تعليق على مبادرة دعم القطاع الصناعي

‫تعليق حول مبادرة البنك المركزي لدعم النشاط الصناعي‬ ‫والمصانع المتعثرة‬ ‫للعرض على السادة أعضاء مجلس النواب‬

‫دكتور محمد أحمد فؤاد‬ ‫عضو مجلس النواب‬

‫‪1‬‬

‫المقدمة‪-:‬‬ ‫تشير بيانات وزارة التخطيط والتنمية االقتصادية إلى تراجع مساهمة القطاع الصناعي في‬ ‫تحقيق الناتج المحلي اإلجمالي‪ ،‬وأمام تفاقم مشاكل المصانع المتعثرة تأتي مبادرة السيد‬ ‫رئيس الجمهورية لتبث الحياة من جديد في المصانع المتوقفة‪ ،‬وبالتالي تعد مبادرة البنك‬ ‫المركزي للمصانع المتعثرة طوق نجاة لتلك المصانع لتعود للعمل من جديد‪ ،‬ومع رؤيتنا‬ ‫بأهمية تلك المبادرة إال أن هناك عدد من المالحظات التي تجلت خالل اإلجراءات التي‬ ‫اتخذها البنك المركزي‪ ،‬لو تم تداركها لنكون أمام مبادرة تحقق الهدف منها بصورة كاملة‬ ‫وفي سبيل مزيد من االيضاح حول تلك المالحظات‪ ،‬أعرض على سياتدكم هذا التقرير‬ ‫الذي يتناول المحاور التالية ‪:‬‬ ‫المحور األول‪ :‬وصف المبادرة‬ ‫المحور الثاني‪ :‬أهمية المبادرة‬ ‫المحور الثالث‪ :‬مالحظات على التطبيق‬

‫‪2‬‬

‫وصف المبادرة‬ ‫في ‪ 12‬ديسمبر ‪ 2019‬أصدر البنك المركزي كتاب دوري خاص بتلك المبادرة جاء فيه ‪:‬‬ ‫‪ .1‬تسرى المبادرة على األشخاص اإلعتباريين سواء المتخذ أو غير المتخذ بشأنهم‬ ‫إجراءات قضائية من العمالء ذوي المديونيات المشكوك في تحصيلها والرديئة (فئة‬ ‫جدارة إئتمانية ‪ )10 ،9‬والبالغ رصيد مديونياتهم أقل من ‪ 10‬مليون جنية‪.‬‬ ‫‪ .2‬رصيد المديونية القائم بدفاتر البنك (بدون العوائد الهامشية) وفقا ً للمركز في ‪30‬‬ ‫سبتمبر ‪.2019‬‬ ‫‪ .3‬يبدأ سريان حظر التعامل اعتبارا ً من تاريخه وحتى ‪ 30‬يونية ‪2020‬‬ ‫‪ .4‬حال قيام العميل خالل فترة المبادرة وحتى ‪ 30‬يونية ‪ 2020‬بالسداد النقدي لنسبة‬ ‫‪ %50‬أو أكثر من رصيد المديونية يتم ما يلى‪:‬‬ ‫أ‪ .‬الحذف من القائمة السلبية والشركة المصرية لالستعالم االئتماني )‪(I-Score‬‬ ‫ب‪ .‬عدم سريان حظر التعامل فيما يخص هذه المديونية‪.‬‬ ‫ج‪ .‬التنازل عن جميع القضايا المتداولة والمتبادلة لدى المحاكم‪.‬‬ ‫د‪ .‬تحرير كل الضمانات الخاصة بتلك المديونية‪.‬‬ ‫‪ .5‬تحدد قيمة االعفاء من المديونية وفقا ً لما يقرره المصرف في ضوء الدراسة‬ ‫اإلئتمانية للعميل‪.‬‬ ‫ويؤكد البنك المركزي في هذا الخصوص إلى إنه يتعين على المصرف إتخاذ ما‬ ‫يلزم من إجراءات من شأنها تحقيق األهداف المرجوة من تلك المبادرة‪ ،‬والتي من‬ ‫بينها التأكد من إبالغ العمالء الذين ينطبق عليهم ما تقدم بموجب خطابات مسجلة‬ ‫باإلضافة لوسائل االتصال األخرى‪ ،‬مع مراعاة إتمام التصالح بما يتفق وصحيح‬ ‫القانون‪.‬‬

‫‪3‬‬

‫وبتاريخ ‪ 5‬يناير ‪ 2020‬قرر مجلس إدارة البنك المركزي المصري بتعديل بعض بنود‬ ‫المبادرة المشار إليها وذلك على النحو التالي ‪:‬‬ ‫‪ .1‬تسرى المبادرة على االشخاص االعتباريين سواء المتخذ أو غير المتخذ بشأنهم‬ ‫إجراءات قضائية من العمالء ذوي المديونيات المشكوك في تحصيلها والرديئة (فئة‬ ‫جدارة ائتمانية ‪ )10 ،9‬والبالغ رصيد مديونياتهم أقل من ‪ 10‬مليون جنية‪.‬‬ ‫‪ .2‬رصيد المديونية القائم بدفاتر البنك (بدون العوائد الهامشية) وفقا ً للمركز في ‪30‬‬ ‫سبتمبر ‪.2019‬‬ ‫‪ .3‬يبدأ سريان المبادرة اعتبارا ً من تاريخه وحتى ‪ 31‬ديسمبر ‪2020‬‬ ‫‪ .4‬حال قيام العميل خالل فترة المبادرة وحتى ‪ 31‬ديسمبر ‪ 2020‬بالسداد النقدي‬ ‫أوالسداد العيني (في حالة قبول البنك السداد العيني) لنسبة ‪ %50‬أو أكثر من‬ ‫رصيد المديونية يتم ما يلي‪:‬‬ ‫أ‪ .‬الحذف من القائمة السلبية والشركة المصرية لإلستعالم اإلئتماني )‪(I-Score‬‬ ‫ب‪ .‬عدم سريان حظر التعامل فيما يخص هذه المديونية‪.‬‬ ‫ج‪ .‬التنازل عن جميع القضايا المتداولة والمتبادلة لدى المحاكم فور اتفاق العميل مع‬ ‫بنوك التعامل على شروط السداد‬ ‫د‪ .‬تحرير كل الضمانات الخاصة بتلك المديونية‪.‬‬ ‫‪ .5‬يتم سداد نسبة الـ ‪ %50‬المشار إليها أعاله على النحو التالي ‪:‬‬ ‫أ‪ %20 .‬على االقل في موعد غايته ‪ 30‬يونية ‪2020‬‬ ‫أأ‪ .‬المتبقي من نسبة الـ ‪ %50‬في موعد غايته نهاية ديسمبر ‪.2020‬‬

‫‪4‬‬

‫كما أكد البنك المركزي على اآلتي‪:‬‬ ‫‪ .1‬عدم اللجوء إلى القضاء برفع دعاوي على العمالء إال في حالة ثبوت عمليات تحايل‬ ‫من قبل العمالء‪.‬‬ ‫‪ .2‬ضرورة إجراء الدراسة اإلئتمانية للعمالء بحيث يكون المنح بناءا ً على الجدوى‬ ‫اإلئتمانية للحالة المعروضة واإلعتماد على إيرادات المشروع كمصدر لسداد المديونية‪،‬‬ ‫وتفادى اإلفراط في الحصول على كفاالت شخصية وضمانات من العمالء‪.‬‬ ‫‪ .3‬أال تقوم البنوك بالحصول على شيكات كضمان للتسهيالت واالكتفاء بالحصول على‬ ‫السندات اإلذنية‪.‬‬

‫أهمية المبادرة‬ ‫تعد هذه المبادرة أحد توجهات السيد رئيس الجمهورية والذي قرر أنه "لن يصبح هناك‬ ‫مصنع متوقف" وتمثل المبادرة أحد أهم االفكار للنهوض بالقطاع الصناعي وحل‬ ‫مشاكل المتعثرين وهو أمر محمود في حد ذاته‪.‬‬ ‫وتثبت المبادرة أن الجهاز المصرفي يقف بجوار المستثمرين الصناع والذين عانوا من‬ ‫اجراءات االصالح االقتصادي وتسرى المبادرة على المصانع المتعثرة حتى ‪ 30‬يونية‬ ‫‪ 2020‬وتستهدف إسقاط ‪ 31‬مليار جنية عن ‪ 5148‬مصنعا ً متعثرا ً لتساهم في زيادة‬ ‫مساهمة القطاع الصناعي في تحقيق الناتج المحلي اإلجمالي‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫مالحظات على التطبيق‬ ‫بمتابعة ما يتم نشره عن إجراءات التنفيذ وما جاء على لسان السيد طارق عامر محافظ‬ ‫البنك المركزي في برنامج مساء ‪ dmc‬والذي أكد أن البنك المركزي يستقبل ‪ 15‬عميالُ‬ ‫من أصحاب المصانع المتعثرة يوميا ً لتسوية مديوناتهم وإعادتهم للعمل‪ .‬وأضاف أن عهد‬ ‫سجن العمالء ولى بال رجعة‪.‬‬ ‫وامام تصريح السيد محافظ البنك المركزي تثار التساؤالت التالية ‪:‬‬ ‫‪ -1‬في الكتاب الدوري األول للمبادرة في ‪ 12‬ديسمبر أكد على اآلتي‪:‬‬ ‫"تحدد قيمة االعفاء من المديونية وفقا ً لما يقرره المصرف في ضوء الدراسة االئتمانية‬ ‫للعميل‪ .‬و يتعين على المصرف إتخاذ ما يلزم من إجراءات من شأنها تحقيق األهداف‬ ‫المرجوة من تلك المبادرة"‪ ،‬وإذا كانت المبادرة تنص صراحةً على قيام المصرف بإتخاذ‬ ‫ما يلزم من إجراءات وتحديد قيمة االعفاءات لتحقيق أهداف المبادرة فإن قيام البنك‬ ‫المركزي باستقبال ‪ 15‬عميالً طبقا ً لتصريحات السيد طارق عامر يعد خرقا ً لنص المبادرة‪،‬‬ ‫فالمبادرة تنص على قيام المصارف بتحديد االعفاء واتخاذ ما يقرره في ضوء الدراسة‬ ‫االئتمانية للعميل‪ .‬وبالتالي فإن قيام البنك المركزي بالتفاوض المباشر مع العمالء المتعثرين‬ ‫أمر قد يسبب خلل في الحوكمة‪ ،‬وهو ما يجب أن ينأى البنك المركزي بنفسه عن الوقوع‬ ‫فيه‪ ،‬فيجب على البنك المركزي إعطاء المصارف حق إتخاذ القرار الذي يحفظ حقوق‬ ‫المودعين لدية في ضوء توجيهات البنك المركزي‪.‬‬ ‫‪ -2‬تنص المبادرة على أن العمالء الذي تنطبق عليهم المبادرة يجب أن تكون المديونية أقل‬ ‫من ‪ 10‬مليون جنية ولم يحدد البنك المركزي موقف العمالء المتعثرين الذي يبلغ حجم‬ ‫مديونياتهم أكثر من ‪ 10‬مليون جنية‪.‬‬ ‫‪ -3‬لم تتم صياغة التسويات التي يعقدها البنك المركزي مع العمالء المتعثرين بصورة‬ ‫واضحة ومعرفة مدى جدوى تلك التسويات للبنوك وموقف البنوك منها حتي تتمكن البنوك‬ ‫من المحافظة على أموال المودعين لديها‪ .‬وعدم خلق مناخ االستعثار في السوق المصرفي‬ ‫ليلجأ بعض العمالء لالستفادة من المبادرة دون وجه حق مما يضر بالقطاع المصرفي‪.‬‬

‫‪6‬‬

‫‪ -4‬أكد البنك المركزي في الكتاب الدوري الصادر في ‪ 8‬يناير أنه على المصارف عدم‬ ‫اللجوء إلى القضاء برفع دعاوي على العمالء إال في حالة ثبوت عمليات تحايل من قبل‬ ‫العمالء‪ .‬ولم يحدد آليات واضحة إلثبات عمليات التحايل وإذا كنا نطالب بعدم الحبس في‬ ‫القضايا االقتصادية فإن تصريح محافظ البنك المركزي بأن عهد سجن العمالء ولى بال‬ ‫رجعة (وسجن العمالء تحدده القوانين المنظمة للنشاط االقتصادي وقانون االفالس) وفي‬ ‫ظل عدم تحديد آليات واضحة إلثبات التحايل فإن هذا التوجه يقوض يد المصارف في إتخاذ‬ ‫ما يلزم للحفاظ على أموال المودعين لديه‪.‬‬ ‫وعلية فيجب أن تكون هناك معايير واضحة إلثبات التحايل من جانب العمالء المطبق‬ ‫عليهم المبادرة‪.‬‬ ‫‪ -5‬إن التنازل عن جميع القضايا المتداولة فور اتفاق العميل مع البنك يتطلب إبراء ذمة‬ ‫العميل وهذا األمر ليس من سلطة مجالس إدارات البنوك أو البنك المركزي‪ ،‬مالم يقم‬ ‫العميل بالسداد النقدي أو العيني إال بعد موافقة الجمعية العمومية وإال نكون امام مخالفة‬ ‫صريحه للقانون‪.‬‬

‫الخالصة‪:‬‬ ‫إن مبادرة البنك المركزي لدعم النشاط الصناعي والتعامل مع مشاكل المتعثرين في هذا‬ ‫القطاع حتي تعود تلك المصانع للعمل من جديد أمر ضروري للنشاط االقتصادي وزيادة‬ ‫االنتاج وتخفيض معدل البطالة وقيام القطاع المصرفي بتنفيذ تلك المبادرة مع األخذ في‬ ‫االعتبار المالحظات التي اوردناها في هذا التعليق من شأنه أن تحقق تلك المبادرة‬ ‫األهداف المرجوة منها لالقتصاد المصري‪.‬‬

‫‪7‬‬