلاالت العملية‬ ‫هي ‪:‬‬ ‫‪ .1‬المفاوضات التجسس و إضاعة الفرصة ‪ :‬و لقد أكدت هذا املعىن نص الفقرة الثالثة من املادة ‪ 5-12‬من جمموعة‬ ‫املباد املتعلقة بعقود التجارة الدولية اليت أقرها معهد توحيد القانون اخلاص يف روما سنة ‪ 1224‬واليت تنص على أنه << ويعترب‬ ‫سيئ النية خصوصا الطرف الذي يفتتح أو يتابع املفاوضات و هو يعلم أن ليس لديه نية الوصول إىل إتفا >>‪.5‬‬ ‫‪ -1‬حممد حسام حممود لطفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.22‬‬ ‫‪ -2‬علي أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.425‬‬ ‫‪ - 3‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 520‬‬

‫‪ -4‬علي أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.424‬‬ ‫‪ -5‬أمحد عبد الكرمي سالمة‪ ،‬قانون العقد الدويل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.104‬‬


‫‪ .2‬التفاوض على ملك الغير ‪ :‬يلتوم املفاوض على ملك الغري بالتعويض حىت ولو كان حسن النية وذلك بأنه كان يعتقد‬ ‫أنه هو املالك طاملا أن الطرف اآلخر كان حسن النية حبيث كان املال املتفاوض عليه زري مملو ك للطرف اآلخر وذلك قياسا على‬ ‫حكم املادة ‪ 022‬من القانون املدين اجلوائري املتعلقة ببيع ملك الغري واليت نصت على أنه << إذاأبطل البيع يف صاحل املشرتي‬ ‫مبقتضى حكم وكان املشرتي جيهل أن البائع كان ال ميلك املبيع فله أنه يطالب بالتعويض ولو كان البائع حسن النية >>‪ ،1‬ويؤيد‬ ‫الفقه الفرنسي هذا اإلجتاه لكون املسؤولية التقصريية املنصوص عليها يف املادتني ‪ 1045‬و ‪ 1040‬من القانون املدين الفرنسي‬ ‫ميكن األخذ هبا حىت يف زياب نية اإلضرار بالطرف اآلخر‪ ،2‬و ال يكفي وجود اخلطأ التقصريي لقيام مسؤولية املتفاوض يف املرحلة‬ ‫قبل التعاقدية و إمنا يتعني أن يرتتب على هذا اخلطأ التقصريي ضررا يصيب الطرف األخر ذلك أن الضرر هو مناط التعويض فهو‬ ‫يرتبط به وجود أو عدم حبسب األصل و يقصد بالضرر ( األذى الذي يصيب املضرور يف حق أو مصلحة مشروعة سواءا إنصب‬ ‫على حياته أو جسمه أو ماله أو عواطفه أو شعوره و يعترب الضرر ركن أساسي من أركان املسؤولية بل هو روح املسؤولية املدنية‬ ‫والعنصر األساسي فيها ‪،‬فإذا مل يكن هنا ك ضرر فال جمال للكالم عن املسؤولية و يشرتط يف الضرر أن يكون حمققا و أن يكون‬ ‫مباشرا و الضرر نوعان مادي و معنوي‪ ،‬فاملادي يتمثل يف ما أصاب املتفاوض املضرور من الناحية املالية ‪،‬أما املعنوي فيتمثل يف‬ ‫كل ما ميس املتفاوض املضرور بصمعته و احلكم يف القانون املدين اجلوائري قد أجاز املشرع اجلوائري تعويض كافة صور الضرر‬ ‫سواء املادي أو املعنوي و هو ما تنص عليه أحكام املواد ‪ 145‬و ‪ 45‬مكرر ‪ 0‬من القانون املدين اجلوائري‪ 3‬وأيده املشرع املصري‬

‫‪4‬‬

‫ذلك و قد أخذ الفقه و القضاء يف فرنسا مببدأ التعويض عن الضرر املعنوي ‪.‬‬ ‫و طبقا للقواعد العامة يتعني لقيام مسؤولية املتفاوض أن تتوافر عالقة سببية بني اخلطأ و الضرر الذي أصاب الطرف اآلخر‬ ‫أي أن يكون خطأ املتفاوض هو السبب املباشر يف حدوث الضرر‪ ،5‬ومن مث ال يكون املتفاوض مسؤوال عما إرتكبه من أعمال إن‬ ‫أثبت أن الضرر قد ينشأ عن سبب أجنيب ال يد له فيه وذلك إلنتفاء العالقة السببية بني اخلطأ الذي وقع منه و بني الضرر الذي‬ ‫وقع باملتفاوض املضرور أو الطرف اآلخر طبقا للمباد العام يقع على عاتق املدعي املضرور عبء إثبات توافر عالقة سببية بني‬ ‫الضرر الذي حلقه خطأ املدعي عليه‪ ،‬زري أن املسؤول ( املدعي عليه ) يستطيع إثبات عكس هذه القرينة كأن يثبت مثال بأن‬ ‫الضرر قد نشا عن سبب أجنيب ال يد فيه كحادث مفاجئ أو قوة قاهرة أو خطأ من املضرور أو خطأ من الغري فإذا أثبت ذلك‬ ‫كان زري ملوم بالتعويض هذا الضرر مامل يوجد نصا أو إتفاقا يقضي خبالف ذلك و هذا ما قررته أحكام املادة ‪ 152‬من القانون‬ ‫املدين اجلوائري حيث تنص على أنه << إذا أثبت الشخص أن الضرر قد نشأ عن سبب ال يد له فيه كحادث مفاجئ أو قوة‬ ‫قاهرة أو خطأ صدر من املضرور أو خطأ من الغري كان زري ملوم بتعويض هذا الضرر ما مل يوجد نص قانوين أو إتفاقا خيالف‬ ‫‪ -1‬رجب كرمي عبد اهلل ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.444‬‬

‫‪ -2‬على أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.200‬‬ ‫‪ -3‬تنص املادة ‪ 145‬على أنه << إ ذا مل يكن التعويض مقدرا يف العقد أو يف القانون فالقاضي هو الذي يقدره و يشمل التعويض ما حلق الدائن من خسارة و ما فاته من كسب‬ ‫بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية اذا مل يكن يف استطاعة الدائن ان يتوفاه ببذل جهد معقول >> أما املادة ‪ 45‬مكرر من القانون املدين فتنص على أنه<<يشمل التعويض عن‬ ‫الضرر املعنوي كل مساس باحلرية أو الشرف أو السمعة >>‪.‬‬

‫‪ -4‬املادة ‪ 1/555‬من القانون املدين املصري تنص على أنه << يشمل تعويض الضرر املعنوي أيضا ‪.>>...‬‬ ‫‪ -5‬كانت أول بداية يف تقرير املسؤولية بال خطأ حمامي الدويل الفرنسية و ذلك يف عام ‪ 1422‬يف قضية عرفت باسم ‪.CAMES‬‬


‫ذلك >>ويتضح من هذا النص أن السبب األجنيب يرفع وصف اخلطأ عن فعل املدعي عليه إذ ينتفي اخلطأ بإثبات وقوع احلادث‬ ‫كان خارج عن حدود إلتوامه ألنه كان يستحيل عليه دفعه وأهم صور السبب األجنيب اليت تؤثر يف نفس املسؤولية سواءا التقصريية‬ ‫أو العقدية هي القوة القاهرة‪ ،1‬خطأ املضرور‪ ،‬خطأ الغري‪ ،‬ويف حالة ما إذا وقع اخلطأ من املدعي أي من املضرور نفسه فإن املدين‬ ‫ال مسؤولية عليه وهو ما صرحت به املادة ‪ 152‬من القانون املدين اجلوائري‪ ،‬وقد شكل الفعل الضار للمتفاوض الذي هو أساس‬ ‫املسؤولية املدنية يف وقت واحد خطأ عقديا يتمثل يف إخالله بعقد التفاوض الصريح وقيام اخلطأ اتقصريي الذي يتمثل يف إخالله‬ ‫بواجب عدم اإلضرار بالغري‪ ،‬مبعىن أخر قد يشكل الفعل الضار الواحد إخالل بإلتوام عقدي و إخالل بإلتوام قانوين يف آن واحد‬ ‫أي أن الفعل يشكل يف نفس الوقت خطأ عقديا و خطأ تقصرييا‪ ،‬و يعين ذلك أن هذا الفعل الواحد يقيم مسؤولية املتفاوض‬ ‫العقدية و كذا مسؤولية التقصريية‪ ،2‬و هنا يدور التساؤل هل جيوز للمتفاوض املضرور حق اإلختيار بني املسؤوليتني العقدية و‬ ‫التقصريية يف رجوعه على املتفاوض املسؤول؟ فيختار املسؤولية اليت يراها تتالئم مع مصلحته الشخصية أي أن خيتار الدعوى‬ ‫املالئمة ملصلحته؟ و هذه اإلشكالية آثارت جدل كبري بني الفقه و القضاء و قد إنتهت يف هذا الصدد حمكمة النقض املصرية و‬ ‫الفرنسية إىل عدم جواز اخلرية بني املسؤوليتني إال إذا كان اإلخالل باإللتوام العقدي يكون جرمية أو يعترب زشا أو خطأ جسيما‪.3‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬آثار المسؤولية الناتجة على عملية التفاوض و القانون الواجب التطبيق‬ ‫بعد ما تناولنا طبيعة كل من املسؤولية استوجب علينا التطر لآلثار املرتتبة على هذه املسؤولية و دراسة آثار كل مسؤولية على‬ ‫حدا لإلستخالص كل أثر لنكمل مشوار دراستنا يف (الفرع الثاين) واألخري حول القانون الواجب التطبيق حيث سنقوم باملقارب‬ ‫بني الفاونني املقارنة وضبط معيار قانوين ميكن من خالله حتديد القانون الواجب التطبيقعلى املسؤلية املدنية يف حالة قيامها عن‬ ‫إخالل بإلتوام تفاوضي خاص هبا و إسقاط مالحظة هام وهي أن يتفق الفريق املفاوض ومن البداية عن القانون الواجب التطبيق ‪.‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬أثار المسؤولية المدنية لمرحلة المفاوضات‬ ‫بعد مناقشة طبيعة املسؤولية املدنية اخلاصة مبرحلةاملفاوضات وبلورة األفكار يف حالة اخلالل بأحد إلتوماهتا ومىت تقوم املسؤولية‬ ‫العقدية ومىت تقوم املسؤلية التقصريية ومن أجل إستكمال الدرسة كان علينا التطر آلثار املسؤولية وكذلك القانون الواجب‬ ‫التطبيق ‪.‬‬ ‫إن املسؤولية سواء كانت عقدية أو تقصريية هلا آثار إال أن لكل مسؤولية آثار خاصة هبا و هي ‪:‬‬

‫‪ -1‬هنا ك من الفقه اء من يفر بني القوة القاهرة و احلادث املفاجئ فريى بأن القوة القاهرة هو احلادث الذي يستحيل دفعه بينما احلادث املفاجئ هو احلادث الذي ال ميكن توقعه‬ ‫إال أن هذه التفرقة منتقدة و مجهور الفقهاء يذهب إىل عدم التمييو بني القوة القاهرة و احلادث املفاجئ‪.‬‬ ‫‪ -2‬على أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.210 – 202‬‬ ‫‪ -3‬نفس املرجع ص ‪.211‬‬


‫أوال‪ :‬أثار المسؤولية العقدية ‪ :‬مىت وجد عقد التفاوض صحيحا وجب على كل طرف تنفيذ اإللتوامات الناشئة عنه‪ ،1‬فإذا‬ ‫مل يقم أحد املتعاقدين بتنفيذ إلتواماته‪ ،‬ومل يكن عدم التنفيذ راجعا إىل سبب أجنيب قامت املسؤولية العقدية و تقتضي أحكام‬ ‫املسؤولية العقدية بأن ينفذ كل متعاقد ما إلتوم به تنفيذا عينيا‪ ،‬إذا كان هذا التنفيذ ممكنا و زري مرهق و إال إلتوم بالتنفيذ عن طريق‬ ‫التعويض أو التنفيذ باملقابل أو يفسخ العقد إذا طلب الطرف اآلخر ذلك ‪.‬‬ ‫أ‪ /‬التنفيذ العيني‪ :‬األصل يف تنفيذ اإللتوام أن يكون عينيا‪ ،2‬فإذا ما نكل املدين عن التنفيذ العيين طواعية جاز للدائن أن‬ ‫جيب املدين بعد إعذاره على تنفيذ إلتوامه عينيا مىت كان هذا التنفيذ ممكنا‪ 3،‬وهو ما نصت عليه املادة ‪ 4144‬من قانون املدين‬ ‫اجلوائري بقوهلا‪<< :‬جيرب املدين بعد إعذاره طبقا للمادتني‪140‬و ‪ 141‬على تنفيذ التوامه تنفيذا عينيا مىت كان ذلك ممكنا >>‬ ‫و يف حالة ما إذا كان تنفيذ اإللتوام عينا زري ممكننا أو زري مالئم إال إذا قام به املدين نفسه جيوز للدائن أن حيصل على حكم‬ ‫بإلوام املدين هبذا التنفيذ بدفع زرامة إجبارية إن إمتنع عن ذلك‪ ،‬وهذا حسب نص املادة ‪ 124‬من قانون املدين اجلوائري فإذا مل‬ ‫يقم املتفاوض بإلتوامه و رفض اإلستمرار فيها فهل جيوز للمتفاوض اآلخر أن يلجأ إىل القضاء أي مدى إمكانية فرض التفاوض‬ ‫على املمتنع عن املفاوضات ؟ وهنا إمجاع فقهي حول إستبعاد التنفيذ العيين يف جمال املفاوضات يف العقود التجارية و قد ذهب‬ ‫الفقه يف عدم جواز إجبار املتفاوض على تنفيذ إلتوامه بالتفاوض تنفيذا عينيا‪ ،‬حىت و لو مل يكن هذا التنفيذ مستحيال و ال مرهقا‬ ‫و ذلك لسببني‪ 5‬مها ‪:‬‬ ‫‪ - 1‬ألن تنفيذ اإل لتوام بالتفاوض تنفيذا عينيا يستوجب تدخل املتفاوض املدين شخصيا و احلال أنه يرفض أصال الدخول‬ ‫يف املفاوضات أو اإلستمرار فيها فإذا أجربعلى فعل ذلك كان يف هذا اإلجبار مساس حلريته الشخصية ‪.‬‬ ‫‪ - 5‬يتمثل يف أن إجبار املتفاوض على بدء املفاوضات أو اإلستمرار فيها يكون زري جمد يف جمال املفاوضات يف العقود‬ ‫التجارة الدولية ذلك أن التفاوض يف طبيعته حيتاج إىل التعاون بني الطرفني باإلضافة إىل ضعف فرص املفاوضات و إجبار أحد‬ ‫طريف العقد على التفاوض و اجللوس على طاولة املفاوضات يف مواجهة الطرف اآلخر يف جو نفسي يسوده التوتر والنواع و ال‬ ‫شك يف صحة هذه النتيجة كلما تعلق األمر بالتفاوض الذي يستهدف إقامة عالقة تعاقيدة و هو نفس الشيء يقال على اللجوء‬ ‫إىل احلكم على الطرف األخر بغرامة هتديدية لدفع الطرف املتفاوض إىل العودة إىل طاولة املفاوضات يف عقود التجارة الدولية‪،6‬‬ ‫بل يتعني إستبعاد التنفيذ العيين اجلربي يف جمال املفاوضات إحرتاما للحرية الشخصية و ملبدا حرية التعاقد ‪،‬هنا يثور التساؤل عن‬

‫‪ -1‬حممد حسام حممود لطفي ‪ ,‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬ ‫‪ -2‬علي علي سليمان‪ ،‬دراسات يف املسؤولية املدنية يف القانون املدين اجلوائري ( املسؤولية عن فعل الغري – املسؤولية عن فعل اشياء ) ط‪ ، 0‬ديوان املطبوعات اجلامعية ‪ ،‬اجلوائر ‪،‬‬ ‫‪ 1242‬ص ‪. 500‬‬ ‫‪ -3‬تقابلها املادة ‪ 500‬من القانون املدين املصري‪.‬‬

‫‪ -4‬جيدر اإلشارة إىل أنه يتعني عدم اخللط بني اإللتوام بالتفاوض و اإللتوام بإبرام العقد حمل التفاوض أي مدى اإلجبار على التفاوض و ليس على التعاقد‪.‬‬ ‫‪ -5‬إذا كان اإللتوام املراد تنفيذه عينا هو إلتوام بعمل ومل يتم املدين بتنفيذ إلتوامه جيوز للدائن أن يطلب ترخيصا يف تنفيذ اإللتوام على نفقة املدين إذا كان هذا التنفيذ ممكنا و هذا ما‬ ‫قضت به املادة ‪ 120‬تقابلها ‪ 1144‬من القانون املدين الفرنسي‪.‬‬ ‫‪ -6‬حكم صادر من حمكمة اإلستئناف بباريس يف ‪ 54‬سبتمرب ‪ 1224‬قضت باإلجبار على التفاوض ‪.‬‬


‫إمكانية تدخل القاضي من أجل تكميل العقد حسب ما تنص عليه املادة ‪ 42‬من القانون املدين اجلوائري‪ ،1‬و الذي تنص على‬ ‫أنه إذا إتفق الطرفان على مجيع املسائل اجلوهرية يف العقد و إحتفظا مبسائل تفصيلية يتفقان عليها فيما بعد‪ ،‬و مل يشرتط أن ال‬ ‫أثر للعقد عند عدم اإلتفا عليها إعترب العقد مربما و إذا قام خالفا على املسائل اليت مل يتم اإلتفا عليها فإن احملكمة تقي فيها‬ ‫طبقا لطبيعة املعاملة ألحكام القانون و العرف و العدالة يف هذه احلالة ال يستطيع القاضي أن يتدخل لتكملة العقد بنفسه و‬ ‫احلكم بإنعقاده إال عندما يتوصل الطرفان بالفعل إىل إتفا على مجيع املسائل اجلوهرية يف العقد ‪،‬ففي هذه احلالة إذا قام أحد‬ ‫الطرفني باإلنسحاب من املفاوضات فإن القاضي ال يستطيع أن يتدخل لتكملة هذه املسائل مبعرفته مث يقضي بإنعقاد العقد رزم ا‬ ‫عن إرادة هذا الطرف املنسحب و ذلك ألن اإلتفا على املسائل اجلوهرية يف العقد مع تعليق إمتام العقد على اإلتفا على‬ ‫املسائل التفصيلية يعترب جمرد ( مشروع عقد ) زري ملوم للطرفني و لذلك ال جيوز للقاضي إن حيوله إىل عقد هنائي و يفرضه على‬ ‫أحد الطرفني جربا‪ ،2‬جممل القول أن التنفيذ العيين مستبعد متاما يف كل األحوال اليت يكون فيها األطراف يف مرحلة املفاوضات و‬ ‫من مث ال يبقى سواء إجبار املدين املسؤول عن تنفيذ إلتوامه عن طريق التعويض النقدي فقط ‪.‬‬ ‫ب‪ /‬التنفيذ عن طريق التعويض ‪ :‬يرتتب على اإلخالل أحد املتفاوضني بإلتوامه أن ينشأ للطرف اآلخر حقا يف الرجوع على‬ ‫األول طالبا تعويض ما أصابه من جراء عدم التنفيذ ما دام قد تعذر عليه إجبار املتفاوض املدين على تنفيذ إلتوامه عينا و هو ما‬ ‫تنص عليه املادة ‪ 124‬من القانون املدين اجلوائري‪ ،‬بقوهلا << إذا إستحال على املدين أن ينفذ اإللتوام عينا حكم عليه بتعويض‬ ‫الضرر الناجم عن عدم تنفيذ إلتوامه >>‪ ،‬يقدر التعويض قاضي املوضوع‪ 3‬يف حالة عدم اإلتفا عليه من قبل األطراف يف عقد‬ ‫التفاوض و ضياع الوقت و التعويض عن السمعة التجارية و التعويض عن ضياع الفرصة‪،4‬و يقدر التعويض وفقا للقواعد العامة يف‬ ‫التعويض فإ ن القاضي هو الذي يتوىل مهمة تقدير التعويض شريطة أال يكون التعويض مقدار يف عقد التفاوض و هو ما نصت‬ ‫عليه املادة ‪ 140‬من قانون املدين اجلوائري بقوهلا << جيوز للمتعاقدين أن جيدد مقدما قيمة التعويض بالنص عليها يف العقد أو‬ ‫يف إتفا الحق ‪ >>...‬لذلك يتعني على القاضي عقد تقرير التعويض أن يرجع أوالا إىل إتفا الطرفني فإذا كان الطرفان قد‬ ‫حددا مسبقا يف عقد التفاوض إو يف إتفا الحق قيمة التعويض الذي يستحقه الدائن يف حالة عدم تنفيذ املدين إلتوامه أو تأخر‬ ‫يف هذا التنفيذ‪ ،‬و هو ما يسمى بالتعويض اإلتفاقي تعني على القاضي يف هذه احلالة أن حيكم باملبلغ املتفق عليه دون زيادة أو‬ ‫نقصان‪،5‬‬

‫‪ -1‬فاملادة ‪ 42‬من قانون املدين اجلوائري ختول للقاضي سلطة تكملة العقد طبقا لطبيعة املعاملة و أحكام القانون و العرف و العدالة بشرط مهم و واضح و هو عدم إشرتاط األطراف‬ ‫بعد إتفاقهم على املسائل اجلوهرية يف العقد على إال يتم العقد عند عدم اإلتفا على املسائل التفصيلية و مفاد تكميل لسد النقص و التفسري جلالء زموض النية املشرتكة ألطراف‬ ‫‪ -2‬قررت حمكمة النقض املصرية هبذا اخلصوص ( أن مشروع عقد البيع ال يكون ملوما ألي من الطرفني و يستطيع كل منهما اإلمتناع عن إبرام البيع و ال جيوز للطرف األخر إجباره‬ ‫على ذلك عن طريق القضاء )‪.‬‬ ‫‪ -3‬و هو ما جاءت به احملكمة العليا يف القضية رقم ‪ 4 , 24015‬فيفري ‪ 1242‬احمللية القضائية ‪ ,‬العدد ‪ 1225 5‬ص ‪.14‬‬

‫‪ -4‬على أمحد صاحل ‪ ,‬مرجع سابق ص ‪.244‬‬ ‫‪ -5‬للقاضي سلطة تقديرية يف ختفيض هذا التعويض اإلتفاقي إذا أثبت املدين أن التقدير كان مبالغا فيه أو أن اإللتوام األصلي قد م تنفيذ جوء منه ( م ‪ 144‬من القانون املدين‬ ‫اجلوائري ) و للقاضي كذلك سلطة تقديرية يف زيادة التعويض إذا جاوز الضرر القيمة التعويض املتفق عليها وأثبت الدائن أن الدين قد أرتكب زشا أو خطأ جسيما ( املادة ‪ 142‬من‬ ‫القانون املدين اجلوائري ) ‪.‬‬


‫أما إذا مل يكن التعويض مقدرا يف إتفا الطرفني جاز للقاضي عندئذ تقديره‪ ،1‬ويشرتط اإلشتمالة على الضرر املباشر والذي‬ ‫يكمن يف إستطاعة الدائن إن يتوقاه ببذل جهد معقول‪.2‬‬ ‫و هو ما تنص عليه املادة ‪ 445‬من قانون املدين اجلوائري بقوهلا << إذا مل يكن التعويض مقدرا يف العقد أو يف القانون‬ ‫فالقاضي هو الذي يقدره و يشمل التعويض ما حلق الدائن من خسارة وما فاته من كسب يشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية‬ ‫لعدم الوفاء بالتواما أو للتأخري يف الوفاء به>> ويعترب الضرر نتيجة طبيعية إذا مل يكن يف إستطاعة الدائن أن يتوفاه ببذل جهد‬ ‫معقول و يعترب التعويض من املسائل القانونية اليت تعود للسلطة التقديرية لقاضي املوضوع شريطة أن يبني يف حكمه عناصر الضرر‬ ‫الذي قضى بتعويض أن اإلضرار اليت ميكن املطالبة عنها يف مرحلة املفاوضات ال ميكن حصرها منها‪:‬‬ ‫‪ .1‬تعويض نفقات التفاوض‪ :‬من أهم األضرار اليت ميكن أن يتكبدها املتفاوض املضرور هي تلك املتعلقة بنفقات التفاوض‬ ‫مثل نفقات الدراسة التمهيدية و الروسومات و اإلحصائيات ‪....‬‬ ‫كل هذه النفقات يتعني أن حيملها املتفاوض املسؤول عن فشل املفاوضات‪ ، 3‬و يشرتط أن تكون هنا ك عالقة سببية بني هذه‬ ‫النفقات و بني عملية املفاوضات الفاشلة كما يشرتط أيضا أال تكون هذه النفقات قد متت نتيجة خلطأ املتفاوض املضرور‪ 4‬و أال‬ ‫تكون النفقات باهضة و مبالغ فيها‪ ، 5‬و أن ال تعوض النفقات العادية املهين يف سبيل جذب العمالء و التفاوض معهم‪6‬لكن إذا‬ ‫أثبت املهين عكس ذلك كان يثبت مثال بأنه إستعان خبرباء أجنيب متخصصني يف اإلعداد للمفاوضات فإنه يعوض عندئذ عن‬ ‫تلك املصروفات اخلاصة‪.7‬‬ ‫‪ .2‬تعويض عن ضياع الوقت ‪ :‬يعترب التعويض عن ضياع الوقت من األضرار املتوقعة اليت تستحق اجلرب أيا كانت املرحلة اليت‬ ‫وصلت إليها املفاوضات فإن القاضي يقوم بتقدير التعويض وفقا لقواعد العدالة بالقدر الالزم جلرب ما حلق من ضرر و بالتايل يكون‬ ‫التعويض جوافيا‪.8‬‬ ‫‪ .3‬التعويض عن السمعة التجارية ‪ :‬يعد التعويض عن السمعة التجارية من قبيل الضرر املعنوي الذي يتعني جربه و من مث‬ ‫وجب على القاضي أن يأخذه بعني اإلعتبار يف تقديره للتعويض ذلك أن قطع املفاوضات مع التاجر دون أي مربر موضوعي من‬ ‫شأنه أن ينال من مسعته التجارية يف الوسط التجاري فقطع املفاوضات مع التاجر تثري حوله الشكو ك كسوء مركوه املايل أو قلة‬

‫‪ -1‬بن أمحد صليحة ‪ ,‬رسالة ماجستري ‪ ,‬املسؤولية املدنية يف حالة قطع املفاوضات ‪ ,‬مرجع سابق ص ‪. 105‬‬ ‫‪ -2‬حممد حسام حممود لطفي ‪ ,‬مرجع سابق ص ‪.44‬‬ ‫‪ -3‬أنظر النقض التجاري الفرنسي املؤرخ يف ‪ 50‬مارس ‪.1225‬‬ ‫‪ -4‬رجب كرمي عبد اهلل ‪ ,‬مرجع سابق ص ‪.254‬‬ ‫‪ -5‬نفس املرجع‪ ،‬ص ‪.454‬‬ ‫‪ -6‬نفس املرجع ص ‪.452‬‬

‫‪ -7‬حممد حسام حممود لطفي ‪ ,‬مرجع سابق ص ‪25‬‬ ‫‪ -8‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.24‬‬


‫خربته يف إدارة املفاوضات و هذا ما حكمت حمكمة النقض املصرية يف حكمها الصادر بتاريخ ‪ 1244/01/52‬بتعويض‬ ‫املفاوض التاجر الذي م قطع املفاوضات معه فجأة دون أي مربر عن الضرر املادي و املعنوي الذي أصابه‪. 1‬‬ ‫‪ .4‬التعويض عن فوات الفرصة ‪ :‬يشمل التعويض عن فوات الفرصة التعويض على فرصة حتقيق كسب أو جتنب خسارة كما‬ ‫أن التعويض عن تفويت الفرصة‪ ،‬قد يشكل ضررا ماديا و ضررا أدبيا يف نفس الوقت و فوات الفرص و يقصد به احلرمان من‬ ‫فرصة جادة و حقيقية من حتقيق مكسب إحتمايل أو إختفاء نتيجة كان املدعي يرزب يف حتقيقها أن تتحقق بالفعل أو قبل أن‬ ‫يكشف الواقع عن إستحالة ذلك‪ ،2‬و يتضح من هنا أن فوات الفرصة كضرر ميكن التعويض عنه‪،3‬و يفرتض أن مثة فرصة أو حظ‬ ‫كان قائما لصاحل شخص ما مث أتى سلو ك شخص آخر و أفقده هذه الفرصة فيصبح ذلك الكسب مستحيل التحقيق بعد أن‬ ‫كان ممكنا و حمتمال وألن املدعي مل يكن قد ثبت له هذ الكسب وإمنا كان يتوقعه فقط‪ 4‬فإن هذا الكسب الفائت يكون‬ ‫إحتماليا حبتا وليس مؤكدا لكن احلرمان من الفرصة هنائيا يف حد ذاهتا حىت فواهتا بصفة هنائية هو ضرر حمقق و مؤكد‪ ،5‬إن‬ ‫احلديث عن فوات الفرصة يفرتض سبق وجود هذه الفرصة مث جيين خطأ الغري و يفقد املضرور أياها و يفهم ذلك من لفظ الفقد‬ ‫ذاته الذي ال يتحقق معناه إال بإفرتاض سبق وجود الشيء املفقود‪ ، 6‬ويشرتط يف تفويت الفرصة حىت ميكن تعويضها أن تكون‬ ‫الفرصة حقيقية و جدية وحالة أو وشيكة و قابلة للتقدير حيث يتأكد القضاة من أن الربح أو الكسب الذي كان ينتظره املضرور‬ ‫كان من املمكن أن يتحقق لو أن الفعل الضار مل يقع أصال ‪.‬‬ ‫‪ .5‬التعويض عن عدم تنفيذ عقود أخرى أبرمت مع الغير ‪ :‬قد يقوم أحد املتفاوضني أثناء سري املفاوضات بإبرام عقود‬ ‫معينة مع الغري هبدف اإلستعداد لتنفيذ العقد املوعم إبرامه الذي جيرى التفاوض عليه فكل هذه العقود تعتمد أساسا على جناح‬ ‫ذلك املشروع املتفاوض عليه فإذا ما فشلت املفاوضات على العقد األصلي فإن ذلك سيؤدي ال حمال إىل عدم تنفيذ هذه العقود‬ ‫املساعدة و املكملة للعقد األصلي فهل يستطيع املتفاوض املضرور من قطع املفاوضات أن يطالب املتفاوض املسؤول على فشل‬ ‫املفاوضات بقيمة ما يستحق عليه من تعويضات لصاحل الغري لعدم تنفيذه ملا تعهد به لصاحل هذا الغري‪ ، 7‬الرأي الراجح يف الفقه‬ ‫يقول أنه يتعني التفرقة بني احلالتني ‪ :‬ففي احلالة األوىل يكون املتفاوض اآلخر املسؤول عن فشل املفاوضات عاملا هبذه العقود اليت‬ ‫إلتوم هبا املضرور‪ ،‬وهو الذي شجع وحث على إبرامها فهذه احلالة تقضي العدالة و املنطق بأن يكون هذا املتفاوض املسؤول ملتوما‬ ‫بدفع التعويضات املستحقة على املتفاوض املضرور جتاه الغري ‪،‬أما احلالة الثانية يكون املتفاوض األخر املسؤول عن فشل‬

‫‪ -1‬أنظر التعليق على هذا احلكم‪ ،‬حممد حسام حممود لطفي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.40‬‬ ‫‪ -2‬أشار إليه رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.400‬‬

‫‪ -3‬كان التعويض عن فوات الفرصة األ قدم ظهورا يف القضاء الفرنسي هو احلكم الصادر عن دائرة العرائض يف ‪ 12‬جويلية ‪ 1442‬سري ‪ 002 , 1 , 1421‬حيث م التعويض‬ ‫لشخص فقد حقوقه إلمهال موكله القانوين ‪.‬‬ ‫‪ -4‬حكم حمكمة بروكسل التجارية بتاريخ ‪ ،1244/05/00‬أنظر تفاصيل القضية والتعليق عنها‪ ،‬أمحد عبد الكرمي سالمة‪ ،‬قانون العقد الدويل‪ ،‬مرجع سابق ص‪ 151‬وص ‪.155‬‬ ‫‪ -5‬أمحد عبد الكرمي سالمة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.150‬‬ ‫‪ -6‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.401‬‬ ‫‪ -7‬أنظر للمثال الذي وضعه علي أمحد صاحل ص ‪.220 – 225‬‬


‫املفاوضات زري عامل هبذه العقود أو كان عاملا هبا و إعرتض على إبرامها ففي هذه احلالة يقتضي املنطق و العدالة أن ال يكون هذا‬ ‫املتفاوض مسؤوال على التعويضات املستحقة على املتفاوض املضرور إجتاه الغري بسبب عدم تنفيذ هذه العقود و التعهدات ‪.‬‬ ‫ج‪ /‬فسخ عقد التفاوض ‪ :‬جيوز طبقا للقواعد العامة الفسخ ألي متفاوضني أن يطلب فسخ عقد التفاوض إذا ما أخل‬ ‫املتفاوض اآلخر بإلتواماته‪ ،‬و هو ما تنص عليه املادة ‪ 122‬من قانون املدين اجلوائري بقوهلا << يف العقود امللومة للجانبني إذا مل‬ ‫يقم أحد املتعاقدين بإلتواماته جاز للمتعاقد اآلخر بعد إعذار املدين أن يطالب بتنفيذ العقد أو فسخه مع التعويض يف احلالتني إذا‬ ‫إقتضى احلال ذلك>>‪ ،1‬و منه فطلب الفسخ حق مقرر لكل متعاقد عند تقاعس املتعاقد اآلخر عن تنفيذ إلتوامه وهو حق‬ ‫ثابت يف كافة العقود امللومة للجانبني ويعترب العقد متضمنا حلق الفسخ ولو أخل من إشرتاطه ال جيوز حرمان املتعاقدين من هذا‬ ‫احلق أو احلد منه إال بإتفا صريح بني الطرفني و يشرتط إلمكان املطالبة بفسخ عقد املتفاوض‪.2‬‬ ‫وأن يكون أحد الطرفني قد أخل بتنفيذ إ لتوامه بالتفاوض سواء كان عدم التنفيذ كليا أو جوئيا أو كان التنفيذ معيبا وبطريقة‬ ‫زري مطابقة ملا م اإلتفا عليه و بالتأخري يف التنفيذ شريطة أن ال يكون عدم التنفيذ راجع إىل سبب أجنيب عن املدين و يتعني‬ ‫على الطرف الذي يطلب الفسخ أن يقوم بإعذار املتفاوض اآلخر ( املدين )‪ ،‬قبل طلب الفسخ أن يقوم بإعذار الوفاء بإلتوامه إال‬ ‫بعد إعذاره ذلك أن اإلعذار هو الذي يضع املدين يف موضع التقصري يف التنفيذ‪،3‬و يشرتط أيضا أن يكون املتعاقد الذي يطلب‬ ‫فسخ العقد قد قام هو بتنفيذ إلتوامه أو على األقل يكون مستعدا لتنفيذه أما إذا كان املتعاقد مل ينفذ إلتوامه أو زري مستعد لتنفيذه‬ ‫فإنه يعترب مقصرا وال جيوز له من باب العدل املطالبة بفسخ العقد يف الوقت الذي أخل فيه بإلتواماته‪.4‬‬ ‫‪ -1‬الفسخ بالحكم بقوة القانون‪ :‬األصل يف الفسخ أنه يتقرر مبوجب حكم قضائي فإذا تبني للقاضي توافر الشروط‬ ‫السابقة يستطيع أن حيكم بفسخ عقد املتفاوض و احلكم بالفسخ هو أمر جوازي للقاضي فله أال يقضي به إذا وجد أن املدين قد‬ ‫نفذ اجلوء اهلام من إلتوامه بالتفاوض وأن عدم اإلتفا على التنفيذ كان ألسباب موضوعية و للقاضي يف هذه احلالة سلطة تقديرية‬ ‫واسعة فله أن مينح أجال للمدين لتنفيذ إلتوامه كما لو كان املدين حسن النية و يرجع ختلفه عن التنفيذ إىل ظروف إستثنائية عابرة‬ ‫تستوجب إمهاله بعض الوقت لتنفيذ إلتوامه‪ ،‬وأن تقدير الظروف اليت تستدعي منح املدين أجال مسألة موضوعية ضمن السلطة‬ ‫التقديرية للقاضي وهو ما تنص عليه املادة ‪ 5/122‬من القانون املدين اجلوائري بقوهلا‪ << :‬و جيوز للقاضي أن مينح املدين أجال‬ ‫حسب الظروف كما جيوز له أن يرفض الفسخ إذا كان ما مل يوىف به املدين قليل األمهية بالنسبة إىل كامل اإللتوامات>>‬ ‫‪ -2‬الفسخ اإلتفاقي والتلقائي ‪ :‬زيادة على الفسخ القضائي جيوز للطرفني أن يتفقا على أن يعترب عقد التفاوض مفسوخا‬ ‫من تلقاء نفسه مبجرد اإلخالل باإللتوامات الناشئة عنه دون احلاجة إىل حكم قضائي و هذا هو الفسخ التلقائي اإلتفاقي أو‬ ‫الشرط الصريح الفاسخ ‪،‬و هذا الشرط ال يعفى من ضرورة إعذار واجب و ال يقع الفسخ تلقائيا طاملا مل يتم اإلعذار و هو ما‬ ‫‪ -1‬حممد حسام حممود لطفي ‪ ,‬مرجع سابق ص ‪. 22 – 24‬‬ ‫‪ -2‬علي أمحد صاحل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.224‬‬ ‫‪ -3‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.222‬‬ ‫‪ -4‬نفس املرجع ‪،‬ص ‪.224‬‬


‫تنص عليه املادة ‪ 150‬من قانون املدين اجلوائري بقوهلا << جيوز االتفا على أن يعترب العقد مفسوخا حبكم القانون عند عدم‬ ‫الوفاء بااللتوامات الناشئة عنه مبجرد حتقيق الشروط املتفق عليها و بدون احلاجة الة حكم قضائي و هذا الشرط ال يعفى من‬ ‫االعذار ‪>>...‬‬

‫‪1‬‬

‫‪ -3‬حالة فسخ عقد التفاوض عندما يكون شرط الفسخ في عقد أصلي‪ :‬لقد أثريت هذه املسألة لدى القضاء الفرنسي‬ ‫يف حكم جاءت به حمكمة اإلستئناف بباريس‪ 2‬يتضح من احلكم أن فسخ عقد التفاوض عندما يكون شرطا يف عقد أصلي ال‬ ‫يؤدي إىل فسخ العقد األصلي بل يبقى هذا األخري قائما و صحيحا و بفسخ إتفا التفاوض وحده طاملا أن هذا األخري ال‬ ‫ينصب على عنصر جوهري للعقد األصلي أما إذا كان التفاوض متعلقا مبسألة جوهرية يتوقف عليها مصري العقد األصلي يف‬ ‫املستقبل كما هو احلال يف شرط إعادة التفاوض ملواجهة صعوبات تنفيذ العقد فإن فسخ إتفا التفاوض يؤدي حتما إىل فسخ‬ ‫العقد األصلي أيضا ذلك أن اإلتفا على التفاوض يهدف يف هذه احلالة إىل إنقاد العقد و من مث فإن مصري هذا األخري يكون‬ ‫متوقفا على جناح املتفاوض بشأنه‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬آثار المسؤولية التقصيرية‪ :‬إذا قامت مسؤولية املفاوض التقصريية إلتوم هذا األخري بتعويض الطرف اآلخر املضرور عما‬ ‫أصابه من ضرر من جراء خطئه و ذلك وفقا ألحكام نص املادة ‪ 154‬من قانون املدين اجلوائري و اليت تنص على أنه << كل‬ ‫عمل أيا كان يرتكبه املرء و يسبب ضررا للغري يلوم من كان سسبا يف حدوثه بالتعويض >>‪3‬يكون التعويض عن الضرر املباشر‬ ‫كله سواء كان ذلك الضرر متوقعا أو زري متوقعا و سواء كان حاال أو مستقبال ما دام حمققا و الضرر املباشر كما يتضح من نص‬ ‫ملادة ‪ 145‬من القانون املدين اجلوائري‪ 4‬يشمل عنصرين مها اخلسارة اليت حلقت باملضرور و الكسب الذي فاته و ذلك طبقا‬ ‫لقواعد املسؤولية التقصريية حيث يكفي أن يكون الضرر نتيجة طبيعية خلطأ املتفاوض كي يسأل عن تعويضه حىت ولو جتاوز هذا‬ ‫الضرر احلدود املتوقعة عادة‪ 5‬مع العلم أن املتفاوض ال يستطيع أن يشرتط أثناء املفاوضات إعفائه من املسؤولية التقصريية اليت‬ ‫ميكن أن تقوم مبناسبة فشل املفاوضات لكون أن هذا الشرط يقع باطال وال يعتد به وذلك تطبيقا ألحكام نص املادة ‪ 124‬من‬ ‫القانون املدين اجلوائري واليت تنص على أنه <<‪ ..‬وبطالن كل شرط يقضي باالعفاء عن املسؤولية النامجة عن العمل‬ ‫االجرامي‪ ،6>>..‬و يرجع السبب يف ذلك إىل أن املسؤولية التقصريية تعترب من النظام العام فيبطل لذلك كل إتفا خيالف‬

‫‪ -1‬على أمحد صاحل ‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 222‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‪ -2‬أنظر يف تفاصيل هذه القضية ‪ ,‬علي أمحد صاحل ‪ ,‬مرجع سابق ص ‪. 400 – 222‬‬

‫‪ -3‬تقابلها املادة ‪ 150‬من القانون املدين املصري << كل خطأ سبب ضرر للغري يلوم من ارتكبه بالتعويض >> ‪.‬‬ ‫‪ -4‬تنص املادة ‪ 145‬من القانون املدين اجلوائري على أنه << إ ذا مل يكن التعويض مقدرا يف العقد أو يف القانون فالقاضي هو الذي يقدره و يشمل التعويض ما حلق الدائن من‬ ‫خسارة و ما فاته من كسب بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتوام أو التأخري يف الوفاء به ‪ ,‬و يعترب الضرر نتيجة طبيعية اذا مل يكن يف استطاعة الدائن أن يتوقاه‬ ‫ببذل جهد معقول>> تقابلها املادة ‪ 551‬من القانون املدين املصري ‪.‬‬

‫‪ -5‬رجب كرمي عبد اهلل ‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 442‬‬ ‫‪ -6‬تقابلها املادة ‪ 512‬من القانون املدين املصري <<يقع باطل كل شرط يقضي باالعفاء من املسؤولية املرتتبة على العمل الغري مشروع>>‪.‬‬


‫أحكامها‪ 1‬فإذا قام اإللتوام التقصريي فإن اجلواء القابل للتنفيذ يف حالة املسؤولية التقصريية هو احلكم بالتعويض للطرف املضرور‬ ‫وقد سبق لنا وأن شرحنا كيفية التنفيذ العيين مبقابل أو عن طريق التعويض‪.2‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬القانون الواجب التطبيق على التفاوض في عقود التجارة الدولية‬ ‫مادمنا بصدد دراسة النظام القانوين لتفاوض يف عقود التجارة الدولية استوجب علينا دراسة القانون الواجب التطبيق على‬ ‫املفاوضات اخلاصة بعقود التجارة الدولية يف حد ذاهتا‪ ،‬فما هو القانون الواجب التطبيق على هذه املفاوضات وكذلك القانون‬ ‫الواجب التطبيق على العقود التجارة الدولية وقد تناولنه فيما سبق بإختصار حيث ال يتسع املقام لذلك لنتناول بعدها موضوع‬ ‫القانون الواجب التطبيق على املسوؤلية الناجتة على اإلخالل بإلتوامات التفاوض على عقود التجارة الدولية‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫أوال‪ :‬القاعدة القانونية الواجبة التطبيق على المفاوضات‪ :‬وبرجوع لقواعد العامة من أجل إرساء ولو بشكل منوذجي لقواعد‬ ‫أو القانون الواجب التطبيق جند أنفسنا يف فراغ تشريعي للتفاوض‪:‬‬ ‫‪ .1‬الفراغ التشريعي للتفاوض‪ :‬يف القرن املاضي مل تكن ظاهرة املفاوضات قد بدأت بعد‪ ،‬حيث إن العقود كانت بسيطة ومتشيا‬ ‫مع ذلك‪،‬كان طبيعيا أن يأيت القانون املقارن خليا من إشارة للمفاوضات‪ ،‬وهذا ما يظهر يف القانون األملاين أو قانون‬ ‫االلتوامات السويسري‪ ،‬والقانون املدين الفرنسي وكذلك القانون اجلوائري‪ .‬ومل ينتبه إىل ما تثريه املفاوضات من مشكالت‪ ،‬إال‬ ‫بعض القوانني‪ ،‬وإن كان على حنو مبتور كما هو الشأن بالنسبة للقانون املدين األردين لسنة ‪ ،1224‬حيث أشار إىل‬ ‫التفاوض يف الفقرة الثانية من املادة ‪ 24‬واليت إعتربت أن النشر واإلعالن وبيان األسعار اجلاري التعامل هبا وكل بيان آخر‬ ‫متعلق بعرض أو بطلبات موجهة للجمهور أو لألفراد فال يعترب عند الشك إجيابا وإمنا يكون دعوى إىل التفاوض‪ ،‬وكذلك‬ ‫نصت الفقرة األوىل من املادة ‪ 100‬من ذات القانون على أنه<<يطابق القبول اإلجياب إذا اتفق الطرفان على كل املسائل‬ ‫اجلوهرية اليت تفاوضا فيها‪ >>...‬وعليه فإن املشرع األردين مل يعاجل بالنص مرحلة املفاوضات وإمنا اكتفى باإلشارة إليها ‪،‬‬ ‫وباملقابل فإن هنا ك بعض التشريعات اليت أشارت بشكل صريح ملوضوع التفاوض ومنها القانون املدين االيطايل لسنة‪1245‬‬ ‫الذي أكد على ضرورة التوام حسن النية يف مفاوضات العقود وذلك يف املادة ‪ 1002‬حتت عنوان املسؤولية عن املفاوضات‬ ‫قبل التعاقد‪ .‬ويف نفس االجتاه ذهب املشرع اليوناين‪ ،‬حيث نص على نفس املبدأ يف املادتني ‪122‬و‪ 124‬من القانون املدين‬ ‫لسنة ‪ 1244‬كما جاء يف املادة ‪ 00‬من القانون املدين اليوزساليف لسنة ‪ 1224‬أن "املفاوضات اليت تسبق إبرام العقد ال‬ ‫تكون ملومة وميكن لكل طرف إهناءها يف أي وقت ‪ ،‬ومع ذلك فإن أي طرف يدخل يف مفاوضات دون أن تكون لديه النية‬ ‫يف إبرام العقد يكون مسؤوالا عن الضرر الذي ينتج عن هذه املفاوضات"‬ ‫‪ -1‬رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.442‬‬

‫‪4‬‬

‫أما خبصوص االتفاقيات الدولية‪ ،‬فنجد مباد‬

‫‪ -2‬علي أمحد صاحل ‪ ,‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.224‬‬ ‫‪ -3‬محدي حممود بارود ‪ ,‬حبث‪ :‬حنو إرساء تكيف قانوين جديد ملفاوضات العقد ‪ "،‬الطبيعة العقدية وآثارها " دراسة حتليليه تأصيليه منشور يف جملة جامعة األزهر بغوه ‪ ،‬سلسلة‬ ‫العلوم االنسانية ‪ 5010‬اجمللد ‪ 15‬العدد ‪1‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪. 04‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪ -‬عبد الرزا أمحد السنهوري ‪,‬الوسيط يف شرح القانون املدين ‪،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 544، 541‬‬


‫املعهد الدويل لتوحيد القانون اخلاص لسنة ‪ ،"UNIDROIT PRINCIPALES" 1224‬قد تناولت بشكل‬ ‫صريح مفاوضات العقود التجارية الدولية وذلك من خالل البنود ‪ 10‬و‪ 12‬و‪ 14‬من املادة الثانية حيث ينص البند ‪:12‬‬ ‫<< لألطراف حرية التفاوض وال يسألون عند عدم التوصل إىل اتفا >>‪ .‬مع ذلك يسأل الطرف الذي يتفاوض أو يقطع‬ ‫املفاوضات‪ ،‬بسوء نية‪ ،‬عما حلق بالطرف اآلخر من أضرار ويعد من قبيل سوء النية‪ ،‬بوجه خاص‪ ،‬دخول طرف يف التفاوض‬ ‫أو استمراره فيه بالرزم من نيته عدم التوصل إىل اتفا مع الطرف اآلخر وخبصوص اتفاقية فبينا لسنة ‪ 1240‬واملتعلقة بالبيع‬ ‫الدويل للبضائع‪ ،‬فيمكن القول أهنا مل تنظم مرحلة املفاوضات كمرحلة منفصلة عن اإلجياب هلا أحكامها وقواعدها اخلاصة‪.‬‬ ‫وإمنا اكتفت بتمييوها عنه‪ ،‬وذلك يف الفقرة الثانية من املادة ‪ 14‬اليت جاء فيها << وال يعترب العرض الذي يوجه إىل شخص‬ ‫أو أشخاص زري معينني إال دعوة إىل اإلجياب ما مل يكن الشخص الذي صدر عنه العرض قد أبان بوضوح عن اجتاه قصده‬ ‫إىل خالف ذلك >> ولكن ال مينعنا ذلك من وضع نظام جيعل األفراد تتفق عليه ‪.‬‬ ‫‪ .2‬التنظيم االتفاقي للتفاوض‪ :‬أنه من اجملايف أن ال نعرتف بأية قيمة قانونية هلذه األعمال‪ ،‬كما وأن جتريد املفاوضة من كل‬ ‫قيمة قانونية فيه إنكار إلرادة أطراف املفاوضة اليت جيب االعتداد ولو ببعض منها فيما ال يتعارض معارضة صارخة للعقد‬ ‫النهائي فحيث إن الفكر القانوين قد استقر على أن العقد‪ ،‬بشكل عام‪ ،‬هو توافق إرادتني أو أكثر على إحداث اثر قانوين‬ ‫معني‪ ،1‬وهذا األثر هلو جوهر ومثرة للرتاضي واالتفا بني الطرفني‪ ،‬وهو ال يكون كذلك إال مبقتضى ما وضعوه له من حمددات‬ ‫وضوابط أثناء التفاوض‪ .‬وإن ما يتصوره األطراف ويضعوه‪ ،‬تعترب بال شك قواعد سلوكية تضبط العالقة فيما بينهم‪ ،‬وهي‬ ‫قواعد قانونية خاصة‪ ،‬تشبه إىل حد ما القواعد القانونية الصادرة من السلطة التشريعية ‪ ،‬سواء من ناحية العدالة اليت يوجدها‬ ‫العقد واآلتية واملقبولة من اإلرادة‪ .2‬أو من ناحية األمان‪ ،‬املتمثل يف أن هذه القواعد املنظمة للعالقة بني أطراف التفاوض ال‬ ‫تأت من مصدر خارجي عنهم‪ ،‬بل هم صانعيها‪ ،‬فكما أن القاعدة القانونية العادية هي نتاج إرادة اجملتمع املتجسدة يف‬ ‫السلطة التشريعية‪ ،‬فإن القاعدة اإلتفاقية كذلك هي نتاج إرادة أطراف االتفا ‪ ،‬تأيت لتحرتم حقوقهم وحتقق التعاون بينهم‪،‬‬ ‫من هنا يعرتف املشرع ذاته بالعقد باعتباره قانون أو شريعة املتعاقدين‪.3‬ومع تطور التجارة على الصعيد الدويل‪ ،‬وظهور عقودا‬ ‫دولية يتحتم التفاوض بشأهنا‪ .‬لكن هذا اإلهتمام ظل متفاوتا‪ ،‬األمر الذي ترتب عليه ااإلختالف التشريعي الذي نراه اليوم‬ ‫حول هذا املوضوع‪ ،‬مما أدى إىل إختالفات فلسفية متعلقة بالنظم القانونية للمفاوضات‪ .4‬و مازال الفقه احلديث يردد مببدأ‬ ‫السيادة ملا يتفق عليه األطراف من قواعد تضبط عالقاهتم‪ ،‬بل وأن العقد الدويل يعترب القانون التعاقدي الدويل أو القانون‬

‫ أمحد عبد كرمي سالمه‪ ,‬قانون العقد الدويل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪24‬وما بعدها‪.‬‬‫‪ - 2‬طالب حسن موسى "صيازة عقود التجارة الدولية‪ ،‬دراسة قانونية‪ ،‬ص ‪2‬ـ‪.15‬‬ ‫‪1‬‬

‫ طار احلموري ‪ ،‬صيازة وإبرام عقود التجارة الدولية ‪ ،‬ندوة قانونية ‪ ،‬شرم الشيخ ‪ ،‬مصر ‪ 52‬ـ ‪. 52‬‬‫‪4‬‬ ‫ أسامة حممد عثمان خليل ‪،‬حتديد القانون الواجب التطبيق حلل النواع يف منازعات عقود اإلستثمار األجنيب – دراسة مقارن القانون السوداين ‪,‬والقانون اإلمارايت منوج ا‪ ،‬من الرابط‬‫‪3‬‬

‫اإللكرتوين ‪:‬‬ ‫‪.http:// www.svdaneselaw.net / forum/ newthread.php ?do= newthread & f =4‬‬


‫الدويل لألطراف‪ ،‬حيث ينبع من احلرية الدولية لإلتفاقات‪ ،1‬ولقد إعرتف املعهد الدويل لتوحيد القانون اخلاص‬ ‫( ‪ ) UNIDROIT‬مببدأ احلرية التعاقدية الدولية‪ ،‬يف جمموعة املباد املتعلقة بعقود التجارة الدولية لعام‪ ،1224‬حيث‬ ‫نصت الفقرة األوىل من املادة األوىل على أن ‪ ":‬يكون األطراف أحرارا يف إبرام العقد ويف حتديد مضمونه ‪ ,‬وحىت تأيت هذه‬ ‫القواعد االتفاقية‪ ،‬اليت يتكون منها القانون التعاقدي الدويل‪ ،‬حمققة للعدالة واألمان‪ ،‬ومناسبة وكاملة ألطرافها‪ ،‬فهذا يقتضي من‬ ‫األطراف‪ ،‬بذل اجلهد يف حترير وصيازة االتفاقات اليت تتخلل التفاوض املمهد إلبرام العقد النهائي‪".‬‬

‫‪2‬‬

‫وتوويد االتفاقات يف حال عدم إضفاء الصفة العقدية عليها بشرط جوائي‪ ،‬لضمان عدم اإلخالل هبا‪ ،‬ملا هلذا الشرط من‬ ‫صفة عقدية ال ميكن جحدها‪ .‬وميكن أيضا إدراج شرط يقضي بتحديد مسؤولية كل طرف من أطراف العقد مبا ورد يف العقد‬ ‫ذاته‪ ،‬لتجنب أي خماطرة من املمكن أن يثريها أي إتفا قبل تعاقدي مستقبال‪ ,‬كما وميكن أيضا‪ ،‬النص على اإلعتداد‬ ‫باملفاوضات‪ ،‬أو النص على عدم اإلعتداد هبا‪ 3‬وهو ‪:‬‬ ‫أ‪ .‬النص على اإلعتداد باملفاوضات وذلك بتضمني عقدهم ما يفيد إعتدادهم وإلتوامهم هبذه املفاوضات ومن مث النص على‬ ‫ذلك يف العقد باعتبارها جوء ال يتجوأ منه ومن مث تكتسب القوة امللومة‪،4‬‬ ‫ب‪ .‬النص على عدم اإلعتداد باملفاوضات‪ :‬وللمتعاقدين أيضا إن أرادوا عدم اإلعتداد بأية قيمة قانونية ملفاوضاهتم سواء يف‬ ‫تفسري العقد أو تكملته أن يضمنوا عقدهم ما يفيد ذلك ‪،‬وهكذا فعلت الشروط العامة اليت وضعها جملس املعونة االقتصادية‬ ‫املتبادلة "الكومكون" حيث نص على إعتبار املراسالت واحملادثات السابقة على العقد عدمية األثر مبجرد إبرام العقد‪.‬‬ ‫كذا أيضا فعلت الشروط العامة رقم (‪ )410‬اليت وضعتها اللجنة االقتصادية األوروبية حيث نصت على جتريد املفاوضات‬ ‫السابقة الشفوية واملكتوبة اليت تكون خمالفة للعقد من كل أثر قانوين وورد ذلك أيضا يف عقد ترخيص لنقل التكنولوجيا حيث نص‬ ‫على أن‪ " :‬كل املفاوضات واملراسالت السابقة على توقيع هذا العقد تعترب الزيه" ‪ ،‬ولقد أشارت اتفاقية فينا إىل الدور الذي‬ ‫ميكن أن تلعبه املفاوضات يف تفسري العقد وهي بصدد احلديث عن مقاصد املتعاقدين فقالت بأن ذلك يكون‪ " :‬بأن تؤخذ يف‬ ‫اإلعتبار مجيع الظروف املتصلة باحلالة‪ ،‬السيما املفاوضات اليت تكون قد متت بني الطرفني" و القيمة القانونية هلذه اإلتفاقات أن‬ ‫القانون ال يرتب يف األصل على هذه املفاوضات أثرا قانونيا‪ ،‬فكل متفاوض حر يف قطع املفاوضة يف الوقت الذي يريد ‪ 5‬ولقد‬ ‫أثارت مسألة القيمة القانونية للمفاوضات خالفا كبريا يف فقه وقضاء التحكيم التجاري الدويل‪ ،‬حيث إنقسم بشأهنا إىل رأيني‪:‬‬ ‫الرأي األول‪ :‬يرى عدم اإلعرتاف بأية قيمة قانونية ألي عمل يسبق التعاقد‪ ،‬وعليه فبمجرد التوقيع على العقد فإن هذه‬ ‫األعمال تعترب الزيه وال قيمة هلا‪ ،‬وإذا وجد تعارض بينها وبني ما ورد يف العقد فال يعتد إال مبا ورد يف العقد‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬أمحد عبد كرمي سالمه‪ ،‬قانون العقد الدويل‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪. 12‬‬

‫ نفس املرجع ‪ ،‬ص ‪ 02‬ـ ‪. 40‬‬‫‪3‬‬ ‫ نفس املرجع ‪ ،‬ص ‪. 42‬‬‫‪2‬‬

‫ نفس املرجع ‪ ،‬ص‪.47‬‬‫‪5‬‬ ‫ رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.445‬‬‫‪4‬‬


‫الرأي الثاني‪ :‬ويرى بإسباغ الطابع القانوين على هذه املرحلة دون أن حيدد مدى القيمة القانونية هلذه األعمال‪ ،‬أي مل حيدد‬ ‫القوة امللومة هلا( ‪.)14‬وجيب من البداية إحرتام العادات واألعراف الدولية والتجارية وأن ال خترج هذه املفاوضان على القواعد‬ ‫اآلمرة والنظام العام اخلاص بالدولة املتفاوضة وقد نصت القواعد الواردة مبباد اليونيدروا على ذلك صراحة يف املادة ‪ 4/1‬من‬ ‫املباد اليت نص على أن ‪ << :‬ال تقيد هذه املباد تطبيق القواعد اآلمرة سواء كانت وطنية ‪ ،‬أم دولية ‪ ،‬أم عاملية األصل‬ ‫الواجبة التطبيق إعماال للقواعد وثيقة الصلة بالقانون الدويل اخلاص وذلك نظرا للطبيعة االختيارية للمباد >> وكذلك العرف‬ ‫يتكون دون أن يكون قد م تقنينه بعد ومبعىن أخر هو نوع ما زال يف طور التكوين وقد ينتهي إىل تكوين عرف ثابت باملعىن‬ ‫األول و بالنظر إىل ‪ 52‬حكم ا من أحكام التحكيم اليت نشرت واليت تصدره حمكمة حتكيم زرفة التجارة الدولية بباريس يتبني أن‬ ‫ستة فقط من العقود حمل النواع قد تضمنت شرط ا حيدد القانون الواجب التطبيق ومخسة منها قد أخضعت العقد إلتفا األطراف‬ ‫على قانون وطين معني ولقد نصت اتفاقية فيينا للبيع الدويل للبضائع سنة ‪ 1240‬على وجوب التوام األطراف باألعراف حيث‬ ‫نصت على أنه ‪ <<:‬يلتوم الطرفان باألعراف اليت اتفق عليها وبالعادات اليت استقر عليها التعامل بينهما >> كما أن معهد‬ ‫القانون الدويل اهتم كثريا بالعادات واألعراف التجارية كمصدر إلتوام ألطراف التفاوض يف العقود التجارة الدولية وقد نص املعهد‬ ‫يف توصيته اليت أصدرها سنة ‪ 1222‬على األطراف بصفة خاصة أن خيتاروا القانون واجب التطبيق أو املباد اليت تطبق يف‬ ‫العالقات االقتصادية الدولية أو القانون الدويل ولقد أمجع الفقهاء على أن عبارة املباد اليت تطبق يف العالقات االقتصادية‬ ‫الدولية أو القانون الدويل يف العادات واألعراف التجارية ويتضح من هنا الدور املهم الذي تقوم به العادات واألعراف التجارية يف‬ ‫حياة عقود التجارة الدولية لذلك يتعني على املتفاوض يف تلك العقود أن يكون ملما هبا حىت يتجنب املشاكل املستقبلية يف حياة‬ ‫العقد وكل ما سبق يبني لنل القواعد القانونية اليت ميكن إتباعها إلرساء القاعدة القانونية الواجب التطبيق و يبقى القانون الواجب‬ ‫التطبيق على املفاوضات يف عقود التجارة الدولية مرتكو على نقطة أساسية وهي إخالل أحد األطراف باإللتوامات املتفق عليها‬ ‫ضمنا أو صرحة لذا نرى أن إشكالية القانون الوجب التطبيق ال تثار عادتا إال يف حالت نشؤ املسوؤلية وثبوت اإلخالل‬ ‫باإللتومات اخلاص بالتفاوض لذى يطرح التساؤل حول القانون الوجب التطبيق على املسوؤلية الناتج يف مرحلة التفاوض‪.1‬‬ ‫ثانيا القانون الواجب التطبيق‪ :‬وتبقى مشكلة أخري وهي القانون الواجب التطبيق على هذه املسوؤلية وإن كان النواع ذا طابع‬ ‫دويل وهو عندم يكون أحد أطرافه شخصا أجنيب‪ ،‬أو م التفاوض يف بلد أجنيب وهذا ما حيدث عادة يف املفاوضات على عقود‬ ‫التجارة الدولية ومبعىن آخر هو العقد الذي يشتمل على عنصر أجنيب ويكمن السبب احلقيقي هلذه اإلشكالية وراء التباين الكبري‬ ‫يف احللول املتبعة يف القانون املقارن بشأن هذه املسوؤلية حيث ال تتفق القوانني املختلفة على كلمة سواء‪ ،‬بسبب إختالف‬ ‫التكييف القانوين للعالقات والروابط بني أطراف عملية التفاوض‪ ،‬وهو تكييف خيضع لقانون القاضي كما هو معروف فمرحلة‬ ‫التكيف هي أول ما يتعرض له القاضي عندم تقدم له مسألة مشتملة على عنصر أجنيب ‪ ،‬إذ جيب عليه قبل كل شيء أن يدخل‬ ‫العالقة املعروضة عليه يف نظام من النظم القانونية حىت يعرف القانون الذي يسند إليه حكمها أي أن مرحلة التكيف تسبق‬

‫‪1‬‬

‫‪ -‬أمحد عبد كرمي سالمه‪ ،‬قانون العقد الدويل‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.70‬‬


‫بالضرورة مرحلة اإلسناد ‪ .1‬فإذا عرض على القاضي نواع معني فهو يبحث هل هذا النواع شكلي أي ينصب على شكل التصرف‬ ‫وحينه خيضع لقانون شكلي أو هو نواع ينصب على املوضوع فيخضعه لقانون املوضوع‪ . 2‬وبااللتايل تطبق قاعدة اإلسناد املقررة‬ ‫بشأن املسؤولية عن الفعل فطاملا ال يوجد إلتوام عقدي بالدخول يف املفاوضات ومتابعتها‪ ،‬فالواقع أنه ال يوجد زري إخالل بالثقة‬ ‫املشروعة للطرف اآلخر وخروجا على إلتوام حسن النية يف متابعة التفاوض ترتتب املسؤولية إن توفرت شروطها ‪.‬وخاصة وأن معظم‬ ‫الدول املعاصرة تفر بني العقد والفعل الضار ‪،‬وجتعل املسؤولية العقدية جواء اإلخالل بالعقد و املسوؤلية التقصريية جواء الفعل‬ ‫الضار ومن األمهية حتديد إن كان التفاوض يف إطار تعاقدي أم ال وذلك حىت يتسىن لقاضي تكيف العالقة وفقا اإلجتاه السائد يف‬ ‫احلياة العملية‪ ،‬وهذاما قضى به القضاء الفرنسي احلديث بتاريخ ‪ 50‬فرباير ‪ 1224‬على أننا نرى أنه إذا كان ال بد من إعمال‬ ‫قاعدة التنازع اخلاصة باملسؤولية عن الفعل الضار‪ ،‬وتطبيق قانون حمل حدوث الواقعة املنشئة لإللتوام بالتعويض‪ ،‬فإنه ميكن‬ ‫التخفيف من مجود تلك القاعدة وتطويعها‪ ،‬بإعمال نظرية القانون احمللي اإلجتماعي‪ ،‬أي قانون الدولة اليت ترتكو فيها معظم‬ ‫العناصر والظروف اليت أحاطت بوقوع الضرر‪ ،‬كقانون اجلنسية املشرتكة‪ ،‬أو املفاوضات أو قطعها يف مواجهته‪ ،....‬كل ذلك‬ ‫باملفهوم املعروف لنظرية القانون احمللي اإلجتماعي واملعروف يف جمال تنازع القوانني يف جمال املسؤولية عن العمل الضار‪.‬ومن ناحية‬ ‫أخرى ويف التكييف التقصريي للمسؤولية الناشئة عن قطع أو إهناء املفاوضات‪ ،‬وبالتايل عدم تطبيق القانون املختص باملسؤولية عن‬ ‫الفعل الضار‪ ،‬حيث أن املفاوضات ليست زري مقدمة إلبرام عقد‪ ،‬وجيب أن جتري على ما ترسخ لدى طرفيها من عالقات ثقة‬ ‫وتعاون‪ ،‬وحيدث خالل تلك املفاوضات العديد من اإلشارات والتأثريات خبصوص العقد املومع إبرامه‪ ،‬فإذا أخل أحد أطراف‬ ‫التفاوض مبا جيب عليه حىت يتكون العقد أمكن مساءلته على أساس فكرة اخلطأ يف تكوين العقد‪ ،‬أو عدم بذل العناية الواجبة‬ ‫لتكوين العقد‪ .3‬و قضاء التحكيم يعترب األصل هو أن قطع املفاوضات وعدم متابعتها حبسن نية‪ ،‬كطرح مقرتحات زري مقبولة‪ ،‬أو‬ ‫التظاهر بأنه جاد يف التفاوض يف حني أنه يفكر بإجراء مفاوضات موازية مع طرف ثالث‪ ،‬أو يتعمد تضليل سبيل املفاوضات حىت‬ ‫جيرب الطرف اآلخر على إختاذ قرار خاطئ يضر مبركوه املايل أو التجاري‪ ،‬ال يرتب زري املسؤولية التقصريية عن تعويض األضرار ‪،‬‬ ‫وبالتايل حيل تنازع القوانني أمام قضاء التحكيم بأعمال قاعدة اإلسناد املالئمة واخلاصة باملسؤولية عن الفعل الضار‪ .‬زري أنه يظل‪،‬‬ ‫مع ذلك‪ ،‬من سلطة القاضي أو احملكم‪ ،‬أن يستخلص وجود إتفا حقيقي ملوم لطرفيه بالتفاوض من أجل إبرام العقد النهائي‪،‬‬ ‫وذلك من ظروف ومالبسات العملية التفاوضية وخطابات النوايا املتبادلة بني طريف التفاوض‪ .‬وهنا تنعقد املسؤولية التعاقدية إن‬ ‫أخل أحدمها بالتواماته‪ ،‬وتسري يف حالة تنازع القوانني‪ ،‬قاعدة اإلسناد اخلاصة بالعقود الدولية وبالنسبة ملباد املعهد الدويل‬ ‫لتوحيد القانون اخلاص كان مبدأ حرية املفاوضات وعدم ترتيب مسؤولية على قطعها هو الغالب ‪ ،‬إال يف حالة سوء النية‬ ‫والتعسف‪ ،‬وتقوم املسؤولية على أساس اخلطأ التقصريي‪ ،‬فمن الطبيعي أن تتجه مباد املعهد الدويل لتوحيد القانون اخلاص‪،‬‬ ‫املوضوعة عام ‪ 1224‬خبصوص عقود التجارة الدولية‪ ،‬إىل األخذ هبذا اإلجتاه‪ .‬فقد نصت صراحة الفقرة الثانية من البند ‪ 12‬من‬ ‫‪1‬‬

‫‪ -‬أمية حسن علوان ‪ ,‬مالحظات حول القانون الواجب التطبيق على املسوؤلية قبل التعاقدية عن قطع املفاوضات يف العقود الدولية ‪ ,‬حبث مقدم لندوة املنظمة التعاقدية للقانون‬

‫املدين ومقتضيات التجارة الدولية ـ معهد قانون األعمال الدوىل ‪ ,‬كلية احلقو ‪ ,‬جامعة القاهرة ‪ ,‬باإلشرتا ك مع القسم العلمي والفين للبعثة الثقافية التابعة لسفارة فرنسا ونقابة حمامي‬ ‫باريس ـ ‪ 0/5‬جانفي ‪ ، 1220‬ص ‪. 2‬‬ ‫ على أمحد صاحل ‪ ،‬املفاوضات يف عقود التجارة الدولية ‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪.51‬‬‫‪3‬‬ ‫ رجب كرمي عبد اهلل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.444‬‬‫‪2‬‬


‫املادة الثانية على أنه‪<< :‬ومع ذلك‪ ،‬فإن الطرف الذي يتصرف بسوء نية‪ ،‬يف مسلكه أو قطع املفاوضات يكون مسؤوال عن‬ ‫الضرر الذي يسببه للطرف اآلخر>> ‪ .1‬وقد أكد هذا املعىن نص الفقرة ‪ 0‬من املادة ‪ 12-5‬من جمموعة املباد املتعلقة بعقود‬ ‫التجارة الدولية اليت أقرها معهد توحيد القانون اخلاص يف روما عام ‪ ،1224‬والذي جاء به‪<<::‬ويعترب سيء النية خصوصا‬ ‫الطرف الذي يفتتح أو يتابع املفاوضات وهو يعلم أن ليس لديه النية يف الوصول إىل إتفا >> أما بالنسبة اإلعتبارات القانونية‬ ‫اليت يتمسك هبا الفقهاء لتغليب تطبيق قانون الدولة املتعاقدة فتتجلى يف املواثيق الدولية هذه املواثيق اليت تتجلى يف قرارات اجلمعية‬ ‫العامة لألمم املتحدة ومنها القرار رقم (‪)1400‬بتاريخ (‪ )1245/15/14‬والقرار رقم (‪ )0121‬الصادر يف (‪)1220/15/12‬‬ ‫والقرار رقم (‪ )0501‬الصادر يف (‪ )1224/2/1‬والقرار رقم (‪ )0541‬الصادر يف ( ‪ . )1224/15/15‬وتعرب هذه القرارات‬ ‫مجيعها عن الرزبة الصادقة يف قطع أي روابط حمتملة النشؤ بني هذه العقود والقانون الدويل وبالتايل إخضاعها للقانون الوطين‬ ‫للدولة املتعاقدة‪ .‬تعترب اتفاقية واشنطن املوقعة يف (‪ )1242/0/14‬واليت أنشأت املركو الدويل لفض املنازعات املتعلقة باالستثمار‬ ‫من أهم اإلتفاقيات اليت حددت اختصاص قانون الدولة املتعاقدة حلكم النواع حيث نصت يف املادة (‪ )45‬الفقرة األوىل على أنه‪:‬‬ ‫تفصل حمكمة التحكيم يف النواع وفقا لقواعد القانون املختارة من األطراف ويف حال عدم وجود إتفا بني األطراف فإن احملكمة‬ ‫تطبق قانون الدولة املتعاقدة اليت تكون طرف يف املنازعات مبا يف ذلك القواعد املتعلقة بتنازع القوانني ومباد القانون الدويل‬ ‫املتعلقة باملنازعة املعروضة علي ونالحظ من نص هذه املادة أن هنا ك فرضني يتم من خالهلما إعمال القانون الوطين للدولة‬ ‫املتعاقدة ‪:‬‬ ‫‪ -1‬هو حالة اختيار األطراف املتعاقدة له‪.‬‬ ‫‪5‬ـ‪ -‬حالة إعماله على الرزم من عدم اتفا األطراف على تطبيقه‪.‬‬ ‫وتضمنت إتفاقية روما املوقعة يف (‪ )1240/1/12‬املتعلقة بااللتوامات التعاقدية نصا حددت فيه العقود اليت ال تسري عليها‬ ‫هذه اإلتفاقية وحيث أن عقد الدولة مل يكن منصوصا عليه ضمن هذه العقود فهو مشمول بنصوص هذه االتفاقية وحيث أن هذه‬ ‫االتفاقية تنص على تطبيق قانون الدولة املتعاقدة على العقد يف حالة اإلختيار الصريح هلا من قبل األطراف وحىت يف حال زياب‬ ‫مثل هذا اإلختيار يتم تطبيق القواعد اآلمرة يف قانون هذه الدولة ويف زياب االتفا الصريح يطبق القانون األوثق صلة بالنواع وهو‬ ‫بالتأكيد قانون الدولة املتعاقدةوبذلك نالحظ إن اتفاقييت واشنطن وروما قد كرستا إختصاص قانون الدولة املتعاقدة حلكم النواع‪.‬‬ ‫وبالنسبة للمشرع اجلوائري من جانب آخر وبالرجوع للمادة ‪<< :12‬تنظيم التجارة اخلارجية من اختصاص الدول‪ ،‬حيدد القانون‬ ‫شروط ممارسة التجارة اخلارجية ومراقبتها>>‪ .‬ومن هنا نالحظ أن التجارة اخلارجية لدى املشرع اجلوائري ترتسم مبجموعة من‬ ‫القواع البقانونية أوهلا الدستور فهو القانون األساسي لدولة ومن مث القانون املدين وكذا قانون التجاري خبصوص املبادى اخلاص‬ ‫بالتبادل التجاري وكما أن قانون اإلستثمار له دور مهم يف تنظيم التجارة الدولية ولقانون الصفقات العمومية نفس األمهية لكونه‬

‫‪1‬‬

‫‪ -‬علي علي سليمان‪ ،‬مذكرات يف القانون الدويل اخلاص اجلوائري‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية‪ ،‬ط‪ ،5002 ،0‬اجلوائر‪ ،‬ص ‪.41‬‬


‫املنظم األساسي لعقود التجارة الدولية وهنا ك جمموعة أخرى كقانون املنافسة ومحاية املستهال وأمن املنتوجات ووصول لقانون البيئة‬ ‫فيمكن تضمني مواده يف بنود العقد الدويل إذا كانت الصفقة يف إطار قد يلحك ضرر مبحيط الدولة إخل‪.‬‬ ‫وخنلص يف األخري أن احلل األنسب هو تضمني القانون الواجب التطبيق ضمن البنود املتناقش عليها عند بدء املفاوضات أو‬ ‫اإلعتماد على قانون معني وإال تبقى لقاضي سلطة تكيف النواع ونفس األمر بالنسبة للمحكم‪.1‬‬ ‫ومما سبق نستنتج أن املفاوضات يف عقود الدولية تقوم عليها أحكام املسؤولية حىت وإن مل يوجد قانون خاص هبا ينظمها‬ ‫ويضعها يف إطارها القانوين وأن املسؤولية سوى كانت عقدية أو تقصريية فإهنا حمقق آلثارها وواجب اجلواء فيها مىت قام الدليل عن‬ ‫اإلخالل باإللتوامات اخلاصة هبا و م إثباته فإذا ثبت ويف ضل عدم وجود قانون خاص يسقط على هذه املسؤولية ميكن اإلستعانة‬ ‫بالتحكيم أو تطبيق القواعد واملبادى العامة والقواعد اخلاص باملعامالت التجارية ومباد التاجر‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫‪ -‬أمحد عبد كرمي سالمه‪ ,‬قانون العقد الدويل‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪. 44‬‬


‫اخلامتة‬


‫الخاتمة‪:‬‬ ‫هبذا نكون قد أمتمنا دراسة موضوع النظام القانوين لتفاوض يف عقود التجارة الدولية واليت تناولنا فيها دراسة املرحلة التفاوضية‬ ‫حيث حاولنا جاهدين توضيح أمهية املفاوضات‪ ،‬وكذا أمهية السعي لتقنينها ووضعها يف إطار قانوين واضح لتفادي املشاكل اليت‬ ‫نالحظها اليوم خبصوص التعامالت التجارية الدولية خاصة بني الدول املتقدمة والدول النامية ‪.‬‬ ‫وكما تظهر أمهية هذه املفاوضات واليت تقتضي من األطراف املتفاوضة ضرورة تنظيم مرحلة املفاوضات وزيادة فرص جناحها‬ ‫وكذا محاية املصاحل املشرتكة لألطراف املتفاوضة‪ ،‬يف مواجهة املخاطر اليت حتيطة هبم يف هذه املرحلة ومن ما جاء يف هذه الدراسة‬ ‫نستنتج أن املفاوضات من هذا النوع تستغر وقت طويل لذا يستحسن اإلعتماد على نظام قانوين منظم منذ بدايتها إىل حد‬ ‫اإلنتهاء منها وإبرام العقد‪.‬‬ ‫وقد بات واضحا بأن القواعد التقليدية تعاين من قصور واضح يف هذا اجملال مبا يربز احلاجة إىل تنظيم مرحلة املفاوضات‬ ‫ملواجهة هذا النقص الفادح‪ ،‬ألن هذه القواعد منظمة للعقد وقت إبرامه وتنفيذه كما هو احلال يف التشريع اجلوائري؛ كما أن‬ ‫التصور التقليدي يف إنعقاد العقد من إجياب وقبول أصبح أمر ال يتفق مع سري عملية املفاوضات يف الوقت املعاصر حيث يتعذر‬ ‫التعبري عن اإلرادة دفعة واحد ألنه أصبح التعبري عنها تدرجيا هو األمر املتفق مع مصاحل األطراف ‪.‬‬ ‫وأهم خطوة يف تنظيم املفاوضات هي اإلتفا على عقد التفاوض فهذا اإلتفا ينشأ إلتواما عقديا بالتفاوض فيتوفر عنصر‬ ‫األمان واجلدية يف التفاوض لتفادي مضيعت الوقت واجلهد واملال وحيمي األطراف من خماطر التفاوض خاصة وأن املسؤولية‬ ‫التقصريية ال توفر احلماية الكامل للمتفاوض ‪ -‬كما رأينا ‪.-‬‬ ‫ومن خالل هذه الدراسة نعرج على عدة توصيات ومقرتحات ‪،‬نأمل بضرورة مراعاهتا يف جمال املفاوضات يف عقود التجارة‬ ‫الدولية‪ .‬نأمل من رجال الفقه عامة ومن الفقهاء اجلوائريني خاصة بأن يولو موضوع املفاوضات وخاصة املتعلقة بالتعامالت‬ ‫التجارية والدولية اإلهتمام الذي يستحقه وأن يتم تناوله يف حركة قانونية مشرتكة بني الدول العربية واألجنبية من خالل الدراسات‬ ‫وأحباث مشرتكة ألهنا الوسيلة الفعالة لتقريب األفكار القانونية حول املفاوضات والتخلص من النظرية التقليدية لتفاوض ‪.‬‬ ‫وكما أصبح من الضروري على املشرع اجلوائري كغريه من الدول األخر تناول موضوع التفاوض وختصيص ما يستحقة من قواعد‬ ‫تنضمه ولو بإرساء قواعد عامة تطبق على مجيع أنواع املفاوضات ألن القانون كل ما أشتمل موضيع جديد دالالت على تطوره‬ ‫ومدى له من قيمة قانونية لتشريعه وذلك بأن يوضح ويفسر حقيقة العالقة بني الطرفني املتفاوضني ‪ ،‬لتشجيع القضاء على حل‬ ‫هذا النوع من املنازعات اليت تطرح أثناء فرتت التفاوض وهذا األمر الذي يؤدي إىل تأمني مرحلة املفاوضات والتحفيو على‬ ‫الدخول فيها وإبرام العقود وهذا ما يؤدي بدوره إىل إزدهار املعامالت التجارية واإلستثمارات ‪.‬‬


‫وإنشاء معاهد متخصصة كما هوموجود عند الدولة األجنبية إلعداد وتكوين وتأطري خنبة من املفاوضني املتخصيصني وفقا‬ ‫ألحدث األصول العلمية والتقنية يف علم املفاوضات لتمكني من حتقيق الكفاء اللومة لتفاوض لنتمكن من تقوية قدراتنا هبم يف‬ ‫احملافل الدولية وخاصة وأننا يف عصر املنافسة التجارية والتحديات الصعبة اليت جيب جماهبتا بالتفاوض اجليد ‪.‬‬ ‫فاإلستعداد واخلربة والدراسة السابقة ملوضوع التفاوض دراسة فنية ومالية وقانونية واإلستعان بأصحاب اإلختصاص من خرباء‬ ‫وتقنني خاصة يف جمال نقل التكنولوجيا وشراء األجهوة واآلالت ‪...‬‬ ‫و حيرص املفاوض منذ البداية أن يكون إبرام العقد صرحيا ومفصال باإللتوامات القانونية الواجب إحرتامها واحملدد وأن يرتبط‬ ‫التفاوض بشرط التعاقد وأن قواعد املسؤولية العقدية هي الوحيدة الواجبة التطبيق ‪،‬وهذا من شأنه أن جيسد مبدأ حسن النية يف‬ ‫املفاوضات كونه اإللتوام األساسي وصوال إىل إلتوامات الثانوية من سرية وإعالم وزريها حبيث يعرف كل طرف ما عليه وما له وأن‬ ‫يبني عقد التفاوض تفاصيل تنفيذه وإشتمله على النفقات اليت تنفق أثناء املفاوضات ‪.‬‬ ‫وألننا بصدد دراسة املفاوضات ذات الطابع الدويل جيب حتديد القانون الواجب التطبيق على املنازعات اليت ميكن أن تنشأ‬ ‫أثناء فرتة املفاوضات ألن احللول ليست واحد يف مجيع الدول فاملشرع األجنلوساكسوين ال يعرتف أصل بعقد التفاوض ‪.‬‬ ‫واإلعتماد على اإلتفا املرحلى وذلك بصيازة املسائل اليت م اإلتفا بشأهنا ألهنا الطريق األنسب لتنظيم التفاوض ودعم‬ ‫األطراف إلستمرار يف التفاوض ومن هنا يتحدد العقد اجلوئي ومن خالل هذا األخري ميكن حتديد املسائل الثانوية املتبقية وكما‬ ‫حيددفيه سلطة القاضي أو احملكم يف تكميل العقد النهائي ليكون العقد اجلوئي شرطا يف التفاوض ‪.‬‬ ‫وينبغي احليط عند التوقيع وإختيار املصطلحات خاصة إذا كانت بلغة أجنبية وعند تبادل احملرارات ألن تغريها قد يأثر يف‬ ‫القيمة القانونية هلا وينبغي أيضا أن يكون املتفاوض متأهب ومتحمل يف أي حلظة لقطع املفاوضات و تكون صيازة العقود‬ ‫مراعية الدقة والوضوح وأن تكون مفصلة قدر اإلمكان فإذا إعتمداء املفاوض على هذه النصائح يكون بذلك قد تفاد كل العوائق‬ ‫اليت قد حتيط به أثناء التفاوض ‪.‬‬

‫"متت بعون اهلل ومحده"‬


‫قائمة املصادر و املراجع‬


‫قائمة المراجع ‪:‬‬ ‫أوال ‪ - :‬باللغة العربية‬ ‫‪- 1‬النصوص القانونية‬ ‫‪ 1.‬االتفاقيات الدولية‬ ‫‪-‬‬

‫اتفاقيات األمم املتحدة بشأن عقود البيع الدويل‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫النظام الداخلي ملنظمة التجارة العاملية‪.‬‬

‫‪ 2.‬النصوص القانونية‬ ‫‪-‬‬

‫القانون رقم ‪ 12-04‬املؤرخ يف ‪ 12‬نوفمرب ‪ ، 5004‬يتضمن التعديل الدستوري ‪ ،‬املنشور يف اجلريدة الرمسية اجلوائرية‬

‫العدد ‪ ، 40‬املؤرخة يف ‪ 14‬نوفمرب ‪.5004‬‬ ‫‪-‬‬

‫قانون رقم ‪ 05-04‬مؤرخ يف ‪ 50‬يونيو سنة ‪ ، 5004‬حيدد القواعد املطبقة على املمارسات التجارية ‪ ،‬املنشور يف‬

‫اجلريدة الرمسية عدد ‪ ، 41‬املعدل واملتمم بالقانون رقم ‪ 04-10‬مؤرخ يف ‪ 2‬رمضان عام ‪ 1401‬املوافق ‪ 12‬زشت سنة‬ ‫‪ ، 5010‬جريدة رمسية عدد ‪.44‬‬ ‫‪-‬‬

‫القانون ‪ 10-02‬املؤرخ يف ‪ 50‬يونيو ‪ ، 5002‬يعدل و يتمم األمر ‪ 24-22‬املؤرخ يف ‪ 54‬سبتمرب ‪ ، 1222‬و‬

‫املتضمن القانون املدين ‪ ،‬املنشور يف اجلريدة الرمسية العدد ‪ ، 44‬الصادرة بتاريخ ‪ 54‬يونيو ‪.5002‬‬ ‫‪-‬‬

‫األمر ‪ 02- 22‬املؤرخ يف ‪ 52‬جانفي ‪ ، 1222‬املتعلق بالتأمينات ‪،‬املنشور يف اجلريد الرمسية عدد ‪ ، 10‬الصادرة‬

‫بتاريخ ‪ 4‬مارس ‪.1222‬‬ ‫‪-‬‬

‫األمر ‪ 00-00‬مؤرخ يف ‪ 12‬جويلية ‪ 5000‬يتعلق باملنافسة ‪ ،‬املنشور يف اجلريدة الرمسية عدد ‪ 40‬الصادرة يف ‪50‬‬

‫جويلية ‪ ، 5000‬املعدل و املتمم ‪.‬‬ ‫‪ 3.‬النصوص التنظيمية‬ ‫‪-‬‬

‫مرسوم رئاسي رقم ‪ 504-10‬مؤرخ يف ‪ 54‬شوال عام ‪ 1401‬املوافق ‪ 2‬أكتوبر سنة ‪ ، 5010‬يتضمن تنظيم‬

‫الصفقات العمومية ‪ ،‬املعدل واملتمم باملرسوم الرئاسي رقم ‪ 00-10‬املؤرخ يف ‪ 10‬جانفي ‪ ، 5010‬اجلريدة الرمسية عدد ‪. 05‬‬


‫‪ -2‬الكتب‬ ‫‪.1‬‬

‫إيهاب كمال ‪ ،‬مهارات التفاوض ودبلوماسية اإلقناع‪ ،‬هيئة النيل العربية للنشر والتوزيع ‪ ،‬مصر ‪. 5002 ،‬‬

‫‪ .5‬أمحد عبد اجلليل سالما ‪ ،‬قانون العقد الدويل _ مفاوضات العقود الدولية ‪ ،‬القانون الواجب التطبيق _ الطبعة األوىل ‪،‬‬ ‫دار النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة ‪.5001 ،‬‬ ‫‪ .0‬أمحد عبد كرمي سالمه ‪ ,‬قانون العقد الدويل ومفاوضات العقود الدوليه ‪ ,‬الطبعة األوىل ‪ ,‬دار النهضة العربية ‪،‬القاهرة ‪،‬‬ ‫‪. 5001‬‬ ‫‪ .4‬مجال حواش ‪ ،‬التفاوض يف الألزمات واملوافق الطارئة ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ ،‬إيرتا ك لطباعة والنشر والتوزيع ‪ ،‬بدون بلد النشر‬ ‫‪. 5002 ،‬‬ ‫‪ .2‬خالص صاحل صايف ‪ ،‬ماهية املفاوضات التجارية ‪ ،‬املطبعة العصرية شيخي نور الدين ‪ ،‬اجلوائر ‪. 5015 ،‬‬ ‫‪ .4‬رجب كرمي عبد اهلل ‪ ،‬التفاوض على العقد ‪-‬دراسة تأصيلية حتليلية مقارنة ‪ ، -‬دار النهضة العربية ‪ ،‬القاهرة ‪5000 ،‬‬ ‫‪ .2‬زياد السمرة "فن التفاوض" ‪ ،‬الطبعة األول ى‪،‬دار أسامة للنشر و التوزيع ‪ ،‬عمان‪-‬االردن ‪. 5002،‬‬ ‫‪ .4‬صاحل ‪.‬صايف‪ .‬خالص ‪ ،‬االعالم التجاري واملفاوضات التجارية الدولية ‪ ،‬اطبعة األوىل ‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية ‪،‬‬ ‫اجلوائر ‪. 5001 ،‬‬ ‫‪ .2‬طالب حسن موسى ‪ ،‬املوجو يف قانون التجارة الدولية ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ ،‬الدار العلمية الدولية و مكتبة دار الثقافة للنشر‬ ‫و التوزيع ‪ ،‬عمان ‪. 5001 ،‬‬ ‫‪ .10‬طالب حسن موسى قانون التجارة الدولية ‪ ،‬الطبعة السادسة ‪ ،‬دار الثقافة للنشر والتوزيع ‪ ،‬عمان ‪ -‬األردن ‪،‬‬ ‫‪. 5004‬‬ ‫‪ .11‬عبد احلليم عبد اللطيف القوين ‪ ،‬مبدأ حسن النية وأثره يف التصرفات ‪ -‬يف الفقه اإلسالمي والقانون املصري ‪( -‬دراسة‬ ‫مقارنة ) ‪ ،‬بدون دار النشر ‪ ،‬القاهرة ‪.1222 ,‬‬ ‫‪ .15‬عبد الرزا أمحد السنهوري ‪،‬الوسيط يف شرح القانون املدين ‪ ,‬نظرية االلتوام بوجه عام – مصادر االلتوام ‪ ،‬اجلوء األول‬ ‫‪ ،‬دار احياء الثراث العريب ‪ ،‬بريوت ‪.5004،‬‬


‫‪ .10‬على على سليمان‪ ،‬مذكرات يف القانون الدويل اخلاص اجلوائري ‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ ،‬ديوان املطبوعات اجلامعية ‪ ،‬اجلوائر ‪,‬‬ ‫‪. 5002‬‬ ‫‪ .14‬علي أمحد صاحل ‪ ،‬املفاوضات يف عقود التجارة الدولية ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ ،‬دار هومه لطباعة والنشر و التوزيع ‪ ،‬اجلوائر ‪،‬‬ ‫‪. 5015‬‬ ‫‪ .12‬عمر سعد اهلل ‪ ،‬قانون التجارة الدولية ‪ -‬النظرية املعاصرة ‪ ، -‬الطبعة األوىل ‪ ،‬دار هومه ‪ ,‬اجلوائر ‪.5002 ،‬‬ ‫‪ .14‬فارو السيد عثمان ‪ ،‬التفاوض و إدارة األزمات ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ ،‬دار االمني للنشر و التوزيع ‪،‬مصر ‪. 5004 ،‬‬ ‫‪ .12‬حممد الصرييف ‪ ،‬التفاوض ‪ ،‬دار الفكر اجلامعي ‪ ،‬طبعة أوىل ‪ ،‬االسكندرية ‪ -‬مصر ‪.5002 ،‬‬ ‫‪ .14‬حممد حسام حممود لطفي ‪ ،‬املسؤولية املدنية يف مرحلة التفاوض ‪ ،‬النسر الذهيب للطباعة ‪ ،‬القاهرة ‪1222 ,‬‬ ‫‪ .12‬حممد حسن منصور ‪ ،‬العقود الدوليه _ ماهية و االنواع وتطبيقاته ‪،‬مفاوضات العقد إبرامه ومضمونه و آثاره ‪،‬صيازة‬ ‫اجلوانب التقنيه _ دار اجلامعه اجلديدة ‪ ،‬اإلسكندرية ‪. 5004 ،‬‬ ‫‪ .50‬حممد صربي السعدي ‪ ،‬شرح القانون املدين اجلوائري ‪ -‬مصادر االلتوام ‪،‬التصرف القانوين ‪،‬العقد واإلرادة املنفردة ‪، -‬‬ ‫اجلوء األول ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪،‬دار اهلدى ‪ ،‬اجلوائر ‪.1220 ،‬‬ ‫‪ .51‬حممد علي جواد ‪ ،‬العقود الدولية – مفاوضاهتا ‪ ،‬إبرامها ‪ ,‬تنفيذها ‪، -‬دار الثقافة لنشر والتوزيع‪ ،‬بابل _ العرا‬ ‫‪. 5010،‬‬ ‫‪ .55‬مصطفى حممود أبو بكر ‪ ،‬املرجع يف وظيفة االحتياجات و إدارة األنشطة اللوجستيه يف املنظمات املعاصرة ‪،‬الدار‬ ‫اجلامعية أبو اخلري للطباعة ‪ ،‬االسكندرية – مصر ‪. 5004 ،‬‬ ‫‪ .50‬مصطفى حممود أبو بكر‪ ،‬التفاوض الناجح مدخل اسرتاتيجي سلوكي ‪ ،‬الدار اجلامعية أبو اخلري للطباعة ‪ ،‬االسكندرية‬ ‫– مصر ‪. 5002 ،‬‬ ‫‪ .54‬نادر أمحد أبو شيخة ‪ ،‬أصول التفاوض ‪ ،‬دار املسرية للنشر والتوزيع والطباعة ‪ ،‬األردن ‪. 5011 ,‬‬ ‫‪ .52‬ياسر محاية ‪ ،‬فن التفاوض ‪ -‬فن أجراء الصفقات ‪ ،‬الطبعة األوىل ‪ ،‬دار كنوز لنشر و التوزيع ‪ ،‬بدون بلد النشر ‪،‬‬ ‫‪. 5015‬‬


‫‪ -1‬الرسائل و المذكرات‬ ‫‪ .1‬بن أمحد صليحة ‪،‬املسؤولية املدنيه يف حالة قطع املفاوضات ‪ ،‬مذكرة خترج لنيل شهادة ماجيستري فرع حقو ختصص‬ ‫قانون خاص ‪ ،‬جامعة ورقلة ‪ ،‬كلية احلقو و العلوم االقتصادية ‪. 5004 ،‬‬ ‫‪ -2‬الدراسات و الندوات‬ ‫‪ .1‬أمية حسن علوان ‪ ،‬مالحظات حول القانون الواجب التطبيق على املسؤولية قبل التعاقدية عن قطع املفاوضات يف‬ ‫العقود الدولية ‪ ،‬حبث مقدم لندوة املنظمة التعاقدية للقانون املدين ومقتضيات التجارة الدولية ـ معهد قانون األعمال الدوىل ‪،‬كلية‬ ‫احلقو ‪ ،‬جامعة القاهرة ‪ ،‬باالش رتا ك مع القسم العلمي والفين للبعثة الثقافية التابعة لسفارة فرنسا ونقابة حمامي باريس ـ ‪0/5‬‬ ‫جانفي ‪. 1220‬‬ ‫‪ .5‬حسن حممد وجبة ‪ ،‬مقدمة يف علم التفاوض االجتماعي و السياسي ‪ ،‬سلسلة عامل املعرفة ‪،‬سلسلة كتب ثقافية شهرية‬ ‫‪ ،‬يصدرها اجمللس الوطين للثقافة و الفنون و اآلداب ‪ ،‬الكويت ‪ ,‬أكتوبر ‪.1224‬‬ ‫‪ .0‬طار احلموري ‪ ،‬ندوة صيازة وإبرام عقود التجارة الدولية ‪ ،‬شرم الشيخ‪ ،‬مصر‪ 52_52 ،‬ديسمرب ‪، 5002‬‬ ‫‪ -3‬المواقع االلكترونية‬

‫‪ .1‬أسامة حممد عثمان خليل ‪ ،‬حتديد القانون الواجب التطبيق حلل النواع يف منازعات عقود االستثمار األجنيب‪-‬دراسة‬ ‫مقارن القانون السوداين ‪ ،‬والقانون اإلمارايت منوذجا ‪ ،‬من الرابط اإللكرتوين ‪:‬‬ ‫‪http:// www.svdaneselaw.net / forum/ newthread.php ?do= newthread & f =4‬‬ ‫‪ .5‬رسالة لنيل دبلوم املاسرت يف قانون األعمال "املفاوضات يف عقود التجارة الدولية" م التصفح بتاريخ ‪5015/11/52‬‬ ‫من الرابط‪:‬‬ ‫‪. http :// dc202 .4shared .com/ing/r8nNvpgv/preview.html‬‬ ‫‪ .0‬محدي حممود بارود ‪ ،‬حنو إرساء تكيف قانوين جديد ملفاوضات العقد ‪" ،‬الطبيعة العقدية وأثارها دراسة حتليلية‬ ‫تأصيلية منشور يف جملة جامعة األزهر بغوة ‪ ،‬سلسلة العلوم اإلنسانية ‪ ، 5010 ،‬اجمللد ‪ ،15‬العدد ‪ ،1‬ص‪ ،224-250.‬من‬ ‫الرابط اإللكرتوين‪:‬‬ ‫‪http//www.Alazhar,edu,ps/ Arabic deanships/higher ,edu/highe,education ,htn‬‬ ‫‪758723‬‬ ‫‪ .4‬طالب حسن موسى ‪،‬صيازة عقود التجارة الدولية ‪ ،‬دراسة قانونية ‪ ،‬من الرابط اإللكرتوين‪:‬‬ ‫‪http:// WWW.almohakmoonalarab –ahlamomtada.com / t30_topic‬‬


‫ باللغة الفرنسية‬- : ‫ثانيا‬ 1- A.LADE, Le constat judiciaire des pourparlers, R T D. com.1998 2- Christophe Paulin , Promesse et préférence , Rev , Tir , de droit commercial , N 03 , 1998 . 3- Philippe Le Tourneau , La rupture des négociations , Rev , Trid de droit commercial , N 03 , 1998. 4- Louis Rozes , Projets et accords de principe , Rev,Tri ,de droit commercial , N.03.1989


‫فهرس احملتويات‬


‫العنـوان‬

‫الرقم‬

‫الصفحة‬

‫‪10‬‬

‫آية قرآنية‬

‫‪-‬‬

‫‪10‬‬

‫إهداء‬

‫‪-‬‬

‫‪10‬‬

‫شكر وعرفان‬

‫‪-‬‬

‫‪10‬‬

‫مقدمة‬

‫‪0‬‬

‫‪10‬‬

‫الفصل األول‪ :‬األحكام العامة للمفاوضات في عقود التجارة الدولية‬

‫‪10‬‬

‫‪10‬‬

‫المبحث األول‪ :‬مفهوم التفاوض في عقود التجارة الدولية‬

‫‪10‬‬

‫‪10‬‬

‫املطلب األول‪ :‬تعريف املفاوضات و أمهيتها‬

‫‪10‬‬

‫‪10‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف املفاوضات‬

‫‪10‬‬

‫‪10‬‬

‫أوال‪ :‬التعريف اإلصطالحي‬

‫‪10‬‬

‫‪01‬‬

‫ثانيا‪:‬التعريف اللغوي‬

‫‪00‬‬

‫‪00‬‬ ‫‪00‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬األمهية القانونية للمفاوضات‬ ‫املطلب الثاين‪ :‬الظوابط املنظمة لعملية التفاوض يف عقود التتجارة الدولية‬

‫‪00‬‬ ‫‪00‬‬

‫‪00‬‬

‫الفرع األول‪ :‬الفرع األول‪ :‬الظوابط املنهجية‬

‫‪00‬‬

‫‪00‬‬

‫الفرع الثاين‪ :‬الظوابط البشرية لعملية التفاوض‬

‫‪00‬‬

‫‪00‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬الطبيعة القانونية لتفاوض في عقود التجارة الدولية والعقود المنظمة لها‬

‫‪00‬‬

‫‪00‬‬

‫المطلب األول ‪ :‬الطبيعة القانونية للتفاوض في عقود التجارة الدولية‬

‫‪00‬‬

‫‪00‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬الطبيعة املادية للتفاوض‬

‫‪00‬‬


‫‪00‬‬

‫الفرع الثاين ‪ :‬الطبيعة العقدية للتفاوض‬

‫‪00‬‬

‫‪00‬‬

‫املطلب الثاين ‪ :‬العقود التمهيدية يف مرحلة املفاوضات يف عقود التجارة‬

‫‪01‬‬

‫‪01‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬العقود و اإلتفاقات التمهيدية اليت ال ترتب إلتوامات‬

‫‪00‬‬

‫‪00‬‬ ‫‪00‬‬

‫الفرع الثاين ‪ :‬العقود التمهيدية و االتفاقيات اليت ترتتب التوام‬ ‫الفصل الثاني ‪ :‬أحكام المسؤلية المتعلقة بالتفاوض في عقود التجارة الدولية‬

‫‪00‬‬ ‫‪00‬‬

‫‪00‬‬

‫المبحث األول ‪ :‬إلتزامات األطراف المفاوض وطبيعة مسؤليتهم‬

‫‪00‬‬

‫‪00‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬إلتوامات األطراف خالل مرحلة املفاوضات‬

‫‪00‬‬

‫‪00‬‬

‫الفرع األول‪ :‬اإللتوام األساسي لتفاوض‬

‫‪00‬‬

‫‪00‬‬

‫الفرع الثاين اإللتوامات الثانوية لتفاوض‬

‫‪00‬‬

‫‪00‬‬

‫املطلب الثاين ‪:‬الطبيعة القانونيه للمسؤولية يف التفاوض على عقود التجارة الدولية‬

‫‪00‬‬

‫‪00‬‬

‫الفرع األول ‪ :‬طبيعة مسؤولية املفاوضات يف عقود التجارة الدولية لدى الفقه التقليدي‬

‫‪00‬‬

‫‪00‬‬

‫الفرع الثاين ‪ :‬طبيعة مسؤولية املفاوضات يف عقود التجارة الدولية لدى الفقه املعاصر‬

‫‪00‬‬

‫‪00‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬األساس القانوني لمسؤولية الناتجه عن التفاوض في عقود التجارة الدولية و‬

‫‪00‬‬

‫القانون الواجب التطبيق‬ ‫‪00‬‬

‫املطلب األول ‪ :‬أساس املسؤولية يف مرحلة التفاوض‬

‫‪00‬‬

‫‪00‬‬

‫الفرع األول‪ :‬املسؤولية العقدية عن اإلخالل بإتفا التفاوض‬

‫‪01‬‬

‫‪00‬‬

‫الفرع الثاين ‪ :‬املسؤوليه التقصريية يف مرحلة التفاوض‬

‫‪00‬‬

‫‪00‬‬ ‫‪00‬‬

‫املطلب الثاين‪ :‬آثار املسؤولية الناجتة على عملية التفاوض و القانون الواجب التطبيق‬ ‫الفرع األول‪ :‬أثار املسؤولية املدنية ملرحلة املفاوضات‬

‫‪00‬‬ ‫‪00‬‬


‫‪00‬‬

‫الفرع الثاين ‪ :‬القانون الواجب التطبيق يف على املفاوضات‬

‫‪00‬‬

‫‪00‬‬

‫الـ ـ ـ ـخـ ـ ـاتم ـ ـ ـة‬

‫‪00‬‬

‫‪01‬‬

‫ال ـ ـمـ ـراجـ ـ ـ ـ ـع‬

‫‪00‬‬

‫‪01‬‬

‫فهرس المحتويات‬

‫‪III‬‬


‫النظام القانوني للتفاوض في عقود التجارة الدولية‬ ‫هدفت الدراسة إلى بلورة إطار قانوني حول التنظيم القانوني للمفاوضات في عقود التجارة الدولية وذلك من خالل دراسة‬:‫ملخص‬ ‫المفاهيم العامة للتفاوض وتحديد طبيعته باإلعتماد على آراء الفقهاء والنضريات السابقة لنتمكن بعدها من دراسة العقود واإلتفاقيات‬ ‫لننتقل بعدهالألحكام العامة للمسؤلية وذلك من خالل دراسة إلتزمات األطراف خالل مرحلة التفاوض في حدود‬، ‫الخاصة بهذه المرحلة‬ ‫لنستنتج أن هذه االلتزامات تخضع للمسؤوليةالمدنية في حالة اإلخالل بها كون مرحلة المفاوضات مرحلة ما قبل‬، ‫العقود التجارة الدولية‬ . ‫عقدية تخضعللمسؤلية وهذا ما إتفقت عليه اآلراء الفقهية التقليدية والحديثة‬ . ‫وقد وضحت الدراسة األساس القانوني للمسؤلية الناتجة عن التفاوض وتحديد القانون الواجب التطبيقفي حالة قيام هذه المسؤلية‬ ‫قطع المسؤلية قبل صدور اإليجا‬، ‫ اإللتزام بالتفاوض‬، ‫ اإلتفاق بالتفاوض‬، ‫مبدأ حسن النية‬، ‫مرحلة التفاوض‬: ‫الكلمات الدالة‬ . ‫مسؤولية المفاوضات‬،

Le système juridiquedenégocierdes contratscommerciaux internationaux Résumé:Cette étude visait àdévelopperun le sujet dela réglementation juridique desnégociations dans lescontratscommerciaux internationaux et ce là,en étudiant lesconcepts générauxde la négocier, et de déterminer sa nature, en s'appuyant les opinions dessavantset des théories qui a dija ce concept, des contrats et desaccords,puis,nous passons à l’etude desdispositionsgénérales de la responsabilité dece la à travers l'étude des engagement, et enfin, nous expliquent les partiesau cours dela phase de négociationdans les limites descontratscommerciaux internationaux,pour conclure quece engagements sont soumis à la sujet de la responsabilitécivileen cas de manquement puisque la phase de neggociations,qui est considérée comme une phqse de pre contra.et soumise à la responsabelilité civile et c’est le consensus autre le théorie traditionnel et moderne. L'étudeaexpliquéle fondement juridique dela responsabilitérésultantde la négociation etla détermination de laloi applicabledans le cas oùcette responsabilité.

Mots clés:la phase de négociation, leprincipe de bonne foi, ont accepté de négocier, l'obligation de négocier, couper responsabilité devantl'émission decela,la responsabilitédes négociations.

The legal system to negotiateininternationaltradecontracts Summary: This study aimed todevelop aframe of mindabout thelegal regulation of thenegotiations in theinternational trade contractsand through thestudy andstand onthe general conceptstonegotiate anddeterminethenatureofrelyingonthe views ofscholarsandAlndharaatearlierso that we canthenstudyofcontractsandagreementsat this stage, to explainthe general provisions ofresponsibilityand that of throughstudycommitmentthepartiesduringthenegotiationphasewithin the limits ofinternationaltradecontracts, toconcludethatthesesubjectofcivilresponsibilityin case of breachbythe fact thatthestageofpre-negotiations are subject tocontractualresponsibilityandthisiswhatwas agreed uponconsensustraditional and modernjurisprudence. The studyexplainedthe legal basis fortheresultingresponsibilityfornegotiating anddeterminingthe applicable law inthe event thatthisresponsibility.

Key words: the negotiation stage, theprincipleofgoodfaith, agreedto negotiate, theobligation to negotiate, cutresponsibilitybefore the issuance ofso,theresponsibilityofthe negotiations.


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.