I think magazine 28

Page 1


‫كلمة رئيس التحرير‬ ‫هيئة التحرير‬ ‫أمين غوجل‬ ‫أخيل‬ ‫تيتان‬ ‫نور‬ ‫‪Hunger Mind‬‬ ‫دينا‬ ‫تامبي‬ ‫كاترينا‬ ‫بن باز عزيز‬ ‫رامي‬

‫‪2‬‬

‫كذبه ملا ال نرتكها و شأهنا‬

‫كذبه ملا ال نرتكها و شأهنا‬

‫‪3‬‬

‫الدِّين والفلسفة يف حياة پروقلس ومذهبه‬

‫‪13‬‬

‫جدل اشكايل مع اهلل‬

‫‪17‬‬

‫مبدأ اهللوجرام واهللوجرام الكوين‬

‫‪23‬‬

‫عبثية اخللود‬

‫‪25‬‬

‫مواقف األصوليات الثالث من املرأة‬

‫‪27‬‬

‫املوديل اهللوجرامي لتفسري الوجود‬

‫‪31‬‬

‫موقف ألبري كامو من الالعنف‬

‫لعل من أصعب األمور و أعقدها و أبعدها مناالً (رمبا) أن تقنع شخصاً ما أن حياته بأكملها كانت جمرد محاقة كبرية ‪.‬‬ ‫أن كل قناعاته و أفكاره و مسلماته و أعجازاته هي كذبه ‪.‬‬ ‫أن كل قراراته و كل ما فعل و كل ما استنبط و كل ما أعتقد و كل ما آمن هو محاقة واحدة كبرية أستقرت يف دماغة‬ ‫البسيط ألنه مل يزعج نفسه بأن يفكر ‪.‬‬ ‫كيف ميكن حقاً أن توصل خرباً هبذه الكارثية ؟‬ ‫كيف ميكن أن تقتل حياه كاملة عاشها هذا املؤمن هبذه البساطة ؟‬ ‫األمر صعب و صعب جداً ‪.‬‬

‫‪51‬‬

‫ملاذا لست انسانيا‬

‫‪53‬‬

‫اهلرطقة‬

‫‪55‬‬

‫لعبة الغوميضة ‪ ( ..‬جربيل أم حٌممد )‬

‫‪59‬‬

‫هتلر وستالني كانا ملحدين‬

‫‪65‬‬

‫اهلل فاسد أخالقيا ‪ -‬يف الفلسفة و اجلدل و النقد‬

‫‪69‬‬

‫نقل الطاقة آنياً ملسافات طويلة‬

‫‪71‬‬

‫يف معرفة النفس‬

‫‪75‬‬

‫حياة من غري أذى‬

‫‪79‬‬

‫اإلسالم وقيم العصر ‪ ( ...‬املواطنة)‬

‫‪83‬‬

‫أمهات املؤمنني – قراءة مغايرة‬

‫‪87‬‬

‫العالقة التارخيية بني الدين والقومية‬

‫‪i-think-magazine.blogspot.com‬‬ ‫‪www.ithinkmag.net‬‬ ‫‪facebook.com/I.Think.Magazine‬‬

‫‪1‬‬

‫اذا ملا نفعله و يومياً و بكل هذا االصرار‬ ‫من الواضح أننا مهددون دائماً و من األوضح أننا ال نتلقى أمواالً من ال املاسونية و ال الصهيونية و ال من اليهود و ال‬ ‫القرود و ال من الكائنات الفضائية ‪.‬‬ ‫رمبا هو متعة ‪ ...‬أظن أنه متعة‬ ‫أنه ممارسة احلرية و ممارسة الفكر و استجابة مغرورة حلاجة التفوق على اآلخر ‪ .‬يبدو أهنا غريزة أيضاً ‪ ...‬ال أعلم لكن هناك‬ ‫متعة ما يف األمر ‪.‬‬ ‫من املمكن أن أفلسف األمر و أقول أنه دفاع مشروع عن النفس و عن حرية املعتقد و عن احلق يف البقاء و األهم عن حق‬ ‫العيش كما نريد و ليس كما يريدون ‪.‬‬ ‫العيش كما نريد و بشروطنا رمبا يكون دافعننا األكرب و األقوى‬ ‫أن نعيش كبشر متحضرين ( ال أعرف تعريفاً واضحاً للكلمة ) أن نعيش كما نتمىن ‪.‬‬ ‫العبودية دائماً سيئة حىت يف ظروفها املرتفة ‪.‬‬ ‫هذا ما هنرب منه و ما حناربه ‪...‬‬ ‫حنارب العبودية و حنارب األستعباد‬ ‫حنارب لكي ال نصبح عبيداً و لكي ال يصبح من حنب عبيداً ‪...‬‬ ‫نتعرض للهجوم و التخوين ( ال أعرف أيضاً تعريفاً واضحاً للكلمة ) نتعرض أحيانأً للسجن و رمبا القتل و يف العموم‬ ‫للتجاهل و السلبية و الرفض اجملتمعي ( أمر جيد برأيي ) و التحييد ‪.‬‬ ‫لكن و كما يالحظ املتدينون و هذا ما ( يزعجهم ) جداً حقيقة أننا ننتصر و أننا نكثر و أننا نربح ‪...‬‬ ‫بالنسبة يل و مل هم مثلي األمر عادي و متوقع ‪ ...‬املنطق و العلم دائماً ما ينتصر على اجلهل و اخلرافة و الكائنات و‬ ‫الوحوش اخلرافية ‪.‬‬ ‫و ألننا ننتصر يف أصغر حروبنا و أكربها فأننا و على ما يبدو سعداء‬ ‫اغلبيتنا سعداء لكن ليس سعادة املعتوه و اجملنون بل سعادة من يعرف ‪.‬‬ ‫حنن سعداء و بطريقتنا ال بل نستمتع بكشف الكذبة و نستمتع بكل دقيقة من هذا الكشف ‪.‬‬ ‫عيشو سعداء‬ ‫أمين غوجل‬ ‫رئيس التحرير‬

‫‪2‬‬


‫الدين والفلسفة يف حياة پروقلس ومذهبه‬ ‫ِّ‬

‫فارس جلون‬

‫حدثة بعد القرن ال رابع مبذهب الفيلسوف ميبليخوس (ميليخا)‬ ‫تأثرت الفلسفة األفالطونية امل َ‬ ‫ُ‬ ‫حدثني بعده تُقاةً ال يتع بَّ دون‬ ‫امل‬ ‫األفالطونيني‬ ‫جعل‬ ‫ما‬ ‫بالوثنية‬ ‫االهتمام‬ ‫األفامي الذي أبدى من‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أيض ا‪ ،‬فاستعملوا الفلسفة لتأويل‬ ‫لآلهلة فلسف يًّ ا وحسب‪ ،‬بل على غ رار الديِّنني الروحانيني ً‬ ‫السرانية لعلم الباطن‪.‬‬ ‫ال َق صص املأثور عن هومريوس واخل �برات الروحية والرموز والشعائر َّ‬ ‫حدثة املتأخرة حنو الدِّين بدوافع‬ ‫والغرض من هذا البحث هو تعليل انعطاف األفالطونية امل َ‬ ‫ُ‬ ‫فلسفية‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫قبل الدخول يف صلب املواضيع العقلية‪ ،‬ال مناص يل من التذكري بضرورة الت زام حياة الفيلسوف‬ ‫وأخالقياته وبأمهية الدين “الوثين” يف حياة پروقلس ومذهبه الفلسفي‪ .‬فلقد ب ينَّ پيار هادو‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫اجملرد‪،‬‬ ‫يف كتابه عن “الفلسفة القدمية”[‪ ،]1‬أن تلك الفلسفة مل‬ ‫تكتف باخلطاب الفلسفي َّ‬ ‫ك��ل مذهب‬ ‫إمن��ا َّ‬ ‫أص���رت كذلك على ض���رورة انسجام سلوك الفيلسوف م ��ع ف ��ك��ره‪ ،‬فوضع ُّ‬ ‫فلسفي قواعد يف املناقب والسلوك؛ إذ مل يفصل الفالسفة آنذاك بني النظر ‪ theoria‬والعمل‬ ‫‪ .praxis‬ومنه‪ ،‬كان پروقلس يؤالف يف حياته بني النظر العقلي العميق وبني التعبد لآلهلة‪.‬‬ ‫ولد پروقلس سنة ‪ 411‬م وتويف سنة ‪ ،487‬وقد ت رأس املدرسة األفالطونية يف أثينا‪ .‬وهو مل يكن‬ ‫أيض ا – وس ��أورد على الفور بعض املعلومات لتبيان ذلك‪:‬‬ ‫فيلسوفً ا وحسب‪ ،‬بل رجل دين ً‬ ‫مريده مارينوس[‪ ]2‬سريته‪ ،‬وفيها نق رأ‬ ‫ففي حوزتنا تفاصيل كثرية عن حياة پروقلس‪ ،‬إذ َّ‬ ‫دون ُ‬ ‫منتظم ا وحيتفي ألعياد‬ ‫صوم ا‬ ‫وظهرا ومساءً‪ ،‬يصوم ً‬ ‫ً‬ ‫فجرا ً‬ ‫عن رجل يتوضأ ويداوم على الصالة ً‬ ‫مجيع األديان الوثنية اليت يعرفها‪ .‬وقد كان من املتع بِّ دين لإلهلة أثينا‪ ،‬إهلة احلكمة عند اإلغريق‪،‬‬ ‫وك��ان يخُ لِ ص هلا العبادة‪ .‬وي��روي مارينوس أن أستاذه رأى أثينا يف املنام وأهن��ا طلبت منه أن‬

‫الدين والفلسفة يف حياة پروقلس ومذهبه‬ ‫ِّ‬

‫الدين والفلسفة يف حياة پروقلس ومذهبه‬ ‫ِّ‬

‫يؤويها يف بيته بعد أن خلع املسيحيون صنمها من هيكل الپارثينون الشهري املكرس لعبادة‬ ‫عددا من الصلوات واالبتهاالت املرفوعة لآلهلة – وهذا شيء‬ ‫أثينا “البتول”؛ ناهيكم أنه وضع ً‬ ‫نادر‪ .‬كان پروقلس يعترب أن دور الفيلسوف ال يقتصر على الكهانة لدين بعينه‪ ،‬بل لألديان‬ ‫مجيع ا‪ ،‬وبذلك يصري “كاهنً ا للعامل ك لِّ ه”‪ .‬نستخلص من‬ ‫قاطبة؛ فعليه أن ِّ‬ ‫يكرم آهلة األمم ً‬ ‫هذه املعلومات أن حياة پروقلس كانت مكرسة لآلهلة[‪.]3‬‬ ‫حدثة‪ ،‬يويل تلك األمور أمهية تُذ َك ر‪ ،‬غري أن األفالطونيني‬ ‫مل يكن أفلوطني‪ِّ ،‬‬ ‫مؤس س األفالطونية امل َ‬ ‫ُ‬ ‫تعج ب املفسرون احلديثون من هذه الظاهرة‬ ‫املتأخرين ع��ادوا وأدرجوها يف فلسفتهم‪ .‬وقد َّ‬ ‫تناقض ا بني فكرهم العميق وبني تديُّنهم‪ .‬لكن التعجب‬ ‫عند الفالسفة األفالطونيني‪ ،‬إذ ملسوا‬ ‫ً‬ ‫حبد ذات ��ه ولد من مس لَّ مة أخذ هبا الغرب‬ ‫هو بداية الفلسفة وليس هنايتها! إذ إن التعجب ِّ‬ ‫احلديث‪ ،‬تلتبس فيها العقالني ةُ باملعقولية‪ .‬على الفلسفة أن تتحلى باملعقولية‪ ،‬يف حني أن‬ ‫املذهب العقالين صنف من الفلسفة ينفي وجود معرفة (روحانية) تفوق العقل‪ .‬إن سبب‬ ‫تعج ب املفسرين امل ��ذك��وري ��ن ه��و إسقاطهم مفاهيم فالسفة ال ��ق��رن السابع العشر األورويب‬ ‫ُّ‬ ‫حدث‪ .‬غري أن تعجبهم كان ليزول قلي الً لو أهنم‬ ‫(ديكارت ونظ رائه) على الفكر األفالطوين امل َ‬ ‫قارنوا مذهب پروقلس مبذهب ابن عريب‪ ،‬مثُالً‪ ،‬بدالً من مقارنته مبذهب اسپينوزا‪ ،‬كما فعل‬ ‫فستوجيار[‪.]4‬‬ ‫املذهب العقالين غريب عن األفالطونية اليت مت يِّ ز بني ‪ ،noûs‬وسيلة املعرفة الكشفية املباشرة‪،‬‬ ‫وب�ين ‪ ،dianoia‬وسيلة املعرفة االستداللية املنطقية‪ .‬واملشكلة يف اللسان العريب أن كلتا‬ ‫ترتج م بـ”العقل”‪ .‬لذا فإن التمييز بني العقالنية واملعقولية هو اخلطوة األوىل‬ ‫هاتني الكلمتني َ‬ ‫يف سبيل تعليل انعطاف األفالطونية باجتاه الدِّين‪.‬‬ ‫يف ثنايا هذا البحث‪ ،‬سأترجم مصطلح ‪ noûs‬بـ”الروح” [أو الذهن]‪ ،‬كما فعل جان ترويار‪،‬‬ ‫أحد مرتمجي پروقلس إىل الفرنسية[‪ ،]5‬أو بـ”العقل”‪ ،‬كما فعل مرتمجو تاسوعات أفلوطني‬ ‫نص كان له بالغ األثر‬ ‫إىل العربية بعنوان أثولوجيا أرسطاطاليس[‪ ]6‬يف القرن التاسع‪ ،‬وهو ٌّ‬ ‫يف الفالسفة العرب‪ .‬فالـ‪ noûs‬ليس جزءًا من النفس اإلنسانية ووسيلة للمعرفة وحسب‪ ،‬بل‬ ‫هو‪ ،‬أوالً‪ ،‬ماهية عامل الوجود‪ .‬أما الـ‪ dianoia‬فلن أتكلم عليها يف هذا املقام‪ ،‬لكين سأنتهز‬ ‫املناسبة وأقرتح ترمجتها مبصطلح “املنطق” (أو “النفس الناطقة”) لكي من يِّ زها من الـ‪.noûs‬‬ ‫تفح ص مفهوم التوسط أو‬ ‫اخلطوة الثانية يف تعليل انعطاف األفالطونية باجتاه الدِّين هي ُّ‬ ‫“الصلة” ‪ to meson‬الذي يبدو يل مركزيًّا‪ .‬فكل فكر ديين يقتضي وجود “عالقة” بني‬ ‫واحدا‪.‬‬ ‫اإلله واإلنسان‪ :‬اإلله خيلق اخللق عرب واسطة‪ ،‬وليس مباشرة‪ ،‬وإال صار االثنان شيئً ا ً‬ ‫ومن هنا ضرورة وجود صلة بني اخلالق واخللق‪ ،‬وكذلك صلة بني اخللق واخلالق‪.‬‬

‫‪4‬‬


‫الدين والفلسفة يف حياة پروقلس ومذهبه‬ ‫ِّ‬

‫‪ .1‬الفيض والصلة‬

‫حدثة بتأمل عبارة مأخوذة من مجهورية أفالطون (‪ 509‬ب) يصف هبا‬ ‫تتميز األفالطونية امل َ‬ ‫اخلري أو الواحد بأنه ُ “فوق الوجود” ‪epekeina tês ousias‬؛ كما تتميز بتأويل خاص‬ ‫للـپرمنيدس‪ ،‬إذ ترى أن هذه احملاورة تتضمن خالصة اإلهليات األفالطونية‪ .‬وأفلوطني هو أول‬ ‫ع��رف بقضايا الـپرمنيدس واحلقائق الكونية‪ ،‬غري أنه مل يشرح قضايا احمل��اورة ك لَّ ها‪ ،‬بل‬ ‫من َّ‬ ‫الثالث األوىل منها فقط‪ ،‬وقابل بينها وبني الواحد ‪ to hen‬والعقل الك لِّ ي ‪ noûs‬والنفس‬ ‫حدثون الالحقون فقد قاموا بتهذيب شرح الـپرمنيدس‬ ‫الك لِّ ية ‪ .psuchê‬أما األفالطونيون امل َ‬ ‫وأصروا على تأويل القضايا التالية‪ ،‬إذُ تتضمن احملاورة ككل تسع قضايا‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫سأتكلم اآلن على مفهوم الرجوع الفلسفي إىل الواحد من خالل اإلهليات السالبة (النافية)‬ ‫أس ها قول ما ليس الواحد بدالً من قول ما هو (الليس‬ ‫‪ théologie apophatique‬اليت ُّ‬ ‫دون األيس)‪ .‬فللكون ع لَّ ة ليست منه‪ ،‬فإ ْن كانت كوني ةً لَ ما كانت ع لَّ ةً الكون؛ إذ ال جيوز أن‬ ‫حبد ذاته‪ .‬بذا يثبت األفالطونيون أنطولوج يَّ تهم اليت تنبسط‬ ‫تكون ع لَّ ة الكون ضمن الكون ِّ‬ ‫متدرج عن مبدأ “ف��وق ال��وج��ود”‪ .‬تقابل ه ��ذه اإلهليات السالبة القضية األوىل يف‬ ‫عرب فيض ِّ‬ ‫منقسم ا‪ ،‬وال ذا بداية‬ ‫واحدا” أنه ليس ك الً‬ ‫الـپرمنيدس‪ ،‬حيث يُستنبَ ط من اإلثبات “إ ْن كان ً‬ ‫ً‬ ‫ووسط وهناية إخل‪ .‬بذا ميكن لنا القول إن تعليل الكون يبدأ من جهلنا ع لَّ ته (أصله)‪ .‬فهل يلزم‬ ‫عن استحالة الكالم على أصل الوجود إثباتً ا أن يلوذ الفيلسوف األفالطوين بالصمت ُّ‬ ‫لتعذ ر‬ ‫الكالم؟ ال‪ ،‬بل إن السكوت عن أصل الوجود هو بالعكس شرط الكالم على الوجود‪ .‬فطريق‬ ‫التنزيه الذي يبدو للوهلة األوىل كاحلً ا يف نفيه‪ ،‬إذ ينأى بنا عن الواحد‪ ،‬ينعكس يف ج زالة‬ ‫أصل الوجود بالنفي نثبتُ ه يف الوجود‪ .‬كذلك األمر يف الـپرمنيدس‪:‬‬ ‫الكون‪ ،‬وما كنا ِّ‬ ‫ننزه عنه َ‬ ‫كل ما يُنفى يف القضية األوىل يُثبَ ت يف القضية الثانية؛ والصمت ال��ذي ك نَّا نستبعد فيه‬ ‫الواحد يتحول إىل كالم على سائر الكائنات‪.‬‬

‫يقيس أفلوطني إمكان خ �برة االحت��اد على التشابه بني النفس ومبدئها‪“ :‬وم��ادام��ت النفس‬ ‫فتوك ل عليها [‪ ]...‬يف سريك إىل اإلله [الواحد]‪ِ ،‬‬ ‫معتصم ا‬ ‫وارتق إليه‬ ‫ً‬ ‫كذلك شيئً ا شري ًف ا وإهل يًّ ا َّ ْ‬ ‫بعيدا وليس بينك وبينه أوس��اط كثرية” (مقتبس من التاسوع‬ ‫حببلها‪ .‬فإنك [‪ ]...‬لن تربح ً‬ ‫يرد پروقلس‬ ‫اخلامس‪ ،‬التاسوعات ‪ ،3 ،1 :5‬برتمجة فريد جرب)‪ .‬يف كتابه خمتارات من اإلهليات ُّ‬ ‫على أفلوطني قائ الً‪“ :‬كل نفس فردية هتبط يف الفساد هتبط كلها وال يبقى منها شيء فوق‬ ‫عندما يقع شيء يف األسفل” (پروقلس ‪ .)211‬يعترب پروقلس كل كائن يف ذاته‪ ،‬ال باعتبار‬ ‫كل مرتبتني كونيتني‪ ،‬من الواحد إىل اهليوىل‪ ،‬عرب العقل والنفس الك لِّ يني‪،‬‬ ‫ع لَّ ته؛ فثمة بني ِّ‬ ‫تفاوت وانقطاع ك��وين‪“ :‬يف الكائنات اليت تليه [ال��واح��د] على امل راتب ك لِّ ها ختتلف الع لَّ ة‬ ‫ُ‬ ‫متام ا” (إهليات أفالطون ‪ .)62 :2‬يريد پروقلس بذلك تفادي اخللط بني م راتب‬ ‫عن معلوهلا ً‬ ‫كل كائن ونسيان وحدة الوجود‬ ‫الكون؛ غري أن ذلك يوقعه يف مشكلة أخرى‪ ،‬أال وهي عزل ِّ‬ ‫سد أمام فيض الكون‪ .‬لذا تع ينَّ عليه أن يوفِّ ق بني الزمني‪ :‬أوالً‪ ،‬التمييز بني احلقائق‬ ‫ووضع ٍّ‬ ‫متييزا دقي ًق ا – وهذا التمييز هو الذي جيعل بني الكائنات عالقة تغايُر؛ وثانيً ا‪ ،‬حرية فيض‬ ‫ً‬ ‫الكون معقوالً يف وحدته – وهذه العالقة جتعل الكائنات على عالقة تشابُه‪.‬‬

‫الدين والفلسفة يف حياة پروقلس ومذهبه‬ ‫ِّ‬

‫حدثة‪ .‬وميكن لنا من هذا القبيل التمثيل‬ ‫سأتطرق إىل هذا املفهوم مبعنييه يف األفالطونية امل َ‬ ‫ُ‬ ‫إلعدامه بالرجوع ‪ .epistrophê‬وسأحاول تت بُّ ع‬ ‫إلجياد الكون بالفيض ‪ proodos‬والتمثيل‬ ‫تلك احلركة الكونية املزدوجة على شوطني‪ :‬يف الشوط األول‪ ،‬سأب ينِّ ظهور مفهوم الصلة يف‬ ‫نظرية الفيض عن الواحد‪ ،‬ويف الشوط الثاين‪ ،‬سأب ينِّ ضرورة هذا املفهوم للرجوع إىل الواحد‪،‬‬ ‫وفيه سأشرح نظرية اخليال بوصفه وسيلة االرتقاء إىل عامل ما فوق اهليوىل؛ إذ إن اخليال هو‬ ‫مرحلة متهيدية للعروج إىل العامل الروحاين أو عامل الـ‪ .noûs‬فالكون ينقسم إىل ثالث م راتب‪:‬‬ ‫احلس ي‬ ‫عامل ال��ـ‪ ،noûs‬وهو عامل العقل الك لِّ ي أو الروح احملض‪ ،‬يليه العامل النفساين‪ ،‬فالعامل ِّ‬ ‫أخريا‪.‬‬ ‫(اهليويل) ً‬

‫ننتقل اآلن إىل احلديث عن نظرية الفيض‪ .‬حلظ املفسرون أن احلقائق قد تكاثرت مع تنامي‬ ‫حدث‪ :‬فيمليخا‪ ،‬مث الً‪ ،‬يقول بأن الواحد تتبعه اآلهل ��ة‪ ،‬مث املالئكة‪ ،‬مث‬ ‫املذهب األفالطوين امل َ‬ ‫اجلان‪ ،‬فاألبطال‪ ،‬فاألنُ ُف س‪ .‬وجند عند پروقلس املزيد من احلقائق اجلديدة بالقياس إىل م راتب‬ ‫أفلوطني اليت ال تضم غري ثالث حقائق‪ :‬الواحد والعقل والنفس‪.‬‬

‫إن مفهوم الربزخ ‪ to meson‬هو الذي يؤدي هذا الدور‪ ،‬إذ ِّ‬ ‫ميك ن من متييز الكائنات ومن‬ ‫بقاء الفيض على اتصال بك لِّ يته‪ .‬وهبذا االتصال بني م راتب الكون ميكن الرجوع إىل املبادئ‪.‬‬ ‫إن كتاب پروقلس خمتارات من اإلهليات يعج بكائنات “برزخية” متوسطة دوره��ا توحيد‬ ‫نظامها الكوين من أعلى إىل أسفل‪.‬‬ ‫والنفس الك لِّ ية هي “الربزخ” بامتياز‪ ،‬إذ تؤدي هذا الدور بالذات‪ ،‬ليس يف نظام كوين بعينه‬ ‫وحسب‪ ،‬بل يف الكون ك لِّ ه‪ .‬ينقسم الكون‪ ،‬كما رأينا‪ ،‬إىل ثالثة أنظمة‪ :‬عقلي (أو روحاين)‬ ‫متاس ك الكل‪ .‬يقول فيها پروقلس إن األعلى‬ ‫مث نفساين مث هيوالين‪ ،‬والنفس هبذه املثابة تكفل ُ‬ ‫يوجد فيها يف مظهر سفلي واألسفل يف مظهر علوي؛ أي أهنا ترمز إىل املعقوالت وهي معلوهلا‪،‬‬ ‫وهي النموذج املثايل للمحسوسات‪ .‬النفس هي احملل حيث املعقوالت اجملردة من الصورة وغري‬ ‫املتجس مة‪.‬‬ ‫املنقسمة تتصف بالصورة وتنقسم وتصري كذلك مناذج للكائنات‬ ‫ِّ‬

‫‪6‬‬


‫الدين والفلسفة يف حياة پروقلس ومذهبه‬ ‫ِّ‬

‫يف املختارات يقول پروقلس بأن النفس هي “حقيقة احلقائق”‪ :‬احملسوسات من حيث النموذج‬ ‫مبادئ الكائنات اهليولية‪ ،‬وتوجد‬ ‫وجودا غري هيويل‬ ‫ُ‬ ‫واملعقوالت من حيث التصور‪ .‬فيها توجد ً‬ ‫املتجس مة‪ .‬ملفت للنظر أن هنري كوربان ع لَّ ق بالعربية‬ ‫مبادئ الكائنات‬ ‫متجس م‬ ‫وجودا غري‬ ‫ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫على هامش النسخة اليت كانت حبوزته حبذاء كالم پروقلس‪“ :‬عامل املثال”؛ إذ يبدو أنه رأى‬ ‫عنده نظرية وقع عليها يف الفكر العريب اإلسالمي‪ ،‬هي نظرية الصور اجملردة واملعقولة باخليال‪.‬‬

‫خنلص من هاتني النظريتني إىل أن للتخيل منحيني‪ :‬األول مادي‪ ،‬والثاين تابع لنور العقل الذي‬ ‫حيوله إىل صور ورموز‪.‬‬ ‫ِّ‬

‫سنورد اآلن نظرية أرسطو يف اخليال؛ فهي تعاكس نظرية پروقلس معاكس ةً تامة‪ .‬ففي كتابه‬ ‫صاعدا إىل العقل عرب املخ يِّ لة‪ .‬لكنه قبل‬ ‫يف النفس يعدِّد أرسطو ملكات النفس‪ ،‬بادئًا باحلس‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أن يتكلم على املخ يِّ لة ت راه يتطرق إىل مسألة احلس املشرتك الذي يتيح وحدة اإلحساس‪ :‬فلو‬ ‫أبصرت وردة‬ ‫حس مشرتك لتكاثر اإلد راك بعدد احلواس‪ .‬على سبيل املثال‪ ،‬إذا‬ ‫مل يكن هناك ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫ب مدركات احلواس إىل غرض واحد‬ ‫وملستها ومشمتها فإن احلس املشرتك هو الذي يتيح يل نَ ْس َ‬ ‫يوح د األحاسيس اخلارجية وينقل حصيلتها إىل‬ ‫بعينه (الوردة)‪ .‬احلس املشرتك‪ ،‬إذن‪ ،‬هو الذي ِّ‬ ‫ملكات النفس العليا‪ ،‬وهو يتع ينَّ ك لِّ ي ةً باألحاسيس اخلارجية‪.‬‬

‫السرانية ويف األحالم وحىت يف اليقظة أحيانًا؛ وهو يشرح‬ ‫يقول پروقلس إن اآلهلة تتج لَّ ى يف َّ‬ ‫إمكان ذل ��ك بتأويله بيتً ا هلومريوس يقول فيه‪“ :‬اآلهل��ة‪ ،‬كغرباء مقبلني من بعيد‪ ،‬يتخذون‬ ‫مظاهر خمتلفة َّ‬ ‫ويتنق لون من مدينة إىل أخرى”‪ .‬لقد انتقد أفالطون هذا البيت يف اجلمهورية‬ ‫ورفضه ألنه يشي بفكرة غري صحيحة عن اآلهلة‪ ،‬إذ يُظ ِه رها وكأهنا متعددة ومتغرية‪ .‬فاآلهلة‬ ‫واح��دة يف ذاهت��ا وليست قابلة للتغري‪ ،‬إذ ال ميكن ملبادئ الكون أن تكون غري ثابتة‪ .‬حياول‬ ‫پروقلس أن يوفِّ ق بني قيومية اآلهل��ة وبني ما جاء يف بيت هومريوس‪ ،‬إذ يعترب أن كليهما –‬ ‫سارر ‪ initié‬ت رتاءى‬ ‫هومريوس وأفالطون – موحى إليه‪ .‬وإذن فإن اإلله قيوم ال يتغري‪ ،‬لكن املُ َ‬ ‫صور متباينة؛ فإ ْن مل تكن هذه الصور يف املتج لِّ ي فهي ال حمالة يف املتج لَّ ى له‪ ،‬وكل تغ يرُّ‬ ‫له ٌ‬ ‫يشع‬ ‫نعزوه لآلهلة جنده يف احلقيقة يف طبيعتنا حنن‪ .‬فلصور التج لِّ ي أصالن‪ :‬أوالً‪ ،‬اإلله الذي ُّ‬ ‫بنوره من غري أن تتغري ذاته؛ وثانيً ا‪ ،‬طبيعة اإلنسان الذي ت رتاءى له تلك الصور‪ .‬وقد كتب‬ ‫پروقلس أن طبيعتنا تع ينِّ صفات اآلهلة حبسب إمكاناتنا أو استعداداتنا؛ وهو ال يقصد بذلك‬ ‫أن اإلنسان خيلق اإلله‪ ،‬بل إنه خيلق الصورة اليت يتج لَّ ى هبا اإلله‪ .‬إن صورة التج لِّ ي متوسطة‬ ‫املنزهة عن الصور وب�ين طبيعتنا ذات الصورة واملرتبطة باهليوىل‪ .‬فالصورة‬ ‫بني طبيعة اإلل��ه َّ‬ ‫منزه ةٌ عن املادة‪ ،‬مثل اإلله‪ ،‬غري أن هلا صورة‪ ،‬مثل اإلنسان‪ .‬وإذن‪ ،‬يتج لَّ ى نور‬ ‫اليت تتج لَّ ى َّ‬ ‫نصور ذلك النور حبسب استعداد طبيعتنا‪ .‬يقول پروقلس‪“ :‬ال ميكن‬ ‫اإلله من دون صورة‪ ،‬مث ِّ‬ ‫مل شاهد التج لِّ ي أن يرى اإلله من دون صورة‪ ،‬ولذلك ي راه حبسب طبيعته‪ ،‬أي ذا صورة”‪ .‬إن‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫أبدا‪ .‬والصورة ليست‬ ‫اه‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫أن‬ ‫لنا‬ ‫ض‬ ‫ي‬ ‫يق‬ ‫لن‬ ‫ة‬ ‫صور‬ ‫نوره‬ ‫على‬ ‫نضف‬ ‫مل‬ ‫فإذا‬ ‫ضروري؛‬ ‫اإلله‬ ‫ر‬ ‫تصو‬ ‫َّ‬ ‫ً‬ ‫ُّ‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫أيض ا‬ ‫أيض ا؛ إذ إن اإلله‬ ‫متعال (تنزيه)‪ ،‬لكنه يظهر ً‬ ‫حجابًا لذات اإلله‪ ،‬بل هي الكشف عنه ً‬ ‫بالتج لِّ ي (تشبيه)‪.‬‬

‫ننتقل اآلن إىل مذهب أرس ��ط��و يف املخ يِّ لة‪ ،‬ال�تي يع يِّ نها بنقلة يولِّ دها احل��س‪ ،‬وب ��ذل ��ك جيعل‬ ‫املخ يِّ لة قابلة للخطأ؛ إذ ال يوجد علم فردي بينما اإلحساس فردي‪ .‬فاخليال عنده‪ ،‬إذن‪ ،‬تابع‬

‫هي ذي أمهية اخليال إذن‪ :‬إنه ِّ‬ ‫تصورنا‬ ‫ميك ننا من رؤية اآلهلة‪ ،‬ليس يف ذاهتا بالطبع‪ ،‬بل من خالل ُّ‬ ‫لنورها؛ فال نرى ذلك النور إال وحنجبه مبخ يِّ لتنا‪ .‬أما إذا أردنا رؤية اإلله بالذات فلن نرى شيئً ا‬

‫‪ .2‬نظرية پروقلس في الخيال‬

‫السرانية‪ .‬فمنزلة املخ يِّ لة من‬ ‫يتيح مفهوم اخليال استيعاب التج لِّ يات وتأويل ال َق صص والرموز َّ‬ ‫النفس الفردية كمنزلة النفس الك لِّ ية من الكون‪ .‬وقد سبق لنا القول إن النفس برزخ متوسط‬ ‫بني عامل العقل (أو الروح) وبني عامل احملسوسات؛ فكذلك املخ يِّ لة يف النفس الفردية برزخ بني‬ ‫أعالها‪ ،‬أي عقلها ‪ ،noûs‬وبني أسفلها‪ ،‬أي قسمها املرتبط باحملسوسات‪.‬‬

‫أما پروقلس فاحلس املشرتك عنده ليس استدالل يًّ ا‪ ،‬بل ْقب لي‪ ،‬سابق للتجربة‪ .‬فاش رتاك احلواس‬ ‫بنظره أص��ل يف امل��وض��وع‪ .‬يتفق أرس ��ط��و وپروقلس على وح��دة احل��س امل ��ش�ترك‪ ،‬غ�ير أن��ه بنظر‬ ‫موح دة‪ ،‬بل مبدأ احلس وسابق لالنفصال‪ .‬وهذه النظرية تتيح شرح بعض‬ ‫پروقلس ليس حاسة ِّ‬ ‫التج لِّ يات اليت تستغين عن احلواس الظاهرة‪ ،‬كظاهرة صوت “جين” ‪ daimon‬سق راط الذي‬ ‫كان وحده يسمعه‪ .‬ويفسر پروقلس ذلك يف شرحه على حماورة ألقبيادس ألفالطون‪.‬‬

‫‪7‬‬

‫تفح ص نظرية پروقلس عرب مسألتني‪ :‬كيف تع برِّ تلك النظرية عن التج لِّ يات‬ ‫فلنحاول اآلن ُّ‬ ‫ستعم ل لتأويل قَ صص هومريوس؟‬ ‫اإلهلية؟ وكيف تُ َ‬

‫الدين والفلسفة يف حياة پروقلس ومذهبه‬ ‫ِّ‬

‫هنا ال َّ‬ ‫يصور العامل‬ ‫بد من التذكري مبحاورة طيماوس ألفالطون‪ ،‬حيث اإلله الباري‬ ‫(املصور) ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫احلس ي وهو يتأمل املعقوالت‪ .‬وهذا يب ينِّ أن الباري هو الذي يضفي الصورة اليت نتجت عن‬ ‫ِّ‬ ‫تأم له‪ .‬ويف هذه احملاورة مي ثِّل للباري ع المَُ النفس‪.‬‬ ‫ُّ‬

‫لعامل احلس‪ .‬أما مذهب پروقلس يف هذه املسألة فهو عينه مذهبه يف احلس املشرتك‪ .‬ففي حني‬ ‫قبل‪ ،‬يقول پروقلس بأنه ال‬ ‫يقول أرسطو بأنه ال يوجد يف العقل شيء مل يكن‬ ‫ً‬ ‫حمسوس ا من ُ‬ ‫يوجد يف النفس شيء إال وله أصل يف عامل امل ثُل‪.‬‬ ‫ُ‬

‫‪8‬‬


‫الدين والفلسفة يف حياة پروقلس ومذهبه‬ ‫ِّ‬

‫ن��ص آخ��ر‪ ،‬يريد پروقلس أن يثبت فعالية ال َق صص اهل��وم�يري على النفس؛ إذ إن��ه يعترب‬ ‫يف ٍّ‬ ‫هومريوس نب يًّ ا ويعترب كالمه موحى به‪ .‬وهو هلذا القصد يضع مقايسة ‪ analogia‬بني النفس‬ ‫لكل منهما قسمني‪.‬‬ ‫وبني َّ‬ ‫القص ة ‪ ،mythos‬إذ إن ٍّ‬ ‫للنفس كونان‪ :‬كوهنا األول هو ذروهتا العقلية اليت تشارك املعقوالت يف عامل الـ‪ ،noûs‬وهذا‬ ‫األول عندما هتبط النفس إىل‬ ‫الكون أزيل؛ وكوهنا الثاين هو اجلسم األول الذي جيعله هلا الكو ُن ُ‬ ‫عامل احملسوسات؛ كما يوجد جسم ٍ‬ ‫اجملرد من‬ ‫ثان‪ ،‬وهو هيويل بالك لِّ ية‪ ،‬بعكس اجلسم األول َّ‬ ‫ٌ‬ ‫ويسم ى‬ ‫اهليولية‪ .‬النفس‪ ،‬إذن‪ ،‬مؤلَّفة من عقل‪ ،‬هو ذروهتا‪ ،‬ومن جسمني‪ :‬األول غري هيويل‪،‬‬ ‫َّ‬ ‫باليونانية “مركبة” ‪ ،ochima‬والثاين هيويل؛ والـ‪ ochima‬هو الذي ِّ‬ ‫ميك ن النفس من احلياة‬ ‫يسم يه پروقلس‬ ‫أيض ا ِّ‬ ‫الدنيا‪ ،‬وهو متوسط بني عقل النفس وبني اجلسم اهليويل‪ ،‬وهو ذو عقل ً‬ ‫بالعقل املتخ يِّ ل أو املخ يِّ لة ‪ ،noûs phantastikos‬وهذا “العقل” ال يعقل املعقوالت‪ ،‬بل‬ ‫(حيوهلا إىل صور)‪.‬‬ ‫يصورها ِّ‬ ‫ِّ‬ ‫يسم ي املخ يِّ لة “عق الً”‬ ‫أيض ا نرى كم يفرتق پروقلس عن نظرية أرسطو يف اخليال‪ ،‬إذ ِّ‬ ‫هاهنا ً‬ ‫حمض ا مثل عقل النفس يف‬ ‫ويع يِّ نها باملعقوالت بدالً من احملسوسات‪ .‬لكنه ليس عق الً فاع الً ً‬ ‫املكتس بة من اش رتاك‬ ‫ذروهتا‪ ،‬بل هو عقل منفعل بعقل النفس احملض الذي يتكون من املبادئ‬ ‫َ‬ ‫يسم ي پروقلس العقل املتخ يِّ ل بالعقل املنفعل؛ إذ إن املخ يِّ لة‪،‬‬ ‫ذروة النفس يف العامل الروحاين‪ِّ .‬‬ ‫بسبب من موقعها الربزخي املتوسط‪ ،‬هي “عقل” ألهنا تشرتك يف العقل احملض‪ ،‬غري أنه عقل‬ ‫منفعل كاألحاسيس‪.‬‬

‫‪9‬‬

‫قسم ي النفس اللذين ذكرنامها‪ ،‬أي‬ ‫أما َّ‬ ‫القص ة فلها كذلك وجهان‪ :‬باطن وظاهر‪ ،‬يقابالن َ‬ ‫العقل واملخ يِّ لة‪ .‬يقول پروقلس‪“ :‬إن ال َق صص حتوي نور احلق العقلي يف الباطن‪ ،‬لكنها تلقي‬ ‫مظهرا ومه يًّ ا حيجب ذل ��ك النور من ج��راء مشاهبة‪ ،‬إذ إن خم يِّ لتنا تُظلِ م عقلنا”‪.‬‬ ‫إىل اخل��ارج‬ ‫ً‬ ‫القص ة‪ ،‬إذن‪ ،‬ذات حقيقة عقلية‪ ،‬لكنها حمجوبة بالوهم “من ج راء مشاهبة”‪ .‬وعندما يقول‬ ‫َّ‬ ‫پروقلس بأن املشاهبة حتجب احلق نفهم من ذلك أن املغايرة هي اليت حتجب احلق ألن مفهوم‬ ‫املشاهبة ينطوي على مفهوم امل ��غ ��اي��رة‪ ،‬ول��وال ذل��ك مل ��ا كانت املشاهبة “م ��ش ��ابهَ��ة” ب ��ل مماثَلة‪.‬‬

‫القص ة‬ ‫القص ة والنفس‪ :‬موقع املخ يِّ لة من النفس كموقع مظهر َّ‬ ‫توجد‪ ،‬إذن‪ ،‬مقايسة بني َّ‬ ‫الومهي من حقيقتها العقلية‪ .‬وتوجد إذن حركتان‪ :‬أوالً‪ ،‬يطبع العقل احلقيقة العقلية يف‬ ‫حتوهلا إىل صورة ومهية؛ ثاني ا‪ ،‬تُظلِ‬ ‫مزورة‬ ‫ة‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫املخ‬ ‫م‬ ‫ِّ‬ ‫العقل‪ ،‬إذ تغدو احلقيقة العقلية َّ‬ ‫املخ يِّ لة اليت ِّ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫والس ترْ ‪ .‬وبوسعنا اعتبار أن‬ ‫حني هتبط إىل مرتبة اخليال‪ .‬هاتان احلركتان مها حركتا الكشف َّ‬ ‫فالقص ة كاشفة وساترة يف ٍ‬ ‫آن‬ ‫القص ة حتجب احلقيقة فيما هي تكشف عنها يف الوقت نفسه‪.‬‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫والس �تَْر كشف‪ .‬وبذلك تظل املخ يِّ لة ملتبسة بني املشابهَ ة واملغايَرة‪.‬‬ ‫مع ا؛ إذ إن‬ ‫الكشف َس �تٌْر َّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬

‫الدين والفلسفة يف حياة پروقلس ومذهبه‬ ‫ِّ‬

‫إطارا‬ ‫ألن نوره الباهر يعمينا‪.‬‬ ‫وتعميم ا‪ ،‬حُم ٌ‬ ‫ال علينا أن نستوعب شيئً ا من الكون ما مل نع ينِّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫الستيعابنا‪ .‬فكما األمر يف املوسيقى – من دون س لَّ م األنغام واملقامات واإليقاعات وقوانني‬ ‫عنصرا‬ ‫املوسيقى ملا كانت املوسيقى؛ لكن املوسيقى ليست هذه ك لَّ ها وحسب‪ ،‬بل تتطلب‬ ‫ً‬ ‫روحان يًّ ا – كذلك األمر فيما خيص صور التج لِّ ي‪ :‬إهنا ليست عني اإلله‪ ،‬لكنها تتطلب نوره‬ ‫لتتحقق‪.‬‬

‫و”الظلم” هو ظلم تلك املغايرة‪ .‬تنطبق املخ يِّ لة على املغايرة يف األسطورة‪ ،‬فيما ينطبق العقل‬ ‫على حقيقتها العقلية‪.‬‬

‫كذلك الكون نفسه‪ :‬فهو‪ ،‬من ناحية‪ ،‬حيجب اهلل فال ن راه يف العامل؛ ومن ناحية أخرى‪ ،‬هو خري‬ ‫الرموز إىل اهلل ويكشف عنه‪ ،‬إذ ال نرى من اهلل إال خلقه‪ .‬لقد حلظ پروقلس وبعض األفالطونيني‬ ‫القص ة والكون‪ :‬فأصل الكون‪ ،‬أي الواحد‪ ،‬فوق الوجود‪ ،‬وحجابه هو عني‬ ‫وجود مقايسة بني َّ‬ ‫الومهي حقيقتَ ها العقلية‪ .‬وبذا ندنو من نظرية ابن‬ ‫مظهر األسطورة‬ ‫متام ا كما حيجب‬ ‫ُّ‬ ‫وجوده‪ً ،‬‬ ‫ُ‬ ‫عريب الذي كان يعترب اخللق مفعول اخليال اإلهلي يف الكون‪.‬‬

‫خالصة‬

‫خنلص مما سبق إىل ثالث نقاط‪:‬‬ ‫حدث بعد ميليخا فكر ديين‪.‬‬ ‫‪ .1‬الفكر األفالطوين امل َ‬ ‫‪ .2‬يؤلِّ ف هذا الفكر ُ‬ ‫بني الدين والفلسفة عرب مفهوم اخليال الذي يتيح شرح اخل ربات الدينية‬ ‫والعناصر الوثنية‪.‬‬ ‫‪ .3‬حبثي هذا يفتح الباب للمقارنة بني األفالطونية الوثنية واألفالطونية اإلسالمية‪ .‬وقد ب ينَّ‬ ‫هنري كوربان يف أحباثه العديدة أمهية نظرية اخليال وعامل املثال (امللكوت) يف الفكر اإلسالمي‪.‬‬ ‫* حماضرة ِ‬ ‫ألق يت ضمن أعمال الندوة الدولية حول “دمسكيوس واملسار السوري لألفالطونية‬ ‫��ح��دث��ة” ال�تي انعقدت يف املعهد الفرنسي للشرق األدىن بدمشق (‪ 28-27‬تشرين األول‬ ‫امل َ‬ ‫ُ‬ ‫‪.)2008‬‬ ‫** باحث سوري شاب يف املدرسة التطبيقية للد راسات العليا‪ ،‬باريس‪.‬‬ ‫[‪Cf. Pierre Hadot, Qu’est-ce que la philosophie antique ?, ]1‬‬ ‫‪.2005 ,Coll. « Folio Essais », Gallimard, Paris‬‬

‫‪10‬‬


‫الدين والفلسفة يف حياة پروقلس ومذهبه‬ ‫ِّ‬

‫[‪Cf. Marinus, Proclus ou Sur le bonheur, édité et traduit par ]3‬‬ ‫‪H.D. Saffrey et A.-Ph. Segonds avec la collaboration de C. Luna,‬‬ ‫‪.2001 ,les Belles Lettres, Paris‬‬

‫الدين والفلسفة يف حياة پروقلس ومذهبه‬ ‫ِّ‬

‫[‪ ]2‬من احملتمل أن مارينوس النابلسي كان سامري األصل‪ ،‬لكن هناك َم ن يقول بيهوديته‪.‬‬ ‫وقد اعتنق أسلوب احلياة اليوناين وانتسب إىل “أكادميية” أثينا‪ ،‬حيث تتلمذ على پروقلس‬ ‫ال��ذي ك��ان ي رأسها آن���ذاك قبل حت��رمي الفلسفة بفرمان يوسطنياين سنة ‪ 529‬م‪ .‬وق��د خلفه‬ ‫مارينوس على رأسها سنة ‪485‬؛ ويف الكتاب الذي وضعه عن سرية أستاذه ذكر أن پروقلس‬ ‫(احملرر)‬ ‫مله ًم ا وأنه حني كان يتفلسف “كان حم يَّ اه ُّ‬ ‫يشع بنور خارق للطبيعة”‪ِّ .‬‬ ‫كان َ‬

‫[‪vols., trad. 3 ,Cf. Proclus, Commentaire sur la République ]4‬‬ ‫‪,Commentaire sur le Timée ; 1970 ,A.-J. Festugière, Paris, Vrin‬‬ ‫‪Céline, Lacroix, ; 1968 ,vols., trad. A.-J. Festugière, Paris, Vrin 5‬‬ ‫‪« La notion de Providence chez Spinoza et Proclus », Studia‬‬ ‫‪.1996 ,Königshausen & Neumann, Würzburg ,12 .Spinozana, vol‬‬ ‫[‪Cf. Proclos, Éléments de Théologie, trad. Jean Trouillard, ]5‬‬ ‫‪.1965 ,Aubier, Paris‬‬ ‫[‪ ]6‬راج��ع��ه يف‪ :‬أفلوطني عند ال��ع��رب‪ ،‬نصوص حققها وق��دم هل ��ا عبد ال��رمح ��ن ب���دوي‪ ،‬وكالة‬ ‫املطبوعات‪ ،‬الكويت‪ ،‬طب ‪.1977 :3‬‬

‫‪11‬‬

‫‪12‬‬


‫جدل اشكايل مع اهلل‬ ‫إن كان مثة مشكلة بني بشري واهلل فال بد أن تتمحور حول الغاية الوجودية واحلكمة واحلنكة‬ ‫االهلية يف اجياد اجلنس البشري الشرير اللذي وقد كان مسبق اً « أقصد اهلل « قد نفخ فيه من‬ ‫روحه ‪ ,‬فيا هلا من نفخة ويا هلا من روح ! ‪ ,‬جتلت كل عقدها السلطوية املبنية على ثقافة‬ ‫التملك ليس من أجل احلياة ‪ ,‬بل من أجل التسلية ‪.‬‬ ‫ليعريها حىت من لباسها األخري ‪ ,‬فكيف‬ ‫إن لكل هذه املأسي وقع اً عميق اً يهدم كل أس وار اآلهلة ّ‬ ‫ينظر االنسان اىل اللذي ينتشي بتلك السادية املفرطة يف التعامل معه ‪ ,‬وذلك العقل املريض‬ ‫اللذي ي ّدعي كماالً ال يستطيع صنعه؟ ‪ ,‬إهنا وال شك معضل ةٌ أمام من ينظر اىل ما هو خفي‬ ‫على أنه قدرة أشد وسع اً من عقله ‪ .‬بداية املشكلة مع اهلل يف غالب األحيان رواية ملاذا أوحت‬ ‫ح واء اىل آدم بأكل التفاحة اليت كان اهلل قد حرمها ؟ وملاذا أسقطهم من ارتفاع سبع مس وات‬ ‫ومل تكسر أرجلهم ! ‪ ,‬أو ملاذا مل حيّ ول االنسان « وكان قد غضب عليه مسبق اً « إىل مسكة ال‬ ‫تسطيع السباحة إال بالدوار حول شجرة رغم أهنا تسطيع السباحة يف اهل واء الطلق ؟ ‪ ,‬كنوع من‬ ‫التعذيب املستدام مث الً ‪ ,‬فلو كنت إهل اً هبذه اجلسارة اليت أصور نفسي هبا فلما كنت سأتردد‬ ‫حلظ ةً عن ذلك ‪ ,‬فال ضمري وال قانون ليعذبين وال قدرة حملاسبيت فأنا العلي القدير ! ‪ ,‬ليست هنا‬ ‫تكمن املشكلة ‪ ,‬تكمن املشكلة أساس اً ملاذا وجدت تفاحة اخللود احملرمة وكان البشر خالدين‬ ‫عندها ؟ هنا حتديداً املشكلة ملاذا متنع التفاحة وليست املشكلة يف أن هل حيق يل أكلها أم ال ‪,‬‬ ‫ملاذا يضع لنا تلك العقبات إذا كان فع الً أراد لنا احلياة السعيدة ؟! ‪ ,‬من جهة أخرى ماذا لو أن‬ ‫آدم استخدم جزءاً من عقله ومتىن أن توجد شجرةٌ مستنسخة عن تلك اليت حرمها اهلل ‪ ,‬عندها‬ ‫كان سيستخدم إرادة اهلل ضده على الغالب ‪ ,‬ففي اجلنة حتصل على ما تتمىن وتريد ‪ ,‬فهل‬ ‫من حق لك أن تعيد صياغة العالقة بينك وبني اهلل حول أمور متت حماسبتك عليها يف حني مل‬ ‫تفعلها مستقصداً أو عامداً إال بفضولك «الذي أوجده اهلل فيك» ملعرفة ملاذا هذا الصنف حمرم‬ ‫بالتحديد ‪ ,‬يف حني أنك لو أردت لوضعته « أعين اهلل « يف مشكلة مع ارادته ! ‪.‬‬ ‫اجلانب اآلخر من املشكلة هو مشكلة وضوح ‪ ,‬أعين كبشر مت تدجيننا من قبل أبناء جنسنا‬ ‫قواد ال فرق لكن فقط نريد أن نعرف هل هذا‬ ‫فأصبحنا قادرين على العمل حتت أمر قائد أو ّ‬ ‫الق واد مسؤول عما أنتج وصنع ‪ ,‬أو هل هو ال يعلم ما صنع وما الرتكيبة اليت وضعها يف عقل‬ ‫بشري ضعيف ليندم ويغضب على ما صنع ؟ يف هكذا حال وهكذا واقع ال أعتقد ذلك‪.‬‬

‫‪13‬‬

‫‪14‬‬


... ‫ حرة‬... ‫نبضات بن باز‬

Today ... Yes .. finally i am free after being accused of blasphemy and sentenced for a fucking whole year .. thanks to all who supported me and very special thanks to those people for their big efforts ‫ بعد قضية‬.. ‫ وها انا استنشق هواء احلرية‬... ‫اليوم‬ ‫ انا االن‬.. ‫وحكم تعسفي والكثري من اللحظات الصعبة‬ ‫ هناك الكثري من التغيري املطلوب والعمل‬.. ‫ملك قراري‬ ‫ اشتقت لهذه احلياة ولكم‬..‫ينتظرين‬

‫مدونة حممد عبد العزيز‬ www.benbaz.info ‫صفحة الفيسبوك‬ www.tinyurl.com/Benbazfacebook


‫مبدأ الهلوجرام والهلوجرام الكوين‬

‫يف عام ‪ 1982‬وىف جامعة باريس قام فريق من الباحثني بقيادة أالين‬ ‫اسبكت ‪ Alain Aspect‬بإج راء جت ربة تبني فيما بعد أهنا واحدة من‬ ‫أهم التجارب يف القرن العشرين‪.‬‬ ‫بالطبع رمب��ا مل تسمع هب��ذه التج ربة يف نش رات األخ��ب��ار أو الصحف‬ ‫اليومية‪ ،‬وىف حقيقة ما مل تكن أنت من املداومني على ق��راءة اجملالت‬ ‫العلمية فبالتأكيد مل تسمع أبدا باسم أالين اسبكت ومع ذلك هناك‬ ‫العديد من العلميني من يعتقد بأن اكتشاف أالين اسبكت رمبا يغري وجه العلم إىل األبد‪.‬‬ ‫جت ربة أالين ت رتبط بتج ربة أخرى هي جت ربة ‪ EPR‬واليت وضعها كل من ألربت أينشتاين وزمالئه‬ ‫بولدلسكى و روزين وذلك لدحض ميكانيكا الكم على أساس أن مبدأ باوىل االستبعادى يتعارض‬ ‫مع مبادئ النظرية النسبية اخلاصة‪.‬‬ ‫مبدأ الهلـوجرافيا والهلـوجـرام الكـوني‬ ‫اكتشف اسبكت وفريقه أنه حتت ظروف معينة فإن اجلسيمات دون الذرية مثل اإللكرتونات قادرة‬ ‫على االتصال فيما بينها اَنيا والتأثري على بعضها البعض بغض النظر عن املسافة اليت تفصل‬ ‫بينها‪.‬‬ ‫وال يهم ما إذا كانت املسافة الفاصلة بينها هي ‪ 1‬سنتميرت أو مليون سنة ضوئية‪ ،‬فاإللكرتون‬ ‫املوضوع أمامك هنا يف مكتبك يؤثر ويتأثر اَنيا بإلكرتون آخر يف جمرة اندروميدا مث الً‪.‬‬ ‫على حنو ما يبدو أن كل جسيم دائم اً يعرف بالضبط ما تقوم به بقية اجلسيمات‪.‬‬ ‫املشكلة مع هذا العمل الفذ هو أنه ينتهك مبدأ أينشتاين املعمول به منذ فرتة طويلة؟ أنه ال ميكن‬ ‫أن حيدث اتصال بني أي جسيمني بسرعة أكرب من سرعة الضوء‪.‬‬ ‫ألن السفر بسرعة أكرب من سرعة الضوء هو مبثابة كسر حلاجز الزمن‪ ،‬وهذا االحتمال قد جعل‬ ‫بعض علماء الفيزياء أن يقوم وا مبحاولة إلجياد طرق للتفسري بعيد عن نتائج اسبكت‪.‬‬ ‫لكنه يف نفس الوقت قد أهلم اآلخرين لتقدمي إيضاحات أكثر تطرف اً‪.‬‬ ‫على سبيل املثال عامل الفيزياء ديفيد بوم ‪ Bohm‬يف جامعة لندن‪ ،‬يعتقد أن نتائج أسبكت توحى‬ ‫بأن احلقيقة املوضوعية ال وجود هلا ‪ ،‬وذلك على رغم مما يبدو من صالبة‪ ،‬إال أن الكون ما هو إال‬ ‫توهم‪ ،‬رائع وهائل لتفاصيل صوره اجملسمة عمالقة‪.‬‬

‫‪17‬‬

‫* جت ربة (‪ ).e.p.r‬هي امتداد لتج ربة (الثقبني) املعروفة واليت يتم فيها مترير الضوء (أو اإللكرتونات) من‬ ‫خالل ثقبني يف حاجز وسقوطه على لوح حساس‪ ،‬وهي التج ربة اليت كان أول من قام هبا هو توماس يونج‬ ‫يف أوائل القرن التاسع عشر‪ ،‬وأثبت من خالهلا أن الضوء يتكون من موجات‪ .‬وقد مسيت جت ربة (‪ ).e.p.r‬هبذا‬ ‫االسم حسب احلرف األول ألمساء ثالثة علماء اع رتافا بفضلهم‪ ،‬وهم‪ :‬ألربت أينشتاين وبوريس بودولسكي‬ ‫وناثان روزن‪ .‬ولكن بدال من استخدام ثقبني لتقسيم أشعة الضوء‪ ،‬يتم استخدام جهاز لتقسيم األشعة‬ ‫عبارة عن مرآة من الزجاج املصقول بالفضة‪ ،‬حبيث يعكس ‪ %50‬من األشعة بالضبط‪ ،‬وميرر النصف الباقي‪.‬‬ ‫باإلضافة إىل ذلك‪ ،‬فإن أجهزة االستقبال احلديثة ميكنها إظهار الفوتونات الفردية (وهي اليت يتكون منها‬ ‫الضوء) حينما تسقط على اجلهاز‪ ،‬حيث تضيء يف نقطة معينة يف وقت حمدد مثل اجلسيمات‪.‬‬

‫بعيداً عن الفيزياء‬ ‫بوم ليس هو العامل الوحيد ال ��ذى وجد أدل ��ة تؤكد أن الكون عبارة عن هلوغ رام‪ ،‬حىت أن عامل‬ ‫ج راحة املخ كارل الشللى يف سلسلة من التجارب يف عشرينات القرن السابق أكد أنه ال يوجد‬ ‫مكان معني لتخزين الذاكرة يف الدماغ‪ ،‬حيث قام بتعليم فئ ران للتجارب حيل حمددة‪ ،‬وبعدها‬ ‫مباشرة قام بتقطيع أج زاء خمتلفة من مخ الفأر والحظ أن ذاك رته ال تتأثر مهما كانت تلك األج زاء‬ ‫املستأصلة‪ ،‬ويتذكر الفأر دائم اً مجيع احليل اليت تعلمها سابق اً وهذا يذك رنا بقاعدة الكل يف كل‬

‫مبدأ الهلوجرام والهلوجرام الكوين‬

‫مبدأ الهلوجرام والهلوجرام الكوين‬

‫لكي نفهم السبب الذى جعل بوم يقدم تلك الصورة املذهلة وشديدة الغ رابة‪ ،‬جيب على املرء أوالً‬ ‫أن يفهم قلي الً عن اهلولوغ رام‪ .‬اهللوغ رام هو صورة ثالثية األبعاد يتم إنتاجها ب واسطة أشعة الليزر‪.‬‬ ‫لكي نصنع صورة جمسمة‪ ،‬جيب أوالً أن نضع اجلسم امل راد تصويره يف ضوء أشعة ليزر‪ .‬مث يبدأ‬ ‫شعاع ليزر آخر يف االنعكاس من األول وما ينجم عن ذلك هو منط التدخل الذى يتم عرضه على‬ ‫فيلم‪.‬‬ ‫ومبجرد ما يتم تعريض الفيلم إلشعاع ليزر اَخر‪ ،‬سوف تظهر صورة ثالثية األبعاد للجسم األصل‪.‬‬

‫‪18‬‬


‫مبدأ الهلوجرام والهلوجرام الكوين‬

‫كما أن هناك شيء آخر يشرتك فيه املخ مع اهللوغ رام وهو ارتباط املعلومات داخل املخ مع بعضها‬ ‫البعض ف رمبا لو ذكرت لك معلومة ما فقد ت رتبط عندك بصور خمتلفة كثرية جداً وال توجد ف واصل‬ ‫بني تلك الصور‪ ،‬فمث الً إن مسعت كلمة لون أمحر سوف تتخيل مجيع األشياء احلم راء الورود‪ ،‬الدماء‪،‬‬ ‫احلروب‪ ،‬العنف‪ ،‬املشاعر‪ ،‬إىل آخره من صور‪.‬‬ ‫شيء غريب آخر هو أن اإلنسان يستطيع معرفة مصدر الصوت من دون حتريك رأسه فانت إذا‬ ‫مسعت صوت اً حىت لو استخدمت أذن واحدة‪ ،‬تلتفت دائم اً وبدقة إىل جهة مصدر الصوت وقد أشار‬ ‫العامل هوغو زوكار بأن املبدأ اهللوغ رامى يستطيع تفسري هذه القدرة البشرية‪.‬‬

‫الكل في كل جزء‬

‫ثالثية األبعاد هلذه الصور ليست هي السمة الوحيدة اليت يتميز هبا اهلولوغ رام‪.‬‬ ‫فإذا قطعنا صورة اهللوغ رام جلسم ما إىل نصفني مث قمنا بإسقاط أشعة الليزر‪ ،‬فإننا سوف جند كل‬

‫نصف قد احتوى على صورة اجلسم كامله‪ ،‬يف ال واقع حىت لو قسمنا النصفني إىل نصفني آخرين‬ ‫فإن كل قصاصة من الفيلم سوف تظل دائم اً حمتوية على نسخة صغرية من النسخة األصلية‪.‬‬ ‫وخالف اً للصور االعتيادية جند أن كل جزء من الصورة اجملسمة (اهللوغ رام) حيتوي على مجيع املعلومات‬ ‫اليت متتلكها الصورة الكاملة‪.‬‬

‫‪19‬‬

‫مبدأ الهلوجرام والهلوجرام الكوين‬

‫جزء اليت يتمتع هبا اهللوغ رام‪.‬‬ ‫وبالفعل بعد أربعني عام اً من تلك التجارب قام بري ربام بوضع تفسري لتلك الظاهرة حيث يعتقد‬ ‫ب ��ري �برام أن الذكريات ال خت��زن يف األع ��ص ��اب أو جتمعات األع ��ص ��اب الصغرية وإمن��ا يف شكل أمناط‬ ‫كه ربائية عصبية جتوب املخ مثلما تفعل أمناط أشعة الليزر اليت جتوب الفيلم يف الصورة اهللوغ رامية‬ ‫ويعتقد بري ربام أن املخ يف حد نفسه عبارة عن هلوغ رام‪.‬‬ ‫وجند أيض اً أن نظرية بري ربام تفسر ملاذا يستطيع العقل البشرى ختزين كم هائل من الذكريات يف‬ ‫مساحة صغرية مثل املخ‪ ،‬حيث يقدر حجم املعلومات اليت خي زهنا املخ بعشرة مليار بت يف متوسط‬ ‫عمر االنسان‪.‬‬

‫هذه النظرة هي اليت قادت بوم القرتح طريقة أخرى لتفسري نتائج أسبكت حيث أن بوم يعتقد أن‬ ‫السبب الذى جيعل األجسام دون الذرية قادرة على االتصال فيما بينها (بغض النظر عن املسافة‬ ‫اليت تفصل بينها)‪ ،‬ال يرجع يف األساس إىلِأن هذه االجسام تتبادل فيما بينها نوع اً من اإلشارات‬ ‫الغامضة اليت تسري بسرعة أكرب من سرعة الضوء‪ ،‬ولكن السبب هو أن املسافة اليت تفصل بني هذه‬ ‫اجلسيمات ما هي إال وهم (غري موجود أص الً)‪ ،‬وهو يقول أيض اً على مستوى أعمق لل واقع جند‬ ‫أن هذه اجلسيمات دون الذرية ليست كيانات فردية‪ ،‬ولكن هي يف ال واقع امتداداً لنفس الشيء‬ ‫األساسي‪.‬‬ ‫ليعطي بوم صورة تسهل تصور ما يعنيه قام بوضع املثال التوضيحي التايل‪:‬‬ ‫ختيل حوض ماء وبه مسكة‪ ،‬وختيل أيض اً أنك ال تستطيع أن ترى السمكة مباشرة وكل معلوماتك‬ ‫عن احلوض وما حيتويه تأتى من كامرييت تلفزة‪ ،‬الكامرية األوىل تصور احلوض من اجلهة األمامية‬ ‫للحوض‪ ،‬والكامرية الثانية تصور احلوض من اجلهة اجلانبية‪.‬‬ ‫وأنت عندما تنظر إىل شاشيت التلفزة رمبا تفرتض أن السمكة على كل شاشة ختتلف عن األخرى‬ ‫وألن الكم رتني تصوران من زاويتني خمتلفتني فإن أي صورة ختتلف عن األخرى‪ ،‬ولكن عندما تستمر‬ ‫يف عملية مشاهدة السمكتني سوف يتبني لك يف هناية األمر أن هناك عالقة بينهما‪.‬‬ ‫فعندما تلتف أحدى السمكتني تلتف األخرى أيض اً ولكن بطريقة خمتلفة قلي الً (الختالف ال زاوية‬ ‫طبع اً) فإذا واجهت إحدامها مقدمة احلوض فإن األخرى سوف ت واجه جانب احلوض‪.‬‬ ‫وحىت اآلن إذا كنت الت زال غري مدرك للوضع العام سوف تستنتج أن السمكتني على اتصال آىن‪،‬‬ ‫فإذا حتركت واحدة تتحرك الثانية يف نفس اللحظة‪.‬‬ ‫ولكن من ال واضح ان الوضع احلقيقي ليس كذلك‪.‬‬ ‫وهذا بالضبط ما يقوله بوم لتفسري ما حيدث بني اجلسيمات دون الذرية يف جت ربة أسبكت‪.‬‬ ‫وفقا لبوم إن الصلة اليت ت ربط األجسام دون الذرية بسرعة ظاهرية أكرب من سرعة الضوء تدل على‬ ‫أن هناك مستوى عميق للحقيقة مل ندركه‪ .‬أي بعد أكثر تعقيداً يتجاوز منطقنا‪ ،‬وهو مماثل متام اً‬ ‫حلوض السمك‪.‬‬ ‫مث يضيف بوم بقوله إننا ننظر إىل األجسام كاجلسيمات دون الذرية كأهنا منفصلة متام اً عن بعضها‬ ‫البعض‪ ،‬وذل ��ك ألننا ال نرى إال جانب من حقيقتها (تذكر أننا نرى السمكة فقط من شاشيت‬ ‫التلفزة لذلك اعتربنا أن هناك اتصال ي ربط بني مسكتني خمتلفتني)‪ ،‬وهذه اجلسيمات ليست مستقلة‬ ‫عن بعضها البعض ولكن هي يف آخر املطاف عبارة عن جتسيد لوحدة عميقة مثل اهللوغ رام الغري‬ ‫قابل للتج زئة على النحو املذكور سابق اً‪ ،‬ومهما قسمنا الفيلم فإن صورة كل جزء حتتوى على‬ ‫نسخة للصورة الكاملة‪.‬‬ ‫وملا كان كل شيء يف ال واقع الفيزيائي يتكون من هذه اليدولونات* فان الكون ككل ما هو إال‬ ‫إسقاط لصورة جمسمة (هولوغ رامية(‪.‬‬

‫‪20‬‬


‫مبدأ الهلوجرام والهلوجرام الكوين‬

‫*اليدولون كلمة مصدرها يوناىن ومعناها أقرب إىل صورة ومهية أو شبح أو أى صورة لشيء حقيقي‬ ‫أو مثايل‬

‫‪21‬‬

‫مبدأ الهلوجرام والهلوجرام الكوين‬

‫باإلضافة هلذه الطبيعة شبه الومهية‪ ،‬فان هكذا كون سوف ميتلك مي زات وخصائص مذهلة‪.‬‬ ‫لو كانت املسافة الظاهرية اليت تفصل بني اجلسيمات دون الذرية هي مسافة ومهية‪ ،‬فهذا يعىن أنه‬ ‫عند مستوى أعمق للحقيقة‪ ،‬كل االأياء يف الكون م رتابطة بصورة مطلقة‪.‬‬ ‫فاإللكرتونات يف ذرة ك ربون يف العقل البشرى ت رتبط مع كل اجلسيمات دون الذرية يف أي جنم يف‬ ‫الفضاء السحيق‪ ،‬ومع أي شيء آخر يف الكون وكل شيء يتداخل مع كل شيء‪.‬‬ ‫وعلى الرغم من أن الطبيعة البشرية قد تسعى لتصنيف وتقسيم خمتلف الظ واهر يف الكون‪ ،‬فإن‬ ‫مجيع هذه األقسام اليت هي بالضرورة اصطناعية (ومهية)‪ ،‬وكل الطبيعة يف هناية املطاف عبارة عن‬ ‫شبكة سلسة متصلة مع بعضها البعض‪.‬‬

‫‪22‬‬


‫عبثية اخللود‬ ‫حال السويدات‬ ‫كفى ح زن اً أين أروح حبسرٍة * وأغدو على ق ٍرب ومن فيه ال يدري ‪ /‬ليلى ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫كسوط ٍ‬ ‫بال ‪ ،‬دون حنيب ‪ ،‬ومبنتهى الصمت ‪ ،‬تعلم يا ابن أبيك أن‬ ‫اليوم أصطفي َج لَ دي ليُ َم َّز َق‬ ‫ِ‬ ‫يكن مبقدو ِر املفجوعني إال أن‬ ‫ساع ةَ اخللود ال يغرب فيها حديث ‪ ،‬وأين ُ‬ ‫أذوب حينئذ وأخذلك ‪ ،‬مل ْ‬ ‫يسلب‬ ‫خيذلوك ‪ ،‬لكنهم س واي ‪ ،‬رقص وا ‪ ،‬وأنا أملَّ يب َح ز ٌن شديد ‪ ،‬وحاج ةٌ كبريةٌ إىل التجمد ‪ ،‬وأن‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫أفر وال‬ ‫سارق روحي عنوًة ‪ ،‬أنا‬ ‫ٌ‬ ‫أحدهم ‪ ،‬أن أشتم غريب اً‬ ‫حباجة ألن أعا ِر َك َ‬ ‫متعكر امل زاج ‪ ،‬أن ال ّ‬ ‫َ‬ ‫أحدهم سكين ةً يف قليب ‪ ،‬أو أن يغوصها يف اخلاصرة ‪ ،‬يف اخلاصرة متام اً‬ ‫أقاوم وال أصرخ ‪ ،‬أن يغرس ُ‬ ‫الوجع من ُذ األزل ‪ ،‬ال إسفلت وال أي شيء هناك يقا ِوم ‪ ،‬مدينة خاوي ةٌ على دمها ‪،‬‬ ‫ينبت‬ ‫‪ُ ،‬‬ ‫حيث ُ‬ ‫ُ‬ ‫حيث منفضة سجائر نبتت سه واً ‪ ،‬وأمل اً ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫تتسكع يف فمي ‪ ،‬وأن‬ ‫الب اليت‬ ‫أود أن يقتلين ض ْع فا الفقد‬ ‫أنا املتشائمة أبداً ‪ ،‬اليوم ‪ّ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫وحبيبات نُ‬ ‫ُ‬ ‫أستفز اإلراد َة و أعبث بالدراية ‪ ،‬أود كسر هذا ِ‬ ‫اهلدوء وإيقاد الصخب ليباغت اجلميع خيبته‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫***‬ ‫الهث أبداً خلف الربيق ‪ ،‬العبث‬ ‫العبثيون يظفرون باخللود‪ ،‬والدقيقون ينتحرون ‪ ،‬حيث‬ ‫التاريخ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫أن حت زنك الظباء الرشا ‪،‬وأن ال تأبه الغتيال سياسي حمنك ‪ ،‬وأن يُع ِوُزك يا ابن أبيك نابا ذئب مل‬ ‫يتحدث الع ربية يف غ رناطة ‪ ،‬قد كان العقل كجفن ناعس ‪ ،‬قد كان جفين الناعس كعقل وجودي‬ ‫كنت‬ ‫يأىب إال أن يصعد السماء أو يهبط إىل درك األرض ‪ ،‬حينئذ مل يكن اليقني أبلج اً كما اآلن ‪ُ ،‬‬ ‫كنت أغين يف أعلى الدرج املعتم ‪( ،‬‬ ‫أظنك تلهو ‪ ،‬طفلة مفجوعة ‪ ،‬ال تنسى وال ترقص ‪ ،‬لكنين ُ‬ ‫كنت أجهش وأنتحب ‪،‬‬ ‫هاألمسر اللون ‪ ،‬هاألمس راين ‪ ،‬تعبان يا قلب خيو ) ‪ ،‬وعلى وجه الدقة ُ‬ ‫كنت طفلة إال قلي الً ‪ ،‬كيف أحدثك عن هذا اآلن وأنا *أغدو على ق ٍرب ومن فيه ال يدري ‪ ،‬ال شيء‬ ‫ُ‬ ‫قد مينحك اللغة أو قد يسلبها مين كي أجد قيمة للكتابة ‪ ،‬أو حىت مربراً ألكف عنها ‪ ،‬حنن نعبث‬ ‫عيين وال أجد ق وارب اً ويضيق النهر باتساع احلدقة‬ ‫بضفيت هنر يفصل ما بني الشيطان واإلله ‪ ،‬تتسع ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪ ،‬ويقتل نفسه ع زاء أهل األرض ‪ ،‬الدقيقون ينتحرون ‪ ،‬والصابرون يأكلون الفستق ‪ ،‬ويفجعون‬ ‫دوم اً ‪ ،‬من الذي سيبقى على هذه األرض الثكلى ‪ ،‬جلناريت ستنعى الساقية ‪ ،‬والساقية ستدوسها‬ ‫مت واألع زاء مع اً ‪ ،‬دون‬ ‫فجع اً ‪ ،‬سنخبل بالتاريخ ‪ ،‬حجة علينا وحجة له ‪ ،‬ما الذي سيبقى إن ّ‬ ‫فقد وندب ‪ ،‬يهدأ النهر ويعصف احلرب ‪ ،‬نبقى نكتب ‪ ،‬وغرينا ال يفعلون ‪ ،‬لكنهم يعربون النهر‬

‫‪23‬‬

‫يف أوج ضجره ‪ُ ،‬م تَ ح ّدين ‪ ،‬ال يكتبون ‪ ،‬لكنهم اجلائني بذالً وح زن اً وفرح اً جذالً ‪ ،‬ما قيمة الت وارد‬ ‫أي خلود يعبث بنا ‪ ،‬ويبقينا عاجزين يتباهون بالفستق على مداد شارع صلف ‪.‬‬ ‫حىت حني ‪ُّ ،‬‬ ‫***‬ ‫يا ابن أبيك أجدين بعد شهور أؤمن بأسطورة تالقي األرواح ‪ ،‬ها أنا أثق بأنك ترقص يف الضفة‬ ‫األخرى ‪ ،‬وأنك تعرفت على أناس رحيمني جدا ‪ ،‬ال جيزعون من قميصك امللطخ بالدم ‪ ،‬ها أنا‬ ‫أتيقن بأنك شهيد ولن يسلبك أحد ذاك رتك ‪ ،‬وال حىت اللغة ‪ ،‬يف كل ليلة عندما يهدأ القصف‬ ‫أرقبك وأوصي كل يوم شهيداً بأن حيدثك بشوقي ‪ ،‬وأنتظر رصاصة أو لقاء ‪.‬‬

‫‪24‬‬


‫مواقف األصوليات الثالث من املرأة‬

‫النساء وجها لوجه مع توراة اليهود واألصوليين‬

‫‪25‬‬

‫تبدأ مع التوراة حقبة قاسية ‪ ,‬حقبة تأسيس شعب اهلل املختار و ملا كان الت والد يستند إىل النساء‬ ‫‪ ,‬فهن مل يُعتربن بش را كامالت بل باعتبار أهنم يتحتم إبقاؤهن خاضعات للمخصبني حتت طائلة‬ ‫تعريض الذرية للخطر ‪ ,‬هذا الشكل من العبودية ليس اخ رتاعا توراتيا ‪ ,‬و لكن مل يرسخه احد‬ ‫مبثل هذه القوة قبل التوراة ‪ ,‬ففي سفر التكوين و الن ح واء قضمت الفاكهة احملرمة كما نصحتها‬ ‫األفعى كان عليها أن تتحمل مسؤولية عنف الغضب اإلهلي « و قال للم رأة ألكثرن مشقات‬ ‫محلك ‪ ,‬باألمل تلدين البنني و إىل بعلك تنقاد أش واقك و هو يسود عليك «‬ ‫يبدأ هنار كل رجل يهودي من غالة املتزمتني بتالوة هذا الدعاء ( احلمد هلل الذي مل خيلقين ام رأة ) و‬ ‫عندما نألف حياة اجلماعة اليهودية السلفية ‪ ,‬نفهم سريعا أسباب هذا الشكر إال أن هذا الشكر‬ ‫كان ينبغي توجيهه إىل الرجال ال إىل اهلل الن أعمال الرجال السلفيني – ال القدر اإلهلي – هي‬ ‫اليت تنحو حنو جعل احلياة جنة للرجال و جحيما للنساء ‪ .‬و يتحمل الرجال من خالل التلمود‬ ‫مسؤولية تأييد الدعوة إىل بغض النساء حيث نظم كتبة التلمود من احلاخامني جدوال تضمن‬ ‫تسع لعنات ض ربت امل رأة منذ سقطة ادم و ح واء « أعطى امل رأة تسع باليا و املوت ‪ :‬أمل دم احليض‬ ‫و دم العذرية ‪ ,‬و عبء احلمل ‪ ,‬و أمل ال��والدة ‪ ,‬و عبء ت ربية األطفال ‪ ,‬و جعلها تغطي رأسها‬ ‫كما يف املأمت ‪ ,‬و هي تثقب أذنيها كالعبد الذي خيدم سيده مدى احلياة ‪ ,‬كما أن صدقيتها غري‬

‫و تُطالب النساء اليهوديات إما بوضع حجاب أو حبالقة الشعر و ارتداء شعر مستعار و هذا مل‬ ‫تقرره التوراة إمنا جاء من تفسري اختياري من املتزمتون اليهود ‪ ,‬و جند لدى احلريديني املتزمتني من‬ ‫اليهود وجود خطوط نقل عام يفصلون هبا النساء عن الرجال ‪ ,‬حيث يصعد الرجال من األمام و‬ ‫النساء من اخللف ‪ ,‬و يُطلب من النساء يف مجوع غالة املتزمتني ارتداء لباس مت واضع حمتشم و قد‬ ‫تزيد الرقابة يف بعض املناطق حيث تسري دوريات أخالقية ( شرطة فضيلة ) مكلفة مبعاقبة الل وايت‬ ‫يطلقون ألنفسهم العنان يف التصرفات أو اللباس و النساء اإلس رائيليات السيئات احلظ الذين‬ ‫يضيعن طريقهن يف احد األحياء أيضا يعانني من أعمال شرطة الفضيلة هذه ‪.‬‬ ‫و أخ ريا فان اليهود املتزمتني يتميزون عن غريهم من اليهود اآلخرين ب��إرادة تطبيق ( اهلاالخا )‬ ‫تطبيق اً حرفي اً ‪ ,‬و تعرف اهلاالخا بصفتها « التعبري الشرعي عن اليهودية الذي يتضمن العالقات‬ ‫الشخصية و االجتماعية و الوطنية و الدولية و املمارسات و الق واعد اليهودية األخرى كلها‬ ‫« – املوسوعة اليهودية‬

‫مواقف األصوليات الثالث من املرأة‬

‫مواقف األصوليات الثالث من املرأة‬

‫كافية لكي تكون شاهدة ‪ ,‬و بعد هذا كله ‪ :‬املوت « املدراش – ال رباين اليعزر‪-‬الفصل ‪ 14‬و‬ ‫لئن كانت بعض هذه الباليا من مث رات الطبيعة فان أكثرهم كان ميكن توفريه على النساء لوال‬ ‫تشجيع السلفيني هلا من خالل اع رتاضهم – خباصة – على حتويل احلمل إىل خ ريا ال إىل عبء‬ ‫بوقوفهم ضد حق اإلجهاض و ليست امل رأة اليهودية املتزمتة جدا شيئا خارج دورها كزوجة و أم‬ ‫فان مل تكن والدة تطلق و يتم استبداهلا بأخرى عند زوجها ‪.‬‬ ‫و بعد أن حيمد املتزمتون رهبم ألنه مل خيلقهم نساء يضيفون « احلمد هلل الذي مل خيلقين جاهال « و‬ ‫من هنا جند انه ال يوجد يف التوراة ما مينع امل رأة من التعليم مبا يف ذلك الالهوت ‪ ,‬إال أن احلاخامني‬ ‫هم الذين ادخل وا هذا املنع لتدارك كل حماولة للتمرد من قبل النساء حيث أهنن ممنوع عليهن تعلم‬ ‫التلمود و يعانني حرمان من املشاركة يف الطقوس الدينية كالرقص أو ق راءة النصوص على املأل‬

‫‪26‬‬


‫مواقف األصوليات الثالث من املرأة‬

‫جاء يسوع بعد ثالثة عشر ق رن اً من موسى و عاش يف سياق صارت فيه اليهودية نفسها أكثر ليونة‬

‫و اعترب نفسه حام الً لعهد اقل تصلبا و ص رامة من العهد العتيق ‪ ,‬لقد حاول يف مناسبتني خمتلفتني‬ ‫خمالفة مشاعر التميز اجلنسي السائدة بني م واطنيه فيما يتصل بالنساء فامتنع عن إدانة العاهر‬ ‫عندما قامت بعمل خيدش احلياء بإقدامها على جتفيف دموعه بشعرها املكشوف ‪ ,‬كما رفض‬ ‫رؤية ام رأة تُرجم ألهنا زنت ‪ .‬يوجد فعال مسيحيون تقدميون يستلهمون هذا التسامح من يسوع‬ ‫لكننا نسري هنا على درب األصوليني و هؤالء يسهل عليهم جتاهل احلدثني و مها رغم داللتهما على‬ ‫إرادة تقدمية بالنسبة لذلك العصر فإهنما ال يتجاوزان نطاق الشفقة حنو بعض النسوة ‪ ,‬حىت إذا‬ ‫أمعنا يف العهد اجلديد فإننا جند بعضا من جتسيد للذكورية على حساب امل رأة كما يف قول بطرس‬ ‫« أريد أن تعلم وا أن راس كل رجل هو املسيح و راس امل رأة هو الرجل « و يف موضع آخر قول ألحد‬ ‫آباء الكنيسة ت رتولياس ‪ « :‬أيا ام رأة أنت الباب الذي دخل منه إبليس إىل الدنيا «‬ ‫قد يقول قائل إن هذه األق��وال قد جتاوزها الزمن يف عيين مسيحي معتدل إال أهنا يف املقابل ما‬ ‫زالت يُنوه هبا يف جماالت و م واعظ الكاثوليكيني التقليديني املناهضني لإلصالحات اليت امتُ دحت‬ ‫يف جممع الفاتيكان الثاين و اليت تشكل يف نظرهم اع رتافا تارخييا جهنميا يبعدنا عن أسس الدين‬ ‫املسيحي و قد حتول بعض الكاثوليكيني املتطرفني إىل منشقني بعد احلرمان الكنسي الصادر‬ ‫حبق املط ران لوفري عام ‪ , 1988‬فالنساء يف الكنيسة الكاثوليكية يُرجى منهم تغطية رؤوسهن يف‬ ‫القداس و مبقدور املسيحيات األصوليات نزع املنديل فور خروجهن من الكنيسة ‪ ,‬إن منديلهن‬

‫النساء في األصولية اإلسالمية‬

‫لعل أهم نص قرآين يستند إليه أصوليو اإلسالم ويربرون به وصاية الرجل على امل رأة و***قه عليها‬ ‫حبسبهم هو اآلية ‪ « « :‬الرجال ق وامون على النساء مبا فضل اهلل بعضهم على بعض « من سورة‬ ‫النساء‪ .‬بل يذهب بعض منهم إىل تشريع سجن امل راة يف بيتها وحرماهنا من اخلروج كما تفعل‬ ‫حركة طالبان يف أفغانستان على سبيل املثال‪.‬‬ ‫يلوح هبا املتشددون هي « و الاليت ختافون نشوذهن فعظوهن و اهجروهن يف‬ ‫اآلية الثانية اليت ّ‬ ‫املضاجع و اض ربوهن فان أطعنكم فال تبغ وا عليهن سبي الً من» سورة النساء ‪ ،‬واليت يعتربوهنا‬

‫مواقف األصوليات الثالث من املرأة‬

‫‪27‬‬

‫النساء في األصولية المسيحية‬

‫ال يذك رنا باحلجاب اإلسالمي إال من ناحية الرمز ‪ .‬و لئن كان احلجاب الذي أوصى بارتدائه‬ ‫املنظرون املسيحيون يبدو للوهلة األوىل اقل إك راها و قس را من ذلك املفروض على املسلمات و‬ ‫اليهوديات ‪ ,‬يبقى ما يرمز إليه من الشعور بك راهية النساء و يقول القديس بولس واصفا ذلك‬ ‫« فان الرجل ال ينبغي له أن يغطي رأسه إذ هو صورة اهلل و جمده ‪ ,‬أما امل رأة فهي جمد الرجل « و‬ ‫« مل يخُ لق الرجل ألجل امل رأة بل امل رأة ألجل الرجل « و « لتصمت نساؤكم يف الكنائس فانه ال‬ ‫يُباح هلن أن يتكلمن ‪.‬‬ ‫للوهلة األوىل تُعطي املناضالت املسيحيات األصوليات غالب اً االنطباع لكوهنن أكثر حتررا‬ ‫من نظ رياهتن اليهوديات املتزمتات و اإلسالميات أما من الناحية النظرية يُفرتض باملناضالت‬ ‫األصوليات أن يوقفن حياهتن على كوهنم ( حامالت رجال ) فهم يناهضن اإلجهاض ‪ ,‬ذلك أن‬ ‫املنظرين املسيحيني يتفقون مجيعا على أن اإلجناب هو املكان الوحيد الذي تتمكن فيه النساء‬ ‫من التكفري عن خطيئتهم األصلية و يتفق القديس أوغسطني مع هذا ال رأي عندما يكتب ألحد‬ ‫أصدقاءه « جيب علينا دائما االح رتاس من احل واء املغوية الباقية يف كل ام رأة ‪ .‬أنا ال أرى أي انتفاع‬ ‫للرجل بامل رأة‪ ,‬إذا استثنينا وظيفة تنشئة األوالد « يف حني يعترب الكاثوليكيني و الربوتستانت‬ ‫ال راديكاليون اإلجهاض اليوم و كأنه اخلطيئة املطلقة ‪ ,‬و اجل رمية اليت جيعلوهنا تبدأ منذ احلمل و‬ ‫ال يتساحمون بارتكاهبا ألي سبب كان حىت لو أن احلمل نتج عن اغتصاب أو هدد حياة إالم و‬ ‫عرضها للخطر و قد نظن ان هذا االعتقاد ليس إال ردة فعل مستوحاة من الكتاب املقدس لكن‬ ‫األمر ما كان دائما كذلك ‪ ..‬يف ما وراء الكلمات و امل زاودات ‪ ,‬جيب أن نفهم ما يصدم فعال و‬ ‫بعمق األصوليني املسيحيني فلو كان األمر متعلقا مبحض مسألة أخالقية الكتفى مناضل وا أنصار‬ ‫احلياة باملطالبة بقانون متطابق مع تعاليم سفر اخلروج أو مع تفاسري آباء الكنيسة ‪ ,‬و احلال أهنم‬ ‫يناضلون من أجل منع احلق باإلجهاض منعا مطلق اً و بدون شروط ‪.‬‬ ‫هكذا جند انه مع األصوليني املسيحيني خرج املتزمتني املسيحيني عن أي تعاليم أصيلة للمسيح‬ ‫و متادوا يف وضع ق وانينهم اخلاصة املتعلقة مبمارساهتم جتاه النساء حتت شعارات و ق وانني ال متت‬ ‫ملا أوصى به املسيح نفسه خالل طريقة تعامله مع النساء يف عصره‪.‬‬

‫‪28‬‬


‫مواقف األصوليات الثالث من املرأة‬

‫تصرحي اً صرحي اً بوجوب طاعة النساء املطلقة هلم وتشريع ض رهبن ‪.‬‬ ‫أمر آخر يساء‬ ‫تعدد الزوجات واليت اشرتط جل وازه القرآن العدل وأعقبها حبكم إهلي‪ « :‬ولن تعدل وا «‪ٌ ،‬‬ ‫استخدامه من قبل املتشددين‪ ،‬وهذا على الرغم من الظروف االجتماعية واالقتصادية والسياسية‬ ‫اليت احتاجت لوجود مبدأ « تعدد الزوجات « يف زمانه‪ ،‬من حل مشكلة نسبة النساء ال راجحة‬ ‫جداً يف اجملتمع نتيجة ملقتل الرجال يف احل��روب‪ ،‬إىل اللجوء إليه كعامل درء للحروب وتوحيد‬ ‫صفوف واحتاد قبائل‪.‬‬ ‫رمبا كان الرمز األشهر غ ربي اً النتهاك حقوق امل رأة إسالمي اً هو احلجاب‪ ،‬والذي ظهر مع كافة‬ ‫الديانات السماوية بأشكال خمتلفة ‪ .‬والذي يلجأ املتشددون إىل حتويله إىل رمز سياسي وخيتصرون‬ ‫َلوه َّن ِم ْن‬ ‫اس أ ُ‬ ‫هوية املسلم او املسلمة به‪ .‬و احلجاب الذي أتت به اآلية‪َ « :‬وإِ َذا َس أَلْ تُ ُم ُ‬ ‫وه َّن َم تَ اع اً فَ ْ‬ ‫ور ِاء ِح ج ٍ‬ ‫ول ال لَّ ِه َوال أَ ْن �تَْن ِك ُح وا‬ ‫اب َذلِ ُك ْم أَطْ َه ُر لِ ُق لُ وبِ ُك ْم َو�قُلُ وبهِ​ِ َّن َوَم ا َك ا َن لَ ُك ْم أَ ْن �تُ ْؤذُوا َر ُس َ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اج هُ م ْن �بَ ْع ده أَبَداً إِ َّن َذل ُك ْم َك ا َن ع ْن َد ال لَّ ه َع ظ يم اً ) األح زاب‪ ,53/‬يناقش مفسرون أن القصد‬ ‫أ َْزَو َ‬ ‫منه احلجب املكاين وليس قطعة قماش لتغطية الشعر‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫���ك و�ب نَ اتِ َ ِ ِ ِ ِ‬ ‫ني َع لَ ْي ِه َّن ِم ْن‬ ‫ني يُ ْدن َ‬ ‫ك َون َس اء الْ ُم ْؤم ن َ‬ ‫أما اآلية اليت تقول ‪ ( :‬يَا أَ�يُّ َه ا النَّبيُِّ قُ ْل ألَْزَواج َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫��ك أ َْدنىَ أَ ْن �يُ ْع َرفْ َن فَ ال �يُ ْ��ؤ َذيْ َ��ن َو َك ��ا َن ال لَّ هُ َغ ُف وراً َر ِح يم اً ) األح���زاب‪ .59/‬فيحاجج‬ ‫َج البِ ي بِ ِه َّن َذل َ‬ ‫مفسرون اهنا محاية ملكانة امل رأة احلرة ومتييزها عن امل راة األّ​ّم ة آنذاك‪ .‬لكن املتشددين ذهب وا به بعيداً‬ ‫وعززوه من حجاب إىل نقاب فغطاء لكل ما يظهر من جسد امل رأة « احل رام» !‬ ‫ّ‬ ‫األصوليون املسلمون كما املسيحيون و اليهود ‪ ,‬قد تعلم وا تذويق مفاهيمهم وتفس رياهتم اليت‬ ‫تضطهد النساء و إخفائها‪.‬‬ ‫و لئن كانت خطابات املتطرفني من أتباع أدي ��ان الكتاب الثالثة متشاهبة بشكل مدهش ‪ ,‬إالّ‬ ‫ان االختالف بني األصولية اإلسالمية و األصوليات األخرى هو أن األوىل هتدف إىل فرض وضعية‬ ‫شرعية قسرية عامة وهذا ما جيعلها بالغة اخلطر إذ تؤثر يف اجملتمعات على اتساعها‪ ،‬بينما يعمل‬ ‫األصوليون اليهود و املسيحيون باالعتماد على إك راه ذي طابع خاص ‪.‬‬ ‫أخ �يرا ف ��ان األصوليني يعملون على تطبيق أجندة سياسية قبل الدينية و هي مسة جندها عند‬ ‫األصوليني مجيع اً ‪ ,‬رجاالً كان وا أم نساء ‪.‬‬ ‫لإلطالع ‪ :‬رداً على إبقاء النساء جاهالت مما يسهل التالعب هبن و اضطهادهن دون التعريض‬ ‫للتكذيب قامت « رابطة النساء يف ظل الق وانني اإلسالمية « بإصدار تفسري للق ران مرتمجا برسم‬ ‫النساء و عن وانه « من اجلنا نساء يق رأن الق ران «‬ ‫منقول من جم لّ ة سوريّة ب ّدا حريّة‬

‫‪29‬‬

‫‪30‬‬


‫املوديل الهلوجرامي لتفسري الوجود‬

‫طريف سردست‬

‫هل الكون إمتداد لفيض الهي؟‬

‫االفكار االمر الذي دفعه اىل قراءة املقاالت يف‬ ‫هذا املوضوع‪ .‬قد يكون من املفيداالشارة اىل ان‬ ‫كال من هؤالء االثنني كانت لديهم عالقة روحية‬ ‫بالفلسفة الشرقية فبالوقت الذي كان االول من‬ ‫تالميذ البوذي ‪ Alan Watts‬كان الثاين من‬ ‫مساعدي ‪.Krishnamurti‬‬

‫النموذج الهلوجرامي للكون‬

‫ال��ب��اح��ث يف جم��ال ال��دم��اغ ‪Karl Pribram‬‬ ‫ك���ان م��ن��ذ سبعينات ال��ق��رن امل��اض��ي يبحث عن‬ ‫م���ودي���ل ل���وص���ف ع��م��ل ال����دم����اغ ب��ع��د ان اض��ط��ر‬ ‫اىل االع�ت�راف ان فرضية وج��ود م��س��ارات ذاك��رة‪،‬‬ ‫وال�ت�ي ل��ف�ترة طويلة حب��ث عنها ال��ع��ل��م��اء‪ ،‬اليوجد‬ ‫هل��ا اي اث���ر‪ ،‬يف ح�ين يظهر ان ال���ذاك���رة منتشرة‬ ‫على مجيع احن��اء ال��دم��اغ مثل اهل��ول��وج��رام‪ ..‬اثناء‬ ‫احدى احملاضرات اليت يلقيها خرجت منه النبوءة‬ ‫التالية‪ »:‬لرمبا الكون هلوجرام»‪ .‬يف االسبوع التايل‬ ‫ذكر الفكرة البنه الفيزيائي‪ ،‬وال��ذي ب��دوره اخربه‬ ‫ان الفيزيائي ‪ David Bohm‬لديه مثل هذه‬

‫‪31‬‬

‫على الدوام جرى استخدام االنظمة امليكانيكية‬ ‫كنموذج لتقريب التصورات العلمية‪ .‬يف عصر‬ ‫النهضة ج��رى تشبيه االن��س��ان باملاكينة االل��ي��ة‪،‬‬ ‫وفرويد شبه بسيكولوجية االنسان بالعربة البخارية‬ ‫واهل��ي��درول��ي��ك وال��ي��وم جي��ري اس��ت��خ��دام الكمبيوتر‬

‫جتربة ‪ David Bohm‬على نقطة حرب تسقط‬ ‫يف اجلليسريين تفسر ب���ذات امل��ب��دأ كعمل ص��ورة‬ ‫اهل��ل��وج��رام‪ .‬ال��ت��ج��رب��ة ع��ب��ارة ع��ن نقطة ح�بر جي��ري‬ ‫إسقاطها هبدوء يف اجلليسريين‪ .‬وعند تدوير الوعاء‬ ‫ببطء تنسحب القطرة اىل خيط دقيق حلزوين‪،‬‬ ‫بفعل القوة النابذة‪ ،‬يتوزع بالتدريج على املنظومة‬ ‫بكاملها (اليت هي اجلليسريين) ويف النهاية خيتفي‬ ‫احلرب متاما عن النظر‪ .‬وإذا قمنا بتدوير الوعاء مرة‬ ‫اخرى اىل اجلهة املعاكسة يعود اخليط اىل البزوغ‬ ‫للنظر والتجمع يف قطرة واح��دة من جديد‪ .‬هبذا‬

‫املوديل الهلوجرامي لتفسري الوجود‬

‫املوديل الهلوجرامي لتفسري الوجود‬

‫ك��ت��ش��ب��ي��ه ل��ل��ج��م��ل��ة ال��ع��ص��ب��ي��ة‪ .‬وامل��ي��ك��ان��ي��ك ال���ذي‬ ‫جيري االن استخدامه كنموذج لفكرة الكون هو‬ ‫اهللوجرام وهو شكل من اشكال التصوير‪ .‬صورة‬ ‫هلوجرامية جي��ري انتاجها من خ�لال جعل اشعة‬ ‫الاليزر خترتق مرآة نصف شفافة حبيث جزء من‬ ‫االشعة يساق اىل اجلسم الذي سيجري تصويره‬ ‫والباقي يعرب املرآة متجها اىل شريط التصوير والذي‬ ‫ايضا يضئ من انعكاس الضوء القادم من اجلسم‪.‬‬ ‫كال االشعاعات جيري متريرها يف عدسة تؤدي اىل‬ ‫بعثرة االشعة على الفيلم‪ .‬على العكس مما هو مع‬ ‫الصورة العادية اليستطيع املراقب ‪ ،‬بالعني اجملردة‪،‬‬ ‫رؤية مامتثله الصورة مباشرة‪ .‬من اجل التمكن من‬ ‫ذلك البد من إضاءة الفيلم بأشعة الالزر‪ ،‬لتظهر‬ ‫لنا صورة ثالثية االبعاد‪ .‬الغريب يف ذلك إنه وعلى‬ ‫الرغم من قطع قسم من الفيلم وإضائته بأشعة‬ ‫الالزر فإن الصورة بكاملها ستظهر بدون نقصان‪.‬‬ ‫مبعى آخ��ر كل ال��ص��ورة م��وج��ودة يف اجل��زء‪ ،‬واجل��زء‬ ‫يف الصورة الكاملة‪ ،‬متاما كما ان اجلسم بكامله‬ ‫م��ع��ك��وس يف اخل��ل��ي��ة ال���واح���دة‪ .‬للمزيد ع��ن عمل‬ ‫اهللوجرام اضغط هنا‪ .‬راجع ايضا جترية ‪Alain‬‬ ‫‪ Aspect‬ونظرية ‪Bells teorem‬‬

‫الشكل يتصور بوهام ان اجلزء يتتداخل يف الكل‬ ‫وان الكل يف اجلزء‪ .‬كل شئ جزء من كل شئ يف‬ ‫عاملنا‪ ،‬الذرة واجملرات واخللية شئ واحد‪ ،‬حسب‬ ‫ب���وه���ام‪ ،‬ال���ذي يعترب ال���زم���ان وامل���ك���ان جم���رد وه��م‬ ‫دم��اغ��ي لتسهيل االم���ور‪ .‬م��ن ال��ض��روري التذكري‬ ‫ان اينشتاين عندما ق��ال ان اهلل اليلعب النرد‪،‬‬ ‫على إعتبار ان االحتمال اليليق بإله‪ ،‬ردا على‬ ‫اكتشاف الطبيعة املوجية ل�لاك�ترون��ات وبالتايل‬ ‫حركتها االحتمالية‪ ،‬كان دافيد بوهم هو الذي رد‬ ‫عليه قائال‪ :‬التقل لالله ماعليه ان يفعل‪ .‬للمزيد‬ ‫من تفاصيل اخلالف بينهم اضغط هنا‬

‫الدماغ الهلوجرامي‬

‫العامل الكندي ‪ Wilder Penfield‬اجرى‬ ‫ال��ع��دي��د م��ن ال��ت��ج��ارب االس��اس��ي��ة يف عشرينات‬ ‫القرن املاضي ختص تأثري التحفيز الكهربائي على‬ ‫خمتلف اجزاء الدماغ‪ .‬متاس االقطاب الكهربائية‬ ‫مع مناطق حمددة من الدماع حفز ظهور ذكريات‬ ‫معينة عند اشخاص التجربة‪ ،‬وهو السبب لظهور‬ ‫نظرية م��س��ي��ارات ال��ذاك��رة‪ .‬يف ع��ام ‪ 1940‬بدأ‬ ‫ال���ب���اح���ث ‪ Karl Pribram‬ب��ال��ع��م��ل م��ع‬

‫‪32‬‬


‫املوديل الهلوجرامي لتفسري الوجود‬

‫ال��ن��م��وذج اهل��ل��وج��رام��ي او ال��ب��رادمي اهل��ل��وج��رام��ي (‬ ‫‪ )hologram paradigm‬ي��ن��ت��م��ي يف‬ ‫ج���ذوره اىل الفرنسي ‪ ,Jean Fourier‬عامل‬ ‫ري��اض��ي��ات م��ن ال��ق��رن السابع عشر وال���ذي وضع‬ ‫معادلة للتحول من االشكال املعقدة اىل موجات‬ ‫بسيطة‪ .‬يف نفس الوقت اوضح كيف ميكن العودة‬ ‫من االبسط اىل الشكل السابق‪ .‬ه��ذا املبدأ هو‬ ‫املستخدم يف االرس���ال التلفزيوين حيث ال��ص��ورة‬ ‫حت���ول اىل م���وج���ات ال���ك�ت�رو مغناطيسية مث ي��ع��اد‬ ‫تركيبها‪ .‬باحثني خمتصني يف فيزيولوجيا االعصاب‬ ‫م��ن جامعة بركلي ‪Russel and Karen‬‬ ‫‪ ,De Valois‬اكتشفوا عام ‪ 1979‬ان اخلاليا‬ ‫العصبية ملركز البصر يف الدماغ التتفاعل مباشرة مع‬ ‫خمتلف االشكال التصويرية وامنا يتم االمر حسب‬ ‫رياضيات فوريري‪ .‬الحقا متكن باحثني اخريني من‬ ‫اك��ت��ش��اف ان بقية احل���واس اي��ض��ا التتفاعل على‬ ‫املباشرة وامنا من خالل حموالت‪ ،‬اي اهنا التتفاعل‬ ‫مع الصورة وامنا مع اهتزازات املوجة‪ .‬منذ ثالثينات‬ ‫ال��ق��رن امل��اض��ي برهن ال��ع��امل ال��روس��ي ‪Nikolai‬‬ ‫‪ Bernstein‬على ان ص��ورة احلركة يف الدماغ‬ ‫ختزن بأكواد حسب معادالت فوريري للموجات‪.‬‬

‫الكون والوعي كأنعكاس هلوجرامي‬

‫اشرنا يف السابق اىل التجربة ال�تي اج��راه��ا دافيد‬ ‫ب��وه��م ح��ول نقطة احل�بر يف اجلليسريين‪ .‬عندما‬ ‫عمل بوهم مع زميله الفيزيائي ‪David Peat‬‬ ‫يف ف�ت�رة ع��م��ل ل��ي��ل��ي م��ره��ق ك��ان��وا يف ح��اج��ة اىل‬ ‫اس�تراح��ة لشرب ال��ش��اي‪ ،‬وخ�لاهل��ا ك��ان��وا ميزحون‬ ‫على نظرية ب��وه��م عندما ك��ان��وا يضعون السكر‬ ‫يف الشاي‪ .‬السكر يذوب يف الشاي‪ ،‬ولكن لو‬ ‫تركنا الشاي يتبخر فإن بللورات السكر ستعود‬ ‫للظهور‪.‬‬ ‫من هذا املثال خيربنا بوهم ان العامل املرئي لنا هو‬ ‫جمرد «الوهم» وليس الواقع‪ ،‬وبالتايل يشبه الصورة‬ ‫اهللوجرامية‪ .‬حتت سطح عامل الوهم الظاهر لنا‬ ‫يوجد نظام اعمق مطوي للداخل‪ ،‬شامل‪ ،‬املستوى‬ ‫االساسي للواقع (املستوى االول) ‪، implicit‬‬ ‫الذي خيلق الشئ واالنطباع يف العامل الفيزيائي‪،‬‬ ‫متاما كما ان الالزر هو الذي خيلق انطباع الصورة‬ ‫كحقيقة منفصلة‪ .‬هذا االنطباع يستعرض ذاته‬ ‫يف حيزنا الوجودي (املستوى الثاين) كشئ يبدو‬ ‫مستقل يف ذاته من خالل إظهار املظهر املقلوب‬ ‫ل��ل��خ��ارج ‪( .explicit‬م��ث��ال اخ���ر ع��ل��ى ال��ع��امل‬ ‫املنظور ميكن ان يكون النقشة النافرة على سطح‬ ‫س��ج��ادة‪ .‬ان ال��ذي يرتسخ يف ال��وع��ي ه��و ال�بروز‬ ‫وه��و ال���ذي يشكل النقشة يف ح�ين ان اخليوط‬

‫بوهم يعترب مجيع االشكال الكونية كنتيجة لعدد‬ ‫كبري من تتداخالت الطوي والقلب بني هذين‬ ‫املستويني (الرتاتيب)‪ .‬انه يعتقد‪ ،‬مثال‪ ،‬ان االلكرتون‬ ‫ليس «شئ متفرد» وامنا «كلية» منتشرة يف الكون‪.‬‬ ‫عندما يقوم جهاز قياس بإلتقاط وجود االلكرتون‬ ‫فإنه يكون قد التقط اح��دى مستوياته اليت تقوم‬ ‫الكلية» بقلبها للخارج واستعراضها‪ .‬وعندما نرى‬ ‫اليكرتون يتحرك يكون السبب تواتر مستمر من‬ ‫االنفتَاحات للخارج قادمة من املستوى االساسي‬ ‫(اخللفي) ختلق انطباع وجود حركة غري منقطعة‪.‬‬ ‫(متاما مثل «احياء وجود حركة موجية» ترتائ لنا‬ ‫جملرد قيام مشجعي كرة القدم بالوقوف واجللوس‬ ‫املتناسق يف مكاهنم»‪ .‬ايضا ميكن مقارنته بالصور‬ ‫الثابتة يف فيلم اليت تصبح متحركة من تواليها امام‬ ‫اعيننا بسرعة وليس حلركة يف الصور‪ .‬غري ان بوهم‬ ‫اخ��ت��ار تعبري ‪( holo movement‬احل��رك��ة‬ ‫اهللوجرامية) وليس هلوجرام من اجل التأكيد على‬ ‫الديناميكية يف املنظومة‪.‬‬ ‫يف ك����ت����اب����ه ‪Wholeness and the‬‬ ‫‪ Implicit Order‬ال�����ذي ص����در يف ع��ام‬ ‫‪ 1980‬اشار اىل انه المعىن لتصنيفات الكون اىل‬ ‫اجزاء بذات القدر الذي المعىن لتصنيف املاء اىل‬ ‫قطراته اخلارجة من جمموعة خمتلفة من النافورات‬ ‫اال اىل م���اء‪ ،‬مت��ام��ا ك��م��ا ان النقشة ال���ب���ارزة على‬ ‫سجادة ليست اال طيف من اطياف السجادة‪.‬‬

‫املوديل الهلوجرامي لتفسري الوجود‬

‫‪33‬‬

‫بسيكولوجي االعصاب ‪ Karl Lashley‬من‬ ‫‪Yerkes Laboratory of Primat‬‬ ‫‪ Biology‬يف فلوريدا معا قاموا بتجارب على‬ ‫الفئران ال�تي ج��رى تدريبها على تذكر الطريق يف‬ ‫دروب معقدة‪ .‬بعد ذلك جرى استصال جزء من‬ ‫دماغها غري انه ظهر ان ذاكرهتا مل تتأثر كثريا حىت‬ ‫لو جرى استصال مساحة كبرية‪ .‬هذا االمر ادى‬ ‫اىل فرضية ان الذاكرة ليست خمزونة يف الدماغ وامنا‬ ‫منتشرة عليه مجيعا‪ .‬غري ان عالقته مع بوهم هي‬ ‫اليت اعطته فكرة املوديل لفهم الظاهرة‪.‬‬

‫وحنن نتعلم الرقص او قيادة الدراجة من خالل‬ ‫فهم عموم العملية وليس م��ن خ�لال ان نتعلم‬ ‫اوال كل جزئية من التفاصيل‪ .‬كل هذه االوليات‬ ‫اق���ن���ع���ت ‪ Karl Pribram‬ب��ص��ح��ة ت��وج��ه‬ ‫النموذج اهللوجرامي‪ ،‬ال��ذي طرحه عام ‪1977‬‬ ‫يف كتابه ‪.Languages of the Brain‬‬

‫الغري ب��ارزة هي ال�تي تشكل اخللفية العامة‪ .‬ومع‬ ‫ان الصورة الكاملة مؤلفة من كال اخليوط اال ان‬ ‫النقشة هي اليت يتعامل معها النظر لتصور الصورة‪.‬‬ ‫يف هذا املثال يكون العامل املرئي هو اخليوط البارزة‬ ‫وهي وحدها اليت نعايشها)‬

‫ذلك اليعين ان الكون يتألف من مادة ذات نسق‬ ‫واحد‪ .‬االشياء ميكن ان تكون جزء من كلية غري‬ ‫خاضعة للتجزيئ ومع ذلك متلك خصوصيتها‪.‬‬ ‫بوهم يقدم لنا مثال ال����دوارات ال�تي تتشكل يف‬ ‫جم��رى النهر‪ .‬للوهلة االوىل تبدو ه��ذه ال��دوارات‬ ‫وكأهنا مستقلة بذاهتا وتتحرك ذاتيا‪ ،‬ولكن عند‬ ‫التدقيق ن��رى ان��ه م��ن املستحيل ال��ق��ول اي��ن تبدأ‬ ‫الدوارة واين تنتهي‪ .‬بذلك تصبح الدوارة منفردة‬ ‫جتريدياً على الرغم من اهنا يف ذاهتا غري مستقلة‪.‬‬

‫الحركة الهلوجرامية‪ :‬الكون نهر من‬ ‫الطاقة‬

‫إن��ط�لاق��ا م��ن نظرية النسبية وف��ي��زي��اء ال��ك��م ينظر‬ ‫‪ David Bohm‬اىل الفراغ الكوين على انه‬ ‫خلفية طاقوية هائلة‪ .‬املادة‪ ،‬كما نفهمها‪ ،‬عبارة‬ ‫ع��ن م��وج��ات كفانتية تطل لنا م��ن ه��ذه اخللفية‬ ‫كموجات على سطح حبر عظيم‪ .‬بذلك يكون‬ ‫الفراغ الكوين ممتلئ حىت اقصاه وليس فارغ‪ ،‬وهذا‬ ‫احمليط يلعب دورا كبريا يف فهم الكلية الكونية‬ ‫ك��وح��دة واح����دة يتضمن ك��ل ش���ئ‪ .‬ه���ذا االم��ر‬ ‫الي��ت��ش��اب��ه م��ع ال��ن��ظ��ري��ات ال��ق��دمي��ة ح���ول م��وج��ات‬ ‫االث��ي��ر‪ ،‬او ال���وس���ط ال��ث�لاث��ي االب���ع���اد (‪tree-‬‬ ‫‪ )dimensional medium‬القادر على‬ ‫ايصال احلركة وامل��وج��ات‪ .‬احمليط الطاقوي جيب‬ ‫فهمه متعدد االبعاد ‪ ،‬مطوي للداخل‪ ،‬او حركة‬ ‫هلوجرامية وامل��ادة هي انقالبات للخارج صغرية‬ ‫تعطيها التمييز القابل للمالحظة‪ .‬هذه اجليوب‬ ‫من االنقالبات ميكن النظر اليها على اهنا بقع يف‬ ‫الطاقة الكونية تستدعى إسقاطات ‪ ،‬باملستوى‬ ‫الثالثي االبعاد‪ ،‬تأخذ يف ذهننا شكلها املعاش‬ ‫ُ‬ ‫«املادة» (املرئية) ‪.‬‬

‫‪34‬‬


‫املوديل الهلوجرامي لتفسري الوجود‬

‫االنفجار العظيم‪ ،‬الزمان والمكان‬

‫إعتمادا على اع�لاه‪ ،‬ينطلق دافيد بوهم من ان‬ ‫احلركة اهللوجرامية تنشأ عن حركة هلوجرامية‪ .‬بذلك‬ ‫ينظر اىل االنفجار العظيم على انه مرحلة خاصة‬ ‫يف العالقة بني احلركات اهللوجرامية‪ ،‬حيث تنقسم‬ ‫احلركات اهللوجرامية اىل اجزاء اصغر مما ينتج عنها‬ ‫نشوء كون‪ .‬هذه الظاهرة ميكن ان تتكون مرات‬ ‫وبالتايل ينتج عنها اك���وان‪ .‬يف اهل��ل��وج��رام الكوين‬ ‫الي��وج��د زم��ان او م��ك��ان‪ ،‬وامن��ا مانعرفه م��ن زم��ان‬ ‫او مكان ه��و ناتج دم��اغ��ي للتسهيل م��ن خالل‬ ‫التصنيف‪ ،‬متاما كرؤية االل��وان‪ .‬هذا بالذات هو‬ ‫االطار املقياسي الذي خلق مفاهيمنا عن العامل‬ ‫من خالل انطباعاتنا الذهنية‪.‬‬

‫‪35‬‬

‫ماطرحه املوضوع اعاله ميكن إعادة عرض ملخص‬ ‫له مقتبس من كتاب ‪Ken Wilber: The‬‬ ‫‪Holographic Paradigm and‬‬ ‫‪;Other Paradoxes‬‬ ‫‪ -1‬الكون اليتألف من شئ او الشئ وامن��ا من‬ ‫بصمات طاقوية‬ ‫‪ -2‬كل طيف من اطياف الكون هو نظام خاص‬ ‫يف ذاته‪ ،‬انطباع خاص‪ ،‬وكلية‪.‬‬

‫الوعي والالوعي‬

‫يعترب دافيد بوهم ان الوعي ينتمي اىل الرتتيب‬ ‫املطوي يف جذوره‪ ،‬متاما مثل املادة‪ .‬هلذا السبب‬ ‫الميكن القول ان املادئ شئ والوعي شئ اخر‪.‬‬ ‫القضية جيب النظر اليها بدرجة إلتصاق الوعي مع‬ ‫املادة من حيث ان الوعي هو صفة من صفات‬ ‫املادة واحلركة وبالتايل صفة من حركة اهللوجرام‪.‬‬ ‫حسب بوهم فإن الوعي حاضر يف مجيع االشكال‬ ‫املستعرضة للمادة وهل��ذا السبب اليوجد مغزى‬ ‫لتقسيم العامل اىل حي وغري حي‪ .‬وحىت احلجر‬ ‫مي��ك��ن إع��ت��ب��اره ح��ي بشكل م��ن االش���ك���ال‪ ،‬من‬ ‫حيث ان احلياة واالنتلجنسيا موجودة يف املادة‬ ‫والطاقة والفضاء وكل شئ نعتربه مستقل‪.‬‬ ‫فكرة ال��ق��ول ان مجيع احل��ي��وات وح���دات منتشرة‬ ‫ف����وق ال���ك���ون ب���أس���ره ت��س��م��ح ب��ال��ت��ف��ك�ير ان جم��رة‬ ‫االندروميد موجودة يف ظفر اصبعنا االصغر او‬ ‫اننا قادرين على إعادة معايشة املقابلة االوىل بني‬ ‫قيصر وكليوبرتا إذا عرفنا طريقة العثور على قناة‬ ‫االتصال حبركة اهللوجرام املختصة باحلدث‪ .‬يف‬

‫الالوعي‪ :‬من جتربتنا نعلم ان بسيكولوجيتنا متلك‬ ‫ج��زء واع��ي وج��زء غري واع��ي ‪ ،‬وكالمها اىل درجة‬ ‫ك��ب�يرة ه��م ش��ئ واح����د‪ ،‬وال��ب��س��ي��ك��ول��وج��ي�ين ق��ام��وا‬ ‫ب��دراس��ة البنية البسيكولوجية مل��دة طويلة‪ .‬عندما‬ ‫يقول بوهم ان الوعي البشري‪ ،‬مبا فيه الالوعي‪،‬‬ ‫م��ن حيث امل��ب��دأ ه��و ش��ئ واح���د وان ك��ل انسان‬ ‫ميثل ويستعرض الوعي البشري يذهب تفكريناعلى‬ ‫الفور اىل اعماق البسكيولوجيا‪Sigmund .‬‬ ‫‪ Freud and C G Jung‬ح��اول��وا وضع‬ ‫خارطة لالوعي ويونغ قام بتطوير نظرية عن الوعي‬ ‫اجلمعي‪ ،‬هناك حيث تنشأ قواعد سلوكية روتينية‬ ‫ثابتة اىل حد التحجر ‪ .‬ولكن يونغ ك��ان جترييب‬ ‫ومل يقم بوضع نظرية عن منشأ الثبات‪ .‬كان قد‬ ‫اقرتح ان من املمكن ان يكون الكود البيلوجي هو‬ ‫الذي يقف خلف االمر‪ ،‬ولكنه ايضا تكلم عن‬ ‫إمكانيات اخرى جمهولة لنا‪ .‬غري انه مل يكن يعلم‬ ‫مبفهوم اهللوجرافية الكونية‪.‬‬

‫مفهوم الوقت‪:‬‬

‫يف احل��ض��ارة الغربية وال��ش��رق اوسطية يقال ان «‬ ‫ال��وق��ت مي��ش��ي» وه���و يعكس م��ف��ه��وم ان ال��وق��ت‬ ‫جمموعة من اللحظات املتوالية‪ .‬هذا الفهم موجود‬

‫املوديل الهلوجرامي لتفسري الوجود‬

‫غري ان دافيد بوهم اليتكلم عن حركة هلوجرامية‬ ‫واح��دة وامنا حركات‪ ،‬كل واح��دة منهم ميكن ان‬ ‫تكون جزء من االخرى‪ .‬لو نظرنا اىل مثال السكر‬ ‫يف الشاي نرى ان السكر انطوى يف السائل‪ .‬ولكن‬ ‫ايضا امل��واد من ورق الشاي ايضا « تنطوي» يف‬ ‫السائل وتعود للظهور عند تبخر السائل‪ .‬ولكن‬ ‫ال��س��ائ��ل اي��ض��ا يتبخر وي��ن��ط��وي يف اهل����واء‪ ،‬وميكن‬ ‫إعادته بالتكثيف‪.‬‬

‫‪-3‬ك�����ل ط��ي��ف م���ن االط���ي���اف ج����زء م���ن ال��ك��ل‬ ‫االكرب‪ ،‬من النظام االمشل‪.‬‬ ‫‪ -4‬ك���ل ط��ي��ف م���ن االط���ي���اف ي��ع�بر ع���ن نفسه‬ ‫من خالل موجة و تردد‪ ،‬وختتلط مع بعضها يف‬ ‫اهللوجرام الرئيسي‪ ،‬لتمتلئ بكل االط��ي��اف اليت‬ ‫تشكل كلية الوجود‪.‬‬ ‫الكلية حتتوي على مجيع املعلومات عن اجل��زء‪،‬‬ ‫واجلزء حيتوي مجيع املعلومات عن الكل‪.‬‬ ‫‪ -5‬الزمن ليس موجود كلحظات متتابعة وامنا‬ ‫اب��ع��اد م��ت��ع��ددة ول��ذل��ك مي��ك��ن ل��ه ان ي��ت��ح��رك يف‬ ‫اجتاهات متعددة يف ذات الوقت‪.‬‬

‫موديل بوهم جند ان اجلسد والبسيكولوجيا هي‬ ‫اس��ق��اط��ات م��ن ب��ع��د اع��ل��ى‪ ،‬ل��ت��ك��ون يف االس���اس‬ ‫وحدة واحدة‪ .‬هذا املستوى االعلى (املطوي) هو‬ ‫حركة‪ ،‬حركة هولوجرافية‪ ،‬وال�تي يف الذهن تقدم‬ ‫لنا نفسها كأشكال متعددة‪ ،‬مراحل خمتلفة من‬ ‫املستوى املنطوي‪ .‬اجلسد والنفس (البسيكولوجيا)‬ ‫اليؤثران على بعضهما ولكن مايقدمه او ميثله كل‬ ‫منهما ميلك ج��ذوره يف االص��ل املشرتك املستوى‬ ‫املنطوي‪ ،‬االسقاطي‪.‬‬

‫يف املستوى العملي والعلمي على ال��س��واء‪ .‬مع‬ ‫ظهور نظرية النسبية ج��رى تغري ه��ام من خالل‬ ‫الربهنة على ان الزمان واملكان مرتبطان ببعضهم‬ ‫يف وح���دة واح�����دة‪ .‬ب��ذل��ك يصبح ال��زم��ن مرتبط‬ ‫بنوعية ال��ف��ض��اء‪ .‬يف النظرية اهللوجرامية‪ ،‬حيث‬ ‫الكل حيتوي اجل��زء واجل���زء حيتوي الكل يتواجد‬ ‫امل��اض��ي واحل��اض��ر م��ع ب��ع��ض يف اآلن��ي��ة‪ .‬حسب‬ ‫بوهم حتتوي اللحظة على الزمن كله‪ .‬للتوضيح‬ ‫يقدم لنا العلب الصينية كنموذج حيث توجد‬ ‫العلب يف بطن بعضها البعض‪ ،‬ونفس احلال نراه‬ ‫يف املاتوشكا الروسية حيث خت��رج نسخة اصغر‬ ‫مماثلة م��ن النسخة االك�ب�ر‪ .‬ب��ذل��ك ميكن القول‬ ‫ان « اللحظة اآلن��ي��ة» تشبه العلبة الصينية اليت‬ ‫يف ذات الوقت تتضمن كل اللحظات االخرى‪.‬‬ ‫بذلك يكون الوقت مثل املادة‪ ،‬منفتح (مقلوب‬ ‫ل�لاع��ل��ى) ب��ال�تراب��ط م���ع ان���ق�ل�اب امل�����ادة لالعلى‬ ‫حتديدا ‪.‬‬ ‫كل حلظة‪ ،‬او موجة زمنية تتواجد يف كل مكان‪.‬‬ ‫بذلك يكون ال��وق��ت بعد او اب��ع��اد حية‪ ،‬حيث‬ ‫ك���ل حل��ظ��ة ت��ع��ي��ش م��ن��ف��ص��ل��ة (ع����ن االخ������رى) يف‬ ‫الوعي‪ ،‬بعالقة هلوجرامية مع كل حلظة اخرى‪.‬‬ ‫يف هذا االطار ميكن للوقت اعتباره ايضا كتعبري‬ ‫ع��ن الطاقة او ال�ت�ردد ال��داخ��ل يف ال��وع��ي الكلي‬ ‫للعالقة طاقة ‪ -‬مادة ‪ -‬زمن‪ .‬بوهم يعرف الوقت‬ ‫ان���ه اس��ق��اط م��ن ب��ع��د م��ت��ع��دد اع��ل��ى متالحقات‬ ‫(موجات) من اللحظة‪.‬‬ ‫يف السنوات االخرية جمموعة من البسيكولوجيني‬ ‫وض����ع����وا ت����س����اؤالت ح�����ول اىل اي م�����دى ت��ؤث��ر‬ ‫العوامل البسيكولوجية والبيلوجية على متوسط‬ ‫طول العمر عند االنسان‪ .‬التوجد براهني هنائية‬

‫‪36‬‬


‫املوديل الهلوجرامي لتفسري الوجود‬

‫الوعي واالحالم‬

‫يف النظرية اهللوجرامية كل شئ « كلي» ومتحد‪.‬‬ ‫حنن مجيعا بدون حدود‪ ،‬او حسب كلمات دافيد‬ ‫بوهم ‪»:‬يف اعماق الوعي االنسان واحد»‪ .‬ودعونا‬ ‫ننظر اىل بعض الظواهر البسكولوجية القادرة على‬ ‫القاء الضوء على الصورة اهللوجرامية للوعي‪.‬‬ ‫االح�لام ع��امل معلوم يسمح للوعي بالتحليق يف‬ ‫فضاء متعدد االبعاد‪ .‬يف السنوات االخرية حظي‬ ‫مايسمى « االح�ل�ام ال��واض��ح��ة» اهتماما كبريا‪،‬‬ ‫وهي االحالم اليت يكون فيها االنسان املعين واعيا‬ ‫انه حيلم بل وحىت يقوم بالتحكم باحللم‪ ،‬مثال ان‬ ‫جيعل هناية احللم سعيدة‪ ،‬وليس املقصود احالم‬ ‫اليقظة إذا كان املقصود فيها االحالم اليت يسقط‬ ‫فيها االنسان عن وعي اثناء النهار (اي ليس يف‬ ‫نومه)‪ .‬و « االحالم الواضحة» تكون معايشة يف‬ ‫مستوى احلقيقة وقوية التأثري باملقارنة مع االحالم‬ ‫العادية‪ ،‬وغالبا هلا تأثري اجيايب على صاحبها‪.‬‬

‫‪37‬‬

‫يف م��ؤمت��ر ع��ن االح��ل�ام ع��ق��د ع���ام ‪ 1987‬القى‬

‫وول���ف ي��رى ت��راب��ط واض���ح ب�ين االح�ل�ام وب�ين و‬ ‫« اإلس��ق��اط��ات الفيزيائية» ال�تي ق��ام بالتجارب‬ ‫عليها العامل ‪ Georg von Bekesy‬حامل‬ ‫ج��ائ��زة ن��وب��ل‪ .‬بيكسي ق��ام بوضع صفائح ه��زازة‬ ‫على ركب اشخاص التجربة الذي كانت عيوهنم‬ ‫مربوطة‪ ،‬ومن خالل التحكم بسرعة االهتزازات‬ ‫متكن من جعل اشخاص التجربة يشعرون مبركز‬ ‫االه���ت���زاز ي��ق��ف��ز ب�ين ال���رك���ب‪ ،‬ب��ل وح�ت�ى « ب�ين»‬ ‫الركب‪ .‬املشاعر الشبحية لدى املقطوعة اطرافهم‬ ‫هي مثال آخر على هذه الظاهرة‪.‬‬ ‫ي��ع��ت��ق��د وول������ف ان وع���ي���ن���ا ي���ق���وم خب���ل���ق اوه���ام���ن���ا‬ ‫على ايقاع موجات إهتزازية خارجية متاما مثل‬ ‫ال��ص��ف��ائ��ح‪ .‬ويستنتج ان��ه الي��وج��د ف��رق كبري بني‬ ‫العامل اخلارجي والعامل يف داخل رأسنا‪ .‬يقول‪»:‬‬ ‫عندما يتمكن املراقب وما يراقبه من االنفصال‬ ‫حبيث تصبح ُ‬ ‫معامل احلدود بينهم واضحة ‪ ،‬وهو‬ ‫االمر الذي تعرب عنه ظاهرة االحالم الواضحة‪،‬‬ ‫عندها يصبح انتماء هذه الظاهرة اىل الذاتية امر‬ ‫خ��اض��ع للنقاش»‪( .‬مب��ع�نى اخ���ر‪ :‬عندما يتمكن‬ ‫احلامل من التحكم باالحالم اليت تربز له وحيدد‬ ‫مسيارها يصبح إمكان ان تكون هذه االحالم‬

‫تعدد الشخصيات‬

‫يف السنوات االخرية‪ ،‬يف عامل علم النفس‪ ،‬ازداد‬ ‫االهتمام بقضية ‪multiple personality‬‬ ‫‪ , )disorder (MPD‬ب��ع��د ان متكنت‬ ‫االحب����اث م��ن رف���ع ال��س��ت��ار ع��ل��ى ان ه��ن��اك مابني‬ ‫اث����ن��ي�ن اىل مخ���س���ة ب���امل���ئ���ة م����ن ال���ب���ش���ر ي��س��م��ع��ون‬ ‫اص���وات وان القسم االك�ب�ر م��ن ه���ؤالء اليعانون‬ ‫من امراض نفسية وفقط ثلثهم عايشوا االصوات‬ ‫على اهنا سلبية‪ .‬يقول الربوفيسور يف علم النفس‬ ‫‪ « Marius Romme‬مساع اصوات اليعين‬ ‫ان امل���رء جم���ن���ون»‪ ،‬وه���ذا االس��ت��ن��ت��اج ع��ل��ى ارض��ي��ة‬ ‫دراسات هلذه الظاهرة ابتدأت منذ عام ‪.1987‬‬ ‫يوجد العديد من االشخاص ترتب على مساعهم‬ ‫االص����وات ت��غ��ي�يرات ع��امل��ي��ة م��ث��ل ي��وس��ف وعيسى‬ ‫وحممد وجان دارك‪ ،‬بعضهم االخر دفع حياته مثنا‬ ‫هلا يف اقبية اجهزة السلطة مبا فيه اليوم‪ .‬ماريوس‬ ‫رومه وزميله ‪ Sandra Escher‬يفسران ظاهرة‬ ‫مس��اع االص���وات على اهن��ا اح���دى ال��ط��رق ملعاجلة‬

‫وبغض النظر عما إذاكانت ظاهرة تعدد الشخصية‬ ‫تنشأ عند اشخاص مريضني او اصحاء نفسيا‬ ‫ي��ب��دو ان لديها م��واص��ف��ات واح���دة م��ع االح�لام‬ ‫واالالم الشبحية وااله��ت��زازات‪ .‬االحاسيس تقوم‬ ‫بإسقاظ الظاهرة من ت��رددات النظام اهللوجرامي‬ ‫املتعدد املستويات كما وصف االمر دافيد بوهم‪.‬‬ ‫من ال��ض��روري االش��ارة اىل ان بعض االشخاص‬ ‫يسمعون االص��وات قادمة من داخ��ل رأسهم يف‬ ‫حني ان البعض االخر يسمعها تناديه من اخلارج‪.‬‬

‫املوديل الهلوجرامي لتفسري الوجود‬

‫ع��ل��ى اس���ب���اب ب��ي��ل��وج��ي��ة ل��ل��ش��ي��خ��وخ��ة ح�ت�ى االن‪.‬‬ ‫ومن ضمن التوقعات يشار اىل ان االرث الثقايف‬ ‫ملفهوم الشيخوخة وامل���وت ميكن ان ت��ك��ون هي‬ ‫عامل حتقيق ش��روط امل���وت‪ .‬حن��ن نفكر مثال ان‬ ‫امل��وت سيأيت يف عمر التسعني‪ ،‬او قربه ويصبح‬ ‫تفكرينا مركزا على ذلك‪ ،‬انطالقا من ان « املوت‬ ‫ح���ق»‪ .‬يف دراس����ة ح��دي��ث��ة ج���رت يف ع���دة ب��ل��دان‬ ‫ومنها السويد ظهر ان ‪DHEA-hormon‬‬ ‫وال���ذي يتحكم بعملية الشيخوخة ميكن التأثري‬ ‫عليه يف إجت��اه إع��ادة الشباب من خالل التفكري‬ ‫والتصورات وحدهم‪.‬‬

‫الفيزيولوجي ‪ Fred Alan Wolf‬حماضرة‬ ‫اشار فيها اىل ان املوديل اهللوجرامي يعترب مادة‬ ‫م��س��اع��دة ل��ت��وض��ي��ح ظ��اه��رة االح��ل�ام ال��واض��ح��ة‪.‬‬ ‫وول�����ف‪ ،‬وال�����ذي ش��خ��ص��ي��ا ي����رى غ��ال��ب��ا االح��ل�ام‬ ‫ال��واض��ح��ة‪ ،‬يعتقد ان مجيع االح�ل�ام ه��ي عبارة‬ ‫عن هلوجرام داخلي‪ .‬على هذه اخللفية سيكون‬ ‫اسباب االحالم االنبعاث عن املوجات الدماغية‬ ‫املتقاربة وليس املوجات املتباينة كما هو االمر يف‬ ‫املعايشات احلقيقية‪.‬‬

‫ذو مصدر ذهين حبت امر خاضع للنقاش)‪ .‬يف‬ ‫ذل��ك يشري اىل ان االح�لام الواضحة‪ ،‬ولرمبا كل‬ ‫انواع االحالم‪ ،‬هي زيارة اىل االكوان املوازية‪.‬‬

‫االن��س��ان هلواجسه خصوصا بعد إكتشاف ان‬ ‫‪ %75‬من االحداث االوىل للعوارض تظهر بعد‬ ‫نشوء معاناة قوية يرافقها الشعور بضعف احليلة‬ ‫وعدم القدرة على فعل شئ حللها‪.‬‬

‫التحكم بالتصورات‬

‫قسم من االشخاص املصابني بتعدد الشخصية‬ ‫ت��ع��ل��م��وا ال��ت��ح��ك��م ب���االح���داث وخت��ص��ي��ص ي���وم «‬ ‫للمتكلم» الج����راء ح����وار ب��ن��اء م��ع��ه او معهم‪.‬‬ ‫العديد من السياسيني والفنانني واملؤلفني وحىت‬ ‫رج�����ال ال��ع��ل��م اع��ت�رف����وا اهن����م مي��ل��ك��ون « ص��وت‬ ‫داخلي‪ ،‬مستشار» يقومون بالتشاور معه‪ .‬احد‬ ‫اشهر االمثلة على ذلك الصوت الداخلي الذي‬

‫‪38‬‬


‫املوديل الهلوجرامي لتفسري الوجود‬

‫االح�ل�ام ت��أيت الينا ع���ادة ب���دون ت��وق��ع او ختطيط‬ ‫غ�ير ان ‪ Montague Ullman‬الباحث‬ ‫املختص يف االحالم برهن على ان االنسان قادر ان‬ ‫يدرب نفسه على بعث االحالم املطلوبة مسبقا‪.‬‬ ‫واي��ض��ا ان االن��س��ان ق��ادر م��ن خ�لال االحاسيس‬ ‫الواعية التأثري على سلوكه وح�تى على الوظائف‬ ‫احليوية الفيزيائية للجسم‪ .‬ه��ذا االم��ر قائم على‬ ‫حقيقة عصبية ان الدماغ‪ ،‬من حيث املبدأ‪ ،‬غري‬ ‫قادر على التفريق بني ماهو يف الواقع موجود «‬ ‫خ���ارج ال����ذات» وب�ي�ن مايعتقده ان���ه م��وج��ود‪ .‬يف‬ ‫دم���اغ ه��ل��وج��رام��ي مي��ك��ن ل��ل��ذاك��رة او ل��ل��ت��ص��ور ان‬ ‫ميلك التأثري نفسه على املشاعر كما الذي ميلكه‬ ‫ال��واق��ع‪ .‬يكفي ان نفكر ب��أزم��ة ق��ادم��ة او مضت‬ ‫مثرية للتوتر واالض��ط��راب ح�تى نستدعي مظاهر‬ ‫التوتر واالضطراب على شكل ارتفاع ضغط الدم‬ ‫ودق��ات القلب وتوتر العضالت‪ .‬وعلى العكس‬ ‫ميكن ان نتذكر م��واق��ف ممتعة تستدعي الرضى‬ ‫واالسرتخاء وختلق تأثريات فيزيولوجية اجيابية‪ ،‬هي‬ ‫نفسها اليت تستخدم يف عالج التوتر‪.‬‬

‫‪39‬‬

‫تزامن االحداث‬

‫اح��ي��ان��ا ن��ع��اي��ش اح����داث غ�ير طبيعية‪ .‬م��ث�لا نعثر‬ ‫ع��ل��ى ص�����ورة ل��ص��دي��ق مل ن�����راه م��ن��ذ س���ن���وات ويف‬ ‫نفس اليوم نلتقي معه بالصدفة يف ال��ش��ارع‪C .‬‬ ‫‪ G Jung‬والفيزيائي ‪Wolfgang Pauli‬‬ ‫ام��ض��وا وق��ت��ا ط��وي�لا يف دراس���ة االح���داث املتزامنة‬ ‫وقد نشروا كتابا عن نتائج دراستهم هو ‪The‬‬ ‫‪Interpretation and Nature of‬‬ ‫‪ .the Psyche‬التجارب يف نطاق فيزياء الكم‬ ‫تشري اىل حاالت يبدو فيها وكأن اجلزئيات النووية‬ ‫متلك معلومات عن بعضها ولذلك تسلك سلوكا‬ ‫منسجم زمنيا‪ ،‬حىت لو كانوا بعيدين عن بعضهم‪.‬‬ ‫الفيزيائي ‪ Paul Davies‬يؤكد ان هذا التأثري‬ ‫الغري مكاين للجزيئات شكل من اشكال التزامن‬ ‫احل��دث��ي مب��ع�نى اهن���م مي��ل��ك��ون ق��ن��اة تنظيم ت��واص��ل‬ ‫ح��دث��ي‪ ،‬ع��ل��ى ال��رغ��م م��ن ان���ع���دام ع�لاق��ة السبب‬ ‫واملسبب‪ ،‬يف إطار املعلوم لنا‪.‬‬ ‫فيزيائي اخر هو ‪ ,David Peat‬يؤكد ان هذا‬ ‫النوع من تزامن االحداث امر واقع‪ .‬يفسر االمر‬ ‫ع��ل��ى ان وه���م االع��ت��ق��اد ب��االن��ف��ص��ال ب�ين ال��وع��ي‬ ‫واملادة هو مصطنع )‪ (ars facere‬وان املوديل‬ ‫اهل��ل��وج��رام��ي جيعل م��ن املمكن ل��ت��واص��ل الزمكان‬ ‫ت��ع�بر ع��ن نفسها ب���االح���داث غ�ير الطبيعية‪ ،‬من‬ ‫وجهة نظر وعينا يف ظروف معينة‪ .‬عندما نعايش‬ ‫اح������داث م��ت��زام��ن��ة ي���ك���ون ال����واق����ع ان اح��اس��ي��س��ن��ا‬ ‫االنسانية لثانية تتفاعل حسب طبيعتها الذاتية‬ ‫(بعيدا عن السيطرة) فتصبح يف اتصال بنظام توتر‬ ‫بعيدا عن النفس واملادة لتتدخل يف االبداع ذاته‪،‬‬

‫‪parapsykology‬‬

‫إذا كان املوديل اهللوجرامي قادر على إغناء علم‬ ‫النفس‪ ،‬فينبغي ان يتشابه وضعه م��ع التخاطر‬ ‫النفسي ب��ذات املقدار على االق��ل‪ .‬يقول دافيد‬ ‫هبوم‪ »:‬إذا كانت اخلوارق موجودة حقا‪ ،‬فالميكن‬ ‫فهمها اال م��ن خ�لال ن��ظ��ام ال��ط��وي واالن��ق�لاب‬ ‫بسبب ان��ه يف ه��ذا النظام ك��ل ش��ئ ميلك متاس‬ ‫مع كل شئ والتوجد اسباب قصرية على القول‬ ‫ان ه��ذه اخل����وارق غ�ير ممكنة‪ .‬امل��ه��م ه��و فصلها‬ ‫وتعيينها بطريقة موثوقة»‪.‬‬

‫املوديل الهلوجرامي لتفسري الوجود‬

‫كان يسمعه سقراط ويلهمه احلكمة‪ ،‬ومنه يبدو‬ ‫ان االشارة اىل االهلام من عامل اخر قدمي يف العقل‬ ‫االن���س���اين‪ .‬ه���ذا االم����ر الزال����ت اث����اره يف تعابرينا‬ ‫حىت اليوم عندما نقول « خيرب شيطانك»‪ ،‬او‬ ‫« وس��وس��ة شيطانية»‪ .‬ويف غياب وج��ود تفسري‬ ‫موضوعي ملصدر هذا الصوت يصبح من السهل‬ ‫تارة وصف الصوت انه من عند إله وتارة اخرى‬ ‫انه من شيطان‪ .‬افضل االمثلة على ذلك مانراه‬ ‫يف يف س���ورة احل��ج ‪( ،52‬وم���ا أرس��ل��ن��ا م��ن قبلك‬ ‫من رس��ول وال نىب إالّ إذا متىن ألقى الشيطان ىف‬ ‫أمنيته)‪.‬‬

‫ق���درات���ن���ا ال��ذه��ن��ي��ة ع��ل��ى خ��ل��ق االن��ط��ب��اع��ات من‬ ‫خ�ل�ال ال��ت��ص��ور واالص������وات وال���رائ���ح���ة وال���ت���ذوق‬ ‫واملشاعر تستغل كلينيكا خللق نتائج اجيابية على‬ ‫الصحة‪ .‬نستطيع ذكر جلسات املعاجلة النفسية‬ ‫للسرطان ال�تي ق��ام هبا الزوجني ‪Simonton‬‬ ‫يف معهد احباث السرطان العائد جلامعة تكساس‬ ‫االم���ري���ك���ي���ة‪ .‬يف اجل���ل���س���ات ك����ان جي����ري ت��ص��وي��ر‬ ‫اخل�ل�اي���ا ال��س��رط��ان��ي��ة ع��ل��ى اهن����ا ل���ص���وص ضعيفة‬ ‫ومريضة يف حني ان خاليا اجهزة املناعة احليوية‬ ‫ج��ن��ود ق��وي��ة ومسلحة ح�تى االس��ن��ان وسيقومون‬ ‫بالنجاح‪ .‬يف جمموعة التجربة كانت نسبة البقاء‬ ‫على قيد احلياة والشفاء اعلى بصورة ملحوظة‬ ‫م��ن جم��م��وع��ة امل��ق��ارن��ة‪ .‬ال��ف��ي��زي��ول��وج��ي ‪Jeanne‬‬ ‫‪ ,Achterberg‬اي��ض��ا م��ن جامعة تكساس‬ ‫تعتقد ان قدرات التصور اهللوجرامية عند الدماغ‬ ‫هي مفتاح تفسري قدرة املشاعر على التأثري على‬ ‫فيزيولوجية االنسان‪ .‬يف الدماغ اهللوجرامي تُقصر‬ ‫املعايشات ‪ ،‬احلقيقية وال��ت��ص��وري��ة‪ ،‬اىل موجات‬ ‫ه��ل��وج��رام��ي��ة م��ن��ظ��م��ة‪ ،‬وب��ع��د ذل���ك ي��ن��ب��ع ت��أث�يره��م‬ ‫العام على الوظائف احليوية‪Achterberg .‬‬ ‫ق��ام��ت بإعطاء الطلبة مهمة التصور ان خاليا‬ ‫املناعة احليوية لديهم ‪ neutrofila‬قد ازداد‬ ‫عددها وجمموعة اخ��رى كانت مهمتها التصور‬ ‫ان خاليا ‪ T-cell‬هي اليت ازداد عددها‪ .‬عند‬ ‫التحقق لوحظ ان اخلاليا املعنية قد ازداد عددها‬ ‫فعال ل��دى اش��خ��اص جمموعات التجربة بصورة‬ ‫ملحوظة‪ .‬وعلى العكس برهنت جتربة يابانية ان‬ ‫النساء املصابات بسرطان الصدر يزداد وضعهن‬ ‫سوء على الفور وبدون مربر جملرد اشعارهن بنتائج‬ ‫التشخيص وجملرد وجود تصورات مسبقة لديهم‬ ‫ع��ن آف���اق امل���رض‪ .‬هل��ذا السبب ف��إن التصورات‬ ‫اهل��ل��وج��رام��ي��ة اص��ب��ح��ت ال���ي���وم ج����زء م���ن تكنيك‬

‫ال��ع�لاج ملعاجلة االمل والتينيتوس ‪( tinnitus‬‬ ‫مساع ونة يف االذن) والتوتر وامراض اخرى‪.‬‬

‫حسب دافيد بيت‪.‬‬

‫الباحث يف الدماغ ‪ ,Karl Pribram‬ويعترب‬ ‫الشخصية الثانية بني منظري الربادامي اهللوجرامي‬ ‫يعلن ان��ه إذا ك��ان ال��ك��ون جم��رد ه��ل��وج��رام فذلك‬ ‫سيعين ع��دم وج���ود « ث��اب��ت» وامن���ا سلسلة من‬ ‫التصورات‪ .‬بريربام يتوقع ان معادالت دماغية تقوم‬ ‫ببناء الواقع الفيزيائي مبساعدة اطوال موجة مرتدة‬ ‫الينا من مستوى خارج الزمان واملكان‪ .‬يستطيع‬ ‫الدماغ القيام بذلك النه بذاته هلوجرام ويتعامل‬ ‫م��ع االش��ي��اء م��ن طبيعته ذاهت���ا وح��س��ب ماهيته‬ ‫الداخلية ووظيفته ترمجة اهللوجرام اىل برنامج اخر‪،‬‬ ‫ذو ام��ت��داد اخ��ر (سوفيكس‪ ،‬ك��اس��ع��ة)‪ .‬ولكون‬ ‫الدماغ جزء من اهللوجرام الكلي ميلك القدرة ‪،‬‬ ‫يف حدود القواعد املعنية‪ ،‬من الوصول اىل مجيع‬ ‫املعلومات ملبادىء التحكم االساسية‪.‬‬

‫التخاطر ومعرفة المستقبل والماضي‬

‫هنا سننظر اىل بعض الظواهر ال�تي تعترب خارج‬ ‫الطبيعي ونبدأ من ‪ ,retrokognition‬واليت‬

‫‪40‬‬


‫املوديل الهلوجرامي لتفسري الوجود‬

‫ت��وج��د ال��ع��دي��د م���ن ال��ت��ق��اري��ر ال���ق���ادم���ة ع���ن ات��ب��اع‬ ‫البارابسيكولوجيا واتباع االديان تشري اىل حدوث‬ ‫ظواهر الريرتوكوغنيشون‪ .‬من هذه الظواهر ميكن‬ ‫االشارة اىل قصص التقمص املنتشرة عند الدروز‪،‬‬ ‫او قصة امل��رأة اليت تكلمت بلغات منقرضة وهي‬ ‫حت���ت ت��أث�ير ال��ت��ن��ومي امل��غ��ن��اط��ي��س��ي او ق��ص��ص عن‬ ‫استيقاظ البعض ليجد نفسه يف امل��اض��ي وسط‬ ‫احداث تارخيية مشهودة‪.‬‬

‫‪41‬‬

‫‪ ,Prekognition‬هو معرفة املستقبل وهي‬ ‫ظ���اه���رة م��ش��ه��ورة يف س��اح��ة ال��ب��اراب��س��ي��ك��ول��وج��ي‪.‬‬ ‫والشائع بني علماء البارسيكولوجي ان الدراسات‬ ‫العلمية تؤكد هذه النظرية ‪ ،‬على االقل ان بعض‬ ‫االش���خ���اص ل��دي��ه��م ال���ق���درة ع��ل��ى م��ع��رف��ة الغيب‪.‬‬ ‫‪ Stanley Krippner‬تعتقد ان احل���واس‬

‫تفسير الطيف الروحي‬

‫ماجرى عرضه ميكن ان جند له مثيال يف تصورات‬ ‫االديان عن العوامل اهللوجرامية‪ .‬يف االجنيل يقول‬ ‫بولص « يف الرب نعيش حنن‪ ،‬نتحرك ونكون»‪.‬‬ ‫يف ك��ت��اب احل��ك��م��ة ال��ب��وذي��ة ‪Avatamsaka‬‬ ‫‪ Sutra‬املقدس جند ان الكون يشبه شبكة من‬ ‫الاللئ معلقة ف��وق قصر ان���دراس ومرتبة بشكل‬ ‫انه لو قام احدنا بالتمعن حببة من اللؤلوء سريى‬

‫االسطورة الغربية تقوم على مبدأ ‪hermetiska‬‬ ‫‪ axiomet‬وتلخص بالتعبري ال��ت��ايل‪ »:‬كما يف‬ ‫االع��ل��ى ك��ذل��ك يف االدىن» ‪ Plotinos‬وضع‬ ‫اص���ول امليثالوجيا االوروب���ي���ة وفيها وص��ف كيف‬ ‫ان االهل��ة انقلب عنهم ك��ون ه��رم��ي‪ ،‬حيث عامل‬ ‫االوراح يف االعلى وعامل املادة يف االسفل‪.‬‬ ‫يف القرن السادس عشر ابتكر الفيلسوف االملاين‬ ‫‪ rosenkreuzaren Leibniz‬منوذج كوين‬ ‫‪ ,monadologi‬يتشابه للغاية مع النموذج‬ ‫اهل��ل��وج��رام��ي‪ ،‬ح��ي��ث ال��ك��ون ي��ت��أل��ف م��ن وح���دات‬ ‫متشاهبة ‪ ،‬ال��وح��دة تسمى م��ون��دول‪ .‬ك��ل وح��دة‬

‫غ�ير ان��ه جي��ب التحذير م��ن امل��ق��ارن��ة ب�ين املتوازية‬ ‫ب�ين ال��دي��ن وال��ع��ل��م احل��دي��ث‪ .‬النخب ال�تي تقوم‬ ‫هب���ذه امل��ق��ارن��ة مي��ك��ن ان ت��س��ق��ط يف اوض����اع غري‬ ‫مستقرة‪ ،‬عندما تتغري النظريات العلمية بسبب‬ ‫معطيات جديدة اكثر حتديدا‪ .‬املؤسسة املسيحية‬ ‫واالس�لام��ي��ة ج��رب��ت ه���ذا االم����ر ع��ن��دم��ا توقفت‬ ‫االرض ان ت��ك��ون م��س��ط��ح��ة واخ�����ذت ال��ش��ك��ل‬ ‫ال���دائ���ري واص��ب��ح��ت ت���دور ح���ول ال��ش��م��س على‬ ‫العكس من السابق‪ .‬او عندما اعتقدت املؤسسة‬ ‫االسالمية ان االجسام الكونية تدور يف مدارات‬ ‫يف اجتاهات بذات اجتاه الدوران حول الكعبة‪.‬‬ ‫‪Karl Pribram and Sir John‬‬ ‫‪ Eccles‬م���ن امل��خ��ت��ص�ين يف ال���دم���اغ واالخ�ي�ر‬ ‫ح��اص��ل ع��ل��ى ج��ائ��زة ن��وب��ل‪ ،‬اض���ط���روا ل�لاع�تراف‬ ‫ان الوعي يستخدم الدماغ ولكنه ليس الدماغ‪.‬‬ ‫ويعتقد ايسليس ان الوعي موجود بدون االعتماد‬ ‫على اجلسد والعالقة له مبوت اجلسد‪ .‬بالتأكيد‬ ‫جيب احلذر من التشبيه باالديان حىت يف اجملال‬ ‫العصيب والبسيكولوجي ولكن البد من االشارة‬ ‫اىل ان البعض يرون انه إذا كان هناك متاس بني‬ ‫الدين والعلم فهو يف منطقة الوعي‪ ،‬حيث العديد‬ ‫من االشخاص ميرون مبعايشات غريبة مبا فيه تلقي‬ ‫وحي‪ .‬كمثال على ذلك ماجاء يف دراسة العامل‬

‫املوديل الهلوجرامي لتفسري الوجود‬

‫تعين ع�لاق��ة ب�ين شخص وق���وة خ��ارج��ي��ة بفضلها‬ ‫حيصل الشخص على معلومات عن ماضي حمدد‪،‬‬ ‫بإختصار القدرة على رؤية املاضي‪ .‬وهناك كلمة‬ ‫‪ Psykometri‬وهي حالة خاصة من سابقتها‬ ‫تستخدم لتعين ان شخص قادر على معرفة تاريخ‬ ‫الشئ من خالل مسكه فتخلق قنوات ختاطر خترب‬ ‫باملعلومات عن الشئ‪.‬‬ ‫ومن حيث ان بوهم يرى ان الزمن هو عبارة عن‬ ‫سلسلة متوالية من االنفتاح واالن��ط��واء‪ ،‬وحقيقة‬ ‫ان ال��ذي ك��ان «مفتوح االن» اليعين ان��ه امنحى‬ ‫يف « اللحظة» التالية وامن���ا فقط ع��اد اىل نظام‬ ‫االنطواء (االنقالب) وبكلمات بوهم نفسه‪ »:‬ان‬ ‫امل��اض��ي نشيط يف احل��اض��ر يف ن��ظ��ام االن��ط��واء»‪.‬‬ ‫هذا االمر خيص ايضا ماضينا الذي يبقى حمفوظا‬ ‫يف اهللوجرام الكوين ويبقى يف متناول اليد حسب‬ ‫ظروف معينة‪.‬‬

‫قادرة بشكل من االشكال على االتصال بالنظام‬ ‫املطوي‪ ،‬والذي ميلك مجيع االزمنة على الشكل‬ ‫االنطوائي‪ Puthoff and Targ .‬يعتقدان‬ ‫ان ت��واص��ل ك��م��وم��ي غ�ير حم��ل��ي مي��ك��ن ان يلعب‬ ‫دورا يف ه��ذه ال��ظ��اه��رة واالخ�ي�ر منهم يعتقد ان‬ ‫احل���واس يف حالة معايشة م��ن ن��وع بروكغنيشون‬ ‫ق��ادرة ان تتصل « بالشوربة اهللوجرامية» حيث‬ ‫مجيع النقاط متصلة ليس فقط يف امل��ك��ان وامن��ا‬ ‫ايضا يف الزمان‪.‬‬

‫مجيع احلبات منعكسني‪ Taoismen .‬ديانة‬ ‫صينية قدمية من الصعب فهمها اليوم‪ ،‬كما انه من‬ ‫الصعب اعتبارها دين على منط االدي��ان املعروفة‬ ‫لنا‪ .‬هذه الديانة تنظر اىل الوجود على انه استمرارية‬ ‫التنتهي م��ث��ل هن��ر م��ت��ت��دف��ق‪ ،‬وال��وع��ي م��ث��ل الشعر‬ ‫املنتشر يف كل االجتاهات يسرب االغوار ومتتداخل‬ ‫يف كل شئ‪ .‬يف احدى فروع الفلسفة اهلندوسية‬ ‫امل��س��م��اة ‪ Vedanta‬ف���إن ه���دف ال���وج���ود هو‬ ‫التحام االمتان (الكون الصغري) مع الربمهان (الكون‬ ‫الكبري)‪ .‬ويف بوذية التيبت يتحدث املرء عن طيف‬ ‫خلفي مغلق يشكل مصدر النشوء جلميع الكون‬ ‫وط��ي��ف م��ف��ت��وح ل��ع��رض ب��ع��ض امل��خ��ف��ي واىل حد‬ ‫ك��ب�ير يتشابه م��ع م��ف��ه��وم «ال��ط��وي واالن��ق�لاب»‬ ‫اليت عرضها دافيد بوهم‪ .‬يف كتاب املوت التبتياين‬ ‫يؤكد على ان طبيعة الطبيعة تشبه احللم الروحي‪.‬‬ ‫وعند سكان اسرتاليا االصليني‪ ،‬االبورجينا جند ان‬ ‫مفهوم « احللم» اساسي لفهم العامل‪ .‬وشامانات‬ ‫جزر هاواي يرددون على الدوام ان كل ماموجود‬ ‫يف الكون مرتابط مع بعضه مثل الشبكة‪.‬‬

‫منهم حتتوي او تعكس الكل‪ ،‬اي الكون‪ .‬بوهم‬ ‫يتفق يف ان املونادوجلي تتشابه للغاية مع موديله‪،‬‬ ‫واخلالف الوحيد بينهم يف ان وحدات ليبنيز ثابتة‬ ‫يف ح�ين ان وح���دات بوهم ديناميكية متحركة‪.‬‬ ‫ذلك يتوافق مع نظرة عصر ليبيز للكون حيث‬ ‫كانت القوانني امليكانيكية هي احلامسة يف حني‬ ‫ان عامل بوهم يتكون من قوانني الكم والنسبية‪.‬‬

‫‪42‬‬


‫املوديل الهلوجرامي لتفسري الوجود‬

‫روز داهلني كانت معلمة ويف يوم من اي��ام يناير‬ ‫عندما كانت تتزجل على اجلليد يف مدينة دالسالند‬ ‫رأت رؤى «إهلية»‪ .‬لقد ذهبت لرتتاح حتت شجرة‬ ‫صنوبر مجيلة وعندها ب��دأت بللورات م��ن الثلج‬ ‫ال��ك��ب�يرة ب��ال��ت��س��اق��ط‪ « .‬ل��ق��د تعلق ب��ص��ري ببلورة‬ ‫ثلجية مجيلة للغاية وهي تسقط هبدوء على غصن‬ ‫الشجرة‪ .‬فجأة ح��دث شئ لغصن الشجرة لقد‬ ‫حتولت ورقته االبرية اىل اشعة من الضوء يف مجيع‬ ‫االجت���اه���ات وك���ان ال��ض��وء اق���وى بكثري م��ن اشعة‬ ‫الشمس ولكنه مل يكن يعمي البصر‪ .‬الصوء كان‬ ‫ينطلق بسرعة يف مسيارات لولبية داخل الشجرة‬ ‫ال�ت�ي ح��اف��ظ��ت ع��ل��ى ش��ك��ل��ه��ا»‪ .‬وامل�����رأة ش��اه��دت‬ ‫كيف ان ورقة ابرية بعد ورقة حتولت اىل ضوء حىت‬ ‫اصبح الغصن بكامله شعلة من الضوء‪ .‬للحظة‬ ‫ك��ان��ت خائفة واع��ت��ق��دت اهن��ا ف��ق��دت عقلها‪« .‬‬ ‫عندها مسعت بكل وضوح صوت يتكلم معي من‬ ‫مكان م��ا‪ ،‬وليس بصوت انسان ع��ادي‪ ،‬ويقول‬ ‫الجتزعي‪ ،‬ابقي عيناك مفتوحة وراقيب ماسيجري»‪.‬‬ ‫روزا داهلينس اصبحت شفافة ورأت كيف ان‬ ‫اي��دي��ه��ا امسكت بالغصن امل��ض��ئ‪ « .‬ك��ل كياين‬ ‫كان يهتز من موجات الضوء السريعة واليت كان‬ ‫بإمكاين الفصل بكل وض��وح بني كل شعاع من‬ ‫اشعته على انفراد‪ ،‬ورؤية فعاليته‪ .‬لقد رأيت الكون‬ ‫بأبعاد مخاسية ليس هندسيا وامن��ا ديناميكيا» ‪.‬‬ ‫البعد اخلامس عايشته يف بعده الغريب الداخلي‪:‬‬

‫م��ارأت��ه روز داه��ل�ين ‪ Ruth Dahlén‬يشبه‬ ‫هلوجرام ديناميكي متاما‪ .‬شجرة الصنوبر تصبح‬ ‫البوابة ال�تي تتدخل منها للتصل اىل اهللوجرام‪،‬‬ ‫ويف الصنوبرة ي��وج��د ال��ك��ل‪ .‬وه��ي ب��ذاهت��ا تصبح‬ ‫جزء من الكل‪ ،‬من اهللوجرام‪ ،‬ذو اخلمسة ابعاد‬ ‫وه���و تعبري مي��ك��ن ان يعكس م��س��ت��وى اع��ل��ى يف‬ ‫الكون اهللوجرامي‪ .‬يف هذه املعايشة التذكر روز‬ ‫داهلينس اي شئ عن معايشة الزمن‪ ،‬ولكن يف‬ ‫معايشة اخرى هلا من عام ‪ 1948‬عندما كانت‬ ‫جتلس على مقعد يف كنيسة‪ ،‬نرى ان الزمن كان‬ ‫م��ش��ارك��ا‪ .‬ه���ذه امل����رة ش��ج��رة ال��ص��ف��ص��اف تصبح‬ ‫فجأة شفافة ومضيئة ‪.‬وه��ذه املعايشة استمرت‬ ‫« فرتة قصرية‪ ،‬على الرغم من اين شعرت وكائنها‬ ‫قرون»‪ .‬هنا نرى ان الزمن قد ذاب يف الضوء‪.‬‬ ‫ب���ع���د حت��ل��ي��ل اخل��������وارق يف خم��ت��ل��ف االدي��������ان ق���ام‬ ‫الباحث ‪ Stace-Hoods‬بوضع تصنيفات‬ ‫هلم‪ .‬انقسمت اخلوارق اىل مثانية مرتبات وثالثة‬ ‫منها واضحة على االخص يف حالة روز داهلني‪.‬‬ ‫االوىل تتضمن ن��وع��ي��ة ال���وح���دة‪ ،‬ح��ي��ث تعايش‬ ‫روز التعددية يف االشياء وكأهنا تلتحم يف وحدة‬ ‫واح���دة‪ ،‬وك��ل ش��ئ يصبح واح���د‪ .‬وال��ث��اين خيص‬ ‫النوعية الداخلية الذاتية‪ ،‬حيث املعايشة هلا طابع‬ ‫ذايت داخلي يف كل شئ‪ .‬والتصنيف الثالث ميس‬ ‫نوعية اللحظة الزمانية واملكان ويعين ان الزمان‬ ‫واملكان يتغريان‪ .‬يف احلاالت القصوى جند فقدان‬

‫الكونية في الرؤى الروحانية‬

‫الرؤية الدينية ومنابع االبداع يف قصصص اخلوارق‬ ‫متلك مواصفات هلوجرامية‪ .‬الصوفية ( وتتدخل‬ ‫فيها الدرزية واهلندوسية والبوذية) هي التيار االوسع‬ ‫ال��ذي يعاجل غالبية تصوراته على طريقة املوديل‬ ‫اهللوجرامي‪ .‬كلمة ‪( Theosophy‬الروحانية)‬ ‫جيري غالبا استخدامها مبعىن التوحد مع احلكمة‬ ‫العليا ‪ .‬يف الوقت احلايل ترتبط الكلمة يف اذهاننا‬ ‫حب���رك���ات امل��ت��ص��وف��ة‪ ،‬غ�ي�ر ان ج���ذوره���ا ت��ص��ل اىل‬ ‫املفكرين االغريق القدماء مثل ‪Pythagoras,‬‬ ‫‪ Platon, Plotinos‬وقبلهم اىل التصورات‬ ‫الشرقية القدمية‪ .‬بل ان الصوفية االسالمية نتيجة‬ ‫االلتحام بثقافة اهلند وف��ارس لنصل اىل دراوي��ش‬ ‫اهلند‪ .‬ومن الشرق االسالمي انتقلت مالمح كثرية‬ ‫من التصوف الروحاين اىل اوروبا العصر االوسط‬ ‫ومنها تعبري « الصوفية والفقري» اللذان يستخدمان‬ ‫ح�ت�ى ال���ي���وم‪ .‬يف ال��ع��ص��ور ال���وس���ط���ى‪ ،‬يف اوروب�����ا‪،‬‬ ‫اشتهرت خوارق الروحانيني ‪Mystics of the‬‬ ‫‪Renaissance:Jacob Boehme,‬‬ ‫‪Meister Eckhart, Paracelsus,‬‬ ‫‪ .Giordano Bruno, Tauler‬يف القرن‬

‫املفهوم ال��روح��اين للكون يفرتض وج��ود مستوى‬ ‫اعمق ‪ ،‬خلفية واقعية ولكنها روحية‪ ،‬االتصال‬ ‫هب��ا مقصور على خن��ب هرمية ( قابلة للتطوير)‬ ‫متلك قوة االتصال بالسجالت االصلية الروحية‪.‬‬ ‫وتتميز ايضا ب��رؤى اتصال ذهنية مع مستويات‬ ‫اعلى مع املصدر والكلية الواحدة‪ .‬هنا نرى ترابط‬ ‫الروحانية مع مفهوم املوديل اهللوجرامي للكون‪.‬‬ ‫ان العالقة الروحية العميقة مع املصدر تأخذنا‬ ‫اىل فكره بوهم عن الفيض الطاقوي الذي يشكل‬ ‫املصدر لظاهرة االنقالب والطوي خالقة بذلك‬ ‫الوجود االنطباعي يف الوعي من اختالف اطياف‬ ‫االستعراض‪.‬‬

‫املوديل الهلوجرامي لتفسري الوجود‬

‫‪43‬‬

‫السويدي ‪ Thorvald Källstad‬املختص‬ ‫بدراسة املعايشات الدينية‪ .‬عام ‪ 1987‬نشر كتابه‬ ‫‪En psykologisk undersökning‬‬ ‫‪av Ruth Dahléns religiösa‬‬ ‫‪( ,upplevelser‬دراس����������ة ب��س��ي��ك��ول��وج��ي��ة‬ ‫ملعايشات روز داهلني الدينية)‪.‬‬

‫احلب‪ « .‬يف هذا العامل من االشعة الالهنائية كان‬ ‫جوهري اشعة بذاهتا منفصلة وواضحة‪ ،‬هلا لوهنا‬ ‫اخلاص الذي يتغري طيفه بإستمرار»‪ .‬لقد مسعت‬ ‫صوهتا يتكلم ويقول‪ »:‬هل هذا هو االحت��اد مع‬ ‫الكلية االم»‪.‬‬

‫تام ملعايشة الزمان واملكان‪.‬‬

‫ال��س��اب��ع ع��ش��ر وال��ث��ام��ن ع��ش��ر ج���رى ب��ن��اء ال��ط��رق‬ ‫الروحية االوروب��ي��ة من قبل الكثريين وم��ن بينهم‬ ‫‪Emanuel Swedenborg, Louis‬‬ ‫‪de Saint Martin and Friedrich‬‬ ‫‪ ،Schelling‬اول اش�����ارة ع���ن ال��ص��وف��ي��ة يف‬ ‫االسالم‪ ،‬جاءت يف كتاب كشف الظنون لتذكر‬ ‫شخص بأسم ابو هاشم الصويف ومات عام ‪150‬‬ ‫سنة هجرية‪ .‬اما اقدم الطرق الصوفية فهي الطريقة‬ ‫القادرية للشيخ عبد القادر اجليالين ال��ذي تويف‬ ‫عام ‪ 561‬هجري‪ .‬اقدم املصادر الصوفية جندها‬ ‫يف التيبت واهلند والصني يف كتب احلكمة والدين‬ ‫مثل ‪Upanishad, Bhagavadgita,‬‬ ‫‪ ,Patanjalis, yogaaforism‬واي��ض��ا‬ ‫ك��ت��اب امل����وت ال��ت��ي��ب�تي‪ .‬إض���اف���ة اىل ان ال��ب��وذي��ة‬ ‫والصوفية والطاوية والقابلة (حركة صوفية يهودية‬ ‫والكلمة تتطابق م��ع ذات الكلمة العربية اليت‬ ‫اصبحت تطلق على ممرضة التوليد‪ ،‬وهي حركة‬ ‫تدعي اخل���وارق االهل��ي��ة للمتلقي) كلها هل��ا طابع‬ ‫روحاين‪.‬‬

‫‪44‬‬


‫املوديل الهلوجرامي لتفسري الوجود‬

‫على الرغم من ان الروحانيات القدمية من العصور‬ ‫املبكرة مثرية لالهتمام للغاية اال انه من الصعب‬ ‫ف��ه��م��ه��ا‪ ،‬م����ن ال���ص���ع���ب ف���ه���م رم����وزه����ا وم��ع��ان��ي��ه��ا‬ ‫والمن���ل���ك ال���ق���درة ع��ل��ى االس��ت��ف��س��ار ل��ل��ت��أك��د من‬ ‫صحة مافهمناه‪ .‬لذلك يف هذه املقارنة البسيطة‬ ‫بني املوديل اهللوجرامي والروحانيات سنستخدم‬ ‫رؤية الروحانية الروسية ‪Helena Petrovna‬‬ ‫‪ Blavatskys‬لكوهنا سهلة ويف متناول اليد‬ ‫وحية وتتطابق مع الطلب‪.‬‬ ‫ه��ي��ل��ي��ن��ا ب�لات��وف��س��ك��ي امل�����ب�����ادرة ل��ت��أس��ي��س مج��ع��ي��ة‬ ‫الروحانيات يف نيويورك عام ‪ 1875‬كتبت الكثري‬ ‫من الكتب واملقاالت ومن اهم كتبها اثنني االول‪:‬‬ ‫‪ Isis Unveiled‬وال��ث��اين ‪The Secret‬‬ ‫‪ Doctrine‬وس��ن��س��ت��خ��دم م������واد االخ���ي��ر يف‬ ‫موضوعنا‪.‬‬

‫‪45‬‬

‫يف كتاب « مبدأ السرية» ت��ق��ول‪ »:‬مبدأ السرية‬ ‫تعلمنا ان كل واح��د من الكون االعلى والكون‬ ‫االدىن تتواجد يف داخل عاملنا املوضوعي اخلاص‪:‬‬ ‫اي ان ماليني االشياء موجودة حولنا ويف انفسنا‬ ‫متاما كما اننا حنن ايضا موجودين حوهلم وفيهم»‪.‬‬ ‫هذه املقولة ميكن مقارنتها مباقاله دكتور الفلسفة‬ ‫االنكليزي ‪ « :L L Whyte‬الطريقة اهللوجرامية‬ ‫ترى الكون جمموعة هرمية من الوحداتكل واحدة‬ ‫منهم تتابع طريق تطورها اخلاص‪ .‬كل تشكيلة‪، ،‬‬ ‫بغض النظر عما إذا كانت بللورات او كائن او‬ ‫جمتمع او جمرة متلك نظامها اخلاص وبذات الوقت‬ ‫جزء من نظام اكثر مشولية حبيث انه ميكننا رؤية‬ ‫الكون على ان��ه منظومة من منظومة‪ ،‬ص��ورة من‬ ‫صورة امشل‪.‬‬

‫الكلمة السنسكريتية ‪ akasha‬وال�ت�ي ت��ع�ني «‬ ‫املضئ‪ ،‬املشع» ترمز يف كتب ال�برامه��ا اىل الذي‬ ‫ميلئ ال��ك��ون االص��ل��ي ويف ال��ت��وراة يقابلها « امل��اء‬ ‫ال��ذي كان قبل العامل» (على مايبدو يقابلها يف‬ ‫االس�ل�ام «وك���ان ع��رش��ه على امل���اء‪ ،‬ه��ود ‪،) »7‬‬ ‫ويف الروحانية يطلق عليها ايضا «الكلية»‪ .‬غري‬ ‫ان دافيد بوهم يسميها « حميط الطاقة»‪ .‬الضوء‬ ‫النجمي أحد مفاهيم آكاشا ويقصد به ان النجم‬ ‫ح��ام��ل ال��ط��اق��ة الكونية احل��ي��وي��ة فهو وسيلة محل‬ ‫جلموع طاقة الضوءالصادر عن اجملال الفيزيائي يف‬ ‫طريقه اىل « املأل االعلى» او املستوى االعلى‪،‬‬ ‫«السموات العليا»‪ .‬بالفاتسكي تقول‪ »:‬كل شئ‬ ‫كان موجودا او سيكون موجودا حمفوظ خربه (‬ ‫موثق) يف الضوء النجمي او يف الذاكرة الكونية‬ ‫السرية‪( ،‬الصحف السرية)»‪ .‬مبعىن آخر كل شئ‬ ‫ابدي‪ ،‬والزمن هو مفهوم نسيب‪.‬‬

‫بذلك نرى ان الروحانيني واهللوغراميني ينظرون‬ ‫اىل الوحدة الكونية على اهنا حبر من الطاقة متلك‬ ‫الهن��اي��ة ل��ه م��ن امل���وج���ات وااله����ت����زازات‪ .‬حسب‬ ‫الفلسفة اهلندية القدمية يعترب العامل ‪ maya‬جمرد‬ ‫وه��م وهل��ذا السبب النفهمه بالشكل الصحيح‬ ‫الننا غري قادرين على رفع احلجاب بيننا وبينه‪.‬‬ ‫ومن اجل التمكن من رفع اخلحجاب البد لنا‬ ‫من إقامة التصور الصحيح‪ :‬النظر اليه على انه‬ ‫هلوغرام‪.‬‬

‫الفكر الروحاين يصف الكون الواقعي وكانه جمرد‬ ‫لباس او حجاب عن العامل االخر‪ ،‬االم‪ ،‬وبالتايل‬ ‫فالتجسيد ه��و ال�ب�روز للتمايز‪ .‬غ�ير ان « العامل‬ ‫االم» الهنائي‪ ،‬ابدي وهو احلقيقة احلقيقية خلف‬ ‫حقيقتنا‪ .‬وال��ع��امل ال��واق��ع��ي ه��و « ام��ت��داد» للعامل‬ ‫االصلي‪ ،‬وتعبري مغاير عن حقيقته االصلية‪ .‬غري‬ ‫ان الروحانيني ال��ق��دم��اء اليقفون عند ح��دود ان‬

‫املوديل الهلوجرامي لتفسري الوجود‬

‫الروحانية الروسية بالفاتسكي‬

‫يف ك���ت���اب م���ب���دأ ال���س���ري���ة ت��ض��ع ال��ك��ات��ب��ة ث�لاث‬ ‫نقاط رئيسية‪ .‬ال��وج��ود يف كل مكان‪ ،‬االزل��ي��ة و‬ ‫والالبداية والالهناية واالنتماء ال��واح��د يف الذي‬ ‫الي��ت�لاش��ى وه���و مسبب ك��ل ش���ئ‪ .‬االم���ر نفسه‬ ‫يعرب عنه املوديل اهللوجرامي بتعابري البعد اخللفي‬ ‫او النظام الضمين ال��غ�ير ُمستعرض‪ .‬يف النقطة‬ ‫الثانية االزلية‪ ،‬جيري النظر اىل الوجود على انه‬ ‫بال حدود بني فرتة واخرى تنشأ فيه نقاط تكون‬ ‫م��س��ارح الستعراض نشوء منظومات الع��دد هلا‬ ‫من االك��وان تنشأ وت��زول بدون انقطاع‪ .‬وافضل‬ ‫وصف للحركة اهللوجرامية بأنه هلوجرام يف داخل‬ ‫هلوجرام احدها حتل حمل االخ��رى ويف ذاهت��ا يف‬ ‫حركة ديناميكية الهناية هلا (ميكن تشبيه االكوان‬ ‫بالبقع ال��س��وداء ال�تي تنشأ على سطح الشمس‬ ‫وتكون يف حركة مستمرة متتداخلة احل��دود اىل‬ ‫ان ت��زول)‪ .‬النقطة الثالثة تتحدث عن ان مجيع‬ ‫الكائنات جزء تام متطابق من املصدر االصلي‬ ‫بكليته (روح��ي��ا وم��ادي��ا)‪ .‬االن��س��ان ميكرو كون‬ ‫وبالتايل فيه يتواجد اهلرم بأسره كالذي يتواجد يف‬ ‫اهلرم الكوين‪( .‬ميكن تشبيه االمر بكون ان رأس‬ ‫الغصن يشبه الشجرة بكاملها)‪ .‬الكبري والصغري‬ ‫يوجد فقط من زاوية نظر احملدودة للمراقب الواعي‪.‬‬ ‫تكتب بالفاتسكي‪ »:‬مثل مايف االعماق يوجد‬ ‫على السطح ايضا‪ ،‬والصغري مثل الكبري ومثل‬ ‫ماهو يف االعلى يف االسفل ايضا ‪ ،‬يوجد فقط‬ ‫حياة واح��دة وقانون واح��د‪ ،‬وهلا مصدر واحد‪.‬‬ ‫الش��ئ ف��وق والش��ئ حتت والش��ئ صغري والشئ‬ ‫كبري والش��ئ يف االع��م��اق والش��ئ على السطح‬ ‫الشئ منخفض والشئ مرتفع يف النظام االهلي‬ ‫(بدون إله)‪ .‬وتشري اىل انه يف هذا النظام اليوجد‬ ‫مادة « ميتة» وان الكلية واعية‪ .‬هذا يتشابه مع‬ ‫كلمات دافيد بوهم‪.‬‬

‫الفلسفة الروحانية احلديثة ليست مقصورة على‬ ‫تقاليد حمددة وامنا تتضمن تقاليد من احناء العامل‬ ‫مبا فيه الروحانيات الشرقية‪ .‬املفكرين والغرائبيني‬ ‫البوذيني واهلندوس وصلوا اىل وجهات نظر ذات‬ ‫مستويات عميقة دينيا وفلسفيا وبسيكولوجيا‬ ‫وقد تطورت اىل منظومات عقلية وتعليمية فعالة‪،‬‬ ‫ومتلك تشابه واسع مع الربادمي اهلولوغرامي‪.‬‬

‫الكلية بذاهتا احلية وامنا يقولون بوجود الهناية له‬ ‫من الكائنات بني صفحاته‪ ،‬مستوياته املختلفة‪(،‬‬ ‫طبقات السموات)‪ ،‬اىل حد التزاحم‪ ،‬اهن��م مع‬ ‫ذل��ك ينظر اليهم على اهن��م منفصلون ومعزلون‬ ‫ع��ن بعضهم ي��ع��ود ف��ق��ط اىل اخ��ت�لاف م��وج��ات‬ ‫ال��رؤي��ة ‪ ( ،‬ح��ج��اب رؤي����ة)‪ ،‬وم���ع ذل���ك فجميع‬ ‫العوامل واالكوان متصلة ببعضها اتصال الينفصم‪.‬‬

‫النظام الهرمي‬

‫‪46‬‬


‫املوديل الهلوجرامي لتفسري الوجود‬

‫حسب الروحانيني‪ ،‬مجيع االستعراض املادي يف كوننا هو نتائج فعل كائنات روحية من مستوى اخر‪،‬‬ ‫اعمق‪ .‬والبناء اهلرمي الهناية له من كال الطرفني (طرف العامل الروحي واملادي)‪ .‬لذلك فأن االنسانية‬ ‫تستطيع ان ختتار مكاهنا يف وسط اهلرم او يف اي نقطة ختتارها‪ ،‬وبغض النظر عن اختيارها موضعها‬ ‫يف اهلرمية تبقى تعايش وجود اعلى وادىن‪ ،‬االمر الذي يؤدي بنا اىل اهللوجرامية‪ ،‬حيث ميكن رؤية‬ ‫الفيلم بغض النظر عن مكانك يف القاعة‪.‬‬ ‫ومنذ القدم جي��ري تنظيم العامل يف هرمية حيث جي��ري التصنيف اىل آهل��ة وانصاف االهل��ة (مالئكة‬ ‫وشياطني) وبشر وحيوان ونبات ومجاد‪ ..‬هذه اهلرمية متلك ايضا هرمية اعلى حيث جيري التقسيم‬ ‫اىل املزيد من الفروع‪ .‬الروحاين املشهور ‪ G de Purucker‬يعترب اهلرمية الكونية دستور الوجود‪.‬‬ ‫االنسان يقف االقرب اىل ‪ ,Dhyan-chohan‬يف اهلرمية السنسكريتية‪ ،‬وهي كلمة من التبيتية‬ ‫والسنسكريتية وتعين «اسياد التأمل»‪ ،‬يف حني ان االرواح الكونية او ارواح االبراج تنقسم اىل ثالث‬ ‫صفوف وسبعة ماحتت الصفوف‪ .‬هؤالء من البشر الذي وصلوا اىل مرحلة الكمال خالل فرتات‬ ‫ماضيهم‪ .‬ه��ؤالء يقومون بالسهر واحلفاظ علينا ويقودونا حنو اخل�لاص‪ .‬ويعتربون ان االنسان يف‬ ‫طبيعته هو « ‪ »Dhyan-chohan‬حمتمل‪ .‬يقول ‪Purucker:» Dhyan-chohan‬‬ ‫هي االنا‪ ،‬ذاتنا ان « حنن خلقنا منهم‪ ،‬حنن خالياهم‪ ،‬وذراهتم‪ ،‬وارواحهم‪ ،‬اسقاطاهتم املرسلة للتأمل‬ ‫يف « سيد التأمل»‪ .‬وهذا من جديد تعبري على العامل اهللوجرامي‪.‬‬

‫الذرات والدقائق الحية‬

‫‪47‬‬

‫مفهوم الدقائق وال���ذرات احليوية نعرفه من مدرسة ‪ Leibniz‬وتعاليمه ح��ول ان الواقع احلقيقي‬ ‫مؤلف من عدد الهنائي من الكائنات الروحية الصغرية للغاية ‪ ،‬االصلية واملستقلة‪ ،‬ذات طاقة وادراك‬ ‫ونشيطة يف جمال خلق التأثريات احلسية‪ ،‬وهم الوحدة االوىل‪ .‬هذه الكائنات يولد عنها كائنات اخرى‬ ‫مثلها ومن كل واحدة خيرج فرع حي على مدار الزمن الالهنائي‪ .‬كل واحد من هذه الكائنات كامن‬ ‫لديه الطاقة الكاملة للسر االهلي ويهبط عنه نور خيرتق الطبقات ليصل اىل املستوى الذي جيري فيه‬

‫ذرات احلياة حية ومعطية للحياة واالح��ج��ار الصغرى ال�تي يتألف منها االح��ي��اء فيزيائيا‪ .‬ال��ذرات‬ ‫املادية هي غشائهم اخلارجي الفيزيائي‪ .‬عندما ميوت االنسان تنتقل ذرات احلياة اىل عاملها حسب‬ ‫االختصاص‪ :‬احليوان‪ ،‬والنبات واجلماد‪ .‬هذه التعاليم عن الدقائق وال��ذرات احلية متلك مواصفات‬ ‫اهللوجرامية‪ ،‬إذ اجلميع احياء ويتحرك وميلك اتصال مع الكل‪ ،‬والميوت‪ .‬وهذا مايقول بوهم ايضا من‬ ‫ان املت الوجود له يف اهللوغرامية‪.‬‬

‫املوديل الهلوجرامي لتفسري الوجود‬

‫الفكر والفلسفة الروحانية تعطينا صورة هرمية لوضعية االشياء وطبقاهتا يف عالقتها‪ .‬الكون يتغري‬ ‫نظامه الداخلي اىل نظام خارجي (‪ ,)implicit to explicit‬ويستعرض الوجود على خمتلف‬ ‫املستويات ومبختلف االشكال من املادية اىل الروحية‪ .‬االفالطونية احلديثة واملذهب الغنوطسي‪،‬‬ ‫وهم املمثلني االقدم للروحانية االنتيكة ‪ ،‬تصف عملية االنبثاق على اهنا تطور « حتليق» املستوى‬ ‫املطوي اىل املستوى االستعراضي‪ .‬على االخص تعاليم االنبثاق عند افالطون كانت هي النموذج يف‬ ‫تعاليم ‪ Dionysios Areopagiten‬حول اهلرمية لدى املالئكة‪ ،‬واليت اثرت بعمق يف التعاليم‬ ‫املسيحية‪.‬‬

‫االستعراض الفيزيائي‪ .‬خالل هذه الفرتة يقوك الكائن اما باالنغالق على نفسه او االنفتاح‪ ،‬ليصبح‬ ‫فيضا او هناية‪.‬‬

‫التطور واالنكماش‬

‫يف الروحانية يعين التطور ان مجيع االحياء (يقابلها بالتعبري االس�لام��ي‪ :‬املخلوقات) تتضمن كل‬ ‫مايتضمنه الكون‪ ،‬لكوهنم جزء منه‪ .‬يعرب ‪ G de Purucker‬عن االمر بالطريقة التالية‪ »:‬الميكن‬ ‫فصل االنسان عن الكون‪ .‬كل مايوجد يف الكون يوجد يف االنسان‪ ،‬ضمنيا او نشطا‪ ،‬والتطور هو‬ ‫حمرك إستظهار ما هو متضمن فيه كونيا ليبدو االن»‪ .‬ويشري ايضا اىل انه التوجد حدود للتظور ‪،‬‬ ‫كما ان التطور الميلك بداية او هناية‪ .‬يقول‪ ،‬التطور ‪»:‬يهندس ماهو موجود اصال بشكل ضمين او‬ ‫علين يف العمق»‪.‬‬ ‫االنكماش يراد به معىن عكس التطور‪ .‬كما ان التطور يعين االنفتاح (عكس االنطواء) ورفع احلجاب‬ ‫(إظهار وجه جديد) وانطالق تطور اجلنني حنو شكل جديد مستخدما ماهو موجود من موارد العادة‬ ‫تشكيلها فإن كلمة االنكماش تعين التغليف والتخزين والسبات ملكونات موجودة مسبقاً‪ ،‬او خرجت‬ ‫تشكيلتها سابقا‪ .‬التطور واالنكماش يتفاعالن مع بعضهم بعالقة جدلية‪ « .‬بنفس الطريقة يتواصالن‬ ‫بني املادة وال��روح‪ .‬الروح‪ ،‬من حيص االصل ليست شئ قابل لالنفصال عن املادة واليشبه املادة‪.‬‬ ‫يف اجلوهر كالمها واحد ومتفاعالن مع بعض»‪ .‬هذا التعبري الذي اطلقه ‪ Purucker‬يتشابه يف‬ ‫اجلوهر مع فكر بوهم‪.‬‬ ‫املصادر‪:‬‬ ‫‪Sthlm, Univ. :1919 .Blavatsky, H.P., Den hemliga läran‬‬ ‫‪.broderskapets förlag‬‬ ‫‪Bohm, David & Peat, David, Ordning och kreativitet i liv och‬‬ ‫‪.Gbg, Korpen :1990 .vetenskap‬‬ ‫‪:1997 .Bohm, David, Wholeness and the implicate order‬‬ ‫‪.London, Routledge‬‬

‫‪48‬‬


‫املوديل الهلوجرامي لتفسري الوجود‬

‫املوديل الهلوجرامي لتفسري الوجود‬

50

Det holografiska paradigmet och andra paradoxer. Ett .utforskande av naturvetenskapens frontlinje .Gbg, Korpen :1986 .)Ken Wilber (red Källstad, Thorvald, Levande mystik. En psykologisk :1987 .undersökning av Ruth Dahléns religiösa upplevelser .Delsbo, Åsak .Lund, Natur och Kultur :1990 .Leibniz, G.W., Valda skrifter .Mack, John E., Bortförd. Människors möten med rymdvarelser .Sthlm, Trevi :1996 :1985 .Nicholson, Shirley, Ancient Wisdom Modern Insight .Wheaton, Quest Peat, David F., Infinite Potential. The Life and Times of David .Massachusets, Helix Books :1996 .Bohm Sthlm, :1979 .Purucker G. de, Den hemliga lärans grundtankar .Teosofiska bokförlaget Purucker G. de, Ockult ordbok. Kortfattade förklaringar på Sthlm, Teosofiska :1948 .österländska och teosofiska termer .bokförlaget New York, :1992 .Talbot, Michael, The Holographic Universe .Harper Perennial

49


‫ملاذا لست انسانيا‬ ‫حممد دقماق‬

‫ االنسانية عبارة عن برنامج مكتوب بادمغتنا‪ ,‬و ممكن (ملا يتقدم العلم) انو نوصفوا مبعادالت‬‫رياضية‪ ,‬يعين هو نظام بيخضع لقواعد ثابتة و بينتج امناط معروفة (غري هيك ما فيك تعرف شو‬ ‫هي االنسانية من االساس لو مافيك حتصرها بتوصيف)‪. ,‬‬ ‫ هل هالربنامج جيد ؟‪:‬‬‫اكيد جيد‪ ،‬بيحرص على بقائنا و ادارتنا مبواردنا بشكل جيد‪.‬‬ ‫لكن ‪ ....‬؟‬ ‫ لكن االنسان كائن معقد و الزم حتاكي شقني من ذهنوا ملا بدك ختاطبو‪ ,‬الشق املنطقي‬‫و الشق العاطفي ( او اذا كنت ن�يرد متلي فشقني منطقيني خمتلفني بتعقيد الرياضيات املطلوبة‬ ‫للتوصيفون)‬ ‫ حماكاة املنطق بتّم بشكل بطويل عن طريق العلم‪ ,‬لكن الشق العاطفي بيتحاكى عن طريق‬‫تصدير ع��ب��ارات بتنتصر للـ ‪ Emotional / Aesthetical Ideal‬او مغازلة اجلماليات‬ ‫(اسألو الشيوعيني عنها هي)‪ ،‬و هاد الشي ضروري النو استخدام عاطفة االنسان لالستحصال‬ ‫على فعل منو شي كتري فعال (بتحب تسأل اي بنت حلوة بتأكدلك كالمي)‪ ,‬يعين صراحة كذب‪.‬‬ ‫ ملا بتضيع الوقت بانك متدح شعب كذا العظيم و تاكيد قيم املذا االصيلة و تتغزل بالعقلية‬‫الفالنية و هتدر املوارد بانك تساوي تشريعات و منطمات و قنوات اجتماعية تغذي القيمة اجلمالية‬ ‫املستحسنة من قبل اجلموع يعترب هالشي جيد الن��و بريجع عليك بعائد التأييد اجلماهريي و انا‬ ‫بسمي هالنوع من االفعال ‪ Aesthetical loops‬يعين افعال ماهلا قيمة بذاهتا لكن قيمتها من‬

‫‪51‬‬

‫اثر ئلها على الوسط احمليط‪.‬‬ ‫مبعىن‪ ,‬كل االنسانيني بس حنكي على اطفال افريقيا املتضورين من اجلوع بتدمع عيوهنم و بيتأثروا‪,‬‬ ‫لكن‬ ‫‪%99,9999999‬‬ ‫منهم ما بيساوي شي‪ ,‬بيعيشوا حياهتم عم يطاردو القد املياس و لذيد الطعام و مليئ الكاس‪ ,‬و‬ ‫هالشي عادي جدا‪ ,‬و انا مايل ضدو لكن الشي يلي بيقرفين هو املوقف االمياين املنفصل عن الواقع‬ ‫يلي بيتصف بالتشنج ملا بتحكي ضدد ادعائاتو و بتواجهو بانو العامل االنساين مو زهري و مليان‬ ‫فراشات‪ ,‬لكن مباشرة بعد ما يشبع حالو عاطفيا عن طريق مغازلة اجلماليات متل ما حكينا بريجع‬ ‫ليتصرف بطريقة منطقية حبتة‪ ,‬بدون ما بدرك انه بيتصرف شي و بيحكي شي‪.‬‬ ‫ ببساطة االنسانية دين‪ ,‬و لقيادة اجملتمع الزم يكون يف بروباغاندا مصممة لتحاكي مستوى‬‫الـ ‪IQ‬‬ ‫االدىن‪ ,‬لكنها دي��ن جيد‪ ,‬و تعليماتو مفيدة (حاليا) لكن بكرا بيسري يف تقدم و منختلص من‬ ‫هالدين عن طريق التخلص من الـ‬ ‫‪ Aestheical Loops‬و بناء منظومة اكثر كفائة قائمة بالكامل على املعاجلة املنطقية الصرفة‪.‬‬ ‫مالجظة‪ :‬ان عجبك هالكالم اهال و سهال و ان ما عجبك فبسهولة فيك تعرف ليش مايل انساين‪,‬‬ ‫ببساطة النو انا «املركمج على امواج اجلاذبية» مو «االنساين صاحب االولية»‪.‬‬

‫‪52‬‬


‫موقف ألبري كامو من الالعنف‬

‫اهلرطقة هى تغيري ىف عقيدة أو منظومة معتقدات‬ ‫م��س��ت��ق��رة‪ ،‬وخ���اص���ة ال���دي���ن‪ ،‬ب���ادخ���ال م��ع��ت��ق��دات‬ ‫ج��دي��دة عليها أو إن��ك��ار أج���زاء أساسية فيها مبا‬ ‫جيعلها بعد التغيري غري متوافقة مع املعتقد املبدئى‬ ‫الذي نشأت فيه هذه اهلرطقة‪.‬‬ ‫وىف املقابل فإن من يوصفون بأهنم هراطقة يرون‬ ‫أهنم اصالحيون أو جمددون أو أهنم ينتقون العقيدة‬ ‫وخيلصوهنا مما شاهبا‪.‬‬ ‫وهذا كان تعريف ويكيبيديا للهرطقة‬ ‫من املعلوم أن العقيدة املسيحية تقوم على أساس‬ ‫أن املسيح هو إب��ن اهلل وه��و اإلل��ه ىف نفس ذات‬ ‫الوقت مبعىن أن اإلله جتسد وجاء من عذراء باسم‬ ‫املسيح لكى يفدي البشرية من خطيئة آدم وحواء‬ ‫وهذا معناه أننا ولدنا باخلطيئة ‪ .‬إذا املسيح منبثق‬ ‫من اإلله‪ .‬ويؤمن هبذا الكالم كل من هو مسيحي‬ ‫مؤمن هبذه العقيدة‬ ‫ويتهم املسيحيون من يقول غري ذلك باهلرطقة‬ ‫وحدث أن مرت باملسيحية هرطقات أو بدع منها‬ ‫بدعة آريوس وبدعة نسطور على سبيل األمثلة‬ ‫ىف القرن ال��راب��ع ع��اش أري��وس الشماس من أصل‬ ‫ل��ي�بي وك���ان خي���دم ىف الكنيسة مبنتهى اإلخ�ل�اص‬ ‫ولكن له آرائه الفردية جتاه العقيدة املسيحية ‪:‬‬ ‫ي��ق��ول آري���وس أن الكلمة ( ال��ل��وغ��وس ) مبعىن (‬ ‫املسيح ) ليس بإله‪ ،‬بل إنه «مولود» من األب‪.‬‬ ‫ول��ك��ن الي��ش��ارك��ه طبيعته اإلهل��ي��ة ب��ل ت��ق��وم بينهم‬ ‫عالقة تبىن‪ .‬فالكلمة (املسيح) إذا ليس بأزىل بل‬

‫هو جمرد خليقة ثانوية أو خاضعة‪.‬‬ ‫إهت��م املسيحيون آري���وس باهلرطقة واخل����روج عن‬ ‫املعتقد األصلى بسبب آراءه والىت حسب رأيي‬ ‫اهن���ا ك��ان��ت حم����اوالت م��ن��ه لتبسيط ال��ع��ق��ي��دة ال�تى‬ ‫كانت معقدة اص�لاً ىف طبيعتها وغ�ير منطقية‪.‬‬ ‫ومت إهت��ام��ه م��ن قبل الكنيسة ىف م��ؤمت��ر أو جممع‬ ‫نيقية باهلرطقة‪.‬‬ ‫مث جاء بعده نسطور من أصل سوري ىف القرن‬ ‫اخل���ام���س وه���و أي��ض��ا خ����ادم ب��ال��ك��ن��ي��س��ة ب���ل ك��ان‬ ‫بطرك لبعض الوقت‪ .‬وتقوم بدعة نسطور على‬ ‫إنكار أن العذراء هى والدة اإلله حسب املعتقد‬ ‫املسيحي إذ قال «إىن اعرتف موقناً أن كلمة اهلل‬ ‫ه��و قبل ك��ل ال��ده��ور إال أىن أن��ك��ر على القائل‬ ‫ب��أن م��رمي وال���دة اإلل��ه فذلك ع�ين البطالن ألهنا‬ ‫كانت ام���رأة واحل���ال أن��ه م��ن املستحيل أن يولد‬ ‫اهلل من ام��رأة وال أنكر أهنا أم السيد املسيح إال‬ ‫أن األم��وم��ة م��ن حيث ال��ن��اس��وت»‪ ،‬وه��و بذلك‬ ‫قسم املسيح إىل شخصني (طبيعتني) معتقداً أن‬ ‫َّ‬ ‫الطبيعة اإلهلية مل تتحد باإلنسان الكامل وإمنا‬ ‫ساعدته يف حياته فقط‪ ،‬وجترأ على أن يستقطع‬ ‫من الثالث تقديسات بالقداس العبارة اليت تدل‬ ‫على والدة اهلل من العذراء‪..‬‬ ‫ه���ذه ك��ان��ت ب��ع��ض ال��ب��دع واهل��رط��ق��ات ىف ت��اري��خ‬ ‫املسيحية‪.‬‬ ‫وب��ال��ن��ظ��ر ىف ك���ل م�����اورد دع���ون���ا ن��ت��أم��ل ب��امل��ن��ط��ق‬ ‫والتحليل ك��ي��ف أن ال��ف��ك��رة األس��اس��ي��ة واملعتقد‬

‫موقف ألبري كامو من الالعنف‬

‫‪53‬‬

‫الهرطقة‬

‫األساسي للمسيحية (أن املسيح هو اهلل وأيضاً‬ ‫ه��و اب��ن اهلل ومنبثق منه (أي م��ن نفسه) كانت‬ ‫س��ه��ل��ة ل�لإق��ت��ن��اع هب��ا ب��ال��رغ��م م��ن ع���دم وج����ود أي‬ ‫إثباتات أو براهني هلا‪.‬‬ ‫أيضاً فكرة والدة املسيح من عذراء اليت هى من‬ ‫البديهيات ىف املسيحية ‪ -‬ملاذا كان من السهل‬ ‫تصديقها بالرغم من عدم تصديقهم بأن بوذا ‪،‬‬ ‫كرشنا ‪ ،‬هرياقليس وأوزوري��س ‪ ....‬قد ولدوا من‬ ‫عذراء‪.‬‬ ‫وعندما تتحدث مع أي مسيحي مؤمن بالعقيدة‬ ‫ع��ن م��ن يسموهم ه��راط��ق��ة يسخر ب��اس��ت��ه��زاء من‬ ‫ال�لام��ع��ق��ول ال���ذي ي��ق��ول��ه امل��ه��رط��ق وأن���ه بعيد عن‬ ‫اإلميان الصحيح‪ .‬ياهلا من وجهة نظر!!‬ ‫أم���ا اهل��رط��ق��ة ىف اإلس��ل�ام ت��دع��ى ب��دع��ة وه���ى أم ٌ��ر‬ ‫مستحدث ومل يكن موجود من قبل‬ ‫لقد كان من السهل أيضاً على املسلمني املؤمنني‬ ‫برسول اإلسالم أن يؤمنوا به كخامت املرسلني وهو‬ ‫الذي اتى بالقرآن من خالل الوحى على الرغم أن‬ ‫مجع القرآن قد مت بعد وفاة الرسول بفرتة كبرية ‪.‬‬ ‫وم��ن السهل على املسلم أي��ض��اً أن يعتقد بليلة‬ ‫اإلس������راء وامل���ع���راج وص���ع���ود ال���رس���ول إىل ال��س��م��اء‬ ‫ورجوعه إىل األرض بعد حمادثة مع اإلله ؟ بالرغم‬ ‫من عدم وجود أي شهود على ذلك ‪.‬‬ ‫ولكن ىف نفس الوقت يعترب بعض املسلمني أو‬ ‫باالصح أكثريتهم أن الصوفية بدعة وليست ىف‬ ‫صلب الدين‪.‬‬ ‫ب��ال��رغ��م م���ن أن ال���ص���وىف م���ن وج��ه��ه ن��ظ��ري (إذا‬ ‫مسحتوا ىل) حياول جاهداً الوصول إىل معرفة اإلله‬ ‫الذى تعرف عليه من خالل دينه وحياول التقرب‬ ‫منه بطريقة ما لعدم اقتناعه الكامل بالدين نفسه‬ ‫فيحاول جاهداً بطريقة أو باخرى أن يتقرب من‬ ‫اإلهله وهى نفس احملاولة الىت قام هبا اهلراطقة ىف‬

‫املسيحية‪.‬‬ ‫إذاً على مايبدو أهنا كلها حماوالت من أشخاص‬ ‫مل جي����دوا ان��ف��س��ه��م ىف أص����ل امل��ع��ت��ق��د‪ .‬ولكنهم‬ ‫مل ي�ترك��وا دي��ان��اهت��م أو ي��ن��ك��روه��ا ب��ل ع��م��ل��وا على‬ ‫اصالحها من وجهة نظرهم اخلاصة‬ ‫واآلن الب���د أن ن��ع�ترف ب���أن ال��غ��ف��وة ق���د ط��ال��ت‬ ‫وعلى الشعوب واجملتمعات الغارقة ىف كل هذه‬ ‫املعتقدات واهلرطقات حىت أذنيها أن تصحوا من‬ ‫غفوهتا وأن متنطق األمور وتستخدم عقوهلا‪.‬‬ ‫ل��ق��د ط��ال��ت ال��غ��ف��وة وب��س��ب��ب��ه��ا ت��ت��م��رغ جمتمعاتنا‬ ‫ىف امل��اورائ��ي��ات‪ .‬مم��ا أدى إىل اإلن��غ�لاق الفكرى‬ ‫والتشوه النفسي والفصام الشخصى لكثري من‬ ‫البشر ىف هذه اجملتمعات‬ ‫إن االن��س��ان يستخدم عقله ىف أن يكون طبيباً‬ ‫ناجحاً أو مهندس يشيد البنايات واجل��س��ور أو‬ ‫‪ ......‬ولكن يقف صامتاً أم��ام معتقداته بكل‬ ‫خرافاهتا !!‬ ‫قد حان الوقت ألن نصحوا من غفوتنا ونصلح‬ ‫من آرائنا وانفسنا لنسري إىل األمام ونرى األمور‬ ‫على حقيقتها وال يتم ذلك إال بالقراءة واالطالع‬ ‫واملعرفة‪.‬‬ ‫إن احلرية احلقة تبدأ باملعرفة‬

‫‪54‬‬


‫لعبة الغوميضة ‪ ( ..‬جربيل أم)‬

‫من هو صاحب رسالة اإلسالم حُم مد بن عبدااهلل أم جربيل ؟‬ ‫حناول يف هذا املقال اإلجابة علي هذا السؤال‪ ،‬من واقع الق راءة العقلية يف نصوص املسلمني‪.‬‬ ‫املصدر ‪ :‬احلديث الثاين يف جمموعة األربعون النووية‬ ‫ال رابط ‪htm.1-http://www.elafco.com/nwa :‬‬ ‫ورد احلديث أيض اً يف صحيح مسلم أحد الكتب العمدة يف نصوص السنن عند املسلمني‬ ‫حتت رقم ‪8‬‬ ‫( كتاب اإلمي ��ان ‪ ،‬باب اإلمي ��ان واإلس�لام واإلحسان ووج��وب اإلمي ��ان بإثبات قدر اهلل سبحانة‬ ‫وتعايل)‬

‫« صورة من احلديث حيث قمنا بوضع الرتقيم علي مواضع الق راءات العقلية واإلستفهامات‬ ‫النقدية «‬

‫لعبة الغوميضة ‪ ( ..‬جربيل أم)‬

‫لعبة الغوميضة ‪ ( ..‬جربيل أم ٌمحمد )‬

‫قال‪ :‬هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم رواه مسلم‪».‬‬

‫ص لب المقال»‬ ‫« نص الحديث – ٌ‬ ‫الحديث الثاني ‪:‬‬ ‫حديث‪ :‬مجىء جبريل ليعلم المسلمين أمر دينهم‬

‫«ع��ن عمر بن الخطاب أمير المؤمنين أب��ا حفص ‪-‬رض��ي اهلل عنه‪-‬قال‪ :‬بينما نحن‬ ‫جلوس عند رس��ول اهلل ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬ذات ي��وم‪ ،‬إذ طلع علينا رجل شديد‬ ‫بياض الثياب‪ ،‬شديد سواد الشعر‪ ،‬ال يرى عليه أثر السفر‪ ،‬وال يعرفه منا أحد حتى‬ ‫جلس إلى النبي ‪-‬صلى اهلل عليه وسلم‪ -‬فأسند ركبتيه إلى ركبتيه‪ ،‬ووضع كفيه على‬ ‫فخذيه‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬يا محمد أخبرني عن اإلسالم‪ ،‬قال‪ :‬اإلسالم أن تشهد أن ال إله إال اهلل وأن محمدا‬ ‫رسول اهلل‪ ،‬وتقيم الصالة‪ ،‬وتؤتي الزكاة‪ ،‬وتصوم رمضان‪ ،‬وتحج البيت إن استطعت إليه‬ ‫سبيال‪ .‬قال‪ :‬صدقت‪ ،‬فعجبنا له يسأله ويصدقه!‬

‫‪55‬‬

‫فقال‪ :‬فأخبرني عن اإلي��م��ان‪ ،‬ق��ال‪ :‬أن تؤمن ب��اهلل‪ ،‬ومالئكته‪ ،‬وكتبه‪ ،‬ورسله‪ ،‬واليوم‬ ‫اآلخر‪ ،‬وتؤمن بالقدر خيره وشره‪ .‬قال‪ :‬صدقت‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فأخبرني عن اإلحسان‪ ،‬قال‪ :‬أن تعبد اهلل كأنك تراه‪ ،‬فإن لم تكن تراه فإنه يراك‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فأخبرني عن الساعة‪ ،‬قال‪ :‬ما المسئول عنها بأعلم من السائل‪.‬‬ ‫قال‪ :‬فأخبرني عن أماراتها‪ ،‬قال‪ :‬أن تلد األمة ربتها‪ ،‬وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء‬ ‫الشاة يتطاولون في البنيان‪.‬‬ ‫ثم انطلق فلبثت مل يًّ ا‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا عمر أتدري من السائل؟ قلت‪ :‬اهلل ورسوله أعلم‪،‬‬

‫ولنبدأ من اعلي إيل أسفل مع األرقام‬

‫المالئكة عند المسلمين وفي عرف اإلسالم‪ ،‬كائنات فوقية‪ ،‬خلقن من نور‪،‬‬ ‫فُ طرت علي العبادة‪ ،‬ال تكل وال متل‪ ،‬تعبد اهلل منذ أوجدهم حيت قيام يوم القيامة‪ ،‬ومبا إهنم‬ ‫كائنات غيبية يف عرف املسلمني أيضا‪ ،‬فكل ما يقال عن وصفهم‪ ،‬تشبيههم‪ ،‬إن زاهلم علي‬ ‫الوصف البشري حيت يتسين لنا البشر أن نتفهمهم يعترب ذلك نوع من ان��واع التجديف‬ ‫واهلرطقة‪.‬‬ ‫فكيف هنا يف احلديث الشريف هذا التشبيه‪،‬؟ وكيف يستقيم هذا التجسيد‪ ،‬؟!!! « ما‬ ‫معين شديد بياض الثياب‪ /‬شديد سواد الشعر ؟؟؟‬ ‫‪--------------------------------------------------‬‬

‫‪56‬‬


‫لعبة الغوميضة ‪ ( ..‬جربيل أم)‬

‫تصوير ومتثيل للصحابه يربز مدي تغييبيهم ومدي إنفصاهلم عن الواقع‪ ,‬حيث مل يستنفروا‬ ‫لعقلهم‪ ،‬مل يتسين ألحدهم أو يهن علي رأس ��ه ان يسأل أو يستفهم عن هذا الرجل الذي‬ ‫دخل جملسهم !!!!‬ ‫فكيف بعد ذلك يقال علي امثال هؤالء اجملموعة من احلمقي املغيبني بأهنم خري القرون‪ -‬علي‬ ‫لسان حممد‪ -‬أو أفضل البشر – علي لسان املشايخ‪ -‬؟؟؟؟‬

‫« يا ٌم حمد أخبرني عن اإلسالم «‬

‫أليس جربيل هو امل وفد من قبل اهلل ليبلغ حممد بأنه امل صطفي‪ ،‬أو ليس هو الناموس األكرب –‬ ‫كما قال ورقة بن ٌنوفل‪ -‬أو ليس هو من شق صدر ٌحممد ( حادثة شق الصدر اإلعجازية)‬ ‫واخرج منه حظ الشيطان منه‪ ،‬أو ليس هو من قال له يف الغار « إق رأ «‬ ‫وهنا تظهر إشكالية ‪ ،‬كيف لشخص يعرف معلومة ما ( جربيل) (من قبل ربه ‪ -‬اهلل) يسأل‬ ‫شخصا ( حممد) عن أمر ( اإلسالم ) وهو قد أخربه به سابقا ( وقت نزول الوحي وما بعده)‬ ‫هل كان السؤال للتذكرة ‪ ....‬يقودنا هذا أن حممد ينسي‬ ‫هل كان للتأكد ‪ .....‬يقودنا هذا لشك اهلل يف رسوله‬ ‫واألعجب واألغرب أنه أجابه ‪ .....‬هل مل يكن يعرف ( حٌم مد) أنه جربيل ؟؟؟ ‪ ،‬أم كان يعتربه‬ ‫شخصا أع رابي اُ وظنه أيت ليسأل عن الدعوه احملمدية فاجابه ‪!!!! ....‬‬

‫« يا عمر أتدري من السائل « ‪...‬‬

‫إستكماال لتأكيد سذاجة الصحابة‪ ،‬وخبل خريُ القرون وتأكيدا علي طفوليتهم الفكرية (‬ ‫الصحابة) وتسطحهم العقلي ‪ ،‬وإنعدام اإلستنفار الذهين ‪ ,‬ولكن هذا ليس مستغربا ‪ ,‬فقد‬ ‫تركوا شخصا غريبا‪ ,‬وهم اجملتمع الصغري الذي يعرف بعضه بعضا جيدا‪،‬‬ ‫يدخل جملسهم‪ ,‬جيلس إيل عظيمهم‪ ،‬يسأله ‪ ....‬دون أن يستثري ذلك فيهم حيت السؤال‬ ‫عن ماهية وكينونة ذلك الشخص !!!!‬

‫« هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم «‬

‫ما احلكمة إذا من السؤال‪ ،‬حوار طرشان دائر‪ ،‬أم أهنا متثيلية هزليه بني بطلني يعرفان مسبقا‬ ‫السيناريو املعد لكل منهما ‪ « ،‬تاركني الصحابه‪ ,‬فاغرين فاههم‪ ,‬مستخفني بعقوهلم‪ ،‬هازئني‬ ‫منهم يف سرهم‪ ،‬معززين نرجسيتهم وتفوقهم العقلي عليهم‪ ,‬مساكني هؤالء القوم‪!!!!!!!!،‬‬ ‫أمل خيرب جربيل حممد بان ربه أحاط نفسه لوحده بعلم مخس امور اخفاها عن البشر‬ ‫نفس ماذا تكسب‬ ‫( إن اهلل عنده علم الساعه وينزل الغيث ويعلم ما يف األرحام وما تدري ُ‬ ‫غدا وما تدري نفس بأي أرض متوت ‪ .....‬نص اآليه)‬ ‫تللك اآليه اليت نزلت علي حممد‪ ،‬من قبل جربيل‪ ....‬إذا ملاذا السؤال ؟؟؟‬ ‫ومل���اذا جييب حممد إن ك��ان يعرف أن السائل ه��و جربيل ‪ « ..... ,‬جربيل وحممد يلعبون‬

‫ُدمتم بعقل‬

‫« فعجبنا له يسأله ويصدقه «‬

‫« أخبرني عن الساعة « ‪ « ....‬ما المسئول عنها بأعلم من السائل»‬

‫‪57‬‬

‫لعبة الغوميضة ‪ ( ..‬جربيل أم)‬

‫أثر السفر وال يعرفه منا أحد !!!‬ ‫ال يٌري عليه ُ‬

‫الغوميضه»‬ ‫أم ت راه كان ال يعرفه‪ ,‬مث اتاه الوحي بان من معه هو جربيل‪ ,‬إذن هناك جربيل آخر !!!!‬ ‫« أن تري الحفاة العراة العالة رعاة الشاة يتطاولون في البنيان «‬ ‫( هذا علي كالم حممد من عالمات الساعه) لو راجعنا الوصف املذكور أعاله‪ ،‬لو جدناه‬ ‫ينطبق مجلة وتفصيال علي حممد وقومة‪ ,‬فهم اهل بدواة وشظف عيش‪ ،‬منهم من كان عبدا‬ ‫اج ريا ( كبالل الزجني) أو بائع مالبس ( كعمر بن اخلطاب) إذن فكيف يستقيم األمر؟؟‬ ‫ملاذا مل تقم الساعم من وقتها حيت اآلن ‪ ....‬ام ان حممد كان يدرك النسبية اخلاصة والعامه‬ ‫وقدر علي ما مل يقدر عليه آينشتاين وقدر علي توقيف الزمن !!!!!!!‬ ‫مث ما املشكلة أن يصبح الفقري يوما غنيا ‪،‬ما الضري يف أن يتغري حال الشخص مع مرور‬ ‫الزمن فيصري بعد ما كان خادما خمدوما‪ ,‬أم هو التشريع اخلفي للطبقية ؟؟ ‪ ،‬أو ليس هو‬ ‫من أسن بأنه « بني طرفة عني وإنتباهها يبدل اهلل من حال حلال !! ؟؟ كيف يستقيم هذا‬ ‫القول مع ذاك ؟؟ ‪ ،‬إن كان الفقري سيظل فق ريا‪ ،‬واحملتاج علي حاجته ‪ ...‬فما فائدة السعي‬ ‫‪ ،‬وما فائدة العمل ( تذكروا كالم حممد يف قرئانه‪ -‬قل سريوا يف األرض !!!) أم هي احلسبة‬ ‫والوصاية اجملتمعيه ‪!!!! ....‬‬ ‫يف بداية احلديث الذي كان زمانيا ومكانيا مع حممد‪ ،‬قال عندما دخل جربيل ‪ « .....‬ال‬ ‫يعرفه منا احد ‪ .......‬تقرير وإق رار علي إهنم مل يعرفوه من قبل «‬ ‫ملاذا يسأل حممد عمر ‪ « ......‬أي عبثية تللك ؟؟؟ « أي إستخفاف بعقول السامعني‬ ‫– الصحابة‪-‬‬ ‫هذا جربيل‪ ,‬فيم كان طوال هذا الصمت عن التعريف بال زائر ؟؟؟‬ ‫وإن كان أيت ليعلمهم دينهم ‪ ,‬فما فائدة حممد إذا ؟؟؟‬ ‫س��أل جربيل حممد ع ��ن أساسيات ال��دي��ن‪ ( ،‬الساعة‪ ،‬اإلمي���ان‪ ،‬اإلح��س��ان ‪ ) ...‬ع ��ن أركانه‬ ‫الركينه ‪ ،‬أمل يكن بالفعل قد علمها ألصحابه ؟؟‬ ‫يقودنا هذا إيل التشكيك يف أمانة رسول اإلسالم ؟؟‬ ‫وإن كان بالفعل قد علمهم ‪ ....‬ما احلاجه لإلعاده ؟؟ ‪ « -------‬إق رار وتاكيد‬ ‫بغباء وطفولة خري القرون»‬

‫‪58‬‬


‫هتلر وستالني كانا ملحدين‬

‫يقول داوكنز ‪:‬‬ ‫دائم اً يسألونين يف احملاض رات حول الدين ‪:‬‬ ‫لقد فعل هتلر وستالني ما فعاله ألهنما ملحدين ‪.‬‬ ‫ستالني ملحد ‪ ......‬صحيح ‪.‬‬ ‫هتلر ‪ ............‬مشكوك به ‪.‬‬ ‫لكن الفرضية الثانية أهنما فعال ذلك ألهنما ملحدين ‪ /‬هذه الفرضية ال أمهية هلا ألهنا خاطئة‬ ‫‪ ..‬ومن غري املنطقي أن نستنتجها من الفرضية األوىل كالمها كان له شارب ‪ ....‬كما كان‬ ‫لصدام حسني ‪ ...‬وماذا إذن ؟‬ ‫هناك سؤال مثري ؟‬ ‫ليس عما إذا كان الشرير أو الطيب ملحداً أو متدين اً لسنا بصدد عد الرؤوس واستخالص‬ ‫الئحتني من األضداد املتنافسة ‪.‬أحزمة النازيني منقوش عليها ‪ /‬اهلل معنا ‪ /‬ال يربهن على أي‬ ‫شيء ما يهم هنا ليس موضوع كون هتلر وستالني ملحدين ولكن األهم ‪ /‬هل اإلحلاد يؤثر‬ ‫على الناس بشكل منتظم لعمل األشياء الشريرة ؟‬ ‫يقول داوكنز ‪:‬‬ ‫ليس هناك أي دليل ولو صغري على ذلك ‪.‬ستالني ال شك يف كونه ملحد ‪ /‬تلقى تعاليمه يف‬ ‫دير أرثوذكسي ومل ختف أمه خيبة أملها يف أنه مل يلتحق بالرهبنة‬ ‫يقول اآلن بوالك ‪:‬‬ ‫‪ /‬فإن ذلك كان يسبب العجب لستالني ‪/‬رمبا أن ثقافة ستالني ‪ /‬الكنيسة األرثوذكسية ‪/‬‬ ‫ولكنه أراد إيذاء الكنيسة ‪ /‬وكذلك املسيحيني ‪ /‬والتدين بشكل عام ‪.‬ليس هناك أي أدلة‬ ‫على أن إحل���اده دفعه للظلم العنيف ‪.‬ورمب���ا مل يكن هناك عالقة لذلك م��ع تربيته الدينية‬ ‫املبكرة ‪.‬ختلى ستالني عن كنيسة الروس األرثوذكسية بعد أن ترك الدير يف تبيلسي ‪.‬املهم يف‬ ‫مناقشتنا حول ستالني ‪ /‬هتلر هو نقطة بسيطة ‪.‬سيفعل بعض امللحدين الشرور ولكنهم لن‬ ‫يفعلوها باسم اإلحلاد ‪.‬ستالني وهتلر فعلوا العظيم من الشرور ولكن باسم ماذا ؟‬ ‫باسم العقيدة ‪ /‬التلقني املاركسي ‪/‬‬ ‫وباسم نظرية ‪ /‬ال علمية – حمبوكة هبذيانات فاغنرية ‪/‬‬ ‫بينما احلروب الدينية حصلت بسبب الدين وتكررت كث رياً عرب التاريخ‬

‫‪59‬‬

‫هتلر وستالني كانا ملحدين‬

‫هتلر وستالني كانا ملحدين‬

‫و ال يوجد أي حرب حصلت حتت اسم اإلحلاد‬ ‫وملاذا حتصل ؟ يقول داوكنز ‪:‬‬ ‫رمبا يكون الدافع للحرب طمع اً اقتصادي اً – طموح سياسي – تعصب عرقي – عنصري‪-‬‬ ‫انتقام – شكوى – بدافع من اإلميان الوطين حبق األمة ‪/‬‬ ‫وكذلك القناعة اليت ال تتزعزع بأن الدين الذي يؤمن به البعض هو الدين الصحيح ‪.‬‬ ‫وبدعم من كتاب مقدس يكرس اللغة بوضوح لكل املنافقني وأتباعهم من ديانات منافسة‬ ‫حىت املوت ويعد املقاتلني يف سبيل اهلل جبنة الشهداء‬ ‫يف كتابه ‪ /‬هناية اإلميان ‪ /‬يقول سام هاريس ‪:‬‬ ‫‪ /‬وهو كعادته يصيب اهلدف دائم اً ‪: /‬‬ ‫إن خطر الدين هو يف أنه جيعل من إنسان عادي وطبيعي يشرف على حافة اجلنون الن كل‬ ‫جيل جديد من األطفال يلقن بان ما يطرحه الدين ال حيتاج ألي نقاش إلثباته كما هو‬ ‫األمر يف األطروحات األخرى‬ ‫املدنية ال ت زال مهددة جبيوش الالمعقولية وحىت اآلن نقتل أنفسنا من أجل كتابات قدمية‬ ‫من كان يعتقد أن شيئ اً ت راجيدي اً كهذا ميكن أن حيصل ؟ من اجلهة األخرى ملاذا جيب على‬ ‫أي كان أن خيوض حرب اً بسبب عدم اإلميان بشيء ما ؟‬

‫‪60‬‬


‫هتلر وستالني كانا ملحدين‬

‫هتلر ولد لعائلة كاثوليكية ودرس وزار الكنائس يف طفولته ‪.‬‬

‫‪61‬‬

‫ال ميكن اعتبار ذلك ذو قيمة ألنه من املمكن أنه ختلى عن تدينه كما فعل ستالني هتلر مل‬ ‫يعلن ختليه عن الكنيسة الكاثوليكية علن اً‬ ‫هناك أدلة على أنه بقي متدين اً حىت لو مل يبقى معتقده كاثوليكي اً فإنه على األغلب ظل‬ ‫مؤمن اً بوجود سلطة يف كتابه ‪ /‬كفاحي ‪ /‬أنه عندما مسع خرب إعالن احلرب العاملية األوىل قال‬ ‫‪:‬‬ ‫جثوت على ركبيت وشكرت السماء من كل قليب واليت جعلتين أعيش يف الزمان الذي حصل‬ ‫فيه ما حيصل اآلن ‪.‬كان هذا عام ‪ 1914‬وكان عمره ‪ 25‬عام اً ‪ .‬يقول عنه ‪ /‬وردولف هيس ‪:‬‬ ‫نائبه ‪ /‬يف رسالة إىل رئيس وزراء بافاريا ‪:‬‬ ‫‪ /‬أعرف هتلر ‪ /‬شخصية شريفة ‪ /‬متدين ‪ /‬كاثوليكي جيد ‪/‬‬ ‫هناك حجة جرئيه بشكل هزيل عن االق رتاح بوجوب كون هتلر ملحداً ‪:‬‬

‫هتلر وستالني كانا ملحدين‬

‫هل هذه أسئلة معقولة أم ال ؟‬ ‫من يستطيع أن يرد على هذه األسئلة من الذين يقتلون أنفسهم ؟‬ ‫أما هتلر فسوف أكتفي معكم ببعض األسطر ‪:‬‬ ‫األسطورة بأن هتلر كان ملحداً تطورت بعناية فائقة لدرجة أن العديد من الناس يصدقوهنا‬ ‫دون سؤال ؟ وتطرح تلك الفكرة بشكل دائم من حمبيها املدافعني عن الدين إال أن الواقع‬ ‫بعيد عن أن يكون واضح اً ‪.‬‬

‫كان إنسان اً سيئ اً – املسيحية تعلمنا ما هو جيد – ولذلك فإنه ليس بإمكان هتلر أن‬ ‫يكون مسيحي اً ‪.‬‬ ‫تلك مقولة ‪ /‬غورينغ عن هتلر ‪.... /‬‬ ‫سوف خنتم معكم ‪:‬‬ ‫يف خطابه عام ‪ 1933‬يف ب رلني قال ‪:‬‬ ‫اقتنعنا ب��ان ال ��ن ��اس حيتاجون وي��ري��دون اإلمي���ان ول ��ذل ��ك فإننا أخ ��ذن ��ا على عاتقنا أن حن ��ارب‬ ‫احلركات اإلحلادية وليس بشكل إعالنات نظرية فقط بل أننا وقعنا الق رار ‪.‬‬ ‫كتب جون توالند يف كتابه عن هتلر ‪ /‬سرية احلياة األكيدة ‪ /‬وعن موقف هتلر الديين –‬ ‫احلل األخري ‪:‬‬ ‫ال زال عضواً ممي زاً يف كنيسة الروم الكاثوليك على الرغم من كرهه للقائمني عليها فإنه ال‬ ‫ي زال حيمل تعاليمها عن أن اليهود هم قتلة اإلله ‪ .‬ولذلك كان القضاء عليهم ممكنا بدون‬ ‫أي تفكري ضمريي ومن مبدأ كونه ‪ /‬اليد اليت تنتقم هلل ‪/‬‬ ‫وبذلك يتم املوضوع كما لو أنه شخصي اً وليس فيه أي ظلم ‪.‬‬ ‫ملحوظة ‪ :‬أصل الشرور لريتشارد داوكنز ‪ YouTube‬على شكل ‪ 25‬فيلم اً ‪ /‬الكتاب‬ ‫وهم اإلله أيضا لريتشارد داوكنز يف صفحتنا ‪ /‬املقالة األوىل حول الكتاب ‪ /‬مؤمن بغري عمق‬ ‫‪ /‬ورد فيها أن املقاالت ليست دعوة لإلحلاد الن الكتاب يف متناول اجلميع أي ليس هناك‬ ‫حنن نقف يف خط واحد بالنسبة لألديان ‪/‬‬ ‫تباهي من قبل أحد كما قد يتصور البعض ‪ُ /‬‬ ‫حنن نؤمن بفصل الدين عن الدولة ‪ /‬حيق لكل إنسان أن يعتقد ما يشاء بدون فرض أرائه‬ ‫ُ‬ ‫على اآلخرين الن الدين شانا فردي اً ‪.‬‬ ‫دلشاد‬ ‫املصدر ‪ :‬صفحة ( إرتقوا فالقاع ازدحم (‬ ‫‪www.facebook.com/ascended‬‬

‫‪62‬‬


64

63


‫اهلل فاسد أخالقيا ‪ -‬يف الفلسفة و اجلدل و النقد‬

‫فلنفرتض أوال أن اهلل اإلب راهيمي موجود ‪..‬‬ ‫إله واحد خالق كل شيء و مالك كل شيء و قادر على كل شيء ‪ ..‬أخل‬ ‫فلنعترب اهلل مثل الصفر الرياضي و نفرتض وجوده من أجل السؤال التايل ‪:‬‬ ‫هل اهلل كائن أخالقي ؟ هل لديه معايري أخالقية يلتزم هبا ؟‬ ‫الشائع أن اهلل هو من إخرتع االخالق و ألزم هبا البشر و سيحاكمهم مجيعا وفقا هلا‪.‬‬ ‫لكن لو كان هذا صحيح فمن حق كل بشري أن يسأل ‪:‬‬ ‫هل هذا اهلل على خلق قومي لكي يكون حكما على كل البشرية فيدخل اجلنة من يشاء و‬ ‫يدخل جهنم من يشاء ؟‬ ‫فإن مل يكن كذلك ال يكون هناك أي أساس أو منطق ليحاكم كل الناس عرب العصور و هو‬ ‫منحل أو فاسد أخالقيا‪.‬‬ ‫لكن لألسف تلك هي احلقيقة ‪ :‬اهلل فاسد أخالقيا و بالتايل ال حيق له حماكمة أحد‪.‬‬ ‫هو متحلل أخالقيا و ال يردعه رادع أو منطق او اخالق ‪..‬‬ ‫كائن م زاجي متقلب هوائي ال يهتم برتبية الناس أو هتذيبهم بقدر ما يهتم بتفخيم ذاته و‬ ‫تعظيم نفسه أمام خملوقاته‪.‬‬ ‫و األمثلة على مصائبه األخالقية كثرية و مذكورة يف الكتب اإلب راهيمية املدعوة مقدسة (‬ ‫التوراة و اإلجنيل و القرآن )‬ ‫و هكذا فإن كل من يتخذ اهلل مثال أعلى له سيشعر بإحباط قاتل‪.‬‬ ‫أقول ذلك الن شخصية اهلل كما رمسها لنا أدباء الكتب املدعوة مقدسة شخصية نرجسية‬ ‫جدا و سيكوباتية‪.‬‬ ‫فهو يأمر مبا ال يفعل و حياسب الناس يف مشوخ دون حسيب له أو رقيب عليه‪.‬‬ ‫مثال هناك قاعدة منطقية تقول أن السلطة مفسدة و أن السلطة املطلقة مفسدة مطلقة و‬ ‫هذا يعين أن شخص مثل اهلل لديه كل احلرية لفعل أي شيء خيطر على باله يكون أكثر من‬ ‫يتعرض لإلفساد ‪..‬‬ ‫الفكرة حمتاجة لتوضيح أكثر ‪..‬‬ ‫لو ختيل كل واحد منا انه إمتلك «طاقية اإلخفاء» فيستطيع أن خيتفي و يذهب ألي مكان‬ ‫دون أن ي راه أحد‪ ,‬ماذا سيفعل هبذة القدرة اخلارقة ؟‬ ‫أتصور أن هناك من سيسرق بنكا مستغال إختفاؤه ‪..‬‬

‫اهلل فاسد أخالقيا ‪ -‬يف الفلسفة و اجلدل و النقد‬

‫‪65‬‬

‫اهلل فاسد أخالقيا ‪ -‬يف الفلسفة و اجلدل و النقد‬

‫و آخر قد يتلصص على الفتيات أو حىت يغتصبهن ‪..‬‬ ‫و آخر سينتقم من أعداؤه شر إنتقام ‪..‬‬ ‫لكن فقط الشخص االخالقي هو من سيستغل تلك القدرة يف اللهو الذي ال يؤذي أحدا و‬ ‫رمبا لفعل بعض اخلري أيضا‪.‬‬ ‫حنن هنا نتحدث عن قدرة واحدة بسيطة مثل القدرة على اإلختفاء فما بالنا مبن ميتلك كل‬ ‫القد رات و كل احلريات و كل السلطات اليت ميتلكها اهلل ‪...‬‬ ‫لكي يفهم املرء مثل هذة احلالة عليه أن يتخيل إنسانا هبطت عليه قد رات اهلل فجأة ‪..‬‬ ‫ف راح يقتل و يستعبد الناس و يظلم و يؤذي بغري ضابط و ال رابط‪.‬‬ ‫هذا هو اهلل اإلب راهيمي ‪..‬‬ ‫قاتل أنفس و األمثلة كثرية أبسطها الطوفان العظيم و سدوم و عمورة و غريها كثري ‪..‬‬ ‫و ال أفهم كيف ميكن هلل أن يكون فوق املعايري و القيم األخالقية فيأمر الناس أن ال تقتل‬ ‫بعض االحيان بينما يبيح لنفسه أن يقتل كل حني‪ ,‬أليس من االوىل أن يكون اهلل قدوة لكل‬ ‫البشر فال يقتل أي شخص أو يأخذ روح أي شخص‪.‬‬ ‫ملاذا يامرنا بأال نقتل بينما هو يقتل بكل بساطة جملرد انه يستطيع ذلك ؟‬ ‫شخصية سوبرمان اليت مت إخ رتاعها يف العصر احلديث تعكس قيما أفضل من الشخصية‬ ‫القدمية لإلنسان اخلارق ( اهلل ) ‪ ,‬فسوبرمان ال يقتل أبدا ‪..‬‬ ‫سوبرمان يف القصص املصورة شخص أخالقي ألنه ال يقتل رغم قدرته اخلارقة على القتل‬ ‫بعكس اهلل الذي يقتل كما حيلو له و بذلك يكون فاسد أخالقيا‪.‬‬ ‫اهلل يتعامل مع قد راته الضخمة و كأنه حمدث سلطة ‪..‬‬ ‫و كأنه كان شخصا حق ريا نبتت له قد رات خارقة فجأة فكان أول ما يطلبه من الناس هو‬ ‫أن يسجدوا له‪.‬‬ ‫خلق الناس ليعبدوه ‪ ..‬ياله من حقري‪.‬‬ ‫خيلق هلم حياة شبيهة مبتاهة الفأر و يضع يف آخرها هنايتان‪ ,‬واحدة قطعة جنب و األخرى‬ ‫فخ للفئ ران‪ ,‬مث جيلس ليتفرج‪.‬‬ ‫يعين أظن من الواضح أن شخصا خيرتع مكانا ليعذب و يؤمل و يؤذي فيه معارضيه هلو أبعد‬ ‫ما يكون عن الشخص األخالقي‪.‬‬ ‫البشر إخرتعوا السجن ‪ :‬من أجل التهذيب و التأديب و اإلصالح‪.‬‬ ‫البشر لغوا عقوبة اإلعدام يف الكثري من دول العامل املتحضرة‪.‬‬ ‫البشر يفهمون معىن الرتبية و التهذيب بأكثر مما يفهمها اهلل الفاسد املنحل أخالقيا‪.‬‬ ‫فاهلل املهووس بقوته حلد اجلنون يأمر الناس بأشياء غري منطقية و يستعبدهم و يذهلم مث‬ ‫حياسبهم بعد ذلك و يرميهم يف جهنم و كأهنم حطب أو نفايات‪.‬‬ ‫مث ميارس دعاية سخيفة يف مدح نفسه و تلميع صورته و يعطي اجلوائز ملن ينافقه و يتغىن‬

‫‪66‬‬


‫اهلل فاسد أخالقيا ‪ -‬يف الفلسفة و اجلدل و النقد‬

‫اهلل فاسد أخالقيا ‪ -‬يف الفلسفة و اجلدل و النقد‬

‫بنعمه‪.‬‬ ‫أن ��ا ال أع��رف كيف ميكن للناس أن يتعبدوا لشخصية أق ��ل ما ميكن ان توصف به أهن ��ا غري‬ ‫حمرتمة هبذا الشكل‪.‬‬ ‫و كيف ميكن أن يربر مثال أمره إلب راهيم بذبح إبنه ؟‬ ‫كيف ميكن أن يربر أمره لبين إس رائيل بذبح أعداءهم ؟‬ ‫كيف ميكن أن يربر أمره للمسلمني بإرهاب الناس و إذالهلم ؟‬ ‫يقتل و حيرض على القتل و القتال‪ ,‬إله هذا أم بلطجي سيكوبايت ‪ ..‬؟!!‬ ‫لألسف هذا إله غري حمرتم و أنا أحلدت أساسا ألنه سقط من نظري و ليس إلعتقادي بعدم‬ ‫وجوده‪.‬‬ ‫أنا لن أتعبد ألفاق فضال عن أن العبادة ال تليق بإنسان أصال‪.‬‬ ‫جيب أن نتخلص من الرق و العبودية هلل كما ختلصنا منها للرجال البيض‪.‬‬ ‫لكن يف الواقع الرجال البيض هم من ترفعوا عن إستعباد الناس و أقروا باملساواة‪,‬‬ ‫أما اهلل فيأىب أن جيلس وسط خملوقاته أو يتساوى هبم ببعض اإلتضاع ‪..‬‬ ‫طبعا فاإلتضاع ليس إحدى الفضائل اإلهلية بل التكرب اإلهلي اللعني‪.‬‬ ‫هذا باإلضافة للمكر و الضرر و اإليذاء و غريه كثري ‪..‬‬ ‫بإختصار اهلل هو إله بقد راته و ليس إهلا بأخالقه‪.‬‬ ‫إله ال يشرف األلوهية و كأنه فأر دميم يستطيع الط ريان و التخفي‪.‬‬ ‫و هكذا فاهلل يف حقيقته هو شخصية كرتونية فاشلة ال تعلم األطفال مكارم األخ�لاق بل‬ ‫الوحشية و الدناءة و سوء إستغالل السلطات و احلريات‪.‬‬ ‫عزيزي الطفل ‪..‬‬ ‫ماذا ستفعل للناس لو كنت خالق الكون ؟‬ ‫هل ستخلق مالئكة أم شياطني ؟ هل ستخلق جنة ام جحيم ؟ هل ستخلق اخلري أم الشر ؟‬ ‫هل ستقتل مثل اهلل أم ستكون اخالقيا مثل سوبرمان ؟‬ ‫هل ستكون حمبا لألطفال مثل سانتاكلوز أو مبيد لألطفال مثل اهلل ؟‬ ‫أعتقد أننا حنتاج لرقابة إحلادية متنع األطفال من مشاهدة او التعرض ألي ه راء ديين ميدح اهلل‬ ‫الوحشي الفاسد باي شكل من األشكال‪.‬‬ ‫نعم لدونالد دك ‪ ..‬ال هلل‪.‬‬ ‫نعم لتوم أند جريي ‪ ..‬ال هلل و الشيطان‪.‬‬ ‫فلنعلم أطفالنا قيما أخالقية أفضل من اليت يعلمها اهلل‪ ,‬فنحن ال نريدهم فاسدون و منحلون‬ ‫على أي حال‪.‬‬

‫‪67‬‬

‫‪68‬‬


‫نقل الطاقة آنيًا ملسافات طويلة‬

‫نظرية جديدة تقرتح إمكانية نقل الطاقة آني اً ملسافات طويلة‬ ‫قام فريق مكون من باحثني ثالثة من جامعة توهوكو يف اليابان بقيادة «ماساهريو‬ ‫ٍ‬ ‫طريقة جديدة لِنَ قل ال طّاقة آني اً ‪Teleporting‬‬ ‫هوتا» ‪ Masahiro Hotta‬باق رتاح‬ ‫مبا يسمح بنقل ال طّاقة ملسافات أبعد من ذي قبل‪ .‬وذلك يف البحث الذي نشره الفريق‬ ‫يف جملة «‪ . »Physical Review A‬ط��رح الباحثون نظريتهم اجلديدة بوصفها‬ ‫الكم ي ‪vacuum‬‬ ‫تستغل خصائص الضوء املَضغوط ‪ squeezed light‬أو الف راغ ّ‬ ‫‪ states‬لتوفري نقل آين للمعلومات يف مستوى الطاقة مما يعين يف السماح بنقل جوهر‬ ‫الطاقة نق الً آنيا ‪ Teleporting‬بعيد املدى‪.‬‬ ‫شاهدنا بعض ال ربامج التلفزيونية مثل برنامج «‪ »Star Trek‬ينتقل النّ اس من مكان‬ ‫آلخر انتقاالً أني اً‪ ،‬ويف الواقع ال يتم نقل األشخاص أو املواد فعلي اً‪ ،‬وإمنا إعادة تشكيل‬ ‫ٍ‬ ‫مكان آخر ُم ش ّك لني بذلك صورة ومهية حلركاهتم‪ .‬أما يف احلياة‬ ‫ذواهتم أو جوهرهم يف‬ ‫الواقعية فال يُوجد شيء كهذا مع أن العلماء قد بدأو فع الً باستخدام مصطلح «االنتقال‬ ‫اآلين» لوصف نتائج جتارب التشابك ‪ - Entanglement Experiments‬حيث‬ ‫يتم رب ��ط بعض اجلسيمات املتشابكة عن طريق بعض اخل��واص الفيزيائية رغ��م عدم‬ ‫وأي تغ ريات تط رأ على أحد اجلُسيمات تنتقل تلقائي اً إىل‬ ‫وج��ود راب ��ط َم رئي بينهم‪ّ .‬‬ ‫اجلسيم اآلخر‪ .‬وقد توسع العلماء يف جتارهبم لتشمل الضوء واملادة‪.‬‬

‫نقل الطاقة آنيًا ملسافات طويلة‬

‫نقل الطاقة آنيًا ملسافات طويلة‬

‫وم����ن امل���ع���روف أن ق���وان�ي�ن م��ي��ك��ان��ي��ك��ا ال���ك���م تحَ����د م���ن إم��ك��ان��ي��ة ق���ي���اس ال��ق��ي��م يف‬ ‫منظومات مثل (منظومة الف راغ) ‪ -‬إال أن الفيزيائيني وجدوا أن زيادة عدم اليقني‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫لقيمة أخرى ‪ -‬كنوع من‬ ‫لقيمة ما تخَُ ِف ض ِم قدار عدم اليقني‬ ‫‪Uncertainty‬‬ ‫تأث ريات االنضغاط‪ .‬وعندم اً يتم تطبيق هذه النظرية على الضوء فسيؤدي ذلك إىل‬ ‫انتقال املزيد من اجلُسيمات ثنائي اً عرب الف راغ مما يؤدي إىل حدوث تشابكات أكثر‬ ‫بني هذه اجلزيئات‪ .‬هبذا افرتض فَ ريق اخلُ�براء أن هذه الطريقة ستمكنهم من نقل‬ ‫املعلومات آني اً بشكل إف رتاضي عرب أي مسافة‪.‬‬ ‫يلم ح‬ ‫وستتاح النظرية قريب اً للتطبيق يف املخت ربات كما يعتقد فريق اخلُ�ب�راء‪ ،‬و ّ‬ ‫«هوتا» إىل أنه يعمل هو وشريك آخر على ذلك يف الوقت احلايل‪.‬‬ ‫صفحة الفيزيائيون ‪The Physicists‬‬ ‫ترمجة‪Lora Majbour :‬‬ ‫م راجعة‪ & Mario Rahal :‬فاطمة احلجرية‬ ‫املصدر‪:‬‬ ‫‪theory-teleport-energy--01-2014/phys.org/news‬‬ ‫‪distances.html‬‬ ‫الد راسة األصلية‪:‬‬ ‫‪e012311/i1/pra.aps.org/abstract/PRA/v89‬‬

‫سابق اً يف عام ‪ 2008‬قام «هوتا» مبشاركة فريق آخر بوضع أول نظرية لنقل الطاقة آني اً‬ ‫اعتماداً على استغالل خصائص الف راغ الكمي ‪ -‬حيث تقرتح النظرية أن الف راغ ليس‬ ‫خاوي اً متام اً‪ ،‬فحسب ميكانيكا الكم‪ ،‬الف راغ مملوء باجلُسيمات االف رتاضية اليت تظهر‬ ‫لفرتة قصرية قبل أن ختتفي وبعضها يكون ُم تشابك اً‪ .‬املثري لإلهتمام هو أن النّ ظرية‬ ‫اف�ترض��ت أن عملية نقل الطاقة آن��ي��اً يمُ كن القيام هب��ا ملسافات صغرية فقط‪ ،‬بينما‬ ‫حسب النظرية اجلديدة وجد هوتا وزمالؤه طريقة لزيادة مسافة عملية اإلنتقال اآلين‬ ‫الض وء املضغوط واليت تُعترب جزء من خاصية‬ ‫عن طريق االستفادة من خاصية تسمى ّ‬ ‫الف راغ املضغوط‪.‬‬

‫‪69‬‬

‫‪70‬‬


‫يف معرفة النفس‬

‫���م ال���ن���اس ي��ع��ي��ش دائ���م���ا ح���ي���اة مليئة‬ ‫ال�����ذي يحَْ���ك ُ‬ ‫باإلضطرابات‬ ‫احلقيقة أن الرغبة يف السلطة وأن تكون زعيما‬ ‫ل��ل��ن��اس ت��ن��ب��ع م���ن االض����ط����راب ال���داخ���ل���ي‪ ،‬ألن��ك‬ ‫عندما تقود الناس‪ ،‬فسيساعدك ذلك على نسيان‬ ‫االضطراب الداخلي‪ ،‬نعم هذا نوع من اهلروب‪,‬‬ ‫واخل����داع‪ ،‬ألن امل��ري��ض عندما يعتين مب��ري��ض آخر‬ ‫فهو ينسي مرضه اخلاص‪.‬‬ ‫يقولون أن بريناردشو اتصل بطبيبه اخلاص وقال‪:‬‬ ‫«أنا يف حالة سيئة ألنين أشعر أن قليب سيتوقف‪،‬‬ ‫تعال فوراً! «‬ ‫عد الثالثة‬ ‫ص َ‬ ‫رك��ض الطبيب وك��ان ال ب��د ل��ه أن يَ ْ‬ ‫سالمل لعند مريضه بشكل سريع مما أدى لتعرقه‬ ‫وتسرع نبض قلبه وفور دخوله لعند املريض ودون‬ ‫أن يتكلم وال بكلمة سقط على أول كرسي وجده‬ ‫وأغ��ل َ��ق عينيه‪ .‬قَ��ف��ز ب�يرن��اردش��و م��ن س��ري��ره وس��أل‬ ‫برعب‪« :‬ماذا ْحيدث معك؟ « فأجاب الطبيب‪:‬‬ ‫«ال شيء الشيء‪ ،‬يبدو أنين أَموت‪ ،‬وأنين أعاين‬ ‫من نوبة قلبية‪».‬‬ ‫��اع َ��دت��ه‪ ،‬وج��ل��ب ل��ه ك��أس من‬ ‫��س َ‬ ‫ب��دأ ب�يرن��اردش��و مبُ َ‬ ‫الشاي‪ ،‬وبضعة حبوب من األسبريين‪ ،‬وفعل كل‬ ‫مايف وسعه أن يفعل‪ .‬وبعد مضي نصف ساعة‪،‬‬ ‫ع���اد ال��ط��ب��ي��ب ل��وع��ي��ه‪ ،‬وق���ال ف��ج��أة‪« :‬اآلن علي‬ ‫املغادرة‪ ،‬أرجو أن تعطيين أجري!»‬ ‫فصاح بريناردشو‪« :‬ياللهول! أنت جيب أَن تَدفع‬

‫‪71‬‬

‫كض حولك ملدة نصف ساعة‪،‬‬ ‫يل! لقد كنت أَر ُ‬ ‫مث إنك مل تسألين حىت عن صحيت ومباذا أشعر!»‬ ‫��ب ق����ال‪« :‬ل��ق��د ع��اجل��ت��ك‪ ،‬ه���ذا هو‬ ‫ل��ك��ن ال��ط��ب��ي َ‬ ‫عالجي لك وعليك أن تَدفع يل أجريت‪».‬‬ ‫ع��ن��دم��ا ي��ك��ون اإلن���س���ان م��ه��ت��م��اً مب���رض شخص‬ ‫آخر فهو ينسى مرضه اخلاص‪ ،‬فلذلك جند هذا‬ ‫العدد الكبري من الزعماء‪ ،‬واملسؤولني واملعلمني‬ ‫ال��روح��ي�ين‪ .‬ألن ذل���ك يشغلهم ع��ن مشاكلهم‬ ‫اخل���اص���ة‪ .‬ع��ن��دم��ا ت��ك��ون ح��ي��ات��ك مليئة بالعناية‬ ‫بالناس اآلخرين‪ ،‬وخبدمة الشعب‪ ,‬عندما تكون‬ ‫موظفا للخدمات اإلجتماعية‪ ،‬وتكون تساعد‬ ‫اآلخرين‪ ،‬فستنسى اضطرابك الداخلي اخلاص‪،‬‬ ‫وستصبح مشغوال ع��ن ع��دم الرتتيب والفوضى‬ ‫الداخلية يف عاملك الروحي‪.‬‬ ‫األطباء النفسانيون اليصابون باجلنون أب��داً‪ ،‬ال‬ ‫ألهن���م حم��ص��ن��ون ض���� ّده‪ ،‬ول��ك��ن ألهن���م مشغولون‬ ‫كثرياً جبنون اآلخرين ومبُعاجلتهم ومساعدهتم على‬ ‫جت��اوز امل��رض‪ ،‬مما جيعلهم ينسون بالكامل أهنم‬ ‫أيضاً يمُْ ِك ُن أَ ْن يصابوا باجلنون‪.‬‬ ‫فت على العديد من موظفي اخلدمات‬ ‫عر ُ‬ ‫لقد تَ ّ‬ ‫االج���ت���م���اع���ي���ة‪ ،‬وم�����ع ال����زع����م����اء‪ ،‬وال���س���ي���اس���ي���ون‪،‬‬ ‫واملعلمون الروحيون‪ ،‬ووجدت أهنم يبقون أصحاء‬ ‫ألهنم مليئون باالهتمام باآلخرين‪.‬‬ ‫ول��ك��ن ع��ن��دم��ا ت��ق��ود اآلخ���ري���ن خ��ل��ف��ك‪ ،‬وجت��ع��ل‬ ‫نفسك فوقهم‪ ،‬فستكون النتيجة أن اضطرابك‬

‫���م ال���ن���اس ي��ع��ي��ش دائ���م���ا ح���ي���اة مليئة‬ ‫ال�����ذي يحَْ���ك ُ‬ ‫باإلضطرابات‬ ‫�����س ه�����و ف����ق����ط ي���ع���ي���ش ب���ش���ك���ل م����ب����اش����ر يف‬ ‫ول�����ي َ‬ ‫االضطراب‪ ،‬ولكنه يستمر بنشر االضطراب إىل‬ ‫اآلخرين‪ ،‬ألن االضطراب ال يولد إال االضطراب‪.‬‬ ‫لذلك عليك أن تذكر دائما عندما تكون يف حرية‬ ‫وتشتت القاعدة التالية‪ :‬ال تساعد أي أحد‪ ،‬ألن‬ ‫مساعدتَك تتحول إىل سم قاتل‪ .‬عندما تكون‬ ‫مضطربا فال تعمل مع اآلخرين‪ ،‬ألنك تتحول إىل‬ ‫منبع للمشاكل ويصبح مرضك معديا‪ .‬ال تَعطي‬ ‫نصيحتك ألي أحد‪ ،‬وإذا كان عندك ولو قطرة‬ ‫من الفهم فال تَأخذ النصيحة من شخص متحري‬ ‫أو مضطرب‪.‬‬ ‫إبق يف حالة يقظة وحذر‪ ،‬ألن الناس املضطربون‬ ‫َ‬ ‫حيبو َن دائماً أن يعطوا النصائح‪ ،‬وهم يعطوهنا جمانا‪،‬‬ ‫ويوزعوهنا بسخاء وكرم! خذ حذرك! فاالضطراب‬ ‫ال يولد إال االضطراب‪.‬‬ ‫الذي حيكم الناس يعيش يف احلُزن‪.‬‬ ‫عندما تتعاىل على الناس فأنت تعيش يف اضطراب‪،‬‬ ‫وعندما تسمح للغري بالتعايل عليك فأنت تَعيش‬ ‫يف احلزن‪ ،‬ألن الداو تريد‪:‬‬ ‫أن ال نؤثر على اآلخرين‬ ‫وال أن نصبح متأثرين بسلطتهم‪.‬‬ ‫ليس من احلكمة أن حناول التَأثري على اآلخرين‪،‬‬ ‫واألفضل أن نكو َن منتبهني ويقظني لكي ال نقع‬ ‫حت��ت ت��أث�ير اآلخ���ري���ن‪ .‬األن����ا امل��زي��ف��ة ذات م��ق��درة‬

‫يف معرفة النفس‬

‫يف معرفة النفس‬

‫ال��داخ��ل��ي‪ ،‬س��ي��ول��د االض���ط���راب يف ح��ي��اهت��م‪ .‬نعم‬ ‫ق��د ت��ك��ون أن��ت ق��د متاثلت للشفاء‪ ،‬وق��د يكون‬ ‫ه��ذا خم��رج مريح ملشاكلك الداخلية ولكنه نشر‬ ‫ملرضك‪ ،‬ونقل للعدوى إىل احمليطني‪.‬‬

‫على التأثر والتأثري ولكنها ال تستطيع البقاء يف‬ ‫املنتصف ‪ ,‬األنا املزيفة حتاول التَأثري على الناس‬ ‫تشعر باالرتياح‪ ،‬ألهنا تتعاىل يف ذلك‬ ‫مما جيعلها ُ‬ ‫عن احمليط‪ ،‬ولكن جيب أن نتذكر أ ّن األنا املزيفة‬ ‫تشعر بأهنا يف وضع ليس بالسيء عندما تكون‬ ‫حتت سيطرة شخص أو شيء ما‪ .‬العبيد يشعرون‬ ‫باالرتياح عندما خيضعون ألوامر سيدهم‪.‬‬ ‫هناك نوعان للتفكري يف هذا العامل‪ :‬التفكري الذي‬ ‫يحُ��ب السيطرة‪ ،‬وه��و يف األغلب تفكري ذك��ري‪،‬‬ ‫والتفكري ال��ذي يحُ��ب أن يُسيطر عليه‪ ،‬وه��و يف‬ ‫الغالب تفكري أنثوي‪ ،‬وعندما أق��ول أنثوي فأنا‬ ‫ال أقصد النساء فقط وعندما أق��ول ذك��ري فأنا‬ ‫ال أقصد الرجال فقط‪ .‬ألن��ه هناك نساء ذوات‬ ‫تفكري ذكري‪ ،‬وهناك رجال ذوي تفكري أنثوي‪.‬‬ ‫يحُ��ب السيطرة‪،‬‬ ‫ه��ذان مها نوعا التفكري‪ :‬األول ُّ‬ ‫سيطر عليه‪ ،‬ويف كليت احلالتني‬ ‫والثاين يحُ ُّ‬ ‫ب أن يُ َ‬ ‫تكون األن��ا املزيفة يف وض��ع جيد ألن��ه ليس من‬ ‫املهم أن تُسيطر على أح��د أو يُسيطر عليك‪،‬‬ ‫سيطر عليك شخص‬ ‫املهم هو أن��ت‪ .‬فعندما يُ ُ‬ ‫ما‪ ،‬فأنت أيضاً شيء مهم‪ ،‬ألن هيمنتَه وسيطرته‬ ‫تَعتمد عليك‪ ،‬فهو بدونك‪ ،‬على من سيسيطر؟‬ ‫وكيف ستكون مملكتَه‪ ،‬وهيمنته‪ ،‬وامتالكه؟ فهو‬ ‫بدونك‪ ،‬سيصبح ال أحد‪.‬‬ ‫يف كليت احلالتني تشعر األنا املزيفة أهنا يف وضع‬ ‫جيد‪ ،‬ألهن��ا ال مت��وت إال يف املنتصف‪ .‬ال تَكن‬ ‫حتت السيطرة‪ ،‬وال تحُ اول السيطرة على أحد‪.‬‬ ‫سيحدث يف تلك‬ ‫عليك أن تتخيل ببساطة ماذا‬ ‫ُ‬ ‫احلالة اليت تصبح فيها غري مهم‪ ،‬وغري ذي قيمة‬ ‫يف أية حال‪ ،‬سواء كنت سيدا أو عبدا‪ .‬السادة‬ ‫ال يستطيعون ال��ع��ي��ش ب���دون ع��ب��ي��د‪ ،‬وال��ع��ب��ي��د ال‬ ‫يستطيعو َن العيش بدون سادة‪ ،‬ألن كال الطرفني‬ ‫حمتاجون لبعضهم البعض‪ ،‬وهم مكملون لبعضهم‬

‫‪72‬‬


‫يف معرفة النفس‬

‫يف معرفة النفس‬

‫البعض‪ ،‬كما يف حالة الرجل واملرأة يُكمل كل طرف منهما اآلخر بشكل أكيد‪.‬‬ ‫فم ْن أنت عند ذلك؟ فجأة ستَختفي‪ ،‬ألنه يف هذه احلالة أنت‬ ‫عندما ال تَكون ال هذا الطرف وال ذاك َ‬ ‫غري مهم مطلقاً‪ ،‬ليس هناك أحد مرتبط بك‪ ،‬وليس هناك من حيتاج إليك‪.‬‬ ‫هناك احتياج كبري عند معظم الناس ألن يكون هناك من حيتاج إليه‪ ،‬نعم تذكر دائما أن��ك تَشعر‬ ‫جيلب لك هذا الوضع البؤس‪ ،‬ولكنك‬ ‫باالرتياح عندما تكون مطلوبا‪ ،‬وهناك من حيتاج إليك‪ .‬أحياناً‪ُ ،‬‬ ‫رغم ذلك حتاول أن تبقى يف وضعية حيتاج فيها أحد ما إليك‪.‬‬ ‫الطفل املشلول الذي ال يستطيع مفارقة السرير‪ ،‬تبقى أمه بشكل دائم قلقة بشأنه وتتسائل ما العمل؟‬ ‫أخدم وأعتين هبذا الطفل‪ ،‬ولكن حيايت تضيع بدون معىن حيث ال‬ ‫هي تقول لنفسها دائما جيب أن َ‬ ‫ميوت هذا الطفل‪ ،‬فستشعر األم أهنا ضائعة‪ ،‬وغري سعيدة‬ ‫أجد اجملال لبناء حيايت اخلاصة‪ .‬ولكن عندما ُ‬ ‫ألن هذا الطفل كان حيتاجها بشكل شديد‪ ،‬حبيث أصبحت مهمة للغاية‪.‬‬ ‫عندما ال يكون هناك من حيتاجك فمن أنت عند ذلك؟ حنن نطمح دائما النشاء حالة يكون فيها‬ ‫من حيتاجنا‪ ،‬فحىت العبيد مطلوبون يف مستوى معني‪.‬‬

‫‪73‬‬

‫‪74‬‬


‫حياة من غري أذى‬

‫ج‪ .‬كريشنامورتي‬

‫السائل‪ :‬كيف ميكن للواحد م نَّا أن يعيش على هذه األرض من غري أذى أو تدمري جلماهلا‪،‬‬ ‫من غري جلب الشقاء واملوت على اآلخرين؟‬ ‫يوم ا؟ فعل يًّ ا؟ ليس نظريًّا‪ ،‬بل فعل يًّ ا –‬ ‫كريشناموريت‪ :‬هل سبق لك أن طرحت هذا السؤال ً‬ ‫تفس ْره بأن الشقاء ضروري‪ ،‬وما إىل‬ ‫هل ت راك طرحت ذاك السؤال‪ ،‬واجهتَ ه؟ ال َّ‬ ‫ب منه‪ ،‬ال ِّ‬ ‫تتهر ْ‬ ‫بهِ‬ ‫يوم ا؟ ليس مجاهرييًّا‪،‬‬ ‫انظر إليه‪ ،‬جا ْه‪ .‬هل سبق لك أن طرحت مثل هذا السؤال ً‬ ‫ذلك‪ ،‬بل ْ‬ ‫طرح ك‬ ‫ليس للقيام مبظاهرة ضد‬ ‫سياسي بعينه يريد أن ِّ‬ ‫ٍّ‬ ‫يدم ر حديقة وطنية‪ ،‬أو هذا أو ذاك‪ُ .‬‬ ‫جمرد سؤال خت يُّ لي تصرف‬ ‫مثل هذا السؤال يعين أنك حترتق به‪ ،‬أنه شيء هائل الواقعية‪ ،‬ال َّ‬ ‫به وقت النهار‪[ .‬املسألة هي] احلياة على هذه األرض‪ ،‬جبماهلا اخلارق‪ ،‬وعدم تدمريها‪[ ،‬هي]‬ ‫أي شيء حي‪ .‬هناك طائفة مع يَّ نة يف اهلند وسيلة‬ ‫إهناء األسى‪ ،‬وعدم قتل إنسان آخر‪ ،‬عدم قتل ِّ‬ ‫قناع ا‬ ‫النقل عندهم هي املشي؛ إهنم ال يستق لُّ ون قطارات‪ ،‬وال طائ رات‪ ،‬وال عربات‪ ،‬ويضعون ً‬ ‫لكيال يقتلوا حشرة بالتنفس‪ .‬بعض تلك اجلماعة أتوا لرؤية املتك لِّ م وساروا مثامنئة ميل! وهم‬ ‫يأبون القتل‪.‬‬ ‫وهناك َم ن يقتلون‪ :‬يقتلون على سبيل الرياضة‪ ،‬يقتلون على سبيل التسلية‪ ،‬يقتلون لالنتفاع‬ ‫يدم رون األرض‪ ،‬يب ثُّون الغازات السامة‪ ،‬يلوثون اهلواء‬ ‫– صناعة اللحم َّ‬ ‫برم تها‪ .‬هناك َم ن ِّ‬ ‫بعض ا‪ .‬هذا ما بتنا نفعله باألرض وبأنفسنا‪.‬‬ ‫واملياه‪ ،‬ويلوثون بعضهم ً‬ ‫فهل بوسعنا أن حنيا على ه��ذه األرض‪ ،‬جبماهلا العظيم‪ ،‬وال جنلب الشقاء أو امل��وت على‬ ‫اآلخ��ري��ن؟ إن��ه س���ؤال ِج ���دِّي للغاية‪ .‬أن حنيا حياتنا م��ن غ�ير أن نتس بَّ ب بالشقاء أو امل��وت‬ ‫أي حيوان على سبيل الرياضة‪ ،‬أو‬ ‫لآلخرين – ذاك يعين عدم قتل إنسان‪ ،‬كما يعين عدم قتل ِّ‬ ‫من أجل طعامك‪ .‬فهل تفهم هذا ك لَّ ه؟ هذه هي املسألة‪.‬‬ ‫حلم ا قط‪ ،‬إذ يعتقدون أن القتل خطيئة؛‬ ‫كانت هناك طبقة مع يَّ نة من الناس يف اهلند مل يأكلوا ً‬ ‫يسم ون آن��ذاك بال ربامهة‪ .‬واملدنية الغربية مل تستفسر قط إ ْن كان القتل صوابًا‪ ،‬إ ْن‬ ‫وكانوا َّ‬ ‫دم رت‬ ‫برم تها من الناس‪ .‬صحيح؟ َّ‬ ‫دم ر العامل الغريب عروقً ا َّ‬ ‫مربًرا‪ .‬لقد َّ‬ ‫أي شيء حي َّ‬ ‫كان قتل ِّ‬ ‫أمريكا اهلنود‪ ،‬اكتسح ْت هم ألهنم يريدون أرضهم‪ ،‬إىل آخر القصة‪ .‬فهل بوسعنا أن حنيا على‬ ‫هذه األرض من دون قتل‪ ،‬من دون حرب؟ بوسعي أن أجيب عن هذا السؤال‪ ،‬ولكن ما قيمة‬

‫‪75‬‬

‫حياة من غري أذى‬

‫حياة من غري أذى‬

‫ٍ‬ ‫تأييدا للمذهب النبايت‪( .‬كتب أحد‬ ‫اجل��واب بنظرك‬ ‫عندئذ إ ْن كنت تقتل؟ ال أق��ول هذا ً‬ ‫الك تَّاب منذ م��دة‪“ :‬ب��ات املذهب النبايت يسري سريان ال��وب ��اء يف ب�لادن��ا”!) لكنك تقتل‬ ‫امللفوفة؛ ومنه‪ ،‬أين ترسم َّ‬ ‫اخلط الفاصل؟ وهل ت راك جتعل األمر مشكلة؟ أتفهم سؤايل؟‬ ‫إذا كنت تعارض احل��رب – مثلما يعارضها بعض البشر‪ ،‬واملتك لِّ م منهم‪ ،‬يعارضون قتل‬ ‫بشر سواهم مهما يكن السبب – ال جيوز لك أن ترسل رسالة بالربيد! إذ إن جزءًا من مثن‬ ‫الطابع الربيدي الذي تشرتيه‪ ،‬من مثن الطعام الذي حتصل عليه‪ ،‬يذهب للدفاع‪ ،‬للتس لُّ ح‪.‬‬ ‫ميول ذلك‪ ،‬إخل‪ ،‬إخل‪.‬‬ ‫إذا اشرتيت بنزينً ا (گازولني [كما يقال] يف هذا البلد) فإن جزءًا من مثنه ِّ‬ ‫تودع السجن‪ .‬إذا مل‬ ‫فماذا ستفعل إذن؟ إذا‬ ‫امتنعت عن دفع الض رائب فمصريك أن َّ‬ ‫تغرم أو َ‬ ‫َ‬ ‫گازا‪ ،‬ت راك ال تقدر أن تكتب رسائل وال أن تسافر‪ ،‬وبذلك حتشر نفسك يف‬ ‫تش ِرت طوابع أو ً‬ ‫نوع ا ما بال طائل‪ .‬فماذا ستفعل إذن؟ هل ت راك تقول‪:‬‬ ‫زاوية؛ والعيش‬ ‫حمشورا يف زاوية يبدو ً‬ ‫ً‬ ‫“ل��ن أس ��اف��ر‪ ،‬لن أكتب رس��ال��ة”؟ فهذا ك لُّ ه يساعد على اإلن ��ف��اق على اجليش واألسطول‬ ‫والتس لُّ ح – أتتابع؟ – عملية االبت زاز كلها‪ .‬أم ت راك تقارب املسألة مقاربة خمتلفة؟‬ ‫ع��ددا غفريا من الناس؛ لقد َّ‬ ‫عذبوا الناس‪،‬‬ ‫مل��اذا نقتل؟ قتلت األدي��ان‪ ،‬والسيما املسيحية‪ً ،‬‬ ‫ً‬ ‫َرَم ْو ُه م بالزندقة‪ ،‬أحرقوهم‪ .‬تعرفون تاريخ األمر ك لَّ ه‪ .‬املسلمون كذلك فعلوا ذلك‪ .‬لعل‬ ‫حيرم القتل‪.‬‬ ‫اهلندوس والبوذيني هم وحدهم القوم الذين مل يقتلوا – فدينهم ِّ‬ ‫كيف ميكن للواحد م نَّا أن حييا على هذه األرض من غري أن يقتل سواه ويتس بَّ ب يف شقائه؟‬ ‫التوغل يف ه��ذه املسألة ت��وغ �لاً عمي ًق ا ًّ‬ ‫حق ا عملية جدية للغاية‪ .‬فهل توجد صفة احملبة‬ ‫نفس ك على قتل ذلك‬ ‫تلك اليت جتيب عن هذا السؤال؟ إذا‬ ‫َ‬ ‫أحببت إنسانًا آخر أتطاوعك ُ‬ ‫أي شيء؟ – إال عندما حتتاج إىل طعام بعينه‪،‬‬ ‫خضارا وبقوالً‬ ‫الشخص؟ أت راك عند ذاك تقتل َّ‬ ‫ً‬ ‫أي شيء؟ توغل يف هذه املسائل ك لِّ ها‪ِ ،‬‬ ‫وع ِ‬ ‫األمر‪ ،‬حبق‬ ‫إخل‪ ،‬ولكن‪ ،‬ماعدا ذلك‪ ،‬أت راك تقتل َّ‬ ‫ْ‬ ‫ش َ‬ ‫ِ‬ ‫مبجرد احلديث عنه!‬ ‫اهلل‪ ،‬وال‬ ‫تكتف َّ‬ ‫يقس م العامل هي امل ثُل‪ ،‬إيديولوجيا مجاعة بعينها ضد أخرى‪ ،‬هذا التقسيم املستمر‬ ‫إن ما ِّ‬ ‫على ما يبدو بني الرجل ُوامل رأة‪ ،‬إىل آخر ما هنالك‪ .‬لقد حاولوا ردم هذه اهلوة عرب املنطق‪،‬‬ ‫أي سبيل‪.‬‬ ‫عرب العقل‪ ،‬عرب خمتلف اهليئات واملؤسسات واملنظمات‪ ،‬ومل يفلحوا يف ذلك من ِّ‬ ‫حتل هذه املشكلة – املعرفة مبعىن اخلربة امل رتاكمة‪ ،‬إىل آخر‬ ‫هذا واقع‪ .‬واملعرفة هي األخرى مل َّ‬ ‫حيل هذه املشكلة‪.‬‬ ‫قطع ا مل َّ‬ ‫ما هنالك‪ .‬والفكر ً‬

‫‪76‬‬


‫حياة من غري أذى‬

‫هنالك إذن خمرج واحد منها‪ :‬اكتشاف ماهية احلب‪ .‬احلب ليس الرغبة‪ ،‬احلب ليس االستئثار‪،‬‬ ‫احلب ليس النشاط األناين املتمركز على الذات‪ :‬أنا أوالً وأنت ثانيً ا‪ .‬ولكن تلك احملبة‪ ،‬على ما‬ ‫يبدو‪ ،‬ال معىن هلا بنظر أغلب الناس؛ قد يكتبون فيها الكتب‪ ،‬لكن ال معىن هلا [بنظرهم]‪.‬‬ ‫لذا حياولون أن خيرتعوا تلك الصفة‪ ،‬ذاك العطر‪ ،‬تلك النار‪ ،‬تلك الرمحة‪ .‬وللرمحة فطنتها‪ ،‬أي‬ ‫تنحل هذه‬ ‫الفطنة العليا‪ .‬وحني تسود تلك الفطنة‪ ،‬املولودة من الرمحة‪ ،‬من احملبة‪ ،‬إذ ذاك‬ ‫ُّ‬ ‫املشكالت ك لُّ ها ح الً بسي طًا‪ ،‬هادئًا‪ .‬لكننا ال نتابع السؤال حىت أقصاه؛ قد نتابعه فكريًّا‪،‬‬ ‫لفظ يًّ ا فقط‪ .‬أما إذا فعلت ذلك بقلبك‪ ،‬بذهنك‪ ،‬يؤيِّدمها شغ ُف ك‪ ،‬إذ ذاك فإن األرض ستبقى‬ ‫مجيلة‪ .‬عند ذاك‪ ،‬يسود شعور عظيم باجلمال يف النفس‪.‬‬ ‫أوه ْي‪ 24 ،‬أيار ‪1984‬‬ ‫َ‬

‫‪77‬‬

‫‪78‬‬


‫اإلسالم وقيم العصر‬

‫يستمد أي فكر أو منطق أو حيت أيدولوجية قوته ‪،‬ثباته‪،‬صالحيته من صموده أمام مستجدات‬ ‫الواقع‪ ،‬تغ ريات األح��داث‪ ،‬خصوبة أصولة ومرونتها مما يحُ يل هذا الفكر‪،‬املعتقد‪ ،‬إيل صخرة‬ ‫صماء عتيدة تثبت أهنا حبق منهاج قومي‪.‬‬ ‫دي��ن ودنيا‪ ،‬شريعة ومنهاج اً‪ ،‬دستور حيايت‬ ‫وم ��ن منطلق ما ً‬ ‫ص دعوا به رؤسنا ب ��أن اإلس�لام ُ‬ ‫متكامل يضمن له السعادة يف الدنيا والفوز يف اآلخرة‪.‬‬ ‫ولكن هل اإلسالم بالفعل كذلك ‪ ....‬وتأيت اإلجابة من مصدر حبثنا هذا ‪ ،‬ملرجعية إسالمية‬ ‫معروفة‪ ،‬مشهورة‪ ،‬ال يطاهلا شك وال جيرؤ احد ان يقدح فيها‪.‬‬

‫وخبصوص الكتاب مصدر حبثنا ‪ ....‬هذا رابطه ملن أراد اإلطالع وحتقيقا للمهنية والتوثيق‬ ‫هذا هو رابط الكتاب‬ ‫‪http://www.moslim.se/maktaba/kotob/ageedah-srad‬‬‫‪taymiyah.htm‬‬ ‫« حبثنا يبدأ من الصفحة ‪ 154‬حيت الصفحة ‪« 158‬‬

‫امل ��ص ��در ‪ :‬كتاب « إقتضاء ال��ص��راط املستقيم يف خمالفة أص ��ح��اب اجلحيم – لصاحبه بن‬ ‫تيمية‪ -‬املعروف بشيخ اإلسالم»‬

‫أوالً ‪ :‬معين املواطنة‬ ‫‪http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%88%D8%A7%D8‬‬ ‫‪%B7%D9%86%D8%A9‬‬

‫ومن البديهي واملنطقي من العنوان أن نعرف من املقصود بأصحاب اجلحيم !!!!! ‪ ،‬وكما‬ ‫يقول املثل الدارج « اجلواب بيظهر من عنوانه «‬ ‫الكتاب من حتقيق ‪ :‬صالح عويضة‬ ‫الناشر‪ :‬مكتبة اإلميان ‪ -‬املنصورة‪ -‬القاهرة‬ ‫عدد الصفحات = ‪ 374‬صفحة من القطع املتوسط‬

‫الهدف من البحث‬ ‫تعرية احلجه القائله بأن اإلسالم من السالم ‪.‬‬ ‫أن اإلسالم صاحل لكل زمان ومكان ‪.‬‬ ‫أن اإلسالم كشريعة يضمن احلياة الرحبه للمختلفني معه‪ ،‬قبل املؤيدين‪.‬‬

‫‪79‬‬

‫وحيت ال يتشدق متشدق‪ ،‬وملن ال يعرف من هو بن تيمية وما هي منزلته عند اتباع حممد‬ ‫نحُ يلكم إيل هذا ال رابط ‪ ،‬ألنين أؤمن متام اً بأنك إن اردت ان جتتث شجرة فعليك بضرهبا يف‬ ‫اجل��ذور‪ ،‬ألن الفروع مهما علت‪ ،‬عظمت‪ ،‬نبقي ف��روع وتقول احلكمة « أوك��ل هم إقتالع‬ ‫الشجرة ألبناء الشجرة «‬

‫اإلسالم وقيم العصر‬

‫اإلسالم وقيم العصر ‪ ( ...‬املواطنة)‬

‫‪http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D8%A8%D9%86_%‬‬ ‫‪D8%AA%D9%8A%D9%85%D9%8A%D8%A9‬‬ ‫وهذا موقعة علي الشبكة العنكبوتية‬ ‫‪/http://www.ibntaimiah.com‬‬

‫‪http://www.baheth.info/all.jsp?term=%D8%A7%D9%84%D9‬‬ ‫‪%85%D9%88%D8%A7%D8%B7%D9%86%D8%A9‬‬ ‫وهي إصطالحا أو ضمنيا « العمل علي إحتواء املواطنني من كافة االجناس‪ ،‬األع راق‪،‬الديانات‪،‬‬ ‫اجلنسيات‪ ،‬وأأل جتعل إحدي تللك الشروط سببا للتميز أو التفضيل بني مواطنيها «‬ ‫هذا هو املفهوم البشري للمواطنة‪ ،‬الذي يعترب وفقا لألديان ناقض او منتقص نظ را خلروجه‬ ‫من عقل بشري قاصر‪ ،‬وبالتايل جيب أن يكون للمواطنة يف الدين مفهوما كامال متكامال‬ ‫‪ .....‬فهل فعل الدين – اإلسالم ذلك –‬ ‫أترككم‬ ‫« مع النصوص وداللتها « ( ‪)1‬‬ ‫ولنالحظ ما بني األقواس‪ -‬فهو اعمق وأوضح من أي تعقيب مين‬ ‫الباب األول ‪ :‬الفصل األول‬ ‫يف ذكر أدلة الكتاب العزيز الدالة على النهي عن التشبه هبم‬ ‫قوله تعاىل‪{ :‬ول ��ن ترضى عنك اليهود وال النصارى حىت تتبع ملتهم قل إن هدى اهلل هو‬

‫‪80‬‬


‫اإلسالم وقيم العصر‬

‫قوله تعاىل‪{ :‬يا أيها الذين آمنوا ال تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن‬ ‫يتوهلم منكم فإنه منهم} (املائدة)‬ ‫واآلي ��ات اليت تتحدث يف امل��واالة كثرية جداً يف كتاب اهلل تعاىل‪ ،‬وفيها يثبت اهلل امل��واالة بني‬ ‫املؤمنني بعضهم لبعض وبني الكافرين بعضهم لبعض‪ ،‬وينهى عز وجل أشد النهي‪ ،‬ويتوعد‬ ‫من يتوىل الكافرين‪ ،‬ويصفه بأنه منهم وبأنه من الظاملني‪ ،‬وينفي عنه اإلميان‪.‬‬ ‫واملواالة واملوادة وإن كانت متعلقة بالقلب‪ ،‬لكن املخالفة يف الظاهر سبب يؤدي إىل قطع‬ ‫هذه املودة الباطنة وهي الطريق املؤدية إىل بغضهم وبغض مواالهتم‪.‬‬

‫« التعقيب»‬ ‫املساواة هي جوهر املواطنة‪ ،‬الود وال رتابط مها األساس يف البشر‪ ،‬القيمة الفعلية للعصر واليت‬ ‫تمُ يز فرد عن آخر هو مدي الكفاءة‪،‬التخصص‪،‬املهنية‪،‬اجلدية‪،‬اإللت زام‪،‬التفاين‪ ،‬اإلخ�لاص‪،‬‬ ‫إمجاال األخالق يا ساده هي املعيار‪.‬‬ ‫ويقاس تقدم األمم ورقيها مبدي تفعيلها وحرصها علي تطبيق تللك املفاهيم وتكريسها يف‬ ‫عقول مواطنيها سواء بالتعليم‪،‬بسن القوانني‪ ،‬او بتأسيسها يف الدساتري‪.‬‬ ‫ولكن ل�لإس�لام وجهة نظر اخ��ري فاملسلم ه��و صاحب اليد العليا‪ ،‬املسلم ال ينبغي أن‬ ‫يشارك‪،‬يتفاعل‪،‬يتعامل م ��ع غ�يره م ��ن أت��ب��اع ال ��دي ��ان ��ات االخ���ري – الح��ظ معيار التمييز او‬ ‫التفضيل‪ -‬مما يضرب معين وجوهر املواطنة يف الصميم‪.‬‬ ‫تصوير املسيحني أو اليهود كعنصر راصد وقابع وشغله الشاغل هو الكيد للمسلمني «‬ ‫نظرية املؤامرة» مما يكرس يف نفوس املسلمني بأن هذا الشخص أو متبع هذا الدين مل ولن‬ ‫يهدأ حيت يتخلص منك إن عاجال أو آجال‪ ،‬وان سكونه أو سكوته ليس سالما وال مهادنة‬ ‫وال رغبه يف التعايش ولكن لشحذ األسلحة وإعداد العٌ ده‬ ‫وهذا حييلنا لعنصريه متجذره وخيلق جوا مشحونا باحلقد والبغضاء ورغبة يف الثأر‪.‬‬

‫اإلسالم وقيم العصر‬

‫‪81‬‬

‫اهل ��دى ولئن اتبعت أهواءهم بعد ال ��ذي ج��اءك من العلم ما لك من اهلل من ويل وال نصري}‬ ‫(البقرة)}‪.‬‬ ‫ووجه الداللة يف هذه اآلية أن اهلل سبحانه أخربنا أن اليهود والنصارى ال يرضون إال باتباع‬ ‫ملتهم‪ (،‬مث زجرنا سبحانه عن اتباع أهواءهم يف قليل أو كثري لئال نوافقهم يف شئ من ملتهم‬ ‫الباطلة)‪.‬‬ ‫‪---------------------------------------------------‬‬‫( قوله تعاىل‪{ :‬وال تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات} (آل عم ران)‪.‬‬ ‫ووجه الداللة من هذه اآلية أن الذين تفرقوا واختلفوا من بعد ماجاءهم البينات هم اليهود‬ ‫والنصارى‪ ،‬الذين افرتقوا على بضع وسبعني فرقة‪( ،‬واآلي��ة خاصة يف النهي عن مشاهبتهم‬ ‫يف التفرق واالخ��ت�لاف)‪( ،‬وع��ام��ة يف النهي ع ��ن مشاهبتهم يف عامة أم��وره��م)‪ ،‬وإال مل ��ا كان‬ ‫لذكرهم فائدة يف اآلية‪ (،‬ولنهانا سبحانه عن التفرق مباشرة)‪ ،‬ولكن ملا ذكر اهلل تعاىل اليهود‬ ‫والنصارى‪ ،‬وأهن��م اختلفوا مث أمرنا مبخالفتهم‪( ،‬تبني من ذلك أن اآلي ��ة عامة يف النهي عن‬ ‫مشاهبتهم يف عامة أمورهم)‬ ‫‪---------------------------------------------------‬‬‫قوله تعاىل‪{ :‬فاحكم بينهم مبا أنزل اهلل وال تتبع أهواءهم عما جاءك من احلق لكل جعلنا‬ ‫منكم شرعة ومنهاج اً} (املائدة))‪.‬‬ ‫ووج���ه ال��دالل��ة م��ن ه��ذه اآلي���ة أن اهلل ت ��ع ��اىل ب�ين بعد م��ا هن ��ان ��ا ع��ن مشاهبة امل��ش��رك�ين‪ ،‬وات��ب��اع‬ ‫أهوائهم‪ ،‬أن لكل منا ومنهم شريعة ومنهاج اً غري شريعة اآلخ��ر ومنهاجه‪ ،‬فعلينا أن نلزم‬ ‫شريعتنا ومنهاجنا وال نشاركهم يف شريعتهم وال يف منهاجهم‬ ‫‪--------------------------------------------------‬‬‫قوله تعاىل بعد ماذكر صنيعه بأهل الكتاب‪ ،‬الذين حرفوه وبدلوه من كوهنم خيربون بيوهتم‬ ‫بأيديهم وأيدي املؤمنني قال تعاىل عقب ذلك‪{ :‬فاعتربوا يا أويل األبصار} (احلشر))‪.‬‬ ‫ووجه الداللة هو أن االعتبار أن نقيس حالنا حباهلم وأننا لو فعلنا مثل فعلهم ال ستحققنا‬ ‫من العذاب مثل الذي استحقوه‬

‫وكذلك فإن مشاركتهك يف الظاهر تؤدي إىل نوع مودة ومواالة يف الباطن وحنن منهيون عن‬ ‫ذلك‬

‫‪82‬‬


‫أمهات املؤمنني‬

‫(‪)1-1‬‬ ‫(سيدة بين املصطلق – صفيية بنت حيي)‬ ‫املصدر ‪ :‬كتاب ت راجم سيدات بيت النبوة – مجُ لد جامع – ويشمل مخسة جملدات يف جملد‬ ‫واحد‬ ‫بالرتتيب وهم‬ ‫‪ :1‬الكتاب األول أم النيب صوسلم‬ ‫‪ :2‬الكتاب الثاين ‪ :‬نساء النيب صوسلم‬ ‫‪ :3‬الكتاب الثالث ‪ :‬بنات النيب صوسلم‬ ‫‪ :4‬الكتاب ال رابع ‪ :‬السيدة زينب عقيلة بين هاشم رضي اهلل عنها‬ ‫الكتاب اخلامس ‪ :‬السيدة سكينة ‪ ،‬بنت األمام احلسني رضي اهلل عنها‬ ‫تأليف دكتورة ‪ :‬عائشة عبدالرمحن املعروفه بإسم « بنت الشاطيء»‬ ‫صــــ ‪ 285‬وما بعدها‬ ‫‪---------------------------------------------------‬‬‫« ومل تكن ق ��د ج���اوزت السابعة عشرة م ��ن عمرها ‪ ،‬لكنها ‪ ،‬علي ال��رغ��م م ��ن صغر السن‬ ‫«س الم بن مشكم القرظي )) مث‬ ‫تزوجت مرتني» ‪ :‬تزوجت اوال من فارس قومها وشاعرهم ‪ً :‬‬ ‫خلف عليها كنانة بن الربيع بن أيب احلقيق النضري )) صاحب حصن القموص أعز حصن‬ ‫يف خيرب( ‪)1‬‬ ‫تذييل ‪:‬‬ ‫يقودنا هذا إيل أنه من عادة العرب قدميا أن تتزوج الفتيات وهم صغار السن‪ ،‬مما يدلل علي‬ ‫أن زواج حممد من عائشة بنت الست أو التسع سنني كشبهة قول متهافت‪ ،‬وإن كان الرد‬ ‫قد يقول‪ ،‬فرق شاسع بني ست أو تسع سنني يف عاشئة أو سبعة عشرة عاما مع صفية !!‬ ‫فالقول الفصل هنا هو املبدأ يف حد ذاته هو أن العرف السائد واملتبع يف تللك احلقبه هو أن‬ ‫تتزوج الفتيات صغ ريات‪ ،‬وال جمال لقياس فهم عصرنا اآلين وإسقاطه علي فهم عصر مضي‬ ‫عليه ما يزيد عن األل ��ف واألربعة عشر عاما ‪ ...‬وإن كان هذا يثري عالمات شك وريبة يف‬

‫‪83‬‬

‫أمهات املؤمنني‬

‫أمهات املؤمنني – قراءة مغايرة‬

‫حجة اإلسالم األساسية بكونه يصلح لكل زمان ومكان‪.‬‬ ‫‪--------------------------------------------------‬‬‫وتاريخ الطربي ‪ 95 /3‬كذا يف السرية ‪)1(351 /3‬‬ ‫ق راءة صـــ‪286 ،285‬‬ ‫( ولن راعي ما حتته خط)‬ ‫وقد إقتحم املسلمون احلصن بعد نضال عسري ‪ ،‬وجيء بكنانة حيً ا ‪ ،‬وكان عنده كنز بين‬ ‫النضري فسأله صوسلم عنه ‪ ،‬فجحد أن يكون يعرف مكانه‪ ،‬فقال النيب صوسلم « أرأيت‬ ‫إن وجدناه عندك ‪ ،‬اأقتلك ؟» قال ‪ :‬نعم ‪ ...‬فما أكتشف خمبأ الكنز عنده ‪ ،‬دفعه صوسلم‬ ‫إيل « حممد بن َم سلمة االنصاري البدري» فضرب عنقه بأخيه « حممود بن مسلمة» الذي‬ ‫قتله اليهود يف أول املعركة عند حصار حصن ناعم القوا عليه َرحي فقتله‪2 ....‬‬ ‫تذييل ‪:‬‬ ‫شدة ومتانه بل ومنعة حصون اليهود وخاصة حصن بين النضري‪ ،‬يقودنا املعين املذكور إيل‬ ‫إستكشاف مدي اجلهد املبذول من قبل حممد واتباعه من اجل اإليقاع هبذا احلصن‪ ،‬وكذا‬ ‫منعة احلصن وصمود قومه وإستماتتهم يف الدفاع عنه ‪ ،‬مما جيعل كون حممد يقاتل بإسم‬ ‫ربه أم را مهرتئا‪ ،‬ألنه وإن كان كما يدعي فلماذا تركه يعاين هو وأتباعه طول مدة احلصار‪،‬‬ ‫ملاذا مل يرسل ط ريا أبابيل‪ ،‬أو رحيا صرصر عاتيه‪ ،‬أو صاعقة من السماء !!!! ‪ ،‬وإن كان الرد‬ ‫بالقول علي إنه يف النهاية بشر‪ ،‬فهذا يقودنا بأن حممد غري منزه وفوقيته أمر جيب التخلص‬ ‫منه ‪.‬‬ ‫خبصوص كنز بين النضري‪ ،‬حييلنا األمر إيل إستبعاد فكرة إحدي احلسنني ( النصر أو الشهادة‬ ‫) اليت كان حممد واتباعه يتشدقون باهنا اهلدف األمسي من غزواهتم ! بل إن األمر ال يعدوا‬ ‫كونه عملية سطو مسلح وإغارة علي قوم هبدف اإلستيالء علي خ رياهتم ‪ ،‬ويظهر من سياق‬ ‫الكالم بان حممد كان علي د راية مسبقه بامر هذا الكنز وهذا يدلل علي إخ رتاقه لصفوف‬ ‫بين النضري مما يقلل من قوهتم ومنعتهم ولو معنويا ‪ ،‬وحييلنا أيضا إيل أن فكرة امل��وت او‬ ‫الشهاده ما هي إال فكره طوبوية ال أساس هلا من الصحه‪ ،‬بل هي احلرب والغنائم من اجل‬ ‫الدنيا ومتعاها ‪ ...‬وهبذا السياق ‪ ،‬نتسائل عن تسامح صوسلم مع األسري‪ ،‬وفكرة املساحمه‬ ‫اليت يضرهبا بعمق كونه ساوم الرجل علي حياته إن هو إكتشف الكنز عنده‪ ،‬أت راه كان‬ ‫يظن بانه سيخافه كونه أس ريا !!! هذا يدل علي سذاجة حممد‪ ،‬فهذا رجل كان يف علو‬ ‫ومنعة يف قومه ومن البديهي أن يستميت حيت آخر نفس يف الدفاع عن نفسه‪ ،‬فهو يغار‬

‫‪84‬‬


‫أمهات املؤمنني‬

‫أمهات املؤمنني‬

‫علي أرضه وماله وال يريد مهما حدث بأن ميكن رعوي‪ ،‬بدوي‪ ،‬جاهل‪ُ ،‬م غري من خ ريات أرضه‬ ‫وأهله وإن حدث فهذا لن يتم سوي علي جثته وهو ما حدث بالفعل ‪.‬‬ ‫مما جيعلنا نسأل عن صالحية احلديث الشريف « من مات دون ماله فهو شهيد « ‪ ....‬هل‬ ‫هنا يأخذ به كموضع إعتبار‪ ،‬أم أن احلديث ن��زل ف املسلمني فقط إن ك ��ان االج��اب ��ه من‬ ‫اتباع حممد بالنفي ‪ ...‬فهذا حييلنا إيل عنصرية اإلسالم وتكريسه يف شريعته لفوقية متبعيه‬ ‫مما يدحض فكر التساوي بني البشر ‪ ،‬كون الرجل أيضا علي الديانة اليهوديه اليت يعرتف‬ ‫حممد واتباعه هبا ‪ .‬إشكالية جديده جديره بالنظر والتحقيق من قبل أتباع حممد سواء علي‬ ‫مستوي موقفم من الديانات السماوية السابقه اليت أيت اإلسالم ليتمها ‪ ،‬او علي مستوي‬ ‫صالحية شريعتهم لكل زمان ومكان وتذويبها للفوارق بني البشر ‪.‬‬ ‫طريقة تعاطي حممد معه يف النهايه بعد ثبوت وجود الكنز عنده طبقا للرواية ‪ ،‬أكان موقفه‬ ‫منه غرية علي الدين !!!‪ ،‬أم إنه كان ردا علي إنه كذب عليه خبصوص موضع الكنز ؟؟‬ ‫إن كانت األويل فمن املفرتض أن يتعاطي معه دينيا ويربهن علي مسو ومساحة شريعته كما‬ ‫إدعي بان يقول له « إذهب فأنت من الطلقاء « او حيت من منظور « لكم دينكم ويل دين‬ ‫« ‪ ......‬ولكن هل هذا ما حدث ؟؟؟‬ ‫وإن كان خبصوص الكذب يف موضع الكنز‪ ،‬فهو طالب دنيا‪ ،‬شغوف مبتاعها ‪ ،‬مما جيعله‬ ‫كرسول يف موقف شائك حيث انه من اشد الناس عزوفا عنها ‪ ....‬هل فعل هذا ؟؟؟؟‬ ‫طريقة القتل يف حد ذاهتا حتيلك إيل دالئل عن التشفي والشماته بل والسعاده مبا آل إليه‬ ‫الرجل ‪ ....‬والعربه للعقول اليت تعي وتدرك ما بني السطور ‪...‬‬ ‫‪ -2‬تاريخ الطربي ‪ ، 95/3 :‬السرية ‪ ، 351/3‬طبقات بن سعد ‪ ، 81/2‬وترمجة حممود بن‬ ‫مسلمة االنصاري وأخيه حممد بن مسلمة يف القسم األول من حرم امليم يف اإلصابة‬ ‫‪ ....‬يتبع‬

‫‪85‬‬

‫‪86‬‬


‫العالقة التاريخية بني الدين والقومية‬

‫طلعت رضوان‬

‫شهد تاريخ الشعوب العديد من املآسى ‪ ،‬بسبب ع��داء الكهنوت الديىن مل جمل الثقافة‬ ‫القومية الىت يُبدعها أى شعب عرب تارخيه امل متد ‪ .‬حدث هذا ىف مصر بصفة ُخاصة ‪ ،‬كما‬ ‫حدث ىف دول كثرية ‪ ،‬مثلما حدث ىف ُ‬ ‫أوروبا ىف العصر الوسيط ‪ .‬ومن الشخصيات البارزة‬ ‫ىف القرن ‪ 17‬م االم رباطور فردريك الثاىن الذى اهتم بفكرة (القومية اإليطالية) فرتك أمالكه‬ ‫ىف أوروبا وعاش ىف نابلى وصقلية‪ .‬وحاول توحيد إيطاليا والسيطرة على البابوية‪ .‬فكانت‬ ‫النتيجة أ ْن ((لعنه البابا واعتربه أس��وأ من الشيطان)) ولعمق وعيه خبطورة توظيف الدين‬ ‫ىف السياسة فإ ّن فردريك سعى ملقابلة رجال امللك الكامل ىف الشام عام ‪ ،1229‬ال للحرب‬ ‫والقتال ((بل لعقد معاهدة جتاه أعدائهما من املسلمني واملسيحيني على السواء)) (د‪ .‬حسن‬ ‫عثمان ىف مقدمة ترمجته الكوميديا اإلهلية‪ -‬تأليف دانىت اليجريى‪ -‬دار املعارف املصرية‪ -‬عام‬ ‫اختذت هلجة تـُسكانا‬ ‫‪ -88‬ص ‪ )18‬ومن أجل تعميق احلس القومى ‪ ،‬فإ ّن مدرسة بولونيا‬ ‫ْ‬ ‫أداة هلا ((وهى اللهجة الىت ستـُصبح اللغة اإليطالية واملرحلة األخرية ىف التطور اللغوى واألدىب‬ ‫وهى مدرسة الشعر احلديث ‪ .‬وكان من شع راء هذه املدرسة دانىت ‪ .‬وىف عام ‪1302‬صدر حكم‬ ‫مبصادرة أمالك دانىت وإح راقه حيً ا إذا وقع ىف يد احلكومة‪ .‬وكانت جرمية دانىت (من وجهة نظر‬ ‫الكهنوت الديىن) معارضته لسياسة البابا والدفاع عن فلورنسا ‪ ،‬فكان ج زاؤه النفى وحـُّرم‬ ‫ظل يُدافع عن رؤاه فوصف امل بشرين والوعاظ بأهنم مثل‬ ‫عليه رؤية وطنه إىل األبد ‪ .‬ولكنه ّ‬ ‫ُ‬ ‫((احليوانات والقسس ميألون بطوهنم الىت ال متتلىء والبابا يقبل الرشوة ‪ .‬لذلك مل يعرتف دانىت‬ ‫للبابا بصفته الدينية والسياسية‪ .‬ومل يعرتف بغري قوة الروح والفن)) أما أهم األدوار الثقافية‬ ‫الىت قام هبا دانىت فهى دفاعه عن اللغة اإليطالية باعتبارها لغة جديدة ‪ ،‬كنوع من التعبري عن‬ ‫إحساسه بوحدة الوطن اإليطاىل ‪ .‬وىف سبيل تعميق فكرته كتب كتابه (عن اللغة العامية)‬ ‫ورغم أنه كتبه بالالتينية خلاصة املتعلمني ‪ ،‬فإنه شرح الفرق بني الالتينية و(العامية) وشرح‬ ‫خصائص اللغة الىت تعمل على توحيد إيطاليا ‪ .‬وكان من رأى د‪ .‬حسن عثمان أ ّن دانىت‬ ‫((استخدم هلجة فلورنسا العامية وأحيانـًا الالتينية وهلجات إيطالية أخرى وهلجات فرنسية‪.‬‬ ‫فخلق لغة جديدة وعظيمة عندما جعل هلجة أهل فلورنسا (العامية) لغة غنية قوية قادرة‬ ‫على التعبري عن كل شىء)) (ص‪)66‬‬

‫وعن العالقة بني الدين والقوميه ‪ ،‬فإ ّن املؤرخ أورسيوس (عام ‪400‬ق‪.‬م) ّبرر اهنيار االم رباطورية‬ ‫حل‬ ‫الرومانية مبرجعية دينية فقال إ ّن اهنيارها كان ((نتيجة الغضب اإلهلى وأ ّن غضب اهلل ّ‬ ‫على الرومان ألهنم ضلوا وحادوا عن طريق اهلل بفسقهم وانغماسهم ىف الشهوات ‪ ،‬لذا أرسل‬ ‫فخربوا االم رباطورية)) فهذا املؤرخ أصابته لعنة املرجعية الدينية ‪ ،‬ألنه لو‬ ‫اهلل عليهم ال ربابرة ّ‬ ‫التزم املوضوعية لكتب عن استعمار روما للشعوب اآلمنة‪ .‬ولكتب عن آفة االستعمار وهى‬ ‫كثريا ما تستــّر بغطاء ديىن ليُ دارى‬ ‫اآلفة الىت‬ ‫ْ‬ ‫عانت منها معظم الشعوب ‪ ،‬بل إ ّن االستعمار ً‬ ‫فعلت أوروبا ىف احلروب الصليبية حبجة الدفاع عن األراضى املقدسة ‪ ،‬وكما فعل‬ ‫عورته كما‬ ‫ْ‬ ‫العرب فيما بعد حبجة نشر اإلسالم ‪ .‬وكان تعلق لويس عوض على كالم املؤرخ أورسيوس‬ ‫((بقى ه��ذا التفسري هو التفسري امل عتمد ىف العامل املسيحى أل��ف ع��ام ألن��ه ك��ان التفسري‬ ‫الرمسى الذى اعتمدته الكنيسة ُ‬ ‫قضت‬ ‫الكاثوليكية والبابوات قرنـًا بعد قرن ‪ .‬وهبذا التفسري‬ ‫ْ‬ ‫الكنيسة على كل شعور قومى ىف نفوس اإليطاليني ‪ ،‬فجعلتهم يتنكرون ألجماد جدودهم‬ ‫األول�ين أي��ام (جاهليتهم) العظيمة وي ��ت �برأون من حضارهتم (الوثنية) اجمليدة السابقة على‬ ‫انتصار املسيحية‪ .‬وكان الطابع العام الذى ساد املسيحية ىف العصور الوسطى هو حماولة‬ ‫اقتالع كل ما كان من ت راث (اجلاهلية) اليونانية والرومانية وأجماده التارخيية‪ .‬باعتبار أ ّن ذاك‬ ‫ال رتاث كفر ويُعادى اهلل واملسيح ‪ .‬ومل حيتفظوا من ذاك ال رتاث إالّ ببقايا مبتسرة من منطق‬ ‫أرسطو الستخدامه ىف السفسطة الدينية ‪ ،‬ومن مثالية أفالطون الستخدامها ىف الشطحات‬ ‫الروحانيه)) ولكن بعد النضال الفكرى الذى قام به امل بدعون الذين دافعوا عن (القومية)‬ ‫ىف مواجهة الكهنوت الديىن ‪ ،‬وكان نضاهلم مبثابة ُ‬ ‫الثورة على تعاليم الكنيسة الىت كانت‬ ‫جتسيدا للمجد الدنيوى الذى يتعارض مع ملكوت‬ ‫حتتقر االم رباطورية الرومانية ‪ ،‬بوصفها‬ ‫ً‬ ‫انتصارا جملد اآلخرة‪ .‬ولذلك قال دانىت ((لوال أ ّن الرومان صلبوا املسيح‬ ‫اهلل والزهد ىف الدنيا‬ ‫ً‬ ‫أيض ا ((يا للرومان من شعب مبارك ‪ .‬ليته ما ُولد من‬ ‫ملا كانت هناك مسيحية)) وكتب ً‬ ‫أضعف ام رباطوريتك يا روما‪ .‬وليت تقواه مل تقده ىف سبيل الضالل)) وكان تعليق لويس‬ ‫عوض ((وهكذا كان دان�تى مبثابة الفاصل بني عامل ينْ ‪ :‬عامل يؤمن ب ��أ ّن الدولة الدينية هى‬ ‫أساس التنظيم االجتماعى ‪ ،‬وعامل يؤمن بأ ّن الدولة القومية هى أساس التنظيم االجتماعى ‪.‬‬ ‫وكان دانىت من أسبق دعاة الدولة القومية الىت كانت الطابع امل ميّ ز لعصر النهضة األوروبية‪.‬‬ ‫هلذا كان انتقام البابا منه رهيبً ا ‪ :‬النفى املؤبـّد واحلرق حيً ا ُإذا عاد إىل أرض وطنه)) (ثورة‬

‫العالقة التاريخية بني الدين والقومية‬

‫‪87‬‬

‫العالقة التاريخية بني الدين والقومية‬

‫ف��رط ىف مصلحة‬ ‫وض ��ع دان�تى البابا ىف اجلحيم مع إن ��ه مقدس عند املسيحيني ‪ ،‬أل ّن البابا ّ‬ ‫ووصلت ج رأة دانىت أ ْن وضع (سيجر‬ ‫فلورنسا ‪ ،‬بينما املفروض أ ْن يكون مكانه ىف الفردوس ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫دى ب راينت) امل تهم باهلرطقة ىف الفردوس ‪ ،‬ألنه مات ىف سبيل الدفاع عن حرية ال رأى))‬ ‫ُ‬

‫‪88‬‬


‫العالقة التاريخية بني الدين والقومية‬

‫والكهنوت الديىن يعترب أ ّن (اللغة) مقدسة‪ .‬وكما حاربوا دانىت حاربوا (بيكو ديلال م رياندوال)‬ ‫ألنه كان يكتب أحباثه الفلسفية بلغة التينية ُم بسـّطة سهلة الفهم على اإلنسان العادى ‪.‬‬ ‫وكانت تـُعرف (بأسلوب باريس) بينما كان ك رادلة روما يتشيّ عون لالتينية الكالسيكية الىت‬ ‫أطلقوا عليها (الفصحى) وكانوا يتعصـّبون هلا ويعتربوهنا مكملة لإلميان (املصدر السابق‪ -‬ص‬ ‫‪ )180‬وهنا جيب مالحظة أ ّن الكهنوت الديىن وقع ىف خطأ علمى عندما أضفى (الفصاحة)‬ ‫قس موا اللغات إىل لغات‬ ‫على اللغة ‪ ،‬أل ّن (الفصيح) هو اإلنسان ‪ ،‬وعلماء اللغويات مل يُ ّ‬ ‫(فصيحة) ولغات (عرجاء) والدليل على أ ّن (الفصيح) هو اإلنسان وليست اللغة ‪ ،‬أ ّن دانىت‬ ‫متام ا عن لغة املواطن العادى‬ ‫كان يكتب أشعاره بلغة أهل فلورنسا ‪ ،‬ولكن ما كتبه خيتلف ً‬ ‫ىف حياته اليومية وال يكتب الشعر‪ ،‬رغم أ ّن اإلثن ينْ (دانىت واملواطن العادى) استخدما لغة‬ ‫دم ر املسيحيون األوائل‬ ‫واحدة‪ .‬والعداء للقومية بسبب الدين انعكس ىف العداء للفن ‪ ،‬إ ْذ ّ‬ ‫وصلت إليه أيديهم من متاثيل وصور وأطلقوا عليها ذاك املصطلح غري العلمى (وثنيه)‬ ‫كل ما‬ ‫ْ‬ ‫متام ا ومل تعد الروح إليه إالّ ىف عصر النهضة األوروبية على أيدى فنانني‬ ‫فانقرض فن النحت ً‬ ‫أمثال ليوناردو دافنشى (‪)1519 -1452‬‬ ‫دم ��ر الكهنوت ال ��دي�نى االع��ت��زاز القومى وع���ادى الفن فعل نفس ال ��ش��ىء م ��ع العِ لم ‪،‬‬ ‫وكما ّ‬ ‫وقفت الكنيسة ىف العصور الوسطى ضد تشريح جثث البشر خوفـًا من عقاب اهلل ىف‬ ‫إ ْذ‬ ‫ْ‬ ‫تكرر املوقف عندما وقف الكهنوت الديىن ضد استخدام البنج للم رأة أثناء الوضع‬ ‫اآلخرة‪ .‬مث ّ‬ ‫استنادا إىل آية ىف التوراة تنص على أ ّن ((بالوجع تلدين أوالدك)) (تكوين ‪ )3 :‬وكانت حجة‬ ‫ً‬ ‫الكهنوت أهنا لن تشعر باألمل وهى حتت تأثري خمدر الكلورفورم (برت راند رسل‪ -‬الدين والعلم‪-‬‬ ‫ترمجة رمسيس عوض‪ -‬كتاب اهلالل‪ -‬ف رباير‪)102 -97‬‬ ‫ولعل ما حدث ىف مصر بعد دخول املسيحية مث اإلسالم من بني األمثلة الدالة على خطورة‬ ‫ّ‬ ‫الكهنوت الديىن ضد القومية الثقافية لكل شعب ‪ ،‬فإذا كان العرب (املسلمون) سامهوا ىف‬ ‫ختريب اآلثار املصرية ‪ ،‬فيجب االع رتاف بأ ّن املصريني الذين اعتنقوا الديانة املسيحية كانوا‬ ‫حم ل‬ ‫هم بداية ه��ذا التخريب ‪ ،‬وىف ه��ذا الشأن كتب د‪ .‬حسني ف��وزى ((م��ن اخلطل أ ْن نـُ ّ‬

‫‪89‬‬

‫العالقة التاريخية بني الدين والقومية‬

‫الفكر ىف عصر النهضة األوروبية‪ -‬مركز األه رام للرتمجة والنشر‪ -‬عام ‪ -87‬من ص‪)49 -47‬‬ ‫أيض ا أ ّن ((بداية البدايات ىف نشوء احلضارة احلديثة هى ظهور اهليومانيزم‬ ‫وكتب لويس عوض ً‬ ‫أو املذهب اإلنساىن ‪ ،‬وبداية جتلى املذهب اإلنساىن هى ظهور الدولة القومية وحلوهلا حمل‬ ‫الدولة الدينية كأساس للتنظيم االجتماعى)) (املصدر السابق – ص ‪)73‬‬

‫املسلمني املصريني تبعة ختريب املعابد الفرعونية‪ ،‬أل ّن املسئول األول عن ه��ذا التخريب‬ ‫هم املصريون املسيحيون‪ .‬فما أ ْن أص ��در االم �براط��ور ثيودوسيوس عام ‪395‬م أم��ره بإيقاف‬ ‫العبادات الىت أطلق عليها (وثنية) ىف أحن��اء االم رباطورية ‪ ،‬حىت راح املسيحيون املصريون‬ ‫أيض ا أ ّن املسيحيني املصريني‬ ‫يهدمون أو يخُ ّربون تلك املعابد أو حيولوهنا إىل كنائس)) وكتب ً‬ ‫((بقيادة القساوسة والرهبان هدموا ما أطلقوا عليه (أوثان) ولطخوا صور املعابد واملقابر‪.‬‬ ‫ونزلوا مبعاوهلم على كل ما يستطيعون وتبطيطه وتسوية بسطح األرض ‪ .‬أو حتويلها إىل‬ ‫كنائس ‪ .‬وه��ذا م ��ا فعله املسلمون ‪ ،‬فلم ي�ت�رددوا ىف ال ��زح��ف على املعابد وإق ��ام��ة أضرحة‬ ‫األولياء ىف وسطها أو نقل أعمدهتا وأعمدة الكنائس ‪ ،‬إلعادة استعماهلا ىف املساجد)) وعن‬ ‫معبد إيزيس كتب أنه عندما استوىل أسالف البجاويني والبشاريني والعبابدة على النوبة ىف‬ ‫منتصف القرن الثالث امليالدى خضعوا لسحر إيزيس فعبدوها‪ .‬وظلت محايتهم مبسوطة‬ ‫على معبدها ىف جزيرة فيله ‪ ،‬رغم مرسوم ثيودوسيوس القاضى بغلق املعابد‪ .‬لذلك بقى‬ ‫متثال إيزيس مرفوع ال رأس ىف مواجهة املسيح الظافر‪ .‬مث متكن أسقف أسوان من أ ْن يُنكس‬ ‫متثال إيزيس ويدك مذحبها مث حول معبدها إىل كنيسة‪ .‬رغم أ ّن إيزيس كانت سيدة العامل))‬ ‫دورا ىف هذا التحول‬ ‫فهل لعب التشابه بني أسطورة الثالوث املصرى والثالوث املسيحى ً‬ ‫أحب املصرى القدمي إيزيس ‪ .‬وكان يتمثلها وهى حتمل طفلها حورس الذى أجنبته‬ ‫؟ لقد ّ‬ ‫من أوزير بعد وفاته بقوة سحرها وبدون اتصال جسدى ‪ ،‬فإذا باملسيحية تـُحدثه عن مرمي‬ ‫العذ راء وعن الطفل يسوع وعن اآلب وعن الصلب والقيامة والروح القدس ‪ .‬وهكذا كانت‬ ‫النقلة من أوزير وإيزيس وحورس ‪ ،‬إىل اآلب واالبن ومرمي البتول ‪ .‬ولكن هل هذا السبب‬ ‫يكفى هلذا التحول الذى ترتب عليه كل هذا العداء لل رتاث املصرى ‪ ،‬من ديانة قومية ولغة‬ ‫قومية وآثار؟‬ ‫وذك��ر د‪ .‬حسني ف��وزى حقيقة يتجاهلها كثريون وه��ى أ ّن كارثة مصر ىف املتعلمني ‪ ،‬أو‬ ‫ما يُطلق عليهم (مثقفني) فبعد االحتالل اليوناىن ملصر‪ ،‬سارع املتعلمون املصريون لتعلم‬ ‫اليونانية والالتينية ‪ ،‬ومل يتمسكوا بلغتهم القومية (سندباد مصرى‪ -‬أكثر من صفحة)‬ ‫وكان أبرز مثال على ذلك عندما كتب امل ��ؤرخ املصرى (مانيتون) تاريخ األس��رات املصرية‬ ‫وتكررت املأساة ىف القرن العاشر امليالدى‬ ‫بلغة الغ زاة اليونانيني ومل يكتبه بلغته القومية‪ّ .‬‬ ‫عندما كتب ساويرس بن املقفع تاريخ البطاركة بلغة الغ زاة العرب ومل يكتبه بلغته القومية‪.‬‬ ‫نظرا لتعقيدات بناء اجلملة‬ ‫مع مالحظة أ ّن ما كتبه ساويرس يُثري الضحك والسخرية ‪ً ،‬‬ ‫واألخطاء اللغوية إخل ألهنا ليست لغته القومية‪.‬‬

‫‪90‬‬


‫العالقة التاريخية بني الدين والقومية‬

‫وأم��ر السلطان امللك الناصر بغلق الكنائس مبصر والقاهرة ‪ ،‬فضرب على كل باب منها‬ ‫دفوف ومسامري‪ .‬ومت هدم كنيست ينْ باإلسكندرية)) (ابن تغرى بردى‪ -‬النجوم ال زاهرة ىف ملوك‬ ‫مصر والقاهرة‪ -‬هيئة قصور الثقافة‪ -‬عام ‪ -2008‬ج ‪ -8‬ص ‪ )134‬وذكر ابن خلدون أ ّن‬ ‫اخلليفة املأمون ((مجع الفعلة هلدم األه رام ولكنهم مل يتمكنوا)) (املقدمة‪ -‬املطبعة األزهرية‪-‬‬ ‫عام ‪ -1930‬ص ‪ )291‬وذكر ابن إياس أ ّن أمحد بن طولون ذهب إىل عني مشس ورأى متثاال‬ ‫فاقرتب منه ليتأمله‪ .‬مث كانت الكارثة الىت تسبّ ب فيها (الكهان املسيحيون) إ ْذ قالوا له ((ال‬ ‫تنظر إىل هذا (الصنم) يا أمري‪ .‬فما نظر إليه أحد من والة مصر إالّ وعـُزل)) فكانت النتيجة أ ْن‬ ‫((أمر هبدمه ومل يبق منه أثر)) (بدائع الزهور ىف وقائع الدهور‪ -‬ج‪ -1‬هيئة الكتاب املصرية‪-‬‬ ‫لظل التمثال ىف مكانه ولكن‬ ‫عام ‪82‬ص ‪ )167‬أى لوال نصيحة رجال الكهنوت املسيحى ّ‬ ‫احلاكم (املسلم) صدق خ رافة أ ّن من ينظر إىل التمثال فسيكون مصريه العزل ‪ .‬وذكر حماولة‬ ‫هدم متثال (أبو اهلول) ىف زمن الناصر حمد بن قالوون وأ ّن األج زاء املتساقطة منه عمل منها‬ ‫((قواعد وأعتاب للجامع اجلديد)) (ص‪ )13‬وحماولة تدمري متثال (أبو اهلول) أكدها املقريزى‬ ‫أيض ا فذكر أهنا متّت على يد الشيخ صائم الدهر‪ .‬وذكر ختريب اآلثار املصرية الذى مت بأمر‬ ‫ً‬ ‫صالح الدين األيوىب مبعرفة مساعده ق راقوش ‪ .‬وهبذه اآلثار مت بناء قلعة اجلبل والسور احمليط‬ ‫بالقاهرة ومصر والقناطر الىت باجليزة)) وىف عهد صالح الدين األيوىب مت هدم ‪400‬عمود أثرى‬ ‫باإلسكندرية‪ .‬أما عمرو بن العاص فأحرق املخطوطات املوجودة مبكتبة اإلسكندرية بأمر‬ ‫عمر بن اخلطاب (املواعظ واالعتبار بذكر اخلطط واآلث��ار‪ -‬ج‪ -1‬دار ص��ادر‪ -‬ب�يروت‪ -‬ص‬ ‫‪)159 ،123 ،111‬‬

‫العالقة التاريخية بني الدين والقومية‬

‫وكما فعل املسيحيون مع املعابد فعل املسلمون نفس الشىء مع املساجد ‪ ،‬فذكر املقريزى‬ ‫أ ّن احلاكم بأمر اهلل بىن مسجد (راشدة) مكان كنيسة‪ .‬ومت هدم كنيست ينْ أخري ينْ جبوار نفس‬ ‫املسجد ‪ .‬ووصل األمر لدرجة هدم بيت املقدس وكنيسة القيامة‪ .‬وهنب ما فيها من مقتنيات‬ ‫تكرر ىف عهد املستنصر باهلل لدرجة إغالق كل كنائس مصر والشام ومل‬ ‫‪ .‬وهو األمر الذى ّ‬ ‫(مقدم ا) ورفع قيمة اجلزية الىت‬ ‫يكتف بذلك وإمنا أمر الرهبان بأداء اجلزية ملدة أربع سنوات‬ ‫ً‬ ‫ك ��ان يدفعها املسيحيون (ال ��ع ��ادي ��ون) بل وص ��ل جنون ه��ذا اخلليفة (املسلم) لدرجة أ ْن أمر‬ ‫هبدم جامع عمرو بن العاص باإلسكندرية (اتعاظ احلنفا‪ -‬طبعة هيئة الكتاب املصرية‪ -‬عام‬ ‫‪ -2012‬أكثر من صفحة)‬

‫‪ ،‬مثلما فعلوا م ��ع اإلسكندر حبجة ختليصهم م ��ن ال ��ف��رس ‪ ،‬وكما فعلوا م ��ع ال ��ع ��رب حبجة‬ ‫ختليصهم من الرومان ‪ .‬بل إ ّن القساوسة (األتقياء) هم الذين أرشدوا اخلليفة املأمون على‬ ‫مكان ث��وار (ث���ورة البشموريني) ومل ينتبه ذاك الكهنوت ال ��دي�نى إىل أ ّن ال ��غ ��زاة (ك��ل الغ زاة‬ ‫بغض النظر عن جنسياهتم ودياناهتم) يستهدفون احتالل مصر وهنب مواردها‪ .‬ومل ينتبهوا‬ ‫ملا قالوه عن شعبنا من أوص ��اف فيها إهانة وحتقري‪ ،‬فمثال كتب عمر بن العاص إىل عمر‬ ‫بن اخلطاب ىف وصف شعبنا أهنم ((ملة حمقورة وذمة خمفورة)) (ابن تغرى بردى – النجوم‬ ‫ال زاهرة‪ -‬مصدر سابق‪ -‬ج‪ -1‬ص ‪ )33‬فلو أ ّن الكهنوت الديىن انتبه إىل كل ذلك وقاوم‬ ‫ال���ت هدف‬ ‫ال ��غ ��زاة ول��و (ثقافيً ا) ملا‬ ‫حدثت حم��اوالت القضاء على القومية املصرية ال�تى الز ْ‬ ‫ْ‬ ‫األصوليني الدينيني والعروبيني ومعهم كل أعداء مصر‪ ،‬وبصفة خاصة اإلدارة األمريكية‪.‬‬

‫ه��ذا ملخص قصري ع��ن ج��رائ��م الكهنوت ال��دي�نى (املسيحى ‪ /‬اإلس�لام��ى) ال���ذى مل يكتف‬ ‫بالصمت امل شني امل زرى ضد الغ زاة (اليونان‪ /‬الرومان‪ /‬العرب) وإمنا متلقهم والوقوف جبانبهم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬

‫‪89‬‬

‫‪90‬‬


‫لتحميل املجلة‬ issuu www.issuu.com/i-think-magazine Mediafire www.mediafire.com/?odd3nd897q2ne Box www.box.com/s/zhvvajbeglqpq2enaqzp facebook www.facebook.com/I.Think.Magazine Web www.ithinkmag.net www.i-think-magazine.blogspot.com

‫عيشوا‬...‫شكرًا‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.