أحباث يف سنن تغيَت النفس واجملتمع اقرأ وربك األكرـ
جودت سعيد ع .ر .ا بسم اهلل الرضبن الرحيم الطبعة األوىل ٔٗٓٛىػ ٜٔٛٛ -ـ صبيع اغبقوؽ ؿبفوظة للمؤلف دمشق -ص.ب ٘ٓٔٙ طبع دبوافقة اإلفتاء العاـ والتدريس الديٍت بدمشق رقم ٜٓٙتاريخ ٜٔٔٛٙ/ٔٓ/ وموافقة وزارة اإلعبلـ -مديرية الرقابة رقم ٘ ٖٜٛٔتاريخ ٖٕٜٔٛٚ/ٚ/ بسم اهلل الرضبن الرحيم اغبم ُد هللِ َْ وسبلـ علَى ِعب ِاده الَّ ِ ين اصط َفى ذ ََ ٌ َ َ َ َربػَّنَا تَػ َقبَّ ْل ِمنَّا ك أنْت َّ ِ العليِ ُم إِنَّ َ َ يع َ السم ُ
الرِحي ِم الر ْضبَ ِن َّ بِ ْس ِم اللَّ ِو َّ ك الَّ ِذي َخلَ َق (ٔ) َخلَ َق ِْ نسا َف اإل اس ِم َربِّ َ اقْػَرأْ بِ ْ َ ك ْاألَ ْكَرُـ (ٖ) الَّ ِذي ِم ْن َعلَ ٍق (ٕ) اقْػَرأْ َوَربُّ َ َّ ِ ِ َّ ِ نسا َف َما ََلْ يَػ ْعلَ ْم (٘) َعل َم بالْ َقلَم (ٗ) َعل َم ْاإل َ مقدمة بسم اهلل ،واغبمد هلل ،وسبلـ على عباده الذين اصطفى .. قػػاـ موعػػوع ىػػذا ال تػػاب يف ذىػػٍت منػػذ وقػػت بعيػػد ،وَل أزؿ أقلبػػو وأعارعػػو وأعػػرض عليو خبلؿ سنوات .وقد استقر يف نفسي بنتيجة الثقافة اليت تشيع بيننا أف العلم ينبغي أف ي وف موعوع حبث حىت ت وف لو معاَل واعػةة ،وقػد الح ػت أف كثػَتاً مػن سػلطاف ىػذا العلػػم يرجػػع إىل االعتقػػاد (األيديولوجيػػة) والتسػػليم والرىبػػة واؽبيبػػة أكثػػر فبػػا يرجػػع إىل الف ػػم والتةليػػل الػػدقيق ،حبيػػث يب ػػن أف نػػلعم أف العلػػم يػػؤدي دوراً أسػػطورياً أكثػػر منػػو علمي ػاً ، فػػر م اسػػم العلػػم فػ ف الػػدور والوظيفػػة أسػػطورية (ٔ) ـبتلطػػة ربمػػل اػبرافػػات وكػػل الػًتاث البشري اؼبختلط . لذلك رأيت أف من اؼبفيد التوجو إىل دراسة العلػم -مػع اعػًتايف دبةدوديػة مػا أملػك - وأنو ال بد من البدء بطرح اؼبوعوع لنتوجو إىل العقوؿ بتةديد معٌت العلػم وسبةيهػو .ولقػد كػاف ىػذا يف ذىػٍت حػػُت بػدأت ال تابػة ،ول ػن أينػػاء اؼبعػي يف اؼبوعػوع تبػُت أف قػػانوف سػػَت العلػػم مػرتبط بػػالقراءة ،فمػػن يتأمػػل كيػػف نشػػأ العلػػم وكيػػف بػػدأ ،يبلحػػل أف العلػػم َل يأخ ػػذ دوره الواس ػػع إال م ػػع اكتش ػػاؼ ال تاب ػػة ،ألف التج ػػارب كان ػػت تع ػػيع وسب ػػوت دب ػػوت أصةاهبا ،وألف الذاكرة ليست مأمونػة للةفػل ،ا اكتسػبت التجػارب واؼبعػارؼ اػبلػد مػع (ٔ) صار العلم ش ادات وألقابػاً ،كمػا أف الػدين صػار طقوسػاً وأظبػاء ،ف ثػَت فبػا نسػميو علمػاً لػيس بعلػم ،ويقػوـ بػدور أسػطوري ووبمل اػبرافات ( ما ؽبم بو من علم إف يتبعوف إال ال ن وما هتوى األنفس ) .
ظ ػػور ال تابػػة ،ف ػػأف اإلنسػػاف ملػػك ذاكػػرة ػػَت قابلػػة للمػػوت ،وىػػذا شػػيء م ػػم يف حيػػاة العلم .كما أف ما ي شفو فرد من العلم صار يعمم بيسر إىل سائر األفراد فػبل وبتػاجوف إىل ػف مل ػاً لئلنس ػػانية .وإف ج ػػود وحبػػوث إلعػػادة ال ش ػػف ،فقػػد صػػار ىػػذا ال ػػذي أُكتُشػ َ لتقييد ال شف وتعميمو الهدارة يف مبو العلم ،ونبػا ال يتمػاف إال بال تابػة ،وبعبػارة أخػرى ال وبفل ما عرؼ واكتشف وال ينتقل إىل اآلخرين إال بال تابة .وؽبذا يب ػن أف نقػوؿ إ إف ال شف واغبفل والتعميم متممات للعلم ومولدات لو ،ف ذا كػاف العلػم يػتم بال شػف ف نػو ينمػػو بػػاغبفل والتعمػػيم ويػػؤدي وظيفتػػو ،وكمػػا أف ال شػػف قػػد صػػار متوقف ػاً علػػى اغبفػػل والتعم ػػيم ف ػ ف العل ػػم -وإف ب ػػدأ قب ػػل التس ػػجيل واإلش ػػاعة َ -ل يرسػػخ ؾب ػػده إال بالتس ػػجيل واإلشػػاعة ،وَل يعػػرب أطنابػػو إال هبمػػا ،وسػػوؼ ي ػػل مرتبطػاً هبمػػا .ومػػن ىنػػا صػػار العلػػم بػػالقلم والقػراءة ال ف ػػاؾ لػػو ،ومػػن ىنػػا وجػػدت أف ي ػػوف عنػواف ىػػذا ال تػػاب ( اقػرأ وربػػك األكرـ الذي علم بالقلم ) . إف اؽبدؼ ىو العلم ول ن متوقف على القراءة ،ف ي رحم العلم اليت هبا ينمػو ويتطػور ،وإف العلػػم اظفػػوظ اؼبعمػػم ىػػو الػػذي يولػػد العلػػوـ اعبديػػدة ،وإف العلػػم يػػلداد دبقػػدار مػػا يتسػػنمو مػػن ىػػرـ واسػػع مرتفػػع مػػن العلػػم اظفػػوظ اؼبعمػػم .وؽبػػذا كػػاف أوؿ مػػا نػػلؿ يف خػػر رسػػالة مػػن السػػماء كلمػػة ( اقػرأ ) قبػػل أي كلمػػة أخػػرى يف العقيػػدة أو اإليبػػاف أو العبػػادة . وؽبػػذا أيع ػاً حػػدد اهلل ربهػػيل العلػػم بػػالقلم ( علَّػػم بػػالقلم ) .وىػػذا التهػػور ىػػو مػػا جعلػػٍت أعدؿ عن جعل عنواف ال تاب ( العلم ) إىل العنواف اعبديد. أجل األعمػاؿ الػيت علػى أىػل العلػم أف يقومػوا هبػا أف يسػ لوا مػا يقػرأ ويبسػطوه وإف من ّ ويوجلوه لتتةقق فائدة القراءة. وعلػػى الػػر م مػػن أف ال تابػػة ظ ػػرت منػػذ طبسػػة الؼ عػػاـ ،إال أف فائػػدهتا َل تعػػم إال مػػع اخػًتاع الػػورؽ منػػذ ألػػف وطبػػس معػػة عػػاـ ،ا مػػع الطباعػػة منػػذ أقػػل مػػن طبػػس معػػة عػػاـ حي ػػث ح ػػدث انفج ػػار برك ػػاي اجتم ػػاعي ال يػ ػلاؿ ؽبيب ػػو يته ػػاعد ح ػػىت اته ػػل ى ػػذا الل يػ ػ بػػاآلالت اغباسػػبة منػػذ بعػػعة عقػػود ،وال يػلاؿ العلػػم ينت ػػر التبسػػيط والتقلػػيم ليأخػػذ ؾبػػده ،
وليػػؤدي اإلنسػػاف م متػػو ووبقػػق إنسػػانيتو بالقعػػاء علػػى الفسػػاد وتط ػػَت األرض مػػن الػػدماء والدمار .وىذا من أقدس األعماؿ اليت هب أف توجو إلي ا نبة البشر . إف االستفادة من العلم الذي ربقق ،ذبعل سَت اغبياة متوازناً وسوياً ال يعًتيو ظلع ومن ىػػذا اؼبنطلػػق كػػاف القػػوؿ اؼبػػوروث إ ( مػػن عمػػل دبػػا علػػم أوريػػو اهلل علػػم مػػا َل يعلػػم ) .وإذا كانػت األميػػة اؼبنتشػػرة يف ؾبتمعاتنػػا وصػػمة عػػار علينػػا فػ ف عػػدـ ت ػػوف القمػػة اؼبف ػػرة اؼببدعػػة الطُّلَعِ ػةَ الػػيت تتةسػػس علػػم العػػاَل أخطػػر مػػن األميػػة البسػػيطة ،ألف مش ػ لتنا مش ػ لة أميػػة مركبػػة ،ومػػن ىنػػا كػػاف اعتبػػار القػػر ف أف األميػػة ليسػػت فقػػط أميػػة القػراءة وال تابػػة \بػػل أميػػة األف ػػار ،ولػػك يف قولػػو تعػػاىل إ ( ومػػن م أميػػوف ال يعلمػػوف ال تػػاب إال أمػػاي ) .سػػورة البقػػرة ، ٚٛ /أي ال يعلمػػوف ال تػػاب إال تػبلوة فقػػط علػػى أحػػد وجػػوه التفسػػَت « قػػاؿ ابػػن تيميػػة عػػن ابػػن عبػػاس وقتػػادة يف قولػػو ومػػن م أميػػوف أي ػػَت عػػارفُت دبعػػاي ال تػػاب يعلمو ػػا حف اً وقراءة بػبل ف ػم وال يػدروف مػا فيػو .وقولػو ( إال أمػاي ) أي تػبلوة ،فَػ ُ ْػم ال يعلمػوف فقو ال تاب إمبا يقتهروف على ما يسمونو يتلى علي م » اعبػلء السػابع عشػر مػن الفتػاوي / ص ٖٗٗ . إف مش ػ لة الق ػراءة ىػػي مش ػ لتنا األساسػػية ،الق ػراءة اؼبطلقػػة واؼبوج ػػة أو اجملػػردة فبػػا ال فائدة منو ،اليت تراجع نفس ا دائماً فتةذؼ ما فػات أوانػو وال ربمل ػا صػاراً وأ ػبلالً .إف إنتػػاج مػػا يق ػرأ ىػػدؼ أساسػػي ،والق ػراءة تهػػنع نفس ػ ا وذبػػدد نفس ػ ا ،ىػػي بػػذاهتا تهػػة أخطاءىػػا وتتقػػدـ بوسػػائل ا ،وإف العػػاَل الػػذي تعلَّػػم القػراءة مػػن طبسػػة الؼ عػػاـ ينت ػػر أف يقدـ إليو ما يست ويو .إنو يستةث ال تاب ،فتةت س ّػن القلػم يػاز اؼبسػتقبل اإلنسػاي ، وكأننا هبذا نعيد -ول ػن بأسػلوب خػر -األسػطورة الشػعبية الػيت تقػوؿ إ إف العلػم كلػو يف الن اية ينةهر يف النقطة اليت ربت باء بسم اهلل الرضبن الرحيم . وأنشد من ىذا ال تاب مطمةُت أساسيُت أعدنبا من أىػم األمػور وأنبل ػا فيمػا أكتػ .
أوؽبما إ وعػع اإلنسػاف علػى طريػق العلػم ،وذلػك ينقػل مل ػة العلػم إىل النػاس ونشػرىا بيػن م .وىػذا -كمػا أرى -مػن أقػدس الواجبػات الػيت ينبغػي أف تُسػخر الطاقػات لتيسػػَتىا وتس يل ا حىت يػتم ن النػاس مػن أف يعيشػوا يف جػو العلػم ،وينعمػوا دبػا ينشػره مػن طمأنينػة ورزانة وصةة عقلية . وياني ما إ السبلـ ،وىو وليد العلم ،فعن طريق العلم يدرؾ اإلنسػاف إم انيػة إصػبلح اإلنساف دوف إعطابو وتدمَته ،ألف قليل العلم الػذي أعيتػو اغبيػل ىػو الػذي يلجػأ إىل اؽبػدـ علي وعلػى أعػدائي ) بػدؿ أف يتجػو إىل العلػم الػذي سػيةوؿ والتدمَت ،وأحياناً إىل ف رة ( َّ العدو إىل و ضبيم(ٔ) . وما نراه من احًتاـ سطةي للعلم عند من فقدوا مل تو يتبلشى ويتبخر إذا جد اعبد ، ونرى الت شَت عن األنياب لتمليق العلم ،حيث يسود االنفعاؿ ويغطي العقل ويبطل مفعولو ،فيعود السلوؾ لبلستجابة إىل الدوافع الغريلية ،دوافع ما قبل العقل والعلم ، وبدث ىذا ويتن ر اإلنساف للعلم انسياقاً وراء تعميم ذميم(ٕ) ال يبيل اػبطأ من الهواب ، وال العلم من اعب ل ،ويف ىذا خطأ جسيم وىدـ للطريق اؼبستقيمة ،كما أف ىذا مناؼ ؼبن ج القر ف الذي يلكي العلم وال يتن ر لو ،ويهف من يتن روف لو وينبذونو وراءىم ظ رياً بأ م ال يفق وف وال يعلموف وال يعقلوف .وإدانة العلم أو سة الثقة منو إتباعاً لؤلوىاـ وال نوف خطأ جسيم ،حاشى للعلم أف ي وف يف موعع ىجوـ وإن ار ،وإمبا الذي هب أف ي وف يف موعع اؽبجوـ واإلن ار ىو اعب ل واؽبوى وال ن .وكاف األجدر أف نبُت العلم ونقدسو ونعلي من شأنو وأف نبُت أف ما اصبو ليس علماً وال ىو بسبيل العلم وإمبا ىو اػبطأ واعب ل .
(ٔ) إف هتمة اؼببلئ ة لئلنساف حُت أراد اهلل استخبلفو يف األرض ،بأنو يفسد في ا ويسفك الدماء ىي مش لة السبلـ اليت ما تلاؿ قائمة سواء على مستوى األفراد أو العاَل أصبع . (ٕ) يقهد بالتعميم الذميم إ توسيع دائرة العلم ليشمل ال ن وما ليس بعلم .
إف التسػػرع يف إدانػػة العلػػم وبمػػل إىل صػػاحبو خسػػارة كػػاى ألنػػو لػػن ينقػػذه ػػَت العلػػم ، وألف مػػا يدنيػػو إمػػا أف ي ػػوف علمػاً فيُقبػػل أو ج ػبلً فػػَتفل ونعػػرض عنػػو ،وعلينػػا أال لبلػػط بين مػػا فػػن ن اعب ػػل علم ػاً واػبطػػأ ص ػواباً فنن ػػر العلػػم ونهػػوب اػبطػػأ ،فنجػػٍت علػػى العلػػم والهواب ،وكبن نتوىم أننا لبدـ راءنا وكبمي عقائػدنا ونبػٍت دعػائم اؼبسػتقبل لنػا وألجيالنػا ولبػػٍت دـ عامػػة ،بينمػػا كبػػن يف الواقػػع ػػدـ أنفسػػنا ونبلبػػل أف ػػاـ األجيػػاؿ ونعػػع العقبػػات أمام م . وما يشيع يف كتابات بعل اؼبسلمُت ،أو يقدَّـ من يقافة عامة للجيل توحي بأف العلم عػػاجل عػػن حػػل مش ػ بلتنا ،وتسػػة الثقػػة مػػن العلػػم وتشػػعو يف موعػػع اإلدانػػة ،منػػاقل ؼبػن ج القػر ف الػذي يقػرر إ (ويػرى الػذين أوتػوا العلػم الػذي أنػلؿ إليػك مػن ربػك ىػو اغبػق ) سبأ ، ٙ /ويقوؿ إ ( وال تقف ما ليس لك بو علم ) اإلسراء . ٖٙ / وال أدعي أي سأقدـ تعريفاً س بلً للعلم يوصػلو إىل التمييػل بينػو وبػُت ال ػن وبػُت العقػل واؽبوى .ولي ن ُج َّل مطمةي أف أسب ن من تسليط بعل األعواء على العلم ذبعل اؼبتأمػل ىبرج بادراؾ أوسع أو إدراؾ جديد . وإي أرى أف مف ػػوـ العلػػم سػواء عنػػد اؼبسػػلمُت أو عنػػد مػػن نقػرأ ؽبػػم مػػن ػػَت اؼبسػػلمُت وخاصة يف الغرب ،ليس ىو الذي أطمعن إليو . فتهور اؼبسلمُت للعلم وخاصة اؼبعاصرين من م ليس كالتهور الذي أف مو من القر ف ، وىػػو أف العلػػم ىػػو الػػذي ي شػػف اغبػػق ف ػػؤالء يػػروف أف العلػػم ال ي ػػدي إىل اغبػػق ،وال ىبدعنك حػديث م الطلػي يف مػدح العلػم وسػوؽ اآليػات واألحاديػث اؼبػأيورة مػن اغب ػم الػيت ترفػػع شػػأف العلػػم ،ألف ىػػذا اؼبوقػػف يتغػػَت يف أمػػاكن أخػػرى مػػن حبػػوي م حيػػث ين ػػروف إىل العلم بريبة . وأمػػا يف العػػاَل الغػػر فيقهػػروف العلػػم علػػى ظ ػواىر الطبيعػػة أو بعع ػ ا ،وحػػُت يتهػػل العلم بالقيم والدين أو اإلنسانيات يروف أف ىذه اؼبواعيع َت علميػة ،ف ػأف العلػم ؿبهػور يف مواعػػع معينػػة وال يشػػمل كػػل أمػػور اغبيػػاة .وىػػذه الن ػرات القاصػػرة ربػػط مػػن قيمػػة العلػػم
وربد من مشولو وفاعليتو .وحبس يقافيت القر نية أرى أف كلتػا الن ػرتُت قاصػرة ،فاؼبسػلموف ينبغي أف يهلوا إىل درجة الثقة ال املة بػالعلم ،وبأنػو يف خدمػة اغبقيقػة دائمػاً ،كمػا هبػ علػى الغػربيُت أف يػػدركوا أف دور العلػم يف ؾبػػاؿ الػدين والقػيم واإلنسػػانيات واألخػبلؽ كػػدوره يف ؾباؿ الطبيعة . فةُت كاف العػاَل هب ػل عوامػل األوبعػة الػيت ذبتػاح العػاَل َ ،ل ي ػن مػن اغبػق أف يقػاؿ إ إف الوباء ال ىبعع للعلم ،بل كػاف علػى الػذي لػو صػلة صػةيةة بػالعلم أف يقػوؿ إف الوبػاء وعواملو خاعػعة للعلػم ،وإف َل نعلػم ذلػك ونسػيطر عليػو ،وعلينػا أف قبت ػد لتةقيػق ذلػك وكػػذلك الشػػأف مػػع األخػػبلؽ والقػػيم والػػدين ،فلػػيس مػػن اؼبوقػػف العلمػػي أف نقػػوؿ إ ػػا ال زبعع للعلم ،بل نقوؿ إ إف العلم -وإف َل نتم ن من كشف قوانينو يف األخبلؽ والدين والقػػيم -ىػػو الػػذي سيوعػ الغمػػوض ويليلػػو ،وسػػيمةا اغبػػق يف ؾبػػاؿ األخػػبلؽ والقػيم والدين .وىذا الدور الذي نراه للعلم ىو مػا ر ه اؼبسػلموف األوائػل يف عهػر ازدىػارىم حػُت منوا بوحدة العلم والدين ،وذلك ما ي ر يف قػوؿ اعبػاحل إ ( قػاؿ األوائػل إ حيػاة اغبلػم بػػالعلم ،وحيػػاة العلػػم بالبيػػاف ) .وإف كلمػػة اعبػػاحل أيػػارت يف نفسػػي مبلح ػػة ؽبػػا أنبيػػة ( فةياة اغبلم بالعلم ) تعبَت عن مف وـ حعارة وذوؽ خاص لف م العلم . إف كلمػػة (حيػػاة اغبلػػم بػػالعلم) يب ػػن أف نف م ػػا بأسػػلوب خػػر أي أف حيػػاة األخػػبلؽ بالعلم ،وحياة القيم بالعلم ،وحياة اغب مة والدين بالعلم .فبالعلم تستقيم األخبلؽ وربيا القيم ويرسخ الدين اغبق … وعندما تهب األخبلؽ والدين والقيم علماً ترسخ يف النفوس وربيا يف واقع اغبياة . وك ػػبلـ اعب ػػاحل ى ػػذا من ػػاقل للةع ػػارة الغربي ػػة ،وللف ػػر اإلس ػػبلمي ال ػػذي ظ ػػر بع ػػد اتهاؿ اؼبسلمُت بالغرب . وللداللػة علػػى ف ػػم الغػػرب للعلػػم نػػذكر قػػوؿ (راسػػل) يف كتابػػو (الن ػػرة العلميػػة) يف ايػػة مقدمتو إ
خَتة بقدر اغب مة اليت يتميل هبا اإلنساف ،فبل بد إذاً من (فالقوة اعبديدة للعلم ت وف ّ زيادة اغب مة اليت ىي اإلدراؾ السػليم لغايػة اغبيػاة ،وىػذا ال يقدمػو العلػم ،فالليػادة منػو ال ت في ) . ىذا ال ػبلـ مػوجل ول نػو واعػ وىػو خطػَت ومشػوش يف ف واحػد ،ألنػو يقهػر العلػم على ما يتعلق بالطبيعة ( يات االفاؽ) وال يعتا ما يتعلق بػاألنفس واألخػبلؽ علمػاً .وىػذا موقػػف مبتػػور .بينمػػا كلمػػة اعبػػاحل كانػػت دقيقػػة إذ ربطػػت القػػيم واغب مػػة و ايػػات اغبيػػاة بالعلم .إف كلمة راسل واعةة يف فهػل العلػم عػن اغب مػة ،بينمػا كلمػة اعبػاحل واعػةة أيعاً يف جعل حياة اغب مة بالعلم . إف ف ر اؼبسلمُت بعد اتهػاؽبم بػالغرب قػد اكبػرؼ عػن مف ػوـ القػر ف الػذي يعتػا العلػم اغبقيقي علن األنفس ،ومعرفة العواقػ واغب مػة مػن التػاريخ ،وعػن مف ػوـ اعبػاحل الػذي ربط اغبلم بالعلم ،والعلم بالبياف ،واذبو ىذا الف ر وج ة راسل . يف كتػػاب العػػر الػػذي تهػػدره ؾبلػػة العػػر ال ويتيػػة وىػػو إ (مراجعػػات حػػوؿ العروبػػة واإلسبلـ وأوروبا) صفةة (ٗ٘ٔ) ،يقوؿ الدكتور ؿبمػود السػمرة عػن كتػاب (ذبديػد الف ػر العر ) للدكتور زكي قبي ؿبمود ما يلي إ ( عند قراءة ال تاب ينتابنا إحساس بأف اؼبؤلف يؤمن بالعلم وال شيء َته ،ول ن سرعاف ما ي دئ من خواطرنػا حػُت يتةػدث عػن القػيم اليت ذبعل من اإلنساف إنساناً)(ٔ) . ىػذا ال ػػبلـ نسػػخة م ػػررة مػن ف ػػر راسػػل ،ف ػػأف اإليبػاف بػػالعلم ي ػػدد خواطرنػػا ،فػػبل هتػػدأ حػػىت ي ػػوف اغبػػديث عػػن شػػيء ػػَت العلػػم ليعطينػػا الطريػػق الهػػةيةة .واؼبػػت لم ىنػػا ، واؼبػت لم عنػو مػن اؼبف ػرين العهػريُت وليسػا مػن اؼبشػايخ التقليػديُت ،وىػذا النػوع مػن الف ػػر ىو النوع الراقي الذي يقدـ للثقافة العربية واإلسبلمية .وإف القارئ اؼبرتبط بعاَل األشػخاص ىبرج من ىذا الف ر ،وقد سة يقتو من العلم ،ورسخ يف ذىنو أف العلم ليس ىو الذي وبل مش بلتنا ومش بلت العاَل صبيعاً . (ٔ) أكتوبر ٗ. ٜٔٛ
.
واغبقيقة أف العلم إف عاع مف ومو ،واحتيج إىل شيء خر َته ،يفقد مليتو اغبقيقية
إف اعبراييم اليت كانت تندس يف أ ذيػة النػاس ،كانػت تفسػد علػي م صػةت م اعبسػمية ،ول ن اعبراييم الف رية أشد من ا فت اً ف ػي مػا تػلاؿ تنػدس يف الغػذاء الف ػري الػذي يقػدـ لبلمػػة مسػػببة اآلالـ يف عبلقػػات النػػاس ،فمػػا ن ػلاؿ حػػىت اليػػوـ نػػدفع ع ػرائ ج لنػػا بػػأنواع اعبػراييم الف ريػة الػيت تنقل ػا وسػائل إعبلمنػػا وكتػ مف رينػا وصػةافة وج ائنػا ،وإف وسػػائل الن افة الف رية ؾب ولة يف البلداف اؼبتخلفػة كمػا كانػت وسػائل الن افػة والتعقػيم عػد اعبػراييم ؾب ولة قبل معرفة اعبراييم . إف أف ارنػػا عػػن العػػاَل اإلنسػػاي وتارىبػػو وكيػػف بػػدأ العلػػم والف ػػر واإلنسػػاف والسػػلطاف والتسخَت يات االفاؽ واألنفػس ،ملويػة باػبرافػات الػيت ربمػل جػواز اؼبػرور وحػق االحتفػاظ بالهدارة واليت ال ي دأ لنا باؿ إال إذا أعطيت ؽبا اؼب انة اؼبرموقة لت ل تفسد أجواءنا . ولق ػػد الح ػػل ج ػػارودي انفه ػػاؿ اغب م ػػة ع ػػن العل ػػم ح ػػُت نق ػػل يف كتاب ػػو (م ػػا يع ػػد ب ػػو اإلسػػبلـ) ص ٗٗٔ عػػن حسػػُت نهػػر ؿبػػدداً العبلقػػة بػػُت العلػػوـ العهػرية والعلػػوـ اإلسػػبلمية وانقبلب العبلقات بُت العلوـ (الوسائل) واغب مة (الغايات) فقاؿ إ « … لو قدر لعلماء اؼبسلمُت يف القروف الوسطى أف يبعثوا إىل اغبياة ،ف ف دىشػت م لن ت وف من التقدـ يف األف ػار الػيت ولػدت أصػبلً يف أحعػا م ،بػل إف دىشػت م سػت وف مػػن أف ن ػػاـ القػػيم قػػد قلػ رأسػاً علػػى عقػ ،وسػػَتوف أف مركػػل الر يػػة الػػيت انطلقػوا من ػػا صار ىامشياً ،وإف اظيط قد صار ىو اؼبركػل ،وإف العلػوـ الػيت كانػت يف الدرجػة الثانيػة قػد تهػػدرت االىتمػػاـ يف الغػػرب ،وأمػػا علػػم اغب مػػة اػبالػػد فسػػوؼ يػػروف أنػػو قػػد تعػػاءؿ حػػىت كاد ينعدـ » . واػببلصػػة أنػػٍت حػػن أعمػػم اإلدانػػة السػػابقة علػػى العػػاؼبُت اإلسػػبلمي والغػػر ،فػػبل يعػػٍت ذلك أنو ال توجد يف كبل العاؼبُت أصوات ال تهل إىل درجة الوعوح يف شارع الثقافة العامة ،ول ن أعٍت أف السيطرة لبلذباىُت اللذين ذكرهتما …
جودت سعيد مدخل بك األ َكرـ ور َ اقرأ َ القارئوف يف العاَل تارىبياً وجغرافياً ىم األكرموف إ إف أوؿ كلمػػة يف خػػر رسػػالة ىػػي كلمػػة ( اقػرأ ) ،وَل ت ػػن كلمػػة أخػػرى مػػن ال لمػػات األخبلقية أو العبادية التقليدية .والعبارة اليت بػدأ هبػا إقبيػل يوحنػا إ ( يف البػدء كػاف ال لمػة ) إشارة إىل أنبية نقل اػباات بال بلـ ،نل العلم بال بلـ ،نقل العلم بقراءة اػبط . إف الػػنا ( اق ػرأ وربػػك األكػػرـ ) ينػػاؿ التقػػديس مػػن اؼبسػػلمُت ألنػػو كػػبلـ اهلل تعػػاىل ، ول ن ىذه القداسة سػتلداد وتتعػلز وتتوظػف عمليػاً عنػدما يػرى اؼبسػلم ىػذا الػنا يف يػات اهلل يف االفاؽ واألنفس . إف النا يدؿ على األمر بالقراءة ،ويعق األمر بأف الػرب أكػرـ ،فهػار ىنػا اجتمػاع بػػُت القػراءة وكػػرـ الػػرب ،أي أف القػراءة وكػػرـ الػػرب اقًتنػػا يف م ػػاف واحػػد .وحػػُت نن ػػر إىل العاَل جغرافياً -أي م انياً -سنرى ىذا االقًتاف متبلزمػاً ،أي أف الػذين ينػالوف كػرـ الػرب و ناه ىم القراء أو أكثر الناس قراءة يف العاَل .ويب ن أف نسوؽ أمثلة إ اؼبثػػل األوؿ إ إف اليونػػاف كػػانوا أكثػػر النػػاس قػراءة وكتابػػة أيػػاـ حعػػارهتم وال يلالػػوف نتػػاج فبلسفت م وشعرائ م وح مائ م يش د على أ م كانوا ىم اؼبنتجُت أكثر واؼبتهلُت بالقراءة يف عاؼب م اتهاالً أويػق ،وىػم الػذين نػالوا كػرـ الػرب وكرامتػو بػُت العػاَل ،فقػد سػيطروا علػى أكا رقعة يف العاَل ،من اؽبند إىل مهر زمن االس ندر الذي كاف تلميذاً الرسػطوا اؼبسػمى باؼبعلم األوؿ .
اؼبثل الثاي إ اؼبسلموف الذين كلما كت كات يف األرض عن تارىب م ال يقعي عجبػاً من سرعة ما مل وا العاَل اؼبعاصر ؽبم ،انطلقوا من ال لمة (اقرأ) إ م يف عهرىم كانوا أقػرأ الناس وأشدىم اتهاالً بالقراءة وال تاب والعلم الذي يطلبونو يف كل م اف ومن كل مهدر ،لقد ناوؿ كرـ الرب وكرامتو من سعة يف الػدنيا وم انػة يف العػاَل .ولسػنا يف حاجػة إىل أف نػػذكر اؼبسػػلم هبػػذا فقػػد قيػػل لػػو ىػػذا ال ػػبلـ كثػَتاً ،ول ػػن ردبػػا َل يشػػعر اؼبسػػلم بارتبػػاط ىػػذا اغبديث بالتوحيد وارتباط التوحيد بالعلم وارتباط العلم بالقراءة ؛ ( اقرأ وربػك األكػرـ ) ويف عهػػرىم َل ي ػػن عنػػد أحػػد يف العػػاَل مػػا عنػػدىم م ػن العلػػم واالتهػػاؿ بوسػػائلو ق ػراءة وكتابػػة وم ات … اؼبثػل الثالػػث إ إذا ن رنػػا حولنػػا يف ىػػذا العهػػر الػذي نعػػيذ فيػػو قبػػد أف الػػذين يتمتعػػوف خبَتات العاَل وينالوف ال رـ وال رامة ىم قػراء ىػذا العهػر وأكثػرىم صػلة بػالقراءة ومػا يتهػل هبا ،كما تبينو اإلحهاءات اليت ُّ تعد اؼبؤلفُت وال ت واعبرائد واجملبلت واؼب تبػات ونهػي كل فرد من الورؽ اؼبطبوع ،حىت لقد اعطر توينيب أف يقرر إ (إف ارتفاع نسبة قػراء ال لمػة اؼبطبوع ػػة ى ػػو األس ػػاس اغبع ػػاري لته ػػنيف البل ػػداف يف الع ػػاَل إىل دوؿ متخلف ػػة أو نامي ػػة أو متقدمة ) . اؼبثػػل الرابػػع إ إنػػو اليابػػاف -ىػػذا العمػػبلؽ القػػلـ -حيػػث ؿبيػػت فيػػو األميػػة منػػذ القػػرف التاسػػع عشػػر (وإف نسػػبة تعلػػيم الفتيػػات ازدادت يف اليابػػاف ،فقػػد وصػػلت نسػػبة مػػن ين ػػُت الثانويػػة العامػػة (٘ .. )%ٜويلعػ ال تػػاب دوراً بػػارزاً يف حيػػاة الفػػرد اليابػػاي ،فمؤسسػػات ػعفي مػا ينشػر يف النشر اليابانية تهدر (ٖ٘ ألف) عنواف جديػد سػنوياً تقريبػاً ،وىػا يبثػل ع ّ الواليات اؼبتةدة األمري ية ،كما أف الياباف ياي أع م قوة صناعية يف العاَل)(ٔ) . إف اإلنس ػػاف ليته ػػا ر أم ػػاـ م ػػن ى ػػو أق ػرأ منػػو ،س ػػنة اهلل (ى ػػل يس ػػتوي ال ػػذين يعلم ػػوف والذين ال يعلموف ) سورة اللمر ، ٜ /حسػبك مػن صػدؽ ىػذا مػا عنػد النػاس مػن ن ػر إىل العاَل أو من وبمل ش ادة أعلى ..إف ىذا الن ر التقديري يرتفع إىل درجة اػبرافة أحياناً . (ٔ) ان ر ؾبلة العر حليراف ٘ ، ٜٔٛكتاب الش ر .
أجػػل إف مػػن يقػرأ أكثػػر ينػػل أكثػػر ..إنػػو قػػانوف اهلل ( ..لػػيس بأمػػاني م وال أمػػاي أىػػل ال ت ػػاب .م ػػن يعم ػػل س ػػوءا هب ػػل ب ػػو ) (النس ػػاء )ٕٖٔ/وإف اهلل ال ين ػػر إىل أقػ ػواؿ الن ػػاس وصػػورىم وأظبػػائ م ،وإمبػػا مػػن يتبػػع سػػنة اهلل ينػػل وعػػد اهلل ( ،ك ػبلً مبػػد ىػػؤالء وىػػؤالء مػػن عطاء ربك وما كاف عطاء ربك ؿب وراً ) (اإلسراء . )ٕٓ/ وقد يبيل بعل الناس إىل إعطاء الػذكاء درجػة أظبػى مػن القػراءة ،بػل إنػو ؼبػا بػدأ النػاس يبلح ػػوف إم ػػاف التػػدخل يف ورايػػة الهػػفات الوراييػػة ،كػػاف أوؿ مػػا خطػػر ؽبػػم عمػػل نسػػخ م ررة من العباقرة األذكياء أو نقل موريات ذكائ م إىل اآلخرين .لقد فل ىؤالء أف الذي هبعل اإلنساف إنساناً ليس فقط مػا يعػاؼ إليػو قبػل أف ىبػرج مػن بطػن أمػو وإمبػا مػا يعػاؼ إليػػو بعػػد خروجػػو مػػن عػػاَل األجنػػة إىل عػػاَل الطفولػػة والًتبيػػة ،ولػػيس الػػذكاء ىػػو الػػذي كػػاف يػػنقا األطفػػاؿ الػػذين كػػانوا يولػػدوف مػػن ع ػػد نػػوح ،فنسػػبة الػػذكاء يف اؼبواليػػد الثابتػػة علػػى مدى التاريخ ،ول ن َت الثابت ىو هتيعة ال روؼ والبيعة اليت تهنع اإلنساف . إف الفرؽ بُت كافة علمائنػا اؼبعاصػرين يف صبيػع فػروع العلػم ،والعلمػاء الػذين عاشػوا مػن قبػػل ل ػيس يف مسػػتوى الػػذكاء ،وإمبػػا امتػػاز العلمػػاء اؼبعاصػػروف بػػأف أمػػام م خػاات مًتاكمػػة أكثػػر مػػن األجيػػاؿ اؼباعػػية حف ػػت بال تابػػة ،واسػػتفيد من ػػا بػػالقراءة .إف ذكػػاء اإلنسػػاف ل ػػيس ب ػػذي قيم ػػة ب ػػدوف سبث ػػل اػب ػاات البش ػرية اؼبًتاكم ػػة اظفوظػػة بواس ػػطة ال تابػػة اؼبس ػػتغلة واؼبسػػتفاد من ػػا بػػالقراءة ،فػػأرقى النػػاس إنسػػانية أكثػػرىم إحهػػاء ؼبػػا حػػدث يف العػػاَل بشػ ل مهفى ومركل . ىذا اؼبوعوع ىو الذي هبعل القراءة قبل الذكاء وقبل العبقرية ،وىو الذي جعػل القػوؿ أو التمثيػػل يقػػرب اغبقيقػػة القائلػػة بػػأف اؼبتػػأخر (اػبلػػف) مثػػل القػػلـ الػػذي هبلػػس علػػى رقبػػة العمػػبلؽ ( السػػلف ) ،فيشػػاىد كػػل مػػا يشػػاىده العمػػبلؽ ،كمػػا يشػػاىد شػػيعاً ال يشػػاىده العمػػبلؽ .إف الق ػراءة ىػػي الػػيت تقعػػد األق ػلاـ علػػى رقػػاب العمالقػػة ،فًتفػػع االخػػبلؼ فػػوؽ أبراج األسبلؼ فيأخذوف كل ما عند األسبلؼ بػدوف مؤونػة إال مؤونػة القػراءة ،ا ىػم بعػد ذلك تفت ؽبم أيعاً على قدر قراءهتم ر ى جديدة .
وإف ؾبػػرد إلقػػاء ن ػػرة علػػى تػػاريخ العلمػػاء يف العػػاَل يبػػُت لػػك أف القػراءة الدائمػػة والت ػػاـ ال ت والتةايل للةهوؿ علي ا وعلى الػدخوؿ إىل اؼب تبػات … دأب العلمػاء .أن ػر - مػػثبلً -كتػػاب كليلػػة ودمنػػة ومػػا وعػػع يف مقدمتػػو مػػن اعب ػػود الػػيت بػػذلت يف ربهػػيل ىػػذا ال تػػاب .لق ػد كػػاف ال تػػاب يف أوؿ األمػػر كالسػػر مػػن أس ػرار الدولػػة واؼب نػػة .واآلف أيع ػاً توجػد معلومػػات عاؼبيػة ؿبجػػوزة ال يفػػرج عن ػا إال بعػػد سػػنوات تطػوؿ أو تقهػػر حسػ ر ى أصةاهبا .إ ا بقية موقف األقدمُت من ال تاب . ول ػػن العلػػم بػػدأ ينتشػػر ويعػػم حػػُت خػػرج مػػن أف ي ػػوف سػراً يف أيػػدي ال نػػة ،وحػػُت كشفت صناعة الورؽ وبدأت الطباعة وبدأ التوجو إىل ؿبػو األميػة .ول ػن بعػل اجملتمعػات كما تعجل عن ؿبو األمية ،تعجل أيعاً عن تقػد العلػم أو تقػد العمػبلؽ لػيجلس األقػلاـ على رقبتو . وإذا كػػاف مػػن نهػػيةة أيػػَتة أقػػدام ا للشػػباب الػػذي تعلػػق األمػػة علػػي م ماؽبػػا ،ف ػػي أف يتطلعوا إىل مهادر للعلم َت اؼبهػادر الػيت كنػا نسػتقي من ػا ،ألف اؼبهػادر الػيت أخػذنا من ػػا العل ػػم َل تعطن ػػا إال م ػػا يش ػػاىدوف م ػػن نتائج ػػو اؼبرئي ػػة اؼبلموس ػػة ال ػػيت سب ػػس جل ػػودىم وع ػػمائرىم ،وى ػػذا م ػػا ع ػػا عن ػػو ؿبم ػػد الط ػػاليب بأس ػػلوب خ ػػر ح ػػُت ق ػػاؿ إ ( إف إخف ػػاؽ (ٔ) السياسة يف معاعبة شؤوف اليػوـ ،إمبػا ىػو إىل حػد بعيػد إخفػاؽ اعبامعػة قبػل كػل شػيء ) وىو يعٍت ب بلمو إخفاؽ مؤسسة تعليم القراءة ،اؼبؤسسة اليت ينبغي أف تعلمنا كيف قبلس على رقبػة العمػبلؽ ،اؼبؤسسػة الػيت ذبعػل صػلتنا بػاػباات البشػرية اؼبًتاكمػة صػلة صػةيةة . إنو ليس شيء مثل القراءة يعلم التجاوز ،ويهػة اػبطػأ ويػدؿ علػى اؼبراحػل القادمػة .إف الػػن م يف الق ػراءة يػػا لنػػا مػػاذا نق ػرأ ومػػاذا نػػًتؾ ..وإنػػو ؼبػػا ىبجلنػػا أشػػد اػبجػػل أف كبػػاوؿ ال تابة يف موعوع ما ،وكبن َل نطّلع على مػا قيػل يف ىػذا اؼبوعػوع ،وكبػن ىنػا ردبػا ن ػوف أمناء أماـ أجيالنا القادمة ،حُت ال كبمل م اآلصار واأل بلؿ اليت كبمل ا ،ون وف صػرحاء (ٔ) ؾبلة عاَل الف ر ،اجمللد اػبامس ،العدد األوؿ ٗ. ٜٔٚ
أمام م وأمنػاء علػى عػرض اغبقيقػة بػأال ن ػتم م اغبػق ليتػدبروا أمػرىم وليخرجػوا مػن القمقػم الذي نعيذ فيو . ودراسة سَت العلماء ترشد إىل أ م كانوا قراء مُت ،واسم كتاب اؼبسلمُت القر ف من استةر وقرا ه ىم الذين زينوا القر ف بفعاؽبم ،والتف َت جبمع القر ف إمبا ظ ر حُت َّ القراءة ّ ، القتل بالقراء يف حروب الردة . واعباحل لو مقاـ يف اغبعػارة اإلسػبلمية يتػألق قبمػو علػى مػر الػلمن ،وقػد كانػت وفاتػو ربت ركاـ ال ت اليت هتػدمت عليػو ،إنػو شػ يد ال تػاب والقػراءة .لقػد كػاف قارئػاً دبسػتوى حع ػ ػػاري إنس ػ ػػاي ع ػ ػػاؼبي ،ول تب ػ ػػو طع ػ ػػم خ ػ ػػاص وذوؽ مع ػ ػػُت وذل ػ ػػك لعاؼبيت ػ ػػو يف الق ػ ػراءة وإلنسانيتو يف الثقافة ..إنو يتناوؿ األمور برحابة صدر بعيداً عػن ال ػلازة ،ويرجػع ذلػك إىل أف اعبػػاحل كػػاف يتػػذوؽ مػػع يػػات ال تػػاب يػػات االفػػاؽ واألنفػػس .ومػػن ىنػػا قػػاؿ ابػػن العميد عن كتبو إ (إف كتػ اعبػاحل تعلػم العقػل أوالً واألدب يانيػاً) .وىػو وإف كػاف إمامػاً يف األدب إال أنو أيعاً صاح مذى يف العقيدة . واإلمػػاـ الغػلا ىجػػر األسػػتاذية ورئاسػػة العلػػم إىل التفػػرغ للتف ػػَت ودراسػػة علػػوـ عهػػره ، حىت قاؿ عن نفسو إ إنو تف م الفلسفة حىت صارت عليو أس ل من شػرب اؼبػاء ،وكشػفت مقاصد الفبلسفة وأظ رىا ووعة ا أكثر من أىل ا . واإلمػػاـ البخػػاري كػػاف يقػػوـ يف الليلػػة الواحػػدة أكثػػر مػػن أربػػع عشػػرة مػػرة ليوقػػد الس ػراج وليتأكد من حديث شريف . وإىل يومنا ىذا لن ذبد إنسػاناً ذا وزف إال ووجػدت وراءه مػاً يف القػراءة .والشػيخ بػدر الػػدين الدمشػػقي حػػبس نفسػػو تسػػع سػػنوات يف اؼب تبػػة ،وكثػػَت مػػن علمػػاء اؼبسػػلمُت و ػػَت اؼبسلمُت كانوا شديدي الن م للقراءة . إف ال ػػن م يف القػ ػراءة وال ػػاوز يف العل ػػم ؾب ػػاؿ دراس ػػة م م ػػة ل ش ػػف األس ػػباب والنت ػػائج ومساعدة الناس على التوجو بوعي إىل الدراسة والقراءة ليتبُت ؽبػم أف اإلنسػاف بػالقراءة ينػاؿ كرـ اهلل وكرامتو .
القراءة والعلم إ من ػػذ أف ب ػػدأ اإلنس ػػاف يق ػرأ وي تػ ػ ب ػػدأ العل ػػم ينم ػػو .فنم ػػاء العل ػػم وس ػػعتو ب ػػالقراءة ، وسي ل األمر كذلك ..وكوف النيب صلى اهلل عليو وسلم أميػاً معنػاه أف أحػداً مػن البشػر لػن يػػأب بشػػيء وىػػو أمػػي .وأمػػر اهلل النػػيب األمػػي بػػالقراءة يف أوؿ كلمػػة إليػو إلغػػاء لبلميػػة وفػػت لع د جديد ع د ( اقرأ ) و ( علّم بالقلم ) و ( ف .والقلم وما يسطروف ) وع د ( الػرؽ اؼبنشور ) .ىذه ال لمات ىي اليت ربطت العلم بالقراءة وال تابة ،والقلم وما يسطروف . إف دليل العلم العاقبة ،والعلم والعاقبة إمبا وبف ػاف وينميػاف مػن خػبلؿ القلػم ،والػدليل على أف العلم من القلم واع يف قولو تعاىل إ ( علّم بالقلم ) .إذاً العلم بالقلم ،بال تابة ،باغبفل ،بتسجيل ذبارب البشر والن ر في ا ..وبذلك يػتمةا العلػم .ولػو فقػد النػاس كل شيء وبقيت ال ت ألم ن إعادة كل شيء ،ول ن لو فقدوا كل شيء مع ال تػ ، الحتػػاجوا مػػرة أخػػرى إىل الػػلمن الػػذي احتاجػػو تقػػدـ العلػػم ..وكػػوف اقػرأ أوؿ كلمػػة يف خػػر رسالة إشارة إىل ع د جديد يف النبوة ويف أسلوب جديد يف التلقي عن اهلل .إ ػا يػات اهلل يف االفاؽ والنفس اليت ستُ ر للناس اغبق ،وىذه اآليات إمبا ربفل دالالهتا بالعلم والقراءة .فبػػالقراءة وبهػػل اإلنسػػاف علػػم األولػػُت صبيعػاً .وبػػالقراءة يرقػػى اإلنسػػاف الػػدرجات العػػبل ، ويف ىذا يقوؿ عليو الهبلة والسبلـ إ « اقرأ وارؽ » ؛ أي على قدر القراءة تنػاؿ الػدرجات العػػبل وتنػػاؿ الرقػػي والعلػػو واالرتفػػاع .واالسػػتعماؿ التقليػػدي للةػػديث الشػريف يقهػػره علػػى القر ف ال ػر ،وعلػى الرقػي يف اليػوـ اآلخػر فقػط .ول ػن -كمػا يقػاؿ يف علػم األصػوؿ - األمػػر لػػيس خبهػػوص السػػب بػػل بعمػػوـ اغبػػاؿ ،وهبػػذا االعتبػػار يب ػػن أف يعمػػم اؼبوعػػوع فيشمل قراءة القر ف ال ػر و ػَته ،ألف القػر ف يأمرنػا بالسػَت يف األرض ،والن ػر كيػف بػدأ اػبلػق .ويب ػػن ربهػػيل نتػػائج السػَت والن ػػر بػػالقراءة ،فػػالقر ف يوسػع لنػػا ؾبػػاؿ القػراءة ،وإف ق ػراءة أي كتػػاب تفػػت البػػاب لق ػراءة ػػَته .ولػػيس الرقػػي للقػػارئ يف اآلخػػرة فقػػط ،بػػل إف يات االفاؽ واألنفس تدؿ على أف القارئ ىو الذي يرقى ويرتفع يف الدنيا أيعاً .
وكثَتاً ما نعطل اؼبعموف االجتماعي آليات القر ف هبذا النوع من اغبهر والبًت والفهػل عػػن واقػػع اغبيػػاة .وىػػذا مػػا جعػػل مالػػك بػػن نػػيب يقػػوؿ عػػن يػػة ( إف اهلل ال يغػػَت مػػات بقػػوـ حػػىت يغػػَتوا مػػا بأنفس ػ م ) إ ولقػػد أشػػادت أيع ػاً اغبركػػات التغيَتيػػة الػػيت سػػبقت يف العػػاَل اإلسبلمي هبذه اآلية كشعار ،ول ن يبدو أ ػا َل تعػع يف ىػذا الشػعار سػوى التػاؾ ب ػبلـ اهلل والتفػػا ؿ حبيػػث َل ي ػػن بيػػدىا يف حقيقػػة األمػػر وسػػيلة تغيػػَت ،أو إذا شػػعنا قلنػػا إ إ ػػا وعػ ػػعت يف اآليػ ػػة ال ريبػ ػػة ؾبػ ػػرد اظتػ ػػوى الغيػ ػػيب .حػ ػػىت أنػ ػػو يب ننػ ػػا القػ ػػوؿ ،بػ ػػأف اؼبفعػ ػػوؿ االجتماعي لآلية قد عطل هبذه الطريقة(ٔ) . وإف الق ػراءة الواسػػعة العميقػػة الشػػاملة ل ػًتاث البش ػرية الػػيت عناىػػا قولػػو تعػػاىل إ ( إئتػػوي ب تػػاب مػػن قبػػل ىػػذا أو أيػػارة مػػن علػػم ) (األحقػػاؼ )/ٗ /ىػػي الػػيت ذبعػػل اإلنسػػاف عاؼبيػاً يتجػػاوز األل ػواف واللغػػات واؼبعتقػػدات ،فالػػذين يع ػربوف يف عػػاَل الق ػراءة بس ػ اـ وافػػرة ،ىػػم الذين يب ن م أف يتساؿبوا مع الباحثُت واؼبخالفُت ،وىم الذين يقػدروف علػى ر يػة اعبوانػ ويغعوف الطرؼ علػى اعبوانػ السػلبية .فالدراسػة ذبعػل صػدر صػاحب ا اإلهبابية ويلكو ا ّ ، واسػػعاً وقلبػػو كبػَتاً ،وحلمػػو عامػاً وأسػػلوبو قويػاً يف بيػػاف اغبػػق مػػع رضبػػة اػبلػػق .إف التسػػام ػػٍت وكػػرـ ،وَل ي ػػتم ن فقػػَت وخبي ػػل أف ي ػػوف ج ػواداً كريب ػاً مػػع النػػاس .وبػػالقراءة الواسػػعة الشػاملة لػًتاث البشػرية يتةلػػى اإلنسػػاف بالوقػػار والرضبػػة واغبلػػم والعفػػو .عػػن الهػػا والغفػراف والرضبػػة واإلحسػػاف ..ىػػي الثم ػرات اليانعػػة للق ػراءات الواسػػعة للسػػَت يف األرض والن ػػر إىل سنن الذين خلو مػن قبػل .وأي يقػدر علػى التسػام مػن َل يتطلػع علػى مواقػف اؼبتػاظبةُت يف العاَل ! وؽبػذا يقػوؿ اهلل لنبيػو ( وكػبلً نقػا عليػك مػن أنبػاء الرسػل مػا نثبػت بػو فػؤادؾ ) (ىود . )ٕٔٓ / القراءة واالجت اد إ (ٔ) أن ر مقدمة كتابنا حىت يغَتوا ما بأنفس م .
كثػػر يف العهػػور األخػػَتة اغبػػث علػػى االجت ػػاد يف العػػاَل اإلسػػبلمي ،االجت ػػاد بػػاؼبعٌت األصػػو ،االجت ػػاد السػػتنباط أح ػػاـ جديػػدة تناسػ الوقػػائع اعبديػػدة يف اإلسػػبلـ ،كمػػا كثر الذين زبوفوا من االجت اد ،والذين تأسفوا من إ بلؽ باب االجت اد .. وحبس ما أرى أف االجت اد لن يتةقق باألسف على توقفو ،وال باغبث على فبارستو ،وإمبا يتةقق على وج و الهةي ب ثرة القراءة واالطػبلع ،ور يػة مػوارد األدلػة ومهػادرىا .فالذي اطلع على كل ما قالو النػاس يف موعػوع مػا سػواء مػن أىػل األديػاف ،أو أصػةاب العق ػػوؿ عل ػػى اخ ػػتبلؼ العه ػػور ..ال يب ػػن أف ُيبن ػػع م ػػن االجت ػػاد .كم ػػا أف م ػػن كان ػػت قراءاتو قليلة ال يب نو أف هبت د وال بهر مواطن الف م والرشاد ،أو مواطن اػبطػأ والفسػاد ، وإف الػػذين ال يدرسػػوف علػػم اؼبقارنػػة يف اآلداب والش ػرائع والت ػواريخ ،وال يدرسػػوف أح ػػداث العاَل وال يقارنوف فيما بين ا ،ال يب ن أف يلكو العلم على أيدي م . واإلنساف ال يب ن أف يتجاوز قدره ،وقدره إمبا ىو حبسػ علمػو ومعارفػو وشخهػيتو . وكل واحد منا إمبا ىو ؿبهلة ما صبع من خاات يف ىذا العاَل الذي يعػيذ فيػو .واػبػاات إمبا ىي اػباات البشرية اؼبًتاكمة اليت حهل ا بالقراءة . وإف ال ػػذي سب ػػن م ػػن اإلحاط ػػة بع ػػاَل األف ػػار ،يب ن ػػو أف وب ػػدد مس ػػتوى أي كات ػ ، ودبجػػرد أف يطلػػع علػػى عن ػواف أو ف ػػرس أو فهػػل مػػن كتػػاب ،فانػػو يعلػػم مسػػتوى ودرجػػة ومقدار ما حهل صاحبو من علم .مثاؿ ذلك ما ذكره ابن الند يف الف رست عن العتا أنو إ (لو قيل ألشاعره ارجعي إىل أصةابك ؼبا بقي لو شيء) .وكل واحد منا ال يب نػو أف يعػػدو قػػدره ،وال أف يعػػدو اطبلعاتػػو ومػػا ىعػػم مػػن أف ػػار ،ف ػػو ؿبػػدود هبػػذا اغبػػد شػػاء أـ أىب ..وكل واحد منا لو مقاـ معلوـ ال يب ن أف يتجاوزه ،فاظهي لؤلف ار سيعلم من أي إنػػاء ننع ػ ،وعنػػد أي مف ػػوـ زمػػٍت نقػػف ،بػػل ويب ػػن أف وبػػدد مهػػادر معلوماتنػػا زماني ػاً وم انياً ،ويهفنا حبس مراجعنا اليت ال زبفى على البهَت اؼبطلع . إف الػػذين يقومػػوف بػػدور الش ػ ادة ( وت ون ػوا ش ػ داء علػػى النػػاس ) (اغبػػج )ٚٛ /ىػػم الذين يب ن م أف يقوموا هبذا الدور يف التهنيف والتةجيم .وكبػن أمػة ( اقػرأ وربػك األكػرـ
) أنبلنا ىذا الواج وزبلينػا عػن ىػذه ال رامػة ،فهػرنا موعػوع دراسػة لغَتنػا ،ولػيس َتنػا موع ػػوعاً لدراس ػػتنا ،و َتن ػػا ى ػػم ال ػػذين يقوم ػػوف بش ػػرؼ الش ػ ادة عل ػػى الع ػػاَل ( .وت ون ػوا ش ػ داء علػػى النػػاس ) .إ ػػا وظيفػػة ال يب ػػن أف يؤدي ػػا مػػن َل وبمػػل نفسػػو علػػى اكتسػػاهبا س العاَل . ويَػعُ َّ واكتساب مثل ىذه الوظيفة ،أو التطلع الكتساهبا ،يتطل من اإلنساف منطلقات يف تهور بدء التاريخ ( بدء اػبلق ) واؼبهػَت ،وسػلطاف اإلنسػاف ،والقػدرة التسػخَتية ،ومعػٌت اغبق وسنن اػبلق ،كما يتطل نوعاً جديداً من الػوعي للمبػدأ واؼبهػَت وللوسػائل والغايػات .وكبػػن َل نرتفػػع ؽبػػذا اؼبسػػتوى ،وؾبتمعنػػا ال تفػػوح منػػو مثػػل ىػػذه الرائةػػة ،النشػػغالو بػػأمور أخرى -ىػي يف ن ػره -ملةػة أكثػر وعاجلػة ،كانػت ؿبػط اىتمػاـ اإلنسػاف قبػل أف يػرتبط بػػاجملتمع ويتنػػازؿ عػػن حقوقػػو القبليػػة والعشػػائرية ليوسػػع مػػن نطػػاؽ إنسػػانيتو .وإف إدراؾ مثػػل ىذه النقبلت النوعية وبتاج إىل لغة جديدة للخطاب نفتقد أجبدية سنن ا ،فثقافتنا اؼبتداولة إمبا ىي يف اإلشادة ب رامات األوليػاء ،ومقامػات سػادتنا ،واغب مػة كػل اغب مػة أف ن ػوف بُت أيدي م كاؼبيت بُت يدي الغاسل ،إف كاف مثل ىػذا اؼبيػت وبتػاج إىل تط ػَت .وال عػاة بتغَت أظباء األولياء واؼبشايخ بألقاب جديدة ،فعبلقػة اؼبريػد بالشػيخ ال تػلاؿ كمػا كانػت مػع ك ػػل ش ػػعاراتنا الفخم ػػة ،ومػ ػػن ق ػػاؿ لش ػػيخو إ َل ال يفل ػ ػ أبػ ػػداً ،ى ػػي مع ػػموف اغبريػ ػػة والديبقراطية عندنا ،ومن ىنا ينبغي أف يعلم شبابنا أننا َل نبدأ بعد بالن عة وال بالف م . ط إف من ين ر إىل إنتاجنا الف ري ،وبعاعتنا اؼبتداولة اليت ؽبا الهدارة ،يعرؼ أننا زبػ ُ خطوة واحدة منذ معيت عاـ ،بل يب ن أف يرى تراجع األىػداؼ والغايػات ،وتثبيػت دعػائم التخلف والتشتت .فالذين ليس ؽبم بهر بسنن التاريخ وكيف بدأ اػبلق ،يهػابوف بػاغبَتة والي ػػأس م ػػن الع ػػيذ يف التن ػػاقل ،واخ ػػتبلط ال ػػدنس باؼبق ػػدس والعل ػػم باعب ػػل ،والش ػػرؼ بالوعاعة ،واألمانة باػبيانة والعمالة . القراءة وعاَل األشخاص إ
يتةػػدث الػػدكتور ؿبمػػد عابػػد اعبػػابري يف كتابػػو (اػبطػػاب العػػر اؼبعاصػػر دراسػػة ربليليػػة نقدية) عن موقف اإلنساف العر اؼبعاصر إزاء مش لة الن عة أو التنميػة أو ذبػاوز التخلػف ،حيػػث عػػرض فيػػو بش ػ ل مبسػػط واع ػ للمش ػ لة ووصػػل يف ايػػة البةػػث إىل خبلصػػة ىامة يقوؿ إ (السلفي واللياا وصبيع األظباء األيديولوجيػة العربيػة األخػرى ال نسػتطيع كبػن العػػرب صبيعػاً ،أف نف ػػم ،وال أف نعػػي ،وال أف مبػػارس األصػػالة واؼبعاصػػرة .ال نسػػتطيع أف قبػػدد ف رن ػػا ،وال أف نش ػػيد حلم ػاً للن ع ػػة مطابق ػاً م ػػا دمن ػػا ؿب ػػومُت بس ػػلطة النم ػػوذج - السلف -سواء كاف الًتاث أو الف ر اؼبعاصر أو شيعاً من ما . نعػػم ؛ اإلنسػػاف بطبيعتػػو يف ػػر مػػن خػبلؿ مبػػوذج ،ول ػػن فػػرؽ بػػُت مبػػوذج يؤخػػذ كرفيػػق مبوذج يؤخذ كأصيل يقاس عليو ،النموذج حينما يتخذ أصبلً سػلفاً ، لبلستعناس بو ،وبُت ٍ يهػػب سػػلطة مرجعيػػة عػػا طة قػػاىرة ربتػػوي الػػذات احت ػواء وتفقػػدىا شخهػػيت ا واسػػتقبلؽبا … إذف فبػػا هبػ البػػدء بػػو ىػػو معرفػػة الػػذات أوالً ،ىػػو فػػك أسػػارىا مػػن قبعػػة النمػػوذج - السػػلف -حػػىت تسػػتطيع التعامػػل مػػع كػػل النمػػاذج تعػػامبلً نقػػدياً ،وذلػػك طريقػػة األصػػالة واؼبعاصرة معاً) (ص . )٘ٚ - ٘ٙ ما يسميو الدكتور اعبابري ىنػا النمػوذج والسػلف ،ىػو مػا نطلػق عليػو يف ىػذه الدراسػة عػاَل األشػخاص مقابػػل عػاَل األف ػػار ،أو مػا نعػػا عنػو أيعػاً بالتعامػل مػػع الوجػود اػبػػارجي بػػدؿ التعامػػل مػػع الهػػور الذىنيػػة ،أو مػػا يب ػػن أف يعػػا عنػػو باالجت ػػاد مقابػػل التقليػػد … وكمػػا يب ػػن أف نقػػوؿ إ إف مػػا يطلػػق عليػػو القػػر ف حػػُت يُنطػػق الػواقعُت ربػػت أسػػار السػػلف . النموذج -بقوؽبم ( وإذا قيل ؽبم إ اتبعوا ما أنلؿ اهلل ،قالوا إ بل نتبع ما ألفينا عليػو باءنػا ) (البقػػرة ( ، )ٔٚٓ /بػػل قػػالوا إ إنػّػا وجػػدنا باءنػػا علػػى أمػػة وإنػػا علػػى يػػارىم م تػػدوف ) (اللخػػرؼ . )ٕٕ /وكبػػن إف أرجعنػػا اؼبعػػٌت اغبقيقػػي لنقػػد أو إدانػػة الػػذين يتبعػػوف اآلبػػاء بغػػَت علم ،ن وف قد أحيينا من ج القر ف ومن ج العلم يف كل عهر وأواف . ول ن الذي أريد أف أقولو ىنا ،وردبا َل يقلو الدكتور اعبػابري صػراحة ،وإف كػاف يب ػن أف يتعمنو كبلمو ،وَل يقلو أيعػاً دعػاة التجديػد ،أو دعػاة االجت ػاد والنػاىوف عػن التقليػد
ى ػػو إ أف اػب ػػروج م ػػن النم ػػوذج ،وم ػػن ع ػػاَل األش ػػخاص ،إىل ع ػػاَل األف ػػار ،ال ي ػػتم إال بػػاػبروج مػػن عػػاَل الهػػور الذىنيػػة إىل اغبقػػائق اػبارجيػػة للتعامػػل مع ػػا بػػدؿ النمػػاذج والهػػور واألشخاص .ول ن ىذا القوؿ أيعاً َت كاؼ ،وال يليد عن أف ي وف أسلوباً للتعبػَت عػن اؼبش لة بلفل خر . إننػػا ال يب ػػن أف نهػػنع مػػن إنسػػاف مقلػػد ؾبت ػػداً بقولنػػا لػػو إ إجت ػػد ،أو أف مبػػدح لػػو االجت اد ونذـ لو التقليد م ما أوتينا من ببل ة يف الًت ي والًتىي فقولنػا إ كػن ؾبت ػداً ، كػػن سػػلفياً ،كػػن تقػػدمياً ،كػػن علميػاً ..وال ت ػػن مقلػػداً وال وصػولياً وال ديبا وجيػاً ،ىػػذه األمور اليت كبب ا أو ن رىا لن تتةقق هبذه األوامر أو الوصايا أو اؼبواعل … وى ػذا أرى الػػدكتور اعبػػابري مػػع مالػو مػػن قػػدرة علػػى التةليػل الػػذي يغػػبط عليػػو ،ومػػع ربديد اؼبش لة اعبامعة بُت السلفي واللياا والتقدمي إ َل يقل لنا كيف لبرج مػن النمػوذج والسلف ،وإمبا قػاؿ لنػا بأسػلوبو البليػس السػابق الػذي ىػو مبػوذج بليػس إلدانػة أكثػر ألسػالي معاعبػػة اليمػػُت واليسػػار واؼبتوسػػط ،يف أ ػػم أصبعػػُت مقلػػدوف بػػائيوف مبوذجيػػوف ،وإف كػػاف ل ل من م سلفو اػباص ،و با ه اػباصػوف ،ومباذجػو اؼبفعػلة ..ويف الواقػع إف اعبػابري قػد لنػػا شػػيعاً م مػاً ،يف أنػػو صبػػع كثػَتاً مػػن األمػراض الػػيت كنػػا ن ن ػػا أمراعػاً متعػػددة ومشػ بلت متباين ػػة ،رب ػػت م ػػرض واح ػػد ومشػ ػ لة واح ػػدة ،وى ػػي إ عب ػػادة األش ػػخاص ،والنم ػػاذج ، والسلف واآلباء ..وىذا تقدـ يف طريػق اغبػل وتعػييق مػن سػاحة اؼبشػ لة ،وربديػد ؼبوعػع الػػداء ..وؽبػػذا قيمػػة كػػاى يف حبػػث وحػػل اؼبش ػ بلت .ول ػػن مػػا الطريػػق للخػػروج مػػن ىػػذا اؼبرض الواحػد إنػو َل وبػدينا مباشػرة .ويب نػٍت أف أقػوؿ ىنػا إ إف السػبيل إىل اػبػبلص مػن األبائية والتقليد والنموذج والسلف واألشخاص ،ىي القراءة الواسعة العميقػة ..ىػي ( اقػرأ ورب ػػك األك ػػرـ ،ال ػػذي عل ػػم بػػالقلم ،عل ػػم اإلنسػػاف م ػػا َل يعلػػم ) .إف الق ػراءة اظ ػػدودة ، العػػةلة اؼبرعوبػػة ،ال زبلػػا مػػن التقليػػد واألبائيػػة .إف مػػن َل يػػر إال مبوذج ػاً واحػػداً وردبػػا مشوىاً أيعاً ..كيػف يب ػن لػو أف يبػدع ويعػيف جديػداً َل يسػبق لػو مثيػل .فاالجت ػاد يف حقيقتو زيادة على اية بناء سابق .إف الذي يرى مباذج كثَتة ،وبتأمػل عميػق ،ىػو الػذي
يسػػتطيع أف يسػػتخلا النمػػوذج أو اؼبثػػاؿ الػػذي هبمػػع اغبسػػنات ،أو اؼبثػػاؿ الػػذي َل ي ػػر بعد .إنو ىو الذي يستطيع أف هبٍت الورد يف جوؼ الشجر كما قاؿ إقباؿ . ومػػع إي أقػػوؿ إف الق ػراءة الواسػػعة العميقػػة اؼبلةػػة ،يف التتبػػع واالستقهػػاء ،ىػػي الػػيت زبلا من النموذج والتقليد وعاَل األشخاص ..ال أظن أنٍت أعفت شػيعاً كبػَتاً ..فػالقراءة الواسػػعة العميقػػة ،ينبغػػي أف توعػػع ربػػت أعػواء سػػاطعة وؾبػػاىر مو لػػة يف البيػػاف والتوعػػي ألنػػو لػػيس مػػن السػ ل ضبػػل اإلنسػػاف ال سػػي ،والبةػػر الػػذي تعػػوزه اؼبراكػ الػػيت ؽبػػا مناعػػة عػػد الغػػرؽ يف األم ػواج أو اؼبتاىػػات .واآلف إذا قلػػت للػػدكتور اعبػػابري إ كيػػف اػبػػروج مػػن النم ػػوذج والس ػػلف فية ػػق للق ػػارئ أيعػ ػاً أف يق ػػوؿ إ ول ػػن كي ػػف الس ػػبيل إىل القػ ػراءة الواسػػعة العميقػػة الػػيت تنهػ هبػػا أيػػن اػبريطػػة والبوصػػلة ،وأيػػن اؼبرك ػ للػػدخوؿ إىل العػػاَل ال بَت الفسي الذي تشتبو فيو اؼبعاَل أقػػوؿ للمتسػػائل إ إي ال أزعػػم أي أقػػدـ لػػك خريطػػة واعػػةة اؼبعػػاَل ،وال بوصػػلة دقيقػػة حساس ػػة ..وإمب ػػا ك ػػل عمل ػػي أف أتق ػػدـ خط ػػوة يف ذبدي ػػد اؼبشػ ػ لة .فػ ػ ذا اتفقن ػػا عل ػػى أف النمػػوذج ال وبػػل مش ػ لتنا ،ف ػ ي أقػػوؿ ىنػػا إ إف اغبػػل يف الق ػراءة الواسػػعة اؼباسػػةة اظهػػية لتجارب البشر ،ومعاناهتم بالسَت يف األرض والن ر إىل سنن الذين خلوا مػن قبػل ،لنخػرج بالعاة ولنمنع ت رار اػبطأ ،ونبهر ما يليد اهلل يف خلقو ،وما يبدع يف ظباواتو وأرعو ونتبع القػػوؿ ال ػػر إ ( قػػل ىػػذه سػػبيلي أدعػػو إىل اهلل علػػى بهػػَتة أنػػا ومػػن اتبعػػٍت ،وسػػبةاف اهلل ومػػا أنػػا مػػن اؼبشػػركُت ) (يوسػػف . )ٔٓٛ /والبهػػَتة ىػػي ر يػػة كػػل مػػا يتهػػل باؼبش ػ لة ، وذبميع اآلراء ،ا اختلاؿ الهواب واقتناص دالئل اؼبستقبل وإشارهتا ،ف ػذه ىػي البهػَتة ، وىذا ىو االىتداء للةق فيما اختلفوا فيو حىت ال نلدغ من جةر مرتُت وقوؿ الرسوؿ صػلى اهلل عليػػو وسػػلم إ « ال يلػػدغ اؼبػػؤمن مػػن جةػػر واحػػد م ػرتُت » حػػُت نأخػػذه علػػى ـبتلػػف مس ػػتوياتو ،نػػرى يف مس ػػتوى من ػػا أف اجملتم ػػع اؼب ػػؤمن والبشػػرية الواعي ػػة الػػيت ت ػػتعلم م ػػن ع ػػا التاريخ ،ال ينبغي ؽبا أف ت رر اػبطأ الػذي حػدث مػرة مػع البشػرية يف تارىب ػا ،فػ ف فعلػت وكررت اػبطأ ولد ت مػن اعبةػر الواحػد مػرتُت ودفعػت عػريبة اػبطػأ مػرتُت ،ت ػوف بػذلك
قد نفت عن نفسػ ا صػفة اإليبػاف الػذي يعطػي نتائجػو االجتماعيػة ،أل ػا َل تعتػا باؼباعػي الذي يل القر ف على التةديق فيو ألخذ العاة . أي ػػا الفػػىت الناشػػت ،انتبػػو إىل ىػػذا وتأملػػو ..إنػػو مػػن اؼبفيػػد جػػداً أف تف ػػم ىػػذا ،وأف نسعى صبيعاً لن يت أنفسنا للقياـ دبثػل ىػذه الوظيفػة الػيت تتطلػ منػا أف نقػوـ بػدور العسػس حراس الليل -الػذين يسػ روف بيق ػة حػىت وبف ػوا اجملتمػع مػن أف يلػدغ مػن جةػر واحػدمرتُت ،وحىت ال ندفع عريبة فلتنا عن لد ة حديت يف التاريخ . وإف اجملتمػػع الػػذي لػػيس لػػو رواده البػػار الػػذين يقػػدموف لػػو أحػػداث العػػاَل بوقػػار وجديػػة وصدؽ ،والذي يعيذ عاَل الثقافة بػبل بوصػلة ..إنػو يعػطر أف يقػرأ ثػاً كبػَتاً ،حػىت يعثػر على شيء نافع ،أو بعع صفةات أو أسطر من كتاب يف ألف صفةة .. الفهل األوؿ الو ُجود َمَرات ُ ُ الو ُجود َمَرات ُ ُ يذكر ابن تيمية ومن بلو اإلماـ الغلا ..وسوانبا أف مرات الوجود أربع إ ٔ -الوجود العيٍت أو الوجود اػبارجي . ٕ -ا الوجود الذىٍت أو الهورة الذىنية للوجود اػبارجي . ٖ -ا الوجود اللف ي . ٗ -ا الوجود الرظبي ( ال تا ) . فالوجود العيٍت اػبارجي ىو وجود الشيء يف الواقع كوجود الرعد والاؽ والبةار وسػائر اؼبوجودات من الذرة إىل اجملرة .
وأمػػا الوجػػود الػػذىٍت ف ػػو الهػػورة الذىنيػػة الػػيت ربػػدث لئلنسػػاف عػػن ىػػذه اؼبوجػػودات اػبارجية . وأما الوجود اللف ي ،ف و اللفل الذي يطلقو اإلنساف على الهورة اليت حهلت عنده عػػن الواقػػع اػبػػارجي ،وىػػو وعػػع األظبػػاء والرمػػوز علػػى الهػػورة الذىنيػػة ( وعلػػم دـ األظبػػاء كل ا ( ) ..سورة البقرة . )ٖٓ / وأما الوجود الرابع ف و الوجود الرظبي ال تا ،ويقهد بو وعع رمل موسوـ ليدؿ على اللفػػل الػػذي ينطػػق بػػو اإلنسػػاف ،فػػاللفل ي غب ػػي يػػت لم بػػو اإلنسػػاف فينتشػػر يف اؽب ػواء موجات صوتية تتبلشى ،وأما الرسم ال تا الذي يػدؿ علػى اللفػل ،فيبقػى موسػوماً علػى الػػورؽ أو اغبجػػر أو أي شػػيء خػػر ،ومعرفػػة ىػػذا الرسػػم نػػوع مػػن الق ػراءة ،أو ىػػي الق ػراءة ذاهتا . وقػػد ذكػػر الغػلا ىػػذا اؼبوعػػوع يف مقدمػػة كتابػػو (اؼبستهػػفى مػػن علػػم األصػػوؿ) واعتػػا ىذه اؼبقدمة مقدمة العلوـ كل ا ،ال مقدمة علم األصوؿ وحػده ،واعتػا أف الػذي ال وبػيط هبا ال يقة بعلومو أصبلً ،فقاؿ إ « اعلم أف كل من طل اؼبعاي من األلفػاظ عػاع وىلػك ،وكػاف كمػن اسػتدبر الغػرب وىػػو يطلبػػو ،ومػػن قػػرر اؼبعػػٍت أوالً يف عقلػػو ،ا أتبػػع اؼبعػػاي األلفػػاظ فقػػد اىتػػدى .فلنقػػر اؼبعاي أوالً فنقوؿ إ الشيء يف الوجود لو أربع مرات إ ٔ -حقيقتو يف نفسو . ٕ -يبوت مثاؿ حقيقتو يف الذىن ،وىو الذي يعا عنو بالعلم . ٖ -تأليف صوت حبروؼ تدؿ عليو ،وىو العبارة الدالة على اؼبثاؿ الذي يف النفس . ٗ -تأليف رقوـ تدرؾ حباسة البهر دالة على اللفل وىو ال تابة . فال تابة تبع للفل إذ تدؿ عليو ،واللفل تبع للعلم إذ يػدؿ عليػو ،والعلػم تبػع للمعلػوـ إذ يطابقػػو ويوافق ػػو .وى ػػذه األربع ػػة متطابق ػػة متوازي ػػة ،إال أف األ ََّول ػ ْػُت وج ػػوداف حقيقي ػػاف ال
ىبتلفاف يف األعهار واألمم ،واآلخراف اللفػل وال تابػة ىبتلفػاف أل مػا موعػوعاف باالختيػار . » .. كما ذكر الغلا تعريف اؼبعتللة للعلم بأنو إ « اعتقاد الشيء علػى مػا ىػو بػو » فنػاقذ اعتق ػػاد فق ػػاؿ إ « العل ػػم يس ػػتةيل بق ػػا ه م ػػع تغ ػػَت اؼبعل ػػوـ ،ألف العل ػػم كش ػػف وانشػ ػراح ، واالعتقاد عقدة على القل ،والعلػم عبػارة عػن اكبػبلؿ العقػد ،ف مػا ـبتلفػاف ،ولػذلك لػو أصغى اؼبعتقد إىل اؼبش ك لوجد لنقيل معتقده ؾباالً يف نفسو ،والعاَل ال هبد ذلك أصبلً وإف أصغى إىل الشبو اؼبش ِّ ة ،ول ن إذا ظبع شب ة ال وبهػل لػو شػك يف بطػبلف الشػب ة خببلؼ اؼبقلد .وبعد ىذا التقسيم ي اد ي ػوف العلػم مرتسػماً يف الػنفس دبعنػاه وحقيقتػو مػن َت ت لف ربديد . » .. ويف ال ػػبلـ الػػذي يػػذكره الغػلا معػػٌت أرى أف كبػػرص عليػػو يف ؾبػػاؿ تعريػػف العلػػم وىػػو قولػػو إ « لػػو أصػػغى اؼبعتقػػد إىل اؼبشػ ك لوجػػد لنقػػيل معتقػده ؾبػػاالً يف نفسػػو ،والعػػاَل ال هب ػػد ذل ػػك أص ػبلً » .وى ػػذا مع ػػٌت ش ػريف يب ػػن أف كب ػػس ب ػػو يف أعماقن ػػا ،فاؼبعتق ػػدات أو اؼبسػلمات بغػػَت قابلػػة لللعلعػػة يف أعمػػاؽ نفػػس اؼبعتقػػد وإف كػػابر وسبػػادى يف اؼبمػػاراة ،ول ػػن العػػاَل ال يتلعػػلع مػػا يف نفسػػو م مػػا عػػرض عليػػو مػػن شػػب ات وش ػ وؾ ،ف ػػو راس ػخ يابػػت كالطود ،ول ن قد ي تدي لنقل ما عنده من علم لآلخرين وقد ال ي تدي . فجاليلو مثبلً ،بعد أف أقسم ويده على ال تاب اؼبقدس أنو يشج ،ويعلن ،ووبتقػر ما قيل ،أو ُكت من خطأ وبدعة حوؿ حركة األرض ،كاف مثلو كمػن أُكػره وقلبػو مطمػعن باإليباف ،وذلك ألنو أدرؾ بالدليل العلمي صةة ما وصل إليو ،وإف كاف مػع يقتػو سيشػعر بػػاؼبرارة لعجػػله عػػن نقػػل علمػػو إىل اآلخ ػرين ،وردبػػا يشػػعر بعػػرورة التف ػػَت يف تػػوفَت الشػػروط الػػيت ذبعػػل أف ػػاره الهػػةيةة تنػػاؿ قبػػوؿ اؼبن ػرين ،وىػػذا موعػػوع خػػر يػػدور حػػوؿ أسػػلوب التعلػػيم ومش ػ بلتو وتػػذليل العوائػػق الػػيت ربػػوؿ بػػُت النػػاس وقبػػوؿ اغبقػػائق الػػيت اىتػػدى العلػػم إلي ا ،ويف ىذا ورد يف مقدمة صةي مسلم عن ابن مسعود قاؿ إ « ما أنت دبةدث قوماً حديثاً ال تبلغو عقوؽبم إال كاف لبعع م فتنة » .
ف ف اإلن ار الشديد الذي ُهبابو بو أصةاب اغبق والعلم كثَتاً ما يرجع إىل أف اؼب تػدي إىل اغبػػق تدفعػػو ضباسػػتو فػػيعلن اغبقػػائق الػػيت وصػػل إلي ػػا علػػى قػػوـ بيػػن م وبػػُت ىػػذه اغبقػػائق درجػػات منقطعػػة ،ومراحػػل مفقػػودة ،وبػػُت علم ػػم القػػد والعلػػم اعبديػػد فجػوات واسػػعة ، عج ػػل ى ػػذا الع ػػاَل اؼب ػػتةمس ع ػػن س ػػدىا ،في ػػذبوف ى ػػذه اغبق ػػائق وين رو ػػا ،وال تقبل ػػا أف ػػام م .والتػػاريخ ملػػيء دبثػػل ى ػذه اؼبواقػػف اؼبؤؼبػػة .وإف تطػػور اؼبعرفػػة مػػع الػػلمن سػػيةل اؼبش لة حُت ترتقي مفاىيم الناس حوؿ اؼبوعػوع ( ولػتعلمن نبػأه بعػد حػُت ) (سػورة ص / . )ٛٛ ول ػػن مػػع ذل ػػك تبقػػى مأسػػاة اؼبقابلػػة األوىل مايلػػة يف عػػةايا م ػػن العلمػػاء وأص ػػةاب األف ار ،الذين استبد هبم ضباس م للجديد الذي وصلوا إليو ،مع سوء تقديرىم لل ػروؼ وموانع ف م العلم اعبديد .أو يف عةايا من الناس الذين جاهبوا العلم ،وأعرعوا عن اغبػق ،لقل ػػة علم ػػم يف موع ػػوع مع ػػُت ،أو إلخبلص ػ ػ م ل ػػبعل الق ػػيم ،وس ػػيطرة اؽب ػػوى عل ػػى نفوس م ف انوا جدار ظبلـ يف وجو النور ،وأداة إساءة إىل العلماء . وىذه اؼبوعوعات ت ر أ ػا واعػةة كن ريػات حػُت نفرعػ ا ،ول ػن اؼبمارسػة العلميػة ؽبا تُ ر أف اؼبش لة ما تلاؿ قائمػة ،وأف كثػَتاً مػن العلمػاء اغبػاذقُت الػذين يشػعروف بػالف م الػدقيق ،يقعػوف يف سػػوء التقػدير ،وتػأتى النتػػائج لتؤكػد أف اؼبشػ لة ليسػػت هبػذه السػ ولة ، وأف كشػػف العلػػم لػيس كافيػاً لقبػػوؿ النػػاس لػػو واسػػتفادهتم منػػو .ألف إيهػػاؿ العلػػم باغب مػػة واؼبوع ة اغبسنة واعبداؿ باليت ىي أحسن ،ال تلاؿ يف مركل الهػدارة يف مشػ بلت البشػرية . والقػػر ف يعػػيف إىل الػػببلغ كلمػػة اؼببػػُت ،ليةػػدد الشػػروط الػػيت ينبغػػي أف يتهػػف هبػػا اؼبوعوع الذي يراد نقلو إىل اآلخرين ،إذ ال بد أف يتهف ىذا اؼبنقوؿ أو ىذا اؼببلػس بػاؼببُت والبينػػات ،فتػػوفَت ىػػذه الشػػروط للػػببلغ ىػػو واجػ العلمػػاء واآلمػرين بالقسػػط مػػن النػػاس . وقػػد وبػػذؼ وصػػف اؼببػػُت أحيانػاً مػػن كلمػػة الػػببلغ ،إال أف ىػػذا اغبػػذؼ ال يعػػٍت االسػػتغناء عنػػو ،ألف ال ػػببلغ ال ي ػػوف ُمللم ػاً إال إذا كػػاف مبين ػاً إىل درجػػة أف يه ػػل اؼبخاط ػ إىل أف
ين ر الشيء وقد علمو وف مو ،أي أف يهػل إىل درجػة ( وجةػدوا هبػا واسػتيقنت ا أنفسػ م ظلماً وعلواً ) (سورة النةل . )ٔٗ /ويف الواقع إف اؼببلَّس إف َل يهل إىل ىذه الدرجة ،ال يشعر أنو ىبوف عمَته وي ابر يف قبوؿ اغبق ،ف ف اؼبعارض مػا داـ يشػعر أنػو علػى حػق فػبل ُ يلاؿ معذوراً يف معارعتو ،وردبا جػاء الػنقا مػن أف صػاح اغبػق َل يسػتطع أف يوعػةو ، وىػذه مشػ لة البػد مػن العػػودة إلي ػا ( بػل أكثػرىم ال يعلمػػوف اغبػق ف ػم معرعػوف ) (سػػورة األنبياء ية ٕٗ) . وكلم ػػة اعب ػػاحل ال ػػيت س ػػبق ذكرى ػػا تش ػػَت إىل أف حي ػػاة العل ػػم البي ػػاف ،وردب ػػا أى ػػم مي ػػلة لئلنسػػاف قدرت ػػو عل ػػى البي ػػاف ،واؼبتم ن ػػوف يف البي ػػاف ىػػم ال ػػذين سيةهػػروف العل ػػم واللم ػػاف بالبياف ( خلق اإلنساف علمو البياف ) (الرضبن ية ٗ) . حوؿ قوؿ اإلماـ الغلا إ (من طل اؼبعاي من األلفاظ عاع وىلك وكاف كمن استدبر الغرب وىو يطلبو) ىذا معػٌت شػريف وبسػن أف نبةثػو مػرة أخػرى بأسػلوبنا -حسػ طاقتنػا -وذلػك ألف نشػػرح اؼبرتبػػة األوىل مػػن مراتػ الوجػػود الػػذي ظبػػاه الغػلا إ (حقيقػػة يف نفسػػو) ،أو الوجػػود اػبارجي أو العيٍت حس تعبَت شيخ اإلسبلـ ابن تيمية . فالرعد -مثبلً -لو وجود خارجي ي ر يف اعبلجلة اليت نسمع ا بعد وميل الاؽ يف السةاب .ف ذا الوجود اػبػارجي ىػو حقيقػة الرعػد .ومثلػو الشػمس والقمػر والنجػوـ واؼبػاء والنبػػات واغبي ػواف ،وعػػادات اجملتمعػػات ..ف ػػذه كل ػػا ؽبػػا حقػػائق خارجيػػة موجػػودة بش ػ ل مستقل عن الهورة الذىنية اليت ربهل لئلنساف عند أوؿ اتهالو هبا . فاإلنساف األوؿ ظبع الرعد ،ورأى الاؽ كما نسمع ونرى ،ول ن الهورة الذىنيػة الػيت ربهػػل لئلنسػػاف مػػن ىػػذا االتهػػاؿ ال يب ػػن أف ت ػػوف واحػػدة عنػػد اعبميػػع ،إال إذا جردنػػا اإلنساف من تفسَت األحداث واعتاناه لة تهوير ،أو لة تسجيل فقط .
لو سألنا التاريخ إ كيف فسر اإلنساف وف م حقيقػة الرعػد والػاؽ وأسػباب حػدوي ما ف ننػا قبػد التفسػَتات ـبتلفػة جػداً ،وال يػلاؿ النػاس يسػعوف للوصػوؿ إىل إدراؾ أقػرب غبقيقػػة كل من الرعد والاؽ ،وما ينتج عن ما ،وما يؤدياف من وظيفة .. إذاً ق ػػوؿ الغ ػ ػلا إ (إف الوج ػػودين األول ػػُت -الوج ػػود اػب ػػارجي والوج ػػود ال ػػذىٍت -ال ىبتلفػػاف يف األعهػػار واألمػػم) ،قػػوؿ صػػةي إذا كػػاف اإلنسػػاف ؾبػػرد لػػة تسػػجيل أو تهػػوير واإلنساف ليس كذلك . إف كػػل النػػاس شػػاىدوا الشػػمس تشػػرؽ كػػل صػػباح ،ول ػػن ف ػػم حقيقػػة وكيفيػػة شػػروق ا كاف من االختبلؼ والتباين إىل درجة تباين النقػيل للنقػيل .وىػذا مثػل م ػم عػن إم ػاف حػػدوث اػبطػػأ يف تفسػػَت الهػػور الذىنيػػة الػػيت ربهػػل لئلنسػػاف مػػن اغبقػػائق اػبارجيػػة .وإف تقدـ البشرية يف إدراؾ حقائق األشياء ،وكيفيػة حػدوي ا وبػدء خلق ػا ،ال يػلاؿ بطيعػاً بػر م ما يبذلو اإلنساف من ج د إلدراؾ ذلك . إف م ػػا وبه ػػل عن ػػد الن ػػاس م ػػن ص ػػور ذىني ػػة ع ػػن ال ػػاؽ والرع ػػد ،والش ػػمس ،والنب ػػات واغبيواف ،متفاوت تفاوتاً كبَتاً عريعػاً وطػويبلً وعميقػاً ،فل ػذا لبتػار أف نقػوؿ إ إف الوجػود اػبارجي ل ل من الفيلياء واجملتمع لو حقيقة واقعة ،أما تهور الناس ؽبا ف و الػذي يتفػاوت النػػاس في ػػو ،ف ػػل ي ػػرى حس ػ خلفيت ػػو الف ري ػػة .وىػػذا م ػػا يبي ػػل الن ػػاس ع ػػن ل ػػة الته ػػوير والتسػػجيل ،وهبعل ػػم ىبتلف ػػوف يف ف ػػم األم ػػور علػػى مػػر العه ػػور .ى ػػذه ىػػي العبلقػػة ب ػػُت الوجػػود اػبػػارجي والهػػور الذىنيػػة ،فػػالوجود اػبػػارجي ىػػو الثابػػت الػػذي كلمػػا اختلفنػػا يف تفسَته رجعنا إليػو ،ودققنػا الن ػر والبةػث والتعامػل معػو ،لنهػة الهػور الذىنيػة .وىػذا ما أردنا إيباتو ىنا يف حديثنا عن كبلـ الغلا يف ىذا اؼبوعوع . فالوجود اػبارجي إ ىو اغبقيقة الثابتة اليت نرجع إلي ا عند االختبلؼ ،والهور الذىنية قابلة للليادة والنقهاف . فعل ػػم الفل ػػك ،والط ػ ،وال يمي ػػاء وس ػواىا .حق ػػائق خارجي ػػة يابت ػػة الس ػػنن ،ول ػػن الهور الذىنية عن ا تتفاوت تفاوتاً كبَتاً على مر اللمن .وكم ي وف مفيداً إدراؾ ىػذا جيػداً
ليم ن االنتقاؿ إىل موعوعات أخػرى وعلػوـ أخػر ،كػي ال تت ػرر النلاعػات اؼبريػرة ،حيػث ك ػػاف النػػاس يفق ػػدوف أس ػػلوب البة ػػث والتةقيػػق ،وال ن ػلاؿ نق ػػع يف مثػػل ى ػػذا إىل اآلف يف ؾبػػاالت أخػػرى مػػن العلػػوـ ألننػػا نفقػػد االعتبػػار وال نعقػل األمثػػاؿ ( .وتلػػك األمثػػاؿ نعػرهبا للناس وما يعقل ػا إال العػاؼبوف ) (سػورة العن بػوت يػة ٖٗ) ( ،فػاعتاوا يػا أو األبهػار ) (سورة اغبشر ية ٕ) .إذاً ىنػاؾ فػرؽ بػُت الهػور الذىنيػة واغبقػائق اػبارجيػة ،واؼبرجػع عنػد النلاع ىو اغبقائق اػبارجية وليس الهور الذىنية . اؼبرتبة الثالثة (الوجود اللف ي) واؼبرتبة الثالثة ىي اليت شػرح ا الغػلا بقولػو إ (تػأليف صػوت حبػروؼ تػدؿ عليػو ،وىػو العبػػارة الدالػػة علػػى اؼبثػػاؿ الػػذي يف الػػذىن) .ىػػذه اؼبرتبػػة ىػػي مرتبػػة إطػػبلؽ األظبػػاء علػػى اؼبوج ػػودات الفيليائي ػػة ،ك ػػاألرض ،والس ػػماء ،وال ػػذرة ،واجمل ػػرة ،واالجتماعي ػػة ،كاغبػ ػ ، والػ ػػبغل ،واله ػ ػػداقة ،والع ػ ػػداوة ،وال ػ ػػا ،والعق ػ ػػوؽ ،واغبي ػ ػػاء ،والوقاح ػ ػػة ،واله ػ ػػدؽ ، وال ذب ،واألمانة ،واػبيانة . فاؼبرتبة الثالثة من مرات الوجود ىي الوجػود االظبػي اللغػوي ،مرتبػة ( علػم دـ األظبػاء كل ا ) وىي إطبلؽ أصوات معينة على موجودات فيليائيػة -فاقيػة -وؾبػودات اجتماعيػة أنفسية(ٔ) -وىػذه ىػي الوسػيلة الفػذة الػيت يبتػاز هبػا اإلنسػاف وامتػاز هبػا دـ عػن اؼببلئ ػةحُت أعلنوا أ م ال علم ؽبػم إال مػا علم ػم اهلل وذلػك يف قهػة اسػتخبلؼ دـ يف األرض . (وإذ قاؿ ربػك للمبلئ ػة إي جاعػل يف األرض خليفػة .قػالوا إ أذبعػل في ػا مػن يفسػد في ػا ويسفك الدماء ،وكبن نسب حبمدؾ ونقدس لك قاؿ إ إي أعلػم مػا ال تعلمػوف .وعلػم دـ األظباء كل ا ،ا عرع م على اؼببلئ ة فقاؿ إ أنبعوي بأظباء ىؤالء إف كنتم صادقُت . قػػالوا س ػػبةانك ال عل ػػم لنػػا إال مػػا علمتن ػػا إنػػك أن ػػت العلػػيم اغب ػػيم .ق ػػاؿ يػػا دـ أنب ػػع م (ٔ) إشارة إىل قولو تعاىل إ ( سنري م ياتنا يف اآلفاؽ ويف أنفس م حىت يتبُت ؽبم أنو اغبق ) سورة فهلت ية (ٖ٘) .
بأظبائ م ،فلما أنبأىم بأظبائ م قاؿ إ أَل أقل ل م إ إي أعلم ي السماوات واألرض ، وأعلم ما تبدوف وما كنتم ت تموف ) ( البقرة ية ٖٓ . )ٖٖ - يف ىػػذا اغب ػوار -ال ػػدائر ب ػػُت اهلل عػػل وج ػػل ومبلئ تػػو -إشػػارة إىل أنبيػػة ( وعل ػػم دـ األظب ػػاء كل ػػا ) ،إذاً (علَّ ػػم األظب ػػاء) س ػػيةقق دـ وذريت ػػو م ػػا عل ػػم اهلل ف ػػي م و ػػاب ع ػػن اؼببلئ ػػة ،وبػ ػ (علػػم دـ األظبػػاء) سػػيتم ن دـ وذريتػػو مػػن نفػػي هتمػػة اؼببلئ ػػة لػػو ولذريتػػو بالفسػػاد يف األرض ،وسػػفك الػػدماء ،وىػػي هتمػػة كبػػَتة ال تػلاؿ ملتهػػقة باإلنسػػاف ،ول ػػن ىذا اإلنساف يبلك وسيلة اػببلص وىي العلم . إف وعػػع االسػػم يػػأب بعػػد إدراؾ موعػػوعو .فالبشػػر يف األصػػل ال يعػػعوف اظب ػاً ؼبػػا ال يعلمػػوف أو ؼبػػا َل يهػػل إىل إدراك ػػم ،ف ػػل مػػا َل يهػػل إىل إدراك ػػم لػػو اسػػم واحػػد وىػػو اجمل وؿ ،وأما إذا وصل اإلنساف إىل إدراؾ الوجػود الفيليػائي -اؼبػادي األفقػي -أو الوجػود االجتم ػػاعي اإلنس ػػاي -األنف ػػس -ف ن ػػو يع ػػع االس ػػم ل ػػو بع ػػد الته ػػور األوؿ ،وال يػ ػلاؿ اإلنساف يتعامل مع ىػذا الوجػود وذاؾ حػىت يهػة ن ػره ووبػذؼ اػبطػأ مػن إدراكػو ويثبػت الهواب ( .فأما اللبد فيذى جفاء ،وأما ما ينفع النػاس فيم ػث يف األرض ) (الرعػد / ( )ٔٚيليػػد يف اػبلػػق مػػا يشػػاء ) (فػػاطر يػػة ( . )- ٔ -وقػػل رب زدي علم ػاً ) ( طػػو / ٗٔٔ ) فبعػػد الف ػػم والتهػػور يعػػع اإلنسػػاف االسػػم ،أي أنػػو بعػػد دخػػوؿ الشػػيء إىل عػػاَل الوعي يثبتو اإلنساف بوعع اسم لو ،عنواف والدتو ووجوده يف ذىن اإلنساف إ فالشيء كاف موجػوداً ول ػن َل ي ػػن لػو اسػم ،ألنػػو َل ي ػن دخػػل بعػد يف وعػي اإلنسػػاف وإدراكػو ،فلمػػا دخل وعػي اإلنسػاف وإدراكػو وعػع لػو االسػم ،فعلَّػم اإلنسػاف ىػذا الشػيء الػذي أدركػو بػأف عػ ُػع األظبػػاء ،أو قػػدرة اإلنسػػاف علػػى التعامػػل بػػالرمل اللف ػػي وعػػع لػػو عبلمػػة سبيػػله .إذ َو ْ (االسم) إ ىي القدرة اعبديدة اؼب مة اليت تؤىػل اإلنسػاف ألف ي ػوف مسػتخلفاً يف األرض . والواقػػع ،إف القػػدرة اللف يػػة أو قػػدرة وعػػع األظبػػاء أو تعلػػيم دـ عليػػو السػػبلـ -األظبػػاء - ىي القدرة األوىل يف ىذا اػبلق اآلخر ( ا أنشأناه خلقاً خر فتبارؾ اهلل أحسن اػبالقُت ) ( اؼبؤمنوف ) ٔٗ /إف قدرة تعلم األظباء وأنبيت ا ىي اليت جعلت األقدمُت يعرفوف اإلنساف
بأنػػو حي ػواف نػػاطق ،وإف كػػاف اؼبناطقػػة فسػػروا النطػػق بػػالتف َت إال أف التف ػػَت ال ينتقػػل مػػن صػػاحبو إىل اآلخػرين إال بػػالنطق وال ػػبلـ ،أو ال تابػػة الػػيت ىػػي ترميػػل للنطػػق وال ػػبلـ ،فػػبل حرج أف نقوؿ إ إف النطق والبياف أىم صفات اإلنساف ( الرضبن علم القػر ف خلػق اإلنسػاف علمو البياف ) ( الرضبن . ) ٗ-ٔ / إف قػدرة ال ػبلـ جعلػػت يف اإلم ػاف إدخػاؿ عامػػل تربػوي زيػادة علػػى الورايػة الععػػوية ، إذ صػػارت اػب ػاات البشػرية فب نػػة االنتقػػاؿ مشػػاف ة .وإف مػػا يعرفػػو العلػػم عػػن بدايػػة ظ ػػور اللغة ،والنطق وال بلـ عند اإلنساف عػةل ؿبمػد ،مػع أف إنسػانية اإلنسػاف قػد بػدأت مػع سجل ال لمة واللغة إ فبال لمة ارتفع اإلنساف إىل مرتبة اإلنساف ،كما بدأ تاريخ اإلنساف يُ َّ ويُعرؼ ،وتنتقل خاات السابق إىل البلحق مع اخًتاع ال تابة والقراءة الػيت أعػاءت مسػَتة اإلنساف .وبقدرة تعلم األظباء صػار دـ وذريتػو خلقػاً خػر ،وىػذه القػدرة اعبديػدة جعلػت خطػػاب اهلل تعػػاىل آلدـ -عليػػو السػػبلـ -مػػن نػػوع خػػر ،فػ ف وحيػػو -جػػل جبللػػو -إىل البشػر َ ،ل ي ػن كوحيػػو إىل النةػل .وبػػذلك أيعػاً صػػار دـ مسػتأىبلً اػببلفػػة يف األرض ، ألف تعلم األظبػاء فػت مواىبػو وقدراتػو ال امنػة .فقػد تعلػم األظبػاء ،وسػيتعلم بعػد ذلػك أف يقػرأ ،وسػػيقرأ باسػػم ربػػو األكػػرـ ،الػػذي علػػم بػػالقلم ،علػػم اإلنسػػاف مػػا َل يعلػػم .وسيهػػل ىذا اإلنساف إىل ما علم اهلل فيو وج لتو اؼببلئ ة من التغلػ علػى الفسػاد وسػفك الػدماء ، وهبذا العلم أقرت اؼببلئ ة بقهور علم ػم عػن اإلنسػاف حػُت ح مػوا عليػو دبػا ح مػوا .إف اللغػػة والبيػػاف وظػػائف ل يػػاف اإلنسػػاف إ ف ػػي يػػات علػػى الف ػػر والسػػلطاف وقػػدرة اإلنسػػاف علػػى التسػػخَت .وإف اللغػػة والبيػػاف ألجػػل اغبقيقػػة والهػػدؽ ،ال للػػوىم وال ػػذب ،فاالسػػم الػػذي لػػيس عبلمػػة علػػى واقػػع اعتػػاه اهلل تعػػاىل زيفػاً وهبتانػاً .فينبغػػي أف يُهػػاف االسػػم واللغػػة والبياف عن ال ذب والليف ،ؽبذا قاؿ عن األصناـ ،البلت والعلى ومنػاة الثالثػة األخػرى إ (إف ىػػي إال أظبػػاء ظبيتموىػػا أنػػتم و بػػا كم مػػا أنػػلؿ اهلل هبػػا مػػن سػػلطاف ) (الػػنجم ، ) ٕٖ / فال بلـ ليس جملرد ال بلـ وال للخػداع والػدجل ،وإمبػا لنقػل اغبػق والواقػع ،لتثبيػت الهػدؽ والعػػدؿ (وأنللنػػا مع ػػم ال تػػاب واؼبي ػلاف ليقػػوـ النػػاس بالقسػػط ) ( اغبديػػد ) ٕ٘ /فػػال بلـ
الػػذي ال يعػػا عػػن واقػػع وصػػدؽ عملػػة مػػلورة ،وصػػك ال رصػػيد لػػو « مػػن كػػاف يػػؤمن بػػاهلل واليػػوـ اآلخ ػػر ،فليق ػػل خ ػَتاً أو ليهػػمت » (البخ ػػاري كت ػػاب األدب) ويف ت ػراث اله ػػاغبُت حديث طويل عن قدسية ال بلـ وصونو عن أف ىبػرج عمػا خلػق لػو مػن بيػاف اغبػق (يػا أي ػا الذين منوا اتقوا اهلل وقولوا قوالً سديداً ،يهػل ل ػم أعمػال م ويغفػر ل ػم ذنػوب م ،ومػن يطع اهلل ورسولو فقد فاز فوزاً ع يماً ) ( األحػلاب ( ) ٚٔ /يػا أي ػا الػذين منػوا َل تقولػوف مػػا ال تفعلػػوف كػػا مقتػاً عنػػد اهلل أف تقولػوا مػػا ال تفعلػػوف ) ( الهػػف ) ٖ /فمػػن ىنػػا تػػأتى قدسية ال لمة اليت ترفع صاحب ا إىل مرات الهديقُت ،أو هتوي بو يف نػار اعبةػيم ،ومػن ىنػػا كػػاف قػػوؿ أصػػدؽ النػػاطقُت ؿبمػػد صػػلى اهلل عليػػو وسػػلم وىػػو هبي ػ مػػن قػػاؿ إ ( وإنػػا ؼبؤاخذوف دبا نت لم بو ) فقاؿ إ « ي لتك أمك يا معاذ وىل ي الناس على وجوى م يف الن ػػار إال حه ػػائد ألس ػػنت م » ( مس ػػند اإلم ػػاـ أضب ػػد ،ج ػ ػ ٘ ،ص ٖٕٔ ) ف ػػذا م ػػن يستخدـ لة الهدؽ للغذ . يبدأ عمل اللغة بعد تش ل الهور الذىنية عن الوجود اػبارجي ،فالبياف واللغة يفيداف على قدر وعوح األف ار والهور الذىنية عن ـبلوقات اهلل . ف لما وعةت األف ار ،تشػققت فنػوف البيػاف ،واتسػعت اللغػة ،وسب نػت مػن األداء ،وجعلػػت لل لمػػات رشػػاقة ورصػػانة كأ ػػا البنيػػاف يشػػد بععػػو بععػاً ،وىػػذا مػػا عنػػاه الناقػػد ال بلسي ي .بوالو إ ( إف ما قبيد ف مو ،قبيد التعبَت عنو ) . ػار الػػيت تفتقػػد الوعػػوح ،تفتقػػد األلفػػاظ الػػيت تعػػا عن ػػا ؛ فعػػةالة األف ػػار بينمػا األف ػ ُ ذبعػػل اإلنسػػاف عيي ػاً ال يقػػدر أف وبػػَت جواب ػاً ،وعػػةل األف ػػار وإف تشػػدؽ وأطلػػق العنػػاف لهف مػن األلفػاظ ،ف بلمػو مثػل كػبلـ النػائم ،أو كػبلـ ذي يبوبػة ال صػلة بػُت أجلائػو . وىػػذا مػػا وبػػدث للغػػة يف عهػػور التخلػػف حيػػث تهػػب األف ػػار عػػةلة فتفتقػػد اللغػػة دورىػػا اإلهبا ،وتهب قوال ببل ية ؿبنطة فار ة .ف ذا معٌت قوؿ اإلماـ الغػلا إ ( مػن طلػ اؼبعاي من األلفاظ ،عاع وىلك ،وكاف كمن استدبر الغرب وىو يطلبو ) .
ويبػػُت تػػوينيب أيع ػاً ،أف ىنػػاؾ بعػػل الثقافػػات ذبعػػل ال لمػػة مهػػدر اؼبعػػاي بػػدؿ أف ت وف ال لمات إمارات على اؼبعاي . فالثقافػػة الػػيت ذبعػػل ال لمػػات أمػػارات علػػى اؼبعػػاي ،ال تعطػػي القدسػػية لل لمػػات إال دبقػػدار داللت ػػا الواعػػةة علػػى اظتػػوى اػبػػارج ،بينمػػا الثقافػػة الػػيت ذبعػػل القدسػػية لل لمػػات رباوؿ أف تفسر اغبقائق اػبارجيػة العهػية لتوافػق ال لمػات ،وىػذا ع ػس القعػية وانت ػاس للوظائف . وىذا االنت اس وبدث حينما وبل التخلف باغبعارة ،وذلك بأف يقل العلم ،ويذى ضبلتو ،فيخلف من بعدىم خلف يعيعوف الوظائف واغبقائق ،ويتبعوف األوىاـ ،وىذا ما كػػاف وبػػدث للتػػاريخ والػػدوؿ سػػابقاً ،وعلػػى ىػػذا بػػٌت ابػػن خلػػدوف ن ريتػػو يف ربديػػد أعمػػار الدوؿ بأربعػة أجيػاؿ إ اعبيػل اػبشػن اؼبتةمػل ،ا اعبيػل الػذي يتمتػع بالثمػار ،وإف َل تعػد ل ػػو ق ػػدرة التةم ػػل ،ا اعبي ػػل اؼبخع ػػرـ ال ػػذي فق ػػد األس ػػباب ،وبق ػػوة ال ػػدفع الس ػػابق يبق ػػى مستمراً على ظبعة األجياؿ ،ا اعبيل الرابع الذي تأكل دابة األرض منسأتو ،فيخر صػريعاً لليدين وللجن ؛ وىو الذي عيع الوظائف واغبقائق ،واتبع األوىاـ . وهبػػذا القلػ اؼبع ػػوس ،كانػػت وال تػلاؿ ربػػتفل البيوتػػات بالشػػرؼ الػػذي كػػاف موجػػوداً يوماً ما لآلباء ،وإف َل يعد ىناؾ وجود حقيقي للشرؼ واألعماؿ اليت أكسبت م الشرؼ . وؽبذا جاء الشرع بأف من بطأ بو عملو َل يسرع بو نسبو ( ،إف أكرم م عند اهلل أتقػاكم ) ( اغبجػ ػرات ( ) ٖٔ /فػ ػ ذا نف ػػخ يف اله ػػور ف ػػبل أنس ػػاب بي ػػن م يومع ػػذ وال يتس ػػاءلوف ) ( اؼبؤمنوف . ) ٔٓٔ / ومثػػل ىػػذا االنع ػػاس وبػػدث أيع ػاً يف الشػػرع والق ػوانُت .ففػػي اإلقبيػػل يػػرى عيسػػى - عليػػو السػػبلـ -لػػو الي ػػود يف تع ػػيم السػػبت ،فيقػػوؿ ؽبػػم القاعػػدة الػػيت تعيػػد األمػػور إىل نهاهبا إ (اإلنساف ىو رب السبت أيعػاً (مػىت إصػةاح ٕٔ -لوقػا )ٙ -أي أف اإلنسػاف ليس من أجل السبت ،وإمبا السبت من أجل اإلنساف .ووبدث مثل ىػذا االنت ػاس أيعػاً للقػػانوف الػػذي يوعػػع يف األصػػل مػػن أجػػل البشػػر ،ول ػػن الػػبعل الػػذي تغي ػ عنػػو ىػػذه
اغبقيقػػة ،هبعػػل البشػػر مػػن أجػػل القػػانوف ،فيعقػػد األمػػور ويعػػيع مهػػار البشػػر الػػيت وعػػع القانوف من أجل توفَتىا وتس يل ا ،وى ذا ..وى ذا . والػػذين عارع ػوا كػػوبر ني ػػوس يف ن ريتػػو الفل يػػة كػػانوا يستش ػ دوف علػػى خطػػأ كشػػف بػػالوقوؼ عنػػد حرفيػػة مػػا ورد يف التػػوراة مػػن أمػػر يوشػػع للشػػمس أف تقػػف عػػن اؼبغيػ ،ولػػو كان ػػت األرض ى ػػي ال ػػيت تتة ػػرؾ ل ػػاف ق ػػاؿ ل ػػؤلرض إ قف ػػي ،وَل يق ػػل للش ػػمس إ قف ػػي . وى ذا دواليك . ؽبػػذا كػػاف األنبيػػاء يهػػدؽ بعع ػ م بععػاً ،ول ػػن كػػانوا ي ػػذبوف ش ػ ل التػػدين اللائػػف خرفو االتباع ،فتةولت الدعوات اليت كرمت اإلنسػاف وأخرجتػو مػن عبوديتػو اإلنسػاف الذي ّ لئلنساف إىل أ بلؿ ،وربوؿ األنبيػاء واؼبهػلةوف إىل أويػاف ،علػى أف النػيب كػاف يػأب ليعػع عن م إصرىم واأل بلؿ اليت كانت علػي م ،وكػاف ؿبمػد صػلى اهلل عليػو وسػلم وبػر أمتػو مػن أف ربذو حذو األمم السػابقة إ « لتتػبعن سػنن مػن كػاف قػبل م شػااً بشػا وراعػاً بػذراع » ( البخػاري كتػػاب االعتهػػاـ ) .ىػذا التةػػذير لػػيس إيباتػاً للجػػا ،ولػػيس نفيػاً عب ػػد البشػػر يف الق ػػدرة عل ػػى التغي ػػَت ،وإمب ػػا إلرش ػػاد الن ػػاس إىل أ ػػم ح ػػُت يفق ػػدوف اإلمس ػػاؾ بلم ػػاـ األم ػػور وتسخَتىا ،ف ف لؤلمور سنناً طبيعية تأخذ ؾبراىا على أساس اؼبسخرات وليس على أسػاس اؼبسػػخرين ،وأف اإلنسػػاف إف َل يقػػم بػػدور التسػػخَت ك نسػػاف فسػػيدخل إىل عػاَل اؼبسػػخرات كسائر ال ائنػات الػيت رفعػت ضبػل األمانػة الػيت عرعػت علػى السػموات واألرض واعببػاؿ ، فأبُت أف وبملن ا وأشفقن من ا وضبل ا اإلنسػاف ،إنػو كػاف ظلومػاً إف زبلػى عػن ضبػل األمانػة ،وج والً إف َل هبت د يف تلكية نفسو ،وَل يتعلم علم التسخَت وتقرير اؼبهَت .. ف ػػذا نقػػع يف اػبطػػأ ،حػػُت نطل ػ اؼبعػػاي مػػن األلفػػاظ ،و تػػدي حػػُت نقػػرر اؼبعػػاي ونتبع اؼبعاي األلفاظ ،ما قرر اإلماـ الغلا . اؼبرتبة الرابعة (مرتبة التعليم بالقلم)
معٌت التعليم بالقلم إمرتبة التعليم بالقلم ،وىي تػأليف رقػوـ تػدرؾ حباسػة البهػر ،وتػدؿ علػى الفػل ،وىػي ال تابة ،فال تابة تبع للفل ،واللفل تبع للعلم -الهػورة الذىنيػة -والعلػم تبػع للمعلػوـ أي أف الهورة الذىنية تبع للةقيقة اػبارجية . اعتانا اللغة أو القدرة على وعػع األظبػاء ،اؼبقػاـ الػذي رفػع اهلل دـ -عليػو السػبلـ - إليو حُت علّمو األظباء كل ا ؛ وىػذا مػا جعػل اؼببلئ ػة يعًتفػوف بنقهػاف علم ػم عنػو ،ومػن ىنػػا تطػػرؽ اػبلػػل إىل ح م ػػم علػػى دـ بأنػػو ال يسػػتأىل خبلفػػة األرض ،ف ػػو يفسػػد في ػػا ويس ػػفك ال ػػدماء .والق ػػدرة ال ػػيت نتة ػػدث عن ػػا ى ػػي اللغ ػػة ؛ أي نق ػػل األف ػػار والتج ػػارب باأللفػػاظ واغبػػديث .فةػػُت وعػػع دـ الرمػػوز اللف يػػة -األظبػػاء -لؤلش ػياء واألحػػداث ، اعًتفت اؼببلئ ة بنقهاف علم م .فاللغة مو لة يف القدـ معات اآلالؼ مػن السػنُت ،وردبػا اؼببليُت ،بينما قدرة وعع الرموز الدالة على األلفاظ -ال تابػة -متػأخرة وحديثػة يف حيػاة البش ػػر ،ال تتع ػػدى بع ػػعة الؼ م ػػن الس ػػنُت ،واعت ػػا اؼبؤرخ ػػوف ظ ػػور ى ػػذه الق ػػدرة عن ػػد اإلنساف بدءاً للتاريخ .وم ما حاولنا أف ن ر أنبية ىذه القدرة ،ف ننا لن نوفي ا حق ػا .. إ ػػا قػػدرة الق ػراءة ،قػػدرة القػػدرات و يػػة الت ػػر ،وم ػػر كػػرـ اهلل ( اق ػرأ ورب ػػك األكػػرـ ) (العل ػػق ، )ٖ /إ ػػا التعل ػػيم بػػالقلم ..إ ػػا ( ف .والقلػػم ) ..إ ػػا الرمػػل ،األداة ..الرم ػػل اػبال ػػد الب ػػاقي ..الرم ػػل ال ػػذي يق ػػي اإلنس ػػاف م ػػن أف يل ػػدغ م ػػن جة ػػر مػ ػرتُت ح ػػُت وبس ػػن اسػػتخدامو ،فاإلنسػػاف وبمػػي نفسػػو مػػن الشػػر باالعتبػػار وال يػػتم االعتبػػار إال بػػالرمل الػػذي وبفل اؼبثبلت .وأكاد أف أقوؿ إ إف ال تابة سبن اإلنساف القدرة على اجتناب اػبطأ الذي وقع فيو السابقوف حُت نقلت ال تابة خااهتم ،وسجلت أخطاءىم . اقرأ يا إنساف باسم ربك الذي خلػق ،خلػق اإلنسػاف مػن علػق ،فهػار قػاببلً أف يػتعلم بالقلم .اقرأ ورب األكرـ .
إف القراءة ينبوع العطاء ..ينبوع كل اؼب اس ..ينبوع التسخَت إىل األفعػل دائمػاً .. بػ ػ نػػوف والقلػػم ومػػا يسػػطروف إ دخػػل اإلنسػػاف ع ػػداً جديػػداً ،وهبػػذا أعػػيفت إىل اإلنسػػاف خلائن معلومات … أعػيفت ذاكػرة جديػدة ػَت قابلػة للعطػ والنفػاذ .واكتسػ كػرـ اهلل اػبلػػود واالسػػتمرار … اقػرأ وربػػك األكػػرـ … اقػرأ … فػ ف مػػن أعطػػاؾ القػراءة قػػد أعطػػاؾ سلطاناً واستخداماً وتسخَتاً ،فيما لو من عطاء ،ؼبن تأمل ،وتف ر ،وتدبر . تأمػػل اإلنسػػاف ،والقػػدرة علػػى القػراءة وال تابػػة كامنػػة فيػػو(ٔ) ،وقػػد عػػاش الؼ السػػنُت ؿبروماً من أف تاز ىذه القدرة ال امنة فيو إىل الواقع . .فسًتى بذلك تأخر ظ ور سػلطاف اإلنساف ،وظ ور مقاـ إ ( سخر ل م ) ( إبراىيم . ) ٖٕ / وحُت كاف بعػل اؼبسػلمُت يقولػوف -وىػم يسػتمطروف رضبػة اهلل -بسػر ( كػاؼ ىػا يػا عػُت صػاد ) َل ي ونػوا يػدركوف إىل أي درجػة َّ أف رمػػل الرمػل ىػذا كامنػة فيػو رضبػة اهلل وكرمػػو ، وعطػ ػػا ه الػ ػػذي ال ينقطػ ػػع .إف اغبػ ػػروؼ اؼبقطعػ ػػة يف ف ػ ػوات سػ ػػور القػ ػػر ف ال ػ ػػر ،تناوؽبػ ػػا اؼبفسروف دبا تيسر ؽبم ،وال يلالوف يتناولو ا . .وكػل واحػد مػن ىػؤالء اؼبفسػرين قػد رأى يف ىػػذه الفػوات السػّػر الػػذي يناسػػبو وينسػػجم مػػع ف ػػره وف مػػو ،وإي أرى أف سػػر القػػدرة علػػى اسػػتخداـ الرمػػل علػػى ـبلوقػػات اهلل كل ػػا ،مػرتبط بػػالقراءة ( اقػرأ باسػػم ربػػك الػػذي خلػػق ) فالقراءة رمل على اؼبخلوقات اؼبادية واؼبعنوية .وإف إم اف وعع الرمل على اؼبخلػوؽ ،جعػل ػخرىا .بػػالرمل أمسػػك اإلنسػػاف زمػػاـ اػبلػػق -اؼبخلوقػػات - اإلنسػػاف سػػيد اؼبخلوقػػات ومسػ ِّ وبالرمل قنا اإلنساف اؼبػادة واؼبعػٌت ،وجعل ػا طػوع أمػره ( سػخر ل ػم مػا يف السػموات ومػا يف األرض صبيعاً منػو ) ( اعباييػة . ) ٖٔ /ا انتقػل اإلنسػاف مػن وعػع الرمػل اللف ػي ،إىل وعع الرمل على الرمل ،أي وعع اغبرؼ الذي يدؿ على األصوات اؼبختلفة .
(ٔ) يف علم اؼبنطق يعربوف اؼبثل بالقدرة على ال تابة وذلك للتمييل بُت القدرة ال امنة والقدرة اليت ظ رت إىل الوجود .فيقولوف إ اإلنساف كات بالقوة وإف َل ي ن كاتباً بالفعل ،أي أف فيو قوة سب نو من أف يتعلم ال تابة وإف َل ي ن كاتباً اآلف ،وبعد أف يتعلم ال تابة نقوؿ إ إنو كات بالفعل .
إف وعع رمل على ـبرج حػرؼ معػُت ،وجعػل القػراءة علػى ىػذا األسػاس ،ايػة لعهػر الرموز بالهور على اؼبعاي . وكأف اللغة الهينية واليابانية ال تلاالف يف مرحلة متخلفة عن جعػل ال تابػة بػالرموز علػى اؼبقاطع الهوتية ،وكأف اللغة اؽبرو لوفية كاف بد ىا كذلك . إف علمنػػا ببدايػػة تعلػػم اإلنسػػاف إطػػبلؽ األلفػػاظ واألص ػوات علػػى اؼبخلوقػػات اؼباديػػة أو اؼبعنويػػة -أي نشػػوء اللغػػة -علػػم قليػػل قابػػل للليػػادة ،ول ػػن علمنػػا بوعػػع الهػػور ال تابيػػة عل ػػى اله ػػور الذىني ػػة -أي ال تاب ػػة -أكث ػػر ،سػ ػواء ك ػػاف الرم ػػل ص ػػوراً لؤللف ػػاظ أو ص ػػوراً للمخلوقػػات -اغبقػػائق اػبارجيػػة -ويسػػتخدـ ىػػذا النػػوع مػػن الرمػػل اآلف يف إشػػارات اؼبػػرور وإشارات الفنادؽ واؼبطاعم لتأخذ معٌت العاؼبية . إنػٍت أطيػل البةػث يف شػيء ال يبػدو متهػبلً بتعريػف العلػم ،أو دبعػٌت العلػم كمػا ي ػػر ألوؿ وىلػػة ،ول ػػن إدراكػػي ؼبعػػٌت العلػػم ،هبعلػػٍت معػػطراً لبةػػث ىػػذا الرمػػل ؛ ألف الرمػػل ، وقػػدرة اإلنسػػاف علػػى حػػبس اؼبعػػٌت يف الرمػػل ،وإبػراز ىػػذه القػػدرة إىل الواقػػع ،أعطػػى اػبلػػود للعلػػم .لقػػد كانػػت التجػػارب تعػػيع ويعػػاي اإلنسػػاف دفػػع األشبػػاف الغاليػػة ،ب عػػادة التجػارب الػػيت كانػػت سبػػوت مػػع مػػن قػػاـ هبػػا ،إذ َل ي ػػن يف اإلم ػػاف توريث ػػا للخلػػف بشػ ل دقيػػق . وإف تغل الوينيات على األدياف السابقة لئلسبلـ واكبراؼ ىذه األدياف عن مبدأ الوحدانية ،راجع يف الدرجة األوىل إىل أف تعاليم تلػك األديػاف َل تسػجل يف حين ػا ،وإف قولػو تعػاىل إ ( إن ػا كبػػن نللنػػا الػػذكر وإنػػا لػػو غبػػاف وف ) (اغبجػػر ، )ٜ /والتنفيػػذ العملػػي مػػن الرسػػوؿ األمي يف األمر بتسجيل اآليات فور نلوؽبػا ،ومػا يعػرؼ يف السػَتة النبويػة وتػاريخ القػر ف ب تّاب الوحي ،دليل على تسجيل األحداث بالرموز ،اليت تعطي معٌت اػبلػود إ ( وإنػا لػو غبػػاف وف ) ؛ موعػػوع التويي ػػق والويائقيػػة .فم ػػن ىنػػا كانػػت ميػػلة وم انػػة القػػر ف يف ت ػػاريخ األدياف . وحهنو من التةريف ،والعياع والنسػياف ،ؽبػذا إف الرمل بالقلم ،جعل العلم خالداً َّ ، وصػػف القػػر ف السػػابقُت بػػأ م إ ( فنس ػوا ح ػاً فبػػا ذكػػروا بػػو ) (اؼبائػػدة ، )ٔٗ /حيػػث َل
ي ػػن التسػػجيل فػػور ن ػلوؿ األحػػداث ،وكػػاف ىػػا سػػبباً إل ػراء العػػداوات والبغعػػاء بيػػن م ، بسب قلة البياف .إف البياف وبػدث بػرد اليقػُت الػذي يليػل األحقػاد ،فبػالعلم تػلاؿ األحقػاد وأسباب النلاع يف العاَل . إف يػػار اإلنسػػاف قبػػل ال تابػػة مو لػػة يف القػػدـ الؼ ٍ الؼ مػػن السػػنن ،ول ػػن ع ػػد ال تابة قهَت يف تاريخ اإلنساف يرجع إىل بععة الؼ فقط ،وإف ىذا الع د القهَت حافل بتقػػدـ اإلنسػػاف ،بتقػػدـ العلػػم ،بتقػػدـ التسػػخَت ،ب ػًتاكم اؼبعلومػػات ،ب ػًتاكم الرمػػوز علػػى اػبلق ( .اقرأ باسم ربك الذي خلق ) . إف التاريخ من دـ إىل النبوات ال تابية تػاريخ ػامل ،ألنػو تػاريخ قبػل ع ػد ال تابػة ، ول ػػن النػػور اؼبسػػلط علػػى نب ػوات ع ػػد ال تابػػة أكػػا مػػع قهػػر اؼبػػدة ،إف صػػةف إب ػراىيم وموسى -علي ما السبلـ -ال ترجع إىل أكثر من طبسة الؼ عػاـ وإف اؼبػدة مػن دـ إىل إبػراىيم -علي مػػا السػػبلـ -الؼ الؼ مػػن السػػنُت ،بينمػػا الفػػًتة اللمنيػػة مػػن إب ػراىيم - عليػػو السػػبلـ -إىل اآلف وجيػػلة بالنسػػبة للتػػاريخ وبالنسػػبة أليػػاـ اهلل .وإف إقبػػاالً حػػُت قػػاؿ إ (اللمن حاؿ اإلنساف ،وليس دورة الفلػك) ردبػا كػاف يقهػد أف حػاؿ اإلنسػاف مػن السػلطاف والتسخَت خبلؿ ىذه الفًتة القهَتة جعل ؽبا القيمة ال بػَتة ،بينمػا دورات للفلػك بػاؼببليُت ابػػت يف ال لمػػات(ٔ) .وإذا كػػاف عمػػر الس ػ ُت سػػنة الؼ سػػنة فقػػط -حس ػ اآليػػار اؼبتػػوفرة -فػ ف الع ػػد مػػن السػ ُت إىل القمػػر الهػػناعي ع ػػد عػػعيل بالنسػػبة لػػدورات الفلػػك واألرقاـ الفل ية . إنػ ػػٍت حػ ػػُت أذكػ ػػر ىػ ػػذه األشػ ػػياء ،كػ ػػأنٍت أحبػ ػػث أسػ ػػاس العلػ ػػم ،وتارىبػ ػػو ومعايشػ ػػتو ، ومعاصرتو ،وكيف كس العلم اػبلود .إف اهلل حُت يقوؿ لنا إ ( سَتوا يف األرض فان روا بدأ اػبلق ) (العن بػوت ، )ٕٓ /يعػعنا علػى طريػق العلػم اغبقيقػي .إف معرفػة جػلء عػعيل من تاريخ العلم كمعرفة جلء ععيل من تاريخ إنساف معُت ،ال تعطي معلومات كافية عنو . إف العلم الذي يغفل عن التطلع إىل كيف بدأ خلق اؼبخلوقات اؼبادية واؼبعنوية ،ال ىبلو من (ٔ) و َّ كأف قولو تعاىل « ىل أتى على اإلنساف حُت من الدىر َل ي ن شيعاً مذكوراً » تلمي ؽبذا الع د .
األوى ػػاـ واألىػ ػواء ،في ػػوف مش ػػتب اً باػبراف ػػات .وك ػػم أشػ ػ و يف الع ػػاَل اإلس ػػبلمي والع ػػاَل اؼبعاصػػر عامػػة مػػن اخػػتبلط العلػػم باألوىػػاـ واألى ػواء ،أي ال نػػوف والر بػػات .إف العلػػم ال يتةرر من األوىػاـ واألىػواء ،إال إذا ُحهػن بػ دراؾ كيػف بػدأ اػبلػق إ مػادة ومعػٌت ،طبيعػة واجتماع ػاً ،فاق ػاً وأنفس ػاً .وب ػػدخوؿ ق ػػدرة الق ػراءة إىل ع ػػاَل اإلنس ػػاف ،اكتس ػ اإلنس ػػاف سلطاناً جديداً ،واسػتأىل اػببلفػة ،وملػك قػدرة وأداة للقعػاء علػى الفسػاد والسػفك .إف ت ػػذوؽ وإدراؾ أنبي ػػة القػ ػراءة يف حي ػػاة البش ػػر ،وإدراؾ م ػػا أعط ػػي اإلنس ػػاف م ػػن خ ػػَت وبرك ػػة وسلطاف ينفذ بو من فاقو اظدودة ،إف ىذا التذوؽ واإلدراؾ التارىبي -أي كيػف دخلػت ىذه القوة إىل حياة اإلنساف الذي كاف خالياً من ا -وبمل على التأمل ويفت فاقاً جديدة أماـ اإلنساف وقدراتو على حل اؼبش بلت ،وإمساؾ زماـ سلطاف التسخَت ؼبا خلق لو . إف أنبيػػة الق ػراءة تبػػدو يف معجػػلة النػػيب األمػػي ،ف ػػوف خػػا النبيػػُت أمي ػاً إشػػارة إىل أف أحػػداً مػػن النػػاس بعػػد خػػا النبيػػُت لػػن ي ػػوف مهػػلةاً وىاديػاً يف النػػاس بػػدوف قػراءة ،وخبػػا النبيُت النيب األمي ؿبمد ُ ، ختم ع د األمية ،وفُت ع د القراءة يف اغبياة البشرية . ب ػ ػػالقراءة يب ػ ػػن اخت ػ ػلاؿ الت ػ ػػاريخ ،ب ػ ػػالقراءة يب ػ ػػن أف ىبت ػ ػػلؿ اإلنس ػ ػػاف عه ػ ػػور اؼبعرف ػ ػػة والتجارب .إف الفرؽ بُت اإلنساف الذي يولد يف ؾبتمع القراءة وال تابة ،وبُت من ولد قبل ذلك الع د ،أف إنساف ع د القراءة قادر على حيازة ذبارب الؼ السنُت آلالؼ البشػر . فبػػالقراءة يبتلػػك اإلنسػػاف طاقػػة ـبتللػػة مركػػلة مليعػػة بػػالعلم ،ـبتللػػة يف حجػػم إنسػػاف اختػػلؿ حجم الؼ السنُت يف عمر إنساف واحد . إف اؼبس ػ ػػلم وب ػ ػػًتـ ويق ػ ػػدس ال تاب ػ ػػة ،ومازلن ػ ػػا نش ػ ػػاىد بقاي ػ ػػا ن ػ ػػوع م ػ ػػن الن ػ ػػاس يرفع ػ ػػوف القهاص ػػات ع ػػن قارع ػػة الطري ػػق ،وال يع ػػوف جي ػػداً القدس ػػية اؼبعني ػػة اؼبوج ػػودة يف ال تاب ػػة ، ػرؽ اؼبنشػور .إف ىػذا اعبلػل وىػذه القدسػية ،وىػذه ال رامػة ، واغبػرؼ ،واػبػط والقلػم ،وال ّ وىػػذا العطػػاء ػػَت اؼبمنػػوف لئلنسػػاف ،يب ػػن أف يف مػػو بش ػ ل واع ػ جػػداً كػػل مػػن أدرؾ وظيفة القراءة ،وما يب ن أف تعطيو لئلنساف لبلوغ منللة أحسن تقو .
لق ػػد اخنُػػلؿ العل ػػم باس ػػتخداـ الرم ػػل -اػب ػػط ب ػػالقلم ( -ف .والقل ػػم وم ػػا يس ػػطروف ) (القلػػم . )ٕ /وإف وعػػع اؼبعػػاجم واؼبوسػػوعات ودوائػػر اؼبعػػارؼ ..قػػد رفػػع مػػن معػػٌت قػػدرة الرمػػل وأعطػػاه فاعليػػة وكفػػاءة وسػػرعة ،وبػػذلك سب ػػن اإلنسػػاف مػػن مراجعػػة مػػا يريػػده بسػ ولة ويس ػػر ،س ػ ػواء يف معرف ػػة األظب ػػاء ،أو الت ػػاريخ ،أو ش ػػىت اغبق ػػائق ..ومث ػػل ذل ػػك اآلالت اغباسبة وبنوؾ اؼبعلومات ،ف ي يف حقيقت ا استمرار الختػلاؿ اؼبعلومػات وتقػديب ا بسػرعة ، وىػػذه إحػػدى نعػػم اهلل ال ػػاى الػػيت ارتبطػػت بػػالقلم وال تابػػة ( ف .والقلػػم ومػػا يسػػطروف مػػا أنت بنعمة ربك دبجنوف ) (القلم )ٖ-ٕ /وإف الذين يتعػاملوف مػع يػات اآلفػاؽ واألنفػس ،ويسػػتغلوف الرمػػوز الػػيت تتةػػوؿ بسػػرعة إىل حقػػائق ومعطيػػات علميػػة ..ىػػم الػػذين يتسػػخر ؽبم ما يف السماوات واألرض . إف مشػ لة األميػػة ،ومػػا ىبسػػره اإلنسػػاف بفقدانػػو الق ػراءة وال تابػػة ،شػػيء ال يعػػوض ، وإف البلداف اليت تعػاي مػن األميػة تعػاي مػن نقػا يف فاعليػة اإلنسػاف .إف اإلنسػاف األمػي منلوع منو الشرياف الذي يبده بالسلطاف ،ألنو مفهوؿ عن ذبارب البشر ،بل يب ن القػوؿ إ إنو َت قابل أف يبلس الرشد . إف الهػػلة بال تػػاب تغػػَت مػػن سػػةنة اإلنسػػاف ،ومػػن تػػوتر ععػػبلتو ،وظبػػات وج ػػو ، والػػذين يفقػػدوف الهػػلة بال تػػاب يفقػػدوف السػػلطاف ( كػػأ م خشػ مسػػندة ) (اؼبنػػافقوف / تفعػل اهلل هبػا ،ال يػتم إال عػن طريػق ٗ) ذلك أف بلوغ مرحلة التقو اغبسػن لئلنسػاف الػيت َّ الهلة بال تاب .فيا أي ا اإلنساف أف ربك ال ر ،الذي خلقػك فسػواؾ فعػدلك ،يف أي صػػورة م ػػا شػػاء ركب ػػك ..إف ربػػك ال ػػر رف ػػع م ػػن قػػدرؾ ،وم ػػن خلقػػك وم ػن تس ػػويتك ، وتعػػديلك ،ػػَت مػػن شػػأنك بػػالقلم وال تػػاب ( قػػل ىػػل يسػػتوي الػػذين يعلمػػوف والػػذين ال يعلموف ) (اللمر . )ٜ / إف حػػل مش ػ بلت اإلنسػػانية ،ونفػػي هتمػػة اؼببلئ ػػة لبػػٍت دـ ،وإخ ػراج اإلنسػػاف مػػن الفساد والسفك … ال يتم إال بالتسخَت اغبق لقدرة القراءة .
إف التسػػخَت اغبػػق لق ػدرة الق ػراءة ،هبعػػل اإلنسػػاف يطػػَت جبنػػاح الق ػراءة ،ويتغل ػ علػػى اؼبش بلت .ال يغرنك شػيوع الفسػاد والسػفك يف العػاَل .إف إنسػاناً أدرؾ كيػف بػدأ خلقػو وكيف وصل إىل ما وصل إليو ،وذباوز ما ذباوز ،سيعلم كيف سيهل إىل ما َل يهػل إليػو بعد ،وكيف يتجاوز العقبات اليت أمامو ،كما ذباوز العقبات اليت خلف ا . إف ال اتػ ،والقػػارئ ،والطػػابع وال تػػاب ..إف كػػم وكيػػف كػ ٍػل مػػن ىػػذه األمػػور ىػػي الػيت تعطػػي للمجتمػػع صػػورتو التارىبيػة ومركػػله بػػُت معاصػريو ..إف ىػذا ال ػػم وال يػػف مؤشػػر صادؽ لعدالة الهورة واػبلق اؼبسواة ،والرصيد من اغبق . إف االسػػتخبلؼ يف األرض ىػػو ؼبػػن يقػػوـ هبػػذا النسػػك أفعػػل قيػػاـ ،إف مػػن يقػػوـ هبػػذا النسك على أحسن وجو ي وف ح و أوفر من موجبات استخبلؼ دـ يف األرض . كيف تتةوؿ النعمة إىل نقمة إف من يراق الطفل كيف ينمو ليػتم ن مػن القعػود ،ا الوقػوؼ ا اؼبشػي ،هبػد سػنة اهلل يف الت ػػدرج ،وهب ػػد أف الطفػ ػل ال ػػذي يبش ػػي ،يتعث ػػر أوؿ األم ػػر ويس ػػقط ..ح ػػىت تق ػػوى ععبلتو .إف وقوعو أمر متوقع ،ول ن َت اؼبتوقع أف ي ل يسقط دوف أف يتةسن يف مبوه . إف عثػػرة الطفػػل السػػليم ػػَت عثػػرة اؼبشػػلوؿ .وإذا كػػاف ىػػذا األمػػر واعػػةاً يف مسػػتوى الطفل ومبوه .ف ف األمور تشتبو كثَتاً يف مبو اجملتمعػات وتطورىػا ..وخاصػة حػُت ال يبةػث اإلنسػػاف يف األسػػباب الػػيت تػػؤدي إىل ت ػرار تعثػػره وسػػقوطو وعػػدـ سػػَته سػػوياً علػػى ص ػراط مس ػػتقيم ،وى ػػذه أم ػػور يػػدرك ا م ػػن يعل ػػم مس ػػارات التػػاريخ ،ويبه ػػر بعم ػػق وإدراؾ عث ػرات اؼبسافرين . إف نعمة القراءة من أج ِّػل الػنعم ،ول ػن يب ػن أف تتةػوؿ عنػد قػوـ معينػُت أو يف عهػر معػػُت ،إىل مػػا يشػػبو النقمػػة ،فػ ف كػػاف مػػن شػػأف القػراءة أف تسػػارع يف النمػػو ،فقػػط ت ػػوف
عنػػد قػػوـ ويف عهػػر ُمعػػُت ،إبطػػاء للنمػػو لسػػوء التعامػػل مع ػػا ،كمػػا يب ػػن أف ي ػػوف الربيػػع سبباً لل بلؾ بالتخمة عند ـبلوؽ معُت ،كما ورد يف حديث عن رسػوؿ اهلل صػلى اهلل عليػو وسػػلم ؼبػػا حػػذر اؼبسػػلمُت مػػن أف تفػػت علػػي م الػػدنيا فيتنافسػػوىا كمػػا تنافسػ ا مػػن قػػبل م ، فت ل م كما أىل ت من قبل م .سألو سائل يا رسوؿ اهلل إ وىل يأب اػبػَت بالشػر قػاؿ ػت الربي ُػع رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم إ « أما إنو ال يأب اػبػَت بالشػر ،ول ػن إ ّف فبػا يُنب ُ م ػا يقتػ ُػل َحبَط ػاً أو يُلػػم » ( البخػػاري كتػػاب اعب ػػاد ) .إف الربيػػع خػػَت ،ول ػػن ي ػػوف ش ػراً لبعل اغبيوانات ،وى ذا كل نعمة يب ن يف ظروؼ معينة ،أف تؤدي إىل نقمة أو عثرة . إف القػراءة وال تابػػة ،نعمػػة مسػػتمرة دائمػػة متواصػػلة ،هبػػا ال بغَتىػػا تػػلو اغبيػػاة ،وتنمػػو ال فػػاءات ،والقػػدرات ،ول ػػن قػػد تسػػتخدـ ىػػذه النعمػػة أحيان ػاً ،اسػػتخداماً سػػيعاً يػػؤدي للعطالػػة وطبػػود اغبيػػاة ،مثػػل اسػػتخداـ اؼبسػػلمُت سػ َّػر ( كػػاؼ ،ىػػا ،يػػا ،عػػُت ،صػػاد ) . فبدؿ أف يستخدـ لي وف وسيلة ؼبعرفة التجارب البشػرية ،وكيػف بػدأ اهلل اػبلػق ،صػار س ّػر (ك ػػيعا) سبيمػػة لػػدعوة ملػػوؾ اعبػػاف األضبػػر واألزرؽ ،لفػػك السػػةر ،أو تركيبػػو .كمػػا أف بسر تقديس م لػ (ف والقلم) ربوؿ إىل صبع قهاصات األوراؽ من الطرقات ،بدؿ االطبلع ّ (نػػوف والقلػػم) علػػى ذبػػارب اجملتمعػػات واغبعػػارات ،ومعرفػػة كيػػف بػػدأ اػبلػػق لر يػػة سػػنن اهلل الػػيت ال تتغػػَت وال تتبػػدؿ ،ولر يػػة قػػردة اإلنسػػاف علػػى تقريػػر مهػػَته ( إف اهلل ال يغػػَت مػػا بقػػوـ حىت يغَتوا ما بأنفس م ) (الرعد )ٔٔ /واإلماـ الغلا حُت قاؿ إ (مػن طلػ اؼبعػاي مػن األلفاظ عاع وىلك وكاف كمن استدبر الغػرب وىػو يطلبػو) ،كػاف يستشػعر بوعػوح وظيفػة اللفػػل وم انػػة الرمػػل ،وَل ي ػػن مػػن قهػػده أف القػراءة واأللفػػاظ الدالػػة علػػى اؼبعػػاي ال تػػؤدي وظيفػػة ول ػػن كػػاف يقهػػد أف مػػن فقػػد الهػػلة بػػالوجود اػبػػارجي -باآلفػػاؽ واألنفػػس ،أي باؼبوعػػوع الػػذي ُوعػػع عليػػو الرمػػل -فػ ف الرمػػل ال يفيػػده شػػيعاً ،وي ػػوف جػػديراً بػػأف يوصػػف بأنو عاع وىلك ،وكاف كمن استدبر اؼبغرب وىو يطلبو . وأذكر بعل التجارب اليت عايشت ا حُت كنػت طالبػاً ا ؾبنػداً ،تتهػل هبػذا اؼبوعػوع . لقػػد كانػػت بعػػل أسػػاتذب اؼبخلهػػُت الطيبػػُت بعبػػارات كتػ الفقػػو وشػػروح اغبػػديث ،صػػلة
الوقوؼ عند األلفاظ ،والت ي الشديد لر ية القداسة يف كبلـ الشراح ،ا رأيت وأنا ؾبنػد اؼبوق ػػف نفس ػػو ح ػػُت ىبتل ػػف اؼب ػػدربوف يف ش ػػرح وظيف ػػة س ػػبلح م ػػا ،فق ػػد ك ػػانوا ين ػػروف إىل ال راس اؼبًتجم بنفس القداسة .إف ىذين اؼبوقفُت متشاهباف إذ َل ي ن التعامل الواقعي ىو الذي وبدد ما ينبغي أف يقاؿ يف اؼبوعوع ،وإمبا كاف تقديس األشخاص ،و رائ م اؼب توبة ىي اليت ربدد اؼبوقف . إف تق ػػديس األش ػػخاص و رائ ػػم اؼب توب ػػة ،ك ػػاف وب ػػوؿ ال ش ػػعورياً ،دوف التعام ػػل م ػػع الوق ػػائع اػبارجي ػػة ،للتةق ػػق م ػػن ص ػػةة ى ػػذه اآلراء .فال ػػذين يقدس ػػوف أرس ػػطو -م ػػثبلً - ذبمدوا على رأيو يف سقوط األجساـ ،وَل ىبطر ؽبم أف يثبتػوا مػن صػةة أقوالػو ،بينمػا كػاف جػػاليلو يبيػػل إىل إمتػػاع نفسػػو ،بتػػدبَت مواقػػف تُبػػدي زمػػبلءه يف م ػػر اغبمقػػى ،إذ ك ػػاف األساتذة يقرروف أف الذي زنتو عشرة أرطاؿ ،أسػرع يف السػقوط مػن الػذي زنتػو رطػل واحػد بعشر مرات ،فأخذ جرمُت ـبتلفي الوزف وقعد على بػرج بيػلا علػى طريػق األسػاتذة وعنػدىم مرورىم أسقط ما فوصبل معاً تقريباً . لقػػد ظػػل رأي أرسػػطو سػػائداً يف سػػقوط األجسػػاـ مػػدة ألفػػي سػػنة دوف أف يتةمػػل أحػػد مشقة التثبت من صةتو .ف اف التف َت يف التثبػت أمػراً جديػداً أو تطػاوالً وت ػذيباً للثقػات وعمبلً مرذوالً ،فةُت كاف جاليلو يبػتةن قػوؿ أرسػطو يف سػقوط األجسػاـ األيقػل وزنػاً مػن نوع واحد بسرعة أكثػر وحػُت قػاؿ جػاليلو إ يسػقط مسػمار كبػَت و خػر صػغَت فيهػبلف معػاً بسػرعة واحػدة ،كػاف األسػاتذة يسػخروف منػو ألنػػو وبػاوؿ إظ ػار خطػأ أرسػطو ( يػا للوقاحػػة وال اياء )(ٔ) . وم ػػن ى ػػذا القبي ػػل م ػػا ي ػػذكره ول ػػد يوران ػػت يف قه ػػة اغبع ػػارة(ٕ) إ ( يف س ػػنة ٔٗ٘ٔـ . اش ػًتاؾ فيسػػاليوس مػػع خ ػرين يف نشػػر طبعػػة جديػػدة مػػن الػػنا اليونػػاي عبػػالينوس ،وقػػد أدىشػػتو أخطػػاء نػػدَّت ع ػػن جػػالينوس وكانػػت خليقػػة ب ػػأف يدحع ػ ا أبسػػط تش ػري عبس ػػم (ٔ) أن ر كتاب الن رة العلمية ،راسل ،ص ٖٔ . (ٕ) أن ر كتاب قهة اغبعارة ،اعبلء السادس من اجمللد السادس أو اعبلء ٕٚص ٗ٘ٔ . ٔ٘ٚ ،
اإلنساف ،كقولو مثبلً إ « إف الفك السػفلي قسػماف » ..وىػذا يػدؿ علػى أف جػالينوس َل يشػػرح قػػط دميػػُت بػػل حيوانػػات ،وشػػعر أنػػو قػػد حػػاف الوقػػت ؼبراجعػػة علػػم تشػري اإلنسػػاف بتشري اآلدميُت . وقػػاؿ دوب ػوا إ « إف جػػالينوس َل ىبطػػت ،ول ػػن جسػػم اإلنسػػاف ع ػراه تغيػػَت مػػن ع ػػد جػػالينوس » ..ا قػػاؿ وؿ ديورانػػت بعػػد ذلػػك إ « َل ي ػػن لشػ ادة اغبػواس كبػػَت وزف أمػػاـ كلم ػػة ج ػػالينوس واب ػػن س ػػينا ،ال ب ػػل إف فيس ػػاليوس نفس ػػو ق ػػاؿ عن ػػدما ن ػػاقل تش ػػروبو رأي جػػالينوس إ « َل أكػػد أصػػدؽ عيػػٍت » ،وكان ػت طبعػػات وترصبػػات جػػالينوس تثػػبط القيػػاـ بالتجارب اعبديدة) . واػببلصة ،أف القراءة وال تابة نعمػة ،وىػي الطريػق األساسػية للنمػو والتقػدـ لئلنسػانية ،ول ن ػ ػػا تػ ػػؤدي إىل اعبمػ ػػود والركػ ػػود ،وتقػ ػػف عائق ػ ػاً يف سػ ػػبيل التقػ ػػدـ ،حػ ػػُت تسػ ػػتخدـ استخداماً سيعاً . ال تاب صورة ذىنية إف صبي ػع اؼبؤلفػػات مػػا ىػػي إال صػػورة ؼبؤلفي ػػا ،ألف ال تػػاب إمبػػا يػػدور حػػوؿ موعػػوع مع ػػُت ل ػػو وج ػػود خ ػػارجي س ػواء ك ػػاف ع ػػن الطبيع ػػة أو اإلنس ػػاف .ول ػػذلك ف ػ ف اؼبتعام ػػل م ػػع اغبقائق اػبارجية يهة ويليد من إدراكو ؽبػا .وعلػى ىػذا األسػاس هبػ أف يػتم الن ػر إىل ال تاب والتعامل معو ليلوؿ ما يب ن أف يؤدي إليػو مػن دعػم اػبطػأ واالسػتمرار عليػو .ومػن أدرؾ ىػػذا جيػػداً ف نػػو ال يتعامػػل مػػع ال ت ػ علػػى أسػػاس القدسػػية ؽبػػا ،بػػل تهػػَت ال ت ػ إشػػارات وعبلمػػات تػػدؿ علػػى مقػػدار مػػا توصػػل إليػػو تهػػور إنسػػاف يوم ػاً ،وبػػذلك ربمػػل ال ت اؼبعٌت اإلهبا وال تقوـ بدور التعطيل للبةث يف الوجود اػبارجي . واإلنسػػاف بتوسػػعو يف القػراءة ي تس ػ موقفػاً إهبابي ػاً فيعػػع ال تػػاب يف م انػػو اؼبناس ػ ويعػػًتؼ باعبان ػ اؼبقػػدس منػػو ألف ال تػػاب جعػػل اإلنسػػانية كائن ػاً واحػػداً خالػػداً ،واختػػلؿ التػػاريخ ،وقػػدـ للبشػػر التجػػارب الػػيت عػػاي من ػػا اإلنسػػاف الؼ السػػنُت يف غب ػػات مػػوجلة
… ف أف اػبلف -هبذا -يعيذ مع السلف .فالذي يدرس جيداً تاريخ الفراعنة -مثبلً ويتخها فيو ،ردبا يدرؾ من أمر ىذه اغبعارة مػا َل يدركػو مػن عاصػرىا وعػاش في ػا .كما أف عمػر الفػرد صػار بال تػاب طػويبلً ال ينت ػي بوفاتػو ،بػل ويبتػد يف اؼباعػي إىل العمػق السةيق ،وصارت كل التجارب اؼباعية ملك يديو … وحػػُت ين ػػر إىل ال تػػاب علػػى ىػػذا األسػػاس ،ىبػػرج اإلنسػػاف مػػن عػػاَل األشػػخاص إىل عاَل األف ار ،أي من الهور الذىنية إىل اغبقائق اػبارجية . إف ما يسمى مرحلة توقف االجت اد أو عهور التقليد يف العاَل اإلسبلمي ىػو االنتقػاؿ من عاَل األف ار إىل عاَل األشخاص ،من عاَل اغبقائق اػبارجيػة إىل الهػور الذىنيػة ،ىػو االنتقاؿ من اؼبعٌت اإلهبا لل تاب إىل اؼبعٌت السليب لو . إجراء التهةي وليػػؤدي ال تػػاب دوره ،البػػد أف تػػلوؿ عنػػو الهػػور الذىنيػػة اػباطعػػة ،فػػال بلـ الطويػػل الػػذي ال يب ػػن ربقيقػػو يف الوقػػائع اػبارجيػػة تعػػييع لؤلوق ػات وإبعػػاد لؤلىػػداؼ ،فبلبػػد مػػن القيػػاـ بعمليػػات اختػلاؿ واختهػػار وتبسػػيط ..وىػػي م مػػة كبػػَتة علػػى العػػاَل صبيعػاً التنػػافس في ػػا غبمايػػة األجيػػاؿ ..فمعرفػػة تػػاريخ علػػوـ ال يميػػاء والفلػػك وال ػ وسػواىا … يُ تفػػى في ا باإلشارة إىل مباذج فقط ،لنعرؼ كيف بدأ خلق ا ومبوىا لنهل هبا إىل درجػة التسػخَت … حبيث ي وف ف م اؼباعي سبباً لف م اغباعر والتنبؤ باؼبستقبل . إف اعبراييم -مثبلً -كانت تفتك بأجساـ البشر وىي يف حهن م لم ال تطالػو أعػُت البشػػر وال أيػػدي م لتػػؤير علي ػػا ،ول ػػن بعػػد أف كشػػفت أسػػباب العػػدوى والتعقػػيم والتطعػػيم … توقفت األوبعة عند حدِّىا . كذلك اليوـ نرى األمراض االجتماعية الػيت تفتػك بالبشػر فيسػفك بععػ م دمػاء بعػل … فةػػُت ن شػػف أسػػباب ىػػذا الػػدمار الػػذي يقػػوـ بػػو النػػاس عػػد بععػ م ون شػػف ىػػذه اعبراييم أو اؼبفاىيم اليت ربمل النػاس علػى أف يػذيق بععػ م بػأس بعػل كمػا كانػت اعبػراييم
تفتك هبم ،ف ننا نقي اجملتمع من الدمار واؽببلؾ .فعلم الثقافة وعلم السلوؾ البشػري شػبيو بعلم اعبراييم قبل كشف الوسائل اليت أظ رت للعياف اعبراييم وأيرىا . ف ما سب ن اإلنسػاف مػن معرفػة تػاريخ األوبعػة واعبػراييم ،وكيػف كانػت تفتػك يف صػةة البشر ..فيم ننا اليوـ نقل ىػذه اؼبعرفػة التارىبيػة إىل معرفػة أسػباب سػلوؾ البشػر الػيت تفتػك بالناس وتُغري بين م العداوة والبغعاء .إف كشف أسباب أحقادنا وعداوتنا وج لنا بوسائل التغيػػَت ،وج لنػػا باؼباعػػي وعػػدـ اسػػتفادتنا وقػػدرتنا علػػى القيػػاس واالعتبػػار ،إف كشػػف كػػل ذلك ،يشَت إىل بداية تذوقنا كنػو العلػم وشػم ن ػة الف ػم واإلحسػاس بػاد اليقػُت ..وىػذا ما أشار إليػو اإلمػاـ الغػلا بقولػو إ « لػو أصػغى اؼبعتقػد إىل اؼبشػ ك لوجػد لنقػيل معتقػده ؾبػػاالً يف نفسػػو ،والعػػاَل ال هبػػد ذلػػك أص ػبلً وإف أصػػغى إىل الشػػبو اؼبش ػ ة ..وبعػػد ىػػذا التقسيم ي اد ي وف العلم مرتسماً يف النفس دبعناه وحقيقتو من َت ت لف ربديد » . وىذه اغبهانة اليت عنػد العػاَل نتيجػة إلجرائػو التهػةي بتعاملػو مػع اغبقػائق اػبارجيػة ، ال دبجرد وقوفو عند حرفية النا . وىػػذا التػػذوؽ واإلحسػػاس ل ُ نػػو العلػػم ىػػو الػػذي جعػػل جػػورج .أ .لنػػدبرغ يقػػوؿ عػػن العلم إ (إف ؾبرد توفر اؼبعرفة العلمية وعادات التف َت العلمي ..يبعث يف نفوسنا الراحػة يف عاَل مليء باؼبخاوؼ واالنفعاالت و ػَت ذلػك مػن اؼبشػاعر الػيت تبػدد الطاقػة وهتػدر اعب ػد ، فاؼبعرف ػػة العلمي ػػة تشػ ػ ل عػ ػرباً م ػػن اله ػػةة العقلي ػػة)(ٔ) .فم ػػا يق ػػوؿ عن ػػو الغ ػلا إ (الش ػػبو اؼبش ة) ىو ما يقوؿ عنو لندبرغ إ (اؼبخاوؼ واالنفعاالت) . وما يقوؿ عنو الغػلا (والعػاَل ال هبػد ذلػك أصػبلً) ىػو مػا يقػوؿ عنػو لنػدبرغ إ (التف ػَت العلمي يبعث يف نفوسنا الراحة وىو عرب من الهةة العقلية) . إف ع ػػدـ الق ػػدرة عل ػػى االنتق ػػاؿ م ػػن معرف ػػة م ػػا ح ػػدث يف ت ػػاريخ اله ػػةة اعبس ػػدية م ػػن كشػػوؼ وضبايػػة أرواح ،إىل مػػا يب ػػن أف وبػػدث يف تػػاريخ الهػػةة النفسػػية والعقليػػة واؼبعرفيػػة مػػن كشػػوؼ وضبايػػة أرواح مػػن النلاعػػات البشػرية اعباىليػػة .إف عػػدـ القػػدرة ىػػذا العقبػػة الػػيت (ٔ) أن ر كتاب ىل ينقذنا العلم ،ص ٓٔ .
ربوؿ دوف تعميم معٌت العلم يف العاَل مشالو وجنوبو و ربو وشرقو ،ف م يروف أف ىناؾ أمػوراً ال زبعػػع للعلػػم بػػل وال يب ػػن أف تػػدخل يف ؾبػػاؿ العلػػم .وفػػرؽ كبػػَت بػػُت مػػن يف ػػم أمػراً - مثل الػروح -لػيس ؾبػاؿ العلػم ،وبػُت مػن يف ػم أنػو ؾبػاؿ للعلػم ،ول ػن مػا يػلاؿ العلػم فيػو قليبلً ،والعلم قابل للليادة ( ،ويسألونك عن الروح ،قل الروح من أمر ر ومنا أوتيتم من العلم إال قليبلً ) (اإلسراء . )ٛ٘ / وقد عقد لندبرغ يف كتابو (ىل ينقذنا العلػم) فهػبلً م مػاً يف ىػذا اؼبوعػوع وقػاؿ إ (إف اؼبن ج العلمي يف التف َت َل وبرز بعد تقدماً يذكر ،إذ ال ن اد قبد أحداً يواجو اؼبش بلت االجتماعية اليوـ بروح علمية ؾبردة ،أما القوؿ بأف ىذه اؼبش بلت قد ُربل إذا كػاف ؽبػا أف ربل بواسطة أج لة دقيقة ال ينتاهبا اػبوؼ أو الغع أو حىت اغب ،ف و أمر يبدو أنو َل ىبطر بباؿ أحد حىت ال ثَتين من الذين يعتاوف علماء ي العلوـ االجتماعية)(ٔ) . ومن أسباب جعػل السػلوؾ البشػري خػارج العلػم وخػارج السػيطرة عليػو وخػارج التسػخَت وخارج السنن أمراف إ أوالً إ ف م العقيدة الدينية ف ماً خاطعاً ،وىو أف اهلل يفعل ما يشػاء ( ومػا تشػا وف إال أف يشػاء اهلل ) (اإلنسػاف . )ٖٓ /إف تػاريخ النػلاع طويػل بػُت الػذين يػروف اعبايػة يف سػلوؾ البشر وبُت من يروف اإلنساف ـبَتاً يف سلوكو ،بُت من يرى اإلنساف ؾبااً ر م أنفو علػى مػا قعاه اهلل وقدره وال قدرة لو على اػبروج منو ،وبػُت مػن يػرى أف اهلل يغػَت مػا بػو إف ىػو ّػا م ػػا بنفس ػػو .ب ػػل إف ال ػػبعل يق ػػوؿ إ إنن ػػا ال نع ػػرؼ قع ػػاء اهلل وق ػػدره ،إذاً ال دخ ػػل لن ػػا يف مهائر الناس وسلوك م الذي يرجػع إىل اإلرادة الطليقػة هلل رب العػاؼبُت ،إىل مػا ىنالػك مػن أقػواؿ تػػدؿ علػػى الغمػػوض واالشػػتباه وظػػبلـ الر يػػة .إف مشػػيعة اهلل ال تسػػل البشػػر قػػدرهتم علػػى التغيػػَت وعػػع مهػػائرىم ،بػػل مشػػيعة اهلل إ ( إف اهلل ال يغػػَت مػػا بقػػوـ حػػىت يغػػَتوا مػػا بأنفس ػ م ) (الرعػػد ، )ٔٔ /وإف مهػػائرىم بيػػدىم(ٔ) ..ولػػيس ىنػػا م ػػاف تفهػػيل ذلػػك (ٔ) أن ر كتاب ىل ينقذنا العلم ،ص . ٖٙ (ٔ) تفهيل ىذا يف كتاب حىت يغَتوا ما بأنفس م .
ول ن أردنا التنبيو إىل أف ىػذا العتقػاد والن ػر الػذي يسػل اإلنسػاف االختيػار والقػدرة علػى تقرير اؼبهَت ،هبعل اإلنساف ومهَته َت خاعع للعلم والتسخَت والتنبؤ . يانياً إ والسب الثاي الذي جعل السلوؾ البشػري خػارج نطػاؽ العلػم والتنبػؤ والتسػخَت ،يرجػػع إىل التػػاريخ اؼب لػػم واإللػػف الطويػػل الػػذي عاشػػو النػػاس ،وىػػم ال يػػروف بهيهػاً مػػن األمػػل يف السػػيطرة عل ػى سػػلوؾ اإلنسػػاف وإدراؾ السػػنن فيػػو .وىنػػا -مػػرة أخػػرى -يفيػػدنا تػػاريخ العلػػوـ الطبيعيػػة يف توعػػي كيػػف عػػاش النػػاس طػػويبلً يف ال لمػػات وألفوىػػا ،وىػػم ال عل ػػم عن ػػدىم وال س ػػيطرة وال تنب ػػؤ ..ف ػػذا الت ػػاريخ الطوي ػػل يف ال ػػبلـ جع ػػل الن ػػاس أيعػ ػاً ين ػػروف يوم ػاً مػػا وال يهػػدقوف دخػػوؿ العلػػم ؾب ػاؿ الفلػػك وال يميػػاء والط ػ ،ول ػػن تعلػػم اإلنساف شيعاً فشيعاً حىت أصب يرى ىذه األمور حقائق ال ينػاقذ بهػةت ا .وىػذا الشػيء نفسو يطبق على علم السلوؾ البشػري ..وسػيأب وقػت يهػب فيػو علػم االجتمػاع والعمػراف أو السػػلوؾ البشػػري -علم ػاً خاعػػعاً للسػػنن وقػػاببلً للتسػػخَت وؾبػػاالً يف زبفيػػف اآلصػػارواأل ػػبلؿ الػػيت ضبل ػػا اإلنسػػاف ألنػػو كػػاف ظلومػاً ج ػػوالً .وىنػػا البػػد مػػن إعػػادة التنبيػػو إىل أف اعب ل البسيط َت اعب ل اؼبرك ،فقديباً كانوا يقولوف إ اعباىل الػذي يعلػم أنػو جاىػل ىػو جاىل بسيط ،ول ن اعباىل الذي ال يعلم أنو جاىل ف و جاىل مرك . وكػػذلك يب ػػن القػػوؿ إ إف ج ػػل اؼبوقػػف العلمػػي ،وج ػػل اؼبعرفػػة بتػػاريخ بػػدء اػبلػػق ، هبعل اإلنساف يف موقف اعباىل اؼبرك ،حيث يلعم أف العلم لػن يػلداد ،وأف اإلنسػاف لػن يقػػدر أف يبسػػط سػػلطانو وتسػػخَته إال علػػى مػػا وصػػل إليػػو ،وىػػذا اؼبوقػػف يػػدؿ علػػى عػػدـ تػػذوؽ العلػػم أو إدراؾ تارىبػػو الطويػػل الػػذي قطػػع اإلنسػػاف فيػػو مراحػػل حػػُت خػػرج مػػن حيػػاة اله ػػيد إىل الرع ػػي ا اللراع ػػة .إف تقس ػػيم ت ػػاريخ البش ػػر إىل عه ػػور حجري ػػة قديب ػػة وحديث ػػة وعهػػر الاونػػل واغبديػػد ..كػػل ذلػػك يػػدؿ علػػى ،كيػػف بػػدأ خلػػق العلػػم ،وخلػػق السػػيطرة والتسخَت .ففي القر ف ال ر إ ( وسخر ل م ما يف السموات وما يف األرض ) (اعبايية / ٖٔ) ،ويف التوراة إ (أخععوىا وتسلطوا) (سفر الت وين إصةاح أوؿ فقرة . )ٕٛ
إف معرفة تاريخ العلم عرورية ( كيف بدأ اػبلػق ) ليقػف اإلنسػاف اؼبوقػف العلمػي حػىت من الذي هب لو .لػيس اؼبشػ ل أف قب ػل شػيعاً مػا ،و نمػا اؼبشػ ل أف ال نقػف مػن اعب ػل موقفاً علمياً بل موقف اعباىل ج بلً مركباً . وقػػد تػػازر الف ػػم اػبػػاطت للعقيػػدة الدينيػػة والف ػػم اػبػػاطت للموقػػف العلمػػي ؛ يف اعتبػػار علم االجتماع والعمراف خارجاً عن العلم وأنو َت قابل للدخوؿ إىل ؾباؿ العلم . إف االىتمػػاـ اػبػػاص الػػذي يوليػػو القػػر ف لعلػػم السػػلوؾ البشػػري هبعلػػو يف مركػػل الهػػدارة للعل ػػم ،ف م ػػا يلػ ػ الق ػػر ف عل ػػى الن ػػر إىل الش ػػمس والقم ػػر والنج ػػوـ وال واكػ ػ واعبب ػػاؿ واأل ػػار والنبػػات والػػدواب ،يلػ أكثػػر علػػى الن ػػر إىل سػػلوؾ األمػػم وسػػنن الػػذين خلػوا مػػن قبل واالعتبار واالستفادة مػن كشػف األسػباب والنتػائج يف التػاريخ لتجنػ اػبطػأ واإلمسػاؾ بالهواب . مرتبة خامسة للوجود (الوجود السنٍت) ذكػػرت أف اإلمػػاـ الغ ػلا وشػػيخ اإلس ػػبلـ اب ػػن تيميػػة قسػػما مرات ػ الوج ػػود إىل أرب ػػع ، وذكػػرت تفهػػيل كػػل مرتبػػة ،إال أنػػو يبػػدو أف ىنػػاؾ مرتبػػة خامسػػة للوجػػود ىػػي الوجػػود السنٍت . يق ػػاؿ -أحيانػ ػاً -إف ى ػػذا ال ػػذي نس ػػميو صب ػػاؿ الطبيع ػػة ،م ػػن عػ ػياء الش ػػمس وزرق ػػة السػػماء وضبػػرة الشػػفق وخعػػرة النبػػات ،ال وجػػود ؽبػػا يف اػبػػارج ،وإمبػػا اؼبوجػػود يف اػبػػارج موج ػػات ع ػػوئية فق ػػط ،واإلنس ػػاف ى ػػو ال ػػذي يفس ػػرىا .ف ػػدماغ اإلنس ػػاف ال يفس ػػر م ػػاىر الطبيعػػة كأرقػػاـ فقػػط -كػػأف يقػػوؿ إ إف يفسػػرىا بش ػ ل خػػر بػػأف يعػػفي علي ػػا صبػػاالً ، فػػيف م الػػرقم كهػػورة ،وىػػو نػػوع مػػن التةويػػل والًتميػػل .ؽبػػذا يقولػػوف يف اؼبنطػػق إ إف اللػػوف
َع ػ َػرض ول ػػيس ج ػػوىراً ،ول ػػن يب ػػن أف يق ػػاؿ ع ػػن اعب ػػوىر أيع ػاً -ط ػػوؿ اؼبوج ػػة يف مثالن ػػا ض للسنة ؛ أي للقانوف الذي ىبعع لو اؼبوجود . السابق -مثبلً -إنو َعَر ٌ فالقعاء والقدر يف مف وـ اإليباف ىو أف اهلل تعػاىل قػدر األشػياء قبػل أف ىبلق ػا ،فعلػم اهلل وقدره سابق على اػبلق ،وىذا العلم والقدر ىو القانوف الػذي قػاـ الوجػود علػى أساسػو .وإف الوجود اػبارجي الذي اعتاناه أساس مرات الوجود راجع إىل ىػذا الوجػود السػنٍت - القانوف ( -ذلك تقدير العليل العليم ) (يس . )ٖٛ / ويب ن القوؿ عن الوجود السنٍت إنو إ (كلمػة اهلل) ف ػو سػابق للوجػود اػبػارجي حسػ عقل اإلنساف ( إمبا أمره إذا أراد شيعاً ا يقوؿ لو كن في وف ) (يس . )ٕٛ / فرمل اؼباء ال يمياوي يب ن أف يقاؿ إ إنو رمل السػنة -رمػل قػانوف اؼبػاء -ف ػو لػيس لػو وجػػود خػػارجي إال يف م ػػر اؼبػػاء ،ول ػػن لػػو وجػػود سػػنٍت ونعػػع لػػو رمػلاً .فم ػػاىر ال ػػوف كل ا تابعة للسنن ،ول ن ىنػاؾ سػنناً َل تنتقػل بعػد إىل الوجػود اػبػارجي ،وأكثػر مػا يب ػن أف ي ػوف ىػذا واعػةاً يف عػاَل ال يميػاء ..فعناصػر الوجػود اؼبػادي األوىل تتػألف أصػبلً مػن زوجػػُت اينػػُت -بروتػػوف وإل ػػًتوف -اؼبتمثػػل يف ذرة اؽبيػػدروجُت ،وإىل اخػػتبلؼ عػػدد ىػػذه الاوتونات واإلل ًتونات وتربيت ػا يرجػع تنػوع العناصػر اؼب ونػة للوجػود .واربػاد عنهػرين مػع بععػ ػ ما أو أكث ػػر ي ػػؤدي إىل تشػ ػ ل مركػ ػ جدي ػػد ل ػػو مواص ػػفات جدي ػػدة أيعػ ػاً َل ي ػػن موجوداً ..وقد رت مدلييف جدولو حبس تلايد ال تلة الذرة ،ف شف التسلسػل الرقمػي التعرؼ على الوجود اػبػارجي لبععػ ا ..كمػا تنبػأ بوجػود عناصػر أوليػة السنٍت للعناصر قبل ّ َت معروفة ،وترؾ م ا ا شا راً يف جدولػو ،وقػ ّدر ؽبػا مواصػفاهتا ،ا جػاء اكتشػاؼ ىػذه العناصر بعد ذلك مؤكداً صةة ما قػدره .وىػذا يقػرب لنػا معػٌت الوجػود السػنٍت للشػيء قبػل اكتشاؼ وجوده . وأكثر ما يتع ىذا األمر اليوـ يف عاَل ال يمياء ،حيػث ت ػر مركبػات جديػدة ذات صفات جديدة َل ت ن قد ربققت فيما معى من اللماف كوجود خارجي -مثل األدوية - ول ن ا كانت موجودة وجوداً سننياً ألف صبيع عناصرىا متوفرة .
ىذا الوجود السنٍت ىو نوع خر من مرات الوجود ،وردبا ي وف مدخبلً لتهوير وجود الروح ،واهلل تعاىل لو اػبلق واألمر .والروح من أمر اهلل ( قل الروح من أمػر ر ) (اإلسػراء . )ٛ٘ /وأمػػر اهلل ،وكلمػػة اهلل ،وسػػنة اهلل ،ألفػػاظ قػػد ت ػػوف متقاربػػة يف مػػدلوؽبا ،ول ػػن سنة اهلل توصف بأ ا ال تتبدؿ وال تتةوؿ . ٔ -يبات السنن إ ويف موع ػػوع الس ػػنن أم ػراف م مػػاف .األوؿ إ أف الس ػػنن يابتػػة ال تتب ػػدؿ .والثػػاي إ أف السنن اليت يعني ا القر ف ال ر ىي سنن اجملتمع واألنفس ،وليست سنن اآلفاؽ ،وىذا ما تشػػَت إليػػو اآليػػة ال ريبػػة إ (سػػنة اهلل يف الػػذين خل ػوا مػػن قبػػل ولػػن ذبػػد لسػػنة اهلل تبػػديبل ) (األحلاب . )ٕٙ /وىػذاف األمػراف يلتػبس ف م مػا علػى اؼبسػلم ،فبلبػد مػن تهػةي ىػذا الف ػػم .فاؼبسػػلم أوالً إ ال يػػرى للعلػػم يباتػاً ،وإمػػا يػػرى تغيػَتاً مسػػتمراً (فمػػا يثبتػػو العلػػم اليػػوـ ينفيػػو ػػداً) .والػػذي يوقػػع اؼبسػػلم يف ىػػذا أف ىنػػاؾ فرعػػيات شػػاعت بػػُت النػػاس علػػى أ ػػا حقائق ا اكتشفت خطؤىا ،في ن أف ذلك نفي للعلم أو تغيَت للسنة وىػو لػيس كػذلك . كمػػا أف ىنػػاؾ حقػػائق اكتشػػفت جػػلء من ػػا ،ا اكتُشػػفت -بعػػد حػػُت -مػػا يػػتمم ىػػذه اغبقيقػة ..فػالعلم ىنػا َل ينتػف ،ول نػو ت امػل ،وىػذا لػيس تبػديبلً للسػنة وإمبػا انتقػاؿ مػن سػػنة إىل سػػنة ومػػن قػػدر إىل قػػدر ..واؼبسػػلم ياني ػاً ال يػػرى -أيع ػاً -أف العلػػم يػػدخل يف األمور االجتماعية مثلما يدخل يف األمػور الطبيعيػة .وىاتػاف العقبتػاف ال بَتتػاف تقفػاف أمػاـ تذوؽ اؼبسلم ؼبعٌت العلم . ػدخ َل السػنة يف العقػل ،ودبػا أف السػنة ال تتبػدؿ وال إف معٌت العلػم ب هبػاز شػديد إ أف ت ُ تتةوؿ ف ذلك العلم ال يتبدؿ وال يتةوؿ .فسنة ت وف اؼباء ؽبا يبات وعدـ تبدؿ وربوؿ ، وكػػذلك حػػُت تهػػَت ُسػػنة ت ػ ّػوف اؼبػػاء علم ػاً بػػدخوؽبا يف األذىػػاف ،يبقػػى ىػػذا العلػػم حػػامبلً صفة الثبات وعدـ التةوؿ والتبدؿ .
وى ذا يف األمور االجتماعية ،فاجملتمع الذي يفقد العدؿ يفقد االستقرار « إمبا أىلك من كاف قبل م أ م كانوا يقيموف اغبد على الوعيع ويًتكػوف الشػريف ،والػذي نفسػي بيػده لو أف فاطمة فعلت ذلك لقطعت يدىا » (البخاري كتاب اغبدود) . واهلل تعاىل حُت يػذكر السػنة يف القػر ف ال ػر ،يػذكرىا متهػلة بػاجملتمع وبػاألنفس ،ال بالطبيعػػة واآلفػػاؽ .والنػػاس ال يعرفػػوف السػػنة إال يف الطبيعػػة ،وال يعًتفػػوف هبػػا يف األنفػػس ، ويعتػػاوف عػػاَل األنفػػس خػػارج الثبػػات أو خػػارج السػػنة ،وىػػذا منػػاقل ؼبػػن ج القػػر ف ،بػػل وؼبنػػاىج اؼبسػػلمُت السػػابقُت ،ولقػػد جػػاء -إىل العػػاَل اإلسػػبلمي -قهػػر معػػٌت العلػػم علػػى اآلفاؽ من اؼبف وـ الغر للعلم . إف مثل ىذه التهةيةات عرورية ،وال بد من التنبيو إلي ا ألف أمراً دبثل ىػذا الوعػوح يف القػػر ف ال ينبغػػي أف ي ػػوف امع ػاً يف األذىػػاف إىل ىػػذا اغبػػد ،فبلبػػد مػػن التغل ػ علػػى ىذه العقبات وإزالت ا . وإي حُت زبطر يف با األف ار عن العلم ويباتو وعمومو ،أجد يف ىذه اآليات دعمػاً كبَتاً وعوءاً ىادياً وجرأة على تبٍت الف رة وإبرازىا وتوعية ا وؿباولة تعميم ا . إف السػػنة يابتػػة .ىػػذه حقيقػػة أوليػػة ،بػػل ويب ػػن أف نقػػوؿ إ إ ػػا فطريػػة .إذ ال معػػٌت للعلم إف َل ي ن مستمراً ويابتاً ودائماً ،واإلنساف ال يتةرؾ وال يقعي من أمػره شػيعاً ،وال ىبطػػو خطػػوة واحػػدة إال علػػى أسػػاس يبػػات السػػنن .فمػػثبلً لػػو أف إنسػػاناً وعػػع علػػى عينيػػو من اراً مقرباً أو مبعداً ا أراد أف يبشي يف األرض أو يهعد جببلً لتعثر يف مشيتو وؼبػا أم نػو أف يتة ػػرؾ .فل ػػوال يق ػػة اإلنس ػػاف بثب ػػات س ػػنة الر ي ػػة ؼب ػػا خط ػػا خط ػػوة واح ػػدة .فاإلنس ػػاف مهػػطة ؼبعػػٌت يبػػات السػػنة والن ػػاـ والقػػانوف يف اغبيػػاة ،وعلػػى أساسػػو يتةػػرؾ ،ول ػػن ينبغي أف يوع لئلنساف ىا الثبات حىت ي وف تعاملو مػع األشػياء علػى بينػة .وؽبػذا ع ّػرؼ شيخ اإلسبلـ ابن تيمية السنة تعريفاً حسناً حُت قاؿ إ (السنة إ أف يػُ ْفعل يف الثاي مػا فُعػل يف األوؿ) .أي إذا ت ررت الشروط نفس ا أعطت النتائج نفس ا يف اآلفػاؽ واألنفػس ،يف
الطبيعة واجملتمع .في وف األمر علماً إذا أم ن إعادتو عنػد تػوفر شػروطو ،فمػا حػدث مػرة قابل أف وبدث مراراً إذا توفرت الشروط ؛ إذ ربتفل السنة دب ا ا وشروط ا . ويعيػػد برترانػػد راسػػل كلمػػات ابػػن تيميػػة بأسػػلوب عهػػري فيقػػوؿ إ (الطريقػػة العلميػػة يف جوىرىا يف اية البساطة وىي إ مبلح ة وكشف قانوف يسري على حقائق من النوع نفسو .واؼببلح ة واستخبلص القانوف قاببلف للت ذي إىل َت حد .وأوؿ من قاؿ إ النار ربرؽ ،اس ػػتخدم ا ،وم ػػع ذل ػػك ل ػػيس لديػػو اؼب ػػن ج العلم ػػي ..والطريقػػة العلميػػة َل ت تس ػ إال دبشقة وقليل من استخدم ا ،ويف قليل من اؼبسائل)(ٔ) . ٕ -السنة واؼبعجلة إ إف اإلسػػبلـ -كمػػا يقػػوؿ إقبػػاؿ -وإف كػػاف نبػػت يف بيعػػة ػػَت علميػػة ،إال أنػػو انتقػػل باإلنسػػاف إىل اغبيػػاة العلميػػة .ىػػذا الن ػػر ن ػػر فػػاحا للتػػاريخ ،ور يػػة جيػػدة لؤلحػػداث . فالقر ف وصف معجػلات السػابقُت مػن عهػا موسػى ،وخلػق عيسػى للطػَت مػن الطػُت وناقػة وبُت أف ىذه اؼبعجلات كانت تؤدي دورىا يف عهر معُت تسيطر فيػو صار إىل سواىا … ّ عقلية معينة كانت تطال بر ية معجلات خارقة للسنن .ول ػن القػر ف وإف قػا مثػل ىػذه القها إال أنو َل يعد يتعامل مع الناس على ىذا األساس .وىذا فيو ارتقاء يف نوع الدليل ،ويف ىػػذا قػػاؿ رسػػوؿ اهلل صػػلى اهلل عليػػو وسػػلم « مػػا مػػن األنبيػػاء نػػيب إال وقػػد أعطػػي مػػن اآليػػات مػػا مثلػػو مػػن عليػػو البشػػر ،وإمبػػا كػػاف الػػذي أوتيتػػو وحي ػاً أوحػػاه اهلل عػػل وجػػل إ ّ ، وأرج ػوا أف أكػػوف أكثػػرىم تبع ػاً يػػوـ القيامػػة » مس ػند اإلمػػاـ أضبػػد ،جػ ػ ٕ ،ص ٖٔٗ رواه مسلم) . يف ىذا اغبديث ربديد لاىاف الرسوؿ صلى اهلل عليو وسػلم علػى نبوتػو واتبػاع النػاس لػو .إنو القر ف الذي يب ن أف يشاىده كػل أحػد ،والقػر ف لػيس مثػل عهػا موسػى الػيت كانػت برىانػاً ؼبشػػاىدي ا فقػػط .ومػػا ورد يف ىػػذا اغبػػديث مػػن قهػػر برىػػاف الرسػػوؿ صػػلى اهلل عليػػو (ٔ) أن ر كتاب الن رة العلمية ،راسل ،ص . ٙ
وسلم علػى القػر ف ،ورد أيعػاً يف القػر ف مػا يؤكػد ذلػك بأسػلوب خػر ،حينمػا طلػ أىػل م ة من ؿبمد رسوؿ اهلل براىُت مثل براىُت األنبياء (وقالوا لوال أنلؿ عليو يات من ربو قػل إمبا اآليات عنػد اهلل وإمبػا أنػا نػذير مبػُت أوَل ي ف ػم أنػا أنللنػا عليػك ال تػاب يتلػى علػي م ) (العن بوت )٘ٔ /ف ذا ما أشار إليػو إقبػاؿ مػن أف اإلسػبلـ نبػت يف عهػر مػا قبػل العلػم ، ول نو انتقل باإلنساف إىل عهر العلم وإىل ية العلم .وىػذا اؼبوعػوع م ػم يف ترقػي اآليػات والااىُت .واإلماـ الغلا يف كتابو (اؼبنقذ من العبلؿ) حُت حبث علم اليقُت الثابت الذي ال يتغػػَت قػػاؿ إ (لػػو قػػاؿ أحػػد إ إف دليلػػي علػػى صػػدؽ أف الواحػػد أكثػػر مػػن الثبليػػة إي سأقل ىذه العها حية .ولو قل العها حية ؼبا تغَت يقيٍت من أف الواحد أقل من الثبليػة ،ول ٍت سأتعج كيف قل العها حية) . لو حللنا قوؿ اإلماـ الغلا ،ألدى بنا إىل أف مثل عقلية الغلا َل تعد ترى اآلية علػى صدؽ النبوة قل العها حية ،ألف دعوة النبوة إذا ن ر إلي ػا باألسػلوب العلمػي فينبغػي أف ي وف برىاناً يف اؼبوعوع نفسو الذي جاء بو النيب .فما جاء بو النيب نوع من العلم والعمػل يسعد الناس يف الػدنيا واآلخػرة إذا سػل وا طريقػو .فالاىػاف علػى صػدؽ مػا جػاء بػو تُشػاىد نتائجو عند التطبيق يف واقع اجملتمع وليس يف أف يقل العها حية . واؼب نػػدس دليػػل علمػػو أف ىبطػػط وينفػػذ عم ػبلً ىندسػػياً كبنػػاء جسػػر أو نفػػق أو سػػد أو صاروخ … وليس أف يفعل شيعاً خارقاً يهدؽ دعواه ..فمثػل ىػذا التةػوؿ يف ربديػد نػوع اآلية انتقاؿ إىل الن ر العلمي … كػػاف اؼبعاصػػروف للنػػيب ؿبمػػد صػػلى اهلل عليػػو وسػػلم يطالبونػػو بايػػات مثػػل مػػات أرسػػل األولػػوف ،والرسػػوؿ والتوجيػػو القػػر ي يػػردىم بأسػػالي متعػػددة إىل الن ػػر العلمػػي إ فعػػن ابػػن عبػػاس قػػاؿ أتػػت ق ػريذ الي ػػود فقػػالوا إ جػػاءكم موسػػى مػػن اآليػػات قػػالوا عهػػاه ويػػده بيعػػاء للنػػاظرين ،وأت ػوا النهػػارى فقػػالوا إ كيػػف كػػاف عيسػػى قػػالوا إ كػػاف يػػائ األكمػػة واألبرص ووبي اؼبوتى .فأتوا النيب صلى اهلل عليػو وسػلم فقػالوا ادع لنػا ربػك هبعػل لنػا الهػفا ذىب ػاً ف ػػدعا رب ػػو فنلل ػػت اآلي ػػة إ (إف يف خل ػػق الس ػػماوات واألرض واخ ػػتبلؼ اللي ػػل والن ػػار
آليػػات ألو األلبػػاب(ٓ)ٜٔالػػذين يػػذكروف اهلل قيامػػا وقعػػودا وعلػػى جنػػوهبم ويتف ػػروف يف خلق السماوات واألرض ربنا ما خلقت ىذا باطبل ) فليتف روا في ا . ويقوؿ أيعاً إ (ما هبػذا بعثػت ،وإمبػا هبػذا الػدين .فػ ف أخػذ بػو ف ػذا ح ػم يف الدنيا واآلخرة ،وإف أبيػتم أصػا) ( .أن ػر تفسػَت ابػن كثػَت لآليػات إ ( لػن نػؤمن لػك حػىت تفجػػر لنػػا األرض ينبوعػاً ) (اإلسػراء . ) )ٜٓ /إنػػو موقػػف علمػػي صػػارـ بعيػػد الن ػػر يابػػت يب ػػات الس ػػنة ،غبم ػػل الن ػػاس عل ػػى الن ػػر الت ػػارىبي يف س ػػلوؾ اجملتمع ػػات .وإف ك ػػاف ى ػػذا األسػػلوب لػػيس س ػريع النتػػائج يف ضبػػل النػػاس علػػى اإليبػػاف ،إال أنػػو علػػى اؼبػػدى البعيػػد ىػػو الذي سيجعل الرسوؿ صلى اهلل عليو وسلم أكثر األنبياء تابعاً .. واؼبس ػػلموف -إىل اآلف -إال م ػػن رح ػػم رب ػػك يعيش ػػوف عه ػػر م ػػا قب ػػل العل ػػم وم ػػا قب ػػل اإلسبلـ ،ف م وإف َل يطالبوا دبعجلات كمعجلات األنبياء السابقُت إال أ ػم يف احتفػاالهتم دبناسبات تتعلق حبياة الرسوؿ صلى اهلل عليو وسلم يلةوف يف اغبديث عن معجلات فبايلة ، ويرددو ا ك كثار الطعاـ واؼباء ونطق اغبجر ..ويغفلوف عن العهر العلمػي اآلفػاقي النفسػي الذي أطلعو القر ف على العاَل . « يروي مسلم يف صةيةو يف فعائل الهةابة عن أنس قاؿ إ قػاؿ أبػو ب ػر -رعػي اهلل عنو -بعد وفاة رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم --لعمػر بػن اػبطػاب إ انطلػق بنػا إىل أـ أيبػػن نلورىػػا كمػػا كػػاف رسػػوؿ اهلل صػػلى اهلل عليػػو وسػػلم يلورىػػا فلمػػا انت يػػا إلي ػػا ب ػػت ، فقاال ؽبا ما يب يك ما عند اهلل خَت لرسوؿ اهلل صلى اهلل عليو وسلم ،فقالت إ ما أب ػي أف ال أكوف أعلم أف مػا عنػد اهلل خػَت لرسػولو صػلى اهلل عليػو وسػلم ول ػن أب ػي أف الػوحي قد انقطع من السماء ،ف يجت ما على الب اء ،فجعبل يب ياف مع ا » . إف ىذا اغبديث كبَت ،وفيو توجيو وجيو ؼبعٌت عميق ،ومػع ذلػك يب ػن أف يػرى النػاظر إ وإف كاف باب السماء أُ لق من جان ،إال أف باباً خر قد فتةو القػر ف لي ػوف الرسػوؿ أكثػػر تابعػاً ،وىػػذا البػػاب ىػػو بػػاب اآلفػػاؽ واألنفػػس ،إنػػو بػػاب سػػنعرؼ منػػو صػػدؽ القػػر ف
علػػى مػػر الػػلمن ،وبػػو نهػػة أف امنػػا للقػػر ف (سػػنري م ياتنػػا يف اآلفػػاؽ ويف أنفس ػ م حػػىت يتبُت ؽبم أنو اغبق .أوَل ي ف بربك أنو على كل شيء ش يد ) (فهلت . )ٖ٘ / إننا معشر اؼبسلمُت َل نػدخل بعػد ىػذا العهػر الػذي أشػار إليػو إقبػاؿ ،وَل نقػم بالنقلػة العلمية بعد ،وَل نرتفع إىل مسػتوى القػر ف و ياتػو لي ػوف الرسػوؿ أكثػر تابعػاً .وَل نرتفػع إىل ابن تيمية -كما نقلت عنو يف كتا العمل -يبُت أف هلل يات أفقية و يات نفسية .وىذا ما عا عنو إقباؿ بأسلوب خر يف كتابو (ذبديد التف َت الديٍت) حُت ذكر معٌت خػتم النبػوة ،وبُت أف القػر ف ال ػر اػبػا لل تػ السػماوية لػو خاصػية التجػدد ؛ ف ػل عهػر يػرى فيػو يتػػو اؼبناسػػبة .وكبػػن علػػى مشػػارؼ عهػػر يػػات اآلفػػاؽ واألنفػػس ،علمػػو مػػن َعلِ َمػػوُ وج لػػو من ج لو ،استقبلو بتل ف وشوؽ من استقبلو ،وأعرض عنو حبذر وخوؼ من أعرض عنػو .ودخػػوؿ عهػػر يػػات اآلفػػاؽ واألنفػػس لسػػتم ببالغيػػو إال بشػػق األنفػػس .إف مػػن ال يعػػيذ أحداث العاَل وعلمو وال وبدؽ يف مل وت اهلل يف اآلفاؽ واألنفس ،ال يب ػن أف يشػرؽ لػو مثػػل صػػب ىػػذا العػػاَل اعبديػػد الػػذي اطلعػػو القػػر ف ( .يػػا أي ػػا النػػاس قػػد جػػاءكم برىػػاف مػػن رب م ،وأنللنا إلي م نوراً مبيناً .فأما الذين منوا باهلل واعتهموا بو فسيدخل م يف رضبة منو وفعل ،وي دي م إليو صراطاً مستقيماً ) (النساء . )ٔٚ٘ / كرس نفسو ليجعل وطوىب ؼبمسك عناف فرسو ،كلما ظبع ىيعة طار إلي ا ،وطوىب ؼبن ّ تػذوؽ يػات اآلفػػاؽ واألنفػس مسػػا اً ورضبػة .ف ػػل لػك أف تعػػع لنفسػك أي ػػا الناشػت مثػػل ىػػذا اؽبػػدؼ ،وت ػػل مسػػتنفراً فبسػ اً بعنػػاف فرسػػك كلمػػا ظبعػػت ىيعػػة طػػرت وجعػػت بػػاػبا اليق ػػُت لتنش ػػر األم ػػن والطمأنين ػػة .ى ػػذا أملػػي يف اعبي ػػل اؼبس ػػلم ال ػػذي أرى نفس ػػي يف مر ت ػػو وأشعر بالغٌت من حهاده . زاف بستاي عش ما ظ ر وجنيت الورد يف جوؼ الشجر. ػلوب الػػذي يعػػرض بػػو القػػر ف يػػة البعػػث ( مػػن أمثلػػة األسػػلوب العلمػػي اؼبتطػػور األسػ ُ وعػػرب لنػػا مػػثبلً ونسػػي خلقػػو ) (يػػس )ٚٛ /قولػػو إ ( ونسػػي خلقػػو ) إ ػػا اآليػػة األفقيػػة ،
إ ػػا ال لم ػػة اله ػػارمة ،ال لم ػػة القاطع ػػة ،ال لم ػػة ال ػػيت ربت ػػوي اؼبعادل ػػة الدقيق ػػة اؼب ػػوجلة يف حػػرفُت إ ( ونسػػي خلقػػو ) ،وأحيانػاً يوجلىػػا يف كلمػػات أكثػػر ،ومػػع االحتفػػاظ باإلهبػػاز ( ب ػػل ى ػػم يف لَػ ْػبس م ػػن خل ػػق جدي ػػد ) ( ؽ ( ، ) ٔ٘ /ولق ػػد علم ػػتم النش ػػأة األوىل فل ػػوال تذكروف ) (الواقعة . )ٕٙ / مػػن شػػأف النػػاس قػػديباً وحػػديثاً أف يتسػػاءلوا عػػن البعػػث ( كالػػذي مػػر علػػى قريػػة وىػػي خاويػة علػػى عروشػ ا .قػػاؿ إ أي وبيػي ىػػذه اهلل بعػد موهتػػا ! فأماتػو اهلل مائػػة عػاـ ا بعثػػو ) (البقرة ( )ٕٜ٘ /وإذ قاؿ إبػراىيم إ رب أري كيػف ربػي اؼبػوتى قػاؿ إ أوَل تػؤمن قػاؿ إ بلى ،ول ن ليطمعن قليب .قاؿ إ فخذ أربعة من الطػَت فهػرىن إليػك ،ا اجعػل علػى كػل جب ػػل م ػػن ن ج ػػلءاً ) (البق ػػرة ( ، )ٕٙٓ /أوَل ي ػػر اإلنس ػػاف أن ػػا خلقن ػػاه م ػػن نطف ػػة ف ػ ذا ى ػػو خهيم مبُت وعرب لنا مثبل ونسي خلقو ،قاؿ إ من وبي الع اـ وىي رميم قل إ وبيي ا الذي أنشأىا أوؿ مرة ( ) ..يس . )ٜٚ-ٚٚ / ففػػي قهػػة الػػذي مػػر علػػى قريػػة أراه اآليػػة مػػن نفسػػو ب ػ جراء التجربػػة عليػػو ،ويف قهػػة إبػراىيم -عليػػو السػػبلـ -أراه اآليػػة يف مثػػل خػػارج عػػن نفسػػو ويف قهػػة أ بػػن خلػػف ،رد الناس إىل تذكر العلم والسنة وعدـ نسيا ا .والسنة كما قاؿ ابن تيمية إ أف يفعل يف الثاي مػػا فُعػػل يف األوؿ .والقػػر ف يػػرد إىل األوؿ ليسػػتنبط اإلنسػػاف أف مػػا فُعػػل يف األوؿ يُفعػػل يف الثػػاي (ويقػػوؿ اإلنسػػاف أإذا مػػا مػػت لسػػوؼ أخػػرج حيػػا … أوال يػػذكر اإلنسػػاف أنػػا خلقنػػاه من قبل وَل ي ن شيعاً ) ( مر . )ٙٚ-ٙٙ / الفهل الثاي العِْلم الع ْلم
ليس للعلم تعريف يف ؾبتمعاتنا ،ؽبذا البد من إعادة القوؿ وتفهيل جوانبو ليتةدد لنا معٌت العلم فيلوؿ االلتباس الذي يؤدي إىل فقداف شبرات العلم .وإذا كاف التوحيد علماً ف ف العلػػم توحيػػد أيع ػاً ال يقبػػل الشػػرؾ ،دبعػػٌت أنػػو يشػػتبو بالباطػػل ،ؽبػػذا البػػد مػػن ربريػػر العلػػم وتهفيتو من األباطيل واػبرافات ،حىت ينعم اإلنساف بثمرات العلم الهايف اػبالا .وكمػا أف الػػدين اػبػػالا هلل ال بػ َػد أف يتةهػػن مػػن البػػدع ،كػػذلك العلػػم البػػد أف يتةهػػن مػػن اؼبغالط ػػات يف نس ػػبة النت ػػائج إىل ػػَت أس ػػباهبا .يق ػػوؿ ويل ػػل يف مقدم ػػة كتاب ػػو (مع ػػاَل ت ػػاريخ اإلنسانية) إ (واؼبؤرخ ػػوف يف عه ػرنا ى ػػذا أن ػػاس ذوو عل ػػم واس ػػع ىبش ػػوف اؽبف ػوات الهػػغَتة أكثػػر فب ػػا ىبشوف عدـ التماسك بُت اؼبقػدمات والنتػائج ،وىػم دائمػاً يف فَػ َػرؽ -خػوؼ ورعػ -فبػا يه ػػيب م م ػػن س ػػخرية مؤك ػػدة إف أخط ػػؤوا يف أح ػػد الت ػواريخ ،أكثػػر فبػػا ىبػػافوف إس ػػناد قيم ػػة خاطعة لعمل ال يستةق ا ..ولذا ..هب يف ىػذا العهػر الػذي يبتػاز بالسػرعة واإلقػداـ أف تقوـ بالعاَل طبقػة كاملػة مػن العلمػاء اؼبتفػانُت يف العلػم ي ػوف واجب ػا االحتفػاظ دبعيػار ؿبػتم من اؼبعايَت اظ مة العبط)(ٔ) . ما ىذا الذي نسميو علماً البد قبل اػبوض يف ىذا اؼبوعوع من تسليط بعل األعواء على أسس معينة إ األساس األوؿ -ال عبلقة بُت السب والنتيجة عقبلً إ وللتسػػليم دبةتػػوى ىػػذه اعبملػػة ،البػػد مػػن معرفػػة كػ ٍػل مػػن السػػب والنتيجػػة والعقػػل ، وسوؼ قبعل ل ل من ا طرفاً من اغبػديث يف ىػذا ال تػاب .والػذي نقهػده ىنػا مػن القػوؿ (ال عبلق ػػة ب ػػُت الس ػػب والنتيج ػػة عق ػبلً) إ ى ػػو أف العق ػػل ال ق ػػدرة ل ػػو عل ػػى رب ػػط األس ػػباب (ٔ) معاَل تاريخ اإلنسانية ،اجمللد األوؿ ،الطبعة الثانية - ٜٔ٘ٙ ،ص ٘. ٗ،
بالنتػائج أو الع ػس قبػل أف يشػاىد ىػذا االرتبػاط يف الواقػع اػبػارجي .فمػثبلً ال ارتبػاط بػػُت أي دواء وأيره أو نتيجة عقبلً ،وإال كاف العقل يب ن أف يف ػم ىػذا السػب قبػل أف يشػاىد النتيجػػة ول ػػن ىػػذا ال وبػػدث وإمبػػا فقػػط يػػدرؾ اإلنسػػاف العبلقػػة بػػُت السػػب والنتيجػػة بر يػػة االرتبػػاط بين مػػا سػػلباً وإهبابػاً .توجػػد النتيجػػة إذا وجػػد السػػب وتفقػػد إذا فقػػد .كػػذلك ال عبلقػػة ب ػػُت ص ػػفة اؼب ػػاء وصػػفيت اؽبيػػدروجُت واألوكس ػػجُت الل ػػذين ينػػتج عن مػػا اؼبػػاء بنس ػ وشروط معينة ،وكػذلك ال عبلقػة بػُت صػفة اؼبلػ وصػفة كػل مػن ال لػور والهػوديوـ اللػذين ينتج عن ما .فالعبلقة ال ت ر لنا إال باؼبشاىدة الدائمة اؼبت ػررة .وقولنػا إ إف اؼبلػ نتيجػة لًتكي عنهرين معينُت بش ل معُت يعٍت أنو قػانوف يابػت ال يتغػَت وال يتبػدؿ ،ف ػذا نقػوؿ إنو علم ف ما وجد السب وجدت النتيجة .وىذا اؼبثاؿ يعطي صورة للعلم إىل حد ما . فاألس ػػباب اؼبعين ػػة ت ػػؤدي إىل نت ػػائج معين ػػة ،وإذا ربققن ػػا ع ػػن طري ػػق اؼببلح ػػة والتجرب ػػة م ػػن ارتبػػاط األسػػباب بالنتػػائج بدقػػة ،حهػػل العلػػم وارتػػبط يف العقػػل السػػب بالنتيجػػة ،إذ قبػػل ر يػػة السػػب والنتيجػػة ال قػػدرة للعقػػل علػػى ربديػػد ارتبػػاط األسػػباب مثػػل األوبعػػة الػػيت كػػاف اإلنسػػاف يشػػاىد نتائج ػػا اؼبروعػػة ،وَل تعػػرؼ األسػػباب إال بعػػد أف يػػأب مػػن يقػػوؿ ىػػذا ىػػو السب ويبُت باؼبشاىدة والتجربة ،ارتباط ىػذه النتيجػة بسػب معػُت ،فَتتػبط ىػذا السػب بالنتيجة في وف علماً . ولػػو كػػاف العقػػل يب ػػن أف ي ػربط األسػػباب بالنتػػائج لف ػػم النػػاس أسػػباب الوبػػاء قبػػل أف يشػػاىدوىا يف الواقػػع ،ول ػػن العقػػل الػػذي يػػؤمن أف لؤلحػػداث أسػػباباً يبػػدأ يف البةػػث عػػن األسػػباب حس ػ خاتػػو يف قعػػايا أخػػرى شػػاىد أسػػباهبا مػػن قبػػل ،وي ػػل يبةػػث حػػىت إذا اىتػػدى إىل السػػب اعبػػامع اؼبػػانع يقػػوؿ إ اآلف عقلػػت حػػىت إذا اىتػػدى إىل السػػب فهػػار بين مػػا ارتبػػاط باؼبشػػاىدة اظػػددة .وإف كػػاف العقػػل -حس ػ تعػػوده -يف م ػػاىر ال ػػوف يػػرفل أسػػباباً لؤلحػػداث ،إال أف ربديػػد األسػػباب وربط ػػا بنتائج ػػا ال يػػأب إال باؼبشػػاىدة والتجربػػة ،س ػواء يف ذلػػك األمػػور اؼباديػػة -مثػػل اؼبركبػػات ال يماويػػة واؼب ػواد الععػػوية -أو األمور االجتماعية -ك ػور اؼبشػ بلت يف اجملتمػع الػذي يفقػد العػدؿ مػثبلً فػيم ن ربديػد
األسباب ؼبش بلت اجملتمع ،مثل ربديد األسباب ؼبش بلت الععو اغبي .ويف اعبانبُت ال وبدد األسباب إال من ين ر ويرى . إف ر ي ػػة األس ػػباب يف م ػػاىر ال ػػوف الطبيعي ػػة أسػ ػ ل م ػػن ر يت ػػا يف م ػػاىر اجملتم ػػع حس ػ الًتتي ػ الػػذي ورد يف القػػر ف ال ػػر ( سػػنري م ياتنػػا يف اآلفػػاؽ ويف أنفس ػ م حػػىت يتبػػُت ؽبػػم أنػػو اغبػػق ) (فهػػلت .. )ٖ٘ /فر يػػة األسػػباب يف اآلفػػاؽ أيسػػر مػػن ر يت ػػا يف األنفس ف ذا كاف ىناؾ علم فلك وكيمياء ،ف ناؾ علم ؾبتمع ونفس وأخبلؽ ،وكػوف علػم ما قليبلً يف جان ما ليس معناه أف نتائج ىذا اؼبوعوع ليست مرتبطة بأسبابو ،ول ن كبن َل نػػدقق يف ر يػػة ربػػط األسػػباب بالنتػػائج .والػػذي ي ػربط ىػػذا ىػػو الػػذي يبةػػث دائم ػاً يف األحػػداث ال ونيػػة واالجتماعيػػة ويراقب ػػا ،فت ػػر لػػو أسػػباب النتػػائج ف ػَتبط بعع ػ ا بػػبعل فيهَت االرتباط عقلياً ويهَت اؼبوعوع علماً . ىػػذه األف ػػار ليسػػت صػػعبة ،بػػل تنسػػجم مػػع الفطػػرة ،ول ػػن الػػذي وبػػدث أف سػػادتنا وكااءنػػا إذا ق ػػالوا إ إف الفلػػك وال يميػػاء عل ػػم بينم ػػا اجملتم ػػع واألخ ػػبلؽ ليسػػا بعل ػػم ،نقل ػػد ونقبػ ػػل وال نتش ػ ػ ك ،ألننػ ػػا ال نتعامػ ػػل مػ ػػع اغبقػ ػػائق اػبارجيػ ػػة وإمبػ ػػا نتعامػ ػػل مػ ػػع ال ت ػ ػ واألشػػخاص ،وىػػذا مػػا قػػاؿ عنػػو الغ ػلا إ (اؼبعتقػػد يتش ػ ك عنػػد الشػػب ات ،أمػػا اؼبػػوقن صاح العلم فبل هبد ذلك) .وال بػد أف يهػَت البةػث مػع اغبقػائق اػبارجيػة فػوؽ ال تػ واألشػػخاص ،وأف ت ػػوف ال ت ػ واألشػػخاص عون ػاً علػػى التعامػػل مػػع اغبقػػائق اػبارجيػػة ال عقبة دو ا . وفبػػا يتهػػل باألسػػاس األوؿ إ تػػذوؽ كنػػو العلػػم .وأنػػا أقهػػد مػػن ىػػذا ال تػػاب إلقػػاء أعواء أوع على معٌت العلم وربديد كن و ،ف ذا عرفنا ذلػك فلػن ىبػتلط علينػا مػا ىػو علػم دبا ىو ظن أو وىم أو ىوى ،وأعتا ىذا أمراً جوىرياً ،ف ذا ف منا قعية واحدة -فبا يقاؿ عنػػو إنػػو علػػم -ف مػاً صػػةيةاً وبدقػػة تامػػة ،فيم ننػػا أف نبةػػث يف أيػػة قعػػية أخػػرى علػػى
أساس الشروط نفس ا اليت جعلت ىذه القعية علماً(ٔ) .ودبجرد أف نفقد العلػم نػدخل إىل ميداف ال ن واؽبوى ،واغب واؽبوى يُبطل السػمع والبهػر « حبُّػك الشػيء يعمػي ويهػم » (رواه أضبد وأبو داوود) . وإذا ف منػػا العلػػم باألسػػلوب الػػذي شػػرحناه سػػابقاً ،مػػن ارتبػػاط األسػػباب بالنتػػائج وأنػػا ليست عقبلً بل مشاىدة ور ية الواقع ،فيم ن القوؿ إ إف اإليباف باهلل واليوـ اآلخر علم ، أي أف إيباننا باهلل واليػوـ اآلخػر يقػوـ علػى أسػاس أسػباب ؽبػا نتػائج معينػة ،وىػذه األسػباب والنتائج اؼبًتتبػة علي ػا ال ارتبػاط بين مػا عقػبلً كػأي موعػوع علمػي خػر ،وإمبػا باؼبشػاىدة ؛ أي إذا شاىدت اإليباف بػاهلل واليػوـ اآلخػر يف واقػع األرض -عػاَل الشػ ادة -يعطػي نتػائج إهبابية كاف ذلك دليل صةة اإليباف باهلل واليوـ اآلخر ،وتعطر أف تسػلم باالرتبػاط بين مػا ،ف ذا االرتباط علم كعلمية أي دواء حبس نتائجو . ولو قلت لئلنساف -مثبلً -ما مقدار التفسَت العلمي إليبانك بالشخا الذي يت لم ،الرتبك أوؿ األمر لشعوره بالبداىة يف ىذا اؼبوعوع ،ول ن إعادة ذىنو إىل شروط علمية ىػذه ال ػاىرة يف وقػػوع أمػواج العػوء اؼبنبعثػػة عػن الشػػخا الػذي أمامػك علػػى حاسػة البهػػر وتفسػػَت الػػدماغ ألم ػواج العػػوء ،ووقػػوع أم ػواج صػػوت اؼبػػت لم علػػى ظبعػػو وتفسػػَت الػػدماغ ألمػواج الهػػوت ..ىػػو مػػا يليػػل ارتباكػػو .وكػػذلك ؼبػػا نػػذوؽ اؼبلػ وقبػػد طعمػػو فػ ف الػػدماغ يفسر أير اؼبل على حاسة الذوؽ ،كما يفسر الدماغ أير العوء ..وكذلك سػائر مػا كبػس بو ونشعر . (ٔ) يعػػرض القػػر ف ال ػػر أمثلػػة ؿبػػددة بدىيػػة لت ػػوف دبثابػػة مػػوطن انطػػبلؽ إىل أمػػور أخػػرى ( ومػػا يسػػتوي األعمػػى والبهػػَت ،وال ال لمػػات وال النػػور ،وال ال ػػل وال اغبػػرور ،ومػػا يسػػتوي األحيػػاء وال األمػوات ) (فػػاطر) ف مػػا أف ال ػػائن اغبػػي -يف مثػػاؿ ال ػػل واغبرور -وبتاج الستمرار حياتو إىل درجة معينة من اغبرارة ،وأنو ال يب ن أف يقػوؿ اإلنسػاف إ إف ال ػل واغبػرور سػواء ،ف ػذلك يب ػػن وبالقناعػػة نفسػ ا أف يهػػل اؼبػػرء إىل أف سػػعادة اإلنسػػانية ال تػػتم إال بتةقػػق العػػدؿ وأف ال لػػم والعػػدؿ ال يسػػتوياف … ف ػػذا اؼبثل القر ي ينفي منطلق السفسطائية وأف كل أمور اغبياة مثل قبل الري وأنو ليس ىناؾ حق ،ويف ىذا يقوؿ شيخ اإلسبلـ ابن تيمية إ (ومن أع م صفات العقل معرفة التمايل واالخػتبلؼ فػ ذا رأى الشػيعُت اؼبتمػايلُت علػم أف ىػذا مثػل ىػذا فجعػل ح م مػا واحداً … ) ( .الفتاوى -اجمللد التاسع ص . )ٕٖٜ
إف الػػذي نقػػوؿ عنػػو إنػػو علػػم إ ىػػو ارتبػػاط اغبقيقػػة اػبارجيػػة -اؼبتمثلػػة بػػأمواج صػػوتية وعػػوئية واحساسػػات ذوقيػػة -بتفسػػَت الػػدماغ ؽبػػا .ومػػن التسػػليم هبػػذا يب ػػن أف نقػػوؿ إ إف ال ػػوف ظػػبلـ وسػ وف مطبػػق فيليائيػاً ،ولػػيس ىنػػاؾ إال األمػواج ،والػػدماغ ىػػو الػػذي يعطػػي ؽبذه األمواج معٌت العوء -اللوف -والهوت -النغم -فاعبماؿ الػذي يف ال ػوف إمبػا ىػو من تفسَت الدماغ ،واعبماؿ األخبلقي يب ن أف نرى نتائجو كاللوف والهوت يف واقع اغبياة . وليسػػت مشػػاىدتنا نتػػائج اإليبػػاف بػػاهلل واليػػوـ اآلخػػر يف واقػػع األرض بأقػػل وعػػوحاً مػػن حقيق ػػة اله ػػوت والل ػػوف .وى ػػذا األس ػػلوب يعرع ػػو الق ػػر ف يف تعم ػػيم العل ػػم ،فيع ػػرب مث ػػل اإليباف باهلل واليوـ اآلخر باإليباف بالشخا ينطق أمامك ؛ فةقيقة ىذا مثػل حقيقػة ذاؾ . يقػوؿ اهلل تعػاىل يف سػورة الػػذاريات بعػد عػرض مشػاىد اآلفػػاؽ مػن الريػاح والسػة والفلػػك واختبلؼ اآلراء يف الدين إ (ويف األرض يات للموقنُت .ويف أنفس م أفبل تبهروف .ويف السماء رزق م وما توعدوف .فورب السماء واألرض إنو غبق مثل مػا أن ػم تنطقػوف ) فبعػد اغب ػػديث ع ػػن م ػػاىر الطبيع ػػة النفس ػػية م ػػن االخ ػػتبلؼ يف اآلراء واإليب ػػاف وال ف ػػر واله ػػدؽ وال ذب ويوـ الدين ..بعد كل ىذا يبُت تعاىل أف اغبق اؼبوجػود يف ر يػة األشػخاص وظبػاع األص ػوات … موجػػود يف األف ػػار النفسػػية ،مػػن اإليبػػاف وال فػػر ( .ورب السػػماء واألرض إنػػو غبػػق مثػػل مػػا أن ػػم تنطقػػوف ) .وإذا كػػاف تركيػ معػػُت للعناصػػر يػػؤدي إىل اغبيػػاة كاؼبػػاء واأل ذيػػة ،وتركيػ خػػر يػػؤدي إىل الوفػػاة كأكسػػيد النةػػاس وبقيػػة السػػموـ… فػ ف اإليبػػاف بقي معينػة يػؤدي إىل اغبيػاة ال ريبػة وتلكيػة الػنفس واغبيػاة االجتماعيػة ،واإليبػاف بقػيم أخػرى يؤدي إىل اػبراب وتدسية النفس وفساد اجملتمع .وى ػذا يهػب اإليبػاف علمػاً عنػدما ت ػوف طريقػػة إيباننػػا بػػالقيم السػػماوية ك يباننػػا بػػأي شػػيء ؿبسػػوس (ورب السػػماء واألرض إنػػو غبػػق مثػػل مػػا أن ػػم تنطقػػوف ) (سػػورة الػػذاريات )ٕٖ /والقػػر ف ال ػػر يلػ دائمػاً علػػى التأمػػل يف ال وف لت وف أدلة اإليباف باهلل من عاَل الش ادة ..
وإف العػػاَل يؤكػػد ن ػػاـ القػػانوف ويباتػػو -أي عػػدـ تغيػػَته مػػع اللمػػاف واؼب ػػاف -نتيجػػة مشاىدة استمرار السنن ويباهتا .واؼبػؤمن حػُت يػؤمن بػاهلل يعػفي علػى الن ػاـ والسػنن معػٌت أعمق وأقدس ألنو ينفي عن ربو أي ربديد أو تهور معُت ،ف و ملك قدوس سبلـ م يمن … واإليبػػاف بػػأف اهلل لػػيس كمثلػػو شػػيء وَل ي ػػن لػػو كفػواً أحػػد -كمػػا يػػأمر بػػو اإلسػػبلـ - يعػػع اإليبػػاف يف م انػػة ترتفػػع إىل ال مػػاؿ يف التنليػػو حػػُت ينفػػي عنػػو التهػػور .وىػػذا هبعػػل اإليباف باهلل تعاىل بعيداً عن اظاكمة واؼبماح ة كما حدث يف علم ال بلـ ألف مػا ىػو فػرؽ التهػػور ال ي ػػوف فيػػو جػػداؿ /وإمبػػا اعبػػداؿ يف السػػلوؾ اإلنسػػاي اؼبوافػػق للمثػػل األعلػػى أو البعد عنو ،فمن ىنا ال تؤدي الشب ات العارعة إىل ال فػر وإمبػا ىػو « ؿبػل إيبػاف » كمػا جػػاء يف صػػةي مسػػلم جوابػاً ؼبػػن تسػػاءؿ مػػن خلػػق اهلل ول ػػن السػػلوؾ ىػػو ال ػػافر « مػػن تػػرؾ الهػػبلة فقػػد كفػػر » .واؼبسػػلموف ع س ػوا القعػػية ،فع م ػوا التش ػ ك يف االعتقػػاد ، وهتػػاونوا يف التقهػػَت باألعمػػاؿ ،وقػػاؿ إقبػػاؿ إ (التوحيػػد لػػيس عػػد ال ثػػرة فقػػط ،وإمبػػا ىػػو عد الشػرؾ) .ؽبػذا فاإليبػاف لػيس ؾبػرد إيبػاف بػاهلل ،وإمبػا توحيػد اهلل يف العبػادة والعمػل وفػق سػػننو ،ويف عػػيذ اإلنسػػاف مػػع النػػاس يف اغبيػػاة باإليثػػار حيػػث ذبػػد اهلل عنػػد اؼب ػريل الػػذي الا) . تعوده واعبائع الذي تطعمو كما ورد يف اغبديث القدسي (رواه مسلم يف كتاب ّ واإليباف ليس ؾبرد إيباف وإمبػا ىػو توحيػد ،أي جعػل اإلنسػاف مرتبطػاً باغبقػائق اػبارجيػة وربريره من عاَل األشخاص والهور الذىنية . إف العلم ػػاء يش ػ وف م ػػن أف العل ػػم كمل ػػة يف البش ػػر وكمعرف ػػة ل ن ػػو وتعميم ػػو ؿب ػػدود االنتشػػار بػػُت النػػاس ،كمػػا أف ظ ػػوره بػػُت البشػػر تارىبيػاً ؿبػػدود أيعػاً وحػػديث النشػػأة .إف التوحيػػد يف مبدئػػو ومنت ػػاه إمبػػا ىػػو إيقػػاظ مل ػػة العلػػم ،واػبػػروج مػػن الوقػػوؼ عنػػد األصػػناـ واألويػػاف وعبػػادة التقليػػد ،وتوحيػػد اهلل يػػأمر بػػالن ر إىل الوقػػائع اػبارجيػػة لبلتهػػاؿ باغبقػػائق اػبارجية وإعطاء معٌت أقدس ل اىرة ال وف كعملية إبداع . وعندما يتذوؽ اإلنساف كنو األمػور يهػب العلػم يف ايػة األمػر ىػو اإليبػاف واإليبػاف ىػو العلم ،والشرؾ ىو اعب ل واعب ل ىو الشرؾ ( ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنلؿ إليك من
رب ػػك ى ػػو اغب ػػق وي ػػدي إىل صػ ػراط العلي ػػل اغبمي ػػد ) (س ػػبأ )ٙ /وكم ػػا أف العل ػػم واإليب ػػاف فريعتاف ،ف ف اعب ل والشرؾ ذنباف ال يغفراف ،عقاهبما حتمي . وإف اؼب ػػؤمن والع ػػاَل ليتق ػػلزاف م ػػن مش ػػاىد التلل ػػف إىل األش ػػخاص وعب ػػادهتم ،س ػواء يف م اىرىػػا الدينيػػة أو السياسػػية ،وإف َل يتػػذوؽ حػػبلوة العلػػم والتوحيػػد .وقػػد يقػػع البشػػر يف الرجس الويٍت الذي أمر الدين باجتنابو ،ويتنله العلػم ومتػذوقو العلػم مػن اقًتافػو .وإذا كػاف اؼبتللفوف ي نوف أ م معذوروف غبماية القرىب ولطل الرزؽ ،ف ف اهلل ى عن الوقوع يف مثل ى ػ ػػذا الش ػ ػػرؾ اإليب ػ ػػاي واعب ػ ػػل العلم ػ ػػي ،يق ػ ػػوؿ اهلل تع ػ ػػاىل إ ( ف ػ ػػابتغوا عن ػ ػػد اهلل ال ػ ػػرزؽ ) (العن بوت )ٔٚ /والعلم يػرى رزقػاً حسػناً مػن سػعي حسػن ،يب ػن أف وبهػلو اإلنسػاف يف ؾبتمع يبنيو على أساس العلم والتوحيد ،وليس رزقاً مغتهباً من دمػاء اؼبعػط دين اعبػاىلُت .والذين أوتوا العلم واإليباف يروف العفة ويربعوف بأنفس م عن الشرؾ ،فيخرجوف عن عبادة العباد ،ويبقوف مع النػاس ول ػن ال يشػاركوف النػاس يف وينيػت م .وىنػا تلتقػي صػفات العلػم مػػع صػػفات التوحيػػد -كمػػا وردت يف القػػر ف ال ػػر -حػػث يؤديػػاف إىل موقػػف واحػػد ذبػػاه األحػػداث االجتماعيػػة ( ويػػرى الػػذين أوت ػوا العلػػم الػػذي أنػػلؿ إليػػك مػػن ربػػك ىػػو اغبػػق ) ( سبأ . )ٙ / إذا أدركنا معٌت ربط األسباب بالنتائج وأ ػا ليسػت عقليػة وإمبػا مشػاىدية ،نسػتطيع أف نربط اإليباف بالنتائج ف ذا شاىدنا اإليباف ونتائجو ن ػوف حهػلنا شػروط العلػم ب ػل ؿبتوياتػو يف موعوع اإليباف أيعاً ،وىذا األسلوب ىو األسلوب الذي يعرض بو القر ف اإليباف علػى أنو علم ،وإف العلماء يدركوف ىذا حيث يقوؿ إ ( وتلك األمثاؿ نعرهبا للناس وما يعقل ا إال العاؼبوف ) (العن بوت . )ٖٗ / إف وظيفػػة العقػػل ،ىػػي مبلح ػػة ارتبػػاط األسػػباب بالنتػػائج ،وأ ػػا ليسػػت عقليػػة وإمبػػا مشاىدية وتسليمية اعطرارية ،ال دخل للعقل في ا إال التسليم واإلقرار ،وإف عدـ التسليم هبا بعد اؼبشاىدة نفي للعقػل .ولقػد ف ػرت يف ىػذا اؼبوعػوع مػدة طويلػة ،ودبػا أي َل أجػد فيما قرأتػو ىػذا األسػلوب يف التةليػل ،عرعػت ىػذه الف ػرة علػى األسػتاذ مالػك بػن نػيب -
رضبو اهلل -ؼبا زار دمشق يف اؼبرة األخػَتة ٕ - ٜٔٚفقػاؿ (إف ىػذا يػورة يف التف ػَت) .وقػد ي وف كذلك إذا أدى ىذا الف ر إىل مثل قولو تعاىل(ٔ) إ ( إف يف خلق السماوات واألرض واختبلؼ الليل والن ار آليات ألو األلباب الػذين يػذكروف اهلل قيامػاً وقعػوداً وعلػى جنػوهبم ويتف روف يف خلق السماوات واألرض ربنا ما خلقت ىذا باطبلً سبةانك فقنا عذاب النار ) ( سورة ؿ عمراف -اآليات ٓ. ) ٜٔٔ - ٜٔ العلم ىو اؼبعجلة إ وحُت يهب الدين علماً مثلما صارت ال يمياء علمػاً ،فػ ف النػاس سػوؼ ي فػوف عػن التنازع ،ألف العلم يقطع اعبدؿ ،وسي وف األمر كما قاؿ اهلل تعاىل إ ( فأما اللبد فيذى جفاء وأما ما ينفع الناس فيم ث يف األرض ) (سورة الرعد . )ٔٚ / وكما بسط العلم سلطانو على الفلػك ،وال يميػاء ،والطػ ،فسيبسػط سػلطانو أيعػاً علػػى الػػدين ،وي ػػوف ذلػػك يف صػػار الػػدين اغبػػق ،وسػػتنت ي ن ريػػات النػػاس الفاسػػدة عػػن الدين ،كما انت ت ن ريات البشر قديباً عن الفلك وال يمياء ،وستبقى حقائق الدين كمػا بقيػػت حقػػائق الفلػػك وال يميػػاء وسػػنن ا الثابتػػة ،وصػػدؽ اهلل إ ( ويػػرى الػػذين أوت ػوا العلػػم الذي أنلؿ إليك من ربك ىو اغبق وي دي إىل صراط العليل اغبميد ) ( سبأ . ) ٙ / والعلػػم ال جنسػػية لػػو ،ف ػػل شػػيء إذا ص ػػار علم ػاً فقػػد أخػػذ طريقػػو إىل العاؼبي ػػة .إف اإلنسػػاف ال ي ػرفل اسػػتعماؿ الػػدواء الػػذي كشػػفو عػػدو ،وال وبمػػل اغبقػػد وال راىيػػة للػػدواء الذي صار علماً ،وكذلك ستهَت القيم اليت تدخل بوتقة العلم قيماً عاؼبية ،وإف أصةاب القيم الذين ىبافوف من أف يثبت العلم فساد قيم م ىػم (معتمػدوف حسػ تعبػَت الغػلا ) ، ويب ن أف نقوؿ عن م إ (إيديولوجيوف حس اؼبهطل العهري) . إف اآلبائيػػة تػػاز بأظبػػاء جديػػدة تش ػػوش عل ػػى النػػاس اؼبفػػاىيم ،فاله ػراع األي ػػديولوجي واالعتقػػادي ،واؼبنازعػػات الدينيػػة اؼببنيػػة علػػى اآلبائيػػة وعلػػى عػػاَل األشػػخاص ،كل ػػا تقػػع (ٔ) أن ر السيوطي يف أسباب نلوؿ ىذه اآلية يف كتاب أسباب النلوؿ .
خػارج العلػػم .وإف كثػَتاً مػن اؼبؤسسػػات االجتماعيػػة علػػى مػر التػػاريخ ،تتةػػوؿ إىل عقائديػػة وأيدويولوجيػػة ( بائيػػة) ؛ أي عػػاَل أشػػخاص وبػل ؿبػػل عػػاَل األف ػػار والقػوانُت .فالديبقراطيػػة ومؤسسػ ػػاهتا يف الغػ ػػرب ،كالاؼبانػ ػػات ،فقػ ػػدت روح ػ ػػا ،ف ػ ػػي كمػ ػػا يقػ ػػوؿ ويلػ ػػل إ (تػ ػػأب الديبقراطية إىل السلطة برجاؿ ال يتميلوف عن أي ا ٍز يتسلط على الببلد أو وريث للة م) ،ومع ذلك فل ا قدسية األيديولوجية . إف العلم طريق التوحيد للعاَل ،كما ىو طريق توحيد اهلل ،بينما طريق عاَل األشخاص ،طريػػق للشػػرؾ ولتمليػػق العػػاَل وتفتيػػت اجملتمعػػات أيعػاً ؛ فالنلاعػػات والعهػػبيات الػػيت سبػػلؽ اجملتمعات دليػل علػى بعػد اغبقيقػة العلميػة عػن تلػك اجملتمعػات ،وحلػوؿ األوىػاـ واػبرافػات واآلباء واألشخاص والسػلف واألحػلاب والاؼبانػات وسػواىا ؿبػل اغبقيقػة العلميػة .ومػن ىنػا أخذ العلم وظيفة اإلعجاز ،وظيفة توحيد الناس وتوحيد اهلل وؿبو األوىاـ . األساس الثاي -العقل ليس لة وإمبا وظيفة إ يروى أف أحد أباطرة الهُت ؼبا و اغب م استشار فيلسوؼ زمانػو فيمػا هبػ أف يعمػل فق ػػاؿ ل ػػو الفيلس ػػوؼ إ (أوؿ عم ػػل ينبغ ػػي أف تق ػػوـ ب ػػو ى ػػو ته ػػةي األظب ػػاء) .أي ربدي ػػد ؿبت ػػوى األظب ػػاء ح ػػىت ال زبل ػػو م ػػن معاني ػػا وال تفق ػػد ال لم ػػات س ػػلطا ا -أي مع ػػامين ا السننية -وال تتةوؿ اغبياة إىل وينية ( إف ىي إال أظباء ظبيتموىا انػتم و بػا كم مػا انػلؿ اهلل هبا من سلطاف ) (سورة النجم ٖٕ) . وكلم ػػة العق ػػل م ػػن ى ػػذه ال لم ػػات أو األظب ػػاء ال ػػيت ربت ػػاج إىل ته ػػةي وربدي ػػد أل ػػا تستخدـ كثَتاً يف حبوث الف ر والعلم ،وألف لبلذباه العقبلي م انو يف العاَل اؼبعاصر . إف العقل وظيفة وليس لة أو أداة ،إذ َل ترد اللف ة يف القػر ف ال ػر إال للداللػة علػى عمل وفعل ،فلم ينعت ال افرين بأ م ال عقل ؽبم ،بل قاؿ إ ( ال يعقلوف ) ( ،وقالوا إ لو كنا نسمع أو نعقل ) (اؼبلك . )ٔٓ -
إف العقػػل كال تابػػة والقػراءة أو كأيػػة وظيفػػة أخػػرى ي تسػػب ا اإلنسػػاف باؼب ػػارة والػػتعلم . وحػػُت نقػػوؿ إ (ال تابػػة) ،ال ىبطػػر يف بالنػػا أ ػػا لػػة يف اإلنسػػاف ،بػػل ينهػػرؼ الف ػػر سبامػاً إىل أ ا وظيفة قػد وبهػل ا اإلنسػاف أو ال وبهػل ا ،فػبل نقػوؿ عػن زيػد مػن النػاس إ ليسػت عنده كتابة .بل نقوؿ إ إنو ال ي ت ،وكذلك العقل َل يػرد يف القػر ف ال ػر إال علػى انػو وظيفة وفعل ،وإمبا يطلق القر ف لفل القل ،أو الفؤاد ،أو الل أو الن ى علػى األداة أو اآللة ،اليت تقوـ بوظيفة العقػل أو الػربط ،وإهبػاد العبلقػة بػُت األسػباب والنتػائج .وإذا فقػد فقد الوظيفة األساسية لئلنساف . اإلنساف وظيفة ربط األسباب بالنتائج َ (يقػػوؿ ابػػن تيميػػة " ف ػ ف العقػػل يف لغػػة اؼبسػػلمُت عػػرض مػػن األع ػراض قػػائم بغػػَته وىػػو ريػلة أو علػػم أو عمػػل بػػالعلم .لػػيس العقػػل يف لغػػت م جػػوىراً قائمػاً بنفسػػو ..أمػػا اؼبتفلسػػفة ففي اصطبلح م أنو جػوىر قػائم بنفسػو ولػيس ىػذا اؼبعػٌت ىػو معػٌت العقػل يف لغػة اؼبسػلمُت … ) ( .اعبلء الثامن عشر من الفتاوى ص . )ٖٖٛ وف م العقل على أنو وظيفة مثل ال تابة والسباحة وسائر اؼب ػارات األخػرى ،يػؤدي بنػا إىل أف نرت ن اماً الكتساب ىذه الوظيفة بأقل اعب ود واألزمنة وعلى أحسن الدرجات . ف ما أننا يف تطويرنا ألسالي تعليم اللغات -وىػي لػوف مػن اكتسػاب اؼب ػارة -نن ػر إىل ما تقدمو من ج د وماؿ ووقت ،ومدى تناسب ا مع ما ربهل عليو من نتائج ،كذلك هب أف نفعل يف أسلوب تطويرنا الكتساب العقل والعلم .وعن فبا يؤسف لو أف مناىجنػا اليػػوـ تقػػدـ نتف ػاً مػػن مسػػائل العلػػم ال ي تس ػ اؼبػػتعلم هبػػا روح العلػػم ..ومػػن خػػبلؿ ىػػذه اؼبناىج يقدـ الدين على أنو معارض للعلم . وقد تذوؽ بعل علماء اؼبسلمُت كنو العلم وأدرؾ أف حقيقتو ليست ؾبرد مسائل كثػَتة ُربفل ،فاإلماـ مالك -رعي اهلل عنو -يف قولو إ (ليس العلم كثػرة حفػل اؼبسػائل ،وإمبػا ىو نور يقذفو اهلل يف قل اؼبرء) .يستشرؼ فاؽ العلم وإف َل ي ن يفهل يف من ج دقيػق طُرؽ ربهيل ىذا النور الذي ظ ر لو .والذين يدرسوف اإلبداع وعواملو ،يسعوف إىل جعلو
علماً مسخراً لهار اجملتمع ،ومن ىنػا نستشػرؼ كيػف يب ػن أف نعطػي اإلنسػاف ىػذا النػور الذي يهَت بو اإلنساف عاؼباً ومبدعاً ،وى ذا ي وف ربهيل وظيفة (التعقل) . األساس الثالث -عدـ وعع عاَل األشخاص ؿبل السنن إ ي ػػذكر مال ػػك ب ػػن ن ػػيب يف كتاب ػػو (مش ػ لة األف ػػار يف الع ػػاَل اإلس ػػبلمي) أف الطف ػػل يب ػػر بثبلث مراحل ،مرحلة األشياء حُت ي وف الطفل يف حالة ال يبيل في ا زجاجة الرعاعة مػن يدي أمو ف و يف عاَل األشياء واغباجات الععوية ،ا يدخل الطفل عاَل األشػخاص حػُت يبػػدأ يبيػػل وجػػو أمػػو عػػن سػػائر الوجػػوه … كمػػا ذكػػر األسػػتاذ مالػػك كيػػف أف الطفػػل يشػػعر بالغربة أماـ باب داره ،واؼبعاناة اليت يبلقي ا الطفل يف األياـ األوىل من دخولو اؼبدرسة . وإذا كانػػت اػبليػػة ربمػػل يف جيناهتػػا كػػل قػػدرات ومي ػلات األجيػػاؿ اؼباعػػية يف الن ػواحي الوراييػػة الععػػوية ،واالسػػتعدادات يف الن ػواحي الثقافيػػة بش ػ ل ـبتػػلؿ ..ف ػ ف الطفػػل كػػذلك ىبتلؿ تاريخ البشرية يف اؼبراحل اليت مر هبا اإلنسػاف مػن العػواَل الثبليػة ،عػاَل األشػياء وعػاَل األشخاص وعاَل األف ار ،كما يبر الطفل يف مراحلػو اعبنينيػة دبراحػل اػبلػق الععػوي ـبتػلالً تاريخ الوجود وكيف بدأ اػبلق للدخوؿ إىل ف م ىذه العواَل … عػػن الطفػػل يشػػعر بنفسػػو أمػػاـ فػػيل مػػن اظػػيط اؼبعقػػد أمامػػو ،ف ػػو يسػػتعُت دبةيطػػو وأسعلتو ال ثَتة اليت ال تنقطع ليأخذ صورة ومف وماً عن ىذا العاَل وليليػد مػن إدراكػو ظيطػو ،وىذا يدؿ على أف عػاَل الطفػل عػاَل حافػل فيػاض بػالت يف والتلقػي والػتعلم ،وكػل طفػل هبػػدد ىػػذه ال ػػاىرة الفػػذة .إف عػػاَل الطفػػل عػػاَل معػػروض للدراسػػة والتعػػرؼ علػػى اإلنسػػاف وكيػػف يهػػَت إنسػػاناً وكيػػف يأخػػذ وينطبػػع الطفػػل ولي ػػوف مهػػنوع اجملتمػػع وصػػنع أبويػػو ، فأبواه يهنعانو ،ا ىو يشارؾ يف صنع اجملتمع بدوره قلّت أو كثرت ىذه اؼبشاركة … ىػػذه الدراسػػة ىػػي العلػػم اؼبتعلػػق باإلنسػػاف ومعرفػػة السػػنن الػػيت تهػػنع اإلنسػػاف ،وشػػعور الطفػػل اؼبل ػ ألخػػذ صػػورة ومف ػػوـ عػػن العػػاَل اظػػيط بػػو هبعلػػو يسػػتعُت باألشػػخاص الػػذين سػػبقوه وعايش ػوا ىػػذه اغبيػػاة الػػيت يسػػتقبل ا ىػػو في ػ ِّػوف األسػػبلؼ واآلبػػاء عػػاَل األشػػخاص
الػػذين يسػػتعُت هبػػم يف أخػػذ العلػػم ،فيةػػل عػػاَل األشػػخاص م ػػاف السػػنن ،ووبػ ُػل تهػػورات اآلبػاء الذىنيػة ؿبػل سػنن اغبقػائق اػبارجيػة ،وهبػػذا ُوبػل الرجػاؿ ؿبػل السػنن سػنة اهلل ،وىػػذا نوع من الوينية الدينية ،فبلبػد مػن تأمػل ىػذا اؼبوعػوع .ؽبػذا ي ػرر القػر ف حجػة اؼبعارعػُت لؤلنبياء بأ م وجدوا باءىم كذلك يفعلػوف ،فاآلبػاء صػاروا حجػة وبرىانػاً … وهبػذا انتقػل الاىاف مػن البةػث يف اغبقػائق اػبارجيػة إىل التهػورات الذىنيػة لؤلشػخاص … فالشػخا الػػذي َل يػػتعلم التعامػػل مػػع اغبقػػائق اػبارجيػػة يتةػػوؿ بس ػ ولة إىل جعػػل األشػػخاص مهػػدر اإلؽبػػاـ للتعػػرؼ علػػى اغبقػػائق اػبارجيػػة … ودبػػا أف اإلنسػػاف حباجػػة إىل العلػػم ،والعلػػم ػػَت معػػروؼ أو ػػَت متػػوفر لديػػو ف نػػو يعػػع األشػػخاص م ػػاف العلػػم ،وال تػ م ػػاف السػػنن ، فيعع اظراث أماـ الثور كما يف األمثاؿ … والقر ف ال ر يعتا ىذا شركاً يف العقيدة ،ويعتا األشخاص يف ىذه العملية أنداداً هلل حيث يهَتوف مهػدر األح ػاـ الشػرعية ،وىػذه األح ػاـ خاصػة بػاهلل ال هبػوز لؤلشػخاص أف يتدخلوا بػأىوائ م ،ألف أح ػاـ اهلل وسػننو ىػي اغبقيقػة الثابتػة الػيت ال تتغػَت وال تتبػدؿ ، ووعع األشخاص م اف سنة اهلل وشرعو وشرؾ يف التوحيد . إف ىػػذا الف ػػم م ػػم وعػػروري السػػتقامة اغبيػػاة واسػػتقامة الػػدين ،فػػاالكبراؼ عػػن العلػػم يقػػود إىل الوقػػوع يف الشػػرؾ ،بينمػػا توحيػػد اهلل يػػؤدي إىل توحيػػد السػػنة يف كػػل مػػا هبػػري يف ال ػػوف .إف وعػػع األشػػخاص م ػػاف اهلل وم ػػاف السػػنة إفسػػاد للعلػػم وإفسػػاد للتوحيػػد وؽبػػذا ف ف الناس يف اجملتمعات اؼبتخلفة والبعيدة عن الذوؽ العلمي يقعوف يف عبادة األشخاص يف م اىرىػػا السياسػػية وم اىرىػػا الدينيػػة .فعبػػادة األشػػخاص وينيػػة علميػػة ووينيػػة دينيػػة .وكػػل اإلن ار الذي يهبو القر ف على اؼبشركُت الدينُت موجو إىل عبادة األشخاص حػىت ال يتخػذ بععنا بععػاً أربابػاً .إف التللػف واػبعػوع واالسػتبعاد الػذي يبارسػو اجملتمػع الفاقػد للمعرفػة ، يدعو إىل القرؼ والتقلز عند أىل العلم وأىل التوحيد .إف عاَل األوياف الذي نعيذ فيو ال قبد فيو ال رامة اليت تلين أىل العلػم ،وال التوحيػد الػذي ينػله الػدين عػن األويػاف ( فػاجتنبوا الرجس من األوياف واجتنبوا قوؿ اللور حنفاء هلل َت مشركُت بو ) (اغبج . )ٖٔ - ٖٓ /
إف العلػم والعلمػاء حػػُت ي ػوف ؽبػم م ػػاف يف ؾبتمعنػا وسبتػد ؽبػػم جػذور وقػدـ راسػػخة يف تذوؽ العلم ،فستاز مباذج من العلم واغبلم والعلة والتواعع ،مباذج من الغٌت واللىد تنعذ األرواح وتشػػفي اعب ػػروح والق ػػروح ،وتنق ػػذنا م ػػن األوحػػاؿ واألق ػػذار أوح ػػاؿ اعباىلي ػػة وأق ػػذار الوينية ليتألق قبم العلم وتسطع مشس التوحيد ،فنخرج من اؼبسخ وتعود اؼبعاي لل لمات ، فتتةهػػن مػػن التػػدليس والتمويػػو ،وبػػذلك ن ػػوف قػػد أنقػػذنا أنفسػػنا ،وزكيناىػػا ،واكتسػػبنا صػػةة نفسػػية وف ريػػة واسػػتقامة لغويػػة ،فيػػدب االنتعػػاش يف سػػائر ن ػواحي حياتنػػا ،وت ػػوف ن راتنا معاة وكلماتنا موحية ،فةيثمػا وبػل العلػم وبػل التوحيػد وتػلوؿ الثنائيػة واالزدواجيػة ، في وف لنا وجو واحد ال وج اف ورب واحد ي رـ بٍت دـ ويستقيموف إليو ال أرباب وشركاء متشاكسوف يليدوننا طغياناً ورىقاً .. ىػػذه بعػػل اؼبشػ بلت الػػيت تػػنجم مػػن جعػػل عػػاَل األشػػخاص م ػػاف سػػنن العلػػم .فيػػا حبػػذا لػػو كشػػف اغبجػػاب وتيسػػرت ق ػراءة مػػا سػػي ت يف ىػػذا اؼبوعػػوع حػػُت يتعػػا ؾبتمعنػػا مػػن اعب ػػل ومعابػػدنا مػػن األويػػاف .إف نفوسػػنا القاحلػػة مػػن نػػور العلػػم تعجػػل عػػن إعاءة أسباب مش بلتنا اليت أزمنت وتعفنت ،وإف كلماتنا تش و قلة رصيدىا من العلم ، فتأىب أف ربمل معٌت شريفاً . إف لغػػة العلػػم شػػفاء للنفػػوس اظطمػػة ،للنفػػوس ال مػػأى إىل العافيػػة ..فش ػ ادة العػػاَل مقرونة بش ادة اهلل ومبلئ تو ،ألف ش ادة العاَِل ش ادة لسنة اهلل ( ش د اهلل أنػو ال إلػو إال ىو واؼببلئ ة وأولوا العلم قائماً بالقسط … ) ( ؿ عمراف . )ٔٛ - ويق ػػوؿ اهلل لل ػػذين يسػ ػ روف يف ج ػػوؼ اللي ػػل دارس ػػُت مف ػ ػرين يف مل ػػوت الس ػػموات واألرض ومػػا بػػث في مػػا … يقػػوؿ ؽبػػؤالء اؼبتتبعػػُت ؼبسػػَتة كيػػف بػػدأ اػبلػػق ،للػػذين يقلبػػوف أبه ػػاره يف يات ػػو يف اآلف ػػاؽ واألنف ػػس -يق ػػوؿ ؽب ػػم كم ػػا ورد يف اغب ػػديث القدس ػػي ( -م ػػن يدعوي فأستجي لو ومن يسألٍت فأعطيو ،ومن يستغفري فأ فر لو) (متفق عليو) . أي ا اإلنساف ،ىناؾ أىداؼ كريبة … ىناؾ أشواؽ وأذواؽ … ىناؾ عدؿ وإحساف … ىناؾ علم وتوحيد … ولدى ربنا مليد .
جانبا عاَل األشخاص إ إف األشخاص ىم الذين يقدموف العلػم ف يػف نعتػا عػاَل األشػخاص عقبػة أمػاـ العلػم إف األمر ي اد ي وف متناقعاً ،فبلبد من ر ية اعبانبُت بدقة لنعطي كل جان حقو . إف إعطاء عاَل األشػخاص حقػو أمػر جػوىري جػداً ،ول ػن اػبطػر أف نعطػي م كثػر مػن حق ػػم .إف العػػاَل جػػدير بػػاالحًتاـ والتقػػدير ،ول ػػن البػػد أف يقػػف ىػػذا االحػًتاـ والتقػػدير عنػػد حػ ٍػد وال يتجػػاوزه .فالػػذين يقلػػدوف عػػاَل األشػػخاص وينلىػػو م ردبػػا ال يػػدركوف اعبانػ اإلهبا الذي على أساسو ينالوف التقديس . إي أعت ػػا اإلنس ػػاف ص ػػفراً ب ػػدوف اػب ػاات البش ػرية الس ػػابقة ،وردب ػػا ى ػػذا ل ػػو يف التعب ػػَت ول ن ا اغبقيقة إال مع قليل جداً من اؼببلح ة … وألقرب ىذا األمػر أنقػل ىػذه ال لمػات التالية من كتاب (اإلنساف واغبعارة واجملتمع) إ (إف ؾبموعة من بيوض النمل ربعن بش ل صةي مع ياب مبل يافع عن ػا ،سػتنتج حشػػداً مػػن النمػػل الػػذي بعػػدما ي ػػا سػػيمثل مػػن جديػػد ،وب ػػل التفاصػػيل ،كػػل سػػلوؾ األجياؿ اليت ال ربهى من النوع الذي سبقو … ف ل سيةدث الشيء نفسو إذا انفهلت ؾبموع ػػة م ػػن األطف ػػاؿ ع ػػن رقاب ػػة الي ػػافعُت وعن ػػايت م وت ػػدريب م إذا افًتع ػػنا أ ػػم س ػػوؼ يسػػتطيعوف البقػػاء -ولػػن يسػػتطيعوه -فػػبل هب ػ أف نتوقػػع مػػن م أف ي ػػروا أيػاً مػػن مي ػلات السلوؾ اػباصة اليت كانت سبيل باءىم من قبل م ،إ م سػي ونوف بػبل لغػة ،وبػبل أدوات ، وببل نار وببل فنوف ،وببل دين . ) .. إف الورايػػة االجتماعيػػة الًتبويػػة الػػيت تتمثػػل يف نقػػل اػبػاات اؼبًتاكمػػة عنػػد اإلنسػػاف ىػػي َت الوراية الغريلية عند اغبيواف ،وىذا االختبلؼ ىو الذي هبعل اإلنساف إنساناً . إف أي متخها يف علم ما ،وبهػل يف سػنوات معػدودة خػاات تعبػت في ػا األجيػاؿ الؼ السػػنُت ،وقػػد يعػػيف بعػػل اؼبتخههػػُت أشػػياء جديػػدة إىل ىػػذا اعب ػػد اؼب ػًتاكم ، وم ما كانت اإلعافة ععيلة بالنسبة إىل ذلػك اؽبي ػل العػخم ،فػ ف مبػو اػبػاات يػتم هبػذه
الطريقة .وىذا ما يبيػل اجملتمػع البشػري عػن ؾبتمعػات النمػل والنةػل … وإننػا لػو َل نعتمػد علػػى خ ػاات األجيػػاؿ السػػابقة وأردنػػا أف ن شػػف بأنفسػػنا كػػل تلػػك اػب ػاات الحتجنػػا إىل عمػػر البش ػرية ب ػػل أكث ػػر ألف ى ػػذه اػب ػاات خ ػاات عق ػػوؿ كثػػَتة .إذ الب ػػد م ػػن قب ػػوؿ ى ػػذه اػباات ؛ ول ن قبوؽبا ليس على أساس عاَل األشخاص وإمبا على أساس عاَل السنن … واػببلصػػة أف عػػاَل األشػػخاص لػػو دور إهبػػا و خػػر سػػليب ؛ وىػػو إهبػػا حػػُت ين ػػر إىل األشخاص على أ م درجة يف سلم اؼبعرفة الطويل ،وسليب حُت ين ر إلي م على أ م اية السلم وأنو قد توقف عندىم عطاء اهلل ػبلقو … ويف أيامنا ىذه يدور حديث طويل حوؿ الػًتاث والتجديػد واألصػالة واؼبعاصػرة مػن قبػل مف ػرين يشػػعروف بعػػرورة االىتػػداء إىل اؼبوقػػف السػػليم ،ولعػػل مػػا قلنػػاه يلقػػي علػػى اؼبوعػػوع شيعاً من النور وإف كاف خافتاً . دليل العلم ما الاىاف على أف ف رة ما ،علم الاىاف على ذلك أمراف إ التنبؤ والتسخَت . أ -أما التنبؤ ف و إ أف يُفعل يف الثاي مػا فُعػل يف األوؿ ،كمػا ذكػر شػيخ اإلسػبلـ ابػن تيمية .ف ذا علمنا ما سيُفعل يف الثاي على أساس معرفة الفعػل األوؿ ،كنػا علػى علػم … ف ذا عرفت الشروط اؼباعية وبدأت ىذه الشروط تتةقػق مػرة يانيػة فػنةن نتنبػأ بػأف مػا سػبق أف ح ػػدث س ػػيةدث م ػػرة ياني ػػة .وإذا صػ ػ التنب ػػؤ فوق ػػع الث ػػاي كم ػػا توقعن ػػاه عل ػػى أس ػػاس مبلح اتنا السابقة ،فذلك دليل على أف األمر علم . ففي عاَل الفيلياء -مثبلً -كب م على اغبديد بأنو يتمػدد بارتفػاع درجػة اغبػرارة وذلػك بناء على ر ية سابقة للموعوع .ويف عاَل اجملتمع -وىو ما ي تم بو القر ف وي رر اغبديث عنػػو -كب ػػم علػػى اجملتمػػع بأنػػو سػػيفقد االسػػتقرار والنمػػو ،وسػػتةل بػػو الن بػػات واؼبهػػائ حػػن ينةػػرؼ عػػن الهػراط السػػوي ،وتفتقػػد فيػػو العدالػػة ويقتهػػر تطبيػػق القػػانوف علػػى بعػػل
النػػاس فقػػط ،وىػػذا اغب ػػم إمبػػا كػػاف بن ػاء علػػى معرفػ ٍػة للتػػاريخ وأح ػواؿ اجملتمعػػات واألمػػم ، وذلػػك مػػا يل ػ عليػػو القػػر ف ال ػػر حػػُت يقػػا أخبػػار األمػػم السػػابقة ،وأح ػواؿ ال فػػار ، وأحداث اجملتمعات اليت يذكرىا أحياناً موجلة أو مفهلة .و اية القر ف من ذلك أف تًتسخ السػػنة يف نفػػوس اؼبػػؤمنُت ،وأف يف ػػم النػػاس أف اآلخػػر سػػيُفعل فيػػو مػػا فُعػػل يف األوؿ حػػُت يسػػَت يف طريقػػو .وكػػل تلػػك القهػػا واألخبػػار تتلوىػػا تعقيبػػات تؤكػػد ىػػذه السػػنة والقاعػػدة الػػيت صػػارت علم ػاً إ ( وىػػل قبػػازي إال ال فػػور ) (سػػبأ ( )ٔٚ /ىػػل ج ػلاء اإلحسػػاف إال اإلحساف ) (الرضبن ( )ٙٓ /أ كفركم خَت من أولع م أـ ل م بػراءة يف اللبػر ( ) ..القمػر ( )ٖٗ /أَل لك األولُت ا نتبع م اآلخػرين ،كػذلك نفعػل بػاجملرمُت ) (اؼبرسػبلت ٔٙ / ( )ٔٛوكذلك ننجي اؼبؤمنُت ) (األنبياء ( )ٛٛ /ف ػل ين ػروف إال سػنة األولػُت ،فلػنذبد لسنة اهلل تبديبل ولن ذبد لسنة اهلل ربويبلً ) (فاطر . )ٖٗ / وىذه اآليات اليت تؤكد حتمية قانوف اهلل وسنتو ،هب أال يف م من ا أ ا تنفي سلطاف البشر علػى الػتة م بسػَت اجملتمعػات .فسػنة اهلل يف اجملتمعػات قائمػة علػى مبػدأ أساسػي يف قولػػو تعػػاىل إ ( إف اهلل ال يغػػَت مػػا بقػػوـ حػػىت يغػػَتوا مػػا بأنفس ػ م ) (الرعػػد . )ٔٔ /وىػػذا اؼببدأ هبعل مهػَت البشػر بأيػدي م وشبػرة ألعمػاؽبم ( وإف تهػب م سػيعة دبػا قػدمت أيػدي م إذا ىػم يقنطػػوف ) (الػروـ ( . )ٖٙ /كػػل امػػرئ دبػا كسػػبت رىػػُت ) (الطػور ( )ٕٔ /تلػػك أمػػة قد خلت ؽبا ما كسبت ول م ما كسبتم ) (البقرة . )ٖٔٗ / ب -وأما التسخَت إ فيتم حُت يعلم اإلنساف السنة وأ ا تت رر وال تتبدؿ فيسػتطيع أف يتدخل في ا ويوج ا إىل حيث تفيده .وكلما كاف التسػخَت عامػاً وتامػاً كػاف العلػم يف ىػذا اؼبوعوع عاماً وتاماً ..إف برىاف العلم التنبؤ والتسخَت .. وال نقهػد بػػالتنبؤ الن ريػػة اجملػػردة ؛ فالن ريػػة أو الفرعػية إ ىػػي وعػػع احتمػػاؿ يتبػػادر إىل الذىن أنو سب ال اىرة اليت ندرس ا ،ف ذا ربقق ذلك االحتماؿ يف الواقع صارت الفرعية علماً ،وىذا ىو التنبؤ الذي ىو دليل العلم .واؼبوعوع درجات إ
فرعية ا يبوت الفرعية يف الواقع وربوؽبا إىل علم ،ا بسط السػيطرة علػى العلػم عبعلػو يف خدمة اإلنساف وصاغبو . إف التنبػػؤ قبػػل التسػػخَت ؛ فػػاؼبتنبت اعبػػوي يتنبػػأ بقػػرب اؼبتغػَتات اعبويػػة مػػن ريػػاح وأمطػػار ومػػا ينػػتج عن مػػا .إف ىػػذا التنبػػؤ الػػذي تثبػػت األحػػداث صػػدقو ،يسػػاعد اإلنسػػاف علػػى أف يت يأ الستغبلؿ منافعو وذبن معاره .و با نا كانت ؽبم وسائل للتنبؤ عن اعبػو مػن سػلوؾ اغبيوانات وكل الغيوـ إىل خره ،وإف َل ي ن يف تنبؤاهتم دقة إال أ م كػانوا يتلمسػوف السػنة .فمثبلً كانوا يقولوف إ إذا جػاء الشػتاء قارسػاً ي ػوف الهػيف حػاراً ،إال أف عػدـ الػتبلزـ يف كػػل السػػنوات كػػاف يفقػػد التنبػؤات دقت ػػا .واليػػوـ حػػُت يتنبعػػوف عػػن اعبػػو قبػػل يػػوـ أو يػػومُت ب ػػالن ر إىل ص ػػور األقم ػػار واذب ػػاه اؼبنخفع ػػات اعبوي ػػة ومرتفعاهت ػػا وس ػػرعاهتا ،هب ػػد اإلنس ػػاف القػػرب إىل الدقػػة ،ويطمػػع أف يتنبػػأ بأحػػداث اعبػػو مػػدة أسػػبوع أو أسػػبوعُت ( ىبلػػق مػػا ال تعلم ػػوف ) (النة ػػل . )ٛ /ف ػػنةن ال ق ػػدرة لن ػػا عل ػػى ص ػػنع التقلب ػػات اعبوي ػػة ول نن ػػا كب ػػاوؿ االسػتفادة من ػا وتػػوقي معػارىا ،ول ػن قػػد يتةػوؿ ىػذا التنبػػؤ إىل تسػخَت كتسػػخَت األرض يف اللراعة والهناعة وكذلك النبات واغبيواف واؼبعادف . (جػ) العاقبة إ كاىاف للعلم اؼبتعلق بسلوؾ اإلنساف إ كمػػا أف التنبػػؤ الػػذي يهػػدقو الواقػػع اآلب ي ػػوف دلػػيبلً للعلػػم ،وكمػػا أف التسػػخَت دليػػل للعلم ،ف ف العاقبة دليل للعلم . التنبػػؤ والتس ػػخَت دل ػػيبلف علػػى العل ػػم يف عػػاَل الطبيعػػة ،يف الفلػػك والفيليػػاء وال يمي ػػاء والنبات واغبيواف ،ولػيس معػٌت ىػذا أف التنبػؤ والتسػخَت ال يػدخبلف يف اغب ػم علػى اجملتمػع وقيمػػو وأخبلقػػو ،فػػالتنبؤ والتسػػخَت يػػدخبلف كاىػػانُت أيع ػاً يف اغب ػػم علػػى اجملتمػػع وقيمػػو وأخبلقو ،ول ن العاقبة كاىاف للعلم خاصػة بػاجملتمع والقػيم واألخػبلؽ .فػالتنبؤ والتسػخَت وردا يف القر ف ال ر عن اآلفاؽ .فمثبلً يقوؿ اهلل تعاىل عن الشمس والقمر والليل والن ػار إ ( وجعلنا الليل والن ار يتُت فمةونا ية الليل وجعلنا ية الن ػار مبهػرة لتبتغػوا فعػبلً مػن رب م ولتعلموا عدد السنُت واغبساب وكػل شػيء فهػلناه تفهػيبلً ) (اإلسػراء . )ٕٔ /فػ ف
معرفة عدد السنُت واغبساب يدخل يف علم الفلك ،فمقادير سَتنبا الثابتة فيما معى تنبت عن مدة ما سيأب يف سباحت ما يف أفبلك ما . وأم ػػا العاقب ػػة فخاصػ ػةٌ بق ػػيم اإلنس ػػاف واجملتم ػػع وأخبلق ػػو ،ؽب ػػذا ال ي ػػذكر الق ػػر ف العاقب ػػة كاىاف للعلم إال مع القيم واألخبلؽ مثل عاقبة اؼب ذبُت واجملرمُت واؼبفسدين وال اؼبُت كما يف قولو تعػاىل إ ( والعاقبػة للمتقػُت ) (القهػا ( )ٖٛ /والعاقبػة للتقػوى ) (طػو )ٖٕٔ / ( ،عاقبة اؼب ذبُت ) (النةل . )ٖٙ/ ىذه األمور اليت أُمرنػا أف نن ػر يف عواقب ػا كل ػا أمػور اجتماعيػة قيميػة أخبلقيػة وليسػت كيميائية وال فيليائية وال طبية وإمبا عواق قيم اجتماعية عامػة ،وىػذا يػدؿ علػى أف العاقبػة برىاف على صةة وسبلمة وعلميػة وسػننية القػيم األخبلقيػة ..وَل يػذكر القػر ف ال ػر عاقبػة اؼبػػاؿ والسػػبلح والسػػفن والنبػػات واغبيػواف واغبديػػد ..ألف سػػنن ىػػذه األمػػور ليسػػت بالعاقبػػة بػػل عاقبت ػػا ترجػػع إىل اإلنسػػاف الػػذي يسػػتخدم ا يف اػبػػَت والشػػر .وىػػذه نقطػػة م مػػة ألف اشتباه ىذه النقطة أدى ب ثَت من العلماء إىل اعتبار العلم ؿبايداً أخبلقياً ،وسب ذلػك - كما أشرت إليو بأسلوب خر -أمراف إ أوؽبما اعتبار العلم مقهوراً على الطبيعة ،واعتبار ما يتعلق بالقيم ليس علماً ..وياني ما إ عػدـ اعتبػار العاقبػة دلػيبلً علػى العلػم وخاصػة علػم القيم .. إف الطبيعة وسنن ا ليست خَتة أو شريرة حبد ذاهتا ،وإمبا ت تس ىذه الهفة أو تلك حبس توجي ا بواسطة قيم اإلنساف ومبادئو يف اغبياة .ف مػا قػاؿ الرسػوؿ صػلى اهلل عليػو وسلم إ « نعم اؼباؿ الهار للمرء الهار » (مسند أضبد جػ ٗ ص ، )ٜٔٚيب ن القوؿ إ بػػعس اؼبػػاؿ اغب ػراـ للرجػػل ال ػػاَل ..وقولػػو تعػػاىل إ ( وال ذبعػػل يػػدؾ مغلولػػة إىل عنقػػك وال تبسط ا كل البسط ( ) ..اإلسراء . )ٕٜ /ليس ياً عن الشػيء وعػده ،فالتبػذير والتقتػَت ليسػػتا سػػنناً ماليػػة وإمبػػا قيمػاً أخبلقيػػة ..ؽبػػذا اعػػطرت الدراسػػات االقتهػػادية مػػؤخراً لدراسػػة االقتهػػاد يف إط ػػار اغبع ػػارة أي إطػػار القػػيم ..ألف االقتهػػاد ىػػو (الطبيعػػة اإلنس ػػاف) .
وحينمػػا يهػػَت الشػػيء متهػبلً باإلنسػػاف ف نػػو ىبعػػع لقػػيم اإلنسػػاف .فقػػيم اإلنسػػاف ىػػي الػػيت تعطي معٌت اػبَت والشر والنافع والعار وليست الطبيعة حبد ذاهتا .. فالقر ف ال ر هبعل القيم واألخبلؽ علماً ؽبا سنن يابتة ،وؽبذا يأمرنا بالن ر إىل عاقبة الذين خلوا من قبل وعاقبة التقوى وعاقبة اؼب ر وعاقبة ال لم … وإذا كاف للفيلياء وال يمياء ـبابر وأدوات إليبات سنن ا وتسخَتىا ،ف ف التاريخ وسنن الذين حلوا من قبل وعاقبة الػذين مػن قػبل م ىػي ـبتػا علػم االجتمػاع والعمػراف وعلػم القػيم واغبعارات ..ولقد تنبو ؿبمد إقباؿ إىل ىذا فقاؿ إ (وؽبذا كػاف مػن بػُت مػا ُوب ػم بػو علػى قيمػػة دعػػوة النػػيب ورسػػالتو ،البةػػث عػػن نػػوع الرجولػػة الػػيت ابتػػدعت ا ،والفةػػا عػػن العػػاَل الثقايف الذي انبعث عن روح دعوتو)(ٔ) . والتاريخ الذي ىو ـبتا القيم وميلاف اغب م على اغبعارات ،البد من دراستو وسبةهو زماناً وم اناً تارىبياً وجغرافياً ..ف ف األمر بالسَت يف األرض ،والن ر إىل كيف بػدأ اػبلػق ، والن ر إىل سنن الذين خلوا مػن قبػل ،كػل ىػذا يقتعػي إحهػاء أليػاـ اهلل يف البشػر .ولقػد صػػار ألعمػػاؿ البشػػر علػػى ىػػذه األرض قيمػػة علميػػة ألف اسػػتخراج علػػم الهػػبلح والفسػػاد صػػار منوط ػاً بػػالن ر إىل عواق ػ األمػػور اؼباعػػية واغباعػػرة س ػواء مػػا سػػبق نػػلوؿ القػػر ف ومػػا عاصػػره أو مػػا جػػاء بعػػده .والقػػر ف فيػػو مبػػاذج مػػن االعتبػػار السػػتخراج السػػنن وق ػوانُت علػػم الهبلح والفساد من التاريخ الذي سبق نلوؿ القر ف ،وكػذلك مػن أحػواؿ البشػر اؼبعاصػرين لػػو .وحػػُت ال يتيسػػر اسػػتخراج األح ػػاـ مػػن اؼباعػػي ف ػ ف القػػر ف يعطػػي األح ػػاـ ب حالػػة اؼبخاطبُت إىل اؼبستقبل ألف سنن اهلل ستاز وت ر .ف ف َل ي ر برىاف صدؽ ىذا اغب ػم اآلف ف ػػانت روا ألف ال ػػلمن ُس ػػي ر ص ػػدؽ ذل ػػك ( وإف م ػػا نرين ػػك بع ػػل ال ػػذي نع ػػدىم أو نتوفينك ف مبا عليك الببلغ وعلينا اغبساب ) ( ،وسيعلم ال فار ؼبػن عقػا الػدار ) (الرعػد . )ٕٗ- ٗٓ / (ٔ) ؿبمد إقباؿ ،ذبديد التف َت الديٍت ،ص ٕٗٔ -القاىرة ٘٘. ٜٔ
إف االحت ػػاـ إىل الت ػػاريخ ماع ػػياً وحاع ػراً ومس ػػتقببلً لف ػػرز الق ػػيم اله ػػاغبة م ػػن الطاغب ػػة مػػن ج قػػر ي وعل ػػم قػػر ي ( ولػػتعلمن نب ػػأه بع ػػد ح ػػُت ) (ص ( ، )ٛٛ /سػػنري م ياتن ػػا يف اآلفاؽ ويف أنفس م حىت يتبُت ؽبم أنو اغبق .أوَل ي ػف بربػك أنػو علػى كػل شػيء شػ يد ) (فهلت . )ٖ٘ /وكذلك يف اإلقبيل مثل ىذا ،ففي اإلصةاح السابع مػن إقبيػل مػىت إ ( احًتزوا من األنبياء ال ذبة يأتون م بثياب اغبمبلف ول ن م من داخػل ذئػاب خاطفػة ،مػن شب ػػارىم تعرف ػػو م ) ،ويف ى ػػذا اؼبع ػػٌت أيعػ ػاً ورد يف إقبي ػػل م ػػىت -إص ػػةاح ٕٔ فق ػػرة ٖٗ إ (لذلك أقوؿ ل م إ إف مل وت اهلل ينلع من م ويعطى ألمة تعمل أشباره ) . وإذا كاف القر ف ال ر يأمرنا أف ن وف ش داء على الناس بالقسط وعلى أنفسنا ،ف ف الش ػ ادة تقتعػػي اغبعػػور .ومػػن صػػور اغبعػػور قيػػاـ العلمػػاء واؼبػػؤرخُت بالسػػَت يف األرض والن ر والدراسة ..ألف اؼبتعمق بالدراسة وسبةيا التػاريخ يرتفػع إىل درجػة اغباعػر اؼبشػاىد ،بل يفوؽ اؼبشاىد يف بعل األمور اليت يستةعرىا الدارس وَل ت ن يف متناوؿ اؼبشاىد . د -العلم ما ىو خَت وأبقى إ ونعيف إىل ما سبق من براىُت العلم برىاف ض ما ىو خَت وأبقى » . ف ل موعوع احتوى على اػبَت واألبقى ىو علم بالقدر الذي فيو من اػبَت واألبقى . ولتوعي مثل ىذه األمور البد مػن متابعت ػا إىل جػذورىا لنخػرج هبػا مػن التهػور العػائم إىل الف م الراسي جبذوره يف اإلدراؾ . ما اػبَت حىت ننطلق إىل تعريف العلم .ولتعريف العلم ينبغي أف نبدأ من أوليات بينة واعػ ػػةة ،كاألوليػ ػػات الػ ػػيت ت ػ ػػر يف قولػ ػػو تعػ ػػاىل إ ( ومػ ػػا يسػ ػػتوي األعمػ ػػى والبهػ ػػَت وال ال لمػػات وال النػػور وال ال ػػل وال اغبػػرور ) (فػػاطر )ٕٔ /حيػػث يػػتم التأكيػػد علػػى ربديػػد منطلػػق العلػػم واغبػػق مػػن عػػدم ا و لػػة البهػػر إمبػػا اعتمادىػػا علػػى اإلحسػػاس بػػالنور .وبقػػاء البهػػر فعػػاالً ال يػػتم إال يف درجػػة معينػػة مػػن اغب ػرارة وإال عطبػػت اآللػػة .فاإلنسػػاف ال ت ػػوف فعاليتػػو إال يف درجػػة ح ػرارة مناسػػبة .ى ػػذا كػػل أمػػور ال ػػوف يف ت ػوازف معػػُت ،إف زادت أو
نقهت اختل اػبَت واختل النػافع .فػ ذا أن ػر أحػد أف البهػَت خػَت مػن األعمػى ف ػو جػدير باإلعراض عنو ألنو ي وف فقد التوازف ،ولوال لبة التوازف ؼبا بدأت اغبيػاة وؼبػا اسػتمرت وؼبػا مبػت .فػبل بػد لبلنطػبلؽ مػن قاعػدة لئلقػبلع يف كػل أمػور اغبيػاة ،فػاغبق اؼبوجػود يف ل ػػوف على أساسػو يػتم النمػو والليػادة يف ال فػاءات .فتػاريخ بػدء اػبلػق ينطػق هبػذا بلسػاف ال ػوف الفهي وبسنتو الثابتة الغالبة ويتخطى العقبات . وى ػػذه اؼبواع ػػيع يف حاج ػػة إىل اإلبان ػػة والتوع ػػي ،والرج ػػوع إلي ػػا واغب ػػرص عل ػػى بق ػػاء االتهػاؿ هبػػا حػػىت ي ػل البػػدء واؼبهػػَت ػَت مقطػػوع األسػػباب الػيت تهػػل مػػا بين ػا .وردبػػا مػػن أكا العقبات أمػاـ العلػم والتسػخَت وهتيعػة اإلنسػاف ألداء وظيفتػو انقطػاع التسلسػل بػُت بػدء اػبلق وما وصل إليػو اػبلػق يف النمػاء .وحػُت وبهػل االنقطػاع وبػاوؿ اعب ػل أف يبػٍت قهػوراً وجسوراً من األوىاـ وال نوف ،فل ذا مػن العػروري أف ت ػل الطريػق موصػولة بػُت بػدء العلػم وبُت اية العلم .وكبن نعلم أف انقطاع تسلسل العلم وبوؿ دوف ف ػم القسػم األخػَت منػو ؛ فػػبل ي ػػوف مبنيػاً علػػى أسػػاس م مػػا كانػػت الهػػورة اللف يػػة ؿبفوظػػة ،وردبػػا يب ػػن ف ػػم عػػدـ استفادة األمم اؼبتخلفة من التقدـ العلمي .ألف قسماً من طريق العلم مفقود عندىم ،وأف التسلسل َت حاصػل لػدي م .فمػن ىنػا كػاف الرجػوع إىل أوؿ العلػم أي كيػف بػدأ ا كيػف اسػتمر يف النمػو ،أساسػياً وعػػرورياً لبلسػتفادة مػن العلػم .وؽبػػذا نػرى اىتمػاـ القػر ف بػػالن ر إىل اػبلػػق ،وتتبػػع البػػدء لي ػػوف البػػدء مػػن أمػػور أوليػػة واعػػةة ،ا ال ينتقػػل من ػػا إىل م ػػاف خػػر إال بطريػػق معبػػدة ؼبتابعػػة مبػػوه .إف ىػػذا الف ػػم للعلػػم ذو أنبيػػة بالغػػة احػػرص عليػػو وال تت ػػاوف ،ألف أي هتػػاوف يف ذلػػك هبعػػل الػػثمن باى ػاً .فمػػن اؼبفيػػد أف نبػػدأ مػػن نقطػػة أوليػػة بدىيػة ننطلػق من ػا ،أال وىػي اػبػَت أو النػػافع ،أو األكفػأ ىػذه ىػي النقطػة األساسػية سػواء اس ػػتطعت أف أص ػػل إىل بي ػػاف واع ػ في ػػا أـ َل أص ػػل .وعل ػػى ك ػػل الب ػػاحثُت أف يتب ػػاروا يف توعي ىذه النقطة ؛ نقطة البداية حىت ال ي وف للشيطاف سػلطاف ،ألف سػلطاف الشػيطاف يبدأ دائماً عنػدما هب ػل اإلنسػاف طريػق اػبػَت ،أو يشػتبو عليػو .وقػديباً قػاؿ النػاس إ (البيػاف يط ػػرد الش ػػيطاف) ( ،والبي ػػاف يف اغبق ػػل يبن ػػع التن ػػازع يف البي ػػدر) ى ػػذه ح ػػم ش ػػعبية ،ول ػػن
وراءىػػا ذبػػارب عريقػػة .ونتػػائج مػػل ىػػذه التجػػارب الػػيت دفػػع النػػاس شبن ػػا تشػػيع بػػُت النػػاس ويتناقلو ػػا كة ػػم مقدسػػة ،ول ػػن أحيان ػاً كثػػَتة تػػدخل ىػػذه اغب ػػم يف ال لمػػات ظلمػػات اعب ل واألىواء فتهب فائدهتا قليلة فبا يعطر الناس إىل شرائ ا مػرة أخػرى ودفػع شبن ػا مػراراً بينما لو احتف وا بوعوح بدئ ا وحركت ا ؼبا اقتعى منا الثمن إال مرة واحدة ،بل ردبا أم ن التنبؤ هبا وخفل اإلنساف حىت من شبن ا األوؿ … إذف كػػل شػػيء أعطػػى نتػػائج أنفػػع ف ػػو حػػق وىػػو خػػَت ،وىػػو علػػم ،دبقػػدار مػػا فيػػو مػػن النفع . ول ػػن ليتةهػػن النفػػع مػػن العػػرر ،والعلػػم مػػن اعب ػػل واغبػػق مػػن الباطػػل ،البػػد مػػن إدخػاؿ عنهػػر الػػلمن ،فػػاػبَت ال يسػػتةق ىػذا الوصػػف ،إال إذا صػػاحبو االسػػتمرار ،وكلمػػا كػػاف االسػػتمرار أطػػوؿ ،كػػاف اػبػػَت أعػػرؽ يف اغبػػق ويف العلػػم ،ألف صػػفة الػػدواـ واالسػػتمرار ىي اليت تعطي القيمة للنافع ،ولذلك أداف القر ف الذين ال ين روف إىل العواق على اؼبدى الطويػػل واؼبسػػتعجلُت ( إف ىػػؤالء وببػػوف العاجلػػة ويػػذروف وراءىػػم يومػػا يقػػيبلً ) (اإلنسػػاف / . )ٕٚ كما أداف الذين ال يهاوف على ربمل بعل الهعوبات يف سػبيل الوصػوؿ إىل ايػات ربتوي على صفيت (اػبَت واألبقى) . والبن اؼبقفع عبارة مشرقة يف بياف ارتباط اػبَت باللمن باألبقى قاؿ إ (فعلى العاقل أف يعلم أف الناس مشًتكوف مستووف يف اغب ؼبا يوافق والبغل ؼبا يؤذي ،وإف ىذه منللة اتفػق علي ػا اغبمقػى واألكيػاس ،ا اختلفػوا بعػدىا يف خهػاؿ ،مػن ذلػك أف العاقل ين ر يف ما يؤذيو ويف ما يسره ،فيعلم أف أحق ذلك بالطل -إف كاف فبا وب ،وأحق باالتقاء إف كاف فبا ي ره -أطولو وأدومو وأبقاه)(ٔ) . وينبغػػي أف نبلحػػل ىنػػا أف ىػػذا الاىػػاف علػػى العلػػم يقهػػد بػػو العلػػم اؼبتعلػػق باإلنسػػاف ( يات األنفس) ال العلم اؼبتعلق بالطبيعة ( يات اآلفاؽ) وهبذا اؼبعٌت ف ف القر ف هبعل العلػم (ٔ) من مقدمة األدب الهغَت البن اؼبقفع .
أخبلق ػاً ،إذ هبعػػل دليػػل العل ػػم (العاقبػػة) ،العاقبػػة اظتويػػة عل ػػى مػػا ىػػو خػػَت وأبق ػػى ،ألف األخبلؽ ىي النػافع للنػاس ،وأرعػية األخػبلؽ يف الواقػع ىػي األمػور النافعػة للبشػر علػى مػر التػػاريخ واظتويػػة علػػى مػػا ىػػو خػػَت وأبقػػى .ودراسػػة التػػاريخ عػػرورية ؼبعرفػػة اػبػػَت واألبقػػى ، ػاؿ سبػػنع م مػػن أىػوائ م والػػذين ال يعرفػػوف التػػاريخ ي نػػوف أف األخػػبلؽ فػرائل اعتباطيػػة وأيقػ ٌ وش واهتم ،حقاً إف األخبلؽ اؼبتهفة دبا ىو خَت وأبقػى ليسػت أخػبلؽ األىػواء والشػ وات ،وإمبا أخبلؽ اؼبتأمل للتاريخ وعواق األمور على اؼبدى الطويل .. إف الدراسػػات اؼبتأنيػػة اغبديثػػة ىػػي الػػيت كشػػفت يػػات اهلل يف اآلفػػاؽ واألنفػػس وأظ ػػرت أف أخػػبلؽ األديػػاف ووصػػايا اآلم ػرين بالقسػػط مػػن النػػاس ،ىػػي اؼبؤيػػدة بػػالعلم اؼبسػػتنبط مػػن عواق سلوؾ البشر على مر التاريخ . ويذكر ابن اؼبقفع أيعاً (اؼبلك -السياسة -بأنو إما ملك دين أو ملك عقػل أو ملػك ُ ىػػوى) ويهػػف األخ ػػَت بأنػػو (لع ػ سػػاعة وخ ػراب دىػػر) ىػػذا ىػػو الن ػػر التػػارىبي العلم ػػي األخبلقػػي .وإذا ف مػػت ىػػذا ف ػػاعلم أف مػػا يُتػػداوؿ مػػن نف ػػي العلػػم عػػن األخػػبلؽ والق ػػيم واألدياف إمبا ىو اتباع لؤلىواء وج ل بالواقع والتاريخ ،ولذلك وصف القر ف أقواماً بأ م ال يعلموف وبأ م ال يفق وف وأف على أبهارىم شاوة . وينبغي ىنا أيعاً يف صدد (دليل العلم) وأنو ما (ىو خَت وأبقى) إ إلقاء بعل األعواء على مذى الذرائعية (النفعية أو اؼبهلةية) إف ىػذا اؼبػذى لػيس خطػأ ؿبعػاً ،فالذرائعيػة حػػق إذا اتهػػفت بأ ػػا اػبػػَت واألبقػػى واألعػػم ،وىػػذه ىػػي ذرائعيػػة القػػر ف واألديػػاف واآلمػرين بالقسط من الناس والعقبلء من بٍت دـ كما ذكر ابن اؼبقفع ،ول ػن اؼبهػلةة العاجلػة الػيت مػػن بعػػدىا إيػػارة األحقػػاد وسػػفك الػػدماء وإ ػراء العػػداوة والبغعػػاء ىػػي مػػن نتػػاج الذرائعيػػة العاجلػػة الػػيت ال تن ػػر إىل عواق ػ األمػػور وال تن ػػر ن ػػر التػػاريخ ( كػػبل بػػل رببػػوف العاجلػػة وتذروف اآلخػرة ) (القيامػة . )ٕٔ - ٕٓ/إف ػ أمػواؿ اليتػامى والشػعوب اؼبستعػعفة يف العاَل والتمتع على حساب جوع م وعري م ..يلرع األحقػاد وال وبهػد إال اغبػروب اؼبػدمرة ..ف ذه الذرائعية اليت ربقق مهلةة طائفة من الناس على حساب خرين ،ذرائعيػة قهػَتة
الن ر وأصةاهبا يتبعوف أىواءىم وش واهتم ،وليست ذرائعية اؼبهلةة الدائمة العامػة النافعػة اؼبؤيدة بالعلم والتاريخ وعواق األمور . وكػػذلك وبسػػن ىنػػا أف نػػذكر بػػأف األخػػبلؽ ىػػي مػػا يبػػت علػػى مػػر التػػاريخ بأ ػػا السػػلوؾ األنفع الذي يأب خبَت أكثر وأف عاقبتو أضبد ،وىذا ما جعل األخبلؽ علماً ،بل إ ا العلم األكثػػر نفعػاً ،وإف اإلنسػػاف إف فقػػد الن ػػر إىل عواقػ األمػػور فقػػد يسػػتعمل مػػا ُسػػخر ػبػػَته وخَت الناس استعماالً هبل العرر .. وفبا يدؿ أيعاً على معػٌت أف مػا ىػو خػَت و أبقػى ىػو العلػم وىػو الػدين ،مػا يقػرره ابػن تيمية من أف إ (الواج ما ىو نافع دائماً و الباً ،وإف اغبػراـ مػا ىػو عػار دائمػاً أو البػاً) .إف مثل ىذه األعواء واالستنباطات ىي اليت ذبعل الدين واألخبلؽ علماً ،وكبػن نلػ يف كل مناسبة على إظ ار اعبان العلمي يف األخبلؽ والدين ،ألف يقافة ىذا العهػر تفهػل بػػُت العلػػم وبػػُت الػػدين واألخػػبلؽ ،وىػػذا الفهػػل مبػػٍت علػػى إيثػار اػبػػَت العاجػػل علػػى اػبػػَت الباقي واؼبستمر ،وكذلك ينبغي أف نذكر بػأف سػلطاف اإلنسػاف يف التسػخَت إف اقتهػر علػى تسػػخَت الطبيعػػة اؼباديػػة وَل يسػػخر أيع ػاً السػػلوؾ اإلنسػػاي إهبابي ػاً بعػػبط نفسػػو و ي ػػا عػػن اؽبوى ..ف ف ىذه النعم تتةوؿ إىل نقم . إف االحت ػػاـ إىل العاقب ػػة أم ػػر ى ػاـ ج ػػداً ،ولق ػػد أش ػػار راسػػل إىل ق ػػوؿ اإلقبي ػػل إ (م ػػن شبػػارىم تعرفػػو م) علػػى أنػػو أسػػلوب علمػػي تػػارىبي يف معرفػػة اغبػػق .ول نػػو مػػر بػػو وَل يتوقػػف عنده ليجعلو منطلق من ج معريف . وأشار األستاذ حسُت مروة يف كتابو العخم -النلعة اؼباديػة -إشػارة خفيفػة يف بعػعة أس ػػطر إىل ى ػػذه الف ػػرة -ف ػػرة العواقػ ػ -ول ن ػػو أيعػ ػاً َل يس ػػتخدـ أس ػػلوبو اؼبط ػػوؿ يف البةػػث ل شػػف حقيقػػة ىػػذا اؼبوعػػوع يف اآلفػػاؽ واألنفػػس .ولعػػل مػػا وبملػػو كػػل مػػن راسػػل وحسػػُت مػػروة مػػن مسػػلمات سػػابقة عػػن الػػدين جعل مػػا يقف ػلاف مػػن فػػوؽ الف ػػرة حيػػث ال ي شػػفاف من جػاً علميػاً أصػػيبلً يف الػػدين والتػػاريخ ،بػػل ن ػػرا إىل ىػػذه الف ػػرة وكأ ػػا ملهػػقة ومدسوسة على الدين وأ ا ليست من جاً دينياً أصيبلً جاء عن قهد وتعمد وتأكيد .
والػػذي جرأنبػػا علػػى ىػػذا اإلنبػػاؿ إ ىػػو إنبػػاؿ أىػػل ال تػػاب ؽبػػذه الف ػػرة .ول ػػن ؾبػػرد اإلشػػارة إىل وج ػػود ى ػػذا اؼبب ػػدأ يف كػػل م ػػن اإلقبي ػػل والقػػر ف لػػو مغ ػلاه وأنبيتػػو يف اؼبسػػتقبل . وحس ػ راس ػػل وم ػػروة أف يشػ ػَتا -م م ػػا كان ػػت اإلش ػػارة خفيف ػػة -إذ َتنب ػػا َل زبط ػػر ل ػػو اإلشارة إىل ذلك .ويف مبػو العلػم ربػدث مثػل ىػذه التجػاوزات والوقفػات القهػَتة ا إعػادة كشف ذلك من جديد لي وف موعوع دراسة متعمقة . إف جعػػل العاقبػػة دلػػيبلً علػػى العلػػم تًتت ػ عليػػو مواقػػف ـبتلفػػة مػػن كثػػَت مػػن القعػػايا ، ويل ػػلـ من ػػو ك ػػذلك إح ػػداث تعريف ػػات جدي ػػدة ومف ػػاىيم خاص ػػة للعل ػػم ،والعق ػػل ،واغب ػػق ، والتاريخ . ذكرنا سابقاً أف ىذا الف م لدليل العلم هبعل الدين علماً ين ر إليو من حيث نتائجو ال من حيث ما تعودنا عليػو مػن راء النػاس .وهبػذه الن ػرة يػلوؿ النػلاع الػذي ي ػر يف العبلقػة بُت العقل والنقل ،فةُت يقاؿ إف العقل ال يدرؾ معقولية يف أعماؿ اغبج والهبلة والهياـ كرمػػي اعبم ػػار والس ػػةور … إف ال ػػذي هبع ػػل ى ػػذه األم ػػور ال ؾب ػػاؿ للعقػػل في ػػا ،أ ػػم ال يف م ػػوف العل ػػم ربطػ ػاً للنت ػػائج بأس ػػباهبا ،ول ػػو أ ػػم فعلػ ػوا ذل ػػك لتبين ػػت ؽب ػػم أنبي ػػة النت ػػائج والوظػػائف الػػيت تؤدي ػػا ىػػذه الشػػعائر ،ومػػا قدمتػػو ومػػا تػلاؿ تقدمػػو مػػن اربػػاد وتوحيػػد للعػػاَل اإلسبلمي واحتفاظو باالخوة والًتابط ويف ىذا يقوؿ إقباؿ إ قطرة اؼباء اليت من زملـ قيهر يرنو ؽبا كاػبدـ . إف علمػػاء االجتمػػاع والػػذين يبةثػػوف مػػا يعطػػي للمجتمػػع صػػبلبتو وسباسػ و ،ىػػم الػػذين سيدركوف أنبية ىػذه الشػعائر .فةػُت فقػد اؼبسػلموف السػلطاف والدولػة والعلػم ..فػ ف الػذي حفل كيا م وال يلاؿ وبفل وجػودىم ىػي ىػذه العبػادات الػيت ين ػر إلي ػا -مػن ال يعلػم - على أ ا َت معقولة ،و َت موظفة لسبلمة الفرد واجملتمػع .يبػُت لػوتروب سػتودارد يف كتابػو حاع ػػر الع ػػاَل اإلس ػػبلمي ،أف ال ػػذي حف ػػل عل ػػى اؼبس ػػلمُت وح ػػدهتم وجعل ػػم عل ػػى ى ػػذا التواصل والتعاوف بعد أف فقدوا السلطاف واػببلفة ىو اغبج إىل بيت اهلل اغبراـ .
حق ػاً لقػػد أبقػػت ىػػذه الشػػعائر رمػػق اغبيػػاة يف كيػػاف اؼبسػػلمُت إ ومػػا ؽبػػذه الشػػعائر مػػن م مات ال يب ن أف ينتج ا الناس بػُت عشػية وعػةاىا .ونػرى خطػأ مػن يػرى عػدـ تػدخل العقل والعلم لف م الشعائر الدينية .بل نرى العبادات اإلسبلمية ال أ ا َت معقولػة بػل إننػا نن ر إلي ا خبشوع وقداسة ؼبا ينتج عن ا من نتائج وعواق ،وما تقوـ بو من وظائف . فمثػػل ىػػذه األعمػػاؿ رمػػوز وشػػعائر لبلتهػػاؿ الفػػردي واعبمػػاعي ؼبغػػلى الوجػػود وتفجػػَت الطاقات وعبط ا يف ف واحد ،كما ىو اتهاؿ دببدع اغبياة بديع السػموات واألرض .إف مثل ىذه األمور ال ين ر إلي ا مبتورة دوف صلة بأىداف ا ووظائف ا .إف ىذه ال واىر تنت ر من ي شف سنن ا وعواقب ا ،وقد عرض إقباؿ ىذا اؼبعٌت بأسلوبو الشعري إ درة التوحيد فاعرف ا الهبلة حجك األصغر فاحف ا الهبلة بيد اؼبسلم ىذا اػبنجر يقتل الفةذ بو واؼبن ر وأخَتاً .. فبا يؤخذ على العلم اليوناي أنو كاف ن رياً مفهوالً عن التجربة والعمل . إف العاقب ػػة ش ػػيء ف ػػوؽ التجرب ػػة ،ف ػػي ذبرب ػػة وزي ػػادة ،إ ػػا ذبرب ػػة مع ػػاؼ إلي ػػا اػب ػػَت واألبقى .وىذا الن ر على أساس العواق ينتج عنو أيعاً زواؿ النلاع حػوؿ العلمانيػة ،ألف العلمانيػػة نشػػأت حػػُت كػػاف النػػاس ي نػػوف أف العلػػم ينػػاقل الػػدين ،وأف الػػدين واإليبػػاف ال يػػدخل إلي مػػا العلػػم ،فالػػدين واإليبػػاف فػػوؽ العلػػم عنػػد الػػبعل ،وخػػارج العلػػم عنػػد قػػوـ خرين ،وعد العلم عند فريق يالث ..ففي تلػك األيػاـ اسػتخدمت العلمانيػة كشػعار عػد اػبرافة وعد َت اؼبعقوؿ و َت اؼبنطق .ف ذا كانت العلمانية ىػي قبػوؿ نتػائج العلػم وعواقػ األمور فػ ف اؼبػؤمن لػن يتعػايق مػن ىػذا الشػعار ،وإمبػا سيشػعر أنػو ينبغػي أف يهػة مػن ج اؼبعرفة ليدخل ال ل إىل فبل ة العلم ،وىبعع كل شيء لسلطاف العلم الذي ال يق ر .
ى ػػذه كلم ػػات م ػػوجلة ،ول ػػن إذا اس ػػتطعت أف تتعام ػػل مع ػػا عل ػػى أس ػػاس ارتباط ػػا بالوقػػائع والسػػنن ال علػػى أسػػاس ارتباط ػػا باألشػػخاص ،فسػػتنتفع من ػػا ،وسػػت وف منطلق ػاً جديداً ؼبن ج معريف جديد ،ون وف بذلك بدأنا طريقػاً جديػداً لتغيػَت واقعنػا الػذي ال يرعػى عنو أح ٌد ،وىذا الواقع لن يتغَت إال إذا بدأنا التغيػَت فبػا بػاألنفس ،وكبػن حريهػوف علػى مػا بأنفسػػنا مػػع أننػػا مبقػػت نتائج ػػا اؼبتمثلػػة يف واقعنػػا .فةػػُت نػػدرؾ الهػػلة بػػُت واقعنػػا وبػػُت مػػا بأنفسػػنا فسػػوؼ نقػػدر علػػى تأمػػل مػػا بػػاألنفس وعلػػى ؿباولػػة تهػػةية ا أو قلب ػػا رأسػاً علػػى عقػ ،ودبعانػػاة أقػػل ،ألف عػػدـ وعػػوح الهػػلة بػػُت مػػا بػػاألنفس والواقػػع ،ىػػو مهػػدر كػػل العبلؿ ،فةُت نتم ن من إحهاء مػا بػاألنفس ا نرجػع أو نهػل ىػذه بالنتػائج واألزمػات الػػيت نعاني ػػا ن ػػوف بػػدأنا بر يػػة بهػػيا مػػن النػػور ون ػػوف أزلنػػا ال ػػبلـ الػػذي ىبفػػي األسػػباب اغبقيقية للمشاكل ،عند ذلك ن ف عن البةث عن كبذ الفداء ألزمتنا فيما بيننا كبن يف أنفسنا ،وفيما بيننا وبُت العاَل اآلخر . إف ىذا الف م وىذه الر ية يبنع من تشتت ج ود األمة وبعثرة طاقاهتا . وحػػُت نف ػػم األمػػور بعواقب ػػا وأسػػباهبا الواعػػةة ن ػػوف أمس ػ نا بػػالعروة الػػويقى ،وعنػػد ذاؾ نتخلى عن أشياء لتذى جفاء .ففي قولو تعاىل إ ( أما اللبػد فيػذى جفػاء وأمػا مػا ينفع الناس فيم ث يف األرض ) ،مػن ج معػريف تػارىبي سػنٍت ألف الػذي سػيبقى يف األرض ىو النافع ،الذي ال يؤدي دوراً نافعاً سيذى جفاء م ما تشبث بو اؼبتشبثوف .فمػا علينػا إال أف كبػػدؽ يف واقػػع األرض لنػػرى كيػػف تًتسػػخ قواعػػد العلػػم ومنػػاىج اؼبعرفػػة علػػى أسػػاس النفع والعرر خبلؿ التاريخ ،إنو اػبَت واألبقى .فاؼببدأ الذي يردنا إىل مثل ىذا اؼبن ج يثق بالتػػاريخ اؼباعػػي ويثػػق يف اؼبسػػتقبل ألف اغبػػق يف ىػػذا ال ػػوف أف يػػذى اللبػػد جفػػاء ،وأف يبقى يف أيدي الناس ما ينفع م . اؼبوقف العلمي
ونرى من العروري أف نقوـ ب لقاء عوء على اؼبوقػف العلمػي ،أي اؼبوقػف مػن اجمل ػوؿ ،اؼبوق ػػف م ػػن ال ػػذي َل يه ػػر علمػ ػاً بع ػػد .واإلنس ػػاف ع ػػادة ىبت ػػلؿ اؼباع ػػي ويب ػػد خيال ػػو إىل اؼبستقبل ،ف أنو يطَت بُت جناحي اؼباعي واؼبستقبل ،بُت جناحي اؼبعلوـ واجمل وؿ .فعلى قدر ىعمو للماعي وكيف بدأ اػبلق يلقي األعواء على اؼبستقبل واجمل وؿ ،وعلى قدر ما عنػده مػن خػاات وعلػوـ مًتاكمػػة فػ ف موقفػػو مػن اجمل ػوؿ ي ػػوف متفػائبلً ،ويقػػيس مػا هب لػػو اآلف دبا كاف هب لو سابقاً ا تعلمو ،فبل ي وف عنده اليأس والقنوط والغموض إزاء اجمل وؿ ، و نم ػػا مع ػػو خاات ػػو وم اس ػػبو القديب ػػة وذباوزات ػػو اؼباع ػػية ،أي أف اؼبش ػ بلت ال ػػيت حللناى ػػا تساعدنا وتلقي لنا أعواء على اؼبش بلت اليت َل كبل ا . وىػػذا اؼبوعػػوع متهػػل دبوعػػوع ( سػػَتوا يف األرض فػػان روا كيػػف بػػدأ اػبلػػق ) فالػػذي يعرؼ كيف بدأ اػبلق وبهل لده تهور ؼبهَت اػبلػق واؼبسػتقبل ولػو بشػ ل ػامل ،وىػذا التهور مستمد من السابق ،إنو لن يبقى كما ىو ،وإنو يب ن أف يتغَت كما تغَت اؼباعػي ، وكما ُخلق اؼباعي يب ن أف ىبلق اؼبستقبل ،وكما أف اػبلق اغبا لػو بدايػة ليسػت كمػا ىػو اآلف ف ذلك لو مستقبل ليس كما ىو اآلف … ( ويليد يف اػبلػق مػا يشػاء ) (فػاطر )ٔ / ( ،كل يوـ ىو يف شأف ) (الرضبن . )ٕٜ / ومن األمور اليت َْرب ُرـ اإلنساف من اؼبوقف العلمي إ أف ي ن اإلنساف أف العاَل خلػق يف غب ػة واحػدة كمػا ىػػو اآلف ،ىػذه الهػخور واعببػاؿ والنجػػوـ واجملػرات والنباتػات واغبيوانػػات ..ؽبا تواريخ وكيفية لبدء خلق ا ،فمعرفة ىذه ال يفية لبدء خلق ا تلقي عوءاً طػويبلً علػى كيفيػ ػة ص ػػَتورهتا يف اؼبس ػػتقبل ..وى ػػذه ال يفي ػػة اؼباع ػػية أم ػػر الق ػػر ف ب ػػالن ر إلي ػػا والس ػػعي هبعم ا وتأمل ا ،وبعد أف تتةقق ىذه ال يفية اؼباعية وبهل لنا تلقائياً التهور للمسػتقبل وما وبتويو من إم انات .إف من ال يبلك معرفػة (كيػف بػدأ اػبلػق) لػن يسػتطيع أف يتخيػل وأف يتهور اؼبستقبل الذي يعمره اغباعر . لقد ترسخ يف أذىاف اؼبسلمُت كيفية معينة لنشػوء اػبلػق مػن خػبلؿ الوقػوؼ عنػد حرفيػة النه ػػوص اؼبقدس ػػة ،ول ػػيس م ػػن الس ػػَت يف األرض .وى ػػذا الرس ػػوخ ك ػػاف س ػػبباً يف موق ػػف
اؼبسػػلمُت العػػدائي مػػن ف ػػرة التطػػور الػػيت دخلػػت العػػاَل اإلسػػبلمي منػػذ معػػة عػػاـ ،كمػػا كػػاف سػػبباً يف إنبػػاؽبم وعػػدـ التفػػاهتم إىل اآليػػة الواعػػةة الػػيت ربػػدد مهػػدر معرفػػة كيػػف بػػدأ اػبلػػق من السَت يف األرض إ ( قل سَتوا يف األرض فان روا كيف بدأ اػبلق ) (العن بوت )ٕٓ / وإنػػٍت َل أجػػد عنػػد اؼبسػػلمُت حبثػاً واحػػداً أدخػػل ىػػذه اآليػػة علػػى أ ػػا متهػػلة هبػػذا اؼبوعػػوع . وكبن ىنا لسنا بهدد إيبات ف رة التطور أو نفي ا وإمبا يف ربديد من ج البةث . كمػػا أف شػػعورنا باؼبش ػ بلت اغباليػػة وعػػدـ تهػػورنا جيػػداً ؼبش ػ بلت اؼباعػػي ،جعػػل وتشل ج د اإلنساف وسعيو الهةي إلزالت ا . اؼبش بلت اغبالية ملمنة بل ّ إذف اؼبوقف العلمي (أي اؼبوقف التارىبي والسنٍت) موقف السائر واؼبتطلع إىل كيف بػدأ اػبلق ،ىو الذي يعطي اؼبوقف اؼبتماسك الفعاؿ الذي ال انفعاؿ فيو ،والثقة الػيت ال شػك في ا وال تردد ،وي تس اإلنساف من ىذا اؼبوقف التبهر والبهَتة ( قل ىذه سبيلي أدعػو إىل اهلل على بهَتة أنا ومن اتبعٍت وسبةاف اهلل وما أنػا مػن اؼبشػركُت ) (يوسػف ، )ٔٓٛ / فمػػن ىن ػػا نػػدرؾ أف ال ػػذين وبلػػوف مش ػ بلت اغباعػػر بفعاليػػة .ومػػن ىنػػا يتبػػُت لن ػػا مق ػػدار حاجتنا اؼبلةػة لي ػوف لنػا مػن ج واعػ ؼبعرفػة اؼباعػي خبطوطػو العريعػة الواعػةة ،وبشػ ل يعم كل الناس وخبطوطو الدقيقة الواعةة ل ل من يريد التخها . إف مػػن أكػػا اػبػػدمات الػػيت تق ػدـ للعل ػػم معرفػػة اؼباعػػي وىعػػمو والقػػدرة علػػى تقديبػػو بش ل ميسور واع التسلسل قري اؼبناؿ ؛ فبلبد مػن معرفػة تػاريخ كػل خلػق -ـبلػوؽ - فاقاً وأنفساً ،وكبن كالذين من قبلنا حهل لنػا مػا حهػل ؽبػم ..طػاؿ علينػا األمػد وقسػت قلوبنا وصبدنا عنػد ر يػة اللة ػة اغباعػرة ر يػة ال سػننية ،ور يػة جايػة قدريػة مبتػورة مػن عػا اؼباعي ،ومبتورة من التطلعات إىل اؼبستقبل واآلماؿ يف زبليه ا من اآلصار واأل ػبلؿ الػيت ترسػػف في ػػا اجملتمعػػات والبش ػرية صبيع ػاً .إف خػػبلص اعبميػػع إمبػػا يػػتم يف التوجػػو إىل إدراؾ اؼباعي ومعرفة ما كاف وكيف كاف .لتةهل لنا قػدرة علػى التعػاوف لبنػاء مػا سػي وف وكيػف ي وف .وعند ىذا سندرؾ كيف ت وف مساعدة اهلل لنا للقياـ باؼب مات اؼبوكولة إلينا ونف ػم معٌت رضبػة اهلل يف أسػلوب امتةػاف ذكائنػا ،ونبػدأ بعػد ذلػك بالشػ ر هلل علػى مػا بػُت أيػدينا
مػػن يػػات لنتب ػوأ مقػػاـ سػػلطاف العلػػم وسػػلطاف التسػػخَت ..وهبػػذا ي ػػوف لش ػ رنا وضبػػدنا هلل معٌت ،وهبذا يعود اؼبعٌت اغبي لفاربة ال تاب حُت نتوجو بالهبلة إىل اغبمن الرحيم . إف من ُحرـ اؼبوقػف العلمػي يقػف موقػف اؼبغلػق اؼبتشػائم اظػروـ مػن اآلمػاؿ ومػن الرضبػة والتسػػام ؛ وىػػو موقػػف الفاشػػلُت اؼبغلػػق علػػي م فػػاؽ حػػل اؼبش ػ بلت .إ ػػم ضبلػػة اغبقػػد والس ػػاعوف إىل االنتق ػػاـ والن ػػاىجوف س ػػبيل (علّ ػػي وعل ػػى أع ػػدائي) ،وى ػػم ال ػػذين يع ػػاعبوف اؼبش بلت بقطع الر وس بدؿ ترشيدىا وىدايت ا ..ىذا إذا كانوا من اؼبست اين يف األرض ،أم ػػا إف ك ػػانوا م ػػن اؼبستع ػػعفُت يف األرض في ل ػػوف هب ػػًتوف أحق ػػادىم ويتةين ػػوف الفرص ػػة لئلحاطػػة بػػالر وس الػػيت عجػػلوا عػػن تقػػد مػػا ي ػػدي ا ويرشػػدىا .إف العلػػم ىػػو الػػذي يعطػػي الرضبػػة ،والعفػػو ،والهػػف والتسػػام ،والعلمػػاء ىػػم الػػذين يبنػػوف اغبػػق ويرضبػػوف اػبلػػق كمػػا يقػػوؿ ابػػن تيميػػة .أمػػا اعب ػػل ف ػػو الػػذي يعطػػي الف اظػػة والغل ػػة ،وىػػو الػػذي هبعػػل النػػاس يتلم ػػوف إىل الس ػػةق ح ػػىت الع ػػم ،وى ػػم ال ػػذين ال ي ػػدأ ل ػػيلُ م وال ي ػػروي عطشػ ػ م إال الدماء والدمار .البد من أف هتدـ قرطاجنة . ف ػ ذا حهػػل لػػك يوم ػاً شػػعور باالنفعػػاؿ جعلػػك تعػػرب شػػيعاً أمامػػك لعجػػلؾ عػػن حلػػو بسبلو الهةيةة ،أو رأيت من يفعل ذلك ا أتبع عملو بقولو إ ىذا أمر َت قابل للةل ، فػاعلم أف ىػػذا اؼبوقػػف ػَت علمػػي ،و ػػَت تػارىبي و ػػَت إنسػػاي ،ألف العلػم والتػػاريخ رضبػػة ، وعفو ،وصف ،وتسام ،وىداية ،وأمل مشرؽ ،ولػيس يأسػاً مطبقػاً .وىػذا معػٌت كػوف السموات واألرض خلقت باغبق ،أي قابلة غبل مش بلهتا وتسخَتىا ال ىدم ا . وإذا رأيت الناس يائسُت مػن تغيػَت أوعػاع م وحػل مشػ بلهتم ،وإذا رأيػت النػاس ػَت ميا لبلستماع إىل سيت ..فاعلم أف سب ذلك ىو اليأس اؼببُت واليأس قرين ال فر ( إنو ال ييػػأس مػػن روح اهلل إال القػػوـ ال ػػافروف ) ،والعجػػل وال سػػل واعبػػا والبخػػل مػػن ذراري اعب ل ..وإف الفعالية ،والنشاط ،والشػجاعة ،وال ػرـ ،مػن نتػائج العلػم والف ػم .والعلػم ب ػػالتعلم ،واغبل ػػم ب ػػالتةلم ،ول ػػيس ي ػػروة ج ػػاىلة ،وإمب ػػا ق ػػدرات إنس ػػانية وؾب ػػاالت تس ػػخَت ومل وت ال اية ؽبا ..فالبةر ينفذ وعطاء اهلل وكلماتو ال تنفذ .
العلم واؽبوى أعع ىذا العنواف وال أزعم أي موافيك دبا يشفي ليلك يف ىػذا اؼبوعػوع ،وإمبػا أطػرؽ بابػاً أشػػعر بأنبيتػػو وأيػػره البػػالس علػػى سػػلوؾ النػػاس .إف اسػػتمرار البةػػث والػػدرس والتأمػػل يف األحداث ي دي الباحث إىل أف يقًتب إىل ما ىو أوع وأبُت وأقرب إىل العلم . إف وعػػع العلػػم علػػى أتػػو مقابػػل لل ػػوى يػػوحي بأ مػػا متعػػاداف ،ولقػػد ورد اؽبػػوى يف القر ف يف موعع االهتاـ والتةذير منو والن ي عن اتباعو ،سواء كاف االتبػاع ؽبػوى الػنفس ( أفرأيت من ازبذ إؽبو ىواه … ) (اعبايية ( )- ٕٖ -ومن أعل فبن اتبػع ىػواه بغػَت ىػدى من اهلل ) (القها ( )٘ٓ /وال تطع من أ فلنا قلبو عن ذكرنا واتبع ىواه وكػاف أمػره فرطػاً ) (ال ف . )ٕٛ /أو كاف االتباع ألىواء اآلخرين كقولو تعاىل إ ( ولػعن اتبعػت أىػواءىم من بعد ما جاءؾ من العلػم إنػك إذاً ؼبػن ال ػاؼبُت ) (البقػرة )ٔٗ٘ -ولقػد زكػى القػر ف مػن ين ى النفس عن اؽبوى ألف اتباع اؽبوى يهرؼ عن العدؿ ويوقع يف ال لم ويعل عن سبيل اهلل ( ..فبل تتبعػوا اؽبػوى أف تعػدلوا ) (النسػاء ( ، )ٖٔ٘ -فػاح م بػُت النػاس بػاغبق وال تتبع اؽبوى فيعلك عن سبيل اهلل ) (ص ( )ٕٙ /وإف كثَتا ليعلوف بأىوائ م بغػَت علػم ) (األنعاـ . )ٜٔٔ / ول ػػن كيػػف نعػػرؼ اؽبػػوى كيػػف نشػػعر بػػو وكبػػس بػػو يف أنفسػػنا وأنفػػس اآلخ ػرين وكيػػف نتع ػػرؼ علػػى مداخل ػػو ومس ػػال و كي ػػف يت ػػوف اؽب ػػوى وكيػػف ن ش ػػفو وكي ػػف ن ػػتخلا من ػػو ولق ػػد بل ػػس ب ػػبعل الن ػػاس أف ق ػػاؿ إ إذا أرادت النج ػػاة ف ػػاترؾ م ػػا هت ػػوى إلي ػػو نفسك .قاؿ البوصَتي يف ىذا اؼبعٌت إ وخالف النفس والشيطاف واعهم ما فاهتم وإف نبا ؿبعاؾ النه ّ ولعلماء النفس وقفات عند اؽبوى هبدر تأمل ا .
وال أبالس إذا قلت إنو ال وبدث نلاع يف العػاَل بػُت النػاس إال ولل ػوى مقػاـ م ػُت فيػو ، يلوف الر ية ،وكل يرى اؼبوعوع على خبلؼ ما يراه اآلخر .واؽبوى أقوى مػا ي ػوف فاؽبوى ّ عند األطفاؿ واعباىلُت من الناس وأقل م علماً بالتاريخ وأحداث العاَل وسنن ال وف ،فػ ذا كثر اؽبػوى ..ومػا ينفػع اإلنسػاف ويعػره ،ومػا يتهػل بػو وبػأوالده وأعمالػو ومذىبػو قل العلم ُ وقومو ..يؤير يف موقفو ،حيػث يتػدخل اؽبػوى يف اغب ػم ووبجػ الر يػة اؼبوعػوعية لؤلمػور فػػبل يعػػود اإلنسػػاف يراىػػا كمػػا يراىػػا ػػَته ،وموقػػف اإلنسػػاف ىػػذا وبػػدث لديػػو بغػػَت علػػم وال شعور يف الغال .وقد أدركت الثقافات البشرية ىذا اعبان ،ف ل الشعوب عندىا أمثاؿ توع كيف يؤير اؽبوى يف اغب م على األشياء .ففي األمثاؿ الشعبية قبد (أكره مػن يبػدح نفسو وأساوي تسعة رجاؿ) .ويف حديقة أطفاؿ أخذ أحد الهػغار يلعػق مػن ػَت توقػف ، وصػػادؼ أف جدتػػو -وىػػي مػػديرة اؼبؤسسػػة -كانػػت يف الهػػف فقالػػت للخادمػػة إ (لػػو َل ي ن حفيدي لقلت إنو ملعج أما وىو حفيدي ! فأقوؿ إ إف لديو موىبػة قياديػة) .وى ػذا يػػرى اإلنسػػاف السػػاذج مػػا يتهػػل بػػو ػػَت مػػا يتهػػل بػػاآلخر ،أقػػذاره ـبتلفػػة ليسػػت كأقػػذار اآلخرين ..وردبا أكثر الناس شعوراً باألىواء القعاة أماـ اؼبتنازعُت .واهلل تعػاىل يقػا علينػا قهة اؽبوى وكيف وبرؼ قلوب النػاس ويلػوي أعنػاق م .ففػي قهػة داود عليػو السػبلـ يقػوؿ اهلل تعاىل لػداود إ ( إنػا جعلنػاؾ خليفػة يف األرض فػاح م بػُت النػاس بػاغبق وال تتبػع اؽبػوى فيعلك عن سبيل اهلل ) (ص ، )ٕٙ /ىذا توجيو من اهلل تعاىل ؼبن صار يف م اف اغباكم بُت الناس .وقهة الذين تسوروا اظراب قهة رائعة يف توعي اؽبوى يف سورة (ص) .وقبل بػػدء القهػػة يػػذكر اهلل تعػػاىل ؿبمػػداً الػػذي القػػى العنػػت مػػن قومػػو الػػذين ( وعجب ػوا أف جاءىم منػذر مػن م ،وقػاؿ ال ػافروف ىػذا سػاحر كػذاب ،أجعػل اآلؽبػة إؽبػاً واحػداً إف ىػذا لشػػيء عجػػاب ) (ص )٘ /ويقػػوؿ اهلل تعػػاىل بعػػد ذلػػك لنبيػػو إ ( اصػػا علػػى مػػا يقولػػوف واذكػػر عبػػدنا داود ذا األيػػد إنػػو أواب إنػػا سػػخرنا اعببػػاؿ معػػو يسػػبةن بالعشػػي واإلش ػراؽ . والطَت ؿبشػورة كػل لػو أواب .وشػددنا مل ػو و تينػاه اغب مػة وفهػل اػبطػاب ) (ص ٔٚ / . )ٕٓ -يه ػػف اهلل تع ػػاىل داود هب ػػذه األوص ػػاؼ اعبليل ػػة والس ػػيما إيت ػػا ه اغب م ػػة واؼبل ػػك
اؼب ػُت وفهػػل اػبطػػاب ،وبعػػد ىػػذا يقػػوؿ إ (وىػػل أتػػاؾ نبػػأ اػبهػػم إذ تسػػوروا اظػراب .إذ دخلػوا علػى داود ففػػلع مػن م .قػالوا إ ال زبػػف .خهػماف بغػى بععػػنا علػى بعػل فػػاح م بيننا باغبق وال تشطط واىدنا إىل سواء الهراط .إف ىذا أخي لػو تسػع وتسػعوف نعجػة و نعجة واحدة ،فقاؿ إ أكفلني ا وعلي يف اػبطاب .قاؿ إ لقد ظلمك بسؤاؿ نعجتػك إىل نعاجػػو وإف كثػَتاً مػػن اػبلطػػاء ليبغػػي بععػ م علػػى بعػػل إال الػػذين منػوا وعملػوا الهػػاغبات وقليل ما ىم .وظن داود أمبا فتناه فاستغفر ربو وخر راكعػاً وأنػاب .فغفرنػا لػو ذلػك وإف لػو عندنا لللفى وحسن ماب .يا داود إنا جعلناؾ خليفة يف األرض فاح م بُت الناس بػاغبق وال تتبع اؽبوى فيعػلك عػن سػبيل اهلل .إف الػذين يعػلوف عػن سػبيل اهلل ؽبػم عػذاب شػديد دبا نسوا يوـ اغبساب ) (ص . )ٕٖ - ٕٔ / والشاىد يف القهة اػبهماف ،الػذي عنػده نعجػة واحػدة وىػو يعػرض القعػية مندىشػاً واآلخر الذي عنده تسع وتسعوف نعجة .فالذي عنده معػة إال واحػدة شػعر باغباجػة إىل أف يعػػم النعجػػة الواحػػدة إىل التسػػع والتسػػعُت لتهػػب معػػة ،وسػػاؽ حججػاً علػػى أنػػو ىػػو أوىل هبذه النعجة من صاحب ا حىت شعر صاح النعجة الواحػدة بأنػو مغلػوب إزاء ىػذه اغبجػج ..إف ال ػػذين ؽب ػػم ص ػػلة بأص ػػةاب األمػ ػواؿ واألنع ػػاـ واألراع ػػي ..يعرف ػػوف م ػػن أم ػػورىم م ػػا يدىذ ،فالقناطَت اؼبقنطرة تفعل األفاعيػل ..إف ىػذه اغباديػة -وكثػَتاً مثل ػا يقػع يف اغبيػاة اليومية بُت الناس -ت ر مقدار ما يفعل اؽبوى بالناس .. إف الن ػلاع ب ػػُت النس ػػاء والرج ػػاؿ واالخ ػػوة وأص ػػةاب األس ػػرة الواح ػػدة واعب ػَتاف ،جػ ػَتاف البيوت أو جَتاف القرى واألقطار ..إف النلاعات سبب ا يف أف كل واحد يرى اؼبوعػوع علػى ػػَت مػػا يػراه اآلخػػر ،حػػىت إف مالػػك التسػػعة والتسػػعُت يشػػعر باغباجػػة إىل أف يسػػل مالػػك الواحد ليعم الواحد إىل مل و .. أرى أف ىػػذا مثػػل رائػػع علػػى ىػػذه اؼبش ػ لة العاؼبيػػة ،وعػػاة مػػن العػػا .واإلنسػػاف حػػُت يرى مثل ىذا النبػأ يراجػع نفسػو ويقػوؿ إ كلنػا نقػع يف ىػذا .ول ػن اؼبشػ لة أف اإلنسػاف - بش ػ ل عػػاـ -ال يػػرى إال نفسػػو وال يػػرى إال ذاتػػو وأنػػاه ،وأف اآلخػػر ال شػػيء .ىػػذا مثػػل
على اؽبػوى كيػف يعػل عػن سػبيل اهلل ،وكيػف هبعػل اإلنسػاف أعمػى وأصػم ،ويف اغبػديث الشريف إ « حبك الشيء يعمي ويهم » (رواه أبو داود يف سننو) ؽبذا داود نفسو -عليو السػبلـ -تػػأير مػػن ىػػذا النبػأ وشػػعر كيػػف أف اإلنسػػاف معػرض ألف يػػؤير اؽبػػوى فيػػو فاسػػتغفر ربو وخر راكعاً وأناب . ىػػذا مػػا أراه مػػن مغػػلى ىػػذه القهػػة .إ ػػا مشػ لة عاؼبيػػة اجتماعيػػة ،مشػ لة كػػل أسػػرة ومش لة ؾبلس األمن الدو ومش لة س اف ىذا ال وك وحيث وجد شخهاف . إف منشأ اؽبوى ح الػذات ،وىػو وإف كػاف يػؤدي دوراً إهبابيػاً يف حفػل اغبيػاة الذاتيػة إال إنو البد من ذباوز ىذا الدور حىت ال يبقى ؿبهػوراً يف ىػذه الػدائرة الفرديػة وذلػك لهػار الذات ،حيث البد أف تعيذ الذات يف اغبياة االجتماعية ،والبد أف يعي الفػرد أـ وجػوده ػابع يف نفسػػو يعيػػق مبػػوه صػػار مرتبط ػاً بػػاجملتمع ،فبلبػػد أف يتنػػازؿ عػػن ى ػواه ويعتػػاه عػػدواً قػ ً وتطوره إىل األعلى ،والبد أف يػتخلا مػن نوازعػو الفرديػة لَتتقػي إىل الػدوافع االجتماعيػة ، وىػػذه نقلػػة مػػن األنانيػػة إىل اإليثػػار ،إىل الغػػَتة ،ألف مبػػو اغبيػػاة االجتماعيػػة يف أظبػػى صػػوره مبػػٍت علػػى اإليثػػار .ويبػػدح اهلل اؼبػػؤيرين علػػى أنفسػ م ولػػو كػػاف هبػػم حاجػػة ( ويػػؤيروف علػػى أنفس م ولو كاف هبم خهاصة ) (اغبشر . )ٜ / إف ىذا اؼبوعوع متهل بالنلاعات بُت البشر بأسباهبا وكيفيػة حل ػا ،واالعتبػار بالتػاريخ ،إف سػػعة وسػػائل االتهػػاؿ وسػػرعت ا تعػػرض اؼبشػ بلت العاؼبيػػة والدوليػػة بشػ ل شػػبيو جػػداً بالنلاعات داخل األسرة الواحدة يف توزيع اؼبغارـ واؼبغػا وأسػلوب اػبطػاب وتفسػَت اػبطػاب وما فيو من حرج ونقد و مط وتعخيم وربقَت .. إننػػا نع ػػيذ يف عم ػػق اؽب ػػوى ح ػػُت نػػرى األطف ػػاؿ يتخاص ػػموف ويتنػػازعوف عل ػػى أدوارى ػػم وأدواهتم وألعاهبم .كما نرى ذلك على مستوى قادة السياسة يف العاَل . كذلك نشاىد ىذا اغبوار -حوار الطرشاف -بُت اؼبتقاتلُت باللساف أو السػناف ،فمػا يقػػوـ بػػو اآلخػػر نبجيػػة ووحشػػة وإرىػػاب وال إنسػػانية وعػػدواف ،ومػػا يقػػوـ بػػو ىػػو ضبايػػة وأمػػن للمواطنُت األبرياء وؾباؿ أـ ودفاع عن كل ما هبعل اغبياة مقبولة أف يعاش في ا .
لق ػػد تغل ػ الع ػػاَل عل ػػى ى ػػذه اؼبش ػ لة داخ ػػل الدول ػػة الواح ػػدة بوع ػػع الق ػوانُت وتن ػػيم القعاء حيث يتةاكم اؼبتنازعوف إىل اظاكم ،ويهدر القعاة األح ػاـ بػدرجات ـبتلفػة يف قرهبا إىل العدؿ ،وىذا أفعل من أف يًتؾ ل ل فرد أخذ حقو بنفسو ،حىت ال تعود اغبياة إىل قػػانوف الغػػاب وتهػػب خاليػػة مػػن االخػػوة ،موزعػػة بػػُت االسػػت بار واالستعػػعاؼ .فيػػا حبذا لو تهل ؾبموعة الدوؿ إىل مثل ما وصلت إليو الدولة الواحدة . إف القػػانوف الػػدو حػػا علػػى ورؽ ،وؿب مػػة العػػدؿ الدوليػػة ال ذبػػري علػػى األلسػػنة وال وظيفػػة ؽبػػا ،فبلبػػد مػػن جعػػل اؼبؤسسػػات العاؼبيػػة فعالػػة بتػػازر أصػػةاب اؼبهػػار اغبقيقيػػة مػػن مستعػػعفي الع ػػاَل ؼبنػػع اغبػػروب كم ػػا يف الدولػػة الواح ػػدة ،ؼبنػػع اغبػػروب العرقيػػة أو الثقافيػػة الطبقيػػة واإلقليميػػة النابعػػة يف ـبتلػػف األى ػواء .ومػػا ىػػو أقػػرب لئلنهػػاؼ ىػػو التةػػاكم إىل طرؼ يالث بعيد الهلة عػن الطػرفُت ألنػو أجػدر بر يػة البػا ي ،ألف كػبلً مػن البػا ي و ريبػو َت قادرين على ر ية اؼبوعوع كما ىو . إف عاؼبنػػا رب مػػو األى ػواء ،وال ي ػلاؿ عػػاجلاً عػػن عبم ػػا ،وىػػي الػػيت ربػػدث الفسػػاد يف العاَل و(لقد حاولت من مة األمم اؼبتةدة وعع تعريف للف ة « اعتداء » .إال أ ا زبلػت عػن ىػػذه اظاولػة ،وأخػَتاً تقػرر أف لف ػػة اعتػػداء تعػا عػػن ف ػرة قائمػػة بػذاهتا ال تعػػَت نفسػ ا للتعري ػػف)(ٔ) .وس ػػب الفش ػػل يف التعري ػػف أف ك ػػل ط ػػرؼ يفس ػػر اؼبوع ػػوع م ػػن زاوي ػػة ر يت ػػو اػباصة فيفسره على ىواه .ولو أف القاعي يف اظ مة أخذ هبذا الػرأي -لتعريػف االعتػداء ؼبا كاف ىناؾ إدانة ألحد باالعتداء ،ول ن قانوف الغاب هبعل اغبػق بػاطبلً والباطػل حقػاً .والذي يفهل يف األمور ىو األقوى ،والذي يفسر االعتداء ىو اؼبنتهر . ور ي ػػة اؽب ػػوى ص ػػعبة ،واإلحس ػػاس ب ػػو عس ػػَت ألف اؽب ػػوى يف حقيقت ػػو ظل ػػم لل ػػنفس وإف ك ػػانفي ظ ػػاىره حبػ ػاً ؽب ػػا ،وؽب ػػذا فػ ػ ف اؽب ػػوى ىب ػػدع الن ػػاس ويه ػػرع م وهبعل ػػم يف موع ػػوع االمتةػػاف ،وكشػػفو يػػة الػػذكاء … ويف التػػاريخ عػػاة والتأمػػل فيػػو يػػوقل اإلنسػػاف ويعلمػػو موعع اػبطأ ومسالك اؽبوى يف اػبداع . (ٔ) كتاب ىل ينقذنا العلم بَتوت ٖ ، ٜٔٙص . ٙٙ
واهلل سػػبةانو وتعػػاىل يسػػمي اؼبخطػػت ظاؼبػاً لنفسػػو .واإلنسػػاف عػػادة ال يشػػعر أنػػو ي لػػم نفسو بل يشعر أف ال لم يأب من اآلخرين .والقر ف ينفػرد يف تسػمية الػذي يقػع يف اػبطيعػة بأنو ظاَل لنفسو ،وحػىت اؼبستعػعفُت يسػمي م ظػاؼبي أنفسػ م إ (إف الػذين تػوف م اؼببلئ ػة ظاؼبي أنفسػ م قػالوا إ فػيم كنػتم قػالوا إ كنػا مستعػعفُت يف األرض قػالوا إ أَل ت ػن أرض اهلل واسعة فت اجروا في ا ) (النساء . )ٜٚ / إف سػػنن اهلل يف التغل ػ علػػى حالػػة االستعػػعاؼ كثػػَتة ،ول ػػن اعب ػػل يعػػيق الواسػػع عػل عػن سػبيل اهلل واألرض تعيق على رحب ػا ،فعػيق الػنفس يعػيق كػل شػيء .واؽبػوى يُ ِّ وسنة اهلل إ ومن اؼبفيد تأمل كيف بدأ خلق القانوف بُت الناس ،وتأمل اغباجة اؼبلةة الػيت جعلػت م يشػػعروف بعػػرورة القػػانوف الػػذي يػػن م أمػػور اغبيػػاة ويلجػػم األى ػواء .واهلل يأمرنػػا أف نسػػَت يف األرض ونن ر كيف بدأ اػبلق .ومن أشد ما أشعر أف الناس يف حاجة إليو أف يعرفػوا كيػف بدأ خلق القانوف والن اـ ،وىذا ما يسػميو الػدين إ كيػف بػدأ اغبػراـ ،وب لمػة علػم الػنفس (التػػابو) ف ػ ذا عرفنػػا ذلػػك نبػػدأ دبعرفػػة مػػىت بػػدأ اإلنسػػاف يشػػعر بعػػرورة عبػػم ى ػواه إىل توجيػػو رائ ػػله ؛ ف ػػل اغبع ػػارات يف الع ػػاَل إمب ػػا ك ػػاف نب ػػا توجي ػػو رائ ػػل اإلنس ػػاف وع ػػبط أىوائ ػػو ليتسػػامى ،فأكػػدت علػػى وعػػع األى ػواء الداخليػػة ربػػت اجمل ػػر ،لتوجي ػػا وإيقػػاؼ دورىػػا اؼبعطل للتسامي .وإذا رأينا أف العلم تسخر لل وى بسب سيطرة اعب ل ،ف ف ذلك مرحلة زائلة ألف العاقبة للعلم . ومػػن ال لمػػات الػػيت تػػدؿ علػػى اؽبػػوى البلشػػعور واالنفعػػاؿ -حبػاً أو بغعػاً -والذاتيػػة والنرجس ػػية والغرائ ػػل وال ػػنفس األم ػػارة واألناني ػػة .ولق ػػد اى ػػتم اله ػػوفية وعلم ػػاء ال ػػنفس بتتب ػػع مػػداخل اؽبػػوى يف الػػنفس .ويسػػمي « راسػػل » اؽبػػوى إ ر بػػات وأمػػاالً يقػػوؿ إ (إف النػػاس ليشػػق علػػي م يف كػػل اؼبيػػادين أف يقيم ػوا راءىػػم علػػى الااىػػُت ال علػػى اآلمػػاؿ ،ف ػ ذا اهتػػم ج ػَتا م دبجافػػاة الفعػػيلة صػػدقوا الت مػػة وكػػاد يسػػتةيل االنت ػػار حػػىت تثبػػت .وإذا تأمػػل أحدىم نفسو اقتنع بأنو م ذب ..وقد ي وف األساس اؼبوعوعي ل ل ىذه اؼبعتقدات بالس
العالة ول ن ر باتنا ذبرفنا إىل التهديق جرفاً ال يقاوـ ،أمػا الطريقػة العلميػة فتلقػي بر باتنػا جانبػ ػاً ،فال ػػذي ت ػػذاكر الرى ػػاف علم ػػي(ٔ) وهبم ػػع ي ػػروة ،بينم ػػا اؼب ػراىن ػػَت علم ػػي ونه ػػيبو الفقر)(ٕ) . ويف تراينػػا األد والهػػويف لفتػػات أخػػاذة يف إب ػراز عمػػل اؽبػػوى يف الػػنفس ،ولقػػد قػػاؿ الرسػػوؿ إ « حبػػك الشػػيء يعمػػي ويهػػم »(ٔ) .فػػاؽبوى يعمػػي ويهػػم وال يػػرى الشػػيء كمػػا ىػػو وال يسػػمعو علػػى مػػا ىػػو عليػػو ،وإمبػػا هبػػري عليػػو التةػػويرات البلزمػػة .لقػػد عػػرض التوحيدي شيعاً من ىذا فقاؿ إ (إف صديقو مس ويو قاؿ لو يوماً إ أما ترى إىل خطأ صاحبنا -وىػو يعػٍت ابػن العميػد يف إعطائو فبلناً ألف دينار عربة واحدة ! لقد أعػاع ىػذا اؼبػاؿ اػبطػَت فػيمن ال يسػتةقفقػاؿ لػػو أبػػو حيػػاف ،بعػػدما طػػاؿ اغبػػديث ،وبػػالس يف إظ ػػار أسػػفو إ أي ػػا الشػػيخ ،أسػػألك مذب لل ذب بيٍت وبينػك ،وال ىبػوب لػري التمويػو علينػا اصد ْؽ ف نو ال َّ عن شيء واحد و ُ .لو لط صاحبك فيك هبذا العطاء وأععافو وأععاؼ أععافو ،أكنت تتخيلو يف نفسك ـبطعاً ومبػذراً ومفسػداً ،أو جػاىبلً حبػق اؼبػاؿ أو كنػت تقػوؿ إ مػا احسػن مػا فعػل ،وليتػو أرىب عليو ،ف ف كاف ما تسمع على حقيقتو ،فاعلم أف الذي بدد مالك ،وردد مقالك إمبا ىػػو اغبسػػد وشػػيء خػػر مػػن جنسػػو ،فأنػػت تػػدعي اغب مػػة وتػػت لم يف األخػػبلؽ ،وتليػػف من ا اللائف ،وزبتار من ا اؼبختار ،فال ن ألمرؾ واطلع على سرؾ وشرؾ)(ٕ) . وقاؿ أبو حياف على لساف أستاذه أ سليماف إ (إف كثػػَت مػػن أخػػبلؽ اإلنسػػاف زبفػػى عليػػو وتطػػوى عنػػو وذلػػك جلػػي لهػػاحبو وجػػاره وعشَتتو ،وىو يدرؾ أخفى من ذلك على صاحبو وجليسو ،وكأنو يف عرض ىذه األحواؿ (ٔ) أي يعرؼ القانوف والتسخَت ،ول ن ليس على أساس الن ر إىل العاقبة .فاػبداع أساس معرفتو . (ٕ) الن رة العلمية لراسل .ص ٖٙوما قبل ا . (ٔ) سنن أ داود . (ٕ) زكريا إبراىيم ،أبو حياف التوحيدي ،ص ٔ ٚسلسلة أعبلـ العرب .
عاَل جاىل ،متيقل افل ..وحلػيم طػائذ ،يرعػى عػن نفسػو يف شػيء ىػو اؼبغتػاظ علػى َته من أجلو)(ٔ) . وقد أشار اعباحل إىل عرب من ىذا يف كتابو (البياف والتبيُت) وكيف يستعُت اإلنساف باغبركة واإلشارة للبياف فقاؿ إ (وكػػاف أبػػو مشػػر إذا نػػازع َل وبػػرؾ يديػػو وال من بيػػو وَل يقلػ عينيػػو وَل وبػػرؾ رأسػػو حػػىت كأف كبلمو ىبرج من صدع صخرة ،وكاف يقعي على صػاح اإلشػارة باالفتقػار إىل ذلػك بالعجل عن بلوغ إرادتو ،وكاف يقوؿ إ ليس من اؼبنطق أف نسػتعُت عليػو بغػَته ،حػىت كلَّمػوُ إبراىيم الن اـ عنػد أيػوب بػن جعفػر فاعػطره باغبجػة وبالليػادة يف اؼبسػألة حػىت حػرؾ يديػو ، وحل حبوتو .وحبا إليو حىت أخذ بيديو .ففي ذلك اليوـ انتقل أيوب من قوؿ أ مشػر إىل قوؿ إبراىيم . وموه لو ىذا الرأي أف أصةابو كانوا يستمعوف منػو ويسػلموف لػو وكاف الذي ر أبا مشر َّ ويبيلوف إليو ،ويقبلوف كل ما يورده علي م ،ويثبتو عندىم ،فلما طاؿ عليو توقَتىم ،وترؾ (ٔ) ؾباذبت م إياه ،وخفت مؤونة ال بلـ عليو ،نسي حالة منازعة األكفاء وؾباذبػة اػبهػوـ) . وفبا يساعد على إلقاء عوء على اؽبدى أف أصل اؽبػوى مهػنوع حعػاري .والشػ وات وإف كانت اغبعارة توج ا ف ا رائلية اكثر .فالش وات جسدية ،واألىواء نفسية ،وإذا قلنػ ػػا إف اؽبػ ػػوى مهػ ػػنوع حعػ ػػاري فػ ػػذلك ألف اإلنسػ ػػاف اعتػ ػػاد أف يسػ ػػخر طاقاتػ ػػو ؼبوعػ ػػوع اجتماعي معُت يهع عليو أف يوسع دائرتو ،دائرة األسرة ا العشػَتة ا القػوـ ا اإلنسػانية .فةُت كاف عدد البشر قليبلً على األرض ووسائل اتهاؽبم بطيعة ،كانت األسرة تسػتةوذ عل ػػى طاق ػػة اإلنس ػػاف ،وح ػػُت كث ػػر ع ػػدد التجمع ػػات يف من ػػاطق معين ػػة اقتع ػػى توجي ػػو طاق ػػة اإلنسػػاف وتوزيع ػػا علػػى دائػػرة أوسػػع وىػػذا يتطل ػ علم ػاً ،ف ػ ف الشػػعور باؼبوع ػػة والطقػػوس (ٔ) اؼبرجع نفسو ،ص . ٕٔٙ (ٔ) ان ر البياف والتبيُت ،اعباحل ،طبع مهر ، ٜٕٔٙ ،ص . ٚٛ
واأل ذيػػة واؼبػػدح واؽبجػػاء … إف وعػػع طاقػات اإلنسػػاف الػػيت ظلػػت ؿبهػػورة مػػدة طويلػػة يف العشَتة لتوظف يف ؾباؿ أوسع ال يب ن أف يتم دبوع ة تقليدية أو خطاب سياسي وبشر لػو الناس أو عةى ..بل ال بد من وعوح كيف بػدأ اػبلػق أف نعػرؼ كيػف نليػد أو نوسػع يف اػبلق . إف صيا ة اإلنساف وفػق قػيم يشػ د التػاريخ علػى سػبلمت ا موعػوع كػاف هبػري تلقائيػاً ، وؼبا يبدأ العلم يتدخل لتجلية سنن ىذه العملية . وقػػد بػػذؿ البشػػر ج ػػوداً كبػػَتة يف سػػبيل هتػػذي أنفسػ م للخػػروج مػػن التػػوحذ والػػدناءة والبذاءة ،ول ن شبار ىذه اعب ود كانت قليلة بسب قلة العلم ،و موض اؼبعرفة . ومػا حققػػو اإلنسػاف مػػن قبػاح تلقػػائي يف ىػذه اؼبيػػادين ،إمبػا كػػاف جب ٍ ػود َل ينورىػػا عػػوء العلم وَل ي شف اإلنساف سنن ا وقوانين ا . وىذا الغمػوض يعػعف األمػل يف قبػاح اعب ػود اؼببذولػة لرفػع مسػتوى النػاس ،وال يب ػن أف تشةذ نبة اؼبتفائلُت إال دبعرفػة القواعػد واألصػوؿ الػيت يػتم علػى أساسػ ا تسػخَت طاقػات اإلنساف للتةوؿ من حالة التوحذ إىل تلكية النفس ،واالرتفاع إىل اؼبرتبة اليت أرادىا اهلل ؽبم ،وىػػؤالء اؼبتفػػائلوف ىػػم الػػذين يػػدركوف مغػػلى اغبػوار بػػُت رب العػػلة واؼببلئ ػػة حػػُت قػػالوا إ ( أذبعػػل في ػػا مػػن يفسػػد في ػػا ويسػػفك الػػدماء وكبػػن نسػػب حبمػػدؾ ونقػػدس لػػك قػػاؿ إ إي أعلػػم مػػا ال تعلمػػوف ) (البقػػرة )ٖٓ /فًتتفػػع نفوس ػ م إىل اآلفػػاؽ الػػيت ارتفعػػت إلي ػػا نفػػس يوسػػف -علي ػػو السػػبلـ -ح ػػُت قػػاؿ إ ( معػػاذ اهلل ! إنػػو ر أحسػػن مث ػواي إنػػو ال يفل ػ ال اؼبوف ) (يوسف . )ٕٖ / حق ػاً ،إف ىػػذا الثػػوب األخبلقػػي اغبعػػاري اؼب ل ػػل الػػذي ال ي ػػاد يسػػًت النػػاس يُرمػػى بعيػػداً عنػػد األزمػػات ،ويتةػػوؿ النػػاس إىل ػػابُت وسػػفاكُت ..أمػػا نسػػمع ونػػرى مػػع األخبػػار العاؼبية مػن بػروز الن ػابُت حػُت حػدوث األزمػات مػن الػلالزؿ ،وعنػد يػاب السػلطة يتةػوؿ ػت وراءىػا شػاعرين بػاألمن األفراد إىل ذئاب ،حقاً إ ا غبواجل ىشة ،ىذه اغبواجل اليت نَبِْي ُ
وكبػػن ال نعلػػم مقػػدار عػػالة الع ػوابط الػػيت ت ػػر النفػػوس وكأ ػػا م ذبػػة أو متةعػػرة أو أف األىواء ال رب م ا .. وأح اـ القر ف إ ( وقليل من عبادي الش ور ) (سػبأ ( ، )ٖٔ /فقلػيبلً مػا يؤمنػوف ) (البقػػرة ، )ٛٛ /وسػواىا إمبػػا ىػػي وصػػف وقػػائع ال نػلاؿ نعيشػ ا ب ػػل واقعيت ػػا ،ول ػػن مػػن اػبطػػأ أف نهػػل مػػن ىػػذه الواقعيػػة إىل اغب ػػم بعػػرورة اسػػتمرار ىػػذا الواقػػع ،ألف عاؼب ػاً خػػر يب ػػن أف يبني ػػو العل ػػم ح ػػُت ن ػػرى ي ػػات اهلل يف اآلف ػػاؽ واألنف ػػس .إف الس ػػيطرة عل ػػى زم ػػاـ النفػػوس باإلمسػػاؾ بسػػنن اهلل ىػػي الػػيت سب ػػن اإلنسػػاف مػػن أف يعػػيذ مػػع سػػنن اهلل (اإلنسػػاف اؼبتقػػي) ف ػػذا الػػذي يب نػػو أف ين ػػى الػػنفس عػػن اؽبػػوى حػػُت يقػػع اآلخػػر ص ػريعاً ؽب ػواه ؛ إنػػو اإلنساف الذي إذا سلك فجاً سلك الشػيطاف فجػاً ػَت فجػو ..وال يػلاؿ البشػر بعيػدين عػن ىذه السيطرة سواء من م اؼبتةعروف مادياً اؼبتخلفوف نفسياً أو اؼبتخلفوف مادياً ونفسياً . قػػد قبػػد مػػن يعػػل عليػػو أف نُشػػعر القػػارئ بػػأف يف اإلم ػػاف األمػػل يف تعػػييق اػبنػػاؽ علػػى الفساد يف األرض وتوسيع دائرة العلم يف الناس وطرد الشيطاف من طرقػاهتم ،وقػد ُوجػد مػن ع ػ َّػل علي ػػو أف زبف ػػف الـ البش ػػر يف ربس ػػُت ع ػػبلج أمراعػ ػ م بتق ػػد عل ػػم الوقاي ػػة والع ػػبلج لؤلمراض اعبسدية … فػػاألمراض األخبلقيػػة أو النفسػػية أو اغبعػػارية أو كمػػا يسػػمي ا القػػر ف األم ػراض القلبيػػة ىي اليت كػاف عبلج ػا موعػع اىتمػاـ القػر ف ،وإعطائ ػا األولويػة يف الشػفاء .فالهػدارة يف الق ػػر ف لع ػػبلج مرع ػػى القل ػػوب ب ػػاؼبعٌت ال ػػديٍت األخبلق ػػي اغبع ػػاري النفس ػػي ول ػػيس ب ػػاؼبعٌت اعبسدي .وإف القر ف يل على خطػورة اؼبعاصػي الػيت يرت ب ػا القلػ كال ػذب والنفػاؽ .. أكثر من اإلغباح على اؼبعاصي اليت ترت ب ا اعبوارح . إف الت اىر بقبوؿ القيم واػبروج علي ا ينبوع الرياء وال ذب ،فاألىواء تدخل إىل زوايػا قلوب الناس فًتي م ـبالفػاهتم عػعيلة ،ول ػن الػذين يػرو م يف اػبػارج يػروف ىػذه اؼبخالفػات رب ػػت اجمل ػػر .واغبع ػػارة هتت ػػل م ػػن قواع ػػدىا ،والق ػػيم تن ػػت س عل ػػى ر وس ػ ا ح ػػُت ت ػػتة م
األى ػواء ( يػػا داود إنػػا جعلنػػاؾ خليفػػة يف األرض فػػاح م بػػُت النػػاس بػػاغبق وال تتبػػع اؽبػػوى فيعلك عن سبيل اهلل ) (ص . )ٕٙ / وتهب اغبعارة يف أزمة حُت تتدحرج القيم اليت ال قياـ ؽبا يف نفوس أصػةاب األىػواء وخاصة الذين يتمتعوف دبغا اغبعارة دوف أف يدفعوا عريبة التلام ا ،اتباعاً لل وى وتسويبلً للنفس ،كدأب الذين خلوا من قبل .وكما يبُت توينيب إ إف اغبعارة يف صعود حُت ت وف األقليػػة الػػيت تقػػود ىػػي األقليػػة اؼببدعػػة ،ول ػػن حػػُت تفتقػػد اإلبػػداع وربػػل السػػيطرة ؿبلػػو تبػػدأ اغبعارة بالتةلل ،ألف بروليتاريا ىذه اغبعارة ت ف عن إعطاء والئ ا ،ف نا وبق القػوؿ ( إف الذين يعلوف عن سبيل اهلل ؽبم عذاب شديد ) (ص . )ٕٙ / وحُت يهف فرويد اغبعارة يهف الواقع الػذي أشػرنا إليػو -وىػو وقػت أفػوؿ اغبعػارة أو اكبدارىا كما يسميو شبنجلر -يقوؿ فرويد إ (إف اغبعػارة تػدوس برجلي ػا ف ػرة العدالػة األولية فيما يتعلق بتوزيع الثروات ،وحُت تعجل اغبعارة عن إرعاء قسم من اؼبسانبُت في ا إال باع ػػط اد خػ ػرين -وردب ػػا األ لبي ػػة ش ػػأف اغبع ػػارات الراىن ػػة -إنن ػػا ال يب ػػن أف نتوق ػػع دخوؿ القيمة الثقافية إىل نفوس ىؤالء اؼبعط دين ،إ م مت يعوف لرفل االعًتاؼ هبا وإىل ىدم ا وإن ار قواعدىا … إ م يعادو ػا ،إ ػا ال أمػل يف اسػتمرارىا ،بػل إ ػا ال تسػتةق ىذا االستمرار . )ٔ() .. ىذه الوقائع التارىبية حالة تدعو -عند الن رة العجلى -إىل اليأس ،ول ػن الن ػر إىل ىػػذا اؼبوعػػوع مػػن خػػبلؿ إ ( إف اهلل ال يغػػَت مػػا بقػػوـ حػػىت يغػػَتوا مػػا بأنفس ػ م ) (الرعػػد / ٔٔ) ،هبعل اؼبوعػوع داخػبلً يف صػميم العلػم .وليسػت القعػية قعػية تفػا ؿ أو يػأس … وإمبا تبهر وج ود موج ة لتوجيو الدفة إىل النجاة . إف ؿبتوى قولو تعاىل إ ( ذلك بأف اهلل َل يػك مغػَتاً نعمػة أنعم ػا علػى قػوـ حػىت يغػَتوا ما بأنفس م ) (األنفػاؿ )ٖ٘ /حػُت يُن ػر إليػو علػى أسػاس التػاؾ ب ػبلـ اهلل تعػاىل ىبتلػف (ٔ) ان ر فرويد تأليف اد اربيذ طبع بَتوت ٗ٘ ٜٔفهل العدالة واغبرية ص ٖٕٕ .
عػػن الن ػػر إليػػو يف عػػوء يػػات اآلفػػاؽ واألنفػػس ويف عػػوء إ سػػَتوا يف األرض فػػان روا كيػػف بدأ اػبلق … إف التأمل يف التاريخ ؼبعرفة ما حدث وكيػف حػدث يفػت للمتأمػل فاقػاً ل شػف السػنة ومعرف ػػة قواع ػػد التس ػػخَت ،فيتة ػػوؿ اإلنس ػػاف إىل أحسػ ػن تق ػػو ويبش ػػي س ػػوياً عل ػػى صػ ػراط مسػػتقيم ،ول ػػن العجلػػى ألحػػداث التػػاريخ تػػرى عػػدـ الت ػوازف بػػُت اآلالـ واؼب اسػ ،كمػػا تػػرى أف اآلالـ الػػيت عانت ػػا البش ػرية أكثػػر مػػن اؼب اس ػ الػػيت حهػػلت علي ػػا ،إال أف ىػػذه الن ػرة العجلػػى ذب ػػل أف طريػػق السػػمو وال مػػاؿ يتطلػ ال ػػدح والعنػػاء ودفػػع العػػرائ مػػن الدموع والدماء . إف البش ػرية عانػػت مػػن األوبعػػة الػػيت كانػػت ذبتاح ػػا ،وحػػُت ألقػػى العلػػم أع ػواءه علػػى الغمػػوض الػػذي كػػاف وبػػيط بأسػػباب اآلالـ مػػن اعب ػػل بطبيعػػة ىػػذه األسػػباب ،انقشػػعت ال لمػػة ،وتغػػَت موقػػف اإلنسػػاف ،وإف كػػأف اإلنسػػاف ال يػلاؿ ي ػػدح للتغلػ علػػى اآلالـ يف ى ػػذا اؼبوع ػػوع إال أف موقف ػػو تغ ػػَت ،ف ػػو يس ػػعى عل ػػى به ػػَتة وعل ػػى طري ػػق مس ػػتقيم غب ػػل مش ػ ػ بلت األم ػ ػراض اعبس ػػدية يف الع ػػاَل ..وح ػػُت تتوج ػػو ى ػػذه األع ػ ػواء العلمي ػػة إىل الـ ومش بلت األمراض الن عة اغبعارية الناذبة عن األىػواء ،يهػب اإلنسػاف عنػد ذلػك كمػا وصفو رسوؿ اهلل إ « كأمبا نشط من عقاؿ » أي كاف مقيداً باغببل ففك قيػده ،وىػذا تشبيو للةالة النفسية باعبسدية ،إال أف الشفاء من اغبالة النفسية حُت يهي الدواءُ الداءَ أيسر من عبلج اؼبرض الععوي اعبسدي ،ف ل واحد منا يشػعر حػُت ربػل مشػ بلتو كػأف يقبلً كاف على كاىلو ا ُح َّ ط عنو … والعلم ىو الذي سي شف ىذه اغبقائق وهبلي ا . العلم والتوحيد
التوحي ػػد ى ػػو لػ ػ ال ػػدين وج ػػوىر العب ػػادة ،وى ػػو ال ػػركن األوؿ واألساس ػػي يف اإلس ػػبلـ وشعاره إ ( ال إلو إال اهلل ) و ( قل ىػو اهلل أحػد ) و ( إف صػبلب ونسػ ي وؿبيػاي وفبػاب هلل رب العاؼبُت ال شريك لو ) (النعاـ . )ٕٔٙ / وى ػػذا الش ػػيء مع ػروؼ معرف ػػة عام ػػة ل ػػدى عام ػػة اؼب ػػؤمنُت ،ول ػػن ال ػػذي يف حاج ػػة إىل إيعاح ىو أف التوحيد يب ن أف ي ر يف يبلية جوان إ توحيد الذات ،وتوحيد التشريع ، وتوحيد الر بة والرىبة . ٔ -توحيد الذات إ ونعٍت بذلك أف اػبالق واحد ( .ىل مػن خػالق ػَت اهلل ) (فػاطر . )ٖ /وىذا النوع من التوحيد ،كاف كثػَت مػن اؼبشػركُت اؼبعاصػرين لرسػوؿ اهلل يقػوؿ بػو إ ( ولػ ػػعن سػ ػػألت م مػ ػػن خلػ ػػق السػ ػػماوات واألرض وسػ ػػخر الشػ ػػمس والقمػ ػػر ليق ػ ػولن اهلل ) (العن ب ػػوت . )ٙٔ /إال أف ىػػذا التوحيػػد ػػَت كػػاؼ .فمػػا داـ اػبػػالق واحػػداً فيج ػ أف ت وف الطاعة ألمره وحده . ٕ -توحيػػد التش ػريع إ وىػػو أف ت ػػوف الطاعػػة ألمػػر اهلل وحػػده .ولقػػد أطلػػق اؼبسػػلموف علػػى توحيػػد الػػذات وتوحيػػد التشػريع لف ػػة توحيػػد الربوبيػػة .قػػاؿ اهلل تعػػاىل إ ( أال لػػو اػبلػػق واألمر ) (األعراؼ . )٘ٗ /ف ما أف اهلل خػالق ال شػريك لػو يف اػبلػق ،كػذلك ال شػريك لو يف األمػر الػذي ىػو التشػريع .تػبل عػدي بػن حػا قولػو تعػاىل ( ازبػذوا أحبػارىم ورىبػا م أربابػاً مػػن دوف اهلل ) قػػاؿ عػػدي بػػن حػػا (َل يعبػػدوىم) ،فقػػاؿ لػػو رسػػوؿ اهلل إ « بلػػى إ ػػم حرم ػوا علػػي م اغبػػبلؿ وأحل ػوا ؽبػػم اغب ػراـ فػػاتبعوىم فػػذلك عبػػادهتم إيػػاىم » رواه اضبػػد والًتمذي . ٖ -أما النػوع الثالػث مػن التوحيػد ف ػو إ توحيػد الر بػة والرىبػة .وىػذا النػوع ىػو الػذي ظباه اؼبسلموف توحيد األلوىية ،وىو الذي أن ػره اؼبشػركوف حػُت قػالوا إ ( أجعػل اآلؽبػة إؽبػاً واحداً إف ىذا لشيء عجاب ) (ص . )٘ / فالنوع األوؿ من التوحيد ىبالفو اؼباديوف أصةاب وحػدة الوجػود ،والثػاي ىبالفػو الػذين وىبعػػعوف البشػػر لػػو يتخػذوف البشػػر مهػػدراً للتشػريع دوف مراعػػاة موافقػة أو ـبالفػػة أمػػر اهلل ُ ،
كما وب ي القر ف ال ر عن فرعوف إ ( لعن ازبذت إؽبا ػَتي ألجعلنػك مػن اؼبسػجونُت ) (الشعراء . )ٕٜ / عَّر اؼبخلوقات أو يرجوف نفع ا . والنوع الثالث ىبالفو عامة البشر الذين ىبافوف ُ إف ىػػذه اؼبعػػاي يب ػػن أف نعػػا عن ػػا بأسػػالي ـبتلفػػة ..واؼب ػػم ىنػػا إ مػػا عبلقػػة ىػػذا التوحيد بالعلم اعب ػواب علػػى ىػػذا التسػػا ؿ ي ػػوف دبعرفػػة أمػػر اهلل وااللت ػلاـ بػػو ،فعػػدـ العلػػم ىػػو الػػذي هبعػػل اإلنسػػاف ال يلتػػلـ بالتوحيػػد .إذف العل ػػم ى ػػو أسػػاس التوحيػػد ال ػػذي يق ػػوـ علي ػػو ،وال توحيد ببل علم ،ف ذا كاف ال قباة بدوف توحيد ،وال توحيد بدوف علم ،ف نو ال قباة بدوف علم . ىػػذا معلػػوـ يف التوحيػػد يف أمػػر اهلل التشػريعي (اغبػػبلؿ واغبػراـ يف الػػدين) .أمػػا العلػػم يف أمػػر اهلل ال ػػوي أي معرفػػة ياتػػو يف اآلفػػاؽ واألنفػػس وتسػػخَت ال ػػوف فػػاألمر كػػذلك أي ال تسخَت بدوف علم .فعدـ العلم بسنن اهلل يف ال وف ال هبعل ال وف مسخراً لئلنساف ،ألف تسػػخَت ال ػػوف ال يػػتم إال بػػالعلم .وىػػذا واعػ يف ؾبػػاالت اللراعػػة والهػػناعة وتربيػػة اغبيػواف بػػل ويف ؾبػػاؿ اإلنسػػاف ،إذف إف النجػػاة والنجػػاح يف اآلخػػرة ،والنجػػاة والنجػػاح يف الػػدنيا ال تتم إال بالعلم .. ىػػذا األسػػلوب الػػذي قػػدمنا بػػو اؼبوعػػوع معػػروؼ إىل حػ ٍػد مػػا ،ول ػػن يب ػػن أف يعػػرض اؼبوعػػوع بأسػػلوب خػػر ربػػت عن ػواف مش ػ لة إنسػػانية زمان ػاً وم ان ػاً بػػل ربػػت عن ػواف قيمػػة إنسانية . َلَ ىذا االىتماـ ال بَت بالتوحيػد يف الػدين ف ػل يب ػن أف نػرى أنبيػة التوحيػد يف واقػع الفرد واعبماعة وىل ىو شيء م م ؼبػا يعانيػو اإلنسػاف يف ىػذه اغبيػاة أيعػاً ألنػو ال قبػاة يف اآلخرة بدوف توحيد وعلم ،وال قباح يف الدنيا بػدوف علػم كمػا سنوعػ فيمػا بعػد .إننػا لػػو أعػػدنا ق ػراءة الفقػػرة السػػابقة وكبػػن نعػػع كلمػػة العلػػم م ػػاف كلمػػة التوحيػػد ل ػػاف اؼبغػػلى واحداً .
سبق أف حبثنا أف العلم إمبا كبهلو بالتعامل مع الواقع اػبارجي ،وتهةي أف ار الناس ي ػػتم ب ػػالعودة إىل الواق ػػع اػب ػػارجي ال ػػذي تتة ػػدث عن ػػو تل ػػك األف ػػار .كم ػػا حبثن ػػا أف م ػػن معوقات العلم الن ر إىل عاَل األشػخاص بػأ م مهػدر العلػم ،وأف القػر ف يػدين ىػذا الن ػر ويسميو (ما وجدنا عليو باءنا) ويل على التعامل مع الواقػع اػبػارجي ور يػة عواقػ األمػور . واإلنسػػاف ال يػػتعلم الشػػك فيمػػا عليػػو اآلبػػاء واختبػػار مػػا ىػػم عليػػو بالوقػػائع اػبارجيػػة إال دبعانػػاة شػػديدة وأشبػػاف م لفػػة ،فاإلنسػػاف تعلػػق بوسػػائل العلػػم الػػيت أخػػذىا عػػن بائػػو وقبيلتػػو تعلقاً ذابت معو شخهيتو ..فلو ن رنا إىل العلم أو التوحيد كيف يتعلمو اإلنساف دبعانػاة ، أو ن رنػػا إىل الواقػػع كيػػف بػػدأ اإلنسػػاف يف تعلمػػو ،أو كيػػف بػػدأ خلقػػو ..ألم ننػػا أف نقػػوؿ مػػع الػػذين يسػػَتوف يف األرض وين ػػروف كيػػف بػػدأ اػبلػػق .إف اػبلػػق َل ي ػػر كمػػا ىػػو مػػرة واحدة ،وإمبا بدأ ععيفاً ويليد فيو ما يشاء . وإعػػادة الن ػػر يف كيػػف بػػدأ اػبلػػق أمػػر م ػػم مثػػل التوحيػػد والعلػػم ،ف ػػو يػػدخل يف ل ػ العلػػم ..أي معرفػػة كػػف خلػػق اهلل مػػا خلػػق حػػىت ال ي ػػوف علمنػػا بػػاهلل مثػػل ظػػن اعباىليػػة ( ي نوف باهلل َت اغبق ظن اعباىلية ) ( ؿ عمراف . )ٔ٘ٗ - (إنن ػػا َل ن ػػألف الن ػػر إىل ظ ػػور الفردي ػػة عل ػػى ان ػػو عملي ػػة تارىبي ػػة ،ب ػػل إنن ػػا قب ػػن إىل االعتقاد بأف األفراد كانوا منذ أف كاف الناس على األرض ،وىذا بالطبع صةي دبعٌت مػا ، ف ل إنساف عاش يف ا وقػت كػاف فػرداً ،ل ػن اؼبلفػت للن ػر ىػو أف البيػة النػاس يف مع ػم التػػاريخ البشػػري َل ىبػػامرىم إال أدي شػػعور بفػػرديت م ،فقػػد تطػػورت ف ػػرة الفرديػػة بوصػػف ا حقيقة من حقائق الناس أو مثبلً أعلى وبيا من أجلو اإلنساف خبلؿ التاريخ البشري)(ٔ) . وأظػػن أنػػو يب ػػن إلقػػاء عػػوء -م مػػا كػػاف خافت ػاً -علػػى ىػػذا اؼبوعػػوع حػػُت نن ػػر إىل الناس يف يبونا ىذا وىم يقولوف إزاء اؼبش بلت االجتماعية (شو بيطلع بأيدينا ) .إف مػن أكا األمور اليت على اؼبهل االجتمػاعي القيػاـ هبػا تبهػَت األفػراد بقػدراهتم وإم انػاهتم الػيت (ٔ) الغرب والعاَل ،تاريخ اغبعارة من خبلؿ موعوعات ،تأليف كافُت رايلي ،ص ٔ٘ٔ ،طبع ٘. ٜٔٛ
ي درو ا .وفت يق على ىػذا اغبػاجل الػونبي -الشػعور بعػدـ القػدرة علػى فعػل شػيء مػا الػػذي يشػػل ج ػػد األفػراد يف السػػعي لتغػػَت الوعػػع إىل مػػا ىػػو أفعػػل ،يعػػعنا علػػى طريػػقاغبػػل ويغػػَت مواقفنػػا ،ألف اؼبشػ لة ليسػػت يػػاب األىػػداؼ وإمبػػا عػػدـ معرفػػة وسػػائل ربقيػػق األىداؼ اليت ىي -الوسائل -العلم والتوحيد . فاؼبعٌت الذي يريد أف يازه صاح النا اؼبقتبس السابق من كلمة (ظ ور الفردية) ىو ىذا اؼبعٌت الذي أردت إبرازه هبذا العوء اػبافت . إذا ألقينا الن ر على الواقع االجتماعي وقمنا بتةليلو لوجدنا أف الشعور العميق بالعجل من أكا اؼبش بلت اليت ال تعيق التقدـ فةس ،بل ذبعل البدء يف العملية أمراً مسػتةيبلً .إف إبراز إم انات الفرد قدراتو على التغيَت واؼبسػانبة يف التغيػَت مػن أشػرؼ وأقػدس اعب ػود اليت بذؽبا البشر يف تارىب م الطويػل .ومػا أحوجنػا اليػوـ إىل ال تػاب والبينػات إلعػادة اغبيػاة إىل ىذه البذرة اؼبفقودة وفت يق يف ىذا اعبدار الػذي يهػطدـ بػو ج ػود اؼبهػلةُت فنرتػد خائبُت حسارى خاسعُت . ػت ىػذا اؼبعػٌت وىػم -يف وحىت اعب ود التغيَتية اؼببذولة يف عاَل اليوـ قاطبػة ال تػلاؿ ت ب ُ أحسػػن األح ػواؿ -ال يريػػدوف إظ ػػار النلعػػات الفرديػػة يف القػػدرة علػػى إبهػػار كيػػف ومػػىت ت وف ج ودىم مثمرة . وإف م ػػن أروع اللة ػػات تل ػػك ال ػػيت وب ػػس في ػػا اإلنس ػػاف بفرديت ػػو ،أي ين ش ػػف ل ػػو السػػلطاف ال ػػامن يف داخلػػو ،وتبػػدو م انتػػو يف ىػػذا ال ػػوف اؼبسػػخر لػػو وتفاعلػػو مػػع اغبقيقػػة الع مػى الػيت تنقػذه مػن الػذين ي بتػوف فيػو ىػذا اغبػق ال ػامن منػو ،ىػذا العلػم الػذي يعطػي لئلنسػػاف ىػػذا الشػػعور ىػػو الػػذي يشػػعره بفرديتػػو وتوحػػده ،وىبرجػػو مػػن اعب ػػل والشػػرؾ إىل التوحيد ،واؼبسؤولية وضبل األمانة اإلهبابية . يذكر اح كتػاب (الغػرب والعػاَل -القسػم األوؿ)(ٔ) يف فهػل (التفػرد والثقافػة) كيػف أف التفرد وشعور اإلنساف باؼبسػؤولية اػباصػة كانػت مفقػودة يف القبائػل البدائيػة قبائػل الهػيد (ٔ) عاَل اؼبعرفة ع ٜ.تأليف كافُت رايلي ،ترصبة إ عبد الوىاب اؼبسَتي وىدى حجازي .
وعندما نت لم عن التفرد والنلعة الفردية يف اجملتمع اغبػديث ،مػن اؼب ػم أف نػدرؾ أننػا نتػأوؿ أف اراً ؽبا تػاريخ ؿبػدود وؿبػدد مػن اؼبعػاي ،ويف أقهػى حػاالت تفردنػا ال مبلػك أف نعػا عػن أنفسنا بغَت األلفاظ اليت أخذناىا عن تارىبنا الثقايف) ( .ص . )-ٕٔ٘- واللغة ترشد إىل كيف بدأت ىذه اؼبعاي ،ألف اللغة توجػد بعػد أف ربلػق ىػذه اؼبعػاي ، ودراسة اللغات تبُت عدـ وجود ال لمات اليت تػدؿ علػى اسػتقبلؿ اإلنسػاف الفػرد ،ودراسػة اغبعػػارات ونشػػوء اؼبػػدف وانتشػػار اغبديػػد تبػػُت كيػػف سػػانبت ىػػذه األمػػور يف إبػراز شخهػػية اإلنساف الفردية . (مػػع أف اليونػػاف كػػانوا متطػػورين بالنسػػبة لقبائػػل الهػػيد ،ف ػ ف سػػقراط حػػُت كػػاف يوجػػو نقػػده اغبػػاد لؤلسػػلوب الػػذي يتلقػػى النػػاس بػػو معػػارف م ،وكػػاف يطػػرح أسػػعلة ياقبػػة تعػػد ربػػدياً لؤلف ار التقليديػة متسػائبلً عػن الطريقػة الػيت هبػا التوصػل إىل ىػذه األف ػار … ) (ص - ٘. )ٜٔ (على الر م من أف أيينػا أقببػت سػقراط ،فػ ف اجملتمػع األييػٍت كػاف عػاجلاً عػن التسػام مع مثل ىذه النلعة الفردية ،واغب م باإلعداـ الذي صدر عليو يوع اغبػدود الػيت ال هبػوز أف تتعداىا النلعة الفردية فغي ذلك التاريخ) ص ٓ. ٔٙ (وكػػاف االسػػاطيوف مػػن سػػن السػػابعة يتلقػػوف تعليم ػاً يعػػدىم للن ػػاـ العس ػ ري الهػػارـ والطاعة اؼبطلقة للدولة) ص . ٔٙٔ - ويػ ػػذكر تػ ػػوينيب كيػ ػػف اسػ ػػتقبل اليونػ ػػاف والرومػ ػػاف الف ػ ػػرة اؼبسػ ػػيةية علػ ػػى أ ػ ػػا سػ ػػرطاف اجتمػػاعي مسػػؤوؿ عػػن ربلػػل الدولػػة ،ويػػذكر عػػن شػػاعر رومػػاي أنػػو ق ػاؿ إ (إف شػػاباً كػػر اظتد ينتمي إىل أمتنا ،شاباً ال يعوزه اغبس انساؽ وراء اػببل وف رة ىجراف الػدنيا ..إىل أف جػػاء جيبػػوف ووصػػف انتهػػار الابريػػة والػػدين .وقػػد وسػػع الشػػرح عػػاَل يف القػػرف العشػرين عليع يف علم أصوؿ اإلنساف ال يقل عن جيبوف وىو فريلر وقد قػاؿ فريػلر يف كتابػو الغهػن الذىيب إ
فقد قاـ اجملتمع اليوناي -الروماي على ف رة خنوع الفرد للجماعة وسيطرة الدولة على اؼب ػواطن .وذبع ػػل ى ػػذه الف ػػرة سػػبلمة اجملتم ػػع منػػاط الس ػػلوؾ وىدفػػو األظبػػى وتؤيرىػػا عل ػػى سػػبلمة الفػػرد يف الػػدنيا واآلخػػرة ..علػػى أف انتشػػار األديػػاف الشػرقية وذيػػوع تعاليم ػػا قػػد ػ ّػَت ىػػذا الطػػابع بأسػػره وبػػث فػػي م اعتبػػار اػبػػبلص السػػرمدي ىػػو اؼبػػأرب الوحيػػد بت ػريس اغبيػػاة مػػن أجلػػو .ومقابػػل ىػػذا أصػػب ازدىػػار الدولػػة بػػل وحػػىت وجودىػػا يف أدي درجػػات األنبيػػة والتقػػدير … واسػػتمرت ىػػذه الف ػػرة تسػػيطر ألػػف سػػنة علػػى عقػػوؿ النػػاس ،ا كػػا إحيػػاء القانوف الروماي وفلسفة أرسطو والفنوف القديبة يف أواخر القروف الوسطى . وى ذا انقعى التوقف الطويل الذي كابدتو اغبعارة واكبسر لو اؼبد الشرقي ومػا يػلاؿ يف اكبسار متهل) .ا يقوؿ توينيب إ (ول ن ما رأي النػاظر عػن بعػل األسػالي الػيت تبػدت هبػا عػودة أوروبػا إىل اؼبثػل العليػا إنو جيل خر من الوينية)(ٔ) . نقلن ػػا ى ػػذه ال لم ػػات لت ػػدؿ عل ػػى ر ي ػػة تسلس ػػل اؼبش ػ لة اإلنس ػػانية ،كي ػػف أف إع ػػادة االعتبػػار لئلنسػػاف والتفػػرد ،أو إعػػادة التوحيػػد إىل اإلنسػػاف يعتػػاه فريػػلر عقبػػة أمػػاـ اغبعػػارة بينما يعتا توينيب فريلر عائداً للوينية .األمر واع من ناحية كيف ع ّػا كػل واحػد عػن رأيػو ،ول ن ما مقار الهواب وأين بدأ التاريخ وأين يتجو واع أف اغبعػارة اليونانيػة -الرومانيػة اسػتبعدت اإلنسػاف للدولػة .واغبػق أف اؼبشػ لة ليس ػػت يف س ػػبلمة الف ػػرد وح ػػده أو س ػػبلمة اجملتم ػػع فق ػػط ،ول ػػن يف س ػػبلمة اعبمي ػػع ،ألف سبلمة اعبميع بدوف اجت اد األفراد ليست بشيء ،وال يتجاوز ذلك اجملتمع ؾبتمع النمل ، والفرد بدوف اجملتمع صفر .والعلم والن ر والتأمل كيف يتم اػبلق ىو الذي يعع كل شػيء موععو اؼبناس .واألفراد الذين ين روف كيف يتم اػبلق ،كػانوا يف موعػع االعػط اد مثػل سقراط .وىذا ما قبده يف قها األنبياء واألمم ..كانػت األمػم تواجػو ىػذه الن ػرات الػيت (ٔ) دراسة للتاريخ ،توينيب ،ج ٖ ،ص ٘ٗٔ ،طبع ٓ . ٜٔٙويذكر توينيب أيعاً مباذج ؽبذه الثنية اعبديدة اليت سبثلت يف النازية والفاشية والعنهرية .
يأب هبا األفراد بقوؽبم إ ( وما ظبعنا هبػذا يف بائنػا األولػُت ) (القهػا ( ، )ٖٙ -يريػداف أف ىبرجاكم من أرع م بسةرنبا ويذىبا بطريقت م اؼبثلى ) (طو ( )ٖٙ /لنخػرجن م مػن أرع ػػنا أو لتع ػػودف يف ملتن ػػا ) (إبػ ػراىيم ( ، )ٖٔ -وم ػػا أرس ػػلنا يف قريػ ػة م ػػن ن ػػذير إال ق ػػاؿ مًتفوىا إنا دبا أرسلتم بو كافروف ) (سبأ . )ٖٗ / والعلػػم ينػػتج دائم ػاً مػػن اؼببػػادرات الفرديػػة الػػيت نبتػػت يف أرض اجملتمػػع ،ىػػذا ىػػو الواقػػع ول ن اجملتمع يريد أف ي بت ىػذه اؼببػادرات حػىت يف األمػور ال ونيػة التسػخَتية ،وىنػا البػد مػػن وعػػع قاعػػدة للعلػػم واغبػػق أساس ػ ا أف األفػراد الػػذين يتبػػُت ؽبػػم ىػػذا علػػي م أف يتةمل ػوا األمانة اليت ألقيت علي م ويتةملوا عغط اجملتمع ؛ ؽبذا على األنبيػاء واألمػرين بالقسػط مػن النػػاس أف يهػػاوا صػػا أو العػػلـ م ػػن الرسػػل ،وكمػػا يق ػػوؿ ؿبمػػد إ « رحػػم اهلل أخ ػػي موسى إنو أوذي أكثر من ىذا فها » . البػػد مػػن كشػػف السػػنة والقػػانوف ليػػتم ن اإلنسػػاف مػػن الهػػا ،وال يػػتم ذلػػك إال إذا كشف قانوف اعب د اؼب افت .وال وف خلق مسخراً لئلنساف شرط أف يعلػم اإلنسػاف قػانوف التسػػخَت ،ؽبػػذا ف ػ ف األمػػر لػػيس بالس ػ ولة اؼبفرطػػة وال بالتعقيػػد اؼبعجػػل ،وإمبػػا باؼبعانػػاة الػػيت ت وف العاقبة في ا جبانػ اغبػق ( فأمػا اللبػد فيػذى جفػاء وأمػا مػا ينفػع النػاس فيم ػث يف األرض ) (الرعد )- ٔٚ -فعلى أىل العلم أف يبينوا ويبلغوا . إف ف ػرة التوحيػد خػروج مػن اآلبائيػة وعبػادة اآلبػاء ،وىػذه الف ػرة -اػبػروج مػن تقليػػد اآلبػػاء -ىػػي األرعػػية الػػيت نبتػػت في ػػا كػػل اإلقب ػػازات البش ػرية حػػىت الػػيت كانػػت يف ص ػػورة معارعػػة للػػدين إ ػػا َل ت ػػن معارعػػة عبػػوىر الػػدين وإمبػػا كانػػت معارعػػة ب ػػل وعػػوح لف ػػرة اآلبائية . واآلباء كانوا حريهُت دائماً على ص األبناء يف قوال تسد علي م اؼبنافذ ،واإلنساف عنده مرونة كبَتة يف تقبل القوال اليت يب ن أف يُش ل علي ػا ،كمػا أف لػو توقػاً وتطلعػاً إىل اغبق .إف ىذه الطبيعة اؼبلدوجة لئلنساف ُسب ػن االسػتفادة من ػا بفنيػة كاملػة إلهبػاد اإلنسػاف الذي يلتلـ باعبماعة ،ول ن ال يس ت عن قوؿ اغبق .فالهػةا بػبلؿ -رعػي اهلل عنػو
كاف يشعر هبذه اؼبسؤولية وأنو ليس صفراً وأنو يب ن ،بل هب أف يػؤدي دوره حػُت كػافيعلن أحد أحد وىو ربت التعذي ،وَل يقل يف نفسو إ إف اؼبش لة فوؽ طاقيت ،فمن أنػا حىت أزج بنفسي يف ىذه اؼبعركة أجل ! لقد كاف عبداً ريباً طارئاً .كاف عبداً من الناحية القانونيػػة ،ول ػػن كػػاف يبػػارس اغبريػػة واؼبسػػؤولية بش ػ ل َل ي ػػن يف مقػػدور مػػن يعيشػػوف يف عػػاَل ألغيػػت فيػػو العبوديػػة قانوني ػاً بػػل إ ػػم ؿبرومػػوف مػػن غب ػػة يشػػعروف في ػػا بػػأ م يبارسػػوف حق م يف تبٍت ما يرونو حقاً ويلتلمونو عبلنية . وعند ىذه النقطة يبدو صراع اغبعارة مع التخلف وصراع التوحيد مع الوينية .اغبعارة والتوحيد يقوالف لئلنساف إ عليك أف سبارس ىذا اغبق فأنت مسػؤوؿ أمػاـ اغبػق وحػده أمػاـ اهلل الذي خلق باغبق وأماـ نفسك .أنت الذي ربمل اغبق وتلتلـ بو ،وىذا اغبق لك ومن ينازع ػػك ف ػػو اؼبتخل ػػف اؼبش ػػرؾ ( ال إك ػراه يف ال ػػدين ) (البق ػػرة ( ، )ٕ٘ٙ /م ػػىت اس ػػتعبد الناس وقد ولدهتم أم اهتم أحراراً) كما قاؿ عمر رعي اهلل عنو . وجاليلو وىو يعلن أنػو يػًتؾ اؽبرطقػة أمػاـ ىيعػة اإلدانػة كانػت تتقػد يف نفسػو شػعلة اغبػق والعلم ،وإف كاف ير أف يتخذ موقف الذي أكره وقلبو مطمعن باإليباف . إف مػػن ال يقػػف عنػػد الرسػػوـ واألش ػ اؿ يعػػرؼ أيػػن يتمركػػل اللبػػد وأيػػن يبقػػى مػػا ينفػػع النػػاس ..إ ػػا ملػػة إب ػراىيم -األواه اغبلػػيم -الػػذي يلتػػلـ اغبػػق ويػػرحم اػبلػػق مػػع أنػػو ال ي ػػف عػػن إعبلنػػو يف أنػػو ال وبػ اآلفلػػُت ،وي ػػل ي ػػرر إ ( وكيػػف أخػػاؼ مػػا أشػػركتم وال زبافوف أن م أشركتم باهلل ما َل ينلؿ بو علي م سلطاناً .فأي الفريقُت أحق باألمن إف كنتم تعلم ػػوف ) (األنع ػػاـ ( ، )ٛٔ /ق ػػد كان ػػت ل ػػم أس ػػوة حس ػ ػنة يف إب ػ ػراىيم وال ػػذين مع ػػو ) (اؼبمتةنة . )ٗ / لقد وعع إبراىيم -عليو السبلـ -اآلبائية يف اؼبيلاف ،وأنػو ال هبػوز لئلنسػاف أف ىبػوف اغبق والعػمَت يف سػبيل اآلبػاء ،إنػو مػوطن الهػراع إ اغبػق والعػمَت أـ اآلبػاء واجملتمػع إف اغبق والعمَت ليس عد اآلباء واجملتمع وإما عد الباطل واػبطأ .وىذا التمييل عروري حىت ال لبرج عن العدؿ .
إف اآلب ػػاء يف عه ػػر التخل ػػف يري ػػدوف م ػػن اإلنس ػػاف أف ي ػػوف مث ػػل س ػػائر األش ػػياء ال ػػيت يستخدم ا اإلنساف ويسخرىا ،بينما يقوؿ لػو العلػم والتوحيػد إ أنػت لسػت كاألشػياء … إنػػك خلػػق خػػر .ويعػػلز فريػػلر الن ػػرة السػػلبية عنػػدما يشػ و مػػن أف األديػػاف الشػػرقية قعػػت علػػى ديانػػة اليونػػاف والرومػػاف الػػيت كانػػت تهػػوغ الفػػرد علػػى أنػػو للدولػػة واجملتمػػع ،وال تبػػا بسػػبلمة الفػػرد يف الػػدنيا واآلخػػرة ،وأف الف ػػرة الشػرقية اسػػتمرت يف السػػيطرة ألػػف سػػنة علػػى عقوؿ الناس ،ا كاف إحياء القانوف الروماي وفلسفة أرسطو يف أواخر القروف الوسػطى بعػد الف ػػر اؼبسػػيةي .وإف مػػا يقػػوؿ عنػػو فريػػلر إ (ا كػػاف أحيػػاء القػػانوف الرومػػاي) ىػواف ي ػػوف اإلنسػػاف مثػػل سػػائر أشػػياء اجملتمػػع وكػػذلك فػ ف تػػوينيب يُسػػبو جيػػوش اإلمااطوريػػات بعػواري الرعاة ،وكما يشبو اإلنساف يف مواطن أخرى بالفرس أو القارب . واآلف إ إف ف ػػرة اليونػػاف والرومػػاف عػػادت وسػػيطرت علػػى العػػاَل فجميػػع جيػػوش العػػاَل تلقػػن أفرادىػػا أف ينفػػذوا أوامػػر قػػادهتم بػػدوف تػػردد أو تػػذمر ،وأال يعًتع ػوا إال بعػػد تنفيػػذ مػػا أمروا بو . ىػػذا الن ػػاـ هبعػػل اعبنػػدي مثػػل البندقيػػة أو اؼبػػذياع .إف البندقيػػة ال يب ػػن أف سبتنػػع عػػن االنطبلؽ حُت يعغط على اللناد ،وال تقوؿ إ إنٍت لن أقتل ىػذا ألنػو بػريء أو ال يسػتةق القتل .واؼبذياع ال يب ن أف يقوؿ إ سوؼ ال أنقل ىذا اػبا ألنو باطل .والسػوط ال سبتنػع عن اؽبوي على جسد إنساف ألنو َت مداف .وى ذا تريد اغبعارات والدوؿ يف العاَل اآلف أف ي ػوف جنودىػا ،بينمػػا التوحيػد والعلػم واألديػػاف تقػوؿ لئلنسػاف إ ال هبػػوز لػك أف ت ػػوف بندقية أو عها أو مي رفونػاً بأيػدي النػاس .أنػت خلػق خػر سبيػل اػبطػأ مػن الهػواب واغبػق من الباطل ،ؽبػذا ال هبػوز لػك أف تطيػع يف معهػية إ « ال طاعػة ؼبخلػوؽ يف معهػية اػبػالق » « ،وإمبا الطاعػة يف اؼبعػروؼ » ،كمػا تقػوؿ لػو إ إف العمػل الػذي تقػوـ بػو أنػت مسػؤوؿ عنو ،وال تعفيك السلطة اليت أصدرت األمر ،إذ ال ل مسؤوؿ . ي ػػوـ القيام ػػة يقول ػػوف إ ( ربن ػػا إن ػػا أطعن ػػا س ػػادتنا وكااءن ػػا فأع ػػلونا الس ػػبيبل .ربن ػػا هت ػػم عػػعفُت مػػن العػػذاب والعػػن م لعن ػاً كب ػَتاً ) (األح ػلاب ( ، )ٙٛ /ربنػػا ىػػؤالء أعػػلونا فػػاهتم
عػػذاباً عػػعفاً مػػن النػػار قػػاؿ ل ػػل عػػعف ) (األع ػراؼ . )ٖٛ /وىػػذه الف ػػرة ىػػي الف ػػرة األساس ػػية ال ػػيت زب ػػالف في ػػا األدي ػػاف التوحيدي ػػة اغبع ػػارات ؛ ؽب ػػذا اعت ػػا ت ػػوينيب اغبع ػػارات ن وص ػاً ع ػػن األدي ػػاف العلي ػػا .فاألديػػاف العلي ػػا إنس ػػانية وظب ػػو ،فاألديػػاف العلي ػػا ليس ػػت ى ػػي سػػرطانات اغبع ػارات كمػػا تهػػورىا فريػػلر وأع ػرابو ،بػػل اغبعػػارات ىػػي سػػرطانات األديػػاف ون و عن ا ،تلد ذراري مثل النازية والفاشية والعنهرية .ف ذه ىي السرطانات (ٔ). واألدياف إمبا تهاب بالن سات حُت تقلد اغبعارات ،وحُت يتةوؿ الدين إىل وينية ، ويلقن الناس أف العهمة لآلباء واؼبشايخ … إنو التػدحرج السػ ل للمنةػدر ولػيس الهػعود الشاؽ إىل تنمية العمَت وفبارسة اغبرية اليت ىي اؼبسؤولية … وكما نقلنا مػن كتػاب (العػاَل والغ ػػرب) أنبي ػػة ظ ػػور النلع ػػة الفردي ػػة يف الت ػػاريخ ،ك ػػذلك ننق ػػل م ػػن كت ػػاب (مع ػػاَل ت ػػاريخ اإلنسػػانية) مػػا يلقػػي علػػى ىػػذا اؼبوعػػوع عػػوءاً أيع ػاً ،وذلػػك للتعػػود علػػى كيػػف يب ػػن أف يبةػػث عػػن مسػػار التوحيػػد يف التػػاريخ يف عػػاَل الواقػػع .ول ػػن مػػن اؼب ػػم أيعػاً القيػػاـ بعمليػػة الربط بُت البةث التػارىبي -الػذي وبػدث يف الواقػع والػذي يأمرنػا بػو القػر ف وىػو السػَت يف األرض والن ػػر كي ػػف ب ػػدأ اػبل ػػق -وب ػػُت األس ػػلوب ال ػػذي يع ػػرض ب ػػو اؼبوع ػػوع يف ال تػ ػ اؼبقدسة ،وىذا واج اؼبوحدين والش داء بالقسط من الناس .يقوؿ ويلل إ (وقد أخعع الناس بادئ األمر فانعووا ربػت شػيء يع ػم اعبماعػات القبليػة بػوازع مػن اػبوؼ من اؼبلك واهلل .وَل وبدث إال يف خبلؿ الثبلية الؼ أو على األكثر األربعة الؼ األخَتة من السنُت أف أصب لدينا أي برىاف واع يػدؿ علػى أف ن ػراف الػذات االختيػاري يف سبيل اليػة أع ػم وبغػَت أجػر أو يػواب يُنت ػر كانػت ف ػرة مقبولػة لػدى النػاس أو أف أي إنساف قد قاـ بطرح ا على الناس . ا إنا قبد شيعاً ينتشر على سط شؤوف اإلنسانية كما تنشر رقاع من عياء الشمس ا سبر فوؽ جوان التبلؿ يف يوـ رائ من أياـ الربيع ىو الف رة القائلة إ بأف ىناؾ يف ت ريس النفس سعادة أع م من أي إرعاء ذاب أو انتهار شخهي ،وحياة للبشرية ـبتلفػة وأع ػم (ٔ) راجع الباب السابع من كتاب دراسة للتاريخ ج ٖ ،طبعة ٓ. ٜٔٙ
قػػدراً وأكثػػر أنبيػػة مػػن صػػايف ؾبمػػوع حيػػاة األف ػراد الػػذين يوجػػدوف يف نطاق ػػا ،ورأينػػا ىػػذه الف ػػرة تهػػب وىاجػػة كػػالنااس ناصػػعة نهػػاعة عػػياء الشػػمس حػػُت تلتقطػػو إحػػدى النوافػػذ وتع سو على من ر يب ر األبهار ،رأيناىا يف تعاليم « بوذا » و « الوتسي » وبوجو أشػد ما ي وف وعوحاً يف تعاليم « يسوع » الناصري . وَل تفقػػد اؼبسػػيةية قػػط سبػػاـ الفقػػداف أينػػاء كػػل مػػا أَل هبػػا مػػن التغيػػَت واؼبفاسػػد ،التلػوي باإلخبلص ؼبل وت الرب الذي هبعل البذخ للملوؾ واغب اـ ،والذي هبعل ما عليو األيرياء من أهبة وإشباع للش وات أشبو شيء بتبذير اللهوص . وما من رجل يعيذ يف ؾبتمع مستو أنامل ديانة مثػل اؼبسػيةية أو اإلسػبلـ دبسػتطيع أف ي وف عبداً تاـ العبودية ،ف ف يف ىاتُت الديانتُت صفة ال يب ن أف ربمػي ذبػا الرجػاؿ علػى إصدار األح اـ على سادهتم وعلى ربقيق مسؤوليت م اػباصة كبو العاَل)(ٔ) . ويقوؿ توينيب يف كتابو (تاريخ البشرية) يف الفهل اػبامس والعشرين إ (انطبلقات جديدة يف اغبياة الروحية إ من عاـ ٓٓ ٗٛٓ - ٙؽ.ـ يف فػًتة ال تتجػاوز ٕٓٔ سػػنة مػػدة أربػػع أجيػػاؿ فقػػط ظ ػػر طبسػػة مػػن كبػػار اغب مػػاء يف العػػاَل القػػد ،وىػػذا اللمن يتسع من عاـ ٓ ٔٓٙؽ.ـ إىل عاـ ٕٖ ٙـ .وىي سنة وفاة رسوؿ اإلسبلـ . ٔ -زرادشػػت إ أفعالػػو سبػػت يف السػػنوات اؼبب ػػرة مػػن القػػرف السػػادس قبػػل اؼبػػيبلد وؾبػػاؿ نشاطو حوض ري سيةوف وجيةوف . ٕ -أشػػعيا الثػػاي إ عاصػػر قػػورش الػػذي ظبػ بعػػودة الي ػػود مػػن بابػػل وكػػاف ذلػػك ٖٜ٘ ؽ.ـ . ٖ -بوذا إ لعلو كاف يعيذ كبو ٗٛٚ - ٘ٙٚؽ.ـ نشاطو يف بي ار اؽبند . ٗ -كونفوشيوس إ إذا ص زمنو ف و ٔ٘٘ ٜٗٚ -ؽ.ـ ،موطنو الهُت . ٘ -فيثا ورث إ معاصر لبوذا تقريباً ولد يف جليرة ساموس . وال يلالوف حىت اليوـ يؤيروف يف اإلنسانية مباشرة أكثر من أي كائن بشري حي . (ٔ) ويلل ،معاَل تاريخ اإلنسانية ،ص . ٖٔٓٚ
أىم اػبهائا ؽبؤالء اغب ماء اػبمسػة ىػي أف يهػل ال ػائن اإلنسػاي الفػرد إىل عبلقػة شخهػػيتو مػػع اغبقيقػػة الن ائيػػة .ف ػػل ىػػؤالء اغب مػػاء اػبمسػػة خػػرج عػػن ترايػػو يف خعػػوعو الروحي للجماعة اليت ولد في ا ،ف نو بتةديػو التقاليػد رفػل كلتػا العبػادتُت ،عبػادة الطبيعػة وعبػػادة اإلنسػػاف .وكػػل ىػػؤالء اىػػتم أف يقػػود النػػاس الػػذين يتعػػاؿ مع ػػم إىل الطريػػق اعبديػػد الذي كشفو .بوذا وفيثا ورث كانا يشًتكاف يف عقيدة أف اؼبوت ليس اية اغبياة .وبسب دعوة ىؤالء اغب ماء تبدلت اغبقيقة والسلوؾ البشري بش ل ال يب ن الرجوع عنو .وأشعيا أوؿ موحد ي ودي وأقدـ اؼبوحدين يف أي م اف منذ أخناتوف يف ؿباولتو الفاشلة) . ىذه الر ية التارىبية لتطور العقيدة والسلوؾ تتميل ب براز جانبُت ىامُت إ األوؿ إ تلمس اؽبػػدى خػػارج اجملتمػػع ؛ دبعػػٌت اػبػػروج عػػن التعبػػد للمجتمػػع واالسػػتنامة إىل تقاليػػد اآلبػػاء . والثاي إ إف اؼبوت ليس اية اغبياة . والقػػر ف ال ػػر يعػػرض ىػػذا الواقػػع التػػارىبي بشػ ل متسلسػػل بهػػرؼ الن ػػر عػػن ربديػػد اللمن إ ( إف اهلل اصطفى دـ ونوحاً و ؿ إبػراىيم و ؿ عمػراف علػى العػاؼبُت ) ( ؿ عمػراف / ٖٖ) .ويف عوء يات اآلفاؽ واألنفس سيأخذ التوحيد بعداً جديداً يف عاَل اؼبستقبل . والبػػد مػػن معرفػػة مػػا كابدتػػو اإلنسػػانية خػػبلؿ التػػاريخ مػػن انسػػةاؽ كرامػػة اإلنسػػاف يف طقػػوس العبػػادات السياسػػية منػػذ أف كػػاف يقتػػل خػػدـ اؼبلػػك عنػػد دفنػػو ،ومػػا كػػاف وبػػدث يف اؽبند من إ اء حياة اللوجة بعد وفاة زوج ا ..وحىت اليػوـ حيػث يعتػا اإلنسػاف مثػل العهػا فينفذ دوف أف ي وف لو حق االعًتاض . إف من يتتبع كيف بدأ اػبلق ،وكيف ينمو ويلداد يأخذ ف رة جديدة عن اؼببدأ واؼبهَت ،وت ػػر لػػو ف ػػرة التوحيػػد كةاجػػة إنسػػانية ال تػػتم إال برفػػع مسػػتوى النػػاس صبيعػاً إىل درجػػة ربمل األمانة واؼبسؤولية ،وأف كػل فػرد عليػو مسػؤولية مػن كػل خطػأ يقػع يف العػاَل .وإذا مػا وقع اعتداء على إنساف يف العػاَل ف أمبػا حهػل االعتػداء علػى كػل إنسػاف يف العػاَل ،ف مػا أف اػبالق واحد ،ف ذلك مهَت البشرية واحد .
ووبسن ىنا أف نذكر حدياً تارىبيػاً يسػاىم يف إلقػاء العػوء علػى األىػداؼ التوحيديػة يف رفع مستوى اإلنساف وإشعاره باؼبسؤولية الفردية اؼبتوحدة عن مهَت الناس أصبعُت .وإف من اؼبتعارؼ عليو عند اجملتمعات البشرية أف يد من يتوىل األمػر ببيػاف وبػدد فيػو اؼبػن ج ويػذكر الناس باألمور ذات األنبية للمجتمع . ويف أوؿ خطبػػة واجػػو هبػػا أبػػو ب ػػر الهػػديق -رعػػي اهلل عنػػو -اؼبسػػلمُت حػػُت بويػػع باػببلفػػة ،تػػاز أنبيػػة التوحيػػد دبعػػٌت ربديػػد شػػروط الطاعػػة للر سػػاء وأو األمػػر ؛ فقػػد ذ ّكػػر النػػاس باؼببػػدأ األساسػػي يف اإلسػػبلـ أنػػو إ « ال طاعػػة ؼبخلػػوؽ يف معهػػية اػبػػالق » .يقػػوؿ اػبليفة األوؿ أبو ب ر إ (أطيعوي ما أطعت اهلل ورسولو ،ف ف عهيت ما فبل طاعة علي م) . إف إعبلف ىذا اؼببدأ من قبػل اػبليفػة يف أوؿ خطػاب يوجػو إىل اجملتمػع دليػل علػى أنبيػة ىػذا اؼببػػدأ بالنسػػبة للمػػت لم وللمجتمػػع الػػذي يوجػو إليػػو ىػػذا ال ػػبلـ ،إنػػو تػػذكَت ؽبػػم أف ال ي ونػ ػوا س ػػياطاً وأبواقػ ػاً ل ػػوالة األم ػػور ،إف مث ػػل ى ػػذا اؼبب ػػدأ وحاج ػػة الن ػػاس إلي ػػو س ػػت ر يف اؼبستقبل .والعاَل اآلف يف حاجة إىل أف بتعلم مثل ىذا الدرس وأف يستعيده . إف العاَل حُت يتخلا من وينية اآلباء والسادة وال ااء سيتذكر أياماً يف تاريخ البشػرية أعلنت في ا مبادئ كرامة اإلنسانية ،ليس كةق فقط ،بل كواجػ ال هبػوز أف يُتنػازؿ عنػو وأف يعلنو أينما كاف ال ىباؼ يف اهلل لومة الئم . إف ىذه األعواء اؼبب ػرة انطفػأت يف خعػم األحػداث ،وحػىت الػذين أعلنػت فػي م مثػل ىذه اؼببػادئ مػن قػد ىػم اليػوـ أبعػد النػاس مػن أف ت ػوف حيػاهتم مػذكرة بشػيء مػن ىػذا ، بل سرعاف مػا ربػوؿ مثػل ذلػك اػبطػاب النمػوذجي إىل نػوع خػر مػن اػبطػاب ،كػأف يقػوؿ وا األمر يف ربديد أسلوب انتقاؿ اغب م إ اػبليفة ىذا ويشَت إليػو ،ا يقػوؿ إ وإف ىلػك ىػػذا فاػبليفػػة ى ػػذا ويشػػَت إىل و الع ػػد ..ومػػن رفػػل ى ػػذا فلػػو ىػػذا ويل ػػوح بالس ػػيف .. وتعيع االحتجاجات اػبافتة اليت تقوؿ إ ويل م أتعيدو ا ىرقلية إذا ذى ىرقل جاء ىرقل ..
ليس اؼب ػم مقػدار صػدؽ الروايػة اػباصػة هبػذا اؼبوعػوع ،ول ػن األحػداث واذبػاه سػلوؾ الناس كانت وال تلاؿ تهدؽ ىذا وتتةدى إعبلف أ ب ر والع د الذي كاف يأخذه رسوؿ اهلل من كل من بايعو على أف يقوؿ باغبق حيثمػا كػاف ال ىبػاؼ يف اهلل لومػة الئػم ،وأف ال يطيع يف معهية وفق اإلعبلف القر ي إ ( تعالوا إىل كلمة سػواء بيننػا وبيػن م أال نعبػد إال اهلل وال نشرؾ بو شيعاً وال يتخذ بععنا بععاً أربابا من دوف اهلل .ف ف تولوا فقولوا إ اش دوا بأنا مسلموف ) ( ؿ عمراف . )ٙٗ / إف قػػانوف ذىػػاب اللبػػد جفػػاء وأف مػػا ينفػػع النػػاس يب ػػث يف األرض ىػػو الػػذي سػػيعيد اغبيػػاة إىل ىػػذه اؼببػػادئ والػػذين سػػيجنوف حهػػاد ىػػذا البػػذار ىػػم الػػذين يتلقػػوف يػػات اهلل يف اآلفاؽ واألنفس ،وىم الذين يعرفػوف سػنة اهلل وقػانوف عػل اهلل يف التػاريخ ،وكيػف ىبلػق اهلل التػػاريخ ،وكيػػف يسػػاىم البشػػر يف صػػنع ىػػذا التػػاريخ دبػػا حبػػاىم اهلل مػػن سػػلطاف التسػػخَت ؛ ى ػػذا الس ػػلطاف ى ػػو ال ػػذي يس ػػميو إقب ػػاؿ إ (النياب ػػة اإلؽبي ػػة) .أي إىل حال ػػة إدراؾ اإلنس ػػاف إم اناتػو كفػػرد يف قدرتػػو علػػى إنقػػاذ نفسػػو واآلخػرين ،واؼبسػػانبة يف إعػػاءة ىػػذا الطريػػق … ىػػذا مػػا كػػاف يعلمػػو األنبيػػاء للنػػاس ( يػػا أي ػػا الػػذين منػوا قػوا أنفسػ م وأىلػػي م نػػارا وقودىػػا الناس واغبجارة ) (التةر . )ٙ / إف السػػلوؾ الػػذي ينقػػذ يف اآلخػػرة مػػن اعبةػػيم ىػػو السػػلوؾ نفسػػو الػػذي ىبلػػا األفػراد واجملتمعػػات مػػن جةػػيم التخلػػف واإلذالؿ الػػذي يبارسػػو اؼبسػػت اوف يف األرض وكبػػن نتجػػرع ألواف اإلذالؿ ههاً نتجرعو وال ن اد نسيغو . إف زبليا أنفسنا من االستععاؼ وزبليا اآلخرين مػن االسػت بار طريقػو واحػدة ألف منشػػأنبا واحػػد ،وىػػو نػػلع ال رامػػة مػػن اإلنسػػاف ،ألف اؼبستعػػعف ينػػلع ال رامػػة مػػن نفسػػو ويغري اآلخر بأف يستمرئ نلع ال رامة .واؼبست ا الذي ينلع ال رامة مػن اآلخػر ىػو نفسػو قػػد نلع ػػا مػػن نفسػػو قبػػل ذلػػك ،ألف مػػن يتػػذوؽ ال رامػػة يعلػػم أ ػػا وحػػدة ال تتج ػلأ ،ف ػ ذا انتلعػػت مػػن أحػػد فأ ػػا ال تسػػلم ألحػػد ،ألنػػو يػػذى مػػن كرامتػػو بقػػدر مػػا انتػػلع مػػن كرامػػة اآلخر ،وبقدر ما هتُت اإلنساف يعود إليك من اؽبواف مثلو .
والتوحيػػد الػػذي كبػػتفل بػػو هلل يعػػود علين ػػا يف اجملتمػػع بوحػػدة ال رامػػة للبش ػرية صبعػػاء . فوظيفة التوحيد االجتماعية ىي تقو السلوؾ اإلنساي الذي بػو تتةقػق إنسػانية اإلنسػاف . فأي إنساف تقع عليػو م لمػة ،ف أمبػا وقعػت ىػذه اؼب لمػة علػى النػاس صبيعػاً ،ألنػو مػا داـ ىناؾ ظلم يقع بغَت حق ف نك لست مناً أف يهيبك ما صاب ػَتؾ مػن ظلػم ؛ وؽبػذا مػن سػػعى إىل إحيػػاء ال رامػػة اإلنسػػانية يف إنسػػاف ،ف أمبػػا أحيػػا النػػاس صبيعػاً ،وىػػذا معػػٌت قولػػو تعاىل إ ( من قتل نفساً بغَت نفس أو فساد يف األرض ف أمبا قتل الناس صبيعػاً ومػن أحياىػا ف أمبا أحيا الناس صبيعاً ) (اؼبائدة . )ٖٕ/ إف ف ػػرة (مػػن قػػاؿ لشػػيخو َل ال يفل ػ أبػػداً) ال ت ػلاؿ تأخػػذ ؾبراىػػا إىل يومنػػا ىػػذا ، فجميع دوؿ العاَل ومؤسساتو تلقن الناس أف يطيعوا األوامر وينفذوىا من َت أف ي وف ؽبم اغبػػق يف االعػًتاض قبػػل تنفيػػذىا .إف ىػػذا اإلصبػػاع العػػاَل ىبرقػػو الػػدين حػػُت يقػػوؿ « ال طاعة يف معهية … » وىذه الف ػرة ال يستسػيغ ا العػاَل اآلف أل ػم ال يريػدوف أف يتعػاملوا مع إنساف يراجع م ويلف األوامر اليت يهدرو ا إلي م ،إ م يروف أف إعطػاء مثػل ىػذا اغبػق للناس وللجنود فساد للن اـ البشري وإحداث للفوعى ،مع أف ىذه الف رة ىي الػيت هبػ أف تقوـ علي ا حعارة اإلنساف . ىػػذا اؼبوعػػوع َل يطػػرح بعػػد كمش ػ لة ،ألف ىػػذا يقتعػػي مػػن كػػل إنسػػاف ولػػو كػػاف يف أدي رت اعبندية أف ي وف واعياً للدستور حىت يبيل اؼبوافق لو من اؼبخالف . إف العاَل الذي تطبق فيو ن رية الدين ىبتلف كلياً عن العػاَل الػذي نعػيذ فيػو مػن أدنػاه إىل أع ػػبله ،وح ػػُت استش ػػعر أب ػػو األعل ػػى اؼب ػػودودي -رضب ػػو اهلل -ى ػػذا اؼبع ػػٌت ق ػػاؿ إ (إف جنراالت العاَل اآلف ال يهلةوف أف ي ونوا ؾبنػدين يف اعبػيذ اإلسػبلمي ) ..ألف اعبنػدي الذي ينفذ ما يؤمر بو دوف أف يعًتض ،ىو خطر على اآلمر أيعاً . ىذه األف ار بدأت تعرض من جديد وت شف من قري وؼبا تأخذ ؾبراىا بعد يف أقنية اؼبؤسسات الثقافيػة ،وَل يت يػف العػاَل بعػد لتهػور إم ػاف العػاَل الػذي ينبثػق ع مثػل ىػذه
األف ػػار .والشػ داء بػػاغبق واآلمػػروف بالقسػػط مػػن النػػاس علػػي م أف يقومػوا بػػدورىم يف ضبػػل األمانة والببلغ اؼببُت . وخبلصة القوؿ إ إف العل ػػم والتوحي ػػد يشػػًتكاف يف أم ػػور فب ػػا هبعل مػػا متة ػػدي اؼبع ػػٌت أو جانبػػاف ؼبوع ػػوع واحد ..أوالً إ ال يب ػن أف يتةقػق التوحيػد بػدوف علػم ؛ ألف التوحيػد يػأب بعػد العلػم كمػا يػػأب التسػػخَت بعػػد العلػػم .يانيػاً إ إف اػبطػػأ يف أي مػػن العلػػم والتوحيػػد تػػأب عقوبتػػو الػػيت ال تغتفر ولو بعد حػُت .ومعلػوـ يف اإلسػبلـ أف الػذن الػذي ال يغتفػر ىػو الشػرؾ إ ( إف اهلل ال يغفػػر أف يشػػرؾ بػػو ويغفػػر مػػا دوف ذلػػك ؼبػػن يشػػاء ) (النسػػاء . )ٗٛ /وكػػذلك اػبطػػأ يف العلػػم نتيجػػة فوريػػة وحتميػػة ،ف ػ ذا أخطػػأت يف اسػػتعماؿ الػػدواء أو الطاقػػة ال ربائيػػة ،أو أعطيػت معلومػات خاطعػة يف اغبيػاة االجتماعيػة ..تػأب العقوبػات حتميػة و ػَت متسػػاؿبة .. فالسػموـ تقتػػل ،وال ربػاء تهػػعق واؼبعلومػات اػباطعػػة يف اغبيػاة االجتماعيػػة ذبعػل عبلقػػات الناس مأساوية .. يالثاً إ إف العلم والتوحيد يتساوى موقف مػا مػن عػاَل األشػخاص -اآلبػاء -يف عػرورة وعع عاَل األشخاص موعع االختبار وعدـ قبوؿ ما ي ػوف عليػو عػاَل األشػخاص إال علػى قدر ما ي وف فيو من الهواب الذي تثبتو عواق األمور .وإذا كػاف عػاَل األشػخاص يقػدـ لنػػا العل ػم والتوحيػػد ،إال أف العلػػم والتوحيػػد البػػد أف ذبػػري في ػػا دائم ػاً عمليػػات التهػػةي والعبط . الفهل الثالث األَجنَّة ال ُقر نيّة
األَجنَّة ال ُقر نيّة يذكر إقباؿ بأسى وأسف إنباؿ األجنة القر نية جملاالت العوامل اؼبؤيرة يف صناعة اجملتمع .ويقػػوؿ يف رسػػالتو إىل ني لسػػوف إ ( إي مقتنػػع سبامػاً بػػأف فػػت الػػببلد َل ي ػػن مػػن الانػػامج ِ ػدـ اإلسػػبلـ ك يبػػاف األساسػي لئلسػػبلـ ،واغبػق أنػػٍت أعتػا مػػن اػبسػػارة ال ػاى أف يوقػػف تق ُ فػػات مبػَّػو ( أجنػػة ) التن ػػيم االجتمػػاعي والػػديبقراطي واالقته ػػادي الػػيت أجػػدىا متوزع ػػة يف صفةات القر ف ،ويف سنة النيب ) ( ٔ ) . واآليات الػيت سػنعرض ؽبػا يف خاسبػة كتابنػا ىػي هبػذا اؼبعػٌت أي إلحيػاء األجنػة الػيت طاؼبػا بقيت يف حالة كموف . وعلينػػا أف ننبػػو إىل أف األسػػلوب الػػذي نتنػػاوؿ بػػو اآليػػات ىبتلػػف كث ػَتاً عػػن األسػػلوب الػذي وبػاوؿ التقػاط إشػارات مػن القػر ف للداللػة علػى مسػائل وجليعػات يف العلػم اغبػػديث ، بينما اعبان الذي تم بو ىػو إيعػاح مبػادئ ومنػاىج ( إنتػاج اؼبعرفػة والعلػم ) ولػيس حبػث مسائل العلم ،ومن ىذا اؼبنطلق كاف اختيارنا لآليات التالية إ ٔ ( -سَتوا يف األرض فان روا كيف بدأ اػبلق ) .. ٕ ( -سنري م ياتنا يف اآلفاؽ ويف أنفس م ) ٖ ( -وسخر ل م ما يف السموات وما يف األرض ) ٗ ( -إف الذين منوا والذين ىادوا والنهارى والهابعُت . ) .. ٔ-( سَتوا يف األرض فان روا كيف بدأ اػبلق ) ( العن بوت . ) ٕٓ - كلمػػات ىػػذه اآليػػة واعػػةة ال مػػوض في ػػا ،ومعناىػػا ال يستعهػػي علػػى أي نػػاطق باللغػػة العربيػػة ،وحػػىت األطفػػاؿ يب ػن م أف يف م ػوا اؼبعػػٌت دوف مشػػقة .ول ػػن مػػع ذلػػك َل ( ٔ ) ان ر االفرسيوية ،مالك بن نيب ،ص ( ٖٗٓ ) الطبعة الثانية -بَتوت .
ىبطر يف باؿ الناس ماذا سيت شف من ىذا اؼبعٌت ومن معػموف ىػذه اآليػة ،وكبػن ال قػدرة لنا على اإلحاطػة هبػذا اظتػوى ،ول ػن تبػُت لنػا وُكشػف لنػا مػا َل ىبطػر علػى بػاؿ األولػُت ، وسَتى البلحقوف ما َل يتيسر لنػا أف نػراه كبػن . . .ربتػوي اآليػة ال ريبػة علػى مػن ج ؿبػدد للبةػػث يشػػمل جوان ػ العػػاَل اؼباديػػة من ػػا و ػػَت اؼباديػػة ،اعب ػواىر واألع ػراض حس ػ تعبػػَت األقػػدمُت .فاؼبوعػػوع يشػػمل كػػل ال ائنػػات مػػن الػػذرة ومػػا دو ػػا يف الهػػغر إىل اجملػػرة ،بػػل وعمػػوـ ال ػػوف .مػػن اؼب ػواد الععػػوية األوىل إىل اإلنسػػاف الػػذي ىػػو يف أحسػػن تقػػو ععػػوياً وف رياً واجتماعياً . .ومن األف ار األولية إىل أعقدىا . . وتتعػمن اآليػة كػل شػيء يب ػن أف يدرسػػو اإلنسػاف ،فاآليػة موعػوع ل ػل علػم ،وعػػى مقتعى ىذه اآلية ينبغي أف يُػذكر يف مقدمػة كػل موعػوع كيػف بػدأ خلقػو ،حػىت مػا يتعلػق بطريقػػة اإليبػػاف بػػاهلل إ كيػػف بػدأ اإلنسػػاف يػػدرؾ معػػٌت األلوىيػػة . .إذف كػػل موعػػوع لػػو بػػدء خلق بالنسبة لدخولو إىل إدراؾ اإلنساف . . ودبقتعى ما تطلبو اآلية ينبغي أف نعيد الن ر يف كل مػا نػراه مػن حيػث كيػف بػدأ خلقػو إف الن ػػر التقليػػدي كػػاف يتهػػور أف ال ػػوف ُخلػػق كمػػا ىػػو ابتػػداء ،وإف تهػػور نوعػاً مػػن البػدء والهػَتورة فػ ف ىػذا التهػور بعيػد عػن الواقػع ؛ ألف عػيذ اإلنسػاف عمػر اغبعػارات - طبسػػة الؼ السػػنة اؼباعػػية َ -ل وبػػدث يف حيػػاة النػػاس تغ ػَتاً يػػذكر يف وسػػائل عيش ػ م ، وىذا ما أوحى إلي م بأ م خلقوا كما ىم عليو ،وأف مػا ىػم عليػو َل ي ػن نتيجػة تقلػ يف األرض الؼ السنُت بل معات اآلالؼ واؼببليُت . ولعػػل اػبيػػاؿ يسػػاعدنا علػػى تقري ػ اؼبوعػػوع ،وىػػذا اؼبثػػل واػبيػػاؿ اقتبسػػو مػػن األسػػتاذ مالػػك بػػن نػػيب -رضبػػو اهلل -يف كتابػػو االفرسػػيوية إ حيػػث تهػػور كائنػاً ريبػاً عػػن األرض ، لديػػو تف ػػَت يش ػػبو تف َتن ػػا يف ناحيػػة ويفارق ػػو يف ناحي ػػة أخػػرى ،ف ػػذا ال ػػائن ل ػػو أت ػػى إىل األرض وال يعرؼ من حياة البشر شيعاً ورأى األطفػاؿ وال بػار والشػيوخ وَل ي ػن يعػرؼ مػن
تػػارىب م وبػػدء خلق ػػم شػػيعاً ،فلردبػػا تهػػور أف البشػػر ال بػػار والهػػغار ُوجػػدوا ى ػػذا ،وأف ال بار َل ي ونوا صغاراً وأف الهغار لن ي اوا . إف ىذا اؼبثل مع كل نواقهو قد يقرب إلينا أف ر ية غب ية منقطعة الهلة عن كيف بػدأ اػبلػػق تعطػػي صػػورة مشػػوىة للواقػػع ،وحػػىت يف كيفيػػة التعامػػل معػػو ،وحػػُت نػػرى إنسػػاناً ال نعػػرؼ تارىبػػو ف ننػػا نػػًتدد يف كيفيػػة السػػلوؾ الػػذي نتخػػذه إزاءه ،ف لمػػا عرفنػػا تارىبػػو ت يػػف موقفنا منو ،وإف لنا من كل شخا مسل اً وموقفاً خاصاً حس معرفتنا بتارىبو . وإذا زرت منطقة ما يف فهل مػن فهػوؿ السػنة فػبل يب ػن أف تتهػور حػاؿ ىػذه اؼبنطقػة يف بقية الفهوؿ إال إذا كانت لك معرفة بالفهػوؿ والتغػَتات الػيت ربػدث خػبلؿ سػنة ،وإف بعل اؼبخلوقات ال تعرؼ من السنة إال جلءاً من ا فوالدهتا وموهتا ي وف يف فهل واحد . واآلف إذا أردنػػا أف ن يػػف تهػػورنا وفػػق قولػػو تعػػاىل إ ( سػػَتوا يف األرض فػػان روا كيػػف بدأ اػبلق ) فقد وبدث لنػا تهػور أف اػبلػق لػيس مػن شػأنو أنػو ُخلػق وانت ػى ،بػل إننػا كبػن ُلبلق اآلف وال وف ُىبلق كما كنا صغاراً ،وال نلاؿ ُلبلق خلقاً من بعد خلق ،كذلك ال ػوف مر دبراحل معينػة ال يلاؿ ُىبلق ال أنو ُخلِق وانت ى ،وإمبا ىو اآلف يف بعل مراحل خلقو قد َّ ويعيذ يف مراحل أخرى وسيهَت إىل مراحل تالية . وكذلك لو زبيلنا اإلنساف الفرد كيػف بػدأ خلقػو خليػة واحػدة ،ا كيػف مبػا وانت ػى إىل أف صػػار كائن ػاً حي ػاً عػػاقبلً يسػػعى يف مناك ػ األرض ،ومػػع أف خبليػػاه تتغ ػَت وتتبػػدؿ ف ػػو ك ػػائن واح ػػد ب ػػاؽ .ك ػػذلك يب ػػن ته ػػور اإلنس ػػانية ك ػػائن واح ػػد ،أفػ ػراد البش ػػر خبلي ػػاه ي ػػدخلوف إلي ػػو وىبرج ػػوف كم ػػا تول ػػد اػببليػ ػػا يف الف ػػرد وزب ػػرج من ػػو ،وإذا ن رن ػػا إىل البش ػ ػرية كمخلوؽ واحد فردبا أم ننا تهوره يف مرحلة ما يف مرحلة شبو طفوليػة أو مراىقػة .وردبػا ال ي ػلاؿ اآلف يف مقتبػػل العمػػر ف ػػو َل يهػػل بالتأكيػػد إىل مرحلػػة الرشػػد اؼبتوقػػع لػػو ف ػػو ( لّمػػا يقػ ِ ػل مػػا أمػػره ) ( عػػبس ) ٕٖ /وهبػػذا اؼبعػػٌت فسػػر إقبػػاؿ قولػػو تعػػاىل إ ( مػػا خلق ػػم وال بعث م إال كنفس واحدة ) ( لقماف . ) ٕٛ /
ومن اؼبعاي اليت تدؿ علي ا اآلية أيعاً إ أف معرفة كيف بدأ اػبلق ،وف ػم األمػور علػى ىػػذا اؼبسػػتوى ينبػػو اإلنسػػاف إىل أف ىػػذا اػبلػػق قػػد ينمػػو ويتقػػدـ ويتةسػػن ؛ ألف مػػن عػػرؼ كيف بدأ اػبلق ععيفاً وعاجلاً ا مبا نواً بطيعاً ،وأف ىذا النمػو اقتعػى دىػوراً طويلػة .فقػد يقػوده التأمػل يف بػدء اػبلػق إىل التف ػَت يف مهػػَت اػبلػق ،لػيس مهػَته يف يػوـ النشػور ،بػػل مهَته الدنيوي أي اية ىذا اػبلق الذي عرفنا شػيعاً مػن بػدء خلقػو .وىػذا اؼبعػٌت وإف كػاف ريباً عن األجواء الثقافية التقليدية ،إال أف ف م يات اهلل يف اآلفاؽ والنفس ،وف م شػيء من كيف بدأ اػبلق . .يطرح ىذا اؼبوعوع على بساط البةث والتف َت والتأمػل ،ألف مػن ن ػػر إىل بػػدء اػبلػػق سػػيتخيل مهػػَته إذا أدرؾ أف اػبلػػق ينمػػو ويتقػػدـ مسػػتمراً ،ال أنػػو خلػ ٌػق ػػَت قابػػل للنمػػو أو ُخلػػق خلقػاً معاقػاً ػػَت قابػػل للتجػػاوز .فػ ذا ن رنػػا إىل اآليػػات الػواردة يف ىذا اؼبوعوع -حس ما يتسرب إلينا من الن ر ال ليل الععيف الذي يشت ي أف يرى ما سػَتاه الػػذين يػػأتوف مػػن بعػػدنا مػػن يػػات اهلل يف اآلفػػاؽ واألنفػػس فبػػا يشػػرح ويوعػ يف ىػػذا اؼبوعوع -سنرى أف اهلل ؼبا استخلف دـ وذريتػو يف األرض وأعلػن للمبلئ ػة ىػذا اؼبوعػوع ،اعًتع ػوا علػػى ىػػذا بقػػوؽبم إ ( أذبعػػل في ػػا مػػن يفسػػد في ػػا ويسػػفك الػػدماء وكبػػن نسػػب حبمػػدؾ ونقػػدس لػػك ) ( البقػػرة ) ٖٓ /فأجػػاهبم رب العػػلة إ ( إي أعلػػم مػػا ال تعلمػػوف ) واهلل سبةانو وتعاىل َل ِ ينف ىذه الت مة عن اإلنسػاف ،ول ػن أعلم ػم أف ىنػاؾ شػيعاً خػر عن اإلنساف ال تعلمو اؼببلئ ة . . . وإذا كاف البشر ال يلالوف على توقعات اؼببلئ ة إىل يومنا ىذا ،ف ف ما علم اهلل يف ىذا اإلنسػاف صػار اآلف يػراود البشػر الػذين ن ػػروا إىل كيفيػة بػدء اإلنسػػاف إ كيػف يب ػن م ربقيػػق ذلػػك .وى ػػذا نػػرى أف يػػة اس ػػتخبلؼ دـ تػػدؿ علػػى أف ى ػػذا الػػذي علمػػو اهلل يف ش ػػأف اإلنسػػاف ىػػو يف ىػػذه الػػدنيا ،وأف علػػم اهلل ىػػذا سػػيتةقق ،ىػػذا العلػػم الػػذي َل ي ػػن يف إم اف اؼببلئ ة علمو كما َل ي ن يف إم اف البشر إدراكو حىت رأوا من يات اهلل يف اآلفاؽ واألنفس ما تدؿ عليو وتشَت إليو .
وكػػذلك قولػػو تعػػاىل حػػُت ذكػػر مػػا سػػخر لئلنسػػاف مػػن اػبيػػل والبغػػاؿ واغبمػػَت لركوهب ػػا والت ػلين هبػػا اتبػػع ذلػػك القػػوؿ بقولػػو ال ػػر إ ( وىبلػػق مػػا ال تعلمػػوف ) ( النةػػل ) ٛ /أي ىبلػق مػػا ال تعلمػوف يف ىػػذا اؼبوعػػوع بالػذات و ػػَته مػن اؼبواعػػيع أيعػاً .ولقػد رأينػػا كبػػن يف القروف األخَتة القليلة ما َل يره الذين سبقونا فبػا سػخر اهلل لئلنسػاف وفبػا خلػق .وف ػم قولػو تعاىل إ ( وىبلق ما ال تعلموف ) مع التػاريخ اؼبشػاىد الواقػع يلقػي العػوء علػى القػوؿ ال ػر اآلخر إ ( أعلم ما ال تعلموف ) ،واؼبوعوعاف متشاهباف جداً يف اإلعراب والداللة علػى أف اػبلػػق يليػػد ،ويليػػد إىل التةسػػن والتقػػدـ ،والليػػادة يف التسػػخَت يف موعػػوع وسػػائل النقػػل واعةة جداً ،وإف كاف ال يلاؿ األمػر اآلف كمػا كػاف مػع مػا خلػق مػن الليػادة فبػا ال نعلػم ، يب ن أف ىبلق ما َل نعلم أيعاً ،وكذلك يف موعوع اإلفساد يف األرض وسفك الدماء ف ف اهلل سيخلق وععاً واقعياً كما خلق يف وسائل النقل خلقاً واقعياً خر حيث َسػيَخلُ ُق -جػل جبللو -سلوكاً يقل فيو الفساد والسفك إف َل نقل سينعدـ فيو الفساد والسفك . وإف مػػن ال يعػػرؼ جيػػداً كي ػف بػػدأ اػبلػػق وبػػأي اؼبراحػػل مػ ّػر اإلنسػػاف وكيػػف مبػػا وتقػػدـ وربسػػن ،إف مػػن ال يعػػرؼ ذلػػك ال يعػػرؼ معػػٌت ( وىبلػػق مػػا ال تعلمػػوف ) وال معػػٌت ( إي أعلػػم مػػا ال تعلمػػوف ) وال معػػٌت ( ويليػػد يف اػبلػػق مػػا يشػػاء ) وال معػػٌت ( ا أنشػػأناه خلق ػاً خػر ) بينمػػا الػذي اكتسػ ىػػذا الن ػر مػػن السػَت يف األرض والن ػػر مػػن كيػف بػػدأ اػبلػػق ، س ػػيقرأ م ػػرة أخ ػػرى قول ػػو تع ػػاىل إ ( ق ػػل س ػػَتوا يف األرض ف ػػان روا كي ػػف ب ػػدأ اػبل ػػق ) بن ػػرة جديػػدة ،وخاصػػة حػػُت يتػػابع قػراءة ىػػذه اآليػػة ( ا اهلل ينشػػت النشػػأة اآلخػػرة .إف اهلل علػػى كػػل شػػيء قػػدير ) ( العن بػػوت ) ٕٓ /ف ػػذه النشػػأة اآلخػػرة وإف كانػػت يقافتنػػا القاصػػرة اظدودة تقهرىا وربدىا بالنشأة اآلخرة يف يوـ النشور ،إال أف ‘م اف أف ي وف اؼبعٌت عاماً يشػػمل الػػدنيا واآلخػػرة ؿبتمػػل وارد ،وخاصػػة حػػُت نتػػذكر أف اآليػػات السػػابقة تػػدؿ علػػى مبػػو وربسن يف اػبلق والتسخَت يف الدنيا خاصة . واػببلصػػة إف ىػػذه اآليػػة تنقػػل موعػػوع حبػػث معرفػػة كيػػف بػػدأ اػبلػػق مػػن يػػات ال تػػاب إىل اآلفاؽ واألنفس إىل السَت يف األرض والن ر كيف بدأ اػبلق .ولؤلجياؿ القادمة وللذين
سَتوف يات اهلل يف اآلفاؽ واألنفس نًتؾ مهَت مثل ىذه البةوث مع سبنياتنا ؽبم أف وبققوا قولو تعاىل إ ( إي أعلم ما ال تعلموف ) . وفبا يدؿ على البطء الشديد يف اغبركة اإلسػبلمية أي َل اطّلػع إىل اآلف علػى مػن تنػاوؿ أو أشار إىل ية ( سػَتوا يف األرض فػان روا كيػف بػدأ اػبلػق ) ،مػع أف مشػ لة بػدء اػبلػق مػػن أوؿ األف ػػار الػػيت صػػدمت الف ػػر الػػديٍت ،وحػػىت ال تػػاب الػػذي ألفػػو يف ىػػذا اؼبوعػػوع صبػػاؿ الػػدين األفغػػاي ( الػػرد علػػى الػػدىريُت ) يب ػػن أف يعتػػا اذباىػاً إىل الػػوراء أكثػػر مػػن أف ي ػوف متطلعػاً إىل األمػػاـ ،وعػػذره يف ذلػػك أف كتبػو يف مطلػػع شػػبابو ،ومػػن ذاؾ التػػاريخ إىل اآلف ال قبػػد َمػػن جعػػل يػػة الن ػػر إىل كيػػف بػػدأ اػبلػػق منطلق ػاً لبةػػث ىػػذه اؼبش ػ لة الػػيت يعاني ا الطػبلب واألسػاتذة يف العػاَل اإلسػبلمي قاطبػة ،وعلػى الػر م مػن أف اؼبشػ لة ملةػة واآلي ػػة القر ني ػػة ليس ػػت مث ػػل ال ت ػ اؼبنس ػػية فػ ػ ف الف ػػرة اؼبس ػػيطرة رب ػػوؿ دوف ر ي ػػة األم ػػور الواعةة اليت ت اد تفقأ العُت ( وكأين من ية يف السموات واألرض يبروف علي ا وىم عن ا معرعوف ) ( يوسف . ) ٔٓ٘ / ( سنري م ياتنا يف اآلفػاؽ ويف أنفسػ م حػىت يتبػُت ؽبػم أنػو اغبػق أو َل ي ػف بربػك أنػو على كل شيء ش يد ) ( فهلت ٖ٘ ) . ٔ -ىذه اآلية تستةق أف ي ت في ا كتاب خاص هبا على مبط كتاب حىت يغَتوا ما بأنفس م ،إف يراء مواعيع ىػذه اآليػة هبعلنػا متأكػدين أ ػا سػتناؿ مػا تسػتةق مػن الن ػرات الشاملة والعميقة يف الف ػر الػديٍت واإلنسػاي يف اؼبسػتقبل ،وأنػو سػت ر دراسػات ومؤلفػات كثَتة يف ىذه اآليات تفت فاقاً جديدة فسيةة ؛ وإي حُت أتناوؿ بعل معاني ػا ومرامي ػا أشػػعر بػػأي هبػػذا الطػػرح أجعػػل نفسػػي مػػن الػػذين بػػدأوا يتطلعػػوف إىل فػػاؽ جديػػدة سػػوؼ ال ت ف عن التوسع والتعمق من دارسُت يأتوف بعػدنا سػيمنةوف مػن البيػاف والقػدرة علػى حػل كثػػَت مػػن األ ػػبلؿ واآلصػػار الػػيت تثقػػل كواىلنػػا عػػن التقػػدـ إىل ذلػػك العػػاَل اعبديػػد ،وإىل
مس ػػتقبل ك ػػر لئلنس ػػاف اؼب ػػرـ ،اؼبس ػػتقبل ال ػػذي ي ػػعس مع ػػم البش ػػر م ػػن بلو ػػو وَل تق ػػدر اؼببلئ ة على تهوره وإم انو ( السبلـ العاؼبي ) . ٕ -ىػذه اآليػة تنقػػل موعػوع الف ػر الػػديٍت الػذي تقػرره يػػات ال تػاب ،تنقػل مهػػدر األدلػػة مػػن يػػات ال تػػاب إىل يػػات اآلفػػاؽ واألنفػػس ،وىػػذه النقلػػة البعيػػدة اؼبػػدى َل ت ػػن البشرية م يأة ؽبا من قبل ،بل ال تػلاؿ ػَت م يػأة ؽبػا إىل اآلف .وانعػداـ ىػذه النقلػة أو عػدـ القدرة على الت يف مع ا ىو الذي جعل مهدر أدلة العلم واإليباف ـبتلفة يف أذىػاف العػاَل اؼبعاصػػر ،فجعل ػوا الػػدين ػػَت العلػػم ،وأف مه ػػدر العلػػم مػػن الواقػػع ،ومهػػدر الػػدين م ػػن الغيػ .ف ػػذه اآليػػة هبػػذه النقلػػة التارىبيػػة الػػيت َل يقػػدر البشػػر علػػى تف م ػػا ،تػػدمج الػػدين دؾباً كامبلً يف العلم الواقعي يف اظيط اإلنساي ،لي وف موعع تأمل الناس . ٖ -كما قل قولػو تعػاىل ( إف اهلل ال يغػَت مػا بقػوـ حػىت يغػَتوا مػا بأنفسػ م ) مف ػوـ الناس عن التغيَت الػذي كػانوا ينت رونػو مػن اهلل ،ويػرى البشػر أنفسػ م مثػل الطػُت بػُت يػدي اػبلاؼ تقيدىم األقدار ،قلبت ىذه اآلية الف رة رأساً علػى عقػ فػردت عمليػة التغيػَت إىل البشػػر ،واعتػػاهتم مسػػؤولُت عن ػػا ،وىػػذه ىػػي األمانػػة الػػيت وعػػعت بػػُت أيػػدي م .والبشػػر ل لم ػم أنفسػ م وعب ل ػػم بػالواقع َ ،ل يتعلمػػا مػػا عنػدىم مػػن إم انػػات غبمػل ىػػذه األمانػػة اليت عجلت عن ػا السػماوات واألرض واعببػاؿ وأشػفقن من ػا وضبل ػا اإلنسػاف ضبػل اسػتعداد وإم ػػاف واقتػػدار ،وإف تباطػػأ يف ربويػػل ىػػذه القػػدرات اؼبمنوحػػة لػػو ،ويف إظ ارىػػا مػػن القػػوة ال امنة إىل الواقػع العملػي يف اغبيػاة اؼبتناميػة .وإف إقبػاالً كػاف يػرى مثػل ىػذه اإلبػداعات يف اغبي ػػاة البشػ ػرية وإم اناهت ػػا اؼبمنوح ػػة ل ػػو فع ػػا عن ػػا بالش ػػعر وجمل ػػاز واإليب ػػاء متخ ػػذاً أس ػػلوب الهوفية يف اإلشارات ،إال أف اؼبوعوع َل يعد ي فيو إيباء الشعراء وإشارت الهوفية ،وإمبػا انتقػػل ب ػػل يقلػػو وجبللػػو إىل علمػػاء التػػاريخ الػػذين يسػػَتوف يف األرض وين ػػروف كيػػف بػػدأ اػبلػػق فيتبػػُت ؽبػػم مػػن يػػات اآلفػػاؽ واألنفػػس مػػا هبعل ػػم يتلػػوف قولػػو تعػػاىل إ ( قػػل لػػو كػػاف البةػػر مػػداداً ل لمػػات ر لنفػػذ البةػػر قبػػل أف تنفػػذ كلمػػات ر ولػػو جعنػػا دبثلػػو مػػداداً ) ( ال ف . ) ٜٔٓ /والف ر اؼباركسي لبو ومبتداه ومنت اه يف إدراؾ ؿبتوى ىػذه اآليػة حيػث
ظوا قدرة اإلنساف على صنع التاريخ ،والقياـ بعمليػة التغيػَت .ف ػذا العػجيج الػذي أحديػو الف ر اؼباركسي خبلؿ أكثر من معة عاـ إمبا كاف يف تبني م ؽبذه الف رة وإدراك م ؽبا . وحػػديثي ىػػذا ال يعػػدو أف ي ػػوف مثػػل كلمػػات إقبػػاؿ بػػل دو ػػا ،وإمبػػا اؼب مػػة اؼبوعػػوعة اآلف أمػاـ الشػػباب واألمانػة الػػيت ينبغػػي أف وبملوىػا ،ىػػي كيػػف سػيجعلوف أنفسػ م مػػؤىلُت للقيػػاـ بوظيفػػة التغيػػَت اؼبوكلػػة إلػػي م ،ومػػا اؼبػػؤىبلت الػػيت ينبغػػي أف وبهػػلوىا حػػىت يتسػػلموا اؼب مة ويؤدوا الدور اؼبوكل إلي م لي ونوا جارحة القدرة اإلؽبية كمػا يقػوؿ إقبػاؿ عػن عبػد اهلل الػػذي يػػبطذ بيػػد اهلل ويبشػػي برجلػػو ويسػػمع ويبهػػر بسػػمعو وبهػػره علػػى مقتعػػى اغبػػديث القدسي عن العبد الذي يناؿ ىذه اؼبرتبة بتقربو من اهلل ( بالفرائل والنوافل ) فرائل اإليباف ونوافلو وفرائل العلم ونوافلو . وجػبلؿ الػػدين الرومػي يقػػوؿ ( فةػػُت يعطػي السػػيد عبػده الفػػأس فقػػد أعػرب عػػن قهػػده بفعلو فيما ينبغي أف يقوـ بو العبد ) ،واهلل تعػاىل ؼبػا يقػوؿ لئلنسػاف سػوؼ ال أ ػَت وعػعك حىت تغَته أنت فقد أسند إليو األمانة واستخلفو على األرض . واعبيبلي يقوؿ « الناس إذا وصلوا إىل القعاء والقدر أمس وا ،إال أنػا ،فانفتةػت فيو روزنة فنازعت أقدار اغبق باغبق للةق .والرجل من ي وف منازعاً للقػدر ،ال مػن ي ػوف مستسلماً مع القدر » ( ٔ ) . وابػػن القػػيم يقػػوؿ إ لػػيس الرجػػل الػػذي يستسػػلم للقػػدر بػػل الػػذي وبػػارب القػػدر بقػػدر أح إىل اهلل ،وكما قاؿ أل عبيدة بن اعبراح ؼبا قاؿ لو األخَت أتفر من قدر اهلل ،ؼبا أراد عمر أف يرجع حُت ظبع بوجود الطاعوف ،أجابو عمر إ ويلك إمبا نفر من قدر اهلل إىل قدر اهلل . .ف ػػذه ال لمػػات وبمػػل كػػل من ػػا طػػابع عهػػره ،ومعاصػػرونا َل ينطق ػوا بعػػد ألننػػا يف عهر الهمت واؼبؤرخوف اؼبسلموف وعلماء النفس واالجتماع ،إ م ال علػم عنػدىم بايػات اآلف ػػاؽ واألنف ػػس ودالالهت ػػا وكي ػػف ب ػػدأ اػبل ػػق ،فم ػػا أصب ػػل ذاؾ العه ػػر ال ػػذي س ػػيتعلم في ػػو الشباب قراءة يات اهلل يف اآلفاؽ واألنفس . ( ٔ ) نقلو ابن القيم اعبوزية يف مدارج السال ُت جٔ -ص ٜٜٔطبعة دار ال تاب العر .
ٗ -ىػػذه اآليػػة يػػة اآلفػػاؽ واألنفػػس قلبػػت م ػػاف الػػدليل ومهػػدره ،كمػػا قلبػػت يػػة التغيػػَت مفػػاىيم النػػاس .فايػػة اآلفػػاؽ واألنفػػس حػػددت م ػػاف الػػدليل ومهػػدره بأنػػو لػػيس ال تاب ،فبل نطل كيف بدأ اػبلق من ال تاب ،وإمبا نطلبو من السَت يف األرض والن ػر ،كما أمر بذلك ال تاب ،فاغب م يف ال تاب ،والػدليل يف الواقػع واألرض و يػات اآلفػاؽ واألنف ػػس .وك ػػذلك س ػػبق أف أشػ ػرنا كي ػػف أف ال ػػذي ح ػػل النػ ػلاع يف عل ػػم الفل ػػك واإلجػ ػراـ السماوية َل ت ن النهوص ،وإمبا يات اهلل يف اآلفاؽ واألنفس ،ألف النهػوص ال تبةػث علػم الفلػػك ،وإمبػػا تلفػػت ن ػػر اإلنسػػاف إىل مغػلى ىػػذا ال ػػوف اؼبلػػيء باألسػرار الػػذي ينبغػػي أف يهل ىو يف حبثو يف الفلك وكذا سائر العلوـ . وحُت أقوؿ إف قراءة يات اآلفاؽ واألنفس َل تدخل بعد ساحة مطالعاتنا ومفاىيمنا ، أعٍت ما أقوؿ .فنةن عاجلوف عن أف نُش د يػات اآلفػاؽ واألنفػس علػى أف ديػن اهلل حػق أو أف نعطػػي مع ػػٌت قريب ػاً مبس ػػطاً ؼبع ػػٌت يػػات اآلف ػػاؽ واألنف ػػس ،وأف داللت ػػا قطعي ػػة ح ػػُت تستويف شروط ا . ٘ -يف القع ػػاء يطلب ػػوف البين ػػة واألدل ػػة والش ػ ود ،واهلل تع ػػاىل يق ػػيم عل ػػى دين ػػو وكتاب ػػو شػػاىدي عػػدؿ ،ونبػػا يػػات اآلفػػاؽ واألنفػػس ،حػػُت يقػػوؿ ( سػػنري م ياتنػػا يف اآلفػػاؽ ويف أنفس م حىت يتبػُت ؽبػم أنػو اغبػق ) ونبػا شػاىداف معتػااف ؽبمػا حػق الشػ ادة ،وميػلة ىػذين الشػػاىدين أ مػػا نلي ػػاف ػػَتُ ُمت مػػُت بػػالتةيل واؽبػػوى ،فل ػػذا مػػن اسػػتطاع أف يُشػ د علػػى قعػػيتو يػػات اآلفػػاؽ واألنفػػس فقػػد اسػػتو نهػػاب الشػ ادة وأخػػرج الػػدليل مػػن عػػاَل الغيػ إىل عاَل الش ادة . وللمجادؿ أف يهادر يات ال تاب ول ػن ال يب نػو أف يهػادر يػات اآلفػاؽ واألنفػس ،فمن ىذا اعبان صار دليل الدين دليبلً عاؼبيػاً إنسػانياً علميػاً ،ولػيس دلػيبلً لطائفػة معينػة من الناس إ ( يا أي ا الناس قد جاءكم برىاف من رب م ) . . - ٙحينمػػا كانػػت اؼبعػػارؼ ظنيػػة وتابعػػة لؤلى ػواء ،وَل ت ػػن تش ػ د ؽبػػا يػػات اآلفػػاؽ واألنف ػػس ،ك ػػاف النػ ػلاع هب ػػري في ػػا ،ول ػػن ح ػػُت قام ػػت أدلت ػػا م ػػن اآلف ػػاؽ تغ ػػَت الوع ػػع
فخرجت ال يمياء من السةر لتهب علماً دقيقاً .وى ذا حُت بدأ علم النفس واالجتماع يأخذ أدلتػو مػن اآلفػاؽ واألنفػس صػار علمػاً ،ف مػا ال يوجػد فلػك ىنػدي وصػيٍت ومهػري ويوناي اآلف كما كاف موجوداً يف السابق ،كذلك سي وف شأف الدين حػُت يهػَت علمػاً يف ظل يات اآلفاؽ واألنفس . والقر ف يعرض الدين كأمر واحد عاؼبي ( ال نفرؽ بُت أحد من رسػلو ) ( ،شػرع ل ػم وصى بو نوحاً ( ) . .الشػورى ٖٔ ) ( إف الػدين عنػد اهلل اإلسػبلـ ) ( ومػن من الدين ما َّ ير ػ عػػن ملػػة إب ػراىيم إال مػػن سػػفو نفسػػو ولقػػد اصػػطفيناه يف الػػدنيا وإنػػو يف اآلخػػرة ؼبػػن الهاغبُت إذ قاؿ لو ربو أسلم ،قاؿ أسلمت لرب العاؼبُت ،ووصى هبا إبراىيم بنيو ويعقوب إ يا بٍت إف اهلل اصػطفى ل ػم الػدين فػبل سبػوتن إال وأنػتم مسػلموف ) ( البقػرة ٕٖٔ ) وعلػى ج ىذه اآليات جاء قوؿ الرسوؿ « األنبياء أبناء عبلت أبوىم واحػد وأم ػاهتم شػىت » ( البخاري ) . - ٚيػػذكر إقبػػاؿ أف ىػػذه اآليػػة جعلػػت يػػات اآلفػػاؽ واألنفػػس مهػػادر ؼبعرفػػة اغبػػق ، ف ػػأف ىػػذا القػػوؿ ي ػػر شػػيعاً جديػػداً يف أدلػػة أصػػوؿ الػػدين مػػن ال تػػاب والسػػنة والقيػػاس واإلصباع ،ودبقتعى ىذه اآلية ف ف يات اآلفاؽ واألنفس ؽبا حق معرفة اغبق وكشفو .ىذا اغبق كشيء مسػتنبط مػن ال تػاب ال يػؤدي دوراً كبػَتاً مثػل قولػو تعػاىل إ ( سػَتوا يف األرض فان روا كيف بدأ اػبلق ) ول ن حُت يبدأ الناس يتعلمػوف كيػف يتعػاملوف مػع يػات اآلفػاؽ واألنفػػس ف ػ ف داللػػة يػػات اآلفػػاؽ واألنفػػس تطل ػع عػػوءاً مب ػراً وبػػق معػػو أف يقػػاؿ إ طلػػع الهػػباح فػػأطفت القنػػديبل .ول ػػن الػػذين ظلػوا طػػويبلً يف ال ػػبلـ يهػػيب م العشػػى مػػن العػػوء الساطع . وقد يرى بعل الناس يف ىذا االذباه خروجاً من الدين وتعييعاً لو ،ول ننا نرى ع س ذلػػك .نػػرى أف ىػػذا األسػػلوب سػػيعطي اؼبتػػدينُت هبػػاء كب ػَتاً كمػػا سػػي وف سػػبباً يف دخػػوؿ الناس يف دين اهلل أفواجاً .وإف أمثاؿ جارودي من مؤشرات ىذا االذباه وإف كػاف ال يرعػى
عػػن أف ػػاره كثػػَتوف خػػروف مػػن جوان ػ ـبتلفػػة ،ف نػػو ىػػو أيع ػاً يػػرى أ ػػم وبملػػوف رم ػػاد السلف ال شعلت م . - ٛكثَتاً ما يواج ٍت الشباب اؼبتةرؽ إىل التعػاوف والتػالف وتوحيػد اعب ػود اإلسػبلمية وحىت اإلنسػانية -بسػؤاؿ مػا السػبيل إىل توحيػد اؼبسػلمُت أو العػاملُت لئلسػبلـ إي قػدأشػػرت يف بعػػل كتػػيب أف اعب ػواب التقليػػدي ؽبػػذا الس ػؤاؿ ىػػو قػػوؽبم إ بػػالعودة إىل ال تػػاب والس ػػنة والس ػػلف اله ػػار .ل ػػن ى ػػذا اعب ػواب َل يع ػػد كافي ػاً عل ػػى وع ػػعو التقلي ػػدي ول ػػي يه ػػدؽ ى ػػذا اعب ػ ػواب وي تسػ ػ فاعليت ػػو العملي ػػة ال ب ػػد م ػػن أف ي ش ػػف اؼبس ػػلموف و ػػَت اؼبسػػلمُت من جػاً لف ػػم ال تػػاب والسػػنة وكػػل الػًتاث اإلنسػػاي .وأنػػا أسػػتبق اعبػواب اؼبفهػػل إىل اعبواب اؼبقتع ،وأقوؿ إف ىذا اؼبن ج من ج يات اآلفػاؽ واألنفػس .إف ىػذا اؼبػن ج ىػػو الػػذي سػػيةدد معػٌت ال تػػاب ومعػػٌت السػػنة ،ومعػػٌت ف ػػم النػػاس ؽبمػػا علػػى مػّػر التػػاريخ . ولقػػد ذكػػرت يف أينػػاء مػػا أكتػ إشػػارات وظػػات إىل أنبيػػة يػػات اآلفػػاؽ واألنفػػس .وإ مػػا نوع من الوحي واألسلوب الذي يعلن بو اهلل إرادتو ػبلقو ،وىذا األسلوب اعبديد لو ميلات جديدة أيعاً . أرجو أف ينتبو القارئ إىل ىػذا اؼبوعػوع ويتتبػع وهبمػع شػتات مػا كتبػت يف ىػذا اجملػاؿ ، ويدرب نفسػو علػى تػذوؽ يػات اهلل يف اآلفػاؽ واألنفػس وملايانبػا ،وإ مػا طريقػاف لتةويػل الدين إىل العلم والعاؼبية .وكلما صار شيء علماً صار عاؼبياً .ودبا أف اإلسبلـ يتعمن ىذا النػػوع مػػن اػبطػػاب الربػػاي وىػػذا التعػػمن ىػػو الػػذي جعلػػو عاؼبي ػاً ،وىػػو عػػاؼبي مػػن أساسػػو ونشأتو األوىل ( وما أرسلناؾ إال كافة للناس ) . إذف إف ىذا اؼبن ج ىو الطريق الػذي سػتتوحد بػو اؼبػذاى اإلسػبلمية بػل وسػيتوحد بػو العاَل ( ولتعلمن نبأه بعد حُت ) ( سورة ص . ) ٛٛ / واؼبسلموف يطَتوف فرحاً إذا رأوا شػيعاً مػن يػات اآلفػاؽ واألنفػس يػدعم ديػن م ،ول ػن الػػذي ال ينتب ػػوف إليػػو بدقػػة ىػػو أف يػػات اآلفػػاؽ واألنفػػس إذا صػػارت من ج ػاً ؿبػػدد اؼبعػػاَل راسػػخ البنيػػاف يابػػت األركػػاف يف أرعػػية يػػات ال تػػاب ،ىنػػاؾ يتةقػػق علػػم اهلل اؼبوعػػود يف
ذباوز الفساد يف األرض ،وسفك الدماء ،واالىتػداء إىل سػبل السػبلـ ( ي ػدي بػو اهلل مػن اتبع رعوانو سبل السبلـ وىبرج م من ال لمات إىل النور ) ( اؼبائدة . ) ٔٙ / إف اؼبراج ػػع التقليدي ػػة ال زب ػػرج م ػػن النت ػػائج التقليدي ػػة .وك ػػذلك التغ ػَتات اؼبرحلي ػػة ت ػػل وقائع ػػا مرحليػػة ( قػػد نػػرى تقل ػ وج ػػك يف السػػماء فلنولينػػك قبلػػة ترعػػاىا ) ( البقػػرة / ٗٗٔ ) . وعلم الفلك مثل واع وقري يف أف يات اآلفاؽ واألنفس توحد الف م وتليل النلاع واػبهاـ ،فبعد ف ش دت يات اآلفاؽ على علم الفلك َ ،ل يعد ىناؾ جداؿ وال خهاـ وتوحد ف م العػاَل لسػَت األرض والشػمس والقمػر والنجػوـ .وَل يعػودوا يتطػارحوف النهػوص يف الشد واعبذب والتعليل والتف َت .ف ذا إذا رأينا يات اآلفاؽ واألنفس وسب نػا مػن أف نري ا لغَتنا ف ناؾ يلوؿ التدابر ووبل الوئاـ ،ويتبُت ؽبم أين موطن اغبق ( سػنري م ياتنػا يف اآلفاؽ ويف أنفس م حىت يتبُت ؽبم انو اغبق ) ( فهلت . ) ٖ٘ / ولقد حدث أف أبدى بعل الشػباب ب ػل إخػبلص تسػا الهتم يف أف الرسػوؿ صػلى اهلل عليو وسلم ،ىل يب ن أف يًتؾ األمة بعده من َت أف وبػدد مػن يقػودىم ويرجعػوف إليػو يف مش بلهتم . . . وكاف جػوا بالهػدؽ واإلخػبلص نفسػو ،أي أريػد أف أتػرؾ األسػلوب الػذي تعودنػا أف نبةث بو ىذا اؼبوعوع من الرجوع إىل النهوص اليت تتجاذهبا طوائف اؼبسلمُت ويتجػادلوف يف ص ػػةة يبوهت ػػا أو داللت ػػا .وإي أش ػ ركم أف الس ػؤاؿ ط ػػرح بش ػ ل منطق ػػي ،ال بش ػ ل نهوصي . وأنػػا أقػػوؿ ل ػػم مػػن ػػَت أف أدعػػي إ ػػاء اؼبوعػػوع وإعطػػاء اغب ػػم الفهػػل فيػػو .دبػػا أننػػا معشر اؼبسلمُت كبمل ديناً عاؼبياً ندعو العاَل صبيعاً إليو .ىذا العاَل الػذي لػو ذباربػو اؼبعػنية يف ىػذه اؼبواعػػيع بالػػذات .ىػػل فبػػا يناسػ ىػذا العػػاَل الػػذي نػػدعوه اآلف أف نقػػوؿ لػػو إ إف رسوؿ اهلل حدد مهدر معرفة اغبق يف شخا معُت ومن سبللة معينة ،وإف الذي يقود
اؼبسػػلمُت يُعػػُت وىػػو ال يػلاؿ طفػبلً ،أـ أف نقػػوؿ إف األمػػر يف اإلسػػبلـ إ ( إف كػػرم م عنػػد اهلل أتقاكم ) ،وأف أوىل الناس بوالية قعية أكفؤىم ؽبا . ػاؿ كثػَتة متطاولػػة -سػواء يف أنػا ال أزعػػم أـ مثػل ىػػذا اؼبوعػػوع الػذي لػػو مػن العمػػر أجيػ ٌ تاريخ اؼبسلمُت أو تاريخ البشر عامػة -يُن ػى دبثػل ىػذا ال ػبلـ .ول ػن فقػط أريػد أف ألقػي عػػوءاً علػػى يػػات اآلفػاؽ واألنفػػس يب ػػن أف تتػػدخل ب ػػل موعػػوعية وحياديػػة إللقػػاء أعػواء كاشفة على مواعػيع ظلػت تبةػث مػن منطلقػات ابػت عن ػا داللػة يػات اآلفػاؽ وذبػارب األمم وسنة الذين خلوا من قبل . . وفبا يبعث على التفا ؿ أننا ال نعدـ اذباىات سعمت األسلوب التقليدي يف حبث ىذه اؼبشػ ػ بلت .وم م ػػا ك ػػاف ع ػػدد ى ػػؤالء قل ػػيبلً وأصػ ػواهتم خافت ػػة ،وج ػػودىم مبعث ػػرة ،فػ ػ ف اؼبسػػتقبل ؽبػػم ،و يػػات اآلفػػاؽ واألنفػػس مع ػػم ،وىػػم الػػذين سػػيتمتعوف بالقوامػػة بالقسػػط ، والش ػ ادة بػػاغبق ،ولػػو علػػى أنفس ػ م أو الوالػػدين واألق ػربُت ،أولعػػك ىػػم الػػذين سػػي ونوف على قدـ صػدؽ وسػيلوؿ مػا يف صػدورىم مػن ػل .ا إف الرسػوؿ صػلى اهلل عليػو وسػلم - نفس ػػو يس ػػتخدـ ي ػػات اآلف ػػاؽ واألنف ػػس لية ػػل اؼبشػ ػ لة خ ػػارج النه ػػوص .وال م ػػانع م ػػن التذكَت باغبديث الذي أكرره كثَتاً ؼبا لو من الداللة واألنبية يف ىذا اؼبوعوع موعػوع يػات اآلفػػاؽ واألنفػػس .وذلػػك اغبػػديث الػػذي يػػًتؾ فيػػو الرسػػوؿ االحتجػػاج بسػػلطانو النبػػوي وسلطاف ما أوحي إليو .ليتخذ يات اآلفاؽ واألنفس دليبلً وحجة لبياف موعوع معُت وقع اعبداؿ فيو مع صاحبو زياد بن لبيد . ( ذكر ابن كثَت يف تفسَت سورة اؼبائدة اآلية ٖ ٙوصةةو عن اإلمػاـ أضبػد قػاؿ إ ذكػر النػػيب شػػيعاً فقػػاؿ إ وذاؾ عنػػد ذىػػاب العلػػم ،قلنػػا يػػا رسػػوؿ اهلل إ كيػػف يػػذى العلػػم وكبػػن قرأنػػا القػػر ف ،ونقرئػػو أبناءنػػا .وأبنا نػػا يقرئػػوف أبنػػاءىم .فقػػاؿ إ ي لتػػك أمػػك يػػا ابػػن لبيد إ ْف كنت ألراؾ من أفقو رجل يف اؼبدينة .أوليس ىذه الي ػود والنهػارى بأيػدي م التػوراة واإلقبيل وال ينتفعوف فبا في ما بشيء ) .
ىنػػا يلجػػأ رسػػوؿ اهلل إىل يػػات اآلفػػاؽ واألنفػػس ليةسػػم الن ػلاع واعبػػداؿ يف يػػات ال تػػاب ،وإف يػػات ال تػػاب قػػد ت ػػف عػػن أدائ ػػا دور العلػػم يف ظػػروؼ معينػػة ،والرسػػوؿ ىنا يستش د حبدث تارىبي واقع أماـ العاَل صبيعاً ال يب ػن أف ين ػره أحػد .وىػذه القػوة آليات اآلفاؽ واألنفس أشرنا إلي ا قريباً حُت قلنا إف داللت ػا عاؼبيػة ،وفػوؽ العقائػد اؼبورويػة ( اإلي ػػديولوجيات ) وَل وب ػػاوؿ ىن ػػا رس ػػوؿ اهلل أف يق ػػوؿ أن ػػا رس ػػوؿ اهلل ،وال أنط ػػق ع ػػن اؽبوى وعليك أف تسلم دبا أقوؿ وال ذبادؿ فيو .إف ىذه اغبادية واغبوار العجي الػذي دار يف مطلع اغبياة اإلسبلمية لعميق الداللة ،وسوؼ ال ي ف عػن عطػاء مػا وبتويػو مػن مػن ج ال يلاؿ يتألق على مر العهور يف أنبية الوقائع يف اآلفاؽ واألنفس .وىذا ما أردنا أف نععو أم ػػاـ الش ػػباب اؼبس ػػلم ليت ػػأملوا في ػػو ،ل ػػيس كة ػػادث جلئ ػػي وإمب ػػا كم ػػن ج ،إال أف ؿباول ػػة االستفادة من ىذا اؼبن ج يقتعي معرفة لؤلحداث وإحهاء لوقائع التػاريخ و ربلػة ،وتػدقيقاً لػربط األسػػباب بالنتػػائج ،ولػػيس ؾبػػرد رقيػػة إذا تلوناىػػا شػػفينا مػػن أدوائنػػا الف ريػػة واعبسػػدية كما ىبيل إلي م . - ٜقاؿ إقباؿ يف كتابو ذبديد التف َت الديٍت يف اإلسبلـ إ ( إف نيب اإلسبلـ يبدو أنو يقوـ بُت العاَل القد والعاَل اغبديث ،ف و من العاَل القػد باعتبػار مهػدر رسػالتو ،وىػو م ػػن الع ػػاَل اغب ػػديث باعتب ػػار ال ػػروح ال ػػيت انط ػػوت علي ػػا .فللةي ػػاة يف ن ػػرة مه ػػادر أخ ػػرى للمعرفة تبلئم اذباى ا اعبديػد .ومولػد اإلسػبلـ -كمػا أرجػو أف أسب ػن مػن إيباتػو ل ػم بعػد قليل إيباتاً تطمعنوف إليو -ىو مولد العقل االستدال .وإف النبوة يف اإلسبلـ لتبلػس كماؽبػا األخػػَت يف إدراؾ اغباجػػة إىل خ ػػتم النبػػوة نفس ػ ا .وى ػػو أمػػر ينطػػوي علػػى إدراك ػػا العمي ػػق السػػتةالة بقػػاء الوجػػود معتمػػداً إىل األبػػد علػػى مقػػود يقػػاد منػػو ،وإف اإلنسػػاف ل ػػي وبهػػل كماؿ معرفتو لنفسو ،ينبغي أف يًتؾ ليعتمد يف الن اية على وسائلو ىو . إف أبطاؿ اإلسبلـ للرىبنة ،ووراية اؼبلك ،ومناشدة القر ف للعقل وللتجربة علػى الػدواـ ،وإصراره على الن ر يف ال وف ،والوقوؼ على أخبار األولُت مػن مهػادر اؼبعرفػة اإلنسػانية .كل ذلك صور ـبتلفة لف رة ختم النبوة . .
واغبػػق أف القػػر ف يعػػد األنفػػس واآلفػػاؽ مهػػادر للمعرفػػة ،فالػػذات اإلؽبيػػة ترينػػا ياهتػػا يف أنفسػػنا ويف العػػاَل اػبػػارجي علػػى السػواء .وؽبػػذا وجػ علػػى اإلنسػػاف أف وب ػػم علػػى كفايػػة كل ناحية من نواحي التجربة يف إفادة العلم .وعلى ىذا فف رة ختم النبوة ينبغػي أال يف ػم من ا أ ا تفًتض أف مهػَت اغبيػاة يف الن ايػة ىػو إحػبلؿ العقػل ؿبػل الشػعور إحػبلالً كػامبلً . فمثػػل ىػػذا لػػيس فب ن ػاً وال مر وب ػاً ،إمبػػا قيم ػػة ىػػذه الف ػػرة م ػػن الناحيػػة العقليػػة ،ى ػػي يف اذباى ػػا إىل خلػػق نلعػػة حػػرة يف سبةػػيا الرياعػػة الهػػوفية ،إذ ذبعػػل اإلنسػػاف يعتقػػد أف كػػل ٍ ػخا يػػلعم أف لػػو أصػبلً خارقػاً للطبيعػػة ،قػػد فػػات أوانػػو يف تػػاريخ البشػػر .ومثػػل سػػلطاف شػ ٌ ىذا االعتقاد قوة سي ولوجية ربوؿ دوف مبو مثل ىذا السلطاف .وعمل ىذه الف رة ىو أنػو تفػػت سػػببلً جديػػدة للمعرفػػة يف ميػػداف الرياعػػة الروحيػػة عنػػد اإلنسػػاف .والقػػوؿ بػػأف اآليػػات الدالة علػى الػذات اإلؽبيػة تتجلػى يف األنفػس ،قػد خلػق روح النقػد التقليػدي لعلػم اإلنسػاف جرد قوى الطبيعة من الهبغة اإلؽبيػة الػيت أعػفت ا علي ػا بالعاَل اػبارجي ،ووطد أركا ا بأف َّ الثقافات األوىل ) ( ٔ ) . ويب ن الن ر إىل ف رة ختم النبوة من جان خر علػى أ ػا ف ػرة تعلػن انت ػاء الػدورات اغبعػػارية .فاغبعػػارات كانػػت تسػػَت وفػػق الػػدورات .أي تولػػد عػػعيفة ا تقػػوى وتشػػتد ا تععف وتػلوؿ ،ول ػن اغبعػارة ليسػت كاإلنسػاف الفػرد ،يتعػرض لتةلػل حياتػو الععػوية ، ول ن اغبعارة ربلل ا ف ري نفسي ،وىذا قابل للعبلج والليادة والنمو ،إذا عرؼ اإلنساف سػػننو .ومثػػل ذلػػك األرض اللراعيػػة كانػػت تت ػػوف سػػابقاً تلقائيػاً ا تقػػد صػػبلحيت ا ،ول ػػن تدخل ج د اإلنساف التسػخَتي الػواعي ،ح ّػوؿ األراعػي ػَت الهػاغبة إىل صػاغبة ،وجعػل الهاغبة تستمر يف الهبلح ،ف ذا فرؽ بػُت مػا وبػدث تلقائيػاً ،وبػُت مػا وبػدث تسػخَتياً ، وقاؿ مالك بن نيب يف ىذا إ « واألشياء تسَت فعبلً كذلك إف تركت لشػأ ا أي تلقائيػاً » . والعاَل اإلسبلمي إمبػا خػرج عػن خػط سػَته ؽبػذا السػب .ول ػن بانت ػاء النبػوة وختم ػا فقػد انت ت الدورات وأمسك اإلنساف بسنن اغبعارة ،ليجعل ػا مسػتمرة ،وىػذا اؼبوعػوع تناولػو ( ٔ ) ذبديد التف َت الديٍت إلقباؿ صفةة ٗٗٔ ٔٗ٘ -طبع القاىرة ٜ٘٘ٔ
توينيب ب ثَت من الًتدد ،وقاؿ كػاؿ عػن ىػذا اؼبوعػوع ،موعػوع الػدورة اغبعػارية « إف كػل قانوف يفرض على العقل نوعاً من اغبتمية ،تقيد تهرفو يف حػدود القػانوف » . .ا يقػرر « وب ػػذلك تتغ ػػَت وج ػػة الن ػػر يف س ػػَت الت ػػاريخ إذ أف اؼبراح ػػل ال ػػيت تتقب ػػل أو ال تتقب ػػل التغي ػػَت حس ػ طبيعت ػػا ،ته ػػب مراح ػػل قابل ػػة كل ػػا للتغي ػػَت ألف اغبتمي ػػة اؼبرتبط ػػة هب ػػا ،أص ػػبةت اختياراً يتقرر يف أعماؽ النفوس ( ٔ ) . فمعٌت ختم النبوة ختم الدورة اغبعارية . واؼبيلة األخرى ظمد أنو للناس كافة ،وىػذه في ػا ف ػرة عاؼبيػة اغبعػارة ،وانت ػاء زمػن تعػدد اغبعػػارات ،وإف كنػػا ال نػلاؿ نعػػيذ دورة اغبعػػارة وتعػددىا ،إال أف إرىاصػػات زواؽبػػا بدأت تاز ؼبن تأمل .ىذه حقائق تشَت إلي ا يات اآلفاؽ واألنفػس .ول ػن ال ننتبػو إلي ػا بالقدر ال ايف من االىتماـ ،فالعػاَل بسػَت خبط ًػى حثيثػة إىل العاؼبيػة يومػاً بعػد يػوـ ،مػدفوعاً ػػَت ـبتػػار ،واللبػػد يػػذى جفػػاء ،ومػػا ينفػػع النػػاس سػػيبقى ،وسػػيف م النػػاس يف اؼبسػػتقبل ىذه األمور ربػت أشػعة أعػواء معينػة وإف كانػت اآلف ربػت بػار األنقػاض .ىػذه مؤشػرات يات اآلفاؽ واألنفس . ٖ-( وس ػػخر ل ػػم م ػػا يف الس ػػموات وم ػػا يف األرض صبيعػ ػاً من ػػو إف يف ذل ػػك آلي ػػات لق ػػوـ يتف روف ) ( اعبايية ) ٖٔ - ىذه اآلية من اؼبقامات اظمودة اليت رفع اهلل اإلنساف إلي ا ،ومػن درجػات الت ػر الػيت وىب ا إياه حُت قاؿ إ ( ولقد كرمنا بٍت دـ وضبلناىم يف الا والبةر ورزقناىم من الطيبػات ) ( اإلسراء . ) ٚٓ / ٔ -يف ىذه اآلية م انة اإلنساف اغبقيقية أو كما يقوؿ إقباؿ إ ( مقاـ النيابة اإلؽبية ) ،ف ػ ذا كػػاف مػػا يف السػػموات واألرض صبيع ػاً مسػػخراً ػبدمػػة اإلنسػػاف ،ف ػ ف نائ ػ اغبػػق - اإلنسػػاف -يػػأمر ىػػذه األشػػياء فتطيعػػو حػػُت وبقػػق شػػروط ا .إف اإلنسػػاف يػػأمر لػػة يهػػنع ا ( ٔ ) مقدمة كتاب حىت يغَتوا ما بأنفس م اليت كتب ا مالك بن نيب .
للسػػفر إىل ال واك ػ ،فتػػذى وتنفػػذ األوامػػر وتعطػػي اؼبعلومػػات ،وتعػػود ،إف ىػػو أمرىػػا بذلك .إ ا عينة من أجبدية التسخَت وأفق من فاؽ العلم . . . ٕ -إف التسػػخَت ىػػو الوصػػوؿ بػػالعلم -اؼبعرفػػة الن ريػػة للقػػانوف والسػػنة -إىل أقهػػى اياتػػو ،ػبدمػػة اإلنسػػاف يف حياتػػو العمليػػة اليوميػػة ،ويب ػػن أف نػػرى ذلػػك يف مثػػل الق ػراءة وال تابة وتطورنبا .فقد عرف ما اإلنساف منذ طبسػة الؼ عػاـ ،وأخػذ تسػخَته ؽبمػا يػلداد م ػػع اخػ ػًتاع ال ػػورؽ من ػػذ حػ ػوا ٓٓ٘ٔ ع ػػاـ ،ا م ػػع اخ ػػًتاع الطباع ػػة ،ف ػػاخًتاع اغباسػ ػ اإلل ػػًتوي ووس ػػائل خ ػػلف اؼبعلوم ػػات األخ ػػرى ح ػػديثاً ،وم ػػع ذل ػػك ال زاؿ تس ػػخَت القػ ػراءة وال تابة قاصراً عن مداه . وكبػػن ال نػػرى مػػا سػػخر لنػػا مػػن الػػدواب واأل ػػار والفلػػك ،ونػػرى كيػػف أف تسػػخَتىا يتنػػامى مػػع الػػلمن ،ومػػن رأى كيػػف بػػدأ اػبلػػق يعلػػم كيػػف يتعػػاعف التسػػخَت ،وتلػػوح لػػو مبلم النشأة اآلخرة ،في وف األمر كمػا قػاؿ جػبلؿ الػدين الرومػي ،عػن الػذي يبشػي وراء مسػػك الغػلاؿ إ يبشػػي حينػاً علػػى تتبػػع األيػػر ا يبػػدأ يتبػػع رائةػػة اؼبسػػك ،ومرحلػػة مػػن ىػػذا تساوي مرحلة من ذلك . إف السػػلطاف ىػػو العلػػم ،والنفػػوذ مػػن أقطػػار اؼبسػػخرات ال يػػتم إال بالسػػلطاف .وكمػػا اخًتق ػػت الط ػػائرات ح ػػاجل اله ػػوت ،فبالس ػػلطاف س ػػيخًتؽ ح ػػاجل الع ػػوء ،ال ػػذي أقام ػػو انشتاين كعقبة أماـ سلطاف اإلنساف .يقوؿ ؿبمػد إقبػاؿ إ إي اسػتفدت مػن معػراج الرسػوؿ إ أف اإلنساف ليس بعيداً عن السماء . ٖ -إف التسػ ػػخَت تسػ ػػخَتاف ؛ تسػ ػػخَت عػ ػػاَل اآلفػ ػػاؽ ،وتسػ ػػخَت عػ ػػاَل األنفػ ػػس .إف تسػػخَت عػػاَل اإلنسػػاف -األنفػػس -أصػػع التسػػخَتين ،وأبعػػدنبا مػػن اإلخعػػاع ،وؽبػػذا أن ر اؼبن روف ،وال سيما الغربيوف ،أف ت وف الشؤوف اإلنسانية خاععة للعلم . وحىت ال يقتهر معٌت التسخَت علػى اآلفػاؽ فقػط ،ال بػد مػن إشػارات إىل أف التسػخَت اغبقيقي ،والعلم اليقيٍت اعبدير باسػم العلػم ،إمبػا ىػو العلػم اؼبتعلػق باإلنسػاف -األنفػس - وسػػَت اجملتمعػػات ،وىػػذا االذبػػاه واعػ م ػػرر يف القػػر ف كثػَتاً .وإف أىػػداؼ اغبعػػارة اليػػوـ
تنػػاقل أىػػداؼ القػػر ف ؛ أل ػػا ال تليػػق باإلنسػػاف وال ربقػػق إنسػػانيتو ،فمػػثبلً يعلػػن القػػر ف بالوعػوح والهػراحة ال املػة إ أف كثػػرة اؼبػواؿ واألوالد ليسػت ىػػي الػػيت تقػرب مػػن اهلل ( ومػػا أمػوال م وال أوالدكػػم بػػاليت تقػرب م عنػػدنا زلفػػى ) ( سػػبأ ، ) ٖٚ /ويُسػػفو قػػوؿ القائػػل إ ( أنػػا أكثػػر منػػك مػػاالً وأعػػل نف ػراً ) ( ال ػػف ) ٖٗ /؛ واؼبػػاؿ والنفػػر يف ىػػذه اآليػػة يقػػاببلف اعبان االقتهادي والعس ري . وإىل يومنػػا ىػػذا نقػػدر درجػػة تقػػدـ اغبعػػارة دبقػػدار الػػدخل السػػنوي للفػػرد ونهػػيبو مػػن اغباجات األساسية وال مالية .ول ن الرقي اغبقيقي ( التقػوى ) ،أف ي ػوف اإلنسػاف قػادراً على ي الػنفس عػن اؽبػوى .وينبغػي أف ننبػو ىنػا إىل أف الػذي ين ػره القػر ف لػيس التسػخَت والتمتػع بالطيبػػات ( قػل مػػن ح َّػرـ زينػػة اهلل الػػيت أخػرج لعبػػاده والطيبػات مػػن الػرزؽ .قػػل ىػػي للذين منوا يف اغبياة الدنيا خالهػة ؽبػم يػوـ القيامػة ) ( األعػراؼ ( ، ) ٖٕ /قػل إمبػا ح َّػرـ ر الفواحذ ما ظ ر من ا وما بطن ) ( العراؼ . ) ٖٖ /وكبن نقوؿ ىنا ما قالػو إقبػاؿ إ لػػيس القه ػد أف ال يبلػػك اإلنسػػاف الػػدنيا ،ول ػػن أف ال سبلػػك الػػدنيا اإلنسػػاف ،أي أف ال تتةوؿ الوسائل إىل أىداؼ ويهف إقباؿ اؼبؤمن بقولو إ ل ػ ػ ػ ػػيس من ػ ػ ػ ػػا ذرة وتػ ػػرى ال ػ ػػدنيا انط ػ ػػوت يف يف قلبو كسبو ومن ىنا قوؿ الرسوؿ صلى اهلل عليو وسلم « مػا الفقػر أخشػى علػي م ،ول ػن أخشػى أف تف ػ ػػت ل ػ ػػم ال ػ ػدنيا فتنافس ػ ػػوىا كم ػ ػػا تنافس ػ ػػوىا وهتل ػ ػػم كػ ػػم أىل ػ ػػت م ػ ػػن ق ػ ػػبل م » فاغبعػػارات كل ػػا انتةػػرت علػػى ىػػذا اؼبنللػػق ،وقليػػل مػػن األفػراد ينجػػوف يف ال ػػروؼ الراىنػػة للبشرية . قػػف عنػػد ىػػذه النقطػػة ،وتأمػػل جيػػداً حػػىت ال ت ػػوف كػػاليت نقعػػت لؽبػػا أن اي ػاً .و توينيب حاـ حوؿ ىذا اؼبوعوع يف أمػاكن متعػددة مػن كتابػو ( دراسػة التػاريخ ) وحبػث طبيعػة ارتقػػاء اغبعػػارات ،ربػػت عن ػواف ( الػػدروب اػبادعػػة ) .قػػاؿ إ ( ىػػل يقػػاس االرتقػػاء وفق ػاً لسيطرة متلايدة على بيعة اجملتمػع اػبػارجي إف شبػة نػوعُت مػن مثػل ىػذه السػيطرة اؼبتلايػدة ؛
سػػيطرة متلايػػدة علػػى البيعػػة البشػرية الػػيت تتخػػذ عػػادة شػ ل ػػلو الشػػعوب اجملػػاورة ،وسػػيطرة متلايدة علػى البيعػة اؼباديػة ،تعػا عػن نفسػ ا بتةسػينات يف األسػلوب الت نولػوجي اؼبػادي ، ويػػورد أمثلػػة لبيػػاف أف أيػاً مػػن ىػػاتُت ال ػػاىرتُت -سػواء التوسػػع السياسػػي واغبػػر أو ربسػػُت األسػػلوب الفػػٍت -ال يعتػػاه قاعػػدة مناسػػبة لقيػػاس ارتقػػاء اإلنسػػاف اغبقيقػػي ؛ ف ػ ف التوسػػع اغب ػػر الت نول ػػوجي ع ػػادة ،نتيج ػػة نلع ػػة حربي ػػة تعت ػػا ب ػػدورىا قرين ػػة للت ػػدىور ،وال تب ػػدي التةسػػينات الت نولوجيػػة س ػواء كانػػت زراعيػػة أـ صػػناعية ،سػػوى ارتبػػاط قليػػل ،أوال شػػيء البتة ،بين ا وبُت االرتقاء الهةي ) . ػداره ويذكر توينيب أف ىذا اؼبوعوع اختلط علػى ( ويلػل ) فيقػوؿ إ ( إنػو فشػل لسػب َم ُ إ إخفاقػػو يف ربويػػل ركػػازه الروحػػي -كلمػػا اتهػػل سػػياؽ روايتػػو -مػػن الناحيػػة ال ونيػػة إىل اإلنسانية ) . كما يػذكر تػوينيب ،الفراعنػة الػذين بنػوا األىرامػات ،وكيػف أف اؼبػوت ألقػى يػده البػاردة على حياة حعارهتم الناميػة ،يف اللة ػة الػيت ربػوؿ عنػدىا التةػدي ،مػن اؼبيػداف اػبػارجي إىل الػػداخلي ،حينمػػا اسػػتغلوا قبػػاح م االقتهػػادي اللراعػػي ،الفػػٍت ،يف بنػػاء األىرامػػات ، كمػػا يسػػتغل اليػػوـ التقػػدـ االقتهػػادي والفػػٍت -بعػػد أربعػػُت قرنػاً مػػن ذاؾ التػػاريخ -يف بنػػاء الًتسانات النووية وسباؽ التسل ( ٔ ) . كما يػذكر تػوينيب أف مبػادئ انػدي ولينػُت ،اكبػدرت إىل طرائػق ( فػورد ) األمري ػي . وفبا يدؿ على ىذا االكبدار ،أف وزير خارجية الهُت يف زيارتػو األوىل يف ايػة عػاـ ٜ٘ٔٛ لبعل الببلد العربية ،كاف يغَت بذلتو األوروبية من يوـ آلخر ،بينمػا كػاف مػاو وشػوئنبلي ، وبتف اف ببذلة العمل الهيٍت ،ذات الياقة الواقفة . إف موعوع التسخَت موعوع م م ،ومع أنبية ىذه اآلية ال ريبػة الػيت ترفػع اإلنسػاف إىل اؼبقاـ ال ر ،قبد خطورة الوقوع يف اؼبنةػدر العميػق .وإذا تػذكرنا أف اؼبسػؤولية تػلداد كلمػا ازدادت النعم ػػة ،نت ػػذكر أف اؼبس ػػؤولية ال ػػيت تقاب ػػل ( س ػػخر ل ػػم م ػػا يف الس ػػموات وم ػػا يف ( ٔ ) راجع الفهل العاشر من كتاب ( دراسة للتاريخ ) ،توينيب .
األرض صبيعاً منو ) مسؤولية تبدو ال ائية ،بل يراىػا كثػَت مػن النػاس مسػؤولية مسػتةيلة . ويل ػػوح أف ت ػػوينيب م ػػن ب ػػُت م ػػن ي ػػروف ى ػػذا الػ ػرأي ،حي ػػث ي ػػذكر كثػ ػَتاً أن ػػو ال يب ػػن أخ ػػذ الت نولوجيػػا الغربيػػة بػػدوف التلػػوث دببادئ ػػا األخبلقيػػة ،فمػػن ىػػذا اعبان ػ قب ػد تػػوينيب يقػػف موقػػف عامػػة مش ػػاىبنا التقلي ػػدي مػػن اغبع ػػارة الغربي ػػة ،ف ػػو ي ػػاد يبي ػػل إىل اعب ػواب ال ػػذي أجي بو طائفة البيت العتيق وىو ينشد إ ف ي ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػف هب ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػ ػػوى أىػػوى ىػػوى الػػدين واللػػذات اللذات والدين تعجبٍت فأجابو أحدىم قائبلً إ دع ما شعت وخذ أحدنبا ،يعٍت ال يب ن اعبمع بين ما . ول ػػن ،كبػػن الػػذين نتمسػػك حببػػل اهلل واألمػػل الػػذي ُوعػػع يف ىػػذا اإلنسػػاف ،بػػأف اهلل يعلػم فيػو ػَت مػا علمتػػو اؼببلئ ػة ،وىػذا العلػم وىػذا األمػػل ،هبعلنػا وايقػُت مػن أف اإلنسػػاف سيثبت جدارتو يف ذباوز الت مة ،وقػد علمنػا اهلل يف كتابػو أف التػاريخ مهػدر صػةي للعلػم ،وعلمنػػا أيعػاً أف التػػاريخ لػػيس ىػػو اؼباعػػي فةسػ ،بػػل ىػػو اآلب أيعػاً ،وأف مػػا أخفػػق فيػػو اؼباعػػوف لػػيس للام ػاً أف ىبفػػق فيػػو اآلتػػوف ؛ ؽبػػذا القػػر ف وبػػوؿ صػػدؽ وأدلػػة أح امػػو إىل اؼبستقبل حُت ال ي وف اؼباعي كافياً للداللة إ ( اعملوا على م انت م إنػا عػاملوف وانت ػروا إنػػا منت ػػروف ) ( ىػود ( ، ) ٕٕٔ /سػػنري م ياتنػػا يف اآلفػػاؽ ويف أنفسػ م حػػىت يتبػػُت ؽبػػم أنو اغبق ) ( فهلت . ) ٖ٘ / وموعوع العبلقة السليمة بُت ( يات اآلفاؽ واألنفس ) ،أو بُت ( الػدنيا واآلخػرة ) ، أو بُت ( األصالة واؼبعاصرة ) ،أو بػُت ( األخػبلؽ والسياسػة ) ،أو بػُت ( التوحيػد والشػرؾ ) ،أو بػػُت ( أف تسػػيطر علػػى الػػدنيا أو تسػػيطر الػػدنيا عليػػك ) ..ىػػو ل ػ القػػر ف وؿبػػور اىتمامو . يف سورة الفجر يقوؿ اهلل تعاىل إ ( أَل تر كيف فعل ربك بعاد إرـ ذات العمػاد الػيت َل ىبلػػق مثل ػػا يف الػػببلد وشبػػود الػػذين جػػابوا الهػػخر بػػالواد وفرعػػوف ذي األوتػػاد الػػذين طغػوا يف
الببلد فأكثروا في ا الفساد فه علي م ربك سوط عذاب إف ربك لباؼبرصػاد ) ( الفجػر / ٗٔ ) . ىذا ىو الذي قاؿ عنو توينيب إ « لقػد جابػو الفراعنػة اؼبععػلة نفسػ ا ..حػُت أخعػعوا اؼبػػاء والًتبػػة إلرادة البشػػر إ ىػػل اسػػتخدـ حػػاكم ىػػذه السػػيطرة يف رفػػع شػػأف رعايػػاه أـ رفػػاه حفنتو ..لقػد شػيد سػيد مهػر األىرامػات ،وعقابػاً ؽبػم علػى سػوء اختيػارىم ألقػى اؼبػوت يػػده البػػاردة علػػى حيػػاة ىػػذه اغبعػػارة الناميػػة ،يف اللة ػػة الػػيت ربػػوؿ عنػػدىا التةػػدي مػػن اؼبيداف اػبارجي إىل اؼبيداف الداخلي » من الت نولوجيا إىل سي ولوجيا العدؿ واإلحساف . ( كػػم ترك ػوا مػػن جنػػات وعيػػوف وزروع ومقػػاـ كػػر ونعمػػة كػػانوا في ػػا فػػاك ُت .كػػذلك أوريناىػا قومػاً خػرين .فمػا ب ػػت علػػي م السػػماء واألرض ومػا كػػانوا من ػرين ) ( الػػدخاف / ٕ٘ . ) ٕٜ - ٗ-( إف الذين منوا والذين ىادوا والنهػارى والهػابعُت مػن مػن بػاهلل واليػوـ اآلخػر وعمػل صاغباً ،فل م أجرىم عند رهبم وال خوؼ علي م وال ىم وبلنوف ) . إف العػػاَل الػػذي نعػػيذ فيػػو يتهػػا ر يوم ػاً فيوم ػاً ،ويعػػطر أف يعػػيذ فيػػو النػػاس ،وقػػد اشػػتب ت مهػػاغب م ،وعمػػت األف ػػار الػػيت تػػدانب م فتوحػػدت اؼبهػػار واؼبخػػاطر ..وكػػأف ىذا العاَل يبر دبرحلة شبي ة دبا يبر بو اإلنساف حُت يولد ،وينفهل عن والدتو ،إنػو يعػطر أف يواجػػو مشػ بلت خطػػَتة سػريعة وت يفػػات جديػػدة لػػيس لػػو هبػػا ع ػػد ،فالب ػػاء الهػػارخ الذي يستقبل بو الوليد ىذا العاَل ،يعا عن ىذه األزمة .ف ذا اؼبولود الذي عاش يف رحم والدتػػو ،يف اعبػػو الػػدافت النػػاعم ،ال يتػػنفس وال يأكػػل وال يشػػرب ..يواجػػو فجػػأة ـبػػاض الػػوالدة ويػػدفع بقػػوة وعػػغط شػػديد وعنػػف َل ي ػػن لػػو بػػو سػػابق ع ػػد .ليمػػر دبراحػػل صػػعبة عػػا طة إىل ىػػذا اعبػػو البػػارد ،حيػػث يقطػػع اغببػػل السػػري الػػذي كػػاف بػػو يتػػنفس ويتغػػذى ، ويعػػطر أف يسػػتخدـ رئتػػو ألوؿ مػػرة ..إف ىػػذه اؼبواج ػػة الشػػديدة ىػػي الػػيت كانػػت تسػػب كثرة وفيات األطفاؿ .
ويواج ػػو البش ػػر اليػ ػوـ ،حال ػػة ش ػػبي ة هب ػػذه اغبال ػػة ،وى ػػم مع ػػطروف ب ػػل م ػػدفوعوف إىل مواج ة ىذه اغبالة ،والت يف مع ا ،وتعلم اؼبعرفة اليت سب ن م من اجتياز اؼبخػاطر وتقليػل دفػع عػرائ اعب ػل ،والعجػل عػن اإلسػ اـ يف تسػ يل الت يػف مػع ال ػروؼ اعبديػدة هبعػػل األشبػػاف باى ػػة واػبسػػائر م لفػػة .إف مػػا اعتػػدناه مػػن أسػػالي وعبلقػػات اسػػتقرار ألحقػػاب طويلة -شبي ة حبيػاة الػرحم َ -ل تعػد كافيػة ،فػبل بػد مػن أمػور جديػدة للت يػف مػع العػاَل اعبديد .وإذا كاف العلم ىػو الػذي سػاعد الطفػل علػى دخػوؿ اؼبرحلػة اعبديػدة وقلػل وفيػات األطفػاؿ ،ف ػذلك اليػػوـ ال ي ػوف حػػل مشػ لة انتقػػاؿ اإلنسػانية اعبديػػد إال بػالعلم .ولعػػل البشر واج وا مثل ىذه األزمة حُت تعلموا اللراعة ألوؿ مرة ،ألف ىؤالء الناس الذين عاشوا عل ػػى ص ػػيد اغبيوان ػػات وصب ػػع النبات ػػات ال ػػيت يقت ػػاتوف هب ػػا وَل ي ػػن ؽب ػػم بي ػػوت وال ق ػػرى وال ذبمعات وال تبادؿ ..إ م عاشوا يف ىذه اعبنة يأكلوف من ا ،وَل ي ن شيء من أشػجارىا ؿبرماً علػي م ،فال ػل مبػاح لل ػل ..ول ػن حػُت اكتشػف اإلنسػاف زراعػة النبػات ،ظ ػرت براعة اإلنسػاف وعجػله يف ف واحػد ،وى ػذا شػأنو مػع كػل نعمػة مسػخرة يتلقاىػا مػن ربػو ، ي ػػر قهػػوراً يف الت يػػف مػػع النعمػػة اعبديػػدة ،وإن ػػاراً للتقػػدـ اعبديػػد ،وحنينػاً إىل اؼباعػػي لػػذي كانػػت مسػػؤولياتو أقػػل ،حنينػاً إىل مػػا وجػػدوا عليػػو بػػاءىم ،حنين ػاً إىل الػػرحم الػػدافت ورفل اعبديد ورفل ما فت اهلل علي م وأمدىم بو .إنو َل يستطع أف يت يػف مػع الشػجرة اعبديدة اليت سػيطر علي ػا واسػتنبت ا بنفسػو ،إ ػا الشػجرة الػيت وعػعت ذكػاء اإلنسػاف علػى اظك الهع ،ىذه الشجرة اليت أصب تقدـ اإلنساف مرتبطاً هبا .ال بػد مػن الت يػف مػع ىػػذه الشػػجرة .الػػيت َل تعػػد مثػػل س ػػائر األشػػجار َ .ل يقػػدر أف يف ػػم اؼبعػػٌت اعبديػػد ؽب ػػذه الشجرة ،فن ر إلي ا وتعامل مع ا كبقية األشجار ..فبدت سوءتو . إف عجل اإلنساف عن الت يػف مػع اللراعػة أظ ػر عثرتػو ،فسػقط يف اؽبػوى .إف تقسػيم العمل الذي نتج عن اللراعة ،عيع عليو معرفة قيمة اعب د ،فأصب النػاس شػيعاً ،وسػقط اإلنس ػػاف يف ال ل ػػم ،وص ػػار يتمت ػػع بع ػػل الن ػػاس اؼبًتف ػػُت عل ػػى ج ػػود أن ػػاس خػ ػرين ،إف اإلنسػػاف َل يسػػتطع أف يت يػػف إىل اآلف مػػع أزمػػة الشػػجرة ،إنػػو َل يقػػدر أف يعػػغط علػػى
نفسػو ،وَل ين ػا عػن اؽبػوى ،فةػػق أف يقػاؿ عػن ىػذا اإلنسػػاف إ ( أذبعػل في ػا مػن يفسػػد في ػػا ويسػػفك الػػدماء ) وأمػػا علػػم اهلل يف ىػػذا اإلنسػػاف فلػػم وبققػػو اإلنسػػاف بعػػد ( يػػا حسػػرة علػػى العبػػاد مػػا يػػأتي م مػػن رسػػوؿ ) ..يػػأمرىم بالعػػدؿ ( إال كػػانوا بػػو يسػػت لئوف ) ( يػػس / ٖٓ ) . إف اللراعػ ػة رم ػػل للمجتم ػػع ال ػػذي ال يب ػػن أف يع ػػيذ إال بالق ػػانوف والشػ ػريعة ،واغبػ ػراـ واغببلؿ ،وبعبارة أخػرى ؛ إال بالعػدؿ الهػارـ الػذي يلجػم األىػواء « .إمبػا أىلػك مػن كػاف قبل م أنو إذا سرؽ في م الشريف تركوه ،وإذا سرؽ في م الععيف أقاموا عليو اغبد » . واآلف بع ػػد أف دخ ػػل اإلنس ػػاف عه ػر ( وىبل ػػق م ػػا ال تعلم ػػوف ) وبع ػػد ع ػػد اغبه ػػاف ، دخػػل أزمػػة جدي ػػد قبػػل أف وب ػػل األزمػػة القديبػػة ؛ أزم ػػة اللراعػػة ،أزمػػة الشػػجرة .إنػػو دخ ػػل باللراعػػة ع ػػد القريػػة واؼبدينػػة والتجمػػع اإلنسػػاي ،ع ػػد اغبعػػارات ،ع ػػود الفسػػاد وسػػفك الدماء ،ول نو بعهر ( وىبلق ما ال تعلموف ) يُدفع دبخاض شديد إىل عرورة وحدة العاَل ،ووحدة اغبعارة واؼبهَت الواحد الذي جعل النجاة الفردية ؿبالة يف ىذه الدنيا . و يػػة ( إف الػػذين من ػوا ) . . .وأمثاؽبػػا تيسػػر الت يػػف اعبديػػد مػػع ىػػذا العػػاَل ،الػػذي يتطل ػ ت يفػػات َل ي ػػن لئلنسػػاف هبػػا ع ػػد وال ذبػػارب سػػابقة ،إنػػو يػػدخل ع ػػد اح ػًتاـ شخهية اإلنساف ،ليس ألف االحًتاـ َل ي ن يناسبو فيما سبق ،بل ألف اإلنساف َل ي ػن م دداً بالفناء إف َل يبارسو كما ىػو اليػوـ .إف الت يػف اعبديػد الػذي يفػوؽ ت يػف خروجػو مػػن الػػرحم والػػذي يواج ػػو اليػػوـ بهػػورة حػػادة ،ىػػو خروجػػو مػػن ذاتػػو وأنانيتػػو ،خروجػػو إىل ع ػػد اغب ػ واإليثػػار ،وإىل ع ػػد العػػدؿ واإلحسػػاف .إنػػو مػػدفوع إىل فبارسػػة ىػػذا النمػػوذج الهػػع اؼبػػر والت يػػف معػػو ،إنػػو اػبػػروج مػػن ع ػػد الفسػػاد وسػػفك الػػدماء والػػتلمل للثػػارات وإيارة األحقاد . ىذه اآليػة وأمثاؽبػا تطلػ اؼبفػاىيم اؼبع ػودة اؼبتعلقػة ببػٍت دـ .إننػا َل نػتعلم طبيعػة ىػذا ال ائن العجي وطريقة استخراج أفعل مػا فيػو بالعػدؿ واإلحسػاف واغبػ واإليثػار ،ولػيس بػػالق ر واإلذالؿ .إ ػػا لنقلػػة ص ػػعبة تتطل ػ مػػن أف نتػػنفس بطريقػػة ػػَت مع ػػودة ،فنش ػػعر
باالختناؽ حُت كباوؿ أف مبارس التنفس اعبديػد واغبيػاة اعبديػدة ،ىػذا الػذي يقػاؿ عنػو إنػو مثا َت قابػل للتةقيػق يف ىػذه الػدنيا ،وىػذا ىػو الػذي جعػل معاصػري األنبيػاء يواج ػوف ىذه الدعوة بقوؽبم إ ( إنا لنراؾ يف سفاىة ،وإنا لن نك من ال اذبُت ) ( األعػراؼ ٙٙ / ) وقوؽبم إ ( لنخرجن م من أرعنا أو لتعودف يف ملتنا ) ( إبراىيم . ) ٖٔ / والبشرية -اليوـ -تواجو األزمة بالطرائق العنيفة العتيقة ،وت ػن أ ػا تسػتطيع أف تبقػي ال لم بػالقوة ،لقػد فػاهتم أف ىػذه الطػرؽ َل تعػد تبلئػم اػبُلُػق اعبديػد النػامي والػيت ال ت ػوف أي تقػػدر ىػػذه اغبوصػػلة ال ػػلة العػػيقة أف تواجػػو ال راىيػػة يف شػػيء إال شػػانتو وأفسػػدتو ،و ّ باغبػ وال لػػم بالعػػدؿ واإلحسػػاف .إف مواج ػػة اؼبػػوت البػػارد ألىػػوف مػػن الػػدخوؿ إىل عػػاَل يقتعػػي مثػػل ىػػذه الق ػوانُت اعبديػػدة ..ىػػل يب ػػن أف أكػػوف مثػػل ىػػذا الػػذي ىػػو م ػػُت وال ي اد يبُت ،وىل ىؤالء األدنياء اعبػاىلوف واؼبلونػوف األرذاؿ يسػتةقوف اإلحسػاف بلػو العػدؿ ( ..وما نراؾ اتبعك إال الذين ىم أرذالنا بادي الرأي ) ( ىود ) ٕٚ /وبلعم م إف الذين يس ػػل وف س ػػلوؾ الع ػػدؿ واؼبس ػػاواة ى ػػم اغبمقػػى واؼبغفل ػػوف والعػػاجلوف اؼبتػػديروف ب ػػاألحبلـ ، الػ ػػذين َل ىبػ ػػاوا اغبي ػػاة وَل يعرف ػ ػوا طبيع ػػة النػ ػػاس ،وَل يعرف ػ ػوا أف السػ ػػبلـ العتيػ ػػد ال يػ ػػتم إال باؼبواج ة العتيدة ،إنو تاريخ طويل طمس قانوف اغبيػاة اإلنسػانية وا تػاؿ معػاَل الػدخوؿ إىل حل األزمة واؼبش لة . ىػػذه اآليػػة تفا ليػػة ور يػػة تسػػاؿبية ،ور يػػة ديػػن ي ػػدؼ إىل العاؼبيػػة .وقػػد ي ػػن ال ػػاف بادئ الرأي أف ىذا الن ر إبقاء على التشرذـ والتشػ ي ..ول ػن طبيعػة اإلنسػاف واسػتخراج أفعل ما فيو ليس دبطاردتو بل باالعًتاؼ ب رامتو ،وىذا اؼبوقف منسجم مع ( ال إكراه يف الػػدين ) ومنسػػجم ع التػػاريخ الػواقعي الػػذي أظ ػػر اإلسػػبلـ دينػاً لػػيس لػػو مرتػػدوف .قػػد يعػػل علػػى الػػبعل ىػػذه الر يػػا الػػيت تنػػاقل الر يػػا األعرابيػػة -الػػيت تقػػوؿ إ ( الل ػػم ارضبػػٍت وارحػػم ؿبمد وال ترحم معنا أحداً ) -يف ربجَت الواسع . ً إف ىػػذا الن ػػر اإلهبػػا منسػػجم مػػع قولػػو تعػػاىل إ ( ال نفػػرؽ بػػُت أحػػد مػػن رسػػلو ) ( البقرة ) ٕٛ٘ /ومع قولو تعاىل إ ( نتقبل عن م أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيعاهتم ) (
األحقػػاؼ ، ) ٔٙ /ومػػع قولػػو تعػػاىل إ ( ادفػػع بػػاليت ىػػي أحسػػن ف ػ ذا الػػذي بينػػك وبينػػو عداوة كأنو و ضبيم ) ( فهلت ، ) ٖٗ /وينسجم مع القوة الف رية ال ال لازة الف رية ، وينسجم مع الغٌت واػبهوبة ال مع الفقر واعبذب الف ري .إف التسام ىو حاجة إنسػانية عاؼبيػػة ملةػػة يف ىػػذا العهػػر ،وظ ػػرت ياتػػو بأنػػو ىػػو الػػذي يػػرث األرض ( ومػػا يلقاىػػا إال الذين صػاوا ومػا يلقاىػا إال ذو حػل ع ػيم ) ( فهػلت . ) ٖ٘ /إف الثقافػات والعبلقػات يف العاَل ال تلاؿ زبعع للنرجسية واألنانية وف رة الشع اؼبختار ( ،أنا خَت منو ) ( ص / . ) ٚٙقػػد ت ػػوف خ ػَتاً منػػو ول ػػن خَتتػػك يف أف ربمػػل التسػػام وتقػػدر النػػاس واآلخ ػرين وتبةػػث عػػن اعبوان ػ اإلهبابيػػة فػػي م ال اعبوان ػ السػػلبية ،والرسػػوؿ ؿبمػػد الػػذي ىػػو خيػػار مػػن خيػػار وخػػا النبيػػُت وإمػػام م يقػػوؿ أمػػاـ الي ػػودي الػػذي عػػدا عليػػو اؼبسػػلم لقولػػو والػػذي فعػػل موسػػى علػػى العػػاؼبُت ،يقػػوؿ عليػػو الهػػبلة والسػػبلـ للمسػػلم إ « ال تفعػػلوي على يونس بن مىت » مع أف اهلل قاؿ لػو إ ( فاصػا غب ػم ربػك وال ت ػن كهػاح اغبػوت ) ( القلػػم . ) ٗٛ /فعلػػى الػػر م مػػن أف اهلل ػػى ؿبمػػداً عػػن أف ي ػػوف مثػػل ىػػذا النػػيب أمػػر ؿبمد أصةابو أف ال يفعلوه على يونس ؛ ألف التبشَت والعطاء وإدخاؿ الناس يف دين اهلل أفواج ػاً ل ػػيس بق ػػرىم وإمب ػػا بال اي ػػاء اؼبتواع ػػع والعل ػػو ال ػػداي ،ودبعرف ػػة حقيقي ػػة لطبيع ػػة اإلنساف الذي إمبا يتم أسره باإلحساف إليو ،واإل عاء من سيعاتو وإبراز حسناتو .إف ىػذا قانوف وسنة ون اـ علوي للبشر . إف ىذه اؼبلايا السننية اؼبتوافقػة مػع علػم اهلل يف اإلنسػاف مػن ذبػاوز حالػة الفسػاد وسػفك ال ػػدماء ال ػػيت َل ته ػػل البش ػرية إلي ػػا كجماع ػػات وإف وص ػػل إلي ػػا بع ػػل األفػ ػراد إ إف ى ػػذه اؼبنطلقػػات سػػتاز كلم ػا ارتفػػع شػػأف اؼبسػػلمُت يف العػػاَل ،ألف مثػػل ىػػذه الن ػرات ال تليػػق بػػاألذلُت ،وإف الرفػػق الػػذي ي ػلين كػػل شػػيء يلمسػػو ال يناس ػ الغل ػػة والف اظػػة واإلغبػػاح اؼبقرؼ ،وإذا كاف اإلسبلـ ىو الدين الذي لػيس لػو مرتػدوف ف ػو كػذلك الػدين الػذي لػيس لػػو مبشػػروف أيعػاً .فػػاؼبف وـ اإلسػػبلمي بقػػدر مػػا وبػػرص علػػى نشػػر اؽبدايػػة ف نػػو وبػػرص علػػى
احًتاـ راء اآلخرين ويأنف من كل سلوؾ ينم عن تسوؿ اعتقادي فيةسػبو اعباىػل أنػو ػَت را يف ىداية اآلخرين . إف التس ػػام والػ ػًتاحم واإليث ػػار ال ت ػػنم إال ع ػػن ػػٌت نفس ػػي ف ػػري واي ػػق ،ى ػػذه الق ػػوة النفس ػػية ى ػػي ال ػػيت ترف ػػع اإلنس ػػاف إىل أف ػػبلؾ التس ػػام والػ ػًتاحم واإليث ػػار …… إف ى ػػذا ػف وكػتم الفعػيلة الػيت وبمل ػا صػاحب ا وإبػراز فعػائل اآلخػرين إىل درجػة اغبيػاء الع ّ التسام َ مػػن إب ػراز مػػا يبتػػاز بػػو علػػي م … .ىػػي الهػػفات الػػيت وبتاج ػػا العػػاَل .إف العػػاَل لػػيس يف حاجة إىل سوء ال ن واالهتاـ واليأس واػبداع والغراـ بػالقوة اؼباديػة أمػواالً وجنػوداً وأسػلةة ( ومػػا أم ػوال م وال أوالدكػػم بػػاليت تق ػرب م عنػػدنا زلفػػى ) ( سػػبأ ) ٖٚ /إف مػػا يتسػػابق إليػػو النػػاس يبػػلؽ النػػاس ويػػنغا حيػػاهتم ،ول ػػن الػػذي سيشػػعر القلػػوب باالرتيػػاح واالطمعنػػاف ، ويليػػل القل ػػق والتػػوتر ،ى ػػو الرضبػػة واإليث ػػار واغب ػ والعػػدؿ ..جػػرب مػػع قلبػػك وارج ػػع إىل نفسك واحبث عن ينايا وطوايػا صػدرؾ ..مػا الػذي يشػرح ا ويب ج ػا ألػيس ىػو التواعػع واغب والرضبة واإليثار تعامل مع اغبقيقة واكشػف ا بنفسػك وب حساسػك وجب ػاز معرفتػك .ال تعذ دائماً أسَت ف اظة اآلخرين … ..ىذا ىو معٌت سيد الش داء الذي يقدـ نفسػو هلل يف سبيل اػبروج عن التقليد .إف اغبياة اغبقيقية إمبا ت وف يف اػبروج مػن التقليػد وعبػادة اآلبػػاء والتقاليػػد والتقػػاليع ،وأف يهػػَت اإلنسػػاف ي شػػف اغبػػق بتعاملػػو مػػع اغبػػق دبيلانػػو ولػػيس دبيلاف اآلخرين .استعمل ميلانك غب ة يف اغبياة ،وال تعذ ىذه اغبياة الثمينة الغالية وأنت َل تثبت قدرة اػبالق فيػك وَل تستشػعر لػذة التوحيػد وسػعادتو .يػا حسػرة علػى العبػاد ..إف أعينن ػػا ال تبه ػػر و ذانن ػػا ال تس ػػمع وقلوبن ػػا علي ػػا ل ػػف ال تفق ػػو ،عبي ػػد للمجتم ػػع ،عبي ػػد للتقاليد ..أين عياء القلم أين مػن يعلمػوف بػالقلم أيػن مػن يتعػاملوف مػع اغبيػاة دبيػلا م اػباص ال دبا صػنع ؽبػم األقػدموف حسػ ن ػراهتم القاصػرة ( إ ػم ألفػوا بػاءىم عػالُت ف ػم على يارىم ي رعوف ) ( الهافات . ) ٚٓ - ٜٙ / أرى العػػاَل الػػذي نعػػيذ فيػػو قػػد نُسػػف مػػن أساسػػو ن ري ػاً وواقعي ػاً ،وإف كانػػت حياتنػػا تعػػيذ مػػع أوىػػاـ القػػروف اؼباعػػية الػػيت ال تليػػق إال بع ػػد اػبيػػل والبغػػاؿ واغبمػػَت ،وَل تت يػػف
بعػػد مػػع اػبلػػق اآلخػػر ..واؼبسػػلموف تبع ػوا مػػن قػػبل م حػػذو القػػذة بالقػػذة وىػػم يًتبعػػوف يف حجر الع ويعجبوف بو م ما ذاىم عيقو وأعشاىم ظبلمو . إف ىناؾ تشوفاً وعواَل وطاقات ال اية تنت ر من ي شف ا ،إف الذي سػَتفع اإلنسػاف ليس كشف الطاقة اؼبادية ،إذ الطاقة اؼبادية قد ت وف خطػراً علػى اإلنسػاف إف جػاء كشػف ا قبل أف ت شف قوى النفس وسػنن ا .إف كػل نعػم اهلل تتةػوؿ إىل ع سػ ا حينمػا ال ت لػل بنفةة ال شف عن سنن النفس ،ف ما عاش الناس وىػم ي نػوف أف الشػمس تػدور حػوؽبم ،كذلك ف ف ف رهتم عن النفس اإلنسانية أ ا تدور مع الق ر والعنف واإلكراه ،على الر م مػػن أف اآليػػات ت ػػر أف الػػنفس اإلنسػػانية تػػدور مػػع العػػدؿ واإليثػػار وحػ اآلخػرين كةػ النفس ..وأف قوى اغب واإليثػار ىػي الػيت سػًتث األرض وليسػت القػوى اؼباديػة الػيت تق ػر الناس .يقوؿ إقباؿ إ مػ ػػؤمن ال ُح ػ ػ َّ فيػ ػػو قػ ػػد اؼبؤمن باغب ق ر إمبا ُ كفر إف الناس حُت مل وا قوة الق ر اؼبادي تعقدت أمورىم ،ومن العج أف الذين ن ن م عقبلء ،ال يلالوف يتسابقوف يف زيػادة ىػذه القػوة إلحػراز التفػوؽ ،إف التسػابق لػيس يف ىػذا االذب ػػاه … أي ػػا الق ػػادة العمي ػػاف -حس ػ تعب ػػَت اإلقبي ػػل يف التقري ػػع ( -وي ػػل ل ػػم أي ػػا ال تبػة والفريسػػيوف اؼبػراءوف ..تػػركتم أيقػل النػػاموس ،اغبػق والرضبػػة واإليبػاف ،كػػاف ينبغػػي أف ه ُّفوف البعوعة ويبلغوف اعبمػل ) ( تعملوا ىذه وال تًتكوا تلك ،أي ا القادة العمياف الذين يُ َ مىت ،إصةاح ٖٕ ،فقرة ٖٕ ) . ويقوؿ انشتاين يف تهوير ىذا العهر إ ( معدات كاملة إمبا أىداؼ مب مة ،تلك ىػي مؤشرات عهرنا ) ( ٔ ) .
( ٔ ) ؿبمد أركوف اإلسبلـ بُت األمس والغد ص ٘. ٜ
إنػػٍت أسػػتخدـ ىػػذه اآليػػات كمؤش ػرات إىل اذباىػػات جديػػدة ،ومنطلقػػات ؼببػػادئ ػػَت ط ما تستةق من عناية ،ألف مثل ىػذه اؼبواعػيع ربتػاج إىل عادية ،ومواعيع لبةوث َل تُع َ ر ية تارىبية صَتورية واعةة شاملة للماعي ،للوصوؿ إىل ر ية إبداعية للمستقبل . وحُت نن ر إىل أىل ال تاب ،وأ م يؤمنوف خبالق ال وف ،ويؤمنوف بأنو أرسل رسبلً ، وأنلؿ مع م شرائع للعمل الهار ،ويؤمنوف باؼبعاد يوـ القيامة ..إف ىذه األصػوؿ اؼبشػًتكة ال بػػَتة ووظائف ػػا وعواقب ػػا ،ينبغػػي أف رب ػػوؿ دوف أف تتمػػلؽ أمػػة النبػػوة وأمػػة اإليبػػاف بػػاهلل واليوـ اآلخر . ىػػذه القعػػايا ذات األصػػل اؼبوحػػد ال بػػَت ينبغػػي أف ال تعػػيع أىػػداف ا يف اتبػػاع األى ػواء والن رات اظدودة ،وعلى أىل اغبق أف ال يستفلىم من عيعُوا األصوؿ ،وأف يلتلمػوا كلمػة التق ػػوى وك ػػانوا أح ػػق هب ػػا ،وأف يع ػػودوا إىل ش ػػعار عب ػػاد ال ػػرضبن اغبقيقي ػػُت ( وإذا خ ػػاطب م اعبػاىلوف قػػالوا سػػبلماً ) ( الفرقػػاف ) ٖٙ /وينبغػػي أف نعلػػم حبػػق أف الػػذين يػػدر وف باغبسػػنة السػػيعة ،ىػػم الػػذين ؽبػػم عقػػا الػػدار يف الػػدنيا واآلخػػرة .وإف الػػذين ي نػػوف أف ىػػذا اؼبوقػػف نتيجة الععف ال يلالوف بعيدين عن ف م سنن اغبياة ،وإف من يقع يف مثل ىػذه الشػب ات ف ا ربوؿ بينو وبُت نتائج العفو الذي ال يلداد صاحبو إال علاً . واػببلصػػة الػػيت لبػػتم هبػػا ال تػػاب يف اختبػػار الػػذكاء الػػذي قػػاـ بػػو األصػػمعي حػػُت رأى بلماً ف ن فيو النجابة .قاؿ لو إ يا بلـ ىل يعجبك أف ي وف لك معة ألف دينار وأنت أضب ػػق فأجاب ػػو الغ ػػبلـ إ ال واهلل ،إف ضبق ػػي يع ػػيع عل ػػي اؼبع ػػة أل ػػف دين ػػار وأبق ػػى أضب ػػق . واعباىل أضبق ،والعلم بالقلم .واغبمد هلل رب العاؼبُت . َخ ِاسبَة كل إنساف إذا ما قاـ بعمل ما ،ا التفت إىل ىذا العمل يتأمل فيو ،يرى فيو جوانػ إهبابيػػة تشػػعره بػػبعل الرعػػا ويػػرى فيػػو أيع ػاً جوان ػ سػػلبية وقهػػوراً يشػػعره بعػػدـ التمػػاـ أو
تفاىػػة مػػا قػػاـ بػػو ،وأنػػا حػػُت ألتفػػت إىل عملػػي ىػػذا أشػػعر أنػػٍت تناولػػت موعػػوعات ىامػػة ول ػػن بأسػػلوب ىػػابط وقهػػور ،وردبػػا يب ػػن أف أقػػوؿ زيفػػت القعػػايا ،وقػػد يعتػػاه الناقػػد يف مسػػتوى معػػُت أ ػػا خيانػػة للموعػػوعات الػػيت نريػػد الػػدفاع عن ػػا .مثػػل موعػػوع الق ػراءة مػػع أنبيت ػػا البالغػػة ،فػ ف التنػػاوؿ كػػاف ىػليبلً ومبتػػوراً وحػَتاً ،إذ كيػػف سػػي تدي إىل الهػواب يف طوفػاف اػبيػاالت ،وكيػف سػيتم ن مػن أف يبسػػك بػالنور ليشػق ال لمػات وكيػف سيمسػػك بػػاؼبيلاف ليميػػل اللبػػد فبػػا ينفػػع النػػاس ،أو ربػػت أي ؾب ػػر سي شػػف كيػػف يسػػتبعد اعب ػراييم اؼبتوطنة واػبياالت اػبانقة .إف اػببلص من ىذا التيو ال يتيسر باعب ود اؼبع ودة وال بػد مػن ج ود حالة الطوارئ ،ومػن ؿبػوالت لرفػع الطاقػات إىل أعػعاؼ معػاعفة كمػا وبػدث لبػدء اغبركة يف أي ؿبرؾ ٍ آللة ما ،كما ال بد أف نلتمس مراجع َت اليت تعودنا علي ا ،ألف تلك َل تعط إال ىذا الواقع الذي ال نرعى عنو . إف عمػػر الق ػراءة طبسػػة الؼ عػػاـ تقريب ػاً ،وعمػػر الػػورؽ الػػذي أعطػػى الفعاليػػة للق ػراءة ألػػف وطبسػػمائة عػػاـ ،أمػػا عمػػر الطباعػػة فأربعمائػػة عػػاـ فقػػط .ول ػػن كػػم عمػػر ال ات ػ اغبقيقي الذي سيستغل كل ىذه النجاحات اليت تت وف ببطء متسارع . صبيع دوؿ العاَل وأسر اجملتمعات هتتم ب رساؿ أوالدىا إىل اؼبدرسة لتعلم القراءة وال تابة ،ولػػك أيػػن ىػػؤالء الػػذين سيسػػتغلوف ىػػذا اعب ػػد لي تبػوا مػػاذا سػػيقرأ ىػػؤالء الػػذين ُىيعػوا ألف يقػػر ا .إف مػَتاث وظيفػػة النبػػوة كػػامن يف ىػػذه النقطػػة ،أيػػن الػػذين يقػػدروف أف يسػػلبوا النػػوـ من عيوننا لنس ر على قراءة ما ي تبوف .كػاف ىػو مػَتوس يقػوؿ يف أسػف لقػد وجػد أبطػاؿ كثػَتوف ،ول ػن واأسػفاه َل يوجػد الشػعراء الػػذين سػيخلدوف مػايرىم وبطػوالهتم .وأنػا أقػػوؿ لقػػد وجػػدت األدوات والوسػػائل ول ػػن َل يوجػػد بعػػد مػػن ي تػ مػػا يبعػػث ػػم القػراءة أو َل يوجػػد مػػن ي ت ػ بعػػد مػػا يسػػتةق الق ػراءة -يف أسػػلوب مف ػػوـ -أي َل يػػأت بعػػد وريػػة األنبياء جبدارة .ىذا ما قاؿ عنو إقباؿ ،إف الناي يبتغي من ينفخ فيو ف ل يف صدرؾ نفس . ي ػػا شػ ػػاعر الش ػػرؽ ىػ ػػل يف يف اب ػ ػ ػ ػ ػػة الش ػ ػ ػ ػ ػػرؽ
صدرؾ النفس يبتغي نفساً شوىت الف رة وَل أقدر أف أبُت أنبيت ا ؼباذا ألي أفقد البياف وما يعطي البياف ه لقد ُ ،والعلػػم بالبيػػاف ،واإلنسػػاف ىػػو البيػػاف ( خلػػق اإلنسػػاف علمػػو البيػػاف ) ى ػػذا أشػػعر أنػػٍت عرع ػػت أف ػػاراً يف منت ػػى األنبي ػػة بشػ ػ ل ىلي ػػل مًتوك ػػة يف ظلم ػػات اػبف ػػاء ،وَل ت ػػاز إىل العياء ،أَل ت ن ال رباء مبثويػة يف ال ػوف يف كػل م ػاف ،ول ػن َل يػتم ن اإلنسػاف مػن اعتقاؿ ال رباء وتسخَتىا يف ؾباالت ال ائية إال بعد أف أمسك هبػا مػن خػبلؿ ال لمػات إىل أف أعػػاء العػػاَل بػػالنور ،وى ػػذا وكػػأين مػػن يػػة يف السػػموات واألرض يبػػروف علي ػػا وىػػم عن ػػا معرعػػوف .وال ات ػ وال تػػاب اؼببػػُت ىػػو الػػذي ىبػػرج اغبػػي مػػن اؼبيػػت ،وىػػم الػػذين يتف روف يف خلق السموات واألرض ،وأنو ما خلق عبثاً وال باطبلً ،ذلك ظن الذين كفروا فويػػل للػػذين كفػػروا مػػن النػػار .إف السػػموات واألرض ربتػػوي علػػى أجنػػة سػػلطاف اإلنسػػاف . اع ف على ىذا اؼبنجم واسجد على عتبة ىذا اؼبعبد ألف ىناؾ نشأة خرة ،وألف ىناؾ ( ا أنشأناه خلقاً خر ) . وتناولػػت … والعقػػل والعلػػم .ول ػػن اعتػػذاري وخجلػػي البلمتنػػاىي من مػػا كيػػف أنػػٍت تركت ما ال يلاالف ربت األنقاض ويُقعى يف ياهبما األم ُػر ونبػا ال يستشػاراف .ونبػا حعػور .وإىل اآلف العل ػػم والعق ػػل ـبلوق ػػات قاص ػػرة ال يس ػػم ؽبم ػػا حبع ػػور اجملتمع ػػات إال إذا كان ػػا سيقوماف بدور اؼبتملق الذي يش د بػاللور وينهػرؼ ،تتبع مػا الن ػرات الػيت ربػدد تبعيت مػا لل وى اؼبًتبع على عرش التاريخ الذي َل يفقد من سلطانو شيعاً ،اعتذاري للعقل والعلم يف أي َل أكن نَهَتنبا الذي يرفع من قدرنبا .أين ال ات الذي يلكو العلػم والعقػل علػى يػده ،ويتعاءؿ سلطاف اؽبوى يف حعرتو ا كيػف تركػت موعػوع التوحيػد ،وقيمتػو العلميػة والعقليػة ومػا يف اؼبسػؤولية الفرديػة يػػوـ القيامة .إ ا نباتات َل ت ر بعػد ،إ ػا كبػذور كامنػة ،وسػي وف ؽبمػا شػأف يف اؼبسػتقبل ، ف ف َل ي ن اىتم هبما أحد ليس معناه أف ال قيمة ؽبما .
ا موعوع رب ػم الهػور الذىنيػة يف اغبقػائق اػبارجيػة وأف اغبقػائق اػبارجيػة ىػي اؼبرجػع الوحيد لبلىتداء إىل الهواب موعوع مطمور . ا كػاف مػػروري باآلبائيػة وعػػاَل األشػخاص مػػروراً رفيقػاً حبيػػث ال يػوقل نائمػاً ،وال يػػلعج مستيق اً ،ولقد عرعت أظباء وشخهيات ،وىديف القعاء على عاَل األشخاص ،ول ن ردبا رسخت اآلبائية اليت أريد إزالت ػا .واآلبائيػة ؽبػا جانبػاف سػلبياف وبين مػا اعبانػ اإلهبػا . إف نبػ ػػذ اآلب ػػاء رجػ ػػوع إىل ال ػػف ،والوقػ ػػوؼ عنػ ػػدما وصػ ػػلوا إليػ ػػو إيق ػػاؼ للتػ ػػاريخ ، واعبان اإلهبا ىو االستفادة والتجاوز دائماً ،وىل أكوف ـبطعاً إف حاولت التخلا من عاَل األشخاص بعػاَل األشػخاص ألػيس يف تػاريخ األشػخاص مػا يعػُت علػى الػتخلا مػن سلبيات األشخاص أظن ذلك ومع ىذا أشػعر ب ػل أسػف أف مػا كتبػت إمبػا فيػو سػ وت وتغطي ػػة للجان ػ الس ػػليب ال ػػذي س ػػعيت إلزالت ػػو ،وَل ي ػػن س ػػعيي له ػػار اعبان ػ اإلهب ػػا بوعوح معيء . أرجػػو أف أكػػوف قػػد قمػػت بػػذكر ىػػذه اؼببلح ػػات بعمليػػة مراجعػػة ذاتيػػة مقػػدماً ،ومػػع ذلك أشعر أف ىذه البذور ستؤب أكل ا حػُت تقػوـ بػدور مراكػ النجػاة مػن طوفػاف الػدمار ،ألف التاريخ علمنا أف عبلجػو لػيس رفيقػاً بػل أنػو يأخػذ الػثمن باى ػاً ( وكػذلك أخػذ ربػك إذا أخذ القرى وىي ظاؼبة إف أخذه أليم شديد ) . إف ىذا األخذ األلػيم الشػديد الػذي ظػل مبلزمػاً للتػاريخ يب ػن تفاديػو .والػرضبن الػرحيم َل ي ػػن ليجعػػل الطريػػق الوحي ػػدة لفػػت البػػاب ب سػػره فقػػط .ىػػذه ىػػي ع ػريبة اإلعج ػػاب بلمعاف الفوالذ واإلعراض عن قتامة سن القلم .وؽبذا فعلت األسلوب اؽبادئ و َت اؼبلعج ،وذلػػك ألىيػػت اعبػػو الػػذي يب ػػن مػػن الػػتف م هبػػدوء دوف إيػػارة انفعػػاؿ ونفػػور وبغيػػة الػػتم ن م ػػن ـباطب ػػة أكث ػػر ع ػػدد م ػػن الق ػ ػراء ب ػػود وتف ػػاىم ،وَل أح ػػاوؿ أف أق ػػوؿ إ إنن ػػا حباج ػػة إىل ابستمولوجيا جديدة لتةمل ا انتلجنسيا رائدة لنتخلا من الد مائية اؽبابطة واؼبيثولوجيات اؼبتغلغلة أو الثيولوجيات اػبانقة ولطاؼبا قػرر علما نػا أف ال مسػاحة يف االصػطبلح واؼب ػم أف
نف م اؼبعٌت ا كل واحد يستعمل اللغة اليت تساعد على الف م اؼبيسر والعلم بالبياف وكل ما أوصل إىل ف م اغبقائق بأيسر السبل ف و األوىل . َدليل األَف ار مقدمة ينبغي أف ي ػوف العلػم موعػوع حبػث ألف كثػَتاً مػن سػلطاف العلػم يرجػع إىل االعتقػادأكثر من الف م فيجعل وظيفة العلم أسطورية . َل يأخذ العلم دوره إال مع القراءة ومع ال تابة اليت حف ت خاات اإلنساف ومعارفو ،فهار العلم بالقلم والقراءة وىذا سر اختيار عنواف ال تاب . اؽبػػدؼ ىػػو العلػػم ،والعلػػم متوقػػف علػػى الق ػراءة ،والعلػػم ينت ػػر التبسػػيط حػػىت تعػػمالقراءة . األمية اؼبركبة ( أمية األف ار ) أخطر من األمية البسػيطة ( اعب ػل بػالقراءة وال تابػة )ومش لة القراءة مش لتنا األساسية . وللمؤلف مطمةاف إٔ -نشر مل ة العلم ونقل ا لينعم الناس يف ظبلؿ العلم . ٕ -السبلـ الذي ينتج عن إيباف اؼبرء بأف العلم وبوؿ العدو إىل و ضبيم . االحًتاـ السطةي للعلم ال يعهم اإلنساف من العودة إىل دوافعو ( انفعاالتو ) . حد العلم عند اؼبسلمُت ومن نقرأ ؽبم من الغربيُت إٔ -اؼبسلموف يبنةوف العلم يقة ظاىرية ،ول ن م يؤمنوف بأف ىناؾ ما يعرؼ بو اغبق َت العلم . ٕ -والغربيوف ينفوف خعوع القيم والدين للعلم .وكلتا الن ريتُت قاصرة .
اؼبسػػلموف يف عهػػر ازدىػػارىم منػوا بوحػػدة العلػػم والػػدين وارتبػػاط القػػيم بػػالعلم ،ومثػػاؿ ذلك إ اعباحل ،ا تأيروا دبف وـ الغرب . دخل َم َ بك األكرـ اقرأ ور َ
.
-ارتباط القراءة ب رـ الرب .القارئوف ىم األكرموف ويؤكد ذلك التاريخ والواقػع اغبػا
القراءة أىم من الذكاء . نهػػيةة للشػػباب أف يتج ػوا إىل مهػػادر جديػػدة لتةهػػيل العلػػم وأمثلػػة لػػذلك مػػنتارىبنا العلمي . الق ػراءة والعلػػم إ إف أمػػر القػػر ف بػػالقراءة إلغػػاء لؤلميػػة وفػػت لع ػػد جديػػد … ع ػػدالن ر يف يات اآلفاؽ واألنفس . القراءة توسع اآلفاؽ وزبلق التسام واغبلم و … ال يتةق ػق فػػت بػػاب االجت ػػاد إال ب ثػػرة الق ػراءة واالطػػبلع ألف اإلنسػػاف ؿبهػػلة مػػاصبع من خاات ومعارؼ . وظيفة ( لت ونوا شػ داء علػى النػاس ) تتطلػ ج ػوداً لتةقيق ػا ،وإنتاجنػا الف ػريقاصر عن ذلك . الق ػراءة سبػػن قػػدرة علػػى التةػػرر مػػن عػػاَل األشػػخاص وفػػك أسػػار الػػذات مػػن قبعػػةالسلف وسلطت م اؼبرجعية . عابد اعبػابري وتعمػيم مف ػوـ السػلف ويػراه عنػد كػل متبػع ويػرى أف اؼبشػ لة مػا تػلاؿراسخة لدينا .
الدعوة على بهَتة ال تتم إال بر ية كل ما يتهل باؼبش لة واؼبؤمن ال يلدغ من جةرمػ ػرتُت إال إذا تعل ػػم م ػػن ذب ػػارب البشػ ػرية ،وى ػػذه وظيف ػػة أى ػػل الف ػػر ورواد اجملتم ػػع ال ػػذين يهنعوف البوصلة الثقافية . الفهل األوؿ مرات الوجود مرات الوجود أربع إ ٔ -وجود خارجي عيٍت . ٕ -ا صورة ذىنية . ٖ -فوجود لف ي . ٗ -فوجود كتا . اؼبرات الثبلث األوىل إ إف ال تابة نبع للفل تدؿ عليو ،واللفل تبع للعلم يدؿ عليو والعلم تبع للمعلوـ . عػ َّػرؼ اؼبعتللػػة العلػػم بأنػػو اعتقػػاد الشػػيء علػػى ـ ىػػو بػػو ورد علػػي م الغػلا مفرقػاً بػػُتاؼبعتقػػد والعػػاَل ،فاؼبعتقػػد هبػػد التش ػ يك إليػػو سػػبيبلً ،وال هبػػد التش ػ يك إىل العػػاَل سػػبيبلً فاؼبعتقػدات بغػػَت علػم قابلػػة لللعلعػة ،فغػػاليلو أكػره وقلبػػو مطمػعن ،وإف كػػاف عػاجلاً عػػن أف هبعل علمو مقبوالً . مناقشة قوؿ الغلا « من طل اؼبعاي من األلفاظ عاع وىلك » .فػػالغلا يبػػُت أف الوجػػودين اػبػػارجي والػػذىٍت ال ىبتلفػػاف يف األمػػم واألعهػػار ،وىػػذا صةي لو أف اإلنساف كاف لة تسجيل أو تهوير ،ومثاؿ ذلك يف اخػتبلؼ موقػف النػاس من الرعد ،أو صورة الشمس ف ف اػبطأ راجع إىل تفسَت الهورة الذىنية .
إف الوج ػػود اػب ػػارجي للم ػػادة أو للمجتم ػػع ل ػػو حقيق ػػة واقع ػػة يتف ػػاوت ته ػػور الن ػػاس ؽب ػػا حس ػ خلفي ػػاهتم الف ري ػػة ،وعن ػػد االخ ػػتبلؼ ي ػػتم الرج ػػوع إىل الوج ػػود اػب ػػارجي ( وتل ػػك األمثاؿ نعرهبا للناس ) . واؼبرتب ػػة الثالث ػػة م ػػن مرات ػ ػ الوج ػػود مرتب ػػة التس ػػمية أو إط ػػبلؽ أصػ ػوات معين ػػة عل ػػىموجودات ،وهبا يبتاز اإلنساف عن اغبيواف كما امتاز هبػا دـ عػن اؼببلئ ػة .وىػذا مػا هبعػل اإلنسػػاف قػػادراً علػػى نفػػي هتمػػة اؼببلئ ػػة لػػو باإلفسػػاد وسػػفك الػػدماء ،وىػػي هتمػػة مػػا ت ػلاؿ الصقة بو . يثبت اإلنساف األشياء بعد دخوؽبا إىل عاَل وعيو وذلك بوعع اسم ؽبا وىذه القػدرةجعلتو أىبلً للخبلفة يف األرض حيث صارت اػباات البشرية تنقل مشاف ة . إف اللغة والبياف من يات اهلل ،وىي دليل قدرة اإلنساف ( الرضبن خلػق اإلنسػاف علمػو البياف ) وىي من أجل التعبَت عن اغبقيقة والهدؽ ،ولذلك ينبغي أف تهػاف اللغػة واالسػم عن ال ذب والليف ،وىذا سب قدسية ال لمة « من كاف يؤمن بػاهلل واليػوـ اآلخػر فليقػل خَتاً أو ليهمت » . من األف ار الواعةة تتولد فنوف البياف وتتوسع فاؽ اللغة وحُت يقل العلم ويذىأىلو ووبل التخلف وبػدث االنت ػاس يف اللغػة ،فتهػب القدسػية لل لمػات وتفسػر اغبقػائق وفقػاً ؽبػػا ،ومثػػل ذلػػك تع ػػيم الرسػػوـ لفقػػداف اغبقػػائق كمػػا بػػُت ابػػن خلػػدوف يف حديثػػو عػػن أعمػػار الػػدوؿ وعػػن اعبيػػل الرابػػع من ػػا .ومثلػػو الغلػػو يف تع ػػيم الش ػرائع والق ػوانُت كتع ػػيم السبت عند الي ود ،أو الغلو يف التمسك حبرفية القػانوف حػىت يهػب اإلنسػاف مسػخراً لػو . وقد جاء الرسوؿ صلى اهلل عليو وسلم ليعع عن الناس ىذه اآلصار واأل بلؿ . التعليم بالقلم اؼبرتبة الرابعة ٔ -ال تابة قدرة حديثة يف تاريخ البشر ،وىي م ر ل رـ اهلل ( الذي علم بالقلم ) فب ا ربفل اػباات .
وت وف عهمة اإلنساف من ت رار اػبطأ .إف الرمػػل -ال تابػػة -جع ػل العلػػم خالػػداً ،فةهػػنو مػػن التةريػػف والعػػياع ( إنػػا كبػػن نللنا الذكر وإنا لو غباف وف ). تػػاريخ اإلنسػػاف قبػػل ظ ػػور ال تابػػة ىبػػيم عليػػو ال ػػبلـ ،وخبػػا النبيػػُت األمػػي خػػتم ع ػػد األمية وانتقلت البشرية إىل ع د جديد ىو ع د القراءة ( اقرأ باسم ربك … ) . باسػػتخداـ الرمػػل اختػلاؿ العلػػم الػػذي مػػا زاؿ يتطػػور حػػىت بلػػس مرحلػػة اآلالت اغباسػػبة الدقيقػػة وبنػػوؾ اؼبعلومػػات وىػػذه مػػن نعػػم اهلل ال ػػاى ( ف والقلػػم ومػػا يسػػطروف .مػػا أنػػت بنعمة ربك دبجنوف ) . ٕ -ول ػػن النعمػػة قػػد تتةػػوؿ إىل نقمػػة ،فتهػػب الق ػراءة سػػبباً للجمػػود وإبطػػاء النمػػو حػػُت يسػػوء التعامػػل مع ػػا ،كمػػا سػػاء التعامػػل مػػع سػػر ك ػػيعا .ويػػتم ذلػػك حػػُت يفقػػد اإلنساف صلتو بالوجود اػبارجي وبعواَل اآلفاؽ واألنفس ،ويسيطر عليو تقديس األشخاص واآلراء وال يعود لش ادة اغبواس َوز ٌف أماـ قدسية ال لمة القديبة أو األشخاص . ٖ -إف ال ت ػ صػػور ذىنيػػة ؼبؤلفي ػػا ع ػػن العػػاَل اػبػػارجي ،وإف التعامػػل مػػع حق ػػائق العػػاَل اػبػػارجي يهػػة الن ػػر إىل ال تػػاب ،وي سػ القػػارئ موقفػاً إهبابيػاً مػػن ال تػػاب ، فبل يقوـ ال تاب بدور اؼبعطل . وىػػذا اؼبوقػػف اإلهبػػا مػػن ال تػػاب ال ي تسػػبو القػػارئ إال بتوسػػعو يف الق ػراءة ،حيػػث ىبػػرج باطبلعػػو الواسػػع مػػن عػػاَل األشػػخاص إىل عػػاَل األف ػػار ،أو مػػن الهػػورة الذىنيػػة إىل اغبقائق اػبارجية ،وبذلك ال يتوقف االجت اد . ٗ -إجػراء التهػػةي ب زالػػة الهػػور اػباطعػػة عػػن ال تػػاب باغبػػذؼ واالختهػػار لتسػ يل إدراؾ اؼبوعوع . إف علػػم اإلنسػػاف بالط ػ واعب ػراييم و ..قػػد تطػػور كث ػَتاً ف شػػف دور اعب ػراييم و … بينما بقي علم اإلنساف بالسلوؾ البشري وجبراييم اجملتمع اليت تفتك بو متخلفاً وىذا يش ل عقبة ربوؿ دوف تعميم معٌت العلم ،حىت يشمل األمور اليت يعتاو ا خارج نطاؽ العلم .
إف اؼبن ج العلمي يف مواج ة أمور اجملتمػع َل وبػرز تقػدماً كبػَتاً ،وبقػي السػلوؾ البشػري خارج منطقة العلم لسببُت إ ٔ -الن ػػر الػػديٍت اػبػػاطت الػػذي يسػػل اإلنسػػاف حريػػة االختيػػار والقػػدرة علػػى تقريػػر اؼبهَت . ٕ -مػػا ذكػػر مػػن أف مػػا طبػػق يف الفلػػك والط ػ وس ػوانبا مػػن مػػن ج علمػػي هب ػ أف يطبق يف السلوؾ ،لندرؾ السنن اليت ىبعع ؽبا وهبذا توعع عػن اإلنسػاف اآلصػار واأل ػبلؿ اليت أراد اهلل وعع ا عنو .وإف القر ف لي اد يقهر معٌت العلم على علم السلوؾ البشري أو علم ( سنن الذين خلوا من قبل ) . مرتبة خامسة للوجود الوجود السنٍت ٔ -إف الوجود اػبارجي راجع إىل وجود سنٍت ىػو القػوانُت أو كلمػة اهلل وأمػره وتقػديره .إف قػػانوف تركيػ اؼبػػاء مػػثبلً لػػيس لػػو وجػػود خػػارجي بػػل وجػػود سػػنٍت يوعػػع لػػو رمػػل .وكػػل م ػػاىر ال ػػوف تابعػػة للسػػنن .إف قػػانوف الشػػيء موجػػود قبػػل وجػػود الشػػيء وىػػذا واع ػ يف ال يمياء .وىذا الوجود السنٍت يب ن أف ي وف مدخبلً لتهور وجود الروح . ٕ -والسنن يابتة ( ولن ذبػد لسػنة اهلل تبػديبلً ،ولػن ذبػد لسػنة اهلل ربػويبلً ) وىػي ىنػا سنة اجملتمعات واألنفس . إف اؼبسلم ال يرى للعلم يباتػاً ألنػو إمػا أف ي ػن اعب ػل علمػاً .أو ال يعلػم معػٌت النتقػاؿ من سنة إىل سنة ومن قدر إىل قدر . كما أف اؼبسلم قد تأير دبف وـ الغرب فهار ين ػر إىل أمػور اجملتمػع وكػأف العلػم ال صػلة لو هبا ،ويعرؼ ابن تيمية السنة إ « أف يفعل يف الثاي ما فعل يف األوؿ » وشبيو بو تعريف راسل . ٖ -السنة واؼبعجلة إ
إف اإلسبلـ نبت يف بيعػة ػَت علميػة ،وانتقػل باإلنسػاف إىل اغبيػاة العلميػة حيػث ارتقػى بالدليل والاىاف مػن مسػتوى اؼبعجػلة إىل العلػم .والقػر ف يؤكػد أف الن ػر العلمػي دليػل علػى صػػدؽ النبػػوة .وىػػذا األسػػلوب ػػَت سػريع النتػػائج تابعػاً .إف اؼبسػػلمُت مػػا زالػوا يف عقليػػة مػػا قبل العلم حُت يذكروف اؼبعجلات ك كثار الطعاـ ونبع اؼباء و … إف االنتقاؿ من اؼبعجلة إىل السنة ىو معٌت ختم النبوة وإف القر ف حػُت يتػدرج بالاىػاف مػػن مسػػتوى اؼبعجػػلة يف قهػػة الػػذي مػػر علػػى قريػػة أو قهػػة إبػراىيم إىل أفػػق العلػػم والسػػنة يف قهة أُ ابن خلف اؼبعاند ( أو َل ير اإلنساف أنا خلقناه مػن نطفػة . ) ..ليؤكػد أف السػنة حلت ؿبل اؼبعجلة . الفهل الثاي العلم أ -أسس أولية إ ٔ -األساس األوؿ إ ال عبلقة بُت السب والنتيجة عقبلً . وبهػػل العلػػم حػػُت يػػتم التةقػػق مػػن ارتبػػاط السػػب بالنتيجػػة ،وال قػػدرة للعقػػل علػػىربػػط األسػػباب بالنتػػائج قبػػل مشػػاىدة االرتبػػاط يف الواقػػع .وإف العقػػل يف حقيقتػػو ىػػو ربػػط السػػب بالنتيجػػة فقػػد يشػػاىد اإلنسػػاف النتػػائج وال يػػرى أو ال يػػدرؾ أسػػباهبا ،وحػػُت تعػػرؼ األسباب يهب اؼبر علماً .ور يػة األسػباب يف األمػور اؼباديػة أسػ ل من ػا يف أحػواؿ اجملتمػع واألنفس . إف قهػػد ال تػػاب ىػػو ربديػػد كنػػو العلػػم وتذوقػػو لفهػػلو عػػن ال ػػن واؽبػػوى ،وذلػػكبالتأكيػػد علػػى مبلح ػػة ارتبػػاط األسػػباب بالنتػػائج يف الواقػػع ،وبػػذلك يهػػب اإليبػػاف بػػاهلل واليوـ اآلخر علماً يقوـ على أسباب ؽبا نتائج إهبابية .
والتوحيد ىو إيقاظ مل ة العلم والتةرر من التبعية لؤلصناـ والتقليد .إف العلم واإليباف مًتادفاف عند من يتذوؽ كنو األمور ،كما أف الشرؾ واعب ل سواء . إف اهلل ى عن الشرؾ اإليباي واعب ل العلمي وعن عبادة األشخاص يف م اىره الدينية والسياسية ،إف العلم ىو طريق التوحيد ،توحيد اهلل ،وتوحيد العاَل ،ألف الناس سي فوف عن التنازع حُت يهب الدين علماً ،فالعلم يقطع طريق اعبدؿ . ٕ -األساس الثاي إ العقل ليس لة بل وظيفة . َل ترد كلمة عقل يف القر ف إال دبعٌت عمل أو فعل ( ال يعقلوف ) ف و عملية وليس لػة .أطلق القر ف على اآللة اسم القل أو الفؤاد أو الل ..وىذه اآلالت وظيفت ػا العقػل أو ربط السب بالنتيجة .إف العقل وظيفة ل س سائر اؼب ارات . ٖ -األساس الثالث إ عدـ وعع عاَل األشخاص ؿبل السنن . شػػرح مالػػك بػػن نػػيب يف كتابػػو ( مش ػ لة األف ػػار ) اؼبراحػػل الػػثبلث الػػيت يبػػر هبػػا الطفػػل وىو ىبتلؿ تاريخ اإلنساف .إف دراسة الطفل الذي يتلقى من ؿبيطو ليهَت إنساناً ىي العلم اؼبتعلق بالسنن اليت تهنع اإلنساف . إف الطفل يستعُت بعاَل األشخاص ليةهل على العلم ،فيةل اآلبػاء ؿبػل السػنن ،وىذا نوع من الوينية الدينية ،يهاب بو من َل يتعلم التعامػل مػع اغبقػائق اػبارجيػة .حيػث هبعل األشخاص مهدر التعرؼ على ىذه اغبقائق فيعع اظراث أماـ الثور ،وىػذه العمليػة يف اعتبار القر ف شرؾ .وىذا الف م عروري الستقامة الػدين واغبيػاة واػبػبلص مػن اػبعػوع والتللف والعبودية وزواؿ االزدواجية . إف لعاَل األشخاص جانبيو اإلهبا والسليب إهبػ إعطػػاء عػػاَل األشػػخاص حقػػو دوف تفػريط أو مغػػاالة ،فػػاػباات البشػرية اؼبًتاكمػػة تش ل األساس الذي يبٍت عليػو البلحػق فيوسػع الػدائرة ويعػيف إلي ػا درجػة جديػدة ،ىػذه اػباات هب أف تقبل على أساس السنن ال على أساس عاَل األشخاص . ب -دليل العلم إ
التنبؤ والتسخَت برىاف على العلم . أم ػػا التنب ػػؤ ف ػػو أف يفع ػػل يف الث ػػاي م ػػا فع ػػل يف األوؿ .والق ػػر ف يس ػػمي ذل ػػك بالنس ػػبة للمجتم ػػع س ػػنة ،وس ػػنة اهلل ى ػػذه يف اجملتمع ػػات ال تنف ػػي دور اإلنس ػػاف ف ػػي مرتبط ػػة بس ػػنة أساسية ( إف اهلل ال يغَت ما بقوـ حىت يغَتوا ما بأنفس م ) ا يأب التسخَت بعد التنبؤ . والعاقبػػة برىػػاف للعلػػم اؼبتعلػػق بسػػلوؾ اإلنسػػاف .ف ػػي برىػػاف للعلػػم خػػاص بػػاجملتمعوالقيم واألخبلؽ .كعاقبة اؼبتقُت واؼب ػذبُت وأمػا األشػياء اؼباديػة فعاقبت ػا ترجػع إىل اإلنسػاف الذي يسخرىا يف اػبَت أو يف الشر . واشتباه ىذا األمر دفع كثَتاً من العلماء إىل اعتبار العلم ؿبايداً أخبلقياً وىو خطأ يرجع إىل قهر العلم على الطبيعة دوف القيم وإىل القيم وإىل عػدـ اعتبػار العاقبػة دلػيبلً علػى العلػم . إف القػػر ف يؤكػػد علػػى أف القػػيم واألخػػبلؽ و ..علػػم ؽبػػا سػػنن يابتػػة ،ـبتاىػػا السػػَت يف األرض ودراسػػة سػػنن مػػن خل ػوا مػػن قبػػل واالحت ػػاـ إىل التػػاريخ اإلنسػػاي ماعػػيو وحاعػػره ومستقبلو . ومػػن بػراىُت العلػػم برىػػاف أف العلػػم مػػا ىػػو خػػَت وأبقػػى ..واػبػػَت واألبقػػى نقطػػة أوليػػةبدىية يتم االنطبلؽ من ا .ف ل أمر أعطى نتائج أنفع ف و حق وخػَت وىػو علػم دبقػدار مػا فيو من النفع ول ن ال بد من إدخاؿ عنهر اللمن يف األنفػع واألبقػى .وذلػك دببلزمػة صػفة االسػػتمرار ؽبمػػا .وىػػذا الن ػػر التػػارىبي إىل نتػػائج األمػػور علػػى اؼبػػدى الطويػػل ي شػػف دور األخػػبلؽ ويبػػُت أ ػػا ليسػػت ف ػرائل اعتباطيػػة وال أيقػػاالً سبنػػع مػػن انطػػبلؽ الش ػ وات .بػػل األخ ػػبلؽ عل ػػم ألف نتائج ػػا خ ػػَت وأبق ػػى .إف م ػػذى الذرائعي ػػة ش ػػر وخط ػػأ ح ػػُت ي ػػتم باؼبهػػلةة العاجلػػة الػػيت مػػن بعػػدىا األحقػػاد وىػػو حػػق حػػُت ي ػػتم بػػاػبَت األبقػػى واألدوـ ، وىذه ذرائعية القر ف واألدياف . إف الن ػػر إىل العاقب ػػة -ال ػػذي يؤك ػػد أف األخ ػػبلؽ عل ػػم -ى ػػو أس ػػلوب علم ػػي ت ػػارىبي تعرض لو راسػل .وذكػره حسػُت مػروة ذكػراً عػابراً .إف ىػذه الن ػرة العلميػة ربسػم النػلاع بػُت
العقػػل والنقػػل ،وهبػػا يػػدرؾ اإلنسػػاف أسػرار العبػػادة ،فيمػػا زبلقػػو مػػن نتػػائج ىػػي خػػَت وأىب . ومثاؿ ذلك يف اغبج والهبلة وسوانبا من عبادات زبلق ال مػاؿ عنػد اإلنسػاف والهػبلبة يف اجملتمع ،وقد أبقػت للمسػلمُت رمػق حيػاة يف كيػا م الػذي هتػدـ علػى الهػعيد السياسػي ، ولذلك هب أال تفهل العبادات عن أىداف ا ووظائف ا . إف العاقبػػة ذبربػػة يعػػاؼ إلي ػػا اػبػػَت واألبقػػى ،وىػػذا الن ػػر علػػى أسػػاس العواق ػ يليػػل النلاع حوؿ مسألة العلمانية ،حيث يهة من ج اؼبعرفػة وىبعػع كػل شػيء لسػلطاف العلػم . جػ -اؼبوقف العلمي إ ىػػو اؼبوقػػف مػػن اجمل ػػوؿ الػػذي َل يهػػر علمػاً .وعلػػى قػػدر معرفػػة اإلنسػػاف للماعػػيت ػػوف معرفتػػو للمسػػتقبل أو للمج ػػوؿ .فمػػا سػػبق يلقػػي األعػواء علػػى مػػا سػػيأب وىػػذا أمػػر متهل بالسَت يف األرض والن ر إىل بداية اػبلق . وفبا وبرـ من ىذا اؼبوقف أف ي ن الناس أف العاَل خلق تاماً و ػَت نػاقا يف غب ػة .إف اؼبوقػػف العلمػػي ىػػو اؼبوقػػف التػػارىبي السػػنٍت الػػذي يبػػن الثقػػة والتبهػػر ( أدعػػو إىل اهلل علػػى بهَتة ) ول ن طاؿ علػى اؼبسػلمُت األمػد فجمػدوا عنػد اللة ػة اغباعػرة ورأوىػا مبتػورة عػن اؼباعي واؼبستقبل فقست قلوهبم وابتعدوا عن اؼبوقف العلمي . واالبتعاد عن اؼبوقف العلمي يدفع إىل سػلوؾ طػرؽ اغبقػد واالنتقػاـ وقطػع الػر وس بػدؿ اإلرشػػاد واؽبدايػػة ،وهبعػػل صػػاحبو يش ػػعر أف األمػػور ػػَت قابلػػة للةػػل ،ويدفعػػو إىل الي ػػأس والبعد عن اغبلم والف م . د -العلم واؽبوى إ اؽبػػوى معػػاد لعلػػم ،وقػػد جػػاء يف القػػر ف يف موعػػع االهتػػاـ والتةػػذير منػػو ،سػواء كػػاف ىوى النفس أو ىوى اآلخرين ،ألنو يعل ويهرؼ عن العدؿ . اؽبوى سب أكثر مػا وبػدث مػن النػلاع ،ألف النػلاع اخػتبلؼ يف الر يػة يسػب اؽبػوى ، ف و كثَت بُت األطفاؿ واعباىلُت .
إف الذاتية تػؤير يف ظ ػور اؽبػوى وسػيطرتو علػى أح ػاـ اإلنسػاف وتهػرفاتو ،وقػد عػرب اهلل مثل داود يف القر ف .وىذه مش لة اجتماعية وعاؼبية ومش لة كل أحد . كاف اؽبوى يؤدي دوراً يف حفل الذات ،ول ن تطػور اغبيػاة ربػط اؽبػوى بػاجملتمع ،فػبل بد من تهعيده ػبلق اإليثار والغَتية . إف قػوانُت الدولػػة ربػػاوؿ أف تعػػبط اؽبػػوى وزبعػػع الػػذات لػػروح اجملتمػػع ،والعػػاَل حباجػػة إىل ىذا ليةل نلاعاتو . لقػػد فشػػلت األمػػم اؼبتةػػدة يف تفسػػَت كلمػػة االعتػػداء ألف كػػل واحػػد يفسػػرىا مػػن وج ػػة ن ره ومهلةتو .ور ية اؽبػوى صػعبة ،ألف اؽبػوى ظلػم للػنفس ،واؼبخطػت ظػاَل لنفسػو ولػو كاف مستععفاً ،واإلنساف ال يشعر أنو ي لم نفسو . مػػن العػػروري معرفػػة بدايػػة ظ ػػور القػػانوف أو ف ػػرة اغب ػراـ أو مػػىت بػػدأ اإلنسػػاف يش ػػعر بعرورة عبم ىوه وتوجيو رائله . يف تراينا اىتماـ كبَت بتبياف يار اؽبوى وأفعالو . إف اؽبػػوى مهػػنوع يف أصػػلو ،واألى ػواء نفسػػية وىػػي ػػَت الش ػ وات اعبسػػدية .وإف َل تثمػػر ج ػػود النػػاس لت ػػذي أنفسػ م ف ػػذا يعػػٍت قلػػة العلػػم و مػػوض اؼبعرفػػة ،وىػػو مػػا يػلاؿ النػػاس يعيشػػوف فيػػو إذ أف الػػرداء اغبعػػاري اؼب ل ػػل يرمػػى وقػػت األزمػػات ،وتت شػػف طبيعػػة التوحذ يف الناس وت ر ىشاشة القانوف . وإف القر ف قدـ أح اماً واقعية لذلك حُت ح م بػ « قليبلً ما يؤمنوف » و « قليل مػن عبادي الش ور » و … ول ن ىذا اإلخبار يفيد اللجر والن ي ألف العلػم قػادر علػى خلػق اإلنساف اؼبتقي الذي ين ى النفس عن اؽبوى . لقد أر القر ف علػى إبػراز أخطػار اؼبعاصػي وأمػراض القلػ الػيت ربطػم القػيم وتػؤدي إىل زعلعة اغبعارة ،وذلك ما بينو توينيب يف حديثو عن األقلية اؼببدعة وربوؽبا إىل أقلية مسيطرة ،أو ما بينو فرويػد يف حديثػو عػن عػياع القػيم الثقافيػة حػُت تسػيطر األقليػة وتسػخر اجملمػوع لهاغب ا .
إف إلقاء األعواء العلمية على أسباب األوبعة االجتماعية واألخبلقية أمر على اية مػن األنبية ،فبذلك وحده تنقشع ال لمة وينشط اإلنساف من عقاؿ األمراض الفتاكة ويتخلا من اؼبشاكل اليت ينتج ا اتباع األىواء . ىػ -العلم والتوحيد إ -ي ر التوحيد يف يبلية جوان إ ٔ -توحيد الذات فبل خالق إال اهلل . ٕ -وتوحيد التشريع فالطاعة ألمر اهلل . ٖ -وتوحيد الر بة والرىبة أو األلوىية . إف العلػػم أسػػاس التوحيػػد يف أمػػر اهلل التش ػريعي ؼبعرفػػة أوامػػره ونواىيػػو ،وأمػػر اهلل ال ػػوي ؼبعرفة ياتو وتسخَت ال وف . التوحيد قيمة إنسانية أو مش لة إنسانية .إف ظ ور الفردية -كما بُت كتاب الغرب والعاَل -عملية تارىبية ،فقػد تطػورت ف ػرة الفردي ػػة خ ػػبلؿ الت ػػاريخ .ك ػػاف التف ػػرد مفق ػػوداً يف القبائ ػػل واجملتمع ػػات القديب ػػة ال ػػيت َل ت ػػن تتسام مع النلعة الفردية كاجملتمعات اليونانية والرومانيػة .ولػذلك ن ػروا إىل اؼبسػيةية علػى أ ا سرطاف أل ا اعتات اػببلص السرمدي أساساً وكرست اغبياة من أجلو .وحررت الفرد من اػبنوع للجماعة والدولة . إف فريػػلر يػػرى أف إعػػادة االعتبػػار إىل اإلنسػػاف أو إعػػادة التوحيػػد عقبػػة أمػػاـ اغبعػػارة ، فيما يرى توينيب أف رأي فريلر عودة للوينية .واغبقيقة أف اؼبش لة كامنة يف سبلمة اعبميع ؛ الفػػرد واجملتمػػع ،ووعػػع كػػل يف موعػػعو اؼبناسػ ،فػػالعلم ينػػتج مػػن مبػػادرات أفػراد يف أرض اجملتمػػع ،واجملتمػػع ي بػػت اؼببػػادرات وىنػػا ت ػػر قيمػػة اعب ػػد واؼبعانػػاة والتةػػرر مػػن الشػػعور بالعجل . إف التوحيػػد خػػروج مػػن اآلبائيػػة ،وتعبػػَت عػػن تػػوؽ اإلنسػػاف إىل اغبػػق وجعلػػو مسػػؤوالًأماـ اغبق ،إ ا ملة إبراىيم .
اآلبػػاء يف عهػػور التخلػػف وبيلػػوف اإلنسػػاف إىل شػػيء أو أداة مسػػخرة ،والتوحيػػد دعػػوة لتةريػػره .إف ف ػػرة اليونػػاف أو الرومػػاف يف جعػػل النػػاس أدوات عػػادت تسػػيطر يف ن ػػم العػػاَل اليت ربيل اإلنساف إىل منفذ ببل اعًتاض ،ؽبػذا اعتػا تػوينيب اغبعػارات ن وصػاً عػن األديػاف العليػػا الػػيت تسػػمو باإلنسػػاف - .إف تتبػػع التػػاريخ اإلنسػػاي ،ومبلح ػػة مػػا كابدتػػو اإلنسػػانية مػػن انسػػةاؽ كرامػػة اإلنسػػاف يؤكػػد أف التوحيػػد حاجػػة إنسػػانية يرتفػػع هبػػا اإلنسػػاف لتةمػػل اؼبسؤولية ،مسؤولية كل فرد عػن اإلنسػانية .السػلوؾ الػذي يعػمن النجػاة األخرويػة يعػمن خبلص األفراد واجملتمعات من التخلف واإلذالؿ وسػلطاف االستعػعاؼ واالسػت بار ،وىنػا تبدو وظيفة التوحيد االجتماعية يف خلق السػلوؾ الػذي تتةقػق بػو إنسػانية اإلنسػاف ووحػدة ال رامة البشرية . الفهل الثالث األجنة القر نية ٔ-( سَتوا يف األرض فان روا كيف بدأ اػبلق ) يف اآليػػة مػػن ج للبةػػث يشػػمل اعبوانػ اؼباديػػة و َتىػػا فبػػا يب ػػن أف يدرسػػو اإلنسػػافألف مػػل أمػػر لػػو بػػدء خلػػق .وإف ج ػػل بدايػػة اػبلػػق يعطػػي صػػورة مشػػوىة للواقػػع ،وىبلػػق االعػػطراب وعػػدـ الػػتم ن مػػن التعامػػل اغبسػػن مػػع الواقػػع .والن ػػر التقليػػدي قػػد تهػػور أف خلق ال وف كما ىو ابتداء وكامبلً ،وىذا نتيجة ر ية غب ية قاصرة . إف اػبلق مػا زاؿ مسػتمراً يف شػىت مسػتوياتو ،وإف اإلنسػانية كانػت كػالفرد لػو مراحػلمبو ،وىي َل تهل إىل الرشد بعد .ومعرفة « كيف بػدأ اػبلػق » ترشػد إىل أف اػبلػق ينمػو ويتقدـ .كما أ ا تقود إىل التف َت يف اؼبهَت الدنيوي .واآلية تنقػل البةػث عػن اؼبعرفػة مػن
يات ال تاب إىل يات اآلفاؽ واألنفس .إف ما علمو اهلل يف اإلنساف وج لػو اؼببلئ ػة ىػو سر خلقو وىو مرتبط بدوره يف اغبياة الدنيا … سيهل اإلنساف إىل مرحلة يأنف في ا من سفك الدماء كما صار يأنف من أكل غبػوـ البشر وسيبلس مرحلة « النشأة اآلخرة » . إف مش لة بدء اػبلق من أوؿ ما صدـ الف ػر الػديٍت ،ومػع ذلػك ال قبػد مػن اؼبف ػرين اؼبسلمُت من جعل من ية الن ر إىل بداية اػبلق منطلقاً لبةث ىذه اؼبش لة . ٕ-( سنري م ياتنا يف اآلفاؽ ويف أنفس م حىت يتبُت ؽبم أنو اغبق ) تنقل اآلية أدلة موعوع الدين واإليباف من يات ال تاب إىل يػات اآلفػاؽ واألنفػس ،وىي نقلة ستجعل الدين والعلم متةدين ألف مهدرنبا واحد وىو الواقع ،إ ا كاية ( إف اهلل ال يغَت ما بقوـ … ) تاز دور اإلنساف الذي يسَت يف األرض ووبمل األمانة . سيهب الدين علماً ويغدو عاؼبياً حُت تش د لو يات اآلفاؽ واألنفس اليت ؽبػا حػقمعرف ػػة اغب ػػق ،وس ػػي وف ذل ػػك س ػػبباً ل ػػدخوؿ الن ػػاس يف دي ػػن اهلل أفواجػ ػاً .وج ػػارودي م ػػن مؤشرات ىذا االذباه . حُت ش دت يات اآلفاؽ لعلم الفلك زاؿ ما كاف هبري فيو مػن نػلاع ،وسػيلوؿ مػايف ال ػدين مػػن ن ػلاع وعػػداوة حػػُت تش ػ د لػػو يػػات اآلفػػاؽ واألنفػػس ،وإف ف ػػرة خػػتم النبػػوة تأكيد ؽبذا الدور . مول ػػد اإلس ػػبلـ مول ػػد العق ػػل االس ػػتدال ،ون ػػيب اإلس ػػبلـ ص ػػلة ب ػػُت الع ػػاَل الق ػػدواغبػػديث ،وف ػػرة خػػتم النبػػوة تعلػػن انت ػػاء الػػدورات اغبعػػارية ،وإمسػػاؾ اإلنسػػاف بسػػنن التاريخ ليجعل اغبعارة مستمرة وىبله ا مػن اغبتميػة ،وكػذلك ف ػرة أف ؿبمػداً للنػاس كافػة تؤكد ىذا . ٖ-( وسخر ل م ما يف السموات وما يف األرض ) .
اآلية من مقامات ت ر اإلنساف . ٔ -ففي ا مقاـ النيابة اإلؽبية الذي يرتقي إليو اإلنساف حيث يأمر فيطاع . ٕ -التسػػخَت يتنػػامى مػػع الػػلمن وي ػػر ذلػػك مػػن تأمػػل ( كيػػف بػػدأ اػبلػػق ) يف حالػػة القراءة وال تابة مثبلً ومع ارتقاء التسخَت تلوح مبلم ( النشأة اآلخرة ) . ٖ -التسخَت تسخَتاف ،تسخَت عاَل اآلفاؽ وتسػخَت عػاَل األنفػس .والثػاي أصػع وأبعػػد ،والغربيػػوف أن ػػروا أف ي ػػوف الثػػاي علم ػاً ،علػػى ع ػػس القػػر ف .وىػػذا مػػا أدى إىل تن ػػاقل أى ػػداؼ اغبع ػػارة الغربي ػػة م ػػع أى ػػداؼ الق ػػر ف .ى ػػي سبج ػػد اعبان ػ اؼب ػػادي ( كث ػػرة األم ػواؿ واألوالد ) … ..والقػػر ف يػػرى التقػػوى أسػػاس الرقػػي .وال يريػػد لئلنسػػاف أف سبل ػػو الدنيا وأال تتةوؿ الوسائل إىل أىداؼ .واغبعارات انتةرت على ىذا اؼبنللق . وتوينيب حاـ حوؿ اؼبوعوع حُت رأى أنو ال السيطرة على البيعة يف ربسػُت األسػلوبالت نولػػوجي وال التوسػػع اػبػػارجي يف إخعػػاع النػػاس يع ػااف عػػن ارتقػػاء اإلنسػػاف اغبقيقػػي . ويعرب مثل الفراعنة وبناء األىراـ .ومثل حعارة اليوـ وبناء الًتسانات . اآلية تعع اإلنساف أماـ مسؤولية ال ائيػة ،يراىػا بعػل اؼبف ػرين الغػربيُت مسػتةيلةمثل توينيب الذي يرى عدـ إم اف أخذ الت نولوجيا دوف التلوث دبا قبم عن ا من أخبلؽ . إف موعوع سيطرة اإلنساف علػى الػدنيا أو سػيطرة الػدنيا علػى اإلنسػاف ،وعبلقػة الػدنيا ب ػػاآلخرة واألخ ػػبلؽ بالسياس ػػة ؿب ػػور اىتم ػػاـ الق ػػر ف ال ػػذي يبػ ػن اإلنس ػػاف الثق ػػة يف االرتق ػػاء وإيبػػات جدارتػػو هبػػا لتجػػاوز هتمػػة اؼببلئ ػػة .وأمثلػػة القػػر ف عػػن عػ ٍ ػاد وإرـ ،وعػػن الفراعنػػة وسواىم ،مدارىا على ىذا االىتماـ . ٗ-( إف الذين منوا والذين ىادوا والنهػارى والهػابعُت مػن مػن بػاهلل واليػوـ اآلخػر وعمػل صاغباً فل م أجرىم عند رهبم وال خوؼ علي م وال ىم وبلنوف ) ( البقرة . ) ٕٙ / العاَل اؼبعاصر يبر دبرحلة خطَتة من التةوؿ شبي ة دبرحلة الوالدة يف حياة اإلنساف ،وال وبل مش بلت ىذه اؼبرحلة َت العلم .
وقد تعرض اإلنساف ؼبثل ىذا حُت انتقل إىل مرحلة اللراعة ول نو عجل عن الت يػفمع ما تقتعيو من العدؿ واحًتاـ إنسانية اإلنساف ،ف ر التسلط والق ر والعبودية . واآلف دخل اإلنساف أزمة جديدة قبل أف وبل أزمات اؼبراحل السابقة . إف التةوؿ اعبديد دفع إىل عرورة وحدة العاَل ،ووحدة اؼبهَت ؛ ألف النجاة الفرديةؿبالة . _ ية البةث ( إف الذين منوا ) ..إ تيسر الت يف اؼبطلوب وىو اػبروج من األنانية الذاتية إىل اغب واإليثار ،واػبروج من سفك الدماء والثارات . البشرية تواجو األزمة بالطرائق القديبة ،بال لم والق ر واالست بار يف األرض . اآليػػة ر يػػة تفا ليػػة لػػدين ي ػػدؼ إىل العاؼبيػػة فيؤكػػد علػػى التسػػام واإلحسػػاف و …لتتجاوز اإلنسانية حالة الفساد وسفك الدماء ،وربقق ما علمو اهلل في ا . إف كش ػػوؼ الطاق ػػة اؼبادي ػػة خط ػػر عل ػػى اإلنس ػػاف أل ػػا َل ترافق ػػا ق ػػوى اػب ػػَت واظب ػػةواإليثار اليت فطرت علي ا نفس اإلنساف . عاؼبنا اؼبعاصر أىداؼ مب مة ويقوده قادة عمياف وىو متخم باؼبعدات ال املة . األصوؿ اؼبشًتكة مع أىل ال تاب هب أف ربوؿ دوف سبلؽ اإلنسانية .مذى ابن دـ األوؿ إ أو (مش لة العنف يف العمل اإلسبلمي ) ياز اؼبؤلف يف ىذا البةث األسلوب الػذي زكػاه اهلل يف موقػف ابػن دـ األوؿ مػن أوؿ نلاع حدث يف مطلع البشرية .. لي ػػوف ى ػػذا األسػ ػلوب اؼبلك ػػى م ػػن قب ػػل اهلل نااسػ ػاً للبشػ ػرية يف خ ػػط س ػػَتىا الطوي ػػل . وي ػػدؼ إىل إهبػػاد أسػػلوب خػػر غبػػل مش ػ بلت البنػػاء .وىػػو وإف كػػاف يوجػػو ال ػػبلـ إىل اإلسبلميُت ليدؽبم على الطريق ،إال أنو َل يقهد االقتهار علي م ،بل يريػد أف يعػع أمػاـ عمَت اآلخرين ىذا األسلوب يف العمل لي وف موعع تأمل م .ويبُت أف على اؼبسلمُت من
أجل استعناؼ اغبياة اإلسبلمية أف يقوموا بعملية الببلغ اؼببُت ،واف يؤدوا واجبػاهتم بهػرؼ الن ر عن اغبق الذي ؽبم . اإلنساف إ حُت ي وف كبلً وحُت ي وف عدالً ينطلق اؼبؤلف من شػرح قولػو تعػاىل إ « وعػرب اهلل مػثبلً رجلػُت أحػدنبا أب ػم ال يقػدر علػػى شػػيء وىػػو كػػل علػػى مػػواله أينمػػا يوج ػػو ال يػػأت خبػػَت .ىػػل يسػػتوي ىػػو ومػػن يػػأمر بالعدؿ وىو على صراط مستقيم » . وي ػػدؼ إىل بي ػػاف أف البشػػر يب ػػن م باس ػػتخداـ س ػػنن تغيػػَت الػػنفس واجملتمػػع ،رف ػػع أو خفل مستوى األفراد واجملتمعات .ويشرح ف رة « الفعالية » ،ويبُت أف أىم شروط ا . _ أف نبةث أسباب األحداث ،ونعًتؼ جب د اإلنساف في ا . _ أف يتةػرؾ اإلنسػاف بػُت حػ ّدي الرجػاء واػبػوؼ ،مػن أجػػل خػَت هبلبػو أو شػر يدفعػػو .. العمل قدرة وإرادة إذا تػػوفرت للعمػػل اإلرادة اعبازمػػة والقػػدرة التامػػة مػػع اسػػتيفاء شػػروطو وانتفػػاء موانعػػو ، وج وجود الفعل عرورة ،و حهوؿ العمل ب ذف اهلل تعاىل . إف لدى اؼبسلمُت من اإلرادة والقدرة اؼبادية ما ي في م لئلقبلع ،وإمبا عوزىم اغبقيقي قي القدرات الف مية . وىذا ال تاب يتناوؿ مش لة العمل بأسلوب موعوعي على صورة قوانُت رياعية إ اإلرادة اعبازمة القدرة التامة = العمل الناج . العقل اؼبثل األعلى = اإلرادة . العقل وقائع ال وف وأحداث التاريخ = القدرة التسخَتية . حىت يغَتوا ما بأنفس م
ينطلق اؼبؤلف من شرح قولو تعاىل إ « إف اهلل ال يغَت مػا بقػوـ حػىت يغػَتوا مػا بأنفسػ م » .ووب ػػاوؿ أف يوعػ ػ أف أس ػػاس مشػ ػ لة زبل ػػف اؼبس ػػلمُت ،ى ػػو ج ل ػػم أف مشػ ػ لت م زبع ػػع لقػ ػوانُت يب ػػن كش ػػف ا وتس ػػخَتىا ..وبالت ػػا اص ػػبةوا ألعوب ػػة بي ػػد أع ػػدائ م ال ػػذين يفرعوف أف اؼبش بلت زبعع لقوانُت يب ن كشف ا وتسخَتىا .. ويبُت اؼبؤلف أف الدعوات اليت تركت أيرىا العميق يف تاريخ البشرية ،إمبا بدأت تأيَتىػا على نفس اإلنساف وف ره فغَتهتما ؛ واف ىذا التغيَت ىبعع لقواعد وقوانُت ىي سنن اهلل يف النفس واجملتمع اليت يرتقي اجملتمع أو يتخلف حبسب ا … فقداف التوازف االجتماعي ي ػػدرس ال ت ػػاب إنس ػػاف ؾبتمعن ػػا ال ػػذي ي ػػًتدد ب ػػُت مبدئ ػػو وع ػػغط الواق ػػع .ويب ػػُت أف االنفه ػػاـ االجتم ػػاعي ال ػػذي يعاني ػػو مس ػػلم الي ػػوـ ،ى ػػو الػ ػذي يفق ػػده توازن ػػو ووبمل ػػو عل ػػى االنسػ ػػةاب مػ ػػن اجملتمػ ػػع أو الػ ػػذوباف فيػ ػػو .واف مػ ػػن الشػ ػػروط األساسػ ػػية لتةقيػ ػػق الت ػ ػوازف االجتماعي إ أف ندخل اجملتمع وكبن نعتقد أف لدينا عقيدة تنقذه .لنغَته ،ال لنقلِّده . أف ندخل اجملتمع ِّ أف نقدـ اإليباف بأدلتو من عاَل الش ادة .كت قيِّمة أوالً -أحباث يف سنن النفس واجملتمع تأليف إ األستاذ جودت سعيد ٔ -مذى ابن دـ األوؿ (مش لة العنف يف العمل اإلسبلمي) . ٕ -اإلنساف حُت ي وف كبلً وحُت ي وف عدالً . ٖ -حىت يغَتوا ما بأنفس م . ٗ -فقداف التوازف االجتماعي . ٘ -العمل قدرة وإرادة .
يانياُ -دراسات نفسية وتربوية إ تأليف إ الدكتور عبد اغبميد اؽبامشي ٔ -الرسوؿ العر اؼبر يالثاً -ن رات يف كتاب اهلل تعاىل إ ٔ -قبس من اإلعجاز ٕ -توجي ات قر نية ٖ -أعواء من سورة يس ٗ -أعواء من سورة لقماف
لؤلستاذ إ ىشاـ اغبمهي . لؤلستاذ إ ىشاـ اغبمهي . لؤلخت إ حناف غباـ . لؤلخت إ حناف غباـ .
رابعاً -من أخبار الهةابيات إ تأليف إ السيدة حناف غباـ ٔ ظبية بنت خياط ( الش يدة األوىل ) . ٕ -أـ سليم بنت ملةاف ( اللوجة اؼبؤمنة ) . اظتوى
اؼبوعوع مقدمة مدخل * الفهل األوؿ إ مرات الوجود مرات الوجود مرتبة التعليم بالقلم (اؼبرتبة الرابعة) الوجود السنٍت (مرتبة خامسة) * الفهل الثاي إ العلم ما ىذا الذي نسميو علماً دليل العلم اؼبوقف العلمي العلم واؽبوى العلم والتوحيد * الفهل الثالث إ األجنة القر نية سَتوا يف األرض سنري م ياتنا سخر ل م إف الذين منوا خاسبة دليل األف ار اظتوى
الهفةة ٘ ٜٔ ٔٗ ٖٗ ٕٙ ٘ٛ ٜٜ ٖٓٔ ٕٔٙ ٔٗٚ ٖ٘ٔ ٕٔٚ ٜٜٔ ٖٕٓ ٕٔٔ ٕٕٚ ٖٕ٘ ٕٗٚ ٖٕ٘ ٕٛٚ
ىذا ال تاب ينطلق اؼبؤلف من قولو تعاىل إ ( اقرأ وربك األكرـ الػذي علػم بػالقلم ) ليعػع اإلنسػاف على طريق العلم والسبلـ ،الذي ي سبو اؼبوقف التػارىبي السػنٍت ،وىػذا اؼبوقػف يبػن الثقػة والتبهر وال رامة ،ويُبعد عن سلوؾ طرؽ اغبقد واالنتقاـ والتقليد ..فالذين ينالوف كػرـ اهلل وكرامتو ىم أكثر الناس قراءة وأشدىم اتهاالً بال تاب والعلم .. ويؤكػػد اؼبؤلػػف أف اعبانػ الػػذي علينػػا االىتمػػاـ بػػو إ ىػػو إيعػػاح مبػػادئ ومنػػاىج إنتػػاج اؼبعرفة والعلم ..كما يبُت أف التوحيد خروج من اآلبائية ،ودعوة لتةرير اإلنسػاف ،وحاجػة إنسانية يرتفع هبا اإلنساف لتةمل اؼبسؤولية ،وربقيق إنسانيتو وتقو سلوكو ..