ﻣﻌﺮﻛﺔ اﻷرك
ﺛﻢ ﺗﻠﺘﻬﺎ ﻣﻌﺎرك أﺧﺮى ،اﻓﺘُﺘﺤﺖ ﺧﻼﻟﻬﺎ ﻗﻼع ﺣﺼﻴﻨﺔ ﻛﺎن ﻳﻌﺘﺼﻢ ﺑﻬﺎ املﻠﺜﻤﻮن، ﻣﻦ ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻗﻠﻌﺔ أﻳﻮب ) ،(Calatajudأﻧﺎخ ﻋﻠﻴﻬﺎ أﻟﻔﻨﺲ ﺳﻨﺔ ١١٢٠م ،ﻓﺪاﻓﻌﻪ دوﻧﻬﺎ اﻷﻣري ﻄﺮ أن ﻳﻨﺰل ﻋﻨﻬﺎ ﺑﻌﺪﻣﺎ ُﴏع أﻣﺎﻣﻬﺎ ﻋﴩون ً ﺗﻤﻴﻢ ،ﺛﻢ اﺿ ُ أﻟﻔﺎ ﻣﻦ ﺟﻨﻮده اﻷﺑﺎﺳﻞ. ﻓﻬﺬه اﻟﻬﺰاﺋﻢ املﺘﺘﺎﺑﻌﺔ ﻧﺎﻟﺖ ﻣﻦ ﻫﻴﺒﺔ املﺮاﺑﻄني ،وأﻃﻤﻌﺖ ﻓﻴﻬﻢ أﻫﻞ اﻷﻧﺪﻟﺲ؛ ﻓﺎﺳﺘﻬﺎﻧﻮا اﻟﻮﺛﻮب ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻹﺟﻼﺋﻬﻢ واﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺤﻖ املﻐﺼﻮب ،وﻛﺎﻧﺖ ﻗﺮﻃﺒﺔ ﰲ رأس ً اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻷﻧﺪﻟﺴﻴﺔ ﺳﺨ ً ﻳﺄن ﻄﺎ وﺣﻨﻘﺎ ،ﻳﺆذي ﻛﺮاﻣﺘﻬﺎ ﺟﻨﻒ اﻟﺼﺤﺮاوﻳني وﻏﻼﻇﺘﻬﻢ ،وﻟﻢ ِ ﻟﻬﺎ أن ﺗﻨﴗ ﻋﺰﺗﻬﺎ املﻠﻮﻛﻴﺔ واﻟﻌﺮش اﻷﺛﻴﻞ ،ﻓﻬﺒﱠﺖ ﺛﺎﺋﺮة ﺗﴬب ﰲ وﺟﻪ اﻟﺤﺎﻣﻴﺔ املﺮاﺑﻄﻴﺔ، وﺗﺮﻳﻬﺎ املﻨﺎﻳﺎ أﻟﻮاﻧًﺎ ،ﺣﺘﻰ ﺣﻤﻠﺖ ﻋﲇ ﱠ ﺑﻦ ﺗﺎﺷﻔني ﻋﲆ أن ﻳﻌﱪ اﻟﺰﻗﺎق ﺑﺠﻴﺶ ﻟﻬﺎم ،ﻓﻴﺨﻤﺪ ﺛﻮرﺗﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﻋﻨﺎء. ً ﻏﺮﺿﺎ ﻟﺴﻬﺎﻣﻪ! وﻟﻜﻦ ،ﻣﺎ ﺣﻴﻠﺔ املﺮاﺑﻄني وﻗﺪ ﺗﺄذﱠن اﻟﻘﺪر ﺑﺎﻧﻬﻴﺎر ﺳﻠﻄﺎﻧﻬﻢ ،ﻓﱰﻛﻬﻢ ﻓﺒﻴﻨﺎ ﻫﻢ ﻳﻐﺎﻟﺒﻮن أﺣﺮار اﻷﻧﺪﻟﺲ ﺣﻴﻨًﺎ ،وﻏﺰاة اﻹﺳﺒﺎن أﺣﻴﺎﻧًﺎ ،أﺧﺬت ﺛﻮرة املﻮﺣﺪﻳﻦ ﺗﺤﺘﺪم ﰲ املﻐﺮب ،ﻓﺘﺴﺘﺄﺛﺮ ﺑﻘﻮاﺗﻬﻢ ،وﺗﺸﻐﻠﻬﻢ ﻋﻦ ﺿﺒﻂ وﻻﻳﺘﻬﻢ ﻋﱪ املﻀﻴﻖ ودرء اﻷﻋﺪاء ﻋﻨﻬﺎ. ﻓﺈن اﻟﺪﻋﻮة اﻟﺘﻲ أﻇﻬﺮﻫﺎ ﻣﻬﺪي ﺑﻨﻲ ﻣﺼﻤﻮدة ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺗُﻮﻣَ ﺮت ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻠﻴﻐﺔ اﻟﺘﺄﺛري، ﴎﻳﻌﺔ اﻻﻧﺘﺸﺎر؛ ﻓﺘﺒﻌﻪ ﺧﻠﻖ ﻛﺜري ،ﻓﺠﻨﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻋﴩة آﻻف ،وﻗﺪﱠم ﻋﻠﻴﻬﻢ أﺑﺎ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺒﺸري أﺣﺪ ﺻﺤﺎﺑﺘﻪ اﻟﻌﴩة ،وﺑﻌﺜﻬﻢ ملﺠﺎﻫﺪة املﺮاﺑﻄني ،ﻓﺮاﺣﻮا ﻳﻐﺰون ﰲ ﺑﻼد املﻐﺮب ،وﻳﻨﻜﻠﻮن ﺑﺎﻟﺠﻴﻮش املﺮاﺑﻄﻴﺔ ١١٢٢م ﺣﺘﻰ أوﻗﻌﻮا اﻟﺬﻋﺮ ﰲ اﻟﻘﻠﻮب. وﻣﺎ زال اﻟﺨﻄﺮ ﻳﻌﺼﻒ ﻣﻦ ﺑﻠﺪ إﱃ ﺑﻠﺪ ﺣﺘﻰ ﺷﺎرف ﻣﺮاﻛﺶ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ؛ ﻓﺪاﻓﻊ ﻋﻨﻬﺎ املﻠﺜﻤﻮن ﻣﺴﺘﺒﺴﻠني ﻣﺴﺘﻤﻴﺘني ،ﻓﺘﻤ ﱠﻜﻨﻮا ﻣﻦ إﻧﻘﺎذﻫﺎ ،وارﺗ ﱠﺪ ﻋﻨﻬﺎ املﻮﺣﺪون ﺧﺎﴎﻳﻦ ،ﺑﻌﺪ أن ُﻗﺘﻞ ﻗﺎﺋﺪﻫﻢ أﺑﻮ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺒﺸري ١١٢٥م. ﻋﲆ أن اﻧﺘﺼﺎر املﺮاﺑﻄني ﰲ ﻣﺮاﻛﺶ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺑﻮﺳﻌﻪ أن ﻳﺴﱰ اﻧﺨﺬاﻟﻬﻢ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ً ﻣﺘﻜﻼ أﻣﺎم أﻟﻔﻨﺲ املﺤﺎرب ﻣﻠﻚ أرﻏﻮن؛ ﻓﻘﺪ أﻏﺎر ﻫﺬا اﻷﻣري املﻘﺪام ﻋﲆ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻷﻧﺪﻟﺴﻴﺔ ﻋﲆ ﻣﺴﺎﻋﺪة »اﻟﻔﺮﻗﺔ اﻟﺨﺎﻣﺴﺔ« ﻣﻦ املﻌﺎﻫﺪﻳﻦ ) ،(Mozarabesوﻫﻢ اﻟﻨﺼﺎرى املﺴﺘﻌﺮﺑﻮن اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻴﺸﻮن ﰲ اﻷراﴈ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ. ً واﺳﺘﻄﺎع أن ﻳﺠﺘﺎب اﻷﻧﺪﻟﺲ ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺎل إﱃ اﻟﺠﻨﻮب ﻋﺎﺋﺜﺎ ﻣﺨﺮﺑًﺎ ﻳﻨﺴﻒ اﻟﺰرع واﻟﻌﻤﺮان ،وﻳﺰداد ﺟﻴﺸﻪ ﺗﻀﺨﻤً ﺎ ﻛﻠﻤﺎ ﺗﻘﺪم ﺑﻤﺎ ﻳﻨﻀﻢ إﻟﻴﻪ ﻣﻦ املﻌﺎﻫﺪﻳﻦ ﺣﺘﻰ ﺑﻠﻎ اﻟﺒﺤﺮ املﺘﻮﺳﻂ ،ﺛﻢ ﻋﺎد ﺑﺮﺟﺎﻟﻪ ﺳﺎ ًملﺎ ﻏﺎﻧﻤً ﺎ ﻣﻨﺘﴫًا ،أﻓﻼ ﻳﻜﻔﻲ ﻫﺬا وﺣﺪه أن ﻳﺆﻛﺪ ﻟﻸﻧﺪﻟﺴﻴني ﺿﻌﻒ اﻟﻘﻮى املﺮاﺑﻄﻴﺔ؛ ﻓﻴﺴﺘﻬﻴﻨﻮا ﺑﻬﺎ ،وﻳﺬﻫﺐ ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻣﺔ ،وﻫﻢ إﱃ ذﻟﻚ ﻳﻌﻠﻤﻮن أن ﺛﻮرة املﻐﺮب ﰲ إﺑﺎن اﺷﺘﻌﺎﻟﻬﺎ ،واملﻠﺜﻤﻮن — ﻛﻤﺎ ﻳﺒﺪو — ﻋﺎﺟﺰون ﻋﻦ إﻃﻔﺎء ﻧﺎرﻫﺎ؟ 47