مجلة ابداع - العدد الثالث .

Page 1

‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 1‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 1‬أكتوبر ‪2013‬‬


‫صهيب صالح‬

‫مجلة إبداع ‪ / 2‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬


‫افتتاحية العدد‬

‫تز‬ ‫ت�امح املناسبات مع صدور العدد الثالث ملج ةل‬ ‫ذكــرى وفــاة المفكــر الجزائــري مالــك بــن‬‫نبــي أكتوبــر ‪1973‬‬ ‫ذكــرى استشــهاد األســتاذ الطاهــر حليــس‬‫أكتوبــر ‪1994‬‬ ‫خاتمــة شــهر أكتوبــر كانــت متوجــة بالفاتــح‬‫مــن نوفمبــر ذكــرى انــدالع الثــورة التحريرية‬ ‫المباركة‪.‬لكــن واقــع أمتنــا المأســاوي يفــرض‬ ‫نفســه‪ ،‬هــذا الواقــع الــذي هــو نتــاج الفوضــى‬ ‫الخالقــة التــي خططــت لهــا قــوى االســتكبار‬ ‫إلغــراق األمــة فــي الفتــن قصــد إضعافهــا‪،‬‬ ‫ومــن ثــم إعــادة تموضــع إســرائيل لفــرض‬ ‫هيمنتهــا‪.‬‬ ‫إن مظاهــر التطــرف التــي يشــهدها عالمنــا‬ ‫العربــي هي صناعة أمريكيــة لتحقيق أهداف‬ ‫أطلســية بدمــاء إســامية و تمويــل عربــي‪،‬‬ ‫كل ذلــك بهــدف تشــويه صــورة اإلســام و‬ ‫اســتنزاف طاقــات البلــدان العربيــة‪ ،‬الماديــة‬ ‫و البشــرية‪ ،‬فضــا عــن تفكيــك مجتمعاتهــا‬ ‫و زرع الضغينــة بيــن أبنائهــا و عليــه كان‬ ‫لزامــا علينــا نحــن الطلبــة أن ننتبــه إلــى مــا‬

‫تخططــه دوائــر التآمــر العالميــة‪ ،‬فقد اســتطاع‬ ‫هــؤالء مــع األســف أن يوظفــوا شــبابنا لتحقيق‬ ‫أهدافهــم ‪ ،‬و تجنيدهــم لمحاربــة أعــداء‬ ‫وهمييــن بالتعــاون مــع األعــداء الحقيقييــن‪.‬‬ ‫لذلــك مســؤوليتنا عظيمــة فــي هــذه الظــروف‬ ‫التاريخيــة العصيبــة التــي تمــر بهــا أمتنــا‪،‬‬ ‫ونحــن مطالبــون ألن نعــي حقيقــة المؤامــرة‬ ‫وأبعادهــا ‪ ،‬ولــن نســتطيع الوقــوف فــي وجههــا‬ ‫إال بالعلــم والعمــل وعــدم االنســياق لخطبــاء‬ ‫الفتنــة حتــى ال نكــون وقــودا لهــا‬ ‫فلنعمــل أيهــا الزمــاء علــى توظيــف مــا‬ ‫تمتلكــه أمتنــا مــن ثــروات مــن أجــل اإلنعتــاق‬ ‫والتحــرر ولنعلــم أن هنــاك ســنة كونيــة‬ ‫نســتخلصها مــن قولــه تعالــى ‪»:‬فأمــا الزبــد‬ ‫فيذهــب جفــاء‪ ،‬وأمــا مــا ينفــع النــاس فيمكــث‬ ‫فــي األرض»‬ ‫المنحرفــون زبــد زائــل‪ ،‬أمــا الغيــورون علــى‬ ‫أمتهــم وعلــى وطنهــم وعلــى انتمائهــم‬ ‫الحضــاري هــم األصــل الــذي تبنــى بــه‬ ‫األوطــان‪ ،‬ويقــام عليــه أركان البنيــان‪.‬‬

‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 3‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 3‬أكتوبر ‪2013‬‬


‫ومضــات مــن حيــاة الشــهيد الطاهــر‬ ‫حليــس‬ ‫الشــهيد الطاهــر حليــس‬ ‫‪ ،‬ليــس شــخصا عاديــا‬ ‫كمــا يــراه البعــض ممــن‬ ‫ال يعرفــون قيمــة الكبــار‬ ‫؛ فهــو طــود مــن أطــواد‬ ‫العلــم ‪ ،‬وعلــم مــن أعــام‬ ‫الفكــر والدعــوة ‪ ،‬وجنــد مــن‬ ‫جنــود الصحــوة ‪ .‬قضــى‬ ‫معلمــا للعلــم وداعيــا للخيــر‬ ‫‪ ،‬ومصلحــا بيــن النــاس‬ ‫وســاعيا بينهــم بالخيــر ‪،‬‬ ‫تعلمــت علــى يــده أجيــال‬ ‫مــن المعلميــن واألســاتذة‬ ‫‪ ،‬وشــهدوا بكفاءتــه وعلمــه‬ ‫وخلقــه وعفتــه ‪ .‬ويكفــي‬ ‫شــهادة الشــهيد الشــيخ‬ ‫البوطــي فيــه ‪ ،‬عندمــا‬ ‫بلغــه نبــأ استشــهاده ‪،‬‬ ‫قــال ‪ « :‬عجبــا أيقتــل مثــل‬ ‫الطاهــر حليــس لتقــام‬ ‫دولــة اإلســام « !!! اغتيــل‬ ‫الشــهيد الطاهــر وهــو خــارج‬ ‫مــن المســجد بعــد صــاة‬ ‫المغــرب مــن يــوم الجمعــة‬ ‫‪ ،‬واغتيــل الشــهيد البوطــي‬ ‫بعــد صــاة المغــرب وهــو‬ ‫يلقــي درســا علــى طالبــه‬ ‫فــي المســجد ‪ ،‬ومثلــت‬

‫مجلة إبداع ‪ / 4‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫طريقــة استشــهادهما وحشــية‬ ‫وعدوانــا علــى القيم اإلســامية‬ ‫‪ .‬مــن المواقــف التي عشــتها مع‬ ‫الشــهيد الطاهــر ؛ حيــن اعتــدي‬ ‫علــى منزلــه مرتيــن ‪ ،‬إذا قــام‬ ‫بعــض المجرميــن بمحاولتيــن‬ ‫بصــب البنزيــن علــى بــاب‬ ‫البيــت وأضــرم وافيــه النــار‪،‬‬ ‫وجــاءت الشــرطة وفتحــت تحقيقــا‬ ‫‪ ،‬وفــي النهايــة ســجلت القضيــة‬ ‫ضــد مجهــول ‪ ،‬وحضــروا إلــى‬ ‫بيتــه وعرضــوا عليــه الســاح‬ ‫ليدافــع عــن نفســه ورفــض ‪،‬‬ ‫وحيــن ســألته قــال ‪ :‬ليــس لــدي‬ ‫نيــة القتــل حتــى ولــو كان دفاعــا‬ ‫عــن النفــس ‪ ،‬وإن أرادوا قتلــي‬ ‫فليفعلــوا ‪ ،‬ماهــو ذنبــي ‪ ،‬وأن‬ ‫ألقــى اهلل مقتــوال خيــر مــن أن‬ ‫ألقــاه قاتــا ‪ .‬فــإذا كانــت الشــرطة‬ ‫ســجلت القضيــة ضــد مجهــول‬ ‫‪ ،‬فهــو يعلــم مــن قــام بالفعــل‬ ‫الدنــئ ‪ ،‬ولكنــه لــم يبلــغ بــه ‪.‬‬ ‫بــل أنــه وفــي أحــد األيــام وبعــد‬ ‫صــاة المغــرب‪ ،‬شــاهد ابنــه‬ ‫البكــر يتكلــم مــع ذلــك المجــرم‪،‬‬ ‫فنــاداه وســأله‪ :‬مــا الموضــوع ؟‬ ‫فــرد االبــن فــي كل مــرة يعتــدون‬ ‫علينــا وأنــت ســاكت ‪ .‬فــكان ردا‬

‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫ألب الصابــر؛ أفــرض أننــي‬ ‫بلغــت بــه وأودع الســجن‪ ،‬فمــا‬ ‫يكــون مصيــر أســرته وأوالده‪.‬‬ ‫وتمــر األيــام ويلقــى القبــض‬ ‫علــى نفــس الجــرم ولكــن فــي‬ ‫قضيــة أخــرى ‪ ،‬ويعتــرف أمــام‬ ‫التحقيــق ‪،‬بــأن مــن جرائمــه‬ ‫محاولــة حــرق ســكن الشــهيد‬ ‫!!! ولكــن الرجــل الشــهم‬ ‫عندمــا ســمع الخبــر تأســف‪،‬‬ ‫واتصــل ببعــض المحســنين‬ ‫وجمــع مــا تيســر مــن المــال‬ ‫وأرســله ألســرته‪ .‬وقــال لــي‬ ‫مــا ذنبهــم ! انتقــل الطاهــر‬ ‫حليــس إلــى جــوار ربــه ‪ ،‬وخــرج‬ ‫المجــرم مــن الســجن فــي إطار‬ ‫العفــو ‪ ،‬والشــهيد حــي يــرزق ‪،‬‬ ‫والمجــرم ميــت يتحــرك بيــن‬ ‫بقيــة األمــوات ‪ .‬ليــس مــن‬ ‫مــات فاســتراح بميــت إنمــا‬ ‫الميــت ميــت األحيــاء‬


‫تغطية ‪ :‬إشراق خزار ‪ /‬إكرام خنصال‬

‫تغطي حفل افتتاح السنة‬ ‫مجلة‬ ‫السنة الجامعية ‪2014/2015‬‬

‫نظمــت جامعــة الحــاج لخضــر بباتنــة حفــل افتتــاح الســنة الجامعيــة لعــام ‪ 2015/2014‬يــوم االثنيــن ‪ 22‬ســبتمبر ‪ 2014‬بقاعــة‬ ‫المحاضــرات الكبــرى بحضــور شــخصيات عديــدة اعتلــى القائمــة الســيد والــي واليــة باتنــة و رئيــس المجلــس الشــعبي البلــدي ‪.‬‬ ‫حيــث افتتــح الحفــل بالنشــيد الوطنــي الــذي تلتــه كلمــة لمديــر الجامعــة تكلــم فيهــا عــن المشــاريع التــي انجــزت و المشــاريع‬ ‫التــي هــي فــي طــور اإلنجــاز ثــم توجــه بكلمــة ترحيبيــة لحاملــي شــهادة البكالوريــا الجــدد و دعاهــم إلــى الجــد و المثابــرة‬ ‫بعدهــا أحــال الكلمــة إلــى والــي واليــة باتنــة ليعلــن عــن افتتــاح الســنة الجامعيــة الجديــدة ‪ 2015/2014‬وأشــاد بالنجــاح‬ ‫الباهــر الــذي شــهده العــام الدراســي الفــارط و تطــرق إلــى أن هنالــك أعمــال هــي فــي طــور اإلنجــاز فيمــا يخــص منشــئات‬ ‫و مرافــق بيداغوجيــة تابعــة لفــرع فســديس و اختتــم كلمتــه بتهنئــة األســرة الجامعيــة بحلــول عيــد األضحــى المبــارك‪.‬‬ ‫عــاوة علــى ذلــك قــام الدكتــور بوبكــور فــارس مــن قســم االقتصــاد بإلقــاء محاضــرة حــول االقتصــاد المعرفــي حيــث حــث علــى‬ ‫العمــل الجماعــي لتحقيــق أفــل النجاحــات ولبنــاء مجتمــع متماســك كمــا بيــن الــدور الكبيــر للجامعــة فــي النشــر المعرفــي ‪.‬‬ ‫وبعدهــا تــم تكريــم األســاتذة الذيــن تمــت ترقيتهــم بيــن أســتاذ محاضــر(أ) و أســتاذ التعليــم العالــي و فــي ختــام الحفــل تــم‬ ‫التقــاط صــورة تذكاريــة تجمــع مديــر الجامعــة و بعــض الشــخصيات و رؤســاء األقســام باإلضافــة إلــى األســاتذة المكرميــن‪.‬‬

‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 5‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 5‬أكتوبر ‪2013‬‬


‫انطباعات الحضور حول الحفل‬ ‫مدير الجامعة الطاهر بن عبيد‬

‫هــو حفــل ككل ســنة حفــل افتتــاح‬ ‫الســنة الجامعيــة إذ أتمنــى أن يمــر‬ ‫فــي اســتقرار و هــدوء و أجمــل عطــاء‬ ‫مــن األســاتذة للطلبــة ‪.‬‬

‫األستاذصالح بوبشيش‬

‫تشــهدون معنــا اليــوم حفــل افتتــاح الســنة‬ ‫الجامعيــة ‪ 2014/2013‬علــى مســتوى جامعــة‬ ‫الحــاج لخضــر بباتنــة و هــذه ســنة حميــدة‬ ‫دأبــت الجامعــة بتنظيمهــا كل عــام لتكريــم‬ ‫األســاتذة الذيــن تأهلــوا إلــى مراتــب عليــا و‬ ‫بهــذه المناســبة و أنــا كعميــد لكليــة العلــوم‬ ‫االنســانية و االجتماعيــة و العلــوم االســامية‬ ‫ســعيد جــدا بحضــوري و مشــاركة األســرة‬ ‫الجامعيــة لهــذا اليــوم المهــم و أتمنــى أن‬ ‫تكــون بدايــة حافلــة بنشــاطات علميــة و‬ ‫بيداغوجيــة متنوعــة و أن تكــون ثمارهــا انشــاء‬ ‫اهلل فــي جــوان بتكريــم الطلبــة المتفوقيــن‬ ‫فــي دراســتهم و بهــذا يســاعد هذيــن الحدثيــن‬ ‫المهميــن افتتــاح و اختتــام الســنة الجامعيــة‬ ‫بتطــور رأس مــال الجامعــة المتمثــل فــي‬ ‫األســتاذ و الطالــب‪.‬‬

‫نحــن اليــوم مكرمــون كأســاتذة نتمنــى‬ ‫أن نكــون للطلبــة نمــوذج و أحســن‬ ‫مثــال و فــي يــوم مــا ســوف يقفــون فــي‬ ‫نفــس الموقــف فقــط عليهــم بالمثابــرة و‬ ‫العمــل انشــاء اهلل‬

‫األستاذآيات الله ملحسان‬

‫األستاذة قارش جميلة ‪:‬‬

‫مبــادرة جميلــة بمناســبة افتتــاح الســنة‬ ‫الجامعيــة و الــذي تــم فيهــا تكريــم‬ ‫األســاتذة أمــا بالنســبة للطلبــة الجــدد‬ ‫يجــب عليهــم المثابــرة و االجتهــاد إذ‬ ‫يجــب عليهــم اكمــال دراســاتهم العليــا و‬ ‫عــدم التوقــف فــي الليســانس و نتمنــى‬ ‫أن يكونــوا فــي أماكننــا يومــا مــا انشــاء‬ ‫اهلل‬

‫مجلة إبداع ‪ / 6‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬


‫أنشطة الجمعية الجامعية للثقافة و اإلبداع‬ ‫الدكتور الطاهر حليس للسنة الدراسية ‪2014/2013‬‬ ‫تخليــدا لمناســبة عيــد الطالــب ومــن خالل النشــاطات‬ ‫الثقافيــة؛ أقامــت الجمعيــة الجامعيــة للثقافــة واإلبداع‬ ‫الدكتــور الطاهــر حليــس نــدوة دراســية يــوم ‪ 13‬مــاي‬ ‫‪ 2013‬بمشــاركة الدكتــور شــرفي الرفاعــي‪ ،‬خريــج‬ ‫معهــد ابــن باديــس ‪ -‬قســنطينة ‪ ،‬وخريــج الزيتونــة‬ ‫وجامــع األزهــر و جامعــة بغــداد‪.‬‬ ‫وقــد انطلقــت النــدوة فــي حــدود الســاعة ‪10:00‬‬ ‫صباحــا؛ حيــث تحــدث الدكتورالرفاعــي عــن الثــورة‬ ‫الجزائريــة ودور شــبابها فــي التحريــر‪ ،‬وعــن أهميــة‬ ‫العلــم فــي نشــر الوعــي والثقافــة بيــن جيــل الطلبــة‬ ‫الجامعييــن‪ .‬كمــا تطــرق إلــى حــال شــباب هــذه األيــام‬ ‫و تأثيــر العولمــة عليهــم فــي حياتهــم اليوميــة ‪،‬‬ ‫وأرجــع الســبب إلــى ســوء اســتخدامها‪.‬‬ ‫وأعقــب النــدوة فتــح مجــال المناقشــة لطــرح‬

‫تســاؤالت الطلبــة‪ ،‬وبعــض التعقيبــات مــن األســاتذة‬ ‫الجامعييــن‪ .‬وختمــت النــدوة بتقديــم تكريــم رمــزي‬ ‫للدكتــور المحاضــر شــرفي الرفاعــي‪.‬‬

‫تعزيـــــة ‪:‬‬

‫تتقــدم الجمعيــة الجامعيــة للثقافــة و اإلبــداع الدكتــور‬ ‫الشــهيد طاهــر حليــس بالتعــازي وأصــدق المواســاة‬ ‫إلــى أســرة الدكتــور شــرفي الرفاعــي فــي مصابهــم‬ ‫الجلــل ونســأل المولــى عــز وجــل أن يتغمــده برحمتــه‬ ‫الواســعة ‪،‬وأن يســكنه فســيح جنانــه ‪،‬وأن يســقيه مــن‬ ‫حــوض نبينــا شــربة اليضمــأ بعدهــا أبــدا ‪،‬وأن يــرزق‬ ‫أهلــه وأحبابــه الصبــر والثــواب الجزيــل‪.‬‬

‫المرحوم الدكتور شرفي الرفاعي‬

‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 7‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 7‬أكتوبر ‪2013‬‬


‫الجمعية تحيى يوم ‪16‬‬ ‫أفريل يوم العلم ‪:‬‬

‫أحيت الجمعية الجامعية‬ ‫للثقافة واإلبداع الدكتور‬ ‫طاهر حليس‪ ،‬وبالتنسيق مع‬ ‫كلية العلوم اإلنسانية «يوم‬ ‫العلم ‪ 16‬أفريل» وذلك يوم‬ ‫‪ 15‬أفريل ‪ 2013‬بالقطب‬ ‫الجامعي «فسديس»‪.‬‬ ‫انطلقــت الفتــرة الصباحيــة‬ ‫بسلســلة مــن المحاضــرات‬ ‫التربويــة لعــدة أســاتذة‬ ‫جامعييــن تحدثــت عــن رائــد‬ ‫العلــم الشــيخ عبــد الحميــد‬ ‫بــن باديــس‪ ،‬وعــن دورالعلــم‬ ‫فــي بنــاء ثقافــة المجتمــع‪.‬‬ ‫كمــا كانــت هنــاك مســابقة‬

‫فكريــة بيــن األســر الجامعيــة‪.‬‬ ‫واختتمــت الفتــرة الصباحيــة بعــرض‬ ‫مســرحي فكاهــي يتحــدث عــن‬ ‫«يوميــات الطالــب الجامعــي داخــل‬ ‫الكليــة وفــي اإلقامــة الجامعيــة‬ ‫وانطلقــت الفتــرة المســائية فــي‬ ‫حــدود الســاعة ‪ 13:00‬حيــث تضمــن‬ ‫البرنامــج عــدة نشــاطات ثقافيــة‬ ‫تمثلــت فــي الشــعر والتنشــيط ‪،‬‬ ‫تجويــد القــرآن‪ ،‬الرســم باإلضافــة‬ ‫إلــى األناشــيد اإلســامية مــن آداء‬ ‫فرقــة «بدراإلنشــادية»‪.‬‬ ‫وفــي ختــام الحفــل قدمــت جوائــز‬ ‫للفائزيــن فــي المســابقة‪،‬وتكريمات‬ ‫لألســاتذة المحاضريــن‪.‬‬

‫تابعوا مجلة إبداع عىل موقع التواصل االجتامعي‬

‫جمعية الدكتور الطاهر‬ ‫حليس تحيي عيد الطالب ‪19‬‬ ‫ماي ‪ :‬بمناسبة عيد الطالب‪،‬‬

‫الذي يوافق يوم ‪ 19‬ماي‪ ،‬أحيت‬ ‫الجمعية الجامعية للثقافة‬ ‫واإلبداع الدكتور الطاهر حليس‪،‬‬ ‫عيد الطالب بقاعة المحاضرات‬ ‫الكبرى بجامعة الحاج لخضر‪-‬‬ ‫باتنة‪.‬‬ ‫وكان مــن بيــن أهــم النشــاطات‬ ‫المعروضــة عــرض لصــور ألهــم‬ ‫مناســبات الجمعيــة وبعــض‬ ‫الصــور التاريخيــة للمناســبة‪.‬‬ ‫كمــا ونظمــت الجمعيــة مســابقة‬ ‫فكريــة ثقافيــة ووزعــت جوائــز‬ ‫رمزيــة علــى الحاضريــن‪ ،‬وتــم‬ ‫خــال الحفــل توزيــع العــدد‬ ‫التجريبــي لمجلــة «إبــداع»‬ ‫الصــادرة عــن الجمعيــة علــى‬ ‫المشــاركين‪.‬‬ ‫ ‬

‫‪facebook.com/ibdaa.magazine‬‬ ‫مجلة إبداع‬

‫مجلة إبداع ‪ / 8‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬


‫أمتنا والتحدي الحضاري‬

‫صالـــح عوض‬

‫منــذ ســقوط غرناطــة بــدأ االنهيــار‬ ‫ميكننــا البــدء يف تســجيل العــد‬ ‫امــام الصليبيــن ومحاكــم التفتيــش‬ ‫مــن انهيــار منظومــة مفاهيمهــا‬ ‫مكونهــا‬ ‫يف‬ ‫عديــدة‬ ‫اخرتاقــات‬

‫‪.‬لقــد كانــت األمــة فــي تلــك‬ ‫اللحظــات تســجل افتــراق مذهــل‬ ‫بيــن صمودهــا االســتاتيكي‬ ‫وبيــن نزولهــا البطــيء على ســلم‬ ‫االنهيار‪..‬فيمــا كان الغــرب فــي‬ ‫قرونــه الوســطى مشــحونا بروحه‬ ‫الرافضــة للحضــارة والمدنيــة‬ ‫واإلنســانية وممتلئــا بعنصريــة‬ ‫قوميــة مغطــاة بشــعارات دينيــة‬ ‫وكانــت احقــاد قــادة الغــرب مــن‬ ‫سياســيين وتجــار ورجــال ديــن‬ ‫كافيــه بــان تدفعهــم لمطــاردة‬ ‫المســلمين مــن االندلــس‬ ‫ولتعقبهــم فــي شــمال افريقيــا‬ ‫والقيــام بتنصيــر قطاعــات كبيــرة‬ ‫منهــم بالحديــد والنار‪..‬تقــدم‬ ‫االتــراك وحــرروا شــمال افريقيــا‬ ‫مــن الغــزو االســباني والغربــي‪.‬‬ ‫وعلــى صعيــد المشــرق العربــي‬ ‫شــن االنجليــز والفرنســيين‬ ‫هجوماتهــم الصليبيــة الحاقــدة‬ ‫بع�دـ ان عبــأوا بــروح عنصريــة‬ ‫المجتمعــات الغربيــة وجنــدوا‬ ‫فيالــق الغــزو مــن أجــل اســقاط‬ ‫القــدس واقامــة دولــة اورشــليم‬ ‫وحققــوا انتصارهــم الكبيــر علــى‬ ‫االمــة بــان تمكنــوا مــن بيــت‬ ‫المقــدس اكثــر مــن ‪ 80‬عامــا‬

‫يف أمتنــا عــى اكــر مــن صعيــد ‪..‬ومــن هنــا‬ ‫التنــازيل الحضــاري المتنــا ومل تكــن الهزائــم‬ ‫اال تبيانــا ملــا كان ينخــر يف جســد االمــة‬ ‫ومنظومــة قيمهــا الخاصــة بعــد ان حصلــت‬ ‫والســيايس‪.‬‬ ‫الثقــايف‬

‫حتــى تمكــن مؤخــرا صــاح الديــن االيوبــي‬ ‫مــن تطهيــر فلســطين وبيــت المقــدس من‬ ‫دنــس الغــزاة الحاقديــن ولقــد اســتنهض‬ ‫صــاح الديــن االيوبــي المؤمنيــن فــي كل‬ ‫مــكان واســتقدم مقاتليــن مــن المغــرب‬ ‫العربــي كمــا مــن اقاصــي المشــرق‬ ‫االســامي فكانــت حــرب كبيــرة طاحنــة‬ ‫اثبتـ�ت ان فــي الجســد االســامي بقيــة مــن‬ ‫روح لكنهــا غيــر كافيــة الســتئناف حيــاة‬ ‫حضاريــة تــرد الغــارة علــى المجتمعــات‬ ‫الغربيــة وتحقيــق انتصــارات فيمــا ارتــد‬ ‫الغــرب ليعــد العــدة بمشــاريع جديــدة بعــد‬ ‫ان انهمــك المستشــرقون يحللــون اســباب‬ ‫الهزيمــة وســقوط دولــة الصليبييــن فــي‬ ‫بيــت المقــدس واســتقر امرهــم علــى‬ ‫قوانيــن جديــدة فــي الصــراع مــع امتنــا‪..‬‬ ‫فلئــن كان هجومهــم علــى مســلمي‬ ‫االندلـ�س الخراجهــم بتطهيــر عرقــي لــم‬ ‫يســبق لــه مثيــل فلقــد اكتشــفوا ان هــذا‬ ‫الفعــل اليمكــن مواصلتــه مــع االمــة الن‬ ‫تصادمهــم مــع االمــة حتمــي وتكــون‬ ‫الهزيمــة مآلهم‪..‬واكتشــفوا كذلــك مــن‬ ‫قبــل ان اتجاههــم لتحقيــق انتصــار معنوي‬ ‫كبيــر علــى االمــة باحتــال بيــت المقــدس‬ ‫حتمــا ســيؤدي الــى انتفاضــة بقيــة الــروح‬ ‫فـ�ي االم��ة بمايكف��ي الخراجهم مــن المكان‬ ‫المبــارك لــدى المســلمين‪.‬هنا اكتشــف‬ ‫الغربيــون قانونــا مهمــا وهــو التحــرك‬

‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫غربــا وشــرقا النجــاز انتصــارات‬ ‫علـ�ى االمـ�ة باحتـلال اقطارهـ�ا‬ ‫واخضاعهــا لقوانيــن اســتبدادية‬ ‫ومــن ثــم التقــدم الســقاط بيــت‬ ‫المقــدس وبالفعــل تــم احتــال‬ ‫بــاد العــرب والمســلمين واحــدة‬ ‫واحــدة ومــن ثــم اثنــاء الحــرب‬ ‫العالمي�ةـ االولـ�ى اعلــن االنجليــز عــن‬ ‫البــدء فــي تأســيس كيــان يهــودي‬ ‫علــى ارض فلســطين التاريخيــة‬ ‫وم�نـ هناــ ب��دا فص��ل جدي��د اال ان‬ ‫المســتعمرين وجــدوا انفســهم فــي‬ ‫مواجهــة احــرار الشــعوب العربيــة‬ ‫االســامية وحــركات النهضــة‬ ‫والثوــرة فادرك��وا انهــم مغــادرون‬ ‫المحالــة فاجتهــدوا ان يورثــوا‬ ‫بعدهــم علــى صعيــد النخــب‬ ‫الثقافيــة واالعالميــة والسياســية‬ ‫انــاس مبهوريــن بالنمــوذج الغربــي‬ ‫وعلــى قطيعــة مــن ثقافتــه العربيــة‬ ‫االس�لامية‪..‬وهكذا كان لكــي يتــم‬ ‫حفــظ امــن الكيــان الصهيونــي‬ ‫استراتيجيا‪..‬وهكذااســتمر الحفــاظ‬ ‫علــى االوضــاع القائمــة فــي الوطــن‬ ‫العربــي والعالــم االســامي وهــي‬ ‫علــى ثالثــة عناويــن ‪ :‬العنــوان‬ ‫االول اســرائيل بــدل فلســطين‬ ‫وذلــك يســتوجب انهــاء القضيــة‬

‫مجلة إبداع ‪ / 9‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 9‬أكتوبر ‪2013‬‬


‫الفلســطينية الــى تذويب الشــعب‬ ‫الفلســطيني فــي دول الشــتات‬ ‫وتحريــف قضيتــه شــيئا فشــيئا‬ ‫لزحزحتــه عــن ثوابتــه واحــدا‬ ‫واحدا‪..‬والعنــوان الثانــي ‪ :‬التبعيــة‬ ‫بــدل االكتفــاء الذاتــي وهــذا‬ ‫يســتوجب تدميــر البنــى التحتيــة‬ ‫لالقتصــاد المحلــي ودفــع الســوق‬ ‫الــى االســتهالك واالســتيراد‬ ‫وتدميــر الصناعــة التقليديــة‬ ‫والزراعــة التقليديــة وتحويــل‬ ‫ذلـ�ك كلـ�ه الــى االس��تيراد اي إلــى‬ ‫االعتمــاد علــى الغــرب ومنتجاتــه‬ ‫والتــي ترتبــط بالقــرار السياســي‬ ‫والمصالــح االســتراتيجية للــدول‬ ‫الغربيــة فــي بلداننا‪..‬العنــوان‬ ‫الثالــث التجزئــة بــدل الوحــدة‬ ‫وذلــك كــي اليتمكــن العــرب مــن‬ ‫بنــاء اقتصــاد يحقــق االكتفــاء‬ ‫الذاتــي وتحــرر لقمــة العيــش مــن‬ ‫االبتـ�زاز األجنبـ�ي فكانـ�ت التجزئة‬ ‫االقليميــة والحــدود االقليميــة‬ ‫والعلــم االقليمــي ونشــيد الوطــن‬ ‫االقليمــي وداخــل التجزئــة‬ ‫تجزئــات قوميــة ومذهبيــة‬ ‫وجهويــة وفئويــة وطبقيــة وهنــا‬ ‫يكــون الغــرب حريصــا علــى‬ ‫تاجيــج الصراعــات بيــن عناصــر‬ ‫االم��ة واثــارة الفتــن وجهــز لهــذه‬ ‫المهمــة رجــال ونســاء علمهــم‬ ‫فـ�ي حججـ�ره وزودهـ�م بـ�ادوات‬ ‫الرابــع‬ ‫التفســيخ‪..‬والعنوان‬ ‫التغريـ�ب بــدل االصالــة وهــذا‬ ‫يتوجــب علــى نشــر الثقافــة‬ ‫الغبيــة بقيــم العالقــة لهــا ببيئتنا‬ ‫وتاريخنــا وبممفاهيــم تتجــه‬ ‫لصناعــة واقــع اجتماعــي غريــب‬ ‫وتواصــل التركيــز مــن اجــل بــروز‬ ‫هــذه النخــب المتغربــة لتحقيــق‬ ‫ضمانــات وجــود الصراعــات‬ ‫الداخليــة باســتمرار ولديمومــة‬

‫مجلة إبداع ‪ / 10‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫بقــاء عجلــة التبعيــة للغــرب اقتصاديــا‬ ‫وثقافيــا وسياســيا‪..‬فكانت المعادلــة‬ ‫االســتعمارية تتشــكل مــن عناوينهــا‬ ‫االربعـ�ة الحــكام الســيطرة علينــا وفــي‬ ‫اللحظــة التــي تبــدي االمــة رفضــا ومقاومــة‬ ‫تتحرــك الجي��وش الغربيةــ لتاديـ�ب االمـ�ة‬ ‫وانهــاء تمردها‪..‬وقــد القــت هــذه العناصــر‬ ‫االربعــة عناصــر اربعــة فــي االمــة حققــت‬ ‫لهــا النجــاح اولهــا التخلــف الفكــري والتحنط‬ ‫المفاهيمــي حيــث تكدســت المفاهيــم‬ ‫والمصطلحــات بغاللــة مــن قداســة وهميــة‬ ‫حرمــت النــاس مــن التجــدد والتجديــد‬ ‫وابقـ�ت العقلي��ات اسيــرة انمــاط متخلفــة‬ ‫العالقــة لهــا بتطــور الحيــاة ‪ .‬وثانيهــا‬ ‫تف��كك المجتمع��ات العربيــة واس�لامية الــى‬ ‫ملــوك طوائــف وانغمــاس فــي المظاهــر‬ ‫وتفلــت مــن العــروة الوثقــى عــروة الوحــدة‬ ‫ودورها‪.‬وثالثهــا االنصــراف عــن التقــدم‬ ‫العلمــي الــى االنشــغال بالصراعــات علــى‬ ‫الحكــم ولتشــظي علــى العصبيــات القاتلــة‪.‬‬ ‫ورابعهــا الركــون لالجانــب واالرتمــاء بيــن‬ ‫ايديهـ�م اســتقواء علــى بعضهــم البعــض‬ ‫واســوا كل العناصــر التــي تجلــت مؤخــرا‬ ‫فــي ثــورة الشــريف حســين حيــث وافــق‬ ‫ان يمنحــه االنجليــز ممكلــة عربيــة كبيــرة‬ ‫علــى ان تقتطــع منهــا فلســطين ‪ ..‬فــكان‬ ‫ان حقــق المشــروع الغربــي كل غاياتــه‬ ‫وعلــى راســها شــلل حضــاري فــي امتنــا‬ ‫ونهــب ثرواتنــا بشــكل صــارخ وغــرس‬ ‫كيــان شــيطاني فــي قلــب وطننــا العربــي‬ ‫وعالمنــا االســامي‬ ‫مــن هنــا تتضــح لنــا معالــم مشــروعنا‬ ‫الحضــاري فــي خطوطهــا العريضــة علــى‬ ‫ضــوء هــذه الرؤيــة المركــزة ولــن تبتعــد‬ ‫عناويــن نهضتنــا عــن طبيعــة المعركــة‬ ‫الدائــرة وتكــون عناصــر نهضتنــا هــي‪:‬‬ ‫فلســطين ضــد الكيــان الصهيونــي بمعنــى‬ ‫عــدم االقــرار بشــرعية الكيــان الصهيونــي‬ ‫علــى ارض فلســطين مهمــا كانــت الظروف‬ ‫ويجــب ان تتيقــظ ثقافتنــا لعــدم الســماح‬

‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫باختــراق اي فكــرة ضالــة فــي هــذا‬ ‫البــاب وعلينــا العمــل بجــد علــى ان‬ ‫تك��ون القــدس ام��ام اعيننــا مدركين‬ ‫مــا للقضايــا االخــرى كلها مــن عالقة‬ ‫جوهريــة بموضــوع القــدس وعلينــا‬ ‫ان نــدرك ان اســتعادة فلســطين‬ ‫هـ�ي تتويـ�ج لكفاحنـ�ا فـ�ي االصعـ�دة‬ ‫االخــرى التاليــة‪.‬‬ ‫الوحــدة ضــد التجزئــة فكمــا ان العدو‬ ‫اســتخدم عناصــر التجزئــة االثنيــة‬ ‫فــي امتنــا فينبغــي ان نصــرف عــن‬ ‫هــذا المســتنقع وهــذه الفتــن بدعــوة‬ ‫تجم��ع طاقتنـ�ا وتترتقـ�ي بادائنــا‬ ‫بعيــدا عــن التفرقــة والتشــتت‪..‬وهنا‬ ‫ينبغــي صياغــة فــاكار وواقــع يحمــي‬ ‫الوحــدة ويتصــدى للتجزئــة‪.‬‬ ‫االســتقالل ضــد التبعيــة وهــذا‬ ‫يتطلــب النهــوض فــي شــتى‬ ‫المجــاالت الصناعيــة والزراعيــة‬ ‫واالنتاجيــة لتكويــن مجتمــع قــادر‬ ‫علــى االعتمــاد علــى ذاتــه الن‬ ‫هــذا يحقــق لــه اســتقالل قــراره‬ ‫ا لسيا ســي ‪.‬‬ ‫االصالــة ضــد التغريــب وهــذا يتطلب‬ ‫روحــا قويــة مــزودة بمنظومــة‬ ‫مفاهيــم ومنظومــة قيــم حضاريــة‬ ‫تســتطيع ان تتجــاوز الضغــط‬ ‫الحضــاري الغربــي الرهيــب ‪.‬‬ ‫ان نضالنــا علــى االصعــدة الســابقة‬ ‫يعنــي اننــا دخلنــا المعركــة‬ ‫الحضاريــة الحقيقيــة وليكــن واضحــا‬ ‫لنــا ان ال نهضــة بــا وحــدة والنهضــة‬ ‫بــا اســتقالل والنهضــة بــا اصالــة‬ ‫ث��م الكرام��ة والســيادة بــدون‬ ‫القــدس‪.‬‬


‫أفكار قابلة للنقاش‬

‫االستاذ محمد بناين – استاذ القانون االداري ‪-‬جامعة املغرب‬

‫مــا حــدث فــي تونــس و مصــر و اليمــن‬ ‫و ليبيــا و ســوريا يضــع كثيــرا مــن‬ ‫التســاؤالت و يدفعنــا الــى اعــادة النظــر‬ ‫فيمــا ســمي {الربيــع العربــي}‬ ‫اعتقــد النــاس أن العــرب دخلــوا مرحلــة‬ ‫جديــدة ســتغير نمــط حياتهــم و‬ ‫ســتنقلهم مــن عصــر التخلــف و قهــر‬ ‫الحــكام الــى عصــر الحريــات و البنــاء و‬ ‫القضــاء علــى كل بــؤر الفســاد‪....‬‬ ‫لــم يعرفــوا بــأن كل مــا يحــدث فــي‬ ‫أوطانهــم مــا هــو اال حربــا علــى االســام‬ ‫و المســلمين و القضــاء علــى كل‬ ‫انمــاط المقاومــة للمشــروع االمبريالــي‬ ‫الصهيونــي‪....‬‬ ‫و لــم يتبيــن الخيــط االبيــض مــن الخيــط‬ ‫الســود اال حيــن دكــت ســوريا و أبيحــت‬ ‫ارضهــا و أعراضهــا للجماعــات االرهابيــة‬ ‫فعاثــوا فيهــا فســادا {باســم الجهــاد}‬ ‫الــذي أشــعل فثيلــه أمــراء النفــط و‬ ‫مفتــوا حلــف الناطــو كالقرضــاوي و غيــره‬ ‫مــن عبــدة البيتــرو دوالر‪....‬‬ ‫جــرب األمريــكان للســيطرة علــى منطقة‬ ‫الشــرق االوســط و الــدول االســامية‬ ‫القــوة المفرطــة والحــروب‪ .‬فلــم يفلحــوا‪.‬‬ ‫بــل أكــدت الدراســات تعميــق الكراهيــة‬ ‫نحــو أمريــكا فــي المجتمــع العربــي‪.‬‬ ‫لذلــك كان البــد للصقــور أن يرحلــوا‪.‬‬ ‫وكان البــد للحمائــم أن يجلســوا علــى‬ ‫عــرش أمريــكا‪...‬‬ ‫فنجح أوباما‪....‬‬ ‫نجــح أوبامــا فوجــه لــه فريــد زكريــا‬ ‫(الكاتــب األمريكــي مــن أصــل هنــدي‬ ‫المعــادي لإلســام ) فــي النيوزويــك عــدة‬ ‫نصائــح هــي مــا يطبقــه أوبامــا اآلن ‪.‬‬ ‫إن ســلفك‬ ‫‪ ..‬ايهــا الرئيــس الجديــد‪ّ ...‬‬ ‫بــوش قــد أخطــأ عندمــا شــن الحــرب‬ ‫علــى اإلرهــاب فبــدا وكأنــه يشــن‬ ‫حربــا علــى اإلســام‪ .‬و لكنّــي أنصحــك‬ ‫بعــدم االســتمرار فــي ذلــك‪ .‬وانتهــاج‬ ‫نهــج جديــد ‪ ..‬وهــو أن تشــجع التحــول‬ ‫الثقافــي فــي الــدول اإلســامية نحــو‬ ‫مزيــد مــن ثقافــة العولمــة والتقــدم‬ ‫التكنولوجــي االســتهالكي‪ .‬حتــى‬ ‫يصبــح ذلــك جــزءا ال يتجــزأ مــن حيــاة‬

‫المســلمين‪ .‬و حينهــا‪ .‬ســيقارنون بيــن ذلــك النمــط‬ ‫وبيــن المثــال الــذي يقدمــه األصوليــون للديــن‪/.‬‬ ‫{االخــوان المســلمون فــي مصــر و النهضــة فــي‬ ‫تونــس} هنــا ســيجدون ان الديــن األصولــي يقــدم‬ ‫لهــم أســلوب حيــاة مناقــض للحيــاة العصريــة التــي‬ ‫يعيشــونها وســيجدون دينــا مخالفــا للعصــر ووقتهــا‬ ‫ســيلفظون هــذه األفــكار األصوليــة ليحتفظــوا بحلــم‬ ‫الحيــاة العصريــة {النمــط االوروبــي و االمريكــي}‬ ‫ســيادة الرئيــس‪ ( ...‬يقصــد أوبامــا ) دعهــم يحاربــون‬ ‫األصوليــة بأنفســهم ‪.‬دعهــم يتقاتلــون فيمــا بينهم}‬ ‫وفريــد زكريــا لمــن ال يعرفــه‪ .‬هــو احــد األصــوات‬ ‫القويــة التــي تشــكل السياســة األمريكيــة بكتاباتــه‬ ‫وآرائــه ونظرياتــه ‪ ،‬وبالفعــل تــم تنفيــذ الخطــة‬ ‫منــذ خمــس ســنوات ‪,‬منــذ جــاء أوبامــا إلــى القاهــرة‬ ‫وقــال فــي جامعتهــا ( الســام عليكــم ) فهلــل الســذج‬ ‫وقالــوا ( الرجــل يحتــرم اإلســام )‬ ‫ثــم جــاء الربيــع العربــي الــذي وإن كان مفاجئــا‬ ‫للجميــع ‪.‬اســتغله األمريــكان وبــدأوا فــي رســم خطــة‬ ‫االســتفادة مــن الوضــع الجديــد ‪...‬فســحبوا جيشــهم‬ ‫مــن العــراق ليتركــوا ابنــاءه يتقاتلــون‬ ‫فيمــا بينهــم‪..‬و شــجعوا المغاليــن بالســاح و المــال و‬ ‫شــجعوا االســام السياســي المتعطــش‬ ‫للســلطة‪ ..‬الخــارج عــن أســلوب العصــر ‪ ..‬الســاذج‬ ‫الــذي يهتــم بقضايــا ال تمــس المواطن‪.‬فمــرة يحــارب‬ ‫أدب نجيــب محفــوظ وتــارة يهــدم تمثــاال لطــه‬ ‫حســين‪ .‬فــي مصــر ’يقطــع رأس تمثــال ابــن الرومــي‬ ‫فــي ســوريا‪ .‬و يكفــر الممثليــن و يريــق دماءهــم‪.‬‬ ‫وخــرج الدعــاة والشــيوخ بأفظــع األفــكار وأشــنعها‬ ‫فأعطــوا للنــاس مثــاال ســيئا جعلهــم يهربــون منهــم‬ ‫أو علــى األقــل ال يأخــذون كالمهــم علــى محمــل الجد‬ ‫‪ ..‬ونســوا همــوم النــاس واحتياجاتهــم الحقيقيــة ‪..‬‬ ‫واآلن فــي كل يــوم يــزداد ســخط المجتمــع علــى‬ ‫الحــكام وعلــى اإلســام السياســي كله‪.‬فمرســي‬ ‫لفظــه المصريــون ‪.‬و المرزوقــي خونــه التونســيون‬ ‫و ظهــرت فتــاوى يرفضهــا العقــل البشــري ‪.‬فأبيحــت‬ ‫دمــاء النــاس بحجــة الدفــاع عــن االســام و حلــم‬ ‫تحقيــق الخالفــة االســامية‪...‬‬ ‫انخــدع البعــض بأطروحــات المغاليــن و صدقوهــم‬ ‫‪.‬فاعتقــدوا ان الفتــاوى هــي التــي ســتنقلنا الــى عالــم‬ ‫الرفاهيــة ‪ ....‬و العدالــة االجتماعيــة‪....‬‬ ‫و وقفــت بفتاويهــم عجلــة الــدول االســامية‪.‬و‬

‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫أصبــح القتــل و الــدم مشــهدا يوميــا يؤثــث‬ ‫حيــاة المواطنيــن فخــرج الرافضــون ألســلمة‬ ‫االنظمــة يفضحــون نوايــا المشــايخ‪.‬‬ ‫وكثــرت االعتصامــات و المظاهرات‪.‬ورفعــت‬ ‫الشــعارات‪ ,‬كل يبتغــى فيهــا بليــاه‪.‬‬ ‫و فــرح الصهاينــة و االمريــكان و الغــرب‬ ‫معهــم لنجــاح خطتهــم و تبنيهــا مــن طــرف‬ ‫حمــد بــن خليفــة فــي قطــر و فيصــل آل‬ ‫ســعود‪..‬في الســعودية‪.‬الذين ســخروا كل‬ ‫ثرواتهــم و امكانياتهــم للضربــة القاضيــة‪..‬‬ ‫الضربــة التــي ســتأتي علــى آخــر معاقــل‬ ‫الممانعــة و المقاومــة لمشــروع الشــرق‬ ‫االوســط الجديــد‪.‬و اقبــار القضبــة‬ ‫الفلســطينية الــى االبــد‪...‬‬ ‫كــن مــا لــم يحســبوا حســابه‪,‬هو ظهــور‬ ‫فئــة مــن المثقفيــن تعبــر عــن االســام‬ ‫تعبيــرا صحيحا‪.‬فئــة تحمــل همــوم النــاس‬ ‫المعيشــية و االجتماعيــة و الثقافيــة موفقــة‬ ‫بيــن التعاليــم االســامية و بيــن روح العصر‪.‬‬ ‫فئــة تدعــو الــى فصــل الدولــة عــن الديــن‪...‬‬ ‫و فــي يقينــي انــه مــع الوقــت ‪.‬ســتعود الثقــة‬ ‫بيــن االســام السياســي و المســلمين‪.‬و يبرز‬ ‫علمــاء حقيقيــون يقيمــون المرحلــة بنظــرة‬ ‫شــمولية واقعيــة‪ .‬ينبــذون الطائفيــة المقيتة‬ ‫يفشــلون مؤامــرة المجابهــة المفترضــة بيــن‬ ‫الســنة و الشــيعة‪ .‬يفضحــون نوايــا الوهابيــة‬ ‫الهادفــة الــى تمزيــق الوطــن العربــي و‬ ‫االســامي‪ .‬و تحجيــم كل الــدول العربيــة‪..‬‬ ‫فئــة مــن المثقفيــن يبنــون مجتمعاتهــم‬ ‫علــى نظريــات علميــة تكيــف االصالــة‬ ‫مــع المعاصرة‪...‬تجنــب مجتمعاتنــا اجتــرار‬ ‫اختالفــات مضــت عليهــا قــرون و تســببت‬ ‫فــي تخلــف االمــة االســامية‪...‬‬ ‫لكنــي أرى بــان دلــك يتطلــب مزيــدا مــن‬ ‫الوقــت ‪ .‬ومزيــدا مــن الصبــر و مزيــدا مــن‬ ‫التوعيــة‪...‬و تحليــا عميقــا لمــا ســمي‬ ‫بالربيــع العربــي الــذي اســقط أوراق‬ ‫طموحاتنــا و احالمنــا‪ ,‬و حولنــا الــى خريــف‬ ‫كل مــا فيــه ضبــاب و ســحب و هــزات قــد‬ ‫تقضــي علــى االخضــر و اليابــس‪....‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 11‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 11‬أكتوبر ‪2013‬‬


‫التحصيل العلمي بني الحشو واالستنباط‬ ‫محمودي حامد العريب‬ ‫تقســم النظريــات المســتحدثة التحصيــل‬ ‫العلمــي وفــق متطلبــات كل مجتمــع‬ ‫اإلنســانية والمدنيــة والتجريبيــة إلــى‬ ‫مرحلتيــن متالزمتيــن المرحلــة االبتدائيــة‬ ‫والتــي يتــم فيهــا وبهــا حشــو الطالــب‬ ‫مــن اختصــارات لعــد علــوم وفــق نســق‬ ‫عــام متفاهــم عليــه مســبقا بيــن علمــاء‬ ‫التربيــة والتعليــم التأهيلــي التكوينــي‬ ‫ومرحلــة جامعيــة جامعــة لــكل تلــك العلــوم‬ ‫ليكــون الطالــب مســتنبطا ومحلــا ومعلــا‬ ‫لــكل مــا حشــي مــن علــوم واختصاراتهــا‬ ‫وبــه وبنتائجــه تعتــد النظريــات وتقــوم‬ ‫السياســة الكليــة لألمــة وفــق مــا رشــح‬ ‫مــن تلكــم االســتنباطات إذ يصبــح الطالــب‬ ‫فاعــا رئيســا فيــه وفــي مجتمعــه ‪ ..‬فــي‬ ‫أوربــا والــدول المتطــورة يأتي العلــم أولوية‬ ‫األولويــات إن لــم يكــن الهــدف األســمى‬ ‫الــذي بــه تقــام صــروح الدولــة وخطــط‬ ‫تنميتهــا المســتقبلية ومراجعاتهــا وتبنيهــا‬ ‫الخطــط الجديــدة فــي البنــاء والتشــييد‬ ‫ويأتــي اإلنســان كأداة أولــى وأوليــة فــي‬ ‫ذلــك البنــاء حيــث بــه تصــان كرامــة الــدول‬ ‫وعليــه تقــاس حضارتــه وبــه يعــرف مــدى‬ ‫تطورهــا ونمائهــا وحصولهــا مــن العلــوم‬ ‫مــا يمايزهــا فــي تنشــأة ذلــك اإلنســان‬ ‫وتحصينــه عــن كل خطــأ وكل ســوء‬ ‫جريــرة ‪..‬وقــد عملــت الفكــرة اإلنســانية‬ ‫لــدى الغــرب عمومــا ولــدى المهتميــن‬ ‫ببنــاء العقالنيــة والفكــرة التــي بهــا يتلــون‬ ‫وعليهــا يحصــى ويعــد ذلــك اإلنســان‬ ‫كائنــا ال شــاذا يعــد وال يؤخــذ بــه إنمــا‬ ‫عليــه وبــه تتكــون الدولــة ككيــان وتعــرف‬ ‫سياســتها بــه وحــده مــن دون اســتثناء‬ ‫وألجــل بنــاءه بــدأت سياســة الغــرب علــى‬ ‫العمــوم وكمنهــاج تربــوي حشــوه عنــد‬ ‫الصغــر بشــتى الصنــوف مــن العلــوم بــل‬ ‫اختصاراتهــا جميعهــا وفــق نظــام ســهل‬ ‫بســيط عليــه كتلميــذ التحصيــل مــن‬ ‫دون تمحيــص إنمــا كان عليهــا البنــاء‬ ‫وفــق خطــط مدروســة ومعروفــة اإلعــداد‬ ‫مــن مختصيــن مهتميــن ببنــاء اإلنســان‬ ‫والفكــرة العامــة لديــه مــن حيــث الطمــوح‬ ‫الجمعــي والريــادة الفرديــة التــي بهــا تتــم‬ ‫تنشــأة أمــة مــن بدايــات العمــر الصغيــرة‬ ‫وال يتــم بعدهــا إال توعيتــه واإلشــارة لديــه‬ ‫ولــه بالطريــق الواجــب اتخاذهــا فتتــم‬ ‫عمليــة الحشــو مــن ســني الحضانــة إلــى‬ ‫مســتوى التعليــم الثانــوي العــام ومــن بعــد‬ ‫ذلــك المســتوى يأتــي مســتوى التحليــل‬ ‫واالســتنباط وال يتــم ذلــك إال بتدعيــم تلــك‬ ‫البدايــة التــي بهــا تحصــل ذلــك اإلنســان‬ ‫علــى القــدر الكافــي مــن التحصيــل وصــار‬ ‫هــو نفســه كيــان معتــد بذاتــه يعــرف مــا‬

‫مجلة إبداع ‪ / 12‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫يمكنــه مــن بلــوغ المــرام واألهــداف الخاصــة والعامــة‬ ‫التــي بهــا تتــم و تســخر لــه الحيــاة وتســير معــه كيفمــا‬ ‫أراد وأحــب ‪..‬ولكــن ال يتــم ذلــك إال وفــق منظومــة‬ ‫تربويــة عارفــة مدركــة لألهــداف العامــة والخاصــة‬ ‫لألمــة ولطمــوح األفــراد فيهــا ومــا يريــدون كمجموعــة‬ ‫بلوغــه مــن تلــك األهــداف والغايــات التــي ناشــدوها‬ ‫وناشــدتها معهــم فكــرة قيــام الدولــة ككيــان منفصــل‬ ‫وكمجموعــة عاملــة مــن أجــل الجماعــة المتوافقــة علــى‬ ‫تحريــر اإلنســان أوال ومــن ثــم تطويــر قدراتــه إن العملــة‬ ‫األولــى لــدى الــدول و الجماعــات اإلنســان وتكوينــه‬ ‫وتحريــره ممــا يكبلــه مــن فكــر بليــد ومــن إرهاســات‬ ‫المراحــل الســابقة والمتالحقــة فــي تســارع لتبلــغ بــه‬ ‫أهدافــا ربمــا هــي إلــى تكبيلــه وتقييــده هــي أقــرب‬ ‫منهــا إلــى تطويــر إمكاناتــه الذاتيــة مــن أجــل تكوينــه‬ ‫أوال ورفعــة مجتمعــه ثانيــا فمــاذا صنعنــا نحــن مــن جــراء‬ ‫تماثــل تلــك األدوات وذلــك النظــام المشــكل لفكــرة‬ ‫العلــوم واإلنســان لدينــا ال شــي مــن ذلــك فتحصيــل‬ ‫الطلبــة لدينــا فــي تناقــص وجهلهــم آلليــات تطويــر‬ ‫المجتمــع واألفــكار وتهذيــب أرائهــم وتحســينها فــي‬ ‫تــآكل وديمومــة الجهــل علــى العمــوم فــي المجتمــع‬ ‫لدينــا تــراوح مكانهــا برغــم اإلنشــاءات الكبيــرة وتطويــر‬ ‫الهيــاكل وتحســين المنظومــة التعليميــة مــن دون نتــاج‬ ‫يذكــر وال تجديــد فــي الفكــر وال فــي تعاطيــه وأبــرز‬ ‫علمائنــا ماتــوا مقهوريــن ومنفيــن فــي البــاد الواســعة‬ ‫وقــد اســتفادت منهــم األمــم الســابقة والالحقــة وماتــوا‬ ‫مــن دون حتــى أن نــرد لهــم الجميــل أو نذكرهــم بحســن‬ ‫صنيعهــم بيــن النــاس وتغييرهــم لكثيــر مــن األفــكار‬ ‫بــل وتجديدهــم المعــروف والمقــدر مــن أبــرز الجامعــات‬ ‫والمجموعــات الدوليــة التــي اهتمــت بمــا عندهــم مــن‬ ‫أفــكار ونقحــت واســتولت عليهــا وطــاب بهــم ولهــم‬ ‫الذكــر بيــن األمــم والمفكريــن يعترفــون بهــم ونحــن ال‬ ‫نذكرهــم وال نســتذكرهم حتــى‬ ‫( محمــد أركون‪،‬مالــك بــن نبــي‪ )..،‬وأمثالهــم كثــر إن‬ ‫فــي الثقافــة والفكــر واألدب وشــتى العلــوم ‪..‬إن الغــرب‬ ‫يعتــد بفكــره وبمفكريــه ويزيدهــم إحاطــة واحترامــا‬ ‫بيــن العالميــن وال يتــم تطويــر أي مــن علومــه إال‬ ‫باحتــرام ذكــرى الســابقين مــن رواده ولكنــا ال نعــرف‬ ‫ذلــك االحتــرام بيننــا وال نوليــه أي اهتمــام كمــا ذكرنــا‬ ‫ســابقا يبــدأ تعليــم الناشــئة مــن طــرف أول المعلميــن‬ ‫فيعــرف الحــروف والحســاب وحشــوه بكــم محتــرم‬ ‫مــن العلــوم االجتماعيــة والمدنيــة ال التجريبيــة ألنهــا‬ ‫ســتكون الحقــة بعــد قليــل إن لــم تكــن فــي مراحــل‬ ‫االســتنباط والبحــث لمزيــد مــن التعلــم والتحصيــل‬ ‫ويزيــد لــه علــى ذلــك تطويــر شــخصيته مــن تحريــر‬ ‫إســمه ورســمه وإمضــاءه كل ذلــك يتــم عــن طريــق‬ ‫معلمــه فــي الصــف األول مــن التحصيــل وتصحبــه فــي‬ ‫ذلــك ورقــة تقنيــة يحررهــا معلمــه األول فهــو قــد رشــح‬ ‫لديــه ميولــه وامتيــازه مــن حيــث معرفــة اختصــاص‬ ‫توجيهــه فلقــد راهــن معلمــه األول وكل المنظومــة‬ ‫التربويــة علــى تلــك األهــداف المنوطــة بــكل المنظومة‬ ‫حصولهــا مــن حيــث شــخصية الطالــب وميولــه وحشــوه‬ ‫بشــتى صنــوف العلــوم المتفــق عليهــا ســابقا مــن طــرف‬ ‫علمــاء التربيــة واالجتمــاع وعلــوم النفــس والعلــوم‬ ‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫المدنيــة المكملــة لتحضــره وتحضيــره ليصبــح‬ ‫بعــد قليــل أســتاذا باحثــا أو عالمــا فــي مجــال‬ ‫اختصاصــه وال تقــوم الجامعــة بعــد ذلــك إال‬ ‫بتوفيــر األدوات العلميــة والمحفــزة لبحثــه وال‬ ‫يكــون أســاتذته فــي الجامعــة إال مشــرفين‬ ‫علــى بحثــه وال يمدونــه إال بمــا يمنحــه الطاقــة‬ ‫والقــدرة علــى إكمال مشــروع اإلنســان فيــه أوال‬ ‫والعالــم ثانيــا والخــادم لــه وألســرته ومجتمعــه‬ ‫ثالثــا ومــن ثــم تكــون الدولــة والمجتمــع فــي‬ ‫حــل مــن أي ارتبــاط بينهــا وبيــن ذلــك الطالــب‬ ‫العالــم المفعــم بجهــد التحصيــل والبحــث‬ ‫واالســتنباط إال مــا وجــب عليــه ومــا قــدر لــه‬ ‫مــن واجبــات تجــاه األمــة كمــا هــو علــى كافــة‬ ‫شــرائح المجتمــع المتعاونــة األخــرى ‪..‬فهــل‬ ‫عندهــا سنتســاءل عــن مكامــن العــوج لدينــا‬ ‫وعــن نقائــص البحــث واالســتنباط والتجديــد‬ ‫فــي الواقــع وفــي األفــكار مــن حولنــا وهــل‬ ‫ســتبقى األســئلة تــدور حــول مشــروعنا األول‬ ‫التأســيس لدولــة وفــق طمــوح الجمــوع دولــة‬ ‫يبنيهــا الجميــع ويأخــذ نصيبــه منهــا الجميــع‬ ‫وفــق عدالــة اجتماعيــة ووفــق مشــروع مجتمــع‬ ‫مســتمد مــن بحــوث هــؤالء العلمــاء الذيــن‬ ‫حشــوناهم ســني العمــر األولــى بمــا يمكــن‬ ‫لهــم مــن االســتنباط والبحــث فــي شــتى صنوف‬ ‫العلــوم التجريبيــة واالجتماعيــة اإلنســانية‬ ‫والمدنيــة علــى أعــم صــورة وأوضــح هــدف فــا‬ ‫زلنــا نقــارع مكاننــا وال زلنــا ال نعــرف الواجب من‬ ‫الضــرورة أتباعــه للحصــول علــى طالــب معتــد‬ ‫بنفســه محترمــا لذاتــه حاصــا علــى معرفــة‬ ‫حــدود شــخصيته يعــرف مــن أيــن تبــدأ وتنتهــي‬ ‫تلــك الحــدود وفــق مــا ترتــب عنهــا مــن حقــوق‬ ‫وواجبــات إن فــي السياســة أو اإلجتمــاع أو شــتى‬ ‫مجــاالت الحيــاة األخــرى اليــوم نحــن بعيــدون‬ ‫جــدا عــن هــذا المســتوى مــن التحليــل قريبــون‬ ‫جــدا مــن نهايــة مأســاوية ال علــى مســتوى‬ ‫الجامعــة بــل علــى مســتوى المجتمــع واإلنســان‬ ‫لقــد إلتهمتنــا األفــكار اآلتيــة مــن هنــا وهنــاك‬ ‫ونحــن قــادرون علــى صناعــة فكرتنــا الخاصــة‬ ‫وفــق طموحنــا وراســبنا االجتماعــي والفكــري‬ ‫والمقــدس منــه حتــى ال تنتهــي بنــا الفكــرة‬ ‫إلــى بــوار نتاجنــا كلــه مــن إنســان وجمــاد‬ ‫ومكتســبات منقولــة أخــرى كمــا تتداعــى األمــم‬ ‫اليــوم فــي بيــع أفكارهــا واســتثمارها فــي كل‬ ‫مــكان وال نــزال نحــن برغــم علمائنــا وجامعاتنــا‬ ‫نــراوح مكاننــا بــل مجــرد تالميــذ لــدى اآلخــر‬ ‫العالــم الفاهــم وســرعان مــا نــدرك مــا نحصــل‬ ‫عليــه مــن اآلخــر بأننــا كنــا قادرين علــى تجاوزه‬ ‫بجهدنــا البســيط الخــاص وبمقدراتنــا العلميــة‬ ‫الكثيــرة والمتجــددة فــي هــذا الكــم الهائــل‬ ‫مــن المتخرجيــن ســنويا وفــق ذلــك التنظيــم‬ ‫والتأطيــر فــي جامعاتنــا المتعــددة الكثيــرة‪..‬‬


‫الكاتبة‬ ‫الفلسطينية ‪:‬‬ ‫مرمر عمر‬ ‫القاسم األنصاري‬

‫فــــلسفة‬ ‫املقاومة‬ ‫فلسفةاملقاومة‬ ‫املقاومةفلسفة‬ ‫املقاومة‬ ‫فلسفةاملقاومة‬ ‫فلسفة‬ ‫فلسفةاملقاومة‬ ‫املقاومة فلسفة‬ ‫املقاومة‬ ‫املقاومة‬ ‫فلسفة‬ ‫املقاومة‬ ‫فلسفة‬ ‫فلسفة‬ ‫يف‬

‫األســباب‬

‫انعــدام‬

‫للمقاومــة‬

‫يتوجــب‬

‫للمقاومــة‬

‫ثــم‬

‫املعروفــة‬

‫الّتــي كانــت تطبــق عــى هــذا الشــعب ويجــب النظــر‬

‫املعتــادة‬ ‫خلــق‬

‫أســباب‬

‫إىل‬

‫ال‬

‫ذريعــة‬

‫للعمــل‬

‫نظرية‪،‬إنســانية‬

‫علينــا‬ ‫اتخاذهــا‬

‫عــى نحــو يحقــق للفــرد مــا يبتغيــه مــن‬ ‫«املقاومــة»يف‬

‫محتــل‬

‫مجتمــع‬

‫بــدء‬

‫منــذ‬

‫الخليقــة‪،‬ومل يكــن لــه يــد يف ذلــك ألنــه‬ ‫مل‬

‫يجــد‬

‫حولــه‬

‫‪،‬يذهبــون‬

‫يف‬

‫املســاومة‬

‫مــا‬

‫الواجهــة‬

‫أســاتذة‬

‫جعــل‬ ‫عنــه‬

‫تشــكيل‬ ‫ً‬

‫أن‬

‫ينتــزع‬

‫بفكــر‬ ‫أفــكاره‬

‫ظروفــه‬

‫هيئــة‬

‫عــى‬

‫ثــوب‬

‫مــا‬

‫الخاصــة‬

‫فأحــدث‬

‫الفلســطيني‬ ‫لحمــة‬

‫وعــى‬

‫اعتبــار‬

‫التقليــد‬

‫والتأثــر‬

‫مقاومــة‬

‫رشيفــة‬

‫يتوجــب‬

‫علينــا‬

‫عــى‬

‫صياغــة‬

‫بكافــة‬

‫الســبل‬

‫املتاحــة‬

‫لذاتــه‬

‫والنظــر‬ ‫وجــوب‬

‫الثــورة‬ ‫أفــراد‬

‫املجتمــع‬

‫وبيئتهــم‪،‬‬

‫التطبيقــي‬

‫بــن‬

‫املؤسســات‬

‫ومراعــاة‬

‫الفــروق‬

‫الفكريــة‬

‫والفرديــة‬

‫والفــرد‬

‫مــع‬

‫التعــاون‬

‫عــى‬

‫املقاومــة‬

‫عــى‬

‫غــر‬

‫ذلــك‬

‫بــدلً‬ ‫مــن‬

‫الرتكيــز‬

‫دول‬

‫واملحافظــة‬

‫الحــدود‬

‫اليوم»اتحــاد‬

‫مــن‬

‫لجعــل‬

‫املبــادئ‬

‫لضــان‬

‫مــع‬ ‫دول‬

‫الهــدف‬

‫عليهــا‪،‬‬

‫إىل‬

‫الثــورة‬

‫عكــس‬

‫الحــدود‬

‫مــع‬

‫مبــدأ‬

‫مــن‬

‫مبــادئ‬

‫‪،‬أال‬

‫وأجدادنــا‬

‫يكفينــا‬

‫أننــا‬

‫الفصائــل‬ ‫فيهــا‬

‫التفرقــة‬

‫واجــب‬

‫املقاومــة‬

‫هــي‬ ‫إحياءهــا‬

‫نعيــد‬

‫برأيــي أن الحــل الجــذري للمعضلــة يجــب أن يكــون‬ ‫وتدعيــم‬

‫بنــاء‬

‫ورضب‬

‫أمامنــا‪.‬‬ ‫الثــورة‬

‫فــوق‬

‫أرض‬

‫بالشــعب‬

‫وإبطــال‬

‫برسعــة‬

‫املواءمــة‬

‫وبــن‬

‫أهدافهــم‬

‫جانــب‬ ‫مــا‬

‫اتحــاد‬

‫هــو‬

‫نظــام‬ ‫ثــورة‬

‫قائــم‬

‫تقريــر‬

‫ورثناهــا‬

‫العيــش‬

‫ثــم‬

‫عــى‬

‫املناهــج‬

‫التعليميــة‪ ،‬أال يكفينــا أننــا ال منلــك رخصــة‬

‫وحــق‬

‫املرشوعــة‬ ‫أن‬

‫حــق‬

‫اختيــار‬

‫الشــعب‬

‫أن‬

‫فيــه‬

‫االحتجــاج‬

‫دراســة‬

‫املحتــل‬

‫تعــدد‬

‫املقاومــة‬

‫والفــرد‬

‫التنافــس‬

‫فعلــه‬

‫إىل‬

‫لتمزيــق‬

‫لــرب‬

‫أيــة‬

‫محــو كل هــدف مشــرك قــد تقــوم عليــه اللحمــة‬

‫املشــركة‬

‫عــى‬

‫عــن‬

‫فلجــأ‬

‫املطلوبــة‬

‫العمــل‬

‫املؤسســة‬

‫عجــز‬

‫الشــعب‬

‫بــن‬

‫بــن‬

‫يدعونــا‬

‫بهــا‬

‫يف‬

‫إىل‬

‫مــا‬

‫تعــدد‬

‫ضعــف‬

‫املعتقــدات‬

‫ا لو طنيــة ‪.‬‬

‫املحتلــة‪.‬‬

‫اإلنســانية‬

‫محاولــة‬

‫هــو‬

‫طائفية‪،‬فأكــر‬

‫باملجتمعــات‪.‬‬

‫للنهــوض‬

‫تتطــور‬

‫صــورة‬

‫«التعايش»ليعمــل‬ ‫النضاليــة‬

‫الطائفيــة‬

‫وهــي‬

‫تشــكل‬

‫نقطــة‬

‫إىل‬

‫الرتكيــز عــى أســباب املقاومــة مــن شــأنه‬ ‫عنــه‬

‫عنــارص‬

‫املجتمــع‬

‫مذهــب‬

‫شــكّلته‬

‫دينيــة‬ ‫إرضا ًرا‬

‫الفلســطيني‬

‫يف‬

‫ال‬

‫دينيــة‬

‫بــه‬

‫الخنــوع‬

‫حاســا‬ ‫ً‬

‫متطبــع ‪.‬‬

‫املجتمعــات‬

‫وهــذا‬

‫املقاومــة‬

‫ِ‬ ‫اتخــذ‬

‫حتــى‬

‫إال‬

‫يف‬

‫عــى‬

‫أنهــا‬

‫مدرســة‬

‫تجريبيــة‬

‫أال يكفينــا أننــا نعيــش يف وطــن ال منلــك‬

‫املهنــة‬

‫ال‬

‫وحــق‬

‫األمــن‬

‫وحــق‬

‫عــن‬

‫آبائنــا‬

‫منلــك‬

‫حــق‬

‫العمــل‬

‫وحــق‬

‫الكرامــة‪...‬؟‬

‫املؤسســاتية‬

‫أن‬

‫ليــس‬

‫ترينــا كيــف نقــاوم االحتــال بــل هــو أن‬ ‫ترينــا‬ ‫يف‬

‫كيــف‬ ‫مســتقبل‬

‫بالتغــرات‬ ‫تأخــذ‬ ‫مثمــرة‬

‫ال‬

‫النظــم‬

‫دون‬

‫الغــرض‬

‫أن‬

‫يف‬

‫الظفــر‬

‫والثوريــة‬

‫الّتــي‬

‫شــعوبنا‪،‬نتقدم‬ ‫االجتامعيــة‬

‫بيــد‬

‫ســيكون‬

‫نســتطيع‬

‫نقاومــه‬

‫ونتحكــم‬

‫الفــرد‬ ‫مجــرد‬

‫رقيــه‬

‫بجديــة‬

‫وتضمــن‬ ‫تبديــل‪،‬وإن‬

‫صــدرت‬

‫هــذه‬

‫الشــعب‬

‫مبحــض‬

‫حريــة‬

‫ال‬

‫يــؤدي‬

‫إرادة‬

‫األمــر‬

‫مجــرد‬

‫تبديــل‬

‫املقصــود‪.‬‬

‫يكفي أننا دون هوية يك نقاوم‪.‬‬

‫املحتــل»‪.‬‬ ‫املقاومــة‬

‫النــر‪.‬‬ ‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 13‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 13‬أكتوبر ‪2013‬‬


‫عصام بورشبة جامعة األمري عبد القادر _قسنطينة _‬

‫التوحيد من حدود‬ ‫العقالنية إىل فضاء الروحانية‬

‫أ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫يع� عن ة‬ ‫صل ش‬ ‫الالمتناه‪ ،‬وهلذا فالناظر ي� دعوات النبياء من‬ ‫الب� ب�لغيب‪ ،‬والعامل احملدود املتناهيبالعامل املطلق‬ ‫ي�ثل التوحيد أصل العقائد إال ي�انية‪� ،‬و ب‬ ‫ي‬ ‫أ‬ ‫ت أ‬ ‫ع� ي ج�د ن‬ ‫عل�م جأ� ي ن‬ ‫عل�ا سلوك من بعثوا يإل�م‪،‬‬ ‫قامت عىل هذا الصل وجعلت منه قضية مركزية يقوم‬ ‫ا‬ ‫أ�‬ ‫وسالمه‬ ‫الهل‬ ‫صلوات‬ ‫نبياء‬ ‫ال‬ ‫لدن آدم إىل خا�‬ ‫ي‬ ‫ي‬ ‫َ ْ َ َّ ُ َ َٰ َ َّ َ نَ َ‬ ‫أ‬ ‫أ‬ ‫َ َ َْ َ َْ ْ َْ َ‬ ‫َّ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ش‬ ‫ُ‬ ‫وح ِإلي ِه أنه ل ِإل ِإل أ� فاعبد ِون « ‪ .‬النبياء ‪ ،25:‬وتكون استجابة الب� هلذا الصل ب�لتصديق‪،‬‬ ‫يقول تعاىل ‪ « :‬وما أرسلنا ِمن قب ِلك ِمن رس ٍول ِإل ن ِ ي‬ ‫َ َ َ َ ْ ُ ْ َّ َ ْ ْ َ َّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫خ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫مع� العبادة والعبودية ب� ن‬ ‫والضوع‪ ،‬ولك ما ي�مهل ن‬ ‫الذار�ت ‪56:‬‬ ‫الن و ِإالنس ِإل ِليعبد ِون «‬ ‫ملع� الواسع‪ ،‬يقول تعاىل‪ « :‬وما خلقت ِج‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ة‬ ‫الصل تنوعت ي ن‬ ‫ئ‬ ‫ب� الوقوف‬ ‫التعب� عن هذه‬ ‫سالم‪ ،‬نالحظ أن القضية عرفت رؤى ومواقف خمتلفةحاولت‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫و�لنظر ي� قضية التوحيد داخل دا�ةالفكر إال ي‬ ‫ن ت‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ن‬ ‫خ‬ ‫خ‬ ‫ن‬ ‫القرآ� �ديدا _ حوى لك هذه املواقف‪ ،‬ي�‬ ‫هل‪ ،‬ومراعاةطبيعة العقل أحيا�‪ ،‬واملزج بي�ما أحيا� أخرى_ وإن اكن الطاب‬ ‫عن حدود نال ب� من ي‬ ‫ي‬ ‫الوح إال ي‬ ‫خ‬ ‫ن‬ ‫ئ‬ ‫جان�اأن تتخىط هذه املسافة يب� احلق واللق‪ ،‬وتنقل التوحيد من سلطة العقل وإمالءاته إىل دا�ة أوسع‬ ‫هذا إال ج‬ ‫طار�د أن املدرسة الصوفية حاولت من ب‬ ‫ت‬ ‫ق‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫وأر� ه ئ‬ ‫ار�م الروحية‪ ،‬فناقشوااملقصود ب�لتوحيد‪ ،‬وتملكوا عن أنواعه‪ ،‬ودرجاته ‪ ..‬وهذا ما‬ ‫دا�ة الروح‪،‬‬ ‫مع� ثقاف�م‪ ،‬ج‬ ‫ي‬ ‫و� ب‬ ‫والتعب� عن التوحيد انطالقا من ي‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ت ن‬ ‫ف‬ ‫ال� �اول من خالهلا أن ج�يب عن سؤال‪ :‬ما املقصود ب�لتوحيد عند الصوفية ؟‬ ‫سنتناوهل ي� هذه السطور ي‬ ‫مفهوم التوحيد عند الصوفية ‪:‬‬ ‫بدايةأشــير أنــه لــم يــرد عنــد‬ ‫الصوفيــة تعريــف التوحيــد بالحــد‬ ‫والرســم كمــا هــو ســائد فــي‬ ‫تعريــف بالمصطلحــات‪ ،‬فمــا هنــاك‬ ‫هــو إشــاراتيمكن اســتخالصها مــن‬ ‫جملــة أقوالهــم وتعبيراتهــم‪ ،‬وهــذا‬ ‫راجــع إلــى منطلقالتصــوف فــي حــد‬ ‫ذاتــه كونــه نتاجــا لســلوك عملــي‪،‬‬ ‫وثمــارا لتجربــة روحيــة‪ ،‬يحــاول‬ ‫كل صوفــي مــن خاللهــا أن يعبــر‬ ‫عــن عالقتــه بــاهلل انطالقــا مــن‬ ‫تجربتــه الشــخصية‪ ،‬ويترتــب عــن‬ ‫هــذا المنحــى بالضــرورة اختــاف‬ ‫التعبيــر ومعنــاه‪ ،‬وفــي هــذا يقــول‬ ‫مرتضــى مطهــري‪ ..( :‬التوحيــد‬ ‫الــذي يعــد فــي نظــر العــارف القمــة‬ ‫المنيعــة لإلنســانية هــو بالطبــع‬ ‫الغايــة القصوىلســير العــارف‪.‬‬ ‫وســلوكه ‪ ...‬وفــي نظــر العرفــاءأن‬ ‫الوصوإللــى هــذه المرحلــة ليــس مــن‬ ‫عماللعقلوالفكــر بــل هــو مــن عمــل‬ ‫القلبوالمجاهــدة‪ ،‬والســير والســلوك‪.‬‬ ‫وتصفيــة النفســوتهذيبها‪]1[ )...‬‬ ‫ويعطــي التهانــوي (ت‪1158‬ه )‬ ‫تعريفــا للتوحيــد فيقــول ‪ ( :‬التوحيــد‬ ‫لغةجعــل الشــيء واحــدا‪ .‬وفــي‬ ‫عبــارة العلماءاعتقــاد وحدانيتــه‬ ‫تعالــى‪ ،‬وعنــد الصوفيةمعرفــة‬ ‫مجلة إبداع ‪ / 14‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫وحدانيتهالثابتــة لهفــي األزلواألبــد‪ .‬وذلــك‬ ‫بأاليحضــر فــي شــهوده› أي شــهود الصوفــي‬ ‫العــارف ‹ غيــر الواحدجــل جاللــه ) [‪.]2‬‬ ‫والمالحــظ فــي التعريــف هنــا أنهاحتوىعلــى‬ ‫نوعيــن مــن التوحيــد ‪:‬‬ ‫التوحيــد فــي عــرف العلمــاء‪ .‬وهــو توحيــد‬ ‫االعتقــاد‪ ،‬والتوحيــد فــي عــرف الصوفيــة وهــو‬ ‫تعريــف توحيــد المعرفــة والشــهود‪ .‬واألول علــم‬ ‫وتصديــق‪ ،‬إن كان دليلهنقليــا _ وهــو توحيــد‬ ‫العــوام _ وعلــم وتحقيقــإن كان دليلــه عقليــا _‬ ‫وهــو توحيــد النظــار مــن المتكلمينوالفالســفة‬ ‫[‪. ]3‬‬ ‫فمعنــى التوحيــد الــذي جــاء في تعريــف التهانوي‬ ‫الخــاص بالصوفيــة هــو مــا جــاء فــي تعبيراتهــم‬ ‫وأقوالهــم فيالتوحيــد‪ ،‬وهــو ‹التوحيــد الشــهودي›‬ ‫‪ .‬فمــا المقصــود بالتوحيد الشــهودي؟‬ ‫لبيــان هــذا المقصــد نتتبــع أقــوال بعــض‬ ‫متكلمــي الصوفيــة (= المنظريــن) فــي التوحيد‪،‬‬ ‫فيقــول الســراج الطوســي (ت‪378‬ه ) التوحيــد‪:‬‬ ‫( تحقــق العبــد بالصفــات اإللهيةبفنائــه عــن‬ ‫الصفــات البشــرية ؛ مــن حيثتكــون آخــر حالــه مــا‬ ‫كان عليهفــي أولحالــه ويكــون كمــا كان قبــل أن‬ ‫يكــون ) [‪. ]4‬‬ ‫وأول عالمةالتوحيــد عنــد الخــزار (ت ‪277‬ه)‬ ‫هــي عالمــة الفانــي إذ يقــول ‪ ( :‬أول عالمــة‬ ‫التوحيــد خــروج العبــد مــن كل شــيء‪ ،‬ورد‬ ‫األشــياء جميعاإلــى متوليهــا‪ .‬حتــى يكــون‬ ‫المتولىبالمتولــى ناظراإلــى األشــياء‪ ،‬قائمــا‬ ‫بهــا‪ .‬متمكنــا فيهــا‪ ،‬ثــم يخفيهمعــن أنفســهمفي‬ ‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫أنفســهم‪ ،‬ويظهرهــم لنفسهســبحانه‬ ‫وتعالــى ) ‪.‬‬ ‫ويشــرح لنــا الطوســي هــذا المعنــى‬ ‫الموقــف اســتنادا إلــى قــول الخــزار بــأن‬ ‫‹ فنــاء ذكــر األشــياءبذكر اهلل تعالــى› ‪:‬‬ ‫معنــاه خروجــه عــن كل شــيء‪ ،‬حيــث ال‬ ‫يضيفإلــى نفســه واســتطاعته شــيئا‪،‬‬ ‫ويرىقــوام األشــياء باللهفــي الحقيقــةال‬ ‫بهــم(= األشــياء) ‪.‬‬ ‫ومعنــى القــول ‹ حتــى يكــون‬ ‫إلــى‬ ‫ناظــرا‬ ‫المتولىبالمتولــى‬ ‫األشــياءقائما بهــا ‹ يشــير إلــى توليــة‬ ‫الحقلــه‪ ،‬ومــا يتولــى عليهمــن حقائــق‬ ‫التوحيــد حتــى يــرى قــوام األشــياءباهلل‬ ‫عــز وجلــا بذواتهــا [‪.]5‬‬ ‫ويســتند الصوفيــة فــي التوحيدإلــى‬ ‫أقــوال الجنيــد (ت ‪298‬ه)‪ ،‬مستشــهدين‬ ‫بكالمــه فــي تناولهــم لقضيــة التوحيــد‬ ‫كالقشــيري (ت‪465‬ه) فــي الرســالة‪،‬‬ ‫والطوســي فــي اللمــع‪ ،‬وأبــو طالــب‬ ‫المكي(ت‪386‬ه)فــي قــوت القلــوب‬ ‫وغيرهــم‪ ،‬وســأكتفي بذكــر قوليــن‬ ‫للجنيــد فــي التوحيــد‪ ،‬األول قولــه‪:‬‬ ‫التوحيــد ( إفــراد القــدم مــن الحــدث )‬ ‫والثانــي قولــه ‪ (:‬إفــراد الموحــد بتحقيــق‬ ‫وحدانيتــه بكمــال أحديتــه‪ .‬بأنــه الواحــد‬ ‫الــذي لــم يلــد‪ ،‬ولميولــد‪ ،‬بنفــي األضــداد‪،‬‬ ‫واألنــداد‪ ،‬واألشــياء‪ ،‬ومــا عبــد مــن دونــه‪،‬‬ ‫بــا تشــبيه‪ ،‬وال تكييــف‪ ،‬والتصويــر‪ ،‬وال‬


‫تمثيــل‪ ،‬إلهــا واحــدا‪ ،‬صمــدا‪ ،‬فــردا‪ ،‬ليــس‬ ‫كمثلــه شــيء‪ ،‬وهــو الســميع البصيــر)‬ ‫[‪. ]6‬‬ ‫فالتوحيــد بهــذا المعنــى هــو تمييــز‬ ‫اهلل تعالــى عــن ســائر الخلقفــي ذاتــه‪،‬‬ ‫وصفاتــه‪ ،‬وأفعالــه‪ ،‬وهــذا هــو اإلفــراد‬ ‫المطلــوب‪ .‬فــإن مــن أعطىالقديــم‬ ‫صفاتهمــن األزليــة والبقــاء والســرمدية‬ ‫والعلــم المطلــق واإلرادة المطلقــة‬ ‫إلــى غيــر ذلكممــا يليقبالجنــاب‬ ‫اإللهــي‪ .‬وأعطــى المحدثاتصفاتهــا‬ ‫الحدوثوالتغيروالتناهــي‬ ‫مــن‬ ‫والفناءوغيــر ذلكممــا يليقبالمخلوقــات‬ ‫الكائناتالفاســدة‪ .‬فقــد وحــد الحــق توحيد‬ ‫االعتقــاد الــذي يطالبــه بهالديــن‪ ،‬ويكــون‬ ‫إفــراد الموحــد بأمريــن ‪:‬‬ ‫أوال ‪ « :‬بتحقيــق وحدانيتــه‬ ‫«أي بتقريــر الصفــات اإللهيــة‪.‬‬ ‫وتحقيقالوحدانيةمعنــاه وصفــه تعالــى‬ ‫بوحدانيةصفاتــه علــى الحقيقــة‪ ،‬أي‬ ‫اإلقــرار بــأن صفاتــه لــه ال يشــاركهفيها‬ ‫غيــره‪ ،‬فهــو واحدفــي علمــه‪ ،‬وقدرتــه‪،‬‬ ‫وإرادتــه‪ ،‬واحــد فــي قدمــه‪ ،‬وأزليتــه‪،‬‬ ‫وغيــر ذلــك مــن الصفــات ‪.‬‬ ‫الثانــي ‪»:‬بكمــال أحديتــه»أي اإلقــرار‬ ‫بكمــال أحديــة ذاتــه التــي ال يدخلهــا كثرة‬ ‫وال تعــدد بوجــه من الوجــوه‪ .‬وبهذاتنتفي‬ ‫عــن الــذات اإللهيةالكثــرة العدديــة‪،‬‬ ‫والكثــرة الكميــة‪ .‬والتأليفيةماديــة كانــت‬ ‫أو معنويــة ‪.‬‬ ‫وكل ذلــك مــع نفــي األضــداد‪ ،‬واألنــداد‪،‬‬ ‫واألشــباه‪ ،‬ويلــزم من هذاأنه يســتحيلفي‬ ‫حــق اللهتعالىالتشــبيه لمخالفتــه‬ ‫للحــوادث‪ .‬والتكييــف ‪ :‬ألن الكيــف عــرض‪.‬‬ ‫وهــو غيــر محــل لألعــراض‪ .‬والتصويــر ‪:‬‬ ‫ألن التصويــر فــرع عــن اإلحســاس‪ .‬واهلل‬ ‫تعالــىال يدركبالحســفبالتالي ال يلحقــه‬ ‫التصويــر‪ ،‬والتمثيللتنزهــه تعالــى عــن‬ ‫المثيــل والنظيــر [‪.]7‬‬ ‫نستخلص من جملة هذه المعاني‪:‬‬ ‫_ أن مضمــون التوحيــد عنــد الصوفيــة‬ ‫قائــم علــى تنزيــه اهلل عــز وجــل عــن‬ ‫كل مــا يمكــن أن يلتبــس بالمحــدث مــن‬ ‫نقــص‪ ،‬وإثبــات الكمــال لــه تعالــى ممــا‬ ‫يليــق بــه مــن قــدرة وإرادة وعلــم ‪..,‬مــن‬ ‫غيــر تشــبيهوال تمثيــل‪ ،‬وال تكييــف‪ ،‬وال‬ ‫تصويــر‪ ،‬و اشــترك الصوفيــة فــي إثبــات‬ ‫هــذه المعانيمــع غيرهــم مــن المــدارس‬ ‫الفكريــة كالمتكلميــن والفالســفة‪ .‬و‬ ‫بنــوا اســتداللهم فيهامجــردا عــن األدلــة‬ ‫العقليــة وطــرق االســتدالل الكالمي‪.‬غيــر‬ ‫أنهــم نظــروا إلــى هــذه المرحلــة علــى‬ ‫أنهــا ســابقة تليهــا مرحلــة أخرى يتشــكل‬

‫معنــى للتوحيــد فيهابصــورة أرقــى‪ ،‬وأكثــر‬ ‫إيقانــا وتثبيتــا‪ ،‬وهــي ‹الفنــاء فــي التوحيــد› ‪.‬‬ ‫ومنطلــق الصوفيــة _ فــي هــذا أنهــم رأوا‬ ‫فيالتوحيــد عنــد المتكلميــن علــى أنــه جملةمــن‬ ‫السَّــلوب * تجعــل اللهتعالــى فــي صورةتباعــد‬ ‫بينــه وبيــن خلقــه (التنزيــه)‪ ،‬وهــذا التنزيــه كمــا‬ ‫رأى فيــه ابــن عربــي(ت‪638‬ه) عيــن التقييــد عــن‬ ‫طريــق حمــل الصفــات علــى اهلل‪ ،‬واألفضاللنظر‬ ‫إلــى اهلل مــن حيثأنــه ‹هــو› مــن غيــر أن يخبــر‬ ‫ــل َّ ُ‬ ‫الل ُثــمَّ َذرْهُــمْ‬ ‫عنــه بنفــي أو إثبــات « ُق ِ‬ ‫عَبُــون»‪ .‬األنعــام ‪91‬وألن‬ ‫خَوْضِهــمْ يَ ْل‬ ‫فِــي‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫التوحيــد الحقيقــي فــوق مقــدور العقــل‪،‬‬ ‫والتنزيــه يحمــل الصفــات فهــو بذلــك تقييــد‪،‬‬ ‫يبقــى محصــورا فــي حــدود العقــل وتصوراتــه‪،‬‬ ‫وعلــى الموحــد كســر هــذه الحــدود‪ ،‬والتحقــق‬ ‫مــن معنــى التوحيــد روحيــا وشــهوديا‪.‬‬ ‫والقــول بالفنــاء فــي التوحيــد أخــذت تعبيــرات‬ ‫الصوفيــة عنــه مراتــب اختلفــت تشــكيكا مــن‬ ‫حيــث القــوة والضعــف حســب الحالــة التــي‬ ‫تعتــري الســالك‪ .‬ويمكــن حصرهــا فــي مراتــب‬ ‫ثالثــة ‪:‬‬ ‫_ التوحيــد اإلرادي ( الفنــاء عــن عبــادة السِّــوى‬ ‫) ‪ :‬وهــو مــا صاغــه شــيوخ الصوفيــة الذيــن‬ ‫التزمــوا بقواعــد الشــرعوهدي النبــوة‪ ،‬وحاولــوا‬ ‫بــه تفســير اإلســام تفســيرا ذوقيــا فــي ضــوء‬ ‫العقــل و المعانــاة الروحيــة ؛ حيــث يفنــى‬ ‫العبــد فيــه بعبــادة اهلل عــن عبــادة مــا ســواه‪.‬‬ ‫وبمحبتــه‪ ،‬وطاعتــه وخشــيته ‪ ..‬ويفنــى مــن‬ ‫قلبــه التألــه لغيــر اهلل‪ .‬ويبقــى التألهللــه وحــده‪،‬‬ ‫وهــذا مــا يتأكــد فــي أقــوال الصوفيــة مثــل أبــو‬ ‫محمــد رويــم (ت‪303‬ه ) فــي قولــه ‪ ( :‬التصــوف‬ ‫استرســال النفــس مــع اهلل علــى مــا يريــد ) [‪.]8‬‬ ‫_ التوحيــد الشــهودي( الفنــاء عــن شــهود‬ ‫السِّــوى ) ‪ :‬وهــو التوحيــد الــذي يشــير إليــه‬ ‫أكثــر الصوفيــة المتأخريــن‪ .‬ويعدونــه غايــة‪،‬‬ ‫وليــس مرادهمفنــاء وجــود مــا ســوى اهلل فــي‬ ‫الخــارج‪ ،‬بــل فناؤهعنشهودهموحســهم‪ .‬وهــذا‬ ‫التوحيــد كمــا يــرى ابــن القيــم (ت ) فيــه مــا‬ ‫هــو محمــود‪ :‬فــي حالــة إذا لــزم صاحبــه التمييــز‬ ‫بينــه وبيــن الغيــر‪ ،‬ومعفــو عنــه ‪ :‬عندمــا يكــون‬ ‫اصطالمــا ومحــوا وكان صاحبــه معتقــدا الفــرق‪،‬‬ ‫ولكــن لــم يميــز ولــم يــدرك الفــرق بينــه وبيــن‬ ‫غيرهلضعــف قلبــه وعقلــه عــن احتمــال التميــز‬ ‫والفرقــان‪ ،‬ويــذم منــه‪ :‬مــا كان قاطعــا لهــذه‬ ‫الصلــةأو هــو مبــادرا لهــا بقصــد [‪.]9‬‬ ‫_ التوحيــد الوجــودي ( الفنــاء عــن وجــود السِّــوى‬ ‫) ‪ :‬وهــو فنــاء المالحــدة والقائليــن بوحــدة‬ ‫الوجــود‪ ،‬حيــث يقــود صاحبــه إلــى الفنــاء فــي‬ ‫الوحــدة المطلقــة‪ ،‬واعتبــار الوجــود كلــه واحــد‬ ‫(= الواجــب الوجــود ) وليــس واجــب وممكــن‪،‬‬ ‫ونفــي الكثــرة‪ ،‬والتعــدد بــكل اعتبــار‪ ،‬بــل قــد ال‬ ‫يشــهد غيــرا أصــا [‪.]10‬‬ ‫ومقصودنــا هناهــو المرتبــة الثانيــة مــن‬ ‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫التوحيــد‪ .‬وهــو مــا اعتبــره الصوفيــة‬ ‫التوحيــد الحقيقــي أو توحيــد الخــواص‬ ‫والــذي أشــار إليــه الجنييــد مــن خــال‬ ‫تقســيمه إلــى أنــواع التوحيــد ‪:‬‬ ‫_توحيــد العامــة ‪ :‬وهــو اإلنفــراد‬ ‫بالوحدانيــة بذهــاب رؤيــة األضــداد‪،‬‬ ‫واألنــداد‪ ،‬واألشــباه‪ ،‬واألشــكال مــع‬ ‫الســكون إلــى معارضــة الرغبــة والرهبــة‬ ‫‪.‬‬ ‫_توحيــد أهــل الحقائــق ‪ :‬وهــو اإلقــرار‬ ‫بالوحدانيةبذهــاب رؤيــة األســباب‬ ‫واألشــياءبإقامة األمــر والنهــي فــي‬ ‫الظاهــر والباطــن بإزالــة معارضــة‬ ‫الرهبــة والرغبةممــا ســواه بقيــام‬ ‫شــواهد الحــق مــع قيــام شــواهد الدعــوة‬ ‫واالســتجابة ‪.‬‬ ‫_توحيــد الخــواص ‪ :‬وهــو أن يكــون العبــد‬ ‫بســره ووجــده وقلبــه كأنــه قائــم بيــن‬ ‫يــدي اهلل عــز وجلتجــري عليــه تصاريــف‬ ‫تدبيــره‪ ،‬و أحــكام قدرتهفــي بحــار‬ ‫توحيــده بالفنــاء عــن نفســه‪ .‬وذهــاب‬ ‫حســه بقيــام الحــق لــه فــي مــراده منــه‪،‬‬ ‫فيكونكمــا كانقبــل أن يكــون‪ .‬يعنــي فــي‬ ‫جريــان أحــكام اللهعليــه‪ ،‬و إنفاذمشــيئته‬ ‫فيــه [‪.]11‬‬ ‫خاتمة ‪:‬‬ ‫التوحيــد عنــد الصوفيةهــو معرفــة هلل‬ ‫تشــرق بهــا النفــوس‪ ،‬ومــرآة تتجلــى‬ ‫عليهــا الحقائــق‪ ،‬فتتلقىالمعــارف‬ ‫و القيــم‪ ،‬وبــه تعــرف النفــس‬ ‫اإلنسانيةمكاســبها ومثالهــا‪ ،‬وتتطهــر‬ ‫مــن عيوبهــا وأهواءهــا‪ ،‬وتتحلــى بمــكارم‬ ‫األخــاق‪ ،‬وتتخلــى عــن مفاســدها ‪.‬‬ ‫وانطلــق الصوفيــة فــي صياغتهــم‬ ‫للتوحيــد مــن نظريتهــم المعرفيــة‬ ‫ومنهجهــم الذوقــي‪ ،‬و لــم يخرجــوا عــن‬ ‫معناه ‹الشــهودي› دور العقل وإســتالالته‪،‬‬ ‫وإنمــا اعتبروهــا غيــر كافية فــي تحصيل‬ ‫اليقيــن وكمــال العبوديــة‪ ،‬فكانــت هــذه‬ ‫مرتبــة ســابقة لمرتبــة أخــرى قالــو‬ ‫فيهــا بالفنــاء وهــي قضيــة أقرهــا حتــى‬ ‫خصــوم الصوفــي كالتفتازانــي مــن‬ ‫المتكلميــن‪ ،‬وابــن تيميــة وابــن القيــم‬ ‫مــن المدرســة الســلفية ‪.‬‬ ‫وأخيــرا يمكــن اعتبــار الرؤيــة الصوفيــة‬ ‫للتوحيــد‪ ،‬وصياغتــه في قالــب روحي أنها‬ ‫أخــذت منحــا تجديــدا فــي عــرض الــدرس‬ ‫العقــدي _الكالمــي _‪ ،‬وإثــراءا قيميــا‬ ‫ومعرفياللفكــر اإلســامي بتقديمــه وفــق‬ ‫أســاس روحــي أكثــر انفتاحــا ووضوحــا‬ ‫فــي رؤيتــه هلل واإلنســان والعالــم ‪.‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 15‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 15‬أكتوبر ‪2013‬‬


‫سمير مزياني‬

‫األقرع بن حابس ‪:‬من املؤلفة قلوبهم‬

‫األقرع بن حابس ‪:‬من المؤلفة قلوبهم‪.‬‬ ‫اســمه فــراس بــن حابــس بــن عقــال‪،‬‬ ‫ويكنــى بأبــي بحــر ويلقــب باألقــرع‬ ‫النعــدام الشــعر فــي قســم مــن رأســه أو‬ ‫لقلتــه‪ .‬ورأى البعــض أن فــراس هــو اســم‬ ‫أخيــه‪.‬‬ ‫واألخبــار عــن ســيرته قبــل اإلســام‬ ‫شــحيحة‪ .‬ومــا وصلنــا حولــه إال بعــض‬ ‫المعلومــات المتفرقــة‪ ،‬خاصــة بمــا يتعلــق‬ ‫بحادثــة إســامه حيــث يظهــر مــن خاللهــا‬ ‫أنــه كان نافــذا فــي بنــي تميــم ومــن‬ ‫أفرادهــا الفعاليــن‪ ،‬ويعــد فــي الجاهليــة‬ ‫مــن شــرفاء وفرســان وقضــاة قبيلتــه‪،‬‬ ‫وكان يجلــس فــي ســوق عــكاظ أيــام الحــج‬ ‫ليحكــم بيــن النــاس‪ ،‬وإن كان أول مــن‬ ‫حــرم القمــار علــى نفســه‪ ،‬فهــو أول مــن‬ ‫قــاد بنــي حنظلــة فــي معركــة الــكالب‬ ‫واشــتهر فيهــا باســم «الجــرار» ألنــه قــاد‬ ‫‪ 1000‬نفــر‪.‬‬ ‫وقــد كان مجوســيا فــي الجاهليــة اســتنادا‬ ‫إلــى مــا نقلــه ابــن الكلبــي‪ ،‬وطبــق بعــض‬ ‫المؤرخيــن فــإن األقــرع مــن بيــن أعــراب‬ ‫البحريــن الذيــن رضخــوا للمجوســية‪.‬‬ ‫وبمجــرد إســامه فــي الســنة الثامنــة‬ ‫للهجــرة وافــى األقــرع مــع أفــراد قبيلتــه‬ ‫النبــي صلــى اهلل عليــه والــه وســلم فــي‬ ‫ناحيــة الســقيا تلبيــة ألمــره صلــى اهلل‬ ‫عليــه والــه وســلم‪ ،‬وشــهد مــع بقيــة‬ ‫المســلمين فتــح مكــة وبعــد العــودة‬ ‫حنيــن والطائــف‪ .‬وفــي هــذه المعركــة اســر‬ ‫المســلمون طائفــة مــن أفــراد هــوازن حيث‬ ‫عفــا النبــي صلــى اهلل عليــه والــه وســلم‬ ‫عــن ســهمه فيهــا‪ ،‬كمــا قــام بنــو هاشــم‬ ‫بالعفــو عنهــم بعــد توســط البعــض فــي‬ ‫ذلــك‪ ،‬وعفــا المهاجــرون واألنصــار عنهــم‬ ‫أيضــا‪ ،‬إال أن األقــرع أحجــم عــن الصفــح‬ ‫عــن ســهمه مــن األســرى‪ ،‬وعلــى أي حــال‬ ‫فقــد أعطــاه النبــي صلــى اهلل عليــه والــه‬ ‫وســلم ‪100‬بعيــر مــن غنائــم حنيــن‪ ،‬وبهذا‬ ‫يكــون مــن األشــراف الذيــن أخــذوا ســهما‬ ‫أكثــر مــن غيرهــم‪ ،‬حيــث يعرفــون فــي‬ ‫الشــريعة اإلســامية بالمؤلفــة قلوبهــم‪.‬‬ ‫ويعتقــد البعــض أنــه بعــد أن اســلم ووجــد‬ ‫اإلســام حســنا بقــي فــي المدينــة إلــى أن‬ ‫جعلــه النبــي صلــى اهلل عليــه والــه وســلم‬ ‫عاملــه الــذي يجمــع صدقــات بنــي حنظلــة‬ ‫أو بنــي دارم مــن بنــي تميــم‪.‬‬ ‫هــذا ويعتبــر البعــض أنــه أســلم في الســنة‬ ‫التاســعة للهجــرة‪ ،‬وقــدم إلــى المدينــة فــي‬ ‫نفــس الســنة علــى رأس وفــد مــن ‪ 80‬أو‬ ‫‪ 90‬نفــر مــن بنــي تميــم‪ ،‬ونــادوا رســول‬ ‫اهلل صلــى اهلل عليــه والــه وســلم مــن‬

‫مجلة إبداع ‪ / 16‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫شخصيات إسالمية ‪:‬‬

‫وراء الحجــرات فقالــوا‪ :‬يــا محمــد إن حمدنــا زيــن وإن‬ ‫ذمنــا لشــين! فاخــرج إلينــا حتــى نتفاخــر ‪ .‬وفــي هــذا‬ ‫الحــوار رغــب األقــرع شــعراء بنــي تميــم فــي المفاخــرة‪.‬‬ ‫وتعــرف خاللهــا علــى مكانــة النبــي صلــى اهلل عليــه‬ ‫والــه وســلم المرموقــة فأســلم‪ .‬وبعــد إســامه وقــع‬ ‫خــاف بيــن أبــي بكــر وعمــر حــول اســتعماله علــى‬ ‫قومــه إلــى أن آل األمــر إلــى الســباب بينهما‪،‬وقيــل‬ ‫حتــى ارتفعــت أصواتهمــا‪ ،‬ممــا أدى إلــى تأثــر النبــي‬ ‫صلــى اهلل عليــه والــه وســلم فنزلــت اآليــات األولــى مــن‬ ‫ســورة الحجــرات‪ 49/‬فــي ذلــك‪.‬‬ ‫وســاعد الخلفــاء بعــد وفــاة النبــي صلــى اهلل عليــه والــه‬ ‫وســلم‪ ،‬ففــي حقبــة أبــي بكــر اضطــرب مالــك بــن‬ ‫نويــرة ـ وكان عامــل النبــي صلــى اهلل عليــه والــه وســلم‬ ‫فــي بنــي يربــوع ـ فــي اإلبــل التــي كانــت بيــن يديــه‬ ‫بعنــوان زكاة وأراد تفريقهــا بيــن النــاس إال أن األقــرع‬ ‫حــذره مــن هــذا العمــل ورهبــه مــن المســتقبل‪ ،‬وقــدم‬ ‫بنفســه رفقــة عيينــة بــن بــدر أو زبرقــان إلــى أبــي بكــر‬ ‫وطلبــا منــه أن يخولهمــا مســؤولية خــراج البحريــن أو‬ ‫ســائر أراضــي بنــي تميــم البــور حتــى يضمنــا لــه بقــاء‬ ‫إســام قومهــا‪ ،‬فقبــل أبــو بكــر وخالــف عمــر فلــم يتــم‬ ‫هــذا المقتــرح‪.‬‬ ‫وإذ كان األقــرع رفقــة خالــد بــن الوليــد فــي عهــد أبــي‬ ‫بكــر وفــي إخمــاد عصيــان أهــل الــردة (وهــم أولئــك‬ ‫الذيــن امتنعــوا عــن دفــع الــزكاة والصدقــات إلــى‬ ‫عمــال أبــي بكــر )فــي نجــد واليمامــة‪ .‬فقــد شــارك فــي‬ ‫حقبــة عمــر فــي فتــح الحيــرة وكان فــي مقدمــة جيــش‬ ‫خالــد فــي إخضــاع مدينــة األنبــار وشــهد معركــة دومــة‬ ‫الجنــدل فــي الســنة ‪12‬هـــ‪ .‬رافــق خالــدا إلــى الشــام‬ ‫وشــارك ـ اســتنادا إلــى إحــدى الرويــات ـ مــع عشــرة‬ ‫مــن أبنــاءه فــي غــزوة اليرمــوك‪ .‬وبعــد هــذا التاريــخ ال‬ ‫توجــد بيــن أيدينــا معلومــات حولــه إلــى خالفــة عثمــان‬ ‫وبالضبــط فــي الســنة ‪ 32‬هجريــة أيــن أرســله األحنــف‬ ‫بــن قيــس أو عبــد اهلل بــن عامــر علــى رأس جيــش‬ ‫عظيــم إلــى جورجــان ـ إحــدى مقاطعــات خراســان‬ ‫آنــذاك ـ ففتحهاوقيــل انــه أنهــزم فــي هــذه المعركــة‬ ‫وقتــل‪.‬‬ ‫ويعــد األقــرع مــن رواة الحديــث النبوي‪.‬ومــن بيــن‬ ‫الوقائــع التــي حدثــت لــه أن قبّــل النبــي صلــى اهلل‬ ‫عليــه والــه وســلم الحســن والحســين عليهمــا الســام‬ ‫فــي احــد األيــام وكان األقــرع حاضــرا‪ ،‬فقــال األقــرع‪:‬‬ ‫إن لــي عشــرة أبنــاء مــا قبلــت أحدهــم قــط‪ .‬فقــال‬ ‫النبــي صلــى اهلل عليــه والــه وســلم‪ »:‬مــن ال يرحــم ال‬ ‫يرحم»وقيــل أنــه أول مــن نــادى عمــر بأميــر المؤمنيــن‪.‬‬ ‫األقرع في شأن النزول‪:‬‬ ‫ذكر المفسرون بضع آيات تتعلق باألقرع‪:‬‬ ‫‪.1‬قــدم وفــد مــن بنــي تميــم إلــى المدينــة يترأســهم‬ ‫األقــرع وعيينــة‪ ،‬ونــادوا رســول اهلل صلــى اهلل عليــه‬ ‫والــه وســلم مــن وراء الحجــرات وطلبــوا منــه أن يحضــر‬ ‫إليهــم ويتحــاور معهــم‪ .‬فنزلــت اآليتيــن ‪4‬و‪ 5‬مــن ســورة‬ ‫الحجــرات‪ 49/‬لتكشــف أن أغلبهــم ال يعقلــون وهــي‬ ‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫إن َّالذِيــنَ يُنَادُونَــكَ مِــنْ‬ ‫قولــه تعالــى‪َّ »:‬‬ ‫وَرَا ِء ا ْلحُجُــرَاتِ أَ ْك َثرُهُــمْ َل يَعْقِ ُل َ‬ ‫ــون *‬ ‫يْهــمْ‬ ‫وَ َلــوْ أَنَّهُــمْ صَبَــرُوا حَتَّــى تَخْــرُجَ إِ َل ِ‬ ‫ان خَيْــرًا َلهُــمْ َُّ‬ ‫َل َ‬ ‫ــك َ‬ ‫وَالل َغ ُفــورٌ رَحِيــمٌ «‬ ‫‪.2‬يعتقــد البعــض مــن المفســرين أن ذيــل‬ ‫اآليــة ‪ 52‬مــن ســورة األنعــام‪ 6/‬تتعلــق باألقــرع‬ ‫وعيينــة بــن حصــن وذلــك أنهمــا قدمــا يومــا‬ ‫لرؤيــة النبــي صلــى اهلل عليــه والــه وســلم‬ ‫فوجــداه قاعــدا مــع بــال وصهيــب وخبــاب‬ ‫فــي أنــاس مــن الضعفــاء مــن المؤمنيــن‪ .‬فلمــا‬ ‫رأوهــم حولــه َ‬ ‫حَقروهــم ‪ ،‬فأتــوه فقالــوا‪ :‬إنــا‬ ‫نحــب أن تجعــل لنــا منــك مجلسًــا تعــرف لنــا‬ ‫ـإن وفــود العــرب تأتيــك‬ ‫العــرب بــه فض َلنــا‪ ،‬فـ ّ‬ ‫فنســتحيي أن ترانــا العــرب مــع هــؤالء األعبُــد‪،‬‬ ‫فــإذا نحــن جئنــاك فأقمهــم عنــا‪ ،‬وبينمــا هــم‬ ‫كذلــك إذ نــزل جبريــل عليــه الســام بهــذه‬ ‫اآليــة َ‬ ‫‪»:‬وَل ْ‬ ‫تَطــرُدِ َّالذِيــنَ يَدْعُـ َ‬ ‫ـون رَبَّهُــمْ‬ ‫َ‬ ‫يــدُون وَجْهَــهُ‬ ‫ِبا ْلغَــدَاةِ وَا ْلعَشِــيِّ يُ ِر‬ ‫مَــا عَ َليْــكَ مِــنْ حِسَــا ِب ِهمْ مِــنْ شَــيْ ٍء‬ ‫يْهــمْ مِــنْ شَــيْ ٍء‬ ‫وَمَــا مِــنْ حِسَــا ِبكَ عَ َل ِ‬ ‫تَطرُدَهُــمْ َف ُ‬ ‫َّ‬ ‫َف ْ‬ ‫تَك َ‬ ‫ــون مِــنَ الظالِمِيــنَ «‪.‬‬ ‫ولكــن بالنظــر إلــى زمــن إســام األقــرع‬ ‫والمكانــة االجتماعيــة لبنــي تميــم والوضــع‬ ‫المعيشــي الجيــد للمســلمين ومكيــة الســورة‪،‬‬ ‫يظهــر أن الروايــة الســالفة غيــر ســليمة‪.‬‬ ‫وربمــا يكــون مــا ورد فــي روايــة أخــرى مــن‬ ‫أن المعترضيــن رهــط مــن قريــش أقــرب إلــى‬ ‫الصحــة‪.‬‬ ‫‪.3‬قيــل أن ذيــل اآليــة ‪ 28‬مــن ســورة‬ ‫الكهــف‪ 18/‬ترتبــط باألقــرع وعــدة أفــراد مــن‬ ‫«المؤلفــة قلوبهــم» حيــث طلبــوا مــن رســول‬ ‫اهلل صلــى اهلل عليــه والــه وســلم إن جلســوا إليه‬ ‫أن ينحــي عنــه لبّــاس الصــوف الحقــراء‪ .‬فأنــزل‬ ‫اهلل تلكــم اآليــة ليبيــن أنهــم تبــع ألهوائهــم‬ ‫غافلــة قلوبهــم عــن ذكــر اهلل‪ ،‬ويحــذر رســوله‬ ‫األكــرم صلــى اهلل عليــه والــه وســلم مــن تلبيــة‬ ‫شــهواتهم بــل دعــاه إلــى مرافقــة مــن يدعــون‬ ‫اهلل صباحــا مســاءا طلبــا لرضــا اهلل عــز وجــل‬ ‫حيــث قــال عــز مــن قائــل‪ »:‬وَاصْ ِبــرْ ْ‬ ‫نَفسَــكَ‬ ‫َ‬ ‫يَدْعُــون رَبَّهُــمْ ِبا ْلغَــدَاةِ‬ ‫مَــعَ َّالذِيــنَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يــدُون وَجْهَــهُ وَل تَعْــدُ‬ ‫وَا ْلعَشِــيِّ يُ ِر‬ ‫َ‬ ‫عَيْنَــاكَ عَنْهُــمْ تُ ِريــدُ ِزينَــة ا ْلحَيَــاةِ‬ ‫الدُّنْيَــا َ‬ ‫وَل تُطِــعْ مَــنْ أَ ْغ َف ْلنَــا َق ْلبَــهُ عَــنْ‬ ‫ذِك ِرنَــا وَاتَّبَــعَ هَــوَاهُ َ‬ ‫ان أَمْــرُهُ ُف ً‬ ‫ْ‬ ‫وَك َ‬ ‫رُطا»‪،‬‬ ‫ونقــل عــن الخباب بــن أرت أن المقصــود بـ»من‬ ‫أغفلنــا قلبــه» األقــرع وعيينــة‪.‬‬


‫صهيب صالح‬

‫اإلسالم األمرييك للقضاء عىل روحية املقاومة‬

‫إن مــا تشــهده األمــة العربيــة واإلســامية‬ ‫مــن تنــام وتكاثــر خطيــر لحــركات التكفيــر؛‬ ‫كتنظيــم داعــش وجبهــة النصــرة‪ ،‬وتنظيــم‬ ‫القاعــدة فــي بــاد المغــرب اإلســامي‬ ‫وأنصــار الشــريعة‪ ...‬وغيرهــا مــن الحــركات‬ ‫وإن تعــددت فضاءاتهــا‬ ‫المتطرفــة التــي ْ‬ ‫وتنوعــت مســمياتها واختلفــت أمزجتهــا‬ ‫وأهواؤهــا‪ ،‬فإنهــا فــي نهايــة المطــاف‬ ‫تســتقي رؤيتهــا مــن مرجعيــة واحــدة‪،‬‬ ‫تؤســس للفكــر اإللغائــي‪ ،‬والخطــاب الطائفــي‬ ‫البغيــض الــذي يزعــم المنتســبون إليــه‬ ‫أنهــم حملــة الحــق دون ســواهم‪ ،‬ومــن ثــم‬ ‫يسْــتَعْدُون كل مــن يختلــف معهــم‪ ،‬بــل‬ ‫ال يتحرجــون مــن تكفيــره واســتباحة دمــه‬ ‫ومالــه وعرضــه !! ومــن هــذه الخلفيــة انطلــق‬ ‫هــؤالء فــي التمكيــن لمشــروعهم التخريبــي‬ ‫مســتهدفين وحــدة األمــة وعناصــر القــوة‬ ‫فيهــا‪ ،‬وفــي هــذا الســياق فقــط يمكــن‬ ‫أن نفهــم مــا تعرضــت لــه بعــض البلــدان‬ ‫العربيــة مــن اســتنزاف لطاقاتهــا االقتصاديــة‬ ‫والعســكرية والشــبابية؛ ألن قــوى االســتكبار‬ ‫تمكنــت مــن توظيــف اإلســام التكفيــري‬ ‫فــي توجيــه األمــة إلــى عــدو وهمــي حتــى‬ ‫تنســى عدوهــا الحقيقــي‪ ،‬وهــذا مــا يســتدعي‬ ‫الوقــوف بالدراســة والتحليــل لبعــض الملفــات‬ ‫األمنيــة األمريكيــة التــي تكشــف عــن‬ ‫مشــاريعها الراميــة إلــى إبــراز نمــوذج ســيئ‬ ‫عــن اإلســام ؛ بحيــث يرســم صــورة بشــعة‬ ‫للمســلمين‪ ،‬وهــذا النمــوذج هــو مــا يمكــن‬ ‫االصطــاح عليــه باإلســام األمريكــي الــذي‬ ‫ال يهــدد الوجــود الصهيونــي فــي المنطقــة‬ ‫بقــدر مــا يهــدد الوجــود المقــاوم الممانــع‬

‫فــي األمــة العربيــة واإلســامية فــي عصــر انقلبــت‬ ‫فيــه المعاييــر ُ‬ ‫فك ٌفــرت فيــه المقاومــات العربيــة‬ ‫واإلســامية الشــريفة والتــي قدمــت مــن األرواح‬ ‫واألنفــس فــداء للقضايــا التحرريــة النبيلة والســامية‬ ‫ومُجٌــدت فيــه الحــركات اإلرهابيــة التكفيريــة التــي‬ ‫ال تعتــرف ال بســني وال بشــيعي وال بمســيحي علــى‬ ‫وجــه البســيطة وال تعــرف ســوى األنــا وفقــط ‪،‬ويرجــع‬ ‫هــذا كلــه للمشــروع الصهيونــي األمريكــي الــذي‬ ‫يســتهدف الــروح المقاومــة فــي كل مــكان أينمــا‬ ‫وجــدت مــن فلســطين ولبنــان وســوريا إلــى بقيــة‬ ‫الــدول العربيــة واإلســامية األخــرى ‪.‬‬ ‫ـ فبعــد هجمــات القاعــدة فــي نيويــورك وواشــنطن‬ ‫ومــا تالهــا مــن غــزو أمريكــي أطلســي ألفغانســتان‬ ‫ســنة ‪ 2001‬وبيــن االحتــال األمريكــي ــــ البريطاني‬ ‫للعــراق مــن دون أي تفويــض دولــي ســنة ‪2003‬‬ ‫وصلــت عالقــات الواليــات المتحــدة األمريكيــة‬ ‫والغــرب مــع المســلمين عمومــا وحــركات اإلســام‬ ‫السياســي تحديــدا إلــى الحضيــض ‪ ...‬طبعا باســتثناء‬ ‫عــدد مــن الــدول اإلســامية المرتبــط وجودهــا‬ ‫أساســا بالسياســة األمريكيــة ‪،‬وتعــززت هــذه الهــوة‬ ‫الســحيقة بيــن الطرفيــن بمجموعــة كبيــرة مــن‬ ‫الدراســات والتصريحــات الرســمية لمســؤولين‬ ‫وباحثيــن وأكاديمييــن غربييــن تشــدد علــى اســتحالة‬ ‫التعايــش مــع اإلســام فــي القــرن ‪ 21‬الــذي أطلقــوا‬ ‫عليــه صفــة «القــرن األمريكــي «‪.‬‬ ‫ومــع ذلــك وُجــد فــي صفــوف الباحثيــن األمريكييــن‬ ‫مــن دعــا إلــى تجنــب التعامــل مــع العالقــات الغربيــة‬ ‫ــــ اإلســامية بشــكل ســطحي ‪,‬وبالتالــي عــدم النظــر‬ ‫إليهــا مــن منطلــق أحــادي واعتمــد هــؤالء علــى‬ ‫مقولــة مشــهورة للمفكــر األمريكــي الفلســطيني‬ ‫األصــل إدوارد ســعيد عندمــا قــال «إن عصرنــا‬ ‫هــو عصــر عــدة اســامات ‪،‬بينمــا هــو مــن ناحيــة‬ ‫أخــرى عصــر اإلمبراطوريــة األمريكيــة المتفــردة ‪،‬أو‬ ‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫عصــر القطــب الوحيــد كمــا يطلــق عليــه‬ ‫المحافظــون الجــدد»‬ ‫واعتبــر هــؤالء الباحثــون أن المحافظيــن‬ ‫الجــدد هــم الذيــن يبالغــون فــي وصــف‬ ‫الخطــر اإلســامي الشــامل علــى أمريــكا‬ ‫وذلــك بهــدف تبريــر القســوة التــي‬ ‫تمارســها الواليــات المتحــدة األمريكيــة‬ ‫لحمايــة مصالحهــا االقتصاديــة والسياســية‬ ‫التوســعية‪.‬‬ ‫واســتعاد الباحثــون جــزءا مــن تاريــخ‬ ‫العالقــات األمريكيــة ــــ اإلســامية منــذ‬ ‫انتهــاء الحــرب العالميــة الثانيــة فوجــدوا‬ ‫أنــه فــي كل اللحظــات الحرجــة كان‬ ‫األمريكيــون يعثــرون علــى اإلســام القابــل‬ ‫للتشــكل لخدمــة احتياجاتهــم ‪،‬فالعالقــة‬ ‫مــع الســعودية منحتهــم إســاما ملكيــا‬ ‫رجعيــا وقمعيــا تعاونــت معــه أمريــكا دون‬ ‫شــكوى حتــى اآلن ‪،‬فــي حيــن كان الجهــاد‬ ‫المدعــوم أمريكيــا ضــد الســوفييت فــي‬ ‫أفغانســتان علــى العكــس داعيــا للمضــي‬ ‫قدمــا فــي العنــف بــدال مــن مجــرد إســام‬ ‫قمعــي‪ .‬وســانده األمريكيــون بحمــاس‬ ‫ومولــوا ودربــوا دعاتــه مــن كل الجنســيات‬ ‫وفــي الوقــت ذاتــه احتــاج النظــام المصــري‬ ‫التابــع الجديــد وقتئــذ إســاما مدجٌنًــا وأليفا‬ ‫لتأييــد الحكومــة اليمينيــة الســلطوية التــي‬ ‫تعتمــد سياســات تســهل فــرض تســوية‬ ‫قاســية علــى الفلســطينيين ووصــل هــؤالء‬ ‫الباحثــون إلــى نتيجــة مفادهــا ' فــي كل‬ ‫مــرة إذن كان اإلســام يتكيــف مــع مشــاريع‬ ‫القــوة األمريكيــة ‪،‬بحيــث كان دومــا إســاما‬ ‫مختلفــا مــن البدايــة ليتناســب مــع احتياجات‬ ‫مجلة إبداع ‪ / 17‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 17‬أكتوبر ‪2013‬‬


‫الالعبيــن المحلييــن' ‪.‬‬ ‫فــي أواخــر العــام ‪ 2003‬أصــدرت‬ ‫«مؤسســة رانــد لألبحــاث االســتراتيجية»‬ ‫فــي الواليــات المتحــدة األمريكيــة‬ ‫تحــت عنــوان‬ ‫«شــيريل برنــارد»‬ ‫«اإلســام الديمقراطــي المدنــي ‪:‬شــركاء‬ ‫‪،‬مــوارد واســتراتيجيات» ‪،‬الكتــاب أعــد‬ ‫برعايــة وحــدة البحــوث الوطنيــة األمنيــة‬ ‫فــي المؤسســة ‪،‬وللتذكيــر فقــط نشــير‬ ‫إلــى أن شــيريل متزوجــة مــن زلمــاي‬ ‫خليــل زاده الســفير األمريكــي )مــن‬ ‫أصــل أفغانــي( الســابق فــي كل مــن‬ ‫األمــم المتحــدة وأفغانســتان والعــراق‬ ‫مــا يعنــي أن الخالصــات التــي توصلــت‬ ‫لهــا المؤلفــة فــي هــذه الدراســة مهمــة‬ ‫جــدا البــد وأن تحمــل جوانــب معينــة‬

‫مــن التوجهــات السياســية واألمنيــة واالســتراتيجية‬ ‫األمريكيــة الرســمية‪.‬‬ ‫الفكــرة المركزيــة فــي كتــاب برنــارد أن التهديــد‬ ‫اإلســامي يتطلــب ردة فعــل مختلفــة عمــا كان‬ ‫معمــوال بــه حتــى تلــك الفتــرة ‪،‬وتــرى أنــه لمواجهــة‬ ‫هــذا التهديــد يجــب أن يحــول صنــاع االســتراتيجية‬ ‫األمريكيــة اإلســام نفســه إلــى أحــد األدوات‬ ‫‪،‬باختصــار هــي تدخــل إلــى حقــل االســتخدام‬ ‫االســتراتيجي لإلســام لخدمــة األغــراض‬ ‫السياســية واالقتصاديــة األمريكيــة ‪،‬وتســتحضر‬ ‫إســاما ٌطيٌعًــا يمكــن تحويلــه أداة لمواجهــة إســام‬ ‫المقاومــة وخدمــة األهــداف األمريكيــة‪.‬‬ ‫إذا فالمعادلــة األمريكيــة الجديــدة هــي إســام‬ ‫أمريكــي فــي مواجهــة إســام مقــاوم ‪.‬صحيــح أن‬ ‫إدارة بــوش االبــن لــم تأخــذ علنــا بهــذه التوصيــات‬ ‫إال أن المؤسســة األمريكيــة الرســمية بــكل‬

‫كاريكاتور‬ ‫عبد الغاني بن حريزة‬

‫مجلة إبداع ‪ / 18‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫تفرعاتهــا عملــت علــى زرع البــذور الكفيلــة‬ ‫بتحقيــق بعــض مــن تلــك الطموحــات‬ ‫ولذلــك تــم التركيــز علــى تعميــق الشــرخ‬ ‫المذهبــي الطائفــي التاريخــي بيــن الســنة‬ ‫والشــيعة )فــي العــراق ولبنــان وباكســتان‬ ‫واليمــن والســاحل الشــرقي للخليــج العربــي‬ ‫‪ ...‬وغيرهــا (‪ .‬وفــي الوقــت نفســه تحويــل‬ ‫دفــة المواجهــة فــي المنطقــة مــن صــراع‬ ‫عربــي إســرائيلي إلــى صــراع عربــي إيرانــي‬ ‫ذي أبعــاد عرقيــة ومذهبيــة‪.‬‬


‫ريحانة شلحي‬

‫ما الذي يجعل الصحفيات الربيطانيات‬ ‫يعتنقن االسالم ؟‬

‫مــا الــذي يجعــل أي شــخص يريــد أن‬ ‫يغيــر حياتــه بشــكل دراماتيكــي ؟‬ ‫أكثــر مــن ‪ 50%‬مــن الذيــن اعتنقــوا‬ ‫اإلســام مؤخــرا ذووا بشــرة بيضــاء ‪،‬‬ ‫و ‪ 75%‬منهــم نســاء…‪ ( .‬صحيفــة ذو‬ ‫صــان ‪.) The sun‬‬ ‫كيــف قــرر‪ 100.00‬بريطانــي أن‬ ‫يصبــح مســلما ؟‪ .....‬أكثــر المعتنقين‬ ‫لإلســام نســاء ذوات بشــرة بيضــاء‪،‬‬ ‫ومتوســط أعمارهــن ‪ 27‬ســنة‪.‬‬ ‫(صحيفــة دايلــي مايــل ‪.)Daily mail‬‬ ‫البريطانيــات الالتــي يعشــن فــي‬ ‫المملكــة المتحــدة قــررن اعتنــاق‬ ‫اإلســام ‪(...‬مجلــة الغارديــان ‪The‬‬ ‫‪.) guardian‬‬ ‫هــل االعتنــاق الملحــوظ لإلســام‬ ‫فــي صفــوف اإلنــاث هــو جــزء مــن‬ ‫الحركــة النســوية فــي بريطانيــا؟ (ذو‬

‫اندبندنــت ‪) The independent‬‬

‫هــذه العناويــن وغيرهــا تكشــف‬ ‫عــن مــدى تزايــد اهتمــام اإلعــام‬ ‫البريطانــي بالمعتنقيــن الجــدد‬ ‫لإلســام‪.‬‬ ‫هــذا و قــد كشــفت دراســة بريطانيــة‬ ‫أعدتهــا جامعــة «ســوانزي» عــن‬ ‫تزايــد عــدد البريطانييــن الذيــن‬ ‫اعتنقــوا اإلســام فــي المملكــة‬ ‫المتحــدة‪ ،‬مشــيرة إلــى أن أكثرهــم‬ ‫مــن النســاء‪.‬‬ ‫وتضيــف الدراســة ذاتهــا أن عــدد‬ ‫األشــخاص الذيــن يعتنقــون اإلســام‬ ‫فــي بريطانيــا ارتفــع مــن ســتة آالف‬ ‫فــي عــام ‪ 2001‬إلــى نحــو عشــرة‬ ‫آالف فــي عــام ‪ 2010‬وأن نســبة ‪62%‬‬ ‫منهــم مــن اإلنــاث‪.‬‬ ‫كمــا بلــغ عــدد األشــخاص الذيــن‬ ‫اعتنقــوا اإلســام العــام الماضــي‬ ‫وحــده ‪ 5200‬شــخص‪ ،‬علــى الرغــم‬ ‫مــن انتشــار «اإلســام فوبيــا»‬ ‫والخطــاب السياســي واإلعالمــي‬ ‫المعــادي لإلســام‪.‬‬

‫وفــي دراســة أخــرى‪ ،‬تطرقــت الصانــداي‬ ‫تايمــز كنظيراتهــا مــن الصحــف األخــرى‪،‬‬ ‫لهــذه الظاهــرة حيــث نشــرت فــي مقــال‬ ‫لهــا أن أكثــر مــن ‪ 41‬ألــف بريطانيــا مــن‬ ‫العــرق «األبيــض « اعتنقــوا الدين اإلســامي‬ ‫بعدمــا خيبــت القيــم الغربيــة آمالهــم‪ ،‬وأن‬ ‫أغلــب هــؤالء تأثــروا بكتــاب الدبلوماســي‬ ‫البريطانــي المســلم تشــارلز ايتــون «‬ ‫اإلســام وقــدر اإلنســان «‪ .‬ونقلــت الصحيفة‬ ‫عــن ايتــون ‪ -‬الــذي كان دبلوماســيا بــارزا‬ ‫فــي وزارة الخارجيــة البريطانيــة ‪ -‬أنــه بعــد‬ ‫نشــره للكتــاب تلقــى الكثيــر مــن الرســائل‬ ‫مــن أشــخاص أعربــوا فيهــا عــن تخليهــم‬ ‫عــن بعــض العــادات المتعــارف عليهــا‪،‬‬ ‫وأنهــم يتطلعــون لديــن ال يتقبــل تســوية‬ ‫مذلــة لمــا يجــرى فــي العالــم الحديــث‪ .‬كمــا‬ ‫أضافــت الجريــدة أن اغلــب المعتنقيــن مــن‬ ‫النســاء‪ ،‬وأكثرهــن مــن الجامعيــات‪ ،‬تتــراوح‬ ‫أعمارهــن بيــن العشــرينات و الثالثينــات‪.‬‬ ‫وبحســب مــا جــاء فــي الصحيفــة فــإن نســبة‬ ‫المســلمات الالتــي تؤديــن الصــاة بمســجد‬ ‫لنــدن المركــزي يشــكل نحو ثلثي المســلمين‬ ‫الجــدد تقريبــا ممــن نطقــوا بالشــهادتين‪،‬‬ ‫تقــل أعمــار معظمهــن عــن الثالثيــن عامــا‪،‬‬ ‫وأضافــت الجريــدة‪ :‬أن االمــر المفاجــئ فــي‬ ‫الموضــوع هــو أن أكثــر هــذه الشــخصيات‬ ‫هــن ســيدات مــن المشــاهير والصحفيــات و‬ ‫الطبقــة المثقفــة مــن المجتمــع ‪....‬‬ ‫كل هــذه األســطر والعناويــن تجعــل‬ ‫القــارئ يتمعــن فــي الظاهــرة بعقــل محلــل‬ ‫ومتســائل عــن هــذه الظاهــرة و عواملهــا‪،‬‬ ‫ولكننــا كقــراء مســلمين نعلــم أن اإلســام‬ ‫ال يختــص فقــط بــذوي البشــرة الســمراء‬ ‫«كمــا يعتقــد الغــرب» وأنــه ديــن الســام و‬ ‫اإلنســانية‪ ،‬ففــي ظــل هــذا الديــن العظيــم‬ ‫يترقــى كل إنســان بنفســه إلــى أعلــى‬ ‫درجــات الســمو والكمــال اإلنســاني لمــا‬ ‫يحملــه مــن قيــم إنســانية وأخــاق عاليــة‬ ‫تجعــل اإلنســان إنســانا بــكل خصائصــه‪.‬‬ ‫هــذا مــا يجعلنــا ال نتفاجــأ وال نتســاءل عــن‬ ‫ســبب اعتنــاق هــؤالء اإلســام‪ ،‬ألننــا نعلــم‬ ‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫علــم اليقيــن أن اإلســام هــو ديــن‬ ‫الفطــرة‪ ،‬ولكــن فــي الوقــت نفســه‬ ‫هــذا ال يعنــي أن عقولنــا ال تتســاءل‬ ‫نهائيــا‪ ،‬بــل عقولنــا تطــرح أســئلة‬ ‫مــن نــوع آخــر‪ ،‬فهــي تــود معرفــة‬ ‫كيــف تمكــن هــؤالء البريطانيــون‬ ‫ بغــض النظــر عــن أجناســهم ‪-‬‬‫بالعــودة الــى فطرتهــم الســليمة‬ ‫بالرغــم مــن المحيــط المــادي الخالــي‬ ‫مــن الروحانيــات التــي تحتاجهــا كل‬ ‫نفــس‪ ،‬واألخــاق المبنية علــى األمور‬ ‫الماديــة‪ ،‬والــذي يفتقــر الــى التكافــل‬ ‫االجتماعــي ‪ ....‬مــا الــذي جعــل تلــك‬ ‫الســيدات يعــدن الــى فطرتهــن‬ ‫اإلنســانية وهــن يعشــن فــي عالــم‬ ‫تغرقــه الماديــات واإلغــراءات؟‬

‫سارة جوزيف ‪Sarah joseph‬‬ ‫«إن هنــاك قــوة خارقــة تتســرب إلــى‬ ‫نفســي لــدى احتضانــي للقــرآن‪»....‬‬ ‫الصحفيــة البريطانيــة كاثوليكيــة الدين‬ ‫ســابقا «ســارة جوزيــف» رئيســة تحريــر‬ ‫مجلــة اميــل «‪ »emel‬التــي تــدرس‬ ‫فــي الكليــة الملكيــة بإنجلتــرا قســم‬ ‫«الدراســات اإلســامية»‪ ،‬وتعــد لدراســة‬ ‫الدكتــوراه فــي موضــوع «اعتنــاق‬ ‫البريطانييــن اإلســام»‪.‬‬

‫كمــا أنهــا تعمــل محــررة بجريــدة‬ ‫المجلــس اإلســامي ببريطانيــا‪ ،‬الــذي‬ ‫يمثــل منظمــة كبيــرة تضــم مائــة‬ ‫عضــو مــن المنظمــات والجماعــات‬ ‫مجلة إبداع ‪ / 19‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 19‬أكتوبر ‪2013‬‬


‫التــي تســعى للضغــط علــى‬ ‫الحكومــة واإلعــام ‪،‬وذلــك بهــدف‬ ‫تعزيــز وجــود اإلســام وخدمــة‬ ‫المســلمين هنــاك‪ ،‬ومحــررة‬ ‫ســابقة فــي مجلــة «االتجاهــات»‬ ‫أكبــر مجلــة إســامية فــي‬ ‫بريطانيــا‪ ،‬التــي عاشــت فــي لنــدن‬ ‫منــذ ‪1970‬م تقــول‪ « :‬لقــد كنــت‬ ‫كاثوليكيــة حتــى عامــي ال‪ ،17‬و‬ ‫عندمــا اعتنــق شــقيقي اإلســام‬ ‫ليتــزوج كنــت غاضبــة منــه‪ ،‬لذلــك‬ ‫قــررت أن ادرس هــذا الديــن الــذي‬ ‫جعلنــي أعثــر عمــا كنــت أبحــث‬ ‫عنــه‪ ،‬فهــو يعرفنــا و يعلمنــا كيــف‬ ‫يجــب أن نعتقــد فــي اهلل و نعيــش‬ ‫حيــاة ســعيدة»‪ ،‬وتضيــف ســارة‪:‬‬ ‫«‪ ...‬إن هنــاك قــوة خارقــة تتســرب‬ ‫لنفســي لــدى احتضانــي للقــرآن‪..‬‬ ‫لقــد اهتــم القــرآن بالكثيــر مــن‬ ‫قضايــا النســاء‪ ،‬فقــد خصــص لهــن‬ ‫حقوقــا ورتــب لهــن حياتهــن فــي‬ ‫المجتمــع‪ ،‬فهــو ينظــر إلــى المــرأة‬ ‫نظــرة أكبــر مــن أن تكــون أداة‬ ‫جنســية فقــط ‪ ..‬باإلضافــة إلــى‬ ‫ذلــك فقد حــدد لهــن مســئولياتهن‬ ‫فــي المجتمــع «‪.‬‬

‫عملــت الصحفيــة والمذيعــة اإلنجليزيــة‬ ‫المشــهورة لوريــن بــوث (أخــت زوجــة رئيــس‬ ‫الــوزراء البريطانــي الســابق طونــي بليــر)‬ ‫فــي عــدة جرائــد ومجــات ومحطــات إعالمية‬ ‫بريطانيــة‪ ،‬حيــث عملــت ككاتبــة فــي صحــف‬ ‫مختلفــة « مايــل اون صانــداي‪ ،‬صانــداي‬ ‫تايمــز‪ ،‬دايلــي مايــل» باإلضافــة إلــى ذلــك‬ ‫كانــت قارئــة للصحــف البريطانيــة فــي‬ ‫شــبكتي األخبــار البريطانيــة‪« ،‬ســكاي نيــوز‬ ‫‪ »sky news‬و»بــي بــي ســي نيــوز‪BBC‬‬ ‫‪.»news‬‬ ‫والســبب فــي إســامها هــو قربهــا مــن‬ ‫القضايــا العربيــة واإلســامية بحكــم عملهــا‬ ‫كصحفيــة‪ ،‬فقــد كانــت مــن المعارضيــن‬ ‫للحــرب علــى العــراق‪ ،‬وتُؤَ ِّيــد القضيــة‬ ‫الفلســطينية‪ ،‬وتحكــى هــي عــن نفســها أنهــا‬ ‫مــرَّت بتجربــة روحيــة مــن خــال طوافهــا‬ ‫بالعالــم اإلســامي أدت بهــا فــي النهايــة أن‬ ‫تنطــق بالشــهادتين فــي لنــدن‪.‬‬ ‫تحدَثــت «لوريــن بــوث» فــي لقــاء‬ ‫وقــد‬ ‫ّ‬ ‫تلفزيونــي لبرنامــج «حــوار خــاص» علــى‬ ‫قنــاة الحــوار‪ ،‬التــي تبــث مــن لنــدن بالمملكة‬ ‫المتحــدة‪ ،‬وقالــت‪« :‬الصــورة التــي تُرســم‬ ‫لإلســام فــي الغــرب مشــوهة‪ ،‬بينمــا نرســم‬ ‫ألنفســنا فــي الغــرب مــن خــال اإلعــام‬ ‫والسياســيين صــورة الصالحيــن؛ فنبــدو هنــا‬ ‫كمــا لــو كنَّــا فــي مواجهــة شــيء عنيــف‬ ‫ومعتــدٍ‪ ،‬ويضطــر سياســيونا إلــى توضيــح‬ ‫لمــاذا نغــزو هــذه الشــعوب‪ ،‬ونســتولي علــى‬ ‫تلــك األراضــي؛ أي أن غيــر المســلمين فــي‬ ‫يُصَــورون أنفســهم كمــا لــو كانــوا‬ ‫الغــرب‬ ‫ِّ‬ ‫للشــر‪..‬‬ ‫قاهريــن‬ ‫ِّ‬ ‫لكــن حينمــا تذهــب كمــا فعلــتُ أنــا إلــى‬ ‫فلســطين تــرى الشــرَّ الهائــل‪ ،‬الــذي أنزلتــه‬ ‫الصهيونيــة بالشــعب الفلســطيني بدعــم‬ ‫مــن الحكومــة البريطانيــة‪ ،‬ومــن قبــل‬ ‫االتحــاد األوربــي‪ ،‬وطبعًــا مــن قبــل الواليــات‬ ‫المتحــدة األمريكيــة؛ بمــا تُوَفِّــره مــن‬ ‫قنابــل ورصــاص!»‪.‬‬

‫لورين بوث ‪Lauren booth‬‬ ‫«المجتمــع الغربــي يهتــم باألمــور‬ ‫الســطحية بينمــا فــي اإلســام‬ ‫كل فــرد لــه أهــداف ســامية‪...‬هذا‬ ‫الــذي جعلنــي أجــد ضالتــي‪ ،‬فعــن‬ ‫طريقــه نؤمــن بــاهلل و نعيــش‬ ‫حيــاة ســعيدة «‬ ‫مجلة إبداع ‪ / 20‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫مرييام فرونسوا سريا ‪Miriam François‬‬ ‫«إن صالتي المفضلة هي الفجر‪ ،‬هناك‬ ‫شيء يكون بين اإلنسان وربه في ذلك‬ ‫الوقت الذي يكون فيه الناس جميعا‬ ‫نياما ‪»...‬‬ ‫أمــا بالنســبة إلــى مريــام‪ ،‬التــي تعتبــر‬ ‫هــي األخــرى صحافيــة وإعالميــة‬ ‫بريطانيــة ذات أصــل فرنســي أرلنــدي‪،‬‬ ‫فإنهــا ذكــرت ‪ -‬بعــد بحــث واســع حــول‬ ‫األديــان ‪ -‬أنهــا بــدأت دراســة اإلســام‬ ‫عندمــا كانــت طالبــة فــي كليــة‬ ‫الصحافــة بجامعــة كامبريــدج تــدرس‬ ‫اللغــة العربيــة‪ .‬كمــا كانــت هجمــات ‪11‬‬ ‫ســبتمبر والجــدل حــول اإلســام دافعــا‬ ‫لهــا للخــوض بعمــق فــي معرفــة هــذا‬ ‫الديــن‪ ،‬ووصفــت شــخصية النبــي محمــد‬ ‫ ص ‪ -‬الداعية للســام والتســامح بأحد‬‫األســباب المحوريــة وراء إســامها‪ .‬وفــي‬ ‫حــوار مــع مجلــة « مــاري كليــر» تقــول‬ ‫ميريــام التــي ارتــدت الحجــاب ألول مرة‪،‬‬ ‫وهــي تبتســم‪ « :‬إن صالتــي المفضلــة‬ ‫هــي الفجــر‪ ،‬هنــاك شــيء يكــون بيــن‬ ‫اإلنســان وربــه فــي ذلــك الوقــت الــذي‬ ‫يكــون فيــه أغلــب النــاس نائميــن»‪،‬‬ ‫وتضيــف‪« :‬الحجــاب يســاعد النســاء فــي‬ ‫التعامــل مــع النــاس والعامــة دون النظر‬ ‫إليهــن بنظــرة جنســية‪ ،‬ولقــد بــدأت‬ ‫أدرس وأتعلــم اإلســام عندمــا كنــت‬ ‫أتعلــم اللغــة العربيــة فــي الجامعــة‪،‬‬ ‫وكنــت أقــول حاســبوني علــى مــا أقــول‬ ‫وليــس علــى مظهــري‪ ،‬وكانــت هــذه‬ ‫هــي الطريقــة التــي جعلــت الجميــع‬ ‫يتعامــل بهــا معــي»‪.‬‬


‫الجذور االقتصادية لإلمربيالية‬ ‫بقلم الدكتور ‪ :‬عصام ماليك أستاذ االقتصاد بجامعة واستمنيسرت ‪ -‬لندن‬

‫يتفــق العــام و الخــاص علــى أن الغايــة‬ ‫مــن االقتصــاد تحقيــق الرفــاه للمجتمعــات‬ ‫و أفرادهــا‪ ،‬إال ان الوســائل التــي‬ ‫اســتخدمت‪ -‬فــي أغلــب فتــرات تاريخنــا‬ ‫الحديــث و المعاصــر‪ -‬لبلــوغ هــذه الغايــة‬ ‫النبيلــة كانــت غيــر طبيعيــة و مؤسســة‬ ‫علــى أفــكار منحرفــة تســببت فــي رفــاه‬ ‫قلــة قليلــة علــى حســاب تعاســة و آالم‬ ‫الغالبيــة العظمــى‪ .‬فمــن جهــة‪ ،‬ال يجــد‬ ‫أصحــاب القــرار فــي العالم االســتكباري أي‬ ‫حــرج فــي أن يقتــل األبريــاء أو أن ينتشــر‬ ‫اإلرهــاب و ينعــدم األمــن فــي بلــد مــا‬ ‫باســم الديموقراطيــة مــادام هــذا ســيكفل‬ ‫لــه تدفقــا مســتمرا للنفــط ‘ ‪ .‬و مــن جهــة‬ ‫أخــرى‪ ،‬يتخلــون عــن تحســين المســتوى‬ ‫المعيشــي و التكفــل بالتوزيــع العــادل‬ ‫للمداخيــل و الثــروات القوميــة‪ ،‬فــي‬ ‫الوقــت الــذي ينظــر إلــى واقــع يســيطر‬ ‫فيــه واحــدا بالمئــة مــن األمريكييــن علــى‬ ‫‪ 46.5‬بالمئــة مــن مجمــوع الدخــل علــى‬ ‫حســاب التســع و تســعين بالمئــة الباقيــة‪،‬‬ ‫ممارســة للحريــة الفرديــة و الحــق فــي‬ ‫احتــكار الثــروة‪.‬‬ ‫انعــدام العــدل و الســلوك األخالقــي‬ ‫فــي تســيير األمــور االقتصاديــة لــم‬ ‫يكــن وجــوده مــن عــدم‪ .‬بــل كان نتيجــة‬ ‫تطــورات تاريخيــة ألفــكار و نظريــات‬ ‫كانــت رغــم انحرافهــا عــن الطبيعــة‬ ‫البشــرية و مبانيهــا المليئــة بالمغالطــات‬ ‫تلقــى مــن يناصرهــا مــن أصحــاب النفــوذ‬ ‫و المصالــح مــن الذيــن تربطهــم عالقــات‬ ‫وثيقــة بالنظــام الحاكــم ورجــال السياســة‪.‬‬ ‫إلــى درجــة أن الحــرب و االعتــداء علــى‬ ‫مقــدرات الشــعوب المغلوبــة علــى أمرهــا‬ ‫شــكلت و ال تــزال أهــم السياســات‬ ‫االقتصاديــة التــي اتبعهــا االســتكبار فــي‬ ‫تســيير شــؤونه االقتصاديــة الداخليــة‬ ‫خاصــة أثنــاء فتــرات الركــود و الكســاد‬ ‫االقتصــادي‪ .‬و لعــل أبــرز مثــال هــو دعوات‬ ‫بعــض االقتصادييــن مثــل البروفيســور‬ ‫مارتــن فيلدشــتاين واللوبيــات التــي تمثــل‬ ‫مصالــح شــركات إنتــاج األســلحة ألوبامــا‬ ‫بزيــادة اإلنفــاق الحكومــي العســكري‬ ‫كمخــرج لألزمــة االقتصاديــة ‪ .‬و بالفعــل‪،‬‬ ‫فقــد خصــص برنامــج أوبامــا الــذي صــادق‬ ‫عليــه الكونجــرس فــي فبرايــر ‪ 2009‬جــزءا‬

‫الحلقـــة األولــــــى‬

‫مهمــا للميزانيــة العســكرية بزيــادات رفعــت‬ ‫الميزانيــة العســكرية إلــى مــا يفــوق ‪ 700‬مليــار‬ ‫دوالر ســنويا فــي ســنة ‪ 2009‬ثــم إلــى اكثــر‬ ‫مــن ‪ 800‬مليــار دوالر فــي ســنوات ‪ 2010‬إلــى‬ ‫‪ 2012‬بعدمــا كانــت أقــل مــن ذلــك بشــكل‬ ‫ملحــوظ فــي عهــد إدارة بــوش‪.‬‬ ‫و ال ندعــي أن هــدف علــم االقتصــاد و نظرياتــه‬ ‫هــو إشــعال الحــرب و إيجــاد بيئــة اســتكباريه‪،‬‬ ‫غيــر أننــا ال ننفــي أن الكثيــر مــن النظريــات‬ ‫وضعــت لخدمــة المصالــح الضيقــة لفئــة مــن‬ ‫النــاس دون عمومهــم‪ .‬وال المقصــود هنــا‬ ‫تجريــم االقتصــاد كعلــم أو إلقــاء اللــوم علــى‬ ‫علمــاء االقتصــاد‪ ،‬و إنمــا الهــدف هــو محاولــة‬ ‫لشــرح الخلفيــة النظريــة التــي ولــدت الحركــة‬ ‫االســتكبارية نتيجــة االنحرافــات الحاصلــة‬ ‫فــي جانبهــا االقتصــادي‪ .‬و بالرغــم مــن أن‬ ‫الكثيــر مــن المنظريــن االقتصادييــن الغربييــن‬ ‫هــم فــي الواقــع ضــد الحــرب واألســاليب‬ ‫االســتكبارية و لكــن الوقائــع التاريخيــة و‬ ‫الراهنــة تبيــن أن التوجــه الحقيقــي للسياســة‬ ‫االقتصاديــة هــو نحــو توظيــف ورقــة الحــرب‪،‬‬ ‫و التدخــات العســكرية و العمليــات األمنيــة‬ ‫تحــت غطــاء الحــرب علــى اإلرهــاب‪ ،‬و مســاندة‬ ‫الثــورات و محاربــة الدكتاتوريــات ومــا شــابه‪ .‬و‬ ‫الحقيقــة أن سياســة كهــذه ال تخــدم إال لوبيــات‬ ‫و جماعــات نافــذة لهــا مصالحهــا التجاريــة‪.‬‬ ‫وهدفنــا مــن هــذا المقــال و الجــزء الــذي يليــه‪-‬‬ ‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫فــي العــدد القادم‪-‬هــو شــرح الخلفيــة‬ ‫النظريــة و مــدى مســاهمة النظريــات‬ ‫االقتصاديــة فــي رســم معالــم سياســات‬ ‫اقتصاديــة عدوانيــة ال تتــورع عــن ســفك‬ ‫الدمــاء و التــي أنتجــت الوضــع القائــم‬ ‫حاليــا‪.‬‬ ‫عرفــت أوربــا مــن القــرن الســادس عشــر‬ ‫إلــى نهايــة القــرن الثامــن عشــر انتشــارا‬ ‫للتوجــه التجــاري الرأســمالي‪ ،‬الــذي عــرف‬ ‫فيمـ�ا بعـ�د بالمدرسـ�ة التجاريـ�ة( (�‪Mer‬‬ ‫‪ .)cantilism‬كانــت هــذه المدرســة تــرى‬ ‫بــأن قــوة اقتصــاد الدولــة تكمــن فــي‬ ‫كميــة المعــادن النفيســة التــي تختزنهــا‪،‬‬ ‫الذهــب و الفضــة آنــذاك‪ .‬و تقــوم هــذه‬ ‫النظريــة علــى عــدة مبانــي مــن شــأنها‬ ‫أن تزيــد تدفــق الذهــب و الفضــة إلــى‬ ‫الدولــة وبالتالــي زيــادة مخــزون المعــادن‬ ‫النفيســة‪ .‬و مــن هــذه المبانــي حمايــة‬ ‫االقتصــاد القومــي و المنتــوج المحلــي‪،‬‬ ‫إضافــة إلــى اســتغالل الثــروات المحليــة‬ ‫لإلنتــاج مــا يلــزم المجتمــع مــن ســلع‬ ‫و خدمــات‪ ،‬و األهــم مــن ذلــك تشــجيع‬ ‫التصديــر و تقليــص االســتيراد إلــى حــد‬ ‫ظهــرت – أي المدرســة‪ -‬و كأنهــا تحــارب‬ ‫التبــادل التجــاري بيــن الــدول‪ .‬و النقطــة‬ ‫األخيــرة كانــت أهمهــا‪ ،‬ألن النظريــة تــرى‬ ‫مجلة إبداع ‪ / 21‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 21‬أكتوبر ‪2013‬‬


‫ان االســتيراد يــؤدي إلــى نقــص مخزون‬ ‫المعــدن النفيــس فــي حيــن التصديــر‬ ‫يزيــده‪ .‬و بالمصطلحــات الحديثــة‪،‬‬ ‫النظريــة تشــجع علــى تحقيــق فائــض‬ ‫تجــاري‪ ،‬و لكــن األســلوب يختلــف مــن‬ ‫حيــث ان فائــض الذهــب و الفضــة ال‬ ‫يصــرف أبــدا‪ ،‬بــل يخــزن‪.‬‬ ‫الفكــرة مــن الناحيــة النظريــة منطقيــة‬ ‫و لكنهــا مليئــة بالمغالطــات كمــا هــو‬ ‫مشــهور اليــوم عنــد االقتصادييــن‪.‬‬ ‫منهــا‪ ،‬طبيعــة المــوارد االقتصاديــة‬ ‫التــي تتســم بالنــدرة و المحدوديــة‪،‬‬ ‫فــا يمكــن للذهــب و الفضــة أن‬ ‫يتوفــرا بشــكل ال نهائــي كمــا ال يمكــن‬ ‫تخزينهمــا لألبــد دون شــراء معــدات‪،‬‬ ‫ودفــع الرواتــب‪ ،‬و اســتراد مــواد أوليــة‬ ‫و إلــى غيــر ذلــك ‪ .‬كمــا ال يمكــن ألي‬ ‫نشــاط اقتصــادي بــأن يتوســع مــن‬ ‫غيــر تبــادل تجــاري مــع الخــارج‪.‬‬ ‫ســمحت الطبيعــة التجاريــة التــي‬ ‫تميــزت بهــا هــذه المدرســة بظهــور‬ ‫طبقــة تجاريــة ارتبــط نشــاطها‬ ‫بالنشــاط السياســي لــدول أوربــا و‬ ‫ملوكهــا‪ .‬وثــق التجاريــون‪ -‬مــن خــال‬ ‫طبيعــة نشــاطهم‪ -‬عالقاتهــم بأصحاب‬ ‫القــرار السياســي ‪ ،‬بــل و فــي كثيــر مــن‬ ‫األحيــان كان النظــام الملكــي فــي هــذه‬ ‫الــدول هــو ســبب ســيطرة هــذه الحركة‬ ‫و إعطائهــا الكثيــر مــن االمتيــازات فــي‬ ‫إدارة النشــاط االقتصــادي‪ .‬فمثــا‬

‫ازدهــر نظــام التجارييــن فــي فرنســا فــي القــرن‬ ‫الســادس عشــر بعــد ســيطرة النظــام الملكــي‬ ‫علــى كامــل الشــؤون السياســية الفرنســية‪ ،‬كمــا‬ ‫كانــت الطبقــة التجاريــة علــى عالقــة وثيقــة‬ ‫بالبــاط البريطانــي و الهولنــدي و غيرهمــا فــي‬ ‫أوربــا‪ .‬و بالمقابــل‪ ،‬حظيــت طبقــة التجــار‪ ،‬التــي‬ ‫شــكلت أقليــة‪ ،‬بامتيــازات مكنتهــا مــن احتــكار‬ ‫مختلــف األنشــطة الحيويــة‪.‬‬ ‫ســاهمت هــذه العالقــة بتغلغــل الطبقــة التجاريــة‬ ‫فــي شــؤون النشــاط السياســي كمــا كان لهــم‬ ‫تأثيــر مباشــر و غيــر مباشــر فــي ســن الكثيــر مــن‬ ‫القوانيــن التــي لضمــان اســتمرارية تدفــق المعــدن‬ ‫النفيــس إلــى بلدانهــم مثــل قانــون المالحــة و‬ ‫قانــون الســكر و تطبيــق الكثيــر مــن السياســات‬ ‫االقتصاديــة التــي كانــت مجحفــة‪ -‬فــي الكثيــر مــن‬ ‫األحيــان‪ -‬فــي حــق الطبقــة العاملــة التــي عانــت‬ ‫مــن االســتغالل أيــن فــرض عليهــا ســاعات طويلــة‬ ‫للعمــل و تحديــد األجــر األقصــى و الــذي كان أقــل‬ ‫بكثيــر مــن األجــر المفــروض تقاضيــه‪ .‬بــل و خلــق‬ ‫هــوة فــي المجتمــع ايــن عاشــت قطاعــات كبيــرة‬ ‫مــن المجتمــع كطبقــة عاملــة فــي مجالــي الزراعــة‬ ‫و الصناعــات الحرفيــة‪ ،‬فــي حيــن أن الطبقــة‬ ‫األهــم مــن حيــث التأثيــر –و تشــكل أقليــة‪ -‬كانــت‬ ‫الطبقــة التجاريــة‪ .‬و الصفــة الغالبــة علــى الطبقــة‬ ‫العاملــة هــي الحرمــان الــذي كانــت تعيشــه و‬ ‫الــذي كان محبــذا ألن الرؤيــة التجاريــة كانــت تــرى‬ ‫فــي تعاظــم حجــم اإلنفــاق فــي المجتمــع يــؤدي‬ ‫إلــى ضعــف المردوديــة و اإلنتاجيــة و بالتالــي‬ ‫نقــص احتياطــي المعــادن النفيســة‪ .‬و كانــت‬ ‫سياســة فــرض الضرائــب الباهظــة مــن أهمهــا و‬

‫التــي خلفــت غضبــا شــعبيا ســواء داخليــا أو‬ ‫خارجيــا فــي مســتعمرات هــذه الــدول‪.‬‬ ‫و فــي هــذا اإلطــار‪ ،‬يصــف المــؤرخ‬ ‫االقتصــادي جــون جالبرايــث بدايــة الحقبــة‬ ‫التجاريــة فــي أوربــا بأنهــا إعــان القطيعــة‬ ‫مــع النظــام األخالقــي المســير للنشــاط‬ ‫االقتصــادي الــذي كان ســائدا آنــذاك‪.‬‬ ‫النظــام الــذي أســس لــه أرســطو و مــن‬ ‫بعــده تومــا اإلكوينــي غلــب الحاجــة علــى‬ ‫الربــح و غلــب فعــل الصــواب علــى فعــل‬ ‫مــا يجلــب الربــح المالــي الكبيــر‪.‬‬ ‫و لــم تقتصــر هيمنــة الطبقــة التجاريــة‬ ‫علــى الســاحة الداخليــة فحســب‪ ،‬بــل‬ ‫أســهمت فــي رســم معالــم السياســة‬ ‫الخارجيــة للــدول األوربيــة الكبــرى آنــذاك و‬ ‫التــي اتســمت بالطابــع العســكري العدواني‬ ‫مــا أدى إلــى ظهــور حركــة اســتعمارية‬ ‫نشــطة خاصــة مــع اكتشــاف العالــم‬ ‫الجديــد‪ .‬هــذا األخيــر خلــق جــوا تنافســيا‬ ‫بيــن القــوى االســتعمارية مــا نتــج عنــه‬ ‫قــرون مــن االســتكبار‪ ،‬و اســتعباد الشــعوب‬ ‫اآلمنــة و نهــب لثرواتهــا و مقدراتهــا الزالــت‬ ‫تداعياتهــا إلــى اليــوم تحكــم مصيــر أغلــب‬ ‫شــعوب العالــم‪ .‬و هــذا مــا ســنتعرض لــه‬ ‫فــي الجــزء المقبــل‪.‬‬ ‫يتبع‪.../‬‬

‫« نفحات من نهج البالغة «‬ ‫أعظم جنود الله‬

‫سئل أمير المؤمنين علي «كرم اهلل وجهه» عن أعظم جنود اهلل فقال‪:‬‬ ‫« نظــرت الــى الحديــد فوجدتــه أعظــم جنــود اهلل‪ ،‬ثــم نظــرت الــى النــار فوجدتهــا تذيــب‬ ‫الحديــد فقلــت‪ :‬النــار أعظــم جنــود اهلل‪ ،‬ثــم نظــرت الــى المــاء فوجدتــه يطفــئ النــار‬ ‫فقلــت‪ :‬المــاء أعظــم جنــود اهلل‪ ،‬ثــم نظــرت إلــى الهواء فوجدته يســوق الســحاب فقلت‪:‬‬ ‫الهــواء أعظــم جنــود اهلل‪ ،‬ثــم نظــرت الــى الجبــال فوجدتهــا تعتــرض الهــواء فقلــت‪:‬‬ ‫الجبــال أعظــم جنــود اهلل‪ ،‬ثــم نظــرت الــى االنســان فوجدتــه ينحــت الجبــال فقلــت‪:‬‬ ‫االنســان أعظــم جنــود اهلل ثــم نظــرت الــى مــا يقعــد االنســان فوجدتــه النــوم فقلــت‪:‬‬ ‫النــوم أعظــم جنــود اهلل‪ ،‬ثــم نظــرت الــى مــا يذهــب النــوم فوجدتــه الهــم و الغــم فقلــت‪:‬‬ ‫الهــم والغــم أعظــم جنــود اهلل‪ ،‬ثــم نظــرت فوجــدت ان الهــم و الغــم محلهــا القلــب فقلت‪:‬‬ ‫القلــب أعظــم جنــود اهلل‪ ،‬ثــم نظــرت فوجــدت أن هــذا القلــب ال يطمئــن إال بذكــر اهلل‬ ‫فقلــت‪ :‬أعظــم جنــود اهلل ذكــر اهلل »‬ ‫مجلة إبداع ‪ / 22‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬


‫الفلسفة الروحانية عند هرني برغسون‬ ‫طيرشي كمال‬ ‫إن حضــور فلســفة هنــري برغســون الروحانيــة‬ ‫ّ‬ ‫جــاءت كــرد فعــل ضــد حداثــة العقــل األداتــي‬ ‫للعلــم و التقنيــة ‪ ,‬و كــذا اســتغفال اإلنســان‬ ‫المعاصــر لألبعــاد الروحانيــة لإلنســانية جــرّاء‬ ‫تعالقــه بالصيــغ الماديــة المقيّــدة بالرمزيــات‬ ‫المســطحة التــي تحجــب البصيــرة عــن الحقيقــة‬ ‫الروحانيــة ‪.‬‬ ‫إن اإلنســان المعاصــر إذا اســتقرأ خبايــا جوانيتــه‬ ‫و أنــاه القابعــة فــي باطــن نفســه ‪ ,‬يســتكنه‬ ‫قيــم روحانيــة و يتبصــر بحصافــة شــخصيته‬ ‫الحقيقيــة التــي تمتــاز بالحريــة و التجــدد و‬ ‫الخلــق و الديمومــة ‪ ,‬و هــي المنبــع الرقــراق و‬ ‫الصافــي لقيمنــا الروحانيــة التــي تشــفي غليلنــا‬ ‫القيمــي الحياتــي ‪ ,‬لذلــك عبّــر برغســون عــن‬ ‫هــذا النهــل الفيــاض و المعيــن الــذي ال ينضــب‬ ‫ب››الديمومــة››‪.‬‬

‫مفهوم الديمومة ‪:‬‬

‫إن لفلســفة الديمومــة عنــد هنــري برغســون‬ ‫ّ‬ ‫منزلــة مركزيــة مهيبــة ‪ ,‬تمتــاز بأهــم خاصيــة‬ ‫هــي ''الــدوام'' بحكــم تعالقيتهــا بالزمانيــة‬ ‫الكيفيــة ‪ ,‬و هــذا مــا أكــده برغســون فــي‬ ‫كتابــه المثيــر ''الطاقــة الروحيــة '' بقولــه ‪(( :‬‬ ‫كل شــعور هــو اســتباق للمســتقبل ‪ ,‬انظــروا‬ ‫إلــى اتجــاه فكركــم فــي أيــه لحظــة ‪ ,‬إنــه‬ ‫يهتــم بمــا هــو موجــود ‪ ,‬و لكنــه يهتــم بــه فــي‬ ‫ســبيل مــا ســيكون بالدرجــة األولــى )) ‪ ,‬كمــا‬ ‫أن للشــعور الجوانــي الكامــن فــي بواطــن روحنــا‬ ‫منزلــة مهمــة تجعلــه يكتســي طابعــا ذاتويــا ‪,‬‬ ‫ســيكولوجيا فــي شــعورنا الخالــص ‪ ,‬مؤسســا‬ ‫و بصــورة مذهلــة ألنطولوجيــا ذاتيــة روحانيــة‬ ‫‪ ,‬و ذلــك فقــط حينمــا نســتكنه خبايــا التجربــة‬ ‫البشــرية األولــى ‪ ,‬التــي تجبلهــا الصيــرورة‬ ‫التغيّريــة و الحركــة الديناميكيــة المتطــورة ‪,‬‬ ‫اذ يقــول هنــري برغســون فــي كتابــه ''التطــور‬ ‫الخــاق '' ‪ (( :‬ليــس ثمــة ريــب فــي أن وجودنــا‬ ‫ّ‬ ‫الذاتــوي هــو الوجــود الــذي نــراه أكيــدا إلــى‬ ‫أكبــر حــد ممكــن ‪ ,‬و الــذي نعرفــه علــى أكمــل‬ ‫وجــه ‪ ,‬و ذلــك ألنــه مــن الممكــن أن نحكــم علــى‬ ‫جميــع األشــياء األخــرى التــي نكوّنهــا ألنفســنا‬ ‫بأنهــا معــان خارجيــة وســطحية ‪ ,‬و حيــن نــدرك‬ ‫أنفســنا إدراكا داخليــا و عميقــا )) ‪ ,‬كمــا اثبــت‬ ‫هنــري برغســون فــي كتابــه ''المــادة و الذاكــرة‬ ‫'' أهميــة انطولوجيــا الــذات ‪ ,‬معتبــرا إيّاهــا‬ ‫ترتكــز أساســا علــى ''األنــا القديــم'' الــذي‬ ‫يرتهــن وجــوده بالتجــذر نحــو ماضيــه القريــب‬ ‫أو البعيــد ‪ ,‬حيــث يســير زمانــه الخــاص بطريقــة‬ ‫تراكميــة تقدّميــة بمنحــى المســتقبل ‪ ,‬ومــن‬ ‫خــال هــذا الطــرح اقتــدر برغســون أن يصــل‬ ‫إلــى نتيجــة روحانيــة محضــة مفادهــا أن الــروح‬ ‫خالــدة و ســرمدية بحكــم اســتقالليتها عــن‬ ‫البــدن ‪.‬‬ ‫كمــا يثبــت برغســون أهميــة الديمومــة فــي‬ ‫فلســفته الروحانيــة معتقــدا أنهــا نقلــة جوهريــة‬

‫الحلقـــة األولــــــى‬

‫مــن حــال إلــى حــال دون اإلرتــكان إلــى التكــرار و الرتابة‬ ‫الباعــث علــى الملــل ‪ ,‬ففــي لحظــة روحيــة ديموميــة‬ ‫هــي حقيقــة األمــر ابــداع تجــددي و انبجــاس و انبعــاث‬ ‫خـ ّ‬ ‫اق متدفــق بإســتمرارية ‪ ,‬ومــع هــذا التغايــر المثيــر‬ ‫فــي صيــرورة الديمومــة ال نفهــم منهــا البتــة القطيعــة‬ ‫مــع األحــوال الجوانيــة القابعــة فــي ملكــوت أرواحنــا ‪,‬‬ ‫بــل هــي ســيل عــرم متصــل و متــازم باإلرتبــاط و‬ ‫متسلســل بلحظــات الزمــان الثــاث (الماضــي و الحاضــر‬ ‫و المســتقبل) ‪ ,‬و بصــورة كيفيــة ‪ ,‬و كل لحظــة فيــه‬ ‫مغايــرة تمامــا للحظــة الســابقة عنهــا ‪ ,‬أو التــي ســتأتي‬ ‫فــي المســتقبل القريــب أو البعيــد ‪ ,‬ال تعــرف النهايــة‬ ‫أبــدا ‪ ,‬لهــذا ال يمكــن للواحــد منّــا أن يحــذق الغيــب و‬ ‫يتنبــأـ بالمســتقبل ‪ ,‬ألن الحــاالت الروحانيــة ال تتكــرر‬ ‫بــل تتجــدد دومــا ‪ ,‬و متفــردة كل الفــرادة ‪ ,‬تتســم‬ ‫باإلتســاقية ‪ ,‬و الــروح وحدهــا هــي صاحبــة القــرار الحــر‬ ‫و الخــاق ‪ ,‬و تأكيــدا علــى ذلــك يقــول هنــري برغســون‬ ‫فــي كتابــه ''بحــث فــي المعطيــات المباشــرة للشــعور‬ ‫'' ‪ (( :‬مــن الــروح بكليانتهــا ينبجــس و يفيــض القــرار‬ ‫الحــر )) ‪.‬‬ ‫كمــا أن بلــوغ ماهيــة الديمومــة الحقانيــة و نشــوتها و‬ ‫شــغفها العامــر ‪ ,‬ال يــدان ألحــد لبلوغــه اللهــم إال عــن‬ ‫طريــق (قــوة النفــاذ ) إلــى كوامــن األنــا الروحانــي‬ ‫الباطنــي ‪ ,‬و بجهــد قــوي وعميــق ‪ ,‬ال يصــل إليــه إال‬ ‫صفــوة مــن البشــر ‪ ,‬فقــد يحيــا المــرء و ال يبلــغ أبــدا‬ ‫الحريــة الحقيقيــة بعمقهــا الســحيق‪.‬‬ ‫و بذلــك يمكــن أن نســتنتج أن الديمومــة خبــرة حياتيــة‬ ‫نســتحضر فيهــا واقعنــا المعيــش كمعطــى مباشــر ‪ ,‬كما‬ ‫أن أهــم خاصيــة لهــذه التجربــة هــي الــدوام ‪ ,‬و الميــزة‬ ‫األكثــر فــرادة فــي فلســفة الديمومــة البرغســونية هــو‬ ‫صيغتهــا الروحانيــة الخالقــة التــي تدعمهــا الصيغــة‬ ‫الحيويــة و اإلتيقيــة لتجعــل منهــا حقيقــة زمانيــة‬ ‫ســيكولوجية معيشــة ‪ ,‬ومــن خــال الصيــغ الثالثــة‬ ‫للديمومــة تنبجــس فلســفة جديــدة عنــد برغســون‬ ‫هــي فلســفة الــروح ‪.‬‬

‫ثانيــا‪ /‬ماهيــة الطاقــة الروحانيــة عنــد هنــري‬ ‫برغســون ‪:‬‬

‫عرفنــا فــي مبحــث ســالف أن الديمومــة هــي فلســفة‬ ‫امتــاء نؤكــد مــن خاللهــا القيوميــة األنطولوجيــة‬ ‫للزمــان الروحانــي المتواصــل و الخــاق ‪ ,‬كمــا أنهــا‬ ‫فلســفة روحانيــة تبعــث علــى الطمأنينــة و الثقــة ‪ ,‬أمــا‬ ‫فــي مبحثنــا هــذا المعنــون بماهيــة الطاقــة الروحيــة‬ ‫فنعمــد إلــى تكنــه خبايــا هــذه الطاقــة و دافعيتهــا و‬ ‫منبعهــا و أصولهــا ‪ ,‬و هــذا مــن خــال اســتقراءنا لكتــاب‬ ‫الطاقــة الروحيــة للفيلســوف هنــري برغســون ‪ ,‬نجــده‬ ‫يعتقــد أن تحديــد ماهيــة الوعــي يمتــاز بالتحديــد‬ ‫الضيــق ‪ ,‬و بمثــل هكــذا حضــور دائــم أمــام خبــرة‬ ‫كل واحــد منّــا ‪ ,‬فيعمــد إلــى ربــط الوعــي بالذاكــرة ‪,‬‬ ‫أن هــذه األخيــرة تكــون موجــودة إال مــع موجوديــة‬ ‫و ّ‬ ‫الوعــي فيهــا ‪ ,‬بحكــم أن الوعــي الــذي ال يحفــظ شــيئا‬ ‫مــن أرشــيف ماضيــه و الــذي يتناســى ذاتــه بإســتمرار‬ ‫يهتــرئ ثــم يولــد فــي كل لحظــة ‪ ,‬و لنــا فــي تعريــق‬ ‫ليبنتــز خيــر دليــل ‪ ,‬اذ يقــول هــذا األخيــر (( المــادة هــي‬ ‫روح آنيــة )) ‪.‬‬ ‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫و يعتقــد برغســون أن الوعــي الروحــي هــو‬ ‫دومــا استشــراف علــى ماهيــة المســتقبل ‪,‬‬ ‫فأنــت دومــا توجــه تفكيــرك فــي لحظــة حياتيــة‬ ‫آنيــة نحــو مــا ســوف يكــون ‪ ,‬فيجرنــا الزمــن‬ ‫الروحــي إلــى التحــرك باســتمرار للتطــاول علــى‬ ‫المســتقبل ‪ , .‬و يبحــث هنــري برغســون فــي‬ ‫كتابــه «الطاقــة الروحيــة» عــن طبيعــة الــروح‬ ‫‪ ,‬و يســرد لنــا بعــض التصــورات التــي تحــاول‬ ‫تحديدهــا ‪ ,‬فمثــا هنــاك مــن يقــول أن الــروح‬ ‫فــي الفضــاء كمــا فــي الزمــن تتجــاوز الجســد‬ ‫الــذي تقتــرن بــه ‪ ,‬فلنعالــج األمــر بالنســبة‬ ‫إلــى الفضــاء ‪ ,‬و الــروح ال تتجــاوز الجســد ال فــي‬ ‫الزمــان و ال فــي الفضــاء ‪ .‬لكــن الســؤال الــذي‬ ‫يــؤرق برغســون ‪ ,‬هــل توجــد حقــا روح مختلفــة‬ ‫عــن البــدن ؟‬ ‫يقتــرح برغســون علــى الفيلســوف أن يهتــم‬ ‫بدراســة حيــاة الــروح فــي كل مظاهرهــا ‪ ,‬اذ‬ ‫يقــول ((فالفيلســوف المتمــرس بالمراقبــة‬ ‫الذاتيــة الداخليــة ‪ ,‬يجــب عليــه أن ينــزل إلــى‬ ‫داخــل ذاتــه ‪ ,‬ثــم يعــود إلــى السّــطح ‪ ,‬متتبعــا‬ ‫الحركــة التدريجيــة التــي يمتــد بهــا الوعــي و‬ ‫ينتشــر و يتهيــأ لكــي ينمــو فــي الفضــاء )) ‪.‬‬ ‫ومــن خــال هاتــه الممارســة يقتــدر الفيلســوف‬ ‫علــى تكنــه هــذا التحــول التدريجــي و يعمــد‬ ‫إلــى تبصــر التصرفــات التــي بهــا يتجلــى‬ ‫الوعــي فــي الخــارج ‪ ,‬و يعقــب برغســون علــى‬ ‫ذلــك قائــا ‪ (( :‬يحصــل علــى األقــل علــى الهــام‬ ‫غامــض بمــا يمكــن أن يكــون عليــه ولــوج‬ ‫النفــس إلــى المــادة ‪ ,‬و مــا يمكــن أن تكــون‬ ‫عليــه عالقــة الجســد بالــروح )) ‪.‬‬ ‫و يهيــب برغســون فــي محاضــرة ألقاهــا فــي‬ ‫جمعيــة البحــث النفســاني فــي لنــدن بتاريــخ‬ ‫‪ 28‬أيــار ‪ , 1913‬و التــي تحمــل عنــوان (( أشــباح‬ ‫األحيــاء و البحــث النفســاني )) بأبحــاث الجمعية‬ ‫المنصبــة حــول وضــوح الرؤيــة و التخاطــر و‬ ‫استكشــاف خبايــا الظواهــر الســيكولوجية و‬ ‫المثابــرة الكبيــرة لإلعــاء مــن شــأن الدراســات‬ ‫الروحانيــة ‪ ,‬مؤكــدا علــى أهميــة الماضــي فــي‬ ‫صيــرورة طاقتنــا الروحيــة إذ يقــول ‪ ((:‬ذلــك أن‬ ‫ماضينــا بأكملــه موجــود هنــا ‪ ,‬و باســتمرار ‪,‬‬ ‫و أنــه ليــس علينــا إال أن نلتفــت لكــي نــراه ‪,‬‬ ‫إال أننــا ال نســتطيع و ال يجــب أن نلتفــت إلــى‬ ‫الــوراء ‪ ,‬و ال يجــب ذلــك علينــا ألن مصيرنــا أن‬ ‫نعيــش ‪ ,‬و أن الحيــاة و العمــل يتطلعــان إلــى‬ ‫األمــام‪. )).‬‬ ‫إن الرؤيــة الشــاملة‬ ‫و يضيــف قائــا ‪ّ (( :‬‬ ‫ّ‬ ‫تخــل‬ ‫البانوراميــة للماضــي تعــود إذن إلــى‬ ‫مفاجــئ عــن كل اهتمــام بالحيــاة ‪ ,‬تخـ ٍّ‬ ‫ـل ناشــئ‬ ‫عــن القناعــة المفاجئــة بأننــا ســنموت للتــو )) ‪.‬‬

‫يتبع‪.../‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 23‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 23‬أكتوبر ‪2013‬‬


‫فاطمة بخوش‬

‫أضواء عىل حياة املفكر اإلسالمي‬

‫ولــد مالــك بن نبــي ســنة ‪ 1905‬بمدينة‬ ‫قســنطينة‪،‬في أســرة فقيــرة محافظــة‪،‬‬ ‫فقــد كانــت غالبيــة َُ‬ ‫األسَــر الجزائريــة‬ ‫فــي تلــك الفتــرة الزمنيــة تعانــي‬ ‫البــؤس والحرمــان‪ ،‬جــراء االحتــال‬ ‫الفرنســي الغاشــم‪ ،‬كان والــده يشــغل‬ ‫منصب ـاً بســيطاً‪ ،‬وكانــت أمــه تشــتغل‬ ‫بالخياطــة قصــد المســاهمة فــي رفــع‬ ‫مســتوى معيشــة األســرة ‪.‬دخِــل مالــك‬ ‫« ُ‬ ‫الكتّــاب «‪،‬تع ّلــم وحفــظ القــرآن‬ ‫الكريــم وأتقــن الحســاب واللغــة‬ ‫العربيــة‪ ،‬ثــم التحــق بمدرســة فرنســية‬ ‫‪،‬لكنــه لــم يتــرك تعليمــه فــي الكتــاب‪،‬‬ ‫والتــردد علــى المســجد العتيــق‪.‬‬ ‫منــذ صغــره كان ميــاال لحــب التعلــم‬ ‫والتعلــق بالقــراءة ‪ ،‬حتــى أنــه كان‬ ‫يتلقــى دروس دعــم فــي اللغــة‬ ‫العربيــة‪ .‬و فــي هــذه الفتــرة بــدأت‬ ‫آفــاق ابــن نبــي تظهــر ســواء عــن‬ ‫طريــق قراءاتــه الكثيــرة أو مشــاهداته‬ ‫الشــخصية ‪ ،‬أمــا الرجــل الــذي كان‬ ‫مولعــا بــه‪ ،‬رجــل اإلصــاح الشــيخ عبــد‬ ‫الحميــد بــن باديــس كمــا تميــز ســلوكه‬ ‫فــي هــذه المرحلــة بالميــل إلــى‬ ‫الصمــت إزاء مــا كانــت تعانيــه الجزائــر‬ ‫مــن ويــات االســتعمار‪.‬‬ ‫واصــل األســتاذ مالــك دراســته الثانوية‬ ‫بالفرنســية ودراســته فــي المدرســة‬ ‫األهليــة بالعربيــة‪ ،‬وتحصــل علــى‬ ‫الشــهادة الثانويــة ســنة ‪ 1925‬وعندهــا‬ ‫ســافر إلــى فرنســا لمتابعــة دراســاته‬ ‫العليــا‪ ،‬و بســبب ظروفــه الماديــة عــاد‬ ‫إلــى الجزائــر‪.‬‬ ‫وفــي ســنة ‪ ، 1929‬مــارس التجــارة فــي‬ ‫إطــار عائلــي لكــن لــم يكــن مؤهــا‬ ‫لذلــك فابتعــد عــن تلــك الممارســة‬ ‫وقــرر مواصلــة دراســاته العليــا‪.‬‬ ‫فــي ســنة ‪ ، 1930‬قــرر األســتاذ مالــك‬ ‫مجلة إبداع ‪ / 24‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫التوجــه إلــى فرنســا إلكمــال دراســته‪ ،‬بعــد أن‬ ‫وعــده أبــوه بإعانــة ماليــة‪ .‬تقــدم أوال إلــى معهــد‬ ‫اللغــات الشــرقية بباريــس لكنــه لــم يوفــق فــي‬ ‫التســجيل بالرغــم مــن اســتيفائه لــكل الشــروط و‬ ‫عــن هــذه الحادثــة يقــول بــن نبــي ‪ « :‬لــم يتــم‬ ‫قبولــي بالمعهــد ‪،‬ألن االنتســاب للمعهــد بالنســبة‬ ‫لمســلم جزائــري ال يخضــع لمقيــاس علمــي ‪،‬‬ ‫وإنمــا لمقيــاس سياســي «‪ .‬فســجل بعــد ذلــك‬ ‫فــي معهــد الكهربــاء ‪،‬وتخــرج منــه ســنة ‪، 1936‬‬ ‫و هنــاك تعــرف علــى جمعيــة الشــباب المســيحي‪،‬‬ ‫حيــث ألقــى أول محاضــرة لــه بعنــوان ‪ « :‬لمــاذا‬ ‫نحــن مسلمون؟»ســنة ‪ .1931‬و منــذ ذلــك الوقــت‬ ‫ذاع صيتــه بيــن األوســاط الفكرية‪.‬وعلــى إثــر ذلــك‬ ‫قــرر الشــمال اإلفريقــي تأســيس «جمعيــة الطلبــة‬ ‫المســلمين لشــمال إفريقيــا و عيــن مالــك كنائــب‬ ‫رئيــس لهــا‪.‬‬ ‫وفــي الســنة نفســها تعــرف علــى زوجته الفرنســية‬ ‫(‪ )Paulette‬التــي اعتنقــت اإلســام‪ ،‬أنشــأ «جمعيــة‬ ‫فرنســا والشــمال اإلفريقــي» وكان رئيســا لها‪.‬‬ ‫كانــت هــذه المرحلــة مــن حياتــه متميــزة بخصبــة‬ ‫فــي األفــكار وغــزارة فــي األحــداث‪ ،‬فــي وســط‬ ‫مفعــم بالفكــر الغربــي وتوجهاتــه الفلســفية‬ ‫واالجتماعيــة والسياســية‪ ،‬وفيــه كذلــك الطبقــة‬ ‫المثقفــة والسياســية مــن أبنــاء العالــم اإلســامي‬ ‫والعربــي‪ ،‬ســواء منهــم القادمــون مــن شــمال‬ ‫إفريقيــا أو مــن المشــرق وفــي هــذا الفضــاء وجــدت‬ ‫أفــكار مالــك ســبيلها فــي التأليــف ‪ ،‬كمــا ظهــرت‬ ‫شــجاعته فــي الدفــاع عــن أصالتــه وقيــم دينــه‬ ‫الحنيــف‪.‬‬ ‫فــي فرنســا أيضــا أتيــح لــه التعــرف علــى العديــد‬ ‫مــن الزعمــاء والفالســفة والمفكريــن ‪ ،‬كمــا‬ ‫توطــدت صلتــه ببعــض رمــوز اإلصــاح والدعــوة‬ ‫والعلــم‪ .‬كمــا قابــل فــي ســنة ‪1936‬م الوفــد‬ ‫الجزائــري الــذي ذهــب إلــى باريــس ليطالــب‬ ‫الســلطات الفرنســية بالمشــاركة البرلمانية ‪ ،‬وكان‬ ‫علــى رأس هــذا الوفــد الشــيخان المصلحــان عبــد‬ ‫الحميــد بــن باديــس والبشــير اإلبراهيمــي‪.‬‬ ‫وقــد تبنــى الفكــر اإلصالحــي للشــيخ عبــد الحميــد‬ ‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫بــن باديــس (‪1940 1889-‬م)‪ .‬بينمــا كان‬ ‫معارضــا بشــدة ألنصــار االندمــاج‪ ،‬الــذي‬ ‫تزعمــه ابــن جلــول وفرحــات عبــاس‪.‬‬ ‫فــي ســنة ‪ 1936‬بــادر فــي إنشــاء مدرســة‬ ‫تقنيــة فــي قســنطينة‪ ،‬لكــن اإلدارة‬ ‫االســتعمارية رفضــت االســتجابة لطلبــه‪.‬‬ ‫فقــرر الهجــرة إلــى مصــر لكنــه لــم يحصل‬ ‫علــى التأشــيرة ثــم فكــر فــي الهجــرة‬ ‫إلــى ألبانيــا غيــر أن ظروفهــا االقتصاديــة‬ ‫منعتــه مــن ذلــك‪.‬‬ ‫فــي ســنة ‪ ،1938‬شــغل منصــب منشــط‬ ‫لمحــو األميــة فــي المركــز الثقافــي‬ ‫بمرســيليا الــذي افتتحــه المؤتمــر‬ ‫اإلســامي الجزائــري آنــذاك‪ .‬فعيــن‬ ‫كمديــر لــه فأتيحــت لــه الفرصــة فــي‬ ‫نشــر أفــكاره حــول النهضــة الحضاريــة‪.‬‬ ‫وجــاء بتحاليــل منهجيــة عالــج مــن خاللهــا‬ ‫مشــكالت الحضــارة وبيــن أسســها وأســباب‬ ‫انحطاطهــا وشــروط نهضتهــا‪ .‬فأثــار‬ ‫ذلــك حفيظــة اإلدارة الفرنســية‪.‬فأغلقت‬ ‫المركــز الثقافــي‪.‬‬ ‫فــي ســنة ‪ 1939‬بــدأت الحــرب العالميــة‬ ‫الثانيــة‪ ،‬فأرســل مالــك إلــى حــزب الشــعب‬ ‫الجزائــري (‪ )PPA‬الــذي كان يتزعمــه‬ ‫مصالــي الحــاج بمذكــرة حــول‪ :‬األوضــاع‬ ‫الراهنــة فــي الجزائــر واآلفــاق المفتوحــة‬ ‫أمــام البــاد تحــت عنــوان‪« :‬الحــزب‬ ‫االجتماعــي غيــر السياســي»وكان بــوده‬ ‫نشــره فــي مجلــة البرلمــان ‪،‬ولكــن إدارة‬ ‫هــذا األخيــر هنأتــه علــى مقالتــه و اعتذرت‬ ‫عــن نشــرها بحجــة العطلــة الصيفيــة‬ ‫لعمــال المجلــة‪ ،‬كمــا تقــدم مالــك ســنة‬ ‫‪ ،1940‬بدراســة حــول اإلســام واليابــان‪،‬‬ ‫ســلمها إلــى الســفارة اليابانيــة بباريــس‬ ‫فــي إطــار مســابقة دوليــة طلبتهــا فــي‬ ‫موضــوع «الحضــارة اليابانيــة»‪ ،‬وذلــك‬ ‫بمناســبة االحتفــال األلفينــي لليابــان‪.‬‬ ‫ولــم يتســن لمالــك اســتالم الدعــوة‬


‫التــي قدمتهــا إليــه ســلطات اليابــان‪ ،‬نظــرا‬ ‫لتصاعــد األزمــة فــي فرنســا‪ .‬إذ فــي نفــس‬ ‫هــذه الســنة اقتحمــت القــوات األلمانيــة‬ ‫مدينــة درو (‪ .)Dreux‬ففــر الموظفــون مــن‬ ‫إدارة البلديــة‪ ،‬وعندهــا احتجــزت القــوات‬ ‫األلمانيــة المهنــدس بــن نبــي وأمرتــه‬ ‫بتســيير مصالــح البلديــة‪ ،‬وبعــد يــوم مــن‬ ‫ذلــك عــاد الحاكــم الفــار وعــرض خدماتــه‬ ‫علــى ســلطات االحتــال فعينتــه إلدارة‬ ‫البلديــة وأعــادت تعييــن المهنــدس بــن‬ ‫نبــي كنائــب لــه‪ .‬ثــم جــاء مــن بعــد ذلــك‬ ‫موريــس فيــوالت (‪ )Violette‬الــذي كان‬ ‫حاكمــا للجزائــر ســنة ‪ 1925‬و كان كذلــك‬ ‫رئيســا ســابقا لبلديــة درو (‪ ،)Dreux‬فعرض‬ ‫نفســه علــى الســلطات األلمانيــة فأعــادت‬ ‫تعيينــه كرئيــس للبلديــة‪ .‬وبعدهــا جــاءت‬ ‫الحكومــة األلمانيــة فغيــرت فيــوالت لتضــع‬ ‫رئيســا جديــدا ناقمــا علــى ســابقيه و أقصي‬ ‫مالــك مــن البلديــة‪.‬‬ ‫بعدهــا بــدأت رحلــة البحــث عــن لقمــة‬ ‫العيــش فــي ظــل الظــروف الصعبــة‪ ،‬و‬ ‫كانــت هــذه المرحلــة مــن أشــد مراحــل‬ ‫حياتــه قســوة ســيذكرها فــي كتابــه العفن‪،‬‬ ‫فلــم يجــد مــن عمــل ســوى حــارس ليلــي‪،‬‬ ‫فــازدادت وضعيتــه ســوءا‪ ،‬ألن اإلعانــة‬ ‫التــي كان يقدمهــا لــه والــده لــم تتواصــل‬ ‫بســبب انقطــاع العالقــات بيــن الجزائــر و‬ ‫فرنســا‪ .‬فعمــل فــي ألمانيــا فــي صفقــة‬ ‫تبادليــة ومــن هنــا ألــف أول كتــاب لــه و‬ ‫هــو «الظاهــرة القرآنيــة»‪ ،‬لكــن احتــرق‬ ‫جــزء كبيــر منــه و لــم يتبقــى منــه ســوى‬ ‫بعــض الوريقــات‪.‬‬ ‫وبعدهــا عــاد مالــك إلــى مدينــة درو و‬ ‫هنــاك دبــرت لــه مكيــدة أدخلتــه الســجن‬ ‫مــع زوجتــه بتهمــة الخيانــة‪.‬و لبــث فــي‬ ‫الســجن مــدة ‪ 7‬أشــهر و خــرج منــه بالبــراءة‪،‬‬ ‫ثــم ادخــل الســجن مــرة أخــرى و بنفــس‬ ‫التهمــة و بقــي ‪ 6‬أشــهر هنــاك لتمنــح لــه‬ ‫البــراءة أيضــا‪.‬‬ ‫وفــي ســجنه األخيــر‪ ،‬أعــاد كتابــة «الظاهرة‬ ‫القرآنيــة»‪ ،‬وقــد طبــع الكتــاب بالجزائــر‬ ‫ســنة ‪.1947‬وصــدر لــه فــي الســنة نفســها‬ ‫كتــاب «لبيــك» ثــم صــدر لــه ســنة ‪1948‬‬ ‫الكتــاب المشهور»شــروط النهضــة»‪.‬‬ ‫تعتبــر الفتــرة مــا بيــن‪:1955 ،1948‬مرحلــة‬ ‫تنقليــة لمالــك بيــن فرنســا والجزائــر‬ ‫مــع القيــام بأعمــال بســيطة‪ ،‬مــن‬ ‫بينهــا تســويق كتبــه ومقاالته‪.‬فنشــرت‬ ‫مقاالتــه فــي الصحافــة المعروفــة آنــذاك‪:‬‬ ‫«الجمهوريــة الجزائرية»لســان حــال حــزب‬ ‫االتحــاد الديمقراطــي للبيــان الجزائــري‬ ‫التابــع لفرحــات عبــاس‪ ،‬ومجلــة « الشــباب‬ ‫المســلم» ‪،‬التابعــة لجمعيــة العلمــاء‬ ‫المســلمين التــي كان يشــرف عليهــا‬

‫آنــذاك الشــيخ البشــير اإلبراهيمــي‪ ،‬وقــد تركــت‬ ‫مســاهماته هــذه أثــرا بليغــا وتواصلــت إلــى‬ ‫ســنة ‪ 1956‬و جمعــت كلهــا مــن بعــد وفاتــه فــي‬ ‫مُؤ ًلفيــن ‪.‬‬ ‫فــي ســنة ‪، 1956‬وجهــت الســلطات الهنديــة دعــوة‬ ‫إلــى مالــك لتقديــم كتابــه هــذا فاتجــه متســلال‬ ‫مــن فرنســا باتجــاه الهنــد عــن طريــق مصــر‬ ‫لمقابلــة الحاكــم الهنــدي وعــرض الكتــاب عليــه‪.‬‬ ‫ولمــا حــط الرحــال بمصــر اســتحال الســفر إلــى‬ ‫الهنــد‪ ،‬فقــرر مالــك المكــوث فــي القاهــرة‪ .‬وفــي‬ ‫أول ســبتمبر مــن الســنة نفســها تقــدم األســتاذ‬ ‫مالــك بطلــب إلــى قيــادة جبهــة التحريــر لاللتحــاق‬ ‫بقــوات التحريــر فــي داخــل الوطــن و الوقــوف‬ ‫بجانبهــا و كتابــة التاريــخ الثــوري و لكــن رفــض‬ ‫طلبــه‪ .‬فقــرر المســاهمة فــي الثــورة بالقلــم‬ ‫وبوســائله الخاصــة ليســمع بهــا العالــم‪ ،‬طلبــا‬ ‫للدعــم المــادي والمعنــوي‪ .‬فكتــب ســنة ‪1957‬‬ ‫مقــاال بعنوان‪)):‬الجزائــر‪ :‬النجــدة(‪ ،‬بيــن فيــه‬ ‫وحشــية االســتعمار‪ ،‬فوجــد هــذا المقــال صــدى‬ ‫كبيــر فــي أوســاط العالم‪،‬فترجمــت المقالــة إلــى‬ ‫العربيــة و األلمانيــة ‪ ،....‬وكان مؤتمــر بانــدوغ‬ ‫قــد أنشــأ أمانــة دائمــة بالقاهــرة‪ ،‬فالتقــى مالــك‬ ‫باألمانــة وتســلمت منــه كتابــه حــول تصوراتــه إزاء‬ ‫الخــط «اإلفريقــي اآلســيوي» وتقــرر طبــع الكتــاب‬ ‫فــي ديســمبر مــن ســنة ‪.1956‬كمــا دعــي مالــك‬ ‫للمشــاركة رســميا فــي المؤتمر اإلفريقي اآلســيوي‬ ‫الثانــي ســنة ‪ ،1957‬فشــارك فيــه بوفــد معتبــر‬ ‫وســاهم بأفــكاره القيمــة فــي نشــر توجهاتــه‬ ‫الثقافيــة كمــا ســاهم أيضــا فــي تنشــيط ملتقــى‬ ‫غيــر معلــن وموجــه للطلبــة بالقاهــرة‪.‬‬ ‫بعدهــا تنقــل إلــى ســوريا ولبنــان لتقديــم عــدة‬ ‫محاضــرات تركــت أثــرا بليغــا فــي نفــوس الطلبــة‬ ‫وبعــض القيــادات‪ ،‬وقــد جمعت فــي مؤلــف بعنوان‪:‬‬ ‫«مجالــس دمشــق» (‪.)Madjalis Dimachek‬‬ ‫ثــم بــدأ التأليــف باللغــة العربيــة بهــدف نشــر‬ ‫أفــكاره إلــى النخــب العربيــة‪ ،‬فصــدر له بالفرنســية‬ ‫وبلغــة الضــاد كتبــا منهــا‪« :‬مشــكلة الثقافة‪»،‬فكرة‬ ‫كمنويلــث إســامي والصــراع الفكــري»‪.‬‬ ‫غــادر األســتاذ مالــك مصــر باتجــاه الجزائــر بعــد‬ ‫االســتقالل ســنة ‪ ،1963‬حيــث وعــده الرئيــس‬ ‫المنتخــب أحمــد بــن بلــة بفتــح مركــز للتوجيــه‬ ‫الثقافــي‪ ،‬و لكــن فكرتــه ذهبــت أدراج الرياح‪،‬فقــرر‬ ‫فتحــه فــي بيتــه الخــاص المتواجــد بالجزائــر‬ ‫العاصمــة‪ ،‬ليواصــل مــن خاللــه مــا بــدأه مــن قبــل‬ ‫مــع الطلبــة فــي القاهــرة‪ ،‬وهــو تكويــن األجيــال‬ ‫المتصاعــدة فــي معالجــة مشــكالت الثقافــة‬ ‫والحضــارة وفهــم آليــات الصــراع الفكــري والبنــاء‬ ‫الحضــاري‪ ،‬ليــس فــي العالــم اإلســامي فحســب‬ ‫بــل عبــر اإلنســانية جمعــاء‪.‬‬ ‫عيــن األســتاذ مالــك ســنة ‪ 1964‬كمديــر عــام‬ ‫للتعليــم العالــي‪ ،،‬وواصــل رســالته التــي اكتتبهــا‬ ‫علــى نفســه ســواء عــن طريــق المحاضــرات أو‬ ‫التأليــف‪ ،‬فصــدر لــه كتــاب )آفــاق جزائريــة(‪،‬‬ ‫وكذلــك الجــزء األول مــن مذكراتــه‪.‬‬ ‫ثــم اســتقال مــن منصبــه ســنة ‪ ،1967‬ليتفــرغ‬ ‫كليــة للعمــل اإلســامي والتوجيهــي‪ .‬فســاهم‬ ‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫بمقــاالت حــول إشــكاالت الثقافــة والحضارة‬ ‫ومشــروع المجتمــع‪ ،‬وقــد جمعــت هــذه‬ ‫المقــاالت كلهــا فــي كتــاب بعــد وفاتــه ‪.‬‬ ‫فــي ســنة‪ ،1968‬أوصــى مالــك بعــض‬ ‫المقربيــن إليــه مــن الطلبــة الذيــن كانــوا‬ ‫يتابعــون حلقاتــه ببيتــه‪ ،‬خصوصــا الذيــن‬ ‫كانــوا يشــتغلون بــوزارة الشــؤون الدينيــة‬ ‫واألوقــاف‪ ،‬بتنظيــم ملتقيــات لتوعيــة‬ ‫األجيــال الصاعــدة كمــا حــث علــى فتــح‬ ‫مســجد بالجامعــة المركزيــة‪ .‬فنشــأت‬ ‫ملتقيــات الفكــر اإلســامي علــى يــد رشــيد‬ ‫بــن عيســى وعبــد الوهــاب حمــودة وقــد‬ ‫تبنتهــا وزارة الشــؤون الدينيــة وأصبحــت‬ ‫مــن بعــد ذلــك دوليــة وذاع صيتهــا فــي‬ ‫أرجــاء العالــم‪.‬‬ ‫كمــا بــادر نفــر مــن تالمذتــه بفتــح مســجد‬ ‫الطلبــة ســنة ‪ ،1968‬وذلــك بتقديــم طلــب‬ ‫رســمي إلــى إدارة الجامعة‪،‬كمــا بــادروا‬ ‫بإيعــاز مــن مالــك بــن نبــي أيضــا بإصــدار‬ ‫مجلــة شــهرية تحــت عنــوان‪ :‬مــا ذا أعــرف‬ ‫عــن اإلســام؟ كمــا قــام بعضهــم‪ ،‬بإعــادة‬ ‫طبــع كتــب مالــك بوســائل بســيطة‬ ‫‪ ،‬منهــا‪« :‬مســألة الثقافــة‪« ،‬شــروط‬ ‫النهضــة» «الظاهــرة القرآنية‪»،‬أعمــال‬ ‫المستشــرقين» (‪ ،‬وكذلــك «اإلســام‬ ‫والديمقراميــة» ‪،‬الــذي طبــع تحــت إشــراف‬ ‫محفــوظ صــاري بابــن مســوس ‪.‬‬ ‫ولــم ينقطــع األســتاذ مالــك عــن الكتابــة‬ ‫وإلقــاء المحاضــرات فــي الجزائــر وخارجهــا‪،‬‬ ‫وكانــت آخــر دراســاته «دور المســلم فــي‬ ‫الثلــث األخيــر مــن القــرن العشــرين‪،‬التي‬ ‫تــم طبعهــا فــي بيــروت ســنة ‪ ،1973‬جمــع‬ ‫فيهــا آخــر تعاليمــه وتحاليلــه التــي تقــدم‬ ‫بهــا فــي ملتقياتــه األســبوعية بالجزائــر‪.‬‬ ‫و قــد وافتــه المنيــة رحمــه اهلل فــي ‪31‬‬ ‫أكتوبــر ‪ 1973‬ودفــن بمقبــرة ســيدي‬ ‫أمحمــد ببلكــور وألقــى الكلمــة التأبينيــة‬ ‫تلميــذه البكــر األســتاذ رشــيد بــن عيســى‪.‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 25‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 25‬أكتوبر ‪2013‬‬


‫ســارة بخــوش‬

‫تحليل رسوم األطفال‬

‫تعــد رســوم األطفــال شــكال من أشــكال‬ ‫التعبيــر‪ ،‬فهــي رســائل موجهــة للتفكير‬ ‫ووعــاء للفكــر والمشــاعر شــأنها فــي‬ ‫ذلــك شــأن الكلمــات‪ ،‬الســيما أن اللغــة‬ ‫اللفظيــة غالبــا مــا تقصــر عــن تحقيــق‬ ‫أغراضــه التعبيريــة‪ ،‬وهــي تعبيــر‬ ‫صــادق عــن حالــة الطفــل المزاجيــة‬ ‫وتجســيد لمخاوفــه وصراعاتــه وتصوره‬ ‫عــن ذاتــه وطاقاتــه التعبيريــة الفنيــة‬ ‫اإلبداعيــة الكامنــة والالمحــدودة‪،‬‬ ‫كمــا أنهــا مؤشــر علــى النمــو الحســي‬ ‫العقلــي االنفعالــي واالجتماعــي‬ ‫للطفــل‪ ،‬ومصــدر إلمــداده بمشــاعر‬ ‫الثقــة والكفــاءة والرضــا واإلشــباع‪.‬‬ ‫مجمــل القــول إن رســوم الطفــل تعــد‬ ‫انعكاســا لشــخصيته فــي ســوائها‬ ‫وانحرافهــا‪ ،‬وفــي حاالتهــا الشــعورية‬ ‫مجلة إبداع ‪ / 26‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫كيف نفهم الطفل من خالل رسمه؟‬

‫والالشــعورية‪ ،‬ومــن ثــم فهــي مفتــاح لفهمهــا‬ ‫والكشــف عــن أغوارهــا وتقويمهــا وتوجيههــا‪.‬‬ ‫يهتــم المعنيــون بالرســم اإلســقاطي فــي‬ ‫تحليالتهــم لرســوم الشــكل اإلنســاني بمظاهــر‬ ‫معينــة منهــا‪:‬‬ ‫•الحجــم‪ :‬للحجــم أهميــة فــي إلقــاء الضــوء علــى‬ ‫شــخصية المفحــوص ومــدى واقعيتــه فــي تقديــره‬ ‫لذاتــه‪ ،‬فالرســم كبيــر الحجــم الــذي يســع صفحــة‬ ‫الرســم كلهــا غالبــا مــا يميــز األطفــال العدوانييــن‬ ‫الذيــن يفتقــرون إلــى الضبــط الذاتــي والســيطرة‬ ‫الداخليــة كمــا يميــز ذوي النشــاط الزائــد أو‬ ‫المفــرط‪.‬‬ ‫وربمــا تــدل الرســوم الكبيــرة أيضــا عــن شــعور‬ ‫الطفــل بالتقيــد البيئــي والعجــز عــن الحركــة‬ ‫واإلحبــاط الناجــم عــن ذلــك‪ ،‬كمــا قــد تعكــس‬ ‫رغبــة الطفــل فــي التعويــض عنــد الذيــن يعانــون‬ ‫مركــب نقــص وضعــف الثقــة بالنفــس رغبــة‬ ‫منهــم فــي أن يصبحــوا أكثــر قــوة ومقــدرة‪.‬‬ ‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫أمــا الرســوم الصغيــرة فربمــا دلــت علــى‬ ‫مشــاعر الدونيــة ونقــص الكفــاءة أو‬ ‫الخــوف والنزعــة إلــى االنطــواء‪.‬‬ ‫•التفاصيــل‪ :‬تمثــل إدراك الطفــل‬ ‫واهتمامــه بعناصــر حياتــه اليوميــة‪ ،‬كمــا‬ ‫تعــد مقياســا لالتصــال بالبيئــة فاالهتمــام‬ ‫بإظهــار عــدد كبيــر مــن التفاصيــل يعكس‬ ‫االهتمــام بالبيئــة ككل‪ ،‬ومــن ثــم فــإن‬ ‫الفــرد الــذي يظهــر ادراكا جيــدا للعالقــات‬ ‫البيئيــة والمكانيــة‪ ،‬ومــع ذلــك يســتخدم‬ ‫حــدا أدنــى مــن التفاصيــل يظهــر نوعــا‬ ‫مــن النزعــة لالنطــواء‪ ،‬أمــا الشــخص الــذي‬ ‫يظهــر إدراكا محــدودا للبيئــة‪ ،‬ويســتخدم‬ ‫الحــد األدنــى مــن التفاصيــل فقــد يكــون‬ ‫متخلفــا عقليــا‪ ،‬أو يعانــي مــن حالــة‬ ‫تناقــص قــي كفاءتــه العقليــة‪.‬‬ ‫•التظليــل‪ :‬وهــو يــدل علــى القلــق‪ ،‬فــإذا‬ ‫كان الجســم مظلــا يكــون القلــق عامــا‬


‫ومنتشــرا‪ ،‬أمــا إذا كان التظليــل يقتصــر‬ ‫علــى جــزء معيــن مــن الجســم فــإن القلــق‬ ‫يتعلــق بهــذا الجــزء مــن الجســم دون غيــره‬ ‫كمــا أكــدت الباحثــة ماكوفــر‪K.Machover‬‬ ‫‪.‬‬ ‫•الضغــط‪ :‬عندمــا يضغــط صاحــب الرســم‬ ‫بقلمــه فأكتــر ممــا هــو مطلــوب أو مألــوف‬ ‫إلظهــار بعــض أجــزاء الرســم بشــكل‬ ‫أفضــل‪ ،‬فــإن ذلــك يوحــي بوجــود ضغــوط‬ ‫واجهــادات داخليــة تنــزع إلظهــار نفســها‬ ‫مــن خــال التوتــر العضلــي الزائــد كمــا‬ ‫يــرى لويــس وقريــن ‪ Lewis & Green‬لــذا‬ ‫فــإن مقــدار الضغــط بقلــم الرصــاص علــى‬ ‫ورقــة الرســم ومــا يترتــب علــى ذلــك مــن‬ ‫ثقــل أو خفــة فــي درجــة الخطــوط الناتجــة‬ ‫يشــير إلــى مســتوى الطاقــة والتوتــر لــدى‬ ‫الفــرد فالضغــط الشــديد غالبــا مــا يبــدو‬ ‫أكثــر فــي رســوم األطفــال العدوانيين وذوي‬ ‫التوتــر الشــديد واالندفاعييــن ‪.‬‬ ‫كمــا تبيــن أن شــدة الضغــط تشــيع فــي‬ ‫رســوم البنيــن أكثــر مــن البنــات‪ ،‬كمــا قــد‬ ‫تكــون شــدة الضغــط غيــر متســاوية فــي‬ ‫جميــع أجــزاء الرســم فقــد يضغــط فــي جــزء‬

‫دون آخــر ربمــا يــدل ذلــك علــى عدوانيــة موجهــة‬ ‫لذلــك الجــزء أو مــدى أهميتــه بالنســبة لــه‪.‬‬ ‫ويوحــي الضغــط الخفيــف علــى أداة الرســم إلــى‬ ‫انخفــاض مســتوى الطاقــة الجســمية والنفســية‪.‬‬ ‫•المحــو‪ :‬تــرى ماكوفــر ‪ K.Machover‬أن األطفــال‬ ‫الصغــار نــادرا مــا يلجئــون فــي رســومهم إلــى‬ ‫المحــو‪ ،‬ألنهــم تلقائيــون‪ ،‬ويعــد اســتخدام المحــو‬ ‫الزائــد أو المتكــرر دليــا علــى القلــق ومؤشــر‬ ‫علــى التــردد والشــك وانعــدام الثقــة وربمــا عبــر‬ ‫محــو بعــض أجــزاء الجســم أو اســتبدال خطوطهــا‬ ‫وأشــكالها عــن مشــاعر نقــض ودونيــة تتعلــق‬ ‫بذلــك الجــزء‪.‬‬ ‫•التأكيــد والمبالغــة‪ :‬يركــز الطفــل فــي رســومه‬ ‫للشــكل اإلنســاني علــى األجــزاء التــي تهمــه أكثــر‬ ‫مــن غيرهــا ويؤكدهــا (تأكيــدا ايجابــي) كالمبالغــة‬ ‫فــي رســمه وتكبيــره علــى غيــره مــن الجــزاء‪.‬‬ ‫•موضــع الشــكل فــي حيــز الورقــة‪ :‬حيثمــا يضــع‬ ‫الطفــل الشــكل الــذي يرســمه فــي الحيــز المتــاح‬ ‫للرســم فــإن لهــذا الموضــع داللــة معينــة‪.‬‬ ‫يشــير كلبــش ولوجــي ‪ Klepsch &Logie‬إلــى أن‬ ‫وضــع الشــكل فــي أعلــى الورقــة يعطــي انطباعــا‬ ‫بــأن الطفــل يســتخدم خيالــه فــي تحقيــق أهدافه‪،‬‬ ‫أو أنــه يكافــح لتحقيقهــا‪ ،‬أمــا وضــع الشــكل أســفل‬

‫الورقــة فإنــه يــدل علــى شــعور الطفــل‬ ‫بعــدم األمــن أو أنــه ذو توجــه واقعــي‪.‬‬ ‫كمــا أن جهــة اليســار توحــي للتوجــه نحــو‬ ‫الماضــي والتعلــق بــه‪ ،‬أمــا جهــة اليميــن‬ ‫فتوحــي أنــه أكثــر توجهــا للمســتقبل‪.‬‬ ‫هــذه بعــض مظاهــر تفســير الرســم‬ ‫عنــد الطفــل (خاصــة الشــكل اإلنســاني)‪،‬‬ ‫وهــي أداة يســتعملها المختــص لكشــف‬ ‫خبايــا شــخصية الطفــل ومــدى ســوائها‬ ‫وانحرافهــا علــى أن ذلــك ال تعنــي االعتمــاد‬ ‫عليهــا فقــط حيــث أن ذلــك ال بــد أن يتــم‬ ‫فــي اطــار نســق متكامــل مــن المعلومــات‬ ‫والبيانــات التــي يتــم جمعهــا مــن مصــادر‬ ‫متعــددة عــن ظــروف الطفــل البيئيــة‬ ‫االجتماعيــة والنفســية‪.‬‬ ‫أي أن اســتخدامات الرســم كأداة تشخيصية‬ ‫ال يجــب أن يتــم فــي معــزل عــن مصــادر‬ ‫المعلومــات األخــرى عــن الطفــل‪.‬‬

‫رضيح إمدغاسن‬ ‫تمتلــك الجزائــر آثــارا تعــود إلــى مختلــف‬ ‫الحضــارات المختلفــة‪ ،‬ومــن بيــن أبــرز‬ ‫مــا خ ّلفتــه‪ ،‬أضرحــة تعــود لملــوك حكمــوا‬ ‫مناطــق مــن الجزائــر فــي حقــب تاريخيــة‬ ‫مختلفــة آيــة فــي الروعــة و الجمــال‪ ،‬مــن‬ ‫بينهــا ضريــح «امدغاســن»‪.‬‬ ‫هــو ضريــح نوميــدي يقــع علــى بعــد‬ ‫حوالــي ‪ 30‬كلــم غــرب مدينــة باتنــة‪،‬‬ ‫بــدوار والد زايــد بلديــة بوميــة بدائــرة‬ ‫المعــذر‪ ،‬ويعتبــر أقــدم المعالــم األثريــة‬ ‫بالجزائــر إذ شــيد فــي القــرن الثالــث‬ ‫قبــل الميــاد‪ ،‬ويعــرف بضريــح الملــوك‬ ‫النوميدييــن وضريــح ســيفاكس‪ ،‬تحيــط‬ ‫بــه مجموعــة مــن القبــور البربريــة‬ ‫ويتوســط ســهو ً‬ ‫ال شاســعة تحدهــا جبــال‬ ‫حــزام وتافــروت‪ .‬و يــرى بعــض الباحثيــن‬ ‫أن امدغاســن كلمــة مركبــة مــن شــقين‬ ‫األول » مــدغ « والشــق الثانــي » ســن «‬ ‫ومعنــاه باللغــة العربيــة »مــدغ الثانــي «‬ ‫وهــو صاحــب القبــر‪.‬‬ ‫يتخــذ الضريــح شــك ً‬ ‫ال مخروطيــاً ذو‬

‫قاعــدة اســطوانية يبلــغ قطرهــا ‪ 59‬م‪ ،‬يعلــو بـ‬ ‫‪20‬م ويحــاط بـــ ‪ 60‬عمــوداً‪.‬‬ ‫فهندســته المعماريــة متميــزة حيــث جمعــت‬ ‫بيــن الحضــارة الفرعونيــة واإلغريقيــة‪ ،‬يوحــي‬ ‫ذلــك بتأثــر المنطقــة بالحضــارات الشــرقية‪،‬‬ ‫اإلفريقيــة والقرطاجيــة‪ ، ،‬ليخلــف ذلــك معلم ـاً‬ ‫رائــع التصميــم واالنجــاز‪.‬‬ ‫تحمــل بعــض حجارتــه كتابــات التينيــة‪ ،‬ليبية‪،‬‬ ‫إســامية وبعــض الرســومات‪ ،‬فــي داخلــه‬ ‫غرفـاً جنائزيــة ورواق‪ .‬يعــد مــن أبــرز المعالــم‬ ‫الثقافيــة والســياحية لواليــة باتنــة‪ ،‬إذ يــزوره‬ ‫الســياح مــن داخــل الوطــن وخارجــه‪ ،‬وقــد تــم‬ ‫تصنيفــه فــي التــراث الوطنــي المحفــوظ ســنة‬ ‫‪1967‬م‪.‬‬ ‫هــذا المعلــم التاريخــي‪ ،‬لــم ينــل حقــه مــن‬ ‫الشــهرة و االهنمــام‪ ،‬حيــث يصعــب الوصــول‬ ‫إليهــا‪ ،‬باإلضافــة إلــى انعــدام وجــود أي مرشــد‬ ‫إلــى هــذه التحفــة األثريــة النــادرة‪ ،‬وهــذا‬ ‫تقصيــر مــن الهيئــات الثقافيــة المعنيــة بحماية‬ ‫تراثنــا التاريخــي و تهميــش مــن طرفهــا‪.‬‬ ‫فلذلــك يجــب وضــع مرشــدين ســياحيين‬ ‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫للتعريــف بــه للــزوار والســياح‬ ‫األجانــب‪ ،‬وإقامــة دعايــة خاصــة بــه‬ ‫لتشــهيره خاصــة وأن اآلثــار النوميدية‬ ‫قليلــة جــدا بالنســبة لآلثــار الرومانيــة‬ ‫التــي تحضــي باالهتمــام الكامــل مــن‬ ‫طــرف الجهــات المعنيــة ‪.‬‬ ‫للعوامــل‬ ‫الضريــح‬ ‫تعــرّض‬ ‫الطبيعيــة‪ ،‬ممــا أدى إلــى افتقــاد‬ ‫ســقفه المخروطــي لعــدد مــن حجارته‬ ‫الضخمــة المصقولــة وهــي متناثــرة‬ ‫قربــه‪ ،‬فأقيــم حولــه ســياج ‪ ،‬لتفــادي‬ ‫إصابــة الــزوار إثــر ســقوط حجارتــه‪ .‬و‬ ‫علــى إثــر ذلــك‪ ،‬قــررت الــوزارة إعــادة‬ ‫ترميمــه و االهتمــام بــه حتــى ال يــزول‬ ‫بالكامــل‪ ،‬بدايــة مــن ســنة ‪.2012‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 27‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 27‬أكتوبر ‪2013‬‬


‫الدكتور نور الدين بولحية‬

‫مشاعــــر الكائنــــات‬

‫المشــاعر الوجدانيــة هــي روح الحيــاة‪ ..‬ومــن ال مشــاعر لــه ال حيــاة لــه‪ ..‬و قديمــا قــال الشــاعر يســخر‬ ‫مــن الــذي لــم يــذق قلبــه طعــم الحــب‪ :‬إذا لــم تــذق فــي هــذه الــدار صبــوة فموتــك فيهــا والحيــاة‬ ‫ســواء‬ ‫و قــال اآلخــر معبــرا عــن قصــور حيــاة مــن لــم يــذق طعــم هــذه المشــاعر‪ :‬إذا أنــت لــم تعشــق ولــم‬ ‫تــدر مــا الهــوى فأنــت وعيــر فــي الفــاة ســواء وقــال اآلخــر يرميهــا بالجمــود‪ :‬إذا أنــت لــم تعشــق ولــم‬ ‫تــدر مــا الهــوى فكــن حجــرا مــن يابــس الصخــر جلمــدا وقــال اآلخــر يرميهــا بالبهيميــة‪ :‬إذا أنــت لــم‬ ‫تعشــق ولــم تــدر مــا الهــوى فقــم فاعتلــف تبنــا فأنــت حمــار‬

‫وكل هــؤالء ـ مــا عــدا أولهــم ـ‬ ‫عبــروا حســب معارفهــم‪ ،‬وحســبما‬ ‫دلتهــم عليــه مداركهــم المحــدودة‪..‬‬ ‫أمــا الحقيقــة التــي تنــص عليهــا‬ ‫النصــوص المقدســة‪ ..‬فتخالفهــم‬ ‫فــي ذلــك تمــام المخالفــة‪..‬‬ ‫فالنصــوص المقدســة تنطــق بــكل‬ ‫لســان علــى مــا لهــذه الموجــودات من‬ ‫مشــاعر ســواء مــا كان منهــا ينتمــي‬ ‫إلــى العالــم الــذي نســميه جمــادا‪ ،‬أو‬ ‫العالــم الــذي نعطيــه بعــض أوصــاف‬ ‫الحيــاة‪ ،‬وننــزع منــه أهمهــا‪.‬‬ ‫وســننطلق مــن النصــوص المقدســة‬ ‫لنتعــرف علــى بعــض أســرار المشــاعر‬ ‫التــي تمتلــئ بهــا قلــوب الكائنــات و‬ ‫منهــا ‪:‬‬ ‫‪ 1‬ــ الخشوع‪:‬‬ ‫وهــو مجموعــة مشــاعر ســامية‬ ‫يختلــط فيهــا الحــب بالهيبــة‬ ‫وبالخشــية والرجــاء‪ ..‬وهــو ال يمكــن‬ ‫أن يكــون إال لمــن امتــأ بالحيــاة‬ ‫ا لحقيقيــة ‪. .‬‬ ‫قــال تعالــى واصفــا تأثيــر نــزول‬ ‫القــرآن علــى الجبــل‪َ ﴿:‬لــوْ أَنْزَ ْلنَــا‬ ‫ـذا ا ْل ُقـ َ َ‬ ‫هَـ َ‬ ‫ـل َلرَأَيْتَــهُ‬ ‫ـرْآن عَلــى جَبَـ ٍ‬ ‫خَاشِــعاً مُتَصَدِّعــاً مِــنْ خَشْــيَةِ‬ ‫الل وَتِ ْلــكَ َْ‬ ‫ال َ‬ ‫مْث ُ‬ ‫ــال نَضْ ِربُهَــا‬ ‫َّ ِ‬ ‫َ‬ ‫لِلنَّــاس َل َّ‬ ‫َ‬ ‫ــرُون)‬ ‫يَتَف َّك‬ ‫عَلهُــمْ‬ ‫ِ‬ ‫(الحشــر‪)21:‬‬ ‫بــل إنــه مــن فــرط الخشــوع للتجلــي‬ ‫َّ‬ ‫تَجَلــى‬ ‫ينــدك‪ ،‬قــال تعالــى‪َ ﴿:‬ف َلمَّــا‬ ‫جَبَل جَعَ َلــهُ ّ‬ ‫دَكاً)(ألعراف‪:‬‬ ‫رَبُّــهُ لِ ْل ِ‬ ‫مــن اآليــة‪)143‬‬ ‫مجلة إبداع ‪ / 28‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫بــل ينهــد لســماع شــرك المشــركين‪ ،‬قــال‬ ‫تعالــى‪َ ):‬‬ ‫تَــكادُ السَّــمَاوَاتُ َ‬ ‫يَتَف َّط َ‬ ‫ــرْن مِنْــهُ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫وَتَنْشَــقُّ الرْضُ وَتَخِــرُّ ال ِجبَــال هَــدّا أ ْن‬ ‫لِلرَّحْمَــن وَ َلــداً) (مريــم‪ 90:‬ـ‪)91‬‬ ‫دَعَــوْا‬ ‫ِ‬ ‫وقــد ذكــر العلمــاء ـ انطالقــا مــن هــذه اآليــة ـ‬ ‫األثــر الشــديد الــذي خلفــه الشــرك فــي األشــياء‪،‬‬ ‫فذكــر عــن بعضهــم أنــه قــال‪ (:‬إن اهلل تعالــى‬ ‫لمــا خلــق األرض وخلــق مــا فيهــا مــن الشــجر‬ ‫لــم تــك فــي األرض شــجرة يأتيهــا بنــو آدم إال‬ ‫أصابــوا منهــا منفعــة وكان لهــم منهــا منفعــة‬ ‫فلــم تــزل األرض والشــجر كذلــك حتــى تكلــم‬ ‫فجــرة بنــي آدم تلــك الكلمــة العظيمــة وهــي‬ ‫َ‬ ‫قولهم‪(:‬اتَّخَــذ الرَّحْمَــنُ وَ َلــداً) (مريــم‪،)88:‬‬ ‫فلمــا قالوهــا اقشــعرت األرض وشــاك الشــجر)‬ ‫وكان ابــن عبــاس يرجــع مــا فــي األرض مــن‬ ‫األذى بســبب هــذا قــال‪ ( :‬اقشــعرت الجبــال‬ ‫ومــا فيهــا مــن األشــجار والبحــار ومــا فيهــا مــن‬ ‫الحيتــان فصــار مــن ذلــك الشــوك فــي الحيتــان‬ ‫وفــي األشــجار الشــوك)‬ ‫ونحــن وإن كنــا ال نجــزم بهــذا‪ ،‬ولكنــا مــع ذلــك‬ ‫نــدرك أن الصــور والخصائــص التــي نراهــا‬ ‫لألشــياء لهــا عالقــة كبيــرة بانفعاالتهــا التــي‬ ‫يســببها ســلوكنا‪ ،‬ولذلــك قــد نســتلذ طعومــا‬ ‫أو مناظــر فــي بعــض األيــام‪ ،‬ثــم نســتقبحها‬ ‫أيامــا أخــرى‪ ،‬وقــد نعــزو ذلــك إلــى نفوســنا‬ ‫فقــط ونعــزل الكــون مــن هــذا األثــر المتناقــض‬ ‫لألشــياء‪.‬‬ ‫وقــد ورد فــي اآلثــار مــا يدل على ســرور األشــياء‪،‬‬ ‫والــذي قــد يســري إلــى الناظريــن ليشــعرهم‬ ‫باألنــس والســعادة‪ ،‬فقــد روي أن الجبــل يفخــر‬ ‫إن مــر عليــه ذاكــر هلل تعالــى‪ ،‬فعــن ابــن مســعود‬ ‫قــال‪ (:‬إن الجبــل ليقــول للجبــل‪ :‬هــل مــرَّ بــك‬ ‫اليــوم ذاكــر هلل؟ فــإن قــال‪ :‬نعــم‪ ،‬سُــرَّ بــه) ثــم‬ ‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫قــرأ عبــد اهلل قولــه تعالــى‪َ ﴿:‬‬ ‫وَقا ُلــوا‬ ‫اتَّخَــذ َُّ‬ ‫َ‬ ‫الل وَ َلــداً سُــبْحَانَهُ ْ‬ ‫بَــل َلــهُ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫ٌّ‬ ‫ُ‬ ‫رْض كل لــهُ‬ ‫مَــا فِــي السَّــمَاوَاتِ وَال ِ‬ ‫َقا ِنتُـ َ‬ ‫ـون) (البقــرة‪ )116:‬قــال‪ (:‬أفتراهــن‬ ‫يســمعن الــزور وال يســمعن الخيــر)‬ ‫وعــن أنــس بــن مالــك‪ (:‬مــا مــن صبــاح‬ ‫وال رواح إال تنــادي بقــاع األرض بعضهــا‬ ‫بعضــا‪ ،‬يــا جــاره هــل مــر بــك اليــوم عبــد‬ ‫فصلــى هلل أو ذكــر اهلل عليــك‪ ،‬فمــن‬ ‫قائلــة ال‪ ،‬ومــن قائلــة نعــم‪ ،‬فــإذا قالــت‬ ‫نعــم رأت لهــا بذلــك فضــا عليهــا)‬ ‫وقــد أخبــر القــرآن الكريــم عــن مشــاعر‬ ‫الخشــية مــن اهلل التــي تجعــل الحجــارة‬ ‫تهبــط أو تتفجــر أو تتشــقق‪ ..‬قــال‬ ‫تعالــى‪ ﴿:‬وَإِ َّن مِــنَ ا ْلحِجَــارَةِ َلمَــا‬ ‫يَتَفجَّــرُ مِنْــهُ َْ‬ ‫َ‬ ‫النْهَــارُ وَإِ َّن مِنْهَــا‬ ‫َّ‬ ‫يَشَّــققُ َفيَخْــرُجُ مِنْــهُ ا ْلمَــا ُء‬ ‫َلمَــا‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وَإِ َّن مِنْهَــا لمَــا يَهْ ِبــط مِــنْ خَشْــيَةِ‬ ‫َّ‬ ‫الل ))(البقــرة‪ :‬مــن اآليــة‪)74‬‬ ‫وقــد زعــم بعضهــم أن إســناد الخشــوع‬ ‫إلــى الحجــارة جــاء مــن بــاب المجــاز‪ ،‬كمــا‬ ‫أســندت اإلرادة إلــى الجــدار فــي قولــه‬ ‫يُريــدُ‬ ‫تعالــى‪َ ﴿:‬فوَجَــدَا فِيهَــا ِجــدَاراً ِ‬ ‫أَ ْن َ‬ ‫يَنْقــضَّ َفَأ َقامَــهُ ﴾ (الكهــف‪ :‬مــن‬ ‫اآلية‪)77‬‬ ‫وال حاجــة إلــى هــذا كمــا ذكرنــا‪،‬‬ ‫والنصــوص الكثيــرة التــي أوردناهــا‬ ‫تــدل علــى هــذا‪.‬‬ ‫‪ 2‬ــ الغضب‪:‬‬ ‫ومــن المشــاعر التــي ورد فــي النصــوص‬ ‫الحديــث عنهــا الغضــب‪..‬‬ ‫فقــد أخبرنــا القــرآن الكريــم أن جهنــم ـ‬ ‫مثــا ـ ليســت تنــورا للعــذاب ال عقــل لــه‪،‬‬


‫وإنمــا هــي كائــن ككينونــة اإلنســان لهــا‬ ‫عقــل ووعــي ومشــاعر‪.‬‬ ‫بــل إن مصــدر عذابهــا وشــدته نابــع‬ ‫مــن غضبهــا هلل‪ ،‬فهــي مغتاظــة علــى‬ ‫الجاحديــن‪ ،‬كمــا قــال تعالــى‪ ﴿:‬إِ َذا‬ ‫رَأَتْهُــمْ مِــنْ مَـ َ‬ ‫ـكانٍ بَعِيــدٍ سَــمِعُوا‬ ‫َلهَــا تَغَيُّظــاً وَزَفِيــراً) (الفرقــان‪)12:‬‬ ‫وقــد صــور بعــض الســلف شــدة هــذه‬ ‫الزفــرة النابعــة مــن الغيــظ بقولــه‪ (:‬إن‬ ‫جهنــم لتزفــر زفــرة ال يبقــى ملــك مقــرب‬ ‫وال نبــي مرســل إال خــرَّ لوجهــه‪ ،‬ترتعــد‬ ‫فرائضــه‪ ،‬حتــى إن إبراهيــم ليجثــو علــى‬ ‫ركبتيــه‪ ،‬ويقــول‪ :‬رب ال أســألك اليــوم إال‬ ‫نفســي)‬ ‫ومثــل زفيــر اســتقبالها ألهلهــا ‪،‬يصورهــا‬ ‫القــرآن الكريــم بصــورة الجــاد الحــي‬ ‫الــذي يتفنــن فــي التعذيــب‪ ،‬وهــو مــدرك‬ ‫مــاذا يفعــل ولمــاذا يفعــل‪.‬‬ ‫قــال تعالــى‪َ ﴿:‬ك َّل إِنَّهَــا َل َظــى نَزَّاعَــةً‬ ‫َّ‬ ‫وَتَوَلــى‬ ‫ِّللشَّــوَى تَدْعُــو مَــنْ أَدْبَــرَ‬ ‫وَجَمَــعَ َفَأوْعَــى ﴾ (المعــارج‪ 15:‬ـ ‪)18‬‬ ‫فالقــرآن الكريــم عبــر عــن مــا يحصــل‬ ‫فيهــا مــن نــزع للشــوى ‪ ،‬بصيغــة ( نزاعــة)‬ ‫للداللــة علــى أن شــخص جهنــم الحــي‬ ‫هــو الــذي يــؤدي هــذه المهمــة‪ ،‬بــل يخبــر‬ ‫أنهــا تدعــو مــن أدبــر وتولــى‪.‬‬ ‫و هــذا الغيــظ الــذي تبديــه جهنــم ألهلهــا‬ ‫ليــس ناتجــا مــن قســوة طبيعــة‪ ،‬بــل‬ ‫هــو كمــا توضــح النصــوص نابــع مــن‬ ‫غيــرة إيمانيــة‪ ،‬وقــد قــال ابــن عبــاس‪(:‬‬ ‫إن الرجــل ليجــر إلــى النــار فتنــزوي‬ ‫وتنقبــض بعضهــا إلــى بعــض فيقــول لهــا‬ ‫الرحمــن‪ :‬مــا لــك؟ قالــت‪ :‬إنــه يســتجير‬ ‫منــي‪ ،‬فيقــول أرســلوا عبــدي؛ وإن الرجــل‬ ‫ليجــر إلــى النــار فيقــول‪ :‬يــا رب مــا كان‬ ‫هــذا الظــن بــك‪ ،‬فيقــول‪ :‬فمــا كان ظنــك؟‬ ‫فيقــول‪ :‬أن تســعني رحمتــك‪ ،‬فيقــول‪:‬‬ ‫أرســلوا عبــدي؛ وإن الرجــل ليجــر إلــى‬ ‫النــار فتشــهق إليــه النــار شــهقة البغلــة‬ ‫إلــى الشــعير‪ ،‬وتزفــر زفــرة ال يبقــى أحــد‬ ‫إال خــاف)‬ ‫والقــرآن الكريــم يخبرنــا بــأن جهنــم ـ‬ ‫لشــوقها ألهلهــا ـ تــدرك بمــا أعطاهــا‬ ‫اهلل مــن البصيــرة أن هنــاك مــن ال يــزال‬ ‫خارجهــا‪ ،‬فلذلــك تطالــب بالمزيــد‪ ،‬قــال‬ ‫نَق ُ‬ ‫تعالــى‪ ﴿:‬يَــوْمَ ُ‬ ‫هَــل‬ ‫ــول لِجَهَنَّــمَ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫وَتَق ُ‬ ‫امْتَــأتِ ُ‬ ‫ــول هَــل مِــنْ مَ ِزيــدٍ)‬ ‫(قّ‪)30:‬‬ ‫والجنــة فــي القــرآن الكريــم‪ ،‬وكمــا توضح‬ ‫األخبــار واآلثــار المفســرة لــه ـ مثــل جهنم‬ ‫وكل مكونــات العالــم اآلخــر ـ كائــن حــي‬ ‫مــدرك متكلــم‪ ،‬لــه مشــاعره الوجدانيــة‪،‬‬ ‫جعلــه اهلل تعالــى محــا لرحمتــه‪ ،‬ومجلــى‬

‫لصفــات فضلــه وكرمــه‪.‬‬ ‫وقــد ورد فــي اآلثــار مــا يــدل علــى شــوق الجنــة‬ ‫ألهلهــا شــوقا ال يقــل عــن شــوق أهلهــا إليهــا‪،‬‬ ‫قــال‪ (:‬قالــت الجنــة‪ :‬يــا رب قــد أطــردت انهــاري‬ ‫وطابــت ثمــاري فعجــل علــى بأهلــي)‬ ‫‪ 3‬ــ الشفقة‪:‬‬ ‫ومنهــا شــعور الشــفقة هيبــة مــن اهلل وإجــاال‬ ‫لــه‪ ،‬قــال‪ (:‬إن يــوم الجمعــة ســيد األيــام‬ ‫وأعظمهــا عنــد اهلل وهــو أعظــم عنــد اهلل مــن‬ ‫يــوم األضحــى ويــوم الفطــر فيــه خمــس خــال‬ ‫خلــق اهلل فيــه آدم وأهبــط اهلل فيــه آدم إلــى‬ ‫األرض وفيــه توفــى اهلل آدم وفيــه ســاعة ال‬ ‫يســأل اهلل فيهــا العبــد شــيئا إال أعطــاه مــا لــم‬ ‫يســأل حرامــا وفيــه تقــوم الســاعة مــا مــن ملــك‬ ‫مقــرب وال ســماء وال أرض وال ريــاح وال جبــال وال‬ ‫بحــر إال وهــن يشــفقن مــن يــوم الجمعــة)‬ ‫والــذراع المســمومة تشــفق علــى رســول اهلل ‪،‬‬ ‫فتخبــره عــن ســميتها ‪.‬‬ ‫والجبــل يشــفق علــى رســول اهلل ‪ ،‬كمــا روي أن‬ ‫النبــي قــال‪ (:‬قــال لــي ثبيــر اهبــط فإنــي أخــاف‬ ‫أن يقتلــوك علــى ظهــري فيعذبنــي اهلل‪ .‬فنــاداه‬ ‫حــراء‪ :‬إلــي يــا رســول اهلل)‬ ‫والشجر يمشي حين يدعوه رسول اهلل‪.‬‬ ‫والجــذع يحــن لفقــد رســول اهلل ‪ ،‬فــا يســكن‬ ‫حتــى يضمــه ‪ ،‬عــن أبــي ســعيد قال‪ :‬كان رســول‬ ‫اهلل يخطــب إلــى لــزق جــذع فأتــاه رجــل رومــي‬ ‫فقــال أصنــع لــك منبــرا تخطــب عليــه فصنــع لــه‬ ‫منبــرا هــذا الــذي تــرون‪ ،‬قــال فلمــا قــام عليــه‬ ‫النبــي يخطــب حــن الجــذع حنيــن الناقــة إلــى‬ ‫ولدهــا‪ ،‬فنــزل إليــه رســول اهلل (ص) فضمــه‬ ‫إليــه فســكن فأمــر بــه أن يحفــر لــه ويدفــن)‬ ‫وقــد كان يبــادل هــذه األشــياء مشــاعرها‪ ،‬فــكان‬ ‫يقــول عــن أحــد‪ (:‬هــذا جبــل يحبنــا ونحبــه)‬ ‫‪ 4‬ــ الرحمة‪:‬‬ ‫ومــن المشــاعر التــي ورد فــي النصــوص‬ ‫المقدســة نســبتها للكائنــات مشــاعر الرحمــة‪..‬‬ ‫وهــي مــن المشــاعر العظيمــة التــي تســتدعي‬ ‫فــي منتهــى الكمــال والرقــي‪.‬‬ ‫ومــن ذلــك مــا ورد فــي النصــوص مــن اإلخبــار‬ ‫عــن المشــاعر الفائضــة مــن قلــوب األشــياء‬ ‫دموعــا رحمــة للمؤمــن‪ ،‬وهــو مــا يشــير إليــه‬ ‫يْهمُ السَّــمَا ُء َْ‬ ‫قولــه‪َ ):‬فمَــا َ‬ ‫وَالرْضُ‬ ‫بَكــتْ عَ َل ِ‬ ‫َ‬ ‫مُنْظ ِريــنَ) (الدخــان‪)29:‬‬ ‫وَمَــا َكانُــوا‬ ‫فهــذا البــكاء الــذي أخبــر عنــه القــرآن الكريــم‬ ‫ليــس مــن جنــس مــا كانــت تعبــر بــه العــرب عــن‬ ‫أحزانهــا‪ ،‬كمــا قــال الشــاعر‪:‬‬ ‫والبــرق يلمــع فــي‬ ‫فالريــح تبكــي شــجوها‬ ‫الغمامــة‬ ‫وقال آخر‪:‬‬ ‫والشــمس طالعــة ليســت بكاســفة تبكــي عليــك‬ ‫نجــوم الليــل والقمــر‬ ‫وقالت األخرى‪:‬‬ ‫أيــا شــجر الخابــور مالــك مورقــا كأنــك لــم‬ ‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫تجــزع علــى ابــن طريــف‬ ‫ألن النصــوص المقدســة ال يدخلهــا مثــل‬ ‫هــذا التأويــل‪ ،‬ولــو ورد فــي كالم العــرب‪،‬‬ ‫فــا النقــل ينفيــه‪ ،‬وال العقــل يحيلــه‪.‬‬ ‫بــل قــد ورد فــي النقــل مــا يــدل عليــه‪،‬‬ ‫ومــن ذلــك قولــه‪ (:‬مــا مــن مؤمــن إال‬ ‫ولــه فــي الســماء بابــان‪ ،‬بــاب ينــزل‬ ‫منــه رزقــه‪ ،‬وبــاب يدخــل منــه كالمــه‬ ‫وعملــه‪ ،‬فــإذا مــات فقــداه فبكيــا عليــه‪،‬‬ ‫ثــم تــا قولــه تعالــى‪َ ﴿:‬فمَــا َ‬ ‫بَكــتْ‬ ‫يْهــمُ السَّــمَا ُء َْ‬ ‫وَالرْضُ)(الدخــان‪:‬‬ ‫عَ َل ِ‬ ‫مــن اآليــة‪))29‬‬ ‫ولهــذا أخبــر القــرآن الكريــم بعــدم بــكاء‬ ‫الســموات واألرض علــى الكفــار‪ ،‬ألنهــم‬ ‫لــم يعملــوا علــى األرض عمــا صالحــا‬ ‫تبكــي عليهــم ألجلــه‪ ،‬وال صعــد لهــم إلــى‬ ‫الســماء عمــل صالــح فتبكــي فقــده‪.‬‬ ‫وقــد قــال مجاهــد يقــرر هــذا المعنــى‪(:‬‬ ‫إن الســماء واألرض يبكيــان علــى المؤمن‬ ‫أربعيــن صباحــا‪ .‬قــال أبــو يحيــى‪ :‬فعجبت‬ ‫مــن قولــه فقــال‪ :‬أتعجــب! ومــا لــأرض‬ ‫ال تبكــي علــى عبــد يعمرهــا بالركــوع‬ ‫والســجود‪ ،‬ومــا للســماء ال تبكــي علــى‬ ‫عبــد كان لتســبيحه وتكبيــره فيهــا دوي‬ ‫كــدوي النحــل)‬ ‫وقــال علــي وابــن عبــاس‪ (:‬إنــه يبكــي‬ ‫عليــه مصــاه مــن األرض ومصعــد عملــه‬ ‫مــن الســماء)‬ ‫وكمــا تبكــي األرض والســماء علــى‬ ‫المؤمــن‪ ،‬تستبشــر بــه‪ ،‬وقــد قــال أنــس‪(:‬‬ ‫لمــا كان اليــوم الــذي دخــل فيــه النبــي‬ ‫‪ ‬المدينــة أضــاء كل شــيء‪ ،‬فلمــا كان‬ ‫اليــوم الــذي قبــض فيــه أظلم كل شــيء‪،‬‬ ‫وإنــا لفــي دفنــه مــا نفضنــا األيــدي منــه‬ ‫حتــى أنكرنــا قلوبنــا)‬ ‫ولهــذا ال يصــح اعتبــار المســلم غريبــا‬ ‫مــا دام محاطــا بــكل هــذه المشــاعر‬ ‫الفياضــة التــي تتدفــق مــن حولــه‪ ،‬قــال‪(:‬‬ ‫إن اإلســام بــدأ غريبــا وســيعود غريبــا‬ ‫كمــا بــدأ فطوبــى للغربــاء يــوم القيامــة‬ ‫قيــل‪ :‬مــن هــم يــا رســول اهلل؟ قــال ‪-‬‬ ‫هــم الذيــن إذا فســد النــاس صلحــوا‬ ‫ ثــم قــال ‪ -‬أال ال غربــة علــى مؤمــن‪،‬‬‫ومــا مــات مؤمــن فــي غربــة غائبــا عنــه‬ ‫بواكيــه إال بكــت عليــه الســماء واألرض)‬ ‫ثــم قــرأ رســول اهلل قولــه تعالــى‪َ ﴿:‬فمَــا‬ ‫يْهــمُ السَّــمَا ُء َْ‬ ‫َ‬ ‫وَالرْضُ وَمَــا‬ ‫بَكــتْ عَ َل ِ‬ ‫َ‬ ‫مُنْظ ِريــنَ)‪ ،‬ثــم قــال‪ (:‬أال إنهمــا‬ ‫َكانُــوا‬ ‫ال يبكيــان علــى الكافــر)‬ ‫وكمــا أن المؤمــن يعيــش بصحبــة‬ ‫هــذه المشــاعر الفياضــة التــي تفيــض‬ ‫عليــه مــن الكــون‪ ،‬فــإن الكافــر والغافــل‬ ‫بعكــس ذلــك‪ ،‬فقــد أخبــر (ص) أن البــاد‬ ‫مجلة إبداع ‪ / 29‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 29‬أكتوبر ‪2013‬‬


‫والشــجر والــدواب تســتريح مــن أذى‬ ‫العبــد الفاجــر‪ ،‬فقــد روي أن جنــازة‬ ‫مــرت علــى رســول اهلل (ص) فقــال‪(:‬‬ ‫مســتريح ومســتراح منــه) قالــوا‪ (:‬يــا‬ ‫رســول اهلل مــا المســتريح والمســتراح‬ ‫منــه) قــال(ص)‪ (:‬العبــد المؤمــن‬ ‫يســتريح مــن نصــب الدنيــا وأذاهــا‬ ‫إلــى رحمــة اهلل‪ ،‬والعبــد الفاجــر‬ ‫يســتريح منــه العبــاد والبــاد والشــجر‬ ‫والــدواب)‬ ‫وقــد ذكــر العلمــاء وجوهــا مــن‬ ‫اســتراحة الكــون مــن العبــد الفاجــر‬ ‫الكافــر أو العاصــي منهــا أن العبــاد‬ ‫يســتريحون مــن ظلمــه لهــم‪ ،‬ومــا‬ ‫يأتــي بــه مــن المنكــر‪ ،‬فــإن أنكــروا‬ ‫آذاهــم‪ ،‬وإن تركــوه أثمــوا‪.‬‬ ‫والبــاد تســتريح ممــا يفعلــه فيهــا‬ ‫مــن المعاصــي‪ ،‬فيحصــل الجــدب‪،‬‬ ‫ويهلــك الحــرث والنســل‪ ،‬أو لغصبهــا‬ ‫ومنعهــا مــن حقهــا‪.‬‬ ‫والشــجر يســتريح منــه لقلعــه إيــاه‬ ‫غصبــا أو غصــب ثمــره‪.‬‬ ‫والــدواب تســتريح منــه الســتعماله‬ ‫لهــا فــوق طاقتهــا‪ ،‬وتقصيــره فــي‬ ‫علفهــا وســقيها ‪.‬‬ ‫وهــي وجــوه ال يــراد بهــا الحصــر‪،‬‬ ‫فالتــأذي الــذي يحصــل لهــا مــن‬ ‫جنــس التــأذي الــذي يحصــل للمؤمــن‬ ‫عندمــا يســمع كلمــة الكفــر‪ ،‬وقــد‬ ‫ذكرنــا ســابقا قولــه تعالــى عــن تأثيــر‬ ‫َ‬ ‫األشــياء‪:‬تَكادُ‬ ‫كلمــة الكفــر علــى‬ ‫َ‬ ‫يَتَف َّط َ‬ ‫ــرْن مِنْــهُ‬ ‫السَّــمَاوَاتُ‬ ‫وَتَنْشَــقُّ َْ‬ ‫الرْضُ وَتَخِــرُّ ا ْل ِجبَــالُ‬ ‫هَــدّاً﴾ (مريــم‪)90:‬‬ ‫بــل ورد فــي النصــوص واآلثــار أن‬ ‫العالقــة بيــن المؤمــن والكــون ليســت‬ ‫عالقــة مشــاعر فقــط‪ ،‬بــل هــي‬ ‫عالقــة تعــاون وتكافــل‪ ،‬فقــد أخبــر‬ ‫(ص) أنــه‪ (:‬ال تقــوم الســاعة حتــى‬ ‫يقاتــل المســلمون اليهــود فيقتلهــم‬ ‫المســلمون حتــى يختبــئ اليهــودي‬ ‫وراء الحجــر أو الشــجرة فيقــول الحجــر‬ ‫أو الشــجر يــا مســلم يــا عبــد اهلل هــذا‬ ‫يهــودي خلفــي فتعــال فاقتلــه إال‬ ‫الغرقــد فإنــه مــن شــجر اليهــود)‬ ‫وأخبــر ابــن عبــاس عــن عابــد كان‬ ‫يتعبــد فــي غــار فــكان يأتيــه غــراب‬ ‫كل يــوم برغيــف حتــى مــات العابــد‪.‬‬ ‫‪ 5‬ــ التعظيم‪:‬‬ ‫مــن المشــاعر التــي ورد فــي‬ ‫النصــوص نســبتها لهــذه الكائنــات‬ ‫التعظيــم‪ ..‬وهــو نابــع مــن معــارف‬ ‫مجلة إبداع ‪ / 30‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫كثيــرة ال يمكــن أن تكــون إال لحــي عاقــل قــد‬ ‫اكتمــل لــه الحيــاة والعقــل‪.‬‬ ‫فقــد ورد فــي النصــوص مــا يــدل علــى تعظيــم‬ ‫الكائنــات لرســول اهلل بســجود االحتــرام‬ ‫والتقديــر‪.‬‬ ‫ففــي الحديــث أن رســول اهلل (ص) كان فــي نفــر‬ ‫مــن المهاجريــن واألنصــار‪ ،‬فجــاء بعيــر فســجد‬ ‫لــه‪ ،‬فقــال أصحابــه‪ (:‬يــا رســول اهلل تســجد لــك‬ ‫البهائــم والشــجر‪ ،‬فنحــن أحــق أن نســجد لــك)‬ ‫فقــال‪ (:‬اعبــدوا ربكــم وأكرمــوا أخاكــم‪ ،‬ولــو‬ ‫كنــت آمــرا أحــدا أن يســجد ألحــد ألمــرت المــرأة‬ ‫أن تســجد لزوجهــا‪ ،‬ولــو أمرهــا أن تنقــل مــن‬ ‫جبــل أصفــر إلــى جبــل أســود ومــن جبــل أســود‬ ‫إلــى جبــل أبيــض كان ينبغــي لهــا أن تفعلــه)‬ ‫وفــي الحديــث دليــل علــى تكــرر ذلــك مــن‬ ‫البهائــم المختلفــة والشــجر‪.‬‬ ‫ومــن هــذا الباب طاعتها لرســول اهلل و شــهادتها‬ ‫لــه‪ ،‬فعــن ابــن عمــر قــال كنــا مــع رســول اهلل‬ ‫فــي ســفر فأقبــل أعرابــي فلمــا دنــا منــه قــال لــه‬ ‫رســول اهلل(ص)‪ (:‬أيــن تريــد؟ قــال‪ :‬إلــى أهلــي‬ ‫قــال‪ :‬هــل لــك فــي خيــر‪ ،‬قــال‪ :‬ومــا هــو؟ قــال‪:‬‬ ‫تشــهد أن ال إلــه إال اهلل وحــده ال شــريك لــه وأن‬ ‫محمــدا عبــده ورســوله‪ ،‬قــال‪ :‬ومــن يشــهد علــى‬ ‫مــا تقــول‪ ،‬قــال‪ :‬هــذه الســلمة‪ ،‬فدعاهــا رســول‬ ‫اهلل وهــي بشــاطئ الــوادي‪ ،‬فأقبلــت تخد األرض‬ ‫خــدا‪ ،‬حتــى قامــت بيــن يديــه فستشــهدها ثالثا‪،‬‬ ‫فشــهدت ثالثــا أنــه كمــا قــال‪ ،‬ثــم رجعــت إلــى‬ ‫منبتهــا‪ ،‬ورجــع األعرابــي إلــى قومــه‪ ،‬وقــال‪ :‬إن‬ ‫اتبعونــي أتيتــك بهــم وإال رجعــت فكنــت معــك ‪.‬‬ ‫وقــد تكــرر ذلــك مــرات مختلفــة‪ ،‬منهــا أنــه جــاء‬ ‫أعرابــي إلــى رســول اهلل فقــال‪ (:‬بــم أعــرف أنــك‬ ‫نبــي) قــال‪ (:‬إن دعــوت هــذا العــذق مــن هــذه‬ ‫النخلــة أتشــهد أنــي رســول اهلل) فدعــاه رســول‬ ‫اهلل (ص) فجعــل ينــزل مــن النخلــة حتــى ســقط‬ ‫إلــى النبــي ثــم قــال‪ (:‬ارجــع) فعــاد فأســلم‬ ‫األعرابــي ‪.‬‬ ‫وقــد كان احتــرام الكائنــات لرســول اهلل‬ ‫وتعظيمهــا لــه ومعرفتهــا بمنزلتــه عنــد اهلل‬ ‫داعيــة لهــا لالســتجارة بــه واللجــوء إلــى بابــه‬ ‫كمــا يلجــأ الصادقــون‪ ،‬وقــد روي مــن ذلــك أن‬ ‫جــزارا فتــح بابــا علــى شــاة ليذبحهــا‪ ،‬فانفلتــت‬ ‫منــه حتــى جــاءت النبــي فتبعهــا وأخــذ يســحبها‬ ‫برجلهــا‪ ،‬فقــال لهــا النبــي‪ (:‬اصبــري ألمــر اهلل‪،‬‬ ‫وأنــت يــا جــزار فســقها ســوقا رفيقــا)‬ ‫وروي مثــل ذلــك عــن جمــل جــاء إلــى رســول اهلل‬ ‫يشــكو صاحبــه‪ ،‬فقــد دخــل رســول اهلل حائطــا‬ ‫لرجــل مــن األنصــار فــإذا فيــه جمــل‪ ،‬فلمــا رأى‬ ‫النبــي حــن وذرفــت عينــاه فأتــاه رســول اهلل‬ ‫(ص) فمســح ذفــراه فســكت فقــال‪ :‬مــن رب‬ ‫هــذا الجمــل؟ لمــن هــذا الجمــل؟ فجــاء فتــى‬ ‫مــن األنصــار فقــال‪ :‬لــي يــا رســول اهلل‪ ،‬فقــال ‪( :‬‬ ‫أفــا تتقــى اهلل فــي هــذه البهيمــة التــي ملــكك‬ ‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫اهلل إياهــا فإنــه شــكا إلــى أنــك تجيعــه‬ ‫وتذيبــه)‬ ‫وفــي روايــة أخــرى أو فــي حادثــة أخــرى‬ ‫عــن يعلــى بــن مــرة قــال‪ (:‬كنــت مــع‬ ‫النبــي جالســا ذات يــوم إذ جــاء جمــل‬ ‫يخبــب حتــى ضــرب بجرانــه بيــن يديــه‬ ‫ثــم ذرفــت عينــاه‪ ،‬فقــال‪ :‬ويحــك انظــر‬ ‫لمــن هــذا الجمــل؟ إن لــه لشــأنا‪ ،‬قــال‬ ‫فخرجــت ألتمــس صاحبــه فوجدتــه لرجل‬ ‫مــن األنصــار فدعوتــه إليــه فقــال‪ :‬مــا‬ ‫شــأن جملــك هــذا؟ فقــال‪ :‬ومــا شــأنه؟‬ ‫ال أدرى واهلل مــا شــأنه‪ ،‬حملنــا عليــه‬ ‫ونضحنــا عليــه حتــى عجــز عــن الســقاية‬ ‫فأتمرنــا البارحــة أن ننحــره ونقســم‬ ‫لحمــه‪ ،‬قــال‪ :‬ال تفعــل هبــه لــي أو بعنيه‪،‬‬ ‫فقــال‪ :‬بــل هــو لــك يــا رســول اهلل‪ ،‬قــال‪:‬‬ ‫فوســمه بميســم الصدقــة ثــم بعــث بــه)‬ ‫وفــي روايــة أخــرى أن رســول اهلل قــال‬ ‫لصاحــب البعيــر‪ (:‬مــا لبعيــرك يشــكوك؟‬ ‫زعــم أنــك ســننته حتــى كبــر تريــد أن‬ ‫تنحــره‪ ،‬قــال‪ :‬صدقــت‪ ،‬والــذي بعثــك‬ ‫بالحــق ال أفعــل)‬ ‫وفــي روايــة أخــرى أو حادثــة أخــرى قــال‬ ‫رســول اهلل لصاحــب البعيــر‪ (:‬بعنيــه)‪،‬‬ ‫فقــال‪ (:‬ال بــل أهبــه لــك يــا رســول‬ ‫اهلل‪ ،‬وإنــه ألهــل بيــت مــا لهــم معيشــة‬ ‫غيــره)‪ ،‬فقــال‪ (:‬أمــا إذا ذكــرت هــذا مــن‬ ‫أمــره فإنــه شــكا كثــرة العمــل وقلــة‬ ‫العلــف‪ ،‬فأحســنوا إليــه)‬ ‫ومثــل ذلــك روي عــن أنــس ابــن مالــك‬ ‫قال‪:‬مــر رســول اهلل (ص)علــى قــوم‬ ‫قــد صــادوا ظبيــة فشــدوها إلــى عمــود‬ ‫فســطاط‪ ،‬فقالــت ‪ :‬يــا رســول اهلل إنــي‬ ‫وضعــت ولديــن خشــفين‪ ،‬فاســتأذن لــي‬ ‫أن ارضعهمــا ثــم أعــود‪ ،‬فقــال رســول‬ ‫اهلل‪ :‬خلــوا عنهــا حتــى تأتــى خشــفيها‬ ‫فترضعهمــا وتأتــى إليكمــا‪ ،‬قالــوا‪:‬‬ ‫ومــن لنــا بذلــك يــا رســول اهلل؟ قــال‬ ‫أنــا‪ .‬فأطلقوهــا فذهبــت فأرضعتهمــا‬ ‫ثــم رجعــت إليهمــا فأوثقوهــا‪ ،‬قــال‪:‬‬ ‫أتبيعونهــا؟ قالــوا‪ :‬يــا رســول اهلل هــي‬ ‫لــك‪ ،‬فخلــوا عنهــا‪ ،‬فأطلقوهــا‪ ،‬فذهبــت ‪.‬‬


‫من نفائس األدب العاملي الخالدة‬ ‫كتاب كليلة و دمنة‪:‬‬ ‫ســارة بخــوش‬

‫يُجمــع الباحثــون علــي أن الكتــاب هنــدي‬ ‫األصــل‪ ،‬صنَّفــه البراهمــا ِوشــنو باللغــة‬ ‫السنســكريتيّة فــي أواخــر القــرن الرابــع‬ ‫الميــاديّ‪ ،‬وأســماه بنجــا تنتــرا‪ ،‬أي‬ ‫إن ملــك الفرس‬ ‫األبــواب الخمســة‪ .‬ويُقال ّ‬ ‫كســرَي آنوشــروان (‪579-531‬م) لمــا‬ ‫بلغــه أمــرُه أراد ّ‬ ‫االطــاع عليه لالســتعانة‬ ‫بــه فــي تدبيــر شــؤون رعيّتــه‪ ،‬فأمــر‬ ‫بترجمتــه إلــي اللغــة الفهلويّــة ‪-‬وهــي‬ ‫اللغــة الفارســية القديمــة‪ ،-‬واختــار لهــذه‬ ‫المهمــة طبيبــه برزويــه لمــا عــرف عنــه‬ ‫أن برزويــه لــم‬ ‫مــن‬ ‫علــم ودهــاء‪ّ .‬إل ّ‬ ‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫يكتــفِ بنقــل بنجــا تنتــرا‪ ،‬بــل أضــاف‬ ‫إليــه حكايــات هنديــة أخــرى‪ ،‬أخــذ بعضهــا‬ ‫مــن كتــاب المهابهاراتــا المشــهور‪،‬‬ ‫وصَــدّر ترجمتــه بمقدّمــة تتضمّــن‬ ‫ســيرته وقصّــة رحلتــه إلــي الهنــد‪.‬‬ ‫وفــي مُنتصــف القــرن الثامــن الميــادي‪،‬‬ ‫نُقــل الكتــاب فــي العــراق مــن الفهلويــة‬ ‫إلــي العربيــة‪ ،‬وأُدرج فيــه بــابٌ جديــد‬ ‫تحــت عنــوان (الفحــص عــن أمــر دمنــة)‪،‬‬ ‫وأُلحقــت بــه أربعـ ُ‬ ‫ـول لــم ت ـ ِردْ فــي‬ ‫ـة فصـ ٍ‬ ‫النــصّ الفارســي‪ ،‬وكان ذلــك علــي يــد‬ ‫َ‬ ‫المقفّــع‪.‬‬ ‫عبــد اهلل بــن‬ ‫كتــاب كليلــة ودمنــة حافــل بالحكــم علــى‬ ‫لســان الحيــوان ال يــكاد يخلــو منهــا بــاب‬ ‫مــن أبوابــه حتــى أبــواب المقدمــات وكل‬ ‫بــاب يحتــوي علــى قصــة طويلــة تتداخــل‬ ‫فيهــا قصــص قصيــرة تتفــاوت طــوال تــرد‬ ‫فــي معــارض استشــهاد الشــخصيات بهــا‬ ‫فــي محاوراتهــم وتتداخــل مــع بعضهــا‬ ‫البعــض أحيانــا كمــا يتميــز هــذا الكتــاب‬ ‫بــأن أبوابــه منتظمــة ‪.‬‬ ‫كتــاب كليلــة ودمنــة هــو كتــاب هــادف‬ ‫فهــو ليــس مجــرد ســرد لحكايــات تشــتمل‬ ‫علــى خرافــات حيوانيــة بــل هــو كتــاب‬ ‫يهــدف إلــى النصــح الخلقــي واإلصــاح‬ ‫االجتماعــي والتوجيــه السياســي فبــاب‬ ‫الفحــص عــن أمــر دمنــة يتنــاول موضــوع‬

‫عبثيــة محــاوالت المجــرم للتهــرب مــن وجــه‬ ‫العدالــة وأنــه ال بــد أن ينــال قصاصــه العــادل‬ ‫كمــا يتنــاول هــذا البــاب واجبــات الســلطة‬ ‫القضائيــة وبــاب الحمامــة المطوقــة الــذي يدعــو‬ ‫إلــى التعــاون وبــاب األســد والثــور يكشــف عــن‬ ‫خفايــا السياســة الداخليــة فــي الدولــة وصــراع‬ ‫السياســيين وتنافســهم ويقــدم بــاب ايــاذ‬ ‫وبــاذ وايراخــت توجيهــات فــي أصــول الحكــم‬ ‫ويتنــاول بــاب البــوم والغربــان وبــاب الجــرذ‬ ‫والســنور السياســة الخارجيــة ويقــدم التوجيهــات‬ ‫فــي هــذا المجــال وتقــدم أبــواب القــرد والغيلــم‪،‬‬ ‫الناســك وابــن عــرس‪ ،‬األســد وابــن آوى‪ ،‬اللبــؤة‬ ‫واألســوار والشــغبر‪ ،‬الناســك والضيــف‪ ،‬الحمامــة‬ ‫والثعلــب ومالــك الحزيــن عظــات أخالقيــة فردية‬ ‫متنوعــة المواضيــع‪.‬‬ ‫وقــد ســمي بعنــوان أحــد قصصــه الهادفــة فــي‬ ‫مجموعهــا للوصــول إلــى مطلــب واحــد هــو‬ ‫إصــاح الملــك الظالــم‪ ،‬كغيــره‪.‬‬ ‫وهــو يمهــد للقصــة بحكمــة‪ ،‬ثــم يجعــل القصــة‬ ‫تفســيراً لهــذه الحكمــة‪ .‬كقولــه‪« :‬إن الــذي يعمــل‬ ‫بالشــبهة يكــون قــد صــدق مــا ينبغــي أن يشــك‬ ‫فيــه ‪ ...‬كالمــرأة التــي بذلــت نفســها لعبدهــا‬ ‫حتــى فضحهــا‪ ».‬وفكــرة الكتــاب قائمــة علــى‬ ‫الحــوار بيــن الفيلســوف بيدبــا والملــك دبشــليم‬ ‫فــي ســياق القصــة الرئيســية التــي انتظمــت‬ ‫الكتــاب والملخصــة فــي عــزم الفيلســوف الصابــر‬ ‫علــى التصــدي للحاكــم الظالــم وحماقاتــه‪ ،‬حتــى‬ ‫نجــح فــي تحقيــق هدفــه النبيــل‪ .‬وافتتحــه‬ ‫بقصــة برزويــه الطيــب الــذي كان لــه الفضــل‬ ‫فــي نســخ هــذه القصــة مــن إحــدى خزائــن‬ ‫ملــوك الهنــد‪.‬‬ ‫ومهمــا قيــل عــن أصــل القصــة الهنــدي‪،‬‬ ‫وترجمتهــا الفارســية‪ ،‬فــإن طابــع الثقافــة‬ ‫العربيــة ظاهــر فيهــا‪ ،‬خاصــة فــي بــاب الفحــص‬ ‫عــن أمــر دمنــة الــذي أضافــه عبــد ّ‬ ‫الل بــن‬ ‫المقفــع إلــى الكتــاب األصلــي قصــد اإلشــارة إلــى‬ ‫الثقافــة العربيّــة اإلســاميّة و مجــدا للقــارئ‬ ‫العربــي اإلســامي‪ .‬بــل إن األصــل الهنــدي قــد‬ ‫ضــاع‪ ،‬وظلــت الترجمــة العربيــة هــي المعــول‬ ‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫عليهــا فــي هــذا األثــر النفيــس كمــا‬ ‫يقــول عبــد الوهــاب عــزام فــي مقدمــة‬ ‫نشــرته للكتــاب معتمــداً نســخة مكتبــة‬ ‫آيــا صوفيــا‪ ،‬وقــد كتبــت عــام ‪618‬هــ‍‪.‬‬ ‫ويفصــل ابــن المقفــع هدفــه مــن‬ ‫هــذه الترجمــة تحــت عنــوان (غــرض‬ ‫الكتــاب) بأنــه قصــد بــه اســتمالة قلــوب‬ ‫الملــوك وأهــل الهــزل مــن الشــبان‪،‬‬ ‫ليكثــر انتســاخه‪ ،‬وال يبطــل علــى مــرور‬ ‫األيــام‪ .‬ويدعــو طالــب الحكمــة إلــى‬ ‫إدامــة النظــر فيــه‪ ،‬والتمــاس جواهــر‬ ‫معانيــه (وال يظــن أن مغــزاه هــو اإلخبــار‬ ‫عــن حيلــة بهيمتيــن‪ ،‬أو محــاورة ســبع‬ ‫لثــور‪ ،‬فينصــرف بذلــك عــن الغــرض‬ ‫المقصــود)‪ .‬وقــد حــذا حــذوه كثيــرون‪،‬‬ ‫لــم تلــق أعمالهــم صــدى يذكــر‪.‬‬ ‫كترجمــة عبــد اهلل بــن األهوانــي‪،‬‬ ‫ومنظومــة أبــان بــن عبــد المجيــد بــن‬ ‫الحــق‪ ،‬الــذي نظــم كليلــة ودمنــة فــي‬ ‫‪ 14‬ألــف بيــت‪ ،‬وصلتنــا قطعــة منهــا فــي‬ ‫كتــاب األوراق للصولــي‪ ،‬وحــاكاه فــي‬ ‫ذلــك شــعراء آخــرون‪ ،‬منهــم‪ :‬علــي بــن‬ ‫داوود وبشــر بــن المعتمــر‪ ،‬وأبــو المــكارم‬ ‫أســعد بــن خاطــر‪ .‬وقــام بترجمتهــا إلــى‬ ‫العبريــة عليــزار بــن يعقــوب (ت‪1232‬م)‬ ‫وهــي غيــر ترجمــة الحاخــام يوئيــل‪.‬‬ ‫وفــي (بيــروت ‪ )1964‬أعــاد إليــاس‬ ‫خليــل زاخــر نشــرة الكتــاب معتمــدا علــى‬ ‫نســخة أياصوفيــا ونســخة مكتبــة ديــر‬ ‫البشــير بســوق الغــرب‪ ،‬وقــد كتبــت عــام‬ ‫‪739‬هــ‍ ومخطوطــة نــوري الكيالنــي‬ ‫(حمــاة) المكتوبــة عــام ‪1200‬هـ‍ ونســخة‬ ‫خليــل اليازجــي المعروفــة بنســخة‬ ‫مكتبــة صــادر ببيــروت‪ ،‬ونســخة المكتبــة‬ ‫األهليــة ببيــروت‪ ،‬المنقولــة عــن نســخة‬ ‫الشــيخ جمــال الديــن القاســمي‪ ،‬وقــد‬ ‫كتبــت عــام ‪1086‬هــ‍‪.‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 31‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 31‬أكتوبر ‪2013‬‬


‫صحتك غذاؤك ‪ :‬الرمان‬ ‫األستاذة‪ :‬عبدالهادي فاطمة ‪ -‬اخصائية في علم التغذية ‪-‬‬

‫قــال اهلل تعالــى‪....« :‬والزيتــون‬ ‫والرمــان مشــتبها وغيــر متشــابه‪،‬‬ ‫انظــروا إلــى ثمــره إذا أثمــر‬ ‫وينعــه إنــا فــي ذلكــم آليــات‬ ‫لقــوم يؤمنون»(األنعــام ‪)99/‬‬ ‫وقــال تعالــى‪« :‬وهــو الــذي‬ ‫أنشــأ جنــات مفروشــات وغيــر‬ ‫مفروشــات والنخــل والــزرع‬ ‫مختلفــا أكلــه ‪،‬والزيتــون والرمــان‬ ‫متشــابها وغيــر متشــابه كلــوا‬ ‫مــن ثمــره إذا أثمــر وآتــوا حقــه‬ ‫يــوم حصــاده وال تســرفوا إنــه‬ ‫ال يحــب المســرفين»(األنعام ‪/‬‬ ‫‪.)141‬‬ ‫وقــال تعالــى‪« :‬فيهمــا فاكهــة‬ ‫ونخــل ورمــان» (الرحمــان ‪.)68/‬‬ ‫هــذه اآليــات الثــاث التــي‬ ‫ذكــر فيهــا الرمــان فــي القــرآن‬ ‫الكريــم‪ ،‬ففــي األولــى نــرى أن‬ ‫اهلل ســبحانه وتعالــى يأمرنــا‬ ‫بالنظــر الــى الرمــان‪ ،‬وال يفهــم‬ ‫مــن النظــر مجــرد النظــر‬ ‫لالســتمتاع‪ ،‬بــل للتفكــر بإتقــان‬ ‫صنــع الخالــق‪ ،‬كمــا يفهــم منــه‬ ‫مجلة إبداع ‪ / 32‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫البحــث والتحــري عنــه وعــن فوائــده‪ ،‬وفــى‬ ‫الثانيــة يأمرنــا اهلل تعالــى بــاألكل مــن‬ ‫الرمــان‪ ،‬أمــا اآليــة الثالثــة يذكــر الرمــان‬ ‫علــى أنــه مــن ثمــار الجنــة‪ ،‬وهــذا ال يعنــي‬ ‫أن أهــل الجنــة بحاجــة للعــاج‪ ،‬لكــن اهلل‬ ‫أكــرم هــذه الثمــرة فجعــل فيهــا الشــفاء‬ ‫ألهــل الدنيــا‪ ،‬وجعــل فيهــا اللــذة والمتعــة‬ ‫ألهــل اآلخــرة‪ .‬فدعونــا إذا نطــرق بــاب‬ ‫هاتــه الفاكهــة ونتطــرق لمعرفتهــا مــن‬ ‫خــال بعــض مــا كشــف مــن أســرارها مــن‬ ‫قبــل العلــم الحديــث‪.‬‬ ‫تقــول الموســوعات أن للرمــان ‪ 3‬أنــواع‬ ‫‪:‬الحامــض‪ ،‬المعتــدل‪ ،‬الحلــو وهــو مفــرط‬ ‫الحــاوة الــذى ينتــج فــي ســوريا ولبنــان‪.‬‬ ‫ولكــن فــي بالدنــا نســتطيع أن نلخــص‬ ‫أنــواع الرمــان فــي نوعيــن علــى العمــوم‬ ‫وهمــا‪ :‬الحامــض و الحلو(معتــدل الحــاوة)‪.‬‬ ‫الرمــان يفضــل الحــرارة وليــس الطقــس‬ ‫البــارد‪ ،‬ويتأقلــم بشــكل جيــد فــي جميــع‬ ‫أنحــاء دول البحــر األبيــض المتوســط‪ ،‬وهو‬ ‫مــن أغــرب وأجمــل أنــواع الفاكهــة التــي‬ ‫عرفتهــا البشــرية منــذ القــدم‪ ،‬وتقــول‬ ‫المعلومــات أن أصــل الرمــان يعــود الــى‬ ‫إيــران‪ ،‬أفغانســتان‪ ،‬تركيــا ثــم الهنــد‪.‬‬ ‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫يحتوي ثمر الرمان الحلو على‪ :‬‬ ‫مــواد ســكرية ‪ ،‬حمــض الليمــون‬ ‫مــاء ‪ ،‬بروتيــن ‪ ،‬اليــاف ‪ .‬كمــا يحتــوي‬ ‫علــى نســب متفاوتــة مــن األمــاح‬ ‫المعدنيــة‪ :‬الفوســفور‪ ،‬الكبريــت‪،‬‬ ‫البوتاســيوم‪ ،‬المنغنيــز‪ ،‬فيتاميــن‬ ‫‪ A ,B‬ونســبة قليلــة مــن الحديــد‬ ‫وفيتاميــن‪. C‬‬ ‫قــال اإلمــام علــي (رض) ‪»:‬كلــوا‬ ‫الرمــان بشــحمه‪ 1‬فإنــه دبــاغ‪2‬‬ ‫للمعــدة» لــذا نــراه كان يحــرص على‬ ‫جمــع كل محتــوى الرمانــة‪ ،‬فيأخــذ‬ ‫كل فصوصهــا‪ ،‬حتــى يصيــب حبــة‬ ‫الجنــة‪ ،‬مصداقــا لقــول رســول اهلل‬ ‫(ص)‪»:‬مــا مــن رمانــة اال ولقحــت‬ ‫مــن رمــان الجنــة‪ ،‬ومــا رمانــة إال‬ ‫فيهــا حبــة مــن رمــان الجنــة»‪.‬‬ ‫الرمــان مــن الفواكــه التــي كرمــت‬ ‫بذكرهــا فــي القــرآن الكريــم‪ ،‬حديث‬ ‫الرســول‪ ،‬وروايــات الصحابــة الكــرام‬ ‫فلــذا يعــد صيدليــة كاملــة مــن‬ ‫الفوائــد الصحيــة لجســم االنســان‪،‬‬ ‫فدعونــا نفتحهــا لنعــرف بعــض‬ ‫هــذه الفوائــد التــي لــم يســتطع‬


‫حتــى العلــم الحديــث المتطــور ملحوظــة فــي تقويــة اللثــة‪ ،‬خاصــة عنــد‬ ‫الكشــف عــن جلهــا‪ ،‬بــل إنــه كل يــوم االشــخاص الذيــن يعانــون مــن نزيفهــا‬ ‫الســيما عنــد غســل األســنان بالفرشــاة‪.‬‬ ‫يرفــع الســتار عــن جانــب منهــا‬

‫فوائد الرمان‪:‬‬

‫القشــور‪ :‬الــذي نرميــه دائمــا فــإذا‬‫نظرنــا إلــى فوائــده عرفنــا حكمــة‬ ‫أجدادنــا اذ كانــوا يجففونــه ثــم‬ ‫يطحنــوه ليصبــح مســحوقا‪.‬‬ ‫يحتــوي قشــر الرمــان علــى نســبة‬‫معتبــرة مــن حمــض الغلوتانيــك‬ ‫وعلــى البليتريــن‪ ،‬فيفيــد مغلــى‬ ‫القشــور فــي حــاالت اإلســهال‪ ،‬ولــه‬ ‫مفعــول قــوي فــي طــرد الــدودة‬ ‫الشــريطية‪ 3‬مــن األمعــاء‪.‬‬ ‫لــه خاصيــة تثبيــت األلــوان لــذا‬‫يســتعمل فــي صبغــات الشــعر‬ ‫الطبيعيــة كالحنــاء‪.‬‬ ‫منقــوع مســحوق قشــور الرمــان‬‫بمعــدل ملعقــة صغيــرة مــع مــلء‬ ‫كــوب مــاء مغلــي ويتــرك لمــدة‬ ‫‪ 10‬دقائــق‪ ،‬ثــم يصفــى ويشــرب‬ ‫مــن ‪ 3‬إلــى ‪ 4‬مــرات فــي اليــوم‬ ‫لعــاج البواســير وحموضــة المعــدة‬ ‫والحرقــان (بالطبــع فــي الحــاالت‬ ‫العاديــة وليســت المزمنــة أو الحــاالت‬ ‫المتأخــرة والتــي عالجهــا عنــد‬ ‫الطبيــب)‪ ،‬ونظــرا لشــدة مــرارة هــذا‬ ‫المنقــوع فهنــاك طريقــة أخــرى‬ ‫مجربــة وهــي إضافــة ملعقــة مــن‬ ‫المســحوق إلــى علبــة ياغــورت‪،‬‬ ‫تخلــط جيــدا ثــم يتــم تناولهــا‪.‬‬ ‫اســتعمله الفراعنــة علــى هيئــة‬‫لبخــات لحــاالت الجــرب‪ ،‬القــروح‪،‬‬ ‫الجــروح‪ ،‬التهابــات الجلد التحسســية‪،‬‬ ‫وبعــض األمــراض األخــرى‪ ،‬واليــوم‬ ‫الكثيــر مــن يســتعمل المســحوق‬ ‫أو محــروق القشــور مــع عســل‬ ‫النحــل كدهــان موضعــي لألمــراض‬ ‫الجلديــة‪.‬‬ ‫حــاالت الدســنتاريا االمبيــة‪ 4‬الحــادة‬‫يغلــى القشــور ويشــرب‪.‬‬ ‫‪2‬أزهــار الرمــان ‪ :‬مغلــى أزهــار‬‫الرمــان يفيــد فــي عــاج أمــراض‬ ‫اللثــة وترهلهــا‪ ،‬وحتــى إن لــم نجدهــا‬ ‫فالمضمضــة بمغلــي القشــور عــدة‬ ‫مــرات فــي اليــوم أبــدى فعاليــة‬

‫‪3-‬عصير الرمان‪:‬‬

‫يشفي الصداع وضعف النظر‪.‬‬‫المواظبــة عليــه يوميــا يضمــن التمتــع‬‫بشــرايين ســليمة شــابة ومرنــة‪ ،‬فقــد‬ ‫وجــد الباحثــون أن تنــاول مقــدار قليــل مــن‬ ‫شــراب الرمــان كل يــوم يعكــس التصلــب‬ ‫والتضييــق فــي الشــرايين الســباتية‬ ‫المغذيــة للرقبــة والدمــاغ‪ ،‬ممــا يســاعد‬ ‫فــي الوقايــة مــن مضاعفــات التصلــب‬ ‫الشــرياني المســبب للســكتات الدماغيــة‬ ‫وأمــراض الخــرف‪ ،‬وذلــك الحتوائــه علــى‬ ‫مجموعــة كبيــرة مــن المــواد القويــة‬ ‫المضــادة لألكســدة‬ ‫والتانيــن‬ ‫الفينوليــة‬ ‫كالمركبــات‬ ‫وأنتوســيانين التــي تعيــق عمليــات‬ ‫تأكســد البروتينــات الشــحمية قليلــة‬ ‫الكثافــة الحاملــة للكولســترول الســيء‬ ‫والمســببة لتصلــب الشــرايين(أي أنهــا‬ ‫تجعــل الكولســترول الســيء أقــل حساســية‬ ‫للتأ كســد ) ‪.‬‬ ‫يعيــق العمليــات المؤديــة إلــى النوبــات‬‫القلبيــة‪.‬‬ ‫نشــرت صحيفــة التايمــز البريطانيــة أن‬‫الباحثيــن يؤكــدون علــى شــرب عصيــر‬ ‫الرمــان‪ ،‬فهــو ال يحافــظ فقــط علــى‬ ‫اســتقرار مــرض الســرطان وعــدم تطــوره‪،‬‬ ‫بــل يســاعد فــي قتــل خاليــا الســرطان‬ ‫عبــر التدميــر الذاتــي‪.‬‬ ‫مفيد لحاالت الحمى الشديدة‪.‬‬‫عصيــر الرمــان مــع القليــل مــن الســكر‬‫يعالــج حــاالت االمســاك‪.‬‬ ‫يقلــل مــن تكــدس البروتينــات الشــحمية‬‫الضــارة كالتــي تتكــدس جهــة البطــن‪.‬‬ ‫ونحــن إذا قلنــا عصيــر الرمــان فهــو ذلــك‬ ‫الطبيعــي الــذي نحضــره فــي البيــت مــن‬ ‫البــذور واألغشــية كمــا قــال االمــام علــي‬ ‫رضــي اهلل عنــه فــإن أكل الرمــان بشــحمه‬ ‫مفيــد جــدا للمعــدة‪ ،‬بــل إن المواظبــة علــى‬ ‫تنــاول الرمــان ينقــي الــدم ويقــاوم عســر‬ ‫الهضــم‪.‬‬ ‫قطــرات مــن بــذور الرمــان ممزوجــة‬‫بالعســل ممتــازة لكثيــر مــن متاعــب األنف‪.‬‬ ‫تنــاول الرمــان مــع المــواد الدســمة‬‫والثقيلــة يســاعد فــي عمليــة الهضــم‪ ،‬ففي‬ ‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫دول المشــرق العربــي لهــم وصفــات‬ ‫غذائيــة تقليديــة ومعروفــة فــي‬ ‫نظامهــم الغذائــي مــن مكوناتهــا‬ ‫األساســية الرمــان وهــي كطبــق‬ ‫رئيســي‪ ،‬ونحــن إن لــم تصلنــا هــذه‬ ‫الثقافــة فعلــى االقــل علينــا تناولــه‬ ‫كتحليــة أو عصيــر مــع األكل خاصــة‬ ‫أكالتنــا الشــعبية الثقيلــة والدســمة‪.‬‬ ‫الرمــان الحامــض مفيــد جــدا فــي‬‫حالــة الســعال الحــاد والمزمــن‬ ‫وخشــونة الحلــق وأوجــاع الصــدر‪.‬‬ ‫ليــس هــذا فقــط بــل إن فــي‬‫أوربــا يســتخرج مــن جــذور الرمــان‬ ‫مــادة مخــدرة تفيــد فــي العــاج‬ ‫ا لكيميا ئــي ‪.‬‬ ‫كانــت هــذه بعــض فوائــد الرمــان‬ ‫التــي مــا توصل إليــه العلــم الحديث‪،‬‬ ‫كمــا قلنــا ســابقا إذا تتبعنــا األبحــاث‬ ‫نجــد كل يــوم يذكــر الجديــد عــن‬ ‫هــذه الفاكهــة العظيمــة‪ ،‬فالحمــد هلل‬ ‫ســعرها فــي متنــاول األغلبيــة فــي‬ ‫الصيــف بحكــم أنهــا فاكهــة صيفيــة‪،‬‬ ‫بــل إن حفظهــا ســهل ويدوم ألشــهر‪،‬‬ ‫فهنــاك الطريقــة التقليديــة وهــي‬ ‫أن تأخــذ الرمــان بأعوادهــا مــن‬ ‫الشــجرة وتعلــق فــي غرفــة بســقف‬ ‫لتجــف القشــرة بالهــواء الطلــق‪ ،‬أو‬ ‫توضــع كل رمانــة جيــدة فــي كيــس‬ ‫الحفــظ علــى حــدى وتجمــع فــي‬ ‫صنــدوق الثالجــة‪ ،‬وهنــاك طريقــة‬ ‫فتــح الرمــان وجمــع الحــب وخلطــه‬ ‫بالســكر ثــم توضــع كميــات مناســبة‬ ‫فــي أكيــاس الحفــظ ونضعهــا فــي‬ ‫قســم التجميــد ووضــع الســكر لكــي‬ ‫ال يجمــد الرمــان بالدرجــة الكاملــة‬ ‫وبالتالــي نســتطيع اســتعماله بوقت‬ ‫قصيــر بعــد إخراجــه‪.‬‬ ‫إذا فالرمــان لحضــوره الهــام فــي‬ ‫جميــع الحضــارات ولغنــى ثمرتــه‬ ‫بالمــواد الغذائيــة والطبيــة منــذ‬ ‫القــدم يســتحق أن نطلــق عليــه‬ ‫اســم ســيد المائــدة فهــو أهــل‬ ‫ليكــون حاضــرا فــي كل وجبــة أو‬ ‫لعــل مــن يتصفــح هــذا الموضــوع‬ ‫يجــد للرمــان اســما يليــق ويجــدر أن‬ ‫يكــون صفــة لهــذه الفاكهــة‪.‬‬ ‫مجلة إبداع ‪ / 33‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 33‬أكتوبر ‪2013‬‬


‫فاطمة بخوش‬

‫ إن تاريــخ ابتــداء ممارســة التدخيــن‬‫غيــر معــروف بالضبــط لكــن عندمــا وصــل‬ ‫كريســتوف كلومبــوس مــع رجالــه األســبان‬ ‫ألول مــرة إلــى أمريكا الوســطي مستكشــفا‬ ‫القــارة الجديــدة فــي عــام ‪ ،1462‬الحــظ‬ ‫أن بعــض ســكان مدينــة ســان ســلفادور‬ ‫يدخنــون الســجائر‪ ،‬ثــم انتقلــت هــذه‬ ‫العــادة مــن المكســيك الــى المكتشــفين‬ ‫االســبانيين ومــن ثــم انتشــر فــي القــرن‬ ‫الخامــس عشــر فــي أنحــاء القــارة‬ ‫األوروبيــة ‪ ،‬وازداد انتشــاره فــي القــرن‬ ‫الســادس عشــر بعــد انتصــار اســبانيا حيــث‬ ‫اقبــل النــاس عليــه للتغلــب علــى الجــوع و‬ ‫التعــب و البــرد‪ ،‬ممــا أدى الــى إدمــان التبــغ‪.‬‬ ‫التبــغ هــو نبــات مــن الفصيلــة الباذنجانية‬‫رائحتــه كريهــة مخــدرة‪ ،‬ويقــال أن أصــل‬ ‫كلمــة »تبــغ « أو «‪»Tobago‬تعنــى‬ ‫«الغليــون» بلغــة الهنــود‪ ،‬وقــال بعضهــم‬ ‫إنــه اســم لجزيــرة فــي خليــج المكســيك‬ ‫وجــد فيهــا‪.‬‬ ‫ وهــو مركــب كيميائــي يحتــوي علــى ‪4‬‬‫‪)000‬مــادة( تضــر بالصحــة العامــة للفــرد‪.‬‬ ‫وأخطــر ثــاث عناصــر فــي التبــغ هــي‬ ‫(النيكوتيــن‪ ,‬القطــران‪ ,‬أكســيد الكربــون)‪.‬‬ ‫ النيكوتيــن‪ :‬مــادة كيميائيــة ســامة‪( ،‬‬‫‪ 50‬ملجــم) مــن هــذه المــادة كافيــة لقتــل‬ ‫إنســان بالــغ عنــد حقنهــا دفعــة واحــدة فــي‬ ‫الوريــد‪ ،‬و هــي العنصــر األساســي المســبب‬ ‫لإلدمــان ومــن تأثيراتهــا‪:‬‬ ‫ تقلــل مــن حركــة االهــداب الصغيــرة‬‫جــدا التــي تســاعد علــى إزالــة المخــاط مــن‬ ‫المجــاري الهوائيــة بالرئتيــن‪.‬‬ ‫ تســاعد علــى إفــراز االبنفيريــن‬‫‪،‬االدريناليــن والنــور أدريناليــن التــي‬ ‫تــؤدي إلــى زيــادة ســرعة ضربــات القلــب‬ ‫وعــدم انتظارهــا‪.‬‬ ‫تســبب انقباضــا فــي أوعيــة الــدم‬‫الصغيــرة فــي العيــن‪.‬‬ ‫تؤثر في الجهاز العصبي‪.‬‬‫ غــاز أكســيد الكربــون ‪:‬ينتــج عــن‬‫احتــراق التبــغ و الــورق الملفــوف بــه‬ ‫الســجائر وهــو ضــار جــدا‪ .‬يقلــل مــن‬

‫مجلة إبداع ‪ / 34‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫التدخـني‪.....‬‬ ‫نقــل األكســجين المحمــل بكريــات الــدم الحمــراء إلــى‬ ‫أنســجة الجســم خاصــة عضلــة القلــب‪ ،‬ويهيــج الغشــاء‬ ‫المخاطــي للفــم والقصبــات و الشــعب والحويصــات‬ ‫الهوائيــة‪.‬‬ ‫القطــران ‪:‬مــادة لزجــة مســرطنة تشــبه الزفــت‪،‬‬‫وهــي «هيدروجيــن فحمــي» ينتــج مــن احتــراق التبــغ‬ ‫ويــؤدي إلــي انســداد المجــاري التنفســية ‪.‬‬ ‫ االكاســيد النيتروجينيــة ‪:‬يــؤدي إلــى زيــادة إفــرازات‬‫الغشــاء المخاطــي للقصبــات الهوائيــة و يســبب تضخــم‬ ‫الغــدد الليمفاويــة فــي القصبــات الهوائية‪.‬‬ ‫ غــاز النشــادر الــكاوي ‪:‬مــادة الســعة تــؤدي إلــى‬‫تكويــن الطبقــة الصفــراء علــى ســطح األســنان‪.‬‬ ‫ويــؤذي غــدد الطعــم والــذوق الموجــودة علــى اللســان‪.‬‬ ‫ويزيــد مــن إفــراز اللعــاب‪.‬‬ ‫ مــادة البولونيــوم ‪:‬مــادة لهــا نشــاط إشــعاعي‬‫بســبب الســماد الفوســفاتي الــذي تســتخدمه مــزارع‬ ‫التبــغ‪ ،‬غنيــة بمــادة اليورانيــوم و تســاعد علــى‬ ‫اإلصابــة بالســرطان‪.‬‬ ‫وهنــاك مــواد أخــرى منهــا ‪ :‬البريديــن‪,‬‬‫البوتاس‪,‬النيكوتيانيــن‪ ,‬االيدروجيــن‪ ,‬وحامــض‬ ‫البرســيك‪ ،‬الرصــاص الثقيــل الســام‪ .‬الزرنيــج ‪،‬‬ ‫الفورمالديهايــد ‪ ،‬األســيتون ‪ ،‬النيــكل ‪ ،‬النيتروزميــن ‪،‬‬ ‫الســيانيد ومــواد مُطيبــة‪.‬‬ ‫ طرق تعاطي التبغ‪:‬‬‫طريقة السيجارة ‪ ،‬الغليون أو البايت» التمباك»‬‫ طريقة النرجيلة ( الشيشة)‬‫ طريقة المضغ (علكة تحتوي على النيكوتين(‬‫طريقة الشمة( مخلوط من الرماد مع التبغ(‬‫ دواعي التدخين‪.‬‬‫ التسلية‪ ،‬الراحة و الوهم بالمتعة‪.‬‬‫ التنبيه‪.‬‬‫ الولع‪.‬‬‫ التقليد( التدخين عند االطفال)‪.‬‬‫ إثبــات الــذات فــي ســن المراهقــة و إثبــات الرجولــة و‬‫تعويــض الفشــل دراســي‪.‬‬ ‫احياناالتدخين هو عادةعصبيةالشعورية‪.‬‬‫أثــاره علــى الصحــة ‪ :‬أن حجــم ضحايــا التدخيــن بلــغ‬‫‪ 3،5‬مليــون إنســان حســب آخــر إحصــاءات منظمــة‬ ‫الصحــة العالميــة وهــو ضــرر للمدخــن والمجتمــع‬ ‫والبيئــة حيــث أن المدخــن يستنشــق حوالــي ‪ % 15‬فقط‬ ‫مــن محتويــات الســيجارة بينمــا يستنشــق اآلخــرون‪85‬‬ ‫‪ %‬وهــذا مــا يطلــق عليــه التدخيــن الســلبي‪.‬‬ ‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫التدخيــن هــو الســبب الرئيســي للكثيــر مــن‬‫األمــراض معظمهــا تــؤدي إلــي المــوت‬ ‫الســرطان‪ :‬ســرطان الرئــة (‪ % 85‬مــن حــاالت‬‫ســرطان الرئــة تحــدث بيــن المدخنيــن)‬ ‫الشــفتين‪ ،‬اللســان‪ ،‬الفــم‪ ،‬الحنجــرة‪ ،‬البلعــوم‪،‬‬ ‫المــرئ‪ ،‬المعــدة‪ ،‬البنكريــاس ‪،‬ســرطان المثانــة‬ ‫البوليــة وســرطان عنــق الرحــم‪.‬‬ ‫الحساســية والتهابــات أنســجة الجهــاز‬‫التنفســي ( األنــف‪ ،‬الجيــوب األنفية ‪ ،‬الشــعيبات‬ ‫الهوائيــة )‪ ،‬إضافــة الــى مضــار أخــرى علــى‬ ‫الجهــاز التنفســي تشــمل االلتهابــات الشــعبية‬ ‫المزمنــة ‪ ،‬انتفــاخ الرئــة ‪ ،‬تضخــم الغــدد‬ ‫الليمفاويــة بالصــدر ويعــرض اإلنســان إلــى‬ ‫تكــرار اإلصابــة بالــزكام‪.‬‬ ‫التهــاب الفــم والحلــق والبلعــوم‪ ،‬أمــراض‬‫اللثــة و تســاقط األســنان باإلضافــة الــى‬ ‫الرائحــة الكريهــة المميــزة لفــم المدخنيــن‪.‬‬ ‫للتدخيــن تأثيــرات ضــارة علــى الجهــاز‬‫الهضمــي تضــم الخلــل فــي غــدد التــذوق‬ ‫باللســان‪ ،‬عســر الهضــم‪ ،‬قرحــة المعــدة والــذي‬ ‫يمهــد لإلصابــة بســرطان المعــدة و االثنــى‬ ‫عشــر ‪.‬‬ ‫ اضطرا بات بالذاكرة‬‫ أضــرار بالرؤيــة‪ ،‬إضافــة الــى تهيــج العيــن و‬‫ضمــور أعصــاب اإلبصــار‪.‬‬ ‫ للتدخيــن آثــاره الســلبية حتــى علــى الجلــد‬‫و الشــعر ممــا يــؤدي الــى الشــيخوخة المبكــرة‬ ‫وزيــادة تجاعيــد البشــرة والجلــد ولــه تأثيــر‬ ‫مدمــر علــى حيويــة اإلنســان‪.‬‬ ‫‪-.‬تدخيــن األم الحامــل يؤثــر بشــدة علــى‬ ‫الجنيــن والحمــل ويســبب اإلجهــاض التلقائــي‬ ‫وضعــف المناعــة الطبيعيــة لــدي المواليــد‬ ‫حيــث تــزداد لديهــم معــدالت اإلصابــة‬ ‫بالنــزالت الشــعبية الحــادة ‪ ،‬و حساســية‬ ‫الصــدر‪.‬‬ ‫ آثــار أخــرى مهمــة كاآلثــار االجتماعيــة‪ ،‬و‬‫النفســية‪ ،‬و االقتصاديــة‪ ،‬و البيئيــة‪.‬‬


‫‪Ibdaa.univ.batna.com‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 35‬أكتوبر ‪2014‬‬

‫مجلة إبداع ‪ / 35‬أكتوبر ‪2013‬‬


Ibdaa.univ.batna.com

2014 ‫ أكتوبر‬/ 36 ‫مجلة إبداع‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.