Qafilah jul aug 2015

Page 1

‫مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين ‪ .‬العدد ‪ . 4‬مجلد ‪ . 64‬يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫الملف‬

‫الفندق‬

‫علوم‪ :‬ف ي� حديقة الميكروبات‬ ‫طاقة‪ :‬سوق ناقالت النفط‬ ‫ين‬ ‫ع� وعدسة‪ :‬ش‬ ‫م�وع جزيرة‬ ‫جربة التونسية‬ ‫ما الذي يفعله الك َّتاب للدفاع عن‬ ‫أ‬ ‫د�‬ ‫نتاجهم ال ب ي‬ ‫التقرير‪ :‬ريادة أ‬ ‫العمال‬


‫مجلة ثقافية منوعة تصدر كل شهرين‬

‫العدد ‪ . 4‬مجلد ‪64‬‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫الناشر‬ ‫شركة الزيت العربية السعودية (أرامكو السعودية)‪،‬‬ ‫الظهران‬ ‫رئيس الشركة‪ ،‬كبير إدارييها التنفيذيين المكلَّف‬ ‫أمين بن حسن الناصر‬

‫ت‬ ‫للمش� ي ن‬ ‫توزع مجاناً‬ ‫ك�‬ ‫• العنوان‪ :‬أرامكو السعودية‬ ‫ص‪.‬ب ‪ 1389‬الظهران ‪31311‬‬ ‫المملكة العربية السعودية‬

‫نائب الرئيس لشؤون أرامكو السعودية‬ ‫ناصر بن عبدالرزاق النفيسي‬

‫ال�يد إ ت ن‬ ‫و�‪:‬‬ ‫• ب‬ ‫اللك� ي‬ ‫‪alqafilah@aramco.com.sa‬‬

‫مدير عام دائرة الشؤون العامة‬ ‫عصام زين العابدين توفيق‬

‫• الموقع إ ت ن‬ ‫و�‪:‬‬ ‫اللك� ي‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬

‫رئيس التحرير‬ ‫محمد الدميني‬

‫• الهواتف‪:‬‬ ‫ فريق التحرير‪+966 13 876 0175 :‬‬ ‫ت‬ ‫االش�اكات‪+966 13 876 0477 :‬‬ ‫فاكس‪+966 13 876 0303 :‬‬

‫تصميم وتحرير‬

‫‪www.mohtaraf.com‬‬

‫صورة الغالف‬

‫فندق شبرد في القاهرة في القرن التاسع عشر‬

‫الغالف | لدى كل م َّنا أحكامه الخاصة‬ ‫على الفنادق التي أقام بها‪ .‬ومن خالل‬ ‫تنوعها بتنوع البشر المحتاجين إلى‬ ‫خدماتها‪ ،‬وسعيها إلى تلبية الطلب‬ ‫المتزايد عليها بتزايد سكان العالم‬ ‫وتحركاتهم‪ ،‬أصبح قطاع الفنادق‬ ‫صناعة عمالقة‪ .‬صناعة قوامها الثقافة‬ ‫النسانية المتلونة إلى أقصى حد في‬ ‫إ‬ ‫مفاهيمها ومقاييسها للجيد والسيىء‪.‬‬ ‫فإلى عوالم الفنادق مع هذا الملف‪.‬‬

‫طباعة‬ ‫شركة مطابع التريكي‬ ‫‪www.altraiki.com‬‬ ‫ردمد ‪ISSN 1319-0547‬‬ ‫• جميع المراسالت باسم رئيس التحرير‪.‬‬ ‫يعبر بالضرورة عن رأيها‪.‬‬ ‫• ما ينشر فـي القافلة ال ِّ‬ ‫• ال يجوز إعادة نشر أي من موضوعات أو صور‬ ‫«القافلة» إال بإذن خطي من إدارة التحرير‪.‬‬ ‫• ال تقبل «القافلة» إال أصول الموضوعات التي لم يسبق‬ ‫نشرها‪.‬‬


‫محتوى العدد‬

‫ً‬ ‫معا‬ ‫الرحلة‬ ‫من رئيس التحرير ‬ ‫القراء ‬ ‫مع َّ‬ ‫أكثر من رسالة ‬

‫حياتنا اليوم‬ ‫‪3‬‬ ‫‪4‬‬ ‫‪5‬‬

‫المحطة األولى‬ ‫ورشة عمل‪ :‬العالقات داخل فريق العمل ‬ ‫تفضل‪ :‬ألبوم الصور‬ ‫بداية كالم‪ :‬أيهما ِّ‬ ‫الورقي أم الرقمي؟ ‬ ‫كتب ‬ ‫ومحررها ‬ ‫قول في مقال‪ :‬هذه المجلَّة‬ ‫ِّ‬

‫‪6‬‬ ‫‪14‬‬ ‫‪16‬‬ ‫‪20‬‬

‫علوم وطاقة‬ ‫علوم‪ :‬المعلومات‪ ..‬لغة الكو ن‬ ‫كيف يعمل؟‪ :‬نظام تحديد المواقع ‪ GPS‬‬ ‫في حديقة الميكروبات ‬ ‫الن تراني‪ ..‬آ‬ ‫العلم خيال‪ :‬آ‬ ‫الن ال! ‬ ‫الرمز «ثيتا» ‬ ‫ستشعر ‬ ‫الم ِ‬ ‫منتج‪ُ :‬‬ ‫طاقة‪ :‬سوق ناقالت النفط ‬ ‫من المختبر ‬ ‫االسم المعياري‪ :‬ڤولتا ‬ ‫ماذا لو‪ :‬ماذا لو كان أ‬ ‫للرض قمران؟ ‬

‫‪21‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪26‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪31‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪33‬‬ ‫‪38‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪40‬‬

‫والناث فجوة تعلمية من نوع آخر ‪41‬‬ ‫بين الذكور إ‬ ‫‪46‬‬ ‫لغة الطعام ‬ ‫يتحدى التطور التكنولوجي ‪50‬‬ ‫التعليم الذي َّ‬ ‫‪52‬‬ ‫تخصص جديد‪ :‬التسويق الرياضي ‬ ‫عين وعدسة‪ :‬مشروع جزيرة جربة التونسية ‪53‬‬ ‫‪58‬‬ ‫المتمدد ‬ ‫فكرة‪ :‬الحذاء‬ ‫ِّ‬ ‫أدب وفنون‬ ‫أدب‪ :‬ما الذي يفعله الك ّتاب للدفاع‬ ‫عن نتاجهم أ‬ ‫‪59‬‬ ‫الدبي؟ ‬ ‫‪63‬‬ ‫الممثل المسرحي‪ :‬حياة مختزلة ‬ ‫‪64‬‬ ‫فنان ومكان‪ :‬مانهاتن من ّ ‬ ‫علو‬ ‫أقول شعراً‪ :‬جالل أ‬ ‫‪66‬‬ ‫الحمدي ‬ ‫‪68‬‬ ‫ذاكرة القافلة‪ :‬القطيف ‬ ‫ت ‪70‬‬ ‫لغويات‪ :‬دور ألعاب الفيديو في تعلم اللغا ‬ ‫‪71‬‬ ‫فرشاة وإزميل‪ :‬ماركوس كاترليه‪ ..‬‬ ‫‪78‬‬ ‫سينما‪ :‬ماذا يحدث خلف الكواليس؟ ‬ ‫‪80‬‬ ‫رأي أدبي‪ :‬حكاية الطرب الحديث ‬ ‫التقرير‬ ‫ريادة أ‬ ‫العمال ‬ ‫الملف‬ ‫الفندق ‬

‫‪@QafilahMagazine‬‬

‫‪81‬‬

‫‪89‬‬


‫‪3|2‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫القافلة أونالين‬

‫—‪www.qafilah.com‬‬

‫ورشة عمل | «فريق العمل» مفهوم ال‬ ‫يمكن االكتفاء بشرح معناه وفهمه نظرياً‬ ‫بل يتطلب تمريناً عملياً لفهمه وتبني‬ ‫مستلزماته واالرتياح إليه والثقة بجدواه‪.‬‬ ‫لذا‪ ،‬واكبت «القافلة» ورشة عمل ُعقدت‬ ‫مؤخراً في الرياض‪ ،‬في واحد من أكثر‬ ‫أ‬ ‫الماكن المحفِّزة على تشكيل ِفرق عمل‪.‬‬

‫فرشاة وإزميل | فنان متعدد المواهب‬ ‫أ‬ ‫يسخر لها إبداعاته التقنية‬ ‫والدوات‪ِّ ،‬‬ ‫تتحول قبلة أنظارنا‬ ‫المتجددة دوماً‪ ،‬بحيث َّ‬ ‫يحبس أ‬ ‫النفاس‪.‬‬ ‫فجأة إلى مشهد مذهل‪،‬‬ ‫ذلك هو ماركوس كاترليه‪ ،‬أحد أشهر فناني‬ ‫أ‬ ‫اللعاب النارية‪ ،‬الذي يرى في عمله‬ ‫مهنة تكافئ محترفيها بما تثيره من مشاعر‬ ‫البهار في نفوس المشاهدين‪.‬‬ ‫إ‬

‫ين‬ ‫ع� وعدسة | بعدما لعب الفنان مهدي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫بن شيخ دورا مهما في االرتقاء بفن‬ ‫الشوارع في باريس وتحويله إلى فن‬ ‫يحظى بالتقدير واالحترام‪ ،‬قرر أن ينقل‬ ‫تجربته إلى موطنه أ‬ ‫الصلي‪ ،‬تونس‪ .‬حيث‬ ‫اختار قرية صغيرة تُدعى الرياض في‬ ‫جزيرة جربة‪ .‬وكانت النتيجة مدهشة‪.‬‬

‫علوم | عندما تكون مساحة حديقة‬ ‫الحيوان محدودة‪ ،‬فإن أي محاوالت‬ ‫لزيادة عدد الحيوانات المعروضة في‬ ‫الحديقة ستبوء بالفشل‪ .‬لكن حديقة‬ ‫الحيوان في مدينة أمستردام وجدت‬ ‫الحل في استضافة كائنات حية صغيرة‪،‬‬ ‫ال تحتاج مساحة إضافية‪ ،‬وهكذا ظهرت‬ ‫فكرة أول متحف في العالم للميكروبات‪.‬‬

‫يجرنا عادة‬ ‫طاقة | الحديث عن النفط ّ‬ ‫النتاج واالستهالك‬ ‫لمناقشة تفاصيل‬ ‫والسعار العاجلة إ آ‬ ‫أ‬ ‫والجلة‪ .‬لكن قلَّما يتم‬ ‫تسليط الضوء على الجهاز العصبي لهذه‬ ‫الجبارة‪ ،‬الذي تمثله أساطيل‬ ‫الصناعة َّ‬ ‫هائلة من الناقالت والمراكب البحرية هي‬ ‫أ‬ ‫الضخم في تاريخ البشرية‪ ،‬تتكفل بنقل‬ ‫هذا السائل بين القارات وعبر المحيطات‪.‬‬

‫الملف | من خالل تنوع الفنادق بتنوع‬ ‫البشر المحتاجين إلى خدماتها‪ ،‬وسعيها‬ ‫إلى تلبية الطلب المتزايد عليها بتزايد‬ ‫سكان العالم وتحركاتهم‪ ،‬أصبح قطاع‬ ‫الفنادق صناعة عمالقة‪ .‬صناعة قوامها‬ ‫المتلونة إلى أقصى حد‬ ‫النسانية‬ ‫الثقافة إ‬ ‫ِّ‬ ‫في مفاهيمها ومقاييسها للجيد والسيىء‪،‬‬ ‫والالزم وما يمكن االستغناء عنه‪.‬‬


‫تحية وبعد‬

‫لندن هي إحدى العواصم الثقافية العريقة ف ي� العالم‪،‬‬ ‫لكن سكان هذه المدينة‬ ‫الشواهد عىل ذلك ال تُحىص‪ّ ،‬‬ ‫وزائريها اعتادوا مشاهدة مجموعة من اللوحات الزرقاء‬ ‫ن‬ ‫المبا� داخل‬ ‫المثبتة بأناقة عىل واجهات بعض الشقق أو‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫صغ�ة‬ ‫ال�يطانية العتيقة‪ .‬ليست تلك اللوحات‬ ‫الصغ�ة سوى تذكارات ي‬ ‫ي‬ ‫الحياء ب‬ ‫السماء أ‬ ‫لطيف واسع من أ‬ ‫الدبية العالمية الالمعة‪ ،‬وأحياناً ألسماء بارزة ف ي�‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫حقول االقتصاد أو الهندسة أو المال أو السياسة أو العمارة‪ ،‬والتذكار يحمل‬ ‫اسم المؤلف أو المبدع وتاريخ سكناه ذلك ن‬ ‫وجدت‬ ‫البداعية‪...‬‬ ‫المب� وهويته إ‬ ‫ُ‬ ‫ف‬ ‫ومنصة‬ ‫ي� هذا التقليد النادر احتفاال ً صامتاً بقيمة الكاتب‪ ،‬وقيمة المدينة‪ّ ،‬‬ ‫برصية لتعريف السكان والعابرين بتلك الكوكبة الرفيعة من أ‬ ‫الدباء والمبتكرين‬ ‫الذين احتضنتهم المدينة يوماً ما‪.‬‬ ‫تز‬ ‫والعالنات‬ ‫ال�امج والمسلسالت الرمضانية إ‬ ‫نفس من ب‬ ‫تذكرت هذا وأنا أن�ع ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫ال�‬ ‫التجارية المحتشدة بالغث‬ ‫والسم�‪ ،‬لتابع حلقات «عىل خطى العرب» ي‬ ‫ف‬ ‫وال�نامج ي� خالصته عبارة عن سلسلة من الزيارات‬ ‫أعادت بثها قناة العربية‪ ،‬ب‬ ‫ت‬ ‫ال� شهدت حياة وموت شعراء العربية‬ ‫الحية لمجموعة ي‬ ‫كب�ة من المواقع ي‬ ‫السالم وما بعده‪،‬‬ ‫العرص‬ ‫الذين عاشوا ف ي�‬ ‫الجاهل وصوال ً إىل عرص صدر إ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫مضمخة بالقصائد ِ‬ ‫وهذه الرحالت تعرض ّ‬ ‫وس ي َ� الشعراء ومفردات الطبيعة ي‬ ‫احتضنت حياتهم وخياالتهم وأفراحهم ومآسيهم أيضاً‪..‬‬ ‫وتنوعه ومالمحه المندثرة هو البطل الحقيقي ف ي�‬ ‫المكان بكل صوره وتجلياته ّ‬ ‫الثقا� المهم الذي أخرج نخبة من أدبائنا من الكتب أ‬ ‫ف‬ ‫والرفف‬ ‫هذا العمل‬ ‫ي‬ ‫اليح�‪ ،‬ومخرجه‬ ‫معد ب‬ ‫المهملة إىل الفضاء الحر‪ ،‬ولعل قدرة ّ‬ ‫ال�نامج د‪ .‬عيد ي‬ ‫قتيبة الجنا� قد تجلَّت ف� إحياء أ‬ ‫المكنة الدارسة من جبال وصحاري وأودية‬ ‫بي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫وآبار وتالل وشعاب وشواطئ كمجاالت طبيعة وبرصية عاش ي� كنفها أولئك‬ ‫بأك� قدر من العفوية المغلَّفة بالذكاء‪،‬‬ ‫الشعراء العظام وتقديم مالمحها ب‬ ‫يس�اً علينا أن نشاهد جبال «الدخول» و«حومل» و«توضح»‬ ‫وهكذا أصبح ي‬ ‫ت‬ ‫الشه�ة‪ ،‬وأن نرى المكان الذي‬ ‫ال� خلَّدتها قصيدة امرؤ القيس‬ ‫ي‬ ‫و«المقراه» ي‬ ‫قُتل فيه ابن السموأل أمام أبيه وفا ًء لصديقه‪ ...‬الذي استأمنه عىل دروع‬ ‫محارب�‪ ،‬وأن ت‬ ‫ين‬ ‫والغ�اء‬ ‫نق�ب من الميدان الذي كان مرسحاً لحرب داحس ب‬ ‫�ض‬ ‫الجبل الذي ق فيه تأبط ش�اً ّ‬ ‫جل سنوات حياته‪،‬‬ ‫الشه�ة‪ ،‬وأن نرى الغار‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫وأن نرى جبل « َعل َْم» الذي رثت قربه الخنساء أخاها صخراً‪ ،‬وأن ّ‬ ‫نطل عىل‬ ‫الخ� الذي شهد آخر لحظة من حياة الشنفرى وليىل أ‬ ‫أ‬ ‫الخيلية‪...‬‬ ‫المكان ي‬ ‫كلهم إذن عاشوا ف� تلك الجغرافيا الطبيعة أ‬ ‫ال ّخاذة حيناً والقاسية أحياناً‪ ،‬وعىل‬ ‫ي‬ ‫تلك أ‬ ‫الرض الشاسعة ت‬ ‫ال� تصول فيها الريح‪ ،‬ولدت المعلقات والقصائد‪،‬‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� بلغت‬ ‫َ‬ ‫وخ ب ُ� الشعراء آالم ُ‬ ‫الحب ولوعات ف الفراق‪ ،‬وعقوبات القبيلة والهل ي‬ ‫ً‬ ‫نفيهم ليقضوا شطرا من حياتهم ي� أتون الصحراء يصادقون الهوام ويلتحفون‬ ‫السماء‪ ..‬دون أن يدروا أنهم يصنعون بذلك هوية مكتملة أ‬ ‫الركان للشعرية‬ ‫ت‬ ‫ال� خلَّدت اللغة العربية ش‬ ‫ون�تها ش�قاً وغرباً‪.‬‬ ‫العربية ي‬ ‫إن ما كتبه النقَّاد والباحثون بع� قرون عن هؤالء الشعراء هو ضخم وتصعب‬ ‫أس� الذاكرة أو رفوف المكتبات‪ ،‬فيما تكمن فضيلة‬ ‫إ‬ ‫الحاطة به‪ ،‬وأغلبه بقي ي‬ ‫ال�نامج ف� تجديد ذلك ت‬ ‫وتسخ� الوسائل‬ ‫ال�اث النقدي الصامت‪،‬‬ ‫هذا‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫العالمية الجديدة ش‬ ‫يت�م بماضيه وتراثه ولغته‬ ‫إ‬ ‫لن�ه وإحيائه ي� أوساط جيل ب ّ‬ ‫أحياناً‪.‬‬ ‫ت‬ ‫تنصب عىل دقة‬ ‫ال�‬ ‫إن عمال ً ي‬ ‫ّ‬ ‫كب�اً كهذا لن ينجو من بعض المالحظات ي‬ ‫أ‬ ‫ال�نامج لها‪ ،‬أو صحة الحداث‪ ،‬وأماكن‬ ‫معد ب‬ ‫النصوص الشعرية أو قراءة ّ‬ ‫وقوعها‪ ،‬أو إبراز جوانب من حياة شاعر وإغفال بعضها‪ ،‬لكننا ف ي� الحقيقة ال‬ ‫ن‬ ‫التلفزيو�‬ ‫ننتظر بحثاً أكاديمياً محكّماً بل برنامجاً ثقافياً يخضع شل�وط العمل‬ ‫أ ي‬ ‫القراء والمشاهدين‪ ،‬لكننا ف ي� كل الحوال‬ ‫وإيقاعه ويتوجه إىل ف ش�ائح متنوعة من َّ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� تحفل بكل الطايب ما عدا‬ ‫كسبنا موقعاً مهماً ي� خارطة ب‬ ‫ِ‬ ‫ال�امج التلفزيونية ي‬ ‫ت‬ ‫الوجبات الثقافية الخفيفة أو ح� الثقيلة‪.‬‬

‫الرحلة معاً‬ ‫ِمن رئيس التحرير‬

‫في مديح‬ ‫«على خُ طى العرب»‬


‫‪5|4‬‬

‫مع القرَّ اء‬ ‫تحية وبعد‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫علوم‬

‫ووردتنا رسالة من مصطفى أحمد البواب في‬ ‫دمشيت‪ ،‬مصر‪ ،‬يعقِّب فيها على موضوع ‪ 10‬أشياء‬ ‫ستختفي من حياتنا‪ ،‬الذي نشرته القافلة في عددها‬ ‫لشهري مايو ويونيو ‪ ،2015‬ويرى أ‬ ‫الخ مصطفى أن‬

‫وتضيف أ‬ ‫الخت سلمى‪ :‬إن قيمة كل وسيلة اتصال‪،‬‬ ‫وكل ابتكار تقني وعلمي‪ ،‬هي في قيمة استخدامه‪،‬‬ ‫أ‬ ‫تحول فيسبوك عندنا إلى مجرد‬ ‫ومع السف الشديد‪َّ ،‬‬ ‫تسلية لملء الفراغ الطويل‪ ،‬الذي يمتد عند البعض‬ ‫على مدى ساعات النهار‪.‬‬ ‫‪53 | 52‬‬

‫أشياء كثيرة اختفت من حياتنا بالفعل‪ ،‬أو في طريقها‬ ‫إلى ذلك‪ ،‬وعدد منها بعض أ‬ ‫الدوات الزراعية‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫أ‬ ‫والدوات المنزلية‪ ،‬وصوال ً إلى زقزقة الطيور ورائحة‬ ‫الطعام والخل الوفي‪.‬‬ ‫وكتبت سلمى الحايك من معان في أ‬ ‫الردن‪ ،‬تقول‪:‬‬ ‫قرأت باهتمام باب بداية كالم في القافلة الذي جاء‬ ‫تحت عنوان كيف الحال مع فيسبوك؟ وأود أن أضيف‬ ‫إليه مالحظة لم ترد عند الذين أجابوا عن السؤال‪،‬‬ ‫وهي أن وسيلة التواصل االجتماعي هذه (مثلها مثل‬

‫‪15 | 14‬‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫أ‬ ‫المقدمة التي أرسلها تبدو‬ ‫وللخ مشهور نقول إن ِّ‬ ‫شيقة وممتعة‪ ،‬ولكنها ال تكفي لتقييم الموضوع‬ ‫الكامل‪ ،‬لذا نرجو أن توافينا به للبت في إمكانية نشره‪.‬‬

‫أشياء‬ ‫ستختفي من‬ ‫حياتنا‬

‫بداية كالم‬

‫ومن الواليات المتحدة أرسل لنا مشهور زارب‬ ‫مقدمة مقالة عن الهندسة الكهربائية كعلم‬ ‫القحطاني ِّ‬ ‫يتصدر التقنية الحديثة التي ما كانت لتتطور من دونه‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫ويسأل ما إذا كنا مهتمين بنشر مقالته كاملة‪.‬‬

‫د‪ .‬فكتور سحاب‬

‫كيف الحال مع‬

‫فيسبوك؟‬ ‫‪ /‬شاعر من السعودية‬

‫عبدهللا المحسن‬ ‫سلبيات فيسبوك ث‬ ‫أك� من إيجابياته‬ ‫يمكن� أن أحدِّ د ما إذا كانت‬ ‫ال ن‬ ‫العالم ت ن‬ ‫ي‬ ‫ا� يمكنه الوقوع‬ ‫أو العكس‪ ،‬أالن المشارك ن� هذا‬ ‫االف� ي‬ ‫ي ً‪ .‬فقد يكون االإدمان عىل الحضور‬ ‫عىل االإيجابيات والسلبيات معا‬ ‫االف� نا� هو حالة سلبية‬ ‫آ‬ ‫االخرين داخل العالم ت ي‬ ‫أو االإطالل عىل‬ ‫ن� الوقت عينه‪ ،‬فإن هذا العالم‬ ‫بعينها‪ ،‬أالنها تسبب الخروج من الحياة الواقعية‪ .‬لكن ي‬ ‫تتال� المسافة ت‬ ‫ال� تفصلنا عنهم‬ ‫ث‬ ‫آ‬ ‫ي‬ ‫رأي والتواصل مع االخرين‪ ،‬الذين‬ ‫ن مساحة واسعة للتعب� عن ال‬ ‫ت‬ ‫ال� يحب‪ ،‬أو إيجاد‬ ‫ت‬ ‫االف� نا� يؤمِّ‬ ‫ي ً خاصاً يتحكّم فيه المستخدم ن ي� إيجاد مساحته ي‬ ‫ي كأنهم بيننا‪ .‬وفيسبوك يوجد عالما‬ ‫أ‬ ‫االفكار االإبداعية أو النقدية‪.‬‬ ‫ليضحوا‬ ‫مستخدم� آخرين‪ ،‬ما يفتح المجال لتبادل‬ ‫ين‬ ‫مساحات ت‬ ‫أصاب� الضجر من العالم‬ ‫ن‬ ‫مش�كة مع‬ ‫تشكيل مساحة إبداعية أعود إليها كلما‬ ‫ي‬ ‫العالم�‪ .‬ي ن‬ ‫ين‬ ‫المستوى الشخص‪ ،‬استفدت من‬ ‫ت‬ ‫أوقا� ي ن‬ ‫فح�‬ ‫ن‬ ‫ب�‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫عىل‬ ‫أن� وزّعت ي‬ ‫ويمكن� أن أزعم ي‬ ‫ت نا�‪.‬‬ ‫اف� نا� وواقعي ن ي� الوقت عينه‪.‬‬ ‫الواقعي‪ ،‬أي الواقع خارج عالم فيسبوك االف� ي ن يفيسبوك إىل ي ن‬ ‫كائن�‪ :‬ت ي‬ ‫آ‬ ‫حوّل�‬ ‫االخر‪ ،‬وبهذه الطريقة‬ ‫ي‬ ‫أضجر من أحدهما أعود إىل‬

‫حولني إلى كائنين‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫واقعي وافتراضي‬

‫‪ /‬باحث من سوريا‬

‫دارا‬ ‫العبدهللا وباحث‪ ،‬أسأل عن سلبيات وإيجابيات‬ ‫ن‬ ‫يخص� ككاتب‬ ‫فيما‬ ‫ي‬ ‫هل سيؤثر الفيسبوك عىل أساليب‬ ‫التاىل‪:‬‬ ‫الفيسبوك السؤال ي ت هي‪ :‬بالتأكيد نعم‪ .‬العدد القليل‬ ‫الكتابة الحديثة؟ وإجاب�‬ ‫الفيسبوك»‬ ‫ت يجب يأن يتكّون منها «الستاتوس‬ ‫ي‬ ‫ال�‬ ‫ين‬ ‫من الكلمات ي‬ ‫والتلغ�‪،‬‬ ‫الكاتب االختصار والتكثيف والتلميح‬ ‫يمىل عىل‬ ‫ك يبقى جاذباً للقراء‪،‬‬ ‫المعارصة‪ ،‬أال وهو «كتابة الشذرة»‪.‬‬ ‫ي‬ ‫َّ قّه ي ن‬ ‫العربية‬ ‫الكتابة‬ ‫�‬ ‫أ‬ ‫أد� حديث لم يأخذ ح ي‬ ‫العر�‪.‬‬ ‫وهذا هو أساس أسلوب ب ي‬ ‫الإحياء هذا النمط من الكتابة ن ي� االدب ب ي‬ ‫أ‬ ‫سا�‬ ‫تعميم القراءة السطحية العامّ ة‬ ‫فمن الممكن أن يكون فيسبوك الباعث اال ي‬ ‫لفيسبوك سيئة أساسية تبينت ن ي�‬ ‫جهة‪ ،‬من جهة أخرى‪ ،‬أعتقد أن‬ ‫المبا�ة مع الحدث يساعد عىل‬ ‫ث‬ ‫هذا من‬ ‫أ‬ ‫االعماق المتعددة‪ ،‬وااللتصاق‬ ‫التحليل ت‬ ‫وال�كيب وكشف‬ ‫مشكالت فيسبوك‪ ،‬وهي أفضل طريقة‬ ‫عىل حساب‬ ‫المبا�ة‪ ،‬وهذه مشكلة من‬ ‫ث‬ ‫أ‬ ‫االيديولوجية المسطحة‪،‬‬ ‫انتشار القراءة‬ ‫أخطاء وال ت‬ ‫فل�ة‪ ،‬النص‬ ‫للتشويش عىل الحقيقة‪.‬‬ ‫لمنابر الرأي‪ ،‬فال محرر وال رقيب وال‬ ‫أ‬ ‫ن فيسبوك أيضاً كرس احتكار الصحافة‬ ‫وأعتقد أن هذا ن ن‬ ‫واالفكار‬ ‫سي�ل اللغة‬ ‫م�ات‬ ‫ال رتوش وال إضافات وال تجميل‪.‬‬ ‫ومن ي ّ‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫القارئ‪،‬‬ ‫والمهمش�‪.‬‬ ‫أذن‬ ‫إىل‬ ‫العادي�‬ ‫الكاتب‬ ‫ث‬ ‫ِ‬ ‫مبا�ة من فم‬ ‫والهيئات إىل صلب المجتمع والناس‬ ‫مستوى المؤسسات والسلطات‬ ‫وطرائق التفك� من‬ ‫ن مواجهة الفوق والسلطة والمنظم‪.‬‬ ‫ي صوت التحت والمهمش والضئيل ي�‬ ‫فيسبوك هو‬

‫فيسبوك سيؤثر في‬ ‫أساليب الكتابة‬

‫حياتنا اليوم‬

‫ومن الرسائل التي وردتنا‪ ،‬ما كتبه الطالب المبتعث‬ ‫والفنان ميثم السلطان يقترح إضافة رسم‬ ‫كاريكاتيري إلى كل عدد‪ ،‬ونحن سنحيل اقتراحه إلى‬ ‫فريق التحرير لدرسه واتخاذ قرار بشأنه‪.‬‬

‫ً‬ ‫عنوانا لبحثك‪:‬‬ ‫تصفحت اإلنترنت واخترت‬ ‫َ‬ ‫إذا‬ ‫ً‬ ‫قريبا»‪،‬‬ ‫أشياء ستختفي من حياتنا‬ ‫«‪10‬‬ ‫إجابات عديدة تحمل هذا‬ ‫فستحصل على‬ ‫فتحت اإلجابات واحدة‬ ‫العنوان نفسه‪ ،‬فإذا‬ ‫فستجد أنها متشابهة في‬ ‫بعد األخرى‪،‬‬ ‫اختالف بسيط في بعض‬ ‫المضمون‪ ،‬مع‬ ‫جميعا تشير إلى ‪ 10‬أشياء‬ ‫ً‬ ‫األحيان‪ .‬لكنها‬ ‫ألمريكيين واإلنجليز‪ ،‬وال‬ ‫ستختفي من حياة ا‬ ‫حياة الشعوب األخرى‪.‬‬ ‫تتناول في اإلجمال‬ ‫موجزة لهذه اإلجابات‬ ‫ومطالعة خالصة‬ ‫ً من المضمون ينطبق‬ ‫أمر مفيد؛ ألن كثيرا‬ ‫توقعه في بالدنا‪ .‬فما هي‬ ‫على ما يمكن‬ ‫ً‬ ‫قريبا‬ ‫العشرة التي يتوقع اختفاؤها‬ ‫األمور‬ ‫إليكم الحصيلة‪ ،‬مع بعض‬ ‫من حياتنا؟‬ ‫التصرف‪:‬‬

‫القافلة‬ ‫يناير ‪ /‬فبراير ‪2015‬‬

‫القراء الذين يرسلون إلينا قصائدهم للنشر في‬ ‫أما ّ‬ ‫ً‬ ‫المجلة‪ ،‬وهم أيضا بالعشرات أو أكثر لكل عدد‪،‬‬ ‫المحدد الذي يطالعونه في‬ ‫فنرجوهم التزام الشكل‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫يتضمن نصا بقلم الشاعر‬ ‫باب «أقول شعراً»‪ ،‬والذي َّ‬ ‫يشرح فيه ظروف كتابته لقصيدته ونص القصيدة‪..‬‬ ‫وإال‪ ،‬فإننا مضطرون آسفين إلى االعتذار عن نشرها‪.‬‬

‫‪27 | 26‬‬

‫القافلة‬ ‫مايو ‪ /‬يونيو ‪2015‬‬

‫أ‬ ‫القراء‬ ‫بداية‪ ،‬نود أن نشكر كل إ‬ ‫الخوة والخوات من َّ‬ ‫الذين أرسلوا‪ ،‬ويستمرون بإرسال كثير من القصص‬ ‫القصيرة‪ ،‬أمال ً بنشرها في المجلة‪ .‬والواقع أن كثيراً‬ ‫يتكشف عن مواهب حقيقية‬ ‫من هذه القصص َّ‬ ‫وأصيلة في الكتابة أ‬ ‫الدبية‪ .‬إال أننا مضطرون إلى تكرار‬ ‫اعتذارنا منهم بسبب ضيق المجال في القسم أ‬ ‫الدبي‬ ‫الذي ال يمكننا من نشر القصص القصيرة في الوقت‬ ‫الحاضر‪ .‬وإذا طرأت تعديالت على أبواب القسم‬ ‫الثقافي بحيث يصبح ذلك ممكناً‪ ،‬فإننا سنعلن عن‬ ‫ذلك‪.‬‬

‫المتقدمة جداً عن‬ ‫تويتر) تدخل في إطار التكنولوجيا‬ ‫ِّ‬ ‫بعض الفئات التي يفترض فيها أن تخدمها‪ .‬فوسيلة‬ ‫فيسبوك التي تنمو باستمرار أينما كان في العالم‬ ‫بسبب ُحسن استعمالها وأهميتها‪ ،‬أصبحت عندنا‬ ‫«شغل من ال شغل له»‪.‬‬

‫َّ‬ ‫نتذمر‬ ‫ً‬ ‫منها أحيانا‪ ،‬ولكننا‬ ‫في الوقت نفسه‬ ‫ِّ‬ ‫نحملها أعمق ا‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫لمعاني وأعز الذكريات‬ ‫وكثيرا‬ ‫من‬ ‫آمالنا وأحالمنا‪ .‬إنها‬ ‫كلمات السر التي‬ ‫ً‬ ‫أصبحت‬ ‫جزءا من‬ ‫نسيج حياتنا اليومية‪.‬‬ ‫نختارها‬ ‫بعناية‬ ‫عند‬ ‫اع‬ ‫تمادها‪ ،‬وهاجسنا‬ ‫األول هو َّ‬ ‫أال تكون‬ ‫قابلة‬ ‫للتكهن‬ ‫بها‬ ‫من‬ ‫قبل اآلخرين‪ .‬فهي‬ ‫السور الدفاعي الذي‬ ‫يحمي‬ ‫خصوصياتنا وحتى‬ ‫أموالنا‪ .‬ولكن في‬ ‫لحظة االختيار بالذات‪،‬‬ ‫ثمة عوامل عديدة‬ ‫غير جانب السرية‬ ‫والطابع األمني تدخل‬ ‫على الخط وتوجه ا‬ ‫ختياراتنا‪ .‬فما هي؟‪.‬‬

‫مهى قمر الدين‬

‫أ‬

‫سرار كلمات ال ّ‬ ‫سر‬

‫قد‬ ‫السر التي‬ ‫تكون كلمة ّ‬ ‫وعندما سئل‬ ‫أ‬ ‫عالقة بين هوفستادتر عن رأيه فيما إذا كانت‬ ‫نسجِّ ل فيها دخولنا إلى الجهزة‬ ‫هناك إل ّ أنّه تبيّن أنّ‬ ‫العادات‬ ‫لهذه الكلمات دللت نفسيّة‬ ‫السر وبين‬ ‫الإ لكترونية المختلفة‪ ،‬أكثر من‬ ‫حلقات الإحساس المتعلقة بكلمات ّ‬ ‫وأنتروبولوجية مهمة‪.‬‬ ‫الذاتي‬ ‫مجرَّد رمز يفتح أمامنا عالم‬ ‫أنّ بعض أ‬ ‫التي درسها في كتابه‪ ،‬أكَّد‬ ‫النماط التي ترسمها تلك‬ ‫الإ لكترونيات بل هي بمنزلة‬ ‫الحلقات موجودة فقد ظهر‬ ‫طبيعياً ونقوم‬ ‫أنّ‬ ‫نحن‬ ‫آ‬ ‫معظم‬ ‫المدخل الذي ينفذ إلى‬ ‫كلمات‬ ‫داخلنا‬ ‫باكتشافها‪،‬‬ ‫السر‬ ‫ّ تعكس مروحة‬ ‫ويكشف أعمق أسرارنا‪.‬‬ ‫والبعض الخر نقوم‬ ‫بابتكاره‪ .‬ولكنّه يشير في‬ ‫كبيرة من المشاعر الإ‬ ‫وذلك حسب عالمة النفس‬ ‫نسانية المختلفة‪ .‬وكانت أكبر‬ ‫الوقت نفسه إلى أن الطبيعة‬ ‫البريطانية هيلين بيتري التي‬ ‫اعتبرت أنّ كلمات السر‬ ‫نسبة منها هي الكلمات‬ ‫البشرية تعارض أكثر من‬ ‫في القرن الواحد ّ توازي اختبار «‪»Rorschach‬‬ ‫أي شيء آخر‪ ،‬العتباطية‬ ‫اختار عديد من أ التي تعّ بر عن الحُ ب‪ .‬حيث‬ ‫في الختيار وأن‬ ‫الشخاص‬ ‫اختيار كلمات ّ‬ ‫والعشرين‪ .‬وهو الختبار الذي‬ ‫السر يتوافق مع تلك‬ ‫كلمات ترمز إلى أشخاص‬ ‫أ‬ ‫اشتهر‬ ‫وأحداث لها قيمة عاطفية‪.‬‬ ‫الطبيعة بالكامل‪ ،‬إذ إن اختيارها‬ ‫بتسجيل انطباعات الشخاص‬ ‫يأتي‬ ‫عند‬ ‫ً‬ ‫دائم‬ ‫ا‬ ‫رؤيتهم‬ ‫بالتوافق‬ ‫وهناك نسبة مهمة تحتوي‬ ‫مع الوعي‬ ‫على تعويذات تحفيزية‪،‬‬ ‫لبقعة حبر عادية ومن ثم‬ ‫الكامل دون أي عشوائية‪.‬‬ ‫ّ كان الخبراء يقومون بتحليل‬ ‫حيث إن أحد العدَّ ائِ ين‪ ،‬على‬ ‫تلك النطباعات‬ ‫سبيل المثال‪ ،‬كان‬ ‫الخوارزميات باستخدام إمّ ا التحليل النفسي أو‬ ‫يستخدم كلمة ّ‬ ‫السر «‪ »16:59‬وهو‬ ‫هذه الجوانب ا‬ ‫الوقت الذي يهدف إلى‬ ‫لنفسية‬ ‫ال‬ ‫المعقَّدة أو كليهما‪.‬‬ ‫فكلمات‬ ‫مختبئة‬ ‫السر‬ ‫فيها‬ ‫تحقيقه في السباق مسافة‬ ‫أ‬ ‫ّ‬ ‫‪ 5000‬متر‪ .‬وكان أحد‬ ‫تشبه كثيراً فنّ الورغامي‬ ‫في ديسمبر ‪ ،2009‬عندما‬ ‫كان يتصيد الإ نترنت لالإيقاع الرقم الخاص به السجناء السابقين يستخدم‬ ‫الياباني من حيث إنّها أعمال‬ ‫إبداعية‬ ‫بأهداف‬ ‫صغيرة‬ ‫محتملة‪،‬‬ ‫استطاع‬ ‫عندما كان‬ ‫وتلقائية تنبع من أعماق وجودنا‪.‬‬ ‫أحد قراصنة الكمبيوتر في‬ ‫سجيناً ليذكره بأل َّ يرتكب‬ ‫خطأ آخر يعيده إلى‬ ‫أوروبا الشرقية اختراق‬ ‫آ‬ ‫السجن من جديد‪ .‬وكانت‬ ‫قاعدة البيانات المؤلفة من‬ ‫أ‬ ‫‪ 32‬مليون كلمة سر‬ ‫حاول الكاتب دوغالس‬ ‫اللف من الكلمات تعبِّر‬ ‫ّ لشركة (‪ )Rock you‬التي تدير‬ ‫هوفستادتر تحديد الحلقات‬ ‫أعن الحنين واللم من أمور‬ ‫الدقيقة التي‬ ‫شبكة ألعاب إلكترونية‪.‬‬ ‫خسرناها‪ ،‬فكانت إحدى‬ ‫تمكننا من صناعة اللغة التي‬ ‫المهات‪ ،‬مثال ً‪ ،‬تستخدم‬ ‫وبعد عدّ ة أسابيع‪ ،‬قام هذا‬ ‫نتحدّ ث بها الشخص بنشر‬ ‫وإحساسنا بذاتنا‬ ‫اسم طفلها الذي‬ ‫من‬ ‫قاعدة‬ ‫فقدته‬ ‫المواد‬ ‫البيانات‬ ‫ً‬ ‫صغي‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫هذه‬ ‫الجامدة‬ ‫في‬ ‫محاولة منها‬ ‫حولنا‪ .‬ل شكّ في أهم مراجع الأ‬ ‫لتتحوّل إلى أحد‬ ‫أنّ هناك ما هو مواز‬ ‫لبقاء ذكراه حيّة‪ .‬وفي‬ ‫رشيف لكلمات ّ‬ ‫السر في العالم‪.‬‬ ‫ٍ بين كلمات ّ‬ ‫السر وبين الحلقات‬ ‫أحيان أخرى عكست الكلمات‬ ‫الدقيقة الموجودة في‬ ‫أ‬ ‫نوعاً من الدعابة والمرح إذ‬ ‫الموسيقى والرياضيات والفن‬ ‫استخدم بعض الشخاص‬ ‫وعلى مدى السنوات الأ‬ ‫التي وصفها‬ ‫كلمة ّ‬ ‫سر «غير صحيح»‬ ‫ل تتقن هوفستادتر في كتابه‪ .‬فالطبيعة‬ ‫خيرة قام فريق صغير من‬ ‫حتى في حال نسيانها يقوم‬ ‫بر‬ ‫السر فقط‪ ،‬وإنمّ ا تبتكر البشرية علماء الكمبيوتر في‬ ‫نامج الكمبيوتر بتوجيههم‬ ‫ابتكار كلمات ّ‬ ‫معهد أونتاريو للتكنولوجيا‬ ‫السر الصحيحة‬ ‫إلى كلمة ّ‬ ‫تلك التي بدراسة قاعدة‬ ‫تحمل معها حلقات‬ ‫بمجرد أن يشير لهم‬ ‫أنّ كلمة ّ‬ ‫مهمة‪ .‬فعلى البيانات هذه وخرج باستنتاجات‬ ‫السر غير صحيحة‪.‬‬ ‫متداخلة من الإحساس الذاتي‬ ‫وهناك‬ ‫العميق‪.‬‬ ‫بعض‬ ‫الرغم‬ ‫كلمات‬ ‫من‬ ‫السر‬ ‫أنّ معظم الدراسات‬ ‫ّ الالفتة لبراعتها وهي‬ ‫المتعلقة‬ ‫السر ركّزت على الجانب الأ‬ ‫التي تضم أفكاراً كبيرة‬ ‫بكلمات ّ‬ ‫مني‬ ‫وتحفظها في شيفرة صغيرة‪.‬‬ ‫فهناك أحد مهندسي‬ ‫الكمبيوتر الذي يهوى اللعب‬

‫ومن جدة كتب سليمان أبو حمد تعقيباً قصير ًا‬ ‫على موضوع «أسرار كلمة السر» المنشور في عدد‬ ‫يناير‪-‬فبراير ‪ ،2015‬وفيه يقول إن كلمات السر تكاثرت‬ ‫في حياتنا إلى درجة أن نسيانها صار متوقعاً وتحسب‬ ‫اللكترونية حسابه‪ ،‬من خالل الخانة «هل‬ ‫المواقع إ‬ ‫نسيت كلمة السر؟» ويضيف أ‬ ‫الخ سليمان أنه شخصياً‬ ‫مضطر ألن يتذكر «‪ 32‬كلمة سر»‪ ..‬وأن الحل الذي‬ ‫نُصح به هو كتابتها على ورقة وتخبئتها في مكان آمن‪.‬‬ ‫وهنا يتساءل‪« :‬ماذا لو نسيت أين خبأت الورقة؟‬ ‫وماذا لو عثر عليها أحدهم؟‪..‬إن أ‬ ‫المر مثل وضع‬ ‫الرأس تحت المقصلة؟»‪.‬‬


‫تحية وبعد‬

‫أكثر من رسالة‬

‫القيمة بين التأني والسرعة‬ ‫غمرتني نشوة حماس وغبطة فكر‪ ،‬وأنا أقرأ ملف أدب‬ ‫وفنون في عدد مايو ‪ /‬يونيو ‪ 2015‬من مجلة القافلة‪.‬‬ ‫إنه شعور بالرضا أ‬ ‫والمل الذي ينتابني كل مرة تمر‬ ‫بي فكرة جميلة أو قصة ملهمة‪ .‬ففي أقل من خمس‬ ‫مر في فكري كثير‬ ‫دقائق‪ ،‬مدة قراءة هذا المقال‪َّ ،‬‬ ‫من الصور الذهنية والخواطر الفكرية التي أود أن‬ ‫أسترجع بعضاً منها وأشارككم بها في هذه السطور‪.‬‬ ‫الزهد فيما نملك يبدو طبيعة بشرية‪ .‬فتجربة‬ ‫البروفيسور جيمس مونتغومري في إمضاء أكثر من‬ ‫لتجسد جزءاً‬ ‫ثالثين عاماً في دراسة ما كتب الجاحظ‪ِّ ،‬‬ ‫من الكم الفكري الذي خلَّفه أسالفنا وحافظت عليه‬ ‫أجيال وأجيال‪ .‬وهنا‪ ،‬ال أتكلم بمنطق أن الجاحظ عا ِلم‬ ‫وأرخ‪ .‬وإنما أكتب‬ ‫عربي ولي ملك بشكل ما فيما كتب َّ‬ ‫عنه كابن آلدم وحواء وكل ما كتب هو تراث بشري‪.‬‬ ‫نحن قوم مستعجلون‪ ..‬ال نقضي الوقت لننجز وال‬ ‫نملك الصبر لنكافح وال الحكمة لترتيب أولويات‬ ‫حياتنا‪ .‬نركض من جهة إلى أخرى ومن موضوع إلى‬

‫أدب وفنون‬

‫العالم أن يقرأ الشعر العربي‬ ‫«لماذا على‬ ‫عنوان محاضرة ألقاها‬ ‫الكالسيكي»‪ ،‬هو‬ ‫اليدن البروفيسور جيمس‬ ‫في جامعة‬ ‫األستاذ في جامعة كامبردج‪،‬‬ ‫مونتغومري‪،‬‬ ‫من الجامعة الهولندية‬ ‫بدعوة مشتركة‬ ‫وأرامكو فيما وراء البحار‪.‬‬ ‫الشهيرة‬ ‫في محاضرته عن ثالث‬ ‫تحدث مونتغومري‬ ‫في التراث العربي‪ ،‬وهم‬ ‫شخصيات كبيرة‬ ‫والجاحظ‪ .‬كما قرأ بعض‬ ‫الفارابي والبيروني‬ ‫العربي إلى اإلنجليزية‪.‬‬ ‫ما ترجمه من الشعر‬ ‫جولة أفق مع البروفيسور‬ ‫وكان لـ «القافلة»‬ ‫تحدث فيها عن نظرته إلى‬ ‫األسكتلندي‪،‬‬ ‫وآدابها التي أبهرته وأعطاها‬ ‫اللغة العربية‬ ‫عقودا طويلة من عمره‪.‬‬ ‫ً‬

‫أسامة أمين‬

‫مونتغومري‬ ‫والجاحظ‬

‫اللغة العربية بعين‬ ‫أسكتلندية جديدة‬

‫موقف‪ ،‬في سباق مع آ‬ ‫الخرين لتحقيق أهداف يومية‬ ‫أو سنوية سرعان ما تتالشى؛ لتحل محلها أهداف‬ ‫أسهل لتتحقق في وقت أقصر‪ .‬وبغض النظر عن‬ ‫مقدار ما أنجزنا وما أخفقنا في تحقيقه من هذه‬ ‫أ‬ ‫الهداف‪ ،‬فالخسارة الكبرى أننا انشغلنا عن العمل‬ ‫ألجل أهداف أسمى وأرقى قد تسهم في تطوير الفكر‬ ‫البشري وعمارة هذه أ‬ ‫الرض‪.‬‬ ‫الهم أ‬ ‫وتبقى الرسالة أ‬ ‫والوضح في هذا الملف‬ ‫أن إقبال عموم هذا الجيل على وسائل التواصل‬ ‫االجتماعي‪ ،‬وهذا الكم الهائل من الرسائل أ‬ ‫والخبار‬ ‫غير الموثَّقة والنقاشات غير الهادفة لن تساعد هذا‬ ‫الجيل على بناء فكر أو إثراء معرفة لتبقى السنن‬ ‫ون‬ ‫ين يَ ْعل َُم َ‬ ‫الكونية هي الحكم‪( ..‬ق ُْل َه ْل يَ ْس َت ِوي ال َِّذ َ‬ ‫ون)‪.‬‬ ‫ين ال يَ ْعل َُم َ‬ ‫َوال َِّذ َ‬ ‫سعد الشهراني‬ ‫الخبر‬

‫عايدة عبدالكريم‪ ..‬كبيرة رحلت‬ ‫عند سماعه نبأ رحيلها‪ ،‬قال وزير الثقافة المصري‬ ‫الدكتور عبدالواحد النبوي‪« :‬عايدة عبدالكريم قامة‬ ‫وقيمة كبيرة للفن التشكيلي‪ ،‬خاصة والثقافة المصرية‬ ‫عامة‪ .‬وبرحيلها نكون قد فقدنا رمزاً من رموزنا‪ .‬لقد‬ ‫قدمت خالل تاريخها الفني النموذج والقدوة للفنان‬ ‫َّ‬ ‫العاشق للفن»‪ ..‬والتاريخ الفني لعايدة عبدالكريم‬ ‫حيزاً عريضاً من الساحة الثقافية‬ ‫طويل جدا أً‪ ..‬وشغل ِّ‬ ‫في مصر لكثر من ستين سنة‪.‬‬ ‫فقد ولدت الفنانة عام ‪1929‬م‪ ،‬وحصلت على‬ ‫دبلوم المعهد العالي لمعلِّمات الفنون الجميلة عام‬ ‫‪1947‬م‪ .‬وبعد أن تابعت دراسات عليا في واشنطن‬ ‫حتى عام ‪1955‬م‪ ،‬نالت دبلوم دراسات عليا من‬ ‫أكاديمية الفنون الجميلة في المجر عام ‪1970‬م‪.‬‬ ‫وراحت تتدرج في التدريس بكلية التربية الفنية في‬

‫جامعة حلوان‪ ،‬حتى أصبحت رئيسة قسم النحت‬ ‫والخزف فيها‪.‬‬ ‫ولكن التدريس لم يوقف الفنانة عن إالبداع‪ ،‬فقد‬ ‫شاركت زوجها الفنان زكريا الخناني حب الزجاج وفنون‬ ‫تشكيله‪ .‬فالفنان زكريا هو من أعاد اكتشاف عجينة‬ ‫الزجاج والخزف التي كانت مستخدمة قديماً في مصر‪.‬‬ ‫وبفضل جهوده‪ ،‬راجت صناعة قوارير الزجاج الصغيرة‬ ‫والملونة‪ ،‬التي‬ ‫الحجم‪ ،‬الرقيقة جداً والمزخرفة‬ ‫ّ‬ ‫الحرفية في مصر‪ ،‬وباتت‬ ‫أصبحت من أكبر الفنون ِ‬ ‫الحرفيات في معظم مدن العالم‪.‬‬ ‫حاضرة في متاجر ِ‬ ‫وكونا‬ ‫أحب الزوجان الفنانان الزجاج بشكل خاص‪ّ ،‬‬ ‫ثنائياً مبدعاً‬ ‫واستمرا بالعمل في هذا العالم الشفاف‬ ‫ّ‬ ‫والسريع العطب‪.‬‬

‫إنجازهما الكبير‪ :‬المتحف‬

‫الحلم الذي ظل يراود عايدة عبدالكريم وزوجها‬ ‫زكريا الخناني‪ ،‬كان إنشاء متحف لفن النحت‬ ‫الزجاجي‪ .‬وبالفعل‪ ،‬قاما بشراء قطعة أرض في‬ ‫تحول الحقاً‬ ‫مبنى َّ‬ ‫منطقة الحرانية‪ّ ،‬‬ ‫وشيدا عليها ً‬ ‫إلى متحف يضم أعمالهما‪ ،‬واسمه‪ :‬متحف فن‬ ‫الزجاج والعجائن المصرية لزكريا الخناني وعايدة‬ ‫عبدالكريم‪ .‬وهو متحف فريد من نوعه في كل‬ ‫البالد العربية‪ ،‬ويحتوي على أكثر من ألف معروضة‬ ‫فنية‪ ،‬إضافة إلى مركز لتعليم فن الزجاج والخزف‪.‬‬ ‫وقد القى هذا المتحف تقديراً عالمياً‪ ،‬وأصبح ضمن‬ ‫السياح الذين يقصدون أهرامات الجيزة‬ ‫برامج َّ‬ ‫وسقارة‪ .‬وأهدت الفنانة المتحف بكل ما فيه لوزارة‬ ‫الثقافة المصرية‪ ،‬ليظل مركزاً تعليمياً ينتج أجياال ً‬ ‫من المبدعين‪ .‬وأوصت قبيل رحيلها باستمرار العمل‬ ‫في المتحف والورشة ومساعدة الفنانين والسعي إلى‬ ‫اكتشاف المواهب‪.‬‬ ‫أيمن عبدالسميع حسين‬ ‫مصر‬


‫‪7|6‬‬

‫ورشة عمل‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫العالقات داخل فريق العمل‬

‫وحدة متكاملة‬ ‫لتحقيق الهدف‬

‫بات موضوع العالقات داخل فريق العمل أو «عالقات المجموعة» يلقى اهتماماً‬ ‫ورواجاً بين شباب أ‬ ‫العمال الرياديين في العالم العربي وتحديداً في الخليج‬ ‫العربي‪ ،‬حيث تزدهر أ‬ ‫التطور التقني وثورة االتصاالت‪.‬‬ ‫العمال الجديدة التي بلورها‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫مكون من متخصصين في المجال ومن‬ ‫وهذه العمال تحتاج إلى فريق عمل صغير ّ‬ ‫إداري يدير الفريق ومن قائد يقود الفريق نحو تحقيق الهدف‪ .‬هذه الورشة التي‬ ‫ُعقدت في مدينة الرياض وشارك فيها عدد من الطالب الجامعيين‪ ،‬تُلقي الضوء‬ ‫على كيفية بناء الروابط المتينة داخل فريق العمل الواحد‪.‬‬


‫تغيرت أنواع الوظائف أ‬ ‫والعمال في العقود‬ ‫أّ‬ ‫الخيرة ألسباب كثيرة‪ ،‬منها تطور التقنيات‬ ‫في زمن «ثورة» االتصاالت التي ّبدلت مفهوم‬ ‫أ‬ ‫العمال المكتبية‪ ،‬ثم المنافسة الكبرى بين‬ ‫العالنية التي جعلت من كيفية تقديم المنتج‬ ‫الشركات مع الطفرة إ‬ ‫ذات أهمية أكبر من المنتج نفسه‪ .‬لكن هذا أدى إلى تأثيرات أخرى‬ ‫جدية منها كيفية إدارة أ‬ ‫العمال داخل المؤسسات سواء أكانت ربحية‬ ‫أم غير ربحية‪ ،‬خصوصاً في المؤسسات أو الشركات العصرية‬ ‫والحديثة‪ ،‬وبدأت أ‬ ‫الفكار تتمحور حول كيفية عمل الفريق الواحد‬ ‫محدد‪ .‬وفي هذا النمط الجديد من العمل‬ ‫من أجل تحقيق هدف َّ‬ ‫صارت العالقات داخل المجموعة التي تشكّل الفريق على قدر كبير‬ ‫من أ‬ ‫الهمية‪ .‬وظهرت نظريات مختلفة حول طبيعة هذه العالقات‬ ‫أ‬ ‫يدرس في الجامعات كمادة ال غنى عنها لشخاص‬ ‫وبعضها بات ّ‬ ‫يطمحون إلى تأسيس أعمال أو مؤسسات أو جمعيات ناجحة تحقِّق‬ ‫هدفاً محدداً‪.‬‬

‫من أين أتت فكرة الورشة؟‬

‫يثير موضوع فريق العمل اهتمام كثير من الشبان السعوديين‪،‬‬ ‫وراجت ورش العمل التي تتناول هذا الموضوع‪ ،‬والتي يشارك فيها‬ ‫طالب من كليات إدارة أ‬ ‫العمال واالقتصاد وغيرها من تخصصات‬ ‫أ‬ ‫العمال الجديدة التي ظهرت في السنوات الماضية والتي‬ ‫تحتاج إلى فريق عمل صغير كي تتحقِّق وتنجح‪.‬‬ ‫ومنها هذه الورشة التي ُعقدت في إحدى مزارع‬ ‫مدينة الرياض بهدف عزل المشاركين‪ ،‬وتدريبهم‬ ‫على بناء فرق تتنافس فيما بينها على تحقيق‬ ‫معين وضعته الورشة لهم‪ ،‬وهو يتم ّثل‬ ‫هدف َّ‬ ‫آ‬ ‫في التعارف ثم في تبادل الراء ووجهات‬ ‫النظر‪ ،‬ثم تأسيس فرق مؤلفة من ‪ 4‬إلى ‪5‬‬ ‫أشخاص‪ ،‬ثم التنافس بينها‪ .‬وفي نهاية‬ ‫الورشة‪ ،‬التعليق على ما جرى خاللها‬ ‫وما تعلّموه وقاموا به وتوصلوا إليه‬ ‫فيما يخص العالقات التي تربط‬ ‫بينهم كأفراد داخل المجموعة‬ ‫الواحدة‪ ،‬وكمجموعات فيما بينها‪.‬‬

‫المدربان الدكتور عبدهللا الداود‬ ‫أدار الورشة على مدى يومين‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫وخبير العالقات ثامر المنجم‪ .‬وشارك فيها ‪ 16‬شخصاً بعضهم من‬ ‫طالب الجامعات‪ ،‬والبعض آ‬ ‫الخر موظفون انتدبتهم مؤسساتهم‬ ‫لتعلّم قواعد العمل داخل الفريق أو المجموعة‪.‬‬

‫تمرين مشترك بين المد ِّربين والمشاركين‬

‫حين وصل المشاركون إلى مكان إقامة الورشة وهم ال يعرفون‬ ‫بعضهم بعضاً‪ ،‬كانت إمارات الرهبة بادية في وجوههم وحركاتهم‪.‬‬ ‫وهذا واحد من أ‬ ‫المور التي ستعالجها الورشة‪ ،‬أي كسر حاجز‬ ‫الرهبة‪ ،‬وتقريب المشاركين ودفعهم إلى الثقة ببعضهم‪ ،‬ثم‬ ‫العمل في فرق ومجموعات‪ ،‬خالل اليومين التاليين‪.‬‬ ‫كان على كل واحد منهم أن يختار الغرفة التي سيقيم فيها مع‬ ‫شخص آخر‪ ،‬قبل أن يلتحق بالمجموعة في القاعة الرئيسة التي‬ ‫ستقام فيها الجلسة أ‬ ‫الولى‪ .‬واختيار شريك الغرفة هو تمرين أول‬ ‫على المشاركة وبناء مجموعة بين شخصين‪ ،‬ولو أنه غير مدرج فعلياً‬

‫أصل فكرة «فريق العمل»‬ ‫ومدمرة‪ .‬وكان‬ ‫خرجت اليابان من الحرب العالمية الثانية مهزومة ّ‬ ‫ال بد من إعادة البناء كي ال تنحدر إلى أعماق الهاوية االقتصادية‬ ‫واالجتماعية‪ .‬وبسبب النقص في العدة والعدد‪ ،‬كان ال بد من‬ ‫إيجاد تنظيم محكم أ‬ ‫للعمال كي تنجح في أسرع وقت‪ .‬فكانت‬ ‫الفرق المتكاتفة والمتكاملة ذات الهدف الواحد التي يقودها‬ ‫شخص واحد وتديرها المجموعة‪ .‬وكانت الخطة اليابانية ناجحة‬ ‫جداً‪ ،‬وخرجت اليابان سريعاً من الهزيمة العسكرية إلى االنتصار‬ ‫االقتصادي عالمياً‪ .‬ثم انتشرت هذه الطريقة في سائر أنحاء‬ ‫العالم الرأسمالي‪.‬‬ ‫أ‬ ‫موحد‪،‬‬ ‫والفريق هو مجموعة من الفراد يشتركون في أداء عمل َّ‬ ‫معينة في هذا‬ ‫ّ‬ ‫ويتحمل كل فرد منهم مسؤوليات ومهام جزئية أَّ‬ ‫العمل‪ ،‬مع وجود نوع من التفاعل والتداخل بين العضاء يتوقف‬ ‫على طبيعة المهمة الموكولة إليه ألدائها‪ ،‬وكذلك على مقدرة كل فرد‬ ‫من أفراد الفريق على إنجازها‪.‬‬ ‫تعرف فريق‬ ‫وبمرور الوقت تطورت الفكرة‪ ،‬وظهرت نظريات كثيرة ّ‬ ‫معينة وشروطاً ال بد ألعضائه من‬ ‫العمل الناجح‪ ،‬وتمنحه صفات َّ‬ ‫تنفيذها كي ينجح في تحقيق أهدافه‪ .‬وهذه النظريات الكثيرة‬ ‫متشابهة في أغلبها‪ ،‬مع بعض الفروقات في التفاصيل‪ ،‬وتتناول‬ ‫هذه بيئة العمل والثقافة المحلية‪ ،‬ونوعية القيادة‪ ،‬أ‬ ‫والهداف‬ ‫المزمعة بالتأكيد‪.‬‬


‫‪9|8‬‬

‫في إطار برنامج الورشة الرسمي‪ .‬إال أن الورشة الفعلية بدأت من‬ ‫اللقاء أ‬ ‫الول بين المشتركين‪.‬‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫بعد انتهاء الجميع من استعدادات اللحظات أ‬ ‫الولى‪ ،‬كان اللقاء في‬ ‫القاعة حيث يسود الصمت بانتظار اكتمال عدد الموجودين‪ ،‬كما‬ ‫تبين في النهاية أن هذا الصمت لم يكن لينتهي‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫ظن الجميع‪ ،‬لكن ّ‬ ‫المدربان‬ ‫إذ دام ما يزيد على الساعة ونصف الساعة‪ ،‬حيث كان‬ ‫ِّ‬ ‫يجلسان على طاولة أمام الجميع ينظران إليهم‪ ،‬وأولئك ينظرون‬ ‫المدربين وينتظرون منهم البدء بحركة ما أو طلب‪ .‬لكن هذا‬ ‫إلى‬ ‫ِّ‬ ‫المدربين على‬ ‫ما لم يحدث‪ .‬الهدف من الصمت فرض سلطة‬ ‫ِّ‬ ‫المجموعة كلّها‪ ،‬وترك كل فرد في الجماعة في حال من التساؤل بينه‬ ‫وبين نفسه‪.‬‬

‫الهدف من الصمت فرض‬ ‫ِّ‬ ‫المدربين على‬ ‫سلطة‬ ‫ّ‬ ‫المجموعة كلها‪ ،‬وترك كل‬ ‫فرد في الجماعة في حال من‬ ‫التساؤل بينه وبين نفسه‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫مرحلة التكوين‬

‫أخذ المشاركون يتبادلون االلتفاتات وكأنهم يتساءلون عما يحدث‪،‬‬ ‫ثم شيئاً فشيئاً أخذوا يتبادلون أ‬ ‫الحاديث ويتعارفون‪ .‬وهذه دالالت‬ ‫مختلفة على الحاجة إلى كسر الصمت أوالً‪ ،‬والخروج من الحيرة‬ ‫والتساؤالت الداخلية‪ ،‬ثم فتح باب التعارف الذي يفرضه وجود‬ ‫مجموعة في مكان واحد‪ .‬وهذه هي مرحلة التكوين‪.‬‬ ‫يتحول‬ ‫هي أولى خطوات‬ ‫التحول من الفردية إلى الجماعية‪ ،‬حيث َّ‬ ‫ّ‬ ‫الفرد إلى عضو متفاعل‪ ،‬ومن كونه مستقال ً إلى مشارك‪ ،‬ويكتشف‬ ‫فيها البيئة النفسية للفريق‪ .‬ويسودها خليط من الشعور بالفرح‬ ‫بعضويته في جماعة‪ ،‬والتفاؤل بالقدرة على النجاح‪ ،‬والقلق‬ ‫والخوف من الفشل‪ ،‬والشك في المهمة وفي باقي أعضاء الفريق‪.‬‬

‫كسر حاجز الصمت‬

‫بعد مرور بعض الوقت في الصمت والتساؤل‪ ،‬بدأ أحد المشاركين‬ ‫حديثاً في الرياضة القى قبوال ً من الباقين‪ ،‬فانفتح الحديث بين‬ ‫الجميع أوالً‪ ،‬ثم انطلقت أحاديث ثنائية أو بين مجموعات‪ ،‬وكانت‬ ‫هذه البوادر أ‬ ‫الولى لشكل الفرق التي س ُتشكَّل‪.‬‬ ‫بدأت أشكال من العالقات الجماعية تنشأ بين الموجودين‪ .‬ولهذا‬ ‫المدربان من المشاركين الخروج إلى الباحة كي تبدأ الفعاليات‬ ‫طلب‬ ‫ِّ‬ ‫معينة‪.‬‬ ‫ألعاب‬ ‫على‬ ‫ستتنافس‬ ‫فرق‬ ‫تشكيل‬ ‫تتطلب‬ ‫التي‬ ‫العملية‬ ‫َّ‬ ‫خريج جامعة البترول والمهندس‬ ‫المشارك إبراهيم الصوقعي ِّ‬ ‫الكيميائي في شركة سابك‪ ،‬قال إن طريقة بدء البرنامج كانت غريبة‬

‫‪2‬‬


‫«العمل كفريق ذو أهميتين‪:‬‬ ‫أولهما أداء المهمة مع الحفاظ‬ ‫على عالقتي بأصدقائي أو‬ ‫أعضاء فريقي‪ .‬وثانيهما تعرفي‬ ‫إلى ردود فعلهم تجاه أمور‬ ‫َّ‬ ‫معينة قبل أن تقع»‪..‬‬

‫سمات الفريق الفعّ ال‬ ‫أ‬

‫الفعال المتفق عليها بين جميع‬ ‫السمة الولى من سمات الفريق ّ‬ ‫النظريات التي تتناول العالقة داخل المجموعة وعالقة المجموعة‬ ‫آ‬ ‫بالخرين‪ ،‬التضحية بالطموح الشخصي‪ .‬فالحماسة لتحقيق‬ ‫الهدف يجب أن تكون مرتفعة لدى الجميع‪ ،‬وتغلب لديهم عقلية‬ ‫تحقيق هدف المجموعة بدال من أ‬ ‫الهداف الشخصية‪ ،‬وهذا نوع‬ ‫ً‬ ‫الفعال كي ال يغلّب‬ ‫الفريق‬ ‫عضو‬ ‫من التضحية يجب أن يؤديه‬ ‫ّ‬ ‫عد نجاحه كفرد من نجاح المجموعة ككل‪.‬‬ ‫طموحه الشخصي‪ ،‬بل يَ ُّ‬

‫المدرب‬ ‫على الجميع‪ ،‬خاصة فترة الصمت التي بدت مستفزة‪ .‬وبرأي‬ ‫ِّ‬ ‫المنجم‪ ،‬فإن الهدف من فترة الصمت هذه هو شحن القلق لدى‬ ‫المتدربين‪ ،‬فمجالسة القلق أثناء فترات الصمت هو فعل يتهرب‬ ‫ِّ‬ ‫منه الناس عادة‪ ،‬ألنهم يرفضون الدخول إلى عقولهم الباطنة التي‬ ‫قد تظهر لهم أموراً ال يريدون معرفتها أو التفكير فيها‪ ،‬وكذلك‬ ‫رفض مشاركتها مع آ‬ ‫الخرين‪.‬‬

‫السمة الثانية تتمثل بوضوح أ‬ ‫الهداف في ذهن كل عضو‪ ،‬وفهم‬ ‫ّ‬ ‫دوره‪ .‬وفي حال كان ال يفهمه بشكل كامل‪ ،‬يؤازره أقرانه ويرشدونه‬ ‫ويعلمونه‪ ،‬وتتداخل هذه السمة مع سمة مؤازرة قيادة المجموعة‬ ‫والثقة بها‪ ،‬ما يبث الثقة بين أعضاء المجموعة‪.‬‬ ‫ويُعد الخالف في الرأي بين أعضاء الفريق أمراً طبيعياً ونافعاً‪.‬‬ ‫فإذا كنت أنت ومديرك دائماً على رأي واحد فأحدكما ال داعي له‪.‬‬ ‫ولكن يجب أن تكون هذه الخالفات في وجهات النظر وال تتعداها‬ ‫إلى خالفات شخصية‪.‬‬

‫المدرب أن القلق يأتي عادة من الالوعي‪ ،‬واذا ما أجبرت‬ ‫ويضيف‬ ‫ِّ‬ ‫أ‬ ‫الفراد داخل المجموعة على الدخول في هذا الالوعي‪ ،‬فإنهم‬ ‫تلقائياً سيبدؤون بالتحادث والتفاعل من غير كلمات وال إشارات‪،‬‬ ‫وسينطلقون في حوار ذهني بحت‪ ،‬له تأثير قد يكون أكبر أحياناً من‬ ‫الحوار المباشر‪ .‬وقد أثبتت هذه النظرية علمياً‪ .‬وهذا التمرين هو‬ ‫بمنزلة الحبال التي ستشد المتدربين إلى بعضهم بعضاً في بداية‬ ‫الورشة‪.‬‬

‫الفعال بقوة العالقات بين أعضائه‪ ،‬وتأخذ‬ ‫ويتصف الفريق ّ‬ ‫العالقات شكال ً غير رسمي‪ ،‬حيث يصبحون أصدقاء أكثر من زمالء‬ ‫في العمل ويكون قوام هذه العالقة‪ :‬الثقة واالحترام والتعاون‬ ‫والدعم‪ .‬ويتم تبادل المعلومات بحرية وسهولة ووضوح بين‬ ‫أعضاء الفريق‪ .‬ويحرص هؤالء على االجتماع والتشاور التخاذ‬ ‫القرار‪ ،‬وتدور بينهم النقاشات في هدوء للوصول إلى القرار‬ ‫أ‬ ‫الصوب الذي يجمع عليه أعضاء الفريق كلّه‪.‬‬

‫في الجلسة الثانية لليوم أ‬ ‫الول طُلب إلى المشاركين أن يشكِّلوا‬ ‫حلقات مؤلَّفة من ‪ 4‬إلى ‪ 5‬أشخاص في الحديقة الخارجية‬ ‫للمكان‪ .‬والهدف أ‬ ‫الول هو تركهم يختارون شركاءهم ولو بطريقة‬ ‫الواعية‪ ،‬أو طريقة نعتقدها الواعية‪ ،‬ولكنها واعية بطرق مختلفة‬ ‫تتعلق بتبادل إعجاب ما أو توافق من مجرد النظر أو التحادث‬ ‫البسيط‪.‬‬

‫مرحلة الصراع‬

‫هي من أصعب المراحل في بناء الفريق‪ ،‬حيث يبحث فيها كل‬ ‫عضو عن مكانه ومكانته‪ ،‬وينفد فيها صبر أ‬ ‫العضاء‪ ،‬فيجادلون‪،‬‬ ‫ويثورون‪ ،‬ويعترضون وينشأ النزاع بينهم‪ .‬وقد ال يحقق الفريق‬ ‫إنجازات في هذه المرحلة‪ .‬وال بد من بروز بعض التضارب في‬ ‫وجهات النظر‪ ،‬وسلوكيات من الجدال والمناقشة والتحدي‪،‬‬ ‫والتنافس والصراع‪ ،‬واستخدام وسائل الدفاع السيكولوجية من‬ ‫إسقاط‪ ،‬وتبرير‪ ،‬وانسحاب‪ ،‬والدفاع الشديد عن وجهة النظر‬ ‫الشخصية‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫المدرب‪ ،‬جاء دور اللعبة‬ ‫بعد تشكيل المجموعات بنا ًء على طلب‬ ‫ّ‬ ‫الولى وهي تناقل كرة تنس بين أ‬ ‫أ‬ ‫الشخاص في حلقة بأسرع وقت‬ ‫ممكن‪ ،‬ثم أضيفت كرة ثانية ثم ثالثة‪ ،‬والفريق الذي يجد طريقة‬ ‫أفضل لتناقل الكرة بأسرع وقت ممكن سيفوز في هذه اللعبة‬ ‫وسيختار مهمته في اللعبة التالية‪ ،‬وهي تدور حول «مركز طبي‬ ‫الدارة والوحدة الطبية‬ ‫للكلى» يتألف من ثالث إدارات وهي مجلس إ‬ ‫والوحدة الهندسية‪.‬‬

‫‪4‬‬

‫التطبيقات العملية‬


‫‪11 | 10‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫ماذا تعني ورشة عالقات المجموعة؟‬

‫هي تجربة تعلّم ُم َس ّرعة ُص ّممت لتمكين المشاركين من فهم العوامل‬ ‫الفعالة وتطوير قدراتهم القيادية‬ ‫التي تؤدي إلى ممارسة القيادة ّ‬ ‫آ‬ ‫تقبل فكرة المدير‬ ‫الخاصة‪ ،‬والقدرات القيادية للخرين‪ ،‬عن طريق ّ‬ ‫والدارة‪ ،‬والتفاهم بعضهم مع بعض للعمل جنباً إلى جنب‪ .‬والورشة‬ ‫إ‬ ‫والتعرف إليها‪،‬‬ ‫شخصياتهم‬ ‫تحليل‬ ‫على‬ ‫المشاركين‬ ‫يساعد‬ ‫مختبر‬ ‫بمنزلة‬ ‫ُّ‬ ‫وإلى شخصيات آ‬ ‫الخرين وانفعاالتهم في مواقف وظروف معينة‪.‬‬ ‫فبدأت لعبة تناقل كرة التنس بطريقة عادية‪ ،‬لكن مع اشتداد‬ ‫التنافس راحت كل مجموعة تحاول إيجاد طرق جديدة تجعلها‬ ‫تتناقل الكرة بوقت أسرع‪ ،‬وذلك بالطريقة التي تراها المجموعة‬ ‫معينة‪ .‬فتمكّن‬ ‫مقيدة بطريقة َّ‬ ‫مناسبة‪ ،‬خصوصاً وأنها لم تكن ّ‬ ‫وتحرر من القيود المفروضة على‬ ‫الفريق الذي فكّر خارج الصندوق ّ‬ ‫التعاون الجماعي ‪-‬وهي قيود موجودة بطبيعتها‪ -‬من الفوز‪.‬‬ ‫يتكون من ثالث إدارات وهي الوحدة‬ ‫كان تمرين «مركز الكلى» ّ‬ ‫الدارة‪ ،‬ولكل مجموعة‬ ‫الهندسية‪ ،‬والوحدة الطبية‪ ،‬ومجلس إ‬ ‫معينة‪ ،‬ولكنها ال تستطيع التواصل مع غيرها بسبب‬ ‫مهمات َّ‬ ‫الدارية‪ .‬وهناك انضباط مفروض على كل مجموعة ال‬ ‫المركزية إ‬ ‫الخالل به‪ .‬ودور هذه المجموعات إثارة التحدي فيما‬ ‫تستطيع إ‬ ‫بينها‪ ،‬لذلك هي تحتاج إلى مراقب للتحدي بينها‪ .‬وكانت أهداف‬ ‫هذا التمرين بحث تأثير الفرد على منظومة العمل‪ ،‬وبحث‬ ‫العالقة بين القيادات‪ ،‬والتعاون بينها‪ ،‬وبحث تأثر العالقة بين‬ ‫المجموعات‪ ،‬والتعريف بطرق حل المشكالت داخل منظومة‬ ‫التقبل‪.‬‬ ‫العمل‪ .‬وهذه هي مرحلة ّ‬

‫‪5‬‬

‫مرحلة التق ّبل‬

‫في هذه المرحلة يقوم أعضاء الفريق بأداء أدوارهـم‪ ،‬ويستخدم‬ ‫كل منهم قدراته الشخصية والذهنية‪ ،‬وتسود عالقات التعاون‬ ‫ويتعرف كل عضو إلى دوره‪ ،‬ويتفهـم نواحي القوة‬ ‫والترابط‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ومدرب وناصح‪ ،‬ويساعد‬ ‫والضعف‪ ،‬ويمارس القائد دوره ِّ‬ ‫كموجه ِّ‬ ‫أ‬ ‫العضاء على تقييم أدائهم‪ .‬وتبدأ خطوات التقدم ونتائجه في‬ ‫أ‬ ‫آ‬ ‫الظهور والشعور بالثقة بالخرين‪ ،‬حيث تكون المور قد استقرت‬ ‫وتعرف أ‬ ‫العضاء إلى بعضهم بعضاً‪.‬‬

‫في هذه المرحلة يقوم أعضاء الفريق‬ ‫بأداء أدوارهـم‪ ،‬ويستخدم كل منهم‬ ‫قدراته الشخصية والذهنية وتسود‬ ‫عالقات التعاون والترابط‬

‫الجلسات أ‬ ‫الخيرة‬

‫في الجلسة الرابعة التي عقدت في اليوم التالي في القاعة العامة‬ ‫بدا االختالف واضحاً عما كان عليه الحال في الجلسة أ‬ ‫الولى‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫كان النقاش مفتوحاً أكثر‪ ،‬وكان قد بدأ التعارف والتواصل بين‬ ‫المشتركين‪ .‬ونتيجة لتقاربهم ومن ثم لتنافسهم في مجموعات‬ ‫قلَّت المجامالت أو التحفّظات التي حكمت العالقة بينهم في‬ ‫الجلسة أ‬ ‫الولى‪.‬‬ ‫الجلسة الخامسة كانت بمنزلة تلخيص لما تمت االستفادة منه‪،‬‬ ‫خصوصاً الجلسة الثالثة العملية التي شاركت فيها المجموعات‬ ‫الثالث‪ .‬وكان عليهم التفكير بالتفاعالت والديناميكيات التي نشأت‬ ‫والمتدربون يبدون مالحظاتهم حول‬ ‫بينهم‪ .‬وهنا راح المشاركون‬ ‫ِّ‬ ‫عمل كل فريق منهم‪ ،‬ويبدون آراءهم بما جرى بينهم‪ ،‬ثم حاولوا‬ ‫وضع اقتراحات جديدة سواء في إدارة الفرق التي كانوا يؤلفونها أو‬ ‫في عملية التدريب كلّها‪.‬‬

‫‪6‬‬


‫وفي هذه الجلسة بدأت تتضح تلقائياً لهم أ‬ ‫الهداف المتوخاة من‬ ‫مشاركتهم في هذه الورشة على مدى يومين‪ .‬ثم حاول كل منهم‬ ‫يفسر ما قام به‪ ،‬وراح بعضهم يتذكر أنه خالل توزيعهم على‬ ‫أن ِّ‬ ‫فرق‪ ،‬وحين كان التنافس على أشده‪ ،‬قام بانفعاالت أو بتصرفات‬ ‫ال يقوم بها في العادة‪ ،‬دون أن يعرف تفسيراً لها‪ ،‬أو لماذا اقترفها‬ ‫المدربين الذين قاموا بشرح هذه‬ ‫في هذه اللحظة‪ .‬وهنا كان دور‬ ‫ِّ‬ ‫الحاالت التي تحصل في الحياة العادية وفي العالقات االجتماعية‬ ‫الطبيعية داخل العمل أو العائلة‪ .‬لكن في أجواء غير تنافسية أو‬ ‫خارج عمل الفريق الواحد‪ ،‬يعتقد كل واحد م ّنا أن ما يقوم به هو‬ ‫العمل الصحيح لذا ال يعطي انفعاالته أهمية كبرى أو يفكر في‬ ‫البحث عن أسبابها أو الدوافع إليها‪.‬‬

‫المستهدفون؟‬

‫في العموم هم كل الناس‪ .‬فعالقات المجموعة ال تنحصر في‬ ‫معينة‪ ،‬فرب العائلة‪،‬‬ ‫أشخاص محددين أو يعملون في مجاالت َّ‬ ‫على سبيل المثال‪ ،‬يمكنه أن يكون أحد المستهدفين‪ ،‬ولكن في حال‬ ‫التخصيص فهي تهم رجال أ‬ ‫العمال والقادة والمديرين والمسؤولين‬ ‫ّ‬ ‫والناشطين أ‬ ‫والمدربين‬ ‫االستشاريين‬ ‫اء‬ ‫ر‬ ‫والخب‬ ‫والباحثين‬ ‫كاديميين‬ ‫وال‬ ‫ِّ‬ ‫أ‬ ‫ومقدمي الخدمات ومن ينتمون إلى عالم العمال والمال والسياسة‬ ‫والحكومة والسلطات المحلية والمنظمات غير الحكومية والرعاية‬ ‫االجتماعية والتعليم والخدمات االستشارية‪....‬إلخ‪.‬‬

‫يقول المشارك عبدهللا إن أكثر ما استفاده من الورشة هو أن‬ ‫العامل الخارجي سواء أكان مرئياً أم مسموعاً قد يؤثر في ردة الفعل‬ ‫أو القرار‪ .‬و«كوني أراجع نفسي وأؤمن بهذا التأثير‪ ،‬فأعتبر أنني‬ ‫يمر بي أهمية‬ ‫تلقيت الفائدة المرجوة‪ ،‬إذ بت أعطي لمحيطي وما ّ‬ ‫لم أكن ألحظها سابقاً‪ ،‬في نوعية القرار وكيفية اتخاذه»‪.‬‬ ‫أما المشارك عامر فيقول إن العمل كفريق ذو أهميتين‪ :‬أولهما‬ ‫أداء المهمة مع الحفاظ على عالقتي بأصدقائي أو أعضاء فريقي‪.‬‬ ‫معينة قبل أن تقع‪.‬‬ ‫وثانيهما تعرفي إلى ردود فعلهم على أمور َّ‬ ‫ولكني أعترف أنه في ورشة مركز غسيل الكلى كان تركيزنا على عالقتنا‬ ‫النهاء‪.‬‬ ‫الداخلية‪ ،‬وتأخرنا في التركيز على المهمة‪ .‬وهذه هي مرحلة إ‬

‫طريقة بدء البرنامج‬ ‫كانت غريبة على‬ ‫الجميع‪ ،‬خاصة فترة‬ ‫الصمت التي بدت‬ ‫مستفزة‬ ‫كوني أراجع نفسي وأؤمن بهذا‬ ‫التأثير‪ ،‬فأعتبر أنني تلقيت‬ ‫المرجوة‬ ‫الفائدة‬ ‫َّ‬

‫القلق يأتي عادة من الالوعي‬


‫‪13 | 12‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫ما الفائدة؟‬

‫على القائد أن يدرس مع الفريق العوامل‬ ‫التي أدت إلى النجاح أو الفشل‪ ،‬والدروس‬ ‫المستفادة‪ ،‬وكيفية عرض النتائج‪ ،‬والتقييم‬ ‫الكلي للتجربة‬

‫النهاء‬ ‫مرحلة إ‬

‫في هذه المرحلة على القائد أن يدرس مع الفريق العوامل التي‬ ‫أدت إلى النجاح أو الفشل‪ ،‬والتقييم الكلي للتجربة‪ .‬ويكون شعور‬ ‫أ‬ ‫الفراد الناجحين الفخر والبهجة واالعتزاز والحزن النفضاض‬ ‫الفريق‪ .‬أما في حالة الفشل فيكون استخدام وسائل الدفاع‬ ‫السيكولوجية من إسقاط‪ ،‬وتبرير‪ ،‬وانسحاب‪.‬‬

‫لماذا نختار قائداً؟‬

‫بحسب لغويين كثر فإن «القود» في اللغة نقيض «السوق» يقال‪:‬‬ ‫يقود الدابة من أمامها ويسوقها من خلفها‪.‬‬ ‫وغالباً ما كانت المجتمعات البشرية تحتاج إلى قيادة تأخذها في‬ ‫معين (هو طريق صحيح بالنسبة للقائد)‪ .‬فقد أمر الرسول‬ ‫طريق َّ‬ ‫محمد ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬بتعيين قائد على كل ثالثة أفراد‪،‬‬ ‫فليؤمروا أحدهم»‪ .‬وذلك كي‬ ‫حين قال‪« :‬إذا خرج ثالثة في سفر ِّ‬ ‫المبراطور‬ ‫ال يتفرق بهم الرأي وال يقع بينهم االختالف‪ .‬وقال إ‬ ‫الفرنسي نابليون بونابرت‪« :‬جيش من أ‬ ‫الرانب يقوده أسد‪ ،‬أفضل‬ ‫من جيش من أسود يقوده أرنب»‪.‬‬ ‫ويقوم جزء من القيادة على جاذبية القائد وشخصيته وطبائعه‬ ‫الداري فهو شخص منطقي‬ ‫الذاتية‪ ،‬وباقي المؤثرات العاطفية‪ .‬أما إ‬ ‫الدارة بالجزئيات‪.‬‬ ‫بالضرورة‪ .‬وفيما تهتم القيادة بالكليات‪ ،‬تهتم إ‬ ‫فتحدد‬ ‫فتلك تهتم باختيار ماهية العمل الصحيح‪ ،‬أما هذه ِّ‬ ‫الطريقة الصحيحة للقيام بالعمل‪.‬‬

‫‪7‬‬

‫وتطور مؤسسته‪،‬‬ ‫لتطوره ّ‬ ‫يكتسب المشارك ميزة التنافسية الالزمة ّ‬ ‫وميزة التعامل مع هذه التنافسية بطريقة صحيحة ومجدية‪ ،‬ويتملك‬ ‫القدرات التي تخوله إقناع آ‬ ‫الخرين بأفكاره‪ ،‬واالستماع إلى أفكار‬ ‫ّ‬ ‫آ‬ ‫تقدم المؤسسة التي يعمل فيها‪،‬‬ ‫الخرين‪ .‬وهذا ما يسهم في ّ‬ ‫أ‬ ‫الفعالة تستند إلى فهم الناس كأفراد أوالً‪ ،‬ثم كأعضاء‬ ‫لن إ‬ ‫الدارة ّ‬ ‫وأن تركيبة‬ ‫في جماعات ومنظمات ومجتمع كبير وواسع‪ ،‬خصوصاً ّ‬ ‫وتبدلت طبيعة العمل نفسها‪،‬‬ ‫تغيرت‪ّ ،‬‬ ‫المنظمات والمؤسسات ّ‬ ‫ولم يعد القادة والمديرون يتبادلون نفس الرؤى في قيادة أو إدارة‬ ‫مؤسساتهم‪.‬‬ ‫الشارة إلى الفوارق بين القائد والمدير‬ ‫وفي هذا المقام‪ ،‬ال بد من إ‬ ‫تعد‬ ‫وبالتالي بين القيادة إ‬ ‫والدارة‪ .‬ففي زمن «المؤسسة الفكرة» ّ‬ ‫القدرات النفسية والعاطفية والثقافية واالجتماعية الخاصة ألصحاب‬ ‫المنظمة أو المؤسسة‪ ،‬والعالقات أ‬ ‫والدوار الواضحة بينهم وبين‬ ‫العاملين معهم أعظم ما تملكه المؤسسة‪ .‬لذلك فإن دور القيادة‬ ‫يتمحور حول التطلّع إلى حقائق وأهداف جديدة مع تحديد الوسائل‬ ‫الدارة فتسعى إلى تنفيذ هذه الرؤية‪.‬‬ ‫لتحقيق هذه التطلعات‪ ،‬أما إ‬ ‫وفي ورشة عالقات المجموعة أو فريق العمل تتمازج الوسائل‬ ‫النظرية والتجريبية‪ ،‬أي التعلّم من خالل التجربة‪.‬‬

‫المهمة الرئيسة‬

‫وتهدف الورشة إلى مناقشة العالقات ضمن المجموعة الصطفاء‬ ‫قادة ذوي رؤية إبداعية مهمة‪ ،‬من أجل الوصول إلى طموحاتهم‬ ‫الشخصية والمهنية بواسطة مديريهم‪ .‬وتُعد مناقشة العالقات في‬ ‫المجموعة أمراً مهماً إليضاح ديناميكية الوعي والالوعي في قيادة‬ ‫وإدارة المنظمات‪.‬‬ ‫وتوفّر مناقشة العالقات في المجموعة فرص التعلّم لجيل جديد‬ ‫من القادة والمديرين الذين يسعون إلى تحسين مهاراتهم في وضع‬ ‫أ‬ ‫البداع ألنواع جديدة من الشبكات التعاونية‪.‬‬ ‫الفكار‪ ،‬وتشجيع إ‬



‫‪15 | 14‬‬

‫بداية كالم‬

‫ِّ‬ ‫أيهما تفضل‪ :‬ألبوم‬ ‫الصور الورقي أم الرقمي؟‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫ئ‬ ‫المر� والمسموع‬ ‫دامون غاوي ‪ -‬أستاذ ف ي� مادة‬ ‫ي‬

‫المصورين الذين يتخذون من التصوير حرفة يحصلِّون‬ ‫كث� من‬ ‫ِّ‬ ‫من الناحية إالحصائية‪ ،‬هناك ي ٌ‬ ‫منها معاشهم‪ ،‬باتوا يعملون أقل بسبب وجود كم هائل من الصور عىل إال تن�نت‪ ،‬وبسبب‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫كث�ة‪ .‬إذ كان التصوير‬ ‫إيجا� عىل صعد ي‬ ‫توافر ي‬ ‫الكام�ات ي� كل مكان‪ .‬لكن ما يحدث الن هو ب ي‬ ‫كام�ا متخصصة‪ ،‬وفتح محل يسمونه استديو‪ ،‬أما‬ ‫فيما م�ض حكراً عىل أشخاص يمكنهم ش�اء ي‬ ‫الن فبات أ‬ ‫آ‬ ‫المر يحتاج إىل كبسة زر واحدة ت‬ ‫ح� تكون الصورة جاهزة‪ .‬وهذا بغض النظر عن الصورة المنتجة‪ ،‬إذا ما‬ ‫للكام�ات ساعد كل من يحب التصوير كهواية أو كمهنة أن تكون ف ي� متناول يده‪.‬‬ ‫كانت جيدة أو عادية‪ .‬وهذا االنتشار ي‬ ‫يع� عن مكنونات صدره بالوسيلة ال�ت‬ ‫إننا نقول إن الفن للجميع‪ ،‬أي لكل من يريد أن ب ّ‬ ‫ي‬ ‫يرغب بها‪ ،‬فكما أن الورقة والقلم متوافران لكل من يرغب ف ي� الكتابة‪ ،‬يجب أن ينسحب‬ ‫أ‬ ‫فأفضل الديجيتال‪ ،‬ألنه يحفظ‬ ‫ذلك عىل كل أدوات‬ ‫التعب� الممكنة‪ .‬أما لناحية اللبوم‪ّ ،‬‬ ‫ي‬ ‫عدداً أك� من الصور‪ ،‬ويمكننا أن نشتغل عىل الصور كيفما نريد‪ ،‬بدءاً أ‬ ‫باللوان مروراً‬ ‫ب‬ ‫ق‬ ‫الور� الذي‬ ‫إ‬ ‫بالضافات أو إزالة الشوائب منها‪ .‬ولكن هذا لن يلغي دور ألبوم الصور ي‬ ‫سيبقى موجوداً ف� النهاية كذاكرة متاحة لجميع أفراد العائلة ف‬ ‫و� متناولهم جميعاً‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫الفن للجميع‬

‫محمد سليمان ‪ -‬مخرج ِفديو بع� اليوتيوب‬

‫حامل الكاميرا‬ ‫يصنع الصورة‬

‫مصوراً ت‬ ‫مح�فاً إذا ما‬ ‫أعتقد أن بإمكان ي‬ ‫كام�ا التلفون أن تجعل من المرء ِّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫كانت لديه الرغبة أو الموهبة ي� أن يكون مح�فاً‪ .‬بف� ي يأ�‪ ،‬المر ال يتعلّق‬ ‫أ‬ ‫بالداة قدر ما يتعلَّق بحاملها نفسه‪.‬‬ ‫ت‬ ‫مصورين‬ ‫ي‬ ‫ال� يمكن اعتبارها اليوم متخلّفة صنعت ِّ‬ ‫فالكام�ات القديمة ي‬ ‫عالمي� ما زال بعضهم معروفاً ت‬ ‫ين‬ ‫كام�ات هواتفهم‬ ‫كب�اً من‬ ‫المصورين يقومون بتعديل ي‬ ‫ح� اليوم‪ .‬وأعرف عدداً ي‬ ‫ِّ‬ ‫ف‬ ‫بكام�ات جديدة ث‬ ‫أك� تطوراً الستخدامها ي� التصوير اللحظي أو المفاجئ أو التصوير الذي يتم بالصدفة‪ .‬وهذا يحتاج‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫منتبه�‬ ‫رين‬ ‫مصو‬ ‫إىل‬ ‫و� النهاية فإن االح�اف ي� التقاط الصورة يتعلَّق بمن يقوم‬ ‫رسيعة‪.‬‬ ‫فعل‬ ‫ردة‬ ‫ذات‬ ‫ات‬ ‫وكام�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� يحملها فقط‪.‬‬ ‫بالتقاط الصورة ال ي‬ ‫الكام�ا ي‬ ‫معا� الكالسيكية والمشاعر والذكريات فيما خص الورق والديجتال‪ .‬كل ما ف� أ‬ ‫بالنسبة أللبوم الصور لن أدخل ف� ن‬ ‫المر‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أن ألبوم الورق يمكنك وضعه ف� مكان ما لتعود إليه ي ن‬ ‫ح� تريده دون حاجة إىل كمبيوتر أو إىل كهرباء‪ .‬وتكون قد رتبت‬ ‫ي‬ ‫الصور بحسب توقيت التقاطها بع� السنوات أو بحسب موضوعاتها‪ ،‬ما يجعلها مسلسال ً لحياتك‪ .‬ف ي� ألبوم الديجيتال‪،‬‬ ‫ستمتلك كماً هائال من الصور بطبيعة الحال‪ ،‬وستحتاج إىل جهد كب� منك ك تقوم تب�تيبها‪ ،‬ثم ستحتاج إىل نقل أ‬ ‫اللبوم‬ ‫ً‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الذي سيكون واحداً من ي ن‬ ‫الشخص‪ .‬وقد تخرس كل صورك أحياناً ف ي� حال وقع‬ ‫كمبيوترك‬ ‫أو‬ ‫هاتفك‬ ‫لت‬ ‫بد‬ ‫كلما‬ ‫مئات‪،‬‬ ‫ب�‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫خطأ ن ف‬ ‫ت‬ ‫ال� تريدها‪ ،‬فالصورة لم‬ ‫تق� ي� جهازك‪ .‬ولكن للديجيتال فوائد أيضاً تساعدك ي� العمل عىل الصورة بالطريقة ي‬ ‫ي‬ ‫تعد تلك ت‬ ‫الكام�ا وحسب‪ ،‬بل وكل العمل الذي يتم عليها بع� برامج الفوتوشوب‪.‬‬ ‫ال� تلتقطها بواسطة ي‬ ‫ي‬ ‫لكال أ‬ ‫ال ي ن‬ ‫ش‬ ‫�ء ف ي� الحياة‪.‬‬ ‫أعتقد أن‬ ‫لبوم� حسناته وسيئاته‪ ،‬كما كل ي‬


‫ال احتراف‬ ‫بواسطة الهاتف‬

‫مصور فوتوغر ف يا�‬ ‫ماجد‬ ‫المالك ‪ِّ -‬‬ ‫ي‬ ‫وأقدمها ف� عمل نف� أو ت‬ ‫أش�ك بها ف ي�‬ ‫ال‬ ‫الجو‬ ‫بواسطة‬ ‫صورة‬ ‫ر‬ ‫أصو‬ ‫لن‬ ‫ِّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫ن‬ ‫م� تصوير صورة ما‪ .‬فأنا أعتقد أن‬ ‫مسابقة أو ِّ‬ ‫أقدمها لشخص طلب أ ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫المتخصصة ما زالت هي الداة الفضل ي� التقاط المشاهد‪ .‬إذ يمكن‬ ‫الكام�ا‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫والضاءة‪ ،‬ويمكن أن نتحكم بزوايا الصورة‬ ‫و� البعاد إ‬ ‫التحكّم ي� عدستها ي‬ ‫ت‬ ‫كث�ون يتقنون‬ ‫ال� نلتقطها منها‪ ،‬وهذا ما ال يوفره الهاتف مهما كان متطوراً‪ .‬ففي النهاية هناك ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ولك� ال أفعل ذلك‪ ،‬وال‬ ‫استخدام الهاتف اللتقاط الصور واستخدامها كما لو أنها ٌ‬ ‫صور فنية‪ ،‬ي‬ ‫ن‬ ‫أتب� صوراً ملتقطة بواسطة هاتف‪.‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ألوان نقية‪ ،‬وأبعاداً واضحة‪ .‬بينما تخضع الصور الورقية‬ ‫بالنسبة لللبوم فأنا ِّ‬ ‫أفضل الديجيتال‪ ،‬لنه يعطينا صوراً‪ ،‬ذات ٍ‬ ‫الكام�ا العالية أو عدمها‪ .‬ألبوم الورق‬ ‫التظه� ف ي� الغرف المعتمة‪ ،‬وهذه تتطلب مهارة من‬ ‫لمزاج‬ ‫المصور ال تتعلَّق بتقنية ي‬ ‫ي‬ ‫ِّ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫ً‬ ‫�ء كان موجودا واختفى أو ي� طريقه إىل االختفاء‪ .‬عدا ذلك‪ ،‬فال مجال‬ ‫يمكننا إدخاله ي� عالم الذاكرة‬ ‫ي‬ ‫والحن� ِّ‬ ‫كأي ي‬ ‫لمقارنته بجودة ألبوم الديجيتال الذي يمنحنا مساحة واسعة ف ي� االشتغال عىل الصورة‪ ،‬فنضيف إىل مشهدية الصورة بعضاً‬ ‫من خيالنا الذي أردناه لها‪ ،‬ولم يكن متوفراً ي ن‬ ‫ح� التقاطها‪.‬‬

‫ن‬ ‫العد� ‪ -‬طالبة ف ي� جامعة الملك فيصل‬ ‫ندى‬ ‫ي‬

‫ن‬ ‫مصورة دون قصد‪.‬‬ ‫م� ِّ‬ ‫أعتقد أن الهاتف ي‬ ‫الذك جعل ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫فلم أكن أفكِّر يوماً بالتصوير بالمع� االح� يا�‪ .‬ولكن‬ ‫يتحول الشخص إىل مهتم بتفاصيل‬ ‫شيئاً فشيئاً‪ّ ،‬‬ ‫فيتعرف إىل‬ ‫صورته يك تكون عىل أحسن ما يرام‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫تفاصيل آ‬ ‫اللة ت ف‬ ‫ت‬ ‫ال� تمكّ نه من التقاط‬ ‫ال� ي� يده‪ ،‬وعىل كل المعطيات فيها ي‬ ‫ي‬ ‫الكث�ة‪.‬‬ ‫صورة أفضل؛ يك يبهر بها أصدقاءه عىل مواقع التواصل االجتماعي ي‬ ‫هكذا رصت ألتقط صورة أفضل ومتقنة ث‬ ‫أك�‪ .‬وأعتقد أن نوعية الصورة وجمالها أمر يخضع ألمزجة‬ ‫ت‬ ‫يحدد مدى اح�افية ملتقطها‪.‬‬ ‫الناظرين إليها‪ ،‬فإما يجدونها رائعة‪ ،‬وإما عادية‪ ،‬وهذا ال ِّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫أفضل ألبوم الورق‪ ،‬فهو ث‬ ‫أك� حميمية‪ ،‬ويعطيك خيارات قليلة ي� الصور‬ ‫بالنسبة للبوم الصور فأنا ِّ‬ ‫ت‬ ‫ال� تشاهدها‪ ،‬فتأخذك الصورة الواحدة إىل عوالم مختلفة‪ ،‬أما ألبوم الديجيتال‪ ،‬فهو غالباً أضخم‬ ‫ي‬ ‫بكث� ويحتوي عىل عدد كب� من الصور بسبب سهولة التقاط الصورة‪ ،‬ما يجعله مخزناً للصور تتال�ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ترتيبه أو التفتيش فيه‪ ،‬ت‬ ‫فت�اكم ألبومات الديجيتال فوق بعضها‪ ،‬إىل ي ن‬ ‫ح� يخطر ببالك أن تجلس‬ ‫كب� ووقت طويل‪.‬‬ ‫وتوضبها وتؤرشفها‪ ،‬وهذا يحتاج إىل جهد ي‬

‫ِّ‬ ‫صور‪..‬‬ ‫شارك‪..‬‬ ‫انتهى‬ ‫الموضوع‬

‫المشاهد هو الحكم‬ ‫ِ‬

‫هيثم شمص ‪ -‬مخرج وأستاذ جامعي‬

‫ف‬ ‫كام�ا»‪ .‬تكاد هذه المقولة أن‬ ‫كنا ي� السابق نقول‪« :‬يا ليت كان معنا ي‬ ‫ال�ء (أو الحدث) ي ن‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫وب� إظهاره‬ ‫تندثر‪ .‬كانت هنالك مسافة يب� آتصوير ي‬ ‫صو ْر‪ ...‬شارك‪ ..‬انتهى الموضوع‪.‬‬ ‫(عملية ي‬ ‫تظه� الصور سابقاً)‪ .‬الن‪ِّ :‬‬ ‫من ناحية الحدث ورسعة إظهاره‪ ،‬يجب ت‬ ‫تطور هائل‪.‬‬ ‫االع�اف بأن ذلك ّ‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫يعد باستطاعة أحد أن‬ ‫صح‬ ‫جيد‪ .‬لم ْ‬ ‫ي‬ ‫أصبح الحدث و«الحقيقة» إذا ّ‬ ‫�ء ّ‬ ‫التعب�‪ ،‬ي� متناول الجميع وبرسعة فائقة‪ .‬هذا ي‬ ‫مصوراً؟ هل انحدرت‬ ‫من‬ ‫الذك‬ ‫الهاتف‬ ‫ا‬ ‫كام�‬ ‫تجعل‬ ‫هل‬ ‫؟‬ ‫الجمال‬ ‫التفضيل‬ ‫عن‬ ‫ماذا‬ ‫يحجب الحدث عن الناس‪ .‬لكن‬ ‫ي‬ ‫أي كان ّ‬ ‫ٍّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫وتحسن أي صورة!؟‬ ‫ي‬ ‫معاي� ّ‬ ‫ال� يمكنها أن ّ‬ ‫التذوق ّ‬ ‫تجمل ّ‬ ‫لفن التصوير؟ ما هو المعيار أصال ً مع وجود بال�امج الذكية ي‬ ‫أعتقد بأن الكمية تحسن النوعية‪ .‬ن‬ ‫كث�ة سيكون ذلك نز‬ ‫بم�لة تمرين لك يؤدي ف ي� النهاية‬ ‫بمع� أنك إذا بدأت بالتقاط صور ي‬ ‫ِّ‬ ‫ين‬ ‫إىل ي ن‬ ‫تطور أو‬ ‫تحس� أدائك‪ .‬كما أن برامج‬ ‫وغ�ها الموجودة أصال ً عىل الهاتف‪ ،‬وهي ي‬ ‫التحس� كالفوتوشوب ي‬ ‫كث�ة‪ ،‬تجعلك ّ‬ ‫والضاءة والحجم‪ ...‬إلخ‪.‬‬ ‫لتغي� اللون إ‬ ‫تكتشف ذوقك وأسلوبك بع� االختيارات الواسعة المتاحة لك ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫عاطل� من‬ ‫يأ� يوم يصبح فيه‬ ‫المصورون ي‬ ‫ِّ‬ ‫يجادل البعض ي� أن مهنة التصوير أصبحت ي� خطر ويزداد الخوف من أن ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫الرسامون يرسمون بورتريه‬ ‫العمل كما حصل لمهنة الرسم بعد اخ�اع التصوير الفوتوغر يا� عام ‪1850‬م‪ ،‬حيث كان ّ‬ ‫المح�ف النآ‬ ‫ف� أيضاً؟ يستطيع ت‬ ‫لعائالت (زبائن) استبدلوا بها صوراً فوتوغرافية‪ .‬لكن‪ ،‬أليست التكنولوجيا مفيدة ت‬ ‫للمح� ي ن‬ ‫ن‬ ‫أن ش‬ ‫يكن‬ ‫ين� صوره عىل مواقع التواصل االجتماعي كلها‪ ،‬وإيصال أعماله وتجربته لعدد ب‬ ‫بشكل لم ْ‬ ‫أك� من الناس (المتلق يّ�) ٍ‬ ‫المنافسة كما �ف‬ ‫مصور جيد‪ .‬إنها‬ ‫كاتب جيد‪ ،‬فليس كل من لديه ي‬ ‫كام�ا هو ّ‬ ‫متاحاً من قبل‪ .‬وكما ليس كل من لديه قلم هو ٌ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫�ء‪ ،‬وقد انفتح بابها ف ي� مجال التصوير الفوتوغر يا� عىل مرصاعيه‪.‬‬ ‫كل ي‬ ‫الكم المهول من الصور‪ ،‬إن أر ْد َت لصورك أن بت�ز فعليك حتماً أن تكون ي ز‬ ‫مم�اً َّ‬ ‫وخلقاً‪.‬‬ ‫وسط هذا ّ‬ ‫ِ‬


‫‪17 | 16‬‬

‫كتب عربية‬

‫جدة‪ :‬ترميم‬ ‫مجسمات ّ‬ ‫مجموعة نادرة من أعمال‬ ‫القرن العشرين الفنية‬ ‫تأليف‪ :‬مجموعة مؤلفين‬ ‫الناشر‪Booth Clibborn :‬‬ ‫(تحت الطبع)‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫يروي هذا الكتاب قصة ترميم مجسمات جدة الشهيرة التي يبلغ عددها‬ ‫حوالي ‪ 400‬مجسم موزعة في الحدائق والشوارع والساحات‪ .‬وقد تم‬ ‫جمعها في متحف كبير في الهواء الطلق في مساحة ‪ 7000‬متر مربع يُعد‬ ‫من أكبر المتاحف المفتوحة في العالم‪ ،‬وذلك في محاولة لوضعها أمام‬ ‫جمهور جديد مختلف تماماً‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ولن هذه المجسمات‪ ،‬التي أصبحت جزءا مهما من تاريخ المدينة‪ ،‬تأثرت‬ ‫بفعل مناخ جدة الحار والرياح والرمال‪ ،‬أُطلق في عام ‪2011‬م مشروع‬ ‫ترميم هذه المجسمات‪ ،‬التي صنعها فنانون معروفون عالمياً‪ ،‬مثل هنري‬ ‫مور وخوان ميرو من أجل ضمان بقائها في حالة جيدة‪ .‬وقد رمم بعضها‬ ‫الخر واستعادت المجسمات مجدها أ‬ ‫ودعم بعضها آ‬ ‫الول‪ .‬ويظهر هذا‬ ‫ُّ‬ ‫التوثيق الجديد في هذا الكتاب‪ ،‬من خالل كتابات وصور أُخذت بنا ًء‬ ‫على الطلب‪ ،‬ومن خالل الوثائق أ‬ ‫الصلية في كتاب هاني فارسي‪« :‬جدة‪،‬‬ ‫مدينة الفن‪ ،‬المجسمات والمنحوتات»‪ ،‬الذي صدر عام ‪1991‬م والذي‬ ‫يضاهي في قيمته الوثائق القديمة والجديدة المعروضة‪ .‬وهذه المواد‬ ‫المطبوعة جزء من عملية الذاكرة نفسها‪ ،‬التي يُعاد من خاللها إحياء‬ ‫الثقافة المتغيرة‪ .‬كما أن تاريخ مجسمات جدة ونُصبها يجعل من الممكن‬ ‫قراءة المدينة كنظام ضخم من الرموز‪ .‬فهذه العناصر توحي بصور من‬ ‫الحياة‪ ،‬ومن نفي الموت‪ ،‬ومن التاريخ بصفته طريقاً‬ ‫للتطور والتقدم‪..‬‬ ‫ّ‬

‫الفرص والتحديات في‬ ‫دول الخليج العربي‬ ‫الناشر‪ :‬مركز المسبار للدراسات‬ ‫والبحوث (‪)2015‬‬

‫يأتي هذا الكتاب في واحدة من أفضل مراحل دول الخليج العربي على الرغم‬ ‫من التحوالت الكبرى التي تمر بها المنطقة‪ .‬فقد استطاعت الدول الخليجية‪،‬‬ ‫نتيجة ارتفاع أسعار النفط في السنوات أ‬ ‫الخيرة‪ ،‬زيادة فائضها المالي بشكل‬ ‫غير مسبوق في تاريخها‪ ،‬مما وفَّر لها الفرص لمتابعة وتطوير مشاريعها‬ ‫التنموية‪ .‬وقد بدأت العمل على إيجاد بدائل لالستهالك المحلي للطاقة‪،‬‬ ‫سواء من خالل المحطات النووية أو الطاقة الشمسية‪ .‬وثمة توجهات جادة‬ ‫عند هذه الدول لدعم رواد أ‬ ‫العمال في القطاعات كافة‪ ،‬خصوصاً القطاع‬ ‫َّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫التقني‪ .‬وبالفعل شهد العقد الخير قصص نجاح لفراد ومؤسسات خاصة في‬ ‫المارات‬ ‫دول الخليج العربي‪ ،‬كما عرف القطاع الحكومي‪ ،‬ال سيما في دولة إ‬ ‫العربية المتحدة‪ ،‬تطوراً متنامياً‪.‬‬ ‫ولكن إلى جانب هذه الفرص والنجاحات هناك تحديات عديدة تواجه دول‬ ‫المدرجة‬ ‫الخليج العربي‪ ،‬لذلك ُو ِضع هذا الكتاب حيث تسعى الدراسات ُ‬ ‫الحاطة بمجموعة من القضايا والملفات المرتبطة بالبيت الخليجي‬ ‫فيه إلى إ‬ ‫التي توزعت على محاور عدة‪ :‬سياسية‪ ،‬وتنموية‪ ،‬وإصالحية‪ ،‬وإقليمية… إلخ‪.‬‬ ‫ويتمنى الباحثون‪ ،‬واضعو هذا الكتاب‪ ،‬أن تسهم أ‬ ‫الفكار المطروحة في إثارة‬ ‫ُ‬ ‫التفكير حولها‪ ،‬خصوصاً وأن المنطقة تمر بمنعطف تاريخي يشهد تحوالت‬ ‫عميقة على كافة الصعد‪.‬‬

‫المراجعة في البيئة اإللكترونية‬ ‫تأليف‪ :‬جيهان عبدالمعز الجمال‬ ‫الناشر‪ :‬دار الكتاب الجامعي (‪)2014‬‬

‫شهدت حقبة التسعينيات من القرن الماضي‬ ‫وبداية أ‬ ‫اللفية الثالثة تطورات مستمرة في صناعة‬ ‫تقنيات المعلومات‪ ،‬ونمواً متزايداً في مجال التجارة‬ ‫اللكترونية وما صاحبها من ظهور نظم المحاسبة‬ ‫إ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أن هناك تأثيرا جوهريا لتلك‬ ‫الفورية‪ .‬وال شك ّ‬ ‫التحديات التقنية على مستقبل كل من المحاسبة‬ ‫والمراجعة الذي يعتمد على إدراك هذه التحديات‬ ‫اللكترونية والتطور‬ ‫الناتجة من متطلبات التجارة إ‬ ‫التقني للمعلومات‪.‬‬ ‫تعرض‬ ‫لكترونية‬ ‫ال‬ ‫المعامالت‬ ‫وقد صاحب تزايد‬ ‫إ‬ ‫ُّ‬ ‫عديد من المنشآت العالمية المعروفة النهيارات‬

‫مالية بسبب إخفاقات الرقابة المهمة‪ ،‬بما أن ضوابط‬ ‫الرقابة الداخلية تُعد أحد العناصر المهمة الرئيسة‬ ‫آلليات حوكمة الشركات‪ ،‬وقد أصبح مديرو المنشآت‬ ‫الكبرى على دراية عميقة بالحاجة إلى تلك الضوابط‬ ‫وحتميتها حتى يظلّوا على معرفة كاملة بمعايير‬ ‫حوكمة الشركات داخل المنشأة‪.‬‬ ‫يهتم هذا الكتاب بدراسة المراجعة في ظل البيئة‬ ‫اللكترونية‪ ،‬وفي سبيل تحقيق هذا الهدف تم‬ ‫إ‬ ‫تقسيم الكتاب إلى تسعة فصول تتسم بالتسلسل‬ ‫المنهجي والتكامل والشمول‪.‬‬


‫تذكر الباحثة البريطانية‪ ،‬أنجيال سايني‪ ،‬في كتابها هذا أن الهند‬ ‫غدت أمة من العباقرة والكادحين المهرة‪ ،‬وفرضت سيطرتها على‬ ‫أن الهند‪ ،‬وهي‬ ‫نواح علمية‪ .‬وتوضح سايني كيف َّ‬ ‫العالم من عدة ٍ‬ ‫أمة غارقة في الروحانيات‪ ،‬استطاعت التوفيق بين تلك الروحانيات‬ ‫والعقالنية القوية وغزت العالم بالعلماء في مختلف المجاالت‪ .‬وقد‬ ‫والنشاءات العلمية التي قام بها‬ ‫أرجعت الفضل في هذا للإ نجازات إ‬ ‫رئيس الوزراء الهندي الراحل‪ ،‬جواهر الل نهرو‪.‬‬ ‫كما توضح المؤلفة كيف تفسح العلوم القديمة في الهند المجال‬ ‫للعلوم الجديدة‪ ،‬وكيف تنتقل تكنولوجيا أ‬ ‫الثرياء إلى الفقراء‪ ،‬كما‬ ‫تغوص في أعماق نفوس مواطني الهند المتعطشين للعلم‪.‬‬ ‫متعددة منها برنامج الفضاء‬ ‫ويعرف الكتاب بمشاريع هندية‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬ ‫الهندي الذي أرسلت الهند من خالله العام ‪2008‬م مسبارا إلى‬ ‫وأن هذه التكلفة أقل‬ ‫القمر‪ ،‬وكلف المشروع ‪ 90‬مليون دوالر‪َّ ،‬‬ ‫بخمسة أضعاف من تكلفة أحدث رحلة للمسبار القمري الذي‬ ‫أرسلته الواليات المتحدة‪ .‬وقد وصل برنامج الفضاء حالياً لمرحلة‬ ‫جديدة‪ ،‬فبحسب التقارير التي نشرتها الصحف سينفَّذ بحلول العام‬ ‫‪2015‬م‪ ،‬وسيسافر أحد رواد الفضاء الهنود ألول مرة على متن‬ ‫صممه علماء من الهند‪.‬‬ ‫صاروخ َّ‬

‫يتضمن هذا الكتاب خالصة مجموعة تجارب حياتية جمعها الكاتب عبدالهادي ابن‬ ‫َّ‬ ‫سعود السبيعي‪ ،‬بأسلوب يتسم بالجدية والرصانة والعمق‪ ،‬وال يمارس وصاية نقدية‬ ‫على المتلقي‪ ،‬أو يصادر حقه في قراءة خاصة‪ ،‬بل يترك له حرية الخوض في عالم‬ ‫مملوء بمجموعات من الرؤى والعوالم َّ‬ ‫الخلقة والمتشابكة‪ ،‬انسلَّت في الكتاب‬ ‫أ‬ ‫عال من الدالالت المتناوبة‬ ‫بنفس سردي وصفي يعتمد السلوب الحكائي‪ ،‬وبقدر ٍ‬ ‫التي تدخل في بنية نصوص الكاتب وفي التقاطاته الذهنية والحسية والمعرفية‪.‬‬ ‫«هنا وفي‬ ‫تصدرت كتابه «من متاهات الحياة»‪ُ :‬‬ ‫المقدمة التي َّ‬ ‫يقول الكاتب في ِّ‬ ‫هذه أ‬ ‫السطر‪ ،‬سأطرح متاهات حياتية يعيشها أشخاص أو جماعات‪ ،‬وسأقوم بسرد‬ ‫هذه المشكلة بثوب المتاهة التي تواجه كل شخص ِم َّنا في خضم العولمة التي‬ ‫المظلمة‪ ،‬التي جعلتنا‬ ‫أدنت البعيد‪ ،‬وأخذتنا داخل جعبتها المملوءة بالمغارات ُ‬ ‫في دوامتها المملوءة بالمتاهات‪ ،‬مما يحتم علينا أ‬ ‫الخذ بالجيد الذي يكفل الحياة‬ ‫ُ‬ ‫السعيدة البعيدة عن مشكالت الحياة الفانية‪ ،‬والوقوف على عتبات النور والخروج‬ ‫من دهاليزها الوعرة لعبق الحياة الجميلة»‪.‬‬ ‫ً‬ ‫قسم الكاتب محتويات عمله إلى ستة فصول‪ ،‬تبدأ بمتاهات أسرية‪ ،‬مرورا بمتاهات‬ ‫يُ ِّ‬ ‫التربية أشكالها وأساليبها ثم المراهقة ودور أ‬ ‫السرة في هذه المرحلة وطرق االهتمام‬ ‫والتوجيه‪ ،‬ومتاهات االختيار ومنها الوظيفي والزوجي‪ ،‬ثم ال يلبث أن يعرج على‬ ‫متاهات عامة‪ ،‬مثل‪ :‬متاهات الفشل‪ ،‬متاهات شبابية‪ ،‬متاهات إلكترونية‪ ،‬متاهات‬ ‫تعليمية‪ ،‬متاهات أخالقية‪ ،‬ومتاهة الشيخوخة‪.‬‬

‫اإلسعافات األولية العاطفية‬ ‫تأليف‪ :‬د‪ .‬جاي وينش‬ ‫الناشر‪ :‬مكتبة جرير (‪)2015‬‬

‫تماماً كما نصاب بجروح جسدية‪ ،‬يشكِّل الفشل والشعور‬ ‫بالذنب والرفض والضياع جزءاً من الحياة‪ ،‬مثل المرفق‬ ‫المخدوش أو العضالت المصابة‪ .‬غير أننا بينما نعمد‬ ‫بطبيعة الحال إلى تضميد جرح أو وضع ثلج على مفصل‬ ‫ملتو‪ ،‬فإن السعافات أ‬ ‫الولية للجروح العاطفية ليست‬ ‫إ‬ ‫ٍ‬ ‫متوافرة بالنسبة لكثير منا‪ ،‬ولربما كانت غير موجودة على‬ ‫الطالق‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإن الجروح العاطفية التي ال تبدو‬ ‫إ‬ ‫خطيرة بما يكفي لطلب مساعدة الخبراء عادة ما ال يتم‬ ‫عالجها‪ ،‬مما يشعرنا باالستياء أكثر مما ينبغي ولفترة أطول‬ ‫مما نحتاج‪.‬‬ ‫السعافات‬ ‫لحسن الحظ‪ ،‬يوجد شيء من قبيل إ‬ ‫لكن ُ‬

‫أ‬ ‫الولية العقلية للمشاعر المجروحة‪ .‬ففي هذا الكتاب‬ ‫المنظَّم البسيط‪ ،‬يسوق الطبيب النفسي جاي وينش‬ ‫أ‬ ‫يقدم عالجات محددة‬ ‫أحدث البحاث العلمية لكي ِّ‬ ‫ومتدرجة‪ ،‬تتسم بالسرعة وسهولة التطبيق والفاعلية‬ ‫ِّ‬ ‫بالنسبة للمشكالت المعروفة التي تُراوح ما بين االجترار‬ ‫القهري وحتى التقدير الذاتي المتدني‪ .‬وباستخدام مواقف‬ ‫من واقع الحياة كأمثلة‪،‬‬ ‫يبين المؤلف كيف أن أفعاال ً‬ ‫بسيطة يمكن أن تساعدك ِّعلى تخفيف آ‬ ‫الالم العاطفية‪،‬‬ ‫والخروج من المشكالت‪ ،‬والتعامل مع العقبات بثقة‬ ‫وشجاعة‪.‬‬

‫كتب عربية‬

‫أمة من العباقرة‪ :‬كيف‬ ‫تفرض العلوم الهندية‬ ‫هيمنتها على العالم‬ ‫تأليف‪ :‬أنجيال سايني‪ ،‬ترجمة ‪ :‬طارق‬ ‫راشد عليان‬ ‫الناشر‪ :‬سلسلة عالم المعرفة (‪)2015‬‬

‫من متاهات الحياة‬ ‫تاليف‪ :‬عبدالهادي بن سعود‬ ‫السبيعي‬ ‫الناشر‪ :‬الدار العربية للعلوم‬ ‫ناشرون (‪)2015‬‬


‫‪19 | 18‬‬

‫كتب من العالم‬

‫بابل العلمية‪ :‬لغة العلوم من‬ ‫سقوط الالتينية إلى بروز اإلنجليزية‬ ‫‪Scientific Babel: The Language of Science‬‬ ‫‪from the Fall of Latin to the Rise of English‬‬ ‫تأليف‪ :‬مايكل غوردن‬ ‫الناشر‪Profile Books - March 2015 :‬‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫المال يصنع السعادة‪ .‬أين أخطأت‬ ‫ِّ‬ ‫المتعلقة بالسعادة‬ ‫األبحاث االقتصادية‬ ‫‪Geld Macht Doch Glucklich: Wo die‬‬ ‫‪Okonomische Glucksforschung irrt‬‬ ‫تأليف‪ :‬جوشيم ويمان‪ ،‬أندرياس ناب‪ ،‬روني شوب‬ ‫الناشر‪Schaffer-Poeschel Verlag - 2012 :‬‬

‫عولمة عدم المساواة‬ ‫‪La Mondialisation de L’inegalite‬‬ ‫تأليف‪ :‬فرانسوا بورجينون‬ ‫الناشر‪Seuil - 2012 :‬‬

‫النيل‪ :‬رحلة على النيل من خالل‬ ‫ماضي مصر وحاضرها‬ ‫‪The Nile: A Journey Downriver Through‬‬ ‫‪Egypt’s Past And Present‬‬ ‫تأليف‪ :‬توبي ويلكنسون‬ ‫الناشر‪Knopf - 2014 :‬‬

‫تحول العلماء اليوم إلى مجتمع شبه متجانس لغته‬ ‫ّ‬ ‫النجليزية لم‬ ‫النجليزية‪ .‬ولكن بروز اللغة إ‬ ‫الرئيسة هي إ‬ ‫يكن حتمياً‪ ،‬كما أنّه لم يكن سوى مسألة حديثة جداً‪.‬‬ ‫ففي دراسة تاريخية شاملة من القرون الوسطى إلى يومنا‬ ‫الحالي‪ ،‬يقوم مايكل غوردن بتفكيك شبكات السياسة‬ ‫والمال والصراعات العالمية والشخصية المتداخلة التي‬ ‫أ ّدت بنا إلى دنيا العلوم الحالي المتسم بسيطرة اللغة‬ ‫النجليزية عليه تماماً‪ .‬ويأخذنا غوردن في رحلة من سقوط‬ ‫إ‬ ‫الالتينية إلى بروز النجليزية‪ ،‬راوياً كيف فقدنا أ‬ ‫اللمانية‬ ‫إ‬ ‫واليطالية والسويدية ولغات عديدة مهمة أخرى عبر‬ ‫إ‬ ‫أن أهمية اللغة في المجال العلمي شديدة‬ ‫وكيف‬ ‫الزمن‪.‬‬ ‫ّ‬

‫للغاية‪ ،‬فقد حدث ذات مرة أن تُرجمت إحدى الكلمات‬ ‫خطأ من الروسية إلى أ‬ ‫اللمانية ما أ ّدى إلى نشوب نزاع‬ ‫ملتهب بين ألمانيا وروسيا حول اكتشاف الجدول الدوري‬ ‫أو جدول مندليف للعناصر الكيميائية‪ .‬كما أنّه‪ ،‬من خالل‬ ‫أن المجال العلمي ليس مسعى‬ ‫دراسة غوردن‪ ،‬ندرك كيف ّ‬ ‫ً‬ ‫عالمياً من أجل الحقيقة فقط‪ ،‬وإنما موضوعا للمناورات‬ ‫السياسية والمزاحمة الوطنية والمنافسة الشخصية الحادة‪.‬‬ ‫المشوقة‪،‬‬ ‫باختصار‪ ،‬يُظهر هذا الكتاب‪ ،‬المملوء بالقصص‬ ‫ِّ‬ ‫حولت‬ ‫كيف أسهم العالم في صناعة العلوم تماماً مثلما ّ‬ ‫العلوم العالم‪.‬‬

‫هل بإمكان المال أن يشتري السعادة؟ هل المدخول المادي‬ ‫مقياس موثوق للرضا عن الحياة؟ في الغرب بعد الحرب‬ ‫العالمية الثانية‪ ،‬كان االعتقاد السائد بأن السعادة مرتبطة‬ ‫باالزدهار المادي وحده‪ .‬ولكن ابتدا ًء من ستينيات القرن‬ ‫الماضي ظهرت قيم أخرى مؤثرة مثل السالم والمشاركة‬ ‫السياسية والحقوق المدنية وحماية البيئة‪ .‬في هذا الكتاب‬ ‫يستكشف ثالثة علماء اقتصاد الرابط بين السعادة واالزدهار‬ ‫في محاولة إليجاد مقياس حقيقي للرضا عن الحياة‪.‬‬ ‫يسلِّط هؤالء الكتاب الضوء على تطور أ‬ ‫البحاث حول‬ ‫َّ‬ ‫ّ‬ ‫السعادة عبر الزمن‪ ،‬ويحاولون تقييم ما يسمى بـ «مفارقة‬ ‫معدل الرضا عن الحياة ال‬ ‫إيسترلين» التي تقول إن َّ‬

‫يعتمد على المدخول المادي فقط‪ .‬كما أنهم يجيبون عن‬ ‫التساؤالت حول ما إذا كانت أ‬ ‫البحاث التي حاولت تقييم‬ ‫مستوى السعادة تطرح أ‬ ‫السئلة التي يستوجب طرحها‪ .‬وهم‬ ‫آ‬ ‫بذلك يدمجون أ‬ ‫البحاث والراء الحديثة التي تضيف التجدد‪،‬‬ ‫وتقيم بشكل صحيح ما سموه بـ «اقتصاد السعادة» في‬ ‫ّ‬ ‫مقابل العناصر أ‬ ‫الخرى التي تسهم في مستوى أعلى للرضا‬ ‫عن الحياة‪.‬‬

‫في كتابه «عولمة عدم المساواة» يستكشف فرانسوا‬ ‫بورجنيون الروابط المعقَّدة والمتناقضة بين االقتصاد‬ ‫العالمي الحيوي الذي رفع مستوى المعيشة ألكثر من مليار‬ ‫شخص في الدول الصاعدة مثل الصين والهند والبرازيل‪،‬‬ ‫وعدم المساواة المتزايد ضمن الدول نفسها‪ .‬مستكشفاً‬ ‫دور العولمة في زيادة عدم المساواة‪ ،‬يتبنى بورجنيون‬ ‫مقاربة جديدة وعالمية النخفاض عدم المساواة بين الدول‬ ‫المختلفة وزيادتها ضمن الدول نفسها‪ ،‬والسياسات التي‬ ‫يمكن اتباعها لتعديل التأثيرات السلبية لعدم المساواة‪.‬‬ ‫يقول المؤلف إنه في العالم المعولم الذي نعيش فيه‬ ‫يصبح من الصعب فصل العوامل المحلية والعالمية التي‬

‫تؤدي إلى عدم المساواة‪ ،‬ويركّز على كل عامل من خالل‬ ‫عدة مصادر ليرى متى تحقق هذه المصادر التوازن فيما‬ ‫ّ‬ ‫الخر‪ .‬ويتخذ أ‬ ‫بينها‪ ،‬ومتى تعزز بعضها آ‬ ‫الزمة االقتصادية‬ ‫ِّ‬ ‫الخيرة مثاال ليستكشف أ‬ ‫أ‬ ‫السباب التي أ ّدت إلى عدم‬ ‫ً‬ ‫المساواة حيث تراجعت مستوياتها إلى ما كانت عليه قبل‬ ‫معينة‪ .‬ويتساءل ما إذا كانت لهذه‬ ‫ّ‬ ‫عدة عقود في دول َّ‬ ‫معينة‪.‬‬ ‫النتائج عالقة بالعولمة أو أنها محدودة بدول ّ‬ ‫إن المسألة تعود للدول النامية‬ ‫وفي النهاية يقول بورجنيون ّ‬ ‫والمتقدمة‪ ،‬على حد سواء‪ ،‬لوضع سياسات أكثر فاعلية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تحد من نطاق وفاعلية أدوات‬ ‫أن العولمة ّ‬ ‫على الرغم من ّ‬ ‫إعادة التوزيع المحتملة‪.‬‬

‫يأخذنا المتخصص في الشؤون المصرية‪ ،‬توبي‬ ‫ويلكنسون‪ ،‬في رحلة ّأخاذة في الزمن والجغرافيا إلى‬ ‫مصادر النيل الساحرة‪ :‬النيل أ‬ ‫الزرق في إثيوبيا والنيل‬ ‫أ‬ ‫البيض الذي يبدأ مساره من بحيرة فيكتوريا‪ ،‬إلى وادي‬ ‫أ‬ ‫الملوك في الطيبة (القصر حالياً) ووادي الملكات وهيكل‬ ‫أ‬ ‫القصر والدلتا الخصيب وأهرامات الجيزة‪ ،‬الشاهد‬ ‫الوحيد المتبقي على روعة العالم القديم‪ ،‬وأخيراً إلى‬ ‫يعرفنا‬ ‫القاهرة النابضة بالحياة‪ .‬ومن خالل هذه الرحلة ّ‬ ‫إلى شخصيات غامضة وخرافية وعلى الملوك والملكات‬ ‫والفراعنة الذين ربطوا مصيرهم بنهر النيل على أمل أن‬ ‫يحصلوا على الحياة أ‬ ‫البدية‪ .‬ومن خالل سعة معرفة ال‬

‫تضاهى ومهارة سردية رائعة وعين أشبه ما تكون بعدسة‬ ‫تلتقط صورة بانورامية َّأخاذة‪ ،‬يقوم ويلكنسون باستعادة‬ ‫آالف السنين من التاريخ تتمحور كلها حول نهر النيل‬ ‫العظيم‪.‬‬


‫بين كتابين‬

‫داع‬ ‫الــذكاء الصناعــي‪ :‬هل ثمــة ٍ‬ ‫للقلق؟‬

‫أ‬ ‫النسان‪ .‬تأليف‪ :‬جيمس بارات‬ ‫(‪ )1‬اختراعنا الخير‪ :‬الذكاء الصناعي ونهاية عصر إ‬ ‫‪Our Final Invention: Artificial Intelligence and the End of the Human‬‬ ‫‪Era. By James Barrat‬‬ ‫الناشر‪Thomas Dunne Books - 2013 :‬‬ ‫(‪ )2‬على صورتنا‪ :‬هل سيؤدي الذكاء الصناعي إلى إنقاذنا أم إلى تدميرنا؟ تأليف‪:‬‬ ‫جورج زاركاداكيس‬ ‫‪In Our Image: Will Artificial Intelligence Save or Destroy Us? By:‬‬ ‫‪George Zarkadakis‬‬ ‫الناشر‪Ebury Digital - 2013 :‬‬ ‫ال شك في أن النسان وصل إلى ما هو عليه اليوم بكونه أذكى المخلوقات على أ‬ ‫الرض‪ .‬وبما أنه‬ ‫إ‬ ‫أي مواد سامة‪ ،‬يبقى الذكاء عنصر القوة‬ ‫ال أ يمتلك مخالب وال أنياب وال حتى القدرة على إفراز ّ‬ ‫الهم لدى إالنسان‪ .‬ولكن المؤسسات حول العالم اليوم‪ ،‬بما فيها الجامعات ووكاالت الدفاع‬ ‫القوة هذا‪ .‬فهي تعمل على تصنيع آالت‬ ‫وعمالقة إالنترنت‪ ،‬بدأت تسعى البتكار ما ِّ‬ ‫يهدد عنصر ّ‬ ‫قد تكون أذكى من إالنسان‪ .‬حيث ستمتلك‪ ،‬ليس ذكا ًء صناعياً عادياً فقط‪ ،‬ولكن ذكا ًء صناعياً‬ ‫خارقاً‪ .‬فالجنس البشري بدأ يلهث الختراع ما يمكن اقتالعه من مكانه واحتالل محله‪.‬‬ ‫بدأ بعض العلماء وأهم أدمغة العالم يبدون قلقهم من تلك المسألة‪ .‬فعلى سبيل المثال‪،‬‬ ‫حذّ ر البروفيسور ستيفن هوكينغ مؤخراً من ّأن الذكاء الصناعي‪ ،‬إذا ما أصبح حقيقة‪ ،‬يمكنه أن‬ ‫يشكِّل «خطراً فعلياً في المستقبل غير البعيد»‪ .‬كما أن أصواتاً أخرى بدأت تعلو في أوساط‬ ‫المتخصصين في صناعة التكنولوجيا‪ ،‬بمن فيهم مؤسس شركة مايكروسوفت بيل غيتس‪،‬‬ ‫ومؤسس سكايب جون تالين‪ ،‬اللذان أكَّدا أنه يجب التفكير ملياً قبل ابتكار هذا «المارد»‬ ‫الخطير‪ .‬وهناك كتابان حديثان يكشفان عن هذا الوعي المعاصر حول مثل هذه المسألة‪.‬‬

‫قد يعتقد البعض أن الذكاء الصناعي سيكون مثل أي اختراع آخر مثل العجلة والكمبيوتر‬ ‫المحمول‪ ،‬أي اختراع يمكن استخدامه لتطوير المصالح البشرية‪ .‬ولكن عا ِلم الرياضيات‬ ‫المعروف أ‪ .‬ج‪ .‬غود أدرك منذ خمسين عاماً أن أ‬ ‫المر لن يكون كذلك‪ .‬فقد قال إن مجرد اختراع‬ ‫آ‬ ‫إالنسان آللة تكون أكثر ذكا ًء منه‪ ،‬سيكون من الطبيعي أن تتولى هذه اللة مهمة تصميم‬ ‫آالت ذكية أخرى‪ ،‬يمكنها أن تصمم آالت أخرى أكثر ذكا ًء‪ ،‬وهكذا دواليك‪ .‬وبكلمات غود‪« :‬من‬ ‫دون أدنى شك سيكون هناك انفجار في الذكاء وسيتخذ الذكاء البشري مكانة خلفية‪ .‬وبالتالي‪،‬‬ ‫ستكون ّأول آلة متفوقة الذكاء آخر اختراع يقوم به إالنسان»‪.‬‬ ‫تكمن توقعات غود في صلب كتاب «اختراعنا أ‬ ‫الخير‪ :‬الذكاء الصناعي ونهاية عصر إالنسان»‪،‬‬ ‫أ‬ ‫حيث يقوم الكاتب وصانع أ‬ ‫الفالم‪ ،‬جيمس بارات‪ ،‬بمقابلة أبرز الشخاص الذين يعملون في‬ ‫آ‬ ‫التطور‬ ‫مجال تطوير الالت الذكية‪ِّ ،‬‬ ‫ويقدم حجة واضحة حول لماذا يجب أن نقلق‪ .‬صحيح َّأن ّ‬ ‫نحو تحقيق الذكاء الصناعي المتفوق كان أبطأ من المتوقع‪ ،‬ولكنه‪ ،‬مع ذلك‪ ،‬حقق إنجازات‬ ‫مهمة مثل أجهزة الكمبيوتر التي استطاعت أن تهزم بطل الشطرنج غاري غاسباروف في‬ ‫‪1997‬م‪ ،‬والجهاز الذي استطاع الفوز في برنامج المسابقات أ‬ ‫المريكي الشهير «جيوبوردي» في‬ ‫آ‬ ‫‪2011‬م‪ .‬ومن خالل مقابالت بارات توقَّع أكثر من ‪ 40‬بالمائة من الخبراء اختراع الالت الذكية‬ ‫الن‪ ،‬وتوقعت أ‬ ‫المتفوقة خالل ‪ 15‬سنة من آ‬ ‫الكثرية الساحقة منهم وضعها في االستعمال في‬ ‫منتصف القرن الحالي على أبعد تقدير‪.‬‬ ‫وبعد غود‪ ،‬يظهر بارات كيف يمكن للذكاء الصناعي أن يصبح ذكا ًء خارقاً خالل أيام؟ وذلك‬ ‫عندما يتمكن من إصالح أي خلل فيه ذاتياً‪ ،‬ويعيد كتابة البرامج الخاصة به ويستخدم الثروة‬ ‫المعرفية المتوافرة على إالنترنت‪ .‬وبمجرد حدوث هذا «االنفجار في الذكاء» لن نستطيع فهم‬ ‫أو التنبؤ بما ستقوم به آ‬ ‫الالت خارقة الذكاء هذه‪.‬‬ ‫آ‬ ‫ولكن‪ ،‬حتى آ‬ ‫الن‪ ،‬يبقى دليلنا الوحيد للعيش مع هذه الالت الخارقة ما رأيناه في قصص‬ ‫وأفالم الخيال العلمي‪ .‬في كتابه الغني الحديث «على صورتنا‪ :‬هل سيقوم الذكاء الصناعي‬ ‫بتدميرنا أم إنقاذنا؟»‪ ،‬يمزج جورج زاركاداكيس‪ ،‬الذي كان باحثاً في مجال الذكاء الصناعي‬ ‫قبل أن يتحول إلى الكتابة‪ ،‬بين صور الخيال العلمي التي رأيناها في أ‬ ‫الفالم واستكشافات‬ ‫َّ‬ ‫التكنولوجيا والفلسفة والتاريخ المعمق للذكاء الصناعي‪ .‬ويكشف المؤلف كيف تتشكل أهداف‬ ‫وطموحات صناعة التكنولوجيا من خالل قرون من «االستعارات المتتالية والروايات المتضاربة‬ ‫الحب والخوف»‪ ،‬من شخصية الدكتور فوست الذي كان يسعى إلى الكمال العقلي‬ ‫عن ُ‬ ‫والجسدي إلى شخصية فرانكنشتاين الذي كان يحاول السيطرة على الطبيعة‪ ،‬وكيف يمكن أن‬ ‫تكون تلك الروايات مضللة لنا‪.‬‬ ‫أ‬ ‫معين‪ ،‬وأنه‬ ‫يقول زاركاداكيس إنه لدينا كجنس بشري نزعة لتجسيم المور‪ ،‬أي وضعها بجسم ّ‬ ‫من خالل هذه النزعة نحاول فهم التكنولوجيا‪ .‬ومن خالل الروبوتات الذكية في أفالم قصص‬ ‫نتخيل بأننا نحقق حلمنا القديم بابتكار‬ ‫الخيال العلمي مثل الـ «‪ »Terminator‬و«‪»Marvin‬‬ ‫مخلوق على صورتنا‪ .‬ولكن آالت الذكاء الصناعي ستكون ّ بعيدة عن أ‬ ‫النسنة‪ ،‬إذ لن تستطيع‬ ‫مكون من لحم‬ ‫مشاركة إالنسان ماليين السنين من تاريخ تطوره‪ ،‬ولن تكون‬ ‫محدودة بدماغ ّ‬ ‫ودم‪ .‬ويسأل زاركاداكيس‪ :‬من يعرف ما ستكون أهداف هذه آ‬ ‫الالت وقيمها أو كيف ستتعامل‬ ‫معنا؟‬ ‫مجرد فانتازيا خيالية‪ ،‬وقد يكون من الصحيح ما أشار إليه‬ ‫قد تكون توقعات هذين الكتابين ّ‬ ‫أحد الباحثين بأن إالنسان لم ينجح بعد حتى باختراع آلة يمكنها أن تدخل البيت وتحضر‬ ‫فنجاناً من الشاي‪ ،‬ولكن إذا ما نجحت آالت الذكاء الصناعي بالسيطرة على العالم فلن يكون‬ ‫ذلك بالدخول إلى مطابخنا وتدمير كل شيء على طريقة الـ «‪ ،»Terminator‬بل من خالل‬ ‫السيطرة على البنية التحتية الرقمية التي بدأنا االعتماد عليها بشكل متزايد أو بإقناعنا بنياتها‬ ‫البريئة لنفتح لها الباب أو بطريقة ال يمكن تخيلها‪ .‬فبالنسبة لما هو على المحك‪ ،‬وحتى لو‬ ‫كانت هناك فرصة ضئيلة لهذه الهواجس بأن تتحقق‪ ،‬فإن هذين الكاتبين على حق بأنه علينا‬ ‫أن نقلق‪.‬‬

‫كتب من العالم‬

‫تحدد مكانك‬ ‫تزودك بهاتفك المحمول أن ِّ‬ ‫يمكن للجهة التي ِّ‬ ‫أ‬ ‫النترنت‬ ‫تحركاتك‪ ،‬ويمكن لنماط مشترياتك على إ‬ ‫وتعرف ّ‬ ‫ال‬ ‫متأه‬ ‫أو‬ ‫العمل‬ ‫عن‬ ‫ال‬ ‫عاط‬ ‫كنت‬ ‫إذا‬ ‫تكشف‬ ‫أن‬ ‫المتاجر‬ ‫وفي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫أو عازباً ومعلومات خاصة أخرى‪ .‬كما تكشف اتصاالتك في‬ ‫اللكتروني والرسائل القصيرة التي ترسلها من هم‬ ‫البريد إ‬ ‫المقربون‪ .‬وتعرف غوغل طريقة تفكيرك‬ ‫معارفك وأصدقاؤك َّ‬ ‫ألنها تحفظ ّكل ما تبحث عنه من خاللها‪.‬‬ ‫البيانات وجالوت‪ :‬المعارك الخفية‬ ‫لجمع البيانات والتحكم في عالمك وتقوم الجهات التي تراقبنا بأكثر من تخزين البيانات‬ ‫‪ Data and Goliath: The Hidden Battles to‬الخاصة بنا‪ ،‬إذ تستخدمها بعض الشركات بالتحكم‪ ،‬ليس‬ ‫أ‬ ‫بالعالنات التي نراها‪ .‬كما أن‬ ‫‪ Collect your Data and Control your World‬فقط‪ ،‬بالخبار التي تصلنا وإنما إ‬ ‫أ‬ ‫تأليف‪ :‬بروس شناير‬ ‫لدواع أمنية‪ .‬والخطر‬ ‫الحكومات تستخدم هذه المعلومات‬ ‫ٍ‬ ‫الناشر‪W.W. Norton & Company - 2015 :‬‬

‫من كل ذلك أنه يمكن لمعلوماتنا الخاصة أن تصل إلى‬ ‫مجرمي النترنت الذين من الممكن أن يلحقوا أ‬ ‫الذى بنا‪.‬‬ ‫إ‬ ‫نقدم كل البيانات الخاصة بنا بإرادتنا‪،‬‬ ‫أننا‬ ‫فيه‬ ‫شك‬ ‫ومما ال‬ ‫ِّ‬ ‫تحولنا إلى مجتمع مراقبة صنعناه‬ ‫والنتيجة هي أننا ّ‬ ‫بأنفسنا‪ .‬ولكن السؤال المطروح هنا‪ :‬هل يوازي حجم ما‬ ‫قدمناه وتنازلنا عنه حجم ما كسبناه من كل ذلك؟ في كتابه‬ ‫ّ‬ ‫النترنت مساراً آخر‬ ‫يقدم خبير أمن إ‬ ‫«البيانات وجالوت» ِّ‬ ‫يقدر أ‬ ‫المن والخصوصية في ٍآن‪ ،‬ويظهر ما يجب القيام به‬ ‫ِّ‬ ‫إلصالح برامج المراقبة وعمل الشركات المستخدمة لبياناتنا‬ ‫الخاصة‪ ،‬إلى جانب تقديم النصائح لحماية أنفسنا في‬ ‫تعامالتنا اليومية‪.‬‬


‫‪21 | 20‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫قول في مقال‬

‫هذه‬ ‫َّ‬ ‫المجلة‬ ‫ِّ‬ ‫ومحررها‬ ‫حداد‬ ‫كريم َّ‬ ‫كتب رئيس تحرير إحدى أبرز المجالت‬ ‫العالمية مقاال ً وداعياً يشكو فيه حرمانه‬ ‫من ظهور اسمه فيها‪ ،‬وذلك عمال ً بسياسة‬ ‫ت‬ ‫ال� ال تضع عىل مختلف موادها أياً من أسماء‬ ‫المجلة ي‬ ‫ف‬ ‫هيئة التحرير‪ .‬وقال ي� مطلع المقال‪:‬‬ ‫مزر‪،‬‬ ‫«تحرم هذه المجلة رئيس تحريرها‪ ،‬وبشكل ٍ‬ ‫من كل زينة شخصية توفّرها ألقرانه ف ي� العادة مهنة‬ ‫فيحز ف ي� النفس مثال ً أن تخلو كل هذه‬ ‫الصحافة‪ُّ .‬‬ ‫الصفحات من ش‬ ‫�ء اسمه «رسالة محرر» أسبوعية‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ملمعة‬ ‫لقرائه‪ ،‬وتعلوها صورة ّ‬ ‫يوجهها رئيس التحرير ّ‬ ‫وم�قة له‪ .‬صحيح أنه ضمن ش‬ ‫ش‬ ‫الن�ة الرقمية (أونالين)‬ ‫هناك رسالة محرر‪ ،‬ولكنها صادرة عن مكتبه وليس‬ ‫عنه‪ .‬وهكذا تم�ض ي طوال سنوات خدمتك كرئيس‬ ‫ف‬ ‫يعوضك عنه‬ ‫تحرير ي� اختفاء شبه تام ُ‬ ‫ومحزن‪ ،‬ال ِّ‬ ‫سوى أنك حظيت بأجمل منصب ف ي� الصحافة‪.‬‬ ‫ن‬ ‫مرة واحدة يوم‬ ‫يُستث� من كل هذا فذكر اسمك ّ‬ ‫تعيينك‪ ،‬ومرة ثانية ي� هذا المقال الوداعي الذي‬ ‫ت‬ ‫مرت بع� مكتبك‬ ‫ال� َّ‬ ‫يحاول أن يُ ّلم بمعالم الدنيا ي‬ ‫خالل تلك ي ن‬ ‫السن�»‪.‬‬ ‫وبطبيعة الحال يتساءل القارئ بدوره‪ :‬لماذا ترص‬ ‫اليكونوميست عىل هذه السياسة‬ ‫مجلة بمثل مكانة إ‬ ‫فتتقشف بذكر أسماء محرريها؟ ولماذا تتخلَّ عما‬ ‫َّ‬ ‫تفعله قريناتها من المجالت العالمية بتحويل‬ ‫ين‬ ‫والمشوق� إىل نجوم‬ ‫نخبة من محرريها المجيدين‬ ‫ً‬ ‫يتمتعون بشعبية واسعة ويجتذبون مزيدا من‬ ‫القراء؟‬ ‫ّ‬

‫من ت‬ ‫المع�ف به دون شك أن هذه المجلة تُعد‬ ‫ق‬ ‫بشكل أو بآخر من أر� الصحف العالمية‪ ،‬إذ تتسم‬ ‫مواضيعها بسعة اطالع فائقة وشمولية ف ي� التناول‬ ‫وعمق ف ي� التحليل‪ ،‬ونادراً ما تحتاج إىل قراءة إضافية‬ ‫عن موضوع تتناوله المجلّة‪ ،‬بك� أم صغر‪َّ ،‬إل من‬ ‫باب القراءة ف ي� وجهات نظر أخرى‪.‬‬ ‫والالفت فيها أن مستوى وأسلوب التناول هو واحد‬ ‫بع� صفحات المجلَّة من الغالف إىل الغالف‪ .‬لكن‬ ‫عىل الرغم من ذلك‪ ،‬ال يشعر القارئ أن هناك كاتباً‬ ‫واحداً يكتب جميع المقاالت بتاتاً‪ .‬فأنت أمام حالة‬ ‫أخرى‪ ،‬الذكاء ف ي� صياغة العناوين من خصائصها‪،‬‬ ‫وأسلوب بداية المواضيع كذلك‪.‬‬ ‫لكن عىل الرغم من كل هذا فليست هناك أي سمة‬ ‫من سمات أ‬ ‫كث�‬ ‫السلوب‬ ‫الشخص‪ ،‬كالذي يُعرف به ي‬ ‫ي‬ ‫من ك َّتاب الصحافة عىل أنواعها‪ .‬مما يدفع القارئ‬ ‫المحتار إىل أن يستنتج أنه بغض النظر عمن يكون‬ ‫قد كتب الصيغة أ‬ ‫الوىل من أي مقال‪ ،‬فإن المقاالت‬ ‫جميعها تمر بع� مطابخ وأفران تحرير المجلة‪،‬‬ ‫ف ُتعاد صياغتها وتُزال منها الشوائب والبقايا‪ ،‬فتطحن‬ ‫أ‬ ‫وتُصهر وتُ ب ز‬ ‫خ�ة ف ي� حلة ترتقي إىل‬ ‫خ� وتخرج بحلّتها ال ي‬ ‫تراث صحفي عريق تستكمل إلمام المقال بالموضوع‬ ‫ض‬ ‫تر� إدارة التحرير‪.‬‬ ‫من جميع جوانبه‪ ،‬كما ي‬ ‫التصور‪ ،‬ال يكون أي مقال ملك‬ ‫صح هذا‬ ‫وهكذا فإن ّ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫مر‬ ‫أحد َّإل المجلة كلّها‪ ،‬ال ملك كاتبها الول وال َم ْن َّ‬ ‫به المقال من مراكز البحث أو كبار المحررين‪ .‬وينتهي‬

‫أ‬ ‫المر إىل ما يمكن ت‬ ‫اف�اضه أن المؤسسة تقول للمحرر‬ ‫مهما كان منصبه إن «كاتب المقال ليس أنت» بل‬ ‫صيغة تحرير المجلّة‪ ..‬وأن ما من مقال يظهر كما‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫«اليكونوميست»‬ ‫ظهر ي� آخر حلله َّإل لنه كُتب ي� إ‬ ‫ولها‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ال� تستطيع أن‬ ‫طبعاً ليست هذه المجلة فالوحيدة ي‬ ‫ز‬ ‫يم�ها‪ ،‬من يغ�‬ ‫تدعي لنفسها أسلوباً عاماً ي� الكتابة ي ّ‬ ‫أن يحول ذلك دون ظهور أسماء محررين وأصحاب‬ ‫أقالم ف ي� بعض زواياها‪ ،‬وحيث ال بد من مالحظة‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫و� بعض‬ ‫و� أسلوب التناول‪ ،‬ي‬ ‫تباين ي� المستوى ي‬ ‫أ‬ ‫الكب�‪.‬‬ ‫الحيان قد يصل إىل حد الفرق ي‬ ‫يبدو أن هذا هو المطلوب تفاديه‪ ،‬تريد المجلة أن‬ ‫تكون مسؤولة عن كل كلمة تظهر عىل صفحاتها‪ ..‬إال‬ ‫ت‬ ‫ال� تبدو لمن يقرأها أنها دخلت أيضاً‬ ‫رسائل َّ‬ ‫القراء ي‬ ‫أتون تحرير المجلَّة‪.‬‬


‫د‪ .‬حنان الشرقي‬

‫المعلومات‪..‬‬ ‫لغة الكون‬

‫علوم‬

‫اليوم‪ ،‬تحيط بنا المعلومات من كل جانب‪ ،‬تمطرنا‬ ‫أجهزتنا بوابل منها‪ ،‬نبحر في شبكة معلوماتية مثل‬ ‫المحيط الهادر‪ ،‬ضاقت أجهزتنا بالمعلومات التي‬ ‫نوجدها كل يوم وكل ثانية‪ ،‬حتى رفعناها إلى سحب‬ ‫ً‬ ‫معلوماتية مترعة‪ ،‬بالمعلومات َّ‬ ‫سلعا وخدمات‬ ‫طورنا‬ ‫مبتكرة وبنينا على دعائمها اقتصادات ضخمة َّ‬ ‫سميناها‬ ‫باقتصادات المعرفة‪ .‬لكن حصر طبيعة «المعلومات»‬ ‫في كونها عملة نتبادلها عبر األجهزة ومن خالل‬ ‫الشبكات االجتماعية فيه إجحاف تاريخي بحقها‪.‬‬ ‫فالمعلومات مفهوم عميق يتغلغل في َّ‬ ‫شتى المجاالت‬ ‫ً‬ ‫بدءا من علم المعلوماتية إلى علم األحياء‬ ‫العلمية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مرورا بالفيزياء‪ .‬فكيف نشأ (علم المعلومات) وكيف‬ ‫َّأثر في تطور كل هذه العلوم؟ ولماذا ينادي كبار علماء‬ ‫ِّ‬ ‫كمكون‬ ‫الفيزياء النظرية اليوم باالعتراف بالمعلومات‬ ‫جوهري في بناء الكون يسبق وجود المادة والطاقة‪.‬‬


‫‪23 | 22‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫ف� أربعينيات القرن ض‬ ‫الما�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫كان أحد أنبغ علماء الرياضيات‬ ‫ويدعى كلود شانون‪ ،‬يجري‬ ‫أبحاثاً الكتشاف طرق ث‬ ‫أك� فاعلية‬ ‫وتشف�ها بع�‬ ‫لنقل المعلومات‬ ‫ي‬ ‫تنبه هذا الباحث الشاب‬ ‫وسائط النقل‪ .‬وأثناء ذلك‪َّ ،‬‬ ‫ال� يبحث فيها يكمن �ف‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫إىل أن مفتاح حل المشكلة ي‬ ‫الجابة عن سؤال بديهي واحد وهو‪ :‬ما المعلومات؟‬ ‫إ‬ ‫ً‬ ‫سؤال قد يبدو بديهياً‪ .‬لكن‪ ،‬وفقا للمنهج العلمي‪،‬‬ ‫تضعنا مثل هذه التساؤالت عىل أول الطريق المؤدي‬ ‫للفتوحات المعرفية يغ� المسبوقة‪ .‬تساءل شانون عن‬ ‫ن‬ ‫مع� المعلومة ف ي� أبسط صورها‪ ،‬ما هي المعلومة‬ ‫مكمالت‬ ‫المجردة؟ بعد إزالة كل ما هو متعلِّق بها من ّ‬ ‫ن‬ ‫وغ�ها‬ ‫مثل اللغة والبنية النحوية‬ ‫والمعا� والدالالت ي‬ ‫ي‬ ‫الضافات الثانوية؟ هل من الممكن إيجاد معادلة‬ ‫من إ‬ ‫نقيس بها كمية المعلومات ت‬ ‫ال� تحتويها أي رسالة؟‬ ‫ي‬ ‫ف ي� لحظة من لحظات العبقرية‪ ،‬توصل شانون‬ ‫إىل فكرة بسيطة مفادها أن الهدف من أي رسالة‬ ‫المستقبل للرسالة‪،‬‬ ‫هو إزالة االلتباس لدى الطرف‬ ‫ِ‬ ‫فكلما زاد محتوى الرسالة من المعلومات قلَّت‬ ‫أك� عند متلقيها‪ .‬وبذلك فإن‬ ‫درجة االلتباس بدرجة ب‬ ‫المعلومة الصحيحة ما هي إال مرشح لاللتباس لدى‬ ‫الطرف آ‬ ‫الخر‪ ،‬وعليه استنتج شانون أنه لو تمكن من‬ ‫وضع صيغة رياضية لقياس درجة االلتباس ومعدل‬ ‫بالتال من تقدير كمية المعلومات‬ ‫ي‬ ‫تغ�ه؛ سيتمكن ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ال� تحتويها أي رسالة‪ .‬لن العالقة يب� المعلومات‬ ‫ي‬ ‫وااللتباس تكاملية‪ .‬منطلقاً من هذه الفكرة استخدم‬ ‫شانون نظرية االحتماالت وعامل ض‬ ‫ريا� معروف‬ ‫ي‬ ‫يعرف بـ «عامل المفاجأة»‪.‬‬

‫كلود شانون‬ ‫ف ي� االسم الذي يطلقه عليها‪ ،‬فاستشار صديقه عا ِلم‬ ‫الرياضيات المعروف جون فون نيومان الذي أشار عليه‬ ‫بأن يسميها (ال تن�وبية)‪ ،‬فهي تقيس العشوائية‪ ،‬أ‬ ‫والهم‬ ‫إ‬ ‫أنها صعبة الفهم‪ ،‬وقالئل هم الذين سيستطيعون‬ ‫استيعابها تماماً‪ .‬أخذ شانون بنصيحة صديقه وأصبحت‬ ‫بال تن�وبية المعلوماتية أو تإن�وبية‬ ‫معادلته تعرف إ‬ ‫شانون‪ .‬وعليه‪ ،‬فالرسائل ت‬ ‫ال� تحمل ف ي� طياتها معلومات‬ ‫ي‬ ‫ث‬ ‫أك�‪ ،‬تكون قيمة تإن�وبية شانون الخاصة بها منخفضة‪،‬‬ ‫ألنها تحتوي عىل نظام أك� وعشوائية أقل‪� ،‬ف‬ ‫ح�ن‬ ‫ي ي‬ ‫ب‬ ‫ث‬ ‫أنه كلما كانت الرسالة عشوائية أك� وال تحمل محتوى‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫تع�‬ ‫معلوماتياً‪ ،‬ترتفع قيمة إن�وبيتها‪ .‬لن إالن�وبية ب ِّ‬ ‫عن ض‬ ‫التعب�‪ .‬وتوصف الورقة البحثية‬ ‫الفو� إن صح‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� شن� فيها شانون نتيجة بحثه هذا عن إال تن�وبية‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫المعلوماتية بأنها أهم ورقة ي� تاريخ العلوم‪ ،‬لكونها‬ ‫أسست فرعاً جديداً من العلوم قائماً بذاته‪ ،‬وهو ما‬ ‫أصبح يُعرف بعلم المعلوماتية‪ .‬وعمل كلود شانون مع‬ ‫ين‬ ‫نابغ� آخرين من معارصيه مثل آالن تورينغ وجون‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫أك� الثر ي� بداية‬ ‫فون نيومان‪ ،‬وكان لعمالهم مجتمعة ب‬ ‫عرص الثورة الرقمية‪.‬‬

‫نقدر بها مقدار‬ ‫عامل المفاجأة هذا هو ببساطة قيمة ِّ‬ ‫«المفاجأة» الحتمال وقوع حدث ما‪ .‬ويكون هذا العامل‬ ‫ف ي� أعىل قيمه ف ي� حال كان احتمال وقوع هذا الحدث‬ ‫ضعيفاً والعكس صحيح‪ .‬فعىل سبيل المثال‪ ،‬إن لعامل‬ ‫المفاجأة ف ي� ش�وق الشمس ف ي� بداية النهار قيمة متدنية‬ ‫للغاية ألن احتمال ش�وق الشمس وقتها يكون ‪%100‬‬ ‫وال يم ِّثل وقوعه أي مفاجأة‪ .‬بينما احتمال عدم ش�وق‬ ‫الشمس هو احتمال ضعيف جداً لذلك لو حدث ولم‬ ‫شت�ق الشمس يوماً ف ي� الوقت المعهود‪ ،‬فإن ذلك يحمل‬ ‫وبالتال ترتفع قيمة عامل المفاجأة ألعىل‬ ‫مفاجأة بك�ى‪،‬‬ ‫ي‬ ‫درجة ممكنة‪ .‬وباستخدام عامل المفاجأة هذا ونظرية‬ ‫االحتماالت لحساب احتماالت توقع كل حرف من أحرف‬ ‫الرسالة‪ ،‬توصل شانون إىل صيغة المعادلة الرياضية‬ ‫ت‬ ‫ال� يمكن استخدامها لحساب كمية المعلومات ف ي� أي‬ ‫ي‬ ‫رسالة‪ ،‬ووضع وحدة لقياس المعلومات سماها بالخانة‬ ‫الثنائية (‪ )binary digit‬واختصاراً الـ «‪.»bit‬‬

‫بعد مرور أقل من عقدين عىل صياغة تإن�وبية شانون‬ ‫ومفهوم البت «‪ ،»bit‬شهدت أ‬ ‫الوساط العلمية كشفاً‬ ‫آخر ال يقل أهمية ف� مجال علم أ‬ ‫الحياء عندما اكتشف‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫واتسون وكريك وروزاليندا فر ي ن‬ ‫انكل� ي� عام ‪1953‬م‪،‬‬ ‫فتوج هذا‬ ‫بنية جزيء الحمض النووي الريبوسومي‪َّ .‬‬ ‫ش‬ ‫االكتشاف محاوالت بدأت منذ القرن التاسع ع� عندما‬ ‫كان غريغور مندل يق�ض وقته ي ن‬ ‫ب� حبات الفاصوليا وهو‬ ‫ي‬ ‫يبحث عن طبيعة الصفات الوراثية وكيفية انتقالها من‬ ‫أخ�اً‬ ‫التال‪ ،‬وباكتشاف بنية هذا الجزيء‪ ،‬تمك ّنا ي‬ ‫جيل إىل ي‬ ‫من معرفة طبيعة «المعلومات الوراثية»‪ ،‬وبالتحديد‬ ‫كيف تمكِّن بنية هذا الجزيء الكائنات الحية من حمل‬ ‫ونسخ وتوارث هذه المعلومات‪.‬‬

‫الشه�ة تلك‪ ،‬تر َّدد شانون‬ ‫بعد فراغه من وضع معادلته ي‬

‫يُعد اكتشاف بنية جزيء الحمض النووي‬ ‫الريبوسومي أحد أعظم االكتشافات ف ي� تاريخ‬

‫من الحوسبة إىل علم أ‬ ‫الحياء‬

‫ين‬ ‫الخمس� عاماً عليه‪ ،‬تمكن‬ ‫العلوم‪ .‬فبعد مرور قرابة‬ ‫ف‬ ‫العلماء من قراءة الجينوم ش‬ ‫الب�ي كامال ً ي� العام‬ ‫الح�‪ ،‬أصبح علم أ‬ ‫‪2000‬م‪ .‬ومنذ ذلك ي ن‬ ‫الحياء ألول‬ ‫كب� عىل المعلومات‪،‬‬ ‫مرة علماً قائماً يعتمد بشكل ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تعتمد‬ ‫ألننا أدركنا الحجم الهائل من‬ ‫المعلومات ي‬ ‫عليها الكائنات الحية‪ .‬ويدرس علماء أ‬ ‫الحياء اليوم‬ ‫العمليات البيولوجية داخل الخاليا الحية عىل أنها‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫عمليات معالجة بيانات‪ ،‬تماماً كتلك‬ ‫العمليات ي‬ ‫تحصل داخل معالجات الحواسيب‪ ،‬وتعتمد �ف‬ ‫ي‬ ‫استمراريتها بشكل صحيح عىل آلية دقيقة جداً لقراءة‬ ‫تلك البيانات المشفرة ف ي� كروموزومات الخاليا الحية‪.‬‬ ‫أ‬ ‫كب� المعلومات‬ ‫والهم من ذلك‪ ،‬إنها تشبه إىل حد ي‬ ‫الرقمية‪ :‬شفرة منفصلة مكونة من أربعة أحرف فقط‬ ‫ت‬ ‫ال� تصف هذا التنوع‬ ‫تُكتب بها كل تلك الرسائل ي‬ ‫أ‬ ‫الحيوي الهائل الذي نراه من حبة الرز البسيطة إىل‬ ‫أعقد الكائنات الحية‪ :‬نحن ش‬ ‫الب�!‬

‫ثورة ف ي� فهم الكون‬

‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫عىل الرغم من كل ال�اكمات المعرفية ف ي‬ ‫حصدناها عن المعلومات‪ ،‬وتغلغلها ي� معظم‬ ‫مجاالت العلوم‪ ،‬إال أن فهمنا لها ال يزال قارصاً‪،‬‬ ‫تماماً كما كان الحال عليه ف ي� عرص كان يُسمى‬ ‫بعرص المحركات البخارية ف ي� الوقت الذي كانت‬ ‫ت‬ ‫ال� تعتمد عليها‬ ‫معرفة إ‬ ‫النسانية بمفهوم الحرارة ي‬ ‫يخ�نا‬ ‫المحركات البخارية قارصة بل خاطئة تماماً‪ .‬ب‬ ‫تاريخ العلوم أن هناك ي ن‬ ‫نوع� من التعريفات لفهم‬ ‫طبيعة أ‬ ‫العمل‪،‬‬ ‫الشياء‪ ،‬أولهما ما يسمى بالتعريف‬ ‫ي‬ ‫وهو عندما نمتلك المعرفة الالزمة لفهم ظاهرة ما‬ ‫عن طريق المالحظة والقياس‪ ،‬وهذا هو التعريف‬ ‫توصل إليه شانون عن المعلومات حيث‬ ‫الذي َّ‬ ‫ويعرف وحدة لقياسها‪.‬‬ ‫استطاع أن يحتسب أكميتها ّ‬ ‫ن‬ ‫والشمل فهو ما يعرف بالتعريف‬ ‫الثا�‬ ‫أما التعريف ي‬ ‫المفاهيمي‪ ،‬عندما تتعمق معرفتنا فنفهم الظواهر‬ ‫بطبيعتها المجردة‪ .‬وعادة ما يستغرق ذلك زمناً ليس‬ ‫ين‬ ‫بالقص�‪ .‬فقد ق�ض العلماء قرابة ي ن‬ ‫وخمس�‬ ‫مائت�‬ ‫ي‬ ‫عاماً قبل أن يتوصلوا للتعريف المفاهيمي للحرارة‪،‬‬ ‫عندما تيقّنا أن الحرارة ليست مادة‪ ،‬بل ظاهرة‬ ‫تع� عن متوسط رسعة الجزيئات‪ ،‬وأنها‬ ‫ديناميكية ب ِّ‬ ‫آ‬ ‫ال ن‬ ‫تتحول من شكل لخر‪.‬‬ ‫تف� وال تستحدث بل َّ‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫وبالنسبة للمعلومات‪ ،‬ما زلنا ح� الن ي� المرحلة‬ ‫أ‬ ‫الوىل من المعرفة‪ ،‬ولم نتمكن من الوصول إىل‬ ‫التعريف المفاهيمي أ‬ ‫العمق للمعلومات‪.‬‬ ‫بالعودة إىل تاريخ العلوم‪ ،‬كان المفهوم السائد‬ ‫القوان� ي ز‬ ‫ين‬ ‫الف�يائية هي الحقيقة‬ ‫الق َدم هو أن‬ ‫منذ ِ‬ ‫الثابتة أ‬ ‫والزلية ت‬ ‫نتعرف من خاللها إىل طبيعة‬ ‫ال�‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫هذا الكون‪ .‬وعليه‪ ،‬فإن المادة والطاقة والمعلومات‬ ‫ين‬ ‫القوان�‬ ‫تعب�ات عن هذه‬ ‫عنهما ما هي إال ي‬ ‫يز‬ ‫الف�يائية‪ .‬فقانون الجاذبية ورسعة الضوء وكتلة‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫قوان� وظواهر طبيعية ثابتة‪،‬‬ ‫إ‬ ‫اللك�ون كلها ي‬


‫الف� ي ن‬ ‫ومهمة ي ز‬ ‫يائي� تكمن فقط ف ي� اكتشاف هذه‬ ‫ين‬ ‫القوان� ووصفها من خالل المعادالت الرياضية‬ ‫الصارمة وبموضوعية تامة‪َّ .‬إل أن مجموعة من‬ ‫ز‬ ‫ش‬ ‫والع�ين يرون‬ ‫يائي� القرن الحادي‬ ‫أهم يف� ي ي‬ ‫أن هناك ما يستدعي أن ينقلب هذا المفهوم‬ ‫رأساً عىل عقب‪ .‬فأطروحات متعددة باتت اليوم‬ ‫تنادي بحتمية حدوث انقالب ف ي� فهمنا للمعلومات‬ ‫أدق ذراته إىل‬ ‫وطبيعة دورها ف ي� بناء الكون من ّ‬ ‫وترجح احتمالية كونها هي المكون‬ ‫مجراته‪ِّ ،‬‬ ‫أفسح َّ‬ ‫القوان� ي ز‬ ‫ين‬ ‫الف�يائية بل‬ ‫الرئيس الذي تنبع منه كل‬ ‫هي أ‬ ‫الساس ف ي� وجود الطاقة والمادة!‬ ‫كب�اً من‬ ‫إن مناقشة مفاهيم تحوي قدراً ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫اله� عىل‬ ‫الالموضوعية كهذه‪ ،‬ليس بالمر ي‬ ‫الف� ي ن‬ ‫يز‬ ‫يائي�‪ .‬فالمعلومات مفهوم محاط بغالف من‬ ‫أ‬ ‫الالموضوعية‪ ،‬لن جزءاً من أي معلومة يكمن دائماً‬ ‫ف� عقل المراقب أو المتلقي للمعلومة ت‬ ‫مق�ناً بالسياق‬ ‫ي‬ ‫قدم من خالله‪ .‬ولتقريب الفكرة ث‬ ‫تخيل‬ ‫‪،‬‬ ‫أك�‬ ‫ت‬ ‫الذي‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ن يأ� قمت بإعطاء المعلومة المتمثلة ف ي� هذا الرقم‪:‬‬ ‫القراء قد ال يمثل‬ ‫‪ ،299792458‬بالنسبة لبعض ّ‬ ‫هذا الرقم أي ن‬ ‫مع�‪ ،‬لكنه بالنسبة لقارئ ذي خلفية‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫يز‬ ‫ف�يائية يمثل رسعة الضوء مقيسة بالم� ي� الثانية‪.‬‬ ‫وعدم القدرة عىل تحديد الظواهر بأقىص قدر من‬ ‫الموضوعية هي حالة ينفر ي ز‬ ‫الف�يائيون منها بشدة‪،‬‬ ‫أ‬ ‫الطار الفلسفي للعلم الذي‬ ‫لن فيها خروجاً عن إ‬ ‫تمحور منذ قرون حول �ض ورة أال يُ ن‬ ‫ع� العلم سوى‬ ‫ت‬ ‫ال� يمكن دراستها بموضوعية‬ ‫بالظواهر الطبيعية ي‬ ‫تامة‪.‬‬

‫المعلومة كوحدة لقياس العالم‬ ‫إن أول من ربط مفهوم المعلومات ي ز‬ ‫بالف�ياء كان‬

‫النمساوي لودفيج ت ز‬ ‫ال تن�وبية‬ ‫بول�مان حيث وصف إ‬ ‫ف‬ ‫يز‬ ‫الف�يائية بأنها مقياس للعشوائية ي� أي نظام‬ ‫ت‬ ‫ال� نعرفها عن هذا‬ ‫مغلق‪ ،‬وبماهية «المعلومات» ي‬ ‫النظام‪ .‬ولم يذهب أبعد من ذلك‪ .‬لكن أول من‬ ‫نادى ب�ض ورة مراجعة موقف العلم من المعلومات‬ ‫كمفهوم‪ ،‬والذي ناقش هذه الفكرة وجعلها متداولة‬ ‫داخل وخارج أ‬ ‫الف� ي ن‬ ‫الوساط العلمية‪ ،‬هو عميد ي ز‬ ‫يائي�‬ ‫أ‬ ‫مريكي� وتلميذ آينشتاين‪ :‬ي ز ئ‬ ‫ال ي ن‬ ‫يا� المخ�ض م جون‬ ‫الف� ي‬ ‫آرشيبالد ويلر‪.‬‬ ‫ف� الستينيات‪ ،‬تنبه ويلر إىل عالقة تربط ي ن‬ ‫ب� الديناميكا‬ ‫ي‬ ‫وإن�وبية شانون‪ .‬فالديناميكا الحرارية تُ ن‬ ‫الحرارية ت‬ ‫ع�‬ ‫ض ف‬ ‫ز ئ‬ ‫يا� مغلق‪ ،‬أو ن‬ ‫بمع�‬ ‫بمقدار الفو� ي� أي نظام يف� ي‬ ‫ت‬ ‫ال� من الممكن أن ترتب جزيئات‬ ‫أدق‪ ،‬عدد الطرق ي‬ ‫هذا النظام نفسها بها‪ .‬وبالتال فإن ت‬ ‫إن�وبية شانون‬ ‫ي‬ ‫المعلوماتية لهذا النظام تم ِّثل كمية المعلومات‬ ‫الالزمة لوصف كل هذه الطرق‪ .‬وبالنسبة لويلر‪ ،‬فهذا‬ ‫دليل عىل أن دور المعلومات يمتد ف� عمق ي ز‬ ‫الف�ياء‪،‬‬ ‫ي‬ ‫فيصف هذا ف ي� مقالته «‪« :»it-from-bit‬كل مكونات‬ ‫أ‬ ‫ز ئ‬ ‫يا�‪،‬‬ ‫الطبيعة الولية‪ ،‬كل جسيم‪ ،‬وكل مجال يف� ي‬ ‫وكل مجال طاقة ت‬ ‫وح� فضاء الكون نفسه يستمد‬ ‫ت‬ ‫معناه ووظيفته بل وح� وجوده كنتيجة الختيار‬ ‫ال ي ن‬ ‫جابت�‪ :‬نعم أو ال! ما يتسق والنظام‬ ‫إحدى إ‬ ‫ئ‬ ‫الثنا� الذي تبنته معلوماتية شانون والقائم عىل‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫الحالت� ‪ 0‬و‪ .1‬فهناك حقيقة ي� عمق هذا الكون‬ ‫الف�يائية ال�ت‬ ‫تنبع منها كل تفاصيل هذه المكونات ي ز‬ ‫ي‬ ‫مب� ف� أ‬ ‫ن‬ ‫الساس عىل‬ ‫نلمسها ونعيشها‪ :‬إن هذا الكون ي ي‬ ‫المعلومات»‪.‬‬ ‫لكن هناك من ذهب أبعد من هذا‪ ،‬مثل ي ز ئ‬ ‫يا�‬ ‫الف� ي‬ ‫لما� أ‬ ‫أ ن‬ ‫الصل رولف النداور‪ ،‬الذي رأس معامل‬ ‫ال ي‬

‫كروموزومات الخاليا الحية تشبه المعلومات الرقمية‬

‫أبحاث آي ب� إم ي ن‬ ‫لسن� طويلة‪ ،‬عندما لفت االنتباه‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫إىل أن المعلومات عادة ما توجد مشفرة ي� وسيط‬ ‫ز ئ‬ ‫يا� ‪ -‬ذاكرة كمبيوتر مثال ً ‪ -‬وأنه لمسح أصغر‬ ‫يف� ي‬ ‫وحدة ممكنة من المعلومات ‪ -‬بتة واحدة ‪ -‬من‬ ‫الوسيط ي ز ئ‬ ‫يا� الذي يحتويها فإنه ينتج عن ذلك‬ ‫الف� ي‬ ‫ال تن�وبية‬ ‫كمية من الطاقة الحرارية ترفع من قيمة إ‬ ‫يز‬ ‫الف�يائية بقيمة محددة ثابتة قام باستنتاجها‬ ‫وسمي هذا المبدأ بمبدأ النداور‪ .‬بنا ًء عىل مبدأ‬ ‫النداور هذا‪ ،‬فإن المعلومات يمكن اعتبارها قيمة‬ ‫يز‬ ‫ف�يائية ملموسة وليست مجرد مفهوم‪ .‬وهذه‬ ‫القيمة مثل الطاقة ال ن‬ ‫تف� بل تتحول من شكل‬ ‫آلخر‪.‬‬ ‫يقول ي ز ئ‬ ‫قوان� ي ز‬ ‫يا� فالتكو فيدرال عن ي ن‬ ‫الف�ياء‬ ‫الف� ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� نصف من خاللها الكون ي� أبسط صوره‬ ‫الكمية ي‬ ‫ف‬ ‫ث‬ ‫قوان�ن‬ ‫وأك�ها ّأولية‪ ،‬إنها ي� جوهرها ليست سوى ي‬ ‫معلوماتية تنتج عنها ظواهر طبيعية ملموسة‪.‬‬ ‫فمثال ً قانون الريبة الذي عرفنا من خالله أننا ال‬ ‫نستطيع معرفة مكان الجسيم ورسعته ف ي� وقت‬ ‫واحد‪ ،‬ألننا لو عرفنا مكانه بدقة تختفي قيمة‬ ‫ح� العلماء والفالسفة‬ ‫رسعته‪ ،‬هذا القانون الذي ي َّ‬ ‫تفس�اً بسيطاً لو أخذنا ف ي� االعتبار‬ ‫لعقود‪ ،‬يجد ي‬ ‫ن‬ ‫للقوان� الطبيعية‪:‬‬ ‫أول‬ ‫ي‬ ‫مفهوم المعلومات كمكون ي‬ ‫هو ليس إال انعكاساً لمحدودية كمية المعلومات‬ ‫المتوافرة عن حالة الجسيم‪ .‬ويضيف فيدرال أن‬ ‫أي محاولة نريد بها وصف الكون ف� صورته أ‬ ‫الولية‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� اعتمدناها وانطلقنا منها‬ ‫ومهما كانت النظرية ي‬ ‫أ‬ ‫سواء نظرية المادة والحقول أو نظرية الوتار أو‬ ‫ح� نظرية أ‬ ‫ت‬ ‫الكوان المتعددة‪ ،‬فنحن بال شك‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫نتحدث ي� الساس عن معلومات وطرق مختلفة‬ ‫لمعالجتها ومشاركتها‪.‬‬


‫‪25 | 24‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫البساطة لدرجة مخادعة يرتكز عىل مبدأ طالما نادى‬ ‫به ي ز ئ‬ ‫يا� نيلز بور ف ي� جداله مع آينشتاين حول‬ ‫الف� ي‬ ‫ماهية طبيعة الكون المحسوس‪ .‬كان بور ينادي‬ ‫ب�ض ورة ت‬ ‫القوان� ي ز‬ ‫ين‬ ‫الف�يائية وخاصة‬ ‫االع�اف بأن‬ ‫الكمية ال تصف حقيقة الكون‪ ،‬بل تصف لنا ما يمكننا‬ ‫ّ‬ ‫لمسه ومالحظته عنه‪ .‬ففعلياً نحن مثال ً ال نرى‬ ‫الذرة عىل حقيقتها لكننا نجمع معلومات عنها‬ ‫َّ‬ ‫ونضعها ف ي� معادالت رياضية تمكننا من التنبؤ‬ ‫بمعلومات أخرى عنها‪ .‬وعليه فإن أي وصف ال‬ ‫ت‬ ‫يع�ف بالدور الذي تلعبه المعلومات ف ي� دراستنا‬ ‫ف‬ ‫للكون يظل وصفاً بعيداً عن الواقع‪ � .‬ي ن‬ ‫ح� لو‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫اع�فنا بأن المعلومات وليس المادة وال الطاقة‬ ‫هي ث‬ ‫أك� مكونات ي ز‬ ‫الف�ياء الكمية ابتدائية فإن‬ ‫ث‬ ‫ذلك يقودنا إىل السؤال‪ :‬ما هو أك� مكونات‬ ‫المعلومات ابتدائية؟ المكون الذي يقبع ف ي�‬ ‫اخ�اله ث‬ ‫ف�ياء الكم وال يمكن ت ز‬ ‫عمق ي ز‬ ‫أك�؟ زيلينجر‬ ‫يسمي هذه المكونات بالفرضيات‪ .‬وهي المكونات‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫الجابات‬ ‫ال� وصفها جون ويلر بالسئلة ذات إ‬ ‫نفسها ي‬ ‫البسيطة‪ :‬نعم أم ال‪.‬‬

‫المعلوماتيون‪ :‬الفالسفة الجدد‬

‫كون ش‬ ‫المؤ�ات تزداد عىل ترجيح قدرة المعلومات‬ ‫قوان� ي ز‬ ‫تفس� ي ن‬ ‫ف�ياء الكم‪ ،‬وإيجاد إطار‬ ‫عىل ي‬ ‫فلسفي تستطيع النظرية الكمية أن تستند إليه‪،‬‬ ‫كث� من العلماء عىل التعمق ف ي� البحث فيه‪.‬‬ ‫حفَّز ي‬ ‫الف� ئ‬ ‫لكن ي ز‬ ‫يا� النمساوي المخ�ض م آنتون زيلينجر‬ ‫ي‬ ‫الف� ي ن‬ ‫كان أحد ي ز‬ ‫يائي� الذين ارتادوا هذا الطريق من‬ ‫الطار الفلسفي‬ ‫االتجاه المعاكس‪ ،‬حيث بدأ من إ‬ ‫كغ�ه‬ ‫وتوصل لنظرية المعلومات‪ .‬ويعتقد زيلينجر ي‬ ‫من العلماء أن أي نظرية علمية بغض النظر عن‬ ‫ف‬ ‫تفس� الواقع تظل مفتقدة للقبول‬ ‫مدى نجاحها ي� ي‬ ‫توف� غطاء فلسفي لها‪.‬‬ ‫عىل نطاق واسع إىل أن يتم ي‬ ‫وي�ض ب مثاال ً عىل ذلك معادالت آينشتاين الرياضية‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� كان معظمها معروفاً قبل‬ ‫ي� النسبية الخاصة ي‬ ‫آينشتاين بزمن طويل لكنها لم يؤخذ بها كنظرية‬ ‫مسلَّم بها إال عندما وضعها آينشتاين ضمن إطار‬ ‫النظرية النسبية الخاصة‪.‬‬ ‫وبالنسبة ي ز‬ ‫للف�ياء الكمية فالوضع معكوس‪ ،‬الكل‬ ‫ويش� إليها كواحدة من أنجح‬ ‫يؤمن بصحة النظرية ي‬ ‫ش‬ ‫النظريات العلمية ف ي� تاريخ الب�ية‪ ،‬إال أننا لم‬ ‫ح� آ‬ ‫نستطع ت‬ ‫الن استيعابها ف ي� إطار فلسفي‪ .‬عليه‬ ‫قرر زيلينجر أن النظرية الكمية تحتاج إىل قاعدة‬ ‫ت‬ ‫ح�ت‬ ‫ال� ي َّ‬ ‫فلسفية تحتويها وتحل هذه المعضلة ي‬ ‫العلماء لوقت طويل‪ .‬بعد ي ن‬ ‫سن� وأبحاث طويلة‬ ‫التفس�ات المختلفة‬ ‫قضاها زيلينجر ف ي� دراسة‬ ‫ي‬ ‫يز‬ ‫لف�ياء الكم‪ ،‬شن� ف ي� عام ‪1996‬م بحثاً بعنوان‬ ‫ز‬ ‫تضمن‬ ‫«المبدأ‬ ‫التأسيس ي‬ ‫للف�ياء الكمية» الذي َّ‬ ‫ي‬ ‫ئ‬ ‫االبتدا� يحمل بتة‬ ‫التال‪« :‬النظام‬ ‫ي‬ ‫توصله للقانون ي‬ ‫واحدة من المعلومات»‪ .‬وهذا القانون المغرق ف ي�‬

‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� نعدها المكونات‬ ‫إن الجسيمات الولية ي‬ ‫أ‬ ‫للذرات تُعد أنظمة معقَّدة نوعاً ما‪،‬‬ ‫الساسية َّ‬ ‫أ‬ ‫الجابة مثال ً عن سؤال حول‬ ‫لننا ال نستطيع إ‬ ‫أ‬ ‫الجابة‬ ‫قطبية فوتون ما بنعم أو ال‪ .‬لن إ‬ ‫أك� من سؤال ت‬ ‫تتطلب ث‬ ‫ح� نصل إىل الجواب‪،‬‬ ‫ث‬ ‫ومن هنا تتضح الصورة أك� حول‬ ‫المعلومات ووحدتها أ‬ ‫الساسية «البت»‬ ‫أ‬ ‫ول الذي ال يمكن‬ ‫بوصفها المكون ال ي‬ ‫اخ�اله ث‬ ‫تز‬ ‫أك�‪.‬‬ ‫يا� الروس أ‬ ‫يقول ي ز ئ‬ ‫الصل وأستاذ‬ ‫الف� ي‬ ‫ي‬ ‫المعلوماتية بجامعة جورج واشنطن‬ ‫سيمون يب�كوفيتش إن معرفتنا‬ ‫بكمية المعلومات الهائلة‬ ‫ت‬ ‫ال� تحتاجها الكائنات الحية‬ ‫ي‬

‫جون فون نيومان‬

‫تج�نا عىل إعادة النظر ف ي� طبيعة‬ ‫الستمرار الحياة ب‬ ‫ت‬ ‫تؤرق علماء الحياة‪ ،‬حيث عادة‬ ‫المشكلة ب‬ ‫ال� ِّ‬ ‫الك�ى ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ح� أن السؤال‬ ‫ما يسألون عن كيفية نشوء الحياة‪ ،‬ي� ي‬ ‫أ‬ ‫الجدر أن ينشغلوا به من وجهة نظر يب�كوفيتش‬ ‫ت‬ ‫ال� اتضح لنا خالل‬ ‫هو‪ :‬كيف أتستمر الحياة؟ ي‬ ‫ف‬ ‫خ�ة من القرن أن المعضلة ي� أساسها هي‬ ‫العقود ال ي‬ ‫ث‬ ‫مشكلة معالجة بيانات أك� منها مشكلة التعرف إىل‬ ‫التفاعالت ي ز‬ ‫الف�يائية والكيميائية داخل الخاليا الحية‬ ‫وتحديدها‪ .‬ويضيف أن التوصل للمعادلة السحرية‬ ‫ت‬ ‫ب� شقي ي ز‬ ‫توحد ي ن‬ ‫الف�ياء الكالسيكية والكمية‬ ‫ال� ِّ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫موحد لن ينتج عنه التصور‬ ‫وتضعهما ي� إطار َّ‬ ‫ئ‬ ‫النها� لطبيعة الكون‪ ،‬ألن أي نموذج ال يدعم دور‬ ‫ي‬ ‫المعلومات الحيوية أيضاً ال يمكن اعتباره نموذجاً‬ ‫ئ‬ ‫النها� والشامل للكون ال‬ ‫صحيحاً للكون‪ .‬فالنموذج‬ ‫ي‬ ‫بد وأن يُ نب� عىل بنية تحتية معلوماتية تساند الحياة‬ ‫والكون ي ز ئ‬ ‫يا� الذي يحتضنها ف ي� وقت واحد!‬ ‫الف� ي‬ ‫هل من الصعب تخيل أن المعلومات هي فعال ً لغة‬ ‫الكون‪ ،‬بكل ذراته‪ ،‬كائناته‪ ،‬طاقاته ومجراته‪ ،‬ترسم‬ ‫ت‬ ‫وتحدد ما نستطيع‬ ‫ال� تجري فيها أفالكه ِّ‬ ‫المسارات ي‬ ‫معرفته عن رسعة أدق جسيماته؟ هل هو مفهوم‬ ‫قديم كان ماثال ً أمامنا من خالل مفاهيم دينية‬ ‫مثل اللوح المحفوظ والقلم الذي سبق‬ ‫الخلق وكتب كل ما سيجري؟ ألم يكن هذا‬ ‫ف‬ ‫«� البدء كانت الكلمة»؟‬ ‫واضحاً من مقولة ي‬ ‫إن كان للكون لغة فمن كتبها؟ وهذا‬ ‫النسانية المادية‬ ‫يدل عىل أن المعرفة إ‬ ‫تتقدم باالتجاه الصحيح‪ ،‬ألن‬ ‫َّ‬ ‫التقدم العلمي الصحيح عادة ما‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫يجلب معه أسئلة تفوق تلك ي‬ ‫أجابها‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬

‫‪www.qafilah.com‬‬

‫آالن تورينغ‬

‫جون آرشيبالد ويلر‬


‫كيف يعمل‪...‬‬

‫نظام تحديد‬ ‫المواقع ‪GPS‬‬ ‫المرسل عبارة عن شبكة من‬ ‫مرسل‬ ‫َّ‬ ‫ومستقبل‪ِ .‬‬ ‫يتكون نظام تحديد المواقع من جزأين‪ِ :‬‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫‪ 24‬قمراً صناعياً تغطِّي الفضاء حول الكرة الرضية وتسبح عىل ارتفاع ‪ 19‬ألف كلم‪ .‬أما‬ ‫وال�مجيات الموجودة ف ي� هواتفنا الذكية أو وسائل تنقلنا من سيارات‬ ‫المستقبالت فيمثِّلها العتاد ب‬ ‫ِ‬ ‫وطائرات‪.‬‬ ‫القمار الصناعية تدور حول أ‬ ‫هذه أ‬ ‫الرض ف ي� عدة مستويات‪ ،‬بحيث يوجد ف ي� كل مستوى ‪ 3‬أقمار‪ .‬ونقطة التقاء مجاالت بث هذه‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫القمار الثالثة يؤدي للتحديد الدق لموقع مستخدم النظام بالنسبة للموقع المراد الوصول إليه‪.‬‬

‫يرسل القمر الصناعي دورياً إشارة عامة «لمن يهمه أ‬ ‫المر» تفيد بموقعه‬ ‫الرسال المحسوب بدقة عالية‪.‬‬ ‫ووقت إ‬

‫تنطلق هذه الرسالة ع� الفضاء برسعة الضوء لتصل إىل سطح أ‬ ‫الرض‬ ‫ب‬ ‫بعد عدة ثوان‪.‬‬

‫يلتقط المستقبل ف� سيارتك هذه الرسالة‪ ،‬ويحسب فارق الوقت ي ن‬ ‫ب�‬ ‫ي‬ ‫ليحدد‬ ‫زمن إ‬ ‫الرسال وزمن االلتقاط‪ ،‬مضافاً إليه رسعة سيارتك واتجاهك ِّ‬ ‫بالضبط موقعك بالنسبة لهذا القمر الصناعي‬

‫ين‬ ‫صناعي� آخرين يل�سم خريطة‬ ‫ستقبل هذه العملية مع قمرين‬ ‫يكرر ُ‬ ‫الم ِ‬ ‫ِّ‬ ‫بموقعك عىل سطح الكرة أ‬ ‫الرضية مقارنة بموقع الهدف الذي‬ ‫دقيقة‬ ‫تود الوصول إليه‪ .‬وتتكرر هذه الخطوات تباعاً طوال مشوارك لتعديل‬ ‫مسارك عىل الخريطة إىل أن تصل إىل الهدف المنشود‬

‫مدينة ‪1‬‬ ‫مدينة ‪2‬‬

‫أنت هنا‬

‫مدينة ‪3‬‬

‫‪4‬‬


‫‪27 | 26‬‬

‫علوم‬

‫عندما تكون مساحة حديقة الحيوان‬ ‫ً‬ ‫نسبيا‪ ،‬ألنها تقع في وسط المدينة‪،‬‬ ‫محدودة‬ ‫فإن أي محاوالت لزيادة عدد الحيوانات‬ ‫المعروضة في الحديقة ستبوء بالفشل‪،‬‬ ‫ما دام مبدأ ُّ‬ ‫تكدس الحيوانات في أماكن‬ ‫ضيِّ قة غير وارد‪ ،‬ألنه يتنافى مع حقوق‬ ‫الحيوان في العيش في بيئة مناسبة‪ .‬لكن‬ ‫حديقة الحيوان في مدينة أمستردام وجدت‬ ‫الحل في استضافة كائنات حية صغيرة‪ ،‬ال‬ ‫تحتاج مساحة إضافية‪ ،‬وهكذا ظهرت فكرة‬ ‫ً‬ ‫مرحبا‬ ‫أول متحف في العالم للميكروبات‪،‬‬ ‫بكم في (ميكروبيا)‪.‬‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫أسامة إبراهيم‬

‫في حديقة‬ ‫الميكروبات‬


‫الحيوية‪ ،‬ولكنه فشل ف ي� الدراسة الجامعية‪ ،‬والتحق‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫خ�ة‬ ‫بالعمل ي� قطاع السينما‪ ،‬المر الذي أكسبه ب‬ ‫أ‬ ‫جيدة ف ي� صناعة الفالم السينمائية‪ ،‬وعندما بلغ‬ ‫السابعة أ‬ ‫وال ي ن‬ ‫ربع� من عمره‪ ،‬التقى مدير حديقة‬ ‫حيوان أرتيس‪ ،‬الذي بلَّغه بأنه سيحال إىل المعاش‬ ‫قريباً‪ ،‬وأنه يجري البحث عن مدير جديد‪.‬‬

‫ملكة هولندا تضع ميكروبات ملكية من كفيها‬

‫حديقة حيوان ت‬ ‫أمس�دام‪،‬‬ ‫هي واحدة من أقدم حدائق‬ ‫الحيوان ف ي� العالم‪ ،‬تأسست‬ ‫عام ‪1838‬م‪ ،‬وتضم مجموعة‬ ‫من الحيوانات والطيور بلغت �ف‬ ‫ي‬ ‫ستينيات القرن الميالدي ض‬ ‫الما� ‪ 1360‬نوعاً‪ .‬وإىل‬ ‫ي‬ ‫جانب المكان المخصص للحديقة‪ ،‬هناك مجموعة‬ ‫أ‬ ‫ن أ‬ ‫ت‬ ‫ال� تضم مرافق تابعة‬ ‫من‬ ‫ي‬ ‫المبا� الثرية النيقة‪ ،‬ي‬ ‫للحديقة‪ .‬وقد قرر مدير الحديقة هايج باليان‪،‬‬ ‫أ ض‬ ‫ا� التابعة لحديقة الحيوان‪،‬‬ ‫تحويل جزء من الر ي‬ ‫أ‬ ‫لتصبح نز‬ ‫مت�هاً عاماً للجمهور‪ ،‬وهو المر الذي عاد‬ ‫ن‬ ‫الجانب�‪ ،‬فوجد سكان المدينة مكاناً‬ ‫بالفائدة عىل‬ ‫ي‬ ‫للت�ه والجلوس ف� المقهى التابع للحديقة‪ ،‬و�ف‬ ‫نز‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫القبال عىل زيارة الحديقة‪.‬‬ ‫المقابل زاد إ‬ ‫لكن شهرة هايج باليان‪ ،‬الذي توىل إدارة الحديقة ف ي�‬ ‫عام ‪2003‬م‪ ،‬ال ترتبط بهذا نز‬ ‫المت�ه‪ .‬بل بفكرة أخرى‪،‬‬ ‫جعلت حديقة حيوان ت‬ ‫أمس�دام قادرة عىل اجتذاب‬ ‫زوار من مختلف أرجاء العالم‪ ،‬وهي إقامة أول متحف‬ ‫للميكروبات ف� العالم‪ ،‬داخل أحد ن‬ ‫المبا� التابعة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫للحديقة‪ .‬وقد افتتحت ملكة هولندا (ميكروبيا) �ف‬ ‫ي‬ ‫سبتم� ‪2014‬م‪ ،‬ووافقت عىل حصول المتحف عىل‬ ‫ب‬ ‫ونوهت الملكة ماكسيما‬ ‫«ميكروبات ملكية» من كفيها‪َّ ،‬‬ ‫إىل أن أول من اكتشف الميكروبات هو العا ِلم‬ ‫ن‬ ‫أنتو� فان ليوفينهوك ف ي� القرن السابع ش‬ ‫ع�‪.‬‬ ‫الهولندي ي‬

‫وقبل أن يتخذ قرار التقدم لهذه الوظيفة‪ ،‬سأل نفسه‬ ‫عما يريد أن يفعل هناك‪ ،‬وتذكر أن االسم الرسمي‬ ‫لحديقة حيوان ت‬ ‫أمس�دام‪ ،‬يتضمن أنها مؤسسة تربوية‪.‬‬ ‫ت‬ ‫وح� تقوم بهذه المهمة‪ ،‬ال بد أن تكون قادرة عىل‬ ‫اجتذاب الشباب‪ ،‬الذين غالباً ما يفقدون االهتمام‬ ‫بالحيوانات والطيور‪ ،‬بعد انتهاء تف�ة الطفولة‪ .‬ووجد‬ ‫ف� الميكروبات ضالته‪ ،‬وهو أ‬ ‫المر الذي نال إعجاب‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫القائم� عىل حديقة الحيوان‪ ،‬ومنحوه ثقتهم‪.‬‬ ‫حينما يتحدث باليان عن الميكروبات‪ ،‬تلمس حماساً‬ ‫يغ� عادي‪ ،‬وعىل الرغم من أنه قال هذا الكالم‬ ‫ح�ن‬ ‫بالتأكيد ش‬ ‫ع�ات بل مئات المرات‪ ،‬فإنك تشعر ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫تستمتع إليه‪ ،‬وكأنه يقوله لول مرة ي� حياته‪ ،‬ويسعى‬ ‫تغي� الصورة النمطية السلبية لهذه الكائنات‬ ‫إىل ي‬ ‫ال� ترتبط ف� أذهان كث� أ‬ ‫الحية‪ ،‬ت‬ ‫بالمراض وجميع‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫تغ�ت‬ ‫ال�ور‪ .‬فيقول إن زائر ميكروبيا‪ ،‬سيخرج وقد ي َّ‬ ‫نظرته إىل الكون من حوله‪.‬‬

‫من الخيال إلى الحقيقة‬

‫يقول باليان إن تنفيذ هذه الفكرة لم يكن سهال ً عىل‬ ‫الطالق‪ ،‬إذ كيف تعرض كائنات متناهية ف ي� الصغر‪،‬‬ ‫إ‬ ‫ش‬ ‫التكب� ع�ات أو مئات آالف المرات‪،‬‬ ‫تحتاج إىل ي‬ ‫ت‬ ‫ح� تراها ي ن‬ ‫المجردة‪ .‬ولكنه لم يفكر للحظة ف ي�‬ ‫الع�‬ ‫َّ‬ ‫أ‬ ‫أن يلغي الفكرة‪ ،‬ت‬ ‫العام� ال ي ن‬ ‫ين‬ ‫ول� شهدا‬ ‫ويع�ف بأن‬ ‫أ‬ ‫كث�اً من الفشل‪ ،‬ألنه لم يسبق لحد أن فعل ذلك‬ ‫ي‬ ‫مك�ة‬ ‫من قبل‪ .‬ولم يكن من المقبول وضع صور ب َّ‬ ‫للميكروبات عىل الحائط‪ ،‬ويقال للزائر «هذا ما جئت‬ ‫لتشاهده»‪.‬‬

‫ث‬ ‫ثل� الكائنات الحية‬ ‫كانت أالفكرة أن يعرف الزائر أن ي‬ ‫ن‬ ‫بالع� المجردة‪ ،‬ولكن‬ ‫عىل الرض‪ ،‬ال يمكن رؤيتها ي‬ ‫ن‬ ‫يع� أن نتجاهلها‪ ،‬خاصة إذا علم الزائر‬ ‫ذلك ال ي‬ ‫ت‬ ‫بكت�يا عىل السنتيم� المكعب‬ ‫أن هناك مائة ألف ي‬ ‫بكت�يا‬ ‫الواحد من جلد إ‬ ‫النسان‪ ،‬وأن مائة مليار ي‬ ‫ف‬ ‫النسان‪ ،‬وتساعده عىل هضم‬ ‫تسكن ي� أمعاء إ‬ ‫الطعام‪ ،‬وأن الحياة بدون هذه الكائنات الميكروبية‬ ‫الطالق‪.‬‬ ‫يغ� ممكنة عىل إ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫اثن� ش‬ ‫ع�ة سنة‪ ،‬وكلَّف سبعة ونصف‬ ‫استغرق المر ي‬ ‫مليون يورو‪ ،‬ت‬ ‫ح� أصبح الخيال حقيقة‪ ،‬وشاركت‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ورو�‪،‬‬ ‫جهات عديدة ي� دعم الفكرة‪ ،‬من االتحاد ال ب ي‬ ‫إىل وزارة االقتصاد الهولندية‪ ،‬ومحافظة شمال‬ ‫هولندا‪ ،‬وبلدية ت‬ ‫أمس�دام‪ ،‬ش‬ ‫و�كات صناعية هولندية‬ ‫وألمانية‪ ،‬ومصارف وجامعات‪ .‬ش‬ ‫وأ�ف فريق من‬ ‫ف‬ ‫العلماء عىل مطابقة المعلومات المقدمة ي� المتحف‪،‬‬ ‫مع أحدث ما وصلت إليه الدراسات البحثية‪.‬‬ ‫رأى باليان أن هناك توجهاً إىل التخصص ف ي� فروع‬ ‫محددة‪ ،‬ولم يعد هناك اهتمام بالنظر إىل الكون‬ ‫كوحدة واحدة‪ ،‬وإىل إدراك ت‬ ‫ال�ابط الشديد ي ن‬ ‫ب�‬ ‫عنارص هذا الكون الذي تلعب فيه الميكروبات دوراً‬ ‫النسان عىل‬ ‫محورياً‪ ،‬خصوصاً وأنها موجودة قبل إ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫بمالي� ي ن‬ ‫ين‬ ‫السن�‪ .‬فإذا أمكن تسليط الضواء‬ ‫الرض‬ ‫أ‬ ‫عىل ذلك‪ ،‬من خالل متحف ميكروبيا‪ ،‬فإن الطفال‬ ‫والشباب سيقبلون عىل دراسة هذه الكائنات‪،‬‬ ‫وسيصبح المستثمرون ث‬ ‫أك� استعداداً لتمويل‬ ‫ش‬ ‫م�وعات بحثية‪ ،‬لكشف هذا العالم الذي ال نعرف‬ ‫ف‬ ‫ث‬ ‫أك� من ‪ 5‬ي� المائة فقط من كائناته‪ ،‬رغم مرور‬ ‫ف‬ ‫ثالثة قرون عىل اكتشاف وجوده‪ ،‬وبقي ‪ 95‬ي� المائة‬ ‫ح� آ‬ ‫مجهوال ً ت‬ ‫الن‪.‬‬

‫في المتحف‬

‫تبدأ زيارة «ميكروبيا» ف ي� مصعد‪ ،‬يتسع ش‬ ‫لع�ين‬ ‫شخصاً‪ ،‬فور إغالق باب المصعد‪ ،‬تجد الظالم‬

‫حلم الطفولة‬

‫َّرحب باليان بزيارة «القافلة» إىل حديقته‪ ،‬ووافق عىل‬ ‫أن يتوىل بنفسه مرافقتنا ف ي� هذه الجولة‪ ،‬عىل يغ�‬ ‫القراء‪ ،‬فطلبنا إليه‬ ‫العادة‪ ،‬وسأل عن‬ ‫حدود اهتمامات َّ‬ ‫أ‬ ‫قرائنا واسعة‪،‬‬ ‫أن يتحدث بال حدود‪ ،‬لن اهتمامات َّ‬ ‫فضحك قائال ً إنه مستعد للحديث عن (ميكروبيا)‬ ‫ش‬ ‫ع� ساعات بال انقطاع‪ ،‬إذا لمس اهتمام المستمتع‪.‬‬ ‫يروي هايج باليان أنه كان يسكن ف ي� طفولته بالقرب‬ ‫من حديقة حيوان ت‬ ‫أمس�دام‪ ،‬واسمها (أرتيس‬ ‫ف‬ ‫‪ ،)ARTIS‬وأنه كان يحلم أن يصبح ي� يوم من‬ ‫أ‬ ‫اليام مديراً لها‪ .‬ولذلك‪ ،‬التحق بدراسة علم البيئة‬

‫مجموعة من الطالب يطلعون عىل بعض محتويات المتحف‬


‫‪29 | 28‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫يحيط بك‪ ،‬ثم ينطلق صوت يطلب منك النظر إىل‬ ‫سقف المصعد‪ ،‬لتجد شاشة ضخمة فوق رأسك‪،‬‬ ‫تلتقط صورة ي ن‬ ‫بتكب�‬ ‫لع� أحد الزوار‪ ،‬ثم تقوم ي‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫الع�‪ ،‬ثم تظهر ع�ات‪،‬‬ ‫الصورة‪ ،‬تل�ى رموش ي‬ ‫الشع�ات‬ ‫مئات‪ ،‬بل آالف الكائنات حول جذور هذه‬ ‫ي‬ ‫الدقيقة‪ ،‬هذه الكائنات المتناهية الصغر‪ ،‬لها‬ ‫كث�ة‪ ،‬وتتحرك بال توقف‪،‬‬ ‫أشكال متنوعة‪ ،‬وألوان ي‬ ‫يتسمر ركاب المصعد ف ي� ذهول من هول ما رأوا‪ .‬إن‬ ‫الميكروبات ليست خارجنا‪ ،‬ال ينفع معها تعقيم‬ ‫اليد‪ ،‬وال غسلها بالصابون‪.‬‬ ‫تخرج من المصعد‪ ،‬وقبل أن تفيق من هذه الصدمة‪،‬‬ ‫تجد حائطاً داكن السواد‪ ،‬فوقه صورة تشبه شجرة‬ ‫عمالقة‪ ،‬لها ثالثة فروع أساسية‪ ،‬وينقسم كل فرع‬ ‫بعد ذلك إىل ش‬ ‫ع�ات الفروع‪ ،‬توضح أن إالنسان‬ ‫ت‬ ‫ال� نعرفها‪ ،‬هي جزء ضئيل من‬ ‫والحيوانات والنباتات أ ي‬ ‫عالم أ‬ ‫الحياء‪ ،‬وأنه آن الوان أن نهتم بعالم الكائنات‬ ‫متناهية الصغر‪ ،‬الذي لم نفتح عليه عيوننا بعد‪.‬‬ ‫يمزج المتحف بطريقة مبتكرة ي ن‬ ‫ب� الحقيقة والخيال‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ال� يمكن مشاهدتها‬ ‫فيعرض الميكروبات الحية‪ ،‬ي‬ ‫ف‬ ‫بأجهزة ميكروسكوب متطورة للغاية‪ ،‬ولكنها ي� الوقت‬ ‫نفسه سهلة االستعمال‪ ،‬ألن «ميكروبيا» ال يسعى أن‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫يكون معمال ً علمياً‬ ‫و� المقابل‬ ‫للمتخصص� فقط‪ .‬ي‬ ‫ش‬ ‫يجد الزائر شاشة عمالقة‪ ،‬طولها ع�ة أمتار وعرضها‬ ‫خمسة أمتار‪ ،‬توضح أ‬ ‫الشكال البديعة للميكروبات‪،‬‬ ‫تكب�ها بمعدل ‪ 800‬ألف مرة أو ث‬ ‫أك�‪.‬‬ ‫بعد ي‬ ‫لم يكن باليان سعيداً بالتقاطنا الصور داخل‬ ‫يع�ض‪ ،‬وقال إنه ن‬ ‫المتحف‪ ،‬لكنه لم ت‬ ‫يتم� أال يؤدي‬ ‫شن� هذه الصور إىل حرمان الزائر من لحظة االنبهار‬ ‫عندما يتعرف إىل هذا العالم ألول مرة‪ .‬عالوة عىل أن‬

‫مك�ة لميكروب عىل حائط الميكروبات‬ ‫صورة ب َّ‬

‫إعداد هذه أ‬ ‫الفالم المعروضة ف ي� المتحف كلَّف مبالغ‬ ‫ئ‬ ‫سينما� بالتعاون مع علماء‪،‬‬ ‫هائلة‪ ،‬وقام به فريق‬ ‫ي‬ ‫المقدمة‪ .‬وكان بم�رنا الوحيد‬ ‫لضمان دقة المعلومات َّ‬ ‫قراء القافلة ف ي� المملكة‪ ،‬بعيدون عن هولندا‬ ‫أن َّ‬ ‫ت‬ ‫بآالف الكيلو م�ات‪.‬‬ ‫كث�اً من الميكروبات الحية‪ ،‬وحدثنا مرافقنا‬ ‫شاهدنا ي‬ ‫طويال ً عن القدرة الهائلة للميكروبات عىل العيش‬ ‫ف ي� ظروف قاسية‪ ،‬من درجات حرارة عالية جداً أو‬ ‫ف‬ ‫و� أماكن‬ ‫منخفضة للغاية‪ ،‬ومعدالت ضغط هائلة‪ ،‬ي‬ ‫مظلمة دون أي ضوء‪ ،‬ولذلك فإنها تستطيع العيش‬ ‫ف ي� أعماق المحيط‪ ،‬كما أنها تستطيع الحياة ف ي� البيئات‬ ‫الحمضية والقلوية‪.‬‬

‫«‪ 176‬ترليون ميكروب في جسمك»‬

‫فجأة ن‬ ‫جذب� (مجنون الميكروبات) الهولندي ‪ -‬عىل‬ ‫ي‬ ‫العر� النجدي‪ -‬من يدي‪ ،‬وطلب‬ ‫وزن (مجنون ليىل) ب‬ ‫إل الصعود فوق درجة يمثبتة عىل أ‬ ‫الرض أمام شاشة‬ ‫ي َّ‬ ‫ضخمة‪ ،‬وأن أقف دون حراك‪ .‬فظهر جسمي عىل‬ ‫الشاشة‪ ،‬وفوقه أرقام ت ز‬ ‫ليخ� ن ي�‬ ‫ت�ايد برسعة جنونية‪ ،‬ب‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫الجهاز الذي أمامي‪ ،‬أنه تم حرص الميكروبات‪ ،‬ي‬ ‫توجد عىل جلدي وداخل أعضاء جسمي‪ ،‬ي َّ ن‬ ‫وتب� أنها‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫يع� مليون‬ ‫‪ 176‬ترليون ميكروب!!! علماً بأن ال�ليون ي‬ ‫ن‬ ‫اث� ش‬ ‫ع� صفراً قبل الرقم)‪.‬‬ ‫مليون (أي ي‬ ‫قبل أن أستوعب ما يحدث‪ ،‬بدأ الرجل الخبيث ف ي�‬ ‫آ‬ ‫ويخ��ن‬ ‫ن‬ ‫ليفحص� عضواً وراء الخر‪ ،‬ب ي‬ ‫تحريك الجهاز‪ ،‬ف ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫و� الفم‬ ‫بعدد الميكروبات ي�‬ ‫و� الر ي‬ ‫ي‬ ‫ئت�‪ ،‬ي‬ ‫معد�‪ ،‬ي‬ ‫أ‬ ‫ين‬ ‫والعين�‪ ،‬وفوق الجلد‪ ،‬واستطاع من خالل أعداد‬ ‫والنف‬ ‫كث�ة‪ ،‬أحتفظ بها‬ ‫الميكروبات‪ ،‬التوصل إىل معلومات ي‬ ‫لنفس‪ ،‬ولكن يكفي أن يعرف القارئ أن هذه الكائنات‬ ‫ي‬ ‫حوال كيلو ونصف الكيلو‪.‬‬ ‫تزن‬ ‫الصغر‪،‬‬ ‫المتناهية‬ ‫ي‬

‫صورة إلحدى زوايا المتحف‬

‫نزلت بعيداً عن الجهاز‪ ،‬وجدت مجموعة من‬ ‫وبعدما ُ‬ ‫الزوار يقفون ور ئا� ويتأملون ف‬ ‫ت‬ ‫ميكروبا�‪ ،‬وأماكن‬ ‫�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫اغتسلت قبل أن أح�ض ‪،‬‬ ‫وحمدت هللا ن يأ�‬ ‫وجودها‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫أتعرق‪ ،‬وإال تضاعف العدد‪،‬‬ ‫ولم‬ ‫نظيفة‬ ‫مالبس‬ ‫وأن‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫وسمعت التأفف منهم‪ .‬ولكن يبدو أنهم كانوا‬ ‫ينتظرون أن يقوموا بنفس التجربة‪ ،‬ليتعرفوا إىل سكان‬ ‫أجسامهم‪ ،‬الذين يرافقونهم طوال العمر‪.‬‬

‫الميكروبات تُنقذ البشرية‬

‫انطلق باليان من جديد يوضح يل أن هؤالء الرفاق من‬ ‫ت‬ ‫ال� تساعد عىل تكوين‬ ‫الكائنات متناهية الصغر‪ ،‬هي ي‬ ‫أ‬ ‫جهاز المناعة منذ لحظة الوالدة‪ .‬وذكر أن البحاث‬ ‫أثبتت أن الطفل الذي يولد بعملية قيرصية‪ ،‬تكون‬ ‫مناعته من أ‬ ‫المراض أقل من الطفل المولود بصورة‬ ‫طبيعية؛ ألن قناة الوالدة الطبيعية‪ ،‬تحتوي عىل‬ ‫ميكروبات مفيدة‪ .‬وأشار إىل أن ثك�ة استعمال المضادات‬ ‫الحيوية‪ ،‬والمبالغة ف ي� تعقيم اليدين‪ ،‬واالستعمال‬ ‫المفرط للمواد الكيماوية‪ ،‬كلها تؤثر سلباً عىل صحتنا‪.‬‬ ‫تش� إىل وجود عالقة‬ ‫وأشار إىل أن هناك أبحاثاً ي‬ ‫ب� هذه ت‬ ‫ين‬ ‫السمنة‬ ‫البك�يا إ‬ ‫والصابة بأمراض مثل ُّ‬ ‫والرسطان والسكري وأمراض القلب‪ ،‬وأمراض‬ ‫الهضم‪ .‬بل إن هناك ارتباطاً ي ن‬ ‫ب� الحالة النفسية‬ ‫توصل‬ ‫والميكروبات‪ .‬وأن فريق بحث كندياً إيرلندياً‪َّ ،‬‬ ‫إىل أن ت‬ ‫البك�يا الموجودة ف ي� القناة الهضمية‪ ،‬قد‬ ‫تؤثر عىل كيمياء المخ‪ ،‬مما ينعكس عىل سلوكيات‬ ‫مثل القلق والتوتر واالكتئاب‪ .‬ثم أعرب عن استغرابه‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫من عدم االستفادة الكاملة من نتائج البحاث ي‬ ‫المكانات الهائلة للميكروبات‪ ،‬متوقعاً مزيداً‬ ‫توضح إ‬ ‫من الفتوحات العلمية‪ ،‬بفضل ما توفره وسائل فك‬ ‫وبالتال استخدام‬ ‫شفرة الحمض النووي (‪،)DNA‬‬ ‫ي‬ ‫الميكروبات ف� عالج كث� من أ‬ ‫المراض‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬


‫ن‬ ‫بالتأ�‬ ‫نوعاً من العالقة العرضية»‪ ،‬ولذلك يطالب ي‬ ‫ف‬ ‫تأث� العوامل‬ ‫ي� التجارب‪ ،‬واالستمرار فيها‪ ،‬ودراسة ي‬ ‫أ‬ ‫الخرى‪ ،‬قبل الخروج عىل الرأي العام بنتائج‬ ‫ال ي ن‬ ‫متعجلة‪ ،‬ش‬ ‫عالمي�‪ ،‬سعياً لسبق‬ ‫ين�ها بعض إ‬ ‫صحفي‪ ،‬ثم ي ن‬ ‫يتب� بعد ذلك أنها كانت معلومات يغ�‬ ‫دقيقة‪ ،‬بل وربما خاطئة‪.‬‬

‫حلم أم سراب‬

‫إن متحف (ميكروبيا)‪ ،‬هو استجابة لروح العرص‪،‬‬ ‫فالشباب المعتاد عىل النظر إىل الكون من خالل‬ ‫الهواتف الذكية‪ ،‬وبرامج الكمبيوتر‪ ،‬سيجد فيه صوراً‬ ‫ثالثية أ‬ ‫البعاد‪ ،‬ومؤثرات صوتية‪ ،‬وإضاءة محكمة‪،‬‬ ‫كلها تؤدي إىل دمج الحقيقة بالخيال‪ .‬فهناك فعال ً‬ ‫مك�ة مئات آالف‬ ‫ميكروبات حقيقية حية‪ ،‬تراها ب‬ ‫المرات‪ ،‬وبجانبها تجد صوراً صنعها الكمبيوتر‬ ‫لميكروبات أخرى‪ ،‬ويزول الخط الفاصل ي ن‬ ‫ب� الكائنات‬ ‫ت‬ ‫الحية‬ ‫ال� تراها الفتاة‬ ‫والصور‪ ،‬تماماً مثل الصورة ي‬ ‫ين‬ ‫ح� تنظر ف ي� المرآة‪ ،‬أو صورة «سيلفي» تلتقطها‬ ‫بجوالها‪ ،‬تل�ى نفسها أيضاً‪.‬‬

‫شاشة تظهر الميكروبات عىل الجلد وداخل أعضاء الجسم‬

‫لعل هذا هو السبب ف ي� عدم الرضا عن تصوير‬ ‫المعروضات ف ي� المتحف‪ .‬خاصة وأن معارض الغد‬ ‫ال تتطلب السفر إليها‪ ،‬ألنك ستصبح قادراً عىل‬ ‫مشاهدتها من خالل جهاز الكمبيوتر‪ .‬ت‬ ‫وس�ى نفس‬ ‫بالضاءة نفسها‪ ،‬وستستمع إىل نفس‬ ‫المقتنيات إ‬ ‫المؤثرات الصوتية‪.‬‬ ‫أخصائية معمل ميكروبيا تأخذ عينات من عفن غروي‬

‫وذكر باليان أن القطاع الصناعي قد استطاع االستفادة‬ ‫كب�ة‪ .‬و�ض ب عىل ذلك‬ ‫من هذه الميكروبات بصورة ي‬ ‫مثاال هو قيام ش�كة مبيدات آ‬ ‫الفات النباتية‪ ،‬بخلط‬ ‫ً‬ ‫الميكروبات بالماء‪ ،‬ثم استخدام طائرات لرش هذا‬ ‫الخليط عىل النباتات لتقوم الميكروبات بالقضاء عىل‬ ‫آ‬ ‫الفات‪ ،‬دون استخدام أي كيماويات ت�ض بالبيئة‪،‬‬ ‫ف‬ ‫ف ت‬ ‫ت‬ ‫و� المياه الجوفية‪.‬‬ ‫وت�سب ي� ال�بة ي‬ ‫وقال إن ش‬ ‫الب�ية ستواجه مشكالت ضخمة ف ي�‬ ‫المستقبل‪ ،‬مثل تزايد عدد السكان بمليارات عديدة‪،‬‬ ‫وأن الكرة أ‬ ‫الرضية لن تستطيع أن تغطي احتياجاتهم‬ ‫بالطرق التقليدية‪ ،‬ورأى أن الميكروبات قادرة عىل‬ ‫ف‬ ‫كث� من المشكالت‪ ،‬مثل تنقية المياه‪،‬‬ ‫إالسهام ي� حل ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫وكسج� الذي‬ ‫و� إنتاج الطاقة‪ ،‬وأوضح أن نصف ال‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫يأ� من الميكروبات‪.‬‬ ‫تحتاجه النباتات ي‬

‫الحذر واجب‬

‫النسان بأنه‬ ‫بعد زيارة متحف (ميكروبيا) يشعر إ‬ ‫التفك� ف ي�‬ ‫كان جاهال ً بهذا العالم‪ ،‬وأن عليه إعادة‬ ‫ي‬ ‫رؤيته للكون‪ ،‬وأن اهتمامه بهذه الكائنات البالغة‬ ‫الصغر‪ ،‬ال يجوز أن يقترص عىل هذه المعلومات‬

‫مك�ة لميكروبات‬ ‫صورة ب َّ‬

‫المحدودة‪ ،‬طالما كانت بهذه أ‬ ‫الهمية البالغة‪،‬‬ ‫النسان عىل كل‬ ‫عالوة عىل أنه ال يجوز أن يحصل إ‬ ‫معلوماته من مصدر واحد‪ ،‬بل يجب أن يستمع إىل‬ ‫آراء أخرى‪.‬‬ ‫كث�اً من المصادر تؤيد كل ما ذكره‪ ،‬ومن‬ ‫كما وجدنا ي‬ ‫ذلك مقاال كتبه وليام �‪ .‬هانج‪ ،‬بعنوان‪ :‬أ‬ ‫«الحياء‬ ‫ً‬ ‫بي‬ ‫المجهرية‪ :‬علم الميكروبات يحتاج إىل جرعة صحية‬ ‫من الشك»‪ ،‬شن�ته مجلة ش‬ ‫«نيت�» المرموقة‪ ،‬قال‬ ‫العالم أن تتوقف عن‬ ‫فيه‪« :‬يجب عىل وسائل إ‬ ‫المبالغة ف ي� النتائج‪ ،‬ويجب أن يتوقف الصحافيون‬ ‫عن ابتالع الطُعم»‪ .‬ويقصد نتائج الدراسات عىل‬ ‫«الثارة حول الميكروبات‬ ‫الميكروبات‪ .‬وأشار إىل أن إ‬ ‫أ‬ ‫طالت من هم خارج أ‬ ‫ً‬ ‫الوساط الكاديمية»‪ ،‬محذرا من‬ ‫أن «يشمل أ‬ ‫الذى المحتمل الذي أحدثه سوء الفهم‬ ‫ين‬ ‫الصحافي� وهيئات التمويل والعامة»‪.‬‬ ‫كال ً من‬ ‫وعىل الرغم من أن هانج ال يشكك ف ي� صحة‬ ‫الدراسات‪ ،‬لكنه يرى أن هناك استنتاجات خاطئة‪،‬‬ ‫مش�اً إىل أن «جميع العلماء يتبعون مبدأ أن االرتباط‬ ‫ي‬ ‫ليس بال�ض ورة سبباً‪ ،‬لكن االرتباط غالباً ما ن‬ ‫يع�‬ ‫ي‬

‫خرجنا من (ميكروبيا)‪ ،‬وقررنا دخول حديقة الحيوان‬ ‫والحم�‪ ،‬والطيور‪.‬‬ ‫«الحقيقية»‪ .‬استمتعتنا برؤية النمور‪،‬‬ ‫ي‬ ‫وسمعنا أ‬ ‫الطفال يرصخون فرحاً‪ ،‬وهم يرون القرد يتناول‬ ‫الموز‪ ،‬ثم يرصخون خوفاً‪ ،‬وهم يشاهدون الذئاب‬ ‫تلتهم لحماً مخضباً بالدماء‪ .‬ورأينا الكبار يلتقطون‬ ‫صور (سيلفي) بالقرب من الحيوانات ت‬ ‫المف�سة‪ ،‬وال‬ ‫يدركون أنهم ال يحتاجون إىل البحث عن هذه الحيوانات‬ ‫ت‬ ‫المف�سة‪ .‬فعىل وجوههم ي ن‬ ‫مالي� الكائنات الحية‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫مختلفة اللوان والشكال‪ ،‬لكنهم ال يرونها‪.‬‬ ‫آ‬ ‫الن يمكن للقارئ أن يقرر إما أن يغمض عينيه عن‬ ‫عالم الميكروبات‪ ،‬وال ينظر إال إىل ما تراه عيناه‬ ‫المجردتان‪ ،‬وإما أن يهتم بهذا العالم ويشاهد موقع‬ ‫ف‬ ‫و� كل مرة يصافح شخصاً‪ ،‬أو يعانقه‪،‬‬ ‫«ميكروبيا»‪ .‬ي‬ ‫يعرف أن ي ن‬ ‫مالي� الميكروبات‪ ،‬قد جرى تبادلها‪ .‬هل‬ ‫تريد ذلك؟‬ ‫الموقع إ ت ن‬ ‫و� للحديقة‪:‬‬ ‫اللك� ي‬ ‫‪http://www.micropia.nl/en/‬‬

‫شاركنا رأيك‬

‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪31 | 30‬‬

‫العلم خيال‬

‫ٌ‬ ‫حلم راود اإلنسان‬ ‫الرغبة في اإلخفاء‬ ‫عصور طويلة‪ ،‬وقد نسج لنا‬ ‫منذ‬ ‫ٍ‬ ‫الروائي إتش جي ويلز‪ ،‬في عام ‪1897‬م‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مرجعا‬ ‫رواية الرجل غير المرئي لتظل‬ ‫ً‬ ‫َّ‬ ‫كالسيكيا لهذه الثيمة التي خلدتها‬ ‫كذلك أدبيات الشرق بفكرة «طاقية‬ ‫اإلخفاء»‪.‬‬

‫حسن الخاطر‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫اآلن تراني‪..‬‬ ‫اآلن ال!‬ ‫ت‬ ‫الفكرة ي ز‬ ‫ال� طرحها ويلز‬ ‫الف�يائية ي‬ ‫ف ي� روايته هي حول عبقري اسمه‬ ‫ين‬ ‫«غريف�» استطاع أن يجعل‬ ‫النسان‬ ‫معامل انكسار جسم إ‬ ‫يتطابق مع معامل انكسار الهواء‪ .‬فالمادة الشفافة‬ ‫تصبح يغ� مرئية إذا وضعت ف ي� وسط معامل انكساره‬ ‫ين‬ ‫غريف�‬ ‫يساوي معامل انكسار تلك المادة‪ ،‬لقد تمكن‬ ‫من تحقيق هذا الحلم‪ ،‬وعىل الرغم من أن الرواية‬ ‫التخيل‬ ‫تشوبها أخطاء علمية‪ ،‬إال أنها فتحت طريق ّ‬ ‫لنا جميعاً‪.‬‬ ‫قائم عىل التخيل‪ ،‬لكنه ف ي� الوقت نفسه مرتبط‬ ‫العلم ٌ‬ ‫ين‬ ‫القدم حاول إالنسان بطريقة‬ ‫بقوان� علمية‪ .‬فمنذ ِ‬ ‫أ‬ ‫التمويه والخداع أن يتخفى عن العداء بتلونه بلون ما‬ ‫ش‬ ‫ال�ء أفاده إالنسان من الحيوانات‬ ‫فيحيط به‪ .‬وهذا ي‬ ‫ي� قدرتها عىل التخفي من أجل البقاء عىل الحياة‪ ،‬إذ‬ ‫تلون بلون ما يحيط به‪ .‬وقد‬ ‫تصعب رؤية الجسم إذا ّ‬ ‫اختار الجنود بال�يطانيون خالل حرب البوير الثانية‪،‬‬

‫المالبس تال�ابية اللون لمحاكاة رمال الصحراء‪ .‬وخالل‬ ‫الوىل استخدم أ‬ ‫الحرب العالمية أ‬ ‫اللمان الطريقة نفسها‬ ‫إلخفاء مناطيد زبلن وذلك عن طريق صبغ سطوحها‬ ‫بمعدن أ‬ ‫اللمونيوم الذي يعكس لون السماء والغيوم‪.‬‬ ‫أ‬ ‫الحالم ش‬ ‫الب�ية بدأت تتحقق بفضل العلم‪ ،‬فبعد‬ ‫ف‬ ‫جيداً أن‬ ‫التطور المهول ي� علم البرصيات‪ ،‬عرفنا ّ‬ ‫وتتكون‬ ‫الضوء عبارة عن موجة كهرومغناطيسية‪َّ ،‬‬ ‫أ‬ ‫المواج الكهرومغناطيسية من ي ن‬ ‫حقل� متعامدين‬ ‫ئ‬ ‫ومغناطيس‪ ،‬وتبلغ رسعتها ‪ 300‬ألف كم ف ي�‬ ‫كهربا�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫الثانية‪ .‬والضوء هو السبب الرئيس لرؤيتنا للجسام‪.‬‬ ‫فنحن ال نستطيع أن نرى أ‬ ‫الجسام ف ي� الظالم‪ ،‬إذ‬ ‫عندما يسقط الضوء عىل الجسم ينعكس عىل ي ن‬ ‫الع�‬ ‫وتتم الرؤية‪ ،‬وكما أن نطاق سمع إالنسان محدود‬ ‫ه�تز‪ ،‬كذلك ي ن‬ ‫ين‬ ‫ع� إالنسان‬ ‫ب� تال�ددين (‪ )20000-20‬ي‬ ‫أ‬ ‫ئ‬ ‫المر� جز ٌء ضئيل من المواج‬ ‫محدودة أيضاً‪ ،‬فالضوء ي‬ ‫ئ‬ ‫اللون�ن‬ ‫ن‬ ‫المر� يب� ي‬ ‫الكهرومغناطيسية‪ ،‬ويقع الضوء ي‬ ‫البنفسجي أ‬ ‫والحمر‪ ،‬ويبلغ الطول الموجي لهما‬

‫(‪ )700-400‬ت‬ ‫ه�تز‪.‬‬ ‫نانوم�‪ ،‬وترددهما (‪ )430-750‬يت�ا ي‬ ‫ت‬ ‫والعالقة ي ن‬ ‫ب� الطول الموجي وال�دد عالقة عكسية‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ال� تقطعها‬ ‫حيث إن الطول الموجي هو‬ ‫المسافة ي‬ ‫الموجة من نقطة إىل نفس النقطة ف ي� الموجة التالية‬ ‫ين‬ ‫قمت� أو ي ن‬ ‫ب� ي ن‬ ‫كالمسافة ي ن‬ ‫متتالي�‪ ،‬أما تردد الموجة‬ ‫قاع�‬ ‫ف‬ ‫ه�تز‪.‬‬ ‫فهو عدد الذبذبات ي� الثانية الواحدة ووحدته ي‬ ‫يز‬ ‫يتم� الضوء بخصائص عديدة‪ ،‬منها‪ :‬االنعكاس‬ ‫واالنكسار‪ .‬فعندما يسقط الضوء عىل جسم فإنه‬ ‫ال� تجعلنا نرى أ‬ ‫ت‬ ‫الشياء‪،‬‬ ‫ينعكس وهذه الخاصية هي ي‬ ‫ولوال انعكاسه لما استطعنا ذلك‪ .‬وعندما ينتقل ي ن‬ ‫ب�‬ ‫ين‬ ‫ويغ�‬ ‫وسط� مختلفي معامل االنكسار فإنه ينكرس ي ّ‬ ‫من رسعته‪ ،‬فإذا انتقل من الهواء إىل الزجاج فإنه‬ ‫يتباطأ نتيجة مروره بعدد مهول من الذرات‪.‬‬ ‫يعرف معامل االنكسار (‪ )index of refraction‬للمادة‬ ‫بأنه النسبة ي ن‬ ‫ب� رسعة الضوء ف ي� الفراغ إىل رسعته ف ي�‬ ‫المادة‪.‬‬


‫والعالقة ي ن‬ ‫ب� معامل االنكسار ورسعة الضوء ف ي� المادة‬ ‫عالقة عكسية‪ .‬فكلما ازداد معامل االنكسار للمادة تكون‬ ‫رسعة الضوء فيها أقل‪ ،‬فرسعة الضوء ف ي� الفراغ تساوي‬ ‫‪ 300‬ألف كم ف ي� الثانية‪ ،‬لكن عندما يمر بزجاج «البايركس»‬ ‫بحوال ‪ 100‬ألف كم ف ي� الثانية‪ ،‬وهذا‬ ‫تنخفض رسعته ي‬ ‫الجدول ي ن‬ ‫يب� معامل االنكسار لبعض المواد‪:‬‬ ‫ ‬ ‫المادة‬ ‫ ‬ ‫الهواء‬ ‫زجاج البايركس ‬ ‫ ‬ ‫الماء‬ ‫الزيت ت‬ ‫ ‬ ‫النبا�‬ ‫ي‬ ‫عدسة ي ن‬ ‫النسان ‬ ‫ع� إ‬

‫معامل االنكسار‬ ‫‪1.0003‬‬ ‫‪1.474‬‬ ‫‪1.333‬‬ ‫‪1.47‬‬ ‫‪1.41‬‬

‫تبدو لنا العصا مكسورة عندما نضعها ف ي� كأس الماء‬ ‫بسبب انكسار الضوء‪ ،‬فعندما ينتقل الضوء من‬ ‫ن‬ ‫يعا� انكساراً‪ .‬لكننا عندما نضع مادة‬ ‫الهواء إىل الماء ي‬ ‫شفافة ف ي� وسط معامل انكساره يتساوى مع معامل‬ ‫انكسار المادة فإن المادة تختفي وتصبح يغ� مرئية‪.‬‬ ‫ن‬ ‫يعا� انكساراً وال‬ ‫والسبب يعود إىل أن الضوء ال ي‬ ‫انعكاساً ويستمر ف ي� مروره ضمن المادة‪ .‬فعندما نقوم‬ ‫بوضع كأس من زجاج البايركس ف ي� الماء فإنه يختفي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫نبا� فإنه‬ ‫بدرجة ي‬ ‫كب�ة‪ ،‬لكن عندما نضعه ي� زيت ي‬ ‫ً‬ ‫معامل االنكسار تقريباً‪ ،‬لهذا‬ ‫لتطابق‬ ‫ا‬ ‫تمام‬ ‫يختفي‬ ‫أي‬ ‫نحن ال نستطيع أن نرى الجسام تحت الماء بوضوح‬ ‫النسان ت‬ ‫ذلك أن معامل انكسار عدسة ي ن‬ ‫يق�ب‬ ‫ع� إ‬ ‫من معامل انكسار الماء‪ ،‬ت‬ ‫وح� نستطيع الرؤية تحت‬ ‫الماء بوضوح يجب علينا استخدام عدسات ذات‬ ‫كب�‪ .‬وهذا المبدأ ي ز ئ‬ ‫يا� هو الذي‬ ‫معامل انكسار ي‬ ‫الف� ي‬ ‫تحدب عدسة ي ن‬ ‫شديدا‬ ‫ع� السمكة تحدبًا‬ ‫ً‬ ‫يفس لنا ّ‬ ‫ّ‬ ‫وك� معامل انكسارها مقارنة ببقية الحيوانات يك‬ ‫ب‬ ‫تستطيع الرؤية بوضوح تحت الماء‪ .‬وهذا هو الخطأ‬ ‫العلمي الذي وقع فيه ويلز‪ ،‬فعىل ت‬ ‫اف�اض أننا تمكنا‬ ‫النسان شفافًا ويتطابق مع معامل‬ ‫من جعل جسم إ‬

‫النسان سيصبح أعمى ألنه‬ ‫انكسار الهواء‪ ،‬فإن هذا إ‬ ‫لن يستطيع أن يرى شيئاً‪ ،‬فالضوء لن ن‬ ‫يعا� انكساراً‬ ‫ي‬ ‫عندما يمر من عدسة ي ن‬ ‫الع� وسيستمر ف ي� خروجه من‬ ‫الجانب آ‬ ‫الخر‪.‬‬ ‫النسان إىل جسم شفَّاف صعب‬ ‫إن تحويل جسم إ‬ ‫المنال‪ ،‬لهذا يسعى العلماء إىل ابتكار طريقة علمية‬ ‫جدا تجعل الضوء ال ينعكس عىل ي ن‬ ‫الع�‬ ‫ومتطورة ًّ‬ ‫عند سقوطه عىل الجسم‪ ،‬من خالل استخدام تقنية‬ ‫هندس‬ ‫فائقة‪ ،‬وتصنيع مواد خارقة مرتبة بنمط‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ينح� حول الجسم وبذلك‬ ‫متقن‪ ،‬تجعل الضوء ي‬ ‫ئ‬ ‫مر�‪.‬‬ ‫يختفي ويصبح يغ� ي‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫أُطلق عىل هذه المادة المص ّنعة والخارقة ي‬ ‫ن‬ ‫ينح� اسم (‪ .)Metamaterial‬وهي‬ ‫تجعل الضوء ي‬ ‫ف‬ ‫صغ�ة تتحكم ي� سلوك الموجات‬ ‫تتكون من حلقات ي‬ ‫الكهرومغناطيسية‪ .‬وهناك تجارب عديدة أجريت‬ ‫للتوصل إىل هذه التقنية‪ ،‬ونجح العلماء ألول مرة ف ي�‬ ‫تحقيق هذا الحلم‪ .‬ففي عام ‪2006‬م‪ ،‬ف ي� جامعة‬ ‫ديوك ف ي� دورهام والية كاروالينا الشمالية مع كلية‬ ‫ال بم�اطورية‪ ،‬تم تصنيع مادة خارقة‪ ،‬وكان‬ ‫لندن إ‬ ‫ح� أ‬ ‫لها القدرة عىل ن‬ ‫القص�ة جداً‪ .‬وبعد‬ ‫المواج‬ ‫ي‬ ‫ف ي‬ ‫و� أوائل عام ‪2007‬م‪ ،‬تمكن باحثون‬ ‫تف�ة ي‬ ‫قص�ة ي‬ ‫ف‬ ‫مخت� إيمس للطاقة بوالية أيوا‪ ،‬من تصنيع مادة‬ ‫ي� ب‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ئ‬ ‫المر� الحمر أي ضمن تردد‬ ‫خارقة تعمل ي� الضوء ي‬ ‫ف‬ ‫و� منتصف العام نفسه ف ي� معهد‬ ‫واحد فقط‪ ،‬ي‬ ‫كاليفورنيا التكنولوجي تم تصنيع مادة خارقة تعمل‬ ‫و� تردد مختلف‪ ،‬وما زالت أ‬ ‫ف� الضوء ئ ف‬ ‫البحاث‬ ‫ي‬ ‫المر� ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الكب�‬ ‫مستمرة ي� تصنيع المواد الخارقة‪ ،‬والتحدي ي‬ ‫الذي يواجه العلماء صنع مادة خارقة لها القدرة عىل‬ ‫ئ‬ ‫ن‬ ‫المر�‪ ،‬وإذا تمكنا من‬ ‫ح� جميع ترددات الضوء ي‬ ‫ي‬ ‫فس�تدي كل منا عباءة‬ ‫ذلك خالل العقود المقبلة ي‬ ‫الخفاء الذي قد ال يكون‬ ‫(هاري بوتر) ونحقِّق حلم إ‬ ‫جميال ً بكل تفاصيله!‬

‫الرمز ثيتا (‪ )θ‬هو الحرف الثامن ف� أ‬ ‫البجدية‬ ‫ي‬ ‫إالغريقية‪ ،‬ووفقاً للنظام الرقمي إالغريقي القديم‬ ‫فإن هذا الرمز يحمل القيمة الرقمية ‪.9‬‬ ‫ولهذا الحرف حضور كئيب ف ي� الحضارات القديمة‪،‬‬ ‫إالغريقية والرسيالية والمرصية‪ ،‬وهي كلها حضارات‬ ‫تأثرت ببعضها واستعارت المفاهيم الرمزية من‬ ‫بعضها بعضاً‪ .‬فنجد مثال ً أن الحرف ثيتا َرم َز ف ي�‬ ‫اليونان القديمة للموت‪ ،‬وشبهه إالغريق ف ي� استدارته‬ ‫بالجمجمة‪ .‬ف� ي ن‬ ‫ح� رمز المرصيون القدماء للفظة‬ ‫ي‬ ‫«موت» بدائرة داخلها خطّان متقاطعان‪ ،‬إضافة‬ ‫الخر بالعالم آ‬ ‫لكون الرقم ‪ 9‬عىل ارتباط هو آ‬ ‫الخر‬ ‫ف ي� الديانات المرصية القديمة‪ .‬ويُعتقد أن اعتمادنا‬ ‫المعارص للجمجمة وتحتها عظمتان متقاطعتان‬ ‫للرمز لخطر الموت هو تطوير لرمزية ثيتا القديمة‪.‬‬ ‫ق‬ ‫با� الرموز إالغريقية ‪ -‬له حضور‬ ‫لكن ثيتا ‪-‬‬ ‫مثله مثل ي‬ ‫ف‬ ‫قوي اليوم ي� مجاالت العلوم المختلفة‪ .‬ولعلنا‬ ‫نذكر من أيام المدرسة أن الزاوية الناجمة عن‬ ‫ين‬ ‫مستقيم� غالباً ما كان يرمز لها بهذا الرمز‬ ‫التقاء أي‬ ‫ف‬ ‫‪ .θ‬ويح�ض الرمز ثيتا ي� الرياضيات كذلك كقيمة‬ ‫ّ‬ ‫والدالت‬ ‫مع�ة عن عدد من المعادالت المعقدة‬ ‫ب‬ ‫الخاصة بحساب القيم أ‬ ‫الولية‪ ،‬وتعرف أحدها بدالّة‬

‫(تشيبيشيف)‪.‬‬ ‫ف ي� علم الظواهر الجويّة‪ ،‬ترمز ثيتا إىل درجة الحرارة‬ ‫المحتملة لجزيء ال يتجزأ من السوائل‪ ،‬وهي درجة‬ ‫ت‬ ‫ال� يكتسبها الجزيء إذا ما أعيد إىل ضغط‬ ‫الحرارة ي‬ ‫ميلل بار‪ .‬والرمز ثيتا عموماً يرمز‬ ‫معياري يبلغ ‪ 1000‬ي‬ ‫لقيمة درجة الحرارة وفق المعيار العالمي ‪ .SI‬ويرمز‬ ‫أيضاً للفرق ف ي� درجات الحرارة خالل عمليات التبادل‬ ‫الحراري‪.‬‬ ‫أما ف� علم أ‬ ‫الحياء‪ ،‬فإن جزيئات الـحمض النووي‬ ‫ي‬ ‫(‪ )DNA‬تتناسخ داخل أنوية الخاليا‪ ،‬وقد رمز العلماء‬ ‫ال� ي ن‬ ‫بالرمز ثيتا لصيغة معينة من صيغ تناسخ ش‬ ‫يط�‬ ‫ين‬ ‫لظف�ة الحمض النووي‪.‬‬ ‫المكون� ي‬ ‫االقتصاديون يستخدمون الرمز ثيتا للإشارة كذلك‬ ‫ف ف‬ ‫و� قطاع المالية‪،‬‬ ‫لمعدل االحتياطي‬ ‫المرص�‪ .‬ي‬ ‫ي‬ ‫يع� ثيتا عن معدل تناقص قيمة أوراق الخيارات‬ ‫ب ِّ‬ ‫المالية (‪ .)Options‬وهو تناقص ال يقل ف ي� كآبته عن‬ ‫االستخدام القديم لهذا الرمز كما عرفها إالغريق‬ ‫ين‬ ‫المرصي�‪.‬‬ ‫وقدماء‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫عصا في كأس ماء‬

‫زجاج البايركس في كأس زيت نباتي‬

‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪33 | 32‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫منتج‬

‫ُ‬ ‫ستشعر‬ ‫الم‬ ‫ِ‬ ‫د‪ .‬أشرف فقيه‬

‫الحساس – ‪ )Sensor‬أن‬ ‫يكاد المستشعر (أو ّ‬ ‫يص� أحد ث‬ ‫أك� المنتجات التقنية انتشاراً‪ ،‬كماً‬ ‫ي‬ ‫ونوعاً‪ .‬ذلك أن مدى تطبيقات المستشعرات‬ ‫وتعدادها تفرض تصنيعها بكميات مهولة‪.‬‬ ‫إن المستشعرات تحوطنا ف ي� الحياة المعارصة حيثما التفتنا‪،‬‬ ‫وال مفر من نطاق استشعارها‪ .‬فهي موجودة ف ي� ساعتك‬ ‫ف‬ ‫و� هاتفك الذك‪ ،‬وتحمل سيارتك ش‬ ‫الع�ات منها‬ ‫الذكية ي‬ ‫لتستشعر لك مستوى يالسوائل ف� المحرك وضغط الهواء �ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫إالطارات ودرجة الحرارة ف ي� الخارج ومدى قربك من المركبات‬ ‫أ‬ ‫الخرى حولك عىل الطريق‪ .‬كما أن لواقط (ساهر) ما هي إال‬ ‫بكام�ات عالية الكفاءة‪ .‬فضال ً عن‬ ‫مستشعرات للرسعة موصلة ي‬ ‫أن مستشعرات من نوع مختلف موجودة ف‬ ‫كام�تك الرقمية‬ ‫�‬ ‫ي ي‬ ‫ت‬ ‫معرب!‬ ‫ال� بفضلها صار اللفظ «سينسور» دارجاً وشبه فّ‬ ‫ي‬ ‫وبفضل هذا الـ «سينسور» بتنا نشهد تقدماً مطّرداً ي� الرعاية‬ ‫أ‬ ‫تصور‬ ‫الصحية‪ ،‬وتطبيقات المن والسالمة‪ .‬كما ال يمكن ّ‬ ‫ت‬ ‫نز‬ ‫ش‬ ‫ال� ستكون جزءاً‬ ‫م�ل فالمستقبل دون ع�ات المستشعرات ي‬ ‫أصيال ً ي� كل قطعة أثاث يمكن تخيلها‪ ،‬ناهيك عن التطبيقات‬ ‫ت‬ ‫والموج ي ن‬ ‫ه� لناصية‬ ‫ال� هي دوماً أول المستفيدين‬ ‫ّ‬ ‫العسكرية ي‬ ‫المنتجات التقنية‪.‬‬ ‫المنتج االستشعاري بالضبط؟ ولم هو عىل كل‬ ‫فما هو هذا ُ‬ ‫أ‬ ‫هذا القدر من النفوذ والهمية؟‬

‫صغ� جداً‬ ‫باختصار‪ ..‬حاسوب ي‬

‫صغ�ة جداً‪.‬‬ ‫المستشعر ما هو إال وحدة معالجة حاسوبية ي‬ ‫مكرس ف ي� الغالب لقياس‬ ‫فهو عبارة عن معالج (‪ّ )Processor‬‬ ‫نوع محدد من البيانات‪ .‬فمثالً‪:‬‬ ‫• مستشعرات الحرارة‪ :‬تقيس درجة حرارة الجو ‪ -‬فقط ‪-‬‬ ‫وتعطينا إياها عىل شاشات سياراتنا أو ساعاتنا الذكية‪ .‬وقد‬ ‫تسخ�ها‬ ‫تُستخدم كذلك لتقيس حرارة المريض‪ .‬وربما تم ي‬ ‫ف� التطبيقات المخ�ية أو أ‬ ‫المنية يك يتم وقف التجربة إذا‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫وصلت درجة حرارة المزيج لمستوى ي َّ ن‬ ‫مع�‪ ،‬أو إلطالق إنذار‬ ‫لو تم استشعار ارتفاع مفاجئ ب ِّ ئ‬ ‫ين� عن حريق ف ي� أي من‬ ‫أجزاء ن‬ ‫المب�‪.‬‬ ‫• مستشعرات الضغط‪ :‬سواء أكان الضغط الجوي‪ ،‬أو‬

‫الضغط ي ز ئ‬ ‫يا� الناجم عن كتلة جسم ما‪ .‬يسعنا مجدداً‬ ‫الف� ي‬ ‫أن نتخيل تطبيقاً أمنياً مبنياً عىل مستشعرات مدمجة‬ ‫أ‬ ‫بالرضية ترسل إنذاراً فيما لو ش‬ ‫م� أحد فوقها خارج وقت‬ ‫دوام بنك ما مثالً‪.‬‬ ‫• مستشعرات أ‬ ‫الجسام عن بُعد‪ :‬وهذه نعرفها جيداً ف ي�‬ ‫ف‬ ‫السيارات‪ .‬وقد تستخدم ي� تطبيقات تساعد عىل توجيه‬ ‫كفيفي البرص‪.‬‬ ‫هناك أنواع أخرى عديدة من المستشعرات الخاصة بقراءة‬ ‫مستوى إالضاءة‪ ،‬ونسبة التلوث‪ ،‬وتسجيل أنماط الحركة‬ ‫وسواها‪ .‬وكلها ف ي� النهاية عبارة عن معالجات حاسوبية‬ ‫معينة من القراءات أو إلرسال إشارة‬ ‫مخصصة لجمع نوعية َّ‬ ‫معينة ‪ -‬تفوق مستوى الخطر أو تستدعي‬ ‫عند قراءة قيمة َّ‬ ‫المعالج فال بد من بطارية‬ ‫هذا‬ ‫يعمل‬ ‫وك‬ ‫ُ‬ ‫اتخاذ إجراء ما ‪ -‬ي‬ ‫ً‬ ‫تزوده بالطاقة‪ .‬هذه البطارية قد تستغل أيضا لتشغيل وحدة‬ ‫إرسال واستقبال السلكية تمكّن المستشعر من التواصل مع‬ ‫مستشعرات أو آالت أخرى عن بُعد‪ .‬وتعطينا هذه المكونات‬ ‫ئ‬ ‫وهوا� االتصال) مستشعراً السلكياً‬ ‫الثالثة ُ(معالج‪ ،‬بطارية‪،‬‬ ‫ي‬ ‫(‪.)Wireless Sensor‬‬ ‫إن المستشعر‪ ،‬بقدرته عىل قراءة وتوصيل البيانات‪ ،‬هو‬ ‫نز‬ ‫التفك� الخاصة بأي آلة‪ .‬لذا درجنا عىل وصم‬ ‫بم�لة وحدة ي‬ ‫ت‬ ‫ال� يسعها إالفادة من قراءات مستشعراتها بـ‬ ‫الموجودات ي‬ ‫نز‬ ‫الذك يعرف أن درجة حرارته تستدعي‬ ‫«الذكية»‪ .‬فالم�ل ي‬ ‫الذك يعرف أن‬ ‫إطفاء المكيفات ي‬ ‫لتوف� الطاقة‪ .‬والمكتب ي‬ ‫صاحبه قد وصل فيشغل جهاز إعداد القهوة‪ .‬والسيارة الذكية‬ ‫تعرف أن قائدها قد انتابه النعاس فتدق جرس تحذير له‪.‬‬ ‫التطبيقات أ‬ ‫ال ثك� شيوعاً للمستشعرات هي تطبيقات متعلِّقة‬ ‫بالتنبؤ بالطقس وبمراقبة الحياة بال�ية‪ ،‬إضافة إىل تطبيقات‬ ‫السالمة والصحة سالفة الذكر‪ .‬وكلما صغر حجم المستشعر‬ ‫زادت الدهشة ف ي� مدى تطبيقاته‪ .‬لكن علينا أن ندرك أن مزيداً‬ ‫التصغ� لمكونات المستشعرات يمثل تحدياً لمستوى‬ ‫من‬ ‫ي‬ ‫الكفاءة والتشغيل‪ .‬ألن البطاريات أ‬ ‫الصغر ‪ -‬مثال ً ‪ -‬ستعيش‬ ‫أعماراً أقرص‪ .‬لهذا يعمد مطورو تطبيقات المستشعرات ‪ -‬ف ي�‬ ‫البيئات القاسية كالمصانع والمناجم وميادين القتال ‪ -‬إىل‬

‫كب�ة منها‪ ،‬ث‬ ‫بكث�‪ ،‬وذلك ألجل‬ ‫أك� من الالزم ي‬ ‫استخدام أعداد ي‬ ‫بالتالف أو‬ ‫تجاوز معضلة الفقد الرسيع للمستشعرات سواء إ‬ ‫بنضوب طاقة البطاريات‪.‬‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫يع�ان عن‬ ‫تطبيق�‬ ‫يل سنذكر‬ ‫مدهش� للمستشعرات ب ِّ‬ ‫وفيما ي‬ ‫الرؤية ت‬ ‫ال� يراد لهذه المنتجات أن تحققها‪.‬‬ ‫ي‬

‫الذك‬ ‫الذك‪ ..‬والجسد ي‬ ‫الغبار ي‬

‫الذك (‪ )Smart Dust‬هو ش‬ ‫ش‬ ‫م�وع عسكري‬ ‫م�وع الغبار ي‬ ‫ش‬ ‫جار العمل عليه من تسعينيات القرن الع�ين‪ .‬يهدف‬ ‫ي‬ ‫أمريك ٍ‬ ‫هذا ش‬ ‫الم�وع إىل إيجاد بنية تحتية آنية مكونة من آالف ‪ -‬وربما‬ ‫مالي� ‪ -‬المكونات إال ت‬ ‫ين‬ ‫الصغ�ة‪ ،‬ال تتجاوز أبعادها‬ ‫لك�ونية‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫الملليم�ين‪ ،‬من مستشعرات وروبوتات ووحدات قراءة وتبادل‬ ‫البيانات ف ي� مناطق العمليات العسكرية‪ ،‬بحيث يتم رصد كل‬ ‫تغي� ممكن ف ي� البيئة تحت المراقبة؛ كل حركة كائن حي أو‬ ‫ي‬ ‫تغ� ف ي� الحرارة أو الطقس أو المكونات الكيميائية أو‬ ‫آلية‪ ،‬كل ي‬ ‫مستوى إالضاءة‪ ،‬والمراد من ذلك كله تحقيق التحكم الكامل‬ ‫بميدان القتال عن بُعد‪.‬‬ ‫ين‬ ‫إن ش‬ ‫الفائت�‬ ‫كث�اً خالل العقدين‬ ‫الذك قد تطور ي‬ ‫م�وع الغبار ي‬ ‫بما يليق بالتطور المدهش ف� تصميم وبنية إال ت‬ ‫لك�ونيات‪ .‬كما‬ ‫ي‬ ‫أنه كان مصدر إلهام لتطبيق ن‬ ‫مد� ال يقل طموحاً عنه يعرف‬ ‫ي‬ ‫«إن�نت أ‬ ‫بـ ت‬ ‫الشياء»‪ ،‬الذي تم استعراضه بالتفصيل ف ي� عدد‬ ‫مايو‪-‬يونيو الفائت‪ .‬ويهدف إىل ربط كل ما نملك‪ ،‬من مالبس‬ ‫وأثاث وحيوانات أليفة ومستندات ف ي� شبكة واحدة هائلة‬ ‫عمادها المستشعرات والمعرفات الراديوية‪.‬‬ ‫لكن المستشعرات الدقيقة ال يراد لها أن تراقب بيئاتنا‬ ‫الخارجية وحسب‪ .‬فمنذ ثمانينيات القرن ض‬ ‫الما� يتحدث‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫الطباء والمهندسون عن مستشعرات خارقة يمكنها أن تُزرع‬ ‫ف‬ ‫ف ي� أجسادنا‪ ،‬أو نبتلعها كالكبسوالت يك تسبح ي� مجرى الدم‬ ‫ش‬ ‫ولتست�ف المرض‬ ‫ال لتعالج الخاليا المريضة وحسب‪ ،‬بل‬ ‫قبل وقوعه بالتقاط ش‬ ‫مؤ�اته المبكرة وتحذيرنا منها كذلك‪.‬‬ ‫بوت�ة متسارعة بالتضافر مع التقدم‬ ‫وهي أفكار باتت تتجسد ي‬ ‫التصغ� وتصنيع المركبات إال ت‬ ‫لك�ونية‬ ‫الهائل ف ي� تقنيات‬ ‫ي‬ ‫النانوية‪.‬‬


‫ياسر أسامة فقيه‬

‫سوق‬ ‫ناقالت‬ ‫النفط‬ ‫ٌ‬ ‫يد على نبض‬ ‫االقتصاد العالمي‬

‫طاقة‬

‫الحديث عن النفط يجرّ نا عادة لمناقشة‬ ‫تفاصيل اإلنتاج واالستهالك واألسعار‬ ‫العاجلة واآلجلة‪ .‬لكن َّ‬ ‫قلما يتم تسليط‬ ‫الضوء على الجهاز العصبي لهذه الصناعة‬ ‫الجبارة‪ ،‬الذي تمثله أساطيل هائلة من‬ ‫الناقالت والمراكب البحرية هي األضخم‬ ‫في تاريخ البشرية‪ ،‬تتكفل بنقل هذا‬ ‫السائل األسود النفيس بين القارات وعبر‬ ‫المحيطات‪.‬‬


‫‪35 | 34‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫إن عالم قطاع الناقالت البحرية العمالقة‪،‬‬ ‫وناقالت النفط خصوصاً‪ ،‬حافل أ‬ ‫بالسرار‬ ‫والتعقيدات‪ ،‬ويخضع لدورات تتداخل بشكل‬ ‫مثير مع دورات الحركة االقتصادية الكبرى‪.‬‬ ‫يناقش هذا المقال أبرز أساسيات سوق‬ ‫الناقالت النفطية‪ ،‬ودوره المهم كقطاع خادم لحركة تجارة النفط‬ ‫بالضافة لميزته أحياناً كبوصلة ونظام تنبؤ‬ ‫واالقتصاد العالمي‪ ،‬إ‬ ‫مبكِّر ألبرز االتجاهات االقتصادية والصناعية في العالم‪.‬‬ ‫ال ينكر أحد الدور المحوري الذي تلعبه الطاقة بأشكالها وعلى‬ ‫رأسها النفط في تدوير عجلة االقتصاد العالمي‪ ،‬وإمداد صناعات‬ ‫ال متناهية بمادة حياتها‪ ،‬وتسهيل حركة ماليين البشر والبضائع عبر‬ ‫القارات في مشهد صار قريناً لحضارتنا المعاصرة‪ .‬ويُعد النفط‬ ‫أهم سلعة تُنقل بحراً عبر الناقالت العمالقة سواء من حيث القيمة‬ ‫أو الوزن‪ ،‬متفوقاً على سلع أولية أخرى كالحديد والغالل الزراعية‪،‬‬ ‫صدر بين الدول ينقل عبر البحر‪.‬‬ ‫كما أن ثلثي نفط العالم الذي يُ َّ‬ ‫وهنا تكمن أهمية هذا القطاع الذي يسهل نقل النفط الخام من‬ ‫مصادر إنتاجه إلى مراكز المصافي والتكرير حول العالم‪ .‬تجدر‬ ‫الشارة إلى وجود ناقالت أصغر مختصة بنقل المنتجات النفطية‬ ‫إ‬ ‫من ديزل وبنزين وغيرها‪ ،‬إال أن التركيز هنا سيكون على ناقالت‬ ‫النفط الخام‪ ،‬وهي أ‬ ‫الكبر حجماً والمهيمنة على خطوط المالحة‬ ‫البحرية حول العالم‪.‬‬ ‫هناك شركات إنتاج نفط ما زالت تملك أساطيلها الخاصة من‬ ‫الناقالت‪َّ ،‬إل أن أغلب أساطيل بواخر النقل العمالقة تملكها شركات‬ ‫شحن متخصصة‪ ،‬تؤجرها بدورها على من يحتاج لنقل النفط‪ ،‬ويتم‬ ‫التأجير إما لكل رحلة على حدة‪ ،‬أو بعقد زمني إلى أجل معلوم‪.‬‬ ‫أسعار أ‬ ‫الجرة هذه يتم االتفاق عليها بين أطراف الصفقة بنا ًء على‬ ‫أ‬ ‫دليل مرجعي لجور الرحالت حسب نقطة البداية والنهاية وسعة‬ ‫يحدد سعر كل رحلة كنسبة تزيد أو‬ ‫السفينة يعرف بـ ‪ِّ World Scale‬‬

‫السعة بالطن‬

‫نوع الناقلة‬

‫‪ 250000‬طن (أو ث‬ ‫أك� من ‪ 2‬مليون برميل نفط)‬ ‫‪ 200000 – 120000‬طن‬

‫‪ VLCC‬الناقالت الضخمة جد ًا‬ ‫أك� سفينة يمكنها‬ ‫سويس ماكس (وهي ب‬ ‫عبور قناة السويس)‬ ‫أفرا ماكس (للرحالت المتوسطة‬ ‫نئ‬ ‫الصغ�ة)‬ ‫والموا�‬ ‫والقص�ة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫(حوال ‪ 750‬ألف برميل)‬ ‫‪ 120000 – 60000‬طن‬ ‫ي‬

‫تنقص من السعر المرجعي المقترح في هذا الدليل‪ .‬كما أن بيانات‬ ‫أ‬ ‫الجرة حسب كل خط مالحي وحسب نوع السفينة يتم تلخيصها‬ ‫أ‬ ‫في مؤشر (تماماً مثل مؤشر سوق السهم)‪ ،‬يكون معلناً ومتاحاً لكل‬ ‫متابع‪ .‬مؤشر أجور النقل النفطي هذا هو ما سنناقشه الحقاً عند‬ ‫الحديث عن دوره في التنبؤ بالتقلبات االقتصادية‪.‬‬ ‫كل من حظي بمشاهدة إحدى ناقالت النفط وهي تمخر عباب‬ ‫البحر سيدهشه حتماً حجمها المهول‪ ،‬حيث قد يصل طول إحداها‬ ‫إلى قرابة نصف كيلومتر إذا كانت من نوع الـ ‪ VLCC‬أي الناقالت‬ ‫النواع‪ .‬ويمكن تقسيم أ‬ ‫الضخمة جداً وهي من أكبر أ‬ ‫السطول‬ ‫العالمي من الناقالت حسب حجم السفينة‪ ،‬حيث تستعمل السفن‬ ‫الضخمة جداً مثل نوع ‪ VLCC‬للرحالت الطويلة عبر المحيطات‪،‬‬ ‫بينما تستعمل سفن أصغر قليال ً للمسافات القصيرة‪ ،‬ويص َّنف‬ ‫بعضها حسب قابليتها للنفاد عبر المضائق والمعابر المشهورة‬ ‫كالسويس ومضيق بنما وباب المندب‪.‬‬

‫دورة سوق الناقالت‬

‫يمكن القول إن دورات سوق الناقالت تتأثر بدورات سوق النفط‬ ‫صعوداً وهبوطاً‪ ،‬حيث يعكس كالهما أ‬ ‫النماط االقتصادية العالمية‪،‬‬ ‫يلخص معدل أجور‬ ‫فارتفاع أو انخفاض مؤشر ناقالت النفط (الذي ِّ‬ ‫الناقالت على الخطوط الرئيسة) له عالقة مباشرة بارتفاع أو انخفاض‬ ‫الطلب على السلعة التي ينقلها‪ ،‬أال وهي النفط الخام‪ ،‬الذي‬ ‫النتاج الصناعي‪ .‬هذا‬ ‫يحاكي بدوره حركة االقتصاد العالمي ونشاط إ‬ ‫الجانب مفهوم وال جديد فيه‪.‬‬ ‫بالضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن سوق الناقالت يخضع لعوامل تخصه‬ ‫إ‬ ‫تحديداً‪ ،‬لها دوراتها الخاصة كأسعار الحديد وتكلفة بناء السفن‪،‬‬ ‫مروراً بالعوامل الجوية والمناخية من أعاصير وغيرها‪ ،‬والسياسية‬ ‫كأحداث القرصنة‪ ،‬أو البيئية كحوادث الناقالت وتسرب النفط في‬ ‫عرض البحر‪ .‬تداخل هذه العوامل الخاصة مع العوامل العامة‬ ‫لقطاع الناقالت البحرية يزيد من تذبذب مؤشرات أجور السفن‪،‬‬ ‫ويعقِّد عملية استخالص معلومات وتوقعات مفيدة للمراقب العادي‪.‬‬


‫وسيلة استطالع مبكر‬

‫آ‬ ‫الن سنحيد قليال ً عن الموضوع لشرح فكرة المؤشرات االستباقية‬ ‫أ‬ ‫(‪ .)Leading Indicators‬الرقام االقتصادية الرسمة مثل الناتج‬ ‫الجمالي المحلي تُل َِّخص مجموعة كبيرة من البيانات من مصادر‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫والنفاق الحكومي إلخ‪،‬‬ ‫مختلفة مثل االستثمار واستهالك الفراد إ‬ ‫أ‬ ‫الجمالية‬ ‫ويستغرق جمعها وقتاً طويالً‪ ،‬لذا ال تتوفر هذه الرقام إ‬ ‫إال كل ثالثة أشهر مثال ً (كبيانات ربعية)‪ .‬ولكن المتتبعين للحركة‬ ‫االقتصادية سوا ًء كانوا أفراداً أو مؤسسات يتطلعون إلى ما يعطيهم‬ ‫أ‬ ‫السبقية في توقع حركة االقتصاد قبل صدور البيانات الرسمية‬ ‫يسمى بالمؤشرات‬ ‫البطيئة‪ .‬لذا ما فتئ االقتصاديون يبحثون عما َّ‬ ‫االستباقية ‪ Leading Indicators‬يتعرفون من خاللها إلى اتجاه‬ ‫حركة أ‬ ‫السواق واالقتصاد قبل أن تُؤكدها البيانات الرسمية‪.‬‬ ‫أحد هذه المؤشرات االستباقية هي مؤشرات أسعار أجرة سفن‬ ‫النقل العمالقة ومن أهمها ناقالت النفط‪ ،‬وهي كلوحة إرشادية على‬

‫الطريق السريع‪ ،‬تُنبئ باتجاه المؤشرات العامة في المستقبل‪ ،‬من‬ ‫النتاج الصناعي‪.‬‬ ‫نمو في الناتج المحلي للدول‪ ،‬أو تغير في مستوى إ‬ ‫فإن حصل ارتفاع ملحوظ على أجور الناقالت على أحد خطوط‬ ‫المالحة‪ ،‬مع ثبات عدد السفن المتوافرة‪ ،‬فهو دليل على ارتفاع‬ ‫الطلب على النفط في تلك المنطقة الجغرافية‪ ،‬والذي قد يُعد‬ ‫مؤشراً لنمو اقتصادي أو صناعي‪ ،‬والعكس بالعكس‪.‬‬ ‫كما أنها فضال ً عن تنبؤها بمستوى النشاط االقتصادي في‬ ‫المستقبل‪ ،‬فإنها تملك ميزة إضافية‪ ،‬حيث يمكن عن طريق‬ ‫التدقيق في أسعار إيجار السفن الناقلة للنفط ‪ -‬حسب خطوط‬ ‫والنتاج الصناعي بين‬ ‫المالحة ‪ -‬والتنبؤ بتبدل أحوال االقتصاد إ‬ ‫الدول والقارات‪ ،‬ومالحظة صعود دول وهبوط أخرى كمراكز‬ ‫جاذبة للنفط وغيره من المواد أ‬ ‫الولية التي تغذي االقتصاد‬ ‫الحديث‪ .‬في الستينيات والسبعينيات مثالً‪ ،‬كانت حركة الشحن‬ ‫البحري تشير إلى أهمية اليابان المتزايدة‪ ،‬مع استمرار هيمنة‬


‫‪37 | 36‬‬

‫مليون برميل‬

‫‪3.5‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪2.5‬‬ ‫‪2‬‬ ‫‪1.5‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪0.5‬‬ ‫‪0‬‬ ‫‪-0.5‬‬ ‫‪-1‬‬ ‫‪-1.5‬‬

‫‪1996‬‬ ‫‪1997‬‬ ‫‪1998‬‬ ‫‪1999‬‬ ‫‪2000‬‬ ‫‪2001‬‬ ‫‪2002‬‬ ‫‪2003‬‬ ‫‪2004‬‬ ‫‪2005‬‬ ‫‪2006‬‬ ‫‪2007‬‬ ‫‪2008‬‬ ‫‪2009‬‬ ‫‪2010‬‬ ‫‪2011‬‬ ‫‪2012‬‬ ‫‪2013‬‬ ‫‪2014‬‬

‫‪90‬‬ ‫‪80‬‬ ‫‪70‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪50‬‬ ‫‪40‬‬ ‫‪30‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪0‬‬

‫ألف دوالر يومياً‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫العالقة بين الطلب على النفط وأجور الناقالت‬

‫معدل أجرة ناقلة ‪( VLCC‬ألف دوالر يومياً) ‪ -‬الحداثي أ‬ ‫اليسر‬ ‫إ‬ ‫معدل نمو الطلب على النفط (مليون برميل) ‪ -‬الحداثي أ‬ ‫اليمن‬ ‫إ‬

‫أوروبا وأمريكا في هذا المجال‪ ،‬ثم بدأ البساط يتحرك من تحت‬ ‫أقدام اليابان وينتقل إلى كوريا الجنوبية وغيرها من مجموعة‬ ‫النمور آ‬ ‫السيوية في منتصف وأواخر التسعينيات من القرن‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الماضي‪ ،‬وأخيراً باتت الصين في العقد الول من اللفية الثالثة‬ ‫بؤرة جذب ألعداد أكبر من الناقالت العمالقة لتزويدها كافة أشكال‬ ‫المواد أ‬ ‫الولية وعلى رأسها النفط لتدوير عجلة اقتصادها الهادر‪.‬‬ ‫فانتعشت إثر هذا أجور الناقالت المتجهة من الخليج العربي‬ ‫وإفريقيا وأمريكا الالتينية صوب مرافئ شرق آسيا‪ ،‬في المقابل‬ ‫تراجعت أجور ناقالت النفط المتجهة من الخليج إلى أوروبا ومن‬ ‫غرب إفريقيا إلى أمريكا الشمالية‪.‬‬

‫للشروع في بناء وشراء أعداد أكبر من الناقالت مختلفة أ‬ ‫الحجام‬ ‫الستيعاب حاجة السوق المتوقعة‪ .‬ما حدث بعد ذلك عام ‪2008‬م‬ ‫من انهيار االقتصاد العالمي والهبوط الحاد في الطلب على النفط‬ ‫الذي تبعه‪ ،‬أوقع خسائر فادحة بقطاع ناقالت النفط‪ ،‬وتركه بفائض‬ ‫من السفن حديثة الصنع ال تجد من يستأجرها‪ ،‬راسية تنتظر الموجة‬ ‫التصاعدية القادمة‪ .‬المثير هو أن الطلب على النفط شهد تحسناً‬ ‫منذ عام ‪ 2010‬وحتى ‪2014‬م‪ ،‬ولكن ظل مؤشر أجور الناقالت عند‬ ‫مستويات منخفضة ‪ -‬كما يوضح الرسم البياني ‪ -‬وذلك بسبب وفرة‬ ‫في السفن المعروضة تفوق حاجة السوق‪ ،‬وسيأتي تفصيل ذلك‬ ‫ضمن العوامل طويلة المدى الحقاً‪.‬‬ ‫هذه الفترة المشار إليها لم تكن سوى نموذج يلخص تفاعل دورات‬ ‫سوق ناقالت النفط مع الدورات االقتصادية الكبرى‪ ،‬وقد تكررت في‬ ‫السابق في دورات طويلة المدى‪ ،‬ما إن تصل إلى غايتها حتى تخلف‬ ‫وراءها دروساً استثمارية واقتصادية لمن أدرك حقيقتها‪.‬‬

‫عوامل من داخل القطاع‬

‫آ‬ ‫والن نستعرض بعض العوامل الخاصة من داخل قطاع الناقالت‬

‫غشاوة عىل البوصلة‪ ،‬أم قصور ف ي�‬ ‫التحليل؟‬

‫لكن هذه العالقة بين ارتفاع أو انخفاض مؤشر أجور الناقالت وبين‬ ‫نمو الطلب على النفط ليست ثابتة دائماً‪ ،‬بمعنى أننا قد نشهد‬ ‫فترات من ارتفاع الطلب على النفط مع ثبات أو حتى هبوط في‬ ‫مؤشر الناقالت‪ ،‬أو نُفاجأ بارتفاعات كبيرة في مؤشر أجور الناقالت‬ ‫دون أن يكون لسوق النفط عالقة مباشرة‪ .‬لفهم هذا السلوك ال‬ ‫بد من توسيع إطار التحليل ليتناول العوامل الذاتية التي تؤثر في‬ ‫قطاع الناقالت‪ ،‬وعدم االقتصار على عامل سوق النفط المباشر‬ ‫وحسب‪.‬‬

‫مثال من التاريخ المعارص – ما قبل أ‬ ‫الزمة‬ ‫االقتصادية وبعدها‬

‫خالل الفترة ما بين ‪ 2002‬و‪2008‬م‪ ،‬شهد سوق ناقالت النفط‬ ‫طفرة تصاعدية تعد أ‬ ‫البرز في تاريخه‪ .‬الطلب العالمي المحموم‬ ‫ُ‬ ‫على النفط آنذاك دفع بأسعار استئجار أضخم أنواع ناقالت‬ ‫النفط ‪ VLCC‬للقفز من حوالي عشرين ألف دوالر يومياً إلى ثمانين‬ ‫ألف دوالر يومياً‪ ،‬بينما تضخمت أرباح شركات النقل‪ ،‬وكانت كل‬ ‫المؤشرات توحي بأن أسواق النفط العالمية مقبلة على عصر يزداد‬ ‫فيه الطلب اضطراداً بسبب الهيجان االقتصادي في دول كالصين‬ ‫والهند وحرصها على كل قطرة نفط يمكن أن تشتريها من المنتجين‬ ‫حول العالم‪ .‬شركات نقل النفط وغيره من السلع أ‬ ‫الساسية كانوا‬ ‫كغيرهم ممن غفلوا مؤقتاً عن طبيعة أ‬ ‫السواق ودوراتها‪ ،‬فدفعتهم‬ ‫أ‬ ‫الرباح الكبيرة المؤقتة وتوقعات ازدياد الحاجة للناقالت مستقبال ً‬

‫التي قد تؤثر في مؤشرات أ‬ ‫الجور وربحية مشغلِّي السفن‪ .‬ويمكن‬ ‫تقسيم هذه العوامل إلى عوامل قصيرة المدى وطويلة المدى‪.‬‬ ‫عوامل المدى القصير‪:‬‬ ‫أبرز العوامل المؤثرة في حركة مؤشرات أجور الناقالت على المدى‬ ‫القصير هي توفر السفن المناسبة لتغطية الطلب على خط معين‪،‬‬ ‫والتغير في تكلفة وقود السفن وأسعار التأمين‪ ،‬وهذه العوامل تتأثر‬ ‫بظروف الطقس وحالة البحر والمخاطر آ‬ ‫النية على خط معين مثل‬ ‫تهديدات القرصنة والعوامل أ‬ ‫المنية‪.‬‬ ‫ولعلنا نذكر حوادث القرصنة التي حصلت قبل أعوام عند سواحل‬ ‫الصومال‪ ،‬وما تم من اختطاف ناقالت نفط وطلب فدية مالية كبيرة‬ ‫لكل سفينة‪ .‬هذه أ‬ ‫الحداث ومثيالتها تسهم في رفع أسعار أجرة‬ ‫الناقالت من جهتين‪ ،‬أ‬ ‫الولى أن شركة الشحن ستطلب أجراً أعلى‬ ‫مقابل زيادة المخاطر وترتفع معه أسعار التأمين‪ ،‬والثانية أن بعض‬ ‫الناقالت تضطر إلى تغيير خط سيرها وأخذ مسارات أطول وأبعد‬


‫لتفادي المناطق الخطيرة‪ ،‬وبالتالي تتغير تكلفة النقل بسبب طول‬ ‫المسافة‪ .‬هنا تكمن أهمية المضائق المائية استراتيجياً‪ ،‬خصوصاً‬ ‫تلك القريبة من مناطق التصدير كمضيق هرمز وباب المندب‪،‬‬ ‫وتحرص الدول على تأمين أمنها بشتى الطرق نظراً ألهميتها ألسواق‬ ‫النفط‪.‬‬ ‫عوامل المدى الطويل‪:‬‬ ‫طول مدة بناء وتسليم السفن الجديدة‪:‬‬ ‫بناء الناقالت العمالقة عملية معقَّدة ومكلِّفة وتستغرق وقتاً طويال ً‬ ‫وأحواضاً متخصصة لهذا الغرض‪ .‬وفي الوقت الحالي تتزعم كوريا‬ ‫الجنوبية قائمة الدول المصنعة لناقالت النفط والشحن‪ ،‬تليها دول‬ ‫مثل الصين واليابان‪ .‬أثناء فترة الطلب المتنامي على السفن في‬ ‫العقد الماضي‪ ،‬ارتفعت أعداد طلبات البناء لدى ص َّناع السفن‪،‬‬ ‫وقفزت أسعار الناقالت الجديدة من نوع ‪ VLCC‬من حوالي ‪100‬‬ ‫مليون دوالر إلى ‪ 150‬مليوناً في فترة قصيرة‪ .‬المدة التي يحتاجها‬ ‫ص َّناع السفن بدءاً من وقت تسلُّم طلب جديد‪ ،‬وحتى موعد تسليم‬ ‫الناقلة يُراوح بين عامين وثالثة أعوام‪ ،‬وهي مدة طويلة نسبياً‪ ،‬وقد‬ ‫تطرأ تغيرات في السوق عند التسليم لم تكن موجودة عند تقديم‬

‫الطلبات‪ .‬وهذا ما حصل تماماً‪ ،‬حيث بدأ ص َّناع السفن بتسليم‬ ‫السفن التي طُلبت بين ‪ 2005‬و‪ ،2006‬بعد سنوات ثالث‪ ،‬أي مع‬ ‫بداية ‪ 2008‬و‪ ،2009‬في خضم أ‬ ‫الزمة االقتصادية وانحسار الطلب‬ ‫على النفط‪ ،‬مما سبب تشبعاً وفائضاً في عدد الناقالت المتاحة‪،‬‬ ‫وأثَّر سلباً على أجور النقل وأرباح شركات الشحن‪ ،‬ثم اضطرت‬ ‫بعض من هذه الشركات إللغاء طلبيات ناقالت حديثة‪ ،‬فلحقت‬ ‫الخسائر بأحواض بناء السفن كذلك في دوامة سلبية شملت القطاع‬ ‫تتعاف منها حتى بعد تحسن الطلب بعد أ‬ ‫كله‪ ،‬ولم َ‬ ‫الزمة‪ .‬والدرس‬ ‫هنا أن طول مدة بناء وتسليم الناقالت قد ال يتزامن مع الدورة‬ ‫االقتصادية‪ ،‬مما قد يضاعف أ‬ ‫الرباح وقت الرخاء ويفاقم الخسائر‬ ‫وقت الركود والكساد‪.‬‬ ‫أبعاد بيئية وقوانين حماية‪:‬‬ ‫العالمية‬ ‫حوادث تسرب النفط من الناقالت نادرة‪ ،‬لكن أصداءها إ‬ ‫تؤثر كثيراً في الرأي العام‪ .‬ولعل أبرز هذه الحوادث كان‬ ‫اصطدام إحدى الناقالت بشعاب مرجانية عام ‪ 1989‬مما تسبب‬

‫وسبب أضراراً‬ ‫في انسكاب حوالي نصف مليون برميل في البحر َّ‬ ‫هائلة بالبيئة المحيطة‪ .‬المخاوف من تكرار هذه الحوادث أدى إلى‬ ‫إلزام شركات النقل بتغيير أسطولها وتحديثه بإضافة وسائل سالمة‬ ‫إضافية‪ ،‬مثل تقسيم خزان الناقلة الرئيس لقسمين منفصلين‬ ‫لتقليل حجم التسرب إن حصل‪ .‬هذا القانون دفع مشغِّ لي‬ ‫الناقالت لطلب ناقالت جديدة بمواصفات حديثة وإحالة السفن‬ ‫سبب شحاً في الناقالت المعروضة في فترة‬ ‫القديمة للتقاعد‪ ،‬مما َّ‬ ‫من الفترات نتيجة عملية االستبدال‪ ،‬وانعكس إيجاباً على أجور‬ ‫الناقالت وأسعارها‪.‬‬ ‫عوامل منافسة وسياسية وجوية‪:‬‬ ‫السباب أ‬ ‫من أ‬ ‫الخرى التي قد تؤثر على مؤشر أجور ناقالت النفط‬ ‫إنشاء أنابيب نقل النفط بين الدول‪ ،‬فيستعيض المنتجون بها عن‬ ‫مد أنابيب‬ ‫استئجار الناقالت وتنخفض أجورها‪ ،‬كما حدث بسبب ّ‬ ‫نقل حديثة بين روسيا والصين مثالً‪ .‬ومع أن نسبة النفط الذي يُنقل‬ ‫في أ‬ ‫النابيب تظل محدودة عالمياً‪ ،‬إال أن إضافة خط أنابيب ذي‬ ‫إن‬ ‫سعة كبيرة يسهم في تقليص الطلب على الناقالت خصوصاً ْ‬ ‫أدى خط أ‬ ‫النابيب إلى تجاوز مضيق أو نقطة عبور خطيرة‪.‬‬ ‫َّ‬

‫من أ‬ ‫السباب أيضاً زيادة إنتاج النفط في البالد المستوردة للنفط‪،‬‬ ‫كما حصل مؤخراً في أمريكا من زيادة في نفطها المحلي‪ ،‬الذي أزال‬ ‫الحاجة لكميات من النفط المستورد‪ ،‬وأضعف الطلب على الناقالت‬ ‫خصوصاً على خطوط المالحة بين غرب إفريقيا وسواحل أمريكا‬ ‫الشرقية‪.‬‬ ‫كانت هذه وقفات سريعة مع قطاع ناقالت النفط البحرية لتسليط‬ ‫الضوء على أهميته في الجانب اللوجيستي ألسواق النفط‪ ،‬وفائدته‬ ‫كمرصد لحركة االقتصاد العالمي‪ ،‬ثم لفهم العوامل المؤثرة في‬ ‫مؤشرات الناقالت‪ ،‬سواء تلك المرتبطة بأسواق النفط مباشرة‪ ،‬أو‬ ‫العوامل التي يتفرد بها هذا القطاع‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪39 | 38‬‬

‫من المختبر‬

‫َّ‬ ‫يتوقع عالمات التلميذ‬ ‫تطبيق على الهاتف الذكي‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫توصل باحثون ت‬ ‫مش�كون من «معهد دارتموث»‬ ‫و«جامعة تكساس» إىل تطوير تطبيق عىل الهاتف‬ ‫الذك يستطيع تعقب نشاطات الطالب وحركته‬ ‫ي‬ ‫معدله الجامعي‬ ‫واستعمال هذه المعلومات لحساب َّ‬ ‫أو المدرس ت‬ ‫ال�اكمي‪ .‬واحتمال الخطأ ف ي� هذا التوقع‬ ‫ي‬ ‫ضئيل‪ ،‬ويصل إىل ‪ 0.17‬جزء من العالمة الواحدة‪.‬‬ ‫الهدف من هذا التطبيق الذي أطلق عليه «سمارت‬ ‫جي ب ي� أي»‪ ،‬هو مراقبة الطالب ف ي� الجامعة أو‬ ‫التلميذ خالل وجوده ف ي� المدرسة وماذا يعمل‪ :‬هل‬ ‫كث�اً؟ كما أنه يراقب‬ ‫هو يدرس باستمرار أم يلهو ي‬ ‫ن‬ ‫البد�‪ :‬هل ينام؟ يتابع الدروس؟ وما هي‬ ‫نشاطه ي‬ ‫نشاطاته االجتماعية؟‪.‬‬ ‫وتم اختبار هذا التطبيق عىل مجموعة من الطالب‬ ‫ين‬ ‫الجامعي�‪ ،‬لمدة ‪ 24‬ساعة ف ي� اليوم لمدة ش‬ ‫ع�ة‬ ‫ن‬ ‫وتب� أن التطبيق توقَّع النتائج بدقة‬ ‫أسابيع‪ ،‬ي َّ‬ ‫متناهية‪.‬‬ ‫واكتشف التطبيق أن الطالب الذين حققوا أفضل‬ ‫النتائج‪ ،‬هم من درسوا ث‬ ‫أك� باستمرار مع تقدم‬ ‫اس‪ ،‬وقللوا من نشاطاتهم االجتماعية‬ ‫فالفصل الدر ي‬ ‫ي� المساء‪ .‬والنشاط االجتماعي محدد بكمية الوقت‬ ‫الذي يقضيه الطالب ف ي� محادثة وجهاً لوجه مع‬

‫آخرين‪ ،‬وماهية الحركة داخل البيت وخارجه‬ ‫(مستخدماً بالطبع جهاز التموضع العالمي لتتبع‬ ‫ين‬ ‫أك� قدر من‬ ‫هذه الحركة)‪ .‬كما أن‬ ‫سجلوا ب‬ ‫الناجح� َّ‬ ‫القلق عىل دراستهم ت‬ ‫ح� منتصف الفصل‪ ،‬ومن ثم‬ ‫انخفاض هذا القلق مع تقدم الوقت نحو نهايته‪.‬‬ ‫ويهدف هذا التطبيق أيضاً إىل تقديم النصح للطالب‬

‫وغ� المركِّز ليتمكن من العودة إىل الطريق‬ ‫المتقلِّب ي‬ ‫أ‬ ‫الكاديمي الصحيح‪.‬‬ ‫‪http://androidcommunity.com/‬‬ ‫‪app-predicts-college-gpa-based-on‬‬‫‪smartphone-use-20150527/‬‬

‫برنامج يستطيع تحديد أماكن التسرب‬ ‫غالباً ما يعتور شبكات توزيع النفط والغاز والمياه‬ ‫إن ف ي� صهاريج التخزين أو خالل عملية‬ ‫الترسب‪ْ ،‬‬ ‫الضخ أو أحياناً بع� توصيالت يغ� ش�عية للرسقة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫والجهزة المتوافرة حالياً للسيطرة عليها تقترص عىل‬ ‫أجهزة قياس الضغط والسوائل‪ .‬ولكن هذه البيانات‬ ‫تُستعمل فقط ألغراض إدارية‪ ،‬وال تستغل لتحديد‬ ‫أماكن الترسب ومعالجتها‪.‬‬ ‫هذا ما تقوله «كريستينا يف�دي رودارت» من معهد‬ ‫الهندسة ف ي� الجامعة الوطنية المستقلة ف ي� المكسيك‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ال� طورت برنامجاً يستطيع اكتشاف التشوهات فوراً‬ ‫ف ي‬ ‫أ‬ ‫ي� أي نوع من النابيب‪.‬‬ ‫ال�نامج يُدعى «فيفيونام»‪ ،‬ويستطيع تحقيق‬ ‫هذا ب‬ ‫استنتاجات منطقية ف ي� الوقت الحقيقي‪ ،‬والتعرف‬ ‫إىل نوع الخلل والوصول إىل جذور المشكلة ومكانها‪.‬‬ ‫هكذا يتم تجنب ضياع الوقت بالحفر اليدوي بحثاً‬ ‫عن العطل ف� كافة أ‬ ‫المكنة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ال�نامج عىل خوارزميات تُحسب‪ ،‬بواسطة‬ ‫يستند هذا ب‬ ‫الف�ياء وتطبيق نموذج ض‬ ‫قوان� ي ز‬ ‫ين‬ ‫ريا� لميكانيكا‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫تش� إىل سلوك‬ ‫السوائل‪ ،‬سلسلة من‬ ‫ال� ي‬ ‫البيانات ي‬ ‫ف‬ ‫النفط أو المياه أو الغاز ي� ظروف التشغيل العادية‪.‬‬ ‫الفعل داخل‬ ‫وتُقارن هذه بدورها بقياس الضغط‬ ‫ي‬

‫أ‬ ‫ويش� الفارق بينهما إىل وجود‬ ‫النبوب المعطل‪ .‬ي‬ ‫الترسب‪.‬‬ ‫ض‬ ‫الريا� مع‬ ‫النموذج‬ ‫نتائج‬ ‫تتطابق‬ ‫ال‬ ‫وعندما‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫يع� أن هناك‬ ‫القياسات المسجلة تلقائياً‪ ،‬فهذا ي‬ ‫عندئذ‪ ،‬يعمل‬ ‫خطأ ما‪ ،‬أو حدثاً يغ� طبيعي قد وقع‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ال�نامج عىل سيناريوهات محتملة؛ قد يكون جهاز‬ ‫ب‬ ‫االستشعار يغ� موصول‪ ،‬أو ثمة ترسب أو رسقة‬ ‫التغ� ف ي� سلوك‬ ‫بعض السوائل أو اضطراب ما أوجب ي‬ ‫السوائل داخل أ‬ ‫النابيب‪.‬‬ ‫وتضيف يف�دي أن صناعات الكيميائيات والنفط‪،‬‬ ‫فضال ً عن يغ�ها من الصناعات المعتمدة عىل أنظمة‬ ‫نقل السوائل‪ ،‬يجب أن تشتمل عىل أجهزة رصد‬ ‫وفعالة لتجنب الحوادث‪ ،‬خاصة مع السوائل‬ ‫آمنة َّ‬ ‫ت‬ ‫ال� تشكِّل مخاطر عىل‬ ‫شديدة التقلب‪ ،‬أو تلك ي‬ ‫وغ�ها‪ .‬ويجب‬ ‫البيئة والمجتمع واالقتصاد كالملوثات ي‬ ‫وضع هذا االكتشاف العلمي المهم موضع التنفيذ‬ ‫أ‬ ‫كب�ة إذ يعمل عىل‬ ‫لنه ال يتطلب مصاريف إضافية ي‬ ‫االستفادة من أجهزة االستشعار المعمول بها حالياً‪.‬‬ ‫‪http://phys.org/news/2015-04-software‬‬‫‪real-time-leaks-oil-gas.html‬‬


‫االسم المعياري‬ ‫إعادة الذاكرة بواسطة الضوء‬ ‫الحالة العادية‬

‫نقص َّ‬ ‫مركب‬ ‫البروتين‬

‫حالة فقد الذاكرة‬

‫زيادة َّ‬ ‫مركب‬ ‫البروتين‬

‫حالة الذاكرة‬

‫اس�داد الذاكرة عند ئ‬ ‫تمكَّن علماء من جامعة «إم آي ت�» من ت‬ ‫الف�ان المصابة بمرض‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫«ال ي ز‬ ‫من�يا» أو فقدان الذاكرة‪ .‬وهذا يعطي أمالً‪ ،‬ف ي� المستقبل‪ ،‬للذين خرسوا‬ ‫ذاكرتهم أو فقدوها بسبب الصدمات الدماغية أو إالجهاد أو المرض مثل ألزهايمر‪،‬‬ ‫ت‬ ‫باس�جاعها‪ .‬وتمكن الباحثون من الوصول إىل ذلك باستخدامهم تُقنية تدعى‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� تتحكم ببعض الخاليا العصبية المعينة ي� الدماغ بواسطة‬ ‫«أوبتوجينيتكس» ي‬ ‫يقوله «سوسومو تانيغاوا» أستاذ علم الدماغ أ‬ ‫والعصاب �ف‬ ‫الضوء‪ .‬وطبقاً لما‬ ‫ي‬ ‫الجامعة المذكورة‪ ،‬إن هذا االكتشاف‪ ،‬بجانب أهميته العالجية القصوى للإنسان �ف‬ ‫ي‬ ‫ب� العلماء حول ماهية أ‬ ‫ال ي ز‬ ‫المستقبل‪ ،‬فإنه يضع حداً للخالف التقليدي ي ن‬ ‫من�يا‪.‬‬ ‫ف‬ ‫معظم العلماء كانوا يعتقدون أن هذا المرض هو نتيجة تلف ي� الخاليا العصبية‬ ‫يع� أن الذاكرة ال يمكن ت‬ ‫ن‬ ‫اس�جاعها‪ .‬لكن «تانيغاوا» توصل‬ ‫الخاصة بالذاكرة‪ .‬وهذا ف ي‬ ‫إىل أن الذاكرة موجودة � مكان آخر‪ ،‬وهو نقاط التشابك أو «السينابسيس» ي ن‬ ‫ب�‬ ‫ي‬ ‫مجموعات من خاليا «إنغرام» الخاصة بتتبع الذاكرة‪ .‬وعند تقوية نقاط االرتباط هذه‪،‬‬ ‫تبدأ إعادة تشغيل الخاليا العصبية ت‬ ‫واس�جاع الذاكرة المفقودة‪ .‬إذ يتم أوال ً التعرف‬ ‫ف‬ ‫إليها‪ ،‬ثم ي ز‬ ‫و� مرحلة الحقة إعادة تشغيلها بواسطة الضوء‪.‬‬ ‫تمي�ها‪ ،‬ي‬ ‫وقد جرى تعويد مجموعة من ئف�ان التجارب عىل التعرض لصدمة خفيفة عند‬ ‫وضعها ف� غرفة‪ .‬وهذه الصدمة جعلت ئ‬ ‫تجمد حركتها‪ .‬بعد هذا التدريب‬ ‫الف�ان ِّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫الف�ان تثبت ف� حركتها عند دخولها الغرفة ت‬ ‫أصبحت ئ‬ ‫ح� دون صدمها (لن البيئة‬ ‫ي‬ ‫ئ‬ ‫تعرف العلماء إىل الخاليا‬ ‫جعلتها فتتذكر الصدمة)‪ .‬عندما تذكرت الف�ان الصدمة‪َّ ،‬‬ ‫العاملة � تكوين الذاكرة ي َّ ز‬ ‫وم�وها بوضع عالمات من الضوء عليها‪ .‬وبعد ذلك أعطيت‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫بعض ئ‬ ‫ز‬ ‫الف�ان مادة كيميائية لمنع نقاط التشابك من التقوية؛ وهذا مهم ل� يم� الذاكرة‬ ‫ف� عمل الدماغ‪ .‬وعندما أدخلت هذه أ‬ ‫ال ي ت‬ ‫(ال� أعطيت المادة الكيميائية) إىل‬ ‫ي‬ ‫خ�ة ي‬ ‫الغرفة مرة ثانية‪ ،‬لم تستطع تذكر أنها ُصدمت‪( ،‬بسبب تهالك نقاط التشابك بالمادة‬ ‫الكيميائية) ولهذا لم تتجمد‪ .‬لكن عندما استعمل العلماء الضوء إلعادة تنشيط الخاليا‬ ‫تمي�ها ف� البدء‪ ،‬استعادت هذه ئ‬ ‫ت‬ ‫ز‬ ‫الف�ان ذاكرتها وتجمدت‪.‬‬ ‫ال� تم ي ي‬ ‫ي‬ ‫‪http://www.dailymail.co.uk/sciencetech/article-3101531/Scientists‬‬‫‪retrieve-lost-memories-mice-using-LIGHT-technique-someday-help‬‬‫‪treat-amnesia-humans.html‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬

‫ڤولتا‬

‫أليساندرو جوسي� ڤولتا‪ ،‬هو ي ز ئ‬ ‫يا�‬ ‫الف� ي‬ ‫بي‬ ‫يطال الذي تُنسب إليه وحدة قياس‬ ‫إال ي‬ ‫ئ‬ ‫الكهربا� (الڤولت)‪ ،‬وهو‬ ‫فرق الجهد‬ ‫ي‬ ‫المبتكر والعا ِلم الذي ندين له اليوم‬ ‫بكث� ف ي� عرص الطاقة الكهربائية‪،‬‬ ‫ي‬ ‫لكونه أول من صنع بطارية لها القدرة‬ ‫عىل تخزين الطاقة وإمدادنا بالتيار‬ ‫الكهربا�‪ ،‬فضال عن عديد من أ‬ ‫ئ‬ ‫الفكار‬ ‫ً‬ ‫ي‬ ‫ز‬ ‫الف�ياء التجريبية‪.‬‬ ‫المهمة عىل ُصعد ي‬ ‫ف‬ ‫ُولد ڤولتا ف ي� كومو إاليطالية ي� ‪1745‬م‪،‬‬ ‫أليساندرو جوسيبي ڤولتا‬ ‫ومنذ مراهقته اهتم بدراسة الظاهرة‬ ‫ت‬ ‫ال� كانت معروفة آنذاك إنما‬ ‫الكهربائية ي‬ ‫تفس� علمي واضح‪ .‬كانت الظواهر الكهربائية البسيطة آنذاك‪ ،‬مثل فرك‬ ‫دون ي‬ ‫ً‬ ‫مسطرة زجاجية مرارا وتحريكها لقصاصات الورق عن بُعد تستخدم كخدع‬ ‫إلبهار العامة‪ .‬وكان ثمة اعتقاد ف ي� الوسط العلمي نفسه بأن الكهرباء مصدرها‬ ‫الجسم الحي ف� أ‬ ‫الساس‪.‬‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫عكف ڤولتا خالل عقدين من الزمن عىل تفنيد الفكار الخطأ الخاصة بالطاقة‬ ‫الكهربائية‪ ،‬وعىل وضع تصورات مبنية عىل التجريب العلمي بخصوص‬ ‫الشحنات الكهربائية وانتقالها ي ن‬ ‫ب� المواد‪ ،‬وكذا ظاهرة «التأين» أو انتقال‬ ‫الشحنات الموجبة أو السالبة من وإىل ذرات العنارص‪.‬‬ ‫أجرى ڤولتا تجارب دقيقة وشاملة لقياس موصلية جميع المعادن المعروفة‬ ‫آنذاك‪ .‬كما قادته مالحظاته إىل ت‬ ‫االف�اض الصحيح بخصوص موصلية المحاليل‬ ‫ضمن النسيج الحي‪ .‬فوضع بالنتيجة تصنيفاً للموصلية شمل المعادن‬ ‫والسوائل كذلك‪ .‬أ‬ ‫ولن تجارب ڤولتا كانت يغ� مسبوقة‪ ،‬فقد كان مقياسه‬ ‫لتحديد قوة الموصلية بدائياً‪ ،‬فكان يلمس أقطاب الدارات الكهربية البدائية‬ ‫ت‬ ‫ال� يتلقاها!‬ ‫بلسانه ويحكم عىل‬ ‫مستوى الموصلية بحسب قوة الصدمة ي‬ ‫أ‬ ‫مما وصفه ڤولتا بشكل دقيق‪ .‬فضال ً عن‬ ‫الحقيقة أن مفهوم القطاب هذه أ كان َّ‬ ‫الكهر� ي ن‬ ‫الجسام المشحونة الذي هو اليوم ف ي� صميم‬ ‫ب�‬ ‫تصوره لفرق الجهد‬ ‫بي‬ ‫فهمنا ألي دائرة كهربائية‪.‬‬ ‫ن ف‬ ‫ن‬ ‫غ�‬ ‫إن فرق الجهد الموجود يب� ي‬ ‫طر� البطارية مسبقاً ناتج عن وجود طرف ي‬ ‫لك�ونات السالبة (نسميه القطب السالب) وآخر يفتقر لهذه إال ت‬ ‫بال ت‬ ‫لك�ونات‪،‬‬ ‫إ‬ ‫آ‬ ‫ويُعد موجباً مقارنة بالطرف الخر (لذا نسميه القطب الموجب)‪ .‬وعند وصل‬ ‫القطب� تنتقل ت‬ ‫ين‬ ‫سلك موصل ي ن‬ ‫إلك�ونات القطب السالب إىل القطب‬ ‫ب�‬ ‫الموجب (تماماً كما ينتقل الماء من الخزان المرتفع إىل الصنبور المنخفض)‪.‬‬ ‫لك�ونات لالنتقال ف� هيئة تيار كهربا�ئ‬ ‫ويع� مفهوم فرق الجهد عن قابلية إال ت‬ ‫ب ِّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫من جهة إىل أخرى أو من قطب إىل آخر‪ ،‬ح� وإن لم تكن هناك مادة موصلة‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫القطب�‪.‬‬ ‫ب�‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� كشفت له قدرة الوساط الحمضية‬ ‫استناداً لهذا الفهم‪ ،‬وبنا ًء عىل تجاربه ي‬ ‫ن‬ ‫ب� ي ن‬ ‫عىل رفع مقدار الموصلية ي ن‬ ‫حوال العام‬ ‫قطب�‬ ‫ي‬ ‫معدني�‪،‬ن صنع ڤولتا ي‬ ‫مكونة من أقراص من‬ ‫معد� الزنك والنحاس خلق بينهما‬ ‫‪1800‬م أول بطارية ّ‬ ‫ي‬ ‫ئ‬ ‫ً‬ ‫تيار‬ ‫هيئة‬ ‫عىل‬ ‫ا‬ ‫الحق‬ ‫اجه‬ ‫ر‬ ‫استخ‬ ‫فرق جهد مرتفعاً يمكن‬ ‫كهربا�‪ .‬و ُعرف هذا‬ ‫ي‬ ‫االبتكار باسم «عمود ڤولتا» وهو الجد أ‬ ‫الول لكل البطاريات ت‬ ‫ال� نستخدمها ف ي�‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ئ‬ ‫ت‬ ‫ال� نعرفها اليوم‪.‬‬ ‫عدد ال ي‬ ‫نها� من الجهزة والمعدات ووسائل المواصالت ي‬ ‫نال االبتكار أعىل درجات التكريم العلمية من الجمعية الملكية بال�يطانية‪ ،‬قبل‬ ‫أن يستضيفه بالط نابليون بونابارت الذي خلع عليه لقباً ومنحة كذلك‪.‬‬ ‫وشهد عرص الكهرباء انطالقة ُعظمى بعد ڤولتا بفضل ابتكارات عباقرة آخرين‬ ‫مثل تسال وإديسون‪ .‬لكن أفضال أبحاث ڤولتا لم تُنس‪ .‬فتم اعتماد اسمه‬ ‫ئ‬ ‫ين‬ ‫الكهربا� ي ن‬ ‫محوراً (الڤولت) وحدة معيارية لقياس فرق الجهد‬ ‫نقطت� ف ي�‬ ‫ب�‬ ‫ي‬ ‫أمب�‪ ،‬عندما تتبدد قدرة‬ ‫يع�ها تيار مستمر ثابت مقداره ‪ 1‬ي‬ ‫دائرة كهربائية ب‬ ‫النقطت�‪.‬ن‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫هات�‬ ‫ي‬ ‫مقدرها ‪ 1‬واط يب� ي‬


‫‪41 | 40‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫ماذا لو؟‬

‫كان لألرض‬ ‫قمران؟‬ ‫ُعمير طيبة‬

‫مر الزمن‪ ،‬قياساً‬ ‫كث� عىل‬ ‫سؤال طرحه ي‬ ‫عىل عديد من الكواكب ِّ أ‬ ‫الخرى ت‬ ‫ال� نعرف‬ ‫ي‬ ‫أن لديها عدة أقمار‪.‬‬ ‫ب� قمرنا ق‬ ‫لكن من أهم الفروقات ي ن‬ ‫وبا� أقمار وتوابع‬ ‫ي‬ ‫الكواكب أ‬ ‫الخرى أن كتلة قمرنا تزيد عىل ‪ %1‬من كتلة‬ ‫القمار أ‬ ‫أرضنا‪ ،‬بينما أ‬ ‫الخرى ال تتعدى كتلة أي منها‬ ‫‪ %0.0003‬من كتلة الكوكب الذي تدور حوله‪ .‬هذا‬ ‫تأث� قمرنا عىل أرضنا أعظم‬ ‫الفرق الشاسع يجعل ي‬ ‫ق‬ ‫با� أقمار المجموعة الشمسية‪ ،‬من حيث‬ ‫من ي‬ ‫تأث� ي‬ ‫تأث� جاذبية قمرنا عىل حركة المسطحات المائية‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫الك�ى‪ ،‬وح� عىل رسعة دوران الرض حول نفسها‬ ‫ب‬ ‫وبالتال عىل طول اليوم أ‬ ‫ال ض‬ ‫ر� المكون من ‪24‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ساعة‪.‬‬ ‫ن‬ ‫تخيل‪،‬‬ ‫الثا� ُ‬ ‫الم َّ‬ ‫هناك عدة سيناريوهات لقمرنا ي‬ ‫وسنتمسك هنا بالتحليل الذي وضعه نيل نز‬ ‫كوم�‬ ‫الف�ياء ف� جامعة ماين أ‬ ‫بروفيسور ي ز‬ ‫المريكية وصاحب‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫سماه‬ ‫الثا� ‪َّ -‬‬ ‫السيناريو الذي يف�ض أن القمر ي‬ ‫ف‬ ‫الحال‪ ،‬ولكنه يقع ي� مدار‬ ‫«لونا» ‪ -‬أصغر من القمر‬ ‫ي‬ ‫ب� أ‬ ‫ما ي ن‬ ‫الرض والقمر‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫فلنف�ض أن قصة بداية وجود «لونا» ي� مدار حول‬

‫أ‬ ‫الرض ال تعنينا‪ ،‬وأن «لونا» مستقر ف ي� مداره‪ .‬يقول‬ ‫نز‬ ‫كوم� إن قوى المد والجزر ستجعل ارتفاع المد‬ ‫أ‬ ‫ثمانية أضعافه حالياً‪ ،‬وذلك لن الجاذبية القمرية‬ ‫ستتضاعف‪ .‬من ناحية أخرى ستكون ليالينا أقل ظلمة‬ ‫بسبب تضاعف كمية الضوء المنعكسة من القمرين‪.‬‬ ‫وسيؤثر وجود «لونا» عىل مسار الحضارة ش‬ ‫الب�ية‪،‬‬ ‫الب ن� التحتية للمدن‬ ‫ومن ذلك فنون المعمار وإنشاء ُ‬ ‫الساحلية مثالً‪ ،‬ألن الماء سيصل إىل مستويات أعىل‪،‬‬ ‫مما ي ز‬ ‫س�يد من معدالت تآكل المنشآت الحجرية‬ ‫ش‬ ‫وصدأ الحديد‪ ،‬وهذا ما كان سيدفع بالب� إىل إيجاد‬ ‫طرق أكفأ لمكافحة ذلك‪ .‬من ناحية أخرى فإن تطور‬ ‫حسابات الشهور كان سيختلف جذرياً الحتساب‬ ‫ن‬ ‫يع� اختالف‬ ‫وجود قمرين وحساب أطوارهما مما قد ي‬ ‫التقويم القمري وكيفية احتساب دخول الشهر‬ ‫وخروجه‪.‬‬ ‫الصل يبعد عن أ‬ ‫و� الواقع‪ ،‬فإن قمرنا أ‬ ‫ف‬ ‫الرض‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫سنتيم�ات � السنة‪ .‬وإذا ت‬ ‫ت‬ ‫اف�ضنا أن‬ ‫بمعدل ‪4‬‬ ‫أ ي‬ ‫أك�‪،‬‬ ‫«لونا» يبتعد عن الرض تدريجياً بمعدل ب‬ ‫فيسعنا أن نتخيل اصطداماً مريعاً ي ن‬ ‫ب� القمرين ف ي�‬ ‫ن‬ ‫لمالي� الحجارة‬ ‫نقطة ما من المستقبل وتفتتهما‬ ‫ي‬

‫الصغ�ة‪ .‬بعض هذا الحطام سيسقط عىل أ‬ ‫الرض‬ ‫ي‬ ‫سيط� ف ي�‬ ‫وقد يتسبب ف ي� كوارث عدة‪ ،‬وبعضه‬ ‫ي‬ ‫الفضاء مبتعداً عنها‪.‬‬ ‫كب�اً من الحطام سيستمر بالدوران حول‬ ‫ولكن جزءاً ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫صغ�ة ومختلفة ي� أحجامها‬ ‫الرض‪ .‬ولنها صخور ي‬ ‫ستكون رسعة دوران كل منها حول أ‬ ‫الرض متباينة‪،‬‬ ‫مما سيؤدي إىل انتشارها حول أ‬ ‫ف‬ ‫الرض ي� مدارات‬ ‫مكونة حلقات مثل حلقات الكوكب زحل‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫ويرى بعض العلماء أن أ‬ ‫الرض تدور حولها بعض‬ ‫القمار المؤقتة‪ ،‬وذلك ألن جاذبية أ‬ ‫أ‬ ‫الرض تجذب‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫المنت�ة ي� المجموعة الشمسية‪،‬‬ ‫بعض الكويكبات‬ ‫أ‬ ‫الصغ�ة حول الرض‬ ‫بحيث تدور هذه الكويكبات‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الفالت من‬ ‫لعدة أسابيع أو أشهر قبل أن تنجح ي� إ‬ ‫جاذبيتها لتم�ض ي ف ي� طريقها‪ .‬وليس لهذه الكويكبات‬ ‫تأث�ات سلبية أو إيجابية‪ .‬وثمة فرضية تقول‬ ‫أية ي‬ ‫بوجود قمر آخر بالغ الصغر كان يدور حول أرضنا‬ ‫قبل ‪ 4‬أو ‪ 5‬مليارات عام‪ ،‬وأن هذا القمر اصطدم‬ ‫بقمرنا وتفتت‪ .‬وعىل مر الحقبات التاريخية‪ ،‬جمع‬ ‫ق‬ ‫با� الفتات ف ي� مداره بفعل جاذبيته‬ ‫القمر ‪-‬‬ ‫الحال ‪ -‬ي‬ ‫ي‬ ‫الخاصة‪.‬‬


‫فجوة تعلمية من نوع آخر‬

‫رنا نجار‬

‫حياتنا اليوم‬

‫بين الذكور‬ ‫واإلناث‬

‫ً‬ ‫ِّ‬ ‫أفكارا متناقلة وشائعة حول‬ ‫يردد الكثير‬ ‫وجود اختالفات بين قدرات الذكور من‬ ‫جهة واإلناث من جهة أخرى على دراسة‬ ‫بعض المواد العلمية‪ ،‬وحتى اإلبداع في‬ ‫بعض مجاالت الفنون‪ .‬ولكن بموازاة‬ ‫هذا االعتقاد الذي ما زال مثار جدل‪ ،‬ثمة‬ ‫ً‬ ‫تماما‪ ،‬تؤكد‬ ‫مالحظة من نوع مختلف‬ ‫الدراسات واإلحصاءات الرصينة حقيقتها‪،‬‬ ‫وهي بداية ظهور شكل من التفوق‬ ‫الدراسي العام في صفوف اإلناث على ما‬ ‫هو عليه حال الذكور‪.‬‬


‫‪43 | 42‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫طالما ظهرت دراسات أكدت‬ ‫أن هناك فجوة تعلمية بين‬ ‫ّ‬ ‫والناث في مجال علم‬ ‫الذكور إ‬ ‫الرياضيات‪ ،‬وأن هناك تفوقاً‬ ‫وأول ما‬ ‫واضحاً لصالح الذكور‪ّ .‬‬ ‫تفجرت هذه المسألة وظهرت للعلن كان عند قيام‬ ‫َّ‬ ‫فريق من الباحثين في قسم علم النفس في معهد‬ ‫أ‬ ‫أن‬ ‫جون هوبكينز المريكي بنشر تقرير يشير إلى ّ‬ ‫سبب هذه الفجوة هو تفوق دماغي عند الذكور‪.‬‬ ‫وتسببت هذه المسألة بنقاشات حادة‪ ،‬خاصة في‬ ‫أوساط الحركات النسائية‪ ،‬إلى درجة أنه بعد ربع‬ ‫قرن من ظهور التقرير‪ ،‬اضطر رئيس جامعة هارفرد‬ ‫أ‬ ‫المريكية إلى االستقالة بسسب آرائه حول هذه‬ ‫المسألة‪ .‬وعلى الرغم من كل ذلك‪ ،‬استمر تدني‬ ‫مستوى تمثيل النساء في العلوم والتكنولوجيا‬ ‫والهندسة والرياضيات‪ .‬ولكن في خضم تلك‬ ‫النقاشات كان هناك أمر مهم تم إغفاله وهو‪ :‬لماذا‬ ‫يتراجع تعلم الذكور في كل مجال آخر؟‬ ‫فقد صدرت مؤخراً دراسة لمنظمة التعاون‬ ‫االقتصادي والتنمية تفيد بأنه على الرغم من‬ ‫استمرار الفجوة التعلمية في الرياضيات‪ ،‬هناك‬ ‫فجوة كبيرة بين تعلّم الفتيان والفتيات وإنما‬ ‫لصالح الناث هذه المرة‪ .‬فالذكور هم أ‬ ‫القل‬ ‫إ‬ ‫تعلّماً في دول المنظمة الغربية التي تشمل‬ ‫اليابان وكوريا وتركيا‪ ،‬وهناك ستة فتيان من‬ ‫يقصرون ويفشلون في تلبية‬ ‫أصل عشرة ِّ‬ ‫المعايير أ‬ ‫الساسية في مواد الرياضيات‬ ‫والعلوم والقراءة‪ .‬وهذا يشمل ‪ 15‬في‬ ‫المائة من الفتيان أ‬ ‫المريكيين‪ ،‬مقابل ‪ 9‬في‬ ‫أ‬ ‫المائة لدى الفتيات المريكيات‪ .‬وأن الفتيات‬ ‫أكفأ من الصبيان في تعلّم القراءة التي تُعد‬ ‫بحسب دراسة المنظمة من أهم المهارات‬ ‫الضرورية للتعلم في المستقبل‪.‬‬ ‫يدرس علم النفس في‬ ‫يقول جيسبيرت ستوت الذي ِّ‬ ‫جامعة غالسكو ويبحث في التفاوت في التعليم‬ ‫على الصعيد العالمي‪ ،‬إن «هذه أ‬ ‫الرقام ّ‬ ‫تدل على‬ ‫أن الفتيات في العالم ال يحظين بفرص جيدة في‬ ‫التعليم‪ ،‬ولكن ليس في جميع بلدان العالم‪ .‬ال‬ ‫يمكننا التعميم‪ ،‬إذ لكل بلد خصوصيته»‪ .‬ويضيف‪:‬‬ ‫الناث‪ .‬ولكن‬ ‫أن «الذكور أقل قدرة على التعلّم من إ‬ ‫ما يدهشني أنه ال جهود تُبذل‪ ،‬وال رغبة‪ ،‬في حلّ‬ ‫المشكالت التي تواجه الذكور والمسؤولة عن حصول‬ ‫هذه الفجوة في التعليم»‪.‬‬

‫المهارات هي المفتاح‬

‫وجاء في دراسة المنظمة‪ ،‬أن ‪ 34‬في المائة‬ ‫الناث اللواتي ُتراوح أعمارهن بين ‪25‬‬ ‫من إ‬ ‫و‪ 64‬سنة‪ ،‬حصلن على شهادات جامعية‪،‬‬

‫مقابل ‪ 30‬في المائة عند الذكور‪ .‬وهؤالء‪ ،‬كما تشير‬ ‫الدراسة‪ ،‬محاصرون في حلقة مفرغة من ضعف‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫والتسرب المدرسي‪ ،‬المر‬ ‫الداء واالندفاع والطموح‬ ‫ّ‬ ‫الذي يؤدي إلى عدم تم ّتعهم بمعايير تحقيق النجاح‬ ‫في سوق العمل الذي يتطلب مستويات عالية في‬ ‫المهارات‪ .‬وهنا تكثر أ‬ ‫السئلة لدى خبراء االقتصاد‬ ‫والتربية حول أ‬ ‫السباب‪ ،‬وما الذي يمكن فعله؟ أال‬ ‫تحيلنا هذه أ‬ ‫الرقام إلى توجه بعض الرجال إلى‬ ‫أعمال غير قانونية أو الوقوع في البطالة التي تكلّف‬ ‫المجتمعات باليين الدوالرات؟‬ ‫قد يكون الجواب أن ّ‬ ‫الحل يكمن في التنمية‬ ‫االقتصادية واالجتماعية والتربوية‪ ،‬من خالل‬

‫التفوق الدراسي‬ ‫العام في‬ ‫صفوف اإلناث‬ ‫على ما هو عليه‬ ‫حال الذكور‬


‫المجاالت‬ ‫العلمية‬

‫الواجبات‬ ‫المنزلية‬

‫تقترح الدراسة‪ ،‬أن يزيد‬ ‫اآلباء واألمهات من‬ ‫تشجيع الفتيات على‬ ‫دخول المجاالت العلمية‬ ‫والتكنولوجية‪ ،‬وعلى‬ ‫تشجيع الصبيان على‬ ‫القيام بواجباتهم المنزلية‬

‫رفع نوعية التعليم‪ .‬ففي أحدث تقارير منظمة‬ ‫التعاون االقتصادي والتنمية‪ ،‬يقلل التقدم‬ ‫االقتصادي واالجتماعي من عجز الذكور التعليمي‪،‬‬ ‫في حين أن التقرير لم يجزم بوجود عالقة‬ ‫منتظمة بين الفجوة بين الجنسين والوضع‬ ‫االجتماعي واالقتصادي في الواليات المتحدة‪.‬‬ ‫فقد الحظت الدراسة أن أ‬ ‫المريكيين الذكور من‬ ‫أ‬ ‫السر الفقيرة الذين يعانون من انفصال أهاليهم‬ ‫ويعيشون مع أمهاتهم‪ ،‬يعانون ضعفاً في‬ ‫التحصيل العلمي أكثر من الفتيات‪ .‬والنتيجة أن‬ ‫لسد فجوة التعليم بين‬ ‫التنمية وحدها ال تكفي ّ‬ ‫الجنسين‪.‬‬ ‫تبرز الدراسة معاناة الفتيات عموماً من عدم ثقة‬ ‫بالنفس بقدراتهن الرياضية والعلمية‪ ،‬بينما يتمتع‬ ‫ومتهورة‪ ،‬ويثيرون كثيراً من‬ ‫الذكور بثقة إضافية‬ ‫ّ‬ ‫النزاعات في المدرسة‪ ،‬ويحبون ألعاب الفيديو‪ ،‬وال‬ ‫يحبون القيام بواجباتهم المنزلية‪ ،‬وال يحبون قراءة‬ ‫القصص والكتب حتى ولو كانت للمتعة فقط‪.‬‬ ‫الباء أ‬ ‫وتقترح الدراسة‪ ،‬أن يزيد آ‬ ‫والمهات من تشجيع‬ ‫الفتيات على دخول المجاالت العلمية والتكنولوجية‪،‬‬ ‫وعلى تشجيع الصبيان على القيام بواجباتهم‬

‫يحث المدرسون الفتيات على دراسة‬ ‫المنزلية‪ ،‬وأن ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الرياضيات‪ ،‬وأن يولوا اهتماما خاصا لتعليم‬ ‫الصبيان الفقراء! واقترحت دراسة المنظمة على‬ ‫الكف عن اتهام الصبيان بأنهم مثيرون‬ ‫المدرسين ّ‬ ‫ِّ‬ ‫للمشكالت وكثيرو الحركة في المدرسة‪ ،‬والتوقف عن‬ ‫إعطائهم تقديرات وعالمات أقل من الفتيات!!! وكلها‬ ‫اقتراحات‪ ،‬تثير الضحك صراحة‪ ،‬إذ إن هذا الكالم‬ ‫ليس جديداً وال مبتكراً لحل المشكلة‪.‬‬ ‫ولكن الدراسة أشارت إلى أنه من غير الواضح كيف‬ ‫يمكن معاقبة الصبية الذين يحصلون على عالمات‬ ‫منخفضة في المدرسة‪ ،‬وكيف يمكن إرغامهم على‬ ‫إعادة صفوفهم بنا ًء على سلوكهم السيئ‪ .‬فهذه‬ ‫أ‬ ‫المور قد تجعلهم يهربون من المدرسة ويتسربون‬ ‫منها‪.‬‬ ‫ويتساءل الخبراء في هذه الدول عن تأثير هذه‬ ‫أ‬ ‫الرقام على االزدهار االقتصادي ومستقبل هذه‬ ‫الفجوة؟ وهل يمكن لهؤالء الرجال المتسربين أن‬ ‫يمارسوا نشاطات تودي بحياتهم وحياة آ‬ ‫الخرين؟ أو‬ ‫هل تزيد من نسبة العاطلين من العمل والمتشردين‬ ‫الذين تدفع الدول الغربية أرقاماً هائلة من اقتصادها‬ ‫لتغطي مسكنهم ومشربهم ومأكلهم وتأميناتهم‬


‫‪45 | 44‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫السئلة كثيرة‪ .‬وعلى أ‬ ‫الصحية وشيخوختهم؟ أ‬ ‫الرجح‬ ‫أن تسرب الصبيان وعدم تمتعهم بمعايير تعليمية‬ ‫ومهارات عالية الجودة‪ ،‬يجعل سوق العمل يعاني‬ ‫فالناث ال‬ ‫خلال ً في الجودة وفقدان وظائف كثيرة‪ .‬إ‬ ‫يمكنهن أن يردمن الفجوة في سوق العمل وحدهن‬ ‫في بلدان تحترم حقوقهن‪.‬‬ ‫وعلى كل حال‪ ،‬ليست الجينات وحدها المسؤولة‬ ‫عن التعليم والفجوة بين الجنسين‪ .‬هذا االعتقاد‬ ‫صار بائداً‪ ،‬وال يحل المشكلة بل يزيد من التمييز بين‬ ‫الجنسين‪ .‬فالدول الغربية لم تضع استراتيجيات‬ ‫لسد الفجوة العلمية والتعليمية عامة بين‬ ‫حقيقية ّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫الجنسين‪ ،‬لن المر معقَّد جدا ومرتبط بثقافة عامة‬ ‫وترسبات اجتماعية قديمة وسلوكيات عائلية وظروف‬ ‫تعليمية‪ ،‬كانت كلها تشجع الصبيان على خوض غمار‬ ‫التوجه نحو المجاالت‬ ‫التعليم وتُعد أن على النساء ّ‬ ‫يتفرغن ألطفالهن وأزواجهن‪ .‬وهذا التوجه‬ ‫السهلة كي ّ‬ ‫ال يزال سائداً في الدول الغربية والمتقدمة‪ ،‬وليس‬ ‫كما يعتقد البعض أنه محصور في الدول النامية‪.‬‬ ‫ويتعلّق أ‬ ‫المر أيضاً بنوعية التعليم التي تُعطى‬ ‫تميز بين‬ ‫للجنسين‪ ،‬وطريقة التعليم هذه التي ّ‬

‫ما يدرس الصبيان وما يلعبون وما يمارسون من‬ ‫رياضة‪ ...‬وكلها أمور متشابكة تحتاج إلى جهود‬ ‫عالمية وتضافر الجهود التربوية واالقتصادية‪ ،‬كما‬ ‫تضافرت الجهود ليكون التعليم للجميع‪.‬‬

‫الناث العرب‬ ‫‪ 50‬في المائة من إ‬ ‫يدخلن الجامعات‬

‫هذا فيما يتعلّق بدول منظمة التعاون االقتصادي‬ ‫والتنمية‪ ،‬لكن ماذا عن دولنا العربية التي تّتهم أنها‬ ‫تهمش المرأة وتمنعها من التعلم؟ وهل حقاً نجحت‬ ‫ّ‬ ‫نضاالت النساء وجمعياتهن وحكوماتنا في تأمين‬ ‫التعليم للجميع؟‬ ‫إن نظرة عامة على ما يدور في هذا الشأن‪،‬‬ ‫تعطينا جرعة تفاؤل بأن تقدماً ملحوظاً يبرز في‬ ‫العالم العربي‪ .‬ففي إحدى جلسات المنتدى‬ ‫عمان‪،‬‬ ‫االقتصادي العالمي الذي ُعقد مؤخراً في ّ‬ ‫ذُكر أن حوالي ‪ 50‬في المائة من النساء العربيات‬ ‫يدخلن الثانويات والجامعات‪ ،‬مع أنهن ال يم ّثلن‬ ‫أكثر من ‪ 20‬في المائة في سوق العمل‪ .‬وأن هناك‬ ‫نساء كثيرات يحملن شهادات عليا عاطالت من‬ ‫العمل‪.‬‬


‫نسبة الفئة‬ ‫العمرية الذين‬ ‫حصلوا على‬ ‫شهادات جامعية‬ ‫من الذكور واإلناث‬ ‫(‪ 64-25‬سنة)‬

‫إن نوعية التعليم في‬ ‫العالم العربي ومراقبته‬ ‫وتحديثه ووضع‬ ‫استراتيجيات تؤثر على‬ ‫االقتصاد بشكل غير‬ ‫مباشر‬

‫وهنا يقول أستاذ االقتصاد في الجامعة أ‬ ‫المريكية‬ ‫في بيروت الدكتور جاد شعبان‪ ،‬في حديث لـ‬ ‫«القافلة»‪ ،‬إن نسب االلتحاق بالجامعات والمدارس‬ ‫في العالم العربي ترتفع عند الجنسين‪ .‬ويشير إلى‬ ‫الناث ذات الفئة العمرية بين‬ ‫أن نسبة التحاق إ‬ ‫‪ 18‬و‪ 25‬سنة بالجامعات في لبنان‪ ،‬تبلغ ‪ 20‬في‬ ‫المائة فقط‪ .‬ويرفض شعبان التمييز بين الجنسين‬ ‫على أساس الجينات لتفسير ميل الذكور إلى المواد‬ ‫العلمية والمجاالت العلمية‪ .‬ويعطي مثال ً دراسة‬ ‫أجريت في لبنان في العام ‪1995‬م تفيد بأن‬ ‫معدل عالمات الذكور في الرياضيات كان ‪ 464‬من‬ ‫الناث ‪ .451‬وفي‬ ‫‪ ،500‬بينما كان معدل عالمات إ‬ ‫العلوم‪ ،‬وصل معدل عالمات الذكور إلى ‪417‬‬ ‫الناث ‪ .413‬أما‬ ‫من ‪ 500‬بينما كان معدل عالمات إ‬ ‫الناث ‪413‬‬ ‫في تونس‪ ،‬فعند الذكور ‪ ،426‬وعند إ‬ ‫في الرياضيات‪ .‬وفي العلوم‪ 417 ،‬للذكور و‪428‬‬ ‫الناث على الذكور‬ ‫للإناث‪ ،‬ما يشير هنا إلى تفوق إ‬ ‫في تونس من ناحية العلوم‪ .‬وأعطى شعبان هذه‬ ‫الرقام‪ ،‬ليؤكد لنا أنه حيثما تختلف تربية أ‬ ‫أ‬ ‫الهل‬ ‫بين البنت والصبي‪ ،‬وتختلف توجيهاتهم وتوجيهات‬ ‫المدارس بين الجنسين‪ ،‬وحيثما تختلف نوعية‬ ‫التعليم أحياناً بين الجنسين‪ ،‬لم يكن الفارق كبيراً‪.‬‬

‫وهو ما يؤكد أنه ال عالقة للجينات بالفوارق العلمية‬ ‫والتعليمية‪ ،‬بل «الموضوع يتعلق بالتراكمات‬ ‫الثقافية والتربوية»‪.‬‬ ‫وبالنسبة لدراسة منظمة التعاون االقتصادي والتنمية‬ ‫وغيرها من الدراسات التي تتناول هذه الفجوة بين‬ ‫الجنسين‪ ،‬ال يؤمن شعبان بأنها تعطي فكرة واضحة‬ ‫ودقيقة عن الفروقات‪ ،‬خصوصاً أنها جمعت في وقت‬ ‫زمني قصير‪« .‬يجب أن تكون المدة الزمنية للدراسة‬ ‫‪ 10‬سنوات وما فوق‪ ،‬لتكون دقيقة في أ‬ ‫الرقام‪ .‬ومع‬ ‫ذلك‪ ،‬فمن الصعب تحديد هذه المسائل المتراكمة‬ ‫والمعقدة في ‪ 20‬بلداً‪ ،‬حيث لكل بلد خصوصية»‪،‬‬ ‫يقول شعبان‪ .‬ويضيف‪« :‬هناك عوامل علينا االلتفات‬ ‫إليها في مجال التعليم والفجوة التعلمية‪ ،‬أولها‬ ‫الفقر‪ ،‬ونوعية التعليم‪ ،‬إذ إن هناك عدداً كبيراً‬ ‫من حاملي الشهادات الجامعية من ذكور وإناث‬ ‫ال يتمتعون بمهارات جيدة لدخول سوق العمل‪،‬‬ ‫وبالتالي يدخلون في خانة البطالة المقنعة»‪.‬‬ ‫إن نوعية التعليم في العالم العربي ومراقبته‬ ‫وتحديثه ووضع استراتيجيات تؤثر على االقتصاد‬ ‫بشكل غير مباشر‪ ،‬مسائل ضرورية‪ ،‬ألنها تؤثر على‬ ‫سوق العمل‪ .‬وال شك أن المشكلة االقتصادية في‬ ‫العالم العربي ال تتعلق بفجوة علمية بين الجنسين‪،‬‬ ‫بقدر ما تتعلق بالخلل الذي يسود سوق العمل‪.‬‬ ‫«النساء يتأخرن عن االلتحاق بسوق العمل‪ ،‬وعدد‬ ‫كبير منهن يتسجلن في الجامعات وال يداومن‬ ‫ويتأخرن لنيل شهاداتهن ألسباب كثيرة منها االنشغال‬ ‫أ‬ ‫بالمومة والزواج‪ ،‬أو يتسجلن كنوع من طلب المكانة‬ ‫االجتماعية‪ .‬لذا نرى أن نسبة البطالة المقنعة عند‬ ‫النساء في العالم العربي كبيرة‪ .‬أما الرجال فيذهبون‬ ‫في غالبيتهم إلى العمل مبكراً بعد الثانوية مباشرة‪،‬‬ ‫وأحياناً ال يكملون الثانوية العامة‪ ،‬على اعتبار أنهم‬ ‫مسؤولون عن عائالتهم‪ ،‬وهذا من عوامل الثقافة‬ ‫الذكورية»‪.‬‬ ‫فسوق العمل والتعليم ونوعيته‪ ،‬قضايا مرتبطة‬ ‫النتاجية بشكل أو بآخر‪،‬‬ ‫بعضها ببعض وتؤثر على إ‬ ‫يعدون‬ ‫وتتفاوت بين بلد وآخر‪ .‬ولكن االختصاصيين ّ‬ ‫أن الجامعات بحد ذاتها ووحدها ليست بالضرورة‬ ‫استثماراً جيداً ومهماً اقتصادياً‪ ،‬خصوصاً «عندما‬ ‫يكون هناك عدم توازن بين االختصاصات الجامعية‬ ‫والتدريب المهني وسوق العمل‪ ،‬وعندما تكون نوعية‬ ‫فالنتاجية مرتبطة بسوق العمل‬ ‫التعليم تعاني خلالً‪ ،‬إ‬ ‫أكثر من الجامعة»‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪47 | 46‬‬

‫حياتنا اليوم‬

‫هناك روابط مثيرة بين األطعمة التي‬ ‫نتناولها والكلمات التي نستخدمها‬ ‫لتسميتها بها‪ ،‬حيث يمكن القول ّ‬ ‫إن‬ ‫هناك ما يسمى بلغة الطعام‪ ،‬لغة‬ ‫ً‬ ‫تاريخا‬ ‫خاصة يمكنها أن تكشف لنا‬ ‫ً‬ ‫طويال من تفاعل الحضارات وتبادل‬

‫الثقافات وأسرار اللغة‪ ،‬وكثير من‬ ‫الخدع التسويقية التي تحاكي تفاعالتنا‬ ‫النفسية العميقة‪.‬‬

‫مهى قمر الدين‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫لغة‬

‫الطعام‬

‫محكية‬ ‫ً‬ ‫عالميا‪ ،‬أما‬ ‫فهمها فليس‬ ‫كذلك‬


‫تتضمن الكلمات التي نستخدمها‬ ‫َّ‬ ‫لتسمية أكالتنا اليومية مفاتيح‬ ‫عن أصولها‪ ،‬وتلميحات عن رحلة‬ ‫مكوناتها حول العالم وهي‬ ‫ِّ‬ ‫وتتغير وتتنكه‪ ،‬وأحياناً‪،‬‬ ‫تنصهر‬ ‫َّ‬ ‫تتبدل أشكالها تماماً‪ .‬لنأخذ على سبيل المثال‬ ‫ّ‬ ‫اليطالية الشهيرة التي لها حكاية قديمة‬ ‫المعكرونة إ‬ ‫اليطالية في القرن‬ ‫مع الفتح العربي لجزيرة صقلية إ‬ ‫الثامن‪ .‬فقد أدخل العرب إلى هذه الجزيرة‪ ،‬من‬ ‫ضمن زراعات أخرى‪ ،‬زراعة القمح القاسي الذي كانوا‬ ‫قد اكتشفوه في شرق إفريقيا‪ .‬وكانت زراعة هذا‬ ‫القمح القاسي سهلة وطحنه صعباً‪ ،‬فشكَّل أساس‬ ‫اليطالية‪ .‬وهناك استخدمه العرب‬ ‫وجود المعكرونة إ‬ ‫لتطوير صناعة «الروشتة»‪ ،‬وهي نوع من المعكرونة‬ ‫الرفيعة التي أخذها العرب من بالد فارس‪ .‬ويذكر‬ ‫أن «الروشتة» مذكورة في كتب الطهي في العصر‬ ‫ّ‬ ‫الدريسي‪،‬‬ ‫السالمي الوسيط‪ .‬وكان عالم الجغرافيا‪ ،‬إ‬ ‫إ‬ ‫ّأول من ذكر هذا النوع من المعكرونة وإنتاجها على‬ ‫نطاق تجاري واسع‪ ،‬وذلك في مسح أجراه لصقلية‬ ‫بطلب من الملك روجر الثاني‪ .‬كما ُعرفت في الجزيرة‬ ‫أيضاً مربعات الالزانيا الصغيرة التي تعرف آ‬ ‫الن باسم‬ ‫ُ‬ ‫«منديلي دي سي» التي تعني بالعربية «المنديل‬ ‫المؤرخة‪ ،‬ف‪ .‬وود‪ ،‬قد كتبت لدعم‬ ‫الحر»‪ .‬وكانت‬ ‫ِّ‬ ‫أ‬ ‫الصول العربية للمعكرونة في كتابها‪« :‬هل ذهب‬ ‫إن «احتالل الجيوش‬ ‫ماركو بولو إلى الصين؟» لتقول ّ‬ ‫العربية لجزيرة صقلية عام ‪ 827‬ميالدية أدخل‬ ‫القمح القاسي إلى الجزيرة ومن ثم انتشرت معكرونة‬ ‫القمح القاسي شماال ً إلى جميع أنحاء إيطاليا»‪.‬‬ ‫أما صلصة الكتشاب المعروفة اليوم في مختلف‬ ‫فم ْن منا ال يعرف‬ ‫أرجاء العالم فلها قصة أخرى‪َ .‬‬ ‫مكون في أساسه‬ ‫الكتشاب؟ فهو حلو ومالح في آن‪َّ ،‬‬ ‫من عصير الطماطم المك َّثف‪ ،‬ولك ّنه لم يكن دوماً‬ ‫يتضمن الطماطم كما أنّه لم يكن دوماً يُنسب إلى‬ ‫الحضارة أ‬ ‫المريكية‪ .‬فطالما كان سكان مناطق جنوبي‬ ‫الصين‪ ،‬وعلى مدى قرون‪ ،‬يحفظون المأكوالت‬ ‫البحرية بوضعهم أ‬ ‫السماك التي يصطادونها‬ ‫في أوعية تحتوي على أ‬ ‫الرز المطبوخ والملح‬ ‫ويغطُّونها بأوراق الخيزران ويتركونها لتتخمر‪.‬‬ ‫ومن ثم تعمل أ‬ ‫النزيمات الموجودة في‬ ‫أ‬ ‫السماك على تحويل النشاء الموجود في‬ ‫أ‬ ‫الرز إلى حامض اللبنيك‪ ،‬لنحصل على‬ ‫السمك المخلل الذي يمكن تناوله بعد‬ ‫إزالة أ‬ ‫الرز الملتصق به‪ .‬وقد تم تدوين‬ ‫هذه الوصفة في القرن الخامس وال تزال‬ ‫تستخدم في مناطق عديدة في جنوب‬ ‫آسيا‪.‬‬ ‫وفي القرن السابع عشر‪ ،‬سافر البحارة‬ ‫النجليز والهولنديون إلى آسيا‬ ‫والتجار إ‬

‫وتعرفوا إلى هذا النوع من‬ ‫أ‬ ‫السماك وجلبوا معهم‬ ‫كميات كبيرة منها إلى بالدهم‪.‬‬ ‫وهناك عرفت صلصة هذه أ‬ ‫السماك‬ ‫ُ‬ ‫المخللة بـ «الكتشاب»‪ .‬و«تشاب» أو‬ ‫«‪ »Tchup‬تعني صلصة في اللغة‬ ‫المحكية الصينية و«ك» أو «‪»Ke‬‬ ‫تعني السمك المحفوظ في لغة‬ ‫الهوكين‪ ،‬اللغة السائدة في‬ ‫غربي تايوان‪.‬‬ ‫التجار فرصة جيدة لهم في هذه الصلصة‬ ‫رأى َّ‬ ‫الغريبة باهظة الثمن‪ ،‬وراح البحارة ينقلونها بكميات‬ ‫كبيرة من آسيا إلى أوروبا‪ .‬وفي القرن التاسع عشر بدأ‬ ‫البريطانيون بصناعة «الكتشاب» بأنفسهم‪ ،‬وقاموا‬ ‫بإضافة الطماطم مع البقاء على سمك أ‬ ‫النشوجة‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫كمصدر أساسي للنكهة‪ .‬ومن ثم تطورت الذواق‬ ‫وتم استبدال أسماك أ‬ ‫النشوجة بالفطر والمحار‬ ‫أ‬ ‫ومن بعدها أصبحت كلمة كتشاب تستخدم لي‬ ‫صلصة متبلة‪ .‬وهكذا‪ ،‬في إنجلترا استبدلت أ‬ ‫السماك‬ ‫بالبندورة ومن ثم أضاف أ‬ ‫المريكيون السكر‪ ،‬وحصلنا‬ ‫على «الكتشاب» المعروف اليوم الذي يُستخدم في‬ ‫كثير من الوجبات في مختلف أنحاء العالم‪.‬‬ ‫أثار موضوع تتبع مصادر «الكتشاب» تساؤالت‬ ‫حول روايات مختلفة عديدة‪ ،‬حيث إن وجهة النظر‬ ‫التقليدية للتاريخ االقتصادي تقول إنه أثناء حكم‬ ‫ساللة مينغ‪ ،‬انعزلت الصين عن العالم ولم تنفتح‬ ‫على التبادل التجاري العالمي إال في وقت الحق‪.‬‬ ‫ولكن قصة «الكتشاب» تؤكد لنا غير ذلك‪ ،‬وتثبت‬ ‫أن الصين كانت مهمة جداً بالنسبة للتجارة العالمية‬ ‫حتى في ظل حكم ساللة مينغ‪.‬‬ ‫وهناك أطعمة مختلفة اتخذت مسارات عدة‪،‬‬ ‫وتغيرت لتلبية احتياجات المطابخ الجديدة التي‬ ‫ّ‬ ‫المربيات في الغرب نكهاتها‬ ‫فخسرت‬ ‫تبنتها‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫وتحولت عصائر‬ ‫المتوسطية من ماء الورد والمسك‪ّ ،‬‬ ‫تغيرها‪،‬‬ ‫الفاكهة إلى بوظة‪ .‬ولكن على‬ ‫الرغم من ّ‬ ‫أ‬ ‫حافظ البعض منها على تسميته الصلية ليبقى‬ ‫شاهداً على تاريخ وثقافات متبادلة تدين لبعضها‬ ‫آ‬ ‫الخر بالكثير‪.‬‬

‫لوائح الطعام وأسرارها‬

‫ولكن لغة الطعام ليست محصورة بدروس التاريخ‬ ‫وال بتبادل الثقافات‪ ،‬إذ يمكن لتسميات أ‬ ‫الطعمة‬ ‫وحدها أن تساعدنا على تحديد تكلفتها‪ .‬فقد أجرى‬ ‫أ‬ ‫الستاذ دان جورافسكي‪ ،‬أستاذ علم اللغة في جامعة‬ ‫ستانفورد أ‬ ‫المريكية‪ ،‬دراسة على لوائح الطعام في‬ ‫أن المطاعم‬ ‫مطاعم عديدة ومتنوعة‪ .‬ووجد فيها ّ‬ ‫الفخمة تستخدم كلمات طويلة وغريبة ومعقَّدة‪،‬‬


‫‪49 | 48‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫وأنه مقابل كل حرف يضاف إلى الكلمات الموجودة‬ ‫على هذه اللوائح يزداد معدل السعر بحوالي ‪18‬‬ ‫سنتاً أمريكياً‪.‬‬ ‫كما أن لوائح الطعام في المطاعم الفاخرة غالباً ما‬ ‫أن هذه اللحوم‬ ‫مكونات وجباتها‪ ،‬مثل ّ‬ ‫تذكر مصادر ِّ‬ ‫مواش تمت تغذيتها بأفضل أنواع العلف‪،‬‬ ‫تأتي من ٍ‬ ‫أو أن هذه الخضار عضوية تم جلبها مباشرة من‬ ‫هذه المزرعة أو تلك‪ ،‬إلى آخره‪ .‬وكأن التسميات في‬ ‫هذه المطاعم الفاخرة تأتي لتبرر فاتورتها الباهظة‪.‬‬ ‫وغالباً ما يكون هناك في المطاعم الفاخرة إشارة‬ ‫يقدم على طريقة الشيف على‬ ‫إلى أن الطعام َّ‬ ‫عكس المطاعم الشعبية التي تحرص على القول‬ ‫ستقدم «على طريقتك الخاصة»‪ .‬أما‬ ‫إن الوجبات َّ‬ ‫المطاعم المتوسطة فتستخدم كلمات مثل «غنية»‬ ‫و«مخففة» و«معتدلة» و«مقرمشة»‪ ،‬وهي تختلف‬ ‫عن المطاعم الشعبية الرخيصة التي تستخدم‬ ‫كلمات إيجابية وغامضة مثل طازجة ولذيذة وشهية‪..‬‬ ‫وكلها كلمات تشير إلى أنه عليك االقتناع بتناول هذه‬ ‫الوجبات على الرغم من ثمنها الزهيد‪.‬‬ ‫يقول الفيلسوف بول غريس إنه عندما ننطق بأي‬ ‫كلمة يكون هناك تفاهم ضمني بأننا ننطق بها‬ ‫معينة للمتلقي‪ ،‬وال نقول‬ ‫إليصال معلومات أو أرسالة َّ‬ ‫أكثر مما نحن بحاجة لن نقوله‪ .‬وإذا ما ذكرت بعض‬ ‫بأن الطعام‬ ‫المطاعم‪ ،‬كما في المطاعم الرخيصة‪ّ ،‬‬ ‫طازج‪ ،‬مثالً‪ ،‬نتساءل عن السبب الذي يدفعهم لذكر‬ ‫ذلك‪ ،‬فهل هناك سبب لنعتقد بأنه غير ذلك؟‬

‫في الطعام تركيبة لغوية ونفسية‬ ‫أيضاً‬

‫ال شك أن هناك جوانب أخرى في لغة الطعام‬ ‫البنى العميقة للغة وعلم النفس‬ ‫تكشف كثيراً عن ُ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫أيضاً‪ .‬فهل يمكن لسماء بعض الطعمة أن تدلنا على‬ ‫مكوناتها أو إذا ما كانت خفيفة أو دسمة أو خالف‬ ‫ذلك؟‬ ‫قد يبدو ذلك مستبعداً‪ .‬وكما يقول وليم شكسبير‬ ‫«إن‬ ‫في «روميو وجولييت» على لسان جولييت‪ّ :‬‬ ‫االسم ليس َّإل اصطالحاً عرفياً‪ ،‬تماماً كما اسم‬ ‫يعبر عن شيء‪ .‬فالتعبير كله والجمال‬ ‫الوردة الذي ِّ‬ ‫تعبر جولييت هنا عما‬ ‫نفسها»‪.‬‬ ‫الوردة‬ ‫والعطر في‬ ‫ّ‬ ‫نسميه بنظرية التقليد التي تقول إن االسم الذي‬ ‫نعطيه ألي شيء هو ما هو متفق عليه تقليدياً‪.‬‬ ‫والتقليد هو السائد في علم اللسانيات الحديثة‪.‬‬ ‫ولكن هناك وجهة نظر أخرى تعود إلى أكثر من‬ ‫‪ 2500‬سنة إلى الوراء‪ ،‬تُسمى بالمذهب الطبيعي‪،‬‬ ‫الذي يقول إن االسم يجب أن يالئم الشيء الذي‬ ‫يُطلق عليه بطريقة طبيعية‪ ،‬وإن هناك أسماء‬ ‫تبدو‪ ،‬طبيعياً‪ ،‬أكثر حالوة من غيرها‪.‬‬

‫ّ‬ ‫«إن االسم ليس َّإل‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫تماما‬ ‫رفيا‪،‬‬ ‫اصطالحا ُع‬ ‫كما اسم الوردة الذي‬

‫ِّ‬ ‫يعبر عن شيء‪ .‬فالتعبير‬

‫كله والجمال والعطر في‬

‫الوردة نفسها»‪..‬‬


‫لقد وجد أن االعتقاد‬ ‫السائد لدى معظم الذين‬ ‫شملهم البحث هو أن‬ ‫أسماء المنتجات الغذائية‬ ‫التي كانت تحتوي على أحرف‬ ‫خلفية أكثر هي األكثر دسامة‬ ‫وحالوة وتحتوي على كمية‬ ‫أكبر من السعرات الحرارية‬

‫وكان أفالطون هو الذي أشار إلى أن ألفاظ أ‬ ‫السماء‬ ‫نفسها هي التي تحمل معها معانيها‪ .‬ففي مختلف‬ ‫اللغات تدل أ‬ ‫الحرف التي تُلفظ واللسان مرتفع نحو‬ ‫الحرف أ‬ ‫المامية للفم أو أ‬ ‫الجهة أ‬ ‫المامية‪ ،‬على ما‬ ‫أ‬ ‫هو صغير ونحيف رقيق‪ ،‬وتدل الحرف التي تُلفظ‬ ‫واللسان منخفض باتجاه الحلق أو أ‬ ‫الحرف الخلفية‪،‬‬ ‫على ما هو ثقيل وكبير وكثيف‪.‬‬ ‫وفي دراسة في مجال التسويق أجراها أ‬ ‫الستاذ‬ ‫ريتشارد كلينك في جامعة ميريالند في الواليات‬ ‫المتحدة أ‬ ‫المريكية‪ ،‬قام خاللها بتأليف أسماء مختلفة‬ ‫لمنتجات عديدة‪ ،‬وعرضها على عينات مختلفة من‬ ‫الناس‪ .‬وقد وجد أن االعتقاد السائد لدى معظم‬ ‫الذين شملهم البحث هو أن أسماء المنتجات‬ ‫الغذائية التي كانت تحتوي على أحرف خلفية أكثر‬ ‫هي أ‬ ‫الكثر دسامة وحالوة وتحتوي على كمية أكبر‬ ‫من السعرات الحرارية‪ .‬والالفت في هذا الموضوع‬ ‫أن الشركات بدأت تتنبه لهذه النقطة وأخذت تسعى‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫الستخدامها لهداف تسويقية‪.‬‬

‫الطعام له دور في تمييز هذه الطبقات عن غيرها‬ ‫أ‬ ‫تميز أكياس البطاطا نفسها‬ ‫الدنى منها‪،‬‬ ‫تماماً مثلما ِّ‬ ‫أ‬ ‫عن غيرها من الصناف‪ .‬فهذه الطبقات تحرص‬ ‫على تناول أ‬ ‫الطعمة النادرة وباهظة الثمن التي تجد‬ ‫الطبقات أ‬ ‫الدنى صعوبة في الوصول إليها‪.‬‬ ‫ومما ال شك فيه أننا محاطون بلغة الطعام‪ ،‬وفي كل‬ ‫مرة نختار فيها الوجبات من أي الئحة طعام أو نفتح‬ ‫هذا الكيس من البطاطا‪ ،‬علينا التدقيق جيداً‪ ..‬ربما‬ ‫استطعنا فك شيفرة لغة الطعام‪ ،‬هذه اللغة المثقلة‬ ‫بالخلفيات الثقافية واللغوية والتسويقية والنفسية‬ ‫العميقة‪.‬‬

‫كما أن هناك عالقة بين لغة الطعام وعلم النفس‪.‬‬ ‫ففي بعض أ‬ ‫الوقات‪ ،‬نصف الطعام بطريقة‬ ‫تعكس كثيراً من مشاعرنا النفسية‪ .‬عندما يتناول‬ ‫الشخاص أ‬ ‫بعض أ‬ ‫الطعمة والحلويات الدسمة‪،‬‬ ‫يشعرون بالذنب ويميلون إلى التحدث عن هذه‬ ‫أ‬ ‫الدمان‪ ،‬ويلقون باللوم‬ ‫الطعمة على أنها تسبب إ‬ ‫الدمان‪ ،‬أوعندما‬ ‫عليها لكونها لذيذة إلى درجة إ‬ ‫إن‪« :‬قطعة الحلوى هذه هي التي‬ ‫يقولون ّ‬ ‫أغرتني» وكأنهم ينأون بأنفسهم عن «الذنب»‬ ‫الذي اقترفوه‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬تميل النساء أكثر من‬ ‫غيرهن إلى استخدام هذه االستعارات‬ ‫الغريبة‪ ،‬ألنهن يشعرن بالضغوطات‬ ‫التباع أ‬ ‫النظمة الغذائية قليلة الوحدات‬ ‫الحرارية‪.‬‬ ‫وفيما يتعلَّق بالجانب النفسي أيضاً‪،‬‬ ‫وجدت دراسة أجريت في الواليات المتحدة‬ ‫أ‬ ‫المريكية على أكياس البطاطا (تشيبس)‬ ‫أ‬ ‫في المتاجر‪ ،‬أنه كلما كانت الكياس أغلى‬ ‫ثمناً‪ ،‬كانت اللغة المستخدمة على أغلفتها‬ ‫أكثر براعة و«زخرفة»‪ .‬تستخدم أنواع‬ ‫«التشيبس» أ‬ ‫الغلى ثمناً أسلوب النفي‬ ‫أكثر من غيرها مثل «لم يتم قليها»‪،‬‬ ‫ملونات»‪ ،‬كما أنها تستخدم‬ ‫«دون ّ‬ ‫أسلوب المقارنة أكثر من غيرها‪،‬‬ ‫أيضاً‪ ،‬مثل «أقل دسماً» أو‬ ‫أ‬ ‫الطالق» أو «ليس‬ ‫«الفضل على إ‬ ‫تميز‬ ‫مثل أي نوع آخر»‪ .‬واستخدام هذه اللغة التي ِّ‬ ‫الشيء عن غيره تدعم نظرية عا ِلم االجتماع الفرنسي‬ ‫بيير بورديو التي تقول إن مذاق الطبقات العليا في‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪51 | 50‬‬

‫حياتنا اليوم‬

‫ينهي معظم األشخاص تعليمهم‬ ‫األساسي في أوائل العشرينيات من‬ ‫عمرهم‪ ،‬ويتوقعون أن يعتمدوا على‬ ‫تحصيلهم العلمي هذا في عملهم‬ ‫المستقبلي طيلة فترة حياتهم‪ .‬ولكن‬ ‫أجهزة الكمبيوتر والروبوتات الحديثة‬ ‫بدأت تأخذ مكان عديد من الوظائف‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫كبيرا من األشخاص دون أي‬ ‫عددا‬ ‫لتترك‬ ‫مدخول وخارج سوق العمل‪ .‬فما هو مآل‬ ‫ً‬ ‫مستقبال؟‪.‬‬ ‫هذا المسار‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫َّ‬

‫صدر تقرير مؤخراً في بريطانيا‬ ‫التطور في علم‬ ‫إن‬ ‫يقول ّ‬ ‫ّ‬ ‫الحوسبة والروبوتات قد يلغي‬ ‫ما يعادل ثلث الوظائف في‬ ‫العشرين سنة المقبلة‪ ،‬أي إن‬ ‫هناك حوالي ‪ 10‬ماليين وظيفة‬ ‫سيتم استبدالها بالنظم آ‬ ‫اللية المتطورة‪ .‬وقد بدأت‬ ‫هذه التأثيرات بالفعل‪ ،‬إذ أشار التقرير نفسه إلى إنّه‬ ‫القيمين على‬ ‫في لندن وحدها خسر أكثر من ‪ %65‬من ِّ‬ ‫بالضافة إلى نصف‬ ‫المكتبات وظائفهم منذ ‪2001‬م‪ ،‬إ‬ ‫وظائف السكرتارية‪ .‬وهذه مسألة في غاية أ‬ ‫الهمية‪،‬‬ ‫إذ ستتجاوز تداعياتها الجانب االقتصادي ليكون لها‬ ‫تأثيرات اجتماعية وسياسية في غاية السلبية‪.‬‬

‫أسرع من الطالب‪..‬؟‬

‫‪Corbis‬‬

‫مما ال شك فيه أن أجهزة الكمبيوتر والروبوتات‬ ‫تطورت إلى درجة كبيرة‪ ،‬بحيث أصبحت قادرة على‬ ‫ثوان معظم الحقائق والمعلومات‬ ‫أن تتعلم في ٍ‬ ‫التي يكتسبها الطالب في الجامعات والمدارس طيلة‬ ‫فترات دراستهم‪ .‬ومما ال شك فيه أيضاً‪ ،‬أن التطور‬ ‫التكنولوجي يسير على طريق ابتكار أجهزة تكنولوجية‬ ‫معدل الحياة‬ ‫ذكية بسرعة كبيرة قبل أن ينتهي ّ‬ ‫البشرية الواحدة‪ .‬فقد ازدادت القدرة على تخزين‬ ‫المعلومات في أجهزة الكمبيوتر بين عامي ‪1960‬‬ ‫بمعدل ‪ %60‬سنوياً‪ .‬وفي الوقت نفسه‪،‬‬ ‫و‪2003‬م ّ‬


‫بمعدل ‪ %40‬في‬ ‫تطورت تكنولوجيا أشباه الموصالت ّ‬ ‫المعدالت هي في صلب‬ ‫فترة خمسين سنة ‪ .‬وهذه‬ ‫ّ‬ ‫تطور آ‬ ‫الالت الذكية من الروبوتات إلى السيارات إلى‬ ‫الطائرات دون طيار‪ ،‬التي ستسيطر على االقتصاد‬ ‫النساني‬ ‫العالمي وتؤدي إلى خفض قيمة العمل إ‬ ‫بسرعة فائقة‪.‬‬

‫تقسيم عمل جديد؟‬

‫والسؤال الذي يطرح نفسه هنا‪ ،‬ما هو نوع التعليم‬ ‫القادر على تحدي النظم آ‬ ‫اللية الذكية ويكون غير‬ ‫ِّ‬ ‫قابل لالستبدال بأي جهاز متطور ويضمن للمتخرجين‬ ‫فرص العمل الجيدة في السنوات العشرين أو‬ ‫الثالثين أو الخمسين الالحقة؟ هناك نقاشات عميقة‬ ‫بدأت تظهر في عدد من الجامعات المهمة للإجابة‬ ‫عن هذا السؤال‪.‬‬

‫يحاول بعض أ‬ ‫الكاديميين استكشاف أنواع‬ ‫تحدت االستبدال من قبل التطور‬ ‫التخصصات التي َّ‬ ‫التكنولوجي أكثر من غيرها‪ .‬فقد قام ريتشارد د‪.‬‬ ‫موراين وفرانك ليفي مؤلِّفا كتاب «التقسيم الجديد‬ ‫للعمل» بدراسة المهن التي انتشرت خالل ثورة‬ ‫المعلومات في الماضي القريب‪ ،‬وحيث أسهمت‬ ‫آ‬ ‫الالت الذكية في تعزيز وظائف أخرى مثل مدير‬ ‫الخدمات في وكالة بيع السيارات والمستشار‬ ‫بالضافة إلى الوظائف التي بقيت‬ ‫المالي وغيرها‪ ،‬إ‬ ‫آمنة رغم التغيير كالوظائف التي تتطلب المهارات‬ ‫الشخصية كتلك التي في القطاع الصحي‪ ،‬وتلك‬ ‫البداعية والعلوم والخبرات‬ ‫التي تتطلب القدرات إ‬ ‫الهندسية ومقارنتها بالوظائف التي تراجعت مثل‬ ‫الدارية والمكتبية ووظائف قطاع الخدمات‬ ‫الوظائف إ‬ ‫والنتاج‪ .‬وقد وجد الباحثان موراين‬ ‫والبيع والنقل إ‬ ‫وليفي عوامل مشتركة بين الوظائف الناجحة لكونها‬ ‫تتطلب مهارات تواصل مركبة وخبرات متخصصة‬ ‫معينة‬ ‫شاملة وعميقة في الوقت نفسه‪ ،‬ومعالجة َّ‬ ‫للمعلومات‪.‬‬

‫أ‬ ‫أن على الجسم التعليمي‬ ‫تؤكد وجهة النظر الولى ّ‬ ‫يقدم رؤية‬ ‫توفير نوع من التعليم العام والمرن ِّ‬ ‫إنسانية شاملة عل أمل أال يكون قابال ً لالستبدال من‬ ‫قبل أجهزة الكمبيوتر‪ .‬أما وجهة النظر أ‬ ‫الخرى فتقول‬ ‫موجهاً أكثر‬ ‫إن التعليم الجامعي يجب أن يكون ّ‬ ‫نحو سوق العمل من خالل ربطه باستمرار بالعالم‬ ‫الحقيقي الواقعي‪ ،‬بحيث يمكّن الطالب من اكتساب‬ ‫الشارة‬ ‫والبداع‪ .‬وتجدر إ‬ ‫المهارات الكافية في الريادة إ‬ ‫هنا إلى أن وجهتي النظر هاتين ليستا بالضرورة في‬ ‫تضارب ما بينهما‪.‬‬ ‫وقد حصل إجماع على أن من أهم المعوقات أمام‬ ‫تحقيق هذه أ‬ ‫الهداف‪ ،‬ارتكاز التعليم الجامعي على‬ ‫بنية تقليدية من الكليات المنفصلة التي يشغلها‬ ‫الولى‪ ،‬أن يكونوا أ‬ ‫أساتذة مهتمون بالدرجة أ‬ ‫الوائل‬ ‫الضيقة المحددة فحسب‪ .‬وال‬ ‫في اختصاصاتهم ِّ‬ ‫شك في أن هذه البنية المعتمدة على الكليات‬ ‫المنفصلة هي أ‬ ‫الساس في الجامعات حول العالم‬ ‫ومن الصعب جداً تغييرها‪ .‬إال أن الوضع لم يكن‬ ‫دائماً كذلك‪ ،‬حيث إن برامج التعليم العام في عديد‬ ‫من الجامعات المهمة وضعت في أ‬ ‫الساس لتزويد‬ ‫ُ‬ ‫الطالب بمعرفة واسعة شاملة تؤهلهم للتعامل مع‬ ‫مختلف القضايا والمسائل الحياتية‪ .‬ففي جامعة‬ ‫هارفرد أ‬ ‫المريكية‪ ،‬مثالً‪ ،‬دار جدل مؤخراً حول ما إذا‬ ‫كان برنامج التعليم العام في الجامعة‪ ،‬الذي وضع‬ ‫في ‪1946‬م ال يزال ناجعاً‪ ،‬ألن عديداً من أ‬ ‫الساتذة‬ ‫الضيقة دون‬ ‫أخذوا يركِّزون أ على المواد العلميةأ ِّ‬ ‫الوسع‪.‬‬ ‫االنتباه إلى الهداف التعليمية‬

‫«مهارة عيش الحياة»‬

‫وفي تصريح حديث أعطاه البروفيسور شين د‪.‬‬

‫كيللي‪ ،‬رئيس لجنة مراجعة برامج التعليم العام في‬ ‫أن كل شهادة جامعية من‬ ‫جامعة هارفرد‪ ،‬أشار إلى ّ‬ ‫تزود الطالب بما سماه بـ «مهارة‬ ‫هارفرد يجب أن ِّ‬ ‫عيش الحياة»‪ .‬ولكن كيف السبيل إلى ذلك؟ من‬ ‫المهم تحضير الطالب للفرص الريادية في مجاالت‬ ‫العمل التي يمكن اقتراحها من خالل االختصاصات‬ ‫الجامعية نفسها‪ .‬حتى إن الكليات البعيدة تماماً عن‬ ‫عالم أ‬ ‫العمال يمكنها أن تقوم بذلك باقتراح مشاريع‬ ‫ونشاطات يمكن أن يشارك بها الطالب‪ ،‬ويستخدموا‬ ‫المهارات المكتسبة منها الحقاً في أي وظيفة أو مهنة‬ ‫الشارة هنا إلى كتاب بعنوان‬ ‫يختارونها‪ .‬وتجدر إ‬ ‫«تحديد الطار أ‬ ‫الكاديمي» يقترح فيه مؤلفه جون‬ ‫إ‬ ‫بيري ميل‪ ،‬استراتيجيات عديدة لربط التخصصات‬ ‫الجامعية المختلفة في عالم أ‬ ‫العمال‪ .‬والفكرة‬ ‫أ‬ ‫الساسية هنا هي أن تصبح المقررات أكثر دينامية‬ ‫وواقعية مثل ربط النظريات الحسابية في علم‬ ‫الرياضيات بتطبيقات عملية في عالم المال‪ ،‬وإيجاد‬ ‫الحس لدى الطالب في تخصصات إدارة أ‬ ‫العمال‬ ‫والتمويل بأن التمويل‪ ،‬مثالً‪ ،‬يجب أن يكون مرتبطاً‬ ‫بفن تمويل النشاطات النسانية‪ ،‬وجعل أ‬ ‫الشخاص‬ ‫إ‬ ‫(والروبوتات يوماً من أ‬ ‫ً‬ ‫اليام) يعملون معا إلنجاز ما‬ ‫يجب إنجازه‪.‬‬ ‫وإلى جانب تحسين وتطوير المقررات لتالئم العالم‬ ‫الرقمي الذي نعيش فيه‪ ،‬يجب القيام بعملية إعادة‬ ‫تقييم مستمرة لتحديد االختالف بين التعليم البشري‬ ‫وقدرات تعلم أ‬ ‫الجهزة الذكية‪ ،‬لعلنا نستطيع أن‬ ‫نحافظ على «مهارة العيش في هذا العالم»‪ ،‬مهارة‬ ‫تمكننا دوماً من التأقلم مع التطورات التكنولوجية‬ ‫آ‬ ‫يتقدم بسرعة فائقة‬ ‫التي تبدو‪ ،‬حتى الن‪ ،‬كقطار َّ‬ ‫دون التوقف أو االلتفات إلى الوراء‪.‬‬

‫اتجاهان‬

‫من هذا المنطلق ظهرت وجهتا نظر أساسيتان‬ ‫الوساط أ‬ ‫في أ‬ ‫الكاديمية من أجل إحداث التغيير‬ ‫المطلوب في التعليم ليبقى صامداً أمام التغييرات‬ ‫التكنولوجية المتسارعة‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪53 | 52‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫تخصص جديد‬

‫التسويق‬ ‫الرياضي‬

‫لطالما حظيت الرياضة بسوق موازية‬ ‫لها‪ ،‬قامت بسببها وتتفاعل مع تطوراتها‪.‬‬ ‫فيتهافت المشجعون لمشاهدة الفرق‬ ‫الرياضية المختلفة ويشترون التذكارات‬ ‫وقمصان العبيهم المفضلين في محاولة‬ ‫منهم للتواصل معهم ومع بعضهم آ‬ ‫الخر‪ .‬ومع نجاح‬ ‫التكنولوجيا الحديثة في إيجاد طرق جديدة ومثيرة لزيادة‬ ‫الروابط بين المشجعين وكل ما يتعلق باللعبة الرياضية‪،‬‬ ‫ازدادت الحاجة للمتخصصين في مجال التسويق الرياضي‬ ‫العالم الحديثة‪ ،‬ويستطيعون في‬ ‫على دراية واسعة بوسائل إ‬ ‫الوقت نفسه أن يبنوا الجسور بين وسائل التسويق التقليدية‬ ‫والفرص الهائلة المتوافرة حالياً‪.‬‬ ‫هناك تخصص جديد يمنح شهادة البكالوريوس في التسويق‬ ‫درس العالقة بين مبادىء التسويق وصناعة‬ ‫الرياضي‪ ،‬يُ ِّ‬

‫الرياضة‪ ،‬بما فيها مقررات في استراتيجيات التسويق الرياضي‬ ‫العالمية والمبيعات والجهات الراعية أ‬ ‫للحداث الرياضية‬ ‫درس مبادئ تطوير النوادي‬ ‫والقوانين والعقود الرياضية‪ .‬كما يُ ِّ‬ ‫الرياضية‪ ،‬وربط حاجات الهيئات الرياضية مع تطلعات‬ ‫الالعبين والمدربين‪ .‬وفي المرحلة أ‬ ‫الخيرة من التخصص‬ ‫يطورون خطة‬ ‫يطلب إلى الطالب تقديم مشروع نهائي حيث ّ‬ ‫تسويقية رياضية شاملة‪.‬‬ ‫لمزيد من المعلومات عن هذا التخصص يمكن االطالع على‬ ‫الرابط التالي‪:‬‬ ‫‪http://www.fullsail.edu/degrees/campus/sports‬‬‫‪marketing-media-bachelors‬‬


‫مشروع‬ ‫جزيرة جربة‬ ‫التونسية‬

‫‪ 100‬فنان ِّ‬ ‫يحولون‬ ‫القرية إلى متحف‬ ‫عمالق‬

‫فريق القافلة‬

‫عين وعدسة‬

‫بعدما لعب الفنان مهدي بن شيخ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مهما في االرتقاء بفن الشوارع في‬ ‫دورا‬ ‫باريس وتحويله إلى فن يحظى بالتقدير‬ ‫واالحترام‪ ،‬قرر أن ينقل تجربته إلى‬ ‫موطنه األصلي‪ ،‬تونس‪ .‬حيث اختار قرية‬ ‫صغيرة ُتدعى الرياض في جزيرة جربة‪.‬‬ ‫وكانت النتيجة مدهشة‪.‬‬


‫‪55 | 54‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫تحول فن‬ ‫خالل السنوات الماضية‪ّ ،‬‬ ‫الغرافيتي‪ ،‬أو فن الشوارع‪ ،‬من ممارسة منفرة‬ ‫غالباً ما تكون خارجة عن القانون‪ ،‬مرتبطة‬ ‫بانحطاط بعض المناطق الحضرية‪ ،‬إلى فن‬ ‫البداع والحيوية المدنية‪ .‬ومن‬ ‫رائج يعكس إ‬ ‫أبرز أ‬ ‫الشخاص المسؤولين عن هذا التغيير مهدي بن شيخ‪،‬‬ ‫أ‬ ‫الفنان الفرنسي الجنسية ذي الصل التونسي‪ ،‬الذي سعى‬ ‫إلى إيصال فن الشوارع إلى الجميع‪ .‬وبالفعل‪ ،‬نجح في ذلك‬ ‫خاصة بعدما أسس في عام ‪2004‬م معرض «إيتينرانس» في‬ ‫حول مع مائة فنان‬ ‫باريس المخصص لفن الغرافيتي‪ ،‬وبعدما َّ‬ ‫من العالم‪ ،‬أحد المباني الباريسية المهجورة المؤلفة من تسعة‬ ‫طوابق و‪ 36‬شقة إلى صرح عالمي يحوي معرضاً رائعاً لفن‬ ‫الشوارع لم يسبق له مثيل في العالم‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬بقي حلم‬ ‫بن شيخ القيام بمشروع مميز لبلده أ‬ ‫الم تونس‪ .‬وقد أراد بذلك‬ ‫أن يوجد متحفاً متحركاً ومفتوحاً ومجانياً للجميع له نفس مزايا‬ ‫المتحف العادي لكنه في الهواء الطلق غير محصور في مكان‬ ‫َ‬ ‫يتحول إلى جسر ثقافي يربط الغرب بالعالم‬ ‫ضيق‪ ،‬على أن َّ‬ ‫العربي‪.‬‬

‫اختيار المكان‬

‫وبعد البحث عن المكان أ‬ ‫النسب إلقامة مشروعه وجد ضالته‬ ‫في قرية الرياض على جزيرة جربة التونسية‪ ،‬المعروفة بجزيرة‬ ‫الحالم الواقعة في البحر أ‬ ‫أ‬ ‫البيض المتوسط التي تتمتع بطبيعة‬ ‫ساحرة‪ ،‬تتناثر فيها أشجار النخيل والزيتون‪ ،‬كما تتميز بطقس‬

‫بعد البحث عن المكان األنسب‬ ‫وجد مهدي بن شيخ ضالته في‬ ‫قرية الرياض على جزيرة جربة‬ ‫التونسية‪ ،‬المعروفة بجزيرة‬ ‫األحالم‪ ،‬الواقعة في البحر األبيض‬ ‫المتوسط التي تتمتع بطبيعة‬ ‫ساحرة‬ ‫متوسطي وهندسة معمارية أندلسية رائعة‪ .‬واستقطب بن شيخ‬ ‫إلى تلك الجزيرة حوالي مائة فنان من أكثر من ‪ 30‬بلداً في‬ ‫العالم بمن فيهم ‪ 12‬من تونس نفسها‪ .‬وانكب هؤالء الفنانون‬ ‫يرسمون على جدران القرية وأنتجوا أكثر من ‪ 200‬عمل فني‪،‬‬ ‫دون تقاضي أي أجر مادي‪ ،‬تماشياً مع المبادئ أ‬ ‫الساسية لفن‬ ‫الشوارع‪ .‬إال أن بعض الشركات رعت هذا المشروع‪ ،‬ووفرت‬ ‫والقامة على جزيرة جربة‬ ‫لهؤالء الفنانين كل مستلزمات السفر إ‬ ‫الرائعة‪.‬‬ ‫إلى جانب طبيعتها الجميلة‪ ،‬كان من بين العوامل التي جذبت‬ ‫مهدي بن شيخ الختياره هذه الجزيرة‪ ،‬كونها إحدى الوجهات‬


‫السياحية المفضلة آلالف السياح العرب أ‬ ‫والوروبيين‪ ،‬إضافة‬ ‫إلى حفاظها على التقاليد والعراقة‪ ،‬ال سيما التسامح بين سكانها‬ ‫الذين ينتمون إلى ديانات مختلفة‪ .‬كما أن معظم جدرانها‬ ‫مدهونة بطالء أبيض أو أصفر فاتح مما يمكِّن من الرسم عليها‬ ‫بسهولة‪.‬‬ ‫بعد حصول مهدي على رخصة من وزارة السياحة ومحافظ‬ ‫جربة بدأت مفاوضاته مع أ‬ ‫الهالي‪ .‬في البداية اصطدم مشروع‬ ‫مهدي وفريقه الطموح بتعنت بعض أهالي القرية الذين لم‬ ‫يفهموا المغزى الحقيقي لهذه الرسومات الغريبة عن ثقافتهم‪.‬‬ ‫أما أ‬ ‫العداد القليلة التي وافقت على الرسم على جدران منازلها‬ ‫وقّعت على وثائق تشترط استخدام جدرانها لسنة واحدة فقط‬ ‫ومن بعدها يمكن تغطيتها من جديد‪ .‬ولكن بعدما شاهد بقية‬ ‫السكان الرسومات على الجدران أ‬ ‫الخرى اشتد حماسهم‪ ،‬وطالبوا‬ ‫بمثلها على منازلهم وانطلق المشروع بقوة‪.‬‬ ‫كان مبنى فندق «دار الضيافة» من أول المباني التي احتضنت‬ ‫فضم جداريتين اثنتين‪ ،‬واحدة بريشة الفنان‬ ‫الرسومات الفنية‪َّ ،‬‬ ‫الفرنسي زيفا‪ ،‬وهي من رسوماته لفن الخط المنتشر في مختلف‬ ‫عبر أحد المسنين في القرية عن سروره‬ ‫أرجاء القرية‪ .‬وبالمناسبة ّ‬ ‫أ‬ ‫النتشار فن الخط هذا في البلدة‪ ،‬لنه يعيد إحياء هذا الفن‬ ‫الذي كان من الفنون العربية القديمة الرائجة‪ ،‬وشبه أ‬ ‫المر بأشجار‬ ‫َّ‬ ‫الزيتون التونسية القديمة التي عادت إلى الحياة واالخضرار من‬ ‫جديد‪.‬‬ ‫أما الجدارية الثانية فهي مزيج من فن الخط وفن الرسم‪،‬‬ ‫العمال الفنية أ‬ ‫ومثلها مثل أ‬ ‫الخرى فقد استخدمت الهندسة‬ ‫المعمارية المحلية كجزء من طابعها الفني‪ .‬فقد رسم الفنان‬ ‫اللبناني يزن حلواني ضمن إطار أحد أ‬ ‫البواب الخارجية للفندق‬ ‫فتاة صغيرة وهي تنفخ على زهرة الهندباء لتتطاير في الهواء‬ ‫وتتحول بذورها إلى أمنيات للسالم واالزدهار كتبت باللغة‬ ‫العربية وامتدت على الجدار المجاور‪ ،‬إضافة إلى أعمال فن‬ ‫الخط العديدة التي رسمها حلواني لتزيين أحد الشوارع الهادئة‬ ‫أ‬ ‫الخرى‪ ،‬إلى جانب رسم مبدع لوجه الشاعر الفلسطيني الراحل‬ ‫محمود درويش‪.‬‬ ‫العمال أ‬ ‫وهناك أيضاً بعض أ‬ ‫الخرى التي تميزت بالدرامية والتي‬ ‫امتدت على عدة أمتار على طول واجهات أ‬ ‫البنية‪ .‬من أبرزها‬ ‫تلك التي رسمها الفنانون التونسيون‪ ،‬ومنها الوردة الزرقاء التي‬ ‫رسمها الفنان إينكمان باللون أ‬ ‫الزرق الفاتح والداكن‪ ،‬ورائعة‬

‫ومن أول المباني التي احتضنت‬ ‫الرسومات الفنية مبنى فندق «دار‬ ‫الضيافة» الذي ضم جداريتين‬ ‫اثنتين‪ ،‬واحدة بريشة الفنان‬ ‫الفرنسي زيفا‬

‫البيض أ‬ ‫الفنان شوف لفن الخط باللونين أ‬ ‫والسود‪ ،‬ورسومات‬ ‫الفنان الفرنسي‪-‬التونسي السيد التي امتدت من مبنى إلى آخر‬ ‫العمال أ‬ ‫والتي أطلق عليها اسم «الكليغرافيتي»‪ .‬ومن بين أ‬ ‫الخرى‬ ‫بالضافة إلى مساهمة لعمل‬ ‫رسومات لفنانين من فلسطين وليبيا إ‬ ‫أ‬ ‫ّأخاذ من الخط للفنان السعودي ضياء صاحب العمال العديدة‬ ‫المعروضة في بالده‪ ،‬وعمل الفت للفنان العراقي‪-‬البريطاني‬ ‫بالشارة‬ ‫المعروف بـ «ماين أنديورز» لسيدة تحمل زهرة اللوتس إ‬ ‫إلى «جزيرة آكلي اللوتس» أو جزيرة جربة المذكورة بملحمة‬ ‫هوميروس الشعرية أ‬ ‫«الوديسة»‪ .‬حيث إن هناك واقعة في‬ ‫أ‬ ‫السطورة تروي كيف أنه عندما رسا أوليس‪ ،‬بطل الملحمة‪ ،‬في‬ ‫قدم‬ ‫جزيرة جربة وبعث ببعض رجاله الستكشاف معالمها‪ّ ،‬‬ ‫إليهم سكان جربة ثمرة اللوتس وهي ثمار‪ ،‬حسب أ‬ ‫السطورة‪،‬‬ ‫تنسي آكلها وطنه وتجعله يرغب في البقاء على الجزيرة‪.‬‬

‫من مميزات المشروع‬ ‫التنوع والتهذيب أ‬ ‫والناقة‬ ‫أ‬

‫ما يميز مشروع جربة‪ ،‬هو السلوب المتبع في معظم‬ ‫الرسومات حيث يتجلَّى التهذيب أ‬ ‫والناقة خالفاً لكثير من‬ ‫العمال الغرافيتية في المدن أ‬ ‫أ‬ ‫الوروبية وغيرها‪ .‬كما أنه ذو‬ ‫تنوع فريد يهدف إلى تلبية مختلف أ‬ ‫الذواق‪ .‬فهناك رسومات‬ ‫تصور شخصيات‬ ‫مستوحاة من تقاليد الجزيرة مثل تلك التي ِّ‬ ‫مسن وراعي أغنام‬ ‫تقليدية من الرجال والنساء‪ ،‬كرسم لموسيقي ّ‬ ‫وهما يواجهان هبوب الرياح‪ .‬وهنالك أيضاً رسومات لفرسان‬ ‫تذكِّر بفتح شمالي إفريقيا من قبل الرومان ومن ثم بني هالل‬ ‫وقبائل عربية أخرى‪ .‬كما ال تخلو بعض أ‬ ‫العمال من المشاهد‬ ‫بالضافة إلى مخلوقات خيالية‬ ‫الكوميدية والساخرة أحياناً إ‬ ‫مثل رسمة وحيد القرن الهائل الذي يبدو وكأنه يحرس المبنى‬ ‫المهجور الذي رسم عليه‪ .‬وال يمكن إغفال الرسومات الصغيرة‬


‫‪57 | 56‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫بتفاصيلها الدقيقة الرائعة التي انتشرت في مختلف أنحاء البلدة‬ ‫ال سيما على علب البريد التقليدية باللون أ‬ ‫الصفر‪ .‬وهناك أعمال‬ ‫تشير إلى الحياة على الجزيرة‪ .‬منها على سبيل المثال‪ ،‬رسم‬ ‫لدراجة نارية متدلية بين شجرتي صبار إلى جانب محل لتصليح‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الدراجات النارية بشكل يظهر تناقضا غريبا بين الواقع والفن‬ ‫َّ‬ ‫الدراجات العادية‪،‬‬ ‫الدراجات النارية‪ ،‬إلى جانب َّ‬ ‫في بلدة تُعد َّ‬ ‫أهم وسائل النقل فيها‪.‬‬ ‫وارتبطت كل هذه الرسومات بالهندسة المعمارية بالجزيرة‪،‬‬ ‫الزرق أ‬ ‫اللوان‪ ،‬خاصة أ‬ ‫وتفاعلت معها‪ .‬فتحولت أ‬ ‫والبيض‪ ،‬التي‬ ‫َّ‬ ‫تميز تونس عموماً وجزيرة جربة بشكل خاص‪ ،‬إلى عنصر يربط‬ ‫ِّ‬ ‫الفن بمحيطه‪ .‬وعند اختيار الفنانين استخدام هذه أ‬ ‫اللوان‪،‬‬ ‫كانوا وكأنهم يلقون التحية على سكان القرية المحليين‪ ،‬حيث‬ ‫اللوان كمكمل لطالء أ‬ ‫كانت هذه أ‬ ‫البواب وإطارات النوافذ‬ ‫أ‬ ‫الموجودة على الجزيرة‪ .‬وقد استخدم العديد منها هذه اللوان‬ ‫مثل عمل ضخم من توقيع الفنان زيفا وهو مزيج من أ‬ ‫الحرف‬ ‫الزرق أ‬ ‫العربية والالتينية باللونين أ‬ ‫والسود‪ .‬وهنالك في مقابل‬ ‫هذا العمل رسم بأسلوب فريد لزرافة تعلوها فراشة زرقاء من‬

‫توقيع الفنان موسكو الفرنسي‪ .‬كما أخذ الفنان المكسيكي كوريو‬ ‫رسومات فنية نابعة من الثقافة المكسيكية المحلية مثل أ‬ ‫الزهار‬ ‫المنمقة والمخلوقات التي تشبه الحرباء وترجمها إلى لغة‬ ‫أ‬ ‫اللوان المحلية‪.‬‬ ‫وفي أطراف البلدة النائية المهجورة بمعظمها‪ ،‬ساهمت تلك‬ ‫الرسومات في إعادة نبض الحياة إليها‪ .‬فهناك حيث يقع سجن‬ ‫ومسلخ مهجور ومنازل مهدمة وبقايا قصر قديم‪ ،‬تخلت تلك‬ ‫المنطقة عن سكونها‪ .‬إذ دبّت فيها الحياة من جديد عندما راح‬ ‫السياح يأتون إليها لمشاهدة أعمال رائعة مثل رسم لثالثة‬ ‫َّ‬ ‫وجوه بتعابير فريدة للفنان التونسي وسام العبد‪ ،‬كان قد‬ ‫رسمها على حائط يقع بين أرض خراب ومبنى قديم‪ .‬إضافة‬ ‫إلى أعمال ال تخلو من السوريالية ال سيما رسومات الفنان‬ ‫بالبيض أ‬ ‫اللماني دوم أ‬ ‫أ‬ ‫والسود التي تتميز بعناصر الميثولوجيا‬ ‫والخرافة‪ .‬وعلى جدران منازل مهجورة رسم الفنان البلجيكي‬ ‫الشهير روا‪ ،‬لوحات لوحوش عمالقة وجماجم بشرية أضفت‬ ‫على المكان مسحة أسطورية ال تخلو من الجمالية‪ .‬إلى جانب‬ ‫رسومات لعقرب ضخم يزحف على الحائط في مقابل حرباء‬


‫بقرب خابيتين من الزيت تذكِّر بصناعة الزيت التقليدية على‬ ‫جزيرة جربة‪.‬‬

‫مساهمات المشروع‬

‫من أهم مساهمات هذا المشروع أنه ساعد على مزيد من‬ ‫انفتاح سكان هذه الجزيرة‪ ،‬ال سيما أ‬ ‫الطفال منهم‪ ،‬على فنانين‬ ‫وأشخاص مختلفين استطاعوا التفاعل والتواصل معهم بطريقة‬ ‫سهلة‪ .‬فغالباً ما كان أ‬ ‫الطفال يتجمعون حول هؤالء الفنانين‬ ‫يتحدث اللغة‬ ‫أن معظمهم كان ّ‬ ‫لمراقبتهم أثناء عملهم‪ .‬وبما ّ‬ ‫العربية أو الفرنسية‪ ،‬كان بالمكان تبادل أ‬ ‫الحاديث معهم حول‬ ‫إ‬ ‫مواضيع مختلفة‪ .‬ما أثار فضول عديد منهم وساهم في توسيع‬ ‫آفاقهم‪ .‬وقد أبدى عديد منهم اهتماماً بالفن وبالجغرافيا أيضاً‬ ‫لمعرفة أين تقع البيرو أو بورتوريكو‪ ،‬مثالً‪ ،‬أو روسيا أو كينيا أو‬ ‫اليابان ألنهم ربطوا هذه البلدان بفنانين أو صور معينة‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من حرص مشروع جربة على البعد عن أي نوع‬ ‫من التعبير السياسي‪ ،‬فإن مجرد وجود عرض لفن الشوارع في‬ ‫تونس هو موقف سياسي بحد ذاته‪ .‬فإلى وقت قريب كانت‬ ‫عقوبة ممارسة فن الغرافيتي أو الفن العام هنا السجن‪ ،‬ألنه‬ ‫كان يرتبط بالتمرد والتنظيم السياسي‪ .‬وما يمكن قوله إنه بعيداً‬ ‫والشارات المتداخلة في‬ ‫عن السياسة‪ ،‬أسهمت بعض التعابير إ‬ ‫رسومات بعض الفنانين في التعبير عن بعض آ‬ ‫الراء الفكرية أو‬ ‫الفلسفية‪ ،‬مثل مزج الفنان الفرنسي شين هارت للونين أ‬ ‫البيض‬ ‫أ‬ ‫و«عش‬ ‫والزرق الصارخ لكتابة تعابير مثل «بناء التفاؤل» ِ‬

‫ارتبطت هذه الرسومات بالهندسة‬ ‫المعمارية بالجزيرة وتفاعلت‬ ‫فتحولت األلوان خاصة‬ ‫َّ‬ ‫معها‪،‬‬ ‫األزرق واألبيض‪ ،‬إلى عنصر يربط‬ ‫الفن بمحيطه‬ ‫و«الصغاء إلى الهدوء» باللغة الفرنسية‪ ،‬ورسم الفنان‬ ‫اللحظة» إ‬ ‫اليوت توباك من البيرو لكلمات «الحياة مجرد تنهيدة» في تصوير‬ ‫أزرق جميل فوق مدخل باب لمبنى شبه متهالك‪.‬‬ ‫عندما سئل سكان الجزيرة عن رأيهم في هذا المشروع أجاب‬ ‫أحدهم أن معظمهم أبدى قلقاً من اقتحام خصوصيتهم‪ ،‬ومن‬ ‫وجود رسومات بعيدة عن ثقافتهم‪ .‬وإنما ما حصل في الواقع‪،‬‬ ‫أن الفنانين قدموا بمجموعات‪ ،‬ولم يأتوا دفعة واحدة وتصرفوا‬ ‫ّ‬ ‫بشكل جيد جداً‪ .‬وكانت النتيجة أعماال ً فنية رائعة‪ ،‬زيَّنت جدران‬ ‫السياح‬ ‫القرية وزادتها سحراً وجماالً‪ ،‬مما جذب إليها مزيداً من َّ‬ ‫الذين تركوا الشواطئ وجاؤوا ليستمتعوا بتفاصيل الفنون‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪59 | 58‬‬

‫فكرة‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫ِّ‬ ‫المتمدد‬ ‫الحذاء‬ ‫أماكن محددة ومدروسة‪ ،‬واحد من أ‬ ‫المام يمكن‬ ‫يتمدد بالطول‪ .‬وواحد‬ ‫تعديله ليسمح للحذاء أن َّ‬ ‫على ّكل من جانبيه ليسمح للحذاء بالتمدد بالعرض‪.‬‬ ‫يتعدل ليكبر خمسة‬ ‫كما يمكن لهذا الحذاء أن َّ‬ ‫مقاسات فيخدم الطفل من عمر السنتين إلى الست‬ ‫سنوات‪.‬‬

‫بعد شهر من عمله متطوعاً في‬ ‫إحدى دور أ‬ ‫اليتام في نيروبي في‬ ‫كينيا‪ ،‬اكتشف كينتون لي حاجة‬ ‫ماسة لدى أطفال الميتم ألن‬ ‫إن معظمهم كانوا يسيرون‬ ‫تكون لديهم أحذية‪ .‬إذ ّ‬ ‫أ‬ ‫حفاة أ‬ ‫القدام‪ .‬وبينما كان يسير في أحد اليام‪،‬‬ ‫شاهد إحدى الفتيات وقد قطعت الجزء أ‬ ‫المامي‬ ‫من حذائها‪ .‬وعندما سألها عن السبب‪ ،‬أجابته بأنها‬ ‫قامت بذلك لتسمح بمساحة أكبر ألصابع قدميها‬ ‫بعد أن أصبح الحذاء ضيقاً عليها‪ .‬وعندما تحدث‬ ‫إلى مدير الميتم‪ ،‬علم كينتون أن هناك شحنة من‬ ‫أ‬ ‫الحذية كانت قد وصلت إلى الميتم كتبرع قبل سنة‬ ‫ولم يصل غيرها بعد ذلك‪ .‬ومع عدم وجود المال‬ ‫الكافي لشراء أي أحذية جديدة‪ ،‬كان على أ‬ ‫الطفال‬ ‫إما السير حفاة وإما ابتكار الطريقة التي أخبرته عنها تلك الفتاة‪ .‬وعندها‬ ‫خطرت له فكرة بدأت تتكون في ذهنه‪ ،‬ماذا لو كان لهؤالء أ‬ ‫الطفال حذاء‬ ‫يتمدد؟‬ ‫َّ‬

‫وتكمن أهمية هذا الحذاء بأنه يمكن مساعدة‬ ‫أكثر من ‪ 300‬مليون شخص في العالم‪ ،‬وتخفيف‬ ‫الضغوطات على أ‬ ‫الهالي في الدول الفقيرة النامية‪.‬‬ ‫وإنما‪ ،‬في إفريقيا‪ ،‬يمكنه حل مشكلة أكبر ألنه‬ ‫يحمي أ‬ ‫الطفال من أمراض مختلفة قد تصيبهم‬ ‫وهم يمشون حفاة في أر ٍاض مملوءة بالمياه‬ ‫الملوثة‪ .‬فغالباً ما تتشقق أقدام هؤالء أ‬ ‫الطفال‬ ‫وهم يسيرون دون أي شيء يحمي أقدامهم‪ ،‬وبسرعة تنتقل الجراثيم‬ ‫الموجودة في المياه الملوثة من خالل هذه التشققات وتتسبب لهم بمشكالت‬ ‫صحية خطيرة‪.‬‬

‫يتمدد ويتعدل ليصاحب‬ ‫بعد تفكير طويل‪ ،‬خطرت له فكرة اختراع حذاء َّ‬ ‫أ‬ ‫صمم «صندالً» من الجلد‬ ‫هؤالء الطفال كلما كبرت أقدامهم‪ .‬وبالفعل‪َّ ،‬‬ ‫الناعم نعله من المطاط المضغوط‪ ،‬وزوده بثالثة «إبزيمات» موضوعة في‬

‫قد يكون هذا االختراع البسيط أبرز مثال على القدرة على تحويل الدوافع‬ ‫النسانية الصادقة‪ ،‬مع استخدام العقل النير وروح الريادة‪ ،‬إلى خطوات‬ ‫إ‬ ‫فعالة في مساعدة فقراء العالم‪.‬‬ ‫عملية َّ‬


‫الكامل لمحتوى المؤلفات األدبية‪.‬‬

‫رجا الثبيتي‬

‫أدب وفنون‬

‫ما الذي‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫يفعله الكتاب‬ ‫للدفاع عن‬ ‫نتاجهم‬ ‫األدبي؟‬

‫إضافة إلى اإلعالم الهادف إلى ترويج‬ ‫األعمال األدبية وقت ظهورها‪ ،‬الذي تتواله‬ ‫جهات عديدة بأشكال مختلفة‪ ،‬يضطر‬ ‫بعض َّ‬ ‫الكتاب أن يخوضوا بأنفسهم غمار‬ ‫الدفاع عن إنتاجهم‪ ،‬وحتى الترويج له‬ ‫ً‬ ‫مثيرا لالستغراب‪.‬‬ ‫بوسائل قد يكون بعضها‬ ‫حتى إن بعض الجامعات باتت ّ‬ ‫تعلم َّ‬ ‫الكتاب‬ ‫كيفية الدفاع عن مؤلفاتهم‪ ،‬وتحضهم‬ ‫ً‬ ‫بدال من تركها رهينة مشيئة‬ ‫على ذلك‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫النقاد والقرَّ اء الذين يصعب الجزم بفهمهم‬


‫‪61 | 60‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫ال يكتفي الكاتب بنتاجه أ‬ ‫الدبي‪ ،‬بل يضطر في‬ ‫مواقف كثيرة إلى التدخل إما لتوضيح رأيه أو‬ ‫فهم متعلق بأفكاره‪ .‬ال تنتهي‬ ‫لتصحيح سوء ٍ‬ ‫مواقف الك ّتاب في دفاعهم عن نتاجهم عند‬ ‫هذا الحد‪ ،‬فهناك عديد من الك ّتاب يتعاملون‬ ‫مع منتقديهم بطرق أقرب للطرافة‪ .‬من ذلك البيت الشهير للشاعر‬ ‫الدكتور شاكر الخوري‪ ،‬الذي أراد أن يذود عن شعره‪ ،‬ولكن عن‬ ‫طريق مهاجمة المتلقّين‪ .‬حيث قال‪:‬‬ ‫لو كان ِشعري شعيراً الستطيبته الحمير‬ ‫عور‪ ،‬هل للحمير شعور؟‬ ‫لكن ِشعري ُش ٌ‬ ‫لقد صاغ الشاعر نقده الالذع لمتلقّي شعره في بيت واحد لم ُ‬ ‫يخل‬ ‫بيت يدافع‬ ‫من المحسنات البديعية التي اشتهر بها الشعر العربي‪ٌ .‬‬ ‫فيه عن شعره بقدر ما يهاجم غيره‪ .‬ومن ذلك أيضاً ما قامت به‬ ‫هددت‬ ‫الكاتبة كانديس ساميس‪ ،‬كاتبة الروايات الرومانسية‪ ،‬حيث َّ‬ ‫قرائها باالتصال بالمباحث الفيدرالية بعد أن كتب عن إحدى‬ ‫أحد َّ‬ ‫اجعةً‬ ‫وعبرت الكاتبة عن رغبتها في‬ ‫رواياتها مر أظهرت عيوب الرواية‪َّ .‬‬ ‫التقصد والتتبع‪ .‬هذان مثاالن بسيطان‬ ‫التبليغ عن القارئ بتهمة ّ‬ ‫ً‬ ‫على المنطقة الحذرة بين الكاتب والمتلقي‪ ،‬التي دائما ما تكون‬ ‫أرضاً خصبة لكثير من الجدل حول أ‬ ‫الفكار التي يطرحها الكُ َّتاب أو‬ ‫جماليات إبداعهم‪ .‬ويبقى السؤال ملحاً‪ :‬لماذا يضطر الكاتب للدفاع‬ ‫عن نتاجه أ‬ ‫الدبي؟‬ ‫تتعدد طرق الك َّتاب وأسبابهم في الدفاع عن أدبهم‪ ،‬ولكن الشاعر‬ ‫أ‬ ‫يقدم حالة فريدة في هذا الشأن من خالل‬ ‫المريكي والت ويتمان ِّ‬ ‫دفاع استباقي عن أعماله جاء على هيئة الكتابة عنها والترويج‬ ‫لها‪ .‬عرف عن ويتمان إيمانه بإنتاجه أ‬ ‫الدبي‪ ،‬فهو تلميذ الفيلسوف‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫والشاعر أ‬ ‫المريكي رالف والدو إيميرسون‪ ،‬وكان ويتمان متابعاً جيداً‬ ‫لكل ما يطرحه إيميرسون الذي تركزت اهتماماته في تلك الحقبة‬ ‫على أيجاد أدب أمريكي يحيل الطبيعة والحياة أ‬ ‫المريكية إلى‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫أدب َّ‬ ‫النجليزي‪ ،‬الذي كان يُباع‬ ‫خلق‪ ،‬مستقال ً بذاته عن الدب إ‬ ‫أ‬ ‫للمريكيين في القرن التاسع عشر‪ .‬كان ويتمان يعارض االستهالك‬ ‫أ‬ ‫النجليزي‬ ‫النجليزي‪ ،‬ورأى فيه استمراراً لالحتالل إ‬ ‫السلبي للدب إ‬ ‫الدب أ‬ ‫وتعطيال لم َلكَة الفكر‪ .‬فقد كان أ‬ ‫المريكي حتى منتصف القرن‬ ‫ً َ‬ ‫صدى يُ ْر ِج ُع الصوت الذي صدر في إنجلترا‪.‬‬ ‫التاسع عشر وكأنه‬ ‫ً‬ ‫هكذا إذن‪ ،‬أخذ ويتمان على عاتقه هاجس التجديد أ‬ ‫الدبي في‬ ‫عما‬ ‫الشكل والمضمون لكي يؤسس أدباً أمريكياً قائماً بذاته بعيداً ّ‬ ‫وصفه في قصيدته الشهيرة «أغنية نفسي» بتأثير أ‬ ‫الموات‪ ،‬في‬ ‫إشارة إلى الك َّتاب الكالسيكيين من إنجلترا وإلى الحياة الكامنة التي‬ ‫ٍ‬ ‫الدب أ‬ ‫بإمكان أ‬ ‫المريكي أن يبعثها عند متلقيه‪.‬‬

‫ويتمان يكتب عن نفسه‬

‫المريكية‪ ،‬أ‬ ‫بالنسبة لويتمان‪ ،‬كانت الحياة السياسية أ‬ ‫الكثر انفتاحاً‬ ‫من نظيرتها في إنجلترا‪ ،‬مصدراً رئيساً ألدب يناقش قضايا ال‬ ‫النجليزي طرحها‪ .‬ومن هنا كانت الديموقراطية‬ ‫يستطيع الكاتب إ‬ ‫وبالضافة‬ ‫أحد أهم مواضيع مجموعته الشعرية «أوراق العشب»‪ .‬إ‬ ‫إلى تجديده في المواضيع أ‬ ‫الدبية‪ ،‬كان ويتمان مجدداً على مستوى‬ ‫الشكل أ‬ ‫أدبية تحمل أفكاره‬ ‫الدبي‪ ،‬تدفعه حاجته إلى تب ّني‬ ‫أشكال ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫غير المسبوقة‪ .‬اخترع ويتمان السطر الشعري الطويل الذي‪،‬‬ ‫بخالف الشعر المقفى الكالسيكي‪ ،‬يستطيع أن يحمل فكرة كاملة في‬

‫السطر الواحد‪ ،‬ولكن أ‬ ‫الهم أنه يحمل نف َ​َساً شعرياً أكثر حريةً في‬ ‫مضمونه وفي اختالفه عن التقليد الشعري الموزون والمقفى‪.‬‬ ‫كان ويتمان يدرك أهمية عمله بالنسبة للتاريخ أ‬ ‫المريكي وما يمكن‬ ‫أن يحققه لو وصل للمتلقي بالشكل الذي رسمه له‪ .‬كان يخشى‬ ‫من هجوم النقَّاد على عمله‪ ،‬ويخسر بذلك فرصته في تجديد‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫مجد شخصي له‪.‬‬ ‫الدب المريكي‪ ،‬إضافة إلى إخفاقه في تحقيق ٍ‬ ‫لهذا السبب‪ ،‬قام والت ويتمان بنشر مراجعة أدبية لكتابه «أوراق‬ ‫العشب« عام ‪1855‬م بعنوان «والت ويتمان وقصائده» تحت‬ ‫اسم مجهول‪ .‬بدأ المراجعة بقوله «لقد حصلت أمريكا على شاعرها‬ ‫جديد يختلف عن‬ ‫شاعر‬ ‫أخيراً»‪ .‬ثم وصف نفسه أنه شاعر‬ ‫ٌ‬ ‫الجميع‪ٌ ،‬‬ ‫والشكال أ‬ ‫النماط أ‬ ‫كل من سبقه‪ ،‬يبغض أ‬ ‫الدبية التقليدية ويتطلع‬ ‫أدب يشبه أمته‪ ،‬حراً ومستقالً‪ .‬يضيف بعد ذلك‪« :‬يدخل‬ ‫إلى‬ ‫ويتمان ٍ عالم أ‬ ‫شاعر‬ ‫إنه‬ ‫‪.‬‬ ‫كتاب‬ ‫وال‬ ‫كاتب‬ ‫قبله‬ ‫خلق‬ ‫ي‬ ‫لم‬ ‫وكأن‬ ‫دب‬ ‫ال‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫عندما تقرأه تعلم جيداً أنه لم يقف في حضرة َم ْن هو أعلى منه‬ ‫مكانةً ‪ ،‬فكل كلمة تخرج من فمه تمثل احتقاراً لنظريات أ‬ ‫الدب‬ ‫َُ ّ‬ ‫وأشكاله»‪ .‬ال يتوقف ويتمان عند هذا الحد‪ ،‬بل يتطرق إلى معاداة‬ ‫عمله لفردية المفاهيم‪ ،‬فهو مدافع شرس عن التعددية واالختالف‪.‬‬ ‫ثم ينهي المراجعة بتعليقه أنه يتطلع إلى أن يُ َشكّل عمله نوا ًة‬ ‫تؤسس لمستقبل الشعر أ‬ ‫المريكي‪ ،‬ويرى أنه قد علّمهم االستقالل‬ ‫واالبتعاد عن التبعية‪.‬‬ ‫يكتف ويتمان بهذا الحد‪ .‬فبعد نجاح عمله وصلته رسالةُ تهنئة‬ ‫لم ِ‬ ‫من رالف والدو إيميرسون الذي أعجب كثيراً بالعمل‪ ،‬فكتب له‬ ‫مهنئاً‪« :‬لم تفُتني موهبتك الفذة في «أوراق العشب»‪ .‬إنني أراه‬ ‫تعتد عليه أمريكا»‪ .‬وأضاف‪:‬‬ ‫عمال ً استثنائياً فيه من الحكمة ما لم ْ‬


‫والت ويتمان‬

‫«يا لها من بداية! ال بد أنك أسست نفسك في مكان ما‪ ،‬لقد أجبرني‬ ‫عيني»‪ .‬لم يكن إيميرسون شخصاً‬ ‫نور ِش ْع ِركَ ّ‬ ‫الوهاج على ِ‬ ‫فرك ّ‬ ‫عادياً‪ ،‬فقد قضى وقتاً طويال ً يحث على الفردية والتنوع حتى أصبح‬ ‫أكثر الفالسفة والشعراء في وقته شهرة‪ .‬كلماته لويتمان كانت‬ ‫تعني كثيراً‪ ،‬وكان أ‬ ‫الخير يعرف ما الذي يمكن أن تحققه له هذه‬ ‫الكلمات‪ .‬لذلك قام ويتمان بتضمين رسالة إيميرسون‪ ،‬وهي رسالة‬ ‫الدب أ‬ ‫تعرف بأشهر رسالة في أ‬ ‫المريكي‪ ،‬في مقدمة النسخة الثانية‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫من كتابه التي طُبعت عام ‪1956‬م‪ .‬كما قام أيضا بطباعة عبارة‬ ‫إيميرسون «مرحباً بك في بداية أدبية عظيمة» على ظهر الكتاب‪.‬‬ ‫الجدير بالذكر أن ويتمان لم يأخذ إذناً من إيميرسون قبل إعادة‬ ‫طباعة الرسالة‪ ،‬ففوجئ أ‬ ‫الخير برسالته موضوعةً كمقدمة للنسخة‬ ‫أ‬ ‫أن‬ ‫الثانية‪ .‬لم يحصل اختالف بسبب هذا المر‪ ،‬ولكن كان معروفاً ّ‬ ‫لدى إيميرسون بعض التحفظات على بعض ما جاء في مجموعة‬ ‫السقاطات التي رأى فيها‬ ‫ويتمان الشعرية‪ ،‬خصوصاً بعض إ‬ ‫إيميرسون تجاوزات‪ ،‬ولكن هذا ال ينفي إعجابه بروح التجديد في‬ ‫العمل‪ .‬المهم في أ‬ ‫المر أن ويتمان نجح في تأسيس نفسه كشاعر‬ ‫الول وعاش فترة نجاحه واحتفال النقاد أ‬ ‫أمريكا أ‬ ‫والدباء به‪ ،‬والفضل‬ ‫في ذلك يعود لشخصيته االنتهازية‪ ،‬وشعره المتميز بالطبع‪.‬‬

‫الحماية القضائية‬

‫اب يتبعون‬ ‫ما فعله ويتمان كان استباقياً لنجاحه‪ْ ،‬‬ ‫ولكن هناك ك َّت ٌ‬

‫أساليب قضائية لحماية حقوقهم أ‬ ‫الدبية‪ ،‬وهذا ما فعله الكاتب جي‬ ‫دي سالينجر حين قام كاتب سويدي ينشر تحت االسم المستعار‬ ‫جون ديفيد كاليفورنيا‪ ،‬واسمه الحقيقي فريدريك كولتينج‪ ،‬بنشر‬ ‫ثان لروايته «الحارس في حقل الشوفان» عام ‪2009‬م‪ .‬كانت‬ ‫جزء ٍ‬ ‫ردة فعل سالينجر صارمة إذ استعان بفريق من المحامين لرفع‬ ‫قضية على الكاتب السويدي الذي‪ ،‬كما رآه سالينجر‪ ،‬قد تطاول‬ ‫على إرثه أ‬ ‫الدبي‪ .‬ولكن السؤال هنا‪ :‬ما الذي جعل سالينجر يذهب‬ ‫للقضاء وهو يعلم أن قوانين الملكية الفكرية تحمي حق المحاكاة؟‬ ‫للإجابة عن هذا السؤال ال بد من معرفة نظرة سالينجر لعمله‬ ‫موقف‬ ‫وما أراد تحقيقه‪ .‬كان هدف سالينجر من عمله هو تسجيل ٍ‬ ‫أخالقي من العالم‪ ،‬ولذلك كان هولدن كولفيلد‪ ،‬الشخصية الرئيسة‬ ‫لروايته‪ ،‬سليط اللسان يتعامل مع عالمه بحدة واحتقار شديدين‪.‬‬ ‫يتمتع كولفيلد بذكاء القارئ الناقد لمجتمعه‪ ،‬لذلك نجده يفشل في‬ ‫زيف َمن حوله‪ .‬ربما يتلخص هدف‬ ‫دراسته ولكنه ينجح في كشف ِ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫الرواية في أمنية كولفيلد أن يكون حارسا لطفال يلعبون في حقل‬ ‫جرف ويكون هو الحارس الذي يحميهم من‬ ‫الشوفان بالقرب من ٍ‬ ‫أ‬ ‫السقوط‪ .‬تبدو دالالت هذه الرمزية الدبية وثيقة الصلة بشخصية‬ ‫هولدن‪ ،‬فهو يحلم أن يحمي براءة أ‬ ‫التشوه حين تختلط‬ ‫الطفال من‬ ‫ّ‬ ‫بعالم البالغين المنافق كما يراه الكاتب‪ .‬ولهذا السبب يرى سالينجر‬ ‫ويقدمه في ضوء‬ ‫في عمله موقفاً شجاعاً ال يريد لغيره أن يتالعب به ِّ‬


‫‪63 | 62‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫لقد صاغ الشاعر نقده الالذع‬ ‫ّ‬ ‫لمتلقي شعره في بيت واحد لم‬ ‫ُ‬ ‫يخل من المحسنات البديعية‬ ‫التي اشتهر بها الشعر العربي‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫بيت يدافع فيه عن شعره بقدر‬ ‫ما يهاجم غيره‪..‬‬ ‫ه�مان ميلفل‬ ‫ي‬

‫عمله الذي حقق نجاحاً مذهالً‪ ،‬إذ يباع من روايته ‪ 250‬ألف نسخة‬ ‫سنوياً‪ ،‬كما تُرجمت لمعظم لغات العالم‪.‬‬ ‫اختار سالينجر أن ينهي روايته بالتعتيم على أحداث لم يرغب في‬ ‫كشفها‪ ،‬وربما يكون هذا ما دفع كولتينج إلى التفكير في جزء آخر‬ ‫يكشف هذه أ‬ ‫الحداث‪ .‬فقد قام الكاتب السويدي بتقديم هولدن‬ ‫كولفيلد بعمر ‪ 76‬عاماً لكي يحكي تجربته بدءاً من حيث توقف‬ ‫قدم فيها‬ ‫سالينجر‪ .‬ولكن بعد سلسلة من المرافعات القضائية َّ‬ ‫طاقم المحامين فعل كولتينج بوصفه سرقة أدبية وليس محاكاة‪ ،‬إذ‬ ‫تظهر شخصية الرواية أ‬ ‫الصلية هولدن كولفيلد التي يمتلك سالينجر‬ ‫حقوقها أ‬ ‫الدبية في رواية الكاتب السويدي‪ .‬بعد وفاة سالينجر‬ ‫عام ‪2010‬م صدر حكم قضائي في السنة التالية بمنع الرواية من‬ ‫التوزيع داخل الواليات المتحدة أ‬ ‫المريكية سواء بنسختها الورقية أو‬ ‫اللكترونية‪ .‬ولن يُسمح بتوزيعها حتى تنتهي فترة الملكية الفكرية‬ ‫إ‬ ‫سجل‬ ‫حين تدخل الرواية النطاق العام‪ .‬وبهذا يكون سالينجر قد َّ‬ ‫موقفاً آخر من العالم‪ ،‬وهو أنه قال ّكل ما يريد قوله في روايته‬ ‫بالطريقة التي رآها مناسبة‪ ،‬فقد كان سالينجر‪ ،‬مثل ويتمان‪ ،‬مجدداً‬ ‫في الشكل والمحتوى أ‬ ‫الدبي ولم يكن يريد لغيره أن يشاركه هذا‬ ‫النجاز‪.‬‬ ‫إ‬

‫دور الجودة ليس حاسماً‬

‫ليس صحيحاً أن نجاح العمل أ‬ ‫مقرون بجودته‪ ،‬فهناك عديد‬ ‫الدبي‬ ‫ٌ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫تلق رواجاً لسنوات عديدة‪ ،‬وعندما‬ ‫من العمال الدبية التي لم َ‬ ‫اكتشفت من جديد أصبحت من روائع أ‬ ‫الدب العالمي‪« .‬موبي‬ ‫ُ‬ ‫ديك» (‪1855‬م)‪ ،‬مثالً‪ ،‬خير شاهد على ذلك‪ .‬فقد بذل هيرمان‬ ‫ميلفل جهداً مضنياً في صنع عالم روايته‪ ،‬استمد فيها إسقاطاته‬ ‫من الحياة أ‬ ‫المريكية في القرن التاسع عشر‪ ،‬وكان يريد لها أن‬ ‫تقف شاهداً على أكثر الفترات الحرجة في التاريخ أ‬ ‫المريكي إذ‬ ‫الدب أ‬ ‫تشكّل في ذلك الوقت أ‬ ‫المريكي بشكله المنفصل عن التأثير‬ ‫ُ‬ ‫النجليزي‪ .‬لم تُقَابَل روايته بأي ترحيب نقدي‪ ،‬بل هوجمت‪،‬‬ ‫إ‬ ‫ً‬ ‫موقن‬ ‫النجليزية‪ ،‬وتوفي عام ‪1891‬م وهو‬ ‫خصوصا من الصحف إ‬ ‫ٌ‬ ‫بفشلها‪ .‬في عام ‪1917‬م قام الكاتب والناقد أ‬ ‫المريكي كارل فان‬ ‫دورين بدراسة صنف فيها «موبي ديك» بوصفها «قمة أ‬ ‫الدب‬ ‫ٍ َّ‬ ‫الرومانسي أ‬ ‫والقراء على‬ ‫النقاد‬ ‫بدأ‬ ‫اسة‬ ‫ر‬ ‫الد‬ ‫تلك‬ ‫وبعد‬ ‫مريكي»‪.‬‬ ‫ال‬ ‫َّ‬ ‫حد سواء بإنصاف الرواية حتى أصبحت من أكثر الروايات شهر ًة‬ ‫حول العالم‪.‬‬

‫يعي الك َّتاب هذه الحقيقة‪ ،‬لذلك ال يعتمد كثير منهم على إيمانه‬ ‫بجودة عمله فحسب‪ ،‬بل يسعى في سبيل ضمان تحقق رؤيته‬ ‫لعمله سواء عن طريق التسويق أو التواصل المباشر مع الجمهور أو‬ ‫حتى الجنوح في ممارسات أكثر غرابة‪ .‬بل إن عديداً من الجامعات‬ ‫المتميزة في الواليات المتحدة أ‬ ‫المريكية تعطي الك َّتاب دروساً في‬ ‫إدارة السمعة لكي يعلن الكاتب عن نفسه‪ ،‬كأي سلعة‪ ،‬بال خجل‪،‬‬ ‫ألن فشل الكاتب في الوصول للمتلقي والناقد يعني التعامل مع‬ ‫أعماله المستقبلية في ضوء هذا الفشل‪ ،‬وعدم قدرته على تسجيل‬ ‫اسمه في الذاكرة أ‬ ‫الدبية‪ .‬ومن هنا تأتي استراتيجيات مختلفة يتبناها‬ ‫الك َّتاب بعد النشر لكيال تُفهم أعمالهم بطريقة خاطئة‪ ،‬ولكي‬ ‫يضمن الكاتب أيضاً مسألة التسويق‪ .‬فحين ينتهي الكاتب من عمل‬ ‫أدبي يكون مشغوال ً عاد ًة بردود الفعل المباشرة على عمله التي‬ ‫تتمثل بالمراجعات التي من شأنها أن تجعل من العمل أيقونة أدبية‬ ‫أو تصرف المتلقي عنه‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫الممثل‬ ‫المسرحي‪:‬‬ ‫حياة‬ ‫مختزلة‬ ‫سامي الزهراني‬ ‫«السعادة إتقان فن االختزال‪ ،‬أن تقوم بفرز ما‬ ‫بإمكانك أن تتخلص منه‪ ،‬وما يلزمك لما بقي من‬ ‫سفر‪ ،‬آنذاك تكتشف أن معظم أ‬ ‫الشياء التي تحيط‬ ‫بها نفسك غير ضرورية‪ ،‬بل هي ِحمل يثقلك»‪ .‬بهذه‬ ‫المقولة‪ ،‬اختصرت أحالم مستغانمي الكاتبة والروائية‬ ‫الجزائرية كثيراً عن فن االختزال‪ .‬ويمكن اعتبار‬ ‫تطبيق لفن االختزال‪ ،‬فاالختزال في‬ ‫المسرح بأنه‬ ‫ٌ‬ ‫نص العرض المسرحي الذي يجب‬ ‫في‬ ‫يكون‬ ‫المسرح‬ ‫ّ‬ ‫أن يُقال ويُنفَّذ على خشبة المسرح‪ ،‬أو من خالل‬ ‫الخراجية‪ ،‬ولكن الممثل كما يشير أغلب‬ ‫العملية إ‬ ‫المسرحيين في العالم هو أساس العرض المسرحي‪.‬‬ ‫في البدء‪ ،‬الممثل هو من يمارس فن االختزال عملياً‪،‬‬ ‫عندما يتوفر لدى المخرج في طاقم العمل التمثيلي‬ ‫ٌ‬ ‫ممثل يجيد فن االختزال‪ ،‬فباستطاعته أن يختصر‬ ‫مدة العرض ويُ ِّرحل هذا الزمن المختصر إلى عناصر‬ ‫أكثر أهمية‪ .‬أتحدث هنا من زاوية نظر إخراجية‪.‬‬ ‫فاختصار مدة العرض المسرحي في العموم يُعد من‬ ‫خط‬ ‫االتجاهات الحديثة لدراما المسرح‪ ،‬يتماشى في ٍ‬ ‫مواز مع إيقاع العصر السريع‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫إن العملية التمثيلية بالنسبة للممثل هي عبارة عن‬ ‫تطبيق عملي لمقولة أحالم مستغانمي‪ ،‬فهناك عديد‬ ‫من أ‬ ‫الشياء التي يستطيع أن يختزلها إذا استطاع‬ ‫ان يقرأ شخصيته المسرحية بحرفية تامة‪ .‬يحتاج‬ ‫الممثل عند تسلُّمه الدور المنوط به إلى تحليل هذا‬ ‫الدور‪ ،‬ليكون على وعي تام بما يستطيع أن يختزله‬ ‫من الشخصية في ظل وجود عديد من التفاصيل‬ ‫في النص الذي بين يديه‪ .‬وبوسع الممثل الفطن أن‬ ‫يختزل كثيراً من تلك التفاصيل ويستخرج من النص‬

‫ما يو ّد المؤلف قوله من خالل الشخصية‪ ،‬وهذه‬ ‫الخطوة ال تتم طبعاً دون إجراء تفاهمات مستمرة‬ ‫مع المخرج‪.‬‬ ‫ينبغي على الممثل تحديد أ‬ ‫الهداف الرئيسة للدور‬ ‫التي تنقسم إلى ثالثة أقسام‪ :‬أوالً‪ ،‬هدف الشخصية‬ ‫داخل النص‪ ،‬وما المراد من وجودها داخل المشاهد‬ ‫التي تظهر بها‪ ،‬ثم تحديد الهدف العام من وجود‬ ‫الشخصية داخل المسرحية كاملة‪ ،‬وأخيراً دراسة‬ ‫الحالة النفسية للشخصية المراد تشخيصها لكل‬ ‫المشاهد التي تظهر بها الشخصية‪ .‬عند تحديد هذه‬ ‫أ‬ ‫الهداف واختزالها سيكون بوسع الممثل أن يقبض‬ ‫على الشخصية المسرحية تماماً ويؤديها على أفضل‬ ‫وجه‪ .‬ولعل أحد وجوه االختزال المنوطة بالممثل‬ ‫تلك العالقات القائمة بين الشخصيات داخل النص‬ ‫المسرحي‪ .‬هذه العالقات يختزلها الممثل بتعاونه‬ ‫مع الممثلين آ‬ ‫الخرين في المسرحية لكشف طبيعة‬ ‫العالقة ما بين كافة الشخصيات‪ ،‬خصوصاً إذا كانت‬ ‫هناك شخصيات محورية في العمل إلى جانب‬ ‫شخصيات مساندة‪ .‬لذلك‪ ،‬دائماً ما يحرص طاقم‬ ‫العمل التمثيلي على أن تؤدى العالقات ما بين‬ ‫الشخصيات على أكمل وجه‪.‬‬ ‫ملمح آخر من مالمح االختزال لدى الممثل المسرحي‬ ‫يكمن في تعابير الوجه وحركة الجسد‪ .‬عند أداء‬ ‫الشخصية‪ ،‬تدرس هذه الجوانب بعناية فائقة من‬ ‫ِقبل الممثل‪ ،‬ألن هناك أشياء يستطيع أن يختزلها‬ ‫بتعبير بسيط للوجه أو بحركة جسد معينة‪،‬‬ ‫إما‬ ‫ٍ‬ ‫تُغني عن كثير من الكلمات‪ .‬وبالطبع‪ ،‬يمكن للممثل‬ ‫أيضاً‪ ،‬وبالتعاون مع المخرج‪ ،‬أن يختزل كثيراً من‬

‫الحركة لشخصية على خشبة المسرح عندما يؤدي‬ ‫دوره‪ .‬ولعل إلمام الممثل بأدواته وتمكنه منها‪ ،‬مثل‬ ‫إمكانيات الصوت وقوة الذاكرة والتعامل مع مكونات‬ ‫العمل المسرحي أ‬ ‫الخرى من ديكور وإضاءة ومؤثرات‬ ‫صوتية‪ ،‬هو ما يمنحه الثقة والقدرة على اختزال ما‬ ‫الخراجية‪،‬‬ ‫يريد داخل النص المسرحي أو العملية إ‬ ‫وكل هذا ال يتحقق إال بوجود العديد من البروفات‬ ‫للعرض المسرحي قبل أن يرى النور على خشبة‬ ‫المسرح ِكنتاج نهائي‪.‬‬ ‫أخيراً‪ ،‬يقول الكاتب المسرحي المغربي الدكتور‬ ‫عبدالكريم برشيد‪« :‬أخطر العوالم التي لم تكتشف‬ ‫آ‬ ‫النسان غابات كثيفة وغريبة‪،‬‬ ‫النسان‪ ،‬إ‬ ‫حتى الن هو إ‬ ‫الجزر وهو أرخبيل معقد جداً‪ ،‬وبالتالي‬ ‫فيه عديد من ُ‬ ‫النسانية‪ ..‬المسرح هو أساساً‬ ‫فالنسان بذاته يختزل إ‬ ‫إ‬ ‫فن االختزال»‪.‬‬ ‫تتبلور شخصية الممثل‪ ،‬في حياته الفعلية ومعايشته‬ ‫مع العرض المسرحي‪ ،‬داخل بروفات العمل‬ ‫المسرحي وعند عروضه أ‬ ‫الولية أيضاً‪ .‬لذلك فهو‬ ‫أ‬ ‫يج ّند كافة جهوده داخل البروفات لتقديم الجمل‬ ‫والمثل على خشبة المسرح‪ ،‬أ‬ ‫أ‬ ‫ولن فن االختزال‬ ‫أحدها‪ ،‬يمكننا أن نقول إن الممثل المسرحي حياة‬ ‫مختزلة‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪65 | 64‬‬

‫فنان ومكان‬

‫مانهاتن من ّ‬ ‫علو‪:‬‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫لوحات الفنان اإليطالي‬ ‫فاليريو دوسبينا‬

‫علي المجنوني‬

‫َّ‬ ‫احتل المشهد المدني مكانة مهمة بين مواضيع الفن‬ ‫ً‬ ‫الحديث التي وجدت في محتوياته ً‬ ‫مدهشا يؤثثه اإلنسان‬ ‫ثراء‬ ‫ً‬ ‫تقريبا قدرته على اإلضافة إلى‬ ‫الحديث بعد أن استنفد‬ ‫المشهد الطبيعي الرومانسي الذي ظل موضوع الفن عدة‬ ‫قرون‪ .‬هكذا بدأ الفن باستشكاف مادته وموضوعاته بين‬ ‫مظاهر الحياة المدنية التي لم تخذله ً‬ ‫أبدا‪ ،‬واتخذ في هذا‬ ‫السبيل مناحي َّ‬ ‫شتى‪ ،‬تناولت في أغلبها التفاصيل الصغيرة‬ ‫التي تعج بها الحياة‪.‬‬


‫فالكراسي أ‬ ‫والبواب والنوافذ والشوارع والمقاهي‬ ‫والمطاعم‪ ،‬كلها موضوعات جديرة باالهتمام‪،‬‬ ‫النسان ويتعايش معه‬ ‫تسجل حيزاً يعمره إ‬ ‫لكونها ِّ‬ ‫يومياً‪ .‬وعلى الرغم من اهتمام الفن بالحياة‬ ‫المدنية‪ ،‬إال أنه قلما استوعبت اللوحة مشهداً‬ ‫مدنياً كامال ً كذلك الذي استوعبه الفن فيما يتعلق‬ ‫بالمشهد الطبيعي‪ ،‬سواء مشهد البحر أو مشهد‬ ‫الغابة أو خالفهما‪ .‬ولعل مر ّد غياب المشهد المدني‬ ‫الكامل نسبياً إلى حقيقة أنه ال يتيح في الغالب‬ ‫فرصة للعين البشرية الستيعاب أ‬ ‫الفق المدني‪ ،‬نظراً‬ ‫أ‬ ‫المشاهد وبين الفق‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫لكثرة العوائق بين ُ‬ ‫ازدحام تفاصيل الحياة المدنية بشكل مبالغ فيه‬ ‫أحياناً‪.‬‬ ‫من هنا تأتي قيمة مجموعة اللوحات الزيتية التي‬ ‫اليطالي المقيم في الواليات المتحدة‬ ‫رسمها الفنان إ‬ ‫أ‬ ‫المريكية فاليريو دوسبينا‪.‬‬ ‫فخالل أ‬ ‫العوام القليلة الماضية أنجز دوسبينا‬ ‫عدداً من اللوحات التي اتخذت من مانهاتن مادة‬ ‫لها‪ .‬ومانهاتن‪ ،‬أو نيويورك عموماً‪ ،‬ليست غريبة‬ ‫على الفن‪ ،‬بل جذبت اهتمام الفنانين منذ مطلع‬ ‫القرن العشرين‪ .‬وطالما شخصت إليها أبصارهم‬ ‫بسبب أبراجها العالية وشوارعها المتقاطعة‬ ‫وأحيائها المفعمة بالحيوية‪ ،‬مما جعل أفئدتهم‬ ‫تهوي إليها‪ ،‬فجاؤوها من كل حدب وصوب‪.‬‬ ‫وهكذا يواصل دوسبينا االهتمام الفني بنيويورك‪،‬‬ ‫المميز حقاً في لوحاته‪ ،‬والجديد فيها أيضاً‬ ‫ولكن‬ ‫َّ‬ ‫مقارنة بغيرها‪ ،‬الزاوية غير المألوفة التي اعتمدها‬ ‫تصور اللوحات مانهاتن من منظور‬ ‫الفنان‪ .‬إذ ِّ‬ ‫استثنائي يحل محل المنظور المألوف الذي يعتمد‬ ‫على أ‬ ‫البعاد المتوفرة للشخص في ظروف عادية‬

‫ترتكز حول نقطة التالشي باعتبارها نقطة مركزية‬ ‫تحتل قلب اللوحة‪.‬‬ ‫الجدير بالذكر أن لوحات دوسبينا تستجيب للثقافة‬ ‫البصرية التي حظي بها إنسان اليوم بفضل عوامل‬ ‫عدة لم توجد لدى سابقه‪ .‬فالطيران‪ ،‬والرافعات‪،‬‬ ‫والكاميرات‪ ،‬وصعود أ‬ ‫البراج‪ ،‬هذه عوامل أتاحت‬ ‫للفرد فرصة مواتية الستيعاب المشهد المدني ضمن‬ ‫أفق كامل ال تقطّعه العوائق الكثيرة المختلفة‪.‬‬ ‫ونتيجة محاكاة دوسبينا لهذه الفرصة البصرية‬ ‫واستثمارها في لوحاته أن وجد المشاهد نفسه أمام‬ ‫رؤية جديدة للمدينة على قماش اللوحة‪ .‬وبتأمل‬ ‫هذه اللوحات‪ ،‬يجد المشاهد نفسه منجذباً إلى‬ ‫الدراما المتحركة عبر خطوط مستقيمة وجريئة توازي‬ ‫الشوارع أفقياً أو حواف المباني الطويلة عمودياً‪ ،‬وقد‬ ‫يغيب فيها مأخوذاً بالحركة المنقولة على القماش‪،‬‬ ‫ألن لوحات دوسبينا تظهر قدرته الفائقة على التقاط‬ ‫نبض الحركة المدنية في المدينة الكبرى وتسجيله‬ ‫دون إلحاق الضرر به‪ .‬وغالباً ما كانت مقدمات‬ ‫تلك اللوحات تحتوي على تقاطعات الشوارع‪ ،‬التي‬ ‫تصف انسيابية الحركة‪ ،‬وربما اشتباكها‪ ،‬في المدينة‬ ‫المعاصرة‪.‬‬ ‫مثير لفضول مشاهد لوحات دوسبينا أنها تخلو‬ ‫ٌ‬ ‫ملمح ٌ‬ ‫أ‬ ‫ً‬ ‫تقريبا من العنصر البشري‪ .‬ربما لن الفنان يريد‬ ‫أن يقصر اهتمام المشاهد على الجانب الصناعي‬ ‫من الحياة المدنية‪ :‬المباني والشوارع المتكتلة‪.‬‬ ‫هذا الجانب استحوذ على اهتمام دوسبينا طويالً‪،‬‬ ‫حيث ركزت لوحات له سبقت لوحات مانهاتن كثيراً‬ ‫البعد الصناعي‪ ،‬وسلَّطت الضوء على مخلفات‬ ‫على ُ‬ ‫صناعية كبيرة الحجم‪ ،‬جاءت على شكل سفن‬ ‫ضخمة أو قطارات بخار مقبلة أو موانئ معطلة‪.‬‬

‫ولهذا يستخدم دوسبينا لوحةَ ألوان درامية أحادية‬ ‫اللون‪ ،‬يسيطر فيها الرصاصي غالباً والنحاسي‬ ‫الباهت‪ ،‬ويستعير من الفوتوغراف أدواته فيما يتعلَّق‬ ‫بالمنظور والحركة في تناولهما للمعمار المدني‪.‬‬ ‫ويعمد إلى تشويش المشهد قليال ً حتى يصبح شبيهاً‬ ‫بذاك الذي يحصل عليه السائح الذي يرتقي ناطحة‬ ‫علو بعد أن تغطي‬ ‫سحاب ويشاهد المدينة من ّ‬ ‫ألوانها غشاوة رقيقة تشكلها مسافة عازلة من الحركة‬ ‫والضجيج‪ .‬كأنها صور التقطت من علو طائرة أو قمة‬ ‫برج‪ ،‬الشيء نفسه الذي فعله في لوحات أخرى رسم‬ ‫فيها مدناً إيطالية وإسبانية وكأنما هي صور التقطت‬ ‫من نافذة سيارة مسرعة‪.‬‬ ‫بالتقان‬ ‫إلى جانب ذلك‪ ،‬تتميز لوحات دوسبينا إ‬ ‫الذي اشتهر به الفن الكالسيكي في أوج نشاطه‪ ،‬وفي‬ ‫هذا مفارقة مهمة‪ ،‬إذ جمع الفنان ما بين التقنية‬ ‫الكالسيكية والموضوع الحديث والمنظور المبتكر‪.‬‬ ‫وهو وإن لجأ إلى تقنية كالسيكية إال أنه أضاف عليها‬ ‫لمساته الطفيفة الحساسة البارعة‪ ،‬التي تمثلت في‬ ‫ضربات فرشاة أو قطرات لون تكسر في معظمها‬ ‫حدة الخطوط المستقيمة وجرأتها‪ .‬وفي المجمل‪،‬‬ ‫نستطيع القول إن لوحات دوسبينا الزيتية مقاربة‬ ‫لنقل التركيب البصري لمانهاتن بكل تعقيداته‬ ‫وأنساقه‪ ،‬استطاعت القبض بكل مهارة على أ‬ ‫الفق‬ ‫المدهش لهذه المدينة‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪67 | 66‬‬

‫ً‬ ‫شعرا‬ ‫أقول‬

‫جالل األحمدي‬

‫الشعر صالحني مع العالم‬ ‫وليس مع نفسي‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫مثل‪ ،‬عىل الحائط‪،‬‬ ‫أرسم رجال ً وحيداً ي‬ ‫ثم أخاف أن أشعر بالوحدة مثله‬ ‫ّ‬ ‫فأرسم بجانبه فراشة‪،‬‬ ‫تط�‬ ‫ثم أخاف أن ي‬ ‫ّ‬ ‫فأرسم أربعة جدران‪،‬‬ ‫ثم أخاف علينا من الحزن‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫فأرسم ً‬ ‫غيمة ي� الذاكرة‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ثم أخاف من غربان السئلة‬ ‫ّ‬ ‫فأرسم مكيد ًة‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ثم أخاف أن ينجح المر‬ ‫ّ‬ ‫تبال بما يحدث‪،‬‬ ‫فأرسم شجر ًة من بعيد ال ي‬ ‫يصدق ما يحدث‬ ‫ثم أخاف أن ّ‬ ‫ّ‬ ‫فأرسم قمراً يقضمه ال ّنـدم‪،‬‬ ‫ثم أخاف أن تشغله القصيدة‬ ‫ّ‬ ‫فال أرسم شيئاً‪،‬‬ ‫ثم أخاف أن يكتشف الشّ ـكّ‬ ‫ّ‬ ‫فأرسم باباً موصداً‬ ‫بعناية‪،‬‬ ‫ٍ‬

‫ثم أخاف أن يعتاد عىل الفشل‬ ‫ّ‬ ‫حقيبة‪� ،‬ف‬ ‫ف‬ ‫ً‬ ‫حقيبة‪ ،‬ي� داخلها‬ ‫فأرسم له‬ ‫ٌ ي‬ ‫داخلها مفتاح‪،‬‬ ‫ثم أخاف أن يدرك الرس‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫هاوية‪،‬‬ ‫فأرسم خلف الباب‬ ‫ئ‬ ‫يا� من جنونه‬ ‫ّ‬ ‫ثم أخاف عىل بك� ي‬ ‫أ‬ ‫فأرسم ً‬ ‫بومة تسكن كتفه اليمن‪،‬‬ ‫ثم أخاف أن يبالغ بالحكمة‬ ‫ّ‬ ‫ف‬ ‫فأرسم ذئباً ي� رئته اليرسى‪،‬‬ ‫ثم أخاف أن ينتقم من جسده‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ً‬ ‫لفافة تتكشّ ـف يب� شفتيه‪،‬‬ ‫فأرسم‬ ‫ثم أخاف أن يختنق الحلم‬ ‫ّ‬ ‫فأرسم نافذ ًة‪،‬‬ ‫ثم ش‬ ‫أخ� من ال ّلصوص‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫بندقية‪،‬‬ ‫فأرسم‬ ‫ثم ن‬ ‫ال�د‪،‬‬ ‫يقتل� ب‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ثم أخاف من ال ّنـسيان‬ ‫ّ‬


‫أشعر‬ ‫أنجزت لوحة جديدة‪،‬‬ ‫كلما‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫أن�‬ ‫أموت قليال ً‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫(فنست فان جوخ)‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫السابع‪ ،‬ف ي�‬ ‫ي� صنعاء‪ ،‬تحديداً ي� غرفة بالطّابق ّ‬ ‫السطح‪ ،‬تُ ّ‬ ‫شع� مزدحم‬ ‫زاوية ّ‬ ‫طل عىل فسوق ب ي ّ‬ ‫بالضجيج والناس‪ ،‬هناك � ت‬ ‫غرف� أنعزل بهدوء‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫عن كل ما يجري ف ي� الخارج مع بضع كتب وجهاز‬ ‫كمبيوتر مزود بشبكة ت‬ ‫إن�نت معاقة تقريباً‪ ،‬وعدد‬ ‫ن‬ ‫بالضافة إىل‬ ‫قنا� الماء الفارغة‪ ،‬إ‬ ‫ال بأس به من ي‬ ‫الشعور المزعج بال ّتهديد المستمر من انقطاع‬ ‫الكهرباء ف ي� أي لحظة دون سابق إنذار‪ ،‬الذي قد‬ ‫يستمر لساعات‪ ،‬وبرد قارص‪..‬‬ ‫إنّها وبال فخر«المجموعة الكاملة للشقاء» صناعة‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫نز‬ ‫غرف� حيث ّكل ما‬ ‫م�لية بامتياز‪ّ ..‬كل هذا هناك ي� ي‬ ‫حول ُمضجر ويُ ن‬ ‫شعر� بالوحدة تماماً بل يدفع�ن‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫إىل التوحد الخالص‪ .‬وهذا كلّه كان كافياً‬ ‫ليدفع�‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫كنت ث‬ ‫أك� حكمة‬ ‫لعل� ُ‬ ‫إىل كتابة ٍنص كهذا‪ ..‬أو ي‬ ‫وتفاؤال ً فيما كتبت‪..‬‬ ‫مع هذا‪ ،‬ال أدعي بأنه ال أصدقاء يل ‪ .‬لك ّن ن ي� أقول‬ ‫إنّ ن ي� وحيد‪ .‬وأنا أدرك الفرق ال سيما وأنا أعايشه‪.‬‬

‫ربما‪ ،‬وباعتقادي أنّ ن� كنت ث‬ ‫أك� شخص محبوب ي ن‬ ‫ب�‬ ‫ي‬ ‫من حوله‪ .‬طبعاً أقول هذا من خالل من عرفتهم أو‬ ‫قابلتهم‪ ..‬لكن الوحدة مرض مزمن متملك ألقىص‬ ‫تفس�ه‪ ،‬بغض النظر‬ ‫غاية‪ ،‬وشعور ال يمكن قهره أو ي‬ ‫عمن وما حولك‪ .‬وهذا ما يجعلها ث‬ ‫تم�اً من يب�ن‬ ‫أك� ي ز‬ ‫َّ‬ ‫ّكل الحاالت أ‬ ‫الخرى ت‬ ‫النسان‪.‬‬ ‫ال� يعانيها إ‬ ‫أكتب لكم كشاعر وأفك يّر ف� أ‬ ‫كطفل وأعيش‬ ‫الشياء‬ ‫ي‬ ‫ٍ‬ ‫مع آ‬ ‫أ‬ ‫كعجوز‪ ..‬وعىل‬ ‫خرين‬ ‫ال‬ ‫وأتحدث‬ ‫كمهرج‬ ‫المور‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫النص أن يحتمل كل هذا ث‬ ‫وأك�‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫بصيغة أدق ن‬ ‫وهذا ن‬ ‫بأن� مستاء! وبالفعل أنا‬ ‫يع�‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫كذلك‪.‬‬ ‫كان من أ‬ ‫عل دائماً أن أقول‪ :‬ولدت ف ي� عائلة‬ ‫سهل‬ ‫ال‬ ‫يّ‬ ‫متسع من الوقت‬ ‫ميسورة الحال‪ ،‬حيث كان لدينا‬ ‫ٌ‬ ‫ن‬ ‫يحسد�‬ ‫ولدي ذكريات جميلة‬ ‫لنتبادل الكتب‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫عليها الجميع‪...‬‬ ‫لكن أياً من هذا لم يكن صحيحاً‪ .‬باستثناء الجزء‬ ‫أ‬ ‫رصيد‬ ‫لدي‬ ‫ٌ‬ ‫ال ي‬ ‫خ� المتعلِّق بالحسد‪ ،‬طالما كان َّ‬ ‫ن‬ ‫ٌ‬ ‫كث�‪...‬‬ ‫الشقاء‬ ‫هائل من ّ‬ ‫يحسد� عليه ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫يمكن� أن أتحدث عن‬ ‫ف ي� الحقيقة أنا ال أعرف كيف‬ ‫ي‬ ‫تطرقت‬ ‫الكتابة ف ي� معزل عن الشقاء‪ ..‬خصوصاً إن‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫يمكن� أن أرسد تفاصيل أيامي‬ ‫للبدايات‪ .‬كما ال‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ال َتعبة دون أن أتطرق لمر الكتابة‪..‬‬ ‫كما أنه لم يعد مهماً أن أعرف أيهما جلب آ‬ ‫الخر‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫وأيهما كان أ‬ ‫السبق‪ .‬لك ّن ن ي� مؤخراً‬ ‫وصلت إىل ما يشبه‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ين‬ ‫جعلت� أعيش بشقاء أفضل‪،‬‬ ‫بأن الكتابة‬ ‫اليق� ّ‬ ‫أي‬ ‫أ‬ ‫بطريقة أخرى‪ ،‬أكتب لتطهر‪ ..‬أكتب لقتل‪..‬‬ ‫ٌ‬ ‫نعم‪ ،‬أنا ٌ‬ ‫أحد‬ ‫قاتل‬ ‫متسلسل بالفطرة وال أشفق عىل ٍ‬ ‫‪...‬فأنا ّأول ضحاياي‪.‬‬ ‫ن‬ ‫بصيغة‬ ‫أع� هذا فعالً‪ ،‬وأعي ما أقوله تماماً‪ .‬الكتابة‬ ‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫أستمر‬ ‫وعل أن‬ ‫النتحار‬ ‫أخرى هي محاولة‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫جماعي‪ ،‬ي ّ‬ ‫ٍ‬ ‫لخطأ أو‬ ‫أجيد القيام به‪ .‬وال مكان هنا‬ ‫أبداً فيما ُ‬ ‫ٍ‬ ‫شفقة ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ف‬ ‫كنت سعيداً‪،‬‬ ‫و� ال ّنهاية فأنا ال أعلم بال ّتحديد إن ُ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫وال أتذكر تم� فكّرت بهذا المر‪ ،‬كما أنّ ن ي� ال أعرف‬ ‫كنت قد وصلت إىل ما أريده أو سأصل‪،‬‬ ‫إن ُ‬ ‫ً‬ ‫خصوصا وأنا ال أعلم ما أريده‪ .‬باستثناء حقيقة‬ ‫وحيدة‪...‬‬ ‫وهي أنّ ن ي� أريد أن أوبِّخ العالم بأي طريقة كانت‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫حيا� ‪.‬‬ ‫كلف� هذا ي‬ ‫وإن ف ي‬ ‫كنت محظوظاً‬ ‫أتساءل � بعض المرات‪ ،‬ربما ُ‬ ‫بالفعل‪ ،‬يأفكّر بهذا كث�اً‪ ،‬لكنها المرة أ‬ ‫الوىل ال�ت‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫فت� بعوالم جديدة‪..‬‬ ‫اء� ّ‬ ‫أقولها‪ .‬قر ي‬ ‫للشعر َّ‬ ‫عر ي‬ ‫ن‬ ‫صالح� مع العالم‪..‬‬ ‫الشعر‬ ‫ي‬

‫استمع للقصائد‬ ‫بصوت الشاعر‬

‫‪www.qafilah.com‬‬

‫جـالل األحمدي‬ ‫ عضو محرر في مجلة الحكمة الصادرة عن‬‫اتحاد أ‬ ‫الدباء والك َّتاب اليمنيين ‪ 2011‬إلى‬ ‫‪.2013‬‬ ‫ مسؤول ثقافي لرابطة البردوني الثقافية‬‫خالل الفترة من ‪ 2008‬إلى ‪ ،2010‬اليمن‪.‬‬ ‫ مراسل ومحرر لمجلتي (ضفاف وأفنان ‪/‬‬‫صادرتان عن أدبي تبوك) خالل الفترة ما بين‬ ‫‪ 2009‬حتى ‪.2011‬‬ ‫ جائزة الدولة في مجال الشعر لعام ‪،2011‬‬‫اليمن‪.‬‬ ‫ جائزة الشاعر (عبدالعزيز المقالح) في‬‫مجال الشعر ‪.2014‬‬ ‫ أربع مجموعات شعرية مطبوعة (شجرة‬‫للندم أو أكثر ‪ /‬دار أروقة‪ ،‬القاهرة)‪.‬‬ ‫(ال يمكنني البكاء مع أحد ‪ /‬دار مدارك‪،‬‬ ‫المارات)‪( .‬أن أخرج الغابة من صدري‬ ‫إ‬ ‫‪ /‬دار ميم‪ ،‬الجزائر)‪( .‬درج البيت يصعد‬ ‫وحيداً ‪ /‬دار مسعى‪ ،‬البحرين)‪.‬‬ ‫ كتابات متفرقة تُرجم بعضها وشارك في‬‫أنطولوجيا عن العالم العربي باللغة‬ ‫العربية والبولندية والفرنسية والفارسية‪.‬‬


‫‪69 | 68‬‬

‫ذاكرة القافلة‬

‫القطيف‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫نشرت القافلة في‬ ‫عددها لشهر ذي‬ ‫الحجة عام ‪1389‬هـ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مصورا‬ ‫استطالعا‬ ‫عن القطيف بقلم األستاذ حكمت‬ ‫حسن‪ ،‬ننشر منه المقتطفات‬ ‫اآلتية‪:‬‬

‫مدينة القطيف‬

‫تقوم مدينة القطيف الحديثة في موقع المدينة‬ ‫القديمة التي ير ّدها المؤرخون إلى ما يزيد على‬ ‫ثالثة آالف سنة قبل الميالد‪ ،‬ويستدلون على‬ ‫ذلك آ‬ ‫بالثار والخرائب التي وجدت في ذلك‬ ‫الموقع‪ .‬على أن مدينة القطيف المعاصرة مترامية‬ ‫أ‬ ‫الطراف‪ ،‬بخالف المدينة القديمة (القلعة) التي‬ ‫كانت تعرف إلى عهد غير بعيد بقصبة القطيف‪،‬‬ ‫والتي لم تعد سوى حي قديم من أحياء المدينة‬ ‫المعاصرة‪ ..‬ذات أبنية متالصقة وطرق ضيقة‪ .‬وقد‬ ‫كانت قديماً محاطة بسور يبلغ سمكه نحو مترين‬ ‫وارتفاعه نحو عشرة أمتار‪ ،‬وكانت تقوم على أركانه‬ ‫أحد عشر برجاً تتصل ببعضها بواسطة جسور‬ ‫علوية‪ ،‬وكان فيه أربعة أبواب تفتح نهاراً وتُغلق‬ ‫ليالً‪ .‬وقد أزيل هذا السور تدريجياً خالل العقد‬ ‫الخير من هذا القرن‪ ،‬وذلك الستتباب أ‬ ‫أ‬ ‫المن في‬ ‫المنطقة‪ ،‬والزدياد عدد السكان‪ ،‬وامتداد رقعة‬ ‫العمران إلى خارج المدينة القديمة‪ ،‬فنشأت أحياء‪:‬‬ ‫البستان‪ ،‬وباب الساب‪ ،‬والمدني‪ ،‬والمسعودية‪،‬‬ ‫وأم الجزم‪ ،‬ومنطقة البحر‪ .‬واتصلت هذه‬ ‫الحياء أ‬ ‫أ‬ ‫بالحياء والقرى القديمة التي كانت تحيط‬ ‫بالقلعة وتنافسها أحياناً وتهادنها أحياناً أخرى‪،‬‬ ‫فشكَّلت معها المدينة المعاصرة‪ .‬وهذه أ‬ ‫الحياء‬ ‫القديمة هي‪ :‬الشريعة‪ ،‬وباب الشمال‪ ،‬والكويكب‪،‬‬ ‫والمدارس‪ ،‬والدبابية‪ ،‬والجراري‪ ،‬والشويكة‪،‬‬ ‫ومياس‪.‬‬

‫أحد التراكتورات الحديثة التي تستخدمها محطة األبحاث‬ ‫الزراعية بالقطيف لحراثة األرض‬

‫ويعمل معظم سكان القطيف في فالحة أ‬ ‫الرض‬ ‫والتجارة وصيد السمك‪ ،‬وبينهم عدد كبير من‬ ‫موظفي الحكومة وشركة الزيت العربية أ‬ ‫المريكية‬ ‫(أرامكو)‪ .‬وبعض بيوتهم مشيد بالحجارة والجص‪،‬‬ ‫وهو طين بحري يُشوى كي يجف‪ ،‬وتدخل جذوع‬ ‫النخيل وسعفه في أجزاء كثيرة من البناء كالسقوف‬ ‫أ‬ ‫والبواب والنوافذ‪ ،‬بيد أن بيوت القطيف الحديثة‬ ‫أ‬ ‫وعماراتها الشاهقة بالسمنت المسلح على أحدث‬ ‫طراز‪.‬‬

‫مجتمع القطيف‬

‫ولمجتمع مدينة القطيف‪ ،‬عاداته وتقاليده الخاصة‬ ‫التي تتميز واضحة في المناسبات العامة أكثر من‬ ‫غيرها‪ .‬ففي مناسبة الزواج مثالً‪ ،‬درج القطيفيون‬ ‫ فيما مضى ‪ -‬على إرسال كمية من أ‬‫السماك إلى‬ ‫بيت الخطيبة إبان الخطوبة ليتم توزيعها على‬ ‫الجيران أ‬ ‫والصدقاء إعالناً لذلك‪ .‬أما في السنوات‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الخيرة فقد استعيض عن السماك بالحلوى‪.‬‬ ‫كما درجت العادة ‪ -‬فيما مضى ‪ -‬على أن يخرج‬ ‫العريس وسط مجموعة من المدعوين من أقاربه‬

‫أحد األحياء السكنية في المدينة ويتألف من بيوت بناها‬ ‫موظفو الشركة السعوديون بموجب برنامج تملك البيوت‬

‫وأصدقائه لالستحمام في إحدى العيون‪ ،‬وذلك‬ ‫قبل الزفاف بيوم واحد‪ ،‬حتى إذا ما استحم ارتدى‬ ‫ثوباً وقحفية وعقال قصب وعباءة خفيفة محالة‬ ‫بالزري‪ ،‬وشد في وسطه خنجراً‪ ،‬وتقلَّد سيفاً‪،‬‬ ‫وامتطى صهوة فرس مسرجة عائداً إلى منزله‬ ‫محفوفاً بالجموع التي ترقص رقصة العرضة على‬ ‫نقرات الدفوف والطبول‪ .‬وفي ليلة الزفاف كانت‬ ‫تُفرد الموائد للمدعوين‪ ،‬يسار بالعريس بعدها‬ ‫على أنغام الدفوف والطبول إلى منزل عروسه‪ .‬أما‬ ‫أتراب العروس فيمسكن عن الغناء والضرب على‬ ‫الدفوف مع انصراف المدعوين‪ .‬حتى إذا ما زف‬ ‫العريس إلى عروسه مكث في منزله أسبوعاً كامال ً‬ ‫ال يبرحه إلى السوق أو غيرها‪ ،‬وخصص خالل ذلك‬ ‫ساعتين أو أكثر كل يوم لتقبل التهاني بعد صالة‬ ‫العصر أو صالة العشاء‪.‬‬ ‫تلك كانت عادة دارجة متوارثة‪ ..‬بيد أنها تالشت أو‬ ‫كادت‪ ،‬إذ لم يعد العريس يمتطي فرساً أو يتقلَّد‬ ‫سيفاً أو يتمنطق بخنجر إال فيما ندر‪ .‬أما الكثرة‬ ‫الكاثرة من شبان اليوم فيستعيضون عن الفرس‬


‫بسيارة للذهاب إلى عين الماء والعودة منها تحف‬ ‫بها سيارات عديدة تقل جموع المدعوين‪ .‬ويؤثر‬ ‫كثير من الشباب في هذه أ‬ ‫اليام السفر إلى الخارج‬ ‫لقضاء «شهر العسل»‪.‬‬

‫التعليم والحركة أ‬ ‫الدبية‬

‫عرفت هذه المنطقة من المملكة العربية‬ ‫السعودية أسواقاً أدبية شهيرة في العصر‬ ‫الجاهلي‪ ،‬كسوق هجر‪ ،‬وسوق المشقر‪ ،‬وسوق‬ ‫الزارة‪ ،‬وسوق الجرعاء‪ ،‬وسوق دارين‪ .‬وكانت هذه‬ ‫أ‬ ‫السواق بمنزلة مؤتمرات أدبية يشترك في إحيائها‬ ‫أساطين الشعر والنثر‪ .‬وأنجبت في ذلك العصر‬ ‫نخبة من الشعراء المجلين‪ ،‬منهم عمرو بن قميثة‬ ‫الذي يذكر بعض مؤرخي أ‬ ‫الدب أنه أول من قال‬ ‫الشعر من نزار‪ ،‬وسعد بن مالك‪ ،‬وطرفة بن العبد‬ ‫الشاعر الجاهلي المشهور وصاحب المعلقة التي‬ ‫مطلعها‪:‬‬ ‫لخولة أطالل ببرقة ثهمد‬ ‫تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد‪.‬‬ ‫وكذلك المتلمس‪ ،‬خال طرفة‪ ،‬والمرقش أ‬ ‫الكبر‪،‬‬ ‫والمرقش أ‬ ‫الصغر‪ ،‬والمثقب العبدي‪ .‬وفي العصر‬ ‫السالمي‪ ،‬أنجبت هذه المنطقة بعضاً من الشعراء‬ ‫إ‬ ‫منهم‪ :‬الصلقان العبدي‪ ،‬أ‬ ‫والعور الشني‪ ،‬وكعب‬ ‫الهجري‪ ،‬وأبو الجويرية وعمرو بن أسوى‪ .‬ومن‬ ‫شعراء المنطقة الذين برزوا في العصرين أ‬ ‫الموي‬ ‫والعباسي‪ :‬محمد بن تمامة العبدي‪ ،‬وقطري بن‬ ‫الفجاءة‪ ،‬وعيسى بن عاتك الخطي‪ ،‬وكشاجم‪،‬‬ ‫وصاحب الزنج‪ ،‬وعلي بن المقرب‪ ،‬وغيرهم‪ .‬وأثناء‬ ‫العهد التركي ظهر فيها بعض الشعراء كجعفر‬ ‫الخطي‪ ،‬وأحمد بن مهدي بن نصر هللا‪ ،‬وغيرهما‪.‬‬ ‫أما المدارس الرسمية فلم يكن لها في المنطقة‬ ‫وجود‪ ،‬وكذلك لم تكن قد عرفت الطباعة أو‬ ‫الصحافة بعد‪ .‬ولكنها كانت تزخر بكتاتيب تعليم‬

‫صناعة األواني الفخارية من الصناعات التي اشتهرت بها‬ ‫القدم‬ ‫منطقة القطيف منذ ِ‬

‫السيد محمد بن فارس‪ ،‬أحد أعيان القطيف‪ ،‬في معرضه‪،‬‬ ‫الذي يضم مجموعة من التحف النادرة‪ ،‬والكائن في بيته‬

‫القراءة والكتابة ومبادئ الحساب وتحفيظ القرآن‬ ‫الكريم وبحلقات الدرس التي كان يرعاها المشايخ‪،‬‬ ‫والتي يرجع الفضل إليها في تخريج علماء وفقهاء‬ ‫عديدين‪ ،‬بالضافة إلى عدد من الشعراء أ‬ ‫والدباء‬ ‫إ‬ ‫الذين يمكن اعتبارهم نواة حركة أدبية ناهضة‪.‬‬ ‫ومنذ أكثر من عشرين عاماً عرفت المنطقة‬ ‫التعليم الرسمي فبلغ عدد مدارس الذكور‬ ‫االبتدائية فيها خالل العام الدراسي الماضي ‪25‬‬ ‫ضمت ‪ 8274‬طالباً‪ ،‬في حين بلغ عدد‬ ‫مدرسة َّ‬ ‫المدارس المتوسطة ‪ 6‬مدارس ضمت في فصولها‬ ‫‪ 634‬طالباً وتأخر افتتاح المدرسة الثانوية حتى‬ ‫هذا العام وكان عدد طالبها عند االفتتاح ‪35‬‬ ‫طالباً فقط‪ .‬أما تعليم الفتاة في منطقة القطيف‬ ‫فقد بدأه أ‬ ‫الهالي في أواخر السبعينيات الهجرية‬ ‫بافتتاح ثالث مدارس أهلية‪ .‬ثم لم تلبث الرئاسة‬ ‫العامة لمدارس البنات أن ضمت هذه المدارس‬ ‫إليها عام ‪1380‬هـ بعد أن عوضت أ‬ ‫الهالي ما‬ ‫َّ‬ ‫صرفوه عليها‪ .‬ثم توالى بعد ذلك افتتاح مدارس‬ ‫البنات في مدينة القطيف والقرى المجاورة لها‬

‫جني ثمار البلح أمر يتطلب خبرة ومهارة‬

‫حتى بلغ عدد المدارس خالل العام الدراسي‬ ‫الماضي ‪ 12‬مدرسة‪ ،‬منها متوسطة واحدة في‬ ‫مدينة القطيف‪ .‬وبلغ عدد طالبات المدارس‬ ‫االبتدائية ‪ 3328‬طالبة في حين بلغ عدد طالبات‬ ‫المدرسة المتوسطة ‪ 185‬طالبة‪ .‬وقد أسهمت‬ ‫شركة الزيت العربية أ‬ ‫المريكية (أرامكو) في بناء‬ ‫والناث في المنطقة‬ ‫عديد من مدارس الذكور إ‬ ‫بموجب برنامج خاص متفق عليه بين حكومة‬ ‫المملكة العربية السعودية وبين الشركة‪.‬‬ ‫وبعد‪ ..‬فواحة القطيف واسعة مترامية أ‬ ‫الطراف‪،‬‬ ‫وهي تضم كثيراً من البلدات والقرى‪ ،‬إال أن‬ ‫قصبتها «القطيف» كانت ‪ -‬وال تزال ‪ -‬مركز الواحة‬ ‫وقلبها النابض‪.‬‬

‫أحد الفصول الدراسية التي يعقدها مركز التنمية‬ ‫االجتماعية في القطيف لطلبة المدارس أثناء عطلتهم‬ ‫الصيفية‬

‫تصوير‪ :‬علي‬ ‫عبدهللا خليفة‬ ‫جانب من مكتبة مركز الخدمة االجتماعية في القطيف‬

‫شاهد المزيد‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫عثرت عليها في قاموس المنهل (فرنســي‪ -‬عربي)‪،‬‬ ‫للفظة ا ألُولى المُعَ َّل َم ُة ِبنُجَ ْيمَةٍ ُ‬ ‫مكن رَصْ دُ وزن هذه الكلمة لتوليد المدلوالت التــي نحتاجها في علوم الحيوان‬ ‫َهف‪:‬‬ ‫لمختلفة‪ .‬وقد نَحَ وْتُ على مثَالهَا فيما صغتُ من كلمات مذكورة أدناها ُم ْكت ٌ‬ ‫َرِض‪:‬‬ ‫فيتَجاويفهَا‪ .‬مُؤْ ت ٌ‬ ‫الفيديوارَات َو‬ ‫في ال ُكهُوف والمَغَ‬ ‫يعيش‬ ‫دورالذي ُ‬ ‫صفة للحيوان‬ ‫ألعاب‬ ‫صفة للحيوان الذي يعيش في الأرض والوَحْ ل‪ ¯.‬مُجْ َتبِلٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي‬ ‫عيش في الجبال‪ ¯.‬مُحْ تَرِجٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش فــي الأحْ رَاج والغَ ابَات‪.‬‬ ‫اللغات‬ ‫تعلم‬ ‫يعيش في الخَ شَ ــب‪ُ .‬م ْرتَمِ لٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي‬ ‫للحيوان الذي‬ ‫مخْ ت َِش ٌب‪ :‬صفة‬ ‫يعيش في ال ِّرمَال‪ ¯.‬مُشْ ت َِجرٌ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في‬ ‫ا ألَشْ ــجَ ار‪.‬م ُْصطَ ِح ٌر (أصْ ُلهَا م ُْصت َِحر)‪ :‬صفة للحيوان الذي‬ ‫ب‪ :‬صفة للحيــوان الذي يعيش في‬ ‫الصحْ رَاء‪ُ .‬م ْهتَذِ ٌ‬ ‫يعيش في َّ‬ ‫ب)‪.‬‬ ‫المياه العَ ذْ بَة ( َمنْحُ وتَةٌ من َك ِل َمتَيْ ‪ :‬مَوَ ٌه (معناه المَاء)‪ +‬عَذْ ٌ‬ ‫م ْنتَقِ ــعٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش فــي ال َمنَاقِ ــع والمُسْ ــ َت ْنقَعَ ات‪.‬‬ ‫عثرت عليها في قاموس المنهل (فرنســي‪ -‬عربي)‪،‬‬ ‫للفظة ا ألُولى المُعَ َّل َم ُة ِبنُجَ ْيمَةٍ ُ‬ ‫مكن رَصْ دُ وزن هذه الكلمة لتوليد المدلوالت التــي نحتاجها في علوم الحيوان‬ ‫َهف‪:‬‬ ‫لمختلفة‪ .‬وقد نَحَ وْتُ على مثَالهَا فيما صغتُ من كلمات مذكورة أدناها ُم ْكت ٌ‬ ‫َرِض‪:‬‬ ‫ُوفتشملهاوالمَغَ ارَات َوتَجاويفهَا‪ .‬مُؤْ ت ٌ‬ ‫يعيش في ال ُكه‬ ‫صفة للحيوان الذي ُ‬ ‫المهارات التي‬ ‫صفة للحيوان الذي يعيش في الأرض والوَحْ ل‪ ¯.‬مُجْ َتبِلٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي‬ ‫عيش في الجبال‪ ¯.‬مُحْ تَرِجٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش فــي الأحْ رَاج والغَ ابَات‪.‬‬ ‫ل‪ :‬صفة للحيوان‬ ‫ــب‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في الخَ شَ ب‪ُ .‬م ْرتَمِ ٌ‬ ‫مخْ ت َِش ٌ‬ ‫لذي يعيش في ال ِّرمَال‪ ¯.‬مُشْ ت َِجرٌ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في ا ألَشْ جَ ار‪.‬‬ ‫ب‪:‬‬ ‫الصحْ رَاء‪ُ .‬م ْهتَذِ ٌ‬ ‫مصطَ ِح ٌر (أصْ ُلهَا م ُْصت َِحر)‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في َّ‬ ‫ْ‬ ‫َي‪ :‬مَوَ ٌه (معناه‬ ‫صفة للحيوان الذي يعيش في المياه العَ ذْ بَة ( َمنْحُ وتَةٌ من َك ِل َمت ْ‬ ‫لمَاء)‪ +‬عَذْ ٌب)‪ُ .‬م ْنتَقِ عٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في ال َمنَاقِ ع والمُسْ ــ َت ْنقَعَ ات‪.‬‬ ‫عثرت عليها في قاموس المنهل (فرنســي‪ -‬عربي)‪،‬‬ ‫للفظة ا ألُولى المُعَ َّل َم ُة ِبنُجَ ْيمَةٍ ُ‬ ‫مكن رَصْ دُ وزن هذه الكلمة لتوليد المدلوالت التــي نحتاجها في علوم الحيوان‬ ‫َهف‪:‬‬ ‫لمختلفة‪ .‬وقد نَحَ وْتُ على مثَالهَا فيما صغتُ من كلمات مذكورة أدناها ُم ْكت ٌ‬ ‫َرِض‪:‬‬ ‫يعيش في ال ُكهُوف والمَغَ ارَات َوتَجاويفهَا‪ .‬مُؤْ ت ٌ‬ ‫صفة للحيوان الذي ُ‬ ‫صفة للحيوان الذي يعيش في الأرض والوَحْ ل‪ ¯.‬مُجْ َتبِلٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي‬ ‫عيش في الجبال‪ ¯.‬مُحْ تَرِجٌ ‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش فــي الأحْ رَاج والغَ ابَات‪.‬‬ ‫ل‪ :‬صفة للحيوان‬ ‫يعيش في الخَ شَ ب‪ُ .‬م ْرتَمِ ٌ‬ ‫الذي‬ ‫للحيوان‬ ‫صفة‬ ‫‪:‬‬ ‫ــب‬ ‫ٌ‬ ‫َش‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫مخْ‬ ‫ٌ‪ :‬الكتابة‪..‬‬ ‫حتى‬ ‫صفة للحيوان الذي يعيش في ا ألَشْ جَ ار‪.‬‬ ‫لذي يعيش في ال ِّرمَال‪ ¯.‬مُشْ ت َِجر‬ ‫ب‪:‬‬ ‫الصحْ رَاء‪ُ .‬م ْهتَذِ ٌ‬ ‫مصطَ ِح ٌر (أصْ ُلهَا م ُْصت َِحر)‪ :‬صفة للحيوان الذي يعيش في َّ‬ ‫ْ‬ ‫َي‪ :‬مَوَ ٌه (معناه‬ ‫صفة للحيوان الذي يعيش في المياه العَ ذْ بَة ( َمنْحُ وتَةٌ من َك ِل َمت ْ‬ ‫‪71 | 70‬‬

‫لغويات‬

‫بدر القبيسي‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫تتنوع أ‬ ‫الحكام على ألعاب‬ ‫الفيديو بتنوع تأثيراتها على‬ ‫مستخدميها‪ ،‬ومنطلقاتها عديدة‬ ‫وتشمل علم النفس والتطور‬ ‫الذهني واللغوي واالعتبارات‬ ‫التربوية والثقافية المحلية وغير ذلك كثير‪ .‬ولكن‬ ‫ثمة جانب من جوانب تأثيرات هذه أ‬ ‫اللعاب ال يزال‬ ‫في الظل‪ ،‬وإن كان بعض آ‬ ‫الباء يلحظونه من خالل‬ ‫تعاطي أبنائهم مع هذه أ‬ ‫اللعاب‪ ،‬أال وهو دورها في‬ ‫تعليم اللغات‪ ،‬من خالل ما قد يظهر على ألسنة‬ ‫هؤالء من مفردات آتية من عالم الفيديو‪.‬‬

‫عندما يدور الحديث عن ألعاب الفيديو‪ ،‬فإن أول‬ ‫آ‬ ‫ثار السلبية التي‬ ‫ما قد يتبادر إلى ذهن العديد ال ُ‬ ‫العالم عموماً‪ ،‬أو حتى ما‬ ‫تتناقلها الصحافة أو إ‬ ‫نتحدث به على المستوى الشخصي عندما نذكر هذه‬ ‫أ‬ ‫اللعاب‪ .‬فتجد من يذكر أنها مضيعة للوقت‪ ،‬مثالً‪،‬‬ ‫أ‬ ‫أو سبباً لعزل الفراد عن مهارات معيشية مهمة‪ ،‬وغير‬ ‫ذلك مما نعتقد أنها آثار سلبية لهذه أ‬ ‫اللعاب‪ ،‬التي‬ ‫هي محل خالف‪.‬‬ ‫غير أن أحد أهم الجوانب التي نغفلها هو أن ألعاب‬ ‫الفيديو انتشرت بشكل كبير ولم تعد محصورة على‬ ‫معينة‪ .‬وبالتالي‪ ،‬هنالك‬ ‫معينة أو حتى على أجهزة َّ‬ ‫سن َّ‬ ‫إمكانية لالستفادة منها‪ ،‬خاصة وأن الوصول إلى ألعاب‬ ‫الفيديو أصبح ممكناً عن طريق أنظمة وأجهزة متعددة‪،‬‬ ‫إذ لم تعد حكراً على أجهزة أ‬ ‫اللعاب فقط‪ ،‬بل يمكن‬ ‫آ‬ ‫الن الوصول إليها حتى عن طريق الهواتف الشخصية‪.‬‬

‫يتم بثالث طرق‪ :‬أ‬ ‫الولى‪ ،‬وهي استخدام ألعاب‬ ‫أ‬ ‫مخصصة للتعلم مثل اللعاب التي تهدف إلى تنمية‬ ‫مهارة محددة كالقراءة‪ ،‬وهذه نادرة‪ .‬الطريقة الثانية‬ ‫هي استخدام ألعاب مصممة ألغراض تجارية بحتة‬ ‫وتركز على جانب المتعة في اللعب‪ ،‬وأي تعلم‬ ‫يحصل من خاللها هو عارض وال يمكن التحكم به‪،‬‬ ‫وأغلب أ‬ ‫اللعاب تقع ضمن هذه الفئة‪ .‬والطريقة‬ ‫أ‬ ‫الثالثة تعتمد على اللعاب المصممة تجارياً كالفئة‬ ‫الثانية التي لم تصمم لجانب تعليمي‪ ،‬بل تستخدم‬ ‫ضمن منهج محدد لالستفادة من الجوانب اللغوية‬ ‫بها وهي سهلة االستخدام‪ .‬لكن السؤال الذي يتبادر‬ ‫أ‬ ‫تنمي‬ ‫إلى الذهن هو‪ :‬ماذا يمكن للعاب الفيديو أن ّ‬ ‫لغوياً؟‬

‫هنالك عديد من الفوائد الستخدام ألعاب الفيديو‬ ‫في تنمية تعلم اللغات‪ ،‬فهي تغطي مهارات عديدة‬ ‫كالقراءة أو الكتابة أو حتى جوانب ثقافية أو تداولية‬ ‫للّغة‪ .‬ومثاال ً على ذلك‪ ،‬قيام باحثين بدراسة لعبة‬ ‫فيديو مخصصة لتعليم الكلمات‪ ،‬وهذه تدخل‬ ‫ضمن إطار أ‬ ‫اللعاب ذات الهدف التعليمي المباشر‪،‬‬ ‫عكس أ‬ ‫اللعاب المنتشرة بهدف ترفيهي أساسي‪.‬‬ ‫وتوضح إحدى نتائج هذا البحث أن فترة شهرين‬ ‫من اللعب بهذه اللعبة تساوت مع مكتسبات لغوية‬ ‫عادة ما يحصل عليها متعلمو اللغات في فترة ما‬ ‫بالضافة إلى ذلك‪ ،‬توجد ميزة‬ ‫بين سنة إلى سنتين‪ .‬إ‬ ‫المدرسون توفيرها‬ ‫أللعاب الفيديو قلّما يستطيع‬ ‫ِّ‬ ‫من خالل فصول التعليم التقليدية‪ ،‬أال وهي ُ‬ ‫جعل‬ ‫المتعلم يعيش ويتفاعل مع البيئة التي يتعلم من‬ ‫خاللها‪ ،‬كتعلم كيفية استخدام اللغة كما يستخدمها‬ ‫متحدثوها أ‬ ‫الصليون في مجتمعاتهم‪ ،‬مثل التحدث‬ ‫بها في أ‬ ‫السواق‪ ،‬وفي االجتماعات التجارية أو حتى‬ ‫في المنزل‪.‬‬

‫توضح إحدى الدراسات التي نشرت في الواليات‬ ‫المتحدة أ‬ ‫المريكية عام ‪2007‬م بأن ‪ %63‬من السكان‬ ‫يستخدمون ألعاب الفيديو‪ .‬هذا العدد كبير طبعاً‪،‬‬ ‫ومن المؤكد أنه ازداد منذ ذلك الوقت‪ ،‬ليس فقط‬ ‫في الواليات المتحدة بل وحتى في بلداننا العربية‬ ‫وبشكل خاص بعد انتشار الهواتف الذكية‪ .‬ودفع هذا‬ ‫االنتشار أللعاب الفيديو عديداً من الباحثين لدراسة‬ ‫الجوانب التعليمية أللعاب الفيديو التي ما زالت‬ ‫أرضاً خصبة لمزيد من البحث والدراسة‪.‬‬

‫ّ‬ ‫ألعاب الفيديو بإضافة محتوى‬ ‫تحل هذه المشكلة‬ ‫ُ‬ ‫يستطيع من خالله المتعلم غمس نفسه به وكأنه‬ ‫جزء من اللعبة أو القصة بل وتدفعه أحياناً كثيرة إلى‬ ‫تقمص دور بعض شخصياتها‪.‬‬

‫اليجابية هو تعلم اللغات‬ ‫واحد من هذه الجوانب إ‬ ‫عن طريق ألعاب الفيديو‪ .‬والتعلم هنا يمكن أن‬

‫اللعاب آ‬ ‫كثير من أ‬ ‫الن‪ ،‬وخصوصاً مع انتشار‬

‫النترنت‪ ،‬يحتوي على جانب تفاعلي مع مستخدمي‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫هذه اللعاب من متحدثي اللغة من ثقافات‬ ‫مختلفة‪ .‬هذا يضيف البعد االجتماعي أ‬ ‫لللعاب‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫جاعال ً من التعلم اللغوي االفتراضي قريباً جداً‬ ‫من تعلم اللغة في المجتمعات التي تتحدث‬ ‫بها‪ .‬وتوصلت مجموعة من الدراسات إلى أن هذه‬ ‫النوعية من أ‬ ‫اللعاب لها دور كبير في اكتساب‬ ‫اللغات الحتوائها على الجانب الثقافي واالجتماعي‬ ‫التفاعلي وهو جانب مهم لتعلم أي لغة‪ .‬إضافة‬ ‫إلى ذلك‪ ،‬يساعد عديد من ألعاب الفيديو على‬ ‫تنمية مهارة الكتابة باللغة أ‬ ‫الجنبية سوا ًء من خالل‬ ‫أ‬ ‫اللعاب مباشرة أو حتى من خالل الكتابة عنها‪.‬‬ ‫ومثال ذلك كتابة مدونات أو دليل للعبة أو مقاالت‬ ‫أو من خالل النقاشات حولها‪ ،‬إضافة إلى الكتابة من‬ ‫خالل غرف المحادثة التي يوفرها كثير من أ‬ ‫اللعاب‬ ‫ٌ‬ ‫للمتبارين‪ .‬وتساعد هذه الميزة متعلمي اللغة على‬ ‫الكتابة لجمهور كبير من غير أن يشعروا بالحرج أو‬ ‫الضغط النفسي الذي يواجهه متعلم اللغة عند‬ ‫الكتابة لفصل أو جمهور ناقد‪.‬‬ ‫جانب آخر متوفر في أغلب أ‬ ‫اللعاب أيضاً هو‬ ‫تطوير مهارة القراءة من غير أن يكون ذلك هو‬ ‫الهدف أ‬ ‫الساسي للعبة‪ .‬إذ يحتاج المستخدم إلى‬ ‫أن يقرأ القصص أو الحوارات داخل اللعبة ويحاول‬ ‫استيعابها سوا ًء من خالل النص مباشرة أو من‬ ‫خالل الدالئل أ‬ ‫الخرى في اللعبة‪ ،‬مثل الرسومات‬ ‫والشخصيات وتسلسل القصة ومقاطع الفيديو‪.‬‬ ‫وهذه ميزة رائعة ألن الشخص عندما يلعب يسعى‬ ‫هدف داخل اللعبة وهو تجاوز مراحلها‬ ‫لتحقيق ٍ‬ ‫المختلفة‪ ،‬واستكشافها دون أن يعلم أنه في الوقت‬ ‫يطور مهارات لغوية عديدة‪ .‬ويحاول الباحثون‬ ‫نفسه ِّ‬ ‫في هذا المجال كسر فكرة أن اللعب والتعلم في‬ ‫مجال اللغات ال يجتمعان‪ ،‬في وقت تؤيد هذه‬ ‫الفكرة جميع الدالئل المبدئية أ‬ ‫للبحاث‪ .‬ولهذا نقول‪:‬‬ ‫فكّر جيداً قبل أن تخبر أحدهم بأنه يلعب وال‬ ‫يخصص وقتاً للتعلم!‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫دارا العبداهلل‬

‫ماركوس كاترليه‬ ‫فنان األلعاب النارية‬

‫فرشاة وإزميل‬

‫رسام ريشته من لهب؛ ولوحته صفحة‬ ‫السماء‪ .‬موسيقار يعزف على قيثارة الليل؛‬ ‫وحاوي مسرح عرائس من نار وعناقيد‬ ‫لهب يحركها كيفما شاء له إلهامه‪ .‬فنان‬ ‫ِّ‬ ‫يسخر لها‬ ‫متعدد المواهب واألدوات‪،‬‬ ‫ً‬ ‫إبداعاته التقنية المتجددة دوما‪ ،‬بحيث‬ ‫َّ‬ ‫تتحول قبلة أنظارنا فجأة إلى مشهد‬ ‫ِّ‬ ‫ومتعدد‪ ،‬يحبس األنفاس‪.‬‬ ‫مذهل‪ ،‬متغيِّ ر‬ ‫ذلك هو ماركوس كاترليه‪ ،‬أحد أشهر فناني‬ ‫األلعاب النارية‪ ،‬الذي يرى في عمله مصدر‬ ‫فرح للجمهور‪ ،‬ومهنة تكافئ محترفيها‬ ‫بما تثيره من مشاعر اإلبهار في نفوس‬ ‫المشاهدين‪.‬‬


‫‪73 | 72‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫ف ي� العام ‪1987‬م أسس ماركوس كاترليه ش�كة‬ ‫«فالش آرت» بمشاركة صديق له ف ي� مدينة‬ ‫اللمانية‪ .‬وهو يدير آ‬ ‫بيلفيلد أ‬ ‫الن هذه ش‬ ‫ال�كة‬ ‫ت‬ ‫ال� تنفذ مشاريع بمئات ي ن‬ ‫مالي� الدوالرات‬ ‫ي‬ ‫عىل شكل عروض متعددة الوسائط تستخدم‬ ‫فيها تقنيات أ‬ ‫والل�ر والماء وتراوح مدتها عادة ي ن‬ ‫اللعاب النارية ي ز‬ ‫ب�‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫وأربع� دقيقة‪ .‬وأصبح ش‬ ‫لل�كة مكاتب تمثيلية ي� ‪ 12‬بلداً‬ ‫دقيقت�‬ ‫ن‬ ‫والص�‪ ،‬يعمل فيها‬ ‫ود�‬ ‫ي‬ ‫عىل امتداد العالم منها بولندا وموسكو ب ي‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫ش‬ ‫أك� ثالث �كات ي� العالم‬ ‫حوال ‪310‬‬ ‫موظف�‪ ،‬وتعد واحدة من ب‬ ‫ي‬ ‫ف ي� ميدان اختصاصها‪.‬‬ ‫ينهض ماركوس كاترليه بأدوار متعددة‪ .‬فهو ف ي� الوقت نفسه‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫وتق� وفنان‪ ،‬وهو مستعد دائماً الختبار أفكار‬ ‫صاحب �كة ي‬ ‫ش‬ ‫جديدة‪ .‬وقد ابتكر مع �يكه ألعاباً نارية متناغمة مع معزوفات‬ ‫موسيقية عندما كانت هذه التقنية ال تزال ف� طفولتها أ‬ ‫الوىل‪ .‬ولم‬ ‫ي‬ ‫تكن أ‬ ‫اللعاب النارية ف ي� المساحات المقفلة معروفة قبل كاترليه‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ال� تشمل الماء والنار والضوء‬ ‫كما أن عروض الوسائط‬ ‫المتعددة ي‬ ‫لم تكن قد بلغت مرحلة الكمال ف ي� أوروبا‪.‬‬

‫كاترليه ف� ت‬ ‫مح�فه‬ ‫ي‬

‫أ‬ ‫ف ت ف‬ ‫لمانية‪ ،‬حيث يجري هذا الفنان‬ ‫ي� مح�فه ي� مدينة بيليفلد ال َّ‬ ‫والح�ة والصدمة‬ ‫اختباراته‪ ،‬يصاب الزائر بالرهبة واالستغراب‬ ‫ي‬ ‫المسودة‬ ‫المسودة‪،‬‬ ‫والرعب‪ .‬مكان ما قبل العرض‪ ،‬العرض‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الخامة‪ ،‬حيث العرض يُج َّهز ويُخطَّط‪ ..‬يبدو المكان بقسوته‬ ‫وجديّته وكأنَّه ي ز‬ ‫منطقة‬ ‫لتفج� تهديمي‪ ،‬أو لزرع ألغام ف ي�‬ ‫تجه�‬ ‫ٍ‬ ‫يٍ‬ ‫مخفية‪ .‬يحار المرء كيف تصدر ّكل هذه الرهافة والدقة‬ ‫عسكريَّة‬ ‫والتقان من َّهذه أ‬ ‫ح�ف يؤنسن‬ ‫الدوات الجادة‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫الخط�ة‪ ،‬إنَّه ُم ت َ‬ ‫أ‬ ‫الذى‪..‬‬ ‫ال� أدخلها كاترليه إىل عالم أ‬ ‫ت‬ ‫اللعاب‬ ‫لكن النقلة النوعية َّ‬ ‫الفنية ي‬ ‫النارية‪ ،‬هو بالضبط‪ ،‬الكف عن كونها ألعاباً ناريَّة فقط‪ ،‬هدفها‬ ‫السطحية‪ .‬عمل كاترليه عىل ربط‬ ‫الربح المادي البحت‪ ،‬والتسلية‬ ‫َّ‬ ‫عروض أ‬ ‫فثمة‬ ‫ة‬ ‫وفني‬ ‫عامة‬ ‫ة‬ ‫إنساني‬ ‫اللعاب النارية بقيم‬ ‫كونية‪ّ .‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫مرسحية أو‬ ‫تشكيلية أو سكيتشات‬ ‫عروض تبدو وكأنها لوحات‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫بالتال عن بعض أعمق مراحل حاالت‬ ‫وتع�‬ ‫مقطوعات‬ ‫موسيقية‪ ،‬ب ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫الوجود الب�ي‪ ،‬مثل عزلة الفنان أو غضبه أو فرحه‪.‬‬

‫مقدمات هذا الفن ومنطلقاته‬

‫ت‬ ‫المح�ف ي َّ ز‬ ‫المم� والخاص جداً‪ ،‬التقينا كاترليه الذي أجاب‬ ‫ف ي� هذا‬ ‫عن بعض أسئلتنا‪:‬‬ ‫• هل تستطيع أن ترينا نموذجاً من عروض أ‬ ‫اللعاب النارية؟‬ ‫• كاترليه‪ :‬من غ� الممكن طبعاً أن أقيم لكم عرضاً خاصاً أ‬ ‫لللعاب‬ ‫ي‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫صغ�اً‪ ،‬ولكنه متطور ومعقَّد‬ ‫النارية‪ .‬ترون هنا نموذجا داخليا ي‬ ‫ويفرس طريقة العمل‪ :‬حاويات وأغطية متتابعة‪ .‬تدخل ف ي� فكرة‬ ‫أ‬ ‫اللعاب النارية كيفية توقع المعطيات المختلفة‪ ،‬وكيف ن‬ ‫سنب�‬ ‫ي‬ ‫التأث�ات السمعية والبرصية‪.‬‬ ‫وندير ي‬ ‫• كيف تتخيل عرضاً أ‬ ‫لللعاب النارية‪ ،‬وبماذا تبدأ؟‬ ‫• كاترليه‪ :‬هنالك ثالث مسائل رئيسة‪ ،‬أولها ما يطلبه الزبون‪.‬‬ ‫يجب أن ندخل مخيلته وأن نجد أ‬ ‫السلوب الذي يعجبه ف ي�‬

‫بعض مكونات أ‬ ‫السهم النارية ف ي� ورشة تصنيعها‬ ‫ّ‬

‫ت‬ ‫ال� يتوخاها‪ .‬وتتعلق المسألة الثانية بالوسائط‬ ‫إيصال الرسالة ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫كب� يب� عروض اللعاب النارية‬ ‫المستخدمة‪ .‬هنالك فرق ي‬ ‫ت‬ ‫ال� قد تتضمن شعارات‬ ‫المحضة وعروض الوسائط المتعددة ي‬ ‫وصوراً نارية‪ ،‬كما أن ي ز‬ ‫الل�ر يفتح آفاقاً رائعة حيث أستطيع‬ ‫أ‬ ‫استخدام وتحريك الغرافيكس وعرض الحرف والمحتوى الذي‬ ‫يحك القصة كاملة‪ ،‬ويمكن عرض هذه الصور عىل مستوى‬ ‫ي‬ ‫سطح الماء‪ ،‬ثم تكون الخاتمة بعرض شأ�طة فيديو‪ .‬أما‬ ‫المسألة الثالثة فهي المكان‪ .‬من المهم جداً هنا أيضاً أن ندرس‬


‫الخطوط أ‬ ‫واللوان المصاحبة إليقاع الموسيقى‪..‬‬ ‫أ‬ ‫ث‬ ‫ثوان معدودة‬ ‫جمال ال يدوم لك� من ٍ‬

‫المعطيات قبل البدء بالعمل‪ .‬لننظر مثال ً إىل هذه الصورة‬ ‫لخرائب قرص قديم‪ :‬ألننا ال نعرف طبيعة المكان أو كيفية‬ ‫التعامل معه‪ ،‬فإنه يجب علينا أن نفكر بكيفية تقسيم المساحة‬ ‫المتاحة‪ ،‬وبالتال تحديد عالمات هادية‪ .‬أما عىل قطعة أ‬ ‫الرض‬ ‫ي‬ ‫الكب�ة هذه‪ ،‬فإنه يجب أن نحسب المسافات المتعلقة بالسالمة‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫فيما يخص المشاهدين‪ ،‬ومحطات الخدمات‪ ،‬والسطح‬ ‫وهلم جراً‪ .‬علينا القيام‬ ‫المصنوعة من مواد قابلة لالشتعال‪َّ ،‬‬ ‫بعملية استكشاف ف ي� غاية الدقة‪ .‬هنالك أمر آخر عندما نكون‬ ‫معينة‪ ،‬إذ يجب االتصال بمكتب‬ ‫بقرب مطار أو فوق ارتفاعات َّ‬ ‫كث� من‬ ‫السالمة الجوية وطلب ترصيحات خاصة‪ ،‬وهنالك ي‬ ‫الداري المطلوب من أجل التقيد شب�وط السالمة‪.‬‬ ‫العمل إ‬ ‫• بعد استكشاف المكان واستيفاء ش�وط السالمة‪ ،‬هل تكون‬ ‫الموسيقى نقطة االنطالق؟‬ ‫• كاترليه‪ :‬هذا صحيح‪ .‬عندما نقيم عرضاً نارياً ‪ -‬موسيقياً بدال ً‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫�ء يرتكز عىل‬ ‫من عرض اللعاب النارية التقليدي ‪ -‬يكون كل ي‬ ‫الموسيقى‪ ،‬إنها الخيط الهادي بالنسبة لنا‪ .‬علينا أن نتبع نغمية‬ ‫التأث�ات المختلفة عندما‬ ‫القطعة الموسيقية‪ ،‬بحيث تتواىل ي‬ ‫نضغط عىل زر «التشغيل» تبعاً للقطعة الموسيقية‪ .‬ويكون مجمل‬ ‫مكوناته‪ :‬القنابل‬ ‫مخطط العرض قائماً عىل ي‬ ‫وت�ة الموسيقى بكل ِّ‬ ‫وال�يات النارية‪ ،‬بحيث يكون كل هذا كقائمة تدخل �ف‬ ‫والصواريخ ث‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الكمبيوتر من أجل إطالق العنارص المختلفة ي� اللحظة المطلوبة‪.‬‬ ‫ف ف‬ ‫حداداً‬ ‫الح َر ي� ي� هذا الفن يقول‪« :‬خذ مثال ً َّ‬ ‫وحول الجانب ِ‬ ‫يابانياً يصنع السيوف‪ .‬هل هو ف‬ ‫حر� أم فنان؟ هنالك بالطبع‬ ‫ي‬

‫كل شيء يرتكز على‬ ‫الموسيقى‪ ،‬إنها الخيط‬ ‫الهادي بالنسبة لنا‪ .‬علينا‬ ‫أن نتبع نغمية القطعة‬ ‫الموسيقية‪ ،‬بحيث تتوالى‬ ‫التأثيرات المختلفة عندما‬ ‫نضغط على زر «التشغيل»‬ ‫التفك� بإنتاج ال‬ ‫كث� من العمل اليدوي ف ي� مهنتنا‪ ،‬وما فائدة‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ً‬ ‫ال� ينطوي‬ ‫يمكن بعد ذلك تطبيقه بوضوح نظرا للمخاطر ف ي‬ ‫حر� ف ي� شخصية‬ ‫عليها أو عدم توفر المواد الالزمة له؟ هنالك ي‬ ‫عل أن أتساءل عندما أعمل‬ ‫كل فنان‪ ،‬والعكس أصحيح‪ .‬ي َّ‬ ‫ت‬ ‫ال� ينبغي استخدامها‪ ،‬وما هي‬ ‫ما هي ي‬ ‫التأث�ات وال أدوات ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫ح� نتعامل‬ ‫ا� والقالم المناسبة؟ ويبدأ الفن ي‬ ‫اللوان والفر ي‬ ‫ت‬ ‫تث�ها الموسيقى‪ ،‬حيث يجب أن يكون‬ ‫ال� ي‬ ‫مع المشاعر ي‬ ‫هنالك تفاعل بينها ي ن‬ ‫التأث�ات النارية‪ .‬وهنالك أيضاً أبعاد‬ ‫وب� ي‬ ‫والبعد المتعلق‬ ‫لكل ي‬ ‫والبعد البرصي‪ُ ،‬‬ ‫البعد السمعي‪ُ ،‬‬ ‫تأث�‪ُ :‬‬


‫‪75 | 74‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫بالسالمة‪ .‬عىل المتخصص ف ي� تصميم الناريات َّأل يكون فهمه‬ ‫مقترصاً عىل ألعابه النارية‪ ،‬بل عليه أن يفهم أيضاً فنون‬ ‫الرقص أ‬ ‫واللحان الراقصة والموسيقى عموماً‬ ‫غ�ها‬ ‫والكث� ي‬ ‫ي‬ ‫من الفنون‪ ،‬وعليه ف ي� الوقت نفسه أن يكون رساماً عىل لوحة‬ ‫السماء‪ .‬وتتجىل درجة تعقيد هذا الفن عىل نحو خاص ف ي�‬ ‫مسابقات أ‬ ‫اللعاب النارية»‪.‬‬

‫جولة على «عواصم النار»‬

‫أما عن التكنولوجيا المتطورة‪ ،‬فيقول‪« :‬تلعب الهندسة‬ ‫ن‬ ‫فإن�‬ ‫والتكنولوجيا دوراً مهيمناً‪ .‬عندما أتذكر‬ ‫كيف بدأنا‪ ،‬ي‬ ‫المر قد اختلف تماماً‪ .‬أصبح آ‬ ‫أدرك أن أ‬ ‫الن كل ش‬ ‫�ء رقمياً‬ ‫ي‬ ‫وال يستغرق إال جزءاً من الثانية‪ .‬ولدينا آ‬ ‫الن أنظمة راديو‬ ‫خاصة بحيث تتوافر طرق عديدة من حيث المدى والحجم‪،‬‬ ‫مع وسائل تحكم مركزية بالعرض‪ .‬أ‬ ‫والمر نفسه ينطبق عىل‬ ‫اعتبارات السالمة أ‬ ‫والمن‪ :‬ي ن‬ ‫ح� أرى رياحاً قوية قادمة قد ينتج‬ ‫عنها خطر ما‪ ،‬ن‬ ‫التأث�ات المنطوية عىل‬ ‫فإن� أحذف بكبسة زر ي‬ ‫مخاطر محتملة‪ .‬يويحدث هذا أيضاً ف� حالة العروض المقامة �ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫كب�ة‪ ،‬حيث أستطيع بكبسة زر وقف العرض إذا ت‬ ‫اق�ب‬ ‫مالعب ي‬ ‫يتعرضون فيه للخطر‪.‬‬ ‫فجأة بعض المشاهدين من‬ ‫مكان قد َّ‬ ‫وقد نفذنا مؤخراً ف� د� عرضاً أ‬ ‫لللعاب النارية المتوائمة مع‬ ‫ي بي‬ ‫ت‬ ‫كيلوم� مربع‪ ،‬وهو ش‬ ‫�ء أصبح‬ ‫الموسيقى عىل مساحة تبلغ ‪6.5‬‬ ‫ي‬ ‫ممكناً آ‬ ‫التفك� به ف ي�‬ ‫الن بفضل التكنولوجيا وكان من المستحيل‬ ‫ي‬ ‫السابق»‪.‬‬ ‫أ‬ ‫الكب�ة ف ي� ألمانيا قليلة مقارنة بدول‬ ‫• عروض اللعاب النارية ي‬ ‫أوروبية أخرى‪ .‬ما سبب ذلك؟‬ ‫• كاترليه‪ :‬هذا عائد أساساً إىل المفاهيم والتقاليد‪ .‬ففي ألمانيا يرى‬ ‫ف‬ ‫«تبدد‬ ‫كث� ي� االحتفاالت بذخاً يقارب الخطيئة‪ ،‬ويعتقدون أنها ِّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫الموال» وتلوث البيئة‪ ،‬وأن النفاق يجب أن يتوقف تماماً �ف‬ ‫إ‬ ‫ِّ‬ ‫ي‬ ‫حال حدوث أصغر أ‬ ‫الزمات‪ .‬وهو ما ال يمكن تصوره ف ي� إيطاليا‬ ‫أ‬ ‫أو إسبانيا‪ ،‬فهم يحتفلون ويأكلون جيداً عىل أساس أن الزمة‬ ‫تستطيع دائماً أن تنتظر ت‬ ‫ح� الغد‪ .‬هنالك اختالف تام من‬ ‫حيث السياق‪ ،‬يرتبط بالتأكيد بتاريخ البالد وطريقة التعامل مع‬ ‫أ‬ ‫الزمات‪.‬‬ ‫• هل تتذكر احتفاال ً معيناً عىل نحو خاص‪ ،‬ولماذا؟‬ ‫• كاترليه‪ :‬ال أنىس ليلة االحتفال بحلول العام ‪2000‬م‪ ،‬أي بداية‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫كب� ف ي� العالم قاطبة‪ .‬احتجنا‬ ‫ال� كان لها وقع ي‬ ‫فاللفية الثانية ي‬ ‫أ‬ ‫ي� تلك الليلة إىل حوال ش‬ ‫ع� شاحنات لنقل معدات اللعاب‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫متحمس� لمساعدتنا‪ .‬كنا مجموعة‬ ‫النارية‪ ،‬وكان الجميع‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫موجودة ف ي� كل مكان‪ ،‬ي� ألمانيا والخارج‪ .‬تلك مناسبة ستظل‬ ‫ت‬ ‫ذاكر�‪ .‬أتذكر أيضاً ليلة رأس سنة أخرى لها خاصيتها‪،‬‬ ‫عالقة ف ي�‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫عندئذ � بد� ومعي ت‬ ‫قبل ي ن‬ ‫عائل�‪ ،‬وقمنا بعد‬ ‫د�‪ .‬كنت‬ ‫ٍ ي ي‬ ‫سنت� ي� ب ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ستة أيام من ليلة رأس السنة بتقديم عرض ألعاب نارية ي� إطار‬ ‫د� للتسوق‪ .‬أُنفق هناك عىل هذه العروض ما ينفق ف ي�‬ ‫مهرجان ب ي‬ ‫سنت�‪ .‬كانت فعال ً تجربة ي ز‬ ‫ألمانيا عىل مدى ي ن‬ ‫مم�ة‪.‬‬

‫وإطاللة على صناعتها ومعاملها‬

‫ونتوجه بعد ذلك بصحبة كاترليه إىل البلد الذي ت‬ ‫اخ�عت فيه‬ ‫أ‬ ‫اللعاب النارية‪ :‬ي ن‬ ‫الص�‪.‬‬

‫االستعدادات لالحتفال وليس للحرب‪!..‬‬

‫ين‬ ‫مدينة بيج ماي الواقعة ف� جنوب ي ن‬ ‫المختص�‬ ‫الص�‪ ،‬هي عاصمة‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫باللعاب النارية‪ .‬نرى ف ي� مقر أحد موردي أكاترليه آالف القنابل ي‬ ‫لك يرسم ي� السماء لوحات اللعاب النارية‪ .‬ال تزال‬ ‫يستخدمها ي‬ ‫صناعة أ‬ ‫اللعاب النارية قائمة عىل صناعة ِحرفية معقَّدة تعتمد‬ ‫الص�‪ ،‬ومخت� «ل تانغ» هو أيضاً مخت� أ‬ ‫أساساً عىل ي ن‬ ‫للفكار تبتكر‬ ‫ب‬ ‫ب ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫تأث�ات جديدة من حيث اللوان والشكال والفواصل الزمنية‪.‬‬ ‫فيه ي‬ ‫مكونات جديدة‪.‬‬ ‫يقول كاترليه‪ :‬نصنع ي‬ ‫تأث�ات باستعمال ِّ‬ ‫المعادالت الكيميائية رسية بالطبع‪ ،‬لكن المكونات أ‬ ‫الساسية‬ ‫اللعاب النارية‪ .‬المادة أ‬ ‫هي نفسها بالنسبة لجميع أ‬ ‫الساسية‬ ‫السود‪ .‬خليط تن�ات البوتاسيوم يطلق أ‬ ‫هي البارود أ‬ ‫ال ي ن‬ ‫كسج�‪،‬‬ ‫الك�يت والفحم‬ ‫الخش� كوقود يدفع الصاروخ إىل‬ ‫ويُستخدم ب‬ ‫ب‬ ‫العىل ويجعله ينفجر‪ .‬ينتج الضوء ي أ‬ ‫أ‬ ‫واللوان عن أمالح المعادن‬


‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال� تتفجر عىل شكل باقة‬ ‫مثل كربونات الس�ونتيوم ‪ SrCO3‬ي‬ ‫من الشظايا الحمراء‪ ،‬وملح الصوديوم الذي يعطي وهجاً المعاً‬ ‫ت‬ ‫ال� تشكل نجوماً ذهبية اللون‪ .‬تضاف إىل‬ ‫جميالً‪ ،‬ونشارة الحديد ي‬ ‫أ‬ ‫هذه قائمة كاملة من المنتجات إلشعال شبكة اللوان أو وصل‬ ‫مكوناً تشكل‬ ‫مكونات الخليط ببعضها‬ ‫حوال ‪َّ 80‬‬ ‫بعضاً‪ .‬هنالك ي‬ ‫الساسية لمعمل أ‬ ‫ال�سانة أ‬ ‫ت‬ ‫اللعاب النارية‪ .‬وتحبس هذه المكونات‬ ‫ف‬ ‫ف ي� قنبلة كروية الشكل وتنتج نجوماً‪ .‬ي� وسط العبوة‪ ،‬المؤلفة‬ ‫من البارود أ‬ ‫السود‪ ،‬يوضع فتيل يشعل عبوة الدفع بحيث تطلق‬ ‫أ‬ ‫التفج� تحت الضغط فتنفجر‬ ‫القنبلة نحو العىل‪ ،‬وتشتعل عبوة‬ ‫ي‬ ‫وتن� سما ًء من النجوم‪.‬‬ ‫القنبلة ي‬ ‫ت‬ ‫ال� تخلط داخل طبلة مع‬ ‫نعود إىل أ مصانع المنتجات الكيميائية ي‬ ‫حبات الرز أو القطن‪ .‬يجب أن يكون حجم الكريات واحداً بقدر‬ ‫المكان لك تشتعل ث‬ ‫وتن� ف ي� الوقت نفسه‪ .‬يمكن الحصول عىل‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫تنويعات من اللوان من خالل وضع منتجات فوق بعضها بعضاً‪،‬‬ ‫ويجب آ‬ ‫الن تغليف كرة القنبلة بالورق عىل نحو منتظم جداً‪ ،‬ت‬ ‫ح�‬ ‫ال يؤدي االنفجار إىل انشطارها إىل ي ن‬ ‫نصف� بل إىل انفجارها دفعة‬ ‫واحدة ف ي� كل االتجاهات‪ .‬ويجب تغليف القنابل‪ ،‬تبعاً لنوعها‪ ،‬بما‬ ‫يصل أحياناً إىل ي ن‬ ‫ثالث� طبقة من الورق‪ .‬ال مجال للتجريب ف ي� الليلة‬ ‫ش‬ ‫مرة واحدة فقط‪ ،‬ويجب أن‬ ‫�ء سيجري َّ‬ ‫المحددة للعرض‪ :‬فكل ي‬ ‫تكون نتيجة االبتكارات الجديدة إبهار المشاهدين‪.‬‬ ‫وحول تخزين هذه المفرقعات وما يتطلبه من لوجستيات يقول‪:‬‬ ‫ت‬ ‫ال� تشمل قنابل‬ ‫«ثمة مستودعات خاصة للعروض المهمة ي‬ ‫كب�ة الحجم‪ .‬ولدينا ستة مستودعات تتسع لتخزين ما ي ن‬ ‫ب� ‪10‬‬ ‫ي‬ ‫كث�اً ل�ض ورة عدم تخزين‬ ‫و‪ 12‬طناً من المواد‪ .‬يجب أن ننتبه ي‬ ‫البداع ف ي� ضبط النار وفق أشكال هندسية دقيقة‬ ‫إ‬


‫‪77 | 76‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫ت‬ ‫المواد ف� هواء شديد الجفاف‪ ،‬ألن العامل إ ت‬ ‫وستا� يزداد‬ ‫اللك� ي‬ ‫أ ي‬ ‫الماكن ت‬ ‫ال� تقل فيها الرطوبة عن ‪ ،%40‬مما يشكِّل خطر‬ ‫ف ي�‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫انبعاث ش�ارات عند مناولة المواد‪ .‬لذا يجب إبقاؤها ي� جو‬ ‫ح� ال تتدهور‪ ،‬ولدينا أجهزة �ف‬ ‫تزيد رطوبته عىل ‪ %70 - 60‬ت‬ ‫ي‬ ‫المستودعات تجعل رطوبة الهواء فيها موحدة بالنسبة المطلوبة‬ ‫للحفظ السليم»‪.‬‬

‫محاذيرها‬

‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� ال يمكن السيطرة‬ ‫تشكِّل اللعاب النارية جزءاً من المظاهر ي‬ ‫عليها عندما تصل االحتفاالت بليلة رأس السنة مثال ً إىل ذروتها‪.‬‬ ‫الصغ�ة ف ي� الشوارع قد تؤدي ف ي� حال‬ ‫كما أن االحتفاالت الفردية‬ ‫ي‬ ‫خط�ة‪.‬‬ ‫عدم توخي الحيطة والحذر إىل إصابات ي‬

‫غرفة التحكم‬

‫الطالق‬ ‫منصة إ‬

‫ولمعرفة مزيد عن مخاطر أ‬ ‫أخصائ�‬ ‫اللعاب النارية‪ ،‬قمنا بزيارة‬ ‫يي‬ ‫أ‬ ‫مكتب أ‬ ‫«البحاث االختبارية»‪ ،‬حيث تخضع اللعاب النارية‬ ‫الختبارت ميدانية قبل الحصول عىل ترخيص بيع ف� أ‬ ‫السواق‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫الخ�اء عىل نحو خاص ما يحدث عندما ال تُرمى‬ ‫يخت� ب‬ ‫الوروبية‪ .‬ب‬ ‫بتفج�ها داخل‬ ‫المفرقعات بالرسعة المطلوبة‪ .‬ولهذا‪ ،‬يقومون‬ ‫ي‬ ‫الخ�اء‪« :‬كما ترون لقد ظلت‬ ‫يد شب�ية صناعية‪ .‬وقال لنا أحد ب‬ ‫أصابع اليد ف ي� مكانها‪ .‬وعندما نفتح اليد‪ ،‬فإننا نالحظ بالطبع‬ ‫وجود حروق‪ ،‬لكن اليد بقيت كاملة مع كافة أصابعها‪ ،‬بحيث تظل‬ ‫العواقب محدودة ف ي� حال وقوع حادث‪ .‬إال أنه توجد مفرقعات‬ ‫يغ� مرخصة يجرب فيها منتج يغ� ن‬ ‫قانو�‪ ،‬وهي ترسل سنوياً إىل‬ ‫ي‬ ‫المستشفى خمسة آالف شخص ف ي� ألمانيا وثالثة آالف شخص ف ي�‬ ‫فرنسا‪.‬‬ ‫ومع ذلك فإن التقيد بالمعاي� أ‬ ‫الوروبية ال يستبعد كافة‬ ‫ي‬ ‫المخاطر‪ .‬إذ تنص اللوائح‪ ،‬بالنسبة أ‬ ‫لل ي ن‬ ‫ذن� مثالً‪ ،‬عىل أن انفجاراً‬ ‫عىل بعد ثمانية أمتار يجب أال ينتج عنه ث‬ ‫أك� من ‪« 120‬ديسيبيل»‪،‬‬ ‫ت‬ ‫أي ما يعادل سماع صوت إقالع طائرة حربية من بُعد ‪ 100‬م�‪.‬‬ ‫ومع أن عروض أ‬ ‫اللعاب النارية تخضع لنظم خاصة ف ي� ألمانيا‬ ‫وفرنسا‪ ،‬فإن بعض العروض قد تتجاوز ‪« 150‬ديسيبيل»‪ ،‬مما‬ ‫ن‬ ‫يتعرض‬ ‫يع� أن‬ ‫الشخص الذي يقف عىل مسافة قريبة منها قد َّ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫لثقب طبلة الذن‪.‬‬ ‫الخ�اء يتفحصون‬ ‫بالعودة إىل مركز االختبارات‪ ،‬حيث شاهدنا ب‬ ‫مجموعة من الصواريخ لمعرفة مدى سالمتها واستقرارها‪.‬‬ ‫ف‬ ‫مسخن ت‬ ‫ح� ‪50‬‬ ‫فهناك قسم منها يُ ت�ك لعدة أيام ي� مكان ّ‬ ‫ت‬ ‫ال� تخزن فيها عادة) لمعرفة‬ ‫درجة مئوية (وهي درجة الحرارة ي‬ ‫ما إذا كانت ستظل تعمل بعد التعرض لهذه الحرارة المرتفعة‪.‬‬ ‫وتخت� صواريخ أخرى بتعريضها ت ز‬ ‫اله�ازات قوية خلف جدران‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫من أ‬ ‫ت‬ ‫ال� تنقل فيها‬ ‫حوال‬ ‫ال‬ ‫محاكاة‬ ‫هنا‬ ‫والمقصود‬ ‫سمنت‪،‬‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫تز‬ ‫و�‬ ‫تتعرض اله�ازات شديدة‪ .‬ي‬ ‫بالطائرة داخل حاويات‪ ،‬حيث َّ‬ ‫مكوناته والتأكد من أنها‬ ‫اختبار آخر‪ ،‬يُفتح صاروخ للتحقق من ِّ‬ ‫معاي� التشكيل ت‬ ‫وال�كيب‪.‬‬ ‫مرخصة ف ي� أوروبا‪ ،‬والتحقق من مراعاة‬ ‫ي‬ ‫وهنالك مشكالت أخرى‪ :‬فانفجار المفرقعات والصواريخ يُطلق‬ ‫غباراً يحتوي عىل بقايا البارود أ‬ ‫السود والمواد الكيميائية‪ .‬وقد‬ ‫تؤدي احتفاالت ‪ 14‬يوليو (ذكرى اقتحام سجن الباستيل – الثورة‬ ‫الفرنسية) مثال ً إىل ذر ث‬ ‫أك� من ‪ 1000‬مليغرام من هذه الجزيئات‬ ‫ف ت‬ ‫حوال ‪ 30‬ضعف النسبة المسموح‬ ‫ي� م� الهواء المربع‪ ،‬أي ي‬

‫ئ‬ ‫الكيميا� الخاص‬ ‫لكل لون مركّبه‬ ‫ي‬

‫بها بموجب اللوائح أ‬ ‫الوروبية‪ ،‬مما قد يؤدي إىل تهيج ف ي� العيون‬ ‫وصعوبات ف ي� التنفس‪.‬‬

‫من النار إلى أ‬ ‫اللعاب النارية‪ :‬لمحة‬ ‫تاريخية‬ ‫ف‬

‫احتلت النار ي ز‬ ‫ح�اً مهماً ي� تطور ش‬ ‫الب�ية وتكوين الذاكرة الجماعية‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫النسان الول‪ ،‬قبل أن يألف النار‬ ‫ال� توارثتها الجيال‪ .‬كان إ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫النارة‬ ‫ويكتشف كيفية إيقادها واستخدامها لغراض مثل مشاعل إ‬ ‫ق‬ ‫وتو� هجمات الحيوانات ت‬ ‫المف�سة ليالً‪،‬‬ ‫والتدفئة وشواء الطرائد ي‬ ‫ال� ي ن‬ ‫اك�‬ ‫ينظر إىل النار الناتجة عن عوامل الطبيعة‪ ،‬مثل ثورات ب‬ ‫ال� تتسبب بها النيازك وغ�ها من أ‬ ‫ت‬ ‫الجسام المتساقطة‬ ‫ي‬ ‫والحرائق ي‬


‫أ‬ ‫بكث� من الخوف وبرهبة بالغة‪ .‬وعىل الرغم من مرور‬ ‫عىل الرض‪ ،‬ي‬ ‫ئ‬ ‫آالف ي ن‬ ‫البدا�‬ ‫السن� وتطور الحضارة والعلم‪ ،‬فإن هذا الشعور‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫بالرهبة ال يزال مزروعاً ي� النفس ش‬ ‫الب�ية‪ :‬انظر إىل نار موقدة ليال ً‬ ‫ف� صحراء أو غابة أو ت‬ ‫نز‬ ‫ح� ف ي� فناء الم�ل‪ ،‬وستنتابك النشوة أو‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ال� انتابت أسالفنا عىل مر العصور‪ .‬فما بالك‬ ‫القشعريرة نفسها ي‬ ‫يسخر لها الفنانون واالختصاصيون‬ ‫لو نظرت إىل ألعاب نارية ّ‬ ‫البداعية وأحدث‬ ‫خ�ة مخيلتهم إ‬ ‫القائمون بتصميمها وتصنيعها ي‬ ‫مبتكرات العلم والتكنولوجيا؟‬ ‫اخ�اع أ‬ ‫يُعتقد أن ت‬ ‫اللعاب النارية‪ ،‬أو تحديداً استنباط صيغة‬ ‫صنع البارود‪ ،‬قد جاء عن طريق الصدفة قبل ألفي سنة تقريباً �ف‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫الص�‪ .‬ويروى أن طباخاً صينياً مزج صدفة ثالثة مكونات شائعة‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ونس أمرها بعد أن وضعها ي� قدر عىل‬ ‫ي� مطبخ تلك اليام‪ ،‬ي‬ ‫النار‪ ،‬فجفت لتصبح ش‬ ‫ق�ة سوداء اللون‪ .‬خاف الطباخ أن يرى‬ ‫سيده ما َح َّل بالقدر‪ ،‬فحك القدر وأخذ فتات المادة السوداء‬ ‫وألقاها ف ي� الموقدة بقصد إخفائها‪ ،‬فإذ بها تشتعل عىل شكل‬ ‫ح� مستها النار‪ .‬وهكذا أدت غلطة الطباخ إىل ت‬ ‫ش�ارات ي ن‬ ‫اخ�اع‬ ‫أ‬ ‫البارود‪ .‬أطلق الصينيون عىل هذا المسحوق السود المدهش‬ ‫اسم «هيو ياو» (أي مادة النار الكيميائية) ثم جاءتهم فكرة‬ ‫وضعها ف ي� قصبة بامبو مجوفة وإلقائها ف ي� النار حيث كان البارود‬ ‫قوي‪ .‬وهكذا ولدت المفرقعات‬ ‫دوي ّ‬ ‫ينفجر ممزقاً القصبة مع ٍّ‬ ‫البدائية أ‬ ‫الوىل‪.‬‬ ‫لكن أقدم توثيق أ‬ ‫لللعاب النارية يعود إىل القرن السابع ف ي�‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫الص� (زمن أباطرة أرسة تانغ)‪ ،‬حيث كانت تستخدم ي� مرافقة‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫احتفاالت متنوعة‪ .‬كان الصينيون يعتقدون ي� البداية أن اللعاب‬ ‫النارية تستطيع‪ ،‬بما تحدثه من فرقعة وضوضاء‪ ،‬طرد أ‬ ‫الرواح‬ ‫ش‬ ‫ال�يرة وجلب الحظ والسعادة‪ .‬ولذلك فقد كانت جزءاً من‬

‫الثقافة الصينية‪ .‬وتطور فن صناعة أ‬ ‫اللعاب النارية وعلمها‬ ‫ليصبحا مهنة مستقلة ف� ي ن‬ ‫الص�‪ .‬فكان االختصاصيون ف ي� الناريات‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫ال� تدخل‬ ‫فيحظون باالح�ام أنظراً لمعرفتهم بالتقنيات المعقدة أ ي‬ ‫ي� إقامة عروض اللعاب النارية‪ .‬وقد أصبحت هذه اللعاب‬ ‫متوافرة ف� أ‬ ‫السواق لعامة الناس ف ي� زمن أباطرة أرسة سونغ‪.‬‬ ‫ي‬ ‫وشهدت تلك ت‬ ‫كب�ة شملت إطالق «صواريخ»‪ ،‬يذكر‬ ‫الف�ة عروضاً ي‬ ‫التاريخ بعضاً منها‪.‬‬ ‫ين‬ ‫الصيني� المعرفة بصناعة واستخدامات البارود‬ ‫وأخذ العرب عن‬ ‫ف‬ ‫الرماح‬ ‫ي� حدود العام ‪1240‬م‪ ،‬وقد كتب سوري يدعى حسن َّ‬ ‫أ‬ ‫عن الصواريخ واللعاب النارية وتقنيات نارية أخرى‪ ،‬مستخدماً‬ ‫عبارات توحي بأنه استقى علمه بتلك أ‬ ‫الشياء من مصادر صينية‪،‬‬ ‫حيث كان يش� إىل أ‬ ‫اللعاب النارية بعبارة «الزهور الصينية»‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ولم تعد أ‬ ‫ين‬ ‫الصيني�‬ ‫اللعاب النارية ف ي� عرصنا هذا حكراً عىل ثقافة‬ ‫القدماء‪ ،‬بل أصبحت جزءاً من الثقافة االحتفالية لدى معظم‬ ‫شعوب أ‬ ‫الرض‪ ،‬وهي نادراً ما تغيب عن االحتفاالت الوطنية‬ ‫بالضافة إىل المناسبات العائلية والفردية مثل ميالد‬ ‫والدينية‪ ،‬إ‬ ‫طفل‪ ،‬أو الحصول عىل شهادة مدرسية‪ ،‬إلخ‪ .‬لذلك برزت أهمية‬ ‫بالمعاي� المتعلقة بنوعية المواد‬ ‫وضع ضوابط السالمة‪ ،‬والتقيد‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫المستخدمة والتصنيع ت‬ ‫بالضافة إىل إلزام باعة اللعاب‬ ‫وال�كيب‪ ،‬إ‬ ‫ش‬ ‫النارية بأن تكون مصحوبة بن�ة تعريفية تفرس طرق االستخدام‬ ‫السليم والوقاية من المخاطر المحتملة‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪79 | 78‬‬

‫سينما سعودية‬

‫الفلم السينمائي أننا قد‬ ‫ما نعرفه عن ِ‬ ‫نشاهده فيما ال يزيد على ساعتين‪.‬‬ ‫وقد تخالجنا أحاسيس عديدة في تلك‬ ‫الساعتين ثم ينتهي الفلم بالنسبة ألغلبنا‪.‬‬ ‫ولكن ما ال يعرفه كثيرٌ من المشاهدين‬ ‫هو ما تطلبه صناعة هاتين الساعتين من‬ ‫تضافر الطاقات البشرية والجهد الذهني‬ ‫والجسدي‪ ..‬فما الذي يجعل صناعة‬ ‫ساعتين من الترفيه تستحق كل ذلك‬ ‫الوقت والجهد والمال؟ هذا ما سنحاول‬ ‫أن نلقي الضوء عليه في ثنايا هذا المقال‪.‬‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫المهند الكدم‬ ‫اتجه عدد من الشباب السعودي مؤخراً إلى إالنتاج‬ ‫المرئي مستغلّين المنصة الرئيسة وهي اليوتيوب‪،‬‬ ‫وأصبح هناك عديد من الصانعين‪ ،‬وهذه بادرة‬ ‫جيدة من شباب ليس لديهم مصادر لممارسة‬ ‫هذه الصنعة سوى «يوتيوب» نفسه‪ .‬في المقابل نجد المشاهد‬ ‫متعطشاً جداً لرؤية أعمال سينمائية نابعة من الثقافة السعودية‪.‬‬ ‫ترو بعد‪ .‬وهذه الرغبة أصبحت‬ ‫فلدينا عديد من القصص التي لم َ‬ ‫تسبب ضغطاً وهاجساً لدى صانع «يوتيوب» الذي يبذل كل ما في‬ ‫وسعه لرفع المستوى عن طريق محاكاة بعض أ‬ ‫العمال السينمائية‬ ‫بصرياً‪ .‬وهذا بالطبع ال يكفي بل ومحال أن يقود إلى البعد السينمائي‬ ‫على مستوى الفكر والتأثير‪ ،‬فضال ً عن الجودة البصرية‪.‬‬ ‫ولكن‪ ،‬ومهما ارتفع مستوى أداء «يوتيوب»‪ ،‬نبقى بحاجة لمراجعة‬ ‫نظرتنا إلى «الفلم» بوصفه منتجاً متكامالً‪ ،‬كي يحمل هذا المنتج‬ ‫المكونات والمواصفات التي جعلت منه واحدة من أكبر الصناعات‬ ‫العالمية‪.‬‬ ‫فعندما نتحدث عن تنفيذ فلم سينمائي يعرض في صاالت العرض‬ ‫النتاج‪،‬‬ ‫فإننا نتحدث عن خمس مراحل‪ ،‬وهي‪ :‬التطوير‪ ،‬ما قبل إ‬ ‫النتاج‪ ،‬وأخيراً النشر والتوزيع‪ .‬وكل مرحلة من‬ ‫النتاج‪ ،‬ما بعد إ‬ ‫إ‬ ‫أ‬ ‫هذه المراحل تؤخذ من صانعي الفالم بجدية واستقاللية تامتين‪.‬‬ ‫ولعل معرفة هذه المراحل وإيفاء حقها من التقدير هو أول خطوة‬ ‫في سبيل الوصول إلى قدر من التذوق الذي ينعكس على صناعة‬ ‫السينما‪ ،‬بدءاً من صانعي أ‬ ‫الفالم وانتها ًء بالمشاهدين‪.‬‬ ‫أ‬ ‫حد ذاتها أداة ووسيلة‪ ،‬قد تستخدم للترفيه أو للتعليم‬ ‫إن الفالم في ّ‬ ‫أو للتأثير‪ ،‬وقد تجمع كل ما سبق وتضيف عليه الكثير‪ .‬وهذا ما نعنيه‬ ‫عندما نتحدث عن إالنتاج السينمائي‪ ،‬فهو ليس مجرد تصوير مادة‬ ‫مرئية في ساعات لتسلية المشاهد لعدة دقائق‪ ،‬كما يحدث في كثير‬ ‫مما يعرض على «يوتيوب»‪ ،‬ثم ينتهي تأثيرها بإغالق الصفحة‪ .‬بل هو‬ ‫الفلم‪ ،‬ويمارس فيه عدداً‬ ‫ُ‬ ‫واقع آخر يعيشه المشاهد طول مدة ِ‬ ‫خلق ٍ‬ ‫من النشاطات «وربما تُمارس عليه» بين التثقيف والتأثير والتعاطف‬

‫ماذا يحدث خلف‬ ‫الكواليس إلنتاج‬ ‫ساعتين من‬ ‫الترفيه؟‬ ‫والتشكيك وغيرها‪ ،‬التي تصل له سمعياً وبصرياً وحسياً في وقت‬ ‫الفلم ينطوي على أسئلة عميقة‪ ،‬أو يتطرق‬ ‫واحد‪ ،‬ال سيما إذا كان ِ‬ ‫لبعض قضايا المجتمع الحية التي تؤثر على الرأي العام وعالقات‬ ‫الدول أو يستعرض مواضيع علمية سواء واقعية أم خيالية‪ .‬كل هذه‬ ‫تقدم للمشاهد في قالب مرئي اسمه ِ«فلم سينمائي»‪.‬‬ ‫التفاصيل َّ‬

‫لكل مرحلة متابعها‬

‫في مرحلة التطوير‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬يقوم المنتج بالبحث عن‬ ‫مستثمر‪ ،‬كما يقوم فريق الكتابة الذي قد يشمل المخرج بكتابة‬ ‫الفكرة وتطويرها وذلك بقراءة كل ما يمكن قراءته واالطالع على كل‬ ‫المصادر الممكنة للحصول على قصة مميزة مختلفة تأسر المشاهد‬ ‫الفلم‪ .‬ولتحقيق هذا الهدف‬ ‫وتأخذه من عالمه وواقعه إلى عالم ِ‬ ‫في ِفلم «‪ »Interstellar‬مثالً‪ ،‬الذي عرض في ‪2014‬م‪ ،‬ويستعرض‬ ‫قصة أب وابنته في قالب خيال علمي مبهر جعل العلماء‬ ‫والمتخصصين يتحدثون عن واقعية تفاصيله العلمية‪ ،‬استغرقت‬ ‫كتابة القصة من جونثن نولين سنوات أربع‪ .‬وكان من ضمن‬ ‫مراحل الكتابة دراسة الكاتب للنظرية النسبية في معهد كاليفورنيا‬


‫للتكنولوجيا لكي يفهمها ويستطيع كتابة القصة بشكل متقن ومقبول‬ ‫للمشاهد‪ .‬وهذا ما جعل أقل من ثالث ساعات من العرض تحقق‬ ‫أكثر من ‪ 672‬مليون دوالر في سبعة أشهر فقط‪.‬‬ ‫النتاج يستعد الفريق كلّه للتنفيذ‪ٌ ،‬كل حسب‬ ‫وفي مرحلة ما قبل إ‬ ‫تخصصه ومجاله‪ ،‬فمدير التصوير يقوم بعمل اختباراته على‬ ‫الضاءة والكاميرات والعدسات واختيار أ‬ ‫النسب منها إلظهار‬ ‫إ‬ ‫الممثلين ومواقع التصوير بالطريقة التي تحقق رؤية المخرج‪ ،‬أما‬ ‫المدير الفني فيقوم بتحديد ودراسة الحقبة الزمنية التي تدور فيها‬ ‫أحداث القصة من أجل توفير الديكورات أ‬ ‫والزياء والمظهر العام‬ ‫للفلم على ضوئها‪ .‬وحتى الممثل له دور في هذه الفترة وهذا‬ ‫ِ‬ ‫ما قد يخفى على كثير من المشاهدين الذين يعتقدون أن دور‬ ‫الممثل يقتصر على التمثيل أمام الكاميرا فقط‪ .‬فقد اضطر الممثل‬ ‫المعروف كريستيان بيل في ِفلم «الميكانيكي» إلى أن يعيش على‬ ‫الماء والقهوة وتفاحة واحدة فقط يومياً لمدة أربعة أشهر ليخسر‬ ‫الفلم الذي بدا فيه‬ ‫‪ 26‬كيلوجراماً‪ ،‬ليظهر بذلك المظهر الصادم في ِ‬ ‫وكأنه قادم من مجاعة بعدما برزت أضالعه وخسر عضالته‪ ،‬ثم عاد‬ ‫في ِفلم «ازدحام أمريكي»‪ ،‬واضطر إلى تناول الوجبات السريعة‬ ‫لرفع وزنه ‪ 18‬كيلوجراماً لكي يناسب جسمه الدور الذي سيؤديه‪.‬‬

‫التصوير هو أ‬ ‫القصر‬

‫النتاج التي يتم فيها التصوير‬ ‫ما ال يتوقعه البعض هو أن مرحلة إ‬ ‫تعد المرحلة أ‬ ‫القصر‪ ،‬حيث تراوح ما بين عشرين يوماً وشهرين‪ ،‬وقد‬ ‫ُ‬ ‫الفلم‪ .‬فمثالً‪ ،‬امتدت‬ ‫تطول أو تقصر على حسب تفاصيل إنتاج ِ‬ ‫فترة إنتاج ِفلم «فتوة» الذي ُعرض في ‪2014‬م إلى ما يقارب اثنتي‬ ‫عشرة سنة‪ ،‬بعد أن قرر المخرج ريتشارد لينكليتر المحافظة على‬ ‫الممثلين أنفسهم الذين أدوا أ‬ ‫الدوار في طفولتهم وتصويرهم‬ ‫الفلم‪ .‬كان تحدياً‬ ‫أثناء مراحل نموهم كما يناسب أحداث قصة ِ‬

‫الكم الهائل من‬ ‫صعباً للمخرج ولكنه نجح في تجاوزه‪ ،‬ال سيما بعد ّ‬ ‫الفلم‪.‬‬ ‫الجوائز والترشيحات التي حصل عليها ِ‬ ‫النتاج‪ ،‬يتم تقطيع المواد الخام التي تم‬ ‫في مرحلة ما بعد إ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫تصويرها وإعادة ترتيبها ثم إضافة الصوات والمؤثرات واللوان‬ ‫للفلم ليظهر بما يحقق رؤية المخرج‪،‬‬ ‫المناسبة والتفاصيل النهائية ِ‬ ‫وأيضاً قد يضطر المخرج إلى إعادة تصوير وتسجيل بعض‬ ‫المشاهد أو الحوارات عند ظهور مشكالت فيها‪ ،‬بل وقد تظهر‬ ‫بعض المشكالت التي يصعب حلّها‪ ،‬كوفاة الممثل بول ولكر أثناء‬ ‫النتاج إلى إيجاد‬ ‫إنتاج ِفلم «سريع وغاضب ‪ »7‬مما اضطر فريق إ‬ ‫متخصصين في التصميم ثالثي أ‬ ‫البعاد لتصميم وجه الممثل‬ ‫الفلم للتغلب على هذا الغياب المكلف‪.‬‬ ‫الراحل ودمجه في ِ‬ ‫أما مرحلة النشر والتوزيع فقد تكون بأهمية كل المراحل السابقة‬ ‫مجتمعة‪ ،‬فكم من أ‬ ‫الفالم التي نجحت كثيراً في الفكرة والتنفيذ‬ ‫ولكنها فشلت في االنتشار بسبب عدم االهتمام بالنشر والتوزيع‪.‬‬ ‫وتعتمد هذه المرحلة بالدرجة أ‬ ‫الولى على الميزانية المرصودة لها‪،‬‬ ‫إذ قد يُصرف عليها من المبالغ ما يُصرف إلنتاج ِفلم كامل‪ِ ،‬ففلم‬ ‫بالضافة إلى ‪150‬‬ ‫«أفاتار» مثال ً أُنتج بما يقارب ‪ 237‬مليون دوالر إ‬ ‫مليون دوالر ُصرفت فقط على التوزيع والتسويق‪ ،‬وهو مبلغ يكفي‬ ‫إلنتاج سبعة أفالم ذات ميزانية منخفضة‪ ،‬وهي التي يكلف إنتاجها‬ ‫أقل من ‪ 20‬مليون دوالر‪ .‬ويعد هذا الفلم أ‬ ‫العلى دخال ً في التاريخ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫إذ بلغ مجموع دخله أكثر من ‪ 2.7‬مليار دوالر‪.‬‬ ‫الفالم ترفيهية بالدرجة أ‬ ‫أخيراً‪ ،‬قد تبدو صناعة أ‬ ‫الولى لكثير من‬ ‫المشاهدين وربما بعض الص َّناع المبتدئين‪ .‬لكنها بالتأكيد ليست‬ ‫كذلك للصانع المتمكن والمنتج‪ .‬فهي وسيلة تأثير وإرسال رسائل‬ ‫في قالب ترفيهي في بعض أ‬ ‫الحيان‪ ،‬ولكنها في الوقت نفسه مصدر‬ ‫دخل وتجارة عالمية‪ ،‬مما يجعلها تستحق كل ما يُصرف عليها من‬ ‫وقت وجهد ومال‪.‬‬

‫شاركنا رأيك‬ ‫‪www.qafilah.com‬‬


‫‪81 | 80‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫حكاية‬ ‫الطرب‬ ‫الحديث‬ ‫بقلم‬ ‫محمود عبدالغني صباغ‬ ‫ف ي� حكاية الطرب الحديث ف ي� بالدنا خمس محطات‬ ‫فارقة ال يمكن أن تخطئها ي ن‬ ‫ع� المؤرخ الناقد‪ .‬وبعد‬ ‫الجيل التأسيس إ ئ‬ ‫عل‬ ‫وال ي‬ ‫حيا� من أمثال محمد ي‬ ‫ي‬ ‫السندي وطارق عبدالحكيم وحسن جاوه ش‬ ‫وال�يف‬ ‫هاشم العبدل‪ ..‬برز جيل تال جدد أ‬ ‫الغنية المحلية الحديثة‪ ،‬وطبعها‬ ‫ٍ َّ‬ ‫ي‬ ‫بطابع حديث مبتكر شكّل ذائقة أجيال عريضة وهوية شعب‪.‬‬

‫ت‬ ‫ال� تُقام ف ي� بيت‬ ‫أعمال محمد عبده‪ .‬وكانت الحفالت الفنية والشعبية ي‬ ‫ال�لة بجدة‪ ،‬آل عبدربه‪ ،‬مرسحاً للتنافس ي ن‬ ‫وجهاء حارة نز‬ ‫ب� المعسكرين‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫ال� ترتحل ي� الصيف مع ارتحال الناس إىل‬ ‫والفنان�‪ .‬فوهي المنافسة ي‬ ‫مصايفهم � ي ن‬ ‫بسات� الطائف‪ ،‬بل‪ ،‬وإىل خشبة مرسح كازينو يب�وت‪.‬‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ولم تكن هناك أزمة نصوص أو ألحان‪ .‬وبقدر غزارة العمال‪ ،‬كانت‬ ‫الجودة والقيمة الفنية عالية‪.‬‬

‫أوىل تلك العالمات كان مثلث‪ :‬فوزي محسون وصالح جالل وثريا قابل‪..‬‬ ‫ئ‬ ‫الثنا� عبدهللا محمد وطالل مداح ‪ -‬بتداخل من لطفي‬ ‫وثانيها‪ :‬تحالف ي‬ ‫ن‬ ‫زي� شعراً وإنتاجاً وتوزيعاً وتعهداً‪ .‬ثم تحالف الموسيقار عمر كدرس‬ ‫ي‬ ‫ال� أفسحت المجال لمحطة الثال�ث‬ ‫ومحمد عبده‪ ..‬وهي المحطة نفسها ت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫وأخ�اً محطة رساج عمر مع‬ ‫رساج عمر ومحمد عبده وإبراهيم خفاجي‪ ..‬ي‬ ‫طالل مداح‪ ..‬يتداخل معهما شعراً‪ :‬بدر بن عبدالمحسن تارة ومحمد‬ ‫عبدهللا الفيصل تارة أخرى‪ ،‬وسامي إحسان لحناً‪ .‬وكان نصيب المكتبة‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫الغنائية السعودية مئات الدوار الغنائية من تلك الحركة الحديثة ي‬ ‫امتدت من مطلع الستينيات ت‬ ‫ح� منتصف الثمانينيات الميالدية‪ ..‬وكانت‬ ‫تتعاون وتتداخل بقدر ما تتنافس وتتسابق‪ .‬وكان السباق حينها محموماً‬ ‫نحو القمة ت ز‬ ‫وان�اع صولجان الطرب‪.‬‬

‫ن‬ ‫يعدل عليهما‬ ‫الف� ثريا قابل‪ ،‬وأحياناً ِّ‬ ‫كان صالح جالل يكتب مع توأمه ي‬ ‫فوزي محسون الذي كان يملك موهبة أدبية فوق موهبته الموسيقية‪.‬‬ ‫ن‬ ‫زي� وأحمد‬ ‫وكان إبراهيم خفاجي يكتب شعراً غنائياً حديثاً‪ .‬ولطفي ي‬ ‫صادق يكتبان حرصاً لطالل مداح‪ .‬وقبلهم جميعاً عبدهللا الفيصل‬ ‫ن‬ ‫اللبنا� ‪ -‬ابن إذاعة جدة ‪ -‬سعيد‬ ‫ومحمد الفهد العيىس‪ .‬وكان هناك‬ ‫ي‬ ‫الهندي‪ .‬ثم جاء محمد عبدهللا الفيصل وبدر بن عبدالمحسن بعنفوان‬ ‫كب�‪ .‬بل إن الحركة استعانت ف� وهجها بقصائد رموز أ‬ ‫الدب السعودي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الحديث‪ :‬أحمد قنديل‪ ،‬وطاهر ش‬ ‫زمخ�ي‪ ،‬وحمزة شحاتة‪.‬‬

‫كان طارق عبدالحكيم هو نجم الساحة أ‬ ‫الوحد قبل الستينيات‪ .‬ومع‬ ‫عام ‪1961‬م ومن بعد أغنية «وردك يا زارع الورد» سيغدو طالل مداح‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫ف� عرفته البالد‪.‬‬ ‫منافساً �ساً لستاذه عبدالحكيم‪ ،‬ي� أأول تنافس ي‬ ‫وكانت الستينيات هي العقد‬ ‫الذه� للغنية السعودية‪ ،‬حيث برز إىل‬ ‫بي‬ ‫جانب طالل مداح‪ ،‬كل من فوزي محسون‪ ،‬وعمر كدرس‪ ،‬وعبدهللا‬ ‫محمد‪ ،‬ثم لحقهم محمد عبده وعبادي الجوهر‪.‬‬ ‫وتوزعت الشلل الفنية وانقسمت‪ .‬وكان انتقال ملحن بارز ي ن‬ ‫ب� المعسكرين‬ ‫التأث� واالهتمام‪ .‬وأسس‬ ‫حدثاً فنياً بارزاً وعامال ً مرجحاً التجاه بوصلة ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ال� كانت إىل‬ ‫زي� «رياض فون» للسطوانات ي� شارع قابل‪ ،‬ي‬ ‫لطفي ي‬ ‫جانب «توزيعات ش‬ ‫ال�ق» تُنتج أعمال طالل مداح وفوزي محسون‬ ‫وعبدهللا محمد وعبادي‪ ،‬فيما احتكرت أسطوانات «توزيعات رجاء فون»‬

‫ين‬ ‫ش‬ ‫للملحن� الذين‬ ‫يم� ترافقه شنطة للنصوص يفتحها‬ ‫كان محمد عبده‪ ،‬ي‬ ‫يتحلقون من حوله؛ عمر كدرس‪ ،‬وعبدهللا المرشدي‪ ،‬ورساج عمر‪ ،‬وسامي‬ ‫إحسان‪ ،‬ومحمد شفيق‪ .‬ومن «شنطة النصوص» تلك أخرج رساج عمر‬ ‫حبي� آنستنا» الذي كتبه إبراهيم خفاجي لمحمد عبده‪ ،‬واختار‬ ‫نص «يا ب ي‬ ‫رساج تلحينه ليكون فاتحة تعاون موسيقي امتد لعقود‪.‬‬ ‫ولقافلة الزيت حضورها‬ ‫ومن قصص أ‬ ‫الدوار الغنائية‪ .‬ما فعله عبدهللا محمد‪ ،‬حينما تلقف‬ ‫نصاً شعرياً فصيحاً‪ ،‬وقعت عيناه عليه منشوراً ف ي� مجلة «قافلة‬ ‫الزيت» لشاعرة عراقية رمزت لنفسها باسم «أمل»‪ ..‬كان يتحدث عن‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫ال� استحوذت‬ ‫والسحر‬ ‫العشق‬ ‫َ‬ ‫وبسات� النخيل‪ ..‬أي ذات الصور ي‬ ‫العر� من قديم الزمن‪ .‬تلقفه عبدهللا محمد وصاغ له‬ ‫عىل وجدان ب ي‬ ‫وقدمه لطالل مداح ليشدو به بصوته العذب عىل خشبات‬ ‫لحناً ش�قياً َّ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫الف� المحموم‪ ..‬فكانت أغنية‬ ‫مسارح‬ ‫الشعب ي‬ ‫و� ع ّز فصول التنافس ي‬ ‫«سويعات أ‬ ‫الصيل»‪.‬‬


‫القافلة‬ ‫تقريرالقافلة‬ ‫تقرير‬

‫ريادة األعمال‬


‫‪83 | 82‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫فيما ظلت نظريات الحكم واإلدارة في العالم حتى يومنا هذا‪،‬‬ ‫تتنازعها نظريتان متناقضتان‪ ،‬إحداهما تؤيد تقليص تدخل‬ ‫الدولة في االقتصاد إلى أدنى حد‪ ،‬واألخرى تدعم فكرة االقتصاد‬ ‫ّ‬ ‫الموجه‪ ،‬ظهرت في أدبيات العلوم اإلدارية واالقتصادية‪ ،‬وفي‬ ‫ً‬ ‫السلوك العام االقتصادي‪ ،‬فكرة يتسع نطاقها يوما بعد آخر‪ ،‬هي‪:‬‬ ‫احتضان ريادة األعمال (‪.)Entrepreneurship‬‬ ‫في هذا التقرير عرض لمفهوم ريادة األعمال‪ ،‬وتاريخها‪ ،‬وشروط‬ ‫نجاحها‪ ،‬وضرورة رعاية هذا االستعداد القيادي لدى الشباب‪ ،‬مع‬ ‫نظرة في التجارب األمريكية واألوروبية والسعودية وتناول ريادة‬ ‫األعمال في بعض الدول العربية‪.‬‬


‫يُطلق عىل المبادرة إلنشاء مؤسسة أعمال أو‬ ‫ش�كة أو منظمة‪ ،‬تعب�‪ :‬ريادة أ‬ ‫العمال‪ .‬والرائد �ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫العمال إذن هو ُمنشئها الذي يخطِّط للمؤسسة‬ ‫الوليدة‪ ،‬ويجمع من حوله فريق العمل المناسب‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ال� يرى أنها �ض ورية لنجاح العمل‪ .‬وبنا ًء‬ ‫والموارد ي‬ ‫عىل خطة العمل والفريق العامل لها والموارد‬ ‫المستثمرة فيها‪ ،‬تنجح المؤسسة أو تفشل‪ ،‬ويكون‬ ‫«رائد أ‬ ‫العمال» صاحب الخطة هو المسؤول عن‬ ‫النجاح أو الفشل‪.‬وهناك مفهوم يمكن تسميته‪:‬‬ ‫«الريادة داخل أ‬ ‫العمال» (‪ )intrapreneurship‬وهو‬ ‫يع� ريادة ف� أ‬ ‫ن‬ ‫العمال‪ ،‬لكن من داخل مؤسسة ما‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ين‬ ‫كأن ش ئ‬ ‫العامل� ي� مؤسسة قائمة أصالً‪،‬‬ ‫ين� أحد‬ ‫ف‬ ‫والنتاج‪ ،‬أو فرعاً‬ ‫أسلوباً جديداً � تنظيم العمل إ‬ ‫جديداً داخل يالمؤسسة نفسها‪ ،‬أو يبتكر جديداً �ف‬ ‫ي‬ ‫النتاج‪.‬‬ ‫إ‬ ‫وينطوي مفهوم ريادة أ‬ ‫العمال عىل أن الرائد يُقدم‬ ‫عىل مخاطرة‪ ،‬للبدء ف ي� أمر ال يعرف أحد إمكان نجاحه‬ ‫أو فشله‪ ،‬ألن فكرته َّ‬ ‫خلقة وجديدة‪.‬‬

‫النسب أ‬ ‫والرقام‬

‫يرى مؤسس «رقيب الريادة العالمي» (‪Global‬‬ ‫‪« )Enterpreneurship Monitor‬أن نصف‬ ‫ين‬ ‫العامل� ف ي� الواليات المتحدة من‬ ‫الرجال‬ ‫عموم الناس‪ ،‬ي ن‬ ‫ح� يبلغون سن التقاعد‪،‬‬ ‫يكونون قد مروا ف� مرحلة ما‪ ،‬بسنة أو ث‬ ‫أك� من‬ ‫ُّ ي‬ ‫ت‬ ‫الذا� (أي العمل الحر)‪ ،‬وربعهم تبلغ‬ ‫التوظيف ي‬ ‫ت‬ ‫الذا�‪ ،‬ست سنوات‬ ‫عندهم هذه المرحلة من‬ ‫التوظيف ي‬ ‫أك�‪ .‬وقد بلغ شيوع هذا أ‬ ‫أو ث‬ ‫المر أن صارت ريادة‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫محركاً أساسياً ف ي� النمو‬ ‫العمال ي� نظر ب‬ ‫خ�اء االقتصاد‪ّ ،‬‬ ‫االقتصادي ف ي� كل من الواليات المتحدة وغرب أوروبا»‪.‬‬

‫أنماط ريادة أ‬ ‫العمال‬ ‫أ‬

‫يراوح حجم ريادة العمال‪ ،‬ي ن‬ ‫ب� العمل الفردي‪،‬‬ ‫ف‬ ‫كب�ة‬ ‫والعمل ي� أوقات الفراغ‪ ،‬وإنشاء المؤسسات ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� تستوعب عديداً من اليدي العاملة‪.‬‬ ‫الحجم‪ ،‬ي‬ ‫وتحتاج بعض المؤسسات الوليدة‪ ،‬ذات «القيمة‬ ‫المرتفعة» إىل رأسمال مؤسس‪ ،‬إلنشاء المؤسسة‪.‬‬ ‫كث�ة ف ي� العالم‪ ،‬من‬ ‫ولهذا الغرض‪ ،‬نشأت منظمات ي‬ ‫أجل تمويل أ‬ ‫الفكار الخالقة‪ ،‬بعضها هيئات حكومية‬ ‫متخصصة‪ ،‬مثل حاضنات المشاريع‪ ،‬أو «الحدائق‬ ‫العلمية»‪ ،‬وبعضها آ‬ ‫الخر جمعيات أهلية تعمل ف ي�‬ ‫ميدان التمويل هذا‪ .‬ويُنظَّم من أجل دعم ريادة‬ ‫أ‬ ‫العمال ف ي� العالم‪ ،‬منذ عام ‪« ،2008‬أسبوع ريادة‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫العمال العالمي»‪ ،‬وهو يعرض أكل الفوائد ي‬ ‫تجنيها المجتمعات من ريادة العمال‪ ،‬ويدعو إىل‬ ‫المشاركة ف ي� هذا النشاط الب ّناء‪.‬‬

‫مركز أرامكو لريادة أ‬ ‫العمال (واعد)‬

‫أ‬ ‫التمكين للعمال الجديدة‬

‫نوفم� من عام ‪ ،2011‬أنشأت أرامكو السعودية «مركز أرامكو‬ ‫ف ي� شهر‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ع�‬ ‫لريادة العمال» (واعد) بهدف تحقيق التقدم ي� مستقبل المملكة ب‬ ‫ف‬ ‫رواد أعمال يملكون الشغف والدوافع‬ ‫االستثمار ي� الحا�ض ‪ ،‬يقوده َّ‬ ‫الصغ�ة والمتوسطة‪ .‬فالمركز هو‬ ‫والتطور وإنشاء ش�كاتهم‬ ‫للتقدم‬ ‫ي‬ ‫ّ‬ ‫فرصة لرواد أ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫السعودي�‬ ‫عمال‬ ‫ال‬ ‫ال� تجعل‬ ‫ات‬ ‫والخ�‬ ‫الموارد‬ ‫إىل‬ ‫للوصول‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫َّ‬ ‫ي‬ ‫من أفكارهم مشاريع تجارية ناجحة‪.‬‬ ‫ال�كة خالل عام ‪ 2014‬بفرز ث‬ ‫وقامت ش‬ ‫مقدم من‬ ‫أك� من ‪ 700‬طلب َّ‬ ‫رواد ورائدات أعمال جدد‪ .‬وأجرت ث‬ ‫أك� من ‪ 200‬مقابلة مع أصحاب‬ ‫َّ‬ ‫أهم هذه ت‬ ‫المق�حات‪ .‬كما تم تقديم جلسات تدريبية حول تطوير‬ ‫أ‬ ‫الفكار الجديدة ووضع خطط العمل أل ثك� من ‪ 500‬متدرب ف ي� الظهران‬ ‫والرياض وجدة‪.‬‬ ‫ف‬ ‫قدمت ش‬ ‫ً‬ ‫ال�كة منذ إنشائها ‪ 48‬قرضا و‪ 9‬استثمارات ي� ملكية مشاريع‬ ‫وقد َّ‬ ‫ث‬ ‫رأس مال جريء‪ ،‬كما تم تدريب وتوجيه أك� من ‪ 1200‬شاب وشابة‬ ‫ف� مجال تطوير أ‬ ‫العمال الرائدة‪ .‬وتعمل ش‬ ‫ال�كة عىل تشجيع النمو‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫لرواد ورائدات‬ ‫االقتصادي ي� المجتمع السعودي من خالل إيجاد الفرص َّ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ال� ستتوىل الريادة ف ي� المستقبل‪.‬‬ ‫العمال الجدد لبناء ال�كات ي‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫المقبل�‬ ‫ال� قام بها برنامج (واعد) العمل مع الطالب‬ ‫ومن المبادر فات ي‬ ‫عىل التخرج � الجامعات وتحويلهم من ي ن‬ ‫باحث� عن فرص وظيفية إىل‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫رواد أعمال للمساهمة ي� دعم اقتصاد‬ ‫أصحاب مشاريع‪ ،‬ومن ثم‪َّ ،‬‬ ‫المملكة‪ .‬كما يقوم المركز بدعم حاضنات أ‬ ‫العمال من خالل التمويل‬ ‫والتوجيه اللذين تقدمهما ش�كة مركز أرامكو لرواد أ‬ ‫العمال المحدودة لبناء‬ ‫ِّ‬ ‫َّ‬ ‫ش‬ ‫ال�كات المستقبلية الرائدة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫وقد واصلت ش�كة مركز أرامكو لريادة العمال المحدودة ي ز‬ ‫ترك�ها عىل‬ ‫أ‬ ‫أن توفِّر لرواد ورائدات أ‬ ‫ين‬ ‫السعودي� الجدد ما تحتاجه الفكار‬ ‫العمال‬ ‫َّ‬ ‫وخ�ات تضمن نجاحها‪ .‬ويتوقع أن توفِّر المشاريع‬ ‫ات‬ ‫ر‬ ‫استشا‬ ‫النوعية من‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫مولتها �كة مركز أرامكو لريادة العمال المحدودة مئات الفرص‬ ‫ال� َّ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫المحل‪ .‬وإىل جانب إيجاد فرص‬ ‫الوظيفية عالية الجودة ي� سوق العمل‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫اليرادات وفوائد اجتماعية واقتصادية طويلة الجل‪،‬‬ ‫العمل وتحقيق إ‬ ‫تقدر وتفهم قيمة‬ ‫تجارية‬ ‫بعقليات‬ ‫تتمتع‬ ‫مستدامة‪،‬‬ ‫ثقافة‬ ‫تتمثل ف ي� إيجاد‬ ‫ِّ‬ ‫ش‬ ‫المحل‪.‬‬ ‫الصغ�ة والمتوسطة وعوائدها عىل ناتج االقتصاد‬ ‫ال�كات‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫يجب توفير أكثر من ‪ 5‬ماليين‬ ‫فرصة وظيفية بحلول العام‬ ‫‪2024‬‬ ‫أكثر من ‪ %40‬من الناتج‬ ‫اإلجمالي يعتمد على القطاع‬ ‫النفطي‬ ‫الصادرات البترولية ال تزال‬ ‫نسبتها ‪ %81‬من مجموع‬ ‫الصادرات السعودية‬


‫‪85 | 84‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫أول ‪ 5‬مدن رياد ًة أ‬ ‫للعمال في أوروبا‬ ‫فيلنيوس ‪ -‬ليتوانيا‬

‫قد تكون دولة صغ�ة‪ ،‬لكنها واحدة من الدول أ‬ ‫ال ثك� ابتكاراً وبراعة ف ي� المجال التكنولوجي بأوروبا‪ .‬ودليل ذلك أن‬ ‫ي‬ ‫أك� من ‪ 100‬مليون دوالر ف� السنوات أ‬ ‫ث‬ ‫ش‬ ‫خ�ة‪.‬‬ ‫ال‬ ‫فيه‬ ‫استثمر‬ ‫المزدهرة‪،‬‬ ‫الناشئة‬ ‫كات‬ ‫ال�‬ ‫من‬ ‫ال‬ ‫فيها مجتمعاً متكام‬ ‫ً‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫ال�تغال‬ ‫لشبونة‪ -‬ب‬

‫أ‬ ‫كث�ون ببوادر‬ ‫بعدما عانت بال�تغال من كونها دولة ضمن المجموعة ال ثك� ت�ض راً من أزمة منطقة اليورو‪ ،‬فوجئ ي‬ ‫ازدهار ريادة أ‬ ‫العمال ف ي� المدينة‪ .‬وقد شهدت البالد ف ي� العام ‪ 2014‬إنشاء ‪ 35264‬ش�كة جديدة‪ ،‬أي ما يعادل نحو‬ ‫الشهر الخمسة أ‬ ‫و� أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫الوىل من هذا العام ‪ ،2015‬أنشئت نحو ‪ 18‬ألف ش�كة جديدة‪ ،‬أي بزيادة‬ ‫‪ 100‬ش�كة ي� اليوم‪ .‬ي‬ ‫نسبتها ‪ %11‬مقارنة بالمدة نفسها من العام ض‬ ‫الما�‪ .‬كذلك فإن قطاع ش‬ ‫كث�اً من وجود‬ ‫ال�كات الناشئة استفاد ي‬ ‫ي‬ ‫بالضافة إىل بال�نامج المدعوم حكومياً بورتغال ش‬ ‫فينت�ز (‪.)Portugal Ventures‬‬ ‫ونشاط ش�كات استثمارية عدة‪ ،‬إ‬

‫بودابست‪ -‬المجر‬

‫تعد العاصمة المجرية اليوم‪ ،‬نقطة جذب رئيسة ش‬ ‫لل�كات الناشئة والمستثمرين والمجموعات االستثمارية ف ي� المناطق‬ ‫أ‬ ‫ين‬ ‫الوسطى ش‬ ‫الهندسي�‪،‬‬ ‫للخ�اء‬ ‫وال�قية من أوروبا‪ .‬والمجر‪ ،‬مثل عديد من دول هذه المناطق الوروبية‪ ،‬معقل‬ ‫أساس ب‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫الكب� لنجاح هذه المدينة إىل كونها مركزاً ش‬ ‫لل�كات الناشئة‪ ،‬أبرزها‬ ‫ال سيما ي� مجال «أمن االتصاالت»‪ .‬ويعود الفضل ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� سعت خالل السنوات السبع‬ ‫المؤسسة الوروبية لريادة العمال (‪ )European Entrepreneurship Foundation‬ي‬ ‫ين‬ ‫الماضية لتشغيل برامج ترسيع وتنظيم مناسبات للمستثمرين‪ ،‬فالقت صدى واسعاً ي ن‬ ‫المجري� الشبان‪.‬‬ ‫ب� الرواد‬

‫آيندهوفن‪ -‬هولندا‬

‫ف‬ ‫الكب� ف� إصدار براءات ت‬ ‫ث‬ ‫االخ�اع‪ ،‬وهذه هي‬ ‫توصف بأنها واحدة من أك� المدن ابتكاراً ي� العالم‪ ،‬بفضل نشاطها ي ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫أداة قياس االبتكار المعتمدة ي� منظمة التعاون االقتصادي والتنمية (‪ .)OECD‬وآيندهوفن هي مركز تصميم للجهزة‬ ‫أ‬ ‫ث‬ ‫ورو�‬ ‫العال المستوى‪ .‬كذلك حازت هولندا قبل ‪ 3‬سنوات عىل لقب أك� دول االتحاد ال ب ي‬ ‫والمعدات واالبتكار التكنولوجي ي‬ ‫أ‬ ‫ريادية‪ ،‬من خالل المسح الذي أجرته مؤسسة رصد ريادة العمال العالمي (‪.)global Entrepreneurship Monitor‬‬

‫ين‬ ‫تال�‪ -‬إستونيا‬

‫تشتهر العاصمة الستونية بسمعة طيبة بوصفها واحدة من المدن أ‬ ‫ال ثك� ذكاء ف ي� أوروبا‪ ،‬وفقاً لمنتدى المجتمع‬ ‫إ‬ ‫الذك (‪ .)Intelligent Community Forum‬وتضم المدينة مركز تيكنوبول (‪ )Technopol‬الذي يعد نسخة مصغرة‬ ‫ي‬ ‫من المدينة التكنولوجية (‪ )Tech City‬ف� لندن‪ .‬ويضم المركز الواقع إىل جانب جامعة ي ن‬ ‫تال� للتكنولوجيا (‪Tallinn‬‬ ‫ي‬ ‫‪ ،)University of Technology‬عدداً كب�اً من ش�كات التكنولوجيا الناشئة‪ .‬وتشتمل برامج ترسيع أ‬ ‫العمال ش‬ ‫لل�كات‬ ‫ي‬ ‫الناشئة ف� ي ن‬ ‫تال� عىل كل من‪ :‬غيم فاوندرز (‪ )Gamefounders‬وستارتاب وايزغايز (‪.)Startup Wiseguys‬‬ ‫ي‬

‫ترتيب الدول العربية‬ ‫في مؤشر ريادة‬ ‫أ‬ ‫العمال والتنمية ‪2015‬‬ ‫الترتيب‬ ‫عربي ًا‬

‫الترتيب‬ ‫عالمي ًا‬

‫الدولة‬

‫مجموع‬ ‫النقاط‬

‫‪1‬‬

‫‪20‬‬

‫المارات‬ ‫إ‬

‫‪61.6‬‬

‫‪2‬‬

‫‪24‬‬

‫قطر‬

‫‪56.2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪31‬‬

‫السعودية‬

‫‪49.6‬‬

‫‪4‬‬

‫‪37‬‬

‫الكويت‬

‫‪47.7‬‬

‫‪5‬‬

‫‪39‬‬

‫عمان‬

‫‪47.3‬‬

‫‪6‬‬

‫‪43‬‬

‫البحرين‬

‫‪45.1‬‬

‫‪7‬‬

‫‪50‬‬

‫لبنان‬

‫‪40.7‬‬

‫‪8‬‬

‫‪63‬‬

‫تونس‬

‫‪35.5‬‬

‫‪9‬‬

‫‪65‬‬

‫أ‬ ‫الردن‬

‫‪33.3‬‬

‫‪10‬‬

‫‪73‬‬

‫ليبيا‬

‫‪31‬‬

‫‪11‬‬

‫‪79‬‬

‫الجزائر‬

‫‪30.2‬‬

‫‪12‬‬

‫‪82‬‬

‫المغرب‬

‫‪29.4‬‬

‫‪13‬‬

‫‪91‬‬

‫مصر‬

‫‪28.1‬‬

‫المملكة ثالثة عربياً و‪31‬‬ ‫عالمياً عام ‪2015‬‬ ‫أ‬

‫أعلن المعهد العالمي لريادة العمال‬ ‫والتنمية ف ي� واشنطن‪ ،‬أن المملكة العربية‬ ‫السعودية احتلت المرتبة الثالثة ي ن‬ ‫ب�‬ ‫الدول العربية‪ ،‬والمرتبة ‪ ،31‬ي ن‬ ‫ب� ‪130‬‬ ‫أ‬ ‫دولة ف ي� العالم‪ ،‬ف ي� ش‬ ‫مؤ� ريادة العمال‬ ‫ومؤسسات التنمية العام ‪ .2015‬وبذلك‬ ‫تقدمت ‪ 15‬مرتبة عن‬ ‫تكون المملكة قد َّ‬ ‫ترتيبها العام ض‬ ‫الما� ‪.2014‬‬ ‫ي‬ ‫عن صحيفة «الرياض»‬ ‫‪www.alriyadh.com/1017365?print=1‬‬


‫مدن كثيرة في ريادة أ‬ ‫العمال في العالم العربي‬ ‫تونس العاصمة ‪ -‬تونس‬

‫الدار البيضاء ‪ -‬المغرب‬

‫يخطط رجال أ‬ ‫العمال المغاربة إلنشاء مركزين‬ ‫لرعاية ريادة أ‬ ‫العمال ف ي� البالد‪ ،‬من أجل اجتذاب‬ ‫الشبان‪ ،‬ومنحهم فرصة تأسيس أعمالهم‪ .‬ففي‬ ‫إحدى المدن‪ ،‬حيث ث‬ ‫يك� الحلزون‪ ،‬أنشأوا صناعة‬ ‫أغذية قائمة عىل استثمار الحلزون‪ .‬كذلك تشهد‬ ‫البالد حركة بناء منازل ناشطة يمكنها أن تتيح مجاال ً‬ ‫لكث� من المهن‪ .‬ويمتاز المغرب بأنه منطقة‬ ‫رحباً ي‬ ‫جذب سياحي من الدرجة الممتازة‪ .‬وهذا مجال آخر‬ ‫ألفكار جديدة ف� أ‬ ‫العمال أيضاً‪.‬‬ ‫ي‬

‫أطلقت الحكومة التونسية دعوة للممارسات الجيدة‬ ‫م�وع لمؤسسة التدريب أ‬ ‫ضمن ش‬ ‫الوروبية‪ ،‬مفتوحة‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫التونسي� من المؤسسات العامة والخاصة‬ ‫للممارس�‬ ‫ن‬ ‫المد�‪ .‬ووفقاً لهذه الدعوة يجري تقييم‬ ‫والمجتمع‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫الممارسات الجيدة واستخدامها لالس�شاد بها لوضع‬ ‫وط� لتعليم ريادة أ‬ ‫ن‬ ‫العمال بع� نظام التدريب‬ ‫نهج ي‬ ‫ن‬ ‫المه� بحلول نهاية العام ‪ ،2016‬يتوقع تجريبه‬ ‫ي‬ ‫المه� �ف‬ ‫واعتماده ضمن نظام التعليم والتدريب ن‬ ‫ي ي‬ ‫العام ‪ .2017‬ويسعى ش‬ ‫الم�وع إىل مواصلة ما أُنجز‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫الصغ�ة ي� العام‬ ‫ضمن تقييم تنفيذ قانون العمال‬ ‫ي‬ ‫درج ف ي� إطار جهود أوسع لمؤسسة التدريب‬ ‫‪ .2013‬ويَ ُ‬ ‫أ‬ ‫الوروبية من أجل مساعدة واضعي السياسات �ف‬ ‫ي‬ ‫ال ثك� فعالية لتطوير ريادة أ‬ ‫تبادل السياسات أ‬ ‫العمال‬

‫عمان ‪ -‬أ‬ ‫الردن‬

‫أظهرت أوراق موجزة للجنة «إسكوا»‪ ،‬حول «االقتصاد‬ ‫ن‬ ‫التضام�» أن هذا االقتصاد يزدهر ف ي�‬ ‫االجتماعي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫المنطقة العربية‪ ،‬وأن الردن من خالل العمال‬ ‫الريادية يحتل مرتبة متقدمة ي ن‬ ‫ب� الدول العربية ف ي�‬ ‫قدم التقرير نموذجاً عىل ذلك‬ ‫هذا المجال‪ .‬وقد َّ‬ ‫ال� أنشئت ف� أ‬ ‫الردن �ف‬ ‫من خالل مؤسسة «إنجاز» ت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫عام ‪ ،1999‬وهي نموذج للتعاون ي ن‬ ‫ب� القطاع العام‬ ‫ومؤسسات المجتمع ن‬ ‫المد�‪ ،‬ي ن‬ ‫لتأم� خدمات اجتماعية‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ويعمل فيها متطوعون من القطاع الخاص بالتعاون‬ ‫مع وزارة تال�بية‪ .‬فاالستدامة تتحقق من خالل إعداد‬ ‫جيد للجيل المقبل لمواجهة التحديات االقتصادية‬ ‫ت‬ ‫يز‬ ‫ال� ال تؤمنها‬ ‫واالجتماعية‬ ‫وتجه�ه بالمهارات ي‬ ‫نظم التعليم التقليدية‪.‬‬

‫ردن‬

‫ف‬

‫يب�وت‪ -‬لبنان‬

‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫و� المرتبة ‪ 8‬ي ن‬ ‫ن‬ ‫ب� ‪15‬‬ ‫أدرج معهد تنمية ريادة العمال ي� واشنطن‪ ،‬لبنان ي� المرتبة ‪ 50‬يب� ‪ 130‬دولة ي� العالم‪ ،‬ي‬ ‫مؤ� ريادة أ‬ ‫ال�ق أ‬ ‫الوسط وشمال إفريقيا ضمن ش‬ ‫دولة ف ي� منطقة ش‬ ‫العمال العالمي لسنة ‪ .2015‬وقد ّ‬ ‫حل لبنان ف ي�‬ ‫المرتبة السادسة ي ن‬ ‫ب� ‪ 36‬دولة ذات الدخل المتوسط إىل المرتفع (‪ )UMICs‬شملها المسح‪.‬‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫والثا� ي ن‬ ‫ب� الدول ذات الدخل المتوسط إىل المرتفع‪ ،‬والخامس‬ ‫وجاء لبنان ي� المرتبة ‪ 29‬عالمياً‪ ،‬ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫إقليمياً ف ي� ش‬ ‫مؤ� سلوكية ريادة العمال‪ ،‬وتعكس هذه الفئة سلوك المواطن تجاه ريادة العمال‪ ،‬مثل‬ ‫إدراك الفرص المتاحة‪ ،‬والتعرف إىل هوية رجال أ‬ ‫العمال وأصحاب المشاريع ومنحهم المكانة العالية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وقبول المخاطر المرتبطة بقطاع ش‬ ‫ال�كات الناشئة‪.‬‬

‫طين‬

‫صر‬

‫ل‬

‫بنان‬

‫مغرب‬

‫من خالل التدريب‪.‬‬

‫لس‬

‫األ‬

‫المارات‬ ‫د�‪ -‬إ‬ ‫بي‬

‫تعرف د� بدعمها القوي لرواد أ‬ ‫العمال من خالل‬ ‫بي‬ ‫«مؤسسة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب»‪،‬‬ ‫و«جائزة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب»‪،‬‬ ‫و«مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم»؛ هذه‬ ‫المؤسسات تسعى لحث رواد أ‬ ‫العمال العرب عىل‬ ‫أن يصبحوا جزءاً ال يتجزأ من اقتصاد المنطقة‪ .‬إىل‬ ‫كب�اً لرواد‬ ‫د� دعماً ي‬ ‫جانب ذلك‪ ،‬تقدم حكومة ب ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫العمال إالمار ي ن‬ ‫اتي� من خالل برنامج المش�يات‬ ‫الحكومية الذي ينص عىل أن تقوم الدوائر‬ ‫الحكومية كافة بتخصيص نسبة ال تقل عن ‪ %5‬من‬ ‫ت‬ ‫مش�ياتها السنوية لمصلحة ش‬ ‫ال�كات المسجلة ف ي�‬ ‫مؤسسة محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب‪.‬‬

‫م‬

‫في عام ‪ ،2010‬بلغ عدد مؤسسات رواد األعمال‬ ‫ً‬ ‫دوليا في المنطقة‬ ‫االجتماعية المعترف بها‬ ‫العربية ‪ ،78‬كان ‪ 73‬منها في األردن وفلسطين‬ ‫ولبنان ومصر والمغرب‪ ‬‬

‫‪2010‬‬

‫ال‬

‫‪73‬‬

‫مؤسسة معترف‬ ‫ً‬ ‫دوليا‬ ‫بها‬


‫‪87 | 86‬‬

‫القصة من بدايتها‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫ف ي� لسان العرب‪« :‬الرائد يُ َبعث يل�تاد م�نزالً» أي‬ ‫«ويتقدم قومه»‪ .‬إنه‬ ‫ليستكشف موقعاً معيناً‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫آ‬ ‫ف‬ ‫سباق للخرين ي� ارتياد مجاالت‬ ‫إذن إنسان مبادر ّ‬ ‫يغ� معروفة قبله‪ .‬ويعتقد عالم االقتصاد وزير‬ ‫أ‬ ‫مريك السابق روبرت رايش أن تكوين‬ ‫العمل ال ي‬ ‫فرق العمل يقت�ض ي روح القيادة‪ ،‬وهو يرى أن‬ ‫القدرة عىل الدارة أمر أساس لدى رائد أ‬ ‫العمال‪.‬‬ ‫إ‬ ‫ي‬

‫من هو الرائد؟‬

‫ف ي� البدء سعى علماء االقتصاد لدراسة مفهوم‬ ‫ريادة أ‬ ‫العمال بالعمق‪ .‬فرأى كانتيون أن رائد‬ ‫أ‬ ‫العمال هو «الذي يقدم عىل المخاطرة»‪ ،‬الذي‬ ‫يقرر من تلقاء نفسه تخصيص موارد معينة‪ ،‬من‬ ‫ف‬ ‫المال‪.‬‬ ‫أجل االستثمار ي� فرص تعظم الدخل ي‬ ‫وشدد كانتيون عىل تصميم الرائد عىل المخاطرة‪،‬‬ ‫وأن يتعامل مع أمر يغ� معروف النتائج‪ .‬لذلك‬ ‫فهو ينبه إىل مهمة رائد أ‬ ‫العمال‪ ،‬ي ّ ز‬ ‫ويم� بوضوح‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫بينها ي ن‬ ‫يقدم‬ ‫وب� مهمة مالك العمال‪ ،‬الذي ّ‬ ‫المال‪ .‬أما ألفرد مارشال (‪ )1924 - 1842‬فرأى ف ي�‬ ‫الرائد رأسمالياً متعدد المهمات‪ .‬والحظ أن ف ي�‬ ‫حال التوازن ف ي� سوق تنافسية ناشطة‪ ،‬ال مكان‬ ‫للرواد‪ ،‬بصفتهم ئ‬ ‫منش� نشاط اقتصادي‪.‬‬ ‫ي‬

‫والمخاطرة‬ ‫الريادة‬ ‫أ‬

‫مريك فرانك نايت (‪1885-‬‬ ‫عرف‬ ‫العالمان ال ي‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫لما� بي� دروكر (‪)1909-2005‬‬ ‫وال‬ ‫‪)1972‬‬ ‫ي أ‬ ‫بالقدام عىل‬ ‫مفهوم ريادة العمال بأنه مرتبط إ‬ ‫المخاطرة‪ .‬وقد ص ّنف نايت مخاطر الريادة ف ي�‬ ‫ثالثة أصناف‪:‬‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� يمكن إحصائياً‬ ‫• الصنف الول هو المخاطرة ي‬ ‫احتساب احتماالتها‪.‬‬ ‫ن‬ ‫الثا� هو المخاطرة الملتبسة‬ ‫• الصنف ي‬ ‫ت‬ ‫ال� يصعب احتساب احتماالتها‬ ‫ي‬ ‫الحصائية‪.‬‬ ‫من الناحية إ‬ ‫• أما الصنف الثالث من أصناف المخاطرة فهي‬ ‫الطالق‪،‬‬ ‫المخاطرة يغ� المحسوبة النتائج عىل إ‬ ‫ويتعذّ ر احتساب احتماالتها تماماً‪.‬‬

‫كيف تُكتسب الريادة؟‬

‫رأى أستاذ االقتصاد ف� جامعة ستانفورد أ‬ ‫المريكية‬ ‫ي‬ ‫إدوارد الزير‪ ،‬ف ي� دراسة له نُ ش�ت عام ‪ ،2005‬أن‬ ‫وخ�ة العمل‪ ،‬هما العامالن‬ ‫نوعية التعليم‪ ،‬ب‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الساسيان ف� ي ز‬ ‫تمي� رواد العمال من يغ�هم‪.‬‬ ‫ي‬ ‫و� بيكس‪ -‬ن‬ ‫ولكن دراسة أل ش‬ ‫غل�‪ ،‬من جامعة‬ ‫ي‬ ‫وبي�ا موغ‪ ،‬من جامعة زيغن أ‬ ‫زيوريخ‪ ،‬ت‬ ‫اللمانية‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ال� ينغمس فيها‬ ‫رأت أن الشبكة االجتماعية ي‬

‫نظرية شومبيتر‬

‫شومبي� أن رائد أ‬ ‫ت‬ ‫العمال‪ ،‬هو‬ ‫يرى جوزف‬ ‫يحول فكرة جديدة‪،‬‬ ‫شخص يريد ويستطيع أن ّ‬ ‫أو ت‬ ‫اخ�اعاً‪ ،‬إىل نتاج جديد ناجح‪ .‬ويقول صاحب‬ ‫هذه النظرية‪ ،‬الذي كانت له كتابات وأبحاث‬ ‫ف ي� االقتصاد‪ ،‬وعمل وزيراً للمال ف ي� النمسا‪ ،‬من‬ ‫سنة ‪ 1919‬إىل سنة ‪ ،1932‬إن ريادة أ‬ ‫العمال‬ ‫التدم� الخالّق‪ ،‬من‬ ‫تستخدم ما يسميه‪ :‬عاصفة‬ ‫ي‬ ‫أجل أن تستبدل استبداال ً جزئياً أو كامالً‪ ،‬نتاجاً‬ ‫متواضع المستوى نسبياً‪ ،‬لتح َّل محلّه نتاجاً ق‬ ‫أر�‬ ‫ُِ‬ ‫ف أ‬ ‫ف‬ ‫و� عالم الصناعة‪ .‬وهكذا‬ ‫مستوى‪ ،‬ي� السواق ي‬ ‫التدم� الخالق‪ ،‬مسؤوال ً إىل حد بعيد عن‬ ‫يكون‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫النمو االقتصادي ي� المدى البعيد‪.‬‬ ‫والفكرة القائلة إن ريادة أ‬ ‫العمال تقود إىل النمو‬ ‫وتفس� لنظرية النمو‬ ‫االقتصادي‪ ،‬هي تأويل‬ ‫ي‬ ‫من الداخل (‪،)endogenous growth theory‬‬ ‫وهي نظرية ال تزال تناقَش باستمرار ف ي� المحافل‬ ‫أ‬ ‫وتفس� آخر‬ ‫الكاديمية االقتصادية‪ .‬وثمة تأويل‬ ‫ي‬ ‫يقول إن معظم التجديدات قد تكون تحسينات‬ ‫مضافة‪ ،‬مثل صنع قشة مصاصة ش‬ ‫ال�اب‬ ‫(‪ )straw‬من اللدائن بدل الورق‪ ،‬من دون أن‬ ‫تكون للجديد صفات خاصة مختلفة عن النتاج‬ ‫الرديف الذي سبقه‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫شومبي� إن ريادة العمال أنتجت صناعات‬ ‫يقول‬ ‫جديدة‪ ،‬وكذلك تنويعات مختلفة وتحسينات‬

‫الشخص أيضاً‪ ،‬مهمة ف� ي ز‬ ‫تحف� الطالب الذين‬ ‫ي‬ ‫يتجهون إىل أن يصبحوا رواد أعمال‪ .‬وجاء ف ي�‬ ‫بعض الدراسات أ‬ ‫الكاديمية واالجتماعية‪ ،‬أن‬ ‫أ‬ ‫الناث والذكور‬ ‫الميول النفسية لدى رواد العمال إ‬ ‫تتشابه ث‬ ‫أك� مما تتباين‪ .‬وترى أبحاث تجريبية أن‬ ‫أ‬ ‫رائدات العمال يمتلكن مهارات تفاوضية قوية‪،‬‬ ‫وقدرات عىل ابتكار الحلول الوسط‪.‬‬ ‫ويرى الباحث جيس� سورنسن‪ ،‬أ‬ ‫الستاذ ف ي� كلية‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫العمال ف ي� جامعة ستانفورد المريكية‪ ،‬أن الزمالء‬ ‫ف ي� مكان العمل والتكوين االجتماعي لهم أثر‬ ‫فعال ف� قرار الفرد أن يتجه نحو ريادة أ‬ ‫العمال‪.‬‬ ‫ّ ي‬

‫لمنتجات موجودة أصال‪ .‬وكان المثل أ‬ ‫الول‬ ‫ً‬ ‫الذي �ض به للداللة عىل صحة نظريته‪ ،‬هو‬ ‫الجمع ي ن‬ ‫المحرك البخاري‪ ،‬وتكنولوجيا صناعة‬ ‫ب�‬ ‫ّ‬ ‫تس� دون حصان‬ ‫العربات‪ ،‬إلنتاج عربات ي‬ ‫يجرها (السيارات)‪ .‬ف ي� هذه الحال‪ ،‬كان التجديد‬ ‫ّ‬ ‫الناتج من هذا الجمع‪ ،‬أي صناعة السيارة‪،‬‬ ‫عملية تحويل وتطوير‪ ،‬لكنه لم يتطلب ابتكار‬ ‫تكنولوجيا جديدة تماماً‪.‬‬ ‫شومبي�‪ ،‬ف� نظريته ت‬ ‫ت‬ ‫ال� قال بها ف ي�‬ ‫ويرى‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ش‬ ‫النصف الول من القرن الميالدي الع�ين‬ ‫(ال سيما ف ي� ش‬ ‫والثالثينيات)‪ ،‬إن رائد‬ ‫ينيات‬ ‫ّ‬ ‫الع� ّ‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫العمال ال يتحمل أي مخاطر ي� مبادرته‪ ،‬بل‬ ‫يتحمل هذه‬ ‫أسمال هو الذي ّ‬ ‫إن ّ‬ ‫الممول الر ي‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫المال ي� م�وع جديد‪،‬‬ ‫المخاطر‪ ،‬بإسهامه ي‬ ‫يغ� مضمون النتائج‪ .‬ويضيف أن التوازن‬ ‫المثال ف ي� الواقع هو توازن يغ�‬ ‫االقتصادي‬ ‫ي‬ ‫تغي� البيئة االقتصادية باستمرار‬ ‫تام‪ ،‬وأن ي‬ ‫يوفر معلومات جديدة عن أفضل الميادين‬ ‫ت‬ ‫ال� تُ َخ َّصص لها الموارد‪ ،‬من أجل زيادة‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫و� هذه الحال فإن بعض الشخاص‬ ‫الربحية‪.‬‬ ‫يكتشفون يهذه المعلومات أ‬ ‫والوضاع الجديدة‬ ‫قبل يغ�هم‪ ،‬فيعيدون استثمار هذه الموارد‬ ‫ف ي� قطاع جديد‪ ،‬من أجل الحصول عىل‬ ‫المكاسب من ريادتهم هذه‪.‬‬

‫ووجد سورنسن عالقة قوية ي ن‬ ‫ب� العمل مع رواد‬ ‫سابق�‪ ،‬ي ن‬ ‫ين‬ ‫وب� نشوء روح الريادة لدى من‬ ‫أعمال‬ ‫ش‬ ‫يعا�هم من طالب أو زمالء عمل‪ .‬ويرى بعض‬ ‫ين‬ ‫الباحث� أن ثمة أشخاصاً يستجيبون لبيئة الريادة‬ ‫ت‬ ‫ال� تحيط بهم‪ ،‬فيصبحون رواداً هم أنفسهم‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫إذ يقولون ي� داخلتهم‪« :‬هو يستطيع فلم ال‬ ‫أستطيع أنا؟»‪ .‬فيما ال يستجيب البعض آ‬ ‫الخر‬ ‫لهذا الحافز‪.‬‬

‫للريادة‬ ‫شرطان‬ ‫أ‬

‫إن ما ي ّ ز‬ ‫يم� رواد العمال نظرياً عن يغ�هم من‬ ‫ش‬ ‫التكيف بالمستجدات‬ ‫الب�‪ ،‬أنهم قادرون عىل ّ‬


‫ت‬ ‫ال� تقل عمراً عن سنة‪ ،‬مارس ‪ – 1994‬مارس ‪2010‬‬ ‫الرسم ‪ :1‬عدد المؤسسات ي‬ ‫أ‬ ‫مريك‬ ‫عدد المؤسسات | المصدر‪ :‬مكتب إحصاءات العمالة ال ي‬

‫الرسم ‪ :2‬وظائف ف ي� مؤسسات تقل عمراً عن سنة‪ ،‬مارس ‪ – 1994‬مارس ‪2010‬‬ ‫أ‬ ‫مريك‬ ‫عدد الوظائف | المصدر‪ :‬مكتب إحصاءات العمالة ال ي‬

‫الرسم ‪ :3‬نسبة البقاء حسب اختصاص العمل‪2010 – 2000 ،‬‬ ‫أ‬ ‫مريك‬ ‫المصدر‪ :‬مكتب إحصاءات العمالة ال ي‬

‫النشاءات‬ ‫إ‬

‫الرعاية الصحية والمساعدة االجتماعية‬

‫‪www.bls.gov/bdm‬‬ ‫‪www.bls.gov/bdm/entrepreneurship/entrepreneurship.htm‬‬

‫ف� السوق االقتصادية أو أ‬ ‫الوضاع االجتماعية‪،‬‬ ‫الساسية ف� أ‬ ‫يويفهمون العوامل أ‬ ‫الوضاع‬ ‫ي‬ ‫الجديدة‪ ،‬فهماً شامال ً وعميقاً‪ ،‬إىل درجة أنهم‬ ‫يكتشفون بحدسهم الدقيق ومعرفتهم الجيدة‬ ‫الفرص المتاحة لتجديد ما‪ ،‬يمكن من خالله‬ ‫تحقيق ش‬ ‫م�وع رابح‪.‬‬ ‫أما ي ز‬ ‫الم�ة الثانية فهي أنهم يفهمون تماماً‬ ‫الب�ية إلنشاء ش‬ ‫المتطلبات ش‬ ‫الم�وع الناجح‪،‬‬ ‫ف‬ ‫ش‬ ‫ويختارون فريق عمل مناسب للمهمة ي� الم�وع‬ ‫الجديد‪ ،‬قادر عىل بلوغ النجاح به‪ .‬وهذا الفهم‬ ‫ت‬ ‫يف�ض ضمناً القدرة عىل إدارة هذا الفريق إدارة‬ ‫جيدة‪ ،‬بعد تشكيله‪ ،‬والبدء ش‬ ‫بالم�وع‪ ،‬وحسن‬ ‫ت‬ ‫اخت�ت لتكوين‬ ‫ال� ي‬ ‫االستفادة من الكفاءات ي‬ ‫الفريق‪.‬‬

‫عالقة ريادة أ‬ ‫العمال‬ ‫باالقتصاد أ‬ ‫المريكي‬

‫خ�اء االقتصاد ف ي� الواليات المتحدة‪ ،‬أن‬ ‫يرى ب‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ريادة العمال تلعب دوراً حيوياً ي� نماء االقتصاد‬ ‫أ‬ ‫مريك‪ .‬ويجمع مكتب إحصاءات العمالة‬ ‫ال ي‬ ‫(‪ ،)Bureau of Labor Statistics‬بصفته المصدر‬ ‫أ‬ ‫الول للمعلومات عن سوق العمل‪ ،‬يجمع‬ ‫المعلومات عن أ‬ ‫العمال الجديدة وإيجاد فرص‬ ‫العمل‪ .‬ف� إحصاءات المكتب‪ ،‬إن عدد أ‬ ‫العمال‬ ‫ي‬ ‫الجديدة‪ ،‬أي أ‬ ‫العمال ت‬ ‫ال� م�ض أقل من سنة‬ ‫ي‬ ‫عىل تأسيسها‪ ،‬يزيد وينقص‪ ،‬مع صعود وهبوط‬ ‫دورة أ‬ ‫العمال ف ي� االقتصاد الشامل‪.‬‬ ‫البيا� ‪ ،1‬كان عدد مؤسسات أ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫العمال‬ ‫ي� الرسم ف ي‬ ‫الجديدة ي� ‪ 12‬شهراً قبل مارس ‪ ،2010‬أقل من‬ ‫أي سنة‪ ،‬منذ ‪ .1994‬فقد هبط عدد المؤسسات‬ ‫الجديدة المنشأة ف ي� خالل سنة‪ ،‬من ‪ 4,1‬مليون‬ ‫مؤسسة سنة ‪ ،1994‬ي ن‬ ‫ح� بدأ جمع هذه‬ ‫المعلومات‪ ،‬إىل ‪ 2,5‬مليون سنة ‪ .2010‬فإذا‬ ‫أضيف عدد المؤسسات االقتصادية الجديدة‪،‬‬ ‫جمال‪،‬‬ ‫إىل عدد المؤسسات االقتصادية إ‬ ‫ال ي‬ ‫الجمالية‬ ‫فإن النتيجة هي أن عدد الوظائف إ‬ ‫الجديدة‪ ،‬ف ي� تناقص‪.‬‬ ‫وتدل أ‬ ‫الرقام إذن عىل أن إنشاء مؤسسات‬ ‫أعمال جديدة يسهم إسهاماً مهماً ف ي� االقتصاد‪.‬‬ ‫لكن ال مفر من أن بعض هذه المؤسسات‬ ‫الجديدة سوف يفشل‪ .‬لذلك يسعى المكتب‬ ‫ف ي� إحصاءاته إىل المتابعة لقياس كم من‬ ‫يعمر من سنة إىل سنة‪ .‬والرسم‬ ‫المؤسسات ّ‬ ‫ن‬ ‫البيا� لبقاء المؤسسات الجديدة من سنة إىل‬ ‫ي‬


‫‪89 | 88‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫مرتبة‬

‫مرتبة‬

‫‪4‬‬

‫سهولة‬ ‫معامالت‬ ‫البناء‬

‫مرتبة‬

‫‪17‬‬

‫حماية‬ ‫المستثمر‬

‫‪18‬‬

‫سهولة الحصول‬ ‫على الكهرباء‬

‫مرتبة‬

‫مرتبة‬

‫‪48‬‬

‫الحصول على القروض‬

‫مرتبة‬

‫‪1‬‬

‫سهولة تسجيل‬ ‫الممتلكات‬

‫‪12‬‬

‫سهولة إنشاء المؤسسات‬ ‫االقتصادية الجديدة‬

‫يس� ف ي� صعود أو هبوط مع االقتصاد‬ ‫سنة‪ ،‬ي‬ ‫عموماً‪ ،‬أياً كانت سنة إنشاء المؤسسات‪ .‬وتتباين‬ ‫نسب بقاء المؤسسات الجديدة‪ ،‬وفقاً لمجال‬ ‫تخصص عملها‪.‬‬

‫ف ي� جامعة عفت‪ ،‬ف ي� جدة‪ ،‬دراسة علمية عن‬ ‫ريادة أ‬ ‫العمال ف ي� المملكة العربية السعودية‪،‬‬ ‫ومكانة المملكة ي ن‬ ‫ب� دول العالم ف ي� هذا‬ ‫المجال‪.‬‬

‫فمؤسسات العناية الصحية والرعاية االجتماعية‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ال� تحظى‬ ‫مثالً‪ ،‬تُعد من المؤسسات الجديدة ي‬ ‫بأعىل نسبة بقاء من سنة إىل سنة‪ .‬أما مؤسسات‬ ‫البناء فهي ف� ن‬ ‫أد� السلّم‪ .‬ي ز‬ ‫تم�ت السنوات من‬ ‫ي‬ ‫‪ 2006‬ف� االقتصاد أ‬ ‫‪ 1993‬إىل‬ ‫مريك‪ ،‬بزيادة‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف ي� عدد إنشاء وإقفال المؤسسات الجديدة‪،‬‬ ‫وهذا يدل عىل نشاط عارم ف ي� االقتصاد‪،‬‬ ‫شهد دخول مؤسسات جديدة ف ي� السوق‬ ‫االقتصادي‪ ،‬وخروج مؤسسات قديمة منه‪ .‬لكن‬ ‫أ‬ ‫ديسم�‬ ‫خ� ف ي�‬ ‫ب‬ ‫منذ بدء الركود االقتصادي ال ي‬ ‫‪ ،2007‬شهدت وت�ة إنشاء مؤسسات أ‬ ‫العمال‬ ‫ي‬ ‫أك� هبوط لها ف ي� التاريخ المرصد ف ي�‬ ‫الجديدة ب‬ ‫ن‬ ‫الحصاءات‪ ،‬وبلغت مستوى أد� مما كانت قبل‬ ‫إ‬ ‫هذا الركود‪.‬‬

‫جاء ف� الدراسة أن ريادة أ‬ ‫العمال حديثة العهد ف ي�‬ ‫ي‬ ‫المملكة نسبياً‪ .‬لكن الحكومة‪ ،‬وقد أدركت أهمية‬ ‫الصغ�ة والمتوسطة ومكانتها ف ي�‬ ‫المؤسسات‬ ‫ي‬ ‫االقتصاد وتنميته‪ ،‬اتخذت خطوات عديدة‪ ،‬من‬ ‫أجل تعزيز ريادة أ‬ ‫يز‬ ‫لتحف� النشاط والنمو‬ ‫العمال‪،‬‬ ‫االقتصادي‪.‬‬

‫بموازاة هذه البيانات‪ ،‬وصل التوظيف‪ ،‬بفضل‬ ‫إنشاء المؤسسات الجديدة‪ ،‬أعىل مستوياته‬ ‫ف ي� أواخر تسعينيات القرن ش‬ ‫الع�ين‪ ،‬وشهد‬ ‫منذئذ‪ .‬وكان هبوط عدد الوظائف‬ ‫هبوطاً شامال ً‬ ‫ٍ‬ ‫أك�‬ ‫الجديدة‪،‬‬ ‫المؤسسات‬ ‫بإنشاء‬ ‫المتعلقة‬ ‫ب‬ ‫هبوط شهدته إحصاءات المكتب‪.‬‬

‫مكانة المملكة في ريادة أ‬ ‫العمال‬

‫أجرت عمادة الدراسات العليا والبحث العلمي‬

‫تقول الدراسة إن اقتصاد المملكة هو االقتصاد‬ ‫أ‬ ‫ال بك� ف ي� دول مجلس التعاون الخليجي‪ ،‬وقد‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫خ�ة‪،‬‬ ‫نمت موازنة الدولة ف ي� السنوات‬ ‫الثما� ال ي‬ ‫ي‬ ‫أمريك‪ ،‬إىل ‪ 170‬ملياراً‪.‬‬ ‫من ‪ 69‬مليار دوالر‬ ‫ي‬ ‫لكن عىل الرغم من هذا النمو‪ ،‬أسهمت‬ ‫الصغ�ة والمتوسطة ف ي� ‪ %25‬فقط‬ ‫المؤسسات‬ ‫ي‬ ‫من مجموع التوظيف ف� البالد‪ ،‬وبنسبة ‪� %33‬ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫جمال‪ ،‬مع أن عدد المؤسسات‬ ‫الناتج‬ ‫المحل إ‬ ‫ال ي‬ ‫ي‬ ‫الصغ�ة والمتوسطة يبلغ نحو ‪ %92‬من عدد‬ ‫ي‬ ‫مؤسسات أ‬ ‫العمال ف ي� المملكة‪.‬‬ ‫وهذا يختلف عن أ‬ ‫الوضاع ف� ث‬ ‫أك� البلدان‬ ‫ي‬ ‫تطوراً‪ ،‬من الناحية االقتصادية‪ .‬ففي إسبانيا‬ ‫الصغ�ة والمتوسطة‬ ‫مثالً‪ ،‬تسهم المؤسسات‬ ‫ي‬ ‫جمال‪،‬‬ ‫بنسبة ‪ %64,3‬من الناتج‬ ‫المحل إ‬ ‫ال ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫غ�‬ ‫‪.%44‬‬ ‫إسهامها‬ ‫نسبة‬ ‫وح� ف ي� النمسا‪ ،‬تبلغ‬ ‫ي‬

‫كث�اً من‬ ‫أن الدراسة أضافت أن المملكة تملك ي‬ ‫ت‬ ‫غ� صعيد ومجال‪،‬‬ ‫ال� تجعلها‪ ،‬عىل ي‬ ‫العوامل ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫ال� ش‬ ‫بالخ� ي� المستقبل‪ ،‬بل‬ ‫ب�‬ ‫تب� ي‬ ‫الدول ي‬ ‫آ‬ ‫كث� من الدول‪ .‬وقد بنت‬ ‫تتقدم الن عىل ي‬ ‫الدراسة هذه الخالصة عىل أساس تفحص‬ ‫بيئة أ‬ ‫ت‬ ‫ين‬ ‫ال�‬ ‫العمال والنظم‬ ‫والقوان� المعتمدة ف ي‬ ‫أ‬ ‫تسهل ريادة العمال‪ .‬فمن ي ن‬ ‫ب� ‪ 183‬بلداً ي�‬ ‫العالم‪ ،‬احتلت المملكة العربية السعودية‪،‬‬ ‫عىل صعيد سهولة إنشاء المؤسسات‬ ‫ف‬ ‫و� سهولة‬ ‫االقتصادية الجديدة‪ ،‬المرتبة ‪ .12‬ي‬ ‫ف‬ ‫و� سهولة‬ ‫معامالت البناء‪ ،‬احتلت المرتبة ‪ .4‬ي‬ ‫الحصول عىل الكهرباء‪ ،‬احتلت المرتبة ‪ .18‬أما‬ ‫ف ي� موضوع سهولة تسجيل الممتلكات‪ ،‬فحلت‬ ‫المملكة ف� المرتبة أ‬ ‫الوىل ي ن‬ ‫ب� كل الدول‪ .‬ف ي�‬ ‫ي‬ ‫شأن الحصول عىل القروض‪ ،‬احتلت المرتبة‬ ‫ف‬ ‫و� مسألة حماية المستثمر‪ ،‬احتلت‬ ‫‪ .48‬ي‬ ‫المرتبة ‪.17‬‬ ‫ش‬ ‫المؤ�ات أن المملكة العربية‬ ‫وتؤكد هذه‬ ‫ف‬ ‫السعودية ي� وضع مالئم تماماً لريادة‬ ‫أ‬ ‫العمال‪ ،‬عىل نحو يؤكد أن الجهود لتوسيع‬ ‫ن‬ ‫الوط� وتنويع مصادره‪،‬‬ ‫مروحة االقتصاد‬ ‫ي‬ ‫هي جهود ف ي� محلها‪ ،‬ال سيما إذا أمكن تطوير‬ ‫بيئة أ‬ ‫ين‬ ‫لتحس�‬ ‫العمال‪ ،‬القانونية والمالية‪،‬‬ ‫مرتبة المملكة ف ي� شأن تنفيذ العقود وتسوية‬ ‫الفالس‪.‬‬ ‫حاالت إ‬

‫للمزيد انظر‬

‫‪• Shane, Scott Andrew (2000). A General Theory‬‬ ‫‪of Entrepreneurship: The Individual-opportunity‬‬ ‫‪Nexus. Edward Elgar Publishing. ISBN 978-1‬‬‫‪78100-799-0‬‬ ‫‪• Paul D. Reynolds (30 September 2007).‬‬ ‫‪Entrepreneurship in the United States: The Future‬‬ ‫‪Is Now. Springer. ISBN 978-387-0-3-45671‬‬ ‫‪• Landstrom, H. (31 December 2007). Pioneers in‬‬ ‫‪Entrepreneurship and Small Business Research.‬‬ ‫‪Springer. ISBN 978-0-387-23633-9‬‬ ‫‪• Schumpeter, Joseph Alois (1934). The Theory of‬‬ ‫‪Economic Development: An Inquiry Into Profits,‬‬ ‫‪Capital, Credit, Interest, and the Business Cycle.‬‬ ‫‪Transaction Publishers. ISBN 978-0-87855-698-4‬‬ ‫‪• https://www.bing.com/search?q=entrepreneursh‬‬ ‫‪ip+definition&PC=U316&FORM=CHROMN‬‬ ‫• تقرير برنامج أ‬ ‫المم المتحدة إ ئ‬ ‫نما� عىل الرابط‬ ‫ال ي‬ ‫‪http://web.undp.org/cpsd/report/index.html‬‬ ‫• دراسة ‪Mapping Entrepreneurship Ecosystem of‬‬ ‫‪ Saudi Arabia‬جامعة عفت‪ ،‬عمادة الدراسات العليا‬ ‫والبحث العلمي‪.‬‬


‫الملف‪:‬‬

‫الفندق‬ ‫كلنا اختبرنا اإلقامة في الفندق‪.‬‬ ‫ولدى كل َّ‬ ‫منا أحكامه الخاصة على‬ ‫الفنادق التي أقام بها‪ .‬وما من‬ ‫مسافر إال وفي جعبته عند العودة‬ ‫إلى وطنه حديث عن الفندق الذي‬ ‫أقام فيه‪ .‬وفي جوارنا‪ ،‬في المدينة‬ ‫التي نقطنها فنادق عديدة‪ ،‬هي‬ ‫ً‬ ‫دائما من معالم المدينة‪ ،‬ونقاط‬ ‫الداللة على أحيائها‪ .‬ومن خالل‬ ‫تنوعها بتنوع البشر المحتاجين‬ ‫إلى خدماتها‪ ،‬وسعيها إلى تلبية‬ ‫الطلب المتزايد عليها بتزايد سكان‬ ‫العالم وتحركاتهم‪ ،‬أصبح قطاع‬ ‫الفنادق صناعة عمالقة‪ .‬صناعة‬ ‫قوامها الثقافة اإلنسانية المتلونة‬ ‫إلى أقصى حد في مفاهيمها‬ ‫ومقاييسها للجيد والسيئ‪،‬‬ ‫للضرورة وللترف‪ ،‬والالزم وما يمكن‬ ‫االستغناء عنه‪ .‬فإلى عوالم الفنادق‬ ‫مع فريق القافلة في هذا الملف‪.‬‬


‫‪91 | 90‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫ت‬ ‫القامة‪ ،‬ال يرى نز‬ ‫ال�يل من فندقه إال رأس جبل‬ ‫وح� خالل إ‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫الجليد‪ .‬فكما ال يرى من‬ ‫الغرف العديدة المحيطة به إال تلك ي‬ ‫آ‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ال� تدير عالمه المؤقت هذا‪،‬‬ ‫يسكنها‪ ،‬فإنه أال يرى من اللة الب�ية أ ي‬ ‫إال حفنة من الشخاص قد ال يتعدون الربعة أو الخمسة‪ ،‬وتغيب عنه‬ ‫با� مكونات هذه آ‬ ‫ق‬ ‫اللة‪ .‬تماماً كما ق َّلما يستوقفه المسار الطويل الذي‬ ‫ي‬ ‫اجتازه الفندق للوصول إىل ما هو عليه‪ .‬وما هو عليه هو عادة أفضل‬ ‫ما يستطيعه مقابل أ‬ ‫استعد نز‬ ‫ال�يل ألن يدفعه‪.‬‬ ‫الجر الذي‬ ‫َّ‬

‫تاريخ الفندق‬

‫يقول تحديد القاموس للفندق إنه «مؤسسة توفر‬ ‫القامة المدفوعة أ‬ ‫الجر ت‬ ‫لف�ة محددة»‪ .‬بعبارة أخرى‬ ‫إ‬ ‫إنه «بيت َم ْن ال بيت له»‪ ..‬وهيهات أن يخترص تحديد‬ ‫القاموس طبيعة الفندق‪ ،‬الذي مهما كان متواضعاً‪،‬‬ ‫يخ�ن ي ن‬ ‫يبقى رصحاً ت ز‬ ‫الحاطة به ف ي� مجلد‪ .‬فإيجاد‬ ‫ب� جدرانه ما ال يمكن إ‬ ‫للقامة فيه خالل السفر‪ ،‬يبقى ضمن االهتمامات الرئيسة‬ ‫فندق محدد إ‬ ‫ح� دخوله باب غرفته �ف‬ ‫ألي مسافر‪ ،‬وال يهدأ له بال من هذه الناحية ت‬ ‫ي‬ ‫ذاك الفندق‪.‬‬

‫تزعم موسوعة «ويكيبيديا» أن أصل الفندق الحديث يعود‬ ‫إىل نز‬ ‫ال�ل الذي كان يُعرف باسم «إن» (‪ )Inn‬ف ي� أوروبا خالل القرون‬ ‫الوسطى‪ .‬ولكن الحقيقة قد تختلف عن ذلك‪.‬‬ ‫أ‬ ‫فتاريخ نشوء أماكن تأوي المسافرين قد يعود إىل اللف الثالث‬ ‫التجار الذين كانوا ينقلون الالزورد‬ ‫قبل الميالد‪ ،‬وإىل طريق قوافل َّ‬ ‫من أفغانستان إىل بالد ما ي ن‬ ‫ب� النهرين‪ ،‬ومنها الحقاً إىل مرص‪ .‬إذ يقول‬ ‫المؤرخون إن طريق القوافل هذا‪ ،‬شهد قيام محطات ت‬ ‫الس�احة‬ ‫صغ�ة ومن ثم‬ ‫المسافرين‪ ،‬وأن نمو هذه المحطات الحقاً إىل مدن ي‬ ‫«مدن ممالك» هو ما أدى عند توحدها إىل نشوء إال بم�اطورية الفارسية‪.‬‬


‫وعىل الرغم من أن ال ش�ء يستحق الذكر وصلنا من تلك ت‬ ‫الف�ة يؤكد‬ ‫ي‬ ‫يرجحون بقوة وجودها عىل‬ ‫وجود أماكن إليواء المسافرين‪ ،‬فالمؤرخون ِّ‬ ‫صغ�ة أو خيام‪ ،‬تكفي لمنامة المسافرين‪.‬‬ ‫شكل أبنية أو غرف ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫و� الحضار ي ن‬ ‫ت� اليونانية والرومانية كانت هناك‪ ،‬عىل الرجح‪ ،‬نزل‬ ‫ي‬ ‫صغ�ة عىل الطرقات بال�ية بعيداً عن المدن‪ ،‬وإن كان وجودها يغ�‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫مؤكد أثرياً‪ .‬ولكن المؤكد هو وجود «مضافات» ي� المدن‪ ،‬لم تكن مجرد‬ ‫مآو للمسافرين‪ ،‬بل كانت أقرب إىل دور النقاهة يقصدها أهل المدينة‬ ‫ٍ‬ ‫نفسها لالستجمام والراحة‪ ،‬بدليل أنها كانت تقام دائماً ف ي� إطار الحمامات‬ ‫ت‬ ‫ال� كانت من الضخامة بحيث إنها كانت تشغل عدة أبنية‪.‬‬ ‫العامة ي‬ ‫واسم الفندق بالفرنسية الحديثة «أوتيل» (‪ ،)Hotel‬يعود إىل سمة‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫والروما�‪ ،‬إذ إنه مشتق من كلمة «أوبيتال»‬ ‫اليونا�‬ ‫فنادق العرصين‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫ال� تشتق عنها أيضاً الكلمة‬ ‫تع� اليوم مستشفى‪ ،‬ي‬ ‫ال� ي‬ ‫(‪ )Hospital‬ي‬ ‫المعروفة (‪ )Hospitality‬أي ضيافة‪.‬‬ ‫أما كلمة فندق العربية فمشتقة من اليونانية القديمة «باندوكيون»‬ ‫ت ن‬ ‫تع� «أهال ً جميعاً»‪.‬‬ ‫ال� ي‬ ‫ي‬

‫«إن برنت تالبوت» الذي أسس عام ‪1307‬م‬

‫السالمي‬ ‫الخان إ‬

‫أ‬ ‫ورو�‪ ،‬ظهر أصل الفندق الحديث ف ي�‬ ‫قبل ظهور الـ «إن» ال ب ي‬ ‫والسالمية وحمل دفعة واحدة كل خصائص الفندق‬ ‫البالد العربية إ‬ ‫أ‬ ‫كما هو متعارف عليه‪ .‬وهو «الخان» ‪ .‬والخان كلمة أعجمية الصل‬ ‫تستخدم للداللة عىل ن‬ ‫معد خصيصاً إليواء المسافرين‪ .‬وثمة‬ ‫كب� ّ‬ ‫مب� ي‬ ‫غموض يلف طبيعة هذه المنشآت وما قام منها أوال ً ت‬ ‫وم� كان ذلك‪،‬‬ ‫وأيضاً تم� صار يطلق عىل مآوي المسافرين اسم «الخان»‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ال� وصل إلينا ذكرها‪،‬‬ ‫بواك� الخانات العربية إ‬ ‫فمن ي‬ ‫السالمية ي‬ ‫الح�‬ ‫ذلك الذي بناه هشام بن عبدالملك عام ‪748‬م قرب قرص ي‬ ‫أ‬ ‫الغر� ف ي� البادية السورية‪ .‬ومن القرن الثالث للهجرة وصلنا نص لحد‬ ‫بي‬ ‫علماء ذلك العرص ويُدعى سعود بن يزيد الذي كتب ف ي� عام ‪262‬هـ‬ ‫ف‬ ‫مط�ة فيها رعد وبرق فوجد الخان‬ ‫أنه «التجأ إىل أحد الخانات ي� ليلة ي‬ ‫ال�د‪!..‬؟»‪.‬‬ ‫وأرسته لشدة ب‬ ‫شغلت جميع غرفه َّ‬ ‫ومع ذلك ترد معظم الموسوعات تاريخ الخان إىل عرصي‬ ‫ين‬ ‫الدولت� السلجوقية والعثمانية‪ .‬ولربما كان ذلك بسبب ازدهار بناء‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ت ن‬ ‫صاحب� الفضل‬ ‫يع� ذلك أنهما كانتا‬ ‫ي‬ ‫فالخانات ي� تلك الف� يت�‪ .‬دون أن ي‬ ‫� ابتكاره‪ .‬فقد ن‬ ‫اعت� السالجقة عناية خاصة ببناء الخانات نظراً لقيمتها‬ ‫ي‬ ‫التعب�ية عن المجتمع وقدرات الدولة‪ .‬ومنذ ذلك العرص‪ ،‬بنوا سالسل‬ ‫ي‬ ‫آ‬ ‫ب� المدن‪ ،‬تفصل ي ن‬ ‫من الخانات ي ن‬ ‫مس�ة يوم واحد‪.‬‬ ‫ب� الواحد والخر ي‬ ‫وبرسعة‪ ،‬تحدد النمط المعماري للخان‪ .‬وبرسعة‪ ،‬ازداد بهاء فنياً �ف‬ ‫ً‬ ‫ي‬ ‫وكث� من الخانات ف ي� آسيا الوسطى وبالد فارس‪ ،‬ال‬ ‫تصميمه وتزيينه‪ .‬ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫تزال مكسوة ت‬ ‫الملون ي� داللة عىل مستوى‬ ‫ح� اليوم ببالط‬ ‫القاشا� َّ‬ ‫في‬ ‫ملحوظ من الرخاء ومكانتها ودورها ي� حضارتها‪.‬‬ ‫فئت�‪ .‬تلك ال�ت‬ ‫يقسم مؤرخو العمارة إالسالمية الخانات إىل ي ن‬ ‫ِّ‬ ‫ي‬ ‫بال ي ز‬ ‫نجل�ية‬ ‫سمى إ‬ ‫كانت تقام خارج المدن عىل الطرق التجارية وتُ َّ‬ ‫«كارافانرساي» (من الفارسية كرونرسا)‪ ،‬ف� ي ن‬ ‫ح� حرصوا اسم الخان‬ ‫ي‬ ‫بذلك الذي كان موجوداً داخل المدينة‪ .‬وغداة الحروب الصليبية‪ ،‬خالل‬

‫«جورج إن» من أشهر ن ز‬ ‫ال�ل أيام الكاتب شارلز ن ز‬ ‫ديك�‬

‫وال�ق أ‬ ‫ال ن‬ ‫العرص المملوك‪ ،‬ازدهرت التجارة ما ي ن‬ ‫ب� أوروبا ش‬ ‫د� مرور ًا‬ ‫ي‬ ‫ببالد الشام والقاهرة‪ ،‬فتكاثرت الخانات ف ي� كل مدن دولة المماليك‪،‬‬ ‫وأصبحت صناعة اقتصادية مهمة‪.‬‬ ‫بنيت معظم الخانات خارج المدن وداخلها وفق مخطط‬ ‫متشابه‪ .‬بناء من دور أو دورين مربع أو مستطيل الشكل‪ ،‬يضم غرفاً‬ ‫تطل عىل فناء داخل مكشوف يتوسطه حوض ماء ش‬ ‫لل�ب والغسل‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫والوضوء‪ .‬وإضافة إىل غرف المنامة ت‬ ‫ال� كانت تقع ف ي� الدور العىل‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ال� تضم ث‬ ‫ت‬ ‫تؤمن مكاناً‬ ‫الخانات‬ ‫كانت‬ ‫واحد‪،‬‬ ‫أك� من دور‬ ‫ِّ‬ ‫ي� الخانات ي‬ ‫إليواء المطايا من خيول وجمال‪ ،‬وعلفها‪ ،‬ومكاناً لركن البضائع‪.‬‬ ‫ف‬ ‫كث� من الخانات‪ ،‬كانت تتم عمليات تبادل تجارية ومقايضة‬ ‫و� ي‬ ‫ي‬ ‫سلع بأخرى‪ .‬كما أن بعضها ي َّ ز‬ ‫تم� بتخصيص جوانب منه (غالباً ف ي�‬ ‫الدور أ‬ ‫ال ض‬ ‫الحرف مثل «خان التجار» ف ي� نابلس‪ ،‬و«خان‬ ‫ر�) لبعض ِ‬ ‫ي‬ ‫الصابون» ف ي� طرابلس‪ ،‬و«خان الحرير» ف ي� حلب‪.‬‬ ‫السالمي‪ ،‬نذكر «زين الدين كرونرسا»‬ ‫ومن أشهر خانات العالم إ‬ ‫ف‬ ‫و«نامبال رساي» ي� حيدر أباد‬ ‫ف ي� إيران‪ ،‬و«رباطي ملك» ف ي� أوزبكستان‪،‬‬ ‫ي‬ ‫الخليل»‬ ‫بالهند‪ ،‬و«هانول لوي مانوك» ف ي� بوخارست برومانيا‪ ،‬و«خان‬ ‫ي‬ ‫ف ي� القاهرة‪ ،‬و«خان أسعد باشا» ف ي� دمشق‪.‬‬


‫‪93 | 92‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫خان أسعد باشا‬

‫وعىل الرغم من ثك�ة الخانات ف� العرص الوسيط‪ ،‬فإن أ‬ ‫الدب‬ ‫ي‬ ‫القامة ف ي� الخانات كانت‬ ‫أن‬ ‫يؤكد‬ ‫الذي وصلنا من دولة المماليك مثالً‪،‬‬ ‫إ‬ ‫القامة فيها‪ .‬أما‬ ‫حكراً عىل التجار والمسافرين القادرين عىل دفع تكلفة إ‬ ‫الجنود مثال ً الذين كانوا يزورون مدينة ما مثل دمشق أو القاهرة‪ ،‬فكانوا‬ ‫ف‬ ‫ال�اري المجاورة‪ ،‬عىل أن يعودوا‬ ‫يخرجون منها مسا ًء لقضاء ليلهم ي� ب‬ ‫التال‪.‬‬ ‫إىل المدينة عندما تفتح أبوابها‬ ‫صباح اليوم ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫المقدس حول الخانات‬ ‫العر�‬ ‫و� عام ‪985‬م‪ ،‬كتب الجغر يا� ب ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫(فلسط� ولبنان وسوريا)‪ ،‬ما مفاده أن «ال�ض ائب‬ ‫ف ي� بالد الشام‬ ‫ليست باهظة ف ي� سوريا‪ ،‬إال تلك المفروضة عىل الخانات‪ .‬فهنا تصبح‬ ‫يش� بذلك إىل ال�ض ائب المفروضة عىل عبور‬ ‫ال�ض ائب ضخمة‪ ،‬وكان ي‬ ‫واست�ادها‪ .‬كما يقول إن حراساً كانوا يقومون عىل‬ ‫البضائع وتبادلها ي‬ ‫�ض‬ ‫حراسة الخان لمنع التهرب من دفع ال ائب‪.‬‬

‫من النزل المتواضعة إلى الفنادق الفاخرة‬

‫من المرجح أن أ‬ ‫ال ي ن‬ ‫وروبي� اكتشفوا أهمية قطاع إيواء المسافرين‬ ‫َّ‬ ‫خالل وجودهم ف ي� ش‬ ‫ال�ق أيام الحروب الصليبية‪ .‬إذ قبل ذلك‪،‬‬ ‫الديرة هي أ‬ ‫كانت أ‬ ‫الماكن المعتمدة إليواء المسافرين‪ ،‬وظلت كذلك‪،‬‬

‫الخليل‬ ‫خان‬ ‫ي‬

‫وإن بدرجة أقل ت‬ ‫ح� القرن الثامن ش‬ ‫ع�‪ .‬ولكن بدءاً من القرن الثالث‬ ‫ف‬ ‫ع�‪ ،‬بدأت تظهر � أوروبا نز‬ ‫ش‬ ‫الصغ�ة (‪ )Inn‬قرب الطرق الريفية‬ ‫ال�ل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ب� المدن‪ .‬وكانت هذه نز‬ ‫الفاصلة ي ن‬ ‫اليواء الطعام‬ ‫تقدم إضافة إىل إ‬ ‫ال�ل ِّ‬ ‫ش‬ ‫وال�اب وخيوال ً جديدة للمسافرين بدال ً من خيولهم التعبة‪ ،‬إضافة‬ ‫إىل العلف الالزم لها‪.‬‬ ‫نز‬ ‫استمرت هذه ال�ل عىل حالها من القرون الوسطى‪ ،‬وتكاثرت‬ ‫ف‬ ‫ف ي� القرن السابع ش‬ ‫و� القرن الثامن‬ ‫ع�‪،‬‬ ‫وأقيم بعضها داخل المدن‪ .‬ي‬ ‫ال�ل ف� ت‬ ‫ع�‪ ،‬بدأت بعض نز‬ ‫ش‬ ‫إنجل�ا بتقديم خدمات الطعام الفاخر‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫لزبائن ميسورين‪ .‬المر الذي قاد إىل تأسيس أول فندق بالمفهوم‬ ‫ت‬ ‫اكسي� عام ‪1768‬م‪ .‬ولعب الحقاً تطور المواصالت‬ ‫الحديث ف ي�‬ ‫الطلس‪ .‬وبات أ‬ ‫دوراً مهماً ف� تنشيط حركة السفر‪ ،‬خاصة ع� أ‬ ‫الثرياء‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫للقامة تليق بهم‪ .‬فشهد القرن التاسع ع� نقلة‬ ‫بحاجة إىل أماكن إ‬ ‫نز‬ ‫نوعية هائلة ف ي� تطور الفنادق من ال�ل البسيطة والمتواضعة إىل ظهور‬ ‫فنادق ال تزال ت‬ ‫ح� اليوم من أفخر فنادق العالم‪ ،‬مثل سلسلة فنادق‬


‫تز‬ ‫«ري�» ف ي� باريس ولندن‪ ،‬و«سافوا» ف ي� لندن‪ ،‬و«أستور هاوس» ف ي�‬ ‫ت‬ ‫ال� استهدفت استقطاب كبار أثرياء العالم‪.‬‬ ‫أمريكا‪ ،‬ف ي‬ ‫و� القرن ش‬ ‫الع�ين استمر نمو قطاع الفنادق يواكب تعاظم‬ ‫ي‬ ‫حركة السفر والسياحة‪ .‬ولعل أبرز ما شهده هذا القرن هو ظهور‬ ‫سالسل الفنادق الحديثة‪ .‬ومن أ‬ ‫المثلة الدالة عليها سلسلة فنادق‬ ‫العمال أ‬ ‫ال� أسسها رجل أ‬ ‫ت‬ ‫مريك كونراد هيلتون من خالل‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫«هيلتون» ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫ش�ائه ألول فنادق ي� عام ‪1919‬م‪ .‬وعند وفاته ي� عام ‪1979‬م‪ ،‬كان‬ ‫عدد فنادق «هيلتون» ف ي� العالم قد وصل إىل ‪ 530‬فندقاً‪ ،‬إما تملكها‬ ‫ش�كة هيلتون‪ ،‬أو تديرها‪ ،‬أو منحتها حق استخدام اسمها وفق عقود‬ ‫محددة‪ .‬ش‬ ‫وتنت� سلسلة الفنادق هذه ف ي� ‪ 78‬دولة ف ي� القارات الست‪.‬‬ ‫أ‬ ‫المر نفسه تقريباً ينطبق عىل سالسل الفنادق المعروفة عالمياً مثل‬ ‫ت‬ ‫وغ�ها‪.‬‬ ‫«ش�اتون»‪ ..‬ي‬ ‫«ان�كونتيننتال»‪« ،‬ماريوت»‪« ،‬هوليداي إن»‪ ،‬ي‬

‫مستويات الفنادق‬

‫نعرف جميعاً أن الفنادق تتوزع عىل مستويات عدة يُرمز إىل كل‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� يشار إليها‬ ‫منها بعدد من النجوم‪ .‬ي‬ ‫و� أعالها الفنادق الفاخرة العليا ي‬ ‫بخمس أو أربع نجوم‪ ،‬وتتضمن خدمات متكاملة عىل أفضل وجه‪ ،‬بحيث‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫ت‬ ‫ث‬ ‫ال�‬ ‫تر� أك� الزبائن تطلباً‪ .‬ي‬ ‫و� قاع الهرم‪ ،‬هناك الفنادق االقتصادية ي‬ ‫ي‬ ‫أك� من نجمة واحدة أو ي ن ت‬ ‫ال تحمل ث‬ ‫كث�اً ما تحجم إىل إالعالن‬ ‫وال� ي‬ ‫اثنت�‪ ،‬ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫تقدم إال الساسيات جداً‪ ،‬مثل‬ ‫خ�ة ال ِّ‬ ‫عن ذلك‪ .‬ومثل هذه الفنادق ال ي‬ ‫غرفة النوم والهاتف‪ .‬وتفتقر عادة إىل مطعم خاص بها‪ ،‬وإن كان بعضها‬ ‫يقدم وجبة فطور متواضعة وموحدة لكل ال�نزالء‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫الكث� هو أن تصنيف الفنادق يخضع‬ ‫ولكن ما قد يفوت ي‬ ‫للمقاييس المفروضة ف� كل بلد عىل حدة‪ ،‬وأيضاً لصدقية الجهة ال�ت‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫تتوىل التصنيف ودقة أدائها‪ .‬ففي بعض البلدان مثل فرنسا‪ ،‬يوجد‬ ‫التصنيف أ‬ ‫ال ثك� رصامة ف� العالم‪ .‬ت‬ ‫ح� إن الفئة الواحدة تُقسم إىل عدة‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫فئات فرعية‪ .‬ف� ي ن‬ ‫ال� تكون‬ ‫ي‬ ‫ح� أن الحال ليس كذلك ي� بعض البلدان ي‬ ‫ف‬ ‫السياح‪.‬‬ ‫سخية ي� منح النجوم بغية تعزيز عائدات الفنادق من جيوب َّ‬ ‫ث‬ ‫وأك� من ذلك‪ ،‬فإن عدد النجوم المع َّلقة عىل صدر الفندق‪،‬‬

‫مؤ�اً حاسماً إىل وجود تناسق حتمي ي ن‬ ‫ليست ش‬ ‫ب� خدماته ومبناه من‬ ‫ف‬ ‫و� الدولة‬ ‫جهة‪ ،‬وتكلفة خدماته من جهة أخرى‪ .‬فضمن الفئة نفسها ي‬ ‫القامة ما ي ن‬ ‫ب� فندق وآخر‪ ،‬حسب الموقع‬ ‫الواحدة‪ ،‬تختلف تكلفة إ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫والسعة والطلب عليه ووجوده ي� العاصمة أم خارجها‪ ،‬ي� موقع فريد‬ ‫ف‬ ‫كث� من االعتبارات‪.‬‬ ‫وغ� ذلك ي‬ ‫أم ي� شارع عادي‪ ..‬ي‬

‫الفرق بينه وبين البيت‬

‫عندما يصل مسافر إىل فندقه ويدخل غرفته مع حقائبه ويوصد‬ ‫بالمان والخصوصية‪ .‬أ‬ ‫بابها‪ ،‬ينتابه شعور لذيذ أ‬ ‫المان ألن قلق الطريق‬ ‫والسفر قد انتهى‪ .‬والخصوصية لعدم وجود محيط اجتماعي واسع‬ ‫سيثقل عليه بالتعاطي معه‪ .‬هنا‪ ،‬ف ي� هذه الغرفة‪ ،‬ال تي�تب عليه‬ ‫القيام بأي من أ‬ ‫العمال الرئيسة ت‬ ‫ال� تتطلبها الحياة اليومية ف ي� البيت‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ال�تيب‪ ..‬كل ذلك هو من مسؤوليات آ‬ ‫الطعام‪ ،‬النظافة‪ ،‬ت‬ ‫الخرين‪.‬‬ ‫يحسن إدارة عالقته مع موظفي االستقبال وخدمة‬ ‫وكل ما‬ ‫عليه هو أن ِّ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫الغرف‪ ،‬والمر ليس صعباً لن قواعده معروفة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫القامة ف� الفندق هي عادة ت‬ ‫لف�ة محدودة‪ ،‬احتسب‬ ‫ولن إ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫كث�ة أن ت‬ ‫يش�ي لنفسه‬ ‫المقيم تكلفتها مسبقاً‪ ،‬يمكنه ي� حاالت ي‬ ‫«رفاهية مؤقتة» ث‬ ‫أك� مما يتمتع به ف ي� حياته اليومية‪ .‬ليس فقط ف ي�‬

‫ما هو هذا الـ «بوتيك أوتيل»؟‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫تعب� «بوتيك أوتيل» ف ي�‬ ‫خ�ة ي‬ ‫راج ي� السنوات ال ي‬ ‫غ� مص َّنفة بالنجوم من واحد‬ ‫إشارة إىل فنادق مع َّينة ي‬ ‫إىل خمسة‪.‬‬ ‫أ‬ ‫التعب� لول مرة‬ ‫وقد ظهر هذا‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫مريك ستيف‬ ‫عام ‪1984‬م‪ ،‬عىل لسان ال ي‬ ‫روبل‪ ،‬عندما كان يصف أول الفنادق‬ ‫ت‬ ‫ال� ت‬ ‫اش�اها (وهو فندق موغان ف ي�‬ ‫ي‬ ‫نيويورك) بأنه يشبه الدكان (بوتيك)‪.‬‬ ‫شاعت التسمية برسعة‬ ‫غ� منضوية‬ ‫لتصنيف فنادق مع َّينة ي‬ ‫ف ي� سلسلة فنادق‪ ،‬وهي عادة‬ ‫تقدم خدمات‬ ‫فاخرة نسبياً‪ِّ ،‬‬ ‫متكاملة‪ ،‬وتحمل بصمة خاصة‬ ‫يز‬ ‫غ�ها‪ ،‬مثل تصميم مبناها‪ ،‬أو تفرده بخاصية‬ ‫تم�ها عن ي‬ ‫ت‬ ‫ث‬ ‫ال� صارت ت ُلقِّب نفسها‬ ‫مع َّينة‪ .‬وقد ك�ت الفنادق ي‬ ‫بـ «بوتيك أوتيل» ف ي� لندن ونيويورك وباريس أوال ً‪..‬‬ ‫ومن ثم أينما كان ف ي� العالم‪ .‬فلهذا التصنيف حسنات‬ ‫عديدة‪ ،‬أولها أن الفندق هو من يطلق هذا التصنيف‬ ‫عىل نفسه‪ ،‬وليس آخرها هو أن يُسمح للفندق ض‬ ‫بتقا�‬ ‫ي‬ ‫أجور إقامة تفوق إىل حد بعيد ما كان سيتقاضاه من‬ ‫ال� ما كانت لتتجاوز الثالث أو أ‬ ‫ت‬ ‫الربع‪.‬‬ ‫خالل النجوم ي‬


‫‪95 | 94‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫وصول الطعام إىل غرفته عىل طبق من فضة‪ ،‬وال ف ي� قضاء نهاره‬ ‫قرب المسبح المتوفر مجاناً ف ي� خدمة ال�نزالء‪ ..‬إنه ف ي� الشعور الغامض‬ ‫الذي يهمس‪ ،‬صدقاً أم خداعاً‪ ،‬بالنجاح أ‬ ‫والهمية ما دام كل هؤالء‬ ‫ين‬ ‫الموظف� والعمال هم ف ي� خدمته‪.‬‬

‫ُحسن التصرف من عدمه في الفندق‬

‫ولكن الفندق ليس بيتاً‬

‫فالشعور أ‬ ‫بالمان والخصوصية هو طارئ‪ ،‬وليس حالة دائمة كما‬ ‫هو ف� البيت‪ ،‬حيث يشكل مكوناً من مكوناته مثل المطبخ أ‬ ‫والبواب‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫نز‬ ‫كب�ا‪ً،‬‬ ‫و� الفندق‪ ،‬ومهما كان الجناح الذي يشغله ال�يل ي‬ ‫والجدران‪ .‬ي‬ ‫ً‬ ‫ثمة شعور بأن الجدار يفصله عن أناس ال يعرف عنهم شيئا‪ .‬وأنه هو‬ ‫ض‬ ‫ما�‬ ‫بدوره مجهول بالنسبة إليهم‪ .‬تماماً كما أنه ال يعرف شيئاً عن ي‬ ‫غرفته هذه ومن كان فيها‪ ،‬وال من سيحتلها من بعده‪ ،‬وعندما نضيف‬ ‫إىل ذلك وعي نز‬ ‫ال�يل أنه ف ي� الفندق لمدة محدودة‪ ..‬يتو َّلد لديه شعور‬ ‫ف‬ ‫الحساس ما يعكِّر صفو‬ ‫بأن عالمه هذا متحرك‪ ،‬ولربما كان ي� هذا إ‬ ‫االرتياح للفندق‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ز‬ ‫بم�ان المقارنة يب� الفندق والبيت‪ ،‬لكل شخص أن‬ ‫ففيما يتع َّلق ي‬ ‫يكيل بمكياله الخاص‪ .‬وفيما نرى البعض يتعاملون مع الفنادق‪ ،‬وكأنها‬ ‫الج�ية‪ ،‬ألن ال خيار آخر لديهم‪ ،‬فإن البعض‬ ‫شكل من أشكال إ‬ ‫القامة ب‬ ‫ف‬ ‫القامة فيه مدى الحياة‪،‬‬ ‫يصل ي� تفضيله للفندق عىل البيت إىل حد إ‬ ‫أو ن‬ ‫يتم� ذلك لو كانت قدرته المالية تسمح له بذلك‪ ،‬خاصة ف ي� تلك‬ ‫الفنادق الفاخرة جداً‪.‬‬

‫اتخذوها بيوتاً‬

‫القامة الدائمة ف ي� الفنادق‪ ،‬عىل الرغم من‬ ‫فمن الذين اختاروا إ‬ ‫أن قدرتهم المالية كانت تسمح لهم بامتالك منازل جيدة أو ح�ت‬ ‫أ‬ ‫خ�ة من‬ ‫فاخرة‪ ،‬هناك عدد من‬ ‫المشاه� الذين أمضوا السنوات ال ي‬ ‫ي‬ ‫أعمارهم ف ي� فنادق من فئة الخمس نجوم‪ .‬ومن هؤالء نذكر مصممة‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� عاشت ي ن‬ ‫ثالث� سنة ف� فندق ت ز‬ ‫الري� ف ي�‬ ‫ي‬ ‫الزياء الفرنسية كوكو شانيل‪ ،‬ي‬ ‫الطالق‪.‬‬ ‫باريس‪ ،‬أفخر فنادق العاصمة الفرنسية عىل إ‬ ‫وهناك أيضاً الممثل المرصي أحمد زك الذي عاش ‪ 15‬سنة �ف‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫يطا� ريتشارد‬ ‫فندق رمسيس هيلتون ي� القاهرة‪ ،‬ومثله الممثل ب‬ ‫ال� ي‬ ‫هاريس الذي عاش ف� فندق «سافوا» ف� لندن ت‬ ‫ح� وفاته عام‬ ‫ي‬ ‫ي‬

‫ف ي� ِفلم «أوشن ‪ »11‬يقول صاحب الفندق‬ ‫الفاخر ف� مدينة الس فيغاس أ‬ ‫المريكية (يلعب‬ ‫ي‬ ‫دوره آل باتشينو) لرئيس عصابة تخطط لرسقة خزنة‬ ‫ن‬ ‫كلو�) ما مفاده‪« :‬أنت‬ ‫الفندق (يلعب دوره جورج ي‬ ‫ب�ء»‪ .‬فأجاب آ‬ ‫ش‬ ‫الخر‪:‬‬ ‫تحت المراقبة‪ ،‬وتدين يل ي‬ ‫ن‬ ‫ضبطتمو�‪ ..‬منشفتان‪ ..‬سأدفع‬ ‫«حسناً‪ ،‬لقد‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ثمنهما»‪ .‬ف ي� إشارة إىل الرسقات‬ ‫ال� يقوم‬ ‫ي‬ ‫الصغ�ة ي‬ ‫صغ�ة ف ي� غرفهم‪.‬‬ ‫بها نزالء الفنادق وتطال أشياء ي‬

‫ماذا نسرق من الفندق؟‬

‫«س إن إن»‬ ‫هذا هو عنوان تقرير بثته قناة ي‬ ‫ف‬ ‫مقدم‬ ‫مؤخراً ي� إطار برنامجها «المسافر»‪ .‬وعرض ِّ‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� يأخذها ن‬ ‫ال�زالء عادة من غرف‬ ‫التقرير الشياء ي‬ ‫فنادقهم‪ ،‬رغم أنها موجودة فيها الستخدامها خالل‬ ‫إقامتهم‪ ..‬وشملت الالئحة المستقاة من استطالع‬ ‫الضافية‪،‬‬ ‫طويل‪ :‬الصابون وقوارير الشامبو إ‬ ‫القرطاسية أ‬ ‫والقالم‪ ،‬المناشف‪ ،‬الخف المصنوع من‬ ‫القماش والمطرز باسم الفندق‪ ،‬أدوات الخياطة‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫البالستيك‬ ‫ضا� والمشط‬ ‫معجون السنان إ‬ ‫ي‬ ‫ال ي‬ ‫وغ� ذلك‪ .‬وجزم التقرير أن ث‬ ‫أك� من نصف‬ ‫الرخيص‪ ..‬ي‬ ‫ً‬ ‫نزالء الفنادق «يرسقون» شيئا من غرفهم‪ .‬وأن النسبة‬ ‫العىل وتصل إىل ‪ 70‬ف� المائة هي ف� أ‬ ‫أ‬ ‫ال ي ن‬ ‫رجنت�‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫ال�ء‪،‬‬ ‫قد تكون كلمة «رسقة» قاسية بعض ي‬ ‫ألن هذه أ‬ ‫الشياء زهيدة الثمن‪ ،‬وإدارات الفنادق‬ ‫تحتسب احتمال فقدانها سلفاً (وتضيف قيمتها‬ ‫أ‬ ‫بشكل يغ� ش‬ ‫مبا� عىل الفاتورة)‪ .‬ولكن‪ ،‬وتماماً لنها‬ ‫زهيدة الثمن‪ ،‬وال تشكل أية قيمة بالنسبة إىل تكلفة‬ ‫القامة ف ي� الفندق (خاصة إذا كان فاخراً)‪ ،‬فإن هذا‬ ‫إ‬ ‫تفس�ه‪.‬‬ ‫ح�ة عند ي‬ ‫السلوك يبقى مصدر ي‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫ث‬ ‫أما فيما يتعلَّق بالشياء الك� تكلفة مثل‬ ‫صغ�اً يقول‪:‬‬ ‫«روب» الحمام‪ ،‬فنجد بقربه إعالناً ي‬ ‫ال�نس كتذكار‪ ،‬فيرسنا‬ ‫«إذا أردت أن تحتفظ بهذا ب‬


‫أن نبيعك إياه ف� متجر الفندق»‪ ..‬ن‬ ‫بمع� آخر‪:‬‬ ‫ي‬ ‫«هذا ال ترسقوه»‪.‬‬

‫السلوك الحسن المطلوب‬ ‫من النزيل أوال ً‬

‫ف‬ ‫وحسن‬ ‫ي� الفندق طرفان‪ :‬مضيف وضيف‪ُ ،‬‬ ‫ف‬ ‫كب� بحسن‬ ‫إ‬ ‫القامة ي� فندق ما مرتبط إىل حد ي‬ ‫ين‬ ‫الطرف� مع بعضهما‪.‬‬ ‫التعامل وتعاطي هذين‬ ‫آداب المضيف وسلوكياته محددة سلفاً‬ ‫بفعل التدريب ن‬ ‫المه�‬ ‫والخ�ات‪ .‬وهو قادر عىل‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫التعامل مع كافة شؤون مؤسسته وضيوفه بكياسة‬ ‫تمكنه من تنفيذ ما يريد وال تت�ك مجاال ً النتقاده‪.‬‬ ‫ومثال عىل ذلك‪ ،‬أن بعض الفنادق (عادة من فئة‬ ‫توف� بدل غسل المناشف بعد‬ ‫أربع نجوم)‪ ،‬وبغية ي‬ ‫أ‬ ‫كث�ين يرضون باستعمالها‬ ‫كل استعمال‪ ،‬لن زبائن ي‬ ‫ث‬ ‫أك� من مرة‪ ،‬صارت تعلن أنه «بهدف حماية البيئة‬ ‫تغ�‬ ‫وعدم هدر المياه‪ ،‬فإن خدمة الغرف لن ي ِّ‬ ‫المناشف إال إذا شئتم ذلك ع� رميها عىل أ‬ ‫الرض»!‪.‬‬ ‫ب‬ ‫ف‬ ‫كث�ة‪ ،‬يفتقد ضيوف الفندق إىل‬ ‫ي� أحيان ي‬ ‫يفوت تفصيال ً‬ ‫مثل هذه الكياسة‪ .‬بعضهم قد ِّ‬ ‫ين‬ ‫الموظف� من حوله‪،‬‬ ‫صغ�اً ف ي� التعاطي مع‬ ‫ي‬ ‫وبعضهم يذهب إىل الحد أ‬ ‫القىص ف ي� سوء‬ ‫الترصف‪ ،‬العتقاده أنه ما دام هو الذي يدفع‬ ‫المال‪ ،‬فمن حقه الترصف كيفما يشاء‪ .‬وغالباً ما‬ ‫أ‬ ‫خ� ارتياحه للإقامة ف ي� الفندق‬ ‫يدفع مثل هذا ال ي‬ ‫السء‪.‬‬ ‫ثمناً لسلوكه ي‬

‫التحية والبقشيش‬

‫ت‬ ‫ال� شاهدناها ث‬ ‫أك�‬ ‫الصورة الكوميدية ي‬ ‫من مرة ف� أ‬ ‫الفالم حيث يقف خادم الغرفة أمام‬ ‫ي‬ ‫ال�يل بانتظار البقشيش أو ت‬ ‫نز‬ ‫ح� إنه يمد يده‪ ،‬ال‬ ‫تمت إىل الواقع بصلة‪ .‬فعالم البقشيش ف ي� الفنادق‬

‫ث‬ ‫بكث� من ذلك‪.‬‬ ‫أك� تعقيداً ي‬ ‫باستثناء الفنادق العليا من فئة خمس‬ ‫نجوم‪ ،‬حيث تبقى الخدمة عىل مستواها الممتاز‬ ‫سواء دفع الضيف بقشيشاً أم لم يدفع‪ ،‬يلعب‬ ‫ين‬ ‫تحس� الخدمة ف ي� كل‬ ‫البقشيش دوراً مهماً ف ي�‬ ‫الفئات أ‬ ‫الخرى من الفنادق‪ .‬وعىل نزيل الفندق أن‬ ‫يحسب حسابه سلفاً بما ال يقل عن ‪ 10‬أو ‪ 15‬ف ي�‬ ‫المئة من التكلفة المتوقعة إلقامته‪.‬‬ ‫وال يخلو عالم البقشيش من بعض النيات‬ ‫المبطنة عند الزبائن ف� بعض أ‬ ‫الحيان‪ ،‬كما ال‬ ‫ي‬ ‫يخلو أيضاً من بعض أ‬ ‫الصغ�ة عند‬ ‫العيب»‬ ‫«ال‬ ‫ي‬ ‫المضيف� الستخراج مزيد منه من جيوب ن‬ ‫ين‬ ‫ال�زالء‪.‬‬ ‫فلن البقشيش أ‬ ‫أ‬ ‫الول الذي يُدفع لحامل‬ ‫الحقائب إىل الغرفة هو أ‬ ‫الهم‪ ،‬ألن عمال الفنادق‬ ‫يتبادلون مالحظاتهم حول ن‬ ‫ال�زالء‪ ،‬يتباهى مسافر‬ ‫حريص جداً عىل ماله بأنه يدفع ش‬ ‫ع�ين دوالراً لمن‬ ‫يوصل حقائبه إىل الغرفة‪ .‬ويحظى بأفضل الخدمات‬ ‫خالل إقامته دون أن يدفع قرشاً إضافياً‪.‬‬ ‫و� الجهة أ‬ ‫ف‬ ‫الخرى‪ ،‬نالحظ تقنيات مختلفة‪،‬‬ ‫ي‬ ‫خاصة ف ي� الفنادق من فئة ثالث نجوم وما حولها‪.‬‬ ‫فالعاملون ف ي� خدمة الغرف‪ ،‬يضعون‬ ‫كب�ة واحدة ف ي� الحمام‪ ،‬وكأنه فاتهم سهواً‬ ‫منشفة ي‬ ‫أ‬ ‫صغ�ة لليدي‪ ..‬ولذا ال بد‬ ‫أن يضعوا منشفة ي‬ ‫نز‬ ‫لل�يل من أن يطلبها وأن يدفع بقشيشاً لحاملها‪.‬‬ ‫ويمكن ن ز‬ ‫لل�يل أن يطلب قهوة وقنينة ماء‬ ‫من خدمة الغرف‪ ،‬فيأتيه طلبه ناقصاً إما قنينة‬ ‫الماء أو السكر للقهوة‪ .‬ويدفع بقشيشاً وهو يلفت‬ ‫العامل إىل ما فاته إحضاره‪ .‬ولكن العامل نفسه‬ ‫ت‬ ‫يأ� بقنينة الماء أو السكر الناقص‪،‬‬ ‫ليس هو من ي‬ ‫بل واحد يغ�ه‪ ،‬يستأهل بقشيشاً آخر بدوره‪ .‬ومن‬ ‫يدفع بقشيشاً للعامل الذي يأخذ المالبس إىل‬ ‫التنظيف‪ ،‬عليه أن يعرف سلفاً أن مالبسه لن تعود‬

‫ف‬ ‫لك يكون‬ ‫إىل الغرفة ي� غيابه‪ ،‬بل عليه أن يطلبها‪ ،‬ي‬ ‫حضوره مضموناً‪ ،‬كما أن من سيأتيه بها هو يغ�‬ ‫من أخذها‪ .‬ولذا‪ ،‬فإن القاعدة الذهبية والعامة �ف‬ ‫ي‬ ‫عالم البقشيش هي‪« :‬ال تدفع إال بعد حصولك‬ ‫عىل الخدمة كاملة»‪.‬‬ ‫خ�وا‬ ‫الكث� إال الذين ب‬ ‫يغ� أن ما قد يفاجئ ي‬ ‫العيش طويال ً ف ي� الفنادق‪ ،‬هو وجود عامل أهم‬ ‫ت‬ ‫ال� يحظى بها‬ ‫من البقشيش قد يرفع الخدمة ي‬ ‫ال�يل ت‬ ‫نز‬ ‫ح� أفضل المستويات الممكنة‪ :‬تبادل‬ ‫التحيات‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ز‬ ‫فمبادرة ال�يل إىل إلقاء التحية عىل‬ ‫ين‬ ‫الموظف� والعمال ف ي� الفندق‪ ،‬هي ذات مفعول‬ ‫ال يمكن توقعه‪ .‬فهؤالء يحبون أن يحييهم ن ز‬ ‫ال�يل‪،‬‬ ‫ربما لما يلقونه أحياناً من معامالت خشنة من‬ ‫شخص‬ ‫بعض الزبائن‪ ،‬وربما لما ف ي� ذلك من تقدير‬ ‫ي‬ ‫«مهم» لعملهم‪ ،‬أو لسبب آخر‪ .‬قد تكون التحية‬ ‫مجرد كلمة واحدة ف ي� البدء‪ ،‬ولكن ال بأس ف ي� أن‬ ‫نز ف‬ ‫التال «‪ ..‬كيف حالك‬ ‫يضيف إليها ال�يل ي� اليوم ي‬ ‫اليوم؟» وس ُيقابل سؤاله بابتسامة‪ ،‬وخدمة‬ ‫أفضل‪.‬‬


‫‪2002‬م‪ .‬والملياردير أ‬ ‫مريك هوارد هيوز أم�ض السنوات ش‬ ‫الع�‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ب� الفنادق أ‬ ‫أ‬ ‫خ�ة من عمره متنقال ً ي ن‬ ‫المريكية رغم سلسلة القصور‬ ‫ال ي‬ ‫ت‬ ‫ال� كان يمتلكها‪ .‬ومن الذين أقاموا لسنوات طويلة ف ي� فندق «ولدورف‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫مريك دوغالس ماكارثر‪ ،‬والرئيس‬ ‫أستوريا» ي أ� نيويورك الج�ال ال ي‬ ‫أ‬ ‫ه�بت هوفر‪.‬‬ ‫ال‬ ‫مريك السبق ي‬ ‫ي‬ ‫أليس ف ي� ذلك ما يحفزنا عىل البحث عن مزيد من حسنات‬ ‫العيش الدائم ف ي� الفنادق مقارنة بما هي عليه ف ي� البيت‪.‬‬

‫‪97 | 96‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫التعليم للعمل في القطاع الفندقي‬

‫أ‬ ‫الكبر في العالم‬

‫ق‬ ‫الفند� فرص عمل هي من الضخامة بحيث يحسب‬ ‫يوفر القطاع‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫نش�‬ ‫حسابها ي� اقتصادات الدول‪ .‬وللداللة عىل حجم هذه الصناعة ي‬ ‫إىل أن حجمها ف ي� مدينة مكة المكرمة وحدها‪ ،‬أصبح ف ي� العام الجاري‬ ‫‪ ،2015‬نحو ‪ 500‬مليار ريال‪ ،‬استناداً إىل مصادر معنية بهذا الشأن ف ي�‬ ‫المدينة‪ ،‬ف� ي ن‬ ‫ح� أن حجم سوق الدواء ف ي� المملكة ككل كان نحو ‪13‬‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫مليار ريال ي� العام الفائت‪ .‬والمهم ي� هذه الصناعة هي أنها تتضمن‬ ‫تنوعاً ف ي� االختصاصات قد ال نجد له مثيال ً ف ي� أي قطاع آخر‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ال� تضم موظفي‬ ‫فإضافة إىل إدارته «المرئية للزبائن»‪ ،‬ي‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫االستقبال والمحاسبة وخدمة الغرف‪ ..‬هناك إ‬ ‫الفدارة العليا ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫الك�ى‬ ‫وال� تضم ي� الفنادق ب‬ ‫تُ ش�ف عىل ي‬ ‫س� العمل ي� الفندق‪ ،‬ي‬ ‫ن ف‬ ‫والعالم والدعاية والتخطيط‪ ..‬كما‬ ‫متخصص� ي� العالقات العامة إ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫اختصاصي� ي� صيانة المب� ومكوناته يعملون‬ ‫الك�ى‬ ‫ي‬ ‫أن للفنادق ب‬ ‫بدوام كامل فيه‪ .‬وعندما نضيف إىل ذلك بعض الوظائف يغ� المرئية‬ ‫ت‬ ‫وال ش�اف عىل‬ ‫بوضوح مثل عمالة المطبخ والمسؤولية عن‬ ‫المش�يات‪ ،‬إ‬ ‫وغ�ها‪ ،‬تتشكل لدينا صورة واضحة عن تنوع الكفاءات‬ ‫خدمة الغرف ي‬ ‫ت‬ ‫كب� يك يعمل بالكفاءة المطلوبة‪.‬‬ ‫ال� يتطلبها فندق ي‬ ‫واالختصاصات ي‬

‫خصوصياته‬

‫ف‬ ‫أك�‬ ‫ي� العام ‪2017‬م‪ ،‬ستشهد مكة المكرمة افتتاح ب‬ ‫ف‬ ‫المسمى‬ ‫الطالق‪ .‬وسيضم هذا الفندق‬ ‫فندق ي� العالم عىل إ‬ ‫َّ‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫«أبراج كدي» ‪ 10,000‬غرفة و‪ 70‬مطعماً‪ .‬ووفقاً للرسوم ي‬ ‫ن‬ ‫ش‬ ‫ع� برجاً‪ ،‬ش‬ ‫اث� ش‬ ‫ع�ة‬ ‫ن�ت له‪ ،‬سيتألف الفندق العمالق من ي‬ ‫منها ستكون من فئة أربع نجوم‪ ،‬وبرجان من فئة خمس نجوم‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� تعلوها ف ي� الوسط قبة عمالقة عىل‬ ‫وستضم أ هذه البراج ي‬ ‫ندلس‪ ،‬مهابط للطائرات وأجنحة ملكية ومراكز‬ ‫الطراز ال ي‬ ‫الجمالية نحو ‪ 3,5‬مليار‬ ‫للمؤتمرات الضخمة‪ .‬وتبلغ تكلفته إ‬ ‫ف‬ ‫دوالر‪.‬ويشكِّل ش‬ ‫م�وع بناء هذا الفندق خطوة ي� إطار مخطط‬ ‫التطوير الذي تشهده مكة المكرمة‪ ،‬والذي يشتمل عىل خطة‬ ‫إلنشاء مجمع فنادق ف ي� منطقة جبل عمر الستقبال مائة ألف‬ ‫شخص ف ي� ‪ 26‬فندقاً فخماً‪ ،‬وخمسمائة مطعم‪.‬‬

‫ق‬ ‫الفند� خصوصيات قد تضعه عىل طرف نقيض‬ ‫يغ� أن للعمل‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫فحسن‬ ‫العمل ي� بعض القطاعات االقتصادية الخرى‪ ،‬كالمصارف مثالً‪ُ .‬‬ ‫أداء مرصف ما مرتبط بأداء إدارته العامة ومجلس إدارته‪ ،‬ف� ي ن‬ ‫ح� أن‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫الفند�‪ ،‬فإن‬ ‫صغار موظفيه هم تنفيذيون بشكل عام‪ .‬أما ف ي� القطاع‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫العامل� فيه عىل الدرجات الدنيا من السلم الوظيفي آثاراً بالغة‬ ‫ألداء‬ ‫الخطورة أ‬ ‫والهمية عىل مكانة الفندق وسمعته ونجاح أعماله‪ .‬فموظفو‬ ‫االستقبال وخدم الغرف هم أ‬ ‫ال ثك� احتكاكاً بال�نزالء‪ ،‬الذين يحكمون‬ ‫صغ�ة‬ ‫عىل‬ ‫ويقيمونه بنا ًء عىل أداء هؤالء‪ ،‬وبنا ًء عىل تفاصيل ي‬ ‫الفندق ِّ‬ ‫أ‬ ‫ف ي� هذا الداء سلبية كانت أم إيجابية‪ .‬ولذا قامت المدارس والمعاهد‬ ‫الفندقية أينما كان ف ي� العالم‪ .‬وما من بلد يخلو منها اليوم‪ ،‬نظراً‬ ‫ألهميتها ف ي� إمداد القطاع بالمهارات الالزمة «لتبييض الوجه»‪.‬‬

‫في المملكة‬

‫ففي المملكة‪ ،‬يضم أحد المعاهد مدرسة فندقية تسعى إىل‬ ‫واليواء‪.‬‬ ‫صقل الكفاءات تلبية الحتياجات قطاعات السياحة والضيافة إ‬ ‫وقد أبرم المعهد اتفاقية توأمة مع جامعة كابيالنو الكندية لدعم‬ ‫مس�ة المدرسة الفندقية‪ ،‬حيث شت�ف الجامعة عىل مخرجات وطرق‬ ‫ي‬


‫وسائل ومناهج التدريس فيها‪ .‬ويستطيع الطالب متابعة دراسته العليا‬ ‫ف ي� هذه الجامعة‪.‬‬ ‫وتمنح هذه المدرسة دبلوم العمليات الفندقية بعد مدة‬ ‫دراسة ي ن‬ ‫تقدم أربع دورات تأهيلية‪ ،‬مدة‬ ‫لسنت� ونصف السنة‪ .‬كما ِّ‬ ‫الواحدة خمسة أشهر‪ ،‬تتألف بنسبة ‪ 25‬بالمائة من التدريب النظري‪،‬‬ ‫العمل الذي يتم داخل الفندق التعليمي‬ ‫و‪ 75‬بالمائة من التدريب‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫داخل‪ ،‬موظف‬ ‫للمدرسة‪ ،‬وتشمل التخصصات التالية‪ :‬إ�اف‬ ‫ي‬ ‫استقبال‪ ،‬إعداد الطعام‪ ،‬خدمة الطعام‪.‬‬

‫أ‬ ‫العرق‬

‫ومن أعرق المعاهد الفندقية ف ي� البالد العربية المدرسة الفندقية‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ال� تأسست عام ‪1949‬م‪ ،‬وتتضمن ثالثة اختصاصات‪ ،‬هي‪:‬‬ ‫ي� لبنان‪ ،‬ي‬

‫برج العرب‬

‫ف‬ ‫د� عام ‪1999‬م‪ ،‬زارته‬ ‫غداة افتتاح فندق «برج العرب» ي� ب ي‬ ‫للتعب�‬ ‫صحافية بريطانية‪ ،‬ووصفته بأنه من فئة «السبع نجوم»‪،‬‬ ‫ي‬ ‫عن أنه يتجاوز ف ي� أبهته كل ما سبق لها أن شاهدته من فنادق‪.‬‬ ‫ص َّمم هذا الفندق المهندس المعماري ب ن‬ ‫يطا� توم‬ ‫ال� ي‬ ‫رايت‪ ،‬ليكون أيقونة لمارة د� كما هو حال دار أ‬ ‫ف‬ ‫الوبرا ي� مدينة‬ ‫إ فبي‬ ‫ن‬ ‫سيد� مثالً‪ .‬ونجح بالفعل ي� ذلك‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫فال�ج الذي يتخذ ي� شكله الخارجي شكل ش�اع‪ ،‬وبُ ن ي� عىل‬ ‫ب‬ ‫جزيرة صناعية بتكلفة بلغت ‪ 650‬مليون دوالر‪ ،‬ال يضم رغم‬ ‫ارتفاعه البالغ ‪ 312‬تم�اً‪ ،‬سوى ‪ 202‬غرفة‪ .‬وال غرابة ف ي� ذلك‪ ،‬إذا ما‬ ‫علمنا أن أصغر أ‬ ‫ت‬ ‫وأك�ها‬ ‫الجنحة فيه تبلغ مساحته‬ ‫‪169‬م�اً مربعاً‪ ،‬ب‬ ‫ت‬ ‫الملك فيه ‪18716‬‬ ‫يصل فإىل ‪ 780‬م�اً مربعاً‪ .‬ويبلغ إيجار الجناح ي‬ ‫ع�ة ي ن‬ ‫دوالراً � الليلة الواحدة‪ ،‬ويحتل بذلك المرتبة الثانية ش‬ ‫ب�‬ ‫ي‬ ‫أغىل فنادق العالم‪.‬‬ ‫ين ن‬ ‫التق�‬ ‫وبعمارته المدهشة عىل‬ ‫والجمال‪،‬‬ ‫ي‬ ‫المستوي� ي‬ ‫تحول هذا الفندق إىل معلم سياحي يقصده‬ ‫وخدماته ومطاعمه‪َّ ،‬‬ ‫�ض‬ ‫كث�ون لمجرد مشاهدته‪ ،‬وليس بال ورة للمبيت فيه الذي ال‬ ‫ي‬ ‫يقدر عليه يغ� كبار الميسورين‪.‬‬

‫الخدمة‪ ،‬والطهي‪ ،‬وصناعة الحلويات‪ .‬ت‬ ‫وف�ة الدراسة فيها هي سنوات‬ ‫مرحلت�‪ :‬أ‬ ‫الوىل ومدتها سنوات ثالث‪ ،‬يمنح �ف‬ ‫ين‬ ‫خمس‪ ،‬موزعة عىل‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫ئ‬ ‫االبتدا�‪ ،‬والثانية مدتها سنتان‬ ‫نهايتها الطالب شهادة التعليم‬ ‫الفند� ق ي‬ ‫ي‬ ‫العال‪ .‬وتلزم المدرسة‬ ‫يحمل الخريج بعدها شهادة التعليم‬ ‫ي‬ ‫الفند� ي‬ ‫طالبها بالعمل‬ ‫التدري� ف ي� المطاعم والفنادق خالل فصل الصيف‬ ‫بي‬ ‫ف‬ ‫وطوال سنوات الدراسة‪ ،‬إضافة إىل التدريب ي� مطابخ المدرسة‬ ‫الفند� والسياحي �ف‬ ‫ق‬ ‫والخدمة ف ي� مطعمها‪ .‬ويقر العاملون ف ي� القطاع‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫كب�اً عىل نمو قطاع السياحة والفنادق‬ ‫لبنان‪ ،‬أن لهذه المدرسة فضال ً ي‬ ‫ف ي� البالد‪ ،‬وتصدير الكفاءات الفندقية إىل الخارج‪ ،‬وخاصة إىل دول‬ ‫مجلس التعاون الخليجي‪.‬‬

‫أ‬ ‫الشهر‬

‫أ‬ ‫للدارة‬ ‫أما المعهد الشهر عالمياً‪ ،‬فهو «المدرسة السويرسية إ‬ ‫ت‬ ‫ال� تضم طالباً من ‪ 80‬دولة ف ي� حرمها الجامعي المتمثل‬ ‫فالفندقية» ي‬ ‫ف‬ ‫و� حرمها الجامعي‬ ‫ي� قرص كو التاريخي عىل‬ ‫ي‬ ‫الريفي�ا فالسويرسية‪ ،‬ي‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫ين‬ ‫سابق� ي� قلب جبال اللب السويرسية‪.‬‬ ‫فندق�‬ ‫الثا� الذي يضم‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫وتمنح المدرسة طالبها ثالثة مستويات من الشهادات الجامعية‪:‬‬ ‫والماجست�‪ ،‬وشهادة ما بعد التخرج‪.‬‬ ‫البكالوريوس‪،‬‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ث‬ ‫ش‬ ‫تأ� أك� من ‪� 60‬كة من مختلف أنحاء العالم‬ ‫ومرتان ي� السنة ي‬ ‫لتوظيف الطالب من كافة أقسام مجموعة التعليم السويرسية هذه‪.‬‬ ‫الدول طالبها فرص الحصول عىل أفضل‬ ‫ويعطي منتدى التوظيف‬ ‫ي‬ ‫الوظائف‪.‬‬


‫‪99 | 98‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫الفندق في السينما‬ ‫من الكوميديا إلى الرعب‬ ‫إضافة إلى حضوره كمسرح لبعض أ‬ ‫الحداث في عدد ال‬ ‫يحصى من أ‬ ‫الفالم السينمائية‪ ،‬يحضر الفندق على الشاشة‬ ‫ُ‬ ‫للفلم‪ ،‬أو كمسرح شبه وحيد ألحداثه‪ ،‬التي‬ ‫رئيس‬ ‫كبطل‬ ‫ِ‬ ‫ال يمكن تصور حدوثها خارج فندق‪ .‬وعلى هذا المستوى‪،‬‬ ‫يمكننا أن نالحظ بسرعة أن هذا الحضور الرئيس يمتد ليشمل‬ ‫فئات ال حصر لها من أ‬ ‫الفالم‪ ،‬من الرعب إلى الكوميديا‪.‬‬ ‫في الكوميديا‬

‫ف‬ ‫ال�يطانية ماغي سميث بجائزة‬ ‫ي� عام ‪1979‬م‪ ،‬فازت الممثلة ب‬ ‫أ‬ ‫الوسكار عن دورها ف ي� ِفلم «فندق كاليفورنيا» (‪ )1978‬الذي تلعب‬ ‫فيه دور ممثلة بريطانية مرشحة لجائزة أ‬ ‫الوسكار‪ ،‬ولكنها تفشل ف ي�‬ ‫الفلم بأرسه ف ي� أربعة أجنحة من‬ ‫الحصول عليها‪ .‬وتدور أحداث ِ‬ ‫ف‬ ‫بفرل هيلز‪ ،‬يسكنها أناس قادمون من لندن ونيويورك‬ ‫فندق فاخر ي� ي‬ ‫وفيالدلفيا وشيكاغو‪ .‬ولكل منهم مشكالته الخاصة ت‬ ‫ال� يسعى إىل حلها‬ ‫ي‬ ‫خالل إقامته المؤقتة‬ ‫ف ي� هذا الفندق‪ .‬وقد اجتمع ف ي�‬ ‫الفلم حشد من النجوم‬ ‫هذا ِ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ج� فوندا‪ ،‬وال�ماتو‪،‬‬ ‫ضم ي‬ ‫َّ‬ ‫ن‬ ‫بيل‬ ‫‪،‬‬ ‫ك�‬ ‫مايكل‬ ‫كوس�‪ ،‬ويتشارد‬ ‫ي‬ ‫بي‬ ‫وغ�هم‪ ..‬ووصفه النقاد‬ ‫بريور‪ ،‬ي‬ ‫آنذاك بأنه كان أفضل كوميديا �ف‬ ‫ي‬ ‫ذلك العقد من القرن ش‬ ‫الع�ين‪.‬‬ ‫وقبل أشهر قليلة عرضت‬ ‫الفضائيات العربية ِفلم‬ ‫«أفضل فندق ماريغولد»‬ ‫لمخرجه جون مادن‪،‬‬ ‫ويروي قصة مجموعة من‬ ‫ال� ي ن‬ ‫يطاني�‬ ‫المتقاعدين ب‬ ‫الذين يرحلون نهائياً إىل الهند‬ ‫ف‬ ‫العالن‬ ‫صوره إ‬ ‫ل إلقامة ي� فندق َّ‬ ‫عنه أنه أ‬ ‫الفضل من نوعه‪ .‬ولدى‬ ‫وصول هؤالء يكتشفون أن الفندق‬ ‫المقصود يكاد أن يكون شبح فندق‬ ‫قديم‪ ،‬خرب بالكامل‪ ،‬فتبدأ مغامراتهم‬ ‫للتكيف مع الوضع الجديد‪ .‬وخالصة‬

‫النسان أن يجد السعادة والحب مهما طال عمره إذا‬ ‫قصته أن بإمكان إ‬ ‫الفلم‬ ‫أدار ظهره بشكل كامل لماضيه وابتدأ حياة جديدة‪ .‬وعىل غرار ِ‬ ‫الفلم الذي أنتج عام ‪2011‬م‪،‬‬ ‫الذي شأ�نا إليه سابقاً‪َّ ،‬‬ ‫ضم هذا ِ‬ ‫حشداً من النجوم‪ ،‬من بينهم ماغي سميث نفسها‪ ،‬وجودي دينش‪،‬‬ ‫وتوم ويلكنسون‪ ،‬إضافة إىل الممثل الهندي الشاب ديف باتيل‪.‬‬ ‫الفلم‪ ،‬تم إنتاج حلقة ثانية‬ ‫ونظراً للنجاح الذي لقيه هذا ِ‬ ‫ن‬ ‫«ثا� أفضل فندق ماريغولد» للعام الجاري ‪2015‬م‪ ،‬وثمة‬ ‫بعنوان ي‬ ‫يعد حلقة ثالثة‪.‬‬ ‫شائعات إىل أن فريق العمل نفسه ّ‬

‫في الرعب‬

‫أ‬ ‫ولن الفندق يفتقر طابع االستقرار الذي ي ِّ ز‬ ‫يم� الحياة ن ز‬ ‫الم�لية‪،‬‬ ‫يتحول ف� أفالم عديدة إىل بؤرة ش‬ ‫لل� والرعب‪.‬‬ ‫نراه َّ أ ي‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫الطار‪ ،‬نذكر‬ ‫ال� صارت مص َّنفة كالسيكية ي� هذا إ‬ ‫من الفالم ي‬ ‫ف‬ ‫ِفلم «اللمعان» الذي ظهر ي� عام ‪1980‬م‪ ،‬مقتبساً عن رواية ستيفان‬ ‫الشه�ة‪ ،‬وقام ببطولته جاك نيكولسون‪.‬‬ ‫كينغ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ئ‬ ‫روا�‪ ،‬يقبل بالعمل‬ ‫يلعب نيكولسون ي� هذا ِ‬ ‫الفلم دور كاتب ف ي‬ ‫حارساً طوال فصل الشتاء لفندق ضخم ومهجور ي� جبال كولورادو‬ ‫أ‬ ‫المريكية‪ ،‬ع َّله ف ي� هذه العزلة يفك عقدة عجزه عن الكتابة‪ .‬فيصطحب‬ ‫ف‬ ‫و�‬ ‫معه زوجته‪ ،‬وابنه الذي يملك حاسة خاصة تنبئه بوجود خطر‪ .‬ي‬ ‫ذلك المكان المنعزل‪ ،‬يصاب الرجل بالجنون‪ ،‬فتبدأ مطاردته لعائلته‬ ‫وتبدأ رحلة المشاهد المرعبة ف ي� مئات الغرف الخاوية والممرات‬ ‫ت‬ ‫ال� ال نهاية لها‪.‬‬ ‫الطويلة ي‬ ‫ف‬ ‫وللفندق مكانة خاصة ي� أدب الرعب عند ستيفان كينغ‪،‬‬ ‫فـ «اللمعان» ليس الوحيد من نوعه‪ ،‬إذ أخرج السويدي ميكايل‬ ‫ت‬ ‫هافس�وم ف ي� عام ‪2007‬م ِفلم «الغرفة ‪ »1408‬عن رواية كان كينغ‬ ‫الفلم قصة كاتب (يلعب دوره جون‬ ‫قد شن�ها عام ‪1999‬م‪ .‬ويروي ِ‬ ‫كوزاك) متخصص ف ي� روايات الرعب‪ ،‬ويركِّز بشكل خاص عىل ما يُشاع‬ ‫حول البيوت المسكونة‪ .‬وبعد أن راوحت أبحاثه ف ي� مكانها دون إحراز‬ ‫أي تقدم‪ ،‬يتلقَّى إنذاراً بع� بطاقة بريدية يعرف من خالله بوجود‬ ‫ي ت‬ ‫ال� تُعرف بالرقم «‪ »1408‬ف ي� أحد فنادق نيويورك‪.‬‬ ‫الغرفة‬ ‫الشه�ة ي‬ ‫فيقصدها‪ ،‬تصحبه الشكوك بخصوص ما يُشاع حولها‪ .‬ويقرر المبيت‬ ‫فيها لليلة واحدة عىل الرغم من إرصار مدير الفندق عليه باختيار‬ ‫يغ�ها‪ ..‬فكانت ليلته ليالء‪ ..‬ث‬ ‫وأك�‪.‬‬ ‫ويمكن لالئحة أ‬ ‫الفالم حول الفنادق المرعبة أن تمتد إىل ما ال‬


‫نهاية وصوال ً إىل «فندق الجحيم»‪ ،‬الذي يروي قصة مزارع وزوجته‬ ‫ف‬ ‫يقدم‬ ‫صغ� ِّ‬ ‫يكسبان بعض المال إ‬ ‫ضا� من خالل إدارتهما لفندق ي‬ ‫ال ي‬ ‫ش‬ ‫حفالت شواء‪ ..‬يغ� أن المشويات هي من لحوم الب� الذين كانا‬ ‫يصطادونهم ف ي� أراضيهما المجاورة‪.‬‬

‫من رواندا إلى فلورنسا‬

‫الفالم أ‬ ‫وبالعودة إىل أ‬ ‫ال ثك� جدية‪ ،‬ال يمكننا إال أن نتوقف‬ ‫ت‬ ‫ال� صورت للسينما‬ ‫أمام «فندق رواندا»‪ ،‬الدراما التاريخية ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫عام ‪2004‬م‪ ،‬وتروي قصة صاحب «فندق اللف تلة» ي� رواندا‪،‬‬ ‫الذي ينتمي إىل قبيلة الهوتو ت ز‬ ‫التوتس‪ .‬وتتواىل‬ ‫والم�وج بامرأة من‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ال� شهدتها رواندا ي ن‬ ‫ب�‬ ‫الحداث انطالقاً من المذابح العمالقة ي‬ ‫ين‬ ‫ين‬ ‫القبيلت� وذهب ضحيتها نحو مليون قتيل استناداً إىل‬ ‫هات�‬ ‫أ‬ ‫الفلم‪ ،‬فقد تمكن صاحب‬ ‫تقديرات المم المتحدة‪ .‬واستناداً إىل ِ‬ ‫الفندق الذي يُدعى بول روزيزا باجينا (ويقوم بدوره دون شيدل)‬ ‫من إنقاذ ث‬ ‫أك� من ‪ 1200‬شخص رواندي التجأوا إىل الفندق‪.‬‬ ‫ومن الدراما التاريخية يمكننا أن ننتقل إىل الدراما العاطفية‬ ‫ن‬ ‫يطا� «غرفة ذات مطل» الذي يعود إىل العام‬ ‫الفلم ب‬ ‫مع ِ‬ ‫ال� ي‬ ‫الفلم الذي أخرجه جيمس أيفوري‪ ،‬قصة شابة‬ ‫‪1985‬م‪ .‬يروي هذا ِ‬ ‫بريطانية تسوح ف� إيطاليا برفقة نسيبتها أ‬ ‫ال بك� سناً منها‪ ،‬وتم�ض‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الح� أ‬ ‫ي ِّ ز‬ ‫ال بك� من رحلتها ف ي� أحد فنادق فلورنسا‪ ،‬حيث تلتقي شخصاً‬ ‫يقلب حياتها المستقرة رأساً عىل عقب‪.‬‬

‫لمشاهدة الفنادق بحد ذاتها‬ ‫من نيويورك إلى جبال أوروبا‬

‫تقدم‪ ،‬ثمة أفالم عديدة‪ ،‬كوميدية ف ي� الغالب‪،‬‬ ‫وإضافة إىل ما َّ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫شه�ة عالمياً‬ ‫تكمن أهميتها ي� أن تصويرها تم بالفعل ي� فنادق ي‬ ‫ت‬ ‫مثل ِفلم‬ ‫«مون� كارلو» من العام ‪2011‬م‪ ،‬الذي يروي مغامرات‬ ‫ي‬ ‫ثالث فتيات يقصدن فرنسا للسياحة‪ ،‬وينتهي بهن المطاف �ف‬ ‫ي‬ ‫«فندق باريس» ف� ت‬ ‫مون� كارلو‪ ،‬الذي قد يكون أفخر فندق عىل‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الفلم ف ي� أجنحة هذا‬ ‫هذا‬ ‫أحداث‬ ‫نصف‬ ‫فتدور‬ ‫المتوسط‪.‬‬ ‫ساحل‬ ‫ِ‬ ‫الفندق وأروقته‪.‬‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫والهم منه ي� هذا المجال‪ِ ،‬فلم «خادمة ي� مانهاتن» الذي‬ ‫يروي قصة زواج ي ن‬ ‫ب� خادمة تعمل ف ي� فندق فاخر ف ي� نيويورك‬ ‫ف‬ ‫(تؤدي دورها جنيفر ي ز‬ ‫الفلم‬ ‫لوب�)‪،‬‬ ‫و� هذا ِ‬ ‫وسياس شاب وطموح‪ .‬ي‬ ‫ي‬ ‫« يا ليت الفنادق هي كما تبدو في األفالم‬ ‫والمسلسالت التلفزيونية‪ .‬ففي باريس هي‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫دائما على برج إيفل‪ ،‬وفي القاهرة تبدو‬ ‫تطل‬ ‫األهرامات خلف النافذة مباشرة‪ .‬ففي األفالم‪،‬‬ ‫لكل فندق معلم تاريخي قرب النافذة‪ .‬أما‬ ‫غرف فندقي فتطل على جدار مسدود ومكب‬ ‫نفايات»‪.‬‬ ‫جيلبرت غوتفريد‬


‫‪101 | 100‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫أ‬ ‫ق‬ ‫ف‬ ‫فند� «ولدروف استوريا»‬ ‫ال نشاهد فقط ال فجنحة الفاخرة ي� ي‬ ‫و«روزفلت أوتيل» ي� نيويورك‪ ،‬بل أيضاً طقوس الخدمة الجيدة‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ال� يعقدها العاملون ف ي� الفندق‬ ‫وإدارتها‪ ،‬واالجتماعات الصباحية ي‬ ‫ين‬ ‫المرتقب� اليوم وحاجاتهم ومزاجاتهم‪.‬‬ ‫لالطالع عىل طبيعة الزبائن‬ ‫فند� من الدرجة أ‬ ‫فلم ق‬ ‫الوىل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫أما آخر أ‬ ‫الفالم الفندقية ت‬ ‫ال� حظيت بشهرة عالمية فهو‬ ‫ي‬ ‫الكب�»‪ ،‬الذي أخرجه ويس أندرسون‪ ،‬وقام‬ ‫«فندق بودابست ي‬ ‫وغ�هم من النجوم‪،‬‬ ‫ببطولته أدريان برودي وبيل موراي وجود لو‪ ،‬ي‬ ‫و ُعرض عىل الشاشات ف� العام ض‬ ‫الما� ‪2014‬م‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الفلم مغامرات موظف استقبال ف ي� منتجع تزلج‬ ‫يروي هذا ِ‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫الحرب�‪ ،‬ويُدعى غوستاف‪ ،‬يرتبط بصداقة‬ ‫أورو� ف ي� تف�ة ما يب�‬ ‫ي‬ ‫بي‬ ‫مع خادم البهو الذي يُدعى زيرو مصطفى‪ ،‬فيصبح هذا صديقه‬ ‫الموثوق‪ .‬وتتضمن القصة رسقة لوحة فنية من عرص النهضة ال‬ ‫عائل عىل ثروة‬ ‫َّ‬ ‫تقدر بثمن‪ ،‬ومن ثم عودتها إىل الظهور وسط رصاع ي‬ ‫أ‬ ‫ورو�‬ ‫ال‬ ‫العالم‬ ‫خلفية‬ ‫عىل‬ ‫ذلك‬ ‫وكل‬ ‫قتل‪،‬‬ ‫جريمة‬ ‫تصحبه‬ ‫طائلة‬ ‫بي‬ ‫الذي كان يشهد تحوالت حادة ف� تلك ت‬ ‫الف�ة‪ .‬وكما هو حال ِفلم‬ ‫ي‬ ‫كث�اً من تقاليد العمل ف ي�‬ ‫لم‬ ‫الف‬ ‫هذا‬ ‫«خادمة ف ي� مانهاتن» يستعرض‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫الفنادق الفاخرة‪.‬‬

‫الفندق في أ‬ ‫الغنية‪ ..‬غالباً مجرد رمز‬ ‫بريسل أغنيته‬ ‫ف ي� عام ‪ ،1956‬أطلق ألفيس‬ ‫ي‬ ‫خ� شن�ته‬ ‫«فندق القلب المحطَّم» المستوحاة من ب‬ ‫الصحف حول انتحار رجل وحيد قفز من نافذة فندقه‪.‬‬ ‫وهي من أ‬ ‫الغنيات القليلة المستوحاة من الحياة‬ ‫الفندقية الواقعية‪ .‬إذ إن معظم أشكال حضور‬ ‫الفندق ف� أ‬ ‫الغنية هي رمزية للداللة عىل عوالم أو‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫حاالت يسهل تصويرها من خالل وضعها ي� فندق‪.‬‬ ‫الطالق‬ ‫وأشهر هذه الفنادق المتخ َّيلة عىل إ‬ ‫هو «أوتيل كاليفورنيا»‪ ،‬عنوان أشهر أغنية‬ ‫«اليغلز»‪ ،‬صدرت‬ ‫لفريق إ‬ ‫عام ‪1976‬م‪ ،‬وبيع منها ‪16‬‬ ‫مليون نسخة ف ي� الواليات‬ ‫المتحدة وحدها‪ .‬وفندق‬ ‫كاليفورنيا ف� هذه أ‬ ‫الغنية‬ ‫ي‬ ‫هو رمز لعالم الملذات‬ ‫ت‬ ‫ال� إذا ما‬ ‫الدنيوية‪ ،‬ي‬ ‫سقط فيها المرء استحال‬ ‫عليه خروجه منها‪.‬‬ ‫ومن ث‬ ‫تأث�اً‬ ‫أك� الفنادق الحقيقية ي‬ ‫وحضوراً ف� أ‬ ‫«تشيلس» ف ي� نيويورك‪،‬‬ ‫الغنية‪ ،‬فندق‬ ‫ي‬ ‫الذي يح�ض ي ف� أشكال متفاوتة أ‬ ‫الهمية والتأث� �ف‬ ‫ي ي‬ ‫ي‬ ‫وف�جيل تومسون‬ ‫أغنيات لجانيس جوبلن وبوب ديالن ي‬ ‫ف‬ ‫كوه�ن‬ ‫وبات سميث‪ ،‬وبشكل خاص ي� أغنية ليونارد ي‬ ‫ت‬ ‫«فندق‬ ‫ال� تروي إحدى قصصه الشخصية‬ ‫ي‬ ‫تشيلس» ي‬ ‫جوبل�‪.‬ن‬ ‫مع جانيس ي‬ ‫ف‬ ‫العر�‪ ،‬نجد الفندق الرمز (كما هو‬ ‫و� الغناء ب‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫حال «فندق كاليفورنيا») ف ي� أغنية «نزل الرسور» من‬ ‫ن ت‬ ‫مرسحية زياد‬ ‫ال� تحمل االسم نفسه وتعود‬ ‫ي‬ ‫الرحبا� ي‬ ‫إىل عام ‪1974‬م‪ ،‬وتدور حول فندق متخ َّيل يقيم فيه‬ ‫عدد من أ‬ ‫الشخاص المه َّم ي ن‬ ‫ش� اجتماعياً يواجهون خياراً‬ ‫ين‬ ‫ب� الثورة أو الموت‪.‬‬


‫الفن في الفندق‬

‫درجت العادة أن نتناول ف ي� الملف حضور موضوعه ف ي� مختلف‬ ‫مجاالت البداع ومنها الفنون‪ .‬ف‬ ‫و� حالة الفندق نجد أن المنحى يتخذ‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫اتجاهاً معاكساً‪ .‬فمقابل الحضور الهزيل للفندق ي� العمال الفنية‬ ‫الك�ى‪ ،‬نجد الفنون بكافة أشكالها تح�ض ف ي� الفندق‪ ،‬بدءاً من فن‬ ‫ب‬ ‫ف‬ ‫الداخل وصوال ً إىل اللوحات الزيتية ي� الغرف‪.‬‬ ‫العمارة إىل التصميم‬ ‫ي‬

‫العمارة والتصميم الداخلي‬

‫ف‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫و� عدد‬ ‫تلعـب عمارة مب� الفنـدق دوراً مهماً ي� تصنيفه‪ ،‬ي‬ ‫ت‬ ‫ال� يمكن أن يع ِّلقها قرب اسمه‪ .‬وإن كانت أبنية الفنادق من‬ ‫النجوم ي‬ ‫ف‬ ‫فئة ثالث نجوم وأقل ذات أبنية عادية أو ت‬ ‫ح� متواضعة ي� تصميمها‪،‬‬ ‫فإن أبنية الفنادق الفاخرة تستحق التوقف أمامها‪ .‬وبشكل عام‪ ،‬يمكننا‬ ‫تصنيف الطرز المعمارية للفنادق الفاخرة إىل أقسام‪:‬‬

‫— القصور والمباني التاريخية التي تم تحويلها إلى فنادق‪،‬‬ ‫مبا� ق‬ ‫مثل ن‬ ‫فند� ت ز‬ ‫الري� وكرايون ف ي� باريس اللذين يقعان ضمن أبنية‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ش‬ ‫ال�‬ ‫تاريخية تعود إىل القرن الثامن ع�‪ .‬أما المنطقة الشهر عالمياً ي‬ ‫نجد فيها هذه الفئة من الفنادق فهي شبه القارة الهندية‪ ،‬حيث تم‬ ‫كث� من قصور المهراجات القديمة إىل فنادق مثل «قرص‬ ‫تحويل ي‬ ‫أنديا�» �ف‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫رامباغ» و«أميد محل» ي� مدينة جايبور الهندية‪ ،‬و«باك‬ ‫ي ي‬ ‫كتماندو ف ي� النيبال‪.‬‬


‫‪103 | 102‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫تول تصميم أبنيتها إىل أشهر‬ ‫— الفنادق الحديثة‪ ،‬وغالباً ما ي‬ ‫ز‬ ‫ين‬ ‫والتم�‪ .‬ومعظم الفنادق‬ ‫أك� قدر من الفرادة‬ ‫ي‬ ‫المعماري� بغية تحقيق ب‬ ‫ّ‬ ‫ف� العواصم ث‬ ‫«ال�ية» والحديثة تندرج ضمن هذه الفئة‪ ،‬نعرف منها ف ي�‬ ‫ي‬ ‫«ري� كارلتون» و«الفيصلية» و«فور ي ز‬ ‫جوارنا فنادق ت ز‬ ‫س�ونز» ف ي� الرياض‪.‬‬ ‫تعوض عن المظهر الخارجي شبه العادي لبنائها‪،‬‬ ‫— الفنادق التي ِّ‬ ‫أ‬ ‫الداخل إىل مستويات عليا من حيث البهة‬ ‫برفع مستوى التصميم‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫وحس الذوق وح� البذخ‪ .‬وأشهر هذه الفنادق ما نجده‬ ‫والناقة‬ ‫ّ‬ ‫ف� لندن وباريس ت‬ ‫كث� من الفنادق الفاخرة ف ي�‬ ‫وح� نيويورك‪ ..‬حيث ي‬ ‫ي‬ ‫هذه المدن تشغل أبنية قديمة ومحمية قانوناً بحيث ال يمكن تعديل‬ ‫ح� التطابق مع أ‬ ‫واجهاتها‪ ،‬وتتشابه جداً‪ ،‬ت‬ ‫البنية المجاورة كما هو حال‬ ‫فنادق «جورج الخامس» و«بالزا أتينيه» و«برنس دي غال» ف ي� باريس‪،‬‬ ‫حيث ال يمكن ي ز‬ ‫تمي� أبنيتها عما يحيط بها‪ ،‬ولكن بمجرد دخول البهو‬

‫يصل الزائر إىل عالم طافح بالذوق الرفيع أ‬ ‫والناقة والجمال‪ ..‬وتكفي‬ ‫الشارة هنا‪ ،‬إىل أنه ف� تسعينيات القرن ض‬ ‫الما�‪ ،‬عندما قرر فندق‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الداخل‪ ،‬وشاء التخلص من بعض‬ ‫تصميمه‬ ‫تطوير‬ ‫الخامس»‬ ‫«جورج‬ ‫ف ي‬ ‫ن‬ ‫در عىل أصحابه‬ ‫عل�‬ ‫اد‬ ‫ز‬ ‫م‬ ‫المفروشات‪ُ ،‬طرحت هذه المفروشات ي�‬ ‫ي َّ‬ ‫ين‬ ‫المالي�‪ ،‬وتسابق عىل اقتنائها أصحاب القصور وهواة التحف‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ال� تنتمي إليها‪،‬‬ ‫ف وبشكل عام‪ ،‬فإن الفنادق‪ ،‬ومهما كانت الفئة ي‬ ‫الداخل عىل بهو االستقبال الرئيس‪ .‬فهو الجزء من‬ ‫تركز ي� تصميمها‬ ‫ي‬ ‫الفندق الذي يمر به الجميع‪ ،‬ويمكن توزيع تكلفته عليهم أيضاً‪.‬‬ ‫ولكن حضور الفن ف ي� الفنادق ال يقترص عىل التصميم‪ .‬فثمة‬ ‫لفنان� ي ن‬ ‫كث�ة تقيم معارض فنية متواصلة ي ن‬ ‫ناشئ� ف ي� بهوها‬ ‫فنادق ي‬ ‫الرئيس‪ .‬ولهذا النشاط ما بي�ره‪ .‬فهو إضافة إىل «رعاية مزعومة» للفن‪،‬‬ ‫بتغي� أجواء بهوه‪ ،‬وإنقاذها من الرتابة‪ ،‬ناهيك عن‬ ‫يسمح للفندق ي‬ ‫الناشئ�‪.‬ن‬ ‫ن‬ ‫الفنان�‬ ‫حصوله (أحياناً) عىل عمولة من مبيعات أعمال‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫الك�ى ت‬ ‫ال� دخلت تاريخ الفن من بهو الفنادق‪،‬‬ ‫ومن المعارض الفنية ب‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ض‬ ‫الما�‬ ‫دال ي� سبعينيات القرن‬ ‫فنذكر المعرض الذي أقامه سلفادور ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫الشه� عىل ما آلت‬ ‫سبا�‬ ‫ي� باريس‪ .‬فمن باب احتجاج الفنان إ‬ ‫ي‬ ‫ال ي‬ ‫ن‬ ‫للفنان� الذين عادوا‬ ‫إليه بعض التيارات الفنية‪ ،‬قرر إقامة معرض‬ ‫ي‬ ‫إىل ت ز‬ ‫االل�ام بأصول الرسم‪ .‬ومن باب احتجاجه عىل سياسة صاالت‬ ‫العرض الفنية والتجارية‪ ،‬قرر إقامة هذا المعرض التاريخي ف ي� فندق‬ ‫«موريس» ف ي� باريس‪ ،‬وليس ف ي� أي مكان آخر‪.‬‬ ‫ومن أشهر الفنادق ف� العالم ت‬ ‫تول حضور الفن ف ي�‬ ‫ال�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أروقتها وقاعاتها اهتماماً خاصاً‪ ،‬فندق «غرانفيا» (‪ ،)Granvia‬ف ي�‬ ‫مدينة كيوتو اليابانية‪ .‬إذ يضم هذا الفندق نحو ‪ 1000‬تحفة فنية‪،‬‬ ‫تُراوح ما ي ن‬ ‫ب� المشغوالت التقليدية القديمة واللوحات الزيتية‬ ‫المعارصة‪ .‬ش‬ ‫وي�ف عليها وعىل ُحسن عرضها أستاذ جامعي متطوع‬ ‫من جامعة «سيان»‪.‬‬


‫اللوحة في الفندق‬ ‫تزي� غرف ن‬ ‫ف� إطار ي ن‬ ‫ال�زالء‪ ،‬نالحظ‬ ‫ي‬ ‫جميعاً وجود «أعمال فنية» عىل الجدران‪.‬‬ ‫ونالحظ كذلك فوراً بأنها هناك لـ «أنسنة»‬ ‫الغرفة وطرد الوحشة منها‪ .‬ومع أنه ف ي�‬ ‫والصغ�ة تكون‬ ‫بعض الفنادق المتوسطة‬ ‫ي‬ ‫نوعية هذه أ‬ ‫العمال الفنية من النوع الذي‬ ‫يزيد الوحشة‪ ،‬فإنها ف ي� معظم الفنادق‪،‬‬ ‫حيث توجد حياة فندقية عريقة‪ ،‬مدروسة‬ ‫يبد عليها ذلك للوهلة‬ ‫بعناية‪ .‬وإن لم ُ‬ ‫أ‬ ‫الوىل‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ال�‬ ‫فالفنادق الفرنسية المتوسطة ي‬ ‫تأسست ف� القرن التاسع ش‬ ‫ع�‪ ،‬مثالً‪،‬‬ ‫ي‬ ‫أو تشغل أبنية أنشئت آنذاك‪ ،‬تحرص‬ ‫عىل ي ن‬ ‫تزي� غرف الزبائن برسوم حفرية‬ ‫تعود إىل تلك ت‬ ‫الف�ة أو ما قبلها (أو بنسخ‬ ‫رخيصة عنها) ف ي� مسعى منها لتأكيد‬ ‫عراقتها‪.‬‬ ‫ف‬ ‫أما ي� الفنادق الفاخرة‪ ،‬فيصبح‬

‫أ‬ ‫المر ث‬ ‫أك� تعقيداً‪.‬‬ ‫يقول هونغ لوك‪ ،‬وهو مدير عام‬ ‫«مجموعة لوم» لتطوير الهوية البرصية‬ ‫لسالسل فنادق عالمية‪ ،‬من ضمنها‬ ‫«ماريوت» و«هيلتون» و«ستاروود»‪:‬‬ ‫«إن كل هذه الفنادق هي تابعة لسالسل‬ ‫محددة‪ .‬يدفع صاحبها مبلغاً من المال‬ ‫لل�كة أ‬ ‫الم ك يحمل اسمها‪ ،‬ويشارك �ف‬ ‫ش‬ ‫ف ي‬ ‫ي‬ ‫و� كل‬ ‫نظام حجز الغرف وأيضاً مظهرها‪ .‬ي‬ ‫واحد من هذه الفنادق‪ ،‬يتوىل المعماري‬ ‫الداخل تصميم المفروشات‬ ‫والمصمم‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫وتزي� الغرف وفق مقاييس السلسلة»‪.‬‬ ‫ف‬ ‫الك�ى الفاخرة‬ ‫و� معظم الفنادق ب‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫للمش�يات‬ ‫يوجد موظف متخصص‬ ‫الفنية‪ ،‬الذي يعمل ضمن قواعد صارمة‪،‬‬ ‫ش‬ ‫كاليت� مسؤول الفنون‬ ‫ويع� عنها جيس‬ ‫ب ِّ‬ ‫ف‬ ‫ف ي� فندق «أنديغو» ي� نيويورك‪ ،‬بقوله‪:‬‬ ‫«إن ي ن‬ ‫تزي� الغرف يخضع لقواعد صارمة‪.‬‬

‫ففندقنا يحرص عىل ي ن‬ ‫تزي� جدران الغرف‬ ‫أ‬ ‫بصور فوتوغرافية أ‬ ‫بالسود والبيض‬ ‫ملتقطة لمشاهد ال تبعد ث‬ ‫أك� من بضعة‬ ‫شوارع عن موقع الفندق»‪.‬‬ ‫وفيما تميل الفنادق العريقة عادة‬ ‫إىل أن ش‬ ‫ين� ف ي� غرفها اللوحات الزيتية‬ ‫ت‬ ‫القديمة ذات الطابع‬ ‫الزي� (دون أن‬ ‫ي‬ ‫تكون باهظة الثمن)‪ ،‬تميل سالسل‬ ‫الفنادق الحديثة إىل التيارات الفنية‬ ‫المعارصة والطليعية‪ ،‬مع الحرص‬ ‫عىل عدم مفاجأة الزبائن بأشكال فنية‬ ‫يغ� مألوفة جداً مثل مخرجات الفن‬ ‫المفاهيمي‪ ،‬أ‬ ‫والعمال ت‬ ‫المث�ة‬ ‫ال�كيبية ي‬ ‫للتساؤل‪ .‬ففي النهاية‪ ،‬تكمن وظيفة‬ ‫الفن ف ي� الفنادق‪ ،‬ف ي� إشاعة جو من‬ ‫والحساس بالرفاهية ت‬ ‫وح�‬ ‫االرتياح إ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫البهة‪ .‬أما تثقيف ال�زالء فليست من‬ ‫مهمة الفندق بتاتاً‪.‬‬


‫وماذا عن أ‬ ‫الجنحة؟‬

‫‪| 104‬‬ ‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫األغلى ولماذا؟‬

‫ت‬ ‫يوجد عىل شبكة إ ت‬ ‫ال� تزعم صحة تعدادها‬ ‫الن�نت عدد من المواقع ي‬ ‫أ‬ ‫ف‬ ‫كب�ة فيما بينها‪.‬‬ ‫لغىل الفنادق ي� العالم‪ ،‬وتختلف اختالفات ي‬

‫الغرف الغالية‬

‫الصناعة الفندقية‬ ‫جدول بحجم‬ ‫أ‬ ‫في الدول العشر الولى‬ ‫البلد‬

‫عدد الغرف‬ ‫ف ي� عام ‪2012‬‬

‫معدل عدد‬ ‫الغرف ف ي�‬ ‫الفندق الواحد‬

‫ليال‬ ‫عدد ي‬ ‫مبيت السياح‬ ‫ف ي� الفنادق‬

‫الواليات المتحدة‬ ‫ين‬ ‫الص�‬ ‫اليابان‬ ‫إيطاليا‬ ‫ألمانيا‬ ‫إسبانيا‬ ‫المكسيك‬ ‫المملكة المتحدة‬ ‫فرنسا‬ ‫تايلند‬

‫‪4,900,000‬‬ ‫‪1,500,000‬‬ ‫‪1,370,000‬‬ ‫‪1,100,000‬‬ ‫‪950,000‬‬ ‫‪900,000‬‬ ‫‪660,000‬‬ ‫‪650,000‬‬ ‫‪620,000‬‬ ‫‪53,0000‬‬

‫‪33‬‬ ‫‪132‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪27‬‬ ‫‪47‬‬ ‫‪37‬‬ ‫‪17‬‬ ‫‪36‬‬ ‫يغ� معروف‬

‫‪58,000,000‬‬ ‫‪83,000,000‬‬ ‫‪18,000,000‬‬ ‫‪29,000,000‬‬ ‫‪72,000,000‬‬ ‫‪12,000,000‬‬ ‫‪16,000,000‬‬ ‫‪57,000,000‬‬ ‫‪26,000,000‬‬ ‫‪600,0000‬‬

‫المصدر‪ :‬منظمة أ‬ ‫المم المتحدة للسياحة ‪2014‬‬

‫الع�ة أ‬ ‫ففي واحد من هذه المواقع‪ ،‬نجد أن الفنادق ش‬ ‫الغىل ف ي�‬ ‫العالم تتوزع ما ي ن‬ ‫ب� فندق «كوين شارلوت» ف ي� كندا ف ي� المرتبة ش‬ ‫العا�ة‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫(‪ 2,800‬دوالر للشخص ي� الليلة)‪ ،‬و«نورث آيالند» ي� جزر السيشيل‬ ‫ف� المرتبة أ‬ ‫الوىل (‪ 5,843‬دوالراً ف ي� الليلة)‪ ،‬وما بينهما يالحظ وجود عدة‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫نز‬ ‫القامة فيها لليلة الواحدة‬ ‫فنادق إفريقية‪ ،‬اثنان ي� ت�انيا تُراوح تكلفة إ‬ ‫ف‬ ‫ما ي ن‬ ‫القامة فيها‬ ‫ب� ‪ 3000‬و‪ 4000‬دوالر‪ ،‬وثالثة ي� بوتشوانا تزيد تكلفة إ‬ ‫عىل ‪ 4000‬دوالر يومياً‪ .‬ومن هذه الالئحة نستشف أهمية موقع الفندق‬ ‫ف� وسط طبيعي نادر ي َّ ز‬ ‫تسع�‬ ‫للسياح‪ ،‬بالنسبة إىل ي‬ ‫ومم� وجذَّ اب َّ‬ ‫ي‬ ‫خدماته‪ .‬فمعظم هذه الفنادق الباهظة التكلفة هي لهواة الرحالت‬ ‫ال�ية من كبار أ‬ ‫الثرياء‪.‬‬ ‫ب‬

‫ب� أغىل الغرف وأغىل أ‬ ‫ثمة بون شاسع ما ي ن‬ ‫الجنحة‪ ،‬فعىل الئحة‬ ‫أغىل ش‬ ‫ع�ة أجنحة فندقية ف ي� العالم نجد أن أدناها «كونوت هوتيل»‬ ‫حيث يبلغ إيجار الجناح ‪ 23,500‬دوالر ف ي� الليلة‪ .‬وعىل رأس القائمة‬ ‫الملك ف ي� فندق «بريزيدان» ف ي� جنيف‪ ،‬الذي تبلغ تكلفة إيجاره‬ ‫الجناح‬ ‫ي‬ ‫لليوم الواحد ‪ 67,000‬دوالر!!!‬ ‫ت‬ ‫ويضم هذا الجناح الذي تبلغ مساحته ‪ 1,800‬م� مربع‪12 ،‬‬ ‫الشه�ة‪.‬‬ ‫غرفة نوم‪ ،‬ويطل عىل جنيف‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫وما ن أ‬ ‫ف‬ ‫الملك ي� فندق «بالزا‬ ‫خ�‪ ،‬هناك الجناح‬ ‫ب� الول وال ي‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫أثينيه» ف ي� باريس (‪ 27,000‬دوالر)‪ ،‬والفيال الملكية ف ي� منتجع «ال‬ ‫غونيس» ف ي� اليونان (‪ 35,000‬دوالر)‪ ،‬ومقر صاحب العقار «هيلتوب»‬ ‫ي‬ ‫و�‪ ،‬أن عىل الراغب ف‬ ‫ن‬ ‫ت‬ ‫القامة‬ ‫�‬ ‫لك�‬ ‫ال‬ ‫موقعه‬ ‫يقول‬ ‫الذي‬ ‫فيجي‪،‬‬ ‫ف ي� جزر‬ ‫ي إ‬ ‫إ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫يقدم طلباً وينتظر دعوة‬ ‫فيه مقابل ‪ 40,000‬دوالر ي� الليلة‪ ،‬أن ِّ‬ ‫صاحب العقار الملياردير ت‬ ‫تز‬ ‫ماتيشي� (صاحب مصانع ش‬ ‫م�وب‬ ‫وي�يك‬ ‫شه�)‪.‬‬ ‫طاقة ي‬


‫دليل المعلِّمين لمحتوى القافلة‬ ‫ت تقرير‬ ‫قريرا القا‬ ‫فلة‬ ‫لقافلة‬

‫هذه الصفحة هي للتفاعل مع قطاع المعلِّمين والمعلِّمات ومساعدتهم على‬ ‫تلخيص أبرز موضوعات القافلة في إصدارها الجديد‪ ،‬وتقريبها إلى مفهوم وأذهان‬ ‫الفئات العمرية المختلفة للطالب والطالبات‪.‬‬ ‫‪7|6‬‬

‫ورشة عمل‬

‫ريادة األعمال‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫العالقات داخل فريق العمل‬

‫وحدة متكاملة‬ ‫لتحقيق الهدف‬

‫ريادة األعمال‬

‫بات موضوع العالقات داخل فريق العمل أو «عالقات المجموعة» يلقى اهتماماً‬ ‫ورواجاً بين شباب أ‬ ‫العمال الرياديين في العالم العربي وتحديداً في الخليج‬ ‫العربي‪ ،‬حيث تزدهر أ‬ ‫التطور التقني وثورة التصالت‪.‬‬ ‫العمال الجديدة التي بلورها‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫مكون من متخصصين في المجال ومن‬ ‫وهذه العمال تحتاج إلى فريق عمل صغير ّ‬ ‫إداري يدير الفريق ومن قائد يقود الفريق نحو تحقيق الهدف‪ .‬هذه الورشة التي‬ ‫عُقدت في مدينة الرياض وشارك فيها عدد من الطالب الجامعيين‪ ،‬تُلقي الضوء‬ ‫على كيفية بناء الروابط المتينة داخل فريق العمل الواحد‪.‬‬

‫يشرح تقرير ه‬ ‫الأعمال» الت ذا العدد ماهية «ريادة‬ ‫ي‬ ‫عصرنا‪ .‬وي يكثر الحديث عنها في‬ ‫مكنه أ‬ ‫طالبية على ا ن يكون منطلقاً لتمارين‬ ‫قتراح أعما‬ ‫ميز‬ ‫بالمواصفات المطلو ل مبتكرة تت َّ‬ ‫بة لتكون ريادية‪،‬‬ ‫الوا‬ ‫رد تعدادها في التقرير‪.‬‬

‫فريق العمل‬

‫تدور ورشة ال‬ ‫عم‬ ‫ل‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫ذا‬ ‫ال‬ ‫ع‬ ‫دد‬ ‫حول‬ ‫مفهوم «فريق العم‬ ‫ل» ومواصفاته وكيفية‬ ‫تشكله‪ ،‬وأهميته في العأ‬ ‫مال التي تتطلب‬ ‫تضافر جهود ع‬ ‫دي‬ ‫دة‬ ‫ل‬ ‫لن‬ ‫جا‬ ‫ح‪.‬‬ ‫وم‬ ‫ن‬ ‫أب‬ ‫رز‬ ‫جوانبها ما يتع َّل‬ ‫ق‬ ‫ب‬ ‫ط‬ ‫بي‬ ‫عة‬ ‫ال‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫قة‬ ‫ا‬ ‫لت‬ ‫ي‬ ‫تربط الفرد بفريق‬ ‫ال‬ ‫عم‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ذ‬ ‫ي‬ ‫ين‬ ‫ض‬ ‫م‬ ‫إليه‬ ‫أو يعمل في إطاره‪.‬‬ ‫‪27 | 26‬‬

‫علوم‬

‫عندما تكون مساحة حديقة الحيوان‬ ‫ً‬ ‫نسبيا‪ ،‬ألنها تقع في وسط المدينة‪،‬‬ ‫محدودة‬ ‫فإن أي محاوالت لزيادة عدد الحيوانات‬ ‫المعروضة في الحديقة ستبوء بالفشل‪،‬‬ ‫ما دام مبدأ ُّ‬ ‫تكدس الحيوانات في أماكن‬ ‫ضيِّ قة غير وارد‪ ،‬ألنه يتنافى مع حقوق‬ ‫الحيوان في العيش في بيئة مناسبة‪ .‬لكن‬ ‫حديقة الحيوان في مدينة أمستردام وجدت‬ ‫الحل في استضافة كائنات حية صغيرة‪ ،‬ال‬ ‫تحتاج مساحة إضافية‪ ،‬وهكذا ظهرت فكرة‬ ‫ً‬ ‫مرحبا‬ ‫أول متحف في العالم للميكروبات‪،‬‬ ‫بكم في (ميكروبيا)‪.‬‬

‫الملف‪:‬‬

‫الفندق‬

‫القافلة‬ ‫يوليو ‪ /‬أغسطس ‪2015‬‬

‫كلنا اختبرنا اإل‬ ‫َّ قامة في الفندق‪.‬‬ ‫ولدى كل منا أح‬ ‫كامه الخاصة على‬ ‫الفنادق التي‬ ‫أقام بها‪ .‬وما من‬ ‫م‬ ‫سافر إال وفي ج‬ ‫عبته عند العودة‬ ‫إلى وطنه حديث‬ ‫عن الفندق الذي‬ ‫أقام فيه‪ .‬وفي ج‬ ‫وارنا‪ ،‬في المدينة‬ ‫التي نقطنها ف‬ ‫نادق عديدة‪ ،‬هي‬ ‫ً‬ ‫دائما من معالم‬ ‫المدينة‪ ،‬ونقاط‬ ‫الداللة على أح‬ ‫يائها‪ .‬ومن خالل‬ ‫تنوعها بتنوع‬ ‫البشر المحتاجين‬ ‫إلى خدماتها‪،‬‬ ‫وسعيها إلى تلبية‬ ‫الطلب المتزايد‬ ‫عليها‬ ‫بتزايد‬ ‫سكان‬ ‫العالم وتحرك‬ ‫اتهم‪ ،‬أصبح قطاع‬ ‫الفنادق صناعة‬ ‫عمالقة‪ .‬صناعة‬ ‫ق‬ ‫وامها الثقافة اإلن‬ ‫سانية المتلونة‬ ‫إلى أقصى‬ ‫حد في مفاهيمها‬ ‫ومقاييسها‬ ‫للجيد والسيئ‪،‬‬ ‫للضرورة ولل‬ ‫ترف‪،‬‬ ‫وا‬ ‫لالزم‬ ‫وما‬ ‫يمكن‬ ‫االستغناء عنه‪.‬‬ ‫فإلى عوالم الفنادق‬ ‫مع فريق القافلة‬ ‫في هذا الملف‪.‬‬

‫أسامة إبراهيم‬

‫في حديقة‬ ‫الميكروبات‬

‫في حدي‬ ‫موضوع علميقة الميكروبات‬

‫في أمستردا حول متحف للميكروبات‬ ‫م‪ ،‬ي‬ ‫هذه الكائنات س ِّلط الضوء على عالم‬ ‫الص‬ ‫كل جانب‪ ،‬ويمك غيرة التي تحوط بنا من‬ ‫ن‬ ‫لتناول قضايا ا االستطراد انطالقاً منه‬ ‫لنظا‬ ‫فة والصحة وغير ذلك‪.‬‬

‫الفندق‬

‫في الملف المخص‬ ‫ص‬ ‫لل‬ ‫فن‬ ‫د‬ ‫ق‪،‬‬ ‫ث‬ ‫مة‬ ‫ج‬ ‫ان‬ ‫ب‬ ‫قد يكون مثيراً للن‬ ‫خاص‪ ،‬ويتع َّلق قاش مع التالميذ بشكل‬ ‫ب‬ ‫التي يجب أن دراسة المهن الفندقية‪،‬‬ ‫تضخم ه تؤخذ بجدية كبيرة بعد‬ ‫ذا القطا‬ ‫وفرص العمل ال ع أينما كان في العالم‪،‬‬ ‫لعدد كبير من عديدة التي بات يوفرها‬ ‫االختصاصات‪.‬‬


Saudi Aramco website

Qafilah website

Al-Qafilah Bi-Monthly Cultural Magazine A Saudi Aramco Publication July - August 2015 Volume 64 - Issue 4 P. O. Box 1389 Dhahran 31311 Kingdom of Saudi Arabia www.saudiaramco.com


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.