زاد حامل الدعوة

Page 1

‫بسـ اهلل الرحمف الرحيـ‬

‫وتزودوا فإف خير الزاد التقوى‬

‫ِ ِ ِ َّ ِ‬ ‫‪ ‬قُ ِل ح ِ ِ‬ ‫اصطَ​َفى آللَّوُ َخحي ٌر أ ََّما‬ ‫ين ح‬ ‫اْلَ حم ُد للَّو َو َس َ​َل ٌم َعلَى عبَاده الذ َ‬ ‫ي حش ِرُكو َن ‪ 95‬أ ََّمن خلَق َّ ِ‬ ‫َنزَل لَ ُكم ِّم َن‬ ‫الس َم َاوات َو حاْل حَر َ‬ ‫ح َ َ‬ ‫ض َوأ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ات بَ حه َج ٍة َّما َكا َن لَ ُك حم أَن تُنبِتُوا‬ ‫َّ‬ ‫الس َماء َماء فَأَنبَحت نَا بِو َح َدائ َق ذَ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ض‬ ‫َش َجَرَىا أَإِلَوٌ َّم َع اللَّو بَ حل ُى حم قَ حوٌم يَ حعدلُو َن ‪ 06‬أ ََّمن َج َع َل حاْل حَر َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْي الحبَ ححَريح ِن‬ ‫قَ َر ًارا َو َج َع َل خ َ​َل َ​َلَا أَنح َه ًارا َو َج َع َل َ​َلَا َرَواس َي َو َج َع َل بَ ح َ‬ ‫حِ‬ ‫اجزا أَإِلَوٌ َّمع اللَّ ِو بل أَ حكثَرُىم َ​َل ي حعلَمو َن ‪ 06‬أ ََّمن ُِ‬ ‫يب‬ ‫ُي‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ح ُ ح‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫السوءَ َوَحُي َعلُ ُك حم ُخلَ َفاء حاْل حَر ِ‬ ‫ف ُّ‬ ‫الح ُم ح‬ ‫ضطَ​َّر إِ َذا َد َعاهُ َويَ حكش ُ‬ ‫ض أَإِلَوٌ‬ ‫َّمع اللَّ ِو قَلِ ًيَل َّما تَ َذ َّكرو َن ‪ 06‬أ ََّمن ي ه ِدي ُكم ِ​ِف ظُلُم ِ‬ ‫ات الحبَ ِّر‬ ‫َ‬ ‫َح ح‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫اَل‬ ‫ْي يَ َد حي َر حْحَتِ ِو أَإِلَوٌ َّم َع اللَّ ِو تَ َع َ‬ ‫َوالحبَ حح ِر َوَمن يُحرِس ُل ِّ‬ ‫اح بُ حشًرا بَ ح َ‬ ‫الريَ َ‬ ‫يدهُ َوَمن يَحرُزقُ ُكم ِّم َن‬ ‫اللَّوُ َع َّما يُ حش ِرُكو َن ‪ 06‬أ ََّمن يَحب َدأُ ح‬ ‫اْلَحل َق ُ​ُثَّ يُعِ ُ‬ ‫ض أَإِلَو َّمع اللَّ ِو قُل ىاتُوا ب رىانَ ُكم إِن ُكنتم ِ ِ‬ ‫ْي‬ ‫َّ‬ ‫صادق َ‬ ‫ُح َ‬ ‫الس َماء َو حاْل حَر ِ ٌ َ‬ ‫ح َ ُح َ ح‬ ‫‪ 06‬‬ ‫[اننمم‪]64-9:‬‬

‫‪1‬‬


‫يا أهلل‪...‬يا أهلل‪...‬يا أهلل‬

‫لـ يكف ما كاف مني عف استيانة بحقؾ‪ ،‬وال جيبل بو‪ ،‬وال إنكا ار إلطبلعؾ‪ ،‬وال‬ ‫استيانة بوعيدؾ‪ ،‬إنما كاف مف غمبة اليوى‪ ،‬وضعؼ القوة عف مقاومة مرض‬

‫وحسف ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ورجاء لكرمؾ‪،‬‬ ‫ظف بؾ‪،‬‬ ‫الشيوة‪ ،‬وطمعا في مغفرتؾ‪ ،‬واتكاال عمى عفوؾ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الغرور والنفس األمارة بالسوء‪ ،‬وسترؾ‬ ‫وطمعاً في سعة حممؾ ورحمتؾ‪ ،‬وغرني بؾ َ‬ ‫عمي‪ ،‬وأعانني جيمي‪ ،‬وال سبيؿ الى االعتصاـ منؾ إال بؾ‪ ،‬وال معونة‬ ‫المرخي ّ‬ ‫عمى طاعتؾ إال بتوفيقؾ‪ ،‬ألميـ ال براءة لي مف ذنب فأعتذر‪ ،‬وال قوة لي فأنتصر‪،‬‬

‫ولكنني مذنب مستغفر‪ ،‬ألميـ ال عذر لي وانما ىو محض حقيقة‪ ،‬ومحض جنايتي‪،‬‬ ‫أسألؾ فعؿ الخيرات وترؾ المنكرات وحب المساكيف وأف تغفر لي وترحمني واف‬

‫اردت ٍ‬ ‫ب َمف يحبؾ وعمبلً‬ ‫وح َ‬ ‫بقوـ فتنة فاقبضني إليؾ غير مفتوف‪ ،‬أسألؾ ُحَبؾ ُ‬ ‫يقربني إلى حبِؾ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫ماض‬ ‫أسألؾ بعزتؾ وذلي‪ ...‬أال رحمتني‪ ،‬أسألؾ بغناؾ وفقري‪...‬ناصيتي بيدؾ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫كمؾ‪ ،‬عد ٌؿ ِف َّي قضاؤؾ‪ ،‬عبيدؾ سواي كثير‪ ،‬وليس لي سيد سواؾ‪ ،‬وال ممجأ‬ ‫ف َّي ُح ُ‬ ‫وال منجا منؾ إال إليؾ‪ ،‬أسألؾ مسألة المسكيف‪ ،‬وأبتيؿ إليؾ ابتياؿ الخاضع الذليؿ‪،‬‬

‫ورِغ َـ إليؾ أنفو‪،‬‬ ‫أدعوؾ دعاء الخائؼ الضرير‪ ،‬سؤا َؿ َمف َخ َ‬ ‫ض َعت لؾ َرقَبتُو‪َ ،‬‬ ‫وفاضت لؾ عيناه‪ ،‬وذؿ لؾ قمبو‪ ،‬يا ودود يا ودود‪ ،‬يا ذا العرش المجيد‪ ،‬يا ُمبدئ‬

‫يا معيد‪ ،‬يا فعاالً لما يريد‪ ،‬أسألؾ بنور وجهؾ الذي مأل أركاف عرشؾ‪ ،‬وأسألؾ‬ ‫بقدرتؾ التي ِ‬ ‫قدرت بها عمى جميع خمقؾ‪ ،‬وأسألؾ برحمتؾ التي وسعت كؿ شيء‪،‬‬ ‫ال إله إال أنت‪ ،‬يا مغيث أغثنا‪ ،‬يا مغيث أغثنا‪ ،‬يا مغيث أغثنا‪.‬‬ ‫أسألؾ يا ربنا أف تعاممنا بما أنت أىمو‪ ،‬وأف ال ِ‬ ‫تعاممنا بما نحف أىمو‪ ،‬أنت أىؿ‬

‫التقوى وأىؿ المغفرة‪ ،‬ألميـ ألّؼ عمى طاعتؾ قموبنا‪ ،‬ووحد في سبيمؾ صفنا‪ ،‬وأنزؿ‬

‫السكينة عمينا‪ ،‬وأورثنا االرض نتبوأ منيا حيث نشاء‪ ،‬آتنا مف لدنؾ رحمة وىيئ لنا‬

‫مف أمرنا رشدا‪ ،‬واغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحميف‪.‬‬

‫وبنصر عز ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫يز‬ ‫النبوة‬ ‫الميـ بمطفؾ وبرحمتؾ إئذف لنا بخبلفة راشدة عمى منياج‬ ‫ّ‬

‫‪2‬‬


‫بعزتؾ وسيؼ نقمتؾ‬ ‫ويذ ّؿ فيو أىؿ معصيتؾ‪ ،‬الميـ ّ‬ ‫مؤزر ُي ّ‬ ‫ّ‬ ‫عز فيو أىؿ طاعتؾ ُ‬ ‫أنصرنا عمى أعدائنا و ِ‬ ‫اشؼ صدور قوـٍ مؤمنيف‪.‬‬ ‫وسبلـ عمى المرسميف والحمد هلل رب العالميف‪.‬‬ ‫ٌ‬

‫عصمت الحموري ‪ -‬ابو محمد‪-.‬‬

‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫عػػف أميػػر المػػؤمنيف أبػػي حفػػص عمػػر بػػف الخطػػاب‪-‬رضػػي اهلل عنػػو‪ -‬قػػاؿس سػػمعت‬

‫رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وعمى آلػو وسػمـ يقػوؿس «إنمػا اععمػاؿ بالنيػات اوانمػا لكػؿ‬ ‫امر ٍ‬ ‫ئ ما نوى فمػف كانػت رجرتػه إلػى ا ورسػوله فهجرتػه إلػى ا ورسػوله ومػف‬ ‫كانت رجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى مػا رػاجر إليػه»‪.‬‬

‫)متفػؽ‬

‫عميو(‪.‬‬

‫وح َممَػةَ دعوتػػؾ يػػا‬ ‫الميػػـ تقبػػؿ ىػػذا العمػػؿ خالصػػاً لوجيػػؾ الكػريـ وانفػػع بػػو المسػػمميف َ‬ ‫يـ آميف‪.‬‬ ‫كر ُ‬ ‫الميـ طير قموبنا مف النفاؽ و ألسنتنا مف الكذب‪.‬‬ ‫الميـ طيرأعيننا مف الخيانة وأعمالنا مف الرياء‪.‬‬ ‫واجعمنا مع الصادقيف‪ .‬الميـ آميف‪.‬‬

‫‪3‬‬


‫إرداء‬

‫إلى كؿ مسمـ غيور عمى دينه‪.‬‬ ‫إلى كؿ مسمـ غيور عمى ِعرضه وأرضه‪.‬‬ ‫إلػػى كػػؿ مػػف أحػػب ا‬ ‫راضٍ ‪.‬‬

‫سػ ّػروُ أف يمقػػى ا‬ ‫ورضػػي بػػه ربػػاً َ‬ ‫وي ُ‬

‫إلى كؿ مسمـ يحب النبي صمى ا‬

‫ورػػو عنػػه‬

‫عميػه وعمػى هلػه وسػمـ ويطمػع أف‬

‫يحشر تحت لوائه يوـ القيامة‪.‬‬

‫إلػػى حممػػة ل ػواء التغييػػر‪ ،‬حممػػة الػػدعوة ايسػػسمية السػػتئناؼ الحيػػاة‬

‫ايسػػسمية يقامػػة دولػػة الخسفػػة؛ دولػػة العػػز والجػػاو والسػػمطاف‪ ،‬دولػػة‬

‫الجهاد والفتح واعماف‪.‬‬

‫ض ّحى بالنفس والمػاؿ واعرػؿ والولػد‪ ،‬ورػاجر مػف بمػدو إبتغػاء‬ ‫إلى مف َ‬ ‫مرضاة ا ‪ ،‬اواعزاز دينه في اعرض‪.‬‬ ‫إلػػػى مػػػف اتخػػػذ العمػػػؿ يعػػػزاز ديػػػف ا‬

‫فػػػي اعرض قضػػػي ًة مصػػػيرية‪،‬‬

‫تستحؽ إتخاذ إجراء الحياة أو الموت في سبيمها‪.‬‬

‫ػح أو تػػذكير أُقػػدٍّـ رػػذو الشػػموع‬ ‫ػي ب ُنصػ ٍ‬ ‫إلػػى كػػؿ َمػػف كػػاف لػػه فض ػ ٌؿ عمػ ك‬ ‫لتكوف عوناً عمى ظُممة الطريؽ وأُنساً لوحشتها‪.‬‬ ‫‪4‬‬


‫مقدمة‬

‫ِ‬ ‫وم ِذ ّؿ الكػافريف ولػو بعػد حػيف‪ ،‬الػرحمف الػرحيـ‬ ‫الحمد هلل رب العالميف ُمعّز المؤمنيف ُ‬ ‫مالػؾ يػػوـ الػػديف‪ ،‬والصػػبلة والسػبلـ عمػػى خيػػر الخمػػؽ أجمعػيف‪ ،‬قػػدوة العػػامميف وعػزاء‬ ‫الصػػابريف المحتسػػبيف القائػػؿس «ال يػزاؿ ا‬ ‫إلى يوـ الديف»‪.‬‬

‫يغػػرس فػػي رػػذا الػػديف َغرسػػاً يسػػتعممه‬

‫) أخرجو ابف ماجة(‪.‬‬

‫جعمنػػا اهلل واّيػػاكـ مػػف ِ‬ ‫الغ ػراس المثمػػرة التػػي يسػػتعمميا اهلل فػػي طاعتػػو واعػػزاز دينػػو‬ ‫الرشػػدة الثانيػػة عمػػى منيػػاج النبػ ّػوة التػػي فييػػا حكمػػو‬ ‫واقامػػة دولػػة خبلفػػة المسػػمميف ّا‬ ‫وتطبيؽ شريعة نبيو صمى اهلل عميو وعمى آلو وسمـ‪.‬‬

‫النبػوةَ ثػـ يقػو ُؿ‬ ‫يقوؿ ربنا عز وجؿس «ما كاف لبشر أف يؤِت َيه ا‬ ‫َ‬ ‫الحكػـ و ّ‬ ‫الكتػاب و َ‬ ‫الكتاب‬ ‫موف‬ ‫يف بما كنتـ تُ َعمّ َ‬ ‫رباني َ‬ ‫لمناسِ كونوا عباداً لي مف دوف ا ِ ولكف كونوا ّ‬ ‫َ‬

‫وبما كنتـ تَدرسوف»‬

‫[ آؿ عمرافس‪.]97‬‬

‫رسػػموا إلػػى‬ ‫جػػرت سػػنة اهلل فػػي التغييػػر عمػػى أيػػدي األنبيػػاء الكػراـ عمػػييـ السػػبلـ أف ُي َ‬ ‫ػدعونيـ إلػ ػػى التوحيػ ػػد وخمػ ػػع كػ ػػؿ أشػ ػػكاؿ الشػ ػ ِ‬ ‫نبينػ ػػا‬ ‫ػرؾ والكفػ ػػر‪ ،‬وكػ ػػاف ّ‬ ‫أق ػ ػواميـ‪ ،‬يػ ػ َ‬

‫ػاتـ األنبي ػػاء والمرس ػػميف‪،‬‬ ‫المص ػػطفى األس ػػوة عمي ػػو أفض ػػؿ الص ػػبلة وأزك ػػى التس ػػميـ خ ػ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َتباعػػوُ بػػؿ‬ ‫ػب أ َ‬ ‫بس ػنة َمػػف سػػبقو مػػف األنبيػػاء بػػدعوة النػػاس إلػػى التوحيػػد وطالػ َ‬ ‫فعمػػؿ ُ‬ ‫َ‬

‫ػانييف‪ ،‬وكمػ ػػا قػ ػػاؿ‬ ‫صػ ػػاغيـ صػ ػػمى اهلل عميػ ػػو وعمػ ػػى آلػ ػػو وسػ ػػمـ وأعػ ػػدىـ ليكون ػ ػوا ربػ ػ ّ‬ ‫ػػانييف أي ع ػػالميف ب ػػالحبلؿ والحػ ػراـ‪،‬‬ ‫المفس ػػروف رحمي ػ ُػـ اهلل(كاالمػػػاـ القرطبػػػي)س ربػ ّ‬ ‫ويحػ ّذروف أمػتيـ مػف‬ ‫آمريف بالمعروؼ نػاىيف عػف المنكػر‪ ،‬يعممػوف مػا يجػري حػوليـ ُ‬ ‫أي خطر ي ِ‬ ‫ؽ بيـ‪ " ،‬والربانى الػذي يجمػع إلػى العمػـ البصػر بالسياسػة مػأخوذ مػف‬ ‫حد ُ‬ ‫ُ‬ ‫قػ ػػوؿ العػ ػػرب َر َّ‬ ‫ب أمػ ػػر النػ ػػاس يربػ ػػو إذا أصػ ػػمحو وقػ ػػاـ بػ ػػو فيػ ػػو راب وربػ ػػاني‪ .‬قالػ ػػو‬ ‫النحػػاس"‪ .‬فالخطػػاب بمعنػػى كون ػوا سياسػ ّػييف‪ ،‬وىكػػذا ينطبػػؽ وصػػؼ سياسػ ّػييف عمػػى‬

‫ػؤونيا‬ ‫أف الذي يسوس الرعيػة ىػو الػذي يأمرىػا وينياىػا ويرعػى ش َ‬ ‫وصؼ ر ّ‬ ‫بانييف‪ ،‬إذ ّ‬ ‫خيرىا ويحيط بما حوليا مف أخطار فيح ّذر أمتو منيا‪.‬‬ ‫لما فيو ُ‬

‫‪5‬‬


‫فقػػاـ صػػمى ا عميػػه وعمػػى هلػػه وسػػمـ ب عػػداد كتمػ ٍػة سياسػ ٍ‬ ‫ربانيػػة كػػاف أفرادرػػا‬ ‫ػية ّ‬ ‫ِ‬ ‫شخصػياتهـ بايسػسـ‪،‬‬ ‫صػ َق َؿ‬ ‫مصاحؼ‬ ‫رضي ا تعالى عنهـ‬ ‫َ‬ ‫تسػير عمػى اعرض‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫فكانػػت عقميػػاتُهـ عقميػ ٍ‬ ‫ػات إسػػسمية تفكػػر وتخطػػط وتقػػيس األمػػور بمقيػػاس اإلسػػبلـ‪،‬‬ ‫وكانػػػت نفسػػػياتُهـ نفسػ ٍ‬ ‫ػػيات إسػػػسمية تُحػػػب وتُػػػبغض ‪ ،‬ترضػػػى برضػػػى ا‬ ‫أم ػ ٍػة أخرج ػػت لمن ػػاس‪ ،‬ي ػػأمروف ب ػػالمعروؼ‬ ‫وتغضػػػب لمػػػا يغضػػػب ا ‪ ،‬فك ػػانوا خي ػ َػر ّ‬ ‫وينيَػػوف عػػف المنكػػر ويؤمنػػوف بػػاهلل‪ .‬وعمػػى أكتػػافيـ قامػػت دولػػة اإلسػػبلـ األولػػى وقػػد‬

‫ػي صػمى اهلل عميػػو وعمػى آلػو وسػػمـ ومػف تػبعيـ رضػػي‬ ‫تعاىػدىا ىػؤالء الكػراـ بعػػد النب ّ‬ ‫اهلل عػنيـ يسوسػوف النػػاس بػالقرآف والسػنة ومقيػػاس أعمػالهـ الحػػبلؿ والحػراـ‪ ،‬وغايػػة‬ ‫ِ‬ ‫ػبلـ لمنػاس ىػي الػدعوة والجيػاد‪،‬‬ ‫غاياتيـ رضػواف اهلل عػز وجػ ّؿ‪ ،‬وطريقػة حممي ُػـ اإلس َ‬ ‫حتى استمرت ىذه الدولة ما يقارب أربعة عشر قرناً مف الزماف إلى أف تآمر عمييػا‬ ‫الكفار وقػاموا بيػدميا والغػاء نظػاـ خبلفتيػا عػاـ ‪4791‬ـ‪ .‬وقػاموا بتقسػيـ ببلدىػا فيمػا‬

‫العمي العظيـ‪.‬‬ ‫بينيـ‪ ،‬إلمتصاص خيراتيا واستعباد أىميا وال حوؿ وال قوة إال باهلل‬ ‫ّ‬

‫الراشدة الثانية‬ ‫اليوـ نحف عمى أبواب إقامة دولة الخسفة ايسسمية ّ‬ ‫و َ‬ ‫النبوة إف شاء ا ‪.‬‬ ‫عمى منهاج ّ‬

‫نبينػا‬ ‫انييف‪ ،‬وسػيرة ّ‬ ‫واهلل سبحانو وتعالى ّبيف لنا كيؼ يكوف أتباع األنبياء‪ ،‬يكونوف رّب ّ‬ ‫ػانييف‪ ،‬وعمػػى‬ ‫صػػمى اهلل عميػػو وعمػػى آلػػو وسػػمـ ّبينػػت كيػػؼ كػػاف الصػػحابة الك ػراـ رّبػ ّ‬

‫أكتػػافيـ قامػػت الدولػػة اإلسػػبلمية األولػػى‪ ،‬وكػػي نكػػوف أىػػبلً ً لتنػ ّػزؿ النصػػر وأىػػبلً‬ ‫إلقامػػة دولػػة الخبلفػػة ال ارشػػدة الثانيػػة‪ ،‬عمين ػا إعػػداد أنفسػػنا كمػػا تػ ّػـ إعػػداد الصػػحابة‬

‫رضػواف اهلل عمػػييـ‪ ،‬الػػذيف كػػانوا أىػػبلً إلقامػػة الدولػػة اإلسػػبلمية األولػػى‪ ،‬فكػػاف ل ازمػاً‬ ‫عمينػػا أف نكػػوف سياسػػييف‪ ،‬بمعنػػى أف نرعػػى شػػؤوف أُ ّمتِنػػا فكريػاً باإلسػػبلـ‪ ،‬كمػػا عممنػػا‬ ‫المصػػطفى صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـ‪ ،‬ونسػػعى إليجػػاد الدولػػة التػػي ترعػػى شػػؤونيـ‬ ‫عممياً‪.‬‬

‫وبمػػا ّأننػػا عمػػى طريػػؽ المصػػطفى صػػمى اهلل عميػػو وعمػػى آلػػو وسػػمـ سػػائروف َبػػدءاً‬

‫‪6‬‬


‫ػاء بإسػػتبلـ الحكػػـ وتطبيػػؽ اإلسػػبلـ إف شػػاء‬ ‫بػػالتثقيؼ المرّكػػز ومػػرو ارً بالتفاعػػؿ وانتيػ ً‬ ‫فكنا دوماً بحاجة إلى زادٍ عمى الطريؽ‪ ،‬وما نزاؿ‪.‬‬ ‫اهلل‪ّ ،‬‬ ‫ليذا كمو اقتطفت لكـ ىذه األزىار مف بساتيف الدعوة‪ ،‬عسى أف تػ ِ‬ ‫ساى َـ في ىذا الزاد‬ ‫ُ‬ ‫ومانػػو‪ ،‬سػػائبلً المػػولى عػػز وجػػؿ التوفيػػؽ‬ ‫الكػريـ وتُعيننػػا عمػػى بمػػوغ الغايػػة بتوفيػػؽ اهلل َ‬ ‫والسداد والقبوؿ‪ّ ،‬إنو سميع قريب مجيب‪.‬‬

‫محبة ا‬

‫عز وجؿ‬

‫‪7‬‬


‫«يا أيها الذيف ءامنوا مف يرتد منكـ عف ِ‬ ‫دينه فسوؼ يأتي ا ُ ٍ‬ ‫بقوـ يحبهـ‬ ‫َ‬ ‫ويحبونه ٍ‬ ‫أذلة عمى المؤمنيف ك‬ ‫أعزٍة عمى الكافريف يجاردوف في سبيؿ ا وال‬ ‫يخافوف لومة‬

‫الئـ»‪[.‬المائدةس‪]41‬‬

‫ت القموب عمى محبتو‪،‬‬ ‫أنفع المحبة عمى اإلطبلؽ وأوجبيا‪ ،‬وأعبلىا‪ ،‬محبةُ َمف ُجبِمَ ْ‬ ‫وفُ ِط َرت الخميقة عمى تألييو‪ ،‬فإف اإللو ىو الذي تَأَّلَو القموب بالمحبة‪ ،‬واإلجبلؿ‪،‬‬

‫والتعظيـ‪ ،‬والذؿ لو‪ ،‬والخضوع‪ ،‬والتعبد‪ ،‬والعبادة ال تصمح إال لو وحده‪ ،‬والعبادةس‬ ‫ىي كماؿ الحب مع كماؿ الخضوع و ُّ‬ ‫الذؿ‪.‬‬ ‫واهلل تعالى يح ِ‬ ‫ب تَ​َبعاً لمحبتو‪ ،‬وقد َد َّؿ عمى‬ ‫ب مف جميع الوجوه‪ ،‬وما سواه إنما ُي َح ُ‬ ‫َُ ُ‬ ‫وجوب محبتو سبحانو جميع كتبو المنزلة‪ ،‬ودعوة الرسؿ‪ ،‬وفطرتو التي فطر عباده‬ ‫عمييا‪ ،‬وما ُراكب فييـ مف العقوؿ‪ ،‬وما أسبغ عمييـ مف النعـ؛ فإف‬ ‫القموب مفطورةٌ‬ ‫َ‬ ‫مجبولة عمى محبة مف أنعـ عمييا وأحسف إلييا‪ ،‬فكيؼ بمف كؿ اإلحساف منو‪ ،‬وما‬ ‫بخمقو جميعيـ مف نعمة فمنو وحده ال شريؾ لو كما قاؿ تعالىس‬ ‫« وما بكـ مف نعمة فمف ا ‪[ »...‬النحؿ ‪.]45‬‬

‫وكؿ ما منو سبحانو وتعالى إلى عبده يدعوه إلى محبتو؛ فعطاؤه ومنعو‪ ،‬ومعافاتو‬

‫وع ْدلُو وفضمو‪ ،‬واماتَتُوُ واحياؤه‪ ،‬وبُِّرهُ ورحمتو‪ ،‬واحسانو‬ ‫وب ْسطُو‪َ ،‬‬ ‫بضوُ َ‬ ‫وابتبلؤه‪ ،‬وقَ ُ‬ ‫وستره‪ ،‬وعفوه ِ‬ ‫وحممو‪ ،‬وصبره عمى عبده‪ ،‬واجابتو لدعائو‪ ،‬وكشؼ َك ْربِ ِو واغاثة‬ ‫ُ​ُ‬ ‫َ‬ ‫ليفتو‪ ،‬وتفريج كربتو مف غير حاجة منو إليو‪ ،‬بؿ مع غناه التاـ عنو مف جميع‬ ‫داع لمقموب إلى تأليهه ومحبته‪ ،‬فمو أف مخموقاً أسدى لمخموؽ‬ ‫الوجوه؛ كؿ ذلؾ ٍ‬

‫قمبو مف محبتو‪ ،‬فكيؼ ال يحب العبد بكؿ قمبه‬ ‫أدنى شيء مف ذلؾ لـ يممؾ َ‬ ‫وجوارحه َمف ُي ْح ِسف إليه عمى الدواـ بعدد اعنفاس ‪ ،‬ويسعى بكؿ ما أُوِتي مف‬

‫قوٍة إلى طاعته ونيؿ رضوانه سبحانه؟!‪.‬‬

‫وشرنا إليو صاعد‪ ،‬يتحبب إلينا بنعمو وىو غني عنا ونتبغض إليو‬ ‫َ‬ ‫فخ ْي ُرهُ إلينا نازؿ ُ‬ ‫إحسانوُ وبُِّرهُ وانعامو عمينا يصدنا عف معصيتو‪،‬‬ ‫بالمعاصي‪ ،‬ونحف الفقراء إليو‪ ،‬فبل‬ ‫ُ‬ ‫وال معصيتُنا ولُ ْؤ ُمنا يقطع إحساف ربنا سبحانو عنا‪.‬‬

‫‪8‬‬


‫الخ ْمؽ إف لـ يربح عميؾ لـ يعاممؾ‪ ،‬وال بد‬ ‫أخي حام َؿ الدعوة‪...‬كؿ مف تعاممو مف َ‬ ‫أعظـ‬ ‫لو مف نوع مف أنواع الربح‪ ،‬وربؾ سبحانو وتعالى إنما يعاممؾ لتربح أنت‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫أضعاؼ كثيرٍة‪،‬‬ ‫الرب ِح وأعبله؛ فالدرىـ عنده بعشرة أمثالو إلى سبعمائة ضعؼ‪ ،‬إلى‬

‫والسيئة بواحدة وىي أسرع شيء عنده محواً‪.‬‬

‫فمطالبؾ – بؿ مطالب الخمؽ كميـ جميعاً – لديو‪ ،‬فيو أجود ال ُكرماء‪ ،‬أعطى َ‬ ‫ُ‬ ‫عبدهُ‬ ‫الكثير مف‬ ‫ويَن اميو‪ ،‬ويغفر‬ ‫قبؿ أف يسألو فوؽ ما ُي َؤ اممُو‪،‬‬ ‫يشكر القمي َؿ مف العمؿ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الزلؿ ويمحوه‪ ،‬يسأَلُوُ مف في السماوات واألرض َّ‬ ‫كؿ ٍ‬ ‫يوـ ىو في شأف‪ ،‬ال يشغمُوُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫سمعٌ عف سمع‪ ،‬وال تُ َغماطُوُ كثرةُ المسائؿ‪.‬‬ ‫وي ُّ‬ ‫ويغضب إف لـ ُيسأؿ‪،‬‬ ‫حب أف ُيسأ َؿ‬ ‫وال‬ ‫ُ‬ ‫يتبرـ بإلحاح الممحيف في الدعاء‪ُ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫نفسو‪،‬‬ ‫ويستحيي مف عبده حيث ال يستحيي‬ ‫ُ‬ ‫العبد منو‪ ،‬ويستره حيث ال يستر َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ​ِ ِ ِ‬ ‫امتِ ِو‬ ‫ويرحمو حيث ال يرحـ نفسو‪َ ،‬‬ ‫ودعاهُ سبحانوُ بن َعمو واحسانو وأياديو إلى كر َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫رسمَوُ إلرشاده وبعث إليو معيـ عيده‪ ،‬ثـ نزؿ إليو سبحانو‬ ‫ورضوانو فأبى‪ ،‬فأرسؿ ُ‬

‫بنفسو‪ ،‬وقاؿس‬ ‫فأغفر له‪ ،‬وذلك كل ليله » (رواه البخاري)‬ ‫« َمن يسألُني فأُعط َيه‪َ ،‬من يستغفرني‬ ‫َ‬

‫وكيؼ ال تحب القموب مف ال يأتي بالحسنات إال ىو‪ ،‬وال يجيب الدعوات ويقيؿ‬ ‫العثرات‪ ،‬ويغفر الخطيئات‪ ،‬ويستر العورات‪ ،‬ويكشؼ الكربات‪ ،‬ويغيث الميفات‪،‬‬

‫وينيؿ الطمبات سواه‪.‬‬ ‫فيو أحؽ مف ُذكر وأحؽ مف ُشكر‪ ،‬وأحؽ مف ُعبد‪ ،‬وأحؽ مف ُحمد‪ ،‬وأنصر مف‬ ‫ابتغي‪ ،‬وأرأؼ مف َممؾ‪ ،‬وأجود مف ُسئؿ‪ ،‬وأوسع مف أعطى‪ ،‬وأرحـ مف استُرحـ‪،‬‬ ‫وأكرـ مف قُصد‪ ،‬وأعز مف التُجىء إليو‪ ،‬وأكفى مف تُ ِ‬ ‫وكؿ عميو‪ ،‬أرحـ بعبده مف‬ ‫الوالدة بولدىا‪ ،‬وأشد فرحاً بتوبة التائب مف الفاقد لراحمتو التي عمييا طعامو وشرابو‬ ‫في أرض الميمكة إذا يئس مف الحياة ثـ وجدىا‪ ،‬و ىو الممؾ ال شريؾ لو و الفرد‬

‫ؾ إال وجيوُ‪ ,‬لف ُيطاع إالّ بإذنو‪ ،‬و لف ُيعصى إالّ بعممو‪،‬‬ ‫ند لو ك ُؿ شيء ىال ٌ‬ ‫ال ّ‬

‫‪9‬‬


‫ِ‬ ‫يع‪ ,‬و ُيعصى فيعفو و يغفر و حقو أضيع‪,‬‬ ‫ُيطاع فَيشكر‪ ،‬و بتوفيقو و نعمتو أُ ُ ط َ‬ ‫أجؿ حفيظ‪ ,‬وأوفى بالعيد وأعدؿ ٍ‬ ‫فيو أقرب شييد‪ ,‬و ُّ‬ ‫قائـ بالقسط‪ ،‬حاؿ دوف‬ ‫النفوس‪ ,‬وأخذ بالنواصي‪ ,‬وكتب اآلثار‪ ,‬ونسخ اآلجاؿ‪ ,‬فالقموب لو مفضية‪ ,‬والسر‬

‫عنده عبلنية‪ ,‬والغيب لديو مكشوؼ‪ ,‬وكؿ أحد إليو مميوؼ‪ ,‬وعنت الوجوه لنور‬ ‫وجيو‪ ,‬وعجزت العقوؿ عف إدراؾ كنيو‪ ,‬ودلّت ِالفطَر واألدلة كميا عمى إمتناع مثمو‬ ‫وشبيو‪ ,‬وأشرقت لنور وجيو الظممات‪ ,‬واستنارت لو األرض والسماوات‪ ,‬وصمحت‬

‫عميو جميع المخموقات‪ ,‬ال يناـ و ال ينبغي لو أف يناـ ُيرفع إليو عمؿ الميؿ قبؿ‬ ‫النيار‪ ,‬وعمؿ النيار قبؿ الميؿ‪ ,‬سبحانو وبحمده تبارؾ اسمو وتعالى َج ُّده وال إلوَ‬

‫غيره‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫نعيـ‬ ‫ومحبة اهلل ّ‬ ‫عز و جؿ ىي حياة القموب‪ ,‬وغذاء األرواح‪ ,‬وليس لمقمب لذةٌ وال ٌ‬ ‫أعظـ مف ألـ العيف إذا فقدت‬ ‫وال ٌ‬ ‫فبلح والحياةٌ إالّ بيا‪ ،‬واذا فقدىا القمب كاف ألَ ُموُ‬ ‫َ‬

‫فساد القمب ‪ -‬إذا خبل مف محبة فاطره‬ ‫نورىا‪ ،‬أو األُ ُذف إذا فقدت سمعيا‪ ،‬بؿ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وبارئو واليو الحؽ ‪ -‬أعظـ مف فساد البدف إذا خبل مف الروح‪ ,‬وىذا األمر ال‬ ‫يصدؽ بو إالّ مف فيو حياة‪ ,‬و ما لجرح بميت إيبلـ‪.‬‬ ‫قاؿ بعضيـ س "المحب طائر القمب‪ ,‬كثير الذكر‪ ,‬متسػبب إلػى رضػوانو بكػؿ سػبيؿ‬

‫يقدر عمييا مف الوسائؿ و النوافؿ دأباَ ً وشوقاَ ً "‪.‬‬ ‫وأنشد بعضيـس‬ ‫ٍ ِ‬ ‫تخدمو‬ ‫وكف لربؾ ذا ُحب ل َ‬

‫إف المحبيف لؤلحباب ُخ ّد ُاـ‬

‫حب ا و طاعتَه ‪ ,‬ف ف‬ ‫تعودوا ك‬ ‫وأوصت امرأة مف السمؼ أوالدىا فقالت ليـ س" ّ‬ ‫ارحهـ مف غيررا‪ ,‬ف ف َعَرض لهـ الممعوف‬ ‫المتقيف أُلفوا بالطاعة‬ ‫ْ‬ ‫فاستوحشت جو ُ‬ ‫مرت المعصية بهـ محتشمة فهـ لها منكروف "‬ ‫بمعصية‬ ‫ّ‬

‫‪11‬‬


‫و أنشد ابف المبارؾ س‬ ‫شنيع‬ ‫ىذا لعمري في القياس‬ ‫ُ‬ ‫إف‬ ‫المحب لمػف ُ‬ ‫َ‬ ‫يحب مطيعُ‬

‫تعصى اإللو و أنت تزُع ُـ حبو‬ ‫لو كاف ُحُبؾ صادقاً ألطػعتَوُ‬

‫إيثار اآلخرة عمى الدنيا‬

‫‪11‬‬


‫قػػاؿ ربنػػا عزوجػػؿ‪ُ ":‬زيػػػف لمنػػػاس حػػػب الشػػػهو ِ‬ ‫ات مػػػف النسػػػاء والبنػػػيف والقنػ ِ‬ ‫ػػاطير‬ ‫ُ ُ‬ ‫ػاـ والحػ ِ‬ ‫ِ‬ ‫المسػومة واعنعػ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ػرث ذلػؾ متػػعُ الحيػػوِة‬ ‫الػذرب والفضػ ِػة والخيػ ِػؿ‬ ‫المقنطػرة مػػف‬ ‫حسف المئاب * قؿ أؤن ِب ُئ ُكـ ٍ‬ ‫بخير مف ذل ُكـ لِمذيف اتقػوا عنػد ربهػـ‬ ‫الدنيا وا ُ عندو‬ ‫ُ‬ ‫جنت تجري مف ِ‬ ‫اج مطهػرةٌ ِ‬ ‫تحتها‬ ‫ٌ‬ ‫ورضػو ٌ‬ ‫اعنهػار خالػديف فيهػا وأزو ٌ‬ ‫اف مػف ا وا ُ‬ ‫ُ‬ ‫عػذاب النػار*‬ ‫بصير بالعباد *الذيف يقولوف رب َنا إننا ءامنػا فػاغفر لنػا ذنوب َنػا وق َنػا‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫الصابريف والصادقيف والقانتيف والمنفقيف والمستغفريف باعسحار"‬

‫(آؿ عمرافس‪)49-41‬‬

‫‪.‬‬

‫قػػاؿ عمػػر رضػػي اهلل عنػػوس الميػػـ إنػػا ال نسػػتطيع إال أف نفػػرَح بمػػا زينتَػػوُ لنػػا ‪ ،‬الميػػـ‬ ‫إني أسألؾ أف ُ ننفقو في حقو‪.‬‬ ‫قاؿ عبد اهلل قاؿ النبي صمى اهلل عميو وآلو وسمـ س" أيكـ ماؿ وارثه أحػب إليػه مػف‬

‫قػدـ‬ ‫ػه مػا َ‬ ‫ماله؟ قالوا يا رسوؿ ا مػا مػف أحػد إال مالػه أحػب إليػه‪ ،‬قػاؿ‪ :‬فػ ف مالَ ُ‬ ‫وما َؿ وارثه ما أ َخر ) (البخاري)‪.‬‬

‫‪ ‬عػػف زيػػد بػػف أرقػػـ قػػاؿس كنػػا مػػع أبػػي بكػػر الصػػديؽ رضػػي اهلل عنػػو فػػدعا بش ػراب‬ ‫ف ػأُتي بمػػاء وعسػػؿ فممػػا أدنػػاه مػػف فيػػو بكػػى وبكػػى حتػػى أبكػػى أصػػحابو فسػػكتوا ومػػا‬ ‫سػػكت‪ ،‬ثػػـ عػػاد فبكػػى حتػػى ظنػوا أنيػػـ لػػف يقػػدروا عمػػى مسػػألتو‪ .‬قػػاؿ ثػػـ مسػػح عينيػػو‬ ‫فقػػالوا يػػا خميفػػة رسػػوؿ اهلل مػػا أبكػػاؾ قػػاؿ كنػػت مػػع رسػػوؿ اهلل صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو‬

‫وسمـ فرأيتُو يدفع عف نفسو شيئا ولـ َأر معو أحداً‪ ،‬فقمت يا رسوؿ اهلل ما الػذي تػدفع‬ ‫عف نفسؾ قاؿس" رذو الدنيا مثمت لي فقمت لهػا ِ‬ ‫إليػؾ عنػي ثػـ رجعػت فقالػت‪ :‬إف‬ ‫ت مني فمف ُيفمت مني َمف بعدؾ"‪( .‬رواه الحاكـ في المستدرؾ)‬ ‫أ ْفمَ َ‬

‫‪ ‬عف قتادة بف النعماف رضي اهلل عنو قاؿس قاؿ رسوؿ اهلل صػمى اهلل عميػو وسػمـ "‬ ‫إذا أحػػػب ا‬ ‫المستدرؾ)‪.‬‬

‫عبػػػداً حمػػػاو الػػػدنيا كمػػػا يحمػػػي أحػػػدكـ مريضػػػه المػػػاء"‬

‫‪12‬‬

‫(الح ػػاكـ ف ػػي‬


‫‪ ‬عف عبد اهلل رضي اهلل عنو أف النبي صمى اهلل عميػو وسػمـ قػاؿس" مػا لػي ولمػدنيا‬

‫ومػا لمػدنيا ولػي والػػذي نفسػي بيػدو مػػا مثمػي ومثػؿ الػدنيا إال كراكػػب سػار فػي يػػوـ‬

‫صائؼ فاستظؿ تحت شجرة ساعة مف نهار ثـ راح وتركه"‬

‫( ابف حباف ) ‪.‬‬

‫‪ ‬عػػف ش ػريح بػػف عبيػػد أف أبػػا مالػػؾ األشػػعري لمػػا حض ػرتو الوفػػاة قػػاؿس يػػا معشػػر‬ ‫األشػػعرييف ُليبمّػغ الشػػاىد مػػنكـ الغائػػب إنػػي سػػمعت رسػػوؿ اهلل صػػمى اهلل عميػػو وسػػمـ‬ ‫ومرة الدنيا حموة اآلخرة" رواه الحاكـ في المستدرؾ‬ ‫يقوؿس "حموة الدنيا ُمرة اآلخرة‪ُ ،‬‬ ‫‪ ‬عف أبي بف كعب رضي اهلل عنػو قػاؿسأف النبػي صػمى اهلل عميػو وسػمـ قػاؿس"بشػر‬ ‫رػذو اعمػػة بالسػػناء والرفعػة والنصػػرة والتمكػػيف فػػي اعرض ومػف َع ِمػ َػؿ مػػنهـ َع َمػ َػؿ‬ ‫اآلخرة لمدنيا لـ يكف له في اعخرة نصيب" ‪( .‬رواه الحاكـ)‬ ‫‪ ‬قاؿ عبد اهللس أنتـ أكثر صػبلة وأكثػر صػياماً مػف أصػحاب محمػد صػمى اهلل عميػو‬ ‫قػاؿ كػانوا أزرػد مػنكـ فػي الػدنيا وأرغػب مػنكـ‬

‫وسمـ وىـ كانوا خي اًر منكـ قالوا وب َػـ‬ ‫في اآلخرة ‪( .‬رواه الحاكـ في المستدرؾ) ‪.‬‬

‫ػب فيمػا كػاف‬ ‫‪ ‬كاف عمرو بف العاص يقوؿ عمى المنبرس واهلل ما ر ُ‬ ‫أيت قوماً قػط أرغ َ‬ ‫رسػػوؿ اهلل صػػمى اهلل عميػػو وسػػمـ يزىػػد فيػػو مػػنكـ ترغبػػوف فػػي الػػدنيا وكػػاف يزىػػد فييػػا‬ ‫ػبلث مػف الػدىر إال والػذي عميػو أكثػر‬ ‫واهلل ما مر برسػوؿ اهلل صػمى اهلل عميػو وسػمـ ث ٌ‬ ‫مف الذي لو‪ .‬رواه انحاكم‬ ‫‪ ‬عػػف سػػيؿ بػػف سػػعد السػػاعدي قػػاؿس سػػمعت النبػػي صػػمى اهلل عميػػو وسػػمـ يقػػوؿس"‬ ‫وموضع سوط أحدكـ مف الجنة خير مف الدنيا وما عميها والروحػة يروحهػا العبػد‬ ‫فػػػي سػػػبيؿ ا‬

‫أو الغػػػدوة خيػػػر مػػػف‬

‫الدنيا وما عميها " (البخاري) ‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫‪ ‬عف عبداهلل بف عمػر رضػي اهلل عنيمػا قاؿساخػذ رسػوؿ اهلل صػمى اهلل عميػو وسػمـ‬ ‫بمنكبي فقاؿس" كف في الدنيا كانؾ غريب أو عابر سبيؿ" (البخاري) ‪.‬‬ ‫ػبحت فػػس تنتظػػر‬ ‫ػيت فػػس تنتظػػر الصػػباح اواذا أصػ َ‬ ‫‪ ‬وكػاف ابػػف عمػػر يقػػوؿس إذا أمسػ َ‬ ‫المساء وخذ مف صحتؾ لمرضؾ ومف حياتؾ لموتؾ"‪.‬‬ ‫‪ ‬عف المستورد بف شداد قاؿ قاؿ النبي صػمى اهلل عميػو وسػمـ س وا‬

‫مػا الػدنيا فػي‬

‫االخرة اال مثؿ ما يجعؿ أحدكـ إصبعه في اليـ فمينظر بـ يرجع" (مسمـ) ‪.‬‬ ‫ػت الػػدنيا ُمػػدبرة وارتحمػػت اآلخ ػرة مقبمػػة‪ ،‬ولكػػؿ‬ ‫‪ ‬وقػػاؿ عمػػي بػػف أبػػي طالػػبس ارتحمَػ ْ‬ ‫اليػوـ‬ ‫واحدة منيما بنػوف فكونوا مف أبناء اآلخػرة‪ ،‬وال تكونػوا مػف أبنػاء الػدنيا‪ ،‬فػاف‬ ‫َ‬

‫حساب وال عمؿ‪.‬‬ ‫عم ٌؿ وال حساب‪ ،‬وغدا‬ ‫ٌ‬

‫‪ ‬عػػف أبػػي موسػػى األشػػعري رضػػي اهلل عنػػوسأف رسػػوؿ اهلل صػػمى اهلل عميػػو وسػػمـ‬ ‫قاؿ‪(:‬مف أحػب دنيػاو أضػر بتخرتػه ومػف أحػب أخرتػه أضػر بػدنياو فػتثروا مػا يبقػى‬

‫عمى ما يفنى) ‪(.‬‬

‫رواه الحاكـ في المستدرؾ)‬

‫جعمنا ا‬

‫اواياكـ ممف يستمعوف القوؿ فيتبعوف أحسنه‬

‫ايخسص‬

‫ستي وُن ِ‬ ‫«قؿ إِ ّف ص ِ‬ ‫يف »‬ ‫اي َو َم َم ِاتي ِ َر ٍّب العالَ ِم َ‬ ‫سكي َو َم ْح َي َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َعم ٌؿ مف أعماؿ القموب بؿ ىو في مقدمة األعماؿ القمبية إلف قبوؿ األعمػاؿ ال يػتـ‬ ‫(األنعاـ‪.)469،‬‬

‫‪14‬‬


‫إال بو‪.‬‬ ‫و المقصود باإلخبلص إرادة وجه ا‬

‫تعالى بالعمؿ وتصفيتو مف كؿ شوب ذاتي‬

‫أو دنيوي فبل ينبعث العمؿ إال هلل تعالى وال يمازج عمؿ المرء ما يشوبو مف‬

‫الرغبات العاجمة لمنفس‪ ،‬الظاىرة أو الخفية‪ ،‬وأساس إخبلص العمؿس تجريد النية فيو‬ ‫هلل عز و جؿ‪.‬‬ ‫والمراد بالنية إنبعاث إرادة اإلنساف لتحقيؽ غرض مطموب لو‪ ،‬والمؤمف الحؽ ىو‬

‫افز اآلخرة عمى حو ِ‬ ‫افز‬ ‫باعث اليوى و‬ ‫باعث الديف في قمبو‬ ‫الذي غمب‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫انتصر ْ‬ ‫ت حو ُ‬ ‫َ‬ ‫الدنيا وآثر ما عند اهلل تعالى عمى ما عند الناس فجعؿ قولَو ونيتَو وعممو وجعؿ‬ ‫رب العالميف‪.‬‬

‫ون ُس َكوُ ومحياه ومماتو‬ ‫صبلتو ُ‬ ‫واإلخبلص بيذا المعنى ثمرةٌ مف ثمرات التوحيد الكامػؿ هلل تبػارؾ وتعػالى‪ ،‬الػذي ىػو‬

‫إفراد اهلل عز وجؿ بالعبادة واالستعانة «إيػاؾ نعبػد اوايػاؾ نسػتعيف»[الفاتحػة ‪ ،]4‬والػذي‬ ‫يناجي بو المسمـ ربو في صمواتو كؿ يوـ ما ال يقؿ عف سبع عشرة مرة‪.‬‬ ‫وبيذا اإلخبلص يكوف اإلنساف المؤمف عبػدا هلل حقػا‪ ،‬ال عبػدا ليػواه وال عبػدا ألىػواء‬

‫غيره‪ ،‬ال عبدا لدنياه وال عبدا لػدنيا غيػره‪ ،‬ويكػوف كمػا أمػر اهلل سػبحانو رسػولَو الكػريـ‬ ‫ػستي وُنسػ ِػكي وم ْحيػػاي وممػ ِ‬ ‫«قػػؿ إِ ّف صػ ِ‬ ‫ػه َوِب ػ َذلؾ‬ ‫يف ال شػ َ‬ ‫ػريؾ لَػ ُ‬ ‫ػاتي ِ َر ٍّب العػػالَ ِم َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ َ َ َ​َ​َ‬ ‫أِ‬ ‫ت َوأَ​َناْ أ َّو ُؿ المسمميف»‬ ‫ُم ْر ُ‬ ‫وىػذا يعنػي أف تجعػػؿ ركوعػؾ وسػػجودؾ وعبادتػؾ ودعوتػػؾ خالصػ ًة‬ ‫[األنعاـ‪.]469.465،‬‬

‫رب العػػالميف‬

‫ػؼ نفسػػؾ ألمػػر اهلل وأف تحيػػى لئلسػػبلـ وأف تمػػوت‬ ‫بػػؿ وأف تكػػوف حياتػػؾ هلل بػػأف توِقػ َ‬ ‫فػ ػػي سػ ػػبيؿ إعبلئػ ػػو وتمكينػ ػػو فػ ػػي االرض واخضػ ػػاع رقػ ػػاب النػ ػػاس أجمعػ ػػيف هلل رب‬ ‫اد يسير ليعينؾ في سفرؾ لآلخرة‪ ،‬ال‬ ‫العالميف‪ ،‬واف‬ ‫أخذت شيئا مف الدنيا فإنما ىو ز ٌ‬ ‫َ‬ ‫أكبر ىمؾ أو مبمغا لعممؾ‪.‬‬ ‫أف تكوف الدنيا َ‬ ‫فعمي ػػؾ أخ ػػي حامػ ػ َؿ ال ػػدعوة أف تخم ػػص عمم ػػؾ ف ػػي ال ػػدعوة هلل رب الع ػػالميف وأف ال‬ ‫ٍ‬ ‫حطاـ ٍ‬ ‫فاف ولساف حالؾ يجب أف يكوفس‬ ‫تتطمع الى مكاسب دنيوية زائمة أو الى‬ ‫«ما أسأل ُكـ عميه مف ٍ‬ ‫ي‬ ‫أجر إف أجر َ‬

‫‪15‬‬

‫إال عمى ِ‬ ‫رب‬

‫العالميف»[الشعراء ‪]499‬‬


‫فحامػػؿ ال ػػدعوة ال يطم ػػب منص ػػباً وال مكانػ ػةً وال منزلػ ػةً وال ُشػ ػيرةً وال ُمكاف ػػأةً ب ػػؿ يري ػػد‬ ‫بعممو وجو الواحد األحد وأف يكوف عممُو مقبوالً عند ٍ‬ ‫مميؾ مقتػدر‪ ،‬متابِعػاً فػي أعمالػو‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫كميا المصطفى األسوة صمى اهلل عميو وعمى آلو وسمـ‪.‬‬

‫بعض ما يعينؾ عمى ايخسص‬

‫‪ ‬اإلكثػار مػف الصػدقة الخفيػػة‪ ،‬حيػث ال تعمػـ شػما ُؿ ُ ؾ مػػا أنفقػت يمينػؾ‪ ،‬فالصػػدقة‬ ‫تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار‪.‬‬

‫‪16‬‬


‫ت عف رسوؿ اهلل صمىاهلل عميو وآلو‬ ‫ضوءؾ وصبلتَؾ كما َوَرَد ْ‬ ‫وو َ‬ ‫‪ ‬إتقانؾ اغتسالؾ َ‬ ‫أف يراؾ أحد مف البشر)‪ ،‬مستحض اًر‬ ‫أنت في ُ‬ ‫وسننِيا و َ‬ ‫وسمـ بأركانيا َ‬ ‫الخ ْم َوة(دوف ْ‬ ‫قوؿ النبي صمى اهلل عميو وآلو وسمـ‪ «:‬إذا توضأ العبد المؤمف فتمضمض خرجت‬

‫الخطايا مف فيه‪ ،‬ف ذا استنثر خرجت الخطايا مف أنفه‪ ،‬ف ذا غسػؿ وجهه خرجت‬ ‫الخطػايا مػف وجهه حتى تخرج مف تحت أشفار عينيه‪ ،‬ف ذا غسػؿ يديه خرجت‬

‫الخطايا مف يديه حتى تخرج مف تحت أظفار يديه‪ ،‬ف ذا مسح برأسه خرجت‬

‫الخطايا مف رأسه حتى تخرج مف أذنيه‪ ،‬ف ذا غسؿ رجميه‬

‫خرجت الخطايا مف رجميه حتى تخرج مف تحت أظفار رجميه‪ ،‬ثـ كاف مشيه الى‬

‫المسجد وصسته نافمة له‬

‫» (رواه النسائي)‪.‬‬

‫ِ‬ ‫أف تُ ْكثَِر مف االستغفار‬ ‫قبؿ‬ ‫ت ما َ‬ ‫ػحار ( َو ْؽ َ َ‬ ‫الفجر )والناس نياـ و ْ‬ ‫َس َ‬ ‫‪ ‬صبلتؾ في األ ْ‬ ‫فيو ُمفتاح لكؿ خير‪ ،‬قاؿ تعالىس «وباعسحار رـ يستغفروف»(الذاريات‪ ،)41‬وقاؿ‬ ‫صمى اهلل عميو وآلو وسمـس«مف لزـ االستغفار جعؿ ا له مف كؿ ضي ٍ‬ ‫ؽ مخرجاً‬ ‫ومف كؿ ٍ‬ ‫وقت‬ ‫رـ فرجاً‪ ،‬ورزقه مف حيث اليحتسب» (رواه ابو داوود)‪ُ ،‬م ْغتَِن َماً بذلؾ َ‬ ‫ِ‬ ‫ربنا‬ ‫النزوؿ اإلليي الذي أخبرنا عنو المصطفى صمى اهلل عميو وآلو وسمـس «يتنزؿ ّ‬

‫تبارؾ وتعالى كؿَ ليمة (أي‪ :‬نزوالً يميؽ بجسله) إلى ال ِ‬ ‫سماء الدنيا حيف يبقى ثمث‬

‫اآلخريقوؿ‪:‬مف يدعوني فأستجيب له‪ ،‬مف يسألُني فأعطيه‪ ،‬مف يستغفرني‬ ‫الميؿ‬ ‫َ‬ ‫فأغفر له» )رواه البخاري(‪.‬‬

‫‪‬احػػرص أخ ػػي عمػػى صػػػسة الضػػػحى‪ ،‬فق ػػد ق ػػاؿ فػػي فض ػػميا صػػمى اهلل عمي ػػو وآل ػػو‬ ‫ِ‬ ‫ػػدقة‪ ،‬فكػػػؿ‬ ‫صػ َ‬ ‫سػػػسمى (أيسمفصػػؿ مػػف مفاصػػؿ العظػػـ) َ‬ ‫وسػػمـ‪«:‬يصػػػبح عمػػػى كػػػؿ ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫تهميمة صدقة‪ ،‬وكؿ تكبيرٍة صػدقة‪ ،‬و ٍ‬ ‫أمػر‬ ‫تحميدة صدقة‪ ،‬وكؿ‬ ‫تسبيحة صدقة‪ ،‬وكؿ‬ ‫وي ْجزئ مػف ذلػؾ‪ ،‬ركعتػاف يركعهمػا مػف‬ ‫بمعروؼ صدقة‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫ونهي عف المنكر صدقة‪ُ ،‬‬

‫الضحى» (رواه مسمـ)‪ ،‬ويقوؿ صمى اهلل عميو وآلو وسمـ عف ربو عز وجؿ أنو قاؿس «‬ ‫ٍ‬ ‫يا بف هدـ ٍّ‬ ‫أو َؿ النهار أكفيؾ هخرو» ( الثقات)‪.‬‬ ‫أربع‬ ‫ركعات ك‬ ‫صؿ لي َ‬ ‫‪ ‬أكثػ ػ ػ ػػر مػ ػ ػ ػػف االسػ ػ ػ ػػتغفار والتوبػ ػ ػ ػػة‪ ،‬فالمصػ ػػطفى صػ ػػمى اهلل عميػ ػػو وآلػ ػػو وسػ ػػمـ‬

‫‪17‬‬


‫ػوب إليػػو فػػي اليػػوـ أكثػػر مػػف سػػبعيف مػرة‪ .‬واعمػػـ أف التائػػب مػػف‬ ‫ػتغفر اهللَ ويتػ ُ‬ ‫كػ َ‬ ‫ػاف يسػ ُ‬ ‫الذنب كمف ال ذنب لو‪.‬‬ ‫‪ ‬احرص عمى اإلكثار مف الصبلة عمى رسوؿ اهلل صػمى اهلل عميػو وآلػو وسػمـ‪ ،‬فيػو‬ ‫عميه بها عش ارً» (رواه مسمـ)‪ ،‬فأثناء سػفرؾ‬

‫القائؿس « َمف صمى َعمَ كي صسةً صمى ا‬ ‫ؾ اجعػػؿ لسػػانؾ َر ِطب ػاً بِػ ِػذ ْك ِر اهلل والصػػبلة عمػػى رسػػوؿ اهلل دوف أف يشػػعر بػػؾ‬ ‫وم ْش ػيِ َ‬ ‫َ‬

‫أحػ ػػد‪ ،‬ودوف أف تخبػ ػ َػر أحػ ػػداً بػ ػػذلؾ‪ ،‬وصػ ػػبلة اهلل عميػ ػػؾ تعنػ ػػي أف يغمػ ػػرؾ سػ ػػبحانو‬ ‫ومػف منػا يسػتغني عػف ذلػؾ‪ ،‬الميػـ ص اػؿ عمػى‬ ‫ومف منا ال يفتقػر لػذلؾ‪ ،‬بػؿ َ‬ ‫برحماتو‪َ ،‬‬ ‫طيبػاً مباركػاً فيػو‪ ،‬ع َػد َد مػا أحػاط‬ ‫سيدنا محمد وعمى آلو وصحبو وسػمـ تسػميماً كثيػرا‪ّ ،‬‬ ‫َّ‬ ‫كتابػػؾ‪ُ ،‬كممػػا ذكػػرؾ الػػذاكروف وغفػػؿ عػػف ذكػػرؾ‬ ‫عممػػؾ وخػػط بػػو قممػػؾ وأحصػػاه ُ‬ ‫بػػو ُ‬ ‫الغافموف ‪.‬‬ ‫كؿ ىذا يعينؾ عمى اإلخبلص‪ ،‬واهلل الموفؽ‪.‬‬

‫إحذر مف وساوس الشيطاف‬

‫فقد يقوؿ لؾ الشيطاف(أترؾ ىذا العمؿ فيو ليس هلل‪ ،)...‬كف أقوى منو و ِ‬ ‫امض في‬ ‫عممؾ وأكثِر مف التضرع إلى اهلل ليأخذ بيدؾ لما يحبو ويرضاه واستعف عمى‬

‫الشيطاف بكثرة النوافؿ الخفية كما تذاكرنا مف قبؿ وحيف يوسوس لؾ الشيطاف‬ ‫لوس(مف الذي يعمـ بفعؿ كذا‬ ‫بح َج ِة أنو ليس هلل واجيّوُ بقوة قائبلً‬ ‫َ‬ ‫لتترؾ العمؿ ُ‬ ‫َ‬ ‫أحد إال اهلل)‬ ‫وكذا !! مستحض اًر األعماؿ الخفية الكثيرة التي قدمتَيا وال يدري عنيا ٌ‬ ‫واستعذ باهلل منو و ِ‬ ‫امض بقوة لما يحبو اهلل مف األعماؿ مستعصماً باهلل مف شياطيف‬ ‫وكافيؾ وحافظُؾ بفضمو ورحمتو‪.‬‬ ‫ؾ‬ ‫َ‬ ‫اينس والجف‪ ،‬واهلل َم َع َ‬

‫‪ ‬عف أبي ىريرة أف النبي صمى اهلل عميو وسمـ قاؿس " إذا خرج الرجؿ مف باب‬ ‫بيته أو مف باب دارو كاف معه ممكاف‬

‫موكسف به ف ذا قاؿ بسـ ا ‪ ،‬قاال ُرديت‬

‫‪18‬‬


‫اواذا قاؿ ال حوؿ وال قوة إال با ‪ ،‬قاال ُوقيت اواذا قاؿ توكمت عمى ا قاال ُكفيت‬ ‫ِ‬ ‫ي و ُك ٍف َي‬ ‫قاؿ فيمقاو قريناو فيقوالف ماذا تريداف مف رجؿ قد ُرد َ‬ ‫ووقي؟!!!!!" ) رواه الترمذي)‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ِ‬ ‫ي‬ ‫‪ ‬أخي حام َؿ الدعوة قد يوسوس لؾ الشيطاف‪ :‬إنؾ تحفظ القرهف كي تُ ِر َ‬ ‫أخاؾ الذي تق أر عميه أنؾ حافظ‪ ،‬فاعفضؿ أف تترؾ الحفظ عف في ذلؾ عمؿ لغير‬

‫ا ‪ ،‬أو يقوؿ لؾ‪ :‬إنؾ تعمؿ في حمؿ الدعوة وتدريس الناس وكسبهـ لمدعوة مف‬

‫أجؿ الحزب‪ ،‬وليس لوجه ا ‪............‬‬ ‫ِ‬ ‫اصرخ به ُمتَ َحدٍّياً‪:‬‬ ‫أستعذ با مف الشيطاف الرجيـ‪ ،‬و ُ‬ ‫ارتبطت أصسً بأخي الذي أق أر عميه القرهف ٍ‬ ‫لشئ مف ُحطاـ الدنيا‪ ،‬أـ كاف ذلؾ‬ ‫ورؿ‬ ‫ُ‬ ‫ُليعينني عمى طاعة ا !!!!! فيخسأ الشيطاف‪.......‬‬ ‫ارتبطت أصسً بالدعوة إال يعزاز ديف ا ولِ ُيعينني إخواني عمى طاعة ا‬ ‫ورؿ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫الداريف إف شاءا !!!!!‪.‬‬ ‫ولِ َيضبطوا سموكي كي نفوز بعٍّز َ‬

‫حرفػػؾ عػػف الطريػػؽ واسػ ِ‬ ‫في ِ‬ ‫ػتعف بػػا‬ ‫‪‬ال تُػ ِػر الشػ َ‬ ‫ػيطاف منػػؾ َ‬ ‫ضػػعفا َ‬ ‫وقتػػؾ بالطاعػػة ومسزمػػة َح َممَػ ِػة الػػدعوة‪ ،‬وأرػ ِؿ الِمػػه وخاصػ ِػته‪ ،‬أرػػؿ القػرهف‪ ،‬وتػػذ ك ر‬ ‫عميػػه ب شػػغاؿ‬

‫أنمػا يأكػػؿ الػػذئب مػػف الغػػنـ‪ ،‬ألقاصػػية‪ ،‬ومػػف يتوكػػؿ عمػػى ا‬

‫بالغ أمرو‪.‬‬

‫فهػػو َحسػ ُػبه‪ ،‬إف ا‬

‫التىكل‬ ‫ػار‬ ‫و ىو صدؽ اعتماد القمب عمى اهلل ّ‬ ‫عزوجػؿ فػي اسػتجبلب المصػالح ودفػع المض ّ‬ ‫ومػػف يتّػ ِ‬ ‫خرج ػاً *‬ ‫فػػي أمػػور الػػدنيا واآلخ ػرة‪ ،‬قػػاؿ اهلل ّ‬ ‫ؽ ا يجعػػؿ لّػػه َم َ‬ ‫عزوجػػؿ س « َ‬ ‫حسب ُه» (الطبلؽ ‪)5-9‬‬ ‫فهو‬ ‫سب ومف يتوكؿ عمى ا‬ ‫ويرزقه ِمف ُ‬ ‫حيث الَ َي َ‬ ‫ُ‬ ‫حت ِ​ِ ُ‬ ‫ُ‬

‫‪19‬‬


‫فمف حقؽ التقوى والتوكؿ ‪ ،‬اكتفى بذلؾ في مصالح دينو ودنياه‪ ،‬وعف عمر بف‬

‫الخطاب رضي اهلل عنو عف النبي صمى اهلل عميو وسمـ قاؿ ‪ «:‬لو أنكـ كنتـ‬ ‫توكموف عمى ا حؽ توكمه لرزقكـ كما يرزؽ الطير تغدو ِخماصاً وتروح ِبطانا »‬

‫( رواه الترمذي) ‪.‬‬

‫قاؿ أبو حاتـ الرازي س ىذا الحديث أص ٌؿ في التوكؿ و إنو مف أعظـ األسػباب التػي‬

‫ُيستجمب بيا الرزؽ‪.‬‬ ‫وق ػػاؿ س ػػعيد ب ػػف جبي ػػر س "التوك ػػؿ جم ػػاع اإليم ػػاف" وتحقي ػػؽ التوك ػػؿ ال ين ػػافي األخ ػػذ‬ ‫باألسباب التي قدر اهلل سبحانو وتعػالى المقػدرات بيػا‪ ،‬وجػرت سػنتو فػي خمقػو بػذلؾ‪،‬‬ ‫ف ػػإف اهلل تع ػػالى أم ػػر بتع ػػاطي األس ػػباب‪ ،‬م ػػع أمػ ػره بالتوك ػػؿ‪ ،‬فالس ػػعي ف ػػي األس ػػباب‬

‫إيماف بو ‪.‬‬ ‫بالجوارح طاعةٌ هلل‪ ،‬والتوكؿ بالقمب عميو‬ ‫ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ذرُكـ‪...‬اآلية» ( النساء س‪)94‬‬ ‫قاؿ تعالى س « يا ُأيها الّ َ‬ ‫ذيف ءاَم ُنوا ُخ ُذوا ح َ‬

‫السػنة‪،‬‬ ‫قاؿ سيؿ س " مف طعف في الحركػة يعنػي فػي السػعي والكسػب فقػد طعػف فػي ُ‬

‫ومف طعف في التوكؿ فقد طعف في اإليماف " ‪ ،‬فالتوكؿ حا ُؿ النبي صمى اهلل عميو‬ ‫يتركف سنتو‪.‬‬ ‫الكسب سنتُو فمف عمؿ عمى حالو فبل‬ ‫وسمـ ‪ ،‬و‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫عممُػػو‪ ،‬وتوكػػؿ توكػػؿ‬ ‫قػػاؿ يوسػػؼ بػػف أسػػباطس " يقػػاؿ إعمػػؿ عمػ َػؿ رجػػؿ ال ينجيػػو إالّ َ‬ ‫رجؿ ال يصيبو إالما ُكتب لو"‪.‬‬ ‫ويقػػوؿ ذو القػػوة والجبػػروت ومالػػؾ مفػػاتيح كػػؿ شػػئ سػػبحانوس" وأطيعػػوا ا‬

‫وأطيعػػػوا‬

‫الرسوؿ ف ف توليتُـ ف نما عمى رسولِنا الػبسغُ المبػيف‪ .‬ا ُ ال إلػه إال رػو وعمػى ا‬ ‫فميتوكؿ المؤمنوف" (التغابفس‪. )49‬‬

‫فػػنحف حممػػة الػػدعوة نأخػػذ باألسػػباب التػػي عممنػػا إياىػػا ربنػػا أنيػػا تػػؤدي إلػػى النتػػائج‬

‫المرجػ ّػوة ونحػػف قبػػؿ األخػػذ باألسػػباب وأثنػػاء األخػػذ باألسػػباب وبعػػدىا متوكمػػوف عمػػى‬ ‫رب األسباب سبحانو وتعالى موقنوف أنو سبحانو ىػو الػذي خمػؽ فس ّػوى وق َّػدر فيػدى‬

‫الرجعى‪.‬‬ ‫وأنو سبحانو بيده‬ ‫ُ‬ ‫ممكوت كؿ شئ واليو ُ‬

‫‪21‬‬


َّ ‫ وتػ‬،‫وتأمػػؿ‬ ‫ػذكر أف خطػػاب النبػػي صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـ‬ َّ ‫إقػ أر أخػػي حامػ َؿ الػػدعوة‬ ‫ بمُطؼ اهللس‬،‫ تُكفى وتُيدى وتُحفَظ‬،‫ وتيقَّف أنو بالتقوى والتوكؿ‬،‫خطاب ألمتو‬ ٌ                                 )‫ (االحزاب‬         49     46          4             )‫ (االحزاب‬ 4  ُّ ‫القوي المتيف العزيز الجبار المنػتقـ ال إلػه إال رػو عميػو توكمنػا وىػو َر‬ ‫ب‬

‫حسبنا ا‬

.‫العرشِ العظيـ‬

21


‫أسماء ا‬

‫وصفاته‬

‫نفػس‬ ‫يقوؿ الحؽ سبحانو في سػورة الحشػر‪ ":‬يػا أيهػا الػذيف همنػوا اتقػوا ا ولتَنظُػر ٌ‬ ‫مػػا قػػدمت لغػػد واتق ػوا ا إف ا خبيػ ٌػر بمػػا تعممػػوف‪ .‬وال تكون ػوا كالػػذيف َنس ػوا ا‬

‫ػحاب الجنػػة‬ ‫ػحاب النػػار وأصػ ُ‬ ‫فأنسػػارـ أنفسػػهـ أولئػػؾ رػػـ الفاسػػقوف‪.‬ال يسػػتوي أصػ ُ‬ ‫أصػػػحاب الجنػ ِ‬ ‫ػػة رػػػـ الفػػػائزوف‪ .‬لػػػو أنزلنػػػا رػػػذا القػػػرهف عمػػػى جبػ ٍ‬ ‫ػػؿ لرأيتَػػػ ُه خاشػػػعاً‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُمتصػػدعاً مػػف خشػػية ا وتمػػؾ اعمثػػا ُؿ نضػ ُ‬ ‫ػربها لمنػػاس لعمهػػـ يتفكػػروف‪ .‬رػػو ا ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الشهادة رو الرحمف الػرحيـ‪ .‬رػو ا ُ الػذي ال إلػه‬ ‫الغيب و‬ ‫عالـ‬ ‫الذي ال إله إال رو ُ‬ ‫المتكبػر سػبحاف ا‬ ‫الجبػار‬ ‫العزيػز‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫لػه مػا‬ ‫الحسػنى‬ ‫لػه‬ ‫يسػبح ُ‬ ‫ُ‬ ‫اعسػماء ُ‬ ‫ُ‬

‫المهيمف‬ ‫المؤمف‬ ‫السسـ‬ ‫إال رو المم ُؾ القدوس‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫المصػور‬ ‫عما يشركوف‪ .‬رو ا ُ ا‬ ‫ُ‬ ‫لخالؽ البػارئُ‬ ‫ُ‬ ‫في السماو ِ‬ ‫العزيز الحكيـ" (لحشر ‪.)24-18‬‬ ‫ات واعرض ورو‬ ‫ُ‬

‫أخي حام َؿ الدعوة إحفظ أسماء اهلل الحسػنى‪ ،‬و ِ‬ ‫الجنػة‪،‬‬ ‫أحصػيا‪ ،‬فمػف أحصػاىا دخػؿ ّ‬ ‫قاؿ صمى اهلل عميػو وآلػو وسػمـس«إف تسػعة وتسػعيف إسػماً‪ِ ،‬مائػ ٌة إال واحػدا‪ ،‬مػف‬ ‫أحصارا دخؿ الجنة»‪[.‬متفؽ عميو] (أحصاىاس عدىا‬

‫وحفظيا)[القرطبي]‪.‬‬

‫ِ‬ ‫العمػػى‪ ،‬وأف‬ ‫ووعػػي وحفػػظ أسػػماء اهلل الحسػػنى وصػػفاتو ُ‬ ‫‪ ‬إحػػرص أخػػي عمػػى فَيػػـ َ‬ ‫قمبؾ لتكوف لؾ زاداً وسنداً‪.‬‬ ‫يحتضنيا ُ‬ ‫عبد هلل الو ِ‬ ‫تقمؽ مف ِ‬ ‫قير جبابرِة األرض‪.‬‬ ‫‪ ‬فعندما تعرؼ أنؾ ٌ‬ ‫احد القيّار فمف َ‬ ‫ؾ كؿ ٍ‬ ‫كبير مف البشر‪.‬‬ ‫َكبر‪،‬‬ ‫يصغ ُر في عينِ َ‬ ‫ُ‬ ‫‪ ‬وعندما تدرؾ أف اهللَ ىو األ ُ‬ ‫‪ ‬وعن ػػدما تع ػػرؼ أف اهلل ى ػػو العزي ػ ُػز فيك ػػوف إعت ػػزازؾ ب ػػاهلل وبدين ػػو ال يض ػ ِ‬ ‫ػاىيو أي‬ ‫إعتزاز‪.‬‬

‫ػأمر ِ‬ ‫ػدع بػ ِ‬ ‫اهلل خشػػيةَ قطػ ِػع‬ ‫ػردد‬ ‫َّ‬ ‫بالصػ ِ‬ ‫ػرؼ أف اهللَ ىػػو الػػرزاؽ فإن ػ َ‬ ‫ؾ لػػف تتػ َ‬ ‫‪ ‬وعنػػدما تعػ ُ‬ ‫األرزاؽ‪ ،‬روى ابػػف عبػػاس أف النبػػي صػػمى اهلل عميػػو وسػػمـ قػػاؿ لممػػؤمنيف بمكػػة حػػيف‬

‫‪22‬‬


‫آذاىػـ المشػركوف أخرجػوا إلػػى المدينػة وىػاجروا وال تجػاوروا الظممػػة قػالوا لػيس لنػا بيػػا‬ ‫دار وال عقار وال َمف ُيطعمنا وال مف يسقينا فنزلت « وكأيف مف دابة ال تحمػ ُؿ رزقَهػا‬ ‫ا يرزقُها اواياكـ ورو السميعُ العميـ» (تفسير القرطبي العنكبوتس‪. )66‬‬ ‫بيد ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ ‬وعندما تتيقف أف األجؿ ِ‬ ‫بتيديدات األنظمة البوليسػية‬ ‫تقمؽ‬ ‫وحده‪ ،‬فإنؾ لف َ‬ ‫اهلل َ‬ ‫ُ‬ ‫مف حولؾ‪.‬‬

‫ػؾ‬ ‫ػبحانو‪ .‬وأنػػو إف أراد اهللُ بػ َ‬ ‫الضػػار سػ َ‬ ‫‪ ‬وعنػػدما تعمػػـ أف اهللَ ىػػو النػػافعُ‪ ،‬وأنػػو ىػػو ّ‬ ‫يعطيؾ القوةَ والثقةَ لمبذؿ والعطا ِء دوف أف‬ ‫رحمةً فبل ر ّاد لفضمِو‪ ،‬فذلؾ‬ ‫تحسب حساباً‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ألق ػزاـ البشػ ِػر‪ .‬واف وسػػوس الشػػيطاف لػػؾسأترؾ الفػػرض أو أُتػػرؾ السػػنة دفع ػاً لػػؤلذى‪،‬‬ ‫ػيرُّد تمػػؾ الوسوسػػة بقػػوٍة وحػ ٍ‬ ‫ػزـ‪ ،‬ويعينػػؾ الحػػؽ سػػبحانو عمػػى التمسػػؾ‬ ‫فيقينػػؾ ىػػذا سػ ُ‬ ‫ب ػػالفروض والس ػػنف وبك ػػؿ مػػا يح ػػب مت ػػوكبلً عميػػو مس ػػتجي اًر ب ػػو مػػف ش ػػياطيف اإلن ػػس‬ ‫والجف‪ ،‬واهلل خير ِ‬ ‫حافظاً وىو أرحـ الراحميف‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ػاج إليػو مػا عػداه‪ ،‬فم ْػف تَتَ َم ْسػ َك َف‬ ‫تتيقف أنو‬ ‫ُ‬ ‫الصمد‪َ ،‬‬ ‫الم ْحت ُ‬ ‫‪ ‬وعندما ُ‬ ‫ني ّ‬ ‫عمػف سػواهُ ُ‬ ‫الغ ّ‬ ‫ػجد بػػيف يديػػو سػػائبلً متػػذلبلً فػػإف‬ ‫وتَتَػ َذل َؿ ألحػ ٍػد بسػؤاؿ سػػوى وج ِيػ ِػو الكػر ِيـ‪ ،‬وعنػػدما تسػ ُ‬

‫يدؾ ِرفعةً وقوةً وع اًز وشموخاً‪.‬‬ ‫ذلؾ يز ُ‬ ‫‪ ‬وعندما تعمـ أنو الذي بيده الممؾ فإنؾ تدرؾ أف بيده ممؾ السػماوات واألرض فػي‬

‫الػػدنيا و اآلخ ػرة فيػػو يتصػػرؼ فػػي أمورىمػػا كيفمػػا يشػػاء‪ ،‬بيػػده الممػػؾ يعػػز مػػف يشػػاء‬ ‫ويذؿ مف يشاء‪ ،‬فبل تدوـ الدولة لمكافر وىي إلى زواؿ‪ ،‬ويعز اهلل عباده ويبدؿ األياـ‬ ‫إلعزازىـ بعد ذؿ‪.‬‬

‫‪ ‬وعنػػدما تعمػػـ أنػػو المحيػػي والمميػػت فإنػػؾ ال تيػػأس مػػف إع ػراض المعرضػػيف عػػف‬ ‫دعػػوة اهلل‪ ،‬فيػػو المحيػػي الػػذي أحيػػى قمػػب عمػػر بػػف الخطػػاب بعػػد اف اسػػتيأس النػػاس‬ ‫مػػف إيمانػػو‪ ،‬وىػػو المميػػت الػػذي أمػػات فرعػػوف ويميػػت أمثالػػو ميمػػا طَ َغ ػوا فػػي الػػببلد‬ ‫وأكثروا فييا الفساد‪.‬‬

‫‪23‬‬


‫تعرؼ إلى ا‬

‫إعمـ يرحمؾ اهلل أف معرفة العبد لربو نوعافس‬ ‫معرفة عامة‪ ،‬وىي معرفة اإلقرار بو والتصديؽ واإليماف وىي عامة لممؤمنيف‪.‬‬

‫نس به‪،‬‬ ‫ومعرف ٌة خاصة‪ ،‬تقتضي َمي َؿ القمب إلى ا بالكمية‪ ،‬و‬ ‫َ‬ ‫االنقطاع إليه‪ ،‬و ُاع َ‬ ‫الحياء منه‪ ،‬والهيبة له‪ ،‬وىذه المعرفة الخاصة ىي التي يدور‬ ‫والطمأنينة بذكرو‪ ،‬و‬ ‫َ‬ ‫حوليا أولياء اهلل وأحباؤه‪ ،‬فيحرص عمييا َح َممَةُ الدعوة الجادوف اليادفوف‪ ،‬لتكوف‬ ‫خير زاد وخير ٍ‬ ‫ذخر عمى الطريؽ ييتدوف بيا ويدعوف الناس إلييا‪ ،‬يقوؿ المصطفى‬ ‫َ‬ ‫صمى اهلل عميو وآلو وسمـس «تعرؼ إلى ا‬

‫في الرخاء يعرفؾ في الشدة»‬

‫[أخرجو‬

‫الحاكـ في المستدرؾ]‪ ،‬وىذا يعني أف العبد إذا اتقى اهلل وحفظ حدوده وراعى حقوقو في‬ ‫حاؿ الرخاء‪ ،‬فإنو بذلؾ يتعرؼ إلى اهلل ويصير بينو وبيف ربو معرفة خاصة فيعرفو‬ ‫َّح يونس عميو السبلـ ربو في ظممة بطف الحوت وظممة‬ ‫رُبو بالشدائد؛ فعندما َسب َ‬ ‫البحر وظممة الميؿ قائبلس ال إله إال أنت سبحانؾ إني كنت مف الظالميف‪ ،‬قالت‬ ‫معروؼ مف ٍ‬ ‫عبد معروؼ‪ ،‬فقاؿ ربنا عز وجؿ بعدىا في حقو‬ ‫صوت‬ ‫المبلئكة‪:‬‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬

‫وحقنا مف بعده‪ « :‬ونجيناو مف الغـ وكذلؾ ُن ْنجي المؤمنيف»‬

‫[األنبياء ‪.]11‬‬

‫الحياء مف ا‬ ‫ػب اهلل‬ ‫مػػا أعظػػـ أجػػر ىػؤالء الػػذيف يبػػالغوف فػػي حفظيػػـ هلل تعػػالى‪ ،‬مػػؤل ُحػ ُ‬ ‫ػوبيـ‪ ،‬فػػامتثموا أوامػره‪ ،‬ووقفػوا عنػػد حػػدوده‪ ،‬و انتيػوا عػػف معاصػػيو‪،‬‬ ‫ومخافتُػػوُ تعػػالى قمػ َ‬ ‫وسارعوا في أداء ما افترضو عمييـ‪ ،‬وأكثروا مما ندبو إلػييـ تقربػاً منػو‪ ،‬وحبػاً لػو‪ ،‬بػؿ‬ ‫ترفعوا عف كثيػر مػف مػا أباحػو ليػـ طمعػا بقربػو واألُن ِ‬ ‫ػس بػو‪ ،‬فكػاف طبيعيػا أف يعػدىـ‬

‫‪24‬‬


‫ربيـ عز وجؿ بقولوس‬

‫غير بعيػد‪ ،‬رػذا مػا توعػدوف لكػؿ أو ٍ‬ ‫اب حفػيظ‪ ،‬مػف خشػي‬ ‫« وأُزلفت الجن ُة لممتقيف َ‬ ‫الرحمف بالغيب وجاء ٍ‬ ‫بقمب منيب » (ؽس‪.)54‬‬ ‫‪ ‬عػػف عب ػػد اهلل بػػف مسػػعود ق ػػاؿ ق ػػاؿ رس ػػوؿ اهلل صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـ‪.. «:‬‬ ‫اسػػتحيوا مػػف ا‬

‫حػػؽ الحيػػاء قػػاؿ قمنػػا يػػا رسػػوؿ ا‬

‫ليس ذاؾ ولكف االستحياء مف ا‬

‫إنػػا نسػػتحيي والحمػػد‬

‫قػػاؿ‬

‫حؽ الحياء أف تحفػظ الػرأس ومػا وعػى والػبطف‬

‫وما حوى ولتذكر الموت والبمى ومف أراد اآلخرة ترؾ زينة الدنيا فمف فعؿ ذلػؾ فقػد‬

‫استحيا مف ا‬

‫حؽ الحياء » (رواه الترمذي)‪ ،‬وحفظُ الػرأس ومػا وعػى يكػوف بحفػظ مػا‬

‫فيو مف الحواس مف سمع وبصر ولساف‪ ،‬فبل تتحرؾ إال فيما ُيرضي رَبنا عز وجػؿ‪،‬‬ ‫ويكوف كذلؾ بحفظ العقػؿ ممػا قػد يفسػدو ماديػا مػف خمػر أو مخػدرات أو فكريػا مػف‬

‫مفػاىيـ كفريػػو أو مفػػاىيـ مضػػممة أو ذرنيػػا مػػف االنشػػغاؿ بػػالمغو مػػف القػػوؿ واألغػػاني‬

‫وتوافو األمور‪.‬‬

‫حفظ البطف ومػا حػوى يكػوف بػأف ال نأكػؿ وال نشػرب إال حػبلال طيبػا ونتجنػب الحػراـ‬

‫ويكػػوف بحفػػظ الفػػروج عػػف الحػراـ كػػي ال يقػػر فػػي األرحػػاـ إال حػػبلال‪ ،‬قػػاؿ صػػمى اهلل‬ ‫الج كنػة‬ ‫أض ْ‬ ‫ػمف ُ‬ ‫بػي َف ِر ْجمَ ْي ِػه ْ‬ ‫عميو وآلو وسمـ‪َ «:‬م ْف َي ْ‬ ‫بػي َف لَ ْح َي ْي ِػه َو َمػا ْ‬ ‫ض َم ْف لي مػا ْ‬ ‫لػه َ‬

‫»‪.‬‬

‫متفؽ ِ‬ ‫عميو (ما بيف لحييوس لسانو)‪.‬‬ ‫ٌ‬

‫ذكر المػوت يجعمػؾ تحسػف العمػؿ خاصػة وأنػت تعػرؼ بأنػؾ تبعػث عمػى الييػأة التػي‬

‫تموت عمييا‪ ،‬فاحرص أخػي حامػ َؿ الػدعوة أال تكػوف إال فػي طاعػة وأف ال ينظػر اهلل‬ ‫تمػوتُف‬ ‫إليؾ إال وأنت في ما يرضػيو « يا أيها الذيف همنػوا اتقػوا ا حػؽ تقاتػه وال ُ‬ ‫إال وأنتـ مسمموف »‪ (.‬آؿ عمراف ‪)469‬‬

‫عف ثوباف عف النبي صمى اهلل عميو وسمـ أنو قاؿ‪ «:‬ثػـ ععممػف أقوامػا مػف أمتػي‬ ‫عػز وجػؿ ربػاء‬

‫يأتوف يوـ القيامة بحسنات أمثاؿ جبػاؿ تهامػة بيضػا فيجعمهػا ا‬ ‫منثػػو ار قػػاؿ ثوبػػاف يػػا رسػػوؿ ا ِ‬ ‫صػػفهـ لنػػا َجمٍّهػػـ لنػػا أف ال نكػػوف مػػنهـ ونحػػف ال‬

‫‪25‬‬


‫نعمـ قاؿ أما إنهـ إخػوانكـ ومػف جمػدتكـ ويأخػذوف مػف الميػؿ كمػا تأخػذوف ولكػنهـ‬

‫أقواـ إذا خموا بمحارـ ا‬

‫انتهكورا » (سنن ابن ماجة)‪.‬‬

‫آخر الناظريف إليؾ‪،‬‬ ‫فالحياء‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫الحياء يا حامؿ الدعوة يا حبيب وال تجعؿ اهلل سبحانو َ‬ ‫واعبده كأنؾ تراه‪ ،‬فإف لـ تكف تراه فإنو يراؾ‪.‬‬

‫المسيح الدجاؿ‬ ‫حدثت فاطمة بنت قيس رضي اهلل تعالى عنيا وىي مف أوائؿ المياجريف فيما يرويو‬ ‫عنيا االماـ مسمـ رحمو اهلل‪ ،‬قالتسسمعت نداء المنادي‪ ،‬منادي رسوؿ اهلل صمى‬ ‫اهلل عميو وسمـ‬

‫ينادي الصبلة‬

‫‪26‬‬

‫جامعة‪ ،‬فخرجت إلى المسجد فصميت مع‬


‫رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ ‪ ،‬فكنت في صؼ النساء التي تمي ظيور القوـ‬ ‫فمما قضى رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ صبلتو جمس عمى المنبر وىو يضحؾ‬ ‫فقاؿ ليمزـ كؿ إنساف مصبله ثـ قاؿس أتدروف ِل َـ جمعتكـ‪ .‬قالواس اهلل ورسولو أعمـ‪،‬‬ ‫قاؿ إني واهلل ما جمعتكـ لرغبة وال لرىبة ولكف جمعتكـ ألف تميما الداري كاف رجبل‬ ‫نصرانيا فجاء فبايع وأسمـ وحدثني حديثا وافؽ الذي كنت أحدثكـ عف مسيح الدجاؿ‬ ‫حدثني أنو ركب في سفينة بحرية مع ثبلثيف رجبل مف لخـ وجذاـ فمعب بيـ الموج‬ ‫شي ار في البحر ثـ أرفؤا إلى جزيرة في البحر حتى مغرب الشمس فدخموا الجزيرة‬

‫فمقيتيـ دابة أىمب كثير الشعر ال يدروف ما قُ​ُبمو مف ُدُبره مف كثرة الشعر فقالوا‬ ‫ويمؾ ما أنت فقالت أنا الجساسة‪ .‬قالوا وما الجساسة قالت أييا القوـ انطمقوا إلى‬

‫ىذا الرجؿ في الدير فإنو إلى خبركـ باألشواؽ‪ .‬قاؿس لما سمت لنا رجبل فرقنا منيا‬

‫أف تكوف شيطانة‪ .‬قاؿ فانطمقنا سراعا حتى دخمنا الدير فإذا فيو أعظـ إنساف رأيناه‬ ‫قط خمقا وأشده وثاقا مجموعة يداه إلى عنقو ما بيف ركبتيو إلى كعبيو بالحديد قمناس‬ ‫ويمؾ ما أنت قاؿ قد قدرتـ عمى خبري فأخبروني ما أنتـ قالوا نحف أناس مف‬ ‫العرب ركبنا في سفينة بحرية فصادفنا البحر حيف اغتمـ‪ ،‬فمعب بنا الموج شي ار ثـ‬

‫أرفأنا إلى جزيرتؾ ىذه فجمسنا في أقربيا فدخمنا الجزيرة فمقيتنا دابة أىمب كثير‬ ‫الشعر ال يدري ما قُ​ُبمو مف ُدُبره مف كثرة الشعر‪ ،‬فقمنا ويمؾ ما أنت فقالت أنا‬ ‫الجساسة قمنا وما الجساسة قالت اعمدوا إلى ىذا الرجؿ في الدير فإنو إلى خبركـ‬ ‫باألشواؽ فأقبمنا إليؾ سراعا وفزعنا منيا ولـ نأمف أف تكوف شيطانة فقاؿ أخبروني‬

‫عف نخؿ بيساف قمنا عف أي شأنيا تستخبر قاؿ أسألكـ عف نخميا ىؿ يثمر قمنا لو‬ ‫نعـ‪ .‬قاؿ أما إنو يوشؾ أف ال تثمر قاؿ أخبروني عف بحيرة الطبرية قمنا عف أي‬

‫شأنيا تستخبر قاؿ ىؿ فييا ماء قالوا ىي كثيرة الماء قاؿ أما إف ماءىا يوشؾ أف‬ ‫يذىب قاؿ أخبروني عف عيف زغر قالوا عف أي شأنيا تستخبر قاؿ ىؿ في العيف‬ ‫ماء وىؿ يزرع أىميا بماء العيف قمنا لو نعـ ىي كثيرة الماء وأىميا يزرعوف مف‬ ‫ما فعؿ قالوا قد خرج مف مكة ونزؿ‬

‫مائيا ‪.‬قاؿ أخبروني عف نبي األمييف‬

‫‪27‬‬


‫يثرب قاؿ أقاتمو العرب قمنا نعـ‪ .‬قاؿ كيؼ صنع بيـ فأخبرناه أنو قد ظير عمى‬ ‫مف يميو مف العرب وأطاعوه‪ .‬قاؿ ليـ قد كاف ذلؾ قمنا نعـ‪ .‬قاؿ أما إف ذاؾ خير‬ ‫ليـ أف يطيعوه واني مخبركـ عنى إني أنا المسيح واني أوشؾ أف يؤذف لي في‬

‫الخروج فأخرج فأسير في األرض فبل أدع قرية إال ىبطتيا في أربعيف إال مكة‬ ‫ِ‬ ‫عمي كمتاىما كمما أردت أف أدخؿ واحدة أو واحدا منيما‬ ‫وطيبة فيما محرمتاف َّ‬

‫ص ْمتا يصدني عنيا واف عمى كؿ نقب منيا مبلئكة‬ ‫استقبمني ممؾ بيده السيؼ َ‬ ‫يحرسونيا قالت قاؿ رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ وطعف بمخصرتو في المنبر‬ ‫ىذه طيبة ىذه طيبة ىذه طيبة يعني المدينة أال ىؿ كنت حدثتكـ ذلؾ فقاؿ الناس‬ ‫نعـ‪ .‬فإنو أعجبني حديث تميـ أنو وافؽ الذي كنت أحدثكـ عنو وعف المدينة ومكة‬ ‫أال أنو في بحر الشاـ أو بحر اليمف ال بؿ مف قبؿ المشرؽ ما ىو مف قبؿ المشرؽ‬ ‫ما ىو مف قبؿ المشرؽ ما ىو وأومأ بيده إلى المشرؽ قالت فحفظت ىذا مف رسوؿ‬

‫اهلل صمى اهلل عميو وسمـ‪( .‬رواه مسمـ) ‪.‬‬

‫أعاذنا اهلل واياكـ مف فتنة المسيح الدجاؿ‪ ،‬وحفظ عشر األيات األولى مف سورة‬ ‫الكيؼ تعيننا عمى ذلؾ كما أخبرنا الصادؽ المصدوؽ صمى اهلل عميو وآلو وسمـ‪.‬‬

‫القبر‬ ‫ىو أوؿ منازؿ اآلخرة ِ‬ ‫وآخر منازؿ الدنيا‪ ،‬التصديؽ‪ -‬غير الجازـ‪ -‬باألحاديث‬ ‫الصحيحة‪ ،‬التي يروييا العدوؿ الكراـ عف أمثاليـ‪ ،‬عف أمثاليـ‪ ،‬عف رسوؿ اهلل‬ ‫صمى اهلل عميو وآلو وسمـ‪ ،‬والتي تتعمؽ بيذا الموضوع‪ ،‬التصديؽ بيا واجب والعمؿ‬

‫مستحب مندوب وانكارىا حراـ‪ ،‬يفسؽ فاعمو‪.‬‬ ‫بمقتضاىا‬ ‫ٌ‬ ‫عف عائشة رضي اهلل عنيا أف ييودية دخمت عمييا فذكرت عذاب القبر فقالت ليا‬

‫‪28‬‬


‫أعاذؾ اهلل مف عذاب القبر فسألت عائشة رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ عف‬ ‫عذاب القبر فقاؿس" نعـ عذاب القبر حؽ" (البخاري) قالت عائشة رضي اهلل عنيا فما‬

‫بعد صمى صبلة إال تعوذ مف عذاب القبر‪.‬‬ ‫رأيت رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ ُ‬ ‫وعف أنس بف مالؾ رضي اهلل عنو أنو حدثيـ أف رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو‬

‫وسمـ قاؿس" إف العبد إذا وضع في قبرو وتولى عنه أصحابه اوانه ليسمع قرع‬ ‫نعالهـ أتاو ممكاف فيقعدانه فيقوالف ما كنت تقوؿ في رذا الرجؿ لمحمد صمى ا‬ ‫عميه وسمـ فأما المؤمف فيقوؿ أشهد أنه عبد ا‬ ‫مقعدؾ مف النار قد أبدلؾ ا‬

‫ورسوله فيقاؿ له انظر إلى‬

‫به مقعدا مف الجنة فيرارما جميعا قاؿ قتادة وذكر‬

‫لنا أنه يفسح في قبرو ثـ رجع إلى حديث أنس قاؿ وأما المنافؽ والكافر فيقاؿ له‬ ‫ما كنت تقوؿ في رذا الرجؿ فيقوؿ ال أدري كنت أقوؿ ما يقوؿ الناس فيقاؿ ال‬

‫ويضرب بمطارؽ مف حديد‪( " ..‬البخاري) ‪.‬‬ ‫َد َرْي َت وال تَمَيت ُ‬ ‫عف أبي ىريرة قاؿ قاؿ رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ س" استعيذوا با‬ ‫استعيذوا با‬

‫با‬

‫مف عذاب القبر استعيذوا با‬

‫مف فتنة المحيا والممات" (البخاري) ‪.‬‬

‫مف جهنـ‬

‫مف فتنة المسيح الدجاؿ استعيذوا‬

‫يتعوذ مف أ ربع‪ -‬في كؿ صبلة‪ ،‬وقبؿ‬ ‫وعنو صمى اهلل عميو وآلو وسمـ أنو كاف َّ‬

‫التسميـ ‪-‬س"المهـ إني أعوذ بؾ مف عذاب القبر ومف عذاب النار ومف فتنة‬

‫المحيا والممات ومف فتنة المسيح الدجاؿ" (البخاري) ‪.‬‬

‫الميػػػزاف‬ ‫يقوؿ ا‬

‫ِ‬ ‫يف ا ْل ِق ِ‬ ‫ش ْي ًئا َ اوِا ْف‬ ‫ام ِة فَ​َس تُ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ضعُ ا ْل َم َو ِاز َ‬ ‫سبحانه‪َ «:‬وَن َ‬ ‫ْ‬ ‫ظمَ ُـ َن ْف ٌ‬ ‫سطَ ل َي ْوِـ ا ْلق َي َ‬ ‫كة ِم ْف َخرَد ٍؿ أَتَ ْي َنا ِبها و َكفَى ِب َنا ح ِ‬ ‫اف ِمثْقَا َؿ حب ٍ‬ ‫يف » (االنبياءس‪. )19‬‬ ‫اس ِب َ‬ ‫َك َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬

‫ويقوؿ َّ‬ ‫عز مف قائؿس‬ ‫‪29‬‬


‫« والوزف يومئذ الحؽ فمف ثقمت موازينه فأولئؾ رـ المفمحوف *ومف خفت‬ ‫موازينه فأولئؾ الذيف خسروا أنفسهـ بما كانوا يظمموف»‬

‫ويقوؿ سبحانوس‬

‫(االعراؼس‪. )1‬‬

‫َخفك ْت َم َو ِازي ُن ُه فَأُولَِئ َؾ‬ ‫ور ُه ُـ ال كن ُار َو ُر ْـ‬ ‫ُو ُج َ‬

‫يف‬ ‫الكِذ َ‬ ‫ِ‬ ‫يها‬ ‫ف َ‬

‫وف * َو َم ْف‬ ‫«فَ َم ْف ثَ ُقمَ ْت َم َو ِازي ُن ُه فَأُولَِئ َؾ ُر ُـ ا ْل ُم ْفمِ ُح َ‬ ‫ِ‬ ‫وف * تَ ْمفَ ُح‬ ‫س ُه ْـ ِفي َج َه كن َـ َخ ِال ُد َ‬ ‫َخس ُروا أَ ْنفُ َ‬ ‫وف»(المؤمنوفس‪. )469‬‬ ‫َك ِال ُح َ‬ ‫عف سمماف رضي اهلل عنو عف النبي صمى اهلل عميو وسمـ قاؿ « يوضع الميزاف‬

‫يوـ القيامة فمو وزف فيه السموات واعرض لوسعت فتػقوؿ المسئكة ‪ :‬يا رب لمف‬ ‫يزف رذا؟ فيقوؿ ا‬

‫عبادتؾ »‬

‫‪ :‬لمف شئت مف خمقي فيقػولوف سبحانؾ ما عبدناؾ حؽ‬

‫(رواه الحاكـ) ‪.‬‬

‫وعف عائشة رضي اهلل عنيا قالت ‪ :‬ذكرت النار فبكيت فقاؿ رسوؿ ا‬

‫صمى ا‬

‫عميه وسمـ ‪« :‬ما يبكيؾ ؟ قمت ذكرت النار فبكيت فهؿ تذكروف أرميكـ يوـ‬ ‫أحد أحدا‪ :‬عند الميزاف حتى يعمـ‬ ‫القيامة؟ فقاؿ ‪ :‬أما في ثسثة مواطف فس يذكر ٌ‬ ‫أيخؼ ميزانه أـ يثقؿ؟ وعند تطاير الصحؼ حتى يعمـ أيف يقع كتابه في يمينه أـ‬

‫في شماله أـ وراء ظهرو؟ وعند الصراط إذا وضع بيف ظهري جهنـ حتى‬

‫يجوز»وفي رواية الحاكـ قاؿ‪« :‬وعند الصراط إذا وضع بيف ظهري جهنـ حافتاو‬ ‫كسليب كثيرة وحسؾ كثيرة يحبسف ا‬

‫ال ؟ »‬

‫بها مف يشاء مف خمقه حتى يعمـ أينجو أـ‬

‫(رواه أبو داود)‬

‫وعف أنس قاؿ قاؿ رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ س" ثـ يجاء يوـ القيامة‬ ‫بصحؼ مختمة فتنصب بيف يدي ا‬

‫‪31‬‬

‫عز وجؿ فيقوؿ ا‬

‫عز وجؿ لمسئكته‬


‫ألقوا رذا وأقبموا رذا فتقوؿ المسئكة وعزتؾ ما رأينا إال خي ار فيقوؿ ورو أعمـ إف‬ ‫رذا كاف لغيري وال أقبؿ اليوـ مف العمؿ إال ما كاف ابتغي به وجهي" (الدارقطني)‬ ‫‪.‬‬

‫ٍ‬ ‫عيشة راضية وممف يخمص‬ ‫جعمنا اهلل واياؾ أخي ممف ثقمت موازينو فيو في‬ ‫العمؿ لوجيو الكريـ ليثبت األجر في الميزاف وندخؿ الجنة ٍ‬ ‫بعفو مف اهلل وسبلـ‬

‫وصمى اهلل عمى نبينا‪.‬‬

‫الحػػػَوض‬ ‫حدثنا سعيد بف عفير قاؿ حدثني بف وىب عف يونس قاؿ بف شياب حدثني أنس‬ ‫بف مالؾ رضي اهلل عنو أف رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ قاؿ « إف قدر حوضي‬ ‫كما بيف أيمة وصنعاء مف اليمف واف فيو مف األباريؽ كعدد نجوـ السماء»‪ « ،‬ثـ‬ ‫بينما أنا أسير في الجنة إذا أنا بنير حافتاه قباب الدر المجوؼ قمت ما ىذا يا‬ ‫جبريؿ قاؿ ىذا الكوثر الذي أعطاؾ ربؾ فإذا طينو أو طيبو مسؾ أذفر»‪« ،‬‬

‫حوضي مسيرة شير ماؤه أبيض مف المبف وريحو أطيب مف المسؾ وكيزانو كنجوـ‬ ‫السماء مف شرب منيا فبل يظمأ أبدا » (رواىـ البخاري) ‪.‬‬

‫‪31‬‬


‫وعف رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وآلو وسمـ أنو قاؿس" ستكوف بعدي أمراء مف دخؿ‬ ‫عميهـ فصدقهـ بكذبهـ وأعانهـ عمى ظممهـ فميس مني ولست منه وليس يرد‬ ‫عمي الحوض ومف لـ يدخؿ عميهـ ولـ يصدقهـ بكذبهـ ولـ يعنهـ عمى ظممهـ‬ ‫فهو مني وأنا منه وسيرد عمي الحوض" (سنف النسائي) ‪.‬‬

‫عميه وهله وسمـ وممف‬

‫جعمنا ا اواياكـ ممف يرد الحوض عمى النبي صمى ا‬ ‫شربة ٍ‬ ‫ماء ال نظمأ بعدرا أبدا‪.‬‬ ‫يشرب مف يدو الشريفة ُ‬

‫ُحب النبي اواتباعه صمى ا‬

‫يقوؿ ربنا عز وجؿ‪:‬‬

‫المهـ هميف‪.‬‬

‫عميه وهله وسمـ‬

‫«قُؿ إف ُكنتُـ تُحبوف ا َ فات ِبعوني ُيحبب ُكـ ا‬ ‫ويقػػوؿ المصػػطفى صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـس «ال يػػؤمف أحػػدكـ حتػػى أكػػوف أحػػب‬ ‫إليه مف والدو وولدو والناس‬

‫ويغفر ل ُكـ ذنوب ُكـ»‬

‫[آؿ عمراف ‪.]54‬‬

‫أجمعيف» ( رواه البخاري ومسمـ)‪.‬‬

‫لقػػد اجتمػػع لرسػػوؿ اهلل صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـ مكػػارـ األخػػبلؽ والشػػجاعة والكػػرـ‬ ‫فمف رآه بديية ىابو ومف خالطو معرفةً أحبو‪ ،‬ولقػد بمَّػغ الرسػالة ونصػح األمػة وجمػع‬ ‫الكممػػة وأق ػػاـ الدولػػة وفػػتح مػػع ص ػػحابتو الكػ ػراـ القم ػػوب والعق ػػوؿ بػػدعوتيـ وأخبلقي ػػـ‬

‫وسموكيـ كما فتحوا الببلد بجيػادىـ ليخرجػوا النػاس مػف عبػادة العبػاد إلػى عبػادة رب‬ ‫العباد‪.‬‬

‫‪32‬‬


‫فسَنتُوُ وسيرتُو وصفاتو صمى اهلل عميو وآلػو وسػمـ نبػراس لنػا لنتصػؼ بصػفاتو صػمى‬ ‫ُ‬ ‫اهلل عميػو وآلػػو وسػػمـ ونسػػتف بسػػنتو ونسػػير عمػػى نيجػػو فػػي إعػزاز الػػديف‪ .‬فػػافتح أخػػي‬ ‫عيوف عقمؾ وأص ِغ بآذاف قمبؾ لما كػاف عميػو المصػطفى صػمى اهلل عميػو وآلػو وسػمـ‬ ‫َ‬ ‫لتحسف التأسي واالتصاؼ بما كاف عميو‪ ،‬حشرنا اهلل واياؾ تحت لوائو يوـ القيامة‪.‬‬ ‫‪ ‬كاف ُخمُقُػوُ القػرآف يسػخط لسػخط اهلل ويرضػى لرضػاه‪ ،‬ال ينػتقـ لنفسػو‪ ،‬وال يغضػب‬ ‫ػدؽ‬ ‫ليا إال أف تُنتيػ َ‬ ‫ؾ حرمػات اهلل فيغضػب هلل‪ .‬وكػاف صػمى اهلل عميػو وآلػو وسػمـ أص َ‬ ‫ألينيـ عريكة‪ ،‬و أكرميـ عشرة‪ ،‬وأشد حياءا مف العػذراء‬ ‫الناس ليجة‪ ،‬وأوفاىـ ذمة‪ ،‬و َ‬ ‫لعاناً‪ ،‬وال يجػزي‬ ‫في خدرىا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أكثر نظره التفكير‪ ،‬ولـ يكف فاحشاً وال ّ‬ ‫خافض الطرؼ‪ُ ،‬‬

‫السيئة بالسيئة‪ ،‬ولكف يعفو ويصفح‪َ ،‬مف سألو حاجة لـ يػرده إال بيػا أو بميسػور مػف‬ ‫القػػوؿ‪ ،‬لػػيس بفػػظ وال غمػػيظ‪ ،‬ال يقطػػع عمػػى أحػػد حديثػػو حتػػى يتعػػدى الحػػؽ فيقطعػػو‬

‫بنيي أو قياـ‪ ،‬ال ُيكذب قائبل‪ ،‬وال يحقد عميو وال يستحمؼ عمى يميف‪.‬‬ ‫ويكرـ ضيفو وال يمضػي لػو وقػت فػي‬ ‫‪ ‬وكاف صمى اهلل عميو وآلو وسمـ يحفظ جاره ُ‬ ‫غير عمؿ هلل أو فيما البد منه‪ ،‬يحب التفاؤؿ ويكره التشاؤـ وما ُخيار بيف أمريف إال‬ ‫اختار أيسرىما ما لـ يكف إثما‪ ،‬يحب إغاثة المميوؼ و نصرة المظموـ‪.‬‬

‫‪ ‬وكػػاف صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـ يحػػب أصػػحابو ويشػػاورىـ ويتفقػػدىـ فمػػف مػػرض‬ ‫ػوي‬ ‫ع ػػاده‪ ،‬وم ػػف غ ػػاب دع ػػاه‪ ،‬وم ػػف م ػػات دع ػػا ل ػػو‪ ،‬يقب ػػؿ َم ْع ػػذرةَ المعت ػػذر إلي ػػو‪ ،‬والق ػ ُ‬ ‫والضعيؼ عنده في الحؽ سواء‪.‬‬ ‫‪ ‬كػػاف صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـ أكثػ َػر النػػاس تواضػػعا‪ ،‬واذا انتيػػى إلػػى قػػوـ جمػػس‬ ‫حيػػث ينتيػػي بػػو المجمػػس ويػػأمر بػػذلؾ ويعطػػي كػػبل مػػف جمسػػائو نصػػيبو‪ ،‬وال يحسػػب‬ ‫جميسو أف أحدا أكرـ منو‪ ،‬واذا جمس اليػو أحػدىـ لػـ يقػـ حتػى يقػوـ الػذي جمػس إليػو‬ ‫إال أف يستعجمو أمر فيستأذنو‪.‬‬ ‫‪ ‬ك ػػاف ص ػػمى اهلل عمي ػػو وآل ػػو وس ػػمـ يع ػػود المػ ػريض‪ ،‬ويح ػػب المس ػػاكيف ويجالس ػػيـ‪،‬‬

‫ويعظـ النعمة واف قمػت‪،‬‬ ‫ويشيد جنائزىـ‪ ،‬وال يحقر فقي اًر لفقره‪ ،‬وال يياب ممكاً لممكو‪ُ ،‬‬ ‫فما عاب طعاما قط‪ ،‬إف اشػتهاو أكمػه اواال تركه‪.‬‬

‫‪33‬‬


‫‪ ‬حػػج صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـ عمػػى رحػ ٍػؿ رث (مقعػػد بػ ٍ‬ ‫ػاؿ لمبعيػػر) وعميػػو قطيفػػة‬ ‫(كسػػاء) ال يسػػاوي أربعػػة د ارىػػـ وكػػاف يقػػوؿس"ألمه ػـ حجػػة ال ريػػاء فيهػػا وال سػػمعة"‬

‫(صححو ابف ماجة) ‪.‬‬

‫‪ ‬وكػػاف صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـ ال يتميػػز عمػػى أصػػحابو فػػي ممػػبس أو مجمػػس‪،‬‬ ‫يدخؿ أعرابي فيقوؿ أيكـ محمد ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫التحق َر كف مف السنف شيئاُ‪!!!!!!!!.....‬‬ ‫حامؿ الدعوة‬ ‫أخي‬ ‫َ‬

‫َّ‬ ‫تحقرف استخداـ السواؾ‪.‬‬ ‫ال‬

‫وح َّ‬ ‫َّ‬ ‫ؼ الشارب‪.‬‬ ‫ال‬ ‫تحقرف إعفاء المحية َ‬ ‫َّ‬ ‫تحقرف دخوؿ الخبلء بقدمؾ اليسرى‪.‬‬ ‫ال‬

‫َّ‬ ‫تحقرف لبس العمامة وأحكاـ المسح عمييا‪.‬‬ ‫ال‬

‫َّ‬ ‫تحقرف التيامف في كؿ شأف‪ ،‬حتى في التنعُّؿ والترُّجؿ‪.‬‬ ‫ال‬

‫َّ‬ ‫خير كثير‪.‬‬ ‫ال‬ ‫ذكر اهلل عند استيقاظؾ مف النوـ ففي ذلؾ ٌ‬ ‫تحقرف َ‬

‫واف كنت غي َػر قػادر عمػى تطبيػؽ ش ٍ‬ ‫ػئ منيػا‪ ،‬فجػدد العػزـ عمػى تطبيقيػا والقيػاـ‬ ‫ػت هلل بالنوافػؿ أكثػر‬ ‫بيا جميعاً إضافةً إلى الفروض والنوافؿ التي تقوـ بيا فكمما تقرب َ‬ ‫ػمعؾ وبص َػرؾ ويػدؾ واف سػألتو أعطػاؾ واف‬ ‫كمما ازددت منو محبةً فيكوف سبحانو س َ‬ ‫استعذتو أعاذؾ واهلل الموفؽ واعتبر مما يميس‬

‫‪34‬‬


‫‪ ‬عندما َولِي أبوبكر الصديؽ رضي اهلل عنو الخبلفة كممػو بعػض الصػحابة رضػي‬ ‫اهلل عنيـ في َب ْع ِث أسامة متذرعيف أف المسػمميف بحاجتػو داخػ َؿ المدينػة فكػاف جػواب‬ ‫ِ‬ ‫الصػ ػ اديؽ رض ػػي اهلل عن ػػوس( ل ػػف ُ َّ‬ ‫ُطيع ػػوُ ّ‬ ‫اء َعقَ ػ َػدهُ رس ػػوؿ اهلل بيدي ػػو َأوأ ُ‬ ‫أح ػػؿ لػ ػو ً‬ ‫حيػ ػاً ً‬ ‫ِ‬ ‫أعصيو ميتا !!!!!)‪.‬‬ ‫و‬

‫‪ ‬عنػػدما افتُػػتِف االمػػاـ أحمػػد رحمػػو اهلل [ فػػي َخ ْمػػؽ الق ػرهف اختبػػأ عنػػد ابػػف ىػػانئ‪،‬‬ ‫مكث عنده ثبلثاً‪ ،‬ثـ سأؿ ابف ىانئ أف يبحث لػو عػف مػأوى فقػاؿ ابػف ىػانئ ال أجػد‬ ‫فأصَّر اإلماـ رحمو اهلل وقاؿ لو ابحػث لػي عػف‬ ‫لؾ‬ ‫مأوى أكثر أمناً مف ىذا المكاف‪َ ،‬‬ ‫ً‬ ‫مػػأوى ولػػؾ الفائػػدة‪ ،‬فوجػػد لػػو مػػأوى‪ ،‬وبعػػد أف انتقػػؿ ىنػػاؾ قػػاؿ لػػوس يػػا إمػػاـ الفائػػدة‬

‫فقاؿ رحمو اهللس ( عندما ىاجر النبي صمى اهلل عميو وآلو وسػمـ اختبػأ فػي غػار ثػور‬ ‫ثبلثاً ثـ تح َّوؿ أوأُطيعو في الرخاء وال أُطيعو في ِ‬ ‫الش َّدة !!!!)‪.‬‬ ‫ُ​ُ‬ ‫َ ُ​ُ‬ ‫َ‬ ‫عدد ما‬ ‫صمى عميؾ اهلل يا عمـ اليدى ما ىبت النسائـ‪ ،‬وناحت عمى األيؾ الحمائـ‪َ ،‬‬ ‫أحػػاط بػػو عممػػو‪ ،‬وخػػط بػػو قممػػو‪ ،‬وأحصػػاه كتابػػو‪ ،‬وص ػ اؿ عميػػو يػػا ربػػي كممػػا ذكػػرؾ‬ ‫الػػذاكروف وغفػػؿ عػػف ذكػػرؾ الغػػافموف‪ ،‬ألميػػـ ارزقنػػا حبػػو وحسػػف إتباعػػو‪ ،‬واسػػتحقاؽ‬ ‫أخوتو لنكوف في عداد مف قاؿ في حقيـس إني ليػـ باألشػواؽ‪ ،‬آمنػوا بػي ولػـ يرونػي‪،‬‬

‫إيػػاي يريػػدوف وايػػاي يتبعػػوف‪ ،‬واجعمنػػا يػػا ربنػػا أىػػبل إلقامػػة دولػػة الخبلفػػة الثانيػػة عمػػى‬ ‫نيجو صمى اهلل عميو وآلو وسمـ‪.‬‬

‫‪35‬‬


‫بنفسية المجارد في سبيؿ ا‬ ‫تَ َح كؿ يا حامؿ الدعوة‬ ‫ّ‬

‫ِ‬ ‫ػير َوفػػؽ مػػا يحبػػو اهلل سػػبحانو‪،‬‬ ‫حامػػؿ الػػدعوة يرفػػع ل ػواء التغييػػر؛ تغييػػر الواقػػع ليصػ َ‬ ‫ووفػؽ مػػا رسػمو المصػػطفى صػػمى اهلل عميػو وآلػػو وسػمـ شػػأنو فػػي ذلػؾ شػػأف المجاىػػد‬ ‫َ‬ ‫في سبيؿ اهلل الساعي إلى تغيير وجو األرض لما يحبو اهلل ويرضاه‪.‬‬

‫ػعارنا يتمثػػؿ فػػي قولػػو صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـس« ُبعثػػت ب ػيف يػػدي السػػاعة‬ ‫‪ ‬شػ ُ‬ ‫وجعػػؿ رزقػػي تحػػت ظػػؿ ُرمحػػي‬ ‫بالسػػيؼ حتػػى ُيعبػ َػد الُمػػه تعػػالى وحػػدو ال شػػريؾ لػػه ُ‬

‫غار عمى مف خالؼ أمري»‬ ‫وجعؿ الذؿ وال ك‬ ‫ُ‬ ‫ص ُ‬ ‫‪‬عبلقتنػػا بالكف ػػار‪ ،‬كػػؿ الكف ػػار؛ اليي ػػود والنص ػػارى وغي ػػرىـ تتمثػػؿ ف ػػي قػػوؿ العزي ػػز‬ ‫( رواه أحمد )‪.‬‬

‫الحكيـ سبحانوس« قؿ رؿ تربصػوف بنػا إال إحػدى الحسػنييف ونحػف نتػربص بكػـ أف‬ ‫يصيبكـ ا‬

‫بعذاب مف عندو أو بأيدينا فتربصوا إنا معكـ متربصوف»‬

‫‪‬وقولو سبحانوس«وقاتمورـ حتى ال تكوف فتنة ويكوف الديف‬ ‫عدواف إال عمى الظالميف»‬

‫[البقرة ‪]475‬‬

‫‪.‬‬

‫‪36‬‬

‫[التوبة ‪.]49‬‬

‫ف ف انتهوا فس‬


‫‪ ‬وقولو سبحانوس« وقاتموا المشركيف كافة كما يقاتمونكـ كافة واعمموا أف ا‬ ‫المتقيف»‬

‫[التوبة ‪]56‬‬

‫مع‬

‫‪.‬‬

‫‪ ‬كاف صمى اهلل عميو وآلو وسمـ يقوؿ‪ «:‬لوال أف أشؽ عمى أمتي ما تخمفت عف‬ ‫سرية ولكف ال أجد حمولة وال أجد ما أحممهـ عميه ويشؽ عمي أف يتخمفوا عني‬ ‫ولوددت أني قاتمت في سبيؿ ا‬ ‫‪ ‬كاف صمى ا‬

‫فقتمت ثـ أحييت ثـ قتمت ثـ‬

‫أحييت»[رواه البخاري] ‪.‬‬

‫عميه وهله وسمـ يتخذ إجراء الحياة أو الموت حياؿ قضية إيجاد‬

‫الديف اواعزازو–قبؿ إقامة الدولة‪ -‬بقوله صمى ا‬

‫عميه وهله وسمـ‪ «:‬واهلل لو‬

‫وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري عمى أف أترؾ ىذا األمر حتى يظيره‬

‫اهلل أو أىمؾ فيو ما تركتو »(السيرة النبوية)‪ ،‬واتخذ صمى ا‬

‫عميه وهله وسمـ نفس‬

‫ايجراء – بعد إقامة الدولة‪ -‬بقوله ورو في طريقه لمحديبية‪ «:‬فما تظف قريش‬

‫فواهلل ال أزاؿ أجاىد عمى الذي بعثني اهلل بو حتى يظيره اهلل أو تنفرد ىذه السالفة»‬ ‫(السيرة النبوية) ‪.‬‬

‫‪ ‬وعند نقض قريش لمعيد مع رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وآلو وسمـ جاء أبو سفياف‬ ‫الى عمر بف الخطاب رضي اهلل عنو ليشفع لو عند رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وآلو‬ ‫صمى ا‬

‫عميه وسمـ!! فوا‬

‫وسمـ‪ ،‬فقاؿ لو‪ «:‬أنا أشفع لكـ إلى رسوؿ ا‬ ‫أجد إال ك‬ ‫الذكر لجاردتكـ به»(السيرة النبوية)‪( ،‬و َّ‬ ‫الذر النمؿ الصغير) ‪.‬‬

‫لو لـ‬

‫‪ ‬نطمع أف نكوف مثؿ َمف قاؿ عنو النبي صمى اهلل عميو وآلو وسمـ يوـ خيبر «‬ ‫ثـ ععطيف الراية غدا رجس ُيفتح عمى يديه يحب ا ورسوله ويحبه ا ورسوله‬

‫فبات الناس ليمتهـ أيهـ يعطي فغدوا كمهـ يرجونه فقاؿ أيف عمي فقيؿ يشتكي‬ ‫عينيه فبصؽ في عينيه ودعا له فب أر كأف لـ يكف به وجع فأعطاو فقاؿ أقاتمهـ‬

‫سمؾ حتى تنزؿ بساحتهـ ثـ ادعهـ إلى ايسسـ‬ ‫حتى يكونوا مثمنا فقاؿ انفذ عمى ِر ْ‬ ‫وأخبررـ بما يجب عميهـ فوا عف يهدي ا بؾ رجس خير لؾ مف أف يكوف لؾ‬ ‫ُح ُم ُر ال كنعـ»‬

‫[رواه البخاري]‬

‫‪.‬‬

‫‪37‬‬


‫الحظ أخي شوؽ الصحابة وصدقهـ‬ ‫عػ ػػف أنػ ػػس رضػ ػػي اهلل عن ػ ػػو قػ ػػاؿس انطمػ ػػؽ رسػ ػػوؿ اهلل وأصػ ػػحابو حتػ ػػى سػ ػػبقوا‬ ‫المشػػركيف إلػػى بػػدر وجػػاء المشػػركوف‪ ،‬فقػػاؿ رسػػوؿ اهلل صػػمى اهلل عميػػو وسػػمـ س «ال‬ ‫يقدمف أحد منكـ إلى شيء حتى أكوف أنا دونه‪ ،‬فػدنا المشػركوف‪ ،‬فقػاؿ صػمى ا‬

‫عميه وسمـ‪ :‬قوموا إلى جنة عرضها السماوات واعرض؟‪ ،‬فقػاؿ عميػر بػف الحمػاـ‪:‬‬ ‫يػػا رسػػوؿ ا‬

‫رسوؿ ا‬ ‫ا‬

‫جنػػة عرضػػها السػػماوات واعرض ؟ قػػاؿ‪ :‬نعػػـ‪ ،‬قػػاؿ‪ :‬ب ػ ٍ ب ػ ٍ ! فق ػاؿ‬

‫صمى ا‬

‫عميه وسمـ‪ :‬ما يحممػؾ عمػى قولػؾ بػ بػ ؟ قػاؿ ال يػا رسػوؿ‬

‫إال رجػػاء أف أكػػوف مػػف أرمهػػا‪ ،‬قػػاؿ ف نػػؾ مػػف أرمهػػا‪ ،‬فػػأخرج تمػرات مػػف قرنػػه‬

‫فجعؿ يأكؿ منهف ثـ قاتمهـ حتى‬

‫قتؿ»(أخرجو مسمـ) (والقرفس ىو جعبة النشاب)‪.‬‬

‫وعػف أنػػس رضػػي اهلل عنػػو قػاؿس «غػػاب عمػػي أنػػس بػف النضػػر رضػػي اهلل عنػػو‬

‫عػػف قتػػاؿ بػػدر فقػػاؿس يػػا رسػػوؿ اهلل لػػئف أشػػيدني اهلل قتػػاؿ المشػػركيف – ليػريف اهلل مػػا‬ ‫أصنع ‪ .‬فمما كاف يوـ أحد صنع ىؤالء – يعني المشركيف ثـ تقدـ فاسػتقبمو سػعد بػف‬ ‫معاذ فقاؿ يا سعد بف معاذ‪ ،‬الجنة ورب النضر إني أجد ريحيػا مػف دوف أحػد‪ ،‬فقػاؿ‬

‫سعد فما استطعت يا رسوؿ اهلل ما صنع(أي أف أفعؿ فعمو)‪ ،‬قاؿ أنس فوجدنا بو بضػعاً‬ ‫وثمانيف ضربة بالسيؼ أو طعنة برمح أو رمية بسيـ»‬

‫(متفؽ عميو)‬

‫‪.‬‬

‫وعف شداد بف الياد رضي اهلل عنو أف رجبلً مف األعراب جاء إلى النبي صمى‬

‫اهلل عميو وسمـ فآمف بو واتبعو‪ ،‬ثـ قاؿس « أىاجر معؾ‪ ،‬فأوصى بو النبي صمى اهلل‬

‫عميو وسمـ بعض أصحابو‪ ،‬فمما كانت غزاة غنـ النبي صمى اهلل عميو وسمـ شيئاً‬ ‫فقسـ وقسـ لو‪ ،‬فأعطى أصحابو ما قسـ لو‪ ،‬وكاف يرعى ظيرىـ (أيس إبميـ)‪ ،‬فمما‬ ‫جاء دفعوه إليو فقاؿس ما ىذا قالواس قسـ قسـ لؾ النبي صمى اهلل عميو وسمـ ‪،‬‬ ‫فأخذه فجاء بو إلى النبي صمى اهلل عميو وسمـ فقاؿس ما ىذا قاؿ قسمتو لؾ‪ ،‬قاؿس‬ ‫ما عمى ىذا اتبعتؾ‪ ،‬ولكف اتبعتؾ عمى أف أُرمى رهنا – وأشار إلى حمقو – بسيـ‬ ‫فأموت فأدخؿ الجنة‪ ،‬فقاؿ إف تصدؽ اهلل يصدقؾ‪ ،‬فمبثوا قميبلً ثـ نيضوا في قتاؿ‬

‫‪38‬‬


‫العدو‪ ،‬فأتي بو النبي صمى اهلل عميو وسمـ يحمؿ قد أصابو سيـ حيث أشار فقاؿ‬ ‫النبي صمى اهلل عميو وسمـ س أىو ىو قالواس نعـ‪ ،‬قاؿس صدؽ ا‬

‫فصدقه»‬

‫]أخرجو‬

‫النسائي[‪.‬‬

‫نصدقَوُ فيصدقنا وأف يأ َذ َف بتغيير حالنا لِما يحبو‬ ‫نسأؿ اهلل أف‬ ‫ُ‬ ‫ويرضاه‪ ،‬الميـ آميف‪.‬‬

‫تَح كؿ يا حامؿ الدعوة بصػفات الراعي الم ِ‬ ‫شفؽ عمى رعيته‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫أخرج ابف عساكر عف عاصـ قاؿس جمع أبو بكرالناس‪ ،‬وىو مريض‪ ،‬فأمر مف‬ ‫يحممو إلى المنبر‪ ،‬فكانت آخر خطبة خطب بيا‪ ،‬فحمد اهلل‪ ،‬وأثنى عميو‪ ،‬ثـ قاؿس‬ ‫«يا أييا الناس‪ ،‬احذروا الدنيا‪ ،‬وال تثقوا بها؛ ف نها غرارة‪ِ .‬‬ ‫وهثػروا اآلخرة عمى الدنيا‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫فأح ّػبورا‪ ،‬فبحب كؿ واحدة منيما تبغض األخرى‪ .‬واف ىذا األمر الذي ىو أممؾ‬

‫بنا‪ ،‬ال يصمح آخره إال بما صمح بو أولو‪ ،‬فس يحممه إال أفضمكـ مقدرة‪ ،‬وأممككـ‬ ‫لنفسه‪ ،‬وأشدكـ في حاؿ الشدة‪ ،‬وأسمسكـ في حاؿ الميف‪ ،‬وأعممكـ برأي ذوي‬ ‫الرأي‪ ،‬ال يتشاغؿ بما ال يعنيه‪ ،‬وال يحزف بما ال ينػزؿ به‪ ،‬وال يستحيي مف‬

‫يتحير عند البديهة‪ ،‬قوي عمى اعمواؿ‪ ،‬وال يخوف بشيء منها حدة‬ ‫التعمـ‪ ،‬وال‬ ‫ّ‬ ‫بعدواف وال يقصر‪ ،‬يرصد لما رو ٍ‬ ‫هت‪ ،‬عتادو مف الحذر والطاعة » ‪.‬‬ ‫وأخرج ابف عساكر كذلؾ‪ ،‬أف عمر بف الخطاب قاؿ في صفات الخميفةس «إف‬

‫القوي في غير عنؼ‪ ،‬والجواد في‬ ‫رذا اعمر ال يحممه إال ّ‬ ‫الميف في غير ضعؼ‪ ،‬و ّ‬ ‫غير سرؼ‪ ،‬والممسؾ في غير بخؿ‪...،‬وال يطيؽ رذا اعمر إال رجؿ ال يصانع‪ ،‬وال‬

‫يضارع [ال يشبو فعمو الرياء]‪ ،‬وال‬

‫يتبع المطامع‪.»...،‬‬

‫‪39‬‬


‫القمب‬

‫(أال اواف في الجسد مضغة إذا صمحت صمح الجسد كمه اواذا فسدت فسد الجسد‬ ‫كمه أال وري القمب)‬

‫(رواه مسمـ)‬

‫أسباب لمرضو وىبلكو‪.‬‬ ‫اعمـ أخي‬ ‫َ‬ ‫حامؿ الدعوة اف المعاصي كميا سموـ لمقمب‪ ،‬و ٌ‬ ‫قاؿ ابف مبارؾ‪:‬‬

‫القموب‬ ‫الذنوب تُميت‬ ‫أيت‬ ‫ر ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وترؾ الذنوب حياة القموب‬

‫‪41‬‬

‫الذؿ إدمانُيا‬ ‫وقد‬ ‫يورث َ‬ ‫ُ‬ ‫وخير لنفسؾ عصيانُيا‬ ‫ُ‬


‫فمف أراد سبلمة قمبو وحياتو فعميو بتخميص قمبو مف آثار تمؾ السموـ ثـ بالمحافظة‬ ‫عميو بعدـ تعاطي سموـ جديدة واذا تناوؿ شيئاً مف ذلؾ خطأً‪ ،‬سارع إلى محوه‬ ‫بالتوبة واالستغفار واإلكثار مف الطاعات‪.‬‬

‫وسموـ القمب الرئيسية أربعةس فضوؿ الكبلـ‪ ،‬وفضوؿ النظر‪ ،‬وفضوؿ الطعاـ‪،‬‬

‫وفضوؿ المخالطة‪ ،‬وىي أشير ىذه السموـ انتشا ار وأشدىا تأثي ار في حياة القمب‪.‬‬

‫ِ‬ ‫عييا وتتجنبيا إف شاء اهللس‬ ‫وىاؾ أخي شيئاً منيا لتَ َ‬

‫‪ -1‬فضوؿ الكسـ‬

‫وعدلػػو‪ ،‬وأليمػػو‬ ‫كث ػرة الكػػبلـ فيمػػا ال نفػػع فيػػوس فالحمػػد هلل الػػذي أحسػػف خمػػؽ االنسػػاف ّ‬

‫وجممو‪ ،‬وعممو البياف فقدمو بو وفضمو‪ ،‬وأمػده بمسػاف يتػرجـ بػو‬ ‫نور اإليماف فزينو بو ّ‬ ‫عما حواه القمب وعقمو‪ ،‬فالمسػاف مػف نعػـ اهلل العظيمػة ولطػائؼ صػنعو الغريبػة‪ ،‬فإنػو‬ ‫وجرمو‪ ،‬إذ ال يستبيف الكفر واإليماف إال بشػيادة المسػاف‬ ‫صغير حجمو‬ ‫عظيـ طاعتو ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫وىما غاية الطاعة والعصػياف‪ ،‬ومػف أطمػؽ عذبػة المسػاف وأىممػو مرخػي العنػاف سػمؾ‬ ‫ب ػػو الش ػػيطاف ف ػػي ك ػػؿ مي ػػداف‪ ،‬وس ػػاقو إل ػػى ش ػػفا ج ػػرؼ ى ػػار إل ػػى أف يض ػػطره إل ػػى‬

‫حصائد ألسػنتيـ‪ ،‬عػف معػاذ رضػي‬ ‫البوار‪.‬وال َي ُكب الناس في النار عمى مناخرىـ إال‬ ‫ُ‬ ‫اهلل عنػػو عػػف النبػػي صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـ قػػاؿ س «ورػػؿ ي ُكػػب النػػاس فػػي النػػار‬

‫عمى وجورهـ – أو قاؿ ‪ :‬عمى مناخررـ – إالّ حصائد ألسنتهـ‬

‫» (رواه الترمذي)‬

‫‪.‬‬

‫والمراد بحصائد األلسنةس جزاء الكبلـ المحرـ وعقوباتو فإف اإلنساف يزرع بقولو‬

‫وعممو الحسنات والسيئات‪ ،‬ثـ يحصد يوـ القيامة ما زرع‪ ،‬فمف زرع خي ار مف قوؿ‬ ‫أو عمؿ حصد الكرامة‪ ،‬ومف زرع ش اًر مف قوؿ أو عمؿ حصد الندامة‪.‬‬

‫وقد وردت األخبار الكثيرة في التحذير مف آفات المساف وبياف خطره‪.‬‬ ‫وؿ إال َ ِ‬ ‫فمف ذلؾ قولو تعالى« ما َيمفظُ ِمف قَ ٍ‬ ‫عتيد» (ؽس‪)41‬‬ ‫رقيب ٌ‬ ‫لديه ٌ‬ ‫َ‬ ‫ػي‬ ‫وعف سفياف بف عبد اهلل الثقفي قاؿ س «قمت يا رسوؿ اهلل ما أخوؼ ما تخػاؼ عم ّ‬ ‫قاؿس رذا وأخذ بمسانه» (رواه ابف ماجو) ‪.‬‬

‫‪41‬‬


‫وعػف عقبػػة بػػف عػػامر رضػػي اهلل عنػػو قػػاؿس « قمػػت يػػا رسػػوؿ اهلل مػػا النجػػاة قػػاؿ س‬

‫أمسؾ عميؾ لسا َنؾ‪( »...‬رواه الترمذي) ‪.‬‬

‫وقػػاؿ صػػمى اهلل عميػػو وسػػمـ س « مػػف كػػاف يػػؤمف بػػا‬

‫واليػػوـ اآلخػػر فميقػػؿ خيػ ارً أو‬

‫ليصمت» (رواه البخػاري) ‪ ،‬وىو مف جوامع ِ‬ ‫كممو صمى اهلل عميو وسمـ فػالكبلـ إمػا أف‬

‫يك ػػوف خيػ ػ اًر فيك ػػوف العب ػػد م ػػأمو اًر بقول ػػو‪ ،‬وام ػػا أف يك ػػوف غي ػػر ذل ػػؾ فيك ػػوف م ػػأمو اًر‬

‫بالصمت عنو‪.‬‬

‫وعف أبي ىريرة رضي اهلل عنو أنػو سػمع رسػوؿ اهلل صػمى اهلل عميػو وسػمـ يقػوؿ س «‬ ‫إف العبػد ليػػتكمـ بالكممػة مػػا يتبػيف فيهػػا يػزؿ بهػػا فػي النػػار أبعػد مػػا بػيف المشػػرؽ‬ ‫والمغرب »‬

‫(رواه البخاري)‬

‫‪.‬‬

‫وعػػف عبػػد اهلل بػػف مسػػعود – رضػػي اهلل عنػػو قػػاؿس ( واهلل الػػذي ال إلػػو إال ىػػو لػػيس‬ ‫شيء أحوج إلى طوؿ سجف مف لساني)‪.‬‬

‫و كاف يقوؿس" يا لساف قؿ خي اًر تغنـ‪ ،‬واسكت عف شر مف قبؿ أف تندـ"‪.‬‬

‫وعػػف الحسػػف البصػػري قػػاؿس كػػانوا يقولػػوف إف لسػػاف المػػؤمف وراء قمبػػو فػػإذا أراد أف‬ ‫يػػتكمـ بشػػيء تػػدبره بقمبػػو ثػػـ أمضػػاه‪ ،‬واف لسػػاف المنػػافؽ أمػػاـ قمبػػو‪ ،‬فػػإذا ىػػـ بشػ ٍ‬ ‫ػيء‬ ‫أمضػػاه بمسػانو ولػػـ يتػػدبره بقمبػػو‪ ،‬فػػإف قمػػت س فيػػذا الفضػػؿ الكبيػػر لمصػػمت مػػا سػػببو‬

‫فاعمـ أف سببو كثرة آفات المساف مف الخطأ والكذب والغيبة والنميمة والفحش والمراء‬

‫وتزكي ػ ػػة ال ػ ػػنفس والخ ػ ػػوض ف ػ ػػي الباط ػ ػػؿ والخص ػ ػػومة والفض ػ ػػوؿ والتحري ػ ػػؼ والزي ػ ػػادة‬ ‫والنقصػػاف وايػػذاء الخمػػؽ وىتػػؾ العػػورات فيػػذه آفػػات كثي ػرة ‪ ،‬فمػػذلؾ عظمػػت فضػػيمة‬ ‫الصػػمت‪ ،‬ودواـ الوقػػار‪ ،‬والف ػراغ لمفكػػر والػػذكر والعبػػادة‪ ،‬والسػػبلمة مػػف تبعػػات القػػوؿ‬ ‫فػػي الػػدنيا‪ ،‬ومػػف حسػػابو فػػي اآلخػرة فقػػد قػػاؿ تعػػالى س « مػػا َيمفػظُ ِمػػف قَػ ٍ‬ ‫لديػ ِػه‬ ‫ػوؿ إال َ‬ ‫َ‬ ‫عتيد» (ؽس‪. )41‬‬ ‫رقيب ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫‪ -2‬فضوؿ النظر‬

‫‪42‬‬


‫فضػػوؿ النظ ػػرس ى ػواطبلؽ النظ ارلػػى الشػػيء بم ػؿء العػػيف‪ ،‬والنظػػر إلػػى مػػا ال يحػػؿ‬ ‫النظر إليػو وىػو عمػى العكػس مػف غػض البصػر‪ ،‬والغػضس ىػو الػنقص وقػد أمػر اهلل‬ ‫يف ي ُغ ُّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫وج ُه ْـ َذِلػ َؾ أ َْزَكػى‬ ‫ػارِر ْـ َوَي ْحفَظُػوا فُ ُػر َ‬ ‫عزوجؿ بو فقاؿس« قُؿ لٍّ ْم ُم ْؤ ِمن َ َ‬ ‫ضوا م ْػف أ َْب َ‬ ‫ك‬ ‫وف‪( » ..‬النور س‪)56‬‬ ‫ص َن ُع َ‬ ‫ير ِب َما َي ْ‬ ‫لَ ُه ْـ إِ كف الم َه َخ ِب ٌ‬ ‫وعف أبي ىريرة – رضي اهلل عنو – عف النبي صمى اهلل عميو وسمـ س‬ ‫« كتب عمى ابف هدـ نصيبه مف الزنػا فهػو مػدر ٌؾ ذلػؾ ال محالػه‪ ،‬العينػاف زنارمػا‬ ‫النظػػػر‪ ،‬واعذنػػػاف زنارمػػػا االسػػػتماع‪ ،‬والمسػػػاف زنػػػاو الكػػػسـ‪ ،‬واليػػػد زنارػػػا الػػػبطش‪،‬‬

‫والرجػػؿ زنارػػا الخطػػى‪ ،‬والقمػػب يهػػوى ويتمنػػى ويصػػدؽ ذلػػؾ الفػػرج أو يكذبػػه»‬

‫(رواه‬

‫مسمـ)‪.‬‬

‫وعػػف جريػػر‪ -‬رضػػي اهلل عنػػو – قػػاؿس سػػألت رسػػوؿ اهلل صػػمى اهلل عميػػو وسػػمـسعف‬ ‫النظر الفجأة فقاؿس «اصرؼ بصرؾ»‬

‫(رواه مسمـ)‪.‬‬

‫وفضػػوؿ النظػػر يػػدعو إلػػى االستحسػػاف‪ ،‬ووقػػوع صػػورة المنظػػور فػػي قمػػب النػػاظر‪،‬‬

‫ُفيحدث أنواعاً مف الفساد في قمب العبد منيا س‬ ‫ػض بصػره هلل أورثػػو حػػبلوة يجػػدىا‬ ‫أف النظػػرة سػػيـ مسػػموـ مػػف سػػياـ إبمػػيس‪ ،‬فمػػف غػ ّ‬ ‫في قمبو إلى يوـ يمقاه‪.‬‬ ‫ومنيا س دخوؿ الشيطاف مع النظرة‪ ،‬فإنو ينفذ معيا أسرع مف نفوذ اليواء في المكػاف‬ ‫ػب‪ ،‬ثػـ يعػدهُ ويمينػو‪،‬‬ ‫الخالي‪ ،‬ليزيف صورة المنظور‪ ،‬ويجعميا صنما يعكػؼ عميػو القم ُ‬ ‫ويوقد عمى القمػب نػار الشػيوات ويمقػي حطػب المعاصػي التػي لػـ يكػف يتوصػؿ إلييػا‬

‫بدوف تمؾ الصورة‪.‬‬

‫ومنيػاس أنػو يشػغؿ القمػب‪ ،‬وينسػيو مصػػالحو‪ ،‬ويحػوؿ بينػو وبينيػا‪ ،‬فينفػرط عميػو أمػره‪،‬‬ ‫ػه َعػف ِذ ِ‬ ‫كرَنػا‬ ‫قمب ُ‬ ‫ويقع في اتباع اليوى والغفمة‪ ،‬قاؿ اهلل تعالىس «وال تُطع َمػف أغ َفم َنػا َ‬ ‫أمروُ فُ​ُرطاً» (الكيؼ س‪) 91‬‬ ‫بع رواوُ َ‬ ‫واتك َ‬ ‫وكاف ُ‬

‫واطبلؽ البصر يوجب ىذه‬

‫‪43‬‬

‫األمور الثبلثة‪.‬‬


‫قاؿ أطباء القموبس بيف العيف والقمب َمنفذ وطريؽ‪ ،‬فػإذا َخربػت العػيف وفسػدت َخػرب‬ ‫ػات والقػػاذور ِ‬ ‫القمػػب وفسػػد وصػػار كالمزبمػػة التػػي ىػػي محػػؿ النجاسػ ِ‬ ‫ػاخ‪ ،‬فػػبل‬ ‫ات واألوسػ ِ‬ ‫ُ‬ ‫يصػػمح لسػػكف معرفػ ِػة اهلل ومحبتػػو‪ ،‬واإلنابػػة إليػػو‪ ،‬واألنػػس بػػو‪ ،‬والسػػرور بقربػػو‪ ،‬وانمػػا‬

‫أضداد ذلؾ‪.‬‬ ‫يسكف فيو‬ ‫ُ‬ ‫ػػػف‬ ‫يف َي ُغ ُّ‬ ‫واط ػػبلؽ البص ػػر معص ػػية هلل عزوج ػػؿ لقول ػػو تع ػػالىس« قُػػػػؿ لٍّ ْم ُمػ ْ‬ ‫ضػػػػوا ِمػ ْ‬ ‫ػػػؤ ِم ِن َ‬ ‫ِ‬ ‫صػ ِ‬ ‫وف »‬ ‫ػػػـ إِ كف المكػ َ‬ ‫صػػػػ َن ُع َ‬ ‫ػػػر َ‬ ‫ػػػر ِب َمػػػػا َي ْ‬ ‫أ َْب َ‬ ‫ػػػه َخ ِبيػ ٌ‬ ‫وج ُه ْـ َذلػػػػ َؾ أ َْزَكػػػػى لَ ُهػ ْ‬ ‫ػػػارِر ْـ َوَي ْحفَظُػػػػوا فُػ ُ‬

‫( النور س‪)56‬‬

‫وما َس ِعد َمف َس ِعد في الدنيا ّإال بامتثاؿ أمػر اهلل‪ ،‬وال نجػاة لػو فػي اآلخػرة إالّ بامتثػاؿ‬ ‫عز وج ّؿ‪.‬‬ ‫أوامر اهلل ّ‬ ‫ػض البصػر هلل ع ّػز وج ّػؿ ُيمبسػو‬ ‫واطبلؽ البصر كذلؾ ُيمبس‬ ‫القمب ظممػة‪ ،‬كمػا أف غ ّ‬ ‫َ‬ ‫ن ػػو اًر‪ ،‬وق ػػد ذك ػػر اهلل ع ػ ّػز وج ػػؿ آ ي ػػة الن ػػورس« اهلل ُن ػػور الس ػػمو ِ‬ ‫ِ‬ ‫األرض َمثػ ػ ُؿ ُن ػ ِ‬ ‫ػوره‬ ‫ات و‬ ‫ُ ّ‬ ‫صباح» (النور س‪.)56‬‬ ‫َك ِمش َكوٍة فييَا ِم‬ ‫ٌ‬ ‫يف ي ُغ ّ ِ‬ ‫عز وج ّؿ س « ُقؿ لّ ِ‬ ‫َبصاررـ ‪». . .‬‬ ‫بعد قولو ّ‬ ‫ممؤ ِمن َ َ‬ ‫ضوا مف أ َ‬ ‫ُ‬ ‫و إذا استنار القمب ‪ ،‬أقبمت وفود الخيػرات إليػو مػف كػؿ ناحيػة ‪ ،‬كمػا أنػو إذا أظمػـ ‪،‬‬

‫أقبمت سحائب الببلء و الشر عميو مف كؿ مكاف‪.‬‬ ‫و إطبلؽ البصػر كػذلؾ يعمػي القمػب عػف التمييػز بػيف الحػؽ و الباطػؿ ‪ ،‬و السػنة و‬ ‫البدعة‪ ،‬و غضو هلل ّعز و ج ّؿ يورثو فراسة صادقة يميز بيا‪.‬‬ ‫ػض‬ ‫عمر ظاىره باتباع السنة‪ ،‬وباطنو بدواـ المراقبة‪ ،‬وغ ّ‬ ‫قاؿ أحد الصالحيفس "مف ّ‬ ‫وكؼ عف الشبيات‪ ،‬واغتذى بالحبلؿ لـ تخطىء لو فراسة"‪.‬‬ ‫بصره عف المحارـ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫نور بصيرتو‪.‬‬ ‫والجزاء مف جنس العمؿ‪ ،‬فمف غض بصره عف محارـ اهلل‪ ،‬أطمؽ اهلل َ‬

‫‪ -3‬فضوؿ الطعاـ‬

‫قمة الطعاـ توجب رقة القمب‪ ،‬وقوة الفيـ‪ ،‬وانكسار النفس‪ ،‬وضعؼ اليوى والغضب‪،‬‬

‫وكثرةُ الطعاـ توجب ضد ذلؾ‪.‬‬

‫‪44‬‬


‫عف المقداـ بف َمعد يك ِرب قاؿس سمعت رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ يقوؿس « مػا‬ ‫مأل ابف هدـ وعاءاً ش ارً مف بطنه‪ ،‬بحسب ابف هدـ لقيمات يقمػف صػمبه‪ ،‬فػ ف كػاف‬

‫ال محالة فثمث لطعامه‪ ،‬وثمث لشرابه‪ ،‬وثمث لنفسه» (رواه الترمذي)‪.‬‬

‫وفضوؿ الطعاـ داع إلى أنواع كثيرة مف الشر‪ ،‬فإنػو يحػرؾ الجػوارح إلػى المعاصػي‪،‬‬

‫ويثقميا عف الطاعات والعبادات‪ ،‬وحسبؾ بيذيف شػ اًر‪ ،‬فكػـ مػف معصػية جمبيػا الشػبعُ‬ ‫وفضػػوؿ الطعػػاـ‪ ،‬وكػػـ مػػف طاعػػة حػػاؿ دونيػػا‪ ،‬فمػػف ُوقػػى شػ ّػر بطنػػو فقػػد وقػػي ش ػ اّر‬

‫عظيماً‪ ،‬والشيطاف أعظـ ما يتحكـ في اإلنساف إذا مؤل بطنو مف الطعاـ‪ ،‬وليذا جاء‬ ‫في بعض اآلثارس إذا امتؤلت المعدة نامت الفكرة وخرست الحكمة وقعدت األعضػاء‬

‫عف العبادة‪.‬‬ ‫وعنو صمى اهلل عميو وآلو وسمـ قاؿس"إف الشيطاف يجري مف اينسػاف مجػرى الػدـ"‬ ‫(البخاري) ‪ .‬إف كيد الشيطاف ووسوستو تجػري فػي اإلنسػاف حيػث يجػري منػو الػدـ مػف‬ ‫عروقػػو والش ػػيطاف إنمػػا يس ػػتحوذ عمػػى النف ػػوس وينفػػث وساوس ػػو فػػي قم ػػوب األخي ػػار‬

‫بواسػػطة الػػنفس األمػػارة بالسػػوء ومركبيػػا الػػدـ ومنشػػأ قواىػػا منػػو فعبلجػػو سػػد المجػػاري‬ ‫بالجوع والصػوـ ألنػو يقمػع اليػوى والشػيوات التػي ىػي أسػمحة الشػيطاف‪ .‬قػاؿ إبػراىيـ‬

‫جوعػو ممػؾ األخػبلؽ الصػالحة‪،‬‬ ‫بف أدىـ س " مف ضبط بطنو ضبط َ‬ ‫دينو‪ ،‬ومف ممؾ َ‬ ‫واف معصية اهلل بعيدةٌ مف الجائع قريبةٌ مف الشبعاف"‪.‬‬ ‫‪ -4‬فضوؿ المخالطة‪:‬‬

‫ىي الداء العضاؿ الجالب لكؿ شر‪ ،‬وكـ سمبت المخالطة والمعاشرة مػف نعمػة‪ ،‬وكػـ‬ ‫زرعت مف عػداوة‪ ،‬وكػـ غرسػت فػي القمػب مػف حػ ازز ٍ‬ ‫ات تػزوؿ ٍ‬ ‫ػيات وىػي‬ ‫الجبػا ُؿ ال ارس ُ‬ ‫في القموب ال تزوؿ‪ ،‬ففي فضوؿ المخالطة خسػارةُ الػدنيا واآلخػرة‪ ،‬وانمػا ينبغػي لمعبػد‬ ‫أف يأخذ مف المخالطة بقدر الحاجة‪ ،‬ويجعؿ الناس فييا أربعة أقساـ متػى خمػط أحػد‬

‫األقساـ باآلخر ولـ يميز بينيا دخؿ عميو الشر س‬

‫‪45‬‬


‫أحػػدرما‪َ :‬مػػف مخالطتػػو كالغػػذاء ال يسػػتغنى عنػػو فػػي اليػػوـ والميمػػة‪ ،‬فػػإذا أخػػذ حاجتػػو‬ ‫وىػػـ العممػػاء بػػاهلل‬ ‫منػػو تػػرؾ الخمطػػة‪ ،‬ثػػـ إذا احتػػاج إليػػو خالطػػو‪ ،‬ىكػػذا عمػػى الػػدواـ‪ُ ،‬‬

‫وأمره ومكايد عػدوه‪ ،‬وأمػراض القمػوب وأدويتيػا الناصػحوف هلل ولكتابػو ولرسػولو صػمى‬ ‫اهلل عميو وسمـ ولخمقو فيذا الضرب في مخالطتيـ الربح َّ‬ ‫كؿ الربح‪.‬‬ ‫ػت صػػحيحاً‬ ‫القسػػـ الثػػاني‪َ :‬مػػف مخالطتػو كالػػدواء‪ ،‬يحتػػاج إليػػو عنػد المػػرض‪ ،‬فمػػا ُدمػ َ‬ ‫فبل حاجة لؾ في خمطتػو‪ ،‬وىػـ مػف ال ُيسػتغنى عػف مخػالطتيـ فػي مصػمحة المعػاش‬ ‫ومػػا تحتاجػػو مػػف أن ػواع المعػػامبلت واالستشػػارة ونحوىػػا‪ ،‬وى ػؤالء تقتصػػر مخػػالطتيـ‬ ‫عمى قدر الحاجة‪.‬‬

‫القسػػػـ الثالػػػث ‪ :‬وىػػـ َمػػف مخػػالطتيـ‪ ،‬كالػػداء عمػػى اخػػتبلؼ مراتبػػو وأنواعػػو وقوتػػو‬ ‫وضػػعفو‪ ،‬فمػػنيـ مػػف مخالطتػػو كالػػداء العضػػاؿ والمػػرض المػػزمف‪ ،‬وىػػو مػػف ال ت ػربح‬ ‫عميو ديناً وال دنيا‪ ،‬ومع ذلؾ فبل بد أف تخسر عميػو الػديف والػدنيا أو أحػدىما‪ ،‬ومػنيـ‬

‫ال ػػذي ال يحس ػػف أف ي ػػتكمـ فيفي ػػدؾ‪ ،‬وال يحس ػػف أف ينص ػػت فيس ػػتفيد من ػػؾ‪ ،‬وال يع ػػرؼ‬

‫نفسو فيضعيا في منزلتيا‪ ،‬بؿ إذا تكمـ فكبلمو كالعصي تنػزؿ عمػى قمػوب السػامعيف‬ ‫مػػع إعجابػػو بكبلمػػو وفرحػػو بػػو‪ ،‬فيػػو ُيحػ ِػدث مػػف فيػػو كممػػا تحػػدث ويظػػف أنػػو مسػػؾ‬ ‫يطيب بو المجمس‪ ،‬واذا سكت فأثقؿ مف نصؼ الرحا العظيمة التي ال يطػاؽ حمميػا‬ ‫وال جرىا عمى األرض‪ ،‬فاىجر أمثاؿ ىؤالء يرحمؾ اهلل‪.‬‬

‫القسػػػـ الرابػػػع ‪َ :‬مػػف فػػي مخالطتػػو اليػػبلؾ كمػػو‪ ،‬وىػػـ أىػػؿ اليػػوى والمعاصػػي فيػػي‬ ‫بمنزلة أكؿ السـ‪ ،‬وىذا الضرب ال ينبغي لمعاقػؿ أف يجالسػيـ أو يخػالطيـ‪ ،‬واف فعػؿ‬ ‫فالموت لقمبػو أو المػرض‪ ،‬وينطبػؽ عمػى ىػؤالء القػوؿ المشػيور [ وشػر االصػحاب‬ ‫ِ‬ ‫الممييػات‬ ‫َمف إذا‬ ‫َ‬ ‫ذكرت اهلل لـ ُيعنؾ واذا لـ تذكره ال ُيذكرؾ] ‪ ،‬بؿ قد ُيحدث لؾ مػف ُ‬ ‫الحذر يرحمؾ اهلل‪.‬‬ ‫فالحذر‬ ‫يصدؾ عف ذكر اهلل إلى حد الوقوع في المعاصي‬ ‫ما ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫‪46‬‬


‫المطَّيػرة فػػإف‬ ‫فػػإذا عافيػػت قمبػػؾ مػػف ىػػذه السػػموـ ومؤلتػػو بنػػور القػرآف والسػػنة النبويػػة ُ‬

‫ػدـ أو غيرىػا إلػى‬ ‫ىذا النػور ال يمبػث أف يفػيض عمػى الجػوارح فػإف أقػدمت الي ُػد أو الق ُ‬ ‫المعصػػية فػػالنور القمبػػي النػػاتج عػػف المفػػاىيـ الفكريػػة الربَّانيػػة المػػزروع فػػي أعمػػاؽ‬

‫القمػػب سػػيقؼ لمجػػوارح بالمرصػػاد ويمنعيػػا مػػف المعاصػػي فيصػػدؽ فػػي صػػاحب ىػػذا‬ ‫القمب قوؿ الحسػف رضػي اهلل عنػوس لػيس اإليمػاف بػالتحمي وال بػالتمني ولكػف مػا وقػر‬ ‫في القمب وصدقو العمؿ أو وظير عمى الجوارح‪.‬‬

‫الزاد اليومي‬ ‫إف أعمػػى درجػػة وأسػػمى حالػػة يكػػوف فييػػا المسػػمـ حػػيف يكػػوف عمػػى صػػمتو بخالقػػو فػػي‬

‫عبادة أو عمؿ واجب أو القياـ بمندوب‪ ،‬وكمما أداـ العبد صمتو بربو كمما ازداد خي ار‬ ‫وازداد مف اهلل قربا‪ ،‬وليذا صار االصؿ في المسمـ أف اليدع لحظة مف حياتو تفوتػو‬ ‫دوف أف يفعؿ فييا واجبا أو يؤدي قربة مػف القػرب‪ ،‬فػالعمر واحػد‪ ،‬والػزمف الػذي يمػر‬ ‫ال يعػود‪ ،‬فػبل ينبغػي عمػى َك ِػي ِ ِ ٍ ِ‬ ‫ػض وقتػو بحػرٍاـ أو‬ ‫س فَطػ ٍػف أف يشػغؿ وقتػو أو بع َ‬ ‫ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ػب أومن ٍ‬ ‫تشاغؿ عف واج ٍ‬ ‫ػدوب أو إفػراط فػي مبػاح‪ ،‬ىكػذا المسػمـ وىكػذا‬ ‫فعؿ مكروٍه أو‬ ‫اغتناموُ لوقتو‪ ،‬فكيؼ بحامؿ الدعوة!!‪.‬‬ ‫َع َممُو وواجبو و ُ‬ ‫أما القياـ بالواجبات‪ ،‬وتػرؾ المحرمػات فيػي ال تفػي بمػؿء وقػت المسػمـ‪ ،‬وبالتػالي قػد‬ ‫تنقطػػع صػػمتو بربػػو‪ ،‬ولػػو قمػػيبل‪ ،‬فميشػػغؿ الوقػػت بمػػا نػػدب اليػػو الشػػرع مػػف عبػػادات‬

‫ونوافػػؿ وتتطوعػػات‪ ،‬فالمسػػمـ إذا فكػػر فػػي خمػػؽ اهلل تحركػػت مشػػاعره وقَ ِوَيػػت نفسػػيتو‪،‬‬ ‫وقػػد روي عػػف رسػػوؿ اهلل صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـ أنػػو كػػاف صػػمتُوُ ِف ْك ػ اًر وتػػدبرا‪،‬‬

‫‪47‬‬


‫ونطقو ِذك اًر‪.‬‬ ‫ُ‬

‫ُّ‬ ‫التفكر‬

‫‪ ‬إحرص أخي عمى دواـ التفكر في جميؿ خمؽ ا‬

‫وفي إبداعو سػبحانو فػي خمقػو‬

‫ولساف حالؾ يقػوؿ‪«:‬ربنا ما خمقت رػذا بػاطس سػبحانؾ فقنػا عػذاب النػار»‬ ‫ُ‬

‫[‪ 474‬آؿ‬

‫عمراف]‪.‬‬

‫فذلؾ يزيد إيمانػؾ وقربػؾ مػف اهلل تعػالى ويثبػت عقيػدتؾ ويزيػدىا رسػوخا‪ ،‬كػأف ت ارقػب‬

‫الشػػروؽ والغػػروب ويسػػبقو ويرافقػػو التس ػبيح والتحميػػد‪ ،‬ف ػاهلل سػػبحانو يقػػوؿ‪ «:‬وسػػبح‬ ‫بحمػػػػد ربػػػػؾ قبػػػػؿ طمػػػػوع الشػػػػمس وقبػػػػؿ الغػػػػروب ومػػػػف الميػػػػؿ فسػػػػبحه وأدبػػػػار‬

‫السػػػػجود»[ ؽ‪ ، 41:‬وك ػػأف تتفك ػػر ف ػػي أحػ ػواؿ األزى ػػار والطي ػػور المحيط ػػة ب ػػؾ وف ػػي‬

‫أحوالؾ وأطوارؾ بيف النوـ واليقظة والصحة والمرض واف تتفكػر فػي وظػائؼ الػرئتيف‬ ‫و ِ‬ ‫هيػات لممػوقنيف‬ ‫الك ْميتيف والمعدة وما إلى ذلؾ‪ ،‬يقػوؿ ربنػا عػز وجػؿس «وفػي اعرض‬ ‫ٌ‬ ‫وفي أنفسكـ أفس تبصروف»‬

‫[‪ 94‬الذاريات]‪.‬‬

‫‪ ‬ق ػ أر أحػػدىـ قػػوؿ اهلل عػػز وجػػؿ‪«:‬وعسمػػات وبػػالنجـ رػػـ يهتػػدوف»فػػأيقف أف ليػػذه‬ ‫النجػػوـ فوائػػد ال يعمميػػا إال اهلل فقػػرر أف يمتفػػت إليي ػا ويرقبيػػا مسػػبحا اهلل متفك ػ ار فييػػا‬

‫يقوؿس رأيت أف ىػذه النجػوـ إنمػا ىػي زينػة ليػذه السػماء تزيػدىا إف أظمػـ الميػؿ جمػاال‬ ‫ػذكرت أف ىػػذه النجػػوـ إنمػػا ىػػي‬ ‫وسػػح ار وتتعمػػؽ بيػػا الػػنفس محمقػػة مسػػبحة خالقيػػا وتػ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ػموخه‬ ‫ػياـ تُرمػػى بيػػا مػػردة الشػػياطيف‪ ،‬فعممػػت مػػف وقفتػػي ىػػذه مػػف الػػنجـ ُعمػ كػوو وشػ َ‬ ‫س ٌ‬

‫ػػه بنفسػػه‪ ،‬محافظػػا عمػػى‬ ‫وأنػػو ال يرضػػى الػػدوف وال يقبػػؿ بػػو‪ ،‬أري ػت فػػي لمعانػػو ثقتَ ُ‬ ‫موقعه‪ ،‬وأنو واف بدا بعيدا صغي ار إال أنو يعمـ أف لو دور في اليداية والزينة والثبػات‬ ‫والدفاع عف بوابة السماء‪.‬‬

‫وجزى اهلل عنا كؿ خير مف قاؿس‬ ‫فارتػؽ في الخير وارقاو خطى إنػػها العميػاء تبغػي مسمما‬

‫‪48‬‬


‫فارجراعوحاؿ واصعد في السما‬

‫أنػت عنواف عمجاد اعُلػى‬ ‫َ‬ ‫يػػا حممػػة الػػدعوة‪ ...‬كون ػوا نجػػوـ ىػػذه األرض‪ ،‬اعمروىػػا باإليمػػاف وتحرك ػوا واثقػػيف‬ ‫بربكـ وبدعوتكـ واعمموا عمػى إعػزاز ديػنكـ‪ ،‬واعممػوا أنكػـ واف كنػتـ قمػة أو ضػعفاء‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫معػدنكـ يظػؿ النػور الػذي يمتػؼ حولػو الحيػارى ويقبػؿ‬ ‫بريػؽ‬ ‫عاف إخسصكـ و‬ ‫َ‬ ‫فػإف لَ َم َ‬ ‫عميو التػائيوف‪ ،‬وسػتظموف فػي تواضػعكـ نجومػاً عاليػة ال يضػيرىا عتمػة ليػؿ أو شػدة‬ ‫ٍ‬ ‫محمػد اعسػوة‬ ‫اس عقيػدة وأتبػاع‬ ‫ظممة‪ ،‬إنما أنتـ مصابيح ردى‬ ‫ُ‬ ‫ومفاتيح خيػر وحػر ُ‬ ‫وح َمم ُة لواء التغيير‪ ،‬لواء الخسفػة الراشػدة الثانيػة عمػى‬ ‫صمى اهلل عميو وآلو وسػمـ‪َ ،‬‬ ‫منهاج النبوة‪.‬‬

‫ِذ ْك ُر ا‬

‫‪ ‬ايكثار مف ِ‬ ‫الذكر يجعمؾ في َم ِعّي ِة اهلل عز وجؿ فيػو القائػؿ سػبحانو فػي الحػديث‬

‫القدسػي «أنا مع عبدي إذا رػو ذكرنػي وتحركػت بػي شػفتاو»[رواه أحمػد]‪ ،‬ويقػوؿس«إذا‬ ‫مأل ذكرتُه في ٍ‬ ‫ذكرني عبدي خالياً ذكرتُه خالياً‪ ،‬اواذا ذكرني في ٍ‬ ‫مػأل خيػر مػف المػأل‬

‫الذي ذكرني فيه»‬

‫[البخاري]‪.‬‬

‫ِ‬ ‫قمبػػؾ متصػبلً‬ ‫فعميػػؾ أخػػي حامػ َػؿ الػػدعوة أف تُ ْكثػ َػر مػػف الػػذكر فػػي كػػؿ أحوالػػؾ ليبقػػى ُ‬ ‫باهلل‪ ،‬فاذكره كما ورد عف نبينا صمى اهلل عميو وآلو وسمـ حيف تقػوـ مػف الن ِ‬ ‫ػوـ واذكػره‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عند خم ِع المبلب ِ‬ ‫ػس وارتػداء غيرىػا واذكػره قبػؿ‬ ‫اذكره َ‬ ‫َ‬ ‫عند دخوؿ الخبلء والخرو ِج منوُ و ْ‬ ‫الوضػػوِء وبعػ َػده واذكػػره بعػ َػد الطعػ ِػاـ والفػ ار ِغ منػػو واذكػره قبػ َػؿ الخػػرو ِج ِمػػف البيػ ِ‬ ‫ػت وعنػ َػد‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ػب مػػا ورد عنػػو صػػمى اهلل‬ ‫عودتِػ َ‬ ‫أي وسػػيمة نقػ ٍػؿ‪ ،‬كػػؿ ذلػػؾ َح َسػ َ‬ ‫ؾ واذكػ ْػره عنػ َػد ركوبػػؾ ّ‬ ‫عميػػو وآلػػو وسػػمـ فػػي كػػؿ األحػواؿ‪ ،‬فػػذلؾ يػػديـ صػػمتؾ بػػا سػػبحانه وبالتػػالي يػػديـ‬

‫‪49‬‬


‫مراقبتؾ له سبحانه جاعسً إياو أوؿ الناظريف إليؾ ال هخررـ‪ ،‬فيثمر فػي قمبػؾ حبػه‬ ‫والحيػػاء منػػه سػػبحانه والهيبػػة لػػه‪ ،‬فتكػػوف مػػف المحسػػنيف بفضػػمه عميػػؾ‪ ،‬فتنػػأى‬

‫بنفسؾ عف معصيته إجسالً له وتقوـ بكؿ ما أمر به حباً وكرام ًة له‪.‬‬ ‫اواليؾ أخي رذا الخير‪:‬‬ ‫"الذكر لمقمب كالماء لمسمؾ‪ ،‬فكيؼ يكوف حاؿ السمؾ إذا أخرج مف الماء" (ابػف تيميػة‬ ‫رحمو اهلل) ‪ ،‬وكتب ابف القيـ رحمو اهللس أف الذكر قوت القمب والروح‪ ،‬فإذا فقده صػار‬ ‫بمنزلػة الجسػـ إذا حيػؿ بينػو وبػيف قوتػػو‪.‬ومنيا إنػو يطػرد الشػيطاف‪ ،‬ويقمعػو‪ ،‬ويكسػره‪،‬‬ ‫عزوجػ ّػؿ‪ ،‬ويزيػػؿ اليػػـ والغػػـّ عػػف القمػػب‪ ،‬ويجمػػب لػو الفػػرح والسػػرور‬ ‫ويرضػػي الػػرحمف ّ‬ ‫وينورلػػو القمػػب والوجػػو‪ ،‬ويكسػػو الػػذاكر الييبػػة والحػػبلوة والنضػػارة‪ ،‬ويورثػػو‬ ‫والبسػػط‪ّ ،‬‬ ‫عزوجػ ّؿ كمػػا‬ ‫عزوجػ ّؿ‪ ،‬وتقػواه‪ ،‬واإلنابػػة إليػػو‪ ،‬وكػػذلؾ يػػورث العبػ َػد ذ َكػػر اهلل ّ‬ ‫محبػػة اهلل ّ‬ ‫قاؿ تعالى س « فَاذ ُكُروِني أذ ُكرُكـ» (البقرة س‪.)449‬‬

‫ولو لـ يكف في الذكر إالّ ىذه وحدىا لكفى بيػا فضػبلً َ وشػرفاً‪ ،‬ويػورث جػبلء القمػب‬ ‫وي ُحػػطُّ الخطايػػا‪ ،‬ورغػػـ أنػػو مػػف أيسػػر العبػػادات‪ ،‬فالعطػػاء والفضػػؿ الػػذي‬ ‫مػػف الغفمػػة‪َ ،‬‬ ‫رتب عميو لـ يرتب عمى غيره مف األعماؿ‪.‬‬

‫عف أبي ىريرة _رضي اهلل عنو_ أف رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو و سمـ قاؿ س « مف‬ ‫قاؿ ال إله إال ا‬

‫وحدو ال شريؾ له‪ ،‬له الممػؾ و لػه الحمػد‪ ,‬ورػو عمػى كػؿ شػيء‬

‫قدير ‪ .‬في اليوـ مائة مرة كانت له عدؿ عشر رقاب‪ ,‬و كتبت له مائػة حسػنة ‪ ,‬و‬ ‫ٌ‬ ‫حرزً مف الشيطاف يومه ذلؾ حتى يمسى‪ ,‬ولـ‬ ‫محيت عنه مائة سيئة‪ ,‬و كانت له ا‬ ‫يػػأت أحػػد بأفضػػؿ ممػػا جػػاء بػػه إالّ رجػػؿ عمػػؿ أكثػػر منػػه»‬

‫(رواه البخػػاري و مسػػمـ و‬

‫الترمذي)‬

‫و عػػف جػػابر عػػف النبػػي صػػمى اهلل عميػػو و سػػمـ قػػاؿ س « مػػػف قػػػاؿ سػػػبحاف ا‬ ‫بحمدو غرست له نخمة في الجنة »‬

‫( رواه الترمذي و ابف حباف و الحاكـ )‬

‫‪51‬‬

‫و‬


‫ػي مػف‬ ‫و قاؿ ابف مسعود رضي اهلل عنو س " ألف أُسػب َ‬ ‫اح اهلل تعػالى تسػبيحات أحػب إل ّ‬ ‫عز و ج ّؿ"‪ ،‬و الذكر دواء لقسوة القموب ؛ كمػا‬ ‫أف أنفؽ عددىـ دنانير في سبيؿ اهلل ّ‬ ‫قاؿ رجؿ لمحسف س يا أبا سعيد س أشكو إليؾ قسوة قمبي ‪ ,‬قاؿ س" ِأذبه بالذكر"‪ .‬و قاؿ‬

‫داء"‪ .‬ق ػػاؿ رج ػػؿ لس ػػمماف س أي األعم ػػاؿ‬ ‫مكح ػػوؿس " ذك ػػر اهلل ش ػػفاءٌ ‪ ,‬وذك ػػر الن ػػاس ٌ‬ ‫أفضؿ فقاؿ س أما تق أر القرآف "و لذكر اهلل أكبر"‬

‫و عف أبي موسى عػف النبػي صػمى اهلل عميػو و سػمـ قػاؿ س«مثػؿ الػذي يػذكر ربػه و‬ ‫الميت»‬ ‫الذي ال يذكر ربه مثؿ‬ ‫الحي و ّ‬ ‫ّ‬ ‫ػبب الشػػتغاؿ العبػػد عػػف الكػػبلـ‬ ‫و دواـ الػػذكر تكثيػػر لشػػيود العبػػد يػػوـ القيامػػة‪ ,‬و سػ ٌ‬ ‫الباطػؿ مػػف الغيبػػة و النميمػػة و غيػػر ذلػػؾ‪ ,‬فإمػػا لسػػاف ذاكػػر و إمػػا لسػػاف الغ‪ ,‬فمػػف‬ ‫(رواه البخاري و مسمـ)‬

‫ػاب الػدخوؿ عمػى اهلل ع ّػز وج ّػؿ‪ ,‬فميتطيػر و ليػدخؿ‬ ‫فُتح لػو ب ٌ‬ ‫ػاب الػذكر فقػد فٌػتح لػو ب ُ‬ ‫جؿ وجػد كػؿ شػيء‪ ,‬و‬ ‫عز و ّ‬ ‫وجد ربو ّ‬ ‫عمى ربو ّ‬ ‫عز و ج ّؿ‪ ,‬يجد عنده ما يريد‪ ,‬فإف َ‬

‫عز و ج ّؿ فاتو كؿ شيء‪.‬‬ ‫إف فاتو ربو ّ‬ ‫و لمذكر أنواعس منياس ذكر أسماء اهلل ع ّػز و ج ّػؿ‪ ,‬و صػفاتو‪ ,‬ومدحػو‪ ,‬و الثنػاء عميػو‬

‫بيا‪ ,‬نحوس "سبحاف ا‬

‫"‪ ,‬و " الحمد‬

‫‪ ,‬و " ال إله إال ا‬

‫"‪ ،‬و منيا س الخبر عػف‬

‫اهلل عػ ّػز و ج ػ ّؿ بأحك ػػاـ أسػػمائو و ص ػػفاتو ‪ ,‬نحػػو س اهلل عػ ّػز و جػ ػ ّؿ يسػػمع أصػ ػوات‬ ‫عبػػاده و يػػرى حركػػاتيـ ‪ ,‬و منيػػا ‪ :‬ذكػػر اعمػػر و النهػػي كػػأف تقػػوؿ س إف اهلل عػ ّػز و‬

‫ج ّؿ أمر بكذا ‪ ,‬و نيى عف كذا‪.‬‬ ‫و مف ذكره سبحانو و تعالى ذكر آآلئو و إحسانو‪ ,‬و أفضؿ الذكرس تبلوة القرآف ‪ ,‬و‬ ‫ُّهػا‬ ‫ذلؾ لتضمنو ألدوية القمب و عبلجو مف جميع األمراض ‪ ,‬قاؿ اهلل تعػالى س« َيا أَي َ‬ ‫ِ‬ ‫الف َِاس قَد َجتءت ُكـ كم ِ‬ ‫الص ُد ِ‬ ‫ور»(يونسس‪)49‬‬ ‫ك‬ ‫فتء لٍّ َما في ُّ‬ ‫وعظَ ٌة ٍّمف كرٍّب ُكـ َو ش ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ػػػػػػػز ُؿ ِمػػػػػػػػف القُػػػػػػػػرَء ِ‬ ‫و قػ ػ ػ ػػاؿ اهلل تعػ ػ ػ ػػالىس« َو ُن َنػ ٍّ‬ ‫حمػػػػػػػػ ٌة‬ ‫ػػػػػػػو شػػػػػػػػفَ ٌ‬ ‫اف َمػػػػػػػػا ُرػ َ‬ ‫تء َو َر َ‬ ‫ٍّ‬ ‫يف»(اإلسراءس‪.)19‬‬ ‫ممؤ ِم ِن َ‬ ‫لُ‬

‫وأمػراض القمػب تجمعيػا أمػراض الشػبيات والشػيوات‪ ,‬والقػرهف شػفاء لمنػوعيف‪ ,‬ففيػػه‬

‫‪51‬‬


‫مف البينات و البػراريف القطعيػة مػا يبػيف الحػؽ مػف الباطػؿ فتػزوؿ أمػراض الشػبه‬ ‫المفسدة لمعمـ‪ ,‬والتصور‪ ,‬وايدراؾ‪ ,‬بحيث يرى اعشياء عمى ما ري ‪.‬‬

‫وميز بينيما‪ ,‬كما يميز بعينيو بيف‬ ‫فمف درس القرآف وخالط قمبو؛ أبصرالحؽ والباطؿ ّ‬ ‫الميؿ والنيار‪ .‬وأما شفاؤو لمشهوات فذلؾ بما فيػه مػف الحكمػة والموعظػة الحسػنة؛‬ ‫بالتزريد في الدنيا‪ ,‬والترغيب في اآلخرة‪.‬‬

‫و بالجممػ ػػة فػ ػػأنفع شػ ػػيء لمعبػ ػػد ىػ ػػو ذكػ ػػر اهلل عػ ػ ّػز وج ػ ػ ّؿس «أَال ِبػ ِ‬ ‫ػػػػذ ِ‬ ‫كر ا‬ ‫وب»(الرعدس‪)91‬‬ ‫ال ُقمُ ُ‬

‫تَطمػ ِ‬ ‫ػػػػئ ُّف‬ ‫َ‬

‫عز و ج ّؿ‪.‬‬ ‫و أفضؿ الذكر تبلوة كتاب اهلل ّ‬ ‫كِ‬ ‫يف ي ْتمُ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ػار ْـ‬ ‫ػاموا ك‬ ‫الص َػسةَ َوأَنفَقُػوا ِم كمػا َرَزْق َن ُ‬ ‫ػوف كتَ َ‬ ‫قاؿ اهلل تعػالى س «إِ كف الكػذ َ َ‬ ‫ػاب المػه َوأَقَ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِس ارً وع َس ِني ًة يرج َ ِ‬ ‫ك‬ ‫ػه‬ ‫ضػمِ ِه إِكن ُ‬ ‫يػد ُرـ ٍّمػف فَ ْ‬ ‫ورُر ْـ َوَي ِز َ‬ ‫ور )‪ (29‬ل ُي َوفٍّ َي ُه ْـ أ ُ‬ ‫ّ َ َ َ َْ ُ‬ ‫ُج َ‬ ‫وف ت َج َارةً لف تَُب َ‬ ‫ور» (فاطر س‪)56-97‬‬ ‫ور َ‬ ‫ش ُك ٌ‬ ‫َغفُ ٌ‬

‫الدعاء‬

‫‪ ‬والمسمـ يدعو ربه ويكثر مف الدعاء في السراء والضراء‪ ،‬في الحؿ والسفر‪ ،‬في‬ ‫الميؿ والنيار‪ ،‬فػي الصػحة والمػرض‪ ،‬واهلل سػبحانو يقػوؿ‪ «:‬فػ ني قريػب أجيػب دعػوة‬

‫ِ‬ ‫دعاف» [البقرة ‪.]416‬‬ ‫الداع إذا‬ ‫ِ‬

‫وعف النعماف بف بشير قاؿس قاؿ صمى اهلل عميو وسمـس« الدعاء رو العبادة‪ ،‬ثػـ تػبل‬

‫اآلي ػػةس«وقػػػاؿ ربكػػػـ ادعػػػوني أسػػػتجب لكػػػـ‪ ،‬إف الػػػذيف يسػػػتكبروف عػػػف عبػػػادتي‬

‫سيدخموف جهنـ داخريف» [غافر ‪»]66‬‬

‫رواه الترمذي‬

‫سبحانو‬ ‫تذلمت إلى العزيز‬ ‫اواكثار الدعاء والتذلؿ إلى اهلل بو يرفعؾ ويقربؾ‪ ،‬فكمما‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ؾ بدينو وبِقُ ْربِ ِو منؾ‪ ،‬فأ ْكثِ ْر مف الدعاء في السجود حيث يكوف المرء أقرب ما‬ ‫أعز َ‬ ‫ّ‬ ‫وعِقب الصموات؛ بعد التسبيح والتحميد والتكبير والتيميؿ‪ ،‬فعف أَبي‬ ‫يكوف إلى اهلل َ‬ ‫َف رسو َؿ المَّ ِو صمّى اهلل عمَْي ِو وآلو َّ‬ ‫َّ‬ ‫ب ما‬ ‫وسمـ قَا َؿ س « أَ ْق َر ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُىريرةَ رضي المو عنوُ أ َّ َ‬

‫‪52‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫او و ُىو َسا ِج ٌد ‪ ،‬فَأَ ْكثُِروا ُّ‬ ‫اء »‬ ‫َي ُك ُ‬ ‫الد َع َ‬ ‫وف َ‬ ‫الع ْب ُد مف رب َ َ‬

‫رواه مسمـ‬

‫و َع ْف أَبي أُمامةَ رضي المَّو َع ْنوُ قَا َؿس ِقي َؿ لِرس ِ‬ ‫وؿ المَّ ِو‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ؼ المَّْي ِؿ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫اآلخ ِر‪َ ،‬وُدُب َر‬ ‫جو‬ ‫«‬ ‫س‬ ‫اؿ‬ ‫ق‬ ‫مع‬ ‫َس‬ ‫أ‬ ‫اء‬ ‫ع‬ ‫الد‬ ‫َي‬ ‫أ‬ ‫ُّ‬ ‫ْ ُ َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬

‫الترمذي‪.‬‬

‫‪.‬‬

‫ِ‬ ‫وسمَّـ س‬ ‫صمّى اهللُ َعمَْيو وآلو َ‬ ‫َ‬ ‫ات الم ْكتُ ِ‬ ‫الصمَو ِ‬ ‫وبات » رواه‬ ‫َّ َ‬

‫‪ ‬ألِ ّح في الدعاء وتَ َخ ّش ْع فيو فإف اهلل يحب العبد المحوح‪.‬أكثِر مف دعاء طمب‬ ‫التثبيت فالشيطاف يجري في ابف آدـ مجرى الدـ‪ ،‬والقموب بيف إصبعيف مف أصابع‬

‫الرحمف يقمبيا كيؼ يشاء‪ ،‬فعف رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وآلو وسمـ أنو كاف أَ ْكثَُر‬ ‫ِ​ِ‬ ‫الق ِ‬ ‫الترمذي]‪.‬‬ ‫ُّ‬ ‫ات ق ْمبي عمَى ِدينِ َ‬ ‫قمب ُ‬ ‫ؾ » [ َرواهُ‬ ‫موب ثَب ْ‬ ‫ُدعائو س « يا ُم َ‬ ‫ِ ِ َّ‬ ‫َّ‬ ‫الص ادي ِ ِ‬ ‫صمّى اهللُ َعمَْي ِو‬ ‫َوعف أَبي ب ْك ٍر ا‬ ‫ؽ َرض َي المو َع ْنو ‪ ،‬أََّنو قَا َؿ ل َرسوؿ المو َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ا‬ ‫ت َن ْف ِسي‬ ‫صبلتي ‪ ،‬قَا َؿ س قُ ْؿ س المكه كـ إٍِّني ظَمَ ْم ُ‬ ‫اء أ ُ‬ ‫َدعو بِو في َ‬ ‫وسمـ س « َعممني ُد َع ً‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ارح ْمني ‪،‬‬ ‫نوب إال أَ ْن َت‪ ،‬فَا ْغفر لي م ْغفَرةً مف ع ْند َؾ ‪َ ،‬و َ‬ ‫ظُ ْمماً كثي ارً ‪َ ،‬وال َي ْغفر الذ َ‬ ‫الر ِ‬ ‫ؽ ِ‬ ‫عميو ‪.‬‬ ‫إِكن َؾ أَ ْن َت ا ْل َغفور ك‬ ‫حيـ » متَّفَ ٌ‬

‫‪ ‬تعمَّػ ػػـ آداب الػ ػػدعاء كػ ػػي يكػ ػػوف أقػ ػػرب لئلجابػ ػػة‪ ،‬فابػ ػػدأه بحمػ ػػد اهلل والثنػ ػػاء عميػ ػػو‪،‬‬ ‫والصػػبلة والسػػبلـ عمػػى رسػػولو الك ػريـ وآلػػو الك ػراـ‪ ،‬وفػػي وسػػطو ص ػ ّؿ عمػػى الرسػػوؿ‬

‫الكريـ واختـ الدعاء بآميف والصبلة عمى الرسوؿ الكريـ‪ ،‬وال تَْن َس أف تُطيب مطعمؾ‬ ‫جاب الدعوة‪ ،‬وال تكف كالذي يطيؿ السفر‪ ،‬أشػعث أغبػر‪ ،‬يرفػع‬ ‫وممبسؾ كي تكوف ُم َ‬ ‫وغػ ػ اذي ب ػػالحراـ‬ ‫يدي ػػو إل ػػى الس ػػماء داعيػ ػاً ي ػػارب ي ػػارب وممبس ػػو حػ ػراـ ومشػ ػربو حػ ػراـ ُ‬ ‫فأنىُ يستجاب لو!!!‪..‬‬ ‫ّ‬

‫الرجاء‬

‫‪ ‬والمسػػمـ قػػوي الرجػػاء بربػػه واثػػؽ بػػه وبفضػػمه وبرحمتػػه‪ ،‬دائػػـ الشػػوؽ إلػػى لقائػو‬ ‫ِ‬ ‫وي َس ػ اد ُده حتػػى يكػػوف أىػػبلً‬ ‫والنظػػر إلػػى وجيػػو الكػػريـ‪ ،‬يستشػػعر َمعيَّتَػػو‪ ،‬وأنػػو ييديػػو ُ‬

‫‪53‬‬


‫ِ‬ ‫وتوفيفو‪ .‬قاؿ صمى اهلل عميو وآلو وسمـ فيمػا يرويػو عػف ربػو‪«:‬‬ ‫لجنتو بفضمو سبحانو‬ ‫غفػرت لػؾ عمػى مػا كػاف وال‬ ‫قاؿ ا تعالى‪ :‬يا ابف هدـ إنػؾ مػا دعػوتَني ورجػوتَني‬ ‫ُ‬ ‫أبالي‪[ »...‬رواه الترمذي]‪.‬‬ ‫ويقػػوؿ المصػػطفى صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـ‪ «:‬ال يمػػوتف أحػػدكـ إال ورػػو يحسػػف‬

‫الظف با‬

‫عز وجؿ»‬

‫[رواه مسمـ]‪.‬‬

‫ويقػػوؿ ربنػػا عػػز وجػػؿس« اواف يمسسػػؾ ا‬

‫بضػ ٍػر فػػس كاشػػؼ لػػه إال رػػو‪ ،‬اواف يػػردؾ‬

‫بخيػ ٍػر فػػس ار كد لفضػػمه‪ ،‬يصػػيب بػػه مػػف يشػػاء مػػف عبػػادو ورػػو الغفػػور الػػرحيـ »‬

‫[يونس‪]469‬‬

‫‪ ‬والمسمـ يكثر مف االستعاذة با‬

‫ايستعاذة‬

‫واالستعانة به‪ ،‬وىما مف العبادات التي تقوي‬

‫النفس وتدنييا مف رضى اهلل سبحانو وقد كاف صمى اهلل عميو وآلو وسمـ يكثر مف‬

‫التعوذ مف كثير مف الشرور والمواقؼ فقد ورد عنو صمى اهلل عميو وآلو وسمـ أنو‬

‫كاف يقوؿ‪ (:‬ألمهـ إني أعوذ بؾ مف الهـ والحزف وأعوذ بؾ مف العجز والكسؿ‬ ‫وأعوذ بؾ مف الجبف والبخؿ وأعوذ بؾ مف غمبة الديف وقهر الرجاؿ المهـ إني‬

‫أعوذ بؾ مف الكفر والفقر وأعوذ بؾ مف عذاب القبر)‪.‬‬

‫وعف أبي ىريرة قاؿ قاؿ رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ س" استعيذوا با‬ ‫جهنـ استعيذوا با‬ ‫استعيذوا با‬

‫مف عذاب القبر استعيذوا با‬

‫مف فتنة المحيا والممات" (البخاري) ‪.‬‬

‫‪54‬‬

‫مف‬

‫مف فتنة المسيح الدجاؿ‬


‫ايستغفار والتوبة‬ ‫‪ ‬واالسػػػتغفار والتوبػػػة خيػػر زٍاد لممسػػمـ ولحامػػؿ الػػدعوة‪ ،‬فػػإف اهلل سػػبحانو وتعػػالى‬

‫يقػػوؿس «والػػذيف إذا فعم ػوا فاحشػػة أو ظممػوا أنفسػػهـ ذكػػروا ا‬ ‫ومف يغفر الذنوب إال ا »‬

‫فاسػػتغفروا لػػذنوبهـ‬

‫[آؿ عمراف ‪. ]454‬‬

‫قاؿ ابف مسعودس ىذه اآلية خير ألىؿ الذنوب مف الػدنيا ومػا فييػا‪ ،‬وقػاؿ أبػو ىريػرةس‬

‫إني ألستغفر اهلل وأتوب إليو كؿ يوـ ألؼ مرة‪.‬‬

‫وعف رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ أنو قػاؿ‪ «:‬سيد االستغفار أف تقوؿ ألمهـ أنػت‬ ‫ربي ال إله إال أنت خمقتني وأنا عبدؾ وأنا عمى عهػدؾ ووعػدؾ مػا اسػتطعت أعػوذ‬

‫بؾ مف شر ما صػنعت أبػوء لػؾ بنعمتػؾ عمػي وأبػوء لػؾ بػذنبي فػاغفر لػي ف نػه ال‬ ‫يغفر الذنوب إال أنت‪ ،‬قاؿ ومف قالها مف النهار موقناً بها فمات مف يومه قبؿ أف‬

‫مػوقف بهػا فمػات قبػؿ أف‬ ‫يمسي فهو مف أرؿ الجنػة ومػف قالهػا مػف الميػؿ ورػو‬ ‫ٌ‬ ‫يصبح فهو مف أرؿ الجنة» ]رواه البخاري[‪.‬‬ ‫وع ػػف أب ػػي ىريػ ػرة رض ػػي اهلل عن ػػو أف رس ػػوؿ اهلل ص ػػمى اهلل عمي ػػو وس ػػمـ ق ػػاؿس« إف‬ ‫المؤمف إذا أذنب كانت نكتة سوداء فػي قمبػه فػ ف تػاب ونػزع واسػتغفر صػقؿ قمبػه‬

‫ف ف زاد زادت فذلؾ الراف الذي ذكرو ا‬

‫يكسبوف»‪ (.‬رواو ابف ماجة)‬

‫في كتابه كس بؿ راف عمى قمػوبهـ مػا كػانوا‬

‫وقالػػت أـ المػػؤمنيف عائشػػةس طػػوبى لمػػف وجػػد فػػي صػػحيفته إسػػتغفا ارَ كثي ػ ار‪ ،‬قػػاؿ‬ ‫قتػػادهس إف ىػػذا الق ػرآف يػػدلكـ عمػػى دائكػػـ ودوائكػػـ فأمػػا داؤكػػـ فالػػذنوب وأمػػا دواؤكػػـ‬

‫فاالستغفار‪.‬‬

‫‪ ‬قيؿ لمحسفس أال يستحيي أحدنا مف ربو فيستغفر لذنوبو‪ ،‬ثـ يعود‪...‬ثـ يستغفر‪،‬‬ ‫ثـ يعود‪ ،‬فقاؿس ود الشيطاف لو ظفر منكـ بيذه فبل تمموا مف االستغفار‪ ،‬وقاؿ‬ ‫أيضاس أكثروا مف االستغفار في بيوتكـ‪ ،‬وعمى موائدكـ‪ ،‬وفي طرقكـ‪ ،‬وفي أسواقكـ‪،‬‬

‫‪55‬‬


‫وفي مجالسكـ أينما كنتـ‪ ،‬ف نكـ ما تدروف متى تنزؿ المغفرة‪.‬‬

‫الص ْبر‬ ‫َ‬ ‫‪ ‬الصبر عبادة‪ ،‬وأي عبادة ويكفي أف أُ َذ اك َر بقولو تعػالى ‪ «:‬إنمػا يػوفكى الصػابروف‬ ‫أجررـ بغير حساب»‪(.‬الزمر‪) 46‬‬ ‫ويقوؿ جؿ مف قائؿ‪«:‬وا‬

‫يحب الصابريف»‬

‫[آؿ عمراف ‪.]416‬‬

‫فميحػػػرص حامػػػؿ الػػػدعوة عمػػػى الصػػػبر بأنواعػػػه الثبلثػػةس فميصػػػبر عمػػى طاعػػة اهلل‬ ‫سػػبحانو‪ ،‬وليصػػبر عػػف معاصػػيو‪ ،‬وليصػػبر عمػػى قضػػائو سػػبحانو‪ .‬ويقػػوؿ المصػػطفى‬

‫صػػمى اهلل عميػػو وسػػمـ حاث ػاً ومرغب ػاً فػػي الصػػبر‪ «:‬ومػػػف يتصػػػبر ُيصػ ٍّػػبَروُ ا ‪ ،‬ومػػػا‬ ‫[متفؽ عميو]‪.‬‬ ‫عطاء خي ارً وأوسع مف الصبر»‬ ‫أحد‬ ‫ٌ‬ ‫أعطي ٌ‬ ‫ً‬

‫صسة الجماعة‬

‫‪ ‬المحافظة عمى صسة الجماعة في المسجد وخصوصاً صبلة الفجر فالمصطفى‬

‫صمى اهلل عميو وآلو وسمـ يقػوؿس «صػسة الرجػؿ فػي جماعػة تزيػد عمػى صػسته فػي‬ ‫بيته وصسته في سوقه بضػعا وعشػريف درجػة وذلػؾ أف أحػدرـ إذا توضػأ فأحسػف‬

‫الوضوء ثـ أتى المسجد ال ينهزو إال الصػسة‪ ،‬ال يريػد إال الصػسة‪ ،‬فمػـ يخػطُ خطػوة‬ ‫وح ػ ك‬ ‫ط عنػػه بهػػا خطيئػػة حتػػى يػػدخؿ المسػػجد‪ ،‬ف ػ ذا دخػػؿ‬ ‫إال ُرفػػع لػػه بهػػا درجػػة‪ُ ،‬‬ ‫المسػػجد كػػاف فػػي الصػػسة مػػا كانػػت الصػػسة رػػي تحبسػػه والمسئكػػة يصػػموف عمػػى‬ ‫أحدكـ ما داـ في مجمسه الػذي صػمى فيػه يقولػوف المهػـ ارحمػه‪ ،‬المهػـ اغفػر لػه‪،‬‬

‫المهـ تب عميه‪ ،‬ما لـ يؤِذ فيه‪ ،‬ما لـ ِ‬ ‫يحدث فيه» رواه مسمـ‪.‬‬

‫عف أبي ىريرة قاؿ قاؿ رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـس« إف أثقؿ الصسة عمى‬ ‫المنافقيف صسة العشاء وصسة الفجر ولو يعمموف ما فيها عتورما ولو حبوا ولقد‬

‫رممت أف همر بالصسة فتقاـ ثـ همر‬

‫رجس فيصمي بالناس ثـ أنطمؽ معي‬

‫‪56‬‬


‫برجاؿ معهـ حزـ حطب إلى قوـ ال يشهدوف الصسة فأحرؽ عميهـ بيوتهـ‬ ‫صمُوُ ِم ْف ٍ‬ ‫خير مف رؤية المسمميف‬ ‫بالنار»(صحيح ابف حباف)‪ ،‬باإلضافة إلى ما تُ َح ّ‬ ‫ؾ و ِم ْف تَعمِّـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫االطمئناف عمى أحو ِ‬ ‫كممة ٍ‬ ‫ِ‬ ‫خير‬ ‫الطاعة و ِمف‬ ‫ومشاركتِيـ فرحةَ‬ ‫اؿ إخوانِ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫الخير في صبلة الجماعة في المسجد‪.‬‬ ‫مكتوبة أو مسموعة‪ ،‬فالخير كؿ‬ ‫‪ ‬عف عمي بف حسيف عف أبيو عف جده عمي بف أبي طالب قاؿ دخؿ َعمَ َّي رسو ُؿ‬ ‫اهلل صمى اهلل عميو وسمـ وعمى فاطمة مف الميؿ فأيقظنا لمصبلة ثـ رجع إلى بيتو‬ ‫صِميا‪ ،‬قاؿ‬ ‫فصمى ىويا مف الميؿ فمـ يسمع لنا حسا فرجع إلينا فأيقظنا فقاؿ قُوما فَ َ‬ ‫فجمست وأنا أعرؾ عيني وأقوؿ إنا واهلل ما نصمي إال ما كتب اهلل لنا إنما أنفسنا بيد‬ ‫ُ‬

‫اهلل فإف شاء أف يبعثنا بعثنا‪ ،‬قاؿ فولّى رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ وىو يقوؿ‪-‬‬

‫ويضرب بيده عمى فخذه ‪ -‬ما نصمي إال ما كتب ا‬

‫لنا وكاف اينساف أكثر شيء‬

‫جدال" (سنف النسائي)‪.‬ىذا في شأف قياـ الميؿ المندوب‪ ،‬فكيؼ إذا كانت الغفمة عف‬ ‫الصبلة المكتوبة – ال سمح اهلل ‪.-‬‬

‫إحياء لسنة‬ ‫فالصسةَ الصسةَ يا حمم َة الدعوة‪ ،‬حيث ُيدعى لها –في المساجد‪-‬‬ ‫ً‬ ‫نبينا صمى اهلل عميو وآلو وسمـ وقياما بفرض الكفاية كي ال تب أر منا ذمة اهلل‪.‬‬

‫‪ ‬عػف عبػػد اهلل بػػف مسػعود رضػػي اهلل عنػػو قػاؿس( مػػف سػره أف يمقػى اهلل غػػدا مسػػمما‬ ‫فميحػػافظ عمػػى ر ػؤالء الصػػموات حيػػث ينػػادى بهػػف‪ ،‬فػػإف اهلل شػػرع لنبػيكـ صػػمى اهلل‬ ‫عميو وآلو وسمـ سنف اليػدى‪ ،‬اوانهػف مػف سػنف الهػدى‪ ،‬ولػو أنكػـ صػميتـ فػي بيػوتكـ‬

‫كما يصمي ىذا المتخمؼ في بيتو‪ ،‬لتركتـ سنة نبيكـ صمى اهلل عميو وآلو وسػمـ‪ ،‬ولػو‬ ‫تػػركتـ سػػنة نبػػيكـ صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـ لضػػممتـ‪ ،‬ومػػا مػػف رجػػؿ يطَّيػػر فيحسػػف‬ ‫الطيور ثـ يعمد إلػى مسػجد مػف ىػذه المسػاجد إال كتػب ا‬

‫لػه بكػؿ خطػوة يخطورػا‬

‫حسػػنة ويرفعػػه بهػػا درجػػة ويحػػط عنػػه بهػػا سػػيئة‪ ،‬ولقػػد رأيتنػػا ومػػا يتخمػػؼ عنيػػا إال‬

‫منافؽ معموـ النفػاؽ‪ ،‬ولقد كاف الرجؿ يؤتى بػه ُيهػادى بػيف الػرجميف حتػى يقػاـ فػي‬

‫الصؼ)‪ .‬رواه مسمـ‪.‬‬

‫‪57‬‬


‫‪ ‬ويقوؿ صػمى اهلل عميػو وآلػو وسػمـ‪ «:‬يػأتي ا‬

‫يػوـ القيامػة بمسػاجد الػدنيا كأنهػا‬

‫نجػػب بػػيض قوائمهػػا مػػف العنبػػر وأعناقهػػا مػػف الزعفػػراف ورؤوسػػها مػػف المسػػؾ‬

‫وأزمتها مف الزبرجد اعخضر وقوامها والمؤذنوف فيهػا يقودونهػا وأئمتهػا يسػوقونها‬

‫وعماررػػػا متعمقػػػوف بهػػػا فتجػػػوز َعَرصػػػات القيامػػػة كػػػالبرؽ الخػػػاطؼ فيقػػػوؿ أرػػػؿ‬ ‫الموقػؼ رػؤالء مسئكػة مقربػوف أو أنبيػاء مرسػموف فينػادى مػا رػؤالء بمسئكػػة وال‬ ‫أنبياء ولكنهـ أرؿ المساجد والمحافظوف عمى الصموات مف أمة محمد» صػمى ا‬

‫عميه وهله وسمـ‬

‫(رواو القرطبي عف أنس)‬

‫‪.‬‬

‫صسة الجمعة‬

‫‪ ‬التبكير لصبلة الجمعة ىو مػف أعظػـ مػا ح َّ‬ ‫ػث عميػو المصػطفى صػمى اهلل عميػو‬ ‫وآلػػو وسػػمـ فيقػػوؿس« مػػف غسػػؿ يػػوـ الجمعػػة واغتسػػؿ ثػػـ بكػػر وابتكػػر ومشػػى فػػدنا‬ ‫واسػػتمع وأنصػػت ولػػـ يمػػغ كتػػب ا‬ ‫وقيامها»‬

‫(صحيح ابف حباف)‬

‫‪.‬‬

‫لػػه بكػػؿ خطػػوة يخطورػػا عمػػؿ سػػنة صػػيامها‬

‫ويقوؿ صمى اهلل عميو وآلو وسػمـس« مف اغتسػؿ يػوـ الجمعػة فأحسػف غسػمه ولػبس‬ ‫مػػف صػػالح ثيابػػه ومػػس مػػف طيػػب بيتػػه أو درنػه غفػػر لػػه مػػا بينػػه وبػػيف الجمعػػة‬

‫اعخرى وزيادة ثسثة أياـ مف التي بعدرا» (صحيح ابف حباف) ‪.‬‬

‫احرص أخي عمى ىذا الفرض العظيـ ومندوباتػو وتَ َجَّنػب مكروىاتِػو التػي يغفػؿ عنيػا‬ ‫بالحصػػى أو السػػجاد أثنػػاء ال ُخطبػػة أو تشػػبيؾ اعصػػابع أوايتكػػاء‬ ‫النػػاس كالمعػػب َ‬ ‫عمى اليديف أو إحديهما ك ِجمسة بني إسرائيؿ‪.‬‬

‫‪58‬‬


‫ٍ‬ ‫بحػديث جػانبي أثنػاء ال ُخطبػة أو تتصػفح مجمػة أو صػػحيفة‬ ‫اوايكػاؾ ّإيػاؾ أف تنشػغؿ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ب عنػػؾ الممػػؿ واصػػبر امتثػػاالً عمػػر رسػػوؿ ا صػػمى ا عميػػه وهلػػه وسػػمـ‬ ‫لتُػ ْذى َ‬

‫اعجر العظيـ‪.‬‬ ‫باينصات ولؾ‬ ‫ُ‬ ‫‪ ‬قػاؿ معػاذ بػف جبػؿ‪« :‬احتػبس عنػا رسػوؿ ا‬

‫صػمى ا‬

‫عميػه وسػمـ ذات غػداة‬

‫عػػف صػػسة الصػػبح حتػػى كػػدنا نترايػػا عػػيف الشػػمس فخػػرج سػػريعا فثػػوب بالصػػسة‬ ‫فصػػمى رسػػوؿ ا‬

‫صػػمى ا‬

‫عميػػه وهلػػه وسػػمـ وتجػػوز فػػي صػػسته فممػػا سػػمـ دعػػا‬

‫بصوته‪ ،‬قاؿ لنا‪ :‬عمى مصافكـ كما انػتـ‪ ،‬ثػـ انفتػؿ إلينػا وقػاؿ‪ :‬أمػا إنػي سػأحدثكـ‬ ‫ما حبسني عنكـ الغداة‪ ،‬إني قمت مف الميؿ فتوضأت وصميت ما قدر لي‪ ،‬فنعست‬

‫فػػي صػػستي فاسػػتثقمت ف ػ ذا أنػػا بربػػي تبػػارؾ وتعػػالى فػػي أحسػػف صػػورة‪ ،‬فقػػاؿ‪ :‬يػػا‬ ‫محمد قمت‪ :‬لبيؾ ربي‪ ،‬قاؿ‪ :‬فيـ يختصـ المأل اععمى؟ قمت‪ :‬ال أدري‪ ،‬قالهػا ثسثػا‪،‬‬

‫قاؿ‪ :‬فرأيته وضع كفه بيف كتفي حتى وجدت برد أناممػه بػيف ثػديي فتجمػى لػي كػؿ‬ ‫شيء وعرفت‪ .‬فقاؿ‪ :‬يا محمد‪ .‬قمػت‪ :‬لبيػؾ ربػي‪ ،‬قػاؿ‪ :‬فػيـ يختصػـ المػأل االعمػى؟‬

‫قمت‪ :‬في الكفارات‪ .‬قاؿ‪ :‬ما رف؟ قمت‪:‬مشػي االقػداـ الػى الحسػنات‪ ،‬والجمػوس فػي‬ ‫المساجد بعد الصموات‪ ،‬اواسباغ الوضوء حػيف الكريهػات‪ ،‬قػاؿ‪ :‬فػيـ؟‪ ،‬قمػت‪ :‬إطعػاـ‬ ‫س ْػؿ‪ .‬قُػ ْؿ‪ :‬المهػـ إنػي أسػألؾ‬ ‫الطعاـ وليف الكسـ والصسة بالميؿ والناس نياـ‪ ،‬قػاؿ‪َ :‬‬

‫فعػػؿ الخي ػرات وتػػرؾ المنك ػرات وحػػب المسػػاكيف وأف تغفػػر لػػي وترحمنػػي اواذا أردت‬ ‫فتنة قوـ فتوفني غير مفتوف أسألؾ حبؾ وحب مف يحبؾ وحػب عمػؿ يقربنػي الػى‬ ‫حبؾ‪.‬قػػاؿ رسػػوؿ ا‬

‫صػػمى ا‬

‫عميػػه وسػػمـ‪ :‬إنهػػا حػػؽ فادرسػػورا ثػػـ‬

‫تعممػػووا»‪.‬رواه‬

‫الترمذي بسند صحيح‪.‬‬

‫ركذا يا حممة الدعوة اعتبر الشرع التفكير عبادة‪ ،‬وذكر ا‬

‫عبادة‪ ،‬والخوؼ منه‬

‫ورجاءو عبادة‪ ،‬واالستعانة به واالستغاثة به عبادة والدعاء عبادة‪ ،‬وايحساف في‬

‫أداء العبادات والتكاليؼ عبادة والصبر والنوافؿ في الصياـ والصبلة عبادة ف ذا‬ ‫أردت أخي حامؿ الدعوة أف تكوف الناحية الروحية لديؾ قوية فياضة فَأ َِد ْـ صمتؾ‬ ‫ِ‬ ‫با في ٍ‬ ‫س بالرضا والطمأنينة‬ ‫وس ٍّير كؿ ذلؾ بايدراؾ ل ُ‬ ‫تح َ‬ ‫فكر وقوؿ وعمؿ‪َ ،‬‬

‫‪59‬‬


‫في حالكات اعياـ والمحف والخطوب التي نعيشها وتمفنا لفا شديدا‪ ،‬كف في حالة‬

‫سائر الطاعات والزـ العبادة‬ ‫طاعة هلل دوما‪ ،‬إعمؿ بعد الفروض وترؾ المحرمات‪َ ،‬‬ ‫واجبها ونافمتها‪ ،‬واذكر أقواال وردت في كؿ حاؿ‪ ،‬في حاؿ الكرب وحيف السفر‬ ‫والوداع وىبوب الريح وعيادة المريض وعند الخوؼ وىذا رسولنا صمى اهلل عميو‬ ‫وآلو وسمـ وقدوتنا كاف يقوـ الميؿ حتى تتورـ قدماه فقيؿ لوس أما قد غفر اهلل لؾ ما‬ ‫تقدـ مف ذنبؾ وما تأخر فقاؿس( أفس أكوف عبدا شكو ار)‪.‬‬

‫(رواه مسمـ)‪.‬‬

‫فنحف حممة الدعوة أولى المسمميف بأف نكثر مف المندوبات والطاعات‪ ،‬بعد‬

‫استيفاء الواجبات‪ ،‬ونحف أحوج الناس الى زيادة مذخورنا الروحي والتزود‬ ‫بالتقوى وقد ِسرنا بحمؿ الدعوة في طريقها الشاؽ الشائؾ‪ ،‬ونذرنا أنفسنا لخدمة‬

‫ديننا وأمتنا والعمؿ عمى إنهاضها‪ ،‬ونحف ندرؾ وعورة الطريؽ ووطأة االعداء‬ ‫وليس لنا قدرة عمى الصمود ومواصمة السير إال بقوة نفسياتنا وبالقياـ بما يقربنا‬ ‫مف ا‬

‫ربنا وخالقنا‪ ،‬فيجب أف تجتمع فينا سمات العابديف المتبتميف إلى جانب‬

‫صفات المفكريف السياسييف فنجمع بيف السياسة والعبادة‪ ،‬لنكوف بحؽ كصحابة‬

‫ُع ّبادا في الميؿ وفرسانا وقادة في النهار لنكوف كما قاؿ ا‬ ‫رسوؿ ا‬ ‫سبحانه‪«:‬التائبوف العابدوف الحامدوف‪...‬وبشر المؤمنيف»‪(.‬التوبة‪)449‬‬

‫وقػد كػػاف السػػمؼ الصػػالح يكثػػروف مػػف النوافػؿ ويرجػػوف مػػف اهلل أف يكػػوف ذلػػؾ ذخػ ار‬ ‫ليـ عند مميكيـ وعونا ليـ عمى الطريؽ لتحقيؽ الغايات بتوفيؽ اهلل‪.‬‬ ‫‪ ‬فمما أبطأ عمى عمر بف الخطاب رضي اهلل عنو فتح مصر كتب إلى عمرو‬

‫بف العاص رضي اهلل عنو " أما بعد فقد عجبت إلبطائكـ عف فتح مصر تقاتمونيـ‬ ‫منذ سنيف وما ذاؾ إال لما أحدثتـ وأحببتـ مف الدنيا ما أحب عدوكـ واف اهلل تعالى‬

‫ال ينصر قوما إال بصدؽ نياتيـ وقد كنت وجيت إليؾ أربعة نفر ( الزبير بف‬ ‫العواـ‪ ،‬المقداد بف األسود‪ ،‬عبادة بف الصامت‪ ،‬ومسممة بف مخمد ) وأعممتؾ أف‬

‫غيرىـ ما َّ‬ ‫الرجؿ منيـ مقاـ ألؼ رجؿ عمى ما أعرؼ إال أف يكوف َّ‬ ‫غي َر غيرىـ‪،‬‬ ‫فإذا أتاؾ كتابي ىذا فاخطُب الناس و ُحضيـ عمى قتاؿ عدوىـ وراغبيـ في‬

‫‪61‬‬


‫أمر الناس أف يكونوا ليـ‬ ‫الصبر والنية‪ ،‬وق ادـ أولئؾ األربعة في صدور الناس‪ ،‬و ُ‬ ‫صدمةَ رجؿ واحد‪ ،‬وليكف ذلؾ عند الزواؿ يوـ الجمعة ف نها ساعة تنزؿ فيها‬ ‫الرحمة ووقت ايجابة‪ ،‬وليعج الناس إلى ا‬

‫وليسألوو النصر عمى عدورـ "‪.‬‬

‫فمما أتى عم ار الكتاب جمع الناس وقرأه عمييـ ثـ دعا أولئؾ النفر فقدميـ أماـ‬

‫الناس وأمر الناس أف يتطيروا ويصموا ركعتيف ثـ يرغبوا إلى اهلل ويسألوه النصر‬ ‫ففتح اهلل عمييـ‪.‬‬ ‫‪ ‬وفي يوـ االثنيف ‪ 47‬جمادى األولى سنة ‪ 949‬ىػ‪ 91 ،‬أيار سنة ‪ 4145‬ـ ندب‬ ‫السمطاف محمد الفاتح جندو لصياـ ذلؾ اليوـ تقربا إلى ا ‪ ،‬وتزكية لنفوسهـ‬ ‫استعدادا لمهجوـ النهائي الذي قرر أف يشنه في اليوـ التالي عمى القسطنطينية‪،‬‬

‫وما أف أذنت شمس يوـ االثنيف بالمغيب وأدى المجاىدوف صبلة المغرب‪ ،‬أقبموا‬ ‫يتناولوف إفطارىـ‪ ،‬ثـ دعا السمطاف مجمس حربو‪ ،‬وقادة جيشو إلى االجتماع األخير‬ ‫قبؿ بدء اليجوـ‪ ،‬وخطب فييـ خطبة‪ ،‬جاء فييا ما يميس‬

‫" إذا أعاننا اهلل عز وجؿ ففتح عمينا القسطنطينية فسيتحقؽ فينا حديث رسوؿ اهلل‬ ‫صمى اهلل عميو وعمى آلو وسمـ ومعجزة مف معجزاتو العظاـ‪ ،‬وسيكوف مػف حظنػا مػا‬ ‫تضػػمنو حػػديث رسػػوؿ اهلل صػػمى اهلل عميػػو وعمػػى آلػػو وسػػمـ مػػف التقػػدير والتش ػريؼ‪،‬‬ ‫فأبمغوا أبناءنا العساكر فردا فردا أف الظفر العظيـ الذي سنحرزه سػيزيد اإلسػبلـ قػد ار‬ ‫وشرفا‪ ،‬ويجػب عمػى كػؿ جنػدي أف يجعػؿ تعػاليـ شػريعتنا نصػب عيػه‪ ،‬فػس يصػدر‬ ‫عف أي واحد منهـ ما ينافي رذو التعاليـ‪ ،‬وليتجنبػوا الكنػائس والمعابػد‪ ،‬وال يمسػوىا‬

‫بأذى‪ ،‬وليدعوا القساوس والضعفاء والعجزة الذيف ال يقاتموف "‪.‬‬

‫وحيف تنزؿ نصر اهلل عػز وجػؿ كػاف أوؿ عمػؿ بػدأ بػو السػمطاف محمػد الفػاتح أف‬

‫خػػر سػػاجدا عمػػى األرض شػػك ار هلل عمػػى مػػا أفػػاء عمػػى المسػػمميف مػػف نصػػر مػػؤزر‬ ‫مبػػيف‪ ،‬ومػػا كػػاد العثمػػانيوف يػػدخموف المدينػػة حتػػى وثػػػب العديػػػد مػػػنهـ إلػػػى أعػػػالي‬

‫اعسػوار يزيمػػوف الرايػػات البيزنطيػػة مػػف فوقهػػا ويرفعػػوف مكانهػػا الرايػػات ايسػػسمية‬ ‫العثماني ػ ػػة‪ ،‬وف ػ ػػي تم ػ ػػؾ األثن ػ ػػاء كػػػػػاف‬

‫العشػػػػػػػرات مػػػػػػػف المجارػػػػػػػديف يرفعػػػػػػػوف‬

‫‪61‬‬


‫أصػػواتهـ بػػػاعذاف مػػف فػػػوؽ أسػػوار المدينػػػة‪ ،‬ولمػػا بمػػغ الفػػاتح منتصػػؼ المدينػػة‪،‬‬

‫توق ػػؼ ع ػػف المس ػػير وقػ ػ أر بمغ ػػة عربي ػػة فص ػػحى البش ػػارة النبوي ػػة الكريم ػػة « لتفػػػتحف‬ ‫القسطنطينية‪ ،‬فمنعـ اعمير أميررا‪ ،‬ولنعـ الجيش ذلؾ الجيش »‪.‬‬

‫ٍّ‬ ‫ػع رايػػة‬ ‫المهػػـ بعزتػػؾ وفضػػمؾ وفقنػػا لفػػتح روم كيػػة كمػػا فُتحػػت القسػػطنطينبة وأف نرفػ َ‬ ‫ِ‬ ‫الخميفػة‬ ‫خمؼ القائػد الفعمػي لجػيش اعُمػة ايسػسمية‬ ‫العقاب خفكاق ُة فوؽ الفاتيكاف َ‬ ‫ُ‬ ‫الراشد الثاني ِ‬ ‫ص ْن َو أبي ب ٍ‬ ‫كر الصدٍّيؽ في رذا الزماف المهـ هميف‪.‬‬

‫كتاب ا‬

‫‪..‬النور المبيف‬

‫ػدبر معانِيػ ِػو‬ ‫مػػف أولػػى أولوياتػػؾ‪ ،‬أخػػي حامػ َؿ الػػدعوة ق ػراءة الق ػرهف الكػػريـ وتعيػ ُػده وتػ ُ‬ ‫ؾو ِ‬ ‫ؾ اليومي ػ ِػة ليظي ػػر ف ػػي س ػ ِ‬ ‫أف يظي ػ َػر عم ػػى‬ ‫أخبلق ػ َ‬ ‫ػموك َ‬ ‫ورْبػ ػطُ م ػػا في ػػو بحياتػ ػ َ‬ ‫ػؾ قب ػػؿ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫مني ولك ػ ْػف م ػػا وقَ ػػر ف ػػي القم ػ ِ‬ ‫ػاف ب ػػالتّحمّي وال ب ػػالتّ ّ‬ ‫ػب و ص ػػدقتْوُ‬ ‫لس ػػانؾ‪ ،‬فم ػػيس اإليم ػ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫الجوارح‪.‬‬

‫« قد جاء ُكـ مف ا ِ‬ ‫نور وكتاب مبيف يهدي به ا‬ ‫ٌ‬ ‫ويخرجهـ مف الظممات الى النور ب ذنه ويهديهـ الى صراط مستقيـ»‪(.‬المائدة ‪)46‬‬

‫مف اتبع رضوانه سبؿ السػسـ‬

‫أدَبةُ اهلل فأقبؿ مف مأدبتو ما استطعت‪،‬‬ ‫أخي حامؿ الدعوة‪...‬تذكر أف ىذا القرآف َم ُ‬ ‫إف ىذا القراف حبؿ اهلل المتيف وىو النور المبيف والشفاء الناجع‪ ،‬عصمة لمف تمسؾ‬

‫بو ونجاة لمف اتبعو ال َي ْع َو ُج فَُيقَ ّوـ وال َيزيغُ فَُي ْستَعتَب وال تنقضي عجائبو وال َيخمَؽ‬ ‫ٍ‬ ‫عشر حسنات‪.‬‬ ‫عف كثرة الرد ْ‬ ‫فاتمُوُ فإف اهلل ُ‬ ‫يأج ُرؾ عمى تبلوتو بكؿ حرؼ ُ‬ ‫‪ ‬تذكر أخي أنؾ المخاطَب بكؿ آية تفتتح بػ«يا أييا الذيف آمنوا» فاسمعيا بآذاف‬ ‫قمبؾ وعقمؾ لِتَ ِعَييا وتجعميا سجية لؾ وسموكا‪.‬‬ ‫ب بيا النبي صمى اهلل عميو وآلو وسمـ ما‬ ‫‪ ‬تذكر أخي أنؾ ُمطالب بكؿ آية يخاطَ ُ‬ ‫لـ تكف خاصة بو‪ ،‬واف لـ يكف بإمكانؾ تطبيؽ ما تأمرؾ بو لغياب خميفة المسمميف‬

‫‪62‬‬


‫فاجعؿ ذلؾ حاف از جديدا لؾ لمضاعفة الجهود ييجاد الخميفة الذي يطبؽ اإلسبلـ‬

‫ويحيي كتاب اهلل وسنة رسولو صمى اهلل عميو وآلو وسمـ في كؿ نواحي الحياة‪.‬‬

‫‪ ‬عف ابف عباس رضػي اهلل عنيمػا قػاؿس لمػا أنػزؿ اهلل عػز وجػؿ عمػى نبيػو صػمى‬ ‫اهلل عميػػو وسػمـ « يػػا أيهػػا الػػذيف همن ػوا ق ػوا أنفسػػكـ وأرمػػيكـ نػػا ار» تبلىػػا رسػػوؿ اهلل‬ ‫غشػياً عميػه‬ ‫فتػى َم ّ‬ ‫صػمى اهلل عميػو وسػمـ عمػى أصػحابو ذات ليمػة أو قػاؿ يػوـ‪ ،‬فَ َخ كػر ً‬ ‫فوضع النبي صمى اهلل عميو وسمـ يده عمى فؤاده فإذا ىو يتحرؾ فقػاؿ يا فتى قؿ ال‬

‫إلػه إال ا‬

‫فقالهػا فبشػرو بالجنػػة فقػاؿ أصػحابو يػا رسػػوؿ اهلل أمػف بيننػا فقػاؿ رسػػوؿ‬

‫اهلل صػػمى اهلل عميػػو وسػػمـ أمػػا سػػمعتـ قػػوؿ ا‬

‫وخاؼ وعيد»‪.‬‬

‫عػػز وجػػؿ« ذلػػؾ لمػػف خػػاؼ مقػػامي‬

‫أخرجو الحاكـ‬

‫‪ ‬وعف أبي سعيد الخدري رضي اهلل عنو عف النبي صمى اهلل عميو وسمـ قاؿس«‬ ‫يقوؿ اهلل سبحانو وتعالىس مف شغمه القرهف وذكري عف مسألتي أعطيته أفضؿ ما‬

‫أعطي السائميف‪ ،‬وفضؿ كسـ ا‬ ‫تعالى عمى خمقه »‬

‫[ رواه الترمذي]‬

‫‪.‬‬

‫سبحانه وتعالى عمى سائر الكسـ كفضؿ ا‬

‫‪ ‬وعف ابف عباس رضي اهلل عنيما قاؿ ‪ :‬قاؿ رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـس«إف‬ ‫الذي ليس في جوفه شئ مف القرهف كالبيت الخرب » [رواه الترمذي]‪.‬‬

‫‪ ‬وعف عبد اهلل بف عمرو بػف العػاص رضػي اهلل عنيمػا عػف النبػي صػمى اهلل عميػو‬ ‫وسمـ قػاؿس« يقػاؿ لصػاحب القػرهف اقػ أر وارتػ ِ‬ ‫ؽ ورتػؿ كمػا كنػت ترتػؿ فػي الػدنيا فػ ف‬

‫منزلتؾ عند هخر هية تقرؤرا» [رواه أبو داود ]‪.‬‬ ‫‪ ‬عػػف عائشػػة أـ المػػؤمنيف رضػػي اهلل عنيػػا قالػػتس قػػاؿ رسػػوؿ اهلل صػػمى اهلل عميػػو‬ ‫وسمـ س« المارر بالقرهف مػع السػفرة الكػراـ البػررة والػذي يقػرأو ورػو شػاؽ عميػه لػه‬ ‫أجراف اثناف» [رواه مسمـ] ‪.‬‬ ‫‪‬وعف معاذ بف أنس رضي اهلل عنو أف رسػوؿ اهلل صػمى اهلل عميػو وسػمـ قػاؿس‬ ‫مف ق أر القرهف وعمؿ بما فيه ألبس ا‬

‫«‬

‫والديه تاجا يػوـ القيامػة ضػوؤو أحسػف مػف‬

‫‪63‬‬


‫ضوء الشمس في بيوت الدنيا فما ظنكـ بالذي عمؿ بهذا » [رواه أبو داود] ‪.‬‬

‫‪ ‬ينبغي أف يحافظ عمى تبلوتو ويكثر منيا‪ ،‬وكاف الصحابة‪ ،‬والتابعيف رضي اهلل‬ ‫عنيـ ليـ عادات مختمفة في قدر ما يختموف فيو‪ ،‬فروى ابف أبي داود عف بعضيـ‬ ‫رضي اهلل عنيـ أنيـ كانوا يختموف في كؿ شيريف ختمة واحدة‪ ،‬وعف بعضيـ في‬ ‫كؿ شير ختمة‪ ،‬وعف بعضيـ في كؿ عشر لياؿ ختمة‪ ،‬وعف األكثريف في كؿ سبع‬

‫لياؿ‪ ،‬وختـ بعضيـ في كؿ يوـ وليمة ختمة‪ ،‬فمف الذيف كانوا يختموف ختمة في‬ ‫الميؿ واليوـ عثماف بف عفاف رضي اهلل عنو و تميـ الداري و سعيد بف جبير و‬ ‫مجاىد و الشافعي وآخريف ‪.‬‬

‫‪ ‬ثبت عف أبي موسى األشعري رضي اهلل عنو عف النبي صمى اهلل عميو وسمـ‬ ‫قاؿس« تعاردوا رذا القرهف ‪ ،‬فوالذي نفس محمد بيدو لهو أشد تفمتا مف ايبؿ في‬

‫عقمها»‬

‫[رواه البخاري] ‪.‬‬

‫وعف ابف عمر رضي اهلل عنيما أف رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ قاؿس«إنما مثؿ‬ ‫صا حب القرهف كمثؿ ايبؿ المعقمة(أي بالع قاؿ) إف عارد عميها أمسكها اواف أطمقها‬ ‫ذربت» رواه مسمـ‪.‬‬ ‫روي عف رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وآلو وسمـ أنو قاؿس« إف رذا القرهف نزؿ‬

‫بحزف ف ذا قرأتموو فابكوا ف ف لـ تبكوا فتباكوا » [رواه الترمذي] ‪.‬‬

‫‪ ‬عف عبد اهلل بف مسعود قاؿ‪ :‬قاؿ لي النبي صمى اهلل عميو وسػمـ اق أر َعمػي؛ قمػت‬ ‫يػػا رسػػوؿ اهلل أقػ أر عميػػؾ وعميػػؾ أنػػزؿ‪ ،‬قػػاؿ نعػػـ فقػرأت سػػورة النسػػاء حتػػى أتيػػت إلػػى‬

‫ىذه اآليػة «فكيؼ إذا جئنا مف كؿ أمة بشػهيد وجئنػا بػؾ عمػى رػؤالء شػهيدا» قػاؿ‬

‫‪64‬‬


‫ُّ‬ ‫فالتفت إليو فإذا عيناه تذرفاف [رواه البخاري] ‪.‬‬ ‫حسبؾ اآلف؛‬ ‫‪ ‬عف عبد اهلل بف الشخير رضي اهلل عنو قاؿس ثـ رأيت رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو‬ ‫وسمـ يصمي وفي صدرو أزيز كأزيز المرجؿ‪.‬‬

‫[ابف حباف]‬

‫‪ ‬عف عمر بف الخطاب رضي اهلل عنو قاؿس قاؿ رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ‪«:‬‬ ‫مف ناـ عف حزبه مف الميؿ أو عف شيء منه فقرأو ما بيف صسة الفجر وصسة‬

‫الظهر كتب له كأنه قرأو مف الميؿ»‬

‫رواه مسمـ‬

‫الحظ أخي حفظؾ ربي ورعاؾ‪ ،‬كيؼ أف قراءة الحزب مف القرآف(وىو نصؼ الجزء‪،‬‬

‫والقرآف مكوف مف ثبلثيف جزءاً‪ ،‬أي مف ستيف حزبا)‪ُ ،‬يعتبر عند المسمميف مف البديييات‪،‬‬ ‫بؿ أف النبي صمى اهلل عميو وآلو وسمـ يشير إلى أنو مف فاتو ىذا القسـ مف الزاد‪،‬‬

‫يستطيع أف يعوضو مف اليوـ التالي قبؿ الظير فيحصؿ عمى نفس الثواب‪...‬تأمؿ‬

‫واندـ عمى ما فات وافتح صفح ًة جديدة مع ا‬

‫ومع كتاب ا ‪.‬‬

‫ال دار لممػػرء ب ػعػػد المػوت يػسػكػنػيا‬ ‫إال التي كػػاف قػ ػبػػؿ المػػوت يبنييا‬ ‫فػػإف بػنػاىا بػخػير طػػاب مػسػكػنػو‬

‫واف ب ػنػاىا ب ػشػر خػػاب بػانػييا‬

‫الن ػفػس تػرغػػب في الدنػيػا وقد عػممػت‬ ‫أف الػزىػد فػػييػا تػػرؾ مػا فػيػيا‬ ‫فػاغػػرس أصػوؿ التػقى مػا دمػػت مجتيػدا‬

‫واعػػمـ بأنػػؾ بػػعد المػػوت القػػييا‬ ‫علي بن أيب طالب رضي اهلل عنو‬

‫‪65‬‬


‫‪ ‬ولحامؿ القرهف يا حامؿ الدعوة هداب ينبغي أف تحرص عميها‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫أف يكوف عمى أكمؿ األحواؿ وأكرـ الشمائؿ‪.‬‬

‫أف يرفع نفسو عف كؿ ما نيى القرآف عنو إجبلال لمقرآف‪.‬‬ ‫يؼ النفس مترفعاً عمى الجبابرة والجفاة‬ ‫أف يكوف مصونا عف دنيء اإلكتساب شر َ‬ ‫مف أىؿ الدنيا‪ ،‬متواضعا لمصالحيف وأىؿ الخير والمساكيف ‪.‬‬

‫أف يكوف متخشعا ذا سكينة ووقار ‪.‬‬

‫وقد جاء عف عمر بف الخطاب رضي اهلل عنو أنو قاؿ ‪ :‬يا معشر القراء ارفعوا‬

‫رؤوسكـ فقد وضح لكـ الطريؽ فاستبقوا الخيرات ال تكونوا عياال عمى الناس‪.‬‬

‫‪ ‬وعف عبد اهلل بف مسعود رضي اهلل عنو قاؿ س ينبغي لحامؿ القرهف أف ُيعرؼ‬

‫وبحزنه إذا الناس يفرحوف‪،‬‬ ‫بميمه إذا الناس نائموف‪ ،‬وبنهارو إذا الناس ُمفطروف‪ُ ،‬‬

‫وبص ْمته إذا الناس يخوضوف‪ ،‬وبخشوعه إذا الناس‬ ‫وببكائه إذا الناس يضحكوف‪َ ،‬‬ ‫يختالوف ‪.‬‬

‫‪ ‬وعف الحسف بف عمي رضي اهلل عنيما قاؿ س إف مف كاف قبمكـ أروا القرهف‬

‫رسائؿ مف ربهـ فكانوا يتدبرونها بالميؿ ويتفقدونها في النهار ‪.‬‬

‫‪66‬‬


‫وعف الفضيؿ بف عياض قاؿ س ينبغي لحامؿ القرهف أال تكوف له حاجة إلى أحد‬

‫فمف دونهـ‪ ،‬وعنو أيضا قاؿ س حامؿ القرهف حامؿ راية ايسسـ ال‬ ‫مف الخمفاء َ‬ ‫ينبغي أف يمهو مع مف يمهو‪ ،‬وال يسهو مع َمف يسهو‪ ،‬وال يمغو مع مف يمغو‬

‫تعظيما لحؽ القرهف ‪.‬‬

‫‪ ‬واليؾ أخي بعض أمهات الفضائؿ التي يميز بيا القرآف المسمـ الحؽ والتي أولى‬ ‫ِ‬ ‫الناس باالتصاؼ بها حممة الدعوةس‬

‫ِ ِ‬ ‫ش ِر ِ‬ ‫هم َف‬ ‫ور ُك ْـ ِقَب َؿ ا ْل َم ْ‬ ‫س ا ْل ِبكر أ ْ‬ ‫َف تَُولُّوا ُو ُج َ‬ ‫قال تعانى ‪ « :‬لَ ْي َ‬ ‫ؽ َوا ْل َم ْغ ِرب َولَك كف ا ْل ِبكر َم ْف َ‬ ‫ِبالمك ِه َوا ْل َي ْوِـ ْاآل ِخ ِر َوا ْلم َس ِئ َك ِػة َوا ْل ِكتَ ِ‬ ‫ػيف َوهتَػى ا ْل َمػا َؿ َعمَػى ُح ٍّب ِػه َذ ِوي ا ْلقُْرَبػى‬ ‫ػاب َوال كن ِب ٍّي َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وا ْليتَامى وا ْلمس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الص َػسةَ َوهتَػى ك‬ ‫الزَكػا َة‬ ‫ػاـ‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫اب‬ ‫ق‬ ‫الر‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫و‬ ‫يف‬ ‫م‬ ‫ائ‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫و‬ ‫يؿ‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫ف‬ ‫اب‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ك‬ ‫ٍّ‬ ‫اك َ‬ ‫يف َو ْ َ ك َ ك َ َ‬ ‫َ َ َ َ َ َ‬ ‫كر ِ‬ ‫يف ِفي ا ْلبأْس ِ‬ ‫ػيف ا ْل َبػأ ِ‬ ‫ػؾ‬ ‫ار ُدوا َوال ك‬ ‫اء َوالضك‬ ‫ْس أ ُْولَِئ َ‬ ‫وف ِب َع ْه ِد ِر ْـ إِ َذا َع َ‬ ‫اء َو ِح َ‬ ‫صا ِب ِر َ‬ ‫َوا ْل ُموفُ َ‬ ‫َ َ‬ ‫وف » (البقرة ‪.)499‬‬ ‫ص َدقُوا َوأ ُْولَِئ َؾ ُر ْـ ا ْل ُمتكقُ َ‬ ‫الكِذ َ‬ ‫يف َ‬

‫‪‬إيتاء الزكاة المفروضة واإلكثار مف الصدقات النافمة‪.‬‬ ‫‪ ‬إقاـ الصبلة‪ ،‬والوفاء بالعيود والمواعيد‪.‬‬ ‫‪ ‬الصبر في البأساء والضراء‪.‬‬ ‫‪ ‬الصدؽ(فإنو ييدي إلى البر والبر ييدي الى الجنة)‪.‬‬ ‫‪ ‬التقوى(وىي مخافة الجميؿ والعمؿ بالتنزيؿ واإلعداد ليوـ الرحيؿ)‪.‬‬

‫ػت َعمَػ ْػي ِه ْـ‬ ‫ػوب ُه ْـ َ اوِا َذا تُمِ َيػ ْ‬ ‫ػه َو ِجمَػ ْ‬ ‫يف إِ َذا ُذ ِكػ َػر المكػ ُ‬ ‫ػوف الكػ ِػذ َ‬ ‫قػػاؿ تعػػالى ‪ «:‬إِكن َمػػا ا ْل ُم ْؤ ِم ُنػ َ‬ ‫ػت قُمُػ ُ‬ ‫وف(‪)2‬الكِذ َ ِ‬ ‫هياتُ ُه َز َ ِ‬ ‫ػار ْـ‬ ‫ػوف ال ك‬ ‫ص َػسةَ َو ِم كمػا َرَزْق َن ُ‬ ‫يم َ‬ ‫اف ًِا َو َعمَى َرٍّب ِه ْـ َيتَ​َوكمُ َ‬ ‫يم َ‬ ‫يف ُيق ُ‬ ‫ادتْ ُه ْـ إ َ‬

‫‪67‬‬


‫يِ‬ ‫يـ(‪»)4‬‬ ‫ات ِع ْن َد َرٍّب ِه ْـ َو َم ْغ ِف َرةٌ َو ِرْز ٌ‬ ‫وف َحقًّا لَ ُه ْـ َدَر َج ٌ‬ ‫وف(‪)3‬أ ُْولَِئ َؾ ُر ْـ ا ْل ُم ْؤ ِم ُن َ‬ ‫نفقُ َ‬ ‫ُ‬ ‫ؽ َك ِػر ٌ‬

‫(األنفاؿ‪)1-9‬‬

‫ِ‬ ‫كِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫يم ِػة‬ ‫سػ ًكا ل َيػ ْذ ُكُروا ْ‬ ‫قاؿ تعالى س« َولِ ُك ٍّؿ أُ كمة َج َع ْم َنػا َم ْن َ‬ ‫اس َػـ المػه َعمَػى َمػا َرَزقَ ُه ْػـ م ْػف َب ِه َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َسمِ ُموا َوَب ٍّ‬ ‫ػت‬ ‫ػه َو ِجمَ ْ‬ ‫يف إِ َذا ُذ ِك َػر المك ُ‬ ‫يف(‪)34‬الكِذ َ‬ ‫ش ْر ا ْل ُم ْخ ِب ِت َ‬ ‫ْاعَ ْن َعاـ فَِ لَ ُه ُك ْـ إِلَ ٌه َواح ٌد َفمَ ُه أ ْ‬ ‫ػوف(‪»)35‬‬ ‫َص َاب ُه ْـ َوا ْل ُم ِق ِ‬ ‫يمي ك‬ ‫وب ُه ْـ َوال ك‬ ‫الص َس ِة َو ِم كمػا َرَزْق َن ُ‬ ‫ػار ْـ ُي ْن ِفقُ َ‬ ‫صا ِب ِر َ‬ ‫ُقمُ ُ‬ ‫يف َعمَى َما أ َ‬

‫(الحج‪.)54-51‬‬

‫‪ ‬قم ػػوب الم ػػؤمنيف خاش ػػعة ُم ْش ػ ِػفقة عطش ػػى‪ ،‬تتمق ػػؼ ك ػػبلـ اهلل كم ػػا تتمق ػػؼ األرض‬ ‫العطشى الماء فتيتز تمؾ القموب وتتشػرب كػبلـ اهلل سػبحانو فيزيػدىـ إيمانػاً وخشػوعاً‬

‫واقباال‪.‬‬

‫‪ ‬عمى ربيـ يتوكموف(يمقوف كػؿ حمميػـ عمػى اهلل وال يثقػوف وال يتػأمموف إال برحمتػو‪،‬‬ ‫وذلؾ في كؿ األحواؿ؛ قبؿ وأثناء وبعد األخذ باألسباب ودوف أي تعارض)‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫اة ِف ِ‬ ‫ش َك ٍ‬ ‫سماو ِ‬ ‫ك‬ ‫ات َو ْاع َْر ِ‬ ‫ض َمثَ ُؿ ُن ِ‬ ‫اح‬ ‫ورِو َك ِم ْ‬ ‫ص َػب ُ‬ ‫ص َب ٌ‬ ‫اح ا ْلم ْ‬ ‫يها م ْ‬ ‫َ‬ ‫ور ال ك َ َ‬ ‫قاؿ تعػالىس« الم ُه ُن ُ‬ ‫شػرِقي ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫اج ٍة ُّ‬ ‫كة َوَال‬ ‫ب ُدٍّر ٌّ‬ ‫ي ُيوقَ ُد ِم ْف َ‬ ‫شَ‬ ‫اج ُة َكأَكن َها َك ْو َك ٌ‬ ‫الز َج َ‬ ‫في ُز َج َ‬ ‫ػجَرٍة ُم َب َارَكػة َزْيتُوِنػة َال َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫َغرِبي ٍ‬ ‫ػه لِ ُن ِ‬ ‫ور َعمَى ُن ٍ‬ ‫ػورِو َم ْػف‬ ‫ػور َي ْه ِػدي المك ُ‬ ‫كة َي َك ُ‬ ‫سْ‬ ‫يء َولَ ْو لَ ْـ تَ ْم َ‬ ‫اد َزْيتُ َها ُيض ُ‬ ‫ْ‬ ‫س ُه َن ٌار ُن ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍّ‬ ‫ِ‬ ‫ػه‬ ‫ػه ب ُكػؿ َ‬ ‫َي َ‬ ‫ػيـ(‪ )35‬فػي ُب ُيػوت أَذ َف الم ُ‬ ‫ب الم ُه ْاع َْمثَا َؿ لمناس َوالم ُ‬ ‫اء َوَي ْ‬ ‫ضر ُ‬ ‫ش ُ‬ ‫ػيء َعم ٌ‬ ‫ش ْ‬ ‫َف تُرفَػػع ويػ ْذ َكر ِفيهػػا اسػػم ُه يسػ ٍّػبح لَػ ُ ِ‬ ‫صػ ِ‬ ‫ػاؿ(‪ِ 36‬‬ ‫)ر َجػػا ٌؿ َال تُ ْم ِهػػي ِه ْـ‬ ‫أْ ْ َ َُ َ َ ْ ُ ُ َ ُ‬ ‫ػه ف َ‬ ‫يهػػا ِبا ْل ُغػ ُػد ٍّو َو ْاآل َ‬ ‫وف يومػا تَتَ َقمكػب ِف ِ‬ ‫ػاء ك ِ‬ ‫ص َػس ِة اوِايتَ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يػه‬ ‫ُ‬ ‫ت َج َارةٌ َوَال َب ْيػعٌ َع ْػف ذ ْك ِػر المكػه َ اوِاقَػاـ ال ك َ‬ ‫الزَكػاة َي َخػافُ َ َ ْ ً‬ ‫ػه‬ ‫ضػػمِ ِه َوالمكػ ُ‬ ‫ػف َمػػا َع ِممُ ػوا َوَي ِزيػ َػد ُر ْـ ِمػ ْػف فَ ْ‬ ‫ػار(‪)37‬لِ َي ْجػ ِػزَي ُه ْـ المكػ ُ‬ ‫سػ َ‬ ‫ػه أ ْ‬ ‫ا ْل ُقمُػ ُ‬ ‫َح َ‬ ‫ػوب َو ْاع َْب َ‬ ‫صػ ُ‬ ‫ِ‬ ‫س ٍ‬ ‫اب(‪ ( » )38‬النور‪.)51-54‬‬ ‫ؽ َم ْف َي َ‬ ‫َي ْرُز ُ‬ ‫اء ِب َغ ْي ِر ح َ‬ ‫ش ُ‬ ‫‪ ‬عنواف المسمميف ىو بيوت اهلل‪ ،‬فبل تميييـ أمواليـ وال أوالدىـ عف الصبلة في‬

‫بيوت اهلل‪ ،‬وىـ دائموف عمى الذكر مواظبوف عمى إقامة الصبلة‪ ،‬مشفقوف وجموف‬

‫مف يوـ القيامة وما يشممو مف أىواؿ‪.‬‬

‫‪68‬‬


‫‪ ‬يمفت اهلل سبحانو أنظار المؤمنيف إلى وجوب لزوـ بيوت اهلل وأنو سبحانو يعدىـ‬ ‫أف يجزييـ أجزؿ الثواب وزيادة ويطمئنيـ أنو ىو الرزاؽ سبحانو فبل يسمحوا لمتجارة‬ ‫واألمواؿ أف تميييـ عف الذكر وعف الصبلة‪.‬‬ ‫يف ي ِبيتُ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫سج ً ِ‬ ‫ؼ َع كنػا‬ ‫اص ِػر ْ‬ ‫يف َيقُولُ َ‬ ‫اما(‪َ )64‬والكِذ َ‬ ‫قاؿ تعالى ‪َ «:‬والكذ َ َ‬ ‫ػوف َركب َنػا ْ‬ ‫وف ل َرٍّب ِه ْـ ُ‬ ‫كدا َوق َي ً‬ ‫يف إِ َذا‬ ‫امػا(‪َ )66‬والكػ ِػذ َ‬ ‫اب َج َهػ كن َـ إِ كف َعػ َذ َاب َها َك َ‬ ‫َعػ َذ َ‬ ‫ػاء ْت ُم ْ‬ ‫س َ‬ ‫امػػا(‪)65‬إِكن َهػا َ‬ ‫سػتَقًَّار َو ُمقَ ً‬ ‫ػاف َغَر ً‬ ‫ِ‬ ‫وف َم َع المك ِه إِلَ ًهػا‬ ‫يف َال َي ْد ُع َ‬ ‫اما(‪َ )67‬والكِذ َ‬ ‫س ِرفُوا َولَ ْـ َي ْقتُ​ُروا َو َك َ‬ ‫أَنفَقُوا لَ ْـ ُي ْ‬ ‫اف َب ْي َف َذل َؾ قَ َو ً‬ ‫ػؽ‬ ‫ػه إِكال ِبػا ْل َح ٍّ‬ ‫ػوف َو َم ْػف َي ْف َع ْػؿ َذلِ َ‬ ‫ػؾ َي ْم َ‬ ‫س الكِتػي َح كػرَـ المك ُ‬ ‫ؽ َوَال َي ْزُن َ‬ ‫ه َخ َر َوَال َي ْقتُمُ َ‬ ‫ػوف الػ كن ْف َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ػه ا ْلعػ َذاب يػوـ ا ْل ِقي ِ‬ ‫ػف‬ ‫اع ْ‬ ‫هم َ‬ ‫اما(‪ُ )68‬ي َ‬ ‫امػة َوَي ْخمُ ْػد فيػه ُم َها ًنػا(‪)69‬إِكال َم ْػف تَ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ػاب َو َ‬ ‫ؼ لَ ُ َ ُ َ ْ َ َ َ‬ ‫أَثَ ً‬ ‫ػػػي َئ ِات ِهـ حسػػػ َن ٍ‬ ‫ػػػس ص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ػػػور‬ ‫ػػػه َغفُ ًا‬ ‫ػػػال ًحا فَأ ُْولَِئػػػ َؾ ُي َب ٍّ‬ ‫ػػػاف المك ُ‬ ‫ػػػد ُؿ المك ُ‬ ‫ات َو َك َ‬ ‫س ٍّ ْ َ َ‬ ‫ػػػه َ‬ ‫َو َعمػػػ َؿ َع َم ً َ‬ ‫ر ِحيما(‪)96‬وم ْف تَاب وع ِم َؿ ِ‬ ‫وف‬ ‫يف َال َي ْ‬ ‫ػه ُد َ‬ ‫وب إِلَى المك ِه َمتَ ًابا(‪َ )71‬والك ِػذ َ‬ ‫صال ًحا فَِ كن ُه َيتُ ُ‬ ‫َ َ​َ‬ ‫شَ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫َ ً‬ ‫يف إِ َذا ُذ ٍّكروا ِبتي ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ُّ‬ ‫ات َرٍّب ِه ْـ لَ ْـ َي ِخُّروا َعمَ ْي َهػا‬ ‫اما(‪َ )72‬والكِذ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫الز َ‬ ‫ور َ اوِا َذا َمُّروا ِبالم ْغ ِو َمُّروا كَر ً‬ ‫ػب لَ َنػػا ِمػ ْػف أ َْزوا ِج َنػػا وُذٍّري ِ‬ ‫َعػ ُػي ٍف‬ ‫كات َنػػا قُػ كػرةَ أ ْ‬ ‫ػوف َركب َنػػا َرػ ْ‬ ‫يف َيقُولُػ َ‬ ‫صػ ًّػما َو ُع ْم َيا ًنػػا(‪َ )73‬والكػ ِػذ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اج َع ْم َنػػا لِ ْممتك ِقػ َ ِ‬ ‫يهػػا تَ ِح كي ػ ًة‬ ‫َو ْ‬ ‫صػ َػب ُروا َوُيمَقكػ ْػو َف ف َ‬ ‫امػػا(‪ )74‬أ ُْولَئػ َؾ ُي ْجػ َػزْو َف ا ْل ُغ ْرفَػ َة ِب َمػػا َ‬ ‫ػيف إ َم ً‬ ‫ُ‬ ‫وس َسما(‪َ )75‬خالِ ِد َ ِ‬ ‫اما(‪ ( » )76‬الفرقاف‪.)96-61‬‬ ‫س َن ْت ُم ْ‬ ‫يف ف َ‬ ‫يها َح ُ‬ ‫ستَقًَّار َو ُمقَ ً‬ ‫َ َ ً‬ ‫‪ ‬المسػػمموف ينتسػػبوف إلػػى اهلل الػػرحمف سػػبحانو فيتصػػفوف بالرحمػ ِػة عنػػد تعػػامميـ مػػع‬ ‫عبػػاده‪ ،‬يقتصػػدوف فػػي مشػػييـ دوف ِكبػ ٍػر ودوف ُرعونػػة‪ ،‬يتعػػامموف مػػع الجيمػػة بصػ ٍ‬ ‫ػبر‬

‫وأناة وعفو‪.‬‬

‫ػامر بالطاعػػة سػػجوداً وقيامػػا مشػػفقيف مػػف عػػذاب النػػار‪ ،‬داعػػيف متبتمػػيف‬ ‫‪ ‬لػػيميـ عػ ٌ‬ ‫ليصرؼ اهلل عنيـ عذابيا‪.‬‬

‫اليقتروف فبل يبخموف عمػى أنفسػيـ وال‬ ‫‪ ‬ال ُيسرفوف فبل ُينفقوف أي شئ في الحراـ‪ ،‬و َ‬ ‫عمػػى أىمػػييـ وال عمػػى المسػػمميف‪ ،‬قػػدوتيـ فػػي ذلػػؾ المصػػطفى صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو‬ ‫وسمـ الذي كاف ينفؽ إنفاؽ مف ال يخشى الفقر‪.‬‬ ‫‪ ‬ال يعبػػدوف أحػػداً س ػػوى اهلل سػػبحانو ف ػػبل يسػػتجيروف بأص ػػناـ البشػػر‪ ،‬وال يعترف ػػوف‬ ‫بشر ٍ‬ ‫عة غير شرعة اهلل عز وجؿ‪.‬‬

‫‪69‬‬


‫‪ ‬ال يقتموف أحداً بغير وجو حؽ‪ ،‬وال يقربوف الزنػا‪ ،‬وال مقدماتػو ُمشػفقيف مػف العػذاب‬ ‫الشديد‪.‬‬ ‫ويحػدثوف لكػؿ ذن ٍ‬ ‫ػب‬ ‫‪ ‬باب التوبة دائماً مفتوح‪ ،‬والتائب مف الذنب كمف ال ذنػب لػو‪ُ ،‬‬ ‫توبة راجيف مف اهلل القبوؿ والمغفرة والسداد‪.‬‬ ‫حرم ػوا مػػف ريػػح الجنػػة‪ ،‬وعنػػدما يمػػروف بمجػػالس‬ ‫‪ ‬ال يشػػيدوف عمػػى كػػذب كػػي ال ُي َ‬ ‫الميػػو والرفػػث ال يمكثػػوف بػػؿ يعجمػػوف بمغػػادرة تمػػؾ المجػػالس‪ ،‬فالقمػػب المعمػػؽ بػػاهلل ال‬ ‫يجد وقتاً لميو ويترفع عف كثي ٍػر مػف المباحػات إبتغػاء تزكيػة نفسػو واإلرتقػاء بيػا نحػو‬

‫منزلة المتقيف‪.‬‬

‫‪ ‬إحساسػػيـ ُمرىػػؼ قمػػوبيـ وأذىػػانيـ دائمػاً منتبيػػة متفك ػرة‪ ،‬مػػا أف تمػػر بآيػػة مكتوبػػة‬ ‫وي ْم ِعنػوف النظػر فييػا‬ ‫في كتاب اهلل الكػريـ أو آيػة منظػورة فػي ىػذا الكػوف الفسػيح إال ُ‬ ‫ليزدادوا إيماناً وقرباً مف اهلل حبيبيـ وخالقيـ‪.‬‬ ‫‪ ‬حريصوف عمى أزواجيـ وذريتيـ يتقربػوف إلػى اهلل بالػدعاء وبكػؿ مػا مػف شػأنو أف‬ ‫ينجػػييـ مػػف النػػار فيحيطػػونيـ بالرعايػػة والتوجيػػو كػػي يسػػتقيـ أمػػرىـ ويصػػبروف عمػػى‬ ‫ذلؾ مستخدميف الترغيب غالباً‪ ،‬والترىيب أحيانػاً فيسػتحقوف جنػات النعػيـ بفض ٍػؿ مػف‬ ‫اهلل ونعمة‪.‬‬

‫‪ ‬يحرصوف عمى أف يكونوا مف المتقيف بؿ يدعوف اهلل أف يمكنيـ مف قيادة المتقػيف‬ ‫بالخدمة والنصح والرعاية والنيوض بأمر اهلل‪.‬‬

‫‪ ‬يحرصوف عمى الصبر بكؿ أنواعو؛ عمى الطاعة وعف المعصية وعمى الببلء‪.‬‬ ‫تي ِات َنػػػػا‬ ‫ق ػػاؿ تع ػػالى ‪َ «:‬و َج َع ْم َنػػػػا ِمػػػػ ْن ُه ْـ أ َِئ كمػػػػ ًة َي ْهػ ُ‬ ‫ػػػد َ‬ ‫ػػػبُروا َو َكػػػػا ُنوا ِب َ‬ ‫صػ َ‬ ‫وف ِبأ َْم ِرَنػػػػا لَ كمػػػػا َ‬ ‫وف(‪ ( » )24‬السجدة ‪.) 91‬‬ ‫ُيوِق ُن َ‬ ‫دعاء سجود التسوة‪:‬‬

‫(سػػجد وجيػػي لمػػذي خمقػػو وصػػوره‪ ،‬شػػؽ سػػمعو وبص ػره‪ ،‬بحولػػو وقوتػػو‪ ،‬فتبػػارؾ اهلل‬

‫‪71‬‬


‫أحسف الخالقيف) ‪.‬‬

‫(إف مف ِ‬ ‫عباد ا‬

‫الص ْحبة‬ ‫ُ‬

‫أناساً ما رـ بأنبياء وال شهداء‪ ،‬يغبطهـ اعنبيػاء والشػهداء يػوـ‬

‫القيامة بمكانهـ مف ا‬

‫تعالى‪ ،‬قالواس يا رسوؿ اهلل‪ ،‬تخبرنا مف ىػـ ‪ ،‬قػاؿ‪ :‬رػـ قػوـ‬

‫تحابوا بروح ا ‪ ،‬عمى غيػر أرحػاـ بيػنهـ وال أمػواؿ يتعاطونهػا‪ ،‬فػوا‬

‫إف وجػورهـ‬

‫لنور‪ ،‬اوانهـ عمى نور‪ ،‬ال يخافوف إذا خاؼ الناس‪ ،‬وال يحزنػوف إذا حػزف النػاس‪.‬‬ ‫ر ىػذه اآليػة‪ «:‬أال إف أوليػاء ا ال خػوؼ عمػيهـ وال رػـ يحزنػوف» )‪[ .‬رواه أبػو‬ ‫وق أ‬ ‫داود]‪.‬‬

‫ػاحب‬ ‫احرص كمػا عمَّمنػا النبػي صػمى اهلل عميػو وآلػو وسػمـ أف ال تص ْ‬ ‫اختر صحبتؾ و ْ‬ ‫َىػ ِػؿ اهلل‬ ‫إال مؤمنػاً وال يأكػ ْػؿ‬ ‫طعام ػ َ‬ ‫ػحب ِة َح َممَػ ِػة الػػدعوة وأ ْ‬ ‫صػ َ‬ ‫ؾ إال تقػػي‪ .‬فػػاحرص عمػػى ُ‬ ‫َ‬ ‫ػاء اإلف ػ ػر ِ‬ ‫ػاء السػ ػػوِء ورفقػ ػ ِ‬ ‫ػاجد وابتعػ ػ ْػد عػ ػػف رفقػ ػ ِ‬ ‫آف وأىػ ػ ِػؿ المسػ ػ ِ‬ ‫وخاصػ ػػتو أىػ ػ ِػؿ الق ػ ػر ِ‬ ‫اط‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫أحػ ُػد ُكـ مػػف ُي َخالِػ ْػؿ‪ ،‬والحػػؽ عػػز وجػػؿ‬ ‫بالمباحػػات‪ ،‬فػػالمرء عمػػى ديػػف خميمػػو فمينظػػر َ‬ ‫يقوؿس«اعخسء يومئذ بعضهـ لبعض عدو إال المتقيف» [الزخرؼ ‪.]69‬‬ ‫احرص أخػي فػي ىػذه المحطػة أف تَ ِ‬ ‫‪ِ ‬‬ ‫أف‬ ‫صػ َؿ َم ْػف قَطَ َعػ َ‬ ‫عم ْػف ظممػؾ و ْ‬ ‫ؾوْ‬ ‫أف تَ ْعفُ َػو ّ‬ ‫ِ‬ ‫ؾ باإلحسػ ػػاف إليػ ػػو‪ ،‬واف كػ ػػاف أخػ ػػوؾ‬ ‫ػب أخػ ػػا َ‬ ‫ػاء إلي ػ ػ َ‬ ‫ؾوْ‬ ‫أف تُعاتػ ػ َ‬ ‫تُ ْحسػ ػ َػف إلػ ػػى مػ ػ ْػف أسػ ػ َ‬ ‫أنت لؤل ِ‬ ‫عذار ُمحتاالً‪.‬‬ ‫لؤلخطاء ُم ْكثِ َاًر ف ُك ْف َ‬ ‫ػب‬ ‫ػؤمف مػرآة المػؤمف‪ ،‬والػػديف النصػػيحة‪ ،‬وال يػؤمف أحػػدكـ حتػػى يحػ ّ‬ ‫‪ ‬وتػذ ّك ْر ّ‬ ‫أف المػ َ‬ ‫ؾ شػػيء مػػف أخيػػؾ فصػ ِ‬ ‫ػار ْحوُ بػػذلؾ مباشػرة ليػػزوؿ‬ ‫أحزَنػ َ‬ ‫ػإف َ‬ ‫ألخيػػو مػػا يحػ ّ‬ ‫ػب لَِن ْف ِسػ ِػو‪ ،‬فػ ْ‬ ‫اإلشػكاؿ وتصػػفو المحبػةُ‪ ،‬وال تُْبػ ِ‬ ‫أح ِسػ ْػف‬ ‫ػحناء عمػػى أخيػػؾ واعػ ُ‬ ‫ػؼ عنػػو و ْ‬ ‫ؽ فػػي قمبػػؾ ش َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ػػف النػ ِ‬ ‫يف َعػ ِ‬ ‫ػػب‬ ‫يف ال َغػ ْػػيظَ والعػػػاف َ‬ ‫إلي ػػو‪ .‬يق ػػوؿ اهلل ع ػػز وج ػػؿس «والكػػػاظم َ‬ ‫ػػاس وا ُ ُيحػ ّ‬ ‫الم ْح ِس ِنيف»‪[ .‬آؿ عمراف ‪]451‬‬ ‫ُ‬

‫‪71‬‬


‫‪ ‬وال تَبِيتَ ّف ليمةً وفي قمبؾ ِغ ّؿ عمى مسمـ‪َ ،‬وُق ْؿ كما َعمّ َمَنا العمماءس ( الميـ إني‬ ‫غفرت ما بيني وبيف الناس ِ‬ ‫فاغف ْر لي ما بيني وبينؾ)‪ ،‬وتذكر أنو ال يدخ ُؿ الجنةَ‬ ‫مف كاف في قمبو ذرة ِغ ّؿ‪.‬‬ ‫دث نفسؾ بو‪ِ ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫‪ ‬احف ْ ِ‬ ‫فح ْفظُ األسػر ِار مػف األمان ِػة‬ ‫ظ سّر أخيؾ وال تَُب ْح بو ألحد وال تُ َح ْ َ‬ ‫التي أوجبيا اهللُ تعالى‪.‬‬

‫األخوة‪.‬‬ ‫ياء‬ ‫‪‬ال تكثر مف المزاح َم َع إخوانؾ فيذىب َب ُ‬ ‫ّ‬ ‫‪ ‬اختػػر خيػػر األلفػ ِ‬ ‫ػاظ وأحسػ َػنيا لمخاطبػ ِػة النػػاس عام ػةً واخوانػػؾ خاص ػةً‪ ،‬يقػػوؿ عػػز‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ه ْـ»‪ 45[.‬اإلسػراء]‪.‬‬ ‫ػف إِ ّف‬ ‫َ‬ ‫سُ‬ ‫وجؿس « قُ ْؿ لع َبادي َيقُولُوا التي ر َي ْ‬ ‫الشػيطاف َي ْن َػزغُ َب ْيػ َن ُ‬ ‫أح َ‬ ‫وكػػف ممػػف وصػػفيـ النبػػي صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـ بقولػػوس ‪..‬رػػـ ُجمػػاع مػػف‬ ‫نوازع القبائؿ يجتمعوف عمى ذكر ا‬

‫الثمر أطايبه>> (الطبراني) ‪.‬‬

‫تعالى فينتقوف أطايب الكسـ كمػا ينتقػي هكػؿ‬

‫‪ ‬واحذر يا حبيب مف التمادي باأللفاظ النابية‪ ،‬أو السوقية قائبلً(ما ىو إحنا‬

‫أصحاب‪ ،‬أو ما ىو ما في أحد غريب‪ ،‬أو ماىو ما أحد شايؼ‪ )...‬كؿ ىذه األمور‬

‫عبارة عف مداخؿ لمشيطاف حتى يستدرج حامؿ الدعوة ليخوض مع الخائضيف‪،‬‬ ‫أضعاؼ‬ ‫أضعاؼ‬ ‫فالطبع غمب التطبع‪ ،‬فاحرص أخي عمى تيذيب وتنقية سريرتؾ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ما تفعؿ في تيذيب وتنقية عبلنيتؾ‪ ،‬وما مف امر ٍ‬ ‫أسَّر سريرةَ إال أظيرىا اهلل عمى‬ ‫ئ َ‬ ‫فمتات لسانو‪.‬الميـ اجعؿ سريرتنا خي اًر مف عبلنيتنا واجعؿ ظاىرنا صالحاً‪.‬‬ ‫‪ِ ‬‬ ‫أحب ألخيؾ ما تحب لنفسؾ بؿ آثػر مصػمحتو وحاجتػو عمػى مصػمحتؾ و حاجتػؾ‬ ‫حتػػى تتشػػبو باألنصػػار و إيثػػارىـ لمميػػاجريف عمػػى أنفسػػيـ رضػػي اهلل عػػنيـ أجمعػػيف‬ ‫«و يؤثروف عمى أنفسهـ و لو كاف بهـ خصاصة»‬

‫[ الحشر ‪.]7‬‬

‫‪ ‬لسانؾ ال تَ ْذ ُك ْر بو عورة امر ٍ‬ ‫ات ولمناس أ ْل ُسف‪َ .‬ب َدؿ ذلؾ استر أخاؾ‪،‬‬ ‫ئ فكم َ‬ ‫ؾ عور ٌ‬ ‫فمف ستر مسمماً في الدنيا َستَ​َرهُ اهلل يوـ القيامة‪ ،‬وَن ا‬ ‫ؽ لسانؾ مف الغيبة والنميمة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫واجعؿ مكاف ذلؾ نصحاً وتذكيرا‪ ،‬وليكف شعارؾ مع إخوانؾ [ىيا بنا نؤمف ساعة]‪،‬‬

‫‪72‬‬


‫ِ‬ ‫اف‬ ‫وسمَّـ قَ َ‬ ‫عف أبي ُىرْي َرةَ رضي المَّو ْ‬ ‫َو ْ‬ ‫اؿس « َم ْف َك َ‬ ‫صمّى اهللُ َعمَْيو َ‬ ‫عنوُ َع ِف النبي َ‬ ‫ِ‬ ‫ت»‬ ‫ْأو‬ ‫َخ ْي اًر‪،‬‬ ‫ميق ْؿ‬ ‫اآلخ ِر‬ ‫الي ْوِـ‬ ‫بِالمَّ ِو‬ ‫ُي ْؤ ِم ُف‬ ‫َف ُ‬ ‫ص ُم ْ‬ ‫َو َ‬ ‫َلي ْ‬ ‫متفؽ عميو‪.‬‬ ‫ٌ‬

‫َّ َّ‬ ‫بلـ َخ ْي اًر ‪َ ،‬و ُىو الَّذي‬ ‫الح ُ‬ ‫ص ِر ٌ‬ ‫َوىذا َ‬ ‫ديث َ‬ ‫يح في أََّنوُ َي ْنبغي أف ال يتَ َكمـ إال إذا َكاف ال َك ُ‬ ‫ور المصمَ ِ‬ ‫محتُوُ ‪ ،‬ومتى َش َّ‬ ‫حة ‪ ،‬فَبل َيتَ َكمَّ ُـ ‪.‬‬ ‫ظَيَ َر ْ‬ ‫مص َ‬ ‫ؾ في ظُيُ ِ َ ْ‬ ‫ت ْ‬ ‫َ​َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ض ُؿ‬ ‫ت يا َر ُسو َؿ المَّ ِو ُّ‬ ‫وسى رضي المَّو َع ْنوُ قَاؿ س ُق ْم ُ‬ ‫يف أ ْف َ‬ ‫َ‬ ‫الم ْسمم َ‬ ‫وع ْف أبي ُم َ‬ ‫أي ُ‬ ‫قاؿ س « م ْف سمِـ المسمِم ِ ِ‬ ‫سانِ ِو وَي ِد ِه » ‪] .‬متفؽ عميو[‬ ‫َ َ​َ ُْ ُ َ‬ ‫وف مف ل َ َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫بف ٍ‬ ‫ض َم ْف لي‬ ‫وسمَّـ س « َم ْف َي ْ‬ ‫َو َع ْف َس ْي ِؿ ِ ْ‬ ‫صمّى اهللُ َعمَْيو َ‬ ‫سعد قَاؿ س قَا َؿ َر ُسو ُؿ المو َ‬ ‫متفؽ ِ‬ ‫عميو[‬ ‫الجَّنة » ‪ٌ ] .‬‬ ‫ما ْبي َف لَ ْحَي ْي ِو َو َما ْبي َف ِر ْجمَْي ِو ْ‬ ‫أض ْ‬ ‫مف لوُ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫وسمَّـ َيقُو ُؿ س‬ ‫صمّى اهللُ َعمَْيو َ‬ ‫َو َع ْف أبي ُى َرْي َرةَ رضي المو َع ْنوُ أََّنوُ َسم َع النبي َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َّ‬ ‫الن ِار ْأب َع َد ِم َّما ْبي َف الم ْش ِر ِ‬ ‫َّف فييَا َي ِزُّؿ بيَا إلى َّ‬ ‫« َّ‬ ‫ؽ‬ ‫إف ا ْل َع ْبد لَ​َيتَ َكم ُـ بِال َكممة َما َيتَبي ُ‬

‫متفؽ ِ‬ ‫عميو‬ ‫المغ ِر ِب »‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫و ْ‬ ‫َّف » َيتَفَ َّك ُر أنَّيَا َخ ْيٌر ْأـ ال ‪.‬‬ ‫ومعنى س « َيتَ​َبي ُ‬

‫إف ا ْلع ْب َد لَيتَ َكمَّـ بِال َكمِ ِ‬ ‫وع ْنو عف النبي صمّى اهلل عمَْي ِو َّ‬ ‫ض َو ِ‬ ‫اف‬ ‫مة ِم ْف ِر ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ​َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وسمـ قاؿ س « َّ َ َ ُ‬ ‫المَّ ِو تَعالى ما ي ِمقي ليا باالً يرفَعو المَّو بيا َدر ٍ‬ ‫عب َد لَ​َيتَكمَّ ُـ با ْل َكمِ َم ِة ِم ْف‬ ‫جات ‪َ ،‬وا َّف ا ْل ْ‬ ‫َ َ َْ ُ ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫جيَ​َّنـ » ]رواه البخاري[‪.‬‬ ‫َس َخط المو تَعالى ال ُي ْمقي ليَا باالً ي ِيوي بيَا في َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َو َعف ِ‬ ‫وسمَّـ س‬ ‫ابف ُع َمر رضي المَّو ْ‬ ‫صمّى اهللُ َعمَْيو َ‬ ‫رسو ُؿ المو َ‬ ‫عنيُ َما قَا َؿ س قَا َؿ ُ‬ ‫َّ ِ‬ ‫« ال تُ ْكثِروا ال َكبلـ َ ِ‬ ‫إف َكثْرة ال َك ِ‬ ‫بلـ بِ َغ ْي ِر ِذ ْك ِر المَّو تَعالَى قَ ْسوةٌ‬ ‫بغ ْي ِر ذ ْك ِر المو ‪ ،‬فَ َّ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫الن ِ‬ ‫لِ ْم َق ْم ِب ‪ ،‬وا َّف ْأب َع َد َّ‬ ‫مب القَاسي » ‪] .‬رواه الترمذي[‬ ‫اس م َف المو َ‬ ‫الق ُ‬

‫‪73‬‬


‫بف ِ‬ ‫َو َع ْف ُع ْقبةَ ِ‬ ‫عام ٍر رضي المَّو ْ‬ ‫عنوُ‬ ‫ؾ‬ ‫ؾ ْبيتُ َ‬ ‫ؾ ‪َ ،‬وْلَي َس ْع َ‬ ‫سان َ‬ ‫أم ِس ْؾ َعمَْي َ‬ ‫ؾ لِ َ‬ ‫« ْ‬

‫حسف‬ ‫حديث‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬

‫ت يا َرسوؿ المَّ ِو َما َّ‬ ‫النجاةُ‬ ‫قَا َؿ س ُق ْم ُ‬ ‫ؾ » رواه الترمذي وقا َؿ س‬ ‫‪ ،‬و ْاب ِؾ عمى َخ ِط َيئتِ َ‬ ‫قَاؿ س‬

‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫وعف أبي س ٍ‬ ‫وسمَّـ قَا َؿ س‬ ‫الخ ْد ِر ا‬ ‫عيد ُ‬ ‫صمّى اهللُ َعمَْيو َ‬ ‫ي رضي المو َع ْنوُ عف النبي َ‬ ‫َ‬ ‫األعض َّ‬ ‫ا‬ ‫ساف ‪ ،‬تَقُو ُؿ س اتا ِ‬ ‫َصبح ْاب ُف آدـ ‪ ،‬فَ َّ‬ ‫فينا ‪،‬‬ ‫ؽ المَّو َ‬ ‫اء ُكميَا تُ َكفا ُر الم َ‬ ‫« إذا أ ْ‬ ‫إف ْ َ َ‬ ‫ؾ ً س فَ ِ‬ ‫ججَنا » ]رواه الترمذي[‬ ‫نحف بِ َ‬ ‫اع َو ْ‬ ‫اعوججت ْ‬ ‫استقَ ْمنا وا ِف ْ‬ ‫استَقَ ْم َ‬ ‫إف ْ‬ ‫فَ َّإنما ُ‬ ‫ت َ‬

‫معنى « تُ َكفا ُر الما َساف » س أَي تَِذ ُّؿ وتَ ْخضعُ لَوُ ‪.‬‬

‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫الجَّنة ‪،‬‬ ‫وعف ُمعاذ رضي المَّو عنوُ قاؿ س ُق ْم ُ‬ ‫ْ‬ ‫رسوؿ المو أخبرني بِ َع َم ٍؿ ُي ْدخمُني َ‬ ‫ت يا ُ‬ ‫ويب ِ‬ ‫اع ُدني عف َّ‬ ‫الن ِار قَاؿ س ) لَ ْ‬ ‫قد َسأَْل َ‬ ‫عف َع ِظ ٍيـ ‪ ،‬واَّنوُ لَ​َي ِس ٌير َعمى ْ‬ ‫ت ْ‬ ‫َُ‬ ‫َّرهُ‬ ‫مف َيس َ‬ ‫ِ‬ ‫يو س تَعبد المَّو ال تُ ْشر ُ ِ ِ‬ ‫المَّو تَعالى عمَ ِ‬ ‫يـ الصَّبلةَ ‪ ،‬وتُؤتي َّ‬ ‫الزَكاةَ ‪،‬‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫ؾ بو َش ْيئاً ‪ ،‬وتُق ُ‬ ‫أدلُّؾ َعمى‬ ‫وـ‬ ‫ت إف استطعت إِلَْي ِو َسبِ ْيبلً‪ ،‬ثَُّـ قَاؿ س « أال ُ‬ ‫الب ْي َ‬ ‫اف وتَ ُح ُّج َ‬ ‫َ‬ ‫رمض َ‬ ‫ُ‬ ‫وتص ُ‬ ‫الخ ِطيئة كما ي ْ ِ‬ ‫الص َدقةٌ ت ْ ِ‬ ‫ْأبو ِ‬ ‫اء َّ‬ ‫النار ‪،‬‬ ‫َّوُـ ُجَّنةٌ ‪َّ ،َ .‬‬ ‫يء َ‬ ‫اب َ‬ ‫ُ‬ ‫الم ُ‬ ‫طف ُ‬ ‫طف ُ‬ ‫يء َ‬ ‫الخ ْي ِر الص ْ‬

‫ِ َّ ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫اج ِع » حتَّى‬ ‫وصبلةُ َّ‬ ‫الر ُج ِؿ ْ‬ ‫الم َ‬ ‫جوؼ المْيؿ » ثَُّـ تَبل س «تتجافى ُجُنوبيُ ْـ َع ِف َ‬ ‫مف ْ‬ ‫ِ‬ ‫ؾ بِ َر ِ‬ ‫وعمود ِه ‪،‬‬ ‫األم ِر ‪،‬‬ ‫ُخبُِر َ‬ ‫وف » [ السجدة س ‪ . ] 46‬ثَُّـ قاؿس « أال أ ْ‬ ‫يع َممُ َ‬ ‫بمَ َغ « ْ‬ ‫أس ْ‬ ‫وِذروِة س ِ‬ ‫مت س َبمى يا رسوؿ المَّ ِو س قَ َ‬ ‫وع ُم ُ‬ ‫نام ِو » قُ ُ‬ ‫بلـ ‪َ ،‬‬ ‫األم ِر ْ‬ ‫ودهُ‬ ‫اؿ س « أر ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫ْس ْ‬ ‫اإلس ُ‬ ‫ؾ بػِ ِم ِ‬ ‫الصَّبلةُ ‪ .‬وذروةُ ِ‬ ‫تس‬ ‫بلؾ َ‬ ‫ُخبِ ُر َ‬ ‫اد» ثَُّـ قاؿ س « أال أ ْ‬ ‫سنام ِو ال ِجيَ ُ‬ ‫ذلؾ كمو » ُق ْم ُ‬ ‫رسو َؿ المَّ ِو ‪ .‬فَأَخ َذ بِمِ َسانِ ِو قا َؿ س « ُك َّ‬ ‫وؿ المَّ ِو واَّنا‬ ‫رس َ‬ ‫ؼ عمَْي َ‬ ‫ؾ ىذا » ُق ْم ُ‬ ‫تس يا ُ‬ ‫َبمى يا ُ‬ ‫اس في َّ‬ ‫ب َّ‬ ‫وى ْؿ َي ُك ُّ‬ ‫الن ِار عمى‬ ‫ؾ أ ُّ‬ ‫ُم َ‬ ‫بما َنتَكمَّ ُـ بِ ِو فقَاؿ س ثَ ِكمتْ َ‬ ‫لم َؤ َ‬ ‫ؾ ‪َ ،‬‬ ‫الن َ‬ ‫اخذوف َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حسف صحي ٌح‪.‬‬ ‫يث‬ ‫حد‬ ‫وقاؿس‬ ‫الترمذي‬ ‫اه‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫(‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫ل‬ ‫أ‬ ‫د‬ ‫ائ‬ ‫حص‬ ‫إال‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫ى‬ ‫و‬ ‫ج‬ ‫ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫َو ُ‬ ‫َ ُ ْ َ ْ‬ ‫ِ​ِ ِ‬ ‫‪ ‬احفظ أخاؾ في ح ْ ِ‬ ‫سمع غيبتَو ِم ْف أحد‪َ ،‬وِا ْف زّؿ‬ ‫ض َرتِو َ‬ ‫َ‬ ‫وغيبتو م ْف ُكؿ ُسوٍء‪ ،‬وال تَ ْ‬ ‫َّ‬ ‫ُ‬ ‫لسانؾ فاستغفر لو عسى أف يكوف ذلؾ كفارةَ غيبتو‪ْ ،‬‬ ‫عف أبي ُى َريرةَ رضي المو عنوُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫وف ما الغيبةُ » قَالُوا س المو‬ ‫وسمـ قاؿ س « أَتَ ْد ُر َ‬ ‫صمّى اهللُ َعمَْيو َ‬ ‫رسوؿ المو َ‬ ‫أف ُ‬

‫‪74‬‬


‫ِ‬ ‫اؾ بما ي ْك َرهُ »‬ ‫َخ َ‬ ‫كر َ‬ ‫ؾ أَ‬ ‫ورسولُوُ أ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َعمَ ُـ ‪ .‬قاؿ س « ذ ُ‬ ‫إف كاف ِف ِ‬ ‫اغتَْبتو‬ ‫يو ما تقُو ُؿ فَقَِد ْ‬ ‫قَا َؿ س « ْ َ‬

‫ت إف كاف في ِ‬ ‫أخي ما أَقُو ُؿ‬ ‫ِقيؿ س أَفرْأي َ‬ ‫‪ ،‬وا ْف لَـ ي ُكف ِف ِ‬ ‫ؿ فَقَ ْد بيتَّوُ » ]رواه مسمـ[ ‪.‬‬ ‫يو ما تَقُو ُ‬ ‫ْ‬

‫ِ‬ ‫الدر ِ‬ ‫مف َّ‬ ‫داء رضي المَّو َع ْنوُ ِ‬ ‫رد َع ْف‬ ‫وسمَّـ َ‬ ‫قاؿس« ْ‬ ‫ْ‬ ‫صمّى اهللُ َعمَْيو َ‬ ‫عف النبي َ‬ ‫وعف أبي َّ ْ‬ ‫ِ‬ ‫وج ِ‬ ‫ض ِ‬ ‫أخيو‪َّ ،‬‬ ‫ِع ْر ِ‬ ‫يو َّ‬ ‫حسف[‬ ‫حديث‬ ‫وقاؿ‬ ‫ٌ‬ ‫ام ِة » ]رواه الترمذي َ‬ ‫ٌ‬ ‫عف ْ‬ ‫رد المَّو ْ‬ ‫الن َار ْيوَـ القَي َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫اف ِ‬ ‫صمّى اهللُ َعمَْي ِو‬ ‫بف مالِ ٍؾ رضي المَّوُ عنو قَ َ‬ ‫وعف عتَْب َ‬ ‫قاـ النبي َ‬ ‫اؿ س َ‬ ‫ؾم ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ؾ بف ُّ ِ‬ ‫ا‬ ‫ؽ ال ُي ِح ُّ‬ ‫ب‬ ‫ناف ٌ‬ ‫وسمـ ُيصمي فَقاؿ س « ْأي َف مال ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫الد ْخ ُشـ » فَقَاؿ رجؿس ذل َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ؾ ‪ ،‬أال تَراه قد قَاؿ س‬ ‫وسمـ س « ال تقُ ْؿ ذل َ‬ ‫صمّى اهللُ َعمَْيو َ‬ ‫ورسولَوُ ‪ ،‬فَقَاؿ النبي َ‬ ‫المو ُ‬ ‫الن ِار مف قاؿ س ال إلو إالَّ‬ ‫قد َحَّرَـ عمى َّ‬ ‫وجو المَّو ‪ ،‬واف المَّو ْ‬ ‫ال إلوَ إالَّ المًو ُير ُ‬ ‫يد بذلؾ ْ‬ ‫ْ‬ ‫متفؽ عميو[‪.‬‬ ‫وجوَ المَّو » ] ٌ‬ ‫المَّو ْيبتَ ِغي بِ َ‬ ‫ذلؾ ْ‬ ‫ويؿ في قص ِ‬ ‫مالؾ رضي المَّو ع ْنو في ِ‬ ‫بف ٍ‬ ‫حديثِ ِو الطَّ ِ‬ ‫كع ِب ِ‬ ‫َّة ْتوَبتِ ِو‪ .‬قاؿ س قاؿ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫وع ْف ْ‬ ‫ِ‬ ‫بف مالؾ »‬ ‫وىو َجالِ ٌس في القَ ْوـ بِ ُتبو َ‬ ‫وسمَّـ ُ‬ ‫ؾس« ما فعؿ َك ْع ُ‬ ‫ب ُ‬ ‫صمّى اهللُ َعمَْيو َ‬ ‫النبي َ‬ ‫ظر في ِع ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رسو َؿ المَّو حبسوُ ُب ْرداهُ ‪ ،‬و َّ‬ ‫ط ْفيو ‪ .‬فقَاؿ لَوُ‬ ‫فقا َؿ ر ُج ٌؿ م ْف َبني سم َمةَ س يا ُ‬ ‫الن َ ُ‬ ‫َّ ِ‬ ‫بف ٍ‬ ‫رسو َؿ المَّ ِو ما َعمِ ْمنا عمَْي ِو‬ ‫جبؿ رضي المَّو ْ‬ ‫عنو س بِئس ما ُق ْم َ‬ ‫معا ُذ ُ‬ ‫ت ‪ ،‬والمو يا ُ‬ ‫إالَّ‬ ‫وسمَّـ‪( .‬متفؽ عميو)‬ ‫صمّى اهللُ َعمَْي ِو‬ ‫رسو ُؿ المَّو‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫خي اًر‪،‬فَس َكت َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫بنفسو ‪.‬‬ ‫طفَاهُ » جانِباهُ ‪ ،‬وىو إشارةٌ إلى إعجابو‬ ‫« ِع ْ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ‬ ‫وسمَّـ س‬ ‫صمّى اهللُ َعمَْيو َ‬ ‫وعف ابف َم ْس ُعوٍد رضي المو عنوُ قا َؿ س قا َؿ َر ُسو ُؿ المو َ‬ ‫ش ْيئاً ‪ ،‬فَ ٍّني أ ِ‬ ‫َخُر َج إِ ْلي ُك ْـ وأنا‬ ‫أف أ ْ‬ ‫أح ٍد َ‬ ‫ُح ُّب ْ‬ ‫أصحابي ْ‬ ‫« ال ُي َبمٍّ ْغني ٌ‬ ‫عف َ‬ ‫أحد مف ْ‬ ‫ص ْد ِر » ]رواه أبو داود والترمذي[ ‪.‬‬ ‫سميـ ال ك‬ ‫ُ‬

‫‪75‬‬


‫وقد نيى اهلل سبحانو وتعالى عف الخوض في أعراض المسمميف دوف ّبينة واضحة‬ ‫مقبولةٌ شرعا؛ فقاؿس«لوال إذ سمعتموو ظف المؤمنوف والمؤمنات بأنفسهـ خيرا‬ ‫وقالوا رذا إفؾ مبيف » (النورس‪.)49‬‬

‫وق ال‪ « :‬إذ تمقونه بألسنتكـ وتقولوف بأفواركـ ما ليس لكـ به عمـ وتحسبونه رينا‬ ‫ورو عند ا‬

‫عظيـ(‪ .)15‬ولوال إذ سمعتموو قمتـ ما يكوف لنا أف نتكمـ بهذا‬

‫سبحانؾ رذا بهتاف عظيـ(‪»)16‬‬

‫وقاؿ «إف الذيف يحبوف أف تشيع الفاحشة في الذيف آمنوا ليـ عذاب أليـ في الدنيا‬ ‫واآلخرة واهلل يعمـ وأنتـ ال تعمموف»‬

‫(النور‪.)47‬‬

‫فاحرص أخي أال تتكمـ إال بخير وال تسمع إال خي اًر‪َّ ،‬‬ ‫وتجنب قوؿ العواـ ( واهلل ُيقاؿ‬ ‫أف فبلف والعياذ باهلل يفعؿ كذا وكذا‪ ،‬دوف وجود بينات أو شيود‪ ،‬ولنتذكر قوؿ‬

‫المصطفى صمى اهلل عميو وآلو وسمـس«كفى بالمرء كذباً أف ُي َحدٍّث بكؿ ما سمع»‬

‫(رواه مسمـ) ‪.‬‬

‫ش ف ػػي وجي ػػو وأفس ػػح ل ػػو ف ػػي‬ ‫وحم ػ َػد اهللَ َ‬ ‫فشػ ػ امتْوُ‪ ،‬واذا أَقَ​َب ػ َػؿ فَ ػ ُػب ّ‬ ‫‪‬إذا عط ػػس أخ ػػوؾ َ‬ ‫فانص ْػح لػو‪ ،‬واذا مػات‬ ‫فع ْدهُ واذا دعػاؾ فأَ ِج ْبػو‪ ،‬واذا استنصػحؾ‬ ‫المجمس‪ ،‬واذا َم ِر َ‬ ‫َ‬ ‫ض ُ‬

‫الغ ْيػ ِ‬ ‫ػب‪ ،‬فعنػػدما تػػدعو ألخيػػؾ ُي َوكػػؿ بػػؾ ممػػؾ عنػػد أرسػػؾ‬ ‫َ‬ ‫فشػّػي ْعوُ‪ ،‬و ْادعُ لػػو فػػي ظَ ْيػ ِػر َ‬ ‫ِ‬ ‫يقوؿس آميف ولؾ بمثؿ‪.‬‬ ‫فعف رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وآلو وسمـ أنو قػاؿس«حؽ المسمـ عمػى المسػمـ سػت‪:‬‬ ‫ػح لػه‪ ،‬اواذا عطػس‬ ‫إذا لقيته فسمـ عميػه‪ ،‬اواذا دعػاؾ فأجبػه‪ ،‬اواذا استنصػحؾ‬ ‫فانص ْ‬ ‫َ‬ ‫فع ْدوُ‪ ،‬اواذا مات فاتبعه»‪ [.‬رواه مسمـ]‪.‬‬ ‫مد ا َ ف َ‬ ‫ش ٍّمتْ ُه‪ ،‬اواذا َم ِر َ‬ ‫وح َ‬ ‫َ‬ ‫ض ُ‬

‫‪76‬‬


‫ويق ػػوؿ ص ػػمى اهلل عمي ػػو وآل ػػو وس ػػمـس«دعػػػػوة المػػػػرء المسػػػػمـ عخيػػػػه بظهػػػػر الغيػػػػب‬ ‫مسػػتجابة‪ ،‬عنػػد رأسػػه ممػػؾ موكػػؿ‪ ،‬كممػػا دعػػا عخيػػه بخيػػر قػػاؿ الممػػؾ الموكػػؿ بػػه‪:‬‬

‫هميف‪ ،‬ولؾ‬

‫بمثؿ»‪[.‬رواه مسمـ]‪.‬‬

‫‪‬اح ػػرص أخ ػػي عمػػػى ل ػػيف الجان ػػب وص ػػفاء السػ ػريرة وطبلق ػػة الوج ػػو والتبسػػػط ف ػػي‬ ‫تحقػػػرف مػػػف‬ ‫الح ػػديث‪ ،‬فع ػػف رس ػػوؿ اهلل ص ػػمى اهلل عمي ػػو وآل ػػو وس ػػمـ أن ػػو ق ػػاؿ س«ال‬ ‫ّ‬ ‫المعروؼ شيئاً ولو أف تمقػى أخػاؾ بوجػه طميػؽ»‪ [.‬رواه مسػمـ]‪ .‬ف ُػب َّ‬ ‫ش فػي وجػو أخيػؾ‬ ‫عند رؤيتو وافسح لو في المجمس‪ ،‬و ِ‬ ‫أح ْطو بعطفؾ ومحبتؾ واكرامؾ‪.‬‬

‫‪« ‬انصػػػر أخػػػاؾ ظالمػػػاً أو مظمومػػػاً‪ ،‬إف يػػػؾ ظالمػػػاً فػػػارددو عػػػف ظممػػػه‪ ،‬اواف يػػػؾ‬ ‫مظموماً فانصرو»‪.‬‬

‫[رواه مسمـ]‪.‬‬

‫ُح ِك َي عف أخويف ممػف سػبقنا باإليمػاف‪ ،‬انقمػب أحػدىما عػف االسػتقامة‪ ،‬فقيػؿ ألخيػوس‬ ‫أال تقطعو وتيجره ‪ .‬فقاؿ‪:‬إنه أحوج إلي اآلف أكثر مف أي ٍ‬ ‫وقت مضى‪ ،‬إذ وقع فػي‬ ‫عثرتػػه‪ ،‬أف هخػػذ بيػػدو وأتمطػػؼ لػػه فػػي المعاتبػػة‪ ،‬وأدعػػو لػػه بػػالعودة إلػػى مػػا كػػاف‬ ‫عميه‪ .‬ف ف ز كؿ أخوؾ فكف عوناً له عمى الطاعة‪ ،‬ناصحاً‪ ،‬صاب ارً‪ ،‬مصاب ارً‪ ،‬وال تُِعػف‬ ‫الشيطاف عميه فيوردو النار‪.‬‬

‫‪ ‬شارؾ أخاؾ في أفراحو وأتراحو‪ ،‬وكف أوؿ مف يينئو فيما يفرحو‪ ،‬وكف أوؿ مف‬ ‫يواسيو في مصابو‪ ،‬فالمؤمف لممؤمف كالبنياف يشد بعضو بعضاً‪.‬‬ ‫‪ ‬احرص أخي عمى إعالة أخيػؾ ومسػاعدتو وقضػاء حاجاتػو وادخػاؿ السػرور عمػى‬ ‫نفسو‪ ،‬يقوؿ صمى اهلل عميو وآلو وسػمـس«أحب الناس الى ا‬

‫‪77‬‬

‫تعػالى أنفعهػـ لمنػاس‪،‬‬


‫وأحب اععماؿ الى ا‬

‫عز وجؿ سرور يدخمه عمى مسػمـ‪ ،‬أو يكشػؼ عنػه كربػة‪،‬‬

‫أو يقضي عنه دينػا‪ ،‬أو تطػرد عنػه جوعػا‪ ،‬وعف أمشػي مػع أخػي فػي حاجػة أحػب‬ ‫الي أف أعتكؼ في رذا المسجد‬

‫ر»‪.‬يعني مسجد المدينة‪.‬رواه الطبراني‪.‬‬ ‫شه ا‬

‫‪ ‬عند وداعؾ أخاؾ أكثر مف الدعاء والوصية‪ ،‬فقد كاف النبي صمى اهلل عميػو وآلػو‬ ‫دؾ المُه التقػوى وغفػر‬ ‫وسمـ عند وداع المسمـ يقوؿ لػوس«في حفظ ا وفي َك َن ِفه‪َ ،‬زكو َ‬

‫لؾ ذنبؾ ووجكهؾ لمخير أينما تو كخيت‪ ،‬أو أينما توجكهت » (رواه الدارمي) ‪.‬‬

‫فباإلضافة إلى الثواب‪ ،‬فإف ذلؾ يدخؿ األ ُْن َس والبيجة إلى نفس أخيؾ‪.‬‬

‫‪ ‬إذا أسدى إليػؾ أخػوؾ معروفػا‪ ،‬فػأجزؿ لػو الثنػاء كمػا عممنػا المصػطفى صػمى اهلل‬ ‫ِ‬ ‫مثؿ(دايم ػػة‪َ ،‬عم ػػار‪ ،‬بع ػػز‬ ‫الب َش ػػر م ػػف‬ ‫عمي ػػو وآل ػػو وس ػػمـ‪ ،‬وال تُقَػ ػ ادـ عم ػػى ذل ػػؾ أُدعي ػػة َ‬ ‫اإلسبلـ‪ ،‬يخمؼ‪ ،‬أو ما شابو ذلؾ)‪ ،‬واستبدؿ بػذلؾ مػا ورد عنػو صػمى اهلل عميػو وآلػو‬ ‫ػؿسأطعـ اهلل َمػػف أطعمنػػا وسػػقا اهلل َمػػف سػػقانا‪ ،‬أو الميػػـ اسػ ِ‬ ‫ؽ َمػػف سػػقانا‬ ‫وسػػمـ مػػف مثػ‬ ‫َ​َ‬ ‫و ِ‬ ‫أطعػػـ مػػف أطعمنػػا‪ ،‬أو مػػا شػػابيو ممػػا ورد عنػػو صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـ‪ ،‬وعػ ْػف‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫أُسامةَ ْب ِف زْي ٍد ِ‬ ‫وسمَّـ س « َم ْف‬ ‫عنيُما قا َؿ س َ‬ ‫رض َي المَّو ْ‬ ‫صمّى اهللُ َعمَْيو َ‬ ‫رسو ُؿ المو َ‬ ‫قاؿ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ر ‪ ،‬فَقَػػد أَْبمَػغَ فػي الثَنػػاء » ‪] .‬رواه‬ ‫وؼ ‪ ،‬فقػا َؿ لفَاعمػو س جػ َػزاؾ المػو َخ ْيػ اً‬ ‫معػ ُػر ٌ‬ ‫صػن َع إَلَْيػو ْ‬ ‫ُ‬

‫الترمذي[‬

‫‪ ‬أكثر مف الدعاء إلخوانؾ‪ ،‬خاصة المبتميف بالسجف‪ ،‬أو النفي‪ ،‬أو كثرة اععباء‪،‬‬ ‫َف رسوؿ المَّو صمّى اهلل عمَْي ِو َّ‬ ‫اء ر ِ‬ ‫الد َ ِ‬ ‫فَ َعف أَبي َّ‬ ‫ػاف يقُػو ُؿ س «‬ ‫ضي المَّو ْ‬ ‫ُ َ‬ ‫وسمـ ك َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫عنوُ أ َّ ُ‬ ‫رد َ‬ ‫َخيه ِبظَه ِر ال َغ ْي ِب مستَجاب ٌة ‪ِ ،‬ع ْند أر ِ‬ ‫َد ْعوةُ المرِء المسمِ​ِـ ع ِ‬ ‫ْس ِه ممَ ٌؾ ُموك ٌؿ كمك َمػا دعػا‬ ‫ُ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ْ‬ ‫َخ ِ‬ ‫عِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يه ٍ‬ ‫يف ‪ ،‬ولَ َؾ بمثْ ٍؿ »‪] ،‬رواه مسمـ[ ‪.‬‬ ‫الممَ ُ‬ ‫الموكك ُؿ ِبه ‪ :‬هم َ‬ ‫ؾ ُ‬ ‫بخير قَاؿ َ‬

‫‪78‬‬


‫وخ ْفػػض ال ِجنػػاح لممسػػمميف حتػػى يصػػبح سػػجيةً لػػؾ‪ ،‬وامقػػت ِ‬ ‫الك ْبػ َػر‬ ‫‪ ‬تَ َع كمػػد التواضػػع َ َ‬ ‫َ‬ ‫واحرص عمػى الػتخمص منػو بتػذكر الػدار اآلخػرة وتػذكر حقيقػة اإلنسػاف‪ ،‬وأف مػا بػؾ‬ ‫مف ٍ‬ ‫نعمة فمف اهلل‪ ،‬يقوؿ المصطفى صػمى اهلل عميػو وآلػو وسػمـ‪ ،‬فيمػا يرويػو عػف اهلل‬ ‫سبحانو وتعالىس«الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمف نازعني واحداً منهما قذفته في‬ ‫النار»‬

‫[رواه مسمـ]‪.‬‬

‫القائؿسعجبت لمف يتكبػر وأولُػو ُنطفػةٌ م ِػذرة ِ‬ ‫وآخ ُػره جيفػةٌ قَ ِػذرة وىػو بػيف ىػذه‬ ‫ورحـ اهلل‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ػت‬ ‫الع ِػذرة(محتويات األمعػاء)‪ ،‬والقائؿسيػا ابػف آدـ‪ ،‬كيػؼ تتكبػر وقػد خرج َ‬ ‫وتمؾ يحمػؿ َ‬ ‫مف مجرى ا ْلَب ْو ِؿ مرتيف‪ ،‬فمف تواضع لمناس أحبو الناس ومػف تواضػع هلل رفعػو‪ ،‬رفػع‬ ‫اهلل درجاتِػ ػػؾ‪ ،‬وأثقػ ػػؿ موازينػ ػػؾ‪َّ ،‬‬ ‫وثبتػ ػػؾ عمػ ػػى دينػ ػػو وفػ ػػي خدمػ ػػة دعوتػ ػػو وخػ ػػتـ لػ ػػؾ‬ ‫بخير‪....‬الميـ آميف‪.‬‬

‫‪79‬‬


‫الوالء والبراء‬ ‫سػولَ ُه َولَ ْػو‬ ‫ُّوف َم ْػف َحػا كد المك َ‬ ‫وف ِبالمك ِه َوا ْل َي ْوِـ ْاآل ِخ ِر ُي َواد َ‬ ‫قال تعانىس « َال تَ ِج ُد قَ ْو ًما ُي ْؤ ِم ُن َ‬ ‫ػه َوَر ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ػب ِفػي قُمُػوِب ِه ْـ ِْ‬ ‫كػد ُر ْـ‬ ‫ػاف َوأَي َ‬ ‫يم َ‬ ‫يرتَ ُه ْـ أ ُْولَئ َؾ َكتَ َ‬ ‫َكا ُنوا َ‬ ‫اء ُر ْـ أ َْو أ َْب َن َ‬ ‫هب َ‬ ‫اء ُر ْـ أ َْو إِ ْخ َوا َن ُه ْـ أ َْو َعش َ‬ ‫اي َ‬ ‫يف ِفيها ر ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ضػوا‬ ‫ض َي المك ُه َعػ ْن ُه ْـ َوَر ُ‬ ‫ِب ُرو ٍح م ْن ُه َوُي ْدخمُ ُه ْـ َج كنات تَ ْج ِري م ْف تَ ْحت َها ْاعَ ْن َه ُار َخالد َ َ َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫وف » (المجادلة‪) 99‬‬ ‫ب المك ِه أَ​َال إِ كف ِح ْز َب المك ِه ُر ْـ ا ْل ُم ْفمِ ُح َ‬ ‫َع ْن ُه أ ُْولَئ َؾ ح ْز ُ‬

‫فػػػالوالء بمعن ػػى المحبػػػػة والمػػػػودة والمناصػػػػرة والمػػػػؤازرة ال تكػػػػوف إال‬

‫ورسػػػػوله‬

‫والمؤمنيف عمى الوجوب‪ ،‬وىذا الوالء بما يشمؿ مف محبة ومودة ومناصرة ىػو حػراـ‬ ‫وجػػوده بػػيف المسػػمميف وغيػػرىـ مػػف الكفػػار؛ الييػػود والنصػػارى والمجػػوس وال أرسػػمالييف‬

‫واالشتراكييف وأمثاليـ‪.‬‬

‫لقد حرـ اهلل تعالى عمى المسمميف مواالة الكافريف‪ ،‬باتخاذىـ أعوانا وأنصارا‪،‬‬ ‫واتخاذىـ سندا وأصدقاء‪ ،‬كما حرـ عمييـ سبحانو أف يستعينوا بالكافريف أو يمتجئوا‬ ‫إلييـ وحرـ عمييـ أف يظاىروا الكافريف عمى المؤمنيف أو يدلوىـ عمى عوراتيـ‪،‬‬

‫فتوعد سبحانه وتعالى مف يفعؿ ذلؾ بالخزي في الدنيا والعذاب في اآلخرة‪،‬‬

‫فيستحؽ في الدنيا سخط اهلل وفي اآلخرة مقت وعذاب مف اهلل أكبر قاؿ تعالى‪َ « :‬ال‬ ‫ِ‬ ‫وف ا ْل َك ِ‬ ‫اء ِم ْف ُد ِ‬ ‫س ِم ْف المك ِه‬ ‫وف ا ْل ُم ْؤ ِم ِن َ‬ ‫اف ِر َ‬ ‫َيتك ِخ ْذ ا ْل ُم ْؤ ِم ُن َ‬ ‫يف َو َم ْف َي ْف َع ْؿ َذل َؾ َفمَ ْي َ‬ ‫يف أ َْولِ َي َ‬ ‫ِ‬ ‫كِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍّ‬ ‫ير» (آؿ‬ ‫ِفي َ‬ ‫ش ْي ٍء إِكال أ ْ‬ ‫َف تَتكقُوا م ْن ُه ْـ تُقَاةً َوُي َحذُرُك ْـ المك ُه َن ْف َ‬ ‫س ُه َ اوِالَى المه ا ْل َمص ُ‬ ‫عمراف‪) 91‬‬

‫‪81‬‬


‫حية لموالء والبراء‬ ‫نماذج ّ‬

‫الجراح‬ ‫أخرج أبو ُنعيـ في الحمية‪ ،‬عف ابف شوذب‪ ،‬قاؿس جعؿ أبو أبي عبيدة بف ّ‬ ‫صده أبو عبيدة‬ ‫ّ‬ ‫يتصدى البنو يوـ بدر‪ ،‬فجعؿ أبو عبيدة يحيد عنو‪ ،‬فمما أكثر‪ ،‬قَ َ‬ ‫وف ِبالمك ِه‬ ‫فقتمو‪ ،‬فأنزؿ اهلل تعالى فيو ىذه اآلية‪ ،‬حيف قتؿ أباهس »َال تَ ِج ُد قَ ْو ًما ُي ْؤ ِم ُن َ‬ ‫اءر ْـ أ َْو‬ ‫اءر ْـ أ َْو أ َْب َن ُ‬ ‫هب ُ‬ ‫َوا ْل َي ْوِـ ْاآل ِخ ِر ُي َواد َ‬ ‫سولَ ُه َولَ ْو َكا ُنوا َ‬ ‫ُّوف َم ْف َحا كد المك َه َوَر ُ‬ ‫ِ‬ ‫يرتَ ُه ْـ أ ُْولَِئ َؾ َكتَ َب ِفي قُمُوِب ِه ُـ ِْ‬ ‫وح ٍّم ْن ُه َوُي ْد ِخمُ ُه ْـ‬ ‫كد ُرـ ِبُر ٍ‬ ‫اف َوأَي َ‬ ‫ايي َم َ‬ ‫إِ ْخ َوا َن ُه ْـ أ َْو َعش َ‬ ‫يف ِفيها ر ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ضوا َع ْن ُه أ ُْولَِئ َؾ‬ ‫ض َي المك ُه َع ْن ُه ْـ َوَر ُ‬ ‫َج كنات تَ ْج ِري مف تَ ْحت َها ْاعَ ْن َه ُار َخالد َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫وف« [المجادلة ‪.]99‬‬ ‫ب المك ِه أَ​َال إِ كف ِح ْز َب المك ِه ُر ُـ الْ ُم ْفمِ ُح َ‬ ‫ح ْز ُ‬ ‫‪ -‬أخرج ابف أبي شيبة‪ ،‬عف أيوب‪ ،‬قاؿس قاؿ عبد الرحمف بف أبي بكر رضي اهلل‬

‫فصدفت عنؾ‪ .‬فقاؿ أبو بكرس لكني لو رأيتؾ ما‬ ‫عنيما ألبي بكرس رأيتؾ يوـ أحد‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫صدفت عنؾ‪.‬‬ ‫‪ -‬أخرج ابف إسحاؽ‪ ،‬عف نبيو بف وىب‪ ...‬أف رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وآلو وسمـ‬

‫فرقيـ بيف أصحابو‪ ،‬وقاؿس «استوصوا بهـ خي ارً»‪ .‬قاؿس وكاف‬ ‫حيف أقبؿ باألسارى‪ّ ،‬‬ ‫فمر بي أخي‬ ‫أبو عزيز بف عمير‪ ،‬أخو مصعب‪ ..،‬في األسارى‪ .‬قاؿ أبو عزيزس ّ‬

‫شد يدؾ بو‪ ،‬فإف أمو ذات‬ ‫مصعب بف عمير‪ ،‬ورجؿ مف األنصار يأسرني‪ ،‬فقاؿس ّ‬ ‫متاع‪ ،‬لعميا تفديو منؾ!‪ ...‬قاؿ لو أبو عزيزس يا أخي‪ ،‬ىذه وصاتؾ بي ! فقاؿ لو‬ ‫مصعبس إنه أخي دونؾ‪...‬‬

‫‪ -‬وأخرج ابف سعد عف الزىري‪ ،‬قاؿس لما قدـ أبو سفياف ابف حرب المدينة‪ ،‬جاء‬

‫إلى رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وآلو وسمـ‪ ،‬وىو يريد غزو مكة‪ ،‬فكممو أف يزيد في‬ ‫ىدنة الحديبية‪ ،‬فمـ ُيقبؿ عميو رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وآلو وسمـ‪ ،‬فقاـ‪ ،‬فدخؿ‬ ‫عمى ابنتو أـ حبيبة رضي اهلل عنيا‪ ،‬فمما ذىب ليجمس عمى فراش النبيصمى اهلل‬ ‫ِ ِ‬ ‫بي عنو‬ ‫عميو وسمـ‪ ،‬طوتو دونو‪ ،‬فقاؿس يا بنية‪ ،‬أَ َرغ ْبت بيذا الفراش عني‪ ،‬أـ َ‬

‫‪81‬‬


‫امرٌؤ َن ِجس‪ .‬فقاؿس‬ ‫فقالتس بؿ ىو فراش رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وآلو وسمـ‪ ،‬وأنت ُ‬ ‫يا ُبَنية‪ ،‬لقد أصابؾ بعدي شر‪.‬‬ ‫‪ -‬ذكر ابف ىشاـ‪ ،‬عف أبي عبيدة‪ ،‬وغيره مف أىؿ العمـ بالمغازي‪ ،‬أف عمر بف‬

‫الخطاب قاؿ لسعيد بف العاصس إني أراؾ كأف في نفسؾ شيئاً‪ ،‬أراؾ تظف أني قتمت‬

‫أباؾ‪ ،‬إني لو قتمتو لـ أعتذر إليؾ مف قتمو‪ ،‬ولكني قتمت خالي العاص بف ىشاـ بف‬ ‫المغيرة‪ ،‬فأما أبوؾ فإني مررت بو‪ ،‬وىو يبحث بحث الثور بروقو (بقرنو)‪ِ ،‬‬ ‫ت‬ ‫فح ْد ُ‬ ‫َْ‬ ‫ابف عمو عمي فقتمو‪ .‬كذا في البداية‪ .‬وزاد في االستيعاب واإلصابةس‬ ‫عنو‪ ،‬وقصد لو ُ‬

‫لكنت عمى الحؽ‪ ،‬وكاف عمى الباطؿ؛ فأعجبو‬ ‫قاؿ لو سعيد بف العاصس لو قتمتَو‪،‬‬ ‫َ‬ ‫قولو ‪.‬‬ ‫الميـ اجعمنا ممف يحب فيؾ ومف أجمؾ وممف ُيبغض فيؾ ومف أجمؾ واستخدمنا يا‬ ‫ِ‬ ‫نور لمبشرية نا اًر ِ‬ ‫مشاع َؿ ٍ‬ ‫تحرؽ كؿ َمف ُيغضبؾ أو يعتدي‬ ‫ربنا في طاعتؾ واجعمنا‬ ‫عمى ُح ُرماتؾ الميـ آميف‪.‬‬

‫‪82‬‬


‫ايبتسء‪.....‬‬

‫نسأؿ اهلل العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الديف والدنيا واآلخرة يقوؿ المصطفى‬ ‫صمى اهلل عميو وآلو وسمـس« ال تتمنوا لقاء العدو وسموا ا‬

‫العافية اواذا لقيتموو‬

‫فاصبروا واعمموا أف الجنة تحت ظسؿ السيوؼ» (أخرجو الحاكـ) ‪.‬‬

‫ومما يعيف عمى ذلؾس‬

‫‪ ‬ما حصؿ مع نبي اهلل إبراىيـ عميو السبلـ‪ ،‬عندما جمع الكفار لو الحطب وقذفوه‬ ‫فييا بعد إضراـ النار كاف لساف حالو ولساف قمبو ولسانو يقوؿ( حسبي اهلل ونعـ‬

‫الوكيؿ) فكانت النار عميو برداً وسبلما‪.‬‬

‫‪ ‬عندما تَرؾ سيدنا إبراىيـ عميو السبلـ السيدة ىاجر وابنيا الرضيع عمييما السبلـ‬ ‫ٍ‬ ‫مكاف قفر ال ناس فيو وال ماء وال كؤل‪ ،‬سألتو المرأة المؤمنة الكريمةسيا إبراىيـ!‬ ‫في‬ ‫آهلل أمرؾ بيذا(أف تتركنا في ىذا المكاف وبيذه الظروؼ)‪ ،‬قاؿ س نعـ‪.‬قالتسلف‬

‫ض ٍّي َعنا ا ‪.‬‬ ‫ُي َ‬ ‫فإف كنت أخي عمى ٍ‬ ‫بينة مما تعمؿ أنو ابتغاء مرضػاة اهلل ووفػؽ أوامػره سػبحانو‪ ،‬فػبل‬ ‫تمتفت لشئ حسبؾ اهلل ونعـ الوكيؿ‪ ،‬اجعميا عمػى لسػانؾ وقمبػؾ وسػمـ أمػرؾ إلػى اهلل‬ ‫ولف يضيعؾ سبحانو ولف يضيع َمف تعػوؿ‪ ،‬فسػيكفيكهـ ا ؛ يكفيػؾ األعػداء ويكفػي‬ ‫أىمؾ المؤونة بفضمو ورحمتو‪.‬‬ ‫ػب‬ ‫‪ ‬عنػػدما ابتُمػػي سػػيدنا يوسػػؼ عميػػو السػػبلـ باإللقػػاء صػػغي اًر وحيػػداً فػػي غيابػػة الجػ ّ‬ ‫(البئر العميػؽ) البػارد المظمػـ‪ ،‬لػـ يكػف ذلػؾ ل ٍ‬ ‫ػع‬ ‫ػبغض مػف اهلل عميػو‪ ،‬وعنػدما ُسػجف بض َ‬ ‫سػنيف لػػـ يكػػف ذلػػؾ لغض ٍ‬ ‫ػب مػػف اهلل عميػػو بػػؿ كػػاف عنػد اهلل مػػف المصػػطفيف وكػػؿ مػػا‬

‫ػاىره شػر ولكػف نيايػة المطػاؼ كػاف‬ ‫جرى معو في البئػر‪ ،‬فػي السػوؽ وفػي السػجف ظ ُ‬ ‫خي اًر لو وألبويو وإلخوانو وأىؿ بمده‪.‬‬ ‫ػت صػاب اًر محتسػباً ارضػياً بػأمر‬ ‫فميما جرى معؾ أخػي فػإف عاقبتػو حتمػاً خيػر مػا دم َ‬

‫‪83‬‬


‫ٍ‬ ‫محمد وصحبو وغيػر متعمػؽ بيػذه‬ ‫اهلل وما داـ قمبؾ متعمقاً بما عند اهلل وبمقاء األحبة‬

‫الفانية ال ازئمة ال بأمواليا وال بمفاتنيا‪ ،‬فمسوؼ يعطيؾ ربؾ فترضى‪ ،‬والعاقبة لمتقوى‪.‬‬

‫‪ ‬عندما ابتُمي سيدنا أيوب عميو السبلـ استحيا أف يدعو اهلل ُليذىب ما فيو‪ ،‬فصبر‬ ‫عمى قضاء اهلل وصبر وصبر‪ ،‬وبعد أف ىجره األىؿ والولد إال زوجتو عمييا‬ ‫ِ‬ ‫السبلـ‪ ،‬دعا اهلل متأ ادباً خاشعاً« ا‬ ‫أنت أرَح ُـ الراحميف» فكشؼ‬ ‫الضُّر و َ‬ ‫رب إني َمسَّن َي ُ‬ ‫اهلل ما بو مف ضر‪ ،‬فأكثِر أخي مف ىذا الدعاء وعمى اهلل التكبلف‪.‬‬ ‫‪ ‬عندما ابتُمي سيدنا يونس عميو السبلـ وابتمعو الحوت كاف لساف حالو ولسانو‬ ‫كنت مف الظالميف» فنجاه اهلل ووعد سبحانو‬ ‫يقوؿس« ال إلو إال أنت سبحانؾ إني ُ‬ ‫بأف ينجي المؤمنيف‪.‬‬

‫فبل تغفؿ أخي عف ىذا الدعاء وأمثالو وأكثر منو في الرخاء يكوف لؾ رصيداً في‬

‫اآلخرة وزاداً عند الببلء ال قدر اهلل‪.‬‬

‫تنس اإلستغفار فيو مفتاح لكؿ خير‪.‬‬ ‫‪ ‬وال َ‬ ‫‪ ‬روى مسمـ في صحيحو أف رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وعمى آلو وسمـ قاؿ‪:‬‬ ‫« تعرض الفتف عمى القموب كالحصير عودا عودا‪ ،‬فأي قمب أشربها نكت فيه‬ ‫نكتة سوداء‪ ،‬وأي قمب أنكررا نكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير عمى قمبيف‪:‬‬

‫عمى أبيض مثؿ الصفا فس تضيرو فتنة ما دامت السماوات واعرض‪ ،‬واآلخر أسود‬

‫مربادا ال يعرؼ معروفا وال ينكر منك ار»‪.‬‬

‫ويمخػػص كػػؿ مػػا ُذكرحػػا َؿ االبػػتسء مػػا روي عػػف ايمػػاـ جعفػػر الصػػادؽ قولػػه‪" :‬‬ ‫عجبت لمف ابتمي بأربع كيؼ ينسى أربعا‪:‬‬ ‫ونعػػـ الوكيػػؿ "‬

‫ عجبػػت لمػػف ابتمػػي بػػالخوؼ كيػػؼ ينسػػى أف يقػػوؿ "حسػػبنا ا‬‫ش ْػو ُر ْـ‬ ‫ػاس قَ ْػد َج َم ُعػواْ لَ ُك ْػـ فَ ْ‬ ‫اخ َ‬ ‫وقػد قػاؿ اهلل تعػالى‪« :‬الك ِػذ َ‬ ‫ػاس إِ كف ال كن َ‬ ‫يف قَػا َؿ لَ ُه ُػـ ال كن ُ‬ ‫فَ​َز َ ِ‬ ‫ض ٍػؿ‬ ‫س ُب َنا المّ ُه َوِن ْع َـ ا ْل َو ِكي ُؿ )‪ (173‬فَان َقمَ ُبواْ ِب ِن ْع َم ٍة ٍّم َف المّ ِه َوفَ ْ‬ ‫يماناً َوقَالُواْ َح ْ‬ ‫اد ُر ْـ إ َ‬ ‫ضػ ٍػؿ َع ِظػ ٍ‬ ‫ػيـ (‪( » )471‬هؿ‬ ‫ػه ُذو فَ ْ‬ ‫اف المّػ ِػه َوالمّػ ُ‬ ‫ػوء َواتكَب ُع ػواْ ِر ْ‬ ‫ضػ َػو َ‬ ‫سْ‬ ‫سػ ُ‬ ‫سػ ٌ‬ ‫ػه ْـ ُ‬ ‫لكػ ْػـ َي ْم َ‬ ‫عمراف)‪.‬‬

‫‪84‬‬


‫ عجبت لمف ابتمي بالمرض كيؼ ينسػى أف يقػوؿ « مسػني الضػر وأنػت أرحػـ‬‫َنػت‬ ‫كػه أ ٍَّنػي َم ك‬ ‫س ِػن َي الض ُّ‬ ‫ػادى َرب ُ‬ ‫ُّػوب إِ ْذ َن َ‬ ‫ُّػر َوأ َ‬ ‫الراحميف » وقد قاؿ ا تعالى‪َ « :‬وأَي َ‬ ‫الر ِ‬ ‫َرمَ ُه َو ِمثْمَ ُهـ كم َع ُه ْـ‬ ‫أ َْر َح ُـ ك‬ ‫استَ َج ْب َنا لَ ُه فَ َك َ‬ ‫ضٍّر َوهتَ ْي َناوُ أ ْ‬ ‫اح ِم َ‬ ‫ش ْف َنا َما ِب ِه ِمف ُ‬ ‫يف )‪ (83‬فَ ْ‬ ‫ر ْحم ًة ٍّم ْف ِع ِ‬ ‫يف (‪ » )11‬اعنبياء‪.‬‬ ‫ند َنا َوِذ ْك َرى لِ ْم َعا ِب ِد َ‬ ‫َ َ‬ ‫ وعجبت لمف ابتمي بالغـ كيؼ ينسى أف يقوؿ « ال اله إال أنت سبحانؾ إني‬‫وف إِذ كذ َرب م َغ ِ‬ ‫كنت مف الظالميف » وقد قاؿ ا تعالى‪َ « :‬وَذا ُّ‬ ‫الن ِ‬ ‫اضباً فَظَ كف أَف لكف‬ ‫َ ُ‬ ‫ادى ِفي الظُّمُم ِ‬ ‫يف‬ ‫كن ْق ِد َر َعمَ ْي ِه فَ َن َ‬ ‫س ْب َحا َن َؾ إٍِّني ُك ُ‬ ‫ات أَف كال إِلَ َه إِكال أ َ‬ ‫نت ِم َف الظكالِ ِم َ‬ ‫َنت ُ‬ ‫َ‬ ‫يف (‪( » )88‬اعنبياء)‪.‬‬ ‫كي َناوُ ِم َف الْ َغ ٍّـ َو َك َذلِ َؾ ُنن ِجي ا ْل ُم ْؤ ِم ِن َ‬ ‫استَ َج ْب َنا لَ ُه َوَنج ْ‬ ‫)‪(87‬فَ ْ‬ ‫ وعجبت لمف ابتمي بمكر الناس كيؼ ينسى أف يقوؿ « وأفوض أمري إلى ا‬‫إف ا‬

‫بصير بالعباد » وقد قاؿ ا‬

‫ض‬ ‫وف َما أَقُو ُؿ لَ ُك ْـ َوأُفٍَّو ُ‬ ‫ستَ ْذ ُكُر َ‬ ‫تعالى‪ « :‬فَ َ‬

‫صير ِبا ْل ِعب ِاد )‪ (44‬فَوقَاوُ المك ُه س ٍّي َئ ِ‬ ‫ك ِ‬ ‫كِ‬ ‫اؽ ِب ِ‬ ‫تؿ‬ ‫ات َما َم َكُروا َو َح َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ َْم ِري إِلَى المه إِ كف الم َه َب ٌ‬ ‫ِ‬ ‫وء ا ْل َع َذ ِ‬ ‫اب (‪» )54‬‬ ‫س ُ‬ ‫ف ْر َع ْو َف ُ‬

‫(غافر)‪.‬‬

‫‪85‬‬


‫صبر رسوؿ ا‬

‫صمى ا‬

‫عميه وسمـ عمى اعذى والشدائد‬

‫‪ ‬أخرج أحمد عف أنس رضي اهلل عنو قاؿ قاؿ رسوؿ اهللس «لقد أوذيت في ا‬ ‫وما يؤذى أحد‪ ،‬وأخفت في ا‬

‫وما يخاؼ أحد‪ ،‬ولقد أتت عمي ثسثوف مف بيف‬

‫يوـ وليمة وما لي ولبسؿ ما يأكمه ذو كبد إال ما يواري إبط بسؿ»‪.‬‬ ‫‪ ‬وأخرج الطبراني عف منبت األزدي قاؿس «رأيت رسوؿ ا‬

‫صمى ا‬

‫في الجارمية ورو يقوؿ‪ :‬يا أيها الناس‪ :‬قولوا ال إله إال ا‬

‫عميه وسمـ‬

‫تفمحوا‪ .‬فمنهـ مف‬

‫تفؿ في وجهه‪ ،‬ومنهـ مف حثا عميه التراب ومنهـ مف سبه حتى انتصؼ النهار‪.‬‬ ‫فأقبمت عميه جارية بعس مف ماء ‪ -‬أي قدح كبير ‪ -‬فغسؿ وجهه ويديه وقاؿ‪:‬‬ ‫يا بنية ال تخشي عمى أبيؾ غيمة وال ذلة‪ .‬فقمت مف رذو قالوا زينب بنت‬ ‫رسوؿ ا‬

‫صمى ا‬

‫عميه وسمـ »‪ .‬قاؿ الييثمي وفيو منبت بف مدرؾ ولـ أعرفو‬

‫وبقية رجالو ثقات‪.‬‬ ‫‪ ‬وأخرج أبو يعمى عف أنس بف مالؾ رضي اهلل عنو قاؿس «لقد ضربوا رسوؿ ا‬ ‫صمى ا‬

‫عميه وسمـ حتى غشي عميه فقاـ أبو بكر رضي ا‬

‫عنه فجعؿ ينادي‬

‫وؿ َرٍّب َي المك ُه‪[ ‬غافر‪ ]82/‬فقالوا مف رذا ؟ فقالػػوا‬ ‫َف َيقُ َ‬ ‫وف َر ُجسً أ ْ‬ ‫‪‬أَتَ ْقتُمُ َ‬ ‫أبو بكر المجنوف‪ .‬وأخرجو أيضاً البزار وزادس فتركوو وأقبموا عمى أبي بكر»‬ ‫‪ ‬وأخرج أبو نعيـ في دالئؿ النبوة عف عروة بف الزبير رضي اهلل عنيما عندما عمد‬

‫‪86‬‬


‫رسوؿ اهلل صمى ا‬

‫عميه وسمـ إلى ثقيؼ يرجو أف يؤوه وينصروه إلى أف قاؿس‬

‫«واجتمعوا يستهزئوف برسوؿ ا‬

‫صمى ا‬

‫عميه وسمـ وقعدوا له صفيف عمى‬

‫طريقه‪ ،‬فأخذوا بأيديهـ الحجارة فجعؿ ال يرفع رجمه وال يضعها إال رضخورا‬ ‫بالحجارة ورـ في ذلؾ يستهزئوف ويسخروف‪ .‬فمما خمص مف صفيهـ وقدماو‬ ‫تسيسف الدماء عمد إلى حائط مف كرومهـ ‪ »...‬ودعا دعاءه المعروؼ‪.‬‬

‫عبد ا‬

‫بف حذافة السهمي‬

‫لما انتقؿ الرسوؿ صمى اهلل عميو وسمـ إلػى الرفيػؽ األعمػى وبػايع المسػمموف ابػا بكػر‬

‫خميفػ ػػة وقامػ ػػت حػ ػػروب الػ ػػردة حمػ ػػؿ عبػ ػػد اهلل بػ ػػف حذافػ ػػة سػ ػػيفو وخػ ػػرج فػ ػػي مقدمػ ػػة‬ ‫المجاىػديف فػي سػػبيؿ اهلل ولػـ يػػدع سػيفو حتػى عػػاد المرتػدوف والشػػاردوف إلػى حظيػرة‬ ‫اإلسبلـ ‪.‬‬ ‫ثػـ خػرج عبػد اهلل بػف حذافػة مػدافعا عػف اريػة اإلسػبلـ فكػاف مػع الجيػوش الغازيػة فػػي‬ ‫سبيؿ اهلل إلى الشاـ‪ ،‬فتوجو مع الجيش الذي سار إلى قيسارية‪ ،‬و خػرج عبػد اهلل بػف‬ ‫حذافة ومعو ثمانوف مف المسػمميف فػي سػرية يتحسػس أخبػار الػروـ ‪ ،‬فوقػع ىػو ومػف‬ ‫معو في األسر وحبسو ممؾ الروـ في بيت فيو ماء ممزوج‪ -‬مخموط‪ -‬بخمر ووضػع‬ ‫لو لحـ الخنزيػر ‪ ،‬ولكػف عبػد اهلل بػف حذافػة ظػؿ ثبلثػة أيػاـ لػـ يػذؽ طعامػا وال شػرابا‬ ‫فأخرجو ممؾ الروـ مف محبسو خشية موتو وسألوس‬

‫ لماذا لـ تأكؿ ولـ وتشرب‬‫قاؿ عبد اهلل بف حذافةس‬

‫ إذا كاف اهلل عز وجػؿ أحػؿ لحػـ الخنزيػر وشػرب الخمػر ألننػي مضػطر‪ ،‬ولكػف لػـ‬‫أكف ألشمتكـ بديف اإلسبلـ‪.‬‬

‫يا ليا مف شجاعة وقوة إيماف‪..‬‬

‫‪87‬‬


‫ولما رأى ما كاف لعبد اهلل بف حذافة مف شجاعة وفروسية‪ ،‬واقداـ أراد أف يختبره فػي‬ ‫إيمانػػو وأراد أف يسػػتميمو إليػػو لعمػػو يظفػػر منػػو بشػػىء ويعػػرؼ أخبػػار المسػػمميف فقػػاؿ‬ ‫لو س‬

‫صر أشركؾ في ممكي ‪.‬‬ ‫ تَ​َن َّ‬‫فقاؿ عبد اهلل بف حذافة س‬ ‫‪ -‬واهلل ال أعود لمكفر والضبلؿ أبدا‪.‬‬

‫فأمر ممؾ الروـ بو أف ُيصمب عمى خشػبة ثػـ أعطػى أوامػره لػبعض جنػوده أف يرمػوا‬ ‫عبد اهلل بف حذافة بالسياـ بشرط أف ال يصػيبوه بػأذى ولكػف ليمقمػوا الرعػب فػي قمبػو‪،‬‬ ‫ولكف عبد اهلل بػف حذافػة لػـ يتسػمؿ الخػوؼ أو الجػزع إلػى فػؤاده حتػى والسػياـ تنيػاؿ‬ ‫حولو‪ ،‬فأُنزؿ مف عمى الخشبة‪...‬‬ ‫وعػػاد طاغيػػة الػػروـ يفكػػر فػػي وسػػيمة تمقػػى الرعػػب فػػي أقسػػى قمػػوب الرجػػاؿ‪ ،‬وىػػداه‬

‫تفكيره الشيطاني إلى البقرة النحاسػية –القػدر الكبيػرة مػف النحػاس – فصػبوا فييػا زيتػا‬ ‫وأوقدوا تحتيا نا ار حتػى غمػى الزيػت فصػار ميبل‪..‬وأُمػر برجػؿ مػف المسػمميف فجػاءوا‬ ‫برجؿ مف األسرى فقاؿ طاغية الروـس‬ ‫ ألقوا بو في البقرة النحاسية‪.‬‬‫فمما أُلقى باألسير في القدر خرجت عظامو كشجرة جرداء‪ ،‬فوضع بقية األسرى‬

‫أيدييـ عمى وجوىيـ‪ ،‬ونظر ممؾ الروـ نحو عبد اهلل بف حذافة وكأنو يقوؿ لو س‬ ‫ما رأيؾ إما أف تتنصر واما أف ألقي بؾ في ىذه البقرة كما ألقيت بصاحبؾ‪.‬‬ ‫فبكى عبد اهلل بف حذافة ‪.‬‬

‫ضػ َػده وأالف‬ ‫وظػػف ممػػؾ الػػروـ أف مػػا حػػدث لصػػاحب عبػػد اهلل بػػف حذافػػة قػػد فػػت َع ُ‬ ‫عزمو و كسر صػبلبتو وأف مقاومتػو قػد انيػارت وأنػو أوشػؾ أف يسػتجيب لرغبتػو ومػا‬ ‫يريده ‪ ،‬فقاؿ رجؿ مف الروـس‬ ‫ لقد جزع وبكى‪.‬‬‫الواثؽ المؤمف المطمئفس‬

‫فرد عميو عبد اهلل بف حذافة فػي ليجػة‬

‫‪88‬‬


‫ ال واهلل ال تظنوا أني بكيت جزعا مما تريدوف أف تصنعوا بي‪.‬‬‫فتساءؿ ممؾ الروـ س‬ ‫‪ -‬لماذا بكيت إذا‬

‫قاؿ عبد اهلل بف حذافةس‬ ‫ بكيػت ألف لػيس لػي إال نفػس واحػدة ُيفعػؿ بيػا ىػذا فػي سػبيؿ اهلل‪ ،‬كنػت أتمنػػى أف‬‫تكوف لي مائة نفس تمقى ىكذا‪.‬‬ ‫فزاد إعجاب ممؾ الػروـ بػو وأراد أف يطمػؽ سػراحو‪ ،‬ولكنػو لػـ يكػف يفعػؿ ىػذا قبػؿ أف‬ ‫ينػاؿ مػػف كبريػاء ىػػذا المجاىػد الشػػجاع المعتػز بإسػػبلمو المتفػاني فػػي سػبيؿ اهلل فقػػاؿ‬

‫لوس‬ ‫ قَباؿ رأسي وأطمؽ سراحؾ ‪.‬‬‫فقاؿ عبد اهلل بف حذافةس‬ ‫‪ -‬ما أفعؿ‬

‫فقاؿ ممؾ الروـس‬ ‫ تنصر وأزوجؾ ابنتي وأقاسمؾ ممكي‪.‬‬‫ثـ أشار طاغية الروـ فقدمت فتاة رائعة الجماؿ خضراء العينيف ذىبية الشعر تمناىا‬ ‫أكػػابر الػػروـ ولػػـ يظفػػروا بيػػا‪ ،‬ولكػػف عبػػد اهلل بػػف حذافػػة أشػػاح بوجػػو لػػيغض بص ػره‬

‫وقاؿس‬

‫ ما أفعؿ‬‫فعاد ممؾ الروـ يقوؿس‬ ‫اؿ رأسي ‪.‬‬ ‫ قَب ْ‬‫فقاؿ عبد اهلل بف حذافة س‬ ‫أؽ َ بؿ رأسؾ وتطمؽ سراح أصحابي مف المسمميف‬ ‫ ُ‬‫فقاؿ ممؾ الروـس‬ ‫‪ -‬نعـ‪.‬‬

‫‪89‬‬


‫فقَبَّؿ عبد اهلل بف حذافة رأس ممؾ الروـ‪ ،‬فأطمؽ سراحو وسراح الباقيف مف أصحابو‪.‬‬ ‫ولما قدـ عبد اهلل بف حذافة وأصحابو عمى أمير المؤمنيف عمر بف الخطػاب أخبػروه‬

‫بمػػا فعػػؿ عبػػد اهلل بػػف حذافػػة‪...‬فقاـ الفػػاروؽ َّ‬ ‫وقبػػؿ رأس عبػد اهلل بػػف حذافػػة وقػػاؿ لػػو‬

‫خيرا‪.‬‬ ‫‪ُ ‬نِقؿ عف إحدى األخوات حاممة دعوة في ٍ‬ ‫بمد أعجميس‬ ‫كانت حػامبلً عنػدما اعتُِقمػت بتُيمػة العمػؿ مػع ح ٍ‬ ‫ػزب محظػور يعمػؿ عمػى قمػب نظػاـ‬ ‫الحكػػـ ىنػػاؾ واقامػػة دولػػة خبلفػػة إسػػبلمية‪ ،‬فوضػػعت مولودىػػا فػػي السػػجف‪ ،‬أ ِ‬ ‫ُخ ػ َذ‬ ‫رضػػيعيا وأ ِ‬ ‫ُبعػػد عنيػػا‪ ،‬وبعػػد أيػػاـ وامعان ػاً فػػي تعػػذيبيا ومحاول ػةً لِثَْنييػػا عػػف طريقيػػا‪،‬‬ ‫وضعوا سماعة الياتؼ عمى أُذنيػا وبالمقابػؿ كػاف صػوت رضػيعيا مسػتغيثاً ليرضػع‬

‫مف ثدييا‪ ،‬فأ ِ‬ ‫ُغرَيت بضميا إلى ابنيا إف ىي تخمت عػف حزبيػا وأنكرتػو‪........‬فكاف‬ ‫الجوابس‬ ‫تركت رػذا الحػزب وال تركػت الػدعوة‬ ‫لو أف يبني مائة نفس وخرجت نفساً نفساً ما‬ ‫ُ‬ ‫إلى إعزاز ِ‬ ‫ديف ا في اعرض ب قامة دولة الخسفة ايسسمية‪.‬‬ ‫‪ُ ‬نِقؿ عف أحد األخوة حامؿ دعوة في ٍ‬ ‫بمد عربي أف المخابرات جاءت إلعتقالو بعد‬ ‫منتصؼ الميؿ فأُجمِ َس فػي غرفػة الضػيوؼ وأ ُِمػر الجنػود بتفتػيش البيػت قبػؿ إعتقالػو‪،‬‬ ‫فجمػػس الشػػاب مقابػػؿ الضػػابط المسػػؤوؿ عػػف الحممػػة‪ ،‬رافعػاً قدميػػو عمػػى الطاولػػة فػػي‬

‫ػؤدب أمػػاـ ضػػيوفو!! فقػػاؿ‬ ‫مواجيػػة الضػػابط‪ ،‬فقػػاؿ الضػػابطسأىكذا يجمػػس المسػػمـ المػ َ‬ ‫الش ػ ػػابسوىؿ أن ػ ػػتـ ض ػ ػػيوؼ!! ال ي ػ ػػدخؿ دخ ػ ػػولَكـ وال ي ػ ػػأتي بمث ػ ػػؿ ى ػ ػػذا الوق ػ ػػت إال‬ ‫المصػػوص‪.‬فأخذ الضػػابط يتوعػػد ويحمِػػؼ ألفعمَػ َّػف وأفعمػ ّػف‪ ،‬فقػػاؿ الشػػاب بثقػ ٍػة وىػػدوءس‬ ‫ػت أو سػػتفعؿ فػػإف ذلػػؾ لػػف يكػػوف أصػػعب مػػف أخػػؼ عػػذاب‬ ‫عمػػى ِرسػػمِؾ فميمػػا فعمػ َ‬ ‫ػوـ القيامػػة‪ .‬فاستفسرالضػػابط متي اكم ػاً فأجابػػو الشػػابس جمرتػػػاف‬ ‫سػ ُػي ْن ِزلُوُ بػػؾ الجبػػار يػ َ‬ ‫غؾ‪[.‬مػف حػديث متفػؽ عميػو]‪ ،‬فكػف مػع‬ ‫توضعاف عمى أخمص قدميؾ فيغمي منهما دما ُ‬

‫اهلل وال تُ ِ‬ ‫باؿ ‪.‬‬

‫وج ّل‬ ‫الرضا بقضاء هللا ع ّز َ‬ ‫‪91‬‬


‫لمعبد فيما يكره درجتاف س درجة الرضى‪ ،‬ودرجة الصبر‪ ،‬فالرضا فضؿ مندوب إليو‪،‬‬ ‫والصبر واجب عمى المؤمف حتـ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫المبتمِػػي وخيرتَػوُ لعبػػده فػػي الػببلء وأنػػو غيػػر مػػتيـ‬ ‫وأىػؿ الرضػػا تػػارة يبلحظػوف حكمػػة ُ‬ ‫في قضػائو‪ ،‬وتػارة يبلحظػوف عظمػة المبتمػي وجبللػو وكمالػو فيسػتغرقوف فػي مشػاىدة‬ ‫ذلؾ حتى ال يشعروف باأللـ‪ ،‬وىذا يصؿ إليػو خػواص أىػؿ اهلل وخاصػتو‪ ،‬حتػى ربمػا‬ ‫تمذذوا بما أصابيـ لمبلحظتيـ صدوره مف حبيبيـ‪.‬‬

‫حبس الن ْف ِ‬ ‫ؼ‬ ‫س و َكفُّيا عف السخط – مع وجود األلـ – وتمنى زواؿ ذلؾ‪ ،‬و َك ُ‬ ‫الصبر ُ‬ ‫الجوارح عف العمؿ بمقتضى الجزع‪.‬وأما الرضىس‬ ‫قاؿ ابف مسعود رضػي اهلل عنػو س " إف اهلل تعػالى بقسػطو وعممػو جعػؿ الػروح والفػرح‬ ‫في اليقػيف والرضػا‪ ،‬وجعػؿ الي ّػـ والحػزف فػي الشػؾ والسػخط"‪ ،‬وقػاؿ عمقمػة فػي قولػو‬ ‫تعالى س‬ ‫ِ ِ‬ ‫مب ُه» (التغابف س‪)44‬‬ ‫ومف ُيؤ ِمف با َيهد َق َ‬ ‫« َ‬ ‫ىي المصيبة تصيب الرجؿ فيعمـ أنيػا مػف عنػد اهلل فيسػمـ ليػا ويرضػى‪ ،‬وقػاؿ النبػي‬ ‫صػػمى اهلل عميػػو وسػػمـ س « ذاؽ حػػبلوة اإليمػػاف مػػف رضػػى بػػاهلل ربػػا وباإلسػػبلـ دين ػاً‬

‫ومحمد رسوالً»‬

‫(رواه والترمذي)‪.‬‬

‫وقػػاؿ النبػػي صػػمى اهلل عميػػو وسػػمـ س « مػػف قػػاؿ حػػيف يسػػمع النػػداء رضػػيت بػػاهلل ربػػا‬

‫وباإلسبلـ دينا ومحمد رسوالً غفرت ذنوبو»‬

‫(رواه مسمـ)‪.‬‬

‫عدي بف حاتـ كئيبػاً‪ ،‬فقػاؿ س مػا‬ ‫ونظر عمي بف أبي طالب – رضي اهلل عنو – إلى ّ‬

‫لػػي أراؾ كئيبػاً حزينػاً ‪ ،‬فقػػاؿ س مػػا يمنعنػػي وقػػد قتػػؿ أبنػػائي وفقئػػت عينػػي‪ ،‬فقػػاؿ س يػػا‬

‫ػرض بقضػػاء اهلل‬ ‫عػ ّػدي مػػف رضػػي بقضػػاء اهلل جػػرى عميػػو وكػػاف لػػو أجػػر ‪،‬ومػػف لػػـ يػ َ‬ ‫وحبِط عممو‪.‬‬ ‫جرى عميو َ‬ ‫لعمؿ لتغيير الواقع لما ُيرضي ا ‪.‬‬ ‫العمؿ ا َ‬ ‫عباد ا ‪ ،‬و َ‬ ‫فالرضى الرضى َ‬

‫الثقافة الحزبية‬

‫‪91‬‬


‫وىي المادة الفكرية الشرعية التي جعمت العقيدة اإلسبلمية أساس ِ‬ ‫كؿ ٍ‬ ‫فكر فييا‪،‬‬

‫وتج َّمع وتكتؿ وتحزب عمييا مجموعة مف الناس فصاروا حزباً إسبلمياً سياسياً عمى‬ ‫َ‬ ‫أساس اإلسبلـ يعمؿ إلحياء ديف اهلل بإقامة دولة اإلسبلـ التي تحيي ديف اهلل‬ ‫بتطبيقو في كؿ مناحي الحياة اإلجتماعية والسياسية والعسكرية وغيرىا مستبشريف‬ ‫بقوؿ المصطفى صمى اهلل عميو وآلو وسمـ‪«:‬مف جاءو الموت ورو يطمب العمـ‬

‫ٌِ واحدةٌ في الجنة»‬ ‫ليحيي به االسسـ فبينه وبيف اعنبياء درجةٌ‬

‫(رواه الدارمي)‬

‫فيذا الزاد األسبوعي والزاد الشيري الفكري الثقافي والسياسي الذي َي ُمدنا بو العامموف‬ ‫إلقامة الدولة اإلسبلمية‪ُ ،‬يعتبر األساس الذي تَ ْستَنِد إليػو‪-‬يػا حامػؿ الػدعوة‪ -‬فػي كػؿ‬ ‫صقؿ لؾ العقيدةَ ايسسمي َة العظيمػ َة ويجعمُػؾ عمػى َبّين ٍػة منيػا تتحػدى‬ ‫حياتؾ‪ ،‬فإنو َي ُ‬ ‫ِ‬ ‫باعتقادىا‬ ‫بأسره فيي العقيدةُ الوحيدةُ في العالـ التي تُ ْقنِعُ العق َػؿ وتُو ِاف ُ‬ ‫ػؽ الفطػرةَ‬ ‫العالـ ْ‬ ‫َ‬ ‫أفكار اإلسبلـ وأحكامو و ينقييا‬ ‫و تمؤل‬ ‫َ‬ ‫القمب طمأنينة وىذا الزاد ىو الذي يبمور لؾ َ‬ ‫ػمالية والحريػ ِ‬ ‫اكية وال أرسػ ِ‬ ‫مػػف ش ػوائب االشػػتر ِ‬ ‫ػات والديمقراطيػ ِػة ويعينػػؾ عمػػى فيػػـ طري ػ ِ‬ ‫ؽ‬

‫التغييػػر عمػػى نيػػج النب ػػي ص ػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـ ويضػػبط عممَػػؾ ليكػػوف عمػػبلً‬

‫جماعياً سياسياً حزبياً ُينتج دولةً بإذف اهلل‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫«واص ِبر َن ْفس َؾ مع ِ‬ ‫وف َو ْج َه ُه َوال تَ ْع ُد‬ ‫الع ِش ّي ُي ِر ُ‬ ‫يد َ‬ ‫يف َي ْد ُع َ‬ ‫الذ َ‬ ‫َ ْ ْ َ َ​َ‬ ‫وف َرّب ُه ْـ ِبال َغداة َو َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الح َياة الدنيا وال تُطع َمف أغفمنا قمبه عف ذ ِ‬ ‫كرنا واتبع رواو‬ ‫َع ْي َ‬ ‫ناؾ َع ْن ُه ْـ تُ ِر ُ‬ ‫يد ِزي َن َة َ‬ ‫أم ُروُ فُ​ُرطا» [انكهف ‪.]91‬‬ ‫وكاف ْ‬

‫‪ ‬يتسػ ػػاءؿ النػ ػػاس عػ ػػف مػ ػػدى أىميػ ػػة د ارسػ ػػة معنػ ػػى الفكػ ػػر‪ ،‬والتفكيػ ػػر‪ ،‬والنيضػ ػػة‪،‬‬

‫والمجتمػػع‪ ،‬والػػروح‪ ،‬والعقػػؿ‪ ،‬واالشػػتراكية‪ ،‬والرأسمالية‪...‬ويسػػأؿ أحيانػاً الػػدارس الجديػػد‬ ‫السَّنة‪! ...‬‬ ‫مستنك اًر‪ ،‬أال يكفينا دراسة القرآف و ُ‬ ‫احرص أخي عمى إيضاح ذلؾ لو‪ُ ،‬م َذ ّك اًر إياه أف القرآف والسنة ىما عمى رأس‬

‫‪92‬‬


‫ثقافتنا بؿ ىما أساسيا‪ ،‬وكؿ ما ندرسو إف ىو إال خدمة لفيـ القرآف والسنة وتفعي ٌؿ‬ ‫ليما كي تظير نجاعتيما‪ -‬لمف تـ تضميمو مف ىذه األمة الكريمة‪ -‬في معالجة‬

‫وفيـ معنى العقؿ والقمب والفكر والتفكير‪ ،‬كؿ ذلؾ يعيف في‬ ‫جميع مشاكؿ الحياة‪ُ ،‬‬ ‫فيـ آلية إدراؾ القرآف والسنة الفيـ الصحيح بعد طوؿ انقطاع المسمميف عف الفيـ‬ ‫وفيـ معنى المجتمع والنيضة يساعد حممة الدعوة عمى ُحسف‬ ‫النقي لئلسبلـ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫وفيـ‬ ‫تشخيص الواقع وبالتالي ُحسف معالجتو باإلسبلـ بعد فيمو الفيـ الصحيح‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫اإلشتراكية والرأسمالية يساعد َح َممَة الدعوة عمى حسف تشخيص عدوىـ وثقافتو‬ ‫الفاسدة المفسدة وبالتالي حسف معالجتيا بؿ إستئصاليا مف جذورىا بالعقؿ والشرع‬

‫وبالعمؿ عمى إفنائيا بحمؿ دعوة اإلسبلـ بالجياد إلى شعوبيا ومعتنقييا بإذف اهلل‪،‬‬ ‫الحظ أىمية التثقيؼ الشرعي والسياسي في مشورة ربعي بف عامر لقائده سعد بف‬ ‫الم َرَّكز الشرعي والسياسي‬ ‫أبي وقاص في آخر ىذا الكتيب‪ ،‬والحظ أىمية التثقيؼ ُ‬ ‫في خطاب جعفر رضي اهلل عنو مع النجاشي‪ ،‬وخطاب حاطب رضي اهلل عنو مع‬ ‫المقوقس في نياية ىذا الكتيب‪.‬‬ ‫والذي يطػالع كتػب الثقافػة اإلسػبلمية يتأكػد أف دور الثقافػة الحزبيػة ىػو خدمػة القػرآف‬ ‫والسػػنة النبويػػة المطي ػرة واحياؤىمػػا فػػي الحيػػاة السياسػػية واالقتصػػادية وسػػائر شػػؤوف‬ ‫الحياة مؤكدةً أف‬ ‫المكػػاف‪ ،‬وتغييػ ُػر‬

‫وظيفة المسمميف‬

‫صالح لمتطبيؽ في كؿ زمػاف ومكػاف ميمػا تغيػر الزمػاف أو‬ ‫ديف اهلل‬ ‫ٌ‬ ‫الواقػػع ليتناسػػب مػػع الشػػرع‪ ،‬واخضػػاع الوقػػائع الجديػػدة لمشػػرع ىػػي‬ ‫الدائمية ِمف لَ ُدف النبي صمى اهلل عميو وآلو وسمـ وىو قدوة العامميف‬

‫لتغييػر الواقػػع لمػا يحبػػو اهلل ويرضػاه إلػػى يومنػا ىػػذا‪ ،‬وحتػى قيػػاـ السػاعة إف شػػاء اهلل‬

‫بِع ػ ِػز َعزي ػ ٍػز أو بِػ ػ ُذ ِؿ ذلي ػػؿ«إف ا‬ ‫(الرعدس‪« ، )44‬والعاقبة لمتقوى» (طوس‪. )459‬‬

‫ال يغيػػػر مػػػا بقػػػوـ حتػػػى يغيػػػروا مػػػا بأنفسػػػهـ»‬

‫‪ ‬يقوؿ المصطفى صمى اهلل عميو وآلو وسمـس«ب اشروا وال تَُنفاػروا يساػروا وال تُ َعساػروا»‬

‫(رواه مسمـ) ‪.‬‬

‫فيجب عمينا‪ -‬نحف حممة الدعوة –‬

‫‪93‬‬

‫دائماً أف نزرع األمؿ في نفوس أبناء‬


‫األمة‪ ،‬وأف نركزعندىا أنيا قادرة ذاتياً عمى استعادة مجدىا وعودتيا دولةً كبرى‬

‫ب ليا كؿ حساب في الميزاف الدولي وفي رسـ سياسة العالـ والتأثير في‬ ‫حس ُ‬ ‫ُي َ‬ ‫أحداثو‪ ،‬كما نركز عندىا أنيا قادرةٌ ذاتياً عمى ضرب مصالح الدوؿ الكبرىسأمريكا‪،‬‬ ‫روسيا‪ ،‬بريطانيا‪ ،‬وفرنسا‪ ،‬وعمى التخمص مف سيطرة ونفوذ ىذه الدوؿ عمييا اذا ما‬

‫ُوجدت عند األمة العزيمة الصادقة وايرادة القوية والقيادة الواعية المخمصة‪.‬‬ ‫واف مػػا قػػاـ بػػو أبنػػاء األمػػة مػػف أعمػػاؿ تشػػبو األسػػاطير فػػي لبنػػاف وأفغانسػػتاف‪ ،‬فػػي‬ ‫فمسػػطيف والع ػراؽ وصػػمودىـ امػػاـ أعتػػى قػػوى وأمضػػى أسػػمحة فػػي العػػالـ‪ ،‬رغػػـ قمػػة‬ ‫العدة و ِ‬ ‫الخبرة‪ ،‬ورغـ التخاذؿ والخيانػة‪ ،‬ليػوخير دليػؿ عمػى أف األمػة قػادرة كػؿ القػدرة‬ ‫ُ‬ ‫عمػى أف تضػػرب الػػدوؿ الكبػرى‪ ،‬بػػؿ وأف تضػػرب مصػػالحيا فػي بػػبلد المسػػمميف وفػػي‬ ‫غيػػر ببلدىػػـ‪ ،‬وقػػادرة عمػػى الػػتخمص مػػف نفػػوذ ىػػذه الػػدوؿ وىيمنتيػػا‪ ،‬كمػػا أنيػػا قػػادرة‬ ‫ؾ كيػانيـ وازالتِػو مػف الوجػود بػػإذف ِ‬ ‫ود ا‬ ‫اهلل‬ ‫عمػى الػتخمص مػف إخػواف القػردة والخنػػازير َ‬

‫تعالى‪.‬‬

‫كما يجب عمينا أف نبعد عف كؿ أسموب يغرس في األمة روح اليأس واإلستسبلـ‪،‬‬ ‫وتوىيف العزائـ‪ ،‬وخصوصاً عند إعطاء التحميؿ السياسي والرأي السياسي‪ ،‬فمثبلً‬ ‫إندحارالكافر(االسرائيمي) مف جنوب لبناف ُي َبرز في خطاب األمة لمداللة عمى‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫الموجعة‬ ‫ضعؼ وىشاشة العدو الكافر وكيؼ أنو نِ ْمٌر مف َوَرؽ لـ يحتمؿ الضربات‬ ‫مف المسمميف في الجنوب عمى قمة عدتيـ وعتادىـ‪ ،‬وعند المزوـ وفي المكاف‬

‫المناسبيف يتَعرض لمرأي السياسي في بحث وبياف َمف وراء ىؤالء‬ ‫والزماف‬ ‫َ‬ ‫المخمصيف َمف ُي َسما ُحيـ ما المكاسب السياسية التي ُحقاقت ولصال ِح َمف وكيؼ‬ ‫يسود األرض بطاغوت (اسرائيمي)‬ ‫أنو غير مقبوؿ إستبداؿ طاغوت ماروني كافر لِ َ‬ ‫كافر‪ ،‬فممّةُ الكفر واحدة‪ ،‬فيجب الحذر كؿ الحذر ىنا في التفريؽ بيف التحميبلت‬ ‫السياسية واعطاء الرأي السياسي مف جية وبيف وجوب إعطائو بالشكؿ واألسموب‬

‫الذي ال يوىف مف عزيمة األمة‪ ،‬بؿ ُيعطى بالشكؿ واألسموب الذي يحرؾ فييا‬ ‫ِ‬ ‫يوجد عندىا‬ ‫الحافز إلى اإلستشياد والى البذؿ والعطاء‪ ،‬والشكؿ الذي‬

‫‪94‬‬


‫الشوؽ إلى الجنة ونعيميا في اآلخرة‪ ،‬والى العزة واألصالة في الدنيا مما يدفعيا ألف‬ ‫َ‬ ‫تحطـ القيود والسدود لنعود دولةً كبرى تتسنـ ُذرى المجد وتحمؿ مشعؿ اليداية‬ ‫َ‬

‫والنور إلى العالـ أجمع بعز عزيز أو ب ُذؿ ذليؿ‪.‬‬

‫‪ ‬كما أنو يجب التفريؽ بيف عيشنا الطبيعي في األمة وفرِحنػا بفرحيػا وألَ ِمنػا بألَ ِميػا‬

‫الحػػزف كعمػػؿ َرَعػػوي قيػػادي وبػػيف اختبلفنػػا معيػػا أفػػراداً‬ ‫ومشػػاركتنا ألفرادىػػا الفػػرح و ُ‬ ‫وجماعػػات فػػي بعػػض الجزئيػػات؛ فمػػثبلً إجتمػػاع مبليػػيف المسػػمميف عمػػى صػ ٍ‬ ‫ػعيد واحػػد‬ ‫ُ‬ ‫ػيد لؤلمػػة يقربيػػا مػػف‬ ‫فػػي الحػػج ُيػػثمِج صػػدورنا رغػػـ أف الحػػج اليقػػيـ الدولػػة‪ ،‬فيػػو رصػ ٌ‬ ‫النصػػر‪ ،‬ومنظػػر المسػػمميف وىػػـ آمػػيف المسػػجد األقصػػى األسػػير ُيفػػرح القمػػب رغػػـ أف‬ ‫ِ‬ ‫الموجعػ ػػة التػ ػػي يتمقاىػ ػػا الكػ ػػافر‬ ‫الض ػ ػربات‬ ‫ذاؾ ال ُيحػ ػػرره وال يقػ ػػيـ دولػ ػػة اإلسػ ػػبلـ‪ ،‬و َ‬ ‫المستَ ِ‬ ‫عمر في فمسطيف أو العراؽ‪ ،‬في كشمير أو الشيشػاف تُفػرح قموبنػا وتزيػدنا دعػاء‬

‫ػادىـ المبػارؾ ال يقػيـ دولػة اإلسػبلـ‪ ،‬فػرغـ‬ ‫ليؤالء الكراـ بالتثبيت والسػداد رغػـ أف جي َ‬ ‫ِ‬ ‫لضػػعؼ وعػػييـ الشػػرعي‬ ‫فَيمنػػا لم ػ اررة الواقػػع واسػػتغبلؿ الكػػافر لػػبعض المخمصػػيف َ‬ ‫والسياسػػي نجػ ُػد أنفسػػنا مطػػالبيف بالبقػػاء قُػػرب ى ػؤالء المسػػمميف وحػػوليـ ننصػػح ليػػـ‪،‬‬ ‫نػػذكرىـ‪ ،‬نواسػػييـ‪ُ ،‬نحسػػف إلػػييـ ميمػػا أسػػاؤوا إلينػػا نعػػاتبيـ باإلحسػػاف إلػػييـ وننتظػػر‬ ‫أوب ػػتيـ في ػػـ م ػػف األم ػػة وى ػػـ ُع ػػدة الغ ػػد وس ػػيكوف ج ػػيش األم ػػة الكريم ػػة جيش ػػيـ كم ػػا‬ ‫سػػتكوف دولػػة اإلسػػبلـ التػػي سػػنقيميا دولػػتيـ وصػػدؽ اهلل العظػػيـ القائػػؿ«‪..‬و ِ‬ ‫اخفػػػض‬

‫جناحؾ لممؤمنيف» ِ‬ ‫(الحجرس‪. )11‬‬

‫ولنتذكر دوماً قوؿ النبي صمى ا‬ ‫‪95‬‬

‫عميه وهله وسمـ‬


‫«ادعوا الناس وبشروا والُ تٌَنفٍّروا‪»..‬‬

‫(متفؽ عميه)‬

‫«اذا قاؿ الرجؿ رمؾ الناس فهو أرمكهـ»‬

‫(رواو مسمـ)‬

‫الطاعة‬ ‫وس ِجيَّة يتمتع بيا المسمـ‪ ،‬ويحرص عمييا حامؿ الدعوة بشكؿ‬ ‫الطاعة ُخمُ ٌ‬ ‫ؽ رفيع َ‬ ‫خاص‪ ،‬يقوؿ الحؽ سبحانو في كتابو الكريـ«إنما كاف قوؿ المؤمنيف إذا ُدعوا إلى‬

‫ليحكـ بينهـ أف يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئؾ رـ المفمحوف»‬ ‫ا ورسوله‬ ‫َ‬ ‫(النورس‪. )44‬‬ ‫‪ ‬يقوؿ اهلل عز وجؿ في كتابو الكريـس« يا أيها الذيف همنوا أطيعوا ا‬

‫وأطيعوا‬

‫الرسوؿ وأولي اعمر منكـ‪( »..‬النساء ‪. )47‬‬ ‫‪ -‬فطاعة اهلل سبحانو وتعالى مطمقة‪.‬‬

‫ وطاعة رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وآلو وسمـ مطمقة ‪.‬‬‫ ولكف طاعة أولي األمر( الممثميف الشرعييف الحقيقييف لؤلمة اإلسبلمية أو‬‫مقيدة بأمرىـ بما في الكتاب والسنة ‪.‬‬ ‫لجماعة معينة عمى أمر جامع) َ‬ ‫‪ ‬ويقوؿ المصطفى صمى اهلل عميو وآلو وسمـس« مف أطاعني فقد أطاع ا ومف‬ ‫عصاني فقد عصى ا‬

‫ومف يطع اعمير فقد أطاعني ومف يعص اعمير فقد‬

‫عصاني اوانما ايماـ ُجنة يقاتؿ مف ورائه ويتقى به ف ف أمر بتقوى ا‬ ‫له بذلؾ أج ار اواف قاؿ بغيرو ف ف عميه منه » (رواه البخاري) ‪.‬‬

‫وعدؿ ف ف‬

‫‪ ‬وعف عمر بف الخطاب رضي اهلل تعالى عنو قاؿس"انه ال إسسـ اال بجماعة وال‬

‫جماعة اال ب مارة وال إمارة إال بطاعة فمف سودو قومه عمى الفقه كاف حياة له‬

‫ولهـ ومف سودو قومه عمى غير فقه كاف رسكا له ولهـ"‬

‫(سنف الدارمي)‬

‫أمر عمييـ رجبل فأوقد نا ار‬ ‫‪ ‬ثـ أف رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ بعث جيشا و َّ‬

‫‪96‬‬


‫وقاؿ ادخموىا فأراد ناس أف يدخموىا وقاؿ اآلخروف إنا قد فررنا منيا‪ ،‬ف ُذ ِكر ذلؾ‬

‫لرسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ فقاؿ لمذيف أرادوا أف يدخمورا لو دخمتمورا لـ‬ ‫تزالوا فيها إلى يوـ القيامة وقاؿ لآلخريف قوال حسنا وقاؿ‪:‬ال طاعة في معصية‬

‫ا‬

‫إنما الطاعة في المعروؼ‪.‬‬

‫(رواه مسمـ)‬

‫‪‬وىكذا االسبلـ يعممنا الطاعة‪ ،‬وىكذا الدعوة تعممنا الطاعة الواعية‪ ،‬بؿ وتعممنا‬ ‫أف نسمع ونطيع كأتبا ٍع وجنود‪ ،‬وأف نكوف دوماً مستعديف لنكوف قادةً فاعميف عند‬ ‫الحاجة لذلؾ‪ ،‬أُنظر أخي ِ‬ ‫حام َؿ الدعوة إلى خالد بف الوليد رضي اهلل عنو وىو‬ ‫يسرة‪ ،‬يأمر ىذا وينيى ذاؾ ِلما‬ ‫الم َ‬ ‫يصوؿ ويجوؿ في أرض المعركة؛ يرتب الميمنة و َ‬ ‫فيو مصمحة المعركة كقائد‪ ،‬ومبا َش َرةً إلتزـ أمر أمير المؤمنيف عمر بف الخطاب لما‬

‫أمره بالتنحي عف قيادة الجيش ألبي ُعبيدة عامر بف الجراح رضي اهلل عنو‪ ،‬وحتى‬ ‫ُيغمِؽ الباب في وجو الشيطاف الذي يوسوس في مثؿ ىذه المواقؼ قاؿ مقولتو‬ ‫المشيورةس"إنا ال نقاتؿ مف أجؿ عمر وانما نقاتؿ مف أجؿ رب عمر" فكاف لساف‬

‫سمعاً وطاعة إلتزاماً بقوؿ المصطفى صمى اهلل عميو وآلو وسمـس« إسمع‬ ‫حالو‪َ ...‬‬ ‫وأطع في عسرؾ ويسرؾ ومنشطؾ ومكرىؾ وأثرة عميؾ واف اكموا مالؾ وضربوا‬ ‫حامؿ الدعوة كبلـ‬ ‫تنس أخي‬ ‫َ‬ ‫ظيرؾ إال أف يكوف معصية» (صحيح ابف حباف) ‪ .‬وال َ‬ ‫المصطفى صمى اهلل عميو وآلو وسمـ فعف أبي ىريرة عف النبي صمى اهلل عميو‬ ‫وسمـ قاؿس" تعس عبد الدينار وعبد الدررـ وعبد الخميصة إف أعطي رضي اواف لـ‬ ‫يعط سخط تعس وانتكس اواذا شيؾ فس انتقش طوبى لعبد هخذ بعناف فرسه في‬ ‫سبيؿ ا‬

‫أشعث رأسه مغبرة قدماو إف كاف في الحراسة كاف في الحراسة اواف‬

‫كاف في الساقة كاف في الساقة إف استأذف لـ يؤذف له اواف شفع لـ يشفع "‬ ‫ِ‬ ‫أجرؾ العظيـ عمى اهلل‪.‬‬ ‫(البخاري) ‪.‬‬ ‫فاليجرةُ هلل وكف حيثما طُم َ‬ ‫ب منؾ و ُ‬ ‫َ‬

‫‪ ‬واليؾ أخي نموذجاً آخر‪ ،‬حيف بعث رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وآلو وسمـ عمرو‬

‫بف العاص أمي اًر عمى جيش وكاف تحت إمرتو ابو بكر الصديؽ وعمر بف الخطاب‬ ‫وابو عبيدة عامر بف الجراح رضي اهلل عنيـ أجمعيف‪ ،‬فرِاقب أخي كيؼ‬

‫‪97‬‬


‫يتصرؼ أميرىـ – وىو حديث عيد باإلسبلـ ‪ -‬وكيؼ ي ِ‬ ‫ذعنوف لو وبعد ذلؾ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫يشكونه إلى رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وآلو وسمـ فَُيِق ُرهُ عمى ثبلثة ق ارراتوس« عف‬

‫عمرو بف العاص ثـ أف رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ بعثو في ذات السبلسؿ‬

‫أحد‬ ‫فسألو‬ ‫اصحابوُ أف يوقدوا نا ار فمنعيـ فكمموا أبا بكر فكممو في ذلؾ فقاؿ ال يوقد ٌ‬ ‫ُ‬ ‫منيـ نا ار إال قذفتُوُ فييا قاؿ فمقوا العدو فيزموىـ فأرادوا أف يتبعوىـ فمنعيـ فمما‬ ‫انصرؼ ذلؾ الجيش ذكروا لمنبي صمى اهلل عميو وسمـ وشكوه إليو فقاؿ يا رسوؿ‬ ‫ىت أف يتبعوىـ‬ ‫اهلل إني كرىت أف آذف ليـ أف يوقدوا نا ار فيرى عدوىـ ِقمَتيـ وكر ُ‬

‫فيكوف ليـ َم َد ٌد فيعطفوا عمييـ فحمد رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ أمره»‬ ‫ابف حباف) ‪.‬‬

‫(صحيح‬

‫‪‬وعف عمرو بف العاص قاؿ ثـ احتممت في ليمة باردة وانا في غزوة ذات‬ ‫السبلسؿ فأشفقت إف اغتسمت أف أىمؾ فتيممت ثـ صميت بأصحابي الصبح ف ُذ ِكر‬ ‫ذلؾ لمنبي صمى اهلل عميو وسمـ فقاؿ ياعمرو صميت بأصحابؾ وأنت ُجُنب فأخبرتو‬ ‫بالذي منعني مف االغتساؿ فقمت إني سمعت اهلل عز وجؿ يقوؿ وال تقتموا أنفسكـ‬ ‫إف اهلل كاف بكـ رحيما فضحؾ رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ ولـ يقؿ لي‬ ‫شيئا(سنف الدارقطني)‪.‬‬ ‫فالطاعةَ الطاعةَ يا أتبػاع النبػي صػمى اهلل عميػو وآلػو وسػمـ والطاعػةَ الطاعػةَ يػا قػادة‬ ‫األُم ػػة إلعػ ػزاز دي ػػف اهلل ف ػػي األرض إجعموى ػػا َس ػ َّ‬ ‫ػجيةً لك ػػـ قب ػػؿ الدول ػػة وبع ػػد الدول ػػة‬ ‫متػ ػػذكريف قػ ػػوؿ اهلل سػ ػػبحانوس« اوانػػػػه َمػػػػف يتػػػػ ِ‬ ‫أجػػػػر‬ ‫ؽ ويصػػػػبر فػػػػ ف ا َ ال ُيضػػػػيعُ‬ ‫َ‬ ‫المحسنيف»(يوسػؼس‪ ،)76‬ومتػذكريف مػا ُروي عػف عبػد الػرحمف بػف عمػرو السػممي أنػو‬

‫سػػمع العربػػاض بػػف سػػارية يقػػوؿ ثػػـ وعظنػػا رسػػوؿ اهلل صػػمى اهلل عميػػو وسػػمـ موعظػةً‬ ‫َذ َرفَػػت منيػػا العيػػوف وو ِجمَػػت منيػػا القمػػوب فقمنػػا يػػا رسػػو َؿ اهلل إف ىػػذه لموعظػػة مػػودع‬ ‫فماذا تعيد إلينا قاؿس« قد تركتكـ عمى البيضػاء ليمهػا كنهاررػا ال يزيػغ عنهػا بعػدي‬ ‫إال رالؾ مف يعش منكـ فسيرى اختسفا كثيػ ار فعمػيكـ بمػا عػرفتـ مػف سػنتي وسػنة‬

‫‪98‬‬


‫الخمفػػػاء الراشػػػديف المهػػػدييف َعضػػػوا عميهػػػا بالنواجػػػذ وعمػػػيكـ بالطاعػػػة اواف عبػػػدا‬ ‫حبشيا ف نما المؤمف كالجم ِؿ ِ‬ ‫اعنؼ حيثما قيد انقاد» (سنف ابف ماجة )‪.‬‬ ‫َ​َ‬

‫القراءة والمطالعة‬ ‫‪ ‬أكثػػر أخػػي مػػف الثقافػػة اإلسػػبلمية المتمثمػػة فػػي فيػػـ تفسػػير الق ػرآف وشػػرح السػػنة‬ ‫النبوي ػػة المطيػ ػرة والفقػ ػػو وأص ػػولو وسػ ػػيرة النبػ ػػي صػ ػػمى اهلل عمي ػػو وآلػ ػػو وسػ ػػمـ وسػ ػػيرة‬ ‫الصحابة الكراـ مف بعده‪.‬‬

‫‪ ‬فبفيـ أحاديث النبي صمى اهلل عميو وآلو وسمـ تتعمـ كيؼ تعالج كؿ أمػور حياتػؾ‬ ‫الشخصػػية واالجتماعيػػة واالقتصػػادية والسياسػػية والدعويػػة فأحاديثػػو صػػمى اهلل عميػػو‬ ‫وآلػػو وسػػمـ نمػػاذج حيػػة لمعالجػػة المشػػاكؿ المختمفػػة تكػػوف أمامػػؾ لتسػػتنير بيػػا بفضػػؿ‬ ‫مف اهلل ونعمة‪.‬‬ ‫روي عف عمر بف الخطاب رضي اهلل عنو قولوس« دخمت عمى رسػوؿ اهلل صػمى اهلل‬

‫عمي ػػو وآل ػػو وس ػػمـ فجمس ػػت ف ػػإذا عمي ػػو إ ازره ول ػػيس غي ػػر‪ ،‬واذا الحص ػػير ق ػػد أث ػػر ف ػػي‬ ‫جنبػ ػ ػػو‪...‬واذا بقبضػ ػ ػػة مػ ػ ػػف شػ ػ ػػعير نحػ ػ ػػو الصػ ػ ػػاع‪...‬واذا إىػ ػ ػػاب معمؽ‪...‬فابت ػ ػ ػػدرت‬

‫عيناي‪...‬فقػاؿ صػمى اهلل عميػو وآلػػو وسػمـس مػا يبكيػػؾ يػا ابػف الخطػػاب فقمػتس يػا نبػػي‬ ‫اهلل‪...‬وما لي ال أبكي وىذا الحصير قد أثر في جنبؾ‪ ،‬وىذه خزانتؾ ال أرى فييا إال‬

‫مػػا أرى‪...‬وذاؾ كسػػرى وقيصػػر فػػي الثمػػار وأنػػت نبػػي اهلل وصػػفوتو‪ ،‬فقػػاؿ صػػمى اهلل‬ ‫عميػػو وآلػػو وسػػمـس يػػا ابػػف الخطػػاب أمػػا ترضػػى أف تكػػوف لنػػا اآلخ ػرة وليػػـ الػػدنيا ‪»..‬‬

‫(رواه مسمـ) ‪.‬‬

‫ػارت َ ؾ وص ػػبلتؾ وأعمال ػػؾ ومعامبلتِ ػػؾ ك ػػي تك ػػوف ص ػػائبة‬ ‫‪ ‬وبالفق ػػو تض ػػبط طي ػ َ‬ ‫صحيحة عمى منياج النبي وىديو صمى اهلل عميو وآلو وسمـ‪.‬‬

‫‪99‬‬


‫‪‬تعمَّ ػـ سػ َػنف ِ‬ ‫الفط ػرة واحػػرص عمػػى إحيائيػػا فػػي زمػ ٍػف قػػد أماتيػػا النػػاس‪ ،‬فيػػي سػػنف‬ ‫ُ َ‬ ‫األنبيػػاء عمػييـ السػػبلـ وحػػث عمييػػا نبينػػا صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـ‪ ،‬فيػػي شػػرعٌ لنػػا‬ ‫ونحف حممة الدعوة ْأولى الناس بهذو السنف ونحف نحمؿ لػواء التغييػر عمػى َس َػننِيـ‬ ‫وعمى طريقتو صمى اهلل عميو وآلو وسمـ‪.‬‬ ‫ونتْ ػ ِ‬ ‫ػؼ‬ ‫سػػػنف الفطػػػرة كاإلس ػػتحداد َ‬ ‫(حْم ػػؽ العان ػػة) َ‬ ‫‪ ‬إح ػػرص أخ ػػي عم ػػى الب ػػاطف م ػػف ُ‬ ‫اإلبػػط(إ ازلػػة شػػعره)‪ ،‬واحػػرص أخػػي عمػػى الظػػاىر منيػػا كتقمػػيـ األظػػافر وقػػص الشػػارب‬ ‫ْ‬ ‫وارخاء المحية‪ ،‬واعمـ أنو‪ ..«:‬ومف أحيا سنتي فقد أحبني ومف أحبنػي كػاف معػي‬

‫في الجنة» (سنف الترمذي) ‪.‬‬

‫‪ ‬ودراسة سيرة الصحابة رضي اهلل عنيـ يعينؾ عمى فيـ الديف كما فيموه وعمى‬ ‫أف تطبقو وتحممو كما طبقوه وحمموه فتكوف لؾ خير مؤنس عمى الطريؽ وخير قدوة‬ ‫بعد رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وآلو وسمـ‪ ،‬فيو القائؿ في حقيـس « مف أحبيـ فبحبى‬ ‫أحبيـ ومف ابغضيـ فببغضى ابغضيـ ومف آذاىـ فقد آذانى ومف آذانى فقد آذى‬

‫اهلل ومف آذى اهلل يوشؾ أف يأخذه»‪ ،‬ويقوؿس«‪ ..‬وأصحابي أمنة‬

‫أمتي‪(»..‬صحيح ابف‬

‫حباف)‪.‬فيذا مصعب الخير‪ ،‬مصعب بف عمير رضي اهلل عنو‪ ،‬يترؾ أىمو وبمده‪،‬‬ ‫وحياتو الرغيدة في مكة‪ ،‬ممبيا أمر رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وآلو وسمـ إلى ما‬ ‫انتدبو إليو في المدينة المنورة متحديا شظؼ العيش والغربة فييا دائبا عمى االتصاؿ‬ ‫بأىميا حتى يييئ مجتمعيا إلقامة الدولة اإلسبلمية‪.‬‬

‫وىذا صهيب الرومي رضي اهلل تعالى عنو يتخمى عف جميع أموالو لقريش‪ ،‬مقابؿ‬ ‫تركو أف يمحؽ بدار اليجره‪ ،‬فينزؿ في حقو قولو تعالى‪ «:‬ومف الناس مف يشري‬ ‫نفسه ابتغاء مرضات ا ‪ ،‬وا‬

‫رؤوؼ بالعباد»‬

‫[البقرة ‪.]969‬‬

‫وىذا ُخبيب بف عدي رضي اهلل تعالى عنو‪ ،‬تصمبو قريش وتقطع أوصالو وىو حي‪،‬‬ ‫وبعدما بدأت الرماح تػنوشو‪ ،‬والسيوؼ تػنيش لحمو‪ ،‬إقترب منو أحد زعماء قريش‬ ‫فسألوس أتحب أف محمدا مكانؾ‪ ،‬وأنت سميـ معافى في أىمؾ ‪ ،‬فينا ‪-‬ال غير‪-‬‬ ‫انتفض ُخبيب كاإلعصار وصاح‬

‫‪111‬‬

‫في قاتميوس واهلل ما أحب أني في أىمي‬


‫وولدي‪ ،‬و معي عافية الدنيا ونعيميا‪ ،‬ويصاب رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وآلو وسمـ‬ ‫بشوكة‪...‬‬ ‫‪ ‬احػػرص عمػػى قػراءة ثقافػػة الحػػزب القرآنيػػة النبويػػة السياسػػية التػػي تعينػػؾ عمػػى فيػػـ‬ ‫الطريػػؽ واتقانػػو لموصػػوؿ إلػػى الغايػػة المنشػػودة بػػإذف اهلل فيتحقػػؽ فيػػؾ قػػوؿ اهلل عػػز‬

‫وجؿ « قػؿ رػذو سػبيمي أدعػو إلػى ا‬ ‫وما أنا مف المشركيف» [يوسؼ‪]461‬‬

‫ٍ‬ ‫ومػف اتبعنػي وسػبحاف ا‬ ‫عمػى بصػيرة أنػا َ‬

‫فبػالفهـ الشػرعي وبػػايخسص يكػوف العمػػؿ أقػرب إلػى القبػػوؿ عنػد اهلل تعػالى وتكػػوف‬ ‫ومانو‪.‬‬ ‫الغاية أقرب لمتحقيؽ بتوفيؽ اهلل َ‬

‫‪‬كؿ ذلؾ أدرسو بقصد الفيـ والتطبيؽ وحممو لآلخريف عمى نيج اإلسبلـ في‬ ‫الدرس فصمى اهلل عمى قائدنا وأسوتنا وعمى آلو وسمـ القائؿس« نضر ا‬

‫امرءا سمع‬

‫منا حديثا فبمغه غيرو فرب حامؿ فقه إلى مف رو أفقه منه ورب حامؿ فقه ليس‬

‫بفقيه‪ ،‬ثسث ال يغؿ عميهف قمب مسمـ إخسص العمؿ‬

‫ومناصحة والة اعمر‬

‫ولزوـ الجماعة ف ف دعوتهـ تحيط مف ورائهـ ومف كانت الدنيا نيته فرؽ ا‬

‫عميه أمرو وجعؿ فقرو بيف عينيه ولـ يأته مف الدنيا إال ما كتب له ومف كانت‬

‫اآلخرة نيته جمع ا‬

‫الظمآف) ‪.‬‬

‫أمرو وجعؿ غناو في قمبه وأتته الدنيا وري راغمة‬

‫» (موارد‬

‫احرص أخي مف خسؿ قراءتؾ ودراستؾ عمىس‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫أركانيا وشروطَيا لتكوف عمى ِ‬ ‫صبلة الرسوؿ اإلماـ ضامف‬ ‫ىيأة‬ ‫‪‬أف تتقف الصبلةَ و َ‬ ‫َ‬ ‫واغفر لممؤذنيف ‪ ،‬فذلؾ يكوف أقرب‬ ‫والمؤذف مؤتمف الميـ أرشد األئمة‬

‫‪111‬‬


‫ِ‬ ‫لمخشوِع و ْأدعى‬ ‫الصسةَ‬ ‫وض ْب ِط َغ َوائِ ِؿ النفس « ّ‬ ‫لمقبوؿ وأقوى في شحذ ال ِي َمِـ َ‬ ‫إف ّ‬ ‫تَ ْنهى ع ِف الفَ ْح َ ِ‬ ‫الم ْن َكر » [ العنكبوت ‪.]14‬‬ ‫َ َ‬ ‫شاء و ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وسَن ِف أدائيما‪ ،‬وكف‬ ‫أف تُتِْق َف‬ ‫‪‬‬ ‫احرص ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫األذاف واإلقامةَ وح ْفظ ألفاظيما الشرعية ُ‬ ‫حريصاً عمى تحصيؿ أجرىما كمما تسنح لؾ الفرصة‪ ،‬وكف جاى اًز عند الحاجة‬ ‫إليؾ‪ ،‬قاؿ صمى اهلل عميو وآلو وسمـس" ايماـ ضامف والمؤذف مؤتمف المهـ ْأر ِشد‬ ‫َّ‬ ‫شعائر اهلل‬ ‫وتذؾ َ ر أخي أنو ومف ُي َعظاـ‬ ‫اعئمة واغفر لممؤذنيف "(رواه الترمذي)‪.‬‬ ‫َ‬ ‫فإنو مف تقوى القموب‪ ،‬وأنو ما مف مؤاذف ُيؤاذف إال ويشيد لو ك ُؿ مف يسمعو مف‬ ‫شجر أو ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫حجر أو بشر‪.‬‬ ‫ػارِج والحػ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ػروؼ وأمػ ِ‬ ‫الم َخػ ِ‬ ‫‪ ‬إحػ ِػرص عمػػى تَ ْجويػ ِػد القػر ِ‬ ‫الوقػػوؼ‪ ،‬فػػالقراءةُ‬ ‫آف بمعرفػػة َ‬ ‫ػاكف ُ‬ ‫ند َم ْػف يفي ُػـ المغػةَ العربيػةَ ولػؾ فػي قص ِػة‬ ‫تكوف دعوةً ِع َ‬ ‫الصحيحةُ َ‬ ‫وحدىا تَصمُ ُح ْ‬ ‫ألف َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عمر ِ‬ ‫المػارر‬ ‫ػماع سػورِة طػو‪ ،‬خيػر عبػرة «‬ ‫بف‬ ‫الخطاب رضػي اهلل عنػو بع َػد س ِ‬ ‫ُ‬ ‫إسبلـ َ‬ ‫بالقر ِ‬ ‫هف َم َع السفرِة الكرِاـ البررِة‪( »...‬رواه مسمـ) ‪.‬‬

‫‪‬إحػػرص أخػػي عمػػى زيػػارة المكتبػػة العامػػة أسػػبوعياً لتجمػػع منيػػا الخي ػرات‬

‫الجديػػدة التػػي تعينػػؾ عػػؿ الطريػػؽ وعمػػى إث ػراء مكتبتػػؾ الخاصػػة‪ ،‬واحػػرص‬

‫عمى اقتناء األشرطة الصوتية ففييا الخير الكثير‪.‬‬

‫المسمميف وأحوالَهـ‬ ‫أخبار‬ ‫تَتَكب ْع‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫ػاف باعتب ػػارىـ أخ ػػوةً ل ػػؾ وأخػ ػو ٍ‬ ‫ػمميف ف ػػي كػ ػ اؿ مك ػ ٍ‬ ‫اح ػػرص عم ػػى تتبػ ػ ِع أخب ػ ِ‬ ‫ات‬ ‫ػار المس ػ َ‬ ‫ػوف عم ػػى أ ارض ػػي المسػػمميف الت ػػي اس ػػتولى عميي ػػا الكػػافر بش ػ ٍ‬ ‫ػكؿ مباش ػ ٍػر وغي ػػر‬ ‫َيعيشػ َ‬ ‫ُ‬ ‫ػسمية عامػ ٍػة وحزبيػ ٍػة خاصػ ٍػة بوقػ ِ‬ ‫مباشػ ٍػر‪ ،‬محػػاوالً ربػطَ مػػا درسػػتَو ِمػػف ثقافػػة إسػ ٍ‬ ‫ػائعيـ‬ ‫ْ‬

‫‪112‬‬


‫وجػ ّػؿ و ارحػػة وتفػريج لكػػروب‬ ‫المختمفػػة لعبلجيػػا عسج ػاً جػػذرياً بمػػا فيػػو رضػػا اهلل َعػ ّػز َ‬ ‫المسػػمميف‪ ،‬ال تنظػػر بعػػيف الصػػحفي أو المحمػػؿ السياسػػي‪ ،‬بػػؿ أنظػ ُػر إلػػى ذلػػؾ كمػ ِػو‬ ‫بعػػػيف النبػػػي صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـ؛ بعػػػيف المسػػػمـ المفكػػػر السياسػػي ال ارعػػي‬ ‫ػػارر عمػػػى ر ِ‬ ‫ؽ عمػػػى ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حالهػػػا‪ ،‬السػ ِ‬ ‫ػرؤوؼ بي ػػا‪ ،‬المشػػػف ِ‬ ‫احتهػػػا‬ ‫األم ػ ِػة الػ‬ ‫المسػػؤوؿ عػػف ّ‬ ‫نقاذرػػا ممػػا ِرػػي فيػػه‪ ،‬متمػػثبلً قػػو َؿ ِ‬ ‫اوا ِ‬ ‫ؾ صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو‬ ‫اهلل عػ ّػز وجػ ّػؿ فػػي قُػ ْػد َوتِ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ػػف أ ْنفُ ِسػػػ ُكـ ع ِزيػػػز عمَ ْيػ ِ‬ ‫ػػه مػػػا َع ِنػػػتّ ْـ َحػ ِ‬ ‫ػػريص َعمَػ ْػػي ُكـ‬ ‫سػػػوؿ ِمػ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬ ‫وسػػمـ « لَقَػ ْػػد َجػػػا َء ُك ْـ َر ُ‬ ‫يف ر ُؤوؼ ر ِ‬ ‫ِ‬ ‫حيـ» [ التوبة ‪.]491‬‬ ‫َ‬ ‫الم ْؤ ِمن َ َ‬ ‫ِب ُ‬

‫‪ ‬لساف حالؾ في ذلؾ يقوؿس‬ ‫إذا اشتػكى مسمـ في ِ‬ ‫اليند أَّرقَنِي‬ ‫و ِمصر ر َ ِ‬ ‫الشاـ َن ْر َج َستي‬ ‫ُْ َ‬ ‫يحانتي و ُ‬ ‫الم ْج ِد تَْرفَ ُعني‬ ‫وفي العراؽ أَ ُك ّ‬ ‫ػؼ َ‬ ‫ػبوب أُغنيػَتي‬ ‫الي َم ُف المح ُ‬ ‫ويسمعُ َ‬ ‫ويسكػُ ُف المس ُ‬ ‫ػجد األقصى وقُّبتُوُ‬ ‫ْ‬ ‫أرى ُبخػارى ببلدي وىػي نائية‬ ‫ػت َشمػْمَػنا‬ ‫شػريػعةُ الم ِػو لَ ّم ْ‬

‫وا ْف بكى مسمـ في الصيف أبكاني‬ ‫وعنواني‬ ‫وفي الجزيرِة تاريػخي ُ‬ ‫وخ ّو ِ‬ ‫عمى ُك ّؿ با ٍغ ومػأف ٍ‬ ‫اف‬ ‫ػوف َ‬ ‫يح إلى َش ْػد ِوي وألحاني‬ ‫فيستػر ُ‬

‫في َحّب ِة ِ‬ ‫القمب أرعػاهُ ويرعاني‬ ‫يح إلػى ذكرى ُخر ِ‬ ‫اساف‬ ‫وأستػر ُ‬ ‫إحساف وا ِ‬ ‫ٍ‬ ‫يماف‬ ‫ت لنػا َمعػالِ َـ‬ ‫وبَن ْ‬ ‫َ‬

‫وتعزَز وحدتنا عمى كتاب ربنا‬ ‫عجؿ بالخسفة الراشدة الثانية‬ ‫لتجمع شممنا ّ‬ ‫المهـ ّ‬ ‫َ‬ ‫نبينا صمى ا عميه وهله وسمـ‪.‬‬ ‫وسنة ّ‬ ‫وء مػػا تسػػمع أو تشػػاىد فػػبل تفػ َػزع وال تَجػ َػزع واجعػػؿ ذلػػؾ كمَّػػو وقػػوداً يزيػػد‬ ‫إف ىالَػػؾ سػ ُ‬ ‫وى ػػج وق ػػوة ُّ‬ ‫الش ػػعمة العقائدي ػػة عن ػػدؾ لتتول ػػد طاقػ ػةٌجبارةٌ دافع ػػة تزي ػػدىا إل ػػى رص ػػيدؾ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫المض اي قُ ُدماً إلع اززالديف ومبايعة َمف بِػو ُيتَّقػى و ِمػف‬ ‫ومذخورؾ األصمي لِتُ َ‬ ‫عينؾ عمى ُ‬ ‫ورائو ُيقاتَؿ‪ ،‬فيحفظ األمواؿ واألرض واألعراض وما ذلؾ عمى اهلل بعزيز‪.‬‬

‫‪113‬‬


‫وت َّ‬ ‫سػ َػم ُع كف مػػف الػػذيف‬ ‫ػذكر أخػػي قػػوؿ اهلل سػبحانوس« لَتُْبمَػ ُػو كف فػػي أمػوالكـ وأنفسػػكـ ولَتَ ْ‬ ‫ِ‬ ‫أذى كثيػ ار اواف تصػبروا وتتقػوا فػ ف ذلػؾ‬ ‫أوتوا الكتاب مف قبمكـ ومف الػذيف أشػركوا ً‬ ‫مف عزـ اعمور» (آؿ عمرافس ‪. )416‬‬ ‫كيد ُىـ فت َذ َّكر قولَو َّ‬ ‫مكػررـ‬ ‫مكػررـ وعنػد ا‬ ‫و إف َكُب َر عميؾ ُ‬ ‫ُ‬ ‫عز وجؿ‪ «:‬وقػد مكػروا َ‬ ‫ػبف الَمػػه م ْخمِػ َ ِ ِ‬ ‫رسػمَه إف ا‬ ‫اواف كػػاف مكػ ُػررـ لِتَػػزو َؿ منػػه الجبػػاؿ‪ .‬فػػس تحسػ ك‬ ‫ػؼ وعػػدو ُ‬ ‫ُ‬ ‫عزيز ذو انتقاـ»‪ ( .‬ابراىيـس‪. )16‬‬ ‫ٌ‬ ‫واف وس ػػوس ل ػػؾ ش ػػياطيف اإلن ػػس والج ػػاف ى ػػا ق ػػد زاد الي ػػـ والغ ػػـ وطال ػػت الطري ػػؽ‪،‬‬

‫فأضػؼ الػػى كتػػاب اهلل عػػز وجػؿ الػػذي ُيثابػػت فػؤ َادؾ‪ُ ،‬س َّػنة نبايػػو صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو‬ ‫وسمـ وانظر كيؼ ابتُمي فصبر وثبت وعمؿ ووصؿ الميؿ بالنيار حتى جاءه النصػر‬ ‫أص ِغ بأُـ أُ ُذنِؾ إلى ىذه المعانيس‬ ‫وكذلؾ ننصر المؤمنيف إضافةً لكؿ ذلؾ ْ‬ ‫ِ‬ ‫الهـ إف اله كـ منفَ ِر ٌج‬ ‫يا‬ ‫صاح َب ٍّ‬ ‫اليأس يقطع أحيانػاً بصػاح ِب ِه‬ ‫ا ي ِ‬ ‫حدث‬ ‫ميسػرةً‬ ‫ُ‬ ‫بعدالعسػر َ‬ ‫ُ‬ ‫ارض ِ‬ ‫إذا بميتَ ِ‬ ‫بػه‬ ‫فثؽ با و َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ ِ‬ ‫أح ٍد‬ ‫وا مػالَ َؾ غير ا مػف َ‬

‫أبشر ٍ‬ ‫بخير فػ ف‬ ‫َ‬ ‫الفػارج ا ُ‬ ‫تيأس كف فػ كف‬ ‫ال َ‬ ‫الكػافػي ا ُ‬ ‫َ‬

‫تجز َع كف فػ كف‬ ‫ال َ‬ ‫َ‬ ‫الصػانع ا ُ‬ ‫إف الذي يكشؼ البموى رو ا ُ‬ ‫ٍ‬ ‫فحسػُْب َؾ ا في ُكػؿ لؾ ا ُ‬

‫نماذج لحمؿ الدعوة‬

‫النػاس فػي أمػاكف تجمعػاتهـ فػي‬ ‫إف الوظيفػ َة اعولػى لحامػؿ الػدعوِة أف يغشػى‬ ‫َ‬ ‫ػوف َم َعيػػـ أينمػػا‬ ‫المسػػاجد‪ ،‬فػػي المػػدارس‪ ،‬فػػي الجامعػػات‪ ،‬وفػػي األف ػراح واألتػراح‪ ،‬ويكػ َ‬ ‫ٍ‬ ‫مختمط بالمحرـ‪.‬‬ ‫لي ٍو‬ ‫ُوجدوا في غير مواقع الشبهات مف مقاىي وأماكف ْ‬ ‫ُي ِ‬ ‫الطبيعي مع الناس يأمرىـ بالمعروؼ‪ ،‬كؿ‬ ‫داوُـ حامؿ الدعوة عمى العيش‬

‫‪114‬‬


‫المع ػػروؼ‪ ،‬ويني ػػاىـ ع ػػف المنك ػػر‪ ،‬كػ ػ ّؿ المنك ػػر‪ ،‬مخت ػػا اًر ف ػػي ك ػػؿ األحػ ػواؿ األس ػػموب‬ ‫ٍ‬ ‫غيب(وىذا ىو األغمب) أو تر ٍ‬ ‫المناسب مف تر ٍ‬ ‫حاالت ناد ٍرة)‪.‬‬ ‫ىيب(وىذا يكوف في‬ ‫َ‬

‫ويضػػميا‬ ‫ػوص حامػػؿ الػػدعوة بػػيف النػػاس ليخػػرَج بأحسػ ِػف الػػدرر(إف كانػػت جػػاىزة) ُ‬ ‫يغػ ُ‬ ‫وتميزىػػا‪ ،‬فػػإف لػػـ‬ ‫بجػ َ‬ ‫ػود ِة شخصػػيتو ّ‬ ‫ػاىـ فػػي العمػ ِػؿ لمتغييػ ِػر َ‬ ‫إلػػى جسػػـ الحػػزب كػػي يسػ َ‬ ‫يحمموف معو الدعوة(وىذا ىػو الوضػع الطبيع ّػي) فعميػو‪-‬‬ ‫وخ َدماً لؤلمة‬ ‫ْ‬ ‫عماالً جاىزيف َ‬ ‫َ‬ ‫يجد ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫األمة عم َػؿ‬ ‫أكثر‪ ،‬ويعم َؿ في‬ ‫أي حامؿ الدعوة‪َ -‬‬ ‫حينيا أف ُي ّ‬ ‫أكثر و َ‬ ‫شم َر عف ساع َد ْيو َ‬ ‫يدي ِو ب ُكؿ لُ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫الطبيب الحاذ ِ‬ ‫ودوف إش ِ‬ ‫طػؼ ِ‬ ‫ػعار‬ ‫ورفْػؽ‪،‬‬ ‫ؽ الذي ُي ّ‬ ‫ص الحالةَ التي بيف ْ‬ ‫َ‬ ‫شخ ُ‬ ‫مػػف تُ ِ‬ ‫عاممُػػوُ أن ػػو مػ ػريض‪ ،‬ودوف أف تُخبِػ َػره بأن ػػؾ طبي ػػب ك ػػي ال تحص ػػؿ بين ػػؾ وبيَن ػػو‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫منؾ ولػو كػاف‬ ‫يشعر باستعبلء مف جيتؾ‬ ‫وحشة أو َج ْف َوة‪ ،‬أو‬ ‫فيرفض استقباؿ الدواء َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫قرآناً ُيتمى‪.‬‬ ‫ػت عميػػؾ أف تُشػ ِػعر مػػف تعاممُػػو أنػػؾ فػػي ِخدمتػ ِ‬ ‫فكػػؿ الوقػ ِ‬ ‫ػػه وأنػػػؾ حػػػريص عمػػػى‬ ‫ُ‬ ‫َ َ‬ ‫النبي صػمى اهلل‬ ‫ىم َ‬ ‫سعادته في الدنيا واآلخرِة‪ ،‬وأنو ىذا ىو ّ‬ ‫ؾ‪-‬حقيقةً‪ -‬كما كاف ّ‬ ‫ىـ ّ‬ ‫عميو وآلو وسػمـ‪ ،‬إنقا ُذ الناس مف ِ‬ ‫النػار اواسػعادرـ بالطاعػة فػي الػدنيا وبالج ّنػة فػي‬ ‫اآلخرة‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫العقوؿ‪...‬‬ ‫القموب و‬ ‫طبيب‬ ‫أخي حام َؿ الدعوة‪...‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫يديؾس‬ ‫أثناء‬ ‫تشخيص َ‬ ‫ؾ لمحالة التي بيف َ‬ ‫احرص عمى مراعاة ما يمي َ‬ ‫‪ ‬إحرص أخػي أف يسػبؽ لسػاف حالػؾ لسػانؾ إلػى النػاس‪ ،‬فمسػاف الحػاؿ أكثػر تػأثي اًر‬ ‫فػػي النػػاس مػػف لسػػاف المقػػاؿ مػػع أنػػو ال غنػػى عػػف لسػػاف المقػػاؿ لئليضػػاح والشػػرح‬ ‫ِ‬ ‫واإلقناع‪ ،‬فبل تَ ْػنوَ عف ُخمُ ٍ‬ ‫عظيـ‪.‬‬ ‫عمت‬ ‫ؽ‬ ‫عار عميؾ إف فَ َ‬ ‫وتأتي مثْمَوُ ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬

‫‪115‬‬


‫عظيـ‬ ‫فعمت‬ ‫عار عميؾ إذا‬ ‫ال تَ ْن َه عف خمؽ‬ ‫َ‬ ‫وتأتي مثػمَه ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫حكيـ‬ ‫ف ذا انتهت عنه فأنت‬ ‫وابدأ بنفسؾ فانهها عف غيها‬ ‫ُ‬

‫التعميـ‬ ‫ويقتدى بالقوؿ منؾ وينفع‬ ‫فهناؾ تُقبؿ إف وعظت ُ‬ ‫ُ‬ ‫وتذكر قوؿ المصطفى صمى اهلل عميو وآلو وسمـ س‬ ‫ِ‬ ‫ػاء ِب ك ِ‬ ‫ػه ِفػػي ال كنػ ِ‬ ‫امػ ِػة فَُي ْمقَػػى ِفػػي ال كنػ ِ‬ ‫ور َك َمػػا‬ ‫ؽ أَقْتَ ُابػ ُ‬ ‫ػار فَتَ ْنػ َػدِل ُ‬ ‫« ُي َجػ ُ‬ ‫ػار فَ َيػ ُػد ُ‬ ‫الر ُجػػؿ َيػ ْػوَـ ا ْلق َي َ‬ ‫ِ‬ ‫َرػ ُؿ ال كنػ ِ‬ ‫س‬ ‫َي فُػ َػس ُف َمػػا َ‬ ‫ػار ِب َر َحػػاوُ فَ َي ْجتَ ِمػػعُ أ ْ‬ ‫ػار َعمَ ْيػ ِػه فَ َيقُولُػ َ‬ ‫ػوف أ ْ‬ ‫شػأْ ُن َؾ أَلَػ ْػي َ‬ ‫ور ا ْلح َمػ ُ‬ ‫َيػ ُػد ُ‬ ‫وؼ وَال ِ‬ ‫ِ‬ ‫ػت تَأْمرَنػػا ِبػػا ْلمعر ِ‬ ‫هتيػ ِػه‬ ‫وؼ َوتَ ْن َها َنػػا َعػ ْػف ا ْل ُم ْن َكػ ِػر قَػ َ‬ ‫ػاؿ ُك ْنػ ُ‬ ‫همػ ُػرُك ْـ ِبػػا ْل َم ْعُر َ‬ ‫َ ُْ‬ ‫ُك ْنػ َ ُ ُ‬ ‫ػت ُ‬ ‫هت ِ‬ ‫وأَ ْنها ُكـ ع ْف ا ْلم ْن َك ِر و ِ‬ ‫يه»‪.‬‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫فيػػذا ح ػاؿ مػػف أمػػر النػػاس بػػالخير ولػػـ يفعػػؿ مػػا أمػػرىـ بػػو‪ .‬وتػػذكر تػػردد الصػػحابة‬ ‫رضواف اهلل عمييـ في الحديبية في تنفيذ أمر رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وآلو وسمـ‬ ‫فعندما صالح المشركوف المسمميف عمى شروط معينة ومنيا أف يرجع المسمموف مف‬ ‫عاميـ ىذا عف مكة ويحجوا في عاميـ المقبؿ‪.‬قاؿ ابف‬

‫القيـس[زاد المعاد‪])974 /5‬‬

‫فمما فرغ مف قضية الكتاب‪ ،‬قاؿ رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وآلو وسمـ ‪ « :‬قوموا‬

‫فانحروا‪ ،‬ثـ احمقوا فوا‬

‫ما قاـ منهـ رجؿ واحد حتى قاؿ ذلؾ ثسث مرات‪ ،‬فمما لـ‬

‫يقـ منيـ أحد‪ ،‬دخؿ عمى أـ سممة‪ ،‬فذكر ليا ما لقي منو الناس‪ ،‬فقالت أـ سممة س‬

‫يا رسوؿ اهلل س أتحب ذلؾ‬

‫اخرج ثـ ال تكمـ أحداً منيـ كممة حتى تنحر بدنؾ ‪،‬‬

‫وتدعو حالقؾ فيحمقؾ ‪ ،‬فقاـ ‪ ،‬فخرج ‪ ،‬فمـ يكمـ أحداً منهـ حتى فعؿ ذلؾ ‪ :‬نحر‬

‫بدنه ‪ ،‬ودعا حالقه فحمقه ‪ ،‬فمما رأى الناس ذلؾ ‪ ،‬قاموا فنحروا ‪ ،‬وجعؿ بعضهـ‬

‫يحمؽ بعضاً»‬

‫(رواه احمد)‪.‬‬

‫وىنا يتضح لنا جمياً كيؼ أف الصحابة تأخروا عف تنفيذ قولو صمى اهلل عميو وآلو‬

‫وسمـ ‪ ،‬ولكف لما أروا أنو بادر إلى ذلؾ قبميـ ‪ ،‬تبعوه ولـ يتخمؼ منيـ أحد ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫خاطػػب القمػػوب وىػػي ُم ْقبِمػػة‪ ،‬ال تفػػرض نفسػػؾ عمػػى اآلخ ػريف بحػػديثؾ‪ ،‬والتػػتقحـ‬ ‫‪‬‬

‫‪116‬‬


‫مجالسيـ‪ ،‬وال تُقحـ المواضيع التي تراىا أنت ىػي األنسػب تقحمػاً‪ ،‬بػؿ إفػرض نفسػؾ‬ ‫عمػػييـ بأدبػػؾ‪ ،‬وخفػػض جناحػػؾ لممػػؤمنيف‪ ،‬وحسػ ِػف ع ِ‬ ‫رضػػؾ لمموضػػوع‪ ،‬برفػػؽٍ وحكمػػة‬ ‫ُْ َ‬ ‫طبيف‪.‬‬ ‫تتناسب مع نوعية المخا َ‬ ‫‪ ‬أنػ ِػزؿ النػػاس منػػازليـ وانت ػ ِ‬ ‫ؽ ألفاظػػؾ بدقػػة كػػي تنقػػؿ مػػا تريػػد لممخاطػػب دوف أف‬ ‫ُي ْحمػػؿ كبلمػػؾ عمػػى غيػػر معنػػاه‪ ،‬فالعػػالـ مػػثبلً أو كبيػػر السػػف يجػػب أف ت ارعػػي معػػو‬ ‫منتيػػى األدب والصػػوت المػػنخفض فػػذلؾ أدعػػى أف يسػػتمع إليػػؾ ويسػػتجيب لنصػػحؾ‬ ‫فػػي حػػاؿ مخالفتػػو مستحض ػ اًر قػػوؿ المصػػطفى صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـس«إف مػػف‬ ‫إج ػػبلؿ اهلل إكػ ػراـ ذي الش ػػيبة المس ػػمـ» (رواه اب ػػو داوود)‪ ،‬وقول ػػو ص ػػمى اهلل عمي ػػو وآل ػػو‬

‫وسمـس«فض ُؿ العػالـ عمػى العابػد كفضػمي عمػى أدنػاكـ» (رواه الترمػذي)‪ .‬بالمقابػؿ عنػدما‬ ‫ُمي ػاً‪ ،‬فيجػػب حينيػػا أف تتحمػػى بمنتيػػى التواضػػع واألنػػاة‬ ‫يكػػوف المخا َ‬ ‫ػب عامي ػاً أو أ ّ‬ ‫طػ ُ‬ ‫واإلشفاؽ ناقبلً الفكرة بكؿ األساليب البلزمة دوف ممؿ أو ضجر‪ ،‬وىكذا دواليؾ ‪.‬‬ ‫المودة مع مف تُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪‬احرص عمى ِ‬ ‫خاطُبوُ باست ِ‬ ‫ٍ‬ ‫خداـ بعض عبارات‬ ‫جسر مف‬ ‫بناء‬ ‫َ َ‬ ‫رصؾ عمى سعادتِ ِو وا ِ‬ ‫شعره ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ؾ‬ ‫شفاق َ‬ ‫بح َ‬ ‫المجاممة غير الكاذبة وغير المتكمّفة‪ ،‬والتي تُ ُ‬ ‫ضَن ِؾ َع ْي ِش ِو بعيداً عف نور الطاعة‪ُ ،‬مظي اًر القواسـ المشتركة بينكما لتقترب‬ ‫عمى َ‬

‫إلى قمبو وتفتحو بؿ وتخترقو بمطؼ قبؿ أف تخاطب عقمو فذلؾ يكوف أدعى ألف‬

‫يستجيب لؾ‪ ،‬واف اختمفتما فيما تطرح عميو يبقى جسر المحبة واألُلفة ىذا موجوداً‬ ‫ٍ‬ ‫مناسبة أخرى يكوف ىو أقرب فييا‬ ‫فيمكنؾ مف إعادة طرح موضوعؾ عميو في‬ ‫لئلجابة‪.‬‬

‫‪‬‬

‫ضرورة الجمع بيف الفيـ الشرعي وفيـ الواقع‪ ،‬فمف عرؼ النصوص وعمميا ولـ‬

‫يعرؼ الواقع حؽ المعرفة كاف كمف عنده دواء ولكف ال يعرؼ المرض ومف عرؼ‬

‫الواقع وليس لو عمـ بالنصوص كاف كمف يعرؼ المرض وليس عنده دواء‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫‪ ‬تَفَ ّحػص بمُ ْ ٍ‬ ‫اطف‬ ‫المقمقػة) مػو َ‬ ‫ْ‬ ‫طػؼ وحكمػػة( ودوف اسػتخداـ عمميػػة التحقيػؽ باألسػئمة واألجوبػػة ُ‬ ‫ػداده بمػا يحتػاج ِمػف دو ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اء يأخػ ُذ‬ ‫ُ‬ ‫ُمعاناة ومشاكؿ َمف تتعام ُؿ َم َعػو كػي تُ ْحس َػف بعػدىا إم َ ُ‬

‫بيده لما ُيحبو اهلل ويرضاه‪ ،‬واليؾ األمثمةس‬

‫‪117‬‬


‫ػوض‬ ‫‪ ‬قػد يكػػوف َمػف تتعامػ ُؿ معػو يحمػ ُؿ عقميػةً اشػػتراكيةً أو أرسػماليةً‪ ،‬عميػػؾ أف تخػ َ‬ ‫معػػو‪ -‬بعػػد إيجػػاد جسػػر المجاممػػة‪ -‬عممي ػةً فكري ػةً تُبمػ ِػوُر مػػف خبلليػػا حقيق ػةَ التفكيػ ِػر‬

‫و ِ‬ ‫ػوض‬ ‫العقؿ ومطابقػة مػا ت ْ‬ ‫ط َػرُح مػع الواق ِػع كػي يكػوف مقتنعػاً بصػدؽ مػا تقػوؿ‪ ،‬ثػـ تخ ُ‬ ‫ِ‬ ‫اإليماف بعد أف تقػودهُ إلػى التف ّكػر فػي الكػوف واإلنسػاف والحيػاة( أي فػي كػؿ‬ ‫معو طريؽ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫محمػػد صػػمى‬ ‫ػي ّ‬ ‫مػػا يمكػػف أف يقػػع تحػػت ح ّسػػو)‪ ،‬لتَصػ َؿ معػػو إلػػى حقيقػػة التوحيػػد ونبػ ّػوة النبػ ّ‬ ‫رسػػخ ىػػذه األركػػاف الثبلثػػة عنػ َػدهُ‪ ،‬و ْابػ ِػف‬ ‫ػبلـ اهلل‪ّ .‬‬ ‫اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـ وأف الق ػرآف كػ ُ‬ ‫ػػؼ‬ ‫ورػ َػػو المطيػ ُ‬ ‫ػػـ َمػ ْ‬ ‫ػػؽ ُ‬ ‫ػػف خمػ َ‬ ‫عمييػػا وجػ َ‬ ‫ػوب التمقّػػي مػػف اهلل المطيػػؼ الخبي ػػر «أال يعمػ ُ‬ ‫الخبير»‪.‬‬ ‫ُ‬

‫[‪/41‬الممؾ]‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رسػ ِػؿ مػػف عنػػده سػػبحانو س ػواء عػػف طريػػؽ‬ ‫ػب عمػػى ذلػػؾ وجػ ُ‬ ‫َفيتَ​َرتّػ ُ‬ ‫الم َ‬ ‫ػوب أخػػذ النظػػاـ ُ‬ ‫الق ػرآف أو السػ ّػنة‪ ،‬فَيػػو خيػػر نظػ ٍػاـ لتنظػ ِ‬ ‫ػيـ َعبلقػ ِػة اإلنس ػ ِ‬ ‫اف بربػػو وبنفسػػو وبػػاآلخريف‪،‬‬ ‫َُ ُ‬ ‫ُمػػذك اًر إيػػاه بػػالفرؽ الشاسػػع لوظيفػػة العقػػؿ فػػي مواضػػيع العقيػػدة مػػف حيػػث اإلثب ػػات‬

‫والنفػػي ووظيفتػػو فػػي الش ػريعة مػػف حيػػث تشػػخيص الواقػػع والتمقػػي المطمػػؽ لمشػػريعة‬

‫بأحكاميا المختمفة‪.‬‬

‫عز وج ّؿ با ِ‬ ‫وبهذا نأخذ بيدو لسلتزاـ بالديف والحرص عمى ِرضو ِ‬ ‫بكؿ مػا‬ ‫لقياـ ّ‬ ‫اف ا ِ ّ‬ ‫سػػبحا َنه وعمػػى رأس ذلػػؾ كمّػػه العمػػؿ يع ػزاز الػػديف اواقامػػة دولػػة خسفػػة‬ ‫أمػ َػر بػػه ُ‬ ‫المسمميف‪.‬‬

‫‪ ‬إحرص أخي أال يتِـ ك ّؿ ما ُذ ِكر فػي جمس ٍػة واحػدة‪ ،‬بػؿ يجػب أف يػتِـ فػي جمس ٍ‬ ‫ػات‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫وؽ‬ ‫يأخػ َذ الشػػخص وقتػػو فػػي التفكيػػر واالمتثػػاؿ ألمػ ِػر اهلل‪ ،‬ويتػػذ َ‬ ‫متَتابعػ ٍػة متَقاربػ ٍػة‪ ،‬كػػي ُ‬ ‫ٍ‬ ‫ػزداد تعمّق ػاً بيػػذا‬ ‫ػدـ إليػػو مػػف نػػور‪ ،‬ويػ َ‬ ‫الفػ َ‬ ‫ػرؽ بػػيف مػػا كػػاف فيػػو مػػف ظُمُمػػات وبػػيف مػػا قُػ َ‬ ‫الخير‪ .‬أ ِ‬ ‫َع ْن ُه عمى أف ُي ِ‬ ‫وغ َؿ في رذا الديف ِ‬ ‫ِ‬ ‫يستطيع الثبات وايستمرار‪.‬‬ ‫برفْؽ كي‬ ‫َ‬ ‫داد‪.‬‬ ‫الس َ‬ ‫اله َدى و ّ‬ ‫المهـ إ ّنا نسألُؾ ُ‬ ‫‪‬قػػد يكػػوف مػػف تتص ػ ُؿ معػػو عنػػده مشػػاكؿ اجتماعيػػة‪ ،‬فمػػف خػػبلؿ تجػ ِ‬ ‫ػاذب أط ػراؼ‬ ‫َ‬ ‫حصػ ػػؿ‬ ‫ػؾ منػػو يمكػػف بػػؿ‬ ‫الحػػديث معػػو وقُربِػ َ‬ ‫يجػ ػػب أف تحػ ػػاوؿ مسػ ػػاعدتو بمػ ػػا تَ ّ‬

‫‪118‬‬


‫ِ‬ ‫حكػاـ حػو َؿ حس ِػف ِ‬ ‫عندؾ مػف آي ٍ‬ ‫ػث وأ ٍ‬ ‫وح ِ‬ ‫التعامػؿ‬ ‫سػف‬ ‫الع ْ‬ ‫ػات وأحادي َ‬ ‫ش َػرِة مػع الزوجػة ُ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫النبي صمى اهلل عميػو وآلػو وسػمـ فػي ذلػؾ‪ ،‬فيػو القائػؿ صػمى اهلل عميػو‬ ‫وى ْد ِي‬ ‫َم َعها‪َ ،‬‬ ‫ّ‬

‫وآلػو وسػػمـس« خيػػركـ خيػػركـ عرمػػه‪ ،‬وأنػػا خيػػركـ عرمػػي »‪ ،‬وقػػد كػػاف صػػمى اهلل عميػػو‬ ‫وآل ػػو وس ػػمـ ف ػػي خدم ػػة أى ػػؿ بيت ػػو وك ػػاف يخص ػػؼ نعم ػػو ويخ ػػيط ثوب ػػو وي ػػداعب أىم ػػو‬

‫ويمػػازحيـ إلدخػػاؿ البيجػػة الػػى نفوسػػيـ حتػػى إذا مػػا نػػودي الػػى الصػػبلة تػػركيـ‪ .‬وا ْف‬ ‫الد ومعػ ِ‬ ‫ػؽ بػػاعو ِ‬ ‫ػاوؿ توجييػػوُ إلػػى أحسػ ِػف األسػ ِ‬ ‫ػاليب فػػي‬ ‫ػاممتهـ حػ ْ‬ ‫كانػػت المشػػكم ُة تتعمػ ُ‬ ‫َ‬ ‫ؾ كمّػو باألحك ِػاـ الشػػر ِ‬ ‫ػي صػػمى اهلل عميػو وآلػو وسػػمـ‪،‬فمف‬ ‫ؾ رابطػاً ذلػ َ‬ ‫ذلػ َ‬ ‫عية َ‬ ‫وى ْػد ِي النب ّ‬ ‫كاف لو صبيا فميتصابى لو‪ ،‬وقد قطع صمى اهلل عميػو وآلػو وسػمـ خطبػة الجمعػة مػرة‬ ‫ليحمػػؿ أحػػد أحفػػاده عمػػى يػػده بعػػد أف جػػاء الػػى المسػػجد سػػائ ار عمػػى الرمػػاؿ السػػاخنة‬ ‫فحممػػه صػػمى ا عميػػه وهلػػه وسػػمـ وعػػاد الػػى اسػػتئناؼ الخطبػػة‪ ،‬ويػربط ذلػػؾ كمػػو‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ػبلؿ اإلع ِ‬ ‫يد الوعي الشرعي ِم ْػف خ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ػبلـ‬ ‫الدولة‬ ‫بغياب‬ ‫أيضا‬ ‫اإلسبلمية التي بوجوِدىا يز ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ػوب العمػػؿ‬ ‫ػيف أعضػػاء األس ػرِة الواحػػدة‪ُ ،‬مبلحظ ػاً أىمي ػةَ َوُوجػ َ‬ ‫والتعمػػيـ‪ ،‬فتَق ػ ّؿ الفَجػػوةُ بػ َ‬

‫إلعادتيا‪.‬‬

‫نظره لذلؾ ُمذ ّك اًر ّإيػاهُ بػأف‬ ‫‪‬قد يكوف َم ْف تتعام ُؿ َم َعوُ يمبس‬ ‫الذرب‪ ،‬فعمي َ‬ ‫ؾ أف تَْمِف َ‬ ‫َ‬ ‫ت َ‬ ‫ِ‬ ‫المؤمف وأف‬ ‫النصيحة‪ ،‬وذ ّكرهُ بقصة الرجؿ الذي كاف يمبس خاتَماً‬ ‫الديف ّ‬ ‫المؤمف ِمرآةُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫ػي صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـ مػػف يػػده وطرحػػو قػػائبلًس « يعمػػد‬ ‫مػػف َذ َىػػب فنزعػػو النبػ ّ‬ ‫يمػبس‬ ‫شػحاً قػسدةً أو‬ ‫تو ّ‬ ‫ُ‬ ‫أحدرـ إلى جمرة مف النار فيجعمها في يػدو»‪ .‬واف كػاف ُم َ‬ ‫ِ‬ ‫ػي صػمى اهلل عميػو وآلػو‬ ‫شػعرو بمػا فيػه ّ‬ ‫س َوا ارً أو ّ‬ ‫قاصاُ َ‬ ‫تشػبه لمكفػار‪ ،‬ذ ّك ْػرهُ بقػوؿ النب ّ‬

‫ػػػبهيف مػػػػف الرجػػػػاؿ بالنسػػػػاء‪ ،‬والمتشػػػػبهات مػػػػف النسػػػػاء‬ ‫وس ػػمـس «لعػػػػف ا ُ المتشػ ّ‬ ‫تشب َه ٍ‬ ‫بقػوـ ُح ِش َػر َم َع ُهػـ»‪ُ .‬متَػذك اًر‬ ‫بالرجاؿ»‪ .‬وقولو صمى اهلل عميو وآلو وسمـس «مف ّ‬ ‫ِ‬ ‫وعمّ ْم ُه ِ‬ ‫برفؽ‪.‬‬ ‫أنو في المقاء الواحدس ال تُكثر‬ ‫النصح عخيؾ فتُ ْقمقه‪ْ ،‬اد ُع ُه َ‬ ‫َ‬

‫تخدم ػػو‪ -‬ي ػػا حام ػػؿ ال ػػدعوة‪ -‬ت ػػاج اًر يت ػػاجر بأش ػػكاؿ مدنيػػػة خاصػػػة‬ ‫‪‬ق ػػد يك ػػوف م ػػف‬ ‫ُ‬ ‫كالصػػمباف أو التماثيػػؿ أو (الخػػرزة الزرقػػاء) أو اعب ػراج‪ ،‬فعميػػؾ أف تَ ِمفػػت نظ ػره لكػػؿ‬ ‫ّ‬ ‫األغمػػب‪ -‬ال يػػدري‪ ،‬واف كػػاف يػػدري فتحثػػو‬ ‫محػ ػ ػ ػػرـ يتػ ػ ػ ػػا ِجر بػ ػ ػ ػػو وىػ ػ ػ ػػو‪ -‬عمػ ػ ػ ػػى‬

‫‪119‬‬


‫عمى ترؾ ذلؾ العمؿ ابتغاء مرضاة اهلل والنجاة مف النار‪.‬‬ ‫‪ ‬وقػػد يكػػوف ىػػذا التػػاجر يتعامػػؿ بالربػػػا أو الغػػػش أو االحتكػػػار‪ ،‬عميػػؾ أف تحسػػف‬

‫وصؼ الدواء لو مف القرآف والسنة‪ ،‬إما بالترىيب أو الترغيب‪ ،‬تبعاً لطبيعة الشػخص‬ ‫الػػذي تخاطبػػو‪ ،‬و ِ‬ ‫أع ْنػػوُ بكػػؿ مػػا تسػػتطيع ليتػػرؾ تمػػؾ المحرمػػات ابتغػػاء مرضػػاة اهلل‪،‬‬ ‫واربط ذلؾ بضرورة العمؿ إلقامة الدولة ايسسمية التي بدورىا تمنػع وجػود كػؿ تمػؾ‬ ‫المنكرات وتُ ِحؽ الحؽ وتبطؿ الباطؿ وتنشر أجواء الطيارة والعدؿ والنور‪.‬‬

‫‪‬عنػػد ش ػرائؾ أو ِ‬ ‫اج َعػػؿ لسػػاف حالػػؾ يسػػبقؾ إلػػى مػػف تتعامػػؿ معػػو‪ ،‬مسترشػػداً‬ ‫بيع ػؾ ْ‬ ‫سػ ْػمح إذا بػػاع سػػمح إذا‬ ‫ػدي النبػػي صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـ القائػػؿس «المسػػمـ َ‬ ‫َىػ َ‬

‫اشترى»‪ .‬وقولو صمى اهلل عميو وآلو وسمـس «ما كاف الرفؽ في شيء إال از َن ُه»‪.‬‬

‫أذى مػػف جي ارنػػؾ‪ ،‬فاصػػبر عمػػيهـ وعػػاتبهـ بايحسػػاف إل ػيهـ‪ ،‬تػػذكر أف‬ ‫‪‬قػػد تمقػػى ً‬ ‫النبي صمى اهلل عميو وآلو وسمـ قػاؿس «مػا زاؿ جبريػؿ يوصػيني بالجػار حتػى ظننػت‬ ‫أح ِسػػف معاممػػة جيرانػػؾ ابتغػػاء اعجػػر والث ػواب‪ ،‬موجػػداً بػػذلؾ أرض ػاً‬ ‫أنػػه سػػيورثه»‪ْ .‬‬

‫خصبة لستصاؿ بهـ ودعوتهـ لمعمؿ يعزاز الديف فيما بعد‪.‬‬

‫‪‬قػػد يكػػوف مػػف تخدمػػو‪ -‬يػػا حامػػؿ الػػدعوة‪ -‬عنػػدو تقص ػير فػػي الصػػسة‪ ،‬فعميػػؾ أف‬

‫تعمػػد أف تصػػحبه إلػػى‬ ‫تػذكره بأىميتيػػا‪ ،‬وبػػاآلخرة وبػػالوقوؼ بػيف يػػدي اهلل عػػز وجػػؿ‪ّ .‬‬ ‫المسػػجد وألكثػػر مػػف م ػرة كػػي تعينػػو عمػػى االلت ػزاـ بيػػا‪ ،‬وعميػػؾ أف تعينػػو عمػػى إتقػػاف‬

‫شروطيا وأركانيا وتحصيؿ أسباب الخشوع فييا كي تكوف خير زاد يومي لو‪ ،‬ودومػاً‬

‫ت ػربط ذلػػؾ بأىميػػة وجػػود ال ارعػػي الػػذي يعيننػػا عمػػى إقامػػة الصػػبلة‪ ،‬وال يسػػمح ألحػػد‬ ‫بتركيا‪ ،‬ويزيؿ العوائػؽ والحػواجز التػي تحػوؿ دوف شػد الرحػاؿ إلػى المسػاجد الثبلثػة‪،‬‬ ‫ويوحد الببلد والعباد‪ ،‬وتربط ذلػؾ بوجػوب العمػؿ إليجػاده مػف بػاب القاعػدة الشػرعيةس‬ ‫ما ال يتـ الواجب إال به فهو واجب‪ .‬وىكذا‪...‬‬

‫‪‬قد يكوف مف تتعامؿ معو مف النساء (و ينصػح ىنػا بتقميػؿ االحتكػاؾ بالنسػاء الػى‬

‫اء كػػف أقػػارب أو ذوات أرحػػاـ أو زبػػائف تجػػارة أو طالبػػات‬ ‫الحػػد االدنػػى الممكػػف) س ػو ً‬ ‫بيػػف قػػدر اإلمكػػاف و أثنػػاء ذلػػؾ ال بػػد مػػف‬ ‫عمـ‪ ،‬فيحػرص عمػى تقميػؿ االحتكػاؾ‬

‫‪111‬‬


‫لفت أنظارىف إلى وجوب االنقياد لكؿ ما أمر به ا‬

‫ذلؾ المباس الشرعي‪.‬‬

‫سبحانه وتعػالى و مػف ضػمف‬

‫سػػتجد كثيػرات مػػنيف يمبسػػف الخمػػار (غطػػاء الػرأس) دوف أف يمبسػػف الجمبػػاب مػػع أف‬

‫كمييم ػػا ف ػػرض أو تج ػػدىف يص ػػميف ويص ػػمف وال يرت ػػديف المب ػػاس الش ػػرعي‪ ،‬فعمي ػػؾ أف‬ ‫تمفت أنظارىف لذلؾ وربط ذلؾ بغياب الدولة وفسػاد اععػراؼ واعذواؽ والبيئػة ومػف‬ ‫ثـ اغتنـ الفرصة في الدعوة إلى العمؿ لمتغييػر ورذا كمه ال يكوف بيف حممة الدعوة‬

‫صغار السف أو الشباب و البنات‪ ،‬بػؿ يفضػؿ أف يكػوف بػيف الكبػار والبنػات والنسػاء‬ ‫كي ال يكوف مدعاة ألية شبية لحامؿ الدعوة مف ىنا أو ىناؾ (رحػـ ا‬

‫الريبة عف نفسه)‪.‬‬

‫امػرءا جػب‬

‫ىذه نماذج مف الناس الذيف نتعامؿ معيـ ونخدميـ فعميؾ أخي ‪-‬يا حامؿ الدعوة‪-‬‬ ‫ت َشخص كؿ ٍ‬ ‫حالة بشكؿ منفرد وأف تحسف التودد و بناء جسور المحبو دوف‬ ‫أف ُ َ‬ ‫أي تكمؼ‪ ،‬ودوف تممؽ أو كذب مع اآلخريف قبؿ بدء التوجيو والنصح والحظ أقوؿ‬ ‫التوجيه والنصح وال أقوؿ التوبيخ والنقد فالمصطفى صمى اهلل عميو وآلو وسمـ يقوؿ‬

‫«إف ا‬

‫عز وجؿ لـ يبعثني معنفاً ولكف بعثني معمماً ميس ارً»‬

‫ويقػػوؿ صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـس«يػػا عائشػػة إف ا‬

‫رفيػػؽ يحػػب الرفػػؽ ويعطػػي‬

‫عمى الرفؽ ما ال يعطي عمى العنؼ وما ال يعطي عمى ما سواو»‬

‫ا‬

‫[أخرجو أحمد] ‪.‬‬ ‫[مسمـ]‬

‫واإلنساف الذي تخاطبو عندما يشػعر بصػدؽ لهجتػؾ وحرصػؾ عميػه لنيػؿ رضػواف‬ ‫وخوفؾ عميه مف النار‪ ،‬فذلؾ يكوف أدعى أف يستجيب لؾ مف الذي يشعر أنؾ‬

‫تتكمؼ الكبلـ‪ ،‬وفقط توجو النقد لو والتػوبيخ والػذـ واالسػتيزاء فػاألخير سػينفر منػؾ و‬ ‫ينتظر لحظة صمتؾ أو خروجؾ مف المكاف وينظػر اليػؾ أنػؾ مس ٍ‬ ‫ػتعؿ عميػو متكبػر‪،‬‬ ‫مغرور وتظف أنؾ شيئا وأنت –في نظره‪ -‬ال شيء‪.‬‬

‫ي ِ َشكموف القاعػدة العريضػة مػف‬ ‫تنس أخي أنني أتكمـ عف عواـ الناس والذيف ُ‬ ‫‪ ‬ال َ‬

‫‪111‬‬


‫األمػػة‪ ،‬أمػػا المتنفػػذوف مػػنيـ؛ فمػػف تمػػتمس فيػػو شػػيئاً مػػف خيػػر فقػػؿ لػػو ق ػوالً لين ػاً لعمػػو‬ ‫يػ َّ‬ ‫ػذكر أو يخشػػى‪ ،‬وأمػػا إف عرفػػت ِكبػ َػرهُ واع ارضػػو‪ ،‬إسػػتعبلءه وظُممػػو‪ ،‬فػ ِ‬ ‫ػأعرض عنػػو‬ ‫وق ػػؿ ل ػػو ف ػػي نفس ػػو قػ ػوالً بميغػ ػاً‪ ،‬وال تت ػػردد البت ػػة بالص ػػدع بكمم ػػة الح ػػؽ أمام ػػو‪ ،‬يق ػػوؿ‬

‫المصطفى صمى اهلل عميو وآلو وسمـس« اال ال يمػنعف رجػس مهابػة النػاس اف يػتكمـ‬

‫بالحؽ إذا عممه اال اف أفضؿ الجهاد كممة حؽ عند سمطاف جائر » (احمد)‪.‬‬

‫‪‬فعمػػى حامػػؿ الػػدعوة أف يتػػذكر أنػػه خػػادـ لألمػػة وظيفتػػه أف يعمػػؿ فيهػػا ومعهػػا‬

‫ليرتقي بها ويأخذ بيػدرا لعػز الػدنيا واآلخػرة ويحػاوؿ جاىػدا أف يكسػب مػف صػفوفيا‬ ‫مػػف يعمػػؿ معػػو إلقامػػة دولػػة الخبلفػػة أو يؤيػػده فػػي ذلػػؾ‪ ،‬وفػػي أسػوأ األحػواؿ –إف لػػـ‬

‫يعمػػؿ ولػػـ يؤيػػد‪ -‬أف ال يعػػادي ويعرقػػؿ‪ ،‬و كػػؿ ذلػػؾ يػػتـ بػػإذف اهلل بحسػػف سػػموكؾ يػػا‬ ‫أخي و ُحسف َعرضؾ لئلسبلـ فك ار وسموكا ودعوة‪.‬‬

‫نور عمى نور‬ ‫ٌ‬

‫‪ َ‬سماـ عمى مف تعرؼ ومف ال تعرؼ مف المسمميف فقد قاؿ صمى اهلل عميو وآلو‬ ‫وسمـس« أوال أدلكـ عمى ٍ‬ ‫شئ إذا فعمتموو تحاببتـ‪ ،‬أفشوا السسـ‬

‫بينكـ»[مسمـ]‪.‬‬

‫‪« ‬ال تحقرف مف المعروؼ شيئا ولو أف تمقى أخاؾ بوجه طميؽ»‪].‬رواه مسمـ[‪ِ .‬أدـ‬ ‫التبسـ في وجو إخوانؾ فتبسمؾ في وجو أخيؾ صدقو يو ِجد المحبة‪ ،‬ويدخؿ‬ ‫السرور‪ ،‬ويبث التفاؤؿ و األمؿ فيمف تتعامؿ معو‪.‬‬

‫‪« ‬تصافحوا يذرب الغؿ‪ ،‬وتهادوا تحابوا وتذرب الشحناء»‬

‫[موطأ مالؾ]‬

‫ىكذا يقوؿ نبينا صمى اهلل عميو وآلو وسمـ فصافح المسمميف عند رؤيتيـ وخصوصا‬ ‫مػػف تشػػعر أنػػو قػػد يكػػوف بينػػؾ و بينػػو أي سػػوء تفػػاىـ أو شػػحناء فالمصػػافحة تػػذىب‬

‫‪112‬‬


‫الغػػؿ و تنػػزؿ عميػػؾ تسػػعيف رحمػػة وعمػػى مػػف تسػػمـ عميػػو عش ػرة رحمػػات كمػػا أخبرنػػا‬ ‫المصطفى صمى اهلل عميو وآلو وسػمـ وال يفتػرؽ المسػمماف المتصػافحاف اال وقػد غفػر‬ ‫ليما بفضؿ مف اهلل ورحمة‪.‬‬

‫‪ ‬شارؾ الناس في أفراحيا وأتراحيا وحاوؿ أف تكوف مع الناس حيث يكونوف بحاجتؾ‪.‬‬

‫‪ ‬ابتعػػد أخػػي عػػف كػػؿ مػػا قػػد يشػػيف أويجمػػب لػػؾ الريبػػة؛ كػػأف تسػػير فػػي الطريػػؽ‬

‫اع ػػؾ ب ػػذراع زوجت ػػؾ‪ ،‬أو كف ػػؾ ف ػػي كفي ػػا‪ -‬لغي ػػر حاج ػػة الم ػػرض‪ ،-‬أو أف تنق ػػؿ‬ ‫وذر ُ‬ ‫بمركبتؾ الخاصة امرأةً ِ‬ ‫سافرة‪ -‬مكشوفة الرأس‪ -‬وأنت تُ ْجمِ ُسيا بقُربِؾ حتى ولو كانت‬ ‫اختػػؾ او اقػػرب النػػاس إليػػؾ‪ ،‬تَ َجَّنػػب ذلػػؾ يػػا حامػ َػؿ الػػدعوة فػػاآلخروف ينظػػروف إلييػػا‬ ‫أنيا زوجتُؾ أو خاصَّتؾ‪ ،‬رحـ اهلل امرءاً َج َّ‬ ‫ب الريبةَ عف نفسو‪.‬‬ ‫‪ ‬اختػػر لياتفػػؾ الج ػواؿ رنين ػاً يميػػؽ بػػؾ؛ ال أف يكػػوف مػػف المعزوفػػات‪ ،‬أو مػػا يشػػير‬ ‫ألغاني الساقطيف والساقطات‪ ،‬فأنت حامؿ دعوة ولست رجؿ دعاية لمثؿ ىؤالء‪.‬‬

‫صة شعرؾ‪ ،‬فإنو مف ُح ِ‬ ‫سف السَّمت الذي أمر بو‬ ‫‪ ‬احرص أخي عمى ىندامؾ وقَ َّ‬ ‫ت الصالح‪،‬‬ ‫َّم َ‬ ‫نبيُّنا صمى اهلل عميو وآلو وسمـ بقولوس« إف اليَدي الصالح‪ ،‬والس ْ‬

‫واالقتصاد جزٌء مف خمسة وعشريف جزءاً مف النبوة»(رواه احمد) ‪ ،‬فاحذر مف أف‬ ‫ؾ ربي‬ ‫تشابو أحداً مف الكفار أو الساقطيف‪ ،‬ممف ُي َس َّم ْوا بنجوـ الفف والرياضة‪َ ،‬حِفظَ َ‬ ‫وس َّدد عمى الخير ُخطاؾ‪ ،‬وحشرؾ مع َمف تحب مف الصحابة األبرار‬ ‫ورعاؾ‪َ ،‬‬

‫ومف سار عمى دربيـ وتحمى بسيماىـ الى يوـ الديف ‪.‬‬ ‫والتابعيف األخيار َ‬ ‫‪ ‬عميؾ بالنصح لكؿ مسمـ مسترشدا باألمثمة المذكورة آنفاً‪ ،‬متذك ارً قولو تعالىس‬

‫« والعصػػر إف اينسػػاف لفػػي خسػػر‪ ،‬إال الػػذيف همن ػوا وعمم ػوا الصػػالحات‪ ،‬وتواص ػوا‬ ‫بالحؽ‪ ،‬وتواصوا بالصبر»‪.‬‬

‫‪ ‬احرص عمى رجراف المسمسست التمفزيونيػة والمسػرحيات واألغػاني وكػؿ مػا مػف‬ ‫شأنو أف يفسد عقمؾ وقمبؾ وذوقؾ وطبعؾ فالقمب والعقؿ إناءاف‪ ،‬وكػؿ إنػاء بمػا فيػو‬ ‫ينضػػح‪ ،‬فػػاحرص عمػػى أف تمػػؤل قمبػػؾ وعقمػػؾ بقػػوؿ اهلل سػػبحانو وتعػػالى وقػػوؿ رسػػوؿ‬ ‫اهلل صمى اهلل عميو وآلو وسمـ وأقػواؿ‬

‫الصػػحابة الكػراـ والعممػػاء والفقيػػاء‪ ،‬فعنػػدما‬

‫‪113‬‬


‫تػػدعو النػػاس يكػػوف كبلمػػؾ مػػف ىػػذا النبػػع الكػػريـ‪ ،‬بالمقابػػؿ فانػػو عنػػدما تَْنيَػػؿ مػػف‬ ‫َ ٍّ‬ ‫الم َمثٍّػػػؿ‬ ‫وسػػائؿ الميػػو المػػنظـ‪ ،‬المػػا ِجف‬ ‫المضػػػمؿ فػػػاف إنػػػاء عقمػػػؾ سينضػػػح بقػػػوؿ ُ‬ ‫الفسني وستعالج المسألة المعينػة حسػب رأي المطػرب الفبلنػي‪ ،‬فبػدؿ حمػؿ الػدعوة‬ ‫لمناس ورعاية شؤونيـ باإلسبلـ تصبح حامؿ دعاية لسغاني والمسمسست الموجكهػة‬

‫والمضػػػػمٍّمة‪ -‬ال س ػػمح اهلل ‪ -‬فمث ػػؿ ى ػػذه المسمس ػػبلت واألغ ػػاني تثي ػػر فين ػػا الخػ ػواطر‬ ‫المختمفػة ورػػي بمثابػػة بػػذور لمشػػيطاف يبػػذرىا فػػي القمػػوب فػػإف وجػ َػدت أرضػاً خصػػبة‬ ‫لتنمو وتتحوؿ الى رغبػات وارادات ومػف ثػـ الػى دوافػع‬ ‫بقبولؾ ليا ُ‬ ‫فسيسقييا الشيطاف َ‬ ‫تػػدفعؾ الػػى المعاصػػي والغفمػػة‪ ،‬فمقاومتػػؾ أخػػي حامػػؿ الػػدعوة واع ارضػػؾ عػػف ىػػذه‬ ‫المبلىي وىي خواطر أيسر عميؾ بكثير مف مقاومتيا واإلعراض عنيا بعد أف تكوف‬

‫إرادات وشػػيوات ودواف ػػع‪ ،‬واهلل خي ػ ٌػر حافظػػا وى ػػو أرح ػػـ ال ػراحميف‪ ،‬يق ػػوؿ المص ػػطفى‬ ‫صمى اهلل عميو وآلو وسمـس« ال يكوف الرجؿ مػف المتقػيف حتػى يػدع مػا ال بػأس بػه‬ ‫مخاف ًة مما به‬

‫بأس»‪[.‬رواه الترمذي]‪.‬‬

‫‪‬إحػػذر أخػػي حامػػؿ الػػدعوة مػػف اليبػػوط إلػػى مسػػتوى السػػوقة والتػػافييف عنػػد فرحػػؾ‬ ‫بنجػػاح أو زواج أو مػػا شػػابو ذلػػؾ‪ ،‬فمػػيكف فرحػػؾ شػػرعياً يتناسػػب مػػع مػػا تحمػػؿ مػػف‬

‫أفكػار ومفػػاىيـ عػػف الحيػاة الػػدنيا‪ ،‬وعػػف معنػى السػػعادة الحقيقػػي‪ ،‬وعػف كػػوف صػػبلتؾ‬

‫ونسكؾ ومحياؾ ومماتػؾ هلل رب العػالميف‪ ،‬فاحػذر كػؿ الحػذر مػف كونػؾ مسػمماً فػي‬

‫فكرؾ ودنيوياً أروائياً في مشاعرؾ‪ ،‬فتراؾ في حاؿ الفرح تغنػي وتتمايػؿ عمػى أنغػاـ‬

‫وم َس اممات‪ ،‬أدوات لمغرب يخاطبوف‬ ‫اوايقاع المجرميف والمجرمات الذيف ىـ ُم َس ام َ‬ ‫موف ُ‬ ‫غريزة النوع بكؿ مظاىرىا وُي َؤجاجونيا لتحويؿ أبناء وبنات أمة محمد صمى اهلل عميػو‬ ‫وآلو وسمـ إلى قطعاف بييمية تائيػة َى ُّميػا لقػاء المحبوبػة‪ ،‬تقبيميػا وعناقيػا‪ ،‬فػاإلختبلء‬ ‫ومػف لػـ ُي َع اػود َن ْف َسػوُ ويجاىػدىا مجاىػدةً حثيثػة عمػى‬ ‫بيا ومف ثَ​َّـ السقوط فػي الياويػة‪َ ،‬‬

‫الترفػػع عػػف مثػػؿ ىػػذه األغػػاني واألشػػرطة عمػػى مػػدى طويػػؿ فإنػػو سػػيجد مشػػاعره عنػػد‬

‫ػػؾ يػػػا حامػػػ َؿ الػػػدعوة‪..‬يا‬ ‫سػ َ‬ ‫الف ػػرح تتح ػػرؾ م ػػع تم ػػؾ المخزي ػػات ‪ -‬ال ق ػ َّػدر اهلل ‪ -‬فَ َن ْف ُ‬ ‫فسػػتُمَجامؾ بالنػػار يػػوـ القيامػػة‪ ،‬ونفسػػؾ‪..‬يا‬ ‫حبيػػػػػػػػب‪..‬إف لػ ػ ػ ػػـ تُْم ِج ْميػ ػ ػ ػػا بطاعػ ػ ػ ػػة‬

‫‪114‬‬


‫الرضاع‪.‬‬ ‫ش كب عمى حب ك‬ ‫حبيب كالطفؿ الرضيع إف لـ تفطمه َ‬ ‫ال يعني ذلؾ أبداً أف ال تَُراو َح عف نفسؾ‪ ،‬ولكف حتى في ترويحؾ عػف نفسػؾ عميػؾ‬ ‫أف تكوف مم كي ازً كالشامة بيف الناس مصباحاً يستضيئوف به في بحر كؿ الظممات‪،‬‬

‫ولػػؾ األجػػر العظػػيـ فػػي زمػػف الغربػػة أف تُحيػػي قػػوؿ رسػػوؿ اهلل صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو‬ ‫جئت به»‬ ‫أحدكـ حتى‬ ‫وسمـس«ال يؤمف ُ‬ ‫يكوف رواوُ تَ​َبعاً لِما ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫بإسناد صحيح]‪.‬‬ ‫[أخرجو النووي‬

‫‪ ‬ال تكثر النصح ألخيؾ فتقمقو‪ ،‬وكف معو متمطفا ناصحا لو بالسر دوف العمف‬ ‫معينا لو عمى الطاعة حربا معو عمى ىواه والشيطاف‪ ،‬متذك اًر قوؿ اإلماـ الشافعي‬

‫رحمو اهللس‬

‫تعمدني بنصحؾ في انفرادي‬ ‫فاف النصػح بػيف النػاس‬

‫فاف خالفػتني وعصيت قولي‬

‫‪‬‬

‫وجنػبني النصيػحة في الجماعة‬ ‫نوع مف التوبي ال ابػغي سماعه‬ ‫فس تػجزع إذا لـ تُعط طػػػاعة‬

‫إف واجيتؾ صعوبات وأذى مف الناس ومف أىمؾ ومف تدعوىـ فكف كالشجر‬

‫يرميو الناس بالحجر فيرمييـ بالثمر وليكف في ذلؾ قدوتؾ الرسوؿ صمى اهلل عميو‬ ‫وآلو وسمـ‪ ،‬فما فعمو أىؿ الطائؼ بو مف ضربو و شتمو و طرده فمع ذلؾ قاؿ‬ ‫«المهـ اغفر لقومي ف نهـ ال يعمموف» وعندما تمكف مف رقاب أىؿ مكة الذيف آذوه‬ ‫وصحابتو وأخرجوه مف دياره قاؿ ليـ صمى اهلل عميو وآلو وسمـس«إذربوا فأنتـ‬

‫الطمقاء«‪ ،‬وتذكر قولو صمى اهلل عميو وآلو وسمـ « مف كظـ غيظاً ورو يقدر أف‬

‫‪115‬‬


‫ينفذو دعاو ا‬

‫عمى رءوس الخسئؽ يوـ القيامة ‪ ،‬حتى يخيرو في أي الحور‬

‫العيف شاء » (رواه الترمذي) ‪.‬‬

‫وحممة الدعوه حري بيـ أف يترسموا خطى النبي األسوة صمى اهلل عميو وآلو وسمـ ‪،‬‬

‫في التحمي باألخبلؽ الفاضمة واألدب الرفيع‪ ،‬وىي مف أنجع الوسائؿ في الدعوه‪،‬‬

‫الخمؽ يعمؿ بالنفس ما ال تعممو‬ ‫حيث أف لساف الحاؿ يغني عف المقاؿ و حسف ُ‬ ‫عشرات النصائح والدروس‪ ،‬ومف ىنا نفيـ سر قولو صمى اهلل عميو وآلو وسمـ «‬ ‫مامف شيء في الميزاف أثقؿ مف حسف الخمؽ »‬

‫( أخرجو أبو داود) ‪.‬‬

‫وقولوس«إف الرجؿ ُليدرؾ بحسف ُخمُقه درجات قائـ الميؿ‪ ،‬وصائـ النهار»‬ ‫(أخرجو أبو داود(‪.‬‬

‫فحسف الخمؽ سجية تعمؿ عمى أسر القموب‪ ،‬واستمالة النفوس‪ ،‬واشاعة المحبة بيف‬

‫وح َممَةُ الدعوه ىـ أولى الناس بيذه الميمة ‪.‬‬ ‫أفراد المجتمع‪َ .‬‬ ‫وليكف عمر بف ذر رحمو اهلل مؤنسا لؾ عمى الطريؽ‪ ،‬فعندما شتمو رجؿ قاؿ لو‪ :‬يا‬

‫رػذا ال تفػرط فػي شػتمنا وابػؽ لمصػمح موضػعا ف نػا ال نكػافىء مػف عصػى ا‬ ‫بأكثر مف أف نطيع ا‬

‫فيه ‪.‬‬

‫فينػػا‬

‫( حمية اعولياء )‪.‬‬

‫‪ ‬ال تنػػتقـ لنفسػػؾ وحػػاوؿ دائمػػا أف تعفػػو عمػػف ظممػػؾ وأف تصػػؿ مػػف قطعػػؾ واف‬

‫تحسف لآلخريف رغػـ إسػاءتهـ إليػؾ وازىػد فػي الػدنيا يحبػؾ اهلل وازىػد بمػا فػي أيػدي‬ ‫الناس يحبؾ الناس‪.‬‬

‫‪ ‬إحرص أخي عمى أسموب الخطاب المناسب‪ ،‬فالخطاب مع المسمميف يختمؼ‬ ‫عف الخطاب مع الكفار‪ ،‬فميما اختمفت مع المسمميف‪ ،‬تذكرس«إنما المؤمنوف‬

‫إخوة»[الحجرات ‪« ،]46‬أذلة عمى المؤمنيف أعزة عمى الكافريف»[المائدة ‪« ،]41‬واخفض‬ ‫جناحؾ لممؤمنيف»[الحجر ‪ ،]11‬و إف كاف المسمـ الذي يخالفؾ الرأي يستند إلى شبية‬ ‫دليؿ فعميؾ محاججتو باألدلة وبصوت منخفض وبمطؼ ورحمة اواشفاؽ مع إبقاء‬ ‫الصمة قائمة حتى ولو لـ تتـ القناعة‪ ،‬شعارنا في ذلؾ منيج عممائنا الكراـ رحميـ‬

‫‪116‬‬


‫اهللس رأينا صواب يحتمؿ الخطأ ورأي غيرنا خطأ يحتمؿ الصواب‪ .‬فنتعاوف فيما‬ ‫إتفقنا عميو ويعذر بعضنا بعضا فيما اختمفنا فيو‪.‬‬ ‫‪ ‬إف كػػاف المخاطػػب عالمػػا أو أميػ ار أو صػػاحب صػػبلحية ففػػوؽ كػػؿ مػػا ذكػػر يجػػب‬ ‫مراعاة أدب الطاعة في الخطاب مع مف كػرميـ اهلل تعػالى عمػى سػائر النػاس «يرفػع‬ ‫ا‬

‫الذيف ءامنوا منكـ والذيف أُوتوا العمـ درجات»‬

‫[المجادلة]‪.‬‬

‫‪‬أما خطاب الكافر وخطاب القيادات السياسية المتآمرة الحاقدة فتمؾ تُجابو ٍ‬ ‫بتحد‬ ‫وسفور يميؽ بالمقاـ لتحطيـ فكرة الكفر وكشؼ المؤامرات‪ ،‬قدوتنا في ذلؾ‬ ‫ُ‬ ‫المصطفى صمى اهلل عميو وآلو وسمـ الذي خاطب صناديد قريش بقولو تعالىس‬ ‫وف ِمف ُد ِ ِ‬ ‫ب َج َه ّن َـ أنتُ ْـ لَ َها َو ِارُدوف»[ المؤمنوف‪ ،]71‬وقولو‬ ‫«إِّن ُك ْـ َو َما تَ ْع ُب ُد َ‬ ‫صُ‬ ‫وف ا َح َ‬ ‫تعالىس«والتُ ِط ْع ُك ّؿ ح ٍ‬ ‫طفّ ِفيف»‬ ‫سؼ َم ِهيف»[‪46‬القمـ]‪،‬وقولو تعالىس « َوْي ٌؿ ِل ْم ُم َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬

‫المكاف و ِ‬ ‫ِ‬ ‫المناسب ْيف‪.‬‬ ‫الزماف‬ ‫المناسب في‬ ‫األسموب‬ ‫[ المطففيف‪ ،]4‬وىكذا نستعم ُؿ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫البر في كتابو (مختصر جامع بياف العمـ وفضمو ‪( .‬ص‪ ))447‬س مف‬ ‫ابف َعبد َ‬ ‫‪‬يقوؿ ُ‬ ‫بركة العمـ وهدابه اينصاؼ فيه‪ ،‬ومف لـ ي ْن ِ‬ ‫ؼ َ َىـ‪ ،‬ولـ ُي ْف ِيـ‪ ،‬فإف‬ ‫صؼ لـ َي ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ص اوبؾ‪ ،‬وينصحؾ‪ ،‬فاقبؿ المراجعة‪،‬‬ ‫َ‬ ‫أخطأت أخي في مسألة أو رأي وجاء َمف ُي َ‬ ‫وأقبؿ مف أخيؾ كما تحب أف يقبؿ منؾ والرجوع عف الخطأ فضيمة عمَّمنا إياىا خير‬ ‫الخمؽ محمد صمى اهلل عميو وآلو وسمـ‪ ،‬وأصحابو الكراـ؛ فمنتأمؿ معاًس‬

‫عف أبي رافع بف خديج قاؿس قدـ النبي صمى اهلل عميو وآلو وسمـ المدينة‪ ،‬وىـ‬

‫يؤبروف النخؿ‪ .‬يقولوف يمقحوف النخؿ‪ .‬فقاؿس ( ما تصنعوف ) قالوا س كنا نصنعو ‪.‬‬ ‫قاؿ س ( لعمكـ لو لـ تفعموا كاف خي اًر لكـ ) فتركوه‪ .‬فنفضت أو فنقصت‪ .‬قاؿ فذكروا‬

‫ذلؾ لو فقاؿس « إنما أنا بشر إذا أمرتكـ بشيء مف دينكـ فخذوا به‪ ،‬اواذا أمرتكـ‬ ‫بشيء مف رأي ف نما أنا بشر » (رواه مسمـ) ‪.‬‬ ‫مف سياؽ الحديث يتضح لنا بشرية النبي صمى اهلل عميو وآلو وسمـ‪ ،‬وأنو يخضع‬

‫‪117‬‬


‫لؤلحواؿ التي تعتري البشر مف النسياف والخطأ في غير التشريع‪ .‬أما في مقاـ‬ ‫التشريع فبل يجوز عميو ذلؾ أبدا‪ ،‬وتعالوا بنا لننظر إلى صحابة رسوؿ اهلل صمى‬ ‫اهلل عميو وآلو وسمـ لنرى كيؼ ترسموا خطى نبييـ عميو أفضؿ الصبلة والتسميـ‬

‫فمف ذلؾ س‬

‫‪ ‬ما رواه مسروؽ قاؿ س ركب عمر بف الخطاب منبر رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو‬

‫وآلو وسمـ ثـ قاؿس أييا الناس ما إكثاركـ في صداؽ النساء وقد كاف رسوؿ اهلل‬ ‫الص ُدقات فيما بينيـ أربعمائة درىـ‪ .‬فما دوف‬ ‫صمى اهلل عميو وآلو وسمـ وأصحابو و َ‬ ‫ذلؾ‪ .‬ولو كاف اإلكثار في ذلؾ تقوى عند اهلل أو كرامة لـ تسبقوىـ إلييا ‪ .‬فؤلعرفف‬ ‫ما زاد رجؿ في ِ‬ ‫صداؽ امرأة عمى أربعمائة درىـ‪ .‬قاؿس ثـ نزؿ فاعترضتو امرأة مف‬

‫قريش فقالت س يا أمير المؤمنيف نييت الناس أف يزيدوا في مير النساء عمى‬

‫أربعمائة درىـ ‪ ،‬قاؿس نعـ‪ .‬فقالت أما سمعت اهلل يقوؿس‬ ‫«وءاتيتـ إحدارف قنطا ارً»اآلية قاؿس فقاؿ المهـ غف ارً‪ ،‬كؿ الناس أفقه مف عمر‪ .‬ثـ‬

‫رجع فركب المنبر فقاؿ‪ :‬أيها الناس إني كنت نهيتكـ أف تزيدوا النساء في‬ ‫صدقاتهف عمى أربعمائة دررـ فمف شاء أف يعطي مف ماله ما أحب‬

‫(تفسير ابف‬

‫كثير)‪.‬‬

‫‪ ‬عف محمد بف كعب القرظي قاؿس سأؿ رجؿ عمياً بف أبي طالب عف مسألة فقاؿ‬

‫فييا‪ ،‬فقاؿ الرجؿس ليس كذلؾ يا أمير المؤمنيف‪ ،‬ولكف كذا كذا ‪ ،‬فقاؿ عمي رضي‬

‫أخطأت وفوؽ كؿ ذي عمـ عميـ‪.‬‬ ‫أصبت و‬ ‫ا عنه‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫البف عبد البر ( ص‪ )496‬اهلل أكبر انظر أخي إلى أصحاب محمد‪ ،‬كيؼ يضربوف‬ ‫( مختصر جامع بياف العمـ وفضمو‬

‫أروع األمثمة في الشجاعة‪ ،‬واإلنصاؼ‪ ،‬ولو كاف عمى حساب النفس‪ ،‬وىذا واهلل‬ ‫ليزيد المرء ع اًز ورفعة‪ ،‬وال ينقص مف قدره شيئاً‪ ،‬ومف ظف غير ذلؾ فقد حاد عف‬ ‫جادة الصواب ‪.‬‬

‫‪‬إحذر يا حامؿ الدعوة مف ثبلثة أمور تفسد عميؾ السير في الدعوة وتُحبط عممؾ‬

‫‪118‬‬


‫كنت فيياس‬ ‫وتنتيي بؾ خارج الصفوؼ واف َ‬ ‫أولهاسحب الرئاسة والمركزية والمكانة‪ ،‬تنسى أنؾ خادـ هلل ولمدعوة ولمناس ِ‬ ‫فيحرفؾ‬ ‫ٍ‬ ‫الشيطاف عف غايتؾ الحقيقية مف قُ ٍ‬ ‫سفمي زائؿ‬ ‫مطمب‬ ‫رب هلل سبحانو إلى‬ ‫ٍ‬

‫ثانيها ‪ :‬المكايدة والمعاندة وحب البروز والظيور عمى اآلخريف‪.‬‬

‫ثالثها ‪ :‬العمؿ ببل نية وال قصد‪ ،‬وانما مجاممة وحب ثناء وتبجيؿ ‪.‬‬ ‫قطعت عنؽ صاحبؾ س‬ ‫‪‬‬ ‫َ‬ ‫جبل يمدح رجبل في وجيو قاؿس« ويحؾ‬ ‫لما سمع رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ ر ً‬ ‫قطعت عنؽ صاحبؾ»(رواه مسمـ) فحممة الدعوة يخاؼ عمييـ مف المدح وكثرة الثناء‬

‫ومعيف الزىو‪ ،‬فبل تُفسدوا قموب إخوانكـ باالطراء وكثرة المديح‪،‬‬ ‫فإنو مادة ُ‬ ‫العجب َ‬ ‫واستغفروا ليـ اهلل بظير الغيب وادعوا ليـ بالسداد ‪.‬‬

‫وحمدهُ سبحانو عمى فضمو وتوفيقو‬ ‫‪‬االعتراؼ بالتقصير‪ ،‬ومداومة التذلؿ إلى اهلل‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ونسبة كؿ ٍ‬ ‫نزكي أنفسنا وأف‬ ‫خير إليو‪ ،‬واإلشفاؽ مف عذابو وسرعة حسابو وذلؾ بأال‬ ‫َ‬

‫فاخرةُ باألعماؿ واإلكثارمف اؿ(أنا‪..‬وفي رأيي‪ ،..‬وأرى‪ ..‬والصحيح‪..‬‬ ‫الم َ‬ ‫نبتعد عف ُ‬ ‫مرضو‪،‬‬ ‫مع نفخة الصدر‪ ،‬وامالة الرأس‪ )...‬فيذه كميا ُح َّمى تصيب االخبلص فَتُ ُ‬

‫الصدؽ وطمب األجر مف اهلل تعالى‪،‬‬ ‫والياالت وتِعداد األعماؿ والتسميع ينافي‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫يوـ ال ينفعُ‬ ‫فَتَ​َرفع أخي حامؿ الدعوة عف كؿ ىذا‪ ،‬واجعمو ُذخ اًر لؾ في اليوـ القريب َ‬

‫ما ٌؿ وال بنوف إال مف أتى اهلل ٍ‬ ‫بقمب سميـ ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وأف نتَّيـ أنفسنا وأف نعترؼ بالتقصير‪ ،‬ذاكريف ومستذكريف قولو تعالىس «ولوال فضؿ‬ ‫ا‬

‫عميكـ ورحمته ما زكى منكـ مف أحد أبداً ولكف ا‬

‫يزكي مف يشاء »‬

‫النور(‪ ،)94‬وقولَوُ‪ «:‬فس تزكوا أنفسكـ رو أعمـ بمف اتقى»النجـ(‪ .)59‬نبذؿ ونجاىد‪،‬‬ ‫ندعو ونسعى ونقوؿس مذنبوف نحف‪ ،‬نكتب ونخطُ ُ ب ونحاضر ونؤلؼ ونقوؿس‬

‫‪119‬‬


‫صروف نحف‪ ،‬ولنذكر مقولة عمر بف الخطاب رضي اهلل عنوس لو نادى ٍ‬ ‫مناد يوـ‬ ‫مق ا‬ ‫القيامة كؿ الناس في الجنة أال واحدا لخشيت أف يكوف عمر وىو الذي قاؿ في‬

‫حقو صموات اهلل عميو‪ ،‬عف عقبة بف عامر رضي اهلل عنو قاؿ سمعت رسوؿ اهلل‬ ‫صمى اهلل عميو وسمـ يقوؿس« ‪ ..‬لو كاف بعدي نبي لكاف عمر بف الخطاب»‬ ‫(لمستدرؾ عمى الصحيحيف) س ‪.‬‬

‫الكماؿ هلل وحده األحد‪ ،‬والعصمة لرسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وآلو وسمـ‪ ،‬وهلل الفض ُؿ‬ ‫وِ‬ ‫ٍ‬ ‫كثررـ ال‬ ‫ك‬ ‫فضؿ عمى الناس‬ ‫المَّنة‪ ،‬ومنو التوفيؽ والسداد‪ « ،‬اوا كف ربؾ لذو‬ ‫ولكف أ َ‬ ‫الحمد يا ا‬ ‫الحمد عمى الرضى ولؾ‬ ‫رب حتى ترضى ولؾ‬ ‫يشكروف»(النمؿ ‪ ،)95‬فمؾ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫الحمد عمى حمدنا إياؾ‪.‬‬

‫إلى حامست الدعوة‬

‫فػي عصػور اإلسػبلـ الفاضػمة اشػتيرت صػحابيات وتابعيػات ونسػاء فقييػات عالمػػات‬ ‫وأديبػػات وشػػاعرات حممػػف ل ػواء الػػدعوة والعمػػـ‪ ،‬وانطمقػػف ينش ػرنو فػػي أرجػػاء المعمػػورة‬ ‫فػػانتفع بعمميػػف الكثيػػر‪ ،‬فكػػانوا أقمػػا ار و شموسػػا فػػي سػػماء اإلسػػبلـ السػػاطعة‪ ،‬وكفانػػا‬ ‫أمنا أـ المؤمنيف خديجػة رضػي ا‬ ‫فخ اًر أف يكوف عمى رأس ىؤالء الكريمات ُّ‬

‫تعػالى‬

‫حبيبنػػا وقػػدوتنا صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـ مرتجف ػاً وجػػد عنػػدىا‬ ‫عنهػػا‪ ،‬عنػػدما جاءىػػا ُ‬ ‫الصػػدر ال ػػدافئ‪ ،‬فآمن ػػت ب ػػو وكان ػػت خي ػػر س ػ ٍ‬ ‫ػند ل ػػو ومع ػػيف‪ ،‬فكان ػػت أىػ ػبلً ِلُي ْق ِرئي ػػا اهلل‬ ‫سػػبحانو السػػبلـ عمػػى لسػػاف رسػػولو األمػػيف جبريػػؿ عميػػو السػػبلـ ويبشػػرىا بقصػ ِػر مػػف‬ ‫صب‪ ،‬وكفانػا فخػ اًر أف تكػوف أمنػا أـ المػؤمنيف‬ ‫ص َخ َ‬ ‫ب فيو وال َن َ‬ ‫القصب في الجنة‪ ،‬ال َ‬ ‫عائشػػة بنػػت الص ػ َّػديؽ رضػػي اهلل عنيم ػػا التػػي قػػاؿ ف ػػي حقيػػا ص ػػمى اهلل عميػػو وآل ػػو‬

‫وسمـس«خذوا نصؼ دينكـ عف رذو الحميراء» وقد فعمت جزاىا اهلل عنا خيػر الجػزاء‪،‬‬

‫‪121‬‬


‫فَػ َػرَوت عنػػو صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـ الكثيػػر الكثيػػر مػػف األحاديػػث وعممتنػػا الكثيػػر‬ ‫الكثير مف شؤوف حياتنا الخاصة والعامة‪.‬‬ ‫يا أخت أسماء ذات النطاقَيف تذكري ما بذلتو تمػؾ الكريمػة مػف جيػد لتخػدـ صػاحب‬ ‫ػديـ‬ ‫الػػدعوة صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـ وصػػاحبو الكػػريـ رضػػي اهلل عنػػو وحػػاولي تقػ َ‬ ‫بعػػض مػػا قػػدمت ِلتُح َشػػري معيػػا بفضػػؿ اهلل وتوفيقػػو‪ ،‬يػػا حفيػػدة أـ حبيبػػة أـ المػػؤمنيف‬

‫رضي اهلل تعالى عنيا تذكري كيؼ طوت فراش رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وآلو وسػمـ‬

‫ػس عميػػو أبوىػػا بنجاسػػة ُكف ػره آنػػذاؾ‪ ،‬حػػاولي التمتػػع بمفاصػػمتيا فػػي ال ػوالء‬ ‫كػػي ال يجمػ َ‬ ‫لومػة الئـ‪.‬يػا‬ ‫حتى ولو ألقػرب النػاس بالػدـ فنعػادي َمػف عػادى اهلل وال نخشػى فػي اهلل َ‬ ‫ػبر تمػؾ الكريمػة التػي أبػت أف تَ ُس َّ‬ ‫ػب النبػي صػمى‬ ‫حفيدةَ سمية اصبري عمى الحػؽ ص َ‬ ‫أصرت عمى التوحيد واإلنتماء ودفعت حياتيا رخيصػةً لقػاء ذلػؾ‬ ‫اهلل عميو وآلو وسمـ و َّ‬ ‫لتمقى اهلل وىو عنيا راض‪.‬‬

‫أيت أـ عمارة تُقاتؿ دونػي‪،‬‬ ‫ُحد – إال ور ُ‬ ‫إحرصي يا أمة اهلل أف تُح َشري َم َع رة – في أ ُ‬ ‫فكانػػت تُرس ػاً تتمقػػى بجسػػميا السػػياـ والرمػػاح عػػف النبػػي صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـ‬ ‫حتى يظ ِير اهلل َ ِ‬ ‫باي َعػت‬ ‫دينوُ بعػأـ عمػارة ُنسػيبة المازنيػة رضػي اهلل تعػالى عنيػا التػي َ‬ ‫ُ َ‬ ‫َّ‬ ‫النبػي صػمى اهلل عميػو وآلػو وسػمـ عمػى القتػػاؿ و ُّ‬ ‫ووفػت حتػى قػاؿ فػػي‬ ‫النص َػرة َ‬ ‫فصػدقت َ‬ ‫حقيا صمى اهلل عميو وآلو وسمـسما التفت ُيمنةً وال ُيس ِز المسمميف وُذ اؿ الكافريف‪.‬‬ ‫واستكماالً لحمؿ الدعوة الكريمة عمى نهج المصطفى صمى ا عميه وهلػه وسػمـ‬

‫‪ ،‬نقػػدـ لألخػػت المسػػممة حاممػػة الػػدعوة لمحػػات يسػػيرة فيمػػا يجػػب أف تكػػوف عميػػه‬ ‫لتػػنجح دعوتهػػا الػػى ا‬

‫ولتكػػوف عمػػى نيػػج ى ػؤالء الكريمػػات البلئػػي سػػبقنيا صػػانعةً‬

‫لمرجاؿ أماً وربة بيت‪ ،‬حاممةً لمدعوة‪ ،‬آمرةً بالمعروؼ ناىيةً عف المنكر‪ ،‬دائمةَ العمؿ‬ ‫والعطاء إلعزاز ديف اهلل في األرض كما يحب ربنا ويرضى‪.‬‬ ‫‪‬حاممة الدعوة ستأتمؼ مع البعيدة‪ ،‬وتربي القريبة‪ ،‬وتداوي القموب‪،‬قاؿ الشاعرس‬ ‫إحرص عمى حفظ القموب مف اعذى‬ ‫إف القػموب إذا تنػػافر ودرػػا‬

‫‪121‬‬

‫فرجوعها بعػد التنافر يصعب‬ ‫مثؿ الزجاج كسررا ال يشعب‬


‫بالكممة الطيبة‪ ،‬باالبتسامة الصادقة وبعاطفة األـ الداعية الراعية سيمكنؾ ذلؾ اف‬ ‫شاءاهلل‪.‬‬ ‫‪ ‬حاممة الػدعوة س إذا قرعػت فقيػرة بابيػا ذكرتيػا بفقرىػا إلػى اهلل عػز وجػؿ‪ ،‬فأحسػنت‬ ‫إلييا‪ ،‬قاؿ اهلل تعالىس«يا أيها الناس أنػتـ الفقػراء إلػى ا وا رػو الغنػي الحميػد»‬ ‫[فاطر ‪ ،.]44‬فبل تنير سائبلً وال تبخؿ عمى نفسيا بثواب الصدقة ولو بِ ِشؽ تمرة‪.‬‬

‫‪ ‬حاممة الدعوة س تعمـ أنيا بأخواتيا‪ ،‬فاف لـ تكف بيف فمف تكوف بغيرىفس«سنشد‬ ‫عضدؾ بأخيؾ ونجعؿ لكـ سمطانا» [القصص ‪ ،.]54‬فدوماً تتفقد أحواليف‪ ،‬تصؿ مف‬

‫قطعيا وتعفو عمف ظمميا وتحسف إلى مف أساء إلييا واذا عرضت ليا غيبة أو‬ ‫ذكرت مف معيا ِ‬ ‫نميمة َّ‬ ‫بعظـ إثـ ذلؾ وتعاونت معيف عمى البر والتقوى‪ ،‬فتغير‬ ‫موضوع الحديث‪ ،‬لتصرؼ األذىاف عما فيو معصية واثـ‪.‬‬

‫‪ ‬حاممػة الػػدعوة س ال تنتظػر المػػدح فػي عمميػػا مػف أحػػد‪ ،‬إنمػا تنظػػر فػي عمميػػا ىػػؿ‬ ‫يص ػػمح لآلخػ ػرة أـ ال يص ػػمح في ػػي دائم ػػا تُص ػػوب و ترتق ػػي إل ػػى األفض ػػؿ‪ ،‬وتحس ػػف‬ ‫لجاراتيػػا وأقاربيػػا دوف أف تنتظػػر أي مقابػػؿ دنيػػوي وىػػي دائم ػاً متطمعػػة طامعػػة فيمػػا‬

‫عند اهلل تبارؾ وتعالى‪ ،‬تتحيف الفرصة المناسبة لػدعوة اآلخػريف إلػى اسػتئناؼ الحيػاة‬

‫اإلسبلمية بإقامة دولة الخبلفة الراشدة الثانية بإذف اهلل‪.‬‬

‫ػخر مني ػػا‪ ،‬ف ػػاف لمق ػػدر َكػ ػرات‪ ،‬و ق ػػد‬ ‫‪ ‬حامم ػػة ال ػػدعوة س إذا رأت أختػ ػاً مفتون ػػة ال تس ػ ُ‬ ‫عمَّمنػػا النبػػي صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـ أف «ال تظيػػر الشػػماتة بأخيػػؾ فيعافيػػو اهلل و‬

‫يبتميػػؾ» [مسػػند الشػػامييف]‪ ،‬وبػػدؿ ذلػػؾ تحمػػد اهلل عمػػى العافيػػة و تػػدعو ألختيػػا المسػػممة‬ ‫بالشفاء‪.‬‬

‫‪ ‬حاممػػة الػػدعوة س تجعػػؿ مػػف بيتيػػا مشػػغبل صػػغي ار تنفػػع بػػو الػػدعوة والمحتػػاجيف كػػأـ‬ ‫المس ػػاكيف(زينب) رض ػػي اهلل عني ػػا‪ ،‬و بيتي ػػا دائم ػػا ع ػػامر بالطاع ػػة تعمُّم ػػا وتعمَّيم ػػا‪،‬‬ ‫وترعى بنات حممة الدعوة الذيف أوقفوا وقتيـ كمو لمدعوة‪ ،‬و العمؿ إلعزاز ىذا الديف‬

‫بعيدا عف األىؿ والبيت‪.‬‬ ‫‪.‬‬

‫‪122‬‬


‫‪ ‬حاممة الدعوة س تعطػي حػؽ زوجيػا فػي التبتػؿ والتػزيف والَ َتبعُّػؿ‪ ،‬فػذلؾ يعػدؿ أجػر‬ ‫المجاىد في سبيؿ اهلل كما ال تنسى حؽ دعوتيا حتػى تكػوف مػف صػويحبات خديجػة‬ ‫رضي اهلل عنيا‪.‬‬ ‫‪ ‬حاممة الدعوةس مصباح خير وىدى في دروب التػائييف‪ ،‬تعػيف ىػذه عمػى النائبػات‬ ‫و تضمد جراح تمؾ‪ ،‬و تشد عضد سائر أخواتيا العامبلت لمثبات عمى طريػؽ إقامػة‬

‫حكـ اهلل في األرض‪.‬‬

‫‪ ‬حاممػػة الػػدعوةس تعمػػـ أف منياجيػػا حبػػر عمػػى ورؽ إف لػػـ تُ ْحيِػ ِػو بروحيػػا و حسػػيا‬ ‫وصدقيا وسموكيا و جيدىا المتواصؿ‪ ،‬لتكوف قرآنا يسير عمى األرض‪.‬‬ ‫‪ ‬حاممػػة الػػدعوةس ال تيػػدأ مػػف التفكيػػر فػػي ابتكػػار أسػػاليب جديػػدة فػػي الػػدعوة تنفػػع‬ ‫المسػػمميف و تعػػيف الػػدعاة عمػػى المضػػي قػػدما نحػػو خبلفػػة ارشػػدة ثانيػػة عم ػى منيػػاج‬

‫النبػوة«قػؿ إف صػستي و نسػػكي و محيػاي و ممػاتي‬

‫رب العػالميف» [األنعػػاـ ‪]469‬‬

‫متذكرةً أبا ٍ‬ ‫بكر الصديؽ رضي اهلل عنو‪ ،‬فعندما منعػوه مػف الصػبلة وقػراءة القػرآف إال‬ ‫فػػي بيتػػو ابتنػػى مسػػجداً فيػػو وأخػػذ يرفػػع صػػوتو بػػالقراءة ممػػا جعػػؿ النسػػاء واألطفػػاؿ‬ ‫ينقذفوف عميو لسماع القرآف فكاف أسموباً رائعا‪.‬‬

‫‪‬حاممة الدعوةس لسانيا دائـ الذكر واالستغفار واذا غضبت مف أحد فإنيا تدعو لو‬

‫باليدى والمغفرة والرضا والسداد وال تدعو عمى أبنائيا أو أبناء المسمميف وال تشتـ‬ ‫َّ ِ‬ ‫َّ‬ ‫أحدا وال تسبو‪ ،‬فعف ج ٍ ِ‬ ‫صمّى اهللُ َعمَْي ِو‬ ‫َ َ‬ ‫رسو ُؿ المو َ‬ ‫ابر َرض َي المو َع ْنو قاؿس قَاؿ ُ‬ ‫تدعوا عمى أَو ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫الد ُكـ‪ ،‬وال تَ ْد ُعوا عمى أ َْم َوالِ ُكـ‪ ،‬ال‬ ‫دعوا َعمى أَ ْنفُس ُكـ‪َ ،‬وال ْ ُ َ‬ ‫وسمـس« ال تَ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك‬ ‫جيب لَ ُكـ »] رواه مسمـ[‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫في‬ ‫‪،‬‬ ‫طاء‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫يه‬ ‫ف‬ ‫ؿ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫ساعة‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ق‬ ‫اف‬ ‫تُو ُ َ‬ ‫ُ ُ َ َ ً َ َْ َ‬ ‫‪ ‬حاممػػة الػػدعوة‪ :‬تطيػػب حياتيػػا باإليمػػاف والعمػػؿ الصػػالح ال بزخػػارؼ الػػدنيا‪ ،‬قػػاؿ‬

‫تعػػالىس «مػػف عمػػؿ صػػالحاً مػػف ذكػػر أو أنثػػى ورػػو مػػؤمف فمنحيينػػه حيػػاة طيبػػة‬ ‫ولنجزينهـ أجررـ بأحسف ما كانوا يعمموف»‬

‫‪123‬‬

‫[النحؿ ‪.]79‬‬


‫‪ ‬حاممة الدعوةس تكوف دائماً عمى تأىب لمقاء اهلل واف نامت عمى الحريػر والػذىب‪.‬‬

‫قاؿ تعالىس «واتقوا ا واعمموا أنكـ مسقوو وبشر المؤمنيف» [البقرة ‪.]995‬‬

‫‪ ‬حاممة الدعوةس ال تأسؼ عمى ما فات‪ ،‬وال تفرح بما ىو آت مف متاع الدنيا‪ ،‬ولو‬ ‫أُعطيػػت ممػػؾ سػػميماف لػػـ يشػػغميا عػػف دعػػوة اهلل طرفػػة عػػيف‪ .‬قػػاؿ تعػػالىس «لكػػي ال‬

‫تأسوا عمى مػا فػاتكـ وال تفرحػوا بمػا هتػاكـ وا‬

‫‪.]95‬‬

‫ال يحػب كػؿ مختػاؿ فخػور»‬

‫[الحديػد‬

‫‪ ‬حاممة الدعوةس تسأؿ اهلل دائماً الثبات عمى اإليمػاف‪ ،‬ال ترجػو غيػر اهلل وال تخػاؼ‬

‫إال اهلل‪ ،‬متوكم ػػة عمػ ػػى اهلل و ارضػ ػػية بقضػ ػػائو‪ ،‬ماضػ ػػية إلسػ ػػتئناؼ الحيػ ػػاة اإلسػ ػػبلمية‬ ‫بإيجاد دولة الخبلفة ال تخشى في اهلل لومة الئـ‪.‬‬

‫‪ ‬حاممة الدعوةس أوالدىا مؤدبوف دعاةٌ قدوة‪ ،‬تَ​َربوا في بيػت ديػف وعمػـ‪ ،‬فيػي مشػعؿ‬ ‫َّ‬ ‫الموج ػػو‬ ‫ن ػػور تيت ػػدي ب ػػو األمي ػػات ف ػػي تربي ػػة أبن ػػائيف ف ػػي دي ػػاجير ظمم ػػات اإلع ػػبلـ‬ ‫ومناىج التعميـ المضمامة كما أنيا مشعؿ نور ليف كزوجة وكصديقة وحاممة دعوة‪.‬‬ ‫‪ ‬حاممػػػة الػػػدعوةس تص ػػبر عم ػػى ال ػػدعوة إل ػػى اهلل‪ ،‬واألم ػػر ب ػػالمعروؼ والني ػػي ع ػػف‬

‫المنكر‪ ،‬وتصبر عمى إصبلح عيوب أخواتيا‪ ،‬وال تتعجػؿ وال تظػف بأحػد الكمػاؿ‪ ،‬بػؿ‬ ‫تنصح بمطؼ وتتابع باىتماـ وال ِ‬ ‫تيمؿ‪.‬‬ ‫‪ ‬حاممػػة الػػدعوة ستبتعػػد عػػف كػػؿ مػػا قػػد ُيسػػيئ إلييػػا أو إلػػى دعوتيػػا وتترفػػع عػػف‬ ‫الكثير مف المباحات لِتَْرتَِقي بنفسيا إلى منزلة المتقيف‪.‬‬ ‫اصفات الشرعية‪ ،‬واحذري أف‬ ‫‪ ‬احرصي يا أمة اهلل عمى اختيار جمبابؾ ليكوف بالمو َ‬ ‫وتجَّنبػي األلػواف التػي تمفػػت النظػر كػػي ال تػأثمي‪ ،‬احرصػػي‬ ‫ال يكػوف زينػػة فػي نفسػػو‪َ ،‬‬

‫الع ػػورة‪ ،‬وف ػػي‬ ‫عم ػػى تغطي ػػة الق ػػدميف فكثي ػ ٌػر م ػػف الن ػػاس ال يتنبي ػػوف إل ػػى أنيم ػػا م ػػف َ‬ ‫ػاء ِؾ‬ ‫مبلبسػػؾ فػػي الحيػػاة الخاصػػة احرصػػي عمػػى اف يتػػوفر فػػي لباسػػؾ مػػا يعكػػس حيػ َ‬ ‫إليؾ ولو أنؾ بيف محارِمػؾ‪ ،‬حِفظَ ِػؾ ربػي ورع ِ‬ ‫وحشمتِؾ ومراعاة نظر اهلل ِ‬ ‫أعان ِػؾ‬ ‫ػاؾ و َ‬ ‫َ‬ ‫وس َّدد عمى الحؽ ُخطاؾ‪.‬‬ ‫عمى ِح ْممِ ِؾ في زمف ُ‬ ‫خير الجزاء َ‬ ‫الغربة وجزاؾِ اهلل َ‬

‫‪124‬‬


‫أخي حامؿ الدعوة ‪...‬‬

‫إليؾ بعض المواقع عمى شبكة المعمومات الدولية ‪ INTERNET‬انتي تعينك عهى انرجىع‬ ‫ى وجىىو و‬ ‫إنىىى انكتىىو و انمالىىا ق و قاعىىاق اننالىىا و انتىىي تتعهىىة عحمىىم انىىهعى عهىىى‬ ‫تزودك عأخبار انم همي عامة و خبار انهعى خاصة في جميع نحاء انعانم‪:‬‬ ‫‪www.hizb-ut-tahrir.org‬‬ ‫‪www.al-aqsa.org‬‬ ‫‪www.alokab.com‬‬ ‫‪www.alummah-voice.org‬‬ ‫‪www.alwaie.org‬‬ ‫‪www.khilafah.com‬‬

‫أخي الحبيب حامؿ الدعوة‪...‬‬

‫احرص عمى اقتناء خارطة سياسية لمعالـ تتعرؼ عمييا وتستخدميا فػي فَ ْيػـ وتحميػؿ‬ ‫أف وظيفتػػؾ حم ػ ُؿ الػػدعوة لمعػػالـ كافػػة‪،‬‬ ‫األخبػػار التػػي تجػػري وتتجػػدد يوميػػاً‪ ،‬متػػذك اًر ّ‬ ‫ػوء ِة النبػػي صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـ «سػػيبمغ رػػذا الػػديف مػػا بمػػغ الميػػؿ و‬ ‫لتحقيػػؽ نبػ َ‬ ‫النهار» (رواو احمد)‪.‬‬

‫‪125‬‬


‫ُخسصة مواقؼ حامؿ الدعوة‬ ‫اععماؿ‬

‫موقؼ حامؿ الدعوة‬

‫الشهادة‬ ‫الصَلة‬

‫يقوَلا دائماً ويعمل حبقها وُياىد ِف سبيلها‬

‫يصلي الفرائض ويتطوع بالنوافل وحيافظ عليها‬

‫الصوم‬

‫يصوم رمضان ويتطوع بصيام النوافل دائماً‬ ‫يزكي مالو ويتصدق بالسر والعَلنية‬

‫اْلج‬

‫حيج الفريضة ويتطوع كلما استطاع ذلك‬

‫الصرب‬ ‫اْلِلم‬

‫صابراً على البَلء واملصائب شاكراً هلل حمتسباً عليو‬ ‫يكظم غيظو ويعفو ويصفح وَل حيقد على أحد‬

‫اْلياء‬

‫يستحيي من اهلل ومن الناس بالسر والعَلنية‬

‫الصدق‬

‫صادق مع اهلل ومع الناس فيحافظ على عهده ووعده‬

‫أداء الشهادة‬

‫صادق بقولو َل حيلف َل كاذباً وَل صادقاً‬ ‫حسن اْللق متواضع َلْي اجلانب َل يؤذي أحدا‬

‫الزكاة‬

‫حسن اْللق‬ ‫الكرم والسخاء‬

‫كرمي سخي يكرم مجيع الناس وَل خيشي الفقر‬

‫اْلمر باملعروف‬

‫يعمل املعروف مع مجيع الناس ويأمر بذلك دائماً‪ ،‬وإن مل يكونوا أىَلً‬ ‫لذلك‪ ،‬فهو أىلو‪.‬‬

‫‪126‬‬


‫النهي عن املنكر‬

‫ينهى عن املنكر دائماً ويغضب دمن يعملو وينهى عن ذلك بلسانو ويده‬ ‫وقلبو‪.‬‬

‫الوفاء بالعهد‬

‫يوِف بوعده وعهده وحيافظ على ذلك‪.‬‬

‫نصرة املظلوم‬

‫يسعى لنصرة املظلوم دائماً ويقف جبانبو‪.‬‬

‫إغاثة امللهوف‬ ‫الشفاعة‬

‫يغيث امللهوف ويسعى ملساعدتو دائماً‪.‬‬ ‫يشفع باْلسىن ويساعد احملتاجْي دائماً‪.‬‬

‫الشكر على املعروف‬

‫يشكر صاحب املعروف دائماً وحيفظ لو وده وعهده مراعياً أحكام‬ ‫الوَلء الشرعي‪.‬‬

‫التواضع‬

‫ىْي َلْي اجلانب وَل يتكرب على أحد متذكراً أن النعم كلها من اهلل‪.‬‬ ‫متواضع َ‬

‫الغضب‬

‫َل يغضب إَل هلل وَل حيقد على مسلم‪.‬‬

‫اْلمانة‬

‫يراعي اْلمانة وحيافظ عليها يرعى حقوقها‪.‬‬

‫النظافة‬

‫طاىر الثياب واجلسم واملكان ودائماً على طهارة كاملة‪.‬‬

‫غض البصر‬

‫يغض بصره دائماً وَل ينظر للمحرماتً مطلقاً‪،‬بل يرتفع عن النظر ملا‬ ‫خيدش اْلياء‬

‫أداء السَلم‬

‫يؤدي السَلم على اجلميع ويرد التحية بأحسن منها‪.‬‬

‫القيام بالواجب‬

‫يقوم بالواجب بدون مراءاة ويراقب اهلل بعملو‪ ،‬ويتقنو ابتغاء وجو اهلل‪.‬‬

‫احملافظة على السمعة‬

‫حيافظ على مسعتو ومسعة غريه وَل يذكر أحداً بسوء‪.‬‬

‫املشي ِف الطريق‬

‫حيرتم الكبري ويرحم الصغري وَل حيتقر أحداً‪.‬‬ ‫ديشي متواضعاً وَل يصعر خده للناس‪.‬‬

‫احرتام الكبري‬ ‫كف اْلذى‬ ‫إتقان عملو‬

‫َل يؤذي أحداً ويصفح عن مجيع من آذاه من املسلمْي‪.‬‬ ‫يتقن عملو ويؤديو على أكمل وجو ويراقب اهلل فيو‪.‬‬

‫النميمة‬

‫َل يذكر أحداً بسوء وَل يتكلم إَل خبري وَل يسمح هبا ْلحد ِف جملسو‬ ‫ويعرض عنها‪.‬‬

‫الغيبة‬

‫َل يسمح هبا ْلحد ِف جملسو ويعرض عنها‪.‬‬

‫الكذب‬

‫َل يتكلم إَل بالصدق دائماً‪.‬‬

‫‪127‬‬


‫السب والشتم‬

‫َل ينافق وَل يسمع من املنافقْي ومستقيم دائماً‪.‬‬ ‫َل يسب وَل يشتم أحدا‪ ،‬معرض عن اجلاىلْي‪.‬‬

‫النفاق‬ ‫التكرب‬

‫َل يتكرب على أحد وَل يستهزئ بأحد متواضع مع كل املسلمْي‪.‬‬

‫الرياء‬

‫َل يعمل لرياه الناس بل لرياه اهلل فقط دون أن يقصد أحداً بعملو‪.‬‬

‫الرب بالوالدين‬

‫باراً بوالديو ويسعى دائماً إلسعادىم وكسب رضاىم‪.‬‬

‫الرب باْلقرباء‬ ‫الزوجة‬

‫يتفقدىم دائماً ويساعدىم وحيافظ عليهم ويرعى مصاْلهم‪.‬‬ ‫يؤدي حقوقها ويلزمها اْلجاب وعدم التربج‪.‬‬

‫اْلوَلد‬

‫يتعهدىم وحيسن تربيتهم ويعدىم ليكونوا رجال دعوة ورجال دولة‪.‬‬

‫معاملة اجلريان‬ ‫اليتامى واملساكْي‬

‫َل يؤذيهم مطلقاً ويتعهدىم بالسؤال والزيارة دائماً‪.‬‬ ‫يتعهدىم ويتفقدىم ويواسيهم ويسأل عنهم دائماً‪.‬‬

‫قراءة القرآن‬ ‫الدعاء‬

‫يقرأ القرآن ويتدبره ويستمع إليو دائماً‪.‬‬

‫يدعو لنفسو ولوالديو وللمسلمْي وعودة خليفتهم و سلطاهنم ِف اْلرض‪.‬‬

‫اَلستغفار‬

‫دائم اَلستغفار لنفسو ولوالديو وجلميع املسلمْي‪.‬‬

‫الصَلة على النيب‬

‫كثري الصَلة على النيب ِف مجيع اْلوقات‬

‫التوبة‬

‫دائم التوبة والندم على ما فاتو ِف مجيع اْلوقات و ُيعل لكل ذنب‬

‫تذكر املوت‬

‫يتذكر املوت دائما ومستعد لو حماسباً نفسو على الصغرية والكبرية‬ ‫استعداداً لذلك‪.‬‬

‫توبة‪َ ،‬ل يصر على معصية‪.‬‬ ‫اْلوف من اهلل‬

‫خياف اهلل ِف السر والعَلنية مراقباً اهلل ِف مجيع أعمالو‪.‬‬

‫التوكل على اهلل‬

‫دائم التوكل على اهلل ِف مجيع أعمالو قبل و أثناء و بعد اْلخذ باْلسباب‪.‬‬

‫ذكر اهلل‬

‫دائم الذكر بقلبو ولسانو بعملو ومعامَلتو‪.‬‬

‫العمل الصاحل‬

‫يعمل اْلري مع مجيع الناس ويأمر بذلك‪.‬‬

‫اجلهاد‬

‫نذر نفسو للجهاد ِف سبيل اهلل ليجاىد دبالو ونفسو ويعمل إلُياد‬ ‫القائد الفعلي جليش اْلمة اإلسَلمية(اْلليفة)‪.‬‬

‫‪128‬‬


‫العلم والعلماء‬

‫ينهل من الثقافة اإلسَلمية ما يلزمو حمباً للعلم والعلماء والفقهاء موقرا‬ ‫إياىم رافعا شأهنم منزَل الناس منازَلم مراعيا أدب اْلَلف عند‬ ‫نصحهم وخمالفتهم‪.‬‬

‫مواقؼ مف نور‪...‬‬ ‫سرية عاصـ بف ثابت رضي ا‬

‫عنه‬

‫ِ‬ ‫اِ‬ ‫عف أبي ُى َرْيرةَ‪ ،‬رضي المَّو َع ْنوُ‪ ،‬قَاؿس َبع َ‬ ‫وسػمَّـ َع َش َػرةَ‬ ‫ْ‬ ‫صػمّى اهللُ َعمَْيػو َ‬ ‫ػث َر ُسػو ُؿ المػو َ‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫عنػوُ‪ ،‬فَػانطَمَقُوا‬ ‫بف ثابت األنصار َّ‬ ‫رْىط َع ْيناً َسرَّيةً‪ ،‬و َّ‬ ‫ي‪ ،‬رضػي المػو ْ‬ ‫أم َر ْ‬ ‫عمييـ َعاص َـ َ‬ ‫ِ‬ ‫ػفاف َّ‬ ‫ومك ػةَ‪ُ ،‬ذ ِكػ ُػروا لَ ِح ػ اي مػ ْػف ُى ػ َذْي ٍؿ ُيقػػا ُؿ ليُػ ْػـس ُبن ػوا‬ ‫حتَّػػى إذا كػ ُ‬ ‫ػانوا باليَػ ْػداة‪ ،‬بػ ْػي َف ُع ْسػ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫حياف‪ ،‬فَ​َنفَروا ليـ بقَريب ْ ِ ِ ِ ٍ ٍ‬ ‫عاص ٌػـ‬ ‫ػس ب ِي ْػـ‬ ‫أح َّ‬ ‫ػارُى ْـ‪َ ،‬فمَ َّمػا َ‬ ‫ل َ َ‬ ‫مف مائػة رُجػؿ َراـ فَا ْقتَصُّػوا آثَ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ؤأصػحابو‪ ،‬لجػأوا إلػػى مو ِ‬ ‫بأي ِػدي ُك ْـ ول ُكػػـ‬ ‫َعطُوا ْ‬ ‫ضػ ٍع‪ ،‬فَأحػػاطَ بي ُػـ القَ ْػوُـ‪ ،‬فَقَػػالُوا ْانزلػوا‪ ،‬فَػأ ْ‬ ‫ُ​ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫القوـ‪ ،‬أَ كما أَ​َنا فس‬ ‫أف ال َن ْقتُؿ م ْن ُكـ أحداً‪ ،‬فَقَا َؿ عاصـ بف ثابت‪ :‬أيها‬ ‫الع ْي ُد والم َ‬ ‫يثاؽ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫النْبػؿِ‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رم ْػو ُى ْـ ب َّ‬ ‫أَ ْن ِز ُؿ َعمَى ذمػة َك ٍ‬ ‫ػافر‪ .‬المهػ كـ ْ‬ ‫أخب ْػر َعنػا َنبي َ‬ ‫صػمّى ا ُ َعمَ ْيػه َ‬ ‫كػؾ َ‬ ‫وسػمـ فَ َ‬ ‫ونػ َػزؿ إلَػ ْػي ِيـ ثَبلثَػةُ َنفَػ ٍػر عمػػى العيػ ِػد و ِ‬ ‫فَقَتَمُػوا ع ِ‬ ‫الميثػػا ِ‬ ‫وزْيػ ُػد بػ ُػف‬ ‫ػب‪َ ،‬‬ ‫ؽ‪ِ ،‬مػ ْػنيُ ْـ ُخ ْبيػ ٌ‬ ‫اصػػماً‪َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫الرج ُؿ‬ ‫وى ْـ بيا‪ ،‬قَاؿ َّ‬ ‫استَ ْم َكُنوا م ْنيُ ْـ أ ْ‬ ‫ور ُج ٌؿ َ‬ ‫فربطُ ُ‬ ‫آخ ُر‪َ ،‬فمَ َّما ْ‬ ‫ايـ‪َ ،‬‬ ‫طمَقُوا ْأوتَار قسي ْ‬ ‫الدثنة َ‬ ‫ِ‬ ‫أصحبكـْ‪ ،‬ك‬ ‫ػثس رذا كأو ُؿ ال َغ ْد ِر والمك ِه ال‬ ‫الثَّالِ ُ‬ ‫ُسوةً‪ُ ،‬ي ُ‬ ‫ُ‬ ‫إف لي بهؤالء أ ْ‬ ‫ريد القَ ْتمػى‪ ،‬فَج ُّػروهُ‬ ‫بف َّ ِ ِ‬ ‫بخَب ْي ٍب‪َ ،‬وزْي ِد ِ‬ ‫وىمػا‬ ‫حبيُ ْـ‪ ،‬فَقَتَمُوهُ‪ ،‬و ْانطَمَقُوا ُ‬ ‫اع ُ‬ ‫وعالجوه‪ ،‬فَأبي ْ‬ ‫الدثَنػة‪ ،‬حتػى َب ُ‬ ‫ص َ‬ ‫أف َي ْ‬ ‫ػام ِر بػف نوَف ِػؿ ب ِػف ع ْب ِػد مَن ٍ‬ ‫ػار ِث اب ِػف ع ِ‬ ‫بمكةَ بعد وْق ِ‬ ‫َّ‬ ‫ػدر‪ ،‬فَابتَػاعَ َبُنػو الح ِ‬ ‫عة ب ٍ‬ ‫ػاؼ ُخَب ْيبػاً‪،‬‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ َ‬

‫‪129‬‬


‫ػدىـ ِ‬ ‫أج َم ُعػوا عمػى‬ ‫ث َي ْوَـ َب ْد ٍر‪ ،‬فمَبِ َ‬ ‫الح ِار َ‬ ‫أسػي اًر َحتػى ْ‬ ‫ث ُخ ْبي ٌ‬ ‫ػب ِع ْن ُ‬ ‫يب ُى َو قَتَؿ َ‬ ‫وكاف ُخَب ُ‬ ‫َ‬ ‫الحػار ِث موسػى ي ِ‬ ‫ض ب َن ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫بع ِ‬ ‫ػي ليَػا‬ ‫ات‬ ‫َع َارتْػوُ‪ ،‬فَ َػد َرَج ُبَن ُّ‬ ‫بهػا فَأ َ‬ ‫ِ ُ َ َْ‬ ‫استَع َار م ْف ْ‬ ‫قَ ْتمػو‪ ،‬فَ ْ‬ ‫سػتح ُّد َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ػت فَ ْزَع ػةً‬ ‫وسػػى بِيػػده ‪ ،‬فَفَ ِزعػ ْ‬ ‫الم َ‬ ‫َوىػػي َغافم ػةٌ َحتػػى أَتَػػاهُ‪ ،‬فَ َو َج ْدتُػػو ُم ْجم َسػػوُ َعمػػى فَخػػذه َو ُ‬ ‫ػت‬ ‫ت أل ْفعػؿ ذل َ‬ ‫ػؾ‪ ،‬قَالَ ْ‬ ‫ب ‪ ،‬فَقَاؿ س أتَ ْخ ْ‬ ‫َع َرفَيَا ُخَب ْي ٌ‬ ‫ػت س َوالمَّ ِػو مػا رْأي ُ‬ ‫شي َف أف أ ْقتُمَوُ ما ُك ْن ُ‬ ‫نػب فػي ِ‬ ‫ِ‬ ‫أسي اًر َخ ْي اًر ِم ْف ُخ ٍ‬ ‫طفاً ِم ْف ِع ٍ‬ ‫ػه‬ ‫يوماً يأَ ُك ُؿ ِق ْ‬ ‫بيب ‪ ،‬فوالمك ِه لَقَ ْد َو ْ‬ ‫يػد ِو‪ ،‬اوا كن ُ‬ ‫جدتُ ُه ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ػرزؽ َرزقَػوُ المَّػو ُخَبيبػاً‪َ ،‬فمَ َّمػا‬ ‫ػت تقُػو ُؿس َّإنػوُ لَ ٌ‬ ‫ثم َػرٍة‪َ ،‬و َك َان ْ‬ ‫لموثَ ٌ‬ ‫بمكػ َة م ْػف َ‬ ‫ؽ ِبالحديد َوما َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫َخرج ػوا بِػ ِػو ِمػػف الحػ ِ ِ‬ ‫دعػػوني أُصػػمي ركعتَػ ْػي ِف ‪،‬‬ ‫ػبس ُ‬ ‫ػرـ لي ْقتُمُػػوهُ فػػي الح ػ اؿ‪ ،‬قَػػاؿ ليُػػـ ُخبيػ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ‬ ‫ت ‪ :‬المك ُهػ كـ‬ ‫حس ُػبوا ك‬ ‫أف مػابي َ‬ ‫ركع َرْك َعتَ ْي ِف‪ ،‬فقا َؿ ‪ :‬والمك ِػه لَ ْػوال ْ‬ ‫جػزعٌ لَ ِػزْد ُ‬ ‫فتَ​َرُكووُ ‪ ،‬فَ َ‬ ‫أف تَ َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫مهـ َب َدداً ‪ ،‬وال تُْب ِ‬ ‫ؽ ِم ْن ُهـ أحداً ‪.‬‬ ‫هـ عدداً ‪ ،‬واقْتُ ْ‬ ‫أحص ْ‬ ‫وقاؿس‬ ‫جن ٍب َك َّ ِ‬ ‫مصرِعي‬ ‫عمى ا‬ ‫أي ْ‬ ‫اف لمو ْ‬ ‫َ‬

‫حيف أُ ْقت ُؿ ُم ْسمِماً‬ ‫فمَ ْس ُ‬ ‫ت أُبالي َ‬

‫ُيَب ِار ْؾ َعمَى أو ِ‬ ‫صاؿ ِش ْم ٍو ُم َمَّزِع‬ ‫ْ‬

‫ؾ في َذ ِ‬ ‫ات اإللَ ِو وا ْف ي َش ْأ‬ ‫وذلِ َ‬

‫بيػب ُرػو س ك ِ‬ ‫صػب ارً ال ك‬ ‫صػسةَ و ْ‬ ‫سػمٍِـ قُِتػ َؿ ْ‬ ‫َ‬ ‫وكػاف ُخ ْ ٌ‬ ‫ػف ل ُك ٍّػؿ ُم ْ‬ ‫أخَبػر يعنػي النبػي َ‬ ‫َ‬ ‫صػمّى اهللُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ػاس مػ ْػف قُػرْي ٍ‬ ‫ش إلػػى عاصػػـ بػػف‬ ‫وبعػ َ‬ ‫ػحابوُ يػ ْػوَـ أُصػ ُ‬ ‫أصػ َ‬ ‫ػث َنػ ٌ‬ ‫وسػػمـ‪ْ .‬‬ ‫ػيبوا خبػػرُى ْـ ‪َ ،‬‬ ‫َعمَْيػػو َ‬ ‫أف يؤتَػ ػوا ب َش ػ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ػاف قتَػػػؿ َرُجػ ػبلً ِمػػ ْػف‬ ‫ػيء ِم ْنػػػوُ ُي ْع ػ ُ‬ ‫ػرؼ ‪ .‬و َك ػ َ‬ ‫ػيف ُحػ ػ ادثُوا َّأن ػػوُ قُت ػػؿ ْ ُ ْ‬ ‫ثاب ػػت ح ػ َ‬ ‫ػف الػد ْكب ِر‪ ،‬فَحمتْ ُ ِ‬ ‫عث المكه لِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫سػمِ ِه ْـ‪َ ،‬فمَ ْػـ ي ْق ِػد ُروا‬ ‫فب َ‬ ‫اصٍـ ِمثْ َؿ الظُّمك ِة ِم َ‬ ‫ُعظَمائ ِي ْـ‪َ ،‬‬ ‫ػه م ْػف ُر ُ‬ ‫َ‬ ‫َ​َ‬ ‫أف َي ْقطَ ُعوا ِمنوُ َش ْيئاً‪ ( .‬رواه البخاري) ‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ُّ‬ ‫َّحػ ُؿ ‪ .‬وقَولُػو س « ا ْقػتُْميـ بِ َػدداً » بِكس ِػر الب ِ‬ ‫قولُو س الي ْداَةُ س مو ِ‬ ‫ػاء‬ ‫ضػعٌ ‪َ ،‬والظمَّػةُ س السػحاب ‪ ،‬وال َّػد ْب ُر س الن ْ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫النصػيب ‪ ،‬ومعنػاه ا ْقتُْميػػـ ِحصصػاً م ْنقَ ِسػمةً لِكػ اؿ و ِ‬ ‫ػاء ‪ ،‬وىػو ِ‬ ‫وفتحيا ‪ ،‬قاؿ ىػو جمػ ٍع بِ َّػد ٍة بكسػر الب ِ‬ ‫اح ٍػد‬ ‫ُْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬ ‫احداً بع َد و ِ‬ ‫نصيب ‪ ،‬ومف فَتَح ‪ ،‬قَا َؿ س معَناه س متَفَارِقيف في القَ ْت ِؿ و ِ‬ ‫احد ِم َف التّْب ِد ِيد ‪.‬‬ ‫ِم ْنيُ ْـ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َْ ُ ُ‬ ‫َْ َ‬

‫‪131‬‬


‫الحظ يا حبيبس‬ ‫‪ ‬ال يأمف المؤمف الكافر(أما أنا فبل أنزؿ عمى ذمة كافر)‪.‬‬ ‫‪ ‬العبلقة قوية ومباشرة مع اهلل سبحانو(الميـ أخبر عنا نبيؾ)‪.‬‬ ‫‪ ‬ال يمدغ المؤمف مف جحر واحد مرتيف(ىذا أوؿ الغدر)‪.‬‬

‫‪ ‬الحرص عمى السنة رغـ اإلقباؿ عمى القتؿ(فاستعار‪..‬االستحدادس ىػو حمػؽ العانػة‬ ‫وىو مف سنف الفطرة كما مر معنا)‪.‬‬ ‫ػؼ بعبػػاده يػػرزؽ مػػف يشػػاء وىػػو القػػوي العزيز(كػػاف يأكػػؿ العنػػب رغػػـ أنػػو‬ ‫‪ ‬اهلل لطيػ ٌ‬ ‫مكبؿ)‪ .‬كف مع اهلل وال ِ‬ ‫تباؿ‪.‬‬ ‫‪ ‬اجعؿ آخر عيدؾ في الدنيا الصبلة(دعوني أصمي)‪.‬‬ ‫ػات يغػػيظ‬ ‫‪ ‬اصػدع بػػالحؽ ولػػو كنػت تقتػػؿ وتُقَطَّػػع‪ ،‬فإمػا حيػػاةٌ تسػػر الصػديؽ وامػػا ممػ ٌ‬ ‫العدا‪(.‬ولست أبالي حيف أقتؿ مسمما)‪.‬‬

‫‪ ‬احفظ اهلل يحفظؾ (أرسؿ اهلل جنداً مف جنوده ليحفظوا جسـ عاصـ ممف أرادوا أف‬ ‫الدُبر والنحؿ‪.‬‬ ‫ُي َمثاموا بو) ُ‬

‫‪131‬‬


‫حاطب بف أبي بمتعة رضي ا‬

‫عنه‬

‫يوـ بدر‬

‫لما سمع حاطب بف أبي بمتعػة منػادي النبػي عميػو الصػبلة و السػبلـ يقوؿسىػذه عيػر‬

‫قريش فييا أمواليـ فاخرجوا إلييا لعؿ اهلل أف ينفمكموىا‪.‬‬

‫أجاب حاطب و خرج بسيفو‪ ،‬و لمػا التقػى الجمعػاف عنػد بػدر‪ ،‬أبمػى حاطػب بػف أبػي‬

‫بمتعة ببلء حسنا ‪.‬‬ ‫يوـ أحد‬

‫ثبػػت حاطػػب بػػف أبػػي بمتعػػة بجانػػب الرسػػوؿ صػػمى اهلل عميػػو و سػػمـ حػػيف انكشػػؼ‬ ‫النػػاس و راح ىػػو و بعػػض الصػػحابة يػػذودوف عنػػو و قػػد عاىػػدوه صػػمى اهلل عميػػو و‬

‫سمـ عمى الموت ‪.‬‬ ‫و شػػيد حاطػػب بػػف أبػػي بمتعػػة غػػزوة الخنػػدؽ و صػػمح الحديبيػػة و جػػاء عبػػد لحاطػػب‬

‫بف ابي بمتعة يشكو حاطبا فقاؿس‬

‫ يا نبي اهلل ليدخمف حاطب النار‪.‬‬‫فقاؿ الصادؽ المصدوؽ صمى اهلل عميو وسمـس‬ ‫« كذبت ال يدخمنيا‪ ،‬إنو شيد بد ار والحديبية »‬‫‪‬رسوؿ رسػوؿ ا‬

‫صػمى ا‬

‫عميػه‬

‫(رواه مسمـ)‬

‫وسمـ إلى المقوقس صاحب مصر‪.‬‬

‫‪132‬‬


‫بعد أف عاىد رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ قريشا عمى السمـ‪ -‬صمح الحديبية‪ -‬لـ‬ ‫يػػركف إلػػى ِ‬ ‫الدعػػة واليػػدوء لقػػد أمػره اهلل عػػز وجػػؿ أف يبمػػغ الرسػػالة‪..‬فبعث أبػػو القاسػػـ‬ ‫ص ػػمى اهلل عمي ػػو وس ػػمـ إل ػػى مم ػػوؾ األرض وحكامي ػػا فأرس ػػؿ إل ػػى قيص ػػر‪ ،‬وكس ػػرى‪،‬‬

‫والنجاشي‪.‬‬

‫ولما أراد خاتـ النبييف صمى اهلل عميو وسمـ أف يبعث إلى مصر قاؿ س‬ ‫‪-‬أييا الناس أيكـ ينطمؽ بكتابي ىذا إلى صاحب مصر وأجره عمى اهلل‬

‫فوثب إليو حاطب بف أبي بمتعة وقاؿ س‬ ‫ أنا يا رسوؿ اهلل ‪.‬‬‫فقاؿ عميو الصبلة والسبلـس‬ ‫‪ -‬بارؾ اهلل فيؾ يا حاطب‪.‬‬

‫أخػػذ حاطػػب كتػػاب رسػػوؿ اهلل صػػمى اهلل عميػػو وسػػمـ وشػػد عمػػى راحمتػػو وسػػار إلػػى‬ ‫مصر‪ ،‬كاف يعرؼ الطريؽ إلييا فقد خرج لمتجارة إلى مصر أكثر مف مرة‪.‬‬ ‫كػػاف عمػػى مصػػر ج ػريج بػػف مينػػاء‪ ،‬كػػاف مص ػريا ولكنػػو كػػاف يحكػػـ مصػػر مػػف قبػػؿ‬ ‫ىرقػػؿ يجم ػػع ل ػػو الضػ ػرائب ث ػػـ يحممي ػػا إل ػػى القس ػػطنطينية‪ ،‬وكان ػػت االس ػػكندرية مق ػػر‬ ‫حكمو‪.‬‬

‫قَ َّدـ حاطب بف أبي بمتعو كتاب رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وسمـ إلى المقوقس فقرأهس‬

‫بسـ اهلل الرحمف الرحيـ‬

‫مف محمد بف عبد اهلل إلى المقوقس عظيـ القبط‪ ،‬سبلـ عمى مف اتبع اليدى ‪...‬‬ ‫أما بعد‬

‫فػػإني أدعػػوؾ بدعايػػة اإلسػػبلـ‪ ،‬أسػػمـ تسػػمـ يؤتػػؾ اهلل أجػرؾ مػرتيف‪ ،‬فػػإف توليػػت فإنمػػا‬

‫عميؾ إثـ القبط ‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫َر َؿ ا ْل ِكتَ ِ‬ ‫ش ِػر َؾ‬ ‫ػه َوالَ ُن ْ‬ ‫«قُ ْؿ َيا أ ْ‬ ‫س َػواء َب ْي َن َنػا َوَب ْيػ َن ُك ْـ أَالك َن ْع ُب َػد إِالك المّ َ‬ ‫اب تَ َعالَ ْواْ إِلَى َكمَ َمػة َ‬ ‫وف المّػ ِ‬ ‫ِبػ ِ‬ ‫أ َْرَب ًابػػػا ٍّمػػػف ُد ِ‬ ‫ػػه فَػػػِ ف تَ​َولكػ ْػػواْ فَقُولُػػػواْ‬ ‫ضػػػ َنا َب ْعضػػػاً‬ ‫ػػه َ‬ ‫شػ ْػػي ًئا َوالَ َيتك ِخػػػ َذ َب ْع ُ‬

‫‪133‬‬


‫وف»‬ ‫اْ‬ ‫سمِ ُم َ‬ ‫ش َه ُدواْ ِبأَكنا ُم ْ‬

‫(آؿ عمراف س‪.)61‬‬

‫التفت المقوقس إلى حاطب بف أبي بمتعة وسألوس‬ ‫‪ -‬مػا منعػػو إف كػػاف نبيػػا أف يػػدعو عمػػى مػػف خالفػو مػػف قومػػو وأخرجػػوه مػػف بمػػده إلػػى‬

‫غيرىا‬

‫وصمت حاطب‪ ،‬فأعاد جريج بف ميناء قولو لما رأى مف الحاضريف إستحساناس‬ ‫ مػا منعػػو اف كػػاف نبيػا أف يػػدعو عمػػى مػػف خالفػو مػػف قومػػو وأخرجػػوه مػػف بمػػده إلػػى‬‫غيرىا أف يسمط عمييـ‬

‫قاؿ حاطب بف أبي بمتعةس‬ ‫‪ -‬ألست تشيد أف عيسى بف مريـ رسوؿ اهلل‬

‫قاؿ الموقسس‬ ‫ بمى‬‫قاؿ حاطب بف أبي بمتعةس‬

‫ص ْمَبو لـ يدعُ عمييـ حتى رفعو اهلل إليو‬ ‫ فمالو حيث أراد قومو َ‬‫فيز المقوقس رأسو اعجابا وقاؿس‬ ‫ أحسنت أنت حكيـ جاء مف عند حكيـ‪.‬‬‫فقاؿ حاطب بف أبي بمتعةس‬

‫‪ -‬انو كاف قبمؾ رجؿ يزعـ أنو الرب األعمى فأخػذه اهلل نكػاؿ اآلخػرة واألولػى‪ ،‬فػانتقـ‬

‫بو ثـ انتقـ منو فاعتبِر بغيرؾ وال يعتبر غيرؾ بؾ‪.‬‬

‫‪134‬‬


‫إنو يقصد فرعوف عندما خػرج وراء موسػى عميػو السػبلـ وبنػي إسػ ارئيؿ فنجػا كمػيـ اهلل‬ ‫وبنو اسرائيؿ وغرؽ فرعوف ومف معو‪.‬‬ ‫نظر المقوقس إلى حاطب في دىشة وبدت في عيوف الموجوديف تسػاؤالتس مػف أيػف‬

‫لذلؾ العربي مثؿ ىذا العمـ‬ ‫واستطرد حاطب س‬

‫ إ ف ىذا النبػي دعػا النػاس فكػاف أشػدىـ عميػو قػريش وأعػداىـ لػو ييػود وأقػربيـ‬‫النصػػارى(الذيف آمن ػوا بنبوتػػو صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـ) ولعمػػري مػػا بشػػارة‬ ‫موسى بعيسى عمييما السبلـ اال كبشارة عيسى بمحمػد صػمى اهلل عميػو وسػمـ‬ ‫‪ ،‬وما دعاؤنا إياؾ إلى القرآف إال كدعائؾ أىؿ التوراة إلى اإلنجيؿ‪.‬‬ ‫فقػػاؿ المقػػوقس س إنػػي نظػػرت فػػي أمػػر ىػػذا النبػػي فرأيتػػو ال يػػأمر بمزىػػود فيػػو وال‬ ‫ينيػػى عػػف مرغػػوب عنػػو‪ ،‬ولػػـ أجػػده بالسػػاحر الضػػاؿ وال الكػػاىف الكػػذاب‪ ،‬ووجػػدت‬ ‫معو آلة النبوة بإخراج الخبء – الغائب المستور – واالخبار بالنجوى‪ ،‬وسأنظر‪.‬‬

‫وكتػػب المقػػوقس كتابػػا جػػاء فيػػوس بسػػـ اهلل الػػرحمف الػػرحيـ سلمحمػػد بػػف عبػػد اهلل مػػف‬ ‫المقوقس عظيـ القبط سبلـ عميؾ أما بعد‪...‬‬ ‫ػرت فيػػو ومػػا تػػدعو إليػػو‪ ،‬وقػػد عممػػت أف نبيػػا قػػد بقػػي‬ ‫ػت مػػا ذكػ َ‬ ‫فقػد قػرأت كتابػػؾ وفيمػ ُ‬ ‫ػت رسػولؾ وبعثػت لػؾ بجػاريتيف ليمػا‬ ‫وقػد كنػت أظػف أنػو يخػرج مػف الشػاـ‪ ،‬وقػد أكرم ُ‬ ‫مكاف في القبط عظيـ وبثياب وأىديت إليؾ بغمة لتركبيا والسبلـ عميؾ‪.‬‬

‫( عف كتاب سفراء الرسوؿ بتصرؼ)‪.‬‬

‫الحظ أخي يا حامؿ الدعوة أىمية التحمي ِ‬ ‫بالحكمة‪.‬‬ ‫الحظ أىمية الثقافة المركزة‪.‬‬

‫الحظ أىمية قراءة القرآف‪ ،‬وعيو‪ ،‬وحفظو‪.‬‬

‫‪135‬‬


‫سف التأتي وأسموب الخطاب‪.‬‬ ‫الحظ أخي ُح َ‬ ‫وصمى اهلل عمى معمـ الناس الخير وعمى آلو وصحبو وسمـ تسميماً كثيرا‪.‬‬

‫ِ‬ ‫صدؽ كعب بف مالؾ رضي ا‬

‫عنه‬

‫تخمَّؼ كعب رضي اهلل عنو مع ىبلؿ بف أمية والم اررة بف الربيع رضي اهلل عنيما‬ ‫عف الغزو مع رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو وآلو وسمـ غزوة تبوؾ‪ ،‬ولما عاد مف الغزو‬

‫اعتذر إليو مف اعتذر مف األعراب فقبؿ منيـ واستغفر ليـ إال ىؤالء الثبلثة َّ‬ ‫أخرىـ‬ ‫صمى اهلل عميو وآلو وسمـ حتى نزؿ فييـ قرآف‪ ،‬وىاكـ القصة يروييا كعب رضي‬ ‫اهلل عنوس‬ ‫ت الثا َمار َوالظا َبلؿ ‪َ ,‬وأَ​َنا‬ ‫ؾ ا ْل َغ ْزَوة ِحيف َ‬ ‫قَا َؿ َك ْعب س…‪َ ..‬و َغ َاز َر ُسوؿ المَّو تِْم َ‬ ‫ط َاب ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫إِلَْي ِيما أَصعر‪ .‬فَتَجيَّ َز رسوؿ المَّو َّ َّ‬ ‫طِف ْقت‬ ‫وف َم َعوُ‪َ ,‬و َ‬ ‫صمى المو َعمَْيو َو َسم َـ َوا ْل ُم ْسم ُم َ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ض ِم ْف ِجيَ ِازي َش ْيًئا‪ ,‬ثَُّـ َغ َد ْوت فَ​َرَج ْعت ولَ ْـ أَ ْق ِ‬ ‫َغ ُدو لِ َكي أَتَ َجيَّز َم َعيُ ْـ‪َ ,‬فمَ ْـ أَ ْق ِ‬ ‫ض‬ ‫أْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َف أ َْرتَ ِحؿ فَأ ُْد ِركيُ ْـ‪,‬‬ ‫َس َرُعوا َوتَفَ َار َ‬ ‫َش ْيًئا‪َ .‬فمَ ْـ َي َز ْؿ َذلِ َ‬ ‫ؾ َيتَ َم َ‬ ‫ط ا ْل َغ ْزو‪َ ,‬و َى َم ْمت أ ْ‬ ‫ادى َحتَّى أ ْ‬ ‫الناس َب ْعد ُخ ُروج َّ‬ ‫طِف ْقت ِإ َذا َخ َر ْجت ِفي َّ‬ ‫النبِ ّي‬ ‫ؾ لِي‪ ,‬فَ َ‬ ‫فَ​َيا لَْيتَنِي فَ َع ْمت‪َ ,‬فمَ ْـ ُيقَ َّدر َذلِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫َّ َّ‬ ‫َّ‬ ‫وصا َعمَْي ِو ِفي‬ ‫صمى المو َعمَْيو َو َسم َـ ُي ْح ِزنني أَاني َال أ َ​َرى لي أ ْ‬ ‫ُس َوة إِال َرُج ًبل َم ْغ ُم ً‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫صمَّى المَّو َعمَْي ِو‬ ‫ُّعفَاء‪َ .‬ولَ ْـ َي ْذ ُكرنِي َر ُسوؿ المو َ‬ ‫الانفَاؽ أ َْو َر ُج ًبل م َّم ْف َع َذ َر المو م ْف الض َ‬ ‫َو َسمَّ َـ َحتَّى َبمَ َغ تَُبوؾ‪ ,‬فَقَا َؿ َو ُى َو َج ِالس ِفي ا ْلقَ ْوـ بِتَُبوؾس " َما فَ َع َؿ َك ْعب ْبف َم ِالؾ‬ ‫" فَقَا َؿ َر ُجؿ ِم ْف َبنِي َسمَ َمة س َيا َر ُسوؿ المَّو َحَب َسوُ َب ْرَداهُ َو َّ‬ ‫ت‬ ‫النظَر ِفي ِع ْ‬ ‫طفَْي ِو‪ .‬فَ َس َك َ‬ ‫َّ‬ ‫َّضا َي ُزوؿ بِ ِو‬ ‫صمَّى المَّو َعمَْي ِو َو َسمَّ َـ فَ​َب ْيَنا ُى َو َعمَى َذلِ َ‬ ‫ؾ َأرَى َرُج ًبل ُمَبي ً‬ ‫َر ُسوؿ المو َ‬ ‫َّ‬ ‫صمَّى المَّو َعمَْي ِو َو َسمَّ َـس " ُك ْف أَ​َبا َخ ْيثَ َمة " فَِإ َذا ُى َو أَُبو‬ ‫َّراب‪ ,‬فَقَا َؿ َر ُسوؿ المو َ‬ ‫الس َ‬ ‫ِ‬ ‫َِّ‬ ‫وف‪ .‬قَا َؿ َك ْعبس َفمَ َّما‬ ‫ص َّد َ‬ ‫صا ِع التَّ ْمر‪َ ,‬فمَ َم َزهُ ا ْل ُمَنافقُ َ‬ ‫ص ِار ّ‬ ‫ؽ بِ َ‬ ‫ي‪َ ,‬و ُى َو الذي تَ َ‬ ‫َخ ْيثَ َمة ْاأل َْن َ‬

‫‪136‬‬


‫ِ ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫َف رسوؿ المَّو َّ َّ‬ ‫ِ‬ ‫ض َرنِي َى امي‪,‬‬ ‫صمى المو َعمَْيو َو َسم َـ قَ ْد تَ​َوجَّوَ قَاف ًبل م ْف تَُبوؾ َح َ‬ ‫َ‬ ‫َبمَ َغني أ َّ َ ُ‬ ‫طِف ْقت أَتَ َذ َّكر ا ْل َك ِذب وأَقُوؿ بِـ أ ْ ِ‬ ‫ؾ بِ ُك اؿ ِذي‬ ‫فَ َ‬ ‫َستَ ِعيف َعمَى َذلِ َ‬ ‫َخ ُرج م ْف َس َخطو َغ ًدا َوأ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫َىمِي‪َ .‬فمَ َّما ِقي َؿس إِ َّف رسوؿ المَّو َّ َّ‬ ‫اح‬ ‫َأرْي ِم ْف أ ْ‬ ‫صمى المو َعمَْيو َو َسم َـ قَ ْد أَظَ َّؿ قَاد ًما َز َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ِ‬ ‫عاني ا ْلب ِ‬ ‫َصَب َح‬ ‫اطؿ‪َ ,‬حتَّى َع َرْفت أَاني لَ ْف أ َْن ُجو ِم ْنوُ بِ َش ْي ٍء أَ​َب ًدا‪ ,‬فَأ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َج َم ْعت ص ْدقو‪َ .‬وأ ْ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫رسوؿ المَّو صمَّى المَّو عمَْي ِو وسمَّـ قَ ِادما‪ ,‬و َك ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ​َ​َ ً َ َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫اف إ َذا قَد َـ م ْف َسفَر َب َدأَ با ْل َم ْسجد فَ​َرَكعَ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِف ِ‬ ‫ا‬ ‫يو َرْك َعتَْي ِف ثَُّـ َجمَ َس لِ َّمن ِ‬ ‫وف إِلَْي ِو‬ ‫اس ; َفمَ َّما فَ َع َؿ َذلِ َ‬ ‫وف‪ ,‬فَطَفقُوا َي ْعتَذ ُر َ‬ ‫اءهُ ا ْل ُم َخمفُ َ‬ ‫ؾ َج َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صمَّى المَّو َعمَْي ِو‬ ‫وف لَو‪َ ,‬و َك ُانوا بِ ْ‬ ‫ض َعة َوثَ َمان َ‬ ‫َوَي ْحمفُ َ‬ ‫يف َرُج ًبل‪ ,‬فَقَبِ َؿ م ْنيُ ْـ َر ُسوؿ المو َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ىـ إِلَى المَّو; َحتَّى ِج ْئت‪َ ,‬فمَ َّما‬ ‫تيـ َوَب َاي َعيُ ْـ َو ْ‬ ‫استَ ْغفَ​َر لَيُ ْـ‪َ ,‬وَوك َؿ َس َرائر ْ‬ ‫َو َسم َـ َع َبلنَي ْ‬ ‫َّ‬ ‫اؿ " تَ َعا َؿ ! " فَ ِج ْئت أ َْم ِشي َحتَّى َجمَ ْست َب ْيف َي َد ْي ِو‬ ‫ضب‪ ,‬ثَُّـ قَ َ‬ ‫َّـ تَ​َبسُّـ ا ْل ُم ْغ َ‬ ‫َسم ْمت تَ​َبس َ‬ ‫‪ ,‬فَقَا َؿ لِيس " َما َخمَّفَؾ‪ ,‬أَلَ ْـ تَ ُك ْف قَ ْد ِا ْبتَ ْعت ظَ ْيرؾ " قَا َؿس ُق ْمت َيا َر ُسوؿ المَّو إِاني‬ ‫َىؿ ُّ‬ ‫َخ ُرُج ِم ْف َس َخطو بِ ُع ْذ ٍر! لَقَ ْد‬ ‫الد ْنَيا لَ​َأرَْيت أَاني َسأ ْ‬ ‫َواَلمَّو لَ ْو َجمَ ْست ِع ْند َغ ْيرؾ ِم ْف أ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ضى بِ ِو َعاني‬ ‫أْ‬ ‫َعطَ ْيت َج َد ًال‪َ ,‬ولَكاني َواَلمو لَقَ ْد َعم ْمت لَئ ْف َح َّدثْتُؾ ا ْلَي ْوـ َحديث َكذب تَْر َ‬ ‫ص ْدؽ تَ ِجد عمَ َّي ِف ِ‬ ‫َف يس ِخطؾ عمَ َّي‪ ,‬ولَئِ ْف ح َّدثْتُؾ ح ِديث ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫يو إِاني َأل َْرُجو‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫لَُيوش َكف المو أ ْ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫اف ِفي ُع ْذر‪َ ,‬واَلمَّو َما ُك ْنت قَطُّ أَ ْق َوى َوَال أ َْي َسر ِماني ِحيف‬ ‫فيو َع ْفو المو; َواَلمو َما َك َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ؽ ‪ ,‬قُ ْـ َحتَّى‬ ‫صمَّى المَّو َعمَْي ِو َو َسمَّ َـس " أ َّ‬ ‫ص َد َ‬ ‫َما َى َذا فَقَ ْد َ‬ ‫تَ َخم ْفت َع ْنؾ! فَقَا َؿ َر ُسوؿ المو َ‬ ‫ي ْق ِ‬ ‫ضي المَّو ِفيؾ! " فَقُ ْمت‪َ ,‬وثَ َار ِر َجاؿ ِم ْف َبنِي َسمَ َمة‪ ,‬فَاتََّب ُعونِي َوقَالُواس َواَلمَّو َما‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫صمى‬ ‫َعم ْمَناؾ أَ ْذَن ْبت َذ ْنًبا قَْبؿ َى َذا‪ ,‬لَقَ ْد َع َج ْزت أ ْ‬ ‫َف َال تَ ُكوف ا ْعتَ َذ ْرت إِلَى َر ُسوؿ المو َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫َّ‬ ‫ا‬ ‫اف َك ِافيؾ َذ ْنبؾ ِا ْستِ ْغفَار َر ُسوؿ المَّو‬ ‫وف‪ ,‬فَقَ ْد َك َ‬ ‫المو َعمَْيو َو َسم َـ بِ َما ا ْعتَ َذ َر بِو ا ْل ُمتَ َخمفُ َ‬ ‫َف أ َْرِجع إِلَى‬ ‫صمَّى المَّو َعمَْي ِو َو َسمَّ َـ لَؾ‪ .‬قَا َؿس فَ َواَلمَّ ِو َما َازلُوا ُي َؤانُب َ‬ ‫وننِي‪َ ,‬حتَّى أ َ​َرْدت أ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ا‬ ‫اؿس ثَُّـ قُْمت لَيُ ْـ س َى ْؿ لَق َي َى َذا‬ ‫صمى المو َعمَْيو َو َسم َـ فَأُ َكذب َن ْفسي‪ .‬قَ َ‬ ‫َر ُسوؿ المو َ‬ ‫ِ‬ ‫يؿ‬ ‫يؿ لَيُ َما ِمثْؿ َما ِق َ‬ ‫َحد قَالُواس َن َع ْـ لَِقَيوُ َم َعؾ َرُج َبل ِف قَ َاال ِمثْؿ َما قُ ْمت َوِق َ‬ ‫َمعي أ َ‬ ‫الربِيع ا ْلع ِ‬ ‫ام ِر ّ ِ‬ ‫ُميَّة ا ْل َو ِاقِف ّي‪.‬‬ ‫لَؾ‪ .‬قَا َؿس قُْمت َم ْف ُى َما قَالُواس َم َرَارة ْبف َّ‬ ‫َ‬ ‫ي َوى َبلؿ ْبف أ َ‬ ‫ِ‬ ‫اؿس فَ َذ َكروا لِي رجمَْي ِف ِ‬ ‫ض ْيت ِحيف‬ ‫ُس َوة ‪ .‬قَ َ‬ ‫قَ َ‬ ‫اؿس فَ َم َ‬ ‫َُ‬ ‫صال َح ْي ِف قَ ْد َش ِي َدا َب ْد ًار لي في ِي َما أ ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫يف َع ْف‬ ‫وى َما لِي‪َ .‬وَنيَى َر ُسوؿ المَّو‬ ‫َذ َك ُر ُ‬ ‫صمى المو َعمَْيو َو َسم َـ ا ْل ُم ْسمم َ‬ ‫َ‬

‫‪137‬‬


‫اجتَ​َنَبَنا َّ‬ ‫الناس َوتَ َغي َُّروا لَ​َنا َحتَّى‬ ‫منا نحف الثَّ َبلثَة ِم ْف َب ْيف َم ْف تَ َخمَّ َ‬ ‫ؼ َع ْنوُ‪ ,‬قَاؿس فَ ْ‬ ‫َك َبل َ‬ ‫ِ‬ ‫ت لِي ِفي َن ْف ِسي ْاأل َْرض فَ َما ِىي بِ ْاأل َْر ِ‬ ‫يف‬ ‫َع ِرؼ‪َ ,‬فمَبِثَْنا َعمَى َذلِ َ‬ ‫تَ​َن َّك َر ْ‬ ‫ض الَّتِي أ ْ‬ ‫ؾ َخ ْمس َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وتيما َي ْب ِكَي ِ‬ ‫َما أَ​َنا فَ ُك ْنت أَ َش َّ‬ ‫ب ا ْلقَ ْوـ‬ ‫اف‪َ ,‬وأ َّ‬ ‫لَْيمَة‪ .‬فَأ َّ‬ ‫اي فَ ْ‬ ‫صاحَب َ‬ ‫َما َ‬ ‫استَ َك َانا َوقَ َع َدا في ُبُي َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َحد‪َ ,‬وآتِي‬ ‫َخ ُرج َوأَ ْشيَد الص َ‬ ‫دىـ‪ ,‬فَ ُك ْنت أ ْ‬ ‫َوأ ْ‬ ‫َس َواؽ َوَال ُي َكمامني أ َ‬ ‫َّبلة َوأَطُوؼ في ْاأل ْ‬ ‫َجمَ ْ‬ ‫ِ َّ‬ ‫رسوؿ المَّو َّ َّ‬ ‫َّبلة ‪ ,‬فَأَقُوؿ‬ ‫ُسماـ َعمَْي ِو َو ُى َو ِفي َم ْجِمسو َب ْعد الص َ‬ ‫صمى المو َعمَْيو َو َسم َـ فَأ َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫ِ‬ ‫َّبلـ أَـ َال ثَُّـ أ ا‬ ‫ُس ِارقوُ َّ‬ ‫النظَر‪ ,‬فَِإ َذا‬ ‫ِفي َن ْف ِسي َى ْؿ َحَّر َ‬ ‫ُصمي َم َعوُ َوأ َ‬ ‫َ‬ ‫ؾ َشفَتَْيو بِ َراد الس َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ؾ‬ ‫ض َعاني‪َ .‬حتَّى إِ َذا طَا َؿ َذلِ َ‬ ‫ت َن ْحوه أ ْ‬ ‫ص َبلتِي َنظَ َر إِلَ َّي َوِا َذا ا ْلتَفَ َ‬ ‫َع َر َ‬ ‫أَ ْقَب ْمت َعمَى َ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ادة َو ُى َو ِا ْبف َع امي‬ ‫يف‪َ ,‬م َش ْيت َحتَّى تَ َس َّوْرت ِج َدار َحائِط أَبِي قَتَ َ‬ ‫َعمَ َّي م ْف َج ْف َوة ا ْل ُم ْسمم َ‬ ‫ب َّ‬ ‫ادة أ َْن ُشدؾ‬ ‫الناس إِلَ َّي‪ ,‬فَ َسمَّ ْمت َعمَْي ِو‪ ,‬فَ َواَلمَّ ِو َما َرَّد َعمَ َّي الس َ‬ ‫َّبلـ‪ ,‬فَ ُق ْمتس َيا أَ​َبا قَتَ َ‬ ‫َح ّ‬ ‫َوأ َ‬ ‫بِاَلمَّ ِو َى ْؿ تَعمَـ أَاني أ ِ‬ ‫ت‪ ,‬فَ ُع ْدت‬ ‫ت‪ ,‬قَ َ‬ ‫اؿس فَ ُع ْدت فَ​َنا َش ْدتو فَ َس َك َ‬ ‫ب المَّو َوَر ُسولو فَ َس َك َ‬ ‫ُح ّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫اي‪َ ,‬وتَ َول ْيت َحتَّى تَ َس َّوْرت ا ْل ِج َدار‪.‬‬ ‫فَ​َنا َش ْدتو فَقَ َ‬ ‫اض ْ‬ ‫اؿس المو َوَر ُسولو أ ْ‬ ‫َعمَـ ! فَفَ َ‬ ‫ت َع ْيَن َ‬ ‫َىؿ َّ‬ ‫الشاـ ِم َّم ْف قَِد َـ بِالطَّ َع ِاـ‬ ‫فَ​َب ْيَنما أَ​َنا أ َْم ِشي ِفي ُسوؽ ا ْل َم ِد َينة‪ ,‬إِ َذا بَِنَب ِط ٍّي ِم ْف َنَبط أ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ؽ َّ‬ ‫َيبِيعوُ بِا ْل َم ِد َين ِة‪َ ,‬يقُوؿس َم ْف َي ُد ّؿ َعمَى َك ْعب ْبف َمالِؾ قَ َ‬ ‫اؿ س فَطَِف َ‬ ‫الناس ُيش ُيرو َف لَوُ‬ ‫حتَّى جاءنِي‪ ,‬فَ َدفَع إِلَ َّي ِكتَابا ِم ْف ممِؾ َغسَّاف و ُك ْنت َكاتِبا‪ ,‬فَقَ أرْتو فَِإ َذا ِف ِ‬ ‫َما َب ْعد‬ ‫يوس أ َّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ً َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫فَِإَّنوُ قَ ْد َبمَ َغَنا أ َّ‬ ‫ؽ‬ ‫ضَي َعة‪ ,‬فَا ْل َح ْ‬ ‫صاحبؾ قَ ْد َجفَاؾ‪َ ,‬ولَ ْـ َي ْج َعمؾ المو بِ َد ِار َى َواف َوَال َم ْ‬ ‫َف َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َم ْمت بِ ِو التَُّّنور فَ َس َج ْرتو‬ ‫ضا ِم ْف ا ْلَب َبلء‪ .‬فَتَأ َّ‬ ‫بَِنا ُن َواسؾ! قَا َؿس فَ ُق ْمت حيف قَ​َأرْتوس َو َى َذا أ َْي ً‬ ‫ِ‬ ‫ت أَربع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ث ا ْل َو ْحي إِ َذا َر ُسوؿ َر ُسوؿ المَّو‬ ‫استَْمَب َ‬ ‫بِو‪َ .‬حتَّى إِ َذا َم َ‬ ‫يف َو ْ‬ ‫وف م ْف ا ْل َخ ْمس َ‬ ‫ض ْ َْ ُ َ‬ ‫ِ َّ‬ ‫صمَّى المَّو عمَْي ِو وسمَّـ يأْتِينِي فَقَا َؿس إِ َّف رسوؿ المَّو َّ َّ‬ ‫َف‬ ‫ْمرؾ أ ْ‬ ‫َ َ​َ​َ َ‬ ‫َ‬ ‫َُ‬ ‫َ‬ ‫صمى المو َعمَْيو َو َسم َـ َيأ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ا‬ ‫اؿس َال َب ْؿ ا ْعتَ ِزْليَا فَ َبل تَ ْق َربيَا!‬ ‫تَ ْعتَ ِزؿ ا ْم َأرَتؾ‪ ,‬قَا َؿس فَقُ ْمتس أُطَمقيَا أ َْـ َما َذا أَ ْف َعؿ قَ َ‬ ‫ِ‬ ‫اؿس فَقُ ْمت ِالم أرَتِيس ِا ْلحِقي بِأ ْ ِ‬ ‫قَا َؿس وأَرس َؿ إِلَى ص ِ‬ ‫دىـ‬ ‫ؾ‪ ,‬قَ َ‬ ‫احبِي بِ َذلِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََْ‬ ‫َىمؾ تَ ُكونِي ع ْن ْ‬ ‫َْ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫صمى المو‬ ‫اء ْ‬ ‫ت ا ْم َأرَة ى َبلؿ َر ُسوؿ المو َ‬ ‫َحتَّى َي ْقضي المو في َى َذا ْاأل َْمر! قَا َؿس فَ َج َ‬ ‫َّ ِ ِ‬ ‫ضائِع لَْي َس لَوُ َخا ِدـ فَيَ ْؿ‬ ‫َعمَْي ِو َو َسمَّ َـ فَقَالَ ْ‬ ‫ُميَّة َش ْيخ َ‬ ‫تس َيا َر ُسوؿ المو إ َّف ى َبلؿ ْبف أ َ‬ ‫تس فَقُ ْمتس إَِّنوُ َواَلمَّو َما بِ ِو َح َرَكة‬ ‫َف أ ْ‬ ‫َخ ُدموُ فَقَا َؿس " َال‪َ ,‬ولَ ِك ْف َال َي ْق َرَبنؾ " قَالَ ْ‬ ‫تَ ْك َره أ ْ‬ ‫َك ِ‬ ‫اؿس‬ ‫إِلَى َش ْيء‪َ ,‬وَوالمَّ ِو َما َاز َؿ َي ْب ِكي ُم ْن ُذ‬ ‫اف إِلَى َي ْومو َى َذا! قَ َ‬ ‫اف م ْف أ َْمره َما َك َ‬ ‫َ‬

‫‪138‬‬


‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫صمَّى المَّو َعمَْي ِو َو َسمَّ َـ ِفي ِا ْم َأرَتؾ فَقَ ْد‬ ‫فَقَا َؿ لي َب ْعض أَ ْىميس لَ ْو ا ْستَْأ َذ ْنت َر ُسوؿ المو َ‬ ‫َّ‬ ‫َف تَ ْخ ُدمو! قَا َؿس فَ ُق ْمت َال أ ِ ِ‬ ‫صمَّى المَّو َعمَْي ِو‬ ‫أ َِذ َف ِال ْم َأرَِة ِى َبلؿ أ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َستَأْذف فييَا َر ُسوؿ المو َ‬ ‫ِ‬ ‫ؾ‬ ‫اب‪َ .‬فمَبِثْت َب ْعد َذلِ َ‬ ‫َو َسمَّ َـ‪َ ,‬و َما ُي ْد ِرينِي َما َذا َيقُوؿ لِي إِ َذا ا ْستَْأ َذ ْنتو ِفييَا َوأَ​َنا َرُجؿ َش ّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫َع ْشر لَ​َي ٍ‬ ‫صمَّى المَّو َعمَْي ِو َو َسمَّ َـ‬ ‫اؿ‪ ,‬فَ َك ُم َؿ لَ​َنا َخ ْم ُس َ‬ ‫وف لَْيمَة م ْف حيف َنيَى َر ُسوؿ المو َ‬ ‫ِ‬ ‫منا ‪ .‬قَا َؿ س ثَُّـ َّ‬ ‫يف لَْيمَة َعمَى ظَ ْير َب ْيت ِمف‬ ‫َع ْف َك َبل َ‬ ‫صَباح َخ ْمس َ‬ ‫ص َبلة ا ْلفَ ْجر َ‬ ‫صم ْيت َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت َعمَ َّي َن ْف ِسي‬ ‫ضاقَ ْ‬ ‫ْ ُبُي َ‬ ‫وتنا‪ ,‬فَ​َب ْيَنما أَ​َنا َجالس َعمَى ا ْل َحاؿ التي َذ َك َر المو َعَّنا قَ ْد َ‬ ‫ت عمَى ْاألَرض بِما رحب ْ ِ‬ ‫ص ِارخ أ َْوفَى َعمَى َجَبؿ َس ْمع َيقُوؿ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫ضاقَ ْ َ‬ ‫َو َ‬ ‫ص ْوت َ‬ ‫ت‪َ ,‬سم ْعت َ‬ ‫ْ‬ ‫صوتوس َيا َك ْعب ْبف مالِؾ أ َْب ِش ْر! قَا َؿس فَ َخرْرت َس ِ‬ ‫اء‬ ‫بِأ ْ‬ ‫اج ًدا‪َ ,‬و َع َرْفت أ ْ‬ ‫َف قَ ْد َج َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َعمَى َ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ َّ‬ ‫ِ َّ‬ ‫فَرج ‪ .‬قَا َؿس وأ َِذف رسوؿ المَّو َّ َّ‬ ‫صمَّى‬ ‫صمى المو َعمَْيو َو َسم َـ بِتَ ْوَبة المو َعمَْيَنا حيف َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب َّ‬ ‫ض َرُجؿ‬ ‫الناس ُيَب اش ُر َ‬ ‫وف‪َ ,‬وَرَك َ‬ ‫ونَنا‪ ,‬فَ َذ َى َ‬ ‫ص َبلة ا ْلفَ ْجر‪ ,‬فَ َذ َى َ‬ ‫صاحَب َّي ُمَب اش ُر َ‬ ‫ب قَبؿ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ع م ْف ا ْلفَ​َرس‪.‬‬ ‫َس َر َ‬ ‫َّوت أ ْ‬ ‫َسمَ َـ قَبمي َوأ َْوفَى ا ْل َجَبؿ‪َ ,‬و َك َ‬ ‫إِلَ َّي فَ َر ًسا‪َ ,‬و َس َعى َسا ٍع م ْف أ ْ‬ ‫اف الص ْ‬ ‫ِ‬ ‫َفمَ َّما ج ِ َِّ‬ ‫ص ْوتو ُيَب اشرنِي َن َز ْعت لَوُ ثَْوبِاي‪ ,‬فَ َك َس ْوتيما إِيَّاهُ بِبِ َش َارتِ ِو‪,‬‬ ‫اءني الذي َسم ْعت َ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َمـ َر ُسوؿ المو‬ ‫تيما‪َ .‬و ْانطَمَ ْقت أَتَأ َّ‬ ‫ىما َي ْومئذ‪َ ,‬و ْ‬ ‫استَ َع ْرت ثَْوَب ْي ِف َفمَب ْس َ‬ ‫َواَلمو َما أ َْممؾ َغ ْير َ‬ ‫ِ‬ ‫صمَّى المَّو َعمَْي ِو َو َسمَّ َـ‪ ,‬فَتَمَقَّانِي َّ‬ ‫وفس لِتَ ْينِ َؾ‬ ‫الناس فَ ْو ًجا فَ ْو ًجا ُييَانُئونِي بِالتَّ ْوَبة‪َ ,‬وَيقُولُ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫صمى المو َعمَْيو َو َسم َـ َجالس‬ ‫تَ ْوَبة المو َعمَْيؾ! َحتَّى َد َخ ْمت ا ْل َم ْس ِجد‪ ,‬فَِإ َذا َر ُسوؿ المو َ‬ ‫َّ‬ ‫ِفي ا ْل َم ْس ِجد َح ْولو َّ‬ ‫صافَ َحنِي‬ ‫الناس‪ ,‬فَقَ َاـ إِلَ َّي طَ ْم َحة ْبف ُعَب ْيد المو ُييَ ْرِوؿ َحتَّى َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫اىا لِطَ ْم َحةَ‬ ‫يف َغ ْيره‪ -‬قَ َ‬ ‫اف َك ْعب َال َي ْن َس َ‬ ‫اؿس فَ َك َ‬ ‫َو َىَّنأَني‪َ ,‬واَلمو َما قَ َاـ َر ُجؿ م ْف الْ ُميَا ِج ِر َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫اؿ َو ُى َو َي ْب ُرؽ‬ ‫صمَّى المَّو َعمَْي ِو َو َسمَّ َـ قَ َ‬ ‫ قَا َؿ َك ْعبس َفمَ َّما َسم ْمت َعمَى َر ُسوؿ المو َ‬‫و ْجيو ِم ْف السُّرورس " أ َْب ِشر ِب َخ ْي ِر يوـ مكر عمَ ْيؾ م ْن ُذ ولَ َدتْؾ أُمؾ! " فَقُ ْمتس أ ِ‬ ‫َم ْف‬ ‫َْ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫اف َر ُسوؿ‬ ‫ع ْندؾ َيا َر ُسوؿ المو‪ ,‬أ َْـ م ْف ع ْند المو قَا َؿس " َال َب ْؿ م ْف ع ْند المو " ‪َ .‬و َك َ‬ ‫ِ َّ‬ ‫المَّو َّ َّ‬ ‫سَّر ِا ْستَ​َن َار َو ْجيو َحتَّى َكأ َّ‬ ‫ط َعة قَ َمر‪َ ,‬و ُكَّنا‬ ‫َف َو ْجو ِق ْ‬ ‫صمى المو َعمَْيو َو َسم َـ إِ َذا ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َف‬ ‫َن ْع ِرؼ َذل َ‬ ‫ؾ م ْنوُ‪ .‬قَا َؿس فَمَ َّما َجمَ ْست َب ْيف َي َد ْيو قُْمتس َيا َر ُسوؿ المو إ َّف م ْف تَ ْوَبتي أ ْ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫صمَّى المَّو َعمَْي ِو َو َسمَّ َـ‬ ‫ص َدقَة إِلَى المو َوِالَى َر ُسولو فَقَا َؿ َر ُسوؿ المو َ‬ ‫أ َْن َخمع م ْف َمالي َ‬ ‫" قَا َؿس فَقُ ْمتس فَِإاني أ ُْم ِسؾ َس ْي ِمي الَِّذي‬ ‫" أ َْم ِس ْؾ َب ْعض َمالِؾ فَيُ َو َخ ْير لَؾ !‬

‫‪139‬‬


‫اد ِ‬ ‫َف َال‬ ‫بِ َخ ْيَبر‪َ .‬وُق ْمتس َيا َر ُسوؿ المَّو إِ َّف المَّو إَِّن َما أ َْن َجانِي بِالص ْ‬ ‫ؽ‪َ ,‬وِا َّف ِم ْف تَ ْوَبتِي أ ْ‬ ‫ِ​ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ ِ‬ ‫أُح ادث إِ َّال ِ‬ ‫يف ِا ْبتَ َبلهُ المَّو ِفي‬ ‫ص ْدقًا َما َبِقيت! قَ َ‬ ‫اؿ س فَ َواَلمو َما َعم ْمت أ َ‬ ‫َ‬ ‫َح ًدا م ْف ا ْل ُم ْسمم َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ؾ لِرس ِ‬ ‫َح َسف ِم َّما ِا ْبتَ َبلنِي‪,‬‬ ‫َّبلة َوالس َ‬ ‫وؿ المَّو َعمَْي ِو الص َ‬ ‫َّبلـ أ ْ‬ ‫ص ْدؽ ا ْل َحديث ُم ْن ُذ َذ َك ْرت َذل َ َ ُ‬ ‫واَلمَّو ما تَع َّم ْدت َك ْذبة م ْن ُذ ُق ْمت َذلِ َ ِ ِ َّ‬ ‫صمَّى المَّو َعمَْي ِو َو َسمَّ َـ إِلَى َي ْو ِمي َى َذا‬ ‫ؾ ل َر ُسوؿ المو َ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ َّ ِ‬ ‫اب ا َعمَى ال كن ِب ٍّي‬ ‫يما َبِق َي‪ .‬قَ َ‬ ‫‪َ ,‬وِااني أ َْرُجو أ ْ‬ ‫اؿس فَأ َْن َز َؿ الموس « لَقَد تك َ‬ ‫َف َي ْحفَظني المو ف َ‬ ‫يف اتكبعووُ ِفي س ِ‬ ‫يف واعَنص ِ ِ‬ ‫وب‬ ‫سَرِة ِمف َب ْع ِد َما َك َ‬ ‫اد َي ِزيغُ قُمُ ُ‬ ‫َ َ‬ ‫اعة ا ْل ُع ْ‬ ‫ار الكذ َ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َوا ْل ُم َها ِج ِر َ َ‬ ‫ؽ ٍّم ْنهـ ثُكـ تَاب عمَ ْي ِهـ إِكن ُه ِب ِهـ ر ُؤ ٌ ِ‬ ‫يف ُخمٍّفُواْ‬ ‫يـ(‪َ )117‬و َعمَى الثكسَ ثَ ِة الكِذ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ ْ‬ ‫فَ ِري ٍ ُ ْ‬ ‫وؼ كرح ٌ‬ ‫ظ ُّنواْ أَف الك‬ ‫س ُه ْـ َو َ‬ ‫ضاقَ ْت َعمَ ْي ِه ُـ اع َْر ُ‬ ‫ض ِب َما َر ُح َب ْت َو َ‬ ‫َحتكى إِ َذا َ‬ ‫ضاقَ ْت َعمَ ْي ِه ْـ أَنفُ ُ‬ ‫َم ْم َجأَ ِم َف المّ ِه إِالك إِلَ ْي ِه ثُكـ‬ ‫هم ُنواْ اتكقُواْ المّ َه‬ ‫ُّها الكِذ َ‬ ‫أَي َ‬ ‫يف َ‬

‫تَاب عمَ ْي ِهـ لِيتُوبواْ إِ كف المّ َه ُرو التككواب ك ِ‬ ‫يـ (‪َ )118‬يا‬ ‫ُ‬ ‫َ َ ْ َ ُ‬ ‫َ‬ ‫الرح ُ‬ ‫يف (‪ ( ")119‬التوبة‪. ) 117-119‬‬ ‫َو ُكوُنواْ َم َع ك‬ ‫الص ِاد ِق َ‬

‫ُّ‬ ‫َف َى َدانِي لِ ْ ِ‬ ‫َعظَـ ِفي‬ ‫ئل ْس َبلِـ أ ْ‬ ‫قَا َؿ َك ْعب س َواَلمَّو َما أ َْن َع َـ المَّو َعمَ َّي ِم ْف نِ ْع َمة قَط َب ْعد أ ْ‬ ‫َّ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬ ‫َىمؾ َك َما‬ ‫َف َال أَ ُكوف َك َذ ْبتو فَأ ْ‬ ‫صمَّى المَّو َعمَْي ِو َو َسمَّ َـ أ ْ‬ ‫َن ْفسي م ْف ص ْدقي َر ُسوؿ المو َ‬ ‫َِِّ‬ ‫َّ‬ ‫َىمَ َ َِّ‬ ‫َح ٍدس «‬ ‫ذبوا ِحيف أ ُْن ِز َؿ ا ْل َو ْحي َشّر َما قَ َ‬ ‫اؿ ِأل َ‬ ‫يف َك ُ‬ ‫يف َك َذُبوهُ‪ ,‬فَِإ َّف المو قَا َؿ لمذ َ‬ ‫ؾ الذ َ‬ ‫ِ‬ ‫ضوا َع ْن ُه ْـ إِكن ُه ْـ ِر ْجس‬ ‫ضوا َع ْن ُه ْـ فَأ ْ‬ ‫س َي ْحمِفُ َ‬ ‫َع ِر ُ‬ ‫وف ِباَلمك ِه لَ ُك ْـ إِ َذا ا ْن َقمَ ْبتُ ْـ إِلَ ْي ِه ْـ لِتُ ْع ِر ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ضى َع ْف‬ ‫َو َمأ َْو ُ‬ ‫ار ْـ َج َهنـ َج َزاء ب َما َكا ُنوا َي ْكس ُب َ‬ ‫وف »(التوبةس‪ )74‬إلَى قَ ْولوس « َال َي ْر َ‬ ‫يف » (التوبةس ‪ )74‬قَا َؿ َكعبس َخمَّ ْفَنا أَّييا الثَّ َبلثَة ع ْف أَمر أُولَئِ َ َِّ‬ ‫ا ْلقَوـ ا ْلفَ ِ‬ ‫يف‬ ‫اس ِق َ‬ ‫ؾ الذ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫استَ ْغفَ​َر لَيُ ْـ‪,‬‬ ‫تيـ حيف َحمَفُوا لَوُ ‪ ,‬فَ​َب َاي َعيُ ْـ َو ْ‬ ‫قَبِ َؿ َر ُسوؿ المو َ‬ ‫صمى المو َعمَْيو َو َسم َـ تَ ْوَب ْ‬ ‫وأَرجأَ رسوؿ المَّو صمَّى المَّو عمَْي ِو وسمَّـ أَمرَنا حتَّى قَضى المَّو ِف ِ‬ ‫اؿ المَّو س‬ ‫ؾ قَ َ‬ ‫يو ‪ ,‬فَبِ َذلِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ​َ​َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ََْ َُ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫ا‬ ‫َّ‬ ‫ِ‬ ‫يف ُخمفُوا » َولَْي َس الذي ذ ْكر المو م َّما َخم ْفَنا َع ْف ا ْل َغ ْزو إَّن َما ُى َو‬ ‫« َو َعمَى الث َبلثَة الذ َ‬ ‫اعتَ َذ َر إِلَ ْي ِو ‪ ,‬فَقَبِ َؿ ِم ْنيُ ْـ‪( .‬تفسير القرطبي)‪.‬‬ ‫اؤهُ أ َْمرَنا َع َّم ْف َحمَ َ‬ ‫ؼ لَوُ َو ْ‬ ‫تَ ْخمِيفو إِي َ‬ ‫َّانا َوِا ْر َج ُ‬

‫الحػػظ أخػػي كيػػؼ يػػورث التػػردد فػػي تعجيػػؿ الطاعػػة‪ ،‬ضػػياع اعجػػر‪ ،‬بػػؿ والوقػػوع‬

‫بايثـ‪ ،‬والحظ بعد ذلؾ ثمرة الصدؽ‪ ،‬والصبر‪ ،‬والطاعة‪.‬‬

‫س ْج َروُ لمكتاب في التنور كي يغمؽ الباب عمى الشػيطاف مػف معػاودة إغرائػه‬ ‫الحظ َ‬

‫‪141‬‬


‫وابتسئه‪ .‬الحظ الطاعة بمختمؼ مستوياتها‪ ،‬مف ِق َبؿ المسمميف‪.‬‬ ‫جعمنػػا ا مػػف الػػذيف يسػػتمعوف القػػوؿ‪ ،‬فيتبعػػوف أحسػػنه وصػػمى ا‬

‫عمػػى النبػػي‬

‫اعسوة وعمى هله وصحبه وسمـ‪.‬‬

‫سعد بف أبي وقاص ورجالُه‬

‫أرسؿ سعد إلى المغيرة وبسر بف أبي رىـ وعرفجة بف ىرثمة وحذيفة بف محسف‬ ‫وربعي بف عامر وقرفة بف أبي زاىر التيمي الوائمي ومذعور بف عدي العجمي‬ ‫والمضارب بف يزيد وسعيد بف مرة وىما مف بني عجؿ أيضا وكاف سعيد مف دىاة‬

‫العرب فقاؿ ليـ سعدس إني مرسمكـ إلى ىؤالء فما عندكـ قالوا نتبع ما تأمرنا به‬

‫وننتهي إليه ف ذا جاء أمر لـ يكف منؾ فيه شيء نظرنا أمثؿ ما ينبغي وأنفعه‬ ‫الح َزمة اذىبوا فتييئوا فقاؿ ربعي بف عامر‬ ‫لمناس فكممنارـ به قاؿ سعدس ىذا فعؿ َ‬ ‫إف األعاجـ ليـ آراء وأدب ومتى نأتيـ جميعا يروف أنا قد احتفمنا ليـ‪ ،‬فبل تزدىـ‬ ‫عمى رجؿ‪ ،‬فمالئوه جميعا عمى ذلؾ فقاؿس فسرحني‪ ،‬فسرحو‪ ،‬فخرج ربعي بف عامر‬

‫ليدخؿ عمى رستـ(قائد الفرس في القادسية) عس َك َره‪ ،‬فقالوا لو ضع سبلحؾ ‪.‬فقاؿس‬ ‫إني لـ آتكـ فأضع سبلحي بأمركـ أنتـ دعوتموني فإف أحببتـ أف آتيكـ كما أريد واال‬ ‫رجعت فأخبروا رستما فقاؿ إئذنوا لو ىؿ ىو إال رجؿ‪ ،‬فأقبؿ يتوكأ عمى رمحو وزجو‬ ‫نصؿ يقارب الخطو ويزج النمارؽ والبسط فما ترؾ ليـ نمرقة وال بساطا إال أفسده‬ ‫وتركيا متيتكة مخرقة‪ ،‬فمما دنا مف رستـ تعمؽ بو الحرس‪ ،‬وجمس عمى األرض‬

‫وركز رمحو في البساط فقالوا ما حممؾ عمى ىذا قاؿ أنا ال نستحب القعود عمى‬ ‫زينتكـ‪ ،‬فقاؿ لو رستـ ما جاء بكـ فقاؿس اهلل ابتعثنا وجاء بنا لنخرج مف شاء مف‬ ‫عبادة العباد إلى عبادة اهلل تعالى ومف ضيؽ الدنيا إلى سعة اآلخرة ومف جور‬ ‫األدياف إلى عدؿ اإلسبلـ فأرسمنا بدينو إلى خمقو لندعوىـ إليو فمف قبمو قبمنا ذلؾ‬

‫منو ورجعنا عنو وتركناه وأرضو يمييا دوننا ومف أبى قاتمناه أبدا حتى نفضي إلى‬ ‫موعود اهلل قاؿ وما موعود اهلل قاؿ الجنة لمف مات عمى قتاؿ مف أبى والظفر لمف‬

‫‪141‬‬


‫بقي قاؿ رستـ قد سمعنا مقالتكـ فيؿ لكـ أف تؤخروا ىذا األمر حتى ننظر فيو‬ ‫وتنظروا قاؿس نعـ‪ .‬كـ أحب إليؾ أيوـ أـ يوماف قاؿ ال‪ ،‬بؿ حتى نكاتب أىؿ رأينا‬ ‫ورؤساء قومنا فقاؿس إف مما سف لنا رسوؿ اهلل وعمؿ بو أئمتنا أال نمكف األعداء مف‬ ‫بداتنا وال نؤجميـ عند اإللتقاء أكثر مف ثبلث فنحف مترددوف عنكـ ثبلثا فانظر في‬ ‫أمرؾ واختر واحدة مف ثبلث بعد األجؿ اختر اإلسبلـ وندعؾ وأرضؾ أو الجزاء‬

‫فنقبؿ ونكؼ عنؾ اواف كنت عف نصرنا غنيا تركناؾ منو واف كنت إليو محتاجا‬ ‫منعناؾ أو المنابذة في اليوـ الرابع ولسنا نبدؤؾ فيما بيننا وبيف اليوـ الرابع إال أف‬ ‫تبدأنا‪ .‬أنا كفيؿ لؾ بذلؾ عمى جميع مف ترى‪ .‬قاؿ أسيدىـ أنت قاؿ ال‪ ،‬ولكف‬ ‫المسمميف فيما بينيـ كالجسد بعضيـ مف بعض يجير أدناىـ عمى اعبلىـ فخمص‬ ‫رستـ برؤساء أىؿ فارس فقاؿ ما تروف ىؿ سمعتـ كبلما قط أوضح نص ار وال أعز‬

‫مف كبلـ ىذا الرجؿ قالوا معاذ اهلل أف تميؿ إلى شيء مف ىذا وتدع دينؾ ليذا‬ ‫الكمب‪ ،‬أما ترى إلى ثيابو ! فقاؿ ويحكـ ال تنظروا إلى الثياب ولكف انظروا إلى‬

‫الرأي والكبلـ والسيرة إف العرب تستخؼ بالمباس والمأكؿ ويصونوف األحساب ليسوا‬ ‫مثمكـ في المباس وال يروف فيو ما تروف‪ ،‬فمما كاف الغد بعثوا أف ابعث إلينا ذلؾ‬ ‫الرجؿ فبعث إلييـ سعد حذيفة بف محصف فأقبؿ في زي المغيرة الزىيد‪ ،‬حتى إذا‬ ‫كاف عمى أدنى البساط قيؿ لو أنزؿ‪ .‬قاؿس ذلؾ لو جئتكـ في حاجتي فقولوا لممككـ‬

‫ألو حاجة أـ لي فإف قاؿ لي فقد كذب ورجعت عنو وتركتكـ‪ ،‬واف قاؿ لو‪ ،‬لـ آتو‬ ‫إال عمى ما أُحب فقاؿ دعوه فجاء حتى وقؼ عميو‪ ،‬ورستـ عمى سريره‪ .‬فقاؿ لو‬ ‫انزؿ‪ .‬قاؿ ال أفعؿ فمما أبى سألو ما بالؾ جئت ولـ يجئ صاحبنا باألمس قاؿ إف‬ ‫أميرنا يحب أف يعدؿ بيننا في الشدة والرخاء فيذه نوبتي‪ .‬قاؿ ما جاء بكـ قاؿ اهلل‬

‫عز وجؿ َم َّف عمينا بدينو وأرانا آياتو حتى عرفناه وكنا لو منكريف ثـ أمرنا بدعاء‬ ‫الناس إلى واحدة مف ثبلث؛ فأييا أجابوا إليو قبمناهس اإلسبلـ وننصرؼ عنكـ أو‬ ‫الجزاء ونمنعكـ إف احتجتـ إلى ذلؾ أو المنابذة فقاؿس أو الموادعة إلى يوـ فقاؿ‬ ‫نعـ ثبلثا مف أمس‪ .‬فمما لـ يجد‬

‫‪142‬‬

‫عنده إال ذلؾ رده وأقبؿ عمى أصحابو‬


‫فقاؿس ويمكـ أال تروف ما أرى جاءنا األوؿ باألمس فغمبنا عمى أرضنا وحقر ما‬ ‫نعظـ وأقاـ فرسو عمى زبرجنا وربطو بو فيو في يمف الطائر ذىب بأرضنا وما فييا‬ ‫إلييـ مع فضؿ عقمو وجاءنا ىذا اليوـ فوقؼ عمينا فيو في يمف الطائر سيقوـ عمى‬

‫أرضنا دوننا‪ ،‬فراده أصحابو الكبلـ حتى أغضبوه وأغضبيـ فمما كاف مف الغد‬ ‫أرس َؿس ابعثوا إلينا رجبل فبعثوا إليو المغيرة بف شعبة‪ ،‬قالوا فمما جاء إلى القنطرة‬ ‫يعبرىا إلى أىؿ فارس حبسوه واستأذنوا رستما في إجازتو فأذف في ذلؾ فأقبؿ‬ ‫المغيرة والقوـ في زييـ كما في األمس لـ يغيروا شيئا مف شارتيـ تقوية لتياونيـ‪،‬‬ ‫عمييـ التيجاف والثياب المنسوجة بالذىب وبسطيـ عمى غموة اليصؿ إلى صاحبيـ‬

‫حتى يمشي عمييا‪ ،‬وجاء المغيرة ولو أربع ضفائر يمشي حتى جمس معو عمى‬ ‫سريره وشارتو فوثبوا إليو فنتروه وأنزلوه فقاؿس إنو كانت تبمغنا عنكـ أحبلـ وال أرى‬ ‫قوما أسفو منكـ‪،‬إنا معشر العرب سواء‪ ،‬ال يستعبد بعضنا بعضا إال أف يكوف‬

‫محاربا لصاحبو ولـ آتكـ ولكنكـ دعوتموني وليس ينبغي لكـ إذا أرسمتـ إلي أف‬ ‫تمنعوني مف الجموس حيث أردت‪ ،‬وما أكممكـ إال وأنا جالس معو‪ ،‬اليوـ عممت‬ ‫أنكـ مغموبوف وأف ممكا ال يقوـ عمى ىذه السيرة وال عمى ىذه العقوؿ فقالت السفمة‬ ‫صدؽ واهلل العربي وقالت الدىاقيف واهلل لقد رمى بكبلـ ال يزاؿ خولنا والضعفاء منا‬ ‫ينزعوف إليو قاتؿ اهلل ّأولينا ما كاف أحمقيـ حيف يصغروف أمر ىذه األمة فمازحو‬ ‫صنع بو فقاؿ لو يا عربي إف الحاشية قد تصنع ما اليوافؽ الممؾ‬ ‫رستـ ليمحو ما ُ‬ ‫فيتراخى عنيا مخافة أف يكسرىا عما ينبغي مف ذلؾ واألمر عمى ما تحب مف‬

‫الوفاء وقبوؿ الحؽ وليس ما صنعوا بضائرؾ وال ناقصؾ عندنا فاجمس حيث شئت‬ ‫فأجمسو معو ثـ قاؿ ما ىذه المغازؿ التي معؾ يعني السياـ قاؿ ما ضر الجمرة أف‬

‫ال تكوف طويمة ثـ رماىـ ثـ قاؿ لو رستـ تكمـ أو أتكمـ فقاؿ المغيرةس أنت الذي‬ ‫بعثت إلينا فتكمـ فأقاـ الترجماف بينيما وتكمـ رستـ فحمد قومو وعظـ الممؾ والمممكة‬ ‫وقاؿ لـ نزؿ متمكنيف في الببلد ظاىريف عمى األعداء أشرافا في األمـ ليس ألحد‬ ‫مف المموؾ مثؿ عزنا وشرفنا‬

‫وسمطاننا ننصر عمى الناس وال ينصروف‬

‫‪143‬‬


‫عمينا إال اليوـ أو اليوميف أو الشير أو الشيريف ألجؿ الذنوب فإذا انتقـ اهلل منا‬ ‫فرضي رد إلينا عزنا ثـ إنو لـ تكف في الناس أمة أصغر عندنا أم ار منكـ كنتـ أىؿ‬ ‫نعدكـ وكنتـ إذا قحطت أرضكـ وأصابتكـ‬ ‫قشؼ ومعيشة سيئة ال نراكـ شيئا وال ُ‬ ‫السنة استعنتـ بناحية أرضنا فنأمر لكـ بشيء مف التمر والشعير ثـ نردكـ وقد‬ ‫عممت أنو لـ يحممكـ عمى ما صنعتـ إال ما أصابكـ مف الجهد في بسدكـ فأنا آمر‬

‫ألميركـ بكسوة وبغؿ وألؼ درىـ وآمر لكؿ واحد منكـ بوقر مف تمر وبثوبيف‬ ‫وتنصرفوف عنا فإني لست أشتيي أف أقتمكـ وال آسركـ‬

‫فتكمـ المغيرةس فحمد اهلل‬

‫وأثنى عميو ثـ قاؿ إف اهلل سبحانو خالؽ كؿ شيء و ارزقو يرفع مف يشاء ويضع مف‬ ‫يشاء فمف صنع شيئا فإف اهلل تبارؾ اسمو وتعالى ىو يصنعو والذي صنعو وأما‬ ‫الذي ذكرت بو نفسؾ وأىؿ ببلدؾ مف الظيور عمى األعداء والتمكيف في الببلد‬

‫وعظـ السمطاف في الدنيا فنحف نعرفو وال ننكره والُمو صنعو لكـ ووضعو فيكـ وىو‬

‫لو دونكـ‪ ،‬وأما ما ذكرت فينا مف سوء الحاؿ وضيؽ المعيشة واختبلؼ القموب‬

‫وصَّيرنا إليو والدنيا دوؿ ولـ يزؿ أىؿ شدائدىا‬ ‫فنحف نعرفو واهلل ابتبلنا بذلؾ َ‬ ‫يتوقعوف الرخاء حتى يصيروا إليو وأىؿ رخائيا يتوقعوف الشدة حتى تنزؿ بيـ‬

‫ويصيروا إلييا ولو كنتـ فيما آتاكـ اهلل دوننا أىؿ شكر لكاف شكركـ يقصر عما‬ ‫أوتيتـ وألسممكـ ضعؼ الشكر إلى تغير الحاؿ‪ ،‬ولو كنا فيما ابتمينا بو أىؿ كفر‬ ‫كاف عظيـ ما تتابع عمينا مستجمبا مف اهلل رحمة يرفو بيا عنا ولكف الشأف غير ما‬ ‫تذىبوف إليو؛ إف اهلل تعالى بعث فينا رسوال فكذبو مكذبوف وصدقو منا آخروف‬ ‫وأظير اهلل دعوتو وأعز دينو عمى كره ممف كذبو وحاده حتى دخموا في اإلسبلـ‬

‫طوعا وكرىا فأمرنا أف ندعوا مف خالفنا إلى ديننا فمف أباه قاتمناه وذكر نحو ما تقدـ‬ ‫مف الكبلـ في األحاديث المتقدمة مف دعائو إلى اإلسبلـ وقاؿ لو فإف أبيت فكف لنا‬

‫عبدا تؤدي الجزية عف يد وأنت صاغر اواال السيؼ إف أبيت‪ ،‬فنخر رستـ عند ذلؾ‬ ‫نخرة واستشاط غضبا ثـ حمؼ بالشمس ال يرتفع لكـ الضحى غدا حتى أقتمكـ‬

‫أجمعيف‬

‫فانصرؼ المغيرة وخمص‬

‫‪144‬‬

‫رستـ بأشراؼ فارس فقاؿ أيف ىؤالء منكـ‬


‫ما بعد ىذا ألـ يأتكـ األوالف فجسراكـ واستخرجاكـ ثـ جاءكـ ىذا فمـ يختمفوا وسمكوا‬ ‫طريقا واحدا ولزموا أم ار واحدا ىؤالء واهلل الرجاؿ صادقيف أو كاذبيف واهلل لئف كاف‬ ‫بمغ مف رأييـ وصونيـ أمرىـ أف ال يختمفوا ما قوـ أبمغ فيما أرادوا منيـ‪ ،‬واف كانوا‬

‫صادقيف ما يقوـ ليؤالء شيء فمجوا وتجمدوا فقاؿ واهلل إني ألعمـ أنكـ تصغوف إلى‬

‫ما أقوؿ لكـ واف ىذا منكـ رياء فازدادوا لجاجا ‪.‬‬ ‫وفي بعض الروايات أف مما قاؿ المغيرة لرستـ وقد توعد المسمميف بأنيـ مقتولوف‬ ‫قاؿس ىو الذي نتمنى أف المقتوؿ منا صائر في الجنة واليارب في النار ولمباقي‬ ‫الصابر الظفر بحديث صادؽ ووعد ال خمؼ لو‪ ،‬قاؿ رستـ ارجع إلى أصحابؾ‬ ‫واستعدوا لمحرب فميس بيننا وبينكـ صمح ولنفقأف عينؾ غدا‪.‬فقاؿ المغيرةس وأنت‬ ‫ستقتؿ غدا إف شاء اهلل واف ما قمت لي ليسرني لوال أف أجاىدكـ بعد اليوـ لسرني‬ ‫أف تذىبا جميعا‪ .‬ورجع المغيرة فتعجبوا مف قولو فقاؿ رستـ ما أظف ىذا الممؾ إال‬ ‫قد انقضى وأف أجمؿ بنا أال يكوف ىؤالء أصبر منا ولقد وعدوا وعدا ليموتف أو‬ ‫ليدركنو ولقد حذروا وخوفوا مف الفرار خوفا ال يأتونو وقد رأيت ليمتي ىذه كأف‬ ‫القوس التي في السماء خرت وكأف الحيتاف خرجف مف البحر وأف ىؤالء القوـ‬ ‫سيظيروف عميكـ‬

‫‪(.‬عف كتاب االكتفاء بما تضمنو مف مغازي رسوؿ اهلل والثبلثة الخمفاء)‬

‫‪ ‬الحظ أخي الطاعة والوالء و ِ‬ ‫الحكمة عند رجاؿ الدولة والسياسة والعسكر‬ ‫المسمميف‪ ،‬الربانييف‪.‬‬

‫‪ ‬الحظ أىمية التثقيؼ الشرعي والسياسي في معرفة المقبوؿ مف المرفوض‪،‬‬ ‫ومعرفة الخصـ وطبائعو‪ ،‬وأعرافو‪ ،‬إلحساف التصرؼ معو فيما يخدـ الدعوة‪.‬‬ ‫‪ ‬الحظ أخي العزة والشموخ والثقة عند المسمـ إذا فاوض‪.‬‬

‫‪ ‬الحظ اإلنتماء ووحدة الفكر والشعور وأثرىا عمى المخاطَب‪.‬‬ ‫‪ ‬الحظ أخي ثبَّتؾ اهلل اليقيف‪ ،‬والطرح السافر المتحدي‪.‬‬ ‫ثبتنا ا‬

‫عمى دينه وألحقنا بهؤالء الكراـ بفضمه وأجرى عزة ايسسـ والمسمميف‬

‫عمى أيدينا وفي ظؿ دولة العز‬

‫‪145‬‬

‫السمطاف‪.‬المهـ هميف‪.‬‬ ‫والجاو و ُ‬


‫ِ‬ ‫ع ِ‬ ‫رب‬ ‫الباطؿ قد نما وحاف َح ُ‬ ‫المهـ إف َزر َ‬ ‫صادو فقٍَّيض له يداً مف الحؽ حاصدةً يا َ‬ ‫العالميف‪.‬‬ ‫عيف ال تراؾ عميها رقيبا‪ ،‬وخسرت صفق ُة ٍ‬ ‫بؾ‬ ‫عبد لـ تجعؿ له مف ُح َ‬ ‫إلهي َع ِميت ٌ‬ ‫َ‬ ‫نصيبا‪..‬‬ ‫انصرنا بؾ‬ ‫إلهي رذا حالُنا ال يخفى عميؾ‪ ،‬ورذا ضعفُنا‬ ‫ظارر بيف يديؾ‪ ،‬المهـ ُ‬ ‫ٌ‬ ‫وحؿ بيننا وبيف ِ‬ ‫أرحـ الراحميف‪.‬‬ ‫لؾ‪ ،‬واجمع بيننا وبينؾ‪ُ ،‬‬ ‫غيرؾ يا َ‬ ‫فوفٍّقه لكؿ خير‪ ،‬ومف أراد بهـ ش ارً ف ُخذوُ أخ َذ‬ ‫المهـ َمف أراد بالمسمميف خي ارً‪َ ،‬‬ ‫عزيز ـ ُِ ِ‬ ‫قتدر ف نهـ ال ُيع ِجزونؾ يا رب العالميف‪.‬‬ ‫ٍ ُ‬

‫ومف معه‬ ‫جعفر بف أبي طالب َ‬ ‫حديث أـ سممة عف الرسوليف المذيف‬

‫أرسمتيما قريش لمنجاشي قاؿ ابف اسحاؽ‬

‫‪146‬‬


‫حدثني محمد بف مسمـ الزىري عف ابي بكر بف عبد الرحمف بف الحارث بف ىشاـ‬ ‫المخزومي عف أـ سممة بنت ابي أمية بف المغيرة زوج رسوؿ اهلل صمى اهلل عميو‬ ‫وسمـ قالتس لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بيا خير جار النجاشي؛ ِ‬ ‫أمّنا عمى ديننا‬

‫وعبدنا اهلل تعالى ال نؤَذى وال نسمع شيئا نكرىو‪ ،‬فمما بمغ ذلؾ قريشا ائتمروا بينيـ‬

‫أف يبعثوا الى النجاشي فينا رجميف منيـ جمديف واف ييدوا لمنجاشي ىدايا مما‬

‫يستظرؼ مف متاع مكة وكاف مف أعجب ما يأتيو منيا اآلدـ فجمعوا لو أدما كثي ار‬ ‫ولـ يتركوا مف بطارقتو بطريقا إال أىدوا لو ىدية‪ ،‬ثـ بعثوا بذلؾ عبد اهلل بف ابي‬

‫ربيعة وعمرو ابف العاص وأمروىما بأمرىـ وقالوا ليما ادفعا الى كؿ بطريؽ ىديتو‬

‫قبؿ أف تكمما النجاشي فييـ ثـ قَ ادما إلى النجاشي ىداياه ثـ سبله أف ُيسمميـ إليكما‬ ‫قبؿ أف يكمميـ‪ ،‬قالت فخرجا حتى قدما عمى النجاشي ونحف عنده بخير دار عند‬ ‫خير جار‪ ،‬فمـ يبؽ مف بطارقتو بطريؽ إال دفعا إليو ىديتو قبؿ أف يكمما النجاشي‬

‫وقاال لكؿ بطريؽ منيـ أنو قد ضوى إلى بمد الممؾ منا غمماف سفياء فارقوا ديف‬ ‫قوميـ ولـ يدخمو في دينكـ وجاءوا بديف مبتدع ال نعرفو نحف وال أنتـ وقد بعثنا الى‬ ‫الممؾ فييـ أشراؼ قوميـ ليردىـ إلييـ‪ ،‬فإذا كممنا الممؾ فأشيروا عميو بأف يسمميـ‬ ‫إلينا وال يكمميـ فإف قوميـ أعمى بيـ عينا وأعمـ بما عابوا عمييـ فقالوا ليما نعـ ثـ‬ ‫أنيما قدما ىداياىما الى النجاشي فقبميا منيما ثـ كمماه فقاال لو أييا الممؾ إنو قد‬

‫ضوى الى بمدؾ منا غمماف سفياء فارقوا ديف قوميـ ولـ يدخموا في دينؾ وجاءوا‬

‫بديف ابتدعوه ال نعرفو نحف وال أنت وقد بعثنا إليؾ فييـ أشراؼ قوميـ مف آبائيـ‬ ‫وأعماميـ لتردىـ إلييـ فيـ أعمى بيـ عينا وأعمـ بما عابوا عمييـ وعاتبوىـ فيو‬ ‫قالتس ولـ يكف شيء أبغض الى عبداهلل بف أبي ربيعة وعمرو ابف العاص مف أف‬

‫قوميـ أعمى بيـ‬ ‫يسمع كبلميـ النجاشي قاؿ فقالت بطارقتُو حولَو َ‬ ‫ص َدقا أييا الممؾ‪ُ ،‬‬ ‫عينا وأعمـ بما عابوا عمييـ فأسمِ ْميـ إلييما‪ ،‬ف ْمَي ُرداىـ إلى ببلدىـ وقوميـ‪ ،‬قالت‬ ‫فغضب النجاشي ثـ قاؿسالواهلل إذف ال أسمميـ إلييما وال يكاد؛ قوـ جاوروني ونزلوا‬ ‫حتى أدعوىـ فأسأليـ عما يقوؿ ىذاف في‬

‫ببلدي واختاروني عمى مف سواي‬

‫‪147‬‬


‫أمرىـ فإف كانوا كما يقوالف أسممتيـ إلييما ورددتيـ إلى قوميـ واف كانوا عمى غير‬ ‫ذلؾ منعتيـ منيما وأحسنت جوارىـ ما جاوروني ‪.‬‬ ‫( فمما أرسؿ إلييـ النجاشي‪ ،‬تصدر جعفر بف أبي طالب رضي اهلل عنو الحديث)؛‬

‫قالتس فقاؿ لو النجاشي ىؿ معؾ مما جاء بو عف اهلل مف شيء قالت فقاؿ لو‬

‫جعفر نعـ‪ .‬فقاؿ لو النجاشي فاقرأه عمي قالت فق أر عميو صد ار مف كييعص‪ .‬قالت‬ ‫فبكى واهلل النجاشي حتى اخضمت لحيتو وبكت أساقفتو حتى أخضموا مصاحفيـ‬ ‫حيف سمعوا ما تبل عمييـ‪ ،‬ثـ قاؿ النجاشي إف ىذا والذي جاء بو عيسى ليخرج مف‬

‫مشكاة واحدة‪ ،‬انطمقا‪ ،‬فبل واهلل ال أسمميـ إليكما وال يكادوف‪.‬‬

‫قالت فمما خرجا مف عنده قاؿ عمرو بف العاص واهلل آلتينو غدا عنيـ بما‬ ‫استأصؿ بو خضراءىـ‪ .‬قاؿ فقاؿ لو عبداهلل بف أبي ربعية وكاف أتقى الرجميف فيناس‬ ‫التفعؿ فإف ليـ أرحاما واف كانوا قد خالفونا‪ ،‬قاؿ واهلل ألخبرنو أنيـ يزعموف أف‬

‫عيسى ابف مريـ عبد‪ .‬قاؿ ثـ غدا عميو مف الغد فقاؿ أييا الممؾ إنيـ يقولوف في‬

‫عيسى ابف مريـ قوال عظيما فأرسؿ إلييـ فسميـ عما يقولوف فيو قالت فأرسؿ إلييـ‬ ‫ليسأليـ عنو قالت ولـ ينزؿ بنا مثميا قط فاجتمع القوـ ثـ قاؿ بعضهـ لبعض ماذا‬ ‫تقولوف في عيسى ابف مريـ إذا سألكـ عنه قالوا نقوؿ وا‬

‫ما قاؿ ا‬

‫وما جاءنا‬

‫به نبينا كائنا في ذلؾ ما رو كائف قالت فمما دخموا عميو قاؿ ليـ ماذا تقولوف في‬ ‫عيسى ابف مريـ قالت فقاؿ جعفر بف ابي طالب نقوؿ فيو الذي جاءنا بو نبينا‬ ‫صمى اهلل عميو وسمـ ىو عبداهلل ورسولو وروحو وكممتو ألقاىا الى مريـ العذارء‬ ‫البتوؿ قاؿ فضرب النجاشي بيده الى األرض فأخذ منيا عودا ثـ قاؿ واهلل ما عدا‬

‫عيسى ابف مريـ ما قمت ىذا العود قالت فتناخرت بطارقتو حولو حيف قاؿ ما قاؿ‬ ‫فقاؿس واف نخرتـ واهلل‪ .‬إذىبوا فأنتـ شيوـ بأرضي والشيوـس اآلمنوف‪َ ،‬مف َسبكـ ُغرـ‬ ‫ثـ قاؿ مف سبكـ غرـ ثـ قاؿ مف سبكـ غرـ ما أحب أف لي دب ار مف ذىب واني‬ ‫آذيت رجبل منكـ‪ ،‬والدبر بمساف الحبشة الجبؿ‪ ،‬ردوا عمييما ىداياىما فبل حاجة لي‬

‫بيا فواهلل ما اخذ اهلل مف الرشوة‬

‫حيف رد عمي ممكي فآخذ الرشوة فيو وما‬

‫‪148‬‬


‫أطاع الناس في فأطيعيـ فيو قالت فخرجا مف عنده مقبوحيف مردودا عمييما ما‬ ‫جاءا بو وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار‬ ‫الثبات واليقيف والوعي مفاتيح لمنجاة‪ ،‬وا‬

‫‪(.‬سيرة ابف اسحؽ)‬

‫أرحـ الراحميف‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫خير حافظاً ورو ُ‬

‫قصة ذات الشكاؿ‬ ‫ضى َن ْح َب ُه َو ِم ْن ُه ْـ‬ ‫ص َدقُوا َما َع َ‬ ‫« ِم َف ا ْل ُم ْؤ ِم ِن َ‬ ‫ار ُدوا المك َه َعمَ ْي ِه فَ ِم ْن ُه ْـ َم ْف قَ َ‬ ‫يف ِر َجا ٌؿ َ‬

‫‪149‬‬


‫يس»‬ ‫َم ْف َي ْنتَ ِظ ُر َو َما َب كدلُوا تَ ْب ِد ً‬ ‫ىذه قصة مف قصص سمؼ األمة نسطرىا إجبلالً لتمؾ المرأة ذات ِ‬ ‫الشكاؿ‬ ‫ففييا العبرة لكؿ مف في قمبو ذرة مف شوؽ وحنيف لعز االسبلـ والمسمميف‪ ،‬الميـ‬

‫عجؿ لنا بنصرؾ الذي وعدت‪.‬‬

‫حكاية أبي قدامة مع المرأة التي ظفرت شعرىا شكاال لمفَرس في سبيؿ المػو حكاية‬ ‫مشيورة حكاىا جماعة منيـ أحمد بف الجوزي الدمشقي رحمو المػو في كتابو‬ ‫المسمى بسوؽ العروس وأنس النفوس فحكىس أنو كاف بمدينة رسوؿ المػو صمى اهلل‬ ‫عميو وسمـ رجؿ يقاؿ لو أبو قدامة الشامي‪ ،‬وكاف قد حبب المػو إليو الجياد في‬ ‫سبيؿ المػو والغزو إلى ببلد الروـ‪ ،‬فجمس يوماً في مسجد رسوؿ المػو صمى اهلل عميو‬

‫وسمـ يتحدث مع أصحابو‪ ،‬فقالوا لوس يا أبا قدامة حدثنا بأعجب ما رأيت في‬ ‫الجياد فقاؿ أبو قدامةس‬

‫نعـ إني دخمت في بعض السنيف الرقة أطمب جمبلً أشتريو ليحمؿ السبلح‪ ،‬فبينما‬ ‫جالس إذ دخمت عمي امرأة فقالتس يا أبا قدامة سمعتؾ وأنت تحدث عف‬ ‫أنا يوماً‬ ‫ٌ‬ ‫قت مف َّ‬ ‫الشعر ما لـ ُيرزقو غيري مف النساء‪ ،‬وقد‬ ‫الجياد وتحث عميو وقد ُرز ُ‬ ‫قصعتو وأصمحت منو شكاال لمفرس وعفرتو بالتراب كي ال ينظر إليو أحد‪ ،‬وقد‬

‫ورميت النباؿ‬ ‫أحببت أف تأخذه معؾ فإذا‬ ‫َ‬ ‫صرت في ببلد الكفار وجالت األبطاؿ ُ‬ ‫وجردت السيوؼ و ُشػرعػت األس ّػنػة‪ ،‬فإف احتجت إليو واال فادفعو إلى مف يػحػتػاج إليو‬ ‫ُ‬ ‫ليحضر شعري ويصيبو الغبار في سبيؿ المػو‪ ،‬فأنا امرأة أرممة كاف لي زوج وعصبة‬

‫عمي جياد لجاىدت‪.‬‬ ‫كميـ قُتموا في سبيؿ المػو ولو كاف ّ‬ ‫وناولتني الشكاؿ‪ .‬وقالتس إعمـ يا أبا قدامة أف زوجي لما قُتؿ خمؼ لي غسماً مف‬

‫‪151‬‬


‫قواـ بالميؿ‬ ‫أحسف الشباب‪ ،‬وقد تعمـ القرهف والفروسية والرمي عمى القوس ورو ّ‬ ‫صواـ بالنهار‪ ،‬وله مف العمر خمس عشرة سنة وىو غائب في ضيعة خمفيا لو‬ ‫ّ‬ ‫أبوه‪ ،‬فمعمو يقدـ قبؿ مسيرؾ فأوجيو معؾ ىدية إلى المػو عز وجؿ وأنا أسألؾ بحرمة‬

‫اإلسبلـ‪ ،‬ال تحرمني ما طمبت مف الثواب‪.‬‬

‫فأخذت الشكاؿ منيا فإذا ىو مظفور مف شعرىا‪ .‬فقالتس ألقو في بعض رحالؾ وأنا‬ ‫جت مف الرقة ومعي أصحابي‪ ،‬فمما‬ ‫أنظر إليو ليطمئف قمبي‪ .‬فطرحتو في رحمي وخر ُ‬ ‫صرنا عند حصف مسػممػػة بػف عبػدالممػؾ إذا بفػارس ييػتػؼ مػف ورائيس يا أبا قدامة‬ ‫قؼ عمي قميبلً يرحمؾ المػو‪ ،‬فوقفت وقمت ألصحابي تقدموا أنتـ حتى أنظر مف‬

‫ىذا‪ ،‬واذا أنا بفارس قد دنا مني وعانقني وقاؿس الحمد لمػو الذي لـ يحرمني صحبتؾ‬ ‫ولـ يردني خائباً‪.‬‬ ‫قمت لمصبي أسفر لي عف وجيؾ‪ ،‬فإف كاف يمزـ مثمؾ غزو أمرتؾ بالمسير‪ ،‬واف لـ‬ ‫يمزمؾ غزو رددتؾ‪ ،‬فأسفر عف وجيو فإذا بو غبلـ كأنو القمر ليمة البدر وعميو آثار‬ ‫النعمة‪ .‬قمت لمصبيس ألؾ والد قاؿس ال بؿ أنا خارج معؾ أطمب ثأر والدي ألنو‬

‫استشيد فمعؿ المػو يرزقني الشيادة كما رزؽ أبي‪.‬‬

‫قمت لمصبيس ألؾ والدة قاؿس نعـ‪ .‬قمتس اذىب إلييا فاستأذنيا فإف أذنت واال فأقـ‬ ‫عندىا فإف طاعتؾ ليا أفضؿ مف الجياد‪ ،‬ألف الجنة تحت ظبلؿ السيوؼ وتحت‬

‫أقداـ األميات‪ .‬قاؿس يا أبا قدامة أما تعرفني قمت س ال‪ .‬قاؿس أنا ابف صاحبة‬

‫الوديعة‪ ،‬ما أسرع ما نسيت وصية أمي صاحبة الشكاؿ‪ ،‬وأنا إف شاء المػو الشييد‬ ‫ابف الشييد‪ ،‬سألتؾ بالمػو ال تحرمني الغزو معؾ في سبيؿ المػو‪ ،‬ف ني حافظ لكتاب‬ ‫المػه عارؼ بسنة رسوؿ المػه صمى ا‬

‫عميه وسمـ‪ ،‬عارؼ بالفروسية والرمي وما‬

‫عمي أف ال‬ ‫خمفت ورائي أفرس مني‪ ،‬فس تحقرني لصغر سني‪ ،‬واف أمي قد أقسمت ّ‬ ‫ُّبَر ورب نفسؾ لمػه‬ ‫ني إذا لقيت‬ ‫الكفار فس تولّهـ الد ُ‬ ‫أرجع وقالت‪ :‬يا ُب ّ‬

‫‪151‬‬


‫واطمب مجاورة المػو تعالى ومجاورة أبيؾ مع إخوانؾ الصالحيف في الجنة‪ ،‬فإذا‬ ‫في فإنو قد بمغني أف الشييد يشفع في سبعيف مف أىمو‬ ‫رزقؾ المػو الشيادة فاشفع ّ‬ ‫وسبعيف مف جيرانو‪ ،‬ثـ ضمتني إلى صدرىا ورفعت رأسيا إلى السماء وقالتس إلهي‬

‫وسيدي وموالي رذا ولدي وريحانة قمبي وثمرة فؤادي سممته إليؾ فقربه مف‬ ‫أبيه‪.‬‬

‫فمػمػا سػمػعػت كػبلـ الغػبلـ بكػيػت بكاءاً شديداً أسفاً عمى حسنو وجماؿ شبابو‬

‫ورحمة لقمب والدته وتعجباً مف صبررا عنو‪ .‬فقاؿس يا عـ مـ بكاؤؾ إف كنت‬ ‫تبكي لصغر سني فإف المػو يعذب مف ىو أصغر مني إذا عصاه‪ .‬قمتس لـ أبؾ‬

‫لصغر سنؾ ولكف أبكي لقمب والدتؾ كيؼ تكوف بعدؾ‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫وس ْرنا ونزلنا تمؾ الميمة‪ .‬فمما كاف الغداة رحمنا والغبلـ ال يفتر مف ذكر المػو تعالى‪،‬‬ ‫فػتػأمػمػتػو فإذا ىػو أفػرس منا إذا ركب وخادمنا إذا نزلنا منزال‪ ،‬وصػار كمما سرنا يقوى‬ ‫عزمو ويزداد نشاطو ويصفو قمبو وتظير عبلمات الفرح عميو‪.‬‬ ‫فمـ نزؿ سائريف حتى أشرفنا عمى ديار المشركيف عند غروب الشمس‪ ،‬فنزلنا فجمس‬

‫الغبلـ يطبخ لنا طعاما إلفطارنا وكنا صياما‪ ،‬فغمبو النعاس فناـ نومة طويمة فبينما‬ ‫ىو نائـ إذ تبسـ في نومو فقمت ألصحابي أال تروف إلى ضحؾ ىذا الغبلـ في‬ ‫نومو‪ ،‬فمما استيقظ قمتس حبيبي رأيتؾ الساعة ضاحكاً مبتسماً في منامؾ‪ ،‬قاؿس‬ ‫رأيت رؤيا فأعجبتني وأضحكتني‪ .‬قمتس ما ىي‪ .‬قاؿس رأيت كأني في روضة‬

‫خضراء أنيقة فبينما أنا أجوؿ فييا إذ رأيت قص اًر مف فضة ُشرفو مف الدر‬

‫والجواىر‪ ،‬وأبوابو مف الذىب وستوره مرخية‪ ،‬واذا جواري يرفعف الستور وجوىيف‬ ‫كاألقمار فمما رأينني قمف ليس مرحبا بؾ فأردت أف أمد يدي إلى إحداىف فقالتس ال‬

‫تعجؿ ما آف لؾ‪ ،‬ثـ سمعت بعضيف يقوؿ لبعض ىذا زوج المرضية‪ ،‬وقمف لي تقدـ‬

‫‪152‬‬


‫يرحمؾ المػو‪ ،‬فتقدمت أمامي فإذا في أعمى القصر غرفة مف الذىب األحمر عمييا‬ ‫سرير مف الزبرجد األخضر قوامو مف الفضة البيضاء عميو جارية وجييا كأنو‬ ‫الشمس لوال أف المػو ثبت عمي بصري لذىب وذىب عقمي مف حسف الغرفة وبياء‬

‫الجارية‪ .‬فمما رأتني الجارية قالتس مرحبا وأىبل وسيبل يا ولي المػو وحبيبو‪ ،‬أنت لي‬ ‫وأنا لؾ‪ ،‬فأردت أف أضميا إلى صدري فقالتس ميبل‪ ،‬ال تعجؿ‪ ،‬فإنؾ بعيد مف‬ ‫الخنا‪ ،‬واف الميعاد بيني وبينؾ غداً بعد صبلة الظير فأبشر‪.‬‬ ‫قاؿ أبو قدامة س قمت لو حبيبي رأيت خي اًر‪ ،‬وخي اًر يكوف‪ .‬ثـ بتنا متعجبيف مف مناـ‬ ‫الغبلـ‪ ،‬فمما أصبحنا تبادرنا فركبنا خيولنا فإذا المنادي ينادي س يا خيؿ المػو اركبي‬

‫وبالجنة أبشري‪ ،‬انفروا خفافاً وثقاالً وجاىدوا‪.‬‬ ‫فما كاف إال ساعة‪ ،‬واذا جيش الكفر ‪ -‬خذلو المػو ‪ -‬قد أقبؿ كالجراد المنتشر‪ ،‬فكاف‬ ‫منا فييـ الغبلـ فبدد شمميـ وفرؽ جمعيـ وغاص في وسطيـ‪ ،‬فقتؿ‬ ‫أوؿ مف حمؿ ّ‬ ‫منيـ رجاالً وجندؿ أبطاالً‪ ،‬فمما رأيتو كذلؾ لحقتو فأخذت بعناف فرسو وقمت س يا‬ ‫حبيبي ارجع فأنت صبي وال تعرؼ خدع الحرب‪ .‬فقاؿ س يا عـ ألـ تسمع قوؿ المػو‬

‫تعالى س «يا أيها الذيف همنوا إذا لقيتـ الذيف كفروا زحفا فس تولورـ اعدبار»‪ ،‬أتريد‬ ‫أف أدخؿ النار فبينما ىو يكممني إذ حمؿ عمينا المشركوف حممة رجؿ واحد‪ ،‬حالوا‬

‫بيني وبيف الغبلـ ومنعوني منو واشتغؿ كؿ واحد منا بنفسو‪.‬‬ ‫حص ْوف عددا‬ ‫وقُتؿ خمؽ كثير مف المسمميف‪ ،‬فمما افترؽ الجمعاف إذ القتمى ال ُي َ‬ ‫فجعمت أجوؿ بفرسي بيف القتمى ودماؤىـ تسيؿ عمى األرض ووجوىيـ ال تُعرؼ‬

‫مف كثرة الغبار والدماء‪ ،‬فبينما أنا أجوؿ بيف القتمى واذا أنا بالغبلـ بيف سنابؾ‬ ‫الخيؿ قد عبله التراب وىو يتقمب في دمو ويقوؿ س يا معشر المسمميف‪ ،‬بالمػو ابعثوا‬ ‫لي عمي أبا قدامة فأقبمت عميو عندما سمعت صياحو فمـ أعرؼ وجهه لكثرة‬

‫‪153‬‬


‫الدماء والغبار ودوس الدواب فقمت س أنا أبو قدامة‪.‬‬ ‫قاؿ س يا عـ صدقت الرؤيا ورب الكعبة أنا ابف صاحبة الشكاؿ‪ ،‬فعندىا رميت‬ ‫بنفسي عميو فقبمت بيف عينيو ومسحت التراب والدـ عف محاسنو وقمت س يا حبيبي‬

‫ال تنس عمؾ أبا قدامة في شفاعتؾ يوـ القيامة‪ .‬فقاؿ س مثمؾ ال ُينسى‪ ،‬ال تمسح‬ ‫وجيي بثوبؾ ثوبي أحؽ بو مف ثوبؾ‪ ،‬دعو يا عـ ألقى المػو تعالى بو‪ .‬يا عـ رذو‬ ‫عجؿ‬ ‫الحوراء التي وصفتها لؾ قائمة عمى رأسي تنتظر خروج روحي وتقوؿ لي ّ‬

‫ردؾ المػو سالماً فتحمؿ ثيابي ىذه المضمخة‬ ‫فأنا مشتاقة إليؾ‪ ،‬بالمػو يا عـ إف ّ‬

‫بالدـ لوالدتي المسكينة الثكبلء الحزينة وتسمميا إلييا لتعمـ أني لـ أضيع وصيتيا‬ ‫ولـ أجبف عند لقاء المشركيف‪ ،‬واق أر مني السبلـ عمييا‪ ،‬وقؿ ليا إف المػه قد قبؿ‬ ‫ِ‬ ‫أرديتها‪ ،‬ولي يا عـ أخت صغيرة ليا مف العمر عشر سنيف كنت كمما‬ ‫الهدية التي‬

‫جت تكوف آخر مف يودعني عند مخرجي‪ ،‬وقد‬ ‫دخمت استقبمتني تسمـ عمي‪ ،‬واذا خر ُ‬ ‫عنا‪ ،‬فإذا لقيتَيا فاق أر عمييا مني السبلـ وقؿ ليا يقوؿ‬ ‫قالت لي بالمػو يا أخي ال تُْب ِط ّ‬

‫لؾ أخوؾس المػه خميفتي عميؾ إلى يوـ القيامة‪ ،‬ثـ تبسـ وقاؿ أشيد أف ال إلو إال‬ ‫المػو وحده ال شريؾ لو صدؽ وعده وأشيد أف محمداً عبده ورسولو ىذا ما وعدنا‬

‫المػو ورسولو وصدؽ المػو ورسولو‪ ،‬ثـ خرجت روحو فكفناه في ثيابو ووريناه رضي‬ ‫المػو عنو وعنا بو‪.‬‬ ‫فمما رجعنا مف غزوتنا تمؾ ودخمنا الرقة لـ تكف لي ىمة إال دار أـ الغبلـ‪ ،‬فإذا‬ ‫جارية تشبو الغبلـ في حسنو وجمالو وىي قائمة بالباب وتقوؿ لكؿ مف مر بياس يا‬ ‫عـ مف أيف جئت فيقوؿ مف الغزو‪ ،‬فتقوؿ أما رجع معكـ أخي فيقولوف ال نعرفو‪،‬‬ ‫فمما سمعتيا تقدمت إلييا فقالت ليس يا عـ مف أيف جئت قمت مف الغزو قالتس أما‬

‫الع ْػبرة‪ ،‬ثـ‬ ‫رجع معكـ أخي ثـ بكت وقالت ما أبالي‪ ،‬يرجعوف وأخي لـ يرجع فغمبتني َ‬ ‫قمت ليا يا جارية قولي لصاحبة البيت إف أبا قدامة عمى الباب‪ ،‬فسمعت المرأة‬

‫‪154‬‬


‫كبلمي فخرجت وتغير لونيا‪ .‬فسممت عمييا فردت السبلـ وقالت أمبش اًر جئت أـ‬

‫بيني لي البشارة مف التعزية رحمؾ المػه‪ .‬قالتس إف كاف ولدي رجع‬ ‫معزياً‪ .‬قمتس ّ‬ ‫سالماً فأنت معز‪ ،‬واف كاف قُتؿ في سبيؿ المػو فأنت مبشر‪ .‬فقمتس أبشري فقد قُبمت‬

‫رديتؾ‪ .‬فبكت وقالتس الحمد لمػو الذي جعمو ذخيرة يوـ القيامة‪ ،‬قمت فما فعمت‬ ‫الجارية أخت الغبلـ‪ .‬قالت س ىي التي تكممؾ الساعة فتقدمت إلييا فقمت ليا إف‬

‫أخاؾ يسمـ عميؾ ويقوؿ لؾ س المػو خميفتي عميؾ إلى يوـ القيامة‪ ،‬فصرخت ووقعت‬ ‫عمى وجييا مغشياً عمييا‪ ،‬فحركتيا بعد ساعة‪ ،‬فإذا ىي ميتة فتعجبت مف ذلؾ ثـ‬

‫سممت ثياب الغبلـ التي كانت معي ألمو وودعتيا وانصرفت حزيناً عمى الغبلـ‬

‫والجارية ومتعجباً مف صبر أميما‪.‬‬

‫قاؿ المؤلؼ وقد ذكر الحافظ العبلمة أبو المظفر بف الجوزي أنو حيف بمغتو ىذه‬ ‫الحكاية جمع عنده مف الشػعػور ما ظػفػره فكػاف منو ثبلثػمائة شكاؿ وتقدـ ذلؾ في‬ ‫الباب الرابع والمػو الموفؽ لمصواب‪.‬‬ ‫الميـ احشرنا مع ابف صاحبة الشكاؿ ‪ ،‬وأرنا يوما كيوـ بدر يا رب السماوات‬ ‫واألرض‪.‬‬

‫ختاما…‬ ‫ػيش ل ػػو‪ ،‬وبالت ػػالي ف ػػإف حام ػػؿ‬ ‫إف حم ػػؿ ال ػػدعوة أوال وأخيػ ػ اًر ى ػػو التػ ػز ُاـ باإلس ػػبلـ‪ ،‬وع ػ ُ‬ ‫الػدعوة ىػو إسػبلـ متحػرؾ‪ِ ،‬‬ ‫صػمَتُوُ بالنػػاس دعػوة‪ ،‬ورؤيػتُيـ لػو دعػوة‪ ،‬فػااللتزاـ الكامػػؿ‬ ‫ُ‬

‫باإلسبلـ‪ ،‬والتأسي بالرسوؿ الكريـ في كؿ ما ورد عنو‪ ،‬واإلقتػداء بػو صػمى اهلل عميػو‬

‫‪155‬‬


‫وآلو وسمـ ىو مف أولويات حمؿ الػدعوة‪ ،‬فس بد أف تظهر شفافي ُة الدعوة‪ ،‬ونقاؤرػا‪،‬‬ ‫وصفاء ِ‬ ‫حممها‪ ،‬ومستوارا مف النضػج والعمػؽ‪ ،‬واسػتنارةُ ِ‬ ‫فكررػا مػف خػس ؿ الداعيػة‬ ‫ُ‬ ‫عيشو بيف الناس‪ ،‬وقبػؿ أف يخ ِ‬ ‫نفسه‪ ،‬بمجرد ِ‬ ‫ِ‬ ‫ػاطَبيـ بالػدعوة‪ُ ،‬فيعػرؼ ألوؿ وىمػة أنػو‬ ‫ذو مواصفات خاصة‪.‬‬ ‫أحبتػػػي َح َممَػػػ َة الػػػدعوة‪.....‬إف ثبػػػاتَكـ عمػػػى رػػػذا اعمػػػر‪ ،‬وتكثي ػ َػركـ لسػ ػواد الص ػػؼ‬ ‫ِ‬ ‫المتممس لطريػؽ النيضػة‪ ،‬وتحممَكػـ اعذى‬ ‫المعادي لمكفر‪ ،‬الواعي عمى حاؿ األمة‪،‬‬ ‫ػص فػي أمػوالكـ‪ ،‬وتفػر ٍ‬ ‫في سبيؿ ذلؾ‪ ،‬مف سنوات أعماركـ‪ ،‬ومػف نق ٍ‬ ‫يط بتجػارتكـ‪ ،‬قػد‬

‫أثػػار غػػيظَ عػػدوكـ‪ ،‬ولكػػـ فػػي ذلػػؾ عنػػد اهلل جزي ػ ُؿ العطػػاء‪ ،‬فػػإنكـ ال تطػػأوف م ِ‬ ‫وطئ ػاً‬ ‫َ‬ ‫شػكـ الطبيعػي‬ ‫يغيظ الكفار‪ ،‬وال تقطعوف وادياً إال ُكتب لكـ بػو َع َمػ ٌؿ صػالح‪ ،‬اواف عي َ‬

‫فػػػي أُمػػػتكـ مخ ػػاطبيف إياى ػػا‪ ،‬ناص ػػحيف لي ػػا أو ُم َح ػػذريف‪ ،‬مبشػ ػريف لي ػػا أو من ػػذريف‪،‬‬ ‫ػماعكـ لمقػػوـ مػػا يكرىػػوف مػػػراعيف‬ ‫واغػػاظتَكـ لمكف ػرة وعمبلئيػػـ وجنػػوِد عمبلئيػػـ‪ ،‬واسػ َ‬ ‫الفرؽ في حساسية وشفافية خطاب اعمة وشػدة وحػزـ خطػاب صػؼ اععػداء‪ ،‬إف‬ ‫ىػػذا كمَّػػو لتػ ٍ‬ ‫تحممَنػػا األذى فػػي سػبيؿ‬ ‫ػأس بسػػيرة نبينػػا صػػمى اهلل عميػػو وآلػػو وسػػمـ‪ ،‬واف ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫رسػوؿ ا‬ ‫ػحب‬ ‫ص َ‬ ‫جػاور َ‬ ‫ذلؾ يحقؽ لنػا الػدرجات العمػى فػي الجنػة إف شػاء ا ‪ ،‬ل ُن َ‬ ‫ٍ‬ ‫برحمػة منػه سػبحانه‪،‬‬ ‫صمى ا عميه وهلػه وسػمـ فيهػا‪ ،‬وننػاؿ الجنػة دوف حسػاب‬ ‫المتفضؿ الم ّناف‪.‬‬

‫وقد مر الصحابة الكػراـ رضػي اهلل عػنيـ بمثػؿ ىػذا الػدور الػذي نحيػاه‪ ،‬فيػا ىػو أبػو‬

‫عبيدة رضي اهلل عنو يصؼ حاليـ فيو فيقػوؿ‪ (:‬لقد كنػا وا‬

‫تشػيب‬ ‫نقاسػي أحػواال ّ‬

‫النواصي‪ ،‬وأرواال تزيؿ الرواسي‪ ،‬خائضيف غماررا‪ ،‬راكبػيف تياررػا‪ ،‬نشػرب صػابها‪،‬‬ ‫ونشرح عبابها‪ ،‬واعنوؼ تعطػس عمينػا ِ‬ ‫شػفار‬ ‫بػالكبر‪ ،‬والصػدور تسػتعر بػالغيظ‪ ،‬وال ّ‬

‫تُشػػحذ بػػالمكر‪ ،‬ال نرجػػػوا عنػػد الصػػباح مسػػػاء‪ ،‬وال عنػػد المسػػاء صػػػباحاً‪،..... ،‬‬ ‫فػ ِ‬ ‫ػػػػػػاديف رسػػػػػػػوؿ ا صػػػػػػػمى ا عميػػػػػػػه وهلػػػػػػػه وسػػػػػػػمـ بالمػػػػػػػاؿ واعـ والخػػػػػػػاؿ‬

‫والعـ)‪...‬آمنوا‪...‬حمموا الدعوة‪...‬أُوذوا‪...‬صبروا وثبتوا‪...‬منيـ َمف قضى َنحبو ومنيـ‬ ‫صػػاب اًر محتسػػباً واثق ػاً حتػػى أتػػى نصػ ُػر اهلل‬ ‫م ػ ػػف انتظ ػ ػػر دوف أف ُيب ػ ػ ّػدؿ‪...‬عامبلً‬

‫‪156‬‬


‫فكػػاف اإلسػػتخبلؼ والتمكػػيف واألمػػف مػػف بعػػد الظُمػػـ والمبلحقػػة والتضػػييؽ‪ ،‬ولػػف تجػ َػد‬ ‫ػب عمػى أمػره ولكػف أكثػر الن ِ‬ ‫ػاس‬ ‫لسنة اهلل تبديبل ولف تج َػد لسػنة اهلل تحػويبل‪ ،‬واهلل غال ٌ‬

‫ال يعمموف‪.‬‬

‫ضػى‬ ‫ار ُػدوا المك َ‬ ‫ص َػدقُوا َمػا َع َ‬ ‫قال تعىانى س« ِم ْػف ا ْل ُم ْػؤ ِم ِن َ‬ ‫ػه َعمَ ْي ِػه فَ ِمػ ْن ُه ْـ َم ْػف قَ َ‬ ‫يف ِر َجػا ٌؿ َ‬ ‫يف ِب ِ‬ ‫ِ‬ ‫ص ْد ِق ِه ْـ َوُي َع ٍّػذ َب‬ ‫ي المك ُه ك‬ ‫َن ْح َب ُه َو ِم ْن ُه ْـ َم ْف َي ْنتَ ِظ ُر َو َما َب كدلُوا تَ ْب ِد ً‬ ‫الص ِاد ِق َ‬ ‫يس(‪)23‬ل َي ْج ِز َ‬ ‫ػاف َغفُ ا ِ‬ ‫ا ْلم َن ِ‬ ‫يمػا(‪ ( » )24‬اْلح زاب ‪-95‬‬ ‫يف إِ ْف َ‬ ‫وب َعمَ ْي ِه ْـ إِ كف المك َ‬ ‫ػه َك َ‬ ‫اف ِق َ‬ ‫اء أ َْو َيتُ َ‬ ‫ش َ‬ ‫ً‬ ‫ػور َرح ً‬ ‫ُ‬ ‫‪.) 91‬‬

‫يا حممة الدعوة‪.....‬‬

‫ى ػػذا ح ػػاؿ م ػػف اختػ ػرتـ دربي ػػـ‪ ،‬وس ػػمكتـ صػ ػراطيـ م ػػف ال ػػذيف أنع ػػـ اهلل عم ػػييـ مم ػػف‬ ‫سػػبقوكـ‪ ،‬الػػذيف جعمػوا الجنػػة مطمبػػا‪ ،‬ورضػواف اهلل غايػةً‪ ،‬فيػػبل تصػػبروف عمػػى األذى‬

‫ولما يأتكـ مثؿ الذيف خمػوا مػف قػبمكـ مسػتيـ‬ ‫كما صبروا‪ ،‬أـ حسبتـ أف تدخموا الجنة َّ‬

‫يقوؿ الرسو ُؿ والذيف أمنػوا معػو متػى نصػر اهلل‪ ،‬أال إف‬ ‫وزلزلوا حتى َ‬ ‫البأساء والضراء ُ‬ ‫نصر ا قريب‪.‬‬ ‫َ‬

‫المهـ ارزقنا الصدؽ وايخسص والثبات في النية والقوؿ والعمؿ‪.‬‬ ‫كيػػؼ ال يتحمػػؿ جنػػد اإلسػػبلـ وحممػػة لػػواء الخبلفػػة مػػا ُيبلقػػوف وىػػـ يقػػرأوف القػ ػرآف‬ ‫يبش ػػرىـ بثػ ػواب ال ػػدنيا وحس ػػف ثػ ػواب اآلخػ ػرة‪ ،‬والمبلئك ػػة تحفي ػػـ ف ػػي مجالس ػػيـ‪ ،‬واهلل‬ ‫سػػبحانو وتعػػالى قػػد تكفػػؿ بتثبيػػتيـ بػػالقوؿ الثابػػت فػػي الحيػػاة الػػدنيا وفػػي اآلخ ػرة‪ ،‬فػػبل‬

‫تقيم ػوا وزنػػا لكػػؿ مػػا سػػوى اهلل‪ ،‬وال تعبئ ػوا بعػػدوكـ وقػػد بعػػتـ األم ػواؿ واألنفػػس بجنػػة‬ ‫عرضيا السماوات واألرض أعدت لممتقيف‪.‬‬

‫‪157‬‬


‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َف لَ ُهػ ْػـ ا ْل َج كن ػ َة‬ ‫ػه ْـ َوأ َْمػ َػوالَ ُه ْـ ِبػػأ ك‬ ‫ػه ا ْ‬ ‫قػػاؿ تعػػالى ‪ « :‬إِ كف المكػ َ‬ ‫سػ ُ‬ ‫شػػتَ​َرى مػ ْػف ا ْل ُمػ ْػؤ ِمني َف أَنفُ َ‬ ‫ػوف و ْعػ ًػدا عمَ ْيػ ِػه حقًّػػا ِفػػي التكػػور ِ‬ ‫ػاتمُ َ ِ‬ ‫يقَػ ِ‬ ‫اي ِ‬ ‫س ػ ِب ِ‬ ‫اة َو ِْ‬ ‫نجيػ ِػؿ‬ ‫يؿ المكػ ِػه فَ َي ْقتُمُػ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ػوف َوُي ْقتَمُػ َ َ‬ ‫وف فػػي َ‬ ‫َْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ​ِ ِ‬ ‫َوا ْلقُ ْػر ِ‬ ‫ػاي ْعتُ ْـ ِبػ ِػه َوَذلِػ َؾ ُرػ َػو‬ ‫استَ ْبش ُػروا ِب َبػ ْػيع ُك ْـ الكػذي َب َ‬ ‫هف َو َمػ ْػف أ َْوفَػػى ِب َع ْهػدو مػ ْػف المكػػه فَ ْ‬ ‫الر ِ‬ ‫سػ ِ‬ ‫وف ا ْلح ِ‬ ‫ا ْلفَػوُز ا ْلع ِظػػيـ(‪)111‬التكػ ِ‬ ‫سػ ِ‬ ‫وف‬ ‫ػوف ال ك‬ ‫وف ال ك‬ ‫وف ك‬ ‫ػاج ُد َ‬ ‫اك ُعػ َ‬ ‫ػائ ُح َ‬ ‫امػ ُػد َ‬ ‫ػائ ُب َ‬ ‫وف ا ْل َعا ِبػ ُػد َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ود المكػ ِ‬ ‫ػػػر وا ْلحػ ِ‬ ‫وف ِبػػػػا ْلمعر ِ‬ ‫ِ‬ ‫ػػػد ِ‬ ‫ػػػه َوَب ٍّ‬ ‫ػػػر‬ ‫وف َعػ ْ‬ ‫وف ِل ُحػ ُ‬ ‫وؼ َوال كنػ ُ‬ ‫ػػػافظُ َ‬ ‫ػػػار َ‬ ‫ػػػر َ‬ ‫ػػػف ا ْل ُمن َكػ ِ َ َ‬ ‫شػ ْ‬ ‫َ ُْ‬ ‫ْاآلمػ ُ‬ ‫يف(‪ ( »)112‬التوبة ‪.) 449-444‬‬ ‫ا ْل ُم ْؤ ِم ِن َ‬

‫يا حممة الدعوة‪.....‬‬ ‫اشػػحذوا ِى َم َمكػػـ و َش ػ امروا عػػف سػػواعدكـ لتقف ػوا مػػف الػػنظـ الحاكمػػة الظالمػػة الباغيػػة‬ ‫وضػح لكػـ أف اهلل سػبحانو وتعػالى قػد تكفػؿ‬ ‫البالية الميترئة موق َ‬ ‫ػؼ النػد القػوي طالمػا ُ‬ ‫بحفظك ػػـ ومػ ػؤازرتكـ‪ ،‬وأف جن ػػد اهلل ق ػػد امتطػ ػوا ظي ػػور الخي ػػؿ لنصػ ػرة أتب ػػاع الح ػػؽ‪،‬‬ ‫ط ْمئِن ػػيف لي ػػـ أف ال تخ ػػافوا م ػػف ع ػػدوكـ وال تحزنػ ػوا لم ػػا‬ ‫ومبلئك ػػة اهلل تتن ػػزؿ عم ػػييـ ُم َ‬ ‫أصابكـ ومسكـ‪ ،‬وال تحزنوا لما فاتكـ‪ ،‬لقد آف األواف أف نتطمع إلى الفردوس األعمػى‬ ‫وسػ َػي ُم ُّف اهلل سػػبحانو وتعػػالى عمػػى الػػذيف استُضػػعفوا فػػي األرض ويجعميػػـ‬ ‫فػػي الجنػػة‪َ ،‬‬

‫‪158‬‬


‫أئمةً ويجعميـ الوارثيف‪.‬‬

‫«إف الذيف قالوا ربنا ا‬

‫ثػـ اسػتقاموا تتنػزؿ عمػيهـ المسئكػة اال تخػافوا وال تحزنػوا‬

‫وابشروا بالجنة التي كنػتـ توعػدوف ‪ .‬نحػف اوليػاؤكـ فػي الحيػاة الػدنيا وفػي االخػرة‬

‫ولكـ فيها ما تشتهي انفسكـ ولكـ فيها ما تدعوف‬

‫» (فصمت‪.)56‬‬

‫سػػيروا فػػي حمػػؿ دعػػوتكـ عمػػى بركػػة اهلل‪ ،‬قػػودوا أمػػتكـ إلػػى اليػػدى والرشػػاد واسػػتميموا‬ ‫مف اهلل العوف والسداد‪ ،‬وتيقنػوا أنػو سػبحانو ناص ُػركـ ومػؤازركـ واهلل َم َعكػـ ولػف َيتِ َػركـ‬ ‫أعمالكـ‪.‬‬ ‫والسبلـ عميكـ ورحمة اهلل وبركاتو‪.‬‬

‫أخوكـ عصمت عوني الحموري‬

‫بخير‬ ‫غفر اهلل لو ولوالديو واخوانو وأحبابو ولمف لو فضؿ عميو وختـ ليـ َ‬

‫الميـ آميف‪.‬‬

‫«ليبمغف رذا اعمر ما بمغ الميؿ والنهار وال يترؾ ا‬ ‫ِ‬ ‫وبر إال أدخمه ا‬

‫بيت ِ‬ ‫مدر وال‬

‫رذا الديف بعز عزيز أو بذؿ ذليؿ»‬ ‫رواه أحمد‬

‫فهرس المىضىعات‬ ‫آية اإلفتتاح‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪4‬‬

‫مناجاة‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪9‬‬

‫تصويب النية‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪5‬‬

‫إىداء‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪1‬‬

‫مقدمة‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪4‬‬

‫‪159‬‬


‫محبة اهلل عز وجؿ‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪1‬‬

‫إيثار اآلخرة عمى الدنيا‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪49‬‬

‫اإلخبلص‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪44‬‬

‫بعض ما ُيعينؾ عمى اإلخبلص‬ ‫احذروا مف الوسوسة‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪49‬‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪41‬‬

‫التوكؿ‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪96‬‬

‫اسماء اهلل وصفاتو‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪99‬‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪91‬‬

‫الحياء مف اهلل‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪94‬‬

‫المسيح الدجاؿ‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪99‬‬

‫القبر‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪97‬‬

‫تعرؼ الى اهلل‬

‫الميزاف‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪56‬‬

‫الحوض‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪59‬‬

‫حب النبي واتباعو‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪55‬‬

‫ال تحقرف مف السنف شيئاً‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪54‬‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪59‬‬

‫التحمي بنفسية المجاىد‬

‫شوؽ الصحابة وصدقيـ‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪51‬‬

‫التحمي بصفات الراعي‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪16‬‬

‫القمب‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪14‬‬

‫سموـ القمب‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪14‬‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪11‬‬

‫التفكر‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪11‬‬

‫ذكر اهلل عمى كؿ حاؿ‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪46‬‬

‫الزاد اليومي‬

‫‪161‬‬


‫دعاء الرحمف‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪45‬‬

‫الرجاء‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪41‬‬

‫االستعاذة‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪44‬‬

‫االستغفار والتوبة‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪44‬‬

‫الصبر‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪46‬‬

‫صبلة الجماعة خير زاد‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪49‬‬

‫التبكير لصبلة الجمعة‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪47‬‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪47‬‬

‫مف سيرة عمر‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪64‬‬

‫مف سيرة محمد الفاتح‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪69‬‬

‫كتاب اهلل الكريـ‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪65‬‬

‫دعاء نفيس‬

‫قضاء ما فات مف قراءة القراف‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪64‬‬

‫كاف ُخمقو القراف‬ ‫دعاء سجود التبلوة‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪61‬‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪94‬‬

‫الصحبة واىميتيا‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪99‬‬

‫نصائح خاصة لمصاحب‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪94‬‬

‫حؽ المسمـ عمى المسمـ ست‬ ‫َّ‬ ‫تتخؿ عف أخيؾ في المحنة‬ ‫ال‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪99‬‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪91‬‬

‫الوالء والبراء‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪14‬‬

‫نماذج َحيَّة‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪19‬‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪11‬‬

‫صبر النبي صمى اهلل عميو وسمـ‬ ‫َ‬ ‫عبد اهلل بف حذافة‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪19‬‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪11‬‬

‫اإلبتبلء‬

‫‪161‬‬


‫نماذج معاصرة‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪74‬‬

‫وج ّؿ‬ ‫الرضا بقضاء اهلل ّ‬ ‫عز َ‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪79‬‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪75‬‬

‫الثقافة الحزبية‬

‫بشروا وال تنفروا‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪76‬‬

‫الطاعة‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪79‬‬

‫القراءة والمطالعة‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪466‬‬

‫سنف الفطرة‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪464‬‬

‫دراستنا متميزة‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪469‬‬

‫المسمميف وأحوالَيـ‬ ‫أخبار‬ ‫تَتَّب ْع‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وحدة المسمميف‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪461‬‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪461‬‬

‫نماذج عممية لحمؿ الدعوة‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪466‬‬

‫نصائح ذىبية لحممة الدعوة‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪469‬‬

‫نور عمى نور‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪441‬‬

‫ابتعد أخي عما ُيشيف‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪441‬‬

‫خطر المسمسبلت واألغاني‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪444‬‬

‫حامؿ الدعوة متميز حتى في‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪446‬‬

‫ادب الخطاب‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪441‬‬

‫اإلنصاؼ والنزاىة‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪447‬‬

‫إلىحامبلت الدعوة‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪499‬‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪496‬‬

‫مواقع ينصح بزيارتيا‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪499‬‬

‫خبلصة مواقؼ حامؿ الدعوة‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪491‬‬

‫فرحو‬

‫تحذير لمكريمات‬

‫‪162‬‬


‫مواقؼ مف نور‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪454‬‬

‫سرية عاصـ بف ثابت‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪454‬‬

‫حاطب بف أبي بمتعة‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪451‬‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪451‬‬

‫كعب بف مالؾ‬

‫سعد بف أبي وقاص‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪415‬‬

‫جعفر بف أبي طالب ومف معو‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪417‬‬

‫قصة ذات الشكاؿ‬

‫‪......................................‬‬

‫‪449‬‬

‫ختاماً‬

‫‪.......................................‬‬

‫‪163‬‬

‫‪441‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.