كتاب من أنا - ريك وارين

Page 1

‫من أنا؟‬ ‫اكتشاف وحتقيق هديف االمسى يف احلياة‬

‫ريك وارين‬



‫حتت إحلاح رغبتها في النيكوتني‪ ،‬خرجت أشلي سميث‬ ‫البالغة من العمر ‪ 26‬عاما لتشتري علبة سجائر وكانت‬ ‫الساعة تعلن الثانية فجرأ في يوم السبت املوافق ‪12‬مارس‬ ‫‪2005‬م‪ .‬وعندما عادت إلى شقتها بحي دولوث (في مدينة‬ ‫اتالنتا عاصمة والية جورجيا األمريكية) فوجئت بأنها على‬ ‫موعد مع دراما رمبا لم حتدث من قبل مبثل هذه التفاصيل‬ ‫والنتائج‪.‬‬ ‫ففي اليوم السابق (يوم اجلمعة ‪11‬مارس ‪2005‬م) كان‬ ‫املتهم براين نيقولز البالغ من العمر ‪ 33‬عاما ماثالً أمام‬ ‫محكمة أتالنتا بتهمة اخلطف واالغتصاب‪ .‬ومتكن بذكائه‬ ‫ومهارته وقساوة قلبه من خطف مسدس أحد احلراس‪ ،‬قتل‬ ‫به القاضي وأثنني آخرين وهرب من مبنى احملكمة وهو يطلق‬ ‫الرصاص على البوليس الذي كان يقتفي أثره‪ .‬واختفى في‬ ‫تلك املدينة الكبيرة ليقتل شخصا ً رابعا ً ليسرق منه السيارة‪،‬‬ ‫ويفشل البوليس في العثور عليه بالرغم من البحث الذي‬ ‫وصف بأنه األعظم كثافة في تاريخ والية جورجيا‪.‬‬ ‫رمبا كان اجملرم يبحث عن ضحية جديدة ليضيفها إلى‬ ‫سجل بطوالت القتل‪ ،‬أو يبحث عن مأوي أو طعام أو ممارسة‬ ‫جنسية‪ ،‬أو كل ذلك مجتمعا ً‪ ،‬فهو يعرف أن مستقبله‬ ‫ ‬


‫مظلم واحلكم عليه باإلعدام مؤكد‪.‬‬ ‫وفي موقف السيارات املواجه لشقة أشلي وجد براين‬ ‫(األسود) الضحية املثالية في تلك الشابة (البيضاء) التي‬ ‫تُدخن سيجارة بعد الثانية صباحا ً وعائدة إلى شقتها‬ ‫مبفردها‪ .‬فشلَّ حركتها وحتت تهديد املسدس دخل معها‬ ‫شقتها وأمرها باجللوس في حوض االستحمام (البانيو)‬ ‫بعد أن قيدها‪ .‬اخلطوات التالية في معظم هذا النوع من‬ ‫القصص هي مسلسل االفتراس احليواني من اغتصاب‬ ‫وتعذيب وقتل‪ .‬وإن حاصر البوليس املكان (هذا لو عرفوه)‬ ‫فتكون الضحية (إن كانت ال زالت حية) رهينة يساوم بها‬ ‫اجملرم على الهروب‪.‬‬ ‫وثقت أشلي أن هذا اجملرم مخلوق على صورة اهلل‪ ،‬ولكن‬ ‫الصورة تشوهت باخلطية والسموم التي تأتي إليها من‬ ‫اجملتمع والتليفزيون وأصدقاء الشر‪ .‬ولكن رمبا ال زال هناك‬ ‫ضمير خافت ميكن إشعاله‪.‬‬ ‫وأتخيل أنها أيضا ً وثقت (ولو في الالشعور) أنها مثل‬ ‫الصبي داود قد ميكنها االنتصار على جليات اجلبار مبقالع‬ ‫وبضع حصوات‪ .‬ليس االنتصار اجلسدي بقتل جليات حسب‬ ‫مقاييس العهد القدمي‪ ،‬ولكن باالنتصار الروحي بتحويل قلب‬ ‫جليات حتى ينضم إلى صفوف شعب اهلل‪.‬‬ ‫سألت أشلي براين عن قصته واستمعت باهتمام‬ ‫وإخالص‪ .‬ثم حكت له قصتها وجروحها وحظها السيئ‪.‬‬ ‫ ‬


‫كيف أنها تزوجت وأجنبت ولكن من أربع سنوات راح زوجها‬ ‫نتيجة اعتداء بطعنات وقع بسببها ميتا ً بني ذراعيها‪.‬‬ ‫واستعطفته أنه لو قتلها اآلن فاالبنة ستكبر وهي‬ ‫يتيمة األبوين ستحمل أعباء نفسية فوق الطاقة عاملة أن‬ ‫كال األبوين قُتال بهذه الصورة‪ ،‬ثم حكت أشلي لبراين كيف‬ ‫أنها وهي في هذا السن واجهت املوقف املؤلم بضعف‬ ‫واستسالم وانهزام ملدة أربع سنوات‪ .‬كيف أنها أدمنت‬ ‫اخلمر وصدرت ضدها أحكام في قضايا قيادة السيارة حتت‬ ‫تأثيره‪ .‬وكيف اضطرت لالستدانة وعملت في أحد املطاعم‬ ‫كمضيفة‪ .‬وكيف أظلمت في وجهها احلياة حتى طلبت‬ ‫بنفسها من احملكمة السماح خلالتها لتكون الوصية على‬ ‫طفلتها ومستضيفة لها‪ ..‬ولكنها اآلن في مسار العودة إلى‬ ‫اهلل والتعرف على الهدف من احلياة واالنتصار على املأساة‬ ‫الشخصية‪ .‬وأن هناك كتابا ً يرشدها إلى ذلك‪ ،‬عنوانه‪ :‬احلياة‬ ‫املنطلقة نحو الهدف ملؤلفه ريك وارين‪ ،‬وافق براين أن تقرأ‬ ‫له أشلي فقرات من الكتاب وأن حتدثه عن احملتويات‪ ،‬فقرأت‬ ‫له الفقرة األولى من الفصل ‪ 33‬الذي عنوانه «كيف يتصرف‬ ‫اخلدام احلقيقيون»‪ .‬وطلب منها إعادة قراءته‪ .‬استمر احلديث‬ ‫سبع ساعات في أثنائها كان القاتل قد فك قيود الضحية‪،‬‬ ‫بل عرض عليها أن تخرج معه لكي ينقل السيارة‪ ،‬ألن‬ ‫البوليس يعرفها من وصف أسرة القتيل‪ .‬غامرت أشلي‬ ‫بالذهاب‪ .‬قادت سيارتها خلف سيارته ملسافة ميلني‪ .‬أثناء‬ ‫ذلك فكرت جديا ً في طلب البوليس على التليفون احملمول‪،‬‬ ‫ ‬


‫ولكنها رأت خطورة مواجهة دامية قد يُقتل فيها األبرياء‬ ‫وقد يهرب اجلاني مرة أخرى‪ .‬فضلت االستمرار في مسار‬ ‫الربح الروحي حتى لو كانت هي ضحية هذا االختيار‪.‬‬ ‫عاد براين معها في سيارتها للشقة‪ ..‬صنعت له فطورا ً‪...‬‬ ‫استمعت لقصته أكثر فأكثر‪ ...‬أعلن توبته‪ .‬صليا معا ً‪ .‬انتهي‬ ‫إلي‪ ..‬أنت أختي‬ ‫هذا املسار بقوله لها‪« :‬أنت مالك أرسله اهلل َّ‬ ‫وأنا أخوك في املسيح‪ ..‬كنت ضاال ً ولكن اهلل قادني إليك»‪.‬‬ ‫اقتنع براين أن رسالته في احلياة هي أن يُبشر في‬ ‫السجن بخالص املسيح‪ .‬أما التفاصيل والتنفيذ فهي في‬ ‫أن يسلم نفسه للبوليس ويواجه احملاكمة‪ .‬وأخذ التائب‬ ‫وعدا ً من أشلي أن تزوره في السجن ليتعرف منها أكثر على‬ ‫شخص املسيح‪.‬‬ ‫سمح براين ألشلي أن تغادر الشقة بسالم لكي تأخذ‬ ‫طفلتها من اخلالة وتذهب بها إلى الكنيسة حيث موعد‬ ‫نشاط األطفال‪ .‬وفهمت أنه سوف ينتظر حتى تُبلغ هي‬ ‫البوليس ليحضروا للقبض عليه‪.‬‬ ‫خرجت أشلي في الساعة ‪30‬ر‪ 9‬دقيقة صباحا ً‪ ..‬وكان‬ ‫في إمكان براين أن يغير فكره ويهرب لكنه انتظر حتى جاء‬ ‫البوليس وهم غير ُمصدقني وحذرين‪ .‬خرج لهم (الساعة‬ ‫‪45‬ر‪ 11‬ص) وهو يحمل راية بيضاء أمام عدسات التليفزيون‬ ‫وأمريكا كلها تشاهد ألن اجلرائد والتليفزيون كانت قد‬ ‫غطت قصة القتل في احملكمة والهروب في اليوم السابق‪.‬‬ ‫ ‬


‫حتدثت أشلي يومها على معظم قنوات التليفزيون الرئيسية‬ ‫ووكاالت األنباء واجلرائد‪ .‬شهد الكثيرون أنهم لم يروا في‬ ‫حياتهم شهادة للمسيح بهذه القوة والتأثير‪.‬‬ ‫قالت مجلة تامي (‪ ،)Time‬وهي نادرا ً ما تتحدث إيجابيا ً‬ ‫عن اإلميان املسيحي أو املسيحيني‪ ،‬في عدد ‪ 28‬مارس (ص‬ ‫‪« )80‬إن النعمة وصلت بدون إعالن ُمسبق حلياة أناس أبعد ما‬ ‫يكونوا عن أن يتوقعوها أو يستحقوها‪ ..‬لقد أرتهم جراحاتها‬ ‫كإنسانة ورأت هي نفسه اجملروحة‪ ..‬كان اللقاء روحيا ً‪ ..‬لقاء‬ ‫مع اهلل‪ .‬كان سالح سميث الكتاب املشهور‪ ..‬قرأت منه‬ ‫(للقاتل) الفصل ‪ 33‬الذي يُركز على دور اخلدمة املسيحية‪،‬‬ ‫وأن هناك في كل حلظة فرصة خلدمة اآلخرين‪ .‬في هذا‬ ‫الفصل يقول املؤلف إن الفرص العظيمة للخدمة ال تتاح‬ ‫ملدة طويلة‪ .‬إنها متر بسرعة وأحيانا ً ال تعود بسرعة وأحيانا ً‬ ‫ال تعود ثانية‪ .‬رمبا تأتي لك الفرصة فقط مرة واحدة خلدمة‬ ‫هذا الشخص‪ .‬إذن فانتهز تلك اللحظة»‪.‬‬ ‫وهكذا جنت من موت محقق‪ .‬وخلصت نفس قاتل أثيم‪،‬‬ ‫وافتدت مدينة عظيمة من مآسي أخرى كان ميكن أن حتدث‪،‬‬ ‫وغيرت مفهوم اجملتمع عن املرأة الضعيفة املستسلمة لسوء‬ ‫حظها‪ ،‬وقدمت صورة ألوالد اهلل القادرين على االنتصار للحق‬ ‫واخلير‪ ،‬ال بالسيف واإلرهاب بل بكلمة اهلل امل ُغيرَّة للحياة‪.‬‬

‫ ‬



‫لقد ُوضعت على األرض ليكون لك دور ولكي تصنع‬ ‫إسهاما ً‪.‬‬

‫تأكل‪ ،‬وتتنفس‪،‬‬

‫إنك لم تُخلق الستهالك املوارد ـ كي‬ ‫وحتتل فراغا ً‪ .‬فقد صممك اهلل لكي يكون لك تأثيرٌ من‬ ‫خالل حياتك‪ .‬وتقدم كثير من الكتب األكثر مبيعا ً نصائح‬ ‫مختلفة عن كيفية «احلصول» على أفضل ما في احلياة‪،‬‬ ‫ومع ذلك فليس هذا هو السبب الذي خلقك اهلل ألجله‪.‬‬ ‫لقد ُخلقت لتضيف إلى احلياة على األرض‪ ،‬وليس لتأخذ‬ ‫منها فحسب‪ .‬فإن اهلل يريدك أن ترد شيئا ً في املقابل‪.‬‬ ‫ذلك هو قصد اهلل الرابع حلياتك‪ ،‬وهو «خدمتك» أو‬ ‫تطوعك‪ .‬ويعطينا الكتاب املقدس التفاصيل التي تتعلق‬ ‫بهذا األمر‪.‬‬ ‫ ‬


‫لقد ُخلقت كي تخدم اهلل‪ .‬إذ يقول الكتاب‬ ‫«ألننا نحن عمله مخلوقني في املسيح يسوع ألعمال‬ ‫صاحلة قد سبق اهلل فأعدها لكي نسلك فيها»‪ 1.‬تلك‬ ‫«األعمال الصاحلة» هي خدمتك‪ .‬فعندما تخدم اآلخرين‬ ‫بطريقة ما‪ ،‬فإنك في الواقع تخدم اهلل‪ 2‬وتتمم أحد‬ ‫مقاصد حياتك عندما تخدم اآلخرين بأية طريقة‪ .‬سوف‬ ‫ترى في الفصلني القادمني كيف شكَّ لك اهلل بدقة من‬ ‫أجل قصده‪ .‬ويصح أيضا ً بالنسبة لك ما أخبر اهلل به‬ ‫إرميا‪« ،‬قبلما صورتك في البطن عرفتك‪ .‬وقبلما خرجت‬ ‫من الرحم قدستك‪ .‬جعلتك نبيا ً للشعوب »‪ 3.‬لقد ُوضعت‬ ‫على هذا الكوكب ألجل مهمة خاصة‪.‬‬

‫املقدس‪،‬‬

‫لقد خلصت كي تخدم اهلل‪ .‬إذ يقول الكتاب‬ ‫«الذي خلصنا ودعانا دعوة مقدسة ال مبقتضى أعمالنا بل‬ ‫مبقتضى القصد (الهدف)»‪ 4.‬لقد فداك اهلل حتى تتمكن‬ ‫من القيام «بعمله املقدس»‪ .‬إنك لم تخلص عن طريق‬ ‫اخلدمة‪ ،‬لكنك خلصت ألجل اخلدمة‪ .‬فإن لديك مكانا ً‪،‬‬ ‫وهدفا ً‪ ،‬ودورا ً‪ ،‬ووظيفة إلمتامها في مملكوت اهلل‪ ،‬وذلك‬ ‫يعطي معنى وقيمة عظيمني حلياتك‪.‬‬ ‫املقدس‪،‬‬

‫لقد كلف األمر يسوع حياته لشراء خالصك‪ .‬فالكتاب‬ ‫املقدس يذكِّ رنا‪« ،‬ألنكم قد اشتريتم بثمن‪ .‬فمجدوا‬

‫‪10‬‬


‫اهلل في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي هلل»‪ 5.‬إننا‬ ‫ال نخدم اهلل بدافع من الذنب أو اخلوف أو حتى الواجب‪،‬‬ ‫بل بدافع الفرح‪ ،‬واالمتنان العميق ألجل ما فعله ألجلنا‪.‬‬ ‫فنحن ندين بحياتنا له‪ .‬فمن خالل اخلالص‪ ،‬غُفر ماضينا‪،‬‬ ‫معنى حلاضرنا‪ ،‬وأصبح مستقبلنا آمنا ً‪.‬‬ ‫وأُعطي‬ ‫ً‬ ‫وقد استنتج بولس على ضوء هذه املكاسب‬ ‫املذهلة‪« ،‬فأطلب إليكم أيها اإلخوة أن تقدموا‬ ‫أجسادكم ذبيحة حية مقدسة مرضية عند‬ ‫‪6‬‬ ‫اهلل عبادتكم العقلية»‪.‬‬ ‫كما علَّمنا الرسول يوحنا أن خدمتنا املحُ بة لآلخرين‬ ‫تشير إلى أننا حقا ً قد خلصنا‪ .‬فقد قال‪« ،‬نحن نعلم أننا‬ ‫قد انتقلنا من املوت إلى احلياة ألننا نحب اإلخوة»‪ 7.‬فإن‬ ‫لدي محبة لآلخرين‪ ،‬أو رغبة خلدمتهم‪ ،‬وإن كنت‬ ‫لم تكن َّ‬ ‫علي أن أتساءل إذن عما‬ ‫مهتما ً فقط باحتياجاتي‪ ،‬يجب‬ ‫َّ‬ ‫إذا كان املسيح حقا ً في حياتي‪ ،‬فالقلب الذي نال اخلالص‬ ‫هو قلب يبتغي اخلدمة‪.‬‬

‫إن كلمة خدمة هي مصطلح آخر خلدمة اهلل يخطئ‬ ‫معظم الناس في فهمه‪ .‬عندما يسمع الناس «خدمة»‪،‬‬ ‫فإنهم يفكرون في الرعاة‪ ،‬والكهنة‪ ،‬واإلكليروس احملترفني‪،‬‬ ‫إال أن اهلل يقول إن كل عضو في عائلته هو خادم‪ .‬تُعتبر‬ ‫‪11‬‬


‫كلمتا عبد وخادم في الكتاب املقدس مترادفتني‪ ،‬وباملثل‬ ‫كلمتا عبادة وخدمة‪ .‬إذا كنت مسيحيا ً‪ ،‬فأنت خادم‪،‬‬ ‫وعندما تعبد فإنك تخدم‪.‬‬

‫عندما شفى يسوع حماة بطرس املريضة‪ ،‬فإنها على‬ ‫الفور «قامت وخدمتهم»‪ 8،‬عن طريق استخدام هبتها‬ ‫اجلديدة من الصحة‪ .‬هذا هو ما يجب علينا أن نفعله‪ .‬فقد‬ ‫ُ‬ ‫وخلصنا‬ ‫شفينا ملساعدة اآلخرين‪ ،‬وبوركنا لنكون بركة‪ُ ،‬‬ ‫لنخدم‪ ،‬وليس لنجلس وننتظر السماء‪.‬‬

‫هل تساءلت من قبل‬ ‫ملاذا ال يأخذنا اهلل على‬ ‫الفور إلى السماء في‬ ‫اللحظة التي قبلنا فيها‬ ‫نعمته؟ ملاذا يتركنا في‬ ‫عالم ساقط؟ إنه يتركنا‬ ‫هنا لنتمم مقاصده‪ .‬ما‬ ‫أن تخلص حتى ينوي اهلل استخدامك ألجل أهدافه‪ .‬إذ‬ ‫أن اهلل لديه خدمة لك في كنيستك وإرسالية لك في‬ ‫العالم‪.‬‬

‫لقد دُعيت كي تخدم اهلل‪ .‬رمبا تكون قد اعتقدت‪ ،‬أثناء‬ ‫منوك‪ ،‬أن «دعوة» اهلل هي شيء ال يختبره سوى املرسلني‪،‬‬

‫‪12‬‬


‫اآلخرين‪،‬‬

‫والرعاة‪ ،‬والراهبات‪ ،‬وخدام الكنيسة «املتفرغني»‬ ‫لكن الكتاب املقدس يذكر أن كل مسيحي هو مدعو‬ ‫للخدمة‪ 9.‬فقد تضمنت دعوة خالصك دعوتك للخدمة‪.‬‬ ‫فهما مبثابة دعوة واحدة‪ .‬إنك مدعو‪ ،‬بغض النظر عن‬ ‫وظيفتك أو مجال عملك‪ ،‬إلى اخلدمة املسيحية الدائمة‪.‬‬ ‫فإن عبارة «املسيحي غير اخلادم» هي عبارة تناقض‬ ‫نفسها‪.‬‬

‫يقول الكتاب املقدس‪« ،‬الذي خلصنا ودعانا دعوة‬ ‫مقدسة ال مبقتضى أعمالنا بل مبقتضى القصد»‪.‬‬ ‫يضيف بطرس‪« ،‬لكي تخبروا بفضائل الذي دعاكم من‬ ‫الظلمة إلى نوره العجيب»‪ 11.‬فإنك تتمم دعوتك في كل‬ ‫مرة تستخدم إمكانياتك املعطاة لك من اهلل‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫يقول الكتاب املقدس‪« ،‬لكي تصيروا آلخر ‪ ..‬لنثمر‬ ‫هلل»‪ 12.‬كم من الوقت كنت نافعا ً في خدمة اهلل؟ في‬ ‫بعض كنائس الصني يرحبون باملؤمنني اجلدد بقولهم «إن‬ ‫يسوع لديه اآلن عينان جديدتان ليرى بهما‪ ،‬وأذنان جديدتان‬ ‫ليستمع بهما‪ ،‬ويدان جديدتان ليساعد بهما‪ ،‬وقلب جديد‬ ‫ليحب اآلخرين به»‪.‬‬

‫إن أحد األسباب التي حتتاج ألجلها أن تتصل بعائلة‬ ‫الكنيسة هو تتميم دعوتك خلدمة مؤمنني آخرين بطرق‬ ‫‪13‬‬


‫‪27‬‬ ‫يح‬ ‫س ُد المْ َِس ِ‬ ‫عملية‪ .‬يقول الكتاب املقدس‪ « ،‬وَأ َ َّما أ َ ْن ُت ْم ف َ​َج َ‬ ‫ضا ُؤ ُه أَفْ رَادا ً‪ ».‬وفي الترجمة اإلجنليزية ‪ NLT‬يفيد املعنى‬ ‫وَأ َ ْع َ‬ ‫«جميعكم معا ً جسد املسيح‪ ،‬وكل واحد منكم هو‬ ‫عضو قائم بذاته ومهم في هذا اجلسد»‪ 13.‬هناك احتياج‬ ‫شديد خلدمتك في جسد املسيح ‪ -‬ما عليك سوى أن‬ ‫تسأل أي كنيسة محلية‪ .‬لكل منا دور ليلعبه‪ ،‬وكل األدوار‬ ‫هامة‪ .‬ليس هناك خدمة صغيرة عند اهلل؛ لكنها جميعا ً‬ ‫ُمجدية‪.‬‬ ‫كذلك‪ ،‬ليست هناك خدمات تافهة في الكنيسة‪ ،‬إذ‬ ‫أن بعضها مرئي وبعضها خلف الكواليس‪،‬‬ ‫لكن كلها ذات قيمة‪ .‬فكثيرا ً ما تصنع‬ ‫اخلدمات الصغيرة أو اخلفية أكبر االختالف‪.‬‬ ‫إن أهم ضوء في منزلي ليس هو أكبر‬ ‫جنفة بغرفة الطعام لكنه املصباح الليلي‬ ‫الصغير الذي مينعني من إصابة إصبع قدمي عندما‬ ‫أستيقظ ليالً‪ .‬ليس هناك ارتباط بني احلجم واألهمية‪.‬‬ ‫فكل اخلدمات تشكل أهمية ألننا نعتمد جميعا ً على‬ ‫عمل بعضنا بعضا ً‪.‬‬

‫ماذا يحدث إذا فشل جزء من جسدك في عمله؟‬ ‫سوف مترض‪ ،‬وسوف يعاني باقي جسدك‪ .‬تخيل إذا قرر‬

‫‪14‬‬


‫الكبد أن يبدأ في العيش لنفسه ويقول‪« :‬لقد تعبت! لم‬ ‫أعد أريد أن أخدم اجلسم! أريد أن آخذ إجازة ملدة عام حتى‬ ‫أتغذى‪ .‬يجب أن أفعل ما هو أفضل بالنسبة لي! ليأخذ‬ ‫عضو آخر مكاني» ماذا سيحدث؟ سوف ميوت جسدك‪ .‬إن‬ ‫آالفا ً من الكنائس احمللية تنتهي اليوم بسبب املسيحيني‬ ‫الذين ال يرغبون في اخلدمة‪ ،‬فإنهم يجلسون في الصفوف‬ ‫اجلانبية كمتفرجني بينما يعاني اجلسد‪.‬‬

‫لقد أُمرت أن تخدم اهلل‪ .‬لقد كان يسوع واضحا ً‪:‬‬ ‫‪28‬‬ ‫سا ِن ل َْم ي َ ْأتِ ل ُِي ْخ َد َم بَلْ ل َِي ْخد َِم وَل َِي ْب ِذ َل‬ ‫« كَ َما أ َ َّن ْاب َن اإل ِ ْن َ‬ ‫س ُه ف ِْدي َ ًة َع ْن كَ ثِيرِي َن»‪ .‬وفي الترجمة اإلجنليزية ‪LB‬‬ ‫ن َ ْف َ‬ ‫يفيد املعنى «يجب أن يكون اجتاهكم مثلي‪ ،‬ألنني‪ ،‬أنا‬ ‫املسيا‪ ،‬لم آتِ ألُخ َدم بل ألخدِم وأبذل نفسي»‪ 14.‬ليست‬ ‫اخلدمة اختيارية بالنسبة للمسيحيني املؤمنني‪ ،‬أو أنها‬ ‫شيء يُضاف إلى جدول أعمالنا حينما يتوفر الوقت‪ .‬إنها‬ ‫قلب احلياة املسيحية‪ ،‬فقد جاء يسوع «ليخدم» و«يبذل»‪.‬‬ ‫وهذان الفعالن يجب أن يشكال أيضا ً حياتك على األرض‪.‬‬ ‫إذ أن اخلدمة والعطاء يلخصان قصد اهلل الرابع حلياتك‪.‬‬ ‫قالت األم تريزا ذات مرة‪« :‬تتألف احلياة املقدسة من القيام‬ ‫بعمل اهلل بابتسامة»‪.‬‬

‫‪15‬‬


‫لقد علَّم يسوع أن النضج الروحي ليس أبدا ً هدفا ً في‬ ‫حد ذاته‪ ،‬فالنضج هو من أجل اخلدمة! نحن ننمو لكي‬ ‫نعطي‪ .‬ال يكفي أن نظل نتعلم أكثر وأكثر‪ ،‬بل علينا أن‬ ‫نعمل بحسب ما نعرفه‬ ‫ومنارس ما ن َّدعي أننا‬ ‫نؤمن به‪ .‬فاالستقبال‬ ‫بدون إرسال يؤدي إلى‬ ‫اإلعتالل‪ .‬والدراسة بدون‬ ‫خدمة تؤدي إلى الركود‬ ‫الروحي‪ .‬ال تزال املقارنة‬ ‫القدمية بني بحر اجلليل والبحر امليت صحيحة‪ ،‬فبحر‬ ‫اجلليل هو بحيرة مليئة باحلياة ألنها تستقبل املياه لكنها‬ ‫تعطيها أيضا ً‪ ،‬وفي املقابل‪ ،‬فإن ال شيء يعيش في البحر‬ ‫امليت‪ ،‬فقد ركدت البحيرة بسبب عدم وجود تدفق منها‪.‬‬

‫إن آخر شيء يحتاجه العديد من املؤمنني اليوم هو‬ ‫الذهاب إلى دراسة أخرى للكتاب املقدس‪ .‬فهم يعرفون‬ ‫بالفعل أكثر جدا ً مما يضعونه موضع تطبيق‪ .‬إن ما‬ ‫يحتاجون إليه هو جتارب للخدمة كي يتمكنوا من تدريب‬ ‫عضالتهم الروحية‪.‬‬

‫‪16‬‬


‫اخلدمة هي عكس ميلنا الطبيعي‪ .‬فإننا نهتم‬ ‫في معظم الوقت بـ «اخدموني» أكثر من أخدمكم‪.‬‬ ‫إننا نقول‪« :‬إنني أبحث عن كنيسة لتسدد احتياجاتي‬ ‫وتباركني»‪ ،‬وليس «إنني أبحث عن مكان ألخدم فيه وأكون‬ ‫بركة»‪ .‬فنحن نتوقع أن يخدمنا اآلخرون‪ ،‬وليس العكس‪.‬‬ ‫إال أننا عندما ننضج في املسيح‪ ،‬فإن تركيز حياتنا يجب‬ ‫أن يتحول في تزايد مطرد إلى ممارسة حياة اخلدمة‪ .‬يتوقف‬ ‫تابع يسوع الناضج عن السؤال‪« ،‬من الذي سيسدد‬ ‫احتياجاتي؟» ويبدأ في السؤال‪« ،‬من الذي ميكنني أن أسدد‬ ‫احتياجاته؟»‪ .‬فهل سألت هذا السؤال أبدا ً؟‬ ‫اإلعداد لألبدية‬

‫بعد نهاية حياتك على األرض ستقف أمام اهلل الذي‬ ‫يقيم كيف قمت بخدمة اآلخرين في حياتك‪ .‬يقول‬ ‫سوف ِّ‬ ‫الكتاب املقدس‪« ،‬فإذا ً كل واحد منا سيعطي حسابا ً عن‬ ‫نفسه هلل»‪ 15.‬فكِّ ر فيما يتضمنه ذلك‪ .‬سوف يقارن اهلل‬ ‫يوما ً ما بني كم الوقت والطاقة اللذين أنفقناهما على‬ ‫أنفسنا وما استثمرناه في خدمة اآلخرين‪.‬‬ ‫في هذا الوقت‪ ،‬سوف تبدو كل أعذارنا عن متركزنا حول‬ ‫لدي‬ ‫ذواتنا جوفاء‪« :‬لقد كنت مشغوال ً جدا ً» أو «كانت‬ ‫َّ‬ ‫أهدافي اخلاصة» أو«كنت منشغالً بالعمل‪ ،‬أو املتعة‪ ،‬أو‬ ‫‪17‬‬


‫األعذار‪،‬‬

‫اإلعداد للتقاعد»‪ .‬سوف يجيب اهلل على كل تلك‬ ‫«عفوا ً‪ ،‬إجابة خاطئة‪ .‬لقد خلقتك‪ ،‬وخلصتك‪ ،‬ودعوتك‪،‬‬ ‫وأمرتك أن تعيش حياة خدمة‪ .‬أي جزء لم تفهمه؟» يحذر‬ ‫الكتاب املقدس غير املؤمنني‪8«،‬وَأ َ َّما الَّذِي َن ُه ْم م ِْن أ َ ْهلِ‬ ‫ال َّت َحزُّبِ وَال َ يُطَ اوِ ُعو َن‬ ‫ْح ِّق بَلْ يُطَ اوِ ُعو َن لِإلِث ِْم‬ ‫لِل َ‬ ‫َس َخ ٌ‬ ‫ض ٌب» وفي‬ ‫ط وَ َغ َ‬ ‫ف َ‬ ‫الترجمة اإلجنليزية ‪NLT‬‬ ‫يفيد املعنى «سوف‬ ‫يسكب سخطه وغضبه‬ ‫‪16‬‬ ‫على أولئك الذين عاشوا ألنفسهم»‪ .‬لكن بالنسبة‬ ‫للمؤمنني‪ ،‬فسوف يعني ذلك خسارة املكافآت األبدية‪.‬‬

‫إننا نحيا ملء احلياة فقط عندما نساعد اآلخرين‪ .‬فقد‬ ‫قال يسوع‪« ،‬فإن من أراد أن يخلص نفسه يهلكها‪ .‬ومن‬ ‫‪17‬‬ ‫يهلك نفسه من أجلي ومن أجل اإلجنيل فهو يخلصها»‪.‬‬ ‫هذه حقيقة في غاية األهمية حتى أنها تتكرر خمس‬ ‫مرات في األناجيل‪ .‬إذا لم تكن تخدم‪ ،‬فلست حتيا ولكنك‬ ‫موجود فقط على قيد احلياة‪ ،‬وذلك ألن احلياة يُعنى بها‬ ‫اخلدمة‪ .‬يريدنا اهلل أن نتعلم محبة وخدمة اآلخرين دون‬ ‫أنانية‪.‬‬

‫‪18‬‬


‫اخلدمة و املعنى‬

‫إنك سوف تكرس حياتك لشيء ما‪ .‬فماذا سيكون هذا‬ ‫الشيء؟ ‪ -‬مجال عمل‪ ،‬أم رياضة‪ ،‬أم هواية‪ ،‬أم شهرة‪ ،‬أم‬ ‫معنى باقٍ‪ .‬إن اخلدمة‬ ‫ثروة؟ لن يكون ألي من تلك األشياء‬ ‫ً‬ ‫هي الطريق للمعنى احلقيقي‪ ،‬فإننا نكتشف املعنى‬ ‫حلياتنا من خالل اخلدمة‪ .‬يقول الكتاب املقدس‪َ 5«،‬هكَ َذا‬ ‫ضا ٌء ب َ ْعضا ً‬ ‫س ٌد وَاحِ ٌد فِي المْ َِس ِ‬ ‫يح وَأ َ ْع َ‬ ‫ن َ ْح ُن الْكَ ثِيرِي َن‪َ :‬ج َ‬ ‫ِآلخرِ‪ ».‬وفي الترجمة اإلجنليزية ‪MSG‬‬ ‫ل َِب ْع ٍ‬ ‫ض كُ ُّل وَاحِ ٍد ل َ‬ ‫يفيد املعنى «كل منا يجد له املغزى والدور الذي يقوم به‬ ‫كعضو في جسده»‪ 18.‬فإننا عندما نخدم معا ً في عائلة‬ ‫املسيح‪ ،‬تأخذ حياتنا أهمية أبدية‪ ،‬فقد قال بولس‪َ 14« ،‬فإ ِ َّن‬ ‫ضا ٌء كَ ثِيرَةٌ‪19 ...‬وَلَكِ ْن‬ ‫س ُع ْضوا ً وَاحِ دا ً بَلْ أ َ ْع َ‬ ‫َس َد أ َ ْيضا ً ل َْي َ‬ ‫الجْ َ‬ ‫َ‬ ‫َس ُد؟» وفي الترجمة‬ ‫ل َْو كَ ا َن َجمِي ُع َها ُع ْضوا ً وَاحِ دا ً أ ْي َن الجْ َ‬ ‫اإلجنليزية ‪ MSG‬يفيد املعنى «أريدكم أن تفتكروا في أن‬ ‫كل هذا يزيد من أهميتكم وال يقلل منها‪ ..‬بفضل الكيان‬ ‫‪19‬‬ ‫الذي أنتم جزء منه»‪.‬‬ ‫يريد اهلل أن يستخدمك ليحدث بك أثرا ً في عامله‪ .‬إنه‬ ‫يريد أن يعمل من خاللك‪ .‬ال تهم مدة حياتك‪ ،‬وإمنا ما‬ ‫تقدمه‪ ،‬وليس كم من العمر عشت‪ ،‬وإمنا كيف عشت‪.‬‬

‫‪19‬‬


‫إن لم تكن مرتبطا ً بأية إرسالية أو خدمة‪ ،‬فما هو‬ ‫العذر الذي كنت تستخدمه؟ لقد كان إبراهيم مسنا ً‪،‬‬ ‫ويعقوب غير آمن‪ ،‬وليئة غير جذابة‪ ،‬ويوسف مظلوما ً‪،‬‬ ‫وموسى متلعثما ً‪ ،‬وجدعون فقيرا ً‪ ،‬وشمشون اليستطيع‬ ‫العيش بدون عالقات غرامية‪ ،‬وراحاب زانية‪ ،‬وداود كانت‬ ‫لديه عالقة غرامية وكل أنواع املشاكل العائلية‪ ،‬وإيليا‬ ‫على وشك االنتحار‪ ،‬وإرميا حزينا ً باكيا ً‪ ،‬ويونان حرونا‬ ‫صلب الرقبة‪ ،‬ونعمي أرملة‪ ،‬ويوحنا املعمدان كان غريب‬ ‫األطوار على أقل تقدير‪ ،‬وبطرس مندفعا ً وعصبيا ً‪ ،‬ومرثا‬ ‫شديدة القلق مفرطة النشاط‪ ،‬واملرأة السامرية كانت‬ ‫لديها العديد مـن الزيجات الفاشلة‪ ،‬وزكا مكروها ً‪ ،‬وتوما‬ ‫شكاكا ً‪ ،‬وبولس معتل الصحة‪ ،‬وتيموثاوس خجوال ً‪ .‬تلك‬ ‫تشكيلة من غير املؤهلني‪ ،‬لكن اهلل استخدم كالً منهم‬ ‫في خدمته‪ .‬وهو سوف يستخدمك أنت أيضا ً إذا توقفت‬ ‫عن اختالق األعذار‪.‬‬

‫‪20‬‬


‫‪2‬‬

‫لقد تشكلت لتخدم اهلل‪.‬‬

‫فقد صمم اهلل كل مخلوق على هذا الكوكب بناحية‬ ‫خاصة من اخلبرة‪ .‬بعض احليوانات يجري‪ ،‬والبعض يثب‪،‬‬ ‫والبعض يسبح‪ ،‬والبعض يختبئ في جحر‪ ،‬والبعض يطير‪.‬‬ ‫لكل واحد دور خاص ليلعبه‪ ،‬وذلك يرتكز على الطريقة‬ ‫التي شكَّ لها اهلل بها‪ .‬يصح األمر أيضا ً بالنسبة للبشر‪،‬‬ ‫فكل منا ُمصمم بصورة فريدة أو « ُمشكَّ ل» للقيام بأشياء‬ ‫معينة‪.‬‬ ‫يسأل املهندسون أوال ً قبل تصميم مبنى جديد‪« ،‬ما‬ ‫الهدف منه؟ كيف سيتم استخدامه؟» إذ أن الوظيفة‬ ‫املستهدفة حتدد دائما ً شكل املبنى‪ .‬فقد قرر اهلل‪ ،‬قبل أن‬ ‫‪21‬‬


‫يخلقك‪ ،‬الدور الذي يريدك أن تلعبه على األرض‪ ،‬وخطط‬ ‫بالضبط كيف يريدك أن تخدمه‪ ،‬ثم شكَّ لك للقيام بتلك‬ ‫املهام‪ .‬إنك على ما أنت عليه ألنك ُخلقت خلدمة معينة‪.‬‬

‫يقول الكتاب املقدس (كتاب احلياة)‪« ،‬فإننا نحن حتفة‬ ‫اهلل‪ ،‬وقد خلقنا في املسيح يسوع ألعمال صاحلة»‪ 1.‬إن‬ ‫الكلمة اإلجنليزية ‪Poem‬‬ ‫أي «قصيدة» مشتقة‬ ‫من الكلمة اليونانية‬ ‫املترجمة «حتفة»‪ .‬إنك‬ ‫حتفة مصنوعة بيد اهلل‪.‬‬ ‫إنك لست منتجا ً على خط جتميع‪ ،‬مت إنتاجه بكثرة دون‬ ‫مفصلة وفق الطلب‪،‬‬ ‫تفكير‪ .‬إنك قطعة نادرة أصلية‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫وفريدة من نوعها‪.‬‬ ‫وكونك بتأني كي تخدمه بطريقة‬ ‫لقد شكَّ لك اهلل‬ ‫َّ‬ ‫جتعل خدمتك متفردة‪ ،‬ومزج بدقة التركيبة الفريدة‬ ‫سبح داود‬ ‫للحامض النووي ‪ DNA‬التي أوجدتك‪ .‬وقد‬ ‫َّ‬ ‫اهلل الهتمامه الشخصي املذهل بالتفاصيل‪« ،‬ألنك أنت‬ ‫اقتنيت كليتي نسجتني في بطن أمي‪ .‬أحمدك من أجل‬ ‫أني قد امتزت عجبا ً‪ .‬عجيبة هي أعمالك ونفسي تعرف‬

‫‪22‬‬


‫أشياء‬ ‫ذلك يقينا ً»‪ 2.‬كما قال إيثيل والتر‪« ،‬إن اهلل ال يصنع‬ ‫ً‬ ‫بالية»‪.‬‬

‫إن اهلل لم يشكِّ لك فقط قبل ميالدك‪ ،‬لكنه خطط‬ ‫أيضا ً لكل يوم من حياتك حتى يدعم عملية تشكيله‪.‬‬ ‫يكمل داود‪« ،‬رأت عيناك أعضائي وفي سفرك كلها كُ تبت‬ ‫يوم تصورت إذ لم يكن واحد منها»‪ 3.‬هذا يعني أن ال شيء‬ ‫مما يحدث في حياتك بدون معنى‪ ،‬لكن اهلل يستخدم كل‬ ‫األشياء ليشكِّ لك في مجال خدمتك لآلخرين ويصوغك في‬ ‫خدمتك له‪.‬‬ ‫إن اهلل ال يضيع شيئا ً أبدا ً‪ ،‬فهو لم يكن ليعطيك‬ ‫إمكانيات‪ ،‬واهتمامات‪ ،‬ومواهب‪ ،‬وهبات‪،‬‬ ‫وخبرات حياتية ما لم يكن ينوي استخدامها جملده‪ .‬ميكنك‬ ‫أن تكتشف إرادة اهلل حلياتك عن طريق تعريف وفهم هذه‬ ‫العوامل‪.‬‬

‫وشخصية‪،‬‬

‫يذكر الكتاب املقدس أنك «قد امتزت عجبا ً»‪ ،‬إذ أنك‬ ‫مزيج من عوامل كثيرة مختلفة‪ .‬وحتى أساعدك على أن‬ ‫تتذكر خمسة من ضمن تلك العوامل‪ ،‬فقد ابتكرت كلمة‬ ‫بسيطة مكونة من احلروف األولى للعوامل اخلمسة‪ ،‬وهي‬ ‫‪( SHAPE‬وتعني شكل)‪ .‬سوف نلقي نظرة في هذا الفصل‬

‫‪23‬‬


‫والفصل القادم على هذه العوامل اخلمسة‪ ،‬وسوف أشرح‬ ‫فيما بعد كيف تكتشف شخصيتك وتستخدمها‪.‬‬ ‫يشكلك اهلل ألجل خدمتك؟‬ ‫كيف‬ ‫ِّ‬

‫يجهزنا‬ ‫عندما يكلفنا اهلل مبهمة‪ ،‬فهو دائما ً ما‬ ‫ِّ‬ ‫مبا نحتاج إلجنازها‪ .‬هذه التركيبة املتعارف عليها من‬ ‫اإلمكانيات تسمى ‪ SHAPE‬أو شكل وبالعربية «من أنا؟»‬ ‫‪Spiritual Gifts‬‬

‫م‬

‫مواهبي الروحية‬

‫ن‬

‫نبض قلبي‬

‫أ‬

‫امكانياتي الطبيعية‬

‫ن‬

‫منط شخصتي‬

‫‪Personality‬‬

‫أ‬

‫اسهام خبراتي احلياتية‬

‫‪Experience‬‬

‫‪Heart‬‬ ‫‪Abilities‬‬

‫كشف النقاب عن مواهبي الروحية‬

‫مينح اهلل مواهب روحية لكل مؤمن من أجل‬ ‫استخدامها في اخلدمة‪ 4.‬وهي إمكانيات خاصة ممنوحة‬ ‫من اهلل خلدمته تُعطى فقط للمؤمنني‪ .‬يقول الكتاب‬ ‫‪14‬‬ ‫وح ا ِ‬ ‫هلل‬ ‫ِي ال َ ي َ ْق َبلُ َما ل ُِر ِ‬ ‫املقدس‪ «،‬وَلَكِ َّن اإل ِ ْن َ‬ ‫سا َن الطَّ بِيع َّ‬ ‫ألَن َّ ُه ِع ْن َد ُه َج َهالَ ٌة وَال َ ي َ ْقدِرُ أ َ ْن ي َ ْعرِ َف ُه ألَن َّ ُه إِنمَّ َا يُ ْحكَ ُم فِي ِه‬ ‫‪24‬‬


‫رُوحِ ّيا ً‪ ».‬وفي الترجمة اإلجنليزية ‪ TEV‬يفيد املعنى «من‬ ‫ليس لديه الروح ال ميكنه أن يستقبل املواهب اآلتية من‬ ‫‪5‬‬ ‫روح اهلل»‪.‬‬

‫ليس بإمكانك أن تكسب مواهبك الروحية‬ ‫أو تستحقها ‪ -‬لذلك فهي تُدعى مواهب!‬ ‫فهي «هبات» اهلل التي وهبها لك بالنعمة‪.‬‬ ‫«على أن كل واحد منا قد أُعطي نعمة توافق مقدار ما‬ ‫يهبه املسيح» (كتاب احلياة)‪ 6.‬إنك ال تختار أيا ً من املواهب‬ ‫التي تريد أن حتصل عليها؛ لكن اهلل هو الذي يقرر ذلك‪.‬‬ ‫فقد شرح بولس‪« ،‬ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد‬ ‫‪7‬‬ ‫بعينه قاسما ً لكل واحد مبفرده كما يشاء»‪.‬‬

‫مميزين‪،‬‬ ‫َّ‬

‫وحيث أن اهلل يحب التنوع وهو يريدنا أن نكون‬ ‫فإنه ال يعطي موهبة بعينها للجميع‪ 8،‬كما أن الفرد ال‬ ‫يتلقى كل املواهب‪ .‬فإن كنت متتلكها جميعا ً‪ ،‬لن يكون‬ ‫لديك احتياج إلى أي شخص آخر‪ ،‬وذلك سوف يلغي أحد‬ ‫مقاصد اهلل أال وهو أنه يعلِّمنا كيف نحب ونعتمد على‬ ‫بعضنا البعض‪.‬‬

‫عط املواهب الروحية لك ألجل منفعتك الشخصية‬ ‫لم تُ َ‬ ‫بل ملنفعة اآلخرين‪ ،‬متاما ً كما يُعطى اآلخرون مواهب ملنفعتك‪.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫يقول الكتاب املقدس‪ « ،‬وَلَكِ َّن ُه لِكُ لِّ وَاحِ ٍد يُ ْعطَ ى إ ِ ْظ َهارُ‬ ‫‪25‬‬


‫وح لِل َْم ْن َف َعةِ‪ ».‬وفي الترجمة اإلجنليزية ‪ NLT‬يفيد املعنى‬ ‫الرُّ ِ‬ ‫«لقد أعطى كل منا موهبة كوسيلة ملساعدة الكنيسة‬ ‫بأكملها»‪ 9.‬وقد خطط‬ ‫اهلل األمر بهذه الطريقة‬ ‫حتى نكون في احتياج‬ ‫لبعضنا البعض‪ ،‬فإننا‬ ‫عندما نستخدم مواهبنا‬ ‫معا ً‪ ،‬نستفيد جميعا ً‪.‬‬ ‫إذا لم يستخدم آخرون مواهبهم‪ ،‬فهم يخدعونك‪ ،‬وإذا‬ ‫لم تستخدم أنت مواهبك‪ ،‬فأنت تخدعهم‪ .‬وقد أُوصينا‪،‬‬ ‫ونطور مواهبنا الروحية‪ ،‬فهل‬ ‫لهذا السبب‪ ،‬أن نكتشف‬ ‫ِّ‬ ‫أخذت الوقت الكتشاف مواهبك الروحية؟ إن الهدية التي‬ ‫تبقى ملفوفة في ورق الهدايا تبقى بال قيمة‪.‬‬ ‫باملواهب‪،‬‬

‫حينما ننسى هذه احلقائق األساسية اخلاصة‬ ‫فذلك يتسبب دائما ً في حدوث مشاكل في الكنيسة‪.‬‬ ‫هناك مشكلتان شائعتان وهما «حسد املوهبة» و«إسقاط‬ ‫املوهبة»‪ .‬حتدث األولى عندما نقارن مواهبنا مع آخرين‪،‬‬ ‫فنشعر بعدم الرضا مبا أعطاه اهلل لنا‪ ،‬ونصبح مستاءين‬ ‫أو غيورين للكيفية التي يستخدم اهلل بها اآلخرين‪ .‬أما‬ ‫املشكلة الثانية فإنها حتدث عندما نتوقع أن كل اآلخرين‬ ‫لديهم مواهبنا‪ ،‬وهم يفعلون ما دُعينا ألن نفعله‪ ،‬ويشعرون‬ ‫‪26‬‬


‫بالشغف جتاهه كما نشعر‪ .‬يقول الكتاب املقدس‪5«،‬وَأ َ ْن َوا ُع‬ ‫خِ َد ٍم َم ْو ُجودَ ٌة وَلَكِ َّن الرَّ َّب وَاحِ ٌد‪ ».‬وفي الترجمة اإلجنليزية‬ ‫‪ NLT‬يفيد املعنى «هناك أنواع مختلفة من اخلدمات في‬ ‫‪10‬‬ ‫الكنيسة‪ ،‬لكننا نخدم نفس الرب»‪.‬‬ ‫أحيانا ً ما نغالي في املواهب الروحية لدرجة أننا نهمل‬ ‫العوامل األخرى التي يستخدمها اهلل لتشكيلنا من‬ ‫أجل اخلدمة‪ ،‬لكن مواهبك الروحية ليست هي الصورة‬ ‫الكاملة‪ .‬فقد شكَّ لك اهلل أيضا ً بأربع طرق أخرى‪.‬‬ ‫االستماع إلى نبض قلبك‬

‫يستخدم الكتاب املقدس مصطلح قلب ليصف باقة‬ ‫الرغبات‪ ،‬واآلمال‪ ،‬واالهتمامات‪ ،‬والطموحات‪ ،‬واألحالم‪،‬‬ ‫والعواطف التي لديك‪ .‬ميثل قلبك املصدر لكل دوافعك‬ ‫ـ أي ما حتب أن تفعل وما تهتم به أكثر‪ .‬كما أننا الزلنا‬ ‫حتى اليوم نستخدم الكلمة بنفس الطريقة عندما نقول‬ ‫«إنني أحبك من كل قلبي»‪.‬‬

‫يقول الكتاب املقدس‪« ،‬كما في املاء الوجه للوجه‪،‬‬ ‫كذلك قلب اإلنسان لإلنسان»‪ 11.‬فقلبك يعلن حقيقتك‬ ‫ـ أي ما أنت عليه حقا ً‪ ،‬وليس ما يفكر اآلخرون بك أو ما‬ ‫جتبرك الظروف على أن تكونه‪ .‬إن قلبك يحدد ملاذا تقول‬

‫‪27‬‬


‫األشياء التي تقولها‪ ،‬وملاذا تشعر بالطريقة التي تشعر‬ ‫‪12‬‬ ‫بها‪ ،‬وملاذا تتصرف بالطريقة التي تتصرف بها‪.‬‬

‫ومن الناحية اجلسدية لكل منا نبض قلب فريد في‬ ‫نوعه‪ ،‬فكما أننا جميعا ً لدينا بصمات أصابع‪ ،‬وبصمات‬ ‫أعني‪ ،‬وبصمات صوت متفردة‪ ،‬كذلك فإن قلوبنا تخفق‬ ‫بأمناط تختلف فيما بينها بعض االختالف‪ .‬فمن املدهش‬ ‫أنه من بني مليارات الناس الذين عاشوا من قبل‪ ،‬لم يكن‬ ‫ألحد نبض قلب يشبه بنبض قلبك بالضبط‪.‬‬

‫لقد أعطانا اهلل‪ ،‬على نفس املنوال‪« ،‬نبض قلب»‬ ‫له عاطفة فريدة تتسارع عندما نفكر في املوضوعات‪ ،‬أو‬ ‫األنشطة‪ ،‬أو الظروف التي تهمنا‪ .‬فإننا نهتم بالفطرة‬ ‫ببعض املوضوعات وال نهتم بأخرى‪ ،‬وتلك إشارات توضح‬ ‫أين يجب أن تخدم‪.‬‬ ‫الشغف هي كلمة أخرى تشير إلى‬ ‫القلب‪ .‬هناك بعض املوضوعات تشعر‬ ‫بالشغف جتاهها‪ ،‬بينما توجد أخرى ال‬ ‫تعيرها التفاتا‪ ،‬كما أن بعض اخلبرات‬ ‫تثيرك وتأسر انتباهك بينما أخرى تطفئك وتضجرك جدا ً‪.‬‬ ‫وتلك تظهر حقيقة قلبك‪.‬‬

‫‪28‬‬


‫رمبا تكون قد اكتشفت‪ ،‬أثناء منوك‪ ،‬أنك مهتم جدا ً‬ ‫ببعض املوضوعات التي لم يهتم بها أي شخص آخر‬ ‫بعائلتك‪ .‬من أين تأتي تلك االهتمامات؟ إنها تأتي من اهلل‪،‬‬ ‫فقد كان لدى اهلل هدف من إعطائك هذه االهتمامات‬ ‫الفطرية‪ .‬إن نبض قلبك هو املفتاح الثاني لفهم طباع‬ ‫شخصيتك بالنسبة للخدمة‪ .‬فال تهمل اهتماماتك‪ ،‬بل‬ ‫فكِّ ر كيف ميكنك أن تستخدمها جملد اهلل‪ .‬هناك سبب‬ ‫في أنك حتب فعل تلك األشياء‪.‬‬

‫يقول الكتاب املقدس مرارا ً‪« ،‬لتحبوا الرب إلهكم‬ ‫وتعبدوه من كل قلوبكم ومن كل أنفسكم»‪ 13.‬إن اهلل‬ ‫يريدنا أن نخدمه بشغف‪ ،‬وليس بدافع الواجب‪ .‬فنادرا ً‬ ‫ما يبرع الناس في مهام‬ ‫ال يستمتعون بأدائها أو‬ ‫يشعرون بشغف ناحيتها‪.‬‬ ‫يريدك اهلل أن تستخدم‬ ‫اهتماماتك الطبيعية‬ ‫خلدمته وخدمة اآلخرين‪.‬‬ ‫كما أن االستماع إلى الدوافع الداخلية ميكنه أن يشير‬ ‫إلى اخلدمة التي يقصدها اهلل لك‪.‬‬

‫‪29‬‬


‫كيف تعرف أنك تخدم اهلل من كل قلبك؟ العالمة‬ ‫األولى هي احلماس‪ .‬فعندما تعمل ما حتب أن تفعله‪ ،‬لن‬ ‫فزك أو يتحداك أو يفحص عملك‪،‬‬ ‫يكون على أحد أن يح ِّ‬ ‫إذ أنك تفعله جملرد االستمتاع‪ .‬لن تكون محتاجا ً إلى‬ ‫مكافآت أو تصفيق أو جزاء‪ ،‬وذلك ألنك حتب أن تخدم بتلك‬ ‫الطريقة‪ .‬والعكس صحيح أيضا ً‪ :‬عندما ال يكون لديك‬ ‫ولع مبا تفعله‪ ،‬فسوف تحُ بط بسهولة‪.‬‬ ‫اخلاصية الثانية خلدمة اهلل من كل القلب هي الفاعلية‪.‬‬ ‫حينما تفعل ما صممك اهلل لتحب أن تفعله‪ ،‬فسوف‬ ‫تكون ماهرا ً فيه‪ ،‬إذ أن الشغف يؤدي إلى التميز‪ .‬إن كنت‬ ‫ال تهتم بإحدى املهام‪ ،‬فلن تبرع فيها‪ .‬وفي املقابل‪ ،‬فإن‬ ‫أكبر الناجحني في أي مجال هم أولئك الذين يقومون‬ ‫بعملهم بدافع الشغف‪ ،‬وليس الواجب أو الربح‪.‬‬

‫سمعنا جميعا ً أشخاصا ً يقولون‪« ،‬لقد عملت بوظيفة‬ ‫أكرهها حتى أحصل على الكثير من املال‪ ،‬لعلي أمتكن‬ ‫أن أتركها يوما ً ما وأعمل ما أحب»‪ .‬تلك غلطة كبيرة‪.‬‬ ‫تعبر عن قلبك‪ .‬تذكَّ ر أن‬ ‫ال‬ ‫تضيع حياتك في وظيفة ال ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫أعظم األشياء في احلياة ليست هي األشياء‪ .‬فإن املعنى‬ ‫أهم كثيرا ً من النقود‪ .‬قال أغنى رجل في العالم ذات مرة‪،‬‬ ‫‪14‬‬ ‫«القليل مع مخافة اهلل خير من كنز عظيم مع هم»‪.‬‬ ‫‪30‬‬


‫ال تقنع فقط بتحقيق «احلياة اجليدة» ألن احلياة اجليدة‬ ‫ليست جيدة مبا فيه الكفاية وفي آخر املطاف لن جتد‬ ‫فيها أي كفاية‪ .‬إذ ميكنك أن حتظى باملزيد لتعيش به دون‬ ‫أن يكون لديك شيء لتعيش له‪ .‬ليكن هدفك‪ ،‬بدال ً من‬ ‫تعبر‬ ‫ذلك‪ ،‬هو «احلياة األفضل»‪ – ‬أي خدمة اهلل بطريقة ِّ‬ ‫عن قلبك‪ .‬اكتشف ما حتب القيام به‪ ،‬أي ما تكون شغوفا ً‬ ‫للقيام به‪ ،‬ثم افعله جملده‪.‬‬

‫‪31‬‬


‫‪3‬‬

‫ليس بإمكانك سوى أن تكون أنت‪.‬‬

‫فقد صمم اهلل كل واحد منا بحيث ال يكون هناك‬ ‫تكرار في العالم‪ .‬ليس ألحد نفس املزيج من العوامل التي‬ ‫جتعلك فريدا ً‪ ،‬وذلك يعني أنه اليوجد أحد في كل األرض‬ ‫ميكن أن يلعب الدور الذي خططه اهلل لك‪ .‬إن لم تقم‬ ‫مبساهمتك الفريدة في جسد املسيح‪ ،‬فهي لن تُعمل‪.‬‬ ‫يقول الكتاب املقدس‪« ،‬فأنواع مواهب موجودة ولكن الروح‬ ‫واحد وأنواع خدم موجودة ولكن الرب واحد وأنواع أعمال‬ ‫‪1‬‬ ‫موجودة ولكن اهلل واحد الذي يعمل الكل في الكل»‪.‬‬ ‫لقد نظرنا في الفصل السابق إلى أول اثنني من هذه‪:‬‬ ‫وهما املواهب الروحية والقلب‪ .‬واآلن سوف ننظر إلى باقي‬ ‫عناصر كلمة ‪ SHAPE‬فيما يتعلق بخدمة اهلل‪.‬‬ ‫‪32‬‬


‫استعمال إمكانياتك‬

‫إن اإلمكانيات هي املواهب الطبيعية التي تُولد بها‪.‬‬ ‫بعض الناس لديهم إمكانيات طبيعية في الكالم فقد‬ ‫خرجوا من البطن وهم يتكلمون! آخرون لديهم إمكانيات‬ ‫طبيعية في الرياضية البدنية‪ ،‬وهم بارعون في التناسق‬ ‫اجلسدي‪ .‬بينما آخرون ممتازون في الرياضيات أو املوسيقى‬ ‫أو امليكانيكا‪.‬‬ ‫عندما أراد اهلل أن يصمم خيمة االجتماع وكل‬ ‫أدوات العبادة‪ ،‬فقد وفرَّ الفنانني واحلرفيني الذين كانوا‬ ‫مشكَّ لني «باحلكمة والفهم واملعرفة وكل صنعة الختراع‬ ‫مخترعات ‪..‬ليعمل في كل صنعة»‪ 2.‬ال يزال اهلل مينح‬ ‫اليوم هذه اإلمكانيات وآالفا ً أخرى حتى يتمكن الناس من‬ ‫أن يخدموه‪.‬‬

‫كل إمكانياتنا تأتي من عند اهلل‪ .‬حتى تلك اإلمكانياتالتي‬ ‫تُستخدم في اخلطية هي عطية اهلل؛ لكنها اس ُتخدمت‬ ‫خطأ أو أُسيء استعمالها‪ .‬يقول الكتاب املقدس‪« ،‬وَلَكِ ْن‬ ‫سبِ ال ِّن ْع َم ِة المْ ُْعطَ ا ِة لَ َنا‪ :‬أَنُ ُب َّو ٌة‬ ‫لَ َنا َم َواه ُ‬ ‫ِب ُم ْخ َتلِ َف ٌة ب َِح َ‬ ‫َفبِال ِّن ْس َب ِة إِلَى اإلِميَانِ» وفي الترجمة اإلجنليزية ‪ NLT‬يفيد‬ ‫املعنى «لقد أعطى اهلل لكل منا اإلمكانيات للقيام ببعض‬ ‫األعمال بصورة جيدة»‪ 3.‬وحيث أن إمكانيات الطبيعية هي‬ ‫‪33‬‬


‫من اهلل‪ ،‬فهي بنفس أهمية و«روحانية» مواهبك الروحية‪.‬‬ ‫الفرق الوحيد يكمن في أنها أُعطيت لك عند الوالدة‪.‬‬

‫أحد األعذار األكثر شيوعا ً التي يقدمها الناس لعدم‬ ‫لدي أية إمكانيات ألقدمها»‪ .‬هذا‬ ‫اخلدمة هي «ليست‬ ‫َّ‬ ‫سخف‪ ،‬إذ أن لديك العشرات‪ ،‬ورمبا املئات من اإلمكانيات‬ ‫غير امل ُكتشفة‪ ،‬وغير املعروفة‪ ،‬وغير امل ُستخدمة ترقد‬ ‫في سبات بداخلك‪ .‬لقد أظهرت العديد من الدراسات أن‬ ‫اإلنسان املتوسط ميتلك من ‪ 500‬إلى ‪ 700‬قدرة ومهارة‬ ‫مختلفة ـ وذلك هو أكثر كثيرا ً مما تعتقد‪.‬‬ ‫ميكن للمخ‪ ،‬على‬ ‫سبيل املثال‪ ،‬أن يخزن‬ ‫‪ 100‬تريليون حدث‪ ،‬كما‬ ‫ميكن للذهن أن يتعامل‬ ‫مع ‪ 15.000‬قرار في‬ ‫الثانية كما هو احلال‬ ‫بالنسبة لعمل اجلهاز الهضمي‪ .‬باستطاعة األنف أن‬ ‫يشم ‪ 10.000‬رائحة مختلفة‪ .‬كما ميكن حلاسة اللمس أن‬ ‫تلحظ شيئا ً سمكه ‪ 25000/1‬من البوصة‪ ،‬وميكن للسان‬ ‫أن يتذوق جزيئا ً من الكينني في ‪ 2‬مليون جزئ من املاء‪.‬‬ ‫إنك باقة من اإلمكانيات املذهلة‪ ،‬وخليقة مدهشة هلل‪.‬‬ ‫‪34‬‬


‫لذلك فإن جزءا ً من مسئولية الكنيسة هو متييز وإطالق‬ ‫إمكانياتك خلدمة اهلل‪.‬‬

‫ميكن لكل اإلمكانيات أن تُستخدم جملد اهلل‪ .‬قال‬ ‫بولس‪« ،‬إذا كنتم تأكلون أو تشربون أو تفعلون شيئا ً‬ ‫فافعلوا كل شيء جملد اهلل»‪ 4.‬ميتلئ الكتاب املقدس بأمثلة‬ ‫إلمكانيات مختلفة يستخدمها اهلل جملده‪ .‬وهاهي بعض‬ ‫من تلك اإلمكانيات املذكورة في كلمة اهلل‪ :‬اإلمكانيات‬ ‫الفنية‪ ،‬اإلمكانيات املعمارية‪ ،‬اإلدارة‪ ،‬الطهي‪ ،‬صناعة‬ ‫القوارب‪ ،‬صناعة احللوى‪ ،‬املناظرة‪ ،‬التصميم‪ ،‬صناعة‬ ‫العطور‪ ،‬التطريز‪ ،‬النحت‪ ،‬الزراعة‪ ،‬صيد األسماك‪ ،‬فالحة‬ ‫البساتني‪ ،‬القيادة‪ ،‬التدبير‪ ،‬البناء‪ ،‬التأليف املوسيقي‪،‬‬ ‫صناعة األسلحة‪ ،‬شغل اإلبرة‪ ،‬الرسم‪ ،‬الفالحة‪ ،‬الفلسفة‪،‬‬ ‫امليكانيكا‪ ،‬االختراع‪ ،‬النجارة‪ ،‬اإلبحار‪ ،‬البيع‪ ،‬اجلندية‪،‬‬ ‫احلياكة‪ ،‬التدريس‪ ،‬كتابة األدب والشعر‪ .‬يقول الكتاب‬ ‫‪6‬‬ ‫سبِ ال ِّن ْع َم ِة‬ ‫املقدس‪ « ،‬وَلَكِ ْن لَ َنا َم َواه ُ‬ ‫ِب ُم ْخ َتلِ َف ٌة ب َِح َ‬ ‫المْ ُْعطَ ا ِة لَ َنا‪ :‬أَنُ ُب َّو ٌة َفبِال ِّن ْس َب ِة إِلَى اإلِميَانِ» وفي الترجمة‬ ‫اإلجنليزية ‪ TEV‬يفيد املعنى «هناك إمكانيات مختلفة‬ ‫ألداء اخلدمة‪ ،‬لكن اإلله الواحد يعطي املقدرة للجميع من‬ ‫أجل خدمتهم اخلاصة»‪ 5.‬إن اهلل لديه مكان في كنيسته‬ ‫حيث ميكن لتخصصاتك أن تبرز وميكنك أن تحُ دث أثرا ً‪ ،‬لكن‬ ‫إيجاد ذلك املكان يتوقف عليك‪.‬‬ ‫‪35‬‬


‫يعطي اهلل بعض‬ ‫الناس القدرة على تكوين‬ ‫الثروات‪ .‬فقد أخبر موسى‬ ‫شعب إسرائيل‪18« ،‬بَلِ‬ ‫لهكَ أَن َّ ُه ُه َو‬ ‫ا ْذكُ رِ الرَّ َّب إ ِ َ‬ ‫ِي ب ِ َع ْه ِد ِه الذِي‬ ‫الذِي يُ ْعطِ يكَ ق َُّو ًة ال ِْصطِ َنا ِع ال َّث ْروَ ِة ل َِيف َ‬ ‫الي ْو ِم»‪ 6.‬إن األشخاص الذين‬ ‫أَقْ َ‬ ‫س َم آل ِبَائِكَ كَ َما فِي َه َذا َ‬ ‫لديهم تلك القدرة ماهرون في تأسيس األعمال‪ ،‬وعقد‬ ‫االتفاقات أو املبيعات‪ ،‬وحتقيق األرباح‪ .‬إن كانت لديك تلك‬ ‫القدرة على العمل‪ ،‬يجب عليك إذن أن تستخدمها جملد‬ ‫اهلل‪ .‬كيف؟ أوال ً‪ ،‬افهم أن إمكانياتك تأتي من عند اهلل‬ ‫واعترف بفضله‪ .‬ثانيا ً‪ ،‬استخدم عملك خلدمة احتياج‬ ‫آخرين ومشاركة إميانك مع غير املؤمنني‪ .‬ثالثا ً‪ ،‬أرجِ ع على‬ ‫‪7‬‬ ‫األقل العشور (‪ 10‬باملائة) من الربح باعتباره فعل عبادة‪.‬‬ ‫وأخيرا ً‪ ،‬اجعل هدفك بناء ملكوت اهلل بدال ً من مجرد بناء‬ ‫للثروة‪ .‬سوف أشرح ذلك في الفصل الثالث والثالثني‪.‬‬

‫إن اهلل يريدني أن أفعل ما أنا قادر على فعله‪ .‬إنك‬ ‫الشخص الوحيد على األرض الذي يستطيع استخدام‬ ‫إمكانياتك‪ .‬ال أحد غيرك ميكنه أن يلعب دورك‪ ،‬ألنه ليس‬ ‫ألحد الشكل الفريد الذي أعطاه اهلل لك‪ .‬يقول الكتاب‬ ‫جهزك «بكل ما حتتاجه لتصنع‬ ‫املقدس أن اهلل قد‬ ‫َّ‬ ‫‪36‬‬


‫مشيئته»‪ 8.‬يجب أن تفحص بجدية ما جتيده وما ال جتيده من‬ ‫أعمال‪ ،‬وذلك حتى تكتشف إرادة اهلل حلياتك‪.‬‬

‫اللحن‪،‬‬

‫إذا لم يكن اهلل قد أعطاك أمكانية على ضبط‬ ‫فإنه لن يتوقع منك أن تكون مغني أوبرا‪ .‬لن يطلب اهلل‬ ‫منك أبدا ً أن تكرس حياتك ملهمة ليست لديك‬ ‫موهبة فيها‪ .‬ومن ناحية أخرى‪ ،‬فإن اإلمكانيات‬ ‫التي متتلكها بالفعل تُعتبر عالمة قوية على‬ ‫ما يريدك اهلل أن تفعله بحياتك‪ .‬إنها دالئل‬ ‫ملعرفة إرادة اهلل لك‪ .‬فإذا كنت ماهرا ً في التصميم أو‬ ‫التوظيف أو الرسم أو التنظيم‪ ،‬فإن االفتراض السليم‬ ‫حينذاك هو أن خطة اهلل حلياتك تتضمن بطريقة ما تلك‬ ‫يضيع اإلمكانيات؛ لكنه يوفِّق بني دعوتنا‬ ‫املهارة‪ .‬إن اهلل ال‬ ‫ِّ‬ ‫وإمكانياتنا‪.‬‬ ‫لم تُعط لك إمكانياتك جملرد اكتساب العيش؛ لكن اهلل‬ ‫قد أعطاها لك من أجل خدمتك‪ .‬فقد قال بطرس‪« ،‬ليكن‬ ‫كل واحد بحسب ما أخذ موهبة يخدم بها بعضكم‬ ‫‪9‬‬ ‫بعضا ً كوكالء صاحلني على نعمة اهلل املتنوعة»‪.‬‬ ‫هناك ما يقرب من ‪ 7.000‬شخص‪ ،‬أثناء كتابتي‬ ‫لهذا الكتاب‪ ،‬يستخدمون إمكانياتهم في اخلدمة‬ ‫بكنيسة سادلباك‪ ،‬وهم يقدمون كل أنواع اخلدمة التي‬ ‫‪37‬‬


‫قد تتخيلها‪ :‬إصالح السيارات امل ُتبرع بها حتى تُعطى‬ ‫للمحتاجني‪ ،‬إيجاد أفضل العروض ملشتريات الكنيسة‪،‬‬ ‫العناية بالزهور وقص احلشائش‪ ،‬ترتيب امللفات‪ ،‬تصميم‬ ‫الفنون‪ ،‬والبرامج‪ ،‬واملباني‪ ،‬تقدمي الرعاية الصحية‪ ،‬إعداد‬ ‫الوجبات‪ ،‬تأليف الترانيم‪ ،‬تعليم املوسيقى‪ ،‬كتابة طلبات‬ ‫املنح‪ ،‬تدريب الفرق الرياضية‪ ،‬عمل أبحاث للعظات أو‬ ‫ترجمتها‪ ،‬ومئات من املهام األخرى املتخصصة‪ .‬كما يتم‬ ‫إخبار األعضاء اجلدد‪« ،‬يجب أن تفعل كل ما أنت بارع فيه‬ ‫ألجل كنيستك!»‪.‬‬ ‫استخدام شخصيتك‬

‫إننا ال ندرك كم نحن حقا ً متفردون‪ ،‬إذ ميكن جلزيئات‬ ‫احلامض النووي للخلية ‪ DNA‬أن تتحد بعدد ال نهائي من‬ ‫الطرق‪ .‬والعدد ‪ 10‬إلى قوة ‪ 2.4000.000.000‬هو ذلك العدد‬ ‫الذي ميثل إمكانية إيجاد شخص يشبهك بالضبط‪ .‬إن‬ ‫كان عليك أن تكتب كل صفر من ذلك الرقم باعتباره‬ ‫بوصة واحدة عرضا ً فسوف حتتاج شريطا ً من الورق يبلغ‬ ‫طوله ‪ 37.000‬ميل!‬ ‫خمنوا أن كل‬ ‫لتوضيح ذلك‪ ،‬فإن بعض العلماء قد َّ‬ ‫اجلسيمات في الكون رمبا تكون تقريبا ً أقل من ‪ 10‬متبوعة‬ ‫بـ ‪ 76‬صفرا ً‪ ،‬أقل كثيرا ً من احتماالت حامضك النووي‪ .‬إن‬ ‫تفردك هو حقيقة علمية للحياة‪ .‬لقد كسر اهلل القالب‬ ‫‪38‬‬


‫بعدما صنعك‪ .‬إذن لم يكن‪ ،‬ولن يكون أبدا ً أي شخص‬ ‫يشبهك متاما ً‪.‬‬

‫من الواضح أن اهلل يحب التنوع – فقط انظر حولك!‬ ‫فقد خلق كالً منا بتركيبة فريدة من مالمح الشخصية‪.‬‬ ‫فقد صنع اهلل االنطوائيني واالنبساطيني‪ .‬وخلق الناس‬ ‫الذين يحبون الرتابة وهؤالء الذين يحبون التنوع‪ .‬وجعل‬ ‫البعض «مفكرين» وآخرين«انفعاليني»‪ .‬بعض الناس‬ ‫يفضلون العمل عندما يُكَّ لفون مبهمة شخصية بينما‬ ‫اآلخرون يفضلون العمل مع فريق‪ .‬يقول الكتاب املقدس‪،‬‬ ‫«‪6‬وأ َ ْنوا ُع أ َ ْعما ٍل مو ُجود ٌة ولَكِ َّن َ‬ ‫اهلل وَاحِ ٌد الَّذِي ي َ ْع َملُ الْكُ لَّ‬ ‫َ َْ َ َ‬ ‫َ َ‬ ‫فِي الْكُ لِّ ‪ ».‬وفي الترجمة اإلجنليزية ‪ PH‬يفيد املعنى «إن‬ ‫اهلل يعمل من خالل أشخاص مختلفني بطرق متنوعة‪،‬‬ ‫لكن اإلله الواحد هو الذي يتمم قصده من خالل‬ ‫‪10‬‬ ‫جميعهم»‪.‬‬ ‫يقدم لنا الكتاب املقدس العديد من‬ ‫األدلة على أن اهلل يستخدم كل أنواع‬ ‫الشخصيات‪ .‬فقد كان بطرس حماسيا ً‪،‬‬ ‫وبولس صارما ً محدد األهداف‪ ،‬وإرميا مائالً‬ ‫للحزن‪ .‬عندما تنظر إلى اختالفات الشخصية في التالميذ‬

‫‪39‬‬


‫اإلثنى عشر‪ ،‬فمن السهل أن تفهم ملاذا كانت بينهم‬ ‫أحيانا ً خالفات شخصية‪.‬‬

‫ليس هناك «صواب» أو «خطأ» في أمناط الشخصية‬ ‫فيما يتعلق باخلدمة‪ .‬نحن نحتاج إلى كل أنواع الشخصيات‬ ‫لنوازن الكنيسة ونعطيها مذاقا ً‪ .‬كان العالم سيصبح‬ ‫غاية في امللل لو كنا جميعنا فانيليا خالصة‪ ،‬لكن حلسن‬ ‫احلظ‪ ،‬يأتي الناس بأكثر من واحد وثالثني مذاقا ً!‬ ‫سوف تؤثر شخصيتك على كيفية ومكان استخدامك‬ ‫ملواهبك وإمكانياتك الروحية‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬ميكن‬ ‫أن يكون لشخصني نفس موهبة الكرازة‪ ،‬لكن إذا كان‬ ‫أحدهم انطوائيا ً واآلخر انبساطيا ً‪ ،‬فسوف يتم التعبير عن‬ ‫هذه املوهبة بطرق مختلفة‪.‬‬

‫النجارون أنه‬ ‫يقول‬ ‫َّ‬ ‫من األسهل العمل في‬ ‫اجتاه نسيج اخلشب بدال ً‬ ‫من عكسه‪ .‬وبنفس‬ ‫الطريقة‪ ،‬فعندما تضطر‬ ‫أن تخدم بطريقة «غير‬ ‫مالئمة» لنمط شخصيتك فإن ذلك يولد توترا ً وضيقا ً‪،‬‬ ‫ويتطلب مزيدا ً من اجلهد والطاقة‪ ،‬كما أنه ال يأتي بأفضل‬ ‫‪40‬‬


‫النتائج‪ .‬لذلك فإن تقليد خدمة شخص آخر ال ينجح‬ ‫أبدا ً‪ ،‬إذ أنك ال متتلك شخصيته‪ .‬عالوة على أن اهلل‬ ‫قد صنعك لتكون نفسك! ميكنك أن تتعلم من أمثلة‬ ‫اآلخرين‪ ،‬لكنك يجب أن تقوم بترشيح ما تعلمته من‬ ‫خالل فلتر شخصيتك الفريدة‪ .‬هناك العديد من الكتب‬ ‫واألدوات اليوم ميكنها أن تساعدك على فهم شخصيتك‬ ‫حتى تتمكن من حتديد كيفية استخدامها ألجل اهلل‪.‬‬

‫إن شخصياتنا اخملتلفة تعكس نور اهلل‪ ،‬مثل الزجاج‬ ‫امللون‪ ،‬في العديد من األلوان واألمناط‪ ،‬وذلك يبارك عائلة‬ ‫اهلل بعمق وتنوع‪ ،‬كما أنه يباركنا نحن أيضا ً شخصيا ً‪ .‬إنه‬ ‫إحساس رائع أن تفعل ما صنعك اهلل كي تفعله‪ .‬عندما‬ ‫تخدم بطريقة موافقة للشخصية التي أعطاها اهلل لك‪،‬‬ ‫فسوف تختبر الرضا‪ ،‬واإلشباع‪ ،‬واإلثمار‪.‬‬ ‫توظيف خبراتك‬

‫لقد تشكلت عن طريق خبراتك في احلياة‪ ،‬حيث كان‬ ‫معظمها خارج نطاق سيطرتك‪ .‬لكن اهلل سمح بها من‬ ‫أجل قصده في صياغتك‪ 11.‬يجب أن تفحص على األقل‬ ‫ستة أنواع من اخلبرات من ماضيك‪ ،‬وذلك لتحديد طابع‬ ‫شخصيتك من أجل خدمة اهلل‪:‬‬

‫‪41‬‬


‫• خبرات عائلية‪ :‬ماذا تعلمت خالل نشأتك في‬ ‫عائلتك؟‬

‫املفضلة‬ ‫• خبرات تعليمية‪ :‬ماذا كانت موضوعاتك‬ ‫َّ‬ ‫في املدرسة؟‬

‫• خبرات وظيفية‪ :‬ما هي أكثر الوظائف التي كنت‬ ‫فعاال ً فيها واستمتعت بها أكثر؟‬ ‫• خبرات روحية‪ :‬ما هي أكثر أوقاتك التي كانت ذات‬ ‫معنى مع اهلل؟‬ ‫• خبرات في اخلدمة‪ :‬كيف خدمت اهلل في املاضي؟‬

‫• خبرات مؤملة‪ :‬ما هي‬ ‫والتجارب التي تعلمت منها؟‬

‫املشاكل‪ ،‬واجلروح‪ ،‬واألشواك‪،‬‬

‫إن اهلل يستخدم أكثر تلك الفئة األخيرة‪ ،‬وهي اخلبرات‬ ‫املؤملة‪ ،‬إلعدادك للخدمة‪.‬‬ ‫ال يضيع اهلل جرحا ً أبدا ً!‬ ‫ففي الواقع‪ ،‬إن أعظم‬ ‫خدماتك سوف تخرج‬ ‫على األرجح من أعظم‬ ‫جروحك‪ .‬من ميكنه أن‬ ‫يقدم أفضل خدمة ألسرة طفل معاق أكثر من زوجني‬ ‫لديهما طفل متضرر بنفس الطريقة؟ من ميكنه أن يساعد‬ ‫‪42‬‬


‫سكيرا ً أفضل من شخص حارب ذلك الشيطان ووجد‬ ‫احلرية؟ من ميكنه أن يواسي زوجة قد تركها زوجها ألجل‬ ‫عالقة غرامية أكثر من سيدة عانت من نفس األلم؟‬

‫إن اهلل يسمح لك عن قصد أن متر بخبرات مؤملة‬ ‫يجهزك خلدمة اآلخرين‪ .‬يقول الكتاب املقدس‪« ،‬الذي‬ ‫كي‬ ‫ِّ‬ ‫يعزينا في كل ضيقتنا حتى نستطيع أن نعزي الذين هم‬ ‫‪12‬‬ ‫في كل ضيقة بالتعزية التي نتعزى نحن بها من اهلل»‪.‬‬

‫إن كنت تود حقا ً أن يستخدمك اهلل‪ ،‬يجب عليك‬ ‫أن تفهم حقيقة فعالة‪ :‬إن أكثر اخلبرات التي سببت لك‬ ‫االستياء والندم في حياتك ‪ -‬تلك التي أردت أن تخفيها أو‬ ‫تنساها ‪ -‬هي تلك اخلبرات التي يريد اهلل أن يستخدمها‬ ‫خلدمة اآلخرين‪ .‬إنها خدمتك!‬

‫وحتى يستخدم اهلل خبراتك املؤملة‪ ،‬يجب أن تكون‬ ‫مستعدا ً للمشاركة بها‪ .‬يجب أن تكف عن إخفائها‪،‬‬ ‫ويجب أن تقبل بصدق أخطاءك‪ ،‬وسقطاتك‪ ،‬ومخاوفك‪.‬‬ ‫إن القيام بذلك رمبا يكون هو أكثر خدماتك فعالية‪ ،‬إذ أن‬ ‫الناس تتشجع أكثر عندما نشارك معهم كيف ساعدتنا‬ ‫رحمة اهلل في ضعفنا أكثر مما نتفاخر بقوتنا‪.‬‬

‫فهم بولس تلك احلقيقة‪ ،‬لذلك فقد كان أمينا ً في‬ ‫فترات إحباطه‪ .‬لقد اعترف‪« ،‬فإننا ال نريد أن جتهلوا أيها‬ ‫اإلخوة من جهة ضيقتنا التي أصابتنا في آسيا أننا تثقلنا‬ ‫‪43‬‬


‫جدا ً فوق الطاقة حتى أيسنا من احلياة أيضا ً ولكن كان‬ ‫لنا في أنفسنا حكم املوت لكي ال نكون متكلني على‬ ‫أنفسنا بل على اهلل الذي يقيم األموات‪ .‬الذي جنانا من‬ ‫موت مثل هذا وهو ينجي الذي لنا رجاء فيه أنه سينجي‬ ‫‪13‬‬ ‫أيضا ً فيما بعد»‪.‬‬

‫لو كان بولس قد احتفظ بخبرته في الشك والكآبة‬ ‫سرا ً‪ ،‬ملا متكن ماليني من الناس من االستفادة بها‪ .‬فقط‬ ‫خبراتك التي تشارك بها ميكنها أن تساعد اآلخرين‪ .‬فقد‬ ‫قال ألدوس هوكسلي‪« ،‬إن اخلبرة ليست هي ما يحدث‬ ‫لك‪ ،‬وإمنا ما تفعله مبا يحدث لك»‪ .‬ما الذي ستفعله إذن‬ ‫مبا قد مررت به؟ ال تهدر أملك إذن؛ بل استخدمه خلدمة‬ ‫اآلخرين‪.‬‬ ‫بعد أن استعرضنا تلك الطرق اخلمس التي شكَّ لك‬ ‫اهلل بها للخدمة‪ ،‬أمتنى أن يكون لديك تقدير أعمق لسيادة‬ ‫اهلل وفكرة أوضح عن الكيفية التي أعدك بها بقصد‬ ‫خدمته‪.‬إن سر جناح خدمتك في حتقيق الثمر واإلشباع‬ ‫يكمن في أن يستخدمك اهلل وفقا ً للطابع اخلاص الذي‬ ‫شكلك عليه‪ 14.‬سوف تكون أكثر فعالية عندما تستخدم‬ ‫مواهبك الروحية وإمكانياتك في اجملال الذي ينبض له‬ ‫قلبك وبطريقة تعبر أفضل عن منط شخصيتك وخبراتك‪.‬‬ ‫فكلما كانت خدمتك أقرب لهذا اجملال كلما ازددت جناحا ً‪.‬‬

‫‪44‬‬


‫‪4‬‬

‫إن اهلل يستحق أفضل ما لديك‪.‬‬

‫فقد شكَّ لك ألجل هدف‪ ،‬وهو يتوقع منك أن حتظى‬ ‫بأقصى استفادة مما منحك‪ .‬إنه ال يريدك أن تشتهي أو‬ ‫تقلق بشأن إمكانيات ال متتلكها‪ ،‬بل أن تركِّ ز بدال ً من ذلك‬ ‫على املواهب التي أعطاها لك كي تستخدمها‪.‬‬

‫عندما حتاول أن تخدم اهلل بطرق لست مشكَّ الً كي‬ ‫تخدمه بها‪ ،‬يبدو األمر وكأنك تدفع عنو ًة وتدا ً مربعا ً‬ ‫في ثقب دائري‪ .‬ذلك أمر محبط كما أنه يؤدي إلى نتائج‬ ‫محدودة‪ .‬وهو أيضا ً يهدر وقتك‪ ،‬وموهبتك‪ ،‬وطاقتك‪ .‬إن‬ ‫أفضل استخدام حلياتك هو أن تخدم اهلل من خالل منط‬ ‫شخصيتك‪ .‬وحتى تقوم بذلك‪ ،‬عليك أوال ً أن تكتشف هذا‬

‫‪45‬‬


‫النمط املميز‪ ،‬وتتعلم أن تقبله وتفرح به‪ ،‬ثم تطوره إلى‬ ‫أقصى إمكانية‪.‬‬ ‫اكتشف منط شخصيتك‬

‫يقول الكتاب املقدس‪« ،‬من أجل ذلك ال تكونوا أغبياء‬ ‫بل فاهمني ما هي مشيئة الرب»‪ 1.‬ال تدع يوما ً آخر مير‪.‬‬ ‫أبدأ في بحث واستيضاح ما ينوي اهلل لك أن تكونه وأن‬ ‫تفعله‪.‬‬

‫الق نظرة طويلة‬ ‫ابدأ بتقييم مواهبك وإمكانياتك‪ِ .‬‬ ‫وصادقة على ما جتيده وما لست جتيده‪ .‬فقد نصح بولس‪،‬‬ ‫«‪َ 3‬فإِنِّي أَقُو ُل ب ِال ِّن ْع َم ِة المْ ُْعطَ ا ِة لِي لِكُ لِّ َم ْن ُه َو ب َ ْي َنكُ ْم‪ :‬أ َ ْن‬ ‫ال َ ي َ ْرتَئ َِي ف َْو َق َما ي َ ْن َبغِي أ َ ْن ي َ ْرتَئ َِي بَلْ ي َ ْرتَئ َِي إِلَى ال َّت َع ُّقلِ كَ َما‬ ‫ُ‬ ‫اهلل لِكُ لِّ وَاحِ ٍد م ِْق َدارا ً ِم َن اإلِميَانِ» وفي الترجمة‬ ‫س َم‬ ‫َق َ‬ ‫اإلجنليزية ‪ PH‬يفيد املعنى «حاول أن‬ ‫قيم إمكانياتك بطريقة واقعية»‪ 2.‬اصنع‬ ‫تُ ِّ‬ ‫قائمة‪ .‬اسأل أشخاصا ً آخرين عن آرائهم‬ ‫النزيهة‪ .‬أخبرهم أنك تبحث عن احلقيقة‪،‬‬ ‫وأنك ال تريد مجاملة‪ .‬إن املواهب الروحية‬ ‫واإلمكانيات الطبيعية دائما ً تُؤكَّ د من خالل اآلخرين‪ .‬فإن‬ ‫كنت تظن أنك موهوب لتكون مدرسا ً أو مغنيا ً بينما ال‬ ‫يوافقك في الرأي أي شخص آخر‪ ،‬ماذا ترى في نفسك‬ ‫‪46‬‬


‫عندئذ؟ إذا كنت تريد أن تعرف إن كانت لديك موهبة‬ ‫القيادة‪ ،‬فقط انظر حولك! إن لم يكن هناك من يتبعك‪،‬‬ ‫فأنت لست قائدا ً‪.‬‬ ‫اطرح أسئلة كهذه‪ :‬أين رأيت ثمرا ً في حياتي أكد‬ ‫عليه أشخاص آخرون؟ أين كنت ناجحا ً بالفعل؟ فإن‬ ‫إختبارات تقدير املواهب الروحية وبيانات تقييم االهتمامات‬ ‫واإلمكانيات الشخصية ميكن أن يكون لها بعض القيمة‪،‬‬ ‫لكنها محدودة في نفعها‪ .‬فهي‪ ،‬في املقام األول‪ ،‬تستخدم‬ ‫معايير قياسية ثابتة‪ ،‬لذلك فإنها ال تأخذ في اعتبارها‬ ‫تفردك‪ .‬ثانيا ً‪ ،‬ال توجد تعريفات للمواهب الروحية املذكورة‬ ‫في الكتاب املقدس‪ ،‬لذلك فالتعريفات املتداولة هي‬ ‫حتيزا ً طائفيا ً‪ .‬واملشكلة‬ ‫تعريفات جزافية ومتثل في العادة ُّ‬ ‫األخرى هي أنه كلما نضجت أكثر‪ ،‬فمن املرجح أكثر أنك‬ ‫س ُتظهِ ر خصائص عدد أكبر من املواهب‪ .‬رمبا تكون تخدم‬ ‫أو تعلم أو تعطي بسخاء بدافع من النضوج وليس بسبب‬ ‫موهبتك الروحية‪.‬‬ ‫إن أفضل طريقة الكتشاف مواهبك وإمكانياتك هي‬ ‫التجريب في مجاالت مختلفة من اخلدمة‪ ،‬إذ رمبا يقتضي‬ ‫األمر مني مائة امتحان للمواهب واإلمكانيات عندما كنت‬ ‫شابا ً لكنني لم أكتشف أبدا ً أنني كنت موهوبا ً في التعليم‬ ‫‪47‬‬


‫وذلك ألنني لم أمارسه من قبل! فقط بعد أن بدأت أقبل‬ ‫فرصا ً للحديث‪ ،‬رأيت‬ ‫النتائج‪ ،‬وتلقيت تأكيدا ً‬ ‫من اآلخرين‪ ،‬وأدركت أن‪،‬‬ ‫«اهلل قد أعطاني موهبة‬ ‫للقيام بذلك!»‬

‫يتناول الكثير من الكتب عملية االكتشاف بطريقة‬ ‫معكوسة‪ .‬فهي تقول‪« ،‬اكتشف موهبتك الروحية‬ ‫وعندئذ سوف تعرف اخلدمة التي من املفترض أن تقوم‬ ‫بها»‪ .‬إن األمر يتم فعليا ً بالعكس متاما ً‪ .‬ابدأ فحسب‬ ‫في اخلدمة‪ ،‬وجتريب العديد من اخلدمات‪ ،‬وعندئذ سوف‬ ‫تكتشف مواهبك‪ .‬فإنك لن تعرف ما الذي جتيده حتى‬ ‫تساهم فعليا ً في اخلدمة‪.‬‬

‫إنك متتلك عشرات من اإلمكانيات واملواهب اخملفية ليس‬ ‫لديك علم بها‪ ،‬وذلك ألنك لم جتربها أبدا ً من قبل‪ .‬لذلك‬ ‫فإنني أشجعك أن جترب القيام ببعض األشياء التي لم‬ ‫تفعلها من قبل أبدا ً‪ .‬إنني أحثك‪ ،‬بغض النظر عن سنك‪،‬‬ ‫أال تكف أبدا ً عن التجريب‪ .‬فقد قابلت كثيرا ً من الناس‬ ‫قد اكتشفوا مواهب مخفية في السبعينات والثمانينات‬ ‫من عمرهم‪ .‬أعرف امرأة في التسعينات تعدو وتفوز في‬

‫‪48‬‬


‫سباقات ال‪ 10‬كيلومترات‪ ،‬وهي لم تكتشف أنها تستمتع‬ ‫باجلري إال عندما بلغت ثمانية وسبعني عاما ً!‬

‫تخمن ما هي مواهبك قبل أن تتطوع‬ ‫ال حتاول أن‬ ‫ِّ‬ ‫باخلدمة في مكان ما‪ .‬عليك فقط أن تبدأ في اخلدمة‪.‬‬ ‫فإنك تكتشف مواهبك عن طريق املشاركة الفعلية في‬ ‫اخلدمة‪ .‬جرِّب التعليم أو القيادة أو التنظيم أو عزف آلة أو‬ ‫العمل مع املراهقني‪ .‬لن تعرف إطالقا ً ما جتيده حتى تجُ رِّب‪.‬‬ ‫وعندما ال ينجح األمر‪ ،‬اطلق على ذلك «جتربة»‪ ،‬وليس‬ ‫فشالً‪ .‬وسوف تتعلم في النهاية ما الذي جتيده‪.‬‬

‫ضع في االعتبار قلبك وشخصيتك‪ .‬فقد نصح‬ ‫بولس‪4« ،‬وَلَكِ ْن ل َِي ْم َتحِ ْن كُ ُّل وَاحِ ٍد َع َملَ ُه‪ ،‬وَحِ ي َن ِئ ٍذ يَكُ و ُن‬ ‫لَ ُه ا ْل َف ْخ ُر م ِْن جِ َه ِة ن َ ْف ِ‬ ‫س ِه َف َق ْط‪ ،‬ال َ م ِْن جِ َه ِة َغ ْيرِهِ‪ ».‬وفي‬ ‫الترجمة اإلجنليزية ‪ MSG‬يفيد املعنى «قم بفحص دقيق‬ ‫‪3‬‬ ‫ملا أنت عليه والعمل الذي أُعطيته‪ ،‬ثم استغرق فيه»‪.‬‬ ‫من املفيد‪ ،‬مرة أخرى‪ ،‬أن حتصل على آراء من يعرفونك‬ ‫جيدا ً‪ .‬اطرح على نفسك أسئلة‪ :‬ما الذي أستمتع بفعله‬ ‫أكثر؟ متى أشعر أكثر بأنني أكثر إقباال ً على ملء احلياة؟‬ ‫ما الذي عندما أقوم به أفقد إحساسي بالوقت؟ هل أحب‬ ‫أفضل اخلدمة ضمن فريق أم مبفردي؟‬ ‫الروتني أم التنوع؟ هل ِّ‬ ‫هل أميل إلى االنطوائية أم اإلنبساطية؟ هل أميل نحو‬ ‫‪49‬‬


‫الفكر أم العاطفة؟ ما الذي أستمتع به أكثر ـ التنافس‬ ‫أم التعاون؟‬ ‫افحص خبراتك واستخلص الدروس التي تعلمتها‪.‬‬

‫راجِ ع حياتك وفكِّ ر كيف أنها شكَّ لتك‪ .‬لقد أخبر موسى‬ ‫‪2‬‬ ‫لس ُت أُر ِي ُد بَنِيكُ ُم‬ ‫شعب إسرائيل‪ « ،‬وَ ْاع ُ‬ ‫الي ْو َم أَنِّي ْ‬ ‫لموا َ‬ ‫ِيب الرَّ ِّب إِلهِ كُ ْم َعظَ َم َت ُه وَي َ َد ُه‬ ‫الذِي َن ْ‬ ‫لم ي َ ْعرِفُوا وَال رَأُوا ت َ ْأد َ‬ ‫ع َة» وفي الترجمة اإلجنليزية ‪TEV‬‬ ‫َّ‬ ‫الشدِي َد َة وَذِرَا َع ُه الرَّفِي َ‬ ‫يفيد املعنى «اليوم تذكروا ما تعلمتوه عن الرب من خالل‬ ‫إختباراتكم معه»‪ 4.‬إن اخلبرات املنسية ال قيمة لها؛ وذلك‬ ‫يُعتبر سببا ً وجيها ً لكتابة مذكرات روحية‪ .‬لقد قلق بولس‬ ‫يضيع مؤمنو غالطية فرصا ً ثمينة لتعلم الكثير‬ ‫من أن‬ ‫ّ‬ ‫من الدروس النافعة مما كابدوه من ألم وما جتشموه من‬ ‫‪4‬‬ ‫اح َت َم ْل ُت ْم َع َب ًثا؟ إ ِ ْن كَ ا َن َع َب ًثا!»‬ ‫عناء‪ .‬فقـال‪ « ،‬أَه َذا المْ ِْق َدار َ ْ‬ ‫وفي الترجمة اإلجنليزية ‪ NCV‬يفيد املعنى «هل ضاعت كل‬ ‫‪5‬‬ ‫هباء؟ ال أمتنى ذلك!»‬ ‫خبراتكم‬ ‫ً‬ ‫إننا نادرا ً ما نرى قصد اهلل الصالح في األلم أو الفشل‬ ‫أو االرتباك أثناء وقوعنا‪ .‬فقد قال يسوع عندما غسل‬ ‫رجلّي بطرس‪« ،‬لست تعلم أنت اآلن ما أنا أصنع ولكنك‬ ‫ستفهم فيما بعد»‪ 6.‬فإننا‪ ،‬ال ندرك كيف قصد اهلل‬ ‫باملشكلة خيرا ً إال عندما نسترجع األحداث‪.‬‬ ‫‪50‬‬


‫إن استخالص الدروس من خبراتك يأخذ وقتا ً‪ .‬لذلك‬ ‫فإنني أوصيك أن تأخذ عطلة نهاية أسبوع كاملة كخلوة‬ ‫تتأمل فيها أمور حياتك‪ ،‬حيث تتوقف لترى كيف َع ِملَ‬ ‫اهلل في حلظات بارزة من حياتك وتفكر في الكيفية التي‬ ‫يريد بها استخدام تلك الدروس خلدمة اآلخرين‪ .‬هناك‬ ‫‪7‬‬ ‫مصادر ميكنها أن تساعدك على القيام بذلك‪.‬‬ ‫اقبل منط شخصيتك واستمتع به‬

‫بها‪،‬‬

‫يجب أن تقبل بشكر الطريقة التي صممك اهلل‬ ‫حيث أنه يعرف ما هو األفضل لك‪ .‬يقول الكتاب املقدس‪،‬‬ ‫«بل من أنت أيها اإلنسان الذي جتاوب اهلل‪ .‬ألعل اجلبلة‬ ‫تقول جلابلها ملاذا صنعتني هكذا‪ .‬أم ليس للخزاف سلطان‬ ‫على الطني أن يصنع من كتلة واحدة إناء للكرامة وآخر‬ ‫‪8‬‬ ‫للهوان!»‪.‬‬ ‫لقد حدد اهلل بإرادته السيادية املطلقة منط شخصيتك‬ ‫املتفرد ألجل قصده‪ ،‬لذلك يجب أال تستاء منه أو ترفضه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وبدال ً من محاولة إعادة تشكيل نفسك لتكون مثل‬ ‫شخص آخر‪ ،‬يجب أن حتتفل بالشكل الذي أعطاه اهلل‬ ‫لك‪« .‬ولكن لكل واحد منا أعطيت النعمة حسب قياس‬ ‫‪9‬‬ ‫هبة املسيح»‪.‬‬

‫‪51‬‬


‫إن االعتراف مبحدوديتك هو جزء من قبولك لنمطك‬ ‫الشخصي‪ .‬ليس أحد جيدا ً في كل شيء‪ ،‬وليس أحد‬ ‫مدعوا ً ليكون كل شيء‪ .‬لدينا جميعا ً مهام محددة‪ .‬لقد‬ ‫فهم بولس أن دعوته لم تتضمن إجناز كل األشياء أو‬ ‫إسعاد اجلميع‪ ،‬بل التركيز على اخلدمة احملددة التي شكَّ له‬ ‫اهلل ألجلها‪ 10.‬فقد قال‪13« ،‬وَلَكِ ْن ن َ ْح ُن ال َ ن َ ْف َتخِ ُر إِلَى َما ال َ‬ ‫اس ا ْل َقانُو ِن الَّذِي َقسم ُه لَ َنا ُ‬ ‫س َب ق َِي ِ‬ ‫اهلل‪ ،‬ق َِياسا ً‬ ‫يُ َق ُ‬ ‫اس‪ ،‬بَلْ َح َ‬ ‫َ َ‬ ‫لِل ُْبلُو ِغ إِل َْيكُ ْم أ َ ْيضا ً‪ ».‬وفي‬ ‫الترجمة اإلجنليزية ‪NLT‬‬ ‫يفيد املعنى «إن هدفنا‬ ‫هو البقاء بداخل حدود‬ ‫‪11‬‬ ‫خطة اهلل لنا»‪.‬‬

‫تشير كلمة حدود إلى حقيقة أن اهلل يكلِّف كالً منا‬ ‫بقطاع أو مجال من اخلدمة‪ .‬إذ أن منط شخصيتك يحدد‬ ‫مجال تخصصك‪ .‬فإننا نختبر ضغطا ً عندما نحاول أن نزيد‬ ‫توسيع خدمتنا خارج ما شكَّ لنا اهلل ألجله‪ .‬وكما أن كل‬ ‫ع َّداء في السباق يُحدد له خط مختلف عن غيره ليجري‬ ‫فيه‪ ،‬كذلك يجب علينا نحن شخصيا ً أن «نحاضر بالصبر‬ ‫في اجلهاد املوضوع أمامنا»‪ 12.‬ال حتسد املتسابق الذي يجري‬ ‫باخلط اجملاور لك؛ بل ركِّ ز فقط على إنهاء سباقك‪.‬‬

‫‪52‬‬


‫إن اهلل يريدك أن تستمتع بنمط الشخصية املميز‬ ‫الذي أعطاه لك‪ .‬يقول الكتاب املقدس‪4« ،‬وَلَكِ ْن ل َِي ْم َتحِ ْن‬ ‫كُ ُّل وَاحِ ٍد َع َملَ ُه‪ ،‬وَحِ ي َن ِئ ٍذ يَكُ و ُن لَ ُه ا ْل َف ْخ ُر م ِْن جِ َه ِة ن َ ْف ِ‬ ‫س ِه‬ ‫ه ِة َغ ْيرِهِ‪ ».‬وفي الترجمة اإلجنليزية ‪LB‬‬ ‫َف َق ْط‪ ،‬ال َ م ِْن جِ َ‬ ‫يفيد املعنى «تأكَّ د أن تقوم مبا يجب عليك‬ ‫عمله‪ ،‬وحينئذ سوف تستمتع بشبع‬ ‫شخصي ألنك قد قمت بالعمل على ما‬ ‫يرام‪ ،‬ولن حتتاج أن تقارن نفسك بأي شخص‬ ‫آخر»‪ 13.‬سوف يحاول الشيطان أن يسرق فرح اخلدمة منك‬ ‫بطريقتني‪ :‬سيجربك الشيطان لتقارن خدمتك بخدمات‬ ‫اآلخرين‪ ،‬وسيجربك لكي تساوم في خدمتك بتطويعها‬ ‫لكي ترضي توقعات الناس‪ .‬هاتان الطريقتان عبارة عن‬ ‫فخني مميتني سوف يصرفانك عن اخلدمة بالطرق التي‬ ‫قصدها اهلل‪ .‬ما أن تفقد الفرح في خدمتك‪ ،‬ابدأ في‬ ‫التفكير إن كانت أي من تلك التجارب هي السبب‪.‬‬ ‫يحذرنا الكتاب املقدس أال نقارن أنفسنا أبدا ً باآلخرين‪:‬‬ ‫«‪4‬وَلَكِ ْن ل َِي ْم َتحِ ْن كُ ُّل وَاحِ ٍد َع َملَ ُه‪ ،‬وَحِ ي َن ِئ ٍذ يَكُ و ُن لَ ُه ا ْل َف ْخ ُر‬ ‫م ِْن جِ َه ِة ن َ ْف ِ‬ ‫س ِه َف َق ْط‪ ،‬ال َ م ِْن جِ َه ِة َغ ْيرِهِ‪ ».‬وفي الترجمة‬ ‫اإلجنليزية ‪ CEV‬يفيد املعنى «قم بعملك جيدا ً‪ ،‬وعندئذ‬ ‫سوف يكون لديك ما تفخر به‪ .‬لكن ال تقارن نفسك مع‬ ‫اآلخرين»‪ 14.‬ويتعني عليك أال تقارن أبدا ً منط شخصيتك‪،‬‬ ‫‪53‬‬


‫أوخدمتك أو نتائج خدمتك بأي شخص آخر‪ ،‬وذلك لسببني‪:‬‬ ‫أوال ً‪ ،‬بإمكانك دائما ً إيجاد شخص يبدو أنه يقوم بعمل‬ ‫أفضل منك‪ ،‬فتصبح عندئذ مثبط الهمة‪ .‬أو بإمكانك‬ ‫إيجاد شخص ال يبدو في مثل فعاليتك فتصبح عندئذ‬ ‫ممتلئا ً بالغرور‪ .‬كال السلوكني سوف يخرجك من اخلدمة‬ ‫ويسلب منك فرحك‪.‬‬

‫فقد ذكر بولس أنه من احلماقة أن نقارن أنفسنا‬ ‫باآلخرين‪ ،‬حيث قال «ألننا ال جنترئ أن نعد أنفسنا بني‬ ‫قوم من الذين ميدحون أنفسهم وال أن نقابل أنفسنا بهم‬ ‫بل هم إذ يقيسون أنفسهم على أنفسهم ويقابلون‬ ‫أنفسهم بأنفسهم ال يفهمون»‪ 15.‬تقول الترجمة‬ ‫التفسرية ‪« ،MSG‬إنهم يفقدون الهدف متاما ً في كل‬ ‫‪16‬‬ ‫تلك املقارنة والتصنيف واملنافسة»‪.‬‬ ‫سوف جتد أن األشخاص الذين ال يفهمون طابعك‬ ‫املميز للخدمة ينتقدونك ويحاولون أن يطوعوك لكي‬ ‫تعمل حتما ً وفق ما يفتكرون‪ .‬جتاهلهم‪ .‬فكثيرا ً ما كان‬ ‫يجب على بولس أن يتعامل مع املنتقدين الذين أساءوا‬ ‫فهم خدمته وطعنوا فيها‪ .‬وكان رد فعله دائما ً واحدا ً‪:‬‬ ‫‪17‬‬ ‫جت َّنب املقارنات‪ ،‬قاوِم املبالغات‪ ،‬واطلب فقط إطراء اهلل‪.‬‬

‫‪54‬‬


‫إن أحد األسباب التي جعلت اهلل يستخدم بولس‬ ‫بطريقة عظيمة هي أنه كان يرفض أن يُشتت عن طريق‬ ‫النقد أو مقارنة خدمته مع اآلخرين أو االجنذاب إلى‬ ‫مباحثات غير مثمرة بخصوص خدمته‪ .‬فكما قال جون‬ ‫بانيان‪« ،‬إن كانت حياتي غير مثمرة‪ ،‬فال يهم من ميتدحني‪،‬‬ ‫وإن كانت حياتي مثمرة‪ ،‬فال يهم من ينتقدني»‪.‬‬ ‫استمر في تطوير منط شخصيتك‬

‫يوضح لنا مثل يسوع عن الوزنات أن اهلل يتوقع منا‬ ‫أن ننال أكثر استفادة مما يعطيه لنا‪ .‬يجب أن ننمي‬ ‫مواهبنا وإمكانياتنا‪ ،‬ونحافظ على قلوبنا مشتعلة‪ ،‬وننمي‬ ‫ونوسع خبراتنا حتى نزداد فاعلية‬ ‫صفاتنا وشخصياتنا‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫في خدمتنا‪ .‬فقد أخبر بولس أهل فيلبي «‪َ 9‬و َه َذا أ َُ‬ ‫صلِّيهِ‪:‬‬ ‫أ َ ْن ت َ ْزدَادَ َم َح َّب ُتكُ ْم أ َ ْيضا ً أَكْ َثرَ َفأَكْ َثرَ فِي المْ َْعرِ َف ِة وَفِي كُ لِّ‬ ‫‪6‬‬ ‫‪18‬‬ ‫الس َببِ أُذَكِّ ُركَ أ َ ْن تُ ْضر َِم‬ ‫ف َْه ٍم‪ »،‬وذكَّ ر تيموثاوس‪َ « ،‬فل َِه َذا َّ‬ ‫‪19‬‬ ‫أ َ ْيضا ً َم ْوه َِب َة ا ِ‬ ‫هلل الَّتِي ِفيكَ »‪.‬‬

‫إن كنت ال تدرِّب عضالتك‪ ،‬فسوف‬ ‫تضعف وتضمر‪ .‬وعلى نفس املنوال‪ ،‬إن‬ ‫كنت ال تستخدم اإلمكانيات واملواهب التي‬ ‫أعطاك اهلل إياها‪ ،‬فسوف تفقدها‪ .‬لقد علَّمنا يسوع مثل‬ ‫الوزنات ليؤكد هذه احلقيقة‪ .‬فقد قال السيد مشيرا ً إلى‬ ‫‪55‬‬


‫اخلادم الذي فشل في استخدام وزنته‪« ،‬فخذوا منه الوزنة‬ ‫وأعطوها للذي له العشر وزنات»‪ 20.‬إن فشلت في استخدام‬ ‫ما أُعطي لك فسوف تفقده‪ .‬استخدم اإلمكانيات التي‬ ‫حصلت عليها وسوف يزيدها اهلل‪ .‬لقد أخبر بولس‬ ‫‪21‬‬ ‫تيموثاوس‪« ،‬ال تهمل املوهبة التي فيك املعطاة لك»‪.‬‬ ‫ميكن ألي مواهب أُعطيت لك أن تكبر وتتطور من خالل‬ ‫املمارسة‪ .‬إذ ال يحصل أحد مثالً على موهبة التعليم‬ ‫كاملة التطور‪ .‬لكن مع الدراسة‪ ،‬واملراجعة‪ ،‬واملمارسة‬ ‫ميكن ملدرس «جيد» أن يصبح مدرسا ً أفضل‪ ،‬كما أنه‬ ‫ينمو‪ ،‬مع الوقت‪ ،‬ليصير أستاذا ً‪ .‬ال تقنع مبوهبة نصف‬ ‫‪15‬‬ ‫اج َتهِ ْد‬ ‫مطورة‪ .‬ش ِّدد نفسك وتعلم كل ما تستطيع‪ْ « .‬‬ ‫سكَ ِ ِ‬ ‫صالً كَ ل َِم َة‬ ‫هلل ُمزَكّ ًى‪َ ،‬عا ِمالً ال َ يُ ْخزَى‪ُ ،‬م َف ِّ‬ ‫ِيم ن َ ْف َ‬ ‫أ َ ْن تُق َ‬ ‫‪22‬‬ ‫امةِ»‪ .‬انتهز كل فرصة للتدريب كي تطور‬ ‫الحْ َِّق ب ِاال ِْس ِت َق َ‬ ‫منط شخصيتك وتقوي مهارات خدمتك‪.‬‬

‫اآلن‪،‬‬

‫إننا سنخدم اهلل إلى األبد في السماء‪ .‬أما‬ ‫فبإمكاننا أن نستعد لتلك اخلدمة األبدية عن طريق‬ ‫التدريب على األرض‪ .‬سوف نظل نستعد لذلك اليوم‬ ‫الكبير‪ ،‬مثل الرياضيني الذين يستعدون لألوملبياد‪« ،‬أما‬ ‫أولئك فلكي يأخذوا إكليالً يفنى وأما نحن فإكليالً ال‬ ‫‪23‬‬ ‫يفنى»‪.‬‬ ‫إننا نستعد للمسئوليات واملكافآت األبدية‪.‬‬

‫‪56‬‬


‫‪5‬‬

‫نحن نخدم اهلل عن طريق خدمة اآلخرين‪.‬‬

‫القوة‪ ،‬واملمتلكات‪،‬‬

‫يعرِّف العالم العظمة مبصطلحات‬ ‫واملقام‪ ،‬واملكانة‪ .‬فإن كان بإمكانك إجبار اآلخرين على‬ ‫خدمتك‪ ،‬تكون قد جنحت‪ .‬إن التصرف كخادم ليس‬ ‫مفهوما ً شائعا ً في ثقافة اخلدمة الذاتية التي تتبنى‬ ‫عقلية أنا أوال ً‪.‬‬

‫اخلدمة‪،‬‬

‫ومع ذلك‪ ،‬فقد قاس يسوع العظمة مبصطلح‬ ‫وليس املنزلة‪ .‬إن اهلل يحدد عظمتك بعدد الناس الذين‬ ‫تخدمهم‪ ،‬وليس عدد الناس الذين يخدمونك‪ .‬وذلك متاما ً‬ ‫عكس فكرة العالم عن العظمة‪ ،‬حتى أننا نواجه صعوبة‬ ‫في فهمها‪ ،‬كما أننا منارسها قليالً جدا ً‪ .‬لقد جادل التالميذ‬ ‫‪57‬‬


‫بخصوص من يستحق أكثر املراكز شهرة‪ ،‬وال يزال القادة‬ ‫املسيحيون‪ ،‬بعد ‪ 2000‬سنة‪ ،‬يحتالون للوصول إلى املكانة‬ ‫والشهرة في الكنائس‪ ،‬والطوائف‪ ،‬واخلدمات الكنسية‪.‬‬

‫لقد كُ تبت آالف الكتب عن القيادة‪ ،‬لكن القليل منها‬ ‫فقط عن اخلدمة‪ .‬يبتغي اجلميع أن يكونوا قادة؛ بينما ال‬ ‫نفضل باألحرى أن نخدم في‬ ‫يريد أحد أن يكون خادما ً‪ .‬إننا‬ ‫ِّ‬ ‫دائرة الضوء بدال ً من أن نخدم في اخلفاء‪ ،‬بل أن املسيحيني‬ ‫املؤمنني يريدون أن يكونوا «خداما ً – قادة» وليس خداما ً‬ ‫عاديني‪ .‬ولكي تصبح مثل يسوع فعليك أن تكون خادما ً‪،‬‬ ‫فذلك هو ما دعا به نفسه‪.‬‬ ‫إن معرفة منط شخصيتك أمر هام خلدمة اهلل‪ ،‬واألكثر‬ ‫أهمية أن يكون لك قلب اخلادم‪ .‬تذكَّ ر أن اهلل قد شكَّ لك‬ ‫للخدمة‪ ،‬وليس للتمركز حول الذات‪ .‬بدون قلب خادم‪،‬‬ ‫ستتعرض لتجربة إساءة استخدام منط شخصيتك‬ ‫من أجل حتقيق أطماع شخصية‪ .‬سوف تجُ رَّب أيضا ً‬ ‫الستخدامه كعذر إلعفاء‬ ‫نفسك من تسديد بعض‬ ‫االحتياجات‪.‬‬

‫كثيرا ً ما يختبر اهلل‬ ‫قلوبنا بأن يطلب منا أن‬ ‫‪58‬‬


‫نخدم بطرق لسنا ُمشكَّ لني بها‪ .‬إذا رأيت رجالً يسقط‬ ‫في حفرة‪ ،‬فإن اهلل يتوقع منك أن تساعد في إخراجه‪،‬‬ ‫لدي موهبة الرحمة أو اخلدمة»‪.‬‬ ‫وليس أن تقول‪« ،‬ليست َّ‬ ‫فبينما قد ال تكون موهوبا ً للقيام مبهمة معينة‪ ،‬ميكنك‬ ‫أن تُدعى لعملها إذا لم يكن هناك شخص آخر موهوب‬ ‫فيها‪ .‬فخدمتك الرئيسية يجب أن تكون في إطار منط‬ ‫شخصيتك‪ ،‬لكن خدمتك الثانوية هي أينما يوجد احتياج‬ ‫إليك‪.‬‬ ‫يوضح خدمتك‪ ،‬لكن قلب اخلادم‬ ‫إن منط شخصيتك‬ ‫ِّ‬ ‫الذي لديك سوف يكشف عن نضوجك‪ .‬ال توجد مهارة‬ ‫أو موهبة خاصة مطلوبة للبقاء بعد االجتماع اللتقاط‬ ‫القمامة أو ترتيب املقاعد‪ .‬باستطاعة أي شخص أن يكون‬ ‫خادما ً‪ ،‬فكل ما يتطلبه األمر هو الشخصية‪.‬‬

‫من املمكن اخلدمة في الكنيسة طوال العمر دون أن‬ ‫تكون خادما ً‪ .‬يجب أن يكون لك قلب خادم‪ .‬كيف ميكنك‬ ‫أن تعرف إن كان لديك قلب اخلادم؟ لقد قال يسوع‪« ،‬من‬ ‫‪1‬‬ ‫ثمارهم تعرفونهم»‪.‬‬ ‫أهمية التواجد واالستعداد في خدمة اخلدام‬ ‫احلقيقيني‪ .‬ال يشغل اخلدام وقتهم مبسا ٍع أخرى ميكنها‬

‫أن حتد من استعدادهم‪ .‬إنهم يريدون أن يكونوا مستعدين‬ ‫‪59‬‬


‫للقفز إلى اخلدمة ما أن تتم دعوتهم‪ .‬يجب أن يكون اخلادم‬ ‫مستعدا ً دائما ً ألداء واجبه‪ ،‬متاما ً مثل اجلندي‪« :‬ليس أحد‬ ‫‪2‬‬ ‫وهو يتجند يرتبك بأعمال احلياة لكي يرضي من جنده»‪.‬‬ ‫إن كنت تخدم فقط عندما يكون األمر مناسبا ً لك‪ ،‬فأنت‬ ‫لست خادما ً حقيقيا ً‪ .‬إن اخلدام احلقيقيني يخدمون أينما‬ ‫يوجد االحتياج‪ ،‬حتى عندما تكون الظروف غير مواتية‪،‬‬ ‫واالوقات غير مناسبة‪.‬‬

‫هل أنت متاح هلل في أي وقت؟ هل ميكنه أن يفسد‬ ‫مستاء؟ ال يتوجب‬ ‫خططك دون أن تكون‬ ‫ً‬ ‫أن تنتقي وتختار متى وأين ستخدم‪ .‬إن كونك خادما ً يعني‬ ‫التنازل عن حق التحكم في جدول أعمالك والسماح هلل‬ ‫بأن يقاطعه وقتما يحتاج‪.‬‬

‫عليك‪ ،‬كخادم‪،‬‬

‫إن كنت س ُتذكِّ ر نفسك في بداية كل يوم أنك خادم‬ ‫هلل‪ ،‬فلن حتبطك املقاطعات كثيرا ً‪ ،‬ألن جدول مواعيدك‬ ‫سوف يُبنى على ما يبتغي اهلل أن يأتي به إلى حياتك‪ .‬يرى‬ ‫اخلدام املقاطعات كمواعيد مقدسة للخدمة فيسعدوا‬ ‫من أجل فرصة ممارسة اخلدمة‪.‬‬ ‫ينتبه‬ ‫اإلحتياجات‪.‬‬

‫اخلدام‬

‫احلقيقيون‬

‫إلى‬

‫فاخلدام دائما ً في نقطة‬ ‫مراقبة بحثا ً عن كافة الطرق والوسائل‬

‫‪60‬‬


‫خلدمة اآلخرين‪ .‬عندما يرون احتياجا ً‪ ،‬فإنهم ينتهزون‬ ‫الفرصة لتسديده‪ ،‬متاما ً كما يأمرنا الكتاب املقدس‪« ،‬فإذا‬ ‫حسبما لنا فرصة فلنعمل اخلير للجميع والسيما أهل‬ ‫اإلميان»‪ 3.‬عندما يضع اهلل أمامك شخصا ً محتاجا ً‪ ،‬فإنه‬ ‫بذلك يعطيك الفرصة لتنمو في اخلدمة‪ .‬الحظ أن اهلل‬ ‫يقول إن احتياجات عائلة كنيستك يجب أن تُعطى لها‬ ‫األولوية‪ ،‬وليس أن توضع في آخر قائمة األشياء التي تود‬ ‫القيام بها‪.‬‬

‫إننا نضيع مناسبات عديدة للخدمة‪ ،‬وذلك ألننا نفتقر‬ ‫إلى احلساسية والتلقائية‪ .‬إن الفرص العظيمة للخدمة‬ ‫ال تستمر طويالً‪ ،‬لكنها متر سريعا ً‪ ،‬وأحيانا ً ال تعود مرة‬ ‫أخرى‪ .‬ميكن فقط أن تكون لديك فرصة واحدة خلدمة ذلك‬ ‫الشخص‪ ،‬لذلك اغتنم اللحظة‪« .‬ال تقل لصاحبك اذهب‬ ‫‪4‬‬ ‫وعد فأعطيك غدا ً وموجود عندك»‪.‬‬

‫كان جون ويسلي خادما ً عظيما ً هلل‪ .‬فقد كان شعاره‬ ‫«افعل كل الصالح الذي تستطيعه‪ ،‬بكل الطرق التي‬ ‫تستطيعها‪ ،‬وفي كل األماكن امل ُستطاعة‪ ،‬وفي كل‬ ‫األوقات املستطاعة‪ ،‬ومع كل من استطعت من أشخاص‪،‬‬ ‫طاملا أنك تستطيع القيام بذلك»‪ .‬تلك هي العظمة‪.‬‬ ‫ميكنك أن تبدأ بالبحث عن مهام صغيرة ال يريد أحد أن‬

‫‪61‬‬


‫يفعلها‪ .‬افعل تلك األشياء الصغيرة كما لو أنها‬ ‫ألن اهلل يراقبك‪.‬‬

‫عظيمة‪،‬‬

‫اخلدام يفعلون أفضل ما لديهم مبا ميتلكون‪ .‬إن اخلدام‬ ‫ال يختلقون األعذار‪ ،‬وال مياطلون‪ ،‬وال ينتظرون ظروفا ً أفضل‪.‬‬ ‫اخلدام ال يقولون أبدا ً‪« ،‬في يوم من األيام» أو «عندما يحني‬ ‫الوقت املناسب»‪ ،‬لكنهم يعملون فقط ما يجب أن يُعمل‪.‬‬ ‫‪4‬‬ ‫ِب‬ ‫يقول الكتاب املقدس‪َ « ،‬م ْن ي َ ْر ُص ُد الرِّ َ‬ ‫يح ال َ ي َ ْزر َ ُع وَ َم ْن يُرَاق ُ‬ ‫ص ُد‪ ».‬وفي الترجمة اإلجنليزية ‪ NLT‬يفيد‬ ‫الس ُح َب ال َ ي َ ْح ُ‬ ‫ُّ‬ ‫املعنى «إن انتظرت الظروف املثالية‪ ،‬فإنك لن تنجز شيئا ً‬ ‫على اإلطالق»‪ 5.‬إن اهلل يتوقع منك أن تفعل ما تستطيعه‪،‬‬ ‫مبا متلك‪ ،‬أينما أنت‪ .‬إذ أن اخلدمة التي لم تصل إلى درجة‬ ‫املثالية هي دائما ً أفضل من أفضل النوايا‪.‬‬

‫فإن أحد األسباب التي جتعل العديد من الناس ال‬ ‫يخدمون إطالقا ً هو أنهم يخافون أال يكونوا على مستوى‬ ‫اجلودة الالئق باخلدمة‪ .‬لقد صدقوا الكذبة القائلة إن خدمة‬ ‫اهلل هي فقط للنجوم‪ .‬وقد عززت بعض الكنائس هذه‬ ‫اخلرافة عن طريق جعل «التميز» وثنا ً‪ ،‬مما يجعل األشخاص‬ ‫ذوي املؤهالت املتوسطة يترددون في املشاركة باخلدمة‪.‬‬ ‫رمبا تكون قد سمعت هذا القول‪« ،‬إن لم تفعل األمر‬ ‫ببراعة‪ ،‬فال تفعله»‪ .‬حسنا ً‪ ،‬لم يقل يسوع ذلك إطالقا ً!‬

‫‪62‬‬


‫إن احلقيقة هي أن كل ما نفعله تقريبا ً يُصنع بغير إتقان‬ ‫عندما نبدأ في فعله ألول مرة – فتلك هي الطريقة التي‬ ‫نتعلم بها‪ .‬إننا منارس في كنيسة سادلباك مبدأ «اجليد‬ ‫مبا يكفي»‪ :‬ال يجب أن يكون كامالً حتى يستخدمه اهلل‬ ‫نفضل باألحرى أن نضم آالفا ً من األشخاص‬ ‫ويباركه‪ .‬إننا‬ ‫ِّ‬ ‫العاديني إلى اخلدمة بدال ً من أن تكون لدينا كنيسة مثالية‬ ‫تُدار بواسطة عدد قليل من الصفوة‪.‬‬ ‫يقوم اخلدام احلقيقيون بكل مهمة بقدر ٍ متساوٍ من‬ ‫التكريس‪ .‬مهما كان ما يفعله اخلدام‪ ،‬فإنهم «يعملوه‬

‫من القلب»‪ 6.‬ليس لألمر عالقة بحجم املهمة‪ ،‬بل مبدى‬ ‫احلاجة إلى حتقيقها وهذا هو جوهر القضية‪.‬‬

‫ومهما ارتقت بك احلياة فلن تكون أكبر من القيام‬ ‫باملهام الصغيرة‪ .‬لن يعفيكَ اهلل أبدا ً من الوظائف الدنيا‪،‬‬ ‫فذلك جزء حيوي من منهج شخصيتك‪ .‬يقول الكتاب‬ ‫املقدس‪« ،‬ألنه إن ظن أحد أنه شيء وهو ليس شيئا ً فإنه‬ ‫يغش نفسه»‪ 7.‬فإننا ننمو لنصير شبه املسيح من خالل‬ ‫تلك اخلدمات الصغيرة‪.‬‬ ‫لقد تخصص يسوع في املهام الصغيرة التي حاول‬ ‫اجلميع أن يتجنبوها مثل‪ :‬غسل األرجل‪ ،‬ومساعدة‬ ‫األطفال‪ ،‬وإعداد اإلفطار‪ ،‬ومساعدة البرص‪ .‬لم يكن شيء‬ ‫أدنى رتبة منه‪ ،‬ألنه جاء ليخدم‪ .‬إنه يفعل هذه األشياء‬ ‫‪63‬‬


‫ليس على الرغم من عظمته بل بسبب عظمته‪ ،‬وهو‬ ‫‪8‬‬ ‫يتوقع منا أن نتبع مثاله‪.‬‬ ‫كثيرا ً ما تُظهر املهام الصغيرة قلبا ً كبيرا ً‪ ،‬إذ أن قلب‬ ‫اخلادم الذي لديك يظهر في األفعال الصغيرة التي ال‬ ‫يفكر اآلخرون في القيام بها‪ ،‬مثلما فعل بولس عندما‬ ‫جمع أغصان الشجر اجلافة إلشعال نار من أجل تدفئة‬ ‫اجلميع بعد أن حتطمت السفينة‪ 9.‬فقد كان متعبا ً مثل‬ ‫اجلميع‪ ،‬لكنه فعل ما‬ ‫كان يحتاجه اجلميع‪.‬‬ ‫عندما متتلك قلب خادم‪،‬‬ ‫لن توجد مهمة أدنى‬ ‫رتبة منك‪.‬‬

‫غالبا ً ما تتنكر الفرص‬ ‫العظيمة في مهام صغيرة‪ ،‬إذ أن األشياء الصغيرة في‬ ‫احلياة حتدد األشياء الكبيرة‪ .‬ال تبحث عن مهام عظيمة‬ ‫حتى تفعلها هلل‪ ،‬بل افعل فقط األشياء التي ليست‬ ‫غاية في العظمة‪ ،‬وعندئذ سيكلفك اهلل مبا يريدك أن‬ ‫تفعله‪ .‬لكن قبل محاولة القيام مبا هو غير عادي‪ ،‬جرِّب‬ ‫‪10‬‬ ‫أن تخدم بطرق عادية‪.‬‬

‫‪64‬‬


‫فالراغبون في أداء املهام «العظيمة» هلل أكثر دائما من‬ ‫الذين يرغبون في عمل املهام الصغيرة‪ ،‬إذ أن السباق ألجل‬ ‫القيادة مزدحم‪ ،‬لكن اجملال مفتوح على مصراعيه لهؤالء‬ ‫الذين يرغبون في أن يكونوا خداما ً‪ .‬فإنك أحيانا ً تخدم‬ ‫ألعلى إلى هؤالء الذين في سلطة‪ ،‬وأحيانا ً‬ ‫تخدم ألسفل ألولئك الذين في احتياج‪.‬‬ ‫تطور قلب اخلادم عندما‬ ‫إنك‪ ،‬في احلالتني‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫ترغب في عمل أي شيء مطلوب‪.‬‬

‫اخلدام احلقيقيون أمناء خلدمتهم‪ .‬إن اخلدام ينهون‬ ‫مهامهم‪ ،‬وينجزون مسئولياتهم‪ ،‬ويحفظون وعودهم‪،‬‬ ‫ويكملون التزاماتهم‪ .‬إنهم ال يتركون عمال ً غير مكتمل‪،‬‬ ‫وال ينصرفون عندما يُحبطون‪ .‬إنهم أهل للثقة وميكن‬ ‫االعتماد عليهم‪.‬‬

‫لقد كانت األمانة دائما ً صفة نادرة‪ 11.‬فمعظم الناس‬ ‫ال يعرفون معنى اإللتزام‪ .‬إنهم يتعهدون بالتزامات‬ ‫من غير قصد‪ ،‬ثم يكسرونها ألتفه األسباب دون تردد‪،‬‬ ‫أو تأنيب ضمير‪ ،‬أو ندم‪ .‬ففي كل أسبوع‪ ،‬يجب على‬ ‫الكنائس واملنظمات األخرى أن ترجتل‪ ،‬وذلك ألن املتطوعني‬ ‫لم يستعدوا‪ ،‬أو لم يحضروا‪ ،‬أو أنهم لم يتصلوا حتى‬ ‫ليقولوا أنهم لن يأتوا‪.‬‬ ‫‪65‬‬


‫هل ميكن لآلخرين أن يعتمدوا عليك؟ هل هناك وعود‬ ‫حتتاج أن حتفظها‪ ،‬أو نذور حتتاج أن تنفذها‪ ،‬أو عهود‬ ‫حتتاج أن تفي بها‪ .‬هذا اختبار لك‪ .‬إن اهلل يختبر أمانتك‪.‬‬ ‫إذا جنحت في االختبار‪ ،‬فإنك ضمن صحبة جيدة‪ :‬لقد‬ ‫سمي كل من إبراهيم‪ ،‬وموسى‪ ،‬وصموئيل‪ ،‬وداود‪ ،‬ودانيال‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وتيموثاوس‪ ،‬وبولس خدام اهلل األمناء‪ .‬واألفضل من ذلك أن‬ ‫اهلل قد وعد مبكافأة أمانتك في األبدية‪ .‬تخيل ما سوف‬ ‫تشعر به عندما يقول لك اهلل يوما ً ما‪« ،‬نعما ً أيها العبد‬ ‫‪12‬‬ ‫الصالح كنت أمينا ً في القليل فأقيمك على الكثير!»‪.‬‬ ‫باملناسبة‪ ،‬فإن اخلدام األمناء ال يتقاعدون أبدا ً‪ ،‬لكنهم‬ ‫يخدمون بأمانة طاملا أنهم أحياء‪ .‬ميكنك أن تتقاعد من‬ ‫مجال عملك‪ ،‬لكنك لن تتقاعد أبدا ً من خدمة اهلل‪.‬‬

‫اخلدام احلقيقيون يحتفظون بتواضعهم‪ .‬اخلدام ال‬ ‫يروِّجون أو يجذبون االنتباه ألنفسهم‪ .‬وبـدال ً من العمـل‬ ‫على إثارة اإلعجاب والتزين بالنجاح‪ ،‬فإنهم يتبعون وصية‬ ‫اض ِع‪ ،‬أل َ َّن َ‬ ‫اهلل يُ َقاوِ ُم المْ ُْس َت ْك ِبرِي َن‪،‬‬ ‫س ْربَلُوا ب ِال َّت َو ُ‬ ‫الكتاب «‪ ...‬وَت َ َ‬ ‫‪13‬‬ ‫وَأ َ َّما المْ ُ َت َواضِ ُعو َن ف َُي ْعطِ يهِ ْم ن ِْع َم ًة»‪ .‬وإذا ُعرفوا بسبب‬ ‫خدمتهم‪ ،‬فإنهم يتقبلون األمر بتواضع دون أن يسمحوا‬ ‫للشهرة أن تعيقهم عن عملهم‪.‬‬

‫‪66‬‬


‫لقد فضح بولس نوعية من اخلدمة تبدو وكأنها روحية‬ ‫لكنها في الواقع مجرد فعل مصطنع‪ ،‬أو عرض‪ ،‬أو متثيل‬ ‫جلذب االنتباه‪ .‬وقد أطلق عليها «خدمة العني»‪ 14 ‬ـ أي‬ ‫اخلدمة بدافع التأثير على اآلخرين مبا لدينا من روحانية‪.‬‬ ‫حولوا مساعدة‬ ‫تلك كانت خطية الفريسيني‪ .‬فقد‬ ‫َّ‬ ‫إرضاء‬ ‫اآلخرين‪ ،‬والعطاء‪ ،‬بل حتى الصالة إلى مسرحية‬ ‫ً‬ ‫للجمهور‪ .‬وقد كره يسوع هذا االجتاه وح َّذر منه‪« ،‬احترزوا‬ ‫من أن تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروكم‪ .‬وإال‬ ‫‪15‬‬ ‫فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السموات»‪.‬‬ ‫إن إعالء الذات وروح اخلدمة اليجتمعان معا ً‪ .‬فاخلدام‬ ‫احلقيقيون ال يخدمون ألجل التصديق والتصفيق من‬ ‫اآلخرين‪ ،‬لكنهم يعيشون من أجل جمهور يتكون من‬ ‫شخص واحد‪ .‬كما قال بولس‪« ،‬فلو كنت بعد أرضي الناس‬ ‫‪16‬‬ ‫لم أكن عبدا ً للمسيح»‪.‬‬

‫األضواء‪،‬‬

‫لن جتد كثيرا ً من اخلدام احلقيقيني في دائرة‬ ‫لكنهم في احلقيقة يتجنبونها كلما أمكن‪ ،‬ويقنعون‬ ‫باخلدمة بهدوء في الظالل‪ .‬كان يوسف مثاال ً عظيما ً‬ ‫لذلك‪ .‬فإنه لم يجذب االنتباه إلى نفسه‪ ،‬لكنه خدم‬ ‫سجانه‪ ،‬ثم خباز وساقي‬ ‫بشكل هادئ فوطيفار‪ ،‬ثم‬ ‫َّ‬ ‫فرعون‪ ،‬وبارك اهلل هذا املوقف‪ .‬وعندما رقَّاه فرعون إلى دور‬ ‫‪67‬‬


‫بارز‪ ،‬كان يوسف ال يزال يحمل قلب‬ ‫خادم حتى مع إخوانه الذين خانوه‪.‬‬

‫لسوء احلظ‪ ،‬فإن العديد من القادة‬ ‫اليوم يبدأون كخدام وينتهي بهم األمر‬ ‫كمشاهير‪ .‬إنهم يصبحون مدمنني الهتمام اآلخرين‪ ،‬وهم‬ ‫يغفلون أن التعرض الدائم للضوء الكاشف يعميك‪.‬‬

‫الصغيرة‪،‬‬

‫رمبا تكون لك خدمة مغمورة في أحد األماكن‬ ‫وتشعر أنه ال أحد يعرفك ويق ِّدرك‪ .‬استمع‪ :‬لقد وضعك‬ ‫اهلل حيث أنت ألجل قصد! فكل شعور رأسك محصاة‪،‬‬ ‫كما أنه يعرف عنوانك‪ .‬ومن األفضل لك أن تلزم موقعك‬ ‫هناك حتى يختار أن ينقلك‪ ،‬فهو سوف يجعلك تعرف إن‬ ‫كان يريدك في مكان آخر‪ .‬إن خدمتك تهم ملكوت اهلل‪.‬‬ ‫«‪َ 4‬م َتى ْ‬ ‫يح َح َياتُ َنا‪َ ،‬فحِ ي َن ِئ ٍذ تُ ْظ َه ُرو َن ا ْن ُت ْم ْايضا ً‬ ‫اظهِ رَ المْ َِس ُ‬ ‫َم َع ُه فِي مْ جَْ‬ ‫الدِ‪ ».‬وفي الترجمة اإلجنليزية ‪ MSG‬يفيد املعنى‬ ‫«عندما يظهر املسيح ثانية على هذه األرض‪ ،‬فستظهر‬ ‫أنت أيضا ً ‪ -‬بشخصك احلقيقي‪ ،‬املمجد‪ .‬ولكن في الوقت‬ ‫‪17‬‬ ‫احلالي‪ ،‬اقنع بكونك مغمورا ً»‪.‬‬ ‫هناك أكثر من ‪ 750‬من «قاعات املشاهير» في أمريكا‬ ‫وأكثر من ‪ 450‬كتابا عن «املشاهير»‪ ،‬لكنك لن جتد الكثير‬ ‫من اخلدام احلقيقيني في تلك األماكن‪ .‬ال تعني الشهرة‬ ‫‪68‬‬


‫شيئا ً بالنسبة للخدام احلقيقيني ألنهم يعرفون الفرق‬ ‫بني البروز واألهمية‪ .‬فإنك متتلك العديد من املالمح البارزة‬ ‫على جسمك التي بإمكانك العيش بدونها‪ ،‬في حني أن‬ ‫األجزاء اخلفية هي التي ال غنى عنها‪ .‬يصح األمر أيضا ً في‬ ‫جسد املسيح‪ ،‬إذ أن أكثر اخلدمات أهمية هي غالبا ً تلك‬ ‫‪18‬‬ ‫اخلدمة غير املرئية‪.‬‬

‫سوف يكافئ اهلل جهارا ً في السماء بعضا ً من خدامه‬ ‫املغمورين واجملهولني – وهم أشخاص لم نسمع عنهم‬ ‫أبدا ً على األرض‪ ،‬إنهم هؤالء الذين علَّموا في عطف‬ ‫األطفال املضطربني نفسيا ً‪ ،‬ونظفوا املسنني العاجزين عن‬ ‫ضبط أنفسهم‪ ،‬وقاموا بتمريض مرضى اإليدز‪ ،‬وخدموا‬ ‫بآالف الطرق األخرى غير امللحوظة‪.‬‬

‫وبعد أن عرفت ذلك‪ ،‬فال تحُ بط عندما ال يالحظ اآلخرون‬ ‫خدمتك أو يسلِّمون بها‪ .‬استمر في خدمة اهلل! «مكثرين‬ ‫في عمل الرب كل حني عاملني أن تعبكم ليس باطالً‬ ‫في الرب»‪ 19.‬إن اهلل يالحظ حتى أصغر اخلدمات وسوف‬ ‫يكافئها‪ .‬تذكَّ ر كلمات يسوع‪« :‬من سقى أحد هؤالء‬ ‫الصغار كأس ماء بارد فقط باسم تلميذ فاحلق أقول لكم‬ ‫‪20‬‬ ‫إنه ال يضيع أجره»‪.‬‬

‫‪69‬‬


‫‪6‬‬

‫إن اخلدمة تبدأ في ذهنك‪.‬‬

‫أن تكون خادما ً فذلك يتطلب تبديالً ذهنيا ً‪ ،‬وتغييرا ً في‬ ‫اجتاهاتك‪ .‬إن اهلل ال يهتم مبا نفعله بقدر ما يهتم باألسباب‬ ‫والدوافع‪ ،‬إذ أن السلوكيات تُق َّدر أكثر من اإلجنازات‪ .‬لقد‬ ‫فقد امللك أمصيا استحسان اهلل ألنه «عمل املستقيم‬ ‫في عيني الرب ولكن ليس بقلب كامل »‪ 1.‬إن اخلدام‬ ‫احلقيقيني يخدمون اهلل وفقا ً خلمسة اجتاهات ذهنية‪.‬‬

‫إن اخلدام يفكرون في اآلخرين أكثر من أنفسهم‪ .‬يركِّ ز‬ ‫اخلدام على اآلخرين‪ ،‬وليس على أنفسهم‪ .‬ليس اإلتضاع‬ ‫احلقيقي أن تقلل من نفسك‪ ،‬بل أن تقلل التفكير في‬ ‫نفسك‪ .‬إنهم كثيرو النسيان ألنفسهم‪ .‬فقد قال بولس‪،‬‬ ‫‪70‬‬


‫«‪4‬ال َ ت َ ْنظُ ُروا كُ ُّل وَاحِ ٍد إِلَى َما ُه َو لِ َن ْف ِ‬ ‫سهِ‪ ،‬بَلْ كُ ُّل وَاحِ ٍد‬ ‫آلخرِي َن أ َ ْيضا ً‪ ».‬وفي الترجمة اإلجنليزية ‪MSG‬‬ ‫إِلَى َما ُه َو َ‬ ‫يفيد املعنى «انسوا أنفسكم لفترة كافية حتى متدوا يد‬ ‫املساعدة لآلخرين»‪ 2.‬وذلك ما يعنيه «إضاعة حياتك»ـ‬ ‫إنه نسيان نفسك في خدمة اآلخرين‪ .‬عندما نكف عن‬ ‫التركيز على احتياجاتنا الذاتية‪ ،‬فإننا نصبح مدركني‬ ‫الحتياجات من حولنا‪.‬‬ ‫لقد «أخلى يسوع نفسه آخذا ً صورة عبد»‪ 3.‬متى‬ ‫كانت آخر مرة أخليت فيها نفسك ملصلحة شخص آخر؟ لن‬ ‫ميكنك أن تكون خادما ً إن كنت معتدا ً بنفسك‪ .‬فإننا نفعل‬ ‫أشياء تستحق التذكر فقط عندما ننسى أنفسنا‪.‬‬

‫لألسف‪ ،‬فإن كثيرا ً من خدمتنا تكون غالبا ً خدمة‬ ‫ذاتية‪ .‬نحن نخدم لنجعل اآلخرين يحبوننا‪ ،‬ويُعجبون بنا‪،‬‬ ‫أو لنحقق أهدافنا الذاتية‪ .‬ذلك تالعب‪ ،‬وليس خدمة‪،‬‬ ‫إذ أننا نفكر طوال الوقت في أنفسنا وكم أننا نبالء‬ ‫ورائعون‪ .‬كذلك يحاول بعض الناس أن يستخدموا اخلدمة‬ ‫كأداة مساومة مع اهلل‪« :‬سوف أفعل ذلك ألجلك يا رب‪،‬‬ ‫إذا فعلت شيئا ً ألجلي»‪ .‬اخلدام احلقيقيون ال يحاولون‬ ‫استخدام اهلل ألجل مقاصدهم‪ ،‬لكنهم يدعون اهلل‬ ‫يستخدمهم ألجل قصده‪.‬‬ ‫‪71‬‬


‫إن صفة نسيان الذات نادرة للغاية‪ ،‬متاما ً مثل األمانة‪.‬‬ ‫فقد علم بولس أن تيموثاوس كان هو املثال الوحيد‪ ،‬من‬ ‫بني جميع الناس‪ ،‬الذي ميكن أن يشير إليه‪ 4.‬إن التفكير‬ ‫مثل خادم هو أمر صعب‬ ‫ألنه يتحدى مشاكل‬ ‫حياتي األساسية‪ :‬فأنا‬ ‫أناني بالطبيعة‪ .‬إنني‬ ‫أفكر معظم الوقت‬ ‫في نفسي‪ .‬لذلك فإن‬ ‫التواضع هو صراع يومي‪،‬‬ ‫وهو درس يجب أن أتعلمه‬ ‫مرات ومرات‪ .‬إن الفرصة ألن أكون خادما ً تواجهني مرات‬ ‫عديدة يوميا ً‪ ،‬إذ يُقدم لي االختيار بني تسديد احتياجاتي‬ ‫أو احتياجات اآلخرين‪ .‬فنكران الذات هو روح اخلدمة‪.‬‬

‫ميكننا أن نقيس قلب اخلادم الذي لدينا عن طريق رد‬ ‫فعلنا عندما يعاملنا اآلخرون مثل اخلدام‪ .‬كيف يكون رد‬ ‫فعلك عندما يُفترض جدال ً أنك مرؤوس‪ ،‬أو تُعامل باعتبارك‬ ‫‪41‬‬ ‫س َّخرَكَ مِيالً وَاحِ دا ً‬ ‫تابعا ً؟ يقول الكتاب املقدس‪ « ،‬وَ َم ْن َ‬ ‫فَا ْذ َه ْب َم َع ُه ا ْث َنينْ ِ» وفي الترجمة اإلجنليزية ‪ MSG‬يفيد‬ ‫املعنى «إذا أراد أحد أن يستغلك فأنتهز الفرصة لتمارس‬ ‫‪5‬‬ ‫حياة اخلدمة»‪.‬‬ ‫‪72‬‬


‫إن اخلدام يفكرون كوكالء‪ ،‬وليس كمالّك‪ .‬يتذكر اخلدام‬ ‫أن اهلل ميتلك كل شيء‪ .‬فقد كان الوكيل‪ ،‬في الكتاب‬ ‫املقدس‪ ،‬هو اخلادم الذي يؤمتن على إدارة املمتلكات‪ .‬وكان‬ ‫يوسف من نوعية هؤالء اخلدام عندما كان سجينا ً في‬ ‫السجان‬ ‫مصر‪ .‬فقد ائتمنه فوطيفار على بيته‪ .‬ثم ائتمنه‬ ‫َّ‬ ‫على سجنه‪ .‬وفي النهاية ائتمنه فرعون على األمة‬ ‫‪6‬‬ ‫بأكملها‪ .‬إن اخلدمة والوكالة يسيران جنبا ً إلى جنب‪،‬‬ ‫حيث أن اهلل يتوقع منا أن نكون أهل ثقة في كليهما‪.‬‬ ‫يقول الكتاب املقدس‪« ،‬ثم يسأل في الوكالء لكي يوجد‬ ‫اإلنسان أمينا ً»‪ 7.‬كيف تتصرف في املوارد التي ائتمنك اهلل‬ ‫عليها؟‬

‫تسوي قضية املال في حياتك‪ ،‬وذلك حتى‬ ‫يجب أن‬ ‫ِّ‬ ‫تصبح خادما ً حقيقيا ً‪ .‬فقد قال يسوع‪« ،‬ال يقدر خادم أن‬ ‫يخدم سيدين ‪ ..‬ال تقدرون أن تخدموا اهلل واملال»‪ 8.‬إنه لم‬ ‫يقل‪« ،‬ال يجب»بل «ال يقدر»‪ .‬فذلك مستحيل‪ ،‬إذ أن العيش‬ ‫ألجل اخلدمة والعيش ألجل املال هدفان متضادان‪ .‬فأيا ً‬ ‫منهما سوف تختار؟ إذا كنت خادما ً هلل‪ ،‬فليس بإمكانك‬ ‫أن تسلط األضواء على نفسك‪ ،‬بل إن كل وقتك يخص‬ ‫اهلل‪ ،‬إذ أنه يصر على الوالء التام‪ ،‬وليس األمانة اجلزئية‪.‬‬ ‫إن املال لديه أعظم إمكانية الستبدال اهلل في‬ ‫حياتك‪ ،‬فقد انحرف كثير من الناس عن اخلدمة بسبب‬ ‫‪73‬‬


‫األمور املادية أكثر من أي سبب آخر‪ .‬إنهم يقولون‪« ،‬سوف‬ ‫أخدم اهلل بعد حتقيق أهدافي املادية»‪ .‬ذلك قرار أحمق‬ ‫سوف يندمون عليه إلى األبد‪ .‬عندما يكون يسوع سيدك‪،‬‬ ‫فإن املال يخدمك‪ .‬لكن إن كان املال سيدك‪ ،‬فإنك تصبح‬ ‫عبدا ً له‪ .‬ليست الثروة خطية بالتأكيد‪ ،‬وإمنا الفشل في‬ ‫استخدامها جملد اهلل‪ .‬يهتم خدام اهلل دائما ً باخلدمة أكثر‬ ‫من املال‪.‬‬

‫إن الكتاب املقدس واضح جدا ً‪ :‬يستخدم اهلل املال‬ ‫الختبار أمانتك كخادم‪ .‬لذلك فقد تكلم يسوع عن املال‬ ‫أكثر مما تكلم عن السماء واجلحيم‪ .‬فقال‪« ،‬فإن لم تكونوا‬ ‫أمناء في مال الظلم فمن يأمتنكم على احلق»‪ 9.‬إن الكيفية‬ ‫التي تدير بها أموالك تؤثر على كم البركات التي ميكن أن‬ ‫يغدقها اهلل على حياتك‪.‬‬ ‫لقد ذكرت في الفصل احلادي والثالثني نوعني من‬ ‫الناس‪ :‬ب َّناءو امللكوت وب َّناءو الثروة‪ .‬كالهما موهوب في‬ ‫توسيع األعمال‪ ،‬وعقد الصفقات واملبيعات‪ ،‬وحتقيق الربح‪.‬‬ ‫يستمر ب َّناءو الثروة في تكديس الثروة ألنفسهم بغض‬ ‫النظر عن الكم الذي جمعوه‪ ،‬لكن ب َّنائي امللكوت يبدلون‬ ‫قواعد اللعبة‪ .‬إنهم الزالوا يحاولون‬ ‫احلصول على األموال بقدر استطاعتهم‪،‬‬ ‫لكنهم يفعلون ذلك بهدف إعطائها‪.‬‬ ‫‪74‬‬


‫إنهم يستخدمون الثروة لتمويل كنيسة اهلل وإرساليتها‬ ‫في العالم‪.‬‬

‫لدينا في كنيسة سادلباك مجموعة من أصحاب‬ ‫األعمال يحاولون أن يفعلوا كل ما باستطاعتهم حتى‬ ‫يتمكنوا من تقدمي كل ما يستطيعونه المتداد ملكوت‬ ‫اهلل‪ .‬إنني أشجعك على أن تتحدث مع راعي كنيستك‬ ‫وتبدأ في تأسيس مجموعة من ب َّنائي امللكوت‪.‬‬ ‫يفكر اخلدام في عملهم‪ ،‬وليس فيما يفعله اآلخرون‪.‬‬

‫إنهم ال يقارنون‪ ،‬أو ينتقدون‪ ،‬أو يتنافسون مع خدام آخرين‪.‬‬ ‫لكنهم مشغولون جدا ً في القيام بالعمل الذي أعطاه‬ ‫اهلل لهم‪.‬‬

‫إن التنافس بني خدام اهلل غير منطقي لعدة أسباب‪:‬‬ ‫إننا جميعا ً في نفس الفريق؛ وهدفنا هو أن نعظم اهلل‪،‬‬ ‫وليس أنفسنا؛ وقد كُ لفنا مبهام مختلفة‪ ،‬كما أن لكل‬ ‫‪26‬‬ ‫ني‬ ‫منا طابعـه الفريد‪ .‬فقـد قال بولس‪ « ،‬ال َ نَكُ ْن ُم ْعجِ ِب َ‬ ‫ض َنا ب َ ْعضا ً‪ ،‬وَن َ ْح ِ‬ ‫ض َنا ب َ ْعضا ً‪ ».‬وفي‬ ‫س ُد ب َ ْع ُ‬ ‫نُ َغاضِ ُب ب َ ْع ُ‬ ‫الترجمة اإلجنليزية ‪ MSG‬يفيد املعنى «لن نقارن بعضنا‬ ‫مع بعض وكأن واحدا ً منا أفضل واآلخر أسوأ‪ .‬لكننا لدينا‬ ‫أشياء أكثر أهمية لنعملها بحياتنا‪ .‬إذ أن كل منا شخص‬ ‫‪10‬‬ ‫متميز ال مثيل له»‪.‬‬ ‫‪75‬‬


‫ال يوجد مكان للغيرة التافهة بني اخلدام‪ .‬فعندما‬ ‫تكون مشغوال ً باخلدمة‪ ،‬لن يكون لديك وقت للنقد‪ .‬إذ‬ ‫ميكن ألي وقت تقضيه في نقد اآلخرين أن يكون وقتا ً‬ ‫للخدمة‪ .‬لقد فقدت مرثا قلب اخلادم عندما اشتكت‬ ‫ليسوع أن مرمي ال تساعدها في العمل‪ .‬فاخلدام احلقيقيون‬ ‫ال يتذمرون من الظلم‪ ،‬وال ينغمسون في رثاء الذات‪ ،‬وهم‬ ‫ال يستاءون ممن ال يخدمون‪ .‬لكنهم يضعون ثقتهم في‬ ‫اهلل وحده ويواصلون اخلدمة‪.‬‬

‫نقيم خدام السيد اآلخرين‪ .‬يقول‬ ‫ليست مهمتنا أن ِّ‬ ‫الكتاب املقدس‪« ،‬من أنت الذي تدين عبد غيرك هو ملواله‬ ‫يثبت أو يسقط»‪ 11.‬وليست مهمتنا أيضا ً أن ندافع عن‬ ‫أنفسنا ضد النقد‪ .‬دع سيدك يتولى األمر‪ .‬اتبع مثال‬ ‫موسى‪ ،‬الذي أظهر اتضاعا ً حقيقيا ً في وجه املقاومة‪،‬‬ ‫وهكذا فعل نحميا‪ ،‬الذي كان رده على النقد ببساطة‪،‬‬ ‫«إِنِّي أَنَا َعامِلٌ َع َمالً َعظِ يما ً َفالَ أَقْ ُدِرُ أ َ ْن أ َ ْنزِلَ‪ .‬لمِ َاذَا ي َ ْبطُ لُ‬ ‫‪12‬‬ ‫ا ْل َع َملُ ب َ ْي َن َما أ َ ْت ُركُ ُه وَأ َ ْنزِ ُل إِل َْيكُ َما؟»‪.‬‬

‫إن كنت تخدم مثل يسوع‪ ،‬ميكنك إذن أن تتوقع النقد‪.‬‬ ‫إذ أن العالم بل وحتى كثيرين من الكنيسة ال يفهمون ما‬ ‫يق ِّدره اهلل‪ .‬لقد انتقد التالميذ واحدا ً من أعظم األعمال‬ ‫املحُ بة املقدمة ليسوع‪ .‬فقد أخذت مرمي أغلى شيء متتلكه‪،‬‬ ‫‪76‬‬


‫وهو طيب غالي الثمن‪ ،‬وسكبته على يسوع‪ .‬فأطلق‬ ‫التالميذ على خدمتها السخية «إسرافا ً»‪ ،‬بينما دعاها‬ ‫يسوع «عمالً حسنا ً»‪ 13 ‬فكان ذلك هو كل ما يهم‪ .‬إن‬ ‫خدمتك للمسيح ال تضيع أبدا ً بغض النظر عما يقوله‬ ‫اآلخرون‪.‬‬

‫يستمد اخلدام هويتهم من املسيح‪ .‬ليس على اخلدام‬ ‫أن يثبتوا استحقاقهم‪ ،‬وذلك ألنهم يتذكرون أنهم محبوبون‬ ‫ومقبولون بالنعمة‪ .‬إنهم يرغبون في قبول املهام التي قد‬ ‫يعتبرها األشخاص غير اآلمنني «أقل» من مستواهم‪ .‬أحد‬ ‫األمثلة األكثر عمقا ً للخدمة من منطلق‬ ‫الشعور باألمان الناجت عن النظرة السليمة‬ ‫للذات هو يسوع عندما غسل أرجل‬ ‫تالميذه‪ .‬فقد كان غسل األرجل مساويا ً‬ ‫لعمل تلميع األحذية‪ ،‬وهي وظيفة خالية‬ ‫من املنزلة‪ .‬لكن يسوع كان يعرف من هو‪ ،‬لذلك فإن تلك‬ ‫املهمة لم تهدد صورته الذاتية‪ .‬يقول الكتاب املقدس‪،‬‬ ‫«يسوع وهو عالم أن اآلب قد دفع كل شيء إلى يديه وأنه‬ ‫من عند اهلل خرج وإلى اهلل ميضي قام عن العشاء‪ ،‬وخلع‬ ‫‪14‬‬ ‫ثيابه وأخذ منشفة واتزر بها»‪.‬‬

‫‪77‬‬


‫ترسخ هويتك في املسيح إذا كنت تريد أن‬ ‫يجب أن ِّ‬ ‫تصبح خادما ً‪ .‬إذ أن األشخاص اآلمنني فقط هم الذين‬ ‫ميكنهم أن يخدموا‪ ،‬أما أولئك غير اآلمنني فإنهم يقلقون‬ ‫دائما ً على مظهرهم أمام اآلخرين‪ ،‬وهم يخافون من تعرية‬ ‫ضعفاتهم فيخفونها حتت طبقات واقية من الكبرياء‬ ‫واإلدعاءات‪ .‬فكلما كنت غير آمن‪ ،‬كلما أردت أن يخدمك‬ ‫الناس‪ ،‬وكلما احتجت إلى موافقتهم‪.‬‬ ‫قال هنري نوين‪« ،‬لكي نكون خداما ً لآلخرين‪ ،‬يجب أن‬ ‫منوت ألجلهم؛ وذلك يعني أننا يجب أن نتخلى عن قياس‬ ‫معنانا وقيمتنا مبقياس اآلخرين … وهكذا فإننا نصبح‬ ‫أحرارا ً لنكون شفوقني»‪ .‬فعندما تؤسس استحقاقك‬ ‫وهويتك على عالقتك مع املسيح‪ ،‬سوف تتحرر من توقعات‬ ‫اآلخرين‪ ،‬مما يسمح لك بخدمتهم على أفضل وجه‪.‬‬

‫ال يحتاج اخلدام أن يغطوا حوائطهم بشهادات التقدير‬ ‫واجلوائز للتصديق على عملهم‪ .‬وهم ال يصرون على‬ ‫أن يخاطبهم الناس بألقاب‪ ،‬واليسكنون أبراجا ً عاجية‬ ‫محيطني أنفسهم بهاالت من التميز والترفع‪ .‬فاخلدام ال‬ ‫يؤمنون بضرورة رموز اجلاه واملكانة الرفيعة‪ ،‬كما أنهم ال‬ ‫يقيسون استحقاقهم بإجنازاتهم‪ .‬فقد قال بولس‪« ،‬ألنه‬ ‫‪15‬‬ ‫ليس من مدح نفسه هو املزكى بل من ميدحه الرب»‪.‬‬ ‫‪78‬‬


‫إن كان ألحد فرصة أن يزهو بعالقته األسرية طوال‬ ‫عمره‪ ،‬فهو يعقوب أخو يسوع حسب اجلسد‪ .‬فقد كان له‬ ‫امتيازات وصالحيات النشأة مع يسوع كأخ له‪ .‬ومع ذلك‬ ‫فإنه كان يشير إلى نفسه ببساطة في مقدمة رسالته‬ ‫كـ «عبد اهلل والرب يسوع»‪ 16.‬فكلما اقتربت من يسوع‪،‬‬ ‫كلما قل احتياجك لتزكية نفسك‪.‬‬

‫إن اخلدام يعتبرون اخلدمة فرصة‪ ،‬وليس إلزاماً‪ .‬فهم‬ ‫يستمتعون مبساعدة الناس‪ ،‬وتسديد احتياجاتهم‪ ،‬والقيام‬ ‫باخلدمة‪ .‬إنهم «يعبدون الرب بفرح»‪ 17.‬ملاذا يعبدون بفرح؟‬ ‫ألنهم يحبون الرب‪ ،‬ويعترفون بفضل نعمته‪ ،‬ويدركون‬ ‫أن اخلدمة هي أعظم استخدام للحياة‪ ،‬ويعرفون أن‬ ‫اهلل قد وعد باجملازاة‪ .‬فقد وعد يسوع‪26« ،‬إ ِْن كَ ا َن أ َ َح ٌد‬ ‫ي َ ْخ ِد ُمنِي َفل َْي ْت َب ْعنِي وَ َح ْي ُث أَكُ و ُن أَنَا ُه َناكَ أ َ ْيضا ً يَكُ و ُن‬ ‫َخادِمِي‪ .‬وَإ ِ ْن كَ ا َن أ َ َح ٌد‬ ‫‪18‬‬ ‫اآلب»‪.‬‬ ‫ي َ ْخ ِد ُمنِي يُ ْكرِ ُم ُه ُ‬ ‫كما قال بولس‪« ،‬ألن اهلل‬ ‫ليس بظالم حتى ينسى‬ ‫عملكم وتعب احملبة التي‬ ‫أظهرمتوها نحو اسمه إذ‬ ‫‪19‬‬ ‫قد خدمتم القديسني وتخدمونهم»‪.‬‬

‫‪79‬‬


‫تصور ما قد يحدث لو أن مجرد ‪ %10‬من جميع‬ ‫املسيحيني الذين في العالم صاروا جادين بخصوص‬ ‫دورهم كخدام حقيقيني‪ .‬تصور كل اخلير الذي كان من‬ ‫املمكن أن يحدث‪ .‬فهل ترغب في أن تكون واحدا ً من هؤالء‬ ‫األشخاص؟ ال يهم ما هو سنك‪ ،‬فسوف يستخدمك اهلل‬ ‫إذا بدأت تتصرف وتفكر كخادم‪ .‬فقد قال ألبرت شويتزر‪،‬‬ ‫«إن األشخاص الوحيدين السعداء بحق هم هؤالء الذين‬ ‫تعلموا كيف يخدمون»‪.‬‬

‫‪80‬‬


‫‪7‬‬

‫يحب اهلل أن يستخدم الضعفاء‪.‬‬

‫إننا جميعا ً لدينا ضعفات‪ .‬لديك‪ ،‬في الواقع‪ ،‬مجموعة‬ ‫كبيرة من العيوب والنقائص‪ :‬سواء جسديا ً‪ ،‬أم‬ ‫أم فكريا ً‪ ،‬أم روحيا ً‪ .‬قد تكون لديك أيضا ً ظروف ال ميكن‬ ‫السيطرة عليها لكنها تضعفك‪ ،‬مثل االحتياج املادي أو‬ ‫محدودية العالقات‪ .‬لكن ما يهم األكثر فهو ما تفعله‬ ‫حيال تلك األمور‪ .‬إننا غالبا ً ما ننكر ضعفاتنا‪ ،‬وندافع‬ ‫عنها‪ ،‬ونلتمس لها األعذار‪ ،‬ونخبئها‪ ،‬ونستاء منها‪ .‬وذلك‬ ‫مينع اهلل من استخدامها بالطريقة التي يبتغيها‪.‬‬

‫عاطفيا ً‪،‬‬

‫إن اهلل لديه منظور مختلف لضعفاتنا‪ .‬فهو‬ ‫«علت طرقي عن طرقكم وأفكاري عن أفكاركم»‪ ،‬لذلك‬ ‫‪1‬‬

‫يقول‪،‬‬

‫‪81‬‬


‫فإنه يعمل في أحيان كثيرة بطرق عكس ما نتوقعه متاما ً‪.‬‬ ‫إننا نعتقد أن اهلل يريد أن يستخدم فقط نقاط القوة‬ ‫فينا‪ ،‬لكنه يريد أيضا ً استخدام ضعفاتنا جملده‪.‬‬

‫يقول الكتاب املقدس‪« ،‬اختار اهلل ضعفاء العالم ليخزي‬ ‫األقوياء»‪ 2.‬ليست ضعفاتك صدفة‪ ،‬لكن اهلل سمح بها‬ ‫عن عمد في حياتك بهدف إظهار قوته من خاللك‪.‬‬

‫اهلل‪،‬‬

‫إن القوة أو الكفاية الذاتية ال تثير أبدا ً إعجاب‬ ‫لكنه ينجذب في الواقع إلى الضعفاء الذين يعترفون‬ ‫بضعفهم‪ .‬فقد نظر يسوع إلى هذا االعتراف باحتياجاتنا‬ ‫باعتبارنا «املساكني بالروح»‪ .‬وهو التطويب األول الذي‬ ‫‪3‬‬ ‫يطوبه‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ميتلئ الكتاب املقدس باألمثلة عن كيف يحب اهلل‬ ‫استخدام األشخاص العاديني وغير الكاملني‪ ،‬على الرغم‬ ‫من ضعفاتهم‪ ،‬للقيام بأشياء خارقة‪ .‬إن كان اهلل يستخدم‬ ‫الكاملني فقط‪ ،‬ملا حتقق شيء على اإلطالق‪ .‬إذ ال أحد منا‬ ‫يخلو من العيوب‪ .‬إن كون اهلل يستخدم أشخاصا ً غير‬ ‫مشجع لنا جميعا ً‪.‬‬ ‫كاملني هو خبر‬ ‫ِّ‬ ‫إن الضعف‪ ،‬أو «الشوكة» كما دعاها بولس‪ 4،‬ليس‬ ‫خطية أو رذيلة أو عيبا ً في الشخصية ميكنك أن تغيره‪،‬‬ ‫مثل اإلفراط في الطعام أو عدم الصبر‪ .‬الضعف هو أي‬ ‫‪82‬‬


‫قيد ورثته أو ليس لديك‬ ‫القدرة على تغييره‪ .‬قد‬ ‫يكون قيدا ً جسديا ً مثل‬ ‫اإلعاقة‪ ،‬أو املرض املزمن‪،‬‬ ‫أو الضعف اجلسدي‬ ‫العام‪ ،‬أو العجز‪ .‬كما ميكن أن يكون قيدا ً عاطفيا ً مثل‬ ‫آثار صدمة‪ ،‬أو ذكرى أليمة‪ ،‬أو عيب في الشخصية‪ ،‬أو‬ ‫استعداد وراثي لإلصابة‪ .‬كذلك ميكن أن يكون قيدا ً فكريا ً‬ ‫أو خاصا ً باملوهبة‪ .‬فإننا لسنا جميعا ً غاية في التميز أو‬ ‫املوهبة‪.‬‬ ‫عندما تفكر في القيد بحياتك‪ ،‬قد تجُ رَّب لتستنج‬ ‫أن‪« ،‬اهلل لم يكن ليستطيع أن يستخدمني أبدا ً»‪ .‬لكن‬ ‫اهلل ال يُحد أبدا ً بقيودنا‪ ،‬فهو يستمتع‪ ،‬في الواقع‪ ،‬بوضع‬ ‫ن ضعيفة‪ .‬يقول الكتاب املقدس‪،‬‬ ‫قوته العظيمة في أوا ٍ‬ ‫«ولكن لنا هذا الكنز في أوا ٍن خزفية ليكون فضل القوة هلل‬ ‫ال منا»‪ 5.‬فنحن بالضبط كاألواني الفخارية العادية في‬ ‫هشاشتها وتصدعها وقابليتها الشديدة للكسر‪ .‬لكن‬ ‫اهلل سوف يستخدمنا إذا سمحنا له بالعمل من خالل‬ ‫ضعفاتنا‪ .‬وحتى يحدث ذلك‪ ،‬فإننا يجب أن نتبع مثال‬ ‫بولس‪.‬‬

‫‪83‬‬


‫اعترف بضعفاتك‪ .‬قِر بنقائصك‪ .‬كُ ف عن التظاهر‬ ‫بامتالكك كل شيء‪ ،‬وكن أمينا ً بخصوص نفسك‪ .‬بدال ً‬ ‫من أن تعيش في حالة من اإلنكار أو اختالق األعذار‪،‬‬ ‫خذ وقتا ً للتعرف على ضعفاتك الشخصية‪ .‬بإمكانك أن‬ ‫تصنع قائمة بها‪.‬‬ ‫يوضحان‬ ‫هناك اعترافان عظيمان في العهد اجلديد‬ ‫ِّ‬ ‫ما نحتاج إليه ألجل العيش السليم‪ .‬كان األول‬ ‫الذي قال ليسوع‪« ،‬أنت هو املسيح ابن اهلل احلي»‪ 6،‬أما‬ ‫الثاني فقد كان لبولس الذي قال للجمع العابد لألصنام‪،‬‬ ‫«نحن أيضا ً بشر حتت آالم مثلكم»‪ .7.‬إن كنت تريد أن‬ ‫يستخدمك اهلل‪ ،‬فعليك أن تعرف من هو اهلل وتعرف‬ ‫من أنت‪ .‬كثير من املسيحيني‪ ،‬وخصوصا ً القادة‪ ،‬ينسون‬ ‫احلقيقة الثانية‪ :‬ما نحن إال بشر! إن كان األمر يتطلب‬ ‫أزمة جلعلك تعترف بذلك‪ ،‬فإن اهلل لن يتردد في السماح‬ ‫بها‪ ،‬وذلك ألنه يحبك‪.‬‬ ‫لبطرس‪،‬‬

‫كن قانعاً بضعفاتك‪ .‬فقد قال بولس‪« ،‬فبكل سرور‬ ‫علي قوة املسيح‪.‬‬ ‫أفتخر باحلري في ضعفاتي‪ ،‬لكي حتل‬ ‫َّ‬ ‫لذلك أسر بالضعفات والشتائم والضرورات واالضطهادات‬ ‫والضيقات ألجـل املسيح»‪ 8.‬ليس لذلك معنى في البداية‪،‬‬ ‫إذ أننا نريد أن نتحرر من ضعفاتنا‪ ،‬وليس أن نقنع بها!‬ ‫‪84‬‬


‫نقول‪،‬‬

‫لكن القناعة تعبير عن اإلميان في صالح اهلل‪ ،‬كأننا‬ ‫«يا رب‪ ،‬إنني أؤمن أنك حتبني وتعرف ما هو األفضل لي»‪.‬‬

‫يعطينا بولس أسبابا ً عديدة لنكون قانعني بضعفاتنا‬ ‫الفطرية‪ .‬أوال ً‪ ،‬إنها جتعلنا نعتمد على اهلل‪ .‬فقد قال‬ ‫بولس‪ ،‬مشيرا ً إلى ضعفه الذاتي الذي رفض اهلل أن‬ ‫‪10‬‬ ‫الض ُرورَاتِ‬ ‫ِالض َع َفاتِ وَ َّ‬ ‫الش َتائ ِ​ِم وَ َّ‬ ‫سرُّ ب َّ‬ ‫يزيله‪ « ،‬لِ َذلِكَ أ ُ َ‬ ‫يح‪ .‬ألَنِّي حِ ي َن َما أَنَا‬ ‫الضي َقاتِ أل َ ْجلِ المْ َِس ِ‬ ‫وَاال ِْضطِ َهادَاتِ وَ ِّ‬ ‫ِي‪ ».‬وفي الترجمة اإلجنليزية ‪LB‬‬ ‫ضع ٌ‬ ‫َ‬ ‫ِيف َفحِ ي َن ِئ ٍذ أَنَا َقو ٌّ‬ ‫يفيد املعنى «إني في غاية السعادة بهذه الشوكة‪..‬‬ ‫عندما أكون ضعيفا ً فإني أكون قويا ً‪ ..‬كلما قل ما عندي‬ ‫كلما زاد اعتمادي عليه»‪ 9.‬إن اهلل يذكِّ رك أن تعتمد عليه‬ ‫كلما شعرت بالضعف‪.‬‬

‫كما متنعنا ضعفاتنا أيضا ً من التكبر‪ ،‬وتبقينا‬ ‫متواضعني‪ .‬فقد قال بولس‪« ،‬ولئال أرتفع بفرط اإلعالنات‬ ‫أُعطيت شوكة في اجلسد مالك الشيطان ليلطمني لئال‬ ‫أرتفع»‪ 10.‬فكثيرا ً ما يربط اهلل ضعفا ً كبيرا ً بقوة كبيرة‬ ‫لتبقى األنا لدينا مكبوحة‪ .‬إذ ميكن للقيد أن يكون مبثابة‬ ‫الضابط الذي مينعنا من أن منضي سريعا ً ونبتعد عن‬ ‫اهلل‪.‬‬

‫‪85‬‬


‫عندما عينَّ جدعون جيشا ً من ‪ 32.000‬جندي حملاربة‬ ‫املديانيني‪ ،‬قلَّصه اهلل إلى ‪ 300‬فقط‪ ،‬جاعالً النسبة‬ ‫‪ 450‬إلى ‪ 1‬عندما ذهبوا‬ ‫حملاربة ‪ 135.000‬جندي‬ ‫للعدو‪ .‬لقد بدا األمر‬ ‫وكأنه وصفة لكارثة‪،‬‬ ‫لكن اهلل فعل ذلك كي‬ ‫يعرف إسرائيل أن قوة‬ ‫اهلل‪ ،‬وليست قوتهم الذاتية‪ ،‬هي التي أنقذتهم‪.‬‬

‫كذلك فإن ضعفاتنا تشجع حياة الشركة بني املؤمنني‪.‬‬ ‫وبينما تولِّد القوة روح االستقالل («لست في احتياج إلى‬ ‫اآلخرين»)‪ ،‬فإن قيودنا تظهر لنا مدى احتياجنا لبعضنا‬ ‫بعضا ً‪ .‬فإننا عندما ننسج اجلدائل الضعيفة حلياتنا‬ ‫معا ً‪ ،‬ينتج حينئذ حبل من القوة العظيمة‪ .‬كتب فانس‬ ‫هافنر مالحظة ساخرة‪« ،‬إن املسيحيني مثل رقائق الثلج‬ ‫هشاش ًة‪ ،‬لكن ميكنهم أن يعيقوا املرور عندما يلتصقون‬ ‫معا ً»‪.‬‬

‫واألهم من ذلك كله أن ضعفاتنا تزيد قدرتنا على‬ ‫العطف واخلدمة‪ ،‬إذ أننا على األرجح نصبح أكثر شفقة‬ ‫وأكثر تقديرا ً لضعفات اآلخرين‪ .‬إن اهلل يبتغي أن تكون‬ ‫‪86‬‬


‫لك على األرض خدمة على مثال املسيح‪ .‬وذلك يعني أن‬ ‫شفاء في جراحك‪ .‬إن أعظم رسائل‬ ‫اآلخرين سوف يجدون‬ ‫ً‬ ‫احلياة وأكثر اخلدمات فعالية تنبع من أعمق اجلروح‪ .‬تلك‬ ‫األشياء التي تسبب لك أكثر االرتباك واخلجل‪ ،‬والتي تتردد‬ ‫جدا ً في املشاركة بها‪ ،‬إنها أهم أدوات ميكن أن يستخدمها‬ ‫اهلل بكل قوة لشفاء اآلخرين‪.‬‬ ‫قال املرسل العظيم هدسون تايلور‪« ،‬لقد كان كل‬ ‫عمالقة اهلل أشخاصا ً ضعفاء»‪ .‬فقد كانت سرعة‬ ‫الغضب هي نقطة ضعف موسى التي جعلته يقتل‬ ‫املصري‪ ،‬ويضرب الصخرة التي كان من املفروض أن يتحدث‬ ‫غير‬ ‫إليها‪ ،‬ويحطم لوحي الوصايا العشر‪ .‬ومع ذلك فقد َّ‬ ‫اهلل موسى وجعله شخصا ً «حليما ً جدا ً أكثر من جميع‬ ‫‪11‬‬ ‫الناس الذين على وجه األرض»‪.‬‬

‫وكانت نقطة ضعف جدعون هي مركب النقص‬ ‫والشعور بالدونية وصغر النفس النابع من شعور عميق‬ ‫حوله إلى «جبار البأس»‪ 12.‬وكانت‬ ‫بعدم األمان‪ ،‬لكن اهلل َّ‬ ‫نقطة ضعف إبراهيم هي اخلوف‪ .‬فقد ادعى‪ ،‬ليس مرة بل‬ ‫مرتني‪ ،‬أن زوجته هي أخته‪ ،‬وذلك لكي يحمي نفسه‪ .‬لكن‬ ‫حول إبراهيم «أبا ً جلميع الذين يؤمنون»‪ 13.‬أما بطرس‬ ‫اهلل َّ‬ ‫‪14‬‬ ‫املندفع‪ ،‬وضعيف اإلرادة فقد أصبح «الصخرة»‪ ،‬كما صار‬ ‫‪87‬‬


‫قلبي»‪،‬‬

‫داود الزاني «رجالً حسب‬ ‫الرعد» املتعجرفني «رسول احملبة»‪.‬‬ ‫‪15‬‬

‫وأصبح يوحنا أحد «ابني‬

‫ميكن لتلك القائمة أن تستمر‪« .‬ألنه يعوزني الوقت‬ ‫إن أخبرت عن جدعون‪ ،‬وباراق‪ ،‬وشمشون‪ ،‬ويفتاح‪ ،‬وداود‪،‬‬ ‫وصموئيل‪ ،‬واألنبياء ‪ ..‬تقووا من ضعف»‪ 16.‬إن اهلل يتخصص‬ ‫في حتويل الضعفات إلى نقاط قوة‪ ،‬وهو يريد أن يأخذ أكبر‬ ‫ويحولها إلى ينبوع قوة‪.‬‬ ‫ضعفاتك‬ ‫ِّ‬ ‫شارك ضعفاتك بصدق‪ .‬إن اخلدمة تبدأ باخلروج من‬ ‫شرنقة الذات‪ .‬فكلما تخليت عن حذرك‪ ،‬وخلعت قناعك‪،‬‬ ‫وشاركت بصراعاتك‪ ،‬كلما متكن اهلل من استخدامك في‬ ‫خدمة اآلخرين‪.‬‬ ‫لقد قد ّم بولس مثاال ً للخروج من شرنقة الذات في‬ ‫كل رسائله‪ .‬فقد شارك بانفتاح‪:‬‬

‫• سقطاته‪« :‬ألني لست أفعل الصالح الذي أريده بل‬ ‫‪17‬‬ ‫الشر الذي لست أريد فإياه أفعل»‪.‬‬ ‫• مشاعره‪« :‬فمنا مفتوح إليكم أيها الكورنثيون قلبنا‬ ‫‪18‬‬ ‫متسع»‪.‬‬

‫• إحباطاته‪« :‬أننا تثقلنا جدا ً فوق الطاقة حتى أيسنا‬ ‫‪19‬‬ ‫من احلياة أيضا ً»‪.‬‬ ‫‪88‬‬


‫• مخاوفه‪« :‬وأنا كنت عندكم في‬ ‫‪20‬‬ ‫ضعف وخوف ورعدة كثيرة»‪.‬‬

‫إن اخلروج من شرنقة الذات هو‬ ‫بالطبع محفوف باخملاطر‪ ،‬إذ أن تقليل دفاعاتك وفتح‬ ‫حياتك لآلخرين قد يكون مخيفا ً‪ .‬فإنك عندما تكشف‬ ‫سقطاتك‪ ،‬ومشاعرك‪ ،‬وإحباطاتك‪ ،‬ومخاوفك‪ ،‬تخاطر بأن‬ ‫تكون مرفوضا ً‪ .‬لكن املكاسب تستحق اخملاطرة‪ .‬فإن اخلروج‬ ‫من شرنقة الذات يحررنا عاطفيا ً‪ ،‬كما أن االنفتاح يخفف‬ ‫الضغط‪ ،‬ويهدئ اخملاوف‪ ،‬وتلك هي أول خطوة للحرية‪.‬‬

‫لقد رأينا بالفعل أن اهلل «يعطي نعمة للمتواضعني»‬ ‫لكن كثيرين يسيئون فهم التواضع‪ .‬فالتواضع ليس‬ ‫حتقيرا ً لذاتك أو إنكارا ً لنقاط القوة في حياتك‪ ،‬لكنه‬ ‫يعني باألحرى أنك صادق بخصوص ضعفاتك‪ .‬كلما كنت‬ ‫صادقا ً‪ ،‬كلما حصلت على نعمة من اهلل‪ ،‬كما أنك سوف‬ ‫تنال نعمة أيضا ً من اآلخرين‪ .‬إن اخلروج من شرنقة الذات‬ ‫هو صفة محببة‪ ،‬إذ أننا ننجذب طبيعيا ً إلى املتواضعني‪.‬‬ ‫فالزيف ينفرنا والصدق يجذبنا‪ ،‬كما أن تعريض أعماق‬ ‫النفس وكشف خبايا الكيان هي أفضل الطرق نحو املودة‬ ‫والتواصل‪.‬‬

‫‪89‬‬


‫لهذا السبب يريد اهلل أن يستخدم‬ ‫ضعفاتك ‪ ،‬وليس فقط مراكز القوة في‬ ‫حياتك‪ .‬إن كان كل ما يراه الناس هو نقاط‬ ‫قوتك‪ ،‬فإنهم سوف يُحبطون ويظنون‪،‬‬ ‫«حسنا ً‪ ،‬لكنني لن أمتكن أبدا ً من فعل ذلك»‪ .‬لكنهم‬ ‫عندما يرون اهلل يستخدمك على الرغم من ضعفاتك‪ ،‬فإن‬ ‫ذلك سوف يشجعهم على التفكير‪« ،‬رمبا يستطيع اهلل‬ ‫أن يستخدمني!» إن قوانا تخلق املنافسة‪ ،‬لكن ضعفاتنا‬ ‫تخلق حياة الوحدة‪.‬‬ ‫يجب عليك أن تقرر في وقت ما من حياتك إن كنت‬ ‫تريد أن تثير إعجاب الناس أم أن تؤثر فيهم‪ .‬بإمكانك أن‬ ‫تثير إعجاب الناس عن بعد‪ ،‬لكنك يجب أن تقترب منهم‬ ‫لتؤثر فيهم‪ ،‬وعندما تفعل ذلك‪ ،‬فإنهم سوف يتمكنون‬ ‫من رؤية عيوبك‪ .‬ذلك ال بأس به‪ ،‬إذ أن أكثر الصفات‬ ‫الضرورية للقيادة ليست هي الكمال‪ ،‬بل املصداقية‪ .‬يجب‬ ‫أن يتمكن الناس من الثقة فيك‪ ،‬وإال فإنهم لن يتبعوك‪.‬‬ ‫كيف ميكنك أن تبني املصداقية؟ عن طريق الصدق‪ ،‬وليس‬ ‫إدعاء الكمال‪.‬‬

‫اجملد في ضعفاتك‪ .‬لقد قال بولس‪5« ،‬م ِْن جِ َه ِة َه َذا‬ ‫أَفْ َتخِ ُر‪ .‬وَلَكِ ْن م ِْن جِ َه ِة ن َ ْف ِ‬ ‫ِض َع َفات ِي‪».‬‬ ‫سي ال َ أَفْ َتخِ ُر إِال َّ ب َ‬ ‫‪90‬‬


‫وفي الترجمة اإلجنليزية ‪ LB‬يفيد املعنى «سأفتخر فقط‬ ‫مبدى ضعفي ومدى عظمة اهلل الذي يستخدم ضعفي‬ ‫هذا جملده»‪ 21.‬انظر لنفسك باعتبارك نصبا ً تذكاريا ً للنعمة‬ ‫بدال ً من أن تتظاهر بالثقة بالنفس واملناعة‪ .‬وعندما يشير‬ ‫الشيطان إلى ضعفاتك‪ ،‬اتفق معه وامأل قلبك بالتسبيح‬ ‫ليسوع الذي «يفهم كل ضعفاتنا»‪ 22 ‬وللروح القدس الذي‬ ‫‪23‬‬ ‫«يعني ضعفاتنا»‪.‬‬

‫األحيان‪،‬‬

‫يحول القوة‪ ،‬في بعض‬ ‫ومع ذلك فإن اهلل‬ ‫ِّ‬ ‫إلى ضعف بغرض استخدامنا أكثر‪ .‬فقد كان يعقوب‬ ‫شخصا ً مراوغا ً قضى حياته في صنع املكائد ثم الهرب‬ ‫من العواقب‪ .‬وقد تصارع في أحد األيام مع اهلل وقال له‪،‬‬ ‫«لن أطلقك ما لم تباركني»‪ .‬فقال له اهلل‪« ،‬حسنا ً»‪ ،‬لكنه‬ ‫جذب فخذه وخلع وركه‪ .‬ما هو مغزى تلك القصة؟‬ ‫لقد ملس اهلل قوة يعقوب (إذ أن عضلة الفخذ هي‬ ‫وحولها إلى ضعف‪ .‬ومنذ ذلك اليوم‬ ‫األقوى في اجلسم)‬ ‫َّ‬ ‫صار يعقوب يعرج كي ال يتمكن من الهرب مرة أخرى‪ .‬وقد‬ ‫أجبره ذلك على اإلتكال على اهلل سواء رضي بذلك أم لم‬ ‫يرض‪ .‬إذا أردت أن يباركك اهلل ويستخدمك بقوة‪ ،‬يجب‬ ‫عليك أن ترغب في أن متشي بعرجة ملا تبقى من حياتك‪،‬‬ ‫وذلك ألن اهلل يستخدم الضعفاء‪.‬‬ ‫‪91‬‬


‫اليوم ‪ :29‬قبول مهمتك‬

‫‪ .1‬أفسس ‪10 :2‬‬

‫‪ .2‬كولوسي ‪24-23 :3‬؛ متى ‪:25‬‬

‫‪٤5-34‬؛ أفسس ‪7 :6‬‬ ‫‪ .3‬إرميا ‪5 :1‬‬

‫‪ .4‬تيموثاوس الثانية ‪9 :1‬‬

‫‪ .5‬كورنثوس األولى ‪20 :6‬‬ ‫‪ .6‬رومية ‪1 :12‬‬

‫‪ .7‬يوحنا األولى ‪14 :3‬‬ ‫‪ .8‬متى ‪15 :8‬‬

‫‪ .9‬أفسس ‪14-4 :4‬؛ انظر أيضا ً رومية‬ ‫‪7-6 :1‬؛ رومية ‪30-28 :8‬؛ كورنثوس‬

‫األولى ‪26 ،9 ،2 :1‬؛ كورنثوس األولى‬ ‫‪17 :7‬؛ فيلبي ‪14 :3‬؛ بطرس األولى‬ ‫‪9 :2‬؛ بطرس الثانية ‪3 :1‬‬

‫‪ .10‬تيموثاوس الثانية ‪9 :1‬‬ ‫‪ .11‬بطرس األولى ‪9 :2‬‬ ‫‪ .12‬رومية ‪4 :7‬‬

‫‪ .13‬كورنثوس األولى ‪27 :12‬‬ ‫‪ .14‬متى ‪28 :20‬‬

‫‪92‬‬

‫‪ .15‬رومية ‪12 :14‬‬ ‫‪ .16‬رومية ‪8 :2‬‬

‫‪ .17‬مرقس ‪35 :8‬؛ انظر أيضا ً متى‬ ‫‪39 :10‬؛ متى ‪25 :16‬؛ لوقا ‪24 :9‬؛‬

‫لوقا ‪33 :17‬‬

‫‪ .18‬رومية ‪5 :12‬‬

‫‪ .19‬كورنثوس األولى ‪19 ،14 :12‬‬

‫اليوم ‪ :30‬تشكلت خلدمة اهلل‬

‫‪ .1‬أفسس ‪10 :2‬‬

‫‪ .2‬مزامير ‪14-13 :139‬‬ ‫‪ .3‬مزامير ‪16 :139‬‬

‫‪ .4‬رومية ‪8-4 :12‬؛ كورنثوس األولى‬ ‫‪12‬؛ أفسس ‪15-8 :4‬؛ كورنثوس‬

‫األولى ‪7 :7‬‬

‫‪ .5‬كورنثوس األولى ‪14 :2‬‬ ‫‪ .6‬أفسس ‪7 :4‬‬

‫‪ .7‬كورنثوس األولى ‪11 :12‬‬

‫‪ .8‬كورنثوس األولى ‪30-29 :12‬‬

‫‪ .9‬كورنثوس األولى ‪7 :12‬‬

‫‪ .10‬كورنثوس األولى ‪5 :12‬‬


‫‪ .11‬أمثال ‪19 :27‬‬

‫‪ .14‬ملزيد من املساعدة ميكن‬

‫‪ .12‬متى ‪34 :12‬؛ مزامير ‪7 :34‬؛‬

‫أن تطلب شرائط الفصل ‪،301‬‬

‫‪ .13‬تثنية ‪13 :11‬؛ صموئيل األول‬

‫‪ ,for Ministry‬التي تتضمن أداة‬

‫‪ .14‬أمثال ‪16 :15‬‬

‫اليوم ‪ :32‬استخدام ما أعطاه اهلل‬

‫أمثال ‪23 :4‬‬

‫‪20 :12‬؛ رومية ‪9 :1‬؛ أفسس ‪6 :6‬‬

‫‪Discovering Your Shape‬‬

‫لتحديد الشخصية‬

‫اليوم ‪ :31‬فهم طابع شخصيتك‬

‫لك‬

‫‪ .2‬خروج ‪5-3 :31‬‬

‫‪ .2‬رومية ‪3 :12‬‬

‫‪ .1‬كورنثوس األولى ‪6-4 :12‬‬ ‫‪ .3‬رومية ‪6 :12‬‬

‫‪ .1‬أفسس ‪17 :5‬‬ ‫‪ .3‬غالطية ‪4 :6‬‬

‫‪ .4‬كورنثوس األولى ‪31 :10‬‬

‫‪ .4‬تثنية ‪2 :11‬‬

‫‪ .6‬تثنية ‪18 :8‬‬

‫‪ .6‬يوحنا ‪7 :13‬‬

‫‪ .5‬كورنثوس األولى ‪6 :12‬‬

‫‪ .5‬غالطية ‪4 :3‬‬

‫‪ .7‬تثنية ‪23 :14‬؛ مالخي ‪11-8 :3‬‬

‫‪ .7‬اتصل بـ‪:‬‬

‫‪ .9‬بطرس األولى ‪10 :4‬‬

‫‪com‬‬

‫‪ .8‬عبرانيني ‪21 :13‬‬

‫‪www.purposedrivenlife.‬‬

‫‪ .10‬كورنثوس األولى ‪6 :12‬‬

‫‪ .8‬رومية ‪21-20 :9‬‬

‫‪ .12‬كورنثوس الثانية ‪4 :1‬‬

‫‪ .10‬غالطية ‪8-7 :2‬‬

‫‪ .11‬رومية ‪29 -28 :8‬‬

‫‪ .13‬كورنثوس الثانية ‪10-8 :1‬‬

‫‪ .9‬أفسس ‪7 :4‬‬

‫‪ .11‬كورنثوس الثانية ‪13 :10‬‬

‫‪93‬‬


‫‪ .12‬عبرانيني ‪1 :12‬‬

‫‪ .7‬غالطية ‪3 :6‬‬

‫‪ .14‬غالطية ‪4 :6‬‬

‫‪ .9‬أعمال الرسل ‪3 :28‬‬

‫‪ .13‬غالطية ‪4 :6‬‬

‫‪ .8‬يوحنا ‪15 :13‬‬

‫‪ .15‬كورنثوس الثانية ‪12 :10‬‬

‫‪ .10‬لوقا ‪12-10 :16‬‬

‫‪ .17‬كورنثوس األولى ‪18-12 :10‬‬

‫فيلبي ‪22-19 :2‬‬

‫‪ .19‬تيموثاوس الثانية ‪6 :1‬‬

‫‪ .13‬بطرس األولى ‪5 :5‬‬

‫‪ .21‬تيموثاوس األولى ‪15-14 :4‬‬

‫‪ .15‬متى ‪1 :6‬‬

‫‪ .23‬كورنثوس األولى ‪25 :9‬‬

‫‪ .17‬كولوسي ‪4 :3‬‬

‫‪ .16‬كورنثوس الثانية ‪12 :10‬‬ ‫‪ .18‬فيلبي ‪9 :1‬‬

‫‪ .20‬متى ‪28 :25‬‬

‫‪ .22‬تيموثاوس الثانية ‪15 :2‬‬

‫‪ .11‬مزامير ‪1 :12‬؛ أمثال ‪6 :20‬؛‬

‫‪ .12‬متى ‪23 :25‬‬

‫‪ .14‬أفسس ‪6 :6‬؛ كولوسي ‪22 :3‬‬ ‫‪ .16‬غالطية ‪10 :1‬‬

‫اليوم ‪ :33‬كيف يتصرف اخلدام‬

‫‪ .18‬كورنثوس األولى ‪24-22 :12‬‬

‫‪ .1‬متى ‪16 :7‬‬

‫‪ .20‬متى ‪42 :10‬‬

‫احلقيقيون‬

‫‪ .19‬كورنثوس األولى ‪58 :15‬‬

‫‪ .2‬تيموثاوس الثانية ‪4 :2‬‬

‫اليوم ‪ :34‬التفكير مبنطق اخلادم‬

‫‪ .4‬أمثال ‪28 :3‬‬

‫‪ .2‬فيلبي ‪4 :2‬‬

‫‪ .3‬غالطية ‪10 :6‬‬ ‫‪ .5‬جامعة ‪4 :11‬‬

‫‪ .6‬كولوسي ‪23 :3‬‬

‫‪94‬‬

‫‪ .1‬أخبار األيام الثانى ‪2 :25‬‬ ‫‪ .3‬فيلبي ‪7 :2‬‬

‫‪ .4‬فيلبي ‪21-20 :2‬‬


‫‪ .5‬متى ‪41 :5‬‬

‫‪ .5‬كورنثوس الثانية ‪7 :4‬‬

‫‪ .6‬كورنثوس األولى ‪1 :4‬‬

‫‪ .6‬متى ‪16 :16‬‬

‫‪ .8‬لوقا ‪13 :16‬‬

‫‪ .8‬كورنثوس الثانية ‪10-9 :12‬‬

‫‪ .7‬كورنثوس األولى ‪2 :4‬‬ ‫‪ .9‬لوقا ‪11 :16‬‬

‫‪ .7‬أعمال الرسل ‪15 :14‬‬

‫‪ .9‬كورنثوس الثانية ‪10 :12‬‬

‫‪ .10‬غالطية ‪26 :5‬‬

‫‪ .10‬كورنثوس الثانية ‪7 :12‬‬

‫‪ .12‬نحميا ‪3 :6‬‬

‫‪ .12‬قضاة ‪12 :6‬‬

‫‪ .11‬رومية ‪4 :14‬‬ ‫‪ .13‬متى ‪10 :26‬‬

‫‪ .14‬يوحنا ‪4-3 :13‬‬

‫‪ .١١‬عدد ‪3 :12‬‬

‫‪ .13‬رومية ‪11 :4‬‬ ‫‪ .14‬متى ‪18 :16‬‬

‫‪ .15‬كورنثوس الثانية ‪18 :10‬‬

‫‪ .15‬أعمال الرسل ‪22 :13‬‬

‫‪ .17‬مزامير ‪2 :100‬‬

‫‪ .17‬رومية ‪19 :7‬‬

‫‪ .19‬عبرانيني ‪10 :6‬‬

‫‪ .19‬كورنثوس الثانية ‪8 :1‬‬

‫‪ .16‬يعقوب ‪1 :1‬‬

‫‪ .18‬يوحنا ‪26 :12‬‬

‫‪ .16‬عبرانيني ‪34-32 :11‬‬

‫‪ .18‬كورنثوس الثانية ‪11 :6‬‬

‫اليوم ‪ :35‬قوة اهلل في ضعفك‬

‫‪ .20‬كورنثوس األولى ‪3 :2‬‬

‫‪ .2‬كورنثوس األولى ‪27 :1‬‬

‫‪ .22‬عبرانيني ‪1 :4‬‬

‫‪ .1‬إشعياء ‪9 :55‬‬ ‫‪ .3‬متى ‪3 :5‬‬

‫‪ .4‬كورنثوس الثانية ‪7 :12‬‬

‫‪ .21‬كورنثوس الثانية ‪5 :12‬‬ ‫‪ .23‬رومية ‪26 :8‬‬

‫‪95‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.