صحيفة الشرق - العدد 514 - نسخة الرياض

Page 17

‫رأي‬

‫سهام الطويري‬ ‫‪sahhomah@alsharq.net.sa‬‬

‫ي كل أنح�اء العال�م الحار م�ن حولنا‪ ،‬تحص�ل امرأة عى‬ ‫حقه�ا ي اس�تخدام امواص�ات والتنقل بطرق آمن�ة ترفعها عن‬ ‫التح�رش اللفظي والجس�دي من أه�ون الناس ق�درا ً أخاقيا ً ي‬ ‫امجتمع‪ ،‬ببس�اطة متناهية لس�يادة القانون‪ .‬بينما اتزال النساء‬ ‫ي الس�عودية العام�ات وامحتاج�ات للوصول إى مق�ر العمل ي‬ ‫السابعة صباحا ً وحضور جلسات امحاكم‪ ،‬وامحارات الجامعية‪،‬‬ ‫ومواعيد امستشفى ي الس�عودية صامتات صابرات با مرر عى‬ ‫كل ما ش�اب آذانهن وخ�دش حياءهن مرارا ً وتك�رارا ً من تحرش‬ ‫السائقن اللفظي وربما الجسدي‪ ،‬غر أنني ي لندن (مقر دراستي‬ ‫للماجس�تر) أس�تطيع أن أصفع مَ ْن يش�وب أذن�ي بلفظ مبتذل‬ ‫دون أن أج�د منه ي الغالب أدنى مقاومة أكثر من خجله وإنكاره‬ ‫اللحظي لفعله‪ ،‬وهو أقى ما س�يفعله تجنبا ً إثارة مزيد من الهم‬ ‫والغم فوق رأس�ه‪ ،‬وسيس�ندني كل امارة‪ ،‬خصوصا ً أبناء الجالية‬ ‫امس�لمة وس�رصد الكام�رات امزروع�ة ي أنحاء لن�دن الحدث‪،‬‬ ‫وس�يأتي البوليس ي غضون ارتداد طرف البر‪ ،‬وسيوضع وجه‬ ‫امتحرش عى اأرض‪ ،‬وس�تلف الكلبش�ات بكلت�ا يديه من الخلف‬ ‫نح�و القضبان‪ ،‬بعدها س�نحر معا ً لجلس�ات امحكمة التي لن‬ ‫تنظر بعن الرحمة أي ظرف إنساني قاده لهذا السلوك امنحرف‪.‬‬ ‫ي السعودية تتعرض النساء بكل أطيافهن‪ :‬متعلمات‪ ،‬أميات‪،‬‬ ‫كب�رات‪ ،‬صغرات‪ ،‬مريض�ات‪ ،‬صحيحات للتح�رش اللفظي غر‬

‫ام�رر ي كل م�كان يتجمع في�ه الرجال اأجان�ب والوافدون عى‬ ‫اأغلب‪ :‬ي الس�وق‪ ،‬وامستش�فى‪ ،‬والبنوك‪ ،‬واإدارات العامة‪ ،‬وغر‬ ‫ذلك وبش�كل خ�اص حينما تعوزهن الحاجة إى س�ائق أنه أكثر‬ ‫مَ ْن يس�تحوذ عى جو الخلوة «غر الرعية»‪ ..‬كثرون ا يدركون‬ ‫أن التحرش اللفظي يؤذي رهافة أحاسيس امرأة‪ ،‬ويسكب الشوك‬ ‫ي ش�عورها ويجعلها تكبت ي نفس�ها كثرا ً من اإهانة والقسوة‪،‬‬ ‫أنها ا تس�تطيع البوح ي مجتمع لن يوفيه�ا حقها‪ ،‬وأنها ربيت‬ ‫خ�ال الثاثن س�نة اماضية عى أنها ق�ار ي كل يء‪ ،‬وأن مَ ْن‬ ‫يقودها رجل‪ ،‬فرس�خ ي أذهان بعضه�ن أن كل مَ ْن حولها أو مَ ْن‬ ‫تصادف من الرجال نسخة من قائدها الشهم والطيب ما أسهم ي‬ ‫فتح باب اابتزاز بكل أريحية‪ ..‬اأسوأ من ذلك أن سيادة امتحرش‬ ‫عى لغة الحوار وتبلطجه جاء نتيجة بيئة محفزة جداً‪ :‬النس�اء ي‬ ‫الوضع الراهن أشبه بنمر جريح فقد ذراعيه وأنيابه من قبل دعاة‬ ‫«س�د الذرائع»‪ ..‬فقبل أن تجرؤ أي�ة امرأة أن تبصق عى متحرش‬ ‫أو تركل�ه بكعب الح�ذاء‪ ،‬فإنها تفكر ألف مرة عما ستنبش�ه ردة‬ ‫فعله�ا من حيوانية أكثر راس�ة ي ظل غي�اب القانون‪ ،‬البوليس‬ ‫اللحظي‪ ،‬كامرات امراقبة‪ ،‬وامسلمن من أشباه مسلمي الجاليات‬ ‫ي الغرب‪ ،‬أن امتحرش ي بلدي مس�لم رقي من آسيا أو إفريقيا‬ ‫والجزيرة العربية! بيئة التحرش لأسف ي بلد امسلمن اأول بيئة‬ ‫مناس�بة لنمو التطرف ضد امرأة وإهانتها عى امس�توى اللفظي‬

‫فقه الجبراء‬ ‫علي الرباعي‬

‫سؤال غير منطقي‬ ‫حول الحرية‬ ‫بدر البلوي‬

‫‪alroubaei@alsharq.net.sa‬‬

‫‪balbalawi@alsharq.net.sa‬‬

‫ااستقال فطرة إرادة ح ّرة حتى ي مملكة‬ ‫النح�ل فحن يزدح�م امكان وتفي�ض الخلية‬ ‫تلجأ الشغاات إى اعتماد ملكات واافراق بهن‬ ‫ي منظومات حديثة ومتجددة‪ ،‬ولحسن حظي‬ ‫ُ‬ ‫عايشت أجياا ً دفعت تكاليف باهظة أمام‬ ‫أني‬ ‫تعنت اآباء وإرارهم عى البقاء مع إخوتهم‬ ‫تح�ت س�قف الج�د اأول والحف�اظ عى إرث‬ ‫العائلة أنه إذا انقس�م ذهب�ت منفعته‪ ،‬وكان‬ ‫م�ن امتعارف عليه أن أحد رم�وز العائلة يملك‬ ‫كاريزما س�لطوية تغريه بالتعنت وصم آذانه‬ ‫ع�ن ااس�تجابة مطالب اأجيال بااس�تقال‪،‬‬ ‫ذلك أن الحاجة اماس�ة لأيدي العاملة امنتجة‬ ‫تحتّ�م عليه�م ااحتف�اظ بالجمي�ع لخدم�ة‬ ‫ام�زارع وصيانته�ا ورعاي�ة ام�واي وخدمة‬ ‫البيت «امنظومة ال ُكرى «التي ا يمكن خدمة‬ ‫ال�ذات إا م�ن خالها‪ ،‬ولعل أب�رز مظاهر تلك‬ ‫امرحلة رفضهم لتعليم الش�بان كونه يستهلك‬ ‫عليهم طاقة أبنائهم بمعدل نصف نهار يومياً‪،‬‬ ‫إضاف�ة إى ع�دم اهتمامه�م بالوظائف كونها‬ ‫عطال�ة وليس�ت مرجل�ة كالعم�ل ي الحق�ل‬ ‫وصيان�ة أماك اأج�داد‪ ،‬ب�ل كان�وا يع ّ‬ ‫طلون‬ ‫تزويج الفتاة بحكم أنه�م ينتفعون بها كأحد‬ ‫أعض�اء الفري�ق اإنتاجي اليوم�ي‪ ،‬وطمعا ً ي‬ ‫اإفادة من النش�اط اميداني لكل فرد من أفراد‬ ‫اأرة‪ ،‬وي ظل هذه الهيمنة اأبوية والوصاية‬ ‫العُ رفية فقد كثر من ُ‬ ‫الش�بان والفتيات معنى‬ ‫حري�ة ااختي�ار وتلظ�ى بن�ار اإذع�ان تحت‬ ‫مظل�ة البيت الكبر ا ُمش�بعة جدران�ه برائحة‬ ‫التسلط وااستبداد‪ ،‬ولم يكن يترم أهل الشاب‬ ‫من نس�بة زوج�ة اابن لهم جميع�ا فيقولون‬ ‫عن�د توصيفها «مرتن�ا» من باب ااش�راكية‬ ‫وا يقول�ون زوج�ة ابننا‪ ،‬ولعل بع�ض القراء‬ ‫يُ�درك تنام�ي ظاه�رة جن�ون النس�اء ي تلك‬ ‫اأي�ام وما أظن�ه إا تصنع جن�ون للهرب من‬ ‫الضغ�ط النفي واإجه�اد البدن�ي والعصبي‬ ‫ع�ى م�دار الس�اعة ‪ ،‬وم�ن امؤس�ف أن م�ن‬

‫حاول الخ�روج عى العادات والتقاليد مرتكب‬ ‫حماقة وم�درج ي خان�ة العق�وق‪ ،‬وبقدر ما‬ ‫كان الش�يبان يمنعون أبناءهم نس�يم الحرية‬ ‫وعب�ر ااس�تقالية بق�در م�ا كان�ت تتع�زز‬ ‫سلطاتهم امتكئة عى العرف الجائر‪ ،‬إضافة إى‬ ‫تكدس اأنفاس البرية ي مس�احات ضيّقة‪،‬‬ ‫خصوص�ا ً ع�ى رأس الهرم‪ ،‬حت�ى أن امتزوج‬ ‫من ُش�بّان العائلة ا حظ له من زوجته سوى‬ ‫س�اعات مع�دودة ي (العُ ليّة) وخل�ف جدران‬ ‫خش�بية ا تمكنّهما من خصوصية وا تحفظ‬ ‫رية ناهيك عن ااس�تحمام ورفع‬ ‫للعاطف�ة ّ‬ ‫الجناب�ة فتلك قص�ة أخرى دافع�ة للتحايل أو‬ ‫التيمم بحكم أن ال�رورات تبيح البدائل‪ ،‬وي‬ ‫ظل تلك اإدارات الناجحة اقتصاديا ً والجانحة‬ ‫إنس�انيا ً يضم�ن كل فرد لقمت�ه ومبيته وذلك‬ ‫مبل�غ طموحات�ه‪ ،‬ليقينه أن أي حراك س�لمي‬ ‫تج�اه مطالب�ة باس�تقال أو حق�وق موجب‬ ‫للس�خط والط�رد م�ن البي�ت حت�ى يش�فع‬ ‫الش�افعون‪ ،‬وبرغم أن بعضنا يستعيد ويستلذ‬ ‫ذكري�ات تل�ك اأي�ام إا أنه�ا مرحل�ة طبعت‬ ‫بصمتها القاس�ية ي وجداننا وس�لبتنا عديدا‬ ‫من مقومات الش�خصية السوية وخلقت فينا‬ ‫قرويا ً متوحش�ا ً يخب�و حينا ويش�تعل أحيانا ً‬ ‫ّ‬ ‫مع�را ً ع�ن إف�رازات حق�ب الع�ذاب والصلف‬ ‫وامنافس�ة بن أبن�اء اأرة الواح�دة حد فتل‬ ‫امكائ�د وحبك امصائد للنيل من بعضهم ي ظل‬ ‫منظوم�ة اإكراهي�ة‪ ،‬ولعل البع�ض يعزو ما‬ ‫لح�ق به من تخل�ف وقهر وانهزامي�ة إى زمن‬ ‫مغلق ك� ّرس فينا بعضا ً م�ن مامحه العنيفة‬ ‫وجروت�ه القاي فم�ا أتعس الجراء قياس�ا ً‬ ‫ع�ى مخرجاتها وما أعظم ااس�تقالية حتى‬ ‫ي مملكت�ي النحل والنمل‪ « ،‬هامش ‪ :‬الجراء»‬ ‫من لم يع�ش يوميات الجن�وب توصيف لبقاء‬ ‫اأخ�وة ي بي�ت اأب ورفضهم القس�مة برغم‬ ‫التكدس العددي والتنافس اإداري بن الرجال‬ ‫والسيدات‪.‬‬

‫كنت قد قلت ي مقال ي س�ابق بعنوان «العبودية السعيدة» ونر ي‬ ‫نوفم�ر اماي إن‪« :‬قمة الذل لإنس�ان هو اس�تعباده‪ ،‬ذلك أن العبودية‬ ‫تس�لب من اإنس�ان أغ�ى قيمة لدي�ه‪ ،‬بل إح�دى امزايا الت�ي تميزه عن‬ ‫الكائنات اأخرى‪ ،‬التي تجعل منه س�يدا ً وقائدا ً لهذا الكوكب‪ ،‬هذه القيمة‬ ‫ه�ي الحرية‪ .‬فم�ا قيمة الحياة وم�ا مقدارها إن افتقد اإنس�ان أهم يء‬ ‫يمتلكه «حريته»‪...‬وأزيد هنا بالقول إن الحرية هي القيمة اأساسية اأوى‬ ‫التي لدى اإنس�ان‪ ،‬فكلن�ا خلقنا أحراراً‪ ،‬ويج�ب أن نبقى كذلك دون أي‬ ‫اس�تاب أو انتقاص لحرياتنا تحت أي مس�مى‪ ،‬بل حتى يجب أا يناقش‬ ‫موض�وع تحديد الحري�ة وتأطرها إا بالقدر الذي يج�ب أن يتنازل عنه‬ ‫الفرد من أجل السماح لآخرين بااستمتاع بحرياتهم‪ .‬فحرية كل شخص‬ ‫تتوق�ف عندم�ا تط�ال أو تج�رح حريات اآخري�ن‪ .‬وموض�وع الحرية‬ ‫بأنواعها وأشكالها موضوع كبر‪.‬‬ ‫حسب ااعتقاد الديني‪ ،‬فإن عبادة الخالق عز وجل هي السبب الرئيس‬ ‫ال�ذي من أجله وجد اإنس�ان عى هذه اأرض‪ .‬ورغ�م محورية ومركزية‬ ‫اله�دف‪ ،‬إا أن الخالق ترك لإنس�ان خيار اإيمان به م�ن عدمه‪ ،‬أفهناك‬ ‫إق�رار أكر من اإقرار بحرية اإنس�ان كالتي أعطان�ا إياها الرب عزوجل‬ ‫حينما قال ي محكم تنزيله‪« :‬فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»؟!‪.‬‬ ‫إضافة إى أن الحرية هي حق أس�اي من حقوق اإنسان التي يجب‬ ‫أا تنته�ك‪ ،‬هي أيضا ً من وجهة نظري «حاجة» يج�ب أن تكفلها وتدافع‬ ‫عنه�ا امجتمعات‪ .‬فيكف مجتمع أفراده مس�لوبو الحري�ة أن يدافعوا عن‬ ‫وطنه�م أو يحافظ�وا عى مقدرات�ه أو يصون�وا كرامة أف�راده‪ ،‬أو حتى‬ ‫يتطلعوا منافس�ة اأمم اأخرى عى امس�توى الحض�اري‪ .‬إن امجتمعات‬ ‫تعت�اش وتنمو ع�ى الحرية‪ .‬بل واأكثر م�ن ذلك‪ ،‬ف�إن الحرية مرتبطة‬ ‫بدرج�ة كبرة باإبداع‪ .‬فا إبداع مجتم�ع غر حر‪ .‬فما تقدمت امجتمعات‬ ‫الغربي�ة والرقية تقدما ً حقيقيا ً إا عندما اس�تعاد الناس حقهم اأصيل‬ ‫ي ممارسة الحرية دون قيود سياسية أو حتى تصورات دينية خاطئة‪.‬‬ ‫هناك سؤال دائما ً ما يطرح بشكل تساومي حول حق الحرية اأصيل‪،‬‬ ‫وبأش�كال مختلفة‪ ،‬كس�ؤال‪ :‬ما اأهم الحرية أم الخبز؟ أو هل تفضل أن‬ ‫تعي�ش ي دولة تمنحك الحرية لك�ن دون رفاه اقتصادي‪ ،‬أم تفضل دولة‬ ‫تمنحك رفاها ً لكن دون حرية؟ بالنس�بة ي‪ ،‬هذا الس�ؤال يشوبه يء من‬ ‫التضاد‪ ،‬غر منطقي وغر مطلوب ي نفس الوقت‪ ،‬فرغم ما تدفعه ظروف‬ ‫الحرية امنتقصة وامس�تلبة التي تعيشها بعض امجتمعات إى طرح مثل‬ ‫هذا الس�ؤال‪ ،‬إا أنه يجعلني أعرض عى هذا اافراض الضمني الذي قد‬ ‫يظ�ن م�ن خاله بأن الحري�ة ي تناقض مع لقمة العي�ش أو العكس‪ .‬ي‬

‫نظري ا يسوِق لفكرة التناقض بن الحرية ولقمة العيش هذه‪ ،‬سوى من‬ ‫يريد للناس أن يأكلوا ويش�كروا ويناموا دون أن يس�ألوا عن لقمة العيش‬ ‫الت�ي أخذوها هل هي حقهم الكامل‪ ،‬أم أنه�ا أقل من حقهم بكثر! إذ إنه‬ ‫يمك�ن ي كثر من الظروف أن يجمع اإنس�ان بن لقمة العيش والحرية‪.‬‬ ‫ب�ل إنه ا يمكن تصور أن لقمة العي�ش «الكريمة» يمكن أن تتحقق دون‬ ‫حرية حقيقية‪ .‬لذا فإن مصادرة حقوق الناس ي ممارسة الحرية ا يمكن‬ ‫تري�ره ب�تعويضهم عنه بتقديم رفاه اقتص�ادي‪ .‬فهنا حتى عى مقصلة‬ ‫الرفاه ااقتصادي الكاذب جُ َزت رقبة الحرية‪.‬‬ ‫هذا العر الذي نعيش�ه هو عر العقل‪ ،‬أي أقصد عر اس�تخدام‬ ‫العقل بصورة أكر مما مى من عصور س�ابقة‪ .‬فكثر من الحكومات ي‬ ‫العالم تنظر لنفس�ها عى أنها عبارة عن مجلس إدارة تنفيذي‪ ،‬يتنازل لها‬ ‫الش�عب عن جزء من حقهم ي اإدارة م�ن أجل إدارة مقدرات الباد إنابة‬ ‫عنهم خال فرة معينة من الزمن‪.‬‬ ‫عال‬ ‫وم�ن امه�م قول�ه هن�ا‪ ،‬إن معظ�م ال�دول الت�ي تتمتع برف�اه ٍ‬ ‫واقتصاد متن ي العالم‪ ،‬هي دول حرة عى امس�توى الفردي وااجتماعي‬ ‫وااقتصادي‪ ،‬مث�ل أمريكا وبريطانيا وأمانيا والياب�ان‪ .‬صحيح أن هناك‬ ‫بع�ض الدول لديها مس�تويات جيدة من الحرية ولكن لي�س لديها رفاه‬ ‫عال كبع�ض دول أوروبا الرقية وآس�يا الوس�طى وأمريكا‬ ‫اقتص�ادي ٍ‬ ‫الاتينية‪ ،‬الذي لربما أحد أسبابه ‪ .‬بينما الدول التي لديها بعض من الرفاه‬ ‫ااقتصادي وليس لديها نطاق واسع من الحريات هي تغطي بالدثار اماي‬ ‫بعض امطالب‪ ،‬لكنها قد تُجابَه بامطالبة بمزيد من امشاركة مستقباً كما‬ ‫يش�ربذلكامتابعونالسياس�يون‪.‬‬ ‫ي عامن�ا العربي‪ ،‬تجد أن هناك بعض ال�دول‪ ،‬لديها رفاه اقتصادي‬ ‫عال‪ ،‬ولديها كذلك توسع ي الحريات الشخصية وااجتماعية وااقتصادية‬ ‫ٍ‬ ‫جي�د‪ ،‬مما خفف من حدة امطالبات السياس�ية أو يؤجلها‪ .‬ي امقابل تجد‬ ‫عال كمر واأردن وامغرب مثاً‪،‬‬ ‫بعض الدول ليس لديها رفاه اقتصادي ٍ‬ ‫ولكن لديها مشاركة سياسية من نوع ما إى جانب نطاق الحريات الكبر‬ ‫عى امس�توىالش�خيوااجتماعيوااقتصادي‪.‬‬ ‫عموم�ا ً ع�ى أي دول�ة ي العال�م أن تنتب�ه عندم�ا يت�آكل رفاهه�ا‬ ‫ااقتص�ادي‪ ،‬وي نفس الوقت ا تس�مح باانفتاح عى مس�توى الحريات‬ ‫ااجتماعي�ة وااقتصادي�ة ب�ل وحتى الش�خصية‪ ،‬ولديه�ا تحريم كامل‬ ‫للمش�اركة السياس�ية‪ ،‬فهذا ما يجعلها ي موضع صعب عند امقارنة مع‬ ‫ال�دول اأخرى التي تمنح مجتمعاتها الحري�ة والرفاه ااقتصادي معا ً أو‬ ‫الحرية عى اأقل!‬

‫اأربعاء ‪ 21‬جمادى اآخرة ‪1434‬هـ ‪ 1‬مايو ‪2013‬م العدد (‪ )514‬السنة الثانية‬

‫قيادة النساء للسيارة‪..‬‬ ‫إلى متى والصورة‬ ‫مبتذلة؟!‬

‫أكث�ر من الجس�دي‪ .‬وللخروج من هذا ام�أزق الذي وضعت امرأة‬ ‫عنوة فيه ابد له�ا أن تكر قاعدة اهتمام الناس بانتقادها حينما‬ ‫تشكو متحرش�اً‪ ،‬وا تفكر كثرا ً ي كيفية سعي مجتمع الفضيحة‬ ‫إلباس�ها التهم والظلم والبهتان والل�وم إى غر ذلك من امتعارف‬ ‫علي�ه اجتماعي�اً‪ .‬لم يعد من امناس�ب ي الع�ر الراهن اإكراث‬ ‫بمجتم�ع أوص�ل حال ام�رأة إى ه�ذا الحد م�ن اإهان�ة وتركيع‬ ‫حيائها أظافر ش�هوة اأجنب�ي يخدش فيها كيفما يش�اء‪ ،‬فضاً‬ ‫عن الس�عودي نفسه‪ ،‬فلم نجن نحن النساء أية نتيجة إيجابية من‬ ‫تأطر امرأة منذ ما ا يزيد عى ثاثن سنة تقريبا ً ي أطر من حديد‬ ‫ونار تقلصت وحرت النساء حتى كادت تكتم أنفاسهن! أما مَ ْن‬ ‫يعارض كامي فعليه أن يس�أل نفسه كم مرة باحت له امرأته أو‬ ‫قريبته عن انخداش أحاسيسها مع السائق؟!‬ ‫فيم�ا لو تخيل أحد معاري قيادة امرأة للس�يارة يومهم با‬ ‫س�يارة‪ ،‬ي انتظار سائق « قذر» سواء كان آس�يويا ً أو إفريقيا ً أو‬ ‫حتى س�عوديا ً أو يمنيا ً يعر بتاكس�يه «امظلل» الشارع ي حرارة‬ ‫النهار‪ ،‬ثم يس�تلمه داخل امركبة بكل ما يشبع إيحاءاته الجنسية‬ ‫ب�ن اأبواب امغلقة وامتجهة بامش�وار نحو ام�كان! أريد أن أرى‬ ‫غلي�ان الغضب والغرة إى أية حد س�رتفع عى مؤر الضغط أو‬ ‫مقياس ريخر!! هل سيتخيل أولئك مشاعرهم حينما يكال عليهم‬ ‫كما ً من امش�اعر الجنس�ية العابرة تتوافق مع نظرات السائق عر‬ ‫مرآة الس�يارة اأمامي�ة‪ ،‬وقد ا تنتهي إا بلم�س اأيادي عند أخذ‬ ‫نقود امش�وار؟! ا أعتقد أن رجاً حرا ً أو عبدا ً سرى بذلك الكم‬ ‫الساخن من التحرش وهو مجر عى الصمت بسبب عرقلة العباءة‬ ‫والغطوة وضعف القوة الجس�دية وقلة الحيلة الخائفة من حى‬ ‫الرج�م ااجتماعية ولك�ن أن يأتي بعد هذا كله ويرتضيه للنس�اء‬ ‫خوف�ا ً عليهن! فهذا ااجرار غر امرر لم يع�د منطقيا ً جداً‪ .‬نحن‬ ‫نطال�ب كنس�اء بالوقوف عى هذه القضية امدني�ة التي لن يحلها‬ ‫س�وى قانون صارم يكف اللس�ان واليد عن امرأة ويعطيها حقها‬ ‫امدني امس�اوي لحق الرجل ي التنقل واستخدام امواصات‪ .‬وهذا‬ ‫الوضع امأس�اوي ما نس�معه م�ن قصص التح�رش واابتزاز لم‬ ‫نك�ن لنصل إليه لوا أن ترك�ت امرأة حرة ي تفاعله�ا مع الحياة‬ ‫ااجتماعي�ة تواجهها من�ذ نعومة أظافرها بكل ق�وة وتحدٍ‪ .‬حاليا ً‬ ‫فإن ترسيخ ضعف امرأة ي ذهن امتحرشن بها من كل الجنسيات‬ ‫التي تقطن الس�عودية تعود إى مَ ْن قصقص جناحيها وأس�كنها‬

‫القفص وأغلق عليها باب سد الذرائع‪.‬‬ ‫كم من امرأة تجلس تحت الش�مس ي الش�ارع ي مظهر غر‬ ‫حضاري جدا ً تستجدي بيمينها سيارات اأجرة‪ ،‬وبمجرد دخولها‬ ‫الس�يارة تبدأ ي رحلة امشوار بمغالبة انخداش حيائها حتى تنزل‬ ‫«وا من شاف وا من درى»‪ ،‬ي امقابل ينعم مَ ْن يمنعها من قيادة‬ ‫السيارة بنفسها بمركبته يقودها كيفما شاء‪ ،‬ومتى ما أراد حافظا ً‬ ‫أذنه عن س�ماع كل ما يخدش�ها وممسكا ً يده عن كل مَ ْن يلمسها‪.‬‬ ‫وإن تجاوزنا مس�ألة التحرش ي التكاي‪ ،‬فإن استقدام مزيد من‬ ‫الس�ائقن الخاصن لم يعد س�وى صب منب�ع جديد من مخالفي‬ ‫قوانن أنظمة اإقامة والعمل‪ ،‬آاف الس�ائقن س�نويا ً يهربون من‬ ‫كفائهم بمجرد نزولهم أرض الس�عودية‪ ،‬وذلك بسبب التخطيط‬ ‫امس�بق لتفاصي�ل اإقامة وجني ام�ال والتعاون م�ع «اأقليات»‬ ‫امتش�كلة ي البلد من ذات جنسية السائق‪ ،‬خصوصا ً القادمن من‬ ‫آس�يا‪ .‬من منزلنا عى س�بيل امثال هرب ثاثة سائقن عى التواي‬ ‫ببس�اطة أن مكاتب ااستقدام تأخذ حقها اماي وا تفي بوعودها‬ ‫ي اح�رام البل�د أوا ً ثم اح�رام روط امقدم ع�ى الطلب كما لم‬ ‫تطالب من جهة صارمة بأداء واجبها مقابل تجنب العقوبات‪.‬‬ ‫ع�ى أية ح�ال‪ ،‬ف�إن الج�دل الامنته�ي وامتنطع م�ن قبل‬ ‫امعارض�ن لقي�ادة امرأة للس�يارة ابد أن يوضع جانب�ا ً من اآن‬ ‫فصاعدا ً فق�د أخذ به كثرا ً ولفرة من الزمن كممت أفواه النس�اء‬ ‫ع�ن الحديث ولم تجلب منه أية منفعة مهنية‪ .‬امتنطعون يبعدون‬ ‫ع�ن دمائن�ا وأرواحن�ا وأماكنن�ا وه�م مخالف�ون مصالحنا ولن‬ ‫يعودوا علينا عمليا ً بالنفع والفائدة‪ ..‬لم يفيدوننا س�وى بس�عيهم‬ ‫ي كل محفل بدمج أفكارهم الجنس�ية «الخليعة» ي لغة الخطاب‬ ‫الوعظي فلم يطبقها إا أرذل امس�تمعن إليهم وبكل أريحية‪ ،‬أن‬ ‫امرأة صارت ي الذهنية سلعة مستباحة ي فضاء الا قانون مدني‬ ‫ص�ارم وقارس‪ ..‬الحقيق�ة أن اأمل ي تعقل أولئك ل�ن يأتي أبدا ً‬ ‫كما أن زمن اانتظار النس�ائي ب�دأ ينفد صره حينما يتعلق اأمر‬ ‫بس�ن قوانن صارمة ترفع من قدر امرأة وتعينها عى استشعارها‬ ‫مكانتها امساوية للرجل ي امجتمع‪ ،‬خصوصا ً فيما يتعلق بمسألة‬ ‫التحرش الجني واإيذاء اللفظ�ي واابتزاز اقتدا ًء بكل العالم من‬ ‫حولنا‪ .‬الزمن يتجه إجباريا ً للمس�تقبل وامخالفون «حجر العثرة»‬ ‫مصالح�ي ومصال�ح غري من النس�اء أنهم يرت�دون إى الوراء‬ ‫فقط‪.‬‬

‫رأي‬

‫باب التوبة‬ ‫مفتوح‬

‫كان بإمكان امطلوب اأمني الذي قبضت عليه الجهات اأمنية‪،‬‬ ‫مساء أمس اأول‪ ،‬أن يختر عى نفسه وأهله كثرا‪ ،‬بتسليم نفسه‬ ‫للس�لطات ويس�تفيد من الفرص التي أعلنت عنه�ا وزارة الداخلية‬ ‫منذ يناير العام اماي بأخذ تس�ليم النفس ي ااعتبار عند النظر ي‬ ‫قضية كل مطلوب‪.‬‬ ‫وقد فعلها بعض امطلوبن ال� ‪ ،23‬وس� ّلموا أنفس�هم‪ ،‬ودافعوا‬ ‫ع�ن مواقفه�م‪ ،‬وأطلق�ت الجه�ات اأمني�ة راحه�م بع�د التأكد‬ ‫من س�امة س�جلهم‪ ،‬كما تحفظت ع�ى آخرين‪ .‬وم�ن امؤكد أنها‬ ‫أخذت بعن ااعتبار مبادرة تس�ليم النف�س؛ لتكون نقطة طيبة ي‬ ‫التحقيقات والنظر القضائي‪.‬‬ ‫كما رفض بعض امطلوبن تسليم أنفسهم‪ ،‬وآثروا ااستمرار ي‬ ‫مواقفهم الضدية من اأحداث‪ ،‬ومن الس�لطة‪ ،‬ومن امجتمع امسالم‬

‫أيضاً‪ .‬ومواصلتهم س�بل التحري�ض والفتنة‪ ،‬ومن نتائج هذا العناد‬ ‫أن وقع بعضهم ي قبضة رجال اأمن وقوعا ً مخزيا ً بالقبض عليهم‬ ‫أحياء‪ .‬كما سقط بعضهم قتياً ي تبادل إطاق النار‪.‬‬ ‫لكن عبدالله آل ريح آثر الطريق الخطأ‪ ،‬وبقي هاربا ً ومشاغبا ً‬ ‫ومتخفي�ا ً حتى وق�ع ي يد رجال اأمن عى النح�و الذي أعلنت عنه‬ ‫وزارة الداخلية فجر أمس اأول‪.‬‬ ‫امطلوبون أمنيا ً يعلمون أنه�م محارون‪ ،‬وأن القبض عليهم‬ ‫ه�و مجرد مس�ألة وقت‪ ،‬ويفهمون أن مراع�اة كثر من اأمور هو‬ ‫ما يمنع رجال اأمن من اصطيادهم بس�هولة‪ ،‬وإا فإن اإمكانيات‬ ‫الفنية والعس�كرية لدى اأجهزة اأمنية ليس�ت عاجزة عن حس�م‬ ‫القضية منذ اإعان عن اأسماء‪.‬‬ ‫ويعل�م امطلوب�ون أمنيا ً أن امجتمع الذي يعيش�ون فيه تململ‬

‫كث�را ً م�ن تعقيد اأم�ور‪ ،‬واتجاهها بعي�دا ً عن الس�لم ااجتماعي‬ ‫واله�دوء‪ .‬حت�ى امتعاطفون م�ع امطلوبن ل�م يعودوا كم�ا كانوا‬ ‫بع�د تزايد ح�اات العنف وتكاثر اأزمات‪ .‬وإذا كانت هناك س�حابة‬ ‫سوداء؛ فإن امجتمع‪ ،‬كل امجتمع‪ ،‬يريد لهذه السحابة أن تغادر‪.‬‬ ‫وه�ذه الحقيق�ة تحتّم عى امطلوبن ااس�تفادة م�ن الفرصة‬ ‫اأخرة ليُنهوا هذا املف بأنفس�هم وبسام‪ ،‬وبا مقاومة أو إساءة‬ ‫أو ترف غر مسؤول‪.‬‬ ‫اأجه�زة اأمنية قادرة ومقت�درة‪ ،‬وا يُعوزه�ا أن تبادر‪ ،‬وهذا‬ ‫الوط�ن قادر ع�ى التعامل مع جمي�ع أبنائه حتى امس�يئن منهم‬ ‫بعدالة ونزاهة‪ ،‬ويفتح ب�اب التوبة وامناصحة للجميع دون تمييز‪،‬‬ ‫والع�ودة إى العقل هو امنجي الوحيد لكل من و ّرط نفس�ه ي تأزيم‬ ‫اأمور‪.‬‬

‫‪17‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.