الملحق الثقافي مرئيات "ثالثة فناني كوالج ونحات"
أفكار "بيان السايبورغ" لضونا اي ( )2محمد أسليم َه َار َاو ْ
بطاقة بيضاء
"تنهيدة صغيرة" زهرة زيراوي
متابعات "كراسات شتوية"
مريم الشرايبي ،محمد قريش ،ريم اللعبي ،صاحبي شتيوي
نزهة المشتاق في اختراق اآلفاق
بول أوستر
الشعر الشمهروشي احلديث
«بومة رانالغ»
"شعراء العالم" لويس أراغون: ْ انصرمت" "ستكون هذه الحياةُ قد ُ
عصب الكتابة
«أحرس يدي من ذئب الكتابة» ُ
رسالة برلين آخر إصدارات الفيلسوف األلماني آكسيل هونيث" رشيد بوطيب
الحب إال للحبيب األول ما ّ
"كل النساء اللواتي أحببتهن تحولن إلى فراشات في قلبي" محمد مقصيدي مع الناشر بناني" :الفرق بين وزير الثقافة وسابقه أنه يضحك أكثر"
دريئة العدد هشام فهمي
Hicham_fahmi@hotmail.com
نهاية ثمانينات وبداية تسعينات القرن املاضي ،كنت أسمع عن فنان بوهيمي اسمه عباس صالدي يقطن بحي «ديور املساكني» الشعبي مبراكش ،واملعروف بـ«حي العفاريت» ،فنان غريب األطوار، عندما غضب يوما ،حسب ما يروى عنه ،ألصق إحدى لوحاته بالسقف وج ّبسها بالكامل ،كانت والدته تبيع لوحاته بساحة جامع الفنا وكان تلميذه ،الذي ع ّلمه الرسم وأعاد صياغة عوامله ،حلاّ قا. ال أحد كان ليصدّق أن ذلك الشخص املمكن العثور عليه مقرفصا «السبسي» مع مراكشي بسيط ،هو عباس في زاوية باحلي ،يضرب ّ صالدي ،فنان يعيش في حي أكثر غرائبية ،إن دخله السرياليون سقطوا جميعا ،واحدا تلو اآلخر ،بجرعة فائقة من الواقعية ،حتى صنع وقتها مالحمه العظيمة ،بفضل عباقرته من مصارعي الثيران ّ وقطاع الطرق الذين يخبطون رؤوس املتأهبني في كل زاوية، بعضهم بالقناني ،كأنهم آلهة اإلغريق يتنازعون من أجل أن يحظوا باألسطورة لليلة واحدة .رغم ذلك ،وكي نكون منصفني ،صنع حيث «ديور املساكني» نخبة ثقافية وسياسية كان لها دور كبير في احلراك االجتماعي والشعبي باملدينة. سأكتشف ،بعدها ،عمال مشتركا لهذا الفنان مع الشاعر عبد الله زريقة ،يقترن فيه الشعر بالفن التشكيلي ،وهو «تفاحة املثلث» الصادر سنة ،1985عمل بدأت فيه جتربة زريقة الشعرية تستشرف األفق السريالي ،وأضفت عليه لوحات ص�لادي اخلرافية ،بكائناتها حتس بأنها ناطقة ،سحرا خاصا. الفرعونية وطيورها العمالقة التي ّ ملاذا اختار الشاعر عبد الله زريقة الفنان عباس صالدي بالضبط؟ هل كانت مجرد صدفة؟ هل يريد الشعر هنا أن يضفي على نفسه هالة من الغرائبية؟ أم أن أعمال صالدي بحاجة إلى لغة موازية كي تطمئننا إلى أنها ليست متعذرة على القبض ولو باللغة الشعرية؟ أعود اليوم إلى «تفاحة املثلث» لعبد الله زريقة وعباس صالدي، وهذا اللقاء بني التشكيل والشعر املغربي ،ألثير نقطة شغلتني مبكرا في مسار الشعر املغربي ،وهي هوسه ليصبح شعرا بصريا، شعر يريد أن يرى نفسه ،أن يراها متحققة أمامه على الورق ،وهو ما فعلته القصيدة الكاليغرافية ،قصيدة كانت ترى شكلها في احلروف امللتوية على البياض كـ«لبالب» ،معلنة عن نفسها للعالم. ّ تتخل أبدا عن إنشاديتها. املشكلة أن هذه النصوص احلروفية لم لذلك كانت قراءة الشعراء احلداثيني لقصائدهم ،رغم لكنة «املسيد» الراسخة فيها ،توازي بني الصوتي والبصري ،فتصبح كلمة «كبيييييييييير» ،كبيرة فعال ،في امتدادها املقروء واملرئي. ّ املفخمة أعتقد أن عبد الله زريقة لم يتو ّرط في املوجة احلروفية بالصوت واملتش ّبكة في شبكية العني ،بل حاول النفاذ بجلده وتركيب صور شعرية متروكة ملصيرها تسرد نفسها .في املقابل سنقرأ أعماال شعرية أخرى أوغلت في النص احلروفي ،للشاعر أحمد بلبداوي من بينها «حدثنا مسلوخ الفقر وردي» سنة ،1985و«هبوب الشمعدان» سنة ،1990وه��ي جت��ارب حتى ل��و ل��م تكتب بخط ال�� ّزن��ات��ي أو بالهيروغليفية ،فإن من سيقرؤها عليه أن يكون مطلعا على تراث الشيخ الدمياطي وشعره ،وأن يضع حتت وسادته كتاب «شمس املعارف الكبرى ولطائف العوارف» للشيخ أحمد البوني ،الذي عند قراءته ينكشف سر األفالك واألكوان ،وترتعد فرائص اإلنس واجلان. ال أريد أن أظلم هذه التجربة املهووسة بالتحديث وخلق نص يختلف عن النص الفقهي العمودي من جهة ،وعن نص املركز املشرقي ،ألن سياقها الثقافي واالجتماعي رمبا دفعها إلى ذلك، لكنها جتربة شعرية أسست فعليا للشعر الشمهروشي احلديث، شعر له امتداداته إلى اآلن في نصوص األجيال اجلديدة وطريقة تعاملها مع اللغة ،كأنها قدر مطلسم لن يفك شفراته غير فقيه شاعر. لذلك سنكتشف أن الكثير من شعراء الشمهروشية األوائل ،كانوا ميارسون النقد والسحر وكتابة احلروز في اجلامعات املغربية، ونقلوا أسرارهم إلى جيل شاب من السحرة احملدثني ،الذين ّ لطخوا الكتب واملالحق الثقافية وستاتوهات «الفايسبوك» بأشعارهم الشمهروشية. أتأمل هذا التراث الشعري الشمهروشي بالكثير من احملبة طبعا، ألنه بالنهاية صورة عن الثقافة املغربية احلديثة في صراعها املرير لإلعالن عن ذاتها ،وهو ما مينحنا االنطباع بأن حداثتنا حتتاج فعال إلى حتديث. وهنا أريد أن أتقاسم معكم مقطعا طريفا من ديوان شمهروشي ألحمد بلبداوي ،صدر عن «بيت الشعر» باملغرب سنة ،2009بعنوان «حتى يورق ظل أظافره» ،لكن علينا قبل ذلك ،أن نبسمل ونحوقل، حتى ال يورق ظل أظافر شمهروش وأنتم تو ّرقون اجلريدة: «قال كان على رأس إمارة قارقوبياس آغا من آل جحشليم، يدعى قاوون بن حالوشيم بن شافاط امللقب مبض ّرط احلديد بن خاقون بن شموئيل ،املعروف بابن ناقضة الوضوء ابن مغيظ مروض الذباب ،ألنه كان أمهر من ع ّلم الذباب الوقوف على بن ّ رجل واحدة .»..
لويس أراغون:
«ستكو ُن هذه احلياة ُ قد انصرمت» ْ
صاحبي شتيوي
نحات وثالثة فناني «كوالج» يشتغلون في ورشات مباشرة أمام جمهور الرباط
مرمي الشرايبي
محمد قريش
رمي اللعبي
«تنهيدة صغيرة»
بطاقة بيضاء الذات سفر النوازع والتطلعات واألفكار والقدرات ،الذي ينتهي بنا إلى ما أنت مدعو لتكونه ،هي في األخير سمتك أو هويتك .الكتابة والفرشاة هويتي .بهذا املعنى، تخلع الكتابة واللوحة عندي التقميش الواحد ،تلجأ إلى اخليال، إلى القماش املمتد أو املنصوب على هيأة اإلنسان ،الذي تراه الطير أو الوحوش أو البهائم ،فتحسبه إنسانا ،أسافر إلى الطيف ،أحدق في ما تلقيه الشمس من ظالل في دواخلي .تستهويني لعبة الشطرجن: األحمق ،امللك ،اجلندي. أكره الصباغة والكتابة الناصحة العاقلة الرشيدة من دغل لدغل ،تترصدني سهام كثيرة ،لكني أمضي أردد مع توماس ترانسترومر ،وهو يسافر من البيانو إلى الشعر: «كل امرئ باب نصف مفتوح يفضي إلى غرفة للجميع» أهامسه :معك أعلن رفضي لتعيني الغرف أسافر معك إلى غرفة للجميع على الكتابة أن تختلط باجلسد، الذي هو -الذات العالم -أن تعجن به حلما ودما. عليها أن تكون نزيف أعضاء
أيوب المزين
دريئة العدد
lالعدد l 70 :الخميس 7فبراير 5 2013
سرية .إنه نزيف مستمر ،ال يوقفه إال املوت ،الكتابة هي السفر بعيدا، ضد اليقني ،هي الترحل داخل الذات والعالم ،هي التوجع واالستسالم والبعث أصغي إلى درس مارغريت دوراس: «مأخذي على الكتب بصفة عامة ،هو كونها ليست حرة ،إنها مصنوعة ومنظمة ،كتب ظريفة بال امتداد ،بال ليل أو صمت ،بال كاتب حقيقي ،كتب «نظيفة» ذات أصول كالسيكية خالية من أية مغامرة». يوضح خبير السلوك «جيمس ماي كتلوط» ،صاحب موقع «أدوات العقل» على اإلنترنت ،والذي يعتبر مصدرا عزيزا للمعلومات« :ميكن تدريب األعصاب بشكل قوي وفعال، باستخدام األساليب الذهنية ،مثل التخيل و احملاكاة» .أليس التخيل هو استحضار صور من املاضي بواسطة التذكر؟ ويقوم التخيل بإعادة تركيب الواقع ،تركيبه وفق ما أرى ،عوالم جديدة حتاك من عوالم حتققت سابقا. أنت أمام قطع البازل ،بإمكانك اآلن أن تبني منها عاملك اخلاص .البيت العتيق الذي هدمته ،من حجارته اآلن تبني البيت الذي حتلم به. املهم أن ذلك ينعكس عندي على ما
زهرة زيراوي (كاتبة وفنانة مغربية تقيم بين بلجيكا والمغرب)
أدونه ،من خالل طرحي حلالة احللم والذاكرة.. احلياة في ذاكرة املاضي ،ومحاولة استرجاعه بتقنيات مختلفة ومعاصرة ،ألخلق هذا التوازن، ألم ّد جسرا يربط املاضي هناك، باملستقبل املتخيل هنا. أن نؤسس العالم الداخلي ،ونفتح كوة في جدار وعي املتلقي ،يعاين منها العديد من التأويالت املختلفة، ونعطي القارئ حرية إعادة إنتاج العالقات الداخلية بني مفردات الواقع ،خللق مساحة أكبر من االنفتاح الداللي للنص. إن عمقنا الوجودي يتجلى في ما يدعونا الفكر إليه ،قد يكون كتابة أو فنا من الفنون تهرب إليه الذات، صباغة أو موسيقى أو كتابة أو ذلك ،كل ما يرمم شقوقا تعكسها روح سعدي يوسف الشعرية: تان «بينهما قا ّر ِ وس ْب ٌع ِط ٌ باق.. وبينهما ُّ فص ُل املر َء عن أصلِهِ كل ما َي ِ ُّ كل ما ِ يص ُل املر َء باملستحيل». هذا وحده يظل اجلواب عن املمض املوجع والضالة التي تنشدها الذات .هذه سيروراتنا ،ما العمر؟ هل هو زمن كمي أم كيفي؟
أين أنا؟ في املغرب ،في بلجيكا ،في «سيكند اليف» ،حياة ثانية« .وفيها ،ملن خاف القِ لىُ ،متع َّز ُل» ،عندما تصبح الكتابة وطنا.. كم يروقني الهروب إلى الكتابة أو الصباغة هي العد العمري، أراوح بني حدي معادل جلسد ينكسر ،وقوة تولد في الصعب مني أستعيض بها عن أزمنة افتقدتها هناك .أردد مع جيم كاري« :كنت في حبس غامض ،حيث ال ينمو أي شيء إال الغضب». أراوح بني ماض غامض وآت منذور للكتابة لنأخذ «زمن تنهيدة» للكاتبة «آن فيليب» ،إذ يتناول عملها الدميومة الزمنية وسؤال: «ما الذي تشكله حياة اإلنسان في سلم الكون؟» ،لم أكن أريد أن أفكر إلى أي زمن سنبقى كذلك .كانت الثواني تبدو لي ساعات ،والنهارات بضع حلظات ،ماذا تساوي حياتنا برمتها ،قياسا بعمر الكون؟ «تكاد تساوي ما تستغرقه تنهيدة» ،تلك هي محصلة احليوات املتالحقة للبشر ،منذ أسالفنا ساكني الكهوف، الذين صاغوا التاريخ البشري، نحن مجرد حلقة صغيرة في سلسلة الكون.
lالعدد l 70 :الخميس 7فبراير 6 2013
"كراسات شتوية" تصدر شهر مارس عن دار "أكت سود" ّ
متابعات
بول أوستر يتأمل جسده ويسترجع ماضيه ويصرح بأنه ال يخاف الشيخوخة األخبار بدأ الروائي األمريكي بول أوستر يحس باأليام تلتهم عمره ،لذلك كتب قائال« :إن��ك تعيش شتاء حياتك» .بول أوستر الذي يبلغ من العمر 66سنة، يكتشف جسده وعمره ،في كتابه األخير ،ويالمس الشيخوخة واملوت واألمكنة التي عاشها ،ويعتبر أن «احلياة مت ّر بسرعة» ،وتترك ندوبها الواضحة. «إن���ه ل��غ��ري��ب أن ت��ص��ب��ح ع���ج���وزا .احل��ي��اة متر بسرعة .عندما تكون طفال ،اليوم يكون أكثر طوال، والصيف يبدو بال نهاية .اآلن أفتح عيني فأجدني في العام املقبل ،وأحتفل بعيد ميالد جديد!» ..هذا ما صرح به بول أوستر لوكالة «فرانس بريس»، والذي بدأ كتابة «ك ّراسات شتوية» وعمره 64سنة، وستصدر في شهر مارس عن منشورات دار «أكت سود» الفرنسية. «كنت أرغب في أن أكتب هذا الكتاب ،الختبار حياتي اخلاصة ،قبل أن أصبح شيخا أبله ..لم يعد هناك وقت في نهاية املطاف .كم من الصباحات املتبقية؟ «صرح مبتسما ثم أضاف« :لكنني لست خائفا من الشيخوخة»». ب��ول أوستر ال��ذي قضى ث�لاث سنوات ونصف العام في باريس أيام الشباب ،وقام بترجمة شعراء فرنسيني ،قال« :إنني منهمك اآلن في إعادة قراءة الترجمة الفرنسية» .هو الذي يعترف بتيهانه في املكان ،حتى في نيويورك ،ويقدم خارطة رائعة عن جسده وذكرياته« ،إنه كاتالوغ من املعطيات
احلسية ،منذ طفولتي حتى اليوم» .ويضيف« :ال أرى هذا الكتاب كسيرة ذاتية حقيقية ،وال كمذكرات. إنه عمل أدبي مركب من مقاطع سير -ذاتية ،مثل قطعة موسيقية» ،وقد أ ّلف بول أوستر ثالثة أعمال سير ذاتية ،هي «اختراع العزلة» و»الكراس األحمر» و«الشيطان من ذيله» ،ترجمت إلى 34لغة تقريبا. اختار بول أوستر ،في كتابه التأملي ،أن يكتب بصيغة املخاطب« :لقد بدأت تلقائيا بهذا الشكل، « ف��األ ن��ا» سيكون مفرطا في النرجسية .وضمير الغائب غير شخصي» ،ليؤكد أكثر «أنا ال أهتم بي شخصيا ،ولكنني أحتدث عن جتربة كوني على قيد احلياة» .لقد فضل االبتعاد عن أي نبرة متعالية في مخاطبته للقارئ ،هدفه من ذلك إدماجه ،كما يقول« :هذا ما أريده ،تأليف كتاب تشاركي بيني وبني القارئ» .ويضيف مؤلف «ثالثية نيويورك» الشهيرة ،قائال« :آمل في أن يجد القراء تشابهات م��ع ح��ي��ا ت��ه��م اخل��اص��ة .فنحن جميعا تع ّر ضنا حل��وادث ،وفقدنا أع ّز الناس إلينا ،وعرفنا اللذة واأللم ،وواجهنا املوت». في ه��ذه «ال��ك�� ّراس��ات» ،يستحضر ب��ول أوستر، باستفاضة ،والدته ،التي توفيت سنة ،2002فهي في اآلن ذاته ،فاتنة ومسؤولة وذكية ،ولكن أيضا عصبية وضحية ن��و ب��ات الهلع والفوبيا .إنها شخص ،يقول أوستر« :ال أعلم عنه شيئا تقريبا»، ويعترف أيضا بأنه «قد تظاهر باملوت في مواجهة وفاتها» ،بال دموع ومب َّنجا ،عند انهيارها ،بعد أن ظهرت عليها كل أعراض النوبة القلبية.
«كل شخص هو لغز .إننا ال نفهم حقا اآلخرين. حتى أولئك األكثر حميمية بالنسبة إلينا .وذلك لسبب ب��س��ي��ط ،ه��و أن��ن��ا نبقى غ��رب��اء ح��ت��ى عن أنفسنا» ،ثم يثير نقطة مهمة ،وهي أن «الكتابة، ّ حتل شيئا». أبدا ،ال يشكل الكاتب وزوجته الروائية «سيري هوزتفت»، ألكثر من ثالثني عاما ،أحد األزواج األكثر شهرة في األدب .ففي كتابه «ك ّراسات شتوية» ،يضفي عليها كل الفضائل اجلميلة ،ويكرر باستمرار على أنها «حب حياته» منذ التقاها يوم 23فبراير .1981 باملقابل« ،آمل في االستمرار في العيش ببيتي ال��ذي أقيم فيه ف��ي بروكلني ،منذ عشرين عاما. مادمت مازلت ق��ادرا على صعود ون��زول طوابقه األربعة ..فبروكلني هي أفضل مكان ميكن العيش فيه». «لقد ب��دأت الكتابة في سن التاسعة ،وقلت مع نفسي وأنا أبلغ خمس عشرة سنة ،أحب أن أكتب مدى احلياة»« ،أنا أكتب كل شيء باليد ،وبعد ذلك، أرقن النص على آلتي الكاتبة احملمولة القدمية». «عندما تكتب ،فإنك تعطي كل ما لديك ،حتى لو كنت ستقذف بكل شيء في اليوم نفسه .وميكنك النهوض من على مكتبك وتقول« :لقد بذلت كل م��ا ف��ي وس��ع��ي» .ب��ول أوس��ت��ر م��ن أه��م الروائيني األمريكيني اليوم ،و»ك ّراساته الشتوية» إحساس طبيعي ب��ال��زم��ن ال���ذي ي��ق�� ّرب��ن��ا أك��ث��ر ،م��ن أسئلة الشيخوخة وامل��وت ،التي يحتضنها األدب بكل عمق.
بول أوستر
أفكار
«بيان السايبورغ» لضونا هَارَاوَا ْي ()2 ماكسونس غروجييه ترجمة :محمد أسليم تسخر ضونا هارواي من مفهوم «الطبيعة» ،إذ ترى أنه لم يعد له وجود على اإلطالق في القرن العشرين، بل ومنذ أن شرع اإلنسانُ في زراعة األرض واستخدام األدوات والسفر عبر جميع أنحاء العالم .ولذا ،ال خشية من اقتران اجلسد (الطبيعي املفترض) باآللة (املتحدرة من التطورات التكنوثقافية) مادام «السايبورغ» -في رأيها -هجينا ،مما هو منطقي في حد ذات��ه :ففكرة سراب رجعي للمدافعني عن سراب جنة «الطبيعة» هي ٌ ُمفترضة مفقودة« :يتخطى «السايبروغ» مرحلة الوحدة األصلية ،مرحلة التماهي مع الطبيعة باملعنى الغربي. هذا هو وعده الالشرعي الذي ميكن أن يؤدي إلى التدمير واالضطرابات واالحتجاج والتمرد وال��ث��ورة» .تشير «ضونا هارواي» ،في دراستها ،إلى إمكانيات حقيقية لعمل نسوي نقدي وإبداعي في مجال تكنولوجيات املعرفة والبيولوجيا« :لقد َّ مت تشييد علوم االتصاالت والبيولوجيا احلديثة ،بحافز مشترك يتمثل في كون ترجمة العالم هي مشكلة ترميز ،من جهة ،والبحث عن لغة مشتركة تختفي فيها كل مقاومة للمراقبة والتحكم وإخضاع كل عدم جتانس للتفكيك ،وإعادة التجميع، واالستثمار ،والتبادل» ،من جهة أخرى .ثم تأخذ مثال الكتابة واملعنى واللغة« :الكتابة هي أوال وقبل كل شيء ،تكنولوجيا لـ«السايبورغ» .وسياسة «السايبورغ» هي الكفاح من أجل اللغة والكفاح ضد التواصل الكامل، وضد الرمز الواحد الذي يجب أن يترجم بالضبط كل معنى حتت عقيدة «مركزية القضيب» .ومتضي ضونا إلى حد ابتكار اصطالح صعب الترجمة ،هو «النزعة املركزية لقضيب اللوغوس» ،للتعبير بشكل أفضل عن التحكم «القضيب-قراطي» امل��م��ا َرس على اللوغوس (املعنى) في مجتمعنا .وفي مجال احلركة النسوية، تقترح استعادة ام��ت�لاك النساء للتكنولوجيا على ُ نحو يتيح لهنّ أخيرا ،أن يمُ سكنَ بزمام اليد األدوات َّ شجعهن ،من ثمة ،على البحث التكنوثقافية املعاصرة و ُي والتعليم وإنشاء مشاريع اجتماعية جديدة ،إلى غير ٌ أعمال لن تعيقها إطالقا حواجز العرق أو ذلك .وهي اجلنس أو العمر. وت��رى ه��اراوي أن «السايبورغ» ميضي إلى ما هو أبعد من التحوالت البيوآلية الناجتة عن االتصال جسد-آلة ،إذ تستعمل صورة «السايبورغ» ملا حتتويه من ممكنات ،وتستخدمها لعرض رؤية للعالم املقبل ��ح��اور النظام القائم بفضلها ،س ُيمكن حتطيم كل َم َ وسائر احلدود التي فرضتها الهيمنة الذكورية على ُ نفسه باعتباره اجلسد والعقل .فـ»السايبروغ» ال يعرض َ جسدا ُمع َدّال ُيعاد ابتكاره باستمرار فحسب ،بل ويظهر كذلك مبثابة مادة إلع��ادة كتابة نص جميع األجساد اخلاضعة للهيمنة ،واملتعرضة لالستغالل والتجنيس. ول��ه��ذا ال��ص��راع النظري نتيجة ،ه��ي إع���ادة النظر في النظام الرمزي الذي يجسده «السايبورغ» ،ذلك أن «الثقافة األب��وي��ة» -كما ُي�لاح��ظ م��ارك دي��ري في فصله «اجل��س��د السياسي ب��اع��ت��ب��اره س��اي��ب��ورغ��ا» - «طبقت التكنولوجيا على جسد املرأة بانتظام خلدمة االستيهامات ال��ذك��وري��ة« :أن��ت��ج مِ َ ��ص��در ُن��هُ ��و َد ��ش�� ُّد ال َّ الروايات العاطفية البارزة واملستديرة ،ولو عرقل ذلك عملية التنفس وأعاق احلركة وزعزع األعضاء الداخلية، كبرهاُ ،منتجة واألث��واب املبطنة ترفع العجيزات و ُت ِ ّ جتسدَت وض��ع جسد «أنثى حيوان ساخن» .أوه��ا ٌم َّ بالتأكيد في مفهوم «اجلنس الشبكي» -أو اجلنس َ تساءل عالم االجتماع املدعوم باحلاسوب .وقد سبق أن األمريكي شارل ماك لوهان ،منذ عام ،1951عن «أحد أكثر جوانب عاملنا الغريب ،وهو االنصهار االستيهامي للجسد في التكنولوجيا». ن��رى ،من ثمة ،ع��ودة ظهور رغبة الشريك املكبوتة ومتحرك هو هيأة املص َّممة فقط للمتعة ،بشكل عصري َ ِّ دمية قابلة للنفخ ،أو إنسان آل��ي مي��ارس اجلنس - في فيلم شفرة ع��داءُ ،ت ُ قابل «بريس» ،وهي النسخة أو املرأة الروبوت ،الفكر َة التي يحملها الذكر الغربي عن الكمال األنثوي .هذه الرؤية إلنسانية «خارجة عن كل قيد عضوي» ،متجنبة ملزالق النوم ،متخلصة من التعب ومن احلاجة إلى األكل ،ومطيعة خالقها طاعة عمياء ،تلك الفكرة تنتشر عادة في البيئة املغلقة لهواة ألعاب الفيديو واملعلوماتية (املهووسون nerds ou .)geeksويؤدي هذا االنصهار للخيال والواقع إلى خلق استيهامات ُم َج َّس َمة هي كائنات رشيقة ،مثل عارضات أزياء ثالثية األبعاد مخلوقة افتراضيا وذات تشكيل يتصف بالكمال .مخلوقات جميلة باردة مدعومة
ب��احل��اس��وب ،ذات وج���وه وس��ي��ق��ان وق��ام��ات ون��ه��ود خاضعة لرتوشاتُ ،منتجة بسلسالت ،قابلة للتبديل، وتقدم باعتبارها رموزا للجمال املعاصر .ليست هذه الصور الذكورية النموذجية سوى مرآة (وهم خطير) لشرائع عصرنا اجلمالية وحلاجة اجلنس الذكر الغربي النموذجية ،إلى سيطرة تتفق ورغباته واستيهاماته األشد حميمية .و ُيبالغ في استعمال هذه العملية في مجال اإلشهار واملجالت النسائية ،وحتى في املجالت اإليروتيكية. ويتضح هذا الشغف لتحقيق الكمال بشكل جيد ،في الكتاب «اجلمال الديجتالي» ليوليوس فييدمان ،وهو إجنيل حقيقي لعالم مصممي العوالم االفتراضية ،إذ ُ يعرض عددا كبيرا من الفنانني الذين يستعملون جميع البرامج املعلوماتية املتخصصة في الرتوش الرقمي (فوتوشوب ،مايا )..،ويعطي فكرة جيدة عن الرؤية التي يحملها مجتمعنا (وجميع البلدان) عن األنوثة. في أسطورة اجلمال :كيفية استخدام صور من اجلمال ضد املرأة ،تأخذ ناعومي وولف من جانبها ،النموذج األن��ث��وي غير قابل للتحقيق ال��ذي تقترحه صناعة مستحضرات التجميل واألزياء ،والذي تترجمه املرأة املعاصرة باأللم ،وفقدان الشهية ،واحلميات الغذائية القاسية ،واجلراحات التجميلية املتكررة ،وغيرها. واليوم ،بعد ُم��رور أكثر من ثالثني عاما ،عن رؤى ماكلوهان التحذيرية ،جت ُد موضوعات التكنولوجيا اإليروتيكية ،واجلنس املدعوم باحلاسوب ،وممارسة اجلنس مع التكنولوجيا والرغبات ال َّلحمية ،التي ال جس َد لها ،جت ُد نفسها مقترنة في جميع الفلسفات َ املرتبطة بعالم السيبرنطيقا ،وراسخة بعمق في الثقافة السيبرنيطقية ،حتت اسم «اجلنس الشبكي». وتبلغ استيهامات للجنس اآللي واآلالت اجلنسية ذروت��ه��ا ف��ي فيلم ل��ي��ون��ارد ب��ري��ت «خ��ن��زي��ر املختبر» ( ،)1984على سبيل املثال ،إذ البطل وعشيقته ملفوفان في معدات الواقع االفتراضي (قفازات تعمل باللمس، خ��وذة ،ثياب مجهزة مبعدات استشعار) ،ميارسان َّ ِجماعا افتراضيا .في عالم الفضاء السيبرنطيقي األثيري ،تظهر مثل مخلوقات ملساء وفضية تنصهر تذيب وحدة وجوهها ،ثم تنفصل في وحدة صوفية ُ اجلسد .ويع َتب ُر فيلم «فيديودروم» لديفيد كروننبرغ، مثاال آخر لهذا االفتتان باالنصهار اإليروتيكي بني اإلنسان واآللة ،الذي يتحدث عنه مارشال ماكلوهان وفيديودروم ،هو عبارة عن كائن طائر غير ُم َح َدّد الهوية ( )OVNIحقيقي ( ،)1974وهو واح ٌد من األعمال التي ال تنسى واملثيرة للقلق ،وفكرته الرئيسية (استيالء حت��والت اللحم احلقيقية االفتراضي على الواقعي و ُّ أو املتخيلة الناجتة ع��ن��ه) ،م��ات��زال ب�لا ش��ك راهنة. والعالقات شبه اجلنسية التي يقيمها ماكس رين، بطل الرواية الرئيسي مع لقطات تلفازه ،هي تحَ ذي ٌر من االنغماس في الواقع االفتراضي على نحو ما يفعل اليوم آالف مستخدمي شبكة اإلنترنت .هذا املوضوع هو ما يتناوله أيضا ُمخرج فيلم ،)1999( eXistenZ وص ُل «عصا التحكم» التي اخترعها كروننبرغ، إذ ُت َ بنوع من اإلست االصطناعي املرتبط باجلسد عن طريق احلبل السري ،وينتقل الالعب إلى قلب عالم افتراضي، أكثر حقيقة من العالم الطبيعي. من خ�لال صنع ص��ورة جديدة للجسد ،تؤثر آفاق «ال��س��اي��ب��ورغ» ب��ال��ض��رورة ع��ل��ى ال��ن��ش��اط اجلنسي، مبا أنها تخلق تفاعالت جديدة مع اخل��ارج ،إذ متر األحاسيس بني حواجز اجلسد البشري ،لتصبح ال اجلنس نهائية تقريبا .وبذلك يمُ كن لزوجني أن ميارسا َ وهما منفصلني عن بعضيهما بآالف الكيلومترات .ومع ذلك ،ليست القضايا املرتبطة باجلنس السيبراني، شأنها في ذل��ك ش��أن قضايا اجلسد والتكنولوجيا طرح مسألة عموماُ ،مج َّرد حكايات ن��ادرة ،بل إنها َت ُ «مصير النوع البشري» ،وضمن هذا املستقبل مكانة اجلنسانية وآثارها على صعيد الهوية. يرى الفنان السيبرنطيقي سطيالرك أنه« :لم يعد هناك مجال على اإلط�لاق إلدام��ة النوع البشري من خالل التوالد ،بل يدوم هذا النوع عبر رفع العالقات اجلنسية بفضل الواجهة إنسان -آل��ة .عفا ال َّزمن على اجلسد ،فنحنُ بلغنا ذروة الفلسفة وعلم وظائف األع��ض��اء ،والعقل البشري كما نعرفه ص��ار ينتمي ُ ��اب إل��ى امل��اض��ي» .وتكمل ه���اراوي« :ال ينفصل اإلجن ُ السايبورغي ع��ن اإلجن���اب العضوي .يحل اإلنتاج َّ محل اإلجن��اب ،ويبدو مماثال ألح�لام عمل العصري استعمار «السايبورغ» .حل ٌم يجعل كابوس التايلورية كامال ومثاليا».
مريم الشرايبي (المغرب) ،محمد قريش (العراق)، ريم اللعبي (المغرب) ،صاحبي شتيوي (تونس)
مرئيـات
نحات وثالثة فناني «كوالج» يشتغلون في ورشات مباشرة أمام جمهور الرباط
االخبار
ت��س��ت��م��ر م���ؤس���س���ة االي������داع وال���ت���دب���ي���ر ف����ي دع�����م ف��ك��رت��ه��ا ال���ن���اج���ح���ة ،وه����ي ع���ب���ارة عن م��ع��رض تتخلله ورش���ات فنية مباشرة أمام اجلمهور ،فابتداء م���ن 31ي��ن��اي��ر امل���اض���ي وإل���ى 28ف��ب��راي��ر اجل�����اري ،سيكون اجل��م��ه��ور ال���ول���وع ب��امل��ع��ارض الفنية ،على م��وع��د م��ع ك��ل من ال��ن��ح��ات ال��ت��ون��س��ي ص��اح��ب��ي شتيوي وثالثة فناني ال ّلصق أو «ال���ك���والج» ،وه��م الفنانتان املغربيتان مرمي الشرايبي ورمي اللعبي ،والفنان العراقي محمد ق��ري��ش .فمن ف��احت فبراير إلى السادس منهُ ،يشبع اجلمهور فضوله الفني ب��رؤي��ة فناني النحات التونسي صاحبي شتيوي «ال��ك��والج» الثالثة يشتغلون أمامه مباشرة ،وسيتابع عن كثب والدة وتركيب لوحات فن «ال��ك��والج» وتقنياته احلديثة واملبتكرة .فعبر ت��اري��خ الفن احلديث استطاع هذا الفن أن يتزاحم وي��ج��د لنفسه مكانا فنيا محترما ،منذ الدادائيني وال��س��ري��ال��ي�ين ف��ي ثالثينات القرن املاضي ،إلى املغرب ،ابن مدينة اجلديدة ،الفنان أندري ال��ب��از ف��ي الستينات ،الفنان العراقي محمد قريش ،يستعمل ال��ورق في اللصق والتركيب، رمي اللعبي
نزهة المشتاق في اختراق اآلفاق
أيوب املزين*
ها قد أتيت يا شتاء الغرب من جديد ،جئت بالروائح والعزلة وال��ذه��ب املصقول في حلق السماء ،جلبت األغنيات املبثوثة في بلعوم ّ الشيخة ّ واهتراء ال ّندى على الشجر ،من شدة النار .يعرف الواقفون في الهشيم ط��راوة العشب واعتالل حطب الغابة ،ويتذكر النائمون في الطني م ّنا، تلك املسارات الهامشية حلديقة ال ّلوكسومبورغ، َ َ والسيقان والعطور ،إلى أنْ تغرق غريك بالعنادل ُت ّ في احلوض الرئيسي ،وكل القرائن ُتع ّر َ يك« :ما َزحه الريح اخلفيف ،أسقطه في احللم ،فمات .لم يكن استشرت شعرية ليحتمل دُعابة النسيم» .كم م ّرة َ صرت ثقي ً ال بالكنايات وال ّتواريخ األمكنة حتى َ َ إعجابك بنسر أسرفت في احملبوكة ،وك��م م�� ّرة َ «زرادشت» يقطع اآلفاق البعيدة ،ك ّلما ح ّلق عالي ًا ج َرت حتته األرانب والغزالن ،فاضطر إلى ال ّنزول إلى الوحل لسفك دم الغواية .ما كان لي ،وفي ّ كل إنسان طائ ٌر كاسر ُيشبهه ،إ ّال أن أطيل التحديق ٍ بجارح يسكن خراب املدينة؛ ال استرجاع سجن الباستيل حدث باهر ،وال باحة متحف «اللوفر» ب��ذل��ك ال��ب��ه��اء ال��ب��ري��دي العتيق ،وح��ده��ا بومة «رانالغ» مثيرة لالهتمام :وافرة ال ّريش ،شامخة وحكيمة ،تتغ ّذى على جرذان املجاري الباريسية، وكم هي كثيرة وسمينة ونتنة! تطفح في القنوات واجلرائد وفي إصدارات دور ال ّنشر الرفيعة .تلك قصة أخ��رى ،األهم أن البومة تأكل لتكبر ،تأكل وتكبر ،وحتط برأسها الكبير العريض متى شاءت
محمد قريش
مرمي الشرايبي
ومي��ك��ن��ه أن ي��ق��ت��ط��ع م��ق��اال من جريدة أو ص��ورة فوتوغرافية، لكنه ال يستعمل مقصا ،ولكنه يقوم بتقنية التمزيق كي تبدو ح��واف��ي التقطيعات بتعرجات متفاوتة .الفنانة مرمي الشرايبي تقنيتها مختلفة ،فهي تصنع أشكاال هندسية وتلصقها على اللوحة ،وه��ي تستلهم طريقة رص���ف ال��زل��ي��ج امل��غ��رب��ي ،لكن دون أن يحيل فنها على روح ما يسمى بالفن العربي اإلسالمي، عكس ذلك ،فالفنانة رمي اللعبي تستلهم تقنيات عملها من جدها الذي كان س ّراجا ويوشي أسرجة اخليول ويطرزها بخيوط الذهب ال��دق��ي��ق��ة .رمي ال��ل��ع��ب��ي ت��رس��م وتنسج وتضفر وتستعمل مواد نباتية وحيوانية ومعدنية ،لها ج���ذور ف��ي امل��غ��رب وامل��ت��وس��ط. سلسلة امل��ع��ارض التي اختير ل��ه��ا ع��ن��وان «م��ع��اي��ش��ة اإلب���داع الفني» ،ستجعل امل��ارة بساحة «م��والي احلسن» يعايشون فن النحت ،حيث ستمأل الساحة م��ن��ح��وت��ات ال��ف��ن��ان ال��ت��ون��س��ي ص��اح��ب��ي ش��ت��ي��وي ،ال����ذي ق��رر اإلقامة نهائيا بالدار البيضاء، وسنكتشف منحوتات برونزية، ضمنها حصان كاليغرافي من البرونز استطاع الفنان صاحبي شتيوي أن يجعلها تتحرك وهي منصوبة في فضائنا العمومي.
«بومة رانالغ»
على عود مائل ناحية األلم. في بحر هذا الليل القاحل ،والباخرة-الدبابة ّ السني ،وفيها من تحُ اذي الرصيف املطل على نهر ّ س ّياح الدنيا يابانيون فرحون بعلو برج «إيفيل» وأمريكيون م��رح��ون بطول قاماتهم ،وأض��واء وهّ اجة ُتشعل نهد ًا ملتصق ًا فوق الزجاج ..تبدو األبدية غير مجدية وألوان اجلمهورية اخلامسة شاحبة وكئيبة .أغ��ادر املشغل الفسيح ،حيث أسكن ،ثم أنصرف ناحية جزيرة «سان-لويي» املستعجل» .لم متأ ّبط ًا رواية بول موران «الرجل ِ أكن مستعج ً ال حينها ،كنت أمشي بكسل اخلاسر، وأقرأ أسماء األزقة وأق ّيد بعضها في «ك ّناشي». انعطفت ميين ًا تارك ًا خلفي «اجلزيرة» ومبنى «معهد العالم العربي» .غالب ًا ما أتوه بني اليمني وال��ي��س��ار ،ضفة ل��ي وضفة لكم ،لكن األك��ي��د أن فرنسا قد فقدت يسار القيم في ميينية الدولة. أخذني السير إلى جسر الفنون ،على الرصيف باعة الكتب والذكريات وبعض سارقات احملفظات ّ احتكت بإحداهن القادمات من أورب��ا الشرقية، سيدة حتتمي من املطر النحيف مبظلتها الثمينة وهددتها بالبوليس ...على طرف العني ،يتعانق عشاق يعقدون قلوبهم حول أقفال موصدة بإحكام في ش ّباك حديدي طويل ،يت ُلون للحب جم ً ال ما عدت أفهمها ،لوال رفقة فتاة تخزن الثوم داخل حقيبتها ال ّزرقاء وتعصر ال ّليمون في كوب من ال ّلويزة والعسل ،وقتما داهمني األرق. مساكني كل هؤالء الذين يحتاجون ّ عشا وناي ًا وحروف ًا يكتبون بها ُغبنهم وق ّلة حيلتهم .أرمق موسيقي ًا روماني ًا يعزف على اآلكورديون في املترو املتوجه إلى «سان-جيرمان-دي-بري» ،وامرأة من سوق بـ»غامبيطا»، رجلها وسط الهندوس تق ّبل يد ُ ٍ وصبية من شمال إفريقيا يتبادلون ّ ِ الشتم وال ّلكم باألصول حتت جسر «نويي-سور-سني» .جعلتني مشاهد عديدة من احلياة االعتيادية ُأعْ ِر ُ ض عن فسحات لطاملا مارسها القادمون إلى هنا ،بهدف اإلبداع السياحي ،وهم يتحدثون بعجرفة نادرة حسه غيرهم :املآثر املسروقة واألحجار عن بذخ ال ُي ّ الضخمة املنقوشة بعناية ومثلجات «ماكدونالد» وصورهم امللتقطة عند نافورة «سان-ميشال» (انظر ،انظر ،كم هي جميلة)! يا له من إسهال
طورت ،في املقابل ،هواية سابقة وصفي عظيم! ّ كدت أفقدها« :زيارة املقابر»ّ . أفضل بساتني املقابر على احلدائق العامة ،وعندما أتعب من ازدحام الورود والدموع ،أتع ّقب بيوت ًا هجرها أصحابها إرهاق ًا أو مرض ًا :سيروان 12،زنقة لوديون؛ دريدا، ريس-أروجنيس/الضاحية القصية. أي م��دى يجعلنا من��ط عيش ب��دأت أفهم إل��ى ّ ال��ف��رن��س��ي�ين ح��زي��ن�ين ب��ل��ط��ف ،ك��م��ا ق���ال اآلخ���ر. فحينما تهترئ احلضارات أو يصيبها تعب ما، مالمح املارة في الشوارع الكبرى ،ولون حتكي ُ غائط كالب الوحيدين ،السيرة املرضية للقاطنني والزائرين على ح ّد سواء .لندع ذلك للمتخصصني في علم النفس والطهارة البيطرية .أخمن اآلن بشدة ،دون حنني ُيذكر ،في أزقة خاوية بفاس وفي مكتبة عامرة بالكالسيكيات العربية والفرنسية واإلجنليزية ،إال من بوكوفسكي .ال ميكنني أن أحب بوكوفسكي ،ذاك املمسوخ ال��ذي استفاق لنبوغه األدب��ي عندما أصبح ،كما سمى نفسه، ُ وصغرت تفاصيله «عجوز ًا ق��ذر ًا» ترهّ ل جسده التناسليةُ ،يذكرني بكاتب فرنكوفوني محسوب علينا ،استكرش اعتزاز ًا بقصصه ،ولم يقلع بعد عن ش��رب م��داد عشرة ق��رون من أناقة فرنسية مغشوشة. ليس لي بتفضيل ملاهلر على ش��وب��ان ،مهما ِ لكنك ي��ا أعمدة السمفونية التاسعة، تعالت ّ األبجدية ال تكونني بغير املرارة .تصاعدي إذن، هُ دّي أوهام القلب ،وال تدعي في باريس ،غير هذا ال ّنص الذي يؤرقني .هكذا أق ّلد سجاالت األموات وأحفر فيها لألغاني النسائية ثقوب ًا ض ّيقة يغمرها الصغيرة ،تطلبني البول والكحول .نعم يا لوسي ّ ِ حلنك اهتمام ًا وجوالت في «ريفولي»ُ .أنصت إلى وأنت تنادينني باسمي ،تقولني إن فيه غرابة غير عربية ،ك ّله لك ،اسمي الثنائي ،دعيه ُيد ّلك مخارج احلروف ومدخل الرؤية ِ إليك ،فأنا ال أحتاج غير سريرك ألدفنك فيه ،واالسم لك .لوسيّ ، ِ تأخر غروب أحتسس الغصن باق عند ال ّنافذة ّ هذا اليوم ،لك ّني ٍ وأهذي« :أين تذهبني يا بومتي ،أريد طوق ال ّريش وفناجني القهوة ألتابع اجللوس إلى املكتب في السهر». غيابك .لقد أتعبني ّ كاتب مغربي في إقامة أدبية بباريس
الملحق الثقافي
لويس أراغون:
دريئة العدد
إعداد :مبارك وساط
lالعدد l 70 :الخميس 7فبراير 7 2013
انصرمت» «ستكو ُن هذه احلياة ُ قد ْ
-1في البدء ..كانت الكذبة الكبرى اس��� ٌم ملنطقة شاسعة بإسبانيا .وليس أراغ���ونْ : مصادفة أن يكون للشاعر والروائي لويس (أو :لوي، حسب النطق الفرنسي) أراغ��ون (،)1982 -1897 اسم عائلي هو اسم هذه املنطقة ِ نفسها .فلويس، ��دري��و، الصغير ،ك��ان االب��ن غير الشرعي للويس َأن ِ مدير الشرطة (والي األمن) السابق والسفير السابق لفرنسا في إسبانيا ..من مارغريت توكا ،التي كانت َ أطلق الوالد على متزوجا .وقد عشيق ًة له وكان هو ً الطفل الوليد ،الذي لم يمُ كنه أن يعترف بأنه أبوه، اسما عائليا من ذكرى اسمه الشخصي ،و«فبرك» له ً أيام سفارته بإسبانيا .وهكذا ،سيكون عا َل ُم لويس أراغون ،من بدءِ طفولته التي قضاها في باريس ،ثم في ُنويي (البلدة اللصيقة بباريس) ،وحتى مطلع مؤسسا على كذبة كبيرة :فأمه كانت تزع ُم شبابه، َّ ِ للناس أن��ه أخ��وه��ا ،وأب���وه ك��ان يدعي أن��ه عرابه، ولن يعرف أراغ��ون نفسه احلقيقة إال بعد جتاوزه العشرين ،ومبناسبة التحاقه باجلبهة ،ف��ي سنة 1918؛ وكان قد حصل على البكالوريا سنة ،1916 وشرع في دراسة الطب ،مثلما كان أندري بريتون قد فعل في الفترة نفسها .لكن أحدًا منهما لن ُينهي دراساته الطبية تلك.
-2دادائية ..سوريالية ..قصائد أولى
نشر أراغون أولى قصائده« ،تعطش للغرب» ،في م���ارس م��ن سنة .1918وب��ع��د التحاقه باجلبهة، اشتغل كمساعد طبيب ،وسيتعرف بأندري بريتون في مستشفى «فال-دي -غراس» ،فقد كانا ُمكلفني باملهمة ذاتها ،وقضيا عددًا من ليالي احلراسة في «جناح املجانني» ،يقرآن «أناشيد مالدورور» لِلوتريامون، «وسط ما كانت اإلنذرات بالهجمات اجلوية املُ ْمكنة ُتثيره لدى املرضى من صرخات ونحيب» (ل .أراغون). الح ًقا ،بعد احل��رب ،وبعد أن انتميا معا ،ومعهما فيليب سوبو ،إلى الدادائية لفترة ،سينفصل الثالثة (بريتون ،سوبو وأراغون) عن هذه األخيرة ،ويرحلون لإلقامة في َكنف السوريالية ،التي كتب بيانها أندري زعيمها. بريتون سنة ،4192وكان َ سنة ،1920حل بباريس داعية الدادائية األكبر، الشاعر تريستان تزارا ،الروماني األصل ،الفرنسي أساسا ،والذي سيكتسب اجلنسية الفرنسية. التعبير ً كان تزارا قد كتب يقول في «مانفستو دادا :»1918 «« ...دادا» ال تعني شي ًئا ( )...أنا ضد األنساق ،أكث ُر األنساق مقبولِية ،هو أال يكون للمرء أي نسق ()... هدم فل َيقل ُكل إنسان بصوت جهوري :هنالك عمل ٍ س وتنظيف.»... كبير ،عمل َسلبي ،ينبغي إجنازهَ .ك ْن ٌ وقد حتمس أراغون (مثلما بريتون وفيليب سوبو)، ��اس��ا مجال ِ ّ الشعر للتمرد ال��دادائ��ي ال��ذي ط��ال أس ً والفن .وفي ِ 1920 نفسها ،نشر أراغون مجموعته َ وتتضمن 23قصيدة ،هي األول���ى« :ن���ا ُر ال��ف��رح»، القصائد األولى التي كتبها في مطلع حياته األدبية. نقرأ مقطعا من إحدى تلك القصائد ،وهي املعنونة «خميس خالص»: «يا ش��وارعُ ،يا ُق�� ًرى ،إلى أين ُ كنت َأ ْج��ري؟ كان اجلليد يطردني في املنعطفات نحو ِب َر ٍك ُأخرى)...( . إل��ى داخلي ينفذ النهار .ما ال��ذي َتبتغيه مني املرايا البيضاء وتلك ِ ّ النسوة اللواتي صادفتهنّ ؟ أهذه أكذوبة أم لعبة؟ دمي ليس له هذا اللون. على شوارع املريخ متوهجة اإلسفلت ،يا زهرات الثلج! اجلميع فهموا ما بقلبي (»)... ( ترجمة :م .وساط ،كما هو احلال بالنسبة إلى سائر املقطوعات فرنسية األصل املدرجة في هذا املقال). ف��ي ه��ذه السنة ِ نفسها ،ح���اول االن��ض��م��ام إلى احل��زب الشيوعي ،ونشر روايته األول��ىَ « ،أنيسيه أو البانوراما» ،التي ظهر معها اقتداره في الكتابة الروائية ،من جهة ،واستقالليته عن رفاق املسيرة األدبية ،إذ من املعلوم أن بريتون كان ي��زدري الفن الروائي. وفي باريس ما بعد احلرب العاملية األولى ،عاش أراغ��ون عالقتني غراميتني فاشلتني :مع الرسامة األمريكية إي��ي��ر دي الن��ي (ال��ت��ي ستتركه وترتبط ِبد ِْر ُيو ال روشيل) ،ثم مع دنيز ليفي (التي ستفضل أن تتزوج ببيير نافيل) .وفي ،1924تشكلت املجموعة السوريالية ،التي ضمت شعراء وفنانني ،من بينهم (بريتون ،أراغ��ون ،إيلوار وديسنوس )...ووقتها، كان أراغون يقرأ بشغف كتب هيغل وماركس ولينني وف��روي��د ،...وف��ي 1924و ،1925كتب أه��م أعمال َّ «ف�ل�ا ُح ب��اري��س» ،وه��و العمل مرحلته السوريالية: ِّ الشعري -ال َّنثري ،ال��ذي سيظهر سنة ،1926أي السنة نفسها التي ُن ِشرت له فيها مجموعته الشعرية
لويس أراغون مع رفيقته إلزا
«احلركة األبدية».
َ -3فالح باريس
عن «فالح باريس» ،قال الفيلسوف والناقد األملاني فالتر بنيامني« :لم أكن أستطيع أن أقرأ منه في املساء، وأنا في سريري ،أكث َر من صفحتني أو ثالث ،ذلك أن ما كنت أقرؤه كان يجعل قلبي يدق بقوة كبيرة ،ح َّد أنني ُ كنت أضطر إلى َت ْرك الكتاب جانبا» .وفي مالحظة درج��ت في طبعة 1966من «فالح باريس»، أولية ُأ ِ وال ش��ك ف��ي أن ال��ذي صاغها ك��ان أراغ���ون نفسه، (وإن حتدث فيها عن نفسه بضمير الغائب) ،نقرأ: « ...عن الذي ينظر إلى ُكل شيء بعينني مفتوحتني على ِسعتهما ،نقول إنه َيخرج من قريته .وهكذا، فالحا باريسيا ،كان أراغون يجول في ممر فباعتباره ً أعمال َشق بولفار هوسمان ُت ُ ُ شكل األوبرا الذي كانت خط ًرا عليه ،وكانت نظر ُته اجلديدة تلتقط وتسجل مئات املشاهد من الواجهات وامللصقات ،التي كانت الصدفة جتع ُلها ُقبالته .»...والكتاب ُيقدم لنا تأمالت السارد في املدينة التي يتجول فيها ،وتأمالته في الزمن ،ويبرز لنا قوة الرغبات العاطفية لديه ،والتي ُ يتشبث بها ليتمكن من هَ زم اليأس واجلنون ،وفي الكتاب ،حرص على التقاط ما هو عجيب في املعيش ُ (انظر مقتط ًفا اليومي ،وعلى الدفاع عن السوريالية. منه ،مرفقا باملقال).
-4الواقعية ،الحزب الشيوعي ،إلْ زَ ا في يناير ،1927التحق أراغون باحلزب الشيوعي
الفرنسي ،رفقة أندري بريتون ،وإ ْثر إيلوار ،ولن يبقى هذان األخيران في احلزب إال أشهرا معدودة ،وإن كان إيلوار سيعود إليه في ما بعد .وفي ،1928ظهر ص َّنف في األسلوب» (أو «رسالة في األسلوب»)، له ُ «م َ وهو ،نوعً ا ما« ،مانفستو أراغون األدبي» .وفيه هجوم على شخصيات أدبية ،مثل ِجيد وفاليري ،وإعادة نظر عنيفة في الفن السائد وفي احلضارة الغربية، وفيه هجاء قوي للرأسمالية ،إلى جانب عناية كبيرة بالصورة الشعرية ،فمما نقرؤه فيه ،مثال: <<<<<< «أسلوبي هو مثل الطبيعة ،ورمبا التما ُث ُل بينهما متبادَل .اتبعوني بانتباه عبر املياه التي جتري الصخور .إن َقطاعة الورق ج��داو َل ،وعلى امتداد ّ ِ تع ُ رف القرية مبا الهائلة التي تعتمدُها الط ُرقات ال ْ فيه الكفاية .يلزمك دليل وأنت جتتاز آباط الغابات. يتربص بك رجل ُم َت َذ ْأ ِبنٌ من َز َبد ،وهنا سيأكلك هناك ُ ُف ْط ٌر-مِ ي ُنو ُتور .بوارق غريبة تهيم في كل مكان تقري ًبا من ُسهولي». ....... متذأبن :منقلِب إلى ذئب .املينوتور :في امليثولوجيا اليونانية ،كائن له جسم إنسان ورأس َثور. في تلك الفترة نشر أراغونِ ،باسم مستعار ،كتابا إري��نْ » ،منع ْت ُه الرقابة. إيروسيا حتت عنوان « َف ْرج ِ كما أنه حاول االنتحار بعد مغامرة عاطفية سيئة النهاية ،وبعد تفاقم أزمتِ ه املادية .إثر ذلك ،عاد إلى نضاله السياسي وأدبه .وقد التقى ِبالشاعر الروسي فالدميير ماياكوفسكي سنة ،1928وبعدها ب ُأ ِ خت
قرينةِ هذا األخير ،إل��زا (هنالك من يكتبها :إلسا) تر ُيولِيه. ِ ُث�� َّم إنّ أراغ��ون سينحاز إل��ى التصور الواقعي االشتراكي لألدب ،األمر الذي سيؤدي إلى القطيعة بينه وبني بريتون والسوريالية ( .)1930وفي سنة ،1939سيرتبط بزواج رسمي بإلزا تريوليه (وهي روسية األصل ،اكتسبت اجلنسية الفرنسية ،وكانت ً أيضا (بالفرنسية) وحصلت على جائزة ِروائ��ي��ة «ال��غ��ون��ك��ور» سنة ،)1945ث��م يلتحق باجلبهة لِيحارب ُمجددا .وبعدها ،سيشارك ،بطريقته ،في املقاومة. وع��ل��ى ال��ع��م��وم ،ف���إن ح��ي��اة أراغ�����ون سترتبط باألساس ،بعد احلرب ،بنشاطه في احلزب الشيوعي الفرنسي وبإلزا ،وس َيزور االحتاد السوفياتي العدي َد من املرات ،و ُي ْبدي مناصرته للخط الستاليني ،ولن صبح ذا موقف نقدي إزاء ستالني ،إال بعد وفاة ُي ِ هذا األخير و َك ْش ِف خروتشوف عما عُ رف بـ»جرائم س��ت��ال�ين» .وس��ي��دي��ن أراغ����ون ،سنة ،1968تدخل اجليش األحمر لقمع «ربيع براغ» ،و َيكتب ،في تلك السنة ،مقدم ًة لرواية ميالن كونديرا« ،املزحة» ،كما سيبدي تعاطفه مع حركة «م��اي ،»1968دون أن ُيغادِ َر احلزب الشيوعي ،طبعً ا. ك��ت��ب أراغ�����ون ،وق���د أص��ب��ح ع��ض��وا ب����ارزا في احلزب املذكور ،وأصبحت إلزا رفيقته في احلياة، ُ باحلب، قصائد ُت ِشيد بالشيوعية ،وأخرى حتتفي وترتفع ب��ه إل��ى ذرى عالية ،وك��ان��ت ه��ذه األخيرة غنائية الطابع ،كالسيكية الشكل ،وقد غنى عد ًدا منها مغنون م��ع��روف��ون ،مثل لِيو فيري وج��ورج براسنس وجان فيرا ...كان براسنس أول من غنى
عصب الكتابة
«أحرس يدي من ذئب الكتابة» ُ
بدء ِّ الشعر ماسوني مخادعٌ .ال يؤمن كثيرا باﻹكراهات اجلماليةُ .يبـدد وقته في النحت أو الكسل .أحيانا يتعب ،وأحيانا ينام :حتى ثمة أحالم وكوابيس ..من عاداته أن يهمل حالقة ذقنه أليام ،لكنه طبعا ُيصر على إغراء املرآة .من هـواياته الـمشي ..في الشمس أو في أروقـة ظليلة ،في الضوء أو في سـراديب معتمة .يمُ رن استعاراته علـى اخللود ويقايض حريته باحتياالت كثيرة .ال ُيخيفه العيش هناك ،على َأسـ ّرة مسكونة بأنفاس موتى ،على أصابع مالعنة أثاث تحَ ّسسته ٍ ُ وممسوسـني ...ومنذ أن ت َذوق
حسن ملهبي خطيئة احلداثة ،صار يضع قناعا، ويهيم -مستوحشا -في أرض النثر.
درس سقراط سيكون نهارا مـختلفا ،هذا ما أعتقده .ألن مرآة تكسرت في نومي، واجلدران صارت شفافة .أعيد صياغة الصباح لينسجم مع لون قميصي ،أترك فنجان القهوة على حافة النافذة وأغادر الـبيت .أمشي مثقال بسالسل غيابك ،يسيل من أصابعي ما تبقى بداخلي من حنان. ليـس هـذا ما كنت أرغب في كتابته... ُ أردت أن أرتـب دوالب غرائزي، وأن أمنح للقسوة مبـررا أخالقيا،
حتى ينبت عشب من فكرة ذهابك. أستقبل األلم في أرض محايدة، في ذلك نوع من اخلداع ..حتى ال يكون األلم سلطة أو تدميرا ذاتيا، وتكوني أنت فقط ،دون فائض في املشاعر .سأمشي وسأفكر كم سكبنا من نبيذ لتغرق السفن في نومنا، سأمشي وسأفكر كم كانت عالية أنقاض رغباتنا على السرير .سأجد ممـرا يقود إلى أطـراف املتاهة :كأن أرمم شروخ متثال اخليانة ،كأن أخترع فلسفة للوهم ،أو أسحب من املوت ما يجعله حقيقة ..تعلمـني أن أنفاسك ما زالت محبوسة فـي صـدري ،هــذا ما يترك لـي هــواء إضافيا ...حتى حيـن تتكـسر مرآة في نومي أو تصير جدران هذا
البيت شفافة .لست نائما اآلن ،فقط أمرن كسلي على حب القطط ،وأضع حليبا في الفنجان املتروك علـى ِ ارمتيت منهـا... حافة النـافذة التـي قبـل هذا ،كـنت أعتقد أن فـالسفة اإلغريق وحدهم ينتحرون.
هامش الخطأ بعـد قـليل سنذهب ،وسنترك وراءنا أثاثا غاليا .سنذهب دون خرائط وال حقائب ،لن نركـب قطارات أو سيارات .سيكون معنا فقط خيال قليل وأســرار في جيوب املعاطف. حتى الذكريات سنتركها طعاما للقط العجوز .لم تعد لنا أشياء لنعيش
من أجلها هنا ،قد يكون في ذلك نوع من احلرية أو بعض من اليأس. عجوز آخر سنتـركـه وراءنـا :إنه األمل ،سنتركـه دون وداع وال طعام. صور كثيرة ستبقى عائمة على مياه الصنبور املعطـل ،ومسودات وهـدايا وأحـذية قـدمية .ماتزال زجاجة على رفـوف املطبخ ،سنتقاسم نبي َذها قبل أن نغادر .لن نبحث عن املفاتيح واألقفال ،سنترك األبواب مشرعـة على الهواء والـضوء واللصوص، مع علمنا أال أحد بعدنا سيأتي إلعادة بناء الـسراب .بعد قليل سنذهب ،وسيظل ِ ّ الشعر هناك ،في خلفية قليلة اإلضاءة. من مجموعة شعرية ستصدر قريبا بعنوان «النو ُم في أسـ ّرة اآلخرين»
له قصيد ًة ،هي «ليس هنالك مِ ن ُحب سعيد» ،التي كان أراغون قد كتبها في فترة أوشكت فيها عالقته بإلزا أن تنفرط ،وتلك األزمة هي التي ستلهمه أيضا ورليان» ،من قصيدة له ذات إحدى أهم رواياتهُ « ،أ ِ طابع «سياسي واقعي» ،حتمل عنوان «جواب إلى اليعاقبة» ،نقرأ: ِ املارسييز⁄ « ...أح�� ّي��ي هنا النشيد األمم��ي ض��د تراجعي يا مارسييز أمام ⁄النشيد األممي ،ذلك أن هذا ⁄هو خريف أيامك»... <<<<<< أما إلزا ،فستحضر ،باالسم أو باإلشارة في العديد من قصائد أراغون ،وباالسم في عناوين أعمال له، أشه ُرها «عيون إلزا» (وهذه ترجمة أحسن ،شعريا، من «عينا إلزا») ،و«مجنون إلزا» .من قصيدة «ليلة املنفى» ،ضمن «عيون إلزا» ،نقرأ: «( )...ك��ان��ت ُخ��ط��ى احل��امل�ين َت ِ��ط��ن على ال��ب�لاط ⁄ وع��ش ٌ ِ��ص َ ��ق ال��ب��واب��ات العريضة ⁄ ��اق يتحاضنون ل ْ ُ وبياض ِك نحن االثنني كنا ُن َعمر الالنهاية بأيادينا ⁄ يؤجج الظل اخلفيف األبدي ( )...أتذكرين تلك كان ّ الليالي التي كان يغلفنا خاللها ليل ⁄يأتي من القلب وال يليه صباح؟».. وفي «مجنون إل��زا» ،وهو كتاب شعري ُي ِ داخ ُل ُه س��رد نثري -بل ويشكل السرد التاريخي عموده الفقري ،-جند أراغون ُي ْن ِش ُد احلب ،ويقيم جسو ًرا مع احلضارة العربية في األندلس ،فثمة املجنون ِ والشخصية الغرناطي ،الهائم في طرقات غرناطة – مستوحاة من «مجنون ليلى» (قيس بن عامر النجدي، أو قيس العامري ،املذكور بكل من هاتني الصيغتني في الكتاب) ،وهنالك أبو عبد الله الصغير ،الذي ي��ن��ح��از إل��ي��ه أراغ�����ون ،وي��رغ��ب ف��ي أن يعيد إليه االعتبار ...وهنالكً ، أيضا ،الكلمات والصيغ العربية املكتوبة باحلروف الالتينية ...بل و»افتراض» أن اس ِم اإللهة اجلاهلية، اس َم إلزا قد يكون مشتقا من ْ ْ «العُ ّزى»... ومعلوم أن أراغون كتب عددًا من الروايات ،منها «أج���راس ب ْ ورل���ي���ان»... ���ال»« ،األح��ي��اء اجلميلة» و» ُأ ِ وكما سبقت اإلش��ارة ،فإن «أورليان» التي ( ُن ِش َرتْ سنة ،)1944من أهم روايات أراغون ،وقد كتبها في فترة اضطراب في العالقة بينه وبني إلزا تريوليه... فأورليان« ،البطل» ،هو ضابط فرنسي سابق خدم في بالد املشرق ،يحل بعد انتهاء احلرب العاملية األولى ُ حيث يعيش ،خ�لال فترة من عشرينات بباريس، القرن املاضي ،حياة أعزب غني عامرة بالسهرات والعالقات الغرامية العابرة ،إلى أن يلتقى ِب ِرينِ يس، التي ال ُيعجب بها في البداية ،ولكنه سرعان ما بتعلق ش��دي��د ...وهنا تبدأ تلك سيشعر جتاهها ٍ العالقة مستحيلة التح ّقق... وجدير بال ّذكر أن اس َم ِبرينيس يبدو مأخوذا ،في هذه الرواية ،من تراجيديا ل َر ِ اسنيْ ،عنوا ُنها «برينيس» ً أيضا ،وهي كذلك عن حب متع ّذر االستقرار ...تبدأ «أورليان» كالتالي: «ف��ي امل��� ّرة األول���ى التي رأى أورل��ي��ان خاللها برينيس ،بدتْ له قبيحة ح ًّقا .لقد نفر منها ،هذا ما حصل .لم ُي ِحب أسلوبها في اللباسُ .قماش لباسها ال يبدو له جدي ًرا بأن يقع عليه االختيار .لقد كانت له أفكاره في ما يخص أصناف ال ُقماش .وهذا كان ُق ً ماشا رأى نسوة كثيرات يرتدين مالبس مصنوعة مستحبا من يتوقع شي ًئا منه .األمر الذي جعله ال ُ َ أميرة من الشرق ،دون أن يبدو اس َم ٍ هذه التي حتمل ْ أنها تعتبر لزاما عليها ،أن تكون ذات ذوقَ .ش ْع ُرها صفيف .والشعر كان كاب ًيا في ذلك اليوم ،وسيئ ال َّت ْ يتطلب عناية مستمرة .ل ْم َي ُكنْ مبستطاع املقصوص ُ أورليان أن يقول إنها شقراء أو سمراء .فهُ و لم ميأل ً غامضا، منها عينيه .وقد تركت في نفسه ِإحساسا عاما ،بالب َرم واحل َنق .وتساءل عن السبب في ذلك. ّ للتناسب .فهي كانت َأم َيل إلى لقد كان هنالك انعدا ٌم ُ صر ،وشاحب ًة ( )...لو كانت ُت َسمى جان أو ماري، القِ َ عاو َد التفكي َر فيها حلظ ًة واحد ًة .لكن أن يكون ملا كانَ َ اسمها بيرينيس .لديه شعو ٌر غريب بالتط ُّير .وهذا ُ بالتحديد ما كان ُي ْحنِ ُقه. كان ُّ كل هذا ُيعي ُد إلى ذهنه بيتا ُم َعي ًنا ل ِ ِراسنيْ، وه��و البيت ال��ذي طاملا َف��� َر َ نفس ُه على ذاكرته ض َ أثناء احلرب ،وهو في اخلنادق ،ثم بعد أنْ ُس ِ ّر َح من اجليش .بيت لم يكن حتى ِل َي ِج َد ُه جمي ً ال... ُتوفيت إل��زا تريوليه سنة ،1970وم��ع��روف أن أراغون ْ أظهر ،بعد وفاتِ ها ،ميوله املثلية .وقد توفي بدوره سنة َ ،1982 مخ ِ ّلفا أكث َر من 80عمال أدبيا. وك��ان ق��د حصل على ج��ائ��زة «لينني» سنة .6591 ووفا ُته قد ُت َذكر قارئ ِشعره بقصيدة له ،عنوا ُنها «ستكون هذه ااحلياة قد انصرمتْ » ،يقول مطلعها: انصرمتْ مثلما حصن كبير «ستكون هذه احلياة قد َ حزين ُت ِر َك لِتعبره كل الرياح ⁄التيارات الهوائية فيه صفِ ُق األبواب ،ومع ذلك ليست هنالك غرفة واحدة َت ْ مغلقة )...( ⁄في هذا املسكن سواء أكنا ُقدامى أم ُج ُددًا، ما من أحد منا ُيقيم في بيت هو ح ًّقا بي ُته (.»)...
الملحق الثقافي
lالعدد l 70 :الخميس 7فبراير 8 2013 يف المكتبات
«مع الناشر»
مدير «دار طارق للنشر» قال لـ «األخبار» إن حضور الكتاب المغربي بفرنسا ضعيف
بشر بناني :الفرق بني وزير الثقافة وسابقه أنه يضحك أكثر ويوزع االبتسامات دون نتائج في هذا الحوار ،الذي تفتحه «األخبار» مع الناشرين في ملحقها الثقافي ،يكشف بشر بناني ،المشرف على «دار طارق للنشر» ،رفقة ماري لويس بلعربي عن جديد الدار ،وتأثير تأجيل المعرض على الناشرين ،والحضور الباهت للكتاب المغربي بالخارج.
حاورته :سعيدة شريف
وال���ف���رق ب��ي��ن��ه وب�ي�ن ال���وزي���ر ال��س��اب��ق بنسالم حميش ،أنه يعرف كيف يضحك ويفرق االبتسامات دون نتائج .تأجيل امل��ع��رض خطأ كبير ،فهل تخدم وزارة الثقافة مكتب معارض ال��دار البيضاء، أم الثقافة باملغرب؟ املعرض برأيي ال يخدم إال مكتب معارض الدار البيضاء، وبعض املؤسسات احمللية التي ال عالقة لها بالكتاب ،والتي تعطى لها أروقة في املعرض دون أي وجه حق ،فمنذ عشرين سنة وأنا أحضر إلى املعرض ،ويبدو لي أننا نعود إلى الوراء وال نتقدم إطالقا، مادام تنظيمه يتم بطريقة تنفر القارئ من الكتاب وال حتببه فيه.
> م��ا جديد «دار ط��ارق للنشر»؟ وه��ل ما زالت تنتهج السياسة نفسها إلى اآلن؟ تواصل «دار طارق للنشر» سياستها، التي ميكن تلخيصها في تقدمي الكتاب اجليد بثمن مناسب ،يتماشى والقدرة الشرائية للقارئ املغربي .والدار ال تراهن على إص���دار العديد م��ن الكتب ،ولهذا ف��م��ن��ش��ورات ال���دار ت��ت��راوح ب�ين 10أو 12كتابا في السنة في أحسن األحوال. وجديد الدار هذه السنة ،كتاب جماعي يضم أم��ث��اال تناهض ظ��اه��رة ال��رش��وة باللغة العربية والفرنسية واألمازيغية، يحمل عنوان «Des proverbes contre ،»la corruptionوذ ل����ك بالتنسيق م��ع «ت��ران��س��ب��ران��س��ي امل���غ���رب» ،وك��ت��اب عبارة عن قصص مصورة للكاتب عمر البرغوتي ،يحمل عنوان «BDS contre l’Apartheid et l’occupation de ،»la Palestineواملجموعة القصصية «محنة الفراغ» للكاتب واملعتقل السياسي السابق أحمد امل��رزوق��ي ،صاحب كتاب «تازمامارت :الزنزانة رقم ،»10والذي ح��ق��ق��ت ب��ه ال����دار م��ب��ي��ع��ات م��ه��م��ة .كما س��ت��ص��در ق��ري��ب��ا ع���ن ال�����دار مجموعة قصصية للكاتب أحمد بوزفور ،حتمل عنوان «نافذة على الداخل».
> م��ا تقييمك ل �ل��دع��م امل �خ �ص��ص للكتاب املغربي ،وحلضوره في املعارض اخلارجية؟
> ما موقف «دار طارق للنشر» من تأجيل فعاليات املعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء ،وسياسة الوزارة الوصية في مجال النشر والكتاب؟ امل����ع����رض س���ي���ك���ون خ����س����ارة ك��ب��ي��رة للناشرين ،لتزامنه مع معارض أخرى، ألن���ه ي��أت��ي ي��وم��ا واح����دا م��ب��اش��رة بعد م��ع��رض ب��اري��س ،إض��اف��ة إل��ى أن وزي��ر الثقافة احلالي محمد أمني الصبيحي، ل����م ي��س��ت��ش��ر ال���ن���اش���ري���ن ف����ي ت��أج��ي��ل املعرض ،ومنذ سنة لم يحقق أي شيء ي��ذك��ر ع��ل��ى م��س��ت��وى ال��ن��ش��ر وال��ك��ت��اب،
نحن في دار طارق للنشر ال نستفيد من ذعم وزارة الثقافة وال نطلب هذا الدعم إذ نشتغل بإمكانياتنا الخاصة والوزارة مطالبة فقط بشراء الكتب لتزود بها المكتبات.
الدعم ال��ذي تخصصه وزارة الثقافة للكتاب ،لم يخلف أثرا يذكر ،ولم يساهم في تقليص ثمنه إلى النصف ،كما هو مأمول منه .ونحن في ال��دار ال نستفيد م��ن ه��ذا ال��دع��م وال نطلبه ،إذ نشتغل بإمكانياتنا اخلاصة ،وال��وزارة مطالبة فقط بشراء الكتب لتزود بها املكتبات، التي توجد في وضعية كارثية .وأعتقد أن وزي��ر الثقافة ال يعرف وضعية جل امل����دن امل��غ��رب��ي��ة ،ف��ل��و ف��ع��ل ذل���ك لوقف على وضعها احلقيقي .أما عن حضور الكتاب املغربي في اخلارج فهو ضعيف جدا ،ومعرض جزر الكناري األخير كان كارثة حقيقية بكل املقاييس ،استفاد منه موظفو وزارة الثقافة فحسب. وف��ي م��ع��رض ال��ق��اه��رة ك��ان حضورنا باهتا ج��دا ،وفي فرانكفورت ال يحضر إال ن���اش���ر أو ن����اش����ران ،أم����ا م��ع��رض باريس ،الذي يعد األهم بالنسبة إلينا، ف��ح��ض��ور ال��ك��ت��اب امل��غ��رب��ي ف��ي��ه يكون ضعيفا م��ق��ارن��ة م��ع اجل��زائ��ر وت��ون��س، ألن السفارة املغربية بباريس ،واجلهات امل��س��ؤول��ة عنه ال ت��ق��وم بالتعريف به، إذ تأخذ الكتب منا باملجان وال تقوم بواجبها.
رواية «حيوات متجاورة» حملمد برادة تصدر بالفرنسية
اب��ت��داء من منتصف شهر فبراير اجل��اري، جند في املكتبات الترجمة للفرنسية لرواية «حيوات متجاورة» ،للكاتب والناقد املغربي محمد ب��رادة ،والصادرة عن منشورات «أكت سود» ،وقد ترجمتها ماتيلد شيفر بالتعاون مع محمد خوشن. رواي��ة «حيوات متجاورة» سبق أن صدرت بالعربية عن داري «الفنك» املغربية و»اآلداب» اللبنانية سنة 2009.ت��دور ال��رواي��ة حول حيوات متجاورة لثالث شخصيات ،نعيمة آيت الهنا والوارثي و»ولد هنية».
مجلة «أنفاس» املغربية تعود مع كنزة الصفريوي «مجلة «أن��ف��اس» 1973 - 1966آمال الثورة الثقافية باملغرب» ،هو الكتاب الذي سيصدر شهر م��ارس املقبل ،للصحافية والناشطة الثقافية ك��ن��زة الصفريوي، عن دار «سيروكو» املغربية ،وهو دراسة حول جتربة مجلة «أنفاس» ،كتب مقدمتها الشاعر عبد اللطيف اللعبي ،أحد مؤسسي مشروع «أنفاس».
محمود عبد الغني يترجم رواية «محمد يحبني» أللينا رييس عن مؤسسة «الدوسري للثقافة واإلب��داع»، ت��ص��در ال��ت��رج��م��ة ال��ع��رب��ي��ة ل���رواي���ة «محمد يحبني» لكاتبتها ألينا رييس ،الرواية التي كانت قد صدرت عن دار «غاليمار» سنة.1999 تعتبر ألينا رييس من أه��م روائ��ي��ات موجة أدب���ي���ة ع���ارم���ة ،ك���ان اجل��س��د واإلي��روت��ي��ك��ي محورها األس��اس��ي ،وع��رف��ت تألقا أكبر مع روايتها «اجل��زار» التي ف��ازت بجائزة «بيير لويز» ،وكتبت روايتها «محمد يحبني» بعد رحلة إلى املغرب ،وجتري أحداثها في قرية «سيدي إفني».
«رسالة برلين»
الحب إال للحبيب األول ما ّ
آخر إصدارات الفيلسوف األلماني آكسيل هونيث
كتـاب وشعـراء يـروون قصـة حبـهم األولـى
«حرية الفرد كحرية اجتماعية تقتسم بعالقة االعتراف املتبادلة مع اآلخرين»
كل النساء اللواتي أحببتهن حتولن إلى فراشات في قلبي
محمد مقصيدي
أذكر أن أول عشق دهسني بعجالته ،عندما كنت أعبر احل��ي��اة أم���ام ب��اب الطفولة .وم��ن��ذ ذل��ك ال��ي��وم ،واحل��ب يشتعل في رأس��ي كغابة حتترق .عشرات لم تسلمن من حبي :بنات اجليران ،زميالت املدرسة ،ممثالت شهيرات، رف��ي��ق��ات ال��ع��م��ل ،ع���اب���رات سقطت ع��ي��ن��اي ف��ي عيونهن بالصدفة ،نساء من روايات ..عشرات لم تسلمن من حبي: آم��ال بعينيها اخل��ض��راوي��ن ،نسرين وه��ي حتمل كتاب «االقتصاد السياسي» في الثانوية ،كيت وينسليت في فيلم «تيتانيك» ،مدام بوفاري ،مرمي وصديقتها ،خديجة ذات ال��وج��ه املالئكي ،م��ود «ال��ف��راش��ة» الفرنسية ونحن نزرع القبالت في مراكش ،تامارا اليونانية اجلميلة التي أجنبت لي ناتاليا ،سيلفيا بعينيها اإليطاليني وشعرها القصير جدا كفرح في اخلريف ،نينا التي حتب القطط أكثر مني.. ليس هنالك قليل م��ن احل��ب إن ل��م يكن ثمة كثير من اجلنون ،لكنهن يعشن كلهن اآلن في هذا القلب املريض باحلب ..آه! لقد أحببت العاهرات والطبيبات والشاعرات وع��ازف��ات الكمان والساكسفون ،أحببت ن��ادل��ة احلانة بلهيب العاطفة نفسها التي أحببت بها معلمة اللغة اإلجنليزية في ثانوية «احلسن الثاني» ببني مالل .كنت أحب يوم األحد أيضا ويوم السوق األسبوعي ..أحببت دائما،وسوف أفعل. ال ،األس�ل�اف ي��ق��ول��ون« :م��ا احل��ب إال للحبيب األول». وي���ق���ول���ون أي���ض���ا« :احل�����ب أع����م����ى» .األك��س��ي��ول��وج��ي��ا والرومانتيزم ،تقتضيان أن أجزم بالقطع وأشير بسبابتي إلى تلك احلبيبة التي أكلت قلبي مثل تفاحة .وأنا أسند ظهري إلى املجهول ..كم أحبك قبل أن أراك ،أم أنني أتعلق بالكلمات أكثر منك؟ كم أحبك بعد أن رأيتك ،أم أنني أتعلق مبا ال ينبغي لي أن أتعلق به؟ تلك العضلة الصغيرة التي تضخ الدم في صدري ،تلك العضلة التي باخلطأ يسميها الشعراء واألطباء بالقلب ،هل من الواجب أن أدفنها حتت الثلج كي أتوقف عن احلب؟! أع��رف أن��ه عصي على الشرح ما ال أري��د أن أق��ول��ه ،آه ك��م يؤملني املسكني أف�لاط��ون ،دي��وج�ين ،فيريتر ،وتلك السالومي التي ذبحت ريلكه ونيتشه على نفس العتبة. أنا العاشق ال أعرف عن العشق شيئا. وإذا فتحت قلبي ،أية فراشة ستخرج أوال؟ سوف أتركه على حاله ،الشمس تأتي وتروح ،واألرض تفيض باملوتى.
وأنا ميت قبل أن أراك وبعد أن رأيتك .لكن ،ألنني أفتح اآلن بالقلم تلك اجلروح اجلميلة ،فأنا أقول« :مرحى مرحى بالشمس وب��األرض ،أنا أحبكن جميعا ،سوف أترك لكنّ غرفتي وقلبي وأعيش كنملة في صحراء. وال ج��دوى من استعمال املنطق في الشوق ،ال جدوى من علوم التاريخ واألركيولوجيا والهندسة وامليكانيك ،ال جدوى من شرائط فيروز وجاك بريل وعبد احلليم حافظ، حتى الفاليوم والزاناكس بال فائدة ..اآلن ،وقد وضعت األحاسيس كلها على الطاولة كي أخضعها لعمليات العقل، كي أعرف كثافة كل حب على حدة ،طوله وارتفاعه ،ومن أية إلكترونات كان ،سرعته ودرجة حرارته ،ترتيبه على سلم «ريشتر» ..كي أعرف أهو حب حقيقي أم فقط نسخة مزيفة؟ فليأت علماء اآلثار ..تعالوا بالكربون ،41ثمة عظام مشاعر مجهولة ونقوشات على جدران القلب اكتشفتها للتو .ليأت مروضو األسود ..تعالوا بالفخاخ وبندقيات الصيد ،ثمة حب وحشي وجائع هنا ..في هذه الناحية من املخ .ليأت حفارو القبور ،وجتار السالح واللصوص والشرطة ،والشعراء ورجال القضاء واملهربون ،وجمهور القراء ،وممرضو الصليب األحمر ..تعالوا باآلالت وأدوات العمل ،سوف جتدون حتت جلدي تلك املرأة اخلرافية التي ال تشبه أحدا ،ال تشبه حتى نفسها. ال أع��رف مل��اذا أتذكر اآلن ،حبيبتي م��ود ولقاءنا األول ب��آس��ف��ي ،ك��ي��ف أمضينا الليلة كلها ق��ري��ب��ا م��ن الشعر واحلياة ،ال زلت أذكر طعم قبلتها األولى بعد يومني من لقاءنا األول .لكنه كان عليها أن ترحل ،وكان علي أن أبقى. اآلن،كلما وصلتني رسالة منها ،أسأل نفسي :هل حقا مود حبي األول؟ وال أعرف ملاذا أتذكر اآلن ،حبيبتي تامارا ولقاءنا األول بالدار البيضاء ،ال زلت أذكر طعم قبلتها األول��ى؟ وكيف دفعنا احلب اجلنوني إلى حماقة الزواج؟ وها نحن اآلن صديقان ،بعد أن ذهب كل واحد منا إلى عامله اخلاص .هل حقا تامارا حبي األول؟ سؤال رأيته على املرآة مرارا قبل أن نفترق. وال أعرف ملاذا أتذكر اآلن خديجة ،التي أحببتها من كل قلبي وأحببت كندا بسببها ،هي اآلن هناك ،وأنا هنا ... يبدو أنني إن لم أقفل هذه الكلمات هنا أيضا ،وأقفل قلبي معها ،فسوف جتتاحني ال��ذاك��رة ول��ن أنتهي من احلكي إلى األبد.
يواصل الفيلسوف األملاني آك���س���ي���ل ه���ون���ي���ث ،ف����ي آخ���ر إص�����دارات�����ه «ح����ق احل���ري���ة»، ق���راءت���ه وحت��ي��ي��ن��ه للمشروع الفلسفي لهيغل ،الذي كان قد ش��رع فيه منذ كتابه الشهير «ك��ف��اح م��ن أج���ل االع���ت���راف». ق����راءة تنطلق ه���ذه امل���رة من ف��ل��س��ف��ة احل�����ق ال��ه��ي��غ��ل��ي��ة، وت��ؤس��س مل��ا يسميه هونيث ب��احل��ري��ة االج��ت��م��اع��ي��ة .يبدأ هونيث بنقد مفهوم احلرية كما تطور في الفلسفة احلديثة، نقد يلتقي إل��ى ح��د كبير مبا ك��ت��ب��ه أدورن�������و ف���ي «اجل����دل ال��س��ل��ب��ي» م���ن ن��ق��د ل��ل��ح��ري��ة وم��ن أجلها ،يبغي حتقيقها خ��ارج الوهم الرأسمالي ،إذ، بحسب أدورن�����و ،ل��م تتحقق تلك احلرية التي نافح عنها ال��ت��ن��وي��ر ،وظ��ل��ت م��ج��رد حرية محضة وأم���ر ح��م��ل��ي ،أو أداة للسيطرة على الطبيعة ،موجهة ضد الفرد .لهذا ينتقد أدورن��و ال��ف��ص��ل ال��ص��ارم ل�لأخ�لاق عن الطبيعة واإلن��س��ان ل��دى كانط، وس��ي��را ع��ل��ى خ��ط��ى ه��ي��غ��ل ،ما يسميه باالرتفاع بالتفكير إلى مستوى ال��ن��ظ��ام ،وينتقد ربط اإلرادة احلرة بعقل ال شخصي، غ��ري��ب ع��ن ال��ع��ال��م .إن احل��ري��ة إم��ا أن تكون حرية معيشة أو ال تكون ،وهي ال تتحقق إال في السياق الشخصي لألفراد .في «ح��ق احل��ري��ة» ،يتتبع هونيث خ��ط��ى ه��ي��غ��ل ومي���ض���ي أب��ع��د منه ،متجاوزا أيضا تشاؤمية آدورن��و ،وهو يفكر في مبادئ ال��ع��دال��ة االج��ت��م��اع��ي��ة انطالقا م���ن حت��ل��ي��ل اج��ت��م��اع��ي ألج��ل التعبير عما يسميه بـ»الشروط األساسية ألعرافية دميقراطية». إنه ينتقد كانط ،وينتقد معيارية
الفيلسوف األملاني آكسيل هونيث
ف�لاس��ف��ة ك��راول��ز وه��اب��رم��اس، ل��ك��ن خ��ص��وص��ا ت��ل��ك احل��ري��ة ال��س��ل��ب��ي��ة ال��ت��ي ظ��ل��ت ع��م��ي��اء أم����ام ك���ل م���ا ه���و اج��ت��م��اع��ي. يؤكد هونيث ارتباط املعايير بالواقع واستحالة استنباطها ق��ب��ل��ي��ا ،ب���ل ف��ق��ط ان��ط�لاق��ا من املمارسة اإلنسانية .إنه بذلك ي���داف���ع ع���ن ح��ري��ة اجتماعية يفهمها ،ان��ط�لاق��ا م��ن هيغل، كاعتراف ،كأعرافية دميقراطية. فبالنسبة إل���ى ه��ي��غ��ل ،وكما أوض������ح ه���ون���ي���ث ،ال وج����ود لعدالة م��ج��ردة ،خ��ارج العالم، ت��أت��ي��ن��ا م��ن خ���ارج���ه ،معيارية محضة كما هو احلال عند كانط ول���وك .ف��أن تكون ع���ادال ،يعني أن تنطلق دائما من املمارسات القائمة ،فقط ف��ي ال��ع�لاق��ة ،في احل���ي���اة االج��ت��م��اع��ي��ة ول��ي��س ف��ي امل��ف��ه��وم ،تتحقق نظرية العدالة ،فإما أن تسود العدالة ف��ي امل��ؤس��س��ات أو ل��ن ت��س��ود.
لكن حرية الفرد تظل في سياق العدالة شرطا أساسيا ،يتوجب ف��ه��م��ه��ا ك���ح���ري���ة اج��ت��م��اع��ي��ة، أقتسمها مع اآلخرين ،وليست ت��ل��ك احل���ري���ة ال��ت��ي ال تتحقق إال ضد اآلخ��ر ،كما احل��ال عند س��ارت��ر .إنها حرية تقوم على االع����ت����راف .إن ه��ون��ي��ث ينقذ احلرية من إفالسها املفاهيمي، بعد النقد القاصم الذي تعرضت
رشيد بوطيب
له على يد املدرسة الفرنسية، وهو يفهمها كحرية من حلم ودم ،ك��ع�لاق��ة ب��اآلخ��ري��ن .إن املعايير العادلة تظل مرتبطة ب��ح��ري��ة ال���ف���رد ،ألن���ه ف���ي ظل ه����ذه احل���ري���ة ،مي��ك��ن دائ��م��ا إعادة النظر في هذه املفاهيم. فاحلرية الفردية ضمانة ضد مختلف أشكال الدوغمائية، إذ غالبا ما نضحي بالعدالة أي���ض���ا ح��ي�ن ن��ض��ح��ي ب��ه��ذه احل��ري��ة ،لهذا يكتب هونيث: «أن����ه م���ن غ��ي��ر امل��ف��ه��وم بعد اليوم ،أن ننشد حتقيق نظام عادل دون أن ندافع وفي شكل متزامن ،عن حرية الفرد» ،بل إنه ال يفهم العدالة إال «كحماية ودعم وحتقيق حلرية أعضاء املجتمع مجتمعني» .ول��ه��ذا ن��راه ينتقد احل��ري��ة السلبية لهوبز وس��ارت��ر ،اللذين ح��ررا احلرية من كل ش��رط ،غير أنه ينتقد أيضا احلرية التفكرية كما ط��وره��ا كانط انطالقا من روس����و ،وال��ت��ي تفهم كنتيجة للقوانني التي أسس العقل لها. فحسب هونيث ،وحده من يضع قوانني ممارسته ،ميكن اعتباره حرا .أما احلرية التفكرية فهي عقلنة وليست تواصال ،ورغم أنها اكتست لبوسا بيذاتيا مع آبل وهابرماس ،إال أنها لم تكن اجتماعية بشكل كاف .ال حرية إذن إال في ظل اعتراف متبادل، اعتراف ال يتحقق إال إذا انخرط األف������راد ف���ي ع��م��ل امل��ؤس��س��ات االجتماعية .مع هونيث ،نتعلم ح���ري���ة أخ�������رى ،ت���دع���ون���ا إل���ى االن���خ���راط أك��ث��ر ف���ي املجتمع ومؤسساته وأسئلته ،فال حرية خارج العالقة ،وال حرية خارج االعتراف ،وال حرية بدون نضال مستمر ويومي من أجل احلرية.