4334 AlmashriqNews

Page 3

‫‪10‬‬ ‫مقاهي بغداد الأدبية يف ع�صر الواي فاي‬

‫االثنني املوافق ‪ 20‬من �أيار ‪ 2019‬العدد ‪ 4334‬ـ ال�سنة ال�ساد�سة ع�شرة‬

‫ثقافية‬

‫‪Monday ,20 May. 2019 No. 4334 Year 16‬‬

‫جان بول �سارتر و�سيمون دي بوفوار‪ .‬ويف �سوريا مقاهي‬ ‫وارد بدر السالم‬ ‫مرة قال ماركيز � ّإن تبلو َر ثقافته ال�شخ�صية يعود جز ٌء منه الرو�ضة وهافانا والربازيل واللونا بارك‪ ،‬ويف اجلزائر‬ ‫�إىل مقهى “القطط الثالث” وهو من املقاهي الأدبية يف مقاهي الرمانة وجمعية اجلاحظية الثقافية يف اجلزائر‪.‬‬ ‫بوين�س �آير�س‪ ،‬وهذه الإ�شارة �إىل القطط الثالث اعرتاف‬ ‫ب��ال��دور ال��ذي تلعبه املقاهي الأدب��ي��ة يف تب�صري و�إع���داد املقاهي كانت مكانا حلملة الفكر وف�ضاء �أكرث رحابة‬ ‫للمعار�ضة‬ ‫الأجيال الثقافية عرب احتكاكها اليومي وتبادل خرباتها‬ ‫امل��ت��ع��ددة ونقل امل��ع��ارف املختلفة يف م��ا بينها‪ .‬والقليل وهكذا �سنجد القدمي واجلديد من ه��ذه الف�ضاءات التي‬ ‫يعرتفون بدور املقاهي يف �صياغة �أفكارهم وتوجهاتهم حتكمها العوامل ال�سيا�سية يف �أغلب الأحيان عندما خرجت‬ ‫وتن�ش�آتهم الفكرية والثقافية‪ ،‬ال�سيما يف بالدنا العربية من الأج��واء االجتماعية �إىل منافذ �أخ��رى؛ غري �أن املدن‬ ‫التي تكتظ �أ�سواقها و�أر�صفتها باملقاهي ال�شعبية التي الأوروبية ا�شتهرت مبقاهيها الأدبية يف ع�صر النه�ضة وما‬ ‫�أن�ش�أت �أجياال ظهر منها �أدباء كبار وتيارات �شعرية مهمة‪ .‬تاله‪ ،‬وت�ش ّكلت فيها ثورات فنية و�شعرية كبرية‪ ،‬وتك ّر�س‬ ‫فيها �أعالم بارزون و�شاءت املقاهي �أن تتوزع يف البلدان‬ ‫املقاهي الأدبية‬ ‫قبل ماركيز بوقت غري ق�صري ا�ستطاع ال�شاعر حممد مهدي الأوروب��ي��ة كلها وذاع �صيت معظمها يف �أرج���اء العامل‬ ‫اجلواهري عام ‪� 1948‬أن يجمع ح�شودا ب�شرية انطلقت كمقهى نيويورك يف بوداب�ست ومقهى �سنرتال يف فيينا‬ ‫معه م��ن مقهى “ح�سن عجمي” امل��ع��روف‪ ،‬الباقي حتى ومقهى دي البيه يف باري�س ومقهى جرييكو يف روما‪.‬‬ ‫اليوم‪� ،‬ضد معاهدة بورت�سموث بق�صيدته املعروفة “�أخي وم��ع التاريخ القدمي والبعيد �سنقول �إن��ه تف�صلنا �أكرث‬ ‫جعفر”‪ .‬ومن هذا املقهى وغريه يف بواكري الدولة العراقية من �أربعة قرون مت�صلة عن مقهى “خان جغان” (‪)1590‬‬ ‫بقي تاريخ احلركات الوطنية احلقيقية وال�شعرية على ك����أول مقهى �شعبي يف ب��غ��داد العثمانية �أواخ����ر القرن‬ ‫وجه اخل�صو�ص نظيفا حتى اليوم‪ .‬وميكن �أن نو ّثق الكثري اخلام�س ع�شر‪ .‬ومنذ ذلك التاريخ الأبعد و�إىل اليوم بقيت‬ ‫من هذه املواقف والأفكار الإن�سانية والتقدمية يف �سجالت املقاهي ت�شكل ف�ضاءات �شعبية و�سيا�سية و�أدبية وثقافية‬ ‫املقاهي العاملية والعربية والعراقية التي اغتنى وجودها يف املجتمع ال��ب��غ��دادي‪ ،‬م��ع ت��غ�يرات طبيعية يف ال�صيغ‬ ‫بوجود الآخرين ممن وجدوا يف املقهى ف�ضاء �أكرث �سعة املكانية والإ�شهارية والعمرانية واخلدماتية‪ ،‬وم��ع كل‬ ‫للحرية واملواجهات الفكرية والأدبية وال�سيا�سية �أي�ضا‪ .‬الوقت الطويل ال��ذي م�� ّر بظروفه الكبرية تكون املقاهي‬ ‫ومن ال�صيغة االجتماعية بخ�صو�صيتها الوطنية ميكن �أن قد ا�ستقرت على �أنها �أمكنة اجتماعية و�أدب��ي��ة وثقافية‬ ‫نقول �إن املقاهي هي �إنتاج �شرقي حم�ض‪ ،‬ومل تكن �أوروبا عامة بعالقات متباينة حتت خمتلف الظروف والأحداث‬ ‫تعرفه �إال يف ع�صر النه�ضة‪ .‬ويف البالد العربية العديد ال�سيا�سية‪ ،‬كحا�ضنة جماعية ملختلف التيارات الفكرية‬ ‫من املقاهي ذات العمق التاريخي البعيد؛ ففي م�صر يعد والأدبية وال�سيا�سية‪ .‬فانتقلت الوظيفة الرتفيهية للمقهى‬ ‫مقهى الفي�شاوي واحدا من �أقدم املقاهي الأدبية (‪� )1797‬إىل وظائف فنية و�شعرية و�سيا�سية وجتمعات فكرية‬ ‫وكان يرتاده جمال الدين الأفغاين وجنيب حمفوظ وزاره متعددة االجتاهات‪ .‬وعندما نتتبع �سرية املقهى البغدادي‬

‫مالك املقربة‪..‬‬ ‫جمموعة ق�ص�صية‬ ‫���ص��درت للكاتب ك���رمي �صبح جمموعة‬ ‫ق�ص�صية حملت عنوان " مالك املقربو" ‪.‬‬ ‫ت��ن��اول��ت الق�ص�ص م�شاهد م��ن احلياة‬ ‫ال��ي��وم��ي��ة ال��ت��ي ب��ه��ا ح��اج��ة اىل مراقب‬ ‫ح�����ص��ي��ف واع ي��ل��ت��ق��ط م���ن تفا�صيلها‬ ‫اليومية ما ي�ستحق االلتقاط والوقوف‬ ‫عنده وقفة ذكية واعية ‪.‬‬

‫يطلبونني فاراك‬ ‫نادية المحمداوي‬

‫ب�أع�شابها ‪..‬‬ ‫�إبتد�أت روحي هياجها العايل‬ ‫�أطلقت لالفق جوارحها‬ ‫و�إذا كنت �أنت‬ ‫تقدم ال�صباح‬ ‫وتك�سر الليل على مذبح الذكرى‬ ‫تتبدد املخاوف ‪.‬‬ ‫فتعلن روحي خوفا مهيئا للحديث‬ ‫يتك�سر العامل ‪ ...‬خذ ُه‬ ‫ينحني الوقت‬ ‫فابدد عنك وح�شة احلروب‬ ‫�أيها احلزن �إبتعد‬ ‫فانا مازلت ‪�..‬أريد البوح للملكوت‬ ‫�أيها احللم ‪:‬‬ ‫�أنتخب �صحبتي‬ ‫ف�أنا مازلت ‪�..‬أ�شد �أهدابي ل�شعاع‬ ‫ال�شم�س‬ ‫يف ظل ‪..‬هذا الليل الكافر بالأقا�صي‬ ‫�أدرك �أن القلب‬ ‫‪ ..‬بيت الأمنيات‬

‫طيلة �أربعة قرون �سنجد �أن املقاهي البغدادية ب�صيغتها‬ ‫العثمانية كانت مم��را للوقت والت�سلية طيلة عقود من‬ ‫ال�سنوات حتى نهاية الأربعينات من القرن املا�ضي‪ ،‬عندما‬ ‫�أ�صبحت املقاهي ظاهرة وعالمة من عالمات التحوالت‬ ‫ال�سيا�سية والأدبية كمنرب اجتماعي‪ ،‬خرج من هذه العباءة‬ ‫�إىل الكثري من التجمعات ال�سيا�سية والأدبية التي انتظمت‬ ‫بناظم املقهى‪ ،‬ليكون مكانا حلملة الفكر وف�ضاء �أكرث‬ ‫رحابة للمعار�ضة والت�صدي �أو ف�ضاء لت�شكالت �شعرية‬ ‫و�سردية مت فيها �إع��داد البيانات وتوقيعها‪ ،‬ومن خاللها‬ ‫�أن�شد ال�شعراء ق�صائدهم �ضد االحتالالت املتعددة و�ضد‬ ‫احل��ك��وم��ات املتخلفة‪ ،‬ومل تكن الو�سيلة املتاحة �آن���ذاك‬ ‫�سوى املذياع وال�صحف اليومية ومن ثم املقاهي اليومية‬ ‫للت�صعيد وجتيي�ش ال�شارع‪ ،‬كما فعلها اجلواهري وحممد‬ ‫الأدبي ب�أ�صوات وحماوالت مبدعني ملأوا امل�شهد الثقايف‬ ‫مهدي الب�صري يف منا�سبات خمتلفة‪.‬‬ ‫ال��ع��رب��ي الح��ق��ا مب��م��ي��زات �شعرية ع�بر امل��ق��اه��ي كو�سيلة‬ ‫وحا�ضنة نف�سية واجتماعية‪ ،‬ف�إن بغداد اليوم مل َ‬ ‫يبق من‬ ‫اختالف جذري‬ ‫مل يبق من القدمي البغدادي �إال امل�سميات والتواريخ الكثرية مقاهيها التحري�ضية �إال �شواهد �أ�سمائها‪ ،‬ومل يكن اجلديد‬ ‫التي ت�سجّ ل �أبعادا وطنية و�سيا�سية و�إعالنات وبيانات امتدادا لتلك الروح احلية التي كانتها تلك املقاهي‪ ،‬فال تزال‬ ‫�أدبية ال تزال حمفوظة يف ذاك��رة الأجيال املتناوبة‪ ،‬وما مقاهي “الزهاوي” و”ال�شابندر” و”ح�سن عجمي” قائمة‬ ‫اجلديد �إال امتداد لذلك القدمي‪ ،‬لكن مبوا�صفات �أكرث حداثة حتى الآن‪ ،‬لكن ق�� ّل رواده��ا وبقي املتقاعدون و�أ�صحاب‬ ‫ومعمارا وبطريقة افتقدت نكهة املا�ضي‪ ،‬ان�سجاما مع املحال القريبة يرتادونها‪ ،‬ويف الوقت ال��ذي يحافظ فيه‬ ‫متطلبات احلا�ضر وراهنه املتقدم ح�ضاريا وتكنولوجيا‪ ،‬مقهى “الزهاوي” على منطه املعماري الرتاثي‪ ،‬ف�إن مقهى‬ ‫ف�إذا كان املقهى يبلور تظاهرة �سيا�سية �أو ثقافية ما�ضيا‪“ ،‬ح�سن عجمي” بقي على حاله‪ ،‬مهمال وتعي�سا‪ ،‬وقد هجره‬ ‫ف�إن املقهى البغدادي حاليا اختلفت �صيغته كليا يف ع�صر الأدب��اء منذ وقت طويل‪ ،‬متجهني �إىل مقهى “ال�شابندر”‬ ‫تكنولوجيا االت�صاالت والإنرتنت وال��واي فاي‪ ،‬فلم تعد ال��ذي �أخ��ذ موقعه اال�سرتاتيجي يف ���ش��ارع املتنبي‪ .‬يف‬ ‫الق�صيدة احلما�سية ممكنة لتثوّ ر اجل��م��اه�ير‪ ،‬ومل تعد املقهى البغدادي القدمي‪� ،‬أو العراقي �أو العربي عموما‪،‬‬ ‫هذه اجلماهري مروّ �ضة �إزاء بند �أدب��ي �شعري �أو �سردي جتد ال�صحيفة اليومية هي النتاج اليومي الأول الذي‬ ‫�أو فني‪ .‬و�إذا كان القدمي ثقافة �شعبية عامة من �صحف ي�شغل اجلماهري‪ ،‬والآن اختفت ال�صحيفة بفعل الف�ضائيات‬ ‫وكتب و�إذاع���ات وق�صائد وحداثات �أولية ملجمل العطاء وعواجلها والإن�ترن��ت و�سرعته يف ن�شر املعلومة عرب‬

‫�صفحات الفي�سبوك والإن�ستغرام وتغريدات التويرت‪،‬‬ ‫�إ�ضافة �إىل املتغريات النف�سية الكبرية يف ع�صر العوملة‬ ‫والقرية ال�صغرية التي ي�صل �شرقها بغربها بلحظة �سريعة‬ ‫كافية لأن ترى الآخرين و�أجواءهم اليومية مهما ابتعدت‬ ‫امل�سافات ون����أتْ ‪ .‬وبالتايل ف��� ّإن مفاهي َم كثرية دخلت يف‬ ‫الف�ضاء املكاين و�صارت هي اجلوهر الذي يقيّد الآخرين‬ ‫بدخولهم وخ��روج��ه��م �إىل املقهى تبعا حل��رك��ة الف�ضاء‬ ‫الرقمي وا�ستلهاماته املتعددة‪ .‬العزوف عن املقاهي الهرمة‬ ‫يف الع�صر الإلكرتوين حت�صيل حا�صل وطبيعي مادامت‬ ‫اجل��ري��دة اليومية ق��د اختفت م��ن ال��ت��داول‪ ،‬وح�� ّل حملها‬ ‫الهاتف الإل��ك�تروين مب��زاي��اه امل��ت��ع��ددة‪ .‬ومل تعد احلالة‬ ‫ال�شعرية ت�ستهوي الأغلبية ال�ساحقة من رواد املقاهي‬ ‫ال�شباب الذين وجدوا يف ع�صرهم ما ي�ستوجب العزوف‬ ‫عنها‪ ،‬وهذا ما نلم�سه يوميا يف املقاهي البغدادية اجلديدة‬ ‫“ر�ضا علوان” و“قهوة وكتاب” وغريها حيث ُتل�صق‬ ‫عالمة “الواي فاي” على واجهاتها كبطاقة دخول �آمنة‪.‬‬

‫احل�سا�سية الإنكليزية يف روايات القرن الواحد ولع�شرين‬ ‫باتريك باريندر ـ ترجمة صالح الرزوق‬

‫مع �أن ما بعد احلداثة تقوم على الإحالة للذات‪،‬‬ ‫وه��و ج��ان��ب دائ���م م��ن ج��وان��ب الأ���ش��ك��ال الفنية‪،‬‬ ‫فقد ت�أثرت الرواية الإنكليزية بالظروف املحلية‬ ‫اخل��ا���ص��ة‪ ،‬وب��الأخ�����ص كلما تعر�ضت ال�سيا�سة‬ ‫الوطنية واالقت�صاد الوطني با�ستمرار للتبدل‬ ‫العميق‪ .‬فالزراعة وال�صناعة ينحدران‪ ،‬وتزداد‬ ‫�أهمية ال�تراث و�صناعة ال�سياحة‪ ،‬وغالبا يبدو‬ ‫�أن الرواية تفر�ض جوهريا �صورة وطنية تنظر‬ ‫للما�ضي (�أو للخلف)‪� .‬إن رواي��ة‪ ،‬مثل «الكفارة»‬ ‫لإيان ماك �إي��وان تقاوم البيت الإنكليزي الريفي‬ ‫و�أح��داث مايو‪�/‬أيار ‪ ،1949‬وهي لدرجة معينة‪،‬‬ ‫جم��رد ت��واط���ؤ‪ ،‬بلغة ب��ات��ري��ك واي���ت يف حديثه‬ ‫عن «ال�تراث الوطني» ال��ذي ر�أى �أن��ه «ا�ستخراج‬ ‫للتاريخ – �أو معناه و�إمكانياته – من �إنكار احلياة‬ ‫اليومية‪ ،‬و�إع����ادة تركيبها وعر�ضها مبوا�ضع‬ ‫وح���وادث و�صور ومفهومات حم��ددة معزولة»‪.‬‬ ‫عموما‪� ،‬إن ال��روائ��ي�ين ق���ادرون بالت�ساوي على‬ ‫التهكم من �صناعة الرتاث‪ ،‬كما فعل جوليان بارنز‬ ‫يف (�إنكلرتا‪� ،‬إنكلرتا ‪ )1998‬حيث �أن امل�ستثمر‬ ‫ي�شرتي �آي��ل �أوف واي��ت ويحولها �إىل «�إنكلرتا‬ ‫خ��ا���ص��ة»‪� ،‬أو حل��دي��ق��ة �سياحية ن��اج��ح��ة جناحا‬ ‫مدويا‪ ،‬بينما بقية البالد‪� ،‬أ�صبح ا�سمها «�ألبيون»‪،‬‬

‫مرتوكة خلطر التحلل والتعفن‪ .‬غري �أن حكاية‬ ‫بارنز ال�ساخرة مل تقدم معنى اقت�صاديا‪ ،‬على‬ ‫�سبيل املثال‪ ،‬من خالل الكارثة االقت�صادية التي‬ ‫ت�سببت بها «قبة ازدهار �ألفية لندن» عام ‪،2000‬‬ ‫ولكنها عو�ضا عن ذل��ك دعتنا لإن��ك��ار ما يح�صل‬ ‫واعتباره فانتازيا جتريدية‪ .‬لقد تراكمت املخاطر‬ ‫�أمام الرواية الإنكليزية – كما الحظ بارنز ب�شكل‬ ‫وا���ض��ح‪ -‬ومكمن اخلطر ك��ان يف متابعة الوعي‬ ‫الذاتي بالروح الإنكليزية التي تقود �إىل تفريغ‬ ‫روحي لكل ما هو عادي يف حياة �إنكلرتا اليومية‪.‬‬ ‫والروايات التي ا�ست�شهدت بها بايات كانت غالبا‬ ‫ت��اري��خ��ي��ة‪ ،‬و���ض��م��ن حبكة تت�ضمن �إي��ط��ال��ي��ا يف‬ ‫القرون الو�سطى‪ ،‬والقاهرة يف القرن اخلام�س‬ ‫ع�شر‪ ،‬و�أملانيا القرن الثامن ع�شر‪ ،‬و�أماكن �أخرى‪.‬‬ ‫وهي �أعمال «�أوروبية» لأنها حملت ب�صمات كتاب‬ ‫م��ن �أوروب����ا مثل �إي��ت��ال��و كالفينو و�أل��ب�ير كامو‬ ‫و�إيزاك داين�سني وغونرت غرا�س وميالن كونديرا‬ ‫وغ�ي�ره���م‪ .‬ول��ك��ن رمب���ا ك��ان��ت ب��اي��ات ق��د ذك��رت‬ ‫بالعناية نف�سها ت�أثر بريطانيا بالواقعية ال�سحرية‬ ‫التي ظهرت يف �أمريكا الالتينية‪ ،‬وب��رواي��ات ما‬ ‫بعد احلداثة التي ظهرت يف الواليات املتحدة‪.‬‬ ‫ميكن مالحظة �أ�سلوب جديد يف تدوين التاريخ‬ ‫عند نورمان دايفز يف كتابه «اجل��زر‪ :‬تاريخ –‬

‫‪ ،»1999‬وه��و عمل ي��ت��ج��اوز بعنوانه املا�ضي‬ ‫التاريخي ل��ـ«�إن��ك��ل�ترا» و«بريطانيا» لي�صل �إىل‬ ‫الواقع احلايل املتبلور‪ .‬وال�سياق الربيطاين‪ ،‬ما‬ ‫ت�سميه بايات وغريها حكاية �شعبية �أو «خرافة»‪،‬‬ ‫ميكن �أن تعتربه �أي�ضا حركة �إحياء للرومان�س‪.‬‬ ‫فتقاليد الرومان�س ف�ضلت العجائبي على العادي‪،‬‬ ‫وهذا وا�ضح عند روائيني بريطانيني من فرتة ما‬

‫بعد احل��رب العاملية الثانية مثل‪ :‬وليام غولدنغ‬ ‫و�آيري�س م��اردوخ وموريل �سبارك‪ ،‬والكتابات‬ ‫امل��ت���أخ��رة ل��دوري�����س لي�سينغ‪ .‬لقد جنحت هذه‬ ‫الرومان�سيات احلديثة‪ ،‬واعتربت خرافات عن‬ ‫الهوية‪ ،‬وبع�ضها عالج ق�ضايا ال�شخ�صية الوطنية‪.‬‬ ‫م��ن ب�ين رواي���ات ول��ي��ام غولدنغ املبكرة‪� ،‬أعمال‬ ‫مهمة عن اجلنوح والعزلة كما يف‪�« :‬سيد الذباب»‬

‫(‪ ،)1954‬و«بين�شر مارتن» (‪� .)1958‬أ�ضف لذلك‬ ‫روايته «الوارثون» ‪ ،1955‬وهي عن مغامرات ما‬ ‫قبل التاريخ‪ .‬لقد حازت هذه الثالثية على اهتمام‬ ‫وا���س��ع و�ضعها يف ع���داد احل��ك��اي��ات الأخالقية‬ ‫املتعلقة بالطبيعة الكونية ل�ل�إن�����س��ان‪ ،‬وكانت‬ ‫�إنكليزية «بين�شر م��ارت��ن» وال�صغار يف «�سيد‬ ‫الذباب» من �ضمن العوامل الأ�سا�سية امل�شاركة‪.‬‬ ‫و«النزوع الإنكليزي» هنا‪ ،‬والذي غاب عن معظم‬ ‫�أع��م��ال غولدنغ التالية‪ ،‬دليل على ظاهرة نهاية‬ ‫الإمرباطورية‪ ،‬ويف طياتها جتد خربات للكاتب‬ ‫نف�سه‪ .‬وقد ك�سبها من عمله يف البحرية امللكية‪،‬‬ ‫وعليه هذه الأعمال يف حالة تقابل مع ما ت�سميه‬ ‫بايات «ك ّتاب اخلرافة الأوروب��ي��ة»‪ .‬ومن ه�ؤالء‪:‬‬ ‫�أجنيال كارتر‪ ،‬وبينيلوبي فيتزجرالد‪ ،‬وجينيت‬ ‫ونرت�سون‪ ،‬وكذلك ماردوخ و�سبارك‪ .‬فقد نظرت‬ ‫لهذه الأ�سماء وك�أنها انعكا�س حل�سا�سية جديدة‬ ‫عن ال�شخ�صية الوطنية يف فرتة ما بعد االنهيار‬ ‫(تفكك االمرباطورية)‪� .‬أما الروائيون املعا�صرون‪،‬‬ ‫والأق����رب لفرتتنا ه���ذه‪ ،‬فهم يكتبون يف �سياق‬ ‫ع�ضوية بريطانيا داخل االحتاد الأوروبي‪ ،‬وهو‬ ‫�سياق‪� ،‬إن مل يكن يعني حمو الهوية الوطنية‪ ،‬فهو‬ ‫بالت�أكيد يت�ضمن اختزالها املمكن �إىل �شيء من‬ ‫قبيل الهوية املناطقية‪.‬‬

‫حفريات الطاهر يف �سجالت جنيب حمفوظ‬ ‫عن "الهيئة امل�صرية العامة للكتاب" �صدر لطارق الطاهر‪ ،‬كتاب‬ ‫بعنوان "جنيب حمفوظ بختم الن�سر"‪ ،‬وه��و كتاب وثائقي‬ ‫ع��ن جنيب حمفوظ م��ن خ�لال البحث يف ملفاته يف وظائفه‬ ‫احلكومية التي تن َّقل فيها بني ث�لاث وزارات ه��ي‪ :‬الأوق��اف‪،‬‬ ‫والإر�شاد القومي‪ ،‬الثقافة‪ .‬وهذه الوثائق ت�شتمل على رحلة‬ ‫جنيب حمفوظ الوظيفية التي بد�أت يف العام ‪ 1934‬واختتمها‬ ‫يف العام ‪ ،1971‬حينما بلغ �سن ال�ستني و�أحيل للمعا�ش‪ .‬وقد‬ ‫ب��ذل ط��ارق الطاهر ج��ه��دًا يف ق���راءة ه��ذه الوثائق وتقدميها‬ ‫للقراء‪ ،‬م�ستهد ًفا ر�سم �صورة �أخرى لنجيب حمفوظ �صاحب‬ ‫العطاء الإبداعي املمتد لأكرث من ‪ 70‬عامًا‪ ،‬و�إن كنت �أرى �أن‬ ‫هذه الوثائق بقدر ما تعطي �صورة عن جنيب حمفوظ‪ ،‬فهي‬ ‫تر�سم �صورة �أق��وى لطبيعة املجتمع امل�صري �آن��ذاك‪ ،‬وتعرف‬ ‫�أبناء زماننا بنمط احلياة الوظيفية يف م�صر‪ ،‬وحتديدًا يف‬ ‫دواوين احلكومة امل�صرية‪ ،‬وتظهر العقلية التي كانت �سائدة‬ ‫فيها‪ ،‬ومما ميكن �أن ن�صل �إليه يف تقدير جنيب حمفوظ �أن‬ ‫نعرف كيف �أن هذا الرجل ا�ستطاع بكفاءة وقدرة �شبه معجزة‬ ‫�أن ينجح ب�شكل ال خالف عليه يف اجلمع بني �أمرين متناق�ضني‬ ‫ً‬ ‫من�ضبطا ملتزمًا‪ ،‬و�أن يكون �أديبًا‬ ‫بطبيعتهما؛ �أن يكون موظ ًفا‬ ‫مبدعًا �صاحب فكر وخيال وموقف من املجتمع الذي كان يعي�ش‬ ‫فيه‪ ،‬و�أنه ا�ستطاع �أن ي�ضع لكلتا ال�شخ�صيتني حدودها‪ ،‬فهو‬ ‫كموظف يعرف حدود امل�ستخدم يف احلكومة وواجباته‪ ،‬فيلزم‬ ‫نف�سه بها وين�ضبط عليها‪ ،‬وهو كفنان مبدع يعرف كيف ينطلق‬ ‫بخياله وقلمه لي�صنع عامله اخلا�ص يف ت���ؤدة وه��دوء وثقة‬ ‫دون �أن ي�شغل الآخرين �أو ي�سعى لتحقيق �شهرة �أو جنومية‪،‬‬ ‫بل كان يقدم العمل تلو العمل من جمموعته "هم�س اجلنون"‬ ‫�إىل رواياته التاريخية‪" :‬رادوبي�س" و"عبث الأقدار" و"كفاح‬ ‫طيبة" �إىل روايته الطبيعية "ال�سراب" �إىل رواياته الواقعية‬ ‫"القاهرة اجلديدة" و"بداية ونهاية" و"خان اخلليلي" و"زقاق‬ ‫املدق" �إىل "ال�ساجا" �أو ما نعرفه برواية الأجيال التي كتب‬ ‫فيها "بني الق�صرين" و"ق�صر ال�شوق" و"ال�سكرية" �إىل روايته‬ ‫الكونية "�أوالد حارتنا" �إىل رواي��ات��ه النف�سية التي ب��د�أت بـ‬ ‫"الل�ص والكالب" و"ال�شحاذ" و"ثرثرة فوق النيل" �إىل روايته‬ ‫امللحمية "احلرافي�ش" �إىل‪� ....‬إىل ‪ .....‬و�أود الت�أكيد على �أن‬

‫جنيب حمفوظ مل يكن كاتبًا ثوريًا‪ ،‬فالثورة الوحيدة التي �آمن‬ ‫بها كانت ثوررة ‪ ،1919‬كما �أنه مل يكن كاتبًا ي�ساريًا‪ ،‬ومل يدع‬ ‫ً‬ ‫من�ضبطا يخاف‬ ‫�أنه بطل اجتماعي‪ .‬كان جنيب حمفوظ موظ ًفا‬ ‫على رزق��ه‪ ،‬وك��ان ملتزمًا بطبيعة املوظف والوظيفة‪ .‬وكان‬ ‫�إن�سانيًا‪ ..‬كان �إن�سا ًنا م�صريًا عاديًا مي�شي يف الأزقة ويجل�س‬ ‫على املقاهي ال�شعبية ولي�س على "الكافيهات" ويلب�س املالب�س‬ ‫الب�سيطة �صي ًفا و�شتا ًء ويحيا حياة املاليني من ب�سطاء م�صر‬ ‫ال حياة ال�صفوة م��ن �أغنيائها‪ ،‬وككل م�صري طيب تعر�ض‬ ‫جنيب حمفوظ للن�صابني الذين ن�صبوا عليه‪ ،‬كما ذكر لنا �أن‬ ‫�أحد املقاولني الن�صابني �أخذ منه مبل ًغا ليبني له م�سك ًنا ف�ضاع‬ ‫املقاول و�ضاعت "الفلو�س"! والغريب �أن جنيب حمفوظ كان‬ ‫يحكي ذلك بابت�سامة م�ستاءة‪ .‬ويعلق �ساخ ًرا‪�" :‬أال يكفي هذا‬ ‫لأ�صاب بال�سكر!"‪.‬‬ ‫هكذا ك��ان جنيب حم��ف��وظ‪ .‬والآن لننظر يف بع�ض حفريات‬ ‫ط��ارق الطاهر يف �سجالت جنيب حمفوظ املمهورة بـ "خامت‬ ‫الن�سر"‪ .‬كانت �أول �شهادة ح�صل عليها جنيب حمفوظ هي‬ ‫ال�شهادة االبتدائية يف �سنة ‪ ،1925‬ثم �شهادة الدرا�سة الثانوية‬ ‫نظام الثالث �سنوات �سنة ‪ ،1928‬ثم �شهادة الثانوية نظام‬ ‫ال�سنوات اخلم�س �سنة ‪ ،1930‬ثم لي�سان�س الآداب من اجلامعة‬ ‫امل�صرية �سنة ‪ .1934‬ما يعني �أنه كان ينجح دائمًا ومل يتخلف‬ ‫�سنة واحدة‪� .‬أما بخ�صو�ص الوثائق التي وردت مثل‪" :‬طلب‬ ‫اال���س��ت��خ��دام للجامعة امل�صرية" و"نتيجة الك�شف الطبي"‬ ‫و"ك�شف ممتلكاته" و"�إقرارات يكتبها بعدم تقا�ضيه �أي مرتب‬ ‫�أو معا�ش من احلكومة يف ‪ "1934‬و"طلب �إجازة ملر�ض خفيف‬ ‫�أمل به" �أو "طلب �إج���ازة اعتيادية" �أو "�إجازة مر�ضية" �أو‬ ‫"�إجازة بعد وفاة والده"‪ ،‬ومثل هذه الوثائق الإداري��ة �أمر‬ ‫ع��ادي عند �أي موظف حكومي‪ ،‬ولكن ال��ذي لفت نظري يف‬ ‫هذه الوثائق هو اللغة الأدبية الراقية التي كان ي�س�ستخدمها‬ ‫جن��ي��ب حم��ف��وظ وه���و تعبري �أي ً‬ ‫�����ض��ا ع��ن ال��ط��ري��ق��ة ال��ت��ي كان‬ ‫ي�ستخدمها عامة النا�س من املوظفني يف طلب �أمر يخ�ص العمل‪،‬‬ ‫فهناك ال�سلم االجتماعي الذي يحر�ص اجلميع على احرتامه‪.‬‬ ‫فهناك من يخاطب بـ "�صاحب العزة" ومن يخاطب بـ "معايل‬ ‫الأ�ستاذ" ومن يخاطب بـ "فالن �أفندي"‪ .‬فلم يكن من املعتاد �أن‬

‫يخاطب �شخ�ص بغري �صفة يحملها‪� ،‬سواء كان موظ ًفا مبتد ًئا‬ ‫�أو مدي ًرا كبريًا‪ .‬ومن �أمثلة ذلك تلك الأوراق التي �ضمها هذا‬ ‫الكتاب و�أعجبتني‪ .‬يقول يف �إحداها‪" :‬ح�ضرة �صاحب العزة‬ ‫�سكرتري عام اجلامعة امل�صرية‪:‬‬ ‫�أت�شرف ب�أن �أرجو التف�ضل باحت�ساب املدة من يوم اخلمي�س‬ ‫‪ 30‬دي�سمرب ‪ 1927‬لغاية الأحد ‪ 2‬دي�سمرب ‪ 1938‬التي تغيبتها‬ ‫ب�سبب وفاة والدي من �إجازتي االعتيادية‪.‬‬ ‫وتف�ضلوا بقبول فائق االحرتام‪.‬‬ ‫جنيب حمفوظ عبدالعزيز‪.‬‬ ‫كاتب ب�إدارة امل�ستخدمني‪.‬‬ ‫‪1938 /1/3‬‬ ‫ويعلق امل�ؤلف ب�أنه من غري املعقول �أن يكون جنيب حمفوظ‬ ‫قد ح�صل ما يقرب من ال�سنوات الع�شر على �إج��ازة اعتيادية‬ ‫لرحيل والده! والغريب �أنه مل تالحظ �إدارة امل�ستخدمني هذا‬ ‫اخلط�أ الوارد يف طلب هذه الإجازة‪ ،‬وت�ستمر الورقة حمفوظة‬ ‫بخطئها مبلفه الوظيفي‪ .‬ويرر ذلك �أو يعلله ب�أنه التوتر الناجت‬ ‫عن حالة احلزن التي مر بها حمفوظ بعد وفاة والده‪ .‬و�أرى �أن‬ ‫هذه مالحظة جميلة‪ .‬ولكنني �أعيد قراءة اخلطاب و�أ�س�أل كيف‬ ‫�صاغ املوظف طلب الإج��ازة؛ ف�سكرتري عام اجلامعة يلقب بـ‬ ‫"ح�ضرة �صاحب العزة"‪ .‬ويف عر�ض املو�ضوع يقول "�أت�شرف‬ ‫ب�أن �أرجو التف�ضل باحت�ساب‪ ،"....‬فهو يت�شرف ويرجو رئي�سه‬ ‫�أن يتف�ضل باحت�ساب �أيام غابها لت�شييع والده �إىل مثواه الأخري‬ ‫من �إجازته االعتيادية‪ .‬وهذا ما �أراه من لغة خطاب ذلك الع�صر‪،‬‬ ‫ل�نرى كيف ك��ان النا�س يتعاملون‪ .‬ويقدم امل�ؤلف �صورة من‬ ‫�أوراق تعيني جنيب حمفوظ‪ ،‬وفيها �إ�شارة �إىل تاريخه ال�صحي‬ ‫عند التحاقه بالوظيفة‪ ،‬وهو ي�شري�إىل خلوه من الأمرا�ض‪،‬‬ ‫وكان ذلك �سنة ‪ ،1934‬ثم ي�شري امل�ؤلف �إىل �أن جنيب حمفوظ‬ ‫�أ�صابته احل�سا�سية والكبد بعد اكت�شاف �إ�صابته مبر�ض ال�سكر‪.‬‬ ‫ويت�ساءل‪ :‬فهل يكون تاريخه ال�صحي الذي قدمه عند التحاقه‬ ‫بالعمل م�شكو ًكا فيه لأن��ه �أ�صيب بعد ذل��ك وم��ع م��رور الزمن‬ ‫وكرور الأيام وما يتعر�ض له الإن�سان من منغ�صات وتوتر �أن‬ ‫تكون �إ�صابته بداء �أو مر�ض �أم ًرا غريبًا‪� .‬إنه من الطبيعي �أن‬ ‫الإن�سان كلما م�ضى به قطار العمر تغادره قوة ال�صحة ليحل‬

‫حملها وهن اجل�سم و�ضعفه وهذه من طبائع الأمور‪ .‬ويتحدث‬ ‫امل�ؤلف عن جنيب حمفوظ الذي ترجم وهو يف املرحلة الثانوية‬ ‫كتاب "م�صر القدمية" جليم�س بيكي‪ .‬ويقول جنيب �إنه فعل‬ ‫ذلك لتقوية نف�سه يف اللغة و�أنه عر�ض كتابه على �سالمة مو�سى‬ ‫لن�شره كمقاالت‪ ،‬ولكنه فوجئ يف �أحد الأي��ام ب�شخ�ص يطرق‬ ‫بابه وي�سلمه ن�سخة من الكتاب مطبوعة‪ ،‬فكان �سالمة مو�سى‬ ‫قد طبعه كهدية �إىل القراء بديلاً عن �شهرين تتوقف فيهما املجلة‬ ‫التي كان ي�صدرها‪ .‬وهكذا تدور الأحداث حتى نقف عند بع�ض‬ ‫الأزم��ات التي مرت بنجيب حمفوظ يف حياته الوظيفية ويف‬ ‫حياته الأدبية الإبداعية‪ ،‬فكانت املرة الأوىل حينما كان رقيبًا‬ ‫على امل�صنفات الفنية‪ ،‬وع ُِر َ‬ ‫�ض عليه فيلم عن اليابان ي�سيئ �إىل‬ ‫اليابان‪ ،‬فاعرت�ض عليه جنيب حمفوظ من زاوي��ة �أن العالقة‬ ‫بني اليابان وم�صر كانت جيدة‪ ،‬و�أن اليابان �ساندت م�صر‬ ‫يف كفاحها �ضد االع��ت��داء عليها‪ ،‬ولكن ك��ان للبع�ض رغبة يف‬ ‫عر�ض هذا الفيلم وكانت فكرة االرتكان على �أحد �أركان النظام‬ ‫احلاكم يف م�صر تعطي ل�صاحبها قوة ال�سلطة‪ ،‬فعُر�ض الفيلم‬ ‫برغم رف�ض جنيب حمفوظ‪ ،‬ويف �أول يوم لعر�ضه توجه �سفري‬ ‫ً‬ ‫معرت�ضا‪ ،‬ف�أمر عبدالنا�صر بوقف‬ ‫اليابان جلمال عبدالنا�صر‬ ‫عر�ض الفيلم الذي �أ�ساء �إىل اليابان‪.‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.