24
واحة الثقافة
اخلميس ٢٠١٧/٣/٢٣العدد ()١٤٨٠ w w w . a l r e s a l a h . p s
عندما طفتُ العالم!
بقلم :أدهم شرقاوي لمن ال يعرفني ،أنا رحّالة كابن بطوطة ،أهوى السّفر وال أكاد أستق ّرُ في بلدٍ! زرتُ بالداً لم يسمعْ ْ يتبلل علي بابا عنها السّندباد! واجتزتُ بحاراً لم بقطرةٍ من مائها! أكلتُ طعام ًا شهيّ ًا دسم ًا في بالدٍ نساء جميالتٍ نائيةٍ لم تخطر على بال أشعب! رأيتُ ً أن لم يره ّنَ عمرُ بن أبي ربيعة يوم كان يحسبُ ّ الجميالت هُنّ فقط هندٌ ودعــد! بلغتُ حــدوداً لم تبلغها غيمة الرّشيد التي كان يقول لها :أمطري حيث شئت فسيعودُ إليّ خراجكِ! دخلتُ مكتباتٍ المأمون شيئ ًا عنها ليمنح وزن الكتاب ال يعرفُ ُ ذهب ًا! تمددتُ على شواطئ بحارها بلون السّماء، وقفَ على جهتها المقابلة عقبة بن نافع معتقداً أنه ليس وراء البحر بالداً أخرى! رأيتُ أمراض ًا لم يسمعْ عنها ابن سينا وال أبقراط! والتقيتُ شعراء عددهم أكثر بمئات المرات من الذين ضمّهم مجلس سيف الدّولة يوم قذف المتنبي بدواة الحبر! ُأح ّبُ أن أرى األنهار تجري نحو مصرعها في البحر ،ويسحرني خريرُ الماء ،موسيقى عذبة تعزفها القطراتُ بأصابع الفتنةِ على قيثارةِ األرض! أما الشّالالتُ فتلك فتنة أخــرى ،لم بشالل ساح ٍر إال زرته! زرتُ شالالت فيكتوريا في أسمعْ ٍ نهر زامبيزي على الحدود بين زامبيا وزيمبابوي! هناك ال شيء إال الماء ،صوت ًا وطعم ًا ولون ًا ورائحة! ال تُصدّقوا لون وال رائحة ،هناك أولئك الذين قالوا ليس للماء طعمٌ وال ٌ أن ما قالوه هُراء! زرتُ شالل آنجل في فنزويال، ستعرف ّ آية من آيات الخالق ،يقع في غابة استوائيّةٍ نائيةٍ ليس من السّهل أن يبلغها البشر ليشوهوها ،هناك الماء له رائحة التوابل ،ونقاء الزّجاج! زرتُ شالل إجواز على الحدو ِد بين البرازيل واألرجنتين، ذاك شالل ال تشعر وأنت تنظر إليه أنه يهوي رغم ًا عنه، تحسبه يقفز بإرادته ،كمن يمارس هواية مفضلة ولكنه ال يك ّفُ عن ممارستها أبد الدّهر ! أما عن شالل جولفوس في آيسلندا فال أعرفُ ما أقــول ،كيف يصفُ اإلنسان شاللين أحدهما يص ّبُ في اآلخر ،أي لغةٍ تسعه ليفعل هذا ،وأي كلمات أن ّ كل ما تكبدته من وعثاء الطريق للوصول ؟! هناك تعرف ّ إلى هنا لم يكن شيئ ًا! ُأح ّبُ القهوة كثيراً ،وإليها أش ّدُ الرّحال، وأضربُ أكباد اإلبل ،ما سمعتُ يوم ًا بمكان تُدار فيه القهوة إال أتيته ،ال بحث ًا عن الطعم فقط ،ولكن عن الرّائحة أيض ًا ،رائحة القهوة أحد عطوري المفضلة التي ال تجاريها كل عطور باريس ولو وضعوا فرنسا كلها في زجاجة عطر! في نجدٍ شربتُ قهو ًة عربيّة ،تخيّل أن يجتمع البُ ّنُ والزّعفران والهيل في فنجانٍ واحد! هذا ناهيك عن طعم التّاريخ ،هناك الفناجين فيها شيء من حزن الخنساء وهي ترثي صخراً، صدقوني يمكن أن يشعر المرء بحزن القهوة! وعلى وجه الفنجان ترى قس بن ساعدة يخطب العرب في سوق عكاظ بحضرة نبيّهم الذي لم يصبح نبيّ ًا بعد! شربتُ قهو ًة تركيّة في اسطنبول ،فيها طعم الفتوحات ،ورائحة محمد الفاتح على أبــواب القسطنطينية ،قهوة لها طعم ع ـزّة ،تذكرك إن عمل المبضع في بالسلطان عبد الحميد وهو يقولّ : جسدي أهون عليّ من اقتطاع بيت المقدس من دولتي! وقال
لي ايميري النادل حين قدمها لي :القهوة تُشربُ على مهل! وفي روما شربتُ االسبرسو ،قهوة فاتنة ،سميكة وكثيفة، كأن أفالطون أعدّها في مدينته الفاضلة، ال تشوبها شائبةّ ، وكأن سقراط ناوله البنّ ،وأرسطوا حضّر له الفناجين! ّ لالسبرسو رغوة ذهبيّة ،وإضافة ال ّسُكر إليها جريمة ،فإياك أن ترتكبها! وفي باريس شربتُ قهوة التيه على أصولها، كانت شهيّ ًة جداً ،ترددتُ بادئ األمر أن أشربها ،فلم استسغ فكرة أن يجتمع الحليب والقهوة في فنجان ،ولكن ماركوس الالتيني شجّعني ،فشربتها ،فأخبرني عن وصفتها السرّية، وقال لي :اكتُبْ عندك :التيه تساوي ٦٠ملل اسبرسو ،و٣٠٠ ملل من الحليب المبخر ،و ٢ملل من الحليب المخفوق ،وإياك أن تزيد! أح ّبُ الشواطئ كثيراً ،أحسبُها قطع ًة من الجنّة على األرض، ال هي يابسة وال هي بحر ! هكذا هي بينٌ بينَ بيْنَيْن! ُأيممُ وجهي شطرها دوم ًا! زرتُ شاطئ وايت هافن في أستراليا، ال حدّ الذّهول ،أنقى شاطئ رمليّ في العالم ،والبشر كان جمي ً رمل منه ليسوا بالغيه إال بشقّ األنفس! إذا أخذتَ كمشة ٍ غرّموك خمسين ألف دوالر! ولكني أخذتُ ولم يضبطني أحد! أمّا عن شاطئ بونالي في هاواي فحدّث وال حرج! هل كأن الليل يختبئ رأيتم شاطئ ًا أسود؟! هكذا هو ...رمله حالك ّ فيه إذا جاءته جحافل الضوء تقودها شمسُ الصّباح! وقد صار هكذا نتيجة تالقي الحمم البركانيّة الملتهبة مع مياه المحيط الباردة! وزرتُ شاطىء نوجوي في زنجبار ،هناك حيث ينزلق الرّمل أن ثمّة من يُدلّك لك قدميك! تحت قدميك بنعومة ،فتشعر ّ أن وزرتُ شاطىء نافاجيو في اليونان ،تقول األساطير ّ القراصنة يدفنون كنوزهم هناك ثمّ يضلّون الطريق إليها، فذهبتُ وحفرتُ ،ولكني مثلهم ضللتُ الطريق! ولكن من يحفل بضياع كنز حينما يكون على مقربة من البحر بعيداً عن النّاس! ُأح ّبُ المكتباتِ كثيراً ،شيئان ال يمكنني أن أتصوّر األرض بدونهما ،المكتبات والمساجد ،وما تبقّى كماليّات! تغريني الكتب ،وهي عندي أكثر فتنة من النّساء ،لدرجة أني ال أستطيع أن أقول ال لمكتبة قالت لي هيتَ لكَ! زرتُ مكتبة آدمونت آيبي في النّمسا ،تخيّلوا معي مكتبة أعلى جبال األلب ،هناك حيث مرّ هنيبعل في إحدى أجرأ المجازفات في التاريخ! في المكتبة ما يقارب مئتي ألف كتاب! هذا مكان تو ّدُ لو أغلقوه عليكَ وانصرفوا! زرتُ مكتبة جورج بيودي
في ميريالند في األمم المتحدة ،الرّهيب في المكتبة أنها تحوي األصول النادرة ألوائل الكتب المطبوعة على وجه األرض ،إنها فتنة رائحة الحبر األولى وقد عتّقها الزّمن ،إن الحبر إذا تعتّق فاق النّبيذ فتك ًا ! ُأح ّبُ ّ الطعام الشهيّ ،وأتتبعه من مكان إلى مكان كما كان العربُ يرتحلون من مكانٍ إلى مكانٍ بحث ًا عن الكأل والماء ! ّ الطعام ثقافة وحضارة وليس مجرّد وجبة نقتاتها! قل لي ماذا تطهو أق ْ ُل لك من أنتَ! التّوابل في الهند هويّة بلد وليست منكّهات! والمدفون في جزيرة العرب أكثر من لحم وأرزّ، البيتزا في إيطاليا ليست نوع ًا زائداً على المعجّنات، والكنافة في نابلس ليست مجرّد حلوى! زرتُ مطعم « « el celler de can rocaفي إسبانيا، هناك طعم المحار مذهل ،وال أعتقد أن مكان ًا آخر على وجه األرض يمكنه أن يقدمه بهذه الطريقة ،هذا المطعم لكأنما هو قطعة من أعماق المحيط! زرتُ مطعم « osteria »francescanaفي إيطاليا ،هناك الباستا التي يطهوها ماسيمو بوترا تخبرك عن إيطاليا أكثر مما تفعل أزياء ميالنو ،وأكثر مما يفعل فريق السّيدة العجوز! زرتُ مطعم « « narisanaفي اليابان ،وأكلتُ السّوشي على أصولها، في اليابان أي شي ٍء ال يخطر لك على بال يمكن أن يصبح وجبة ،هؤالء القوم يأكلون أي شيء ،ويعبدون أيّ شيء! ولكنهم في العلم والعلوم واألخالق ال يرضون بأيّ شيء ! ُأح ّبُ األماكن التّاريخيّة كثيراً ،أراها أكثر من مجرّد حجارة، وأوافق المجنون قوله يوم قال: أم ّرُ على الدّيار ديار ليلى ُأقبّل ذا الجدار وذا الجدارا وما حُ ّبُ الدّيار شغفنَ قلبي ولكن حُ ّبُ من سكن الدّيارا زرتُ سور الصّين الذي بدأ بناءه تريكو تشانغو ليحمي بناء يمكن الصّين من أعدائها ،تخيّل كيف يمكنك أال ترى ً رؤيته عن سطح القمر ،هناك حين تتمشى على ظهر السّور تشعر أنّك تمشي على التّاريخ ،ثم ينتهي السّور عند مكسر الموج على الشاطئ! زرتُ الكولوسيوم في روما ،مرتع النشاطات الفكريّة وال ّثقافيّة لخمسمئة عام تترى! هناك يجتمعُ الفكر والجنون على صعيدٍ واحــد! بناه فالفيو فسبازيان ،وأحرقه نيرون! زرتُ تاج ّ محل ،هناك تعرف كيف يمكن للحُبّ أن يكون أقوى من الموت! تموت تاج ّ محل األميرة الفاتنة ،فيمضي زوجها شاه جيهان ستة عشرة عام ًا يبني لها قبراً ،حتى خرج تحف ًة معماريّة تجمعُ عمارة الفرس وعمارة العثمانيين على صعيدٍ واحد! أتمنى أنكم استمتعتم بالرّحلة التي أخذتكم بها معي حول العالم ،بقي أن أخبركم أني ال ُأسافر ،وأني أحمل وثيقة بالكاد يمكن تسميتها جواز سفر! ترفضها أغلب السّفارات، وتتوجسُ منها معظم المطارات ،ولكني قررتُ رغم ًا عن هذا الكوكب وحكوماته أن أسافر ،فقرأتُ ،كثيراً قــرأتُ، أن الكتب جوازات سفر الفقراء والمضطهدين ألني اكتشفتُ ّ والمطرودين الذين تركلهم السّفارات وتطردهم المطارات! مدونات الجزيرة
أرملة الشهيد تهدهد طفلها.. بقلم :هاشم الرفاعى نم يا صغيري إن هذا المهد يحرسه الرجـــاء من مقلة سهرت آلالم تثور مع المســــاء فأصوغها لحن ًا مقاطعه ت ََأجَّج في الدمـــاء أشدو بأغنيتي الحزينة ثم يغلبني البكـــاء وأمد كفي للسماء ألستحث خطى السمـــاء ***** نم ال تشاركنــي المـــرارة والمحـــــن فلسوف أرضعـك الجــــراح مع اللبــــن حتى أنــال على يديك منىً وهبت لها الحيــــاة يا من رأى الدنيا ولكن لن يرى فيها أبـــاه *****
ستمر أعوام طوال في األنين وفي العـذاب وأراك يــا ول ــدي قــوي الخطو موفـور الشبـاب تأوي إلى أم محطمـة مُغَضـَّنَةِ اإلهــاب وهنا تسألني كثيراً عن أبيـك وكيف غــاب هذا ســؤال يا صغيري قــد أعد له الجــواب ***** فلئــن حييت فسـوف أســرده عليــك أو مت فانظـر من يُسِـرُّ به إليـــك فــإذا عرفت جريمـة الجاني وما اقترفت يـــداه فانثر على قبري وقبر أبيك شيئـ ًا من دمـــاه
بديع الكالم إعداد :ياسمين عنبر
** املواضع اليت ال تزاد فيها ألف التنوين: *األمساء املنتهية بتاء مربوطة، كلمة مؤثرة. مثال :ألقيت ً *األمساء املنتهية باأللف املقصورة، رأيت فىت حيمل عصا. مثالُ : *األمساء املنتهية بألف عليها دخلت ملج ًأ واس ًعا. مهزة ،مثال: ُ *األمساء املنتهية هبمزة بعد ألف، رداء أني ًقا. مثال :ارتديت ً ** مالحظة :من األخطاء الشائعة كتابة التنوين على األلف، والصحيح أن تكتب على احلرف الذي قبل األلف ألن التنوين نون ساكنة واأللف ساكنة فال جيتمع ساكنان زيدا، مثال :زيدًاً ، فىت /والصواب ً : ف ًتى
أقالم الشبكة ملياء عبدالرحمن قال :وما يذهب وحشة الدرب والقلب؟ فبخل صادق ،والثانية بروح قالت :فأما األولى ٍ ال تمل كثرة العثرات.
عبد الرحمن شديد كأنك ما رحلت ..وهل ترحل األفكار المسقاة بالدماء؟! ُّ كل من جاء بعدك ينهل من معينك الذي ال ينضب ..وهل ينضب معين رافده القرآن والسنة؟! #ذكرى_الياسين
حنان خشان
لم يمت الضوء ،وإنما ذهب يسعف عتمة أخرى تبكي وسيعود.
رغبة من ّا في التفاعل والتواصل مع القراء والمهتمين الكرام ..يمكننا استقبال مشاركاتكم وآرائكم عبر البريد االلكتروني التالي thaqafa@live.com :