اللغة والهوية

Page 1

‫كلمة أصوات اخلامسة عشر‬

‫اللغــة‬ ‫والهو ّية‬


‫اللغة والهو ّية‬ ‫اخلامس ��ة عش ��ر‬ ‫ه ��ذه نش ��رة‬ ‫وه ��ي م ��ن ضم ��ن مش ��روع املعلوم ��ات‬ ‫واملنش ��ورات ال ��ذي يه ��دف إل ��ى جم ��ع‬ ‫مثلي ��ات اجلن ��س ف ��ي‬ ‫معلوم ��ات تخ ��ص ّ‬ ‫مواضي ��ع تاريخية‪ ،‬اجتماعي ��ة‪ ،‬ثقافية‪،‬‬ ‫سياسية وصحية‪.‬‬ ‫هذه النش� �ـــــــرة تط ��رح اللغ ��ة والهويــــــــــــة‬ ‫م ��ن وجهة نظ ��ر امرأة مثلي ��ة بهدف طرح‬ ‫أس ��ئلة وهواج ��س ح ��ول م ��ا ب�ي�ن اللغ ��ة‬ ‫والهوي ��ة اجلنس ��ية م ��ن عالق ��ة وتأثي ��ر‬ ‫الواحدة على اآلخرة‪.‬‬

‫‪2‬‬


‫يق ��ول إبراهيــــــــ ��م محمـــــــــ ��ود ف ��ي كتابه "املتعة احملظورة‪ :‬الش� �ــذوذ اجلنس� �ــي في‬ ‫تاريـــخ العـــرب"‪:‬‬ ‫"اذا كان ��ت اللغ ��ة هي هوية االنس ��ان‪ ،‬عالمت ��ه الفارقة‪ ،‬فه ��ي كذلك الدالة‬ ‫علي ��ه‪ ،‬واملؤرخ ��ة له ف ��ي املقابل… ان اللغ ��ة مجتمع قائم بذات ��ه‪ ،‬من حيث‬ ‫للتحول‪ ،‬والتجذر في الذاكرة‪ ،‬واالغتناء‪ ،‬وتفكك املعنى وموت‬ ‫قابليته ��ا‬ ‫ّ‬ ‫معنى وانبعاث آخر‪ .‬وهي في حتوالتها هذه‪ ،‬تش ��كل تاريخا واضحا حول‬ ‫صانعها‪ ،‬عدا كونها تاريخا له وعنه‪".‬‬

‫أدبا وترا ًثا؟‬ ‫فما هو تاريخنــــــا كمثليـــــات عربيـــــات ومن صنع تاريخنا ً‬ ‫إمكانية‪ ‬إيج ��اد معلوم ��ات محاي ��دة او داعم ��ة للمثلي ��ة اجلنس ��ية ه ��ي قليل ��ة ج ��دا‪.‬‬ ‫هناك‪ ‬الكثي ��ر م ��ن الكتاب ��ات الس ��لبية الت ��ي تتعام ��ل م ��ع املثلية اجلنس ��ية كش ��ذوذ او‬ ‫انحراف‪ .‬اما املراجع التي‪ ‬تتناول املثلية اجلنسية كهوية جنسية وتتعامل معها‪ ‬بشكل‬ ‫طبيعي‪ ‬ه ��ي قليلة جدا‪ ‬وكأنها ابرة بني كومة قش‪ .‬كمثلية فلس ��طينية تهمها القراءة‬ ‫عن احد مركبات هويتها (مثليتي اجلنس ��ية)‪ ،‬في كل مرة اكتش ��ف كتابا أو كاتبة أو‬ ‫كاتبا كتبوا عن املثلية اجلنسية العربية‪ ،‬أشعر كأني اكتشفت كنزا ثقافيا!‬ ‫عندم ��ا س ��معت للم ��رة األولى عن د‪ .‬س ��مر حبيب وعن كتابه �� ا ‪Female H o‬‬ ‫‪ ،mosexuality in the Middle East‬انتابن ��ي ش ��عور رائ ��ع وك ��دت أال‬ ‫أص ��دق عيني‪ .‬وعندما ق ��رأت ألول مرة جوزيف مس ��عد‪Desire: The Gay ‬‬ ‫‪ Re-Orienting International and the Arab World‬فهمت الفرق‬ ‫الغربية كحركة سياسية‪ .‬وقبل فترة قصيرة‬ ‫املثلية‬ ‫ومثليتي‬ ‫بيني أنا‬ ‫ّ‬ ‫الفلسطينية وبني ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪3‬‬


‫تعرف ��ت ال ��ى كاتبة جديدة عن طري ��ق مذكراتها حتت عن ��وا ن ‪Damascus D i‬‬ ‫‪ ،ary‬وفيها فيها كتبت الكاتبة السورية عن جتربتها مع سائق التاكسي في الطريق‬ ‫إل ��ى اجلامعة وعن احلارس على باب اجلامعة‪ .‬تش ��جعت كثي ��را وتفاءلت‪ ،‬وكأن‬ ‫طاقة جديدة نفخت في داخلي‪ ،‬وقلت في نفسي‪" :‬اذا هي بسوريا عندها القوة‬ ‫انها تناضل من اجل مكانتها وذاتها‪ ،‬ليش انا ما اقدر؟"‪.‬‬ ‫ومدعمة في الوقت نفس ��ه‪ ،‬وتش ��عرني‬ ‫ه ��ذه الق ��راءات وهذه النص ��وص داعم ��ة‬ ‫ّ‬ ‫كمثلي ��ة عربية بالفخر‪ ،‬وبأني جزء من‪ ‬ارث ثقافي وحضاري وس ��لوكي‪ .‬عندما‬ ‫أقرأها‪ ،‬أتأكد بأني لس ��ت وح ��دي‪ ،‬وانني جزء من مجتم ��ع مثلي عربي‪ ،‬يكتب‬ ‫وينش ��ر ويلق ��ي الض ��وء عل ��ي وعلى ش ��رعية وج ��ودي وش ��رعية وطبيع ��ة وجودنا‬ ‫وكمثلي ��ات‪ .‬وقع ه ��ذه الق ��راءات عل � ّ�ي كان قويا ج ��دا‪ ،‬وتعلمت منها‬ ‫كمثلي�ي�ن‬ ‫ّ‬ ‫الكثي ��ر‪ .‬الش ��عور األول الذي انتابني عند قراءته ��ا‪ ،‬كان أنه‪" :‬لو أن أمي‪ ،‬أبي‪،‬‬ ‫أخت ��ي‪ ،‬او أخ ��ي يقرؤونها‪ ،‬لكان ��وا فهموا ان مثليتي ه ��ي طبيعية‪ ،‬وأني جزء من‬ ‫مجموعة كبيرة ومن هذا املجتمع"‪.‬‬ ‫لي ��س للمثلي ��ة اجلنس ��ية‪ ،‬جنس ��ية غربي ��ة أو ش ��رقية أو طائفي ��ة‪ .‬والدلي ��ل أن تلك‬ ‫الصبي ��ة املوجودة في س ��وريا متر بتجارب مثل جتارب ��ي‪ ،‬وكذلك املثليات في لبنان‬ ‫واألردن ومص ��ر والع ��راق واخللي ��ج العرب ��ي‪ .‬ان ه ��ؤالء الكتاب واألش ��خاص‪،‬‬ ‫أبط ��ال القصص والروايات والقصائد‪ ،‬هم كلهم‪/‬ن عرب‪ ،‬وهم‪/‬ن اثبات على‬ ‫املثلية اجلنس ��ية ليس ��ت هوية اس ��توردتها املجتمعات العربية من الغرب‪ .‬عندما‬ ‫ان ّ‬ ‫أدرك ��ت ذلك‪ ،‬ب ��دأت أفكر في أهمية الكتابة بلغت ��ي‪ ،‬بالعربي‪ ،‬ألنها واحدة من‬ ‫مركبات هويتي األساسية‪ ،‬وان تناسيت أحيان ًا أو نسيت‪.‬‬

‫‪4‬‬


‫وهن���ا‪ ،‬أود ان أعود بالزمن إل���ى الوراء‪ ،‬إلى تاريخن���ا وأدبنا وثقافتنا‬ ‫العربي���ة‪ ،‬ألرى ماذا كتب عني؟ عنا؟ اي كلمات إس���تع ِملت؟‪ ‬ما كانت‬ ‫دالالتها وأبعادها ومعانيها؟ أين استعملت؟ وأي غرض خدمت؟‬ ‫هن ��اك اته ��ام دائم للمثليني الع ��رب‪ ،‬بأن مثليتهم مس ��توردة من الغ ��رب‪ .‬لكن من‬ ‫الواضح للجميع (وان كان معظم الناس سيتجاهلون احلقيقة عن قصد ويتسترون‬ ‫في‪ ‬احلضارة‪ ‬العربية واحلضارة االسالمية‪،‬‬ ‫اجلنسية كانت موجودة‬ ‫عليها) ان املثلية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وهن ��اك دالالت تاريخية‪ ‬وأس ��ماء وكتابات ت ��ؤرخ عالقات جنس ��ية وحميمية بني‬ ‫أشخاص من اجلنس نفسه‪.‬‬ ‫وهنا‪ ،‬أورد مجموعة أمثلة هي غيض من فيض األدب املثلي الذي يعج به التاريخ‬ ‫العربي‪ .‬وفيما يلي اقتباسات من نصوص الشاعر العربي الكبير أبو نواس‪:‬‬

‫" اضجرني الناس يقولون‪ُ :‬تب‬ ‫شانيه؟‬ ‫مالي للناس وما‬ ‫ْ‬ ‫حيلتي؟‬ ‫ان كنت للنار فما‬ ‫ْ‬ ‫واشقانيه!‬ ‫عذبني الله‬ ‫ْ‬ ‫او كنت للجنة احيا بها‬ ‫فما عليكم يا بني الزاني ْة؟ "‬

‫‪5‬‬


‫وفي مكان آخر‪ ،‬يتحدث أبو نواس عن حبه ألبي عبيدة النحوي فيقول‪:‬‬

‫" صلى االله على لوط وشيعته‬ ‫ابا عبيدة قل بالله‪ :‬آمينا‬ ‫ألنت عندي بال شك زعيمهم‬ ‫منذ احتملت ومنذ جاوزت ستينا "‬ ‫ويقول‪ ‬مصعب الكاتب‪:‬‬ ‫" انا املاجن اللوطي ديني واحد‬ ‫واني في كسب املعاصي لراغب‬ ‫الوط‪ ‬وال ازني‪ ‬فمن كان الئطا‬ ‫فاني له حتى القيامة صاحب "‬ ‫لك ��ن اذا ما أردنا ان نبحث عن الس ��حاق ف ��ي األدب والتاريخ العربي‪ ،‬فهو ش ��به‬ ‫غائ ��ب متام ��ا‪ ،‬وتل ��ك نتيجة طبيعي ��ة لغياب امل ��رأة في األس ��اس عن س ��احة احلياة‬ ‫الثقافية والسياسية والفكرية في ذلك العصر‪.‬‬

‫يغي ��ب ف ��ي تاريخ ��ه م ��ا ه ��و م ��ن‬ ‫يق ��ول ابراهي ��م محم ��ود‪ ":‬تاري ��خ اجلنس ��انية ّ‬ ‫صمي ��م بنيت ��ه (الس ��حاق) الوج ��ه اآلخ ��ر لل ��واط! وعدم ذك ��ر الس ��حاق‪ ،‬مبثابة‬ ‫نف ��ي االعت ��راف ب ��ه‪ .‬فهو كحدث حس ��ي غي ��ر مالحظ‪ ،‬ان ��ه ثاب ��ت‪ ،‬او يكاد‪،‬‬ ‫يعي ��ش فرا وتخفي ��ا (يتحدث الكاتب هن ��ا عن البظر) مقاب ��ل القضيب املالحظ‬ ‫جي ��دا‪ .‬ثمة اس ��تقاللية يتباهى بها‪ ‬قضي ��ب الرجل‪ ،‬وهذا ينعك ��س على الثقافة‬ ‫عموما‪ ،‬بتذكيرها‪ ‬بقوة!"‪ ( ‬كتاب "املتعة احملظورة ")‬

‫‪6‬‬


‫ولكن برغم ذلك‪ ،‬جند فقرة كتبت في‪ ‬عهد اخلليفة املأمون عن السحاق ويرد فيها‪:‬‬

‫الس ��حاق قدمي في النس ��اء‪ ،‬ولهن به لذة يهون عندهن االفتضاح به واالش ��تهار‬ ‫سن‪ ‬الس ��حق ابنة احلس ��ن اليمن ��ي‪ ،‬وكانت وفدت عل ��ى النعمان‬ ‫ب ��ه‪ .‬وأول من ّ‬ ‫بن املنذر فأنزلها عند امرأته هند‪ ،‬فعش ��قتها وش ��غفت بها‪ ،‬وكانت هند‪ ‬أحس ��ن‬ ‫أه ��ل زمانه ��ا…‪ .‬وبلغ من ش ��غف كل واحدة باألخرى ما ل ��م يكن بني امرأتني‬ ‫ق ��ط قبلهم ��ا‪ ،‬فلم ��ا مات ��ت ابن ��ة احلس ��ن اعتكف ��ت هند‪ ،‬ام ��رأة النعمان‪ ،‬عل ��ى‬ ‫قبرها‪ ‬واتخذت الدير املعروف بدير هند في طريق الكوفة‪ .‬وفيها يقول الفرزدق‬ ‫مخاطبا جرير بن عطية يهجوه‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫بعهد َ‬ ‫منك كان تكرم ًا‬ ‫" وفيت‬

‫كما البنة احلسن اليماني وفت هند "‬

‫(رشد اللبيب ص‪( )123-4 .‬بقول‪ ‬احلسن اليمني املتو ّفى‪ ‬عام ‪ 850‬ميالدية)‬ ‫وهنا أود أن أتوقف عند مفردة "سحاق"‪ ،‬وهي مشتقة من فعل "سحق" الشيء‪،‬‬ ‫أي دقّه دقّا ش ��ديدا‪ .‬اذاً‪ ،‬في فعل "الس ��حق" داللة فعل عنيف بني جهتني‪ ،‬وكأن‬ ‫احدى العاش ��قتني تس ��حق األخرى! ولعل ذلك هو الس ��بب الذي دفع بنساء تلك‬ ‫الفترة إلى استبدال كلمة "سحاقية" بـ"ظريفة"‪.‬‬ ‫يقول‪ ‬التفاشي‪ " ‬انهن يس ��مني أنفسهن‪ :‬الظراف‪ .‬فاذا قلن فالنة “ظريفة"علم‬ ‫بينه ��ن انه ��ا س ��حاقية‪ .‬وهن يتعاش ��قن كما يتعاش ��ق الرجال‪ ،‬بل اش ��د‪ .‬وتنفق‬ ‫احداهن على األخرى كما ينفق الرجل على عشيقته‪ ،‬بل أكثر اضعافا مضاعفة‬ ‫حتى يبلغن فيه‪ ،‬على االنفاق‪ ،‬األلوف واملئني…"‬

‫‪7‬‬


‫ويفسر لنا محمود‪ ‬سبب اختيار كلمة ظريفة ويقول‪" ‬الظرف هو الوعاء ويترادف‬ ‫م ��ع م ��ا متلكه امل ��رأة (اي الفرج)‪ ‬وثمة اس ��قاط للمعن ��ى حيث يتم اس ��تظراف املرأة‬ ‫لس ��واها‪ ،‬وميلها اليها‪ ،‬س ��واء باعتبارها عاشقة او معشوقة‪ ،‬وفي احلالتني‪ ،‬فهما‬ ‫تشتركان وعائيا‪ ،‬في صفة جتمعهما معا‪)294( ." ‬‬ ‫بكل‪ ‬األحوال‪ ،‬الس ��حاق والل ��واط موجودان في تاريخنا وف ��ي أدبنا وجودا بارزا‬ ‫واضح ��ا‪ ،‬وأية محاولة النكار ذلك هي محاول ��ة خاطئة‪ ،‬قامعة‪ ،‬غبية‪ ،‬متخلفة‬ ‫وجبانة‪ .‬كثيرا ما يعتبر‪ ‬اللواط والس ��حاق ش ��ذوذا‪ ،‬واذا م ��ا فكرنا في األمر‪ ،‬جند‬ ‫أنه فعال ش ��اذ‪ .‬لكن ما معنى شاذ وشذوذ؟ ما هي داللتها احلقيقية خارج الشعور‬ ‫باالشمئزاز؟‪ ‬‬ ‫بحسب تعريف املنجد‪:‬‬ ‫" شذ عن اجلمهور او اجلماعة‪ :‬ندر‪ ‬عنهم‪ ‬وانفرد‪.‬‬ ‫وشذ عن االصول‪ – ‬خالفها‬ ‫والشذاذ من النـــــــاس‪ – ‬الذين يكونون من القوم وليســـــوا من قبائلهم‪ ،‬القالل"‪.‬‬ ‫في قراءتنا للماضي‪ ،‬ولكل ما يتعلق باللواط والسحاق‪ ،‬جند أن "األخالقيات"‬ ‫املفروض ��ة اجتماعيا كانت قامعة وضاغطة إلى حد أنها ش ��وهت التاريخ واألدب‬ ‫وغيرتهم ��ا‪ .‬فق ��د جنحت احمل ��اوالت الكثيرة في رب ��ط اللواط والس ��حاق بكل ما‬ ‫هو‪ ‬غي ��ر اخالقي‪ ‬وب ��كل ما هو‪ ‬غي ��ر طبيعي‪ .‬وهن ��ا‪ ،‬يبرز دور جمعي ��ات املجتمع‬ ‫املدني وحقوق االنسان واملثليني‪ ،‬في تقدمي قراءة جديدة وصادقة للتاريخ‪ ،‬وفي‬ ‫اعادة تشكيل اللغة والتوثيق‪ ،‬وتوفير خطاب نقيض لهذا اخلطاب‪.‬‬

‫‪8‬‬


‫بعد التواصل مع املاضي‪ ،‬أود أن أعود إلى احلاضر ألقتبس عن الناش ��طة النس ��وية‬ ‫الفلس ��طينية عري ��ن هواري‪ ،‬ف ��ي حديثها عن املثلية اجلنس ��ية ونقدها مل ��ا هو مقبول‬ ‫اجلنسية في حيفا‪:‬‬ ‫وغير مقبول في امسية جلمعية "القوس" للتعددية‬ ‫ّ‬

‫"الصحي ��ح واض ��ح ومع ��روف‪ ،‬للجنس ��انية ح ��دود واضحة‪ ،‬فاجلن ��س هو اما‬ ‫ذك ��ر او انث ��ى وكل م ��ا عداه اما ش ��اذ او ناق ��ص او غي ��ر طبيعي‪ ،‬وامليل اجلنس ��ي‬ ‫واح ��د وهو‪ ‬مغاي ��ر‪ ‬وكل ما عدا ذلك فهو ش ��اذ او كافر ومثير اما للس ��خرية واما‪ ‬‬ ‫للغض ��ب وام ��ا‪ ‬للغثي ��ان‪ .‬واجلس ��د اجلميل هو من ��وذج واض ��ح‪ ،‬او بعض مناذج‬ ‫واضحة‪ ،‬الل ��ون واضح‪ ،‬والوزن‪ ‬واضح‪ .‬والبيت‪ ‬هو ايضا صفقة واحدة‪ ،‬له‬ ‫حدوده‪ ،‬وله قوانينه‪ ،‬وله منظومته البطريركية‪ ،‬وكل من يخالفها فهو‪ ‬ليس من‬ ‫أهل البيت‪".‬‬ ‫الي ��وم‪ ،‬أود أن أع ��رض التغي ��رات الت ��ي حدث ��ت للمثلي ��ة اجلنس ��ية في األلف س ��نة‬ ‫األخي ��رة‪ ،‬اذ أن غالبي ��ة االقتباس ��ات التي ذكرته ��ا من قبل تعود حلوالي س ��نة ‪800‬‬ ‫او ‪ 850‬ميالدي‪.‬‬ ‫ومثلي ��ة‬ ‫اح ��دى التغيي ��رات اجلذري ��ة الت ��ي نراه ��ا الي ��وم‪ ،‬دخ ��ول كلم ��ة "مثل ��ي‬ ‫ّ‬ ‫ومثلي�ي�ن ومغايري ��ن" ال ��ى قام ��وس اللغ ��ة العربية‪ .‬ه ��ذه الكلم ��ة تعتب ��ر‬ ‫مثلي ��ة وجمعي ��ات تعن ��ى‬ ‫كلمه‪ ‬ايجابية‪ ‬ومحايدة‪ .‬ونح ��ن‪ ،‬كأف ��راد وكجمعي ��ات ّ‬ ‫بحق ��وق انس ��ان وحقوق اقليات وحقوق م ��رأة‪ ،‬علينا واجب مرافع ��ة هذه الكلمة‬ ‫واعالميا‪.‬‬ ‫أكادمييا‬ ‫وادخالها‪ ‬أكثر الى احليز العام لالستخدام واألدب‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬

‫‪9‬‬


‫وأود أن أش ��ير إل ��ى أن هن ��اك بالفع ��ل تغي ��ر ملح ��وظ عل ��ى ه ��ذا الصعيد‪ ،‬وأن ��ا‬ ‫شخصيا‪ ،‬في االعالم واالكادمييا واالدب الفلسطيني‪ ،‬أحلظ أن هذه الكلمة باتت‬ ‫جيد نس ��بيا‪ .‬ولكن لألس ��ف‪ ،‬ما زلنا نش ��هد استخدام‬ ‫حاضرة وموجودة بش ��كل ّ‬ ‫كلم ��ة "ش ��ذوذ جنس ��ي" و"انح ��راف" عن ��د احلدي ��ث ع ��ن املثلي ��ة ف ��ي الصحافة‬ ‫والتلفزيون واالنترنت‪ ،‬وال بد من تغيير هذا الواقع‪ .‬حتى في الكتابات التي تعد‬ ‫اليوم راديكالية‪ ‬مثل‪ ‬قصة‪" ‬انا هي انت"‪" ،‬الواد والعم"‪" ،‬عمارة يعقوبيان"‪،‬‬ ‫"مسك الغزال"‪" ،‬اآلخرون"‪ ،‬ما زال هناك حضور‪ ‬قوي جدا‪ ‬لهذه املفردات‪.‬‬ ‫لك ��ن على الضف ��ة األخ ��رى‪ ،‬هناك أماك ��ن تعتمد تعبي ��ر "ش ��واذ" و"انحراف"‬ ‫فقط‪ ،‬وأماكن أخرى تعتمد‪ ‬كلمة "ش ��واذ"‪ ‬مع كلمة "مثلية جنس ��ية"‪ ،‬وأماكن‬ ‫اخ ��رى – وان كان ��ت قليل ��ة ج ��دا ‪ -‬تعتم ��د فق ��ط تعبي ��ر "مثلي ��ة جنس ��ية"‪ ،‬ومن‬ ‫الواضح‪ ‬م ��ن خ�ل�ال التعبي ��ر املخت ��ار‪ ،‬موق ��ف اجله ��ة املؤلفة م ��ن موض ��وع املثلية‬ ‫اجلنسية‪.‬‬ ‫مثال‪ ،‬عن كتاب “الواد والعم"‪ ، ‬تقول جريدة الوطن السعودية‪:‬‬ ‫"قصة "الواد والعم" حتكي قصص ًا واقعية من اليأس والغضب التي مير بها أبطال‬ ‫الرواي ��ة على مس ��رح الواقع‪ .‬يس ��عى الكاتب ببراعة إلظه ��ار االنحراف الفكري‬ ‫الشاذ لدى فئات معينة في املجتمع‪".‬‬ ‫املثلية‬ ‫وفي‪ ‬رواية‪ ‬عم ��ارة يعقوبيان‪ ‬يصف عالء االس ��واني "حامت"‪ ،‬الش ��خصية ّ‬ ‫في‪ ‬الرواي‪" ،‬انه‪ ‬من الش ��واذ احملافظني‪ .‬و كان الش ��ذوذ في حياة حامت هامش ��يا‬ ‫مح ��ددا بإحكام‪ .‬ول ��م يكن‪ ‬مجرد‪ ‬مخنث‪ .‬ب ��ل ه ��و ش ��خص موهوب‪ .‬وص ��ل‬ ‫بكفاءت ��ه وذكائه الی‪ ‬قم ��ة جناحه‪ ‬املهني‪ ..‬هو مثقف من أعلی‪ ‬مس ��تويات‪ ،‬يجيد‬

‫‪10‬‬


‫عدة لغات بطالقة‪ .‬يريد ان يضيق حياته‪ ‬الش ��اذة‪ ‬و يقتصرها علی‪ ‬الليالي و يعيش‬ ‫يومه العادي كصحفي و مس ��ئول قيادي‪ ‬وفي الليل‪ ‬ميارس لذته لبضع س ��اعات في‬ ‫الفراش"‪.‬‬ ‫وفي وصف كتاب "أنا‪ ‬هي‪ ‬أنت"‪ ،‬كتب‪ ‬موقع‪ ‬النيل‪ ‬والفرات‪ :‬‬ ‫"أنا‪ ‬هي‪ ‬أنت"‪ُ ،‬ت ْبرز‪ ،‬بكثير‪ ‬من‪ ‬اجلرأة‪ ‬والصراحة‪ ‬والعفوية‪ ،‬مسألة‪ ‬تشكل‪ ‬هاج‬ ‫ساً‪ ‬مرعباً‪ ‬عند‪ ‬كثيرات‪ ‬تضطرهن‪ ‬الظروف‪ ‬اإلجتماعية‪ ‬والنفسية‪ ‬وحتى‪ ‬البيولوجي‬ ‫ة‪ ‬إلى‪ ‬عالقات مثلية‪ ,‬ال ترضي فيهن موضع الش ��بق وحس ��ب‪ ,‬وامنا عطشهن الى‬ ‫املستحيليجسد‪ ‬شذوذهن‪ ‬وسلوكهن‪ ‬في‪ ‬الطريق‪ ‬املرجتى‪ ‬إلى‪ ‬أجسادهن‪ ‬وشهوات‬ ‫هن"‪.‬‬ ‫"مثلية‬ ‫بعيدا عن هذه املصطلحات املتحيزة‪ ،‬جند أماكن قليلة استعملت فيها مفردة‬ ‫ّ‬ ‫اجلنس" فقط من دون ربطها‪ ‬بشذوذ او انحراف‪ ،‬مثل‪ ‬الفقرة‪ ‬املوجودة‪ ‬في‪ ‬موقع‪ ‬ر‬ ‫ياض الريس‪ ‬عن كتاب "انا هي انت"‪ .‬فقد‪ ‬ورد ما يلي‪:‬‬ ‫"ل ��م يوجد حت ��ى اآلن ام ��رأة عربية بحث ��ت موضوع العالق ��ات املثلية عند النس ��اء‬ ‫بش ��كل مباش ��ر‪ .‬أحيان ًا كانت جت ��ري معاجلة املوض ��وع بني الذكور أما بالنس ��بة إلى‬ ‫اإلن ��اث فبقي األمر محظور ًا على الدوام ‪ ،‬ألن املرأة الش ��رقية تعيش في فضاء من‬ ‫تصدى ملوض ��وع العالقات املثلية كواحدة من‬ ‫احملرم ��ات واملمنوعات هذه الرواية ّ‬ ‫احلقائق التي لم يعد ينبغي السكوت عنها"‪.‬‬ ‫من خالل هذا االستعراض السريع للتاريخ واحلاضر العربيني في التعامل مع املثلية‬ ‫اجلنسية ومصطلحاتها‪ ،‬من الواضح أن هناك تغيير جيد‪ ،‬لكن ما زال هناك الكثير‬

‫‪11‬‬


‫لنعمل من أجله‪ .‬وكي نستمر في هذا التغيير‪ ،‬من املهم جدا ان نتذكر ان التوثيق‬ ‫والكتاب ��ة باللغة العربية هي الطريقة األجنع واألقوى للتغيير‪ ،‬والرد على اخلطاب‬ ‫النقيض‪ ،‬وتقدمي حقائق عادلة ومتحررة من القمع والتغييب الذي اس ��تعمل في‬ ‫اجلنسي‪.‬‬ ‫اجلنسية والهويات وامليول‬ ‫باملثلية‬ ‫كل ما يتعلق‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫وألنن ��ا ج ��زء ال يتج ��زأ م ��ن مجتمعن ��ا وحضارتن ��ا التي يربطن ��ا فيها راب ��ط لغوي‪،‬‬ ‫اجتماع ��ي‪ ،‬ثقافي‪ ،‬س ��لوكي‪ ،‬تاريخي ومصيري‪ ،‬سنس ��تمر في العمل من أجل‬ ‫حقوقنا وحتقيق املس ��اواة‪ .‬ونحن نعلم ونؤمن بأن اللغة العربية قادرة على احتواء‬ ‫واملثلية اجلنس ��ية كما قامت بذلك في املاضي‪ ،‬بالرغم من سياس ��ة‬ ‫الهوية اجلنس ��ية‬ ‫ّ‬ ‫االتهميش املتعمدة لتغييبنا‪.‬‬ ‫نح ��ن الي ��وم نعمل على اس ��ترجاع هذه اللغة واس ��تخدامها من جدي ��د وفي بعض‬ ‫احلاالت‪ ،‬اعادة خلقها وتشكيلها لتحقق أغراضنا وحتتوي قضايانا‪.‬‬

‫رميا حوا‬ ‫مركزة مشروع املعلومات واملنشورات‬ ‫أصوت‪-‬نساء مثليات فلسطينيات‬

‫‪12‬‬


‫املصادر ‪:‬‬ ‫الريس‪.‬‬ ‫أبو النواس‪ .)1994( ،‬النصوص احملرمة‪ ،‬رياض ّ‬ ‫ب ��ن محمد ب ��ن علي اميني‪ ،‬أحمد (‪ .)2006‬رش ��د احلبيب إلى معاش ��رة احلبيب‪،‬‬ ‫اجلماهيرية العظمى‪ :‬تالة‪.‬‬ ‫محم ��ود‪ ،‬إبراهي ��م (‪ .)2000‬املتع ��ة احملظ ��ورة – الش ��ذوذ اجلنس ��ي ف ��ي تاري ��خ‬ ‫الريس‪.‬‬ ‫العرب‪ ،‬بيروت‪:‬رياض ّ‬

‫‪13‬‬


14


‫إصدارات أصـــــــــــوات السابقة‪:‬‬ ‫اجلنسية‬ ‫املثلية‬ ‫ّ‬ ‫أين التاريخ من ّ‬ ‫اجلنسية‬ ‫املثلية واألمراض‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫موكب الفخر العاملي‬ ‫العربية‬ ‫اجلنسية في الدول‬ ‫املثلية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اجلنسية‬ ‫ة‬ ‫الهوي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫املثلية‬ ‫رهاب‬ ‫ملناهضة‬ ‫العاملي‬ ‫واليوم‬ ‫أصوات‬ ‫مؤمتر‬ ‫ّ‬ ‫اجلنسية واألفكار املسبقة‬ ‫املثلية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصحية‬ ‫وعنايتهن‬ ‫املثليات‬ ‫ّ‬ ‫ضوء على ّ‬ ‫ّ‬ ‫صحة النساء ّ‬ ‫اجلنسية وتاريخها‬ ‫املثلية‬ ‫ّ‬ ‫رموز ّ‬ ‫فعاليات أصوات لسنة ‪2007‬‬ ‫تلخيص ّ‬ ‫اخلروج من اخلزانة أمام األهل‬ ‫اجلنسية في جيل املراهقة‬ ‫املثلية‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اجلنسية عند النساء في الشرق األوسط‪ ،‬تاريخها وتصويرها‪ ،‬د‪.‬سمر حبيب‬ ‫ة‬ ‫املثلي‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫كت ��اب أص ��وات األول‪" :‬الوط ��ن واملنفى في جتربة املتحررات جنس ��يا‪ :‬مجموعة‬ ‫اجلنسية"ً‬ ‫املثلية‬ ‫مقاالت‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫نسوية تبحث في موضوع ّ‬ ‫كتاب أصوات الثاني‪" :‬حقي أن أعيش‪ ،‬أن أختار‪ ،‬أن أكون‪ :‬مجموعة نصوص‬ ‫مثليات"‬ ‫عربيات ّ‬ ‫أدبية لنساء ّ‬

‫‪15‬‬


‫أصـــــــــــــوات ‪ -‬نساء فلسطين ّيات مثل ّيات‬

‫تلفون‪8662357 4 +972 :‬‬ ‫فاكس‪8641072 4 +972 :‬‬ ‫‪e-mail: aswat@aswatgroup.org‬‬ ‫‪website: www.aswatgroup.org‬‬ ‫سخي من‪:‬‬ ‫مت إصدار هذا الكتاب بدعم‬ ‫ّ‬

‫مؤسسات‬ ‫مؤسسة املجتمع املفتوح وشبكة ّ‬ ‫ّ‬ ‫وصندوق سوروس‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.