العـدد "مـئتـــان وستــون" من مجلة فيلي

‫مجلة شهرية تصدر عن مؤسسة شفق الثقافة واالعالم للكورد الفيليين‬

‫‪SHAFAQ FOUNDATION OF CULTURE & MEDIA FOR FAILI KURD‬‬

‫‪www.shafaq.com‬‬

‫‪260‬‬

‫السنـة الحادية والعشــرون‬ ‫آب ‪ /‬اغسطس ‪2025‬‬

‫مقعد الكوتا الفيلي‪ ..‬تمثيل سياسي أم واجهة شكلية؟‬ ‫الهجرة بال عودة‪ .. :‬بين حلم االستقرار وواقع االغتراب‬ ‫‪ 1.4‬تريليون دوالر في الهواء عقدان من الموازنات المتفجرة‬ ‫الـأونالين‪ ....‬يستهوي الشباب والفتيات في العراق‬ ‫عمل الـأونالين‬

‫كلمــــة العدد‬ ‫الذهب األبيض في كرميان‪..‬‬

‫كنز يتآكل تحت وطأة الطبيعة وغياب الدعم ‪6‬‬ ‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫‪16‬‬

‫اقرأ في العدد ايض ًا‬

‫لتتأخر الرواتب شهرين‪ ،‬ما الذي سيحصل؟!‬

‫مأساة الفيليين‪..‬‬

‫شرارة التمييز وموت الذاكرة‬

‫منهجية شفق نيوز‬

‫مجلة شهرية تصدر عن مؤسسة شفق‬

‫في الحفاظ على‬ ‫المصداقية ‪26‬‬ ‫والمهنية في عالم اإلعالم الرقمي‬

‫تقاليد عراقية لطرد نحس شهر صفر‬

‫‪72‬‬

‫صاحب االمتياز‬

‫مؤسسة الثقافة واالعالم للكورد الفيليين‬

‫ده‌زگاى رۆشنبیرى و راگه‌یاندنى كوردى فه‌یلى‬ ‫&‪SHAFAQ FOUNDATION OF CULTURE‬‬ ‫‪MEDIA FOR FAILI KURD‬‬

‫‪260‬‬ ‫السـنـة الحادية والعشــــرون‬ ‫آب ‪ /‬اغسطس ‪2025‬‬

‫أســرة التحرير‬ ‫رئيس التحرير‬

‫علي حسين فيلي‬

‫‪78‬‬

‫عودة المدارس تشعل هواجس العائالت العراقية‬

‫‪info@shafaaq.com‬‬

‫مدير التحرير‬ ‫مجلة شهرية تصدر عن مؤسسة شفق الثقافة واالعالم للكورد الفيليين‬

‫‪SHAFAQ FOUNDATION OF CULTURE & MEDIA FOR FAILI KURD‬‬

‫‪www.shafaq.com‬‬

‫‪260‬‬

‫علي حسين علي‬

‫السنـة الحادية والعشــرون‬ ‫آب ‪ /‬اغسطس ‪2025‬‬

‫سكرتير التحرير‬

‫صادق االزرقي‬

‫العراقيون ال يأتمنون البنوك‪..‬‬

‫هيئة التحرير‬

‫مقعد الكوتا الفيلي‪ ..‬تمثيل سياسي أم واجهة شكلية؟‬ ‫الهجرة بال عودة‪ .. :‬بين حلم االستقرار وواقع االغتراب‬

‫محمد جمال‬ ‫ياسر عماد‬ ‫ماجد محمد صالحان‬ ‫سندس ميرزا‬

‫‪ 1.4‬تريليون دوالر في الهواء عقدان من الموازنات المتفجرة‬

‫صورة الغالف‪:‬‬

‫عمل الـأونالين‪ ..‬يستهوي الشباب والفتيات في العراق‬

‫‪website: www.shafaq.com‬‬

‫التصميم الفني‬

‫ايمان حبيب علي‬ ‫رقم االعتماد في نقابة الصحفيين العراقيين ‪2016‬‬ ‫رقم االيداع في دار الكتب والوثائق ‪ 796‬في ‪2004‬‬

‫‪112‬‬

‫بغـــــــــــداد‪ ..‬كيف صنعت هوية‬ ‫معمارية تتالشى في زحام األبراج‬

‫‪86‬‬

‫سأل االبن أباه‪ :‬كم سننتظر حتى ُ​ُتصرف الرواتب؟‬ ‫أجابه األب‪ :‬حتى بداية الشهر يا بني‪.‬‬ ‫فسأله االبن من جديد‪ :‬إذن مع بداية الشهر تنتهي املشكلة؟‬ ‫ابتســم األب بم ـرارة وقــال‪ :‬ال يــا بني‪ ،‬ال… الرواتــب ال ُ​ُتصــرف‪ ،‬لكننــا‬ ‫سنتعلــم كيــف نعيــش بال راتــب‪.‬‬ ‫هــذا الحــوار البســيط بين أب وابنــه مــن إقليــم كوردســتان يختصــر‬ ‫أزمــة ممتــدة منــذ ســنوات‪ ،‬حيــث تحولــت الرواتــب إلى حلــم مؤجــل‬ ‫ـتحقاقًا‪.‬‬ ‫وحــق منقــوص‪ ،‬وكأن املواطــن يطلــب ّمّنــة ال اسـ‬ ‫ً‬ ‫املفاوض ــات ّ‬ ‫املطّول ــة بين املرك ــز واإلقلي ــم تش ــعل الج ــدل اإلعالم ــي‬ ‫في كل م ــرة‪ ،‬لكنه ــا ل ــم ت ــدفئ البي ــوت وال تنع ــش الحي ــاة اليومي ــة‪.‬‬ ‫والحقيق ــة الواح ــدة اآلن‪ ،‬أن أزم ــة الروات ــب أكبر م ــن ق ــدرة‬ ‫الحكوم ــتين على معالجته ــا‪ ،‬حي ــث تغي ــب اإلرادة السياس ــية الج ــادة‬ ‫التي تمــزج بين الحلــول االقتصاديــة والسياســية واألمنيــة واالحترام‬ ‫املتب ــادل‪.‬‬ ‫في بل ــد ُ​ُتعق ــد في ــه اجتماع ــات يومي ــة بال نتائ ــج‪ ،‬وتتن ــاوب في ــه‬ ‫األط ـراف األخ ــرى على التدخ ــل‪ ،‬يصب ــح انتظ ــار العدال ــة ضرب ـ ًـًا م ــن‬ ‫الوه ــم‪ .‬فالعدال ــة ليس ــت مج ــرد نص ــوص جام ــدة‪ ،‬ب ــل روح تبع ــث‬ ‫الحي ــاة في القان ــون وتمنح ــه معن ــاه‪.‬‬ ‫م ــن الطب ــيعي أن ُ​ُيطل ــب م ــن اإلقلي ــم االلتزام بواجبات ــه وأن يلم ــس‬ ‫املواطــن التغــيير اإليجابــي في حياتــه‪ ،‬لكــن باملقابــل مــا يجــري اليــوم‬ ‫ه ــو سياس ــة "العقوب ــة الجماعي ــة"‪ .‬وصحي ــح أن ظاه ــر سياس ــات‬ ‫بغ ــداد ليس ــت كتل ــك العدائي ــة التي كان ــت في الس ــنوات الس ــابقة‪،‬‬ ‫لك ــن لي ــس هن ــاك اخ ــتالف في نتائجه ــا‪ .‬ه ــذه السياس ــات ل ــن تس ـ ّـّرع‬ ‫س ــوى م ــن انهي ــار نظ ــام التعاي ــش الس ــلمي امل ــشترك‪.‬‬ ‫على الضفــة األخــرى‪ ،‬مــا زالــت التقاريــر الدوليــة تضــع العـراق ضمــن‬ ‫ـادًا‪ ،‬حيــث ُ​ُأهــدرت مئــات املليــارات خالل العقــود‬ ‫الــدول األكثر فسـ ً‬ ‫ُ‬ ‫املاضي ــة‪ .‬وم ــع ذل ــك‪ ،‬ل ــم ُيح ــرم موظف ــو الوس ــط والجن ــوب م ــن‬ ‫رواتبهــم يومـ ًـًا‪ ،‬فيمــا ُ​ُيترك موظفــو كوردســتان‪ ،‬وهــم أكثر مــن مليــون‬ ‫إنســان‪ ،‬ملــصير غامــض‪ ،‬في حين تــخ�شى الحكومــة االتحاديــة مجــرد‬ ‫املســاس برواتــب عشــرة ماليين مســتفيد تابــعين لهــا‪.‬‬ ‫ق ـرارات بغ ــداد ل ــم تع ــد مح ــض ق ـرارات مالي ــة‪ ،‬ب ــل تعك ــس قناع ــة‬ ‫أعم ــق ب ــأن ه ــذا اإلقلي ــم ال يس ــتحق البق ــاء‪ .‬وت ــأخير الروات ــب ال‬ ‫يختل ــف ع ــن قطعه ــا‪ ،‬فالنتيج ــة واح ــدة‪ ،‬إنه ــاك املجتم ــع وض ــرب‬ ‫اس ــتقراره‪.‬‬ ‫وإن ل ــم ي ــتضح بع ــد حج ــم األض ـرار الكامل ــة التي خلفته ــا األزم ــة‬ ‫املاليــة‪ ،‬إال أن مــا هــو جلي أن كوردســتان هــو املكان الوحيــد الــذي‬ ‫يعان ــي م ــن ه ــذه السياس ــات‪ ،‬وأن املواط ــن البس ــيط في ــه يبق ــى‬ ‫املتض ــرر األكبر‪ ،‬يدف ــع ثم ــن الصراع ــات السياس ــية والق ـرارات‬ ‫العقابي ــة‪.‬‬

‫رئيس التحرير‬

‫‪4‬‬

‫كـــــــــــــــورديات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪2025‬‬

‫‪KURDISH‬‬

‫‪5‬‬

‫" قصور مبدأ‬ ‫وحدة األراضي‬ ‫في التعامل‬ ‫مع تطلعات‬ ‫المجتمعات‬ ‫المحلية أو‬ ‫األقليات يفتح‬ ‫منفذًاً قانوني ً​ًا‬ ‫أمام هذه الكيانات‬ ‫للسعي نحو‬ ‫االنفصال‪ ،‬خاصة‬ ‫في ظل هيمنة‬ ‫الدولة المركزية أو‬ ‫حصارها "‪..‬‬

‫هل االنفصال األحادي هو الحل؟‪..‬‬

‫ً‬ ‫انموذجًا‬ ‫كوسوفو‬ ‫بدر اسماعيل شيروكي‬

‫عّد إعالن االنفصال من جانب واحد من أكثر القضايا إثار ً​ًة للجدل يف القانون الدولي‪ ،‬ملا ينطوي عليه من‬ ‫ُ​ُي ّ‬ ‫تعارض مع مبدأ وحدة أراضي الدول من جهة‪ ،‬ومبدأ حق الشعوب يف تقرير مصريها من جهة أخرى‪ .‬وتزداد‬ ‫حساسية هذه املسألة حني ُ​ُتقدم جماعة قومية أو إقليم غري تابع لدولة‪ ،‬على إعالن استقالله السياسي أو‬ ‫اإلداري أو الجغرايف دون موافقة الحكومة املركزية أو القومية املهيمنة‪.‬‬

‫وم ــن أب ــرز األمثل ــة الحديث ــة على ذل ــك‪ ،‬إعالن‬ ‫إقلي ــم كوس ــوفو في ع ــام ‪ 2008‬اس ــتقالله‬ ‫ع ــن صربي ــا م ــن جان ــب واح ــد‪ .‬ورغ ــم العقب ــات‬ ‫السياس ــية والقانوني ــة التي واجه ــت ه ــذا‬ ‫القـرار‪ ،‬فــإن محكمــة العــدل الدوليــة حســمت‬ ‫الج ــدل في ‪ 22‬يونيو‪/‬حزي ـران ‪ 2010‬بفت ــوى‬ ‫استش ــارية أك ــدت أن اإلعالن ال يتع ــارض م ــع‬ ‫القان ــون ال ــدولي‪ ،‬بم ــا في ذل ــك ق ـرار مجل ــس‬ ‫األمــن رقــم ‪ ،1244‬إذ ال ينــص القانــون الــدولي‬ ‫على حظــر صريــح يمنــع أقليــة غير تابعــة لدولــة‬ ‫م ــن إعالن اس ــتقاللها األح ــادي‪.‬‬ ‫وردًا على اعتراض ــات صربي ــا وحلفائه ــا‪ ،‬أوضح‬ ‫ً‬ ‫قض ــاة املحكم ــة أن مب ــدأ السالم ــة اإلقليمي ــة‬ ‫ينظ ــم العالق ــات بين ال ــدول ذات الس ــيادة‪،‬‬ ‫ويفــرض عليهــا احترام حــدود بعضهــا البعــض‪،‬‬ ‫لكن ــه ال يمت ــد بالض ــرورة ّ‬ ‫ليقّي ــد تح ــركات‬ ‫الجماعــات أو الكيانــات غير الحكوميــة داخــل‬ ‫الدول ــة‪ ،‬مثلم ــا فع ــل ممثل ــو ش ــعب كوس ــوفو‬ ‫حين أعلن ــوا االنفص ــال‪.‬‬

‫كم ــا اع ــتبرت املحكم ــة أن إعالن االس ــتقالل‬ ‫ـعًال غير حكوم ــي‪ ،‬وبالت ــالي‬ ‫الكوس ــوفي كان ف ـ ً‬ ‫ال يق ــع تح ــت طائل ــة مب ــدأ السالم ــة اإلقليمي ــة‬ ‫املنص ــوص علي ــه في املادة (‪ )4/2‬م ــن ميث ــاق‬ ‫األم ــم املتح ــدة والوثائ ــق الدولي ــة ذات الصل ــة‪.‬‬ ‫ووفقـ ًـًا لهــذا التحليــل‪ ،‬فــإن قصــور مبــدأ وحــدة‬ ‫األرا�ضي في التعام ــل م ــع تطلع ــات املجتمع ــات‬ ‫املحلي ــة أو األقلي ــات يفت ــح منف ــذ�ا قانوني ـ ًـًا‬ ‫أم ــام ه ــذه الكيان ــات لل ــسعي نح ــو االنفص ــال‪،‬‬ ‫خاص ــة في ظ ــل هيمن ــة الدول ــة املركزي ــة أو‬ ‫حصاره ــا‪.‬‬ ‫ـؤاًال جوهريـ ًـًا‪:‬‬ ‫وتطــرح حالــة كوســوفو اليــوم سـ ً‬ ‫ـشّكل االنفص ــال األح ــادي‬ ‫ه ــل يمك ــن أن ي ـ ّ‬ ‫مخرج ـ�ا عملي ـ�ا لألقلي ــات أو األقالي ــم التي‬ ‫ت ــرى أن الدول ــة األم عاج ــزة أو غير راغب ــة في‬ ‫تلبي ــة حقوقه ــا؟ أم أن التجرب ــة‪ ،‬رغ ــم نجاحه ــا‬ ‫ـتثناًء يصعــب تكـراره في ظــل‬ ‫القانونــي‪ ،‬تظــل اسـ ً‬ ‫موازي ــن الق ــوى اإلقليمي ــة والدولي ــة؟‬

‫‪6‬‬

‫كـــــــــــــــورديات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪2025‬‬

‫‪KURDISH‬‬

‫‪7‬‬

‫الذهب األبيض في كرميان‪..‬‬

‫كزن يتآكل‬

‫تحت وطأة الطبيعة‬

‫وغياب الدعم‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬

‫في عمق سهول كرميان‪ ،‬حيث ينعكس ضوء الشمس على‬ ‫مساحات بيضاء المعة كأنها بساط من الكريستال‪ ،‬يعيش مئات‬ ‫األهالي على مهنة قديمة حولت مياه األمطارإلى "ذهب أبيض"‪.‬‬

‫لك ــن ه ــذا املش ــهد التراث ــي‪ ،‬في كرمي ــان التابع ــة‬ ‫لقض ــاء جمجم ــال ضم ــن ح ــدود محافظ ــة‬ ‫الس ــليمانية في إقلي ــم كوردس ــتان ل ــم يع ــد‬ ‫كم ــا كان‪ ،‬إذ بات ــت البرك تنت ــج م ــن منتجه ــا‬ ‫السح ــري‪ ،‬أق ــل م ــن ثل ــث م ــا كان ــت تمنح ــه في‬ ‫املا�ضي‪ ،‬وس ــط معان ــاة األه ــالي بين قس ــوة‬ ‫الطبيع ــة وغي ــاب البني ــة التحتي ــة‪.‬‬ ‫بيشكــوت ســعدون ناميــق‪ ،‬وهــو رجــل خمســيني‬

‫م ــن أبن ــاء املنطق ــة‪ ،‬يتح ــدث ملجل ــة "ف ــيلي"‪،‬‬ ‫بينم ــا يق ــف عن ــد حاف ــة برك ــة ملحي ــة ت ــتألأل‬ ‫ـائًال‪" :‬نح ــن مجموع ــة م ــن‬ ‫تح ــت ش ــمس آب‪ ،‬ق ـ ً‬ ‫ـويًا على جم ــع امللح ال ــذي‬ ‫األق ــارب نعم ــل س ـ ً‬ ‫تنتج ــه األرض هن ــا تب ــدأ العملي ــة بع ــد موس ــم‬ ‫األمط ــار‪ ،‬حين تتجم ــع املي ــاه في البرك‪ ،‬وم ــع‬ ‫ح ـرارة الش ــمس تتح ــول شيئ ـ�ا فشيئ ـ�ا إلى‬ ‫طبق ــات ملحي ــة"‪.‬‬

‫وي ــشير بيشك ــوت بي ــده إلى أدوات بس ــيطة‬ ‫يســتخدمونها‪ :‬مجرفــة حديديــة وسالل يدويــة‪،‬‬ ‫ث ــم يضي ــف‪" :‬في ش ــهر أيار‪/‬ماي ــو م ــن كل ع ــام‪،‬‬ ‫ننظ ــف األمالح م ــن الش ــوائب التي علق ــت به ــا‬ ‫بعــد األمطــار‪ ،‬نكســرها وننعمهــا‪ ،‬ثــم نــمأل البرك‬ ‫ـددًا بكمي ــات مدروس ــة م ــن املي ــاه‪ .‬نتركه ــا‬ ‫مج ـ ً‬ ‫حتى أواخ ــر حزيران‪/‬يوني ــو أو مطل ــع تم ــوز‪/‬‬ ‫يوليــو‪ ،‬حين نحصــد نــوعين مــن امللح؛ الخشــن‬

‫‪8‬‬

‫كـــــــــــــــورديات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪2025‬‬

‫‪KURDISH‬‬

‫الذهب األبيض في كرميان‪..‬‬ ‫الــذي يطفــو على الســطح‪ ،‬والناعــم املخصــص لالستهالك‬ ‫البش ــري"‪.‬‬ ‫لك ــن بين كلمات ــه ح ــزن على م ــا آل ــت إلي ــه املهن ــة‪ ،‬إذ يق ــول‪:‬‬ ‫ـنويًا بين ‪ 800‬و‪ 900‬ط ــن‪ ،‬أم ــا‬ ‫"قب ــل س ــنوات كن ــا ننت ــج س ـ ً‬ ‫اآلن فال يتج ــاوز إنتاجن ــا ‪ 250‬طن ـ ًـًا فق ــط"‪.‬‬ ‫ويرج ــع السب ــب إلى اله ـزات األرضي ــة التي ضرب ــت كرمي ــان‬ ‫ع ــام ‪ ،2017‬فتدفق ــت عي ــون مي ــاه عذب ــة إلى البرك‬ ‫املالح ــة‪ ،‬مم ــا أفس ــد عملي ــة التبخ ــر‪ ،‬ويؤك ــد "نحت ــاج‬ ‫ـدخًال‬ ‫ملع ــدات متط ــورة لفص ــل املي ــاه‪ ،‬وه ــذا يتطل ــب ت ـ ً‬ ‫ـاجًال"‪ ،‬يضي ــف بيشك ــوت‪.‬‬ ‫حكومي ـ�ا ع ـ ً‬ ‫ـابقًا كن ــا ن ــمأل‬ ‫ـائًال‪" :‬س ـ ً‬ ‫ويتح ــدث ع ــن تغ ــيير وتيرة العم ــل ق ـ ً‬ ‫املخ ــازن خالل أي ــام قليل ــة‪ ،‬أم ــا اآلن فن ــم�ضي أس ــابيع في‬ ‫الح ــر الش ــديد لنحص ــل على كمي ــة ال تكف ــي الطل ــب"‪.‬‬ ‫في الطــرف اآلخــر‪ ،‬يــروي محمــود شاســوار‪ ،‬وهــو مــن سكان‬ ‫إحــدى القــرى املجــاورة‪ ،‬أن أكثر مــن ‪ 200‬قريــة تعيــش على‬ ‫ه ــذا اإلنت ــاج‪ ،‬لكنه ــم يواجه ــون صعوب ــات في الوص ــول إلى‬ ‫البرك بسبــب عــدم وجــود طــرق معبــدة‪.‬‬ ‫ويؤك ــد شاس ــوار‪ ،‬ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬أن امللح املنت ــج نوع ــان‪:‬‬ ‫أحدهمــا لالســتخدام البشــري‪ ،‬واآلخــر للحيوانــي‪ ،‬وتتراوح‬ ‫أس ــعاره بين ‪ 15‬و‪ 20‬أل ــف دين ــار للكي ــس الواح ــد ال ــذي‬ ‫ي ــزن نح ــو ‪ 20‬كيلوغراـ ـ ًمًا‪.‬‬ ‫ـائًال‪" :‬في‬ ‫وي ــشير بابتس ــامة إلى تغ ــيير أس ــلوب التعبئ ــة ق ـ ً‬ ‫املا�ضي كن ــا نبي ــع امللح في أس ــطوانات معدني ــة‪ ،‬أم ــا اآلن‬ ‫فص ــار يب ــاع في أكي ــاس بالستيكي ــة"‪.‬‬ ‫ووثقــت كاميرا مجلــة "فــيلي"‪ ،‬صــو ًرًا ألهــالي قريــة "خوێــڵێن"‬ ‫في منطق ــة كرمي ــان التابع ــة لقض ــاء جمجم ــال ضم ــن‬ ‫ح ــدود محافظ ــة الس ــليمانية‪ ،‬وه ــم يعمل ــون على إنت ــاج‬ ‫امللح‪ ،‬حيــث ينتجــون كل عــام كميــات كــبيرة مــن مــادة ملح‬ ‫الطعــام بسبــب وجــود ميــاه مالحــة في قريتهــم‪ ،‬حيــث يغطــي‬ ‫املنت ــج في القري ــة كوردس ــتان وب ــاقي املحافظ ــات‪.‬‬ ‫وتعــود مهنــة إنتــاج امللح في كرميــان إلى مئــات الســنين‪ ،‬وهي‬ ‫تعتمــد على التبخــر الطبــيعي مليــاه األمطــار في بــرك ترابيــة‬ ‫واس ــعة‪ .‬و ُ​ُيع ــرف ملح كرمي ــان بجودت ــه العالي ــة‪ ،‬حي ــث‬ ‫يس ــتخدم في الغ ــذاء وامل ــوا�شي والصناع ــات التقليدي ــة‪،‬‬ ‫لك ــن الس ــنوات األخيرة ش ــهدت ت ــغيرات بيئي ــة وه ـزات‬ ‫أرضيــة أضعفــت اإلنتــاج‪ ،‬في وقــت يعانــي فيــه األهــالي مــن‬ ‫ضع ــف الخدم ــات وغي ــاب الدع ــم الحكوم ــي‪ ،‬م ــا يه ــدد‬ ‫اس ــتمرار ه ــذا اإلرث االقتص ــادي واالجتم ــاعي‪.‬‬

‫هزات أرضية رضبت‬ ‫كرميان عام ‪،2017‬‬

‫فتدفقت عيون‬

‫مياه عذبة إلى الربك‬ ‫المالحة‪ ،‬مما أفسد‬

‫عملية التبخر‪" ،‬نحتاج‬ ‫لمعدات متطورة‬

‫لفصل المياه‪ ،‬وهذا‬ ‫تدخًال حكوميًاً‬ ‫ً‬ ‫يتطلب‬ ‫ً‬ ‫عاجًال""‪.‬‬

‫بني كلماته حزن على ما آلت إليه المهنة‪ ،‬إذ يقول‪:‬‬ ‫ً‬ ‫سنويًا بني ‪ 800‬و‪ 900‬طن‪ ،‬أما‬ ‫"قبل سنوات كنا ننتج‬ ‫ً‬ ‫طنًا فقط"‪.‬‬ ‫اآلن فال يتجاوز إنتاجنا ‪250‬‬

‫‪9‬‬

‫‪10‬‬

‫كـــــــــــــــورديات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪11 2025‬‬

‫‪KURDISH‬‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫أدى تراج ــع اإلطالق ــات‬ ‫املائي ــة م ــن تركي ــا إلى في‬ ‫مش ــهد غير مأل ــوف‪ ،‬حي ــث‬ ‫انحس ــرت مي ــاه ب ــحيرة س ــد‬ ‫املوص ــل‪ ،‬ش ــمالي الع ــراق‪،‬‬ ‫لتكش ــف ع ــن م ــقبرة‬ ‫تع ــود للطائف ــة اإليزيدي ــة‪،‬‬ ‫بعضه ــا م ــا زال يحتف ــظ‬ ‫بش ــواهد القب ــور ونقوش ــها‬ ‫امل ــميزة رغ ــم م ــرورأكثرم ــن‬ ‫أربع ــة عق ــود على غمره ــا‬ ‫باملي ــاه‪.‬‬

‫وقــال سكان محليــون مــن قــرى مجــاورة‬ ‫للس ــد ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬إنه ــم ش ــاهدوا‬ ‫خالل جوالته ــم على أط ـراف الب ــحيرة‬ ‫عش ـرات القب ــور الحجري ــة وق ــد ظه ــرت‬ ‫م ــن تح ــت املاء‪ ،‬بعضه ــا محف ــوظ‬ ‫ب ــشكل الف ــت‪ ،‬وتعلوه ــا ش ــواهد تحم ــل‬ ‫كتاب ــات وزخ ــارف خاص ــة باإليزي ــديين‪،‬‬ ‫م ــن بينه ــا كلم ــة "مل ــك" التي ترم ــز في‬ ‫العقيــدة اإليزيديــة إلى "ملــك طــاووس"‪،‬‬ ‫املالك الرئي ــس واملق ــدس لديه ــم‪.‬‬ ‫وأض ــاف أح ــد الش ــهود‪" :‬كن ــا نعل ــم أن‬ ‫في ق ــاع الب ــحيرة توج ــد ق ــرى ومداف ــن‬ ‫قديمــة غمرتهــا امليــاه بعــد إنشــاء الســد‬ ‫في ثمانينيــات القــرن املا�ضي‪ ،‬لكــن رؤيــة‬ ‫القب ــور بأعينن ــا أم ــر مختل ــف‪ .‬النق ــوش‬ ‫واضح ــة‪ ،‬وبع ــض الش ــواهد م ــا ت ـزال في‬ ‫أماكنه ــا األصلي ــة‪ ،‬وكأن الزم ــن توق ــف‬ ‫من ــذ غم ــرت املي ــاه ه ــذه األرض"‪.‬‬ ‫وتظه ــر على بع ــض الش ــواهد رم ــوز‬ ‫وزخ ــارف على شكل ط ــاووس أو أش ــعة‬ ‫ش ــمس‪ ،‬وهي رم ــوز مقدس ــة ل ــدى‬ ‫اإليزي ــديين‪ ،‬ت ــعبر ع ــن الن ــور والطه ــارة‬

‫شواهد الماء‪..‬‬

‫بحرية سد الموصل‬

‫تكشف عن مقربة إيزيدية‬

‫في عقيدته ــم‪ ،‬إضاف ــة إلى بيان ــات ع ــن‬ ‫أس ــماء املت ــوفين وتواري ــخ ميالده ــم‬ ‫ووفاته ــم‪ ،‬مكتوب ــة باللغ ــة الكوردي ــة‬ ‫وبعضه ــا بالعربي ــة‪ ،‬م ــا يعك ــس التن ــوع‬ ‫اللغ ــوي والثق ــافي ل ــدى أبن ــاء الطائف ــة‪.‬‬ ‫وي ــشير باحث ــون محلي ــون في تاري ــخ‬ ‫املنطق ــة إلى أن ه ــذه املداف ــن تع ــود‬ ‫لق ــرى إيزيدي ــة كان ــت قائم ــة على‬ ‫ضف ــاف نه ــر دجل ــة قب ــل بن ــاء الس ــد‪،‬‬ ‫وأن سكانهــا ُ​ُأجبروا على النزوح في إطــار‬ ‫مش ــروع إنش ــاء أكبر س ــد في الع ـراق‪،‬‬ ‫م ــا أدى إلى غم ــر أراضيه ــم ومنازله ــم‬ ‫ومقابره ــم بالكام ــل‪.‬‬ ‫الباح ــث في التراث ال ــديني‪ ،‬عم ــار‬ ‫اليــاس‪ ،‬أوضح في تصريــح ملجلــة "فــيلي"‬ ‫أن "ظهــور هــذه القبــور ال يمثــل مجــرد‬ ‫مش ــهد إنس ــاني مؤث ــر‪ ،‬ب ــل ه ــو وثيق ــة‬ ‫حيــة على الوجــود التــاريخي لإليزيــديين‬ ‫في ه ــذه املناط ــق"‪.‬‬ ‫وأض ــاف‪" :‬كل ش ــاهد قبر ه ــو ج ــزء‬ ‫م ــن ذاك ــرة جماعي ــة‪ ،‬تحم ــل في طياته ــا‬ ‫قص ــص األف ـراد والع ــائالت واملجتم ــع‬

‫ال ــذي ع ــاش هن ــا لق ــرون"‪.‬‬ ‫مــن جانبــه‪ ،‬أشــار مصــدر في وزارة املــوارد املائيــة‬ ‫في تصري ــح ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬إلى أن انخف ــاض‬ ‫منس ــوب ب ــحيرة س ــد املوص ــل يع ــود إلى ع ــدة‬ ‫عوام ــل‪ ،‬أبرزه ــا تراج ــع ال ــواردات املائي ــة م ــن‬ ‫تركي ــا‪ ،‬وزي ــادة السح ــب لتغطي ــة االحتياج ــات‬ ‫ـضًال عــن شح األمطــار‬ ‫الزراعيــة والصناعيــة‪ ،‬فـ ً‬ ‫في الس ــنوات األخيرة‪.‬‬ ‫ولف ــت املص ــدر إلى أن ه ــذه الظاه ــرة تتك ــرر‬ ‫كلم ــا انخفض ــت مس ــتويات املي ــاه ب ــشكل ح ــاد‪،‬‬ ‫ـاٍن قديم ــة وط ــرق ترابي ــة‬ ‫إذ تظه ــر أس ــس مب ـ ٍ‬ ‫وحتى مـزارع كانــت تعج بالحيــاة قبــل أن تتحــول‬ ‫إلى ق ــاع ب ــحيرة‪.‬‬ ‫وتق ــع ب ــحيرة س ــد املوص ــل على بع ــد نح ــو‬ ‫ـومتر ش ــمال مدين ــة املوص ــل مرك ــز‬ ‫‪ 50‬كيل ـ �ا‬ ‫محافظ ــة نين ــوى‪ ،‬وق ــد أنشئ ــت في ثمانيني ــات‬ ‫الق ــرن املا�ضي كأح ــد أه ــم املش ــاريع املائي ــة في‬ ‫العـراق لتــأمين امليــاه وتوليــد الطاقــة الكهربائيــة‬ ‫وتنظي ــم جري ــان نه ــر دجل ــة‪.‬‬ ‫لك ــن املش ــروع أدى أيض ـ ًـًا إلى غم ــر عش ـرات‬ ‫الق ــرى‪ ،‬م ــا تسب ــب في تهجير آالف ال ــسكان‬ ‫م ــن مختل ــف القومي ــات واألدي ــان‪ ،‬بينه ــم‬ ‫اإليزيد ي ــون ‪.‬‬ ‫واإليزيدي ــة‪ ،‬التي ُ​ُتع ــد م ــن أق ــدم الديان ــات في‬ ‫الع ـراق‪ ،‬تتمرك ــز ب ــشكل أس ــا�سي في س ــنجار‬ ‫وش ــيخان ومناط ــق متفرق ــة م ــن محافظ ــة‬ ‫نين ــوى‪ ،‬و ُ​ُيق ـ َـَّدر ع ــدد أتباعه ــا بنح ــو نص ــف‬ ‫ملي ــون شخ ــص‪.‬‬ ‫وهــم يقدســون "ملــك طــاووس" باعتبــاره املالك‬ ‫الرئي ــس‪ ،‬ويحتفل ــون بأعي ــاد خاص ــة أبرزه ــا‬

‫"عيــد رأس الســنة اإليزيديــة" الــذي يوافــق أول‬ ‫أربع ــاء م ــن ش ــهر نيس ــان‪ /‬أبري ــل الش ــرقي‪.‬‬ ‫ويق ــول الخ ــبير في ش ــؤون األدي ــان‪ ،‬خال ــد‬ ‫جلي ــل‪ ،‬في تصري ــح ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬إن "وج ــود‬ ‫قب ــور إيزيدي ــة في مناط ــق مختلف ــة م ــن نين ــوى‬ ‫يؤك ــد أن الطائف ــة كان ــت منتش ــرة تاريخي ـ ًـًا في‬ ‫مس ــاحة أوس ــع بك ــثير مم ــا هي علي ــه اآلن‪ ،‬قب ــل‬ ‫أن تدفعه ــا الظ ــروف السياس ــية واالقتصادي ــة‬ ‫إلى االنحس ــار في مناط ــق مح ــدودة"‪.‬‬ ‫وأضــاف اليــاس‪" :‬هــذه القبــور هي شــواهد على‬ ‫عم ــق الج ــذور‪ ،‬وهي أيض ـ ًـًا فرص ــة للباح ــثين‬ ‫واملهت ــمين بدراس ــة النق ــوش والرم ــوز لفه ــم‬ ‫املزي ــد ع ــن التراث اإليزي ــدي"‪.‬‬ ‫وم ــع ع ــودة ه ــذه املداف ــن إلى الظه ــور‪ ،‬يط ــرح‬ ‫البع ــض تس ــاؤالت ح ــول إمكاني ــة توثيقه ــا أو‬ ‫نق ــل ش ــواهدها للحف ــاظ عليه ــا م ــن التل ــف أو‬ ‫الس ــرقة‪ ،‬خاص ــة في ظ ــل الت ــغيرات املناخي ــة‬ ‫التي ق ــد تعي ــد غمره ــا أو تعرضه ــا للتعري ــة‪.‬‬ ‫ويــرى مختصــون أن هــذه اللحظــة تمثــل فرصــة‬ ‫نــادرة إلجـراء مسح أثــري وتوثيقــي شــامل‪ ،‬ليــس‬ ‫فق ــط للمداف ــن اإليزيدي ــة‪ ،‬ب ــل لكل م ــا ق ــد‬ ‫يظه ــر م ــن آث ــار وق ــرى غمرته ــا الب ــحيرة‪ ،‬إذ إن‬ ‫تاريخًيــا ً‬ ‫ً‬ ‫حًيــا لــفترة مــا‬ ‫هــذه املواقــع تمثــل سجاًلا‬ ‫قب ــل إنش ــاء س ــد املوص ــل‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ويخت ــم الباح ــث خال ــد جلي ــل"املاء غّي ــب ه ــذه‬ ‫القب ــور ألكثر م ــن أربع ــة عق ــود‪ ،‬لك ــن األرض‬ ‫أعادته ــا إلين ــا‪ .‬علين ــا أن نحس ــن التعام ــل م ــع‬ ‫ـلكًا لجماع ــة ديني ــة‬ ‫ه ــذا اإلرث‪ ،‬فه ــو لي ــس م ـ ً‬ ‫فق ــط‪ ،‬ب ــل ه ــو ج ــزء م ــن تاري ــخ الع ـراق كل ــه"‪.‬‬

‫‪12‬‬

‫فيليــــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪13 2025‬‬

‫‪FAILIES‬‬

‫مقعد الكوتا الفيلي‪..‬‬

‫تمثيل سياسي‬

‫أم واجهة شكلية؟‬

‫ماجد سوره ميري‪:‬‬ ‫رغ ــم م ــرور أكث ــر م ــن عقدي ــن عل ــى س ــقوط النظ ــام العراق ــي‬ ‫الس ــابق ف ــي ع ــام ‪ ،2003‬ال ي ــزال الك ــورد الفيلي ــون‪ ،‬وه ــم م ــن‬ ‫أقـــدم وأعـــرق المكونـــات العراقيـــة‪ ،‬يرزحـــون تحـــت وطـــأة‬ ‫التهمي ــش السياس ــي واإلداري‪ ،‬بع ــد عق ــود م ــن االضطه ــاد‬ ‫الممنهــج الــذي طــال هويتهــم‪ ،‬وجودهــم‪ ،‬وحقوقهــم المدنيــة‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫فيليــــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪15 2025‬‬

‫‪FAILIES‬‬

‫مقعد الكوتا الفيلي‪..‬تمثيل سياسي أم واجهة شكلية؟‬ ‫<< ال يتمتع الفيليون في بغداد بأي تمثيل نيابي مباشر‪،‬‬ ‫بل إن مقعد الكوتا الوحيد ال يع ّ​ّبر ال عن هذا االمتداد‬

‫الديموغرافي‪ ،‬وال عن المطالب السياسية واالقتصادية‬ ‫واالجتماعية ألبناء هذا المكون‪>> .‬‬

‫مــن الــتهجيرإلى التهميــش الجديد‬ ‫الك ــورد الفيلي ــون ه ــم مك ــون ك ــوردي‬ ‫(ش ــيعي)‪ ،‬تمت ــد جذوره ــم في الع ــراق‬ ‫لق ــرون‪ ،‬ويتوزع ــون جغر افي ــا بين بغ ــداد‪،‬‬ ‫ودي ــالى‪ ،‬وواس ــط‪ ،‬وميس ــان‪ ،‬ف ــضال ع ــن‬ ‫م ــدن كوردس ــتانية كخان ــقين ومن ــدلي وب ــدرة‬ ‫وجص ــان وكرك ــوك‪ .‬بحس ــب تقدي ــرات‬ ‫غير رس ــمية‪ ،‬يتراوح عدده ــم بين ‪ 1.5‬إلى ‪2‬‬ ‫ملي ــون نس ــمة‪ ،‬يشكل ــون بذل ــك نس ــبة ال‬ ‫يسته ــان به ــا م ــن سكان الع ــراق‪ .‬إال أن ه ــذا‬ ‫الثق ــل السكان ــي ل ــم يترج ــم حتى اآلن إلى‬ ‫تمثي ــل س ــيا�سي يعك ــس حجمه ــم الف ــعلي أو‬ ‫يس ــهم في ضم ــان حقوقه ــم‪.‬‬ ‫وقــد تعـ ّـّرض الفيليــون خالل حقبــة النظــام‬ ‫الب ــعثي إلى حمل ــة تهجير قس ــرية ب ــدأت في‬ ‫س ــبعينيات الق ــرن املا�ضي‪ ،‬وبلغ ــت ذروته ــا‬ ‫بين عام ــي ‪ ،1988–1980‬حين ت ــم سح ــب‬ ‫الجنس ــية العر اقي ــة م ــن مئ ــات اآلالف‬ ‫منهــم‪ ،‬وتــم تهجيرهــم قســرا إلى إيــران بذريعــة‬

‫"أصوله ــم اإليراني ــة"‪ ،‬في حين أن غالبيته ــم‬ ‫الســاحقة كانــت تحمــل الجنســية العر اقيــة‬ ‫أب ــا ع ــن ج ــد‪ .‬وتر افق ــت ه ــذه اإلج ــراءات‬ ‫م ــع مص ــادرة واس ــعة ملمتلكاته ــم وأمواله ــم‬ ‫املنقولــة وغيراملنقولــة‪ ،‬وإعــدام اآلالف مــن‬ ‫ش ــبابهم في السج ــون واملعت ــقالت‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫الفيلّيــة‪ :‬إنصــاف أم تمييع؟‬ ‫الكوتــا‬ ‫بع ــد س ــقوط النظ ــام‪ ،‬وبع ــد التي واللتي ــا‬ ‫ت ــم تخصي ــص مقع ــد كوت ــا واح ــد للك ــورد‬ ‫الفيل ــيين في مجل ــس الن ــواب الع ــراقي في‬ ‫محاول ــة رمزي ــة لــ"جبر الض ــرر" وتمثي ــل‬ ‫ه ــذا املك ــون‪ ،‬ووق ــع االختي ــار على محافظ ــة‬ ‫واس ــط الحتض ــان ه ــذا املقع ــد باعتباره ــا‬ ‫م ــن املحافظ ــات التي تش ــهد حض ــورا فيلي ــا‬ ‫تقليد ي ــا‪.‬‬ ‫ل‬ ‫لك ــن م ــع الوق ــت‪ ،‬تح ــو ه ــذا املقع ــد إلى‬ ‫م ــا يش ــبه "الجائ ــزة االنتخابي ــة" للق ــوى‬ ‫السياس ــية ال ــكبرى‪ ،‬خاص ــة بع ــد أن ت ــم‬ ‫تحويل ــه م ــن مقع ــد مخص ــص ملحافظ ــة‬

‫واس ــط إلى مقع ــد كوت ــا وطني‪ ،‬م ــا أت ــاح‬ ‫لجميــع القوائــم االنتخابيــة التنافــس عليــه‬ ‫دون مراع ــاة للهوي ــة االجتماعي ــة أو قاع ــدة‬ ‫التمثي ــل املجت ــمعي‪.‬‬ ‫في انتخاب ــات ‪ ،2021‬على سبي ــل املث ــال‪،‬‬ ‫رص ــدت مح ــاوالت م ــن بع ــض األح ــزاب‬ ‫السياس ــية لل ــزج بم ــرشحين ال يملك ــون‬ ‫امت ــدادا حقيقي ــا في األوس ــاط الفيلي ــة‪ ،‬ب ــل‬ ‫ول ــم يعرف ــوا س ــابقا بالنش ــاط في قضاي ــا‬ ‫ه ــذا املك ــون‪ ،‬في محاول ــة الستثم ــار املقع ــد‬ ‫ألغ ــراض سياس ــية بحت ــة‪.‬‬ ‫و اقــع سكانــي ُيغفل عمدا‬ ‫ُ‬ ‫تــشيرمعظــم التقديــرات السكانيــة املســتقلة‬ ‫إلى أن العاصم ــة بغ ــداد تحتض ــن الي ــوم م ــا‬ ‫بين ‪ 800‬أل ــف إلى ملي ــون ك ــوردي ف ــيلي‪،‬‬ ‫م ــا يجعله ــا أكبر تجم ــع ف ــيلي على مس ــتوى‬ ‫الع ــراق‪ .‬وم ــع ذل ــك‪ ،‬ال يتمت ــع الفيلي ــون في‬ ‫بغ ــداد ب ــأي تمثي ــل نياب ــي مباش ــر‪ ،‬ب ــل إن‬ ‫مقع ــد الكوت ــا الوحي ــد ال ي ــعّبر ال ع ــن ه ــذا‬ ‫ّ‬

‫االمت ــداد الديموغ ــرافي‪ ،‬وال ع ــن املطال ــب‬ ‫السياس ــية واالقتصادي ــة واالجتماعي ــة‬ ‫ألبن ــاء ه ــذا املك ــون‪.‬‬ ‫بحس ــب مب ــدأ التمثي ــل السكان ــي الن ــسبي‬ ‫املعم ــول ب ــه في النظ ــم الديمقراطي ــة‪ ،‬ف ــإن‬ ‫ملي ــون نس ــمة تع ــادل قراب ــة ‪ 5‬مقاع ــد‬ ‫نيابيــة على األقــل‪ ،‬مــا يــعني أن حصــرتمثيــل‬ ‫الك ــورد الفيل ــيين بمقع ــد واح ــد ه ــو بمثاب ــة‬ ‫إقص ــاء مم ــنهج‪ ،‬مغل ــف ب ــغالف "الرمزي ــة‬ ‫التمثيلي ــة"‪.‬‬ ‫ممارســات إقصائية مســتمرة‬ ‫ل ــم تتوق ــف معان ــاة الفيل ــيين عن ــد ح ــد‬ ‫التمثيــل النيابــي املحــدود‪ .‬إذ ال يــزال اآلالف‬ ‫منه ــم مح ــرومين م ــن اس ــتعادة الجنس ــية‬ ‫العر اقيــة رغــم مــرورأكثرمــن ‪ 40‬عامــا على‬ ‫إســقاطها تعســفا‪ ،‬مــا يحرمهــم مــن الحقــوق‬ ‫السياس ــية واملدني ــة‪ ،‬بم ــا في ذل ــك الترشح‬ ‫واالنتخ ــاب‪ ،‬والتوظي ــف في املؤسس ــات‬ ‫الحكومي ــة‪ ،‬والحص ــول على الوثائ ــق‬

‫الرس ــمية‪.‬‬ ‫في املقابــل‪ ،‬لــم تتخــذ الحكومــات العر اقيــة‬ ‫املتعاقب ــة أي خط ــوات ج ــادة نح ــو تس ــوية‬ ‫للُمهّجري ــن‪ ،‬وال نح ــو‬ ‫امللف ــات القانوني ــة‬ ‫ُ ّ‬ ‫رد االعتب ــار القانون ــي والرم ــزي لضحاي ــا‬ ‫اإلعدامــات واملجــازرالتي ا ُرُتكبــت بحــق هــذا‬ ‫املكــون‪ .‬كمــا ال توجــد برامــج رســمية إلعــادة‬ ‫دم ــج الفيل ــيين في مؤسس ــات الدول ــة‪ ،‬أو‬ ‫السترداد ممتلكاته ــم املص ــادرة‪ ،‬رغ ــم ص ــدور‬ ‫ق ــرارات قضائي ــة لص ــالح بعضه ــم م ــن قب ــل‬ ‫"هيئ ــة دع ــاوى امللكي ــة"‪.‬‬ ‫الكوتــا كأداة احتــواء رمزي‬ ‫في ظ ــل ه ــذه املعطي ــات‪ ،‬يب ــدو أن مقع ــد‬ ‫الكوت ــا الف ــيلي ق ــد تح ـ ّـّول م ــن وس ــيلة‬ ‫للتمثي ــل الع ــادل إلى أداة احت ــواء رم ــزي‬ ‫ُ​ُتســتخدم لتجميــل صــورة النظــام الســيا�سي‬ ‫أم ــام الداخ ــل والخ ــارج‪ .‬فاملش ــاركة‬ ‫السياســية ال ُ​ُتقــاس بعــدد املقاعــد بقــدرمــا‬ ‫ُ​ُتق ــاس بالق ــدرة على الت ــأثير في السياس ــات‬ ‫العام ــة‪ ،‬والدف ــاع ع ــن الحق ــوق‪ ،‬وصياغ ــة‬ ‫التش ــريعات‪ ،‬وكل ذل ــك يغي ــب ع ــن النائ ــب‬ ‫الفــيلي "الشــكالني" الــذي ُ​ُيفــرض مــن خــارج‬ ‫يمّثله ــا‪.‬‬ ‫البيئ ــة املجتمعي ــة التي ي ــفترض أن ّ‬ ‫ب ــل إن التمثي ــل النياب ــي الح ــالي غالب ــا م ــا‬ ‫يكــون مفروضــا مــن قبــل أحــزاب تفتقــرألي‬ ‫امت ــداد حقيق ــي بين الفيل ــيين‪ ،‬م ــا يجع ــل‬ ‫م ــن مقع ــد الكوت ــا أداة فارغ ــة املضم ــون‪،‬‬ ‫ال تعك ــس حج ــم املظلومي ــة التاريخي ــة وال‬ ‫االس ــتحقاق الس ــيا�سي والديموغ ــرافي‪.‬‬ ‫مطالب مســتحقة ومؤجلة‬ ‫إن املطالب ــة بإع ــادة مقع ــد الكوت ــا إلى‬ ‫محافظ ــة واس ــط‪ ،‬رغ ــم رمزيته ــا‪ ،‬ال يج ــب‬

‫أن ُ​ُت ــختزل بإج ــراء فني أو ت ــقني ضم ــن‬ ‫مفوضي ــة االنتخاب ــات‪ ،‬ب ــل يج ــب أن ُ​ُتفه ــم‬ ‫ضمــن ســياق العدالــة التمثيليــة التي تقــوم‬ ‫على مب ــادئ واضح ــة‪ :‬الجغر افي ــا‪ ،‬الثق ــل‬ ‫السكان ــي‪ ،‬والهوي ــة املجتمعي ــة‪.‬‬ ‫كمــا أن إعــادة تقييــم تمثيــل الفيلــيين يجــب‬ ‫أن يشــمل تخصيــص مقاعــد نيابيــة جديــدة‬ ‫في بغ ــداد ودي ــالى‪ ،‬واملعالج ــة القانوني ــة‬ ‫الش ــاملة ملل ــف الجنس ــية‪ ،‬والتعوي ــض‬ ‫املادي واملعن ــوي للمهجري ــن‪ ،‬باالضاف ــة‬ ‫الى ض ــرورة إدم ــاج الكف ــاءات الفيلي ــة في‬ ‫مؤسس ــات الدول ــة‪ ،‬ال س ــيما في األجه ــزة‬ ‫التش ــريعية والتنفيذي ــة‪ ،‬ف ــضال ع ــن‬ ‫االعتراف ال ــرسمي بم ــا ج ــرى م ــن جرائ ــم‬ ‫بحقه ــم كمك ــون وطني‪.‬‬ ‫عدالة مؤجلة ومشــاركة غائبة‬ ‫ال يمك ــن الحدي ــث ع ــن بن ــاء دول ــة عادل ــة‬ ‫وتعددي ــة في الع ــراق دون تحقي ــق مش ــاركة‬ ‫سياس ــية حقيقي ــة لجمي ــع مكوناته ــا‪ ،‬وفي‬ ‫مقدمته ــم الك ــورد الفيلي ــون‪ ،‬الذي ــن كان ــوا‬ ‫وم ــا زال ــوا ج ــزءا ال يتج ــزأ م ــن النس ــيج‬ ‫ال ــوطني الع ــراقي‪ ،‬وقدم ــوا تضحي ــات‬ ‫جس ــيمة م ــن أج ــل وح ــدة ال ــبالد‪.‬‬ ‫الفيلي ــون ال يطالب ــون بمنح ــة أو صدق ــة‬ ‫سياس ــية‪ ،‬ب ــل بحقه ــم املش ــروع في التمثي ــل‬ ‫الع ــادل‪ ،‬واملواطن ــة الكامل ــة‪ ،‬والعدال ــة‬ ‫االنتقالي ــة‪ .‬وه ــم ال يس ــتحقون مقع ــدا‬ ‫شكلي ــا في البرملان فق ــط‪ ،‬ب ــل اعتر اف ــا‬ ‫صريح ــا بتاريخه ــم‪ ،‬وإع ــادة إدماجه ــم‬ ‫في مس ــتقبل الع ــراق بوصفه ــم ش ــركاء‬ ‫حقيق ــيين‪ ،‬ال مج ــرد أرق ــام انتخابي ــة أو‬ ‫أدوات سياس ــية ظرفي ــة‪.‬‬

‫‪16‬‬

‫فيليــــــــــــــــــات‬ ‫‪FAILIES‬‬

‫نوري بيخالي‪:‬‬ ‫من املواطنة إلى العدم‬ ‫واحدًا من أبشع الجرائم‬ ‫ُيعتبرالتطهيرالعرقي الذي تعرض له الكورد الفيليون في العراق‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ضد اإلنسانية في التاريخ املعاصر للمنطقة‪ .‬هذه العملية الشنيعة التي امتدت عبرعقود‬ ‫من الزمن وبلغت ذروتها في أواخرالسبعينيات والثمانينيات من القرن املا�ضي‪.‬‬

‫مأساة الفيليين‪..‬‬

‫رشارة التميزي وموت الذاكرة‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪17 2025‬‬

‫من املواطنة إلى العدم‬ ‫ن‬ ‫ُيع ــتبر التط ــهير الع ــرقي ال ــذي تع ــرض ل ــه الك ــورد الفيلي ــو في‬ ‫ُ‬ ‫ـدًا مــن أبشــع الجرائــم ضــد اإلنســانية في التاريــخ‬ ‫الع ـراق واحـ ً‬ ‫املعاص ــر للمنطق ــة‪ .‬ه ــذه العملي ــة الشنيع ــة التي امت ــدت‬ ‫عبر عق ــود م ــن الزم ــن وبلغ ــت ذروته ــا في أواخ ــر الس ــبعينيات‬ ‫والثمانيني ــات م ــن الق ــرن املا�ضي‪ ،‬تمث ــل صفح ــة مؤمل ــة م ــن‬ ‫صفح ــات التاري ــخ الع ـراقي الحدي ــث‪ .‬وکان اله ــدف م ــن ه ــذە‬ ‫الجریمــة املنهجیــة التي هي جــزء ال يتجـزأ مــن عمليــات اإلبــادة‬ ‫الجماعي ــة التي استهدف ــت الک ــورد في الع ـراق ط ــوال الق ــرن‬ ‫املا�ضي‪ ،‬طمــس الهویــة القومیــة للکــورد الفیلــیین وتجریدهــم‬ ‫م ــن حق ــوق املواطن ــة‪.‬‬ ‫أبناء الحدود املنسيون‬ ‫الك ــورد الفيلي ــون ه ــم مجموع ــة عرقي ــة كوردي ــة تن ــتمي إلى‬ ‫املذهــب الشــيعي‪ ،‬وتتــميز بلغتهــا الكورديــة الخاصــة (اللهجــة‬ ‫الکلهوری ــة) وتقاليده ــا الثقافي ــة امل ــميزة‪ .‬اس ــتوطنت ه ــذه‬ ‫املجموع ــة من ــذ ق ــرون في املناط ــق الحدودي ــة بين الع ـراق‬ ‫وإيـران (بغــداد‪ ،‬واســط‪ ،‬ديــالى‪ ،‬ميســان والبصــرة في العـراق‪.‬‬ ‫لورس ــتان‪ ،‬کرماش ــان وایالم في إی ـران)‪ ،‬وأم ــا فی ــلیي الع ـراق‬ ‫ـزءًا ال يتج ـزأ م ــن النس ــيج االجتم ــاعي‬ ‫كان ــوا يشكل ــون ج ـ ً‬ ‫الع ـراقي‪ ،‬حي ــث اندمج ــوا في املجتم ــع الع ـراقي وس ــاهموا في‬ ‫بنائ ــه االقتص ــادي والثق ــافي واالجتم ــاعي‪.‬‬ ‫ت ــميز الك ــورد الفيلي ــون بنش ــاطهم في التج ــارة والح ــرف‪،‬‬ ‫وكان له ــم حض ــور ب ــارز في األس ــواق التجاري ــة في بغ ــداد وب ــاقي‬ ‫املــدن العراقيــة‪ .‬كمــا بــرز منهــم شخصيــات مهمــة في مختلــف‬ ‫املج ــاالت السياس ــية والثقافي ــة واالقتصادي ــة‪ ،‬مم ــا جعله ــم‬ ‫ـزءًا أساس ـ ًـيًا م ــن تاري ــخ الع ـراق الحدي ــث‪.‬‬ ‫جـ ً‬ ‫جریمة الهویة‬ ‫ب ــدأت املح ــن الحقيقي ــة للك ــورد الفيل ــيين م ــع وص ــول ح ــزب‬ ‫البعــث إلى الســلطة في الع ـراق عــام ‪ ،1968‬وتفاقمــت بــشكل‬ ‫دراماتيكي في عهد صدام حسين الذي تولى السلطة الفعلية‬ ‫في أواخــر الســبعينيات‪ .‬كانــت السياســات العنصريــة للنظــام‬ ‫الب ــعثي تسته ــدف كل املكون ــات غير العربي ــة في الع ـراق‪ ،‬لك ــن‬ ‫ـادًا مضاعفـ ًـًا بسبــب هويتهــم‬ ‫الكــورد الفيلــيين واجهــوا اضطهـ ً‬ ‫الثنائيــة القومیــة واملذهبیــة‪.‬‬ ‫تزامن ــت ه ــذه السياس ــات م ــع توت ــر العالق ــات العراقي ــة‪-‬‬ ‫اإليرانيــة‪ ،‬حيــث اسـ ُـُتغل وجــود الكــورد الفيلــيين على الحــدود‬ ‫كذريع ــة التهامه ــم بال ــوالء إلي ـران‪ ،‬رغ ــم أنه ــم كان ــوا مواط ــنين‬ ‫عراقــيين أصلــيين‪ .‬هــذا الوضــع الجيوســيا�سي املعقــد جعلهــم‬ ‫ضحاي ــا لسياس ــة “التعري ــب” والتط ــهير الع ــرقي التي انتهجه ــا‬ ‫النظ ــام الع ـراقي‪.‬‬

‫‪18‬‬

‫فيليــــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪19 2025‬‬

‫‪FAILIES‬‬

‫مأساة الفيليين ‪ ..‬شرارة التمييز وموت الذاكرة‬

‫مراحل التطهير العرقي‬ ‫م ــرت عملی ــة التط ــهیر الع ــرقي للفیل ــیین‬ ‫بثالث ــة مراح ــل مأس ــاویة‪ ،‬انطالق ــا م ــن‬ ‫التم ــییز وتضیی ــق الخن ــاق الی مرحل ــة‬ ‫ال ــتهجیر القس ــري‪ ،‬انته ــاءا بالعملی ــة‬ ‫الوحش ــیة م ــن خالل سیاس ــة االب ــادة‬ ‫املنهجی ــة‪ ،‬حی ــث یمک ــن تلخیصه ــا کاألت ــي‪:‬‬ ‫أو ً​ًال‪:‬‬ ‫ش ـرارة التم ــييز و تس ــاقط الحق ــوق (‪1968‬‬ ‫ ‪)1975‬‬‫ب ــدأت السياس ــات التمييزي ــة ض ــد الك ــورد‬ ‫الفيل ــيين ب ــشكل ت ــدريجي م ــن خالل ف ــرض‬ ‫قيــود على حقوقهــم املدنيــة والسياســية‪ .‬تــم‬ ‫منعهــم مــن شــغل مناصــب حكوميــة مهمــة‪،‬‬ ‫ُوُفرض ــت عليه ــم قي ــود في التعلي ــم والعم ــل‪.‬‬ ‫كم ــا ب ــدأت ح ــمالت مص ــادرة املمت ــلكات‬ ‫تح ــت ذرائ ــع مختلف ــة‪ ،‬وت ــم تجري ــد الك ــثير‬ ‫منه ــم م ــن الجنس ــية العراقي ــة بحج ــة ع ــدم‬ ‫إثب ــات أصوله ــم العراقي ــة‪.‬‬ ‫ثانيًا‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ش ــاحنات امل ــوت ورحل ــة الالع ــودة (‪- 1975‬‬ ‫‪)1980‬‬ ‫م ــع تصاع ــد التوت ـرات اإلقليمي ــة‪ ،‬خاص ــة‬ ‫بعــد اتفاقيــة الجزائــر عــام ‪ ،1975‬تكثفــت‬ ‫سياس ــات ال ــتهجير القس ــري‪ .‬ب ــدأت‬ ‫الحكومــة العراقيــة بترحيــل عشـرات اآلالف‬ ‫م ــن الك ــورد الفيل ــيين إلى إي ـران‪ ،‬حي ــث ت ــم‬ ‫نقله ــم في ش ــاحنات وقط ــارات في ظ ــروف‬ ‫إنس ــانية مأس ــاوية‪ .‬كان ُيس ــمح له ــم بحم ــل‬ ‫أمتع ــة مح ــدودة فق ـ ُ‬ ‫ـط‪ ،‬بينم ــا ُ​ُتص ــادر‬ ‫جمي ــع ممتلكاته ــم م ــن عق ــارات ومح ــال‬ ‫تجاري ــة وأم ــوال‪.‬‬ ‫ثالثًا‪:‬‬ ‫ً‬ ‫صمت آخر صوت (‪)1988 - 1980‬‬ ‫خالل الح ــرب العراقية‪-‬اإليراني ــة‪ ،‬وصل ــت‬ ‫عملي ــات التط ــهير الع ــرقي إلى ذروته ــا‬ ‫الدمويــة‪ .‬تــم اعتقــال آالف الشــباب الكــورد‬ ‫الفيل ــيين وإرس ــالهم إلى معت ــقالت س ــرية‪،‬‬ ‫حي ــث تعرض ــوا للتعذي ــب والقت ــل‪ .‬كم ــا ت ــم‬ ‫تنفي ــذ عملي ــات إع ــدام جماعي ــة‪ ،‬واختف ــاء‬ ‫قســري آلالف األشخــاص الذيــن لــم ُ​ُتعــرف‬

‫مصائره ــم حتى الي ــوم‪.‬‬ ‫اســتخدم النظــام العـراقي أســاليب وحشــية‬ ‫في ه ــذه العملي ــات‪ ،‬بم ــا في ذل ــك اس ــتخدام‬ ‫األسلح ــة الكيميائي ــة في بع ــض املناط ــق‬ ‫الكوردي ــة‪ ،‬والتي أث ــرت أيض ـ ًـًا على املدن ــيين‬ ‫الك ــورد الفيل ــيين في املناط ــق الحدودي ــة‪.‬‬ ‫أرقام تبكي‬ ‫ت ــشير التقدي ـرات إلى أن ع ــدد ضحاي ــا‬ ‫التط ــهير الع ــرقي ض ــد الك ــورد الفيل ــيين‬ ‫يتراوح بين (‪ )100,000‬إلى (‪)200,000‬‬ ‫شخــص‪ ،‬منهــم عش ـرات اآلالف مــن القــتلى‬

‫واملفقودي ــن‪ ،‬وأكثر م ــن (‪ )150,000‬مهج ــر‬ ‫ـريًا‪ .‬ه ــذه األرق ــام تجع ــل م ــن ه ــذه‬ ‫قس ـ ً‬ ‫الجريمــة واحــدة مــن أكبر عمليــات التطــهير‬ ‫الع ــرقي في املنطق ــة خالل الق ــرن العش ــرين‪.‬‬ ‫موت الذاكرة‬ ‫ل ــم تقتص ــر آث ــار التط ــهير الع ــرقي على‬ ‫الخس ــائر البش ــرية فحس ــب‪ ،‬ب ــل امت ــدت‬ ‫لتشــمل تــدمير النســيج االجتمــاعي والثقــافي‬ ‫للك ــورد الفيل ــيين‪ .‬ت ــم تش ــتيت الع ــائالت‪،‬‬ ‫ُوُفق ــدت التقالي ــد الثقافي ــة‪ ،‬وتراجع ــت‬ ‫اللغ ــة الفيلي ــة نتيج ــة التشت ــت وال ــتهجير‪.‬‬ ‫كم ــا ت ــم ت ــدمير املقاب ــر واملواق ــع التراثي ــة‬ ‫الخاص ــة به ــم‪.‬‬ ‫أطفال بال وطن وآباء بال قبور‬ ‫عان ــى الناج ــون م ــن صدم ــات نفس ــية‬

‫« ُ​ُفرضت عليهم قيود في‬ ‫التعليم والعمل وبدأت‬ ‫حمالت مصادرة الممتلكات‬ ‫تحت ذرائع مختلفة‪ ،‬وتم‬ ‫تجريد الكثير منهم من‬ ‫الجنسية العراقية بحجة‬ ‫عدم إثبات أصولهم‬ ‫العراقية‪» .‬‬

‫« إن إحياء ذكرى هذه‬ ‫المأساة وتوثيقها ليس‬ ‫فقط واجب ً​ًا أخالقي ً​ًا تجاه‬ ‫الضحايا وذويهم‪ ،‬بل‬ ‫ضرورة لبناء مستقبل‬ ‫يقوم على العدالة‬ ‫والمساواة واحترام‬ ‫حقوق جميع المكونات‪».‬‬

‫عميق ــة نتيج ــة م ــا تعرض ــوا ل ــه م ــن عن ــف‬ ‫وتش ــريد‪ .‬كم ــا واجه ــوا صعوب ــات في‬ ‫االندم ــاج في املجتمع ــات التي هج ــروا إليه ــا‬ ‫قس ـرا‪ ،‬خاص ــة في إي ـران حي ــث ت ــم ترحي ــل‬ ‫معظمهــم‪ .‬واألطفــال الذيــن ُ​ُولــدوا في املنفــى‬ ‫نش ــأوا دون هوي ــة واضح ــة‪ ،‬مح ــرومين م ــن‬ ‫جنس ــية أو وط ــن ي ــعترف به ــم وام ــا ابائه ــم‬ ‫الذیــن قتلتهــم الجالوزة ودفنوهــم بال اکفــان‬ ‫في حفــر ال یعلــم بهــا اال ەللا‪ ،‬بقــوا بال قبــور‪.‬‬ ‫مأساة بال شهود‬ ‫رغــم فداحــة األبعــاد اإلنســانية والقانونيــة‬ ‫للجريم ــة التي ارتكب ــت ضده ــم‪ ،‬لك ــن‬ ‫ل ــم يج ــد الفيلي ــون ان ــذاك آذان ــا صاغي ــة‬ ‫لصرخته ــم وعون ــا لنجدته ــم في املأس ــاة‬ ‫التي اصابته ــم ي ــوم كان ــت طاغي ــة بغ ــداد‬

‫األم ــر الن ــاهي األول واألخير ول ــم تح ــظ‬ ‫قضيته ــم باالهتم ــام املطل ــوب‪ .‬ألن الس ــياق‬ ‫الجيوس ــيا�سي للح ــرب الب ــاردة‪ ،‬والح ــرب‬ ‫العراقية‪-‬اإليرانيــة‪ ،‬واملصــالح االقتصاديــة‬ ‫للق ــوى ال ــكبرى م ــع الع ـراق في وقته ــا‪ ،‬كله ــا‬ ‫عوام ــل س ــاهمت في طم ــس وتجاه ــل ه ــذه‬ ‫املأســاة اإلنســانية على املســتويين اإلقلــيمي‬ ‫والعا مل ــي‪.‬‬ ‫عدالة منقوصة‬ ‫بع ــد اس ــقاط نظ ــام ص ــدام ح ــسین ع ــام‬ ‫‪ ،2003‬ع ــاد بع ــض الك ــورد الفيل ــيين إلى‬ ‫الع ـراق‪ ،‬وس ــرعان م ــا ب ــدأت الشخصی ــات‬ ‫والجمعي ــات الكوردي ــة الفيلي ــة بنش ــاطات‬ ‫مدنیــة وحــمالت اعالمیــة ودعــوات قانونیــة‬ ‫للمطالب ــة بالحق ــوق الكامل ــة للن ــاجين‪ ،‬بم ــا‬

‫في ذل ــك التعويض ــات‪ ،‬وإع ــادة املمت ــلكات‪،‬‬ ‫واالعتراف ال ــرسمي بالجرائ ــم املرتكب ــة‪،‬‬ ‫ـنويًا‪ ،‬لكنه ــم واجه ــوا‬ ‫وإحي ــاء الذك ــرى س ـ ً‬ ‫تحدي ــات جم ــة في اس ــتعادة ممتلكاته ــم‬ ‫وحقوقه ــم‪ .‬الفس ــاد‪ ،‬والبيروقراطي ــة‪،‬‬ ‫والوضع األمني املتردي‪ ،‬كلها عوامل أعاقت‬ ‫عمليــة إعــادة التأهيــل واالندمــاج‪ .‬وبالرغــم‬ ‫م ــن أن املحكم ــة الجنائي ــة العراقي ــة العلي ــا‬ ‫التي شكل ــت بع ــد ‪ 2003‬نظ ــرت في بع ــض‬ ‫القضاي ــا املتعلق ــة بجرائ ــم النظ ــام الس ــابق‬ ‫ـميًا بجرائــم اإلبــادة الجماعيــة‬ ‫واعترفــت رسـ ً‬ ‫املرتكب ــة ض ــد الك ــورد الفيل ــيين‪ ،‬لك ــن‬ ‫العدال ــة الش ــاملة ل ــم تتحق ــق بع ــد!‬ ‫لئال ُ​ُتن�سى الجريمة‬ ‫التط ــهير الع ــرقي ض ــد الك ــورد الفيل ــيين‬ ‫في الع ـراق يمث ــل واح ــدة م ــن أحل ــك‬ ‫الصفح ــات في تاري ــخ املنطق ــة الحدي ــث‪.‬‬ ‫ه ــذه املأس ــاة تذكرن ــا بأهمي ــة الدف ــاع ع ــن‬ ‫حق ــوق ضحایاه ــا وحماي ــة م ــا تبق ــی منه ــم‬ ‫م ــن السياس ــات العنصري ــة والتمييزي ــة‪.‬‬ ‫كم ــا تؤك ــد على ض ــرورة ع ــدم الس ــماح‬ ‫لالعتب ــارات السیاس ــیة واالیدیولوجی ــة‬ ‫بالتغطيــة على هــذه الجریمــة الشــنعاء التي‬ ‫ارتکب ــت بح ــق اع ــرق مک ــون في تأری ــخ ه ــذا‬ ‫البل ــد ال ــذي کان م ــن املف ــروض ب ــأن یصب ــح‬ ‫بل ــد (األم ــل وال ــسالم) في حین وبع ــد م�ضي‬ ‫اکثر م ــن ق ــرنین‪ ،‬م ــازال الفیلی ــون یأمل ــون‬ ‫بين الرم ــاد والس ـراب وجراحه ــم ل ــم تندم ــل‬ ‫بع ــد‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫"صرخة في البّرية!"‬ ‫إن إحي ــاء ذك ــرى ه ــذه املأس ــاة وتوثيقه ــا‬ ‫لي ــس فق ــط واجب ـ ًـًا أخالقي ـ ًـًا تج ــاه الضحاي ــا‬ ‫وذويه ــم‪ ،‬ب ــل ض ــرورة لبن ــاء مس ــتقبل يق ــوم‬ ‫على العدال ــة واملس ــاواة واحترام حق ــوق‬ ‫جمي ــع املكون ــات‪ .‬الع ـراق الجدي ــد بحاج ــة‬ ‫إلى مواجه ــة ه ــذا التاري ــخ املؤل ــم والتعل ــم‬ ‫منــه‪ ،‬لضمــان عــدم تكـرار مثــل هــذه املآ�سي‬ ‫في املس ــتقبل‪.‬‬ ‫إن قضي ــة الك ــورد الفيل ــيين تظ ــل رم ـ ًزًا‬ ‫ملقاوم ــة اإلنس ــان للظل ــم والعنصري ــة‪،‬‬ ‫ـذكير دائم ـ�ا ب ــأن كرام ــة اإلنس ــان‬ ‫وت ـ �ا‬ ‫وحقوق ــه األساس ــية يج ــب أن تك ــون ف ــوق‬ ‫كل االعتب ــارات السياس ــية والطائفي ــة‬ ‫والعرقي ــة‪.‬‬

‫‪20‬‬

‫ســياســـــــــــــــــة‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪21 2025‬‬

‫‪POLITICS‬‬

‫مجلة فيلي _ عرض خاص‪:‬‬ ‫ُ​ُتعد املناصب الحكومية وسيلة لخدمة املواطنين وتطويرمؤسسات الدولة بما يلبي االحتياجات‪ ،‬غير‬ ‫أن السلطة التنفيذية في العراق جعلت البعض يحول املنصب إلى مشروع استثماري له ولحزبه‪ ،‬حتى‬ ‫أصبحت ثقافة تقبل تجديد الدماء في الدو ائروقبول أوامرتغييراملسؤولين غيرة واردة في قاموس‬ ‫الحزب أو من يمثله‪ ،‬وقد بلغ األمرحد االقتتال كماحدث مؤخرا في بغداد‪.‬‬

‫هوس المناصب في العراق‪..‬‬

‫رصاع دموي على االمتيازات‬ ‫ً‬ ‫بدًال من خدمة الشعب‬ ‫وش ــهدت منطق ــة ال ــدورة‪ ،‬جنوب ــي العاصم ــة‪،‬‬ ‫ـلحا بع ــد مباش ــرة‬ ‫ـتباكا مس ـ ً‬ ‫أم ــس األح ــد‪ ،‬اش ـ ً‬ ‫مدي ــر جدي ــد مهام ــه ف ــي دائ ــرة زراع ــة بغ ــداد‬ ‫ورف ــض املدي ــر الس ــابق تس ــليم املنص ــب‪ ،‬م ــا‬ ‫دف ــع املدي ــر املكل ــف لالس ــتعانة بمجموع ــة‬ ‫مســلحة تتبعــه‪ ،‬فنشــب اشــتباك بيــن الطرفيــن‬

‫أس ــفر ع ــن س ــقوط قتل ــى وجرح ــى‪.‬‬ ‫وع ــن ظاه ــرة التص ــارع عل ــى املناص ــب‪ ،‬يوض ــح‬ ‫النائــب الســابق‪ ،‬رحيــم الدراجــي‪ ،‬أن "املنظومــة‬ ‫السياس ــية ف ــي الع ـراق جعل ــت املنص ــب‬ ‫ـتثماريا يعــود بالنفــع علــى املســؤول‬ ‫ـروعا اسـ‬ ‫ً‬ ‫مشـ ً‬ ‫وعائلتــه وأقاربــه والحــزب الــذي يدعمــه ويتولــى‬

‫إدارة هــذا املنصــب‪ ،‬فــي حيــن ُيفتــرض أن يكــون‬ ‫املنص ــب لخدم ــة املواطني ــن‪ ،‬وس ــط تف�ش ــي‬ ‫س ــرقة امل ــال الع ــام وغي ــاب املس ــاءلة"‪.‬‬ ‫لذل ــك املناص ــب الحكومي ــة‪ ،‬بحس ــب م ــا‬ ‫يق ــول ال ــدراجي ملجل ــة "ف ــيلي"‪" ،‬بات ــت مش ــاريع‬ ‫استثماري ــة تتص ــارع عليه ــا األح ـزاب إلى ح ــد‬

‫االقتت ــال م ــن أج ــل الحص ــول عليه ــا بحج ــة‬ ‫االس ــتحقاق االنتخاب ــي‪ ،‬وبالت ــالي إج ـراءات‬ ‫تس ــليم وانتق ــال املنص ــب لشخ ــص آخ ــر‬ ‫أصبح ــت عملي ــة معق ــدة في ظ ــل غي ــاب ثقاف ــة‬ ‫الت ــنحي ل ــدى املس ــؤولين"‪.‬‬ ‫ويذه ــب إلى ال ـرأي نفس ــه النائ ــب الس ــابق‪،‬‬

‫الصيادي ‪" :‬أصبحت‬ ‫االستقالة محصورة‬ ‫بين قرار الحزب‬ ‫المستحوذ على‬ ‫المنصب‪ ،‬أو‬ ‫وسيلة للهروب‬ ‫من المسؤولية‬ ‫بعد ارتكابه خطًأً‬ ‫جسيم ً​ًا"‪.‬‬

‫كاظ ــم الصي ــادي خالل حديث ــه ملجل ــة "ف ــيلي"‪،‬‬ ‫ب ــأن "املنص ــب ال يت ــخلى عن ــه أح ــد ملا يمنح ــه‬ ‫م ــن امتي ــازات‪ ،‬فيم ــا أصبح ــت االس ــتقالة‬ ‫محص ــورة بين ق ـرار الح ــزب املس ــتحوذ على‬ ‫املنص ــب‪ ،‬أو وس ــيلة لله ــروب م ــن املس ــؤولية‬ ‫ـيمًا"‪.‬‬ ‫بع ــد ارتكاب ــه خط ـ ًـًأ جس ـ ً‬ ‫لك ــن ف ــي مقاب ــل الواق ــع العراق ــي‪ ،‬يق ــول املحل ــل‬ ‫السيا�س ــي‪ ،‬محم ــد الربيع ــي‪ ،‬إن "الحكوم ــات‬ ‫ذات املؤسســات الراســخة والنظــم السياســية‬ ‫الت ــي تتش ــكل بواس ــطة انتخاب ــات ديمقراطي ــة‬ ‫ح ــرة تتص ــف ه ــي ومس ــؤوليها بثقاف ــة نك ـران‬ ‫ال ــذات والش ــعور باملس ــؤولية العالي ــة تج ــاه م ــا‬ ‫يحصــل ألبنــاء الشــعب‪ ،‬علــى خــاف مــا يحصــل‬ ‫ف ــي الع ـراق"‪.‬‬ ‫وي ــوضح الرب ــيعي ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬أن ــه "رغ ــم‬ ‫الك ــوارث والح ــوادث املس ــتمرة في الع ـراق‬ ‫من ــذ س ــنوات والتي راح ضحيته ــا ك ــثير م ــن‬ ‫املواط ــنين‪ ،‬ل ــم يعل ــن مس ــؤول ع ــن اس ــتقالته‬ ‫بسبــب تقــصيره‪ ،‬وهــذا ُيعــزى إلى غيــاب ثقافــة‬ ‫ُ‬ ‫نك ـران ال ــذات وتحم ــل املس ــؤولية"‪.‬‬ ‫ويؤكــد‪ ،‬أن "االســتقالة مــن املنصــب هــي خيــار‬ ‫بعي ــد ل ــدى املس ــؤولين العراقيي ــن‪ ،‬وه ــذا ي ــدل‬ ‫على تشــبثهم بكر�ســي املســؤولية أو بســبب دعم‬ ‫الح ــزب أو الكتل ــة السياس ــية الت ــي ينتم ــي له ــا‬ ‫ويعمــل تحــت عباءتهــا‪ ،‬لذلــك يشــعر املســؤول‬ ‫أنــه فــوق القانــون‪ ،‬مــا يتطلــب تفعيــل وتشــديد‬ ‫اإلج ـراءات القانوني ــة أكث ــر"‪.‬‬ ‫وف ــي الس ــياق القانون ــي‪ ،‬يش ــير املحام ــي محم ــد‬ ‫جمع ــة‪ ،‬إل ــى "ع ــدم وج ــود نص ــوص قانوني ــة‬ ‫تجب ــر أو تل ــزم املس ــؤول باالس ــتقالة ف ــي ح ــال‬ ‫اإلخف ــاق أو التقصي ــر‪ ،‬لك ــن القان ــون ُيل ــزم‬ ‫املس ــؤول األعل ــى بمحاس ــبة املقص ــر كون ــه‬ ‫يتمت ــع بصالحي ــات قانوني ــة منه ــا ق ـرار اإلقال ــة‬ ‫أو النق ــل أو غي ــر ذل ــك بم ــا يتناس ــب م ــع حج ــم‬ ‫الخط ــأ املرتك ــب"‪.‬‬ ‫وباإلضاف ــة إلى ذل ــك‪ ،‬يق ــول جمع ــة ملجل ــة‬ ‫"فــيلي"‪ ،‬إن "هنــاك عقوبــات محــددة في قانــون‬ ‫انضب ــاط موظف ــي الدول ــة وهي مخصص ــة مل ــن‬ ‫يثبــت عليــه تقــصي ًرًا أو إخفاقـ ًـًا‪ ،‬ممــا يســتوجب‬ ‫تطبي ــق القان ــون ب ــشكل ص ــارم ملحاس ــبة كل‬ ‫مس ــؤول يثب ــت تق ــصيره‪ ،‬م ــن قب ــل مرجع ــه‬ ‫األعلى"‪.‬‬

‫‪22‬‬

‫ســياســـــــــــــــــة‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪23 2025‬‬

‫‪POLITICS‬‬

‫التحديات االنتخابية ‪...‬‬

‫استبعاد مرشحني‬

‫وتالعب المال والسلطة‬

‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬ ‫تســتمرالعمليــة االنتخابيــة في العــراق بإثــارة التســاؤالت حــول نزاهتهــا وشــفافيتها‪،‬‬ ‫خاص ــة في ظ ــل األحادي ــث املتداول ــة ح ــول استه ــداف الق ــوى الناش ــئة التي تواج ــه‬ ‫تحدي ــات ك ــبيرة م ــن الق ــوى التقليدي ــة الحاكم ــة من ــذ الع ــام ‪ ،2003‬بم ــا في ذل ــك‬ ‫استبع ــاد مرشحيه ــا وت ــأثير املال والس ــلطة على االنتخاب ــات‪.‬‬

‫‪24‬‬

‫ســياســـــــــــــــــة‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪25 2025‬‬

‫‪POLITICS‬‬

‫التحديات االنتخابية ‪ ..‬استبعاد مرشحين وتالعب المال والسلطة ‪..‬‬ ‫وتتباي ــن اآلراء ح ــول حيادي ــة مفوضي ــة‬ ‫االنتخاب ــات‪ ،‬حي ــث ي ــرى البع ــض أنه ــا ت ــسعى‬ ‫لتحقي ــق العدال ــة‪ ،‬في حين يش ــكك آخ ــرون في‬ ‫فاعليــة اإلج ـراءات املتخــذة ضــد الشخصيــات‬ ‫املتورط ــة في قضاي ــا فس ــاد‪.‬‬ ‫ويأتــي هــذا في وقــت تتزايــد فيــه املطالبات بإجراء‬ ‫ـادًال‬ ‫ـيًال ع ـ ً‬ ‫انتخاب ــات ح ــرة ونزيه ــة تضم ــن تمث ـ ً‬ ‫لجمي ــع األط ـراف‪ ،‬دون ت ــدخالت خارجي ــة‪.‬‬ ‫استهداف القوى الناشئة‬ ‫وبه ــذا الس ــياق‪ ،‬يؤك ــد الباح ــث في الش ــأن‬ ‫الســيا�سي‪ ،‬مهنــد الـراوي‪ ،‬أن "استهــداف القــوى‬ ‫الناش ــئة في االنتخاب ــات لي ــس باألم ــر الجدي ــد‪،‬‬ ‫بــل إنــه يتكــرر مــع كل انتخابــات حيــث تتــداول‬ ‫األحادي ــث ح ــول استبع ــاد ه ــذه الق ــوى"‪.‬‬ ‫وي ــوضح ال ـراوي‪ ،‬ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬أن "الق ــوى‬ ‫السياســية البــارزة التي تهيمــن على املشــهد منــذ‬ ‫الع ــام ‪ 2003‬تتحك ــم في مجري ــات السياس ــة‬ ‫الداخلي ــة والخارجي ــة لل ــبالد‪".‬‬ ‫ويش ــير إل ــى إع ــان مفوضي ــة االنتخاب ــات ي ــوم‬ ‫أم ــس‪ ،‬ع ــن اس ــتبعاد ع ــدد م ــن الش ــخصيات‬ ‫عــن الســباق االنتخابــي‪ ،‬بمــا فــي ذلــك املحاميتان‬ ‫قم ــر الس ــامرائي وزين ــب ج ــواد‪ ،‬باإلضاف ــة إل ــى‬ ‫بع ــض الش ــخصيات األخ ــرى الت ــي أعلن ــت ع ــن‬ ‫رغبته ــا ف ــي الترش ــح‪.‬‬ ‫ويضي ــف ال ـراوي‪ ،‬أن "املفوضي ــة أعلن ــت‪ ،‬أنه ــا‬ ‫ش ــملت نح ــو ‪ 70‬مرشح ـ ًـًا باإلبع ــاد‪ ،‬بسب ــب‬ ‫ش ــمولهم باملس ــاءلة والعدال ــة أو بسب ــب وج ــود‬ ‫قي ــود جنائي ــة أو أس ــباب أخ ــرى"‪.‬‬ ‫ويوضــح أن "هنــاك مخــاوف كبيــرة بيــن العديــد‬ ‫م ــن املرش ــحين م ــن أن يت ــم إبعاده ــم بته ــم‬ ‫كيدي ــة‪ ،‬إال أن ــه م ــن املالح ــظ أن الش ــخصيات‬ ‫الت ــي ت ــم إبعاده ــا ع ــن الترش ــيح ه ــي ش ــخصيات‬ ‫جدلي ــة‪ ،‬بغ ــض النظ ــر ع ــن صح ــة الق ـرار م ــن‬ ‫الناحي ــة القانوني ــة‪ ،‬حي ــث أن الحك ــم النهائ ــي‬ ‫يع ــود للقض ــاء"‪.‬‬ ‫ويتاب ــع ال ـراوي‪ ،‬قائ ـ ًـا‪" :‬لك ــن م ــا يثي ــر القل ــق‬ ‫ه ــو أن املس ــؤولين املتهمي ــن بالتزوي ــر أو قضاي ــا‬ ‫فس ــاد مال ــي ال يزال ــون مرش ــحين حت ــى اآلن ول ــم‬ ‫يت ــم إبعاده ــم"‪ ،‬مبين ـ ًـا أن "ه ــذا يثي ــر الش ــكوك‬ ‫ح ــول نزاه ــة العملي ــة االنتخابي ــة‪ ،‬ويش ــكل‬ ‫مؤش ـ ًرا خطي ـ ًرا عل ــى أن االنتخاب ــات ق ــد تك ــون‬ ‫موض ــع ش ــك‪ .‬ل ــذا‪ ،‬نأم ــل أن يس ــري القان ــون‬ ‫عل ــى الجمي ــع دون اس ــتثناء"‪.‬‬ ‫مخاوف من تأثير املال والسلطة‬

‫"هناك مخاوف كبيرة بين العديد من‬ ‫المرشحين من أن يتم إبعادهم بتهم‬ ‫كيدية‪ ،‬إال أنه من المالحظ أن الشخصيات‬ ‫التي تم إبعادها عن الترشيح هي‬ ‫شخصيات جدلية‪ ،‬بغض النظر عن صحة‬ ‫القرار من الناحية القانونية‪ ،‬حيث أن الحكم‬ ‫النهائي يعود للقضاء"‪..‬‬

‫مــن جهتــه‪ ،‬يؤكــد النائــب الســابق والقيــادي فــي‬ ‫ح ــزب "الس ــيادة والتش ــريع" ُاملش ـ َّـكل حديث ـ ًـا‪،‬‬ ‫كامــل نــواف الغريــري‪ ،‬أن مفوضيــة االنتخابــات‬ ‫تتعام ــل م ــع جمي ــع الكت ــل السياس ــية بش ــكل‬ ‫متس ـ ٍـاو‪ ،‬س ــواء كان ــت صغي ــرة أو كبي ــرة‪.‬‬ ‫لك ــن في الوق ــت نفس ــه‪ ،‬ي ــشير الغري ــري خالل‬ ‫حديث ــه للمجل ــة‪ ،‬إلى وج ــود مخ ــاوف م ــن ت ــأثير‬ ‫بع ــض الكت ــل السياس ــية الك ــبيرة والزعام ــات‬ ‫التي تمتل ــك الس ــلطة واملال على العملي ــة‬ ‫االنتخابي ــة‪.‬‬ ‫ل‬ ‫ويوض ــح أن "هن ــاك قلق ـ ًـا م ــن وص ــو أي ــدي‬ ‫بع ــض الش ــخصيات ذات النف ــوذ إل ــى صنادي ــق‬ ‫االقت ـراع أو إل ــى مفوضي ــة االنتخاب ــات نفس ــها‪،‬‬ ‫م ــا ق ــد ين ــذر بكارث ــة ف ــي ح ــال ع ــدم إج ـراء‬ ‫انتخاب ــات نزيه ــة وش ــفافة"‪.‬‬ ‫ورغ ــم تل ــك املخ ــاوف‪ ،‬أثن ــى الغري ــري عل ــى أداء‬ ‫مفوضي ــة االنتخاب ــات‪ ،‬حي ــث أك ــد أنه ــا تعم ــل‬ ‫بانســيابية وتتعامــل مــع الجميــع بشــكل عــادل‪،‬‬ ‫لك ــن ف ــي الوق ــت ذات ــه ش ــدد عل ــى أن امل ــال‬ ‫والســلطة يظــان مــن العوامــل املؤثــرة التــي قــد‬ ‫ته ــدد نزاه ــة العملي ــة االنتخابي ــة‪.‬‬ ‫املفوضية تؤكد حيادها‬ ‫بدوره ــا‪ ،‬تؤك ــد املتحدث ــة باس ــم مفوضي ــة‬ ‫االنتخاب ــات‪ ،‬جمان ــة الغ ــاي‪ ،‬أن املفوضي ــة‬ ‫تلتــزم بمبــدأ الحيــاد التــام فــي التعامــل مــع جميــع‬ ‫األط ـراف املش ــاركة ف ــي العملي ــة االنتخابي ــة‪،‬‬ ‫مشــيرة إلــى أنــه ال يوجــد أي نــوع مــن اإلقصــاء أو‬ ‫التهمي ــش تج ــاه أي ط ــرف‪.‬‬ ‫وتــوضح الــغالي‪ ،‬للمجلــة‪ ،‬أن الطعــون املقدمــة‬

‫م ــن امل ــرشحين املستبعدي ــن أو املتضرري ــن يت ــم‬ ‫التعام ــل معه ــا ب ــشكل قانون ــي وفق ـ ًـًا لإلج ـراءات‬ ‫املعتمــدة‪.‬‬ ‫وتش ــرح‪ ،‬أن الطع ــون يت ــم تقديمه ــا إل ــى الهيئ ــة‬ ‫القضائي ــة لالنتخاب ــات‪ ،‬الت ــي تتخ ــذ ق ـرا ًرا‬ ‫ـما بشــأنها‪ ،‬وفــي حــال اســتبعاد أي مرشــح‪،‬‬ ‫حاسـ ً‬ ‫يت ــم ذل ــك بع ــد التحق ــق م ــن أهلي ــة املرش ــحين‪،‬‬ ‫س ــواء م ــن خ ــال التأك ــد م ــن تطابقه ــم م ــع‬ ‫شــروط الترشــيح أو التحقق من عدم تقديمهم‬ ‫لوثائ ــق م ــزورة‪.‬‬ ‫وتضي ــف املتحدث ــة‪ ،‬أن املفوضي ــة أرس ــلت‬ ‫بيان ــات املرش ــحين إل ــى الجه ــات املختص ــة‬

‫للتحقــق مــن صحتهــا‪ ،‬الفتــة إلــى أن العمــل جـ ٍـار‬ ‫ف ــي انتظ ــار اإلجاب ــة م ــن تل ــك الجه ــات‪.‬‬ ‫وف ــي الس ــياق أيض ـ ًـا‪ ،‬يبي ــن عض ــو الفري ــق‬ ‫اإلعالمــي ملفوضيــة االنتخابــات‪ ،‬حســن الزايــر‪،‬‬ ‫أن املفوضي ــة تمن ــح املهل ــة الكافي ــة للطع ــن‪،‬‬ ‫حي ــث يت ــم من ــح املرش ــحين فت ــرة ثالث ــة أي ــام‬ ‫للطع ــن ف ــي الق ـرارات الص ــادرة بحقه ــم‪.‬‬ ‫وعبر حديث ــه للمجل ــة‪ ،‬ي ــشير الزاي ــر‪ ،‬إلى أن‬ ‫الطع ــون ُ​ُتح ــال إلى قس ــم ال ــشكاوى والقس ــم‬ ‫القانون ــي في املفوضي ــة‪ ،‬حي ــث يت ــم النظ ــر‬ ‫فيه ــا م ــن قب ــل الهيئ ــة القضائي ــة الخاص ــة‬ ‫با ملفوضي ــة ‪.‬‬

‫ويؤك ــد أن املفوضي ــة تتعام ــل م ــع جمي ــع‬ ‫ـتنادا‬ ‫املرش ــحين عل ــى مس ــافة واح ــدة‪ ،‬اس ـ ً‬ ‫إل ــى قان ــون االنتخاب ــات املع ــدل (التعدي ــل‬ ‫الثال ــث) رق ــم ‪ 4‬لس ــنة ‪ ،2023‬كم ــا ش ــدد عل ــى‬ ‫أن املفوضي ــة ال تتدخ ــل س ــواء كان ــت الق ــوى‬ ‫املش ــاركة باالنتخاب ــات ناش ــئة أو غي ــر ناش ــئة‪،‬‬ ‫ب ــل ه ــي تتعام ــل م ــع أس ــماء وأرق ــام‪.‬‬ ‫وم ــن املق ــرر أن تج ــري االنتخاب ــات التش ــريعية‬ ‫ف ــي الع ـراق ف ــي ‪ 11‬م ــن ش ــهر تش ــرين الثان ــي‪/‬‬ ‫نوفمب ــر ‪ ،2025‬مم ــا يب ــرز أهمي ــة ه ــذه‬ ‫االنتخابــات وســط التحديــات املطروحــة بشــأن‬ ‫نزاهته ــا وش ــفافيتها‪.‬‬

‫‪26‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪27 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫منهجية شفق نيوز‬ ‫في الحفاظ على المصداقية‬ ‫والمهنية في عالم اإلعالم‬ ‫الرقمي‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫تكاثــرت في العــراق منــذ اســقاط النظــام املبــاد في عــام ‪٢٠٠٣‬‬ ‫وبعــد دخــول شــبكة اإلنترنــت‪ ،‬املو اقــع الخبريــة اإللكترونيــة‪،‬‬ ‫واختلفــت في مســتوياتها ومهنيتهــا ومصداقيتهــا‪ ،‬وتفاوتــت بين‬ ‫الطرح املنهي الو اقعي وبين الدعاية الحزبية واأليديولوجية‪.‬‬

‫انتش ــرت في الع ـراق انتش ــارا واس ــعا املواق ــع‬ ‫اإلخباري ــة اإللكتروني ــة (ف ــضال ع ــن الصح ــف‬ ‫واملجالت املطبوع ــة التي اختف ــى بع ــد ذل ــك‬ ‫معظمه ــا)‪ ،‬وه ــذا التن ــوع أدى إلى تباي ــن في‬ ‫مـ ـستويات املهنـ ـية اإلعالمـ ـية‪.‬‬ ‫وكان على الوس ــائل اإلعالمي ــة‪ ،‬وس ــنقصر‬ ‫حديثن ــا هن ــا على املواق ــع الخبري ــة االلكتروني ــة‬ ‫التي تواصــل عملهــا‪ ،‬ان تحــرص على محــددات‬ ‫االلتزام بالدق ــة واملوضوعي ــة‪ ،‬كــي تحظ ــى‬

‫باملقبوليــة واملصداقيــة لــدى النــاس وهــو ســر‬ ‫ديمومتـ ـها‪.‬‬ ‫وم ــن ذل ــك ان على املوق ــع اإلخب ــاري أن يت ــبنى‬ ‫سياس ــات صارم ــة للتحق ــق م ــن املعلوم ــات‬ ‫قبــل نشــرها‪ ،‬هــذا يشــمل التأكــد مــن املصــادر‬ ‫املوثوق ــة والوثائ ــق الرس ــمية‪ ،‬وعلى املوق ــع أن‬ ‫يعــرض وجهــات النظــر املتنوعــة بشــأن قضيــة‬ ‫مــا‪ ،‬مــن دون االنحيــاز لطــرف مــعين‪ ،‬ووجــوب‬ ‫الفصــل بين الخبر والـرأي‪ ،‬وأن تكــون املقــاالت‬

‫التحليلـ ـية واآلراء موضـ ـحة على أنـ ـها كذـ ـلك‪.‬‬ ‫وم ــن الض ــروري احترام أخالقي ــات املهن ــة‬ ‫والت ــوازن في التغطي ــة‪ ،‬بإعط ــاء مس ــاحة‬ ‫متس ــاوية لجمي ــع األط ـراف املعني ــة في الخبر‪،‬‬ ‫وتجن ــب تضخي ــم ص ــوت ط ــرف على حس ــاب‬ ‫آخ ــر‪ ،‬وعلى املوق ــع أن يتجن ــب العناوي ــن‬ ‫املضلل ــة أو املبال ــغ فيه ــا التي ته ــدف فق ــط إلى‬ ‫جــذب القـراء على حســاب دقــة املحتــوى‪ ،‬وعلى‬ ‫العناوي ــن أن تعك ــس املحت ــوى ب ــشكل دقي ــق؛‬

‫وأن يك ــون املوق ــع واضح ــا بش ــأن هويت ــه‪ ،‬وم ــن‬ ‫يق ــف وراءه‪ ،‬وه ــل ه ــو تاب ــع لجه ــة سياس ــية أو‬ ‫ـ ـحزب ـ ـمعين‪.‬‬ ‫وم ــن عالم ــات املهني ــة العالي ــة أن يق ــوم املوق ــع‬ ‫بتصحيــح أي خطــأ إخبــاري بمجــرد اكتشــافه‪،‬‬ ‫وأن ي ــوضح ذل ــك للق ـراء بش ــفافية‪.‬‬ ‫وهن ــاك ام ــور تتعل ــق بالتحري ــر منه ــا أن يك ــون‬ ‫املحت ــوى مكتوب ــا بلغ ــة س ــليمة خالي ــة م ــن‬ ‫األخط ــاء النحوي ــة واإلمالئي ــة‪.‬‬

‫ان املواق ــع املهني ــة ال تقتص ــر على األخب ــار‬ ‫العاجل ــة فق ــط‪ ،‬ب ــل تق ــدم تحل ــيالت عميق ــة‪،‬‬ ‫وتقاري ــر اس ــتقصائية‪ ،‬ومق ــابالت‪ ،‬م ــا يثري‬ ‫تجربــة القــارئ؛ هــذه املعــايير تســاعد في التمــييز‬ ‫بين املواق ــع التي تق ــدم إعالم ــا مهني ــا ومحاي ــدا‬ ‫وتل ــك التي تعم ــل كأداة للدعاي ــة أو التضلي ــل؛‬ ‫وإن تقوي ــم أي وكال ــة إخباري ــة يتطل ــب تحل ــيال‬ ‫منهجي ــا لع ــدة جوان ــب‪ ،‬بم ــا في ذل ــك املحت ــوى‪،‬‬ ‫واملـ ـصادر‪ ،‬والتوـ ـجه التحرـ ـيري‪.‬‬

‫وبن ــاء على املعلوم ــات املتاح ــة بش ــأن وكال ــة‬ ‫شــفق نيــوز لالنبــاء ‪ ،‬يمكننــا تقديــم تقويــم عــام‬ ‫لعمله ــا‪.‬‬ ‫تت ــميز وكال ــة ش ــفق ني ــوز بتغطيته ــا الواس ــعة‬ ‫التي تش ــمل األخب ــار السياس ــية واالقتصادي ــة‬ ‫واألمني ــة والثقافي ــة في الع ـراق وإقلي ــم‬ ‫كوردس ــتان والعال ــم؛ ه ــذه الش ــمولية تع ــد‬ ‫نقط ــة إيجابي ــة‪ ،‬اذ توف ــر للق ــارئ مجموع ــة‬ ‫متنوعــة مــن املواضيــع‪ .‬كمــا أن تواجــد املحتــوى‬ ‫بــثالث لغــات (العربيــة‪ ،‬الكورديــة‪ ،‬واإلنجليزيــة)‬ ‫يوس ــع م ــن قاع ــدة جمهوره ــا ويجعله ــا مص ــدرا‬ ‫مهم ــا للمتاب ــعين املحل ــيين والدول ــيين‪.‬‬ ‫وب ــشكل ع ــام‪ ،‬تح ــاول ش ــفق ني ــوز أن تق ــدم‬ ‫أخب ــارا موثق ــة ومبني ــة على مص ــادر رس ــمية أو‬ ‫تصريحــات مــن مســؤولين‪ ،‬واعتمــدت املصــادر‬ ‫املوثوق ــة واب ــرزت الوثائ ــق الرس ــمية‪ ،‬كلم ــا‬ ‫تطل ــب ذل ــك في ك ــثير م ــن متابعاته ــا؛ وفيم ــا‬ ‫يتعل ــق ب ــآراء بع ــض مم ــن اس ــتطلعت آراؤه ــم‬ ‫أك ــد ك ــثيرون على انه ــم ينتظ ــرون محتوي ــات‬ ‫شــفق نيــوز ملعرفــة االخبــار املتعلقــة بشــؤونهم‬ ‫الحياتي ــة مث ــل اخب ــار روات ــب التقاع ــد م ــثال؛‬ ‫فـ ـهم ـ ـيرون فيـ ـها اكثر مصداقـ ـية‪.‬‬ ‫وك ــثيرا م ــا تق ــوم ش ــفق ني ــوز بع ــدم االكتف ــاء‬ ‫بنش ــر الخبر وبخاص ــة االخب ــار املتعلق ــة‬ ‫بالش ــأن املحلي واالح ــداث املرتبط ــة بذل ــك‪،‬‬ ‫اذ انه ــا تج ــري تحديث ــا مت ــواصال للخبر بوض ــع‬ ‫كلمــة "يتبــع" في نهايــة الخبر ثــم جلــب تطوراتــه‬ ‫بعــد ذلــك ليكــون املتابــع على بينــة مــن تفــاعالت‬ ‫األح ــداث‪.‬‬ ‫ومثــل أي وســيلة إعالميــة مهنيــة‪ ،‬وحين يواجــه‬ ‫الق ــارئ أحيان ــا تقاري ــر أو آراء بحاج ــة إلى‬ ‫التحقــق مــن مصــادر أخــرى مســتقلة‪ ،‬الســيما‬ ‫في القضاي ــا الحساس ــة أو امل ــثيرة للج ــدل‪،‬‬ ‫يالحــظ متابعــو "شــفق نيــوز" انهــا تحــرص على‬ ‫متابع ــة الخبر وتقديم ــه في ص ــورة ت ــلبي طم ــوح‬ ‫املتاب ــع في الحص ــول على املعلوم ــة الصحيح ــة‪.‬‬ ‫م ــن الجدي ــر بالذك ــر أن بع ــض التقاري ــر التي‬ ‫اطلعنــا عليهــا تــشير إلى أن منصــات متخصصــة‬ ‫في الــذكاء االصطنــاعي قامــت باعتمــاد ""شــفق‬ ‫ني ــوز"" كمص ــدر موث ــوق لتدقي ــق األخب ــار‪،‬‬ ‫وه ــذا يمك ــن أن يع ــزز م ــن مصداقيته ــا‪.‬‬

‫‪28‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪29 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫مجلة "فيلي" ‪ ..‬الحفاظ على المصداقية في عالم اإلعالم الرقمي‬

‫ومن ــذ البداي ــة اعلن ــت وكال ــة ش ــفق ني ــوز انه ــا‬ ‫تابع ــة ل ــمؤسسة "ش ــفق للثقاف ــة واإلعالم‬ ‫للك ــورد الفيل ــيين"‪ ،‬واعالن هويته ــا ه ــذا يمث ــل‬ ‫اح ــد اشتراط ــات االعالم املنهي الس ــليم كم ــا‬ ‫ذكرنــا‪ ،‬مــع العلــم ان كــثيرا مــن املواقــع الخبريــة‬ ‫العراقي ــة ال تن ــوه ع ــن ذل ــك وتبق ــي هويته ــا‬ ‫مخفي ــة برغ ــم انحيازه ــا ال ــواضح في التغطي ــة‬ ‫الخبريــة‪ ،‬وتلــك ايجابيــة تسجــل لـ"شــفق نيــوز"‪.‬‬ ‫وه ــذا االم ــر وإن عك ــس توجه ــا مح ــددا‬ ‫واهتمام ــا خاص ــا بقضاي ــا ه ــذه الش ــريحة‬ ‫"الك ــورد الفيلي ــون"‪ ،‬فان ــه ل ــم يتع ــارض‬ ‫بالض ــرورة م ــع املهني ــة‪ ،‬ب ــل يمك ــن أن يك ــون‬ ‫إضاف ــة م ــن حي ــث تس ــليط الض ــوء على‬ ‫قضاي ــا ق ــد ال تحظ ــى باهتم ــام ك ــبير في وس ــائل‬ ‫اإلعالم األخ ــرى‪ ،‬ولك ــن م ــن امله ــم أن ي ــدرك‬ ‫الق ــارئ ه ــذا التوج ــه في أثن ــاء متابع ــة املحت ــوى‬ ‫املتعلــق بالكــورد الفيلــيين‪ ،‬وأن يــميز بين الخبر‬ ‫املوض ــوعي واملق ــال او االب ــواب التي ت ــعبر ع ــن‬ ‫وجهــة النظــر تلــك‪ ،‬ولــم نجــد تعارضــا في ذلــك‪.‬‬ ‫ان خالص ــة تقوي ــم املص ــادر املتابع ــة لحرك ــة‬ ‫االعالم العراقي‪ ،‬صنفت "شفق نيوز"‪ ،‬مصدرا‬ ‫إخباري ــا مهم ــا في املش ــهد اإلعالم ــي الع ـراقي‪،‬‬ ‫بخاص ــة م ــع تغطياته ــا املتنوع ــة واس ــتعمالها‬ ‫لـ ـعدة لـ ـغات‪.‬‬ ‫ولتقويمهــا بــشكل أكثر دقــة‪ ،‬يجــب على القــارئ‬ ‫االنتب ــاه إلى اب ــرز االم ــور التي ج ــرى تصني ــف‬ ‫"شــفق نيــوز" بموجبهــا كأحــد رواد االعالم املنهي‬ ‫العـراقي‪ ،‬ومــن ذلــك التــوازن‪ ،‬هــل الخبر يغطــي‬ ‫جمي ــع جوان ــب القص ــة أم يرك ــز على جان ــب‬ ‫واح ــد؟ وي ــرى املتاب ــع في ط ــرح الوكال ــة س ــواء‬ ‫بأخباره ــا العراقي ــة والكوردس ــتانية والدولي ــة‪،‬‬ ‫وبتقاريره ــا وتحليالته ــا وترجماته ــا وغير ذل ــك‪،‬‬ ‫ان الوكال ــة تعتم ــد على مص ــادر موثوق ــة‬ ‫ومح ــددة‪ ،‬وان اعالنه ــا ل ــم ينت ــج عن ــه مي ــل‬ ‫واضح نح ــو جه ــة سياس ــية أو أيديولوجي ــة‬ ‫معين ــة في طريق ــة ع ــرض األخب ــار‪.‬‬ ‫وب ــشكل ع ــام‪ ،‬يمك ــن ع ــد وكال ــة ش ــفق ني ــوز‪،‬‬ ‫وس ــيلة إعالمي ــة مهني ــة إلى ح ــد ك ــبير‪ ،‬ولك ــن‬ ‫مث ــل أي مص ــدر إخب ــاري‪ ،‬م ــن األفض ــل دائم ــا‬ ‫مقارن ــة أخباره ــا م ــع مص ــادر أخ ــرى للحص ــول‬ ‫على ص ــورة كامل ــة ومتوازن ــة‪ ،‬وبالتأكي ــد ف ــان‬ ‫للق ـراء واملتاب ــعين دورا في تحدي ــد ذل ــك‪،‬‬

‫انعكــس في تزايــد اعــداد متــابعي موقــع الوكالــة‬ ‫الخبري وعلى صفحاته ــا في منص ــات التواص ــل‬ ‫االجتم ــاعي‪.‬‬ ‫وب ــاالطالع على الصفح ــات املتخصص ــة في‬ ‫ال ــذكاء االصطن ــاعي‪ ،‬عرف ــت "ش ــفق ني ــوز"‬ ‫كوكال ــة إخباري ــة مس ــتقلة مقره ــا في إقلي ــم‬ ‫كوردس ــتان الع ـراق‪ ،‬و ُ​ُت ــعنى بتغطي ــة األح ــداث‬ ‫املحلي ــة في الع ـراق وإقلي ــم كوردس ــتان‪ ،‬ف ــضال‬ ‫ع ــن األخب ــار العربي ــة والعاملي ــة‪ ،‬وتجم ــع‬ ‫تل ــك الصفح ــات على ان "ش ــفق ني ــوز" واث ــر‬ ‫تأسيس ــها س ــرعان م ــا أصبح ــت مص ــدرا مهم ــا‬ ‫لألخب ــار باللغ ــتين العربي ــة والكوردي ــة‪ ،‬م ــع‬ ‫اهتم ــام خ ــاص بالش ــؤون السياس ــية واألمني ــة‬

‫واالقتصادي ــة واالجتماعي ــة في املنطق ــة‪،‬‬ ‫بحس ــب تل ــك الصفح ــات‪ ،‬التي ادرج ــت أب ــرز‬ ‫خصائ ــص وكال ــة ش ــفق ني ــوز‪ :‬وم ــن ذل ــك‬ ‫"التركيز على الع ـراق وكوردس ــتان" بحس ــب‬ ‫صفح ــات ال ــذكاء االصطن ــاعي التي ت ــوضح‬ ‫ان "الوكال ــة ُ​ُتغط ــي ب ــشكل مكث ــف تط ــورات‬ ‫األوض ــاع في بغ ــداد وإربي ــل‪ ،‬بم ــا في ذل ــك‬ ‫الخالفــات السياســية بين الحكومــة االتحاديــة‬

‫"بعض التقاريرالتي اطلعنا عليها‬ ‫تشيرإلى أن منصات متخصصة في‬ ‫الذكاء االصطناعي قامت باعتماد‬ ‫"شفق نيوز" كمصدرموثوق‬ ‫لتدقيق األخبار‪ ،‬وهذا يمكن أن‬ ‫يعززمن مصداقيتها"‪.‬‬

‫"اعالن هويتها هذا يمثل احد‬ ‫اشتراطات االعالم املنهي السليم‬ ‫كما ذكرنا‪ ،‬مع العلم ان كثيرا‬ ‫من املو اقع الخبرية العر اقية‬ ‫ال تنوه عن ذلك وتبقي هويتها‬ ‫مخفية برغم انحيازها الواضح في‬ ‫التغطية الخبرية‪ ،‬وتلك ايجابية‬ ‫تسجل لــ"شفق نيوز"‪".‬‬

‫وحكوم ــة إقلي ــم كوردس ــتان‪ ،‬وأخب ــار األم ــن‬ ‫واالقتص ــاد" وب ــشكل أكثر مهني ــة وحرفي ــة م ــن‬ ‫املواـ ـقع الخبرـ ـية االـ ـخرى‪.‬‬ ‫وتضي ــف ُ"ُتوص ــف بأنه ــا واح ــدة م ــن ال ــوكاالت‬ ‫املس ــتقلة في اإلقلي ــم‪ ،‬برغ ــم وج ــود انتق ــادات‬ ‫بـ ـشأن انحـ ـياز بـ ـعض موادـ ـها"‪.‬‬ ‫وانه ــا تنش ــر األخب ــار بالعربي ــة والكوردي ــة‪ ،‬م ــع‬

‫بع ــض امل ــواد املترجم ــة إلى اإلنجليزي ــة‪ ،‬وتمت ــاز‬ ‫ب ـ "تن ــوع املحت ــوى"‪ ،‬اذ تغط ــي األخب ــار املحلي ــة‬ ‫والدولي ــة‪ ،‬ف ــضال ع ــن التقاري ــر التحليلي ــة‬ ‫واملق ــابالت م ــع مس ــؤولين وأط ـراف سياس ــية‪،‬‬ ‫والتقاري ــر والتحقيق ــات واملق ــاالت املترجم ــة‬ ‫ـ ـعن اللـ ـغات االـ ـخرى الـ ـسيما االنجليزـ ـية‪.‬‬ ‫وتضي ــف مص ــادر ال ــذكاء االصطن ــاعي ان‬

‫الوكالــة تتــميز ب ـ "االنتشــار الــرقمي"‪ ،‬اذ تعتمــد‬ ‫بــشكل كــبير على موقعهــا اإللكترونــي ومنصــات‬ ‫التواص ــل االجتم ــاعي (مث ــل فيس ــبوك ومنص ــة‬ ‫‪ )X‬لنشــر األخبــار بــشكل فــوري وتلقــى اخبارهــا‬ ‫رواـ ـجا ملحوـ ـظا‪ ،‬بحـ ـسب مـ ـصادر اـ ـلذكاء‪.‬‬ ‫وت ــشير بالق ــول‪ :‬واجه ــت الوكال ــة اتهام ــات م ــن‬ ‫بع ــض األط ـراف السياس ــية بـ"االنحي ــاز"‪ ،‬كم ــا‬ ‫ه ــو الح ــال م ــع عدي ــد الوس ــائل اإلعالمي ــة في‬ ‫الع ـراق بسب ــب االنقس ــامات السياس ــية‪،‬‬ ‫ومــع ذلــك‪ ،‬تظــل وكالــة شــفق نيــوز واحــدة‬ ‫م ــن املص ــادر الرئيس ــة ملتابع ــة أخب ــار‬ ‫الـ ـعراق وكوردـ ـستان‪.‬‬ ‫وعن ــد توجي ــه الس ــؤال الى مص ــادر‬ ‫املعلوم ــات بش ــأن ع ــدد مت ــابعي وق ـراء‬ ‫"ش ــفق ني ــوز"‪ ،‬ذك ــرت‪ ،‬ان ــه ال يتواج ــد‬ ‫رق ــم رسمي ودقي ــق ُ​ُينش ــر علن ــا بش ــأن‬ ‫"ع ــدد مت ــابعي "ش ــفق ني ــوز" لألنب ــاء"‬ ‫أو "ع ــدد قرائه ــا اليوم ــي"‪ ،‬مبين ــة إن‬ ‫"مث ــل ه ــذه اإلحص ــاءات ع ــادة م ــا تك ــون‬ ‫خاص ــة بالوكال ــة وال ُ​ُتعل ــن إال في ح ــاالت‬ ‫مح ــدودة (مث ــل التقاري ــر الس ــنوية أو‬ ‫البياـ ـنات التـ ـسويقية)‪.‬‬ ‫وتس ــتدرك بالق ــول‪ :‬وفق ــا لبع ــض‬ ‫التقدي ـرات غير الرس ــمية‪ ،‬ق ــد يص ــل‬ ‫ع ــدد زوار املوق ــع إلى مئ ــات اآلالف‬ ‫ش ــهريا‪ ،‬بخاص ــة م ــع األح ــداث‬ ‫الس ــاخنة في الع ـراق وكوردس ــتان‪،‬‬ ‫مبين ــة بالق ــول ال توج ــد مص ــادر‬ ‫مس ــتقلة تؤك ــد أرقام ــا دقيق ــة‪ ،‬ل ــذا‬ ‫ُ​ُيفضــل الرجــوع إلى حســاباتها الرســمية‬ ‫ألح ــدث اإلحصائي ــات؛ وم ــع ذل ــك‬ ‫تؤك ــد (ان ع ــدد مت ــابعي موقعه ــا‬ ‫على الفيس ــبوك ال ــذي يظه ــر‬ ‫ب ــشكل ب ــشكل ع ــلني‬ ‫يتج ــاوز ‪ 500‬أل ــف‬ ‫متا ب ــع…)‪.‬‬

‫‪30‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪31 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫أزمة األطباء والصيادلة‬

‫دعوات لرتك الكليات الطبية‬ ‫في ظل حاجة ماسة للرعاية الصحية‬ ‫فيــلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫جــدل واســع في العــراق‪ ،‬بعــد تصريحــات نقيــب الصيادلــة‪ ،‬ونقيــب األطبــاء "وكذلــك نقيــب أطبــاء األســنان"‬ ‫العر اق ــيين‪ ،‬الذي ــن دع ــوا طالب الص ــف الس ــادس الع ــلمي‪ ،‬إلى الع ــزوف ع ــن االلتح ــاق بكلي ــات الط ــب‬ ‫والصيدلــة بعــد التخــرج‪.‬‬

‫ويق ــول نقي ــب أطب ــاء الع ـراق‪ ،‬حس ــنين ش ــبر‪،‬‬ ‫"نصيحــة لخريجــي الثانويــة‪ ..‬ال تقــرروا الذهــاب‬ ‫لكليــة الطــب قبــل دراســة كل الخيــارات‪ ..‬فــكالم‬ ‫األجــداد ليــس بالضــرورة مالئمــا للمســتقبل وال‬ ‫حتــى القريــب»‪.‬‬ ‫كذل ــك ق ــال‪ ،‬حي ــدر ف ــؤاد الصائ ــغ‪ ،‬نقي ــب‬ ‫الصيادل ــة «أبناءن ــا وبناتن ــا خريج ــي الس ــادس‬ ‫العلم ــي وعوائله ــم الكريم ــة‪ ،‬وأنت ــم تق ــررون‬ ‫الكلي ــة الت ــي س ــتقدمون عليه ــا‪ ،‬فك ــروا جي ــدا‬ ‫قب ــل التقدي ــم عل ــى كلي ــات الصيدل ــة»‪.‬‬ ‫ومــن منظــور الواقــع املنهــي فــان تلــك الدعــوات‬ ‫م ــن نقيب ــي األطب ــاء والصيادل ــة ال تأت ــي م ــن‬ ‫ف ـراغ‪ ،‬فهم ــا يمث ــان النقابتي ــن املعنيتي ــن‬ ‫بتنظي ــم ه ــذه امله ــن ويعيش ــان ع ــن ق ــرب‬ ‫واق ــع س ــوق العم ــل‪ ،‬و عندم ــا يص ــدران مث ــل‬ ‫ه ــذه التحذي ـرات‪ ،‬فه ــذا يش ــير إل ــى تواج ــد‬ ‫مش ــكلة حقيقي ــة ق ــد يواجهه ــا الخريج ــون‪،‬‬ ‫وه ــي التخم ــة ف ــي أع ــداد الخريجي ــن مقاب ــل قل ــة‬ ‫ف ــرص التعيي ــن ف ــي القط ــاع الحكوم ــي‪ ،‬ال ــذي‬ ‫يع ــد تقليدي ــا امل ــاذ األول للم ــاكات الطبي ــة ف ــي‬ ‫الع ـراق؛ وع ــد البع ــض ه ــذه النصائ ــح بكونه ــا‬

‫أمين ــة ومس ــؤولة‪ ،‬فم ــن واج ــب النقاب ــات‬ ‫والجه ــات املس ــؤولة توضي ــح الص ــورة الكامل ــة‬ ‫للش ــباب‪ ،‬وع ــدم تركه ــم يتخ ــذون ق ـرارات‬ ‫مصيري ــة بن ــاء عل ــى أف ــكار قديم ــة أو نظ ــرة غي ــر‬ ‫واقعي ــة للمس ــتقبل‪.‬‬ ‫إن دراس ــة الط ــب والصيدل ــة تتطل ــب جه ــدا‬ ‫كبي ـرا وتضحيــات ماليــة ومعنويــة‪ ،‬ومــن الظلــم‬ ‫أن يكتشــف الطالــب بعــد ســنوات مــن الجهــد‬

‫أن ــه ال يج ــد فرص ــة عم ــل الئق ــة؛ ل ــذا‪ ،‬ف ــإن‬ ‫التنبي ــه إل ــى ه ــذا الواق ــع ربم ــا ال يقص ــد ب ــه‬ ‫إحب ــاط الش ــباب‪ ،‬ب ــل ه ــو دع ــوة له ــم للتفكي ــر‬ ‫بعم ــق ودراس ــة الخي ــارات املتاح ــة ف ــي س ــوق‬ ‫العمــل‪ ،‬والنظــر فــي التخصصــات األخــرى التــي‬ ‫ق ــد تك ــون له ــا ف ــرص وظيفي ــة أفض ــل‪.‬‬ ‫ق ــد ي ــرى البع ــض أن ه ــذه النصائ ــح تثن ــي‬ ‫الش ــباب ع ــن طل ــب العل ــم‪ ،‬لكنه ــا ف ــي الواق ــع‬

‫دعــوة ل ـ توظيــف العلــم فــي املســار الصحيــح؛ إن‬ ‫املش ــكلة ليس ــت ف ــي العل ــم نفس ــه‪ ،‬ب ــل ف ــي ع ــدم‬ ‫تواج ــد خط ــة اس ــتراتيجية الس ــتيعاب أع ــداد‬ ‫الخريجي ــن املتزاي ــدة؛ فب ــدال م ــن أن تضي ــع‬ ‫طاق ــات الش ــباب ف ــي تخصص ــات مكتظ ــة‪،‬‬ ‫يمك ــن توجيهه ــم نح ــو تخصص ــات جدي ــدة‪،‬‬ ‫ســوق العمــل بحاجــة لهــا‪ ،‬وتواكــب التطــورات‬ ‫العاملي ــة‪.‬‬

‫فيمــا يــرى آخــرون‪ ،‬ان املشــكالت التــي يتعــرض‬ ‫له ــا القط ــاع الصح ــي ف ــي الع ـراق‪ ،‬تتطل ــب‬ ‫االس ــتفادة م ــن امل ــاكات الطبي ــة وليس ــت‬ ‫بنص ــح الخريجي ــن ت ــرك التوج ــه ال ــى دراس ــة‬ ‫الط ــب‪.‬‬ ‫ان بل ــدان العال ــم واجه ــت تحدي ــات مماثل ــة‬ ‫ف ــي مراح ــل متع ــددة‪ ،‬وط ـ ّـورت حل ــوال متكامل ــة‬ ‫ملعالج ــة تزاي ــد أع ــداد خريج ــي امله ــن الطبي ــة‬

‫والصيدالني ــة‪ ،‬الحل ــول ل ــم تقتص ــر عل ــى جه ــة‬ ‫واح ــدة‪ ،‬ب ــل ش ــملت تنس ــيقا بي ــن القطاعي ــن‬ ‫العــام والخــاص‪ ،‬و التركيــز علــى جــودة التعليــم‬ ‫والتدري ــب‪.‬‬ ‫ولك ــن اذا كان مث ــل ه ــذا االم ــر يح ــدث ف ــي‬ ‫الع ـراق‪ ،‬فكي ــف حل ــت البل ــدان املتقدم ــة‬ ‫مش ــكلة تزاي ــد أع ــداد الخريجي ــن؟‬ ‫ان البل ــدان املتقدم ــة ل ــم تعتم ــد عل ــى‬

‫‪32‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪33 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫أزمة األطباء والصيادلة ‪..‬‬ ‫منه ــا م ــن القط ــاع الخ ــاص‪ ،‬وف ــي املختب ـرات‪.‬‬ ‫و يعتم ــد ع ــدد كبي ــر م ــن األطب ــاء عل ــى افتت ــاح‬ ‫عي ــادات خاص ــة به ــم بع ــد اكتس ــاب الخب ــرة‬ ‫املطلوب ــة بتس ــهيل الحص ــول عل ــى االج ــازة‬ ‫والدع ــم‪ ،‬وه ــذا يمث ــل اس ــتقاللية مهني ــة‬ ‫وفرص ــة لتحقي ــق دخ ــل أفض ــل‪ ،‬ويقل ــل م ــن‬ ‫االعتم ــاد عل ــى التوظي ــف الحكوم ــي‪.‬‬ ‫إذن‪ ،‬الح ــل لي ــس فق ــط ف ــي اش ــكالية إيج ــاد‬ ‫الوظائــف الحكوميــة‪ ،‬بــل فــي بنــاء نظــام صحــي‬ ‫متكام ــل يض ــم القطاعي ــن الع ــام والخ ــاص‪،‬‬ ‫وتوجي ــه الخريجي ــن نح ــو التخصص ــات‬ ‫املطلوب ــة‪ ،‬وتش ــجيعهم عل ــى ري ــادة األعم ــال‬ ‫ف ــي مجاالته ــم؛ ويظه ــر ان ه ــذا ه ــو م ــا تح ــاول‬ ‫نقابــات املهــن الطبيــة فــي العـراق اإلشــارة إليــه‪،‬‬ ‫اذ أن االعتمــاد الكلــي علــى التوظيــف الحكومــي‬ ‫ل ــم يع ــد ح ــا مس ــتداما‪.‬‬ ‫وعن ــد النظ ــر ال ــى التصريح ــات بت ــرك دراس ــة‬ ‫الط ــب ف ــي الع ـراق الب ــد م ــن االش ــارة ال ــى‬ ‫الدواف ــع م ــن وراءه ــا‪ ،‬وم ــن ذل ــك ان النظ ــام‬ ‫الصحــي فــي العـراق يعانــي مــن عديــد املشــكالت‬ ‫والتحدي ــات الت ــي تؤث ــر عل ــى ج ــودة وكف ــاءة‬ ‫الخدم ــات الصحي ــة املقدم ــة للس ــكان‪ ،‬م ــن‬

‫التوظي ــف الحكوم ــي كح ــل وحي ــد‪ ،‬ب ــل اتبع ــت‬ ‫اس ــتراتيجيات متع ــددة‪ ،‬منه ــا‪ ،‬التحك ــم ف ــي‬ ‫أعــداد املقبوليــن‪ ،‬فبعــض الــدول تفــرض قيــودا‬ ‫علــى أعــداد الطــاب املقبوليــن فــي كليــات الطــب‬ ‫والصيدل ــة‪ ،‬بم ــا يتناس ــب م ــع حاج ــة س ــوق‬ ‫العم ــل؛ ه ــذا يضم ــن أن يك ــون هن ــاك ت ــوازن‬ ‫بي ــن أع ــداد الخريجي ــن والوظائ ــف املتاح ــة‪،‬‬ ‫ويحاف ــظ عل ــى ج ــودة التعلي ــم والتدري ــب‪.‬‬ ‫و ب ــدال م ــن التوظي ــف الع ــام‪ ،‬يج ــري توجي ــه‬ ‫الخريجيــن للتخصصــات الدقيقــة التــي يتواجــد‬ ‫فيهــا نقــص‪ ،‬فمثــا‪ ،‬قــد يكــون هنــاك فائــض فــي‬ ‫عــدد األطبــاء العاميــن‪ ،‬فــي حيــن يتواجــد نقــص‬ ‫ح ــاد ف ــي أطب ــاء التخدي ــر أو جراح ــة الدم ــاغ‬ ‫واألعص ــاب؛ ل ــذا‪ ،‬يج ــري تش ــجيع الخريجي ــن‬ ‫عل ــى إكم ــال برام ــج اإلقام ــة والتخص ــص ف ــي‬ ‫املج ــاالت املطلوب ــة‪.‬‬

‫و الحكوم ــات ف ــي ه ــذه ال ــدول تش ــجع وتدع ــم‬ ‫القطــاع الخــاص فــي املجــال الصحــي‪ ،‬عــن طريــق‬ ‫تس ــهيل من ــح االج ــازات‪ ،‬وتوفي ــر التموي ــل‪،‬‬ ‫وتقدي ــم اإلعف ــاءات الضريبي ــة للمؤسس ــات‬ ‫الت ــي تس ــتوعب الخريجي ــن‪ ،‬ه ــذا يخل ــق ف ــرص‬ ‫عم ــل جدي ــدة خ ــارج إط ــار القط ــاع الحكوم ــي‪.‬‬ ‫و ال يقتص ــر عم ــل األطب ــاء والصيادل ــة عل ــى‬ ‫املستش ــفيات والعي ــادات‪ ،‬ال ــدول املتقدم ــة‬ ‫اس ــتحدثت مج ــاالت عم ــل جدي ــدة‪ ،‬مث ــل‪ ،‬م ــا‬ ‫يســمى الصيدلــة الســريرية‪ ،‬اذ يعمــل الصيدلــي‬ ‫مباش ــرة م ــع الفري ــق الطب ــي ف ــي املستش ــفيات‬ ‫لضم ــان االس ــتعمال اآلم ــن والفع ــال لألدوي ــة‪،‬‬ ‫كم ــا يج ــري توفي ــر ف ــرص عم ــل للخريجي ــن ف ــي‬ ‫مراك ــز األبح ــاث الدوائي ــة والطبي ــة‪.‬‬ ‫وف ــي مج ــال إدارة املستش ــفيات واملراك ــز‬ ‫الصحي ــة يج ــري توظي ــف امل ــاكات الطبي ــة ف ــي‬

‫املناص ــب اإلداري ــة الت ــي تتطل ــب فهم ــا عميق ــا‬ ‫للعمــل الطبــي‪ ،‬كمــا يعمــل األطبــاء والصيادلــة‬ ‫ف ــي ش ــركات التأمي ــن لوض ــع السياس ــات‬ ‫واملعايي ــر الصحي ــة‪.‬‬ ‫ويمثــل القطــاع الخــاص واملستشــفيات األهليــة‬ ‫ح ــا رئيس ــا له ــذه املش ــكلة‪ ،‬فف ــي البل ــدان‬ ‫املتقدم ــة‪ ،‬ت ــؤدي املستش ــفيات والعي ــادات‬ ‫الخاص ــة دورا محوري ــا ف ــي تقدي ــم الرعاي ــة‬ ‫الصحيــة‪ ،‬وبالنتيجــة تســتوعب أعــدادا كبيــرة‬ ‫م ــن األطب ــاء والصيادل ــة‪ ،‬ه ــذه املستش ــفيات‬ ‫غالب ــا م ــا تك ــون مجه ــزة بأح ــدث التقني ــات‬ ‫وتوف ــر بيئ ــة عم ــل جاذب ــة‪.‬‬ ‫فــي مجــال الصيدلــة‪ ،‬ال تقتصــر فــرص العمــل‬ ‫عل ــى الصيدلي ــات فق ــط‪ ،‬فهن ــاك ف ــرص ف ــي‬ ‫ش ــركات األدوي ــة (تس ــويق‪ ،‬بح ــث وتطوي ــر)‪،‬‬ ‫وفــي شــركات تصنيــع املســتلزمات الطبيــة وكثيــر‬

‫بي ــن ذل ــك تده ــور البني ــة التحتي ــة‪ ،‬الفس ــاد‬ ‫اإلداري‪ ،‬ضع ــف التموي ــل‪ ،‬وتأثي ــر النزاع ــات‬ ‫املس ــلحة واألزم ــات اإلنس ــانية‪.‬‬ ‫ادى ذل ــك إل ــى نق ــص ف ــي املراف ــق الصحي ــة‬ ‫واملع ــدات الطبي ــة الحديث ــة‪ ،‬وبرغ ــم ان‬ ‫الع ـراق يعانــي مــن نقــص حــاد فــي عــدد األطبــاء‬ ‫واملمرضي ــن‪ ،‬ف ــا تتواج ــد خط ــط للتعيي ــن‬ ‫والتأهي ــل‪ ،‬بخاص ــة ف ــي املناط ــق النائي ــة‪ ،‬كم ــا‬ ‫أن هن ــاك هج ــرة لألطب ــاء امله ــرة إل ــى الخ ــارج‪.‬‬ ‫وي ــؤدي الفس ــاد املال ــي واإلداري‪ ،‬إل ــى س ــوء‬ ‫إدارة امل ــوارد الصحي ــة وهدره ــا‪ ،‬فض ــا ع ــن‬ ‫تف�ش ــي ظاه ــرة "املوظفي ــن الوهميي ــن" الت ــي‬ ‫تكلــف الدولــة مبالــغ كبيــرة‪ ،‬ويمنــع ذلــك تعييــن‬ ‫خريجي ــن ج ــدد‪ ،‬اذ يعتم ــد النظ ــام الصح ــي‬ ‫العراق ــي بش ــكل كبي ــر عل ــى التموي ــل الحكوم ــي‪،‬‬ ‫وه ــذا يجعل ــه عرض ــة للتأث ــر بتقلب ــات أس ــعار‬ ‫النف ــط وتغي ـرات املوازن ــة العام ــة‪.‬‬ ‫كذل ــك تتس ــبب الح ــروب والنزاع ــات وتل ــوث‬ ‫اله ــواء واملش ــكالت البيئي ــة ف ــي زي ــادة الضغ ــط‬ ‫علــى النظــام الصحــي‪ ،‬وزيــادة أعــداد املصابيــن‬ ‫واملر�ض ــى‪ ،‬وتش ــريد الس ــكان‪ ،‬والتأثي ــر عل ــى‬ ‫صح ــة الن ــاس وزي ــادة انتش ــار األم ـراض‪ ،‬و‬

‫ارتف ــاع مع ــدالت األم ـراض غي ــر الس ــارية مث ــل‬ ‫الس ــكري وأم ـراض القل ــب والس ــرطان‪ ،‬مم ــا‬ ‫يتطل ــب جه ــودا كبي ــرة ف ــي الوقاي ــة والع ــاج‪،‬‬ ‫يقاب ــل ذل ــك ضع ــف ف ــي خدم ــات الرعاي ــة‬ ‫الصحي ــة األولي ــة‪ ،‬مم ــا ي ــؤدي إل ــى ضغ ــط عل ــى‬ ‫املستش ــفيات وتأخ ــر ف ــي تش ــخيص وع ــاج‬ ‫األم ـراض‪ ،‬يقاب ــل ذل ــك انع ــدام الخط ــط فيم ــا‬ ‫يتعل ــق بتعيي ــن خريج ــي كلي ــات الط ــب الج ــدد‪.‬‬

‫«يعتمد عدد كبري من‬ ‫األطباء على افتتاح عيادات‬ ‫خاصة بهم بعد اكتساب‬ ‫الخربة املطلوبة بتسهيل‬ ‫الحصول على االجازة‬ ‫والدعم‪ ،‬وهذا يمثل‬ ‫استقاللية مهنية وفرصة‬ ‫لتحقيق دخل أفضل‪ ،‬ويقلل‬ ‫من االعتماد على التوظيف‬ ‫الحكومي‪..‬‬

‫‪34‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪35 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫التلوث ينهش العراق‪..‬‬

‫قوانني بال أنياب وغرامات بال جدوى‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬ ‫ـدًا العاصم ــة بغ ــداد‬ ‫يتس ـ ّـّلل الخط ــر إلى الع ــراق وتحدي ـ ً‬ ‫ـدًا يوميـ ًـًا‬ ‫بصمــت عبرالهــواء واملاء والتربــة‪ ،‬ليـ ّ‬ ‫ـشّكل تهديـ ً‬ ‫لحيــاة ماليين العر اقــيين‪ ،‬فرغــم القــوانين والتشــريعات‬ ‫البيئي ــة التي وضع ــت من ــذ س ــنوات‪ ،‬م ــا ي ــزال التل ــوث في‬ ‫الع ــراق يتفاق ــم ب ــوتيرة مقلق ــة‪ ،‬وس ــط غرام ــات شكلي ــة‬ ‫وإج ــراءات ال ت ــرقى لحج ــم الكارث ــة‪.‬‬

‫وم ــن نه ــر دجل ــة ال ــذي تح ـ ّـّول إلى مص ـ ّـّب‬ ‫للمخلف ــات الصناعي ــة والطبي ــة‪ ،‬إلى ه ــواء‬ ‫بغ ــداد املس ــموم بانبعاث ــات الع ــوادم وح ــرق‬ ‫النفاي ــات‪ ،‬تق ــف الدول ــة عاج ــزة أم ــام مش ــهد‬ ‫ب ــيئي متده ــور يه ــدد الصح ــة العام ــة واألم ــن‬ ‫الغذائ ــي والتن ــوع البيول ــوجي‪.‬‬ ‫ويس ــاهم ح ــرق النفاي ــات بط ــرق غير صحي ــة‪،‬‬ ‫إلى جان ــب ع ــدم التزام املؤسس ــات واملواط ــنين‬ ‫بالضواب ــط واملح ــددات البيئي ــة‪ ،‬في تفاق ــم‬ ‫حج ــم التل ــوث‪ ،‬ال ــذي ينعك ــس ب ــدوره على‬ ‫املحاصي ــل الزراعي ــة واألم ــن الغذائ ــي‪.‬‬ ‫إجراءات حكومية عاجزة‬ ‫ويق ــول مدي ــر قس ــم التوعي ــة في وزارة البيئ ــة‪،‬‬ ‫صالح الزي ــدي‪ ،‬ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬إن "أه ــم‬ ‫تح ـ ٍ​ٍّد� تواجه ــه ال ــوزارة ه ــو ع ــدم التزام العدي ــد‬ ‫م ــن الجه ــات الحكومي ــة والقط ــاع الخ ــاص‬ ‫باملحــددات البيئيــة الوطنيــة املعتمــدة‪ ،‬إضافــة‬ ‫إلى عرقلــة جهــود الفــرق الرقابيــة خالل دخولهــا‬ ‫لألنش ــطة امللوث ــة م ــن قب ــل بع ــض املؤسس ــات‪،‬‬ ‫ومنه ــا وزارة النف ــط"‪.‬‬ ‫وي ــشير إلى "إدخ ــال منظوم ــات مراقب ــة حديث ــة‬ ‫للتلــوث عــن طريــق مشــاريع البرنامــج الحكومــي‪،‬‬ ‫ـضًال ع ــن محط ــات فح ــص تل ــوث اله ــواء‬ ‫فـ ً‬ ‫املحي ــط‪ ،‬ضم ــن املبل ــغ البال ــغ ملي ــاري دين ــار‪،‬‬

‫الــذي خصصــه مجلــس الــوزراء ملعالجــة تلــوث‬ ‫اله ــواء"‪.‬‬ ‫ويضي ــف الزي ــدي‪ ،‬أن "أث ــر التل ــوث على‬ ‫الصح ــة العام ــة ال يخف ــى‪ ،‬وال يحت ــاج إلى‬ ‫دراس ــات حديث ــة‪ ،‬باس ــتثناء بع ــض اآلث ــار‬ ‫الس ــلبية املتعلق ــة بتل ــوث اله ــواء على أم ـراض‬ ‫الرئــة‪ ،‬إضافــة إلى تــأثيرات األشــعة غير املؤينــة‬ ‫الص ــادرة م ــن أب ـراج الهوات ــف النقال ــة على‬ ‫األم ـراض الس ــرطانية‪ ،‬والتي ال ت ـزال قي ــد‬ ‫البحــث ملعرفــة معــدالت القــدرة املؤثــرة بــشكل‬ ‫ف ــعلي"‪.‬‬ ‫تلوث املياه والهواء‬ ‫وأظه ــرت الدراس ــات األخيرة ارتفاع ـ�ا في‬ ‫معــدالت التلــوث في أنهــار العـراق‪ ،‬وخاصــة نهــر‬ ‫دجلــة‪ ،‬بينمــا جــاءت نســبة التلــوث أقــل في نهــر‬ ‫الف ـرات‪ ،‬حس ــب بع ــض املخت ــصين‪.‬‬ ‫حّمل ــت القط ــاع‬ ‫وكان ــت وزارة البيئ ــة ق ــد ّ‬ ‫الحكوم ــي مس ــؤولية تل ــوث مي ــاه نه ــري دجل ــة‬ ‫والف ـرات بسب ــب تصري ــف مي ــاه الص ــرف‬ ‫ال ــصحي‪ ،‬مطالب ـ ًـًة وزارة امل ــوارد املائي ــة وأمان ــة‬ ‫بغ ــداد والدوائ ــر البلدي ــة في املحافظ ــات‬ ‫بض ــرورة إنش ــاء مش ــاريع وبنى تحتي ــة ملعالج ــة‬ ‫ه ــذه املي ــاه‪.‬‬ ‫وفي ه ــذا الص ــدد‪ ،‬يؤك ــد الخ ــبير الب ــيئي‬

‫م ــرت�ضى الح ــسني‪ ،‬أن "‪ 90%‬م ــن األنه ــار في‬ ‫الع ـراق ملوث ــة"‪ ،‬مضيف ـ ًـًا أن "جمي ــع مخلف ــات‬ ‫املصان ــع واملص ــافي ومحط ــات تولي ــد الكهرب ــاء‬ ‫واملستشــفيات ُ​ُتلقــى في نهــر دجلــة‪ ،‬مــا يــؤدي إلى‬ ‫ارتف ــاع نس ــبة تل ــوث املي ــاه"‪.‬‬ ‫ويــشير الحــسني‪ ،‬خالل حديثــه للمجلــة‪ ،‬إلى أن‬ ‫"التلــوث في الع ـراق يشــمل املاء والهــواء بنســبة‬ ‫عالي ــة"‪ ،‬موضح ـ ًـًا أن "التل ــوث الصن ــاعي يمت ــد‬ ‫إلى األرض واملي ــاه ول ــه ت ــأثير ك ــبير على مجم ــل‬ ‫النظ ــام الب ــيئي"‪ ،‬الفت ـ ًـًا إلى أن "التل ــوث يه ــدد‬ ‫التن ــوع البيول ــوجي واملحاصي ــل الزراعي ــة‪ ،‬إلى‬ ‫جان ــب ت ــأثيره املباش ــر على الصح ــة العام ــة"‪.‬‬ ‫مشاريع وحلول‬ ‫ويحت ــل الع ـراق املرتب ــة الــ‪ 13‬بين ال ــدول األكثر‬ ‫تلوث ـ ًـًا في العال ــم‪ ،‬م ــع ارتف ــاع نس ــب التل ــوث‪،‬‬ ‫حي ــث تح ــاول أمان ــة بغ ــداد م ــن جانبه ــا اتخ ــاذ‬ ‫بع ــض اإلج ـراءات للح ــد م ــن تل ــوث األنه ــار‪.‬‬

‫ويق ــول املتح ــدث باس ــم األمان ــة‪ ،‬ع ــدي‬ ‫الجندي ــل‪ ،‬للمجل ــة إن "هن ــاك زي ــادة بوح ــدات‬ ‫معالج ــة مي ــاه الص ــرف ال ــصحي‪ ،‬حي ــث ب ــات‬ ‫هن ــاك س ــبع وح ــدات معالج ــة في منطق ــة‬ ‫النه ــروان‪ ،‬إضاف ــة إلى وح ــدات التصفي ــة‬ ‫الستيع ــاب الكمي ــات املتزاي ــدة م ــن املي ــاه"‪.‬‬ ‫ويتحــدث املســؤول املحلي‪ ،‬عــن وجــود وحــدات‬ ‫تصفي ــة سيت ــم توس ــيعها ضم ــن مش ــروع (أب ــو‬ ‫عيثــة)‪ ،‬إضافــة إلى مشــاريع استراتيجيــة سيتــم‬ ‫تنفيذه ــا‪ ،‬منه ــا مش ــروع قن ــاة الش ــرطة‪ ،‬ال ــذي‬ ‫يع ــد م ــن املش ــاريع الك ــبيرة‪ ،‬حي ــث تبل ــغ طاقت ــه‬ ‫االستيعابي ــة ‪ 400‬أل ــف م‪ ³‬في الي ــوم‪ ،‬وستت ــم‬ ‫إحالت ــه إلى إح ــدى الش ــركات املتخصص ــة‪،‬‬ ‫الفت ـ ًـًا إلى أن "املش ــروع س ــيعمل على تصفي ــة‬ ‫املي ــاه ب ــشكل كام ــل قب ــل طرحه ــا في النه ــر‪ ،‬م ــن‬ ‫خالل نص ــب وح ــدات تصفي ــة متكامل ــة"‪.‬‬ ‫وي ــشير الجندي ــل‪ ،‬إلى "جدي ــة أمان ــة بغ ــداد في‬

‫إنه ــاء مل ــف تصفي ــة مي ــاه الص ــرف ال ــصحي"‪،‬‬ ‫ـدًا أن "ف ــرق األمان ــة التفتيش ــية تواص ــل‬ ‫مؤك ـ ً‬ ‫جوالته ــا على املطاع ــم ونص ــب قانص ــات‬ ‫المتص ــاص الده ــون منه ــا"‪.‬‬ ‫قوانين دون فاعلية‬ ‫ومن ــذ التغ ــيير الس ــيا�سي في الع ـراق‪ ،‬ص ــدرت‬ ‫تش ــريعات وق ــوانين ع ــدة ُ​ُتل ــزم باملح ــددات‬ ‫البيئي ــة والح ــد م ــن التل ــوث‪ ،‬أبرزه ــا قان ــون‬ ‫رقــم ‪ 27‬لســنة ‪ ،2009‬الــذي يهــدف إلى تحقيــق‬ ‫التنمي ــة املس ــتدامة وحماي ــة البيئ ــة م ــن خالل‬ ‫تنظيــم األنشــطة املؤثــرة عليهــا‪ ،‬و قانــون الهــواء‬ ‫النظي ــف رق ــم ‪ 1‬لس ــنة ‪ ،2010‬ال ــذي ر ّ​ّك ــز على‬ ‫تنظيــم االنبعاثــات مــن املصانــع وألــزم الجهــات‬ ‫املعني ــة باتخ ــاذ اإلج ـراءات الوقائي ــة لتقليله ــا‪.‬‬ ‫ويؤك ــد الخ ــبير القانون ــي والناش ــط في املج ــال‬ ‫البيئي‪ ،‬عادل الياســري‪ ،‬للمجلة أن "مســؤولية‬ ‫حماي ــة البيئ ــة م ــن املس ــؤوليات املشترك ــة بين‬ ‫الس ــلطات التش ــريعية والتنفيذي ــة"‪ ،‬داعي ـ ًـًا‬ ‫مجلــس النــواب إلى "متابعــة التطــورات البيئيــة‬ ‫وإص ــدار ق ــوانين تواك ــب ه ــذه الت ــغيرات‬ ‫وتض ــاهي التش ــريعات اإلقليمي ــة في ه ــذا‬ ‫الش ــأن"‪.‬‬ ‫ويضي ــف أن "م ــن واج ــب الس ــلطة التنفيذي ــة‬ ‫إل ـزام القط ــاعين الع ــام والخ ــاص باملح ــددات‬ ‫البيئيــة ومراعــاة ذلــك عنــد إجـراء التعاقــدات"‪.‬‬ ‫وين ـ ّـّوه الياس ــري‪ ،‬إلى أن "الس ــلطة التنفيذي ــة‬ ‫لــم تقــم بدورهــا بالــشكل املطلــوب في نشــر فــرق‬ ‫التفتي ــش وتفعي ــل مراك ــز الش ــرطة البيئي ــة‬ ‫لضب ــط املخالف ــات وإحالته ــا إلى القض ــاء‬ ‫املخت ــص"‪ ،‬م ــشي ًرًا إلى "ع ــدم وج ــود ق ــوانين‬ ‫جدي ــدة وصارم ــة تح ــد م ــن حج ــم التل ــوث‬ ‫املتزاي ــد في الع ـراق‪ ،‬وأن الق ــوانين الحالي ــة ال‬ ‫تس ــتوعب خط ــورة املوق ــف‪ ،‬وتكتف ــي بع ــض‬ ‫مواده ــا بعقوب ــات بس ــيطة مث ــل الغرام ــة أو‬ ‫ـشّكل رادع ـ ًـًا كافي ـ ًـًا‬ ‫الحب ــس البس ــيط‪ ،‬وهي ال ت ـ ّ‬ ‫أم ــام التك ـرار املس ــتمر للمخالف ــات البيئي ــة"‪.‬‬ ‫ويبق ــى مل ــف التل ــوث في الع ـراق م ــن امللف ــات‬ ‫ذات التداعيــات الخــطيرة‪ ،‬مــا يســتدعي اتخــاذ‬ ‫إج ـراءات عاجل ــة وجه ــود حقيقي ــة تش ــمل‬ ‫تصفيــة امليــاه وتنقيتهــا قبــل طرحهــا في األنهــار‪،‬‬ ‫فّع ــال‪ ،‬واس ــتخدام‬ ‫وإدارة النفاي ــات ب ــشكل ّ‬ ‫مصــادر طاقــة نظيفــة‪ ،‬واالعتمــاد على األســس‬ ‫العلمي ــة للح ــد م ــن التل ــوث‪.‬‬

‫‪36‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬ ‫‪IRAQI‬‬

‫السياحة الدينية‪..‬‬

‫وجهة روحية عريقة تنتظر التفعيل‬

‫فيــلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫في الوقت الذي يشهد فيه‬ ‫متزايدًا للزوار‬ ‫تدفقًا‬ ‫العراق‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ألداء الزيارة األربعينية‪،‬‬ ‫تتصاعد الدعوات من خبراء‬ ‫ونقابيين إلى ضرورة معالجة‬ ‫الخلل البنيوي في قطاع‬ ‫السياحة الدينية‪ ،‬وتطويره‬ ‫بما يتناسب مع حجم الطلب‬ ‫واإلمكانات املتاحة‪.‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪37 2025‬‬

‫وعلى الرغ ــم م ــن وج ــود أكثر ‪ 450‬فندق ـ ًـًا‬ ‫ـياحيًا في ك ــربالء و‪ 240‬فندق ـ ًـًا في النج ــف‪،‬‬ ‫سـ ً‬ ‫إال أن البني ــة الفندقي ــة والخدمي ــة ال ت ـزال‬ ‫قاص ــرة ع ــن تلبي ــة االحتياج ــات املتزاي ــدة‪ ،‬في‬ ‫ظــل االعتمــاد شــبه الكامــل على جهــود القطــاع‬ ‫الخ ــاص‪.‬‬ ‫مضاعفة الحاجة‬ ‫وبه ــذا الس ــياق‪ ،‬يق ــول رئي ــس رابط ــة الفن ــادق‬ ‫الس ــياحية في النج ــف صائ ــب أب ــو غني ــم‪ ،‬إن‬ ‫"املحافظ ــة تض ــم حالي ـ ًـًا نح ــو ‪ 250‬فندق ـ ًـًا‪،‬‬ ‫منه ــا ‪ 240‬فندق ـ ًـًا جاه ـ ًزًا الس ــتقبال الزائري ــن‪،‬‬ ‫بع ــد استيفائه ــا ش ــروط السالم ــة املهني ــة التي‬ ‫طالب ــت به ــا مديري ــة الدف ــاع املدن ــي في ال ــفترة‬ ‫األخيرة"‪.‬‬ ‫ويــوضح أبــو غنيــم ملجلــة "فــيلي"‪ ،‬أن "الفنــادق‬ ‫الجاه ــزة تغط ــي مختل ــف التصنيف ــات‬ ‫ـدًا‬ ‫الســياحية مــن ثالث إلى خمــس نجــوم"‪ ،‬مؤكـ ً‬ ‫أنهــا "رغــم ذلــك ال تفــي بحاجــة األعــداد الكــبيرة‬ ‫م ــن الزائري ــن‪ ،‬ال س ــيما خالل املناس ــبات‬ ‫الديني ــة ال ــكبرى"‪.‬‬ ‫وأشــار إلى أنــه "حتى لــو تضاعــف عــدد الفنــادق‬ ‫إلى ‪ 10‬أضعــاف‪ ،‬فلــن تكــون كافيــة الستيعــاب‬ ‫األعــداد املتزايــدة مــن الزائريــن"‪.‬‬ ‫ويضي ــف أن "غالبي ــة ال ــزوار‪ ،‬خصوص ـ ًـًا‬ ‫الق ــادمين م ــن إي ـران ولبن ــان‪ ،‬يعان ــون م ــن‬ ‫أوض ــاع اقتصادي ــة متردي ــة‪ ،‬مم ــا يدفعه ــم إلى‬ ‫ـدًال م ــن‬ ‫اإلقام ــة في الحس ــينيات واملواك ــب ب ـ ً‬ ‫الفن ــادق"‪.‬‬ ‫ويؤك ــد رئي ــس الرابط ــة أن "النج ــف بحاج ــة‬ ‫إلى مضاعف ــة ع ــدد فنادقه ــا ثالث م ـرات على‬ ‫األق ــل لتلبي ــة الطل ــب املتزاي ــد"‪ ،‬م ــشيرا إلى أن‬ ‫"محافظــة كــربالء تعانــي هي األخــرى مــن نقــص‬ ‫واضح في البنيــة الفندقيــة‪ ،‬إذ ال يتجــاوز عــدد‬ ‫فنادقه ــا ‪ 450‬فندق ـ ًـًا‪ ،‬في حين يتطل ــب الوض ــع‬ ‫الح ــالي توف ــر أكثر م ــن أل ــف فن ــدق"‪.‬‬ ‫وبش ــأن أس ــعار اإلقام ــة‪ ،‬يق ــول أب ــو غني ــم إن‬ ‫"األس ــعار ل ــم تش ــهد ارتفاع ـ ًـًا ك ــبي ًرًا‪ ،‬باس ــتثناء‬ ‫زيــادات طفيفــة تعــود إلى ارتفــاع أســعار بعــض‬ ‫الخدم ــات األساس ــية‪ ،‬مث ــل املي ــاه"‪ ،‬ضارب ــا‬ ‫مث ــل بـ"صن ــدوق املي ــاه التي كان ــت ُ​ُتب ــاع بس ــعر‬ ‫‪ 1250‬دين ــا ًرًا‪ ،‬وصل ــت الي ــوم إلى ‪ 2000‬دين ــار‪،‬‬

‫‪38‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪39 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫السياحة الدينية ‪ ..‬وجهة روحية عريقة تنتظر التفعيل‬ ‫بسبــب صعوبــة الوصــول إلى الفنــادق وارتفــاع‬ ‫الطل ــب"‪.‬‬ ‫ـدًا"‬ ‫ـ‬ ‫ج‬ ‫ـة‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫"طفي‬ ‫ـل‬ ‫ـ‬ ‫ظ‬ ‫ت‬ ‫ـادة‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫الز‬ ‫ـذه‬ ‫ـ‬ ‫ه‬ ‫أن‬ ‫وي ـبّين‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫عن ــد مقارنته ــا بأس ــعار الفن ــادق في ال ــدول‬ ‫األخ ــرى خالل أوق ــات ال ــذروة واملواس ــم‬ ‫الس ــياحية‪ ،‬حي ــث تتضاع ــف األس ــعار ع ــدة‬ ‫م ـرات في مث ــل ه ــذه ال ــفترات‪.‬‬ ‫وفيمــا يتعلــق بفــرص العمــل التي توفرهــا هــذه‬ ‫املواس ــم‪ ،‬أش ــار أب ــو غني ــم إلى أن الفن ــادق‬ ‫تسعى إلى تشغيل أكبر عدد ممكن من العمالة‬

‫املحلي ــة‪ ،‬خاص ــة في مج ــاالت االس ــتقبال‪،‬‬ ‫املطاع ــم‪ ،‬واملول ــدات الكهربائي ــة‪ ،‬لكن ــه لف ــت‬ ‫إلى أن بعــض الخدمــات‪ ،‬مثــل تنظيــف املرافــق‬ ‫الصحي ــة‪ ،‬ال يقب ــل به ــا العم ــال العراقي ــون‪،‬‬ ‫م ــا يدف ــع بع ــض الفن ــادق لالس ــتعانة بالعمال ــة‬ ‫األجنبي ــة‪.‬‬ ‫تنظيم وتنويع‬ ‫م ــن جهت ــه‪ ،‬يش ــدد نقي ــب الس ــياحيين في‬ ‫الع ـراق‪ ،‬محم ــد الرب ــيعي‪ ،‬على أهمي ــة تنظي ــم‬ ‫وتطويــر الســياحة الدينيــة في الــبالد‪ ،‬بوصفهــا‬

‫م ــن أب ــرز امل ــوارد االقتصادي ــة املباش ــرة التي‬ ‫يمك ــن أن تس ــهم في تعزي ــز الدخ ــل القوم ــي‬ ‫وج ــذب العمل ــة الصعب ــة‪ ،‬إذا م ــا ت ــم التعام ــل‬ ‫معه ــا بطريق ــة علمي ــة وإداري ــة مدروس ــة‪.‬‬ ‫ويق ــول الرب ــيعي ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬إن "أهمي ــة‬ ‫الس ــياحة الديني ــة في الع ـراق بات ــت واضح ــة‬ ‫للجمي ــع‪ ،‬إال أنه ــا ال ت ـزال بحاج ــة إلى حزم ــة‬ ‫مــن اإلج ـراءات لضمــان مردودهــا االقتصــادي‬ ‫الفّع ــال"‪ ،‬م ــشي ًرًا إلى "ض ــرورة ف ــرض رس ــوم‬ ‫ّ‬ ‫موح ــدة على ت ــأشيرات الدخ ــول لجمي ــع‬ ‫الوافدي ــن ألغ ـراض الس ــياحة الديني ــة‪ ،‬م ــع‬

‫اعتم ــاد أنظم ــة إلكتروني ــة حديث ــة الستيف ــاء‬ ‫الرس ــوم وتنظي ــم الدخ ــول م ــن جمي ــع املناف ــذ‬ ‫البري ــة والجوي ــة والبحري ــة"‪.‬‬ ‫ويلف ــت نقي ــب الس ــياحيين إلى أن "هن ــاك‬ ‫حاج ــة ملح ــة لتنظي ــم املناف ــذ الحدودي ــة عبر‬ ‫إحصائي ــات دقيق ــة لحرك ــة دخ ــول الزائري ــن"‪،‬‬ ‫مؤك ــد�ا أن "االعتم ــاد على وجه ــات ديني ــة‬ ‫مح ــددة فق ــط مث ــل ك ــربالء ل ــم يع ــد كافي ـ ًـًا"‪.‬‬ ‫وي ــوضح أن "الس ــياحة الديني ــة ال تقتص ــر‬ ‫على محافظ ــة ك ــربالء فق ــط‪ ،‬ب ــل يج ــب تعزي ــز‬ ‫االهتم ــام بمواق ــع ديني ــة أخ ــرى في النج ــف‪،‬‬ ‫وس ــامراء‪ ،‬وغيره ــا‪ ،‬باإلضاف ــة إلى امل ـزارات‬ ‫واملقام ــات الخاص ــة بالديان ــات األخ ــرى‪ ،‬والتي‬ ‫تنتش ــر في مختل ــف أنح ــاء الع ـراق‪ ،‬م ــن أج ــل‬ ‫تحقي ــق تن ــوع س ــياحي واس ــتقطاب ش ـرائح‬ ‫أوس ــع م ــن الزائري ــن"‪.‬‬ ‫ويؤك ــد الرب ــيعي أن "ه ــذا الحج ــم الك ــبير م ــن‬ ‫الزائري ــن يتطل ــب خدم ــات متط ــورة وإدارة‬ ‫ـددًا على‬ ‫س ــياحية احترافي ــة تلي ــق به ــم"‪ ،‬مش ـ ً‬ ‫أن "الزائ ــر األج ــنبي يس ــهم ب ــشكل مباش ــر في‬ ‫دع ــم االقتص ــاد ال ــوطني م ــن خالل الع ــمالت‬ ‫الصعب ــة التي يضخه ــا في الس ــوق العراقي ــة"‪.‬‬ ‫وي ــشير إلى أن "القط ــاع الخ ــاص يلع ــب دو ًرًا‬ ‫محوري ـ ًـًا في دع ــم الس ــياحة الديني ــة‪ ،‬خاص ــة‬ ‫في ظ ــل امتالك ــه الج ــزء األكبر م ــن منش ــآت‬ ‫اإلقام ــة والخدم ــات الس ــياحية"‪ ،‬داعي ـ ًـًا إلى‬ ‫"تقدي ــم دع ــم حكوم ــي مباش ــر ل ــه م ــن خالل‬ ‫تس ــهيل الحص ــول على الق ــروض االستثماري ــة‪،‬‬ ‫وخف ــض ف ــواتير الخدم ــات (الكهرب ــاء‪ ،‬املاء‪،‬‬ ‫وغيره ــا)‪ ،‬وتبس ــيط إج ـراءات من ــح اإلج ــازات‬ ‫الس ــياحية"‪.‬‬ ‫وفيم ــا يخ ــص الجان ــب اإلعالم ــي‪ ،‬أش ــار نقي ــب‬ ‫الس ــياحيين إلى أن "هن ــاك ضعف ـ ًـًا ك ــبي ًرًا في‬ ‫التس ــويق الخ ــارجي للس ــياحة الديني ــة"‪ ،‬مبين ـ ًـًا‬ ‫ـدًا عــن اســتغالل هــذه‬ ‫أن الع ـراق "ال ي ـزال بعيـ ً‬ ‫الثروة الس ــياحية بال ــشكل األمث ــل"‪.‬‬ ‫ويدع ــو إلى "إطالق منظوم ــة تس ــويقية‬ ‫وإعالميــة وطنيــة تســهم في فتــح أســواق عامليــة‬ ‫جدي ــدة‪ ،‬وتقدي ــم الع ـراق كوجه ــة روحي ــة ذات‬ ‫بع ــد إنس ــاني وت ــاريخي متن ــوع"‪.‬‬ ‫وفي ظ ــل ه ــذا الواق ــع‪ ،‬يبرز تس ــاؤل جوه ــري‬ ‫حــول أســباب عــدم تمكــن العـراق حتى اآلن مــن‬ ‫استثمــار إمكاناتــه التاريخيــة والدينيــة الهائلــة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وتحّول ــه إلى وجه ــة س ــياحية إقليمي ــة وعاملي ــة‪.‬‬ ‫فبينم ــا يعان ــي القط ــاع م ــن التعقي ــدات‬

‫نقيب السياحيين‪ ،‬محمد الربيعي‪"" :‬ضرورة فرض رسوم موحدة على‬ ‫تأشيرات الدخول لجميع الوافدين ألغراض السياحة الدينية‪ ،‬مع اعتماد‬ ‫أنظمة إلكترونية حديثة الستيفاء الرسوم"‪..‬‬ ‫الخبير االقتصادي كريم الحلو‪"" :‬ما يعرقل تطور هذا القطاع هو غياب‬ ‫البنى التحتية الالزمة‪ ،‬من فنادق ومنشآت سياحية‪ ،‬إلى جانب نقص‬ ‫في المناطق الخضراء وأماكن الترفيه"‪.‬‬

‫اإلداري ــة وب ــطء إج ـراءات إص ــدار الت ــأشيرات‪،‬‬ ‫تعان ــي ش ــركات الس ــياحة م ــن غي ــاب التس ــويق‬ ‫الخ ــارجي‪ ،‬في وق ــت ُ​ُتطال ــب في ــه الجه ــات‬ ‫املعني ــة بض ــرورة تنوي ــع الوجه ــات‪ ،‬وتس ــهيل‬ ‫اإلجـراءات‪ ،‬وتعزيــز الــبنى التحتيــة‪ ،‬بمــا يجعــل‬ ‫م ــن الس ــياحة الديني ــة والحضاري ــة مص ــد ًرًا‬ ‫ـتدامًا لدع ــم االقتص ــاد ال ــوطني‪.‬‬ ‫حقيقي ـ ًـًا ومس ـ ً‬ ‫فشل في استثمار السياحة‬ ‫وفي ه ــذا الص ــدد‪ ،‬يؤك ــد الخ ــبير االقتص ــادي‬ ‫كري ــم الحل ــو أن الع ـراق ل ــم ي ــنجح في استثم ــار‬ ‫مقومات ــه الس ــياحية املتنوع ــة‪ ،‬ال س ــيما‬ ‫في مج ــاالت الس ــياحة الديني ــة والتاريخي ــة‬ ‫والحضاريــة‪ ،‬مــشي ًرًا إلى وجــود "فشــل ذريــع" في‬ ‫تطويــر هــذه القطاعــات رغــم مــا تمتلكــه الــبالد‬ ‫م ــن مواق ــع س ــياحية فري ــدة ومتع ــددة األبع ــاد‪.‬‬ ‫ويق ــول الحل ــو ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬إن الع ـراق كان‬ ‫ُيعـ ّـّول على الســياحة الدينيــة باعتبارهــا مصــد ًرًا‬ ‫ُ‬ ‫ـدًا أن الس ــياحة‬ ‫مهم ـ ًـًا للدخ ــل ال ــوطني‪ ،‬مؤك ـ ً‬ ‫الديني ــة ال تقتص ــر على الجان ــب اإلسالم ــي‪،‬‬ ‫ب ــل تش ــمل أيض ـ�ا الس ــياحة اإلبراهيمي ــة‪،‬‬ ‫والس ــريانية‪ ،‬واألكدي ــة‪ ،‬واآلش ــورية‪ ،‬وغيره ــا‬ ‫م ــن الحق ــب التاريخي ــة التي يمتل ــك الع ـراق‬ ‫آثاره ــا ومعامله ــا‪.‬‬ ‫ـور‬ ‫ويلف ــت الحل ــو إلى أن "م ــا يعرق ــل تط ـ ه ــذا‬ ‫القط ــاع ه ــو غي ــاب ال ــبنى التحتي ــة الالزم ــة‪،‬‬ ‫م ــن فن ــادق ومنش ــآت س ــياحية‪ ،‬إلى جان ــب‬ ‫نقــص في املناطــق الخض ـراء وأماكــن الترفيــه"‪،‬‬ ‫مضيف ــا أن "الس ــائح حين يص ــل إلى الع ـراق‬ ‫يواج ــه بس ــاطة مفرط ــة في الخدم ــات‪ ،‬ونقص ـ ًـًا‬ ‫في املراف ــق التي ُ​ُتع ــتبر أساس ــية في أي وجه ــة‬ ‫س ــياحية محترف ــة"‪.‬‬ ‫ل‬ ‫وينتقــد الحلــو تعقيــد إج ـراءات الحصــو على‬

‫ت ــأشيرة الدخ ــول (ال ــفيزا)‪ ،‬مبين ـ ًـًا أن "في أغل ــب‬ ‫دول العالــم‪ ،‬تتــولى مكاتــب الســياحة مســؤولية‬ ‫تقدي ــم طلب ــات ال ــفيزا واس ــتقطاب الزائري ــن‬ ‫عبر آلي ــات مرن ــة وفعال ــة‪ ،‬بينم ــا في الع ـراق‬ ‫ُ​ُتف ــرض على الس ــائح إج ـراءات طويل ــة تتطل ــب‬ ‫مراجع ــات أمني ــة مرهق ــة"‪.‬‬ ‫ويضي ــف أن ه ــذا التعقي ــد اإلداري يق ــف‬ ‫حاجـ ًزًا أمــام أي محاولــة جديــة لجــذب الــزوار‪،‬‬ ‫داعي ـ ًـًا إلى تس ــهيل إج ـراءات ال ــفيزا؛ وتخوي ــل‬ ‫مكات ــب الس ــياحة بج ــزء م ــن الصالحي ــات‬ ‫الالزم ــة كم ــا ه ــو معم ــول ب ــه دولي ـ ًـًا‪.‬‬ ‫وي ــشير الحل ــو أيض ـ ًـًا إلى أن ش ــركات الس ــياحة‬ ‫العراقي ــة ال تق ــوم بدوره ــا املطل ــوب في التروي ــج‬ ‫للس ــياحة داخ ــل ال ــبالد‪ ،‬وتعان ــي م ــن نق ــص في‬ ‫املن ــدوبين خ ــارج الع ـراق‪ ،‬م ــا يح ـ ّـّد م ــن قدرته ــا‬ ‫على اســتقطاب الســياح أو التســويق للوجهات‬ ‫العراقي ــة‪.‬‬ ‫وي ــوضح الخ ــبير أن م ــن أب ــرز املش ــاكل األخ ــرى‬ ‫هي قلــة عــدد املترجــمين املؤهــلين داخــل املكاتب‬ ‫الســياحية‪ ،‬ممــا يخلــق فجــوة في التواصــل مــع‬ ‫الزائري ــن م ــن مختل ــف الجنس ــيات‪ ،‬إلى جان ــب‬ ‫م ــا وصف ــه بـ"االفتق ــار الع ــام للنظاف ــة‪ ،‬وت ــردي‬ ‫ح ــال الط ــرق وال ــبنى الخدمي ــة التي يس ــلكها‬ ‫الس ــياح"‪.‬‬ ‫وفي خت ــام تصريح ــه‪ ،‬يدع ــو الحل ــو إلى "إع ــادة‬ ‫تفعي ــل مل ــف الس ــياحة التاريخي ــة والديني ــة‬ ‫والحضاري ــة في الع ـراق‪ ،‬والعم ــل على تس ــويق‬ ‫ه ــذه الوجه ــات عاملي ـ�ا ب ــشكل م ــدروس‪،‬‬ ‫بالت ــوازي م ــع إصالح البني ــة التحتي ــة‪ ،‬وتطوي ــر‬ ‫خدم ــات الضياف ــة‪ ،‬وتس ــهيل الحص ــول على‬ ‫الت ــأشيرات الس ــياحية‪ ،‬بم ــا يواك ــب م ــا تقدم ــه‬ ‫ال ــدول املنافس ــة في املنطق ــة"‪.‬‬

‫‪40‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬ ‫‪IRAQI‬‬

‫العراق في دائرة الخطر‪..‬‬ ‫جانب مظلم وتحديات مركبة‬ ‫تهدد حياة الشعب‬

‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬ ‫في ظل تسارع مظاهر‬ ‫التغيراملناخي‪ ،‬وتزايد‬ ‫موجات الجفاف‬ ‫والتصحر‪ ،‬يواجه‬ ‫العراق تحديات بيئية‬ ‫و اقتصادية مركبة تهدد‬ ‫األمن الغذائي واستقرار‬ ‫الفئات الهشة‪.‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪41 2025‬‬

‫‪42‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪43 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫العراق في دائرة الخطر‪..‬‬ ‫وفي وق ــت تتباي ــن في ــه االس ــتجابات الرس ــمية‬ ‫بين الجهــود املعلنــة على األرض وبــطء التنفيــذ‪،‬‬ ‫م ــن من ــع زراع ــة محاصي ــل استراتيجي ــة بسب ــب‬ ‫شح املي ــاه‪ ،‬إلى تض ــرر فئ ــات عامل ــة م ــن‬ ‫موج ــات الح ــر‪ ،‬ترس ــم ش ــهادات مس ــؤولين‬ ‫وخبراء ومواطــنين صــورة مقلقــة ملســتقبل بــيئي‬ ‫واقتص ــادي على املح ــك‪.‬‬ ‫منع زراعة الشلب‬ ‫وأوضح مستش ــار وزارة الزراع ــة‪ ،‬مه ــدي ضم ــد‬ ‫ال ــقي�سي‪ ،‬أن ال ــوزارة كان ــت س ـ ّـّباقة في إدراك‬ ‫تداعي ــات الت ــغيرات املناخي ــة وشح اإلي ـرادات‬ ‫املائي ــة‪ ،‬واتخ ــذت إج ـراءات مبك ــرة ملعالج ــة‬ ‫آث ــار ه ــذه التحدي ــات على القط ــاع ال ــزراعي في‬ ‫الع ــراق‪.‬‬ ‫وبّين ال ــقي�سي ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬أن م ــن أب ــرز ه ــذه‬ ‫ّ‬ ‫اإلجـراءات‪ ،‬قـرار الحكومــة في الخطــة الزراعيــة‬ ‫الصيفيــة بمنــع زراعــة الشــلب‪ ،‬نظـ ًرًا لكونــه مــن‬ ‫املحاصي ــل التي تتطل ــب إغم ــا ًرًا مس ــتم ًرًا باملي ــاه‬ ‫طــوال فترة النمــو وحتى الحصــاد‪ ،‬وهــو أمــر لــم‬ ‫يعــد ممكنـ ًـًا في ظــل انخفــاض مناسيــب امليــاه‪.‬‬ ‫وأض ــاف أن ال ــوزارة ب ــدأت من ــذ ع ــدة س ــنوات‬ ‫بتجرب ــة تقني ــات ال ــري الحديث ــة‪ ،‬وعلى رأس ــها‬ ‫ال ــري بال ــرش ملحص ــول الش ــلب‪ ،‬به ــدف تقلي ــل‬ ‫اله ــدر املائ ــي‪ ،‬م ــع الحف ــاظ على ج ــودة ونكه ــة‬ ‫األرز‪ ،‬الســيما صنــف "العــنبر" املعــروف محليـ ًـًا‪.‬‬ ‫وأظه ــرت النتائ ــج األولي ــة للتج ــارب مؤش ـرات‬ ‫إيجابي ــة‪ ،‬فيم ــا يتواص ــل العم ــل للتوس ــع في‬ ‫ه ــذه التقني ــات الحديث ــة‪.‬‬ ‫وفيم ــا يتعل ــق بمحص ــول الحنط ــة ضم ــن‬ ‫الخطــة الزراعيــة الشــتوية‪ ،‬أشــار الــقي�سي‪ ،‬إلى‬ ‫أن وزارة التج ــارة أعلن ــت مؤخ ـ ًرًا اس ــتالم أكثر‬ ‫م ــن ‪ 5‬ماليين و‪ 100‬أل ــف ط ــن م ــن الحنط ــة‬ ‫م ــن مختل ــف املحافظ ــات‪ ،‬وه ــو م ــا ُيع ــد كافي ـ ًـًا‬ ‫ُ‬ ‫لتغطي ــة احتياج ــات البطاق ــة التمويني ــة له ــذا‬ ‫الع ــام‪.‬‬ ‫وواص ــل املس ــؤول الحكوم ــي حديث ــه بالق ــول‬ ‫إن "وزارة الزراع ــة أحدث ــت خالل الع ــامين‬ ‫املاض ــيين طف ــرة نوعي ــة في دع ــم امل ـزارعين م ــن‬ ‫خالل ت ــوفير منظوم ــات ال ــري بال ــرش‪ ،‬حي ــث‬ ‫ُ​ُتمنــح هــذه املنظومــات ملـزارعي الحنطــة بخصــم‬ ‫‪ ،30%‬على أن ُ​ُيقس ــط املبل ــغ املتبق ــي (‪)70%‬‬ ‫على مــدى عشــر ســنوات‪ ،‬مــع إعفــاء مــن الدفــع‬ ‫في الس ــنة األولى‪ ،‬أي تس ــدد خالل ‪ 11‬عام ـ ًـًا‪.‬‬ ‫وتعتم ــد ه ــذه املنظوم ــات‪ ،‬وف ــق ال ــقي�سي‪،‬‬

‫على اآلب ــار واملي ــاه الجوفي ــة‪ ،‬و ُ​ُتس ــهم في تقلي ــل‬ ‫استهالك املي ــاه بنس ــبة تتراوح بين ‪ 30‬إلى ‪40%‬‬ ‫مقارن ــة بال ــري الس ــيحي‪ ،‬م ــع تحقي ــق زي ــادة في‬ ‫اإلنت ــاج وتح ــسين نوعي ــة املحص ــول‪.‬‬ ‫وفي إط ــار ت ــأمين الكمي ــات املطلوب ــة‪ ،‬لف ــت إلى‬ ‫أن وزارة الزراع ــة تعاق ــدت م ــع وزارة الصناع ــة‬ ‫لتج ــهيز ه ــذه املنظوم ــات‪ ،‬إال أن اإلنت ــاج‬ ‫املحلي ال يغط ــي الحاج ــة الكامل ــة‪ ،‬م ــا دف ــع‬ ‫وزارة الزراع ــة للج ــوء إلى املناقص ــات الس ــتيراد‬ ‫منظوم ــات إضافي ــة‪.‬‬ ‫وت ــم التعاق ــد‪ ،‬بحس ــب ال ــقي�سي‪ ،‬على ‪ 13‬أل ــف‬ ‫منظومــة ري بســعات مختلفــة (‪ ،80 ،60‬و‪120‬‬ ‫دونم ـ ًـًا)‪ ،‬وق ــد اس ـ ُـُتلم نص ــف ه ــذه الكمي ــة حتى‬ ‫اآلن‪ ،‬فيم ــا ت ــم توزي ــع ‪ 3‬آالف منظوم ــة منه ــا‬ ‫فعلي ـ ًـًا على ال ــفالحين‪.‬‬ ‫خطط لتوزيع املياه‬ ‫م ــن جانب ــه‪ ،‬أعل ــن مع ــاون مدي ــر ع ــام الهيئ ــة‬ ‫العام ــة لتش ــغيل مش ــاريع ال ــري والبزل في وزارة‬ ‫امل ــوارد املائي ــة‪ ،‬غ ــزوان عب ــداألمير‪ ،‬أن ال ــوزارة‬ ‫وضع ــت خط ــة ش ــاملة ملعالج ــة انخف ــاض‬ ‫مناسي ــب املي ــاه في الخزان ــات نتيج ــة تراج ــع‬ ‫ال ــواردات املائي ــة مقارن ــة بالس ــنوات الس ــابقة‪،‬‬ ‫مــا أدى إلى بلــوغ مســتويات خزيــن مائــي متدنيــة‪.‬‬ ‫وأوضح عب ــداألمير‪ ،‬للمجل ــة‪ ،‬أن الخط ــة‬ ‫تضمن ــت توزي ــع املي ــاه املتوف ــرة في الخزان ــات‬ ‫على جمي ــع املحافظ ــات العراقي ــة وف ــق نس ــب‬ ‫سكانيــة مدروســة واحتياجــات متعــددة تشــمل‬ ‫مي ــاه الش ــرب‪ ،‬ري البس ــاتين‪ ،‬تغذي ــة األه ــوار‪،‬‬ ‫وس ــد االس ــتخدامات األخ ــرى‪.‬‬ ‫ونب ــه إلى أن ال ــوزارة تراق ــب يومي ـ�ا كمي ــات‬ ‫التصري ــف الواصل ــة للمحافظ ــات‪ ،‬كم ــا‬ ‫تنف ــذ إج ـراءات للح ــد م ــن التج ــاوزات‪ ،‬بينه ــا‬ ‫إزال ــة أح ــواض األس ــماك املخالف ــة وتش ــغيل‬ ‫املضخ ــات خ ــارج أوق ــات املراش ــنة‪.‬‬ ‫وذكــر عبــد األمير‪ ،‬أن هــذه اإلجـراءات أســهمت‬ ‫في إيص ــال الحص ــص املائي ــة إلى املحافظ ــات‪،‬‬ ‫مــشي ًرًا إلى أنــه تــم تــأمين مــا ال يقــل عــن ‪ 90‬مت ًرًا‬ ‫مكعبـ ًـًا مــن امليــاه ملحافظــة البصــرة‪.‬‬ ‫وفي م ــا يتعل ــق بالخط ــة الزراعي ــة الصيفي ــة‬ ‫لهــذا العــام‪ ،‬أكــد عــدم إق ـرار أي خطــة زراعيــة‬ ‫ش ــاملة‪ ،‬ب ــل اقتص ــر األم ــر على إرواء أكثر م ــن‬ ‫ملي ــون دون ــم م ــن البس ــاتين في عم ــوم ال ــبالد‪،‬‬ ‫إضافــة إلى الســماح بتشــغيل املضخــات وتــوفير‬ ‫مي ــاه الش ــرب لإلنس ــان والثروة الحيواني ــة‪.‬‬

‫وفي س ــياق متص ــل‪ ،‬أش ــار إلى أن بع ــض‬ ‫الــفالحين في عــدد مــن املحافظــات أقدمــوا على‬ ‫زراع ــة محاصي ــل زراعي ــة خ ــارج نط ــاق الخط ــة‬ ‫ـذر م ــن أن ه ــذه الزراع ــة غير‬ ‫املق ــررة‪ ،‬مح ـ �ا‬ ‫ـلبًا على مي ــاه الش ــرب‬ ‫املص ــرح به ــا س ــتؤثر س ـ ً‬ ‫وميــاه البستنــة في املناطــق الواقعــة بعــد مواقــع‬ ‫التج ــاوز‪.‬‬ ‫وأبلــغ عبــد األمير‪ ،‬بــأن الــوزارة غير مســؤولة عــن‬ ‫ـددًا‬ ‫أي أض ـرار قــد تلحــق بهــذه املحاصيــل‪ ،‬مشـ ً‬ ‫على أن املخال ــفين سيتحمل ــون التبع ــات‬ ‫القانوني ــة‪.‬‬ ‫أم ــا بش ــأن املوس ــم ال ــزراعي الش ــتوي املقب ــل‪،‬‬ ‫تحّس ــن‬ ‫فق ــد أش ــار إلى أن الخط ــة تعتم ــد على ّ‬ ‫الوض ــع املائ ــي وم ــا تحقق ــه ال ــبالد م ــن واردات‬ ‫خالل ش ــهري تش ــرين األول‪/‬أكتوب ــر وتش ــرين‬ ‫الثاني‪/‬نوف ــمبر‪.‬‬ ‫وع ــن املفاوض ــات اإلقليمي ــة‪ ،‬أك ــد عب ــداألمير‪،‬‬ ‫أن وزارة املــوارد املائيــة هي الجهــة املســؤولة عــن‬ ‫مل ــف التف ــاوض ال ــفني م ــع دول الج ــوار بش ــأن‬ ‫الحص ــص املائي ــة‪.‬‬ ‫مرحلة الخطر‬ ‫بــدوره‪ ،‬حـ ّـّذر عضــو مرصــد "الع ـراق األخضــر"‬ ‫املتخص ــص في ش ــؤون البيئ ــة‪ ،‬عم ــر عب ــد‬ ‫اللطي ــف‪ ،‬م ــن أن الع ـراق ب ــات خام ــس أكثر‬ ‫دول ــة تأث ـ �اـر بالت ــغير املن ــاخي عاملي ـ ًـًا‪ ،‬نتيج ــة‬ ‫عوامــل متعــددة أبرزهــا تراجــع الغطــاء النباتــي‪،‬‬ ‫وارتف ــاع درج ــات الح ـرارة‪ ،‬واملوق ــع الجغ ـرافي‬ ‫القري ــب م ــن خ ــط االس ــتواء‪ ،‬باإلضاف ــة إلى‬ ‫ضع ــف االهتم ــام ال ــرسمي بالبيئ ــة‪.‬‬ ‫وأخبر عب ــد اللطي ــف‪ ،‬مجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬ب ــأن‬ ‫املحافظ ــات الجنوبي ــة ومحافظ ــات الف ـرات‬ ‫األوس ــط هي األكثر تض ــر ًرًا حالي ـ ًـًا م ــن ظاهرت ــي‬ ‫التصح ــر والجف ــاف‪ ،‬مح ــذ ًرًا م ــن أن األض ـرار‬ ‫ـضًال‬ ‫ق ــد تش ــمل محاف ــظتي األنب ــار ونين ــوى‪ ،‬ف ـ ً‬ ‫عــن إقليــم كوردســتان خالل الســنوات الــثالث‬ ‫املقبل ــة‪ ،‬في ظ ــل اس ــتمرار شح اإلطالق ــات‬ ‫املائي ــة وع ــدم التوص ــل إلى اتفاق ــات واضح ــة‬ ‫م ــع الجان ــب التركــي بش ــأن الحص ــص املائي ــة‪.‬‬ ‫وبين أن الع ـراق دخ ــل عملي ـ ًـًا م ــا يمك ــن وصف ــه‬ ‫بـ"مرحل ــة الخط ــر الب ــيئي" وفق ـ�ا للمع ــايير‬ ‫ـشير إلى أن الت ــغيرات املناخي ــة‬ ‫الدولي ــة‪ ،‬م ـ �ا‬ ‫تتس ــارع في ال ــبالد‪ ،‬في حين م ــا ت ـزال اإلج ـراءات‬ ‫الحكومي ــة ملعالج ــة األزم ــة ت ــسير بب ــطء ش ــديد‬ ‫وس ــط بيروقراطي ــة وروتين إداري يعي ــق‬ ‫االس ــتجابة الس ــريعة‪.‬‬

‫«بعض الفالحين في عدد من‬ ‫المحافظات أقدموا على زراعة‬ ‫محاصيل زراعية خارج نطاق الخطة‬ ‫المقررة‪ ،‬ما ستؤثر سلبًاً على مياه‬ ‫الشرب ومياه البستنة في المناطق‬ ‫الواقعة بعد مواقع التجاوز » ‪..‬‬

‫" األثر المالي لتعطل القطاع‬ ‫الزراعي يؤدي ايضًاً إلى خسائر‬ ‫في مساحات واسعة من األراضي‬ ‫وُيقّلّص من‬ ‫الصالحة للزراعة‪ُ ،‬‬ ‫مساهمة الزراعة في الناتج المحلي‬ ‫اإلجمالي غير النفطي‪ ،‬إضافة إلى‬ ‫تعطيل سالسل التوريد المحلي"‪.‬‬

‫ولف ــت عب ــد اللطي ــف‪ ،‬أن اس ــتمرار ه ــذا‬ ‫التباط ــؤ في مواجه ــة أزم ــة املن ــاخ ق ــد ي ــؤدي إلى‬ ‫تفاق ــم الك ــوارث البيئي ــة‪ ،‬م ــا يس ــتدعي تح ــرك ً​ًا‬ ‫ـامًال على املســتويات كافــة للحــد مــن‬ ‫ـاجًال وشـ ً‬ ‫عـ ً‬ ‫التداعي ــات املتوقع ــة‪.‬‬ ‫تضخم وارتفاع البطالة‬ ‫في الس ــياق ذات ــه‪ ،‬ح ـ ّـّذر الباح ــث االقتص ــادي‬ ‫أحم ــد عي ــد‪ ،‬م ــن أن األس ــواق العراقي ــة تش ــهد‬ ‫مؤخ ـ ًرًا ضغوط ـ ًـًا متزاي ــدة على أس ــعار الس ــلع‬ ‫الغذائي ــة‪ ،‬نتيج ــة التراج ــع في اإلنت ــاج ال ــزراعي‬ ‫بفع ــل الجف ــاف والتصح ــر‪ ،‬وه ــو م ــا ُ​ُيترج ــم‬ ‫تدريجي ـ ًـًا إلى موج ــات تضخمي ــة تط ــال امل ــواد‬ ‫األساس ــية‪ ،‬وتثق ــل كاه ــل املواط ــنين وتزي ــد م ــن‬ ‫اضط ـراب الس ــوق‪.‬‬ ‫وأوضح عي ــد‪ ،‬خالل حديث ــه للمجل ــة‪ ،‬أن‬ ‫األث ــر املالي لتعط ــل القطــاع ال ــزراعي ال يقتص ــر‬ ‫على ارتف ــاع األس ــعار فق ــط‪ ،‬ب ــل يمت ــد لي ــشكل‬ ‫عبئ ـ ًـًا ك ــبي ًرًا على االقتص ــاد ال ــكلي‪ ،‬إذ ي ــؤدي‬ ‫إلى خس ــائر في مس ــاحات واس ــعة م ــن األرا�ضي‬ ‫الصالح ــة للزراع ــة‪ ،‬و ُ​ُي ّقّل ــص م ــن مس ــاهمة‬ ‫الزراعــة في الناتــج املحلي اإلجمــالي غير النفطــي‪،‬‬ ‫إضاف ــة إلى تعطي ــل سالس ــل التوري ــد املحلي‪،‬‬ ‫س ــواء ب ــشكل مباش ــر أو غير مباش ــر‪.‬‬ ‫ولفــت إلى أن هــذا الواقــع يفــرض أعبـ ًـاًء إضافيــة‬ ‫على الدول ــة‪ ،‬تتراوح بين زي ــادة االعتم ــاد على‬ ‫االســتيراد لســد الفجــوة الغذائيــة‪ ،‬وتخصيــص‬ ‫مــوارد لدعــم الــفالحين والقطاعــات املتضــررة‪،‬‬ ‫مم ــا يضغ ــط على املوازن ــة العام ــة ويح ــد م ــن‬ ‫ق ــدرة الحكوم ــة على املن ــاورة املالي ــة‪.‬‬ ‫وأش ــار الباح ــث‪ ،‬إلى أن الت ــأثيرات ال تتوق ــف‬ ‫عنــد الجانــب االقتصــادي فحســب‪ ،‬بــل تطــال‬ ‫س ــوق العم ــل الريف ــي ب ــشكل مباش ــر‪ ،‬إذ ي ــؤدي‬ ‫فق ــدان األرا�ضي الزراعي ــة إلى انقط ــاع مص ــدر‬ ‫ال ــرزق األس ــا�سي آلالف األس ــر‪ ،‬وارتف ــاع‬ ‫مع ــدالت البطال ــة‪ ،‬ودف ــع موج ــات م ــن الهج ــرة‬ ‫الداخلي ــة م ــن الري ــف إلى امل ــدن‪ ،‬األم ــر ال ــذي‬ ‫يخل ــق ضغوط ـ ًـًا إضافي ــة على ال ــبنى التحتي ــة‬ ‫الحضري ــة‪.‬‬ ‫ونب ــه إلى أن ه ــذه التح ــوالت ُ​ُتضع ــف القط ــاع‬ ‫غير النفط ــي‪ ،‬ال س ــيما في مج ــالي الزراع ــة‬ ‫والخدم ــات‪ ،‬اللذي ــن يش ــكالن ركيزة مهم ــة في‬ ‫بنيــة االقتصــاد العـراقي خــارج القطــاع النفطــي‪.‬‬ ‫وخت ــم عي ــد‪ ،‬حديث ــه بالق ــول إن الع ـراق ال‬ ‫ي ـزال يفتق ــر إلى خط ــة اقتصادي ــة وطني ــة‬ ‫شــاملة وطويلــة األمــد ملواجهــة تداعيــات التــغير‬

‫ـشير إلى أن اإلج ـراءات الحالي ــة‬ ‫املن ــاخي‪ ،‬م ـ �ا‬ ‫تقتص ــر على معالج ــات متفرق ــة وردود أفع ــال‬ ‫مرحلي ــة‪ ،‬ال ت ــرقى إلى حج ــم التح ــدي ال ــذي‬ ‫يواج ــه ال ــبالد‪.‬‬ ‫شّل قدرات العمال‬ ‫ّ‬ ‫وفي الجان ــب اإلنس ــاني م ــن األزم ــة‪ ،‬تح ـ ّـّدث‬ ‫العام ــل في قط ــاع البن ــاء بالعاصم ــة بغ ــداد‬ ‫حــسين سجــاد (‪ 23‬عامـ ًـًا) عــن املعانــاة اليوميــة‬ ‫تح ــت وط ــأة درج ــات الح ـرارة املرتفع ــة في‬ ‫ـائًال إن ارتف ــاع درج ــات الح ـرارة ب ــات‬ ‫بغ ــداد‪ ،‬ق ـ ً‬ ‫ي ــشكل عبئ ـ ًـًا مضاعف ـ ًـًا على العام ــلين‪ ،‬خاص ــة‬ ‫ـدًا‬ ‫ضم ــن فئ ــة ذوي الدخ ــل املح ــدود‪ ،‬مؤك ـ ً‬ ‫أن ه ــذه املوج ــات الح ــارة تؤث ــر عليه ــم صحي ـ ًـًا‬ ‫واقتصادي ـ ًـًا في ٍآٍن واح ــد‪.‬‬ ‫وذك ــر سج ــاد‪ ،‬ملجل ــة "ف ــيلي"‪" :‬أعم ــل تح ــت‬ ‫أش ــعة الش ــمس ب ــشكل مباش ــر‪ ،‬وم ــع االرتف ــاع‬ ‫الك ــبير في درج ــات الح ـرارة أصبح ــت أعان ــي‬ ‫م ــن مش ــاكل صحي ــة‪ ،‬م ــا اضطرن ــي أحيان ـ ًـًا إلى‬ ‫التوق ــف ع ــن العم ــل"‪ ،‬م ــشي ًرًا إلى أن ع ــدم‬ ‫قدرت ــه على الخ ــروج للعم ــل ي ــعني ع ــدم تلبي ــة‬ ‫احتياج ــات أس ــرته األساس ــية‪.‬‬ ‫وأض ــاف أن ه ــذه املعان ــاة ال تقتص ــر علي ــه‬ ‫فحســب‪ ،‬بــل تشــمل جميــع العامــلين في قطــاع‬ ‫البن ــاء‪ ،‬وه ــم في الغال ــب م ــن أبن ــاء الطبق ــة‬ ‫الفــقيرة الذيــن يعتمــدون على أجورهــم اليوميــة‬ ‫لت ــأمين لقم ــة العي ــش‪.‬‬ ‫ولف ــت إلى أن اس ــتمرار موج ــات الح ــر دون‬ ‫حل ــول واقعي ــة لحماي ــة العم ــال م ــن آثاره ــا‪،‬‬ ‫ُ​ُين ــذر بمزي ــد م ــن التده ــور في أوض ــاع ه ــذه‬ ‫الش ــريحة‪ ،‬داعي ـ ًـًا الجه ــات املعني ــة إلى اتخ ــاذ‬ ‫إج ـراءات عاجل ــة‪ ،‬س ــواء م ــن خالل تنظي ــم‬ ‫ســاعات العمــل أو تــوفير بيئــة عمــل أكثر أمانـ ًـًا‬ ‫في ظ ــل الت ــغيرات املناخي ــة املتس ــارعة‪.‬‬ ‫وفي ضــوء هــذه التصريحــات‪ ،‬يــتضح أن العـراق‬ ‫يق ــف أم ــام أزم ــة مر ّ​ّكب ــة تش ــمل األم ــن املائ ــي‪،‬‬ ‫ال ــزراعي‪ ،‬الب ــيئي‪ ،‬واالقتص ــادي‪ ،‬م ــع تداعي ــات‬ ‫مباش ــرة على الفئ ــات الضعيف ــة م ــن املجتم ــع‪.‬‬ ‫وبينم ــا ب ــدأت بع ــض اإلج ـراءات الحكومي ــة‬ ‫بالظهــور‪ ،‬يبقــى التحــدي األكبر في تحويــل هــذه‬ ‫املب ــادرات املتفرق ــة إلى رؤي ــة وطني ــة متكامل ــة‪،‬‬ ‫تستب ــق الت ــغيرات املناخي ــة ب ــدل أن تالح ــق‬ ‫آثاره ــا‪ ،‬وإال‪ ،‬ف ــإن خط ــر الدخ ــول في أزم ــة‬ ‫ـاثًال‪ ،‬إن ل ــم يك ــن ق ــد ب ــدأ‬ ‫مس ــتدامة سيبق ــى م ـ ً‬ ‫بالفع ــل‪.‬‬

‫‪44‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬ ‫‪IRAQI‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪45 2025‬‬

‫هل ينجح الرهان على الذكــــــاء االصطناعي في التعليم؟‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬ ‫في ظل الثورة الرقمية املتسارعة التي يشهدها العالم‪ ،‬لم يعد الذكاء‬ ‫االصطناعي مجرد تقنية حديثة‪ ،‬بل أصبح ضرورة إستراتيجية تمس‬ ‫مختلف جوانب الحياة‪ ،‬وعلى رأسها قطاع التعليم‪.‬‬

‫وم ــع تزاي ــد أهمي ــة ال ــذكاء االصطن ــاعي في صياغ ــة‬ ‫مس ــتقبل املعرف ــة‪ ،‬اتخ ــذت وزارة التعلي ــم الع ــالي‬ ‫والبح ــث الع ــلمي في الع ـراق خط ــوة جريئ ــة نح ــو‬ ‫تحدي ــث املنظوم ــة األكاديمي ــة‪ ،‬وذل ــك م ــن خالل‬ ‫اس ــتحداث كلي ــتين جدي ــدتين في جامع ــة بغ ــداد‪،‬‬ ‫ـدءًا‬ ‫هم ــا كلي ــة الت ــميز وكلي ــة ال ــذكاء االصطن ــاعي‪ ،‬ب ـ ً‬ ‫م ــن الع ــام ال ــدرا�سي ‪.2026-2025‬‬ ‫وي ــرى املختص ــون في ه ــذا املج ــال‪ ،‬أن ه ــذا الق ـرار‬ ‫يأت ــي في إط ــار سعي الع ـراق ملواكب ــة التح ــوالت‬

‫العامليــة في مجــاالت التكنولوجيــا والتعليــم‪ ،‬وإعــداد‬ ‫جي ــل أكاديمي يمتل ــك أدوات العص ــر ال ــرقمي‪.‬‬ ‫وتض ــم كلي ــة الت ـمّيز أقس ــام نظ ــم املعلوم ــات‬ ‫ّ‬ ‫التطبيقي ــة‪ ،‬وعل ــم البيان ــات‪ ،‬وإدارة األعم ــال‬ ‫التجاري ــة اإللكتروني ــة‪ ،‬واملحاس ــبة واملص ــارف‪،‬‬ ‫والفلس ــفة‪ ،‬وعل ــم االجتم ــاع‪ ،‬فيم ــا تض ــم كلي ــة‬ ‫ال ــذكاء االصطن ــاعي تخصص ــات التطبيق ــات‬ ‫الهندس ــية‪ ،‬والتطبيق ــات الطبي ــة الحيوي ــة‪،‬‬ ‫والبيان ــات الضخم ــة‪.‬‬

‫‪46‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪47 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫هل ينجح الرهان على الذكــــــاء االصطناعي في التعليم؟‪..‬‬ ‫مواكبة التطور‬ ‫وي ــوضح عض ــو لجن ــة التعلي ــم الع ــالي النيابي ــة‬ ‫ف ـراس املس ــلماوي‪ ،‬ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬أن "وزارة‬ ‫التعلي ــم الع ــالي مهتم ــة بال ــذكاء االصطن ــاعي‬ ‫والتخصص ــات الحديث ــة التي دخل ــت العل ــم‪،‬‬ ‫فالعال ــم يش ــهد قف ـزات نوعي ــة في مج ــال التط ــور‬ ‫وال ــذكاء االصطن ــاعي"‪.‬‬ ‫ويضي ــف أن "لل ــذكاء االصطن ــاعي أهمي ــة ك ــبيرة‬ ‫في مج ــاالت الط ــب واملعرف ــة وصياغ ــة األفكار‬ ‫والتخطي ــط وس ــرعة الحص ــول على املعلوم ــة‬ ‫وغيره ــا"‪ ،‬منوه ـ ًـًا إلى أن ــه "له ــذا السب ــب ُ​ُفتح ــت‬ ‫في الجامع ــات أقس ــام لل ــذكاء االصطن ــاعي ال ــذي‬ ‫يمك ــن توظيف ــه في خدم ــة اإلنس ــان"‪.‬‬ ‫وي ــشير إلى أن "ه ــذا الع ــام ش ــهد إدخ ــال ال ــذكاء‬ ‫االصطن ــاعي في موض ــوع الزي ــارة األربعيني ــة م ــن‬ ‫خالل مؤتم ــر ط ــب الحش ــود ال ــذي أقامت ــه هيئ ــة‬ ‫الحش ــد الش ــعبي ومديري ــة الطباب ــة بالتع ــاون م ــع‬ ‫جامع ــة الص ــفين‪ ،‬حي ــث ت ــم وض ــع برنام ــج نق ــاط‬ ‫الصح ــة ال ــذي يس ــاعد الزائ ــر ال ــذي يتع ــرض‬ ‫لوعكــة صحيــة على معرفــة أقــرب مفــرزة طبيــة مــن‬ ‫خالل تنزي ــل ه ــذا البرنام ــج"‪.‬‬ ‫ـائًال‪" :‬الب ــد م ــن‬ ‫ويتاب ــع املس ــلماوي‪ ،‬حديث ــه ق ـ ً‬ ‫أن تك ــون هن ــاك عين ــات أو نم ــاذج في بع ــض‬ ‫الجامع ــات تتعل ــق بال ــذكاء االصطن ــاعي‪ ،‬وفي ح ــال‬ ‫نجاحه ــا يمك ــن توس ــيعها إلى جامع ــات أخ ــرى‪،‬‬ ‫وسيتــم توحيــد املنــاهج الدراســية فيهــا‪ ،‬لكــن طــرح‬ ‫املعلوم ــة واستثم ــار ال ــذكاء االصطن ــاعي وتوظيف ــه‬ ‫في العل ــوم العام ــة أصب ــح أم ـ ًرًا مطلوب ـ ًـًا"‪.‬‬ ‫ون ــوه إلى "وج ــود أكثر م ــن م ــنهج به ــذا الخص ــوص‪،‬‬ ‫ـضًال ع ــن االس ــتفادة م ــن تج ــارب اآلخري ــن‬ ‫فـ ً‬ ‫لتدري ــس ال ــذكاء االصطن ــاعي ال ــذي ب ــدأ يدخ ــل‬ ‫جمي ــع املج ــاالت اإلنس ــانية والعلمي ــة"‪.‬‬ ‫ويلف ــت املس ــلماوي‪ ،‬إلى "وج ــود توج ــه جي ــد م ــن‬ ‫الطلب ــة وإقب ــال على ه ــذا التخص ــص‪ ،‬وق ــد ت ــم‬ ‫التأك ــد م ــن ذل ــك م ــن خالل تجرب ــة جامع ــة وارث‬ ‫األنبي ــاء في محافظ ــة ك ــربالء التي فتح ــت قس ــم‬ ‫ـاًال كــبي ًرًا مــن الطلبــة"‪.‬‬ ‫الــذكاء االصطنــاعي ولقــي إقبـ ً‬ ‫ويؤكــد أن "وزارة التعليــم العــالي تمتلــك االســتعداد‬ ‫واألهلي ــة الكامل ــة لفت ــح كلي ــات تخت ــص بال ــذكاء‬ ‫االصطن ــاعي وتطويره ــا لتصب ــح جامع ــات في‬ ‫املس ــتقبل"‪.‬‬ ‫وكان ــت وزارة التعلي ــم الع ــالي ق ــد ح ـ ّـّددت تاري ــخ‬ ‫ـدًا الس ــتكمال‬ ‫‪ 20‬آب‪ /‬أغس ــطس الج ــاري موع ـ ً‬ ‫املتطلب ــات اللوجستي ــة والبش ــرية الخاص ــة بفت ــح‬

‫الكلي ــتين‪ ،‬ووجه ــت دائ ــرة الدراس ــات والتخطي ــط‬ ‫واملتابع ــة بوض ــع ضواب ــط القب ــول وآلي ــة التقدي ــم‬ ‫بم ــا يضم ــن اس ــتقطاب الكف ــاءات الطالبي ــة‬ ‫واستيعــاب الطاقــات املتطلعــة إلى بيئــات تعليميــة‬ ‫متج ــددة‪.‬‬ ‫االبتكار الرقمي‬ ‫وي ــرى مختص ــون أن ال ــذكاء االصطن ــاعي يس ــاعد‬ ‫الطلب ــة على تقدي ــم خطط ـ�ا تعليمي ــة لتلبي ــة‬ ‫احتياجاتهــم ويعــزز أدائهــم األكاديمي‪ ،‬كمــا يســاهم‬ ‫في تقلي ــل الوق ــت والجه ــد‪ ،‬وه ــو م ــا يتي ــح للطلب ــة‬ ‫التركيز على الجوان ــب اإلبداعي ــة والبحثي ــة‪.‬‬ ‫ويؤك ــد األس ــتاذ في كلي ــة اإلعالم بجامع ــة بغ ــداد‪،‬‬ ‫عالء نج ــاح‪ ،‬أن "الع ـراق بحاج ــة إلى بني ــة تحتي ــة‬ ‫لتغطي ــة كلي ــات ال ــذكاء االصطن ــاعي والدراس ــات‬

‫العلي ــا الخاص ــة ب ــه"‪.‬‬ ‫ويضي ــف في حديث ــه ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬أن "الخط ــوة‬ ‫األولى في ه ــذا املج ــال الب ــد منه ــا‪ ،‬وهي أن نب ــدأ‬ ‫بوضــع موطــئ قــدم‪ ،‬ألننــا إن لــم نواكــب التقنيــات‬ ‫الحديثــة ســنكون أمــيين بالتقنيــات التكنولوجية"‪،‬‬ ‫مبينـ ًـًا أن "هــذه خطــوة مهمــة‪ ،‬ومــن أجــل إنجاحهــا‬ ‫البــد مــن تــوفير البنيــة التحتيــة والكــوادر البشــرية‬ ‫الخاص ــة بالتدري ــب والتدري ــس‪ ،‬س ــواء كان ــوا م ــن‬ ‫الع ــرب أو األجان ــب"‪.‬‬ ‫ويــشير إلى ضــرورة أن "يكــون العـراق ضمــن الــدول‬ ‫التي تتعام ــل بال ــذكاء االصطن ــاعي في ش ــهادات‬ ‫البكالوري ــوس أو املاجس ــتير والدراس ــات العلي ــا"‪،‬‬ ‫موجهـ ًـًا في ذات الوقــت الــنصح للطلبــة املتخــرجين‬ ‫م ــن الص ــف الس ــادس الع ــلمي باالنضم ــام إلى‬

‫كليــات الــذكاء االصطنــاعي‪ ،‬ألنهــا تناســب التقنــيين‬ ‫واملهت ــمين بف ــروع الحاس ــبات‪.‬‬ ‫وي ــرى أن ــه "في ظ ــل تط ــور التكنولوجي ــا يصب ــح‬ ‫الــذكاء االصطنــاعي أداة أساســية إلعــداد الــطالب‬ ‫ملس ــتقبل يعتم ــد ب ــشكل متزاي ــد على االب ــتكار‬ ‫ال ــرقمي"‪.‬‬ ‫وي ــشير خبراء إلى أن ــه بوس ــع ال ــذكاء االصطن ــاعي‬ ‫تقدي ــم خط ــط تعليمي ــة مخصص ــة لتلبي ــة‬ ‫احتياج ــات الطلب ــة بع ــد االطالع على بياناته ــم‪،‬‬ ‫وم ــن ش ــأن ذل ــك تحدي ــد ضواب ــط القب ــول به ــذه‬ ‫الكلي ــات‪.‬‬ ‫ويــسعى العديــد مــن الطلبــة للتقديــم على الكليــتين‬ ‫الجدي ــدتين‪ ،‬ألن التكنولوجي ــا الرقمي ــة بات ــت‬ ‫مفت ــاح التحك ــم في عال ــم الي ــوم‪.‬‬

‫في حين‪ ،‬يق ــول الطال ــب حس ــن س ــرمد الغ ــزي‪،‬‬ ‫ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬إن ــه س ــيقدم على كلي ــة ال ــذكاء‬ ‫االصطن ــاعي م ــن أج ــل ضم ــان مس ــتقبل منهي‬ ‫يمك ــنني م ــن العي ــش برفاهي ــة‪.‬‬ ‫ويضي ــف "ف ــرص العم ــل س ــتكون متاح ــة ب ــشكل‬ ‫جي ــد للمتخص ــصين في مج ــال التكنولوجي ــا‬ ‫الرقميــة والــذكاء االصطنــاعي"‪ ،‬مــشي ًرًا إلى أنــه "لــن‬ ‫يحت ــاج إلى انتظ ــار فرص ــة التوظي ــف في القط ــاع‬ ‫الع ــام"‪.‬‬ ‫أم ــا الطالب ــة إس ـراء إبراهي ــم فق ــد أب ــدت حماس ــة‬ ‫ش ــديدة للدراس ــة في كلي ــة ال ــذكاء االصطن ــاعي‪،‬‬ ‫وتق ــول في حديثه ــا ملجل ــة "ف ــيلي" "حين تمتل ــك‬ ‫التكنولوجيــا الرقميــة واملعرفــة التامــة باســتخدام‬ ‫ال ــذكاء االصطن ــاعي س ــتنهال علي ــك ف ــرص العم ــل‬

‫أينم ــا كن ــت"‪.‬‬ ‫وتضي ــف "ب ــاإلمكان العم ــل ع ــن بع ــد م ــع ش ــركات‬ ‫عامليــة بعــد التخــرج أو العمــل مــع شــركات ومصانــع‬ ‫محلي ــة مقاب ــل م ــردود م ــالي جي ــد"‪ ،‬مؤك ــدة أن‬ ‫"دراس ــة ال ــذكاء االصطن ــاعي تع ــد فرص ــة جي ــدة‬ ‫ملس ــتقبل واع ــد للش ــباب"‪.‬‬ ‫ووفق ـ�ا لبيان ــات دولي ــة‪ ،‬يعان ــي الع ـراق م ــن‬ ‫"هشاشــة" في العمليــة التعليميــة ويفتقــر إلى الــبنى‬ ‫التحتي ــة واملؤسس ــات البحثي ــة الرصين ــة‪.‬‬ ‫ويحت ــاج الع ـراق‪ ،‬إلى الدخ ــول في مي ــدان‬ ‫التكنولوجيــا الرقميــة بإنشــاء كليــات متخصصــة‪،‬‬ ‫ت ــفسح املج ــال أم ــام الطلب ــة لدراس ــة ال ــذكاء‬ ‫االصطن ــاعي ال ــذي ب ــات يدخ ــل في جمي ــع العل ــوم‬ ‫واملع ــارف والن ــواحي الحياتي ــة املختلف ــة‪.‬‬

‫"وجود توجه جيد من‬ ‫الطلبة وإقبال على‬ ‫هذا التخصص‪ ،‬وقد‬ ‫تم التأكد من ذلك من‬ ‫خالل تجربة جامعة‬ ‫وارث األنبياء في‬ ‫محافظة كربالء التي‬ ‫فتحت قسم الذكاء‬

‫ً‬ ‫إقباًال‬ ‫االصطناعي ولقي‬ ‫كبير ًاً من الطلبة"‪.‬‬

‫‪48‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪49 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫الصدمة االنتخابية تضرب مبكر ًاً‪..‬‬

‫استبعاد جدلي ُ​ُينهي أحالم‬

‫مرشحني قبل بدء السباق‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬

‫أث ــارت ق ــرارات املفوضي ــة‬ ‫العلي ــا املس ــتقلة لالنتخاب ــات‬ ‫في الع ــراق باستبع ــاد ع ــدد‬ ‫م ــن امل ــرشحين النتخاب ــات‬ ‫مجل ــس الن ــواب املق ــررة في‬ ‫‪ 11‬تش ــرين الثان ــي‪ /‬نوف ــمبر‬ ‫‪ ،2025‬بسب ــب ش ــرط "حس ــن‬ ‫ـدًال‬ ‫ال ــسيرة والس ــلوك" ج ـ ً‬ ‫ـعًا‪ ،‬فيمــا تؤكــد املفوضيــة‬ ‫واسـ ً‬ ‫أن قراراته ــا قانوني ــة وتستن ــد‬ ‫إلى املادة ‪ 7‬م ــن قان ــون‬ ‫االنتخاب ــات‪ ،‬وبالتنس ــيق م ــع‬ ‫الجهــات الرقابيــة والقضائيــة‪.‬‬

‫وتباين ــت ردود الفع ــل بين م ــن اع ــتبر اإلج ـراء‬ ‫قانونيـ ًـًا يعــزز ثقــة الشــعب بمجلــس النــواب‪،‬‬ ‫وم ــن رأى أن التوس ــع في تف ــسير الش ــروط‬ ‫ق ــد ي ــؤدي إلى "إقص ــاء س ــيا�سي"‪ ،‬فيم ــا يبق ــى‬ ‫الحس ــم بي ــد الهيئ ــة القضائي ــة املختص ــة‬ ‫بالنظ ــر في الطع ــون‪.‬‬ ‫مخالفة شروط الترشيح‬ ‫وبهــذا الســياق‪ ،‬يؤكــد عضــو الفريــق اإلعالمــي‬ ‫ملفوضي ــة االنتخاب ــات‪ ،‬حس ــن ه ــادي زاي ــر‪،‬‬ ‫أن استبعــاد عــدد مــن املــرشحين جــاء نتيجــة‬ ‫مخالفته ــم لش ــروط الترش ــيح املنص ــوص‬ ‫عليه ــا في قان ــون االنتخاب ــات رق ــم ‪ 12‬لس ــنة‬ ‫ـدًا املادة (‪ ،)7/3‬التي‬ ‫‪ 2018‬املع ــدل‪ ،‬وتحدي ـ ً‬ ‫ت ــشترط أن يك ــون امل ــرشح "حس ــن ال ــسيرة‬

‫والس ــلوك‪ ،‬وغير محك ــوم بجناي ــة أو جنح ــة‬ ‫مخلــة بالشــرف‪ ،‬بمــا في ذلــك قضايــا الفســاد‬ ‫اإلداري واملالي‪ ،‬بموجــب حكــم قضائــي بــات‪،‬‬ ‫س ــواء كان مش ــمو ً​ًال بالعف ــو أم ال"‪.‬‬ ‫وي ــوضح زاي ــر ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬أن عملي ــة‬ ‫التدقي ــق م ــا ت ـزال مس ــتمرة‪ ،‬مؤك ــد�ا أن ــه‬ ‫"ال يمك ــن تحدي ــد ع ــدد نهائ ــي للم ــرشحين‬ ‫املستبعدي ــن في الوق ــت الح ــالي‪ ،‬ألن الدوائ ــر‬ ‫املختص ــة م ــا ت ـزال ترس ــل نتائ ــج التحق ــق‬ ‫تبا ع ـ ًـًا "‪.‬‬ ‫ويــشير إلى أن للمــرشحين املستبعديــن الحــق‬ ‫في الطع ــن بق ـرار االستبع ــاد خالل ثالث ــة‬ ‫أي ــام م ــن تاري ــخ نش ــره على املوق ــع ال ــرسمي‬ ‫للمفوضي ــة‪ .‬كم ــا بّين أن الهيئ ــة القضائي ــة‬ ‫ّ‬

‫س ــتبت بالطع ــون خالل س ــقف زمني ال‬ ‫يتج ــاوز عش ــرة أي ــام‪.‬‬ ‫التزام بإنفاذ القانون‬ ‫وتعليق ـ ًـًا على ه ــذه اإلج ـراءات‪ ،‬يؤك ــد الخ ــبير‬ ‫في مج ــال مكافح ــة الفس ــاد‪ ،‬س ــعيد ي ــاسين‪،‬‬ ‫أن ق ـرارات استبعــاد عــدد مــن املــرشحين مــن‬ ‫ـادًا إلى تطبيــق‬ ‫الســباق االنتخابــي جــاءت استنـ ً‬ ‫ص ــارم لتعليم ــات مفوضي ــة االنتخاب ــات‬ ‫وقوانينه ــا الناف ــذة‪ ،‬وبالتع ــاون املباش ــر م ــع‬ ‫هيئ ــة النزاه ــة‪ ،‬وهيئ ــة املس ــاءلة والعدال ــة‪،‬‬ ‫ـضًال ع ــن مراجع ــة‬ ‫والس ــلطة القضائي ــة‪ ،‬ف ـ ً‬ ‫القي ــود الجنائي ــة‪.‬‬ ‫ويوضح ياسين ملجلة "فيلي"‪ ،‬أن "املؤسسات‬ ‫املعنيــة تعمــل ضمــن الئحــة قواعــد الســلوك‬ ‫التي وضعته ــا هيئ ــة النزاه ــة بالتنس ــيق م ــع‬ ‫جه ــات ع ــدة‪ ،‬حي ــث يت ــم استبع ــاد كل م ــن‬ ‫توجــد بحقــه مؤشـرات جزائيــة أو جنائيــة‪ ،‬أو‬ ‫ثب ــت تورط ــه بجرائ ــم مخل ــة بالش ــرف‪ ،‬وذل ــك‬ ‫وف ــق م ــا يقتضي ــه القان ــون"‪.‬‬ ‫ويضي ــف أن للم ــرشحين املستبعدي ــن ح ــق‬ ‫االعتراض على ق ـرارات املفوضي ــة م ــن خالل‬ ‫ـددًا على أن‬ ‫اآللي ــات القانوني ــة املتاح ــة‪ ،‬مش ـ ً‬ ‫"ه ــذا اإلج ـراء يمث ــل مس ــا ًرًا قانوني ـ ًـًا طبيعي ـ ًـًا‬ ‫ضم ــن الس ــياق الع ــام لعم ــل املفوضي ــة"‪.‬‬ ‫ويلف ــت ي ــاسين إلى أن مجل ــس مفوضي ــة‬ ‫االنتخاب ــات‪ ،‬املك ـ ّـّون م ــن قض ــاة‪ ،‬يتعام ــل م ــع‬ ‫هــذه امللفــات بحياديــة كاملــة‪ ،‬ووفــق نصــوص‬ ‫القان ــون‪ ،‬دون أي ن ــوع م ــن املحاب ــاة‪ ،‬مع ــتب ًرًا‬ ‫أن ه ــذه الخط ــوة "تمث ــل مظه ـ ًرًا مهم ـ ًـًا م ــن‬ ‫مظاه ــر الش ــفافية وإنف ــاذ القان ــون على‬ ‫الجمي ــع"‪.‬‬ ‫وي ـبّين أن "ال ــفترة الس ــابقة ش ــهدت تطبي ــق‬ ‫ّ‬ ‫قان ــون العف ــو الع ــام‪ ،‬ال ــذي ش ــمل قضاي ــا‬ ‫تتعل ــق بالتزوي ــر‪ ،‬والفس ــاد‪ ،‬واالحتي ــال‪،‬‬ ‫وجرائ ــم مخل ــة بالش ــرف‪ ،‬وهي أم ــور تؤث ــر‬ ‫ب ــشكل مباش ــر على معي ــار حس ــن ال ــسيرة‬ ‫والس ــلوك ال ــذي ُيع ــد أح ــد ش ــروط الترشح‬ ‫ُ‬ ‫األسا س ــية"‪.‬‬ ‫ويتوّق ــع ي ــاسين أن ُ​ُتص ــدر املفوضي ــة قوائ ــم‬ ‫ّ‬ ‫جدي ــدة م ــن املستبعدي ــن‪ ،‬ضم ــن عملي ــة‬ ‫تدقي ــق ش ــاملة تستن ــد إلى مع ــايير دس ــتورية‬ ‫وقانوني ــة‪ ،‬تش ــمل التأك ــد م ــن ع ــدم ش ــمول‬ ‫امل ــرشح بإج ـراءات املس ــاءلة والعدال ــة‪،‬‬ ‫وع ــدم وج ــود قي ــود جنائي ــة أو أحكام مخل ــة‬ ‫بالش ــرف‪ ،‬إضاف ــة إلى التنس ــيق م ــع هيئ ــة‬ ‫النزاه ــة وتحلي ــل البالغ ــات واملعلوم ــات‬

‫‪50‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪51 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫ال ــواردة م ــن املواط ــنين‪.‬‬ ‫وي ــرى أن مفوضي ــة االنتخاب ــات "ت ــم�ضي في‬ ‫ـدًا أهمي ــة مراقب ــة‬ ‫االتج ــاه الصحي ــح"‪ ،‬مؤك ـ ً‬ ‫املراح ــل املقبل ــة‪ ،‬خصوص ـ�ا م ــا يتعل ــق‬ ‫بالترويــج االنتخابــي‪ ،‬وضبــط اســتخدام املال‬ ‫الع ــام وم ــوارد الدول ــة‪ ،‬بم ــا يس ــهم في تعزي ــز‬ ‫ثق ــة املواط ــنين بالعملي ــة االنتخابي ــة‪.‬‬ ‫تؤسس لبرملان شرعي‬ ‫وفي الس ــياق نفس ــه‪ ،‬يش ــيد النائ ــب الس ــابق‬ ‫رزاق الحيدري بقرارات مفوضية االنتخابات‬ ‫القاضيــة باستبعــاد عــدد مــن املــرشحين غير‬ ‫املس ــتوفين للش ــروط القانوني ــة‪ ،‬واصف ـ ًـًا‬ ‫إياه ــا بأنه ــا "ق ـرارات صائب ــة وشجاع ــة"‪ ،‬م ــن‬ ‫ش ــأنها أن تع ــزز نزاه ــة العملي ــة االنتخابي ــة‬ ‫وترفــع مــن مســتوى ثقــة املواطــنين بالســلطة‬ ‫التش ــريعية املقبل ــة‪.‬‬ ‫ويقــول الحيــدري ملجلــة "فــيلي"‪ ،‬إن "الخطــوة‬ ‫التي اتخذتهــا املفوضيــة تمهــد لتشــكيل بـرملان‬ ‫يس ــتوفي املع ــايير القانوني ــة الواضح ــة‪ ،‬م ــا‬ ‫سينعك ــس إيجاب ـ ًـًا على ثق ــة الش ــعب به ــذا‬ ‫البرملان‪ ،‬وبالت ــالي تح ــفيز املش ــاركة الواس ــعة‬ ‫في االنتخابــات املقبلــة‪ ،‬األمــر الــذي مــن شــأنه‬ ‫تعزي ــز االعتراف الش ــعبي وال ــدولي بالنظ ــام‬ ‫الس ــيا�سي الع ـراقي"‪.‬‬ ‫ويضي ــف أن "م ــن امل ــفترض أن تك ــون ه ــذه‬ ‫اإلج ـراءات ق ــد ُ​ُطبق ــت في االنتخاب ــات‬ ‫الس ــابقة‪ ،‬م ــن خالل تصفي ــة امل ــرشحين‬ ‫ـدًا أن "تطبي ــق‬ ‫ـادًا إلى الق ــوانين"‪ ،‬مؤك ـ ً‬ ‫استن ـ ً‬ ‫القان ــون على الجمي ــع ه ــو األس ــاس لضم ــان‬ ‫عملي ــة انتخابي ــة نزيه ــة وتمثي ــل حقيق ــي‬ ‫للش ــعب " ‪.‬‬ ‫تدقيق صارم‬ ‫أمــا مــن الناحيــة القانونيــة لإلجـراءات‪ ،‬يؤكــد‬ ‫الباح ــث القانون ــي علي التم ــيمي أن ق ـرارات‬ ‫استبع ــاد ع ــدد م ــن امل ــرشحين م ــن انتخاب ــات‬ ‫مجل ــس الن ــواب لع ــام ‪ 2025‬تستن ــد إلى‬ ‫أس ــانيد قانوني ــة واضح ــة‪ ،‬تنب ــع م ــن‬ ‫الق ــوانين واألنظم ــة املعم ــول به ــا في العملي ــة‬ ‫االنتخابي ــة‪ ،‬وعلى رأس ــها قان ــون االنتخاب ــات‬ ‫رق ــم ‪ 12‬لس ــنة ‪ 2018‬املع ــدل بالقان ــون رق ــم‬ ‫‪ 4‬لس ــنة ‪ ،2023‬إلى جان ــب نظ ــام ال ــشكاوى‬ ‫والطع ــون االنتخابي ــة‪ ،‬وقواع ــد الس ــلوك‪،‬‬ ‫وتعليمــات تسجيــل املــرشحين الصــادرة لهــذا‬

‫الع ــام‪.‬‬ ‫ويــوضح التمــيمي ملجلــة "فــيلي"‪ ،‬أن "القانــون‬ ‫يمن ــع الترش ــيح في ح ــال مخالف ــة ش ــروط‬ ‫الترشح أو ارتكاب جرائ ــم انتخابي ــة‪ ،‬مث ــل‬ ‫إث ــارة النع ـرات الطائفي ــة‪ ،‬أو التهج ــم على‬ ‫مؤسس ــات الدول ــة‪ ،‬أو اإلس ــاءة إلى القض ــاء‬ ‫أو امل ــرشحين اآلخري ــن‪ ،‬أو ارتكاب أفع ــال‬ ‫يعاق ــب عليه ــا قان ــون العقوب ــات الع ـراقي رق ــم‬ ‫‪ 111‬لس ــنة ‪."1969‬‬ ‫وي ــشير إلى أن "مجل ــس املف ــوضين يمتل ــك‬ ‫الصالحي ــة بإلغ ــاء مصادق ــة أي م ــرشح‬ ‫ـادًا إلى األدل ــة املقدم ــة‪ ،‬ويمكن ــه أيض ـ ًـًا‬ ‫استن ـ ً‬ ‫إحالــة املخالفــات إلى الدائــرة القانونيــة لرفــع‬ ‫دع ــاوى قضائي ــة أم ــام املحاك ــم املختص ــة"‪.‬‬ ‫ويـبّين أن قـرار االستبعــاد قابــل للطعــن أمــام‬ ‫ّ‬ ‫الهيئــة القضائيــة لالنتخابــات‪ ،‬وفقـ ًـًا لقانــون‬ ‫مفوضيــة االنتخابــات رقــم ‪ 31‬لســنة ‪،2019‬‬ ‫حي ــث يمن ــح القان ــون امل ــرشح املستبع ــد م ــدة‬ ‫ثالث ــة أي ــام لتقدي ــم طع ــن‪ ،‬على أن تب ــت‬ ‫الهيئــة القضائيــة فيــه خالل عشــرة أيــام مــن‬ ‫ـادًا إلى املادة ‪ 20‬م ــن‬ ‫تاري ــخ تقديم ــه‪ ،‬استن ـ ً‬ ‫القان ــون‪.‬‬ ‫ولف ــت التم ــيمي إلى أن "االستبع ــاد يت ــم بن ـ ًـاًء‬ ‫على وج ــود شكاوى رس ــمية وأدل ــة موثق ــة‪،‬‬ ‫أو سجالت جنائي ــة ل ــدى األدل ــة الجنائي ــة‪،‬‬ ‫أو ق ـرارات ص ــادرة م ــن هيئ ــة املس ــاءلة‬ ‫والعدال ــة‪ ،‬أو وج ــود خل ــل في امل ــؤهالت‬ ‫الدراس ــية والش ــهادات املقدم ــة"‪.‬‬ ‫ويصــف التمــيمي املرحلــة الحاليــة التي تســبق‬ ‫إج ـراء االنتخاب ــات بأنه ــا "اختب ــار حقيق ــي‬ ‫للمــرشحين‪ ،‬والغلبــة فيهــا ســتكون للمــلتزمين‬ ‫بالقان ــون‪ ،‬واملبتعدي ــن ع ــن املخالف ــات"‪.‬‬ ‫وأض ــاف‪" :‬نح ــن أم ــام س ــباق انتخاب ــي ش ــاق‪،‬‬ ‫ال يف ــوز في ــه إال الصاب ــرون الذي ــن يحترم ــون‬ ‫القان ــون ويثبت ــون كفاءته ــم"‪.‬‬ ‫ويؤك ــد التم ــيمي على ض ــرورة التعام ــل بدق ــة‬ ‫ـأٍن في ه ــذه املرحل ــة الحساس ــة‪ ،‬نظ ـ ًرًا‬ ‫وت ـ ٍ‬ ‫الرتف ــاع أع ــداد امل ــرشحين‪ ،‬مش ــدد�ا على‬ ‫أن "ح ــق الطع ــن يمث ــل املحط ــة األخيرة‬ ‫للمــرشحين املستبعديــن‪ ،‬وهــو جــزء أســا�سي‬ ‫م ــن ضم ــان العدال ــة االنتخابي ــة"‪.‬‬ ‫توسع في التفسير‬ ‫لك ــن في املقاب ــل‪ ،‬ي ــوضح الخ ــبير القانون ــي‬

‫محم ــد جمع ــة‪ ،‬أن ق ـرارات استبع ــاد بع ــض‬ ‫امل ــرشحين م ــن انتخاب ــات مجل ــس الن ــواب‬ ‫ـادًا إلى املادة ‪ 7‬م ــن‬ ‫لع ــام ‪ 2025‬ج ــاءت استن ـ ً‬ ‫قان ــون االنتخاب ــات‪ ،‬التي تن ــص على ش ــروط‬ ‫الترشح‪ ،‬الس ــيما ش ــرط "حس ــن ال ــسيرة‬ ‫والس ــلوك"‪ ،‬وع ــدم ص ــدور أحكام قضائي ــة‬ ‫بحــق املــرشح تتعلــق بجنايــات أو جنــح مخلــة‬ ‫بالشــرف أو قضايــا فســاد‪ ،‬حتى وإن كان قــد‬ ‫ش ــمل بالعف ــو‪.‬‬ ‫وي ـبّين جمع ــة ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬أن "املفوضي ــة‬ ‫ّ‬ ‫العلي ــا املس ــتقلة لالنتخاب ــات اعتم ــدت‬ ‫ـسير موس ــع�ا لش ــرط حس ــن ال ــسيرة‬ ‫تف ـ �ا‬ ‫والس ــلوك‪ ،‬ليش ــمل أيض ـ ًـًا امل ــرشحين الذي ــن‬ ‫ل ــم تص ــدر بحقه ــم أحكام قضائي ــة نهائي ــة‪،‬‬ ‫لك ــن لديه ــم دع ــاوى أو اتهام ــات ل ــم ُ​ُتحس ــم‬ ‫ـدًا أن املفوضي ــة اع ــتبرت ه ــذه‬ ‫بع ــد"‪ ،‬مؤك ـ ً‬ ‫االتهامــات سببـ ًـًا كافيـ ًـًا لإلخالل بشــرط حســن‬ ‫ال ــسيرة والس ــلوك‪.‬‬ ‫ورغ ــم اعتراف ــه بح ــق املفوضي ــة في تف ــسير‬ ‫امل ــواد القانوني ــة واستبع ــاد م ــن ال تنطب ــق‬ ‫عليــه الشــروط‪ ،‬إال أن جمعــة أبــدى تحفظــه‬ ‫ـائًال‪" :‬نح ــن‬ ‫على ه ــذا التوس ــع في التف ــسير‪ ،‬ق ـ ً‬ ‫ن ــرى أن م ــن علي ــه اتهام ــات فق ــط‪ ،‬ول ــم‬ ‫تص ــدر بحق ــه أحكام قضائي ــة‪ ،‬ال يمك ــن‬ ‫ـخًال بحس ــن ال ــسيرة والس ــلوك‪ ،‬إذ‬ ‫اعتب ــاره م ـ ً‬ ‫ـيًال قانوني ـ ًـًا كافي ـ ًـًا‪ ،‬وق ــد‬ ‫إن االته ــام ال ُ​ُيع ــد دل ـ ً‬ ‫تك ــون هن ــاك دع ــاوى كيدي ــة"‪.‬‬ ‫ويؤك ــد القانون ــي على أهمي ــة التم ــييز بين‬ ‫ـددًا على ض ــرورة‬ ‫"االته ــام" و"اإلدان ــة"‪ ،‬مش ـ ً‬ ‫التمس ــك بقاع ــدة أن األص ــل في اإلنس ــان‬ ‫البراءة م ــا ل ــم تثب ــت إدانت ــه بحك ــم قضائ ــي‬ ‫ب ــات‪.‬‬ ‫يهدد التوازن السيا�سي‬ ‫وفي الجان ــب نفس ــه‪ ،‬يوص ــف املحل ــل‬ ‫الســيا�سي عبــاس الجبــوري قـرارات استبعــاد‬ ‫ع ــدد م ــن امل ــرشحين م ــن املش ــاركة في‬ ‫االنتخاب ــات العراقي ــة املقبل ــة بـ"املفاجئ ــة‬ ‫والغريبــة"‪ ،‬مــشي ًرًا إلى أن بعــض املستبعديــن‬ ‫ه ــم ن ــواب ش ــغلوا مقاع ــد في البرملان ألرب ــع‬ ‫دورات متتالي ــة‪.‬‬ ‫ويقــول الجبــوري ملجلــة "فــيلي"‪ ،‬إن "استبعــاد‬ ‫ه ــذه الشخصي ــات بحج ــة االجتث ــاث يب ــدو‬ ‫غير منطق ــي‪ ،‬خصوص ـ ًـًا أن م ــن بينه ــم ق ــادة‬

‫أدوار محوري ــة في تحري ــر‬ ‫بارزي ــن لعب ــوا‬ ‫�ا‬ ‫الع ـراق م ــن تنظي ــم داع ــش"‪ ،‬مضيف ـ ًـًا أن‬ ‫"العديــد مــن األســماء تــم استبعادهــا ألســباب‬ ‫سياســية بحتــة‪ ،‬فيمــا يمكــن وصفــه بـ(عمليــة‬ ‫قش ــط) تنفذه ــا مفوضي ــة االنتخاب ــات"‪.‬‬ ‫ويح ـ ّـّذر الجب ــوري م ــن أن ه ــذه اإلج ـراءات‬ ‫ق ــد ت ــؤدي إلى اخ ــتالل في الت ــوازن الس ــيا�سي‬ ‫داخ ــل ال ــبالد‪ ،‬ال س ــيما في ظ ــل غي ــاب التي ــار‬ ‫الص ــدري ع ــن الس ــباق االنتخاب ــي‪.‬‬ ‫وي ــرى أن "إقص ــاء ه ــذه الشخصي ــات م ــن‬ ‫املش ــهد االنتخاب ــي ق ــد يفت ــح املج ــال أم ــام‬ ‫صع ــود م ــرشحين غير مؤه ــلين ألداء مهامه ــم‬ ‫ـلبًا على فاعليــة‬ ‫التشــريعية‪ ،‬مــا سينعكــس سـ ً‬ ‫البرملان املقب ــل"‪.‬‬

‫النائب السابق رزاق الحيدري‪:‬‬

‫"الخطوة التي اتخذتها املفوضية‬ ‫تمهد لتشكيل برملان يستويف‬ ‫املعايري القانونية الواضحة‪ ،‬ما‬ ‫سينعكس إيجابًاً على ثقة الشعب‬ ‫بهذا الربملان‪ ،‬وبالتالي تحفيز‬ ‫املشاركة الواسعة يف االنتخابات‬ ‫املقبلة"‪.‬‬

‫الخبير القانوني محمد جمعة‪:‬‬

‫"نحن نرى أن من عليه اتهامات‬ ‫فقط‪ ،‬ولم تصدر بحقه أحكام‬ ‫قضائية‪ ،‬ال يمكن اعتباره ً‬ ‫مخًال‬ ‫بحسن السرية والسلوك‪ ،‬إذ‬ ‫دليًال قانونيًاً‬ ‫إن االتهام ال ُ​ُيعد ً‬ ‫كافيًاً‪ ،‬وقد تكون هناك دعاوى‬ ‫كيدية"‪.‬‬

‫‪52‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪53 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫الطلق الطويل‪..‬‬

‫اإلهمال وقلة الخربة الطبية تودي بحياة األجنة‬

‫وتهدد النساء الحوامل‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬

‫ينبع ــث ص ــراخ هن ــا و أنين هن ــاك في إح ــدى ص ــاالت‬ ‫ال ــوالدة بمستش ــفى حكوم ــي في العاصم ــة العر اقي ــة‬ ‫بغ ــداد‪ ،‬فيم ــا تب ــدو الالمب ــاالة على وج ــوه املمرض ــات‬ ‫اللوات ــي يذرع ــن الصال ــة ذهاب ـ ًـًا و إياب ـ ًـًا‪.‬‬

‫في هــذه الصالــة‪ ،‬هنــاك امـرأة تعــض بقــوة على‬ ‫شرشــف الســرير‪ ،‬وأخــرى مــن الســرير املجــاور‬ ‫تطلــق صرخــة ألــم حــادة‪.‬‬ ‫تتطل ــع عي ــون النس ــوة اللوات ــي ينتابه ــن الطل ــق‬ ‫إلى الب ــاب‪ ،‬لع ــّل الطبيب ــة النس ــائية تدخ ــل‬ ‫ّ‬ ‫وتوع ــز بإج ـراء عملي ــة قيصري ــة للتخل ــص مم ــا‬ ‫يع ــانين م ــن آالم املخ ــاض‪.‬‬

‫الخ ــوف والرهب ــة والف ــرح واألل ــم ت ــمتزج ل ــدى‬ ‫النس ــاء الحوام ــل وه ـ ّـّن ين ــجبن الطف ــل البك ــر‪.‬‬ ‫الش ــابة عبيرانتظ ــرت بف ــرح وخ ــوف لحظ ــة‬ ‫إنج ــاب طفله ــا األول‪ ،‬ومن ــذ اقتراب نهاي ــة‬ ‫ش ــهرها التاس ــع م ــن الحم ــل‪ ،‬م ــا فتئ ــت ت ــزور‬ ‫ـيًال ب ــآالم‬ ‫الطبيب ــة النس ــائية‪ ،‬وحين ش ــعرت ل ـ ً‬ ‫املخ ــاض توجه ــت إلى املستش ــفى واتضح أن‬

‫ال ــوالدة م ــا زال ــت في مراحله ــا األولى‪ ،‬وأنه ــا‬ ‫بحاج ــة لالنتظ ــار مل ــدة ‪ 24‬س ــاعة‪.‬‬ ‫داهــم عــبير الحــزن‪ ،‬ومــع اشــتداد ألــم املخــاض‬ ‫عليهــا‪ ،‬كانــت تتــمنى الخالص منــه بــأي ثمــن‪.‬‬ ‫ـديدًا‬ ‫تق ــول ع ــبير ملجل ــة "ف ــيلي" "كان األل ــم ش ـ ً‬ ‫وال يط ــاق‪ ،‬واملمرض ــات يوصي ــنني بال ــصبر‬ ‫والتحمــل‪ ،‬بينمــا كانــت تقــوم الطبيبــة املقيمــة‬

‫بف ــح�صي كل ‪ 6‬س ــاعات حتى أصب ــح م ــاء‬ ‫الج ــنين أخض ــر الل ــون‪ ،‬وش ــرب من ــه الج ــنين‬ ‫مــا أدى إلى تســممه وبقــي مــدة شــهر في قفــص‬ ‫في الخ ــدج"‪.‬‬ ‫وتضي ــف "ل ــم يك ــن يس ــمح ألح ــد بالدخ ــول‬ ‫معي إلى صال ــة ال ــوالدة وكن ــت أتع ــذب‬ ‫وأس ــتغيث وحي ــدة‪ ،‬ل ــم أع ــرف أن ط ــفلي‬ ‫س ــيكون م ــصيره ال ــهالك بسب ــب اإلهم ــال‬ ‫والتق ــصير وغي ــاب التكنولوجي ــا الطبي ــة‬ ‫الحديث ــة"‪.‬‬ ‫إمــا هنــد وســام فتؤكــد‪ ،‬أن "حــاالت اإلهمــال‬ ‫وت ــرك املريض ــة تعان ــي آالم املخ ــاض دون‬ ‫مهدئ ــات وفح ــص منتظ ــم‪ ،‬أم ــر ش ــائع في‬ ‫املستش ــفيات العام ــة"‪.‬‬ ‫وتؤك ــد ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬أنه ــا بقي ــت ي ــومين‬ ‫كام ــلين تعان ــي أوج ــاع املخ ــاض دون أن‬ ‫تدخ ــل م ــن األطب ــاء لفحصه ــا وتخفي ــف أمله ــا‬ ‫إلى أن خفت ــت حرك ــة الج ــنين‪ ،‬منوه ــة إلى‬ ‫أن ــه "بع ــد ذل ــك ت ــم إج ـراء فح ــص وتخطي ــط‬ ‫لنب ــض الج ــنين واتضح أن نبض ــه أصب ــح‬ ‫ضعيف ـ ًـًا ومتقطع ـ ًـًا ويعان ــي م ــن نق ــص ح ــاد‬ ‫في األوكسجين‪ ،‬فت ــم إجراءعملي ــة والدة‬ ‫قيصري ــة"‪.‬‬

‫وتلفت إلى أن طفلها اســتغرق مدة أســبوعين‬ ‫في ردهــة "إنعــاش الخــدج"‪ ،‬وبقــي يعانــي بعــد‬ ‫ذل ــك م ــن تأخ ــر في النم ــو الحركــي خالل‬ ‫س ــنواته األولى‪.‬‬ ‫وتتكــرر هــذه املعانــاة في املستشــفيات العامــة‬ ‫بسب ــب ع ــدم وج ــود ضواب ــط وق ــوانين تح ــدد‬ ‫الــفترة الزمنيــة التي يجــب أن تخضــع خاللهــا‬ ‫املريضــة لعمليــة والدة قيصريــة‪ ،‬وتــرك األمــر‬ ‫لخبرة الطبيبــة وتجربتهــا وحســب‪.‬‬ ‫ورغــم عــدم وجــود إحصائيــات رســمية بعــدد‬ ‫النســاء اللواتــي فارقــن الحيــاة خالل الــوالدة‬ ‫أو فق ــدن أطفاله ــن أو تعرض ــن بع ــد ال ــوالدة‬ ‫ملش ــاكل صحي ــة‪ ،‬بي ــد أن ثم ــة نس ــاء وفتي ــات‬ ‫ممــن شــهدن التجربــة تحدثــن عمــا لحــق بهــن‬ ‫مــن ضــرر ج ـراء تــأخير العمليــات القيصريــة‪.‬‬ ‫وتق ــول ياس ــمين ج ــواد‪ ،‬ملجل ــة "ف ــيلي" "م ــا‬ ‫كن ــت أعل ــم أنني س ــأعاني م ــن أل ــم ح ــاد‬ ‫وأع ــرض ط ــفلي لالختن ــاق في املستش ــفى‬ ‫الحكوم ــي"‪.‬‬ ‫وب ــدأت قص ــة ياس ــمين ج ــواد في منتص ــف‬ ‫اللي ــل بإح ــدى اللي ــالي الش ــتائية‪ ،‬إذ جاءه ــا‬ ‫املخ ــاض على حين غ ــرة‪ ،‬فذهب ــت إلى‬ ‫املستش ــفى وقال ــوا إن عليه ــا االنتظ ــار في‬

‫صال ــة ال ــوالدة‪.‬‬ ‫وتتابــع جــواد "مــرت ‪ 8‬ســاعات وأنــا أصــرخ مــن‬ ‫األل ــم ويتن ــاهى إلى س ــمعي صي ــاح املمرض ــات‬ ‫يقّل ــن ّلّي اصبري‪ ،‬س ــتحتاجين إلى ‪18‬‬ ‫ّوّه ــن ّ‬ ‫ى‬ ‫س ــاعة أخ ــر م ــن الطل ــق م ــن أج ــل اإلنج ــاب‬ ‫الطب ــيعي"‪.‬‬ ‫وتضيــف "فجــأة تــغيرت مالمــح وجــه الطبيبــة‬ ‫بع ــد قي ــاس النب ــض‪ ،‬وق ــررت إج ـراء عملي ــة‬ ‫قيصري ــة طارئ ــة‪ ،‬ولك ــن ذل ــك ت ــم بع ــد ف ــوات‬ ‫األوان‪ .‬لق ــد فق ــدت ط ــفلي بسب ــب تأخ ــر‬ ‫ال ــوالدة إذ ل ــم يلب ــث س ــوى ي ــومين في إنع ــاش‬ ‫الخ ــدج حتى توق ــف قلب ــه وف ــارق الحي ــاة"‪.‬‬ ‫وتــشير إلى أنــه "ال يمكــن إدراك حجــم املعانــاة‬ ‫في ص ــاالت ال ــوالدة داخ ــل املستش ــفيات‬ ‫الحكومي ــة‪ ،‬إذ باإلضاف ــة إلى م ــا تعاني ــه‬ ‫النس ــاء م ــن آالم املخ ــاض ثم ــة خ ــوف ش ــديد‬ ‫م ــن فق ــدان الطف ــل أو تعرض ــه لالختن ــاق‪،‬‬ ‫خاص ــة وأن طبيب ــة التولي ــد واح ــدة فق ــط‬ ‫في صال ــة تض ــم عش ـرات الحوام ــل‪ ،‬وه ــذه‬ ‫الحال ــة تتك ــرر يومي ـ ًـًا"‪.‬‬ ‫ووفق ـ�ا لألخصائ ــيين‪ ،‬األخط ــاء ش ــائعة في‬ ‫املستش ــفيات‪ ،‬إذ يؤك ــدون على أن ــه يج ــب‬ ‫منــح املـرأة الحامــل فرصــة لإلنجــاب الطبــيعي‬

‫‪54‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪55 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫اإلهمال وقلة الخبرة الطبية تودي بحياة األجنة وتهدد النساء الحوامل‬ ‫ش ــريطة أن تخض ــع هي وجنينه ــا للمتابع ــة‬ ‫الطبيــة وال ُ​ُتترك مسجــاة على الســرير وحســب‪.‬‬ ‫وبه ــذا الص ــدد‪ ،‬تق ــول الطبي ــة األخصائي ــة في‬ ‫التولي ــد نض ــال اله ــيتي‪ ،‬ملجل ــة "ف ــيلي" "لي ــس‬ ‫ل ــوزارة الصح ــة أي مس ــؤولية على الطبيب ــة‬ ‫املش ــرفة على ال ــوالدات‪ ،‬كم ــا أن ــه لي ــس‬ ‫بوس ــع ال ــوزارة محاس ــبة الطبيب ــة املش ــرفة إذا‬ ‫تعرض ــت امل ـرأة أو طفله ــا أو كالهم ــا للخط ــر‬ ‫أو امل ــوت ألن الطبيب ــة س ــتجد شتى األع ــذار‬ ‫للتخل ــص م ــن مس ــؤولية م ــوت الج ــنين"‪.‬‬ ‫وتضيــف "الــوالدة الطبيعيــة أمــر جيــد وصحي‬ ‫بالنس ــبة للحام ــل وللج ــنين مع ـ ًـًا‪ ،‬ملا لل ــوالدة‬ ‫القيصري ــة م ــن أع ـراض جانبي ــة مس ــتقبلية‪،‬‬ ‫لك ــن يج ــب أن ال يتج ــاوز مع ــدل العملي ــات‬ ‫القيصريــة مــن ‪ 3‬إلى ‪ 5‬حــاالت مــن بين كل ‪100‬‬ ‫والدة طبيعي ــة"‪.‬‬ ‫وتــشير إلى "وجــود تــداخالت طبيــة غير صحيــة‬

‫تعس ــر ال ــوالدة الطبيعي ــة وتت ــم أحيان ـ ًـًا م ــن‬ ‫خالل إعط ــاء مغ ــذي بطريق ــة غير صحيح ــة"‪،‬‬ ‫مؤكــدة أن "الــوالدة الطبيعيــة هي حالــة مثاليــة‬ ‫لصح ــة األم والطف ــل بش ــرط طب ــيعي وه ــو‬ ‫وجــود متابعــة مســتمرة لنبــض الطفــل وكميــة‬ ‫األوكسجين ألن نقص ــه عن ــد الج ــنين يتسب ــب‬ ‫ـتقبًال ومنه ــا اإلصاب ــة‬ ‫بمش ــاكل عدي ــدة مس ـ ً‬ ‫بالغب ــاء وي ــتضح ذل ــك في س ــن الرابع ــة"‪.‬‬ ‫وتلف ــت اله ــيتي إلى "ع ــدم توف ــر جه ــاز تخطي ــط‬ ‫لقل ــب الج ــنين وه ــو في رح ــم أم ــه لتتمك ــن‬ ‫الطبيب ــة م ــن خالل ــه معرف ــة وض ــع الج ــنين‬ ‫وتقلص ــات قلب ــه"‪ ،‬منوه ــة إلى أن "جه ــاز‬ ‫التخطي ــط ه ــذا يبق ــى مربوط ـ ًـًا على األم أثن ــاء‬ ‫الــوالدة لتتــسنى متابعــة الجــنين بــشكل دقيــق"‪.‬‬ ‫وتن ــوه إلى أن "العملي ــة القيصري ــة ليس ــت‬ ‫هي الح ــل الص ــواب دائم ـ ًـًا‪ ،‬فالعملي ــة تحت ــاج‬ ‫إلى م ــواد مخ ــدرة وق ــد تتع ــرض املريض ــة‬

‫ملضاعف ــات خالل العملي ــة‪ ،‬وم ــن الص ــواب‬ ‫وض ــع املريض ــة في صال ــة االنتظ ــار ل ــفترة‬ ‫تتراوح بين ‪ 6‬إلى ‪ 8‬س ــاعات م ــع متابع ــة دقيق ــة‬ ‫ومس ــتمرة للمريض ــة وللج ــنين بغي ــة أن تنج ــب‬ ‫ب ــشكل طب ــيعي ودون خط ــر"‪.‬‬ ‫ويؤك ــد مص ــدر مطل ــع في وزارة الصح ــة‪ ،‬ملجل ــة‬ ‫"ف ــيلي"‪ ،‬وج ــود "إهم ــال وتق ــصير م ــن الك ــوادر‬ ‫الطبي ــة في ص ــاالت ال ــوالدة"‪.‬‬ ‫وي ــشير املص ــدر إلى أن "بع ــض األجن ــة‬ ‫يتعرض ــون لالختن ــاق نتيج ــة تص ــرف خاط ــئ‬ ‫م ــن الك ــوادر الطبي ــة‪ ،‬أو ال يت ــم زرق أب ــر‬ ‫التوس ــع التي تحتاجه ــا امل ـرأة الحام ــل أحيان ـ ًـًا"‪،‬‬ ‫ـدًا أن ــه "ال تت ــم محاس ــبة أي ــة طبيب ــة ج ـراء‬ ‫مؤك ـ ً‬ ‫اختن ــاق الج ــنين بسب ــب األع ــذار والتبري ـرات‬ ‫ـيوعًا‬ ‫التي يقدمنهــا‪ ،‬ومــن بينهــا املقولــة األكثر شـ ً‬ ‫(اختن ــق الج ــنين ألن ش ــارب م ــي ال ـراس)"‪.‬‬ ‫ومثلم ــا تسب ــب ال ــوالدة القيصري ــة بأع ـراض‬

‫« باإلضافة إىل ما تعانيه‬ ‫النساء من آالم املخاض ثمة‬ ‫خوف شديد من فقدان‬ ‫الطفل أو تعرضه لالختناق‪،‬‬ ‫خاصة وأن طبيبة التوليد‬ ‫واحدة فقط يف صالة تضم‬ ‫عشرات الحوامل‪ ،‬وهذه‬ ‫الحالة تتكرر يوميًاً »‬

‫األخصائية في التوليد‬ ‫نضال الهيتي‪« :‬ليس‬ ‫بوسع الوزارة محاسبة‬ ‫الطبيبة المشرفة إذا‬ ‫تعرضت المرأة أو طفلها‬ ‫أو كالهما للخطر أو الموت‬ ‫ألن الطبيبة ستجد شتى‬ ‫األعذار للتخلص من‬ ‫مسؤولية موت الجنين"‪».‬‬

‫جانبي ــة‪ ،‬غهن ــاك مخ ــاض طوي ــل املش ــاكل‪.‬‬ ‫وتؤك ــد أخصائي ــة التولي ــد‪ ،‬الطبيب ــة هن ــاء ش ــاكر‪،‬‬ ‫ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬أن "املح ــاض الطوي ــل ي ــؤدي إلى ن ــزول‬ ‫م ــاء الج ــنين‪ ،‬وهن ــاك احتم ــال ازدي ــاد الع ــدوى الرحمي ــة‬ ‫أو املج ــاري البولي ــة التي تنتق ــل إلى الج ــنين إضاف ــة إلى‬ ‫ح ــدوث نزي ــف ش ــد"‪.‬‬ ‫وتضيــف "لتأخــر الــوالدة تــأثيرات مباشــرة على الجــنين إذ‬ ‫يسبــب االختنــاق الــوالدي مــن خالل االنقباضــات الوالديــة‬ ‫الطويل ــة التي ق ــد تقل ــل م ــن دف ــع ال ــدم إلى املش ــيمة‪ ،‬م ــا‬ ‫ي ــؤدي إلى خط ــر إصاب ــة الدم ــاغ بنق ــص األوكسجين"‪،‬‬ ‫مؤك ــدة أن "الج ــنين ال ــذي يول ــد بع ــد مخ ــاض طوي ــل الب ــد‬ ‫م ــن وضع ــه في الخ ــدج ملراقب ــة وضع ــه ال ــصحي"‪.‬‬ ‫ص ــاالت ال ــوالدات العام ــة وم ــا يح ــدث فيه ــا م ــن مش ــاكل‪،‬‬ ‫تفت ــح عش ـرات األس ــئلة وعالم ــات التعج ــب أم ــام الجه ــات‬ ‫املختص ــة لرص ــد الف ــو�ضى والعش ــوائية وع ــدم توف ــر‬ ‫األجه ــزة الطبي ــة الكافي ــة به ــذه الص ــاالت لإلش ـراف على‬ ‫النســاء الحوامــل وتجنــب املخاطــر الصحيــة لألم والجــنين‪.‬‬

‫‪56‬‬

‫ثقــافـــة وفنـون‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪57 2025‬‬

‫‪CULTURE & ARTS‬‬

‫تحنيط الحيوانات في العراق‪..‬‬

‫ّ‬ ‫يتحّول الموت‬ ‫حني‬

‫إلى ذكرى أبدية‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬

‫في زاوي ــة ضيق ــة م ــن س ــوق الغ ــزل‪ ،‬تظه ــر مجس ــمات خل ــف واجه ــة أح ــد املح ــال وكأنه ــا تر اق ــب املارة‬ ‫مصطّفــة‬ ‫بصمــت‪ ،‬فيمــا يجلــس محمــد خالــد داخــل محلــه تحيــط بــه حيوانــات مفترســة وأخــرى أليفــة‬ ‫ّ‬ ‫بعناي ــة‪ ،‬وكأنه ــا في قل ــب غاب ــة س ــاكنة‪ ،‬لكنه ــا في الحقيق ــة بال حي ــاة‪.‬‬

‫في ه ــذا املكان القدي ــم‪ ،‬تختل ــط أص ــوات‬ ‫الباع ــة برائح ــة الجل ــد وامل ــواد الكيميائي ــة‪،‬‬ ‫حي ــث ُ​ُتم ــارس مهن ــة تحني ــط الحيوان ــات‬ ‫النافـ ـقة‪.‬‬ ‫زبائ ــن محم ــد‪ ،‬ال ــذي يم ــارس املهن ــة م ــن ‪9‬‬ ‫س ــنوات‪ ،‬ليس ــوا جميعه ــم م ــن ه ــواة جم ــع‬ ‫التح ــف‪ ،‬ب ــل العدي ــد منه ــم أشخ ــاص فق ــدوا‬ ‫حيواناته ــم األليف ــة ويرغب ــون في االحتف ــاظ‬ ‫به ــا كم ــا كان ــت‪ ،‬لتبق ــى ذك ــرى حي ــة تزي ــن‬ ‫رف ــوف املن ــازل أو نواف ــذ الغ ــرف‪ ،‬وتحك ــي‬ ‫حكاي ــة وف ــاء ال يوقفه ــا امل ــوت‪.‬‬ ‫ويع ــرف "التحني ــط"‪ ،‬بمعالج ــة جس ــم‬ ‫الحي ــوان بع ــد موت ــه بط ــرق خاص ــة تمن ــع‬ ‫تحللــه‪ ،‬مــع إعــادة تشــكيله ليبــدو وكأنــه حي‪،‬‬ ‫حيــث تبــدأ العمليــة بإزالــة األج ـزاء الداخليــة‬ ‫األكثر عرض ــة للتل ــف‪ ،‬ث ــم تنظي ــف الجل ــد‬ ‫ومعالجت ــه بم ــواد كيميائي ــة تمن ــع التعف ــن‬ ‫والحش ـرات‪ ،‬قب ــل حش ــوه بم ــواد تمنح ــه‬ ‫ال ــشكل والحج ــم الطبيع ــيين‪ ،‬وتثبي ــت‬ ‫العيــون الصناعيــة في أماكنهــا‪ ،‬وأخي ًرًا وضعــه‬ ‫في هيئ ــة واقعي ــة‪.‬‬ ‫أسعار "التحنيط"‬

‫"أحّنــط الحيوانــات البريــة واألليفــة والطيــور‬ ‫ّ‬ ‫باس ــتخدام م ــادة (الفورمالديهاي ــد) التي‬ ‫أشتريه ــا م ــن املذاخ ــر الطبي ــة‪ ،‬إضاف ــة إلى‬ ‫م ــواد التعقي ــم‪ ،‬أحق ــن األج ـزاء التي تحت ــوي‬ ‫على لح ــم بإب ــر خاص ــة‪ ،‬وأحيان ـ ًـًا أس ــتخدم‬ ‫مــادة الفــوم التي ُ​ُتحقــن تحــت الجلــد”‪ ،‬وفقـ ًـًا‬ ‫ملا قال ــه محم ــد‪ ،‬ملجل ــة "ف ــيلي"‪.‬‬ ‫ويضي ــف أن "أغل ــب زب ــائني مم ــن ارتبط ــوا‬ ‫بعالق ــة خاص ــة م ــع حيواناته ــم"‪ ،‬مبين ـ ًـًا أن‬ ‫"األس ــعار تختل ــف بحس ــب ن ــوع الحي ــوان‬ ‫وحجم ــه"‪.‬‬ ‫وبحس ــب محم ــد‪ ،‬فق ــد تص ــل كلف ــة تحني ــط‬ ‫اللبــوة إلى ثالثــة ماليين دينــار‪ ،‬واألســد مــن ‪2‬‬ ‫إلى ‪ 3‬ماليين دين ــار‪ ،‬وال ــدب الق ــطبي والنم ــر‬ ‫ملي ــون دين ــار لكل منهم ــا‪ ،‬والفه ــد ‪ 800‬أل ــف‬ ‫دين ــار‪ ،‬والنعام ــة ‪ 250‬أل ــف دين ــار‪ ،‬والوش ــق‬ ‫‪ 100‬أل ــف دين ــار‪ ،‬والقنف ــذ ‪ 15‬أل ــف دين ــار‪،‬‬ ‫والهده ــد ‪ 10‬آالف دين ــار‪.‬‬ ‫ـائًال إن "تحني ــط‬ ‫ويتاب ــع محم ــد‪ ،‬حديث ــه ق ـ ً‬ ‫الطي ــور يس ــتغرق م ــن ‪ 3‬إلى ‪ 6‬أي ــام‬ ‫بحس ــب نوعه ــا‪ ،‬تب ــدأ بنزع الجل ــد الرقي ــق‬ ‫بح ــذر‪ ،‬ث ــم التجفي ــف بمادت ــي "البورك ــس"‬

‫و"الفورم ــالين"‪ ،‬فصناع ــة اله ــيكل م ــن‬ ‫األسالك والقط ــن‪ ،‬أم ــا الحيوان ــات الص ــغيرة‬ ‫فيس ــتغرق تحنيطه ــا م ــن ي ــومين إلى أربع ــة‬ ‫أ ي ــام"‪.‬‬ ‫ـور‬ ‫وي ــشير إلى أن "أغ ــرب الطي ـ التي حنطته ــا‬ ‫كانــت طيــو ًرًا أستراليــة وأفريقيــة نــادرة"‪ ،‬وعلى‬ ‫الرغــم مــن أن التحنيــط هــو عملــه الــرئي�سي‪،‬‬ ‫فإنــه يعــتبر نفســه مناص ـ ًرًا للبيئــة‪ ،‬ويعــارض‬ ‫ـدًا أن ــه "ال يتعام ــل إال‬ ‫الصي ــد الجائ ــر‪ ،‬مؤك ـ ً‬ ‫ن‬ ‫م ــع الحيوان ــات امليت ــة‪ ،‬واتع ــاو أحيان ـ ًـًا م ــع‬ ‫تج ــار طي ــور م ــن البص ــرة يز ّ​ّودون ــي بم ــا ينف ــق‬ ‫أثن ــاء النق ــل"‪.‬‬ ‫ذكرى خالدة‬ ‫مــن جانبهــا‪ ،‬تــروي شــهد الحســن‪ ،‬أنهــا رغبــت‬ ‫في تحني ــط كلبه ــا بع ــد نفوق ــه حفاظ ـ ًـًا على‬ ‫ذك ـراه‪ ،‬إذ كان يرافقه ــا في جوالته ــا اليومي ــة‪،‬‬ ‫وحين مــات شــعرت بالحــزن والوحــدة‪ ،‬وبعــد‬ ‫بح ــث‪ ،‬وج ــدت أح ــد العام ــلين في التحني ــط‬ ‫الــذي أنجــز املهمــة بإتقــان مقابــل مبلــغ مــالي‪.‬‬ ‫وتق ــول ش ــهد‪ ،‬خالل حديثه ــا للمجل ــة‪ ،‬إن‬ ‫كلبه ــا ّ‬ ‫حّي ول ــم يم ــت من ــذ أن ت ــم تحنيط ــه‪،‬‬ ‫م ــشيرة إلى أن ــه ي ّزّي ــن غرفته ــا حالي ـ ًـًا‪.‬‬

‫ـددًا م ــن متاح ــف التاري ــخ‬ ‫ويض ــم الع ـراق ع ـ ً‬ ‫الطب ــيعي‪ ،‬منه ــا متح ــف التاري ــخ الطب ــيعي‬ ‫في بغ ــداد ال ــذي تأس ــس ع ــام ‪ 1946‬ويض ــم‬ ‫حيوان ــات محنط ــة وحش ـرات ونبات ــات‬ ‫تمث ــل الحي ــاة الفطري ــة في ال ــبالد‪ ،‬إضاف ــة‬ ‫إلى متح ــف البص ــرة للتاري ــخ الطب ــيعي ال ــذي‬ ‫تأســس في ســبعينيات القرن املا�ضي ويحتوي‬ ‫على حيوان ــات بري ــة ومائي ــة محنط ــة‪.‬‬ ‫أيضًا تدخل السباق‬ ‫بابل ً‬ ‫وفي محافظ ــة باب ــل‪ ،‬ي ــق�ضي عالء السالم ــي‪،‬‬ ‫أوقات ــه بين ج ــدران منزل ــه ال ــذي تح ـ ّـّول إلى‬ ‫صالــة عــرض فريــدة تضــم حيوانــات محنطــة‬ ‫متنوع ــة‪.‬‬ ‫ب ــدأت قصت ــه م ــع التحني ــط صدف ــة حين‬ ‫ـغير وحفظ ــه ب ــامللح‪،‬‬ ‫اصط ــاد حيوان ـ�ا ص ـ �ا‬ ‫فنجح ــت التجرب ــة وكان ــت نقط ــة انطالق ــه‬ ‫نح ــو عال ــم جدي ــد‪ ،‬حي ــث يق ــول عالء‪،‬‬ ‫إن ــه ب ــدأ بفك ــرة بس ــيطة‪ ،‬ث ــم ط ــور مهارات ــه‬ ‫بالبح ــث ع ــن م ــواد وتقني ــات خاص ــة‪ ،‬حتى‬ ‫أتـ ـقن املهـ ـنة‪.‬‬

‫ويضي ــف أن "تحني ــط الطي ــور أصع ــب م ــن‬ ‫الحيوانــات ذات الشــعر‪ ،‬بسبــب رقــة الريــش‬ ‫وحاجت ــه لعناي ــة خاص ــة‪ ،‬ل ــكني أصبح ــت‬ ‫ق ــاد ًرًا على التعام ــل مع ــه ب ــاحتراف بم ــرور‬ ‫الوق ــت"‪.‬‬ ‫دخًال‬ ‫تحول ــت هواي ــة عالء إلى مهن ــة توف ــر ل ــه ً‬ ‫ـدًا‪ ،‬ويؤكــد أن التحنيــط يحتــاج إلى املهــارة‬ ‫جيـ ً‬ ‫والــصبر والشــغف بعالــم الطبيعــة وعلومهــا‪.‬‬ ‫وفي س ــوق الغ ــزل وبي ــوت الحل ــة‪ ،‬تب ــدو مهن ــة‬ ‫التحنيــط أكثر مــن مجــرد حرفــة تقليدية فهي‬ ‫جس ــر يرب ــط بين الحي ــاة وامل ــوت‪ ،‬ومحط ــة‬ ‫لذكرـ ـيات ال تـ ـموت ـ ـلدى ـ ـمحبي الحيواـ ـنات‪.‬‬ ‫وبفض ــل مه ــارة محم ــد خال ــد وعالء السالم ــي‬ ‫وغيرهم ــا‪ ،‬تتح ــول أجس ــاد الكائن ــات إلى‬ ‫لوح ــات فني ــة تحك ــي قص ــص وف ــاء وألف ــة‪،‬‬ ‫ـغفًا بف ــن ن ــادر يتح ــدى الزم ــن‪،‬‬ ‫تعك ــس ش ـ ً‬ ‫وبينم ــا تتن ــوع الدواف ــع بين الحف ــاظ على‬ ‫الذك ــرى أو األغ ـراض العلمي ــة‪ ،‬يبق ــى‬ ‫التحني ــط مس ــاحة للتخلي ــد ووف ــاء ال يع ــرف‬ ‫النهاي ــة‪.‬‬

‫قد تصل كلفة تحنيط اللبوة إلى ثالثة ماليين دينار‪ ،‬واألسد من ‪ 2‬إلى ‪3‬‬ ‫ماليين دينار‪ ،‬والدب القطبي والنمر مليون دينار لكل منهما‪ ،‬والفهد ‪800‬‬ ‫ألف دينار‪ ،‬والنعامة ‪ 250‬ألف دينار‪ ،‬والوشق ‪ 100‬ألف دينار‪ ،‬والقنفذ ‪15‬‬ ‫ألف دينار‪ ،‬والهدهد ‪ 10‬آالف دينار‪.‬‬

‫‪58‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪59 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫دماء على قميص "االنتحار"‪:‬‬

‫حني يصبح القتل فضيلة‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬ ‫تكاثــرت فــي اآلونــة األخيــرة فــي العــراق ظواهــر مــوت النســاء‪،‬‬ ‫وآخره ــا حادث ــة الطبيب ــة النفس ــية‪ ،‬ب ــان زي ــاد ط ــارق‪ ،‬الت ــي ق ــال‬ ‫اهلهــا أنهــا انتحــرت‪ ،‬فــي حيــن ان مخالفــي هــذا الطــرح يقولــون‬ ‫ان األدلــة تشــير إلــى أنهــا ُ​ُنحــرت‪.‬‬

‫وفي حين ان الجه ــات املعني ــة قال ــت انه ــا‬ ‫تج ــري تحقيق ــات في املوض ــوع‪ ،‬يالح ــظ‬ ‫صمــت مــن الجهــات القضائيــة والتنفيذيــة‬ ‫والتش ــريعية‪ ،‬ومنه ــم اعض ــاء في البرملان‬ ‫حاول ــوا ايج ــاد املس ــوغات إلنه ــاء حي ــاة‬ ‫الطبيبــة؛ حتى ان احــد اعضــاء البرملان نقــل‬ ‫عن ــه قول ــه منش ــورا في وس ــائل التواص ــل‬ ‫االجتم ــاعي يق ــول في ــه "حتى ل ــو قت ــل م ــثال‪..‬‬ ‫واح ــد قت ــل اخت ــه ش ــنو دخلك ــم؟"ورأى‬ ‫املراقبــون في ذلــك منطقــا ارهابيــا و تســويغا‬ ‫العم ــال القت ــل واستهان ــة ب ــأرواح الن ــاس‬ ‫وتع ــد على القان ــون بحس ــب قوله ــم‪.‬‬ ‫يأت ــي ه ــذا في وق ــت يق ــوم رج ــال بقت ــل‬ ‫اخواته ــم ث ــم يزعم ــون أم ــام الش ــرطة أنه ــم‬ ‫قتلوهــن بسبــب الشــرف وغســل العــار وهــو‬ ‫ادع ــاء كاذب أدى إلى زي ــادة الجرائ ــم ض ــد‬ ‫النس ــاء‪.‬‬ ‫وتتع ــدد الدواف ــع وراء جرائ ــم قت ــل النس ــاء‬ ‫في الع ـراق‪ ،‬ولك ــن يمك ــن إجم ــال أبرزه ــا‬

‫فيمــا يعــرف بجرائــم الشــرف‪ ،‬اذ تعــد هــذه‬ ‫الجرائ ــم م ــن أكثر الدواف ــع ش ــيوعا؛ تح ــت‬ ‫ه ــذا امل ــسمى‪ ،‬يج ــري تس ــويغ قت ــل النس ــاء‬ ‫بحج ــة "غس ــل الع ــار" أو "الحف ــاظ على‬ ‫ش ــرف العائل ــة"‪ ،‬وذل ــك بن ــاء على اتهام ــات‬ ‫ق ــد تك ــون كاذب ــة أو ملفق ــة تتعل ــق بس ــلوك‬ ‫امل ـرأة‪ ،‬مث ــل العالق ــات خ ــارج إط ــار ال ــزواج‬ ‫أو التع ــبير ع ــن الرغب ــة في ال ــزواج م ــن‬ ‫شخ ــص ال تواف ــق علي ــه العائل ــة‪.‬‬ ‫وي ــشكل العن ــف املم ــنهج ض ــد النس ــاء في‬ ‫داخ ــل األس ــرة دافع ــا رئيس ــا للقت ــل‪ ،‬ق ــد‬ ‫يك ــون القت ــل نتيج ــة لتصاع ــد ه ــذا العن ــف‬ ‫أو رف ــض امل ـرأة الخض ــوع لس ــلطة الرج ــل‪،‬‬ ‫س ــواء كان األب أو األخ أو ال ــزوج‪ ،‬غالب ــا‬ ‫م ــا ترتب ــط ه ــذه الجرائ ــم باملفاهي ــم األبوي ــة‬ ‫التقليديــة التي تمنــح الرجــل ســلطة مطلقــة‬ ‫على حي ــاة امل ـرأة‪.‬‬ ‫ويمكــن أن تكــون الخالفــات بشــأن امليراث‪،‬‬ ‫أو املال‪ ،‬أو ال ــزواج‪ ،‬أو حتى االنتق ــام‬

‫الشخ�صي‪ ،‬دواف ــع للقت ــل؛ في ك ــثير م ــن‬ ‫األحيان‪ ،‬يجري اســتغالل مفهوم "الشــرف"‬ ‫ذريع ــة لتغطي ــة ه ــذه الدواف ــع الحقيقي ــة؛‬ ‫كمــا إن القــوانين التي تمنــح القتلــة أحكامــا‬ ‫مخفف ــة‪ ،‬بخاص ــة في م ــا ي ــسمى جرائ ــم‬ ‫الش ــرف‪ ،‬تشج ــع على ارتكاب مزي ــد م ــن‬ ‫الجرائ ــم‪ ،‬وكذل ــك أن ضع ــف اإلج ـراءات‬ ‫القانوني ــة‪ ،‬والتحقيق ــات غير الفعال ــة‪،‬‬ ‫وغيــاب املســاءلة الصارمــة‪ ،‬كل ذلــك يرســل‬ ‫رس ــالة مفاده ــا أن الجن ــاة ق ــد يفلت ــون م ــن‬ ‫العق ــاب‪.‬‬ ‫وم ــن العوام ــل املشجع ــة الس ــتمرار ه ــذه‬ ‫الظاه ــرة‪ ،‬األط ــر القانوني ــة املتس ــاهلة‪،‬‬ ‫فبرغ ــم تواج ــد بع ــض الجه ــود التش ــريعية‪،‬‬ ‫إال أن الق ــوانين العراقي ــة م ــا ت ـزال تحت ــوي‬ ‫على ثغ ـرات تس ــمح للمته ــمين في جرائ ــم‬ ‫"الش ــرف" بالحص ــول على أحكام مخفف ــة‪،‬‬ ‫أو حتى اإلفالت م ــن العق ــاب‪.‬‬ ‫وال زال املجتم ــع الع ـراقي ينظ ــر إلى ه ــذه‬

‫الجرائ ــم على أنه ــا ش ــؤون داخلي ــة للعائل ــة‪،‬‬ ‫مم ــا يع ــزز فك ــرة أن العائل ــة له ــا الح ــق‬ ‫في "تأدي ــب" أفراده ــا‪ ،‬كم ــا أن التس ــويغ‬ ‫االجتم ــاعي للقت ــل بحج ــة الش ــرف يقل ــل‬ ‫"بحس ــب م ــروجي ذل ــك" م ــن وصم ــة الع ــار‬ ‫التي ق ــد تلح ــق بالجن ــاة‪ ،‬ب ــل وق ــد يعده ــم‬ ‫البع ــض "حم ــاة للش ــرف"‪.‬‬ ‫ف ــضال ع ــن ذل ــك هن ــاك ضع ــف في ال ــدور‬ ‫الحكوم ــي واملؤسس ــاتي‪ ،‬يش ــمل ذل ــك‬ ‫ضعــف حمايــة النســاء املعرضــات للخطــر‪،‬‬ ‫وغيــاب مراكــز إيــواء كافيــة‪ ،‬وكذلــك ضعــف‬ ‫التوعي ــة املجتمعي ــة‪ ،‬و ان صم ــت الجه ــات‬ ‫الرس ــمية والتنفيذي ــة‪ ،‬في بع ــض الح ــاالت‪،‬‬

‫يشج ــع الجن ــاة على االس ــتمرار في أعماله ــم‬ ‫اإلجرامي ــة‪ ،‬و عندم ــا ي ــرى الجن ــاة أن‬ ‫هن ــاك فرص ــة لإلفالت م ــن العق ــاب‪ ،‬س ــواء‬ ‫بسبــب الواســطة‪ ،‬أو التــستر‪ ،‬أو التســاهل‬ ‫القضائــي‪ ،‬فــإن ذلــك يشجعهــم على ارتكاب‬ ‫مزي ــد م ــن الجرائ ــم‪ ،‬حتى ألتف ــه األس ــباب‪.‬‬ ‫تتطل ــب مكافح ــة جرائ ــم العن ــف ض ــد‬ ‫النس ــاء في الع ـراق نهج ــا متع ــدد األبع ــاد‬ ‫يش ــمل الجوان ــب القانوني ــة واملجتمعي ــة‬ ‫والتعليمي ــة‪ ،‬وكذل ــك ت ــوفير الدع ــم‬ ‫والحماي ــة للضحاي ــا‪ ،‬و إن العم ــل على‬ ‫إيق ــاف ه ــذه الظاه ــرة الخ ــطيرة يتطل ــب‬ ‫تضاف ــر جه ــود جمي ــع الجه ــات‪ ،‬م ــن‬

‫الحكوم ــة إلى املجتم ــع املدن ــي واألف ـراد‪.‬‬ ‫وم ــن أه ــم ط ــرق املعالج ــة واإلج ـراءات‬ ‫املقترح ــة‪ ،‬تتعل ــق باإلط ــار القانون ــي‬ ‫والعدال ــة بتش ــديد العقوب ــات‪ ،‬اذ يتوج ــب‬ ‫تعديــل القــوانين الحاليــة التي تمنــح الجنــاة‬ ‫في جرائ ــم "الش ــرف" أحكام ــا مخفف ــة‪،‬‬ ‫والتعامــل مــع هــذه الجرائــم بوصفهــا جرائــم‬ ‫قت ــل عم ــد تس ــتحق أق�صى العقوب ــات‪.‬‬ ‫وم ــن االج ـراءات إص ــدار الق ــوانين‬ ‫املطلوب ــة‪ ،‬اذ يع ــد إق ـرار قان ــون حماي ــة‬ ‫األس ــرة م ــن العن ــف املنزلي خط ــوة حاس ــمة‬ ‫لضم ــان حماي ــة النس ــاء م ــن العن ــف في‬ ‫داخــل منازلهــن وتــوفير آليــات فعالــة لإلبالغ‬

‫‪60‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪61 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫دماء على قميص "االنتحار"‪ :‬حين يصبح القتل فضيلة‬ ‫واملقاض ــاة؛ و م ــن الض ــروري تدري ــب رج ــال‬ ‫الشــرطة والقضــاة على التعامــل مــع قضايــا‬ ‫العن ــف ض ــد امل ـرأة بحساس ــية وحيادي ــة‪،‬‬ ‫والتحقي ــق فيه ــا بجدي ــة وفعالي ــة‪ ،‬لضم ــان‬ ‫ـ ـعدم إفالت الجـ ـناة ـ ـمن العـ ـقاب‪.‬‬ ‫ويج ــب على الحكوم ــة ومنظم ــات املجتم ــع‬ ‫املدنــي تــوفير مالجئ آمنــة للنســاء والفتيــات‬ ‫املعرض ــات للخط ــر‪ ،‬بخاص ــة أولئ ــك‬ ‫اللوات ــي يواجه ــن تهدي ــدات بالقت ــل؛ و م ــن‬ ‫الض ــروري إتاح ــة خدم ــات الدع ــم الن ــف�سي‬ ‫واالجتم ــاعي والقانون ــي للناجي ــات م ــن‬ ‫العن ــف‪ ،‬ملس ــاعدتهن على التع ــافي وإع ــادة‬ ‫االندم ــاج في املجتم ــع‪.‬‬ ‫و يج ــب تفعي ــل خط ــوط س ــاخنة للط ــوارئ‬ ‫تمك ــن النس ــاء م ــن اإلبالغ ع ــن ح ــاالت‬ ‫العنــف وطلــب املســاعدة الفوريــة مــن دون‬ ‫خ ــوف‪ ،‬و إطالق ح ــمالت توعي ــة وطني ــة‬ ‫واسعة النطاق في وسائل اإلعالم واملدارس‬ ‫واملس ــاجد‪ ،‬لتس ــليط الض ــوء على خط ــورة‬ ‫العن ــف ض ــد امل ـرأة وتفكي ــك املفاهي ــم‬ ‫الخاطئــة بشــأن "الشــرف" و"غســل العــار"‪.‬‬ ‫و ين ــبغي مراجع ــة املن ــاهج الدراس ــية‬ ‫وتغييره ــا لتعزي ــز قي ــم املس ــاواة بين‬ ‫الجن ــسين واحترام حق ــوق امل ـرأة ورف ــض‬ ‫العن ــف؛ و م ــن امله ــم إش ـراك الرج ــال‬ ‫والقي ــادات الديني ــة في ه ــذه الح ــمالت‪،‬‬ ‫ألنه ــم ي ــؤدون كواق ــع ح ــال دورا محوري ــا‬ ‫في تغ ــيير األفكار الس ــائدة وتعزي ــز ثقاف ــة‬ ‫االحترام والتعاي ــش‪.‬‬ ‫وفي الع ـراق يص ــور ك ــثير م ــن جرائ ــم قت ــل‬ ‫النس ــاء على أن ــه ح ــاالت انتح ــار في واح ــدة‬ ‫م ــن أبش ــع ص ــور العن ــف األس ــري ال ــذي‬ ‫يق ــف وراءه أح ــد أف ـراد األس ــرة أو الع ــشيرة‬ ‫أو باتف ــاق بينهم ــا‪ ،‬واله ــدف دائم ــا اإلفالت‬ ‫مــن العقــاب بحســب تقريــر ملراســل فرانــس‬ ‫‪ 24‬في بغ ــداد؛ اذ تظه ــر اإلحصائي ــات‬ ‫ح ــدوث ارتف ــاع غير مس ــبوق في مع ــدالت‬ ‫االنتـ ـحار في الـ ـعراق في الـ ـسنوات األخيرة‪.‬‬

‫ووف ــق املرك ــز االسترات ــيجي لحق ــوق‬ ‫اإلنس ــان‪ ،‬فإن ــه في غض ــون ع ــامين ونص ــف‬ ‫الع ــام (م ــن ‪ 2022‬إلى منتص ــف ‪)2024‬‬ ‫شــهد الع ـراق تسجيــل أكثر مــن ألفــي حالــة‬ ‫ومحاول ــة انتح ــار؛ اذ ش ــهد ع ــام ‪2022‬‬ ‫تسجيــل ألــف و‪ 73‬حالــة ومحاولــة انتحــار‪،‬‬ ‫في حين ش ــهد ع ــام ‪ 2023‬تسجي ــل ‪700‬‬ ‫حال ــة انتح ــار‪ ،‬وش ــهدت األش ــهر الس ــتة‬ ‫األولى مــن عــام ‪ ،2024‬تسجيــل ‪ 300‬حالــة‬ ‫ومحاول ــة انتح ــار؛ وت ــوضح إحصائي ــات‬

‫املرك ــز أن األع ــوام م ــن ‪ 2016‬إلى ‪،2021‬‬ ‫ش ــهدت تسجي ــل ثالث ــة آالف و‪ 63‬حال ــة‬ ‫ومحاوـ ـلة انتـ ـحار‪.‬‬ ‫في ‪ 2016‬تسجي ــل ‪ 343‬حال ــة انتح ــار‪ ،‬وفي‬ ‫‪ 2017‬تسجي ــل ‪ 449‬حال ــة انتح ــار‪ ،‬وفي‬ ‫‪ 2018‬تسجي ــل ‪ 519‬حال ــة انتح ــار‪ ،‬وفي‬ ‫‪ 2019‬تسجي ــل ‪ 588‬حال ــة انتح ــار‪ ،‬وفي‬ ‫‪ 2020‬تسجي ــل ‪ 644‬حال ــة انتح ــار‪ ،‬وفي‬ ‫‪ 2021‬تسجي ــل ‪ 863‬حال ــة‪ ،‬ويالح ــظ ان‬ ‫النســبة تتصاعــد مــع كل وقــت يمــر؛ ووفــق‬

‫مصــادر في وزارتــي الصحــة والداخليــة‪ ،‬فــإن‬ ‫الغالبي ــة ال ــكبرى م ــن عملي ــات ومح ــاوالت‬ ‫االنتح ــار كان ــت لفتي ــات‪.‬‬ ‫الش ــيخ عدن ــان الدنب ــوس‪ ،‬ش ــيخ ع ــشيرة‬ ‫كنانــة‪ ،‬وهــو نائــب ســابق في مجلــس النــواب‬ ‫العـراقي‪ ،‬يقــول في تصريــح ان "هــذه الجرائــم‬ ‫من املسكوت عنها في العراق؛ نظرا لطبيعة‬ ‫املجتم ــع الع ـراقي الديني ــة والعش ــائرية‪،‬‬ ‫و في أغل ــب األحي ــان ُ​ُتقت ــل الضحي ــة على‬ ‫الشبهــة‪ ،‬مــن دون دليــل أو تحقــق‪ ،‬وأحيانــا‬

‫تقت ــل بطريق ــة ال تلف ــت النظ ــر"‪ ،‬ضارب ــا‬ ‫املثــل بحــاالت حــرق أو صعــق بالكهربــاء‪ ،‬أو‬ ‫عــن طريــق إعطائهــا مــواد ســامة‪ ،‬لكــي تظهــر‬ ‫الجريـ ـمة انتـ ـحارا‪.‬‬ ‫املتح ــدث الس ــابق باس ــم املفوضي ــة‬ ‫العلي ــا لحق ــوق اإلنس ــان في الع ـراق علي‬ ‫البياتي‪،‬ي ــوضح أن جرائ ــم “غس ــل الع ــار”‬ ‫منتش ــرة في جمي ــع مناط ــق الع ـراق‪ ،‬وتش ــهد‬ ‫ال ــبالد زي ــادة واس ــعة في مع ــدل ه ــذه‬ ‫الجرائ ــم‪ ،‬م ــشيرا إلى أن اإلحصائي ــات تؤك ــد‬

‫أن هنــاك مــا ال يقــل عــن وقــوع ‪ 150‬حادثــة‬ ‫مقتــل فتــاة أو ام ـرأة ســنويا‪ ،‬بسبــب جرائــم‬ ‫الش ــرف‪ ،‬مس ــتدركا أن “الع ــدد الف ــعلي‬ ‫أكثر م ــن ذل ــك”‪ .‬وت ــرى ناش ــطات في ع ــدة‬ ‫منظم ــات حقوقي ــة بالع ـراق‪ ،‬أن األرق ــام‬ ‫ُاُملعلن ــة لجرائ ــم القت ــل “بذريع ــة الش ــرف”‬ ‫في الع ـراق‪ ،‬هي أق ــل بك ــثير م ــن األع ــداد‬ ‫الفعليــة‪ ،‬نظـرا لوقائــع جرائــم أخــرى تجــري‬ ‫في س ــرية تام ــة‪ ،‬وال يبل ــغ عنه ــا‪.‬‬

‫"يجب على الحكومة‬ ‫ومنظمات المجتمع‬ ‫المدني توفير مالجئ‬ ‫آمنة للنساء والفتيات‬ ‫المعرضات للخطر‪ ،‬بخاصة‬ ‫أولئك اللواتي يواجهن‬ ‫تهديدات بالقتل؛ و‬ ‫من الضروري إتاحة‬ ‫خدمات الدعم النفسي‬ ‫واالجتماعي والقانوني‬ ‫للناجيات من العنف‪،‬‬ ‫لمساعدتهن على‬ ‫التعافي وإعادة االندماج‬ ‫في المجتمع"‪.‬‬

‫‪62‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪63 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫يودعونه بكسر األواني‪..‬‬

‫تقاليد عراقية‬

‫لطرد نحس شهر صفر‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫"اطلع يا صفر اطلع‬ ‫يا صفر" هكذا تردد‬ ‫الحاجة أم حسن (‪60‬‬ ‫عامًا) بصوت عال وهي‬ ‫ً‬ ‫تطرق أبواب المنزل‬

‫والجدران وشفاهها‬ ‫تردد تمتمات غير‬ ‫مفهومة‪.‬‬

‫ال تكتف ــي الحاج ــة به ــذه التمتم ــات الغامض ــة‪،‬‬ ‫ب ــل تق ــوم بح ــرق مكنس ــة م ــن الخ ــوص م ــرددة‬ ‫"اطل ــع ي ــا صف ــر حركن ــاك ي ــا صف ــر ياب ــو‬ ‫املصاي ــب والك ــدر اطل ــع ي ــا صف ــر ي ــا ش ــهر‬ ‫الش ــؤم والضج ــر"‪.‬‬ ‫وترتبــط هــذه العــادات التي يمارســها عراقيــون‬ ‫في نهاي ــة ش ــهر صف ــر بتقالي ــد ال من ــاص م ــن‬ ‫ممارسته ــا عن ــد كثيري ــن خاص ــة في م ــدن وس ــط‬ ‫وجن ــوب الع ـراق‪.‬‬ ‫ومــن التقاليــد األخــرى‪ ،‬ش ـراء نســاء الذهــب في‬ ‫آخــر أربعــاء مــن شــهر صفــر كنــوع مــن التفــاؤل‬ ‫ودفــع الحــزن‪.‬‬ ‫ويرج ــع ه ــذا التقلي ــد الرتب ــاط ش ــهر صف ــر‪،‬‬ ‫مَكــة وخلوهــا‬ ‫حســب مصــادر تاريخيــة بأصفــار َ‬ ‫م ــن أهله ــا حي ــث س ــافروا في ه ــذا الش ــهر‪.‬‬ ‫وي ــوضح الباح ــث األث ــري مه ــدي البدي ــري‪،‬‬ ‫أن "ش ــهر صف ــر يرتب ــط في الذهني ــة العراقي ــة‬ ‫بأح ــداث تاريخي ــة مؤس ــفة‪ ،‬م ــا جع ــل بع ــض‬ ‫العراق ــيين يربطون ــه بفك ــرة (النح ــس) أو‬ ‫(الش ــر) ويمارس ــون طقوس ـ�ا خاص ــة ل ــدرء‬ ‫املكاره‪ ،‬خاص ــة وأن وف ــاة نبي اإلسالم محم ــد‬ ‫وقع ــت في ش ــهر صف ــر واستش ــهاد اإلم ــام‬ ‫الحســن واإلمــام علي بــن مــو�سى الرضــا إضافــة‬ ‫إلى ذك ــرى أربعيني ــة اإلم ــام الح ــسين"‪.‬‬ ‫وم ــن الع ــادات التي يمارس ــها البغدادي ــون في‬ ‫ش ــهر صف ــر‪ ،‬يق ــول البدي ــري ملجل ــة "ف ــيلي"‪،‬‬ ‫إن "منه ــا تجن ــب إقام ــة املناس ــبات الس ــعيدة‬ ‫كح ــفالت ال ــزواج وامل ــيالد وغيره ــا‪ ،‬أم ــا في‬ ‫غ ــروب الش ــمس م ــن آخ ــر ي ــوم بش ــهر صف ــر‬ ‫فيق ــدم الك ــثير على كس ــر األوان ــي الفخاري ــة أو‬ ‫الزجاجي ــة أم ــام بيوته ــم أو محاله ــم التجاري ــة‪،‬‬ ‫العتقاده ــم أن ه ــذه الع ــادة املتوارث ــة من ــذ‬ ‫مئ ــات الس ــنين‪ ،‬تط ــرد (النح ــس) والش ــر ال ــذي‬ ‫يظن ــون أن ــه مرتب ــط بش ــهر صف ــر"‪.‬‬ ‫وباإلضاف ــة إلى ط ــرد النح ــس‪ ،‬يعتق ــد البع ــض‬ ‫أن ح ــرق املكنس ــة اليدوي ــة وكس ــر األوان ــي‬ ‫ق ــد يمن ــع م ــن فق ــدان شخ ــص عزي ــز عليه ــم‪،‬‬ ‫لك ــن بع ــض التقالي ــد الش ــعبية ت ــمتزج م ــع‬

‫‪64‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪65 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫كيف صنعت الحروب األجواء الالهبة؟‬

‫"مســتحبات" دينيــة يــو�صي بهــا الفقهــاء وعلمــاء‬ ‫الدي ــن‪ ،‬كالصدق ــة والدع ــاء لدف ــع ال ــبالء‬ ‫واملكاره وجل ــب الخير نهاي ــة ش ــهر صف ــر‪ ،‬وفق ـ ًـًا‬ ‫للبا ح ــث‪.‬‬ ‫أم ــا ش ـراء الذه ــب في آخ ــر أربع ــاء م ــن ش ــهر‬ ‫صف ــر‪ ،‬ي ــوضح البدي ــري أن "ه ــذه ع ــادات في‬ ‫بعــض مناطــق العـراق‪ ،‬إذ يعتقــدون أنهــا تجلــب‬ ‫ال ــرزق وتدف ــع نح ــس ال ــبالء‪ ،‬لكنه ــا تقالي ــد‬ ‫قديم ــة وقلي ــل م ــن يعم ــل به ــا‪ ،‬فيم ــا اعت ــاد‬ ‫البع ــض وض ــع مبل ــغ رم ــزي تح ــت الوس ــادة‬ ‫في آخ ــر ليل ــة م ــن ش ــهر صف ــر للتص ــدق ب ــه في‬ ‫الي ــوم الت ــالي"‪.‬‬ ‫مــن جهتــه‪ ،‬يقــول الصائــغ شــاهين املنــدالوي في‬ ‫منطق ــة الكاظمي ــة ببغ ــداد‪ ،‬إن "النس ــاء تتأث ــر‬ ‫بالسوش ــيال ميدي ــا أكثر م ــن الرج ــال‪ ،‬له ــذا‬ ‫فــإن موضــوع شـراء الذهــب في آخــر أربعــاء مــن‬ ‫ش ــهر صف ــر‪ ،‬تمارس ــه الك ــثير م ــن النس ــاء دون‬ ‫معرفــة بشــأن أصــل املعتقــد الــذي هــو بحســب‬ ‫املس ــموعات يع ــود إلى أي ــام الجاهلي ــة عندم ــا‬

‫كان ــوا يع ــودون م ــن الح ــرب (صف ــر اليدي ــن)‬ ‫وكان ــوا يعتق ــدون أن كل أربع ــاء ه ــو ي ــوم بالء‪،‬‬ ‫لهــذا اختــاروا يــوم األربعــاء لشـراء الذهــب لدفــع‬ ‫النح ــس أو ال ــبالء أو التقلي ــل م ــن الش ــرور"‪.‬‬ ‫ويضيــف املنــدالوي ملجلــة "فــيلي"‪ ،‬أن "الزبائــن‬ ‫الذي ــن ي ــشترون الذه ــب في آخ ــر أربع ــاء م ــن‬ ‫صف ــر يقول ــون إن الذه ــب ينم ــو خالل الس ــنة‬ ‫ويتضاع ــف"‪.‬‬ ‫وبعك ــس االعتق ــادات الس ــائدة التي تص ــف‬ ‫ش ــهر صف ــر بالش ــر والش ــؤم‪ ،‬ي ــسمى الش ــهر‬ ‫بـ"صف ــر الخير" في امل ــوروث ال ــديني‪ ،‬لنب ــذ‬ ‫االعتق ــادات الس ــائدة وللتأكي ــد على أن ــه ش ــهر‬ ‫اليختـ ـلف ـ ـعن غيره ـ ـمن الـ ـشهور‪.‬‬ ‫وبه ــذا الس ــياق‪ ،‬ي ــوضح الباح ــث اإلسالم ــي‬ ‫س ــلمان البه ــادلي‪ ،‬أن "ثم ــة ع ــادات وس ــلوكيات‬ ‫اجتماعيــة يمارســها كــثيرون نهايــة شــهر صفــر‬ ‫العالق ــة له ــا ب ــأي تش ــريع ديني‪ ،‬والك ــثير منه ــا‬ ‫مـ ـجرد (خراـ ـفات) موروـ ـثة ـ ـمن زـ ـمن بعـ ـيد"‪.‬‬ ‫وي ـبّين البه ــادلي ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬أن "ش ــهر صف ــر‬ ‫ّ‬

‫يرتبــط بمأســاة تاريخيــة تتمثــل بمــسيرة الــسبي‬ ‫بع ــد استش ــهاد اإلم ــام الح ــسين‪ ،‬ل ــذا يع ــتبر‬ ‫ـمًال لش ــهر مح ــرم م ــن حي ــث‬ ‫ش ــهر صف ــر مك ـ ً‬ ‫الح ــزن واملأس ــاة التي ترتب ــت على األح ــداث‬ ‫الك ــبيرة التي م ــرت على آل بي ــت ال ــنبي"‪.‬‬ ‫وين ـ ّـّوه إلى أن "الش ــريعة اإلسالمي ــة تنب ــذ‬ ‫االعتق ــادات التي ال أص ــل له ــا في التش ــريع‬ ‫اإلسالم ــي‪ ،‬فالش ــريعة ال تمن ــع التعاق ــدات‬ ‫والصفقــات التجاريــة في شــهر صفــر‪ ،‬وال تمنــع‬ ‫عق ــود ال ــزواج واملناس ــبات األخ ــرى ش ــريطة‬ ‫عــدم إظهــار الفــرح احترامـ ًـًا للــنبي وأهــل بيتــه"‪.‬‬ ‫وأك ــد‪" :‬م ــن األفض ــل القي ــام في نهاي ــة ش ــهر‬ ‫صف ــر بأعم ــال مش ــروعة ب ــدل كس ــر األوان ــي‬ ‫وح ــرق املكان ــس وغيره ــا‪ ،‬كالتض ــرع والدع ــاء‬ ‫وال ــصالة أرب ــع ركع ــات ويه ــدى ثوابه ــا إلى روح‬ ‫الــنبي‪ ،‬والتصــدق بمــا تيســر مــن مــال واإلكثــار‬ ‫م ــن ال ــصالة على ال ــنبي وآل ــه"‪.‬‬ ‫لك ــن ال تتوق ــف ممارس ــة الع ــادات الش ــعبية‬ ‫في نهاي ــة صف ــر على كب ــار الس ــن أو العوائ ــل‬

‫الباحث اإلسالمي‬ ‫سلمان البهادلي‪:‬‬ ‫"ثمة عادات‬ ‫وسلوكيات اجتماعية‬ ‫يمارسها كثيرون‬ ‫نهاية شهر صفر‬ ‫العالقة لها بأي‬ ‫تشريع ديني‪ ،‬والكثير‬ ‫منها مجرد (خرافات)‬ ‫موروثة من زمن‬ ‫بعيد"‪.‬‬

‫الريفي ــة‪ ،‬فثم ــة فتي ــات يقم ــن بأعم ــال "ط ــرد‬ ‫الش ــر" في ش ــهر صف ــر‪ ،‬وال يج ــدن مناص ـ ًـًا م ــن‬ ‫ذل ــك العم ــل‪.‬‬ ‫وتقــول الشــابة ســمية خلــود إنهــا "دأبــت نهايــة‬ ‫ش ــهر صف ــر على كس ــر بع ــض األوان ــي في كل‬ ‫ع ــام"‪.‬‬ ‫وتــوضح ملجلــة "فــيلي"‪ ،‬أنــه "في بعــض األحيــان‬ ‫نم ــارس طقوس ـ ًـًا غير واضح ــة وغير مقبول ــة‬ ‫م ــن جان ــب العل ــم أو الدي ــن‪ ،‬ويمك ــن وصفه ــا‬ ‫بالخراف ــة‪ ،‬لكنه ــا ذات ت ــأثير فع ــال م ــن حي ــث‬ ‫ال نش ــعر"‪ ،‬على ح ــد قوله ــا‪ّ ،‬‬ ‫منّوه ــة‪ ،‬إلى أنه ــا‬ ‫"تق ــوم بتقلي ــد والدته ــا بكس ــر األوان ــي في ب ــاب‬ ‫منزله ــا بغي ــة ع ــدم الس ــماح بدخ ــول الش ــر‬ ‫لل ــمنزل"‪.‬‬ ‫وتضي ــف الش ــابة‪ ،‬أن "الت ــأثيرات النفس ــية‬ ‫للتربيــة والتقاليــد تدفعهــا لهــذا العمــل بصــرف‬ ‫النظ ــر ع ــن ج ــدواه‪ ،‬لكنه ــا تش ــعر بالف ـراغ‬ ‫والتق ــصير وتأني ــب الض ــمير إن ل ــم تق ــم ب ــه‬ ‫وكأن ــه مرتب ــط بخيان ــة ع ــادات األه ــل"‪.‬‬ ‫وال يخف ــى أن للموروث ــات ت ــأثير ن ــف�سي على‬

‫العديــد مــن الش ـرائح والطبق ــات االجتماعي ــة‪،‬‬ ‫ألنه ــا تمث ــل طوق ـ�ا يصع ــب على كثيري ــن‬ ‫التخل ــص من ــه‪.‬‬ ‫وبه ــذا الص ــدد‪ ،‬يق ــول الباح ــث الن ــف�سي‬ ‫عب ــد الكري ــم الجاب ــري‪ ،‬ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬إن‬ ‫"االس ــتجابة للتقالي ــد س ــواء في ع ــادة كس ــر‬ ‫األوان ــي أو غيره ــا تمث ــل نوع ـ�ا م ــن تفري ــغ‬ ‫الشحن ــات االنفعالي ــة م ــن خالل القي ــام به ــذا‬ ‫العم ــل الرم ــزي املت ــوارث"‪.‬‬ ‫وي ــرى الجاب ــري‪ ،‬أن "ثم ــة انفع ــاالت جم ــة‬ ‫مرتبط ــة بش ــهر صف ــر تنعك ــس نفس ـ ًـيًا على‬ ‫األف ـراد م ــن خالل التوت ــر والقل ــق‪ ،‬ويبح ــث‬ ‫االنس ــان ع ــن س ــبل معين ــة لخف ــض التوت ـرات‬ ‫باللج ــوء إلى ممارس ــة كس ــر األوان ــي"‪.‬‬ ‫ويؤكــد أن "هنــاك رغبــات لــدى األفـراد تدفعهــم‬ ‫ـعوريًا للتخل ــص م ــن ثق ــل املعان ــاة ودوام ــة‬ ‫الش ـ ً‬ ‫الحزن والطاقة السلبية الكامنة في نفوسهم"‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫منّوهـ ًـًا إلى أن "ممارســة بعــض التقاليــد بــشكل‬ ‫جم ــاعي تع ــزز الرواب ــط‪ ،‬وتح ـ ّـّول الع ــادات إلى‬ ‫وظيفــة اجتماعيــة مشتركــة"‪.‬‬

‫‪66‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬ ‫‪SOCIETY‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪67 2025‬‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬

‫صلة الرحم‪..‬‬ ‫عنف الدم يهدد ِ‬

‫الجرائم‬

‫األرسية‬

‫تهز‬

‫المجتمع‬

‫لم تعد جرائم القتل محصورة في‬ ‫الشوارع أو بين الغرباء‪ ،‬بل امتدت‬ ‫لتضرب عمق األسرة العر اقية‪،‬‬ ‫حيث ّ‬ ‫تتكّررمشاهد مأساوية يقتل‬ ‫فيها اآلباء أبناءهم أو ُ​ُيقدم األبناء‬ ‫على قتل والديهم‪.‬‬

‫ه ــذه الظاه ــرة التي كان ــت ُ​ُتع ــد ن ــادرة وش ــاذة أصبح ــت الي ــوم‬ ‫تتص ــدر املش ــهد االجتم ــاعي‪ ،‬مدفوع ـ ًـًة بأزم ــات اقتصادي ــة‬ ‫خانق ــة‪ ،‬وضغ ــوط نفس ــية متراكم ــة‪ ،‬وتراج ــع واضح في القي ــم‬ ‫والرواـ ـبط األـ ـسرية‪.‬‬ ‫وفي ظ ــل غي ــاب تش ــريعات رادع ــة وت ــف�شي املخ ــدرات واملؤث ـرات‬ ‫العقلي ــة‪ ،‬يتح ـ ّـّول البي ــت م ــن مكان لألم ــان إلى س ــاحة للعن ــف‪،‬‬ ‫وس ــط تحذي ـرات م ــن تح ــول ه ــذه الجرائ ــم إلى واق ــع مأل ــوف إذا‬ ‫ل ــم ُيع ــالج الخل ــل م ــن ج ــذوره‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وتج ــاوزت "الظاه ــرة"‪ ،‬ح ــدود االعت ــداء الجس ــدي واللفظ ــي‪،‬‬ ‫وبلغ ــت أش ـ ّـّد صوره ــا م ــن خالل جرائ ــم قت ــل داخ ــل محي ــط‬ ‫األســرة‪ ،‬وســط تحذيـرات مــن التداعيــات النفســية واالجتماعيــة‬ ‫العميق ــة التي ق ــد تنج ــم عنه ــا‪.‬‬ ‫مؤشرات خطيرة‬ ‫وتقــول الباحثــة األكاديميــة في علــم االجتمــاع‪ ،‬وســن الجبــوري‪،‬‬ ‫إن "املجتم ــع الع ـراقي يش ــهد تح ــوالت س ــريعة ومقلق ــة بسب ــب‬ ‫ع ــدم استيع ــاب التجرب ــة العراقي ــة واالنفت ــاح املف ــاجئ ال ــذي‬ ‫ح ــدث دون تمهي ــد"‪.‬‬ ‫وفي حديــث ملجلــة "فــيلي"‪ ،‬تضيــف الجبــوري‪ ،‬أن "تزايــد جرائــم‬ ‫القتــل داخــل األســرة‪ ،‬ســواء مــن اآلبــاء تجــاه األبنــاء أو العكــس‪،‬‬ ‫يمّث ــل مؤش ـ ًرًا خ ــطي ًرًا على انح ــدار منظوم ــة القي ــم االجتماعي ــة‬ ‫ّ‬ ‫وتف ــكك البني ــة األس ــرية في ع ــدد متزاي ــد م ــن البي ــوت العراقي ــة"‪،‬‬ ‫موضحة أن "العائلة التي كانت تمثل الحاضنة األولى للطمأنينة‬ ‫ـرًحا للعنــف واإلجـرام"‪.‬‬ ‫واألمــان‪ ،‬أصبحــت في بعــض الحــاالت مسـ ً‬ ‫وت ــشير الجب ــوري‪ ،‬إلى أن "العوام ــل املؤدي ــة له ــذه الجرائ ــم‬

‫‪68‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪69 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫الجرائم األسرية تهز المجتمع‬ ‫معق ــدة ومتش ــابكة‪ ،‬تب ــدأ م ــن تفاق ــم األزم ــات‬ ‫االقتصادي ــة وتزاي ــد الضغ ــوط النفس ــية‪،‬‬ ‫م ــرو ًرًا بت ــف�شي البطال ــة واالن ــغالق االجتم ــاعي‪،‬‬ ‫وال تن ــتهي عن ــد تصاع ــد مع ــدالت اإلدم ــان على‬ ‫خصوصًا في‬ ‫املــواد املخــدرة واملؤثـرات العقليــة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أوســاط الشــباب"‪ ،‬مبينــة أن "غيــاب التوجيــه‬ ‫ال ــديني واألس ــري‪ ،‬وضع ــف دور املؤسس ــات‬ ‫التعليمي ــة والتربوي ــة‪ ،‬خل ــق فراغ ـ�ا أخالقي ـ ًـًا‬ ‫س ــاهم في تف ــكك الرواب ــط األس ــرية‪ ،‬وأدى‬ ‫إلى تحوي ــل الخالف ــات اليومي ــة إلى مواجه ــات‬ ‫دموي ــة أحيان ـ ًـًا"‪.‬‬ ‫كم ــا تح ــذر م ــن أن "اس ــتمرار املجتم ــع في‬ ‫التعاي ــش م ــع ه ــذه الح ــاالت على أنه ــا مج ــرد‬ ‫وقائ ــع فردي ــة‪ ،‬أم ــر خ ــطير بح ــد ذات ــه‪ ،‬ألن‬ ‫ه ــذه الجرائ ــم ت ـعّبر ع ــن خل ــل مجت ــمعي عمي ــق‬ ‫ّ‬ ‫ق ــد يتس ــع إذا ل ــم يت ــم التعام ــل مع ــه بجدي ــة"‪،‬‬ ‫مؤك ــدة ض ــرورة "تفعي ــل دور الدول ــة في إطالق‬

‫برام ــج دع ــم ن ــف�سي واجتم ــاعي‪ ،‬خاص ــة في‬ ‫املناط ــق املكتظ ــة والهش ــة‪ ،‬إلى جان ــب تش ــديد‬ ‫العقوب ــات على الجرائ ــم األس ــرية‪ ،‬وتكثي ــف‬ ‫حــمالت التوعيــة ملنــع تكـرار مثــل هــذه املآ�سي"‪.‬‬ ‫ووفق ـ ًـًا لحدي ــث الجب ــوري‪ ،‬فق ــد تض ــع جرائ ــم‬ ‫قت ــل اآلب ــاء لألبن ــاء والعك ــس املجتم ــع الع ـراقي‬ ‫أم ــام أزم ــة قي ــم وس ــلوك ال يمك ــن حله ــا م ــن‬ ‫خالل اإلج ـراءات األمني ــة فق ــط‪ ،‬ب ــل تتطل ــب‬ ‫ـامًال ت ــشترك في ــه املؤسس ــات‬ ‫جه ـ ً‬ ‫ـدًا وطني ـ ًـًا ش ـ ً‬ ‫التربوي ــة والديني ــة واإلعالمي ــة‪ ،‬إلع ــادة بن ــاء‬ ‫ثقاف ــة االحترام داخ ــل األس ــرة وخل ــق بيئ ــة‬ ‫صحي ــة تضم ــن سالم ــة جمي ــع أفراده ــا‪.‬‬ ‫احصائيات وارقام رسمية‬ ‫مّطل ــع في وزارة‬ ‫في املقاب ــل‪ ،‬يكش ــف مص ــدر ّ‬ ‫الصحــة عــن وجــود ‪ 23‬حالــة قتــل لألبنــاء على‬ ‫أي ــدي آبائه ــم خالل ع ــام ‪ 2020‬وح ــده‪ ،‬فيم ــا‬ ‫ُ​ُأدخ ــل نح ــو ‪ 50‬شخص ـ ًـًا م ــن اآلب ــاء واألبن ــاء‬

‫إلى املستش ــفيات بسب ــب تعرضه ــم للض ــرب‬ ‫والكس ــور والح ــروق‪.‬‬ ‫وامتنع ــت وزارة الداخلي ــة‪ ،‬م ــن جانبه ــا ع ــن‬ ‫اإلدالء ب ــأي تصريح ــات أو ذك ــر إحصائي ــات‬ ‫تتعلــق بقتــل األصــول‪ ،‬معــتبرة أن هــذه الجرائــم‬ ‫قديم ــة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وجدث ــت مؤخ ـرا جريم ــة قت ــل مرّوع ــة‪ ،‬أق ــدم‬ ‫فيه ــا ش ــاب على إطالق رصاص ــة اس ــتقرت في‬ ‫رأس وال ــده‪ ،‬بسب ــب رفض ــه التق ــدم لخطب ــة‬ ‫فت ــاة كان االب ــن ق ــد تع ــرف عليه ــا عبر أح ــد‬ ‫مواق ــع التواص ــل االجتم ــاعي‪.‬‬ ‫أسباب انتشار الظاهرة‬ ‫وفي الع ــام املا�ضي‪ ،‬وقع ــت أرب ــع جرائ ــم أس ــرية‬ ‫متتالي ــة خالل أس ــبوع واح ــد‪ ،‬أث ــارت الغض ــب‬ ‫واالستيــاء الشــعبي‪ ،‬مــن بينهــا قيــام أحــد اآلبــاء‬ ‫بتقيي ــد ابنت ــه بالسالس ــل الحديدي ــة قب ــل أن‬ ‫يقتله ــا الحق ـ ًـًا‪.‬‬ ‫الباحث ــون ربط ــوا جرائ ــم قت ــل األص ــول غالب ـ ًـًا‬

‫بحــاالت العنــف األســري‪ ،‬فيمــا كشــفت بيانــات‬ ‫غير رس ــمية ع ــن تع ــرض ‪ 12%‬م ــن األطف ــال‬ ‫للعن ــف على ي ــد األبوي ــن ألس ــباب متع ــددة‪.‬‬ ‫وتق ــول الباحث ــة االجتماعي ــة أم ــل كب ــا�شي‪،‬‬ ‫للمجل ــة إن "اخ ــتالف األجي ــال يتص ــدر مش ــهد‬ ‫الخالفــات األســرية التي يســود فيهــا عــدم ّ‬ ‫تقّبــل‬ ‫اآلراء ووجه ــات النظ ــر بين أف ـراد األس ــرة"‪.‬‬ ‫وتضي ــف أن "الجرائ ــم الت ــي تق ــع ضم ــن نط ــاق‬ ‫األس ــرة تنبث ــق م ــن التس ــلط والعن ــف وغي ــاب‬ ‫االحت ـرام‪ ،‬وه ــي ال تح ــدث داخ ــل األس ــر الت ــي‬ ‫يســود بيــن أفرادهــا االحت ـرام والتشــاور وتبــادل‬ ‫اآلراء والعالقات الودية‪ ،‬خاصة بين الزوجين‪،‬‬ ‫ألنهم ــا عم ــاد األس ــرة وأس ــاس تماس ــكها"‪.‬‬ ‫وت ــشير إلى أن "جرائ ــم قت ــل اآلب ــاء ألبنائه ــم‬ ‫والعك ــس ت ــدل على ضع ــف القي ــم األس ــرية‬ ‫واالجتماعي ــة ب ــشكل ل ــم يك ــن معه ــود�ا في‬ ‫الع ـراق‪ ،‬وتعك ــس بمجمله ــا ان ــحالل النس ــيج‬ ‫األس ــري بع ــد ت ــف�شي املخ ــدرات واملؤث ـرات‬ ‫وغي ــاب‬ ‫العقلي ــة‬ ‫الق ــوانين الفاعل ــة"‪،‬‬ ‫مبين ــة أن "جرائ ــم قت ــل‬ ‫األص ــول‪ ،‬خصوص ـ ًـًا‬ ‫مخالف ــة‬ ‫األبن ــاء‪،‬‬ ‫للطبيع ــة البش ــرية‬ ‫تماًم ــا‪ ،‬ألن األبن ــاء‬ ‫ً‬ ‫يمثل ــون‬ ‫االمت ــداد‬ ‫الطب ــيعي آلبائه ــم"‪.‬‬ ‫وفي الوق ــت ال ــذي‬ ‫يش ــدد في ــه خبراء على‬ ‫ض ــرورة معالج ــة ه ــذه‬ ‫الخ ــطيرة‬ ‫الظاه ــرة‬ ‫باتب ــاع أس ــاليب تربوي ــة‬ ‫ت ــشترك فيه ــا مختل ــف‬ ‫مؤسس ــات الدول ــة‬ ‫ومنظم ــات املجتم ــع‬ ‫املدن ــي‪ ،‬يؤك ــد خبراء‬ ‫القان ــون على ض ــرورة‬ ‫تحدي ــث التش ــريعات‬ ‫وإج ـراء‬ ‫القانوني ــة‬ ‫تع ــديالت على بع ــض‬ ‫ملواكب ــة‬ ‫الق ــوانين‬

‫املتس ــارعة‪.‬‬

‫الت ــغيرات االجتماعي ــة‬ ‫رؤية قانونية للظاهرة‬ ‫وين ـ ّـّوه املش ــاور القانون ــي مؤي ــد الصب ــاغ في‬ ‫حدي ــث للمجل ــة إلى أن "جرائ ــم قت ــل األص ــول‬ ‫بحاج ــة إلى قان ــون خ ــاص يح ــدد عقوب ــات‬ ‫تتناســب مــع خطورتهــا وأثرهــا‪ ،‬ويكــون مختلفـ ًـًا‬ ‫ع ــن جرائ ــم القت ــل العام ــة التي تح ــدث نتيج ــة‬ ‫شج ــار أو خالف ــات مالي ــة أو شخصي ــة"‪،‬‬ ‫مضيف ـ ًـًا أن "تفاق ــم جرائ ــم األس ــرة يدع ــو إلى‬ ‫تعدي ــل وتفعي ــل الق ــوانين الخاص ــة بمكافح ــة‬ ‫العن ــف األس ــري وتج ــارة املخ ــدرات واملؤث ـرات‬ ‫العقلي ــة‪ ،‬ألن معظ ــم ه ــذه الجرائ ــم ترتب ــط به ــا‬ ‫ب ــشكل مباش ــر"‪.‬‬ ‫وي ــشير إلى أن "قان ــون العقوب ــات الع ـراقي رق ــم‬ ‫ـذًا‪ ،‬رغ ــم‬ ‫‪ 111‬لس ــنة ‪ 1969‬املع ـ ّـّدل م ــا زال ناف ـ ً‬ ‫أن ــه قان ــون قدي ــم ال تتضم ــن م ــواده العدي ــد‬ ‫مــن املســتجدات التي شــهدها العـراق بعــد عــام‬ ‫‪ ،2003‬فيمــا ال تـزال املؤسســة التشــريعية غير‬ ‫فاعل ــة في س ــن ق ــوانين حيوي ــة تع ــالج الخل ــل‬ ‫الــذي يحــدث في البنيــة األســرية واالجتماعيــة"‪.‬‬ ‫ويؤك ــد الصب ــاغ‪ ،‬أن "النص ــوص القانوني ــة‬ ‫الــواردة فــي قانــون العقوبــات العراقــي ال تنســجم‬ ‫مــع البشــاعة املتزايــدة فــي جرائــم قتــل األصــول‪،‬‬ ‫ومنه ــا ح ــرق الزوج ــة لزوجه ــا أو خنق ــه أو‬ ‫طعن ــه‪ ،‬فض ـ ًـا ع ــن جرائ ــم قت ــل اآلب ــاء ألبنائه ــم‬ ‫والعك ــس باس ــتخدام أدوات ووس ــائل مرعب ــة‪،‬‬ ‫وجميعه ــا تتك ــرر دون أن ين ــال مرتكبوه ــا‬ ‫ً‬ ‫عقاب ــا يتناس ــب م ــع فظاعته ــا‪ ،‬م ــا يه ــدد األس ــرة‬ ‫واملجتم ــع ويف ــكك منظومت ــه األخالقي ــة"‪.‬‬ ‫وبيــن الحيــن واآلخــر‪ ،‬يهتــز املجتمــع العراقــي علــى‬ ‫وق ــع جرائ ــم قت ــل مروع ــة تط ــال اآلب ــاء واألبن ــاء‬ ‫واألمه ــات والزوج ــات عل ــى أي ــدي ذويه ــم‪،‬‬ ‫وتح ــدث ف ــي بغ ــداد وم ــدن أخ ــرى‪.‬‬ ‫وق ــد كش ــفت بع ــض التحقيق ــات األمني ــة‬ ‫ارتبــاط عــدد مــن هــذه الجرائــم بأســباب ماديــة‬ ‫كالث ــروة واملي ـراث‪ ،‬فيم ــا أظه ــرت أن بع ــض‬ ‫مرتكبيهــا كانــوا يعانــون مــن اضطرابــات نفســية‬ ‫عميق ــة أو ارتكبوه ــا تح ــت تأثي ــر املخ ــدرات‬ ‫واملؤث ـرات العقلي ــة‪.‬‬

‫الباحثة االجتماعية‬ ‫أمل كباشي‪:‬‬ ‫"الجرائم التي تقع‬ ‫ضمن نطاق األسرة‬ ‫تنبثق من التسلط‬ ‫والعنف وغياب‬ ‫االحترام‪ ،‬وهي ال‬ ‫تحدث داخل األسر‬ ‫التي يسود بين‬ ‫أفرادها االحترام‬ ‫والتشاور وتبادل اآلراء‬ ‫والعالقات الودية‪،‬‬ ‫خاصة بين الزوجين‪،‬‬ ‫ألنهما عماد األسرة‬ ‫وأساس تماسكها"‪.‬‬

‫‪70‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪71 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫األنمي والتالعب باإلدراك‪..‬‬ ‫هل ترسق الرسوم‬ ‫المتحركة براءة األطفال؟‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫تلع ــب "أفالم األنمي" و"أفالم الكارت ــون"‬ ‫الحديث ــة دو ًرًا مؤث ـ ًرًا في ذهني ــة األطف ــال‪،‬‬ ‫جّمــة على صحتهــم النفســية‪،‬‬ ‫ولهــا تــأثيرات ّ‬ ‫فيم ــا ي ــنصح متخصص ــون الع ــائالت‬ ‫بالح ــرص على تقدي ــم محت ــوى جي ــد‬ ‫يش ــاهده أطفاله ــم‪ ،‬مث ــل أفالم الكارت ــون‬ ‫القديم ــة ك ـ "الس ــندباد" و"ت ــوم وجيري"‬ ‫وغيره ــا‪.‬‬

‫التخوف من بعضها‬ ‫ويلف ــت الباح ــث الترب ــوي فال ــح القري�ش ــي‪ ،‬إل ــى‬ ‫أن "أف ــام الكارت ــون الجدي ــدة موجه ــة م ــن‬ ‫قب ــل خب ـراء كب ــار‪ ،‬بينه ــم روائي ــون‪ ،‬وه ــي تحم ــل‬ ‫رســائل ومحتويــات يتأثــر بهــا الصغــار وتتضمــن‬ ‫مخاط ــر كثي ــرة"‪ ،‬مش ــي ًرا إل ــى "وج ــود بع ــض‬ ‫الفوائ ــد‪ ،‬ومنه ــا تنمي ــة الث ــروة اللغوي ــة عن ــد‬ ‫األطف ــال واكتس ــاب بع ــض امله ــارات واملع ــارف‬ ‫واملعلومــات وتنميــة الخيــال الــذي يعــد ضروريـ ًـا‬ ‫ُ‬ ‫يحف ــز عل ــى اإلب ــداع واالبت ــكار‬ ‫لألطف ــال‪ ،‬ألن ــه ّ‬ ‫م ــن خ ــال القص ــص والحكاي ــات"‪.‬‬ ‫ويضيــف القــري�شي‪ ،‬ملجلــة "فــيلي"‪ ،‬أن "مظاهــر‬ ‫ـدًا حتى على الكب ــار"‪،‬‬ ‫أفالم الكارت ــون ك ــثيرة ج ـ ً‬ ‫منوهـ ًـًا إلى أن "شــركة (ديزنــي) تنتــج ‪ 500‬فيلــم‬ ‫ـنويًا‪ ،‬وأن نح ــو ‪ 95%‬م ــن ه ــذه األفالم‬ ‫سـ ً‬ ‫ت ــؤدي إلى العن ــف والع ــدوان وتعل ــم الطف ــل‬ ‫الجنس ــية املثلي ــة واإلباحي ــة‪ ،‬وثم ــة مح ــاوالت‬ ‫لتركيز الجنس ــية املثلي ــة في ذه ــن الطف ــل‪،‬‬ ‫وأدت مش ــاهدات األطف ــال له ــذه األفالم إلى‬ ‫انحراف ــات أخالقي ــة في امل ــدارس العراقي ــة‬ ‫والعربي ــة"‪.‬‬ ‫ويش ــير إل ــى أن "مش ــاهدة ه ــذه األف ــام ينت ــج‬ ‫عنه ــا أض ـرار جس ــمانية‪ ،‬إذ ت ــؤدي إل ــى قل ــة‬ ‫الحرك ــة والس ــمنة وتق ــوس العظ ــام‪ ،‬إضاف ــة‬ ‫إل ــى ح ــدوث أض ـرار ف ــي العي ــن وخل ــل بالس ــمع‪،‬‬ ‫ومخاطــر نفســية مثــل التبلــد واالكتئــاب وقلــة‬ ‫العالق ــات االجتماعي ــة‪ ،‬وإهم ــال الهواي ــات‬ ‫والق ــدرات واالهتمام ــات”‪.‬‬ ‫ويلع ــب األداء املده ــش للممثلي ــن واإلخ ـراج‬ ‫املتق ــن واملوس ــيقى واألل ــوان الزاهي ــة‬ ‫املس ــتخدمة ف ــي أف ــام األنم ــي دو ًرا كبي ـ ًرا ف ــي‬ ‫ج ــذب األطف ــال وتعلقه ــم باملش ــاهدة أوقات ـ ًـا‬ ‫طويل ــة ‪.‬‬ ‫وق ــد وضع ــت ‪ 70‬دول ــة دلي ـ ًـا للتربي ــة عل ــى‬ ‫مواق ــع التواص ــل االجتماع ــي يتضم ــن تأثي ــر‬ ‫أف ــام الكرت ــون عل ــى األطف ــال‪.‬‬ ‫رسائل للتحكم بعقول األطفال‬ ‫وتق ــول لين ــا علي‪ ،‬ناش ــطة مهتم ــة بقضاي ــا‬ ‫امل ـرأة والطف ــل‪ ،‬خالل حديثه ــا للمجل ــة‪ ،‬إن‬ ‫"أفالم الكارت ــون وخاص ــة األنمي تؤث ــر على‬ ‫الطف ــل ب ــشكل س ــلبي م ــن حي ــث اإلدراك‬ ‫والتركيز والعن ــف وظه ــور بع ــض االضطراب ــات‬

‫النفس ــية"‪.‬‬ ‫وأصبح ــت أف ــام الكارت ــون ف ــي الوق ــت الحال ــي‪،‬‬ ‫وفق ـ ًـا لكالمه ــا‪ ،‬تنق ــل ص ــورة س ــلبية وتح ــث‬ ‫عل ــى الفس ــق والفج ــور والش ــذوذ الجن�س ــي‬ ‫بط ــرق مبطن ــة‪ ،‬فيم ــا كان ــت أف ــام الكارت ــون‬ ‫ـابقا تحمــل رســالة وحكمــة تنتقــل إلــى أدمغــة‬ ‫سـ ً‬ ‫األطف ــال‪.‬‬ ‫وتوضــح لينــا‪ ،‬أن "مــا يحصــل فــي أفــام األطفــال‬ ‫الحديثــة مــن عنــف وشــر وارتــداء أزيــاء غريبــة‬ ‫وش ــخصيات كارتوني ــة رجالي ــة تتش ــبه بالنس ــاء‬ ‫وبالعك ــس‪ ،‬وتتضم ــن ه ــذه األف ــام لقط ــات‬ ‫حميمي ــة‪ ،‬باإلضاف ــة إل ــى بع ــض املؤث ـرات‬ ‫الصوتي ــة الت ــي أثبت ــت الدراس ــات أنه ــا ذبذب ــات‬ ‫تؤث ــر عل ــى اإلدراك والتركي ــز"‪ ،‬مش ــيرة إل ــى أن‬ ‫ذلــك "يــؤدي إلــى تراجــع املســتوى الدرا�ســي لــدى‬ ‫األطف ــال"‪.‬‬ ‫وتؤك ــد عل ــى "أهمي ــة أخ ــذ الحيط ــة والح ــذر‬ ‫ومتابع ــة األبن ــاء م ــن حي ــث املحت ــوى‪ ،‬واختي ــار‬ ‫األنس ــب"‪ ،‬الفت ــة إل ــى أن "ه ــذه املش ــكلة ُتع ــد‬ ‫م ــن مش ــاكل العص ــر الت ــي يصع ــب الس ــيطرة‬ ‫عليه ــا"‪.‬‬ ‫ف ــي حي ــن‪ ،‬أش ــارت دراس ــات جدي ــدة إل ــى أن‬ ‫مش ــاهدة األف ــام ف ــي الطفول ــة لفت ـرات طويل ــة‬ ‫تتســبب بتشــتت االنتبــاه وضعــف التركيــز لــدى‬ ‫األطف ــال‪ ،‬كم ــا تس ــهم بلجوئه ــم إل ــى العن ــف‬ ‫والعصبي ــة الزائ ــدة وتغيي ــر الس ــلوك‪.‬‬ ‫تؤثر على سلوكهم‬ ‫فــي املقابــل‪ ،‬تقــول أســتاذة علــم النفــس مناهــل‬ ‫الصال ــح‪ ،‬إن "مرحل ــة الطفول ــة ُتع ــد م ــن أه ــم‬ ‫وأخط ــر املراح ــل الت ــي يم ــر به ــا اإلنس ــان من ــذ‬ ‫والدتــه إلــى أن ينمــو ويكبــر‪ ،‬حيــث يتعلــم خاللهــا‬ ‫املعــارف ويكتســب الخبـرات‪ُ ،‬ويعتبــر التلفزيــون‬ ‫وســيلة اتصــال فعالــة ويطلــق عليــه اســم املربــي‬ ‫الثان ــي ف ــي األس ــرة نظ ـ ًرا للوق ــت الطوي ــل ال ــذي‬ ‫يقضيــه األطفــال أمامــه"‪.‬‬ ‫وفي حدي ــث للمجل ــة‪ ،‬تضي ــف أن "أفالم‬ ‫الرس ــوم املتحرك ــة تلع ــب دو ًرًا مهم ـ ًـًا في تكوي ــن‬ ‫شخصي ــة الطف ــل ورس ــم مالمحه ــا وتحت ــل‬ ‫مكان ــة في أعماق ــه ألنه ــا ُ​ُتق ـ َـَّدم في قوال ــب‬ ‫جميل ــة”‪ ،‬مبين ــة أن "الش ــق الس ــلبي ه ــو‬ ‫األكثر في ه ــذه األفالم‪ ،‬بع ــد اتض ــاح النم ــاذج‬ ‫العدوانيــة التي يتعــرض لهــا الطفــل في التلفــاز‪،‬‬

‫أستاذة علم النفس مناهل الصالح‪:‬‬

‫"الشق السلبي هو األكثر في‬

‫هذه األفالم‪ ،‬بعد اتضاح النماذج‬ ‫العدوانية التي يتعرض لها الطفل‬ ‫في التلفاز‪،‬‬

‫ال سيما برامج‬

‫الرسوم املتحركة التي تبث في‬ ‫نفوسهم اخلوف والقلق والتأثيرات‬ ‫السلبية"‪..‬‬

‫‪72‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬ ‫‪SOCIETY‬‬

‫ال س ــيما برام ــج الرس ــوم املتحرك ــة التي تؤث ــر‬ ‫بــشكل قــوي على ظهــور العــدوان لــدى األطفــال‬ ‫وتب ــث في نفوس ــهم الخ ــوف والقل ــق وغير ذل ــك‬ ‫م ــن املش ــكالت والت ــأثيرات الس ــلبية"‪.‬‬ ‫وتتاب ــع الصال ــح‪ ،‬حديثه ــا بالق ــول إن "أغل ــب‬ ‫األطف ــال يش ــاهدون أف ــام كارت ــون بمفرده ــم‪،‬‬ ‫ويميل ــون ملش ــاهدة األف ــام الت ــي فيه ــا قت ــل‬ ‫وعن ــف‪ ،‬وتت ــوزع ردود أفعاله ــم إزاء ذل ــك بي ــن‬ ‫الخــوف والتوتــر والتقليــد"‪ ،‬مشــيرة إلــى "وجــود‬ ‫تقصي ــر م ــن األس ــرة ف ــي تحدي ــد وق ــت ون ــوع‬ ‫األف ــام املتحرك ــة الت ــي يش ــاهدها األطف ــال‬ ‫ومراقبته ــم عن ــد تقليده ــم العن ــف"‪.‬‬ ‫بدوره ــا‪ ،‬تس ــرد م ــاك حكم ــت‪ ،‬الت ــي تعم ــل‬ ‫ف ــي أح ــد ري ــاض األطف ــال‪ ،‬تجربته ــا م ــع اآلث ــار‬ ‫الســلبية التــي تتركهــا مشــاهدة أفــام الكارتــون‬ ‫الحديث ــة‪.‬‬ ‫وت ــوضح مالك‪ ،‬في حديثه ــا للمجل ــة‪ ،‬أن‬ ‫“األطف ــال الذي ــن يش ــاهدون أفالم كارت ــون‬ ‫م ــن القن ــوات الجدي ــدة‪ ،‬يمت ــازون بالعن ــف‬ ‫وصعوب ــة التعل ــم والفه ــم‪ ،‬ويك ــون اختالطه ــم‬ ‫م ــع األطف ــال اآلخري ــن صعب ـ ًـًا للغاي ــة”‪ ،‬م ــشيرة‬ ‫إلى أن ــه “وم ــن خالل عمله ــا الطوي ــل في ري ــاض‬ ‫األطف ــال تس ــتطيع بس ــهولة تم ــييز األطف ــال‬ ‫الذي ــن يش ــاهدون أفالم األنمي م ــن خالل‬ ‫تصرفاته ــم وس ــلوكهم”‪.‬‬ ‫وف ــي الروض ــة الت ــي أعم ــل به ــا هن ــاك أطف ــال‬ ‫يميلــون إلــى العنــف والعزلــة ويرغبــون بالعــودة‬ ‫ـريعا إل ــى البي ــت م ــن أج ــل مش ــاهدة األف ــام‪،‬‬ ‫سـ ً‬ ‫وال يرغب ــون بمش ــاركة األطف ــال ف ــي األنش ــطة‬ ‫والفعالي ــات واأللع ــاب اليومي ــة الت ــي نقدمه ــا‬ ‫له ــم ف ــي الروض ــة‪ ،‬بم ــا يعن ــي وج ــود خل ــل كبي ــر‬ ‫ف ــي ش ــخصياتهم‪ ،‬وعل ــى أولي ــاء أموره ــم ت ــدارك‬ ‫ـريعا‪ ،‬حس ــب حدي ــث حكم ــت‪.‬‬ ‫األم ــر س ـ ً‬ ‫وتشــدد علــى ضــرورة أن "يضبــط األهــل أوقــات‬ ‫ومحت ــوى مش ــاهدة أطفاله ــم‪ ،‬باختي ــار أف ــام‬ ‫قديم ــة وتثقيفي ــة وتربوي ــة‪ُ ،‬ويبعدوه ــم ع ــن‬ ‫مش ــاهدة أف ــام الكارت ــون الجدي ــدة‪ ،‬باألخ ــص‬ ‫أف ــام (ماش ــا وال ــدب) أو (س ــبونج ب ــوب) أو‬ ‫األنم ــي‪ ،‬ألنه ــا مأخ ــوذة م ــن ش ــخصيات غي ــر‬ ‫طبيعيــة ومصابــة بالتوحــد أو الخيــال املفــرط"‪.‬‬ ‫ويفتقــر العـراق إلى وجــود دليــل إرشــاد للتعامــل‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪73 2025‬‬

‫م ــع الشاش ــات‪ ،‬وي ــقترح ف ــالح الق ــري�شي‬ ‫اس ــتحداث م ــادة دراس ــية ح ــول ف ــن التعام ــل‬ ‫م ــع الشاش ــات والتعري ــف باملخاط ــر‪.‬‬ ‫وتمث ــل أفالم األنمي والرس ــوم املتحرك ــة‬ ‫ـبير لألس ــر العراقي ــة‪،‬‬ ‫الحديث ــة تحدي ـ�ا ك ـ �ا‬ ‫ألنه ــا ُ​ُتق ـ َـَّدم بنس ــق ج ــذاب ي ــسترعي انتب ــاه‬ ‫األطف ــال وتركيزه ــم‪ ،‬ويت ــم إنتاجه ــا بإمكان ــات‬ ‫فني ــة عالي ــة‪ ،‬به ــدف ت ــدمير عق ــول األطف ــال‬ ‫وب ــث العن ــف واالنح ـراف والعزل ــة واالكتئ ــاب‬ ‫واألم ـراض األخ ــرى التي تش ــل قدراته ــم‬ ‫وتعي ــق تقدمه ــم‪ ،‬كم ــا تثب ــت ذل ــك الدراس ــات‬ ‫الحديث ــة‪ ،‬وه ــو م ــا يض ــع املؤسس ــات التربوي ــة‬ ‫واإلعالمي ــة أم ــام مس ــؤولية ك ــبيرة في إنق ــاذ‬ ‫أطفالن ــا م ــن ه ــذه األفالم التي ت ــروم تحويله ــم‬ ‫إلى أدوات للعن ــف‪.‬‬

‫مالك حكمت‬ ‫عمل في أحد رياض األطفال‪:‬‬

‫>> األطفال الذين يشاهدون أفالم‬ ‫كارتون من القنوات الجديدة‪،‬‬ ‫يمتازون بالعنف وصعوبة التعلم‬ ‫والفهم‪ ،‬ويكون اختالطهم مع‬ ‫األطفال اآلخرين صعب ً​ًا للغاية << ‪..‬‬

‫>> تمثل أفالم األنمي والرسوم‬ ‫المتحركة الحديثة تحدي ً​ًا كبير ً​ًا‪،‬‬ ‫ألنها تهدف تدمير عقول‬ ‫األطفال وبث العنف واالنحراف‬ ‫والعزلة واالكتئاب واألمراض‬ ‫األخرى التي تشل قدراتهم‬ ‫وتعيق تقدمهم<< ‪..‬‬

‫‪74‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬ ‫‪SOCIETY‬‬

‫تحذير‬

‫حقوقي‬

‫وقانوني‬

‫من‬

‫استهداف‬ ‫رشف‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪75 2025‬‬

‫النساء‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫حــذرت ســت ناشــطات ومدافعات عن‬ ‫حقــوق اإلنســان مــن تصاعــد حــمالت‬ ‫تشــويه تســتهدف ســمعة النســاء‬ ‫وشــرفهن خصوصـ ً​ًا العــامالت في‬ ‫المجــال السياســي والمجتمعــي‬ ‫االنتخابــات‬ ‫اقتــراب‬ ‫مــع‬ ‫التشــريعية المقــررة فــي‬ ‫الحــادي عشــر مــن تشــرين‬ ‫الثاني‪/‬نوفمبــر ‪.2025‬‬

‫وب ــرزت في اآلون ــة األخيرة‪ ،‬كم ــا وصفته ــا‬ ‫الناش ــطة واإلعالمي ــة لين ــا علي‪" ،‬ظاه ــرة‬ ‫دخيل ــة وح ــمالت ق ــذرة م ــن قب ــل بع ــض‬ ‫أف ـراد املجتم ــع وحتى م ــن داخ ــل الوس ــط‬ ‫الســيا�سي‪ ،‬لتشــويه صــورة املـرأة القويــة‬ ‫س ــواء كان ــت ناش ــطة أو إعالمي ــة‬ ‫أو مرشح ــة أو غير ذل ــك‪ ،‬ويع ــد‬ ‫ـدًا يح ــد م ــن‬ ‫ه ــذا إقص ـ ًـاًء جدي ـ ً‬ ‫تم ــكين امل ـرأة وإبداعه ــا‬ ‫والح ــد م ــن حريته ــا‬ ‫في العم ــل‬ ‫والتعلي ــم"‪.‬‬ ‫و ع ــز ت‬

‫‪76‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪77 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫الناش ــطة‪ ،‬أس ــباب ه ــذه الظاه ــرة في حديثه ــا‬ ‫ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬إلى "ع ــدم وج ــود قان ــون رادع‬ ‫وموق ــف ح ــازم م ــن لجن ــة امل ـرأة النيابي ــة التي‬ ‫وقفــت ضــد املـرأة وأضعفــت حقوقهــا القانونية‬ ‫بإق ـرار تعدي ــل قان ــون األح ــوال الشخصي ــة‪،‬‬

‫م ــشيرة إلى أن "املنافس ــة ين ــبغي أن تك ــون‬ ‫على أس ــاس املوق ــف واملب ــدأ والوطني ــة وت ــبني‬ ‫قضاي ــا مجتمعي ــة‪ ،‬لك ــن م ــا حص ــل في عم ــوم‬ ‫االنتخاب ــات الس ــابقة ومس ــتمر إلى اآلن ه ــو‬ ‫تع ـ ُـُّرض النس ــاء املرشح ــات لالنتخاب ــات أو‬

‫رئيسة منظمة "آيسن" لحقوق اإلنسان‪ ،‬انسام سلمان‪:‬‬

‫"يت ــم اس ــتغالل ال ــذكاء االصطناع ــي والتكنولوجي ــا‬ ‫احلديثـــة بأســـاليب التســـقيط وتشـــويه الســـمعة‬ ‫إلقصـــاء املرشـــحات مـــن الســـباق االنتخابـــي أو‬ ‫غيره ــن م ــن النس ــاء‪ ،‬وف ــق هج ــوم ممنه ــج ومتف ــق‬ ‫عليـــه مـــن قبـــل مجتمـــع ذكـــوري يشـــجع علـــى‬ ‫الطعـــن بالنســـاء"‪.‬‬

‫مدّم ـ ًرًا فكري ـ ًـًا‪ ،‬ومحاص ـ ًرًا‬ ‫لذل ــك ب ــات املجتم ــع ّ‬ ‫م ــن جمي ــع الجه ــات"‪.‬‬ ‫وأك ــدت أن "استه ــداف امل ـرأة ه ــو نس ـ ٌـٌف‬ ‫للمجتم ــع بالكام ــل"‪ّ ،‬‬ ‫منّوه ــة إلى أن "الش ــرف‬ ‫الحقيق ــي ه ــو اإلخالص بالعم ــل والص ــدق‬

‫واألمان ــة وح ــب الوط ــن"‪ ،‬مش ــددة على ض ــرورة‬ ‫"اتخ ــاذ وقف ــة حقيقي ــة ومواق ــف حكومي ــة‬ ‫ملحاس ــبة أي تش ــهير ض ــد امل ـرأة"‪.‬‬ ‫وه ــذا م ــا نبه ــت إلي ــه أيض ـ ًـًا رئيس ــة منظم ــة‬ ‫"آيس ــن" لحق ــوق اإلنس ــان‪ ،‬انس ــام س ــلمان‪،‬‬

‫الالت ــي في مناص ــب معين ــة لح ــمالت تس ــقيط‬ ‫وتش ــويه الس ــمعة والس ــب والق ــذف"‪.‬‬ ‫وذك ــرت س ــلمان‪ ،‬في حديثه ــا للمجل ــة‪ ،‬أن‬ ‫"ه ــذه الح ــمالت يت ــم فيه ــا اس ــتخدام مختل ــف‬ ‫الوس ــائل املتاح ــة‪ ،‬بم ــا في ذل ــك اس ــتغالل‬ ‫ال ــذكاء االصطن ــاعي والتكنولوجي ــا الحديث ــة‬ ‫بأســاليب التســقيط وتشــويه الســمعة إلقصاء‬ ‫املرشح ــات م ــن الس ــباق االنتخاب ــي أو غيره ــن‬ ‫مــن النســاء‪ ،‬وفــق هجــوم ممــنهج ومتفــق عليــه‬ ‫م ــن قب ــل مجتم ــع ذك ــوري يشج ــع على الطع ــن‬ ‫بالنس ــاء"‪.‬‬ ‫وع ــن أس ــباب اللج ــوء إلى الطع ــن بالش ــرف‪،‬‬ ‫أوضح ــت املدافع ــة ع ــن حق ــوق اإلنس ــان‪،‬‬ ‫رؤى خلــف‪ ،‬أن "اســتخدام شــرف امل ـرأة كأداة‬ ‫يرتب ــط بالفك ــر الذك ــوري الس ــائد في املجتم ــع‪،‬‬ ‫فهي تع ــتبر الحلق ــة األكثر إث ــار�ة لتفاع ــل‬ ‫ال ـرأي الع ــام‪ ،‬في نهج قدي ــم ض ــد السياس ــيات‬ ‫والناش ــطات وب ــرز ب ــشكل واضح في عص ــر‬ ‫السوش ــيال ميدي ــا"‪.‬‬ ‫والحظ ــت خل ــف في حديثه ــا ملجل ــة "ف ــيلي"‪،‬‬ ‫أن "النس ــاء ه ــن األكثر تعرض ـ ًـًا السته ــداف‬ ‫بم ــا ي ــسمى الش ــرف وتصرف ــات ُ​ُتع ــد خارج ــة‬ ‫ع ــن النم ــط املجت ــمعي‪ ،‬بينم ــا ال ي ــثير س ــلوك‬ ‫الس ــيا�سي أو الناش ــط ردود فع ــل مماثل ــة‪،‬‬

‫ب ــل إن املجتم ــع ق ــد يتغ ــا�ضى عن ــه‪ ،‬لك ــن عن ــد‬ ‫النســاء ُ​ُتســتخدم وصمــة على خالف الرجــال"‪.‬‬ ‫وللح ــد م ــن ه ــذه الظاه ــرة‪ ،‬رأت املدافع ــة‬ ‫ع ــن حق ــوق اإلنس ــان‪ ،‬أن "هن ــاك حاج ــة‬ ‫إلى إج ـراءات حكومي ــة وتش ــريعية وتوعي ــة‬ ‫اجتماعيــة واحترام الخصوصيــة الفرديــة‪ ،‬أمــا‬ ‫تشــكيل اللجــان والهيئــات فهي غير كافيــة كمــا‬ ‫حص ــل في االنتخاب ــات األخيرة بتش ــكيل لجن ــة‬ ‫لحماي ــة املرشح ــات م ــن االبتزاز اإللكترون ــي‬ ‫وت ــوفير بيئ ــة آمن ــة له ــن‪ ،‬لك ــن ل ــم يك ــن له ــا دور‬ ‫ب ــارز في ه ــذا امل ــسعى"‪.‬‬ ‫واتفق ــت النائب ــة الس ــابقة في البرملان الع ـراقي‪،‬‬ ‫ري ـزان الش ــيخ دلير‪ ،‬م ــع رؤى خل ــف‪ ،‬ب ــأن‬ ‫"اللجن ــة التي ت ــم تش ــكيلها نهاي ــة ع ــام ‪2021‬‬ ‫لحماي ــة املرشح ــات النتخاب ــات ال ــدورة‬ ‫البرملاني ــة الخامس ــة (الحالي ــة) ل ــم يع ــد له ــا‬ ‫ت ــأثير‪ ،‬رغ ــم أنه ــا كان ــت تض ــم مديري ــة حماي ــة‬ ‫امل ـرأة‪ ،‬ومديريــة الحمايــة مــن العنــف األســري‪،‬‬ ‫ومجل ــس القض ــاء األعلى‪ ،‬وجه ــاز األم ــن‬ ‫ا ل ــوطني"‪.‬‬ ‫وأرجع ــت ش ــيخ دلير‪ ،‬قل ــة ت ــأثير اللج ــان‬ ‫التي تكاف ــح ه ــذه الح ــمالت في حديثه ــا ملجل ــة‬ ‫"ف ــيلي"‪ ،‬إلى أن "ه ــذه الح ــمالت ُ​ُتطل ــق أحيان ـ ًـًا‬ ‫مــن أشخــاص داخــل الحكومــة نفســها‪ ،‬أو مــن‬

‫النائبة السابقة ريزان الشيخ دلير‪:‬‬ ‫"ه ــذه احل ــمالت ُ​ُتطل ــق أحيانــ ً​ًا م ــن أش ــخاص داخ ــل‬ ‫احلكوم ــة نفس ــها‪ ،‬أو م ــن قي ــادات حزبي ــة ف ــي س ــبيل‬ ‫اســـتهداف احلـــزب املنافـــس لهـــا‪ ،‬وبالتالـــي يتـــم‬ ‫انتهـــاك ســـمعة الـــرأة املرشـــحة فـــي حزبـــه‪ ،‬األمـــر‬ ‫الـــذي يتطلـــب تشـــديد العقوبـــات علـــى مثـــل هـــذه‬ ‫التصرفـــات"‬

‫قي ــادات حزبي ــة في سبي ــل استه ــداف الح ــزب‬ ‫املنافــس لهــا‪ ،‬وبالتــالي يتــم انتهــاك ســمعة املـرأة‬ ‫املرشحــة في حزبــه‪ ،‬األمــر الــذي يتطلــب تشــديد‬ ‫العقوب ــات على مث ــل ه ــذه التصرف ــات"‪.‬‬ ‫وتن ــص املادة ‪ 433‬م ــن قان ــون العقوب ــات‬ ‫الع ـراقي على أن "كل م ــن ق ــذف غيره بإس ــناد‬ ‫واقعــة معينــة إليــه بإحــدى طــرق العالنيــة مــن‬ ‫شــأنها لــو صحــت أن توجــب عقابــه أو احتقــاره‬ ‫عنــد أهــل وطنــه‪ُ ،‬يعاقــب بالحبــس مــن شــهر إلى‬ ‫ُ‬ ‫ســنة وبالغرامــة مــن خمســة دنــانير إلى خمــسين‬ ‫دين ــا ًرًا أو بإح ــدى ه ــاتين العقوب ــتين"‪ ،‬وف ــق‬ ‫املحامي ــة ه ــلين ح ــسين‪.‬‬ ‫وأك ــدت املحامي ــة‪ ،‬خالل حديثه ــا للمجل ــة‪،‬‬ ‫أن "اس ــتخدام الكرام ــة الشخصي ــة ك ــسالح‬ ‫صّن ــف‬ ‫لتأدي ــب امل ـرأة وإرهابه ــا‪ ،‬ه ــو ممارس ــة ُ​ُت ّ‬ ‫ضم ــن جرائ ــم العن ــف الرم ــزي واالجتم ــاعي‪،‬‬ ‫وتمث ــل امت ــدادًا لخط ــاب الكراهي ــة ال ــذي ّ‬ ‫يبّرر‬ ‫ً‬ ‫االعت ــداء ويمنح ــه غط ـ ًـاًء اجتماعي ـ ًـًا"‪.‬‬ ‫ولفت ــت إلى أن "استه ــداف امل ـرأة في كرامته ــا‬ ‫محاول ــة واضح ــة لكس ــر صوته ــا‪ ،‬خصوص ـ ًـًا‬ ‫عندم ــا تك ــون حاض ــرة وفاعل ــة‪ ،‬وم ــا تعرض ــت‬ ‫ل ــه املحامي ــة زين ــب ج ــواد مؤخ ـ ًرًا ال يمس ــها‬ ‫وحده ــا‪ ،‬ب ــل كل ام ـرأة يمك ــن أن تتع ــرض‬ ‫للهج ــوم ملج ــرد أنه ــا رفض ــت الصم ــت"‪.‬‬

‫واع ــتبرت القانوني ــة‪ ،‬أن "التش ــهير لي ــس‬ ‫رأي ـ ًـًا‪ ،‬والطع ــن بالش ــرف لي ــس خالف ـ ًـًا‪ .‬ب ــل ُيع ــد‬ ‫ُ‬ ‫تحريض ـ ًـًا علني ـ ًـًا على العن ــف يج ــب تجريم ــه‬ ‫قانوني ـ�ا وأخالقي ـ ًـًا"‪.‬‬ ‫وم ــن املعالج ــات أيض ـ ًـًا‪ ،‬ش ــددت املستش ــارة‬ ‫في ش ــؤون امل ـرأة‪ ،‬عواط ــف تركــي رش ــيد‪ ،‬على‬ ‫أهمي ــة "رف ــع وعي املجتم ــع بض ــرورة املش ــاركة‬ ‫السياس ــية للم ـرأة واحترام حقه ــا‪ ،‬وتفعي ــل‬ ‫ق ــوانين حماي ــة امل ـرأة وتكثي ــف اإلج ـراءات التي‬ ‫تضمــن سالمــة النســاء‪ ،‬وإنـزال أشــد العقوبــات‬ ‫بمــن تســول لــه نفســه التعامــل معهــن بطريقــة‬ ‫تس ــقيطية"‪.‬‬ ‫ونبه ــت املستش ــارة‪ ،‬في حديثه ــا ملجل ــة "ف ــيلي"‪،‬‬ ‫إلى أن "تعري ــف الش ــرف ال ي ـزال ينحص ــر في‬ ‫العالقــات الجنســية للمـرأة‪ ،‬وفي هــذا استبعــاد‬ ‫ملع ــايير الش ــرف في املنظوم ــة األخالقي ــة‪،‬‬ ‫فالس ــارق وامل ــبتز والكاذب والخائ ــن والقات ــل‬ ‫والعميــل ال يحاســبون على انهيــار هــذه املبــادئ‬ ‫الغائب ــة ل ــدى ك ــثير م ــن الرج ــال"‪.‬‬ ‫وخلص ــت رش ــيد‪ ،‬إلى الق ــول إن "الش ــرف في‬ ‫املجتم ــع الع ـراقي قضي ــة ش ــائكة‪ ،‬ألن ــه يحم ــل‬ ‫ـداًء م ــن ش ــرفها‬ ‫امل ـرأة مس ــؤولية الش ــرف ابت ـ ً‬ ‫هي‪ ،‬م ــرو ًرًا بش ــرف العائل ــة والع ــشيرة وحتى‬ ‫ش ــرف نس ــاء األم ــة"‪.‬‬

‫الناشطة واإلعالمية لينا علي‪:‬‬ ‫"عــدم وجــود قانــون رادع وموقــف حــازم مــن جلنــة‬ ‫الـمرأة النيابيــة التــي وقفــت ضــد الـمرأة وأضعفــت‬ ‫حقوقه ــا القانوني ــة بإق ــرار تعدي ــل قان ــون األح ــوال‬ ‫مد�ـــر ً​ًا فكريـــًاً‪،‬‬ ‫الشـــخصية‪ ،‬لذلـــك بـــات املجتمـــع م‬ ‫ومحاص ــر ً​ًا م ــن جمي ــع اجله ــات"‪.‬‬

‫‪78‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬ ‫‪SOCIETY‬‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫وتحديدًا على ضفاف نهرالفرات في‬ ‫في عمق صحراء األنبارغربي العراق‪،‬‬ ‫ً‬ ‫عنوانًا‬ ‫البغدادي على وجه الخصوص‪ ،‬املنطقة التي كانت لسنوات طويلة‬ ‫ً‬ ‫لألحداث الدامية وأحد أبرزمعاقل الجماعات املتطرفة "اإلرهابية"‪ ،‬مابعد‬ ‫العام ‪ ،2003‬ينهض منتجع "صحرا" كعالمة تحول جريئة ومفعمة باألمل‪.‬‬

‫بين نسمات الخريف وثقل األعباء ‪:‬‬

‫عودة المدارس‬

‫تشعل هواجس‬

‫العائالت العراقية‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪79 2025‬‬

‫‪80‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪81 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫موس ــم الخري ــف ي ــقترب في الع ـراق ومع ــه ي ــقترب‬ ‫دوام امل ــدارس في ‪ 22‬أيل ــول‪ ،‬وتتزاي ــد مع ــه‬ ‫احتياج ــات الع ــائالت والن ــاس لتهيئ ــة املس ــتلزمات‬ ‫الخاصــة ألطفالهــم بهــذا الفصــل وبالشــتاء‪ ،‬في ظــل‬ ‫معان ــاة ك ــثير م ــن األس ــر م ــن أوض ــاع معيش ــية غير‬ ‫منا س ــبة‪.‬‬ ‫اقتراب فص ــل الخري ــف والش ــتاء في الع ـراق‪،‬‬ ‫وتزامن ــه م ــع ع ــودة امل ــدارس‪ ،‬يض ــع األس ــر أم ــام‬ ‫تحدي ــات ك ــبيرة لت ــوفير املس ــتلزمات الضروري ــة‬ ‫ألبنائه ــم وألنفس ــهم‪ ،‬بخاص ــة م ــع أحواله ــم‬ ‫املعيـ ـشية غير املـ ـسيطر عليـ ـها‪.‬‬ ‫م ــن أب ــرز املس ــتلزمات التي تحت ــاج اليه ــا الع ــائالت‬ ‫لالس ــتعداد له ــذا الفص ــل املتطلب ــات املدرس ــية‪،‬‬ ‫وتش ــمل القرطاس ــية "دفات ــر‪ ،‬أقالم‪ ،‬مس ــاحات‪،‬‬ ‫براي ــات‪ ،‬مس ــاطر‪ ،‬أل ــوان‪ ..‬الخ" وللحقائ ــب‬ ‫املدرس ــية دور مه ــم فيج ــب ان تك ــون الحقيب ــة‬ ‫قوي ــة ومتين ــة تتحم ــل االس ــتعمال اليوم ــي‪.‬‬ ‫ويش ــمل ال ــزي امل ــدر�سي "مالب ــس مدرس ــية ش ــتوية‬ ‫دافئ ــة‪ ،‬أحذي ــة وج ــوارب"‪ ،‬ويج ــب التأك ــد م ــن‬ ‫توف ــر جمي ــع الكت ــب واملن ــاهج‪ ،‬ف ــضال ع ــن أدوات‬ ‫هندس ــية أو فني ــة إذا كان ــت مطلوب ــة‪.‬‬ ‫املس ــتلزمات املنزلي ــة واملالب ــس تض ــم "معاط ــف‪،‬‬ ‫سترات‪ ،‬قف ــازات‪ ،‬قبع ــات‪ ،‬وأوشح ــة‬ ‫لجمي ــع أف ـراد األس ــرة‪،‬‬ ‫خاص ــة األطف ــال‪،‬‬ ‫وتج ــهيز‬

‫بطانيــات ومــدافئ إضافيــة ملواجهــة الليــالي البــاردة‪،‬‬ ‫و م ــا يرتب ــط بذل ــك م ــن ت ــوفير وق ــود للتدفئ ــة‬ ‫(نفــط‪ ،‬غــاز‪ ،‬أو كهربــاء) وصيانــة أجهــزة التدفئــة"؛‬ ‫وهن ــاك ثم ــة ترميم ــات املنزل والتأك ــد م ــن سالم ــة‬ ‫النواف ــذ واألب ــواب ملن ــع تس ــرب اله ــواء الب ــارد‪،‬‬ ‫وإصالح أي تس ــربات في الس ــقف‪ ،‬الس ــيما في‬ ‫مناطــق العشــوائيات وفي أحيــاء الــسكان محــدودي‬ ‫الد خ ــل‪.‬‬ ‫وهناك قلق بشأن املتطلبات الصحية والغذائية‪،‬‬ ‫ت ــوفير أدوي ــة ملعالج ــة ن ــزالت البرد واإلنفلون ـزا‪،‬‬ ‫بخاص ــة لألطف ــال وكب ــار الس ــن‪ ،‬و التركيز على‬ ‫األطعم ــة التي تق ــوي املناع ــة مث ــل الحمضي ــات‬ ‫والخض ـراوات الورقي ــة‪ ،‬و تخزي ــن بع ــض األطعم ــة‬ ‫الجاف ــة مث ــل األرز‪ ،‬الع ــدس‪ ،‬والحب ــوب‪ ،‬وغيره ــا‪.‬‬ ‫املالح ــظ ان ع ــائالت التالمي ــذ في الع ـراق‪ ،‬ال تث ــق‬ ‫ك ــثيرا بالجه ــات الحكومي ــة لت ــوفير مس ــتلزمات‬ ‫ابنائه ــم‪ ،‬ل ــذا يقوم ــون من ــذ وق ــت مبك ــر بش ـرائها‬ ‫م ــن األس ــواق‪ ،‬الس ــيما م ــواد القرطاس ــية وحتى‬ ‫الكت ــب املدرس ــية‪ ،‬إذ ش ــهدت س ــنوات س ــابقة‬ ‫تلك ــؤا وتأخ ـرا م ــن قب ــل الجه ــات التربوي ــة في ت ــوفير‬ ‫الكت ــب والقرطاس ــية م ــا أدى إلى تأخ ــر األبن ــاء في‬ ‫تلق ــي امل ــواد الدراس ــية‪.‬‬ ‫وبه ــذا الص ــدد ف ــإن ميزاني ــة ك ــثير م ــن األس ــر ال‬ ‫تحتم ــل ش ـراء تل ــك املس ــتلزمات م ــن الس ــوق‬ ‫مم ــا يجبره ــا على وض ــع ميزاني ــة مح ــددة لتغطي ــة‬ ‫االحتياج ــات األساس ــية‪ ،‬للتالمي ــذ على حس ــاب‬ ‫امل ــواد األساس ــية لألس ــرة‪ ،‬فيلج ــؤون إلى ش ـراء‬ ‫املس ــتلزمات على مراح ــل لتخفي ــف الع ــبء‬ ‫املالي‪.‬‬

‫كم ــا تلج ــأ ك ــثير م ــن األس ــر إلى إع ــادة التدوي ــر‬ ‫واالس ــتعمال‪ ،‬بإع ــادة اس ــتغالل املالب ــس القديم ــة‬ ‫التي ال زال ــت بحال ــة جي ــدة‪ ،‬وإع ــادة‬ ‫اس ــتعمال األدوات املدرس ــية املتبقي ــة‬ ‫م ــن الع ــام املا�ضي‪ ،‬والبح ــث ع ــن كت ــب‬ ‫املرحل ــة الدراس ــية املس ــتعملة ل ــدى‬ ‫آخري ــن‪.‬‬ ‫وبع ــض الع ــائالت تتواص ــل م ــع‬ ‫املنظم ــات الخيري ــة والجمعي ــات‬ ‫التي تق ــدم الدع ــم لألس ــر‬ ‫املحتاج ــة‪ ،‬والبع ــض يلج ــأ للجيران‬ ‫واألق ــارب ملس ــاعدة بعضه ــم البع ــض‬ ‫في ت ــوفير بع ــض املس ــتلزمات‪ ،‬إذ أن‬ ‫ت ــوفير ه ــذه املتطلب ــات يس ــاعد األس ــر‬ ‫على تج ــاوز الصعوب ــات ويضم ــن ألبنائه ــم‬ ‫الق ــدرة على مواصل ــة تعليمه ــم بحيوي ــة‬ ‫ونش ــاط‪.‬‬ ‫في ك ــثير م ــن دول العال ــم يختل ــف سير األم ــور‬ ‫وب ــدء الع ــام ال ــدرا�سي ع ــن الع ـراق‪ ،‬فالحكوم ــات‬ ‫االوروبي ــة م ــثال‪ ،‬يعتم ــد اي ع ــام درا�سي جدي ــد‬ ‫ب ــشكل ك ــبير على السياس ــات التعليمي ــة املتبع ــة‪،‬‬ ‫وم ــع ذل ــك‪ ،‬يمك ــن إلق ــاء الض ــوء على بع ــض‬ ‫الجوان ــب املشترك ــة والفري ــدة التي ت ــميز ه ــذه‬ ‫الــدول‪ ،‬اذ يبــدأ العــام الــدرا�سي في أوروبــا في أوقــات‬ ‫متباينــة‪ ،‬غالبــا في أواخــر شــهر آب أو بدايــة ايلــول‪،‬‬ ‫و تختل ــف العط ــل الصيفي ــة بين البل ــدان‪ ،‬لكنه ــا‬ ‫ع ــادة م ــا تك ــون أط ــول م ــن تل ــك التي في الع ـراق‪.‬‬ ‫في عدي ــد ال ــدول األوروبي ــة توف ــر الحكوم ــات‬ ‫الكت ــب وامل ــواد التعليمي ــة األساس ــية لل ــطالب‬ ‫مجان ــا‪ ،‬وتك ــون مهي ــأة قب ــل املباش ــرة بالدراس ــة‪،‬‬ ‫تقــوم املــدارس واألســر بالتخطيــط لعــودة الــطالب‬ ‫ب ــشكل منهجي‪ ،‬ويج ــري إرس ــال قوائ ــم‬

‫املس ــتلزمات والكت ــب في وق ــت‬ ‫مبك ــر قب ــل بداي ــة الفص ــل ال ــدرا�سي‪،‬‬ ‫ثــم تعقــد لقــاءات تعريفيــة للــطالب الجــدد وأوليــاء‬ ‫األمــور‪ ،‬يجــري فيهــا مناقشــة جميــع االمــور املتعلقــة‬ ‫بالع ــام ال ــدرا�سي الجدي ــد واحتياج ــات التالمي ــذ‬ ‫والنواق ــص اذا وج ــدت‪.‬‬ ‫معظ ــم ال ــدول األوروبي ــة تق ــدم التعلي ــم الع ــام‬ ‫مجان ــا في جمي ــع املراح ــل‪ ،‬بم ــا في ذل ــك امل ــدارس‬ ‫الحكوميــة‪ ،‬وال تفــرض رســوما على الدراســة‪ ،‬ممــا‬ ‫يقل ــل الع ــبء املالي على األس ــر؛ و تق ــدم بع ــض‬ ‫ال ــدول األوروبي ــة مس ــاعدات مالي ــة لل ــطالب‪،‬‬ ‫الس ــيما ذوي الدخ ــل املنخف ــض‪ ،‬ملس ــاعدتهم‬ ‫على تغطي ــة تكالي ــف النق ــل والوجب ــات املدرس ــية‬ ‫واألنش ــطة الالمنهجي ــة‪.‬‬ ‫و ت ــولي امل ــدارس األوروبي ــة اهتمام ــا ك ــبيرا بصح ــة‬ ‫ال ــطالب وسالمته ــم بت ــوفير وجب ــات مدرس ــية‬ ‫صحي ــة‪ ،‬وتطب ــق برام ــج للتربي ــة البدني ــة‪ ،‬وتق ــام‬ ‫ح ــمالت توعي ــة صحي ــة‪.‬‬ ‫تب ــذل جه ــود ك ــبيرة لدم ــج ال ــطالب م ــن خلفي ــات‬ ‫متنوع ــة‪ ،‬بم ــا في ذل ــك الالجئ ــون واملهاج ــرون‪،‬‬ ‫يج ــري ت ــوفير دروس لغ ــة إضافي ــة ودع ــم أكاديمي‬ ‫ملس ــاعدتهم على االندم ــاج في النظ ــام التعل ــيمي‪.‬‬ ‫و يحظ ــى املعلم ــون بف ــرص مس ــتمرة للتطوي ــر‬ ‫املنهي‪ ،‬بوس ــاطة ورش العم ــل وال ــدورات التدريبي ــة‬ ‫التي ته ــدف إلى تحدي ــث مهاراته ــم في مج ــاالت‬

‫مث ــل التكنولوجي ــا‬ ‫الرقمي ــة وأس ــاليب التدري ــس‬ ‫الحديث ــة؛ وتتوف ــر برام ــج لدع ــم املعل ــمين نفس ــيا‬ ‫ومهني ــا‪ ،‬ملس ــاعدتهم على التعام ــل م ــع التحدي ــات‬ ‫اليوميــة وتجنــب اإلرهــاق‪ ،‬كمــا أن نقابــات املعلــمين‬ ‫في بعــض الــدول‪ ،‬مثــل الدنمــارك وفرنســا‪ ،‬تشــارك‬ ‫بفعاليــة في صنــع السياســات التعليميــة‪ ،‬استنــادا‬ ‫الى التج ــارب اليومي ــة و معالج ــة اي اشكاالت‬ ‫تتعل ــق بالعملي ــة التعليمي ــة‪.‬‬ ‫تدم ــج التكنولوجي ــا الرقمي ــة ب ــشكل متزاي ــد في‬ ‫الفص ــول الدراس ــية‪ ،‬مم ــا يس ــهل على املعل ــمين‬ ‫الوص ــول إلى امل ــوارد التعليمي ــة املبتك ــرة وتقدي ــم‬ ‫دروس تفاعلي ــة‪ ،‬وك ــثير م ــن امل ــدارس توف ــر‬ ‫للمعل ــمين أجه ــزة لوحي ــة وخط ــط دروس منظم ــة‪.‬‬ ‫ب ــشكل ع ــام‪ ،‬ته ــدف السياس ــات التعليمي ــة في‬ ‫أوروب ــا إلى ت ــوفير بيئ ــة تعليمي ــة ش ــاملة وداعم ــة‪،‬‬ ‫ترك ــز على ج ــودة التعلي ــم وتكاف ــؤ الف ــرص لجمي ــع‬ ‫ال ــطالب‪ ،‬م ــع تقدي ــر دور املعل ــم وت ــوفير األدوات‬ ‫املطلوب ــة ل ــه ألداء عمل ــه بفعالي ــة‪.‬‬ ‫وفي العم ــوم‪ ،‬ولتحقي ــق نج ــاح العملي ــة التعليمي ــة‬ ‫في الع ـراق‪ ،‬هن ــاك ع ــدة متطلب ــات أساس ــية‪،‬‬ ‫تش ــمل ت ــوفير بيئ ــة تعليمي ــة محف ــزة‪ ،‬وتطوي ــر‬ ‫املن ــاهج الدراس ــية‪ ،‬وتح ــسين مس ــتوى املعل ــمين‪،‬‬ ‫وت ــوفير التكنولوجي ــا التعليمي ــة املناس ــبة‪ ،‬ف ــضال‬ ‫تفعـ ـيل دور املجتـ ـمع واألـ ـسرة‪.‬‬ ‫وقب ــل ذل ــك يج ــب بن ــاء م ــدارس جدي ــدة ذات‬ ‫تصامي ــم حديث ــة ت ــلبي احتياج ــات التعل ــم‪،‬‬ ‫وتجهيزه ــا باملخ ــتبرات والقاع ــات املناس ــبة‬ ‫ملمارس ــة األنش ــطة املتنوع ــة‪ ،‬والعم ــل على تقلي ــل‬ ‫ع ــدد ال ــطالب في الص ــف الواح ــد لضم ــان ج ــودة‬

‫التعلي ــم وتس ــهيل عملي ــة‬ ‫التواـ ـصل بين املعـ ـلمين واـ ـلطالب‪.‬‬ ‫و يجــب تــوفير مصــادر التعلــم املتنوعــة والحديثــة‬ ‫قب ــل بداي ــة الع ــام ال ــدرا�سي وتحديثه ــا باس ــتمرار‪،‬‬ ‫و اس ــتغالل التكنولوجي ــا في التعلي ــم لتقدي ــم‬ ‫تجرب ــة تعليمي ــة أكثر تفاعلي ــة وفعالي ــة‪ ،‬و يج ــب‬ ‫تحدي ــث املن ــاهج الدراس ــية ب ــشكل دوري لتواك ــب‬ ‫التط ــورات العلمي ــة واملعرفي ــة‪ ،‬وتلبي ــة احتياج ــات‬ ‫ـ ـسوق العـ ـمل‪.‬‬ ‫يج ــب أن تك ــون املن ــاهج مرتبط ــة بواق ــع املجتم ــع‬ ‫واحتياجات ــه‪ ،‬مم ــا يجع ــل التعل ــم أكثر أهمي ــة‬ ‫وجاذبيــة للــطالب‪ ،‬وتــوفير برامــج تدريبيــة مســتمرة‬ ‫للمعل ــمين لتطوي ــر مهاراته ــم وقدراته ــم في مج ــال‬ ‫التدري ــس والتقوي ــم‪ ،‬و تقدي ــم الحواف ــز والتكري ــم‬ ‫للمعلــمين املتميزيــن لتشجيعهــم على االســتمرار في‬ ‫تطويــر أدائهــم‪ ،‬و اســتقطاب الكفــاءات مــن حملــة‬ ‫الش ــهادات العلي ــا للعم ــل في س ــلك التدري ــس‪،‬‬ ‫وتقدـ ـيم املحـ ـفزات الوظيفـ ـية لـ ـهم‪.‬‬ ‫وم ــن الض ــروري‪ ،‬تفعي ــل الش ـراكة بين املدرس ــة‬ ‫واملجتم ــع واألس ــرة في دع ــم العملي ــة التعليمي ــة‪ ،‬و‬ ‫توعيــة األســر بأهميــة التعليــم وأثــره على مســتقبل‬ ‫أبنائه ــم‪ ،‬وتشجيعه ــم على متابع ــة تحصيله ــم‬ ‫الــدرا�سي‪ ،‬و تــوفير الدعــم املالي املطلــوب للمــدارس‬ ‫لتلبي ــة احتياجاته ــا وتطوي ــر بنيته ــا التحتي ــة‪ ،‬و‬ ‫تفعيــل القــوانين والتشــريعات الخاصــة بالتعليــم‪،‬‬ ‫وتحديثـ ـها بـ ـما يواـ ـكب التـ ـطورات الحاصـ ـلة‪.‬‬ ‫كم ــا يتوج ــب محارب ــة الفس ــاد في قط ــاع التعلي ــم‪،‬‬ ‫وضم ــان الش ــفافية والنزاه ــة في جمي ــع العملي ــات‪،‬‬ ‫و تقويــم العمليــة التعليميــة بــشكل دوري لتحديــد‬ ‫جوانــب القــوة والضعــف‪ ،‬والعمــل على تطويرهــا‪،‬‬ ‫وإج ـراء مس ــوحات للحص ــول على آراء املعل ــمين‬ ‫والــطالب وأوليــاء األمــور بشــأن العمليــة التعليميــة‪.‬‬

‫‪82‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬ ‫‪SOCIETY‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪83 2025‬‬

‫الهجرة بال عودة‪:‬‬

‫العراقيون بني حلم االستقرار‬ ‫وواقع االغرتاب‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫طــوال عقــود‪ ،‬الســيما في عهــد النظــام املبــاد الســابق في العــراق‪،‬‬ ‫تع ــرض ك ــثير م ــن العر اق ــيين إلى ضغ ــوط ك ــبيرة‪ ،‬سياس ــية أو‬ ‫بسبــب الحــروب أو العقوبــات االقتصاديــة وعــدم االســتقرار‪ ،‬مــا‬ ‫اضطره ــم إلى اللج ــوء الى بل ــدان أخ ــرى والعي ــش فيه ــا الس ــيما في‬ ‫اوروب ــا واميركا‪ ،‬واغلبه ــم ل ــم يرجع ــوا بع ــد تغ ــيير النظ ــام الس ــابق‬ ‫في ‪٢٠٠٣‬؛ بــل إن عر اقــيين كثرآخريــن ســرعان مــا بــدأوا هجــرات‬ ‫جدي ــدة بع ــد ذل ــك الح ــدث ايض ــا‪ ،‬و اغلبه ــم إلى دول اوروبي ــة‪،‬‬ ‫بخاص ــة في م ــا ع ــرف بأزم ــة املهاجري ــن إلى أوروب ــا في ع ــام ‪.٢٠١٥‬‬

‫فه ــل حق ــق املهاج ــرون العراقي ــون إلى تل ــك‬ ‫املجتمع ــات أهدافه ــم الشخصي ــة واالجتماعي ــة‬ ‫التي كان ــوا يس ــعون إليها‪..‬وه ــل تحسن ــت أموره ــم‬ ‫املالي ــة واملعيش ــية وغيره ــا م ــن القضاي ــا؟‬ ‫ال تتواجد إجابة قاطعة عما إذا كان املهاجرون‬ ‫العراقي ــون ق ــد حقق ــوا أهدافه ــم الشخصي ــة‬ ‫واالجتماعيــة بعــد هجرتهــم‪ ،‬و يعتمــد األمــر على‬ ‫عــدة عوامــل‪ ،‬منهــا ظــروف كل فــرد‪ ،‬والدولــة التي‬ ‫هاجــر إليهــا‪ ،‬واملــدة التي قضاهــا هنــاك‪.‬‬ ‫وفيم ــا يتعل ــق بك ــثير م ــن العراق ــيين الذي ــن‬ ‫هاجروا‪ ،‬شــهدت أوضاعهم املالية واالقتصادية‬ ‫تحس ــنا ك ــبيرا‪ ،‬فف ــي املجتمع ــات األوروبي ــة‬ ‫واألمريكي ــة‪ ،‬تتوف ــر ف ــرص عم ــل ودخ ــل ثاب ــت‪،‬‬ ‫ف ــضال ع ــن أنظم ــة حماي ــة اجتماعي ــة قوي ــة‪،‬‬ ‫ه ــذا س ــمح له ــم بت ــأمين حي ــاة أفض ــل ألنفس ــهم‬ ‫وألس ــرهم‪ ،‬و حتى إرس ــال األم ــوال إلى أقاربه ــم في‬ ‫الع ــراق‪.‬‬ ‫وم ــع ذل ــك‪ ،‬واجه ــت عدي ــد املهاجري ــن تحدي ــات‬ ‫كــبيرة في ســوق العمــل‪ ،‬الســيما في البدايــة‪ ،‬فقــد‬ ‫اضطر بعضهم إلى العمل في وظائف ال تتناسب‬

‫م ــع مؤهالته ــم األكاديمي ــة أو خبراته ــم املهني ــة‪،‬‬ ‫وذل ــك بسب ــب صعوب ــة معادل ــة الش ــهادات‪ ،‬إذا‬ ‫كان ــوا يمتلكونه ــا‪ ،‬أو ع ــدم إتقانه ــم للغ ــة البل ــد‬ ‫الجدي ــد‪.‬‬ ‫و يع ــد االندم ــاج االجتم ــاعي م ــن أصع ــب‬ ‫التحدي ــات التي واجهه ــا ويواجهه ــا املهاج ــرون‪،‬‬ ‫فف ــي حين أن بعضه ــم نجح في بن ــاء حي ــاة‬ ‫اجتماعي ــة جدي ــدة وتكوي ــن صداق ــات م ــع‬ ‫الــسكان املحلــيين‪ ،‬إال أن آخريــن عانــوا و ال زالــوا‬ ‫م ــن الش ــعور بالعزل ــة واالغتراب‪.‬‬ ‫كان عام ــل اللغ ــة حج ــر الزاوي ــة في االندم ــاج‪،‬‬ ‫الس ــيما لكب ــار الس ــن‪ ،‬فكلم ــا أتق ــن املهاج ــر‬ ‫اللغ ــة‪ ،‬زادت فرص ــه في التفاع ــل م ــع املجتم ــع‪،‬‬ ‫والحص ــول على ف ــرص عم ــل أفض ــل‪ ،‬وفه ــم‬ ‫الثقاف ــة املحلي ــة؛ كم ــا تختل ــف الع ــادات‬ ‫والتقالي ــد االجتماعي ــة ب ــشكل ك ــبير بين الع ـراق‬ ‫وال ــدول الغربي ــة‪ ،‬ه ــذا االخ ــتالف ق ــد يول ــد‬ ‫صراع ــا داخلي ــا ل ــدى املهاج ــر‪ ،‬بخاص ــة فيم ــا‬ ‫يتعل ــق بتربي ــة األبن ــاء والحف ــاظ على الهوي ــة‬ ‫الثقافي ــة‪.‬‬

‫‪84‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪85 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫العراقيون بين حلم االستقرار وواقع االغتراب‬

‫و لألس ــف‪ ،‬واج ــه بع ــض املهاجري ــن العراق ــيين‬ ‫حــاالت مــن التمــييز أو العنصريــة‪ ،‬ممــا أثــر ســلبا‬ ‫على ش ــعورهم باألم ــان واالنتم ــاء‪.‬‬ ‫وب ــشكل ع ــام‪ ،‬حق ــق ع ــدد ك ــبير م ــن املهاجري ــن‬ ‫العراق ــيين ج ــزءا م ــن أهدافه ــم‪ ،‬س ــواء على‬ ‫الصعيــد املالي أو التعلــيمي‪ ،‬فقــد تمكــن كــثيرون‬ ‫م ــن إكم ــال دراس ــاتهم العلي ــا‪ ،‬أو تأسي ــس‬ ‫مش ــاريع خاص ــة‪ ،‬أو إيج ــاد عم ــل مس ــتقر يوف ــر‬ ‫لهــم حيــاة كريمــة؛ ولكــن تحقيــق هــذه األهــداف‬ ‫ج ــاء بتكلف ــة باهظ ــة‪ ،‬تمثل ــت في االبتع ــاد ع ــن‬ ‫بلده ــم وع ــن األه ــل واألصدق ــاء‪ ،‬ومواجه ــة‬ ‫تحدي ــات االندم ــاج واالغتراب‪.‬‬ ‫و يمك ــن الق ــول إن الهج ــرة كان ــت رحل ــة معق ــدة‬ ‫لكل مهاج ــر ع ـراقي‪ ،‬فبرغ ــم املكاس ــب املادي ــة‬ ‫واملهنيــة التي حققهــا كــثيرون‪ ،‬إال أن التحديــات‬ ‫النفس ــية واالجتماعي ــة كان ــت ك ــبيرة‪ ،‬مم ــا‬ ‫يجع ــل تقوي ــم نج ــاح الهج ــرة مس ــألة شخصي ــة‬ ‫تختلــف مــن فــرد آلخــر‪ ،‬وهي بحاجــة إلى دراســات‬ ‫مس ــتفيضة عج ــز العراقي ــون لألس ــف ع ــن‬ ‫التوج ــه له ــا والبح ــث فيه ــا وتسجيله ــا‪ ،‬برغ ــم‬ ‫أهميته ــا الك ــبيرة‪.‬‬ ‫وفيم ــا يتعل ــق بأبن ــاء املهاجري ــن‪ ،‬ف ــان لهج ــرة‬ ‫العراق ــيين إلى بل ــدان أخ ــرى ت ــأثيرات عميق ــة‬ ‫ومعق ــدة على أبنائه ــم‪ ،‬وتختل ــف درج ــة تكيفه ــم‬ ‫ب ــشكل ك ــبير بين ف ــرد وآخ ــر‪ ،‬و ال يمك ــن ايض ــا‬ ‫تلخي ــص التجرب ــة في إجاب ــة واح ــدة‪ ،‬ب ــل يمك ــن‬ ‫تحليله ــا م ــن ع ــدة جوان ــب‪.‬‬ ‫فلق ــد واج ــه أبن ــاء املهاجري ــن‪ ،‬وبخاص ــة الجي ــل‬ ‫الثان ــي والثال ــث الذي ــن ول ــدوا أو نش ــأوا في بالد‬ ‫املهج ــر‪ ،‬صراع ــا بين ثقاف ــتين‪ ،‬ثقاف ــة أهله ــم‬ ‫العراقي ــة (والش ــرقية أيض ــا)‪ ،‬وثقاف ــة املجتم ــع‬ ‫الغرب ــي ال ــذي يعيش ــون في ــه‪ ،‬ه ــذا الص ـراع‬ ‫ق ــد ي ــؤدي إلى ش ــعور بالضي ــاع وع ــدم االنتم ــاء‬ ‫الكام ــل ألي م ــن الثقاف ــتين‪ ،‬وق ــد واج ــه ابن ــاء‬ ‫املهاجري ــن العراق ــيين املول ــودون في املهج ــر‬ ‫صعوب ــة في إتق ــان اللغ ــة العربي ــة‪ ،‬مم ــا يع ــوق‬ ‫تواصلهــم الكامــل مــع أهلهــم وأقاربهــم‪ ،‬ويجعلهــم‬ ‫يش ــعرون باالنفص ــال ع ــن جذوره ــم‪.‬‬ ‫ان قيم املجتمع الغربي تختلف بشكل كبير عن‬

‫ولك ــن م ــن أب ــرز التحدي ــات التي ق ــد يواجهه ــا‬ ‫أبن ــاء املهاجري ــن هي العنصري ــة أو التم ــييز‪،‬‬ ‫ال ــذي ربم ــا يجعله ــم يش ــعرون بأنه ــم غرب ــاء في‬ ‫بلدهــم الجديــد‪ ،‬حتى وإن كانــوا ولــدوا فيــه‪ ،‬وقــد‬ ‫يعان ــون أيض ــا م ــن "التف ــكك األس ــري" بسب ــب‬ ‫االختالف ــات في القي ــم بين األجي ــال‪.‬‬ ‫تج ــدر االش ــارة الى ان املرك ــز االسترات ــيجي‬ ‫لحق ــوق اإلنس ــان في الع ـراق‪ ،‬في معلوم ــات‬ ‫نش ــرها في صي ــف ع ــام ‪ 2024‬اش ــار الى ان‬ ‫"األرق ــام التقديري ــة تؤك ــد أن هنال ــك أربع ــة‬ ‫ماليين الجئ ع ـراقي عبر العال ــم"‪ ،‬يت ــوزع ه ــؤالء‬

‫« برغم المكاسب‬ ‫المادية والمهنية التي‬ ‫حققها كثيرون‪ ،‬إال أن‬ ‫التحديات النفسية‬ ‫واالجتماعية كانت كبيرة‪،‬‬ ‫مما يجعل تقويم نجاح‬ ‫الهجرة مسألة شخصية‬ ‫تختلف من فرد آلخر »‪.‬‬

‫« من أبرز التحديات التي قد‬ ‫يواجهها أبناء المهاجرين هي‬ ‫العنصرية أو التمييز‪ ،‬الذي‬ ‫ربما يجعلهم يشعرون بأنهم‬ ‫غرباء في بلدهم الجديد‪ ،‬حتى‬ ‫وإن كانوا ولدوا فيه‪ ،‬وقد‬ ‫يعانون أيضا من "التفكك‬ ‫األسري" بسبب االختالفات‬ ‫في القيم بين األجيال »‪.‬‬

‫القي ــم العائلي ــة العراقي ــة‪ ،‬الس ــيما فيم ــا يتعل ــق‬ ‫بالعالق ــات االجتماعي ــة‪ ،‬والحري ــة الشخصي ــة‪،‬‬ ‫والع ــادات والتقالي ــد؛ ه ــذا االخ ــتالف ك ــثيرا م ــا‬ ‫يسب ــب توت ـرا بين األبن ــاء واآلب ــاء‪.‬‬ ‫يح ــاول ك ــثير منه ــم "املس ــاومة" على هويته ــم‪،‬‬ ‫أي دم ــج عناص ــر م ــن الثقاف ــتين‪ ،‬م ــثال‪ ،‬ق ــد‬ ‫يحافظ ــون على بع ــض الع ــادات والتقالي ــد‬ ‫األساس ــية مث ــل الدي ــن واألعي ــاد‪ ،‬وغير ذل ــك‪،‬‬

‫فيـ ـما يتبـ ـنون أنـ ـماط الحـ ـياة الغربـ ـية األـ ـخرى‪.‬‬ ‫وفيمــا يتعلــق باالندمــاج‪ ،‬يميــل أبنــاء املهاجريــن‬ ‫عموم ــا إلى التكي ــف ب ــشكل أس ــرع وأفض ــل‬ ‫م ــن آبائه ــم‪ ،‬وذل ــك لع ــدة أس ــباب‪ ،‬م ــن أهمه ــا‬ ‫التعلي ــم‪ ،‬اذ يلتحق ــون بامل ــدارس والجامع ــات في‬ ‫البل ــدان املضيف ــة‪ ،‬مم ــا يتي ــح له ــم تعل ــم اللغ ــة‬ ‫وإقام ــة صداق ــات م ــع ال ــسكان املحل ــيين‪ ،‬ه ــذا‬ ‫التعلي ــم يفت ــح له ــم أيض ــا أبواب ــا لف ــرص عم ــل‬

‫أفضــل الحقــا؛ كمــا أن تواجدهــم في بيئــة ثقافيــة‬ ‫واجتماعي ــة جدي ــدة من ــذ الصغ ــر يجعله ــم أكثر‬ ‫مرون ــة وقابلي ــة للتكي ــف‪.‬‬ ‫وم ــع ذل ــك ف ــان بع ــض أبن ــاء املهاجري ــن ق ــد‬ ‫يعان ــون م ــن العزل ــة‪ ،‬االجتماعي ــة‪ ،‬بخاص ــة‬ ‫إذا كان ــت أس ــرهم تعي ــش في مناط ــق مكتظ ــة‬ ‫باملهاجري ــن وتفتق ــر إلى التفاع ــل م ــع ال ــسكان‬ ‫املحل ــيين‪.‬‬

‫ان الهجــرة ألبنــاء العراقــيين تفتــح فرصــا كــبيرة‪،‬‬ ‫مثــل الحصــول على تعليــم جيــد‪ ،‬رعايــة صحيــة‪،‬‬ ‫وفــرص عمــل أفضــل‪ ،‬ولكنهــا تأتــي مــع تحديــات‪،‬‬ ‫كذل ــك أن التعلي ــم الجي ــد يمنحه ــم أدوات‬ ‫للنج ــاح املنهي‪ ،‬وتوف ــر له ــم املجتمع ــات الغربي ــة‬ ‫بيئــة آمنــة ومســتقرة‪ ،‬بعيــدا عــن ويالت الحــروب‬ ‫وع ــدم االس ــتقرار ال ــذي ش ــهده وربم ــا يش ــهده‬ ‫الع ـراق‪.‬‬

‫في دول متعــددة‪ ،‬بمــا في ذلــك الواليــات املتحــدة‪،‬‬ ‫وأملاني ــا‪ ،‬واململك ــة املتح ــدة‪ ،‬وبع ــض ال ــدول‬ ‫العربيــة‪ ،‬فــضال عــن ذلــك هنــاك عــدد كــبير مــن‬ ‫العراق ــيين الذي ــن يعيش ــون في دول أخ ــرى ح ــول‬ ‫العالــم‪ ،‬بمــا في ذلــك دول أوروبيــة أخــرى‪ ،‬ومنهــم‬ ‫م ــن ل ــم تسجله ــم االحص ــاءات‪ ،‬اذ ت ــشير بع ــض‬ ‫املص ــادر إلى أن ع ــدد العراق ــيين املهاجري ــن في‬ ‫الخ ــارج ق ــد يص ــل الى خمس ــة ماليين‪.‬‬

‫‪86‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪2025‬‬

‫العراقيون ال يأتمنون البنوك‪..‬‬

‫أكرث من ‪ ٪90‬من‬ ‫الكتلة النقدية‬ ‫خارج النظام‬ ‫المرصفي‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫تظل العالقة بين المواطن‬ ‫العراقي‪ ،‬والمصارف بشقيها‬ ‫الحكومي واألهلي‪ ،‬متابعدة‬ ‫أو تكاد تكون منقطعة‪ ،‬خاصة‬ ‫عند فكرة إيداع األموال لدى‬ ‫تلك المصارف‪ ،‬حيث ينظر‬ ‫لها المواطن على أنها آبار‬ ‫عميقة تخفي أمواله تحت‬ ‫روتين معامالت طويلة‪ ،‬بينما‬ ‫يرى في غرف بيته ودواليبها‬ ‫خير األماكن أمانًاً على سيولته‬ ‫النقدية‪.‬‬

‫‪87‬‬

‫‪88‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫‪89‬‬

‫العراقيون ال يأتمنون البنوك‪..‬‬ ‫املواطن ــة وج ــدان ص ــالح‪ ،‬م ــن أولئ ــك الن ــاس‪،‬‬ ‫حي ــث ت ــخ�شى إي ــداع أمواله ــا في املص ــارف‬ ‫العراقي ــة وتفض ــل ابقاءه ــا في املنزل عازي ــة‬ ‫السب ــب الى خوفه ــا م ــن املص ــارف م ــن ع ــدم‬ ‫إرـ ـجاع أموالـ ـها بـ ـسهولة في حاـ ـلة احتاجـ ـها‪.‬‬ ‫تق ــول وج ــدان في حدي ــث ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬ان ــه‬ ‫"ذات م ــرة أودع ــت ‪ 5‬ماليين دين ــار في اح ــد‬ ‫املص ــارف الحكومي ــة وعندم ــا ذهب ــت لسحبه ــا‬ ‫بعــد مــدة طويلــة طلبــوا مني إجـراءات تعجيزيــة‬ ‫طال ــت ألكثر م ــن أس ــبوع"‪.‬‬ ‫تضي ــف وج ــدان انه ــا ومن ــذ ذل ــك الحين ل ــم‬ ‫تــودع أي مبلــغ حتى الحــواالت التي تصلهــا مــن‬ ‫أقاربه ــا في خ ــارج الع ـراق تق ــوم بتس ــلمها ف ــور‬ ‫وصوله ــا‪.‬‬

‫""غالبية من يكنزون‬ ‫النقد هم من‬ ‫األفراد‪ ،‬خاصة في‬ ‫المدن الصغيرة‬ ‫والريف والمناطق‬ ‫غير المشمولة‬ ‫بالخدمات المصرفية‪،‬‬ ‫بسبب ضعف الثقة‬ ‫بالمصارف‪ ،‬نتيجة‬ ‫تجارب سابقة من‬ ‫اإلفالس أو الحجز أو‬ ‫الفساد‪ ،‬وغياب ثقافة‬ ‫الشمول المالي في‬ ‫المنظومة التعليمية‬ ‫واإلعالمية" "‪.‬‬

‫"ضع ــف الثق ــة بين املواط ــن واملص ــارف أدت‬ ‫إلى اكتن ــاز املواط ــنين أمواله ــم داخ ــل منازله ــم‬ ‫وعــدم توديعهــا في املصــارف مــا أثــر ذلــك بــشكل‬ ‫ك ــبير على الكتل ــة النقدي ــة"‪ ،‬يؤك ــد النائ ــب‬ ‫مصطف ــى الكرع ــاوي‪ ،‬ذل ــك مضيف ـ ًـًا أن "مل ــف‬ ‫تطويــر القطــاع املصــرفي ودمــج املصــارف ُ​ُطــرح‬ ‫م ـرا ًرًا في البرملان‪ ،‬والسب ــب ال ــرئي�سي وراء ذل ــك‬ ‫ه ــو فق ــدان املواط ــن الثق ــة بالنظ ــام املص ــرفي‬ ‫في الع ـراق"‪.‬‬ ‫وفي حديث ــه ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬أوضح الكرع ــاوي‬ ‫أن ه ــذه املشكل ــة ناتج ــة ع ــن تراكم ــات طويل ــة‬ ‫األم ــد تتعل ــق بضع ــف األنظم ــة اإللكتروني ــة‬ ‫واملحاسبي ــة املصرفي ــة م ــا يجع ــل املواط ــنين‬ ‫يعزفــون عــن التعامــل معهــا ويفضلــون سحــب‬

‫رواتبهــم كاملــة بمجــرد إيداعهــا في البطاقــة دون‬ ‫ت ــرك أي رصي ــد‪.‬‬ ‫وي ــشير إلى أن غي ــاب األنظم ــة املصرفي ــة‬ ‫الحديث ــة أدى إلى ع ــزوف الن ــاس ع ــن اإلي ــداع‬ ‫واالدخ ــار داخ ــل البن ــوك وه ــو م ــا يدف ــع‬ ‫الكثيري ــن الكتن ــاز أمواله ــم في املن ــازل‪ ،‬األم ــر‬ ‫ال ــذي ي ــؤدي ب ــدوره إلى رك ــود اقتص ــادي ويقل ــل‬ ‫م ــن حج ــم الس ــيولة املتداول ــة في الس ــوق‪.‬‬ ‫ويدع ــو الكرع ــاوي إلى رف ــع مس ــتوى ال ــوعي‬ ‫والثقاف ــة املصرفي ــة ل ــدى املواط ــنين‪ ،‬إلى‬ ‫جان ــب ف ــرض اس ــتخدام التع ــامالت التجاري ــة‬ ‫اإللكتروني ــة على املؤسس ــات الحكومي ــة‬ ‫والتجاريــة والقطــاع الخــاص‪ ،‬باعتبــاره مســارا‬ ‫مهم ــا لتنش ــيط الحرك ــة االقتصادي ــة‪.‬‬ ‫وخت ــم بالق ــول إن اإلي ــداع داخ ــل املص ــارف ال‬

‫يحق ــق فق ــط األم ــان املالي للمواط ــن‪ ،‬ب ــل يتي ــح‬ ‫أيضــا للمصــارف تقديــم خدمــات تنمويــة مثــل‬ ‫الق ــروض والس ــلف وه ــو م ــا يس ــهم في تنش ــيط‬ ‫الســوق وتحقيــق النمــو االقتصــادي املنشــود‪.‬‬ ‫ويق ــول الخ ــبير االقتص ــادي الدكت ــور علي‬ ‫دع ــدوش‪ ،‬ملجل ــة "ف ــيلي" إن "ظاه ــرة اكتن ــاز‬ ‫األم ــوال تص ــل الى ‪ 92%‬م ــن الكتل ــة النقدي ــة‬ ‫خ ــارج النظ ــام املص ــرفي‪ ،‬وهي تمث ــل تحدي ـ ًـًا‬ ‫جوهري ـ ًـًا للبني ــة النقدي ــة واملالي ــة في الع ـراق‪،‬‬ ‫و ُ​ُتع ــد م ــن أب ــرز مظاه ــر الهشاش ــة الهيكلي ــة‬ ‫ـدًا‪ ،‬أن "ه ــذه‬ ‫في االقتص ــاد النق ــدي"‪ ،‬مؤك ـ ً‬ ‫الظاه ــرة مر ّ​ّكب ــة وذات أبع ــاد س ــلوكية‬ ‫مؤسس ــاتية واقتصادي ــة"‪.‬‬ ‫ويضي ــف‪ ،‬أن "ثقاف ــة االكتن ــاز ليس ــت ولي ــدة‬ ‫اللحظ ــة‪ ،‬ب ــل هي امت ــداد إلى عق ــود م ــن ع ــدم‬

‫االس ــتقرار الس ــيا�سي واالقتص ــادي‪ ،‬م ــن‬ ‫الحصــار إلى العقوبــات‪ ،‬ومــن غيــاب األمــن إلى‬ ‫هشاش ــة املؤسس ــات‪ ،‬وخالل ه ــذه ال ــفترات‪،‬‬ ‫ترّسخ ــت في الذهني ــة العراقي ــة فك ــرة مفاده ــا‬ ‫ّ‬ ‫أن النق ــد ال ــورقي في الجي ــب خير م ــن املال في‬ ‫املص ــرف‪ ،‬إال أن ه ــذه الثقاف ــة ل ــم تب ــَق في‬ ‫َّ‬ ‫تحّول ــت‬ ‫إط ــار الس ــلوك الف ــردي فحس ــب‪ ،‬ب ــل‬ ‫إلى ظاه ــرة عام ــة‪ ،‬تس ــببت في خن ــق ال ــدورة‬ ‫االقتصادي ــة‪ ،‬وإضع ــاف ق ــدرة املص ــارف‬ ‫على أداء وظائفه ــا الحيوي ــة‪ ،‬م ــن تموي ــل إلى‬ ‫استثم ــار‪ ،‬وم ــن رقاب ــة إلى تفعي ــل األدوات‬ ‫النقد ي ــة"‪.‬‬ ‫ويلفــت دعــدوش‪ ،‬إلى أن "غالبيــة مــن يــكنزون‬ ‫النق ــد ه ــم م ــن األف ـراد‪ ،‬خاص ــة في امل ــدن‬ ‫الص ــغيرة والري ــف واملناط ــق غير املش ــمولة‬ ‫بالخدم ــات املصرفي ــة‪،‬‬ ‫بسب ــب ضع ــف الثق ــة‬ ‫باملص ــارف‪ ،‬نتيج ــة تج ــارب‬ ‫س ــابقة م ــن اإلفالس‬ ‫أو الحج ــز أو الفس ــاد‪،‬‬ ‫وغي ــاب ثقاف ــة الش ــمول‬ ‫املالي في املنظوم ــة‬ ‫التعليمي ــة واإلعالمي ــة"‪.‬‬ ‫وي ــشير دع ــدوش الى‬ ‫اإلج ـراءات‬ ‫"صعوب ــة‬ ‫وغي ــاب‬ ‫املصرفي ــة‬ ‫الجغ ـرافي‬ ‫االنتش ــار‬ ‫الواس ــع للف ــروع‪ ،‬وتراج ــع‬ ‫املصرفي ــة‬ ‫الخدم ــات‬ ‫الرقمي ــة‪ ،‬م ــا يدف ــع الن ــاس‬ ‫للتمس ــك بالنق ــد كوس ــيلة‬ ‫أ س ــهل " ‪.‬‬ ‫ووف ــق متخص ــصين ف ــإن‬ ‫له ــذه الظاه ــرة العدي ــد‬ ‫م ــن الجوان ــب الس ــلبية‪،‬‬ ‫ومنه ــا أن البن ــك املرك ــزي‬ ‫يفق ــد س ــيطرته الفعلي ــة‬ ‫على الكتل ــة النقدي ــة‪ ،‬وأن‬ ‫أدوات ــه كس ــعر الفائ ــدة‬ ‫أو إع ــادة الخص ــم تصب ــح‬ ‫أق ــل فاعلي ــة‪ ،‬فيم ــا تعان ــي‬ ‫املص ــارف التموي ــل م ــن‬ ‫شح الس ــيولة‪ ،‬وه ــو‬ ‫مايضع ــف قدرته ــا على‬

‫تموي ــل املش ــاريع ويدف ــع املستثمري ــن للتوج ــه‬ ‫نح ــو التموي ــل غير ال ــرسمي‪ ،‬اضاف ــة الى‬ ‫صعوب ــة إدارة التضخ ــم بسب ــب الكتل ــة غير‬ ‫املتداول ــة رس ـ ً‬ ‫ـمًيا مايؤث ــر س ــلبا على ق ـرارات‬ ‫البنــك املركــزي في تحقيــق الهــدف األســا�سي لــه‬ ‫وه ــو الس ــيطرة على املس ــتوى الع ــام لألس ــعار‬ ‫وتحقي ــق االس ــتقرار‪.‬‬ ‫ويق ــول املواط ــن عب ــد علي عل ــوان في حديث ــه‬ ‫ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬إن "إج ـراءات فت ــح حس ــاب‬ ‫بأح ــد املص ــارف يتطل ــب األوراق الثبوتي ــة‬ ‫الرســمية مــع مبلــغ اليتجــاوز ‪ 100‬دوالر‪ ،‬وهــذا‬ ‫ام ــر طب ــيعي لك ــن املشكل ــة تب ــدأ بالتعقي ــد في‬ ‫حــال طالبنــا بسحــب جــزء مــن املبلــغ املــودع"‪.‬‬ ‫ويضي ــف‪ ،‬ان "االج ـراءات الروتي ــن تعرق ــل‬ ‫معاملــة الســحب وتســتغرق أكثــر مــن أســبوع"‪.‬‬ ‫وبس ــبب ع ــدم االس ــتقرار وتع ــرض بع ــض‬ ‫املص ــارف االهلي ــة للغل ــق ج ـراء عقوب ــات‬ ‫خارجي ــة‪ ،‬يرف ــض البع ــض إي ــداع امل ــال بتل ــك‬ ‫املص ــارف‪.‬‬ ‫ويوض ــح املق ــاول عب ــد الزه ــرة فاض ــل‪ ،‬أن ــه "ف ــي‬ ‫كثيــر مــن األحيــان تكــون هنــاك حاجــة ســريعة‬ ‫وملح ــة للم ــال‪ ،‬لك ــن اإلج ـراءات املصرفي ــة‬ ‫تقــف حاج ـ ًزا أمــام ذلــك‪ ،‬الن بعــض املصــارف‬ ‫االهلي ــة تتع ــرض لعقوب ــات تقت�ض ــي توقفه ــا‬ ‫لفت ــرة‪ ،‬وحي ــن ذاك نواج ــه مش ــاكل عدي ــدة"‪.‬‬ ‫ويلف ــت في حدي ــث ملجل ــة "ف ــيلي"‪ :‬إلى أن ــه "حين‬ ‫يفت ــح املواط ــن حس ــاب�ا مصرفي ــا بالعمل ــة‬ ‫الصعب ــة ال يت ــم ص ــرف األم ــوال املحول ــة ل ــه‬ ‫م ــن خالل املص ــرف بالعمل ــة نفس ــها"‪ ،‬م ــشي ًرًا‬ ‫إلى أن ــه "ال يت ــم ايض ــا تس ــليم الحوال ــة املالي ــة‬ ‫بالس ــعر امل ــوازي بحج ــة أن الحس ــاب املفت ــوح‬ ‫ل ــدى املص ــرف ه ــو بالعمل ــة الصعب ــة‪ ،‬ويج ــب‬ ‫فت ــح حس ــاب اخ ــر بالعمل ــة املحلي ــة م ــن أج ــل‬ ‫سح ــب الحوال ــة"‪.‬‬ ‫ويؤك ــد‪ ،‬ان "املص ــارف ف ــي بغ ــداد‪ ،‬تعتم ــد‬ ‫اج ـراءات معق ــدة وغي ــر معقول ــة ف ــي كثي ــر م ــن‬ ‫األحي ــان‪ ،‬تض ــع الزبائ ــن أم ــام معان ــاة طويل ــة‪،‬‬ ‫وه ــي تختل ــف كلي ـ ًـا ع ــن مص ــارف اإلقلي ــم‬ ‫الت ــي تتمت ــع بالس ــهولة والش ــفافية ف ــي جمي ــع‬ ‫تعامالته ــا املصرفي ــة"‪.‬‬ ‫ف ــي النهاي ــة ف ــأن عل ــى الحكوم ــة العراقي ــة‬ ‫تحس ــين مس ــتوى املص ــارف إداري ـ ًـا وزي ــادة ثق ــة‬ ‫املواطــن بالنظــام املصرفــي‪ ،‬مــن خــال تســهيل‬ ‫إج ـراءات س ــحب وإي ــداع األم ــوال‪.‬‬

‫‪90‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫‪91‬‬

‫رواتب تحت المجهر ‪..‬‬

‫استقطاعات مالية غري منصفة تثقل‬ ‫كاهل الموظفني والمتقاعدين‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬

‫كــثيرا مــا يصــرح البنــك املركــزي العــراقي على لســان مســؤوليه أنــه يعمــل على تطويــرأنظمــة‬ ‫الدف ــع اإللكترون ــي لتواك ــب التط ــورات الدولي ــة‪ ،‬و ان ــه ي ــسعى إلنش ــاء بني ــة تحتي ــة قوي ــة‬ ‫ألنظـ ـمة الدـ ـفع و يدـ ـعم مـ ـبادرات حكومـ ـية مـ ـثل ـ ـتوطين الرواـ ـتب والتـ ـحول اـ ـلرقمي‪.‬‬ ‫ومن ــذ م ــدة يق ــول إن ــه يعم ــل على تنظي ــم‬ ‫التعام ــل باألص ــول املش ــفرة‪ ،‬ويعم ــل على‬ ‫زي ــادة ال ــوعي بأهمي ــة الدف ــع اإللكترون ــي‪،‬‬ ‫ويش ــدد على أن أه ــداف تطوي ــر أنظم ــة‬ ‫الدف ــع اإللكترون ــي‪ ،‬تش ــمل بن ــاء‬ ‫اقتص ــاد متن ــوع وتعزي ــز الش ــمول‬ ‫املالي‪ ،‬وتح ــسين كف ــاءة الخدم ــات‬ ‫املالي ــة‪ ،‬ومكافح ــة الفس ــاد‬ ‫والتالع ــب وتقلي ــل التكالي ــف‬ ‫املرتبط ــة باملع ــامالت النقدي ــة‬ ‫وت ــوفير بيئ ــة دف ــع آمن ــة‬ ‫وموثوـ ـقة‪.‬‬ ‫وبالتأكي ــد ف ــإن تل ــك‬ ‫األه ــداف املعلن ــة‬ ‫م ــن الض ــروري أن‬ ‫تس ــهم في تقدي ــم‬ ‫ا ل خد م ــا ت‬ ‫ل ــسكان البل ــد‬ ‫و تس ــهل‬ ‫تعامالت ه ــم‬

‫املالي ــة واملصرفي ــة وم ــن ضم ــن ذل ــك تس ــهيل‬ ‫عملي ــات تس ــلم رواتبه ــم املس ــتحقة بعدال ــة‪،‬‬ ‫وغيره ــا م ــن االم ــور املالي ــة‪.‬‬ ‫ويشك ــو ك ــثير م ــن الن ــاس الذي ــن يتس ــلمون‬ ‫مس ــتحقاتهم املالي ــة م ــن مناف ــذ الص ــرف‬ ‫بأنواعه ــا م ــن االس ــتقطاعات التي تفرضه ــا‬ ‫شــركات الدفــع اإللكترونــي في الع ـراق عليهــم‪.‬‬ ‫ففيمــا يتعلــق برواتــب املوظــفين واملتقاعديــن‬ ‫م ــثال‪ ،‬يق ــول موظف ــون ومتقاع ــدون‪ ،‬أنه ــم‬ ‫يواجهــون انقطاعــات غير قليلــة مــن رواتبهــم‬ ‫برغ ــم الس ــقف ال ــذي وضعت ــه الجه ــات‬ ‫املعنيــة لالســتقطاع بنســبة عمولــة للسحــب‬ ‫م ــن املناف ــذ الرافدي ــن والرش ــيد مق ــداره‬ ‫‪ 0.003‬اي ثالث ــة آالف دين ــار لكل ملي ــون‪،‬‬ ‫ث ــم عدل ــت الى ‪ ، 0.006‬و عمول ــة السح ــب‬ ‫النق ــدي م ــن الص ـراف االلي‪ ،‬الح ــد االعلى‬ ‫له ــا ‪ ٠,٠٠٤‬م ــع االعالن ان جه ــات التحصي ــل‬ ‫لديه ــا مرون ــة اكبر لتناف ــس وتق ــدم عمول ــة‬ ‫اق ــل م ــن ‪ ٠,٠٠٦‬او ‪ ، ٠,٠٠٤‬او حتى االبق ــاء‬ ‫على العمول ــة القديم ــة‪.‬‬ ‫أم ــا إذا كان السح ــب م ــن أجه ــزة ص ـراف آلي‬ ‫تابع ــة ملص ــارف أخ ــرى أو مناف ــذ دف ــع‪ ،‬فق ــد‬ ‫تك ــون هن ــاك عمول ــة أخ ــرى ‪.‬‬ ‫وهي قضي ــة معق ــدة تتداخ ــل فيه ــا عوام ــل‬

‫اقتصادي ــة وتنظيمي ــة‪ ،‬وق ــد ال تخض ــع‬ ‫للش ــفافية في ك ــثير م ــن االحي ــان فبع ــض‬ ‫املوظ ــفين واملتقاعدي ــن يقول ــون ان مبال ــغ‬ ‫اكبر اس ــتقطعت م ــن رواتبه ــم برغ ــم انه ــم‬ ‫ليس ــت لديه ــم س ــلف او دي ــون‪ ،‬بعضه ــم‬ ‫يشير الى اســتقطاع ‪ 8‬االف او حتى ‪ 10‬االف‬ ‫وبعضه ــم ي ــدعي اس ــتقطاع ‪ 15‬ال ــف دين ــار‬ ‫م ــن راتب ــه الش ــهري‪.‬‬ ‫ويظه ــر ان هن ــاك تعقي ــدا م ــا في املوض ــوع‪،‬‬ ‫فف ــي الواق ــع تف ــرض ش ــركات الدف ــع‬ ‫اإللكترون ــي واملص ــارف رس ــوما على عملي ــة‬ ‫سحــب األمــوال مــن أجهــزة الص ـراف اآللي أو‬ ‫نقــاط البيــع‪ ،‬هــذه الرســوم تختلــف بحســب‬ ‫سياســة كل شــركة ومصــرف‪ ،‬مــع العلــم انــه‬ ‫في بلــدان اخــرى يقــوم الزبــون بسحــب اموالــه‬ ‫مــن املصــرف التابعــة لــه بطاقتــه مجانــا مــن‬ ‫دون رس ــوم‪ ،‬في تركي ــا م ــثال‪.‬‬ ‫بع ــض الش ــركات في الع ـراق تف ــرض رس ــوما‬ ‫ثابت ــة على املس ــتخدمين مقاب ــل االحتف ــاظ‬ ‫بالبطاق ــة أو الحس ــاب‪ ،‬و ُ​ُتخص ــم ه ــذه‬ ‫الرس ــوم ب ــشكل دوري ش ــهري أو س ــنوي‪،‬‬ ‫ق ــد ُ​ُتف ــرض رس ــوم على تحوي ــل األم ــوال م ــن‬ ‫حس ــاب إلى آخ ــر‪ ،‬س ــواء كان ذل ــك داخ ــل‬ ‫الش ــركة نفس ــها أو بين ش ــركات مختلف ــة‪.‬‬

‫‪92‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫و تف ــرض بع ــض الش ــركات رس ــوما إضافي ــة‬ ‫على اس ــتخدام نق ــاط البي ــع في املح ــال‬ ‫التجاري ــة‪ ،‬وتختل ــف ه ــذه الرس ــوم بحس ــب‬ ‫قيمــة الش ـراء؛ و قــد تكــون بعــض الشــركات‬ ‫التي تس ــيطر على نق ــاط بي ــع معين ــة أو‬ ‫مناط ــق مح ــددة تف ــرض رس ــوما أعلى لع ــدم‬ ‫تواج ــد منافس ــة قوي ــة‪.‬‬ ‫ق ــد تق ــدم بع ــض املص ــارف أو الش ــركات‬ ‫عروض ــا لخف ــض الرس ــوم لج ــذب مزي ــد م ــن‬ ‫الزبائ ــن‪ ،‬بخاص ــة في بداي ــة إطالق خدماته ــا‪،‬‬ ‫و تعتم ــد العالق ــة بين املص ــارف وش ــركات‬ ‫الدفــع اإللكترونــي مثــل ـكـي كارد ومــاستر كارد‬ ‫وغيره ــا على اتفاقي ــات معق ــدة تح ــدد م ــن‬ ‫يتق ــا�ضى الرس ــوم وعلى أي أس ــاس‪.‬‬

‫في بعــض األحيــان‪ ،‬قــد ُ​ُيفــرض مبلــغ إضــافي‬ ‫على الزبــون عنــد السحــب مــن جهــاز ص ـراف‬ ‫آلي تاب ــع ملص ــرف آخ ــر غير املص ــرف ال ــذي‬ ‫أص ــدر البطاق ــة‪.‬‬ ‫و تفتق ــر بع ــض األس ــواق العراقي ــة التي‬ ‫تس ــتعمل الدف ــع اإللكترون ــي‪ ،‬إلى تنظي ــم‬ ‫موح ــد وواضح م ــن قب ــل الجه ــات الحكومي ــة‬ ‫مث ــل البن ــك املرك ــزي‪ ،‬كأن يح ــدد س ــقفا‬ ‫أعلى للرســوم املفــروض‪ ،‬وعــدم تواجــد هــذا‬ ‫التحدي ــد يس ــمح للش ــركات بف ــرض رس ــوم‬ ‫مختلف ــة بن ــاء على سياس ــاتها الخاص ــة‪،‬‬ ‫ويدف ــع املواط ــن تبع ــات ذل ــك‪.‬‬ ‫تتوف ــر في الع ـراق ع ــدة أنظم ــة للدف ــع‬ ‫اإللكترون ــي وبرغ ــم ذل ــك ال يج ــري توضيحه ــا‬

‫لل ــسكان‪ ،‬تش ــمل أنظم ــة للتس ــويات‬ ‫اإلجمالي ــة اآلني ــة‪ ،‬وأنظم ــة للمقاص ــة‬ ‫اإللكتروني ــة‪ ،‬وأنظم ــة للدف ــع بالتجزئ ــة‪،‬‬ ‫وأنظم ــة إلص ــدار البطاق ــات املحلي ــة‪،‬‬ ‫وأنظم ــة للدف ــع عبر الهات ــف املحم ــول‪،‬‬ ‫وهي أنظم ــة يق ــول البن ــك املرك ــزي الع ـراقي‬ ‫ان سياس ــته ته ــدف إلى تطويره ــا‪ ،‬لتعزي ــز‬ ‫الش ــمول املالي واالقتص ــاد ال ــرقمي‪ ،‬غير أن ــه‬ ‫ل ــم ي ــوضح ذل ــك لعام ــة الن ــاس‪ ،‬كــي يكون ــوا‬ ‫على بين ــة مم ــا يتوف ــر لديه ــم لغ ــرض املقارن ــة‬ ‫واختي ــار االنف ــع له ــم‪.‬‬ ‫وأنظم ــة الدف ــع اإللكترون ــي الرئيس ــة في‬ ‫الع ـراق‪ ،‬تتضم ــن نظ ــام التس ــوية اإلجمالي ــة‬ ‫اآلني ــة برب ــط البن ــك املرك ــزي باملص ــارف‬

‫الرئيس ــة لتب ــادل أوام ــر الدف ــع ذات‬ ‫القيم ــة العالي ــة‪ ،‬وكذل ــك نظ ــام املقاص ــة‬ ‫اإللكتروني ــة‪ ،‬يس ــمح للمص ــارف بتب ــادل‬ ‫أوام ــر الدف ــع إلكتروني ــا‪ ،‬ويق ــوم بتس ــوية‬ ‫ـ ـصافي املدفوـ ـعات فيـ ـما بينـ ـها‪.‬‬ ‫ويتوف ــر نظ ــام الدف ــع بالتجزئ ــة‪ ،‬يه ــدف‬ ‫إلى تطوي ــر البني ــة التحتي ــة لنظ ــام الدف ــع‬ ‫بالتجزئ ــة في الع ـراق‪ ،‬بم ــا في ذل ــك امل ــوزع‬ ‫الــوطني للدفــع عبر الهاتــف املحمــول ونقــاط‬

‫البي ــع‪ ،‬ونظ ــام املقس ــم ال ــوطني‪ ،‬يوف ــر بني ــة‬ ‫تحتيــة للدفــع عبر البطاقــات‪ ،‬و نظــام الدفــع‬ ‫عبر الهات ــف املحم ــول (‪)Mobile Payment‬‬ ‫يتيــح تحويــل األمــوال عبر الهاتــف املحمــول‪،‬‬ ‫كل ذلــك إلى جانــب البطاقــة الوطنيــة للدفــع‬ ‫اإللكترون ــي التي أطلقه ــا البن ــك املرك ــزي‬ ‫الع ـراقي لتعزي ــز الثق ــة املالي ــة وت ــوفير‬ ‫االس ــتحقاقات‪.‬‬ ‫وبرغ ــم ان االس ــتقطاعات املفروض ــة‬

‫على املع ــامالت املالي ــة ش ــائعة في ك ــثير‬ ‫م ــن البل ــدان‪ ،‬ولكنه ــا تختل ــف في طبيعته ــا‬ ‫ومســتوى تنظيمهــا عــن العـراق‪ ،‬ففــي معظــم‬ ‫ال ــدول‪ُ​ُ ،‬تف ــرض رس ــوم على اس ــتخدام‬ ‫أجهــزة الص ـراف اآللي خــارج شــبكة املصــرف‬ ‫ال ــذي أص ــدر البطاق ــة‪ ،‬أو على التح ــويالت‬ ‫الدولي ــة‪ ،‬ولك ــن السح ــب في املص ــرف نفس ــه‬ ‫يك ــون مجان ــا‪.‬‬ ‫في البلــدان املتقدمــة‪ ،‬عــادة مــا يكــون هنــاك‬

‫‪93‬‬

‫"في معظم الدول‪،‬‬ ‫ُ​ُتفرض رسوم‬ ‫على استخدام‬ ‫أجهزة الصراف‬ ‫اآللي خارج شبكة‬ ‫المصرف الذي أصدر‬ ‫البطاقة‪ ،‬أو على‬ ‫التحويالت الدولية‪،‬‬ ‫ولكن السحب في‬ ‫المصرف نفسه‬ ‫يكون مجانا"‪.‬‬

‫تنظي ــم ص ــارم م ــن قب ــل البن ــوك املركزي ــة‬ ‫أو هيئ ــات الرقاب ــة املالي ــة لتحدي ــد س ــقف‬ ‫الرس ــوم‪ ،‬مم ــا يضم ــن ع ــدم اس ــتغالل‬ ‫الزبائ ــن‪ .‬ه ــذا يح ــد م ــن التباي ــن الك ــبير في‬ ‫الرس ــوم بين املص ــارف‪.‬‬ ‫و تختل ــف الرس ــوم بحس ــب م ــدى تط ــور‬ ‫أنظم ــة الدف ــع اإللكترون ــي‪ ،‬فف ــي بع ــض‬ ‫البل ــدان‪ ،‬ت ــزداد املنافس ــة بين الش ــركات‪،‬‬ ‫مم ــا ي ــؤدي إلى انخف ــاض الرس ــوم أو تقدي ــم‬ ‫ع ــروض مجاني ــة لج ــذب الزبائ ــن؛ وتشج ــع‬ ‫الحكوم ــة على الدف ــع اإللكترون ــي ع ــن طري ــق‬ ‫خف ــض الرس ــوم أو إلغائه ــا تمام ــا لعملي ــات‬

‫معين ــة‪ ،‬مث ــل املدفوع ــات في املحالت‬ ‫التجاري ــة‪ ،‬وذل ــك لتقلي ــل االعتم ــاد على‬ ‫النق ــد‪.‬‬ ‫بــشكل عــام‪ ،‬فــإن التبايــن في االســتقطاعات‬ ‫في الع ـراق يع ــود ب ــشكل أس ــا�سي إلى ضع ــف‬ ‫التنظي ــم املوح ــد وتع ــدد املتدخ ــلين في‬ ‫الس ــوق‪ ،‬مم ــا يتي ــح لكل منه ــم تحدي ــد‬ ‫سياس ــاته الخاص ــة بالرس ــوم‪ ،‬وه ــو م ــا‬ ‫يتسب ــب في إرب ــاك الزبائ ــن‪ ،‬وف ــرض مبال ــغ‬ ‫إضافي ــة ال يع ــرف به ــا الزب ــون لع ــدم‬ ‫توضيحه ــا مس ــبقا فيفاج ــأ باقتط ــاع يع ــده‬ ‫ك ــبيرا م ــن مس ــتحقاته املالي ــة‪.‬‬

‫"بعض الموظفين‬ ‫والمتقاعدين‬ ‫يقولون ان مبالغ‬ ‫اكبر استقطعت من‬ ‫رواتبهم برغم انهم‬ ‫ليست لديهم سلف‬ ‫او ديون‪ ،‬بعضهم‬ ‫يشير الى استقطاع‬ ‫‪ 8‬االف او حتى ‪10‬‬ ‫االف وبعضهم‬ ‫يدعي استقطاع ‪15‬‬ ‫الف دينار من راتبه‬ ‫الشهري" ‪.‬‬

‫‪94‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬ ‫تواجه المصارف العراقية تحديات غير مسبوقة في ظل مجموعة من معايير‬ ‫اإلصالح التي أطلقها البنك المركزي العراقي‪ ،‬التي يراها مراقبون وخبراء‬ ‫اقتصاديون أقرب إلى "شروط تعجيزية منها إلى خطة إصالح واقعية"‪.‬‬

‫الحقيقة خلف الكواليس‪..‬‬ ‫ما ال ُ​ُيروى عن إصالح المصارف العراقية‬

‫وبينم ــا يؤك ــد املختص ــون على أهمي ــة اإلصالح‪،‬‬ ‫يطالبــون بإعــادة النظــر في اآلليــات املعتمــدة‪ ،‬بمــا‬ ‫يتناس ــب م ــع خصوصي ــة الواق ــع الع ـراقي وق ــدرة‬ ‫املص ــارف على النه ــوض بدوره ــا االقتص ــادي‪.‬‬ ‫وكان البنــك املركــزي الع ـراقي وضــع حزمــة معــايير‬ ‫إلصالح القط ــاع املص ــرفي أبرزه ــا زي ــادة رأس‬ ‫املال إلى ‪ 400‬ملي ــار دين ــار قب ــل ‪ 31‬كان ــون األول‪/‬‬ ‫ديس ــمبر ‪ ،2025‬رغ ــم ع ــزوف املستثمري ــن ع ــن‬ ‫االكتت ــاب بأس ــهمها بسب ــب العقوب ــات املفروض ــة‬ ‫عليه ــا‪ ،‬مم ــا يجع ــل تحقي ــق ه ــذا الش ــرط ش ــبه‬

‫مس ــتحيل‪ ،‬بحس ــب الخ ــبير االقتص ــادي أحم ــد‬ ‫عب ــد رب ــه‪.‬‬ ‫مراعاة خصوصية الواقع‬ ‫ويؤك ــد عب ــد رب ــه ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬أن مع ــايير‬ ‫اإلصالح التي وضعه ــا البن ــك املرك ــزي الع ـراقي‪،‬‬ ‫رغــم احتوائهــا على بعــض الجوانــب اإليجابيــة‪ ،‬إال‬ ‫أنه ــا تتضم ــن نقاط ـ ًـًا جوهري ــة تحت ــاج إلى مراجع ــة‬ ‫شــاملة بمــا يتناســب مــع الواقــع املصــرفي الع ـراقي‪.‬‬ ‫ويــشير إلى أن املطالبــة بزيــادة رأس مــال املصــارف‬ ‫إلى ‪ 400‬ملي ــار دين ــار قب ــل نهاي ــة ع ــام ‪،2025‬‬

‫‪95‬‬

‫‪96‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫‪97‬‬

‫الحقيقة خلف الكواليس‪..‬ما ال ُ​ُيروى عن إصالح المصارف العراقية‬ ‫ً‬ ‫""بدًال من فرض شروط‬ ‫الخبير االقتصادي مصطفى الفرج‪:‬‬ ‫مشددة مثل رفع رأس المال ووجود شريك أجنبي‪ ،‬كان من‬ ‫األولى أن يتجه البنك المركزي نحو إعادة جدولة االلتزامات‪،‬‬ ‫وتقديم دعم مالي وفني‪ ،‬وخفض الفوائد‪ ،‬أو حتى طرح حوافز‬ ‫حكومية لتشجيع االكتتاب"‪ .‬للمياه الجوفية"‪.‬‬

‫تع ــد غير منطقي ــة‪ ،‬خصوص ـ ًـًا أن "غالبي ــة ه ــذه‬ ‫املص ــارف معاقب ــة‪ ،‬ومحروم ــة م ــن التعام ــل‬ ‫بال ــدوالر‪ ،‬وأس ــهمها منخفض ــة في الس ــوق املالي‪،‬‬ ‫ـاًال مصرفي ــة ك ــبيرة"‪ ،‬حس ــب‬ ‫وال تمتل ــك أعم ـ ً‬ ‫تع ــبيره‪.‬‬ ‫وفيم ــا يتعل ــق بالجان ــب املالي اآلخ ــر‪ ،‬انتق ــد‬ ‫عب ــد رب ــه ف ــرض رس ــوم تص ــل إلى مليون ــي دوالر‬ ‫على املص ــارف مقاب ــل خدم ــات تقدمه ــا ش ــركات‬ ‫إصالح معتم ــدة‪ ،‬مع ــتب ًرًا أن "ه ــذا املبل ــغ مبال ــغ‬ ‫ـبقًا مــع‬ ‫فيــه‪ ،‬خاصــة أن املصــارف لــم تتفــق مسـ ً‬ ‫البن ــك املرك ــزي على من ــح ه ــذه الش ــركات مبال ــغ‬ ‫به ــذه القيم ــة"‪.‬‬ ‫كم ــا يش ــدد الخ ــبير االقتص ــادي على أن ش ــرط‬ ‫تحدي ــد امللكي ــة بنس ــبة ال تتج ــاوز ‪ 10%‬يع ــد‬ ‫أيض ـ ًـًا غير قاب ــل للتطبي ــق‪ ،‬موضح ـ ًـًا "م ــن غير‬ ‫املنطقــي فــرض هــذا الشــرط في ظــل عــدم وجــود‬ ‫قط ــاع استثم ــاري مس ــتعد للدخ ــول في مص ــارف‬ ‫تعان ــي م ــن خس ــائر"‪.‬‬ ‫ويدع ــو عب ــد رب ــه البن ــك املرك ــزي إلى إش ـراك‬ ‫املص ــارف الخاص ــة في صياغ ــة رؤي ــة إصالحي ــة‬ ‫جدي ــدة تأخ ــذ ب ــعين االعتب ــار "الظ ــروف‬ ‫الخاص ــة التي نش ــأت فيه ــا ه ــذه املص ــارف‪،‬‬ ‫وطبيع ــة ملكيته ــا‪ ،‬والتحدي ــات االقتصادي ــة‬ ‫ـدًا على أهمي ــة تمدي ــد فترة‬ ‫التي تواجهه ــا"‪ ،‬مؤك ـ ً‬ ‫اإلصالح لتك ــون على م ــدى زمني أط ــول‪.‬‬

‫ويح ــذر م ــن إجب ــار املص ــارف على الخ ــروج م ــن‬ ‫النظــام املصــرفي في حــال عــدم تحقيــق الشــروط‪،‬‬ ‫مؤك ــد�ا أن "مث ــل ه ــذا التوج ــه ق ــد يتسب ــب‬ ‫بمشــاكل حقيقيــة للمصــارف واملتعامــلين معهــا"‪.‬‬ ‫ويش ــدد على أن "اإلصالح ــات ضروري ــة‪ ،‬ولك ــن‬ ‫ين ــبغي أن تك ــون واقعي ــة‪ ،‬قابل ــة للتطبي ــق‪،‬‬ ‫ومرتبط ــة بالس ــياق الع ـراقي‪ ،‬ال أن تتح ــول إلى‬ ‫وس ــيلة لتصفي ــة املص ــارف أو تهميش ــها"‪.‬‬ ‫إصالحات "صارمة وتعجيزية"‬ ‫مــن جهتــه‪ ،‬ينتقــد الخــبير االقتصــادي مصطفــى‬ ‫الف ــرج املع ــايير التي وضعه ــا البن ــك املرك ــزي‬ ‫الع ـراقي إلصالح القط ــاع املص ــرفي‪ ،‬واصف ـ ًـًا‬ ‫إياه ــا بـ"الصارم ــة والتعجيزي ــة" في ظ ــل األوض ــاع‬ ‫االقتصادي ــة املعق ــدة التي تم ــر به ــا املص ــارف‬ ‫العراقي ــة‪.‬‬ ‫ويق ــول الف ــرج ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬إن "غي ــاب الدع ــم‬ ‫املباش ــر م ــن البن ــك املرك ــزي للمص ــارف املحلي ــة‬ ‫ي ــثير الك ــثير م ــن التس ــاؤالت‪ ،‬خاص ــة وأن ه ــذه‬ ‫املص ــارف ُ​ُتع ــد ال ــركيزة األساس ــية لالقتص ــاد‬ ‫ال ــوطني"‪.‬‬ ‫ـدًال مــن فــرض شــروط مشــددة‬ ‫ويلفــت إلى أن "بـ ً‬ ‫مث ــل رف ــع رأس املال ووج ــود ش ــريك أج ــنبي‪ ،‬كان‬ ‫م ــن األولى أن يتج ــه البن ــك املرك ــزي نح ــو إع ــادة‬ ‫جدول ــة االلتزام ــات‪ ،‬وتقدي ــم دع ــم م ــالي وفني‪،‬‬ ‫وخفــض الفوائــد‪ ،‬أو حتى طــرح حوافــز حكوميــة‬

‫لتشجي ــع االكتت ــاب"‪.‬‬ ‫ويضي ــف أن القط ــاع املص ــرفي الع ـراقي م ــا زال‬ ‫يتع ــافى م ــن آث ــار العقوب ــات واالضطراب ــات‬ ‫االقتصاديــة‪ ،‬وهــو مــا يجعــل تنفيــذ هــذه املعــايير‬ ‫ـتحيًال‪ ،‬دون وجــود‬ ‫أم ـ ًرًا صعبـ ًـًا‪ ،‬إن لــم يكــن مسـ ً‬ ‫دع ــم واضح م ــن الجه ــات الرس ــمية‪.‬‬ ‫ويؤكــد الفــرج أن معــايير البنــك املركــزي "تعكــس‬ ‫ني ــة صادق ــة لإلصالح‪ ،‬لكنه ــا تصط ــدم بواق ــع‬ ‫اقتص ــادي ومص ــرفي معق ــد‪ ،‬حي ــث ال تمل ــك‬ ‫املص ــارف اإلمكاني ــات املطلوب ــة لاللتزام الكام ــل‬ ‫به ــذه الش ــروط دون مس ــاندة حقيقي ــة"‪.‬‬ ‫ويــشير أيضـ ًـًا إلى أن البيئــة االستثماريــة الحاليــة‬ ‫غير مهي ــأة الس ــتقطاب ش ــركاء أجان ــب‪ ،‬األم ــر‬ ‫ال ــذي يجع ــل العدي ــد م ــن املص ــارف في موق ــف‬ ‫صع ــب‪ ،‬ويه ــدد بدفعه ــا نح ــو التصفي ــة أو‬ ‫ـدًال مــن التمــكين والتطويــر‪.‬‬ ‫االندمــاج القســري بـ ً‬ ‫ويختــم الفــرج بالقــول "إذا كان الهــدف هــو بنــاء‬ ‫قط ــاع مص ــرفي ق ــوي‪ ،‬ف ــإن الطري ــق لذل ــك يب ــدأ‬ ‫م ــن تقدي ــم الدع ــم الف ــعلي‪ ،‬ومراع ــاة الواق ــع‬ ‫الع ـراقي‪ ،‬ووض ــع إصالح ــات قابل ــة للتطبي ــق على‬ ‫مراح ــل‪ ،‬ال م ــن خالل ف ــرض مع ــايير ق ــد ت ــؤدي‬ ‫ـدًال م ــن إنق ــاذه"‪.‬‬ ‫إلى إضع ــاف القط ــاع ب ـ ً‬ ‫جادًا‬ ‫امًا ً‬ ‫شفافية والتز ً‬ ‫بــدوره‪ ،‬يــرى عضــو اللجنــة االقتصاديــة النيابيــة‬ ‫ـزءًا ك ــبي ًرًا م ــن املص ــارف‬ ‫كاظ ــم الش ــمري أن ج ـ ً‬

‫العراقيــة ال تــؤدي دورهــا الحقيقــي كمؤسســات‬ ‫مالي ــة‪.‬‬ ‫ويــشير الشــمري في حديثــه ملجلــة "فــيلي"‪ ،‬إلى أن‬ ‫ـامًال في ال ــبالد‪،‬‬ ‫"م ــن أص ــل ‪ 70‬إلى ‪ 80‬مصرف ـ ًـًا ع ـ ً‬ ‫هن ــاك نح ــو ‪ 30‬مصرف ـ ًـًا معاقب ـ ًـًا‪ ،‬فيم ــا يقتص ــر‬ ‫عم ــل الغالبي ــة الع ــظمى م ــن املص ــارف األخ ــرى‬ ‫على تنفيــذ الحــواالت فقــط دون تقديــم خدمــات‬ ‫مصرفي ــة متكامل ــة مث ــل الودائ ــع‪ ،‬الق ــروض‪ ،‬أو‬ ‫املس ــاهمة في تموي ــل املش ــاريع االستثماري ــة"‪.‬‬ ‫وي ــوضح أن "في ح ــال ت ــم توجي ــه املتابع ــة‬ ‫املباش ــرة م ــن البن ــك املرك ــزي الع ـراقي نح ــو‬ ‫املص ــارف غير املعاقب ــة والتأكي ــد على ض ــرورة‬ ‫استيف ــاء متطلب ــات الش ــركات الدولي ــة‪ ،‬ف ــإن‬ ‫ه ــذه املص ــارف ق ــادرة على االس ــتجابة وااللتزام‬ ‫باملع ــايير املطلوب ــة"‪.‬‬ ‫لكن ــه يح ـ ّـّذر في املقاب ــل م ــن أن ضع ــف املتابع ــة‬ ‫الرس ــمية م ــن قب ــل الجه ــات املعني ــة ق ــد ي ــؤدي‬

‫إلى اس ــتمرار املص ــارف في تجاه ــل متطلب ــات‬ ‫اإلصالح‪ ،‬مضيف ـ ًـًا‪" :‬غي ــاب الرقاب ــة الفعلي ــة ال‬ ‫ُ​ُينت ــج نتائ ــج حقيقي ــة"‪.‬‬ ‫وينتق ــد الش ــمري م ــا وصف ــه بـ"الت ــدخالت‬ ‫السياســية في العمــل املصــرفي"‪ ،‬معــتب ًرًا أن "أحــد‬ ‫أب ــرز معوق ــات اإلصالح في الع ـراق ه ــو التدخ ــل‬ ‫الحكومــي في القطــاع املصــرفي‪ ،‬وهــو مــا يتعــارض‬ ‫م ــع أس ــس النظ ــام املص ــرفي العامل ــي القائ ــم على‬ ‫االس ــتقاللية وحري ــة العم ــل املالي"‪.‬‬ ‫ـائًال "مــن الغريــب أننــا لــم نشــهد معاقبــة‬ ‫ويتابــع قـ ً‬ ‫أي مص ــرف غير ع ـراقي أو لبنان ــي لتعامل ــه م ــع‬ ‫دول مث ــل إي ـران أو جه ــات مصنف ــة باإلره ــاب‪،‬‬ ‫بينم ــا ُ​ُتف ــرض العقوب ــات فق ــط على املص ــارف‬ ‫العراقي ــة واللبناني ــة‪ ،‬وه ــذا األم ــر ال يرتب ــط‬ ‫بسياســات البنــك املركــزي فقــط‪ ،‬بــل بسياســات‬ ‫الدول ــة ككل‪ ،‬وبضغ ــط م ــن جه ــات علي ــا تح ــاول‬ ‫دفــع بعــض املصــارف لالنفتــاح على دول تخضــع‬

‫لعقوب ــات دولي ــة"‪.‬‬ ‫ويش ـ ّـّدد الش ــمري على أن ه ــذه املمارس ــات‬ ‫أض ــرت بالنظ ــام املص ــرفي واملالي الع ـراقي‪،‬‬ ‫ـلبًا على بيئــة‬ ‫وخلقــت مشــاكل حقيقيــة أثــرت سـ ً‬ ‫األعم ــال واالستثم ــار في ال ــبالد‪.‬‬ ‫وفيمــا يتعلــق باملعــايير الدوليــة املفروضــة‪ ،‬ي ـبّين‬ ‫ّ‬ ‫الشــمري أنهــا "معــايير طبيعيــة في بيئــة مصرفيــة‬ ‫مس ــتقرة"‪ ،‬مؤك ــد�ا أن "االلتزام به ــا يمك ــن‬ ‫أن ي ــؤدي إلى تم ــكين م ــالي حقيق ــي‪ ،‬ويس ــاعد‬ ‫املص ــارف العراقي ــة على مس ــايرة نظيراته ــا في‬ ‫املنطق ــة‪ ،‬الس ــيما في دول الخلي ــج"‪.‬‬ ‫وخت ــم بالق ــول "إذا التزم ــت املص ــارف العراقي ــة‬ ‫بالش ــفافية والنزاه ــة‪ ،‬فستتمك ــن م ــن ج ــذب‬ ‫مص ــارف عاملي ــة واستثم ــارات أجنبي ــة كبرى‪،‬‬ ‫وه ــو م ــا سيس ــاهم ب ــشكل ك ــبير في إصالح‬ ‫وتطوي ــر البني ــة املالي ــة للع ـراق"‪.‬‬

‫‪98‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫تحقيق‪..‬‬

‫‪1.4‬‬

‫تريليون‬ ‫دوالر‬

‫في الهواء‬ ‫عقدان من‬ ‫الموازنات‬ ‫المتفجرة في‬ ‫العراق‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪2025‬‬

‫فــيلي‬

‫منذ عام ‪ ،2003‬حين أطاح االجتياح األمريكي بنظام‬ ‫صدام حسين‪ ،‬و ُ​ُد ّ‬ ‫ّشن ما يعرف بالنظام الديمقراطي‬ ‫الجديد‪ ،‬دخل العراق مرحلة مختلفة كلي ً​ًا وتأسس أول‬ ‫مجلس حكم وبعدها برلمان منتخب قبل أن تنطلق‬ ‫عملية كتابة الدستور‪ ،‬لكن خلف هذا الغالف الرسمي‪،‬‬ ‫كانت آلية واحدة تحكم سير البالد وهي الموازنة‬ ‫العامة‪ ،‬التي أثارت الجدل كثير ًاً‪.‬‬

‫كانــت الغايــة مــن املوازنــة االتحاديــة متويــل‬ ‫النفقــات التشــغيلية ومشــاريع اإلعــار العاجلــة‬ ‫يف بلــد أنهكتــه الحــروب والعقوبــات‪ .‬الكهربــاء‪،‬‬ ‫امليــاه‪ ،‬التعليــم‪ ،‬الصحــة‪ ،‬األمــن‪ ،‬والخدمــات؛ كلهــا‬ ‫كانــت عــى الطاولــة‪ .‬لكــن بعــد قرابــة ‪ 20‬عام ـاً‪،‬‬ ‫ال تـزال هــذه امللفــات أولويــة لـ"لنظــام الجديــد"‪،‬‬ ‫ويبحــث الع ـراق عــن حلــول إلحتوائهــا‪.‬‬ ‫ـّي مثــل العـراق‪ ،‬مل يكن مــن املفرتض أن‬ ‫يف بلـ ٍ​ٍد غنـ ّ‬ ‫تعــاين الـمدن مــن العطــش‪ ،‬أو أن تغــرق الشــوارع‬ ‫ز�ـّة مطــر‪ ،‬أو أن ُ​ُيطفــأ النــور كل ســاعة‬ ‫مــع أول خ‬ ‫لعــدم وجــود كهربــاء‪ .‬لكــن كل هــذه املشــاهد مــا‬ ‫زالــت مألوفــة يف يوميــات العراقــيني‪.‬‬ ‫وبيــنام كانــت الشــعارات الرســمية َ​َتعــد بــاإلعامر‬ ‫والنهــوض‪ ،‬كانــت األمــوال ُتُســحب‪ ،‬واملشــاريع‬ ‫ُتُع�لـّق‪ ،‬والفســاد ُ​ُيق ن�ـَن‪ .‬فهــل ميكــن أن تفشــل‬ ‫دولــة متتلــك هــذا الحجــم مــن الـموارد بهــذه‬ ‫الطريقــة؟ اإلجابــة‪ ،‬كام تكشــفها مراجعــة خاصــة‬

‫‪99‬‬

‫‪100‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪101 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫‪ 1.4‬تريليون دوالر في الهواء‪..‬‬ ‫ملجلــة «فــييل»‪.‬‬ ‫‪ 1.396‬ترليون دوالر‪ :‬هل ُ​ُبنيت الدولة؟‬ ‫قامــت مجلــة «فــييل» بجــر ٍ​ٍد دقيــق لــكل‬ ‫املوازنــات العراقيــة مــن عــام ‪ 2006‬حتــى‬ ‫‪ ،2024‬وهــي الــفرتة التــي توفــرت فيهــا‬ ‫بيانــات حكوميــة علنيــة‪ .‬النتيجــة كانــت‪1 :‬‬ ‫تريليــون و‪ 396.6‬مليــار دوالر‪:‬‬ ‫ ‪ :2006‬بلغــت املوازنــة ‪ 34‬مليــار دوالر‪،‬‬‫وكانــت بســيطة‪ ،‬تفتقــر للتفصــيالت‬ ‫املعقــدة‪.‬‬ ‫‪ :2009--2007‬اســتقرت املوازنــات بني ‪41‬‬ ‫و‪ 43‬مليــار دوالر‪ ،‬مــع غيــاب أي تحــوالت‬

‫نوعيــة‪.‬‬ ‫‪ :-2010‬قفــزت املوازنــة إىل ‪ 72.5‬مليــار‬ ‫دوالر‪ ،‬وظهــرت عىل الــورق مشــاريع إعامر‬ ‫مل ُتُنفــذ حتــى اليــوم‪ ،‬مثــل إعــادة بنــاء‬ ‫مدينــة الصــدر يف بغــداد أو مشــاريع إعامر‬ ‫الــبرصة ونينــوى وميســان‪.‬‬ ‫‪ :2013–-2011‬تضخمــت املوازنــات إىل أن‬ ‫بلغــت ‪ 115‬مليــار دوالر يف ‪.2013‬‬ ‫‪ :-2014‬غابــت املوازنــة بالكامــل بســبب‬ ‫اجتيــاح تنظيــم داعــش ومحاولــة متريــر‬ ‫النفقــات وفــق قاعــدة ‪.12/1‬‬ ‫‪ :2019–-2015‬تراوحــت بــن ‪ 66‬و‪112‬‬

‫مليــار دوالر‪ ،‬مــع صعــود وهبــوط وفقــاً‬ ‫ألســعار النفــط واالضطرابــات السياســية‪.‬‬ ‫‪ :-2020‬ال موازنــة مجــددًاً‪ ،‬بســبب‬ ‫اضطرابــات ترشيــن واســتقالة حكومــة عبــد‬ ‫املهــدي‪.‬‬ ‫قّرت موازنة بـ‪ 89.6‬مليار دوالر‪.‬‬ ‫‪ُ​ُ :-2021‬أ ّ‬ ‫‪ :-2022‬غابــت املوازنــة للمــرة الثالثــة نتيجة‬ ‫االنســداد السيايس‪.‬‬ ‫‪ :-2023‬شــهد العـراق أعىل رقــمني يف تاريخه‬ ‫املايل‪ ،‬حيــث بلغــت املوازنــة العامــة لعــام‬ ‫‪ 2023‬نحــو ‪ 153‬مليــار دوالر‪ ،‬وتبعهــا عــام‬ ‫‪ 2024‬مبوازنــة بلغــت ‪ 155‬مليــارًاً‪ ،‬ضمــن‬ ‫مــا ُ​ُيعــرف باملوازنــة الثالثيــة التــي ُ​ُأقــرت‬ ‫لتغطــي األعــوام ‪.2025–2023‬‬

‫خرباء اقتصــاد تحدثــت معهــم مجلــة‬ ‫«فــييل» قالــوا إن هــذه األرقــام كانــت كافية‬ ‫لبنــاء شــبكة ســدود وطنيــة‪ ،‬وإعــادة تأهيــل‬ ‫شــبكة الكهربــاء‪ ،‬وإنشــاء مجــا ٍ​ٍر حديثــة‬ ‫لجميــع الـمدن‪ ،‬وتطويــر قطــاع النقــل‪ ،‬بــل‬ ‫وربـما تأســيس صنــدوق ســيادي لألجيــال‪،‬‬ ‫"لكــن الوضــع مــا زال يــراوح مكانــه"‪.‬‬ ‫جفاف ومياه آسنة‬ ‫اليــوم‪ ،‬يعــاين العــراق مــن أشــد موجــات‬ ‫الجفــاف يف تاريخــه الحديــث‪ .‬مــدن بأكملها‬ ‫مثــل الــعامرة والنارصيــة والــبرصة‪ ،‬تعــاين‬ ‫مــن انقطاعــات امليــاه وتص�ح ـّر األرايض‪ ،‬مــع‬ ‫انخفــاض حــاد يف اإلنتــاج الزراعــي وانهيــار‬ ‫الرثوات الحيوانيــة والســمكية‪.‬‬

‫لكــن املفارقــة تكمــن يف أن تكلفــة بنــاء‬ ‫ســّدي الــبرصة ومكحــول ال تتجــاوز ‪4‬‬ ‫ّ‬ ‫مليــارات دوالر‪ ،‬بحســب مســؤول يف وزارة‬ ‫الـموارد املائيــة‪ ،‬بيــنام أنفقــت الــبالد مئــات‬ ‫أضعــاف ذلــك خالل ‪ 18‬ســنة‪.‬‬ ‫ ســد الــبرصة‪ :‬تــم الحديــث عنــه عرشات‬‫الـمرات‪ ،‬وتبلــغ كلفتــه التقديريــة ‪ 1.1‬مليــار‬ ‫دوالر‪ ،‬ومل ُ​ُينجــز‪.‬‬ ‫ ســد مكحــول‪ :‬أعلــن عنــه وزيــر املــوارد‬‫املائيــة عــام ‪ ،2022‬وكلفتــه التقديريــة‬ ‫‪ 3‬مليــارات دوالر‪ ،‬وال يــزال عالقــاً بــن‬ ‫الدراســات والتخصيصــات‪.‬‬ ‫وقــد حــذرت دراســات بيئيــة محليــة وأممية‬ ‫مــن أن الع ـراق ســيدخل خــال ‪ 5‬ســنوات‬

‫« بلغت موازنات‬ ‫العراق خالل هذه‬ ‫الفرتة ما يقارب ‪1.396‬‬ ‫تريليون دوالر‪ ،‬في‬ ‫وقت لم يتجاوز فيه‬ ‫عدد سكانه ‪ 44‬مليون‬ ‫نسمة‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬ال‬ ‫تزال البالد تعاني من‬ ‫بنى تحتية متهالكة‪،‬‬ ‫وانقطاعات مزمنة في‬ ‫الكهرباء‪ ،‬وأزمة مائية‬ ‫خانقة‪ ،‬واقتصاد ريعي‬ ‫غري منتج »‪.‬‬

‫‪102‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪103 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫‪ 1.4‬تريليون دوالر في الهواء‪..‬‬ ‫"املرحلــة الحرجــة مــن الفقــر املــايئ"‪ ،‬دون‬ ‫أن يقابــل ذلــك بخطــط تنفيذيــة حقيقيــة‪.‬‬ ‫باملقابــل‪ ،‬ومــع أول موجــة أمطــار‪ ،‬تتحــول‬ ‫بغــداد العاصمــة مث ـ ًا‪ ،‬باإلضافــة إىل مــدن‬ ‫رئيســية أخــرى إىل بحــرات آســنة‪ ،‬تكشــف‬ ‫عــن غيــاب شــبكات رصف فعالــة‪ .‬مشــاريع‬ ‫املجــاري‪ ،‬التــي تعتــر مــن أســهل البنــى‬ ‫التحتيــة تنفيــذاً‪ ،‬تحولــت إىل مراكــز للهــدر‬ ‫والفســاد‪:‬‬ ‫مــروع مجــاري الحلــة الكبــر‪ :‬توقــف‬‫لعــر ســنوات‪ ،‬ثــم ُأحيــل مجــدداً عــام‬ ‫‪ ،2019‬بكلفــة ‪ 380‬مليــار دينــار (نحــو ‪290‬‬ ‫مليــون دوالر)‪.‬‬ ‫مــروع مجــاري قضــاء الســنية (الديوانية)‪:‬‬‫أحيــل بكلفــة ‪ 34‬مليــار دينــار (نحــو ‪26‬‬ ‫مليــون دوالر)‪.‬‬ ‫يقــول الخــراء االقتصاديــون إن "هــذه‬ ‫املشــاريع وحدهــا توضــح أن املليــارات ال‬ ‫تذهــب إىل بنــاء حقيقــي‪ ،‬بــل إىل عقــود‬ ‫تتوقــف يف منتصــف الطريــق‪ ،‬أو تتحــول إىل‬ ‫واجهــات فســاد‪ ،‬دون رقابــة فعالــة"‪.‬‬ ‫كهرباء بـ‪ 17‬مليار دوالر‬ ‫يف بلــد ُيعــد مــن أكــر منتجــي النفــط‬ ‫عامليــاً‪ ،‬ال تــزال الكهربــاء مقطوعــة لعــدة‬ ‫ســاعات يوميــاً يف معظــم املناطــق‪ .‬بعــد‬ ‫‪ ،2003‬اشــرى العــراق محطــات تعمــل‬ ‫بالغــاز دون امتالكــه البنــى التحتيــة الالزمــة‬ ‫لتوفــر الغــاز‪ ،‬ليضطــر الحقــاً إىل اســترياده‬ ‫مــن إيــران‪ ،‬يف صفقــة منــذ ‪ 2017‬بلغــت‬ ‫تكلفتهــا ‪ 17‬مليــار دوالر‪.‬‬ ‫ومن النامذج عىل اإلنفاق‪:‬‬ ‫ موازنــة ‪ :2021‬تضمنــت قروضــاً بقيمــة‬‫‪ 145‬مليــون دوالر‪ ،‬و‪ 100‬مليــون أخــرى‬ ‫لصيانــة محطــات كهربائيــة‪.‬‬ ‫ محطــة الــدورة يف بغــداد‪ُ :‬رصــد لهــا مبلــغ‬‫‪ 301‬مليــون دوالر للصيانــة فقــط‪ ،‬دون‬ ‫تحســن يف اإلنتــاج الفعــي‪.‬‬

‫يكشــف تتبــع املشــاريع والعقــود أن قس ـ ً‬ ‫ا‬ ‫كبــراً مــن املوازنــات مل ُينفــق فعليــاً عــى‬ ‫مــا ُكتــب فيهــا‪ .‬ومــن أبــرز فضائــح الفســاد‪:‬‬ ‫لغيــت‬ ‫ صفقــة التســليح الروســية (‪ُ :)2012‬أ َ‬‫الحقــاً وســط اتهامــات بعمــوالت ورىش‬ ‫بقيمــة ‪ 4.2‬مليــار دوالر‪.‬‬ ‫ رسقــة القــرن (‪ُ :)2022‬رُسقــت ‪ 2.5‬مليــار‬‫دوالر مــن أمــوال هيئــة الرضائــب‪ ،‬واتُهــم‬ ‫فيهــا رجــال أعــال وأجنحــة سياســية نــور‬ ‫زهــر‪ ،‬الــذي ُأفــرج عنــه الحقــاً بكفالــة‬ ‫واســتعاد ممتلكاتــه‪.‬‬ ‫تهريــب العملــة‪ :‬قبــل تدخــل واشــنطن عــام‬ ‫‪ ،2022‬كانــت عمليــات التحويــل والتهريــب‬ ‫املــايل تتــم عــر مصــارف مرتبطــة بسياســيني‬ ‫نافذيــن‪ ،‬مــا اضطــر الواليــات املتحــدة‬

‫" بعد ‪ ،2003‬اشترى‬ ‫العراق محطات‬ ‫تعمل بالغاز دون‬ ‫امتالكه البنى‬ ‫التحتية الالزمة‬ ‫لتوفير الغاز‪ ،‬ليضطر‬ ‫الحقًا إلى استيراده‬ ‫ً‬ ‫من إيران‪ ،‬في‬ ‫صفقة منذ ‪2017‬‬ ‫بلغت تكلفتها ‪17‬‬ ‫مليار دوالر"‪..‬‬

‫إىل فــرض نظــام رقابــة دويل عــى النظــام‬ ‫املــريف العراقــي‪.‬‬ ‫دولة املوظفني‬ ‫أحــد أبــرز تحديــات املوازنــات هــو حجــم‬ ‫النفقــات التشــغيلية‪ ،‬والتــي تتضمــن‬ ‫الرواتــب والتقاعــد والحاميــات واملخصصات‬ ‫الخاصــة‪ .‬يبلــغ عــدد املوظفــن أكــر مــن‬ ‫‪ 4‬ماليــن موظــف حكومــي‪ ،‬مــع نحــو ‪2‬‬ ‫مليــون متقاعــد‪ ،‬بحســب أرقــام رســمية‬ ‫متضاربــة‪.‬‬

‫وقــد كشــف رئيــس الــوزراء محمــد شــياع‬ ‫الســوداين أن الرواتــب وحدهــا بلغــت العــام‬ ‫املــايض ‪ 64‬تريليــون دينــار‪ ،‬أي مــا يعــادل‬ ‫‪ 49‬مليــار دوالر‪.‬‬ ‫أمــا مجلــس النــواب‪ ،‬فكشــف تحقيــق‬ ‫ســابق ملجلــة «فيــي» أن كلفتــه الرتاكميــة‬ ‫منــذ ‪ 2006‬بلغــت نحــو ‪ 426‬مليــار دينــار‬ ‫(أكــر مــن ‪ 325‬مليــون دوالر)‪ ،‬بــن رواتــب‬ ‫وبــدالت وحاميــات‪.‬‬ ‫عــى مــدى ‪ 18‬عام ـاً‪ ،‬أنفــق الع ـراق قرابــة‬

‫‪ 1.4‬تريليــون دوالر يف موازناتــه العامــة‪،‬‬ ‫وهــو رقــم ضخــم باملعايــر اإلقليميــة‪ ،‬بــل‬ ‫ويتجــاوز مجمــوع موازنــات بعــض دول‬ ‫الجــوار يف الفــرة نفســها‪.‬‬ ‫بينــا متكنــت دول مثــل الســعودية وتركيــا‬ ‫وإيــران مــن بنــاء قطاعــات إنتاجيــة‪،‬‬ ‫وتوســيع شــبكات البنيــة التحتيــة‪ ،‬وتحســن‬ ‫قطاعــات التعليــم والصحــة‪ ،‬ال ت ـزال مــدن‬ ‫العــراق غارقــة يف امليــاه اآلســنة‪ ،‬واملــزارع‬ ‫مشــلولة‪ ،‬والكهربــاء مقطوعــة‪ ،‬والســدود‬

‫عــى الــورق‪.‬‬ ‫مقارنة رقمية‬ ‫عنــد مقارنــة مجمــوع املوازنــات التــي‬ ‫أنفقتهــا دول املنطقــة بــن عامــي ‪2006‬‬ ‫و‪ ،2024‬يظهــر أن الع ـراق أنفــق مــا يفــوق‬ ‫دوالً ذات تعــداد ســكاين أكــر واقتصــادات‬ ‫أكــر تنو ًعــا‪ .‬فقــد بلغــت موازنــات الع ـراق‬ ‫خــال هــذه الفــرة مــا يقــارب ‪1.396‬‬ ‫تريليــون دوالر‪ ،‬يف وقــت مل يتجــاوز فيــه‬ ‫عــدد ســكانه ‪ 44‬مليــون نســمة‪ .‬ومــع‬ ‫ذلــك‪ ،‬ال تـزال البــاد تعــاين مــن بنــى تحتيــة‬ ‫متهالكــة‪ ،‬وانقطاعــات مزمنــة يف الكهربــاء‪،‬‬ ‫وأزمــة مائيــة خانقــة‪ ،‬واقتصــاد ريعــي غــر‬ ‫منتــج‪.‬‬ ‫يف املقابــل‪ ،‬أنفقــت تركيــا التــي تعــاين مــن‬ ‫مشــكالت اقتصاديــة حــوايل ‪ 1.2‬تريليــون‬ ‫دوالر عــى مــدى املــدة نفســها‪ ،‬رغــم أن‬ ‫عــدد ســكانها يفــوق ‪ 85‬مليــون نســمة‪،‬‬ ‫أي مــا يقــارب ضعــف الع ـراق‪ .‬إال أن هــذه‬ ‫األمــوال تُرجمــت إىل شــبكة طــرق وســكك‬ ‫حديديــة متطــورة‪ ،‬واكتفــاء غــذايئ‪ ،‬وقاعــدة‬ ‫صناعيــة واســعة‪.‬‬ ‫أمــا إيــران املكبلــة بالعقوبــات الدوليــة‪،‬‬ ‫فأنفقــت مــا يقــارب ‪ 1.1‬تريليــون دوالر‬ ‫وبنســمة تفــوق ال‪ 90‬مليونــاً‪ ،‬ومــع ذلــك‬ ‫متكنــت مــن تحقيــق اكتفــاء دوايئ وزراعــي‪،‬‬ ‫وبنــاء صناعــة دفاعيــة محليــة‪ ،‬وزيــادة‬ ‫إنتاجهــا مــن الغــاز والنفــط دون االعتــاد‬ ‫الخارجــي الكامــل‪.‬‬ ‫وتــأيت الســعودية يف مقدمــة الــدول إنفا ًقــا‪،‬‬ ‫مبجمــوع موازنــات يصــل إىل ‪ 2.2‬تريليــون‬ ‫دوالر‪ ،‬لكنهــا أيضً ــا حققــت نتائــج ميدانيــة‬ ‫واضحــة‪ :‬بنيــة تحتيــة حديثــة‪ ،‬إطــاق‬ ‫مشــاريع عمالقــة مثــل مدينــة نيــوم‪،‬‬ ‫وتأســيس صنــدوق اســتثامرات ســيادية‬ ‫ُقــدر قيمتــه بنحــو ‪ 800‬مليــار دوالر‪.‬‬ ‫ت َّ‬ ‫مالحظــة‪ :‬جميــع األرقــام تقديريــة اســتنا ًدا‬ ‫إىل تقاريــر وزارات املاليــة‪ ،‬البنــك الــدويل‪،‬‬ ‫وصناديــق الســيادة الوطنيــة‬

‫‪104‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫‪105‬‬ ‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪105 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫االستثمار السكني في العراق‪..‬‬ ‫احتياجات المواطن تصطدم بالبيروقراطية وتحديات الواقع‬

‫فــيـلـــي‬ ‫يواجه قطاع االستثمار‬ ‫السكني في العراق‬ ‫تحديات كثيرة في ظل‬ ‫أزمة سكن واسعة‬ ‫تتجاوز ثالثة ماليين‬ ‫وحدة‪ ،‬تبدأ من فقدان‬ ‫ثقة المواطن في‬ ‫إنجاز المشاريع وغياب‬ ‫الضوابط التي تحمي‬ ‫حقه‪ ،‬إلى وجود خلل‬ ‫هيكلي في فلسفة هذا‬ ‫النوع من االستثمار الذي‬ ‫يهدف إلى تحقيق أرباح‬ ‫سريعة على حساب‬ ‫العدالة االجتماعية‪،‬‬ ‫بحسب مختصين‪.‬‬ ‫ويف املقابــل‪ ،‬تؤكــد الحكومــة أن التوجــه‬ ‫نحــو املســتثمرين واملطوريــن ُ​ُيعــد مــن‬ ‫الحلــول الناجحــة ملعالجــة أزمــة الســكن‪،‬‬ ‫عرب تطبيــق رؤيــة مختلفــة عــن الســابق‬ ‫تحقــق التــوازن بني دعــم مشــاريع اإلســكان‬ ‫لــذوي الدخــل املحــدود وتشــجيع القطــاع‬ ‫الخــاص واملســتثمرين عىل املشــاركة‬ ‫مقــّرة بوجــود تحديــات كــثرية‬ ‫فيهــا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫أبرزهــا التجــاوزات الحاصلــة عىل األرايض‬ ‫املســتهدفة لالســتثامر‪.‬‬

‫وبهــذا الســياق‪ ،‬يشــّخّ ص الخــبري االقتصادي‪،‬‬ ‫مصطفــى الفــرج‪" ،‬وجــود أزمــة ثقــة‬ ‫حقيقيــة بني املواطــن واملســتثمر‪ ،‬وهــذه‬ ‫األزمــة تفاقمــت بفعــل املشــاريع التــي مل‬ ‫ُتُنجــز‪ ،‬والوعــود التــي مل ُتُنفــذ‪ ،‬وانعــدام‬ ‫الضوابــط التــي تحمــي حــق املواطــن يف‬ ‫الســكن الكريــم"‪.‬‬ ‫ويوضــح الفــرج لوكالــة مجلــة «فــييل»‪،‬‬ ‫أن "املواطــن العراقــي أصبــح يشــعر بــأن‬ ‫االســتثامر الســكني ال ُ​ُيراعــي احتياجاتــه‪،‬‬

‫بــل �ي ـُدار مبنطــق تجــاري بحــت داخــل‬ ‫بيئــة تفتقــر إىل الشــفافية والعدالــة"‪.‬‬ ‫ومــا يزيــد من حجــم الفجــوة‪ ،‬وفــق الفرج‪،‬‬ ‫أن "نحــو ‪ 70‬إىل ‪ 80%‬مــن املجمعــات‬ ‫أراٍض خرضاء‬ ‫الســكنية الحاليــة ُ​ُأقيمــت عىل ٍ‬ ‫أو زراعيــة‪ ،‬رغــم أن العقــود تتحــدث عــن‬ ‫مســاحات خرضاء ومتنزهــات‪ ،‬لكــن الواقــع‬ ‫يكشــف اســتغالل أغلــب هــذه املســاحات‬ ‫يف البنــاء‪ ،‬يف ظــل غيــاب رقابــة حقيقيــة‬ ‫مــن الجهــات املعنيــة"‪.‬‬

‫واألخطــر مــن ذلــك‪ ،‬بحســب املختــص‪ ،‬أن‬ ‫الوحــدات الســكنية "ال ُتُبنــى للفقــراء أو‬ ‫أصحــاب الدخــل املحــدود‪ ،‬بــل تذهــب‬ ‫ملتنفذيــن مــن السياســيني والتجــار‬ ‫والفاســدين"‪.‬‬ ‫ويضيــف الفــرج‪ ،‬أنــه "حتــى يف ظــل‬ ‫أراٍض مجانيــة‪،‬‬ ‫حصــول املســتثمر عىل‬ ‫ٍ‬ ‫وإعفــاءات جمركيــة وماليــة ضخمــة عىل‬ ‫الـمواد األوليــة‪ ،‬نجــد أن أســعار الوحــدات‬ ‫تصــل إىل أرقــام خياليــة – ال تقــل عــن‬

‫‪106‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪107 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫االستثمار السكني في العراق‪..‬‬

‫أن مجموع المولدات‬ ‫في العراق يبلغ ‪ 49‬ألف‬ ‫مولدة مسجلة بحسب‬ ‫وزارة التخطيط‪ ،‬فهذا‬ ‫يعني بان مجموع‬ ‫االستهالك اليومي‬ ‫للمياه يبلغ ‪ 196‬مليون‬ ‫لتر من المياه العذبة‪.‬‬

‫أكثر من ‪ %70‬من‬ ‫سكان العراق «واقليم‬ ‫كوردستان» يعتمدون‬ ‫على مولدات الكهرباء‬ ‫االهلية والخاصة‪.‬‬

‫ألــف دوالر للــمرت الواحــد يف بغــداد – وهــو‬ ‫مــا �ي ـُقيص رشيحــة املوظــفني والطبقــات‬ ‫املتوســطة مــن إمكانيــة التملــك"‪.‬‬ ‫ويــرى الفــرج‪ ،‬أن مــا يجــري اليــوم هــو‬ ‫"خلــل هيــكيل يف فلســفة االســتثامر‬ ‫الســكني‪ ،‬حيــث ال ُتُو�ج ـّه املشــاريع لحــل‬ ‫أزمــة الســكن الفــعيل‪ ،‬بــل لتحقيــق أربــاح‬ ‫رسيعــة عىل حســاب العدالــة االجتامعيــة"‪.‬‬ ‫ونتيجــة لذلــك‪ ،‬يدعــو الخــبري االقتصــادي‪،‬‬ ‫الحكومــة والجهــات املختصــة إىل إعــادة‬

‫النظــر يف سياســات توزيــع األرايض‬ ‫والتخطيــط الــحرضي‪ ،‬وضامن توجيــه‬ ‫املشــاريع الســكنية نحــو الرشيحــة األهــم‬ ‫يف املجتمــع‪" ،‬وهــم أصحــاب الدخــل‬ ‫املحــدود واملوظــفني‪ ،‬فهــم األوىل بالحصــول‬ ‫ســكٍن كريــم يف وطنهــم"‪.‬‬ ‫عىل‬ ‫ٍ‬ ‫مــن جانبــه‪ ،‬يــرى نائــب رئيــس لجنــة‬ ‫االســتثامر النيابيــة‪ ،‬حــسني الســعربي‪ ،‬أن‬ ‫"الثقــة باملجمعــات الســكنية ارتفعــت وزاد‬ ‫اإلقبــال عىل الرشاء فيهــا خالل الســنوات‬

‫الــثالث املاضيــة‪ ،‬وبالتــايل بــدأت األزمــة‬ ‫تتجــه إىل الحــل تدريجيــًاً‪ ،‬لكــن هــذا ال‬ ‫ينفــي وجــود الكــثري مــن املشــاكل التــي‬ ‫تواجــه املســتثمرين وأبرزهــا العقبــات‬ ‫الحكوميــة"‪.‬‬ ‫ويرشح الســعربي لوكالــة مجلــة «فــييل»‪،‬‬ ‫أن "املســتثمر عندمــا يحصــل عىل اإلجــازة‬ ‫واملوافقــات كاملــة يصطــدم بعمليــات‬ ‫االبتــزاز وعــدم إيصــال الخدمــات مــن‬ ‫الكهربــاء وامليــاه واملجــاري‪ ،‬وبالتــايل يظــل‬

‫املســتثمر يف هــذه الدوامــة"‪.‬‬ ‫وعــن دور قانــون االســتثامر يف ضبــط‬ ‫املشــاريع االســتثامرية‪ ،‬يؤكــد النائــب‪،‬‬ ‫أن "قانــون االســتثامر يشــدد عىل الرقابــة‬ ‫واملحاســبة ويحــدد آليــات ســحب اإلجــازة‬ ‫والغرامــات التأخرييــة‪ ،‬لكــن املشــكلة‬ ‫الحقيقيــة ليســت مــن طــرف املســتثمر"‪.‬‬ ‫ويوضــح‪ ،‬أن "أغلــب املعوقــات واملشــاكل‬ ‫هــي مــن الدوائــر املعنيــة‪ ،‬مــن وزارة‬ ‫املاليــة وعقــارات الدولــة والبلديــات واملياه‬

‫واملجــاري‪ ،‬ومؤخــرًاً تـمت إضافــة الدفــاع‬ ‫الـمدين بتــوفري رشوط السالمــة املدنيــة‬ ‫بعــد حريــق (الهــايرب ماركــت) يف محافظــة‬ ‫واســط"‪.‬‬ ‫مــن جهتــه‪ ،‬يعــترب املتحــدث باســم وزارة‬ ‫اإلعامر واإلســكان‪ ،‬نبيــل الصفــار‪ ،‬أن‬ ‫"التوجــه نحــو املســتثمرين واملطوريــن‬ ‫ملعالجــة أزمــة الســكن‪ ،‬تجربــة واعــدة يف‬ ‫الــبالد وحديثــة العهــد‪ ،‬مــن خالل اســتثامر‬ ‫مســاحات واســعة إلنشــاء مــدن كربى‬ ‫وليــس مجــرد مجمعــات ســكنية"‪.‬‬ ‫ويؤكــد الصفــار لوكالــة مجلــة «فــييل»‪،‬‬ ‫أن "هــذه الـمدن ســتوفر آالف الوحــدات‬ ‫الســكنية باإلضافــة إىل صيــغ رشاكــة‬ ‫جديــدة تــم إبرامهــا مــع املطوريــن‬ ‫واملســتثمرين متثلــت باعطــاء الدولــة نســبة‬ ‫أراٍض‬ ‫مــن هــذه الوحــدات الســكنية ســواء ٍ‬ ‫مخدومــة أو وحــدات ســكنية تســتطيع‬ ‫مــن خاللهــا الدولــة دعــم الفئــات الفــقرية‬ ‫وذوي الدخــول املحــدودة يف حصولهــم عىل‬ ‫الســكن املالئــم"‪.‬‬ ‫ويوضــح الصفــار أن "هــذا مل يكــن معمـ ً‬ ‫ـوًال‬ ‫بــه ســابقًاً‪ ،‬إذ كانــت مُتم نــح اإلجــازات‬ ‫االســتثامرية لبنــاء مجمعــات ســكنية داخــل‬ ‫الـمدن بصــورة عشــوائية ودون اعطــاء أي‬ ‫حصــة للدولــة فيهــا‪ ،‬وســاهمت هــذه‬ ‫املجمعــات يف الضغــط الكــبري عىل خدمــات‬ ‫البنــى التحتيــة"‪.‬‬ ‫لــذا‪ ،‬بحســب الصفــار‪" ،‬كان مــن الرضوري‬ ‫إيجــاد رؤيــة مختلفة يف اســتثامر مســاحات‬ ‫األرايض املوجــودة والتــي مل تخـ ُ‬ ‫ـُل من وجود‬ ‫تحديــات كــثرية فيهــا‪ ،‬متثلــت يف التجــاوزات‬ ‫الحاصلــة عىل تلــك األرايض‪ ،‬مام تطلــب‬ ‫جه ـدًاً مضاعف ـًاً إلزالتهــا وتهيئتهــا إلعالنهــا‬ ‫كفــرص اســتثامرية"‪.‬‬ ‫ويؤكــد أن "هــذا مــا تعمــل عليــه الحكومــة‬ ‫الحاليــة حيــث تــم تكليــف وزارة اإلعامر‬ ‫واإلســكان والبلديــات العامــة مــن خالل‬ ‫هيئــة تنفيــذ الـمدن الســكنية (وهــي إحدى‬ ‫الهيئــات التــي تــم اســتحداثها مؤخــرًاً)‬ ‫وبالتعــاون مــع الهيئــة الوطنيــة لالســتثامر‬ ‫واملحافظــات كافــة‪ ،‬لتهيئــة متطلبــات‬

‫إنشــاء الـمدن يف املحافظــات كافــة‪ ،‬ووضــع‬ ‫مواصفــات للمــدن الجديــدة وفــق املعــايري‬ ‫البيئيــة والحرضيــة"‪.‬‬ ‫ويــشري إىل أن "هيئــة تنفيــذ املدن الســكنية‬ ‫اســتطاعت جــذب عــدد مــن املطوريــن‬ ‫واملســتثمرين مــن العراقــيني والعــرب‬ ‫واألجانــب ممــن لديهــم تجــارب ســابقة‬ ‫داخــل وخــارج العــراق"‪.‬‬ ‫كام يلفــت الصفــار إىل "تأليــف فريق إنشــاء‬ ‫الـمدن الســكنية الجديــدة مبوجــب قــرار‬ ‫مجلــس الــوزراء املرقــم (‪ )123121‬لســنة‬ ‫‪ ،2023‬ويتــوىل هــذا الفريــق التخطيــط‬ ‫والعمــل واإلرشاف عىل تأســيس الـمدن‬ ‫الجديــدة‪ ،‬وإيجــاد بيئــة حيويــة إلنجاحهــا‪،‬‬ ‫بـما يف ذلــك األرايض املحيطــة مبطــار بغــداد‬ ‫أو األرايض املميــزة يف املحافظــات"‪.‬‬ ‫ويهــدف الفريــق‪ ،‬وفق الصفــار‪ ،‬إىل "تحقيق‬ ‫التــوازن بني دعــم مشــاريع اإلســكان لــذوي‬ ‫الدخــل املحــدود وتشــجيع القطــاع الخــاص‬ ‫واملســتثمرين عىل املشــاركة يف إنشــاء‬ ‫الـمدن الجديــدة وتــوفري الخدمــات ورفــع‬ ‫جودتهــا"‪.‬‬ ‫وينـ ّـّوه إىل أن "إنشــاء هــذه الـمدن يراعــى‬ ‫فيهــا ذوي الدخــل املحــدود بإنشــاء دور‬ ‫واطئــة الكلفــة ضمنهــا‪ ،‬ملعالجــة مشــكلة‬ ‫الســكن والتخفيــف مــن حدتهــا وتــوفري‬ ‫قطــع أرايض ســكنية للمواطــنني"‪.‬‬ ‫وباإلضافــة إىل مــا ســبق‪ ،‬أعلــن الصفــار‪ ،‬عن‬ ‫"إحالــة ســت مــن هــذه الـمدن للتنفيــذ‪،‬‬ ‫ثالث منهــا يف بغــداد وواحــدة يف كل مــن‬ ‫نينــوى وكــربالء وبابــل‪ ،‬وهنــاك ثالث مــدن‬ ‫أخــرى قيــد اإلحالــة‪ ،‬والعمــل مســتمر‬ ‫أراٍض جديــدة يف كل املحافظــات‬ ‫بتهيئــة ٍ‬ ‫لغــرض بنــاء مــدن أخــرى"‪.‬‬ ‫حيــث تقــوم اللجــان املشــكلة برئاســة‬ ‫ممــثيل دوائــر عقــارات الدولــة يف‬ ‫املحافظــات ودوائــر البلديــات ودوائــر‬ ‫التســجيل العقــاري ودوائــر الزراعــة‪،‬‬ ‫بالعمــل عىل إكامل إجــراءات نقــل ملكيــة‬ ‫قطــع األرايض التــي تقــع ضمــن حــدود‬ ‫الـمدن الجديــدة‪ ،‬بحســب مــا قالــه الصفــار‬ ‫يف ختــام حديثــه‪.‬‬

‫‪108‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪109 2025‬‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫مع تحسن األوضاع األمنية في العراق خالل السنوات األخيرة‪ ،‬بدأت‬ ‫تتشكل مالمح بيئة أكثرجاذبية لالستثمار‪ ،‬مدفوعة بانخفاض مستوى‬ ‫التهديدات اإلرهابية واستعادة االستقرارفي معظم املحافظات‪.‬‬

‫العراق يفتح كنوزه أمام االستثمار‬

‫رغم الحاجة لـاإلصالحات‬

‫وي ــرى خبراء ومس ــؤولون اقتصادي ــون‪ ،‬أن‬ ‫شّكل نقط ــة ان ــطالق حقيقي ــة‬ ‫ه ــذا التح ــول ّ‬ ‫نح ــو إع ــادة بن ــاء الثق ــة في الس ــوق العراقي ــة‪،‬‬ ‫الســيما في القطاعــات الحيويــة كالــبنى التحتيــة‬ ‫والطاق ــة واملع ــادن والخدم ــات اللوجستي ــة‪.‬‬ ‫ومــع أن التحســن األمني يــشكل ركيزة أساســية‬ ‫لج ــذب رؤوس األم ــوال‪ ،‬إال أن متخص ــصين‬ ‫يؤك ــدون أن األم ــن وح ــده ال يكف ــي لتحقي ــق‬ ‫نم ــو اقتص ــادي مس ــتدام‪ ،‬إذ يظ ــل اس ــتكمال‬ ‫اإلصالح ــات االقتصادي ــة‪ ،‬وتح ــسين بيئ ــة‬ ‫األعم ــال‪ ،‬وتحيي ــد الع ـراق ع ــن التوت ـرات‬ ‫اإلقليميــة‪ ،‬وتفعيــل أدوات الحوكمــة ومكافحــة‬ ‫الفس ــاد‪ ،‬م ــن الش ــروط األساس ــية لتحوي ــل‬ ‫املؤش ـرات اإليجابي ــة إلى تدفق ــات استثماري ــة‬ ‫حقيقي ــة ‪.‬‬ ‫االستقرار يعزز الثقة‬ ‫ويؤكــد املستشــار املالي لرئيــس الــوزراء‪ ،‬مظهــر‬ ‫محم ــد ص ــالح‪ ،‬أن "األم ــن ُيع ــد أح ــد الركائ ــز‬ ‫ُ‬ ‫ـددًا على أن‬ ‫الجوهريــة لنجــاح االقتصــاد"‪ ،‬مشـ ً‬ ‫"الحديــث عــن بيئــة استثماريــة جاذبــة ال يمكــن‬ ‫أن يــتم دون اــستقرار أمني وــسيا�سي حقيــقي"‪.‬‬ ‫وي ــوضح ص ــالح ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬أن الع ـراق‬ ‫يمتل ــك ث ــروات طبيعي ــة وموقع ـ ًـًا استراتيجي ـ ًـًا‪،‬‬ ‫وم ــع التحس ــن األمني الك ــبير ال ــذي تحق ــق في‬ ‫الس ــنوات األخيرة‪ ،‬ب ــات يوف ــر بيئ ــة أعم ــال‬ ‫مس ــتقرة تتي ــح للمستثمري ــن التخطي ــط على‬ ‫امل ــدى الطوي ــل‪ ،‬وتقلي ــل املخاط ــر املتعلق ــة‬ ‫بتعـ ـطل املـ ـشاريع أو فـ ـقدان األـ ـصول"‪.‬‬ ‫ويضي ــف أن "تص ــفير مع ــدل العملي ــات‬ ‫اإلرهابي ــة في الع ـراق س ــاعد في تعزي ــز ثق ــة‬ ‫املؤسســات املاليــة الدوليــة‪ ،‬مــا ّ‬ ‫شّجــع العديــد‬ ‫م ــن الش ــركات األجنبي ــة ال ــكبرى على الع ــودة‬ ‫إلى ال ــبالد‪ ،‬خاص ــة في قط ــاع الطاق ــة والبني ــة‬ ‫التحتي ــة‪ ،‬باإلضاف ــة إلى إطالق مش ــاريع‬

‫استثماري ــة متنوع ــة في مختل ــف املحافظ ــات‪،‬‬ ‫تحّس ــن التنس ــيق بين‬ ‫األم ــر ال ــذي يعك ــس ّ‬ ‫الجـ ـهات األمنـ ـية والحكوـ ـمات املحلـ ـية"‪.‬‬ ‫ويع ــتبر ص ــالح أن "االستثم ــار في األم ــن ه ــو‬ ‫استثم ــار مباش ــر في مس ــتقبل الع ـراق‪ ،‬وه ــو‬ ‫م ــا تتبن ــاه الحكوم ــة الحالي ــة ضم ــن برامجه ــا‬ ‫االقتصاد ـ ـية"‪.‬‬ ‫كمــا يــشير إلى أهميــة تحديــث األجهــزة األمنيــة‪،‬‬ ‫وتعزي ــز دور الهيئ ــات املس ــتقلة الرقابي ــة على‬ ‫املش ــاريع االستثماري ــة‪ ،‬إلى جان ــب تفعي ــل‬ ‫املناطــق االقتصاديــة الخاصــة‪ ،‬وتحــسين بيئــة‬ ‫األعمــال مــن خالل تبســيط اإلج ـراءات وتقليــل‬ ‫البيروقراطـ ـية باـ ـستخدام الحوكـ ـمة الرقمـ ـية‪.‬‬ ‫ويؤك ــد املستش ــار‪ ،‬على "ض ــرورة التع ــاون‬ ‫ال ــدولي لت ــوفير ضمان ــات أمني ــة إضافي ــة‪،‬‬ ‫تس ــهم في طمأن ــة املستثمري ــن األجان ــب وتعزي ــز‬ ‫وجودـ ـهم في الـ ـسوق العراقـ ـية"‪.‬‬ ‫استثمارات بـ‪ 70‬مليا ًرًا دوال ًرًا‬ ‫مــن جهتــه‪ ،‬يقــول الخــبير االقتصــادي صفــوان‬ ‫ق�صي‪ ،‬ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬إن "الع ـراق يش ــهد‬ ‫تحس ـ ًـنًا ملحوظ ـ ًـًا في من ــاخ االستثم ــار‪ ،‬بفض ــل‬ ‫االس ــتقرار األمني واإلصالح ــات الحكومي ــة"‪،‬‬ ‫م ــشي ًرًا إلى أن "الحكوم ــة نجح ــت في ج ــذب‬ ‫استثم ــارات تتج ــاوز ‪ 70‬ملي ــار دوالر خالل‬ ‫اـ ـلفترة املاضـ ـية"‪.‬‬ ‫ويبّين ق�صي‪ ،‬أن "أبرز التحديات الســابقة التي‬ ‫ّ‬ ‫واجه ــت املستثمري ــن كان ــت غي ــاب الضمان ــات‬ ‫الس ــيادية‪ ،‬إال أن الحكوم ــة الحالي ــة ّوّف ــرت‬ ‫ضمان ــات تغط ــي ‪ 85%‬م ــن قيم ــة االستثم ــار‪،‬‬ ‫مم ــا رف ــع ثق ــة املستثمري ــن املحل ــيين واألجان ــب‬ ‫على ـ ـحد ـ ـسواء"‪.‬‬ ‫ويتاب ــع أن "فت ــح ناف ــذة االستثم ــار في قط ــاع‬ ‫املع ــادن عبر وزارة الصناع ــة‪ ،‬أس ــهم في تحري ــك‬ ‫ملف ــات استثماري ــة ك ــبيرة في مج ــاالت مث ــل‬

‫‪110‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪111 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫العراق يفتح كنوزه أمام االستثمار ‪..‬‬

‫اإلســمنت‪ ،‬الفوســفات‪ ،‬الكبريــت‪ ،‬والســيليكا‪،‬‬ ‫وهي قطاع ــات ُ​ُتع ــد ركيزة لتنش ــيط الصناع ــة‬ ‫املحلي ــة"‪.‬‬ ‫وين ـ ّـّوه ق�صي إلى النظ ــرة اإليجابي ــة املتزاي ــدة‬ ‫حــول قــدرة العـراق على االندمــاج في املنظومــة‬ ‫االقتصادي ــة العاملي ــة "خصوص ـ ًـًا بع ــد إطالق‬ ‫مش ــروع طري ــق التنمي ــة ال ــذي ي ــسعى لتحوي ــل‬ ‫الع ـراق إلى مرك ــز لوج ــستي إقل ــيمي لتصدي ــر‬ ‫الس ــلع املنتج ــة محلي ـ ًـًا"‪.‬‬ ‫وي ــشير إلى أن "ف ــرض س ــلطة القان ــون على‬ ‫املناف ــذ الحدودي ــة‪ ،‬ووق ــف سياس ــة اإلغ ـراق‪،‬‬ ‫ومكافح ــة الفس ــاد‪ ،‬وت ــبني التكنولوجي ــا‪ ،‬كله ــا‬ ‫إج ـراءات تبنته ــا الحكوم ــة لرس ــم خريط ــة‬ ‫واضح ــة لالستثم ــار في الع ـراق"‪.‬‬ ‫ويــوضح أن "الــبالد تمــر بمرحلــة شــبه اكتمــال‬ ‫ملل ــف األم ــن‪ ،‬م ــا أت ــاح االنتق ــال م ــن مرحل ــة‬ ‫مكافح ــة اإلره ــاب إلى مرحل ــة تعزي ــز التنمي ــة‪،‬‬ ‫م ــع مش ــاركة فعال ــة م ــن املواط ــنين في تثبي ــت‬ ‫دعائ ــم االس ــتقرار"‪.‬‬ ‫ـودًا مهمــة ُ​ُأبرمــت مــع شــركات‬ ‫ويضيــف أن "عقـ ً‬ ‫عاملي ــة كبرى مث ــل توت ــال‪ ،‬بريتي ــش بترولي ــوم‪،‬‬ ‫جنرال إلكتري ــك‪ ،‬جنرال موت ــورز‪ ،‬وس ــيمنز‪ ،‬م ــا‬ ‫يعك ــس حج ــم الثق ــة بالوض ــع االستثم ــاري‪،‬‬ ‫خصوصـ ًـًا وأن هــذه الشــركات ال تضــع أموالهــا‬ ‫في بيـ ـئات غير مـ ـستقرة"‪.‬‬ ‫وفي جان ــب آخ ــر‪ ،‬ي ــشير إلى أن "االتفاق ــات‬ ‫الثنائية التي وقعتها حكومة السوداني مع دول‬ ‫االتح ــاد األوروب ــي‪ ،‬وال ــصين‪ ،‬ودول الخلي ــج‪،‬‬ ‫ـدًا أن‬ ‫ســاعدت على طمأنــة املستثمريــن"‪ ،‬مؤكـ ً‬ ‫"العـراق بــات محـ ّـّط أنظــار تنافــس إقلــيمي على‬ ‫الف ــرص االستثماري ــة املتاح ــة"‪.‬‬ ‫كم ــا يلف ــت إلى "االس ــتقرار النق ــدي‪ ،‬وثب ــات‬ ‫س ــعر ص ــرف الدين ــار‪ ،‬وانخف ــاض مع ــدالت‬ ‫التضخ ــم كعوام ــل إضافي ــة أس ــهمت في تعزي ــز‬ ‫بيئ ــة االستثم ــار"‪.‬‬ ‫ـاطًا‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫ـكن‬ ‫ـ‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫ـاع‬ ‫ـ‬ ‫ط‬ ‫ق‬ ‫ـهد‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫إلى جانــب ذلــك‪ ،‬ي‬ ‫ً‬ ‫متزاي ــد�ا م ــع العم ــل على إنش ــاء ‪ 15‬مدين ــة‬ ‫جدي ــدة‪ ،‬ويتوج ــه املستثم ــرون نح ــو م ــدخالت‬ ‫قط ــاع البن ــاء مث ــل الحدي ــد واإلس ــمنت وم ــواد‬ ‫اإلنش ــاء‪.‬‬ ‫ويؤكد ق�صي أن "العراق يستورد ما بين ‪ 60‬إلى‬ ‫ـنويًا م ــن الس ــلع‪ ،‬ج ــزء ك ــبير‬ ‫‪ 70‬ملي ــار دوالر س ـ ً‬ ‫منهــا يمكــن إنتاجــه محليـ ًـًا‪ ،‬ال ســيما في قطــاعي‬

‫المستشار المالي لرئيس الوزراء‬ ‫مظهر محمد صالح‪:‬‬ ‫" تصفير معدل العمليات‬ ‫اإلرهابية في العراق ساعد‬ ‫في تعزيز ثقة المؤسسات‬ ‫المالية الدولية‪ ،‬ما شجع‬ ‫العديد من الشركات‬ ‫األجنبية الكبرى على‬ ‫العودة إلى البالد‪ ،‬خاصة‬ ‫في قطاع الطاقة والبنية‬ ‫التحتية "‪..‬‬

‫الزراع ــة والصناع ــة"‪ ،‬داعي ــا إلى "استثم ــار‬ ‫ه ــذه الفج ــوة لتشجي ــع اإلنت ــاج املحلي‪ ،‬وخل ــق‬ ‫فــرص حقيقيــة في الزراعــة الذكيــة وإدارة امليــاه‬ ‫وتقني ــات ال ــري الحديث ــة"‪.‬‬ ‫ويلف ــت إلى "أهمي ــة تطوي ــر قط ــاع النق ــل‬ ‫والخدم ــات اللوجستي ــة"‪ ،‬م ــشي ًرًا إلى "إمكاني ــة‬ ‫تأسيــس أســطول نقــل حديــث ومراكــز تخزيــن‬ ‫تســهم في تحويــل الع ـراق إلى نقطــة محوريــة في‬ ‫التج ــارة اإلقليمي ــة"‪.‬‬ ‫وي ــرى أن "عوائ ــد االستثم ــار في الع ـراق بات ــت‬ ‫مجزي ــة‪ ،‬واملنافس ــة على الف ــرص تتصاع ــد‪،‬‬ ‫وم ــن ي ــدرك أهمي ــة الع ـراق االقتصادي ــة‬ ‫ســيحرص على الحضــور املبكــر قبــل أن تضيــق‬ ‫الف ــرص"‪.‬‬ ‫األمن وحده ال يكفي‬

‫أم ــا الخ ــبير االقتص ــادي من ــار العبي ــدي‪ ،‬فق ــد‬ ‫اع ــتبر أن "التحس ــن األمني س ــاعد على خل ــق‬ ‫بيئ ــة جاذب ــة لالستثم ــار‪ ،‬ال س ــيما في قطاع ــات‬ ‫مث ــل التج ــارة والس ــياحة‪ ،‬لكن ــه ش ــدد على‬ ‫أن األم ــن وح ــده ال يكف ــي م ــا ل ــم ُ​ُتس ــتكمل‬ ‫اإلصالح ــات االقتصادي ــة والهيكلي ــة"‪.‬‬ ‫ويق ــول العبي ــدي ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬إن "األم ــن‬ ‫يع ــزز ثق ــة املواط ــن‪ ،‬ويس ــهم في خل ــق ف ــرص‬ ‫العم ــل‪ ،‬م ــا يدع ــم ب ــشكل غير مباش ــر ال ــدورة‬ ‫امللّح ــة‬ ‫االقتصادي ــة"‪ ،‬م ــشيرا إلى "الحاج ــة ّ‬ ‫لتطوي ــر البني ــة التحتي ــة وتح ــسين من ــاخ‬ ‫األعم ــال لضم ــان اس ــتمرارية النم ــو"‪.‬‬ ‫ويلفــت إلى أن "املستثمــر األجــنبي يــولي اهتمامـ ًـًا‬ ‫ك ــبي ًرًا بالبيئ ــة الش ــفافة واملس ــتقرة اقتصادي ـ ًـًا‪،‬‬ ‫وه ــو م ــا يس ــتدعي إزال ــة املعوق ــات اإلداري ــة‬

‫والتش ــريعية التي تق ــف أم ــام تدف ــق رؤوس‬ ‫األم ــوال"‪.‬‬ ‫ويع ـ ّـّدد العبي ــدي بع ــض املؤش ـرات التي ت ــدل‬ ‫على دخ ــول استثم ــارات أجنبي ــة جدي ــدة‪،‬‬ ‫مثــل ارتفــاع حجــم االستثمــار األجــنبي املباشــر‬ ‫(‪ ،)FDI‬وزي ــادة ع ــدد الش ــركات األجنبي ــة‬ ‫املسجل ــة‪ ،‬ونم ــو تح ــويالت رؤوس األم ــوال‪،‬‬ ‫وارتف ــاع العق ــود م ــع مستثمري ــن دول ــيين في‬ ‫قطاع ــات مختلف ــة‪.‬‬ ‫توترات تعرقل االستثمار‬ ‫م ــن جانب ــه‪ ،‬ي ــشير أس ــتاذ االقتص ــاد ال ــدولي‬ ‫ن ــوار الس ــعدي‪ ،‬إلى أن "التحس ــن األمني في‬ ‫الع ـراق ّوّفــر بيئــة أكثر اســتقرا ًرًا"‪ ،‬لكنــه يقــول‬ ‫إن "ه ــذا العام ــل ال يمكن ــه وح ــده تحوي ــل‬ ‫الع ـراق إلى وجه ــة استثماري ــة رئيس ــية م ــا ل ــم‬

‫يتراف ــق م ــع إصالح ــات اقتصادي ــة جذري ــة‬ ‫واس ــتقرار س ــيا�سي ف ــعلي"‪.‬‬ ‫وي ــوضح الس ــعدي ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬أن‬ ‫"االستثم ــارات األجنبي ــة تحت ــاج إلى بيئ ــة‬ ‫آمن ــة ومس ــتقرة‪ ،‬لكنه ــا تتأث ــر أيض ـ�ا بعم ــق‬ ‫اإلصالح ــات‪ ،‬ومس ــتوى الش ــفافية‪ ،‬ووض ــوح‬ ‫الرؤي ــة املس ــتقبلية للس ــوق"‪.‬‬ ‫ويذكر أن "العراق ّ‬ ‫سّجل نمو ً​ًا في قطاعات غير‬ ‫نفطي ــة مث ــل االتص ــاالت‪ ،‬البن ــاء‪ ،‬والخدم ــات‬ ‫اللوجستي ــة‪ ،‬وهي ع ــادة م ــن أوائ ــل القطاع ــات‬ ‫التي تس ــتجيب لتدف ــق االستثم ــارات"‪.‬‬ ‫وي ــشير إلى ارتف ــاع التب ــادل التج ــاري وزي ــادة‬ ‫ع ــدد الش ــركات األجنبي ــة‪ ،‬لكن ــه ن ـ ّـّوه إلى أن‬ ‫"حج ــم االستثم ــارات م ــا زال أق ــل بك ــثير م ــن‬ ‫اإلمكان ــات الحقيقي ــة"‪.‬‬

‫ويلف ــت الس ــعدي إلى أن "البيئ ــة االستثماري ــة‬ ‫في الع ـراق م ــا ت ـزال مرتبط ــة ب ــشكل وثي ــق‬ ‫باملعطيــات اإلقليميــة"‪ ،‬مبينـ ًـًا أن "الصـراع بين‬ ‫إسـرائيل وإيـران‪ ،‬والضغــوط االقتصاديــة التي‬ ‫تمارس ــها الوالي ــات املتح ــدة للح ــد م ــن النف ــوذ‬ ‫اإليران ــي‪ ،‬خصوص ـ ًـًا عبر مراقب ــة التح ــويالت‬ ‫ـلبًا على‬ ‫املصرفيــة والعقــود الحكوميــة‪ ،‬تؤثــر سـ ً‬ ‫قـرار الشــركات الــكبرى باالستثمــار في العـراق"‪.‬‬ ‫وخت ــم بالق ــول إن "تعزي ــز جاذبي ــة الع ـراق‬ ‫يتطل ــب مزيج ـ�ا م ــن االس ــتقرار الس ــيا�سي‪،‬‬ ‫وتحييــد الــبالد عــن صراعــات املحــاور‪ ،‬وتنفيــذ‬ ‫ـددًا على أن "ذل ــك‬ ‫إصالح ــات ش ــاملة"‪ ،‬مش ـ ً‬ ‫ه ــو الش ــرط األس ــا�سي لتح ــفيز املستثمري ــن‬ ‫الدولــيين على دخــول الســوق العراقيــة بــشكل‬ ‫مس ــتدام"‪.‬‬

‫‪112‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪113 2025‬‬

‫بغـــــــــــداد‪..‬‬

‫هوية معمارية تتالشى في زحام األبراج‬

‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬

‫يتج ــول الح ــاج عقي ــل الياس ــري‪ ،‬في أزق ــة العاصم ــة‬ ‫ـأمًال "البيــوت القديمــة والجديــدة"‪،‬‬ ‫العر اقيــة بغــداد متـ ً‬ ‫ـفًا على م ــا يس ــميه "عش ــوائية البن ــاء"‪.‬‬ ‫ليه ــز رأس ــه أس ـ ً‬

‫ويق ــول الياس ــري‪ ،‬ال ــذي ناه ــز الس ــبعين‬ ‫ـابقًا‬ ‫م ــن العم ــر‪ ،‬ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬إن ــه "س ـ ً‬ ‫كّن ــا ن ــرى املن ــازل فن ــميز بن ــاء الس ــبعينيات‬ ‫ّ‬ ‫أو الثمانيني ــات أو التس ــعينيات‪ ،‬ونع ــرف‬ ‫الط ـراز اليه ــودي أو العثمان ــي‪ ،‬أم ــا الي ــوم‪،‬‬ ‫فقــد أصبحــت املنــازل ُ​ُتــبنى بــشكل عشــوائي‬ ‫ال تحم ــل أي هوي ــة واضح ــة"‪.‬‬ ‫ويضي ــف أن ــه "حتى العم ــارات (املبان ــي)‪،‬‬ ‫أصبح ــت مص ــدر تل ــوث بص ــري‪ُ​ُ ،‬تغل ــف‬ ‫بم ــواد وأل ــوان غير مريح ــة للنظ ــر‪ ،‬وف ــق‬ ‫طـرازات غير معروفــة‪ ،‬وهــذا أمــر مؤســف أن‬ ‫نفق ــد هويتن ــا املعماري ــة"‪.‬‬ ‫وخالل الســنوات األخيرة‪ ،‬شــهدت العاصمــة‬ ‫بغــداد نهضــة عمرانيــة غير مســبوقة‪ ،‬تمثلــت‬ ‫بانتش ــار العم ــارات والش ــقق الس ــكنية‬ ‫واملــوالت‪ ،‬األمــر الــذي لقــي دعمـ ًـًا مــن الجهــات‬ ‫املعني ــة واملواط ــنين‪ ،‬إال أن متخص ــصين‬ ‫سجل ــوا مالحظ ــات ح ــول غي ــاب النم ــط‬ ‫العمران ــي الع ـراقي وطم ــس الهوي ــة التراثي ــة‪.‬‬ ‫فبينم ــا ي ــرى البع ــض أن املش ــاريع الس ــكنية‬ ‫والتجارية الجديدة ال تستجيب لخصوصية‬ ‫املجتم ــع الع ـراقي وثقافت ــه املعماري ــة‪ ،‬يؤك ــد‬ ‫آخ ــرون على ض ــرورة املزاوج ــة بين التراث‬ ‫والحداث ــة في عملي ــات البن ــاء‪.‬‬ ‫تحول واضح في التصاميم‬ ‫وتق ــول املهندس ــة املعماري ــة هدي ــل كري ــم‪،‬‬ ‫للمجل ــة‪ ،‬إن "هن ــاك تح ـو ً​ًال واضح ـ ًـًا في نم ــط‬ ‫البن ــاء م ــن الطاب ــع الس ــكني األفق ــي‪ ،‬أي‬ ‫املن ــازل املنف ــردة‪ ،‬إلى الطاب ــع العم ــودي في‬ ‫العم ــارات الس ــكنية والتجاري ــة"‪.‬‬ ‫شّحــة األرا�ضي‬ ‫وتــوضح أن "السبــب يعــود إلى ّ‬ ‫الســكنية‪ ،‬وكثرة الطلــب على الســكن مقابــل‬ ‫قل ــة الع ــرض‪ ،‬إضاف ــة إلى ارتف ــاع أس ــعار‬ ‫األرا�ضي ودخ ــول االستثم ــارات األجنبي ــة إلى‬ ‫الع ـراق"‪.‬‬ ‫ووفق ـ ًـًا لحدي ــث كري ــم‪ ،‬ف ــإن بع ــض الع ــائالت‬ ‫الص ــغيرة تفض ــل نم ــط الس ــكن الحدي ــث‬ ‫ضم ــن "كومباون ــد"‪ ،‬متكامل ــة تتواف ــر فيه ــا‬

‫خدم ــات الحماي ــة و املرائ ــب واملصاع ــد‬ ‫وغيره ــا‪ ،‬مبين ـ ًـًة أن‬ ‫"هنــاك نهضــة عمرانيــة ملحوظــة مــن ناحيــة‬ ‫الكــم‪ ،‬إذ تتــوزع مئــات املشــاريع الجديــدة بين‬ ‫املبانــي الســكنية واملــوالت التجاريــة واملكاتــب‬ ‫وغيرهــا‪ ،‬إال أن العديــد منهــا يفتقــر إلى الهويــة‬ ‫املعماري ــة العراقي ــة‪ ،‬ويعتم ــد على تصامي ــم‬ ‫عشــوائية أو مســتوردة بال طابــع مــحلي"‪.‬‬ ‫وت ــشير كري ــم‪ ،‬إلى "مح ــاوالت م ــن معم ــاريين‬ ‫عراقــيين شــباب إلعــادة إحيــاء الطابــع املحلي‬ ‫في مش ــاريعهم"‪ ،‬الفت ـ ًـًة إلى أن "املعم ــاري‬ ‫ن ــواف محم ــد ال ــذي ف ــاز مؤخ ـ �اـر باملرك ــز‬ ‫االول في جائ ــزة العم ـران ع ــن مش ــروعه ب ــرج‬ ‫النخلــة‪ ،‬حيــث اســتوحى تصميمــه مــن جــذع‬ ‫النخي ــل الع ـراقي بطريق ــة عصري ــة أع ــادت‬ ‫تف ــسير التراث بأس ــلوب حدي ــث"‪.‬‬ ‫وتختــم حديثهــا بالقــول إن "هــذه املحــاوالت‪،‬‬ ‫ـدًا‪ ،‬ألنه ــا ال‬ ‫وإن كان ــت مح ــدودة‪ ،‬مهم ــة ج ـ ً‬ ‫تقتص ــر على اس ــتعادة التراث بتصمي ــم‬ ‫نمط ــي للمن ــازل القديم ــة‪ ،‬ب ــل تقدم ــه بلغ ــة‬ ‫معماري ــة حديث ــة‪ ،‬وه ــو م ــا تحتاج ــه امل ــدن‬ ‫العراقي ــة لتش ــكيل هويته ــا كم ــا يح ــدث في‬ ‫كبرى العواص ــم العاملي ــة"‪.‬‬ ‫األمانة تتحمل املسؤولية األكبر‬ ‫مــن جانبهــا‪ ،‬وضعــت وزارة اإلعمــار واإلسكان‬ ‫مؤخ ـ �اـر استراتيجي ــة ملش ــاريعها الس ــكنية‬ ‫املس ــتدامة‪ ،‬تضمن ــت مع ــايير بيئي ــة مث ــل‬ ‫اس ــتخدام امل ــواد العازل ــة للح ـرارة‪ ،‬لك ــن‬ ‫املتح ــدث باس ــم ال ــوزارة نبي ــل الصف ــار‪،‬‬ ‫أوضح للمجل ــة‪ ،‬أن "اعتم ــاد الطاب ــع‬ ‫املعمــاري التراثــي ليــس مــن مســؤولية الــوزارة‪،‬‬ ‫ب ــل يدخ ــل ضم ــن نط ــاق أمان ــة بغ ــداد"‪.‬‬ ‫ـاًال إلظه ــار‬ ‫ويضي ــف أن "األمان ــة نف ــذت أعم ـ ً‬ ‫الوج ــه التراث ــي في بع ــض املواق ــع مث ــل ش ــارع‬ ‫الرش ــيد واملت ــنبي"‪.‬‬ ‫ورغ ــم ذل ــك‪ ،‬يظ ــل غي ــاب الضواب ــط‬ ‫العمراني ــة واضح ـ ًـًا‪ ،‬حي ــث يبرز البن ــاء‬ ‫العم ــودي املتك ــدس‪ ،‬وتختف ــي الواجه ــات‬

‫‪114‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪115 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫بغـــــــــــداد ‪ ....‬هوية معمارية تتالشى في زحام األبراج‬

‫الخض ـراء والحدائ ــق املنزلي ــة‪ ،‬فيم ــا تراجع ــت‬ ‫مس ــاحات االرت ــداد األمام ــي بسب ــب ارتف ــاع‬ ‫أس ــعار األرا�ضي وضي ــق املس ــاحات‪.‬‬ ‫"البيئة" ال تدخل ضمن التصاميم الحالية‬ ‫بينم ــا ي ــرى املهن ــدس املعم ــاري غس ــان حس ــن‬ ‫الخف ــاجي‪ ،‬أن "العش ــوائية في التصامي ــم‬ ‫س ــببها غي ــاب الضواب ــط التنظيمي ــة واملع ــايير‬ ‫الخاصــة بالعمــارة املحليــة‪ ،‬مــا أدى إلى تدهــور‬ ‫واضح في هويــة النتــاج املعمــاري املعاصــر على‬ ‫صعي ــد ال ــشكل واألداء واالنسج ــام م ــع البيئ ــة‬ ‫والس ــياق الثق ــافي"‪.‬‬ ‫وي ــشير الخف ــاجي‪ ،‬خالل حديث ــه للمجل ــة‪ ،‬إلى‬ ‫أن "العم ــارة العراقي ــة الجدي ــدة بات ــت متأث ــرة‬ ‫بأنم ــاط تصميمي ــة مس ــتوردة ال تنسج ــم م ــع‬ ‫الســياق الثقــافي أو املنــاخي املحلي‪ ،‬مــا نتــج عنــه‬

‫واجه ــات وتصامي ــم هجين ــة ُ​ُتضع ــف الش ــعور‬ ‫باالنتم ــاء"‪.‬‬ ‫كم ــا يلف ــت إلى أن "التن ــوع غير امل ــدروس في‬ ‫التصاميــم‪ ،‬واالعتمــاد على مرجعيــات معماريــة‬ ‫عاملي ــة متباين ــة دون مراع ــاة خصوصي ــة‬ ‫املكان‪ ،‬أســهم في خلــق بيئــة عمرانيــة تعانــي مــن‬ ‫ـدًال م ــن التن ــوع‬ ‫التشت ــت البص ــري والف ــو�ضى ب ـ ً‬ ‫اإليجاب ــي"‪.‬‬ ‫ويضي ــف أن "التصميم ــات الحالي ــة تراجع ــت‬ ‫أيض ـ ًـًا على مس ــتوى األداء الب ــيئي‪ ،‬إذ ل ــم تع ــد‬ ‫تستن ــد إلى املب ــادئ التقليدي ــة التي كان ــت‬ ‫تس ــتجيب للمن ــاخ باس ــتخدام امل ــواد املحلي ــة‬ ‫وتوجيه ــات الفراغ ــات‪ ،‬م ــا أدى إلى زي ــادة‬ ‫االعتم ــاد على الحل ــول التقني ــة املس ــتوردة‬ ‫ـضًال عــن‬ ‫املكلفــة وذات األثــر البــيئي الســلبي‪ ،‬فـ ً‬

‫انهي ــار النس ــيج الحض ــري الت ــاريخي"‪.‬‬ ‫وفي امل ــدن ذات املراك ــز التاريخي ــة مث ــل بغ ــداد‬ ‫واملوص ــل وكرك ــوك وأربي ــل‪ ،‬تسب ــب غي ــاب‬ ‫التش ــريعات املعماري ــة في ح ــدوث اختراق ــات‬ ‫ـلبًا على النس ــيج الت ــاريخي‬ ‫معماري ــة أث ــرت س ـ ً‬ ‫والبيئ ــة البصري ــة‪ ،‬وفق ـ ًـًا لحدي ــث الخف ــاجي‪،‬‬ ‫ـائًال‪" :‬كم ــا أدى تراج ــع الطل ــب‬ ‫ال ــذي تاب ــع ق ـ ً‬ ‫على العم ــارة التقليدي ــة إلى إضع ــاف امله ــارات‬ ‫الِح ــرف‪ ،‬م ــا قل ــل م ــن إنت ــاج‬ ‫املحلي ــة وانحس ــار ِ‬ ‫عم ــارة ذات طاب ــع أصي ــل"‪.‬‬ ‫وتتطل ــب إع ــادة بن ــاء هوي ــة معماري ــة عراقي ــة‬ ‫معاص ــرة وض ــع ضواب ــط تصميمي ــة ملزم ــة‬ ‫تستن ــد إلى اإلرث املحلي وتت ــبنى مب ــادئ‬ ‫االس ــتدامة والتكام ــل الحض ــري‪ ،‬حي ــث أن‬ ‫التح ــوالت في أنم ــاط البن ــاء ج ــاءت أيض ـ ًـًا‬

‫نتيج ــة لت ــغير الق ــوانين‪ ،‬خاص ــة بع ــد إص ــدار‬ ‫أمان ــة بغ ــداد في ‪ 11‬كان ــون األول‪/‬ديس ــمبر‬ ‫‪ 2004‬قانونـ ًـًا يتيــح إنشــاء طابــق ثالــث في الــدور‬ ‫الســكنية‪ ،‬مــا أدى إلى تنافــر في خــط األفــق بين‬ ‫البي ــوت ذات االرتفاع ــات املختلف ــة‪.‬‬ ‫فاملن ــازل القديم ــة كان ــت ترت ــد بمس ــافة ال تق ــل‬ ‫ع ــن خمس ــة أمت ــار ع ــن الش ــارع‪ ،‬بينم ــا تفتق ــر‬ ‫الك ــثير م ــن البي ــوت الحديث ــة لالرت ــداد بسب ــب‬ ‫ارتف ــاع أس ــعار األرا�ضي‪.‬‬ ‫أزمة هوية واضحة‬ ‫إلى ذل ــك‪ ،‬تق ــول املهندس ــة املعماري ــة لب ــان‬ ‫فــارس‪ ،‬للمجلــة أن "طـراز البنــاء الراهــن يمثــل‬ ‫مشكلــة خــطيرة‪ ،‬ألن أي بنــاء عشــوائي ســتكون‬ ‫ل ــه تداعي ــات على امل ــدى الطوي ــل"‪.‬‬ ‫وتضي ــف أن "تأث ــر أصح ــاب البي ــوت بالعم ــارة‬

‫الغربي ــة خل ــق أزم ــة هوي ــة‪ ،‬إذ بات ــت بع ــض‬ ‫املنــازل بط ـراز رومانــي أو قوطــي وأخــرى بط ـراز‬ ‫بغ ــدادي‪ ،‬وه ــو م ــا يعك ــس أزم ــة حقيقي ــة في‬ ‫الهوي ــة املعماري ــة"‪.‬‬ ‫وت ــشير ف ــارس‪ ،‬إلى أن "بغ ــداد‪ ،‬كونه ــا مدين ــة‬ ‫تراثي ــة‪ ،‬ال تش ــبه دب ــي أو طوكي ــو‪ ،‬وأن وج ــود‬ ‫ـلبًا‬ ‫املجمع ــات الس ــكنية وس ــطها ينعك ــس س ـ ً‬ ‫ـضًال عــن عــدم مراعــاة‬ ‫على هويتهــا العريقــة‪ ،‬فـ ً‬ ‫املن ــاخ في تصمي ــم ه ــذه املجمع ــات"‪.‬‬ ‫وبحس ــب حديثه ــا ف ــإن اخ ــتالف التصامي ــم‬ ‫وعش ــوائية بعضه ــا في العم ــارات الس ــكنية‬ ‫واملبان ــي بالعاصم ــة يفق ــد املدين ــة هويته ــا‬ ‫التاريخي ــة‪ ،‬م ــا يس ــتدعي وض ــع خط ــة ش ــاملة‬ ‫تب ــدأ بق ــوانين معماري ــة واضح ــة إلنت ــاج ط ـراز‬ ‫يحاف ــظ على خصوصي ــة وهوي ــة بغ ــداد‪.‬‬

‫نبيل الصفار‪،‬‬ ‫املتحدث باسم‬ ‫وزارة اإلعمار‬ ‫واإلسكان‪:‬‬ ‫" اعتماد الطابع املعماري الرتاثي ليس‬ ‫من مسؤولية الوزارة‪ ،‬بل يدخل ضمن‬ ‫نطاق أمانة بغداد"‪" ،‬األمانة نفذت‬ ‫ً‬ ‫أعماًال إلظهار الوجه الرتاثي يف بعض‬ ‫املواقع مثل شارع الرشيد واملتنبي"‪.‬‬

‫املهندس املعماري‬ ‫غسان حسن الخفاجي‪:‬‬ ‫" العشوائية يف التصاميم سببها غياب‬ ‫الضوابط التنظيمية واملعايري الخاصة‬ ‫بالعمارة املحلية‪ ،‬ما أدى إىل تدهور‬ ‫واضح يف هوية النتاج املعماري املعاصر‬ ‫على صعيد الشكل واألداء واالنسجام‬ ‫مع البيئة والسياق الثقايف"‪.".‬‬

‫‪116‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪117 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫صادق االزرقي‪:‬‬ ‫تعرض العراق السيما‬ ‫العاصمة بغداد في‬ ‫الصيف الذي يوشك على‬ ‫االنتهاء إلى شحة كبيرة في‬ ‫املياه الصالحة للشرب‬ ‫واالستعمال‪ ،‬إلى الحد‬ ‫الذي ينقطع فيه إيصال‬ ‫املاء إلى املنازل لعدة أيام‬ ‫او حتى ألسابيع‪ ،‬ما اضطر‬ ‫الناس إلى شرائه من باعة‬ ‫املاء الجائلين أو بوساطة‬ ‫السيارات الحوضية‬ ‫للبلدية في بعض األحيان‪.‬‬

‫بغداد عطشى‪:‬‬

‫أزمة مياه تستزنف جيوب الفقراء‬

‫وبرغ ــم اعالن‬ ‫أمانــة بغــداد أن‬ ‫حصــة الفــرد ‪٣٠٠‬‬ ‫لتر م ــن املاء الص ــالح‬ ‫في اليــوم‪ ،‬فإنهــا لــم توفــر‬ ‫حتى لترا واح ــدا‪ ،‬ول ــو كان ــت‬ ‫تص ــل باملق ــدار ال ــذي ح ــدده‬ ‫لحل ــت املشكل ــة‪ ،‬فالعائل ــة التي‬ ‫لديه ــا ثالث ــة اف ـراد م ــثال ستتس ــلم‬ ‫عندئ ــذ ‪ 900‬لتر اي م ــا يق ــرب م ــن‬ ‫خ ـزان س ــعة الــف لتر وهي كميــة كافيــة‬ ‫لي ــوم واح ــد‪.‬‬

‫يق ــول مدي ــر إعالم دائ ــرة م ــاء بغ ــداد‪ ،‬حام ــد‬ ‫ال ــدراجي أن “التحدي ــات التي تواج ــه منظوم ــة‬ ‫توزي ــع املي ــاه تع ــود إلى النم ــو السكان ــي‬ ‫املتس ــارع‪ ،‬والتج ــاوزات على الش ــبكة‪ ،‬إلى‬ ‫جان ــب ازدي ــاد الطل ــب م ــن سكان املناط ــق‬ ‫الزراعي ــة والعش ــوائية في أط ـراف العاصم ــة”‪،‬‬ ‫واش ــار الى ان االستهالك يرتف ــع في فص ــل‬ ‫الصيــف نتيجــة لزيــادة درجــات الحـرارة وارتفــاع‬ ‫الطل ــب على املي ــاه‪ ،‬على ح ــد وصف ــه‪.‬‬ ‫وتع ــود أس ــباب ه ــذه األزم ــة التي وصل ــت إلى‬ ‫مس ــتويات غير مس ــبوقة من ــذ عق ــود‪ ،‬إلى‬ ‫مجموع ــة م ــن العوام ــل املتش ــابكة‪ ،‬بعضه ــا‬

‫خ ــارجي وبعضه ــا داخلي‪ ،‬مم ــا يجع ــل الحكوم ــة‬ ‫العراقيــة عاجــزة عــن تــوفير امليــاه الكافيــة‬ ‫لل ــسكان‪.‬‬ ‫وتع ــد سياس ــات دول املنب ــع (تركي ــا‬ ‫وإي ـران) أح ــد أه ــم اس ــباب تزاي ــد‬ ‫الشح ــة‪ ،‬فبن ــاء الس ــدود الضخم ــة على‬ ‫نه ــري دجل ــة والف ـرات وروافدهم ــا‪ ،‬وتحوي ــل‬ ‫مج ــاري بع ــض األنه ــار‪ ،‬أدى إلى انخف ــاض ح ــاد‬ ‫في حصة العراق من املياه‪ ،‬اذ ال يتسلم العراق‬ ‫ســوى أقــل مــن ‪ 40%‬مــن اســتحقاقه املائــي على‬ ‫وفــق التقديـرات؛ و ال تتواجــد اتفاقيــات مائيــة‬ ‫دولي ــة ملزم ــة تضم ــن حص ــة عادل ــة للع ـراق‪،‬‬

‫‪118‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪119 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫بغداد عطشى‪ :‬أزمة مياه تستنزف جيوب الفقراء‬

‫مم ــا يض ــع ال ــبالد في موق ــف تف ــاو�ضي ضعي ــف‪.‬‬ ‫و تعان ــي إدارة امل ــوارد املائي ــة في الع ـراق م ــن‬ ‫ضع ــف ك ــبير‪ ،‬ويتمث ــل ذل ــك في ه ــدر كمي ــات‬ ‫هائلــة مــن امليــاه بسبــب قــدم شــبكات األنابيــب‬ ‫وتهالكهــا‪ ،‬اذ تــشير التقديـرات إلى أن نحــو ‪50%‬‬ ‫مــن امليــاه تهــدر بسبــب االســتعمال غير الســليم‪.‬‬ ‫ويعتم ــد القط ــاع ال ــزراعي ب ــشكل ك ــبير على‬ ‫أس ــاليب ال ــري التقليدي ــة التي تستهل ــك كمي ــات‬ ‫ك ــبيرة م ــن املي ــاه‪ ،‬و هن ــاك تج ــاوزات مس ــتمرة‬ ‫على األنه ــر وش ــبكات ال ــري‪ ،‬مم ــا يزي ــد م ــن‬ ‫ه ــدر املي ــاه ويقل ــل م ــن كمياته ــا املتاح ــة؛ وثم ــت‬ ‫التزاي ــد في ع ــدد ال ــسكان في الع ـراق‪ ،‬مم ــا يزي ــد‬ ‫م ــن الطل ــب على املي ــاه الصالح ــة للش ــرب‬ ‫واالس ــتعمال املنزلي‪.‬‬ ‫وفيم ــا يتعل ــق بالحكوم ــة ف ــان ع ــدم تواج ــد‬ ‫سياس ــة تس ــعير عادل ــة للمي ــاه يجعله ــا‬ ‫ش ــبه مجاني ــة‪ ،‬مم ــا يقل ــل م ــن حاف ــز ترش ــيد‬ ‫االستهالك‪.‬‬ ‫وهن ــاك عوام ــل تتعل ــق بالت ــغير املن ــاخي‪،‬‬ ‫اذ يواج ــه الع ـراق موج ــات جف ــاف متتالي ــة‬ ‫ونقص ــا ح ــادا في هط ــول األمط ــار‪ ،‬مم ــا أدى إلى‬ ‫انخفــاض منســوب امليــاه في األنهــار والخزانــات‪،‬‬

‫وق ــد أعلن ــت وزارة امل ــوارد املائي ــة أن مخ ــزون‬ ‫املي ــاه االسترات ــيجي في الع ـراق ه ــو األس ــوأ من ــذ‬ ‫‪ 80‬عام ــا؛ و تس ــهم درج ــات الح ـرارة املرتفع ــة‬ ‫في زي ــادة مع ــدالت تبخ ــر املي ــاه م ــن املس ــطحات‬ ‫املائي ــة والخزان ــات‪ ،‬مم ــا يقل ــل م ــن كمي ــة املي ــاه‬ ‫املتا ح ــة‪.‬‬ ‫وتعان ــي محط ــات معالج ــة املي ــاه وش ــبكات‬ ‫التوزي ــع في بغ ــداد م ــن ق ــدم وتهال ــك‪ ،‬مم ــا يؤث ــر‬ ‫على كف ــاءة إيص ــال املي ــاه للمن ــازل؛ وبرغ ــم‬ ‫وع ــود أمان ــة بغ ــداد بت ــوفير كمي ــات كافي ــة م ــن‬ ‫املي ــاه‪ ،‬ف ــإن األزم ــة تتفاق ــم بسب ــب العوام ــل‬ ‫املذك ــورة‪ ،‬التي ال يمك ــن حله ــا بس ــهولة على‬ ‫امل ــدى الق ــصير‪.‬‬ ‫وتركــز الحكومــة في الغالــب على الحلــول اآلنيــة‬ ‫مث ــل تقلي ــص املس ــاحات الزراعي ــة‪ ،‬ب ــدال م ــن‬ ‫وض ــع استراتيجي ــات طويل ــة األم ــد ملعالج ــة‬ ‫املشكل ــة م ــن جذوره ــا‪ ،‬والتح ــرك ض ــد ب ــحيرات‬ ‫االس ــماك الصناعي ــة وتحجيمه ــا او منعه ــا‪.‬‬ ‫وباختصــار‪ ،‬فــان أزمــة امليــاه في بغــداد والع ـراق‬ ‫ككل هي أزم ــة وجودي ــة‪ ،‬تتطل ــب تح ــركا وطني ــا‬ ‫ع ــاجال وسياس ــات استراتيجي ــة طويل ــة األم ــد‪،‬‬ ‫تش ــمل التع ــاون اإلقل ــيمي‪ ،‬وتطوي ــر البني ــة‬

‫التحتيــة‪ ،‬وتطبيــق أســاليب ري حديثــة‪ ،‬وزيــادة‬ ‫ال ــوعي بأهمي ــة ترش ــيد استهالك املي ــاه‪.‬‬ ‫وم ــن اإلج ـراءات الواج ــب اتخاذه ــا في الع ـراق‪،‬‬ ‫ض ــرورة االنتق ــال م ــن ط ــرق ال ــري التقليدي ــة‬ ‫بغمــر االرا�ضي إلى تقنيــات الــري الحديثــة‪ ،‬مثــل‬ ‫الــري بالتنقيــط والــري بالــرش‪ ،‬هــذه األســاليب‬ ‫تزي ــد م ــن كف ــاءة اس ــتغالل املي ــاه وتقل ــل م ــن‬ ‫اله ــدر؛ كم ــا يتوج ــب وض ــع سياس ــات تس ــعير‬ ‫عادل ــة للمي ــاه لتشجي ــع الترش ــيد بع ــد اصالح‬ ‫شــبكات انابيــب امليــاه وتوفيرهــا للمنــازل‪ ،‬اذ أن‬ ‫توف ــر املي ــاه ش ــبه املجان ــي ي ــؤدي إلى اإلف ـراط في‬ ‫االستهالك‪.‬‬ ‫وم ــن الض ــروري تشجي ــع زراع ــة املحاصي ــل التي‬ ‫تستهل ــك كمي ــات أق ــل م ــن املي ــاه‪ ،‬والتوس ــع‬ ‫في اس ــتعمال أصن ــاف املحاصي ــل املقاوم ــة‬ ‫للجف ــاف‪ ،‬و إصالح وتحدي ــث ش ــبكات أنابي ــب‬ ‫املي ــاه املتهالك ــة التي تسب ــب ه ــدرا ك ــبيرا‪ ،‬و‬ ‫بن ــاء محط ــات جدي ــدة ملعالج ــة املي ــاه وإع ــادة‬ ‫تدويره ــا لالس ــتعمال في الزراع ــة والصناع ــة‪.‬‬ ‫ويأتي في ســلم االولويات إنشــاء خزانات وســدود‬

‫جدي ــدة لتخزي ــن املي ــاه في مواس ــم الفيض ــان‬ ‫واس ــتغاللها في أوق ــات الجف ــاف؛ و تفعي ــل‬ ‫املفاوض ــات م ــع دول املنب ــع (تركي ــا وإي ـران)‬ ‫للوص ــول إلى اتفاقي ــات ملزم ــة تضم ــن حص ــة‬ ‫عادلــة للع ـراق مــن ميــاه نهــري دجلــة والف ـرات؛‬ ‫واس ــتعمال الدبلوماس ــية الدولي ــة ملمارس ــة‬ ‫الضغــط على دول الجــوار لضمــان تدفــق امليــاه‬ ‫إلى الع ـراق‪.‬‬ ‫ان ال ــدول التي تفتق ــر إلى األنه ــار والب ــحيرات‬ ‫تعتم ــد على حل ــول مبتك ــرة ومتقدم ــة لت ــأمين‬ ‫احتياجاته ــا م ــن املي ــاه م ــن ابرزه ــا تحلي ــة مي ــاه‬ ‫البح ــر‪ ،‬اذ ان تحلي ــة املي ــاه املالح ــة م ــن أه ــم‬ ‫الحل ــول التي تعتمده ــا دول الخلي ــج العرب ــي‪،‬‬ ‫مث ــل اإلم ــارات العربي ــة املتح ــدة والس ــعودية؛‬ ‫يج ــري في ه ــذه العملي ــة إزال ــة األمالح واملع ــادن‬ ‫م ــن مي ــاه البح ــر لجعله ــا صالح ــة للش ــرب؛‬ ‫وبرغ ــم التكلف ــة العالي ــة للطاق ــة‪ ،‬إال أنه ــا توف ــر‬ ‫مص ــدرا ثابت ــا للمي ــاه‪.‬‬ ‫و تق ــوم دول مث ــل س ــنغافورة بإع ــادة تدوي ــر‬ ‫مي ــاه الص ــرف ال ــصحي ب ــشكل كام ــل ملعالجته ــا‬

‫" مناطق مثل ناحية زرباطية الحدودية مع ايران تشهد مواسم االمطار فيها تدفقا هائال‬ ‫للمياه في كل سنة‪ ،‬يذهب هدرا في االراضي الشاسعة المحيطة بسبب عدم تواجد‬ ‫السدود والنواظم المالئمة في تلك المنطقة‪" .‬‬

‫وتحويله ــا إلى مي ــاه صالح ــة للش ــرب بطريق ــة‬ ‫تع ــرف باس ــم "نيووت ــر" (‪ ،)NEWater‬ه ــذه‬ ‫التقني ــة توف ــر مص ــدرا مس ــتداما للمي ــاه‪،‬‬ ‫باستراتيجي ــة وطني ــة لت ــوفير املي ــاه بإع ــادة‬

‫اس ــتعمال مي ــاه الص ــرف ال ــصحي املعالج ــة‬ ‫بدرج ــة عالي ــة‪.‬‬ ‫كم ــا ان بن ــاء خزان ــات وأنظم ــة لجم ــع مي ــاه‬ ‫األمط ــار في املناط ــق التي تهط ــل فيه ــا كمي ــات‬ ‫كافيــة‪ ،‬يســهم في تقليــل االعتمــاد على املصــادر‬ ‫االعتيادية‪ ،‬وفي العراق فان مناطق مثل ناحية‬ ‫زرباطي ــة الحدودي ــة م ــع اي ـران تش ــهد مواس ــم‬ ‫االمط ــار فيه ــا تدفق ــا ه ــائال للمي ــاه في كل س ــنة‪،‬‬ ‫يذه ــب ه ــدرا في االرا�ضي الشاس ــعة املحيط ــة‬ ‫بسبــب عــدم تواجــد الســدود والنواظــم املالئمــة‬ ‫في تل ــك املنطق ــة‪.‬‬ ‫و بع ــض ال ــدول تس ــتورد املي ــاه م ــن ال ــدول‬ ‫املج ــاورة عبر خط ــوط أنابي ــب‪ ،‬وه ــو ح ــل‬ ‫دبلوم ــا�سي واقتص ــادي يتطل ــب اتفاقي ــات بين‬ ‫ا ل ــدول ‪.‬‬ ‫أي ان ــه يمك ــن للع ـراق أن يس ــتفيد م ــن خبرات‬ ‫هــذه الــدول في إدارة امليــاه‪ ،‬بخاصــة في مجــاالت‬ ‫تحلي ــة املي ــاه ومعالج ــة مي ــاه الص ــرف ال ــصحي‪،‬‬ ‫ف ــضال ع ــن التركيز على إدارة م ــوارده الحالي ــة‬ ‫بكف ــاءة أكبر وتفعي ــل الدبلوماس ــية املائي ــة‪،‬‬ ‫وغيره ــا م ــن الوس ــائل املتبع ــة في معالج ــة‬ ‫مش ــكالت املي ــاه‪ ،‬وت ــوفير املاء الص ــالح للش ــرب‬ ‫واالس ــتعمال لل ــسكان‪ ،‬وايق ــاف الشح ــة التي‬ ‫تتك ــرر الس ــيما في كل صي ــف‪.‬‬

‫‪120‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫ً‬ ‫مهنًا مهمة‪..‬‬ ‫بعضهم ترك‬

‫عمل الـأونالين‬

‫يستهوي‬

‫الشباب‬

‫والفتيات في‬

‫العراق‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪121 2025‬‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫اختــارت فــرح أحمــد‪ ،‬البالغــة مــن العمــر‪ 30‬عامـ ًـًا‪ ،‬أن تترك مهنــة املحامــاة وتتجــه إلى العمــل مــن املنزل‪،‬‬ ‫بع ــد أن وج ــدت صعوب ــة في تحقي ــق م ــردود م ــادي مج ـ ٍـٍز م ــن مهنته ــا القانوني ــة التي تتطل ــب الوق ــوف‬ ‫لس ــاعات طويل ــة في أروق ــة املحاك ــم بحث ـ ًـًا ع ــن زبائ ــن‪.‬‬

‫‪122‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪123 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫عمل الـأونالين يستهوي الشباب والفتيات في العراق‬

‫" العمل المنزلي‬ ‫والـ"أونالين" يمثل‬ ‫قيمة مضافة‬

‫كانــت أحمــد ترتــدي مالبســها الرســمية يوميـ ًـًا‪،‬‬ ‫وتتنق ــل بين املحاك ــم على أم ــل الحص ــول على‬ ‫قضي ــة‪ ،‬إال أن األم ــر ك ــثي ًرًا م ــا كان ين ــتهي دون‬ ‫ـلبًا على معيشتهــا ودفعهــا إلى‬ ‫نتيجــة‪ ،‬ممــا أثــر سـ ً‬ ‫البحــث عــن بديــل‪.‬‬ ‫بعــد تفــكير طويــل‪ ،‬قــررت فــرح أحمــد االتجــاه‬ ‫إلى بيــع املالبــس عبر تطبيــق "تيــك تــوك" بدعــم‬ ‫م ــن زوجه ــا‪ ،‬وتق ــول في حديثه ــا ملجل ــة "ف ــيلي"‬ ‫"كن ــت أنتظ ــر س ــاعات طويل ــة أم ــام ُ​ُكت ــاب‬ ‫العرائ ــض‪ ،‬وغالب ـ ًـًا م ــا أع ــود دون عم ــل‪ ،‬وه ــذا‬ ‫م ــا كان ي ـؤملني"‪.‬‬ ‫وتضي ــف "لف ــت نظ ــري خالل تص ــفحي لتي ــك‬ ‫ت ــوك‪ ،‬وج ــود ب ــث مباش ــر لحس ــابات تبي ــع‬ ‫منتج ــات مختلف ــة‪ ،‬فق ــررت خ ــوض التجرب ــة‬ ‫ب ـرأس م ــال بس ــيط‪ ،‬بحث ــت ع ــن طريق ــة‬ ‫ـابًا‬ ‫مناس ــبة لش ـراء املالب ــس‪ ،‬وأنش ــأت حس ـ ً‬ ‫خاصـ ًـًا وبــدأت بالترويــج لبضــاعتي بين الجيران‬ ‫واأل ق ــارب"‪.‬‬ ‫وســرعان مــا بــدأت أحمــد تبــث يوميـ ًـًا في ســاعة‬ ‫مح ــددة‪ ،‬والحظ ــت تزاي ــد ع ــدد املتاب ــعين‬ ‫والزبائــن الذيــن يطلبــون منهــا املالبــس والعطــور‬ ‫والحقائ ــب‪ ،‬حي ــث تؤك ــد أن "ه ــذا العم ــل‬ ‫وف ــر عليه ــا متاع ــب النه ــوض مبك ـ ًرًا‪ ،‬والوق ــوف‬ ‫الطوي ــل‪ ،‬والتعام ــل م ــع مزاجي ــة الزبائ ــن في‬ ‫املحاك ــم‪ ،‬دون أن تت ــخلى كلي ـ ًـًا ع ــن املحام ــاة‪،‬‬ ‫التي اقتص ــرت الحق ـ ًـًا على دائ ــرة األصدق ــاء‬ ‫واملع ــارف"‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ـابقًا مهن ـ ًـًا‬ ‫ووفق ـ ًـًا لحديثه ــا‪ ،‬فإنه ــا ق ــد جّرب ــت س ـ ً‬ ‫منزلي ــة مث ــل الخياط ــة والحالق ــة النس ــائية‪،‬‬ ‫دخًال كافيـ ًـًا‪ ،‬مبينــة‬ ‫لكنهــا لــم تحقــق مــن خاللهــا ً‬ ‫أن العم ــل الح ــالي رغ ــم إيجابيات ــه‪ ،‬إال أن ــه ال‬ ‫يخل ــو م ــن الس ــلبيات مث ــل إلغ ــاء الطلب ــات‪،‬‬ ‫أو ح ــاالت النص ــب‪ ،‬أو تلق ــي طلب ــات وهمي ــة‬ ‫ومقال ــب مزعج ــة‪.‬‬ ‫ومن ــذ الع ــام ‪ ،2019‬انتش ــرت امله ــن املنزلي ــة في‬ ‫بغ ــداد وع ــدد م ــن املحافظ ــات‪ ،‬خاص ــة بع ــد‬ ‫ت ــف�شي وب ــاء كورون ــا‪ ،‬م ــا أدى إلى ش ــيوع ثقاف ــة‬ ‫البي ــع والش ـراء عبر اإلنترن ــت‪ ،‬بع ــد أن كان ــت‬ ‫األعم ــال املنزلي ــة مقتص ــرة على الخياط ــة‬ ‫والحالق ــة النس ــوية‪.‬‬

‫وي ــسعى العدي ــد م ــن الفتي ــات والش ــباب إلى‬ ‫مزاول ــة أعم ــال تجاري ــة بس ــيطة عبر اإلنترن ــت‪،‬‬ ‫خاص ــة طالب ــات الجامع ــات واملعاه ــد رغب ــة‬ ‫منه ــن في تحقي ــق االس ــتقالل املالي دون الت ــأثير‬ ‫على دراسته ــن‪.‬‬ ‫مشاريع طالبية‬ ‫وتق ــول سجى عل ــوان‪ ،‬طالب ــة في معه ــد الفن ــون‬ ‫الجميل ــة وتبل ــغ م ــن العم ــر ‪ 19‬عام ـ ًـًا‪ ،‬إنه ــا‬ ‫فك ــرت بعم ــل ال يعي ــق دراسته ــا‪ ،‬فب ــدأت‬ ‫بإعط ــاء تماري ــن رياضي ــة و ُ​ُنظ ــم غذائي ــة عبر‬ ‫مواق ــع التواص ــل‪.‬‬ ‫وتابع ــت عل ــوان‪ ،‬خالل حديثه ــا ملجل ــة "ف ــيلي"‪،‬‬ ‫ـابًا خاصـ ًـًا‪ ،‬وشــاركت في‬ ‫قائلــة إنهــا أنشــأت حسـ ً‬ ‫دورات "أونالي ــن"‪ ،‬وأصبح ــت تق ــدم تدريب ــات‬ ‫خاص ــة بالرش ــاقة‪ ،‬ووجه ــت مشتركاته ــا إلى‬ ‫اتبــاع أنظمــة غذائيــة مناســبة‪ ،‬مــا ســاعدها في‬ ‫تحقي ــق دخ ــل جي ــد‪.‬‬ ‫وتتابــع‪" :‬أنــا أديــر عــملي بنــف�سي وبمرونــة تامــة‪،‬‬ ‫دون االعتم ــاد على م ـزاج أصح ــاب القاع ــات‬ ‫الرياضي ــة‪ ،‬مم ــا وف ــر لي الوق ــت والدخ ــل‬ ‫الالزم إلكم ــال دراستي دون مش ــاكل مادي ــة"‪،‬‬ ‫مــشيرة إلى "بعــض التحديــات مثــل عــدم التزام‬ ‫امل ــشتركين بالدف ــع أو ع ــدم رض ــا البع ــض ع ــن‬ ‫نتائ ــج التماري ــن"‪.‬‬ ‫في املقابــل‪ ،‬يــرى مختصــون أن توســع األعمــال‬ ‫املنزلي ــة التي ُ​ُت ــدار عبر اإلنترن ــت بحاج ــة إلى‬ ‫تش ــريعات واضح ــة لضم ــان حق ــوق البائ ــعين‬ ‫واملستهل ــكين‪.‬‬ ‫ويقــول الخــبير القانونــي عالء العامــري‪ ،‬ملجلــة‬ ‫"ف ــيلي"‪ ،‬إن "هن ــاك ق ــوانين تنظ ــم املع ــامالت‬ ‫التجاري ــة اإللكتروني ــة‪ ،‬منه ــا قان ــون التوقي ــع‬ ‫اإللكترون ــي واملع ــامالت اإللكتروني ــة رق ــم ‪78‬‬ ‫لســنة ‪ ،2012‬وقانــون حمايــة املستهلــك رقــم ‪1‬‬ ‫لس ــنة ‪ ،2010‬لك ــن ه ــذه الق ــوانين بحاج ــة إلى‬ ‫تعدي ــل لتواك ــب التط ــورات الحالي ــة"‪.‬‬ ‫الهجرة الرقمية‬ ‫تزامن ـ�ا م ــع انتش ــار األعم ــال املنزلي ــة‪ ،‬ب ــدأ‬ ‫العدي ــد م ــن الش ــباب العراق ــيين بمزاول ــة م ــا‬ ‫ُيع ــرف بـ"الهج ــرة الرقمي ــة"‪ ،‬أي العم ــل م ــع‬ ‫ُ‬ ‫ش ــركات وأف ـراد خ ــارج الع ـراق دون مغ ــادرة‬

‫لالقتصاد من خالل‬ ‫خلق فرص عمل‪،‬‬ ‫لكنه ال يرفد خزينة‬ ‫الدولة بأي إيرادات‬ ‫ضريبية لكونه غير‬ ‫منظم قانونيا "‪.‬‬

‫ال ــبالد‪ ،‬مس ــتفيدين م ــن التط ــور التكنول ــوجي‬ ‫وس ــوق العم ــل العامل ــي‪.‬‬ ‫ويق ــول حس ــن ف ــاروق‪ ،‬أح ــد ه ــؤالء الش ــباب‪،‬‬ ‫ال ــذي ت ــرك عمل ــه الس ــابق في ش ــركة اتص ــاالت‬ ‫محلي ــة نتيج ــة الضغ ــوط وس ــوء املعامل ــة‪،‬‬ ‫وتوجــه إلى العمــل عــن ُبعــد مــع شــركة أجنبيــة‬ ‫ُ‬ ‫متخصص ــة بأنظم ــة الحاس ــوب‪" :‬أن ــا خري ــج‬ ‫الجامعــة التكنولوجيــة‪ ،‬ولــم أقبــل باإلهانــة أو‬ ‫التقلي ــل م ــن قدرات ــي‪ ،‬فق ــررت ت ــرك الوظيف ــة‬ ‫املحليــة ووجــدت التقديــر والدخــل املناســب في‬

‫العم ــل م ــع ش ــركة أجنبي ــة"‪.‬‬ ‫ويضيــف فــاروق‪ ،‬في حديثــه ملجلــة "فــيلي"‪ ،‬أنــه‬ ‫يشــعر اآلن بالحريــة واالحترام‪ ،‬ويتقــا�ضى راتبــه‬ ‫ـهريًا دون معان ــاة زحام ــات الطري ــق‬ ‫بال ــدوالر ش ـ ً‬ ‫أو أعبــاء التنقــل والطعــام‪.‬‬ ‫ب ــدوره‪ ،‬ي ــوضح املهن ــدس حس ــن مصطف ــى‪،‬‬ ‫ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬أن "العم ــل م ــع ش ــركات دولي ــة‬ ‫يوف ــر امتي ــازات ك ــبيرة م ــن الناحي ــة املالي ــة‬ ‫والراح ــة النفس ــية"‪ ،‬مضيف ـ�ا أن "العال ــم‬ ‫االفترا�ضي أكثر واقعي ــة مم ــا نتص ــور‪ ،‬ول ــم‬

‫أواج ــه أي مش ــاكل ُ​ُتذك ــر‪ ،‬حي ــث يت ــم تحوي ــل‬ ‫ـهريًا إلى أح ــد البن ــوك املحلي ــة"‪.‬‬ ‫راتبي ش ـ ً‬ ‫نمو متصاعد‬ ‫رغــم عــدم توفــر بيانــات رســمية بشــأن "الهجــرة‬ ‫الرقمي ــة" أو حج ــم التج ــارة اإللكتروني ــة في‬ ‫الع ـراق‪ ،‬إال أن الخبراء ي ــرون في ه ــذا املس ــار‬ ‫ـدًا اقتصادي ـ ًـًا مهم ـ ًـًا يج ــب دعم ــه وتش ــريعه‪.‬‬ ‫راف ـ ً‬ ‫ويق ــول الخ ــبير االقتص ــادي من ــار العبي ــدي‪،‬‬ ‫ملجل ــة "ف ــيلي"‪ ،‬إن العم ــل املنزلي والـ"أونالي ــن"‬ ‫يمثــل قيمــة مضافــة لالقتصــاد مــن خالل خلــق‬

‫فــرص عمــل‪ ،‬لكنــه ال يرفــد خزينــة الدولــة بــأي‬ ‫إي ـرادات ضريبي ــة لكون ــه غير منظ ــم قانوني ـ ًـًا‪.‬‬ ‫وي ــشير إلى أن قان ــون التج ــارة اإللكتروني ــة ُ​ُأق ــر‬ ‫ُ‬ ‫فّع ــل‬ ‫بالفع ــل‪ ،‬وص ــدرت تعليمات ــه‪ ،‬لك ــن ل ــم ُي ّ‬ ‫ب ــشكل ج ــاد على أرض الواق ــع حتى اآلن‪.‬‬ ‫ـائًال إن "ه ــذه املش ــاريع‪،‬‬ ‫ويتح ــدث العبي ــدي‪ ،‬ق ـ ً‬ ‫رغ ــم بس ــاطتها‪ ،‬تلع ــب دو ًرًا مهم ـ ًـًا في امتص ــاص‬ ‫البطال ــة‪ ،‬وتم ــكين الش ــباب والنس ــاء‪ ،‬وين ــبغي‬ ‫ـميًا ضم ــن خط ــة وطني ــة ش ــاملة"‪.‬‬ ‫دعمه ــا رس ـ ً‬

‫"تأهيل روح بغداد"‪...‬‬ ‫ُ​ُيعد مرشوع تأهيل وتحديث‬ ‫شارع الرشيد في بغداد خطوة‬ ‫جوهرية نحو إحياء روح المدينة‬ ‫وتراثها العريق‪ ،‬انه قلب بغداد‬ ‫الثقافي والتاريخي‪ ،‬ويمتد كذاكرة‬ ‫ح ّ​ّية تحكي قصص األجيال‬

‫وسط فوضى المعمار الحديث‬ ‫واالزدحام المزتايد‪ ..‬تأتي عملية‬ ‫التطوير كحركة مقاومة للحذف‬ ‫والنسيان‪ ،‬تهدف إلى الحفاظ على‬ ‫الهوية البغدادية األصيلة‪ ،‬وإعادة‬ ‫االعتبار لمعالم المدينة الرتاثية‬ ‫التي تآكلت بفعل اإلهمال‬ ‫والزمن‪ .‬إن إعادة الحياة لشارع‬ ‫الرشيد هي استعادة لروح بغداد‪،‬‬ ‫وتأكيد على أن الحداثة ال تعني‬ ‫طمس الجمال القديم‪ ،‬بل يمكن‬ ‫أن تتعايش معه وتحتفي به‪.‬‬

‫مدير التحرير‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫مجلة شهرية تصدر عن مؤسسة شفق‬

‫صاحب االمتياز‬ ‫مؤسسة الثقافة واالعالم للكورد الفيليين‬ ‫ده‌زگاى رۆشنبیرى و راگهیاندنى كوردى فهیلى‬

‫&‪SHAFAQ FOUNDATION OF CULTURE‬‬ ‫‪MEDIA FOR FAILI KURD‬‬ ‫العدد ‪ 260‬السنة الحادية والعشرون|آب ‪ /‬اغسطس ‪2025‬‬