من أنا؟ اكتشاف وحتقيق هديف االمسى يف احلياة
ريك وارين
حتت إحلاح رغبتها في النيكوتني ،خرجت أشلي سميث البالغة من العمر 26عاما لتشتري علبة سجائر وكانت الساعة تعلن الثانية فجرأ في يوم السبت املوافق 12مارس 2005م .وعندما عادت إلى شقتها بحي دولوث (في مدينة اتالنتا عاصمة والية جورجيا األمريكية) فوجئت بأنها على موعد مع دراما رمبا لم حتدث من قبل مبثل هذه التفاصيل والنتائج. ففي اليوم السابق (يوم اجلمعة 11مارس 2005م) كان املتهم براين نيقولز البالغ من العمر 33عاما ماثالً أمام محكمة أتالنتا بتهمة اخلطف واالغتصاب .ومتكن بذكائه ومهارته وقساوة قلبه من خطف مسدس أحد احلراس ،قتل به القاضي وأثنني آخرين وهرب من مبنى احملكمة وهو يطلق الرصاص على البوليس الذي كان يقتفي أثره .واختفى في تلك املدينة الكبيرة ليقتل شخصا ً رابعا ً ليسرق منه السيارة، ويفشل البوليس في العثور عليه بالرغم من البحث الذي وصف بأنه األعظم كثافة في تاريخ والية جورجيا. رمبا كان اجملرم يبحث عن ضحية جديدة ليضيفها إلى سجل بطوالت القتل ،أو يبحث عن مأوي أو طعام أو ممارسة جنسية ،أو كل ذلك مجتمعا ً ،فهو يعرف أن مستقبله
مظلم واحلكم عليه باإلعدام مؤكد. وفي موقف السيارات املواجه لشقة أشلي وجد براين (األسود) الضحية املثالية في تلك الشابة (البيضاء) التي تُدخن سيجارة بعد الثانية صباحا ً وعائدة إلى شقتها مبفردها .فشلَّ حركتها وحتت تهديد املسدس دخل معها شقتها وأمرها باجللوس في حوض االستحمام (البانيو) بعد أن قيدها .اخلطوات التالية في معظم هذا النوع من القصص هي مسلسل االفتراس احليواني من اغتصاب وتعذيب وقتل .وإن حاصر البوليس املكان (هذا لو عرفوه) فتكون الضحية (إن كانت ال زالت حية) رهينة يساوم بها اجملرم على الهروب. وثقت أشلي أن هذا اجملرم مخلوق على صورة اهلل ،ولكن الصورة تشوهت باخلطية والسموم التي تأتي إليها من اجملتمع والتليفزيون وأصدقاء الشر .ولكن رمبا ال زال هناك ضمير خافت ميكن إشعاله. وأتخيل أنها أيضا ً وثقت (ولو في الالشعور) أنها مثل الصبي داود قد ميكنها االنتصار على جليات اجلبار مبقالع وبضع حصوات .ليس االنتصار اجلسدي بقتل جليات حسب مقاييس العهد القدمي ،ولكن باالنتصار الروحي بتحويل قلب جليات حتى ينضم إلى صفوف شعب اهلل. سألت أشلي براين عن قصته واستمعت باهتمام وإخالص .ثم حكت له قصتها وجروحها وحظها السيئ.
كيف أنها تزوجت وأجنبت ولكن من أربع سنوات راح زوجها نتيجة اعتداء بطعنات وقع بسببها ميتا ً بني ذراعيها. واستعطفته أنه لو قتلها اآلن فاالبنة ستكبر وهي يتيمة األبوين ستحمل أعباء نفسية فوق الطاقة عاملة أن كال األبوين قُتال بهذه الصورة ،ثم حكت أشلي لبراين كيف أنها وهي في هذا السن واجهت املوقف املؤلم بضعف واستسالم وانهزام ملدة أربع سنوات .كيف أنها أدمنت اخلمر وصدرت ضدها أحكام في قضايا قيادة السيارة حتت تأثيره .وكيف اضطرت لالستدانة وعملت في أحد املطاعم كمضيفة .وكيف أظلمت في وجهها احلياة حتى طلبت بنفسها من احملكمة السماح خلالتها لتكون الوصية على طفلتها ومستضيفة لها ..ولكنها اآلن في مسار العودة إلى اهلل والتعرف على الهدف من احلياة واالنتصار على املأساة الشخصية .وأن هناك كتابا ً يرشدها إلى ذلك ،عنوانه :احلياة املنطلقة نحو الهدف ملؤلفه ريك وارين ،وافق براين أن تقرأ له أشلي فقرات من الكتاب وأن حتدثه عن احملتويات ،فقرأت له الفقرة األولى من الفصل 33الذي عنوانه «كيف يتصرف اخلدام احلقيقيون» .وطلب منها إعادة قراءته .استمر احلديث سبع ساعات في أثنائها كان القاتل قد فك قيود الضحية، بل عرض عليها أن تخرج معه لكي ينقل السيارة ،ألن البوليس يعرفها من وصف أسرة القتيل .غامرت أشلي بالذهاب .قادت سيارتها خلف سيارته ملسافة ميلني .أثناء ذلك فكرت جديا ً في طلب البوليس على التليفون احملمول،
ولكنها رأت خطورة مواجهة دامية قد يُقتل فيها األبرياء وقد يهرب اجلاني مرة أخرى .فضلت االستمرار في مسار الربح الروحي حتى لو كانت هي ضحية هذا االختيار. عاد براين معها في سيارتها للشقة ..صنعت له فطورا ً... استمعت لقصته أكثر فأكثر ...أعلن توبته .صليا معا ً .انتهي إلي ..أنت أختي هذا املسار بقوله لها« :أنت مالك أرسله اهلل َّ وأنا أخوك في املسيح ..كنت ضاال ً ولكن اهلل قادني إليك». اقتنع براين أن رسالته في احلياة هي أن يُبشر في السجن بخالص املسيح .أما التفاصيل والتنفيذ فهي في أن يسلم نفسه للبوليس ويواجه احملاكمة .وأخذ التائب وعدا ً من أشلي أن تزوره في السجن ليتعرف منها أكثر على شخص املسيح. سمح براين ألشلي أن تغادر الشقة بسالم لكي تأخذ طفلتها من اخلالة وتذهب بها إلى الكنيسة حيث موعد نشاط األطفال .وفهمت أنه سوف ينتظر حتى تُبلغ هي البوليس ليحضروا للقبض عليه. خرجت أشلي في الساعة 30ر 9دقيقة صباحا ً ..وكان في إمكان براين أن يغير فكره ويهرب لكنه انتظر حتى جاء البوليس وهم غير ُمصدقني وحذرين .خرج لهم (الساعة 45ر 11ص) وهو يحمل راية بيضاء أمام عدسات التليفزيون وأمريكا كلها تشاهد ألن اجلرائد والتليفزيون كانت قد غطت قصة القتل في احملكمة والهروب في اليوم السابق.
حتدثت أشلي يومها على معظم قنوات التليفزيون الرئيسية ووكاالت األنباء واجلرائد .شهد الكثيرون أنهم لم يروا في حياتهم شهادة للمسيح بهذه القوة والتأثير. قالت مجلة تامي ( ،)Timeوهي نادرا ً ما تتحدث إيجابيا ً عن اإلميان املسيحي أو املسيحيني ،في عدد 28مارس (ص « )80إن النعمة وصلت بدون إعالن ُمسبق حلياة أناس أبعد ما يكونوا عن أن يتوقعوها أو يستحقوها ..لقد أرتهم جراحاتها كإنسانة ورأت هي نفسه اجملروحة ..كان اللقاء روحيا ً ..لقاء مع اهلل .كان سالح سميث الكتاب املشهور ..قرأت منه (للقاتل) الفصل 33الذي يُركز على دور اخلدمة املسيحية، وأن هناك في كل حلظة فرصة خلدمة اآلخرين .في هذا الفصل يقول املؤلف إن الفرص العظيمة للخدمة ال تتاح ملدة طويلة .إنها متر بسرعة وأحيانا ً ال تعود بسرعة وأحيانا ً ال تعود ثانية .رمبا تأتي لك الفرصة فقط مرة واحدة خلدمة هذا الشخص .إذن فانتهز تلك اللحظة». وهكذا جنت من موت محقق .وخلصت نفس قاتل أثيم، وافتدت مدينة عظيمة من مآسي أخرى كان ميكن أن حتدث، وغيرت مفهوم اجملتمع عن املرأة الضعيفة املستسلمة لسوء حظها ،وقدمت صورة ألوالد اهلل القادرين على االنتصار للحق واخلير ،ال بالسيف واإلرهاب بل بكلمة اهلل امل ُغيرَّة للحياة.
لقد ُوضعت على األرض ليكون لك دور ولكي تصنع إسهاما ً.
تأكل ،وتتنفس،
إنك لم تُخلق الستهالك املوارد ـ كي وحتتل فراغا ً .فقد صممك اهلل لكي يكون لك تأثيرٌ من خالل حياتك .وتقدم كثير من الكتب األكثر مبيعا ً نصائح مختلفة عن كيفية «احلصول» على أفضل ما في احلياة، ومع ذلك فليس هذا هو السبب الذي خلقك اهلل ألجله. لقد ُخلقت لتضيف إلى احلياة على األرض ،وليس لتأخذ منها فحسب .فإن اهلل يريدك أن ترد شيئا ً في املقابل. ذلك هو قصد اهلل الرابع حلياتك ،وهو «خدمتك» أو تطوعك .ويعطينا الكتاب املقدس التفاصيل التي تتعلق بهذا األمر.
لقد ُخلقت كي تخدم اهلل .إذ يقول الكتاب «ألننا نحن عمله مخلوقني في املسيح يسوع ألعمال صاحلة قد سبق اهلل فأعدها لكي نسلك فيها» 1.تلك «األعمال الصاحلة» هي خدمتك .فعندما تخدم اآلخرين بطريقة ما ،فإنك في الواقع تخدم اهلل 2وتتمم أحد مقاصد حياتك عندما تخدم اآلخرين بأية طريقة .سوف ترى في الفصلني القادمني كيف شكَّ لك اهلل بدقة من أجل قصده .ويصح أيضا ً بالنسبة لك ما أخبر اهلل به إرميا« ،قبلما صورتك في البطن عرفتك .وقبلما خرجت من الرحم قدستك .جعلتك نبيا ً للشعوب » 3.لقد ُوضعت على هذا الكوكب ألجل مهمة خاصة.
املقدس،
لقد خلصت كي تخدم اهلل .إذ يقول الكتاب «الذي خلصنا ودعانا دعوة مقدسة ال مبقتضى أعمالنا بل مبقتضى القصد (الهدف)» 4.لقد فداك اهلل حتى تتمكن من القيام «بعمله املقدس» .إنك لم تخلص عن طريق اخلدمة ،لكنك خلصت ألجل اخلدمة .فإن لديك مكانا ً، وهدفا ً ،ودورا ً ،ووظيفة إلمتامها في مملكوت اهلل ،وذلك يعطي معنى وقيمة عظيمني حلياتك. املقدس،
لقد كلف األمر يسوع حياته لشراء خالصك .فالكتاب املقدس يذكِّ رنا« ،ألنكم قد اشتريتم بثمن .فمجدوا
10
اهلل في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي هلل» 5.إننا ال نخدم اهلل بدافع من الذنب أو اخلوف أو حتى الواجب، بل بدافع الفرح ،واالمتنان العميق ألجل ما فعله ألجلنا. فنحن ندين بحياتنا له .فمن خالل اخلالص ،غُفر ماضينا، معنى حلاضرنا ،وأصبح مستقبلنا آمنا ً. وأُعطي ً وقد استنتج بولس على ضوء هذه املكاسب املذهلة« ،فأطلب إليكم أيها اإلخوة أن تقدموا أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند 6 اهلل عبادتكم العقلية». كما علَّمنا الرسول يوحنا أن خدمتنا املحُ بة لآلخرين تشير إلى أننا حقا ً قد خلصنا .فقد قال« ،نحن نعلم أننا قد انتقلنا من املوت إلى احلياة ألننا نحب اإلخوة» 7.فإن لدي محبة لآلخرين ،أو رغبة خلدمتهم ،وإن كنت لم تكن َّ علي أن أتساءل إذن عما مهتما ً فقط باحتياجاتي ،يجب َّ إذا كان املسيح حقا ً في حياتي ،فالقلب الذي نال اخلالص هو قلب يبتغي اخلدمة.
إن كلمة خدمة هي مصطلح آخر خلدمة اهلل يخطئ معظم الناس في فهمه .عندما يسمع الناس «خدمة»، فإنهم يفكرون في الرعاة ،والكهنة ،واإلكليروس احملترفني، إال أن اهلل يقول إن كل عضو في عائلته هو خادم .تُعتبر 11
كلمتا عبد وخادم في الكتاب املقدس مترادفتني ،وباملثل كلمتا عبادة وخدمة .إذا كنت مسيحيا ً ،فأنت خادم، وعندما تعبد فإنك تخدم.
عندما شفى يسوع حماة بطرس املريضة ،فإنها على الفور «قامت وخدمتهم» 8،عن طريق استخدام هبتها اجلديدة من الصحة .هذا هو ما يجب علينا أن نفعله .فقد ُ وخلصنا شفينا ملساعدة اآلخرين ،وبوركنا لنكون بركةُ ، لنخدم ،وليس لنجلس وننتظر السماء.
هل تساءلت من قبل ملاذا ال يأخذنا اهلل على الفور إلى السماء في اللحظة التي قبلنا فيها نعمته؟ ملاذا يتركنا في عالم ساقط؟ إنه يتركنا هنا لنتمم مقاصده .ما أن تخلص حتى ينوي اهلل استخدامك ألجل أهدافه .إذ أن اهلل لديه خدمة لك في كنيستك وإرسالية لك في العالم.
لقد دُعيت كي تخدم اهلل .رمبا تكون قد اعتقدت ،أثناء منوك ،أن «دعوة» اهلل هي شيء ال يختبره سوى املرسلني،
12
اآلخرين،
والرعاة ،والراهبات ،وخدام الكنيسة «املتفرغني» لكن الكتاب املقدس يذكر أن كل مسيحي هو مدعو للخدمة 9.فقد تضمنت دعوة خالصك دعوتك للخدمة. فهما مبثابة دعوة واحدة .إنك مدعو ،بغض النظر عن وظيفتك أو مجال عملك ،إلى اخلدمة املسيحية الدائمة. فإن عبارة «املسيحي غير اخلادم» هي عبارة تناقض نفسها.
يقول الكتاب املقدس« ،الذي خلصنا ودعانا دعوة مقدسة ال مبقتضى أعمالنا بل مبقتضى القصد». يضيف بطرس« ،لكي تخبروا بفضائل الذي دعاكم من الظلمة إلى نوره العجيب» 11.فإنك تتمم دعوتك في كل مرة تستخدم إمكانياتك املعطاة لك من اهلل.
10
يقول الكتاب املقدس« ،لكي تصيروا آلخر ..لنثمر هلل» 12.كم من الوقت كنت نافعا ً في خدمة اهلل؟ في بعض كنائس الصني يرحبون باملؤمنني اجلدد بقولهم «إن يسوع لديه اآلن عينان جديدتان ليرى بهما ،وأذنان جديدتان ليستمع بهما ،ويدان جديدتان ليساعد بهما ،وقلب جديد ليحب اآلخرين به».
إن أحد األسباب التي حتتاج ألجلها أن تتصل بعائلة الكنيسة هو تتميم دعوتك خلدمة مؤمنني آخرين بطرق 13
27 يح س ُد المْ َِس ِ عملية .يقول الكتاب املقدس « ،وَأ َ َّما أ َ ْن ُت ْم ف ََج َ ضا ُؤ ُه أَفْ رَادا ً ».وفي الترجمة اإلجنليزية NLTيفيد املعنى وَأ َ ْع َ «جميعكم معا ً جسد املسيح ،وكل واحد منكم هو عضو قائم بذاته ومهم في هذا اجلسد» 13.هناك احتياج شديد خلدمتك في جسد املسيح -ما عليك سوى أن تسأل أي كنيسة محلية .لكل منا دور ليلعبه ،وكل األدوار هامة .ليس هناك خدمة صغيرة عند اهلل؛ لكنها جميعا ً ُمجدية. كذلك ،ليست هناك خدمات تافهة في الكنيسة ،إذ أن بعضها مرئي وبعضها خلف الكواليس، لكن كلها ذات قيمة .فكثيرا ً ما تصنع اخلدمات الصغيرة أو اخلفية أكبر االختالف. إن أهم ضوء في منزلي ليس هو أكبر جنفة بغرفة الطعام لكنه املصباح الليلي الصغير الذي مينعني من إصابة إصبع قدمي عندما أستيقظ ليالً .ليس هناك ارتباط بني احلجم واألهمية. فكل اخلدمات تشكل أهمية ألننا نعتمد جميعا ً على عمل بعضنا بعضا ً.
ماذا يحدث إذا فشل جزء من جسدك في عمله؟ سوف مترض ،وسوف يعاني باقي جسدك .تخيل إذا قرر
14
الكبد أن يبدأ في العيش لنفسه ويقول« :لقد تعبت! لم أعد أريد أن أخدم اجلسم! أريد أن آخذ إجازة ملدة عام حتى أتغذى .يجب أن أفعل ما هو أفضل بالنسبة لي! ليأخذ عضو آخر مكاني» ماذا سيحدث؟ سوف ميوت جسدك .إن آالفا ً من الكنائس احمللية تنتهي اليوم بسبب املسيحيني الذين ال يرغبون في اخلدمة ،فإنهم يجلسون في الصفوف اجلانبية كمتفرجني بينما يعاني اجلسد.
لقد أُمرت أن تخدم اهلل .لقد كان يسوع واضحا ً: 28 سا ِن ل َْم ي َ ْأتِ ل ُِي ْخ َد َم بَلْ ل َِي ْخد َِم وَل َِي ْب ِذ َل « كَ َما أ َ َّن ْاب َن اإل ِ ْن َ س ُه ف ِْدي َ ًة َع ْن كَ ثِيرِي َن» .وفي الترجمة اإلجنليزية LB ن َ ْف َ يفيد املعنى «يجب أن يكون اجتاهكم مثلي ،ألنني ،أنا املسيا ،لم آتِ ألُخ َدم بل ألخدِم وأبذل نفسي» 14.ليست اخلدمة اختيارية بالنسبة للمسيحيني املؤمنني ،أو أنها شيء يُضاف إلى جدول أعمالنا حينما يتوفر الوقت .إنها قلب احلياة املسيحية ،فقد جاء يسوع «ليخدم» و«يبذل». وهذان الفعالن يجب أن يشكال أيضا ً حياتك على األرض. إذ أن اخلدمة والعطاء يلخصان قصد اهلل الرابع حلياتك. قالت األم تريزا ذات مرة« :تتألف احلياة املقدسة من القيام بعمل اهلل بابتسامة».
15
لقد علَّم يسوع أن النضج الروحي ليس أبدا ً هدفا ً في حد ذاته ،فالنضج هو من أجل اخلدمة! نحن ننمو لكي نعطي .ال يكفي أن نظل نتعلم أكثر وأكثر ،بل علينا أن نعمل بحسب ما نعرفه ومنارس ما ن َّدعي أننا نؤمن به .فاالستقبال بدون إرسال يؤدي إلى اإلعتالل .والدراسة بدون خدمة تؤدي إلى الركود الروحي .ال تزال املقارنة القدمية بني بحر اجلليل والبحر امليت صحيحة ،فبحر اجلليل هو بحيرة مليئة باحلياة ألنها تستقبل املياه لكنها تعطيها أيضا ً ،وفي املقابل ،فإن ال شيء يعيش في البحر امليت ،فقد ركدت البحيرة بسبب عدم وجود تدفق منها.
إن آخر شيء يحتاجه العديد من املؤمنني اليوم هو الذهاب إلى دراسة أخرى للكتاب املقدس .فهم يعرفون بالفعل أكثر جدا ً مما يضعونه موضع تطبيق .إن ما يحتاجون إليه هو جتارب للخدمة كي يتمكنوا من تدريب عضالتهم الروحية.
16
اخلدمة هي عكس ميلنا الطبيعي .فإننا نهتم في معظم الوقت بـ «اخدموني» أكثر من أخدمكم. إننا نقول« :إنني أبحث عن كنيسة لتسدد احتياجاتي وتباركني» ،وليس «إنني أبحث عن مكان ألخدم فيه وأكون بركة» .فنحن نتوقع أن يخدمنا اآلخرون ،وليس العكس. إال أننا عندما ننضج في املسيح ،فإن تركيز حياتنا يجب أن يتحول في تزايد مطرد إلى ممارسة حياة اخلدمة .يتوقف تابع يسوع الناضج عن السؤال« ،من الذي سيسدد احتياجاتي؟» ويبدأ في السؤال« ،من الذي ميكنني أن أسدد احتياجاته؟» .فهل سألت هذا السؤال أبدا ً؟ اإلعداد لألبدية
بعد نهاية حياتك على األرض ستقف أمام اهلل الذي يقيم كيف قمت بخدمة اآلخرين في حياتك .يقول سوف ِّ الكتاب املقدس« ،فإذا ً كل واحد منا سيعطي حسابا ً عن نفسه هلل» 15.فكِّ ر فيما يتضمنه ذلك .سوف يقارن اهلل يوما ً ما بني كم الوقت والطاقة اللذين أنفقناهما على أنفسنا وما استثمرناه في خدمة اآلخرين. في هذا الوقت ،سوف تبدو كل أعذارنا عن متركزنا حول لدي ذواتنا جوفاء« :لقد كنت مشغوال ً جدا ً» أو «كانت َّ أهدافي اخلاصة» أو«كنت منشغالً بالعمل ،أو املتعة ،أو 17
األعذار،
اإلعداد للتقاعد» .سوف يجيب اهلل على كل تلك «عفوا ً ،إجابة خاطئة .لقد خلقتك ،وخلصتك ،ودعوتك، وأمرتك أن تعيش حياة خدمة .أي جزء لم تفهمه؟» يحذر الكتاب املقدس غير املؤمنني8«،وَأ َ َّما الَّذِي َن ُه ْم م ِْن أ َ ْهلِ ال َّت َحزُّبِ وَال َ يُطَ اوِ ُعو َن ْح ِّق بَلْ يُطَ اوِ ُعو َن لِإلِث ِْم لِل َ َس َخ ٌ ض ٌب» وفي ط وَ َغ َ ف َ الترجمة اإلجنليزية NLT يفيد املعنى «سوف يسكب سخطه وغضبه 16 على أولئك الذين عاشوا ألنفسهم» .لكن بالنسبة للمؤمنني ،فسوف يعني ذلك خسارة املكافآت األبدية.
إننا نحيا ملء احلياة فقط عندما نساعد اآلخرين .فقد قال يسوع« ،فإن من أراد أن يخلص نفسه يهلكها .ومن 17 يهلك نفسه من أجلي ومن أجل اإلجنيل فهو يخلصها». هذه حقيقة في غاية األهمية حتى أنها تتكرر خمس مرات في األناجيل .إذا لم تكن تخدم ،فلست حتيا ولكنك موجود فقط على قيد احلياة ،وذلك ألن احلياة يُعنى بها اخلدمة .يريدنا اهلل أن نتعلم محبة وخدمة اآلخرين دون أنانية.
18
اخلدمة و املعنى
إنك سوف تكرس حياتك لشيء ما .فماذا سيكون هذا الشيء؟ -مجال عمل ،أم رياضة ،أم هواية ،أم شهرة ،أم معنى باقٍ .إن اخلدمة ثروة؟ لن يكون ألي من تلك األشياء ً هي الطريق للمعنى احلقيقي ،فإننا نكتشف املعنى حلياتنا من خالل اخلدمة .يقول الكتاب املقدسَ 5«،هكَ َذا ضا ٌء ب َ ْعضا ً س ٌد وَاحِ ٌد فِي المْ َِس ِ يح وَأ َ ْع َ ن َ ْح ُن الْكَ ثِيرِي َنَ :ج َ ِآلخرِ ».وفي الترجمة اإلجنليزية MSG ل َِب ْع ٍ ض كُ ُّل وَاحِ ٍد ل َ يفيد املعنى «كل منا يجد له املغزى والدور الذي يقوم به كعضو في جسده» 18.فإننا عندما نخدم معا ً في عائلة املسيح ،تأخذ حياتنا أهمية أبدية ،فقد قال بولسَ 14« ،فإ ِ َّن ضا ٌء كَ ثِيرَةٌ19 ...وَلَكِ ْن س ُع ْضوا ً وَاحِ دا ً بَلْ أ َ ْع َ َس َد أ َ ْيضا ً ل َْي َ الجْ َ َ َس ُد؟» وفي الترجمة ل َْو كَ ا َن َجمِي ُع َها ُع ْضوا ً وَاحِ دا ً أ ْي َن الجْ َ اإلجنليزية MSGيفيد املعنى «أريدكم أن تفتكروا في أن كل هذا يزيد من أهميتكم وال يقلل منها ..بفضل الكيان 19 الذي أنتم جزء منه». يريد اهلل أن يستخدمك ليحدث بك أثرا ً في عامله .إنه يريد أن يعمل من خاللك .ال تهم مدة حياتك ،وإمنا ما تقدمه ،وليس كم من العمر عشت ،وإمنا كيف عشت.
19
إن لم تكن مرتبطا ً بأية إرسالية أو خدمة ،فما هو العذر الذي كنت تستخدمه؟ لقد كان إبراهيم مسنا ً، ويعقوب غير آمن ،وليئة غير جذابة ،ويوسف مظلوما ً، وموسى متلعثما ً ،وجدعون فقيرا ً ،وشمشون اليستطيع العيش بدون عالقات غرامية ،وراحاب زانية ،وداود كانت لديه عالقة غرامية وكل أنواع املشاكل العائلية ،وإيليا على وشك االنتحار ،وإرميا حزينا ً باكيا ً ،ويونان حرونا صلب الرقبة ،ونعمي أرملة ،ويوحنا املعمدان كان غريب األطوار على أقل تقدير ،وبطرس مندفعا ً وعصبيا ً ،ومرثا شديدة القلق مفرطة النشاط ،واملرأة السامرية كانت لديها العديد مـن الزيجات الفاشلة ،وزكا مكروها ً ،وتوما شكاكا ً ،وبولس معتل الصحة ،وتيموثاوس خجوال ً .تلك تشكيلة من غير املؤهلني ،لكن اهلل استخدم كالً منهم في خدمته .وهو سوف يستخدمك أنت أيضا ً إذا توقفت عن اختالق األعذار.
20
2
لقد تشكلت لتخدم اهلل.
فقد صمم اهلل كل مخلوق على هذا الكوكب بناحية خاصة من اخلبرة .بعض احليوانات يجري ،والبعض يثب، والبعض يسبح ،والبعض يختبئ في جحر ،والبعض يطير. لكل واحد دور خاص ليلعبه ،وذلك يرتكز على الطريقة التي شكَّ لها اهلل بها .يصح األمر أيضا ً بالنسبة للبشر، فكل منا ُمصمم بصورة فريدة أو « ُمشكَّ ل» للقيام بأشياء معينة. يسأل املهندسون أوال ً قبل تصميم مبنى جديد« ،ما الهدف منه؟ كيف سيتم استخدامه؟» إذ أن الوظيفة املستهدفة حتدد دائما ً شكل املبنى .فقد قرر اهلل ،قبل أن 21
يخلقك ،الدور الذي يريدك أن تلعبه على األرض ،وخطط بالضبط كيف يريدك أن تخدمه ،ثم شكَّ لك للقيام بتلك املهام .إنك على ما أنت عليه ألنك ُخلقت خلدمة معينة.
يقول الكتاب املقدس (كتاب احلياة)« ،فإننا نحن حتفة اهلل ،وقد خلقنا في املسيح يسوع ألعمال صاحلة» 1.إن الكلمة اإلجنليزية Poem أي «قصيدة» مشتقة من الكلمة اليونانية املترجمة «حتفة» .إنك حتفة مصنوعة بيد اهلل. إنك لست منتجا ً على خط جتميع ،مت إنتاجه بكثرة دون مفصلة وفق الطلب، تفكير .إنك قطعة نادرة أصلية، َّ وفريدة من نوعها. وكونك بتأني كي تخدمه بطريقة لقد شكَّ لك اهلل َّ جتعل خدمتك متفردة ،ومزج بدقة التركيبة الفريدة سبح داود للحامض النووي DNAالتي أوجدتك .وقد َّ اهلل الهتمامه الشخصي املذهل بالتفاصيل« ،ألنك أنت اقتنيت كليتي نسجتني في بطن أمي .أحمدك من أجل أني قد امتزت عجبا ً .عجيبة هي أعمالك ونفسي تعرف
22
أشياء ذلك يقينا ً» 2.كما قال إيثيل والتر« ،إن اهلل ال يصنع ً بالية».
إن اهلل لم يشكِّ لك فقط قبل ميالدك ،لكنه خطط أيضا ً لكل يوم من حياتك حتى يدعم عملية تشكيله. يكمل داود« ،رأت عيناك أعضائي وفي سفرك كلها كُ تبت يوم تصورت إذ لم يكن واحد منها» 3.هذا يعني أن ال شيء مما يحدث في حياتك بدون معنى ،لكن اهلل يستخدم كل األشياء ليشكِّ لك في مجال خدمتك لآلخرين ويصوغك في خدمتك له. إن اهلل ال يضيع شيئا ً أبدا ً ،فهو لم يكن ليعطيك إمكانيات ،واهتمامات ،ومواهب ،وهبات، وخبرات حياتية ما لم يكن ينوي استخدامها جملده .ميكنك أن تكتشف إرادة اهلل حلياتك عن طريق تعريف وفهم هذه العوامل.
وشخصية،
يذكر الكتاب املقدس أنك «قد امتزت عجبا ً» ،إذ أنك مزيج من عوامل كثيرة مختلفة .وحتى أساعدك على أن تتذكر خمسة من ضمن تلك العوامل ،فقد ابتكرت كلمة بسيطة مكونة من احلروف األولى للعوامل اخلمسة ،وهي ( SHAPEوتعني شكل) .سوف نلقي نظرة في هذا الفصل
23
والفصل القادم على هذه العوامل اخلمسة ،وسوف أشرح فيما بعد كيف تكتشف شخصيتك وتستخدمها. يشكلك اهلل ألجل خدمتك؟ كيف ِّ
يجهزنا عندما يكلفنا اهلل مبهمة ،فهو دائما ً ما ِّ مبا نحتاج إلجنازها .هذه التركيبة املتعارف عليها من اإلمكانيات تسمى SHAPEأو شكل وبالعربية «من أنا؟» Spiritual Gifts
م
مواهبي الروحية
ن
نبض قلبي
أ
امكانياتي الطبيعية
ن
منط شخصتي
Personality
أ
اسهام خبراتي احلياتية
Experience
Heart Abilities
كشف النقاب عن مواهبي الروحية
مينح اهلل مواهب روحية لكل مؤمن من أجل استخدامها في اخلدمة 4.وهي إمكانيات خاصة ممنوحة من اهلل خلدمته تُعطى فقط للمؤمنني .يقول الكتاب 14 وح ا ِ هلل ِي ال َ ي َ ْق َبلُ َما ل ُِر ِ املقدس «،وَلَكِ َّن اإل ِ ْن َ سا َن الطَّ بِيع َّ ألَن َّ ُه ِع ْن َد ُه َج َهالَ ٌة وَال َ ي َ ْقدِرُ أ َ ْن ي َ ْعرِ َف ُه ألَن َّ ُه إِنمَّ َا يُ ْحكَ ُم فِي ِه 24
رُوحِ ّيا ً ».وفي الترجمة اإلجنليزية TEVيفيد املعنى «من ليس لديه الروح ال ميكنه أن يستقبل املواهب اآلتية من 5 روح اهلل».
ليس بإمكانك أن تكسب مواهبك الروحية أو تستحقها -لذلك فهي تُدعى مواهب! فهي «هبات» اهلل التي وهبها لك بالنعمة. «على أن كل واحد منا قد أُعطي نعمة توافق مقدار ما يهبه املسيح» (كتاب احلياة) 6.إنك ال تختار أيا ً من املواهب التي تريد أن حتصل عليها؛ لكن اهلل هو الذي يقرر ذلك. فقد شرح بولس« ،ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد 7 بعينه قاسما ً لكل واحد مبفرده كما يشاء».
مميزين، َّ
وحيث أن اهلل يحب التنوع وهو يريدنا أن نكون فإنه ال يعطي موهبة بعينها للجميع 8،كما أن الفرد ال يتلقى كل املواهب .فإن كنت متتلكها جميعا ً ،لن يكون لديك احتياج إلى أي شخص آخر ،وذلك سوف يلغي أحد مقاصد اهلل أال وهو أنه يعلِّمنا كيف نحب ونعتمد على بعضنا البعض.
عط املواهب الروحية لك ألجل منفعتك الشخصية لم تُ َ بل ملنفعة اآلخرين ،متاما ً كما يُعطى اآلخرون مواهب ملنفعتك. 7 يقول الكتاب املقدس « ،وَلَكِ َّن ُه لِكُ لِّ وَاحِ ٍد يُ ْعطَ ى إ ِ ْظ َهارُ 25
وح لِل َْم ْن َف َعةِ ».وفي الترجمة اإلجنليزية NLTيفيد املعنى الرُّ ِ «لقد أعطى كل منا موهبة كوسيلة ملساعدة الكنيسة بأكملها» 9.وقد خطط اهلل األمر بهذه الطريقة حتى نكون في احتياج لبعضنا البعض ،فإننا عندما نستخدم مواهبنا معا ً ،نستفيد جميعا ً. إذا لم يستخدم آخرون مواهبهم ،فهم يخدعونك ،وإذا لم تستخدم أنت مواهبك ،فأنت تخدعهم .وقد أُوصينا، ونطور مواهبنا الروحية ،فهل لهذا السبب ،أن نكتشف ِّ أخذت الوقت الكتشاف مواهبك الروحية؟ إن الهدية التي تبقى ملفوفة في ورق الهدايا تبقى بال قيمة. باملواهب،
حينما ننسى هذه احلقائق األساسية اخلاصة فذلك يتسبب دائما ً في حدوث مشاكل في الكنيسة. هناك مشكلتان شائعتان وهما «حسد املوهبة» و«إسقاط املوهبة» .حتدث األولى عندما نقارن مواهبنا مع آخرين، فنشعر بعدم الرضا مبا أعطاه اهلل لنا ،ونصبح مستاءين أو غيورين للكيفية التي يستخدم اهلل بها اآلخرين .أما املشكلة الثانية فإنها حتدث عندما نتوقع أن كل اآلخرين لديهم مواهبنا ،وهم يفعلون ما دُعينا ألن نفعله ،ويشعرون 26
بالشغف جتاهه كما نشعر .يقول الكتاب املقدس5«،وَأ َ ْن َوا ُع خِ َد ٍم َم ْو ُجودَ ٌة وَلَكِ َّن الرَّ َّب وَاحِ ٌد ».وفي الترجمة اإلجنليزية NLTيفيد املعنى «هناك أنواع مختلفة من اخلدمات في 10 الكنيسة ،لكننا نخدم نفس الرب». أحيانا ً ما نغالي في املواهب الروحية لدرجة أننا نهمل العوامل األخرى التي يستخدمها اهلل لتشكيلنا من أجل اخلدمة ،لكن مواهبك الروحية ليست هي الصورة الكاملة .فقد شكَّ لك اهلل أيضا ً بأربع طرق أخرى. االستماع إلى نبض قلبك
يستخدم الكتاب املقدس مصطلح قلب ليصف باقة الرغبات ،واآلمال ،واالهتمامات ،والطموحات ،واألحالم، والعواطف التي لديك .ميثل قلبك املصدر لكل دوافعك ـ أي ما حتب أن تفعل وما تهتم به أكثر .كما أننا الزلنا حتى اليوم نستخدم الكلمة بنفس الطريقة عندما نقول «إنني أحبك من كل قلبي».
يقول الكتاب املقدس« ،كما في املاء الوجه للوجه، كذلك قلب اإلنسان لإلنسان» 11.فقلبك يعلن حقيقتك ـ أي ما أنت عليه حقا ً ،وليس ما يفكر اآلخرون بك أو ما جتبرك الظروف على أن تكونه .إن قلبك يحدد ملاذا تقول
27
األشياء التي تقولها ،وملاذا تشعر بالطريقة التي تشعر 12 بها ،وملاذا تتصرف بالطريقة التي تتصرف بها.
ومن الناحية اجلسدية لكل منا نبض قلب فريد في نوعه ،فكما أننا جميعا ً لدينا بصمات أصابع ،وبصمات أعني ،وبصمات صوت متفردة ،كذلك فإن قلوبنا تخفق بأمناط تختلف فيما بينها بعض االختالف .فمن املدهش أنه من بني مليارات الناس الذين عاشوا من قبل ،لم يكن ألحد نبض قلب يشبه بنبض قلبك بالضبط.
لقد أعطانا اهلل ،على نفس املنوال« ،نبض قلب» له عاطفة فريدة تتسارع عندما نفكر في املوضوعات ،أو األنشطة ،أو الظروف التي تهمنا .فإننا نهتم بالفطرة ببعض املوضوعات وال نهتم بأخرى ،وتلك إشارات توضح أين يجب أن تخدم. الشغف هي كلمة أخرى تشير إلى القلب .هناك بعض املوضوعات تشعر بالشغف جتاهها ،بينما توجد أخرى ال تعيرها التفاتا ،كما أن بعض اخلبرات تثيرك وتأسر انتباهك بينما أخرى تطفئك وتضجرك جدا ً. وتلك تظهر حقيقة قلبك.
28
رمبا تكون قد اكتشفت ،أثناء منوك ،أنك مهتم جدا ً ببعض املوضوعات التي لم يهتم بها أي شخص آخر بعائلتك .من أين تأتي تلك االهتمامات؟ إنها تأتي من اهلل، فقد كان لدى اهلل هدف من إعطائك هذه االهتمامات الفطرية .إن نبض قلبك هو املفتاح الثاني لفهم طباع شخصيتك بالنسبة للخدمة .فال تهمل اهتماماتك ،بل فكِّ ر كيف ميكنك أن تستخدمها جملد اهلل .هناك سبب في أنك حتب فعل تلك األشياء.
يقول الكتاب املقدس مرارا ً« ،لتحبوا الرب إلهكم وتعبدوه من كل قلوبكم ومن كل أنفسكم» 13.إن اهلل يريدنا أن نخدمه بشغف ،وليس بدافع الواجب .فنادرا ً ما يبرع الناس في مهام ال يستمتعون بأدائها أو يشعرون بشغف ناحيتها. يريدك اهلل أن تستخدم اهتماماتك الطبيعية خلدمته وخدمة اآلخرين. كما أن االستماع إلى الدوافع الداخلية ميكنه أن يشير إلى اخلدمة التي يقصدها اهلل لك.
29
كيف تعرف أنك تخدم اهلل من كل قلبك؟ العالمة األولى هي احلماس .فعندما تعمل ما حتب أن تفعله ،لن فزك أو يتحداك أو يفحص عملك، يكون على أحد أن يح ِّ إذ أنك تفعله جملرد االستمتاع .لن تكون محتاجا ً إلى مكافآت أو تصفيق أو جزاء ،وذلك ألنك حتب أن تخدم بتلك الطريقة .والعكس صحيح أيضا ً :عندما ال يكون لديك ولع مبا تفعله ،فسوف تحُ بط بسهولة. اخلاصية الثانية خلدمة اهلل من كل القلب هي الفاعلية. حينما تفعل ما صممك اهلل لتحب أن تفعله ،فسوف تكون ماهرا ً فيه ،إذ أن الشغف يؤدي إلى التميز .إن كنت ال تهتم بإحدى املهام ،فلن تبرع فيها .وفي املقابل ،فإن أكبر الناجحني في أي مجال هم أولئك الذين يقومون بعملهم بدافع الشغف ،وليس الواجب أو الربح.
سمعنا جميعا ً أشخاصا ً يقولون« ،لقد عملت بوظيفة أكرهها حتى أحصل على الكثير من املال ،لعلي أمتكن أن أتركها يوما ً ما وأعمل ما أحب» .تلك غلطة كبيرة. تعبر عن قلبك .تذكَّ ر أن ال تضيع حياتك في وظيفة ال ِّ ِّ أعظم األشياء في احلياة ليست هي األشياء .فإن املعنى أهم كثيرا ً من النقود .قال أغنى رجل في العالم ذات مرة، 14 «القليل مع مخافة اهلل خير من كنز عظيم مع هم». 30
ال تقنع فقط بتحقيق «احلياة اجليدة» ألن احلياة اجليدة ليست جيدة مبا فيه الكفاية وفي آخر املطاف لن جتد فيها أي كفاية .إذ ميكنك أن حتظى باملزيد لتعيش به دون أن يكون لديك شيء لتعيش له .ليكن هدفك ،بدال ً من تعبر ذلك ،هو «احلياة األفضل» – أي خدمة اهلل بطريقة ِّ عن قلبك .اكتشف ما حتب القيام به ،أي ما تكون شغوفا ً للقيام به ،ثم افعله جملده.
31
3
ليس بإمكانك سوى أن تكون أنت.
فقد صمم اهلل كل واحد منا بحيث ال يكون هناك تكرار في العالم .ليس ألحد نفس املزيج من العوامل التي جتعلك فريدا ً ،وذلك يعني أنه اليوجد أحد في كل األرض ميكن أن يلعب الدور الذي خططه اهلل لك .إن لم تقم مبساهمتك الفريدة في جسد املسيح ،فهي لن تُعمل. يقول الكتاب املقدس« ،فأنواع مواهب موجودة ولكن الروح واحد وأنواع خدم موجودة ولكن الرب واحد وأنواع أعمال 1 موجودة ولكن اهلل واحد الذي يعمل الكل في الكل». لقد نظرنا في الفصل السابق إلى أول اثنني من هذه: وهما املواهب الروحية والقلب .واآلن سوف ننظر إلى باقي عناصر كلمة SHAPEفيما يتعلق بخدمة اهلل. 32
استعمال إمكانياتك
إن اإلمكانيات هي املواهب الطبيعية التي تُولد بها. بعض الناس لديهم إمكانيات طبيعية في الكالم فقد خرجوا من البطن وهم يتكلمون! آخرون لديهم إمكانيات طبيعية في الرياضية البدنية ،وهم بارعون في التناسق اجلسدي .بينما آخرون ممتازون في الرياضيات أو املوسيقى أو امليكانيكا. عندما أراد اهلل أن يصمم خيمة االجتماع وكل أدوات العبادة ،فقد وفرَّ الفنانني واحلرفيني الذين كانوا مشكَّ لني «باحلكمة والفهم واملعرفة وكل صنعة الختراع مخترعات ..ليعمل في كل صنعة» 2.ال يزال اهلل مينح اليوم هذه اإلمكانيات وآالفا ً أخرى حتى يتمكن الناس من أن يخدموه.
كل إمكانياتنا تأتي من عند اهلل .حتى تلك اإلمكانياتالتي تُستخدم في اخلطية هي عطية اهلل؛ لكنها اس ُتخدمت خطأ أو أُسيء استعمالها .يقول الكتاب املقدس« ،وَلَكِ ْن سبِ ال ِّن ْع َم ِة المْ ُْعطَ ا ِة لَ َنا :أَنُ ُب َّو ٌة لَ َنا َم َواه ُ ِب ُم ْخ َتلِ َف ٌة ب َِح َ َفبِال ِّن ْس َب ِة إِلَى اإلِميَانِ» وفي الترجمة اإلجنليزية NLTيفيد املعنى «لقد أعطى اهلل لكل منا اإلمكانيات للقيام ببعض األعمال بصورة جيدة» 3.وحيث أن إمكانيات الطبيعية هي 33
من اهلل ،فهي بنفس أهمية و«روحانية» مواهبك الروحية. الفرق الوحيد يكمن في أنها أُعطيت لك عند الوالدة.
أحد األعذار األكثر شيوعا ً التي يقدمها الناس لعدم لدي أية إمكانيات ألقدمها» .هذا اخلدمة هي «ليست َّ سخف ،إذ أن لديك العشرات ،ورمبا املئات من اإلمكانيات غير امل ُكتشفة ،وغير املعروفة ،وغير امل ُستخدمة ترقد في سبات بداخلك .لقد أظهرت العديد من الدراسات أن اإلنسان املتوسط ميتلك من 500إلى 700قدرة ومهارة مختلفة ـ وذلك هو أكثر كثيرا ً مما تعتقد. ميكن للمخ ،على سبيل املثال ،أن يخزن 100تريليون حدث ،كما ميكن للذهن أن يتعامل مع 15.000قرار في الثانية كما هو احلال بالنسبة لعمل اجلهاز الهضمي .باستطاعة األنف أن يشم 10.000رائحة مختلفة .كما ميكن حلاسة اللمس أن تلحظ شيئا ً سمكه 25000/1من البوصة ،وميكن للسان أن يتذوق جزيئا ً من الكينني في 2مليون جزئ من املاء. إنك باقة من اإلمكانيات املذهلة ،وخليقة مدهشة هلل. 34
لذلك فإن جزءا ً من مسئولية الكنيسة هو متييز وإطالق إمكانياتك خلدمة اهلل.
ميكن لكل اإلمكانيات أن تُستخدم جملد اهلل .قال بولس« ،إذا كنتم تأكلون أو تشربون أو تفعلون شيئا ً فافعلوا كل شيء جملد اهلل» 4.ميتلئ الكتاب املقدس بأمثلة إلمكانيات مختلفة يستخدمها اهلل جملده .وهاهي بعض من تلك اإلمكانيات املذكورة في كلمة اهلل :اإلمكانيات الفنية ،اإلمكانيات املعمارية ،اإلدارة ،الطهي ،صناعة القوارب ،صناعة احللوى ،املناظرة ،التصميم ،صناعة العطور ،التطريز ،النحت ،الزراعة ،صيد األسماك ،فالحة البساتني ،القيادة ،التدبير ،البناء ،التأليف املوسيقي، صناعة األسلحة ،شغل اإلبرة ،الرسم ،الفالحة ،الفلسفة، امليكانيكا ،االختراع ،النجارة ،اإلبحار ،البيع ،اجلندية، احلياكة ،التدريس ،كتابة األدب والشعر .يقول الكتاب 6 سبِ ال ِّن ْع َم ِة املقدس « ،وَلَكِ ْن لَ َنا َم َواه ُ ِب ُم ْخ َتلِ َف ٌة ب َِح َ المْ ُْعطَ ا ِة لَ َنا :أَنُ ُب َّو ٌة َفبِال ِّن ْس َب ِة إِلَى اإلِميَانِ» وفي الترجمة اإلجنليزية TEVيفيد املعنى «هناك إمكانيات مختلفة ألداء اخلدمة ،لكن اإلله الواحد يعطي املقدرة للجميع من أجل خدمتهم اخلاصة» 5.إن اهلل لديه مكان في كنيسته حيث ميكن لتخصصاتك أن تبرز وميكنك أن تحُ دث أثرا ً ،لكن إيجاد ذلك املكان يتوقف عليك. 35
يعطي اهلل بعض الناس القدرة على تكوين الثروات .فقد أخبر موسى شعب إسرائيل18« ،بَلِ لهكَ أَن َّ ُه ُه َو ا ْذكُ رِ الرَّ َّب إ ِ َ ِي ب ِ َع ْه ِد ِه الذِي الذِي يُ ْعطِ يكَ ق َُّو ًة ال ِْصطِ َنا ِع ال َّث ْروَ ِة ل َِيف َ الي ْو ِم» 6.إن األشخاص الذين أَقْ َ س َم آل ِبَائِكَ كَ َما فِي َه َذا َ لديهم تلك القدرة ماهرون في تأسيس األعمال ،وعقد االتفاقات أو املبيعات ،وحتقيق األرباح .إن كانت لديك تلك القدرة على العمل ،يجب عليك إذن أن تستخدمها جملد اهلل .كيف؟ أوال ً ،افهم أن إمكانياتك تأتي من عند اهلل واعترف بفضله .ثانيا ً ،استخدم عملك خلدمة احتياج آخرين ومشاركة إميانك مع غير املؤمنني .ثالثا ً ،أرجِ ع على 7 األقل العشور ( 10باملائة) من الربح باعتباره فعل عبادة. وأخيرا ً ،اجعل هدفك بناء ملكوت اهلل بدال ً من مجرد بناء للثروة .سوف أشرح ذلك في الفصل الثالث والثالثني.
إن اهلل يريدني أن أفعل ما أنا قادر على فعله .إنك الشخص الوحيد على األرض الذي يستطيع استخدام إمكانياتك .ال أحد غيرك ميكنه أن يلعب دورك ،ألنه ليس ألحد الشكل الفريد الذي أعطاه اهلل لك .يقول الكتاب جهزك «بكل ما حتتاجه لتصنع املقدس أن اهلل قد َّ 36
مشيئته» 8.يجب أن تفحص بجدية ما جتيده وما ال جتيده من أعمال ،وذلك حتى تكتشف إرادة اهلل حلياتك.
اللحن،
إذا لم يكن اهلل قد أعطاك أمكانية على ضبط فإنه لن يتوقع منك أن تكون مغني أوبرا .لن يطلب اهلل منك أبدا ً أن تكرس حياتك ملهمة ليست لديك موهبة فيها .ومن ناحية أخرى ،فإن اإلمكانيات التي متتلكها بالفعل تُعتبر عالمة قوية على ما يريدك اهلل أن تفعله بحياتك .إنها دالئل ملعرفة إرادة اهلل لك .فإذا كنت ماهرا ً في التصميم أو التوظيف أو الرسم أو التنظيم ،فإن االفتراض السليم حينذاك هو أن خطة اهلل حلياتك تتضمن بطريقة ما تلك يضيع اإلمكانيات؛ لكنه يوفِّق بني دعوتنا املهارة .إن اهلل ال ِّ وإمكانياتنا. لم تُعط لك إمكانياتك جملرد اكتساب العيش؛ لكن اهلل قد أعطاها لك من أجل خدمتك .فقد قال بطرس« ،ليكن كل واحد بحسب ما أخذ موهبة يخدم بها بعضكم 9 بعضا ً كوكالء صاحلني على نعمة اهلل املتنوعة». هناك ما يقرب من 7.000شخص ،أثناء كتابتي لهذا الكتاب ،يستخدمون إمكانياتهم في اخلدمة بكنيسة سادلباك ،وهم يقدمون كل أنواع اخلدمة التي 37
قد تتخيلها :إصالح السيارات امل ُتبرع بها حتى تُعطى للمحتاجني ،إيجاد أفضل العروض ملشتريات الكنيسة، العناية بالزهور وقص احلشائش ،ترتيب امللفات ،تصميم الفنون ،والبرامج ،واملباني ،تقدمي الرعاية الصحية ،إعداد الوجبات ،تأليف الترانيم ،تعليم املوسيقى ،كتابة طلبات املنح ،تدريب الفرق الرياضية ،عمل أبحاث للعظات أو ترجمتها ،ومئات من املهام األخرى املتخصصة .كما يتم إخبار األعضاء اجلدد« ،يجب أن تفعل كل ما أنت بارع فيه ألجل كنيستك!». استخدام شخصيتك
إننا ال ندرك كم نحن حقا ً متفردون ،إذ ميكن جلزيئات احلامض النووي للخلية DNAأن تتحد بعدد ال نهائي من الطرق .والعدد 10إلى قوة 2.4000.000.000هو ذلك العدد الذي ميثل إمكانية إيجاد شخص يشبهك بالضبط .إن كان عليك أن تكتب كل صفر من ذلك الرقم باعتباره بوصة واحدة عرضا ً فسوف حتتاج شريطا ً من الورق يبلغ طوله 37.000ميل! خمنوا أن كل لتوضيح ذلك ،فإن بعض العلماء قد َّ اجلسيمات في الكون رمبا تكون تقريبا ً أقل من 10متبوعة بـ 76صفرا ً ،أقل كثيرا ً من احتماالت حامضك النووي .إن تفردك هو حقيقة علمية للحياة .لقد كسر اهلل القالب 38
بعدما صنعك .إذن لم يكن ،ولن يكون أبدا ً أي شخص يشبهك متاما ً.
من الواضح أن اهلل يحب التنوع – فقط انظر حولك! فقد خلق كالً منا بتركيبة فريدة من مالمح الشخصية. فقد صنع اهلل االنطوائيني واالنبساطيني .وخلق الناس الذين يحبون الرتابة وهؤالء الذين يحبون التنوع .وجعل البعض «مفكرين» وآخرين«انفعاليني» .بعض الناس يفضلون العمل عندما يُكَّ لفون مبهمة شخصية بينما اآلخرون يفضلون العمل مع فريق .يقول الكتاب املقدس، «6وأ َ ْنوا ُع أ َ ْعما ٍل مو ُجود ٌة ولَكِ َّن َ اهلل وَاحِ ٌد الَّذِي ي َ ْع َملُ الْكُ لَّ َ َْ َ َ َ َ فِي الْكُ لِّ ».وفي الترجمة اإلجنليزية PHيفيد املعنى «إن اهلل يعمل من خالل أشخاص مختلفني بطرق متنوعة، لكن اإلله الواحد هو الذي يتمم قصده من خالل 10 جميعهم». يقدم لنا الكتاب املقدس العديد من األدلة على أن اهلل يستخدم كل أنواع الشخصيات .فقد كان بطرس حماسيا ً، وبولس صارما ً محدد األهداف ،وإرميا مائالً للحزن .عندما تنظر إلى اختالفات الشخصية في التالميذ
39
اإلثنى عشر ،فمن السهل أن تفهم ملاذا كانت بينهم أحيانا ً خالفات شخصية.
ليس هناك «صواب» أو «خطأ» في أمناط الشخصية فيما يتعلق باخلدمة .نحن نحتاج إلى كل أنواع الشخصيات لنوازن الكنيسة ونعطيها مذاقا ً .كان العالم سيصبح غاية في امللل لو كنا جميعنا فانيليا خالصة ،لكن حلسن احلظ ،يأتي الناس بأكثر من واحد وثالثني مذاقا ً! سوف تؤثر شخصيتك على كيفية ومكان استخدامك ملواهبك وإمكانياتك الروحية .على سبيل املثال ،ميكن أن يكون لشخصني نفس موهبة الكرازة ،لكن إذا كان أحدهم انطوائيا ً واآلخر انبساطيا ً ،فسوف يتم التعبير عن هذه املوهبة بطرق مختلفة.
النجارون أنه يقول َّ من األسهل العمل في اجتاه نسيج اخلشب بدال ً من عكسه .وبنفس الطريقة ،فعندما تضطر أن تخدم بطريقة «غير مالئمة» لنمط شخصيتك فإن ذلك يولد توترا ً وضيقا ً، ويتطلب مزيدا ً من اجلهد والطاقة ،كما أنه ال يأتي بأفضل 40
النتائج .لذلك فإن تقليد خدمة شخص آخر ال ينجح أبدا ً ،إذ أنك ال متتلك شخصيته .عالوة على أن اهلل قد صنعك لتكون نفسك! ميكنك أن تتعلم من أمثلة اآلخرين ،لكنك يجب أن تقوم بترشيح ما تعلمته من خالل فلتر شخصيتك الفريدة .هناك العديد من الكتب واألدوات اليوم ميكنها أن تساعدك على فهم شخصيتك حتى تتمكن من حتديد كيفية استخدامها ألجل اهلل.
إن شخصياتنا اخملتلفة تعكس نور اهلل ،مثل الزجاج امللون ،في العديد من األلوان واألمناط ،وذلك يبارك عائلة اهلل بعمق وتنوع ،كما أنه يباركنا نحن أيضا ً شخصيا ً .إنه إحساس رائع أن تفعل ما صنعك اهلل كي تفعله .عندما تخدم بطريقة موافقة للشخصية التي أعطاها اهلل لك، فسوف تختبر الرضا ،واإلشباع ،واإلثمار. توظيف خبراتك
لقد تشكلت عن طريق خبراتك في احلياة ،حيث كان معظمها خارج نطاق سيطرتك .لكن اهلل سمح بها من أجل قصده في صياغتك 11.يجب أن تفحص على األقل ستة أنواع من اخلبرات من ماضيك ،وذلك لتحديد طابع شخصيتك من أجل خدمة اهلل:
41
• خبرات عائلية :ماذا تعلمت خالل نشأتك في عائلتك؟
املفضلة • خبرات تعليمية :ماذا كانت موضوعاتك َّ في املدرسة؟
• خبرات وظيفية :ما هي أكثر الوظائف التي كنت فعاال ً فيها واستمتعت بها أكثر؟ • خبرات روحية :ما هي أكثر أوقاتك التي كانت ذات معنى مع اهلل؟ • خبرات في اخلدمة :كيف خدمت اهلل في املاضي؟
• خبرات مؤملة :ما هي والتجارب التي تعلمت منها؟
املشاكل ،واجلروح ،واألشواك،
إن اهلل يستخدم أكثر تلك الفئة األخيرة ،وهي اخلبرات املؤملة ،إلعدادك للخدمة. ال يضيع اهلل جرحا ً أبدا ً! ففي الواقع ،إن أعظم خدماتك سوف تخرج على األرجح من أعظم جروحك .من ميكنه أن يقدم أفضل خدمة ألسرة طفل معاق أكثر من زوجني لديهما طفل متضرر بنفس الطريقة؟ من ميكنه أن يساعد 42
سكيرا ً أفضل من شخص حارب ذلك الشيطان ووجد احلرية؟ من ميكنه أن يواسي زوجة قد تركها زوجها ألجل عالقة غرامية أكثر من سيدة عانت من نفس األلم؟
إن اهلل يسمح لك عن قصد أن متر بخبرات مؤملة يجهزك خلدمة اآلخرين .يقول الكتاب املقدس« ،الذي كي ِّ يعزينا في كل ضيقتنا حتى نستطيع أن نعزي الذين هم 12 في كل ضيقة بالتعزية التي نتعزى نحن بها من اهلل».
إن كنت تود حقا ً أن يستخدمك اهلل ،يجب عليك أن تفهم حقيقة فعالة :إن أكثر اخلبرات التي سببت لك االستياء والندم في حياتك -تلك التي أردت أن تخفيها أو تنساها -هي تلك اخلبرات التي يريد اهلل أن يستخدمها خلدمة اآلخرين .إنها خدمتك!
وحتى يستخدم اهلل خبراتك املؤملة ،يجب أن تكون مستعدا ً للمشاركة بها .يجب أن تكف عن إخفائها، ويجب أن تقبل بصدق أخطاءك ،وسقطاتك ،ومخاوفك. إن القيام بذلك رمبا يكون هو أكثر خدماتك فعالية ،إذ أن الناس تتشجع أكثر عندما نشارك معهم كيف ساعدتنا رحمة اهلل في ضعفنا أكثر مما نتفاخر بقوتنا.
فهم بولس تلك احلقيقة ،لذلك فقد كان أمينا ً في فترات إحباطه .لقد اعترف« ،فإننا ال نريد أن جتهلوا أيها اإلخوة من جهة ضيقتنا التي أصابتنا في آسيا أننا تثقلنا 43
جدا ً فوق الطاقة حتى أيسنا من احلياة أيضا ً ولكن كان لنا في أنفسنا حكم املوت لكي ال نكون متكلني على أنفسنا بل على اهلل الذي يقيم األموات .الذي جنانا من موت مثل هذا وهو ينجي الذي لنا رجاء فيه أنه سينجي 13 أيضا ً فيما بعد».
لو كان بولس قد احتفظ بخبرته في الشك والكآبة سرا ً ،ملا متكن ماليني من الناس من االستفادة بها .فقط خبراتك التي تشارك بها ميكنها أن تساعد اآلخرين .فقد قال ألدوس هوكسلي« ،إن اخلبرة ليست هي ما يحدث لك ،وإمنا ما تفعله مبا يحدث لك» .ما الذي ستفعله إذن مبا قد مررت به؟ ال تهدر أملك إذن؛ بل استخدمه خلدمة اآلخرين. بعد أن استعرضنا تلك الطرق اخلمس التي شكَّ لك اهلل بها للخدمة ،أمتنى أن يكون لديك تقدير أعمق لسيادة اهلل وفكرة أوضح عن الكيفية التي أعدك بها بقصد خدمته.إن سر جناح خدمتك في حتقيق الثمر واإلشباع يكمن في أن يستخدمك اهلل وفقا ً للطابع اخلاص الذي شكلك عليه 14.سوف تكون أكثر فعالية عندما تستخدم مواهبك الروحية وإمكانياتك في اجملال الذي ينبض له قلبك وبطريقة تعبر أفضل عن منط شخصيتك وخبراتك. فكلما كانت خدمتك أقرب لهذا اجملال كلما ازددت جناحا ً.
44
4
إن اهلل يستحق أفضل ما لديك.
فقد شكَّ لك ألجل هدف ،وهو يتوقع منك أن حتظى بأقصى استفادة مما منحك .إنه ال يريدك أن تشتهي أو تقلق بشأن إمكانيات ال متتلكها ،بل أن تركِّ ز بدال ً من ذلك على املواهب التي أعطاها لك كي تستخدمها.
عندما حتاول أن تخدم اهلل بطرق لست مشكَّ الً كي تخدمه بها ،يبدو األمر وكأنك تدفع عنو ًة وتدا ً مربعا ً في ثقب دائري .ذلك أمر محبط كما أنه يؤدي إلى نتائج محدودة .وهو أيضا ً يهدر وقتك ،وموهبتك ،وطاقتك .إن أفضل استخدام حلياتك هو أن تخدم اهلل من خالل منط شخصيتك .وحتى تقوم بذلك ،عليك أوال ً أن تكتشف هذا
45
النمط املميز ،وتتعلم أن تقبله وتفرح به ،ثم تطوره إلى أقصى إمكانية. اكتشف منط شخصيتك
يقول الكتاب املقدس« ،من أجل ذلك ال تكونوا أغبياء بل فاهمني ما هي مشيئة الرب» 1.ال تدع يوما ً آخر مير. أبدأ في بحث واستيضاح ما ينوي اهلل لك أن تكونه وأن تفعله.
الق نظرة طويلة ابدأ بتقييم مواهبك وإمكانياتكِ . وصادقة على ما جتيده وما لست جتيده .فقد نصح بولس، «َ 3فإِنِّي أَقُو ُل ب ِال ِّن ْع َم ِة المْ ُْعطَ ا ِة لِي لِكُ لِّ َم ْن ُه َو ب َ ْي َنكُ ْم :أ َ ْن ال َ ي َ ْرتَئ َِي ف َْو َق َما ي َ ْن َبغِي أ َ ْن ي َ ْرتَئ َِي بَلْ ي َ ْرتَئ َِي إِلَى ال َّت َع ُّقلِ كَ َما ُ اهلل لِكُ لِّ وَاحِ ٍد م ِْق َدارا ً ِم َن اإلِميَانِ» وفي الترجمة س َم َق َ اإلجنليزية PHيفيد املعنى «حاول أن قيم إمكانياتك بطريقة واقعية» 2.اصنع تُ ِّ قائمة .اسأل أشخاصا ً آخرين عن آرائهم النزيهة .أخبرهم أنك تبحث عن احلقيقة، وأنك ال تريد مجاملة .إن املواهب الروحية واإلمكانيات الطبيعية دائما ً تُؤكَّ د من خالل اآلخرين .فإن كنت تظن أنك موهوب لتكون مدرسا ً أو مغنيا ً بينما ال يوافقك في الرأي أي شخص آخر ،ماذا ترى في نفسك 46
عندئذ؟ إذا كنت تريد أن تعرف إن كانت لديك موهبة القيادة ،فقط انظر حولك! إن لم يكن هناك من يتبعك، فأنت لست قائدا ً. اطرح أسئلة كهذه :أين رأيت ثمرا ً في حياتي أكد عليه أشخاص آخرون؟ أين كنت ناجحا ً بالفعل؟ فإن إختبارات تقدير املواهب الروحية وبيانات تقييم االهتمامات واإلمكانيات الشخصية ميكن أن يكون لها بعض القيمة، لكنها محدودة في نفعها .فهي ،في املقام األول ،تستخدم معايير قياسية ثابتة ،لذلك فإنها ال تأخذ في اعتبارها تفردك .ثانيا ً ،ال توجد تعريفات للمواهب الروحية املذكورة في الكتاب املقدس ،لذلك فالتعريفات املتداولة هي حتيزا ً طائفيا ً .واملشكلة تعريفات جزافية ومتثل في العادة ُّ األخرى هي أنه كلما نضجت أكثر ،فمن املرجح أكثر أنك س ُتظهِ ر خصائص عدد أكبر من املواهب .رمبا تكون تخدم أو تعلم أو تعطي بسخاء بدافع من النضوج وليس بسبب موهبتك الروحية. إن أفضل طريقة الكتشاف مواهبك وإمكانياتك هي التجريب في مجاالت مختلفة من اخلدمة ،إذ رمبا يقتضي األمر مني مائة امتحان للمواهب واإلمكانيات عندما كنت شابا ً لكنني لم أكتشف أبدا ً أنني كنت موهوبا ً في التعليم 47
وذلك ألنني لم أمارسه من قبل! فقط بعد أن بدأت أقبل فرصا ً للحديث ،رأيت النتائج ،وتلقيت تأكيدا ً من اآلخرين ،وأدركت أن، «اهلل قد أعطاني موهبة للقيام بذلك!»
يتناول الكثير من الكتب عملية االكتشاف بطريقة معكوسة .فهي تقول« ،اكتشف موهبتك الروحية وعندئذ سوف تعرف اخلدمة التي من املفترض أن تقوم بها» .إن األمر يتم فعليا ً بالعكس متاما ً .ابدأ فحسب في اخلدمة ،وجتريب العديد من اخلدمات ،وعندئذ سوف تكتشف مواهبك .فإنك لن تعرف ما الذي جتيده حتى تساهم فعليا ً في اخلدمة.
إنك متتلك عشرات من اإلمكانيات واملواهب اخملفية ليس لديك علم بها ،وذلك ألنك لم جتربها أبدا ً من قبل .لذلك فإنني أشجعك أن جترب القيام ببعض األشياء التي لم تفعلها من قبل أبدا ً .إنني أحثك ،بغض النظر عن سنك، أال تكف أبدا ً عن التجريب .فقد قابلت كثيرا ً من الناس قد اكتشفوا مواهب مخفية في السبعينات والثمانينات من عمرهم .أعرف امرأة في التسعينات تعدو وتفوز في
48
سباقات ال 10كيلومترات ،وهي لم تكتشف أنها تستمتع باجلري إال عندما بلغت ثمانية وسبعني عاما ً!
تخمن ما هي مواهبك قبل أن تتطوع ال حتاول أن ِّ باخلدمة في مكان ما .عليك فقط أن تبدأ في اخلدمة. فإنك تكتشف مواهبك عن طريق املشاركة الفعلية في اخلدمة .جرِّب التعليم أو القيادة أو التنظيم أو عزف آلة أو العمل مع املراهقني .لن تعرف إطالقا ً ما جتيده حتى تجُ رِّب. وعندما ال ينجح األمر ،اطلق على ذلك «جتربة» ،وليس فشالً .وسوف تتعلم في النهاية ما الذي جتيده.
ضع في االعتبار قلبك وشخصيتك .فقد نصح بولس4« ،وَلَكِ ْن ل َِي ْم َتحِ ْن كُ ُّل وَاحِ ٍد َع َملَ ُه ،وَحِ ي َن ِئ ٍذ يَكُ و ُن لَ ُه ا ْل َف ْخ ُر م ِْن جِ َه ِة ن َ ْف ِ س ِه َف َق ْط ،ال َ م ِْن جِ َه ِة َغ ْيرِهِ ».وفي الترجمة اإلجنليزية MSGيفيد املعنى «قم بفحص دقيق 3 ملا أنت عليه والعمل الذي أُعطيته ،ثم استغرق فيه». من املفيد ،مرة أخرى ،أن حتصل على آراء من يعرفونك جيدا ً .اطرح على نفسك أسئلة :ما الذي أستمتع بفعله أكثر؟ متى أشعر أكثر بأنني أكثر إقباال ً على ملء احلياة؟ ما الذي عندما أقوم به أفقد إحساسي بالوقت؟ هل أحب أفضل اخلدمة ضمن فريق أم مبفردي؟ الروتني أم التنوع؟ هل ِّ هل أميل إلى االنطوائية أم اإلنبساطية؟ هل أميل نحو 49
الفكر أم العاطفة؟ ما الذي أستمتع به أكثر ـ التنافس أم التعاون؟ افحص خبراتك واستخلص الدروس التي تعلمتها.
راجِ ع حياتك وفكِّ ر كيف أنها شكَّ لتك .لقد أخبر موسى 2 لس ُت أُر ِي ُد بَنِيكُ ُم شعب إسرائيل « ،وَ ْاع ُ الي ْو َم أَنِّي ْ لموا َ ِيب الرَّ ِّب إِلهِ كُ ْم َعظَ َم َت ُه وَي َ َد ُه الذِي َن ْ لم ي َ ْعرِفُوا وَال رَأُوا ت َ ْأد َ ع َة» وفي الترجمة اإلجنليزية TEV َّ الشدِي َد َة وَذِرَا َع ُه الرَّفِي َ يفيد املعنى «اليوم تذكروا ما تعلمتوه عن الرب من خالل إختباراتكم معه» 4.إن اخلبرات املنسية ال قيمة لها؛ وذلك يُعتبر سببا ً وجيها ً لكتابة مذكرات روحية .لقد قلق بولس يضيع مؤمنو غالطية فرصا ً ثمينة لتعلم الكثير من أن ّ من الدروس النافعة مما كابدوه من ألم وما جتشموه من 4 اح َت َم ْل ُت ْم َع َب ًثا؟ إ ِ ْن كَ ا َن َع َب ًثا!» عناء .فقـال « ،أَه َذا المْ ِْق َدار َ ْ وفي الترجمة اإلجنليزية NCVيفيد املعنى «هل ضاعت كل 5 هباء؟ ال أمتنى ذلك!» خبراتكم ً إننا نادرا ً ما نرى قصد اهلل الصالح في األلم أو الفشل أو االرتباك أثناء وقوعنا .فقد قال يسوع عندما غسل رجلّي بطرس« ،لست تعلم أنت اآلن ما أنا أصنع ولكنك ستفهم فيما بعد» 6.فإننا ،ال ندرك كيف قصد اهلل باملشكلة خيرا ً إال عندما نسترجع األحداث. 50
إن استخالص الدروس من خبراتك يأخذ وقتا ً .لذلك فإنني أوصيك أن تأخذ عطلة نهاية أسبوع كاملة كخلوة تتأمل فيها أمور حياتك ،حيث تتوقف لترى كيف َع ِملَ اهلل في حلظات بارزة من حياتك وتفكر في الكيفية التي يريد بها استخدام تلك الدروس خلدمة اآلخرين .هناك 7 مصادر ميكنها أن تساعدك على القيام بذلك. اقبل منط شخصيتك واستمتع به
بها،
يجب أن تقبل بشكر الطريقة التي صممك اهلل حيث أنه يعرف ما هو األفضل لك .يقول الكتاب املقدس، «بل من أنت أيها اإلنسان الذي جتاوب اهلل .ألعل اجلبلة تقول جلابلها ملاذا صنعتني هكذا .أم ليس للخزاف سلطان على الطني أن يصنع من كتلة واحدة إناء للكرامة وآخر 8 للهوان!». لقد حدد اهلل بإرادته السيادية املطلقة منط شخصيتك املتفرد ألجل قصده ،لذلك يجب أال تستاء منه أو ترفضه. ّ وبدال ً من محاولة إعادة تشكيل نفسك لتكون مثل شخص آخر ،يجب أن حتتفل بالشكل الذي أعطاه اهلل لك« .ولكن لكل واحد منا أعطيت النعمة حسب قياس 9 هبة املسيح».
51
إن االعتراف مبحدوديتك هو جزء من قبولك لنمطك الشخصي .ليس أحد جيدا ً في كل شيء ،وليس أحد مدعوا ً ليكون كل شيء .لدينا جميعا ً مهام محددة .لقد فهم بولس أن دعوته لم تتضمن إجناز كل األشياء أو إسعاد اجلميع ،بل التركيز على اخلدمة احملددة التي شكَّ له اهلل ألجلها 10.فقد قال13« ،وَلَكِ ْن ن َ ْح ُن ال َ ن َ ْف َتخِ ُر إِلَى َما ال َ اس ا ْل َقانُو ِن الَّذِي َقسم ُه لَ َنا ُ س َب ق َِي ِ اهلل ،ق َِياسا ً يُ َق ُ اس ،بَلْ َح َ َ َ لِل ُْبلُو ِغ إِل َْيكُ ْم أ َ ْيضا ً ».وفي الترجمة اإلجنليزية NLT يفيد املعنى «إن هدفنا هو البقاء بداخل حدود 11 خطة اهلل لنا».
تشير كلمة حدود إلى حقيقة أن اهلل يكلِّف كالً منا بقطاع أو مجال من اخلدمة .إذ أن منط شخصيتك يحدد مجال تخصصك .فإننا نختبر ضغطا ً عندما نحاول أن نزيد توسيع خدمتنا خارج ما شكَّ لنا اهلل ألجله .وكما أن كل ع َّداء في السباق يُحدد له خط مختلف عن غيره ليجري فيه ،كذلك يجب علينا نحن شخصيا ً أن «نحاضر بالصبر في اجلهاد املوضوع أمامنا» 12.ال حتسد املتسابق الذي يجري باخلط اجملاور لك؛ بل ركِّ ز فقط على إنهاء سباقك.
52
إن اهلل يريدك أن تستمتع بنمط الشخصية املميز الذي أعطاه لك .يقول الكتاب املقدس4« ،وَلَكِ ْن ل َِي ْم َتحِ ْن كُ ُّل وَاحِ ٍد َع َملَ ُه ،وَحِ ي َن ِئ ٍذ يَكُ و ُن لَ ُه ا ْل َف ْخ ُر م ِْن جِ َه ِة ن َ ْف ِ س ِه ه ِة َغ ْيرِهِ ».وفي الترجمة اإلجنليزية LB َف َق ْط ،ال َ م ِْن جِ َ يفيد املعنى «تأكَّ د أن تقوم مبا يجب عليك عمله ،وحينئذ سوف تستمتع بشبع شخصي ألنك قد قمت بالعمل على ما يرام ،ولن حتتاج أن تقارن نفسك بأي شخص آخر» 13.سوف يحاول الشيطان أن يسرق فرح اخلدمة منك بطريقتني :سيجربك الشيطان لتقارن خدمتك بخدمات اآلخرين ،وسيجربك لكي تساوم في خدمتك بتطويعها لكي ترضي توقعات الناس .هاتان الطريقتان عبارة عن فخني مميتني سوف يصرفانك عن اخلدمة بالطرق التي قصدها اهلل .ما أن تفقد الفرح في خدمتك ،ابدأ في التفكير إن كانت أي من تلك التجارب هي السبب. يحذرنا الكتاب املقدس أال نقارن أنفسنا أبدا ً باآلخرين: «4وَلَكِ ْن ل َِي ْم َتحِ ْن كُ ُّل وَاحِ ٍد َع َملَ ُه ،وَحِ ي َن ِئ ٍذ يَكُ و ُن لَ ُه ا ْل َف ْخ ُر م ِْن جِ َه ِة ن َ ْف ِ س ِه َف َق ْط ،ال َ م ِْن جِ َه ِة َغ ْيرِهِ ».وفي الترجمة اإلجنليزية CEVيفيد املعنى «قم بعملك جيدا ً ،وعندئذ سوف يكون لديك ما تفخر به .لكن ال تقارن نفسك مع اآلخرين» 14.ويتعني عليك أال تقارن أبدا ً منط شخصيتك، 53
أوخدمتك أو نتائج خدمتك بأي شخص آخر ،وذلك لسببني: أوال ً ،بإمكانك دائما ً إيجاد شخص يبدو أنه يقوم بعمل أفضل منك ،فتصبح عندئذ مثبط الهمة .أو بإمكانك إيجاد شخص ال يبدو في مثل فعاليتك فتصبح عندئذ ممتلئا ً بالغرور .كال السلوكني سوف يخرجك من اخلدمة ويسلب منك فرحك.
فقد ذكر بولس أنه من احلماقة أن نقارن أنفسنا باآلخرين ،حيث قال «ألننا ال جنترئ أن نعد أنفسنا بني قوم من الذين ميدحون أنفسهم وال أن نقابل أنفسنا بهم بل هم إذ يقيسون أنفسهم على أنفسهم ويقابلون أنفسهم بأنفسهم ال يفهمون» 15.تقول الترجمة التفسرية « ،MSGإنهم يفقدون الهدف متاما ً في كل 16 تلك املقارنة والتصنيف واملنافسة». سوف جتد أن األشخاص الذين ال يفهمون طابعك املميز للخدمة ينتقدونك ويحاولون أن يطوعوك لكي تعمل حتما ً وفق ما يفتكرون .جتاهلهم .فكثيرا ً ما كان يجب على بولس أن يتعامل مع املنتقدين الذين أساءوا فهم خدمته وطعنوا فيها .وكان رد فعله دائما ً واحدا ً: 17 جت َّنب املقارنات ،قاوِم املبالغات ،واطلب فقط إطراء اهلل.
54
إن أحد األسباب التي جعلت اهلل يستخدم بولس بطريقة عظيمة هي أنه كان يرفض أن يُشتت عن طريق النقد أو مقارنة خدمته مع اآلخرين أو االجنذاب إلى مباحثات غير مثمرة بخصوص خدمته .فكما قال جون بانيان« ،إن كانت حياتي غير مثمرة ،فال يهم من ميتدحني، وإن كانت حياتي مثمرة ،فال يهم من ينتقدني». استمر في تطوير منط شخصيتك
يوضح لنا مثل يسوع عن الوزنات أن اهلل يتوقع منا أن ننال أكثر استفادة مما يعطيه لنا .يجب أن ننمي مواهبنا وإمكانياتنا ،ونحافظ على قلوبنا مشتعلة ،وننمي ونوسع خبراتنا حتى نزداد فاعلية صفاتنا وشخصياتنا، ِّ في خدمتنا .فقد أخبر بولس أهل فيلبي «َ 9و َه َذا أ َُ صلِّيهِ: أ َ ْن ت َ ْزدَادَ َم َح َّب ُتكُ ْم أ َ ْيضا ً أَكْ َثرَ َفأَكْ َثرَ فِي المْ َْعرِ َف ِة وَفِي كُ لِّ 6 18 الس َببِ أُذَكِّ ُركَ أ َ ْن تُ ْضر َِم ف َْه ٍم »،وذكَّ ر تيموثاوسَ « ،فل َِه َذا َّ 19 أ َ ْيضا ً َم ْوه َِب َة ا ِ هلل الَّتِي ِفيكَ ».
إن كنت ال تدرِّب عضالتك ،فسوف تضعف وتضمر .وعلى نفس املنوال ،إن كنت ال تستخدم اإلمكانيات واملواهب التي أعطاك اهلل إياها ،فسوف تفقدها .لقد علَّمنا يسوع مثل الوزنات ليؤكد هذه احلقيقة .فقد قال السيد مشيرا ً إلى 55
اخلادم الذي فشل في استخدام وزنته« ،فخذوا منه الوزنة وأعطوها للذي له العشر وزنات» 20.إن فشلت في استخدام ما أُعطي لك فسوف تفقده .استخدم اإلمكانيات التي حصلت عليها وسوف يزيدها اهلل .لقد أخبر بولس 21 تيموثاوس« ،ال تهمل املوهبة التي فيك املعطاة لك». ميكن ألي مواهب أُعطيت لك أن تكبر وتتطور من خالل املمارسة .إذ ال يحصل أحد مثالً على موهبة التعليم كاملة التطور .لكن مع الدراسة ،واملراجعة ،واملمارسة ميكن ملدرس «جيد» أن يصبح مدرسا ً أفضل ،كما أنه ينمو ،مع الوقت ،ليصير أستاذا ً .ال تقنع مبوهبة نصف 15 اج َتهِ ْد مطورة .ش ِّدد نفسك وتعلم كل ما تستطيعْ « . سكَ ِ ِ صالً كَ ل َِم َة هلل ُمزَكّ ًىَ ،عا ِمالً ال َ يُ ْخزَىُ ،م َف ِّ ِيم ن َ ْف َ أ َ ْن تُق َ 22 امةِ» .انتهز كل فرصة للتدريب كي تطور الحْ َِّق ب ِاال ِْس ِت َق َ منط شخصيتك وتقوي مهارات خدمتك.
اآلن،
إننا سنخدم اهلل إلى األبد في السماء .أما فبإمكاننا أن نستعد لتلك اخلدمة األبدية عن طريق التدريب على األرض .سوف نظل نستعد لذلك اليوم الكبير ،مثل الرياضيني الذين يستعدون لألوملبياد« ،أما أولئك فلكي يأخذوا إكليالً يفنى وأما نحن فإكليالً ال 23 يفنى». إننا نستعد للمسئوليات واملكافآت األبدية.
56
5
نحن نخدم اهلل عن طريق خدمة اآلخرين.
القوة ،واملمتلكات،
يعرِّف العالم العظمة مبصطلحات واملقام ،واملكانة .فإن كان بإمكانك إجبار اآلخرين على خدمتك ،تكون قد جنحت .إن التصرف كخادم ليس مفهوما ً شائعا ً في ثقافة اخلدمة الذاتية التي تتبنى عقلية أنا أوال ً.
اخلدمة،
ومع ذلك ،فقد قاس يسوع العظمة مبصطلح وليس املنزلة .إن اهلل يحدد عظمتك بعدد الناس الذين تخدمهم ،وليس عدد الناس الذين يخدمونك .وذلك متاما ً عكس فكرة العالم عن العظمة ،حتى أننا نواجه صعوبة في فهمها ،كما أننا منارسها قليالً جدا ً .لقد جادل التالميذ 57
بخصوص من يستحق أكثر املراكز شهرة ،وال يزال القادة املسيحيون ،بعد 2000سنة ،يحتالون للوصول إلى املكانة والشهرة في الكنائس ،والطوائف ،واخلدمات الكنسية.
لقد كُ تبت آالف الكتب عن القيادة ،لكن القليل منها فقط عن اخلدمة .يبتغي اجلميع أن يكونوا قادة؛ بينما ال نفضل باألحرى أن نخدم في يريد أحد أن يكون خادما ً .إننا ِّ دائرة الضوء بدال ً من أن نخدم في اخلفاء ،بل أن املسيحيني املؤمنني يريدون أن يكونوا «خداما ً – قادة» وليس خداما ً عاديني .ولكي تصبح مثل يسوع فعليك أن تكون خادما ً، فذلك هو ما دعا به نفسه. إن معرفة منط شخصيتك أمر هام خلدمة اهلل ،واألكثر أهمية أن يكون لك قلب اخلادم .تذكَّ ر أن اهلل قد شكَّ لك للخدمة ،وليس للتمركز حول الذات .بدون قلب خادم، ستتعرض لتجربة إساءة استخدام منط شخصيتك من أجل حتقيق أطماع شخصية .سوف تجُ رَّب أيضا ً الستخدامه كعذر إلعفاء نفسك من تسديد بعض االحتياجات.
كثيرا ً ما يختبر اهلل قلوبنا بأن يطلب منا أن 58
نخدم بطرق لسنا ُمشكَّ لني بها .إذا رأيت رجالً يسقط في حفرة ،فإن اهلل يتوقع منك أن تساعد في إخراجه، لدي موهبة الرحمة أو اخلدمة». وليس أن تقول« ،ليست َّ فبينما قد ال تكون موهوبا ً للقيام مبهمة معينة ،ميكنك أن تُدعى لعملها إذا لم يكن هناك شخص آخر موهوب فيها .فخدمتك الرئيسية يجب أن تكون في إطار منط شخصيتك ،لكن خدمتك الثانوية هي أينما يوجد احتياج إليك. يوضح خدمتك ،لكن قلب اخلادم إن منط شخصيتك ِّ الذي لديك سوف يكشف عن نضوجك .ال توجد مهارة أو موهبة خاصة مطلوبة للبقاء بعد االجتماع اللتقاط القمامة أو ترتيب املقاعد .باستطاعة أي شخص أن يكون خادما ً ،فكل ما يتطلبه األمر هو الشخصية.
من املمكن اخلدمة في الكنيسة طوال العمر دون أن تكون خادما ً .يجب أن يكون لك قلب خادم .كيف ميكنك أن تعرف إن كان لديك قلب اخلادم؟ لقد قال يسوع« ،من 1 ثمارهم تعرفونهم». أهمية التواجد واالستعداد في خدمة اخلدام احلقيقيني .ال يشغل اخلدام وقتهم مبسا ٍع أخرى ميكنها
أن حتد من استعدادهم .إنهم يريدون أن يكونوا مستعدين 59
للقفز إلى اخلدمة ما أن تتم دعوتهم .يجب أن يكون اخلادم مستعدا ً دائما ً ألداء واجبه ،متاما ً مثل اجلندي« :ليس أحد 2 وهو يتجند يرتبك بأعمال احلياة لكي يرضي من جنده». إن كنت تخدم فقط عندما يكون األمر مناسبا ً لك ،فأنت لست خادما ً حقيقيا ً .إن اخلدام احلقيقيني يخدمون أينما يوجد االحتياج ،حتى عندما تكون الظروف غير مواتية، واالوقات غير مناسبة.
هل أنت متاح هلل في أي وقت؟ هل ميكنه أن يفسد مستاء؟ ال يتوجب خططك دون أن تكون ً أن تنتقي وتختار متى وأين ستخدم .إن كونك خادما ً يعني التنازل عن حق التحكم في جدول أعمالك والسماح هلل بأن يقاطعه وقتما يحتاج.
عليك ،كخادم،
إن كنت س ُتذكِّ ر نفسك في بداية كل يوم أنك خادم هلل ،فلن حتبطك املقاطعات كثيرا ً ،ألن جدول مواعيدك سوف يُبنى على ما يبتغي اهلل أن يأتي به إلى حياتك .يرى اخلدام املقاطعات كمواعيد مقدسة للخدمة فيسعدوا من أجل فرصة ممارسة اخلدمة. ينتبه اإلحتياجات.
اخلدام
احلقيقيون
إلى
فاخلدام دائما ً في نقطة مراقبة بحثا ً عن كافة الطرق والوسائل
60
خلدمة اآلخرين .عندما يرون احتياجا ً ،فإنهم ينتهزون الفرصة لتسديده ،متاما ً كما يأمرنا الكتاب املقدس« ،فإذا حسبما لنا فرصة فلنعمل اخلير للجميع والسيما أهل اإلميان» 3.عندما يضع اهلل أمامك شخصا ً محتاجا ً ،فإنه بذلك يعطيك الفرصة لتنمو في اخلدمة .الحظ أن اهلل يقول إن احتياجات عائلة كنيستك يجب أن تُعطى لها األولوية ،وليس أن توضع في آخر قائمة األشياء التي تود القيام بها.
إننا نضيع مناسبات عديدة للخدمة ،وذلك ألننا نفتقر إلى احلساسية والتلقائية .إن الفرص العظيمة للخدمة ال تستمر طويالً ،لكنها متر سريعا ً ،وأحيانا ً ال تعود مرة أخرى .ميكن فقط أن تكون لديك فرصة واحدة خلدمة ذلك الشخص ،لذلك اغتنم اللحظة« .ال تقل لصاحبك اذهب 4 وعد فأعطيك غدا ً وموجود عندك».
كان جون ويسلي خادما ً عظيما ً هلل .فقد كان شعاره «افعل كل الصالح الذي تستطيعه ،بكل الطرق التي تستطيعها ،وفي كل األماكن امل ُستطاعة ،وفي كل األوقات املستطاعة ،ومع كل من استطعت من أشخاص، طاملا أنك تستطيع القيام بذلك» .تلك هي العظمة. ميكنك أن تبدأ بالبحث عن مهام صغيرة ال يريد أحد أن
61
يفعلها .افعل تلك األشياء الصغيرة كما لو أنها ألن اهلل يراقبك.
عظيمة،
اخلدام يفعلون أفضل ما لديهم مبا ميتلكون .إن اخلدام ال يختلقون األعذار ،وال مياطلون ،وال ينتظرون ظروفا ً أفضل. اخلدام ال يقولون أبدا ً« ،في يوم من األيام» أو «عندما يحني الوقت املناسب» ،لكنهم يعملون فقط ما يجب أن يُعمل. 4 ِب يقول الكتاب املقدسَ « ،م ْن ي َ ْر ُص ُد الرِّ َ يح ال َ ي َ ْزر َ ُع وَ َم ْن يُرَاق ُ ص ُد ».وفي الترجمة اإلجنليزية NLTيفيد الس ُح َب ال َ ي َ ْح ُ ُّ املعنى «إن انتظرت الظروف املثالية ،فإنك لن تنجز شيئا ً على اإلطالق» 5.إن اهلل يتوقع منك أن تفعل ما تستطيعه، مبا متلك ،أينما أنت .إذ أن اخلدمة التي لم تصل إلى درجة املثالية هي دائما ً أفضل من أفضل النوايا.
فإن أحد األسباب التي جتعل العديد من الناس ال يخدمون إطالقا ً هو أنهم يخافون أال يكونوا على مستوى اجلودة الالئق باخلدمة .لقد صدقوا الكذبة القائلة إن خدمة اهلل هي فقط للنجوم .وقد عززت بعض الكنائس هذه اخلرافة عن طريق جعل «التميز» وثنا ً ،مما يجعل األشخاص ذوي املؤهالت املتوسطة يترددون في املشاركة باخلدمة. رمبا تكون قد سمعت هذا القول« ،إن لم تفعل األمر ببراعة ،فال تفعله» .حسنا ً ،لم يقل يسوع ذلك إطالقا ً!
62
إن احلقيقة هي أن كل ما نفعله تقريبا ً يُصنع بغير إتقان عندما نبدأ في فعله ألول مرة – فتلك هي الطريقة التي نتعلم بها .إننا منارس في كنيسة سادلباك مبدأ «اجليد مبا يكفي» :ال يجب أن يكون كامالً حتى يستخدمه اهلل نفضل باألحرى أن نضم آالفا ً من األشخاص ويباركه .إننا ِّ العاديني إلى اخلدمة بدال ً من أن تكون لدينا كنيسة مثالية تُدار بواسطة عدد قليل من الصفوة. يقوم اخلدام احلقيقيون بكل مهمة بقدر ٍ متساوٍ من التكريس .مهما كان ما يفعله اخلدام ،فإنهم «يعملوه
من القلب» 6.ليس لألمر عالقة بحجم املهمة ،بل مبدى احلاجة إلى حتقيقها وهذا هو جوهر القضية.
ومهما ارتقت بك احلياة فلن تكون أكبر من القيام باملهام الصغيرة .لن يعفيكَ اهلل أبدا ً من الوظائف الدنيا، فذلك جزء حيوي من منهج شخصيتك .يقول الكتاب املقدس« ،ألنه إن ظن أحد أنه شيء وهو ليس شيئا ً فإنه يغش نفسه» 7.فإننا ننمو لنصير شبه املسيح من خالل تلك اخلدمات الصغيرة. لقد تخصص يسوع في املهام الصغيرة التي حاول اجلميع أن يتجنبوها مثل :غسل األرجل ،ومساعدة األطفال ،وإعداد اإلفطار ،ومساعدة البرص .لم يكن شيء أدنى رتبة منه ،ألنه جاء ليخدم .إنه يفعل هذه األشياء 63
ليس على الرغم من عظمته بل بسبب عظمته ،وهو 8 يتوقع منا أن نتبع مثاله. كثيرا ً ما تُظهر املهام الصغيرة قلبا ً كبيرا ً ،إذ أن قلب اخلادم الذي لديك يظهر في األفعال الصغيرة التي ال يفكر اآلخرون في القيام بها ،مثلما فعل بولس عندما جمع أغصان الشجر اجلافة إلشعال نار من أجل تدفئة اجلميع بعد أن حتطمت السفينة 9.فقد كان متعبا ً مثل اجلميع ،لكنه فعل ما كان يحتاجه اجلميع. عندما متتلك قلب خادم، لن توجد مهمة أدنى رتبة منك.
غالبا ً ما تتنكر الفرص العظيمة في مهام صغيرة ،إذ أن األشياء الصغيرة في احلياة حتدد األشياء الكبيرة .ال تبحث عن مهام عظيمة حتى تفعلها هلل ،بل افعل فقط األشياء التي ليست غاية في العظمة ،وعندئذ سيكلفك اهلل مبا يريدك أن تفعله .لكن قبل محاولة القيام مبا هو غير عادي ،جرِّب 10 أن تخدم بطرق عادية.
64
فالراغبون في أداء املهام «العظيمة» هلل أكثر دائما من الذين يرغبون في عمل املهام الصغيرة ،إذ أن السباق ألجل القيادة مزدحم ،لكن اجملال مفتوح على مصراعيه لهؤالء الذين يرغبون في أن يكونوا خداما ً .فإنك أحيانا ً تخدم ألعلى إلى هؤالء الذين في سلطة ،وأحيانا ً تخدم ألسفل ألولئك الذين في احتياج. تطور قلب اخلادم عندما إنك ،في احلالتني، ِّ ترغب في عمل أي شيء مطلوب.
اخلدام احلقيقيون أمناء خلدمتهم .إن اخلدام ينهون مهامهم ،وينجزون مسئولياتهم ،ويحفظون وعودهم، ويكملون التزاماتهم .إنهم ال يتركون عمال ً غير مكتمل، وال ينصرفون عندما يُحبطون .إنهم أهل للثقة وميكن االعتماد عليهم.
لقد كانت األمانة دائما ً صفة نادرة 11.فمعظم الناس ال يعرفون معنى اإللتزام .إنهم يتعهدون بالتزامات من غير قصد ،ثم يكسرونها ألتفه األسباب دون تردد، أو تأنيب ضمير ،أو ندم .ففي كل أسبوع ،يجب على الكنائس واملنظمات األخرى أن ترجتل ،وذلك ألن املتطوعني لم يستعدوا ،أو لم يحضروا ،أو أنهم لم يتصلوا حتى ليقولوا أنهم لن يأتوا. 65
هل ميكن لآلخرين أن يعتمدوا عليك؟ هل هناك وعود حتتاج أن حتفظها ،أو نذور حتتاج أن تنفذها ،أو عهود حتتاج أن تفي بها .هذا اختبار لك .إن اهلل يختبر أمانتك. إذا جنحت في االختبار ،فإنك ضمن صحبة جيدة :لقد سمي كل من إبراهيم ،وموسى ،وصموئيل ،وداود ،ودانيال، ُ وتيموثاوس ،وبولس خدام اهلل األمناء .واألفضل من ذلك أن اهلل قد وعد مبكافأة أمانتك في األبدية .تخيل ما سوف تشعر به عندما يقول لك اهلل يوما ً ما« ،نعما ً أيها العبد 12 الصالح كنت أمينا ً في القليل فأقيمك على الكثير!». باملناسبة ،فإن اخلدام األمناء ال يتقاعدون أبدا ً ،لكنهم يخدمون بأمانة طاملا أنهم أحياء .ميكنك أن تتقاعد من مجال عملك ،لكنك لن تتقاعد أبدا ً من خدمة اهلل.
اخلدام احلقيقيون يحتفظون بتواضعهم .اخلدام ال يروِّجون أو يجذبون االنتباه ألنفسهم .وبـدال ً من العمـل على إثارة اإلعجاب والتزين بالنجاح ،فإنهم يتبعون وصية اض ِع ،أل َ َّن َ اهلل يُ َقاوِ ُم المْ ُْس َت ْك ِبرِي َن، س ْربَلُوا ب ِال َّت َو ُ الكتاب « ...وَت َ َ 13 وَأ َ َّما المْ ُ َت َواضِ ُعو َن ف َُي ْعطِ يهِ ْم ن ِْع َم ًة» .وإذا ُعرفوا بسبب خدمتهم ،فإنهم يتقبلون األمر بتواضع دون أن يسمحوا للشهرة أن تعيقهم عن عملهم.
66
لقد فضح بولس نوعية من اخلدمة تبدو وكأنها روحية لكنها في الواقع مجرد فعل مصطنع ،أو عرض ،أو متثيل جلذب االنتباه .وقد أطلق عليها «خدمة العني» 14 ـ أي اخلدمة بدافع التأثير على اآلخرين مبا لدينا من روحانية. حولوا مساعدة تلك كانت خطية الفريسيني .فقد َّ إرضاء اآلخرين ،والعطاء ،بل حتى الصالة إلى مسرحية ً للجمهور .وقد كره يسوع هذا االجتاه وح َّذر منه« ،احترزوا من أن تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروكم .وإال 15 فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السموات». إن إعالء الذات وروح اخلدمة اليجتمعان معا ً .فاخلدام احلقيقيون ال يخدمون ألجل التصديق والتصفيق من اآلخرين ،لكنهم يعيشون من أجل جمهور يتكون من شخص واحد .كما قال بولس« ،فلو كنت بعد أرضي الناس 16 لم أكن عبدا ً للمسيح».
األضواء،
لن جتد كثيرا ً من اخلدام احلقيقيني في دائرة لكنهم في احلقيقة يتجنبونها كلما أمكن ،ويقنعون باخلدمة بهدوء في الظالل .كان يوسف مثاال ً عظيما ً لذلك .فإنه لم يجذب االنتباه إلى نفسه ،لكنه خدم سجانه ،ثم خباز وساقي بشكل هادئ فوطيفار ،ثم َّ فرعون ،وبارك اهلل هذا املوقف .وعندما رقَّاه فرعون إلى دور 67
بارز ،كان يوسف ال يزال يحمل قلب خادم حتى مع إخوانه الذين خانوه.
لسوء احلظ ،فإن العديد من القادة اليوم يبدأون كخدام وينتهي بهم األمر كمشاهير .إنهم يصبحون مدمنني الهتمام اآلخرين ،وهم يغفلون أن التعرض الدائم للضوء الكاشف يعميك.
الصغيرة،
رمبا تكون لك خدمة مغمورة في أحد األماكن وتشعر أنه ال أحد يعرفك ويق ِّدرك .استمع :لقد وضعك اهلل حيث أنت ألجل قصد! فكل شعور رأسك محصاة، كما أنه يعرف عنوانك .ومن األفضل لك أن تلزم موقعك هناك حتى يختار أن ينقلك ،فهو سوف يجعلك تعرف إن كان يريدك في مكان آخر .إن خدمتك تهم ملكوت اهلل. «َ 4م َتى ْ يح َح َياتُ َناَ ،فحِ ي َن ِئ ٍذ تُ ْظ َه ُرو َن ا ْن ُت ْم ْايضا ً اظهِ رَ المْ َِس ُ َم َع ُه فِي مْ جَْ الدِ ».وفي الترجمة اإلجنليزية MSGيفيد املعنى «عندما يظهر املسيح ثانية على هذه األرض ،فستظهر أنت أيضا ً -بشخصك احلقيقي ،املمجد .ولكن في الوقت 17 احلالي ،اقنع بكونك مغمورا ً». هناك أكثر من 750من «قاعات املشاهير» في أمريكا وأكثر من 450كتابا عن «املشاهير» ،لكنك لن جتد الكثير من اخلدام احلقيقيني في تلك األماكن .ال تعني الشهرة 68
شيئا ً بالنسبة للخدام احلقيقيني ألنهم يعرفون الفرق بني البروز واألهمية .فإنك متتلك العديد من املالمح البارزة على جسمك التي بإمكانك العيش بدونها ،في حني أن األجزاء اخلفية هي التي ال غنى عنها .يصح األمر أيضا ً في جسد املسيح ،إذ أن أكثر اخلدمات أهمية هي غالبا ً تلك 18 اخلدمة غير املرئية.
سوف يكافئ اهلل جهارا ً في السماء بعضا ً من خدامه املغمورين واجملهولني – وهم أشخاص لم نسمع عنهم أبدا ً على األرض ،إنهم هؤالء الذين علَّموا في عطف األطفال املضطربني نفسيا ً ،ونظفوا املسنني العاجزين عن ضبط أنفسهم ،وقاموا بتمريض مرضى اإليدز ،وخدموا بآالف الطرق األخرى غير امللحوظة.
وبعد أن عرفت ذلك ،فال تحُ بط عندما ال يالحظ اآلخرون خدمتك أو يسلِّمون بها .استمر في خدمة اهلل! «مكثرين في عمل الرب كل حني عاملني أن تعبكم ليس باطالً في الرب» 19.إن اهلل يالحظ حتى أصغر اخلدمات وسوف يكافئها .تذكَّ ر كلمات يسوع« :من سقى أحد هؤالء الصغار كأس ماء بارد فقط باسم تلميذ فاحلق أقول لكم 20 إنه ال يضيع أجره».
69
6
إن اخلدمة تبدأ في ذهنك.
أن تكون خادما ً فذلك يتطلب تبديالً ذهنيا ً ،وتغييرا ً في اجتاهاتك .إن اهلل ال يهتم مبا نفعله بقدر ما يهتم باألسباب والدوافع ،إذ أن السلوكيات تُق َّدر أكثر من اإلجنازات .لقد فقد امللك أمصيا استحسان اهلل ألنه «عمل املستقيم في عيني الرب ولكن ليس بقلب كامل » 1.إن اخلدام احلقيقيني يخدمون اهلل وفقا ً خلمسة اجتاهات ذهنية.
إن اخلدام يفكرون في اآلخرين أكثر من أنفسهم .يركِّ ز اخلدام على اآلخرين ،وليس على أنفسهم .ليس اإلتضاع احلقيقي أن تقلل من نفسك ،بل أن تقلل التفكير في نفسك .إنهم كثيرو النسيان ألنفسهم .فقد قال بولس، 70
«4ال َ ت َ ْنظُ ُروا كُ ُّل وَاحِ ٍد إِلَى َما ُه َو لِ َن ْف ِ سهِ ،بَلْ كُ ُّل وَاحِ ٍد آلخرِي َن أ َ ْيضا ً ».وفي الترجمة اإلجنليزية MSG إِلَى َما ُه َو َ يفيد املعنى «انسوا أنفسكم لفترة كافية حتى متدوا يد املساعدة لآلخرين» 2.وذلك ما يعنيه «إضاعة حياتك»ـ إنه نسيان نفسك في خدمة اآلخرين .عندما نكف عن التركيز على احتياجاتنا الذاتية ،فإننا نصبح مدركني الحتياجات من حولنا. لقد «أخلى يسوع نفسه آخذا ً صورة عبد» 3.متى كانت آخر مرة أخليت فيها نفسك ملصلحة شخص آخر؟ لن ميكنك أن تكون خادما ً إن كنت معتدا ً بنفسك .فإننا نفعل أشياء تستحق التذكر فقط عندما ننسى أنفسنا.
لألسف ،فإن كثيرا ً من خدمتنا تكون غالبا ً خدمة ذاتية .نحن نخدم لنجعل اآلخرين يحبوننا ،ويُعجبون بنا، أو لنحقق أهدافنا الذاتية .ذلك تالعب ،وليس خدمة، إذ أننا نفكر طوال الوقت في أنفسنا وكم أننا نبالء ورائعون .كذلك يحاول بعض الناس أن يستخدموا اخلدمة كأداة مساومة مع اهلل« :سوف أفعل ذلك ألجلك يا رب، إذا فعلت شيئا ً ألجلي» .اخلدام احلقيقيون ال يحاولون استخدام اهلل ألجل مقاصدهم ،لكنهم يدعون اهلل يستخدمهم ألجل قصده. 71
إن صفة نسيان الذات نادرة للغاية ،متاما ً مثل األمانة. فقد علم بولس أن تيموثاوس كان هو املثال الوحيد ،من بني جميع الناس ،الذي ميكن أن يشير إليه 4.إن التفكير مثل خادم هو أمر صعب ألنه يتحدى مشاكل حياتي األساسية :فأنا أناني بالطبيعة .إنني أفكر معظم الوقت في نفسي .لذلك فإن التواضع هو صراع يومي، وهو درس يجب أن أتعلمه مرات ومرات .إن الفرصة ألن أكون خادما ً تواجهني مرات عديدة يوميا ً ،إذ يُقدم لي االختيار بني تسديد احتياجاتي أو احتياجات اآلخرين .فنكران الذات هو روح اخلدمة.
ميكننا أن نقيس قلب اخلادم الذي لدينا عن طريق رد فعلنا عندما يعاملنا اآلخرون مثل اخلدام .كيف يكون رد فعلك عندما يُفترض جدال ً أنك مرؤوس ،أو تُعامل باعتبارك 41 س َّخرَكَ مِيالً وَاحِ دا ً تابعا ً؟ يقول الكتاب املقدس « ،وَ َم ْن َ فَا ْذ َه ْب َم َع ُه ا ْث َنينْ ِ» وفي الترجمة اإلجنليزية MSGيفيد املعنى «إذا أراد أحد أن يستغلك فأنتهز الفرصة لتمارس 5 حياة اخلدمة». 72
إن اخلدام يفكرون كوكالء ،وليس كمالّك .يتذكر اخلدام أن اهلل ميتلك كل شيء .فقد كان الوكيل ،في الكتاب املقدس ،هو اخلادم الذي يؤمتن على إدارة املمتلكات .وكان يوسف من نوعية هؤالء اخلدام عندما كان سجينا ً في السجان مصر .فقد ائتمنه فوطيفار على بيته .ثم ائتمنه َّ على سجنه .وفي النهاية ائتمنه فرعون على األمة 6 بأكملها .إن اخلدمة والوكالة يسيران جنبا ً إلى جنب، حيث أن اهلل يتوقع منا أن نكون أهل ثقة في كليهما. يقول الكتاب املقدس« ،ثم يسأل في الوكالء لكي يوجد اإلنسان أمينا ً» 7.كيف تتصرف في املوارد التي ائتمنك اهلل عليها؟
تسوي قضية املال في حياتك ،وذلك حتى يجب أن ِّ تصبح خادما ً حقيقيا ً .فقد قال يسوع« ،ال يقدر خادم أن يخدم سيدين ..ال تقدرون أن تخدموا اهلل واملال» 8.إنه لم يقل« ،ال يجب»بل «ال يقدر» .فذلك مستحيل ،إذ أن العيش ألجل اخلدمة والعيش ألجل املال هدفان متضادان .فأيا ً منهما سوف تختار؟ إذا كنت خادما ً هلل ،فليس بإمكانك أن تسلط األضواء على نفسك ،بل إن كل وقتك يخص اهلل ،إذ أنه يصر على الوالء التام ،وليس األمانة اجلزئية. إن املال لديه أعظم إمكانية الستبدال اهلل في حياتك ،فقد انحرف كثير من الناس عن اخلدمة بسبب 73
األمور املادية أكثر من أي سبب آخر .إنهم يقولون« ،سوف أخدم اهلل بعد حتقيق أهدافي املادية» .ذلك قرار أحمق سوف يندمون عليه إلى األبد .عندما يكون يسوع سيدك، فإن املال يخدمك .لكن إن كان املال سيدك ،فإنك تصبح عبدا ً له .ليست الثروة خطية بالتأكيد ،وإمنا الفشل في استخدامها جملد اهلل .يهتم خدام اهلل دائما ً باخلدمة أكثر من املال.
إن الكتاب املقدس واضح جدا ً :يستخدم اهلل املال الختبار أمانتك كخادم .لذلك فقد تكلم يسوع عن املال أكثر مما تكلم عن السماء واجلحيم .فقال« ،فإن لم تكونوا أمناء في مال الظلم فمن يأمتنكم على احلق» 9.إن الكيفية التي تدير بها أموالك تؤثر على كم البركات التي ميكن أن يغدقها اهلل على حياتك. لقد ذكرت في الفصل احلادي والثالثني نوعني من الناس :ب َّناءو امللكوت وب َّناءو الثروة .كالهما موهوب في توسيع األعمال ،وعقد الصفقات واملبيعات ،وحتقيق الربح. يستمر ب َّناءو الثروة في تكديس الثروة ألنفسهم بغض النظر عن الكم الذي جمعوه ،لكن ب َّنائي امللكوت يبدلون قواعد اللعبة .إنهم الزالوا يحاولون احلصول على األموال بقدر استطاعتهم، لكنهم يفعلون ذلك بهدف إعطائها. 74
إنهم يستخدمون الثروة لتمويل كنيسة اهلل وإرساليتها في العالم.
لدينا في كنيسة سادلباك مجموعة من أصحاب األعمال يحاولون أن يفعلوا كل ما باستطاعتهم حتى يتمكنوا من تقدمي كل ما يستطيعونه المتداد ملكوت اهلل .إنني أشجعك على أن تتحدث مع راعي كنيستك وتبدأ في تأسيس مجموعة من ب َّنائي امللكوت. يفكر اخلدام في عملهم ،وليس فيما يفعله اآلخرون.
إنهم ال يقارنون ،أو ينتقدون ،أو يتنافسون مع خدام آخرين. لكنهم مشغولون جدا ً في القيام بالعمل الذي أعطاه اهلل لهم.
إن التنافس بني خدام اهلل غير منطقي لعدة أسباب: إننا جميعا ً في نفس الفريق؛ وهدفنا هو أن نعظم اهلل، وليس أنفسنا؛ وقد كُ لفنا مبهام مختلفة ،كما أن لكل 26 ني منا طابعـه الفريد .فقـد قال بولس « ،ال َ نَكُ ْن ُم ْعجِ ِب َ ض َنا ب َ ْعضا ً ،وَن َ ْح ِ ض َنا ب َ ْعضا ً ».وفي س ُد ب َ ْع ُ نُ َغاضِ ُب ب َ ْع ُ الترجمة اإلجنليزية MSGيفيد املعنى «لن نقارن بعضنا مع بعض وكأن واحدا ً منا أفضل واآلخر أسوأ .لكننا لدينا أشياء أكثر أهمية لنعملها بحياتنا .إذ أن كل منا شخص 10 متميز ال مثيل له». 75
ال يوجد مكان للغيرة التافهة بني اخلدام .فعندما تكون مشغوال ً باخلدمة ،لن يكون لديك وقت للنقد .إذ ميكن ألي وقت تقضيه في نقد اآلخرين أن يكون وقتا ً للخدمة .لقد فقدت مرثا قلب اخلادم عندما اشتكت ليسوع أن مرمي ال تساعدها في العمل .فاخلدام احلقيقيون ال يتذمرون من الظلم ،وال ينغمسون في رثاء الذات ،وهم ال يستاءون ممن ال يخدمون .لكنهم يضعون ثقتهم في اهلل وحده ويواصلون اخلدمة.
نقيم خدام السيد اآلخرين .يقول ليست مهمتنا أن ِّ الكتاب املقدس« ،من أنت الذي تدين عبد غيرك هو ملواله يثبت أو يسقط» 11.وليست مهمتنا أيضا ً أن ندافع عن أنفسنا ضد النقد .دع سيدك يتولى األمر .اتبع مثال موسى ،الذي أظهر اتضاعا ً حقيقيا ً في وجه املقاومة، وهكذا فعل نحميا ،الذي كان رده على النقد ببساطة، «إِنِّي أَنَا َعامِلٌ َع َمالً َعظِ يما ً َفالَ أَقْ ُدِرُ أ َ ْن أ َ ْنزِلَ .لمِ َاذَا ي َ ْبطُ لُ 12 ا ْل َع َملُ ب َ ْي َن َما أ َ ْت ُركُ ُه وَأ َ ْنزِ ُل إِل َْيكُ َما؟».
إن كنت تخدم مثل يسوع ،ميكنك إذن أن تتوقع النقد. إذ أن العالم بل وحتى كثيرين من الكنيسة ال يفهمون ما يق ِّدره اهلل .لقد انتقد التالميذ واحدا ً من أعظم األعمال املحُ بة املقدمة ليسوع .فقد أخذت مرمي أغلى شيء متتلكه، 76
وهو طيب غالي الثمن ،وسكبته على يسوع .فأطلق التالميذ على خدمتها السخية «إسرافا ً» ،بينما دعاها يسوع «عمالً حسنا ً» 13 فكان ذلك هو كل ما يهم .إن خدمتك للمسيح ال تضيع أبدا ً بغض النظر عما يقوله اآلخرون.
يستمد اخلدام هويتهم من املسيح .ليس على اخلدام أن يثبتوا استحقاقهم ،وذلك ألنهم يتذكرون أنهم محبوبون ومقبولون بالنعمة .إنهم يرغبون في قبول املهام التي قد يعتبرها األشخاص غير اآلمنني «أقل» من مستواهم .أحد األمثلة األكثر عمقا ً للخدمة من منطلق الشعور باألمان الناجت عن النظرة السليمة للذات هو يسوع عندما غسل أرجل تالميذه .فقد كان غسل األرجل مساويا ً لعمل تلميع األحذية ،وهي وظيفة خالية من املنزلة .لكن يسوع كان يعرف من هو ،لذلك فإن تلك املهمة لم تهدد صورته الذاتية .يقول الكتاب املقدس، «يسوع وهو عالم أن اآلب قد دفع كل شيء إلى يديه وأنه من عند اهلل خرج وإلى اهلل ميضي قام عن العشاء ،وخلع 14 ثيابه وأخذ منشفة واتزر بها».
77
ترسخ هويتك في املسيح إذا كنت تريد أن يجب أن ِّ تصبح خادما ً .إذ أن األشخاص اآلمنني فقط هم الذين ميكنهم أن يخدموا ،أما أولئك غير اآلمنني فإنهم يقلقون دائما ً على مظهرهم أمام اآلخرين ،وهم يخافون من تعرية ضعفاتهم فيخفونها حتت طبقات واقية من الكبرياء واإلدعاءات .فكلما كنت غير آمن ،كلما أردت أن يخدمك الناس ،وكلما احتجت إلى موافقتهم. قال هنري نوين« ،لكي نكون خداما ً لآلخرين ،يجب أن منوت ألجلهم؛ وذلك يعني أننا يجب أن نتخلى عن قياس معنانا وقيمتنا مبقياس اآلخرين … وهكذا فإننا نصبح أحرارا ً لنكون شفوقني» .فعندما تؤسس استحقاقك وهويتك على عالقتك مع املسيح ،سوف تتحرر من توقعات اآلخرين ،مما يسمح لك بخدمتهم على أفضل وجه.
ال يحتاج اخلدام أن يغطوا حوائطهم بشهادات التقدير واجلوائز للتصديق على عملهم .وهم ال يصرون على أن يخاطبهم الناس بألقاب ،واليسكنون أبراجا ً عاجية محيطني أنفسهم بهاالت من التميز والترفع .فاخلدام ال يؤمنون بضرورة رموز اجلاه واملكانة الرفيعة ،كما أنهم ال يقيسون استحقاقهم بإجنازاتهم .فقد قال بولس« ،ألنه 15 ليس من مدح نفسه هو املزكى بل من ميدحه الرب». 78
إن كان ألحد فرصة أن يزهو بعالقته األسرية طوال عمره ،فهو يعقوب أخو يسوع حسب اجلسد .فقد كان له امتيازات وصالحيات النشأة مع يسوع كأخ له .ومع ذلك فإنه كان يشير إلى نفسه ببساطة في مقدمة رسالته كـ «عبد اهلل والرب يسوع» 16.فكلما اقتربت من يسوع، كلما قل احتياجك لتزكية نفسك.
إن اخلدام يعتبرون اخلدمة فرصة ،وليس إلزاماً .فهم يستمتعون مبساعدة الناس ،وتسديد احتياجاتهم ،والقيام باخلدمة .إنهم «يعبدون الرب بفرح» 17.ملاذا يعبدون بفرح؟ ألنهم يحبون الرب ،ويعترفون بفضل نعمته ،ويدركون أن اخلدمة هي أعظم استخدام للحياة ،ويعرفون أن اهلل قد وعد باجملازاة .فقد وعد يسوع26« ،إ ِْن كَ ا َن أ َ َح ٌد ي َ ْخ ِد ُمنِي َفل َْي ْت َب ْعنِي وَ َح ْي ُث أَكُ و ُن أَنَا ُه َناكَ أ َ ْيضا ً يَكُ و ُن َخادِمِي .وَإ ِ ْن كَ ا َن أ َ َح ٌد 18 اآلب». ي َ ْخ ِد ُمنِي يُ ْكرِ ُم ُه ُ كما قال بولس« ،ألن اهلل ليس بظالم حتى ينسى عملكم وتعب احملبة التي أظهرمتوها نحو اسمه إذ 19 قد خدمتم القديسني وتخدمونهم».
79
تصور ما قد يحدث لو أن مجرد %10من جميع املسيحيني الذين في العالم صاروا جادين بخصوص دورهم كخدام حقيقيني .تصور كل اخلير الذي كان من املمكن أن يحدث .فهل ترغب في أن تكون واحدا ً من هؤالء األشخاص؟ ال يهم ما هو سنك ،فسوف يستخدمك اهلل إذا بدأت تتصرف وتفكر كخادم .فقد قال ألبرت شويتزر، «إن األشخاص الوحيدين السعداء بحق هم هؤالء الذين تعلموا كيف يخدمون».
80
7
يحب اهلل أن يستخدم الضعفاء.
إننا جميعا ً لدينا ضعفات .لديك ،في الواقع ،مجموعة كبيرة من العيوب والنقائص :سواء جسديا ً ،أم أم فكريا ً ،أم روحيا ً .قد تكون لديك أيضا ً ظروف ال ميكن السيطرة عليها لكنها تضعفك ،مثل االحتياج املادي أو محدودية العالقات .لكن ما يهم األكثر فهو ما تفعله حيال تلك األمور .إننا غالبا ً ما ننكر ضعفاتنا ،وندافع عنها ،ونلتمس لها األعذار ،ونخبئها ،ونستاء منها .وذلك مينع اهلل من استخدامها بالطريقة التي يبتغيها.
عاطفيا ً،
إن اهلل لديه منظور مختلف لضعفاتنا .فهو «علت طرقي عن طرقكم وأفكاري عن أفكاركم» ،لذلك 1
يقول،
81
فإنه يعمل في أحيان كثيرة بطرق عكس ما نتوقعه متاما ً. إننا نعتقد أن اهلل يريد أن يستخدم فقط نقاط القوة فينا ،لكنه يريد أيضا ً استخدام ضعفاتنا جملده.
يقول الكتاب املقدس« ،اختار اهلل ضعفاء العالم ليخزي األقوياء» 2.ليست ضعفاتك صدفة ،لكن اهلل سمح بها عن عمد في حياتك بهدف إظهار قوته من خاللك.
اهلل،
إن القوة أو الكفاية الذاتية ال تثير أبدا ً إعجاب لكنه ينجذب في الواقع إلى الضعفاء الذين يعترفون بضعفهم .فقد نظر يسوع إلى هذا االعتراف باحتياجاتنا باعتبارنا «املساكني بالروح» .وهو التطويب األول الذي 3 يطوبه. ِّ ميتلئ الكتاب املقدس باألمثلة عن كيف يحب اهلل استخدام األشخاص العاديني وغير الكاملني ،على الرغم من ضعفاتهم ،للقيام بأشياء خارقة .إن كان اهلل يستخدم الكاملني فقط ،ملا حتقق شيء على اإلطالق .إذ ال أحد منا يخلو من العيوب .إن كون اهلل يستخدم أشخاصا ً غير مشجع لنا جميعا ً. كاملني هو خبر ِّ إن الضعف ،أو «الشوكة» كما دعاها بولس 4،ليس خطية أو رذيلة أو عيبا ً في الشخصية ميكنك أن تغيره، مثل اإلفراط في الطعام أو عدم الصبر .الضعف هو أي 82
قيد ورثته أو ليس لديك القدرة على تغييره .قد يكون قيدا ً جسديا ً مثل اإلعاقة ،أو املرض املزمن، أو الضعف اجلسدي العام ،أو العجز .كما ميكن أن يكون قيدا ً عاطفيا ً مثل آثار صدمة ،أو ذكرى أليمة ،أو عيب في الشخصية ،أو استعداد وراثي لإلصابة .كذلك ميكن أن يكون قيدا ً فكريا ً أو خاصا ً باملوهبة .فإننا لسنا جميعا ً غاية في التميز أو املوهبة. عندما تفكر في القيد بحياتك ،قد تجُ رَّب لتستنج أن« ،اهلل لم يكن ليستطيع أن يستخدمني أبدا ً» .لكن اهلل ال يُحد أبدا ً بقيودنا ،فهو يستمتع ،في الواقع ،بوضع ن ضعيفة .يقول الكتاب املقدس، قوته العظيمة في أوا ٍ «ولكن لنا هذا الكنز في أوا ٍن خزفية ليكون فضل القوة هلل ال منا» 5.فنحن بالضبط كاألواني الفخارية العادية في هشاشتها وتصدعها وقابليتها الشديدة للكسر .لكن اهلل سوف يستخدمنا إذا سمحنا له بالعمل من خالل ضعفاتنا .وحتى يحدث ذلك ،فإننا يجب أن نتبع مثال بولس.
83
اعترف بضعفاتك .قِر بنقائصك .كُ ف عن التظاهر بامتالكك كل شيء ،وكن أمينا ً بخصوص نفسك .بدال ً من أن تعيش في حالة من اإلنكار أو اختالق األعذار، خذ وقتا ً للتعرف على ضعفاتك الشخصية .بإمكانك أن تصنع قائمة بها. يوضحان هناك اعترافان عظيمان في العهد اجلديد ِّ ما نحتاج إليه ألجل العيش السليم .كان األول الذي قال ليسوع« ،أنت هو املسيح ابن اهلل احلي» 6،أما الثاني فقد كان لبولس الذي قال للجمع العابد لألصنام، «نحن أيضا ً بشر حتت آالم مثلكم» .7.إن كنت تريد أن يستخدمك اهلل ،فعليك أن تعرف من هو اهلل وتعرف من أنت .كثير من املسيحيني ،وخصوصا ً القادة ،ينسون احلقيقة الثانية :ما نحن إال بشر! إن كان األمر يتطلب أزمة جلعلك تعترف بذلك ،فإن اهلل لن يتردد في السماح بها ،وذلك ألنه يحبك. لبطرس،
كن قانعاً بضعفاتك .فقد قال بولس« ،فبكل سرور علي قوة املسيح. أفتخر باحلري في ضعفاتي ،لكي حتل َّ لذلك أسر بالضعفات والشتائم والضرورات واالضطهادات والضيقات ألجـل املسيح» 8.ليس لذلك معنى في البداية، إذ أننا نريد أن نتحرر من ضعفاتنا ،وليس أن نقنع بها! 84
نقول،
لكن القناعة تعبير عن اإلميان في صالح اهلل ،كأننا «يا رب ،إنني أؤمن أنك حتبني وتعرف ما هو األفضل لي».
يعطينا بولس أسبابا ً عديدة لنكون قانعني بضعفاتنا الفطرية .أوال ً ،إنها جتعلنا نعتمد على اهلل .فقد قال بولس ،مشيرا ً إلى ضعفه الذاتي الذي رفض اهلل أن 10 الض ُرورَاتِ ِالض َع َفاتِ وَ َّ الش َتائ ِِم وَ َّ سرُّ ب َّ يزيله « ،لِ َذلِكَ أ ُ َ يح .ألَنِّي حِ ي َن َما أَنَا الضي َقاتِ أل َ ْجلِ المْ َِس ِ وَاال ِْضطِ َهادَاتِ وَ ِّ ِي ».وفي الترجمة اإلجنليزية LB ضع ٌ َ ِيف َفحِ ي َن ِئ ٍذ أَنَا َقو ٌّ يفيد املعنى «إني في غاية السعادة بهذه الشوكة.. عندما أكون ضعيفا ً فإني أكون قويا ً ..كلما قل ما عندي كلما زاد اعتمادي عليه» 9.إن اهلل يذكِّ رك أن تعتمد عليه كلما شعرت بالضعف.
كما متنعنا ضعفاتنا أيضا ً من التكبر ،وتبقينا متواضعني .فقد قال بولس« ،ولئال أرتفع بفرط اإلعالنات أُعطيت شوكة في اجلسد مالك الشيطان ليلطمني لئال أرتفع» 10.فكثيرا ً ما يربط اهلل ضعفا ً كبيرا ً بقوة كبيرة لتبقى األنا لدينا مكبوحة .إذ ميكن للقيد أن يكون مبثابة الضابط الذي مينعنا من أن منضي سريعا ً ونبتعد عن اهلل.
85
عندما عينَّ جدعون جيشا ً من 32.000جندي حملاربة املديانيني ،قلَّصه اهلل إلى 300فقط ،جاعالً النسبة 450إلى 1عندما ذهبوا حملاربة 135.000جندي للعدو .لقد بدا األمر وكأنه وصفة لكارثة، لكن اهلل فعل ذلك كي يعرف إسرائيل أن قوة اهلل ،وليست قوتهم الذاتية ،هي التي أنقذتهم.
كذلك فإن ضعفاتنا تشجع حياة الشركة بني املؤمنني. وبينما تولِّد القوة روح االستقالل («لست في احتياج إلى اآلخرين») ،فإن قيودنا تظهر لنا مدى احتياجنا لبعضنا بعضا ً .فإننا عندما ننسج اجلدائل الضعيفة حلياتنا معا ً ،ينتج حينئذ حبل من القوة العظيمة .كتب فانس هافنر مالحظة ساخرة« ،إن املسيحيني مثل رقائق الثلج هشاش ًة ،لكن ميكنهم أن يعيقوا املرور عندما يلتصقون معا ً».
واألهم من ذلك كله أن ضعفاتنا تزيد قدرتنا على العطف واخلدمة ،إذ أننا على األرجح نصبح أكثر شفقة وأكثر تقديرا ً لضعفات اآلخرين .إن اهلل يبتغي أن تكون 86
لك على األرض خدمة على مثال املسيح .وذلك يعني أن شفاء في جراحك .إن أعظم رسائل اآلخرين سوف يجدون ً احلياة وأكثر اخلدمات فعالية تنبع من أعمق اجلروح .تلك األشياء التي تسبب لك أكثر االرتباك واخلجل ،والتي تتردد جدا ً في املشاركة بها ،إنها أهم أدوات ميكن أن يستخدمها اهلل بكل قوة لشفاء اآلخرين. قال املرسل العظيم هدسون تايلور« ،لقد كان كل عمالقة اهلل أشخاصا ً ضعفاء» .فقد كانت سرعة الغضب هي نقطة ضعف موسى التي جعلته يقتل املصري ،ويضرب الصخرة التي كان من املفروض أن يتحدث غير إليها ،ويحطم لوحي الوصايا العشر .ومع ذلك فقد َّ اهلل موسى وجعله شخصا ً «حليما ً جدا ً أكثر من جميع 11 الناس الذين على وجه األرض».
وكانت نقطة ضعف جدعون هي مركب النقص والشعور بالدونية وصغر النفس النابع من شعور عميق حوله إلى «جبار البأس» 12.وكانت بعدم األمان ،لكن اهلل َّ نقطة ضعف إبراهيم هي اخلوف .فقد ادعى ،ليس مرة بل مرتني ،أن زوجته هي أخته ،وذلك لكي يحمي نفسه .لكن حول إبراهيم «أبا ً جلميع الذين يؤمنون» 13.أما بطرس اهلل َّ 14 املندفع ،وضعيف اإلرادة فقد أصبح «الصخرة» ،كما صار 87
قلبي»،
داود الزاني «رجالً حسب الرعد» املتعجرفني «رسول احملبة». 15
وأصبح يوحنا أحد «ابني
ميكن لتلك القائمة أن تستمر« .ألنه يعوزني الوقت إن أخبرت عن جدعون ،وباراق ،وشمشون ،ويفتاح ،وداود، وصموئيل ،واألنبياء ..تقووا من ضعف» 16.إن اهلل يتخصص في حتويل الضعفات إلى نقاط قوة ،وهو يريد أن يأخذ أكبر ويحولها إلى ينبوع قوة. ضعفاتك ِّ شارك ضعفاتك بصدق .إن اخلدمة تبدأ باخلروج من شرنقة الذات .فكلما تخليت عن حذرك ،وخلعت قناعك، وشاركت بصراعاتك ،كلما متكن اهلل من استخدامك في خدمة اآلخرين. لقد قد ّم بولس مثاال ً للخروج من شرنقة الذات في كل رسائله .فقد شارك بانفتاح:
• سقطاته« :ألني لست أفعل الصالح الذي أريده بل 17 الشر الذي لست أريد فإياه أفعل». • مشاعره« :فمنا مفتوح إليكم أيها الكورنثيون قلبنا 18 متسع».
• إحباطاته« :أننا تثقلنا جدا ً فوق الطاقة حتى أيسنا 19 من احلياة أيضا ً». 88
• مخاوفه« :وأنا كنت عندكم في 20 ضعف وخوف ورعدة كثيرة».
إن اخلروج من شرنقة الذات هو بالطبع محفوف باخملاطر ،إذ أن تقليل دفاعاتك وفتح حياتك لآلخرين قد يكون مخيفا ً .فإنك عندما تكشف سقطاتك ،ومشاعرك ،وإحباطاتك ،ومخاوفك ،تخاطر بأن تكون مرفوضا ً .لكن املكاسب تستحق اخملاطرة .فإن اخلروج من شرنقة الذات يحررنا عاطفيا ً ،كما أن االنفتاح يخفف الضغط ،ويهدئ اخملاوف ،وتلك هي أول خطوة للحرية.
لقد رأينا بالفعل أن اهلل «يعطي نعمة للمتواضعني» لكن كثيرين يسيئون فهم التواضع .فالتواضع ليس حتقيرا ً لذاتك أو إنكارا ً لنقاط القوة في حياتك ،لكنه يعني باألحرى أنك صادق بخصوص ضعفاتك .كلما كنت صادقا ً ،كلما حصلت على نعمة من اهلل ،كما أنك سوف تنال نعمة أيضا ً من اآلخرين .إن اخلروج من شرنقة الذات هو صفة محببة ،إذ أننا ننجذب طبيعيا ً إلى املتواضعني. فالزيف ينفرنا والصدق يجذبنا ،كما أن تعريض أعماق النفس وكشف خبايا الكيان هي أفضل الطرق نحو املودة والتواصل.
89
لهذا السبب يريد اهلل أن يستخدم ضعفاتك ،وليس فقط مراكز القوة في حياتك .إن كان كل ما يراه الناس هو نقاط قوتك ،فإنهم سوف يُحبطون ويظنون، «حسنا ً ،لكنني لن أمتكن أبدا ً من فعل ذلك» .لكنهم عندما يرون اهلل يستخدمك على الرغم من ضعفاتك ،فإن ذلك سوف يشجعهم على التفكير« ،رمبا يستطيع اهلل أن يستخدمني!» إن قوانا تخلق املنافسة ،لكن ضعفاتنا تخلق حياة الوحدة. يجب عليك أن تقرر في وقت ما من حياتك إن كنت تريد أن تثير إعجاب الناس أم أن تؤثر فيهم .بإمكانك أن تثير إعجاب الناس عن بعد ،لكنك يجب أن تقترب منهم لتؤثر فيهم ،وعندما تفعل ذلك ،فإنهم سوف يتمكنون من رؤية عيوبك .ذلك ال بأس به ،إذ أن أكثر الصفات الضرورية للقيادة ليست هي الكمال ،بل املصداقية .يجب أن يتمكن الناس من الثقة فيك ،وإال فإنهم لن يتبعوك. كيف ميكنك أن تبني املصداقية؟ عن طريق الصدق ،وليس إدعاء الكمال.
اجملد في ضعفاتك .لقد قال بولس5« ،م ِْن جِ َه ِة َه َذا أَفْ َتخِ ُر .وَلَكِ ْن م ِْن جِ َه ِة ن َ ْف ِ ِض َع َفات ِي». سي ال َ أَفْ َتخِ ُر إِال َّ ب َ 90
وفي الترجمة اإلجنليزية LBيفيد املعنى «سأفتخر فقط مبدى ضعفي ومدى عظمة اهلل الذي يستخدم ضعفي هذا جملده» 21.انظر لنفسك باعتبارك نصبا ً تذكاريا ً للنعمة بدال ً من أن تتظاهر بالثقة بالنفس واملناعة .وعندما يشير الشيطان إلى ضعفاتك ،اتفق معه وامأل قلبك بالتسبيح ليسوع الذي «يفهم كل ضعفاتنا» 22 وللروح القدس الذي 23 «يعني ضعفاتنا».
األحيان،
يحول القوة ،في بعض ومع ذلك فإن اهلل ِّ إلى ضعف بغرض استخدامنا أكثر .فقد كان يعقوب شخصا ً مراوغا ً قضى حياته في صنع املكائد ثم الهرب من العواقب .وقد تصارع في أحد األيام مع اهلل وقال له، «لن أطلقك ما لم تباركني» .فقال له اهلل« ،حسنا ً» ،لكنه جذب فخذه وخلع وركه .ما هو مغزى تلك القصة؟ لقد ملس اهلل قوة يعقوب (إذ أن عضلة الفخذ هي وحولها إلى ضعف .ومنذ ذلك اليوم األقوى في اجلسم) َّ صار يعقوب يعرج كي ال يتمكن من الهرب مرة أخرى .وقد أجبره ذلك على اإلتكال على اهلل سواء رضي بذلك أم لم يرض .إذا أردت أن يباركك اهلل ويستخدمك بقوة ،يجب عليك أن ترغب في أن متشي بعرجة ملا تبقى من حياتك، وذلك ألن اهلل يستخدم الضعفاء. 91
اليوم :29قبول مهمتك
.1أفسس 10 :2
.2كولوسي 24-23 :3؛ متى :25
٤5-34؛ أفسس 7 :6 .3إرميا 5 :1
.4تيموثاوس الثانية 9 :1
.5كورنثوس األولى 20 :6 .6رومية 1 :12
.7يوحنا األولى 14 :3 .8متى 15 :8
.9أفسس 14-4 :4؛ انظر أيضا ً رومية 7-6 :1؛ رومية 30-28 :8؛ كورنثوس
األولى 26 ،9 ،2 :1؛ كورنثوس األولى 17 :7؛ فيلبي 14 :3؛ بطرس األولى 9 :2؛ بطرس الثانية 3 :1
.10تيموثاوس الثانية 9 :1 .11بطرس األولى 9 :2 .12رومية 4 :7
.13كورنثوس األولى 27 :12 .14متى 28 :20
92
.15رومية 12 :14 .16رومية 8 :2
.17مرقس 35 :8؛ انظر أيضا ً متى 39 :10؛ متى 25 :16؛ لوقا 24 :9؛
لوقا 33 :17
.18رومية 5 :12
.19كورنثوس األولى 19 ،14 :12
اليوم :30تشكلت خلدمة اهلل
.1أفسس 10 :2
.2مزامير 14-13 :139 .3مزامير 16 :139
.4رومية 8-4 :12؛ كورنثوس األولى 12؛ أفسس 15-8 :4؛ كورنثوس
األولى 7 :7
.5كورنثوس األولى 14 :2 .6أفسس 7 :4
.7كورنثوس األولى 11 :12
.8كورنثوس األولى 30-29 :12
.9كورنثوس األولى 7 :12
.10كورنثوس األولى 5 :12
.11أمثال 19 :27
.14ملزيد من املساعدة ميكن
.12متى 34 :12؛ مزامير 7 :34؛
أن تطلب شرائط الفصل ،301
.13تثنية 13 :11؛ صموئيل األول
,for Ministryالتي تتضمن أداة
.14أمثال 16 :15
اليوم :32استخدام ما أعطاه اهلل
أمثال 23 :4
20 :12؛ رومية 9 :1؛ أفسس 6 :6
Discovering Your Shape
لتحديد الشخصية
اليوم :31فهم طابع شخصيتك
لك
.2خروج 5-3 :31
.2رومية 3 :12
.1كورنثوس األولى 6-4 :12 .3رومية 6 :12
.1أفسس 17 :5 .3غالطية 4 :6
.4كورنثوس األولى 31 :10
.4تثنية 2 :11
.6تثنية 18 :8
.6يوحنا 7 :13
.5كورنثوس األولى 6 :12
.5غالطية 4 :3
.7تثنية 23 :14؛ مالخي 11-8 :3
.7اتصل بـ:
.9بطرس األولى 10 :4
com
.8عبرانيني 21 :13
www.purposedrivenlife.
.10كورنثوس األولى 6 :12
.8رومية 21-20 :9
.12كورنثوس الثانية 4 :1
.10غالطية 8-7 :2
.11رومية 29 -28 :8
.13كورنثوس الثانية 10-8 :1
.9أفسس 7 :4
.11كورنثوس الثانية 13 :10
93
.12عبرانيني 1 :12
.7غالطية 3 :6
.14غالطية 4 :6
.9أعمال الرسل 3 :28
.13غالطية 4 :6
.8يوحنا 15 :13
.15كورنثوس الثانية 12 :10
.10لوقا 12-10 :16
.17كورنثوس األولى 18-12 :10
فيلبي 22-19 :2
.19تيموثاوس الثانية 6 :1
.13بطرس األولى 5 :5
.21تيموثاوس األولى 15-14 :4
.15متى 1 :6
.23كورنثوس األولى 25 :9
.17كولوسي 4 :3
.16كورنثوس الثانية 12 :10 .18فيلبي 9 :1
.20متى 28 :25
.22تيموثاوس الثانية 15 :2
.11مزامير 1 :12؛ أمثال 6 :20؛
.12متى 23 :25
.14أفسس 6 :6؛ كولوسي 22 :3 .16غالطية 10 :1
اليوم :33كيف يتصرف اخلدام
.18كورنثوس األولى 24-22 :12
.1متى 16 :7
.20متى 42 :10
احلقيقيون
.19كورنثوس األولى 58 :15
.2تيموثاوس الثانية 4 :2
اليوم :34التفكير مبنطق اخلادم
.4أمثال 28 :3
.2فيلبي 4 :2
.3غالطية 10 :6 .5جامعة 4 :11
.6كولوسي 23 :3
94
.1أخبار األيام الثانى 2 :25 .3فيلبي 7 :2
.4فيلبي 21-20 :2
.5متى 41 :5
.5كورنثوس الثانية 7 :4
.6كورنثوس األولى 1 :4
.6متى 16 :16
.8لوقا 13 :16
.8كورنثوس الثانية 10-9 :12
.7كورنثوس األولى 2 :4 .9لوقا 11 :16
.7أعمال الرسل 15 :14
.9كورنثوس الثانية 10 :12
.10غالطية 26 :5
.10كورنثوس الثانية 7 :12
.12نحميا 3 :6
.12قضاة 12 :6
.11رومية 4 :14 .13متى 10 :26
.14يوحنا 4-3 :13
.١١عدد 3 :12
.13رومية 11 :4 .14متى 18 :16
.15كورنثوس الثانية 18 :10
.15أعمال الرسل 22 :13
.17مزامير 2 :100
.17رومية 19 :7
.19عبرانيني 10 :6
.19كورنثوس الثانية 8 :1
.16يعقوب 1 :1
.18يوحنا 26 :12
.16عبرانيني 34-32 :11
.18كورنثوس الثانية 11 :6
اليوم :35قوة اهلل في ضعفك
.20كورنثوس األولى 3 :2
.2كورنثوس األولى 27 :1
.22عبرانيني 1 :4
.1إشعياء 9 :55 .3متى 3 :5
.4كورنثوس الثانية 7 :12
.21كورنثوس الثانية 5 :12 .23رومية 26 :8
95