العـدد "مـئتـــان وسبعة وخمسون" من مجلة فيلي

‫مجلة شهرية تصدر عن مؤسسة شفق الثقافة واالعالم للكورد الفيليين‬

‫‪SHAFAQ FOUNDATION OF CULTURE & MEDIA FOR FAILI KURD‬‬

‫‪www.shafaq.com‬‬

‫‪257‬‬

‫السنـة الحادية والعشــرون‬ ‫آيار ‪ /‬مايو ‪2025‬‬

‫بغداد تخلد‬ ‫ُ‬ ‫شهداء الكورد الفيليني‬

‫تعصب ذكوري يعترض طريق المرأة إلى البرلمان‬ ‫‪..‬ما الذي يحدث في موانئ العراق؟‬ ‫علني‪..‬ما‬ ‫تهريب شبه علني‬ ‫األدنى منذ ‪ 80‬عاماً‪ ..‬وضع كارثي للخزين المائي‬

‫سيدة كوردية فيلية تحصد امتياز‬ ‫الحياة"اً ‪10‬‬ ‫في "سر‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫‪20‬‬

‫اقرأ في العدد ايض ًا‬

‫كلمــــة العدد‬

‫مرحبا بغداد‪ ..‬ارسلي حصتي!‬

‫"ماكسويل" ‪..‬‬ ‫يفرّ من هور الحويزة‪..‬‬

‫هل يلحق الفن العراقي بالفن الرقمي‬ ‫والذكاء االصطناعي في العالم؟‬ ‫مجلة شهرية تصدر عن مؤسسة شفق‬

‫‪70‬‬

‫تركة ثقيلة تعرقل جهود التنمية‬

‫‪84‬‬

‫صاحب االمتياز‬

‫مؤسسة الثقافة واالعالم للكورد الفيليين‬

‫ده‌زگاى رۆشنبیرى و راگه‌یاندنى كوردى فه‌یلى‬ ‫&‪SHAFAQ FOUNDATION OF CULTURE‬‬ ‫‪MEDIA FOR FAILI KURD‬‬

‫‪257‬‬

‫السـنـة الحادية والعشــــرون‬ ‫آيار ‪ /‬مايو ‪2025‬‬

‫أســرة التحرير‬ ‫رئيس التحرير‬

‫علي حسين فيلي‬

‫‪100‬‬

‫مدن الظل في العراق‪..‬‬ ‫‪ 9‬ماليين نسمة بقبضة العشوائيات‬

‫‪info@shafaaq.com‬‬

‫مدير التحرير‬

‫علي حسين علي‬ ‫سكرتير التحرير‬

‫صادق االزرقي‬ ‫هيئة التحرير‬

‫العراق يواجه أخطر التأثيرات البيئية على‬ ‫الصحة واالقتصاد‬

‫‪114‬‬

‫محمد جمال‬ ‫ياسر عماد‬ ‫ماجد محمد صالحان‬ ‫سندس ميرزا‬ ‫التصميم الفني‬

‫ايمان حبيب علي‬ ‫‪website: www.shafaq.com‬‬

‫رقم االعتماد في نقابة الصحفيين العراقيين ‪2016‬‬ ‫رقم االيداع في دار الكتب والوثائق ‪ 796‬في ‪2004‬‬

‫‪125‬‬

‫نسب إنجاز المشاريع‪:‬‬

‫تطور حقيقي أم ذر الرماد في العيون؟‬

‫ـعبا حامل ـ ًـا وال طوباويي ــن‪.‬‬ ‫بغ ــض النظ ــر ع ــن املروي ــات املثالي ــة‪ ،‬لس ــنا ش ـ ً‬ ‫ن‬ ‫نحــن أبنــاء واقــع معقــد‪ ،‬نحلــم فقــط بمــا ينبغــي أن يكــو بديهيـ ًـا‪ :‬حيــاة‬ ‫ـدا أن عراق ـ ًـا آخ ــر كان‬ ‫كريم ــة تق ــوم عل ــى ّالعدال ــة والكرام ــة‪ .‬نعل ــم جي ـ ً‬ ‫ممكن ـ ًـا‪ ،‬يعك ــس تن ــوع س ــكانه وقوته ــم ضم ــن س ــلطة تمثله ــم جميع ـ ًـا‪،‬‬ ‫ال عراق ـ ًـا ُتحتج ــز فيه ــا الحق ــوق رهين ـ ًـة لص ـراع سيا�س ــي ال ينته ــي‪.‬‬ ‫عل ــى م ــدى س ــنوات‪ ،‬تك ــررت الخالف ــات بي ــن أربي ــل وبغ ــداد ح ــول مل ــف‬ ‫جزءا‬ ‫النفط والغاز‪ ،‬حتى باتت هذه االشتباكات القانونية والسياسية ّ ً‬ ‫مــن املشــهد املعتــاد‪ .‬لــم يعــد امللــف مجــرد قضيــة اقتصاديــة بــل تحــول‬ ‫إل ــى م ـرآة تعك ــس عم ــق األزم ــة البنيوي ــة ف ــي النظ ــام السيا�س ــي العراق ــي‪.‬‬ ‫فاملج ــال السيا�س ــي‪ ،‬بعك ــس الثقاف ــي‪ ،‬ال يحتم ــل التس ــويات الغامض ــة‪،‬‬ ‫بل يتطلب حسابات دقيقة ورؤية شاملة تتجاوز االنفعاالت اللحظية‪.‬‬ ‫ـادا تتج ــاوز لحظت ــه‪،‬‬ ‫ف ــي الع ـراق‪ ،‬كل تصري ــح أو ق ـرار يحم ــل أبع ـ ً‬ ‫تتضاع ــف آث ــاره داخلي ـ ًـا وخارجي ـ ًـا‪ .‬ورغ ــم أن سياس ــة "تخفي ــف‬ ‫الف ــوران" ق ــد ال تك ــون ح ـ ًـا كام ـ ًـا‪ ،‬إال أنه ــا ق ــد تك ــون الخي ــار‬ ‫الواقع ــي ف ــي ظ ــل انس ــداد األف ــق‪ .‬فكم ــا يق ــول املث ــل‪" :‬أق�ص ــى فائ ــدة‬ ‫ف ــي ظ ــل القي ــود"‪ ،‬وه ــو م ــا ل ــم تأخ ــذه بغ ــداد بجدي ــة‪ ،‬إذ واصل ــت‬ ‫سياس ــات التعطي ــل والتقيي ــد ب ــدل البح ــث ع ــن حل ــول توافقي ــة‪.‬‬ ‫نح ــن ف ــي موق ــع اس ــتراتيجي ف ــي خريط ــة العال ــم‪ ،‬لكن ــه أيض ـ ًـا أح ــد‬ ‫ـدا‪ .‬وبع ــد عق ــود م ــن الح ــروب والنزاع ــات‪،‬‬ ‫أكث ــر بقاع ــه تعقي ـ ً‬ ‫اتفق ــت الق ــوى الداخلي ــة والخارجي ــة عل ــى أن االس ــتقرار ب ــات‬ ‫ض ــرورة‪ ،‬ال خي ــا ًرا‪ .‬وم ــع ذل ــك‪ ،‬ال ت ـزال أنظم ــة الحك ــم التقليدي ــة‬ ‫ه ــي الحاكم ــة‪ ،‬ف ــي وق ــت يفت ــرض أن يعم ــل النظ ــام االتح ــادي عل ــى‬ ‫بن ــاء هوي ــة سياس ــية مش ــتركة تس ــتوعب التن ــوع‪ ،‬ال أن تتجاهل ــه‪.‬‬ ‫لق ــد اختب ــر الع ـراق أش ــكال حك ــم متع ــددة‪ ،‬م ــن امللكي ــة إل ــى‬ ‫ـوال إلــى النظــام االتحــادي الــذي ُأعلــن مــع الدســتور‬ ‫الديكتاتوريــة‪ ،‬وصـ ً‬ ‫ـوها‪ُ .‬ترفــع شــعارات االتحاديــة‪،‬‬ ‫الجديــد‪ .‬إال أن التطبيــق ظـ ّـل هشـ ًـا ومشـ ً‬ ‫ق‬ ‫عل ــق بالق ـرارات‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫‪،‬‬ ‫ـو‬ ‫لك ــن ُتم ــارس مركزي ــة متس ــلطة‪ُ .‬تق ــر الحق ـ‬ ‫ّ ُ َّ‬ ‫ب ــل ب ــدا وكأن الع ـراق ال ي ـزال عاج ـ ًزا ع ــن تقب ــل فك ــرة أن إلقلي ــم‬ ‫كوردس ــتان الح ــق ف ــي اس ــتخراج غ ــازه وبي ــع نفط ــه دون أن ُيمن ــع‪.‬‬ ‫ويذه ــب البع ــض أبع ــد م ــن ذل ــك‪ ،‬فيرب ــط ه ــذا الفش ــل برؤي ــة‬ ‫جيوسياس ــية أوس ــع‪ ،‬مفاده ــا أن مش ــروع "الش ــرق األوس ــط‬ ‫الكبي ــر" ال يمك ــن تحقيق ــه إال بتهيئ ــة أنظم ــة سياس ــية اتحادي ــة‬ ‫ـتقبال‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫هش ــة‪ ،‬تك ــون قابل ــة للتفكي ــك أو إع ــادة الهيكل ــة مس ـ ً‬ ‫ـدا ع ــن النظري ــات الكب ــرى‪ ،‬تبق ــى الحقيق ــة أكث ــر بس ــاطة‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫بع‬ ‫ـن‬ ‫لك ـ‬ ‫ً‬ ‫وإلحاحـ ًـا‪ :‬العـراق يعانــي مــن أزمــة حكــم‪ .‬أزمــة ال ُتحــل بالدعــم الخارجــي‪،‬‬ ‫وال ُت ــدار م ــن واش ــنطن‪ ،‬ب ــل تحت ــاج إل ــى إع ــادة بن ــاء م ــن الداخ ــل‪.‬‬ ‫فطامل ــا ظ ــل "مصن ــع األزم ــات" يعم ــل بكام ــل طاقت ــه ف ــي بغ ــداد‪ ،‬س ــتبقى‬ ‫ن ــداءات الش ـراكة واملواطن ــة تصط ــدم بج ــدران "املركزي ــة" الصم ــاء‪.‬‬ ‫ربم ــا ح ــان الوق ــت ألن تس ــمع بغ ــداد ه ــذا الن ــداء البس ــيط م ــن مواط ــن‬ ‫يش ــعر باإلقص ــاء‪ :‬أرس ــلي حصت ــي‪ ..‬لي ــس م ــن النف ــط فحس ــب‪ ،‬ب ــل‬ ‫من العدالة أيض ـ ًـا ‪.‬‬

‫رئيس التحرير‬

‫‪4‬‬

‫كـــــــــــــــورديات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪2025‬‬

‫‪KURDISH‬‬

‫كركوك تواجه مرآتها‪..‬‬

‫"التجربة الماضية أظهرت أن ما بعد‬ ‫االنتخابات ال يقل تعقيدًا عن لحظة‬ ‫االقتراع نفسها‪ ،‬ما يجعل كركوك ساحة‬ ‫مفتوحة لكل االحتماالت السياسية"‪.‬‬

‫النفط والهوية‬ ‫والتاريخ‬ ‫على ورقة االقتراع‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫مع اقتراب موعد االنتخابات البرملانية في أواخر‪ ،2025‬تعيش‬ ‫كركوك لحظة سياسية مألوفة‪ ،‬املدينة التي لطاملا ُوصفت‬ ‫مجددا كمختبر‬ ‫بأنها مرآة التعقيد العراقي‪ ،‬تعود إلى الواجهة‬ ‫ً‬ ‫صعب لتوازنات الهوية والسلطة والتمثيل‪ ،‬ففي محافظة‬ ‫تزدحم بثالث قوميات رئيسية‪ ،‬الكورد‪ ،‬العرب‪ ،‬والتركمان‪،‬‬ ‫شيئا ُحسم‪ ،‬رغم تعاقب‬ ‫إلى جانب أقليات أخرى‪ .‬ال يبدو أن ً‬ ‫الدورات االنتخابية والتسويات املؤقتة‪.‬‬ ‫ف ــي الش ــوارع واألس ــواق‪ ،‬يتح ــدث الن ــاس ع ــن‬ ‫القوائ ــم‪ ،‬بينم ــا تت ــردد بي ــن املكات ــب الحزبي ــة‬ ‫نغم ــة واح ــدة‪ :‬ال اتف ــاق حت ــى اآلن‪ .‬االنتخاب ــات‬ ‫ف ــي كرك ــوك ليس ــت مج ــرد س ــباق عل ــى املقاع ــد‪،‬‬ ‫ب ــل عل ــى رواي ــة املدين ــة‪ .‬م ــن يحك ــم؟ م ــن يق ــرر؟‬ ‫م ــن يض ــع اس ــمه عل ــى بواب ــات اإلدارة؟‬ ‫اعتب ــرت كرك ــوك إح ــدى‬ ‫من ــذ ع ــام ‪ُ ،2005‬‬ ‫"املناط ــق املتن ــازع عليه ــا" وف ــق امل ــادة ‪ 140‬م ــن‬ ‫الدســتور العراقــي‪ ،‬لحســم تبعيتهــا عبــر سلســلة‬ ‫خط ــوات تب ــدأ بالتطبي ــع وتنته ــي باس ــتفتاء‪ ،‬إال‬ ‫أن أي ـ ًـا م ــن تل ــك املراح ــل ل ــم يس ــتكمل‪ .‬نتيج ــة‬ ‫ُ‬ ‫لذل ــك‪ ،‬ظل ــت كرك ــوك رهين ــة ف ـراغ قانون ــي‬ ‫وإداري يغ ـ ّـذي التوت ـرات القومي ــة ويض ــع‬ ‫ُ‬ ‫املؤسس ــات ف ــي مه ــب تجاذب ــات بغ ــداد وأربي ــل‪.‬‬ ‫"قدس كوردستان"‬ ‫بع ــد ع ــام ‪ ،2003‬ب ــدا أن كرك ــوك س ــتلتحق‬ ‫ً‬ ‫تدريجيــا بإقليــم كوردســتان‪ .‬الكــورد‪ ،‬بوجودهــم‬ ‫العس ــكري واإلداري‪ ،‬فرض ــوا حضوره ــم حت ــى‬ ‫عــام ‪ ،2017‬حيــن انســحبت قــوات البيشــمركة‬ ‫عق ــب اس ــتفتاء االس ــتقالل‪ ،‬ف ــي تح ــول درام ــي‬ ‫للمش ــهد السيا�س ــي م ــا زال ــت تداعيات ــه تلق ــي‬

‫بظالله ــا حت ــى اآلن‪.‬‬ ‫كرك ــوك لطامل ــا ُوصف ــت ف ــي الخط ــاب‬ ‫الك ــوردي بـ"ق ــدس كوردس ــتان"‪ ،‬حاف ــظ‬ ‫فيه ــا االتح ــاد الوطن ــي عل ــى تمثي ــل ق ــوي ف ــي‬ ‫االنتخاب ــات التش ــريعية ‪ 2021‬بحصول ــه عل ــى‬ ‫‪ 5‬مقاع ــد‪ ،‬بينم ــا قاط ــع الح ــزب الديمقراط ــي‬ ‫ً‬ ‫احتجاج ــا عل ــى‬ ‫الكوردس ــتاني االنتخاب ــات‬ ‫األوض ــاع ف ــي املدين ــة‪ .‬وف ــي انتخاب ــات ‪2023‬‬ ‫املحلي ــة‪ ،‬ف ــاز االتح ــاد الوطن ــي بــ‪ 5‬مقاع ــد‪،‬‬ ‫وتمك ــن م ــن تش ــكيل الحكوم ــة املحلي ــة بدع ــم‬ ‫عربــي ومســيحي‪ ،‬وســط اعت ـراض الديمقراطــي‪.‬‬ ‫"لــم يعــد الصــوت الكــوردي موحـ ًـدا فــي كركوك"‪،‬‬ ‫يق ــول الباح ــث عب ــد الحمي ــد خال ــد ملجل ــة‬ ‫«فيل ــي» إن "الخالف ــات العميق ــة بي ــن الحزبي ــن‬ ‫الرئيس ــيين‪ ،‬وع ــدم إش ـراك الق ــوى اإلس ــامية‬ ‫الكوردي ــة‪ ،‬تجع ــل م ــن كل اس ــتحقاق انتخاب ــي‬ ‫س ــاحة لص ـراع داخل ــي ال لجبه ــة موح ــدة"‪.‬‬ ‫ويضيــف أن "القــوى الكورديــة تميــل إلــى خــوض‬ ‫االنتخاب ــات بقوائ ــم منفصل ــة‪ ،‬ث ــم محاول ــة‬ ‫التف ــاوض بع ــد النتائ ــج‪ ،‬وه ــو م ــا يضع ــف‬ ‫حضوره ــا ف ــي املناط ــق املتن ــازع عليه ــا"‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫ويتابــع‪:‬‬ ‫"تأخ ــر تش ــكيل حكوم ــة‬ ‫إقلي ــم كوردس ــتان ه ــو انع ــكاس مباش ــر له ــذه‬ ‫االنقس ــامات‪ ،‬الت ــي تلق ــي بظالله ــا عل ــى مش ــهد‬ ‫كرك ــوك وامللف ــات املرتبط ــة به ــا"‪.‬‬ ‫باإلضاف ــة إل ــى ذل ــك‪ .‬فمن ــذ عش ــرة أش ــهر‬ ‫ً‬ ‫تقريب ــا‪ ،‬يش ــغل القي ــادي ف ــي االتح ــاد الوطن ــي‬ ‫الكوردس ــتاني‪ ،‬ريب ــوار ط ــه‪ ،‬منص ــب محاف ــظ‬ ‫كرك ــوك‪ ،‬إث ــر تحال ــف سيا�س ــي س ــمح بتش ــكيل‬ ‫إدارة محلي ــة‪ .‬ورغ ــم اس ــتقرار الوض ــع ًّ‬ ‫إداري ــا‪،‬‬ ‫فــإن تعيينــه ال يحظــى بإجمــاع سيا�ســي‪ ،‬خاصــة‬ ‫م ــن جان ــب الح ــزب الديمقراط ــي الكوردس ــتاني‬ ‫وبع ــض الق ــوى التركماني ــة‪.‬‬ ‫"القب ــول السيا�س ــي باملحاف ــظ ال يعن ــي نهاي ــة‬ ‫الخ ــاف"‪ ،‬يق ــول املحل ــل محم ــد يون ــس‪.‬‬ ‫"ب ــل ربم ــا نق ــل األزم ــة م ــن الطاول ــة املفتوح ــة‬ ‫إل ــى الغ ــرف املغلق ــة‪ ،‬بانتظ ــار م ــا س ــتفرزه‬ ‫االنتخاب ــات املقبل ــة"‪.‬‬ ‫الع ــرب‪ :‬مب ــادرات للوح ــدة ُتقاب ــل بتش ــتيت‬ ‫مس ــتمر‬

‫ف ــي‬ ‫ا ملعس ــكر‬ ‫العربــي‪ ،‬تتعــدد القوائــم‬ ‫وتتناف ــس الش ــخصيات‬ ‫عل ــى النف ــوذ داخ ــل‬ ‫الحويج ــة‬ ‫مناط ــق‬ ‫والدب ــس ومرك ــز كرك ــوك‪.‬‬ ‫السيا�س ــي‬ ‫انقس ــامهم‬ ‫حرمه ــم م ــن التمثي ــل‬ ‫املوح ــد‪ ،‬فف ــي انتخاب ــات‬ ‫‪ ،2021‬حصل ــوا عل ــى ‪4‬‬ ‫مقاع ــد توزع ــت عل ــى تحالف ــات مختلف ــة‪ ،‬م ــا‬ ‫دع ــا القي ــادي العرب ــي الب ــارز وصف ــي العا�ص ــي‬ ‫ال ــى الدع ــوة لتش ــكيل قائم ــة عربي ــة موح ــدة‪،‬‬ ‫مؤك ـ ًـدا اس ــتعداده "للتن ــازل ع ــن أي موق ــع‬ ‫ش ــخ�صي مقاب ــل وح ــدة الع ــرب"‪.‬‬ ‫وتبق ــى الق ــوى العربي ــة موزع ــة بي ــن تحال ــف‬ ‫"تق ــدم" بزعام ــة محم ــد الحلبو�س ــي‪ ،‬و"ع ــزم"‬ ‫بزعام ــة خمي ــس الخنج ــر‪ ،‬إل ــى جان ــب‬ ‫ش ــخصيات وقوائ ــم مس ــتقلة ذات طاب ــع‬ ‫عش ــائري أو مناطق ــي‪.‬‬ ‫وق ــال العا�ص ــي ف ــي حديث ــه ملجل ــة «فيل ــي»‪:‬‬ ‫"لطامل ــا دع ــوت إل ــى دخ ــول الع ــرب بقائم ــة‬ ‫واح ــدة‪ .‬الي ــوم أعل ــن اس ــتعدادي للتخل ــي‬ ‫ع ــن أي مكس ــب سيا�س ــي‪ ،‬فاأله ــم ه ــو وح ــدة‬ ‫الص ــف وخدم ــة أهلن ــا ف ــي كرك ــوك"‪.‬‬ ‫وأض ــاف‪" :‬ال أض ــع أي ش ــروط‪ ،‬وال أطال ــب‬ ‫بتسلس ــل متق ـ ّـدم أو رئاس ــة القائم ــة‪ ،‬ب ــل‬

‫أؤمــن بــأن‬ ‫وح ــدة املوق ــف‬ ‫العرب ــي س ـ ُـتف�ضي إل ــى نتائ ــج‬ ‫غي ــر متوقع ــة‪ ،‬وق ــد نك ــون الكتل ــة األب ــرز‬ ‫داخ ــل املحافظ ــة"‪.‬‬ ‫السيا�س ــي ط ــال الع ـزاوي م ــن جهت ــه أك ــد أن‬ ‫"ثق ــل الع ــرب يتمرك ــز ف ــي قض ــاء الحويج ــة‬ ‫والدب ــس ومرك ــز كرك ــوك‪ ،‬وتتن ــازع تمثيله ــم‬ ‫عــدة قــوى أبرزهــا حــزب تقــدم‪ ،‬وتحالــف عــزم‪،‬‬ ‫والتحال ــف العرب ــي‪ ،‬والجبه ــة الغربي ــة"‪ .‬وق ــال‬ ‫العـزاوي‪" :‬العــرب فــي مركــز كركــوك يعانــون مــن‬ ‫التشــتت بيــن هــذه القوائــم‪ ،‬لكــن إذا توحــدوا‪،‬‬ ‫فإنهــم سيشــكلون رقمـ ًـا صعبـ ًـا‪ ،‬وقــد يحصــدون‬ ‫م ــن ‪ 5‬إل ــى ‪ 6‬مقاع ــد برملاني ــة"‪.‬‬ ‫التركمان‪ :‬جبهة موحدة باالسم‪ ،‬ال باملوقف‬ ‫التركم ــان‪ ،‬ف ــي الش ــق اآلخ ــر‪ ،‬يواجه ــون‬ ‫انقس ــامات عميق ــة بي ــن تي ــارات علماني ــة‬ ‫وقومي ــة‪ ،‬وأخ ــرى مرتبط ــة بأح ـزاب ش ــيعية‪.‬‬ ‫ففــي انتخابــات ‪ ،2021‬حصلــوا علــى مقعديــن‬ ‫ـدا مخصص ــة‬ ‫اثني ــن م ــن أص ــل ‪ 12‬مقع ـ ً‬ ‫لكرك ــوك‪.‬‬ ‫ُأعل ــن ع ــن تش ــكيل "جبه ــة تركماني ــة موح ــدة"‬ ‫بقي ــادة محم ــد س ــمعان آغ ــا‪ ،‬لكنه ــا ل ــم تنج ــح‬ ‫فــي تجــاوز االنقســامات بيــن مكونــات تركمانيــة‬ ‫أخ ــرى‪ ،‬منه ــا تحالف ــات مرتبط ــة بمنظم ــة ب ــدر‪.‬‬

‫ويق ــول الباح ــث عب ــاس البيات ــي‪:‬‬ ‫"تع ــدد التوجه ــات داخ ــل البي ــت‬ ‫التركمان ــي ق ــد ُيقل ــص تمثيله ــم ف ــي‬ ‫قلق ــا‬ ‫البرمل ــان املقب ــل‪ ،‬وه ــو م ــا يثي ــر ً‬ ‫متزاي ـ ًـدا ف ــي أوس ــاطهم السياس ــية"‪.‬‬ ‫ويش ــير بع ــض الق ــادة التركم ــان إل ــى‬ ‫أن اس ــتبعادهم م ــن صياغ ــة الحكوم ــة‬ ‫املحلي ــة األخي ــرة ف ــي كرك ــوك زاد م ــن ش ــعورهم‬ ‫بالتهمي ــش‪ ،‬وأن أي إع ــادة توزي ــع للس ــلطة‬ ‫دون مش ــاركتهم س ـ ُـيقابل برف ــض علن ــي‪ ،‬وربم ــا‬ ‫احتجاج ــات سياس ــية‪.‬‬ ‫تحالفات مؤجلة واستحقاق حاسم‬ ‫ف ــي ظ ــل غي ــاب التحالف ــات العاب ــرة للمكون ــات‪،‬‬ ‫تب ــدو انتخاب ــات كرك ــوك ‪ 2025‬مرش ــحة‬ ‫إلع ــادة إنت ــاج األزم ــة‪ .‬وت ّ‬ ‫رج ــح مص ــادر محلي ــة‬ ‫ُ‬ ‫أن ال ُتعق ــد أي تفاهم ــات كب ــرى قب ــل إع ــان‬ ‫النتائــج‪ ،‬مــا قــد يعنــي اســتمرار الف ـراغ اإلداري‬ ‫والسيا�س ــي‪ ،‬أو نش ــوء تحالف ــات قائم ــة عل ــى‬ ‫تقاط ــع املصال ــح ال عل ــى البرام ــج املش ــتركة‪.‬‬ ‫الباح ــث محم ــد يون ــس يح ـ ّـذر م ــن أن "غي ــاب‬ ‫التواف ــق ق ــد ي ــؤدي إل ــى أزم ــة تمثي ــل تمت ــد‬ ‫مل ــا بع ــد االنتخاب ــات‪ ،‬وربم ــا تعرق ــل مش ــاريع‬ ‫الخدم ــات واالس ــتقرار األمن ــي ف ــي املحافظ ــة"‪.‬‬ ‫ويضي ــف‪" :‬التجرب ــة املاضي ــة أظه ــرت أن م ــا‬ ‫بع ــد االنتخاب ــات ال يق ــل تعقي ـ ًـدا ع ــن لحظ ــة‬ ‫االقت ـراع نفس ــها‪ ،‬م ــا يجع ــل كرك ــوك س ــاحة‬ ‫مفتوح ــة ل ــكل االحتم ــاالت السياس ــية"‪.‬‬ ‫ف ــي كرك ــوك‪ ،‬كل �ش ــيء مؤج ــل‪ ،‬م ــن حس ــم‬ ‫الهويــة إلــى رســم خارطــة الســلطة‪ .‬ومــع اقت ـراب‬ ‫قائم ــا‪ :‬ه ــل‬ ‫موع ــد االنتخاب ــات‪ ،‬يبق ــى الس ــؤال ً‬ ‫س ــيكون ه ــذا االس ــتحقاق فرص ــة لتقري ــب‬ ‫وجه ــات النظ ــر‪ ،‬أم فص ـ ًـا جدي ـ ًـدا ف ــي سلس ــلة‬ ‫م ــن الصراع ــات املؤجل ــة؟‬

‫‪6‬‬

‫كـــــــــــــــورديات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪2025‬‬

‫‪KURDISH‬‬

‫من المسجد إلى البرلمان‪..‬‬

‫اإلسالميون‬ ‫في كوردستان‬ ‫على مفترق طرق‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫تعيش الحركات اإلسالمية في إقليم‬ ‫كوردستان حالة مفارقة بين مؤشرات‬ ‫التراجع وفرص التمدد‪ .‬فعلى الرغم‬ ‫من أن املزاج املجتمعي الكوردي‪ ،‬جامع‬ ‫بين التدين وتطلع قومي حداثي‪ ،‬إال أن‬ ‫الدعم الشعبي للقوى اإلسالمية ظل‬ ‫محدودا ً‬ ‫نسبيا‪.‬‬ ‫ً‬

‫يبــدو املشــهد مركبـ ًـا‪ ،‬حيــث تتقاطــع الطموحــات‬ ‫اإلس ــامية م ــع الهوي ــة القومي ــة الكوردي ــة‪ ،‬ف ــي‬ ‫وقــت تتزايــد فيــه التدخــات اإلقليميــة وتتحــول‬ ‫النزعــة الدينيــة مــن مشــروع سيا�ســي إلــى ظاهــرة‬ ‫اجتماعيــة بحتــة‪.‬‬ ‫وبينمــا يؤكــد قــادة اإلســاميين تصاعــد نفوذهــم‬ ‫وانتعــاش حضورهــم االنتخابــي‪ ،‬يــرى خب ـراء أن‬ ‫اإلس ــام السيا�س ــي الكوردس ــتاني يفق ــد الزخ ــم‬ ‫العتب ــارات تاريخي ــة وفكري ــة‪ .‬ه ــذا التباي ــن ف ــي‬ ‫ال ــرؤى يط ــرح تس ــاؤالت ح ــول مس ــتقبل تل ــك‬

‫الح ــركات ف ــي ظ ــل‬ ‫التأثي ـرات اإلقليمي ــة‬ ‫والهوي ــة القومي ــة‬ ‫الكوردي ــة‪ ،‬وعالق ــة‬ ‫التدي ــن الش ــعبي‬ ‫اإلس ــام‬ ‫بنف ــوذ‬ ‫ا لسيا �س ــي ‪.‬‬ ‫ج ــذور‬ ‫تاريخي ــة‬ ‫وخارط ــة متش ــعبة‬ ‫الح ــركات‬ ‫نش ــأت‬

‫اإلس ــامية الكوردس ــتانية ف ــي صورته ــا الحزبي ــة‬ ‫خــال أواخــر القــرن العشــرين‪ .‬فقــد تأسســت‬ ‫الحرك ــة اإلس ــامية ف ــي كوردس ــتان ع ــام ‪1987‬‬ ‫بقي ــادة الش ــيخ عثم ــان عب ــد العزي ــز وآخري ــن‪،‬‬ ‫مس ــتلهمة أف ــكار اإلخ ــوان املس ــلمين وبع ــض‬ ‫االتجاه ــات الس ــلفية‪.‬‬ ‫ش ــهدت التس ــعينيات ب ــروز االتح ــاد اإلس ــامي‬ ‫الكوردس ــتاني ع ــام ‪ 1991‬كف ــرع ك ــوردي‬ ‫لإلخ ــوان املس ــلمين بع ــد االنتفاض ــة الش ــعبية‬ ‫ضــد نظــام صــدام‪ ،‬إلــى جانــب اســتمرار الحركــة‬ ‫اإلس ــامية ذات الطاب ــع العس ــكري آن ــذاك‪.‬‬ ‫دخل ــت الحرك ــة اإلس ــامية ف ــي مواجه ــات‬ ‫مســلحة مــع القــوى الكورديــة بطابعهــا العلمانــي‬ ‫(مث ــل االتح ــاد الوطن ــي الكوردس ــتاني) خ ــال‬ ‫تس ــعينيات الق ــرن املا�ض ــي‪ ،‬قب ــل أن تنخ ــرط‬ ‫الحق ــا ف ــي العملي ــة السياس ــية إث ــر وس ــاطات‬ ‫ً‬ ‫إقليمي ــة‪.‬‬ ‫وفــي مطلــع األلفيــة الجديــدة‪ ،‬ظهــرت الجماعــة‬ ‫اإلس ــامية ف ــي كوردس ــتان (جماع ــة الع ــدل‬ ‫اإلس ــامية) بقي ــادة عل ــي بابي ــر إث ــر انش ــقاقها‬ ‫ع ــن الحرك ــة األم بس ــبب خالف ــات داخلي ــة‪.‬‬ ‫كمــا نشــأت جماعــات متشــددة أصغــر مثــل‬ ‫أنص ــار اإلس ــام الت ــي ارتبط ــت بتنظي ــم‬ ‫القاع ــدة ً‬ ‫عاملي ــا‪.‬‬ ‫ورغــم هــذا التنــوع‪ ،‬لــم تســتطع األحـزاب‬ ‫اإلس ــامية مجتمع ــة تحقي ــق اخت ـراق‬ ‫انتخاب ــي كبي ــر؛ إذ بلغ ــت حصته ــا نح ــو‬ ‫‪ 15%‬فق ــط م ــن أص ــوات الناخبي ــن‬ ‫ف ــي أفض ــل حاالته ــا‪ .‬م ــا يدل ــل أن‬ ‫اإلس ــاميين ف ــي كوردس ــتان واجه ــوا‬ ‫منافس ــة ش ــديدة م ــن األح ـزاب‬ ‫القومي ــة العلماني ــة‪ ،‬وظ ــل تمثيله ــم‬ ‫السيا�س ــي هامش ـ ًـيا نس ـ ًـبيا‪.‬‬ ‫واقع متقلب‬ ‫ف ــي الوق ــت الراه ــن‪ ،‬تنقس ــم‬ ‫الق ـراءات ح ــول نف ــوذ‬ ‫ا إل س ــا ميين‬ ‫بي ــن م ــن‬

‫‪7‬‬

‫ينف ــي تراجعه ــم وم ــن يؤك ــده‪.‬‬ ‫مثـ ًـا‪ ،‬أحمــد حاجــي رشــيد‪ ،‬القيــادي فــي جماعــة‬ ‫العــدل اإلســامية‪ ،‬يرفــض فكــرة انحســار دور‬ ‫اإلســاميين‪ ،‬ويؤكــد فــي حديــث ملجلــة «فيلــي»‪،‬‬ ‫أن ــه "لي ــس هن ــاك أي تراج ــع‪ ،‬ب ــل عل ــى العك ــس‬ ‫ً‬ ‫انتخابيــا وتــزداد ثقــة النــاس بنــا"‪.‬‬ ‫نحــن نتقــدم‬ ‫وين ــوه رش ــيد إل ــى ض ــرورة التميي ــز بي ــن اإلس ــام‬ ‫كظاه ــرة اجتماعي ــة وبي ــن العم ــل الحزب ــي‬ ‫اإلس ــامي‪ ،‬فم ــن وجه ــة نظ ــره‪ ،‬التدي ــن‬ ‫املجتمع ــي العمي ــق ف ــي كوردس ــتان ينعك ــس‬ ‫ف ــي زي ــادة التأيي ــد لألح ـزاب ذات املرجعي ــة‬ ‫اإلســامية‪ ،‬وهــو مــا ظهــر فــي نتائــج االنتخابــات‬ ‫األخي ــرة بحس ــب رأي ــه‪.‬‬ ‫ويس ــتدل بذل ــك عل ــى س ــبيل املث ــال بحص ــول‬ ‫األح ـزاب اإلس ــامية عل ــى أربع ــة مقاع ــد ف ــي‬ ‫ال ــدورة الرابع ــة ملجل ــس الن ــواب العراق ــي‪،‬‬ ‫وارتف ــع الع ــدد إل ــى خمس ــة مقاع ــد ف ــي ال ــدورة‬ ‫الخامس ــة‪ ،‬باإلضاف ــة إل ــى ف ــي االنتخاب ــات‬ ‫األخيــرة لبرملــان كوردســتان‪ ،‬حصــدت األح ـزاب‬ ‫اإلس ــامية عش ــرة مقاع ــد‪ ،‬مقارن ــة ب ـ ‪12‬‬ ‫ـدا ف ــي ال ــدورة الس ــابقة‪ ،‬ورأى أن ذل ــك‬ ‫مقع ـ ً‬ ‫تراج ــع طفي ــف ال يعك ــس الواق ــع ف ــي الحض ــور‬ ‫الجماهي ــري‪ ،‬بحس ــب قول ــه‪.‬‬ ‫عل ــى النقي ــض‪ ،‬ي ــرى آخ ــرون أن نف ــوذ‬ ‫اإلس ــاميين يتج ــه لألف ــول‪ .‬ف ــؤاد مجي ــد‪،‬‬ ‫الخبي ــر ف ــي ش ــؤون اإلس ــام السيا�س ــي‪ ،‬يش ــير‬ ‫ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬إلــى أن "تيــار اإلســام السيا�ســي‬ ‫الكوردس ــتاني يش ــهد تراجع ــا ً‬ ‫فعلي ــا‪ ،‬الفتق ــاره‬ ‫ً‬ ‫إل ــى ج ــذور تاريخي ــة عميق ــة ف ــي املجتم ــع‬ ‫الك ــوردي‪ ،‬وضع ــف خطاب ــه ع ــن مواكب ــة‬ ‫الطموح ــات القومي ــة للك ــورد"‪.‬‬ ‫فبحس ــب مجي ــد‪" ،‬ل ــم تنب ــع ه ــذه الح ــركات‬ ‫م ــن صل ــب الس ــياق الك ــوردي بق ــدر م ــا ج ــاءت‬ ‫تقلي ـ ًـدا لنس ــخ إقليمي ــة‪ ،‬فل ــم تتب ــن بش ــكل‬ ‫َّ‬ ‫مقن ــع تطلع ــات الهوي ــة الكوردي ــة‪ُ ،‬يض ــاف إل ــى‬ ‫ذل ــك إرث التجرب ــة العنيف ــة للتط ــرف الدين ــي‬ ‫ف ــي املنطق ــة؛ إذ إن تصاع ــد تنظيم ــات مث ــل‬ ‫داعــش والتــي يعتبرهــا البعــض إحــدى مفــرزات‬ ‫اإلس ــام السيا�س ــي‪ ،‬أدى إل ــى نف ــور قطاع ــات‬ ‫م ــن الش ــارع الك ــوردي م ــن األح ـزاب اإلس ــامية‬ ‫أيض ــا"‪.‬‬ ‫املعتدل ــة ً‬ ‫"الكثي ــر م ــن املتديني ــن ال ينتم ــون ألي ح ــزب‬

‫‪8‬‬

‫كـــــــــــــــورديات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪2025‬‬

‫‪KURDISH‬‬

‫‪9‬‬

‫من المسجد إلى البرلمان‪ ..‬اإلسالميون في كوردستان على مفترق طرق‬

‫سيا�س ــي‪ ،‬وبعضه ــم عل ــى خ ــاف فك ــري صري ــح‬ ‫م ــع الجماع ــات اإلس ــامية‪ ،.‬يق ــول مجي ــد‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ذك ــر منتق ــدو اإلس ــاميين ب ــأن حضوره ــم‬ ‫وي ّ‬ ‫النياب ــي املتواض ــع تراج ــع أكث ــر ف ــي الس ــنوات‬ ‫ـدودا وربمــا دون‬ ‫األخيــرة‪ ،‬متوقعيــن أن يظــل محـ ً‬ ‫‪ 10%‬م ــا ل ــم يج ـ ِـر تغيي ــر جوه ــري ف ــي نهجه ــم‪.‬‬ ‫ـدا ع ــن ج ــدل املقاع ــد االنتخابي ــة‪ ،‬يلف ــت‬ ‫بعي ـ ً‬ ‫الدكت ــور كارزان م ـراد‪ ،‬األكاديم ــي املتخص ــص‬ ‫فــي العالقــات الدوليــة‪ ،‬النظــر إلــى تهديــد آخــر‪:‬‬ ‫اخت ـراق الطائفي ــة للهوي ــة الكوردي ــة‪.‬‬ ‫ويؤك ــد ملجل ــة «فيل ــي» أن "ح ــركات مث ــل‬ ‫الس ــلفية‪ ،‬والش ــيعة السياس ــية‪ ،‬واإلخ ــوان‬ ‫املس ــلمين ال ُتمث ــل فق ــط تي ــارات ديني ــة‪ ،‬ب ــل‬ ‫أدوات لق ــوى إقليمي ــة ته ــدف لض ــرب املش ــروع‬ ‫الوطن ــي الك ــوردي‪ ،‬كم ــا تس ــتغل الفراغ ــات‬ ‫االجتماعي ــة لتكري ــس االنتم ــاءات املذهبي ــة‬ ‫عل ــى حس ــاب االنتم ــاء القوم ــي‪ ،‬باإلض ــاف إل ــى‬ ‫مح ــاوالت ميليش ــيات مدعوم ــة م ــن طه ـران‬ ‫تغيي ــر التركيب ــة الديموغرافي ــة ف ــي املناط ــق‬ ‫املتن ــازع عليه ــا"‪.‬‬ ‫"هــذه التيــارات تعتبــر االنتمــاء القومــي بدعــة‪،‬‬ ‫كمــا تســهم فــي تغذيــة التطــرف ورفــض التقاليــد‬ ‫الكوردي ــة‪ ،‬وه ــو م ــا تجل ــى ف ــي مأس ــاة س ــنجار‬ ‫ع ــام ‪ 2014‬بع ــد اجتي ــاح داع ــش للمنطق ــة"‪،‬‬ ‫يق ــول م ـراد ف ــي إش ــارة إل ــى اإلب ــادة الجماعي ــة‬ ‫الت ــي تع ــرض له ــا اإليزيدي ــون‪.‬‬ ‫ويخلص إلى أن تنامي نفوذ أجندات إسالموية‬ ‫عاب ــرة للقومي ــات ق ــد يضع ــف وح ــدة الص ــف‬ ‫الك ــوردي‪ ،‬إذ تس ــتغل ه ــذه التي ــارات الدي ــن‬ ‫أله ــداف سياس ــية ق ــد ال تنس ــجم م ــع املش ــروع‬ ‫القوم ــي الك ــوردي‪.‬‬ ‫بين التأثيرات اإلقليمية والتدين الشعبي‬ ‫ل ــم تك ــن تح ــوالت واق ــع اإلس ــاميين ف ــي‬ ‫كوردس ــتان بمن ــأى ع ــن التط ــورات اإلقليمي ــة‪،‬‬ ‫فبيئ ــة الش ــرق األوس ــط خ ــال العق ــود‬ ‫املاضيــة اتســمت بصعــود وهبــوط مــد اإلســام‬ ‫السيا�س ــي‪ ،‬م ــن الث ــورة اإليراني ــة إل ــى موج ــة‬ ‫اإلخ ــوان املس ــلمين م ــرو ًرا بظه ــور الجماع ــات‬ ‫الجهاد ي ــة‪.‬‬ ‫وقــد تأثــر املشــهد الكوردســتاني بهــذه املوجــات‬

‫وإن بش ــكل غي ــر مباش ــر؛ فالدع ــم الخارج ــي‬ ‫لبع ــض األح ـزاب اإلس ــامية الكوردي ــة م ــن ِقب ــل‬ ‫ق ــوى إقليمي ــة (مث ــل عالق ــات التق ــارب بي ــن‬ ‫االتح ــاد اإلس ــامي وتركي ــا) وتراب ــط الفك ــر‬ ‫اإلخوان ــي عب ــر الح ــدود‪ ،‬كله ــا عوام ــل س ــاهمت‬ ‫ف ــي تش ــكيل ح ـراك اإلس ــام السيا�س ــي املحل ــي‪.‬‬ ‫باملقاب ــل‪ ،‬دفع ــت التحدي ــات األمني ــة كالح ــرب‬ ‫ض ــد داع ــش الكثي ــر م ــن الك ــورد إل ــى االلتف ــاف‬ ‫ح ــول أحزابه ــم القومي ــة كم ــاذ آم ــن‪ ،‬معتبري ــن‬ ‫الخطــاب اإلســامي السيا�ســي أقــل أولويــة أمــام‬ ‫مخاط ــر ته ــدد كي ــان اإلقلي ــم‪.‬‬ ‫ف ــي الوق ــت ذات ــه‪ ،‬يبق ــى التدي ــن الش ــعبي س ــمة‬ ‫ب ــارزة ف ــي املجتم ــع الك ــوردي‪ ،‬حي ــث تتعاي ــش‬ ‫مظاه ــر التدي ــن اليوم ــي كارت ــداء الحج ــاب‬ ‫والت ــردد عل ــى املس ــاجد والتقالي ــد الصوفي ــة‬ ‫م ــع والء سيا�س ــي واس ــع لألح ـزاب العلماني ــة‬ ‫القومي ــة‪.‬‬ ‫ه ــذا التعاي ــش يب ــرز املفارق ــة بي ــن ق ــوة اإلس ــام‬ ‫كديــن فــي وجــدان النــاس وبيــن حضــوره املحــدود‬ ‫كتيــار سيا�ســي‪ .‬وقــد لخــص أحمــد حاجــي رشــيد‬ ‫ه ــذه املفارق ــة بقول ــه إن اإلس ــام الش ــعبي‬ ‫الراس ــخ �ش ــيء واإلس ــام السيا�س ــي �ش ــيء آخ ــر‪،‬‬ ‫ً‬ ‫تلقائيــا‬ ‫فــي إشــارة إلــى أن تديــن املجتمــع ال يترجــم‬ ‫إل ــى أص ــوات انتخابي ــة‪.‬‬ ‫وم ــع ذل ــك‪ ،‬يتمس ــك االتح ــاد اإلس ــامي‬ ‫الكوردس ــتاني بموقع ــه ف ــي املعارض ــة‪ ،‬رافض ـ ًـا‬ ‫االنج ـرار إل ــى "خط ــاب ش ــعبوي"‪ ،‬وف ــق م ــا قال ــه‬ ‫عض ــو املكت ــب السيا�س ــي غ ــازي س ــعيد ملجل ــة‬ ‫«فيل ــي»‪.‬‬ ‫ويضي ــف‪" :‬اخترن ــا ع ــدم املش ــاركة ف ــي‬ ‫الحكوم ــة األخي ــرة بس ــبب التحدي ــات الخدمي ــة‬ ‫واالقتصادي ــة وغي ــاب الش ــفافية‪ .‬رغ ــم ذل ــك‪،‬‬ ‫حافظن ــا عل ــى تمثي ــل جي ــد‪ ،‬ب ــل ارتفع ــت‬ ‫مقاعدن ــا ف ــي البرمل ــان الكوردس ــتاني م ــن خمس ــة‬ ‫إل ــى س ــبعة‪ ،‬رغ ــم تقلي ــص ع ــدد املقاع ــد‬ ‫املتناف ــس عليه ــا‪".‬‬ ‫كم ــا يش ــير خ ــال حديث ــه‪" :‬نعتق ــد أن بع ــض‬ ‫األح ـزاب ق ــد تحص ــد مقاع ــد لحظ ـ ًـة‪ ،‬لكنه ــا‬ ‫ـريعا‪ .‬نح ــن نؤم ــن بالثب ــات عل ــى‬ ‫ت ــذوب س ـ ً‬ ‫املب ــادئ‪ ،‬ال عل ــى املوج ــات االنتخابي ــة العاب ــرة‪".‬‬

‫مستقبل ضبابي أم انتعاشة محتملة؟‬ ‫ويخلــص مراقبــون وسياســيون تحدثــت معهــم‬ ‫مجلــة «فيلــي»‪ ،‬أن مســتقبل اإلســام السيا�ســي‬ ‫مفتوحــا علــى عــدة‬ ‫فــي إقليــم كوردســتان ال يـزال‬ ‫ً‬ ‫ســيناريوهات‪ ،‬فــي ظــل اختــاف التقييمــات بيــن‬ ‫الفاعليــن‪ .‬فبيــن خطــاب التفــاؤل الحــذر الــذي‬

‫يــروج لــه قــادة الحــركات اإلســامية حــول تنامــي‬ ‫حضوره ــم الش ــعبي‪ ،‬ونظ ــرة التش ــكيك الت ــي‬ ‫يطرحه ــا الخب ـراء حي ــال تراجعه ــم املس ــتمر‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ضبابيــا‪.‬‬ ‫يبقــى املشــهد‬ ‫وفيم ــا تتصاع ــد ف ــي املنطق ــة تي ــارات إس ــامية‬ ‫مدعوم ــة م ــن الخ ــارج‪ ،‬تركي ـ ًـا وإيراني ـ ًـا وقطري ـ ًـا‪،‬‬

‫يظ ــل املجتم ــع الك ــوردي‪ ،‬بحس ــب املراقبي ــن‪،‬‬ ‫متمس ــكا بهويت ــه‪ ،‬محافظ ــا عل ــى ّ‬ ‫تدين ــه‪ ،‬لك ــن‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫دون تفوي ــض سيا�س ــي مباش ــر لإلس ــاميين‪.‬‬ ‫وفيم ــا يراه ــن البع ــض عل ــى اندم ــاج أكب ــر‬ ‫لإلســاميين فــي املشــروع الكــوردي بإطــار مدنــي‬ ‫ديمقراط ــي‪ ،‬يخ�ش ــى آخ ــرون م ــن أن يظ ــل‬

‫« يبقى التدين الشعبي سمة بارزة في‬ ‫المجتمع الكوردي‪ ،‬حيث تتعايش مظاهر‬ ‫التدين اليومي كارتداء الحجاب والتردد‬ ‫على المساجد والتقاليد الصوفية مع‬ ‫والء سياسي واسع لألحزاب العلمانية‬ ‫القومية»‪..‬‬

‫اإلس ــام السيا�س ــي طيف ــا ً‬ ‫ثانوي ــا أم ــام بري ــق‬ ‫ً‬ ‫الخط ــاب القوم ــي العلمان ــي ف ــي كوردس ــتان‪.‬‬ ‫واملحصلــة أن حركــة التاريــخ وحدهــا ستكشــف‬ ‫أي الرهانــات ســتربح فــي نهايــة املطــاف‪ ،‬فــي إقليــم‬ ‫يج ــد توازن ــه الخ ــاص بي ــن الدي ــن والوطني ــة‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫فيليــــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪11 2025‬‬

‫‪FAILIES‬‬

‫هــذه كانــت الصدمــة األولــى للطفلــة الكورديــة‬ ‫الفيلي ــة "لق ــاء جب ــار كاكــي الديوال ــي"‪ ،‬لتواج ــه‬ ‫بعده ــا الحي ــاة ف ــي ج ــو م ــن الخ ــوف والقل ــق‬ ‫والترق ــب حي ــث م ــن املمك ــن ف ــي أي لحظ ــة أن‬ ‫يت ــم اقتح ــام املن ــزل واعتق ــال آخري ــن‪.‬‬ ‫لــم تســتطع هــذه الطفلــة إكمــال دراســتها العليــا‬ ‫حتــى ســقوط النظــام الســابق فــي العــام ‪،2003‬‬ ‫عندهــا عرفــت مصيــر عائلتهــا حيــث عــاد أقاربهــا‬ ‫إل ــى الع ـراق ليتبي ــن له ــا أن ــه ت ــم تس ــفيرهم عل ــى‬ ‫إي ـران تح ــت ذريع ــة "التبعي ــة"‪ ،‬ه ــذه "التهم ــة‬ ‫الوهمي ــة" الت ــي راح ضحيته ــا عش ـرات اآلالف‬ ‫م ــن الك ــورد الفيليي ــن‪.‬‬ ‫الديوال ــي عرف ــت أيض ـ ًـا أن جدته ــا وجده ــا‬ ‫فارق ــوا الحي ــاة ف ــي التهجي ــر القس ــري‪ ،‬وم ــا ع ــاد‬ ‫ـددا س ــوى فيم ــا تبق ــى م ــن‬ ‫بإمكانه ــا رؤيته ــم مج ـ ً‬ ‫ص ــور له ــم وذكري ــات ف ــي مخيلته ــا‪.‬‬ ‫خ ــال ش ــهر أي ــار‪ /‬ماي ــو ‪ ،2025‬حصل ــت‬ ‫الديوال ــي‪ ،‬الت ــي أصبح ــت طالب ــة دراس ــات‬ ‫عليــا‪ ،‬علــى شــهادة الدكتــوراه مــن كليــة اآلداب‬ ‫والعل ــوم اإلنس ــانية بجامع ــة دمش ــق ع ــن‬ ‫رس ــالتها املوس ــومة "هيدرولوجي ــة إدارة امل ــوارد‬ ‫املائي ــة باس ــتخدام تقان ــات االستش ــعار ع ــن‬ ‫بع ــد ونظ ــم املعلوم ــات الجغرافي ــة (ح ــوض‬ ‫دش ــتي هولي ــر ف ــي محافظ ــة أربي ــل نموذج ـ ًـا)"‪.‬‬

‫إال أن ه ــذا النج ــاح األكاديم ــي ل ــم يك ــن أم ـ ًرا‬ ‫سهال‪ ،‬فقد جاء بعد كفاح وإصرار وتحديات‪،‬‬ ‫ً‬ ‫إال أن الديوالــي تخطتهــا ولــم تستســلم ملختلــف‬ ‫الظ ــروف الت ــي واجهته ــا لتحقي ــق هدفه ــا‪ ،‬وكان‬ ‫لزوجه ــا وعائلته ــا وأهله ــا دور ف ــي تحقي ــق ه ــذا‬ ‫اله ــدف‪ ،‬حي ــث قدم ــوا له ــا الكثي ــر م ــن الدع ــم‬ ‫بحس ــب م ــا تؤك ــد‪.‬‬ ‫تقــول الديوالــي ملجلــة «فيلــي»‪" ،‬أكملــت دراســتي‬ ‫الجامعيــة وحصلــت علــى شــهادة البكالوريــوس‬ ‫ف ــي جامع ــة بغ ــداد‪ ،‬لكنن ــي ُمنع ــت م ــن التعيي ــن‬ ‫فــي دوائــر الدولــة مــن قبــل النظــام الســابق"‪.‬‬ ‫وتضيــف "فــي العــام ‪ 2012‬حصلــت علــى وظيفــة‬ ‫ف ــي مجل ــس الن ــواب االتح ــادي‪ ،‬وواصل ــت‬ ‫دراســتي وحصلــت علــى شــهادة املاجســتير عــام‬ ‫‪ 2019‬م ــن جامع ــة بغ ــداد‪ ،‬وف ــي الع ــام ‪2022‬‬ ‫قدم ــت أوراق ــي إل ــى جامع ــة دمش ــق م ــن أج ــل‬ ‫الحص ــول عل ــى ش ــهادة الدكت ــوراه وت ــم قبول ــي‬ ‫بتل ــك الجامع ــة"‪.‬‬ ‫ووف ــق مقتضي ــات الدراس ــة الجامعي ــة ف ــي‬ ‫س ــوريا والقواني ــن الناف ــذة هن ــاك‪ ،‬يج ــب عل ــى‬ ‫طالــب الدكتــوراه اإلقامــة مــدة ‪ 12‬شــه ًرا خــال‬ ‫فت ــرة الدراس ــة‪ ،‬وه ــو م ــا دفعه ــا إل ــى مغ ــادرة‬ ‫بغ ــداد واالنتق ــال إل ــى دمش ــق‪.‬‬ ‫ولــم تتوقــع الديوالــي أن تتســارع األحــداث ويقــع‬

‫تهجير قسري بثالث دول‪" ..‬ورعب" أمني ‪..‬‬

‫سيدة كوردية فيلية تحصد‬ ‫"سر الحياة"‬ ‫امتيازاً في "سر‬ ‫فيلي ‪-‬خاص‪:‬‬ ‫كان ــت طفل ــة صغي ــرة ل ــم تبل ــغ العاش ــرة م ــن العم ــر‬ ‫حيــن هجمــت األجهــزة القمعيــة للنظــام الســابق علــى‬ ‫من ــزل عائلته ــا و اقت ــادت جده ــا وجدته ــا وثالث ــة م ــن‬ ‫أعمامه ــا إل ــى مصي ــر مجه ــول‪.‬‬

‫م ــا ل ــم يك ــن ف ــي الحس ــبان خ ــال فت ــرة قصي ــرة‪،‬‬ ‫أص ــرت‬ ‫إذ س ــرعان م ــا اندل ــع القت ــال‪ ،‬لكنه ــا ّ‬ ‫علــى مواصلــة دربهــا‪ ،‬وكانــت تتنقــل بيــن بغــداد‬ ‫ودمش ــق وف ــق الج ــدول الزمن ــي لدراس ــتها عل ــى‬ ‫الرغ ــم م ــن خط ــورة األوض ــاع األمني ــة‪.‬‬ ‫كان ــت ه ــذه امل ـرأة تعتم ــد عل ــى عزيمته ــا‬ ‫وإصراره ــا م ــن أج ــل بل ــوغ أهدافه ــا‪ ،‬وه ــي‬ ‫تس ــلك الطري ــق البري ــة عب ــر منطق ــة البوكم ــال‬ ‫ف ــي الذه ــاب واإلي ــاب م ــن الع ـراق إل ــى س ــوريا‬ ‫وبالعكــس بعــد تعــذر الســفر الجــوي والخــوف‬ ‫مــن تعــرض املطــارات للقصــف‪ .‬لكــن الرحــات‬ ‫البري ــة ه ــي األخ ــرى ل ــم تخل ــو م ــن الخط ــر‪.‬‬ ‫وتعرضــت الديوالــي للقصــف أكثــر مــن مــرة فــي‬ ‫منطقــة ديــر الــزور‪ ،‬ولكنهــا تمكنــت مــن تجــاوز‬ ‫جميــع العقبــات والتحديــات مــن أجــل تحقيــق‬ ‫طموحهــا فــي نيــل شــهادة الدكتــوراه‪.‬‬ ‫وتوض ــح الديوال ــي "كن ــت أس ــكن ف ــي العاصم ــة‬

‫دمش ــق وأتاب ــع س ــقوط امل ــدن الس ــورية مدين ــة‬ ‫تل ــو األخ ــرى حت ــى الثام ــن م ــن كان ــون األول‪/‬‬ ‫ديس ــمبر ‪ ،2024‬وه ــو الي ــوم ال ــذي أعل ــن في ــه‬ ‫عــن ســقوط دمشــق وانهيــار النظــام السيا�ســي‬ ‫ف ــي س ــوريا"‪.‬‬ ‫وتتابــع "كانــت األوضــاع األمنيــة خــال ســقوط‬ ‫النظــام تتســم بالخطــورة الشــديدة‪ ،‬مــا يجعــل‬ ‫بقائ ــي ف ــي العاصم ــة الس ــورية مغام ــرة كبي ــرة‪،‬‬ ‫لــذا قــررت علــى الفــور الســفر إلــى لبنــان حيــث‬ ‫تع ــذرت عودت ــي إل ــى الع ـراق"‪.‬‬ ‫وتصــف الديوالــى رحتلهــا مــن ســوريا إلــى لبنــان‬ ‫ب ـ ًرا‪ ،‬بأنه ــا كان ــت محفوف ــة باملخاط ــر "واجه ــت‬ ‫خط ــر املس ــلحين والقص ــف اإلس ـرائيلي ف ــي آن‬ ‫واح ــد"‪.‬‬ ‫وتؤك ــد "بع ــد دخ ــول املس ــلحين العاصم ــة‬ ‫الســورية وانهيــار الوضــع األمنــي‪ ،‬لــم يعــد البقــاء‬ ‫ممكن ـ ًـا ف ــي دمش ــق‪ ،‬ول ــم تك ــن هن ــاك وس ــيلة‬

‫نق ــل‪ ،‬وه ــو م ــا دفعن ــي م ــع آالف العائ ــات إل ــى‬ ‫قطــع املســافة مــن دمشــق إلــى الحــدود اللبنانيــة‬ ‫مش ـ ًـيا عل ــى األق ــدام والرك ــض واالنبط ــاح‬ ‫لتجن ــب خط ــر القص ــف"‪.‬‬ ‫وتزامــن خطــر املســلحين والقصــف اإلسـرائيلي‬ ‫ف ــي وق ــت واح ــد حي ــن كان ــت الديوال ــي ترك ــض‬ ‫باتج ــاه الح ــدود اللبناني ــة‪ ،‬فيم ــا تس ــقط‬ ‫الصواريــخ علــى جانبــي الطريــق املزدحــم بمئــات‬ ‫العائــات الهاربــة مــن جحيــم القصــف وبنــادق‬ ‫املســلحين بحثـ ًـا عــن طــوق نجــاة فــي وضــع أمنــي‬ ‫معق ــد وع�ص ــي عل ــى الوص ــف‪.‬‬ ‫تنبط ــح الديوال ــي حين ـ ًـا وترك ــض حين ـ ًـا آخ ــر‬ ‫أس ــوة بم ــن يرافقه ــا عل ــى طري ــق النج ــاة ه ــذا‬ ‫"حي ــن وصل ــت الح ــدود مكث ــت ‪ 36‬س ــاعة قب ــل‬ ‫أن أتمكــن مــن العبــور بســبب األعــداد الكبيــرة‬ ‫التــي توافــدت علــى الحــدود اللبنانيــة الســورية"‪.‬‬ ‫وتبيــن "بعــد وصولــي إلــى لبنــان‪ ،‬غــادرت بســرعة‬

‫عائ ــدة إل ــى الع ـراق‪ ،‬ومكث ــت أراق ــب األح ــداث‬ ‫نح ــو ش ــهر ونص ــف الش ــهر‪ ،‬قب ــل أن اضط ــر‬ ‫ـددا لك ــي ال يت ــم ترقي ــن‬ ‫للع ــودة إل ــى س ــوريا مج ـ ً‬ ‫قي ــدي‪ ،‬ألن جامع ــة دمش ــق ل ــم تقب ــل أي ع ــذر‬ ‫للغيــاب‪ ،‬فيمــا لــم توافــق الجامعــات العراقيــة‬ ‫عل ــى نق ــل مناقش ــة أطروحت ــي إل ــى بغ ــداد"‪.‬‬ ‫وهك ــذا ع ــادت ه ــذه امل ـرأة الفيلي ــة إل ــى دمش ــق‬ ‫ـددا غيــر مكترثــة بالتهديــدات األمنية‪ ،‬وليس‬ ‫مجـ ً‬ ‫ف ــي عقله ــا س ــوى قط ــف النج ــاح والحص ــول‬ ‫عل ــى الش ــهادة العلي ــا‪ ،‬تق ــول "ع ــدت وحي ــدة‬ ‫إل ــى س ــوريا‪ ،‬كن ــت أخ�ش ــى مرافق ــة أي ف ــرد م ــن‬ ‫عائلت ــي خش ــية تعرضه ــم للخط ــر‪ ،‬وف ــي دمش ــق‬ ‫أســتأجرت شــقة صغيــرة بالقــرب مــن الجامعــة‬ ‫أقم ــت فيه ــا لثالث ــة أش ــهر وواصل ــت دراس ــتي‬ ‫رغ ــم الخ ــوف وع ــدم اس ــتقرار األوض ــاع"‪.‬‬ ‫وت ــردف الديوال ــي "خ ــال األش ــهر الثالث ــة كان‬ ‫ينتابن ــي الرع ــب‪ ،‬ول ــم يك ــن بمق ــدوري الخ ــروج‬ ‫ألي مــكان ســوى الذهــاب إلــى الجامعــة والعــودة‬ ‫للش ــقة ألن الظ ــروف األمني ــة معق ــدة"‪.‬‬ ‫وأخي ـ ًرا ناقش ــت لق ــاء الديوال ــي أطروحته ــا‬ ‫وحصل ــت عل ــى ش ــهادة الدكت ــوراه‬ ‫بتقد ير " ا متي ــا ز " ‪.‬‬

‫‪12‬‬

‫فيليــــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪13 2025‬‬

‫‪FAILIES‬‬

‫بغداد تخلد شهداء ُ‬ ‫الكورد الفيليين‬ ‫عباس عبد شاهين ‪:‬‬ ‫الكــرد الفيلييــن‪ُ ،‬أعلــن فــي ‪ 6‬أيــار‪ 2025‬عــن‬ ‫فــي يــوم ســطرفيــه التاريــخ صفحــة مضيئــة ومؤثــرة ملســيرة ُ‬ ‫الكــرد الفيلييــن” تكريمـ ًـا لضحايــا‬ ‫تســمية أحــد أهــم شــوارع العاصمــة بغــداد باســم “شــارع شــهداء ُ‬ ‫الك ــرد الفيليي ــن االص ــاء ف ــي مراح ــل‬ ‫التهجي ــر القس ــري واإلب ــادة الجماعي ــة الت ــي تع ــرض له ــا أبن ــاء ُ‬ ‫ـوال‬ ‫ـرورا بســاحة بيــروت وصـ ً‬ ‫مظلمــة مــن تاريــخ العــراق الحديــث‪ ،‬والــذي يمتــد مــن منطقــة النهضــة مـ ً‬ ‫ـما ط ــال انتظ ــاره عل ــى م ــدى عق ــود‪ ،‬ليك ــون الش ــارع األول ف ــي‬ ‫إل ــى أط ــراف مدين ــة الص ــدرليحم ــل اس ـ ً‬ ‫الكــرد الفيلييــن بشــكل رســمي‪.‬‬ ‫بغــداد الــذي يحمــل هويــة ُ‬

‫ف ــي الحقيق ــة الش ــارع لي ــس مج ــرد اس ــم ب ــل‬ ‫خط ــوة وطني ــة جريئ ــة واعت ـراف رس ــمي وقيم ــة‬ ‫رمزي ــة ُتعي ــد اإلعتب ــار لش ــهداء ح ــاول النظ ــام‬ ‫البعثــي املجــرم طمــس ذكراهــم ومحــو وجودهــم‬ ‫م ــن الذاك ــرة العراقي ــة‪ ،‬ورغ ــم اإلج ـراءات‬ ‫اإلداري ــة والبيروقراطي ــة الطويل ــة الت ــي رافق ــت‬ ‫املش ــروع من ــذ اكث ــر م ــن ثمان ــي س ــنوات إال أن‬ ‫الجه ــود الحثيث ــة واملس ــتمرة للس ــيد (ف ــؤاد‬ ‫عل ــي أكب ــر الفيل ــي) عض ــو مجل ــس محافظ ــة‬ ‫بغ ــداد الس ــابق واملستش ــار الحال ــي ف ــي مجل ــس‬ ‫الن ــواب‪ ،‬كان ــت حج ــر األس ــاس ف ــي تحقي ــق ه ــذا‬ ‫اإلنج ــاز الكبي ــر‪ ،‬فق ــد تبن ــى املل ــف من ــذ بدايات ــه‬ ‫وتاب ــع جمي ــع تفاصيل ــه بإص ـرار ش ــديد و واج ــه‬ ‫العقب ــات الت ــي اعترض ــت طريق ــه‪ ،‬وس ــعى ب ــا‬ ‫كل ــل للحص ــول عل ــى املوافق ــات الرس ــمية م ــن‬ ‫الجه ــات املعني ــة وعل ــى رأس ــها أمان ــة بغ ــداد‬ ‫الجهــة املســؤولة عــن تنفيــذ القـرار‪ ،‬وهنــا أيضـ ًـا‬ ‫أذك ــر دور املهندس ــة (نج ــوى الفيل ــي) املوظف ــة‬ ‫فــي األمانــة مشــكورة علــى مــا قدمتــه مــن مشــاركة‬ ‫ضم ــن نط ــاق عمله ــا وموقعه ــا الوظيف ــي مم ــا‬ ‫س ــاهم ف ــي إنج ــاح ه ــذا العم ــل‪.‬‬ ‫ان ه ــذا اإلنج ــاز ل ــم يك ــن انتص ــا ًرا إداري ـ ًـا‬ ‫فحســب بــل أدخــل البهجــة والســرور فــي قلــوب‬ ‫عوائ ــل الش ــهداء وذويه ــم‪ ،‬باعتب ــاره خط ــوة‬ ‫معنوي ــة جدي ــرة بالتقدي ــر‪ ،‬تعك ــس االعت ـراف‬ ‫الرس ــمي باملظلومي ــة الت ــي لحق ــت به ــم‪ ،‬وتؤك ــد‬

‫الك ــرد الفيليي ــن ل ــم‬ ‫أن الش ــرفاء واألص ــاء ُ‬ ‫ول ــن ينس ــوا أبناءه ــم الش ــهداء‪ ،‬إنه ــا رس ــالة‬ ‫واضح ــة ب ــأن ذاك ــرة الضحاي ــا س ــتظل حاض ــرة‬ ‫ف ــي وجدانه ــم وأن الحق ــوق مهم ــا ط ــال أمده ــا‬ ‫س ــتعود ُوتكت ــب بش ــرف وتقدي ــر‪ ،‬كم ــا ان ه ــذا‬ ‫الق ـرار يحم ــل دالالت عميق ــة تتج ــاوز ح ــدود‬ ‫التس ــمية الظاهري ــة‪ ،‬ليك ــون بمثاب ــة نقط ــة‬ ‫تحول في مســار االعتراف باملظلومية التاريخية‬

‫ّ‬ ‫الفيليــون لعقــود طويلــة‪،‬‬ ‫الكــرد‬ ‫التــي عانــى منهــا ُ‬ ‫والت ــي ش ــملت اإلقص ــاء السيا�س ــي والتهجي ــر‬ ‫القس ــري والس ــجن والقت ــل وس ــلب الهوي ــة‬ ‫واملمتل ــكات وتغيي ــب أكث ــر م ــن ‪ 20‬أل ــف ش ــاب‬ ‫خ ــال س ــنوات الجم ــر الت ــي ارتكبه ــا النظ ــام‬ ‫الدكتاتــوري البائــد فــي الثمانينيــات مــن القــرن‬ ‫املا�ض ــي‪.‬‬ ‫كل الشــكر والعرفــان لجميــع املخلصيــن الذيــن‬

‫وقفــوا خلــف هــذا املشــروع الوطنــي املهــم ولــكل‬ ‫م ــن أس ــهم ف ــي تحقيق ــه بع ــد س ــنوات م ــن ب ــذل‬ ‫الجه ــود واملثاب ــرة‪ ،‬إن ه ــذا اإلنج ــاز س ــيظل‬ ‫الك ــرد الفيليي ــن‬ ‫عالم ــة مضيئ ــة ف ــي س ــجل ُ‬ ‫ودلي ـ ًـا حي ـ ًـا عل ــى أن ص ــوت املظلومي ــة مهم ــا‬ ‫ح ــاول الطغ ــاة إس ــكاته س ــيم�ضي اليج ــاد‬ ‫طريق ــه إل ــى الحي ــاة واالعت ـراف واإلنص ــاف‪.‬‬ ‫" الحق كالنهار ال بد أن يأتي " ‪ ..‬مثل يوناني‬

‫‪14‬‬

‫فيليــــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪15 2025‬‬

‫‪FAILIES‬‬

‫مقهى "تلة جصان"‬

‫شاهد على تراث‬ ‫‪ 150‬عاماً‬

‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬ ‫مقاهي كانت وما تزال تحافظ على بنائها الطيني‪ ،‬بل بقيت على حالها‬ ‫صامدة أمام التغيرات والتحوالت‪ ،‬ربما لتكون‬ ‫شاهدا على عبق املا�ضي‬ ‫ً‬ ‫وعفوية الحياة وبساطتها وخلوها من التعقيد خالل العقود املنصرمة‪.‬‬

‫مدين ــة "ت ــل جص ــان"‪ ،‬مرك ــز ناحي ــة جص ــان‬ ‫التابع ــة لقض ــاء ب ــدرة الت ــي يس ــكنها غالبي ــة‬ ‫كورديــة فيليــة‪ ،‬شــرقي محافظــة واســط (وســط‬ ‫الع ـراق)‪ ،‬مدين ــة تراثي ــة ببيوته ــا ومقاهيه ــا‬ ‫وأحيائه ــا الس ــكنية‪ ،‬وليس ــت بيوته ــا وحده ــا‬ ‫الت ــي ت ــم تش ــييدها م ــن الطي ــن‪ ،‬فاملقاه ــي ه ــي‬ ‫األخــرى بنيــت منــذ زمــن بعيــد ومــا ت ـزال طينيــة‬ ‫كم ــا ه ــي‪ ،‬ول ــم تش ــهد س ــوى عملي ــات ترمي ــم‬ ‫بي ــن فت ــرة وأخ ــرى للحف ــاظ عليه ــا م ــن الته ــاوي‬ ‫والس ــقوط‪.‬‬ ‫ويؤك ــد عب ــدو طال ــب‪ ،‬وه ــو صاح ــب "مقه ــى‬ ‫التل ــة"‪ ،‬وه ــي أق ــدم وأش ــهر مقه ــى معروف ــة‬

‫بـ"ت ــل جص ــان"‪ ،‬أن ــه ل ــم يرغ ــب بإغ ــاق املقه ــى‬ ‫ويريــده أن يبقــى مفتوحـ ًـا ألن موقعــه يســمح لــه‬ ‫باإلش ـراف عل ــى املدين ــة‪.‬‬ ‫ويضي ــف ف ــي حديث ــه ملجل ــة «فيل ــي» "أق ــوم‬ ‫بأعمــال إعمــار بيــن فتــرة وأخــرى لضمــان عــدم‬ ‫ت ــأكل املقه ــى‪ ،‬وق ــد ت ــم تغيي ــر م ــكان جل ــوس‬ ‫الزبائ ــن‪ ،‬بع ــد أن كان ــت مقاع ــده م ــن حج ــر‪،‬‬ ‫وتــم اســتبداله بـ(البلــوك) ووضــع ســجادة فوقــه‬ ‫ليك ــون الجل ــوس مريح ـ ًـا"‪.‬‬ ‫وشــهدت هــذه املنطقــة تناقصـ ًـا كبيـ ًرا فــي أعــداد‬ ‫الس ــكان الذي ــن رحل ــوا تدريجي ـ ًـا إث ــر تراج ــع‬ ‫مص ــادر الدخ ــل االقتص ــادي‪ ،‬إضاف ــة إل ــى‬

‫توزي ــع قط ــع األرا�ض ــي خ ــارج املدين ــة‪.‬‬ ‫ويبل ــغ ع ــدد س ــكان الت ــل حالي ـ ًـا ‪ 50‬عائل ــة‬ ‫فقــط‪ ،‬كمــا أن معالــم التــل وطبيعتــه‪ ،‬دفعــت‬ ‫مخرجــي األفــام الوثائقيــة إلــى اعتمــاده كموقــع‬ ‫تصويــر‪ ،‬إال أن التــل بحاجــة إلــى إعــادة تأهيــل‬ ‫ـدا م ــن أه ــم مواق ــع التصوي ــر‬ ‫ليصب ــح واح ـ ً‬ ‫الدائم ــة ف ــي الع ـراق‪.‬‬ ‫وتعــد مقهــى "تلــة جصــان" مــن املقاهــي املحببــة‬ ‫لنفــوس األهالــي باعتبارهــا مــن املقاهــي التراثيــة‬ ‫والت ــي يري ــد األهال ــي اس ــتمرارها والحف ــاظ عل ــى‬ ‫أصالتهــا‪ ،‬كونهــا تحفــظ إرثهــم وتاريخهــم‪.‬‬ ‫ويق ــول مصطف ــى را�ض ــي‪ ،‬أح ــد رواد املقه ــى‪،‬‬

‫إن "موق ــع املقه ــى ف ــوق الت ــل األث ــري يس ــمح‬ ‫بصعــود النــاس فــوق التلــة فــي أجــواء الشــتاء"‪.‬‬ ‫ويش ــير ف ــي حديث ــه ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إل ــى أن‬ ‫"مس ــاحة املقه ــى تبل ــغ نح ــو ‪ 100‬مت ــر‪ ،‬وم ــا‬ ‫يـزال بناؤهــا مــن الطيــن بشــبابيك خشــبية علــى‬ ‫الط ـراز القدي ــم‪ ،‬فيم ــا ت ــم بن ــاء الس ــقف م ــن‬ ‫ج ــذوع األش ــجار"‪.‬‬ ‫ويؤك ــد أن "عم ــر املقه ــى يبل ــغ أكث ــر م ــن ‪150‬‬ ‫س ــنة‪ ،‬ولك ــن حت ــى اآلن ل ــم تطال ــه حش ــرة‬ ‫األرضــة‪ ،‬وبعــض الــرواد جلبــوا صــور أجدادهــم‬ ‫بغيــة وضعهــا فــي املقهــى باعتبــار أولئــك املتوفيــن‬ ‫ه ــم م ــن الرم ــوز القديم ــة للمدين ــة"‪.‬‬

‫م ــن جهت ــه‪ ،‬يذك ــر املواط ــن س ــالم غال ــي‪ ،‬ملجل ــة‬ ‫«فيل ــي»‪ ،‬أن ــه "يوج ــد ف ــي ناحي ــة جص ــان س ــبع‬ ‫مقـ ٍـاه طينيــة‪ ،‬ولــكل مقهــى روادهــا ومــن ضمنهــا‬ ‫ـتدركا "وم ــا زال ــت املقه ــى‬ ‫مقه ــى التل ــة"‪ ،‬مس ـ ً‬ ‫قائم ـ ًـا م ــن الطي ــن والحج ــر وتق ــاوم الظ ــروف‪،‬‬ ‫وأغلــب رواد املقهــى مــن املعلميــن‪ ،‬فيمــا يقابلــه‬ ‫مقه ــى آخ ــر خ ــاص بالفالحي ــن"‪.‬‬ ‫وكان ــت مفتش ــية آث ــار وت ـراث واس ــط‪ ،‬ق ــد‬ ‫عم ــدت ف ــي وق ــت س ــابق بإع ــداد كش ــوفات‬ ‫تخمينيــة لصيانــة وتأهيــل وتنقيــب تــل جصــان‬ ‫ف ــي قض ــاء ب ــدرة الواق ــع عل ــى الح ــدود العراقي ــة‬ ‫اإليراني ــة‪ ،‬ف ــي إط ــار س ــعي الناش ــطين واألهال ــي‬

‫لتحويلهــا إلــى معلــم ســياحي وأثــري يحفــظ تـراث‬ ‫ه ــذه املنطق ــة ال ــذي يمت ــد إل ــى أكث ــر م ــن ‪1200‬‬ ‫ع ــام‪.‬‬ ‫ويبل ــغ ارتف ــاع ت ــل جص ــان‪ ،‬نح ــو ‪ 50‬مت ـ ًرا‬ ‫ـابقا أكث ــر‬ ‫ومس ــاحته ‪ 10‬دونم ــات‪ ،‬س ــكنه س ـ ً‬ ‫م ــن ‪ 70‬عش ــيرة ِم ــن الطبق ــة الفقي ــرة‪ ،‬وس ــكان‬ ‫الت ــل م ــن مختل ــف القومي ــات م ــن الع ــرب‬ ‫ّ‬ ‫والك ــورد الفيلي ــة‪ ،‬يتمتع ــون بج ــو التعاي ــش‬ ‫الس ــلمي والتق ــارب باملصاه ــرة والتواص ــل ف ــي‬ ‫جمي ــع املناس ــبات والطق ــوس‪.‬‬

‫‪16‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬ ‫‪IRAQI‬‬

‫التجاوزات في البصرة وغيرها‬

‫وغياب المعالجات الجذرية‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬ ‫تع ــد مش ــكلة التج ــاوز عل ــى األرا�ض ــي ف ــي الع ــراق م ــن القضاي ــا املعق ــدة الت ــي‬ ‫تجــذرت‪ ،‬الســيما بعــد عــام ‪ ،2003‬وتؤثــرعلــى شــتى أنــواع األرا�ضــي واملمتلــكات؛‬ ‫ه ــذه املش ــكلة تش ــغل الحكوم ــات العر اقي ــة املتعاقب ــة م ــن دون التوص ــل إل ــى‬ ‫حل ــول جذري ــة حت ــى اآلن‪.‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪17 2025‬‬

‫وم ــن اب ــرز األح ــداث الت ــي اس ــتجدت مؤخ ـرا‬ ‫بش ــأن التج ــاوزات م ــا ح ــدث ف ــي محافظ ــة‬ ‫البصــرة اذ قــرر محافظهــا ازالــة منــازل انشــأت‬ ‫بالتج ــاوز‪ ،‬وفيم ــا رف ــض الس ــاكنون ذل ــك‬ ‫وطالب ــوا بتوفي ــر البدي ــل اوال‪ ،‬أص ــر املحاف ــظ‬ ‫عل ــى ازال ــة التج ــاوز‪ ،‬بالق ــول ان تل ــك األرا�ض ــي‬ ‫ه ــي ف ــي االص ــل ألش ــخاص يمتلك ــون س ــند‬ ‫"طاب ــو" له ــا‪ ،‬وذه ــب ال ــى الق ــول ان الس ــاكنين‬ ‫فيهــا ليســوا بحاجــة لهــا اصــا‪ ،‬بالتنويــه الــى ان‬ ‫ام ـرأة م ــن املتجاوزي ــن ظه ــرت لوس ــائل االع ــام‬ ‫محتج ــة‪ ،‬تمتل ــك ‪ 1000‬رأس غن ــم وه ــي ث ــروة‬ ‫كبي ــرة‪.‬‬ ‫وباإلشــارة الــى قضيــة التجــاوزات علــى األرا�ضــي‬ ‫واألم ــاك ف ــي الع ـراق‪ ،‬فه ــي تض ــم ع ــدة أن ــواع‪،‬‬ ‫بحســب طبيعــة األرض املتجــاوز عليهــا والجهــة‬ ‫املالك ــة وتش ــمل‪ ،‬التج ــاوز عل ــى أرا�ض ــي‬ ‫وممتلــكات الدولــة ومــن ذلــك أرا�ضــي البلديــات‬ ‫واألمانــات‪ ،‬وهــي األرا�ضــي املخصصــة للمرافــق‬ ‫العام ــة‪ ،‬أو الت ــي تدخ ــل ضم ــن التصامي ــم‬ ‫األساســية للمــدن‪ ،‬يجــري التجــاوز عليهــا ببنــاء‬ ‫مس ــاكن عش ــوائية (دور متج ــاوزة) أو مح ــال‬ ‫تجاريــة أو صناعيــة مــن دون ترخيــص‪ ،‬و هــذه‬ ‫املس ــاكن تفتق ــر غالب ــا للخدم ــات األساس ــية‬ ‫وتبن ــى م ــن م ــواد منخفض ــة التكالي ــف‬ ‫"البل ــوك" مث ــا‪.‬‬ ‫كم ــا تش ــمل التج ــاوزات األرا�ض ــي الزراعي ــة‬ ‫التابعــة للدولــة‪ ،‬يجــري البنــاء الســكني فيهــا أو‬ ‫تحويله ــا إل ــى اس ــتعماالت أخ ــرى غي ــر زراعي ــة‪،‬‬ ‫مم ــا يؤث ــر عل ــى اإلنت ــاج الزراع ــي واملس ــاحات‬ ‫الخض ــر؛ كم ــا يش ــمل التج ــاوز ممتل ــكات‬ ‫ومؤسس ــات الدول ــة الس ــابقة‪ ،‬وه ــي املبان ــي‬ ‫الحكومي ــة‪ ،‬واملؤسس ــات االقتصادي ــة‪،‬‬ ‫والقواع ــد العس ــكرية املهج ــورة‪ ،‬الت ــي يج ــري‬ ‫التجــاوز عليهــا واســتغاللها بشــكل غيــر قانونــي‪،‬‬ ‫س ــواء للس ــكن أو ألغ ـراض تجاري ــة‪.‬‬ ‫وكذلــك يجــري التجــاوز علــى محرمــات خطــوط‬ ‫س ــكك الحدي ــد‪ ،‬وأنابي ــب النف ــط‪ ،‬وخط ــوط‬ ‫الكهربــاء‪ ،‬اذ يجــري البنــاء عليهــا أو اســتغاللها‬ ‫بش ــكل يع ــرض األم ــن والس ــامة للخط ــر‪،‬‬ ‫وكذل ــك األرا�ض ــي املخصص ــة للمش ــاريع‬ ‫التنموي ــة يتج ــاوز عليه ــا م ــا يعرق ــل تنفي ــذ‬ ‫مشــاريع البنــى التحتيــة والتنميــة االقتصاديــة‪.‬‬ ‫كم ــا تج ــري تج ــاوزات مرتبط ــة بالتزوي ــر‬

‫‪18‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪19 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫التجاوزات في البصرة وغيرها وغياب المعالجات الجذرية‬ ‫والفس ــاد‪ ،‬وم ــن ذل ــك االس ــتيالء عل ــى عق ــارات‬ ‫الدول ــة بالتزوي ــر أو ش ـرائها بأس ــعار بخس ــة‬ ‫بالتواط ــؤ م ــع جه ــات معين ــة‪.‬‬ ‫أم ــا التج ــاوز عل ــى األرا�ض ــي الخاص ــة (ملكي ــة‬ ‫األف ـراد)‪ ،‬فع ــادة م ــا يح ــدث ه ــذا الن ــوع م ــن‬ ‫التج ــاوز بش ــكل أق ــل ش ــيوعا مقارن ــة بأرا�ض ــي‬ ‫الدول ــة‪ ،‬ولكن ــه متواج ــد‪ ،‬ويتمث ــل باالس ــتيالء‬ ‫عل ــى أرا�ض ــي األف ـراد بالق ــوة أو بالتزوي ــر‪ ،‬وق ــد‬ ‫تك ــون ه ــذه األرا�ض ــي زراعي ــة أو س ــكنية "طاب ــو‬ ‫س ــكني وزراع ــي"‪.‬‬ ‫كم ــا تنس ــحب قضي ــة التج ــاوزات ال ــى التج ــاوز‬ ‫عل ــى ضواب ــط وقواني ــن البن ــاء ببن ــاء مس ــاكن‬ ‫م ــن دون إج ــازة بن ــاء‪ ،‬و تغيي ــر اس ــتعماالت‬ ‫األرا�ض ــي املخصص ــة ألغ ـراض معين ــة (مث ــل‬ ‫تحوي ــل أرض صناعي ــة إل ــى س ــكنية)‪ ،‬و البن ــاء‬ ‫ف ــي مناط ــق محظ ــورة أو ضم ــن ح ــدود الح ـزام‬ ‫األخض ــر للم ــدن‪.‬‬ ‫ان اإلج ـراءات الحكومي ــة املتخ ــذة بش ــأن‬ ‫التج ــاوزات تراوح ــت بي ــن مح ــاوالت اإلزال ــة‪،‬‬ ‫وتقني ــن بع ــض الح ــاالت‪ ،‬ولكنه ــا ل ــم تحق ــق‬ ‫نجاح ــا ملحوظ ــا‪ ،‬وم ــن ذل ــك م ــا يع ــرف باإلزال ــة‬ ‫القســرية‪ ،‬اذ تقوم الجهات املعنية (البلديات‪،‬‬ ‫أمان ــة بغ ــداد‪ ،‬الش ــرطة) بتوجي ــه إن ــذارات‬ ‫للمتجاوزي ــن‪ ،‬وف ــي ح ــال ع ــدم االس ــتجابة‪،‬‬ ‫يجــري تنفيــذ حمــات إزالــة للمبانــي املتجــاوزة‪.‬‬ ‫و تتول ــى اللج ــان املش ــكلة ف ــي أمان ــة بغ ــداد‬ ‫واملحافظ ــات‪ ،‬بحس ــب الق ـرار التش ــريعي رق ــم‬ ‫(‪ 154‬لس ــنة ‪ ،)2001‬املس ــؤولية القانوني ــة‬ ‫ع ــن إزال ــة التج ــاوزات الحاصل ــة عل ــى أرا�ض ــي‬ ‫البلدي ــة؛ وواجه ــت ه ــذه الحم ــات صعوب ــات‬ ‫وتحدي ــات كبي ــرة‪ ،‬منه ــا املقاوم ــة م ــن قب ــل‬ ‫املتجاوزي ــن‪ ،‬واالعتب ــارات االجتماعي ــة‬ ‫واإلنس ــانية‪ ،‬ونق ــص اإلمكاني ــات اللوجس ــتية‬ ‫والبش ــرية للجه ــات املنف ــذة‪.‬‬ ‫ومــن التشــريعات والقوانيــن املتعلقــة بمعالجــة‬ ‫التج ــاوزات قان ــون بي ــع وإيج ــار أم ــوال الدول ــة‬ ‫رقــم ‪ 21‬لســنة ‪ 2013‬وتعديالتــه‪ ،‬الــذي يحــدد‬ ‫آلي ــات بي ــع وإيج ــار أم ــوال الدول ــة‪ ،‬ولك ــن‬ ‫املش ــكلة تكم ــن ف ــي التطبي ــق والتعام ــل م ــع‬ ‫ح ــاالت التج ــاوز القائم ــة‪.‬‬ ‫وقــد صــدرت قـرارات مــن مجلــس الــوزراء تمنــح‬ ‫صالحي ــة للمحافظي ــن ببي ــع األرا�ض ــي الس ــكنية‬ ‫للمتجاوزي ــن ضم ــن ش ــروط معين ــة‪ ،‬منه ــا‪ ،‬أن‬

‫تكــون األرض ضمــن حــدود التصميــم األســاس‪،‬‬ ‫و أن يك ــون البن ــاء م ــن املش ــيدات الثابت ــة‪ ،‬و‬ ‫البي ــع للش ــاغل الفعل ــي للعق ــار أو ورثت ــه‪ ،‬وأن‬ ‫ال يمتلــك بيــت او قطعــة باســمه‪ ،‬ويحــدد البيــع‬ ‫ببــدل حقيقــي يقــدر مــن لجنــة تقديــر (اســتثناء‬ ‫م ــن املزاي ــدة العلني ــة)‪ ،‬بع ــد تقدي ــم املتج ــاوز‬ ‫طلب ــا إل ــى مديري ــة البلدي ــة ف ــي م ــدة مح ــددة‪،‬‬ ‫م ــع ع ــدم ج ــواز بي ــع أكث ــر م ــن قطع ــة واح ــدة‬ ‫لطال ــب التمل ــك‪.‬‬ ‫و ه ــذه اإلج ـراءات غالب ــا م ــا تك ــون مؤقت ــة أو‬ ‫جزئي ــة وال تغط ــي جمي ــع الح ــاالت‪ ،‬ويق ــول‬ ‫مس ــؤولون ع ــن رف ــع التج ــاوزات ف ــي العاصم ــة‬ ‫بغ ــداد‪ ،‬ان كثي ـرا م ــن املتجاوزي ــن يرفض ــون‬ ‫حت ــى تل ــك اإلج ـراءات القانوني ــة‪ ،‬ويدع ــون ان‬ ‫لي ــس بمقدوره ــم دف ــع مبالغه ــا‪ ،‬ويق ــول بع ــض‬ ‫املســؤولين ان كثي ـرا مــن املتجاوزيــن ال يريــدون‬ ‫االنتق ــال م ــن منطق ــة التج ــاوز‪ ،‬واذا انتقل ــوا‬ ‫فبحس ــب املنطق ــة الت ــي يرغب ــون فيه ــا‪ ،‬وانه ــم‬ ‫يري ــدون مواصل ــة الس ــكن باملج ــان بحس ــب‬ ‫ق ــول مس ــؤول ف ــي اح ــدى مديري ــات بلدي ــات‬ ‫بغ ــداد‪.‬‬ ‫وتتطل ــب معالج ــة مش ــكلة التج ــاوز غي ــر‬ ‫القانون ــي بحس ــب الخب ـراء‪ ،‬مقارب ــة ش ــاملة‬ ‫ومتكامل ــة تأخ ــذ بعي ــن االعتب ــار األبع ــاد‬ ‫القانوني ــة واالجتماعي ــة واالقتصادي ــة‪ ،‬وم ــن‬ ‫أه ــم الس ــبل إيج ــاد حل ــول إس ــكانية بديل ــة‪،‬‬ ‫اض س ــكنية بأس ــعار معقول ــة‬ ‫بتوفي ــر أر ٍ‬ ‫للمواطني ــن‪ ،‬بخاص ــة الفئ ــات ذات الدخ ــل‬ ‫املح ــدود‪ ،‬و بن ــاء مجمع ــات س ــكنية حكومي ــة‬ ‫وشــعبية بأســعار مدعومــة‪ ،‬لتخفيــف الضغــط‬ ‫عل ــى األرا�ض ــي العام ــة‪ ،‬و تس ــهيل الق ــروض‬ ‫العقاري ــة للن ــاس لبن ــاء مس ــاكنهم‪ ،‬و كذل ــك‬ ‫تفعي ــل الش ـراكة بي ــن القط ــاع الع ــام والخ ــاص‬ ‫ف ــي مش ــاريع اإلس ــكان‪.‬‬ ‫كمــا يتوجــب تقنيــن الحــاالت القائمــة بشــروط‬ ‫صارمة وعادلة وذلك بدراسة كل حالة تجاوز‬ ‫عل ــى ح ــدة‪ ،‬وتصني ــف املتجاوزي ــن بحس ــب‬ ‫ظروفه ــم (مث ــل م ــن ال يمل ــك س ــكنا آخ ــر او‬ ‫عمــا)‪ ،‬و تقنيــن حــاالت التجــاوز علــى األرا�ضــي‬ ‫الت ــي ال تتع ــارض م ــع املخطط ــات العمراني ــة‬ ‫واملش ــاريع املس ــتقبلية للدول ــة‪ ،‬وذل ــك بف ــرض‬ ‫رس ــوم مالي ــة عادل ــة عل ــى املتجاوزي ــن المت ــاك‬ ‫األرض أو تأجيره ــا له ــم‪.‬‬

‫"واجهت هذه الحمالت‬ ‫صعوبات وتحديات كبيرة‪،‬‬ ‫منها المقاومة من قبل‬ ‫المتجاوزين‪ ،‬واالعتبارات‬ ‫االجتماعية واإلنسانية‪،‬‬ ‫ونقص اإلمكانيات‬ ‫اللوجستية والبشرية‬ ‫للجهات المنفذة "‪..‬‬

‫ويتوج ــب وض ــع معايي ــر واضح ــة وصارم ــة‬ ‫للتقنيــن‪ ،‬ملنــع التجــاوزات املســتقبلية وتشــجيع‬ ‫احت ـرام القان ــون‪ ،‬م ــع اس ــتثناء الح ــاالت الت ــي‬ ‫تمث ــل خط ـرا عل ــى البن ــى التحتي ــة أو األم ــن‬ ‫الع ــام م ــن التقني ــن كتل ــك الت ــي تنتش ــر فيه ــا‬ ‫املخ ــدرات او الجريم ــة‪ ،‬و تطبي ــق القان ــون‬ ‫بحــزم وشــفافية‪ ،‬و تعزيــز دور األجهــزة الرقابيــة‬ ‫والقضائي ــة ملكافح ــة التج ــاوزات الجدي ــدة‬ ‫والفس ــاد املرتب ــط به ــا‪.‬‬ ‫و يج ــب تفعي ــل العقوب ــات القانوني ــة ض ــد‬ ‫املتجاوزي ــن وم ــن يس ــهل له ــم التج ــاوز‪،‬‬ ‫وع ــدم الس ــماح ألي جه ــة (حزبي ــة‪ ،‬مس ــلحة‪،‬‬ ‫عش ــائرية) بالتدخ ــل ف ــي عملي ــات اإلزال ــة‬

‫أو التقني ــن‪ ،‬وف ــرض س ــيادة القان ــون‪ ،‬و‬ ‫تحدي ــث املخطط ــات العمراني ــة والتصامي ــم‬ ‫األساس ــية للم ــدن بإع ــادة تخطي ــط امل ــدن‬ ‫وتحدي ــد اس ــتعماالت األرا�ض ــي بش ــكل‬ ‫واض ــح وش ــفاف‪ ،‬بم ــا يلب ــي احتياج ــات النم ــو‬ ‫الس ــكاني واالقتص ــادي‪ ،‬و تخصي ــص أراض‬ ‫كافي ــة لالس ــتعماالت الس ــكنية والخدمي ــة‬ ‫والصناعي ــة‪.‬‬ ‫وم ــن الض ــروري اج ـراء حم ــات توعي ــة واس ــعة‬ ‫النط ــاق بش ــأن مخاط ــر التج ــاوزات عل ــى‬ ‫األرا�ض ــي وتبعاته ــا القانوني ــة واالجتماعي ــة‪ ،‬و‬ ‫تأكيــد أهميــة احتـرام ملكيــة الدولــة واملمتلــكات‬ ‫العام ــة‪ ،‬و بن ــاء نظ ــام معلومات ــي لألرا�ض ــي‬

‫والعق ــارات‪ ،‬و إنش ــاء قاع ــدة بيان ــات مركزي ــة‬ ‫وش ــاملة لجمي ــع أرا�ض ــي الدول ــة واملمتل ــكات‪،‬‬ ‫ملن ــع التالع ــب وتس ــهيل املراقب ــة‪ ،‬واس ــتعمال‬ ‫التقني ــات الحديث ــة (مث ــل نظ ــم املعلوم ــات‬ ‫الجغرافي ــة ‪ )GIS‬ف ــي إدارة األرا�ض ــي‪.‬‬ ‫و يتحت ــم بالدرج ــة األس ــاس معالج ــة األس ــباب‬ ‫الجذريــة للمشــكلة بتوفيــر فــرص عمــل وتقليــل‬ ‫الفق ــر وتنفي ــذ مش ــاريع االس ــكان الفوري ــة‬ ‫رخيص ــة الكلف ــة‪ ،‬فغالب ــا م ــا يلج ــأ الس ــكان‬ ‫إل ــى التج ــاوز بس ــبب الحاج ــة امللح ــة للس ــكن‬ ‫وغي ــاب البدائ ــل‪ ،‬وكذل ــك تحس ــين الخدم ــات‬ ‫األساس ــية ف ــي امل ــدن واملناط ــق الريفي ــة لتقلي ــل‬ ‫الهج ــرة إل ــى املراك ــز الحضري ــة‪.‬‬

‫"أهم الحلول‪ :‬توفير‬ ‫أراض سكنية بأسعار‬ ‫ٍ‬ ‫معقولة للمواطنين‪،‬‬ ‫بخاصة الفئات ذات‬ ‫الدخل المحدود‪ ،‬و‬ ‫بناء مجمعات سكنية‬ ‫حكومية وشعبية‬ ‫بأسعار مدعومة‪،‬‬ ‫لتخفيف الضغط على‬ ‫األراضي العامة‪ ،‬و‬ ‫تسهيل القروض‬ ‫العقارية للناس لبناء‬ ‫مساكنهم"‪..‬‬

‫‪20‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪21 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫"ماكسويل"‬

‫يفرّ من هور الحويزة‪..‬‬ ‫فيلي ‪ -‬متابعة ‪:‬‬ ‫يمثل التنوع األحيائي‬ ‫ّ‬ ‫في مناطق األهوار‬ ‫أحد أبرزاألسباب‬ ‫التي دفعت منظمة‬ ‫األمم املتحدة للتربية‬ ‫والعلم والثقافة‬ ‫(اليونسكو) إلى‬ ‫إدراج األهوار‬ ‫العر اقية ضمن‬ ‫الئحة التراث العالمي‬ ‫في ‪ 17‬حزيران‪ /‬يونيو‬ ‫‪ ،2016‬مشترطة على‬ ‫الحكومة العر اقية‬ ‫ضمان ديمومة هذا‬ ‫التنوع وتطويرالبنى‬ ‫التحتية للمناطق‬ ‫الرطبة‪.‬‬

‫الجفاف يهدد "رمـز" التنوع األحيائي في األهوار العراقية‬

‫لك ــن الواق ــع البيئ ــي ف ــي ه ــذه املناط ــق‪ ،‬وال س ــيما‬ ‫ف ــي أه ــوار محافظ ــة ميس ــان‪ ،‬يش ــهد تده ــو ًرا‬ ‫ـادا بســبب الجفــاف املتفاقــم وشــح امليــاه‪ ،‬مــا‬ ‫حـ ً‬ ‫أدى إل ــى تراج ــع الحي ــاة البري ــة والنباتي ــة وتهدي ــد‬ ‫العدي ــد م ــن الكائن ــات الن ــادرة باالنق ـراض‪ ،‬ف ــي‬ ‫مقدمتهــا كلــب املــاء ناعــم الف ـراء املعــروف باســم‬ ‫"ماكســويل"‪ ،‬والــذي يعــد مــن الكائنــات الرمزيــة‬ ‫له ــور الحوي ــزة‪.‬‬ ‫كائن نادر مهدد باالنقراض‬ ‫وبحس ــب املدي ــر التنفي ــذي ملنظم ــة "املن ــاخ‬ ‫األخض ــر"‪ ،‬مخت ــار خمي ــس‪ ،‬يعي ــش ف ــي‬ ‫الع ـراق نوع ــان م ــن كل ــب امل ــاء‪ ،‬أولهم ــا الش ــائع‬ ‫(‪ )COMMON OTTER‬املنتش ــر عل ــى امت ــداد‬ ‫نه ــري دجل ــة والف ـرات‪ ،‬والثان ــي ه ــو كل ــب امل ــاء‬ ‫ناعــم الفـراء (‪،)SMOOTH-COATED OTTER‬‬ ‫وه ــو ن ــوع ن ــادر ومرتف ــع القيم ــة بس ــبب فرائ ــه‬ ‫املمي ــز‪ ،‬ويوج ــد حص ـ ًرا ف ــي ه ــور الحوي ــزة‬ ‫بمحافظ ــة ميس ــان‪.‬‬

‫وأش ــار خمي ــس إل ــى أن وج ــود ه ــذا الن ــوع الن ــادر‬ ‫كان مــن بيــن األســباب التــي دفعــت اليونســكو إلــى‬ ‫تصنيــف األهــوار ضمــن مواقــع الت ـراث العالمــي‪.‬‬ ‫وف ــي حدي ــث ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أع ــرب ع ــن أس ــفه‬ ‫ـدا أن‬ ‫لتض ــاؤل أع ــداد ه ــذا الحي ــوان‪ ،‬مؤك ـ ً‬ ‫ـدا‬ ‫الجف ــاف والصي ــد الجائ ــر يش ــكالن تهدي ـ ً‬ ‫حقيقي ـ ًـا لبقائ ــه‪ ،‬خاص ــة ف ــي ظ ــل غي ــاب أي‬ ‫إج ـراءات حكومي ــة لحمايت ــه‪.‬‬ ‫ماكسويل‪ ..‬االسم والرمزية‬ ‫م ــن جانب ــه‪ ،‬أوض ــح الناش ــط البيئ ــي مه ــدي‬ ‫الس ــاعدي ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن كل ــب امل ــاء‬ ‫امللق ــب بـ"ماكس ــويل"‪ُ ،‬ويع ــرف باللغ ــة العربي ــة‬ ‫ـ"القضاع ــة"‪ ،‬يمث ــل أح ــد أب ــرز رم ــوز التن ــوع‬ ‫ب ُ‬ ‫البيولوج ــي ف ــي أه ــوار ميس ــان‪ ،‬وق ــد ُس ـ ّـمي به ــذا‬ ‫االس ــم نس ــبة إل ــى عال ــم األحي ــاء اإلس ــكتلندي‬

‫غيف ــن ماكس ــويل‪ ،‬ال ــذي اكتش ــفه ف ــي‬ ‫خمس ــينيات الق ــرن املا�ض ــي ف ــي ه ــور الحوي ــزة‪.‬‬ ‫وأض ــاف أن ماكس ــويل اصطح ــب اثني ــن م ــن‬ ‫ه ــذه الحيوان ــات‪ ،‬ذك ـ ًرا وأنث ــى‪ ،‬إل ــى إس ــكتلندا‬ ‫وأطلــق عليهمــا اســم "مجبــل" نســبة إلــى صاحــب‬ ‫املش ــحوف ال ــذي اصطحب ــه ف ــي جول ــة به ــور‬ ‫الحوي ــزة‪ ،‬و"كح ــاء" نس ــبة لناحي ــة الكح ــاء‬ ‫حي ــث ت ــم العث ــور عليهم ــا‪ ،‬ويوج ــد الي ــوم نص ــب‬ ‫ت ــذكاري لكل ــب امل ــاء العراق ــي ف ــي إس ــكتلندا يش ــير‬ ‫إل ــى أصول ــه م ــن ه ــور الحوي ــزة‪.‬‬ ‫وتابــع الســاعدي‪ ،‬قائـ ًـا إن "كلــب املــاء ماكســويل‬ ‫بــدأ فــي مغــادرة موطنــه األصلــي فــي هــور الحويــزة‬ ‫خ ــال الس ــنوات األخي ــرة‪ ،‬بحث ـ ًـا ع ــن بيئ ــة أكث ــر‬ ‫ـذاء أوف ــر‪ ،‬وت ــم رص ــده ف ــي ع ــدد م ــن‬ ‫أمان ـ ًـا وغ ـ ً‬ ‫مناط ــق الع ـراق‪ ،‬بم ــا ف ــي ذل ــك محافظ ــات‬

‫الوســط والشــمال‪ ،‬مــا يشــير إلــى حجــم التدهــور‬ ‫ال ــذي أص ــاب بيئت ــه الطبيعي ــة"‪.‬‬ ‫ويع ــود ه ــذا الن ــزوح إل ــى سلس ــلة انتكاس ــات‬ ‫تعــرض لهــا الحيــوان النــادر‪ ،‬بــدأت منــذ تجفيــف‬ ‫األه ــوار ف ــي تس ــعينيات الق ــرن املا�ض ــي‪ ،‬وم ــرو ًرا‬ ‫ـدادا‬ ‫بحم ــات الصي ــد الجائ ــر الت ــي أب ــادت أع ـ ً‬ ‫كبي ــرة من ــه‪ ،‬ال س ــيما م ــع ارتف ــاع الطل ــب عل ــى‬ ‫فرائ ــه الفاخ ــر ال ــذي ُيه ـ ّـرب إل ــى تركي ــا وإيطالي ــا‬ ‫الس ــتخدامه ف ــي صناع ــة املالب ــس الفاخ ــرة‬ ‫والحقائ ــب الجلدي ــة‪.‬‬ ‫مطالبات بحمايته وإنشاء محمية‬ ‫بــدوره يقــول الناشــط البيئــي أحمــد صالــح نعمــة‪،‬‬ ‫إن "كلــب البحــر ناعــم الف ـراء ال يمــت بصلــة إلــى‬ ‫القن ــدس أو ثعال ــب امل ــاء كم ــا يعتق ــد البع ــض"‪،‬‬ ‫مش ــي ًرا إل ــى أن ــه "يش ــكل ث ــروة بيئي ــة ن ــادرة يج ــب‬ ‫الحف ــاظ عليه ــا"‪.‬‬ ‫وحــذر نعمــة‪ ،‬خــال حديثــه ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬مــن‬ ‫أن ع ــدم اتخ ــاذ إج ـراءات عاجل ــة ق ــد ي ــؤدي إل ــى‬ ‫انقراض ــه تمام ـ ًـا"‪.‬‬ ‫وأشــار إلــى أن املجتمــع البيئــي أطلــق عــدة نــداءات‬ ‫إلــى الجهــات املعنيــة إلنشــاء محميــة خاصــة بهــذا‬ ‫الكائــن الفريــد‪ ،‬وتوفيــر مصــادر ميــاه مســتدامة‬ ‫ف ــي أه ــوار ميس ــان‪ ،‬غي ــر أن تل ــك الن ــداءات ل ــم‬ ‫تلــق أي اســتجابة مــن الجهــات الرســمية املعنيــة‬ ‫َ‬ ‫بالشــأن البيئــي أو املائــي‪.‬‬ ‫وف ــي ظ ــل ه ــذا اإلهم ــال والتده ــور البيئ ــي‬ ‫املتس ــارع‪ ،‬يؤك ــد مختص ــون أن اس ــتمرار‬ ‫الجفــاف وغيــاب السياســات الحقيقيــة لحمايــة‬ ‫التنــوع األحيائــي ســيؤدي إلــى خســائر فادحــة فــي‬ ‫الث ــروة البيئي ــة للب ــاد‪.‬‬ ‫ويش ــدد املختص ــون‪ ،‬عل ــى ض ــرورة تبن ــي‬ ‫إس ــتراتيجية وطني ــة عاجل ــة إلنق ــاذ أه ــوار‬ ‫ميس ــان وس ــكانها‪ ،‬م ــن بش ــر وكائن ــات‪ ،‬وإنش ــاء‬ ‫محميــات طبيعيــة تضمــن بقــاء األنــواع النــادرة‪،‬‬ ‫وف ــي مقدمته ــا "ماكس ــويل"‪ ،‬كج ــزء ال يتج ـزأ م ــن‬ ‫هوي ــة الع ـراق الطبيعي ــة والثقافي ــة‪.‬‬

‫‪22‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪23 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬

‫مد وجزر‬ ‫االنتخابات‬ ‫واحتماالت‬ ‫التأجيل‬

‫يكثــرالحديــث فــي هــذه األيــام عــن االنتخابــات العامــة العر اقيــة املفترضــة التــي اعلــن رئيــس‬ ‫الــوزراء محمــد شــياع الســوداني فــي التاســع مــن نيســان عــن موعدهــا‪ ،‬أي قبــل نحــو ثمانيــة‬ ‫اشــهرمــن اجرائهــا فــي ‪ 11‬تشــرين الثانــي ‪ 2025‬فــي حيــن كان يفتــرض ان يعلــن عــن موعدهــا‬ ‫قبــل ‪ 90‬يومــا مــن عقدهــا بحســب القانــون‪ ،‬واإلعــان املبكــرعــن املوعــد بعــدة اشــهر‪ ،‬عــده‬ ‫بعــض املر اقبيــن اســتباقا مــن الســوداني "لخصومــه"‪.‬‬

‫وبص ــرف النظ ــر ع ــن بع ــض املواق ــف الت ــي‬ ‫ظه ــرت ومنه ــا مقاطع ــة التي ــار الص ــدري او‬ ‫التحالف ــات الناش ــئة ومنه ــا تحال ــف رئي ــس‬ ‫ال ــوزراء م ــع بع ــض الق ــوى التقليدي ــة‪ ،‬وكذل ــك‬ ‫بغ ــض النظ ــر ع ــن الوض ــع الدول ــي واإلقليم ــي‬ ‫غيــر املالئــم املحيــط بالعـراق او اخفــاق القمــة‬ ‫العربي ــة الت ــي انعق ــدت ف ــي بغ ــداد مؤخ ـرا‪،‬‬ ‫والعج ــز ع ــن اقام ــة عالق ــات اعتيادي ــة م ــع‬ ‫ســوريا بســبب تأثيــر الفصائــل املســلحة ارتباطــا‬

‫باملوقــف االيرانــي‪ ،‬وكذلــك مــا حــدث فــي لبنــان‬ ‫وغ ــزة واليم ــن‪.‬‬ ‫نق ــول‪ ،‬بص ــرف النظ ــر ع ــن ذل ــك وغي ــره ف ــان‬ ‫بع ــض املراقبي ــن ال يخف ــون توقعاته ــم بتأجي ــل‬ ‫االنتخابــات العامــة فــي العـراق مــن عــام ‪٢٠٢٥‬‬ ‫إل ــى ع ــام ‪.٢٠٢٦‬‬ ‫واالنتخاب ــات العام ــة املقبل ــة‪ ،‬تواج ــه ع ــدة‬ ‫تحدي ــات تمث ــل الس ــبب ف ــي حدي ــث البع ــض‬ ‫ع ــن تأجيله ــا‪ ،‬وم ــن أب ــرز ه ــذه املش ــكالت ان‬ ‫الخالف ــات السياس ــية بي ــن الكت ــل الكب ــرى ل ــم‬ ‫ت ــزل قائم ــة ول ــم يج ــري حلحلته ــا والوص ــول ال ــى‬ ‫عملي ــة اقت ـراع مس ــتقرة آمن ــة وسلس ــة‪ ،‬اذ ان‬ ‫هن ــاك صراع ــا ي ــدور من ــذ اكث ــر م ــن عش ــرين‬ ‫عامــا علــى توزيــع املناصــب والصالحيــات‪ ،‬ولــم‬ ‫يحس ــم حت ــى اآلن بقان ــون انتخاب ــي عص ــري‬ ‫مثلم ــا علي ــه الح ــال ف ــي دول ديمقراطي ــة تعم ــل‬ ‫بنظــام املؤسســات الــذي عجــز السياســيون فــي‬ ‫الع ـراق ع ــن بنائ ــه‪.‬‬ ‫هن ــاك ص ـراع مس ــتمر بي ــن الكت ــل السياس ــية‪،‬‬ ‫بخاصــة بيــن تحالــف قــوى "اإلطــار التنســيقي"‬ ‫وتحالف ــات اخ ــرى منه ــا التي ــار الص ــدري ال ــذي‬ ‫يتزعم ــه مقت ــدى الص ــدر‪ ،‬ويتمح ــور بش ــأن‬ ‫املناص ــب‬ ‫توزي ــع‬ ‫الس ــيادية وت ــوازن‬ ‫الق ــوى وف ــي‬ ‫بع ــض االحي ــان‬ ‫ه ــذا‬ ‫يص ــل‬ ‫الص ـراع ال ــى‬ ‫حــد االســتنفار‬ ‫و ا ال قتت ــا ل‬ ‫ا ملس ــلح ‪.‬‬ ‫كم ــا ان‬

‫هن ــاك خالف ــات ل ــم تحس ــم بش ــأن قان ــون‬ ‫االنتخابــات نفســه‪ ،‬فــكل قــوة تريــد صياغــة او‬ ‫اضاف ــة م ــواد اخ ــرى عل ــى القان ــون االنتخاب ــي‬ ‫بحس ــب اهوائه ــا وبم ــا يؤم ــن له ــا بحس ــب‬ ‫تصوره ــا حص ــد اكب ــر ع ــدد م ــن االص ــوات‪،‬‬ ‫و الخ ــاف ي ــدور من ــذ م ــدة بش ــأن تعدي ــات‬ ‫القان ــون االنتخاب ــي‪ ،‬بم ــا ف ــي ذل ــك تقس ــيم‬ ‫الدوائ ــر وتمثي ــل املكون ــات "الكوت ــا"‪ ،‬وبه ــذا‬ ‫الص ــدد تنطل ــق اتهام ــات م ــن بع ــض األط ـراف‬ ‫بــأن التعديــات تخــدم مصالــح فصائــل معينــة‪.‬‬ ‫وهنــاك قــوى تســعى الــى اضافــة بنــود انتخابيــة‬ ‫جدي ــدة تمن ــع بموجبه ــا ترش ــح املس ــؤولين ف ــي‬ ‫الحكوم ــة؛ ويق ــول الباحث ــون ان تل ــك الق ــوى‬ ‫تري ــد‪ ،‬به ــذا قط ــع الطري ــق ام ــام ترش ــح محم ــد‬ ‫ش ــياع الس ــوداني ألنه ــم يتخوف ــون م ــن ازدي ــاد‬ ‫شــعبيته بحســب مــا يصــرح بــه بعضهــم‪ ،‬ويظهــر‬ ‫ان الس ــوداني اس ــتبق ذل ــك بتش ــكيل تحال ــف‬ ‫م ــن حزب ــه "تي ــار الفراتي ــن" م ــع وج ــوه قديم ــة‬ ‫يرأس ــون تحالف ــات منه ــم اي ــاد ع ــاوي وفال ــح‬ ‫الفي ــاض واحم ــد االس ــدي وغيره ــم بحس ــب م ــا‬ ‫نش ــر ف ــي وس ــائل االع ــام‪.‬‬ ‫وم ــن األس ــباب األخ ــري املحتمل ــة لتأجي ــل‬ ‫االنتخاب ــات التأخي ــر ف ــي إج ـراءات التحضي ــر‬ ‫لهــا الســيما فيمــا يتعلــق بالتســجيل البايومتــري‬ ‫للناخبيــن‪ ،‬اذ تجــري العمليــة ببــطء ولــم تكتمــل‬ ‫بع ــد‪ ،‬مم ــا يه ــدد موع ــد االنتخاب ــات؛ وفيم ــا‬ ‫يتعل ــق بتحدي ــث الس ــجل االنتخاب ــي‪ ،‬هن ــاك‬ ‫مخــاوف مــن عــدم دقــة البيانــات‪ ،‬بخاصــة مــع‬ ‫بق ــاء أع ــداد كبي ــرة م ــن العراقيي ــن نازحي ــن ع ــن‬ ‫دياره ــم حت ــى اآلن برغ ــم م ــرور الس ــنوات ‪.‬‬ ‫ول ــم يخف ــي البع ــض خش ــيته م ــن ان تك ــون‬ ‫هن ــاك مخ ــاوف م ــن أن ت ــؤدي مح ــاوالت‬ ‫اث ــارة العن ــف‪ ،‬بخاص ــة م ــن بقاي ــا داع ــش‬ ‫واملجموع ــات املس ــلحة‪ ،‬إل ــى تقوي ــض‬ ‫العملي ــة االنتخابي ــة ف ــي بع ــض املحافظ ــات؛‬ ‫كم ــا يتخ ــوف كثي ــرون م ــن تهدي ــدات ض ــد‬ ‫املرش ــحين والناخبي ــن وق ــد يؤث ــر ذل ــك عل ــى‬ ‫مش ــاركة واس ــعة أو نزاه ــة االنتخاب ــات‪.‬‬ ‫أم ــا فيم ــا يتعل ــق بالضغ ــوط اإلقليمي ــة‬ ‫والدولي ــة فه ــي متواصل ــة برغ ــم التغي ـرات‬ ‫الت ــي ش ــهدتها املنطق ــة وم ــن ذل ــك التدخ ــل‬ ‫اإليران ــي واألمريك ــي‪ ،‬اذ ان كل ط ــرف يح ــاول‬ ‫دفــع العمليــة السياســية لصالــح حلفائــه‪ ،‬ممــا‬ ‫يعق ــد التواف ــق املحل ــي‪ ،‬بحس ــب باحثي ــن‪.‬‬

‫و بع ــض األط ـراف دأب ــت عل ــى اته ــام جه ــات‬ ‫خارجيــة بالســعي لتأجيــل االنتخابــات لضمــان‬ ‫اس ــتقرار مؤق ــت يخ ــدم مصالحه ــا؛ كم ــا ان‬ ‫األزم ــات االقتصادي ــة واالجتماعي ــة و تواص ــل‬ ‫الفس ــاد املال ــي واإلداري ق ــد يؤث ــر عل ــى تموي ــل‬ ‫االنتخاب ــات وش ــفافيتها‪.‬‬ ‫و قــد تعــود االحتجاجــات الشــعبية للظهــور إذا‬ ‫ش ــعر الناخب ــون ب ــأن العملي ــة االنتخابي ــة غي ــر‬ ‫عادل ــة أو مج ــرد اس ــتمرار للنخ ــب الحاكم ــة‪،‬‬ ‫الس ــيما ان االنتخاب ــات تعق ــب فص ــل الصي ــف‬ ‫الطوي ــل ال ــذي يظه ــر ان الحكوم ــة عاج ــزة ع ــن‬ ‫توفيــر الكهربــاء الضروريــة لحيــاة الســكان فيــه‪.‬‬ ‫واملالح ــظ ان إش ــاعات التأجي ــل تنتش ــر‬ ‫بتس ــريبات متعم ــدة فق ــد تك ــون بع ــض‬ ‫األط ـراف ت ــروج للتأجي ــل الختب ــار ردود األفع ــال‬ ‫أو للضغ ــط م ــن أج ــل مكاس ــب سياس ــية‪،‬‬ ‫كم ــا ان ع ــدم وض ــوح الج ــدول الزمن ــي وم ــن‬ ‫ذل ــك التأخي ــر ف ــي إج ـراءات املفوضي ــة العلي ــا‬ ‫لالنتخاب ــات يغ ــذي الش ــكوك؛ وبع ــض الكت ــل‬ ‫ق ــد تفض ــل التأجي ــل لضم ــان صفق ــات أفض ــل‬ ‫قب ــل الذه ــاب إل ــى صنادي ــق االقت ـراع‪.‬‬ ‫وإذا ل ــم يج ــري تج ــاوز جمي ــع ه ــذه العقب ــات‪،‬‬ ‫فقــد يعلــن عــن تأجيــل االنتخابــات رســميا‪ ،‬ممــا‬ ‫ُ‬ ‫ق ــد يزي ــد م ــن االحتق ــان السيا�س ــي واالجتماع ــي‬ ‫ف ــي الع ـراق‪.‬‬ ‫يش ــار ال ــى ان الفص ــل الثان ــي م ــن قان ــون‬ ‫انتخاب ــات مجل ــس الن ــواب العراق ــي رق ــم (‪)٩‬‬ ‫لس ــنة ‪ ، ٢٠٢٠‬يق ــول ف ــي امل ــادة الس ــابعة‪ ،‬اوال‪:‬‬ ‫يج ــب ان ُتج ــرى انتخاب ــات مجل ــس الن ــواب‬ ‫العراق ــي لل ــدورة النيابي ــة الجدي ــدة قب ــل (‪)٤٥‬‬ ‫يوم ــا م ــن تاري ــخ انته ــاء ال ــدورة النيابي ــة الت ــي‬ ‫ســبقتها‪ .‬وان أول جلســة للبرملــان جــرى عقدهــا‬ ‫ف ــي ي ــوم ‪ 2022 /1 /9‬وبحس ــب املفوضي ــة ه ــذه‬ ‫امل ــدة تع ــد امل ــدة األصغري ــة‪ ،‬أي ال يمك ــن أن‬ ‫تج ــرى االنتخاب ــات قب ــل انته ــاء موع ــد انته ــاء‬ ‫ال ــدورة الحالي ــة بأق ــل م ــن ‪ 45‬يوم ـ ًـا‪ ،‬أي قب ــل‬ ‫ي ــوم ‪ 25‬م ــن ش ــهر تش ــرين الثان ــي ‪.2025‬‬ ‫ونص ــت الفق ــرة ثاني ــا م ــن امل ــادة الس ــابعة م ــن‬ ‫قان ــون االنتخاب ــات عل ــى ان يح ــدد موع ــد‬ ‫االنتخاب ــات بق ـرار م ــن مجل ــس ال ــوزراء‬ ‫وبالتنس ــيق م ــع املفوضي ــة العلي ــا املس ــتقلة‬ ‫لالنتخاب ــات‪ ،‬ويعل ــن عن ــه بوس ــائل االع ــام‬ ‫كافــة قبــل املوعــد املحــدد إلجرائهــا بمــدة ال تقــل‬ ‫ع ــن (‪ )٩٠‬تس ــعين يوم ــا‪.‬‬

‫‪24‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪25 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫"فيلي" تفتح ملف ‪..‬‬

‫معاناة محاربي‬ ‫األورام الخبيثة‬

‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬ ‫لم يجد املواطن‪ ،‬حسن‬ ‫علوان البهادلي‪ ،‬البالغ (‪42‬‬ ‫عاما) واملصاب بسرطان‬ ‫ً‬ ‫بدال من بيع بيته إلجراء‬ ‫الرئة‬ ‫ً‬ ‫عملية استئصال ورم الرئة‬ ‫الذي أصابه على حين غرة‪.‬‬

‫يقــول حســن ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬إنــه لــم يكــن يقــوى‬ ‫عل ــى تحم ــل أعب ــاء الكل ــف املالي ــة الت ــي تترت ــب‬ ‫عل ــى عملي ــة اس ــتئصال ال ــورم وم ــا يتبعه ــا م ــن‬ ‫عالج ــات كيمياوي ــة مكلف ــة‪.‬‬ ‫ويؤك ــد‪ ،‬أن كلف ــة العملي ــة تتج ــاوز ‪ 35‬أل ــف‬ ‫دوالر‪ ،‬وأن ــه ط ــرق أب ــواب املستش ــفيات‬ ‫الحكوميــة لغــرض إجـراء العمليــة دون جــدوى‪،‬‬ ‫إذ أخب ــروه بع ــدم توف ــر س ــرير ش ــاغر‪ ،‬وهن ــاك‬ ‫ع ــدد كبي ــر م ــن املر�ض ــى الذي ــن ينتظ ــرون‬ ‫دوره ــم بإج ـراء عملي ــات مماثل ــة‪.‬‬ ‫وين ـ ّـوه حس ــن‪ ،‬إل ــى ان ــه حص ــل عل ــى موع ــد‬ ‫إلج ـراء عملي ــة اس ــتئصال ال ــورم الس ــرطاني‬ ‫بمدين ــة الط ــب ولك ــن بع ــد ‪ 4‬أش ــهر‪ ،‬وه ــي م ــدة‬ ‫يراهــا ال تســمح لــه باالســتمرار فــي العيــش‪ ،‬ألن‬

‫املــرض يكــون وقتهــا قــد انتشــر واســتفحل ولــن‬ ‫تك ــون هن ــاك ثم ــة ج ــدوى م ــن إج ـراء العملي ــة‪،‬‬ ‫وه ــو م ــا دفع ــه للتوج ــه إل ــى مستش ــفى خ ــاص‪.‬‬ ‫"إهمال" حكومي‬ ‫ق ــد يك ــون حس ــن أوف ــر حظ ـ ًـا م ــن املواط ــن‪،‬‬ ‫س ــعدون هلي ــل‪ ،‬البال ــغ (‪ 55‬عام ـ ًـا)‪ ،‬ال ــذي‬ ‫ُأصي ــب ب ــذات امل ــرض‪ ،‬ورق ــد ف ــي مستش ــفى‬ ‫الكاظميــة ملــدة شــهرين‪ ،‬لــم يــزره خاللهــا طبيــب‬ ‫األورام إال م ــرة واح ــدة ف ــي كل أس ــبوع‪ ،‬وذل ــك‬ ‫لع ــدم وج ــود طبي ــب اختص ــاص أورام ف ــي تل ــك‬ ‫املستش ــفى وأنه ــم يأت ــون ب ــه اس ــتقدام م ــن‬ ‫مدين ــة الط ــب لي ــوم واح ــد ف ــي األس ــبوع‪ ،‬وإذا‬ ‫ص ــادف ه ــذا الي ــوم عطل ــة فأن ــه يج ــب علي ــه‬ ‫االنتظ ــار إل ــى األس ــبوع ال ــذي يلي ــه‪.‬‬

‫وبحس ــب زوجت ــه س ــميعة عب ــد الحس ــين‪،‬‬ ‫ل ــم يع ـ َـط زوجه ــا خ ــال رق ــوده ف ــي املستش ــفى‬ ‫أي عالج ــات س ــوى املهدئ ــات فق ــط‪ ،‬حت ــى‬ ‫اس ــتفحل امل ــرض وانتش ــر ف ــي مواض ــع عدي ــدة‬ ‫م ــن جس ــده‪ ،‬وه ــو م ــا دف ــع أطب ــاء املستش ــفى‬ ‫إل ــى إخراج ــه ملنزل ــه ألن حالت ــه ل ــم تع ــد تس ــمح‬ ‫بإج ـراء أي عملي ــة ل ــه‪.‬‬ ‫ووف ــق س ــميعة‪ ،‬توف ــي س ــعدون بع ــد أق ــل م ــن‬ ‫ش ــهر بع ــد خروج ــه م ــن املستش ــفى بس ــبب‬ ‫ع ــدم اهتم ــام الك ــوادر الصحي ــة الحكومي ــة‬ ‫بحالت ــه‪ ،‬وع ــدم توف ــر امل ــال ال ــازم لعالج ــه ف ــي‬ ‫املستش ــفيات األهلي ــة‪.‬‬ ‫ويعان ــي املصاب ــون ب ــاألورام الخبيث ــة‬ ‫والس ــرطانات املختلف ــة م ــن تأخي ــر ف ــي إج ـراء‬

‫العملي ــات والحص ــول عل ــى حج ــوزات بس ــبب‬ ‫االزدح ــام الش ــديد وقل ــة الك ــوادر الطبي ــة الت ــي‬ ‫ال تنس ــجم م ــع أع ــداد املر�ض ــى‪.‬‬ ‫نحو نصف املوازنة للسرطان‬ ‫ويوضــح مديــر اإلعــام فــي مدينــة الطــب‪ ،‬واثــق‬ ‫الجاب ــري‪ ،‬أن مدين ــة الط ــب تض ــم مستش ــفى‬ ‫األم ــل ل ــأورام ومرك ــز زرع النخ ــاع النق ــي‬ ‫وفحــص الــدم‪ ،‬وثمــة ردهــات رجاليــة ونســائية‪،‬‬ ‫فض ـ ًـا ع ــن مرك ــز بغ ــداد لإلش ــعاع وه ــو‬ ‫متخص ــص ب ــاألورام الس ــرطانية والفحوص ــات‬ ‫الدقيق ــة املختلف ــة‪.‬‬ ‫ويؤك ــد الجاب ــري ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن مرك ــز زرع‬ ‫النخ ــاع النق ــي وفح ــص ال ــدم يع ــد م ــن املراك ــز‬ ‫الفري ــدة ف ــي الع ـراق وت ــم افتتاح ــه ع ــام ‪،2023‬‬

‫وأن مدين ــة الط ــب تش ــرع حالي ـ ًـا ببن ــاء مرك ــز‬ ‫مشــابه بســعة ‪ 150‬ســري ًرا لســرطان األطفــال‪،‬‬ ‫الفت ـ ًـا إل ــى أن أكث ــر م ــن ‪ 45%‬م ــن موازن ــة‬ ‫وزارة الصح ــة املالي ــة تخص ــص لألم ـراض‬ ‫الس ــرطانية‪.‬‬ ‫ويشــير الجابــري‪ ،‬إلــى أن الجــرع الكيمياويــة التــي‬ ‫يقدمه ــا املستش ــفى تختل ــف م ــن مري ــض آلخ ــر‬ ‫بحس ــب الحال ــة املرضي ــة‪ ،‬فيم ــا تت ــم إج ـراء‬ ‫عملي ــات رف ــع األورام النس ــائية والرجالي ــة‪،‬‬ ‫وأن جمي ــع الفحوص ــات والعملي ــات الت ــي يت ــم‬ ‫إجراؤه ــا تك ــون مجاني ــة‪.‬‬ ‫ولتف ــادي الزح ــام واملراجع ــات م ــن قب ــل‬ ‫املصابي ــن ب ــأورام س ــرطانية‪ ،‬يت ــم التس ــجيل‬ ‫والحج ــز إلكتروني ـ ًـا م ــن قب ــل املر�ض ــى‪ ،‬ويتمت ــع‬

‫‪26‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪27 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫املصاب ــون ب ــاألورام بأولوي ــة م ــن ناحي ــة‬ ‫الفحوص ــات والعملي ــات والعالج ــات بم ــا فيه ــا‬ ‫الفحوص ــات الن ــادرة ومنه ــا فح ــص "كام ــا‬ ‫كامي ـرا" و"بيت ــا س ــكان" وف ــق الجاب ــري‪.‬‬ ‫ويتاب ــع‪ ،‬ت ــم افتت ــاح رده ــة ف ــي الطاب ــق الثال ــث‬ ‫م ــن مستش ــفى األم ــل مخصص ــة ل ــزرق الع ــاج‬ ‫الكيمي ــاوي اليوم ــي‪ ،‬وثم ــة توجي ــه ب ــأن يت ــم‬ ‫اس ــتخدام الطبل ــة اإللكتروني ــة الخاص ــة‬ ‫ـدال ع ــن الطبل ــة الورقي ــة‪ ،‬ويت ــم‬ ‫باملري ــض ب ـ ً‬ ‫بموجبهــا إجـراء جميــع الفحوصــات وتشــخيص‬ ‫الحالــة‪ ،‬مبينـ ًـا‪ ،‬أنــه تــم قبــل فتــرة قصيــرة افتتاح‬ ‫املختب ــر الوطن ــي ف ــي مدين ــة الط ــب لتش ــخيص‬ ‫األورام الســرطانية الــذي يســتقبل املر�ضــى مــن‬ ‫جميــع محافظــات العـراق ويســتوعب مختلــف‬ ‫الفحوص ــات الطبي ــة‪.‬‬ ‫وعلــى الرغــم مــن الجهــود الحكوميــة فــي معالجــة‬ ‫مر�ض ــى األورام الس ــرطانية وافتت ــاح مراك ــز‬ ‫متخصصــة‪ ،‬لكنهــا تبقــى عاجــزة عــن اســتيعاب‬ ‫أع ــداد املصابي ــن باألم ـراض الس ــرطانية‪.‬‬ ‫تطور في الفحص والعالج‬ ‫ويؤك ــد طبي ــب األورام بمستش ــفى األم ــل‬ ‫بمدين ــة الط ــب‪ ،‬أحم ــد عب ــد الق ــادر‪ ،‬حص ــول‬ ‫تط ــور ملم ــوس خ ــال العامي ــن املاضيي ــن ف ــي‬ ‫مجــال فحــص األورام الســرطانية وتشــخيصها‬ ‫ـابقا‪.‬‬ ‫وتوفيرعالج ــات ل ــم تك ــن موج ــودة س ـ ً‬ ‫ويضي ــف عب ــد الق ــادر ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن‬ ‫ـدا لكنهــا‬ ‫العالجــات الخاصــة بــاألورام مكلفــة جـ ً‬ ‫تص ــرف مجان ـ ًـا للمر�ض ــى‪ ،‬وق ــد فتح ــت ه ــذه‬ ‫العالجــات آفاقـ ًـا جديــدة للشــفاء مــن األم ـراض‬ ‫الس ــرطانية‪ ،‬ويش ــير إل ــى توف ــر أجه ــزة الع ــاج‬ ‫الشــعاعي التــي دخلــت العـراق مؤخـ ًرا وهــي ذات‬ ‫تقني ــات متط ــورة س ــاعدت عل ــى ش ــفاء ع ــدد‬ ‫كبي ــر م ــن الح ــاالت‪.‬‬ ‫ويلف ــت عب ــد الق ــادر‪ ،‬إل ــى أن الع ــاج الش ــعاعي‬ ‫كان يقتص ــر عل ــى مستش ــفى واح ــد ببغ ــداد‬ ‫فقــط‪ ،‬أمــا اآلن فيوجــد أكثــر مــن ‪ 13‬مرك ـ ًزا فــي‬ ‫عمــوم العـراق‪ ،‬فيمــا ســيتم اســتحداث العديــد‬ ‫م ــن العالج ــات الكيمياوي ــة واإلش ــعاعية‪.‬‬ ‫ويع ــد مستش ــفى األم ــل ل ــأورام صغي ـ ًرا للغاي ــة‬ ‫باملقارن ــة م ــع الزخ ــم الكبي ــر‪ ،‬ووف ــق الق ــادر‪،‬‬ ‫فق ــد ت ــم توس ــعة رده ــة الع ــاج الكيمي ــاوي‬ ‫عل ــى أن يت ــم قريب ـ ًـا بن ــاء مستش ــفى آخ ــر يلح ــق‬

‫بمستش ــفى األم ــل‪.‬‬ ‫ويشــير عبــد القــادر إلــى أن الدراســات العامليــة‬ ‫الحديث ــة تظه ــر أن س ــرطان الث ــدي ه ــو أكث ــر‬ ‫ـيوعا ل ــدى النس ــاء‪ ،‬فيم ــا‬ ‫الس ــرطانات ش ـ ً‬ ‫ل‬ ‫يحت ــل س ــرطان الرئ ــة املرك ــز األو ف ــي األورام‬ ‫الس ــرطانية الت ــي تصي ــب الرج ــال‪.‬‬ ‫وســجل الع ـراق عــام ‪ 2022‬نحــو ‪ 39‬ألفـ ًـا و‪68‬‬ ‫إصاب ــة بأم ـراض س ــرطانية مختلف ــة‪ ،‬وأج ــرى‬ ‫مرك ــز زراع ــة النخ ــاع النق ــي وفح ــص ال ــدم‬ ‫بمدينــة الطــب أكثــر مــن ‪ 400‬عمليــة زرع ذاتــي‬ ‫من ــذ ع ــام ‪ ،2013‬فيم ــا ج ــرت ألول م ــرة ف ــي‬ ‫الع ـراق عملي ــة زرع نخ ــاع ملتب ــرع ع ــام ‪.2022‬‬ ‫ويؤكــد معــاون مديــر مركــز أمـراض الــدم‪ ،‬مــازن‬ ‫عبــاس‪ ،‬ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬أن إج ـراء عمليــات زرع‬ ‫النخــاع النقــي ملتبرعيــن وصلــت إلــى أكثــر مــن ‪30‬‬ ‫عمليــة زرع منــذ عــام ‪ 2013‬وجميعهــا مجانيــة‪.‬‬ ‫ويضي ــف عب ــاس‪ ،‬أن وزارة الصح ــة وضع ــت‬ ‫برنامج ـ ًـا إلخ ــاء بع ــض الح ــاالت إل ــى الخ ــارج‪،‬‬ ‫وت ــم بالفع ــل إخ ــاء أكث ــر م ــن ألف ــي ش ــخص‬ ‫إلج ـراء عملي ــات زرع ذات ــي ومتب ــرع من ــذ ع ــام‬ ‫‪ ،2011‬مش ــي ًرا إل ــى أن أن ــواع الس ــرطان الت ــي‬ ‫تحت ــاج لعملي ــات زراع ــة العظ ــم‪ ،‬ه ــي س ــرطان‬ ‫ال ــدم والغ ــدد اللمفاوي ــة وس ــرطانات ال ــدم‬ ‫املزمن ــة‪.‬‬ ‫ر‬ ‫وتتــرواح ُكلــف عمليــات ز ع النخــاع النقــي بيــن‬ ‫‪ 30‬إلــى ‪ 50‬ألــف دوالر‪ ،‬ويتــم إجراؤهــا مجانـ ًـا فــي‬ ‫املركــز حســب معــاون املديــر‪.‬‬ ‫معاناة املر�ضى في املستشفيات الحكومية‬ ‫وعل ــى الرغ ــم م ــن الخدم ــات الطبي ــة واألجه ــزة‬ ‫املتطــورة التــي تــم إدخالهــا فــي القطــاع الصحــي‪،‬‬ ‫إال أن ثم ــة مش ــاكل تواج ــه مر�ض ــى الس ــرطان‬ ‫ف ــي املستش ــفيات الحكومي ــة‪ ،‬أوج ــز بعضه ــا‬ ‫مع ــاون مدي ــر املرك ــز‪ ،‬بقل ــة ع ــدد األس ـ ّـرة‬ ‫والحاج ــة املاس ــة إل ــى ك ــوادر طبي ــة وتمريضي ــة‬ ‫متخصص ــة‪ ،‬إضاف ــة إل ــى توفي ــر األدوي ــة‬ ‫واملس ــتلزمات الخاص ــة بعملي ــات ال ــزرع والت ــي‬ ‫تعــد شــحيحة‪ ،‬وهــو مــا يتطلــب اســتقدام فــرق‬ ‫طبيبــة تجلــب معهــا األدويــة واملســتلزمات التــي‬ ‫ال تتوف ــر ف ــي الع ـراق‪.‬‬ ‫ويلف ــت ال ــى أن هن ــاك ش ــحة ف ــي توف ــر بع ــض‬ ‫امل ــواد الخاص ــة بالتحالي ــل‪ ،‬وه ــو م ــا يؤث ــر‬ ‫وبش ــكل كبي ــر عل ــى عملي ــات ال ــزرع‪ ،‬فض ـ ًـا ع ــن‬

‫نفــاد بعــض األدويــة الخاصــة مــن املستشــفيات‬ ‫الحكومي ــة‪.‬‬ ‫ويتطل ــب رق ــود املر�ض ــى املصابي ــن بأم ـراض‬ ‫ســرطانية فــي املستشــفى مــدة ال تقــل عــن شــهر‬ ‫وق ــد تص ــل إل ــى ش ــهرين أو أكث ــر لتلق ــي الع ــاج‪.‬‬ ‫ويق ــول املري ــض الراق ــد بمستش ــفى األم ــل‬ ‫جاســم طاهرالبالــغ (‪ 57‬عامـ ًـا)‪ ،‬أنــه مكــث شــه ًرا‬ ‫بع ــد إج ـراء عملي ــة اس ــتئصال ورم خبي ــث‪،‬‬ ‫ـبوعيا‪.‬‬ ‫ويتلق ــى حالي ـ ًـا الع ــاج الكيمي ــاوي أس ـ ً‬ ‫ويوض ــح طاه ــر ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن الخدم ــة‬ ‫الت ــي يقدمه ــا املستش ــفى جي ــدة وهن ــاك عناي ــة‬ ‫خاص ــة م ــن حي ــث زي ــارة الطبي ــب املخت ــص‬

‫وانتظ ــام الع ــاج‪.‬‬ ‫فيم ــا تق ــول املريض ــة‪ ،‬س ــناء علي ــوي‪ ،‬ملجل ــة‬ ‫«فيل ــي»‪ ،‬إن التأخي ــر ع ــادة م ــا يك ــون ف ــي إج ـراء‬ ‫الفحوص ــات والتحالي ــل الطبي ــة‪ ،‬وأن أكث ــر م ــا‬ ‫يقلــق املر�ضــى هــو تأخيــر موعــد العمليــات‪ ،‬ألن‬ ‫معالج ــة ه ــذه األم ـراض ال تحتم ــل التأجي ــل‪،‬‬ ‫مؤك ــدة‪ ،‬أن املستش ــفيات الخاص ــة ُمكلف ــة‬ ‫للغاي ــة‪ ،‬ولي ــس أم ــام املر�ض ــى م ــن مح ــدودي‬ ‫الدخ ــل س ــوى االمتث ــال للواق ــع وتقب ــل الع ــاج‬ ‫ف ــي املستش ــفيات الحكومي ــة‪.‬‬

‫الجابري‪:‬‬ ‫" الجرع الكيمياوية التي يقدمها المستشفى تختلف‬ ‫من مريض آلخر بحسب الحالة المرضية‪ ،‬فيما تتم‬ ‫إجراء عمليات رفع األورام النسائية والرجالية‪ ،‬وأن جميع‬ ‫الفحوصات والعمليات التي يتم إجراؤها تكون مجانية‪.‬‬

‫‪28‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪29 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫يواجه خطر االندثار‪..‬‬

‫الشناشيل إرث ميساني يروي حكايات التنوع الديني واالجتماعي‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫تعد "الشناشيل" في محافظة ميسان أحد‬ ‫أبرزمالمح اإلرث العمراني والفولكلوري‬ ‫الذي يجسد ذاكرة مدينة العمارة‪ ،‬مركز‬ ‫املحافظة‪ ،‬وتنوعها الثقافي والديني‪ ،‬إذ‬ ‫تعود جذورها إلى أواخرالقرن الثامن‬ ‫عشروبداية القرن التاسع عشر‪،‬‬ ‫حين ُش ّيدت على يد ّبنائين‬ ‫أتراك وسوريين جلبهم‬ ‫الجيش العثماني‬ ‫إلى املدينة‪.‬‬

‫ووفق ـ ًـا ملؤرخي ــن محليي ــن‪ ،‬فق ــد تزام ــن بن ــاء‬ ‫العدي ــد م ــن بي ــوت "الشناش ــيل"‪ ،‬م ــع إنش ــاء‬ ‫الس ــوق الكبي ــر ف ــي املدين ــة‪ ،‬حي ــث اس ــتخدمت‬ ‫فــي عمارتهــا الطيــن والخشــب‪ ،‬مــا منحهــا طابعـ ًـا‬ ‫ـاهدا عل ــى أنم ــاط‬ ‫ـدا م ــا ي ـزال ش ـ ً‬ ‫معماري ـ ًـا فري ـ ً‬ ‫حي ــاة متع ــددة األوج ــه سياس ـ ًـيا واجتماعي ـ ًـا‪.‬‬ ‫ورغ ــم م ــا طاله ــا م ــن اإلهم ــال والخ ـراب‪ ،‬م ــا‬ ‫ت ـزال بعــض "الشناشــيل"‪ ،‬خصوصـ ًـا فــي أحيــاء‬ ‫الســرية‪ ،‬والسـراي‪ ،‬والصابونجيــة‪ ،‬والقادريــة‪،‬‬ ‫ـدة حي ــاة‬ ‫تق ــف بطرازه ــا الفولكل ــوري ّ‬ ‫مخل ـ ً‬ ‫مدين ــة متج ـ ّـذرة ف ــي تاريخه ــا‪ ،‬غني ــة بتنوعه ــا‪.‬‬ ‫عبق املا�ضي في زوايا املدينة‬ ‫ويق ــول الباح ــث الفلكل ــوري خال ــد الكعب ــي‪،‬‬ ‫ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إن "العم ــارة م ــا ت ـزال تحتف ــظ‬ ‫ببي ــوت فولكلوري ــة‪ ،‬أبرزه ــا الشناش ــيل الت ــي‬ ‫يع ــود تاريخه ــا إل ــى أكث ــر م ــن قرني ــن"‪.‬‬ ‫ويوض ــح أن "ه ــذه البي ــوت كان ــت تحتض ــن‬ ‫عائ ــات عريق ــة ومتنوع ــة الديان ــات‬ ‫والجنس ــيات‪ ،‬م ــن بينه ــا عائ ــات يهودي ــة‬ ‫ومس ــيحية وأخ ــرى أجنبي ــة دخل ــت املدين ــة م ــع‬ ‫الق ــوات البريطاني ــة"‪.‬‬ ‫ويع ــرب الكعب ــي‪ ،‬ع ــن أس ــفه لتع ــرض معظ ــم‬ ‫تل ــك البي ــوت لـ"اإلهم ــال"‪ ،‬مش ــي ًرا إل ــى أن "م ــا‬ ‫تبق ــى منه ــا ب ــات آي ـ ًـا للس ــقوط بس ــبب غي ــاب‬ ‫الدع ــم الحكوم ــي‪ ،‬رغ ــم مح ــاوالت خجول ــة م ــن‬ ‫الجه ــات املعني ــة للحف ــاظ عليه ــا"‪.‬‬ ‫بينمــا يقــول الباحــث امليســاني‪ ،‬علــي جــواد‪ ،‬إن‬ ‫"أحي ــاء الس ــرية‪ ،‬والس ـراي‪ ،‬كان ــت تع ــج ببي ــوت‬ ‫الشناشــيل التــي ّوثقــت حقبــة زمنيــة غنيــة مــن‬ ‫تاريــخ املدينــة‪ ،‬وكانــت رم ـ ًزا للرفاهيــة والث ـراء فــي‬ ‫زمنه ــا‪ ،‬إال أن دخ ــول أنم ــاط البن ــاء الحدي ــث‬ ‫تس ــبب بإهماله ــا"‪.‬‬ ‫وف ــي حدي ــث ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬يضي ــف أن‬ ‫البنائيــن العراقييــن‬ ‫"الشناشــيل تعكــس براعــة ّ‬ ‫ف ــي تل ــك الفت ــرة‪ ،‬حي ــث أبدع ــوا ف ــي تصميمه ــا‬

‫وزخرفتهــا"‪ ،‬الفتـ ًـا إلــى أن "بعضهــا مــا يـزال قائمـ ًـا‬ ‫لكن ــه مه ــدد بال ــزوال"‪.‬‬ ‫منازل شاهدة على التنوع الديني‬ ‫م ــن جهت ــه‪ ،‬يؤك ــد األدي ــب واإلعالم ــي عب ــد‬ ‫الحســين بريســم‪ ،‬أن "مدينــة العمــارة الحديثــة‬ ‫تأسس ــت ع ــام ‪ 1861‬عل ــى ي ــد عب ــد الق ــادر‬ ‫الكوملن ــدي‪ ،‬وتزام ــن ذل ــك م ــع ظه ــور أول ــى‬ ‫الشنا ش ــيل"‪.‬‬ ‫ويشــير برســيم‪ ،‬ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬إلــى أن "مــا تبقــى‬ ‫منه ــا حالي ـ ًـا ال يتج ــاوز ع ــدد األصاب ــع‪ ،‬وتق ــع ف ــي‬ ‫مناط ــق مث ــل الس ــرية‪ ،‬والس ـراي‪ ،‬والقادري ــة‪،‬‬ ‫واملحمودي ــة"‪.‬‬ ‫أم ــا رئي ــس املجل ــس االستش ــاري للتنمي ــة‬ ‫والتخطيــط اإلســتراتيجي فــي محافظــة ميســان‪،‬‬ ‫ناص ــر الطي ــب‪ ،‬فيوض ــح أن "أق ــدم بي ــوت‬ ‫الشناش ــيل تق ــع ف ــي منطقت ــي املحمودي ــة‬ ‫والس ـراي‪ ،‬وكان ــت مملوك ــة لش ــخصيات‬ ‫اقتصادي ــة ب ــارزة مث ــل التاج ــر اليه ــودي نس ــيم‬ ‫كوه ــان‪ ،‬واملس ــيحي الش ــيخ حن ــا‪ ،‬وبي ــت‬ ‫الرمض ــان وغيره ــم"‪.‬‬

‫ويبي ــن ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "أغل ــب تل ــك البي ــوت‬ ‫ّ‬ ‫ترك ــت لتتداع ــى بفع ــل اإلهم ــال‪ ،‬رغ ــم وج ــود‬ ‫ق ـرارات م ــن هيئ ــة اآلث ــار بحج ــز بعضه ــا"‪،‬‬ ‫مضيف ـ ًـا أن "غي ــاب الصيان ــة والتأهي ــل ح ــول‬ ‫الشناش ــيل م ــن رم ــز تراث ــي إل ــى أط ــال آيل ــة‬ ‫لله ــدم"‪.‬‬ ‫دعوات إلنقاذ ما تبقى‬ ‫ويح ــذر املختص ــون م ــن أن اس ــتمرار اإلهم ــال‬ ‫س ــيؤدي إل ــى فق ــدان م ــا تبق ــى م ــن ه ــذا الت ـراث‬ ‫املعم ــاري‪ ،‬ال ــذي ال يمث ــل فق ــط تصميم ـ ًـا‬ ‫يوث ــق مرحل ــة مهم ــة م ــن‬ ‫جمالي ـ ًـا ممي ـ ًزا‪ ،‬ب ــل ّ‬ ‫تاريــخ مدينــة العمــارة‪ ،‬ويؤرشــف حيــاة عائــات‬ ‫متباين ــة األدي ــان والثقاف ــات‪.‬‬ ‫ويطالبــون الجهــات املعنيــة‪ ،‬ســواء فــي الحكومــة‬ ‫املحليــة أو االتحاديــة‪ ،‬باتخــاذ خطــوات عاجلــة‬ ‫وجدي ــة إلنق ــاذ الشناش ــيل‪ ،‬م ــن خ ــال ش ـراء‬ ‫م ــا تبق ــى منه ــا وترميمه ــا وف ــق طابعه ــا األصي ــل‪،‬‬ ‫حفاظ ـ ًـا عل ــى الهوي ــة الثقافي ــة والتاريخي ــة‬ ‫للمدين ــة‪ ،‬وضمان ـ ًـا الس ــتمرارية إرثه ــا املتن ــوع‬ ‫لألجي ــال املقبل ــة‪.‬‬

‫‪30‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬ ‫‪IRAQI‬‬

‫األمل يحدو بصيادي الكوفة ‪..‬‬

‫للبحث عن 'رزق الماء'‬ ‫في ظل أزمة الجفاف‬ ‫فيلي ‪ -‬متابعة ‪:‬‬ ‫م ــا ت ــزال ص ــورة امل ــاء تنعك ــس عل ــى عي ــن الصي ــاد العراق ــي‬ ‫بأم ــل لل ــرزق ول ــو اليس ــير من ــه‪ ،‬ف ــي ظ ــل أزم ــة الجف ــاف الت ــي‬ ‫تعص ــف بنه ــري الع ــراق العتيقي ــن وبحيرات ــه األثي ــرة‪ ،‬فكلم ــا‬ ‫س ــمع الصي ــاد أخب ــار الجف ــاف املتداول ــة راح يطي ــر بش ــباكه‬ ‫بحث ـ ًـا ع ــن مس ــاحة م ــاء يعل ــق به ــا س ــعي رزق ــه املبل ــل باألم ــل‪.‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪31 2025‬‬

‫ـدا‬ ‫وعل ــى ضف ــاف نه ــر الف ـرات‪ ،‬وتحدي ـ ً‬ ‫بمدين ــة الكوف ــة ف ــي محافظ ــة النج ــف‪ ،‬ال‬ ‫ي ـزال صي ــادان م ــن أه ــل املدين ــة‪ ،‬يحث ــان‬ ‫ســواعدهما فــي مــا تبقــى مــن منســوب مــاء‪،‬‬ ‫ع�س ــى أن يط ــل عليهم ــا ببع ــض الس ــمك‬ ‫ال ــذي يمث ــل قوته ــم ال ــذي عاش ــوا علي ــه‬ ‫ومــا زالــوا متعلقيــن بمهنتهــم واملــاء وشــبكة‬ ‫الصي ــد‪.‬‬ ‫ووثق ــت كامي ـرا مجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬حال ــة‬ ‫صيادي ــن م ــن الكوف ــة حي ــث أحدهم ــا‬ ‫ينص ــب ش ــباكه واآلخ ــر يرميه ــا ف ــي املي ــاه‬ ‫بحث ــا ع ــن ق ــوت يومه ــم‪ ،‬رغ ــم معاناته ــم‬ ‫ً‬ ‫اليوميــة مــن قلــة الصيــد بســبب انخفــاض‬ ‫مناس ــيب املي ــاه والجف ــاف ال ــذي يض ــرب‬ ‫الع ــراق‪.‬‬ ‫الجفاف يالحق العراقيين‬ ‫ويعانــي العـراق منــذ ســنوات عــدة مــن أزمــة‬ ‫للمي ــاه غي ــر أنه ــا اش ــتدت وبلغ ــت مرحل ــة‬ ‫خطيــرة فــي الســنوات األربــع األخيــرة‪ ،‬حيــث‬ ‫انخفض ــت مناس ــيب املي ــاه إل ــى مس ــتويات‬ ‫غي ــر مس ــبوقة بفع ــل الجف ــاف ال ــذي‬ ‫يض ــرب املنطق ــة بأس ــرها‪.‬‬ ‫وكشــف مؤشــر جفــاف التربــة ‪ SPI‬ملنطقــة‬ ‫الش ــرق األوس ــط لش ــهر كان ــون األول‬ ‫‪ ،2024/‬وج ــود جف ــاف ح ــاد ومتط ــرف‬ ‫لعم ــوم مناط ــق الع ـراق (م ــا بي ــن ‪)1.8-1.6‬‬ ‫ع ــن الح ــد الطبيع ــي‪ ،‬حس ــبما أف ــادت ب ــه‬ ‫هيئ ــة األن ــواء الجوي ــة العراقي ــة‪.‬‬ ‫وأش ــارت الهيئ ــة ف ــي بي ــان ورد ملجل ــة‬ ‫«فيل ــي»‪ ،‬إل ــى أن "جف ــاف الترب ــة ش ــمل‬ ‫أيض ـ ًـا مناط ــق واس ــعة م ــن ش ــبه الجزي ــرة‬ ‫العربي ــة وإي ـران وتركي ــا"‪ ،‬عازي ــة ذل ــك‬ ‫إل ــى "ش ــح كمي ــات الهط ــول خ ــال الش ــهر‬ ‫املا�ض ــي"‪.‬‬ ‫البصرة تشتكي امللح‬ ‫مــن جهتــه أعــرب مكتــب املفوضيــة العليــا‬ ‫لحق ــوق اإلنس ــان ف ــي البص ــرة‪ ،‬ع ــن قلق ــه‬ ‫البال ــغ إزاء االرتف ــاع املس ــتمر واملتك ــرر‬ ‫لنس ــب امللوح ــة ف ــي مي ــاه املحافظ ــة‬ ‫(املرتب ــط بانخف ــاض مي ــاه االنه ــر بس ــبب‬ ‫الجفــاف)‪ ،‬محــذ ًرا مــن آثــار صحيــة وبيئيــة‬ ‫خطي ــرة ته ــدد أكث ــر م ــن ثالث ــة ماليي ــن‬ ‫موا ط ــن‪.‬‬ ‫وق ــال مدي ــر املكت ــب‪ ،‬مه ــدي التميم ــي‪،‬‬ ‫ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬إن "األيــام املاضيــة شــهدت‬ ‫ارتفاع ـ ًـا ملحوظ ـ ًـا ف ــي نس ــب امللوح ــة ف ــي‬

‫مركــز البصــرة وأقضيــة شــمالها وجنوبهــا‪،‬‬ ‫وس ــط تأثي ــر طفي ــف لإلطالق ــات املائي ــة‬ ‫الت ــي أعلن ــت عنه ــا الحكوم ــة املحلي ــة‬ ‫مؤخ ـ ًرا‪ ،‬م ــا يع ــزز مخاوفن ــا م ــن اس ــتمرار‬ ‫تده ــور نوعي ــة املي ــاه وتضاع ــف اآلث ــار‬ ‫الصحي ــة الس ــلبية عل ــى الس ــكان"‪.‬‬ ‫ودع ــا التميم ــي الحكوم ــة العراقي ــة‬ ‫وحكوم ــة البص ــرة إل ــى "اتخ ــاذ خط ــوات‬ ‫دائم ــة وعاجل ــة لحماي ــة س ــكان املحافظ ــة‬ ‫م ــن املخاط ــر الصحي ــة املتزاي ــدة‪ ،‬وف ــي‬ ‫مقدمته ــا الفش ــل الكل ــوي‪ ،‬ال ــذي ب ــدأ‬ ‫يتصاع ــد نتيج ــة تل ــوث املي ــاه وارتف ــاع‬ ‫نس ــب األم ــاح فيه ــا"‪.‬‬ ‫وطالــب مكتــب املفوضيــة حكومــة البصــرة‬ ‫بـ"عق ــد جلس ــة خاص ــة مماثل ــة لجلس ــة‬ ‫الي ــوم الت ــي ناقش ــت مل ــف قض ــاء الزبي ــر‪،‬‬ ‫تك ــون مخصص ــة لبح ــث اآلث ــار الخطي ــرة‬ ‫لتل ــوث املي ــاه وازدي ــاد نس ــب األم ــاح‪،‬‬ ‫ـماال إل ــى‬ ‫وتمت ــد م ــن قض ــاء املدين ــة ش ـ ً‬ ‫قض ــاء الف ــاو جنوب ـ ًـا‪ ،‬به ــدف وض ــع خط ــة‬ ‫عم ــل محكم ــة وش ــاملة تقل ــل م ــن حج ــم‬ ‫األض ـرار عل ــى س ــكان املحافظ ــة"‪.‬‬ ‫أرض بال أنهار‬ ‫وتش ــتد أزم ــة الجف ــاف ف ــي الع ـراق عل ــى‬ ‫نح ــو غي ــر مس ــبوق‪ ،‬والس ــبب األول يع ــود‬ ‫لقل ــة هط ــول األمط ــار خ ــال الس ــنوات‬ ‫ّ‬ ‫املاضي ــة نتيج ــة التغي ــر املناخ ــي‪ ،‬حي ــث‬ ‫يع ــد الع ـراق م ــن بي ــن أكث ــر خم ــس دول‬ ‫تضــر ًرا مــن التغيــر املناخــي بحســب تقاريــر‬ ‫لألم ــم املتح ــدة ومنظم ــات دولي ــة معني ــة‬ ‫باملوض ــوع‪.‬‬ ‫أم ــا الس ــبب الثان ــي فه ــو يع ــود إل ــى تراج ــع‬ ‫مس ــتويات املي ــاه الواصل ــة عب ــر نه ــري‬ ‫دجل ــة والف ـرات‪ ،‬بس ــبب سياس ــات مائي ــة‬ ‫إلي ـران وتركي ــا‪.‬‬ ‫وكان برنام ــج األم ــم املتح ــدة اإلنمائ ــي‬ ‫ف ــي الع ـراق‪ ،‬أوض ــح‪ ،‬ف ــي وق ــت س ــابق‪،‬‬ ‫أن مناط ــق األه ــوار ه ــي األكث ــر عرض ــة‬ ‫لتأثي ـرات التغي ــر املناخ ــي‪ ،‬مش ــي ًرا إل ــى أن‬ ‫الب ــاد تفق ــد نح ــو ‪ 400‬أل ــف دون ــم م ــن‬ ‫ـنويا بســبب التغيـرات‬ ‫األرا�ضــي الزراعيــة سـ ً‬ ‫املناخي ــة‪.‬‬ ‫ووفق ـ ًـا لتوقع ــات "مؤش ــر اإلجه ــاد املائ ــي"‬ ‫لع ــام ‪ 2019‬ف ــإن الع ـراق س ــيكون أرض ـ ًـا‬ ‫ب ــا أنه ــار بحل ــول ع ــام ‪ ،2040‬ول ــن تص ــل‬ ‫ميــاه النهريــن إلــى املصــب النهائــي فــي الخليــج‬ ‫العرب ــي‪.‬‬

‫‪32‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪33 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫هيمنة أحزاب السلطة‬ ‫ّ‬ ‫تقوض فرصة التغيري‬

‫في االنتخابات المقبلة‬

‫زهير الجلبي‬

‫عضو ائتالف دولة القانون‬

‫فيــلي ‪ -‬متابعة‪:‬‬ ‫ب ــدأت األح ــزاب السياس ــية ف ــي الع ــراق االس ــتعداد لخ ــوض‬ ‫االنتخاب ــات التش ــريعية املق ــررة ف ــي ‪ 11‬تش ــرين الثان ــي‪ /‬نوفمب ــر‬ ‫‪ ،2025‬بتقدي ــم األم ــوال والدعاي ــات االنتخابي ــة الس ــتقطاب‬ ‫املرشــحين والناخبيــن‪ ،‬حتــى وصــل الحــال عنــد بعضهــا إلــى صــرف‬ ‫ملي ــارات الدناني ــر لبع ــض املرش ــحين مل ــن يمل ــك مس ــاحة وثق ـ ًـا‬ ‫ـائريا وسياس ـ ًـيا‪ ،‬بحس ــب سياس ــيين‪.‬‬ ‫عش ـ ً‬

‫وي ــرى السياس ــيون‪ ،‬أن ه ــذا امل ــال السيا�س ــي‬ ‫ل ــدى "أح ـزاب الس ــلطة" أصب ــح بحج ــم ال‬ ‫يســتطيع أحد من األحزاب األخرى منافســته‪،‬‬ ‫فهــو يمكنهــا مــن اســتمالة جمهورهــا املســتفيد‬ ‫والــذي يكبــر حجمــه فــي كل دورة انتخابيــة‪ ،‬إلــى‬ ‫جان ــب اس ــتغالل موظف ــي الدول ــة والتصوي ــت‬ ‫الخــاص‪ ،‬لذلــك لــن تســتطيع األحـزاب األخــرى‬ ‫م ــن اخت ـراق األح ـزاب الكبي ــرة حت ــى ل ــو كان‬ ‫لديهــا مــال كبيــر أو مدعومــة مــن دول إقليميــة‪.‬‬ ‫هيمنة "أحزاب السلطة"‬ ‫وفــي هــذا الســياق‪ ،‬يؤكــد زهيــر الجلبــي‪ ،‬عضــو‬ ‫ائتــاف دولــة القانــون‪ ،‬بزعامــة نــوري املالكــي‪،‬‬ ‫أن "امل ــال السيا�س ــي ل ــدى أح ـزاب الس ــلطة‬ ‫(الش ــيعية والس ــنية والكوردي ــة)‪ ،‬أصب ــح‬ ‫بحج ــم ال يس ــتطيع أح ــد مواكبت ــه‪ ،‬كم ــا أنه ــا‬ ‫تمتل ــك جمه ــو ًرا مس ــتفيد منه ــا‪ ،‬وه ــو يكب ــر‬

‫حجم ــه ف ــي كل دورة"‪.‬‬ ‫ويضي ــف الجلب ــي ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "أح ـزاب‬ ‫الســلطة تســتغل موظفــي الدولــة والتصويــت‬ ‫الخ ــاص (املؤسس ــة العس ــكرية بم ــا فيه ــا‬ ‫الحش ــد الش ــعبي) تح ــت الترهي ــب والترغي ــب‪،‬‬ ‫وبالتال ــي يك ــون والء ه ــؤالء له ــم"‪.‬‬ ‫وبن ـ ًـاء عل ــى ذل ــك‪ ،‬ي ــرى الجلب ــي‪ ،‬أن "األح ـزاب‬ ‫األخرى لن تســتطيع منافســة أحزاب الســلطة‬ ‫حتــى لــو كان لديهــا مــال كبيــر أو مدعومــة مــن‬ ‫دول إقليمي ــة‪ ،‬إذ أنه ــا ال تس ــتطيع اخت ـراق‬ ‫مؤسس ــات التصوي ــت الخ ــاص وكذل ــك‬ ‫جمهوره ــا املس ــتفيد"‪.‬‬ ‫ووفــق هــذه املعطيــات‪ ،‬يتوقــع الجلبــي‪" ،‬عــدم‬ ‫حص ــول تغيي ــر ف ــي االنتخاب ــات املقبل ــة‪ ،‬إال ف ــي‬ ‫ح ــال حص ــول مش ــاركة كبي ــرة م ــن الجمه ــور‬ ‫العراق ــي ب ــأن تتج ــاوز ‪ ،70%‬حينه ــا يمك ــن‬

‫"عمل مراد باالضافة‬ ‫الى انه دقيق وحافل‬ ‫بالمخاطر‪ ،‬فانه يبقيها‬ ‫بعيدة عن عائلتها‪ ،‬اال‬ ‫انه يساهم في انقاذ‬ ‫ارواح الناس ويسمح‬ ‫للمجتمعات المتضررة‬ ‫من الحرب‪ ،‬بالبدء في‬ ‫اعادة البناء"‪.‬‬

‫مزاحم الحويت‬

‫أحد شيوخ العشائرالعربية في‬ ‫املحافظات الغربية‬

‫ظه ــور ش ــخصيات جدي ــدة‪ ،‬لكنه ــا أيض ـ ًـا ل ــن‬ ‫تك ــون منافس ــة ألن البرمل ــان مك ـ ّـون م ــن ‪329‬‬ ‫نائب ـ ًـا‪ ،‬واألح ـزاب األخ ــرى حت ــى وإن حصل ــت‬ ‫ـدا‪ ،‬فلــن تؤثــر علــى قـرارات‬ ‫علــى ‪ 40‬أو ‪ 50‬مقعـ ً‬ ‫مجل ــس الن ــواب"‪.‬‬ ‫"مخز وينذر بخطر"‬ ‫م ــن جهت ــه‪ ،‬ينتق ــد النائ ــب األس ــبق ف ــي‬ ‫البرمل ــان العراق ــي‪ ،‬رزاق الحي ــدري‪ ،‬م ــا وصف ــه‬ ‫بـ"االس ــتغالل الواض ــح والكبي ــر للم ــال‬ ‫الع ــام ومش ــاريع الدول ــة والحكوم ــة للدعاي ــة‬ ‫االنتخابي ــة"‪ ،‬مبين ـ ًـا أن "ه ــذه الس ــلوكيات ه ــي‬ ‫م ـزاج سيا�س ــي ع ــام يتك ــرر م ــع كل انتخاب ــات‪،‬‬ ‫رغ ــم أنه ــا ظاه ــرة مخزي ــة للعملي ــة السياس ــية‬ ‫بمن ــة عل ــى العراقيي ــن"‪.‬‬ ‫بتوظي ــف امل ــال الع ــام ّ‬ ‫ويضي ــف الحي ــدري ملجل ــة «فيل ــي»‪" ،‬كم ــا‬ ‫هن ــاك أم ــوال وع ــروض وصل ــت بعضه ــا إل ــى‬

‫ملي ــارات الدناني ــر مل ــن يمل ــك مس ــاحة وثق ـ ًـا‬ ‫ـائريا وسياس ـ ًـيا‪ ،‬م ــا ين ــذر بخط ــر عل ــى‬ ‫عش ـ ً‬ ‫العملي ــة السياس ــية وع ــزوف الش ــعب ع ــن‬ ‫املش ــاركة ف ــي االنتخاب ــات"‪.‬‬ ‫ويالح ــظ الحي ــدري م ــن محافظ ــة باب ــل‪،‬‬ ‫أن "بع ــض القن ــوات واإلعالميي ــن يطبل ــون‬ ‫للس ــلطة‪ ،‬وه ــذا التطبي ــل غي ــر مناس ــب‬ ‫للعمليــة السياســية فــي الع ـراق‪ ،‬صحيــح لــدى‬ ‫رئي ــس الحكوم ــة محم ــد ش ــياع الس ــوداني‬ ‫بعــض اإلنجــازات فــي بغــداد‪ ،‬لكنهــا ال ُتذكــر فــي‬ ‫باق ــي املحافظ ــات"‪.‬‬ ‫ويتوق ــع الحي ــدري‪ ،‬أن "الس ــوداني حت ــى ل ــو‬ ‫ق ــاد تحالف ـ ًـا كبي ـ ًرا فه ــو ل ــن يحص ــل عل ــى‬ ‫األص ــوات الت ــي تؤهل ــه ليك ـ ّـون ائتالف ـ ًـا يظاه ــي‬ ‫اإلط ــار التنس ــيقي أو ن ــوري املالك ــي أو األمي ــن‬ ‫الع ــام ملنظم ــة ب ــدر ه ــادي العام ــري"‪.‬‬

‫صرف مليار دوالر‬ ‫أمــا عــن تنافــس الكتــل الســنية فــي االنتخابات‪،‬‬ ‫يوض ــح مزاح ــم الحوي ــت‪ ،‬أح ــد ش ــيوخ‬ ‫العشــائر العربيــة فــي املحافظــات الغربيــة‪ ،‬أن‬ ‫"الكتــل السياســية الســنية املعروفــة هــي ‪ 4‬إلــى‬ ‫‪ 5‬كت ــل‪ ،‬وه ــذه ستش ــارك بق ـ ّـوة كونه ــا تمل ــك‬ ‫ـواال طائل ــة‪ ،‬وم ــن املتوق ــع ص ــرف أكث ــر م ــن‬ ‫أم ـ ً‬ ‫ملي ــار دوالر ف ــي املحافظ ــات الغربي ــة‪ ،‬حي ــث‬ ‫إن ه ــذه االنتخاب ــات ستس ــفر ع ــن معرك ــة‬ ‫حاس ــمة ومصيري ــة فيم ــا بينه ــم"‪.‬‬ ‫ويضي ــف الحوي ــت ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "أغل ــب‬ ‫ق ــادة الكت ــل الس ــنية ف ــي الحكوم ــة الحالي ــة‬ ‫يملكــون وزارات ومــدراء عاميــن فــي املؤسســات‬ ‫األمني ــة والخدمي ــة‪ ،‬كم ــا لديه ــم محافظي ــن‬ ‫ورؤس ــاء مجال ــس محافظ ــات وأعض ــاء‪ ،‬وكل‬ ‫ه ــذه ستس ــتخدم ف ــي الص ـراع"‪.‬‬

‫ويتوق ــع الحوي ــت‪ ،‬أن "الش ــارع الس ــني‬ ‫سيش ــارك ف ــي االنتخاب ــات بنس ــبة عالي ــة‪،‬‬ ‫ألن ــه يرغ ــب بالتغيي ــر وإنه ــاء ه ــذه الوج ــوه م ــن‬ ‫العملي ــة السياس ــية ألن ال ــدورة البرملاني ــة‬ ‫الحالي ــة تع ــد أس ــوأ دورة من ــذ ع ــام ‪،2003‬‬ ‫لضع ــف أدائه ــا‪ ،‬لذل ــك س ــتكون هن ــاك حمل ــة‬ ‫للتغيي ــر‪ ،‬وأغل ــب الوج ــوه الحالي ــة س ــيتم‬ ‫إزالته ــا"‪.‬‬ ‫ويش ــير ف ــي الخت ــام‪ ،‬إل ــى أن "بع ــض األح ـزاب‬ ‫الش ــيعية لديه ــا ش ــعبية ف ــي املناط ــق الس ــنية‬ ‫وخاصة الشــخصيات السياســية التي كان لها‬ ‫دور ف ــي تحري ــر املناط ــق الغربي ــة م ــن اإلره ــاب‬ ‫وقدمــت التضحيــات‪ ،‬لذلــك هنــاك مرشــحون‬ ‫مــن املكـ ّـون الســني ســينظمون ألحـزاب شــيعية‬ ‫ف ــي نين ــوى واألنب ــار واملحافظ ــات األخ ــرى"‪.‬‬

‫‪34‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬ ‫‪IRAQI‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪35 2025‬‬

‫سعيد أفندي‬ ‫يسعى إلحياء‬ ‫روح السينما‬ ‫العراقية‬ ‫وكعكة الرئيس‬ ‫ُتغري معجبيها‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬ ‫ف ــي أول مش ــاركة للع ـراق ف ــي مهرج ــان‬ ‫كان الس ــينمائي الدول ــي ف ــي فرنس ــا‬ ‫لع ــام ‪ ،2025‬وه ــو النس ــخة الثامن ــة‬ ‫والس ــبعون للم ــدة م ــن ‪ 13‬إل ــى ‪24‬‬ ‫أيــار ‪ُ 2025‬نفــض الغبــار عــن شــريط‬ ‫س ــينمائي عراق ــي قدي ــم ه ــو "س ــعيد‬ ‫أفن ــدي" للمخ ــرج كامي ـران حس ــني‬ ‫انتــج عــام ‪ ،1955‬مــن بطولــة يوســف‬ ‫العانــي‪ ،‬واشــرك ضمــن فعاليــات "كان‬ ‫كالســيك"‪ ،‬وهــو القســم الــذي يحتفــي‬ ‫بأه ــم األف ــام القديم ــة ف ــي تاري ــخ‬ ‫الس ــينما ف ــي العال ــم‪.‬‬

‫وفيم ــا ف ــاز فيل ــم "مج ــرد ح ــادث" للمخ ــرج‬ ‫اإليران ــي جعف ــر بناه ــي بالس ــعفة الذهبي ــة‬ ‫ف ــي املهرج ــان‪ ،‬حص ــل فيل ــم عراق ــي عل ــى جائ ــزة‬ ‫اختي ــار الجمه ــور ضم ــن قس ــم (جوائ ــز أس ــبوع‬ ‫املخرجي ــن)‪ ،‬وه ــو فيل ــم «كعك ــة الرئي ــس»‬ ‫للمخ ــرج حس ــن ه ــادي‪ ،‬وكذل ــك حص ــل‬ ‫الفيل ــم ايض ــا عل ــى جائ ــزة الكامي ـرا الذهبي ــة‪.‬‬ ‫وب ـرأي الناق ــد الس ــينمائي املص ــري ط ــارق‬ ‫الش ــناوي "وض ــع الفيل ــم الع ـراق عل ــى أول‬ ‫طري ــق العاملي ــة‪ ،‬متوج ــا ذل ــك بجائ ــزة ف ــي قس ــم‬ ‫يعتمــد أساســا علــى ذائقــة املخرجيــن فــي اختيــار‬ ‫الفيلــم للتســابق‪ ،‬كمــا أنــه يحتكــم إلــى الجمهــور‬ ‫ف ــي تحدي ــد الفائ ــز‪ ،‬ن ــال (كعك ــة الرئي ــس) لق ــب‬ ‫األفض ــل بتصوي ــت الجمه ــور‪ ،‬وه ــى الجائ ــزة‬ ‫الوحيدة في هذا القسم‪ ،‬الكلمة العليا للمتلقي‪،‬‬ ‫وم ــن حق ــه أن تحم ــل الجائ ــزة نبض ــه وذوق ــه"‪.‬‬ ‫وكان عض ــو ومق ــرر مب ــادرة دع ــم الس ــينما ف ــي‬ ‫الع ـراق‪ ،‬وارث كوي ــش‪ ،‬ق ــد عب ــر ع ــن فخ ــره‬ ‫باختيــار فيلــم "ســعيد أفنــدي" ضمــن فعاليــات‬ ‫"كان كالس ــيك"‪ ،‬ال ــذي وصف ــه بأن ــه "واح ــد م ــن‬ ‫أعــرق األقســام فــي مهرجــان كان”‪ ،‬مسترسـًـا هــذا‬ ‫يعن ــي أنن ــا نق ــول للعال ــم‪" :‬نح ــن هن ــا‪ ،‬الس ــينما‬ ‫العراقي ــة حاض ــرة‪ ،‬اإلب ــداع العراق ــي مس ــتمر"‪.‬‬ ‫وكش ــف كوي ــش ع ــن تفاصي ــل عملي ــة ترمي ــم‬ ‫فيل ــم س ــعيد أفن ــدي‪ ،‬ال ــذي ص ــدر قب ــل نح ــو‬ ‫‪ 70‬س ــنة‪ ،‬بالتع ــاون م ــع فرنس ــا‪ ،‬مش ــيرا ال ــى‬ ‫أن “ه ــذا العم ــل يمث ــل باك ــورة مش ــروع طم ــوح‬ ‫يه ــدف إل ــى ترمي ــم أكث ــر م ــن ‪ 100‬فيل ــم عراق ــي‬ ‫علــى مــدى عاميــن”‪ ،‬موضحــا أن عمليــة الترميــم‬ ‫تم ــت بالتع ــاون م ــع املرك ــز الوطن ــي الفرن�س ــي‬ ‫لألرش ــيف الس ــمعي البص ــري ف ــي باري ــس "إين ــا"‪.‬‬ ‫وتعهــد بالقــول‪ ،‬ان العـراق وبالتعــاون مــع فرنســا‬ ‫يس ــعى ال ــى “بن ــاء جي ــل جدي ــد م ــن الكف ــاءات‬ ‫الوطني ــة الق ــادرة عل ــى أرش ــفة وحف ــظ الص ــورة‬ ‫العراقية بمختلف أشكالها على املدى الطويل"‪.‬‬ ‫ان التعهــد باالهتمــام بتوثيــق االنتــاج الســينمائي‬ ‫العراق ــي وكذل ــك انت ــاج االف ــام الجدي ــدة‪ ،‬يأت ــي‬ ‫ف ــي وق ــت قطع ــت في ــه ال ــدول االخ ــرى اش ــواطا‬

‫‪36‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪37 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫سعيد أفندي‪ ..‬يسعى إلحياء روح السينما العراقية الغائبة‬ ‫بعي ــدة ف ــي ذل ــك‪ ،‬حت ــى بالحف ــاظ عل ــى انتاجه ــا‬ ‫الكالســيكي‪ ،‬اذ تقــوم مصــر مثــا بترميــم جميــع‬ ‫االفــام املنتجــة منــذ اول فيلــم لهــا فــي ‪ 5‬أيــار مــن‬ ‫عــام ‪ 1927‬و اربعينــات وخمســينات وســتينات‪..‬‬ ‫ال ــخ الق ــرن املا�ض ــي وتنقي ــة الص ــورة والص ــوت‬ ‫وتلوي ــن بع ــض منه ــا وتف ــرد قن ــوات فضائي ــة‬ ‫خاص ــة لع ــرض االف ــام املصري ــة الكالس ــيكية‪.‬‬ ‫و غالب ــا م ــا تعان ــي الس ــينما العراقي ــة م ــن‬ ‫نق ــص ح ــاد ف ــي التموي ــل املطل ــوب إلنت ــاج‬ ‫أف ــام بمس ــتوى ع ـ ٍـال‪ ،‬اذ ان صناع ــة األف ــام‬ ‫مكلفــة‪ ،‬وتتطلــب اســتثمارات كبيــرة فــي اإلنتــاج‪،‬‬ ‫والتصويــر‪ ،‬واملعــدات‪ ،‬وفريــق العمــل املحتــرف‪،‬‬ ‫وان قل ــة الدع ــم الحكوم ــي والخ ــاص له ــذا‬ ‫القطــاع تجعــل مــن الصعــب علــى صنــاع األفــام‬ ‫العراقيي ــن الحص ــول عل ــى امل ــوارد الضروري ــة‪.‬‬ ‫و تفتق ــر الس ــينما العراقي ــة إل ــى بني ــة تحتي ــة‬ ‫متط ــورة م ــن اس ــتوديوهات مجه ــزة‪ ،‬ومختب ـرات‬ ‫حديث ــة‪ ،‬ومع ــدات تصوي ــر ومونت ــاج متقدم ــة؛‬ ‫ه ــذا يح ــد م ــن ق ــدرة صن ــاع األف ــام عل ــى إنت ــاج‬ ‫أعم ــال ذات ج ــودة بصري ــة‬

‫وتقنيــة عاليــة تنافــس األفــام العامليــة املعاصــرة‪.‬‬ ‫و قــد يكــون هنــاك نقــص فــي املــاكات الســينمائية‬ ‫املؤهل ــة واملتخصص ــة ف ــي ش ــتى جوان ــب صناع ــة‬ ‫األف ــام‪ ،‬مث ــل اإلخ ـراج‪ ،‬والتصوي ــر الس ــينمائي‪،‬‬ ‫وكتاب ــة الس ــيناريو‪ ،‬واملونت ــاج‪ ،‬والتصمي ــم‬ ‫الفن ــي‪ ،‬وان تطوي ــر ه ــذه الكف ــاءات يتطل ــب‬ ‫مؤسســات تعليميــة وبرامــج تدريبيــة متخصصــة‪.‬‬ ‫وتواجه الفيلم العراقي صعوبات في الوصول إلى‬ ‫الجمهور سواء في داخل العراق أو خارجه‪ ،‬كما‬ ‫ان محدودي ــة دور الع ــرض الس ــينمائي الحديث ــة‬ ‫فــي العـراق‪ ،‬وصعوبــة الحصــول علــى فــرص توزيــع‬ ‫دوليــة‪ ،‬يقلــل مــن الحافــز إلنتــاج أفــام جديــدة‪.‬‬ ‫و م ــرت الب ــاد بمراح ــل طويل ــة م ــن ع ــدم‬ ‫االســتقرار السيا�ســي والصراعــات األمنيــة‪ ،‬ممــا‬ ‫أث ــر س ــلبا عل ــى جمي ــع جوان ــب الحي ــاة الثقافي ــة‬ ‫والفني ــة‪ ،‬بم ــا ف ــي ذل ــك صناع ــة الس ــينما‪.‬‬ ‫ه ــذه الظ ــروف ق ــد تع ــوق عملي ــات التصوي ــر‬ ‫وتجع ــل م ــن الصع ــب ج ــذب االس ــتثمارات‪.‬‬ ‫وثم ــة نق ــص ف ــي تواج ــد مؤسس ــات أو هيئ ــات‬ ‫قوي ــة وفاعل ــة تدع ــم صناع ــة الس ــينما بش ــكل‬ ‫منهج ــي‪ ،‬ع ــن طري ــق توفي ــر التموي ــل‪ ،‬وتس ــهيل‬ ‫ا إل نت ــا ج ‪،‬‬

‫واملساعدة في التوزيع والترويج لألفالم العراقية‪.‬‬ ‫م ــع ذل ــك‪ ،‬ال يمك ــن تجاه ــل الجه ــود الفردي ــة‬ ‫واملب ــادرات املس ــتمرة الت ــي يق ــوم به ــا بع ــض‬ ‫صنــاع األفــام العراقييــن الشــباب والطموحيــن‪،‬‬ ‫الذي ــن يحاول ــون برغ ــم كل التحدي ــات إنت ــاج‬ ‫أف ــام بم ــوارد مح ــدودة واملش ــاركة ف ــي بع ــض‬ ‫املهرجان ــات اإلقليمي ــة والدولي ــة‪ ،‬وان اختي ــار‬ ‫فيل ــم "س ــعيد أفن ــدي" للمش ــاركة ف ــي مهرج ــان‬ ‫كان ق ــد يك ــون بمنزل ــة ناف ــذة أم ــل وحاف ــز‬ ‫إلع ــادة إحي ــاء الس ــينما العراقي ــة وتقدي ــم‬ ‫أعم ــال جدي ــدة ومتمي ــزة ف ــي املس ــتقبل القري ــب‪،‬‬ ‫كم ــا ان ف ــوز فيل ــم عراق ــي حدي ــث بجوائ ــز‬ ‫ف ــي مهرج ــان كان يمث ــل نقل ــة نوعي ــة الفت ــة‪.‬‬ ‫لق ــد ش ــكل اختف ــاء دور الس ــينما ف ــي الع ـراق‪،‬‬ ‫وبخاص ــة ف ــي العاصم ــة بغ ــداد‪ ،‬خس ــارة‬ ‫كبي ــرة للثقاف ــة والترفي ــه ف ــي الب ــاد‪ ،‬وعك ــس‬ ‫تح ــوالت عميق ــة ط ـرأت عل ــى املجتم ــع العراق ــي‪.‬‬ ‫ان الظ ــروف االمني ــة الس ــيئة والح ــروب‬ ‫جعل ــت م ــن الصع ــب عل ــى الن ــاس التجم ــع ف ــي‬ ‫أماك ــن عام ــة مث ــل دور الس ــينما خوف ــا عل ــى‬ ‫س ــامتهم‪ ،‬كم ــا أدت ه ــذه الظ ــروف إل ــى تدمي ــر‬ ‫أو إغ ــاق عدي ــد دور الس ــينما القديم ــة‪.‬‬ ‫وف ــي التس ــعينات‪ ،‬فرض ــت عقوب ــات‬

‫اقتصادي ــة عل ــى البل ــد‪ ،‬مم ــا أث ــر س ــلبا عل ــى‬ ‫جمي ــع جوان ــب الحي ــاة‪ ،‬بم ــا ف ــي ذل ــك قط ــاع‬ ‫الترفي ــه‪ ،‬تس ــبب ذل ــك ف ــي صعوب ــة اس ــتيراد‬ ‫األف ــام وتش ــغيل دور الس ــينما بش ــكل مرب ــح‪.‬‬ ‫صع ــود التي ــارات الديني ــة‬ ‫كم ــا ان‬ ‫املتش ــددة‪ ،‬وتع ــرض دور الس ــينما‬ ‫لضغ ــوط اجتماعي ــة ورقاب ــة‪ ،‬أدى إل ــى‬ ‫ع ــزوف الجمه ــور عنه ــا وإغ ــاق بعضه ــا‪.‬‬ ‫و ان ظه ــور أجه ــزة التلفزي ــون والفيدي ــو‬ ‫واإلنترن ــت والقن ــوات الفضائي ــة ووح ــدات‬ ‫الترفي ــه املنزل ــي‪ ،‬فض ــا ع ــن "قرصن ــة"‬ ‫االف ــام‪ ،‬قل ــل م ــن حاج ــة الن ــاس للذه ــاب‬ ‫إل ــى دور الس ــينما ملش ــاهدة األف ــام‪ ،‬أصب ــح‬ ‫بإمكانه ــم االس ــتمتاع باألف ــام ف ــي منازله ــم‪.‬‬ ‫ول ــم يح ــظ قط ــاع الس ــينما والترفي ــه بالدع ــم‬ ‫واالهتم ــام الكاف ــي م ــن الحكوم ــات املتعاقب ــة‬ ‫بع ــد ع ــام ‪ ،2003‬ول ــم يج ــري ترمي ــم أو إع ــادة‬ ‫بن ــاء دور الس ــينما القديم ــة‪ ،‬ول ــم يت ــم تش ــجيع‬ ‫االســتثمار فــي بنــاء دور ســينما جديــدة وحديثــة؛‬ ‫وعدي ــد املبان ــي الت ــي كان ــت تض ــم دور س ــينما‬ ‫قديم ــة ج ــرى تحويله ــا إل ــى مح ــال تجاري ــة‪،‬‬ ‫أو مطاع ــم‪ ،‬أو حت ــى ُهدم ــت لبن ــاء مش ــاريع‬ ‫أخ ــرى‪ ،‬مم ــا ق�ض ــى عل ــى إمكاني ــة إحيائه ــا‪.‬‬ ‫أم ــا فيم ــا يتعل ــق ب ــدور الع ــرض املتواج ــدة ف ــي‬ ‫بع ــض "م ــوالت" التس ــوق‪ ،‬ف ــإن ع ــدم‬ ‫ش ــعبيتها مقارن ــة ب ــدور‬

‫الســينما القديمــة يمكــن تفســيره بعــدة عوامــل‪،‬‬ ‫منهــا ان دور الســينما القديمــة كانــت جــزءا مــن‬ ‫النس ــيج االجتماع ــي والثقاف ــي للمدين ــة‪ ،‬وتحم ــل‬ ‫ذكري ــات جميل ــة ل ــدى كثي ــر م ــن العراقيي ــن‪،‬‬ ‫وان الذه ــاب إليه ــا كان تجرب ــة اجتماعي ــة‬ ‫وثقافي ــة ممي ــزة؛ ودور الع ــرض ف ــي امل ــوالت‬ ‫تفتق ــر إل ــى ه ــذا التاري ــخ واالرتب ــاط العاطف ــي‪.‬‬ ‫ودور الس ــينما القديم ــة كان ــت غالب ــا مصمم ــة‬ ‫خصيص ــا لع ــرض األف ــام‪ ،‬م ــع شاش ــات كبي ــرة‬ ‫وأنظم ــة ص ــوت مصمم ــة له ــذا الغ ــرض‪ ،‬ف ــي‬ ‫حي ــن ان دور الع ــرض ف ــي امل ــوالت ق ــد ال توف ــر‬ ‫التجرب ــة الس ــينمائية الغام ــرة نفس ــها‪ ،‬اذ ق ــد‬ ‫تك ــون قاعاته ــا أصغ ــر أو مش ــتركة االس ــتعمال‪.‬‬ ‫و الذه ــاب إل ــى دار الس ــينما القديم ــة كان‬ ‫ف ــي ح ــد ذات ــه نش ــاطا ترفيهي ــا مقص ــودا‪ ،‬أم ــا‬ ‫الذه ــاب إل ــى دور الع ــرض ف ــي امل ــوالت فق ــد‬ ‫يك ــون ج ــزءا م ــن نش ــاط تس ــوق أو قض ــاء وق ــت‬ ‫ف ــي امل ــول‪ ،‬وق ــد ال يحظ ــى بالق ــدر نفس ــه م ــن‬ ‫التركيــز واالهتمــام كتجربــة ســينمائية مســتقلة‪.‬‬ ‫وق ــد تك ــون أس ــعار تذاك ــر الس ــينما واملأك ــوالت‬ ‫واملش ــروبات ف ــي امل ــوالت أعل ــى مقارن ــة باألس ــعار‬ ‫الت ــي كان ــت س ــائدة ف ــي دور الس ــينما القديم ــة‪،‬‬ ‫ممــا يجعلهــا أقــل جاذبيــة لبعــض ش ـرائح‬ ‫الجمه ــور‪ ،‬و ق ــد ال‬

‫« التعهد باالهتمام بتوثيق االنتاج‬ ‫السينمائي العراقي وكذلك انتاج االفالم‬ ‫الجديدة‪ ،‬يأتي في وقت قطعت فيه الدول‬ ‫االخرى اشواطا بعيدة في ذلك‪ ،‬حتى‬ ‫بالحفاظ على انتاجها الكالسيكي » ‪..‬‬

‫" الظروف االمنية السيئة والحروب جعلت‬ ‫من الصعب على الناس التجمع في أماكن‬ ‫عامة مثل دور السينما خوفا على سالمتهم‪،‬‬ ‫كما أدت هذه الظروف إلى تدمير أو إغالق‬ ‫عديد دور السينما القديمة"‪.‬‬

‫تك ــون امل ــوالت س ــهلة الوص ــول لجمي ــع س ــكان‬ ‫بغ ــداد‪ ،‬بخاص ــة م ــع االزدح ــام امل ــروري‪ ،‬كم ــا ان‬ ‫دور الس ــينما القديم ــة كان ــت غالب ــا موزع ــة ف ــي‬ ‫مناط ــق متعددة من املدين ــة‪.‬‬

‫‪38‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪39 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫بينما يستعد العراق إلجراء االنتخابات التشريعية في ‪ 11‬تشرين الثاني‪ /‬نوفمبر‬ ‫‪ ،2025‬تواجه النساء الراغبات بالعمل السيا�سي والدخول إلى مجلس النواب‪،‬‬ ‫حمالت تسقيط وتشويه سمعة بنسب متفاوتة‪ ،‬مجرد ما ُتعلن ترشيحها‪ ،‬في‬ ‫ظاهرة تكررمع كل انتخابات‪ ،‬بحسب مر اقبين‪.‬‬

‫تسقيط وتشويه سمعة‪..‬‬

‫تعصب ذكوري يعترض طريق المرأة إلى البرلمان‬

‫املتحدثة باسم مفوضية االنتخابات العراقية‪ ،‬جمانة الغالي‪.‬‬

‫ويع ــزو املراقب ــون ه ــذا التعص ــب الذك ــوري‬ ‫إل ــى أن أغل ــب املجتم ــع ال يتقب ــل وج ــود النس ــاء‬ ‫داخ ــل أروق ــة البرمل ــان‪ ،‬أو نيله ــا مناص ــب علي ــا‪ ،‬إذ‬ ‫يعتب ــرون أن ه ــذه اس ــتحقاقات ذكوري ــة بحت ــة‪،‬‬ ‫ووجــود النســاء كمنافــس للرجــال أمــر غيــر مقبــول‪.‬‬ ‫م ــا يتطل ــب وف ــق املراقبي ــن‪ ،‬وض ــع حل ــول جذري ــة‬ ‫وتغيي ــر الس ــلوك املجتمع ــي بتش ــريع‬ ‫قوانيــن تعاقــب كل مــن يحــاول‬ ‫اإلس ــاءة للنس ــاء بش ــكل‬ ‫أو بآخ ــر‪ ،‬لتمكينه ــن‬ ‫بالوص ــول‬ ‫إل ــى‬ ‫البرمل ــان وتش ــريع‬ ‫قواني ــن تدع ــم‬ ‫حقوقه ــن وتمن ــع‬ ‫محــاوالت ســلبها‬ ‫بقواني ــن مثي ــرة‬ ‫للج ــدل‪.‬‬ ‫حق الترشح‬

‫ويح ــق للنس ــاء املش ــاركة ف ــي االنتخاب ــات وف ــق‬ ‫ش ــروط مش ــتركة م ــع الرج ــال‪ ،‬أبرزه ــا‪ ،‬أن تك ــون‬ ‫عراقي ــة كامل ــة األهلي ــة أتم ــت الثالثي ــن م ــن عمره ــا‬ ‫ف ــي الس ــنة الت ــي تج ــري فيه ــا االنتخاب ــات‪ ،‬وحاصل ــة‬ ‫عل ــى ش ــهادة البكالوري ــوس أو م ــا يعادله ــا عن ــد‬ ‫الترش ــيح‪ ،‬بحس ــب املتحدث ــة باس ــم مفوضي ــة‬ ‫االنتخاب ــات العراقي ــة‪ ،‬جمان ــة الغ ــاي‪.‬‬ ‫وم ــن الش ــروط األخ ــرى‪ ،‬أضاف ــت الغ ــاي‪ ،‬خ ــال‬ ‫حديثه ــا ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن تك ــون املرش ــحة حس ــنة‬ ‫الســيرة والســمعة والســلوك‪ ،‬وغيــر مشــمولة بعفــو‬ ‫س ــابق ع ــن جرائ ــم الفس ــاد املال ــي واإلداري والجن ــح‬ ‫املخل ــة بالش ــرف‪ ،‬أو بأح ــكام إج ـراءات املس ــاءلة‬ ‫والعدال ــة أو أي قان ــون يح ــل محل ــه‪.‬‬ ‫وأشــار املتحدثــة باســم املفوضيــة‪ ،‬إلــى ضــرورة ّأاّل‬ ‫تكــون املرشــحة محكومــة بســبب إثـراء غيــر مشــروع‬ ‫علــى حســاب الوطــن أو املــال العــام بحكــم قضائــي‬ ‫وأاّل تك ــون م ــن أف ـراد الق ــوات املس ــلحة أو‬ ‫ب ــات‪ّ ،‬‬ ‫األجه ــزة األمني ــة أو قاضي ــة عن ــد ترش ــيحها‪.‬‬

‫توزيع كوتا نساء‬ ‫ـدا ت ــوزع عل ــى‬ ‫وينقس ــم البرمل ــان إل ــى ‪ 329‬مقع ـ ً‬ ‫املحافظ ــات بن ـ ًـاء عل ــى ع ــدد س ــكانها‪" ،‬وبحس ــب‬ ‫قان ــون االنتخاب ــات‪ ،‬ف ــإن كوت ــا النس ــاء ثابت ــة ف ــي‬ ‫البرملــان ‪ 25٪‬فــي كل انتخابــات‪ ،‬وبذلــك يكــون عــدد‬ ‫النســاء فــي البرملــان ‪ ،"83‬وفــق مــا تحــدث بــه عضــو‬ ‫الفري ــق االعالم ــي ملفوضي ــة االنتخاب ــات‪ ،‬حس ــن‬ ‫ه ــادي زاي ــر‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪.‬‬ ‫وبحس ــب عض ــو مجل ــس مفوضي ــة االنتخاب ــات‬ ‫األس ــبق‪ ،‬س ــعد ال ـراوي‪ ،‬فق ــد توزع ــت كوت ــا امل ـرأة‬ ‫عل ــى املحافظ ــات بحس ــب قان ــون االنتخاب ــات رق ــم‬ ‫‪ 12‬لســنة ‪ 2018‬املعــدل النافــذ‪ ،‬علــى النحــو اآلتــي‪:‬‬ ‫ـدا‬ ‫ـدا منهــا ‪ 17‬مقعـ ً‬ ‫عــدد املقاعــد فــي بغــداد ‪ 69‬مقعـ ً‬ ‫ـدا منه ــا ‪ 8‬مقاع ــد‬ ‫كوت ــا نس ــاء‪ ،‬وف ــي نين ــوى ‪ 31‬مقع ـ ً‬ ‫ـدا منهــا ‪ 6‬مقاعــد‬ ‫كوتــا نســاء‪ ،‬وفــي البصــرة ‪ 25‬مقعـ ً‬ ‫كوت ــا نس ــاء‪.‬‬ ‫وزاد ال ـراوي‪ ،‬خــال حديثــه للوكالــة‪ ،‬بالقــول‪" :‬أمــا‬ ‫ـدا منه ــا ‪ 5‬مقاع ــد كوت ــا نس ــاء‪،‬‬ ‫ف ــي ذي ق ــار ‪ 19‬مقع ـ ً‬

‫ـدا منه ــا ‪ 4‬مقاع ــد كوت ــا نس ــاء‪،‬‬ ‫وباب ــل ‪ 17‬مقع ـ ً‬ ‫ـدا منهــا ‪ 5‬مقاعــد كوتــا نســاء‪،‬‬ ‫والســليمانية ‪ 18‬مقعـ ً‬ ‫ـدا منهــا ‪ 4‬مقاعــد كوتــا نســاء‪ ،‬وفــي‬ ‫واألنبــار ‪ 15‬مقعـ ً‬ ‫ـدا منهــا ‪ 4‬مقاعــد كوتــا نســاء‪ ،‬وديالــى‬ ‫أربيــل ‪ 15‬مقعـ ً‬ ‫ـدا منهــا ‪ 4‬مقاعــد كوتــا نســاء‪ ،‬وكركــوك ‪12‬‬ ‫‪ 14‬مقعـ ً‬ ‫ـدا منه ــا ‪ 3‬مقاع ــد كوت ــا نس ــاء"‪.‬‬ ‫مقع ـ ً‬ ‫ـدا منهــا ‪ 3‬مقاعــد‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫مق‬ ‫‪12‬‬ ‫ـن‬ ‫ـ‬ ‫ي‬ ‫الد‬ ‫ـاح‬ ‫ـ‬ ‫ص‬ ‫ـي‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫"‬ ‫وتابــع‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ـدا منه ــا ‪ 3‬مقاع ــد‬ ‫كوت ــا نس ــاء‪ ،‬والنج ــف ‪ 12‬مقع ـ ً‬ ‫ـدا منهــا ‪ 3‬مقاعــد‬ ‫كوتــا نســاء‪ ،‬وفــي واســط ‪ 11‬مقعـ ً‬ ‫ـدا منه ــا ‪ 3‬مقاع ــد‬ ‫كوت ــا نس ــاء‪ ،‬والديواني ــة ‪ 11‬مقع ـ ً‬ ‫كوت ــا نس ــاء‪ ،‬وميس ــان ‪ 10‬مقاع ــد منه ــا ‪ 3‬مقاع ــد‬ ‫ـدا منه ــا ‪ 3‬مقاع ــد‬ ‫كوت ــا نس ــاء‪ ،‬وده ــوك ‪ 11‬مقع ـ ً‬ ‫ـدا منهــا ‪ 3‬مقاعــد كوتــا‬ ‫كوتــا نســاء‪ ،‬وكربــاء ‪ 11‬مقعـ ً‬ ‫نســاء‪ ،‬واملثنــى ‪ 7‬مقاعــد منهــا مقعديــن كوتــا نســاء‪.‬‬ ‫أم ــا ع ــن ع ــدم ش ــمول محافظ ــة حلبج ــة‪ ،‬فق ــد‬ ‫تطاب ــق حدي ــث حس ــن ه ــادي زاي ــر م ــع جمان ــة‬ ‫ـزءا مــن محافظــة‬ ‫الغــاي‪ ،‬بــأن حلبجــة ســتكون جـ ً‬ ‫الس ــليمانية باالنتخاب ــات املقبل ــة‪ ،‬ألن املفوضي ــة‬ ‫تعم ــل عل ــى القان ــون الناف ــذ رق ــم ‪ 12‬لس ــنة ‪2018‬‬ ‫املع ــدل‪ ،‬أم ــا ش ــمولها منف ــردة فه ــذا يحت ــاج إل ــى‬ ‫تعدي ــل بالقان ــون‪ ،‬وه ــذا التعدي ــل غي ــر موج ــود‬ ‫لح ــد اآلن‪.‬‬ ‫ومم ــا يالح ــظ أن محافظ ــة حلبج ــة ليس ــت املتغي ــر‬ ‫الوحي ــد ال ــذي ل ــم يعالج ــه قان ــون االنتخاب ــات‬ ‫النافــذ‪ ،‬حيــث أشــار ســعد الـراوي إلــى عــدم اعتمــاد‬ ‫نتائ ــج اإلحص ــاء الس ــكاني األخي ــر‪ ،‬نظ ـ ًرا لع ــدم‬ ‫تعدي ــل القان ــون أيض ـ ًـا‪.‬‬ ‫حمالت تشويه‬ ‫ورغ ــم وج ــود كوت ــا للنس ــاء‪ ،‬لك ــن هن ــاك عراقي ــل‬ ‫كثيــرة فــي طريــق املـرأة للوصــول إلــى مجلــس النــواب‪،‬‬ ‫حي ــث ذك ــرت رئي ــس منظم ــة "أيس ــن" لحق ــوق‬ ‫االنس ــان ف ــي الع ـراق‪ ،‬انس ــام س ــلمان‪ ،‬أن "امل ـرأة‬ ‫بمج ــرد الترش ــيح للدخ ــول ف ــي االنتخاب ــات تتع ــرض‬ ‫لتس ــقيط وتش ــويه س ــمعة بنس ــب متفاوت ــة‪،‬‬ ‫وخاص ــة اللوات ــي يفتق ــدن للدع ــم العش ــائري أو‬ ‫لح ــزب ق ــوي"‪.‬‬ ‫وأرجع ــت س ــلمان‪ ،‬ذل ــك خ ــال حديثه ــا ملجل ــة‬ ‫«فيل ــي»‪ ،‬إل ــى أن "املجتم ــع العراق ــي ذك ــوري ال‬ ‫يتقب ــل بص ــورة عام ــة وج ــود النس ــاء داخ ــل أروق ــة‬ ‫البرمل ــان أو نيله ــا مناص ــب علي ــا‪ ،‬إذ يعتب ــر أن ه ــذه‬ ‫اس ــتحقاقات ذكوري ــة بحت ــة‪ ،‬ووج ــود النس ــاء‬ ‫كمناف ــس للرج ــال أم ــر غي ــر مقب ــول"‪.‬‬ ‫ورغ ــم أن "دخ ــول النس ــاء إل ــى معت ــرك السياس ــة‬

‫"المرأة بمجرد الترشيح للدخول‬ ‫في االنتخابات تتعرض لتسقيط‬ ‫وتشويه سمعة بنسب متفاوتة‪،‬‬ ‫وخاصة اللواتي يفتقدن للدعم‬ ‫العشائري أو لحزب قوي"‬

‫ـزءا كبي ـ ًرا‬ ‫ومشــاركتهن السياســية الفاعلــة يمثــل جـ ً‬ ‫م ــن التق ــدم ال ــذي يح ــرزه البل ــد ف ــي مج ــال دع ــم‬ ‫النســاء سياسـ ًـيا‪ ،‬وصنــع قيــادات نســوية سياســية‬ ‫تدافــع عــن حقــوق النســاء وتمنــع التشــريعات التــي‬ ‫تس ــلب حقوقه ــن"‪ ،‬بحس ــب س ــلمان‪.‬‬ ‫م ــا تق ــدم‪ ،‬يتطل ــب‪ ،‬وف ــق س ــلمان وض ــع حل ــول‬ ‫جذري ــة وتغيي ــر الس ــلوك املجتمع ــي عب ــر "تش ــريع‬ ‫قواني ــن تعاق ــب كل م ــن يح ــاول اإلس ــاءة للنس ــاء‬ ‫بش ــكل أو بآخ ــر"‪ ،‬كم ــا ي ـراد إب ـراز دور امل ـرأة ف ــي‬ ‫الجان ــب السيا�س ــي واله ــدف م ــن املش ــاركة في ــه‪،‬‬ ‫وع ــرض اإلنج ــازات الس ــابقة الت ــي حققنه ــا والعم ــل‬ ‫عل ــى تحقي ــق إنج ــازات الحق ــة‪.‬‬ ‫اختالل بالقوانين‬ ‫بدوره ــا‪ ،‬رأت الباحث ــة ف ــي الش ــأن السيا�س ــي‪،‬‬ ‫ـاال بالقواني ــن‬ ‫ن ــوال املوس ــوي‪ ،‬أن "هن ــاك اخت ـ ً‬ ‫والتش ــريعات املهم ــة واملطلوب ــة لحماي ــة حق ــوق‬ ‫امل ـرأة والطف ــل واألقلي ــات وتمثي ــل واس ــع لجمي ــع‬ ‫الش ـرائح‪ ،‬بس ــبب ع ــدم التكاف ــؤ ف ــي التمثي ــل م ــن‬ ‫خ ــال الصبغ ــة الت ــي تهيم ــن عل ــى البرمل ــان"‪.‬‬ ‫واعتب ــرت املوس ــوي خ ــال حديثه ــا للوكال ــة‪ ،‬أن‬ ‫"ال ــدورة االنتخابي ــة الحالي ــة (الخامس ــة) كان ــت‬ ‫مخفق ــة وبش ــكل واض ــح نتيج ــة س ــيطرة صبغ ــة‬ ‫سياس ــية معين ــة عل ــى صياغ ــة القواني ــن م ــا‬ ‫انعك ــس عل ــى جمي ــع التش ــريعات وف ــي مقدمته ــا‬ ‫الخاصــة باملـرأة منهــا تشــريع تعديــل قانــون األحــوال‬ ‫الش ــخصية"‪.‬‬ ‫وخلص ــت املوس ــوي‪ ،‬إل ــى الق ــول‪" :‬ف ــي ح ــال بق ــاء‬ ‫األم ــور بالوتي ــرة الت ــي تس ــير عليه ــا حالي ـ ًـا‪ ،‬فم ــن‬ ‫املتوق ــع أن تك ــون ال ــدورة املقبل ــة مش ــابهة للحالي ــة‬ ‫أو ربم ــا أس ــوء‪ ،‬وف ــق املعطي ــات الت ــي تش ــير إل ــى‬ ‫ع ــزوف الكثي ــر م ــن الق ــوى املدني ــة وربم ــا حت ــى‬ ‫املواطني ــن ع ــن االنتخاب ــات لع ــدم الج ــدوى م ــن‬ ‫املش ــاركة فيه ــا"‪.‬‬

‫‪40‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬ ‫‪IRAQI‬‬

‫شارع المتنبي ‪..‬‬

‫مخاوف‬ ‫األفول‬ ‫بضياع‬ ‫الكتاب‬ ‫والقارئ‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫عن ــد الحاج ــة إل ــى كت ــاب م ــا‪،‬‬ ‫فــإن الوجهــة ســتكون حتمـ ًـا نحــو‬ ‫ش ــارع املتنب ــي ف ــي بغ ــداد‪ ،‬حي ــث‬ ‫يذه ــب الباح ــث ع ــن حاجت ــه إل ــى‬ ‫الش ــارع وه ــو متيق ــن بوج ــوده‬ ‫هن ــاك‪ ،‬وم ــا أن يص ــل حت ــى‬ ‫تحج ــب عن ــه الرؤي ــة بس ــطات‬ ‫ألع ــاب األطف ــال عن ــد الدخ ــول‬ ‫مــن جهــة الرصافــي وبعدهــا ينظــر‬ ‫ال ــى اليمي ــن واليس ــارليج ــد مح ــال‬ ‫القرطاس ــية والطباع ــة‪ ،‬ث ــم‬ ‫بس ــطات عل ــى جانب ــي الش ــارع ال‬ ‫تتج ــاوز الكت ــب املعروض ــة فيه ــا‬ ‫‪ 100‬كتــاب‪ ،‬ومعظــم تلــك الكتــب‬ ‫غي ــر ملبي ــة للحاج ــة املرج ــوة‪.‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 256‬السنة الحادية والعشرون|نيسان‪-‬أبريل ‪41 2025‬‬

‫‪42‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪43 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫شارع المتنبي ‪ ..‬مخاوف األفول بضياع الكتاب والقارئ‬ ‫ف ــي ه ــذا الش ــارع تع ــد املكات ــب عل ــى أصاب ــع‬ ‫الي ــد‪ ،‬وعن ــد س ــؤالنا أي ــن اختف ــت املكتب ــات‬ ‫أج ــاب أح ــد كب ــار الس ــن م ــن رواد الش ــارع‪،‬‬ ‫انه ــا ف ــي تل ــك القيصيري ــة وأش ــارإل ــى قيصيري ــة‬ ‫ال يتجــاوزعرضهــا املتــرونصــف املتــرانحســرت‬ ‫فيه ــا املكات ــب وبات ــت غائب ــة ع ــن العي ــن عن ــد‬ ‫دخ ــول الش ــارع‪.‬‬ ‫وشــهد شــارع املتنبــي فــي اآلونــة األخيــرة تراجعـ ًـا‬ ‫ملحوظ ـ ًـا ف ــي أع ــداد املكتب ــات ودور النش ــر‬ ‫ـدال‬ ‫التــي كانــت تزدحــم بهــذا الشــارع‪ ،‬وحلــت بـ ً‬ ‫عنهــا وبشــكل تدريجــي محــال بيــع القرطاســية‬ ‫واألدوات املكتبي ــة الت ــي أصبح ــت حالي ـ ًـا‬ ‫تنتش ــر عل ــى ط ــول الش ــارع‪.‬‬ ‫تغييرالبنية الثقافية‬ ‫غاب ــت املكتب ــات الت ــي كان ــت تع ــرض ف ــي‬ ‫واجهاته ــا كتب ـ ًـا بمختل ــف التصنيف ــات‬ ‫العلمي ــة واالدبي ــة‪ ،‬وتراجع ــت مبيع ــات‬ ‫الكتــب بشــكل كبيــر‪ ،‬االمــرالــذي يؤشــرتغييـ ًـرا‬ ‫كبي ـ ًـرا ف ــي بني ــة الش ــارع الثقافي ــة‪.‬‬ ‫يق ــول س ــتار محس ــن عل ــي‪ ،‬صاح ــب دار‬ ‫نش ــر ف ــي ش ــارع املتنب ــي إن "الطاب ــع الرس ــمي‬ ‫للش ــارع ه ــو املكتب ــات الكثي ــرة الت ــي كان ــت‬ ‫تكت ــظ بمئ ــات املعاج ــم واملص ــادر والكت ــب‬ ‫األدبي ــة والفلس ــفية والعلمي ــة‪ ،‬وأن األوراق‬ ‫واألق ــام والقرطاس ــية وأجه ــزة االستنس ــاخ‬ ‫والطابع ــات ه ــي مج ــرد مكم ــات له ــذا‬ ‫الش ــارع"‪.‬‬ ‫ويضي ــف ف ــي حديث ــه ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن‬ ‫"انتش ــار مح ــال القرطاس ــية ف ــي الوق ــت‬ ‫الحاضــربشــكل يفــوق أعــداد املكتبــات يعــود‬ ‫لرغب ــة أصح ــاب املح ــال بممارس ــة نش ــاط‬ ‫تج ــاري جي ــد‪ ،‬وه ــو م ــا تحقق ــه مبيع ــات‬ ‫القرطا س ــية"‪.‬‬ ‫املكاتــب‪ ،‬بحســب ســتار‪ ،‬ال تدخــل ربحـ ًـا ماديـ ًـا‬ ‫ـدا لع ــزوف الن ــاس عنه ــا‪ ،‬وبذل ــك يصع ــب‬ ‫جي ـ ً‬ ‫دف ــع إيج ــارات املح ــال عل ــى جانب ــي الش ــارع‬ ‫ـهريا‪،‬‬ ‫فهــي تتــراوح مــن ‪ 2‬إلــى ‪ 3‬مالييــن دينــارشـ ً‬ ‫لك ــن ف ــي القيصري ــة يبل ــغ إيج ــار املح ــل ‪350‬‬ ‫أل ــف دين ــار وه ــو س ــهل ف ــي بع ــض األحي ــان‬ ‫وأحيان ـ ًـا يت ــم دفع ــه م ــن جيوبن ــا"‪.‬‬ ‫ويؤك ــد س ــتار‪ ،‬أن "أصح ــاب املكتب ــات‬ ‫وبس ــطات الكت ــب القدام ــى ل ــم يرفع ــوا‬ ‫األس ــعار‪ ،‬وحافظ ــوا عل ــى حضوره ــم الثقاف ــي‬

‫"تراجع المكتبات‬ ‫ومبيعات الكتب بشارع‬ ‫المتنبي يعود إلى رغبة‬ ‫كثيرين بقراءة الكتب‬ ‫االلكترونية‪ ،‬والحصول‬ ‫على المعلومات من‬ ‫خالل اإلنترنت ومواقع‬ ‫التواصل االجتماعي"‬

‫ف ــي الش ــارع‪ ،‬ألنه ــم معني ــون بالكت ــب والفك ــر‬ ‫أكث ــر م ــن أي �ش ــيء آخ ــر"‪.‬‬ ‫ويلفــت إلــى أن "شــارع املتنبــي يخســركل شــهر‬ ‫مكتب ــة واح ــدة‪ ،‬إذ يق ــوم أصحابه ــا بغلقه ــا"‪،‬‬ ‫معرب ـ ًـا ع ــن خوف ــه م ــن أن تص ــل أع ــداد‬ ‫املكات ــب ف ــي ه ــذا الش ــارع لـ"أصاب ــع الك ــف‬ ‫الواح ــدة"‪.‬‬ ‫ويتاب ــع‪ ،‬أن "تراج ــع املكتب ــات ومبيع ــات‬ ‫الكتــب بشــارع املتنبــي يعــود إلــى رغبــة كثيريــن‬ ‫بقــراءة الكتــب االلكترونيــة‪ ،‬والحصــول علــى‬ ‫املعلوم ــات م ــن خ ــال اإلنترن ــت ومو اق ــع‬ ‫ـدال م ــن الكت ــب‬ ‫التواص ــل االجتماع ــي ب ـ ً‬ ‫الورقي ــة املطبوع ــة‪ ،‬بي ــد أن مث ــل ه ــذه‬ ‫القــراءات لــن تحقــق قــراءة ناضجــة ملحتــوى‬ ‫الكتــاب‪ ،‬كمــا ال يعتــرف بمصــادراالنترنــت فــي‬ ‫ُ‬ ‫البح ــوث األكاديمي ــة"‪.‬‬ ‫غياب الدعم الحكومي‬ ‫ويحم ــل س ــتار املؤسس ــات فش ــل مع ــارض‬ ‫ّ‬ ‫الكتــب فــي العــراق‪ ،‬ويشــيرإلــى أن "فشــل هــذه‬ ‫املع ــارض يأت ــي م ــن ع ــدم وج ــود مؤسس ــات‬ ‫تقتن ــي الكت ــب م ــن ه ــذه املع ــارض وتنحص ــر‬

‫مبيع ــات الكت ــب ف ــي املع ــارض عل ــى الق ـ ّـراء‬ ‫وحس ــب‪ ،‬وه ــذا ه ــو الس ــبب ف ــي انخف ــاض‬ ‫أع ــداد املبيع ــات ف ــي مع ــارض الكت ــب"‪.‬‬ ‫ـدا‬ ‫ـ‬ ‫ج‬ ‫ويشــيرإلــى أن "الدعــم الحكومــي معــدوم ً‬ ‫ألصحــاب املكتبــات‪ ،‬ففــي دول الخليــج تدعــم‬ ‫الحكومــة املطابــع فــإذا هنــاك مطبعــة تطبــع‬ ‫‪ 5‬آالف كت ــاب‪ ،‬ف ــإن الحكوم ــة تأخ ــذ ألف ــي‬ ‫نس ــخة ترف ــد به ــا املكات ــب العام ــة‪ ،‬والكلي ــات‬ ‫أمــا فــي العــراق فــا يوجــد ذلــك"‪.‬‬ ‫ويضي ــف أن "عملي ــات استنس ــاخ الكت ــب‬ ‫أث ــرت بش ــكل كبي ــر عل ــى عم ــل املكتب ــات‬ ‫وغي ــاب الحق ــوق الفكري ــة أدى إل ــى ضي ــاع‬ ‫حق ــوق الطب ــع"‪.‬‬ ‫ومنــذ أكثــرمــن قــرن كان شــارع املتنبــي مؤهـ ًـا‬ ‫للعلــم واملعرفــة والثقافــة واإلبــداع والحــوار‪،‬‬ ‫وش ــكل ف ــي الذاك ــرة الثقافي ــة العر اقي ــة‬ ‫ـدا للمثقفي ــن‬ ‫ـدا وأصب ــح مقص ـ ً‬ ‫طابع ـ ًـا فري ـ ً‬ ‫والس ــياح الع ــرب واألجان ــب‪ ،‬الذي ــن كان ــوا‬ ‫ينهل ــون الكت ــب ويلتق ــون باملبدعي ــن ف ــي ه ــذا‬ ‫الش ــارع الثقاف ــي العري ــق ال ــذي ل ــم تتوق ــف‬ ‫نشــاطاته الثقافيــة‪ ،‬وال مبيعــات الكتــب حتــى‬

‫فــي أحلــك الظــروف االقتصاديــة التــي شــهدها‬ ‫الع ــراق خ ــال عق ــد التس ــعينيات‪.‬‬ ‫وتتمي ــز املكتب ــات واملح ــال ف ــي ش ــارع املتنب ــي‬ ‫بارتف ــاع أس ــعار إيجاراته ــا‪ ،‬إال أن بع ــض‬ ‫املكتبــات مؤجــرة مــن قبــل بعــض املؤسســات‬ ‫الحكومي ــة بأس ــعار تب ــدو بس ــيطة للغاي ــة‬ ‫بالقي ــاس إليج ــارات أصح ــاب املل ــك‬ ‫الش ــخ�صي لتل ــك املح ــال واملكتب ــات ال ــذي‬ ‫ـعارا كبي ــرة لإليج ــار الس ــنوي‬ ‫يطلب ــون أس ـ ً‬ ‫يتج ــاوز ‪ 100‬أل ــف دوالر‪.‬‬ ‫وين ــوه صاح ــب أح ــد املكتب ــات‪ ،‬وق ــد رف ــض‬ ‫الكش ــف ع ــن اس ــمه بأن ــه اس ــتأجر مكتبت ــه‬ ‫مــن إحــدى املؤسســات الرســمية‪ ،‬وهــو يدفــع‬ ‫ـوال لاليج ــار الش ــهري‪.‬‬ ‫مبلغ ـ ًـا معق ـ ً‬ ‫ويضي ــف ف ــي حدي ــث ملجل ــة «فيل ــي»‪،‬‬ ‫أن "العدي ــد م ــن مس ــتاجري املكتب ــات‬ ‫اململوك ــة ألش ــخاص‪ ،‬ترك ــوا عمله ــم ألنه ــم‬ ‫ال يس ــتطيعون دف ــع اإليج ــارات الكبي ــرة م ــع‬ ‫تراج ــع أع ــداد املبيع ــات وأع ــداد الق ــراء"‪.‬‬ ‫ـددا مــن باعــة الكتــب‪ ،‬تركــوا‬ ‫ويشــيرإلــى أن "عـ ً‬ ‫املح ــال واس ــتبدلوها ببس ــطات أو مح ــال‬

‫صغي ــرة لبي ــع القرطاس ــية لتحقي ــق األرب ــاح‬ ‫املنش ــودة م ــن عمله ــم"‪.‬‬ ‫القرطاسية تتفوق‬ ‫و ان ــزوت بع ــض املكتب ــات الكبي ــرة املعروف ــة‬ ‫بشــارع املتنبــي‪ ،‬وتــم حصرهــا فــي عمــارة تضــم‬ ‫نح ــو ‪ 10‬مكتب ــات كبي ــرة بع ــد إعم ــار منطق ــة‬ ‫الســراي‪ ،‬وتعــذرالوصــول إلــى تلــك املكتبــات‪،‬‬ ‫فيم ــا احتل ــت بس ــطات ومح ــال القرطاس ــية‬ ‫الش ــارع بش ــكل الف ــت‪.‬‬ ‫ويق ــول أصح ــاب املكتب ــات‪ ،‬إن ــه ل ــم يع ــد‬ ‫باإلمــكان االعتمــاد علــى بيــع الكتــب كمصــدر‬ ‫رزق وحي ــد‪.‬‬ ‫ويق ــول جاس ــم ريس ــان صاح ــب مكتب ــة إن‬ ‫"مبيعــات الكتــب لــم تعــد تحقــق األربــاح كمــا‬ ‫كان ــت س ــابقا ألس ــباب عدي ــدة"‪.‬‬ ‫ويؤكــد ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬أنــه "البــد مــن إضافــة‬ ‫ملحقــات للمكتبــة مــن أجــل اســتمرارالعمــل‬ ‫ومنه ــا القرطاس ــية والطابع ــات وأجه ــزة‬ ‫االستنس ــاخ وحت ــى امل ــواد الكمالي ــة الت ــي‬ ‫تلح ــق باملكتب ــات كالحقائ ــب وامليدالي ــات‬ ‫وغيره ــا"‪.‬‬

‫فيم ــا ي ــرى أصح ــاب بس ــطات ومح ــال‬ ‫القرطاس ــية انه ــم ال ينافس ــون أصح ــاب‬ ‫املكتب ــات ف ــي عمله ــم‪.‬‬ ‫ويش ــير صاح ــب مح ــل قرطاس ــية بش ــارع‬ ‫املتنب ــي‪ ،‬إل ــى أن عمله ــم يزده ــر ف ــي ب ــدء الع ــام‬ ‫الدرا�س ــي ألن أغل ــب الزبائ ــن ه ــم م ــن الطلب ــة‬ ‫وعائالته ــم‪.‬‬ ‫ويضي ــف ف ــي حدي ــث للوكال ــة‪ ،‬أن "عملن ــا ف ــي‬ ‫القرطاس ــية ال يتوق ــف‪ ،‬فهن ــاك ال ــوزارات‬ ‫واملؤسســات الحكوميــة وأصحــاب املحــال فــي‬ ‫مناط ــق مختلف ــة وش ــركات القط ــاع الخ ــاص‬ ‫يقصــدون شــارع املتنبــي للتــزود بالقرطاســية‪،‬‬ ‫و ايض ـ ًـا موس ــم امل ــدارس‪ ،‬وه ــو م ــا يوف ــر لن ــا‬ ‫مبيع ــات مس ــتمرة وأرباح ـ ًـا جي ــدة"‪.‬‬ ‫الكتاب؟‬ ‫أين ّ‬ ‫الش ــارع الثقاف ــي ل ــم يك ــن عل ــى س ــابق عه ــده‬ ‫ـوائيا وال يقتص ــر عل ــى‬ ‫فق ــد أصب ــح عش ـ ً‬ ‫األدب ــاء واملثقفي ــن كم ــا كان‪ ،‬ب ــل أصب ــح عام ـ ًـا‬ ‫ومفتوح ـ ًـا للجمي ــع‪ ،‬وه ــو م ــا أفق ــده تأثي ــره‬ ‫الثقاف ــي‪ ،‬وف ــق مثقفي ــن‪.‬‬ ‫ويقــول علــي كريــم أحــد القــراء املواظبيــن علــى‬ ‫املكتب ــات ف ــي ش ــارع املتنب ــي‪ ،‬إن ــه "من ــذ أكث ــر‬ ‫م ــن ثالث ــة عق ــود‪ ،‬كان ش ــارع املتنب ــي زاخ ـ ًـرا‬ ‫بالكت ــب القيم ــة واملص ــادر الن ــادرة"‪.‬‬ ‫ويضي ــف ف ــي حدي ــث ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن‬ ‫"الش ــارع ل ــم يع ــد كذل ــك فق ــد أصب ــح عام ـ ًـا‬ ‫وت ــوارت املكتب ــات الفخم ــة ع ــن الش ــارع‬ ‫ـورا لكت ــاب كب ــار‬ ‫الرئي�س ــي‪ ،‬ول ــم اج ــد حض ـ ً‬ ‫تركــوا مؤلفــات أثــرت املشــهد الثقافــي العراقــي‬ ‫برواي ــات ومجموع ــات قصصي ــة مهم ــة"‪.‬‬ ‫ويتاب ــع‪" :‬كان ــت املكتب ــات الكبي ــرة تنتش ــر‬ ‫عل ــى جانب ــي الطري ــق ف ــي ش ــارع املتنب ــي فيم ــا‬ ‫يفت ــرش باع ــة الكت ــب االرصف ــة لع ــرض كت ــب‬ ‫جاذب ــة م ــن الفك ــر العرب ــي واألجنب ــي‪ ،‬أم ــا‬ ‫الي ــوم ف ــا يج ــد الس ــائح العرب ــي واألجنب ــي‬ ‫ف ــي رصي ــف الثقاف ــة س ــوى باع ــة ألع ــاب‬ ‫األطفــال القرطاســية‪ ،‬وال يعثــرعلــى املكتبــات‬ ‫إال بصعوب ــة وبش ــكل ع ــام فق ــط البس ــطات‬ ‫البســيطة"‪ ،‬الفتـ ًـا إلــى أن "ذلــك أفقــد الكثيــر‬ ‫م ــن خصائ ــص وهوي ــة ش ــارع املتنب ــي"‪.‬‬ ‫ومم ــا الش ــك في ــه ف ــان أصح ــاب املكتب ــات‬ ‫يواجه ــون تحدي ــات ته ــدد اس ــتمرار عمله ــم‪،‬‬ ‫فــي وقـ ٍـت يحتــاج فيــه الشــارع إلــى ملســة توضــح‬ ‫معاملــه الحقيقيــة وتحافــظ هويتــه الثقافيــة‪.‬‬

‫‪44‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪45 2025‬‬

‫في اليوم العالمي‪..‬‬ ‫‪IRAQI‬‬

‫الصحفيون يواجهون‬ ‫الخطر بصدور مكشوفة‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫يعيــش الصحفيــون فــي العــراق و اقعـ ًـا مؤملـ ًـا فــي ظــل غيــاب البيئــة اآلمنــة للعمــل‬ ‫وســط انتهــاكات وتحديــات مختلفــة‪ ،‬مــن مضايقــات ومحــاوالت تكميــم األفــواه‬ ‫بالتهدي ــد أو التضيي ــق أو التصفي ــة الجس ــدية‪ ،‬إل ــى اس ــتدعاءات قضائي ــة‬ ‫وضغ ــوط أمني ــة‪ ،‬ومن ــع التغطي ــات ومص ــادرة املع ــدات وغيره ــا‪.‬‬

‫ويحتف ــل العال ــم ف ــي ‪ 3‬مايو‪/‬أي ــار م ــن كل ع ــام‬ ‫بالي ــوم العالم ــي لحري ــة الصحاف ــة‪ ،‬وه ــي‬ ‫مناســبة لتســليط الضــوء علــى دور الصحافــة‬ ‫الح ــرة ف ــي تعزي ــز الديمقراطي ــة وص ــون حق ــوق‬ ‫اإلنســان‪ ،‬وتقييــم مــا تحقــق مــن إنجــازات علــى‬ ‫طريــق حريــة التعبيــر‪ ،‬ومــا يواجهــه الصحفيــون‬ ‫مــن تحديــات وقيــود فــي مختلــف أنحــاء العالــم‪.‬‬ ‫وعلــى الرغــم مــن االحتفــاء العالمــي بهــذا اليــوم‬ ‫واملس ــاعي الدولي ــة لحماي ــة حري ــة الصحاف ــة‪،‬‬ ‫ف ــإن الكثي ــر م ــن ال ــدول ومنه ــا الع ـراق ال ت ـزال‬ ‫ل ــم تتخ ــذ خط ــوات ج ــادة تج ــاه الجرائ ــم‬ ‫املتك ــررة ض ــد حري ــة الصحاف ــة‪.‬‬ ‫فه ــذا الي ــوم لي ــس مج ــرد احتف ــال‪" ،‬ب ــل تذكي ــر‬ ‫أن حري ــة الصحاف ــة ه ــي ح ــق إنس ــاني مش ــروع‬ ‫وأس ــاس للديمقراطي ــة والعدال ــة‪ ،‬وكل‬ ‫القي ــود الت ــي ُتف ــرض عل ــى الكلم ــة الح ــرة ه ــي‬ ‫قي ــود ُتف ــرض عل ــى حس ــاب العق ــل والكرام ــة‬ ‫واملهني ــة"‪ ،‬بحس ــب املمث ــل القانون ــي لنقاب ــة‬ ‫الصحفيي ــن العراقيي ــن‪ ،‬أحم ــد املدن ــي‪.‬‬ ‫ويؤك ــد املدن ــي ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "حري ــة‬ ‫الصحاف ــة ف ــي الع ـراق تتع ــرض ألش ــد أن ــواع‬ ‫املضايق ــات ومح ــاوالت تكمي ــم األف ــواه‪،‬‬ ‫وأغل ــب م ــن ينتق ــد س ــلوك وأداء الق ــوى‬ ‫السياس ــية واملتنفذي ــن ف ــي الب ــاد يتع ــرض‬ ‫للتهدي ــد أو التضيي ــق أو للتصفي ــة الجس ــدية‪،‬‬

‫والتاري ــخ يذك ــر م ــا ح ــدث للعدي ــد م ــن‬ ‫والكت ــاب‬ ‫الصحفيي ــن والناش ــطين ّ‬ ‫ف ــي الع ـراق"‪.‬‬ ‫ويش ــدد املدن ــي‪ ،‬أن "عل ــى‬ ‫الس ــلطات العراقي ــة‬ ‫واملس ــؤولين مراجع ــة‬ ‫القواني ــن املقي ــدة‬ ‫لحري ــة الصحاف ــة‬ ‫وتطبي ــق القواني ــن‬ ‫تحف ــظ‬ ‫الت ــي‬ ‫كرام ــة العاملي ــن‬ ‫بمهن ــة‬ ‫ا ملتا ع ــب‬ ‫و تش ــر يع‬ ‫قو ا ني ــن‬ ‫توا ك ــب‬ ‫تط ــو ر‬

‫العمــل الصحفــي ودفــع األخطــار‬ ‫الت ــي تحي ــط بالصحفيي ــن"‪.‬‬ ‫اضطرابــات منذ ‪2003‬‬ ‫وش ــهد الع ـراق طيل ــة الس ــنوات‬ ‫املاضي ــة‪ ،‬واقع ـ ًـا صحفي ـ ًـا‬ ‫"مضطرب ـ ًـا" نتيج ــة االعت ــداءات‬ ‫الت ــي تع ــرض له ــا الصحفي ــون‬ ‫وع ــدم وج ــود قواني ــن وإج ـراءات‬ ‫رادع ــة‪ ،‬وف ــق رئي ــس املرص ــد‬ ‫العراق ــي للحري ــات الصحفي ــة‪،‬‬ ‫ه ــادي جل ــو مرع ــي‪.‬‬ ‫ويوض ــح مرع ــي ملجل ــة «فيل ــي»‪،‬‬ ‫أن "ه ــذه االعت ــداءات كان ــت‬ ‫مرتبط ــة بوج ــود الق ــوات‬ ‫األمريكي ــة ث ــم الص ـراع الطائف ــي‬ ‫وقضاي ــا بمرتبط ــة بالحك ــم‬ ‫واإلدارة‪ ،‬واملن ــع م ــن التغطي ــة‬ ‫والحص ــول عل ــى املعلوم ــة‪ ،‬ورف ــع‬ ‫العديــد مــن الدعــاوى القضائيــة‬ ‫ض ــد الصحفيي ــن‪ ،‬وجميعه ــا ال‬ ‫ت ـزال مس ــتمرة لغاي ــة الي ــوم"‪.‬‬ ‫وم ــن التحدي ــات أيض ـ ًـا‪ ،‬يضي ــف‬ ‫مرع ــي‪" ،‬فض ـ ًـا ع ــن االعت ــداءات‬ ‫املتك ــررة م ــن الض ــرب ومص ــادرة‬ ‫املع ــدات‪ ،‬وف ــي بع ــض األحي ــان‬

‫‪46‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪47 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫في اليوم العالمي‪ ..‬الصحفيون يواجهون الخطر بصدور مكشوفة‬

‫"صُنف العراق من بين‬ ‫دول العالم شديدة‬ ‫الخطورة على حياة‬ ‫الصحفيين أو على وسائل‬ ‫اإلعالم بمختلف أنواعها‪،‬‬ ‫وذلك بحسب التصنيف‬ ‫العالمي لحرية الصحافة‬ ‫للعام ‪."2025‬‬

‫"بغداد تحتل المرتبة‬ ‫األولى في تسجيل‬ ‫االنتهاكات ضد‬ ‫الصحفيين‪ ،‬تليها‬ ‫محافظات البصرة وذي‬ ‫قار ونينوى وكركوك‬ ‫وديالى"‬

‫يحص ــل ِص ــدام م ــع الق ــوات األمني ــة ومن ــع‬ ‫للتغطي ــة ف ــي الش ــوارع العام ــة والن ــدوات‬ ‫واملؤتمـرات‪ ،‬وعــدم وجــود فهــم لطبيعــة العمــل‬ ‫الصحف ــي م ــن قب ــل فئ ــات اجتماعي ــة"‪.‬‬ ‫ويتاب ــع‪" ،‬كم ــا تع ــرض العدي ــد م ــن الصحفيي ــن‬ ‫للقتــل واالســتهداف مــن قبــل القاعــدة وداعــش‬ ‫ومجموع ــات مس ــلحة مختلف ــة‪ ،‬م ــا أدى إل ــى‬ ‫مقت ــل العش ـرات م ــن الصحفيي ــن بأع ــداد‬ ‫تتج ــاوز ‪ 500‬صحف ــي‪ ،‬ع ــدا الذي ــن غ ــادروا‬ ‫الع ـراق نتيج ــة التهدي ــدات"‪.‬‬ ‫ويؤكــد مرعــي‪ ،‬أن "هــذا الواقــع املؤلــم تــرك أثـ ًرا‬ ‫عميق ـ ًـا عل ــى الصحفيي ــن‪ ،‬لك ــن رغ ــم ذل ــك م ــا‬ ‫ي ـزال الصحفيــون العراقيــون يبذلــون الجهــود‬ ‫ف ــي س ــبيل نق ــل الحقيق ــة"‪.‬‬ ‫مــن جهتهــا‪ ،‬تــرى رئيــس مركــز النخيــل للحقــوق‬ ‫والحري ــات الصحفي ــة‪ ،‬زين ــب ربي ــع‪ ،‬أن "واق ــع‬ ‫حري ــة الصحاف ــة ف ــي الع ـراق ال ي ـزال مقلق ـ ًـا‪،‬‬ ‫فاالنته ــاكات مس ــتمرة‪ ،‬م ــن اس ــتدعاءات‬ ‫قضائيــة وضغــوط أمنيــة‪ ،‬إلــى منــع التغطيــات‬ ‫وغي ــاب البيئ ــة اآلمن ــة"‪.‬‬ ‫وف ــي س ــبيل الح ــد م ــن تل ــك االنته ــاكات‪ ،‬تدع ــو‬ ‫ربيــع خــال حديثهــا ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬إلــى ضــرورة‬ ‫"توفي ــر بيئ ــة قانوني ــة ومؤسس ــاتية تضم ــن‬ ‫حري ــة التعبي ــر‪ ،‬وتحم ــي الكلم ــة الح ــرة‪ ،‬وتكاف ــئ‬ ‫ـدال م ــن محاربته ــا أو ترهيبه ــا"‪.‬‬ ‫املهني ــة ب ـ ً‬ ‫العمــل امليداني‬ ‫بدوره ــا‪ ،‬تق ــول املراس ــلة امليداني ــة‪ ،‬ش ــروق‬ ‫الغان ــم‪ ،‬إن "الصحف ــي يواج ــه تحدي ــات‬ ‫مختلف ــة‪ ،‬منه ــا صعوب ــة الحص ــول عل ــى‬ ‫املعلوم ــة ف ــي ظ ــل ع ــدم وج ــود قان ــون يتي ــح‬ ‫ذل ــك‪ ،‬وكذل ــك ف ــي التواص ــل م ــع املؤسس ــات‬ ‫الرس ــمية والجه ــات ذات العالق ــة‪ ،‬فيم ــا‬ ‫يواجــه الصحفــي العامــل فــي الشــارع مصاعــب‬ ‫إضافي ــة بالتعام ــل م ــع الجه ــات األمني ــة وحت ــى‬ ‫املواطني ــن"‪.‬‬ ‫وتبي ــن الغان ــم ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "ف ــي بع ــض‬ ‫األحي ــان عندم ــا يالح ــظ أح ــد املواطني ــن أن‬ ‫الصحف ــي يعم ــل بمؤسس ــة معين ــة غي ــر را�ض ــي‬ ‫ع ــن توجهه ــا‪ ،‬يص ــب املواط ــن ج ــام غضب ــه‬ ‫عل ــى الصحف ــي‪ ،‬وكأن الصحف ــي ه ــو صاح ــب‬

‫هــذه املؤسســة وتوجهاتهــا‪ ،‬وليــس موظفـ ًـا فيهــا‬ ‫يعم ــل لغ ــرض كس ــب لقم ــة عيش ــه فق ــط"‪.‬‬ ‫كم ــا تش ــير الغان ــم إل ــى "وج ــود فض ــاء واس ــع‬ ‫نوع ـ ًـا م ــا أم ــام م ــن ينتح ــل صف ــة الصحفيي ــن‬ ‫واإلعالمييــن‪ ،‬مــا أثــر علــى أصحــاب هــذه املهنــة‬ ‫الحقيقييــن نتيجــة شــمول غيرهــم بهــذه املهنــة‪،‬‬ ‫وبالتالــي أثــر هــؤالء الدخــاء علــى ســمعة وعمــل‬ ‫الصحفيي ــن واإلعالميي ــن الحقيقيي ــن"‪.‬‬ ‫"شــديد الخطورة"‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫وصن ــف الع ـراق م ــن بي ــن دو العال ــم ش ــديدة‬ ‫الخط ــورة عل ــى حي ــاة الصحفيي ــن أو عل ــى‬ ‫وس ــائل اإلع ــام بمختل ــف أنواعه ــا‪ ،‬وذل ــك‬ ‫بحس ــب التصني ــف العالم ــي لحري ــة الصحاف ــة‬ ‫للع ــام ‪.2025‬‬ ‫وف ــي ه ــذا الس ــياق‪ ،‬يؤك ــد رئي ــس املرك ــز‬ ‫االس ــتراتيجي لحق ــوق اإلنس ــان ف ــي الع ـراق‪،‬‬ ‫فاض ــل الغ ـراوي‪ ،‬أن "الصحفيي ــن ه ــم الفئ ــة‬ ‫األكثــر عرضــة لالنتهــاكات مقارنــة باإلعالمييــن‪،‬‬ ‫نظ ـ ًرا لطبيع ــة عمله ــم املرتب ــط بالتقاري ــر‬

‫االس ــتقصائية وتغطي ــة القضاي ــا السياس ــية‬ ‫واألمني ــة الحساس ــة‪ ،‬وه ــو م ــا يجعله ــم‬ ‫ف ــي مواجه ــة مباش ــرة م ــع مص ــادر النف ــوذ‬ ‫والس ــلطة"‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫"ف ــي حي ــن يق ــل تع ــرض اإلعالميي ــن للمخاط ــر‬ ‫ّ‬ ‫نظ ـ ًرا لتمرك ــز أعماله ــم ف ــي التقدي ــم أو‬ ‫التغطي ــات العام ــة"‪ ،‬وف ــق الغ ـراوي‪.‬‬ ‫ويضي ــف ملجل ــة «فيل ــي»‪" ،‬كم ــا ُتظه ــر الوقائ ــع‬ ‫أن الذكــور مــن الصحفييــن هــم األكثــر عرضــة‬ ‫لالنته ــاكات‪ ،‬بحك ــم وجوده ــم امليدان ــي الواس ــع‬ ‫وتكليفه ــم بتغطي ــة األح ــداث الس ــاخنة‪ ،‬ف ــي‬ ‫الوق ــت ال ــذي تتع ــرض في ــه الصحفي ــات‬ ‫النتهــاكات مــن نــوع مختلــف‪ ،‬تتعلــق بالتحــرش‬ ‫والتهدي ــد واالبت ـزاز‪ ،‬خاص ــة عب ــر املنص ــات‬ ‫الرقمي ــة‪ ،‬مم ــا يت ــرك آث ــا ًرا نفس ــية ومجتمعي ــة‬ ‫عميق ــة"‪.‬‬ ‫وتش ــير البيان ــات امليداني ــة‪ ،‬إل ــى أن "بغ ــداد‬ ‫تحت ــل املرتب ــة األول ــى ف ــي تس ــجيل االنته ــاكات‬ ‫ض ــد الصحفيي ــن‪ ،‬تليه ــا محافظ ــات البص ــرة‬

‫وذي ق ــار ونين ــوى وكرك ــوك وديال ــى‪ ،‬نتيج ــة‬ ‫للظ ــروف األمني ــة والتناف ــس السيا�س ــي‪ ،‬كم ــا‬ ‫ش ــهد إقلي ــم كوردس ــتان‪ ،‬خ ــال الس ــنوات‬ ‫ـدا ف ــي ح ــاالت التضيي ــق عل ــى‬ ‫األخي ــرة‪ ،‬تصاع ـ ً‬ ‫الصحفيي ــن"‪ ،‬وف ــق الغ ـراوي‪.‬‬ ‫املرتبة ‪155‬‬ ‫ويض ــع مؤش ــر منظم ــة "مراس ــلون ب ــا ح ــدود"‬ ‫لع ــام ‪ 2025‬الع ـراق ف ــي املرتب ــة ‪ 155‬عاملي ـ ًـا‪،‬‬ ‫ـجال تقدم ـ ًـا مقارن ــة باملرتب ــة ‪ 169‬الت ــي‬ ‫مس ـ ً‬ ‫احتله ــا ف ــي ع ــام ‪ ،2024‬و‪ 172‬ف ــي ع ــام ‪،2023‬‬ ‫بحس ــب م ــا ذك ــره الغ ـراوي ف ــي بي ــان الي ــوم‪.‬‬ ‫وبي ــن الغ ـراوي‪ ،‬أن الع ـراق ال ي ـزال يس ــجل‬ ‫ّ‬ ‫أعل ــى ع ــدد م ــن الصحفيي ــن الش ــهداء عاملي ـ ًـا‬ ‫خــال الثالثيــن عامـ ًـا املاضيــة‪ ،‬بواقــع أكثــر مــن‬ ‫‪ 340‬صحفي ـ ًـا م ــن أص ــل ‪ 2660‬صحفي ـ ًـا قتل ــوا‬ ‫عاملي ـ ًـا خ ــال الفت ــرة ذاته ــا‪.‬‬ ‫ودع ــا الغ ـراوي‪ ،‬الحكوم ــة والبرمل ــان‬ ‫واملؤسس ــات املعني ــة كاف ــة‪ ،‬إل ــى اإلس ـراع‬ ‫بتشــريع قانــون "حــق الحصــول علــى املعلومــة"‬

‫لضمــان حريــة الوصــول إلــى املعلومــات وتعزيــز‬ ‫ـددا عل ــى‬ ‫الش ــفافية ومكافح ــة الفس ــاد‪ ،‬مش ـ ً‬ ‫أهميــة تشــريع قانــون شــامل لحمايــة الحريــات‬ ‫الصحفي ــة وتوفي ــر بيئ ــة قانوني ــة آمن ــة‬ ‫للصحفيي ــن ‪.‬‬ ‫ي‬ ‫كم ــا طال ــب الغ ـراو ‪ ،‬بتعزي ــز اإلج ـراءات‬ ‫األمني ــة والقانوني ــة لحماي ــة اإلعالميي ــن‪،‬‬ ‫ومالحق ــة مرتكب ــي االنته ــاكات بحقه ــم‪ ،‬وإنه ــاء‬ ‫ظاه ــرة اإلف ــات م ــن العق ــاب‪ ،‬إل ــى جان ــب‬ ‫مراجعــة التشــريعات املقيــدة للعمــل الصحفــي‬ ‫وتعديله ــا بم ــا ينس ــجم م ــع الدس ــتور واملعايي ــر‬ ‫الدولي ــة‪.‬‬ ‫ودع ــا الغ ـراوي ف ــي الخت ــام‪ ،‬إل ــى ض ــرورة دع ــم‬ ‫النقاب ــات واملؤسس ــات اإلعالمي ــة املس ــتقلة‪،‬‬ ‫وتوفي ــر برام ــج تدريبي ــة لتطوي ــر الكف ــاءة‬ ‫ـددا عل ــى أن حماي ــة حري ــة‬ ‫املهني ــة‪ ،‬مش ـ ً‬ ‫الصحاف ــة تمث ــل مس ــؤولية وطني ــة تق ــع عل ــى‬ ‫عاتــق الدولــة لتعزيــز الحريــات والديمقراطيــة‬ ‫ف ــي الع ـراق‪.‬‬

‫‪48‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬ ‫‪IRAQI‬‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫للطبقة العاملة في‬ ‫العراق‪ ،‬التي تحتفل‬ ‫بعيدها العالمي‪ ،‬العديد‬ ‫من املشاكل واملعوقات‬ ‫التي تبحث عن حلول‪،‬‬ ‫إذ ُتعد البطالة والعمالة‬ ‫الو افدة من أكبر‬ ‫التحديات التي تواجه‬ ‫شريحة العمال‪.‬‬

‫العمال يترقبون‬

‫قوانين جديدة تنتشلهم من البطالة والعمالة الوافدة‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪49 2025‬‬

‫‪50‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪51 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫العمال يترقبون قوانين تنتشلهم من البطالة والعمالة الوافدة‬ ‫وعل ــى الرغ ــم م ــن ص ــدور قواني ــن‬ ‫مهم ــة ته ــدف إل ــى إنع ــاش ه ــذه‬ ‫ـض تمام ـ ًـا‬ ‫الطبق ــة‪ ،‬إال أنه ــا ل ــم تق ـ ِ‬ ‫علــى معانــاة العمــال واملشــاكل التــي‬ ‫تحيــط بهــم‪ ،‬فيمــا ال ت ـزال الجهــات‬ ‫الحكومي ــة واتح ــادات نقاب ــات‬ ‫ـودا ملحاول ــة‬ ‫العم ــل تب ــذل جه ـ ً‬ ‫احت ــواء ه ــذه التحدي ــات الكبي ــرة‪.‬‬ ‫العمال ــة األجنبي ــة والبطال ــة‪ ..‬أب ــرز‬ ‫التحدي ــات‬ ‫يؤك ــد املتح ــدث باس ــم وزارة‬ ‫العم ــل والش ــؤون االجتماعي ــة‪،‬‬ ‫حس ــن خ ــوام‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن‬ ‫العم ــال ه ــم الركي ــزة األساس ــية‬ ‫للبني ــة االقتصادي ــة ف ــي الع ـراق‪،‬‬ ‫وأن عيده ــم العالم ــي يمث ــل دافع ـ ًـا‬ ‫كبيـ ًرا لتســليط الضــوء علــى معانــاة‬ ‫ه ــذه الش ــريحة‪ ،‬وأبرزه ــا البطال ــة‬ ‫والعمال ــة الواف ــدة الت ــي ينبغ ــي‬ ‫إيج ــاد حل ــول مناس ــبة له ــا‪.‬‬ ‫ويضي ــف أن ل ــدى ال ــوزارة العدي ــد‬ ‫م ــن املس ــاهمات لدع ــم ش ــريحة‬ ‫العم ــال‪ ،‬منه ــا تش ــريع قان ــون‬ ‫التقاع ــد والضم ــان االجتماع ــي‬ ‫ال ــذي يحت ــوي عل ــى العدي ــد م ــن‬ ‫االمتي ــازات للعم ــال واملوظفي ــن‬ ‫العاملي ــن ف ــي القط ــاع الخ ــاص‪.‬‬ ‫كم ــا أش ــار إل ــى أن ال ــوزارة تمن ــح قروض ـ ًـا تت ـراوح‬ ‫بي ــن ‪ 20‬إل ــى ‪ 50‬ملي ــون دين ــار ألصح ــاب املعام ــل‬ ‫واملصان ــع ف ــي القط ــاع الخ ــاص‪ ،‬بش ــرط تش ــغيل‬ ‫العم ــال العراقيي ــن وإدراجه ــم ضم ــن قان ــون‬ ‫الضم ــان االجتماع ــي‪.‬‬ ‫ويشــير خــوام إلــى أن الــوزارة أطلقــت منصــة ِ"مهــن"‬ ‫بهــدف توفيــر فــرص عمــل‪ ،‬حيــث يمكــن للباحثيــن‬ ‫ع ــن العم ــل التس ــجيل ضم ــن ه ــذه املنص ــة‬ ‫للحص ــول عل ــى ف ــرص مناس ــبة‪.‬‬ ‫كم ــا تش ــرف ال ــوزارة عل ــى مناه ــج التدري ــب ف ــي ‪37‬‬ ‫مركـ ًزا تدريبيـ ًـا فــي بغــداد واملحافظــات‪ ،‬لتكــون هــذه‬ ‫املناه ــج متوافق ــة م ــع متطلب ــات س ــوق العم ــل‪.‬‬ ‫ويؤكــد املتحــدث‪ ،‬فــي ذات الســياق‪ ،‬أن هنــاك قـرا ًرا‬ ‫صــاد ًرا مــن مجلــس الــوزراء يق�ضــي بتشــغيل ‪80%‬‬ ‫م ــن العمال ــة العراقي ــة مقاب ــل ‪ 20%‬م ــن العمال ــة‬ ‫األجنبي ــة‪.‬‬ ‫ق‬ ‫نقابات العمال‪ ..‬واقع صعب وحقو غائبة‬ ‫م ــن جانب ــه‪ ،‬ل ــم يخ ـ ِـف رئي ــس االتح ــاد الع ــام‬ ‫لنقاب ــات العم ــال ف ــي الع ـراق س ــتار الدنب ــوس‪،‬‬

‫الحكوميــة لتحمــل مســؤولياتها فــي مراقبــة‬ ‫تطبي ــق القواني ــن العمالي ــة وتعزي ــز دور‬ ‫النقاب ــات ف ــي حماي ــة حق ــوق العم ــال‪.‬‬ ‫ويؤك ــد الدنب ــوس أن االتح ــاد الع ــام‬ ‫لنقاب ــات العم ــال ف ــي الع ـراق يواص ــل‬ ‫جهــوده للضغــط باتجــاه إجـراء إصالحــات‬ ‫ف ــي س ــوق العم ــل‪.‬‬ ‫ل‬ ‫ووفق ـ ًـا لنم ــاذج الت ــداو االقتص ــادي‬ ‫العالم ــي وخب ـراء االقتص ــاد‪ ،‬م ــن املتوق ــع‬ ‫أن يص ــل مع ــدل البطال ــة ف ــي الع ـراق إل ــى‬ ‫‪.15%‬‬ ‫تشريعات جديدة لدعم العمال‬ ‫ب ــدوره‪ ،‬ين ــوه رئي ــس االتح ــاد العراق ــي‬ ‫لنقاب ــات العم ــال (نقاب ــة موازي ــة لالتح ــاد‬ ‫الع ــام)‪ ،‬ولي ــد نعم ــة‪ ،‬إل ــى أن ق ـرا ًرا مهم ـ ًـا‬ ‫س ــيصدر قريب ـ ًـا بخص ــوص التنظي ــم‬ ‫النقابــي للعمــال واملوظفيــن الحرفييــن فــي‬ ‫العـراق‪ ،‬مبينـ ًـا أن هــذا القانــون سيشــكل‬ ‫نقل ــة نوعي ــة للعم ــال ويس ــهم ف ــي تحس ــين‬ ‫واقعه ــم االقتص ــادي‪.‬‬ ‫ويضي ــف نعم ــة‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن‬ ‫االتح ــاد العراق ــي لنقاب ــات العم ــال حق ــق‬ ‫بع ــد ع ــام ‪ 2003‬إنج ــازات قانوني ــة‬ ‫عدي ــدة للعم ــال‪ ،‬منه ــا قان ــون العم ــل‬ ‫رق ــم ‪ 37‬لس ــنة ‪ ،2015‬وقان ــون حماي ــة‬ ‫تفاق ــم معان ــاة العم ــال والتحدي ــات الت ــي تواجهه ــم‬ ‫م ــن حي ــث س ــاعات العم ــل واألج ــور وغيره ــا‪.‬‬ ‫ويؤك ــد‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن العم ــال ف ــي الع ـراق‬ ‫يواجه ــون ضغوط ـ ًـا كبي ــرة نتيج ــة تراج ــع االمتث ــال‬ ‫م ــن قب ــل أصح ــاب العم ــل لش ــروط العم ــل‬ ‫املنص ــوص عليه ــا ف ــي القان ــون‪ ،‬بم ــا فيه ــا ش ــمول‬ ‫العاملي ــن بالضم ــان االجتماع ــي والحق ــوق‬ ‫الوظيفيــة األساســية‪ ،‬مشــي ًرا إلــى أن نســبة االلتـزام‬ ‫ال تتج ــاوز الح ــد األدن ــى املطل ــوب ف ــي العدي ــد م ــن‬ ‫القطاع ــات‪ ،‬خصوص ـ ًـا ف ــي القط ــاع الخ ــاص‪.‬‬ ‫البطالة تهدد الشباب والخريجين‬ ‫ويش ــير الدنب ــوس إل ــى أن البطال ــة تمث ــل واح ــدة‬ ‫م ــن أخط ــر األزم ــات الت ــي ته ــدد اس ــتقرار املجتم ــع‪،‬‬ ‫خصوص ـ ًـا بي ــن الش ــباب والخريجي ــن الذي ــن‬ ‫يصطدم ــون بواق ــع اقتص ــادي صع ــب وف ــرص‬ ‫مح ــدودة ف ــي س ــوق العم ــل‪.‬‬ ‫ويلف ــت إل ــى تدف ــق العمال ــة األجنبي ــة بش ــكل غي ــر‬ ‫ـدا ض ــرورة تنظي ــم ه ــذا املل ــف بم ــا‬ ‫منظ ــم‪ ،‬مؤك ـ ً‬ ‫يضم ــن أولوي ــة العام ــل العراق ــي‪ ،‬داعي ـ ًـا الجه ــات‬

‫التنظي ــم النقاب ــي لس ــنة ‪.2017‬‬ ‫ويش ــير إل ــى أن االتح ــاد بص ــدد إص ــدار قواني ــن‬ ‫جدي ــدة تس ــاهم ف ــي الح ــد م ــن العمال ــة الواف ــدة‬ ‫وإتاح ــة الف ــرص أم ــام العم ــال العراقيي ــن‪ ،‬خاص ــة‬ ‫مــع تطــور القطــاع الخــاص‪ ،‬فيمــا ستســهم املشــاريع‬ ‫االس ــتثمارية ف ــي امتص ــاص مع ــدالت البطال ــة‪.‬‬ ‫ويؤك ــد نعم ــة أن الضم ــان االجتماع ــي أس ــهم ف ــي‬ ‫حف ــظ حق ــوق العم ــال وخل ــق بيئ ــة عم ــل آمن ــة‪،‬‬ ‫الفت ـ ًـا إل ــى أن ه ــذا القان ــون حق ــق قف ـزات كبي ــرة‪،‬‬ ‫وأصبح ــت الوظيف ــة ف ــي القط ــاع الخ ــاص ت ــوازي‬ ‫نظيرته ــا ف ــي القط ــاع الع ــام‪.‬‬ ‫ويشــدد نعمــة علــى إيمــان االتحــاد بمبــادئ العمــل‬ ‫األمم ــي‪ ،‬م ــع التأكي ــد عل ــى ض ــرورة وض ــع ضواب ــط‬ ‫للعمالــة الوافــدة‪ ،‬بمــا يحفــظ تــوازن ســوق العمــل‪.‬‬ ‫العمال في امليدان‪ ..‬معاناة يومية بال ضمانات‬ ‫وف ــي الس ــياق ذات ــه‪ ،‬يؤش ــر بع ــض العم ــال ف ــي‬ ‫القطــاع الخــاص أبــرز معاناتهــم التــي تنحصــر بيــن‬ ‫ش ــح الف ــرص‪ ،‬وس ــاعات العم ــل الطويل ــة‪ ،‬وقل ــة‬ ‫امل ــردود املال ــي‪ ،‬وع ــدم االس ــتقرار الوظيف ــي‪.‬‬ ‫وتؤكــد هيفــاء رجــب (‪ 30‬عامـ ًـا) مــن منطقــة بغــداد‬ ‫الجديــدة‪ ،‬أنهــا رفضــت إدراج اســمها ضمــن قانــون‬ ‫ـيرة ف ــي حديثه ــا ملجل ــة‬ ‫الضم ــان االجتماع ــي‪ ،‬مش ـ ً‬ ‫«فيل ــي» إل ــى أنه ــا ال تس ــتطيع اقتط ــاع ج ــزء م ــن‬ ‫راتبهــا الشــهري‪ ،‬الــذي ال يتجــاوز ‪ 500‬ألــف دينــار‪،‬‬ ‫لصال ــح الضم ــان‪ ،‬بس ــبب كث ــرة االلتزام ــات املالي ــة‪.‬‬ ‫وتضيــف أن عملهــا فــي أحــد املحــال التجاريــة يمتــد‬ ‫م ــن العاش ــرة صباح ـ ًـا حت ــى العاش ــرة مس ـ ًـاء‪ ،‬م ــا‬ ‫يحرمه ــا م ــن ممارس ــة عم ــل إضاف ــي يس ــاعدها عل ــى‬ ‫س ــد النفق ــات‪.‬‬ ‫أم ــا العام ــل حس ــن را�ض ــي محس ــن (‪ 34‬عام ـ ًـا) م ــن‬ ‫منطقــة أبــو دشــير فــي بغــداد‪ ،‬الــذي يعمــل فــي قطــاع‬ ‫البنــاء‪ ،‬فيقــول‪" :‬فــي الشــهر قــد أحصــل علــى فرصــة‬ ‫عم ــل عب ــر املس ــطر م ــرة أو مرتي ــن فق ــط‪ ،‬ويمت ــد‬ ‫العم ــل خالله ــا إل ــى أس ــبوع كام ــل أحيان ـ ًـا‪ ،‬أو لي ــوم‬ ‫واح ــد فق ــط"‪.‬‬ ‫ويضي ــف‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن عمل ــه ش ــاق للغاي ــة‪،‬‬ ‫يب ــدأ م ــن السادس ــة صباح ـ ًـا حت ــى الثالث ــة ظه ـ ًرا‪،‬‬ ‫وس ــط ظ ــروف قاس ــية كالح ــر الش ــديد أو الب ــرد‬ ‫الق ــارس‪.‬‬ ‫ويؤكــد حســن أنــه ال توجــد مراعــاة لظــروف العمــل‬ ‫م ــن قب ــل أرب ــاب العم ــل أو "األس ــطوات"‪ ،‬ولك ــن ال‬ ‫خي ــار أمامه ــم س ــوى االنصي ــاع ومواصل ــة الكف ــاح‬ ‫مــن أجــل لقمــة العيــش‪.‬‬ ‫مــن جهتهــا‪ ،‬تنــوه رســل طالــب (‪ 23‬عامـ ًـا)‪ ،‬املتخرجــة‬ ‫حديثـ ًـا مــن الجامعــة التكنولوجيــة‪ ،‬إلــى أنهــا لجــأت‬ ‫إلــى العمــل فــي القطــاع الخــاص بعــد عــدم حصولهــا‬

‫رئيس االتحاد العراقي‬ ‫لنقابات العمال‪:‬‬ ‫" قراراً مهماً سيصدر‬ ‫قريباً بخصوص‬ ‫التنظيم النقابي‬ ‫للعمال والموظفين‬ ‫الحرفيين في العراق‪،‬‬ ‫مبيناً أن هذا القانون‬ ‫سيشكل نقلة نوعية‬ ‫للعمال ويسهم في‬ ‫تحسين واقعهم‬ ‫االقتصادي‪".‬‬

‫علــى فرصــة عمــل فــي القطــاع العــام‪.‬‬ ‫ـديدا‬ ‫وتضي ــف‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن هن ــاك تلك ـ ًـؤا ش ـ ً‬ ‫ف ــي تطبي ــق الق ـرارات املتعلق ــة بالقط ــاع الخ ــاص‪،‬‬ ‫ومنه ــا الضم ــان االجتماع ــي‪ ،‬مبين ـ ًـة أن العدي ــد م ــن‬ ‫أصحــاب العمــل يمتنعــون عــن تســجيل املوظفيــن‬ ‫والعاملي ــن ضم ــن القان ــون‪.‬‬ ‫وتشــير إلــى عــدم وجــود ضمانــات الســتقرار العامــل‬ ‫ف ــي عمل ــه‪ ،‬حي ــث ق ــد يتع ــرض للفص ــل أو الط ــرد‬ ‫ألخط ــاء غي ــر مقص ــودة‪.‬‬ ‫كم ــا تلف ــت رس ــل طال ــب‪ ،‬إل ــى أن العدي ــد م ــن‬ ‫ـدا‬ ‫النقاب ــات والقطاع ــات العمالي ــة لعب ــت دو ًرا جي ـ ً‬ ‫ف ــي توفي ــر ف ــرص العم ــل وتش ــريع القواني ــن ملوظف ــي‬ ‫القط ــاع الخ ــاص‪ ،‬لكنه ــا م ــا ت ـزال قاص ــرة ع ــن‬ ‫انتش ــال آالف العم ــال م ــن معاناته ــم‪.‬‬ ‫ولش ــريحة العم ــال ف ــي عيده ــم العالم ــي آم ــال‬ ‫وطموح ــات ب ــأن يتس ــاووا م ــع العاملي ــن ف ــي القط ــاع‬ ‫العــام‪ ،‬مــن حيــث تقليــل ســاعات العمــل‪ ،‬وضمــان‬ ‫اس ــتقرار الوظيف ــة‪ ،‬وتحس ــين األج ــور‪.‬‬ ‫وف ــي ه ــذا الس ــياق‪ ،‬تنش ــر مجل ــة «فيل ــي» ص ــو ًرا‬ ‫متنوع ــة توث ــق مش ــاهد لعم ــال عراقيي ــن يمارس ــون‬ ‫مهن ـ ًـا مختلف ــة وس ــط أج ــواء عم ــل مرهق ــة‪.‬‬

‫‪52‬‬

‫تــاريــــــــــــــــــخ‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪53 2025‬‬

‫‪HISTORY‬‬

‫سكنته أجاثا كريستي‪..‬‬

‫منزل تاريخي في بغداد‬ ‫آيل للسقوط‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬

‫بش ــرفته املطل ــة عل ــى نه ــر دجل ــة ف ــي ك ــرادة مري ــم بجان ــب الك ــرخ م ــن‬ ‫بغ ــداد‪ ،‬م ــا زال ذل ــك املن ــزل القدي ــم واملكت ــوب عل ــى جدران ــه "انتب ــه‬ ‫ـاهدا عل ــى تاري ــخ طوي ــل م ــر عل ــى ذل ــك الش ــارع‬ ‫آي ــل للس ــقوط"‪ ،‬ش ـ ً‬ ‫الش ــهير وس ــط العاصم ــة‪.‬‬

‫تنظ ــر إلي ــه م ــن طابق ــه األول فت ـراه متهدم ـ ًـا‬ ‫ـاال م ــن بي ــن‬ ‫ولك ــن يب ــدو للم ــارة األكث ــر جم ـ ً‬ ‫البي ــوت املوج ــودة بج ــواره‪.‬‬ ‫البي ــت البغ ــدادي ال ــذي س ــكنته مؤلف ــة‬ ‫الرواي ــات البوليس ــية الش ــهيرة "أجاث ــا‬ ‫كريس ــتي" كان بمثاب ــة محط ــة اس ــتراحة له ــا‬ ‫ولزوجهــا بعــد عنــاء رحــات التنقيــب األثريــة‬ ‫ف ــي ش ــمال وجن ــوب الع ـراق‪.‬‬ ‫يوض ــح مدي ــر ع ــام دائ ــرة الت ـراث العام ــة ف ــي‬ ‫وزارة الثقافــة‪ ،‬ايــاد كاظــم‪ ،‬فــي تصريــح خــاص‬ ‫ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬قائـ ًـا إن "البيــت الــذي كانــت‬ ‫تقطنــه أجاثــا كريســتي يعــود مللكيــة خاصــة‪،‬‬ ‫ووف ــق قان ــون ‪ 55‬لس ــنة ‪ 2002‬ال يج ــوز‬ ‫التص ــرف بامللكي ــات الخاص ــة‪ ،‬ل ــذا ال يمك ــن‬ ‫ص ــرف أم ــوال لصيان ــة البي ــت لع ــدم وج ــود‬ ‫تبوي ــب قانون ــي لذل ــك"‪.‬‬ ‫ويضي ــف‪" :‬أم ــا بخص ــوص اس ــتمالك البي ــت‬ ‫ال ــذي كان ــت تس ــكنه كريس ــتي‪ ،‬فق ــد عرضن ــا‬ ‫عل ــى صاح ــب املل ــك أكث ــر م ــن م ــرة بي ــع‬ ‫العق ــار‪ ،‬لكن ــه كان يرف ــض الع ــرض‪ ،‬ويت ــذرع‬

‫‪ ،1952‬ولقب ــت كريس ــتي بـ"ملك ــة الجريم ــة"‪.‬‬ ‫وأدرج ــت موس ــوعة غيني ــس لألرق ــام‬ ‫القياس ــية كريس ــتي‪ ،‬كأكث ــر كاتب ــة روائي ــة‬ ‫مبيع ـ ًـا ف ــي جمي ــع األوق ــات‪ ،‬إذ بيع ــت رواياته ــا‬ ‫بأكث ــر م ــن ملي ــاري نس ــخة‪.‬‬ ‫وخ ــال إقامته ــا ف ــي بغ ــداد س ــكنت دا ًرا تركي ــة‬ ‫ترك ــت بصماته ــا عل ــى مخيل ــة الكاتب ــة‪ ،‬إال أن‬ ‫تق ــادم الزم ــن وع ــدم االهتم ــام به ــذا البي ــت‪،‬‬ ‫أســفر عــن تــآكل وتصــدع أج ـزاء كبيــرة منــه‪،‬‬ ‫فيم ــا تهدم ــت أج ـزاء م ــن الس ــطح أيض ـ ًـا‪،‬‬ ‫وأصبــح يمثــل خط ـ ًرا علــى املــارة‪ ،‬وكتبــت علــى‬ ‫جدران ــه عب ــارة (انتب ــه البي ــت آي ــل للس ــقوط)‬ ‫كتحذي ــر للم ــارة‪.‬‬ ‫وتقــول الناشــطة ذكــرى سرســم‪ ،‬التــي تســكن‬ ‫ج ــوار املن ــزل ال ــذي كان ــت تش ــغله أجاث ــا‬ ‫كريســتي‪ ،‬إن "هــذا املنــزل مســجل لــدى دائــرة‬ ‫اآلث ــار‪ ،‬وأن مالك ــه يخط ــط إلع ــادة ترميم ــه‪،‬‬ ‫ويرفــض تدخــل الجهــات املعنيــة الرســمية فــي‬ ‫موض ــوع صيانت ــه وإع ــادة تأهيل ــه"‪.‬‬ ‫وتؤك ــد ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "الطاب ــق العل ــوي‬

‫م ــن املن ــزل مس ــقوف بالخش ــب‪ ،‬وأن بع ــض‬ ‫األج ـزاء تعرض ــت للتل ــف والتس ــاقط‪ ،‬حت ــى‬ ‫بــات يمثــل خطـ ًرا علــى املــارة واملنــازل املجــاورة‬ ‫ل ــه"‪.‬‬ ‫ويلف ــت الباح ــث اآلث ــري مه ــدي البدي ــري‪،‬‬ ‫إل ــى أن "أجاث ــا كريس ــتي‪ ،‬ول ــدت ع ــام ‪1890‬‬ ‫وتوفي ــت ع ــام ‪ 1976‬وه ــي كاتب ــة إنكليزي ــة‬ ‫اشــتهرت بكتابــة الروايــات البوليســية وألفــت‬

‫بأن ــه ه ــو م ــن س ــيتولى صيانت ــه وتأهيل ــه"‪.‬‬ ‫ويشــير كاظــم‪ ،‬إلــى أن "التواصــل مــع صاحــب‬ ‫العق ــار مس ــتمر‪ ،‬وآخ ــر تواص ــل مع ــه كان‬ ‫قبــل شــهر مــن خــال مكتــب رئيــس الــوزراء‪،‬‬ ‫لكن ــه يص ــر عل ــى رغبت ــه بع ــدم بي ــع البي ــت‬ ‫والقي ــام بتأهيل ــه بنفس ــه بالتنس ــيق م ــع‬ ‫منظم ــات دولي ــة"‪.‬‬ ‫وعرف ــت الكاتب ــة اإلنكليزي ــة أجاث ــا كريس ــتي‬ ‫ُ‬

‫برواياته ــا البوليس ــية الت ــي بلغ ــت ‪ 66‬رواي ــة‬ ‫و‪ 14‬مجموع ــة قصصي ــة قصي ــرة‪ ،‬وت ــدور‬ ‫معظ ــم أح ــداث رواياته ــا ح ــول الجرائ ــم‬ ‫واملحققي ــن‪ ،‬واتس ــمت قصصه ــا ببع ــد‬ ‫تش ــويقي ملف ــت‪.‬‬ ‫ل‬ ‫وكتبــت كريســتي أطــو مســرحية فــي العالــم‪،‬‬ ‫بعن ــوان "لغ ــز الجريم ــة مصي ــدة الفئ ـران"‪،‬‬ ‫الت ــي ُعرض ــت عل ــى مس ــرح ويس ــت إن ــد ع ــام‬

‫رواي ــات رومانس ــية قصي ــرة‪ ،‬وتع ــد م ــن أعظ ــم‬ ‫مؤلفــي روايــات الجريمــة فــي التاريــخ‪ ،‬وترجمــت‬ ‫أعماله ــا إل ــى أكث ــر م ــن ‪ 103‬لغ ــات"‪.‬‬ ‫ويضي ــف ف ــي حديث ــه ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن‬ ‫"كريس ــتي س ــافرت إل ــى الش ــرق والتق ــت‬ ‫بزوجه ــا الثان ــي عال ــم اآلث ــار ماك ــس مال ــون‬ ‫وكانــت معــه فــي ســوريا والع ـراق‪ ،‬وانظمــت إلــى‬ ‫بعث ــة التنقي ــب البريطاني ــة ف ــي نين ــوى"‪.‬‬

‫‪54‬‬

‫تــاريــــــــــــــــــخ‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪55 2025‬‬

‫‪HISTORY‬‬

‫سكنته أجاثا كريستي‪ ..‬منزل تاريخي في بغداد آيل للسقوط‬ ‫البــرودة بحوشــها ونخالتهــا التــي ترتفــع ويمــس‬ ‫س ــعفها أط ـراف الش ــرفة"‪.‬‬ ‫وتتاب ــع "وكان خل ــف دارن ــا غاب ــات نخي ــل‬ ‫ترويه ــا الس ــواقي‪ ،‬وصراف ــي بالغ ــة الصغ ــر‬ ‫صنعــت مــن صفائــح قصديــر‪ ،‬يلعــب ّ‬ ‫حولهــا‬ ‫أطف ــال بم ــرح وس ــعادة‪ .‬وكان ــت النس ــاء‬ ‫يدخلنه ــا ويخرج ــن منه ــا وينزل ــن إل ــى النه ــر‬ ‫لغس ــل صحونه ــن وقدوره ــن"‪.‬‬ ‫أم ــا مال ــك البي ــت الحال ــي هم ــام الق ــره غول ــي‪،‬‬ ‫فيقــول‪ ،‬إن "هــذا البيــت ســكنه العديــد مــن‬ ‫الن ــاس ومنه ــم أجاث ــا كريس ــتي حي ــث س ــكنته‬ ‫عــام ‪ ،1948‬باإلضافــة إلــى األميــر علــي شــقيق‬ ‫املل ــك فيص ــل األول"‪.‬‬ ‫ويوضــح فــي حديثــه ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬أن "البيــت‬ ‫خض ــع لعملي ــات بي ــع وش ـراء متعاقب ــة‪ ،‬وأن ــه‬

‫ويش ــير البدي ــري‪ ،‬إل ــى أن "بي ــت املؤلف ــة‬ ‫اإلنكليزي ــة ف ــي بغ ــداد‪ ،‬كان امل ــكان األفض ــل‬ ‫لكتاب ــة رواياته ــا‪ ،‬وق ــد الهمته ــا التأم ــات ف ــي‬ ‫هــذا البيــت أفــكا ًرا للعديــد مــن الروايــات التــي‬ ‫خطته ــا بحنك ــة"‪.‬‬ ‫ودف ــع الطاب ــع األث ــري والتحف ــة املعماري ــة‬ ‫التــي كان يمثلهــا منــزل كريســتي‪ ،‬العديــد مــن‬ ‫الكت ــاب واملثقفي ــن إل ــى زيارت ــه والكتاب ــة عن ــه‪.‬‬ ‫ويص ــف الكات ــب الفلس ــطيني الراح ــل جب ـرا‬ ‫إبراهيــم جب ـرا‪ ،‬البيــت بأنــه مــن أجمــل بيــوت‬ ‫العه ــد العثمان ــي‪.‬‬ ‫وذكــر فــي كتابــه "شــارع األميـرات" بــأن ســاحة‬ ‫بي ــت أجاث ــا كريس ــتي محفوف ــة باألش ــجار‬ ‫وس ــط بن ــاء م ــن طابقي ــن‪ ،‬يصع ــد منه ــا إل ــى‬ ‫األعلــى بــدرج خشــبي خارجــي يــؤدي إلــى شــرفة‬

‫ضيق ــة طويل ــة تمت ــد م ــع الواجه ــة الداخلي ــة‪.‬‬ ‫ب ــدوره‪ ،‬يؤك ــد منق ــب اآلث ــار عام ــر جني ــد‪ ،‬ف ــي‬ ‫حدي ــث ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "البي ــت كان ف ــي‬ ‫عشــرينيات القــرن املا�ضــي يعــود للملــك علــي‬ ‫بــن حســين الهاشــمي (‪ ،)1935-1879‬شــقيق‬ ‫املل ــك فيص ــل األول"‪.‬‬ ‫ويضي ــف‪ ،‬أن "الكاتب ــة وصف ــت املن ــزل ف ــي‬ ‫روايته ــا (موع ــد ف ــي بغ ــداد) وأك ــدت عل ــى أن ــه‬ ‫بي ــت املل ــك"‪.‬‬ ‫أم ــا األكاديم ــي صب ــاح الناص ــري‪ ،‬املقي ــم ف ــي‬ ‫فرنس ــا‪ ،‬فق ــد أوض ــح ف ــي تدوين ــه ل ــه تابعته ــا‬ ‫مجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن أجاث ــا كريس ــتي تحدث ــت‬ ‫ع ــن داره ــا البغدادي ــة ف ــي نهاي ــة س ــيرتها‬ ‫الذاتي ــة خ ــال س ــردها ألح ــداث ع ــام ‪.1948‬‬ ‫واض ــاف‪ ،‬أن "املؤلف ــة اإلنكليزي ــة كان ــت‬

‫معجب ــة للغاي ــة بذل ــك املن ــزل التراث ــي إل ــى ح ــد‬ ‫أنهــا كانــت ترفــض الســكن فــي املنــازل الحديثــة‬ ‫الت ــي أطلق ــت عليه ــا كلم ــة (صنادي ــق)"‪.‬‬ ‫ويتاب ــع‪ ،‬أن "أج ــواء بغ ــداد وأش ــجار النخي ــل‬ ‫واله ــواء املنع ــش ال ــذي يالم ــس نه ــر دجل ــة‬ ‫جعل ــت الكاتب ــة الراحل ــة تق�ض ــي أس ــعد‬ ‫األوق ــات ف ــي البي ــت البغ ــدادي"‪.‬‬ ‫وكان ــت املؤلف ــة أجاث ــا كريس ــتي‪ ،‬خص ــت ف ــي‬ ‫نهاي ــة كتاب ــة س ــيرتها منزله ــا البغ ــدادي ال ــذي‬ ‫ت ــرك أث ـ ًرا عميق ـ ًـا ف ــي نفس ــها‪ ،‬بالق ــول "كان ــت‬ ‫لن ــا دا ًرا تركي ــة قديم ــة ف ــي الص ــوب الغرب ــي‬ ‫لدجل ــة‪ ،‬وكان الن ــاس يتعجب ــون م ــن غراب ــة‬ ‫ذوقنــا ومـ ّـن محبتنــا لهــا‪ ،‬ومــن رفضنــا للســكن‬ ‫ف ــي واح ــدة م ــن ه ــذه الصنادي ــق الحديث ــة‪،‬‬ ‫ولك ــن دارن ــا التركي ــة كان ــت مبهج ــة‪ ،‬منعش ــة‬

‫اش ــتراه من ــذ ث ــاث س ــنوات وين ــوي ترميم ــه‬ ‫بعــد أن اتفــق علــى ذلــك مؤخ ـ ًرا مــع الســفارة‬ ‫البريطاني ــة ف ــي بغ ــداد"‪.‬‬ ‫وهنــاك العديــد مــن املواقــع والبيــوت األثريــة‬ ‫اململوكــة ألشــخاص مــا تـزال طــرق امتالكهــم‬ ‫له ــا مجهول ــة وال ُتع ــرف اآللي ــة الت ــي يت ــم م ــن‬ ‫خاللهــا بيــع وش ـراء تلــك العقــارات القديمــة‪،‬‬ ‫بينم ــا تق ــف املؤسس ــات املعني ــة بالت ـراث‬ ‫عاج ــزة ع ــن إعماره ــا بس ــبب القواني ــن الت ــي‬ ‫ال تس ــمح بالتص ــرف باألم ــاك الخاص ــة‪،‬‬ ‫م ــا يعن ــي ض ــرورة إيج ــاد تش ــريعات مناس ــبة‬ ‫تتي ــح إظه ــار املواق ــع التراثي ــة الخاص ــة‬ ‫بمظهــر يعكــس أصالتهــا البغداديــة ويجعلهــا‬ ‫مفتوح ــة أم ــام ال ــزوار للتع ــرف عل ــى معامله ــا‬ ‫وأس ـرارها الكامن ــة‪.‬‬

‫"المؤلفة اإلنكليزية‬ ‫كانت معجبة للغاية‬ ‫بذلك المنزل التراثي‬ ‫إلى حد أنها كانت‬ ‫ترفض السكن في‬ ‫المنازل الحديثة التي‬ ‫أطلقت عليها كلمة‬ ‫(صناديق)"‪.‬‬

‫‪56‬‬

‫تــاريــــــــــــــــــخ‬

‫‪HISTORY‬‬

‫سوق االستربادي في الكاظمية‪..‬‬

‫شاهد تاريخي متهالك‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬

‫بج ــوار مرق ــد اإلمامي ــن الكاظميي ــن‪ ،‬ش ــمالي العاصم ــة بغ ــداد‪،‬‬ ‫تظه ــر مالم ــح شناش ــيل متهالك ــة‪ ،‬فيم ــا يمت ــد س ــوق مس ــقف‬ ‫ـعبيا بســوق "الســربادي"‪ ،‬الــذي‬ ‫اســمه "االســتربادي" ويعــرف شـ ً‬ ‫يعــد مــن أقــدم أســواق مدينــة الكاظميــة‪ ،‬ويعــود تاسيســه أواخــر‬ ‫الق ــرن التاس ــع عش ــر‪.‬‬ ‫ووف ــق اصح ــاب املح ــال الذي ــن يش ــغلون مواقع ــم ف ــي‬ ‫الس ــوق من ــذ نح ــو نص ــف ق ــرن‪ ،‬ف ــإن الس ــوق تملك ــه‬ ‫عائل ــة االس ــتربادي التركي ــة الت ــي ل ــم تس ــكن الع ـراق‪،‬‬ ‫ب ــل كان ــت تعتم ــد عل ــى وكي ــل له ــا يهت ــم بامالكه ــا‪.‬‬ ‫وعن ــد س ــماع "الس ــربادي"‪ ،‬يتب ــادر إل ــى الذه ــن‬ ‫مباش ــرة‪ ،‬ال ــزي العرب ــي الرج ــال والعق ــال والعب ــاءات‪،‬‬ ‫ومختل ــف املس ــتلزمات الرجالي ــة األخ ــرى‪ ،‬بم ــا فيه ــا‬ ‫املس ــبحات والخوات ــم‪ ،‬نظ ـرا ألن الس ــوق اخت ــص به ــا‬ ‫من ــذ س ــنوات طويل ــة‪.‬‬ ‫ويواج ــه م ــن يدخ ــل ه ــذا الس ــوق الطوي ــل‪ ،‬ال ــذي‬ ‫يف�ض ــي ال ــى م ـرآب س ــامراء القدي ــم‪ ،‬إض ــاءة خافت ــة‬ ‫تط ــل م ــن املح ــال التجاري ــة املنتش ــرة عل ــى جانب ــي‬ ‫الس ــوق‪ ،‬وم ــن الس ــقوف ش ــبه املنه ــارة‪.‬‬ ‫ويؤك ــد أصح ــاب مح ــال ف ــي ه ــذا الس ــوق‪ ،‬ب ــأن‪،‬‬ ‫الدشــاديش الرجاليــة هــي األكثــر مبيعــا بالنســبة لهــم‪،‬‬ ‫اذ تب ــرز ان ــواع ش ــتى منه ــا بال ــوان مختلف ــة وفص ــاالت‬ ‫متع ــددة‪ ،‬ويت ــم تصنيعه ــا ف ــي الس ــوق وتس ــوق ال ــى‬ ‫جمي ــع محافظ ــات الب ــاد‪ ،‬فض ـ ًـا ع ــن العب ــاءات‬ ‫الرجالي ــة وبع ــض الكمالي ــات النس ــائية‪.‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪57 2025‬‬

‫‪58‬‬

‫تــاريــــــــــــــــــخ‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪59 2025‬‬

‫‪HISTORY‬‬

‫سوق االستربادي في الكاظمية‪ ..‬شاهد تاريخي متهالك‬

‫ويق ــول الح ــاج ه ــادي املنص ــوري‪ ،‬وه ــو م ــن‬ ‫أق ــدم البائعي ــن بالس ــوق‪ ،‬إن "بن ــاء الس ــوق‬ ‫ب ــدأ خ ــال الفت ــرة بي ــن ع ــام ‪،1890-1880‬‬ ‫أي ف ــي زم ــن الدول ــة العثماني ــة"‪.‬‬ ‫ويوضــح ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬أن "تســمية الســوق‬ ‫تنس ــب ال ــى عائل ــة "الس ــربادي" وه ــي عائل ــة‬ ‫عثماني ــة غني ــة وله ــا ام ــاك كثي ــرة"‪.‬‬ ‫ويؤك ــد أن ــه "ف ــي ع ــام ‪ ،1982‬دخ ــل الس ــوق‬ ‫ضم ــن دائ ــرة الت ـراث‪ ،‬وتوج ــد حالي ـ ًـا بع ــض‬ ‫ص ــور الس ــوق ف ــي املتح ــف البغ ــدادي"‪،‬‬ ‫مش ــي ًرا ال ــى أن "س ــوق االس ــتربادي متن ــوع‬ ‫البضائ ــع‪ ،‬اذ يض ــم االكسس ــوارات ومالب ــس‬ ‫الــزي العربــي النســائية والرجاليــة وجميــع مــا‬ ‫يحتاج ــه الزائ ــر‪ ،‬ك ــون الس ــوق يق ــع بج ــوار‬ ‫اإلمامي ــن"‪.‬‬ ‫ويلف ــت املنص ــوري‪ ،‬إل ــى أن ــه "ف ــي ع ــام ‪1980‬‬

‫"في عام ‪ ،1982‬دخل‬ ‫السوق ضمن دائرة‬ ‫التراث‪ ،‬وتوجد حالياً‬ ‫بعض صور السوق في‬ ‫المتحف البغدادي"‪،‬‬ ‫مشيراً الى أن "سوق‬ ‫االستربادي متنوع‬ ‫البضائع‪ ،‬اذ يضم‬ ‫االكسسوارات ومالبس‬ ‫الزي العربي النسائية‬ ‫والرجالية وجميع ما‬ ‫يحتاجه الزائر‪ ،‬كون‬ ‫السوق يقع بجوار‬ ‫اإلمامين"‪.‬‬

‫كان ــت توج ــد ف ــوق مح ــات الس ــوق غ ــرف‪،‬‬ ‫تع ــرف باملس ــافر خان ــه‪ ،‬أي غ ــرف س ــكن‪،‬‬ ‫يس ــكن به ــا ال ــزوار الهن ــود والباكس ــتانيون‬ ‫واإليراني ــون‪ ،‬وبع ــد ذل ــك س ــكنها املصري ــون‪،‬‬ ‫لك ــن ه ــذه الغ ــرف تهالك ــت بع ــد ع ــام ‪1991‬‬ ‫وب ــدأت باإلنهي ــار"‪.‬‬ ‫ويع ــرب املنص ــوري ع ــن أمل ــه ف ــي أن تتبن ــى‬ ‫الحكومــة مشــروع إعــادة تأهيــل هــذا الســوق‬ ‫التراث ــي عب ــر القي ــام بحم ــات ترمي ــم وف ــق‬ ‫ط ـراز الســوق القديــم‪ ،‬ـكـي ال تغيــب مالمحــه‬ ‫التراثي ــة‪.‬‬ ‫بــدوره ينــوه الحــاج حســن شــريف القطرانــي‪،‬‬ ‫أح ــد قدام ــى الباع ــة ف ــي الس ــوق‪ ،‬أن‬ ‫"االســتربادي م�ضــى علــى تأسيســه نحــو ‪170‬‬ ‫عام ـ ًـا‪ ،‬وان ــه بن ــي ف ــي زم ــن االت ـراك‪ ،‬وص ــادره‬ ‫االنكلي ــز خ ــال احتالله ــم الع ـراق"‪.‬‬ ‫ويبي ــن القطران ــي‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن ــه "كان‬ ‫ـدا يس ــتلم االيج ــارات م ــن‬ ‫هن ــاك متعه ـ ً‬ ‫اصح ــاب املح ــال وكان ــت تت ــرواح بي ــن ‪ 60‬ال ــى‬ ‫‪ 70‬دين ــارا س ــنويا‪ ،‬أم ــا االن فيبل ــغ االيج ــار ‪6‬‬ ‫ـنويا"‪.‬‬ ‫ماليي ــن دين ــار س ـ ً‬ ‫ق‬ ‫وعلى الرغم من تهالك الســو وقدمه‪ ،‬لكنه‬ ‫م ــا زال حاف ـ ًـا بالحرك ــة التجاري ــة لوج ــوده‬ ‫بالق ــرب م ــن اإلمامي ــن الكاظميي ــن‪ ،‬كم ــا‬ ‫يقص ــده أهال ــي بغ ــداد القتن ــاء الدش ــاديش‬ ‫والخوات ــم الت ــي يتمي ــز به ــا ه ــذا الس ــوق‪.‬‬ ‫ويق ــول املواط ــن رض ــا عب ــد الصاح ــب (‪45‬‬ ‫عام ـ ًـا)‪ ،‬وه ــو صاح ــب مح ــل بي ــع دش ــاديش‬ ‫ف ــي محافظ ــة ذي ق ــار‪ ،‬أن "الكثي ــر م ــن‬ ‫أصح ــاب املح ــال ف ــي املحافظ ــة يذهب ــون ال ــى‬ ‫ســوق الشــورجة الرئيــس ببغــداد القتنــاء مــا‬ ‫تحتاجــه محالتهــم‪ ،‬فيمــا يقصــد العديــد مــن‬ ‫اصح ــاب مح ــال الدش ــاديش ه ــذا الس ــوق"‪.‬‬ ‫ويضي ــف ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "بضاع ــة س ــوق‬ ‫االس ــتربادي م ــن الدش ــاديش العربي ــة رائج ــة‬ ‫للغايــة وعليهــا اقبــال كبيــر فــي املحافظــات مــن‬ ‫الشــباب وغيرهــم ملــا تتميــز بــه مــن جماليــة فــي‬ ‫القمــاش واللــون"‪.‬‬

‫"في عام ‪ 1980‬كانت‬ ‫توجد فوق محالت السوق‬ ‫غرف‪ ،‬تعرف بالمسافر خانه‪،‬‬ ‫أي غرف سكن‪ ،‬يسكن بها‬ ‫الزوار الهنود والباكستانيون‬ ‫واإليرانيون‪ ،‬وبعد ذلك‬ ‫سكنها المصريون‪ ،‬لكن‬ ‫هذه الغرف تهالكت بعد عام‬ ‫‪ 1991‬وبدأت باإلنهيار"‪.‬‬

‫"محلي كان في األصل‬ ‫عبارة عن "خان" ولدى‬ ‫إنهياره‪ ،‬تم العثور على‬ ‫طابوقة كتب عليها عام‬ ‫‪ ،1884‬في اشارة محتملة‬ ‫الى تاريخ تأسيس السوق‪،‬‬ ‫والذي بني من الطين‬ ‫والتبن‪ ،‬لذلك فهو يتعرض‬ ‫للتفاعل مع االمطار"‪.‬‬

‫ويلفــت إلــى أنــه‪ ،‬يقصــد الســوق بشــكل دوري‬ ‫وحســب حاجــة محلــه للتــزود بانــواع محتلفــة‬ ‫م ــن الدش ــاديش الرجالي ــة الت ــي يرتف ــع ثمنه ــا‬ ‫قلي ــا ف ــي ه ــذا الس ــوق‪" ،‬لكنه ــا ذات ج ــودة‬ ‫عاليــة وتلبــي اذواق الكثيريــن"‪ ،‬حســب قولــه‪.‬‬ ‫فيم ــا يؤك ــد ري ــاض ه ــادي‪ ،‬وه ــو صاح ــب‬ ‫مح ــل ف ــي الس ــوق‪ ،‬أن "ثم ــة قطع ــة حدي ــدة‬ ‫واحــدة تبيــن أن ســوق االســتربادي تــم وضــع‬ ‫الس ــقف ل ــه ع ــام ‪ ،1915‬وه ــذا يعن ــي ان‬ ‫الس ــوق بن ــي قب ــل ه ــذا الزم ــن"‪.‬‬ ‫ويس ــتطرد أن "محل ــي كان ف ــي األص ــل عب ــارة‬ ‫ع ــن "خ ــان" ول ــدى إنهي ــاره‪ ،‬ت ــم العث ــور عل ــى‬ ‫طابوق ــة كت ــب عليه ــا ع ــام ‪ ،1884‬ف ــي اش ــارة‬ ‫محتمل ــة ال ــى تاري ــخ تأس ــيس الس ــوق‪ ،‬وال ــذي‬ ‫بن ــي م ــن الطي ــن والتب ــن‪ ،‬لذل ــك فه ــو يتع ــرض‬ ‫للتفاع ــل م ــع االمط ــار"‪.‬‬

‫‪60‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪61 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫تطور األزياء العراقية‬ ‫التقليدية والمعاصرة‬

‫وكيف تعكس الهوية‬ ‫الثقافية والتغيرات‬ ‫االجتماعية‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬

‫تتعدد العوامل التي تؤدي إلى تغير األزياء التقليدية‬ ‫بمرور الوقت‪ ،‬ويمكن تلخيص أهمها في التأثيرات‬ ‫الخارجية والتعرف عن طريق االحتكاك بالثقافات‬ ‫األخرى‪ ،‬سواء عبر التجارة أو السفر أو الحرب أو وسائل‬ ‫اإلعالم الحديثة‪ ،‬فيؤدي ذلك إلى تبادل األفكار و "املوضات"‪،‬‬ ‫مما ُيدخل عناصرجديدة على األزياء التقليدية أو يستبدلها‪.‬‬

‫كمــا ان التطــور التكنولوجــي والصناعــي اســهم‬ ‫ف ــي ظه ــور تقني ــات جدي ــدة ف ــي صناع ــة النس ــيج‬ ‫والصباغــة والحياكــة تتيــح إنتــاج أنــواع جديــدة‬ ‫مــن املالبــس بتصاميــم وألــوان متنوعــة بعضهــا‬ ‫مســتحدث‪ ،‬ممــا يغــري النــاس بتجربتهــا وتبنيهــا‪.‬‬ ‫وكذلــك فــان التحــوالت فــي أنمــاط الحيــاة‪ ،‬مثــل‬ ‫االنتق ــال م ــن الري ــف إل ــى امل ــدن‪ ،‬وتغي ــر األدوار‬ ‫االجتماعي ــة للجنس ــين‪ ،‬وزي ــادة مس ــتويات‬ ‫الدخ ــل‪ ،‬ت ــؤدي إل ــى ظه ــور احتياج ــات جدي ــدة‬ ‫للمالب ــس تعك ــس ه ــذه التغي ـرات‪ ،‬فمالب ــس‬ ‫العم ــل تختل ــف ع ــن مالب ــس االحتف ــاالت‪،‬‬ ‫وعــن مالبــس الســوق‪ ،‬ومالبــس امل ـرأة العاملــة‬

‫تختل ــف ع ــن مالب ــس رب ــة املن ــزل‪.‬‬ ‫ان ظه ــور مصمم ــي األزي ــاء وتي ــارات املوض ــة‬ ‫الحديثــة ُيدخــل باســتمرار تصاميــم جديــدة قــد‬ ‫تلقــى رواجــا وتؤثــر علــى األنمــاط التقليديــة‪ ،‬كمــا‬ ‫ان الح ــروب والث ــورات والتغي ـرات ف ــي األنظم ــة‬ ‫السياس ــية ق ــد ت ــؤدي إل ــى تغيي ـرات جذري ــة ف ــي‬ ‫املجتمــع وبالنتيجــة فــي األزيــاء‪ ،‬فقــد ترمــز بعــض‬ ‫املالب ــس إل ــى حق ــب معين ــة أو أيديولوجي ــات‬ ‫معين ــة‪ ،‬اوس ــمات ش ــعب معي ــن‪.‬‬ ‫و ق ــد تدف ــع التغي ـرات املناخي ــة أو اكتش ــاف‬ ‫م ــواد جدي ــدة أكث ــر مالءم ــة للبيئ ــة إل ــى تعدي ــل‬ ‫األزي ــاء التقليدي ــة لتناس ــب الظ ــروف الجدي ــدة‪.‬‬

‫وف ــي الع ـراق ش ــهدت األزي ــاء تح ــوالت كبي ــرة‬ ‫عب ــر التاري ــخ‪ ،‬متأث ــرة بعوام ــل مماثل ــة لتل ــك‬ ‫الت ــي تح ــدث ف ــي العال ــم‪ ،‬ولك ــن م ــع خصوصي ــة‬ ‫الس ــياق العراق ــي املتن ــوع فالحض ــارات القديم ــة‬ ‫مث ــل الس ــومرية والبابلي ــة واآلش ــورية ترك ــت‬ ‫بصماتهــا بحســب املؤرخيــن علــى بعــض جوانــب‬ ‫ال ــزي التقلي ــدي‪ ،‬وإن كان ــت تفاصيل ــه الدقيق ــة‬ ‫قــد تغيــرت بمــرور الزمــن‪ ،‬يمكــن مالحظــة بعــض‬ ‫التأثي ـرات ف ــي أش ــكال التطري ــز أو اس ــتعمال‬ ‫بع ــض األل ــوان‪.‬‬ ‫وأدخل ــت األزي ــاء اإلس ــامية عناص ــر جدي ــدة‪،‬‬ ‫مث ــل العب ــاءة والحج ــاب‪ ،‬الت ــي أصبح ــت ج ــزءا‬

‫‪62‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪63 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫تطور األزياء العراقية التقليدية والمعاصرة‬ ‫الهوي ــة الثقافي ــة ف ــي الع ـراق بش ــكل خ ــاص‪ ،‬و‬ ‫الحف ــاظ عل ــى الت ـراث يواج ــه التح ــدي‪ ،‬اذ ان ــه‬ ‫م ــع انتش ــار املوض ــات العاملي ــة‪ ،‬هن ــاك قل ــق‬ ‫بش ــأن تراج ــع ارت ــداء األزي ــاء التقليدي ــة ف ــي‬ ‫الحي ــاة اليومي ــة‪ ،‬مم ــا ق ــد ي ــؤدي إل ــى نس ــيان‬ ‫بع ــض العناص ــر وامله ــارات املرتبط ــة به ــا‪.‬‬ ‫و ال زال ــت األزي ــاء التقليدي ــة تحت ــل مكان ــة‬ ‫مرموق ــة ف ــي املناس ــبات الخاص ــة واألعي ــاد‬ ‫واالحتف ــاالت الوطني ــة واملحلي ــة‪ ،‬اذ إن ارت ــداء‬ ‫ال ــزي التقلي ــدي ف ــي ه ــذه املناس ــبات يع ــزز‬ ‫الش ــعور باالنتم ــاء والوح ــدة الثقافي ــة‪ ،‬ويؤك ــد‬ ‫عل ــى الهوي ــة املتمي ــزة ل ــكل مك ــون م ــن مكون ــات‬

‫م ــن ال ــزي التقلي ــدي "املحتش ــم"‪ ،‬بخاص ــة‬ ‫للنس ــاء‪ ،‬وف ــي م ــدة االحت ــال العثمان ــي‪ ،‬أث ــرت‬ ‫األزي ــاء العثماني ــة عل ــى مالب ــس الطبق ــات‬ ‫امليس ــورة واملس ــؤولين‪ ،‬اذ ظه ــرت بع ــض‬ ‫األنم ــاط املس ــتوحاة م ــن ال ــزي التركــي‪ ،‬فيم ــا‬ ‫أدخ ــل االس ــتعمار البريطان ــي بع ــض التأثي ـرات‬ ‫الغربي ــة‪ ،‬بخاص ــة ف ــي مالب ــس الرج ــال م ــن‬ ‫الطبق ــة املتعلم ــة واملدني ــة "األفندي ــة" مث ــل‬ ‫الب ــدالت والقبع ــات‪.‬‬ ‫وفــي عصــر العوملــة ووســائل اإلعــام الحديثــة‬ ‫تع ــرض الع ـراق لتأثي ــر كبي ــر م ــن املوض ــات‬ ‫العاملي ــة عب ــر التلفزي ــون واإلنترن ــت‪ ،‬مم ــا أدى‬ ‫إل ــى تبن ــي كثي ــر م ــن الش ــباب ألنم ــاط املالب ــس‬ ‫الغربي ــة "البرم ــودا" وغيره ــا‪.‬‬ ‫و م ــع انتق ــال كثي ــر م ــن الس ــكان م ــن الري ــف‬ ‫إل ــى امل ــدن‪ ،‬ب ــدأت أنم ــاط املالب ــس الريفي ــة‬ ‫التقليدي ــة تفس ــح املج ــال ملالب ــس أكث ــر عملي ــة‬ ‫وعصري ــة؛ وم ــع زي ــادة مش ــاركة امل ـرأة ف ــي‬ ‫التعلي ــم والعم ــل‪ ،‬تغي ــرت مالبس ــها لتناس ــب‬ ‫ه ــذه األدوار الجدي ــدة‪ ،‬م ــع الحف ــاظ عل ــى‬ ‫بع ــض جوان ــب االحتش ــام التقلي ــدي‪.‬‬ ‫وتحدي ــدا‪ ،‬كان ــت املالب ــس تعك ــس الطبق ــة‬ ‫االجتماعي ــة واالقتصادي ــة‪ .‬الي ــوم‪ ،‬م ــا ي ـزال‬ ‫الوضــع االقتصــادي يؤثــر علــى نوعيــة املالبــس‬ ‫املختــارة‪ ،‬ولكــن هنــاك أيضــا ميــل نحــو أنمــاط‬ ‫أكث ــر عاملي ــة تتج ــاوز الطبق ــات ف ــي بع ــض‬

‫األحي ــان‪.‬‬ ‫ويمتل ــك كل إقلي ــم ف ــي الع ـراق أزي ــاء تقليدي ــة‬ ‫ممي ــزة تعك ــس بيئت ــه وعادات ــه‪ ،‬عل ــى س ــبيل‬ ‫املث ــال‪ ،‬تختل ــف أزي ــاء الجن ــوب ذات املن ــاخ‬ ‫الح ــار ع ــن أزي ــاء كوردس ــتان الجبلي ــة‪ ،‬و يتمي ــز‬ ‫الك ــورد والتركم ــان واآلش ــوريون والصابئ ــة‬ ‫املندائي ــون وغيره ــم بأزي ــاء تقليدي ــة فري ــدة‬ ‫تعب ــر ع ــن هويته ــم الثقافي ــة الخاص ــة‪ ،‬ه ــذه‬ ‫األزيــاء تحمــل ألوانــا ورمــوزا وتطريـزات تميــز كل‬ ‫مجموعــة‪ ،‬و هنــاك أزيــاء خاصــة برجــال الديــن‬ ‫والطق ــوس الديني ــة املتنوع ــة ف ــي الع ـراق‪.‬‬ ‫وف ــي ظ ــل ه ــذا التن ــوع الغن ــي والتغي ـرات‬ ‫املس ــتمرة‪ ،‬يب ــرز تأثي ــر تب ــدل املالب ــس عل ــى‬

‫املجتم ــع العراق ــي‪.‬‬ ‫وهن ــاك جه ــود م ــن قب ــل مصمم ــي األزي ــاء‬ ‫والفناني ــن العراقيي ــن لدم ــج العناص ــر‬ ‫التقليدي ــة ف ــي تصامي ــم عصري ــة‪ ،‬مم ــا يخل ــق‬ ‫ح ــوارا بي ــن املا�ض ــي والحاض ــر ويحاف ــظ عل ــى‬ ‫الهوي ــة الثقافي ــة بط ــرق مبتك ــرة وجذاب ــة‬ ‫للجي ــل الجدي ــد‪.‬‬ ‫و بالنس ــبة للمكون ــات العرقي ــة والديني ــة‬ ‫املتنوع ــة‪ ،‬تع ــد األزي ــاء التقليدي ــة وس ــيلة قوي ــة‬ ‫للحفــاظ علــى هويتهــا الثقافيــة املميــزة والتعبيــر‬ ‫عنه ــا ف ــي املجتم ــع العراق ــي األوس ــع‪ .‬إن ارت ــداء‬ ‫ال ــزي الك ــوردي أو التركمان ــي أو اآلش ــوري ف ــي‬ ‫املناس ــبات العام ــة يمث ــل تأكي ــدا عل ــى التن ــوع‬

‫الثقاف ــي ال ــذي يمي ــز الع ـراق‪.‬‬ ‫ويواجــه العراقيــون تحديــا فــي تحقيــق التــوازن‬ ‫بي ــن تبن ــي جوان ــب م ــن املوض ــة العاملي ــة الت ــي‬ ‫يرونه ــا مناس ــبة وبي ــن الحف ــاظ عل ــى جوه ــر‬ ‫هويته ــم الثقافي ــة الت ــي تتجل ــى ف ــي أزيائه ــم‬ ‫التقليد ي ــة‪.‬‬ ‫ويعك ــس تب ــدل اللب ــاس ف ــي الع ـراق بش ــكل‬ ‫واض ــح التغي ـرات االجتماعي ــة الت ــي م ــر به ــا‪،‬‬ ‫ومــن ذلــك تراجــع النزعــة القبليــة‪ ،‬ففــي بعــض‬ ‫املناط ــق‪ ،‬ق ــد يك ــون هن ــاك تراج ــع تدريج ــي ف ــي‬ ‫ارتــداء األزيــاء التــي كانــت تميــز قبيلــة معينــة فــي‬ ‫الحيــاة اليوميــة‪ ،‬مــع االتجــاه نحــو مالبــس أكثــر‬ ‫عصري ــة وعام ــة‪.‬‬ ‫اهتمام ــا متزاي ــدا بإب ـراز‬ ‫ف ــي املقاب ــل‪ ،‬ش ــهدنا‬ ‫ً‬ ‫األزيــاء التقليديــة للمكونــات العرقيــة والدينيــة‬ ‫كشــكل مــن أشــكال التأكيــد علــى الهويــة فــي ظــل‬ ‫التحدي ــات والتح ــوالت الت ــي يم ــر به ــا املجتم ــع‬ ‫العراق ــي‪ .‬وف ــي مراح ــل معين ــة‪ ،‬ق ــد ي ــزداد املي ــل‬ ‫تحفظ ــا تعك ــس‬ ‫نح ــو ارت ــداء مالب ــس أكث ــر‬ ‫ً‬ ‫القي ــم الديني ــة الس ــائدة أو املتزاي ــدة التأثي ــر‪،‬‬ ‫فيم ــا يك ــون تبن ــي الش ــباب العراق ــي للموض ــات‬ ‫العاملي ــة انعكاس ــا لرغبته ــم ف ــي االنفت ــاح عل ــى‬ ‫العال ــم والتعبي ــر ع ــن حداثته ــم‪.‬‬ ‫ان املالب ــس التقليدي ــة الت ــي يتواص ــل لبس ــها‬ ‫ول ــم تندث ــر كلي ــا بس ــبب التغي ـرات‪ ،‬تع ــد ج ــزءا‬ ‫ال يتج ـزأ م ــن الهوي ــة الثقافي ــة للش ــعوب‪ ،‬فه ــي‬ ‫تحم ــل رم ــوزا ودالالت تاريخي ــة واجتماعي ــة‬ ‫ً‬ ‫وفني ــة تعب ــر ع ــن ت ـراث األم ــة وقيمه ــا وعاداته ــا‪.‬‬ ‫وعندم ــا تتغي ــر ه ــذه املالب ــس‪ ،‬ف ــإن ذل ــك ق ــد‬ ‫يؤث ــر عل ــى الهوي ــة الثقافي ــة بط ــرق متنوع ــة‪،‬‬ ‫اذ ي ــؤدي التح ــول إل ــى أنم ــاط مالب ــس عاملي ــة‬ ‫أو حديث ــة إل ــى فق ــدان الرم ــوز واألل ــوان‬ ‫والتصامي ــم الت ــي كان ــت تحم ــل معان ــي خاص ــة‬ ‫ُوتع ــرف بثقاف ــة معين ــة‪ .‬ه ــذا ق ــد يضع ــف‬ ‫االرتب ــاط بالت ـراث والتاري ــخ‪.‬‬ ‫وعندم ــا تتبن ــى ش ــعوب وقومي ــات متنوع ــة‬ ‫أنماط ــا متش ــابهة م ــن املالب ــس‪ ،‬ق ــد يق ــل‬ ‫ً‬ ‫التميي ــز البص ــري بي ــن الثقاف ــات‪ ،‬مم ــا يجع ــل‬ ‫م ــن الصع ــب التع ــرف عل ــى الهوي ــة الثقافي ــة‬ ‫بوس ــاطة املظه ــر الخارج ــي‪ ،‬و ف ــي بع ــض‬ ‫الح ــاالت‪ ،‬ق ــد ي ــؤدي تغي ــر املالب ــس التقليدي ــة‬ ‫إل ــى إع ــادة تفس ــير الهوي ــة الثقافي ــة ب ــدال م ــن‬

‫فقدانهــا بالكامــل‪ .‬يمكــن للمصمميــن والفنانيــن‬ ‫دم ــج عناص ــر تقليدي ــة ف ــي تصامي ــم حديث ــة‪،‬‬ ‫مم ــا يخل ــق تعبي ـ ًـرا جدي ـ ًـدا ع ــن الهوي ــة يجم ــع‬ ‫بي ــن األصال ــة واملعاص ــرة‪.‬‬ ‫و يعكــس تبــدل اللبــاس التغي ـرات االجتماعيــة‬ ‫الت ــي تح ــدث ف ــي البل ــدان‪ ،‬فاملالب ــس ليس ــت‬ ‫أيض ــا‬ ‫مج ــرد وس ــيلة لس ــتر الجس ــد‪ ،‬ب ــل ه ــي ً‬ ‫وســيلة للتعبيــر عــن الــذات واالنتمــاء والوضــع‬ ‫االجتماع ــي واملعتق ــدات والقي ــم‪ ،‬و ف ــي عدي ــد‬ ‫املجتمع ــات‪ ،‬ش ــهدت مالب ــس النس ــاء تغي ـرات‬ ‫كبي ــرة تعك ــس تحرره ــن وزي ــادة مش ــاركتهن ف ــي‬ ‫الحي ــاة العام ــة والعم ــل‪ ،‬فق ــد تخل ــت النس ــاء‬ ‫ع ــن املالب ــس املقي ــدة والفضفاض ــة لصال ــح‬ ‫مالب ــس أكث ــر عملي ــة وحري ــة‪.‬‬ ‫وق ــد يش ــير ظه ــور أنم ــاط مالب ــس جدي ــدة إل ــى‬ ‫صعــود طبقــات اجتماعيــة جديــدة أو تغيــر‬ ‫فــي الهــرم االجتماعــي‪ .‬ففــي بعــض الفتـرات‬ ‫التاريخي ــة‪ ،‬كان ــت املالب ــس الفاخ ــرة‬ ‫حك ـ ًـرا عل ــى الطبق ــات العلي ــا‪ ،‬ف ــي حي ــن‬ ‫أصبــح الوصــول إليهــا أســهل مــع التطــور‬ ‫االقتصــادي‪ ،‬ممــا أدى إلــى تغيــر‬ ‫ف ــي دالالت املوض ــة‪.‬‬ ‫كم ــا ادى ذل ــك ال ــى ظه ــور‬ ‫ثقاف ــات فرعي ــة مث ــل‬ ‫الهيبي ــز أو البان ــك أو‬ ‫ال ـراب ً‬ ‫غالب ــا م ــا يك ــون‬ ‫ً‬ ‫مصحوب ــا بأنم ــاط‬ ‫مالب ــس ممي ــزة تعب ــر‬ ‫ع ــن قي ــم ه ــذه‬ ‫املجموع ــات وهويته ــا‬ ‫املختلفــة عــن التيــار‬ ‫مث ــل‬ ‫الس ــائد‪،‬‬ ‫مرحل ــة ومالب ــس‬ ‫" ا لجا ر ل ــس "‬ ‫للرج ــال و“مين ــي‬ ‫ج ــوب" للنس ــاء‬ ‫وغيره ــا ارتبط ــت‬ ‫بأوق ــات معين ــة‪.‬‬

‫" يؤدي التحول إلى أنماط‬ ‫مالبس عالمية أو حديثة‬ ‫إلى فقدان الرموز واأللوان‬ ‫والتصاميم التي كانت‬ ‫تحمل معاني خاصة وتُعرف‬ ‫بثقافة معينة‪ ،‬هذا قد‬ ‫يضعف االرتباط بالتراث‬ ‫والتاريخ "‪.‬‬

‫‪64‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪65 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫"تصوير القاعات االمتحانية"‬ ‫هل ينهي الغش في مدارس العراق؟‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫أوضحت وزارة التربية‬ ‫العر اقية‪ ،‬انها أدخلت‬ ‫نظم الرقابة اإللكترونية في‬ ‫االمتحانات الوزارية‪ ،‬وان ذلك‬ ‫يهدف إلى تعزيزاألمان وضبط‬ ‫اإلجراءات في داخل املراكز‬ ‫االمتحانية‪.‬‬

‫ولف ــت املتح ــدث باس ــم ال ــوزارة كري ــم الس ــيد‬ ‫إل ــى أن "ال ــوزارة نصب ــت كامي ـرات مراقب ــة ف ــي‬ ‫املديري ــات العام ــة للتربي ــة‪ ،‬يت ــم رصده ــا م ــن‬ ‫قب ــل لجن ــة خاص ــة ف ــي مرك ــز ال ــوزارة‪ ،‬وتخض ــع‬ ‫مباشــرة ملتابعــة وزيــر التربيــة واللجنــة الدائمــة‬ ‫لالمتحانــات‪ ،‬إضافــة إلــى اللجــان الســاندة التــي‬ ‫ت ــم إرس ــالها إل ــى املديري ــات العام ــة”‪.‬‬ ‫ان ه ــذا التوج ــه يثي ــر تس ــاؤالت بش ــأن م ــدى‬ ‫ش ــيوع ه ــذا األس ــلوب ف ــي العال ــم‪ ،‬وفوائ ــد‬ ‫الكامي ـرات ف ــي قاع ــات االمتحان ــات‪ ،‬فه ــل ان‬ ‫ه ــذه الطريق ــة متبع ــة ف ــي دول اخ ــرى؟‬ ‫تس ــتعمل أنظم ــة املراقب ــة اإللكتروني ــة ف ــي‬ ‫االمتحان ــات بش ــكل متزاي ــد ف ــي عدي ــد ال ــدول‬ ‫املتقدم ــة واألنظم ــة الديمقراطي ــة‪ ،‬بخاص ــة‬ ‫م ــع تزاي ــد اس ــتعمال االمتحان ــات اإللكتروني ــة‬ ‫واالمتحان ــات ع ــن بع ــد‪ ،‬وم ــع ذل ــك‪ ،‬هن ــاك‬ ‫اختالف ــات ف ــي مس ــتوى وطبيع ــة ه ــذه املراقب ــة‪.‬‬ ‫ف ــان االمتحان ــات اإللكتروني ــة واالمتحان ــات‬ ‫ع ــن بع ــد‪ ،‬تعتم ــد فيه ــا عدي ــد الجامع ــات‬ ‫واملؤسس ــات التعليمي ــة ف ــي ال ــدول املتقدم ــة‬

‫عل ــى أنظم ــة مراقب ــة إلكتروني ــة (‪Proctoring‬‬ ‫‪ )software‬لالمتحان ــات الت ــي تج ــرى عب ــر‬ ‫اإلنترن ــت‪ ،‬تتضم ــن ه ــذه األنظم ــة اس ــتعمال‬ ‫كامي ـرات الوي ــب ملراقب ــة الط ــاب‪ ،‬وتحلي ــل‬ ‫حرك ــة العي ــن‪ ،‬والص ــوت‪ ،‬ونش ــاط الشاش ــة‪،‬‬ ‫وحتــى اســتخدام الــذكاء االصطناعــي الكتشــاف‬ ‫الس ــلوكيات املش ــبوهة‪.‬‬ ‫أم ــا املراقب ــة ف ــي القاع ــات االمتحاني ــة‪ ،‬أي‬ ‫االمتحانــات التقليديــة التــي تجــرى فــي قاعــات‪،‬‬ ‫فيع ــد اس ــتعمال كامي ـرات املراقب ــة ش ــائعا ف ــي‬ ‫بع ــض امل ــدارس والجامع ــات ح ــول العال ــم‪،‬‬ ‫اله ــدف األسا�س ــي ه ــو تعزي ــز األم ــن الع ــام‬ ‫ومراقب ــة الس ــلوكيات ف ــي داخ ــل القاع ــات‪.‬‬ ‫وبرغ ــم فوائده ــا‪ ،‬تثي ــر أنظم ــة املراقب ــة‬ ‫اإللكتروني ــة مخ ــاوف بش ــأن الخصوصي ــة‪،‬‬ ‫و م ــا يس ــمى التحي ــز ف ــي الخوارزمي ــات اي أن‬ ‫"الخوارزمي ــة" وه ــي مجموع ــة م ــن التعليم ــات‬ ‫املح ــددة بدق ــة (الخط ــوات) الت ــي تتبعه ــا اآلل ــة‬ ‫(مث ــل الحاس ــوب) لح ــل مش ــكلة م ــا أو أداء‬ ‫مهم ــة معين ــة‪ ،‬ق ــد تفض ــل مجموع ــة معين ــة‬

‫م ــن األش ــخاص أو املجموع ــات عل ــى حس ــاب‬ ‫مجموع ــات أخ ــرى‪ ،‬مم ــا ي ــؤدي إل ــى نتائ ــج‬ ‫تمييزي ــة أو غي ــر عادل ــة‪ ،‬كم ــا ان الكامي ـرات‬ ‫وأجه ــزة الرقاب ــة ت ــؤدي ال ــى الضغ ــط النف�س ــي‬ ‫علــى الطــاب؛ لذلــك‪ ،‬تســعى الــدول املتقدمــة‬ ‫إلــى تحقيــق التــوازن بيــن تعزيــز النزاهــة وحمايــة‬ ‫حقــوق الطــاب‪ ،‬وغالبــا مــا تكــون هنــاك لوائــح‬ ‫واضح ــة بش ــأن اس ــتغالل ه ــذه التقني ــات‪.‬‬ ‫فم ــا ه ــي الفوائ ــد الت ــي توفره ــا الكامي ـرات ف ــي‬ ‫الصف ــوف االمتحاني ــة؟ توف ــر الكامي ـرات ف ــي‬ ‫الصف ــوف االمتحاني ــة (س ــواء كان ــت للكش ــف‬ ‫عــن الغــش أو ألغـراض أخــرى) عديــد الفوائــد‪،‬‬ ‫س ــواء أعلن ــت الجه ــات املعني ــة ذل ــك صراح ــة‬ ‫أم ال‪ ،‬ومنه ــا ردع الغ ــش‪ ،‬ه ــذا ه ــو اله ــدف‬ ‫األكث ــر وضوح ــا واألكث ــر ش ــيوعا‪ ،‬ان مج ــرد‬ ‫تواجــد الكاميـرات يمكــن أن يــردع الطــاب عــن‬ ‫محاولــة الغــش‪ ،‬اذ يعلمــون أنهــم مراقبــون وقــد‬ ‫يج ــري كش ــفهم‪.‬‬ ‫وف ــي ح ــال ح ــدوث غ ــش‪ ،‬توف ــر الكامي ـرات‬ ‫تســجيالت فيديــو يمكــن اســتعمالها للتحقيــق‬

‫ف ــي الح ــاالت وتوثيقه ــا‪ ،‬وه ــذا يوف ــر دلي ــا‬ ‫موضوعي ــا يس ــاعد ف ــي اتخ ــاذ اإلج ـراءات‬ ‫التأديبي ــة املطلوب ــة‪.‬‬ ‫كمــا يســهم وضــع الكامي ـرات فــي تعزيــز النزاهــة‬ ‫والعدال ــة‪ ،‬اذ تس ــاعد الكامي ـرات عل ــى ضم ــان‬ ‫تكاف ــؤ الف ــرص لجمي ــع الط ــاب‪ ،‬و تقل ــل م ــن‬ ‫ف ــرص أولئ ــك الذي ــن يحاول ــون الحص ــول عل ــى‬ ‫مي ــزة غي ــر عادل ــة بوس ــاطة الغ ــش‪.‬‬ ‫كم ــا يج ــري ع ــن طري ــق الكامي ـرات توفي ــر بيئ ــة‬ ‫امتحاني ــة آمن ــة‪ ،‬إذ يمك ــن له ــا أن تس ــهم‬ ‫ف ــي تعزي ــز األم ــن الع ــام ف ــي داخ ــل قاع ــات‬ ‫االمتحانــات‪ ،‬ومراقبــة أي حــوادث غيــر مرغــوب‬ ‫فيه ــا أو س ــلوكيات غي ــر منضبط ــة‪.‬‬ ‫و ف ــي حال ــة تواج ــد خالف ــات أو ش ــكاوى‬ ‫تتعل ــق بس ــير االمتح ــان أو س ــلوك الط ــاب‬ ‫أو املراقبي ــن‪ ،‬يمك ــن الرج ــوع إل ــى تس ــجيالت‬ ‫الكامي ـرات لتوضي ــح الحقائ ــق وح ــل النزاع ــات‬ ‫بش ــكل ع ــادل وموضوع ــي‪.‬‬ ‫وف ــي حي ــن ال يمك ــن للكامي ـرات أن تح ــل مح ــل‬ ‫املراقبي ــن البش ــريين بالكام ــل‪ ،‬فإنه ــا يمك ــن أن‬

‫تقل ــل م ــن ع ــبء املراقب ــة وتس ــاعد املراقبي ــن‬ ‫علــى التركيــز علــى املهــام األكثــر تعقيــدا‪ ،‬وكذلــك‬ ‫فانه ــا تس ــهم ف ــي تحس ــين إدارة االمتحان ــات‪،‬‬ ‫اذ يمك ــن أن توف ــر تس ــجيالت الكامي ـرات رؤى‬ ‫قيم ــة بش ــأن س ــير العملي ــة االمتحاني ــة‪ ،‬مم ــا‬ ‫يس ــاعد اإلدارة عل ــى تحدي ــد نق ــاط الضع ــف‬ ‫وتحس ــين اإلج ـراءات ف ــي املس ــتقبل‪.‬‬ ‫بالنتيج ــة‪ ،‬حت ــى ل ــو ل ــم تعل ــن وزارة التربي ــة‬ ‫والتعلي ــم العراقي ــة صراح ــة أن اله ــدف م ــن‬ ‫الكامي ـرات ه ــو "كش ــف الغ ــش"‪ ،‬ف ــإن كش ــف‬ ‫الغــش هــو فائــدة رئيســة ومتوقعــة مــن إدخــال‬ ‫نظ ــم الرقاب ــة اإللكتروني ــة ف ــي االمتحان ــات‪ ،‬وان‬ ‫عبــارة "تعزيــز األمــان وضبــط اإلجـراءات" يمكــن‬ ‫أن تش ــمل ضمني ــا من ــع الغ ــش وضم ــان نزاه ــة‬ ‫االمتحان ــات‪.‬‬ ‫وكثي ـرا مــا تحــدث عمليــات غــش فــي االمتحانــات‬ ‫للم ــدارس ف ــي الع ـراق بش ــتى مراحله ــا وقطع ــا‬ ‫ف ــان عملي ــة الغ ــش عملي ــة مرفوض ــة وت ــؤدي‬ ‫ال ــى نتائ ــج س ــلبية تض ــر بالعملي ــة التربوي ــة‬ ‫وباملجتم ــع عموم ــا‪.‬‬

‫ان الغ ــش ف ــي االمتحان ــات يع ــد م ــن الظواه ــر‬ ‫الس ــلبية الت ــي تؤث ــر بش ــكل مباش ــر عل ــى‬ ‫العملي ــة التربوي ــة وتت ــرك آث ــارا عميق ــة عل ــى‬ ‫الف ــرد املجتم ــع؛ وم ــن أب ــرز النتائ ــج الس ــلبية‬ ‫لعمليــات الغــش فــي االمتحانــات‪ ،‬انهيــار القيــم‬ ‫التربوي ــة واألخالقي ــة‪ ،‬اذ ان الغ ــش يرس ــخ‬ ‫مفاهيــم خاطئــة مثــل الكســب الســهل وتجــاوز‬ ‫القواني ــن‪ ،‬ويضع ــف م ــن قيم ــة الص ــدق‬ ‫واالجته ــاد‪ ،‬م ــا ي ــؤدي إل ــى تده ــور األخ ــاق ل ــدى‬ ‫الطلب ــة‪.‬‬ ‫كم ــا يتس ــبب الغ ــش ف ــي إضع ــاف مس ــتوى‬ ‫التعلي ــم‪ ،‬فالطال ــب ال ــذي ينج ــح بالغ ــش‬ ‫ال يكتس ــب املعرف ــة أو امله ــارات املطلوب ــة‪،‬‬ ‫م ــا ي ــؤدي إل ــى تخري ــج أجي ــال ضعيف ــة علمي ــا‬ ‫وغي ــر مؤهل ــة لتحم ــل مس ــؤولياتها األكاديمي ــة‬ ‫أواملهني ــة‪.‬‬ ‫والغــش يهــدر مبــدأ تكافــؤ الفــرص‪ ،‬اذ يحصــل‬ ‫م ــن ال يس ــتحق عل ــى الدرج ــات العالي ــة‪ ،‬ف ــي‬ ‫حيــن ُيظلــم املجتهــد الــذي اعتمــد علــى جهــده‪،‬‬ ‫و عندم ــا تنتش ــر ظاه ــرة الغ ــش‪ُ ،‬تفق ــد الثق ــة‬ ‫ف ــي مس ــتوى التعلي ــم واملخرج ــات األكاديمي ــة‬ ‫للمؤسس ــات التعليمي ــة‪ ،‬مم ــا ق ــد يؤث ــر عل ــى‬ ‫مكان ــة الدول ــة تعليمي ــا عل ــى املس ــتوى املحل ــي‬ ‫والدول ــي‪.‬‬ ‫كم ــا ان الغ ــش ف ــي االمتحان ــات ق ــد يك ــون‬ ‫بداي ــة ملس ــار م ــن الفس ــاد‪ ،‬اذ يعت ــاد الف ــرد‬ ‫عل ــى الخ ــداع والتحاي ــل‪ ،‬مم ــا يمه ــد الطري ــق‬ ‫ملمارســات غيــر نزيهــة فــي ســوق العمــل والحيــاة‬ ‫العا م ــة؛‬ ‫والش ــخص ال ــذي تخ ــرج بالغ ــش غالب ــا م ــا‬ ‫يفتق ــر إل ــى امله ــارات واملعرف ــة الحقيقي ــة‪ ،‬مم ــا‬ ‫يجعل ــه عنص ـرا غي ــر منت ــج ف ــي املجتم ــع وي ــؤدي‬ ‫إل ــى راج ــع األداء ف ــي ميادي ــن العم ــل املتنوع ــة‪،‬‬ ‫وحينم ــا يعت ــاد الطلب ــة عل ــى الغ ــش وغي ــاب‬ ‫املحاس ــبة‪ ،‬يفق ــدون اإلحس ــاس باملس ــؤولية‬ ‫تج ــاه البل ــد‪ ،‬ويق ــل احترامه ــم لألنظم ــة‬ ‫والقوانيــن‪ ،‬ممــا ينعكــس ســلبا علــى االســتقرار‬ ‫املجتمع ــي؛ وبالنتيج ــة ف ــان الغ ــش ال يع ــد‬ ‫فقــط ســلوكا مرفوضــا تربويــا‪ ،‬بــل هــو مشــكلة‬ ‫مجتمعي ــة خطي ــرة تتطل ــب تعاون ــا م ــن األس ــرة‪،‬‬ ‫املدرس ــة‪ ،‬واملؤسس ــات الحكومي ــة ملعالجته ــا‬ ‫م ــن جذوره ــا ونش ــر ثقاف ــة النزاه ــة واالعتم ــاد‬ ‫عل ــى النف ــس‪.‬‬

‫‪66‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪67 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫الصيدالني الذي ّلون األنبار‪..‬‬

‫نايف اآللوسي يحوّل فنه إلى مشروع وهوية‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫من صيدلية الحياة إلى صالة الفن‪ ،‬ومن تشريح الجسد إلى رسم مالمح الجمال‪ ،‬ينسج‬ ‫الفنان نايف اآللو�سي مسيرة فريدة تمزج بين الدقة العلمية والحس اإلبداعي‪ ،‬فهو صيدالني‬ ‫باالختصاص‪ ،‬لكنه بالفن اختارأن يروي حكاية مختلفة؛ حكاية بدأت بموهبة صغيرة في جدران‬ ‫وتحولت الحقا إلى هوية بصرية ّ‬ ‫املدارس‪ّ ،‬‬ ‫تلون وجه األنبار‪.‬‬ ‫ً‬

‫فــي لوحاتــه‪ ،‬كمــا فــي حياتــه‪ ،‬مــزج اآللو�ســي بيــن‬ ‫العل ــم والخي ــال‪ ،‬بي ــن التش ــريح والظ ــل‪ ،‬بي ــن‬ ‫الل ــون والرم ــز‪ ،‬ل ــم يك ــن الف ــن بالنس ــبة ل ــه‬ ‫ـروعا متكام ـ ًـا يعك ــس‬ ‫مج ــرد هواي ــة‪ ،‬ب ــل مش ـ ً‬ ‫روح ــه وبيئت ــه‪ ،‬ويق ـ ّـدم لألنب ــار وجه ـ ًـا جمي ـ ًـا‬ ‫يس ــتحق أن ُي ــرى ُويحتف ــى ب ــه‪.‬‬ ‫البداية من جدران املدرسة‬ ‫ي ــروي ناي ــف اآللو�س ــي ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬رحلت ــه‬ ‫م ــع الف ــن الت ــي ق ــال إنه ــا ب ــدأت ف ــي املرحل ــة‬ ‫االبتدائي ــة‪ ،‬حي ــن الح ــظ معلم ــوه موهبت ــه‬ ‫وحرص ــوا عل ــى ع ــرض أعمال ــه عل ــى ج ــدران‬ ‫املدرس ــة لس ــنوات‪ ،‬ه ــذا التقدي ــر املبك ــر من ــح‬ ‫الطف ــل دافع ـ ًـا للتمي ــز‪ ،‬لي ــزرع ف ــي داخل ــه الثق ــة‬

‫بمس ــار اخت ــاره بقلب ــه‪.‬‬ ‫ورغ ــم أن ــه درس الصيدل ــة الحق ـ ًـا‪ ،‬ف ــإن تل ــك‬ ‫الدراس ــة أهدت ــه معرف ــة دقيق ــة بتفاصي ــل‬ ‫الجســد‪ ،‬عبــر مــادة التشــريح التــي أثــرت إدراكــه‬ ‫لتوزي ــع الض ــوء والظ ــل‪ ،‬أم ــا التأثي ــر الفن ــي‬ ‫األعم ــق‪ ،‬فق ــد كان فطري ـ ًـا وخ ــارج قاع ــات‬ ‫الجامع ــة‪.‬‬ ‫فن الديكور‬ ‫فــي ســبعينيات القــرن املا�ضــي‪ ،‬وفــي ظــل انفتــاح‬ ‫نس ــبي عل ــى العال ــم‪ ،‬ق ــرر ناي ــف خ ــوض تجرب ــة‬ ‫جدي ــدة‪ ،‬مش ــي ًرا إل ــى افتت ــاح أول مكت ــب ديك ــور‬ ‫ـان ف ــي األنب ــار‪ ،‬وف ــي ذل ــك الوق ــت‪،‬‬ ‫وتجمي ــل مب ـ ٍ‬ ‫كان ــت ثقاف ــة الجم ــال ف ــي املبان ــي تقتص ــر‬

‫عل ــى "الصب ــغ"‪ ،‬لك ــن وج ــود عمال ــة عربي ــة‬ ‫أدخلــت فنــون الجبــس وغيرهــا مــن التفاصيــل‬ ‫الجدي ــدة‪ ،‬مم ــا ألهم ــه بدم ــج الديك ــور والرس ــم‬ ‫ف ــي مش ــروعه الري ــادي‪.‬‬ ‫ورغ ــم ضع ــف اإلقب ــال ف ــي البداي ــة وصعوب ــة‬ ‫إقن ــاع الزبائ ــن‪ ،‬اس ــتمر األلو�س ــي‪ ،‬مقتحم ـ ًـا‬ ‫س ــوقا غي ــر ّ‬ ‫مهي ــأ‪ ،‬حت ــى ب ــدأ املجتم ــع األنب ــاري‬ ‫ً‬ ‫ف ــي التس ــعينيات يس ــتوعب فك ــرة أن الجم ــال‬ ‫ـزءا مــن تفاصيــل املــكان‪ ،‬ال‬ ‫يمكــن أن يكــون جـ ً‬ ‫رفاهي ــة زائ ــدة‪.‬‬ ‫ي ــرى ناي ــف أن النقاب ــات ف ــي الع ـراق‪ ،‬خاص ــة‬ ‫ف ــي املحافظ ــات‪ ،‬ل ــم تق ـ ّـدم دعم ـ ًـا حقيقي ـ ًـا‬ ‫للفناني ــن‪ ،‬ب ــل كان ــت عبئ ـ ًـا إضافي ـ ًـا‪ ،‬فاملوهب ــة‬

‫‪68‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪69 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫بالنس ــبة ل ــه‪ ،‬أص ــدق وأعم ــق‬ ‫م ــن الش ــهادات‪ ،‬وم ــن هن ــا‪ ،‬ط ـ ّـور‬ ‫مهاراتــه بالرســم والجبــس والديكــور‬ ‫مــن خــال املطالعــة الذاتيــة‪ ،‬دراســة‬ ‫كت ــب الف ــن وتاريخ ــه‪ ،‬وتماري ــن ال‬ ‫تتوق ــف‪ ،‬ولع ــل أب ــرز داف ــع ل ــه‪ ،‬كان‬ ‫ّ‬ ‫تحوي ــل الف ــن إل ــى عم ــل تج ــاري مج ـ ٍـز‬ ‫دون أن يفق ــد روح ــه اإلبداعي ــة‪.‬‬ ‫هوية بصرية انبارية‬ ‫ي ــرى األلو�س ــي أن الفن ــان الفط ــري‬ ‫أص ــدق م ــن األكاديم ــي ألن ــه ال يتقي ــد‬ ‫بإط ــار‪ ،‬ب ــل يعب ــر ع ــن رؤيت ــه بحري ــة‪،‬‬ ‫وه ــو نفس ــه يج ــد ف ــي البيئ ــة األنباري ــة‬ ‫بصحرائه ــا ونواعيره ــا وخيوله ــا وفراته ــا‪،‬‬ ‫عناص ــر غني ــة لإلله ــام والرس ــم‪،‬‬ ‫ه ــذه الص ــور ل ــم تك ــن مج ــرد مش ــاهد‬ ‫جميلــة‪ ،‬بــل انعــكاس لهويتــه الشــخصية‬ ‫والجمعي ــة‪.‬‬ ‫وفــي أعمالــه‪ ،‬يوظــف اآللو�ســي‪ ،‬كل املــواد حتــى‬ ‫الت ـراب لخل ــق تش ــكيالت فني ــة‪ ،‬مؤمن ـ ًـا ب ــأن‬ ‫لــكل لــون مكانــه وزمانــه‪ ،‬أمــا الرمــوز األنباريــة‪،‬‬ ‫فتتكــرر فــي لوحاتــه كأثــر مــن جــذور ال تنفصــل‬ ‫ع ــن روح ــه‪.‬‬ ‫ورغ ــم قل ــة املع ــارض وع ــدم وج ــود ص ــاالت‬ ‫ع ــرض أو بي ــع فن ــي ف ــي األنب ــار‪ ،‬ل ــم ي ـ َـر األلو�س ــي‬ ‫ف ــي ذل ــك عائق ـ ًـا بق ــدر م ــا ه ــو تح ـ ٍّـد‪ ،‬وه ــو ي ــرى‬ ‫ّ‬ ‫ـبيا‪ ،‬خاص ــة‬ ‫أن الذائق ــة الفني ــة تط ــورت نس ـ ً‬ ‫ف ــي املناط ــق الغربي ــة ذات الج ــذور التاريخي ــة‬ ‫العميق ــة مث ــل هي ــت وحديث ــة‪ ،‬مقارن ــة بمراك ــز‬ ‫امل ــدن الحديث ــة كالرم ــادي والفلوج ــة‪.‬‬ ‫من القصور الرئاسية إلى سينما الرمادي‬ ‫عل ــى صعي ــد املش ــاريع‪ّ ،‬نف ــذ ناي ــف أعم ــال‬ ‫ديكــور وفــن فــي قصــور رئاســية‪ ،‬وفلــل‪ ،‬وســينما‬ ‫الرم ــادي‪ ،‬ومطاع ــم معروف ــة ف ــي بغ ــداد‪ ،‬وه ــي‬ ‫تجــارب يــرى أنهــا تركــت بصمــة فنيــة وجماليــة‪،‬‬ ‫رغ ــم أن الش ــهرة ل ــم تك ــن هدف ــه األول‪.‬‬ ‫وعــن املعــارض‪ ،‬يســتعد األلو�ســي قريبـ ًـا إلطــاق‬ ‫معرضي ــن فنيي ــن‪ ،‬س ــيكونان بمثاب ــة تتوي ــج‬ ‫ملس ــيرة فني ــة امت ــدت لعق ــود‪ ،‬ونم ــت خ ــارج‬

‫لكن ــه يحت ــاج إل ــى توجي ــه نح ــو الجم ــال‪.‬‬ ‫ف ــي يوم ــه‪ ،‬ال يس ــير األلو�س ــي وف ــق ج ــدول‬ ‫ص ــارم؛ ه ــو فوض ــوي باعتراف ــه‪ ،‬يعي ــش‬ ‫بي ــن أس ــرته وألوان ــه‪ ،‬بي ــن الدهان ــات‬ ‫واللوح ــات‪ ،‬وبي ــن ش ــغف دائ ــم بالس ــفر‬ ‫والصي ــد والتصوي ــر‪ ،‬هك ــذا ه ــو ناي ــف‬ ‫األلو�س ــي‪ :‬فن ــان فط ــري َبن َف ــس علم ــي‪،‬‬ ‫صيدالن ــي بفرش ــاة‪ ،‬ح ـ ّـول الف ــن إل ــى‬ ‫حكاي ــة أنباري ــة تس ــتحق أن ُت ــروى‪.‬‬

‫"الفنان الفطري أصدق من‬ ‫األكاديمي ألنه ال يتقيد‬ ‫بإطار‪ ،‬بل يعبر عن رؤيته‬ ‫بحرية‪ ،‬ويجد في البيئة‬ ‫بصحرائها ونواعيرها‬ ‫وخيولها وفراتها‪ ،‬عناصر‬ ‫غنية لإللهام والرسم"‪.‬‬

‫أس ــوار املؤسس ــات التقليدي ــة‪.‬‬ ‫نصيحة من قلب التجربة‬ ‫للجي ــل الجدي ــد‪ ،‬يو�ص ــي ناي ــف األلو�س ــي‬ ‫بالرس ــم‪ ،‬ال فق ــط كف ــن‪ ،‬ب ــل كع ــاج نف�س ــي‬ ‫ومج ــال للتركي ــز واالنضب ــاط واالبتع ــاد ع ــن‬ ‫مظاهــر التشــتت واالنح ـراف‪ .‬يؤمــن أن الجيــل‬ ‫اليــوم أكثــر وعيـ ًـا بفعــل االنفتــاح التكنولوجــي‪،‬‬

‫‪70‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬ ‫‪SOCIETY‬‬

‫هل يلحق الفن العراقي‬

‫بالفن الرقمي والذكاء‬ ‫االصطناعي في العالم؟‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫لق ــد فتح ــت التقني ــات الرقمي ــة وال ــذكاء االصطناع ــي آفاق ــا جدي ــدة‬ ‫للفنانيــن لــم تكــن ممكنــة فــي املا�ضــي‪ .‬يمكــن للفنانيــن اآلن إنشــاء أعمــال‬ ‫فني ــة معق ــدة ومتط ــورة بس ــهولة أكب ــر‪ ،‬واستكش ــاف أس ــاليب جدي ــدة‪،‬‬ ‫ودم ــج عناص ــر متنوع ــة بط ــرق مبتك ــرة‪.‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪71 2025‬‬

‫وكالع ــادة ف ــان البل ــدان املتقدم ــة تس ــبقنا ف ــي‬ ‫اس ــتغالل التق ــدم العلم ــي املتس ــارع الجدي ــد‬ ‫عل ــى صعي ــد ال ــذكاء االصطناع ــي‪ ،‬فيم ــا ت ــدرك‬ ‫بلداننــا اهميــة تلــك التطــورات فــي وقــت متأخــر‪.‬‬ ‫وعل ــى الصعي ــد العالم ــي ش ــهدنا ظه ــور أن ــواع‬ ‫فني ــة جدي ــدة‪ ،‬اذ أدت ه ــذه التقني ــات مث ــل‬ ‫ف ــن ال ــذكاء االصطناع ــي‪ ،‬والف ــن التولي ــدي‪،‬‬ ‫وفــن الوســائط املتعــددة التفاعلــي‪ ،‬الــى توســيع‬ ‫تعري ــف الف ــن نفس ــه‪.‬‬ ‫كم ــا أس ــهمت األدوات الرقمي ــة وال ــذكاء‬ ‫االصطناع ــي ف ــي تس ــريع وتي ــرة اإلنت ــاج الفن ــي‬ ‫وتس ــهيل نش ــر األعم ــال الفني ــة عل ــى نط ــاق‬ ‫واس ــع عب ــر اإلنترن ــت واملنص ــات الرقمي ــة‪،‬‬ ‫حت ــى انه ــا تتس ــارع اآلن ليتمك ــن املب ــدع عل ــى‬ ‫صعي ــد الكتاب ــة والفن ــون االبداعي ــة م ــن طب ــع‬ ‫منتج ــه مباش ــرة م ــن منزل ــه متجنب ــا مش ــكالت‬ ‫ومعرق ــات دور النش ــر‪.‬‬ ‫وتتي ــح التقني ــات الجدي ــدة للفناني ــن التفاع ــل‬ ‫م ــع جمهوره ــم بط ــرق جدي ــدة‪ ،‬مث ــل إنش ــاء‬ ‫أعم ــال فني ــة تفاعلي ــة أو اس ــتخدام ال ــذكاء‬ ‫االصطناع ــي لتحلي ــل ردود فع ــل الجمه ــور‬ ‫وتطوي ــر أعماله ــم بن ــاء عل ــى ذل ــك‪.‬‬ ‫و يثي ــر اس ــتخدام ال ــذكاء االصطناع ــي ف ــي الف ــن‬ ‫أســئلة بشــأن حقــوق امللكيــة الفكريــة‪ ،‬وأصالــة‬ ‫األعم ــال الفني ــة‪ ،‬ودور الفن ــان البش ــري ف ــي‬ ‫العملي ــة اإلبداعي ــة‪ ،‬إال ان ــه يتق ــدم باس ــتمرار‬

‫وتتوس ــع وتتع ــزز قاع ــدة مس ــتخدميه‪ ،‬وه ــذا‬ ‫دلي ــل عل ــى نجاح ــه‪.‬‬ ‫وف ــي الع ـراق عل ــى وج ــه الخص ــوص يتواج ــد‬ ‫اتج ــاه يتصاع ــد تدريجي ــا للح ــاق بمنج ـزات‬ ‫التقــدم العلمــي علــى هــذا الصعيــد؛ إذ يشــهد‬ ‫البلــد اهتمامــا متزايــدا بالفــن الرقمــي‪ ،‬وهنــاك‬ ‫فنان ــون عراقي ــون ب ــدأوا فع ــا ف ــي استكش ــاف‬ ‫ه ــذه التقني ــات ودمجه ــا ف ــي أعماله ــم‪ ،‬وق ــد‬ ‫جــرى تنظيــم معــارض فنيــة رقميــة فــي بغــداد‪،‬‬ ‫مم ــا ي ــدل عل ــى ه ــذا التوج ــه‪.‬‬ ‫و يمك ــن للف ــن الرقم ــي وال ــذكاء االصطناع ــي‬ ‫أن يوف ــر للفناني ــن العراقيي ــن أدوات جدي ــدة‬ ‫للتعبي ــر ع ــن هويته ــم الثقافي ــة وتراثه ــم الغن ــي‬ ‫املتن ــوع‪ ،‬بط ــرق معاص ــرة وجذاب ــة للجمه ــور‬ ‫العالم ــي‪.‬‬ ‫و ق ــد يواج ــه الفنان ــون ف ــي الع ـراق تحدي ــات‬ ‫تتعل ــق بالوص ــول إل ــى التكنولوجي ــا والبني ــة‬ ‫التحتي ــة الرقمي ــة املطلوب ــة إلنت ــاج ونش ــر‬ ‫الفــن الرقمــي والــذكاء االصطناعــي علــى نطــاق‬ ‫واس ــع‪.‬‬ ‫و كم ــا ه ــو الح ــال ف ــي العال ــم‪ ،‬يث ــار ف ــي الع ـراق‬ ‫نق ــاش بش ــأن دور التكنولوجي ــا ف ــي الف ــن‪،‬‬ ‫وم ــا إذا كان ــت األعم ــال الفني ــة الت ــي يج ــري‬ ‫إنشــاؤها بمســاعدة الــذكاء االصطناعــي يمكــن‬ ‫عدهــا "أصيلــة" بنفــس معنــى األعمــال الفنيــة‬ ‫التقليدي ــة‪.‬‬ ‫وم ــن املتوق ــع أن يس ــتمر تأثي ــر الف ــن الرقم ــي‬ ‫وال ــذكاء االصطناع ــي ف ــي النم ــو ف ــي الع ـراق؛ و‬ ‫مــع تحســن البنيــة التحتيــة وزيــادة الوعــي بهــذه‬ ‫التقني ــات‪ ،‬ق ــد نش ــهد مزي ــدا م ــن الفناني ــن‬ ‫العراقيي ــن الذي ــن يتبن ــون ه ــذه األدوات‬ ‫إلنش ــاء أعم ــال فني ــة مبتك ــرة وفري ــدة م ــن‬ ‫نوعه ــا؛ و يمك ــن أن يس ــهم ذل ــك ف ــي إث ـراء‬ ‫املش ــهد الفن ــي العراق ــي وربط ــه باالتجاه ــات‬ ‫الفني ــة العاملي ــة املعاص ــرة‪.‬‬ ‫وكان ــت "الجمعي ــة العراقي ــة للف ــن الرقم ــي"‬ ‫التــي تأسســت عــام ‪ 2021‬مــن قبــل مجموعــة‬

‫‪72‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪73 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫هل يلحق الفن العراقي بالفن الرقمي والذكاء االصطناعي في العالم؟‬ ‫م ــن الفناني ــن التش ــكيليين العراقيي ــن‪ ،‬ق ــد‬ ‫نظم ــت وبالتع ــاون م ــع دائ ــرة الفن ــون العام ــة‬ ‫ف ــي وزارة الثقاف ــة والس ــياحة واآلث ــار و تح ــت‬ ‫عن ــوان “الف ــن الرقم ــي ‪ -‬رؤي ــة معاص ــرة “‪،‬‬ ‫املع ــرض الفن ــي الرقم ــي‪ ،‬بمش ــاركة اكث ــر م ــن‬ ‫ثالثي ــن فنان ــا تش ــكيليا‪ ،‬بواق ــع نح ــو خمس ــين‬ ‫لوحــة اختلفــت فــي وســائل التعبيــر واتفقــوا فــي‬ ‫األس ــلوب التقن ــي الرقم ــي‪.‬‬ ‫وزيــر الثقافــة والســياحة واآلثــار أحمــد فــكاك‬ ‫‪ ،‬ق ــال ف ــي افتت ــاح املع ــرض ان “الف ــن الرقم ــي‬ ‫ظاه ــرة حضاري ــة ثقافي ــة فني ــة جدي ــدة ت ــزور‬ ‫مبن ــى وزارة الثقاف ــة والس ــياحة واآلث ــار‪ ،‬ألول‬ ‫م ــرة نش ــاهد اهتمام ــا كبي ـرا م ــن الفناني ــن‬ ‫وه ــم حريص ــون عل ــى تقدي ــم لوح ــات جس ــدت‬ ‫ومثل ــت نقل ــة نوعي ــة‪،‬‬ ‫مختل ــف نواح ــي الحي ــاة‪ّ ،‬‬ ‫مس ــتخدمين الفرش ــاة االفتراضي ــة ب ــدل‬ ‫اليدوي ــة”‪.‬‬ ‫أم ــا رئي ــس الجمعي ــة العراقي ــة للف ــن الرقم ــي‪،‬‬ ‫سامي الربيعي‪ ،‬فقد قال انه في ظل التحوالت‬ ‫العاملي ــة بش ــتى املج ــاالت أصبحن ــا نعي ــش عل ــى‬ ‫التقنيــة الرقميــة‪ ،‬اذ لــم يعــد الفــن الكالســيكي‬ ‫القديــم يواكــب هــذا العالــم‪ ،‬ال ســيما فــي الفــن‬ ‫التشــكيلي‪ ،‬مضيفــا القــول "يجــب أن نخــرج مــن‬ ‫صنــدوق املا�ضــي ونعيــش عصرنــا الحالــي ضمــن‬ ‫ه ــذا املنطل ــق‪ ،‬ش ــكلنا الجمعي ــة العراقي ــة‬ ‫للف ــن الرقم ــي‪ ،‬وكان ــت البداي ــة تأسيس ــا عب ــر‬ ‫موقــع التواصــل االجتماعــي “فيــس بــوك”‪ ،‬مــن‬ ‫خ ــال ثالث ــة فناني ــن‪ ،‬اتفق ــوا بنش ــر أعماله ــم‬ ‫الفني ــة الرقمي ــة‪ ،‬وكان ــت املفاج ــأة خ ــال س ــنة‬ ‫بل ــغ ع ــدد االعض ــاء ‪ ،"1800‬مبين ــا ان عل ــى‬ ‫املثق ــف أن يعي ــش عص ــره وال يبق ــى حبي ــس‬ ‫أف ــق ضيق ــة ومح ــدودة ف ــي املا�ض ــي‪ ،‬بحس ــب‬ ‫تعبي ــره‪ ،‬وموضح ــا‪ :‬أن الف ــن الرقم ــي اصب ــح‬ ‫ف ــن العص ــر يختص ــر الجه ــد والوق ــت للفن ــان‬ ‫ويس ــتعمل الفرش ــاة واألل ــوان االفتراضي ــة‪،‬‬ ‫مشــددا علــى أهميــة تعريــف الجمهــور بــه عــن‬ ‫طري ــق التواص ــل ف ــي إقام ــة املع ــارض الخاص ــة‬ ‫به ــذا الف ــن الجمي ــل‪ ،‬بحس ــب تعبي ــره‪.‬‬ ‫وش ــدد فنان ــون عراقي ــون آخ ــرون عل ــى أهمي ــة‬ ‫االرتب ــاط بالعص ــر الرقم ــي‪ ،‬وف ــي ه ــذا يق ــول‬ ‫الفن ــان إحس ــان عل ــي‪ ،‬ال ــذي ش ــارك ف ــي ثالث ــة‬ ‫أعمــال اختلفــت مضامينهــا بيــن رســم التجريــد‬

‫أحمد فكاك البدراني‬

‫وزيرالثقافة والسياحة واآلثار‬

‫سامي الربيعي‬

‫رئيس الجمعية العر اقية للفن الرقمي‬

‫والواقــع “التقنيــة اســتطاعت أن توفــر الجهــد‬ ‫وتختصــر الوقــت والكلــف املاديــة والحاجــة إلــى‬ ‫األدوات املس ــتخدمة‪ ،‬الت ــي كن ــا نبح ــث عنه ــا‬ ‫س ــابقا عن ــد الش ــروع بعم ــل لوح ــة"‪.‬‬ ‫وع ــد الفن ــان س ــعد الطائ ــي املع ــرض الفن ــي‬ ‫الرقم ــي‪ ،‬إضاف ــة جدي ــدة ف ــي عال ــم التش ــكيل‪،‬‬ ‫كون ــه جع ــل التكني ــك أو االبت ــكارات الحديث ــة‬ ‫املتط ــورة‪ ،‬تخ ــدم الف ــن والفن ــان‪ ،‬لتقدي ــم م ــا‬ ‫بذهن ــه م ــن أف ــكار وتطويره ــا بش ــكل تقن ــي‪،‬‬ ‫وه ــذا يحس ــب للفن ــان ولي ــس ال ــى اآلل ــة الت ــي‬ ‫تنت ــج اللوح ــة‪ ،‬عل ــى ح ــد وصف ــه‪.‬‬ ‫وفــي خضــم ذلــك يجــري ايضــا افتتــاح معــارض‬ ‫اكاديمي ــة تتعل ــق باس ــتغالل تط ــور التقني ــات‬ ‫املس ــتحدثة ف ــي ش ــتى ش ــؤون الحي ــاة وبضمنه ــا‬ ‫الفنيــة‪ ،‬فقــد افتتــح رئيــس جامعــة تكنولوجيــا‬

‫املعلوم ــات واالتص ــاالت عب ــاس محس ــن‬ ‫البك ــري مع ــرض برمجي ــات تطبيق ــات ال ــذكاء‬ ‫االصطناع ــي‪ ،‬ال ــذي نظمت ــه كلي ــة معلوماتي ــة‬ ‫األعم ــال‪.‬‬ ‫وض ــم املع ــرض مش ــاريع برمجي ــة ش ــارك‬ ‫فيه ــا طلب ــة الكلي ــة بجمي ــع مراحله ــا وم ــن كال‬ ‫القس ــمين‪ ،‬بإش ـراف مباش ــر م ــن أس ــاتذة‬ ‫األقس ــام العلمي ــة‪ ،‬اذ تناول ــت املش ــاريع‬ ‫حل ــوال مبتك ــرة قائم ــة عل ــى تقني ــات ال ــذكاء‬ ‫االصطناع ــي‪ ،‬وإنترن ــت األش ــياء‪ ،‬واألم ــن‬ ‫الس ــيبراني‪ ،‬عكس ــت م ــدى تفاع ــل الطلب ــة م ــع‬ ‫التط ــورات التكنولوجي ــة الحديث ــة‪.‬‬ ‫وش ــدد البك ــري ف ــي اثن ــاء تجوال ــه ف ــي املع ــرض‬ ‫علــى أهميــة دعــم الطاقــات الشــابة وتشــجيعها‬ ‫عل ــى االبت ــكار واإلب ــداع ف ــي مج ــاالت البرمج ــة‬

‫وال ــذكاء االصطناع ــي‪ ،‬مش ــيدا باملس ــتوى‬ ‫العلم ــي للمش ــاريع املش ــاركة لطلب ــة الكلي ــة‪،‬‬ ‫فيمــا ثمنــت عميــدة الكليــة نغــم حامــد‪ ،‬جهــود‬ ‫الطلب ــة واملش ــرفين‪ ،‬مش ــيرة إل ــى أن الكلي ــة‬ ‫مس ــتمرة ف ــي دع ــم املب ــادرات والفعالي ــات الت ــي‬ ‫تع ــزز امله ــارات التطبيقي ــة وترب ــط الجان ــب‬ ‫األكاديم ــي بالواق ــع العمل ــي‪.‬‬ ‫لق ــد دع ــا الفنان ــون التش ــكيليون العراقي ــون‬ ‫اب ــان تأسيس ــهم الجمعي ــة العراقي ــة للف ــن‬ ‫الرقم ــي وتش ــكيل هيأته ــا االداري ــة ال ــى االرتق ــاء‬ ‫بالف ــن الرقم ــي ال ــذي يمث ــل روح العص ــر‬ ‫ويتج ــاوز عال ــم املظاه ــر‪ ،‬ويق ــف عل ــى عتب ــة‬ ‫عالــم املعرفــة والعلــم‪ ،‬بحســب عضــو الجمعيــة‬ ‫الفنــان التشــكيلي العراقــي فاضــل ضامــد‪ ،‬وهــو‬ ‫خري ــج اكاديمي ــة الفن ــون الجميل ــة ف ــي بغ ــداد‬

‫"على المثقف أن يعيش عصره‬ ‫وال يبقى حبيس أفق ضيقة‬ ‫ومحدودة في الماضي‪ ،‬الفن‬ ‫الرقمي اصبح فن العصر يختصر‬ ‫الجهد والوقت للفنان"‪..‬‬

‫ع ــام ‪ 1980‬ش ــارك ف ــي معظ ــم املع ــارض الفني ــة‬ ‫الت ــي اقيم ــت ف ــي بغ ــداد وف ــي املحافظ ــات و‬ ‫شــارك فــي معــرض مدينــة مينوســيتا االمريكيــة‬ ‫ع ــام ‪ ،2008‬ال ــذي اوض ــح ان «الحاج ــة بات ــت‬ ‫ملح ــة لتج ــاوز مراح ــل مضني ــة ومتعب ــة لبن ــاء‬ ‫اللوح ــة املتخيل ــة»‪ ،‬الفت ــا ال ــى أن «وس ــائل‬ ‫التعبي ــر تنوع ــت انطالق ـ ًـا م ــن معطي ــات عص ــر‬ ‫التكنولوجي ــا الرقمي ــة م ــع تراج ــع االهتم ــام‬

‫“التقنية استطاعت أن توفر الجهد‬ ‫وتختصر الوقت والكلف المادية‬ ‫والحاجة إلى األدوات المستخدمة‪،‬‬ ‫التي كنا نبحث عنها سابقا عند‬ ‫ً‬ ‫لوحة" ‪..‬‬ ‫الشروع بعمل‬

‫باألس ــاليب القديم ــة وتح ــرر الفن ــان م ــن‬ ‫العوائــق التــي جعلــت الفنــان التشــكيلي حبيــس‬ ‫أف ــق ضي ــق ومح ــدود»‪.‬‬ ‫ونــوه الــى ان الجمعيــة تعمــل لالنتقــال نحــو فــن‬ ‫تشــكيلي رقمــي معاصــر يواكــب التطــور‪ ،‬وغايــة‬ ‫الجمعي ــة ايض ــا اس ــتقطاب الش ــباب ونق ــل‬ ‫الف ــن التش ــكيلي العراق ــي نح ــو آف ــاق عاملي ــة‪،‬‬ ‫عل ــى ح ــد قول ــه‪.‬‬

‫‪74‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬ ‫‪SOCIETY‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪75 2025‬‬

‫من الصمون إلى العالمية‪..‬‬

‫قصة عراقي تحدى الصعاب‬ ‫وحصد الذهب‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫في أحد أحياء مدينة الناصرية البسيطة‪ ،‬مركزمحافظة ذي قارجنوبي العراق‪ ،‬وبين أزقتها‬ ‫املزدحمة بالحياة اليومية‪ ،‬نشأ الشاب حسين محمد صلوي‪ ،‬من مواليد ‪ 25‬ديسمبر‪/‬كانون‬ ‫األول ‪ ،1999‬في كنف عائلة من الطبقة املتوسطة‪ ،‬ال تمتلك خلفية رياضية ُتذكر‪.‬‬

‫ورغ ــم الظ ــروف االقتصادي ــة الصعب ــة‪ ،‬ش ــق صل ــوي‪،‬‬ ‫طريقــه بعزيمــة نحــو العامليــة فــي رياضــة الكيــك بوكســينغ‪،‬‬ ‫بنظ ــام ‪ ،K-1‬ف ــي فئ ــة وزن ‪ 54‬كغ ــم‪ ،‬متحدي ـ ًـا الواق ــع املري ــر‬ ‫ومصاع ــب الحي ــاة‪.‬‬ ‫وب ــدأت رحل ــة حس ــين صل ــوي‪ ،‬الرياضي ــة ف ــي ع ــام ‪،2016‬‬ ‫ـبيال لتحقيــق حلمــه باالنضمــام‬ ‫حيــن اختــار فنــون القتــال سـ ً‬ ‫إلــى املنتخــب الوطنــي العراقــي‪ ،‬وتمثيــل محافظتــه‪ ،‬ذي قــار‪،‬‬ ‫فــي البطــوالت الكبــرى‪.‬‬ ‫يق ــول حس ــين ف ــي حديث ــه ملجل ــة «فيل ــي»‪" :‬ف ــي كل إع ــداد‬ ‫ريا�ضــي كنــت أقاتــل املعرقــات ألحقــق مــا كان يومـ ًـا حلمـ ًـا"‪.‬‬ ‫ورغــم أن بداياتــه اقتصــرت علــى تحقيــق ميداليــات فضيــة‬ ‫ـدودا‪ ،‬ورف ــض أن‬ ‫وبرونزي ــة‪ ،‬إال أن طموح ــه ل ــم يع ــرف ح ـ ً‬ ‫يك ــون ذل ــك ه ــو الس ــقف لطموح ــه‪.‬‬ ‫غياب حكومي‪ ..‬وحضور اإلرادة‬ ‫ي‬ ‫ف ــي ظ ــل غي ــاب ت ــام للدع ــم امل ــادي واملعن ــو م ــن الجه ــات‬ ‫تكفــل‬ ‫الحكوميــة‪ ،‬قــرر حســين أن يعتمــد علــى نفســه‪ ،‬فقــد ّ‬ ‫بكامــل مصاريــف معســكراته وتدريباتــه‪ ،‬متنقـ ًـا بيــن املــدن‪،‬‬ ‫حتــى وصــل إلــى محافظــة الســليمانية فــي إقليــم كوردســتان‪،‬‬ ‫حي ــث خ ــاض ن ـزاالت م ــع أبط ــال عامليي ــن‪ ،‬متحم ـ ًـا مش ــقة‬ ‫الس ــفر والتدري ــب والغرب ــة‪ ،‬دون أن يتخل ــى ع ــن عمل ــه‬ ‫كخب ــاز ف ــي أح ــد أف ـران الناصري ــة‪.‬‬ ‫ويضيــف حســين‪ ،‬أن عــام ‪ 2022‬كان مفصليـ ًـا فــي مســيرته‪،‬‬ ‫إذ ت ــوج بلق ــب بطول ــة الس ــوبر‪ ،‬وأثب ــت اس ــتحقاقه الرت ــداء‬ ‫قميــص املنتخــب الوطنــي‪ ،‬ثــم فــي العــام التالــي‪ ،‬أحــرز املركــز‬ ‫األول ف ــي البطول ــة العربي ــة ممث ـ ًـا الع ـراق‪ ،‬إال أن ــه ع ــاد‬ ‫دون اســتقبال أو تكريــم مــن أي جهــة رســمية‪ ،‬ســواء وزارة‬ ‫الش ــباب والرياض ــة أو الحكوم ــة املحلي ــة ف ــي ذي ق ــار‪.‬‬ ‫ورغــم هــذا التجاهــل‪ ،‬لــم تنطفــئ شــعلة الطمــوح فــي داخلــه‪،‬‬ ‫ففــي ‪ ،2024‬شــارك فــي بطولــة العالــم فــي تركيــا‪ ،‬وبإمكانيــات‬ ‫مح ــدودة ودون إقام ــة معس ــكر تدريب ــي‪ ،‬حق ــق املرك ــز‬ ‫الخام ــس بجه ــوده الذاتي ــة فق ــط‪.‬‬ ‫إنجاز تاريخي‬ ‫ول ــم يتوق ــف حس ــين‪ ،‬عن ــد ذل ــك‪ ،‬فف ــي ع ــام ‪ ،2025‬أثب ــت‬ ‫م ــن جدي ــد أحقيت ــه بتمثي ــل الع ـراق‪ ،‬وحاف ــظ عل ــى مكان ــه‬ ‫ف ــي املنتخ ــب الوطن ــي عب ــر التصفي ــات املحلي ــة‪ ،‬بعده ــا‬ ‫جــاءت اللحظــة الذهبيــة حيــن شــارك فــي بطولــة العالــم فــي‬ ‫بانكــوك‪ ،‬عاصمــة تايلنــد‪ ،‬وهنــاك كتــب اســمه بأحــرف مــن‬ ‫ذه ــب‪ ،‬بع ــد أن ُت ـ ّـوج بامليدالي ــة الذهبي ــة‪ ،‬محقق ـ ًـا إنج ــا ًزا‬ ‫تاريخي ـ ًـا للع ـراق‪.‬‬ ‫كمــا يتابــع حســين‪ ،‬حديثــه قائـ ًـا إنــه "مــن يبــدأ بــدون دعــم‪،‬‬ ‫ُيبنــى بقــوة ال ُتقهــر"‪ ،‬مبينـ ًـا أنــه "عــاش ســنوات يتنقــل بيــن‬ ‫ح ـرارة أف ـران الخب ــز وضغ ــط الحلب ــة‪ ،‬ف ــي ظ ــل غي ــاب ش ــبه‬ ‫ت ــام للدع ــم الرس ــمي‪ ،‬وبرات ــب ال يتج ــاوز ‪ 150‬أل ــف دين ــار‬ ‫ـهريا ُيص ــرف أحيان ـ ًـا‪ُ ،‬ويحج ــب ف ــي أحي ــان أخ ــرى"‪.‬‬ ‫عراق ــي ش ـ ً‬ ‫حس ــين‪ ،‬رف ــع اس ــم الع ـراق عالي ـ ًـا ف ــي املحاف ــل الدولي ــة‪،‬‬ ‫مؤمن ـ ًـا ب ــأن العزيم ــة واإلص ـرار أق ــوى م ــن كل الظ ــروف‪.‬‬

‫‪76‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪77 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫رفيق رقمي أم خطر خفي؟‪..‬‬

‫الذكاء االصطناعي يدخل عالم‬ ‫الفتيات من أوسع أبوابه‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫كل ليلة تخلو رسل هادي في غرفتها لتحادث "‪"chatgpt‬‬ ‫الذي أصبح صديقها الدائم‪ ،‬تنفرد في عزلتها لتسأله عن‬ ‫العديد من مشاكلها العاطفية والشخصية‪.‬‬

‫رس ــل ه ــادي (‪ 20‬عام ـ ًـا) ل ــم تع ــد تكت ــرث آلراء‬ ‫املحيطي ــن به ــا م ــن زم ــاء وزمي ــات ف ــي الكلي ــة‪،‬‬ ‫وال تث ــق إال بالتكنولوجي ــا الرقمي ــة‪ ،‬إذ تعتب ــر‬ ‫الــذكاء االصطناعــي "الواحــة الخضـراء والقــوة"‬ ‫الت ــي تمتل ــك مفاتي ــح الحل ــول لجمي ــع م ــا تعان ــي‬ ‫من ــه‪.‬‬ ‫وتؤك ــد ه ــادي‪ ،‬وه ــي طالب ــة بكلي ــة التربي ــة‬ ‫الرياضي ــة‪ ،‬أن جمل ــة م ــن األس ــباب املهم ــة‬ ‫تدفعه ــا دوم ـ ًـا ملحادث ــة ال ــذكاء االصطناع ــي كل‬ ‫ليل ــة‪ ،‬حت ــى أنه ــا ل ــم تع ــد تس ــتغني عن ــه ف ــي ط ــرح‬

‫همومهــا عليــه‪ ،‬إليمانهــا بقدرتــه علــى مســاعدتها‬ ‫ف ــي دراس ــتها وأموره ــا الحياتي ــة املختلف ــة‪.‬‬ ‫وتضي ــف ف ــي حديثه ــا ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن‬ ‫"اس ــتخدام ال ــذكاء االصطناع ــي آم ــن للغاي ــة‪،‬‬ ‫فهــو مــن جهــة ال يكــذب ويكــون صادقـ ًـا فــي نقــل‬ ‫املعلوم ــة‪ ،‬وم ــن جه ــة أخ ــرى ال يف�ش ــي أس ـراري‬ ‫الخاصــة‪ ،‬إضافــة إلــى أننــي ال أجــد حرجـ ًـا للبــوح‬ ‫ل ــه بجمي ــع م ــا أري ــد دون خ ــوف أو ت ــردد"‪.‬‬ ‫وتش ــير إل ــى أن "ال ــذكاء االصطناع ــي أصب ــح‬ ‫صديق ــي املفض ــل وأن ــا أل ــوذ ب ــه م ــن صخ ــب‬

‫الواق ــع وأزمات ــه الالمتناهي ــة‪ ،‬فه ــو ال يضج ــر‬ ‫م ــن أس ــئلتي وحديث ــي ال ــذي ق ــد يتج ــاوز األرب ــع‬ ‫س ــاعات ليلي ـ ًـا"‪.‬‬ ‫وب ــات ال ــذكاء االصطناع ــي يش ــغل أوق ــات‬ ‫الش ــباب واملراهقي ــن‪ ،‬وبخاص ــة الفتي ــات‪ ،‬إذ‬ ‫يطرح ــون علي ــه األس ــئلة الت ــي تتعل ــق بحياته ــم‬ ‫ومش ــاكلهم‪ ،‬ويعمل ــون ب ــكل م ــا يوجهه ــم ب ــه‪،‬‬ ‫ويس ــتندون إل ــى معلومات ــه وكأنه ــا نصوص ـ ًـا‬ ‫علمي ــة ال س ــبيل للش ــك به ــا‪.‬‬ ‫ويتس ــهلك ال ــذكاء جه ــود وأوق ــات الش ــباب‬

‫‪78‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪79 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫الذكاء االصطناعي يدخل عالم الفتيات من أوسع أبوابه‬ ‫ـدال عنه ــم‪ ،‬وينس ــخون‬ ‫ويجعلون ــه يفك ــر ب ـ ً‬ ‫أحاديث ــه ويصدقونه ــا دون أدن ــى تأم ــل‪.‬‬ ‫كمــا أن البعــض منهــم اســتعان بــه فــي التماريــن‬ ‫الرياضي ــة حي ــث يقدم ــون لل ــذكاء االطصناع ــي‬ ‫معلومــات عــن العمــر والــوزن والطــول وطبيعــة‬ ‫التمارين التي يرغبون بها ســواء كانت للرشــاقة‬ ‫أو لبن ــاء األجس ــام‪ ،‬وبالتال ــي يزوده ــم ال ــذكاء‬ ‫االصطناعــي ببرنامــج تماريــن وفقـ ًـا ملعلوماتهــم‪،‬‬ ‫إلــى جانــب برنامــج غذائــي‪.‬‬ ‫وعل ــى ش ــاكلة رس ــل ه ــادي‪ ،‬هن ــاك الفت ــاة‬ ‫"خت ــام" ذات الس ــبعة عش ــر ربيع ـ ًـا‪ ،‬والت ــي‬ ‫تفــرط فــي اســتخدام الــذكاء االصطناعــي الــذي‬ ‫ت ـراه يغنيهــا عــن شــرح املــدرس ومراجعــة املــواد‬ ‫الدرا س ــية‪.‬‬ ‫تق ــول خت ــام ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إنه ــا تس ــتوعب‬ ‫ال ــدروس م ــن ال ــذكاء االصطناع ــي أكث ــر م ــن‬ ‫املدرس ــين وم ــن ق ـراءة املنه ــج‪.‬‬ ‫وتضيــف "أنــا ال أنهــي محادثتــي مــع شــات الــذكاء‬ ‫االصطناعــي إال بعــد أن أكــون قــد فهمــت كل مــا‬ ‫يتعل ــق بال ــدرس‪ ،‬خاص ــة وأن ال ــذكاء يزودن ــي‬ ‫بالعديــد مــن األمثلــة"‪.‬‬ ‫وتن ــوه خت ــام‪ ،‬إل ــى أن "اس ــتخدامي لل ــذكاء‬ ‫يتجــاوز الدراســة‪ ،‬فقــد أصبــح لصيقـ ًـا بــي‪ ،‬بــل‬ ‫أنن ــي أس ــتفتيه حت ــى ف ــي الح ــوادث واملواق ــف‬ ‫التــي أشــاهدها فــي املدرســة والشــارع‪ ،‬وأعــرض‬ ‫عليــه كل مــا يــدور مــن حــوارات داخــل أســرتي"‪.‬‬ ‫وال يوجــد وقــت محــدد الســتخدام ختــام لشــات‬ ‫ال ــذكاء االصطناع ــي‪ ،‬فه ــي وف ــق م ــا تق ــول‪،‬‬ ‫تس ــتخدمه ط ــوال اللي ــل والنه ــار‪ ،‬وتس ــأله ع ــن‬ ‫كل �ش ــيء‪.‬‬ ‫وتواصــل "هــذه التكنلوجيــا الرقميــة ســاعدتني‬ ‫أيض ـ ًـا ف ــي ترمي ــم عالقت ــي العاطفي ــة‪ ،‬ودفعتن ــي‬ ‫لتجن ــب بع ــض األش ــخاص"‪.‬‬ ‫ويؤك ــد باحث ــون‪ ،‬أن ال ــذكاء االصطناع ــي‬ ‫جع ــل كثي ــرون ال يتعامل ــون م ــع الواق ــع وال‬ ‫م ــع األش ــخاص الحقيقيي ــن‪ ،‬وه ــذا ماس ــيؤدي‬ ‫بم ــرور الزم ــن إل ــى العزل ــة واالكتئ ــاب‪.‬‬ ‫وبه ــذا الخص ــوص يق ــول أس ــتاذ عل ــم النف ــس‬ ‫فــي جامعــة بغــداد‪ ،‬أحمــد الذهبــي لوكالــة ســفق‬ ‫ني ــوز‪ ،‬إن "كثي ـ ًرا م ــن الش ــباب واملراهقي ــن‬ ‫وبخاص ــة الفتي ــات‪ ،‬يحاول ــون التح ــدث م ــع‬ ‫الــذكاء االصطناعــي بحثـ ًـا عــن حلــول ملشــاكلهم‬

‫العاطفي ــة واالجتماعي ــة والنفس ــية عب ــر‬ ‫دردش ــة الش ــات"‪.‬‬ ‫يؤك ــد الذهب ــي‪ ،‬أن "اس ــتخدام ه ــذه التقني ــة‬ ‫الرقميــة ينطــوي علــى أضـرار نفســية قــد تــؤدي‬ ‫إل ــى االضطراب ــات ألن ال ــذكاء االصطناع ــي ل ــن‬ ‫يعطــي الحلــول لشــخص يعيــش فــي واقــع وبيئــة‬ ‫اجتماعي ــة معين ــة له ــا تاثي ـرات مختلف ــة ع ــن‬ ‫غيره ــا"‪.‬‬ ‫وين ــوه إل ــى أن "الغاي ــة م ــن ه ــذه البرام ــج لي ــس‬ ‫لجع ــل الن ــاس س ــعداء‪ ،‬ب ــل لجعله ــم متعلقي ــن‬ ‫به ــذه البرام ــج ألط ــول وق ــت ممك ــن‪ ،‬حت ــى‬ ‫يصب ــح اس ــتخدام األجه ــزة اللوحي ــة وال ــذكاء‬ ‫االصطناع ــي إدمان ـ ًـا عن ــد األف ـراد"‪.‬‬ ‫ويشــدد الذهبــي علــى "ضــرورة توخــي الحــذر فــي‬ ‫ـواء كان ذلــك فــي مجــال‬ ‫التعاطــي مــع الــذكاء‪ ،‬سـ ً‬

‫البح ــث ع ــن حل ــول للمش ــاكل الخاص ــة‪ ،‬أو ف ــي‬ ‫مج ــال الدراس ــة األكاديمي ــة‪ ،‬وع ــدم تلق ــف‬ ‫املعلومــات التــي يلقيهــا الــذكاء االصطناعــي مــن‬ ‫دون مراجع ــة وتدقي ــق"‪.‬‬ ‫ويلف ــت إل ــى أن "انتش ــار مواق ــع التواص ــل‬ ‫والتكنولوجي ــا الرقمي ــة دفع ــت كثيري ــن إل ــى‬ ‫التقوق ــع وع ــدم التواص ــل الحقيقيي ــن م ــع‬ ‫الواق ــع واألش ــخاص الحقيقيي ــن واس ــتبدلوا‬ ‫ذل ــك بحي ــاة وعالق ــات افتراضي ــة‪ ،‬وأصب ــح‬ ‫تفاعله ــم ينحص ــر بالشاش ــة الصغي ــرة‬ ‫وحس ــب " ‪.‬‬ ‫وعل ــى الرغ ــم م ــن ذل ــك ف ــا يخف ــى ال ــدور‬ ‫اإليجاب ــي ال ــذي يلعب ــه ال ــذكاء االصطناع ــي ف ــي‬ ‫إضــاءة العديــد مــن املفاصــل الدرســية وتزويــد‬ ‫األف ـراد باملعلوم ــات‪ ،‬وه ــو بذل ــك يع ــد عام ـ ًـا‬

‫ـاعدا ف ــي البح ــوث خ ــال وق ــت قصي ــر‬ ‫مس ـ ً‬ ‫للغا ي ــة‪.‬‬ ‫وي ــرى الخبي ــر التقن ــي حس ــنين امل ــزروع‪ ،‬أن‬ ‫"ش ــات ال ج ــي ب ــي ت ــي‪ ،‬ه ــو عب ــارة ع ــن مح ــرك‬ ‫البحــث غوغــل لكنــه متطــور ومعبــأ بكــم كبيــر‬ ‫ـدا مــن املعلومــات فــي شــتى العلــوم واملعــارف"‪.‬‬ ‫جـ ً‬ ‫ويضيــف فــي حديــث ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬أنــه "حيــن‬ ‫يت ــم البح ــث ع ــن أي ــة مدين ــة أو أي معل ــم م ــن‬ ‫املعالــم أو أي حقــل معرفــي‪ ،‬نجــد هنــاك علمــاء‬ ‫وباحث ــون يدل ــون بمعلوماته ــم ح ــول املوض ــوع‬ ‫مح ــل البح ــث"‪.‬‬ ‫ويشــير "إذا كان البحــث مثـ ًـا يتعلــق عــن مدينــة‬ ‫أو معل ــم حض ــاري‪ ،‬فهن ــاك أش ــخاص كثي ــرون‬ ‫يعرض ــون تجاربه ــم وزياراته ــم له ــذه املدين ــة أو‬ ‫ذل ــك املعل ــم ويس ــجلون مالحظاته ــم‪ ،‬وب ــدوره‬

‫يق ــوم ال ــذكاء االصطناع ــي بجم ــع كل م ــا كت ــب‬ ‫ع ــن ه ــذه املدين ــة أو ذاك املعل ــم ويس ــتخرج‬ ‫ـابها ويقدمه ــا للباح ــث"‪.‬‬ ‫املعلوم ــات األكث ــر تش ـ ً‬ ‫ويلف ــت املزروع ــي إل ــى أن "ال ــذكاء االصطناع ــي‬ ‫مفي ــد للغاي ــة كون ــه يق ــدم املعلوم ــة ويختص ــر‬ ‫الزم ــن ال ــذي يس ــتغرقه البح ــث‪ ،‬بينم ــا يق ــوم‬ ‫هــذا الــذكاء بتزويدنــا باملعلومــة خــال لحظــات‪،‬‬ ‫وخاص ــة ف ــي مواضي ــع البح ــوث والدراس ــات‬ ‫األكاديمي ــة"‪.‬‬ ‫إال أن ــه ينب ــه إل ــى أن برام ــج ال ــذكاء االصطناع ــي‬ ‫كغيره ــا م ــن برام ــج الش ــبكة العنكوتي ــة يمك ــن‬ ‫ـلبا وإيجاب ـ ًـا عل ــى وف ــق رغب ــة‬ ‫اس ــتخدامها س ـ ً‬ ‫ووع ــي املتصف ــح‪.‬‬ ‫ويس ــعى ال ــذكاء االصطناع ــي بطبيعت ــه إل ــى‬ ‫معرف ــة س ــلوكيات البش ــر وأنم ــاط تفاعله ــم‪،‬‬

‫بغي ــة زي ــادة مس ــتويات االرتب ــاط والتفاع ــل‬ ‫م ــع املس ــتخدمين عب ــر تلبي ــة بع ــض رغباته ــم‬ ‫النفس ــية الكامن ــة ف ــي االس ــتماع إل ــى الثن ــاء‬ ‫واإلط ــراء‪.‬‬ ‫ويأت ــي ه ــذا البرنام ــج ضم ــن فلس ــفة نفس ــية‬ ‫وتجاري ــة ته ــدف إل ــى إبق ــاء املس ــتخدم مرتبط ـ ًـا‬ ‫ومتصـ ًـا بالتقنيــة ألطــول فتــرة ممكنــة لتحقيــق‬ ‫أه ــداف تجاري ــة‪.‬‬ ‫ويح ــذر باحث ــون وأكاديمي ــون م ــن التداعي ــات‬ ‫الس ــلبية لإلف ـراط ف ــي اس ــتخدام تطبيق ــات‬ ‫ال ــذكاء االصطناع ــي ال ــذي يرك ــز بش ــكل‬ ‫مبال ــغ في ــه عل ــى التمل ــق واملجامل ــة الزائ ــدة‬ ‫للمس ــتخدم ويدفع ــه التخ ــاذ ق ـرارات مصيري ــة‬ ‫غي ــر صائب ــة‪.‬‬

‫« استخدامي للذكاء يتجاوز‬ ‫الدراسة‪ ،‬فقد أصبح لصيقاً‬ ‫بي‪ ،‬بل أنني أستفتيه حتى‬ ‫في الحوادث والمواقف‬ ‫التي أشاهدها في المدرسة‬ ‫والشارع‪ ،‬وأعرض عليه كل‬ ‫ما يدور من حوارات داخل‬ ‫أسرتي" »‪.‬‬

‫" الغاية من هذه البرامج‬ ‫ليس لجعل الناس سعداء‪،‬‬ ‫بل لجعلهم متعلقين‬ ‫بهذه البرامج ألطول‬ ‫وقت ممكن‪ ،‬حتى يصبح‬ ‫استخدام األجهزة اللوحية‬ ‫والذكاء االصطناعي إدماناً‬ ‫عند األفراد"‪".‬‬

‫‪80‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪81 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫الفضاءات العامة والمجتمعية الغائبة‬

‫ودورها في تعزيز التماسك االجتماعي‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫العيش في مدينة بال حدائق‪ ،‬او ساحات عامة‪ ،‬أو مكتبات‪...‬الخ؛ أشبه بكتل إسمنتية صماء‪ ،‬تفصل بين سكانها بدال‬ ‫من أن تجمعهم؛ فالفضاءات العامة واملجتمعية هي بمنزلة قلب املدينة النابض‪ ،‬ولها تأثيرعميق على التماسك‬ ‫االجتماعي‪ ،‬اذ انها توفرأرضية مشتركة يلتقي فيها الناس من شتى الخلفيات االجتماعية واالقتصادية والثقافية‪.‬‬

‫ه ــذا االخت ــاط يكس ــر الحواج ــز ويقل ــل م ــن‬ ‫الص ــور النمطي ــة ويع ــزز الش ــعور باالنتم ــاء‬ ‫إل ــى مجتم ــع واح ــد‪ ،‬ويع ــزز الحال ــة النفس ــية‬ ‫اإليجابي ــة ويؤم ــن السالس ــة ف ــي تعام ــل الن ــاس‬ ‫م ــع بعضه ــم البع ــض‪.‬‬ ‫ان الحدائ ــق توف ــر مس ــاحة للع ــب األطف ــال‬ ‫وتفاع ــل العائ ــات‪ ،‬والس ــاحات العام ــة‬ ‫تس ــتضيف فعالي ــات واحتف ــاالت تجم ــع‬ ‫الســكان‪ ،‬واملكتبــات واملراكــز الثقافيــة تشــجع‬ ‫علــى النقــاش وتبــادل األفــكار؛ هــذه التفاعــات‬ ‫تخلــق روابــط اجتماعيــة قويــة وتزيــد مــن الثقــة‬ ‫املتباد ل ــة‪.‬‬ ‫و عندم ــا يش ــارك الس ــكان ف ــي فعالي ــات‬ ‫مجتمعي ــة ف ــي ه ــذه الفض ــاءات‪ ،‬فإنه ــم‬ ‫يس ــهمون ف ــي تش ــكيل ذاك ــرة جمعي ــة وهوي ــة‬ ‫مش ــتركة للمدين ــة‪ ،‬و ه ــذه التج ــارب املش ــتركة‬ ‫تع ــزز الش ــعور بالفخ ــر باملدين ــة والرغب ــة ف ــي‬ ‫الحف ــاظ عليه ــا وتطويره ــا‪.‬‬ ‫ان املكتب ــات واملراك ــز الثقافي ــة ليس ــت‬ ‫مج ــرد أماك ــن لحف ــظ الكت ــب‪ ،‬ب ــل ه ــي مراك ــز‬ ‫للمعرف ــة واإلب ــداع‪ ،‬توف ــر ورش عم ــل وق ـراءة‪،‬‬ ‫محاض ـرات‪ ،‬فعالي ــات فني ــة‪ ،‬وف ــرص للتط ــوع‬ ‫واملشــاركة فــي األنشــطة املجتمعيــة‪ ،‬ممــا يمكــن‬ ‫األف ـراد ويس ــهم ف ــي بن ــاء مجتم ــع مدن ــي نش ــط‪.‬‬ ‫وتوف ــر املس ــاحات الخض ــر والحدائ ــق م ــاذا‬ ‫م ــن صخ ــب الحي ــاة الحضري ــة‪ ،‬مم ــا يقل ــل م ــن‬ ‫التوت ــر ويع ــزز الصح ــة النفس ــية والجس ــدية؛‬ ‫كم ــا ان الش ــعور باالنتم ــاء والتواص ــل‬ ‫االجتماع ــي ال ــذي توف ــره ه ــذه الفض ــاءات‬ ‫يس ــهم أيض ــا ف ــي الرفاهي ــة العام ــة‪.‬‬ ‫وع ــن طري ــق تس ــهيل التفاع ــات االجتماعي ــة‬ ‫وبنــاء الثقــة‪ ،‬تســهم هــذه الفضــاءات فــي زيــادة‬ ‫رأس امل ــال االجتماع ــي للمدين ــة‪ ،‬وه ــو املح ــرك‬ ‫األس ــاس للتنمي ــة واالزده ــار‪.‬‬ ‫و تعم ــل ه ــذه الفض ــاءات عل ــى دم ــج الفئ ــات‬ ‫املهمش ــة ف ــي املجتم ــع وتعزي ــز التن ــوع‬ ‫والش ــمولية‪ ،‬مم ــا يق ــوي النس ــيج االجتماع ــي‬ ‫ويجعل ــه أكث ــر مرون ــة ف ــي مواجه ــة التحدي ــات‪.‬‬ ‫و توف ــر ه ــذه الفض ــاءات منص ــات للمج ــادالت‬ ‫العام ــة العلني ــة‪ ،‬للتعبي ــر ع ــن اآلراء واملش ــاركة‬ ‫بالنتيج ــة ف ــي صن ــع ال ـرأي الع ــام و الق ـرارات‬ ‫الت ــي تؤث ــر عل ــى حي ــاة الس ــكان‪ ،‬مم ــا يع ــزز‬ ‫الديمقراطي ــة واملواطن ــة الفاعل ــة‪.‬‬ ‫واملكتب ــات واملراك ــز الثقافي ــة ه ــي حاضن ــات‬ ‫لألف ــكار واإلب ــداع‪ ،‬توف ــر بيئ ــة محف ــزة للتعل ــم‬ ‫واالكتش ــاف وتب ــادل املعرف ــة‪ ،‬مم ــا يس ــهم ف ــي‬

‫التنمي ــة الثقافي ــة واالقتصادي ــة للمدين ــة‪.‬‬ ‫و بش ــكل ع ــام‪ ،‬ف ــان تواج ــد فض ــاءات عام ــة‬ ‫ومجتمعي ــة نابض ــة بالحي ــاة ومكتب ــات ومراك ــز‬ ‫ثقافي ــة نش ــطة يجع ــل املدين ــة مكان ــا أكث ــر‬ ‫جاذبي ــة للعي ــش والعم ــل والزي ــارة والش ــعور‬ ‫بالف ــرح واألم ــل‪ ،‬حت ــى ف ــي ظ ــل ظ ــروف حي ــاة‬ ‫صعب ــة ‪.‬‬ ‫ان االس ــتثمار ف ــي الفض ــاءات العام ــة‬ ‫واملجتمعيــة واملكتبــات واملراكــز الثقافيــة ليــس‬ ‫مج ــرد رفاهي ــة‪ ،‬ب ــل ه ــو ض ــرورة أساس ــية لبن ــاء‬ ‫م ــدن قوي ــة ومتماس ــكة ومس ــتدامة تحتض ــن‬ ‫جمي ــع س ــكانها وتع ــزز ج ــودة حياته ــم‪.‬‬ ‫وم ــن املؤل ــم حق ــا رؤي ــة املس ــاحات الخض ــر‬ ‫تتال�ش ــى ف ــي بل ــد زراع ــي عري ــق مث ــل الع ـراق‪ ،‬اذ‬ ‫كان ــت الحدائ ــق واملتنزه ــات والبس ــاتين ج ــزءا‬ ‫م ــن نس ــيجه الحض ــري عل ــى م ــر العص ــور‪.‬‬ ‫هنــاك عــدة أســباب متداخلــة اســهمت فــي هــذه‬ ‫املش ــكلة وفاقمته ــا ومنه ــا التغي ـرات املناخي ــة‬ ‫والجف ــاف‪ ،‬اذ يش ــهد الع ـراق ارتفاع ــا ملحوظ ــا‬ ‫ف ــي درج ــات الح ـرارة‪ ،‬مم ــا يزي ــد م ــن تبخ ــر املي ــاه‬ ‫ويجع ــل الحف ــاظ عل ــى الغط ــاء النبات ــي أم ـرا‬ ‫صعب ــا ومكلف ــا‪.‬‬ ‫وكذلــك فــان قلــة األمطــار املوســمية‪ ،‬فضــا عــن‬ ‫ميــاه الــري‪ ،‬تــؤدي إلــى شــح امليــاه املطلوبــة لــري‬ ‫البس ــاتين و الحدائ ــق واملتنزه ــات‪ ،‬وف ــي بع ــض‬ ‫األحي ــان تجعله ــا غي ــر قابل ــة للحي ــاة‪ ،‬مثلم ــا ه ــو‬ ‫عليــه الحــال فــي مناطــق كثيــرة وبخاصــة بســاتين‬ ‫النخيــل والحمضيــات التــي كانــت عامــرة‪ ،‬وكانــت‬ ‫تتخــذ أماكــن لســفرات جماعيــة و تجمــع و تنــزه‬ ‫العائــات مثلمــا كان يجــري فــي بســاتين محافظــة‬ ‫ديال ــى‪ ،‬وف ــي غاب ــات نخي ــل اب ــي الخصي ــب ف ــي‬ ‫اق�صــى الجنــوب ومســاحاتها الخضــر الواســعة‬ ‫صع ــودا ال ــى مص ــب ش ــط الع ــرب بط ــول ‪190‬‬ ‫ك ــم م ــن الفض ــاءات الخض ــر‪ ،‬وغي ــر تل ــك‬ ‫املناط ــق‪.‬‬ ‫ان تفاق ــم مش ــكلة التصح ــر ي ــؤدي إل ــى تده ــور‬ ‫األرا�ضــي الزراعيــة وتحويلهــا إلــى مناطــق قاحلــة‪،‬‬ ‫مم ــا يقل ــل م ــن إمكاني ــة إنش ــاء أو الحف ــاظ عل ــى‬ ‫املس ــاحات الخض ــر‪ ،‬ويع ــد الع ـراق م ــن ال ــدول‬ ‫األكث ــر تأث ـرا بالتغي ـرات املناخي ــة‪.‬‬ ‫وفضــا عــن ذلــك فــان اإلهمــال وســوء اإلدارة‪،‬‬ ‫وع ــدم إدام ــة وصيان ــة عدي ــد الحدائ ــق‬ ‫واملتنزه ــات املعروف ــة‪ ،‬ي ــؤدي إل ــى تدهوره ــا‬ ‫وتالش ــيها بم ــرور الوق ــت‪ ،‬وان تحوي ــل األرا�ض ــي‬ ‫الزراعي ــة والحدائ ــق إل ــى اس ــتعماالت أخ ــرى‪،‬‬ ‫مث ــل الس ــكن والتج ــارة‪ ،‬م ــن دون تخطي ــط‬

‫مس ــتدام أدى إل ــى فق ــدان مس ــاحات خض ــر‬ ‫كبي ــرة ف ــي امل ــدن‪ ،‬و ف ــي بع ــض الح ــاالت‪ ،‬يج ــري‬ ‫ري الحدائ ــق بمي ــاه املج ــاري غي ــر املعالج ــة‪،‬‬ ‫مم ــا يض ــر بالترب ــة والنبات ــات ويجعله ــا غي ــر‬ ‫صالح ــة لالس ــتعمال والتن ــزه ويش ــكل خط ـرا‬ ‫عل ــى الصح ــة العام ــة‪.‬‬ ‫ان زراع ــة أش ــجار ونبات ــات تس ــتهلك كمي ــات‬ ‫كبي ــرة م ــن املي ــاه أو غي ــر ق ــادرة عل ــى تحم ــل‬ ‫الظ ــروف املناخي ــة املحلي ــة يزي ــد م ــن تفاق ــم‬ ‫املش ــكلة‪ ،‬و ق ــد ال تحظ ــى مش ــاريع إنش ــاء‬ ‫وصيانــة املســاحات الخضــر باألولويــة الكافيــة‬ ‫ف ــي ظ ــل التحدي ــات االقتصادي ــة والسياس ــية‬ ‫الت ــي يواجهه ــا البل ــد‪ ،‬وس ــوء تخطي ــط مش ــاريع‬ ‫اإلس ــكان‪.‬‬ ‫كم ــا ان الزي ــادة الس ــكانية الس ــريعة والتوس ــع‬ ‫العمران ــي غي ــر املنظ ــم يض ــع ضغط ــا كبي ـرا‬ ‫عل ــى األرا�ض ــي‪ ،‬وغالب ــا م ــا يج ــري التوس ــع عل ــى‬ ‫حس ــاب املس ــاحات الخض ــر‪ ،‬و ق ــد ال يك ــون‬ ‫هنــاك وعــي كاف لــدى بعــض الجهــات واألف ـراد‬ ‫بأهميــة الحدائــق واملتنزهــات فــي تحســين جــودة‬ ‫الحي ــاة والبيئ ــة الحضري ــة‪.‬‬ ‫وفــي العـراق كثيـرا مــا يــؤدي تداخــل املســؤوليات‬ ‫بيــن أمانــة بغــداد وجهــات بلديــة اخــرى وكذلــك‬ ‫م ــع املحافظ ــات األخ ــرى إل ــى ع ــدم تطبي ــق‬ ‫القواني ــن والتخطي ــط بش ــكل فع ــال للحف ــاظ‬ ‫عل ــى املس ــاحات الخض ــر‪.‬‬ ‫وايض ــا‪ ،‬لطامل ــا تغلغ ــل الفس ــاد واملصال ــح‬ ‫الخاص ــة وباعت ـراف املس ــؤولين انفس ــهم‪ ،‬ف ــي‬ ‫بعــض حــاالت االســتيالء علــى أرا�ضــي الحدائــق‬ ‫واملتنزه ــات وتحويله ــا إل ــى مش ــاريع اس ــتثمارية‬ ‫خاص ــة بش ــكل غي ــر قانون ــي‪.‬‬ ‫تتفاق ــم ه ــذه املش ــكلة بس ــبب حلق ــة مفرغ ــة؛‬ ‫فكلمــا قلــت املســاحات الخضــر‪ ،‬زادت الحاجــة‬ ‫إليهــا مــع ازديــاد عــدد الســكان وتأثي ـرات التغيــر‬ ‫املناخ ــي؛ والحدائ ــق الصغي ــرة املنف ــذة حالي ــا‬ ‫غالبــا مــا تكــون غيــر كافيــة لتلبيــة هــذه الحاجــة‬ ‫املتزايــدة‪ ،‬ســواء مــن حيــث املســاحة أو التوزيــع‬ ‫الجغرافــي فــي داخــل املــدن‪.‬‬ ‫إن معالج ــة ه ــذه املش ــكلة تتطل ــب جه ــودا‬ ‫متكامل ــة م ــن الحكوم ــة والجه ــات املعني ــة‬ ‫واملجتم ــع املدن ــي‪ ،‬ع ــن طري ــق وض ــع‬ ‫اس ــتراتيجيات واضح ــة للحف ــاظ عل ــى م ــا تبق ــى‬ ‫مــن مســاحات خضــر‪ ،‬وإعــادة تأهيــل املتدهــور‬ ‫منه ــا‪ ،‬وتخطي ــط وتنفي ــذ حدائ ــق ومتنزه ــات‬ ‫جدي ــدة تلب ــي احتياج ــات الس ــكان وتراع ــي‬ ‫الظ ــروف البيئي ــة واملناخي ــة ف ــي الع ـراق‪.‬‬

‫‪82‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫تقلبات سعر صرف الدينار‬

‫وتأثيرها على العالقات االقتصادية العراقية األميركية‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬

‫ش ــهدت قيم ــة الدين ــار العراق ــي ف ــي اآلون ــة األخي ــرة بع ــض التحس ــن‬ ‫مقابــل الــدوالراألمير ـكـي‪ ،‬وان كان التحســن نســبيا وربمــا غيــرثابــت‪.‬‬ ‫إن ارتفــاع قيمــة الدينــار العراقــي مقابــل الــدوالر‬ ‫مؤخ ـرا يمك ــن أن يك ــون ل ــه ع ــدة أس ــباب‬ ‫متداخل ــة‪ ،‬بم ــا ف ــي ذل ــك احتمالي ــة انخف ــاض‬ ‫قيم ــة ال ــدوالر عاملي ــا وتأثي ـرات العالق ــة بي ــن‬ ‫املص ــارف العراقي ــة والخزان ــة األميركي ــة‪.‬‬ ‫فف ــي بع ــض األوق ــات‪ ،‬يش ــهد ال ــدوالر ضعف ــا‬ ‫نس ــبيا مقاب ــل عم ــات أخ ــرى عاملي ــا‪ ،‬يمك ــن‬ ‫أن يك ــون ه ــذا ناتج ــا ع ــن عوام ــل اقتصادي ــة‬ ‫ف ــي الوالي ــات املتح ــدة مث ــل التضخ ــم‪ ،‬أو‬ ‫تغييـرات فــي السياســة النقديــة‪ ،‬أو حتــى بســبب‬ ‫األح ــداث الجيوسياس ــية الت ــي تؤث ــر عل ــى ثق ــة‬ ‫املســتثمرين بالــدوالر‪ ،‬و إذا كان هنــاك ضعــف‬ ‫ع ــام ف ــي ال ــدوالر‪ ،‬فم ــن االعتي ــادي أن نش ــهد‬ ‫ارتفاع ــا نس ــبيا ف ــي قيم ــة عم ــات أخ ــرى‪ ،‬بم ــا‬ ‫فيه ــا الدين ــار العراق ــي‪ ،‬عن ــد مقارنته ــا بال ــدوالر‪.‬‬ ‫وف ــي الس ــنوات املاضي ــة‪ ،‬كان ع ــدم انتظ ــام‬ ‫العالق ــات بي ــن بع ــض املص ــارف العراقي ــة‬

‫والخزان ــة األميركي ــة يش ــكل ضغط ــا عل ــى قيم ــة‬ ‫الدين ــار‪ ،‬فعندم ــا تك ــون هن ــاك ش ــكوك بش ــأن‬ ‫امتث ــال املص ــارف العراقي ــة للمعايي ــر الدولي ــة‬ ‫ومكافح ــة غس ــيل األم ــوال وتموي ــل اإلره ــاب‪،‬‬ ‫ق ــد ي ــؤدي ذل ــك إل ــى قي ــود عل ــى تعامالته ــا‬ ‫بال ــدوالر‪ ،‬مم ــا يزي ــد الطل ــب عل ــى ال ــدوالر ف ــي‬ ‫الس ــوق املحلي ــة ويرف ــع س ــعره مقاب ــل الدين ــار‪.‬‬ ‫و إذا حــدث تحســن فــي هــذه العالقــات‪ ،‬وزادت‬ ‫ثق ــة الخزان ــة األميركي ــة بالقط ــاع املصرف ــي‬ ‫العراق ــي‪ ،‬فق ــد يخ ــف الضغ ــط عل ــى الدين ــار‪.‬‬ ‫إن قي ــام املص ــارف العراقي ــة بتعزي ــز امتثاله ــا‬ ‫للمعايي ــر الدولي ــة وش ــفافية تعامالته ــا يمك ــن‬ ‫أن يعيــد الثقــة ويقلــل مــن الحاجــة إلــى الــدوالر‬ ‫ف ــي الس ــوق املوازي ــة‪ ،‬مم ــا ق ــد ي ــؤدي إل ــى ارتف ــاع‬ ‫قيم ــة الدين ــار‪.‬‬ ‫و تش ــير بع ــض التقاري ــر إل ــى أن البن ــك املرك ــزي‬ ‫العراق ــي اتخ ــذ خط ــوات إيجابي ــة ف ــي إص ــاح‬

‫القط ــاع املصرف ــي وتعزي ــز االمتث ــال للمعايي ــر‬ ‫الدولي ــة‪ ،‬وه ــو م ــا ق ــد يك ــون ل ــه تأثي ــر إيجاب ــي‬ ‫عل ــى قيم ــة الدين ــار‪.‬‬ ‫وفض ــا ع ــن العوام ــل العاملي ــة والعالق ــة م ــع‬ ‫الخزان ــة األميركي ــة‪ ،‬يمك ــن أن تؤث ــر عوام ــل‬ ‫اقتصادي ــة وسياس ــية ف ــي داخ ــل الع ـراق‬ ‫أيض ــا عل ــى قيم ــة الدين ــار؛ عل ــى س ــبيل املث ــال‪،‬‬ ‫اس ــتقرار األوض ــاع األمني ــة والسياس ــية‪،‬‬ ‫وزيــادة اإليـرادات النفطيــة‪ ،‬وتنفيــذ إصالحــات‬ ‫اقتصادي ــة‪ ،‬يمك ــن أن تدع ــم قيم ــة العمل ــة‬ ‫املحلي ــة‪.‬‬ ‫و عل ــى العك ــس م ــن ذل ــك‪ ،‬ف ــان اس ــتمرار‬ ‫التحدي ــات األمني ــة والسياس ــية‪ ،‬وتذب ــذب‬ ‫أس ــعار النف ــط‪ ،‬وتأخ ــر اإلصالح ــات‬ ‫االقتصاديــة‪ ،‬يمكــن أن تضعــف قيمــة الدينــار‪.‬‬ ‫ل ــذا يمك ــن الق ــول أن ارتف ــاع قيم ــة الدين ــار‬ ‫العراق ــي ف ــي ه ــذه األي ــام نات ــج ع ــن تفاع ــل‬

‫مجموع ــة م ــن ه ــذه العوام ــل‪ ،‬وان م ــن امله ــم‬ ‫متابع ــة التط ــورات االقتصادي ــة العاملي ــة‬ ‫واملحلي ــة‪ ،‬فض ــا ع ــن التط ــورات ف ــي العالق ــة‬ ‫بي ــن القط ــاع املصرف ــي العراق ــي واملؤسس ــات‬ ‫املاليــة الدوليــة‪ ،‬لفهــم االتجاهــات املســتقبلية‬ ‫لس ــعر ص ــرف الدين ــار العراق ــي‪.‬‬ ‫وف ــي خط ــوة تعك ــس اهتمام ــا متزاي ــدا م ــن‬ ‫قب ــل الوالي ــات املتح ــدة بالس ــوق العراقي ــة‪،‬‬ ‫اس ــتقبلت بغ ــداد ف ــي ‪ 7‬نيس ــان ‪ 2025‬م ــا‬ ‫وص ــف ان ــه أكب ــر وف ــد تج ــاري أميركــي ضم ــن‬ ‫جه ــود تعزي ــز العالق ــات االقتصادي ــة الثنائي ــة‬ ‫واستكش ــاف مج ــاالت التع ــاون واالس ــتثمار‪،‬‬ ‫ض ــم الوف ــد ‪ 101‬عض ــو يمث ــل ‪ 60‬ش ــركة‪.‬‬ ‫وبحس ــب عض ــو لجن ــة االس ــتثمار والتنمي ــة‬ ‫النيابي ــة‪ ،‬حس ــن قاس ــم الخفاج ــي ان "ه ــذه‬ ‫الزي ــارة ه ــي األكب ــر ف ــي تاري ــخ غرف ــة التج ــارة‬ ‫واضح ــا عل ــى‬ ‫األميركي ــة وذل ــك يع ــد مؤش ـ ًـرا‬ ‫ً‬ ‫ُ‬

‫خصوص ــا ف ــي‬ ‫وج ــود ف ــرص اس ــتثمارية واع ــدة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫قطاع ــات الطاق ــة والصناع ــة والتكنولوجي ــا‪،‬‬ ‫م ــع إمكاني ــة نق ــل الخب ـرات وخل ــق ف ــرص عم ــل‬ ‫وتنش ــيط بيئ ــة األعم ــال"‪.‬‬ ‫وف ــي الحقيق ــة إن التغي ــر ف ــي س ــعر ص ــرف‬ ‫الدين ــار العراق ــي مقاب ــل ال ــدوالر‪ ،‬فض ــا ع ــن‬ ‫التط ــورات املتعلق ــة بمل ــف الطاق ــة والعالق ــات‬ ‫التجاري ــة‪ ،‬يمك ــن أن يك ــون له ــا تأثي ـرات معق ــدة‬ ‫عل ــى املش ــاريع املش ــتركة والعالق ــات التجاري ــة‬ ‫بي ــن الع ـراق وأمي ــركا‪.‬‬ ‫فم ــن النواح ــي اإليجابي ــة عندم ــا يرتف ــع الدين ــار‬ ‫مقاب ــل ال ــدوالر‪ ،‬يصب ــح اس ــتيراد املع ــدات‬ ‫وامل ــواد األولي ــة األمريكي ــة املقوم ــة بال ــدوالر‬ ‫أرخ ــص بالنس ــبة للش ــركات العراقي ــة املش ــاركة‬ ‫ف ــي املش ــاريع املش ــتركة‪ ،‬ه ــذا يمك ــن أن يقل ــل‬ ‫م ــن التكلف ــة اإلجمالي ــة للمش ــاريع ويزي ــد م ــن‬ ‫جاذبيته ــا‪.‬‬ ‫و إذا انعك ــس ارتف ــاع قيم ــة الدين ــار عل ــى‬ ‫أس ــعار الس ــلع املس ــتوردة م ــن أمري ــكا‪ ،‬فق ــد‬ ‫تــزداد القــدرة الشـرائية للمســتهلك العراقــي علــى‬ ‫ه ــذه املنتج ــات‪ ،‬مم ــا ق ــد يحف ــز الطل ــب ويفي ــد‬ ‫الش ــركات األميركي ــة املص ــدرة إل ــى الع ـراق‪.‬‬ ‫أم ــا الجان ــب الس ــلبي الرتف ــاع قيم ــة الدين ــار‬ ‫بالنس ــبة للش ــركات األميركي ــة الت ــي تس ــتثمر ف ــي‬ ‫مشــاريع مشــتركة فــي العـراق‪ ،‬فــإن ارتفــاع قيمــة‬ ‫الدين ــار يعن ــي أن قيم ــة اس ــتثماراتها بال ــدوالر‬ ‫ق ــد تق ــل عن ــد تحوي ــل األرب ــاح م ــن الدين ــار إل ــى‬ ‫الــدوالر‪ ،‬هــذا قــد يقلــل مــن جاذبيــة االســتثمار‬ ‫ف ــي الع ـراق عل ــى امل ــدى القصي ــر‪.‬‬ ‫لق ــد تح ــدث املختص ــون ع ــن ف ــرص جدي ــدة‬ ‫للش ــركات األميركي ــة ف ــي قط ــاع الطاق ــة ف ــي‬ ‫الع ـراق‪ ،‬بع ــد ق ـرار الوالي ــات املتح ــدة بوق ــف‬ ‫إعفــاء الع ـراق مــن اســتيراد الغــاز اإليرانــي ورأوا‬ ‫ان ــه يفت ــح فرص ــا كبي ــرة للش ــركات األميركي ــة‬ ‫املتخصص ــة ف ــي قط ــاع الطاق ــة؛ و زي ــارة وف ــود‬ ‫الش ــركات األميركي ــة إل ــى بغ ــداد تؤك ــد ه ــذا‬ ‫التوجــه‪ ،‬اذ يمكــن لهــذه الشــركات أن تســهم فــي‬ ‫تطويــر قطــاع الغــاز العراقــي واســتغالل مــوارده‬ ‫املحلي ــة‪ ،‬فض ــا ع ــن توفي ــر تكنولوجي ــا بديل ــة‬ ‫لتولي ــد الكهرب ــاء‪.‬‬ ‫و م ــن املرج ــح أن نش ــهد زي ــادة ف ــي املش ــاريع‬ ‫املشــتركة بيــن الشــركات العراقيــة واألميركيــة فــي‬ ‫مجــال اســتخراج ومعالجــة ونقــل الغــاز‪ ،‬فضــا‬

‫‪83‬‬

‫ع ــن تطوي ــر مص ــادر الطاق ــة املتج ــددة‪.‬‬ ‫و ق ــد تتطل ــب مش ــاريع الطاق ــة الضخم ــة‬ ‫اس ــتثمارات كبي ــرة‪ ،‬و ق ــد يك ــون ارتف ــاع قيم ــة‬ ‫الدين ــار مفي ــدا ف ــي خف ــض التكالي ــف املحلي ــة‪،‬‬ ‫لك ــن ج ــذب االس ــتثمارات "بال ــدوالر" س ــيظل‬ ‫أم ـرا بال ــغ األهمي ــة‪.‬‬ ‫و يج ــب عل ــى الع ـراق توفي ــر بيئ ــة تنظيمي ــة‬ ‫وقانوني ــة جاذب ــة لالس ــتثمارات األجنبي ــة ف ــي‬ ‫قط ــاع الطاق ــة لضم ــان نج ــاح ه ــذه املش ــاريع‪،‬‬ ‫اذ قــد تواجــه الشــركات األميركيــة منافســة مــن‬ ‫شــركات دول أخــرى تســعى لالســتثمار فــي قطــاع‬ ‫الطاق ــة العراق ــي‪.‬‬ ‫و مــع تركيــز الع ـراق علــى تطويــر قطاعاتــه غيــر‬ ‫النفطي ــة وتنوي ــع مص ــادر الطاق ــة‪ ،‬ق ــد تظه ــر‬ ‫ف ــرص جدي ــدة لتوس ــيع التب ــادل التج ــاري‬ ‫م ــع الوالي ــات املتح ــدة ف ــي مج ــاالت أخ ــرى غي ــر‬ ‫النف ــط والطاق ــة‪ ،‬مث ــل التكنولوجي ــا‪ ،‬والبني ــة‬ ‫التحتي ــة‪ ،‬والزراع ــة‪.‬‬ ‫وإذا اســتمر ارتفــاع قيمــة الدينــار‪ ،‬فقــد يجعــل‬ ‫الص ــادرات العراقي ــة (النف ــط بش ــكل أس ــاس)‬ ‫أكثــر تكلفــة بالنســبة للمســتوردين األميركييــن‪،‬‬ ‫ف ــي حي ــن تصب ــح ال ــواردات األمريكي ــة أرخ ــص‬ ‫بالنس ــبة للمس ــتوردين العراقيي ــن‪ .‬ه ــذا ق ــد‬ ‫يؤث ــر عل ــى املي ـزان التج ــاري بي ــن البلدي ــن‪.‬‬ ‫ومجم ــل الق ــول إن التغي ـرات ف ــي س ــعر ص ــرف‬ ‫الدين ــار ووق ــف اإلعف ــاء م ــن اس ــتيراد الغ ــاز‬ ‫اإليران ــي يخلق ــان ديناميكي ــة جدي ــدة ف ــي‬ ‫العالق ــات االقتصادي ــة بي ــن الع ـراق وأمي ــركا‪،‬‬ ‫و م ــن املرج ــح أن نش ــهد زي ــادة ف ــي املش ــاريع‬ ‫املش ــتركة ف ــي قط ــاع الطاق ــة‪ ،‬مم ــا يمث ــل‬ ‫فرص ــة كبي ــرة للش ــركات األمريكي ــة؛ أم ــا فيم ــا‬ ‫يتعل ــق بالتأثي ــر الع ــام عل ــى املش ــاريع املش ــتركة‬ ‫والعالق ــات التجاري ــة‪ ،‬فإن ــه يعتم ــد عل ــى‬ ‫كيفي ــة إدارة الع ـراق له ــذه التغي ـرات وتوفي ــر‬ ‫بيئ ــة اس ــتثمارية جاذب ــة‪ ،‬فض ــا ع ــن اس ــتقرار‬ ‫االقتص ــاد العالم ــي وتوجه ــات السياس ــة‬ ‫النقدي ــة األميركي ــة‪.‬‬ ‫ى‬ ‫وعل ــى امل ــدى الطوي ــل‪ ،‬إذا ج ــر اس ــتغالل‬ ‫الف ــرص ف ــي قط ــاع الطاق ــة وتنوي ــع االقتص ــاد‬ ‫العراق ــي‪ ،‬فس ــيكون التأثي ــر إيجابي ــا عل ــى‬ ‫العالق ــات التجاري ــة واملش ــاريع املش ــتركة بي ــن‬ ‫البلد ي ــن‪.‬‬

‫‪84‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫تركة ثقيلة‬

‫تعرقل‬ ‫جهود‬ ‫التنمية‬ ‫فيلي‪ -‬خاص‪:‬‬

‫تشير البيانات الرسمية إلى‬ ‫وجود المئات من المشاريع‬ ‫المتلكئة في مختلف‬ ‫المحافظات العراقية‪،‬‬ ‫وتعزى أسباب تلكؤ هذه‬ ‫ُ‬ ‫المشاريع إلى األوضاع غير‬ ‫المستقرة التي مرت بها‬ ‫البالد‪ ،‬وكذلك عدم إقرار‬ ‫الموازنات باإلضافة إلى‬ ‫الشركات الضعيفة وغير‬ ‫المتمكنة‪ ،‬بحسب مختصين‪.‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪2025‬‬

‫‪85‬‬

‫‪86‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫‪87‬‬

‫تركة ثقيلة تعرقل جهود التنمية‬ ‫ويؤك ــد املختص ــون‪ ،‬أن الحكوم ــة العراقي ــة‬ ‫الحالي ــة برئاس ــة محم ــد ش ــياع الس ــوداني‬ ‫عمل ــت عل ــى معالج ــة ه ــذا املل ــف م ــن خ ــال‬ ‫ـروعا لل ــوزارات‪،‬‬ ‫اس ــتئناف العم ــل بــ‪ 555‬مش ـ ً‬ ‫ممــا أدى إلــى انخفــاض عــدد املشــاريع املتلكئــة‬ ‫ـروعا‪ ،‬وفــق املختصيــن‪.‬‬ ‫مــن ‪ 1600‬إلــى ‪ 916‬مشـ ً‬ ‫أسباب التلكؤ‬ ‫وع ـزا الباح ــث االقتص ــادي‪ ،‬أحم ــد عي ــد‪،‬‬ ‫أســباب تلكــؤ املشــاريع فــي العـراق إلــى مجموعــة‬ ‫عوامــل متراكمــة‪ ،‬فــي مقدمتهــا ســوء التخطيــط‬ ‫وغي ــاب الرؤي ــة االس ــتراتيجية‪.‬‬ ‫وأض ــاف عي ــد‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬كم ــا أن الكثي ــر‬ ‫م ــن املش ــاريع ُتطل ــق دون دراس ــات ج ــدوى‪،‬‬ ‫أو ُتح ــال إل ــى ش ــركات تفتق ــر للكف ــاءة والخب ــرة‬ ‫الفني ــة واملهني ــة‪ ،‬أو وفق ـ ًـا للمحس ــوبية‬ ‫السياس ــية والحزبي ــة‪.‬‬ ‫وتاب ــع‪" :‬كم ــا أن الفس ــاد املال ــي واإلداري يلع ــب‬ ‫دو ًرا مهم ـ ًـا ومحوري ـ ًـا ف ــي تعث ــر تنفي ــذ املش ــاريع‪،‬‬ ‫إذ اس ــتنزفت ميزاني ــات كبي ــرة ط ــوال العقدي ــن‬ ‫املاضيي ــن وف ــق مناقص ــات وهمي ــة ُتمن ــح‬ ‫لجه ــات معين ــة بعق ــود مبال ــغ به ــا مقاب ــل نس ــب‬ ‫م ــن العم ــوالت"‪.‬‬ ‫فض ـ ًـا ع ــن ذل ــك‪ ،‬يعان ــي الجه ــاز الرقاب ــي ف ــي‬ ‫ُ‬ ‫الع ـراق م ــن ضع ــف فاعليت ــه م ــا يفت ــح املج ــال‬ ‫أم ــام التالع ــب والتقصي ــر دون محاس ــبة‬ ‫حقيقي ــة‪ ،‬بحس ــب عي ــد‪.‬‬ ‫وأكم ــل الباح ــث االقتص ــادي حديث ــه‪ ،‬قائ ـ ًـا‪:‬‬ ‫"كم ــا ال يمك ــن إغف ــال تأثي ــر البيروقراطي ــة‬ ‫اإلداريــة والتداخــل بيــن صالحيــات املؤسســات‬ ‫إل ــى جان ــب غي ــاب البيئ ــة اآلمن ــة ف ــي معظ ــم‬ ‫املناط ــق‪ ،‬مم ــا أث ــر عل ــى ق ــدرة العدي ــد م ــن‬ ‫الش ــركات عل ــى االس ــتمرار بالعم ــل"‪.‬‬ ‫وم ــن أس ــباب تلك ــؤ املش ــاريع أيض ـ ًـا‪ ،‬ه ــو تأخي ــر‬ ‫إطــاق التخصيصــات املاليــة للمشــاريع بســبب‬ ‫تجمي ــد الكثي ــر منه ــا أو تأخ ــر إق ـرار املوازن ــة أو‬ ‫انقطاعه ــا بمنتص ــف الطري ــق‪ ،‬وف ــق عي ــد‪.‬‬ ‫تأثيرات التلكؤ‬ ‫ـلبا‬ ‫ونب ــه عي ــد‪ ،‬إل ــى أن تلك ــؤ املش ــاريع‪ ،‬أث ــر س ـ ً‬ ‫عل ــى بيئ ــة االس ــتثمار بش ــكل مباش ــر‪ ،‬حي ــث‬ ‫أدى إل ــى فق ــدان ثق ــة املس ــتثمرين املحليي ــن‬ ‫واألجان ــب‪ ،‬بجدي ــة الدول ــة بتنفي ــذ الخط ــط‬

‫االقتصادي ــة واملش ــاريع‪.‬‬ ‫وبي ــن الباح ــث االقتص ــادي‪ ،‬أن تعث ــر مش ــاريع‬ ‫البن ــى التحتي ــة والخدم ــات لفت ـرات طويل ــة‬ ‫تــؤدي إلــى تراجــع فــرص نمــو الســوق وتضعــف‬ ‫قــدرة الدولــة علــى جــذب اســتثمارات جديــدة‪،‬‬ ‫خاص ــة ف ــي القطاع ــات الحيوي ــة كالصناع ــة‬ ‫والطاق ــة والس ــياحة‪.‬‬ ‫ولف ــت إل ــى أن تراك ــم املش ــاريع املتلكئ ــة يبع ــث‬ ‫رس ــالة س ــلبية ح ــول بيئ ــة العم ــل ف ــي الع ـراق‪،‬‬ ‫ويع ــزز م ــن ص ــورة الفس ــاد والبيروقراطي ــة‪،‬‬ ‫وع ــدم االس ــتقرار التش ــريعي والتنفي ــذي‪،‬‬ ‫وهــو مــا يدفــع الكثيــر مــن املســتثمرين إلــى نقــل‬ ‫رؤوس أمواله ــم إل ــى دول أكث ــر اس ــتقرا ًرا‪.‬‬ ‫وأش ــار عي ــد‪ ،‬إل ــى أن الع ـراق بحاج ــة ماس ــة‬ ‫إل ــى متابع ــة اس ــتراتيجية وحيوي ــة تس ــتجيب‬ ‫للتحدي ــات االقتصادي ــة واالجتماعي ــة‬ ‫والبيئي ــة‪ ،‬وتحق ــق تنمي ــة مس ــتدامة متوازن ــة‪،‬‬ ‫وكذل ــك إل ــى مش ــاريع البن ــى التحتي ــة األساس ــية‬ ‫املتعلقــة بشــبكات الطــرق والجســور والكهربــاء‬ ‫وامل ــاء والص ــرف الصح ــي ومش ــاريع اإلس ــكان‬ ‫والتخطي ــط الحض ــري‪.‬‬ ‫يض ــاف لذل ــك‪ ،‬املش ــاريع الزراعي ــة واألم ــن‬ ‫الغذائ ــي والعم ــل عل ــى اإلص ــاح الزراع ــي‬ ‫واس ــتصالح األرا�ض ــي ودع ــم الصناع ــات‬ ‫الغذائي ــة‪ ،‬ومش ــاريع الصح ــة والتعلي ــم وبن ــاء‬ ‫مستش ــفيات وم ــدارس وجامع ــات بمواصف ــات‬ ‫عاملي ــة حديث ــة‪.‬‬ ‫وأردف عي ــد بالق ــول‪" :‬كم ــا يحت ــاج الع ـراق‬ ‫إل ــى مش ــاريع الطاق ــة املتج ــددة واس ــتثمار‬ ‫الطاق ــة الشمس ــية والري ــاح‪ ،‬لتقلي ــل االعتم ــاد‬ ‫عل ــى الوق ــود األحف ــوري‪ ،‬بم ــا يتعل ــق بالطاق ــة‬ ‫الكهربائي ــة وم ــا إل ــى ذل ــك"‪.‬‬ ‫وم ــن االحتياج ــات أيض ـ ًـا‪ ،‬أك ــد عي ــد‪ ،‬الحاج ــة‬ ‫إل ــى مش ــاريع تنمي ــة الش ــباب وتش ــغيلهم م ــن‬ ‫خ ــال إنش ــاء م ــدن صناعي ــة ومراك ــز تدري ــب‬ ‫وتأهيــل منهــي بتحفيــز ســوق العمــل وامتصــاص‬ ‫البطالــة‪ ،‬ومشــاريع التحــول الرقمــي والخدمــات‬ ‫اإللكتروني ــة لتطوي ــر البني ــة التحتي ــة الرقمي ــة‬ ‫للحوكم ــة اإللكتروني ــة‪ ،‬وتحس ــين الش ــفافية‬ ‫والخدم ــات العام ــة‪.‬‬ ‫وباملجم ــل‪ ،‬رأى الباح ــث االقتص ــادي‪ ،‬أن‬

‫الع ـراق يحتــاج إلــى مشــاريع تعيــد بنــاء الدولــة‪،‬‬ ‫وتس ــتعيد الثق ــة بمؤسس ــاتها‪ ،‬وتوف ــر ف ــرص‬ ‫حقيقي ــة للمواطني ــن بالعي ــش الكري ــم وتحق ــق‬ ‫التنمي ــة املس ــتدامة‪.‬‬ ‫تعرقل التنمية‬ ‫وتش ــير البيان ــات الرس ــمية إل ــى وج ــود أكث ــر م ــن‬ ‫‪ 1600‬مشــروع متلكــئ فــي مختلــف املحافظــات‪،‬‬ ‫باس ــتثناء إقلي ــم كوردس ــتان‪ ،‬م ــع نس ــب إنج ــاز‬ ‫تت ـراوح بي ــن ‪ 30%‬و‪ ،35%‬وتع ــود بعضه ــا إل ــى‬ ‫فت ـرات حكومي ــة س ــابقة‪ ،‬وف ــق عض ــو لجن ــة‬ ‫االس ــتثمار النيابي ــة‪ ،‬ضي ــاء الهن ــدي‪.‬‬ ‫وأرج ــع الهن ــدي‪ ،‬أس ــباب تلك ــؤ ه ــذه املش ــاريع‬ ‫خ ــال حديث ــه ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إل ــى ع ــدة‬ ‫عوام ــل‪ ،‬أبرزه ــا ّقل ــة الس ــيولة املالي ــة‪ ،‬نتيج ــة‬ ‫تأث ــر املش ــاريع بتراج ــع أس ــعار النف ــط وجائح ــة‬ ‫كورون ــا‪ ،‬مم ــا أدى إل ــى نق ــص التموي ــل وتوق ــف‬ ‫العدي ــد منه ــا بق ـرارات حكومي ــة‪.‬‬ ‫والســبب اآلخــر‪ ،‬بحســب الهنــدي‪ ،‬هــو الفســاد‬ ‫اإلداري واملالــي‪ ،‬حيــث أدى الفســاد املستشــري‬

‫ضياء الهندي‬ ‫عضو لجنة االستثمارالنيابية‬

‫ف ــي مؤسس ــات الدول ــة إل ــى تأخي ــر تنفي ــذ‬ ‫املش ــاريع وتوقفه ــا‪ ،‬نتيج ــة إحال ــة العدي ــد م ــن‬ ‫املش ــاريع إل ــى ش ــركات غي ــر رصين ــة‪.‬‬ ‫ـببا‬ ‫ويأتــي ضعــف الرقابــة واملتابعــة ليشــكل سـ ً‬ ‫آخ ــر ف ــي تلك ــؤ املش ــاريع‪ ،‬حي ــث إن غي ــاب‬ ‫الفعال ــة عل ــى تنفي ــذ املش ــاريع س ــاهم‬ ‫الرقاب ــة ّ‬ ‫الفتاإلــى أن‬ ‫ـدي‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ن‬ ‫اله‬ ‫ـق‬ ‫ـ‬ ‫ف‬ ‫و‬ ‫ـكلة‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫فــي تفاقــم امل‬ ‫ًُ‬ ‫الق ـرارات الحكومي ــة الس ــابقة‪ ،‬مث ــل الق ـرار‬ ‫‪ 347‬لس ــنة ‪ 2015‬ال ــذي أوق ــف العدي ــد م ــن‬ ‫املش ــاريع نتيج ــة األزم ــة املالي ــة‪ ،‬تس ــبب ف ــي‬ ‫اندث ــار ع ــدد كبي ــر منه ــا‪.‬‬

‫نبيل الصفار‬ ‫املتحدث باسم وزارة اإلعمارواإلسكان‬

‫جهود الحكومة‬ ‫وف ــي س ــبيل تخط ــي ه ــذا األزم ــة‪ ،‬أك ــد أن‬ ‫حكوم ــة محم ــد ش ــياع الس ــوداني تعم ــل عل ــى‬ ‫معالج ــة ه ــذا املل ــف م ــن خ ــال اس ــتئناف‬ ‫العمــل باملشــاريع املتلكئــة‪ ،‬حيــث تــم اســتئناف‬ ‫ـروعا للــوزارات‪ ،‬ممــا أدى إلــى‬ ‫العمــل بــ‪ 555‬مشـ ً‬ ‫انخف ــاض ع ــدد املش ــاريع املتلكئ ــة إل ــى ‪916‬‬ ‫ـروعا ‪.‬‬ ‫مش ـ ً‬ ‫وزاد بالق ــول‪" :‬كم ــا ت ــم تش ــكيل لج ــان م ــع‬ ‫وزارة التخطي ــط ومجل ــس ال ــوزراء الس ــتئناف‬ ‫العم ــل ف ــي املش ــاريع الت ــي ال يمك ــن إيقافه ــا‪،‬‬

‫الهندي‪ « :‬أدى الفساد‬ ‫المستشري في مؤسسات‬ ‫الدولة إلى تأخير تنفيذ‬ ‫المشاريع وتوقفها‪،‬‬ ‫نتيجة إحالة العديد من‬ ‫المشاريع إلى شركات غير‬ ‫رصينة»‪.‬‬

‫الصفار‪"« :‬مُدت ألول‬ ‫مرة ركائز الجسور‬ ‫بين الكرخ والرصافة‪،‬‬ ‫كما شهدت تقاطعات‬ ‫بغداد أنفاقاً جديدة‬ ‫ومجسرات منها بأربعة‬ ‫مسارات»‪..‬‬

‫وإلغ ــاء املش ــاريع الت ــي يمك ــن االس ــتغناء عنه ــا‪،‬‬ ‫وتخصي ــص مبال ــغ مالي ــة الس ــتئناف املش ــاريع‬ ‫املهم ــة‪ ،‬مث ــل مش ــاريع مداخ ــل بغ ــداد‪،‬‬ ‫والص ــرف الصح ــي‪ ،‬واملستش ــفيات"‪.‬‬ ‫"عام اإلنجازات"‬ ‫وكانــت الحكومــة الحاليــة‪ ،‬قــد وضعــت فــي ُسـ ّـلم‬ ‫أولوياته ــا إكم ــال إنج ــاز املش ــاريع املتلكئ ــة‪،‬‬ ‫فــكان عــام ‪( 2024‬عــام اإلنجــازات) كمــا أطلــق‬ ‫علي ــه رئي ــس مجل ــس ال ــوزراء‪ ،‬محم ــد ش ــياع‬ ‫الســوداني‪ ،‬وفــق املتحــدث باســم وزارة اإلعمــار‬ ‫واإلس ــكان العراقي ــة‪ ،‬نبي ــل الصف ــار‪.‬‬ ‫وش ــرح الصف ــار‪ ،‬خ ــال حديث ــه للوكال ــة‪ ،‬أن‬ ‫ال ــوزارة‪ّ ،‬مثل ــت ال ــذراع الف ــوالذي لحكوم ــة‬ ‫الخدم ــات الوطني ــة‪ ،‬فق ــد حمل ــت أكث ــر م ــن‬ ‫‪ 22%‬م ــن مجم ــل مش ــاريع البرنام ــج الحكوم ــي‪،‬‬ ‫موضح ـ ًـا أن ف ــي قط ــاع الط ــرق والجس ــور‪ ،‬ت ــم‬ ‫إنج ــاز العدي ــد م ــن مش ــاريع ف ــك االختناق ــات‬ ‫املروري ــة ف ــي بغ ــداد خ ــال (ع ــام اإلنج ــازات)‪.‬‬ ‫وواصــل حديثــه بالقــول‪"ُ :‬مــدت ألول مــرة ركائــز‬ ‫الجس ــور بي ــن الك ــرخ والرصاف ــة‪ ،‬كم ــا ش ــهدت‬ ‫تقاطع ــات بغ ــداد أنفاق ـ ًـا جدي ــدة ومجس ـرات‬ ‫منهــا بأربعــة مســارات‪ ،‬كمــا تــم إنجــاز املدخليــن‬ ‫الجنوب ــي والش ــرقي لبغ ــداد‪ ،‬وأعلن ــت ال ــوزارة‬ ‫انط ــاق مش ــروع الطري ــق الحلق ــي الراب ــع ال ــذي‬ ‫س ــيكون أه ــم ش ـرايين الط ــرق للعاصم ــة"‪.‬‬ ‫وف ــي قط ــاع اإلس ــكان‪ ،‬نب ــه الصف ــار‪ ،‬إل ــى أن‬ ‫ال ــوزارة عمل ــت عل ــى تنفي ــذ مش ــاريع امل ــدن‬ ‫الس ــكنية الجدي ــدة الواع ــدة والذكي ــة‬ ‫فع ــال‬ ‫املس ــتدامة‪ ،‬والت ــي ستس ــاهم بش ــكل ّ‬ ‫ف ــي القض ــاء عل ــى أزم ــة الس ــكن‪ ،‬وتتواف ــر فيه ــا‬ ‫كل مقوم ــات العي ــش الرغي ــد للمواطني ــن‪،‬‬ ‫مس ــتدركا‪" :‬س ـ ّ‬ ‫ـتضم ه ــذه امل ــدن الس ــكنية‬ ‫ً‬ ‫مراك ــز تجاري ــة وصحي ــة وتربوي ــة وتعليمي ــة‬ ‫ورياضي ــة وترفيهي ــة ومس ــاحات خض ـراء"‪.‬‬ ‫وخل ــص الصف ــار ف ــي خت ــام حديث ــه إل ــى أن‬ ‫"ال ــوزارة‪ ،‬عمل ــت عل ــى إنج ــاز جمي ــع مش ــاريع‬ ‫املجمع ــات الس ــكنية املتلكئ ــة ف ــي الفت ـرات‬ ‫الس ــابقة‪ ،‬فض ـ ًـا ع ــن اس ــتمرار صن ــدوق‬ ‫اإلس ــكان العراق ــي ف ــي تطوي ــر آلي ــات التقدي ــم‬ ‫عل ــى قروض ــه وإج ـراءات االقت ـراض والجباي ــة‪،‬‬ ‫خدمــة لــكل ش ـرائح املجتمــع ودعمـ ًـا لحــل أزمــة‬ ‫الس ــكن‪.‬‬

‫‪88‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫يسهب كثيرمن السياسيين‬ ‫والنواب في العراق‪،‬‬ ‫وكذلك اقتصاديون في‬ ‫هذه األيام‪ ،‬في الحديث‬ ‫عما يسمونه أزمات مالية‪،‬‬ ‫ويحذرون من مشكالت‬ ‫مقبلة تهدد القدرة‬ ‫املعيشية للسكان‪.‬‬

‫األزمة المالية في العراق‬ ‫بين مخاطر التقشف ودعوات ترشيد اإلنفاق غير الضروري‬

‫‪89‬‬

‫وبرغــم ان العـراق يعتمــد فــي اقتصــاده علــى‬ ‫النفــط وتتوفــر لــه عائــدات يوميــة بالــدوالر‬ ‫م ــن ج ـراء ذل ــك‪ ،‬ف ــان الحدي ــث يتكاث ــر‬ ‫بش ــأن "قل ــة الس ــيولة املالي ــة"‪ ،‬ويح ــذر‬ ‫نــواب ومســؤولون مــن صعوبــات فــي صــرف‬ ‫روات ــب املوظفي ــن والعاملي ــن ف ــي الدول ــة ف ــي‬ ‫م ــدة مقبل ــة‪ ،‬وتتزاي ــد التحذي ـرات بش ــأن‬ ‫ودائ ــع الس ــكان ف ــي املص ــارف وبخاص ــة ف ــي‬ ‫مص ــرف الرافدي ــن؛ فيم ــا ينف ــي مص ــرف‬ ‫الرافديــن ذلــك‪ ،‬ويقــول أن الوضــع املالــي فــي‬ ‫املص ــرف ق ــوي ومتي ــن‪ ،‬باحتياط ــي قانون ــي‬ ‫يزي ــد عل ــى ‪ 8‬تريليون ــات دين ــار مودع ــة ل ــدى‬ ‫البن ــك املرك ــزي العراق ــي‪ ،‬مش ــيرا ال ــى أن ــه ال‬ ‫تتواج ــد مؤش ـرات عل ــى أي أزم ــة س ــيولة أو‬ ‫ذع ــر مصرف ــي‪ ،‬بحس ــب بي ــان للمص ــرف ف ــي‬ ‫اوائ ــل ش ــهر أي ــار ‪.2025‬‬ ‫وكم ــا قلن ــا‪ ،‬م ــن الغري ــب للوهل ــة األول ــى أن‬ ‫بل ــدا نفطي ــا مث ــل الع ـراق‪ ،‬يحق ــق عائ ــدات‬ ‫يوميــة مــن تصديــر النفــط‪ ،‬يعانــي مــن قلــة‬ ‫الس ــيولة املالي ــة‪.‬‬ ‫و قل ــة الس ــيولة املالي ــة‪ ،‬الت ــي تعن ــي نق ــص‬ ‫ف ــي توف ــر النق ــد بخاص ــة الدين ــار العراق ــي‪،‬‬ ‫لــدى الحكومــة أو النظــام املصرفــي لتغطيــة‬ ‫النفقــات الجاريــة‪ ،‬مثــل الرواتــب واملشــاريع‬ ‫والخدم ــات‪ ،‬له ــا اس ــباب ع ــدة؛ وم ــن ذل ــك‬ ‫ان العوام ــل املحتمل ــة النخف ــاض الس ــيولة‬ ‫برغــم العائــدات النفطيــة‪ ،‬تشــمل التفــاوت‬ ‫بي ــن اإلي ـرادات النفطي ــة و بي ــن تحويله ــا‬ ‫إل ــى دين ــار عراق ــي‪ ،‬فعائ ــدات النف ــط تأت ــي‬ ‫بال ــدوالر‪ ،‬لك ــن الروات ــب والنفق ــات تدف ــع‬ ‫بالدين ــار‪.‬‬ ‫والبن ــك املرك ــزي يق ــوم ببي ــع ال ــدوالر ف ــي‬ ‫الس ــوق املحل ــي‪ ،‬ع ــادة عب ــر ناف ــذة بي ــع‬ ‫العمل ــة‪ ،‬للحص ــول عل ــى الدين ــار‪.‬‬ ‫كمــا انــه فــي حــال حصــول تقييــد أو بــطء فــي‬

‫‪90‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫‪91‬‬

‫األزمة المالية في العراق ‪...‬‬

‫عملي ــات البي ــع أو تدخ ــات خارجي ــة مثلم ــا‬ ‫ج ــرى لدين ــا بش ــأن الرقاب ــة األميركي ــة عل ــى‬ ‫التحوي ــات أو املطالب ــة بالش ــفافية‪ ،‬ف ــإن‬ ‫تدف ــق الدين ــار يتأخ ــر أو يتقل ــص‪.‬‬ ‫العام ــل اآلخ ــر ال ــذي يول ــد انخف ــاض‬ ‫الس ــيولة ه ــو زي ــادة اإلنف ــاق الحكوم ــي‬ ‫فالحكوم ــة العراقي ــة لديه ــا التزام ــات‬ ‫ضخم ــة‪ ،‬تتمث ــل ف ــي الروات ــب‪ ،‬والدع ــم‬ ‫واملش ــاريع‪ ،‬واألم ــن‪ ،‬وغي ــر ذل ــك م ــن‬ ‫متطلبــات االنفــاق‪ ،‬و فــي حــال زيــادة اإلنفــاق‬ ‫مــن دون زيــادة موازيــة فــي اإلي ـرادات أو مــن‬ ‫دون إصــاح ضريبــي فعــال‪ ،‬يحــدث انحســار‬ ‫نق ــدي‪.‬‬

‫كمــا ان ضعــف التنــوع االقتصــادي املتمثــل‬ ‫باالعتمــاد شــبه الكامــل علــى النفــط يجعــل‬ ‫االقتص ــاد هش ــا أم ــام تقلب ــات أس ــعاره أو‬ ‫انخف ــاض كمي ــات التصدي ــر‪ ،‬كذل ــك ال‬ ‫تول ــد دين ــارا مث ــل‬ ‫تتواج ــد بدائ ــل محلي ــة ّ‬ ‫الضرائ ــب‪ ،‬الصناع ــة‪ ،‬الزراع ــة‪ ،‬بنف ــس‬ ‫حج ــم إي ـرادات النف ــط بال ــدوالر‪.‬‬ ‫وكذل ــك يج ــب االش ــارة ال ــى ان ج ــزءا كبي ـرا‬ ‫م ــن الس ــيولة ق ــد يه ــدر أو يه ــرب بوس ــاطة‬ ‫صفق ــات وهمي ــة أو فس ــاد مال ــي ف ــي ناف ــذة‬ ‫بي ــع العمل ــة أو العق ــود الحكومي ــة‪.‬‬ ‫والب ــد هن ــا م ــن التذكي ــر ان ــه من ــذ أواخ ــر‬ ‫‪ ،2022‬فرضــت الواليــات املتحــدة ضوابــط‬

‫مش ــددة ف ــي الع ـراق عل ــى عملي ــات ش ـراء‬ ‫ال ــدوالر و ضواب ــط أكث ــر صرام ــة عل ــى‬ ‫التحوي ــات املالي ــة بش ــكل ع ــام ملن ــع‬ ‫غس ــيل األم ــوال وتحويل ــه إل ــى دول خاضع ــة‬ ‫للعقوب ــات مث ــل إي ـران؛ ه ــذا أدى إل ــى‬ ‫تقلي ــص مرون ــة البن ــك املرك ــزي ف ــي ض ــخ‬ ‫الس ــيولة املطلوب ــة بالدين ــار‪.‬‬ ‫ان م ــن الوس ــائل الرئيس ــة لتوفي ــر الدين ــار‬ ‫العراق ــي ف ــي الس ــوق اي بمعن ــى توفي ــر‬ ‫الس ــيولة‪ ،‬تنش ــيط القط ــاع غي ــر النفط ــي‬ ‫ودع ــم الزراع ــة والصناع ــة والخدم ــات‬ ‫فذل ــك يخل ــق م ــوارد محلي ــة ويوف ــر ف ــرص‬ ‫عمــل ويقلــل الضغــط علــى اإلنفــاق العــام‪،‬‬

‫كم ــا يتوج ــب إص ــاح ناف ــذة بي ــع العمل ــة‬ ‫و جعله ــا أكث ــر ش ــفافية‪ ،‬والح ــد م ــن‬ ‫املضاربي ــن‪ ،‬وضم ــان أن البي ــع يج ــري بن ــاء‬ ‫عل ــى حاج ــات حقيقي ــة (اس ــتيراد‪ ،‬روات ــب‪،‬‬ ‫إنت ــاج)‪.‬‬ ‫كم ــا يتوج ــب تحس ــين النظ ــام الضريب ــي‬ ‫والتحصي ــل‪ ،‬اذ ان الع ـراق ضعي ــف ف ــي‬ ‫جباي ــة الضرائ ــب وزي ــادة التحصي ــل لرف ــد‬ ‫خزين ــة الدول ــة بدين ــار عراق ــي‪ ،‬وتقلي ــل‬ ‫االعتماد على الدوالر وحده‪ ،‬ومن الضرورة‬ ‫بم ــكان الح ــد م ــن الفس ــاد واله ــدر‪ ،‬وذل ــك‬ ‫بإص ــاح األجه ــزة الرقابي ــة والقضائي ــة‪،‬‬ ‫وتقلي ــل النفق ــات غي ــر الضروري ــة؛ وق ــد‬

‫تس ــاعد بع ــض االتفاق ــات م ــع مؤسس ــات‬ ‫دولي ــة عل ــى تج ــاوز األزم ــات املؤقت ــة‪.‬‬ ‫لق ــد ازدادت التصريح ــات املح ــذرة م ــن‬ ‫ازمــات ماليــة الســيما بعــد إقــدام الحكومــة‬ ‫العراقي ــة عل ــى س ــحب أم ــوال م ــن األمان ــات‬ ‫الضريبي ــة واس ــتعمالها ف ــي توزي ــع الروات ــب‪،‬‬ ‫برغ ــم ان الحكوم ــة تق ــول ان ذل ــك إج ـراء‬ ‫اعتي ــادي‪.‬‬ ‫فيم ــا ق ــال املختص ــون بالش ــأن املال ــي‬ ‫واالقتص ــادي أن الحكوم ــة العراقي ــة‬ ‫بحاج ــة إل ــى إرادة حازم ــة التخ ــاذ ق ـرارات‬ ‫جريئــة تحــول دون انــزالق البــاد نحــو أزمــة‬ ‫نقدي ــة خانق ــة‪ ،‬عل ــى ح ــد وصفه ــم‪.‬‬ ‫وبع ــد إق ــدام الحكوم ــة االتحادي ــة عل ــى‬ ‫س ــحب أم ــوال م ــن األمان ــات الضريبي ــة‪،‬‬

‫« ازدادت‬ ‫التصريحات المحذرة‬ ‫من ازمات مالية‬ ‫السيما بعد إقدام‬ ‫الحكومة العراقية‬ ‫على سحب أموال من‬ ‫األمانات الضريبية‬ ‫واستعمالها في‬ ‫توزيع الرواتب‪ ،‬برغم‬ ‫ان الحكومة تقول ان‬ ‫ذلك إجراء اعتيادي »‪.‬‬

‫تح ــدث املخت ــص ف ــي الش ــأن املال ــي‬ ‫واالقتص ــادي أحم ــد عب ــد رب ــه‪ ،‬ع ــن حل ــول‬ ‫ملواجه ــة أزم ــة الس ــيولة ف ــي الع ـراق‪ ،‬وق ــال‬ ‫إن ــه “بع ــد س ــحب ‪ 3.045‬تريلي ــون دين ــار‬ ‫م ــن األمان ــات الضريبي ــة لتغطي ــة الروات ــب‪،‬‬ ‫تبــدو أزمــة الســيولة فــي العـراق أكثــر إلحاحـ ًـا‬ ‫ـركا‬ ‫م ــن أي وق ــت م�ض ــى‪ ،‬م ــا يس ــتوجب تح ـ ً‬ ‫حكومي ـ ًـا عاج ـ ًـا بوصف ــة مالي ــة متوازن ــة”‪.‬‬ ‫ورأى ان ــه “يج ــب إع ــادة جدول ــة النفق ــات‬ ‫غي ــر الضروري ــة وتأجي ــل املش ــاريع غي ــر‬ ‫العاجل ــة‪ ،‬مث ــل مش ــاريع ف ــك االختناق ــات‪،‬‬ ‫لتوجي ــه امل ــوارد نح ــو األولوي ــات القص ــوى‪،‬‬ ‫وإص ــدار س ــندات حكومي ــة قصي ــرة األج ــل‬ ‫للبن ــك املرك ــزي واملص ــارف املحلي ــة‪ ،‬كح ــل‬ ‫داخل ــي س ــريع م ــن دون الت ــورط ف ــي دي ــون‬ ‫خارجي ــة”‪.‬‬ ‫وأوض ــح أن م ــن ضم ــن الحل ــول الس ــريعة‪،‬‬ ‫تش ــديد الرقاب ــة عل ــى تحوي ــات املص ــارف‬ ‫األجنبي ــة وتقني ــن بي ــع ال ــدوالر‪ ،‬وإع ــادة‬ ‫الثق ــة باملص ــارف املحلي ــة‪ ،‬وإط ــاق‬ ‫حم ــات تحصي ــل ضريب ــي عاجل ــة تس ــتهدف‬ ‫املتأخ ـرات الكبي ــرة عل ــى الش ــركات‬ ‫واملس ــتوردين لتعزي ــز اإلي ـرادات غي ــر‬ ‫النفطي ــة‪ ،‬بحس ــب قول ــه‪.‬‬ ‫وفيمــا يتعلــق بالعالقــة مــع الواليات املتحدة‬ ‫دعــا الــى أن “يكــون هنــاك تحــرك دبلوما�ســي‬ ‫ف ــوري م ــع واش ــنطن لضم ــان اس ــتمرار‬ ‫تدفــق عائــدات النفــط مــن دون تعطيــل أو‬ ‫تأخي ــر‪ ،‬إضاف ــة إل ــى ط ــرح س ــندات ادخاري ــة‬ ‫للمواطني ــن بفوائ ــد محف ــزة الس ــتقطاب‬ ‫الكتل ــة النقدي ــة النائم ــة خ ــارج النظ ــام‬ ‫املصرف ــي”‪.‬‬ ‫واردف عبــد ربــه‪“ ،‬فــي مثــل هــذه اللحظــات‬ ‫الحرج ــة‪ ،‬ال تحت ــاج حكوم ــة الس ــوداني إل ــى‬ ‫م ــداوالت طويل ــة‪ ،‬بق ــدر حاجته ــا إل ــى إرادة‬ ‫تنفيذيــة حازمــة‪ ،‬قــادرة علــى اتخــاذ ق ـرارات‬ ‫جريئ ــة تحف ــظ الت ــوازن املال ــي وتح ــول دون‬ ‫انــزالق البــاد نحــو أزمــة نقديــة خانقــة قــد‬ ‫تتس ــارع تداعياته ــا خ ــال أس ــابيع”‪.‬‬

‫‪92‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬ ‫فــي مشــهد يعيــد إلــى األذهــان حــوادث االحتيــال الجماعــي‪ ،‬تعــود ظاهــرة املنصــات اإللكترونيــة "الوهميــة"‬ ‫ـددا‪ ،‬مس ــتهدفة فئ ــة الش ــباب الباحثي ــن ع ــن ف ــرص عم ــل أو اس ــتثمار س ــريع‪ ،‬وذل ــك م ــن‬ ‫للظه ــور مج ـ ً‬ ‫خــال حمــات احتياليــة تنتشــرعبــرتطبيقــات التواصــل االجتماعــي‪ ،‬ال ســيما "و اتســاب" و"تيليغــرام"‪،‬‬ ‫مســتخدمة حســابات مجهولــة معظمهــا تحمــل صــورنســاء ّتدعــي تقديــم فــرص ربــح مضمونــة‪.‬‬

‫غياب الرقابة‪..‬‬

‫منصات إلكترونية وهمية تستنزف‬ ‫أموال الشباب بغطاء الربح السريع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪2025‬‬

‫وتك ــررت القص ــة الت ــي ب ــدأت قب ــل س ــنوات‬ ‫ف ــي كرك ــوك م ــع ش ــركة "يونم ــارت"‪ ،‬والت ــي‬ ‫اســتهدفت الشــباب ّ‬ ‫املهجريــن آنــذاك بشــعارات‬ ‫براق ــة مث ــل "غي ــر حيات ــك" و"تع ــال وجي ــب‬ ‫ّ‬ ‫وي ــاك أصدقائ ــك نح ــو األف ــق"‪ ،‬ليتبي ــن الحق ـ ًـا‬ ‫أنه ــا كان ــت عملي ــة نص ــب محكم ــة خس ــر فيه ــا‬ ‫العش ـرات م ــن الش ــباب مدخراته ــم‪.‬‬ ‫سيناريو متكرر بأساليب جديدة‬ ‫يبــدأ االحتيــال بمبالــغ بســيطة غالبـ ًـا ال تتجــاوز‬ ‫‪ 30‬أل ــف دين ــار‪ُ ،‬يزع ــم أنه ــا "أرب ــاح أولي ــة"‬ ‫يمك ــن س ــحبها بس ــهولة‪ ،‬ف ــي محاول ــة لكس ــب‬ ‫ثق ــة الضحي ــة‪ ،‬بعده ــا ُتطل ــب "رس ــوم ضم ــان"‬ ‫لس ــحب األرب ــاح الت ــي ُيق ــال إنه ــا ارتفع ــت إل ــى‬ ‫‪ 100‬دوالر أو أكث ــر‪.‬‬ ‫ويس ــتمر ه ــذا النم ــط ف ــي تصعي ــد تدريج ــي‬ ‫ـوال إل ــى دعوت ــه‬ ‫يس ــتنزف أم ــوال الضحي ــة‪ ،‬وص ـ ً‬ ‫لجل ــب مش ــاركين ج ــدد‪.‬‬ ‫بعــض الضحايــا خســروا مالييــن الدنانيــر‪ ،‬حيــث‬ ‫تش ــير التقدي ـرات إل ــى أن إجمال ــي الخس ــائر‬ ‫ف ــي بع ــض املناط ــق تج ــاوز مئ ــات املاليي ــن م ــن‬ ‫الدناني ــر‪ ،‬وس ــط غي ــاب أي جه ــة قانوني ــة‬ ‫يمكــن الرجــوع إليهــا بعــد إغــاق هــذه املنصــات‬ ‫املفاج ــئ واختف ــاء القائمي ــن عليه ــا‪.‬‬ ‫ضحايا يعانون أزمات صحية‬ ‫أحم ــد الجب ــوري‪ ،‬أح ــد ضحاي ــا م ــا يع ــرف‬ ‫ُ‬ ‫بمنص ــة "الت ــداول"‪ ،‬تح ــدث ملجل ــة «فيل ــي»‬ ‫قائ ـ ًـا‪" :‬ف ــي البداي ــة‪ ،‬أقنعون ــي بأرب ــاح يومي ــة‬ ‫مغري ــة‪ ،‬وفع ـ ًـا حصل ــت عل ــى مبال ــغ بس ــيطة‬ ‫ش ــجعتني عل ــى زي ــادة االس ــتثمار‪ ،‬لك ــن بعده ــا‬ ‫ب ــدأت األع ــذار (الس ــوق‪ ،‬الش ــروط‪ ،‬مش ــاكل‬ ‫تقني ــة…) حت ــى اختف ــوا تمام ـ ًـا‪ .‬ال رد عل ــى‬ ‫الرس ــائل وال أث ــر لألم ــوال"‪.‬‬ ‫ويضي ــف الجب ــوري‪ ،‬أن "العدي ــد م ــن‬ ‫املش ــاركين أصيب ــوا بأزم ــات قلبي ــة نتيج ــة‬ ‫الصدم ــة النفس ــية الت ــي تعرض ــوا له ــا"‪ ،‬مش ــي ًرا‬ ‫إلــى أن "إجمالــي األمــوال التــي أودعــت فــي املنصــة‬ ‫تج ــاوزت ملي ــار دين ــار عراق ــي"‪.‬‬ ‫نصائح املختصين‬ ‫ب ــدوره‪ ،‬يق ــول الخبي ــر االقتص ــادي يوس ــف‬ ‫محم ــود‪ ،‬إن "الت ــداول اإللكترون ــي الحقيق ــي‬

‫‪93‬‬

‫يتطل ــب ترخيص ـ ًـا م ــن جه ــات رقابي ــة دولي ــة‬ ‫معت ــرف به ــا‪ ،‬وأي منص ــة ال تمل ــك عنوان ـ ًـا‬ ‫ـندا قانوني ـ ًـا‪ ،‬فه ــي غالب ـ ًـا مج ــرد‬ ‫معروف ـ ًـا أو س ـ ً‬ ‫ف ــخ احتيال ــي"‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وف ــي حدي ــث ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬ينب ــه الخبي ــر‪،‬‬ ‫الش ــباب إل ــى ض ــرورة الح ــذر م ــن اإلغ ـراءات‬ ‫الربحيــة الســريعة‪ ،‬قائـ ًـا‪" :‬االســتثمار الحقيقــي‬ ‫ال يعــرض عبــر رســائل مجهولــة‪ ،‬وال ُيطلــب فيــه‬ ‫ُ‬ ‫دف ــع أم ــوال مقدم ـ ًـا دون ضمان ــات"‪.‬‬ ‫مــن جانبــه‪ ،‬يشــير الخبيــر األمنــي‪ ،‬عبــد الســتار‬ ‫العل ــي‪ ،‬ف ــي حديث ــه ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إل ــى أن‬ ‫املنص ــات االحتيالي ــة تنش ــط غالب ـ ًـا ف ــي بيئ ــات‬ ‫تفتقــر إلــى الوعــي الرقمــي‪ ،‬محــذ ًرا مــن مشــاركة‬ ‫البيان ــات الش ــخصية أو االنخ ـراط ف ــي دع ــوات‬ ‫اس ــتثمارية مش ــبوهة‪.‬‬ ‫"الوع ــي ه ــو خ ــط الدف ــاع األول ض ــد الجرائ ــم‬ ‫اإللكتروني ــة‪ ،‬وينبغ ــي استش ــارة متخصصي ــن‬ ‫قب ــل اتخ ــاذ أي خط ــوة اس ــتثمارية عب ــر‬ ‫اإلنترن ــت"‪ ،‬بحس ــب العل ــي‪.‬‬ ‫احتيال قديم بثوب جديد‬ ‫الناش ــط واملراق ــب املجتمع ــي عب ــاس حس ــين‪،‬‬ ‫ي ــرى ف ــي حديث ــه ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن ه ــذه‬ ‫الظواهــر ليســت جديــدة علــى املجتمــع العراقــي‪،‬‬ ‫إذ تش ــبه ممارس ــات مجموع ــات ظه ــرت ف ــي‬ ‫التســعينيات مثــل "عالءكــو" و"وســامكو"‪ ،‬التــي‬ ‫مارســت التهديــد والنصــب العلنــي فــي ظــل غيــاب‬ ‫الرقاب ــة‪.‬‬ ‫"الي ــوم‪ ،‬تتك ــرر الص ــورة نفس ــها لك ــن بأس ــاليب‬ ‫رقمي ــة ناعم ــة‪ ،‬نف ــس العقلي ــة‪ ،‬نف ــس الطم ــع‪،‬‬ ‫ولكــن خلــف شاشــات الهواتــف الذكيــة"‪ ،‬وفقـ ًـا‬ ‫لحدي ــث حس ــين‪ ،‬ال ــذي يتاب ــع حديث ــه بالق ــول‬ ‫"مــن املهــم التعلــم مــن تجــارب املا�ضــي لتفــادي‬ ‫ـددا ف ــي مصائ ــد االحتي ــال"‪.‬‬ ‫الوق ــوع مج ـ ً‬ ‫وتس ــتنزف املنص ــات اإللكتروني ــة الوهمي ــة‬ ‫مدخ ـرات الش ــباب العراق ــي‪ ،‬مخلف ــة آث ــا ًرا‬ ‫نفس ــية وصحي ــة خطي ــرة‪ ،‬ويش ــكل الوع ــي‬ ‫الرقم ــي والتحق ــق م ــن التراخي ــص واستش ــارة‬ ‫الخب ـراء‪ ،‬الوس ــائل األه ــم للوقاي ــة م ــن ه ــذه‬ ‫الظواه ــر الت ــي تتوس ــع يوم ـ ًـا بع ــد آخ ــر‪ ،‬وفق ـ ًـا‬ ‫للمراقبي ــن‪.‬‬

‫‪94‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫‪95‬‬

‫األنهار تفيض بالسموم‪..‬‬

‫ميسان ضحية التلوث‬ ‫وانخفاض مناسيب المياه‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫يتعرض االهالي في محافظة ميسان الى‬ ‫مخاطرعديدة‪ ،‬تبدأ من جفاف االهوار‬ ‫مرورا باالبارالنفطية وتلوث املياه الذي ال‬ ‫تصلح للسقي واالستخدام البشري‪.‬‬

‫وعل ــى الرغ ــم م ــن االطالق ــات املائي ــة االخي ــرة‬ ‫ل ــوزارة امل ــوارد املائي ــة‪ ،‬اال ان ذل ــك وف ــق‬ ‫معنيي ــن‪ ،‬اليع ــد اال ح ــا مؤقت ـ ًـا‪ ،‬وان مش ــكلة‬ ‫الجف ــاف والتل ــوث ال ت ـزال قائم ــة‪.‬‬ ‫انهار ملوثة‬ ‫وبه ــذا الص ــدد ق ــال منتظ ــر الس ــيد ن ــور‬ ‫مستشــار لجنــة الخدمــات العامــة فــي مجلــس‬ ‫محافظ ــة ميس ــان ف ــي حديث ــه ملجل ــة «فيل ــي»‪،‬‬ ‫إن "وض ــع املي ــاه بش ــكل ع ــام خ ــال امل ــدة‬ ‫املاضيــة �ســيء للغايــة بســبب قلــة االطالقــات‬ ‫ف ــي عم ــود نه ــر دجل ــة ال ــذي يم ــر بمحافظ ــة‬ ‫ميس ــان وكث ــرة امللوث ــات الت ــي تأت ــي م ــن بع ــض‬ ‫محط ــات الص ــرف الصح ــي الت ــي ُتلق ــى دون‬ ‫معالج ــة ف ــي مج ــرى النه ــر‪ ،‬اضاف ــة ال ــى مي ــاه‬ ‫بع ــض املب ــازل الزراعي ــة الت ــي تحت ــوي عل ــى‬ ‫مركب ــات األس ــمدة الكيميائي ــة الت ــي ترف ــع‬ ‫م ــن نس ــب بع ــض األيون ــات امللوث ــة للم ــاء‬ ‫ال ــى جان ــب تصري ــف مي ــاه بحي ـرات األس ــماك‬ ‫الحاوي ــة عل ــى األم ــاح ومخلف ــات العل ــف‬ ‫البروتينــي التــي تزيــد مــن معــدالت تعكــر املــاء‬ ‫وتس ــبب انواع ـ ًـا متع ــددة م ــن الطحال ــب"‪.‬‬ ‫وأض ــاف ف ــي حدي ــث ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬ان ــه‬ ‫"ت ــم تحدي ــد س ــتة ان ــواع م ــن الطحال ــب ف ــي‬ ‫مي ــاه نه ــر دجل ــة بضمنه ــا الطحال ــب الخض ــر‬ ‫املزرق ــة الت ــي تف ــرز الس ــموم ف ــي امل ــاء‪ ،‬فض ــا‬ ‫عــن الطحالــب الخيطيــة التــي تســبب تعطــل‬ ‫الفالت ــر املنزلي ــة"‪.‬‬ ‫واش ــار ال ــى ان "مع ــدالت امل ــواد الصلب ــة‬ ‫الذائبــة فــي املــاء والتــي تعــرف ب ‪ TDS‬مرتفعــة‬ ‫خصوص ـ ًـا ف ــي األنه ــر الفرعي ــة‪ ،‬اذ وص ــل‬ ‫أعاله ــا إل ــى نح ــو ‪ 4000‬ملغ ــم‪ /‬لت ــر ف ــي نه ــر‬ ‫املشــرح‪ ،‬امــا بقيــة األنهــر فلــم تقــل معدالتهــا‬ ‫ع ــن ‪ 2500‬ملغ ــم‪ /‬لت ــر كم ــا ه ــو الح ــال ف ــي‬ ‫ناحي ــة الس ــام و قض ــاء امليمون ــة‪ ،‬ف ــي حي ــن‬

‫‪96‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫‪97‬‬

‫ميسان ضحية التلوث وانخفاض مناسيب المياه‬

‫أن املع ــدل الطبيع ــي كح ــد أعل ــى يفت ــرض أن‬ ‫يك ــون أق ــل م ــن ‪ 1000‬ملغم‪/‬لت ــر"‪.‬‬ ‫وأوض ــح الس ــيد ن ــور‪ ،‬أن "إحصائي ــات‬ ‫الجه ــاز املرك ــزي اش ــارت إل ــى أن نس ــبة فش ــل‬ ‫الفح ــص‪ ،‬وان مجمع ــات امل ــاء ل ــم تظه ــر‬ ‫معالج ــة حقيقي ــة وكأنه ــا ل ــم تعال ــج ش ــيئا‬ ‫ســوى الضــخ مــن النهــر إلــى منــازل املواطنيــن"‪.‬‬ ‫ولفــت الــى ان "امليــاه املجهــزة ملنــازل املواطنيــن‬ ‫تج ــاوزت املح ــددات الناف ــذة م ــا يجعله ــا‬ ‫غي ــر صالح ــة للش ــرب‪ ،‬ووص ــل الح ــال ف ــي‬ ‫ق ــرى اذن ــاب األنه ــر الفرعي ــة انه ــا اصبح ــت‬ ‫غي ــر صالح ــة حت ــى لس ــقي الحيوان ــات بع ــد‬ ‫ارتف ــاع نس ــب امللوح ــة فيه ــا إل ــى أكث ــر م ــن ‪4‬‬ ‫االف ملغــم‪ /‬لتــر‪ ،‬لــذا لجــأ املواطنــون لســقي‬ ‫مواش ــيهم بش ـراء م ــاء الــ‪."RO‬‬ ‫واعتب ــر ن ــور‪ ،‬ان "مس ــؤولية تل ــوث املي ــاه‬ ‫مس ــؤولية مش ــتركة بي ــن الحكوم ــة بمختل ــف‬ ‫مؤسس ــاتها واملواطني ــن وخاص ــة املزارعي ــن‬ ‫وأصح ــاب بحي ـرات األس ــماك‪ ،‬فض ــا ع ــن‬ ‫بع ــض املؤسس ــات الحكومي ــة‪ ،‬إذ ال توج ــد‬ ‫ف ــي جمي ــع املستش ــفيات بمحافظ ــة ميس ــان‬ ‫محط ــات معالج ــة ملي ــاه الص ــرف الصح ــي‪،‬‬ ‫وتلق ــي ه ــذه املستش ــفيات مياهه ــا‪ ،‬فش ــبكة‬ ‫الص ــرف دون معالج ــة"‪.‬‬ ‫ولف ــت إل ــى‪ ،‬ان "اإلطالق ــات املائي ــة األخي ــرة‬ ‫الت ــي تس ــببت بارتف ــاع مناس ــيب نه ــر دجل ــة‬ ‫ف ــي ميس ــان ج ــاءت لدف ــع اللس ــان امللح ــي ف ــي‬ ‫ش ــط الع ــرب بمحافظ ــة البص ــرة وليس ــت‬ ‫ملعالج ــة التل ــوث بمحافظ ــة ميس ــان‪ ،‬وان‬ ‫ارتف ــاع املناس ــيب حص ــل ف ــي مج ــرى النه ــر‬ ‫الرئي�س ــي فق ــط وت ــم تصري ــف كمي ــات قليل ــة‬ ‫باتجــاه األنهــر الفرعيــة واالهــوار‪ ،‬امــا االنهــار‬ ‫الفرعي ــة ف ــا زال ــت تعان ــي م ــن زي ــادة التل ــوث‬ ‫وخاص ــة ف ــي قض ــاء امليمون ــة والس ــام بس ــبب‬ ‫م ــا يت ــم تصريف ــه م ــن مي ــاه املج ــاري إل ــى النه ــر‬ ‫دون معالج ــة م ــن محط ــة مج ــاري البتي ــرة"‪.‬‬

‫وكش ــف املس ــؤول املحل ــي ع ــن "وج ــود‬ ‫‪ 8‬محط ــات للص ــرف الصح ــي ف ــي عم ــوم‬ ‫املحافظ ــة‪ 5 ،‬منه ــا تلق ــي مياهه ــا ف ــي مج ــاري‬ ‫االنه ــار دون معالج ــة‪ ،‬وه ــذه املحط ــات ه ــي‪:‬‬ ‫محطــة البتيــرة وقلعــة صالــح األولــى‪ ،‬والثانيــة‪،‬‬ ‫و محط ــة العزي ــر ومحط ــة طري ــق عم ــارة‪-‬‬ ‫كح ــاء‪ ،‬وال توج ــد حت ــى االن معالج ــات‬ ‫واضحــة مــن الحكومــة املحليــة"‪ ،‬موضحــا ان‬ ‫"بغــداد تعــد امللــوث األكبــر مليــاه دجلــة حيــث‬ ‫تلقــي نحــو ‪ 700‬ألــف متــر مكعــب يوميــا مــن‬ ‫ميــاه الصــرف الصحــي غيــر املعالجــة فــي النهــر‬ ‫‪ ،‬كم ــا تلق ــى مج ــاري ناحي ــة الش ــيخ س ــعد‬ ‫بمحافظ ــة واس ــط أيض ـ ًـا كمي ــات م ــن مي ــاه‬ ‫الصــرف الصحــي فــي نهــر دجلــة دون معالجــة‪،‬‬ ‫إال أن األخط ــر ه ــو مي ــاه الص ــرف الصح ــي‬ ‫غي ــر املعالج ــة الت ــي تلقيه ــا املستش ــفيات‬ ‫بمحافظ ــات بغ ــداد وواس ــط وميس ــان"‪.‬‬ ‫اللسان امللحي يتمدد‬ ‫ب ــدوره أوض ــح الخبي ــر البيئ ــي احم ــد صال ــح‬ ‫نعم ــة ف ــي حديث ــه للوكال ــة‪ ،‬ان ــه "من ــذ ‪ 4‬أي ــام‬ ‫فق ــط أطلق ــت وزارة امل ــوارد املائي ــة موج ــات‬ ‫مائيــة كبيــرة مــن ســدة الكــوت باتجــاه البصــرة‬ ‫م ــرورا بمحافظ ــة ميس ــان لس ــد اللس ــان‬ ‫امللحــي وتعويــض النقــص الحاصــل فــي امليــاه‪،‬‬ ‫وستس ــتمر ه ــذه االطالق ــات عش ــرة أي ــام‬ ‫لدف ــع اللس ــان امللح ــي بش ــط الع ــرب"‪.‬‬ ‫ولف ــت نعم ــة ال ــى ان "ه ــذا االج ـراء ه ــو وقت ــي‪،‬‬ ‫والح ــل األمث ــل ه ــو ت ــدارك الوض ــع املائ ــي‬ ‫باالتف ــاق العاج ــل م ــع تركي ــا"‪ ،‬منوه ــا ال ــى ان‬ ‫"النق ــص الحاص ــل باملي ــاه أدى ال ــى ارتف ــاع‬ ‫التراكيــز امللحيــة نتيجــة إلقــاء مخلفــات وزارة‬ ‫البلدي ــات بمي ــاه الص ــرف الصح ــي الت ــي تزي ــد‬ ‫م ــن التل ــوث"‪.‬‬ ‫وأوض ــح أن "الخزي ــن الس ــتراتيجي متده ــور‬ ‫ـدا واملي ــاه ال تكف ــي للصي ــف اال للزراع ــة‬ ‫جـ ً‬ ‫وس ــتكون البيئ ــة وااله ــوار اول م ــا يضح ــى ب ــه‬

‫""ال فائدة من نسب‬ ‫االطالقات المائية‪،‬‬ ‫النها تخفف التلوث‬ ‫لكنها ال تقضي عليه‬ ‫بشكل تام مادامت‬ ‫مصادر التلوث مستمرة‬ ‫بإطالق مخلفاتها إلى‬ ‫األنهار والجداول"‬

‫ف ــي ظ ــل أزم ــة املي ــاه”‪.‬‬ ‫وتع ــد محافظ ــة ميس ــان م ــن املحافظ ــات‬ ‫الجنوبي ــة الت ــي تعتم ــد عل ــى الزراع ــة وتربي ــة‬ ‫األســماك واملوا�شــي كمصــدر أسا�ســي للعيــش‬ ‫خاص ــة‪ ،‬ف ــي اقضي ــة ونواح ــي املحافظ ــة‪ ،‬وان‬ ‫ش ــحة املي ــاه وجف ــاف األنه ــار ل ــه تاثي ــر كبي ــر‬ ‫عل ــى االوض ــاع املعيش ــية للمواطني ــن وعل ــى‬ ‫اقتص ــاد املحافظ ــة بش ــكل ع ــام‪.‬‬ ‫وبه ــذا الص ــدد ق ــال املواط ــن امليس ــاني مه ــدي‬ ‫الس ــاعدي‪ ،‬ان "امل ــاء ال ــذي يص ــل ملنازلن ــا‬

‫غي ــر صال ــح ال للش ــرب وال االس ــتحمام‪،‬‬ ‫وتس ــبب بالكثي ــر م ــن املش ــكالت الصحي ــة‪،‬‬ ‫ومنه ــا تس ــاقط الش ــعر وانتش ــار األم ـراض‪،‬‬ ‫لــذا اســتعاض ابنــاء مدينــة العمــارة عــن هــذه‬ ‫املي ــاه بش ـراء م ــاء ‪."RO‬‬ ‫املواطنون يستعينون بمياه ‪RO‬‬ ‫واش ــار ال ــى ان ــه "بس ــبب ش ــحة املي ــاه‪ ،‬فق ــد‬ ‫انتشــرت عربــات بيــع املــاء فــي جميــع محافظــة‬ ‫ـوءا فــي اقضيــة‬ ‫ميســان‪ ،‬وأن الوضــع يــزداد سـ ً‬ ‫ونواح ــي املحافظ ــة‪.‬‬

‫ام ــا املواط ــن باس ــم كري ــم م ــن أهال ــي العزي ــر‪،‬‬ ‫ق ــال ان ــه "عل ــى الرغ ــم م ــن االطالق ــات املائي ــة‬ ‫الت ــي ش ــهدتها انه ــار املحافظ ــة مؤخ ـرا‪ ،‬لك ــن‬ ‫مش ــكلة التل ــوث ال زال ــت قائم ــة وازدادت ف ــي‬ ‫بع ــض األنه ــر بس ــبب ارتف ــاع مناس ــيب مي ــاه‬ ‫األنه ــار لتص ــل ال ــى اكتاف ــه وج ــرف النفاي ــات‬ ‫املوجــودة علــى الضفــاف بكثــرة والتــي لــم تجــد‬ ‫اي ح ــل"‪.‬‬ ‫مــن جهتــه قــال أســتاذ التلــوث البيئــي فــي كليــة‬ ‫العل ــوم بجامع ــة ميس ــان الدكت ــور صال ــح‬

‫حس ــن ج ـزاع‪ ،‬ان ــه "ال فائ ــدة م ــن نس ــب‬ ‫االطالق ــات املائي ــة‪ ،‬النه ــا تخف ــف التل ــوث‬ ‫لكنه ــا ال تق�ض ــي علي ــه بش ــكل ت ــام مادام ــت‬ ‫مص ــادر التل ــوث مس ــتمرة بإط ــاق مخلفاته ــا‬ ‫إل ــى األنه ــار والج ــداول"‪.‬‬ ‫ويضي ــف ف ــي تصري ــح خ ــاص ملجل ــة «فيل ــي»‪،‬‬ ‫ان "الحلــول تتلخــص بإيقــاف تدفــق امللوثــات‬ ‫م ــن املصان ــع واملعام ــل واملستش ــفيات ومي ــاه‬ ‫الصــرف الصحــي املنزلــي والزراعــي او معالجتهــا‬ ‫قبــل اطالقهــا لالنهــار"‪.‬‬

‫‪98‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫تهريب شبه علني بألوف األطنان‬

‫ما الذي يحدث‬ ‫في موانئ العراق؟‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫تعد قضية التهريب عملية شائعة‬ ‫تجري في جميع منافذ الدول البحرية‬ ‫والبرية وكذلك في املطارات‪ ،‬وكثيرا ما‬ ‫تكتشف املواد املهربة‪ ،‬وفي العادة فإنها‬ ‫تهرب في الحقائب واألمتعة الشخصية‬ ‫بطريقة احتر افية يصعب‬ ‫اكتشافها‪ ،‬وانها تكون‬ ‫بكميات يمكن حملها‬ ‫من قبل األفراد؛ أما أن‬ ‫تهرب مواد من ثروات‬ ‫البلد تزن عشرات‬ ‫ألوف األطنان فاألمر‬ ‫حينئذ يكون غريبا‬ ‫وغيرمنطقي‪.‬‬

‫لق ــد اعل ــن جه ــاز األم ــن الوطن ــي ف ــي محافظ ــة‬ ‫البص ــرة ف ــي ‪ 23‬أي ــار ‪ 2025‬ان مف ــارزه‬ ‫نجح ــت ف ــي إحب ــاط محاول ــة تهري ــب ضخم ــة‬ ‫مل ــادة الكبري ــت عب ــر مين ــاء أم قص ــر الجنوب ــي‪،‬‬ ‫أســفرت عــن ضبــط كميــات هائلــة تقــدر بنحــو‬ ‫‪ 110‬آالف ط ــن‪ ،‬فيم ــا قال ــت ش ــركة املنتج ــات‬ ‫النفطيــة (ســومو) فــي البصــرة‪ ،‬انهــا لــم تصــدر‬ ‫أي موافق ــات رس ــمية لتصدي ــر ه ــذه امل ــادة‪.‬‬ ‫وأوض ــح األم ــن الوطن ــي ان ــه ضب ــط بالفع ــل‬ ‫باخ ــرة محمل ــة بنح ــو ‪ 10‬آالف ط ــن م ــن م ــادة‬ ‫الكبري ــت كان ــت مع ــدة للتهري ــب‪ ،‬ث ــم توج ــه إل ــى‬ ‫مق ــر الش ــركة املتورط ــة وج ــرى ضب ــط ‪16‬‬ ‫ش ــاحنة إضافي ــة محمل ــة بالكبري ــت ف ــي داخ ــل‬ ‫حاوي ــات كان ــت ف ــي طريقه ــا للمين ــاء‪ ،‬وانه ــا‬ ‫وجــدت مخزنــا تابعــا للشــركة املتورطــة يحتــوي‬ ‫علــى ‪ 100‬ألــف طــن أخــرى مــن الكبريــت املعــد‬ ‫للتهريــب‪ ،‬ليصــل إجمالــي املضبوطــات إلــى ‪110‬‬ ‫آالف ط ــن تقريب ـ ًـا‪.‬‬ ‫وس ــبق ذل ــك إع ــان هيئ ــة املناف ــذ الحدودي ــة‪،‬‬ ‫عــن ضبــط شــحنة مســتلزمات طبيــة مشــبوهة‬ ‫كان ــت مع ـ ّـدة للتهري ــب عب ــر مين ــاء أم قص ــر‬ ‫الش ــمالي‪ ،‬مش ــيرة إل ــى أن الف ــرق امليداني ــة ف ــي‬ ‫املين ــاء رص ــدت حاويتي ــن بحج ــم ‪ 40‬قدم ــا‪،‬‬ ‫خــارج الحــرم الجمر ـكـي‪ ،‬تحتويــان علــى “ظــروف‬ ‫دوائي ــة فارغ ــة ومس ــتلزمات طبي ــة” مخب ــأة‬ ‫بعناي ــة خل ــف ش ــحنة مص ــرح به ــا‪ ،‬ف ــي محاول ــة‬ ‫لتموي ــه محتواه ــا الحقيق ــي‪.‬‬ ‫وتع ــد محاول ــة تهري ــب ‪ 110‬آالف ط ــن م ــن‬ ‫م ــادة الكبري ــت عب ــر مين ــاء أم قص ــر الجنوب ــي‬ ‫ف ــي البص ــرة عملي ــة غي ــر اعتيادي ــة م ــن حي ــث‬ ‫الكميــة‪ ،‬ويثــار هنــا ســؤال مشــروع بشــأن الســر‬ ‫وراء إمكاني ــة ح ــدوث مث ــل ه ــذه العملي ــات ف ــي‬ ‫وض ــح النه ــار وبص ــورة "علني ــة" (بمعن ــى أنه ــا‬ ‫ليســت مخفيــة بالكامــل عــن األنظــار)‪ .‬اإلجابــة‬ ‫تكمــن عــادة فــي مزيــج مــن العوامــل املتشــابكة‪،‬‬ ‫أبرزه ــا‪ ،‬وه ــو م ــا يتف ــق علي ــه كثي ــرون‪ ،‬وه ــو‬ ‫م ــا ش ــخص ف ــي ح ــوادث مماثل ــة م ــن دون ان‬ ‫يعال ــج‪ ،‬رش ــوة املس ــؤولين‪ ،‬و ه ــذا ه ــو الس ــبب‬ ‫األب ــرز‪ ،‬لتهري ــب كمي ــات هائل ــة كه ــذه‪ ،‬اذ ال‬ ‫ب ــد م ــن تواط ــؤ ع ــدد كبي ــر م ــن املس ــؤولين ف ــي‬ ‫املين ــاء‪ ،‬م ــن موظف ــي الجم ــارك واألم ــن إل ــى‬

‫اإلدارة العلي ــا‪ ،‬بدف ــع رش ــاوى ضخم ــة لغ ــض‬ ‫الط ــرف ع ــن الش ــحنات أو لتس ــهيل إج ـراءات‬ ‫التخلي ــص غي ــر القانوني ــة‪.‬‬ ‫كم ــا ال يمك ــن لعملي ــة به ــذا الحج ــم أن تج ــري‬ ‫بوس ــاطة ف ــرد واح ــد أو مجموع ــة صغي ــرة‪،‬‬ ‫إنه ــا تتطل ــب ش ــبكة منظم ــة ومعق ــدة تش ــمل‬ ‫مس ــؤولين ف ــي ش ــتى املس ــتويات‪ ،‬وس ــائقين‪،‬‬ ‫وش ــركات ش ــحن‪ ،‬وس ــيطرات امني ــة‪ ،‬وحت ــى‬ ‫أحيان ــا ش ــخصيات ذات نف ــوذ سيا�س ــي أو‬ ‫عش ــائري ‪.‬‬ ‫و تش ــير عدي ــد التقاري ــر إل ــى أن املوان ــئ‬ ‫العراقي ــة‪ ،‬بم ــا ف ــي ذل ــك أم قص ــر‪ ،‬تعان ــي م ــن‬ ‫مســتويات عاليــة مــن الفســاد‪ ،‬اذ ُتدفــع رســوم‬ ‫إضافي ــة غي ــر قانوني ــة‪ُ ،‬وتختل ــس البضائ ــع‪،‬‬ ‫وت ـ ّ‬ ‫ـزور الوثائ ــق‪ .‬ه ــذا يخل ــق بيئ ــة تس ــهل‬ ‫ُ‬ ‫عملي ــات التهري ــب الكبي ــرة‪.‬‬ ‫كمــا يتواجــد ايضــا نقــص فــي عمليــات التفتيــش‬ ‫الدقيقــة للشــاحنات والبواخــر‪ ،‬أو أن عمليــات‬ ‫التفتي ــش تج ــري بش ــكل س ــطحي بع ــد تلق ــي‬ ‫الرش ــاوى‪.‬‬ ‫ويج ــري ايض ــا بحس ــب تقاري ــر ع ــدة تزوي ــر‬ ‫الوثائ ــق الرس ــمية‪ ،‬مث ــل بيان ــات الش ــحن‬ ‫و "الفواتي ــر" وش ــهادات املنش ــأ‪ ،‬إلظه ــار أن‬ ‫البضاعــة مشــروعة أو أنهــا تتبــع مســارا قانونيــا‪.‬‬ ‫يمك ــن أن يت ــم ذل ــك بالتع ــاون م ــع موظفي ــن‬ ‫فاس ــدين أو بوس ــاطة ش ــبكات متخصص ــة ف ــي‬ ‫تزوي ــر الوثائ ــق‪.‬‬ ‫و ق ــد تس ــتغل العصاب ــات املنظم ــة الثغ ـرات‬ ‫ف ــي القواني ــن أو اإلج ـراءات الروتيني ــة مل ــرور‬ ‫الش ــحنات‪ ،‬بس ــبب نق ــص التكنولوجي ــا‬ ‫الحديث ــة اذ ق ــد ال تك ــون املوان ــئ مجه ــزة‬ ‫بالكامــل بتقنيــات املراقبــة والتفتيــش الحديثــة‬ ‫(مثــل املاســحات الضوئيــة الكبيــرة) التــي يمكــن‬ ‫أن تكش ــف ع ــن ه ــذه الكمي ــات بس ــهولة‪.‬‬ ‫وف ــي بع ــض الح ــاالت‪ ،‬يمك ــن أن يتمت ــع‬ ‫املتورط ــون ف ــي عملي ــات التهري ــب بحماي ــة م ــن‬ ‫ش ــخصيات أو جماع ــات ذات نف ــوذ سيا�س ــي‬ ‫أو عش ــائري‪ ،‬مم ــا يجع ــل م ــن الصع ــب عل ــى‬ ‫األجه ــزة األمني ــة تنفي ــذ القان ــون ضده ــم م ــن‬ ‫دون مقاوم ــة أو تدخ ــات‪.‬‬ ‫و أحيانــا‪ ،‬يمكــن أن تســيطر جماعــات مســلحة‬

‫‪99‬‬

‫أو فصائ ــل عل ــى أج ـزاء م ــن املوان ــئ أو يك ــون‬ ‫له ــا نف ــوذ كبي ــر عليه ــا‪ ،‬مم ــا يس ــمح له ــا بتس ــيير‬ ‫عملي ــات التهري ــب م ــع إف ــات م ــن العق ــاب‪.‬‬ ‫و الكبري ــت م ــادة صناعي ــة ليس ــت محظ ــورة‬ ‫بطبيعتهــا‪ ،‬ويســتعمل فــي كثيــر م ــن الصناع ــات‬ ‫(األس ــمدة‪ ،‬الكيماوي ــات‪ ،‬األدوي ــة)‪ ،‬ه ــذا‬ ‫يجعلــه أقــل إثــارة للشــبهات مــن املــواد املخــدرة‬ ‫أو األس ــلحة‪ ،‬مم ــا ق ــد يس ــهل محاول ــة إخف ــاء‬ ‫طبيع ــة الش ــحنة الحقيقي ــة أو وجهته ــا‪.‬‬ ‫ويق ــول مختص ــون ان التعام ــل م ــع ‪ 110‬آالف‬ ‫ط ــن يتطل ــب بني ــة تحتي ــة كبي ــرة (ش ــاحنات‪،‬‬ ‫س ــفن‪ ،‬مس ــتودعات)‪ ،‬وه ــذا يعن ــي أن العملي ــة‬ ‫بحاج ــة إل ــى ترتيب ــات لوجس ــتية واس ــعة‪ ،‬مم ــا‬ ‫يزي ــد م ــن احتمالي ــة ت ــورط ش ــبكات منظم ــة‬ ‫ومحترف ــة‪.‬‬ ‫وبرغ ــم جمي ــع ه ــذه التحدي ــات‪ ،‬ف ــإن إحب ــاط‬ ‫عملي ــة به ــذا الحج ــم يش ــير إل ــى‪ ،‬عملي ــة‬ ‫اس ــتخباراتية ناجح ــة‪ ،‬فغالب ــا م ــا تك ــون‬ ‫مث ــل ه ــذه العملي ــات الكبي ــرة نتيج ــة لجه ــود‬ ‫اس ــتخباراتية مكثف ــة‪ ،‬بم ــا ف ــي ذل ــك جم ــع‬ ‫املعلوم ــات م ــن املص ــادر البش ــرية‪ ،‬ومراقب ــة‬ ‫الش ــبكات‪ ،‬وتحلي ــل البيان ــات‪.‬‬ ‫كم ــا ال يخل ــو االم ــر م ــن تواج ــد جه ــات أمني ــة‬ ‫أو حكومي ــة مهني ــة ملتزم ــة بمكافح ــة الفس ــاد‬ ‫والتهري ــب‪ ،‬الت ــي يمك ــن أن تتص ــرف بش ــكل‬ ‫مس ــتقل أو بالتنس ــيق م ــع جه ــات أخ ــرى‪ ،‬و‬ ‫أحيان ــا يك ــون الكش ــف ع ــن عملي ــات التهري ــب‬ ‫نتيج ــة لصراع ــات داخلي ــة بي ــن العصاب ــات‬ ‫أو بي ــن الفصائ ــل‪ ،‬أو بس ــبب ضغ ــوط دولي ــة‬ ‫ملكافح ــة الفس ــاد‪.‬‬ ‫ومجم ــل الق ــول‪ ،‬ان التهري ــب ف ــي وض ــح النه ــار‬ ‫وكمي ــات هائل ــة ف ــي بل ــد مث ــل الع ـراق غالب ــا م ــا‬ ‫يك ــون مؤش ـرا عل ــى تواج ــد فس ــاد متغلغ ــل‬ ‫وش ــبكات منظم ــة تس ــتغل نق ــاط الضع ــف‬ ‫ف ــي الرقاب ــة وإنف ــاذ القان ــون‪ ،‬مدعوم ــة أحيان ــا‬ ‫بنفــوذ سيا�ســي أو عشــائري‪ ،‬وان الكشــف عــن‬ ‫ه ــذه العملي ــات يتطل ــب جه ــدا كبي ـرا وعم ــا‬ ‫اســتخباراتيا دقيقــا‪ ،‬مــع توفــر عناصــر النزاهــة‬ ‫واإلخــاص والشــعور باملســؤولية لــدى الجهــات‬ ‫املنف ــذة للقان ــون‪.‬‬

‫‪100‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪101 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫مدن الظل في العراق‪..‬‬

‫‪ 9‬ماليين نسمة‬ ‫بقبضة العشوائيات‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫تقترب عدد التجاوزات‬ ‫من ‪ 4‬آالف تجمع‬ ‫عشوائي في عموم‬ ‫العراق‪ ،‬ربعها في‬ ‫العاصمة بغداد‪،‬‬ ‫والباقي موزعة على باقي‬ ‫املحافظات‪ ،‬بحسب‬ ‫املتحدث باسم وزارة‬ ‫التخطيط العر اقية‪،‬‬ ‫عبد الزهرة الهنداوي‪،‬‬ ‫الذي أشارإلى نسبة‬ ‫الساكنين في التجمعات‬ ‫العشوائية تصل إلى‬ ‫حوالي ‪ 5‬باملئة من‬ ‫مجموع سكان العراق‪.‬‬

‫وبحس ــب وزارة التخطي ــط العراقي ــة‪ ،‬فإنه ــا‬ ‫أعلنت في ‪ 24‬شباط‪/‬فبراير ‪ ،2025‬النتائج‬ ‫االساس ــية للتع ــداد الع ــام للس ــكان‪،‬‬ ‫ٔ‬ ‫الت ــي ٔاظه ــرت ٔان ع ــدد س ــكان الع ـراق‬ ‫يبل ــغ ‪ 46‬مليون ـ ًـا و‪ٔ 118‬ال ــف نس ــمة‪،‬‬ ‫وبالتالــي عنــد تقســيم هــذا العــدد علــى‬ ‫خمس ــة‪ ،‬يظه ــر أن ع ــدد س ــاكني‬ ‫العش ــوائيات يبل ــغ ‪9‬‬ ‫ماليي ــن و‪ 223‬أل ــف‬ ‫نس ــمة ‪.‬‬ ‫ويأت ــي ه ــذا ف ــي‬ ‫ظ ــل انتق ــادات‬ ‫قب ــل‬ ‫م ــن‬ ‫ا ملتخصصي ــن ‪،‬‬

‫الذي ــن أك ــدوا أن ه ــذه العش ــوائيات أث ــرت عل ــى‬ ‫الرا�ضــي التابعــة للدولــة واملســاحات الخضـراء‪،‬‬ ‫فيم ــا أك ــدوا أن حله ــا بحاج ــة لــ"إرادة وطني ــة"‬ ‫والتخطي ــط ببدي ــل له ــا‪ ،‬فض ــا ع ــن التوج ــه‬ ‫إلنشــاء منــازل منخفضــة التكلفــة والتأكــد مــن‬ ‫املســتوى االقتصــادي الحقيقــي لســكان هــذه‬ ‫التجمع ــات العش ــوائية‪.‬‬ ‫وع ــن الخط ــط الحكومي ــة ملعالج ــة ه ــذا‬ ‫املل ــف‪ ،‬يوض ــح الهن ــداوي ملجل ــة‬ ‫«فيل ــي»‪ ،‬أن "هن ــاك خط ــة‬ ‫تضمنته ــا خط ــة التنمي ــة‬ ‫الخمس ــية للس ــنوات ‪2024‬‬ ‫– ‪ ،2028‬وكذل ــك نح ــن‬ ‫مقبل ــون عل ــى إط ــاق‬

‫اســتراتيجية مكافحــة الفقــر للســنوات الخمــس‬ ‫املقبل ــة م ــن ‪ 2025‬إل ــى ‪ ،2029‬وكلت ــا الخطتي ــن‬ ‫التنمي ــة واالس ــتراتيجية ملكافح ــة الفق ــر‪،‬‬ ‫تضمنت ــا معالج ــات ملش ــكلة الس ــكن العش ــوائي‬ ‫ف ــي الع ـراق"‪.‬‬ ‫ويضي ــف‪" ،‬كم ــا هن ــاك إج ـراءات أخ ــرى تق ــوم‬ ‫به ــا الحكوم ــة ملعالج ــة مل ــف العش ــوائيات‪ ،‬منه ــا‬ ‫مســودة قانــون يجــري اإلعــداد لهــا ملعالجــة هــذا‬ ‫املل ــف‪ ،‬كم ــا هن ــاك تنس ــيق وتع ــاون م ــع جه ــات‬ ‫دوليــة منهــا برنامــج األمــم املتحــدة للمســتوطنات‬ ‫البش ــرية‪ ،‬ملعالج ــة الس ــكن العش ــوائي"‪.‬‬ ‫يذك ــر أن مجل ــس ال ــوزراء العراق ــي خ ـ ّـول خ ــال‬ ‫جلس ــته الت ــي عق ــدت ف ــي ‪ 13‬كان ــون الثان ــي‪/‬‬ ‫يناي ــر ‪ ،2025‬أمي ــن بغ ــداد واملحافظي ــن‪،‬‬

‫باس ــتثناء كرك ــوك‪ ،‬ببي ــع األرا�ض ــي اململوك ــة‬ ‫للبلدي ــات املختص ــة للمتجاوزي ــن عليه ــا مم ــن‬ ‫ـتثناء م ــن املزاي ــدات‬ ‫بن ــوا مش ــيدات ثابت ــة‪ ،‬اس ـ ً‬ ‫العلني ــة‪.‬‬ ‫واش ــترط الق ـرار أن تك ــون تل ــك األرا�ض ــي ضم ــن‬ ‫التصمي ــم األس ــاس‪ ،‬وأن يق ــدم الطل ــب خ ــال‬ ‫‪ 180‬يومـ ًـا مــن صــدور القـرار‪ ،‬مــع اشــتراط عــدم‬ ‫امت ــاك ش ــاغلها ألي قطع ــة س ــكنية أخ ــرى‬ ‫وبب ــدل بي ــع حقيق ــي تق ــدره اللجن ــة املختص ــة‪.‬‬ ‫وتتصــدر العاصمــة بغــداد بأعــداد العشــوائيات‬ ‫ـوائيا لغاي ــة ع ــام‬ ‫بواق ــع ‪ 1022‬مجمع ـ ًـا عش ـ ً‬ ‫‪ ،2017‬وف ــق عض ــو لجن ــة الخدم ــات واإلعم ــار‬ ‫النيابي ــة‪ ،‬مهدي ــة الالم ــي‪ ،‬مش ــيرة إل ــى أن‬ ‫"التج ــاوز عل ــى األرا�ض ــي مس ــتمر لح ــد اآلن‪،‬‬

‫‪102‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪103 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫مدن الظل في العراق‪ 9 ..‬ماليين نسمة بقبضة العشوائيات‬

‫وج ــد فض ــاء‬ ‫ف ــي ظ ــل ع ــدم وج ــود رادع‪ ،‬فأينم ــا ِ‬ ‫واســع يأتــي املتجــاوزون ويقيمــون عليــه وحــدات‬ ‫س ــكنية عش ــوائية"‪.‬‬ ‫وتكش ــف الالم ــي ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن‬ ‫"العش ــوائيات ف ــي بغ ــداد بعضه ــا ُأقي ــم عل ــى‬ ‫اض تابع ــة ملؤسسس ــات حكومي ــة لديه ــا‬ ‫أر ٍ‬ ‫مش ــاريع‪ ،‬وبعضه ــا عل ــى محرم ــات نف ــط وبن ــى‬ ‫تحتي ــة كم ــا ف ــي خ ــط الخنس ــاء‪ ،‬وبعضه ــا اآلخ ــر‬ ‫كان عل ــى محرم ــات ط ــرق كم ــا ف ــي ح ــي ط ــارق‬ ‫وغيره ــا م ــن املناط ــق"‪.‬‬ ‫وتضيــف‪" ،‬كمــا هنــاك تجــاوزات علــى املســاحات‬ ‫الخضـراء‪ ،‬وبحســب البرنامــج الحكومــي فــإن ‪28‬‬ ‫باملئــة مــن األرا�ضــي املتجــاوز عليهــا هــي مســاحات‬ ‫خضـراء‪ ،‬لذلــك يالحــظ أن األزقــة غيــر صحيحــة‬ ‫والش ــوارع غي ــر معب ــدة‪ ،‬وهن ــاك تج ــاوز عل ــى‬ ‫البن ــى التحتي ــة وعل ــى امل ــاء والكهرب ــاء وامل ــدارس‬ ‫واملراكــز الصحيــة"‪.‬‬ ‫ـلبا‬ ‫وتؤك ــد‪ ،‬أن "ه ــذا باملجم ــل ألق ــى بظالل ــه س ـ ً‬ ‫عل ــى الواق ــع ال ــذي يعش ــيه املواط ــن ف ــي ه ــذه‬ ‫العش ــوائيات‪ ،‬إل ــى جان ــب النظ ــرة الدوني ــة‬ ‫له ــؤالء الس ــاكنين كونه ــم يقطن ــون ف ــي مناط ــق‬ ‫غي ــر رس ــمية"‪.‬‬ ‫"األم ــر يتطل ــب إرادة وطني ــة ج ــادة ف ــي العم ــل‬ ‫ملعالج ــة العش ــوائيات الت ــي انتش ــرت نتيج ــة‬ ‫ع ــدم وج ــود خط ــة متكامل ــة‪ ،‬ب ــل ع ــادة م ــا يت ــم‬ ‫اللج ــوء إل ــى العم ــل العش ــوائي غي ــر املنظ ــم"‪،‬‬ ‫تق ــول الالم ــي‪.‬‬ ‫وتبي ــن‪ ،‬أن "البرنام ــج الوطن ــي ملعالج ــة‬ ‫العش ــوائيات ص ــدر ف ــي ‪ 20‬آب‪ /‬أغس ــطس‬ ‫‪ ،2017‬وكان مــن مخرجــات هــذا البرنامــج إنشــاء‬ ‫صن ــدوق دع ــم ملعالج ــة العش ــوائيات عل ــى أن‬ ‫ينظ ــم بقان ــون‪ ،‬والقضي ــة الثاني ــة معالج ــة‬ ‫العش ــوائيات عل ــى أن تنظ ــم بقان ــون أيض ـ ًـا"‪.‬‬ ‫وتتاب ــع‪ ،‬أن "القان ــون ت ــم إرس ــاله إل ــى مجل ــس‬ ‫الن ــواب ُوق ـرأ ق ـراءة أول ــى ُوأعي ــد إل ــى الحكوم ــة‪،‬‬ ‫وفــي هــذه الــدورة البرملانيــة الحاليــة (الخامســة)‬ ‫ت ــم إرس ــال القان ــون م ــرة أخ ــرى إل ــى لجن ــة‬ ‫الخدم ــات واإلعم ــار ُوق ـرأ ق ـراءة أول ــى‪ ،‬لك ــن ت ــم‬

‫" رغم أن مساحة العراق‬ ‫واسعة لكن يالحظ أن‬ ‫نسبة البناء ال تتجاوز ‪20‬‬ ‫بالمئة من المساحة الكلية‬ ‫أراض‬ ‫للبالد‪ ،‬والباقي ٍ‬ ‫جرداء‪ ،‬وهذا يعود إلى‬ ‫التلكؤ بالمشاريع وفساد‬ ‫األحزاب وعدم توفر‬ ‫إحصائيات صحيحة "‪.‬‬

‫إرجاع ــه إل ــى الحكوم ــة م ــرة أخ ــرى ألن ــه ل ــم يك ــن‬ ‫يتناغــم مــع واقــع العشــوائيات وتضمنــه تقديــم‬ ‫إيج ــارات وب ــدل نق ــدي للمتجاوزي ــن‪ ،‬وه ــذا غي ــر‬ ‫صحي ــح"‪.‬‬ ‫وتلف ــت إل ــى أن ــه "عل ــى الحكوم ــة تصني ــف‬ ‫املواط ــن املتج ــاوز وتصني ــف األرض املتج ــاوز‬ ‫عليه ــا‪ ،‬م ــن خ ــال بي ــان ح ــال املواط ــن وه ــل‬ ‫يمل ــك قطع ــة أرض أو بيت ـ ًـا لكن ــه يس ــكن ف ــي‬ ‫العشــوائيات‪ ،‬أم هــو تحــت خــط الفقــر وســكن‬ ‫العش ــوائيات لظروف ــه االقتصادي ــة القاه ــرة‪،‬‬ ‫وكذل ــك تصني ــف األرض املتج ــاوز عليه ــا‪ ،‬ه ــل‬ ‫ه ــي عائدي ــة حكومي ــة أم أهلي ــة"‪.‬‬

‫وعــن املجمعــات الســكنية ودورهــا فــي التخفيــف‬ ‫م ــن ظاه ــرة التج ــاوزات‪ ،‬توض ــح‪ ،‬أن "هن ــاك‬ ‫خم ــس م ــدن جدي ــدة أعلن ــت ف ــي عم ــوم الع ـراق‬ ‫منه ــا ف ــي كرب ــاء وبغ ــداد ف ــي مناط ــق النه ــروان‬ ‫وأب ــو غري ــب ومدين ــة الص ــدر خل ــف الس ــدة‪،‬‬ ‫لكــن مــا يالحــظ أن أســعار بعضهــا يفــوق قــدرة‬ ‫الكثيري ــن‪ ،‬لذل ــك يفت ــرض تحدي ــد الجه ــات‬ ‫املس ــتهدفة قب ــل إنش ــاء الوح ــدات الس ــكنية"‪.‬‬ ‫وبن ـ ًـاء عل ــى ذل ــك‪ ،‬يقت ــرح الخبي ــر االقتص ــادي‪،‬‬ ‫كري ــم الحل ــو‪" ،‬بن ــاء مجمع ــات اقتصادي ــة‬ ‫للطبق ــة الفقي ــرة واملتوس ــطة كم ــا ف ــي ال ــدول‬ ‫الغربيــة التــي فيهــا بيــوت اقتصاديــة وحتــى إيجــار‬

‫مل ــن ال يمل ــك ثم ــن الش ـراء‪ ،‬وتتول ــى البلدي ــات‬ ‫دفــع أقســاط اإليجــار‪ ،‬لكــن املشــكلة فــي العـراق‬ ‫ه ــي ف ــي التنظي ــم حي ــث هن ــاك خل ــل ونق ــص ف ــي‬ ‫جمي ــع القطاع ــات"‪.‬‬ ‫ويوض ــح الحل ــو ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "املس ــتوى‬ ‫املعي�شــي في العراق غير منظم‪ ،‬وقضية الســكن‬ ‫مــن املشــاكل الكبيــرة والعامليــة أيضـ ًـا‪ ،‬ورغــم أن‬ ‫مســاحة الع ـراق واســعة لكــن يالحــظ أن نســبة‬ ‫البنــاء ال تتجــاوز ‪ 20‬باملئــة مــن املســاحة الكليــة‬ ‫اض ج ــرداء‪ ،‬وه ــذا يع ــود إل ــى‬ ‫للب ــاد‪ ،‬والباق ــي أر ٍ‬ ‫التلكــؤ باملشــاريع وفســاد األح ـزاب وعــدم توفــر‬ ‫إحصائي ــات صحيح ــة"‪.‬‬

‫ويتاب ــع‪" ،‬كم ــا أن الع ـراق يش ــهد زي ــادة س ــكانية‬ ‫ـنويا مقاب ــل ضع ــف ف ــي‬ ‫تق ــدر بملي ــون نس ــمة س ـ ً‬ ‫ي‬ ‫البنــى التحتيــة والكهربــاء واملجــار واملــاء‪ ،‬لذلــك‬ ‫الزي ــادة الس ــكانية ال تتناس ــب م ــع م ــا موج ــود‬ ‫وبالتالــي تبقــى املشــكلة مســتمرة‪ ،‬خاصــة فــي ظــل‬ ‫عــدم وجــود فــرص عمــل فــي بعــض املحافظــات‬ ‫مث ــل املثن ــى والديواني ــة وميس ــان‪ ،‬وبالتال ــي‬ ‫يحص ــل زخ ــم عل ــى م ــدن بعينه ــا كم ــا ف ــي بغ ــداد‬ ‫والبص ــرة ونين ــوى والنج ــف وغيره ــا"‪.‬‬ ‫وع ــن حم ــات إزال ــة العش ــوائيات‪ ،‬يش ــدد‬ ‫الحل ــو عل ــى "أهمي ــة ترتي ــب أوض ــاع س ــاكني‬ ‫العش ــوائيات وإيج ــاد بدي ــل له ــم قب ــل الب ــدء‬

‫بإزالته ــا‪ ،‬رغ ــم أن أغل ــب س ــاكني العش ــوائيات‬ ‫بنســبة تصــل إلــى ‪ 70‬باملئــة ليســوا تحــت خطــر‬ ‫الفقــر‪ ،‬بــل يملكــون بيوتـ ًـا فــي مناطقهــم األصليــة‬ ‫س ــواء كان ــت ف ــي األري ــاف أو املحافظ ــات‪ ،‬لكنه ــم‬ ‫س ــكنوا العش ــوائيات أم ـ ًـا بتمليكه ــم إياه ــا"‪.‬‬ ‫"وف ــي ظ ــل ع ــدم وج ــود إحصائي ــة تصن ــف‬ ‫س ــاكني العش ــوائيات وع ــدم تنظي ــم املس ــتوى‬ ‫املعي�ش ــي للمجتم ــع‪ ،‬وع ــدم ترتي ــب أوض ــاع‬ ‫بع ــض املحافظ ــات وإيج ــاد ف ــرص عم ــل‬ ‫ألبنائه ــا‪ ،‬س ــوف تس ــتمر ظاه ــرة الهج ــرة إل ــى‬ ‫املــدن والســكن فــي العشــوائيات"‪ ،‬يقــول الحلــو‬ ‫ف ــي نهاي ــة حديث ــه‪.‬‬

‫‪104‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪105 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫بطيخ الملوية ‪..‬‬

‫س ّ‬ ‫كر يصطدم‬ ‫معمل ُ‬ ‫بشراسة األصفر اإليراني‬

‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬ ‫يش ــتهرقض ــاء س ــامراء ف ــي محافظ ــة ص ــاح الدي ــن بإنت ــاج ن ــوع ممي ــزم ــن البطي ــخ األصف ــراملخط ــط‪ ،‬ال ــذي‬ ‫يعــرف ً‬ ‫محليــا بـ"معمــل الســكر" نظـ ًـرا لحالوتــه العاليــة ونكهتــه الفريــدة‪ ،‬التــي تميــزه عــن أي نــوع آخــرمــن‬ ‫ُ‬ ‫البطيــخ املســتورد‪ُ ،‬ويعــد هــذا املوســم مــن أنجــح املواســم الزراعيــة لــه‪ ،‬بحســب مــا يؤكــده مزارعــو ســامراء‪.‬‬ ‫ويق ــول عض ــو الجمعي ــات الفالحي ــة ف ــي‬ ‫س ــامراء‪ ،‬محم ــود حس ــين‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إن‬ ‫ـنويا كميــات كبيــرة مــن‬ ‫"مـزارع القضــاء تنتــج سـ ً‬ ‫البطيــخ األصفــر الــذي يعــد مــن أجــود األنــواع‬ ‫علــى مســتوى العـراق‪ُ ،‬ويتميــز بطعمــه الطبيعــي‬ ‫ّ‬ ‫وس ــرعة نضوج ــه‪ُ ،‬وي ــزرع بط ــرق تقليدي ــة‬ ‫تعتم ــد عل ــى الخب ـرات املحلي ــة املتوارث ــة"‪.‬‬ ‫ويؤكــد املزارعــون أن اإلنتــاج هــذا العــام وفيــر‪،‬‬ ‫لكنه ــم يواجه ــون منافس ــة شرس ــة م ــن البطي ــخ‬ ‫اإليران ــي املس ــتورد‪ ،‬ال ــذي يغ ــزو األس ــواق‬ ‫املحليــة بأســعار منخفضــة وجــودة متدنيــة‪ ،‬مــا‬ ‫يش ــكل تهدي ـ ًـدا مباش ـرا للمنت ــج الوطن ــي‪.‬‬ ‫ُاملعركة مع اإليراني‬ ‫إلــى ذلــك‪ ،‬يقــول املـزارع عمــر الســامرائي‪ ،‬ملجلــة‬ ‫«فيلــي»‪ ،‬إن "هــذا املوســم اســتثنائي مــن حيــث‬ ‫الكمي ــة والنوعي ــة‪ ،‬وس ــعر حمول ــة الس ــيارة‬ ‫الواحــدة يتـراوح بيــن ‪ 200‬إلــى ‪ 300‬ألــف دينــار‪،‬‬ ‫لك ــن البطي ــخ اإليران ــي ال ــذي يدخ ــل ب ــا رقاب ــة‬ ‫ُيرب ــك الس ــوق ويؤث ــر عل ــى اإلقب ــال عل ــى املنت ــج‬ ‫املحل ــي"‪.‬‬ ‫ويت ــم تس ــويق بطي ــخ س ــامراء إل ــى العاصم ــة‬ ‫بغ ــداد واملحافظ ــات الجنوبي ــة‪ ،‬حي ــث يحظ ــى‬ ‫بطل ــب ع ـ ٍـال‪ ،‬ويت ـراوح س ــعر الكيلوغ ـرام‬ ‫الواح ــد بي ــن ‪ 500‬إل ــى ‪ 1500‬دين ــار‪ ،‬بحس ــب‬ ‫الج ــودة واملنطق ــة‪.‬‬ ‫ريــاض عبــاس‪ ،‬تاجــر مــن البصــرة‪ ،‬يقــول أيضـ ًـا‬ ‫للوكال ــة‪" :‬ف ــي كل موس ــم نح ــرص عل ــى ش ـراء‬ ‫البطي ــخ األصف ــر م ــن س ــامراء‪ ،‬ألن ــه يتمت ــع‬ ‫بطعــم مميــز ال يتوفــر فــي أي منتــج آخــر‪ .‬زبائننــا‬ ‫ف ــي البص ــرة يعرف ــون الف ــرق جي ـ ًـدا‪ ،‬ويفضلون ــه‬ ‫عل ــى أي ن ــوع مس ــتورد‪ ،‬خاص ــة اإليران ــي ال ــذي‬ ‫يفتق ــر إل ــى النكه ــة"‪.‬‬

‫أم ــا ياس ــر الس ــامرائي‪ ،‬وه ــو أح ــد كب ــار تج ــار‬ ‫البطي ــخ الش ــوكي ف ــي ص ــاح الدي ــن‪ ،‬فيؤك ــد أن‬ ‫مذاق ــا واألعل ــى‬ ‫"بطي ــخ س ــامراء ه ــو األطي ــب ً‬ ‫ج ــودة لي ــس فق ــط عل ــى مس ــتوى الع ـراق‪ ،‬ب ــل‬ ‫عل ــى مس ــتوى املنطق ــة العربي ــة‪ .‬نح ــن ُنص ــدر‬ ‫خصيص ــا"‪.‬‬ ‫ـزءا من ــه لتج ــار ع ــرب يطلبون ــه‬ ‫جـ ً‬ ‫ً‬ ‫ويضي ــف‪" :‬تبل ــغ املس ــاحات املزروع ــة بالبطي ــخ‬ ‫في ســامراء هذا املوســم أكثر من ‪ 3‬آالف دونم‪،‬‬ ‫ونعتم ــد بش ــكل كبي ــر عل ــى الترب ــة الخصب ــة ف ــي‬ ‫مناط ــق الجزي ــرة ووف ــرة مي ــاه ال ــري‪ .‬األس ــعار‬ ‫جيــدة نسـ ًـبيا هــذا العــام‪ُ ،‬ويبــاع الطــن الواحــد‬ ‫بأس ــعار متفاوت ــة حس ــب الج ــودة‪ ،‬لك ــن م ــا‬ ‫يعي ــق التوس ــع ه ــو غي ــاب الدع ــم الحكوم ــي‬ ‫املباش ــر والرقاب ــة عل ــى االس ــتيراد"‪.‬‬ ‫غزل الفتيات‬ ‫وعلــى الصعيــد الشــعبي‪ ،‬يحتــل بطيــخ ســامراء‬ ‫مكانــة خاصــة فــي ذاكــرة كبــار الســن فــي املدينــة‪،‬‬ ‫الذي ــن كان ــوا يتغزل ــون بجمال ــه ويش ــبهون ب ــه‬ ‫الفتي ــات الجمي ــات‪ ،‬إذ كان ُيق ــال عن ــد رؤي ــة‬ ‫فتــاة فائقــة الجمــال‪" :‬شــنو أنـ ِـت؟ بطيــخ أصفــر‬ ‫ش ــوكي س ــامرائي؟"‪ ،‬ف ــي دالل ــة عل ــى م ــدى تعل ــق‬ ‫الن ــاس به ــذا املحص ــول‪ ،‬لي ــس كمج ــرد منت ــج‬ ‫زراع ــي‪ ،‬ب ــل كرم ــز للج ــودة والجم ــال وامل ــذاق‬ ‫املمي ــز‪.‬‬ ‫ويؤك ــد امل ـزارع عب ــد هللا جمي ــل ه ــذا البع ــد‬ ‫التراث ــي بقول ــه‪" :‬كان مث ــل عن ــد ش ــيابنا هللا‬ ‫يرحمه ــم‪ ،‬م ــن يش ــوفون بن ــت مزيون ــة وحل ــوة‬ ‫حي ــل‪ ،‬يقول ــون‪ :‬ه ــذه مث ــل بطيخ ــة س ــامراء‪،‬‬ ‫قديمــا"‪.‬‬ ‫وهــذا املثــل معــروف عنــد أهــل ســامراء ً‬ ‫ويش ــير جمي ــل‪ ،‬خ ــال حديث ــه ملجل ــة «فيل ــي»‪،‬‬ ‫إل ــى إن "الزراع ــة ف ــي س ــامراء ليس ــت مج ــرد‬ ‫مهن ــة ب ــل إرث عائل ــي‪ ،‬وم ــع كل موس ــم نعان ــي‬

‫م ــن التحدي ــات ذاته ــا‪ ،‬وه ــي غي ــاب الدع ــم‬ ‫الحكوم ــي‪ ،‬وغ ــاء مس ــتلزمات اإلنت ــاج‪ ،‬وغي ــاب‬ ‫حماي ــة حقيقي ــة للمنت ــج املحل ــي أم ــام اإلغ ـراق‬ ‫بالس ــوق "‪.‬‬ ‫ويطال ــب مزارع ــو س ــامراء‪ ،‬بف ــرض إج ـراءات‬ ‫رقابي ــة صارم ــة عل ــى املنتج ــات املس ــتوردة‪،‬‬ ‫وتش ــجيع ش ـراء املنت ــج املحل ــي م ــن خ ــال فت ــح‬ ‫مناف ــذ تس ــويق رس ــمية ودع ــم الجمعي ــات‬ ‫حفاظ ــا عل ــى اس ــتمرارية ه ــذا‬ ‫الفالحي ــة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫املحصــول الــذي يعــد رمــزا مــن رمــوز الزراعــة فــي‬ ‫ص ــاح الدي ــن‪ُ .‬‬ ‫ً‬

‫يع ــد البطي ــخ األصف ــر م ــن الفواك ــه الصيفي ــة‬ ‫ُالت ــي تحت ــل مكان ــة ب ــارزة ف ــي األس ــواق العراقي ــة‪،‬‬ ‫مل ــا يتمي ــز ب ــه م ــن نكه ــة حل ــوة وقيم ــة غذائي ــة‪،‬‬ ‫وتتنــوع أصنافــه باختــاف املناطــق واملحافظــات‬ ‫التــي تنتجــه‪ ،‬حيــث لــكل منطقــة طابعهــا الزراعــي‬ ‫ونكهته ــا الخاص ــة‪.‬‬ ‫ف ــي طليع ــة ه ــذه األن ــواع يب ــرز البطي ــخ األصف ــر‬

‫الس ــامرائي‪ ،‬ال ــذي ُي ــزرع ف ــي قض ــاء س ــامراء‬ ‫ً‬ ‫محلي ــا‬ ‫بمحافظ ــة ص ــاح الدي ــن‪ُ ،‬ويع ــرف‬ ‫بـ"البطي ــخ الش ــوكي" نظ ـ ًـرا لش ــكله املخط ــط‬ ‫وقش ــرته املمي ــزة‪ .‬يش ــتهر ه ــذا الن ــوع بطعم ــه‬ ‫الحلــو للغايــة‪ ،‬حتــى أن ســكان املدينــة يلقبونــه‬ ‫بـ"معمــل الســكر"‪ُ ،‬ويعــد األكثــر ً‬ ‫طلبــا فــي أســواق‬ ‫بغــداد والجنــوب‪ ،‬بســبب نكهتــه الغنيــة التــي ال‬ ‫ُتضا ه ــى‪.‬‬ ‫محافظات أخرى‬ ‫إل ــى جان ــب س ــامراء‪ ،‬تش ــتهر محافظ ــة باب ــل‪،‬‬ ‫وتحدي ـ ًـدا مدين ــة الحل ــة‪ ،‬بإنت ــاج البطي ــخ‬ ‫الحل ــي‪ ،‬وه ــو ن ــوع يتمي ــز بقش ــرة صلب ــة وطع ــم‬ ‫ّ‬ ‫حل ــو متوس ــط‪ُ ،‬ويع ــد م ــن الخي ــارات املفضل ــة‬ ‫خصوص ــا خ ــال ذروة‬ ‫ف ــي أس ــواق العاصم ــة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫الحل ــي ف ــي حجم ــه وم ــدة‬ ‫الصي ــف‪ .‬يختل ــف ّ‬ ‫نضج ــه‪ ،‬لكن ــه يحتف ــظ بجودت ــه لفت ــرة أط ــول‬ ‫مقارن ــة ببع ــض األن ــواع األخ ــرى‪.‬‬ ‫وف ــي محافظ ــة الديواني ــة‪ ،‬ينتش ــر ن ــوع يع ــرف‬

‫" البطيخ اإل‬ ‫يراني المستورد‪،‬‬ ‫يُغرق األسوا‬ ‫ق بكميات كبيرة‬ ‫وبأسعار منخف‬ ‫ضة‪ ،‬وطعمه أقل‬ ‫جودة مقارنة‬ ‫باألنواع المحلية‪،‬‬ ‫ويُتهم‬ ‫هذا النوع بالتأثير‬ ‫سلبًا على‬ ‫المزارع العراقي‪،‬‬ ‫من خالل إ‬ ‫ضعاف اإلقبال على‬ ‫المنتج المحل‬ ‫ي‪ ،‬وتهديد األمن‬ ‫ال‬ ‫غذائي الوطني "‪.‬‬

‫باس ــم البطي ــخ الديوان ــي‪ ،‬وه ــو بطي ــخ أصف ــر‬ ‫ناعــم القشــرة‪ ،‬يتميــز بطعمــه املعتــدل‪ ،‬إال أنــه‬ ‫س ــريع التل ــف نس ـ ًـبيا‪ُ .‬ي ــزرع ً‬ ‫غالب ــا باس ــتخدام‬ ‫أنظم ــة ري حديث ــة مث ــل التنقي ــط‪ ،‬م ــا يس ــاعد‬ ‫علــى تقنيــن امليــاه وزيــادة اإلنتاجيــة فــي األرا�ضــي‬ ‫مح ــدودة امل ــوارد‪.‬‬ ‫أم ــا البطي ــخ النجف ــي‪ ،‬املنتش ــر ف ــي محافظ ــة‬ ‫النج ــف‪ ،‬فيتمي ــز بحجم ــه الكبي ــر ولون ــه‬ ‫األصف ــر املش ــع‪ُ ،‬وت ــزرع أغل ــب محاصيل ــه ف ــي‬ ‫مناط ــق صحراوي ــة تعتم ــد عل ــى مي ــاه اآلب ــار‪،‬‬ ‫وق ــد الق ــى ه ــذا الن ــوع إقب ـ ًـااًل جي ـ ًـدا ف ــي أس ــواق‬ ‫الف ـرات األوس ــط‪.‬‬ ‫وف ــي كرب ــاء‪ُ ،‬ينت ــج البطي ــخ الكربالئ ــي‪ ،‬ال ــذي‬ ‫يتص ــف بقش ــرته الخض ـراء الداكن ــة ومذاق ــه‬ ‫الحلــو‪ُ ،‬ويعــد مــن األنــواع املرغوبــة فــي األســواق‬ ‫الجنوبيــة‪ ،‬رغــم مــا يواجهــه مــن منافســة قويــة‬ ‫م ــن املنتج ــات املس ــتوردة‪.‬‬ ‫وبالحدي ــث ع ــن املنافس ــة‪ ،‬يب ــرز البطي ــخ‬ ‫اإليران ــي املس ــتورد‪ ،‬ال ــذي يغ ــرق األس ــواق‬ ‫العراقي ــة بكمي ــات كبي ــرة وبأ ُ‬ ‫س ــعار منخفض ــة‪،‬‬ ‫إال أن طعمــه يعتبــر أقــل جــودة مقارنــة باألنــواع‬ ‫املحلي ــة‪ُ ،‬ويته ــم ه ــذا الن ــوع بالتأثي ــر س ـ ًـلبا عل ــى‬ ‫امل ـزارع العراق ــي‪ ،‬م ــن خ ــال إضع ــاف اإلقب ــال‬ ‫عل ــى املنت ــج املحل ــي‪ ،‬وتهدي ــد األم ــن الغذائ ــي‬ ‫الوطن ــي‪.‬‬ ‫وبيــن التنــوع املحلــي وجــودة اإلنتــاج مــن جهــة‪،‬‬ ‫وضغــط املنافســة الخارجيــة مــن جهــة أخــرى‪،‬‬ ‫يبق ــى البطي ــخ األصف ــر العراق ــي رم ــزا للم ــذاق‬ ‫األصيــل والزراعــة العريقــة‪ ،‬التــي ال تـ ًزال تقــاوم‬ ‫رغ ــم قل ــة الدع ــم وتحدي ــات الس ــوق‪.‬‬

‫‪106‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫األدنى منذ ‪ 80‬عاماً‪..‬‬

‫إنذار ووضع‬ ‫كارثي‬ ‫للخزين المائي‬ ‫العراقي‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫يس ــجل الخزي ــن املائ ــي ف ــي الع ـراق أدن ــى‬ ‫مســتوى لــه منــذ ‪ 80‬عامـ ًـا نتيجــة قلــة إيـرادات‬ ‫املي ــاه بس ــبب التغي ــر املناخ ــي وزي ــادة امل ــوارد‬ ‫البش ــرية‪ ،‬حت ــى ب ــات يمك ــن وص ــف وض ــع‬ ‫امليــاه بـ"الكارثــي"‪ ،‬بحســب وزارة املــوارد املائيــة‬ ‫العراقي ــة وخبي ــر ف ــي مج ــال املي ــاه‪.‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪107 2025‬‬

‫ويع ــود الوض ــع "املح ــرج واملقل ــق" للمي ــاه‬ ‫ف ــي الع ـراق إل ــى م ــرور الب ــاد بث ــاث س ــنوات‬ ‫جاف ــة‪ ،‬فض ـ ًـا ع ــن ارتف ــاع درج ــات الح ـرارة‪،‬‬ ‫وقل ــة التس ــاقط املط ــري لي ــس ف ــي الع ـراق‬ ‫فق ــط‪ ،‬وإنم ــا ف ــي دول الج ــوار املائ ــي أيض ـ ًـا‪،‬‬ ‫وف ــق ال ــوزارة‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ولذلــك تعمــل الــوزارة علــى اســتراتيجية مكونــة‬ ‫مــن ثالثــة محــاور‪ ،‬تبــدأ بتعزيــز التنســيق مــع‬ ‫دول الج ــوار املائ ــي لضم ــان حص ــة عادل ــة‬ ‫للب ــاد‪ ،‬وترش ــيد اس ــتهالك املي ــاه بتحس ــين‬ ‫أس ــاليب ال ــري والزراع ــة وتقلي ــل اس ــتهالك‬ ‫امليــاه والهــدر‪ ،‬وكذلــك الحــد مــن التجــاوزات‬ ‫ب ــكل أنواعه ــا س ــواء تج ــاوزات الحص ــص‬ ‫املائي ــة أو ّ‬ ‫امللوث ــات أو اس ــتغالل الش ــواطئ‬ ‫واملحرم ــات‪.‬‬ ‫عاما‬ ‫األدنى منذ ‪ً 80‬‬ ‫ل‬ ‫وف ــي ه ــذا الس ــياق‪ ،‬يق ــو املتح ــدث باس ــم‬ ‫وزارة امل ــوارد املائي ــة‪ ،‬خال ــد الش ــمال‪ ،‬إن‬ ‫"الوض ــع املائ ــي العراق ــي ه ــو مح ــرج ومقل ــق‬ ‫بســبب الســنوات الثــاث الجافــة التــي مــر بهــا‬ ‫الع ـراق‪ ،‬فض ـ ًـا ع ــن ارتف ــاع درج ــات الح ـرارة‬ ‫وقل ــة التس ــاقط املط ــري‬ ‫والتغي ـرات املناخي ــة ّ‬ ‫لي ــس ف ــي الع ـراق فق ــط وإنم ــا ف ــي دول الج ــوار‬ ‫املائ ــي أيض ـ ًـا"‪.‬‬ ‫ويضيــف الشــمال ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬أن "العـراق‬ ‫يس ــجل حالي ـ ًـا أق ــل خزي ــن من ــذ ‪ 80‬عام ـ ًـا‪،‬‬ ‫وبالتال ــي هن ــاك حاج ــة إل ــى جه ــد اس ــتثنائي‬ ‫وتكات ــف م ــن الجمي ــع لعب ــور ه ــذه األزم ــة"‪.‬‬ ‫وبن ـ ًـاء عل ــى ذل ــك‪ ،‬يق ــول الش ــمال إن "ال ــوزارة‬ ‫وضعــت اســتراتيجية مــن ثالثــة محــاور‪ ،‬تبــدأ‬ ‫بتعزي ــز التنس ــيق م ــع دول الج ــوار املائ ــي‬ ‫لضم ــان حص ــة عادل ــة للب ــاد‪ ،‬حي ــث إن‬ ‫الع ـراق متلق ــي للمي ــاه وأكث ــر م ــن ‪ 70%‬م ــن‬ ‫إيرادات ــه ه ــي خارجي ــة"‪.‬‬ ‫وع ــن دور الحكوم ــة ف ــي ه ــذا املح ــور‪ ،‬يوض ــح‬ ‫الش ــمال‪ ،‬أن "الحكوم ــة حول ــت مل ــف املي ــاه‬ ‫إل ــى مل ــف س ــيادي‪ ،‬وبالتال ــي هن ــاك إش ـراف‬ ‫مباشــر عليــه مــن قبــل رئيــس الــوزراء محمــد‬ ‫شــياع الســوداني‪ ،‬وأثمــر عــن توقيــع اتفاقيــة‬ ‫إطاري ــة وهن ــاك اجتماع ــات وإج ـراءات‬ ‫مس ــتمرة به ــذا الص ــدد"‪.‬‬ ‫ويتابــع‪" ،‬كمــا توجــه اليــوم وزيــر املــوارد املائيــة‬ ‫إل ــى تركي ــا‪ ،‬وس ــيلحقه ربم ــا ي ــوم غ ــد رئي ــس‬

‫‪108‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪109 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫إنذار ووضع كارثي للخزين المائي العراقي‬

‫" أصبحت التجاوزات كارثية ومؤثرة‬ ‫بشكل كبير على الحصص المائية‪،‬‬ ‫منها تجاوز محافظة على أخرى‪ ،‬أو‬ ‫حدة إروائية أو قطاع أو حتى مواطن‬ ‫على آخر »‪.‬‬

‫ال ــوزراء‪ ،‬وس ــيكون مل ــف املي ــاه واإلطالق ــات‬ ‫املائي ــة عل ــى رأس أولوي ــات أي تفاهم ــات م ــع‬ ‫الجان ــب التركــي‪ ،‬وكذل ــك ف ــي التفاهم ــات م ــع‬ ‫الجانبي ــن اإليران ــي أو الس ــوري"‪.‬‬ ‫ويش ــير املتح ــدث باس ــم وزارة امل ــوارد‬ ‫املائي ــة‪ ،‬إل ــى أن "التعام ــل م ــع دول الج ــوار‬ ‫املائ ــي يحت ــاج إل ــى نف ــس طوي ــل وإل ــى أدوات‬ ‫واس ــتراتيجية‪ ،‬وكل ه ــذه س ــتكون حاض ــرة‬ ‫بلق ــاء رئي ــس ال ــوزراء م ــع الجان ــب التركــي‪،‬‬ ‫ونأمــل أن يتــم التوصــل إلــى زيــادة اإلطالقــات‬ ‫املائي ــة بالطريق ــة العادل ــة للع ـراق"‪.‬‬ ‫أم ــا املح ــور الثان ــي‪ ،‬فه ــو بحس ــب الش ــمال‪،‬‬ ‫يتعل ــق بـ"ترش ــيد اس ــتهالك املي ــاه بتحس ــين‬ ‫أس ــاليب ال ــري والزراع ــة وتقلي ــل اس ــتهالك‬ ‫امليــاه والهــدر‪ ،‬وتعمــل الحكومــة علــى تحســين‬ ‫كف ــاءة ال ــري م ــن خ ــال تحس ــين القط ــاع‬

‫الزراع ــي وإع ــادة رس ــم الهوي ــة أو الخارط ــة‬ ‫الزراعي ــة العراقي ــة‪ ،‬وعم ــل الهوي ــة الزراعي ــة‬ ‫ل ــكل م ــزراع‪ ،‬والس ــيطرة عل ــى املس ــاحات‬ ‫املزروع ــة وعل ــى نوعي ــة املحاصي ــل وعل ــى‬ ‫اإلنت ــاج وعل ــى عملي ــة التس ــويق"‪.‬‬ ‫ويؤك ــد‪ ،‬أن "ه ــذا االهتم ــام بالقط ــاع الزراع ــي‬ ‫يع ــود لك ــون الزراع ــة تس ــتهلك أكث ــر م ــن ‪80%‬‬ ‫م ــن املي ــاه الخ ــام‪ ،‬وبالتال ــي القط ــاع الزراع ــي‬ ‫أكث ــر عام ــل مؤث ــر بعملي ــة ترش ــيد اس ــتهالك‬ ‫املي ــاه"‪.‬‬ ‫ـور‬ ‫وع ــن املح ـ الثال ــث‪ ،‬يبي ــن الش ــمال‪ ،‬أن ــه‬ ‫"يخ ــص التعام ــل م ــع التج ــاوزات ب ــكل‬ ‫أنواعهــا‪ ،‬ســواء تجــاوزات الحصــص املائيــة أو‬ ‫ّ‬ ‫امللوثــات أو اســتغالل الشــواطئ واملحرمــات‪،‬‬ ‫حي ــث أصبح ــت التج ــاوزات كارثي ــة ومؤث ــرة‬ ‫بش ــكل كبي ــر عل ــى الحص ــص املائي ــة‪ ،‬منه ــا‬

‫تجــاوز محافظــة علــى أخــرى‪ ،‬أو حــدة إروائيــة‬ ‫أو قط ــاع أو حت ــى مواط ــن عل ــى آخ ــر"‪.‬‬ ‫التجاوزات على املياه‬ ‫ُ‬ ‫فصــل الشــمال التجــاوزات بأنهــا علــى ثالثــة‬ ‫وي ّ‬ ‫أن ــواع‪" ،‬التج ــاوز األول ه ــو عل ــى الحص ــص‬ ‫املائي ــة‪ ،‬والتج ــاوز الثان ــي عل ــى املحرم ــات‬ ‫والش ــواطئ وبن ــاء املش ـ ّـيدات والعوائ ــق‪ ،‬أم ــا‬ ‫الن ــوع الثال ــث م ــن التج ــاوز فه ــو ّ‬ ‫امللوث ــات"‪.‬‬ ‫ويؤكــد‪ ،‬أن "الــوزارة تتعامــل مــع التجــاوز علــى‬ ‫اعتب ــاره ج ــرم س ــافر عل ــى املنظوم ــة املائي ــة‬ ‫الت ــي تمث ــل أح ــد أه ــم أدوات األم ــن الوطن ــي‬ ‫للع ـراق‪ ،‬ال ــذي ه ــو األم ــن املائ ــي‪ ،‬وهن ــاك‬ ‫آالف الدعــاوى التــي ُأقيمــت واإلجـراءات التــي‬ ‫ت ــم اتخاذه ــا به ــذا الخص ــوص"‪.‬‬ ‫ويضيــف‪ ،‬أن "هــذه الحملــة الوطنيــة يدعمهــا‬ ‫رئي ــس ال ــوزراء ُويش ــرف عليه ــا بش ــكل ميدان ــي‬

‫وزي ــر امل ــوارد املائي ــة‪ ،‬وتتول ــى تنفيذه ــا جمي ــع‬ ‫تش ــكالت ال ــوزارة‪ ،‬كم ــا هن ــاك خالي ــا أزم ــة ف ــي‬ ‫كل محافظ ــة يرأس ــها أح ــد امل ــدراء العامي ــن‬ ‫وتضــم كل تشــكيالت الــوزارة‪ ،‬وهــذه الحملــة‬ ‫بدعــم مــن مجلــس القضــاء والقــوات األمنيــة‬ ‫بمختل ــف صنوفه ــا"‪.‬‬ ‫ويكشــف‪ ،‬أن "هــذه الحملــة ضــد التجــاوزات‬ ‫وفـ ّـرت مــا بيــن ‪ 50‬إلــى ‪ 80‬متــر مكعــب بالثانيــة‪،‬‬ ‫وهــذا أمــر مهــم فــي ظــل األزمــة املائيــة"‪.‬‬ ‫الخطة الزراعية‬ ‫أم ــا الخط ــة الزراعي ــة‪ ،‬فه ــي وف ــق املتح ــدث‬ ‫باس ــم وزارة امل ــوارد املائي ــة‪ُ ،‬تبن ــى عل ــى ثالث ــة‬ ‫مؤش ـرات‪" ،‬األول م ــا موج ــود م ــن مي ــاه‬ ‫بالخزي ــن ال ــذي يمك ــن اس ــتعماله‪ ،‬والثان ــي‬ ‫اإلي ـرادات املائي ــة املتحقق ــة أق ــرب لليقي ــن‬ ‫م ــن التوق ــع‪ ،‬والثال ــث ه ــو مؤش ـرات الس ــوق‬

‫العاملي ــة ومفاهي ــم الع ــرض والطل ــب"‪.‬‬ ‫ويوض ــح الش ــمال‪ ،‬أن "الخط ــة الصيفي ــة ل ــم‬ ‫تك ــن باملعن ــى التقلي ــدي‪ ،‬وإنم ــا كان ــت خط ــة‬ ‫ُمهيكل ــة‪ ،‬ونأم ــل زي ــادة اإلطالق ــات والحف ــاظ‬ ‫عل ــى خزي ــن معي ــن لضم ــان الخط ــة الش ــتوية‬ ‫املقبل ــة"‪.‬‬ ‫ويبي ــن‪ ،‬أن "أولوي ــات املي ــاه ف ــي الع ـراق‬ ‫ه ــي مي ــاه الش ــرب ف ــي املرتب ــة األول ــى‪ ،‬وثاني ـ ًـا‬ ‫االس ــتخدامات املنزلي ــة والصيفي ــة‪ ،‬وثالث ـ ًـا‬ ‫الخط ــة الزراعي ــة‪ ،‬ورابع ـ ًـا ش ــط الع ــرب‬ ‫واألهــوار‪ ،‬وأمــا ميــاه الشــرب واالســتخدامات‬ ‫املنزلي ــة والصيفي ــة فه ــي مؤمن ــة بالكام ــل"‪.‬‬ ‫وع ــن الخط ــة الزراعي ــة‪ ،‬يضي ــف الش ــمال‪،‬‬ ‫أن ــه "س ــيكون هن ــاك اجتم ــاع عال ــي املس ــتوى‬ ‫بي ــن ال ــكادر املتق ــدم لوزارت ــي الزراع ــة وامل ــوارد‬ ‫املائي ــة إلق ـرار الخط ــة الزراعي ــة للموس ــم‬ ‫الصيف ــي املقب ــل أو الش ــتوي املقب ــل كم ــا ف ــي‬ ‫كل ع ــام"‪.‬‬ ‫وضع "كارثي"‬ ‫م ــن جهت ــه‪ ،‬ي ــرى الخبي ــر ف ــي مج ــال املي ــاه‪،‬‬ ‫تحســين املوســوي‪ ،‬أن "وضــع امليــاه فــي العـراق‬ ‫يمكــن وصفــه بـ(الكارثــي) بعــد وصــول املخــزون‬ ‫االســتراتيجي مــن امليــاه إلــى نحــو ‪ 11‬مليــار متــر‬ ‫مكع ــب‪ ،‬نتيج ــة ّقل ــة إي ـرادات املي ــاه بس ــبب‬ ‫التغي ــر املناخ ــي وزي ــادة امل ــوارد البش ــرية"‪.‬‬ ‫ويضي ــف املوس ــوي ملجل ــة «فيل ــي»‪" ،‬ف ــي حي ــن‬ ‫يفق ــد الع ـراق بح ــدود م ــن ‪ 5‬إل ــى ‪ 6‬وأحيان ـ ًـا‬ ‫تص ــل إل ــى ‪ 8‬ملي ــارات مت ــر مكع ــب نتيج ــة‬ ‫التبخ ــر بس ــبب ارتف ــاع درج ــات الح ـرارة الت ــي‬ ‫س ــتبلغ ذورته ــا الش ــهر املقب ــل"‪.‬‬ ‫وم ــن األس ــباب الت ــي أوصل ــت الع ـراق له ــذا‬ ‫"الوض ــع الحس ــاس"‪ ،‬بحس ــب املوس ــوي‪،‬‬ ‫ه ــو "الترحي ــل الدائ ــم ملل ــف املي ــاه إل ــى األم ــام‪،‬‬ ‫وعــدم األخــذ بالتحذي ـرات الدوليــة‪ ،‬حيــث إن‬

‫« أولويات المياه في العراق هي مياه‬ ‫الشرب في المرتبة األولى‪ ،‬وثانياً‬ ‫االستخدامات المنزلية والصيفية‪،‬‬ ‫وثالثاً الخطة الزراعية‪ ،‬ورابعاً شط‬ ‫العرب واألهوار »‪.‬‬

‫أزم ــة املي ــاه عاملي ــة"‪.‬‬ ‫ويتاب ــع‪" ،‬كم ــا أن الع ـراق يتلق ــى سياس ــاته‬ ‫املائي ــة م ــن دول املنب ــع (دول املش ــاركة‬ ‫املائي ــة)‪ ،‬واملالح ــظ هن ــاك ضع ــف للمف ــاوض‬ ‫العراق ــي ال ــذي ل ــم يس ــتطع ف ــرض حص ــة‬ ‫الع ـراق املائي ــة عليه ــم"‪.‬‬ ‫أزمة في البنى التحتية‬ ‫لك ــن عل ــى خ ــاف املتحدثي ــن الس ــابقين‪،‬‬ ‫يطمئ ــن الخبي ــر االقتص ــادي‪ ،‬كري ــم الحل ــو‪،‬‬ ‫بـ"عــدم وجــود أزمــة ميــاه فــي هــذا العــام‪ ،‬حيــث‬ ‫كان ــت هن ــاك أمط ــار كثي ــرة وامت ــأت الس ــدود‬ ‫وحصلــت فيضانــات لكثــرة األمطــار فــي شــهري‬ ‫آذار‪ /‬م ــارس ونيس ــان‪ /‬أبري ــل املاضيي ــن"‪.‬‬ ‫ويتاب ــع الحل ــو حديث ــه ملجل ــة «فيل ــي»‪" ،‬كم ــا‬ ‫جــاءت ســيول كبيــرة مــن إي ـران والســعودية‪،‬‬ ‫ألن أرض الرافدي ــن ه ــي ف ــي منخف ــض‪ ،‬لذل ــك‬ ‫املي ــاه تأت ــي إليه ــا إن كان ــت جوفي ــة أو ف ــوق‬ ‫األرض"‪.‬‬ ‫وين ـ ّـوه إل ــى أن "املش ــكلة ه ــي ف ــي ع ــدم وج ــود‬ ‫ترش ــيد الس ــتهالك املي ــاه‪ ،‬والنق ــص الكبي ــر‬ ‫ف ــي البن ــى التحتي ــة‪ ،‬لك ــن هن ــاك عم ــل عل ــى‬ ‫مش ــاريع عدي ــدة للس ــيطرة عل ــى املي ــاه‬ ‫وتدويرهــا وتصفيتهــا إلعــادة اســتخدامها مــرة‬ ‫ثاني ــة"‪.‬‬ ‫ويؤك ــد‪ ،‬أن "أزم ــة املي ــاه تؤث ــر اقتصادي ـ ًـا‬ ‫واجتماعيـ ًـا ونفسـ ًـيا علــى جميــع النــاس‪ ،‬حيــث‬ ‫إن أي نق ــص ف ــي املي ــاه يؤث ــر عل ــى الزراع ــة م ــا‬ ‫يــؤدي إلــى االســتيراد وتضــرر الفــاح‪ ،‬وكذلــك‬ ‫خ ــروج العمل ــة الصعب ــة‪ ،‬كم ــا أن أزم ــة املي ــاه‬ ‫ـببا فــي‬ ‫لهــا تأثيــر سيا�ســي بــل يمكــن أن تكــون سـ ً‬ ‫إس ــقاط الحكوم ــات‪ ،‬لك ــن ل ــم يص ــل الع ـراق‬ ‫إل ــى هذهاملرحلةبع ــد"‪.‬‬

‫‪110‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪111 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫مالبس شي إن تغزو بغداد‪..‬‬

‫وتدفع الباال‬ ‫إلى االندثار‬

‫« البضائع تأتي إلى العراق‬ ‫على هيئة شحنات تُعرف باسم‬ ‫(الشليف)‪ ،‬تحتوي على مالبس‬ ‫وأجهزة كهربائية وأحذية‪ ،‬وأحياناً‬ ‫تحتوي على سلع ثمينة للغاية »‪..‬‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫عن ــد التج ــول ف ــي األس ــواق الش ــعبية ف ــي‬ ‫العاصم ــة العر اقي ــة بغ ــداد‪ ،‬مث ــل ب ــاب‬ ‫املعظ ــم والبي ــاع‪ ،‬يطغ ــى ضجي ــج الباع ــة‬ ‫علــى املــكان حتــى يصعــب علــى املــارة تمييــز‬ ‫الكلم ــات املنبعث ــة م ــن مكب ــرات الص ــوت‪،‬‬ ‫إذ يتنافــس الجميــع فــي الترويــج لبضاعتهــم‪،‬‬ ‫ـدءا مــن بائعــي الخضــارإلــى مــن يعرضــون‬ ‫بـ ً‬ ‫املالب ــس الصيني ــة الرخيص ــة‪.‬‬

‫فف ــي تل ــك األس ــواق‪ ،‬يختل ــط ص ــوت بائ ــع‬ ‫الطماط ــم م ــع ص ـراخ م ــن يف ــرغ كيس ـ ًـا ضخم ـ ًـا‬ ‫ـرددا "كس ــر‬ ‫م ــن املالب ــس عل ــى بس ــطته‪ ،‬م ـ ً‬ ‫لحــك يــا ولــد!"‪ ،‬فــي مشــهد بــات مألوفـ ًـا‬ ‫جديــد‪ّ ّ ..‬‬ ‫ل ــدى رواد ه ــذه األس ــواق‪.‬‬ ‫وقــد انتشــرت بشــكل واســع ظاهــرة بيــع املالبــس‬ ‫الصينيــة‪ ،‬والســيما منتجــات شــركة "�شــي إن"‪،‬‬ ‫وه ــي بضائ ــع جدي ــدة يفضله ــا كل م ــن الباع ــة‬ ‫واملشــترين علــى حــد ســواء‪ ،‬ملــا توفــره مــن تنــوع‬ ‫وســعر منخفــض‪.‬‬ ‫الـ "�شي إن"‪ ..‬لعبة حظ‬ ‫يق ــول حس ــن عم ــاد صاح ــب ال ـ ‪ 35‬عام ــا‪،‬‬ ‫أح ــد باع ــة س ــوق البي ــاع‪ ،‬إن "البضائ ــع تأت ــي‬ ‫إل ــى الع ـراق عل ــى هيئ ــة ش ــحنات ُتع ــرف محلي ـ ًـا‬ ‫باس ــم (الش ــليف)‪ ،‬وه ــي أكي ــاس كبي ــرة تحت ــوي‬ ‫عل ــى مالب ــس وأجه ــزة كهربائي ــة وأحذي ــة وم ــواد‬ ‫منزلي ــة‪ ،‬وأحيان ـ ًـا تحت ــوي عل ــى س ــلع ثمين ــة‬ ‫للغا ي ــة"‪.‬‬ ‫وفــي حديــث ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬يضيــف أن "ســعر‬ ‫الكيــس الواحــد يتـراوح بيــن ‪ 100‬إلــى ‪ 200‬ألــف‬ ‫دين ــار عراق ــي‪ ،‬ويض ــم نح ــو ‪ 500‬قطع ــة م ــن‬

‫الثي ــاب‪ُ ،‬تب ــاع القطع ــة الواح ــدة منه ــا بثالث ــة‬ ‫آالف دين ــار‪ ،‬بينم ــا ُتب ــاع ث ــاث قط ــع مقاب ــل‬ ‫خمس ــة آالف دين ــار‪ ،‬م ــا يحق ــق أرباح ـ ًـا ق ــد‬ ‫تص ــل إل ــى ملي ــون ونص ــف امللي ــون دين ــار"‪.‬‬ ‫ـهال‬ ‫ووفقـ ًـا لحديــث عمــاد‪ ،‬فــإن العمــل ليــس سـ ً‬ ‫كمــا يبــدو‪ ،‬إذ أن بعــض األكيــاس تحتــوي علــى‬ ‫مالب ــس غي ــر مناس ــبة للموس ــم أو ذات ج ــودة‬ ‫ضعيف ــة‪ ،‬م ــا يجع ــل ه ــذا الن ــوع م ــن التج ــارة‬ ‫أشــبه ب ـ "لعبــة حــظ"‪.‬‬ ‫وتتن ــوع محتوي ــات أكي ــاس "�ش ــي إن" بي ــن‬ ‫األجه ــزة الكهربائي ــة وامل ــواد املنزلي ــة والحقائ ــب‬ ‫النس ــائية‪ ،‬وال تقتص ــر فق ــط عل ــى املالب ــس‪،‬‬ ‫لك ــن م ــا يمي ــز ه ــذه البضائ ــع ع ــن منتج ــات‬ ‫"الب ــاال" (وه ــي مالب ــس أوروبي ــة مس ــتخدمة)‪،‬‬ ‫هــو أن جميــع القطــع جديــدة وغيــر مســتعملة‪،‬‬ ‫ـوال ل ــدى ش ــريحة‬ ‫وه ــو م ــا يجعله ــا أكث ــر قب ـ ً‬ ‫واس ــعة م ــن املس ــتهلكين‪.‬‬ ‫انتقاالت وأرباح موسمية‬

‫« انخفاض أسعار هذه المنتجات‬ ‫يعود إلى تدني تكاليف اإلنتاج‬ ‫في الصين‪ ،‬واستمرار نمو‬ ‫االستيراد في ظل فرض رسوم‬ ‫أمريكية إضافية على البضائع‬ ‫الصينية »‪..‬‬

‫م ــن جانب ــه‪ ،‬يوض ــح بس ــيم ج ــال صاح ــب ال ـ‬ ‫‪ 20‬عامـ ًـا‪ ،‬وهــو بائــع فــي ســوق بــاب املعظــم‪ ،‬أنــه‬ ‫"يش ــتري الصن ــدوق بس ــعر ‪ 250‬أل ــف دين ــار‪،‬‬ ‫ويحتــوي علــى مــواد متعــددة األحجــام مكتــوب‬ ‫عل ــى كل منه ــا الس ــعر األصل ــي‪ ،‬ليت ــم بع ــد ذل ــك‬ ‫تس ــعيرها محلي ـ ًـا بالدين ــار العراق ــي م ــع إضاف ــة‬ ‫هام ــش رب ــح معق ــول‪.‬‬ ‫ويضي ــف أن أماك ــن ع ــرض ه ــذه البضائ ــع‬ ‫تتغي ــر تبع ـ ًـا للحرك ــة التجاري ــة‪ ،‬فف ــي أي ــام‬ ‫ال ــدوام الرس ــمي ُتنص ــب البس ــطات بج ــوار‬ ‫مجمــع الكليــات الســتهداف الطلبــة‪ ،‬أمــا فــي أيــام‬ ‫العط ــل فيت ــم التوج ــه إل ــى مناط ــق مث ــل الب ــاب‬ ‫الش ــرقي وس ــاحة الوثب ــة حي ــث يتزاي ــد إقب ــال‬ ‫الن ــاس‪.‬‬ ‫بينم ــا يؤك ــد البائ ــع رض ــا عب ــد الحس ــن الكعب ــي‬ ‫ه ــو اآلخ ــر أن "البضائ ــع الصيني ــة أفض ــل م ــن‬ ‫حيــث الربحيــة وســرعة البيــع مقارنــة بمالبــس‬ ‫الب ــاال"‪ ،‬مبين ـ ًـا أن "األكي ــاس والصنادي ــق الت ــي‬

‫تص ــل م ــن الصي ــن تحت ــوي عل ــى مالب ــس ذات‬ ‫تصامي ــم حديث ــة ومتنوع ــة‪ ،‬مث ــل البناطي ــل‬ ‫والقمص ــان والبل ــوزات‪ ،‬وجميعه ــا جدي ــدة‬ ‫ورخيص ــة"‪.‬‬ ‫وق ــد ش ــهد التب ــادل التج ــاري بي ــن الع ـراق‬ ‫والصي ــن نم ـ ًـوا ملحوظ ـ ًـا‪ ،‬حي ــث أعل ــن الس ــفير‬ ‫الصين ــي ف ــي بغ ــداد‪ ،‬تس ــوي وي‪ ،‬ف ــي كان ــون‬ ‫الثان ــي‪ /‬يناي ــر املا�ض ــي أن "حج ــم التب ــادل‬ ‫التجــاري بلــغ ‪ 50‬مليــار دوالر فــي العــام الســابق‪،‬‬ ‫م ــع توقع ــات بارتفاع ــه إل ــى ‪ 54‬ملي ــار دوالر‬ ‫وفقــا للمجلــس االقتصــادي‬ ‫خــال هــذا العــام‪ً ،‬‬ ‫العراق ــي"‪.‬‬ ‫الخوف من األمراض الجلدية‬ ‫ُويع ــزى اإلقب ــال املتزاي ــد عل ــى بضائ ــع "�ش ــي‬ ‫إن" إل ــى عوام ــل تتج ــاوز األس ــعار املنخفض ــة‪،‬‬ ‫إذ ي ــرى البع ــض أنه ــا أكث ــر أمان ـ ًـا م ــن مالب ــس‬ ‫"الب ــاال" املس ــتعملة‪ ،‬والت ــي ق ــد تس ــبب أمراض ـ ًـا‬ ‫جلد ي ــة‪.‬‬

‫ف ــي حي ــن‪ ،‬تق ــول م ــروة فاض ــل صاحب ــة ال ـ ‪35‬‬ ‫عام ـ ًـا‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إن "ه ــذه املالب ــس‬ ‫جدي ــدة وآمن ــة‪ ،‬وتختل ــف تمام ـ ًـا ع ــن املالب ــس‬ ‫املســتعملة التــي يمكــن أن تضــر بالصحــة‪ ،‬كمــا‬ ‫أن أســعار مالبــس البــاال ارتفعــت مؤخـ ًرا بفعــل‬ ‫التروي ــج الزائ ــف م ــن بع ــض صن ــاع املحت ــوى‬ ‫والبلوكري ــة‪ ،‬الذي ــن أوهم ــوا الن ــاس بأنه ــا‬ ‫مس ــتوردة م ــن م ــاركات عاملي ــة"‪.‬‬ ‫ويب ــدو أن فئ ــة الطلب ــة ه ــم م ــن أكث ــر الفئ ــات‬ ‫املســتفيدة مــن هــذه البضائــع‪ ،‬نظ ـ ًرا لحاجتهــم‬ ‫الدائمــة إلــى تجديــد مالبســهم بمــا يتناســب مــع‬ ‫دخلهــم‪ ،‬لذلــك يقــول الطالــب عــدي رافــد‪ ،‬إنــه‬ ‫يش ــتري م ــن ه ــذه البس ــطات كل م ــا يحتاج ــه‪،‬‬ ‫م ــن مكائ ــن الحالق ــة إل ــى األحذي ــة الرياضي ــة‬ ‫واملالب ــس‪ ،‬وكله ــا بأس ــعار مناس ــبة‪.‬‬ ‫ف ــي املقاب ــل‪ ،‬هن ــاك م ــن يرف ــض ه ــذه البضائ ــع‬ ‫رفض ـ ًـا قاطع ـ ًـا‪ ،‬مث ــل املواطن ــة ع ــذراء حم ــادي‬ ‫صاحبــة ال ـ ‪ 28‬عامـ ًـا‪ ،‬التــي تقــول إنــه "ال تعجبهــا‬

‫ه ــذه املنتج ــات عل ــى اإلط ــاق‪ ،‬ك ــون معظمه ــا‬ ‫مصنــوع مــن مــادة النايلــون‪ ،‬وهــي غيــر مناســبة‬ ‫للطق ــس الح ــار وتس ــبب الحساس ــية"‪.‬‬ ‫تحذير اقتصادي من املستورد‬ ‫ف ــي غض ــون ذل ــك‪ ،‬يح ــذر املحل ــل االقتص ــادي‬ ‫أحم ــد عب ــد رب ــه‪ ،‬م ــن األث ــر الس ــلبي له ــذا‬ ‫اإلغ ـراق الس ــلعي عل ــى االقتص ــاد الوطن ــي‪،‬‬ ‫موضحـ ًـا أن واردات الع ـراق مــن الصيــن بلغــت‬ ‫‪ 14‬ملي ــار دوالر ف ــي ‪ ،2023‬م ــا يجع ــل الصي ــن‬ ‫م ــن أكب ــر الش ــركاء التجاريي ــن للب ــاد‪.‬‬ ‫ويشــير عبــد ربــه‪ ،‬خــال حديثــه ملجلــة «فيلــي»‪،‬‬ ‫إلــى أن "انخفــاض أســعار هــذه املنتجــات يعــود‬ ‫إلــى تدنــي تكاليــف اإلنتــاج فــي الصيــن"‪ّ ،‬‬ ‫مرجحـ ًـا‬ ‫"اســتمرار نمــو االســتيراد فــي ظــل فــرض رســوم‬ ‫أمريكيــة إضافيــة علــى البضائــع الصينيــة"‪.‬‬ ‫ويضي ــف عب ــد رب ــه‪ ،‬أن "الح ــل يكم ــن ف ــي‬ ‫تنش ــيط الصناع ــات املحلي ــة‪ ،‬خاص ــة ف ــي‬ ‫مجــاالت املالبــس والحقائــب واألحذيــة‪ ،‬ملــا لهــا‬ ‫مــن دور مهــم فــي حفــظ العملــة الصعبــة وتوفيــر‬ ‫ف ــرص العم ــل"‪.‬‬ ‫ويختت ــم بالق ــول‪" :‬رغ ــم اإلقب ــال الكبي ــر عل ــى‬ ‫املنتج ــات الصيني ــة لرخ ــص أس ــعارها‪ ،‬إال أنه ــا‬ ‫غالب ـ ًـا م ــا تك ــون س ــريعة التل ــف وذات ج ــودة‬ ‫منخفض ــة‪ ،‬األم ــر ال ــذي يك ــرس م ــن تبعي ــة‬ ‫الس ــوق العراقي ــة للس ــلع املس ــتوردة‪ ،‬ف ــي ظ ــل‬ ‫تراج ــع اإلنت ــاج املحل ــي وارتف ــاع تكاليف ــه"‪.‬‬

‫‪112‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪113 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫من االزدهار إلى االندثار‪..‬‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬

‫رحلة‬ ‫شاقة‬ ‫للنقل‬ ‫السككي‬

‫يعد العراق‬ ‫من الدول‬ ‫األولى بالنقل‬ ‫السككي منذ‬ ‫فترة الستينيات‬ ‫والسبعينيات من‬ ‫القرن املا�ضي‪،‬‬ ‫حاليا‬ ‫لكنه يعاني‬ ‫ً‬ ‫من إهمال كبير‬ ‫لهذا القطاع‬ ‫الحيوي‪ ،‬وفق‬ ‫مختصين في مجال‬ ‫النقل‪.‬‬

‫حمــل لجنــة النقــل النيابيــة‪،‬‬ ‫يأتــي هــذا فــي وقــت ُت ّ‬ ‫الحكوم ــة الحالي ــة‪ ،‬مس ــؤولية ع ــدم إكم ــال‬ ‫املنه ــاج ال ــوزاري لتطوي ــر قط ــاع النق ــل‪ ،‬ورغ ــم‬ ‫ق ــرب انته ــاء واليته ــا ال ت ـزال أغل ــب املش ــاريع ف ــي‬ ‫ط ــور االستش ــارات‪.‬‬ ‫فــي املقابــل‪ ،‬تؤكــد وزارة النقــل تأهيــل ‪ 12‬خطـ ًـا‬ ‫ـككيا وإعادتهــا إلــى الخدمــة خــال الســنوات‬ ‫سـ ً‬ ‫الث ــاث املاضي ــة‪ ،‬والعم ــل مس ــتمر إلكم ــال‬ ‫بقي ــة املش ــاريع‪.‬‬ ‫"إهمال كبير"‬ ‫وبهــذا الســياق‪ ،‬يقــول الخبيــر فــي مجــال النقــل‪،‬‬ ‫باس ــل الخفاج ــي‪ ،‬إن "الع ـراق كان م ــن ال ــدول‬ ‫األول ــى بالنق ــل الس ــككي من ــذ فت ــرة الس ــتينيات‬ ‫والس ــبعينيات م ــن الق ــرن املا�ض ــي‪ ،‬وكان‬ ‫القطــار ينطلــق مــن محطــة املعقــل فــي البصــرة‬ ‫ويصــل إلــى مينــاء أم قصــر ويتجــه نحــو بغــداد‬ ‫وكل الحافظ ــات ويص ــل إل ــى تركي ــا"‪.‬‬ ‫ويضيــف الخفاجــي ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬أن "القطــار‬ ‫كان يتج ــه م ــن املحط ــة العاملي ــة ف ــي منطق ــة‬ ‫الع ــاوي ببغ ــداد نح ــو تركي ــا‪ ،‬وم ــن ث ــم ينتق ــل‬ ‫أكثــر الــركاب والســواح إلــى قطــار آخــر للذهــاب‬ ‫إل ــى أملاني ــا‪ ،‬وه ــذا غي ــر متوف ــر حالي ـ ًـا نتيج ــة‬

‫اإلهم ــال الكبي ــر م ــن قب ــل وزارة النق ــل"‪.‬‬ ‫ويشــير إلــى أن "ســكك قطــار طريــق التنميــة مــن‬ ‫املفتــرض أنهــا موجــودة مــن معقــل البصــرة إلــى‬ ‫تركي ــا‪ ،‬لكنه ــا بحاج ــة إل ــى إع ــادة بنائه ــا بس ــكة‬ ‫حديث ــة وتص ــل إل ــى مين ــاء الف ــاو الكبي ــر عب ــر‬ ‫مده ــا ملس ــافة ‪ 400‬ك ــم بع ــد مين ــاء أم قص ــر‪،‬‬ ‫لالس ــتفادة منه ــا تجاري ـ ًـا ولنق ــل ال ــركاب"‪.‬‬ ‫نقض للمنهاج الحكومي‬ ‫ُ‬ ‫حم ــل عض ــو لجن ــة النق ــل‬ ‫م ــن جهت ــه‪ ،‬ي ّ‬ ‫النيابي ــة‪ ،‬هيث ــم الزركان ــي‪ ،‬الحكوم ــة الحالي ــة‬ ‫"بع ــدم االلت ـزام باملنه ــاج ال ــوزاري حت ــى بنس ــبة‬ ‫‪ ،25%‬ورغــم قــرب انتهــاء واليتهــا ال ت ـزال أغلــب‬ ‫املشــاريع فــي طــور االستشــارات واالجتماعــات‪،‬‬ ‫لذل ــك ت ــم عق ــد اس ــتضافات للمس ــؤولين ع ــن‬

‫قط ــاع النق ــل"‪.‬‬ ‫ويدعــو الزركانــي خــال حديثــه ملجلــة «فيلــي»‪،‬‬ ‫إل ــى "محاس ــبة رئي ــس ال ــوزراء لع ــدم إكم ــال‬ ‫املنه ــاج الحكوم ــي ال ــذي كان يتضم ــن تطوي ــر‬ ‫قط ــاع النق ــل م ــن ف ــك االختناق ــات ومعالج ــة‬ ‫ط ــرق النق ــل وس ــكك الحدي ــد"‪.‬‬ ‫ويشــير إلــى أن "قطــاع النقــل ال يرتقــي باملســتوى‬ ‫وخصوصـ ًـا ســكك القطــارات‪ ،‬فهــي غيــر مؤهلــة‬ ‫وال تواكــب التطــور الحالــي فــي دول العالــم التــي‬ ‫تص ــل س ــرعة القط ــارات فيه ــا إل ــى ‪ 300‬ك ــم ف ــي‬ ‫الس ــاعة‪ ،‬ب ــل حت ــى ال تواك ــب ال ــدول املج ــاورة‬ ‫مثــل تركيــا وإي ـران"‪.‬‬ ‫ويضي ــف‪ ،‬أن "الرب ــط الس ــككي العراق ــي م ــع‬ ‫إي ـران ل ــم ينج ــز بع ــد‪ ،‬رغ ــم اس ــتكمال إي ـران‬

‫للرب ــط داخ ــل حدوده ــا‪ ،‬كم ــا هن ــاك حاج ــة‬ ‫للرب ــط الس ــككي لنق ــل البضائ ــع خاص ــة عن ــد‬ ‫االنته ــاء م ــن مين ــاء الف ــاو‪ ،‬حي ــث إن القاط ــرة‬ ‫الواح ــدة ق ــد تع ــوض ع ــن العش ـرات م ــن‬ ‫ش ــاحنات النق ــل"‪.‬‬ ‫وال تقتصر أهمية الســكك على نقل البضائع‪،‬‬ ‫ب ــل أن "نق ــل املس ــافرين بي ــن املحافظ ــات مه ــم‬ ‫أيضـ ًـا"‪ ،‬وفــق الزركانــي‪ ،‬معتب ـ ًرا افتتــاح "الربــط‬ ‫الســككي بيــن بغــداد واملوصــل مؤخ ـ ًرا‪ ،‬إضافــة‬ ‫جيــدة"‪.‬‬ ‫خطا‬ ‫تأهيل ‪ً 12‬‬ ‫ب ــدوره‪ ،‬يؤك ــد املتح ــدث باس ــم وزارة النق ــل‪،‬‬ ‫ميث ــم الصاف ــي‪ ،‬أن "ال ــوزارة أكمل ــت تأهي ــل ‪12‬‬ ‫ـككيا وتمــت إعادتهــا إلــى الخدمــة خــال‬ ‫خطـ ًـا سـ ً‬

‫الســنوات الثــاث املاضيــة‪ ،‬والعــام املا�ضــي تــم‬ ‫افتت ــاح مش ــروع س ــاوة – حجام ــة‪ ،‬والعم ــل‬ ‫مس ــتمر إلنج ــاز بقي ــة املش ــاريع"‪.‬‬ ‫وع ــن س ــكك خ ــط بص ــرة ‪ -‬ش ــامجة‪ ،‬يوض ــح‬ ‫الصاف ــي ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "ه ــذا املش ــروع‬ ‫مخصــص للمســافرين والزائريــن‪ ،‬وتــم التعاقــد‬ ‫م ــع ش ــركة (إيماثي ــا) اإلس ــبانية الت ــي ش ــرعت‬ ‫بإج ـراءات تنفي ــذه"‪.‬‬ ‫ويلف ــت إل ــى أن "ه ــذا املش ــروع‪ ،‬يحت ــاج إل ــى‬ ‫عملي ــات تأهي ــل م ــن إزال ــة األلغ ــام ورف ــع‬ ‫املخلف ــات الحربي ــة والتج ــاوزات عل ــى الطري ــق‪،‬‬ ‫وب ــدأت وزارة النق ــل بعملي ــات التأهي ــل وه ــي‬ ‫ف ــي مراح ــل متقدم ــة‪ ،‬وعل ــى أب ــواب الدخ ــول‬ ‫بتنفي ــذ املش ــروع بش ــكل مباش ــر"‪.‬‬

‫ويتابــع "كمــا هنــاك مشــروع آخــر والــذي ُأطلــق‬ ‫علي ــه طري ــق التنمي ــة املرحل ــة األول ــى‪ ،‬ويج ــري‬ ‫العم ــل عل ــى تأهي ــل الس ــكك الحالي ــة أو م ــا‬ ‫ُتع ــرف بالخط ــوط القديم ــة لالس ــتفادة م ــن‬ ‫ه ــذا املش ــروع ف ــي تش ــغيل مين ــاء الف ــاو ملرحلت ــه‬ ‫األول ــى‪ ،‬فض ـ ًـا ع ــن تنش ــيط قط ــاع الس ــكك ف ــي‬ ‫املحافظــات التــي يمــر فيهــا‪ ،‬حيــث وضعــت وزارة‬ ‫النقــل خطــة إلعــادة تأهيــل الخــط مــن البصــرة‬ ‫إلــى بغــداد ومــن ثــم مــن بغــداد باتجــاه املناطــق‬ ‫الش ــمالية"‪.‬‬ ‫وع ــن خ ــط بص ــرة ‪ -‬ش ــامجة‪ ،‬يش ــير الصاف ــي‪،‬‬ ‫إل ــى أن "املش ــروع ه ــو خ ــط بط ــول ‪ 36‬ك ــم م ــن‬ ‫الح ــدود اإليراني ــة إل ــى محط ــة البص ــرة‪ ،‬ومنه ــا‬ ‫ينطل ــق إل ــى ع ــدة محافظ ــات بينه ــا كرب ــاء‪،‬‬ ‫باإلضاف ــة لذل ــك‪ ،‬هن ــاك مش ــروع آخ ــر يرب ــط‬ ‫النجــف مــع كربــاء‪ ،‬وهــو مشــروع قطــار معلــق‬ ‫بطــول ‪ 85‬كــم‪ ،‬وهنــاك عــروض عليــه مــن قبــل‬ ‫ش ــركات ع ــدة‪ ،‬وه ــو حالي ـ ًـا مح ــال إل ــى هيئ ــة‬ ‫االس ــتثمار"‪.‬‬ ‫ويضي ــف‪ ،‬أن "العم ــل مس ــتمر ملش ــروع طري ــق‬ ‫التنمي ــة االس ــتراتيجي‪ ،‬وت ــم إكم ــال مرحل ــة‬ ‫التصاميــم األوليــة فيــه‪ ،‬وهــو حاليـ ًـا فــي مرحلــة‬ ‫التصامي ــم التفصيلي ــة‪ ،‬وه ــذه تنته ــي نهاي ــة‬ ‫الع ــام الحال ــي‪ ،‬وبعده ــا يع ــرض املش ــروع أم ــام‬ ‫الش ــركات لغ ــرض التأهي ــل‪ ،‬وت ــم تقس ــيم‬ ‫املش ــروع إل ــى س ــبع مقاط ــع م ــن أج ــل تناف ــس‬ ‫الش ــركات العاملي ــة علي ــه وف ــق رؤي ــا الدول ــة‬ ‫العراقي ــة وبم ــا يتناس ــب م ــع طموح ــات وآم ــال‬ ‫الش ــعب العراق ــي ف ــي ه ــذا املش ــروع العم ــاق"‪.‬‬ ‫كم ــا أك ــد الصاف ــي‪ ،‬أن "مين ــاء الف ــاو يم ــر‬ ‫حالي ـ ًـا بمراح ــل تق ــدم ملحوظ ــة ف ــي العم ــل‪،‬‬ ‫حي ــث تتصاع ــد نس ــب اإلنج ــاز في ــه‪ ،‬الس ــيما‬ ‫بع ــد اس ــتالم األرصف ــة الخمس ــة للمين ــاء‪،‬‬ ‫واس ــتكمال الطري ــق الراب ــط بط ــول ‪ 62‬ك ــم‪،‬‬ ‫فيم ــا تس ــير األعم ــال وفق ـ ًـا للتوقيت ــات الزمني ــة‬ ‫فــي النفــق املغمــور وســاحة الحاويــات وعمليــات‬ ‫الحف ــر ف ــي القن ــاة املالحي ــة"‪.‬‬ ‫"ومــن املؤمــل أن تســتكمل تلــك املشــاريع والتــي‬ ‫تمثــل البنــى التحتيــة ملينــاء الفــاو فــي نهايــة هــذا‬ ‫الع ــام‪ ،‬ليك ــون محط ــة مهم ــة ومكون ـ ًـا رئيس ـ ًـيا‬ ‫لطري ــق التنمي ــة االس ــتراتيجي"‪،‬يقول الصاف ــي‪.‬‬

‫‪114‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪115 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫اختناق وتعطيل‬ ‫للحياة‪..‬‬

‫العراق يواجه أخطر التأثيرات‬ ‫البيئية على الصحة واالقتصاد‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫تتكــررالعواصــف الغباريــة فــي العــراق بشــكل ملحــوظ خــال هــذا‬ ‫ـورا باكـ ًـرا وزيــادة عــن العــام املا�ضــي‪ ،‬وســط‬ ‫املوســم‪ ،‬مســجلة حضـ ً‬ ‫توقع ــات باس ــتمرارها طيل ــة فت ــرة فص ــل الصي ــف لك ــن بش ــكل‬ ‫متف ــاوت‪ ،‬بحس ــب خب ــراء ف ــي الطق ــس والبيئ ــة‪.‬‬

‫ويع ــزو الخب ـراء ه ــذا التك ـرار إل ــى افتق ــار‬ ‫الع ـراق للمقوم ــات الرئيس ــية لص ــد الري ــاح‬ ‫الس ــطحية‪ ،‬أبرزه ــا التصح ــر والجف ــاف‪،‬‬ ‫حت ــى ب ــات تصاع ــد الغب ــار م ــن أكث ــر القضاي ــا‬ ‫البيئيــة خطــورة لتأثيراتــه العميقــة علــى صحــة‬ ‫اإلنس ــان واقتص ــاد الب ــاد‪.‬‬ ‫مبكرة وكثيرة‬ ‫وبــدأت العواصــف الغباريــة هــذا العــام مطلــع‬ ‫ش ــهر نيس ــان‪/‬أبريل املا�ض ــي‪ ،‬ف ــي موع ــد أبك ــر‬ ‫ع ــن الع ــام املا�ض ــي الت ــي كان ــت ف ــي حزي ـران‪/‬‬ ‫يوني ــو واقتص ــرت عل ــى عاصفتي ــن غباريتي ــن‬ ‫ببغ ــداد وتكري ــت ف ــي حينه ــا‪ ،‬وف ــق مدي ــر‬ ‫إع ــام هيئ ــة األن ــواء الجوي ــة العراقي ــة‪ ،‬عام ــر‬ ‫الجا ب ــري ‪.‬‬ ‫ويوض ــح الجاب ــري ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن‬ ‫العواص ــف الغباري ــة الت ــي تش ــهدها الب ــاد ه ــي‬ ‫نتيج ــة التأث ــر بمنخفض ــات جوي ــة‪ ،‬وتعم ــق‬ ‫املنخف ــض الج ــوي الخماس ــيني الق ــادم م ــن‬ ‫ش ــمال أفريقي ــا‪ ،‬ال ــذي ال يقتص ــر تأثي ــره عل ــى‬ ‫العـراق فقــط‪ ،‬وإنمــا علــى العديــد مــن البلــدان‬ ‫منه ــا مص ــر وب ــاد الش ــام وش ــمال الس ــعودية‬ ‫واألردن‪ ،‬ويس ــتمر تأثي ــره مل ــدة خمس ــون يوم ـ ًـا‬ ‫أو أق ــل‪ ،‬لك ــن بش ــكل متف ــاوت‪.‬‬ ‫ويبيــن‪ ،‬أن الصيــف‪ ،‬هــو موســم املنخفضــات‬ ‫الجوي ــة‪ ،‬لذل ــك تحص ــل عواص ــف غباري ــة‪،‬‬ ‫ورغ ــم أنه ــا حال ــة طبيعي ــة لك ــن يش ــتد تأثيره ــا‬ ‫عل ــى الع ـراق الفتق ــاره ملقوم ــات رئيس ــية‬

‫‪116‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪117 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫العراق يواجه أخطر التأثيرات البيئية على الصحة واالقتصاد‬

‫«العواصف الغبارية لها تأثيرات صحية خطيرة على المصابين‬ ‫بأمراض الجهاز التنفسي‪ ،‬مثل (الربو‪ ،‬والتهاب الشعب الهوائية‪،‬‬ ‫ومرضى الحساسية)‪ ،‬وكذلك تؤدي إلى (التهاب العيون‪ ،‬وهيجان‬ ‫الجلد) وهذا يظهر جلياً عند حصول الغبار»‪.‬‬ ‫عامر الجابري‬

‫مدير إعالم هيئة األنواء‬ ‫الجوية العراقية‬

‫لص ــد الري ــاح الس ــطحية املثي ــرة للغب ــار‪ ،‬منه ــا‬ ‫املس ــطحات املائي ــة والغط ــاء النبات ــي والح ـزام‬ ‫األخضــر وتجريــف األرا�ضــي الزراعيــة‪ ،‬وبالتالــي‬ ‫ب ــات الع ـراق يعتب ــر أكث ــر خم ــس دول تأث ـ ًرا‬ ‫بالتغي ـرات املناخي ــة‪.‬‬ ‫وتؤث ــر ه ــذه التغي ـرات املناخي ــة الت ــي تع ــد‬ ‫العواص ــف الترابي ــة أح ــد نتاجاته ــا‪ ،‬عل ــى‬ ‫الوض ــع البيئ ــي ف ــي الع ـراق‪ ،‬وف ــق مع ــاون مدي ــر‬ ‫دائ ــرة التوعي ــة البيئي ــة ف ــي وزارة البيئ ــة‪ ،‬أنع ــم‬ ‫ثاب ــت خلي ــل‪.‬‬ ‫ويتفــق خليــل خــال حديثــه ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬مــع‬

‫عام ــر الجاب ــري‪ ،‬ب ــأن العواص ــف الترابي ــة ه ــي‬ ‫نت ــاج قل ــة س ــقوط األمط ــار واإلي ـرادات املائي ــة‬ ‫القادم ــة م ــن دول الج ــوار‪ ،‬وكذل ــك انع ــدام‬ ‫الغطــاء النباتــي واألحزمــة الخضـراء‪ ،‬فــكل هــذه‬ ‫تس ــاهم ف ــي ع ــدم تثبي ــت الكثب ــان الرملي ــة‪ ،‬م ــا‬ ‫يؤهلهــا للحركــة والتطايــر عنــد حصــول الريــاح‪.‬‬ ‫مناخ العراق‬ ‫وه ــذا م ــا يب ــدو واضح ـ ًـا ف ــي مواس ــم الربي ــع الت ــي‬ ‫تتكــرر فيهــا العواصــف الغباريــة لكــن بدرجــات‬ ‫ـادا علــى املوســم‬ ‫متفاوتــة زيــادة أو نقصانـ ًـا اعتمـ ً‬ ‫املط ــري‪ ،‬بحك ــم أن الربي ــع ه ــو فص ــل انتقال ــي‬

‫بالتح ــول م ــن الش ــتاء الب ــارد والرط ــب‪ ،‬إل ــى‬ ‫الصي ــف الح ــار والج ــاف‪ ،‬بحس ــب الراص ــد‬ ‫الج ــوي‪ ،‬ص ــادق عطي ــة‪.‬‬ ‫ويوض ــح عطي ــة ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن العواص ــف‬ ‫الغباري ــة ه ــي صف ــة م ــن صف ــات املن ــاخ الس ــائد‬ ‫ف ــي الع ـراق‪ ،‬خاص ــة م ــدن الوس ــط والجن ــوب‪،‬‬ ‫باعتب ــار أنه ــا تخض ــع ملن ــاخ ش ــبه صح ـراوي‬ ‫ج ــاف‪.‬‬ ‫ويش ــرح‪ ،‬أن املوس ــم املط ــري إذا كان جاف ـ ًـا‬ ‫فه ــذا يعن ــي زي ــادة تك ـرار العواص ــف الغباري ــة‬ ‫ف ــي فص ــل الربي ــع كم ــا ه ــو الح ــال حالي ـ ًـا‪ ،‬حي ــث‬

‫كان ــت األمط ــار خصوص ـ ًـا عل ــى‬ ‫املناط ــق الش ــمالية الغربي ــة‪،‬‬ ‫أي (جن ــوب نين ــوى‪ ،‬واألنب ــار‪،‬‬ ‫وجن ــوب غ ــرب الب ــاد) قليل ــة‬ ‫ودون املع ــدل بكثي ــر‪.‬‬ ‫ويتاب ــع عطي ــة‪ ،‬إضاف ــة إل ــى أن‬ ‫البادي ــة الس ــورية م ــن جه ــة‬ ‫الحســكة والقامشــلي ومناطــق‬ ‫ش ــرق س ــوريا عموم ـ ًـا‪ ،‬عان ــت‬ ‫م ــن التصح ــر خاص ــة ف ــي ه ــذا‬ ‫املوس ــم نتيج ــة قل ــة األمط ــار‬ ‫عل ــى األرا�ض ــي الزراعي ــة‪،‬‬ ‫اض‬ ‫وبالتال ــي تحول ــت إل ــى أر ٍ‬ ‫ج ــرداء معرض ــة لتصاع ــد الغب ــار م ــع أق ــل‬ ‫نش ــاط لري ــاح ش ــمالية غربي ــة لتتج ــه م ــن‬ ‫مناطــق شــرق ســوريا نحــو مناطــق شــمال غــرب‬ ‫الع ـراق وم ــن ث ــم تؤث ــر عل ــى م ــدن الوس ــط‪.‬‬ ‫ويبيــن‪ ،‬أن مــا يؤثــر علــى العـراق منــذ يوميــن هــو‬ ‫منخفــض خماســيني جــاف قــادم مــن الصحـراء‬ ‫األفريقي ــة‪ ،‬كم ــا هن ــاك منخف ــض آخ ــر ه ــو‬ ‫منخف ــض ش ــبه الجزي ــرة العربي ــة الح ـراري‪،‬‬ ‫لذل ــك م ــن املتوق ــع اس ــتمرار حال ــة ع ــدم‬ ‫االس ــتقرار الج ــوي لغاي ــة ي ــوم االثني ــن املقب ــل‪.‬‬ ‫ويش ــير عطي ــة‪ ،‬إل ــى أن تقلب ــات الربي ــع تس ــتمر‬

‫مل ــا بع ــد منتص ــف مايو‪/‬أي ــار الج ــاري‪ ،‬واعتب ــا ًرا‬ ‫م ــن ‪ 1‬حزيران‪/‬يوني ــو املقب ــل‪ ،‬س ــيودع الع ـراق‬ ‫فص ــل الربي ــع مناخي ـ ًـا ويب ــدأ فص ــل الصي ــف‬ ‫الح ــار والج ــاف والاله ــب‪ ،‬ليعل ــن بداي ــة ري ــاح‬ ‫ـعبيا‬ ‫الش ــمالية الغربي ــة الت ــي يطل ــق عليه ــا ش ـ ً‬ ‫(ري ــاح الب ــوارح) أو (الس ــموم)‪.‬‬ ‫تأثيرات عميقة‬ ‫وب ــات الغب ــار املتصاع ــد ف ــي الع ـراق‪ ،‬م ــن أكث ــر‬ ‫القضاي ــا البيئي ــة خط ــورة ف ــي الس ــنوات األخي ــرة‬ ‫ملــا لــه مــن تأثي ـرات عميقــة علــى صحــة اإلنســان‬ ‫واقتص ــاد الب ــاد‪ ،‬بحس ــب الخبي ــر ف ــي قضاي ــا‬ ‫البيئ ــة‪ ،‬حس ــين األس ــدي‪.‬‬ ‫وع ــن أس ــباب تصاع ــد الغب ــار‪ ،‬ك ــرر األس ــدي‬ ‫ملــا تحــدث بــه املتحدثيــن الســابقين أنعــم ثابــت‬ ‫خلي ــل وعام ــر الجاب ــري‪ ،‬بأنه ــا تع ــود إل ــى ش ــحة‬ ‫املي ــاه نتيج ــة انخف ــاض منس ــوب نه ــري دجل ــة‬ ‫والف ـرات بســبب قلــة األمطــار والســدود فــي دول‬ ‫الجــوار‪ ،‬مــا أدى إلــى جفــاف األرا�ضــي الزراعيــة‪.‬‬ ‫وم ــن األس ــباب أيض ـ ًـا‪ ،‬يضي ــف األس ــدي‬ ‫ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬ه ــو التصح ــر نتيج ــة تقلي ــص‬ ‫املس ــاحات الخض ـراء عب ــر تجري ــف البس ــاتين‬ ‫اض س ــكنية‪ ،‬وتراج ــع الغط ــاء‬ ‫وتحوله ــا إل ــى أر ٍ‬ ‫النبات ــي بس ــبب س ــوء إدارة امل ــوارد البيئي ــة‪.‬‬ ‫يض ــاف لذل ــك‪ ،‬ارتف ــاع درج ــات الح ـرارة الت ــي‬

‫تتج ــاوز ‪ 50‬مئوي ــة ف ــي الصي ــف‪ ،‬م ــا ي ــؤدي إل ــى‬ ‫جف ــاف الترب ــة وزي ــادة الغب ــار‪ ،‬كم ــا أن طبيع ــة‬ ‫املن ــاخ العراق ــي الصح ـراوي تجع ــل الري ــاح‬ ‫املوس ــمية تنق ــل كمي ــات كبي ــرة م ــن الغب ــار إل ــى‬ ‫داخ ــل امل ــدن‪ ،‬وف ــق األس ــدي‪.‬‬ ‫ويؤك ــد‪ ،‬أن العواص ــف الغباري ــة له ــا تأثي ـرات‬ ‫صحيــة خطيــرة علــى املصابيــن بأمـراض الجهــاز‬ ‫التنف�س ــي‪ ،‬مث ــل (الرب ــو‪ ،‬والته ــاب الش ــعب‬ ‫الهوائي ــة‪ ،‬ومر�ض ــى الحساس ــية)‪ ،‬وكذل ــك‬ ‫ت ــؤدي إل ــى (الته ــاب العي ــون‪ ،‬وهيج ــان الجل ــد)‪.‬‬ ‫وه ــذا يظه ــر جلي ـ ًـا عن ــد حص ــول الغب ــار‪ ،‬إذ‬ ‫يالحظ امتالء املستشــفيات باملر�ضى ما يشــكل‬ ‫ضغطـ ًـا علــى القطــاع الصحــي املرهــق والهــش فــي‬ ‫األســاس‪ ،‬فضـ ًـا عــن ارتفــاع معــدالت الوفيــات‬ ‫خاص ــة بي ــن كب ــار الس ــن املصابي ــن باألم ـراض‬ ‫املزمن ــة مث ــل الرب ــو‪ ،‬بحس ــب األس ــدي‪.‬‬ ‫وإل ــى جان ــب التأثي ـرات الصحي ــة‪ ،‬يش ـ ّـخص‬ ‫ُ‬ ‫األس ــدي‪ ،‬تأثي ـرات اقتصادي ــة للعواص ــف‬ ‫الغباري ــة تتمث ــل بتعطي ــل الحي ــاة اليومي ــة‬ ‫وتعليــق حركــة الطي ـران والنقــل البــري وخاصــة‬ ‫ف ــي الط ــرق الخارجي ــة‪ ،‬إل ــى جان ــب الخس ــائر‬ ‫الزراعي ــة حي ــث يض ـ ّـر الغب ــار بالنبات ــات ويقل ــل‬ ‫م ــن ج ــودة املحاصي ــل‪.‬‬

‫‪118‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫بال أرقام ومحمية من رجال المرور‪..‬‬

‫سوق الدراجات الشحن ينتعش في العراق‬

‫‪FAILY‬‬ ‫‪FAILY MAGAZINE‬‬ ‫‪MAGAZINE‬‬

‫‪119 2025‬‬ ‫الثاني‪-‬يناير ‪2025‬‬ ‫والعشرون|آيـار‪-‬مايـو‬ ‫والعشرون‪-‬كانون‬ ‫الحادية الحادية‬ ‫‪ 257‬السنة‬ ‫السنة‬ ‫العدد‬ ‫العدد ‪253‬‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫ُيقب ــل الكثي ــر م ــن الش ــباب ه ــذه األي ــام‪ ،‬عل ــى ش ــراء الدراج ــات الت ــي تعم ــل بالش ــحن الكهربائ ــي‬ ‫ألســباب عديــدة أبرزهــا أنهــا ال تتـ ّـم مصادرتهــا مــن قبــل مديريــة املــرورالعامــة‪ ،‬وغيــرمكلفــة‪ ،‬وهــي‬ ‫صديقــة للبيئــة بســبب عملهــا علــى الشــحن‪ ،‬إضافــة إلــى أنهــا آمنــة‪ ،‬إذ ال يتجــاوزمعــدل ســرعتها‬ ‫‪ 60‬كــم فــي الســاعة‪.‬‬

‫ولألس ــباب املذك ــورة مجتمع ــة ق ــرر أحم ــد‬ ‫الحديثــي (‪ 55‬عامـ ًـا) شـراء دراجــة شــحن لولــده‬ ‫غس ــان ‪ 13‬عام ـ ًـا ليذه ــب به ــا إل ــى املدرس ــة‬ ‫والن ــادي الريا�ض ــي‪.‬‬ ‫ويق ــول الحديث ــي‪" :‬اخت ــرت ه ــذه الدراج ــة وان ــا‬ ‫مطمئ ــن بأنه ــا ليس ــت كمث ــل الدراج ــات الناري ــة‬ ‫الت ــي تقت ــل أصحابه ــا ألنه ــا وب ــكل بس ــاطة ال‬ ‫ـريعا‪ ،‬ولــذا أنــا مطمئــن مــن أن ولــدي ال‬ ‫تســير سـ ً‬ ‫يته ــور أثن ــاء قيادته ــا"‪.‬‬ ‫ويضي ــف ف ــي حدي ــث ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن‬ ‫"دراج ــات الش ــحن تتمي ــز باله ــدوء‪ ،‬وال تص ــدر‬ ‫اصواتـ ًـا عاليــة كتلــك التــي تصدرهــا الدراجــات‬ ‫الناري ــة"‪.‬‬ ‫أم ــا عم ــال خدم ــات التوصي ــل ف ــا يحب ــون‬ ‫ه ــذا الن ــوع م ــن الدراج ــات ألن عمله ــم يتطل ــب‬ ‫الس ــرعة ف ــي إيص ــال الطلب ــات ودراج ــات‬ ‫الش ــحن ال تلب ــي الحاج ــة‪.‬‬ ‫ويؤك ــد عل ــي حس ــين عل ــي (‪ 25‬عام ـ ًـا) س ــائق‬ ‫"دليف ــري"‪ ،‬ف ــي حديث ــه للوكال ــة‪ ،‬أن ــه ي ــود ش ـراء‬ ‫ُّ‬ ‫دراج ــة الش ــحن الكهربائي ــة ألنه ــا توف ــر علي ــه‬ ‫مبال ــغ الوق ــود لكنه ــا ال تنفع ــه ف ــي عمل ــه‪،‬‬ ‫فـ"ش ــركات التوصي ــل واملطاع ــم ال ترغ ــب به ــذه‬ ‫الدراج ــات ألن س ــرعتها بطيئ ــة وه ــم يعتم ــدون‬ ‫علــى الســرعة‪ ،‬كمــا أن هــذه الدراجــات ال تصــل‬ ‫إل ــى مس ــافات بعي ــدة"‪.‬‬ ‫وي ــرى البع ــض أن موض ــوع دراج ــات الش ــحن‬ ‫ش ــائك للغاي ــة‪ ،‬حي ــث يوض ــح الكابت ــن يون ــس‬ ‫عم ــاد‪ ،‬رئي ــس رابط ــة دراج ــي الع ـراق‪ ،‬أن‬ ‫"موض ــوع ه ــذا الن ــوع م ــن الدراج ــات ش ــائك‪،‬‬

‫‪120‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪121 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫سوق الدراجات الشحن ينتعش في العراق‬ ‫ولك ــن يمك ــن إب ـراز بع ــض النق ــاط املختص ــرة‬ ‫به ــذا الخص ــوص"‪.‬‬ ‫ويضي ــف ف ــي حديث ــه ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "ه ــذه‬ ‫الدراج ــة وس ــيلة نق ــل جي ــدة وصديق ــة للبيئ ــة‬ ‫وه ــذا �ش ــيء مه ــم ألن ج ــو بغ ــداد مل ــوث بس ــبب‬ ‫ع ــوادم الس ــيارات والدراج ــات الناري ــة‪ ،‬ولك ــن‬ ‫دراج ــة الش ــحن وس ــيلة نق ــل داخلي ــة بحت ــة ال‬ ‫يمك ــن التنق ــل به ــا مس ــافات بعي ــدة"‪.‬‬ ‫ويلف ــت إل ــى أن "أغل ــب أصح ــاب دراج ــات‬ ‫الش ــحن يمش ــون عل ــى الط ــرق الس ــريعة وه ــذا‬ ‫خط ــأ ف ــادح‪ ،‬فض ــا ع ــن أن ه ــذه الدراج ــات‬ ‫غي ــر مرقم ــة وثم ــة مخ ــاوف م ــن وص ــول ن ــوع‬ ‫جدي ــد م ــن ه ــذه الدراج ــات تف ــوق بس ــرعتها‬ ‫الدراج ــات الحالي ــة م ــع ع ــدم وج ــود آلي ــة م ــن‬ ‫قبــل مديريــة املــرور العامــة لضبــط بيــع وتــداول‬ ‫ه ــذه الدراج ــات والس ــيطرة عليه ــا"‪.‬‬ ‫وتخض ــع دراج ــات الش ــحن صيني ــة املنش ــأ‬ ‫إل ــى عملي ــات تركي ــب أجزائه ــا أو تحويره ــا م ــا‬ ‫يجعله ــا مماثل ــة للدراج ــة الناري ــة م ــن حي ــث‬ ‫الس ــرعة والص ــوت‪.‬‬ ‫وين ــوه أحم ــد الياس ــري‪ ،‬صاح ــب مح ــل‬ ‫دراج ــات‪ ،‬ال ــى أن ــه "بع ــد أن أصبح ــت هن ــاك‬ ‫بعــض القيــود علــى الدراجــات الناريــة اإليرانيــة‪،‬‬ ‫قمنــا بجلــب دراجــات تعمــل بطريقــة الشــحن"‪.‬‬ ‫ويؤك ــد ف ــي حديث ــه للوكال ــة‪" :‬اجرين ــا تعدي ــات‬ ‫عل ــى ه ــذه الدراج ــات وأصبح ــت تش ــبه‬ ‫الدراج ــات الناري ــة"‪.‬‬ ‫ويش ــير إل ــى أن "األس ــعار تت ـراوح بي ــن ‪ 350‬ألف ـ ًـا‬ ‫إل ــى ‪ 700‬أل ــف دين ــار‪ ،‬وجمي ــع الدراج ــات تأت ــي‬ ‫(تفصي ــخ) م ــن الصي ــن ويق ــوم ال ــكادر العراق ــي‬ ‫بترتيبهــا وضبطهــا وإضافــة بصمــة وشاشــة لهــا"‪.‬‬ ‫ويتاب ــع‪ ،‬أن "س ــرعة دراج ــات الش ــحن تعتم ــد‬ ‫عل ــى ع ــدد البطاري ــات‪ ،‬وأن الدراج ــة ذات‬ ‫البطاريــات الخمــس هــي األســرع لكنهــا ال تتجــاوز‬ ‫‪ 60‬ك ــم ف ــي الس ــاعة‪ ،‬وف ــي ح ــال نف ــاد الش ــحن‬ ‫فإنه ــا تتح ــول إل ــى دراج ــة هوائي ــة"‪.‬‬ ‫ويش ــير إل ــى أن "دخ ــول تل ــك الدراج ــات كان‬ ‫مطلــع عــام ‪ 2019‬لكنهــا كانــت محــدودة‪ ،‬وازداد‬ ‫الطلــب عليهــا عندمــا اشــتهرت ســيارات الهايبــرد‬ ‫نهاي ــة ع ــام ‪."2023‬‬ ‫وحســب معنييــن‪ ،‬فــإن شــوارع العاصمــة بغــداد‬

‫بحاج ــة لدراج ــات الش ــحن الكهربائي ــة الت ــي ال‬ ‫تص ــدر ضجيج ـ ًـا مزعج ــا وال ترع ــب املواطني ــن‬ ‫بس ــرعتها وم ــا ينت ــج ع ــن ذل ــك م ــن ح ــوادث‬ ‫مؤس ــفة‪ ،‬فض ــا ع ــن الح ــد م ــن التل ــوث ال ــذي‬ ‫تخلف ــه الس ــيارات والدراج ــات الناري ــة‪.‬‬ ‫ويوض ــح عم ــر عب ــد اللطي ــف‪ ،‬عض ــو مرص ــد‬ ‫الع ـراق األخضــر‪ ،‬أن "دراجــات الشــحن يمكــن‬ ‫أن تك ــون صديق ــة للبيئ ــة وه ــي واح ــدة م ــن‬ ‫الوس ــائط الت ــي يمك ــن أن تحس ــن البيئ ــة"‪.‬‬ ‫ويضي ــف ف ــي تصريح ــات ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن ــه‬ ‫"م ــن املمك ــن أن يزي ــد الطل ــب ف ــي الس ــنوات‬ ‫املقبل ــة عل ــى وس ــائط النق ــل الت ــي تعم ــل‬ ‫بالش ــحن الكهربائ ــي‪ ،‬وبالتحدي ــد الدراج ــات‬ ‫الت ــي يمك ــن أن يس ــتقلها الش ــباب و يس ــتقلها‬ ‫موظفــون بســبب صغــر حجمهــا وســرعتها والتــي‬ ‫ال تتســبب بحــوادث‪ ،‬واســتخدامها كبديــل عــن‬ ‫الس ــيارات‪.‬‬ ‫ويؤك ــد عب ــد اللطي ــف‪ ،‬أن "ه ــذه الدراج ــات‬ ‫قــد تحــل مشــاكل كبيــرة تتعلــق فــي البيئــة ومنهــا‬ ‫مش ــكلة الوق ــود األحف ــوري"‪.‬‬

‫« من الممكن أن يزيد‬ ‫الطلب في السنوات المقبلة‬ ‫على وسائط النقل التي‬ ‫تعمل بالشحن الكهربائي‪،‬‬ ‫وبالتحديد الدراجات التي‬ ‫يمكن أن يستقلها الشباب‬ ‫و يستقلها موظفون بسبب‬ ‫صغر حجمها وسرعتها‬ ‫والتي ال تتسبب بحوادث‪،‬‬ ‫واستخدامها كبديل عن‬ ‫السيارات"‪.‬‬

‫‪122‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪123 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫االستدامة الحضرية في بغداد‬

‫والمدن العراقية تحديات‬ ‫النمو السكاني وإدارة الموارد‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫إن النم ــو الس ــكاني الهائ ــل ف ــي بغ ــداد‪ ،‬يش ــكل ضغط ــا كبي ــرا عل ــى‬ ‫املدينــة ومواردهــا‪ ،‬وهــذا لــه تداعيــات واســعة علــى شــتى األصعــدة‬ ‫الحضري ــة والبيئي ــة واالقتصادي ــة واالجتماعي ــة‪ ،‬و إن مواجه ــة‬ ‫هــذه التحديــات تتطلــب جهــودا متضافــرة مــن الحكومــة والقطــاع‬ ‫الخ ــاص واملجتم ــع املدن ــي والس ــكان عل ــى ح ــد س ــواء‪..‬‬

‫وتبن ــي رؤي ــة اس ــتراتيجية بعي ــدة امل ــدى لتحقي ــق‬ ‫تنمي ــة مس ــتدامة تضم ــن ج ــودة الحي ــاة لألجي ــال‬ ‫الحالي ــة واملس ــتقبلية ف ــي بغ ــداد وعم ــوم الع ـراق‪.‬‬ ‫أن تحدي ــات النم ــو الس ــكاني وإدارة امل ــوارد ف ــي‬ ‫بغــداد والعـراق‪ ،‬تشــمل امــورا عــدة‪ ،‬منهــا الضغــط‬ ‫الهائــل علــى البنيــة التحتيــة والخدمــات‪ ،‬إذ يــؤدي‬ ‫التزاي ــد الس ــكاني إل ــى نق ــص ح ــاد ف ــي الوح ــدات‬ ‫الس ــكنية املالئم ــة واملتيس ــرة‪ ،‬م ــا يدف ــع إل ــى ظه ــور‬ ‫العش ــوائيات والتوس ــع غي ــر املنظ ــم عل ــى األرا�ض ــي‬ ‫الزراعي ــة‪ ،‬كم ــا نش ــاهد بوض ــوح ف ــي بغ ــداد‪ ،‬برغ ــم‬ ‫وعــود جميــع الحكومــات منــذ ‪ 2003‬بحــل املشــكلة‪،‬‬ ‫هــذا يفاقــم الضغــط علــى شــبكات امليــاه والصــرف‬ ‫الصح ــي والكهرب ــاء والط ــرق‪.‬‬ ‫كم ــا ي ــزداد الطل ــب عل ــى املي ــاه بش ــكل كبي ــر‬ ‫لالس ــتعمال املنزل ــي والصناع ــي والزراع ــي‪ ،‬ومخاط ــر‬ ‫ذل ــك تتواص ــل ف ــي ظ ــل م ــا تعاني ــه بغ ــداد والع ـراق‬ ‫عموم ــا م ــن ش ــحة متزاي ــدة ف ــي املي ــاه بس ــبب‬ ‫تراج ــع مناس ــيب األنه ــار وتأثي ـرات التغي ــر املناخ ــي‬ ‫وسياس ــات دول الج ــوار املائي ــة‪ ،‬و ع ــدم كفاي ــة‬ ‫البني ــة التحتي ــة ملعالج ــة وتوزي ــع املي ــاه يزي ــد م ــن‬ ‫ح ــدة املش ــكلة‪.‬‬ ‫كم ــا تواج ــه بغ ــداد تحدي ــات كبي ــرة ف ــي إدارة مي ــاه‬ ‫الص ــرف الصح ــي‪ ،‬اذ أن كثي ـرا م ــن الش ــبكات‬ ‫قديمــة وغيــر كافيــة الســتيعاب الكميــات املتزايــدة‪،‬‬

‫مم ــا ي ــؤدي إل ــى تل ــوث املي ــاه الجوفي ــة والبيئ ــة‪.‬‬ ‫و يشــكل توفيــر الطاقــة الكهربائيــة تحديــا مســتمرا‬ ‫ف ــي الع ـراق‪ ،‬ويتفاق ــم الوض ــع ف ــي بغ ــداد بس ــبب‬ ‫االس ــتهالك العال ــي النات ــج ع ــن الكثاف ــة الس ــكانية؛‬ ‫يــؤدي االنقطــاع املتكــرر للكهربــاء إلــى االعتمــاد علــى‬ ‫مول ــدات الش ــارع و املول ــدات الخاص ــة‪ ،‬مم ــا يزي ــد‬ ‫م ــن التل ــوث البيئ ــي وتكالي ــف املعيش ــة‪.‬‬ ‫وايض ــا يب ــرز االزدح ــام امل ــروري الخان ــق ف ــي بغ ــداد‬ ‫نتيج ــة اعتيادي ــة لتزاي ــد ع ــدد الس ــكان واملركب ــات‬ ‫وعــدم كفايــة شــبكة الطــرق ووســائل النقــل العــام‪،‬‬ ‫برغ ــم انش ــاء مجس ـرات جدي ــدة‪ ،‬ه ــذا ي ــؤدي إل ــى‬ ‫تفاق ــم تل ــوث اله ــواء وإه ــدار الوق ــت والطاق ــة‪.‬‬ ‫وكذلــك ان التزايــد الســكاني‪ ،‬يســتدعي توفيــر مزيــد‬ ‫مــن املرافــق الصحيــة واملــدارس واملــاكات املؤهلــة‪،‬‬ ‫وهــو مــا يمثــل عبئــا إضافيــا علــى املــوارد املحــدودة‬ ‫للدولــة‪.‬‬ ‫لق ــد س ــجلت ف ــي الس ــنوات املاضي ــة وحت ــى اآلن‬ ‫ارتفاع ــات ملحوظ ــة ف ــي مس ــتوى تل ــوث اله ــواء ف ــي‬ ‫العاصم ــة بغ ــداد بش ــكل كبي ــر بس ــبب انبعاث ــات‬ ‫املركبــات واملولــدات الكهربائيــة والصناعــات‪ ،‬يؤثــر‬ ‫ه ــذا س ــلبا عل ــى صح ــة الس ــكان ويزي ــد م ــن انتش ــار‬ ‫األم ـراض التنفس ــية‪.‬‬ ‫و ت ــؤدي ع ــدم كفاي ــة معالج ــة مي ــاه الص ــرف‬ ‫الصحــي والتصريــف الصناعــي غيــر املنظــم وكذلــك‬

‫رم ــي مخلف ــات املستش ــفيات ف ــي االنه ــار‪ ،‬إل ــى تل ــوث‬ ‫مص ــادر املي ــاه الس ــطحية والجوفي ــة‪.‬‬ ‫كم ــا ان التوس ــع الحض ــري عل ــى حس ــاب األرا�ض ــي‬ ‫الزراعي ــة ف ــي بغ ــداد واملحافظ ــات األخ ــرى يقل ــل‬ ‫مــن الرقعــة الزراعيــة املنتجــة ويســهم فــي التصحــر‬ ‫وتده ــور الترب ــة؛ و ي ــؤدي التوس ــع الحض ــري‬ ‫وتده ــور البيئ ــة إل ــى فق ــدان املوائ ــل الطبيعي ــة‬ ‫وتراج ــع التن ــوع البيولوج ــي ف ــي محي ــط بغ ــداد و ف ــي‬ ‫الع ـراق عموم ــا‪.‬‬ ‫و يمث ــل التخل ــص م ــن النفاي ــات الصلب ــة تحدي ــا‬ ‫كبي ـرا ف ــي بغ ــداد وبقي ــة امل ــدن العراقي ــة‪ ،‬اذ أن‬ ‫أنظم ــة الجم ــع واملعالج ــة غي ــر كافي ــة‪ ،‬مم ــا ي ــؤدي‬ ‫إل ــى تراك ــم النفاي ــات وتل ــوث البيئ ــة‪.‬‬ ‫ويتس ــبب النم ــو الس ــكاني الس ــريع‪ ،‬بخاص ــة بي ــن‬ ‫الش ــباب‪ ،‬ف ــي زي ــادة الضغ ــط عل ــى س ــوق العم ــل‬ ‫ال ــذي يعان ــي أص ــا م ــن محدودي ــة الف ــرص‪ ،‬كم ــا‬

‫يــؤدي ارتفــاع تكاليــف املعيشــة‪ ،‬الناتــج جزئيــا عــن‬ ‫الضغ ــط عل ــى امل ــوارد‪ ،‬إل ــى تفاق ــم مش ــكلة الفق ــر‪،‬‬ ‫بخاص ــة ف ــي املناط ــق ذات الكثاف ــة الس ــكانية‬ ‫العالي ــة‪ ،‬و يتطل ــب تلبي ــة احتياج ــات الغ ــذاء‬ ‫املتزاي ــدة م ــع تراج ــع األرا�ض ــي الزراعي ــة وزي ــادة‬ ‫االعتم ــاد عل ــى االس ــتيراد‪ ،‬مم ــا يؤث ــر عل ــى األم ــن‬ ‫الغذا ئ ــي‪.‬‬ ‫و ق ــد ي ــؤدي التوزي ــع غي ــر الع ــادل للم ــوارد‬ ‫والخدم ــات إل ــى تفاق ــم التفاوت ــات االجتماعي ــة بي ــن‬ ‫املناط ــق املتنوع ــة ف ــي بغ ــداد والع ـراق؛ و يمك ــن‬ ‫أن تس ــهم الضغ ــوط االجتماعي ــة واالقتصادي ــة‬ ‫والنفس ــية الناتج ــة ع ــن النم ــو الس ــكاني ف ــي خل ــق‬ ‫بيئ ــة خصب ــة لالضطراب ــات االجتماعي ــة والجريم ــة‬ ‫وادم ــان املخ ــدرات‪.‬‬ ‫تتطلــب إدارة املــوارد بكفــاءة فــي ظــل النمــو الســكاني‬ ‫املتزاي ــد ف ــي بغ ــداد والع ـراق تبن ــي اس ــتراتيجيات‬

‫ش ــاملة ومتكامل ــة تش ــمل التخطي ــط الحض ــري‬ ‫املس ــتدام بوض ــع خط ــط عمراني ــة حديث ــة تراع ــي‬ ‫النمــو الســكاني املســتقبلي‪ ،‬وتضمــن توفيــر البنيــة‬ ‫التحتي ــة والخدم ــات األساس ــية بش ــكل مس ــتدام‪،‬‬ ‫م ــع الحف ــاظ عل ــى األرا�ض ــي الزراعي ــة واملس ــاحات‬ ‫الخض ــر‪.‬‬ ‫وكذلــك تبنــي سياســات رشــيدة الســتعمال امليــاه‪،‬‬ ‫وتحس ــين كف ــاءة ال ــري‪ ،‬ومعالج ــة مي ــاه الص ــرف‬ ‫الصحــي وإعــادة اســتعمالها‪ ،‬والبحــث عــن مصــادر‬ ‫مي ــاه بديل ــة‪ ،‬وتعزي ــز التع ــاون اإلقليم ــي ف ــي إدارة‬ ‫املي ــاه‪.‬‬ ‫ومــن الضــروري ايضــا تقليــل االعتمــاد علــى الوقــود‬ ‫األحف ــوري املل ــوث لله ــواء وتنوي ــع مص ــادر الطاق ــة‬ ‫ع ــن طري ــق االس ــتثمار ف ــي الطاق ــة الشمس ــية‬ ‫والري ــاح وغيره ــا و تطوي ــر أنظم ــة فعال ــة لجم ــع‬ ‫ونق ــل ومعالج ــة وتدوي ــر النفاي ــات‪.‬‬

‫وم ــن الواج ــب كذل ــك‪ ،‬تعزي ــز النق ــل واالس ــتثمار‬ ‫ف ــي ش ــبكات النق ــل الع ــام وتطوي ــر البني ــة التحتي ــة‬ ‫للمش ــاة والدراج ــات للح ــد م ــن االزدح ــام امل ــروري‬ ‫وتل ــوث اله ــواء وزي ــادة الوع ــي بأهمي ــة الحف ــاظ‬ ‫عل ــى امل ــوارد وترش ــيد االس ــتهالك وتبن ــي س ــلوكيات‬ ‫صديق ــة للبيئ ــة؛ كم ــا يج ــب تعزي ــز الحوكم ــة‬ ‫الرش ــيدة ومكافح ــة الفس ــاد و ضم ــان إدارة‬ ‫ش ــفافة وعادل ــة للم ــوارد وتوجي ــه االس ــتثمارات‬ ‫نح ــو املش ــاريع املس ــتدامة‪.‬‬ ‫ومــن اهــم الضــرورات ايضــا‪ ،‬تقليــل االعتماد الكلي‬ ‫علــى النفــط وتطويــر قطاعــات أخــرى لخلــق فــرص‬ ‫عم ــل وتقلي ــل الضغ ــط عل ــى امل ــوارد الطبيعي ــة؛‬ ‫وكذل ــك معالج ــة األس ــباب الجذري ــة للنم ــو‬ ‫الس ــكاني بوس ــاطة برام ــج التنمي ــة االجتماعي ــة‬ ‫واالقتصاديــة‪ ،‬وتحســين فــرص التعليــم والصحــة‬ ‫اإلنجابي ــة‪ ،‬وتمكي ــن امل ـرأة‪.‬‬

‫‪124‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون|آيـار‪-‬مايـو ‪125 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫نسب إنجاز المشاريع‪:‬‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫كثي ــرا م ــا ينش ــر ويعل ــن ف ــي وس ــائل اإلع ــام العر اقي ــة ف ــي‬ ‫ه ــذه امل ــدة‪ ،‬تصريح ــات ملس ــؤولين حكوميي ــن ع ــن نس ــب‬ ‫انج ــاز املش ــاريع‪ .‬واملفارق ــة الت ــي تح ــدث بحس ــب م ــا يقول ــه‬ ‫املر اقبــون‪ ،‬ان نس ــب االنج ــازالت ــي يج ــري التروي ــج له ــا‪ ،‬كثي ــر‬ ‫منهــا متــدن جــدا وال ينبغــي التفاخــربهــا‪ ،‬اال بعــد انجــازالجــزء‬ ‫االعظ ــم م ــن املش ــروع بحس ــب قوله ــم‪.‬‬

‫وعل ــى س ــبيل املث ــال تق ــول املع ــاون الفن ــي‬ ‫ملحافــظ بغــداد هــدى عبــد األميــر فــي تصريــح لهــا‬ ‫ف ــي أي ــار ‪ ،2025‬إن مش ــاريع املج ــاري الخمس ــة‬ ‫الكب ــرى‪ ،‬مش ــروع مج ــاري أب ــو غري ــب‪ ،‬وصل ــت‬ ‫نســبة التنفيــذ فيــه الــى ‪ ،40%‬مشــاريع مجــاري‬ ‫النه ــروان وصل ــت إل ــى ‪ ،8%‬والوح ــدة ‪،20%‬‬ ‫وس ــبع الب ــور ‪ ،5%‬والراش ــدية ‪."6%‬‬ ‫وأرجع ــت املس ــؤولة التف ــاوت ف ــي األرق ــام إل ــى‬ ‫تواج ــد "تج ــاوزات متمثل ــة بوج ــود التصمي ــم‬ ‫كــون التصميــم قديــم منــذ العــام ‪ ،2014‬بالتالي‬ ‫كان هن ــاك تحدي ــث اعتم ــادا عل ــى التغي ـرات‬ ‫الت ــي حصل ــت ف ــي املنطق ــة م ــن حي ــث وج ــود‬ ‫متجاوزي ــن وأراض‪ ،‬وأن ع ــدة نواح ــي دخل ــت‬ ‫عل ــى ه ــذا املوض ــوع"‪ ،‬واضاف ــت س ــببا آخ ــر ال ــى‬ ‫التلكــوء هــو "التلــول األثريــة والتقاطعــات مــع‬

‫تطور حقيقي أم ذر‬ ‫الرماد في العيون؟‬

‫محرم ــات الط ــرق والجس ــور‪ ،‬وش ــبكات م ــاء‬ ‫صاف ــي ت ــم مده ــا قب ــل ه ــذه املش ــاريع أخ ــرت‬ ‫عملي ــة م ــد الخط ــوط الناقل ــة‪ ،‬وت ــم ح ــل ه ــذه‬ ‫املعوقــات مــع الدوائــر املعنيــة"‪ ،‬بحســب قولهــا‪.‬‬ ‫واس ــتنادا لتصريحه ــا‪ ،‬ف ــان الدائ ــرة اضط ــررت‬ ‫إل ــى تحدي ــث التصامي ــم املتواج ــدة وف ــق‬ ‫التغيي ـرات‪ ،‬وزي ــادة الس ــكان الت ــي حدث ــت‬ ‫باملنطق ــة "حت ــى نص ــل ال ــى ال�ش ــيء الصحي ــح‬ ‫ال ــذي يخ ــدم مناطقن ــا‪ ،‬وه ــذا كان يتطل ــب‬ ‫التنس ــيق الع ــام م ــا بي ــن دوائ ــر امل ــاء واملج ــاري‬ ‫وبقي ــة الدوائ ــر بخص ــوص ش ــبكات امل ــاء‬ ‫املنفــذة والتجــاوزات املوجــودة"‪ ،‬مبينــة أن "كل‬ ‫األمــور الفنيــة تــم حلهــا‪ ،‬وحاليــا العمــل انطلــق‪،‬‬ ‫وأن الس ــقوف الزمني ــة لإلنج ــاز بمش ــاريع‬ ‫ومحطــات املعالجــة ومحطــات الرفــع هــي ضمــن‬

‫الفت ـرات املحــددة لهــا‪ ،‬وهــي ســنتان الــى ســنتين‬ ‫ونص ــف الس ــنة"‪.‬‬ ‫وبحس ــب نتائ ــج االبح ــاث املتوف ــرة لدين ــا‬ ‫م ــن تج ــارب عاملي ــة ف ــان اع ــان نس ــب انج ــاز‬ ‫املش ــاريع يع ــد نقط ــة حساس ــة ف ــي تقوي ــم أداء‬ ‫الحكوم ــات وتنفي ــذ املش ــاريع‪ ،‬وتبي ــن تج ــارب‬ ‫البلــدان‪ ،‬ان اإلعــان عــن نســب اإلنجــار ليــس‬ ‫إج ـراء غريب ــا بح ــد ذات ــه‪ ،‬ويس ــتعمل ف ــي دول‬ ‫ع ــدة ح ــول العال ــم‪ ،‬لك ــن طريق ــة اإلع ــان عن ــه‬ ‫وتوقيتــه همــا مــا يثيــر الشــكوك أحيانــا‪ ،‬كمــا ان‬ ‫ال ــدول املتقدم ــة‪ ،‬ال تعل ــن ع ــن نس ــب االنج ــاز‬ ‫وكثي ـرا م ــا تج ــري األعم ــال بصم ــت ال ــى حي ــن‬ ‫الوص ــول ال ــى االنج ــاز الكام ــل بنس ــبة ‪،100%‬‬ ‫وهــذا مــا تفعلــه حتــى دول فــي منطقتنــا بخاصــة‬ ‫ال ــدول الخليجي ــة الت ــي تكث ــر فيه ــا املش ــاريع‬

‫الخدمي ــة وتنبث ــق نتائجه ــا فج ــأة م ــن دون‬ ‫حدي ــث مس ــبق عنه ــا‪ ،‬كم ــا ف ــي انج ــاز قط ــارات‬ ‫االنفــاق "املتــرو"‪ ،‬التــي تتكاثــر لديهــم برغــم قلــة‬ ‫ع ــدد الس ــكان ف ــي تل ــك ال ــدول‪.‬‬ ‫وم ــع ه ــذا ف ــان اإلع ــان ع ــن نس ــب اإلنج ــاز‬ ‫إجـراء متعــارف عليــه ومفيــد فــي ســياق املتابعــة‬ ‫الدوري ــة والش ــفافية‪ ،‬عندم ــا تعل ــن الحكوم ــة‬ ‫بش ــكل منتظ ــم ع ــن نس ــب اإلنج ــاز لش ــتى‬ ‫املش ــاريع‪ ،‬ولك ــن بش ــرط توضي ــح املراح ــل‬ ‫املنج ــزة والتحدي ــات الت ــي تواجهه ــا إلط ــاع‬ ‫الجمه ــور عل ــى س ــير العم ــل‪.‬‬ ‫وبالتحدي ــد‪ ،‬يج ــب أن تك ــون النس ــب املعلن ــة‬ ‫مدعوم ــة ببيان ــات ومعايي ــر واضح ــة لضم ــان‬ ‫الدق ــة والش ــفافية‪ ،‬و يج ــب أن ُتس ــتعمل‬ ‫ه ــذه النس ــب كأداة لتحس ــين إدارة املش ــاريع‬

‫وزيــادة املســاءلة‪ ،‬وليــس فقــط لتقديــم‬ ‫معلوم ــات عام ــة؛ و ق ــد تختل ــف‬ ‫ممارس ــات اإلع ــان ع ــن نس ــب اإلنج ــاز‬ ‫بي ــن ال ــدول والقطاع ــات‪ ،‬وق ــد تك ــون‬ ‫هن ــاك أس ــاليب أخ ــرى أكث ــر فعالي ــة‬ ‫م ــن اع ــان النس ــب ف ــي كثي ــر م ــن‬ ‫الحــاالت‪ .‬بشــكل عــام‪ ،‬يمكــن أن تكــون‬ ‫نس ــب اإلنج ــاز أداة مفي ــدة إذا ج ــرى‬ ‫اس ــتعمالها بش ــكل صحي ــح وم ــدروس‪.‬‬ ‫وإذا كان ــت نس ــب اإلنج ــاز مرتبط ــة‬ ‫بمؤش ـرات أداء مح ــددة وقابل ــة‬ ‫للقي ــاس‪ ،‬مث ــل إنج ــاز أساس ــات املبن ــى‪،‬‬ ‫أو اع ــان اط ــوال خط ــوط أنابي ــب‬ ‫م ــاء او مج ــاري بط ــول معي ــن‪ ،‬فه ــذا‬ ‫يعط ــي ص ــورة أوض ــح ع ــن التق ــدم‬ ‫الفعل ــي‪ ،‬وليس ــت النس ــبة بح ــد ذاته ــا‬ ‫فه ــي ال تعط ــي تقويم ــا س ــليما بحس ــب‬ ‫ا ملتخصصي ــن ‪.‬‬ ‫وف ــي املقاب ــل عن ــد الوص ــول ال ــى مراح ــل‬ ‫متقدم ــة م ــن املش ــروع‪ ،‬واإلع ــان ع ــن‬ ‫نس ــب إنج ــاز عالي ــة (مث ــا ‪ 70%‬أو‬ ‫‪ 80%‬او حت ــى ‪ )90%‬م ــع تفصي ــات‬ ‫املنج ـزات‪ ،‬ف ــان ذل ــك يعط ــي مؤش ـرا‬ ‫قوي ــا عل ــى ق ــرب انته ــاء املش ــروع‪.‬‬ ‫وبخــاف تلــك الشــروط يمكــن أن يكــون‬ ‫اإلع ــان ع ــن نس ــب اإلنج ــاز مضل ــا أو‬ ‫تبريـرا لإلخفــاق‪ ،‬بحســب املتخصصيــن؛‬ ‫وع ــادة م ــا يح ــدث ه ــذا ف ــي املراح ــل‬ ‫املبك ــرة ج ــدا‪ ،‬باإلع ــان ع ــن نس ــبة‬ ‫إنج ــاز صغي ــرة ج ــدا (مث ــل ‪ 10%‬أو ‪ )15%‬بع ــد‬ ‫مــدة طويلــة مــن بــدء املشــروع فذلــك يشــير إلــى‬ ‫تباط ــؤ أو تلك ــؤ ف ــي التنفي ــذ‪ ،‬ويتوج ــب هن ــا ان‬ ‫تج ــري مس ــاءلة ومحاس ــبة الش ــركات املنف ــذة‪،‬‬ ‫وكذل ــك املش ــرفين االداريي ــن املس ــؤولين ع ــن‬ ‫التنفي ــذ‪ ،‬بس ــبب التلك ــؤ‪.‬‬ ‫ن‬ ‫وإذا ُأعلــن عــن نســبة اإلنجــاز مــن دو تفصيــل‬ ‫للمراح ــل املنج ــزة فعلي ــا‪ ،‬يصب ــح الرق ــم ب ــا‬ ‫معن ــى حقيق ــي وق ــد يس ــتعمل لتجمي ــل ص ــورة‬ ‫بطيئ ــة للتنفي ــذ‪ ،‬او لتنفي ــذ اغ ـراض سياس ــية‬ ‫م ــن املفت ــرض ان تك ــون بعي ــدة ع ــن اه ــداف‬ ‫الخدم ــات املنف ــذة‪.‬‬ ‫وعندم ــا ال يواك ــب اإلع ــان تحس ــن ملم ــوس‬ ‫عل ــى أرض الواق ــع‪ ،‬حي ــن يس ــمع الن ــاس ع ــن‬

‫نس ــب إنج ــاز متزاي ــدة لكنه ــم ال ي ــرون تقدم ــا‬ ‫حقيقيــا فــي املشــروع‪ ،‬فــإن ذلــك يثيــر الشــكوك‬ ‫بش ــأن مصداقي ــة ه ــذه النس ــب‪.‬‬ ‫وإذا كان ــت الحكوم ــة ترك ــز عل ــى إب ـراز نس ــب‬ ‫إنج ــاز ملش ــاريع قليل ــة نس ــبيا فيم ــا تتجاه ــل‬ ‫املش ــاريع املتعث ــرة‪ ،‬فه ــذا يش ــير إل ــى محاول ــة‬ ‫لتغطي ــة اإلخفاق ــات‪.‬‬ ‫وفــي الحالــة العراقيــة تحديــدا‪ ،‬مــع األســف‪ ،‬فــي‬ ‫كثيــر مــن األحيــان‪ ،‬تظهــر اإلعالنــات عــن نســب‬ ‫إنج ــاز املش ــاريع ف ــي البل ــد وكأنه ــا محاول ــة ل ــذر‬ ‫الرمــاد فــي العيــون‪ ،‬قــد تعلــن نســب مئويــة مــن‬ ‫دون تفصي ــل حقيق ــي للعم ــل املنج ــز‪ ،‬أو بع ــد‬ ‫م ــدد طويل ــة ج ــدا م ــن ب ــدء املش ــروع‪ ،‬او حت ــى‬ ‫بعــد احيــاء مشــاريع ميتــة جــرى رد االعتبــار لهــا‬ ‫بنس ــبة انج ــاز متواضع ــة‪ ،‬مم ــا يجعله ــا تظه ــر‬ ‫كتس ــويغ للتأخي ــر وع ــدم الكف ــاءة ف ــي التنفي ــذ‪.‬‬ ‫وخالص ــة الق ــول ان اإلع ــان ع ــن نس ــب‬ ‫إنج ــاز املش ــاريع لي ــس خط ــأ بح ــد ذات ــه‪ ،‬ب ــل‬ ‫ه ــو أداة مهم ــة للش ــفافية واملس ــاءلة إذا‬ ‫اس ــتعملت بش ــكل صحي ــح وش ــفاف؛ لك ــن ف ــي‬ ‫الس ــياق العراق ــي الحال ــي‪ ،‬وم ــع كث ــرة التأخي ـرات‬ ‫واإلخفاق ــات ف ــي تنفي ــذ املش ــاريع‪ ،‬ف ــإن اإلع ــان‬ ‫ع ــن نس ــب إنج ــاز متدني ــة ف ــي مراح ــل متأخ ــرة‬ ‫م ــن عم ــر املش ــروع‪ ،‬أو م ــن دون تفاصي ــل‬ ‫واضح ــة‪ ،‬يثي ــر الش ــكوك ويحتم ــل أن يك ــون‬ ‫محاولــة لتبريــر اإلخفــاق أكثــر مــن كونــه مؤشـرا‬ ‫حقيقي ــا عل ــى التق ــدم‪.‬‬ ‫وم ــن املعل ــوم ان مجل ــس ال ــوزراء االتح ــادي‪،‬‬ ‫اقــر فــي جلســته الثانيــة والثالثيــن برئاســة رئيــس‬ ‫مجل ــس ال ــوزراء محم ــد ش ــياع الس ــوداني‪،‬‬ ‫تكليــف الــوزراء ورؤســاء فــرق اللجــان الفرعيــة‬ ‫لل ــوزارات بتقدي ــم خط ــة عم ــل فوري ــة ملعالج ــة‬ ‫التوقف ــات للمش ــروعات الت ــي تق ــل نس ــبة‬ ‫اإلنج ــاز فيه ــا ع ــن (‪ ،)50%‬وعرضه ــا عل ــى‬ ‫مجلــس الــوزراء‪ ،‬و اســتكمال واســتمرار تزويــد‬ ‫وزارة التخطيــط وفريــق متابعــة تنفيــذ البرنامــج‬ ‫الحكوم ــي‪ ،‬بالبيان ــات املطلوب ــة ملش ــروعات‬ ‫وخط ــط البرنام ــج‪ ،‬بحس ــب كل وزارة‪ ،‬وفق ـ ًـا‬ ‫لقـرار مجلــس الــوزراء (‪ 24505‬لســنة ‪،)2024‬‬ ‫وبرغــم ذلــك فــان بعــض املســؤولين يتفاخــرون‬ ‫حت ــى اآلن بانج ــاز ‪ 5%‬او ‪ 10%‬او ‪ 8%‬م ــن‬ ‫املش ــاريع املكلفي ــن بتنفيذه ــا‪.‬‬

‫"بغداد وخطارها"‪...‬‬ ‫الشعب العراقي معروف بروحه الساخرة وتفاعله الفريد مع األحداث اليومية‪،‬‬ ‫حيث يجد في التندر وسيلة للتعبري عن الواقع بأسلوب الذع فكاهي‪ .‬ولم تكن‬ ‫القمة العربية التي أقيمت مؤخ ًرا في بغداد استثناءً ‪ ،‬إذ تداول العراقيون‬ ‫بمزنل ال ُيعتنى به إال عند قدوم الضيوف‪ ،‬في إشارة‬ ‫بسخرية مقارنة العاصمة‬ ‫ٍ‬

‫إلى الجهود المكثفة التي تبذلها المؤسسات الرسمية لتحسني مظهر المدينة‬ ‫عند استضافة حدثا عربيا أو إقليميا إلظهارها بأفضل مظهر ممكن‪..‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مؤلما‪ ،‬حيث يتم توجيه االهتمام نحو المناطق‬ ‫واقعا‬ ‫هذه السخرية تعكس‬ ‫الراقية واولها "شارع المطار" ‪ ،‬فيما تعاني األحياء الشعبية وأطراف بغداد من‬ ‫اإلهمال المستمر‪ .‬هذا التفاوت بني الصورة المقدمة للزوار وحقيقة الحياة‬ ‫اليومية لسكان المدينة يثري التساؤالت حول استدامة هذه الجهود‪ ،‬اذ يبدو ان‬ ‫االولوية لما يراه "الخطار"‪ ،‬أما باقي المناطق فال بأس من نسيانها مادامت‬ ‫بعيدة عن العيون !‪..‬‬

‫مدير التحرير‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫مجلة شهرية تصدر عن مؤسسة شفق‬

‫صاحب االمتياز‬

‫مؤسسة الثقافة واالعالم للكورد الفيليين‬

‫ده‌زگاى رۆشنبیرى و راگه‌یاندنى كوردى فه‌یلى‬ ‫&‪SHAFAQ FOUNDATION OF CULTURE‬‬ ‫‪MEDIA FOR FAILI KURD‬‬ ‫العدد ‪ 257‬السنة الحادية والعشرون ‪ -‬آيار ‪ /‬مايو ‪2025‬‬