ﻣﻌﺎرك اﻟﻌﺮب ﰲ اﻷﻧﺪﻟﺲ
وﻛﺎن ﻣﻠﻚ أرﻏﻮن — ﻣﻊ اﺷﺘﻐﺎﻟﻪ ﺑﺎﻟﻔﺘﻨﺔ اﻷﻫﻠﻴﺔ — ﻻ ﻳﻔﱰ ﻋﻦ ﻣﺠﺎﻫﺪة املﺮاﺑﻄني وﻣﻨﻌﻬﻢ ﻣﻦ اﻹﻳﻐﺎل ﰲ ﺑﻼده؛ ﻓﻘﺪ أﻏﺎر ﻋﲇ ﱡ ﺑﻦ ﻳﻮﺳﻒ ﺑﻦ ﺗﺎﺷﻔني ﻋﲆ وﻻﻳﺔ ﻃﻠﻴﻄﻠﺔ ،ﻓﺎﺳﺘﻮﱃ ﻋﲆ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺣﺼﻮﻧﻬﺎ ،واﻓﺘﺘﺢ ﻣﺠﺮﻳﻂ )ﻣﺪرﻳﺪ( ،ووادي اﻟﺤﺠﺎرة ) (Guadalajaraوﺳﻮاﻫﻤﺎ ،ﺛﻢ ﻋﺎد إﱃ ﻣﺮاﻛﺶ وﺑﻘﻲ ﻗﺎﺋﺪه ﻣﺰدﱄ ﻳﺘﺎﺑﻊ ﺑﻌﺪه اﻟﻐﺎرات. وﺣﺪﺛﺖ ﻋﺪة ﻣﻮاﻗﻊ ﰲ ﺟﻬﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻮﻻﻳﺎت اﻹﺳﺒﺎﻧﻴﺔ راﻓﻖ اﻟﻨﴫُ ﰲ أﻛﺜﺮﻫﺎ املﺮاﺑﻄني؛ ﻓﺎﻓﺘﺘﺤﻮا ﻋﺪدًا ﻣﻦ املﺪن واﻟﻘﻼع ،وأﺗﻠﻔﻮا اﻟﺤﻘﻮل واملﺰارع؛ ﻓﺄﺻﻴﺒﺖ اﻟﺒﻼد ﻣﻦ ﺟﺮاء ذﻟﻚ ﺑﻘﺤﻂ ﺷﺪﻳﺪ ،وﻧﺎﻟﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﻨﺎء ﻣﺎ أﺿﻴﻒ إﱃ ﻣﺎ ﺗﻌﺎﻧﻴﻪ ﻣﻦ ﺣﺮﺑﻬﺎ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺘﻔﻌﺖ ﺑﻬﺎ ﺟﻴﻮش اﺑﻦ ﺗﺎﺷﻔني ،وﻳﻘﻴﻨًﺎ ﻟﻮ أن املﺮاﺑﻄني وأﻫﻞ اﻷﻧﺪﻟﺲ ﻋﲆ وﻓﺎق ﺧﺎﻟﺺ ﻟﻜﺎﻧﺖ اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻳﻮﻣﺌ ٍﺬ أﺳﻨﺢ ﻣﺎ ﻳُﺮﺟﻰ ﻻﻛﺘﺴﺎح اﻟﻌﺪو واﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻴﻪ ،وﻟﻜﻦ أﻣﺮاء اﻷﻧﺪﻟﺲ ﻛﺎﻧﻮا ﻧﺎﻗﻤني ﻋﲆ اﻟﺪوﻟﺔ اﻹﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﻻﺳﺘﻄﺎﻟﺘﻬﺎ ﻋﲆ وﻻﻳﺎﺗﻬﻢ ،واﻏﺘﺼﺎﺑﻬﺎ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻣﻦ أﻳﺪﻳﻬﻢ ،ﻓﻠﻢ ﻳﻮﻟﻮﻫﺎ املﻌﻮﻧﺔ اﻟﺼﺎدﻗﺔ ،ﺑﻞ رﺑﻤﺎ وﺟﺪت ﻓﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﻳﻤﺎﻟﺊ اﻷﻋﺪاء؛ ﻓﺈن أﻣري ﴎﻗﺴﻄﺔ ﻋﺒﺪ املﻠﻚ ﺑﻦ ﻫﻮد ﺳﺎءه أن ﻳﺼﺒﺢ املﺮاﺑﻄﻮن ﺳﺎدة ﰲ ﻋﺎﺻﻤﺘﻪ ﻳﻌﻮد اﻷﻣﺮ إﻟﻴﻬﻢ ،وﻫﻮ ﻟﻴﺲ ﻟﻪ أﻣﺮ؛ ﻓﺎﻧﺘﻔﺾ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻏري ﻧﺎﻇﺮ ﰲ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻋﻤﻠﻪ. ﻛﺎن ﺷﺠﺎﻋً ﺎ ﻛﺄﺑﻴﻪ املﺴﺘﻌني ،وﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻛﺄﺑﻴﻪ ذﻛﺎءً وﻓﻄﻨﺔ ،ﻓﺨﺮج ﻣﻦ ﴎﻗﺴﻄﺔ ﺑﺮﺟﺎﻟﻪ وأﻫﻠﻪ ،ﻓﻘﺼﺪ إﱃ ﺣﺼﻦ روﻃﺔ ) (Rodaﻓﺎﻣﺘﻨﻊ ﺑﻪ ،وﻟﻮ اﻛﺘﻔﻰ ﺑﻌﻤﻠﻪ ﻫﺬا ﻟﻬﺎن اﻟﺨﻄﺐ ،وﻟﻜﻦ ﻣﻘﺘﻪ ﻟﻠﻤﺮاﺑﻄني ﴐب ﻋﲆ ﻋﻴﻨﻴﻪ ﻏﺸﺎءً ﻣﻦ اﻟﻐﻔﻠﺔ؛ ﻓﺘﻮرط ﰲ ﻋﻘﺪ ﻣﺤﺎﻟﻔﺔ ﻣﻊ أﻟﻔﻨﺲ املﺤﺎرب ،ﻧﺎﺳﻴًﺎ أن ﺣﻠﻴﻔﻪ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻳﻄﻤﻊ ﻣﻦ زﻣﻦ ﰲ اﻣﺘﻼك ﴎﻗﺴﻄﺔ ﻟﻴﺰﻳﻞ ﻋﻘﺒﺔ َﻛﺄْدَاء ﺗﻮاﺟﻪ ﻣﻤﻠﻜﺘﻪ ،وﺗﺤُ ﻮل ﺑﻴﻨﻪ وﺑني ﺣﺮﻳﺔ املﻼﺣﺔ ﰲ ﻧﻬﺮ إﺑﺮه ،وﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻪ أن ﻳﻨﴗ — واﻟﻌﻬﺪ ﻗﺮﻳﺐ — ﻣﻬﺎﺟﻤﺔ اﻷرﻏﻮﻧﻴني ﻟﻌﺎﺻﻤﺘﻪ ﻏري ﻣﺮة ،وارﺗﺪادﻫﻢ ﻋﻨﻬﺎ ﺧﺎﴎﻳﻦ أﻣﺎم ﻣﺰدﱄ ﻗﺎﺋﺪ املﺮاﺑﻄني ،ﺑﻞ ﻣﺎ ﻛﺎن ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﻨﴗ ﻣﻘﺘﻞ أﺑﻴﻪ املﺴﺘﻌني وﻫﻮ ﻳﺪاﻓﻊ ﻋﻦ ﺣﺼﻦ ﺗﻄﻴﻠﺔ ) (Tudelaﺳﻨﺔ ١١١٠ﻟﻴﻤﻨﻊ ﻣﻠﻚ أرﻏﻮن ﻣﻦ اﻟﺘﻘﺪم إﱃ ﴎﻗﺴﻄﺔ. ﻓﻠﻤﺎ ﺗﻤﺖ املﻌﺎﻫﺪة ﺑني اﻷﻣريﻳﻦ زﺣﻔﺖ ﺟﻴﻮﺷﻬﻤﺎ ﻣﺘﺤﺪة إﱃ املﺪﻳﻨﺔ ﻓﺤﺎﴏﺗﻬﺎ ﺣﺼﺎ ًرا ﺷﺪﻳﺪًا ،وأﻛﺮﻫﺖ املﺮاﺑﻄني ﻋﲆ اﻟﺨﺮوج ﻣﻨﻬﺎ ﻓﱰﻛﻮﻫﺎ ﺳﻨﺔ ١١١٧م٥١١/ﻫ ﺑﻌﺪﻣﺎ ﺣﺎوﻟﻮا اﺳﱰدادﻫﺎ ﺗﻜﺮا ًرا دون ﺟﺪوى ،ﺣﺘﻰ ﺗﻤﺰق ﺟﻴﺸﻬﻢ ﰲ املﻌﺮﻛﺔ اﻷﺧرية اﻟﺘﻲ اﺻﻄﲆ ﻧﺎرﻫﺎ اﻷﻣري ﺗﻤﻴﻢ. وﻫﻨﺎ ﺗﺨﺘﻢ ﻣﺄﺳﺎة ﴎﻗﺴﻄﺔ؛ ﻓﺈن أﻟﻔﻨﺲ املﺤﺎرب ﺑﻌﺪ أن ﺑﺎت ﺑﻤﺄﻣﻦ ﻣﻦ ﺧﻄﺮ املﺮاﺑﻄني ﻋﺎوده اﻟﻄﻤﻊ ﰲ اﻻﺳﺘﻴﻼء ﻋﲆ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺎﻋﺪة اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ ملﻤﻠﻜﺘﻪ ،ﻓﻄﻠﺐ إﱃ ﺣﻠﻴﻔﻪ أن ﻳﺘﻨﺎزل ﻟﻪ ﻋﻨﻬﺎ ،ﻓﻜﺎن ﺟﻮاب ﻋﺒﺪ املﻠﻚ ً رﻓﻀﺎ أﺑﻴٍّﺎ ،واﺳﺘﻌﺪادًا ﻟﻠﺪﻓﺎع. 42