3296 AlmashriqNews

Page 9

‫‪4‬‬

‫االثنني املوافق ‪ 7‬من �أيلول ‪ 2015‬العدد ‪ 3296‬ـ ال�سنة الثانية ع�شرة‬

‫| دفاتر |‬

‫‪Monday ,7 September 2015 No. 3296 Year 12‬‬

‫فاروق الشرع في مذكراته (الرواية المفقودة) ‪ ..‬الثوابت والمتغيرات‬

‫ك��ان ال���س��وري��ون غ��ارق�ين يف جل��ة م��ن الإحباط‬ ‫وال�شك يف �أعقاب زيارةال�سادات للقد�س وتوقيع‬ ‫اتفاقات كامب ديفيد وف�شل امليثاق القومي بني‬ ‫��س��وري��ةوال�ع��راق ف�ج��اء التوقيع على املعاهدة‬ ‫امل�صرية ‪ -‬الإ�سرائيلية يف �آذار‪ /‬مار�س ‪1979‬‬ ‫ليقطع ال�شك باليقني ويغرق �آخر �أمل با�ستعادة‬ ‫الت�ضامن العربي‪ .‬ي��درك ال�سوريون بحد�سهم‬ ‫ال �ت��اري �خ��ي �أن ال �ع�لاق��ة ب�ين ال��ع��راق و�سورية‬ ‫كانت�شبه «حمرمة» لي�س من عهد اال�ستقالل فح�سب‬ ‫ب��ل م��ن عهد االن �ت��داب�ين ال�بري�ط��اين والفرن�سي‬ ‫اللذين تقا�سما الرتكة العثمانية وف ًقا مل�صاحلهما‬ ‫بطبيعة احلال ولي�س وف ًقا للم�صالح العربية‪ .‬وال‬ ‫أي�ضا �أن هناك � ً‬ ‫يجهل ال�سوريون � ً‬ ‫أو�ساطا مهمة‬ ‫يف ال�ساحة العربية ال تروق لها �أن ترى عالقات‬ ‫خ�صو�صا ب�ين العراق‬ ‫عربية ‪ -‬عربية وثيقة‬ ‫ً‬ ‫و��س��وري��ة‪ .‬كما يجب �أن ن��أخ��ذ يف احل�سبان �أن‬ ‫لهذه الأو�ساط ال�سيا�سية�صالت وامتدادات � ً‬ ‫أي�ضا‬ ‫ل��دى بع�ض ال�شخ�صيات وال�ق��وى املحلية التي‬ ‫�أ�صبحت بدورها ترى �أن العالقة الزائدة عن احلد‬ ‫بني �سورية والعراق تهمة يجب جتنبها‪،‬و�إال فقد‬ ‫تو�صل �صاحبها �إىل عواقب وخيمة‪ ،‬ورمبا ت�ضعه‬ ‫خلف الق�ضبان يف ال�سجون ال�سورية �أو العراقية‬ ‫من دون حماكمة‪ .‬تعرفت على ال�سفري العراقي‬ ‫يف روم��ا وذل��ك بعد توقيع امليثاق القومي بني‬ ‫�سورية والعراق الذي �سمح باللقاء مع العراقيني‪،‬‬ ‫و�أخربين �أنه كان �أ�ستاذ جامعة يف بغداد قبل �أن‬ ‫يعني �سفريًا‪� .‬أبلغني فج�أة �أنه ا�ستدعي على عجل‬ ‫�إىل بغداد و�أنه قد ع ّز عليه �أن ي�سافر من دون �أن‬ ‫يودعني‪ .‬وعندما �أحلحت عليه من �أج��ل معرفة‬ ‫�سبب اال�ستدعاء املفاجئ قال يل‪ :‬قد �أُ نَّ‬ ‫عي وزي ًرا‬ ‫�أو قد ي�أخذونني �إىل ال�سجن‪ .‬ظننته ميزح على‬ ‫طريقته العراقية ولكنه مل يعد �إىل �سفارته يف‬ ‫روماكما مل يكن ا�سمه يف قائمة ال ��وزراء التي‬ ‫�أعلن عنها بعد �سفره �إىل بغداد �صيف ‪1979‬لعل‬ ‫من املحزن �أن يبدو ثمن توقيع امليثاق القومي بني‬ ‫�سورية والعراق هو زيارة ال�سادات للقد�س ‪،1977‬‬ ‫و�أن يكون ما ك�سبته الق�ضية الفل�سطينيةبنجاح‬ ‫ال�ث��ورة يف �إي��ران ع��ام ‪ 1979‬يعادل ما خ�سرته‬ ‫ب�خ��روج م�صر ع��ن التزاماتهاالقومية مبوجب‬ ‫املعاهدة امل�صرية ‪ -‬الإ�سرائيلية يف العام نف�سه‪.‬‬ ‫فال �شيء يح�صل جما ًنا يف ال�شرق الأو�سط‪ ،‬لكن‬ ‫الزعيم امل�غ��رور يف ه��ذه املنطقة العربية ميكن‬ ‫�أن يدفع الثمن مرتني ويتوهم �أن��ه هو الرابح‪.‬‬ ‫لقد �أفقد توقيع املعاهدة امل�صرية ‪ -‬الإ�سرائيلية‬ ‫مع ه��ذا االحتفال ال�ضخم يف وا�شنطن برعاية‬

‫�أو�ساط عربية عديدة ال تروق لها العالقة الوثيقة‬ ‫بني العراق و�سورية‪..‬‬ ‫ت�سنم �صدام احلكم ف�أعلن ب�شكل مفاجئ �أن العراق‬ ‫تع ّر�ض مل�ؤامرة م�صدرها �سورية‪..‬‬ ‫الرئي�س الأمريكي جيمي كارتر كل �أمل مهما كان‬ ‫ً‬ ‫�ضئيل لدى الرئي�س حافظ الأ�سد يف عودة م�صر‬ ‫عن قرارها باخل�ضوع لرغبات الإ�سرائيليني‪ .‬كان‬ ‫الرئي�س الأ�سد ي�ؤمن يف �أعماقه حتى �آخر حلظة‬ ‫�أن زيارة ال�سادات للقد�س ميكن �أن تكون رمزية‬ ‫لي�س �إال‪� ،‬أما الت�صديق على املعاهدة بني الدولة‬ ‫امل�صرية ودول��ة �إ�سرائيل فال ميكن تف�سريها �إال‬ ‫بعهد قطعته م�صر على نف�سها يتطلب التخلي‬ ‫النهائي عن ال�صراع مع �إ�سرائيل لأجيال قادمة‪،‬‬

‫وتكون نبوءة هرني كي�سنجر قد حتققت ال حرب‬ ‫من دون م�صر‪ ،‬وال �سالم من دون �سورية‪ .‬وهذا‬ ‫يعني من وجهة نظر كي�سنجر عدم حتقيق ال�سالم‬ ‫يف هذه احلالة وفق قرارات ال�شرعية الدولية‪ .‬لكن‬ ‫التعامل مع التطور القادم املتمثل بعودة الإمام‬ ‫املنفي �آية الله اخلميني من �ضواحي باري�س يف‬ ‫مطلع عام ‪ 1979‬مظف ًرا �إىل �إيران �أنع�ش الآمال‬ ‫لدى حافظ الأ�سد‪ ،‬بينما كان و�ضع �صدام ح�سني‬ ‫يف موقف �صعب لأن ال�سلطة العراقية مل تراهن‬

‫على هذه الثورة الإيرانية يف الأ�سا�س‪ ،‬و�إال ملا‬ ‫�أبعدت اخلميني خارج العراق قبل حدوثها بعدة‬ ‫�أ�شهر فقط‪ .‬و�إذا كان الرئي�س الأ�سد يعترب عدو‬ ‫عدوه هو �صديقه اجلديد �إيران‪ ،‬ف� ّإن �صدام ح�سني‬ ‫ال�صديق املنتظر للأ�سد ك��ان يح�س يف �صيف‬ ‫ب�غ��داد ‪ 1979‬ال��ذي تتجاوز ح��رارت��ه اخلم�سني‬ ‫فكي كما�شة ث��ورة اخلميني على ميينه‬ ‫�أن��ه بني ْ‬ ‫والأ�سد على ي�ساره‪ .‬لقد ظن الرئي�س ال�سوري‬ ‫حافظ الأ�سد ‪ -‬خالل زيارته لبغداد �صيف ‪1979‬‬

‫ عندما �سمع �شكوى الرئي�س ال�ع��راق��ي �أحمد‬‫ح�سن البكر من املناو�شات الإيرانية على احلدود‪،‬‬ ‫�أنه ي�ستطيع �أن يقوم بدور الو�سيط بني العراق‬ ‫و�إي� ��ران‪ .‬لإن ه��ذا ال ��دور الو�سيط ال ي�ستطيع‬ ‫�أح��د غريه يف العامل �أن يقوم به بر�ضى ر�سمي‬ ‫من الطرفني يف ه��ذه اللحظة ب��ال��ذات‪ .‬ف�سورية‬ ‫ترتبط مع العراق مبيثاق عمل قومي ال مثيل له‪،‬‬ ‫وترتبط مع الثورة الإيرانية بتفاهم غري م�سبوق‬ ‫يف العالقات معها‪ .‬لكن الرئي�س الأ�سد عاد �إىل‬ ‫دم�شق خائب الرجاء‪ ،‬يحمل انطباعً ا ب��أن هناك‬ ‫جمموعة يف القيادة العراقية ال تكن املودة للثورة‬ ‫الإيرانية الوليدة‪ ،‬فوجد �آثار مذبحة مروعة يف‬ ‫مدر�سة املدفعية بحلب ذه��ب �ضحيتها ع�شرات‬ ‫الطلبةالع�سكريني‪ .‬وجاءه بعد عدة �أيام مبعوث‬ ‫للرئي�س البكر يحمل ر�سالة يبلغه فيها �أنه يرغب‬ ‫يف اال�ستقالة لأ�سباب �صحية و�أن نائبه �صدام‬ ‫ح�سني �سيخلفه و�أن اخل�ل��ف خ�ير م��ن ال�سلف‪،‬‬ ‫وخ�صو�صا �أن امليثاق القومي مع �سورية �سيكون‬ ‫ً‬ ‫يف عهدته فال تقلق يا �أخ��ي الرئي�س حافظ على‬ ‫العالقة بني �سورية وال�ع��راق‪ .‬وج��اءت الر�سالة‬ ‫بتوقيع �أحمد ح�سن البكر‪ .‬مل يكمل ع��ام ‪1979‬‬ ‫دورت��ه �إال و�صدام ح�سني �أ�صبح رئي�سً ا للعراق‬

‫تاريخ الفن المصري في دفاتر فاتن حمامة‪:‬‬

‫الحلقة‬ ‫الرابعة‬

‫وامليثاق القومي مل يحقق �أيًا من �أهدافه؛ �إذ �أعلنت‬ ‫بغداد فج�أة وم��ن دون �أي مقدمات عن م�ؤامرة‬ ‫على النظام العراقي‪ .‬وخالل �أيام جرى الإعالن‬ ‫�أن النظام يف �سورية يقف وراء امل�ؤامرة‪ .‬جزع‬ ‫الرئي�س الأ�سد من �سيل الأخبار املتدفق فحاول‬ ‫تهدئته ب�إر�سال وزير اخلارجية عبد احلليم خدام‬ ‫ورئ�ي����س الأرك� ��ان حكمت ال�شهابي �إىل بغداد‪،‬‬ ‫و�أب��دى ا�ستعداد �سورية لت�شكيل جلنة �سورية‬ ‫ عراقية �أو عربية للتحقيق يف االتهامات وذلك‬‫كما يختار العراق‪ .‬ولكن ال�سيف امل�سموم �سبق‬ ‫العذل �إذ جرت حماكمة �سريعة لكبار «املت�آمرين«‬ ‫»االفرتا�ضيني»‪ ،‬و�أعدم �أكرث من ع�شرين رفي ًقا كان‬ ‫من بينهم الرفيق الأقرب اىل �صدام ح�سني عدنان‬ ‫ح�سني احلمداين ع�ضو القيادة الذي كان قد حمل‬ ‫الر�سالة الأخرية من البكر �إىل الأ�سد‪ .‬وقد قال يل‬ ‫الرئي�س الأ�سد �إنه مل ي�ستطع �أن يفهم �إعدام �صدام‬ ‫ح�سني لهذا الرجل الذي كاد �أن يقنعه خالل لقائه‬ ‫معه �أن �صدام �أف�ضل بكثري من البكر و�أن ت�صميمه‬ ‫على توحيد احلزب والقطرين ال�شقيقني قوي ال‬ ‫حدود له‪.‬‬ ‫يتبع‬

‫الحلقة‬ ‫الخامسة عشرة‬

‫خرجت من بيت زوجي عز زعالنة وبقيت الليل كله �أنتظر مكاملته لأعود �إليه‬ ‫عندما ع��اد ع��ز ال��دي��ن ذو ال�ف�ق��ار يف ال�ساعات‬ ‫الأوىل من فجر اليوم التايل فوجئ بالنور مطف�أ‪،‬‬ ‫والبيت خاليا‪ ،‬لقد عاد �إىل املنزل ليجده غارقا يف‬ ‫الظالم وبحث طويال يف احلجرات عن خطاب �أو‬ ‫�شيء يدله على مكاين �أو يف�سر له �سبب خروجي‬ ‫دون �إخطار بذلك بال جدوى‪ ،‬ورفع عز ال�سماعة‬ ‫الداخلية وات�صل باجلراج ي�س�أل عن ال�سيارة فقال‬ ‫له الأخري‪� ،‬إنها غري موجودة‪ ،‬فجن جنونه فنزل‬ ‫�إليه مبالب�سه الداخلية وراح ميطره بالأ�سئلة‬ ‫ك�أنه وكيل نيابة يبا�شر حتقيق يف ق�ضية غام�ضة‬ ‫علي العامل املوقف بعد ذلك)‪ ،‬وقال له‬ ‫(هكذا ق�ص ّ‬ ‫امل�س�ؤول عن اجلراج‪ :‬لقد ركبت ال�ست ال�سيارة‬ ‫يف ال�صباح وخرجت مع نادية‪.‬‬ ‫وق���ال ع��ز ب�ل�ه�ف��ة وق �ل��ق‪« :‬وه���ل ج ��اء ال�سائق‬ ‫قبلها؟»‪.‬‬ ‫ف�أجابه‪« :‬ال‪ ،‬لقد قادت هي ال�سيارة»‪.‬‬ ‫وعا�ش عز على �أع�صابه الليل بكامله‪ ،‬وعلى الرغم‬ ‫من هذا مل ي�ش�أ �أن يدير قر�ص التليفون ليت�صل‬ ‫ب�أ�سرتي ي�س�أل عني‪ ،‬فقد كان رحمه الله «عنيدًا‬ ‫جدًا» معت ًزا بنف�سه �إىل درجة مثرية‪ ،‬و�أم�ضيت‬ ‫ليلة م�ؤرقة �أنا الأخرى �إىل جوار التليفون �أنظر‬ ‫�إىل تلك العلبة ال�صغرية ال�سوداء‪ ،‬و�أن��ا �أمتنى‬ ‫يف �أعماقي �أن ترن فقد �شعرت بالندم لت�صريف‬ ‫وب��ت يف �أع�م��اق��ي �أمت �ن��ى �أن يخطو ع��ز الدين‬ ‫خطوة يف �سبيل �إنقاذ املوقف ويفتح يل بالتايل‬ ‫باب الرتاجع‪ ،‬ولكن التليفون ظل على �صمته ك�أنه‬ ‫مات �أو قطعت عنه احلرارة لعدم �سداد الق�سط‪،‬‬ ‫مما جعلني بد�أت بال�شك يف �أن التليفون معطل‪،‬‬ ‫فكنت �أرفع ال�سماعة بني وقت و�آخر لأت�أكد من �أنه‬ ‫�سليم ثم �أعيدها مكانها بغيظ �شديد‪.‬‬ ‫ويف ال�ساعة الثالثة �صباحا رن التليفون فج�أة‪،‬‬ ‫وبلهفة املراهقة التي واعدت �صديقها على موعد‬ ‫معني رف�ع��ت ال�سماعة‪ ،‬ورح ��ت �أ� �ص��رخ قائلة‪:‬‬ ‫�أل ��و‪� ..‬أل���و!!!‪ ،‬وظلت �صرخاتي ب�لا رد‪ ،‬وخيّل‬ ‫�إ ّ‬ ‫يل �أنني ا�ستمعت فقط �إىل تنهيده عميقة �أنهى‬ ‫بعدها املتحدث املجهول املكاملة‪ ،‬و�صور يل ت�أخر‬ ‫الوقت وقلق زوجي وقد جل�س ي�شرب الوي�سكي‬ ‫ب�إفراط كعادته يف حاالت ال�ضيق‪ .‬وكيف �أنه �أراد‬ ‫علي فات�صل بي وا�ستمع �إىل �صوتي‬ ‫�أن يطمئن ّ‬ ‫واطم�أن ف�أغلق ال�سماعة‪ ،‬وبد�أت �أ�شعر باالرتياح‪،‬‬

‫وال��دي �أخربين‪ :‬قد تكونني جنم��ة يف نظر النا�س‬ ‫لزوجك �ست بيت وزوجة و�أم‪..‬‬ ‫�إال �أنك بالن�سبة‬ ‫ِ‬ ‫بي‪..‬‬ ‫عز الدين عنيد جد ًا وعزيز النف�س لذا مل يت�صل ّ‬ ‫فالإن�سان كثريا ما يحلو له �أن ين�سج الطم�أنينة‬ ‫م��ن خيوط واه�ي��ة‪ .‬وف �ج ��أة‪ ،‬رن اجل��ر���س ثانية‬ ‫وم��ددت ي��دي �إىل ال�سماعة ف ��إذا ب�صوت �أج�ش‬ ‫يقول بلهجة �آمرة‪« :‬فني املعلم �شلبي؟»‪.‬‬ ‫و�أجبت بغيظ‪« :‬ال‪ ،‬النمرة غلط»‪.‬‬ ‫وعدت �إىل القلق ثانية فقد بددت املكاملة اجلديدة‬ ‫�أطياف الطم�أنينة كلها وقلت لنف�سي لعل املكاملة‬

‫الأوىل �أي� ً���ض��ا ك��ان��ت للمعلم �شلبي‪ ،‬فلما �سمع‬ ‫امل�ت�ح��دث �صوتا �أن�ث��وي��ا �أغ�ل��ق ال�سكة‪ ،‬وب��د�أت‬ ‫�أحا�سب نف�سي على لهفتي مت�سائلة‪َ « :‬مل �أريده �أن‬ ‫يت�صل بي و�أنا التي تركت املنزل باختياري؟!»‪.‬‬ ‫وج ��اءين اجل ��واب م��ن �أع �م��اق��ي‪�« :‬إن ��ه الغرور‪،‬‬ ‫نعم غ��رور امل��ر�أة حتى عندما تزهد يف الرجل»‪،‬‬ ‫وك��ان هناك �سبب �آخ��ر هو �شعوري بالندم‪ .‬لقد‬

‫عاتبني والدي عندما رجعت �إىل منزله ورويت له‬ ‫باخت�صار ق�صة اخلالف فقال يل بهدوء القا�ضي‬ ‫ال��ذي ا�ستمع �إىل وق��ائ��ع ال��دع��وى ب�تري��ث‪« :‬قد‬ ‫يكون احلق معك‪ ،‬ولكن خروجك بال �إذن يدينك‬ ‫يف املوقف كله و�أن��ت قد تكونني جنمة يف نظر‬ ‫النا�س �إال �أنك بالن�سبة لزوجك �ست بيت وزوجة‬ ‫و�أم»‪ .‬و�سكت وال��دي ث��م �أ��ض��اف وه��و يرتكني‬

‫لي�صلي الع�شاء‪« :‬ال �أ�ستطيع �أن �أقول لكي ارجعي‬ ‫لأنك يف بيتي‪ ،‬ولكني �أف�ضل �أن تراجعي نف�سك‬ ‫فعلت»‪.‬‬ ‫يف ما ِ‬ ‫ولهذا كله متنيت �أن يت�صل بي عز ليلتها فقد كنت‬ ‫�أري��د جمرد كلمة عتاب تفتح يل باب الرتاجع‪..‬‬ ‫علي وعلى نف�سه‬ ‫«�آه‪ ،‬ليته فعل ذل��ك» الخت�صر ّ‬ ‫الكثري مما حدث بعدها‪ ،‬ودخلت حجرة �شقيقتي‬ ‫«ليلى»‪ ،‬احلجرة التي تخلت عنها يل والبنتي‬ ‫وذهبت لتنام �إىل ج��وار �أم��ي‪ ،‬دخلت وكلي �أمل‬ ‫يف �أن �أجد نادية م�ستيقظة �أو ليلى �إىل جوارها‪،‬‬ ‫فقد كنت متلهفة �إىل احلديث‪ ،‬لهفة ال�سجني �إىل‬ ‫التحدث يف يوم الزيارة‪ ،‬لقد كنت �أريد �أن �أفتح‬ ‫قلبي لأي �إن�سان‪ ،‬ولكنني وجدت نادية وحيدة‬ ‫وقد ا�ست�سلمت للنوم برباءة وبهدوء‪ ،‬و�صعدت‬ ‫ذراعي‬ ‫�إىل جوارها يف ال�سرير واحت�ضنتها بني‬ ‫ّ‬ ‫بحنان ورفق‪ ،‬وعندما ا�ستيقظت يف ال�صباح كانت‬ ‫هناك دموع كثرية تتخلل �شعر نادية احلريري‪،‬‬

‫ودخل �شقيقي «منري» �إىل حجرتي ليحييني‪ ،‬فقد‬ ‫ك��ان غائبا ط��وال الليل يف مهمة خا�صة بعمله‪،‬‬ ‫و�ضمني منري �إىل �صدره ثم قبّلني وهو يقول‪:‬‬ ‫«�أه ًال تونة‪ ،‬هو عز م�سافر اّ‬ ‫وال �إيه؟»‪.‬‬ ‫و�أجبت بهدوء‪« :‬ال‪� ،‬أبدًا»‪.‬‬ ‫ف�س�ألني منري‪�« :‬أُمّال �إيه اللي جابك؟»‪.‬‬ ‫كان �س�ؤاله كما يبدو عاديا والواقع �أنه كان يخفي‬ ‫بني كلماته ا�ستياء لت�صريف فقلت له‪�« :‬أبدًا جيت‬ ‫�أزوركم يا منري‪ ،‬هي الزيارة عيب؟»‪.‬‬ ‫فنظر يف عيني ط��وي�لا‪ ،‬ث��م ق��ال بخبث �ضابط‬ ‫ال �ب��ول �ي ����س‪�« :‬إذا ك��ان��ت زي � ��ارة �أه�ل��ا و�سهال‬ ‫لكن‪.»..‬وقبل �أن يكمل جملته قلت له مقاطعة و�أنا‬ ‫�أناوله مفاتيح ال�سيارة‪« :‬والنبي يا منري تو�صل‬ ‫نادية املدر�سة �أح�سن �أنا تعبانة»‪.‬‬ ‫يتبع‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.