في مديح القديس بولس للقديس يوحنا الذهبي الفم العظة1.7

Page 1

‫في مديح القديس بولس‬

‫لمقديس يوحنا ذىبي الفم‬

‫مقدمح المتزجم‪ :‬تين القديس يىحنا الذهثي الفم والزسىل تىلس‬

‫مالحظح‪ :‬هذه التزجمح من أعمال الكنيسح القثطيح‬ ‫القمص تادرس يعقىب ملطي‬


‫صداقح فزيدج‬ ‫يمتقي القديسان بولس الرسول والبطريرك يوحنا الذىبي الفم في ٍ‬ ‫أمور كثيرة‪،‬‬ ‫بل نقول ارتبطت روحاىما بصداقة حميمة‪ .‬قيل إن ضيفًا جاء لمقابمة‬ ‫القديس الذىبي الفم فأراد تمميذه أن يخبره عن حضور الضيف لكنو وجده‬

‫ٍ‬ ‫شخص ٍ‬ ‫جدا‪ .‬حاول عدة مرات الدخول إلى‬ ‫منيم ًكا في الحديث مع‬ ‫وقور ً‬ ‫أخير اعتذر الضيف وترك البطريركية‪ .‬ولما سأل‬ ‫حجرتو فمم يستطع‪ً .‬ا‬

‫القديس يوحنا الذىبي الفم تمميذه عن الضيف قال لو إنو جاء ولم يستطع‬

‫جدا في حديثو مع‬ ‫الدخول‪ ،‬كما لم يستطع أن يخبره عنو‪ ،‬ألنو كان منيم ًكا ً‬ ‫ٍ‬ ‫شخص ٍ‬ ‫وقور‪ .‬تعجب البطريرك إذ لم يكن معو أحد‪ ،‬واذ أصر التمميذ انو‬ ‫وقور يتحدث معو جاء إليو بعدة أيقونات‪ ،‬فأشار إلى أيقونة‬ ‫شخصا ًا‬ ‫رأى‬ ‫ً‬ ‫القديس بولس‪ ،‬قاائً‪" :‬ىذا ىو الرجل!" فعرف القديس يوحنا ان الرسول‬

‫حاضر وىو يدرس ويتأمل في رساال القديس بولس في حجرتو‬ ‫ًا‬ ‫بولس كان‬ ‫الخاصة!‬ ‫ألقى القديس يوحنا الذىبي الفم سبع عظات عن القديس بولس حيث نظر‬ ‫إليو كقديس لم يفُقو أحد قط في العيدين‪ ،‬قارن بينو وبين رجال العيد القديم‬ ‫من ىابيل حتى يوحنا المعمدان ليظير انو فاق الجميع ‪.‬‬ ‫في مديح القديس بولس‬

‫لمقديس يوحنا ذىبي الفم‬ ‫العظح األولى‬


‫تىلس صاحة كمال الثزكاخ كلها‬ ‫جمع الرسول بولس في شخصو كل الكماالت‪ ،‬فقد كان‬ ‫أعظم من ىابيل ونوح وابراىيم واسحق ويعقوب ويوسف‬ ‫وأيوب وموسى وداود وايميا ويوحنا المعمدان والمئاكة‪.‬‬ ‫نقاوة القمب وأنيار الروح‬ ‫[يقدم لنا القديس يوحنا شخص الرسول بولس المجاىد بالنعمة اإلليية‬ ‫لكي يحيا في نقاوة قمب‪ ،‬فتفيض فيو أنيار مياه الروح التي تحول القفر‬

‫ٍ‬ ‫فردوس روحي مفرح‪].‬‬ ‫إلى‬

‫بحق يمكن لإلنسان أن يصف نفس القديس بولس بكونيا حاممة بذار‬

‫ٍق‬ ‫بنمم ‪ ،‬كما كان‬ ‫روحيا‪ .‬فقد ررررت في داامو الننمم‬ ‫وفردوسا‬ ‫الفضيمة‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مختار‬ ‫ًا‬ ‫إناء‬ ‫دااما يييئ أعماقو لتنمو النعمة فييا وتزدىر‪ .‬وحين صار ً‬ ‫ً‬ ‫دأب عمى تنقية نفسو فاستحق أن ينسكب عميو الروح القدس بفيض‪ .‬ىكذا‬

‫صار لنا مصدر ٍ‬ ‫أنيار كثيرة وعجيبة‪ ،‬ليست فقط األنيار األربعة التي‬ ‫يوم لكل و ٍ‬ ‫نبعت في الفردوس‪ ،‬وانما أنيار أخرى كثيرة تجرى كل ٍ‬ ‫احد منا‬ ‫لتروى ليس فقط األرض‪ ،‬بل نفوس البشر فتجعميا تنبت الفضاال‪.‬‬ ‫كمال كل البركات‬


‫أية كممات يمكن أن تفي وصف صئح ىذا اإلنسان حقو؟‬ ‫أو أي لسان يستطيع أن يتغنى بمدااحو؟‬ ‫مديحا في اإلنسان حين تتمتع نفسو بكل الفضاال‬ ‫كيف نستطيع أن ننظم‬ ‫ً‬ ‫أيضا؟ لكن ال‬ ‫البشرية‪ ،‬بل أقول ما ىو أكثر من ىذا بالفضاال المئاكية ً‬

‫يمكننا أن نصمت أمام ىذا (العجز)‪ ،‬بل يمزمنا أن نتكمم‪ .‬ألن ىذا ىو‬

‫أعظم أعمال المديح‪ ،‬حين تفوق األعمال البارعة محاولتنا لوصفيا ميما‬ ‫مرضيا باألكثر من تسجيل أي‬ ‫كانت بئغتنا‪ .‬واذ تفشل جيودنا نجد ذلك‬ ‫ً‬ ‫عدد من األعمال الناجحة‪.‬‬ ‫إ ًذا أين نبدأ في مديحنا؟ أليس من ىذه النقطة‪ ،‬وىى أن بولس صاحب‬

‫جميا في األنبياء أو البطاركة أو‬ ‫كمال كل البركات‪ .‬أي امتياز نراه ً‬ ‫الصالحين أو الرسل أو الشيداء نجده أكثر غ ازرة في بولس بطريقة فااقة‪.‬‬ ‫بين ذبيحم بولس الرسول وذبيحم ىابيل‬ ‫الحظ ىذا‪ .‬تقول‪ :‬إن ىابيل قدم ذبيحة مقبولة (تك‬

‫‪ ،)4:4‬بيذا كان‬

‫متميز‪ .‬لكن إن اختبرنا ذبيحة بولس نجدىا تفوق تمك التي ليابيل كما‬ ‫ًا‬ ‫تعمو السموات عن األرض‪ .‬تسأل ماذا أعني؟ ببساطة قدم بولس ذا و‬

‫ذبيحم يوميم كاممم ‪ ،‬وكانت تقدمتو مضاعفة‪:‬‬


‫أوالً‪ :‬كان يموت كل ٍق‬ ‫يوم (‪ 1‬كو‪.) 31:15‬‬ ‫(‪ 2‬كو ‪ ،)10:4‬إذ‬

‫ثانيا‪ :‬كان يحمل في جسده إما م يسوع رمى الدوام‬ ‫ً‬ ‫اغبا في االستشياد‪ ،‬بإماتة جسده صار‬ ‫دااما يواجو‬ ‫أخطارا‪ ،‬وكان ر ً‬ ‫ً‬ ‫كان ً‬

‫بالفعل تقدمة ذبيحية‪ ،‬بل وبالحق أكثر من ذبيحة! ألنو لم يقدم ذبيحة ٍ‬ ‫غنم‬ ‫ٍ‬ ‫ماشية‪ ،‬بل تقدمة جسده ودمو كذبيحة يومية مضاعفة‪ .‬ليذا تجاسر‬ ‫أو‬

‫داعيا دمو تقدمة‪.‬‬ ‫فقال‪" :‬أنا اآلن اُسكب في ذبيحة" (‪ 2‬تي‪ً ،)6:4‬‬ ‫بانا‬ ‫لم تكفو ىذه التقدمات‪ ،‬فبعد أن قدم نفسو بالكامل قر ً‬

‫أراد قديم النالم‬

‫كمو قربا ًنا ‪ :‬األرض والبحر‪ ،‬اليونانيين والبرابرة‪ ،‬كل أرض تطوقيا السماء‪،‬‬ ‫ىذه األرض التي وطأتيا قدماه‪ ،‬كأنو كاان ذو جناحين وليس مجرد‬

‫رحالة! لقد نزع أشواك الخطية التي في الطريق‪ ،‬وزرع كممة الدين في كل‬ ‫مكان‪ .‬انتزع الخطأ‪ ،‬وأعاد الحق‪ .‬جعل البشر مئاكة بل باألكثر‬ ‫مزمعا أن يمقى وراءه‬ ‫البشر من شياطين إلى مالئكم ]‪ .[1‬واذ كان‬ ‫ً‬ ‫الصعاب والحرب التي الُ تطاق قال لتئميذه معزًيا‪" :‬لكنني وان كنت‬

‫غير‬ ‫َّ‬

‫أنسكب أيضا عمى ذبيحة إيمانكم وخدمتو أُسر وأفرح معكم أجمعين‪ ،‬وبيذا‬

‫أيضا وافرحوا معي" (في ‪.)18 ،17:2‬‬ ‫عينو كونوا أنتم مسرورين ً‬ ‫مقدما إياىا قربا ًنا‬ ‫أيم ذبيحم إ ًذا نادل ىذه الذبيحم ال ي قدميا بولس‪،‬‬ ‫ً‬ ‫مذبح ٍق‬ ‫رال فوم السماوات؟!‬ ‫بسيف الروح‪ ،‬و قدمم رمى‬ ‫ٍق‬


‫تقول إن ىابيل قد طُرح إلى أسفل وُذبح بيد أخيو الغادرة (تك‬

‫‪ ،)8:4‬ىذا‬

‫قد ضاعف من عظمتو‪ .‬لكنني أحصى (لبولس) ميتات ال تُعد‪ ،‬وموتًا في‬ ‫كل يوم‪ ،‬أعممنا بيا بولس‪.‬‬ ‫شياا عن الذبيحة التي تبمغ أقصى الحدود تجد ىابيل‬ ‫إن أردت أن تعمم ً‬ ‫الذي ُذبح بيد أخيو بئ سبب ولم ِ‬ ‫يجن قايين أية منفعة من ذلك؛ وبولس‬

‫ار من كل ٍ‬ ‫شر‪ ،‬والذين من أجميم احتمل كل‬ ‫أيضا قُتل بيد من أنقذىم مرًا‬ ‫أنواع العذاب‪.‬‬ ‫فمك بولس وفمك نوح‬ ‫[يرى القديس يوحنا الذىبي الفم في الرسول بولس كقائد لفمك يطوف‬

‫النالم كمو لكي يحمل البشريم ال إلى جبل أ ارراط بل إلى السماء‪ .‬لقد ف ح‬

‫فيحول الداامين من الطبينم‬ ‫نوح أبواب الفمك لمحيوانات‪ ،‬أما فُمك بولس ُ‬ ‫الحيوانيم إلى الطبينم المالئكيم‪].‬‬ ‫بار وكامئً في جيمو (تك‬ ‫إنسانا ًا‬ ‫تقول كان نوح‬ ‫ً‬ ‫يدا‪.‬‬ ‫جنس البشر‪ ،‬لكن بولس كان بالحق فر ً‬

‫يدا بين‬ ‫‪ ،)9-8:6‬وفر ً‬

‫أنقذ نوح نفسو وبنيو فقط‪ ،‬أما بولس فمم ينقذ أثنين أو ثئثة أو خمسة من‬ ‫طوفانا‪ ،‬بل أنقذ العالم كمو من تحطيم السفينة‬ ‫ذويو حين اجتاح األرض‬ ‫ً‬ ‫المحدق‪ ،‬وذلك ليس بوضع ألوا ٍح خشبية جنبا إلى جنب لصنع ٍ‬ ‫فمك‪ ،‬وانما‬ ‫ً‬


‫بالعمل عمى ألوا ٍح (قمبية) عوض ألواح الخشب‪ .‬لم يكن فمكو محموالً إلى‬ ‫موضع و ٍق‬ ‫احد‪ ،‬بل مم ًدا إلى أقاصي األرض‪ ،‬فيو حمل كل الشنوب إلى‬ ‫ٍق‬ ‫يومنا ىذا ‪ .‬فقد صنعو كي يضم فيو الجماعة لتخمص‪ ،‬يمحق بو من ىم‬ ‫أكثر غباوة من الحيوانات العجماوات‪ ،‬ويجعميم يتمثمون بالقوات العموية‪.‬‬ ‫ىذا يثبت سمو فمكو‪.‬‬ ‫وذابا لكنو لم يغير طبيعتيما المتوحشة‪ .‬أما‬ ‫استقبل نوح غرًابا (تك ‪ً )6:8‬‬ ‫بولس فمن الجانب ااار حول الذئاب إلى حمالن‪ ،‬والصقور إلى ٍق‬ ‫حمام!‬ ‫حول طبينم اإلنسان غير الناقمم الم وحشم إلى رقم الروح‪ ،‬وال يزال‬ ‫َّ‬

‫باقيا لم ي حطم ‪ .‬لم تزعزع عاصفة الشر ألواحو الخشبية‪ ،‬بل تغمبت‬ ‫فمكو ً‬ ‫ألواحو عمى العاصفة وأعادت اليدوء‪ ،‬لِ َم ال؟ فإن ألواحو لم تُدىن بالقار‬ ‫والحمر (تك ‪14:6‬؛ خر ‪ )3:2‬بل بالروح القدس‪.‬‬ ‫بين جياد بولس وجياد إبراىيم‬ ‫[يقارن القديس يوحنا الذىبي الفم بين الرسول بولس وأبينا إبراىيم‬ ‫حاسبا األول أرظم من جيم‪:‬‬ ‫ً‬ ‫‪ -1‬ال رك‪ ...‬رك ح ى االش يام إلى السماء من أجل حبو لمسيد‬ ‫المسيح‪.‬‬


‫‪ -2‬إنقاذ لمغير من أيدي الشياطين‪.‬‬ ‫‪ -4‬قديم نفسو ذبيحم حب لمَّو‪].‬‬ ‫تقول إن كل البشر يعظمون إبراىيم ألنو ترك بيتو وبيت أبيو وأقرباءه حين‬ ‫سمع الوصية‪" :‬إبرام‪ ،‬اترك مدينتك (أرضك) وبيت أبيك" (تك ‪ .)1:12‬لقد‬ ‫أمره المَّو بيذا‪ ،‬وكان ىذا يعنى كل شىء بالنسبة لو‪ .‬حقًا فإننا نحن أيضا‬ ‫نعجب منو‪ .‬لكن ىل ىذا يجعمو مثل بولس؟ لم يترك بولس بيتو وبيت أبيو‬ ‫و ذويو فحسب‪ ،‬بل ترك العالم ذاتو ألجل يسوع‪ ،‬بل باألكثر أقول ترك‬ ‫السماء ذاتيا ‪ .‬لم شغل سماء السماوات قمبو‪ ،‬إذ كان ىدفو الوحيد ىو‬ ‫حب يسوع ‪ .‬لنسمع كمماتو الواضحة في ىذا الصدد‪" :‬ال أمور حاضرة وال‬ ‫مستقبمة‪ ،‬وال عمو وال عمق تستطيع أن تفصمنا عن محبة المسيح " (رو‬ ‫‪.)39-38:8‬‬ ‫أخطار لينقذ ابن أخيو من البرابرة (تك‬ ‫ًا‬ ‫تقول إن إبراىيم واجو‬ ‫‪ ،)5:12‬أما بولس فمم ينقذ ابن أخيو فحسب وال ثئث ٍ‬ ‫مدن أو أربع‪ ،‬بل‬ ‫أنقذ العالم كمو‪ ،‬ال من البرابرة فحسب‪ ،‬بل من أيدى الشيطان نفسو‪،‬‬ ‫أخطار ال تُحصى‪ ،‬وبميتات كثيرة تمم خئص آخرين‪.‬‬ ‫ًا‬ ‫محتمئً كل يوم‬ ‫تقول إن تقديم ابنو ذبيحة كان تاج الصئح واكميل الفمسفة‪ .‬ىنا نجد بولس‬ ‫ار كما‬ ‫ار ومرًا‬ ‫أيضا في المقدمة‪ ،‬ألنو لم يقدم ابنو ذبيحة بل قدم ذاتو مرًا‬


‫قمت‪.‬‬ ‫بين بولس واسحم في حب المقاومين‬ ‫آبار (تك‬ ‫يعجب الناس من اسحق في أمور كثيرة‪ ،‬خاصة صبره‪ .‬فقد حفر ًا‬

‫‪ ،) 18:26‬وحين ُنزعت عنو أمئكو لم يتشاجر بل سمح بردم آباره‪ ،‬وكان‬ ‫داام الترحال من ٍ‬ ‫مكان إلى آخر‪ .‬لم يحشد قواتو ضد العدو بل كان يرحل‬ ‫أما بولس فحين‬

‫تارًكا وراءه ممتمكاتو حتى يشبع عدوه رغبتو في الظمم‪.‬‬ ‫رأى ليس آباره ُردم بال راب بل جسده ُيرجم بالحجارة لم يرحل من مكانو‬ ‫كما فنل ىذا الرجل بل جرى وراء راجميو وجاىد ح ى يقودىم إلى‬

‫فجر باألكثر فيو أنيار االح مال ‪.‬‬ ‫سدت اابار كمما َّ‬ ‫السماء‪ .‬كمما ُ‬ ‫بين بولس وينقوب في حياة الجياد‬ ‫إعجابا بيعقوب بن اسحق وذلك لقوتو (تك‬ ‫تقول‪ :‬نجد في الكتاب‬ ‫ً‬ ‫‪ .)28:32‬لكن أية نفس‪ ،‬ميما بمغت صئبتيا‪ ،‬تعادل قوة احتمال بولس؟!‬ ‫‪)27 ،18:29‬‬

‫عاما (تك‬ ‫لقد احتمل العبودية ليس فقط لمدة أربعة عشر ً‬ ‫بل كل أيام حياتو من أجل عروس المسيح‪ .‬احتمل ليس حر النيار وبرد‬ ‫الميل فحسب‪ ،‬بل عواصف من التجارب ال تُحصى‪ ،‬من ٍ‬ ‫جمد ٍ‬ ‫ورجم‬

‫ٍ‬ ‫وحوش مفترسة و ٍ‬ ‫أخطار في البحر وأصو ٍام متواصمة ًا‬ ‫ومصارعة‬ ‫نيار وليئً‬ ‫وعر ٍ‬ ‫ىو ٍ‬ ‫أخطار في كل موضع ( ‪2‬كو‪ 23:11‬الخ) حتى يتفادى الشباك‬ ‫ُ‬


‫ويخطف الحمئن من بين أنياب الشيطان‪.‬‬ ‫بين بولس ويوسف في النفم‬ ‫تقول‪ :‬امتاز يوسف بضبط النفس (تك ‪ .)19‬أخشى أن يكون من السخرية‬ ‫‪)14:16‬‬

‫صمب لمعالم (غئ‬ ‫أن نمدح بولس بيذا األمر‪ .‬بولس الذي ُ‬ ‫ورمادا‪ ،‬لم ييتز‬ ‫والذي ُحسب ليس فقط جمال الجسد بل كل شيء ترًابا‬ ‫ً‬ ‫كجثة تمتقي ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫بجثة‪ ،‬كان يخمد شيوات الجسد‪ ،‬ولم يخضع قط‬ ‫لشيء‪ ،‬فكان‬ ‫ألية شيوة منيا‪.‬‬ ‫بين بولس وأيوب المجرب‬ ‫[يقارن بين القديس بولس وأيوب البار من جيم‪:‬‬ ‫‪ -1‬مواجيم جارب بال حصر‪.‬‬ ‫وروحيا‪.‬‬ ‫جسديا‬ ‫‪ -2‬كرم الضيافم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫‪ -3‬اح مال ااالم‪].‬‬

‫تقول‪ُ :‬يعجب كل ٍ‬ ‫بشر بأيوب‪ ،‬وىو بحق يستحق ذلك فإنو حارب في‬ ‫معركة عظمى ويمكن أن يقف في مقارنة مع بولس في صبره‪ ،‬وفي طيارة‬ ‫حياتو‪ ،‬وشيادتو لمَّو‪ ،‬وصراعو الشجاع مع الشيطان‪ ،‬ونصرتو التي أنيى‬ ‫بيا صراعو‪ .‬لكن صراع بولس استمر ليس بضعة أشير فحسب بل‬


‫ٍ‬ ‫تجارب‬ ‫دااما يندفع في فم األسد‪ ،‬ويصارع في مواجية‬ ‫سنوات طويمة‪ .‬كان ً‬ ‫بئ عدد‪ ،‬مثبتًا أنو أكثر قوة من أية صخرة‪ .‬لم يمعنو ثئثة من األصدقاء‬ ‫أو أربعة بل كل االخوة الكذبة الخاانين‪ ،‬اُفتري عميو‪ ،‬تُفل عميو ُوشتم‪.‬‬

‫عظيما‪ ،‬كذلك اعتناؤه بالفقراء‪ .‬ىذا ال ننكره‪ ،‬لكن‬ ‫كان كرم ضيافة أيوب‬ ‫ً‬ ‫سرعان ما يسقط ىذا أمام بولس‪ ،‬كما يسقط الجسد أمام النفس‪ .‬اعتنى‬ ‫أيوب بالمرضى جسديا‪ ،‬واعتنى بولس أيضا بالمرضى روحيا‪ .‬ففي ٍ‬ ‫وقت‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫روحيا‪ ،‬وفي وقت آخر كسى العرايا بثوب‬ ‫قاد من ىم عرج ومقعدين‬ ‫ً‬

‫الفمسفة (الحكمة)‪.‬‬

‫كان أليوب الباب المفتوح أمام الزاارين الذين استضافيم في بيتو‪،‬‬ ‫بولس فكان لو القمب المف وح ليسع النالم كمو‪ ،‬ا سم كرم ضياف و‬

‫أما‬

‫بالمسكونيم‪ .‬ىذا دفعو لمقول‪" :‬لستم متضايقين فينا بل متضايقين في‬ ‫أحشااكم" (‪ 2‬كو‪.)12:6‬‬ ‫سخيا مع المحتاجين في العطاء من غناه وكثرة مواشيو‪ ،‬أما‬ ‫كان أيوب ً‬ ‫بولس فمم يكن يممك سوى جسده الذي استخدمو في خدمة المحتاجين‬ ‫ورعايتيم كقولو‪" :‬أنتم تعممون أن حاجاتي وحاجات الذين معي خدمتيا‬ ‫ىاتان اليدان" (أع ‪.)34:20‬‬ ‫تقول إن الدود والجراحات قد أصابت أيوب ٍ‬ ‫بآالم حادة غير محتممة‪ .‬ىذا‬


‫حق‪ ،‬لكن لنأخذ في اعتبارنا الجمدات التي تحمميا بولس عبر السنين‪،‬‬ ‫والصوم المستمر‪ ،‬والعرى‪ ،‬والقيود‪ ،‬والسجن‪ ،‬والمخاطر‪ ،‬والمكااد من أىل‬ ‫بيتو ومن الذين ىم في الخارج من الطغاة ومن العالم كمو‪ .‬أضف إلى ذلك‬ ‫خبراتو المرة‪ ،‬أي اآلالم التي عانى منيا من أجل الساقطين‪ ،‬واىتمامو بكل‬ ‫الكنااس‪ ،‬واالفتراءات التي تحممتيا نفسو بشجاعة وصئبة تفوق الحديد‬ ‫جسديا‪.‬‬ ‫روحيا ما تألم بو أيوب‬ ‫والصخر الذي ال ُيكسر‪ .‬احتمل بولس‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫نعم‪ ،‬فقد احتمل حزًنا أمر من أي دود يقرض في نفسو من أجل‬

‫نيار وليئً‪ ،‬يتألم من أجل كل ٍ‬ ‫نفس‬ ‫الساقطين‪ .‬كانت ينابيع دموعو تنيمر ًا‬ ‫ٍ‬ ‫مخاض‪ ،‬ىذا قاده لمقول‪" :‬يا أوالدي الذين‬ ‫أكثر من آالم امرأة في حالة‬ ‫أتمخض بكم" (غئ ‪.)19:4‬‬ ‫[حمل القديس يوحنا الذىبي الفم نفس الروح إذ يقول لشنبو‪:‬‬ ‫‪ ‬إن كان يمزم لإلنسان أن يحب أوالده الجسديين ح ى ُيدرى ًأبا حسب‬ ‫الطبينم‪ ،‬فكم باألكثر يميم باإلنسان أن يحب أوالده حسب الننمم‪،‬‬ ‫الروحيين المنمدين‪ ،‬ح ى ال ييمكوا في جينم؟! ]‪[2‬‬ ‫حنوا‪ ...‬كل ٍقأم صرخ وىى ماض في سارم الوالدة‪،‬‬ ‫‪ ‬إني أب ممموء ً‬ ‫ىكذا أفنل أنا أيضا!]‪[3‬‬ ‫إلى أكثر منكم‪ .‬ال وال ح ى النور!‬ ‫‪ ‬ليس شىء أحب ّ‬


‫إني اُود أن أقدم بكل سرور ريني ربوات المرات وأكثر ‪ -‬إن امكن ‪ -‬من‬ ‫أجل وبم نفوسكم!‬

‫جدا االصكم‪ ،‬أكثر من النور نفسو!‪...‬‬ ‫رمي ً‬ ‫رزيز َ‬ ‫ألنو ماذا فيدني أشنم الشمس إن أظمم الحزن ريني بسببكم؟!‪...‬‬ ‫أني أحبكم‪ ،‬ح ى أذوب فيكم‪ ،‬و كونون لي كل شيء‪ ،‬أبى وأمي وااو ي‬ ‫وأوالدي!]‪][4‬‬ ‫بولس وأنبياء النيد القديم‬ ‫من تذكر بعد أيوب يستحق اإلعجاب؟ موسى بئ شك! لكن بولس فاقو‬

‫بمراحل‪ .‬بين إنجازات موسى العظيمة والكثيرة تتويجو بالمجد حين اختار‬

‫‪،)32:32‬‬

‫أن ُيمحى اسمو من سفر الحياة من أجل خئص الييود (خر‬ ‫محروما من‬ ‫لكنو اختار أن ييمك مع اآلخرين‪ ،‬أما بولس فاختار أن يكون‬ ‫ً‬ ‫المجد األبدي من أجل خئص اآلخرين دون إشراك أحد آخر معو في‬

‫ىئكو‪.‬‬ ‫يوميا‪.‬‬ ‫صارع موسى مع فرعون‪ ،‬وأما بولس فصارع مع الشيطان ً‬ ‫قو ٍ‬ ‫حارب موسى في سبا ٍ‬ ‫احد‪ ،‬أما بولس فحارب من أجل العالم كمو في‬ ‫صراع ليس بالعرق بل بالدم الذي أُريق في كل موضع‪ .‬لقد قاد الجميع‬


‫إلى الخئص‪ ،‬الذين في أماكن آىمة وغير آىمة‪ ،‬قاد اليونانيين والبرابرة‪.‬‬ ‫أستطيع أيضا أن أتكمم عن يشوع وصموايل واألنبياء اآلخرين‪ ،‬ولكي ال‬ ‫تخرج العظة عن الحدود اكتفي بعمل مقارنة مع نخبة ممن ىم أكثر شيرة‬ ‫تمثميم‪ .‬إذا كان بولس يفوق الفااقين منيم‪ ،‬فيكون الشك قميئً من جية‬ ‫اآلخرين‪ .‬من منيم يكون اكثر شيرة؟! من نذكر من ىؤالء غير‬

‫داود‬

‫‪)5:4‬‬

‫نذير لمجيء المسيح األول (مئ‬ ‫وايميا ويوحنا ؟! كان إيميا منيم ًا‬ ‫معا‪.‬‬ ‫ويوحنا لممجيء الثاني (مت‪ .)11:3‬ىذا يوضح سبب ذكر اسمييما ً‬ ‫ما أبرع ما اتصف بو داود؟! بئ شك تواضعو وحبو لمَّو‪ .‬حقًا من تفوق‬ ‫في ىاتين الصفتين مثل بولس الذي اتسمت بيما نفسو؟!‬

‫نار‬ ‫ما ىو عجيب بالنسبة إليميا؟ إنو أغمق السماء‪ ،‬وسبب قحطًا‪ ،‬وانزل ًا‬ ‫من السماء (‪1‬مل ‪1:17‬؛ ‪2‬مل‪ !)12:1‬لست أظن ذلك! بل باألحرى كان‬ ‫ممتيبا بالحماس‪ .‬لكن إذا اختبرت حماس بولس تجده‬ ‫يغار لمرب‪ .‬كان‬ ‫ً‬ ‫ٍ‬ ‫حماس يعادل كمماتو عن مجد المَّو‪:‬‬ ‫فااقا كتفوقو عمى بقية األنبياء‪ .‬أي‬ ‫ً‬

‫محروما من المسيح ألجل اخوتي أنسبااي حسب‬ ‫"أود لو أكون أنا نفسي‬ ‫ً‬ ‫الجسد" (رو‪ .)3:9‬لذلك حينما قدمت لو السماء األكاليل َّ‬ ‫ومد الوقت‪،‬‬ ‫أجل َّ‬

‫قاائً‪" :‬ولكن أن أبقى في الجسد ألزم من أجمكم" (في ‪ .)24:1‬لذلك اعتبر‬ ‫ٍ‬ ‫عالما‬ ‫أن العالم المنظور الممموس غير كاف إلشباع حبو وغيرتو‪ ،‬بل أراد ً‬ ‫آخر غير منظور ليمارس ما َّ‬ ‫يوده ويتمناه‪.‬‬


‫تقول‪ :‬أكل يوحنا المنمدان جر ًادا وعسئً برًيا (مت ‪ ،)4:3‬أما بولس فمع‬ ‫أنو عاش في العالم ولم يسكن البرية ولم يأكل جر ًادا وال عسئً برًيا لكنو‬ ‫مكتفيا بماادة أكثر بساطة ونس ًكا‪ ،‬متجاىئً حتى الضرورات من أجل‬ ‫كان‬ ‫ً‬ ‫غيرتو لمك ارزة‪.‬‬

‫تقول‪ :‬أظير يوحنا شجاعة عظيمة أمام ىيرودس‪ ،‬أما بولس فمم ينتير‬ ‫عددا ال ُيحصى من ذات ىذه العينة‪ .‬لقد‬ ‫احدا أو اثنين أو ثئثة فقط بل ً‬ ‫و ً‬ ‫واجو بالحق طغاة أسوأ بكثير من ىيرودس‪.‬‬ ‫بين بولس الرسول والمالئكم‬ ‫يبقى لنا أن نقارن بولس بالمئاكة‪ .‬لنترك األرض ونصعد إلى أبواب‬ ‫السماء‪ .‬ال يقل أحد إن كمماتنا تحمل جسارة فااقة إن كان الكتاب المقدس‬ ‫أيضا الكينة‪ ،‬فمماذا تتعجب حين نقول إن بولس‬ ‫يدعو يوحنا مئ ًكا و ً‬ ‫يستحق أن ُيدعى ىكذا لتفوقو في ىذه الفضاال؟!‬ ‫ما ىو سبب عظمة المئاكة؟ طاعتيم لمَّو‪ ،‬ىذا ما أعجب داود فييم‪:‬‬ ‫"أقوياء في الفضيمة‪ ،‬يطيعون كممتو" (مز ‪ .)20:102‬لكن طاعة بولس ال‬ ‫تُقارن حتى بالكثير من الكاانات غير المتجسدين‪ .‬ما يجعميم مباركين ىو‬ ‫طاعتيم لوصية المَّو ورفضيم التام لعصيانو‪ .‬ىذا ما فعمو بولس بإخئص‬

‫ٍ‬ ‫تام‪ .‬لقد تمم كممة المَّو ووصاياه أيضا‪ .‬ليس فقط وصاياه‪ ،‬بل ما ىو أكثر‪،‬‬


‫كما أفصح قاائً‪" :‬إذ وأنا أبشر أجعل إنجيل المسيح بئ نفقة" (‬

‫‪ 1‬كو‬

‫‪.)18:9‬‬

‫ماذا يرى النبي في المئاكة ما يستحق اإلعجاب؟ "الصانع مئاكتو‬

‫نار ممتيبة" (مز ‪ .)4:103‬ىذا أيضا نراه في بولس‪ٍ ،‬‬ ‫كنار‬ ‫ياحا وخدامو ًا‬ ‫ر ً‬ ‫وعرضا ونقَّاىا في ترحالو‪.‬‬ ‫وري ٍح عبر األرض طوالً‬ ‫ً‬ ‫مميز باألكثر‪ ،‬بينما كان بولس عمى األرض في‬ ‫ىذا ما يجعل األمر ًا‬ ‫الجسد الفاني أظير مثل ىذه الشجاعة وىزم القوات غير المنظورة‪.‬‬ ‫كم ُنحسب في ٍق‬ ‫لوم إ ًذا إن لم نجاىد م مثمين بمثل ىذا اإلنسان رمى‬ ‫إنسان و ٍق‬ ‫ٍق‬ ‫احد‪.‬‬ ‫وجو الاصوو الذي اج منت فيو كل الصفات الجميمم في‬ ‫مميا في ىذه االعتبارات‪ ،‬فنكون بئ ٍ‬ ‫لوم‪.‬‬ ‫لنفكر ً‬ ‫لنجاىد لكي تكون لنا مثل غيرتو‪ ،‬فنشاركو ذات البركات بنعمة ربنا‬ ‫يسوع المسيح ومحبتو الحانية‪ ،‬الذي لو المجد والقوة‪ ،‬اآلن وكل أوان‪،‬‬ ‫آمين‪.‬‬ ‫‪‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.