العـدد "مـئتـــان وتسعة وخمسون" من مجلة فيلي

‫مجلة شهرية تصدر عن مؤسسة شفق الثقافة واالعالم للكورد الفيليين‬

‫‪SHAFAQ FOUNDATION OF CULTURE & MEDIA FOR FAILI KURD‬‬

‫‪www.shafaq.com‬‬

‫‪259‬‬

‫السنـة الحادية والعشــرون‬ ‫تمـــوز ‪ /‬يوليـــو ‪2025‬‬

‫نيجريفان بارزاني‬

‫عراب الحلول‬

‫حني تغلق‬ ‫االبواب‬

‫الفيليون وكوتا البرلمان ‪ ..‬مقعد يتيم تتنازعه األحزاب‬

‫‪ 55‬ألف حريق خالل ‪ 3‬سنوات تغلق بـقضاء وقدر‬ ‫بريق اإلعالنات وواقع الفقر‪ ..‬وهم القروض‬

‫كلمــــة العدد‬ ‫عرض لـ‪ 13‬مرة متُ فيها‪..‬‬

‫مجموعة قصصية بنكهة فيليةالطغيان ‪12‬‬ ‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫‪18‬‬

‫اقرأ في العدد ايض ًا‬

‫كوردستان بال مشكالت‪ ..‬وبغداد بال حروب!‬

‫من السويداء إلى كركوك‪..‬الدروز‬ ‫والكاكائية طائفتان توحدهما األسرار‬ ‫والمزارات والشوارب‬

‫الشباب العراقي يلجأ إلى‪..‬‬ ‫الخطة ‪B‬‬ ‫مجلة شهرية تصدر عن مؤسسة شفق‬

‫‪54‬‬

‫الزواج المختلط‪ :‬تداعيات اجتماعية واقتصادية وإقليمية ‪72‬‬

‫صاحب االمتياز‬

‫مؤسسة الثقافة واالعالم للكورد الفيليين‬

‫ده‌زگاى رۆشنبیرى و راگه‌یاندنى كوردى فه‌یلى‬ ‫&‪SHAFAQ FOUNDATION OF CULTURE‬‬ ‫‪MEDIA FOR FAILI KURD‬‬

‫‪259‬‬

‫السـنـة الحادية والعشــــرون‬ ‫تمـــوز ‪ /‬يوليـــو ‪2025‬‬

‫أســرة التحرير‬ ‫رئيس التحرير‬

‫علي حسين فيلي‬

‫‪86‬‬

‫‪ 3‬ماليين وحدة ناقصة و‪ %65‬من المشاريع متعثرة‬

‫‪info@shafaaq.com‬‬

‫مدير التحرير‬

‫علي حسين علي‬ ‫سكرتير التحرير‬

‫صادق االزرقي‬

‫مفارقة الدينار العراقي ‪ ..‬قوة وهمية وأسعار ال تنزل‬

‫هيئة التحرير‬

‫محمد جمال‬ ‫ياسر عماد‬ ‫ماجد محمد صالحان‬ ‫سندس ميرزا‬ ‫صورة الغالف‪:‬‬ ‫زياد متي‬

‫‪website: www.shafaq.com‬‬

‫التصميم الفني‬

‫ايمان حبيب علي‬ ‫رقم االعتماد في نقابة الصحفيين العراقيين ‪2016‬‬ ‫رقم االيداع في دار الكتب والوثائق ‪ 796‬في ‪2004‬‬

‫‪112‬‬

‫من اليورانيوم إلى التصحر‪..‬‬ ‫كيف صنعت الحروب األجواء الالهبة؟‬

‫‪90‬‬

‫كوردستان بال مشكالت‪ ..‬وبغداد بال حروب!‬ ‫ُيق ــال إن الح ــروب ال تندل ــع ملج ــرد تكدي ــس األس ــلحة‪ ،‬ب ــل تب ــدأ حي ــن‬ ‫يعتق ــد املعت ــدي أن ــه ق ــادر عل ــى إح ـراز نص ــر بتكلف ــة زهي ــدة‪.‬‬ ‫فــي بغــداد‪ ،‬اعتــاد أصحــاب الســلطة علــى شــرط مســبق واحــد‪ :‬يجــب أن‬ ‫ن‬ ‫اف سياســية‬ ‫يكــو إقليــم كوردســتان ضعيفـ ًـا! فمنــذ زمــن‪ ،‬تنشــط أطـر ٌ‬ ‫ـرددة أن اإلقلي ــم عل ــى ش ــفا االنهي ــار‪:‬‬ ‫معادي ــة ف ــي إش ــعال ن ــار الفت ــن‪ ،‬م ـ ً‬ ‫اقتص ــاده مش ــلول‪ ،‬مجتمع ــه منقس ــم‪ ،‬سياس ــاته عبثي ــة‪ ،‬وأمن ــه ف ــي‬ ‫وزوال‬ ‫تده ــور مس ــتمر‪ .‬وكأن كل ذل ــك مقدم ــة لنص ـ ٍـر س ــريع لبغ ــداد‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫لإلقلي ــم!‬ ‫ُ‬ ‫لكــن‪ ،‬وكمــا يقــال‪ ،‬ليســت كل الحــروب تبــدأ بانفجــارات؛ فقبــل إطــاق‬ ‫الرصاصــة األولــى‪ُ ،‬تختلــق روايــة‪ .‬وهــذه الروايــة راســخة فــي أذهــان قــوى‬ ‫فــي بغــداد‪ .‬فــي املقابــل‪ ،‬تقــول كوردســتان بوضــوح‪ :‬ال نريــد مشــكالت وال‬ ‫مع ــارك جانبي ــة! لك ــن بغ ــداد تب ــدو مص ــرة عل ــى تحقي ــق نص ــر س ــريع‪،‬‬ ‫زهيــد الكلفــة‪ ،‬ومدمــر فــي آثــاره علــى اإلقليــم وحقــوق ســكانه‪.‬‬ ‫ورغ ــم كل ذل ــك‪ ،‬م ــا ح ــدث حت ــى اآلن ل ــم يك ــن ف ــي حس ــبان أح ــد؛ فق ــد‬ ‫بق ــي س ــكان اإلقلي ــم صامدي ــن‪ .‬حت ــى أولئ ــك الذي ــن يعيش ــون ف ــي ظ ــل‬ ‫ّ‬ ‫الي ــأس م ــا زال ــوا متمس ــكين بحقه ــم ف ــي األرض والوط ــن‪ .‬وه ــذه ه ــي‬ ‫النقط ــة الجوهري ــة الت ــي تس ــتوجب م ــن بغ ــداد أن تراج ــع موقفه ــا‪.‬‬ ‫متنف ــذة ف ــي بغ ــداد‪ .‬وإذا كان‬ ‫ال ي ـزال مصي ــر املش ــكالت ف ــي ي ــد أط ـر ٍ‬ ‫اف ّ‬ ‫هن ــاك تص ــور ب ــأن كوردس ــتان غارق ــة ف ــي صراع ــات داخلي ــة‪ ،‬وأن‬ ‫سياس ــييها مت ــرددون ويعان ــون م ــن انع ــدام الق ـرار‪ ،‬ف ــإن م ــن يعي ــش‬ ‫خ ــارج اإلقلي ــم لي ــس ف ــي ح ـ ٍـال أفض ــل‪ .‬فم ــع اس ــتمرار السياس ــات‬ ‫املركزي ــة املتخبط ــة‪ ،‬وتجاه ــل بع ــض األط ـراف للمطال ــب‪ ،‬ل ــم يع ــد‬ ‫ـدا محتم ـ ًـا فحس ــب‪ ،‬ب ــل خي ــا ًرا واقعي ـ ًـا‪.‬‬ ‫خط ــر اس ــتمرار األزم ــات تهدي ـ ً‬ ‫فم ــا ه ــو الخي ــار املط ــروح الي ــوم أم ــام الطرفي ــن‪ ،‬ه ــل ه ــو التفاه ــم‪،‬‬ ‫أم الدخ ــول ف ــي جول ــة جدي ــدة م ــن "ح ــرب القان ــون"‪ ،‬وح ــرب الق ــوت‪،‬‬ ‫والحق ــوق الدس ــتورية‪ ،‬وربم ــا الس ــعي إللغ ــاء اإلقلي ــم نفس ــه؟‬ ‫ورغ ــم كل ه ــذه التحدي ــات‪ ،‬أثب ــت س ــكان إقلي ــم كوردس ــتان أنه ــم‬ ‫يتوحــدون فــي لحظــات الخطــر‪ ،‬وأنهــم ال يقعــون فــي أســر األوهــام‪ .‬إنهــم‬ ‫ـدا للدفــاع عــن حقوقهــم‪.‬‬ ‫يتجــاوزون أخطــاء املا�ضــي ويقفــون صفـ ًـا واحـ ً‬ ‫وفــي ظــل هــذه الحقائــق‪ ،‬ينبغــي لقــوى بغــداد املتنفــذة أن ُتــدرك أن هــذا‬ ‫الش ــعب‪ ،‬وثقافت ــه‪ ،‬ووعي ــه‪ ،‬ليس ــت أهداف ـ ًـا س ــهلة لالنكس ــار يمك ــن‬ ‫إخضاعه ــا‪.‬‬ ‫وباالســتناد إلــى املعطيــات الداخليــة‪ ،‬يجــب أن ننتقــل مــن ردود األفعــال‬ ‫إل ــى صناع ــة واق ــع ملم ــوس‪ .‬ينبغ ــي أن نرس ــم ص ــورة قوي ــة وحقيقي ــة‬ ‫ٍ‬ ‫إلقليــم كوردســتان‪ ،‬تبــدأ مــن روايــة وطنيــة ُتبنــى علــى الوحــدة الفعليــة‪،‬‬ ‫واإلصــاح باســم الشــعب‪ ،‬بهــدف إيصــال رســالة واضحــة‪ :‬إن سياســة‬ ‫ّ‬ ‫اإلخضــاع تجــاه كوردســتان محكـ ٌ‬ ‫ـوم عليهــا بالفشــل‪.‬‬ ‫أخيـ ًرا‪ ،‬وكمــا بــدأت األزمــة بيــن بغــداد وأربيــل بروايــة‪ ،‬فــإن الحــل أيضـ ًـا‬ ‫يج ــب أن يب ــدأ برواي ــة‪ .‬رواي ـ ُـة ع ـر ِاق الي ــوم يج ــب أن ُتكت ــب بالص ــدق‪،‬‬ ‫ال باألوه ــام؛ ألن وه ــم النص ــر الس ــهل والرخي ــص ل ــم يجل ــب س ــوى‬ ‫ّ‬ ‫الخ ـراب‪ ،‬والت ــآكل ف ــي الثق ــة والش ـراكة‪.‬‬

‫رئيس التحرير‬

‫‪4‬‬

‫كـــــــــــــــورديات‬ ‫‪KURDISH‬‬

‫بين العواصم األربع نيجيرفان بارزاني‪..‬‬

‫عـــ ّراب الحــلــول حني ُتغلــق األبـــواب‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪2025‬‬

‫‪5‬‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫ف ــي لحظ ــات االنس ــداد السيا�س ــي‪،‬‬ ‫حي ــث تتقاط ــع األزم ــات اإلقليمي ــة‬ ‫م ــع تعقي ــدات الداخ ــل‪ ،‬يب ــرز‬ ‫نيجيرف ــان بارزان ــي‪ ،‬رئي ــس إقلي ــم‬ ‫كوردس ــتان‪ ،‬كأح ــد األص ــوات‬ ‫القليلــة الحاضــرة فــي غــرف القــرار‪.‬‬ ‫وعل ــى م ــدى أكث ــر م ــن عقدي ــن‪،‬‬ ‫راك ــم حض ــوره به ــدوء‪ ،‬م ــن خ ــال‬ ‫محادث ــات خل ــف األب ــواب املغلق ــة‪،‬‬ ‫ولقــاءات معقــدة لــم يكــن ُيتوقــع لهــا أن‬ ‫تنج ــح‪ ،‬لكنه ــا ً‬ ‫غالب ــا م ــا أثم ــرت تس ــويات‬ ‫حسا س ــة ‪.‬‬

‫هــذا الــدور لــم يكــن معــزوًاًل عــن التحديــات؛ إذ واجــه فــي كل‬ ‫اجعــا فــي الثقــة باملؤسســات‪،‬‬ ‫محطــة‬ ‫ضغوطــا داخليــة‪ ،‬وتر ً‬ ‫ً‬ ‫دائم ــا ف ــي العالق ــة م ــع بغ ــداد‪ ،‬فض ـ ًـا ع ــن‬ ‫واخت ـ ً‬ ‫ـااًل ً‬ ‫اضطراب ــات الج ــوار اإلقليم ــي‪ .‬وق ــد دفع ــه ذل ــك إل ــى‬ ‫البحــث الدائــم عــن تــوازن صعــب بيــن ضــرورة اإلصــاح‬ ‫الداخل ــي‪ ،‬والحف ــاظ عل ــى موقع ــه الخارج ــي كفاع ــل‬ ‫موث ــوق ب ــه بي ــن الق ــوى املتعارض ــة‪.‬‬ ‫ف ــي أكث ــر م ــن مناس ــبة‪ ،‬عب ــر نيجيرف ــان بارزان ــي‬ ‫ّ‬ ‫بوض ــوح ع ــن قناعت ــه مث ـ ًـا ب ــأن اتخ ــاذ موق ــف‬ ‫عدائ ــي دائ ــم م ــن بغ ــداد ال يخ ــدم مصلح ــة‬ ‫كوردس ــتان‪ .‬ه ــو ي ــدرك أن الخصوم ــة م ــع‬ ‫الحكوم ــة االتحادي ــة‪ ،‬أو م ــع دول الج ــوار‪ ،‬ل ــم‬ ‫يومــا سـ ًـببا فــي بنــاء مصيــر مســتقر للشــعب‬ ‫تكــن ً‬

‫الكــوردي‪ ،‬بــل ً‬ ‫غالبــا مــا ّ‬ ‫تحولــت إلــى قيــد جديــد يربــط الحاضــر‬ ‫باملا�ض ــي‪ ،‬ويمن ــع الخ ــروج م ــن دوائ ــر األزم ــات‪.‬‬ ‫ه ــذا الفه ــم ال ُيترج ــم بش ــعارات‪ ،‬ب ــل بحض ــور سيا�س ــي قائ ــم‬ ‫عل ــى خف ــض التوت ــر ال تصعي ــده‪ .‬وف ــي ملف ــات ش ــائكة مث ــل‬ ‫النفــط والرواتــب واملناطــق املتنــازع عليهــا‪ ،‬حــرص بارزانــي علــى‬ ‫ّأاّل يتحـ ّـول الخــاف إلــى خصومــة‪ ،‬وال الخصومــة إلــى قطيعــة‪.‬‬ ‫دائمــا‪ ،‬وفــي‬ ‫رهقــا ال‬ ‫ـريكا ُم ً‬ ‫إنهــا مقاربــة تــرى فــي بغــداد شـ ً‬ ‫خصمــا ً‬ ‫ً‬ ‫الجــوار اإلقليمــي معــادالت ال بــد مــن إدارتهــا‪ ،‬ال كســرها‪.‬‬ ‫وسيط في عملية السالم التركية ‪ -‬الكوردية‬ ‫ـددا‬ ‫قب ــل س ــنوات م ــن أن تب ــدأ وس ــائل اإلع ــام بالحدي ــث مج ـ ً‬ ‫عــن احتمــال إحيــاء عمليــة الســام بيــن تركيــا وحــزب العمــال‬ ‫دور‬ ‫الكوردس ــتاني‪ ،‬كان بارزان ــي ق ــد ب ــدأ بالفع ــل بتأدي ــة ٍ‬ ‫ه ــادئ ف ــي تقري ــب وجه ــات النظ ــر‪ .‬وم ــع مطل ــع الع ــام ‪،2022‬‬

‫‪6‬‬

‫كـــــــــــــــورديات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪2025‬‬

‫‪KURDISH‬‬

‫‪7‬‬

‫بين العواصم األربع نيجيرفان بارزاني‪ ..‬عرّاب الحلول حين تُغلق األبواب‬

‫علي فيلي‪ " :‬حضوره‬ ‫السياسي مستمد من‬ ‫قدرته على التحرك في‬ ‫الظل‪ ،‬وبناء عالقات طويلة‬ ‫األمد مع قوى إقليمية‬ ‫ودولية‪ .‬إحدى أبرز بصماته‬ ‫تحول أربيل من‬ ‫تج ّلت في‬ ‫ّ‬ ‫مدينة تتعافى من الحروب‪،‬‬ ‫إلى مركز سياسي وسياحي‬ ‫واقتصادي فاعل في اإلقليم‬ ‫والمنطقة‪...".‬‬

‫وم ــع تصاع ــد الحدي ــث ع ــن انس ــحاب جن ــاح‬ ‫ح ــزب العم ــال م ــن الس ــاحة املس ــلحة‪ ،‬ب ــرزت‬ ‫معلوم ــات ع ــن دور مفصل ــي أداه رئي ــس إقلي ــم‬ ‫كوردســتان فــي احتضــان مفاوضــات غيــر معلنــة‬ ‫بي ــن ممثلي ــن أت ـراك وك ــورد ف ــي أربي ــل‪.‬‬ ‫بحســب دبلوماســيين مطلعيــن ملجلــة «فيلــي»‪،‬‬ ‫اســتضاف بارزانــي جــوالت محادثــات حساســة‪،‬‬ ‫حــاول فيهــا إقنــاع حــزب العمــال بــأن الســاح لــم‬ ‫يع ــد أداة مقنع ــة‪ ،‬وب ــأن م ــن مصلح ــة الش ــعب‬ ‫الكــوردي فــي تركيــا خــوض معركــة الحقــوق مــن‬ ‫داخــل النظــام ال مــن خارجــه‪.‬‬ ‫ه ــذه الجه ــود تكلل ــت مؤخ ـ ًرا بالنج ــاح‪ ،‬عندم ــا‬

‫أعل ــن ف ــي أي ــار املا�ض ــي‪ ،‬الجن ــاح املس ــلح لح ــزب‬ ‫العم ــال ح ــل نفس ــه‪ ،‬ف ــي خط ــوة ُوصف ــت‬ ‫ّ‬ ‫بالتاريخي ــة‪ .‬وق ــد ُنق ــل ع ــن مص ــادر كوردي ــة‬ ‫تركي ــة أن ه ــذه الخط ــوة ل ــم تك ــن لتح ــدث‬ ‫دون "ضمان ــات أخالقي ــة وسياس ــية" أدى فيه ــا‬ ‫ً‬ ‫نيجيرف ــان بارزان ــي ً‬ ‫مركزي ــا‪.‬‬ ‫دورا‬ ‫ـيطا‪ .‬لق ــد كان الضمان ــة"‪،‬‬ ‫"ل ــم يك ــن فق ــط وس ـ ً‬ ‫هك ــذا وصف ــه مس ــؤول ك ــوردي تركــي س ــابق‬ ‫ش ــارك ف ــي محادث ــات س ــابقة‪.‬‬ ‫امللغمة‬ ‫العقد‬ ‫في بغداد وأربيل‪ ..‬تفكيك‬ ‫ّ‬ ‫بعــد انتخابــات ‪ 2021‬العراقيــة‪ ،‬دخلــت البــاد‬

‫فــي فـراغ دســتوري وشــلل سيا�ســي اســتمر أكثــر‬ ‫مــن عــام‪ .‬الجميــع تحـ ّـدث‪ ،‬الجميــع صــرخ‪ ،‬لكـ ّـن‬ ‫م ــن تح ـ ّـرك فعل ـ ّـي كان نيجيرف ــان بارزان ــي‪ .‬فف ــي‬ ‫لحظــة نــادرة‪ ،‬ظهــر إلــى جانــب الزعيــم الشــيعي‬ ‫مقت ــدى الص ــدر ورئي ــس البرمل ــان محم ــد‬ ‫الحلبو�ســي فــي مدينــة النجــف‪ ،‬فيمــا بــدا وكأنــه‬ ‫محاول ــة أخي ــرة ل ــوالدة حكوم ــة عراقي ــة م ــن‬ ‫رح ــم انقس ــام ووالءات متصارع ــة‪.‬‬ ‫ـؤد مباش ــرة إل ــى‬ ‫ورغ ــم أن تل ــك املحاول ــة ل ــم ت ـ ِ‬ ‫ز‬ ‫تش ــكيل الحكوم ــة‪ ،‬إال أن تدخ ــل بار ان ــي‬ ‫بحس ــب مس ــؤولين ف ــي بغ ــداد من ــع انهي ــار‬ ‫التفاهم ــات الهش ــة‪ ،‬وخل ــق قاع ــدة للتف ــاوض‬

‫الحق ــا‪ ،‬توج ــت ب ــوالدة الحكوم ــة الحالي ــة ف ــي‬ ‫ً‬ ‫أواخ ــر ‪.2022‬‬ ‫حتــى القــوى اإلقليميــة التــي اعتــادت اســتخدام‬ ‫الع ـراق كس ــاحة تصفي ــة حس ــابات‪ ،‬ب ــدأت‬ ‫تنظ ــر إل ــى نيجيرف ــان بوصف ــه الرج ــل ال ــذي‬ ‫يمك ــن الوث ــوق ب ــه حي ــن تغي ــب الثق ــة‪.‬‬ ‫وم ــع ب ــدء الع ــام ‪ ،2025‬تج ــددت األزم ــة بي ــن‬ ‫أربي ــل وبغ ــداد‪ ،‬وه ــذه امل ــرة كان ــت روات ــب‬ ‫املوظفي ــن ف ــي اإلقلي ــم ه ــي الش ـرارة‪ .‬تفج ــرت‬ ‫التوت ـرات‪ ،‬وتل ـ ّـوح ق ــوى كوردي ــة باالنس ــحاب‬ ‫ـداًل م ــن‬ ‫م ــن الحكوم ــة االتحادي ــة‪ .‬لك ــن ب ـ ً‬ ‫مج ــاراة التصعي ــد‪ ،‬حم ــل نيجيرف ــان بارزان ــي‬

‫ّ‬ ‫وتوج ــه بنفس ــه إل ــى بغ ــداد‪،‬‬ ‫مل ــف األزم ــة‬ ‫حام ـ ًـا أجن ــدة تف ــاوض تض ــم خمس ــة ملف ــات‬ ‫حساســة‪ ،‬أبرزهــا صــادرات النفــط‪ ،‬واملوازنــة‪،‬‬ ‫واملناط ــق املتن ــازع عليه ــا‪.‬‬ ‫ف ــي واح ــدة م ــن أط ــول الجلس ــات الت ــي ش ــهدها‬ ‫تحالــف إدارة الدولــة‪ ،‬جلــس بارزانــي إلــى جانــب‬ ‫رئيــس مجلــس الــوزراء محمــد شــياع الســوداني‬ ‫ً‬ ‫مطالبــا بإيجــاد حــل‬ ‫وزعمــاء القــوى الشــيعية‪،‬‬ ‫دائ ــم ولي ــس "مس ــكنات سياس ــية مؤقت ــة"‪.‬‬ ‫وق ــال ألح ــد الزعم ــاء الش ــيعة‪ ،‬وف ــق مص ــدر‬ ‫مطلــع‪" ،‬أنتــم ال تريــدون انفصــال كوردســتان؟‬ ‫ًإذا امنحون ــا س ـ ًـببا للبق ــاء"‪.‬‬

‫ويؤكــد املتحــدث باســم رئاســة اإلقليــم دلشــاد‬ ‫ش ــهاب ملجل ــة «فيل ــي»‪ :‬أن "رئي ــس إقلي ــم‬ ‫كوردســتان يعتقــد أن طريــق الحــوار والتفاهــم‬ ‫هــو الســبيل األمثــل لحــل الخالفــات‪ ،‬وهــذا مــا‬ ‫ّ‬ ‫ّأك ــد علي ــه الرئي ــس بارزان ــي خ ــال ع ــدة زي ــارات‬ ‫س ــابقة التق ــى فيه ــا ش ــخصيات حكومي ــة‬ ‫وحزبي ــة ف ــي بغ ــداد‪ .‬ه ــذا النه ــج ينطب ــق عل ــى‬ ‫جمي ــع امللف ــات العالق ــة‪ ،‬بم ــا يضم ــن االلت ـزام‬ ‫بالدس ــتور وحماي ــة حق ــوق املواطن ــة"‪.‬‬ ‫هوية ال ُتختزل‬ ‫يق ــول عض ــو برمل ــان كوردس ــتان الس ــابق عل ــي‬ ‫حســين فيلــي‪ ،‬الــذي رافــق بارزانــي فــي محطــات‬ ‫متع ــددة‪ :‬إن "الرئي ــس نيجيرف ــان بارزان ــي لي ــس‬ ‫مــن السياســيين الذيــن ُيختصــرون فــي معســكر‬ ‫أو ي َ‬ ‫عرف ــون بمواق ــف ِصدامي ــة‪ .‬خطاب ــه‬ ‫ُ‬ ‫البراغمات ــي‪ ،‬وس ــلوكه املت ــوازن‪ ،‬جعل ــه أق ــرب‬ ‫إلــى "الرجــل الجســور" منــه إلــى زعيــم الجبهــات‪.‬‬ ‫مكنت ــه م ــن تأدي ــة أدوار‬ ‫حاف ــظ عل ــى مس ــافة ّ‬ ‫ـددة دون أن يفق ــد ثقل ــه السيا�س ــي أم ــام‬ ‫متع ـ ٍ‬ ‫أي ط ــرف"‪.‬‬ ‫ويضي ــف‪" :‬رغ ــم أن ــه ال يمتل ــك الكاريزم ــا‬ ‫الخطابيــة الصاخبــة‪ ،‬فــإن حضــوره السيا�ســي‬ ‫مس ــتمد م ــن قدرت ــه عل ــى التح ــرك ف ــي الظ ــل‪،‬‬ ‫وبن ــاء عالقــات طويل ــة األم ــد م ــع ق ــوى إقليمي ــة‬ ‫تجلــت فــي تحـ ّـول‬ ‫ودوليــة‪ .‬إحــدى أبــرز بصماتــه ّ‬ ‫أربيــل مــن مدينــة تتعافــى مــن الحــروب‪ ،‬إلى مركز‬ ‫سيا�ســي وســياحي واقتصــادي فاعــل فــي اإلقليــم‬ ‫واملنطق ــة‪ .‬فق ــد تط ــورت بنيته ــا التحتي ــة‪،‬‬ ‫وازده ــر قط ــاع األعم ــال فيه ــا‪ ،‬وأصبح ــت‬ ‫وجه ــة آمن ــة لعق ــد اللق ــاءات الدبلوماس ــية‪،‬‬ ‫واملنتدي ــات الدولي ــة‪ ،‬واملناس ــبات السياس ــية‬ ‫الكبــرى‪ .‬لــم يكــن ذلــك نتيجــة تخطيــط عمرانــي‬ ‫فحس ــب‪ ،‬ب ــل تعبي ـ ًـرا ع ــن مش ــروع أراد ب ــه أن‬ ‫ً‬ ‫نموذج ــا لالس ــتقرار املمك ــن‬ ‫يجع ــل م ــن أربي ــل‬ ‫وس ــط محي ــط يت ــآكل بفع ــل األزم ــات"‪.‬‬ ‫تجنيب اإلقليم صراع اآلخرين‬ ‫ً‬ ‫حي ــن اش ــتعلت املنطق ــة مؤخ ــرا بمواجه ــة‬ ‫مباش ــرة غي ــر مس ــبوقة بي ــن إي ـران وإس ـرائيل‪،‬‬ ‫كانــت املخــاوف أن يســتخدم إقليــم كوردســتان‬ ‫ُ‬ ‫كس ــاحة عب ــور أو رد‪ .‬التقاري ــر اإلس ـرائيلية‬

‫‪8‬‬

‫كـــــــــــــــورديات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪2025‬‬

‫‪KURDISH‬‬

‫‪9‬‬

‫بين العواصم األربع نيجيرفان بارزاني‪ ..‬عرّاب الحلول حين تُغلق األبواب‬

‫تحدث ــت ع ــن اس ــتهداف منش ــآت ف ــي إي ـران‬ ‫انطالقــا مــن الســماء العراقيــة‪ ،‬طهـران بدورهــا‬ ‫ً‬ ‫ه ــددت بقص ــف ملواق ــع ف ــي أربي ــل‪ .‬لك ــن خل ــف‬ ‫الكوالي ــس‪ ،‬كان نيجيرف ــان بارزان ــي يح ـ ّـرك‬ ‫ماكين ــات دبلوماس ــيته‪.‬‬ ‫أغل ــق مط ــار حري ــر العس ــكري بالتنس ــيق م ــع‬ ‫التحال ــف الدول ــي‪ ،‬وش ـ ّـدد اإلج ـراءات األمني ــة‬ ‫عل ــى الح ــدود الش ــرقية‪ ،‬ب ــل وأرس ــل رس ــائل‬ ‫واضح ــة إل ــى فصائ ــل املعارض ــة اإليراني ــة ف ــي‬ ‫كوردس ــتان تطالبه ــا بوق ــف أي نش ــاط ق ــد‬ ‫يس ــتغل ف ــي الص ـراع‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫وف ــي تقري ــر ن ــادر‪ ،‬امتدح ــت وكال ــة تس ــنيم‬ ‫اإليرانيــة املقربــة مــن الحــرس الثــوري خطــوات‬ ‫جنب ــت إي ـران‬ ‫بارزان ــي‪ ،‬معتب ــرة أن "حكمت ــه ّ‬ ‫تصعي ـ ًـدا غي ــر محس ــوب"‪.‬‬ ‫وف ــي ه ــذا الس ــياق‪ ،‬يق ــول ش ــهاب‪" :‬الرئي ــس‬ ‫دائمــا علــى أن مصلحــة‬ ‫نيجيرفــان بارزانــي يؤكــد ً‬ ‫الع ـراق وإقلي ــم كوردس ــتان تكم ــن ف ــي تجن ــب‬ ‫املشــاكل التــي تحصــل فــي املنطقــة‪ ،‬وعــدم جـ ّـر‬ ‫الع ـراق إل ــى ح ــرب تع ــود بالس ــوء عل ــى ش ــعبه‪،‬‬ ‫وبضمن ــه ش ــعب إقلي ــم كوردس ــتان‪ .‬كم ــا‬ ‫ـزءا مــن‬ ‫نعتقــد أن العـراق وكوردســتان ليســا جـ ً‬ ‫الصراع ــات اإلقليمي ــة‪ ،‬ويج ــب الحف ــاظ عل ــى‬

‫هــذه الحياديــة؛ وتكمــن هنــا مصلحتهمــا‪ ،‬وهــذا‬ ‫مــا ُبنــي عليــه تعامــل الرئيــس بارزانــي مــع الحــرب‬ ‫األخي ــرة"‪.‬‬ ‫ال يحــب نيجيرفــان بارزانــي الحديــث إلــى اإلعــام‬ ‫كثي ـ ًـرا‪ ،‬وال يع ــرف عن ــه إط ــاق التصريح ــات‬ ‫ُ‬ ‫الحــادة أو الدخــول فــي جــدل علنــي‪ .‬لكنــه فــي كل‬ ‫مفص ــل سيا�س ــي‪ ،‬يع ــود اس ــمه إل ــى الواجه ــة‪،‬‬ ‫لي ــس كصان ــع ق ـرار فق ــط‪ ،‬ب ــل كـ"صان ــع‬ ‫حل ــول"‪ ،‬أو كم ــا وصف ــه سيا�س ــي عراق ــي ب ــارز‬ ‫ملجل ــة «فيل ــي»‪" :‬رج ــل اإلطف ــاء ال ــذي ال يحم ــل‬ ‫خراطي ــم‪ ،‬ب ــل خرائ ــط طري ــق"‪.‬‬ ‫"دور حاسم" في الساحة السورية‬ ‫ّ‬ ‫ف ــي الوق ــت ال ــذي تتس ــارع في ــه التح ــوالت‬ ‫اإلقليمي ــة‪ ،‬ويب ــدو املش ــهد الس ــوري مرش ـ ًـحا‬ ‫ملزيــد مــن التداخــل بيــن القــوى الفاعلــة‪ ،‬يظهــر‬ ‫وفع ــال ف ــي‬ ‫نيجيرف ــان بارزان ــي كالع ــب ح ــذر ّ‬ ‫آن واح ــد‪ ،‬يح ــاول م ــلء ف ـراغ الوس ــاطة بي ــن‬ ‫أطـراف متخاصمــة يصعــب جمعهــا علــى طاولــة‬ ‫واح ــدة‪.‬‬ ‫تقاريــر غربيــة‪ ،‬بينهــا موقعــا ‪Middle East Eye‬‬ ‫و‪ ،Al Monitor‬كش ــفت ع ــن دور بارزان ــي ف ــي‬ ‫محاول ــة بل ــورة "ح ــل وس ــط" يتعل ــق بمس ــتقبل‬ ‫الك ــورد الس ــوريين‪ ،‬ف ــي لحظ ــة مفصلي ــة تش ــهد‬

‫فيه ــا ق ــوات س ــوريا الديمقراطي ــة (قس ــد)‬ ‫ضغوط ـ ًـا متزاي ــدة م ــن قب ــل النظ ــام الس ــوري‪،‬‬ ‫ـدا لالندم ــاج الكام ــل‬ ‫ال ــذي أمهله ــا ش ــه ًرا واح ـ ً‬ ‫ضم ــن بنيت ــه الجدي ــدة‪.‬‬ ‫لك ــن األه ــم م ــن ذل ــك ه ــو م ــا ورد ف ــي تقري ــر‬ ‫"املونيت ــور" األميركــي ال ــذي رب ــط مباش ــرة بي ــن‬ ‫تح ـ ّـركات بارزان ــي وبي ــن مح ــاوالت التقري ــب بي ــن‬ ‫الرئي ــس التركــي رج ــب طي ــب أردوغ ــان وقائ ــد‬ ‫"قس ــد" مظل ــوم عب ــدي‪ .‬التقري ــر كش ــف أن‬

‫اللقــاء األخيــر الــذي جمــع املبعــوث األمير ـكـي تــوم‬ ‫عمــان فــي ‪ 19‬تموز‪/‬يوليــو كان‬ ‫بـراك بعبــدي فــي ّ‬ ‫أكثــر إيجابيــة مــن لقائهمــا الســابق فــي دمشــق‪،‬‬ ‫بع ــد أح ــداث الس ــويداء‪ ،‬ف ــي مؤش ــر عل ــى تغي ــر‬ ‫ّ‬ ‫م ـزاج دول ــي تج ــاه مطال ــب الك ــورد‪.‬‬ ‫ونق ــل التقري ــر ع ــن مص ــادر قوله ــا إن "الجلي ــد‬ ‫انكســر" وإن لهجــة بـراك كانــت أكثــر ليونــة‪ ،‬مــا‬ ‫ُيفه ــم ف ــي ض ــوء وس ــاطة غي ــر مباش ــرة يقوده ــا‬ ‫بارزان ــي‪.‬‬

‫"في الوقت الذي تتسارع فيه‬ ‫التحوالت اإلقليمية‪ ،‬ويبدو‬ ‫ّ‬ ‫مرشحا لمزيد‬ ‫المشهد السوري‬ ‫ً‬ ‫من التداخل بين القوى الفاعلة‪،‬‬ ‫يظهر نيجيرفان بارزاني كالعب‬ ‫وفعال في آن واحد‪ ،‬يحاول‬ ‫حذر‬ ‫ّ‬ ‫ملء فراغ الوساطة بين أطراف‬ ‫متخاصمة يصعب جمعها على‬ ‫طاولة واحدة‪...".‬‬

‫ـأت م ــن ف ـراغ؛ فالعالق ــة‬ ‫ه ــذه الوس ــاطة ل ــم ت ـ ِ‬ ‫الوثيق ــة الت ــي بناه ــا رئي ــس إقلي ــم كوردس ــتان‬ ‫مكنت ــه م ــن‬ ‫م ــع أردوغ ــان عل ــى م ــدى س ــنوات‪ّ ،‬‬ ‫تأديــة دور غيــر معلــن فــي كبــح جمــاح التصعيــد‬ ‫التر ـكـي علــى شــمال ســوريا‪ ،‬وهــو مــا ُترجــم فعليـ ًـا‬ ‫بتوق ــف العملي ــات العس ــكرية ض ــد "قس ــد"‬ ‫من ــذ كان ــون الثاني‪/‬يناي ــر املا�ض ــي‪.‬‬ ‫تحدث ــت‬ ‫ولع ـ ّـل بارزان ــي‪ ،‬وف ــق مص ــادر مطلع ــة ّ‬ ‫لـ"املونيت ــور"‪ ،‬يح ــاول الي ــوم إقن ــاع واش ــنطن‬

‫ب ــأن الرؤي ــة الس ــورية املركزي ــة الت ــي يدف ــع به ــا‬ ‫الرئي ــس أحم ــد الش ــرع ل ــم تع ــد قابل ــة للحي ــاة‬ ‫ف ــي دول ــة مفكك ــة طائفي ـ ًـا وعرقي ـ ًـا‪ .‬وف ــي مقاب ــل‬ ‫فش ــل مش ــروع الفدرل ــة الكام ــل‪ ،‬يب ــدو أن‬ ‫بارزان ــي ي ـ ّ‬ ‫ـروج ملعادل ــة وس ــطية تق ــوم عل ــى‬ ‫املوس ــعة دون‬ ‫ش ــكل م ــن أش ــكال الالمركزي ــة ّ‬ ‫تس ــمية واضح ــة‪ ،‬محاول ـ ًـة لتجن ــب الص ــدام‬ ‫وتوفيــر مظلــة توافقيــة للكــورد داخــل الخارطــة‬ ‫الس ــورية‪.‬‬ ‫مــا يميــز بارزانــي‪ ،‬وفــق التحليــات‪ ،‬ليــس فقــط‬ ‫انخراط ــه ف ــي ه ــذا املل ــف‪ ،‬ب ــل طريقت ــه املتأني ــة‬ ‫الت ــي تجعل ــه يب ــدو كـ"ح ــارس ت ــوازن إقليم ــي"‪،‬‬ ‫أكثــر مــن كونــه ممثـ ًـا قوميـ ًـا‪ .‬بيــن بغــداد وأنقــرة‬ ‫وطه ـران وواش ــنطن‪ ،‬يح ــرص الرج ــل عل ــى أال‬ ‫ُيحســب علــى طــرف دون اآلخــر‪ ،‬محــاوًاًل إبقــاء‬ ‫إقليــم كوردســتان فــي موقــع الدولــة‪ ،‬ال فــي مهـ ّـب‬ ‫العواص ــف‪.‬‬ ‫وف ــي لحظ ــة ت ــزداد فيه ــا الح ــروب بالوكال ــة‪،‬‬ ‫وتتراج ــع فيه ــا إمكان ــات التس ــوية‪ ،‬يب ــرز كأح ــد‬ ‫القالئ ــل الذي ــن ال ي ـزال بإمكانه ــم الجل ــوس‬ ‫م ــع الجمي ــع‪ ،‬وص ــوغ مس ــاحات رمادي ــة بي ــن‬ ‫الخط ــوط الحم ـراء‪.‬‬

‫فيليــــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫‪10‬‬ ‫وكوتا البرلمان‪..‬‬ ‫الكورد الفيليون‬ ‫‪FAILIES‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪11 2025‬‬

‫مقعد يتيم تتنازعه‬

‫األحزاب وسط مطالب‬

‫بالتمكني‬ ‫فيلي ‪ -‬واسط‪:‬‬

‫"المقعد الواحد ال‬

‫يواجه مقعد "كوتا" الكورد الفيليين في مجلس النواب العراقي‪،‬‬ ‫شكليا"‪ ،‬تدخالت حزبية حتى بات محل‬ ‫"تمثيال‬ ‫الذي يراه البعض‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جدل واسع خاصة بعد تحويله إلى مستوى وطني خارج نطاق‬ ‫محافظة واسط‪ ،‬األمرالذي يثيرمخاوف من استئثارحزب بعينه‬ ‫بهذا املقعد‪ ،‬بحسب مر اقبين‪.‬‬

‫يتناسب مع حجم‬ ‫الكورد الفيليين‬ ‫عدداً وتاريخ ًا‪،‬‬ ‫وأمام حجم ما‬ ‫تعرضوا له من‬ ‫إبادة جماعية‪،‬‬

‫ويطال ــب املراقب ــون بض ــرورة إلغ ــاء تحوي ــل‬ ‫مقع ــد "الكوت ــا" عل ــى مس ــتوى الع ـراق وقص ــره‬ ‫عل ــى محافظ ــة واس ــط‪ ،‬إل ــى جان ــب التمكي ــن‬ ‫الحقيق ــي له ــذا املك ــون م ــن خ ــال زي ــادة‬ ‫ع ــدد املقاع ــد بم ــا يتناس ــب م ــع حج ــم الك ــورد‬ ‫الفيليي ــن‪ ،‬وم ــا تعرض ــوا ل ــه م ــن اضطه ــاد‪.‬‬ ‫ويق ــول السيا�س ــي حي ــدر هش ــام الفيل ــي‪ ،‬إن‬ ‫"للك ــورد الفيليي ــن مقع ــد نياب ــي مخص ــص له ــم‬ ‫ضم ــن نظ ــام الكوت ــا ف ــي محافظ ــة واس ــط‪،‬‬ ‫كتقدي ــر لوجوده ــم التاريخ ــي واالجتماع ــي ف ــي‬ ‫املدين ــة‪ ،‬لك ــن ه ــذا املقع ــد‪ ،‬ال ــذي يفت ــرض أن‬ ‫يعكــس تطلعــات هــذه الشــريحة‪ ،‬أصبــح اليــوم‬ ‫ـكليا‪،‬‬ ‫محــل جــدل واســع بيــن مــن ي ـراه تمثيـ ًـا شـ ً‬ ‫وم ــن يدع ــو لتمكي ــن حقيق ــي له ــذا املك ــون"‪.‬‬ ‫ويوضح الفيلي ملجلة «فيلي»‪ ،‬أن "مقعد الكوتا‬ ‫ّ‬ ‫الفيلي ــة ف ــي واس ــط تأس ــس بح ـراك مجموع ــة‬ ‫مــن الكــورد الفيلييــن وبنـ ًـاء علــى طلبــات مقدمــة‬ ‫للبرمل ــان‪ ،‬اس ــتجابت اللجن ــة القانوني ــة له ــذا‬

‫الطل ــب‪ ،‬ولك ــن ت ــم تحجيم ــه م ــن ثالث ــة مقاع ــد‬ ‫إل ــى مقع ــد واح ــد ألس ــباب سياس ــية"‪.‬‬ ‫ويضي ــف‪ ،‬أن "ه ــذا املقع ــد يعان ــي م ــن غي ــاب‬ ‫الحماي ــة القانوني ــة‪ ،‬بس ــبب ضع ــف إج ـراءات‬ ‫مفوضي ــة االنتخاب ــات‪ ،‬م ــا أدى إل ــى ترش ــح‬ ‫ش ــخصيات م ــن خ ــارج املك ــون الفيل ــي‪ ،‬إضاف ــة‬ ‫إل ــى التدخ ــات واملزاي ــدات الت ــي تس ــهم ف ــي‬ ‫تش ــتيت الص ــوت الفيل ــي"‪ ،‬بحس ــب قول ــه‪.‬‬ ‫ويؤك ــد أن "املقع ــد الواح ــد ال يتناس ــب م ــع‬ ‫ـددا وتاريخ ـ ًـا‪ ،‬وأم ــام‬ ‫حج ــم الك ــورد الفيليي ــن ع ـ ً‬ ‫حجــم مــا تعرضــوا لــه مــن إبــادة جماعيــة‪ ،‬لذلــك‬ ‫علــى البرملــان املقبــل إنصــاف هــذا املكــون املهــم"‪.‬‬ ‫وبه ــذا الس ــياق أيض ـ ًـا‪ ،‬يق ــول عض ــو الهيئ ــة‬ ‫السياس ــية ف ــي تحال ــف "خدم ــات"‪ ،‬رش ــيد‬ ‫البدي ــري‪ ،‬إن "الك ــورد الفيليي ــن تعرض ــوا‬ ‫لالضطهــاد واإلبــادة الجماعيــة والتهجيــر فــي زمــن‬ ‫النظــام البائــد‪ ،‬لذلــك يســتحقون أن يكــون لهــم‬ ‫حق ــوق م ــن خ ــال املؤسس ــات الحكومي ــة منه ــا‬

‫مجلــس النــواب العراقــي ومجالــس املحافظــات"‪.‬‬ ‫ويتاب ــع البدي ــري حديث ــه ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن‬ ‫"كوت ــا الفيليي ــن ف ــي محافظ ــة واس ــط ج ــاءت‬ ‫نتيج ــة ه ــذا الح ــق املكتس ــب واألصي ــل للك ــورد‬ ‫الفيليي ــن‪ ،‬وه ــو ح ــق ال ب ــد أن تحتف ــظ ب ــه‬ ‫محافظ ــة واس ــط‪ ،‬لك ــن م ــع األس ــف ف ــي اآلون ــة‬ ‫األخيــرة جعلــوا مقعــد الكوتــا هــذا علــى املســتوى‬ ‫الوطنــي‪ ،‬األمــر الــذي يثيــر مخــاوف مــن اســتئثار‬ ‫ح ــزب بعين ــه به ــذا املقع ــد"‪.‬‬ ‫ويش ــدد البدي ــري عل ــى ض ــرورة "إلغ ــاء تحوي ــل‬ ‫ّ‬ ‫الفيلي ــة خ ــارج نط ــاق محافظ ــة‬ ‫كوت ــا الك ــورد‬ ‫واس ــط‪ ،‬باعتب ــار أن واس ــط ه ــي امل ــكان األكب ــر‬ ‫الــذي يعيــش فيــه الكــورد الفيليــون موزعيــن فــي‬ ‫مــدن الكــوت والعزيزيــة والحــي وبــدرة وزرباطيــة‬ ‫وجص ــان"‪.‬‬ ‫لك ــن م ــع ه ــذا‪ ،‬يش ــير البدي ــري‪ ،‬إل ــى أن "الك ــورد‬ ‫الفيليي ــن ش ــركاء ف ــي الوط ــن ومش ــاركون ف ــي‬ ‫األح ـزاب السياس ــية وحصل ــوا عل ــى مقاع ــد‬

‫ّ‬ ‫الفيلي ــة‪ ،‬وبإمكانه ــم ممارس ــة‬ ‫خ ــارج الكوت ــا‬ ‫حقهــم الطبيعــي ســواء فــي الجانــب السيا�ســي أو‬ ‫التنفي ــذي‪ ،‬باإلضاف ــة إل ــى مش ــاركتهم الواس ــعة‬ ‫ف ــي االنتخاب ــات"‪.‬‬ ‫وه ــو م ــا يذه ــب إلي ــه أيض ـ ًـا النائ ــب ف ــي البرمل ــان‬ ‫عن محافظة واســط‪ ،‬باســم نغيمش‪ ،‬إذ يقول‬ ‫إن "املقع ــد النياب ــي الواح ــد للك ــورد الفيليي ــن‬ ‫ه ــو لحف ــظ حق ــوق األقلي ــات‪ ،‬لك ــن دخ ــول‬ ‫الفيلييــن إلــى مجلــس النــواب غيــر مقتصــر علــى‬ ‫الكوت ــا‪ ،‬ب ــل هن ــاك مرش ــحين ف ــي قوائ ــم خ ــارج‬ ‫الكوتــا وهــؤالء قــد يصلــون للبرملــان إذا فــازوا فــي‬ ‫االنتخاب ــات"‪.‬‬ ‫ويؤك ــد نغيم ــش ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "الك ــورد‬ ‫الفيليي ــن يعتب ــرون أبن ــاء محافظ ــة واس ــط‬ ‫األصليي ــن ولي ــس أقلي ــة‪ ،‬ولديه ــم تمثي ــل ف ــي‬ ‫املحافظــة‪ ،‬إذ إن مديــري دوائــر بلديــة الكــوت‬ ‫ودوائ ــر ف ــك االرتب ــاط ومكت ــب املحاف ــظ‬ ‫جميعه ــم م ــن الك ــورد الفيليي ــن"‪.‬‬

‫ويبي ــن‪ ،‬أن "ه ــذا التمثي ــل يع ــود لعالق ــة‬ ‫املحاف ــظ الجي ــدة م ــع الك ــورد الفيليي ــن‪ ،‬كم ــا‬ ‫أن مع ــاون املحاف ــظ فيلي ـ ًـا‪ ،‬وه ــو نبي ــل ش ــمة‪،‬‬ ‫ش ــقيق املوس ــيقار نصي ــر ش ــمة‪ ،‬لذل ــك هن ــاك‬ ‫دور وتمثي ــل للفيليي ــن ف ــي املحافظ ــة"‪.‬‬ ‫جدي ــر بالذك ــر أن الك ــورد الفيليي ــن تعرض ــوا‬ ‫للتس ــفير والتهجي ــر واالعتق ــال والقت ــل إب ــان‬ ‫حكــم الرئيــس األســبق أحمــد حســن البكــر‪ ،‬فــي‬ ‫عامــي ‪ 1970‬و‪ ،1975‬ومــن بعــده نظــام صــدام‬ ‫حس ــين ف ــي ‪ ،1980‬وتواصل ــت طيل ــة امل ــدة‬ ‫الالحق ــة‪ ،‬وي ــرى مؤرخ ــون أن أس ــباب التهجي ــر‬ ‫تع ــود إل ــى انتماءاته ــم املذهبي ــة والقومي ــة‪.‬‬ ‫وتش ــير األرق ــام إل ــى أن ــه ج ــرى ترحي ــل نح ــو‬ ‫نص ــف ملي ــون ك ــوردي فيل ــي إل ــى إي ـران نتيج ــة‬ ‫حم ــات االضطه ــاد‪ ،‬واختف ــى م ــا ال يق ــل ع ــن‬ ‫‪ 15‬ألــف كــوردي فيلــي‪ ،‬معظمهــم مــن الشــباب‪،‬‬ ‫لــم يتــم العثــور علــى رفاتهــم بعــد ذلــك‪ ،‬وجــرى‬ ‫اس ــتهداف التج ــار واألكاديميي ــن الك ــورد‬

‫لذلك على البرلمان‬ ‫المقبل إنصاف‬ ‫هذا المكون‬ ‫المهم"‪..‬‬

‫الفيليي ــن البارزي ــن ورفيع ــي املس ــتوى ف ــي بغ ــداد‬ ‫عل ــى وج ــه التحدي ــد‪.‬‬ ‫وبرغــم ســقوط النظــام البائــد‪ ،‬لــم ينــل الكــورد‬ ‫الفيلي ــون حقوقه ــم الكامل ــة‪ ،‬وفق ـ ًـا للقرائ ــن‬ ‫املتحققــة‪ ،‬التــي تشــير إلــى أن معظــم العائديــن‬ ‫منه ــم واجه ــوا صعوب ــات ف ــي الحص ــول عل ــى‬ ‫الجنس ــية‪ ،‬أو الس ــتعادة جنس ــيتهم العراقي ــة‬ ‫األصلي ــة‪.‬‬

‫‪12‬‬

‫فيليــــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪13 2025‬‬

‫‪FAILIES‬‬

‫عرض لـثالث عشرة مرة متُ فيها‪..‬‬

‫مجموعة قصصية‬ ‫بنكهة فيلية‬ ‫مجلة فيلي _ عرض خاص‪:‬‬ ‫صدرت عن دارمنشورات جلجامش في بغداد الطبعة‬ ‫االولى من كتاب "ثالث عشرة مرة مت فيها"‪ ،‬وهو مجموعة‬ ‫قصصية للكتابة الفيلية افين اسكندر‪.‬‬

‫وضم ــت املجموع ــة ث ــاث عش ــرة قص ــة م ــع‬ ‫مدخ ــل وتمهي ــد‪ ،‬أرادت الكاتب ــة م ــن خاللهم ــا‬ ‫إيص ــال فك ــرة ح ــول النص ــوص القصصي ــة‬ ‫ال ــواردة به ــذا الكت ــاب ال ــذي ه ــو م ــن وح ــي‬ ‫الخي ــال ال الواق ــع كم ــا ذك ــرت املؤلف ــة ف ــي‬ ‫ا لتمهي ــد ‪.‬‬ ‫واملثي ــر للدهش ــة ف ــي االم ــر‪ ،‬ه ــو ان م ــن يق ـرأ‬ ‫القص ــص س ــيجدها جميع ــا منبثق ــة م ــن‬ ‫رح ــم الواق ــع ب ــكل م ــا في ــه م ــن معان ــاة وماس ــاة‬ ‫رص ــدت القاص ــة بعض ـ ًـا منه ــا‪.‬‬ ‫ويمكــن مــن خــال االطــاع علــى مقدمــة الكتــاب‬ ‫التوصــل الــى حقيقــة‪ ،‬ان الواقعيــة االفتراضيــة‬ ‫الت ــي بني ــت عليه ــا املجموع ــة القصصي ــة ه ــي‬ ‫الواقــع نفســه مضافــا لــه املحــذوف مــن ذهنيــة‬ ‫الكاتب ــة الت ــي أرادت اقصائ ــه ع ــن املش ــهد‬ ‫املأســاوي ال ألســباب تتعلــق بفنيــة الكتــاب‪ ،‬بــل‬ ‫لعــدم القــدرة علــى اســتيعاب الوقائــع العجيبــة‬ ‫م ــن الوحش ــية املفرط ــة الت ــي لحق ــت باإلنس ــان‬ ‫العراق ــي‪.‬‬ ‫تبرز في هذا الكتاب اشكالية التاريخ التقريري‬

‫بمعنــى التاريــخ الــذي يســرد األحــداث والوقائــع‬ ‫كمــا هــي دون رؤيــة او انعــكاس‪ ،‬بعكــس التاريــخ‬ ‫امل ــدون فني ـ ًـا ال ــذي اليكتف ــي بس ــرد االح ــداث‬ ‫ب ــل يحاكيه ــا برؤي ــة يب ــدو فيه ــا تأثي ــر األح ــداث‬ ‫واضح ـ ًـا‪ ،‬وبذل ــك يك ــون التاري ــخ الفن ــي أكث ــر‬ ‫عمقـ ًـا مــن ســرد األحــداث مــن التاريــخ املــدون‪،‬‬ ‫إذ يمك ــن م ــن خالل ــه االس ــتدالل عل ــى الوقائ ــع‬ ‫بش ــكل جل ــي كم ــا ف ــي منج ــز الش ــعر العرب ــي‬ ‫والرواي ــات الت ــي ارخ ــت مراح ــل سياس ــية‬ ‫وثقافيــة ورصــدت أهــم منعطفاتهــا وانتهــت الــى‬ ‫خالص ــة تمك ــن الباحثي ــن م ــن االستش ــهاد به ــا‬ ‫واس ــتنباط النتائ ــج منه ــا‪.‬‬ ‫فــي مجموعــة ثــاث عشــرة مــرة مــت فيهــا‪ ،‬يبــدو‬ ‫ه ــذا املفه ــوم واضح ـ ًـا‪ ،‬فاالفتراضي ــة الت ــي‬ ‫ات ــكأت عليه ــا الكاتب ــة ف ــي قصصه ــا ل ــم تك ــن‬ ‫س ــوى واق ــع انس ــحب بش ــكله الجمع ــي عل ــى‬ ‫ذهنيــة ونفســية الكاتبــة وشــكل اطــا ًرا النتظــام‬ ‫ص ــور واح ــداث حاول ــت اس ــترجاعها بق ـراءة‬ ‫تبتع ــد ع ــن التصري ــح واالع ــان‪ ،‬بمعن ــى انه ــا‬ ‫ادان ــة عميق ــة تطلقه ــا الكاتب ــة لحم ــات القت ــل‬

‫والتهجي ــر واالب ــادة الجماعي ــة الت ــي حدث ــت‬ ‫للمك ــون الفيل ــي اب ــان النظ ــام البائ ــد‪ ،‬ولعم ــوم‬ ‫العراقيي ــن ف ــي الفت ـرات الالحق ــة‪.‬‬ ‫ُويس ـ َّـجل للكاتب ــة حال ــة التماه ــي ف ــي س ــرد‬ ‫اح ــداث الوقائ ــع املؤمل ــة للفيليي ــن وق ـراءة‬ ‫عميق ــة الف ــكار العصاب ــات االرهابي ــة‪.‬‬ ‫وف ــي املفه ــوم األخي ــر تبتع ــد الكاتب ــة ع ــن‬ ‫اس ــتخدام املف ــردات الس ــائدة ف ــي لغ ــة‬ ‫اإلع ــام والصحاف ــة للتوغ ــل عميق ـ ًـا داخ ــل‬ ‫الش ــخصيات "االرهابي ــة" واألس ــس الفكري ــة‬ ‫الت ــي يس ــتندون عليه ــا والت ــي تب ــرر له ــم القت ــل‬ ‫ـروعا‪.‬‬ ‫واالغتص ــاب وتجعل ــه مش ـ ً‬ ‫ي ــؤدي التماه ــي دو ًرا ف ــي بل ــورة اف ــكار الكاتب ــة‬ ‫الت ــي تن ــدد بظالمي ــة تل ــك االف ــكار الت ــي تتج ــاوز‬ ‫عل ــى املنط ــق وتس ــتخف بالعق ــل لتخ ــرج بع ــد‬ ‫ذل ــك بصرخ ــة مدوي ــة تطلقه ــا بصم ــت ض ــد‬ ‫عال ــم يب ــرر الجريم ــة‪ ،‬كم ــا ف ــي قص ــة تماري ــن‬ ‫ف ــي التوح ــش الت ــي خلص ــت إل ــى ان الن ــاس ل ــم‬ ‫يخلقــوا قتلــة ومجرميــن‪ ،‬بــل يكــون ذلــك بفعــل‬ ‫ظ ــروف معين ــة‪.‬‬

‫م ــا تري ــد أن تقول ــه الكاتب ــة ف ــي ه ــذه القص ــة‬ ‫ه ــي أن اإلره ــاب صناع ــة تم ــت باس ــتغالل‬ ‫ظ ــروف الن ــاس‪ ،‬وثم ــة مفارق ــات ذهني ــة‬ ‫اعتمدته ــا الكاتب ــة به ــذه املجموع ــة‪ ،‬بني ــت‬ ‫عل ــى اله ــوة الس ــحيقة القائم ــة بي ــن الن ــوازع‬ ‫األنثوي ــة الذاتي ــة الش ــفافة‪ ،‬وبي ــن عال ــم مفع ــم‬ ‫با لوحش ــية ‪.‬‬ ‫وتب ــرز االلي ــات الفني ــة م ــن الحبك ــة والس ــرد‬ ‫ه ــذه املفارق ــة بش ــكل جمي ــل‪ ،‬ولك ــن م ــن دون‬ ‫إظه ــار التفاصي ــل الدقيق ــة الت ــي يبرزه ــا الف ــن‬ ‫القص�صــي اكثــر مــن ســواه باســتخدام أســلوب‬ ‫التداع ــي الح ــر مث ـ ًـا او اس ــلوب االس ــترجاع‬ ‫(الف ــاش ب ــاك)‪ ،‬وهم ــا أس ــلوبان عاملي ــان ب ــرع‬ ‫فيهمــا الكاتبــان‪ ،‬وليــم فوكنــر وجيمــس جويــس‬ ‫واسســا مدرســة مهمــة فــي القصــة والروايــة بهــذا‬ ‫االتج ــاه‪.‬‬ ‫اكتف ــت افي ــن اس ــكندر بالس ــرد القص�ص ــي‬ ‫التقلي ــدي‪ ،‬لكنه ــا اوج ــدت ف ــي كل قص ــة م ــن‬ ‫قص ــص املجموع ــة ب ــؤرة تتمح ــور نحوه ــا‬ ‫القص ــة لتش ــكل مجم ــوع الب ــؤر وح ــدة‬

‫" نشط في تأسيس‬ ‫المسجد الفيلي‬ ‫الكبير في باب‬ ‫الشيخ‪ ،‬وإدارة نادي‬ ‫الفيلية الرياضي‬ ‫(‪ ،)1959‬ما ع ّرضه‬ ‫العتداءات مناصرين‬ ‫للحزب الشيوعي"‪.‬‬

‫املعن ــى للمجموع ــة القصصي ــة كله ــا‪ ،‬بمعن ــى‬ ‫أن املجموع ــة تمتل ــك الخصائ ــص الفني ــة‬ ‫واملوضوعي ــة للكت ــاب‪.‬‬ ‫ويمك ــن م ــن خ ــال ق ـراءة بع ــض عناوي ــن‬ ‫قص ــص املجموع ــة مث ــل‪ :‬ب ــاب الرحم ــة ‪،‬‬ ‫دميتــي‪ ،‬شــفاه مغمســة بالــدم‪ ،‬النافــذة التــي ال‬ ‫تنفت ــح‪ ،‬بي ــن الضل ــوع مقب ــرة ‪ ،‬الطائ ــر املقت ــول‬ ‫وتاب ــوت وحل ــم‪ ،‬تس ــجيل بع ــض النق ــاط‬ ‫األساس ــية وأبرزه ــا‪ ،‬العناوي ــن الت ــي تق ــود ال ــى‬ ‫املضامي ــن مباش ــرة‪ ،‬واالش ــتغال الواض ــح عل ــى‬ ‫إظه ــار القضاي ــا املأس ــاوية واملفارق ــات الت ــي‬ ‫خلق ــت ج ــوا فني ــا متوت ـرا داخ ــل النص ــوص‬ ‫القصصيــة‪ ،‬خاصــة فــي قضيــة تهجيــر الفيلييــن‬ ‫واغتي ــال ش ــخصياتهم واالس ــتحواذ عل ــى‬ ‫أمالكهــم وســجنهم‪ ،‬الــى جانــب االنثــى الطافحــة‬ ‫بالجم ــال والحل ــم‪ ،‬مقاب ــل الخ ــوف والس ــجن‬ ‫والقت ــل وهم ــا عامل ــان متض ــادان يش ــتعالن‬ ‫داخ ــل ال ــذات االنس ــانية للكاتب ــة‪.‬‬ ‫ســجلت املؤلفــة فــي بعــض نصوصهــا القصصية‬ ‫وقائع حصلت في ثمانينيات القرن املا�ضي‪ ،‬لم‬ ‫تصــرح بهــا ولــم تشــر الــى زمنهــا او مكانهــا‪ ،‬لكنهــا‬ ‫خلق ــت مناخ ـ ًـا قصصي ـ ًـا يؤش ــر ذل ــك بوض ــوح‪،‬‬ ‫بينم ــا ش ــخصت املؤلف ــة وقائ ــع اخ ــرى حدث ــت‬ ‫فــي الســنوات القليلــة املاضيــة‪( ،‬االرهــاب) زمــن‬ ‫تل ــك األح ــداث‪ ،‬ويعتق ــد أن ذل ــك يع ــود ال ــى‬ ‫اشــتغالها علــى املفهــوم األيديولوجــي والتركيبــة‬ ‫النفســية للشــخصيات اإلرهابيــة الــذي دعاهــا‬ ‫ال ــى الوص ــف املباش ــر ف ــي املس ــتوى الثان ــي‬ ‫ملضامي ــن القص ــص‪.‬‬ ‫وم ــا يحس ــب له ــذه الكاتب ــة الت ــي اس ــتعرضنا‬ ‫مجموعته ــا م ــن دون الغ ــوص ف ــي التفاصي ــل‪،‬‬ ‫انهــا لــم تطلــق تســميات قوميــة أو مذهبيــة علــى‬ ‫الش ــخصيات القصصي ــة‪ ،‬ألنه ــا أرادت عل ــى‬ ‫م ــا يب ــدو ت ــرك األفع ــال والس ــلوكيات تتح ــدث‬ ‫بوض ــوح‪.‬‬ ‫وخالصــة مــا يمكــن قولــه فــي ختــام هــذا العــرض‬ ‫املوج ــز للمجموع ــة‪ ،‬أنه ــا ل ــم تك ــن مج ــرد س ــرد‬ ‫أح ــداث أو ش ــخصيات ت ــؤدي دور البطول ــة ف ــي‬ ‫القص ــص‪ ،‬إنم ــا ه ــي وع ــي بالواق ــع ومحركات ــه‬ ‫واملنظ ــور اإليديولوج ــي للص ـراع وال ــذي‬ ‫ـدا رغ ــم اخت ــاف الزم ــن‬ ‫يبق ــى مفهوم ــه واح ـ ً‬ ‫واملس ــميات‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫ســياســـــــــــــــــة‬

‫‪POLITICS‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪15 2025‬‬

‫هدوء في تل أبيب‪ ..‬رعب في كركوك‪:‬‬

‫جغرافيا الرصاع‬

‫تتحول‬

‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬ ‫تع ــد مش ــكلة الهجم ــات املتك ــررة بالطائ ــرات املس ــيرة والصواري ــخ‪ ،‬وم ــا تثي ــره م ــن‬ ‫مخــاوف بشــأن اســتقرارالعــراق و انجر افــه نحــو صراعــات إقليميــة‪ ،‬تحديــا معقــدا‬ ‫يتطلــب مقاربــة شــاملة ومتعــددة األوجــه مــن الحكومــة العر اقيــة االتحاديــة‪.‬‬

‫إن الهجم ــات بالطائ ـرات املس ــيرة والصواري ــخ‬ ‫الت ــي ش ــهدتها كرك ــوك والس ــليمانية واربي ــل‬ ‫مؤخ ـرا‪ ،‬بع ــد مرحل ــة اله ــدوء النس ــبي ال ــذي‬ ‫أعق ــب التوت ـرات اإليراني ــة اإلس ـرائيلية‪،‬‬ ‫يمك ــن أن تع ــزى إل ــى ع ــدة أس ــباب محتمل ــة‪،‬‬ ‫وله ــا دواف ــع لتنش ــط ف ــي ه ــذه املرحل ــة بال ــذات‪،‬‬ ‫بحس ــب بع ــض مراك ــز الدراس ــات والتقاري ــر‪.‬‬ ‫قــد يكــون االنشــغال الدولــي واإلقليمــي بالحــرب‬ ‫اإليراني ــة اإلس ـرائيلية خل ــق فراغ ــا أمني ــا ف ــي‬ ‫الع ـراق‪ ،‬مم ــا س ــمح لجماع ــات متنوع ــة (مث ــل‬ ‫خاليــا تنظيــم داعــش‪ ،‬أو فصائــل مســلحة‪ ،‬أو‬ ‫جماعــات إجراميــة منظمــة) بتكثيــف عملياتهــا‬ ‫ف ــي كرك ــوك وبع ــض مناط ــق كوردس ــتان‪.‬‬ ‫و ق ــد تك ــون ه ــذه الهجم ــات ج ــزءا م ــن ص ـراع‬ ‫نفــوذ بيــن قــوى محليــة أو إقليميــة علــى مناطــق‬ ‫معين ــة ف ــي الع ـراق ل ــم يحس ــم وضعه ــا بع ــد‪،‬‬ ‫مث ــل كرك ــوك الت ــي تع ــد منطق ــة متن ــازع عليه ــا‬ ‫بي ــن الحكوم ــة املركزي ــة وإقلي ــم كوردس ــتان‪،‬‬ ‫اذ م ــن املحتم ــل ان تك ــون الهجم ــات بمنزل ــة‬ ‫رس ــائل سياس ــية موجه ــة إل ــى أط ـراف داخلي ــة‬ ‫(الحكوم ــة العراقي ــة‪ ،‬إقلي ــم كوردس ــتان) أو‬ ‫خارجي ــة (الوالي ــات املتح ــدة‪ ،‬إي ـران‪ ،‬تركي ــا)‬ ‫للضغ ــط لتحقي ــق مكاس ــب معين ــة‬ ‫أو للتعبير عن الرفض‬ ‫معينــة‪.‬‬ ‫لسيا س ــات‬ ‫ف ــي‬ ‫و‬ ‫الحقيق ــة وبرغ ــم‬ ‫تراج ــع نف ــوذ داع ــش‪ ،‬إال أن‬ ‫خالي ــاه النائم ــة م ــا ت ـزال متواج ــدة ف ــي‬ ‫العـراق‪ ،‬وقــد تســتغل أي اضطـراب أو ضعــف‬ ‫أمنــي لتنفيــذ هجمــات إلثبــات وجودهــا وإعــادة‬ ‫التجنيــد‪ ،‬وقــد تكــون هنــاك جماعــات مســلحة‬ ‫أخ ــرى ذات أجن ــدات خاص ــة تس ــعى لزعزع ــة‬ ‫االس ــتقرار وتحقي ــق أه ــداف معين ــة‪.‬‬ ‫و ف ــي‬ ‫ض ــوء تداعي ــات الص ـراع اإليران ــي‬ ‫اإلس ـرائيلي (غيــر املباشــرة)‪ ،‬وحتــى مــع التهدئــة‬ ‫املعلن ــة ف ــي الص ـراع املباش ــر بي ــن إي ـران‬ ‫وإس ـرائيل‪ ،‬فق ــد تك ــون ف ــي الع ـراق فصائ ــل‬ ‫متحالف ــة م ــع أح ــد الطرفي ــن تس ــتغل الوض ــع‬

‫‪16‬‬

‫ســياســـــــــــــــــة‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪17 2025‬‬

‫‪POLITICS‬‬

‫لتصفيــة حســابات قديمــة أو لتنفيــذ هجمــات‬ ‫بالوكالــة لــم يجــري تنفيذهــا فــي مــدة التصعيــد‬ ‫املباشــر ألســباب تتعلــق بسياســة تلــك املجاميــع‬ ‫وقدراته ــا‪.‬‬ ‫وق ــد تك ــون ه ــذه الهجم ــات بمنزل ــة اختب ــار‬ ‫لق ــدرات جماع ــات معين ــة عل ــى ش ــن هجم ــات‬ ‫بالطائ ـرات املس ــيرة أو الصواري ــخ‪ ،‬تمهي ــدا‬ ‫الس ــتعمالها ف ــي صراع ــات مس ــتقبلية‪.‬‬ ‫ملاذا نشطت في هذه املرحلة؟‬ ‫ف ــي املرحل ــة م ــا بع ــد ح ــرب إقليمي ــة كبي ــرة‪،‬‬ ‫تك ــون األنظ ــار الدولي ــة مش ــتتة‪ ،‬وامل ــوارد‬ ‫األمني ــة مس ــتنزفة‪ ،‬مم ــا يوف ــر بيئ ــة مناس ــبة‬ ‫للجماع ــات الراغب ــة ف ــي ش ــن هجم ــات م ــن دون‬ ‫جــذب اهتمــام كبيــر أو مواجهــة رد فعــل قــوي‪،‬‬ ‫باســتغالل الوضــع السيا�ســي واألمنــي الهــش فــي‬ ‫الع ـراق‪ ،‬اذ يعان ــي دائم ــا م ــن حال ــة م ــن ع ــدم‬ ‫االس ــتقرار السيا�س ــي واألمن ــي‪ ،‬وتل ــك الهجم ــات‬ ‫تس ــتغل نق ــاط الضع ــف ه ــذه‪.‬‬ ‫وق ــد تك ــون ه ــذه الهجم ــات محاول ــة للضغ ــط‬ ‫عل ــى األط ـراف املش ــاركة ف ــي املفاوض ــات‬ ‫النووي ــة املقبل ــة‪ ،‬أو إلرس ــال رس ــالة ب ــأن‬ ‫الوض ــع ف ــي املنطق ــة م ــا ي ـزال متوت ـرا وال يمك ــن‬ ‫فصل ــه ع ــن مس ــار املفاوض ــات‪ ،‬ويمك ــن ان‬ ‫تس ــعى بع ــض األط ـراف إل ــى إظه ــار قدرته ــا عل ــى‬ ‫زعزع ــة االس ــتقرار حت ــى ف ــي أوق ــات التهدئ ــة‬ ‫الدبلوماس ــية‪ ،‬إلظه ــار أنه ــا "الع ــب" ال يمك ــن‬ ‫تجاهل ــه؛ و يمك ــن أن تك ــون الهجم ــات محاول ــة‬ ‫لص ــرف االنتب ــاه ع ــن القضاي ــا األخ ــرى أو ع ــن‬ ‫املســار الدبلوما�ســي الــذي قــد ال يناســب بعــض‬ ‫األط ــراف‪.‬‬ ‫ان تواج ــد الق ــوات األجنبي ــة ف ــي الع ـراق‪ ،‬وإن‬ ‫كان مح ــدودا‪ ،‬يظ ــل نقط ــة توت ــر يمك ــن أن‬ ‫تس ــتغلها بع ــض الجماع ــات لتنفي ــذ هجم ــات‬ ‫ض ــد املصال ــح املرتبط ــة به ــذا الوج ــود‪ ،‬س ــواء‬ ‫بشــكل مباشــر أو غيــر مباشــر (مثــل اســتهداف‬ ‫املط ــارات بف ــرض ان تل ــك الق ــوات تس ــتعمل‬ ‫ه ــذه املط ــارات)‪.‬‬ ‫ف ــي ظ ــل غي ــاب معلوم ــات دقيق ــة ع ــن الجه ــات‬ ‫املنف ــذة‪ ،‬تظ ــل ه ــذه األس ــباب ف ــي نط ــاق‬ ‫التوقع ــات والتحلي ــات‪ .‬م ــن الض ــروري أن‬ ‫تق ــوم الس ــلطات العراقي ــة بتحقيق ــات معمق ــة‬ ‫للكش ــف ع ــن الجه ــات املس ــؤولة ودوافعه ــا‬ ‫لضم ــان اس ــتقرار الب ــاد‪ ،‬واع ــان ذل ــك عل ــى‬ ‫ا مل ــأ‪.‬‬ ‫واملطل ــوب م ــن الحكوم ــة االتحادي ــة اج ـراءات‬ ‫واجب ــة م ــن بينه ــا تعزي ــز الق ــدرات األمني ــة‬

‫واالســتخباراتية‪ ،‬عــن طريــق تحســين القــدرات‬ ‫الدفاعي ــة الجوي ــة‪ ،‬بنش ــر أنظم ــة دف ــاع ج ــوي‬ ‫حديثــة‪ ،‬بخاصــة فــي املواقــع الحيويــة واملطــارات‬ ‫واملنشــآت النفطيــة والعســكرية‪ ،‬والتنســيق مــع‬ ‫الجه ــات االمني ــة ف ــي حكوم ــة اقلي ــم كوردس ــتان‬ ‫لتحقي ــق ذل ــك‪.‬‬ ‫ن‬ ‫يج ــب أن تك ــو ه ــذه األنظم ــة ق ــادرة عل ــى‬ ‫اعت ـراض الطائ ـرات املس ــيرة والصواري ــخ‬ ‫الصغي ــرة‪ ،‬و تفعي ــل أنظم ــة اإلن ــذار املبك ــر‪،‬‬ ‫لتمكي ــن االس ــتجابة الس ــريعة للهجم ــات‪ ،‬و‬ ‫تدري ــب الق ــوات املس ــلحة عل ــى اس ــتعمال ه ــذه‬ ‫األنظم ــة وصيانته ــا‪.‬‬ ‫ويتوج ــب تعزي ــز عم ــل األجه ــزة االس ــتخباراتية‬ ‫لجم ــع معلوم ــات دقيق ــة ع ــن مص ــادر ه ــذه‬ ‫الهجم ــات‪ ،‬س ــواء كان ــت داخلي ــة أو خارجي ــة‪،‬‬ ‫وتحدي ــد الجه ــات املس ــؤولة ع ــن التموي ــل‬ ‫والتســليح والتدريــب باســتعمال االســتخبارات‬ ‫البش ــرية والتقني ــة‪ ،‬وذل ــك ع ــن طري ــق دم ــج‬ ‫وتطوي ــر الق ــدرات ف ــي كال املجالي ــن لتحدي ــد‬ ‫الخالي ــا النائم ــة وش ــبكات التهري ــب‪ ،‬وحص ــر‬ ‫وســحب ســاح املجاميــع املســلحة خــارج نطــاق‬ ‫الدول ــة‪.‬‬ ‫ن‬ ‫كم ــا يج ــب تفعي ــل التع ــاو االس ــتخباراتي‬ ‫بتعزي ــز التع ــاون م ــع ال ــدول الصديق ــة‬ ‫واملنظم ــات الدولي ــة وكذل ــك األم ــن املحل ــي ف ــي‬ ‫اقلي ــم كوردس ــتان الع ـراق لتب ــادل املعلوم ــات‬ ‫والخب ـرات‪ ،‬وكذل ــك يتوج ــب ضب ــط الح ــدود‬ ‫ومراقب ــة األج ــواء‪ ،‬باس ــتعمال التكنولوجي ــا‬ ‫الحديث ــة للمراقب ــة (طائ ـرات م ــن دون طي ــار‪،‬‬ ‫كامي ـرات حراري ــة) عل ــى ط ــول الح ــدود للح ــد‬ ‫م ــن تهري ــب األس ــلحة والطائ ـرات املس ــيرة‪ ،‬وف ــي‬ ‫املناطــق الداخليــة املهــددة‪ ،‬ومــن ذلــك تشــديد‬ ‫اإلج ـراءات األمني ــة ف ــي املناف ــذ‪ ،‬ملن ــع دخ ــول أي‬ ‫م ــواد غي ــر قانوني ــة‪.‬‬ ‫ام ــا املعالج ــة السياس ــية والدبلوماس ــية‪،‬‬ ‫فيج ــب ان تنش ــط بتأكي ــد س ــيادة الع ـراق‪،‬‬ ‫بوســاطة رســائل واضحــة وثابتــة‪ ،‬مــن الحكومــة‬ ‫العراقي ــة إل ــى جمي ــع األط ـراف اإلقليمي ــة‬ ‫والدوليــة بــأن األرا�ضــي العراقيــة ليســت ســاحة‬ ‫لتصفي ــة الحس ــابات أو االنط ــاق منه ــا لش ــن‬ ‫هجمــات؛ ويجــب رفــض التدخــات الخارجيــة‪،‬‬ ‫بش ــكل صري ــح ومباش ــر‪ ،‬والعم ــل عل ــى بن ــاء‬ ‫عالقــات متوازنــة مــع جميــع الــدول املجــاورة مــن‬ ‫دون االنحي ــاز ألي ط ــرف عل ــى حس ــاب اآلخ ــر‪.‬‬ ‫كم ــا يتوج ــب معالج ــة األس ــباب الجذري ــة‬ ‫لالضطراب ــات الداخلي ــة والصراع ــات عل ــى‬

‫ان تواجد القوات‬ ‫األجنبية في العراق‪،‬‬ ‫وإن كان محدودا‪،‬‬ ‫يظل نقطة توتر يمكن‬ ‫أن تستغلها بعض‬ ‫الجماعات لتنفيذ‬ ‫هجمات ضد المصالح‬ ‫المرتبطة بهذا الوجود‪،‬‬ ‫سواء بشكل مباشر‬ ‫أو غير مباشر (مثل‬ ‫استهداف المطارات‬ ‫بفرض ان تلك القوات‬ ‫تستعمل هذه‬ ‫المطارات)‪.‬‬

‫النف ــوذ بي ــن املكون ــات‪ ،‬ومواجه ــة الفصائ ــل‬ ‫املس ــلحة املتنوع ــة؛ يج ــب تقوي ــة مؤسس ــات‬ ‫الدول ــة‪ ،‬بم ــا ف ــي ذل ــك الجي ــش وق ــوى األم ــن‬ ‫الداخل ــي‪ ،‬لتك ــون ه ــي الجه ــة الوحي ــدة الت ــي‬ ‫تحتك ــر الس ــاح‪.‬‬ ‫ويمك ــن ان تك ــون م ــا تس ــمى الدبلوماس ــية‬ ‫الوقائي ــة عام ــل من ــع للمش ــكالت ع ــن طري ــق‬ ‫تفعي ــل الوس ــاطة والتهدئ ــة بتأدي ــة دور وس ــيط‬ ‫فــي تخفيــف التوت ـرات اإلقليميــة‪ ،‬بخاصــة بيــن‬ ‫إي ـران وإس ـرائيل‪ ،‬والتأكي ــد عل ــى ض ــرورة ح ــل‬ ‫النزاع ــات بالط ــرق الس ــلمية‪ ،‬و بن ــاء الثق ــة‬ ‫اإلقليمي ــة باملش ــاركة ف ــي مب ــادرات إقليمي ــة‬ ‫لبن ــاء الثق ــة والتع ــاون األمن ــي واالقتص ــادي‪.‬‬ ‫كم ــا يتوج ــب وض ــع قواني ــن صارم ــة‪ ،‬لتنظي ــم‬ ‫حي ــازة واس ــتعمال الطائ ـرات املس ــيرة‪ ،‬وتجري ــم‬ ‫أي اســتغالل غيــر مصــرح بــه أو لغايــات إرهابيــة‬ ‫أو عدواني ــة‪ ،‬و ف ــرض عقوب ــات رادع ــة عل ــى‬

‫املخالفي ــن‪ ،‬بتطبي ــق القان ــون بصرام ــة وم ــن‬ ‫ذل ــك محاس ــبة املتورطي ــن ف ــي الهجم ــات بغ ــض‬ ‫النظ ــر ع ــن انتمائه ــم‪ ،‬ل ــردع اآلخري ــن وتعزي ــز‬ ‫س ــيادة القان ــون‪.‬‬ ‫كمــا يجــب تعزيــز اســتقاللية القضــاء‪ ،‬لضمــان‬ ‫العدالــة والنزاهــة فــي محاكمــة املتورطيــن‪.‬‬ ‫كم ــا ان للحل ــول بع ــدا اجتماعي ــا واقتصادي ــا‪،‬‬ ‫يتمث ــل ف ــي التنمي ــة االقتصادي ــة والح ــد م ــن‬ ‫البطال ــة‪ ،‬و خل ــق ف ــرص عم ــل‪ ،‬بخاص ــة‬ ‫للش ــباب‪ ،‬لتقلي ــل االنج ـراف نح ــو الجماع ــات‬ ‫املتطرف ــة أو املس ــلحة‪ ،‬و توفي ــر الخدم ــات‬ ‫األساس ــية (كهرب ــاء‪ ،‬م ــاء‪ ،‬صح ــة‪ ،‬تعلي ــم)‬ ‫لتحس ــين مس ــتوى معيش ــة الس ــكان وتقلي ــل‬ ‫االحتق ــان‪.‬‬ ‫ي‬ ‫وم ــن الض ــرور بن ــاء وع ــي مجتمع ــي‪ ،‬بحم ــات‬ ‫توعي ــة ع ــن خط ــورة الجماع ــات املس ــلحة‬ ‫وتأثيره ــا عل ــى اس ــتقرار الب ــاد ومس ــتقبلها‪ ،‬و‬

‫دع ــم املصالح ــة الوطني ــة و وتعزي ــز التماس ــك‬ ‫االجتماع ــي بي ــن املكون ــات املتنوع ــة‪.‬‬ ‫كم ــا يج ــب طل ــب الدع ــم الفن ــي والتدري ــب‬ ‫واملع ــدات م ــن ال ــدول الصديق ــة واملنظم ــات‬ ‫الدولي ــة لتعزي ــز الق ــدرات األمني ــة‬ ‫واالس ــتخباراتية‪ ،‬و التص ــدي للتهدي ــدات‬ ‫العاب ــرة للح ــدود بالتع ــاون م ــع املجتم ــع الدول ــي‬ ‫فــي مكافحــة اإلرهــاب وتجفيــف مصــادر تمويلــه‪.‬‬ ‫إن تحقيــق االســتقرار فــي العـراق ومنــع انجـراره‬ ‫إل ــى الصراع ــات اإلقليمي ــة يتطل ــب إرادة‬ ‫سياس ــية قوي ــة‪ ،‬وتوحي ــد الجه ــود الوطني ــة‪،‬‬ ‫والتزام ــا بمب ــدأ س ــيادة القان ــون‪ ،‬فض ــا ع ــن‬ ‫دبلوماس ــية نش ــطة وحكيم ــة وتلبي ــة مطال ــب‬ ‫النــاس املعيشــية وحاجاتهــم‪ ،‬هــذا هــو الســبيل‬ ‫الوحي ــد لضم ــان مس ــتقبل آم ــن ومزده ــر‬ ‫للع ــراق‪.‬‬

‫‪18‬‬

‫كـــــــــــــــورديات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪19 2025‬‬

‫‪KURDISH‬‬

‫من السويداء إلى كركوك‪..‬‬

‫الدروز والكاكائية طائفتان ُت ّ‬ ‫وحدهما‬

‫األرسار والمزارات والشوارب‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫رغـــم اختـــاف الجغرافيـــا بيـــن العـــراق وســـوريا‪ ،‬يلتقـــي‬ ‫الكاكائيـــة فـــي كركـــوك وخانقيـــن‪ ،‬مـــع الـــدروز فـــي جبـــل‬ ‫العــرب‪ ،‬علــى طقــوس وتقاليــد تتجــاوز المظهــر‪ ،‬لتتحــول‬ ‫إلـــى رمـــوز روحيـــة وهويـــة مقدســـة‪.‬‬

‫الش ــوارب الكثيف ــة‪ ،‬امل ــزارات‪ ،‬واألس ــرار‬ ‫الديني ــة‪ ،‬كله ــا خي ــوط تجم ــع بي ــن طائفتي ــن‬ ‫مغلقتي ــن‪ ،‬كل منهم ــا تعتن ــق صمته ــا كج ــدار‬ ‫ع ــازل أم ــام الحداث ــة واخت ــراق اآلخري ــن‪.‬‬ ‫الكاكائية‪" ..‬الشــارب ميثاق"‬ ‫يقــول الباحــث فــي شــؤون الديانــة الكاكائيــة‪،‬‬ ‫خورش ــيد الكاكائ ــي‪ ،‬ف ــي تصري ــح ملجل ــة‬ ‫«فيل ــي»‪ ،‬إن "الش ــارب الطوي ــل والكثي ــف‬ ‫لي ــس مج ــرد مظه ــر اجتماع ــي ل ــدى أبن ــاء‬ ‫الديانــة فــي العــراق‪ ،‬بــل هــو جــزء مــن االلتــزام‬ ‫الروح ــي والعه ــود الديني ــة الت ــي ترب ــط الف ــرد‬ ‫بجماعت ــه وبمعتق ــده"‪.‬‬ ‫ويوض ــح أن "أبن ــاء الديان ــة يؤمن ــون ب ــأن‬ ‫ـدادا للميث ــاق ال ــذي‬ ‫الش ــارب يمث ــل امت ـ ً‬ ‫قطع ــه الرج ــل م ــع أس ــرار الطائف ــة‪ُ ،‬وينظ ــر‬

‫ل ــه بوصف ــه رم ـ ًـزا للرجول ــة‪ ،‬الص ــدق‪،‬‬ ‫واالس ــتقامة"‪.‬‬ ‫ويشــيرإلــى أن "حلــق الشــارب فــي عرفنــا ليــس‬ ‫مجــرد تغييــرفــي الشــكل‪ ،‬بــل ُيمكــن أن ُيفســر‬ ‫عن ــد بع ــض الش ــيوخ واملس ـ ّـنين بأن ــه تخ ـ ٍـل‬ ‫ّ‬ ‫ع ــن ج ــزء م ــن الهوي ــة‪ ،‬وله ــذا يبق ــى الش ــارب‬ ‫طوي ـ ًـا كعالم ــة احت ــرام للعه ــد القدي ــم"‪.‬‬ ‫وع ــن أوج ــه الش ــبه م ــع ال ــدروز ف ــي س ــوريا‪،‬‬ ‫يضي ــف‪" :‬هن ــاك الكثي ــر م ــن القواس ــم‬ ‫املش ــتركة بينن ــا وبي ــن ال ــدروز‪ ،‬س ــواء ف ــي‬ ‫الحف ــاظ عل ــى الطاب ــع الس ــري للديان ــة‪،‬‬ ‫أو ف ــي تقدي ــس الرم ــوز الظاه ــرة كامل ــزارات‬ ‫واملقام ــات الديني ــة‪ ،‬لك ــن أح ــد أب ــرز م ــا‬ ‫يجمعن ــا ه ــو أن الش ــارب عن ــد ال ــدروز مثلم ــا‬ ‫ـدا رمزي ـ ًـا‬ ‫ه ــو عن ــد الكاكائي ــة‪ ،‬يحم ــل ُبع ـ ً‬

‫وليــس فقــط مظهريـ ًـا‪ ،‬فهــو عهــد ودليــل علــى‬ ‫الحف ــاظ عل ــى املب ــادئ واألس ــرار"‪.‬‬ ‫الدروزو"عهد الشــارب"‬ ‫يق ــول الباح ــث ف ــي ش ــؤون الديان ــات‬ ‫والقومي ــات عب ــاس الحس ــيني‪ ،‬ف ــي تصري ــح‬ ‫ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إن "الطائف ــة الدرزي ــة ف ــي‬ ‫س ــوريا‪ ،‬كم ــا الكاكائي ــة ف ــي الع ــراق‪ُ ،‬تع ـ ّـدان‬ ‫م ــن أب ــرز الجماع ــات املغلق ــة الت ــي تحتف ــظ‬ ‫لنفس ــها بأس ــرار عقائدي ــة‪ ،‬ومقدس ــات‬ ‫روحي ــة‪ ،‬تتداخ ــل فيه ــا املظاه ــر االجتماعي ــة‬ ‫بالدينيــة‪ ،‬ومــن أبرزهــا الشــارب بوصفــه رمـ ًـزا‬ ‫للعه ــود والهوي ــة"‪.‬‬ ‫ويضي ــف الحس ــيني‪ ،‬أن "الش ــارب ل ــدى‬ ‫الــدروزليــس مجــرد مظهــررجولــي‪ ،‬بــل يدخــل‬ ‫ف ــي ثقاف ــة االنضب ــاط الدين ــي‪ ،‬وه ــو ج ــزء م ــن‬

‫‪20‬‬

‫كـــــــــــــــورديات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪21 2025‬‬

‫‪KURDISH‬‬

‫به ــذا الش ــكل"‪.‬‬ ‫ويضي ــف "م ــا يج ــري م ــن أح ــداث ف ــي‬ ‫الســويداء ال يمثــل دروزســوريا الشــرفاء‪ ،‬وال‬ ‫أبن ــاء العش ــائر الحقيقيي ــن‪ ،‬ب ــل ه ــو امت ــداد‬ ‫لحال ــة الفو�ض ــى الت ــي تض ــرب النس ــيج‬ ‫الســوري‪ ،‬ونحــن فــي العــراق نؤمــن أن الهويــة‬ ‫واملعتق ــد خ ــط أحم ــر‪ ،‬وال يج ــوز تحوي ــل‬ ‫الش ــعائر الديني ــة أو التقالي ــد االجتماعي ــة‬ ‫إل ــى أدوات تهدي ــد أو إذالل"‪.‬‬

‫ص ــورة الش ــيخ والرج ــل العاق ــل‪ ،‬كم ــا أن‬ ‫ـارا فــي فتــرات ســابقة‪ ،‬األمــر‬ ‫حلقــه كان يعـ ّـد عـ ً‬ ‫ذات ــه نالحظ ــه عن ــد الكاكئي ــة ف ــي الع ــراق‪،‬‬ ‫حي ــث الش ــارب رم ـ ٌـز روح ــي مرتب ــط بالعقي ــدة‬ ‫وبالوف ــاء لألس ــرار الديني ــة"‪.‬‬ ‫وبحس ــب الحس ــيني‪ ،‬ف ــإن "الطائفتي ــن‬ ‫تعتم ــدان عل ــى امل ــزارات كج ــزء م ــن الرب ــط‬ ‫بيــن األرض واملقـ ّـدس‪ ،‬ففــي حيــن يــزورالــدروز‬ ‫مق ــام النب ــي هابي ــل ق ــرب دمش ــق ومق ــام‬ ‫ش ــعيب ف ــي فلس ــطين‪ ،‬يقص ــد الكاكائي ــة‬ ‫مقــام ســلطان إســحق وأضرحــة أوليائهــم فــي‬ ‫الع ــراق و إي ــران‪ ،‬وكالهم ــا يمن ــع الغرب ــاء م ــن‬ ‫التدخ ــل ف ــي طقوس ــهم الداخلي ــة"‪.‬‬ ‫أسرار وأضرحة‬ ‫ورغ ــم أن ال ــدروزف ــي س ــوريا ينتم ــون إل ــى بيئ ــة‬ ‫دينيــة متفرعــة عــن الباطنيــة اإلســماعيلية‪،‬‬ ‫فيمــا الكاكائيــة ينحــدرون مــن جــذورصوفيــة‬ ‫كورديــة وفارســية‪ ،‬إال أن القواســم املشــتركة‬ ‫بي ــن الطائفتي ــن واضح ــة ف ــي ع ــدة مفاص ــل‬ ‫أساس ــية‪ ،‬أبرزه ــا الهوي ــة الديني ــة‪ ،‬وكلت ــا‬ ‫الطائفتي ــن مغلقت ــان أم ــام األجان ــب‪ ،‬وال‬

‫" يزور الدروز مقام النبي هابيل قرب دمشق ومقام‬ ‫شعيب في فلسطين‪ ،‬يقصد الكاكائية مقام سلطان‬ ‫إسحق وأضرحة أوليائهم في العراق وإيران‪ ،‬وكالهما‬ ‫يمنع الغرباء من التدخل في طقوسهم الداخلية"‬

‫تقب ــان اعتن ــاق الغرب ــاء ملعتقدهم ــا‪.‬‬ ‫إضاف ــة إل ــى الكت ــب املقدس ــة‪ ،‬الس ــيما أن‬ ‫ال ــدروز يعتم ــدون عل ــى "رس ــائل الحكم ــة"‬ ‫الس ـ ّـرية‪ ،‬بينم ــا الكاكائي ــة يؤمن ــون‬ ‫بـ"س ــرانجام"‪ ،‬وكالهم ــا غي ــر مت ــاح للعام ــة‪،‬‬ ‫كمــا أن الشــارب لــدى الطرفيــن ليــس مظهـ ًـرا‬ ‫عاب ـ ًـرا ب ــل ج ــزء م ــن الهوي ــة الروحي ــة‪.‬‬ ‫وبينم ــا ي ــزورال ــدروزمقام ــات أنبي ــاء‪ ،‬يقص ــد‬ ‫الكاكائي ــة أضرح ــة أولي ــاء‪ ،‬وكالهم ــا يمن ــع‬ ‫الغرب ــاء م ــن املش ــاركة بطقوس ــه الخاص ــة‪،‬‬ ‫وكال الطرفي ــن ي ــرى أن املظه ــر‪ ،‬امل ــزارات‪،‬‬ ‫والحف ــاظ عل ــى الهوي ــة ضم ــان الس ــتمرار‬ ‫الديا ن ــة‪.‬‬ ‫تضامن مشــترك‬

‫وف ــي موق ــف الف ــت‪ ،‬أع ــرب عب ــاس الكاكائ ــي‪،‬‬ ‫أح ــد أب ــرز وج ــوه الطائف ــة ملجل ــة «فيل ــي»‪،‬‬ ‫ع ــن رفض ــه الش ــديد مل ــا يت ــم تداول ــه م ــن‬ ‫مقاط ــع فيدي ــو توث ــق حل ــق ش ــوارب رج ــال‬ ‫م ــن الطائف ــة الدرزي ــة ف ــي الس ــويداء تح ــت‬ ‫التهدي ــد أو القس ــر‪ ،‬خ ــال أح ــداث وصف ــت‬ ‫بأنه ــا انتقامي ــة أو طائفي ــة‪.‬‬ ‫ويق ــول "ه ــذه األفع ــال مرفوض ــة م ــن حي ــث‬ ‫املبــدأ‪ ،‬ســواء فــي ســوريا أو فــي أي مــكان آخــر‪،‬‬ ‫الش ــارب ل ــدى ال ــدروز كم ــا ه ــو عندن ــا لي ــس‬ ‫مجــرد مظهــر‪ ،‬بــل يحمــل رمزيــة كرامــة وديــن‬ ‫وعه ــد‪ ،‬اإلس ــاءة ل ــه ه ــي إس ــاءة لهوي ــة طائف ــة‬ ‫بأكمله ــا‪ ،‬ونح ــن نس ــتنكر أي تص ــرف طائف ــي‬ ‫يس ــتهدف الرم ــوز االجتماعي ــة أو الديني ــة‬

‫أم ــا محم ــود الدمش ــقي‪ ،‬أح ــد الس ــوريين‬ ‫املهجري ــن إل ــى الع ــراق واملقي ــم ف ــي أربي ــل‪،‬‬ ‫فق ــد تح ـ ّـدث ملجل ــة «فيل ــي» ع ــن املش ــهد‬ ‫م ــن زاوي ــة إنس ــانية وأمني ــة‪ ،‬قائ ـ ًـا "أح ــداث‬ ‫الس ــويداء األخي ــرة ليس ــت فق ــط سياس ــية‬ ‫أو احتجاجي ــة‪ ،‬ب ــل تتص ــل بج ــذور عميق ــة‬ ‫ف ــي تركيب ــة املجتم ــع ال ــدرزي نفس ــه‪ ،‬ال ــذي‬ ‫ـوزا‬ ‫يــرى فــي الهويــة واملقدســات والشــوارب رمـ ً‬ ‫لوج ــوده ال يمك ــن التفري ــط به ــا"‪.‬‬

‫ويضيــف "حتــى الشــباب فــي الســويداء الذيــن‬ ‫حمل ــوا الس ــاح أو خرج ــوا ف ــي احتجاج ــات‪،‬‬ ‫كان ــوا يتفاخ ــرون بإطال ــة الش ــوارب لي ــس‬ ‫كمج ــرد تقلي ــد ب ــل كموق ــف‪ ،‬ألن الش ــارب‬ ‫فــي الســويداء يعنــي الرجولــة والكرامــة‪ ،‬حتــى‬ ‫ل ــو كان الش ــاب ب ــا م ــال وال مس ــتقبل‪ ،‬فإن ــه‬ ‫ـيئا م ــن إرث‬ ‫بش ــاربه يش ــعر أن ــه يحم ــل ش ـ ً‬ ‫آبائ ــه"‪.‬‬

‫‪22‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬ ‫‪IRAQI‬‬

‫مأساة كورنيش الكوت‪:‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪23 2025‬‬

‫فاجعة اإلهمال ورصخة السالمة الضائعة‬ ‫فيــلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫ُتع ــد إج ــراءات الصح ــة والس ــامة املهني ــة‪ ،‬الس ــيما تل ــك املتعلق ــة بالوقاي ــة م ــن‬ ‫الحرائ ــق ومكافحته ــا‪ ،‬حج ــر الزاوي ــة ف ــي حماي ــة األرواح واملمتل ــكات‪ ،‬بخاص ــة ف ــي‬ ‫األماك ــن العام ــة والتجاري ــة‪ .‬إن الح ــادث املأس ــاوي ال ــذي وق ــع مؤخ ــرا ف ــي مرك ــز‬ ‫التس ــوق بمحافظ ــة واس ــط يؤك ــد بش ــكل ص ــارخ أهمي ــة االلت ــزام الص ــارم به ــذه‬ ‫اإلج ــراءات‪.‬‬

‫واس ــتنادا ال ــى تج ــارب ال ــدول ف ــي مواجه ــة‬ ‫الحرائ ــق‪ ،‬الس ــيما ف ــي أماك ــن التجم ــع العام ــة‬ ‫ومنه ــا األس ــواق‪ ،‬ف ــان ثم ــة اج ـراءات اساس ــية‬ ‫واجبــة التطبيــق لتجنــب تلــك الكــوارث؛ وتبــرز‬ ‫اهمي ــة اتخ ــاذ تل ــك االج ـراءات الس ــيما ف ــي‬ ‫البل ــدان الت ــي تتمي ــز بارتف ــاع درج ــات الح ـرارة‬ ‫ومنه ــا الع ـراق‪.‬‬ ‫تس ــتند اس ــتراتيجية الوقاي ــة م ــن الحرائ ــق إل ــى‬ ‫مجموع ــة م ــن املب ــادئ املتكامل ــة الت ــي ته ــدف‬ ‫إل ــى من ــع ان ــدالع الحري ــق والح ــد م ــن انتش ــاره‪،‬‬ ‫وتوفي ــر س ــبل آمن ــة إلخ ــاء األش ــخاص‪.‬‬ ‫فقب ــل الش ــروع ف ــي أي مش ــروع أو تش ــغيل أي‬ ‫منش ــأة‪ ،‬يج ــب إج ـراء تقوي ــم ش ــامل للمخاط ــر‬ ‫املحتمل ــة‪ ،‬بم ــا ف ــي ذل ــك مخاط ــر الحري ــق؛‬ ‫يتضم ــن ه ــذا التقوي ــم تحدي ــد مص ــادر‬ ‫االشتعال املحتملة مثل‪ ،‬األسالك الكهربائية‪،‬‬ ‫وامل ــواد القابل ــة لالحت ـراق‪ ،‬ومص ــادر الح ـرارة‪،‬‬ ‫وااللتف ــات ال ــى م ــدى خط ــورة ه ــذه املص ــادر‬ ‫علــى حيــاة األف ـراد واملمتلــكات‪ .‬يجــب أن يكــون‬ ‫ه ــذا التقوي ــم مس ــتمرا ومتج ــددا‪ ،‬بخاص ــة‬ ‫عن ــد تغيي ــر طبيع ــة املنش ــأة أو اس ــتعمالها‪،‬‬ ‫كم ــا ح ــدث ف ــي حال ــة تحوي ــل "مطع ــم زرزور"‬ ‫إلــى مركــز تســوق "هايبــر ماركــت الكورنيــش" فــي‬ ‫الك ــوت‪.‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫‪24‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪25 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫فاجعة اإلهمال وصرخة السالمة الضائعة‬

‫يج ــب أن يج ــري تصمي ــم املبان ــي‪ ،‬وبخاص ــة‬ ‫املراك ــز التجاري ــة‪ ،‬بحي ــث تقل ــل م ــن خط ــر‬ ‫انتش ــار الحري ــق‪ ،‬وه ــذا يتضم ــن اس ــتعمال‬ ‫م ــواد بن ــاء غي ــر قابل ــة لالش ــتعال أو مقاوم ــة‬ ‫للحري ــق‪ ،‬مث ــل الخرس ــانة والصل ــب املعال ــج‬ ‫وامل ــواد العازل ــة املقاوم ــة للحري ــق‪ ،‬و تجن ــب‬ ‫امل ــواد س ــريعة االش ــتعال كاألل ــواح الخش ــبية‬ ‫أو بع ــض أن ــواع البالس ــتيك ف ــي اإلنش ــاءات‬ ‫األساس ــية والتش ــطيبات الداخلي ــة ق ــدر‬ ‫اإلم ــكان‪ .‬ولوح ــظ ان تل ــك امل ــواد الخط ــرة‬ ‫يج ــري اعمامه ــا ف ــي عملي ــات البن ــاء ف ــي الع ـراق‬ ‫ف ــي العقدي ــن املاضيي ــن م ــا تس ــبب ف ــي س ــهولة‬ ‫وانتش ــارها‪.‬‬ ‫الحرائ ــق‬ ‫ان ــدالع‬ ‫وم ــن االج ـراءات املتبع ــة لتجن ــب الحرائ ــق‬ ‫تقس ــيم املبن ــى إل ــى وح ــدات صغي ــرة بإنش ــاء‬

‫ج ــدران وأب ــواب مقاوم ــة للحري ــق ملن ــع انتش ــار‬ ‫ألس ــنة الله ــب والدخ ــان عب ــر الطواب ــق أو‬ ‫األقس ــام املتع ــددة‪ ،‬مم ــا يمن ــح وقت ــا أط ــول‬ ‫لإلخ ــاء والس ــيطرة عل ــى الحري ــق‪.‬‬ ‫وم ــن الض ــروري ان تتوف ــر مخ ــارج الط ــوارئ‬ ‫وس ــالم النج ــاة‪ ،‬و يج ــب أن تك ــون ه ــذه‬ ‫املخ ــارج واضح ــة‪ ،‬س ــهلة الوص ــول‪ ،‬غي ــر‬ ‫مس ــدودة‪ ،‬ومض ــاءة جي ــدا‪ ،‬كم ــا يج ــب أن‬ ‫يتناس ــب عدده ــا وحجمه ــا م ــع س ــعة املبن ــى‬ ‫وع ــدد األش ــخاص املتوق ــع تواجده ــم في ــه‪ ،‬و‬ ‫أن ت ــؤدي إل ــى مناط ــق آمن ــة بعي ــدا ع ــن املبن ــى‪.‬‬ ‫و تع ــد أنظم ــة اإلن ــذار املبك ــر والكش ــف‬ ‫ع ــن الحري ــق ضروري ــة لس ــرعة االس ــتجابة‪،‬‬ ‫وتش ــمل‪ ،‬أجه ــزة كش ــف الدخ ــان والح ـرارة‪،‬‬ ‫الت ــي يج ــب ان تثب ــت ف ــي جمي ــع أنح ــاء املبن ــى‬

‫وتق ــوم بإص ــدار إن ــذار صوت ــي ومرئ ــي ف ــور‬ ‫الكشــف عــن الدخــان أو ارتفــاع درجــة الحـرارة‬ ‫بش ــكل غي ــر اعتي ــادي‪.‬‬ ‫وبحس ــب اش ــتراطات البن ــاء الدولي ــة‪ ،‬يتوج ــب‬ ‫توف ــر لوح ــة التحك ــم الرئيس ــة (‪Fire Alarm‬‬ ‫‪ ،)Control Panel‬وهــي مركــز يجمــع اإلشــارات‬ ‫م ــن جمي ــع أجه ــزة الكش ــف ويق ــوم بتفعي ــل‬ ‫أنظمــة اإلنــذار وإخطــار فــرق اإلطفــاء‪ ،‬وكذلــك‬ ‫نظ ــام اإلن ــذار الصوت ــي‪ ،‬للس ــماح بتوجي ــه‬ ‫األشــخاص وتوفيــر تعليمــات اإلخــاء بوضــوح‪.‬‬ ‫ام ــا انظم ــة مكافح ــة الحري ــق‪ ،‬فتقس ــم إل ــى‬ ‫يدويــة وتلقائيــة‪ ،‬بمــا فيهــا توفيــر انــواع املطافــئ‬ ‫اليدوي ــة املناس ــبة (م ــاء‪ ،‬رغ ــوة‪ ،‬ثان ــي أكس ــيد‬ ‫الكرب ــون‪ ،‬مس ــحوق ج ــاف) وتوزيعه ــا بش ــكل‬ ‫اس ــتراتيجي ف ــي جمي ــع أنح ــاء املبن ــى‪ ،‬وأن تك ــون‬

‫س ــهلة الوص ــول وتفح ــص بانتظ ــام‪ ،‬وكذل ــك‬ ‫خراطي ــم املي ــاه بمعن ــى نق ــاط إطف ــاء متصل ــة‬ ‫بمص ــدر مي ــاه ثاب ــت‪ ،‬ومع ــدة لالس ــتعمال‬ ‫الف ــوري م ــن قب ــل املنقذي ــن او عام ــة الن ــاس‪.‬‬ ‫وهن ــا تب ــرز اهمي ــة أنظم ــة ال ــرش التلقائ ــي الت ــي‬ ‫تعم ــل تلقائي ــا عن ــد ارتف ــاع درج ــة الح ـرارة ف ــي‬ ‫منطق ــة معين ــة ال ــى الح ــد غي ــر االعتي ــادي‪،‬‬ ‫وتق ــوم ب ــرش امل ــاء للس ــيطرة عل ــى الحري ــق أو‬ ‫إخم ــاده‪ ،‬وتع ــد م ــن أكث ــر األنظم ــة فعالي ــة ف ــي‬ ‫الح ــد م ــن انتش ــار الحرائ ــق الكبي ــرة‪.‬‬ ‫ي‬ ‫كمــا ان املعمــول بــه فــي البنــاء التجــار الســليم‬ ‫تواج ــد أنظم ــة إطف ــاء خاص ــة‪ ،‬مث ــل م ــا يس ــمى‬ ‫أنظم ــة الغ ــازات الخامل ــة وتعم ــل ف ــي املناط ــق‬ ‫الت ــي تحت ــوي عل ــى مع ــدات حساس ــة أو م ــواد‬ ‫قابلــة لالشــتعال ال يمكــن إطفائهــا باملــاء (قيــل‬ ‫ان القس ــم ال ــذي ب ــدأ في ــه الحري ــق م ــن بناي ــة‬ ‫التس ــوق ف ــي الك ــوت ه ــو ال ــذي يحت ــوي عل ــى‬ ‫عط ــور ومنتج ــات كيمياوي ــة)‪.‬‬ ‫ويج ــب االش ــارة ال ــى ان املع ــدات ال تكف ــي م ــن‬ ‫دون خط ــط واضح ــة وتدري ــب مكث ــف ووض ــع‬ ‫خط ــة ط ــوارئ ش ــاملة‪ ،‬تتضم ــن إج ـراءات‬ ‫اإلخ ــاء‪ ،‬وتحدي ــد نق ــاط التجم ــع اآلمن ــة‪،‬‬ ‫وتعيي ــن مس ــؤوليات واضح ــة ل ــكل ف ــرد م ــن‬ ‫أف ـراد فري ــق العم ــل‪ ،‬وتحدي ــد ط ــرق االتص ــال‬ ‫بفــرق الطــوارئ الخارجيــة مثــل الدفــاع املدنــي‪،‬‬ ‫واإلس ــعاف‪.‬‬ ‫و يج ــب تدري ــب جمي ــع العاملي ــن واملوظفي ــن‬ ‫بش ــكل منتظ ــم ودوري عل ــى كيفي ــة اس ــتعمال‬ ‫مع ــدات اإلطف ــاء األولي ــة‪ ،‬وكيفي ــة التص ــرف‬ ‫ف ــي أثن ــاء الحري ــق‪ ،‬ومس ــارات اإلخ ــاء اآلمن ــة‪،‬‬ ‫وطــرق مســاعدة األشــخاص ذوي االحتياجــات‬ ‫الخاص ــة‪ ،‬و إج ـراء تماري ــن اإلخ ــاء بانتظ ــام‬ ‫للتأك ــد م ــن فعالي ــة الخط ــة وجاهزي ــة األف ـراد؛‬ ‫و ال قيمــة ألي نظــام مــن دون صيانــة وفحــص‬ ‫دوري وتفتي ــش عل ــى جمي ــع أنظم ــة مكافح ــة‬ ‫الحري ــق واإلن ــذار‪ ،‬لضم ــان عمله ــا بكف ــاءة؛‬ ‫يشــمل ذلــك البطاريــات‪ ،‬وأجهــزة االستشــعار‪،‬‬ ‫واملضخ ــات‪ ،‬وصمام ــات املي ــاه‪ ،‬والتفتي ــش‬ ‫علــى مخــارج الطــوارئ؛ للتأكــد مــن خلوهــا مــن‬ ‫العوائ ــق‪.‬‬ ‫ومــن اهــم االجـراءت ايضــا مراجعــة التراخيــص‬ ‫والتصاري ــح الخاص ــة بالبن ــاء‪ ،‬والتأك ــد م ــن‬ ‫مطابقــة املنشــأة ملعاييــر الســامة املحــددة مــن‬ ‫قب ــل الجه ــات الحكومي ــة املختص ــة‪.‬‬ ‫وف ــي حال ــة انش ــاء مرك ــز التس ــوق ف ــي واس ــط‪،‬‬ ‫يشــير الوصــف إلــى عــدة إخفاقــات رئيســة‪ ،‬مــن‬

‫ذلــك اســتعمال مــواد قابلــة لالشــتعال‪ ،‬وبذلــك‬ ‫تعــرض املبنــى لخطــر االنهيــار الســريع وانتشــار‬ ‫الحري ــق‪ ،‬و غي ــاب املطاف ــئ الخاص ــة ووس ــائل‬ ‫اإلن ــذار وس ــالم النج ــاة‪ ،‬و ه ــذه العناص ــر‬ ‫ه ــي خ ــط الدف ــاع األول واألخي ــر ض ــد الحري ــق‬ ‫وتضم ــن ق ــدرة األش ــخاص عل ــى اله ــرب‪.‬‬ ‫كم ــا ج ــرى تحوي ــل املبن ــى م ــن دون تحدي ــث‬ ‫متطلب ــات الس ــامة‪ ،‬ونعن ــي بذل ــك تحوي ــل‬ ‫مطع ــم إل ــى مرك ــز تس ــوق زاد بش ــكل كبي ــر م ــن‬ ‫ع ــدد األش ــخاص املحتم ــل تواجده ــم وارتف ــاع‬ ‫مس ــتوى املخاط ــر‪.‬‬ ‫ان ذل ــك يس ــتدعي إع ــادة تقوي ــم كامل ــة‬ ‫وتحديــث شــامل ألنظمــة الســامة فــي الع ـراق‪،‬‬ ‫واملفارق ــة ان حري ــق الك ــوت‪ ،‬ج ــرى بع ــد م ــدة‬ ‫قصي ــرة م ــن التحوي ــل واالفتت ــاح‪ ،‬يش ــير ذل ــك‬ ‫إل ــى االس ــتعجال وع ــدم إنج ــاز اإلج ـراءات‬ ‫املطلوب ــة‪.‬‬ ‫إن االلتـزام الصــارم بمعاييــر الصحــة والســامة‬ ‫ّ‬ ‫املهني ــة لي ــس مج ــرد إج ـراء روتين ــي‪ ،‬ب ــل ه ــو‬ ‫اس ــتثمار ف ــي األرواح واملمتل ــكات‪ ،‬يتطل ــب‬ ‫األم ــر وعي ــا مجتمعي ــا ورقاب ــة حكومي ــة صارم ــة‬ ‫لضم ــان تطبي ــق ه ــذه املعايي ــر وتجن ــب تك ـرار‬ ‫مث ــل ه ــذه املآ�س ــي‪.‬‬ ‫يمك ــن اإلش ــارة هن ــا ال ــى وثيق ــة ص ــادرة ع ــن‬ ‫وزارة العم ــل والش ــؤون االجتماعي ــة ‪ /‬دائ ــرة‬ ‫التقاع ــد والضم ــان االجتماع ــي للعم ــال‪ ،‬تبي ــن‬ ‫أن مش ــروع مطع ــم "زرزور" ال ــذي كان يش ــغل‬

‫مبن ــى "هايب ــر مارك ــت الكورني ــش" ف ــي الك ــوت‪،‬‬ ‫ال ــذي احت ــرق ‪ ،‬ق ــد توق ــف ع ــن العم ــل ابت ــداء‬ ‫م ــن ‪ 1‬كان ــون الثان ــي ‪ ،2025‬وأن آخ ــر زي ــارة‬ ‫تفتيش ــية للمطع ــم ج ــرت بتاري ــخ ‪ 28‬آذار‬ ‫‪ ،2024‬ولــم يجــري اي تفتيــش بعــد ذلــك لغايــة‬ ‫تحويلــة الــى مركــز تســوق ووقــوع الحريــق‪ ،‬وكان‬ ‫مــن الواجــب ان تتغيــر اج ـراءات الســامة بعــد‬ ‫اجـراء التحويــل‪ ،‬وان يأخــذ وقتــا كافيــا لتثبيــت‬ ‫مس ــتلزمات الس ــامة املهني ــة والصحي ــة للبن ــاء‬ ‫قب ــل افتتاح ــه‪.‬‬

‫«يف البناء التجاري السليم‬ ‫تواجد أنظمة إطفاء خاصة‪،‬‬ ‫مثل ما يسمى أنظمة‬ ‫الغازات الخاملة وتعمل يف‬ ‫املناطق التي تحتوي على‬ ‫معدات حساسة أو مواد‬ ‫قابلة لالشتعال ال يمكن‬ ‫إطفائها باملاء»‪.‬‬

‫‪26‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪27 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫كرصة الصابئة‪..‬‬

‫اعتكاف بمناسبة خلق العالم المادي‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬ ‫بدأ أبناء الصابئة املندائيون‪ ،‬طقوس عيد "الكرصة"‪،‬‬ ‫وه ــو العي ــد الكبي ــر‪ ،‬لكن ــه يتزام ــن ه ــذا الع ــام م ــع ش ــهر‬ ‫مح ــرم ومــا يتضمن ــه م ــن مناس ــبات حزين ــة ل ــدى املك ــون‬ ‫الشــيعي‪ ،‬مــا دفــع برئاســة الديانــة إلــى إلغــاء االحتفــاالت‬ ‫بالعي ــد‪ ،‬واالقتص ــارفق ــط عل ــى الطق ــوس الديني ــة‪.‬‬

‫وتتن ــاول وكال ــة مجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬الطق ــوس‬ ‫الديني ــة له ــذا املناس ــبة لديان ــة الصابئ ــة‪ ،‬الت ــي‬ ‫تعــد مــن أقــدم الديانــات وتعــود جذورهــا إلــى نبــي‬ ‫هللا إبراهي ــم وم ــن ث ــم نب ــي هللا يحي ــى ب ــن زكري ــا‪،‬‬ ‫ال ــذي وض ــع تعاليمه ــا‪.‬‬ ‫وح ــول ه ــذا العي ــد‪ ،‬يق ــول رئي ــس الصابئ ــة‬ ‫املندائيي ــن ف ــي الع ـراق والعال ــم‪ ،‬الش ــيخ س ــتار‬ ‫جب ــار الحل ــو‪ ،‬لوكال ــة مجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إن "ه ــذا‬ ‫العيــد يمثــل رأس الســنة املندائيــة‪ ،‬فهــو يمثــل‬ ‫تأس ــيس العال ــم امل ــادي"‪.‬‬ ‫ويضي ــف أن ــه "ف ــي ه ــذا العي ــد‪ ،‬تكون ــت النج ــوم‬ ‫والكواكــب الســبعة‪ ،‬وفيــه زرعــت األس ـرار التــي‬ ‫انبثق ــت منه ــا العوال ــم كاف ــة"‪ ،‬موضح ـ ًـا "يمت ــد‬ ‫العي ــد لس ــبعة أي ــام‪ ،‬وتك ــون منه ــا ‪ 36‬س ــاعة‬ ‫اعت ــكاف ف ــي املن ــازل"‪.‬‬ ‫ويتاب ــع "ونظ ـ ًرا لحل ــول ش ــهر مح ــرم الح ـرام‬ ‫واستش ــهاد االم ــام الحس ــين علي ــه الس ــام‪،‬‬ ‫وتزام ــن ه ــذه الذك ــرى م ــع العي ــد‪ ،‬فق ــد تق ــرر‬ ‫من ــع االحتف ــال بالعي ــد ف ــي الع ـراق والعال ــم‬ ‫واالقتص ــار عل ــى األدعي ــة والصل ــوات فق ــط"‪.‬‬ ‫وم ــن ش ــروط الــ‪ 36‬س ــاعة‪ ،‬الت ــي يعتك ــف فيه ــا‬ ‫الصابئ ــة‪ ،‬ه ــي من ــع أي تواص ــل م ــع العال ــم‬ ‫الخارجــي ومنعهــم مــن اســتخدام املــاء الجــاري‪،‬‬

‫م ــا يدفعه ــم إل ــى م ــلء األوان ــي باملي ــاه لغ ــرض‬ ‫اس ــتخدامها خ ــال م ــدة وجوده ــم ف ــي املن ــازل‪،‬‬ ‫فض ـ ًـا ع ــن منعه ــم م ــن اس ــتخدام أدوات‬ ‫الحالق ــة وغيره ــا م ــن أم ــور الزين ــة‪ ،‬وعليه ــم‬ ‫أيضــا أن يحافظــوا علــى أنفســهم مــن التعــرض‬ ‫ألي ج ــرح‪ ،‬ألن خ ــروج ال ــدم م ــن املمنوع ــات‬ ‫أيض ـ ًـا‪ ،‬وتش ــمل ه ــذه الطق ــوس الصغ ــار‬ ‫والكب ــار عل ــى ح ــد س ــواء‪.‬‬ ‫وموط ــن أبن ــاء الديان ــة ف ــي الع ـراق ه ــو جنوب ــه‪،‬‬ ‫إذ تمرك ــزوا ق ــرب األنه ــار واأله ــوار‪ ،‬نظ ـ ًرا‬ ‫لعالقتهــم الوثيقــة مــع املــاء‪ ،‬فأغلــب طقوســهم‬ ‫يج ــب أن تج ــرى بامل ــاء الج ــاري ولي ــس الس ــاكن‬ ‫مث ــل األح ــواض‪.‬‬ ‫ويع ــد التعمي ــد بمي ــاه النه ــر‪ ،‬م ــن أه ــم وأب ــرز‬ ‫طقــوس املندائييــن فــي هــذا العيــد‪ ،‬حيــث يؤكــد‬ ‫الحل ــو أن "املندائ ــي ين ــزل ملي ــاه النه ــر باش ـراف‬ ‫رج ــل دي ــن م ــن الطائف ــة وصفت ــه (الترمي ــذا)‪،‬‬ ‫حي ــث يت ــم ارت ــداء مالب ــس قطني ــة بيض ــاء‪،‬‬ ‫ســواء للرجــال أو النســاء أو األطفــال‪ ،‬علــى حــد‬ ‫ســواء‪ ،‬تعــرف بـ(الرســتة)‪ ،‬مــع قـراءة أجـزاء مــن‬ ‫كت ــاب كن ـزا رب ــا‪ ،‬وه ــو الكت ــاب املق ــدس ل ــدى‬ ‫الطائف ــة"‪.‬‬ ‫وتع ــرض أبن ــاء الديان ــة ف ــي الع ـراق‪ ،‬إل ــى الكثي ــر‬

‫مــن التحديــات التــي دفعــت أغلبهــم إلــى الهجــرة‬ ‫لخــارج الع ـراق أو تــرك مــدن الجنــوب والتوجــه‬ ‫إلقلي ــم كوردس ــتان‪ ،‬حي ــث اس ــتقبلت أربي ــل‬ ‫ـدا‬ ‫اآلالف م ــن أبن ــاء الديان ــة وفت ــح له ــم معب ـ ً‬ ‫هن ــاك‪ ،‬ليمارس ــوا طقوس ــهم في ــه‪ ،‬فض ـ ًـا ع ــن‬ ‫احتضانه ــا املئ ــات م ــن صاغ ــة الذه ــب‪ ،‬وه ــي‬ ‫املهن ــة األساس ــية ألبن ــاء الديان ــة‪.‬‬ ‫إل ــى ذل ــك‪ ،‬تؤك ــد املندائي ــة أطي ــاف ع ــادل‪ ،‬وه ــي‬ ‫م ــن س ــكنة محافظ ــة ذي ق ــار‪ ،‬أن "عي ــد رأس‬ ‫الس ــنة املندائي ــة ه ــو م ــن األعي ــاد املهم ــة ف ــي‬ ‫ديانت ــا‪ ،‬ألن ــه يرتب ــط بخل ــق العال ــم امل ــادي"‪.‬‬

‫وتش ــير لوكال ــة مجل ــة «فيل ــي»‪" ،‬نق ــوم به ــذا‬ ‫العيــد بالتعميــد فــي املــاء الجــاري بحضــور رجــل‬ ‫دي ــن يش ــرف عل ــى التعمي ــد"‪.‬‬ ‫وتضيــف "يذهــب املندائيــون فــي هــذا العيــد الــى‬ ‫املن ــدي (املعب ــد) ألداء الص ــاة والدع ــاء‪ ،‬بينم ــا‬ ‫تت ـزاور العائ ــات املندائي ــة فيم ــا بينه ــا لتقدي ــم‬ ‫تهانــي العيــد بعــد انقضــاء ســاعات االعتــكاف"‪.‬‬ ‫وتشــير إلــى أن "االعتــكاف يبــدأ مــن اليــوم األول‬ ‫مــن أيــام العيــد ويســتمر مــدة ‪ 36‬ســاعة‪ ،‬نمتنــع‬ ‫خالله ــا ع ــن الخ ــروج م ــن املن ــازل وننفص ــل‬ ‫تمام ـ ًـا ع ــن العال ــم الخارج ــي"‪.‬‬

‫وينتش ــر أبن ــاء الديان ــة‪ ،‬وبس ــبب موج ــات‬ ‫الهج ــرة الت ــي ب ــدأت من ــذ أواخ ــر تس ــعينيات‬ ‫الق ــرن املا�ض ــي‪ ،‬ف ــي دول مث ــل الس ــويد وأملاني ــا‬ ‫وأس ــتراليا والوالي ــات املتح ــدة‪ ،‬وهن ــاك بن ــوا‬ ‫معابده ــم "املن ــدي" وحصل ــوا عل ــى رخص ــة‬ ‫رســمية ملمارســة طقوســهم وتلبيــة احتياجاتهــم‬ ‫كاف ــة م ــن قب ــل تل ــك ال ــدول‪.‬‬ ‫وللصابئ ــة مقع ــد واح ــد ف ــي مجل ــس الن ــواب‬ ‫العراقــي‪ ،‬ضمــن "الكوتــا" التــي تمنــح لألقليــات‪،‬‬ ‫وغالب ـ ًـا يتناف ــس أكث ــر م ــن ش ــخص عل ــى ه ــذا‬ ‫املقع ــد ف ــي كل انتخاب ــات تش ــريعية‪.‬‬

‫‪28‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬ ‫‪IRAQI‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪29 2025‬‬

‫آفة الطائفية‪ ..‬ما سر عودتها للواجهة في العراق؟‬ ‫فيــلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫تصاعــدت فــي اآلونــة األخيــرة حــدة خطابــات الطائفيــة والكراهيــة‪،‬‬ ‫األم ــر ال ــذي ب ــان يه ــدد الس ــلم املجتمع ــي‪ ،‬وبينم ــا تتوع ــد وزارة‬ ‫الداخلي ــة باتخ ــاذ إج ــراءات صارم ــة وحازم ــة ض ــد كل م ــن ي ــروج‬ ‫ملث ــل ه ــذه الخطاب ــات‪ ،‬ب ــرزت دع ــوات نيابي ــة إل ــى تش ــريع قان ــون‬ ‫يج ــرم الطائفي ــة‪ ،‬م ــع إغ ــاق الصفح ــات الت ــي تدع ــو إليه ــا‪.‬‬

‫وتزام ــن إث ــارة النع ـرات الطائفي ــة م ــع ق ــرب‬ ‫إجـراء االنتخابــات التشــريعية املقــرر إجراؤهــا‬ ‫ف ــي ‪ 11‬تش ــرين الثان ــي‪ /‬نوفمب ــر ‪ ،2025‬ف ــي‬ ‫محاول ــة كم ــا يصفه ــا مراقب ــون لتحقي ــق‬ ‫مكاســب انتخابيــة مــن خاللهــا‪ ،‬فيمــا تزايــدت‬ ‫خط ــورة التحري ــض إل ــى ح ــد التماه ــي م ــع‬ ‫مش ــاريع قديم ــة تدع ــو لتقس ــيم الب ــاد عل ــى‬ ‫أس ــس طائفي ــة‪ ،‬ف ــي وق ــت تش ــهد املنطق ــة‬ ‫ـدا خطي ـ ًرا لخل ــق خارط ــة جدي ــدة فيه ــا‪.‬‬ ‫تصعي ـ ً‬ ‫وآخ ــر تل ــك الخطاب ــات‪ ،‬م ــا أعلنت ــه وزارة‬ ‫الداخلي ــة العراقي ــة ف ــي ‪ 30‬حزي ـران‪ /‬يوني ــو‬ ‫املا�ض ــي‪ ،‬باتخ ــاذ اإلج ـراءات القانوني ــة بح ــق‬ ‫كل م ــن املدع ــو ع ــداي الغري ــري‬ ‫(إم ــام مس ــجد)‪ ،‬وعب ــد الحس ــين‬ ‫هي ــال الحاتم ــي (ش ــاعر)‪،‬‬ ‫لنش ــرهما محت ــوى مخالف ـ ًـا عل ــى‬ ‫مواق ــع التواص ــل االجتماع ــي‬

‫يتضم ــن خطاب ــات طائفي ــة وكراهي ــة‪.‬‬ ‫وج ــاءت ه ــذه اإلج ـراءات بع ــد ثالث ــة أي ــام‬ ‫م ــن مباش ــرة لجن ــة املحت ــوى الهاب ــط ف ــي وزارة‬ ‫الداخلي ــة‪ ،‬باتخ ــاذ اإلج ـراءات القانوني ــة‬ ‫الالزم ــة بح ــق ع ــدد م ــن املحرضي ــن عل ــى‬ ‫الطائفي ــة والكراهي ــة‪.‬‬ ‫وس ــبق محت ــوى إم ــام املس ــجد والش ــاعر‪ ،‬م ــا‬ ‫تقــدم بــه ناشــطين فــي ‪ 14‬أيار‪/‬مايــو املا�ضــي‪،‬‬ ‫بشــكوى إلــى محكمــة تحقيــق األمــن فــي نينــوى‬ ‫ضد اإلعالمي سيف الخياط‪ ،‬املعروف باسم‬ ‫"س ــام ع ــادل"‪ ،‬متهمي ــن إي ــاه بإث ــارة النع ـرات‬ ‫الطائفي ــة واإلس ــاءة إل ــى املك ــون الس ــني خ ــال‬ ‫ظه ــوره اإلعالم ــي ومنش ــوراته عل ــى مواق ــع‬ ‫التواص ــل االجتماع ــي‪.‬‬ ‫وتعليق ـ ًـا عل ــى مح ــاوالت‬ ‫إث ــارة النع ـرات الطائفي ــة‪،‬‬ ‫يق ــول النائ ــب الش ــيخ ثائ ــر‬ ‫مخي ــف الكت ــاب الجب ــوري‪،‬‬

‫إن "الساس ــة الذي ــن لي ــس لديه ــم إنج ــازات‬ ‫ويري ــدون البق ــاء ف ــي الحك ــم‪ ،‬يحاول ــون إث ــارة‬ ‫ه ــذه النع ـرات الطائفي ــة كــي يتمح ــور عليه ــم‬ ‫مــن يجهــل الوطنيــة والديــن وكل مــا مــن شــأنه‬ ‫أن يوح ــد الع ـراق"‪.‬‬ ‫ويدع ــو الجب ــوري خ ــال حديث ــه ملجل ــة‬ ‫«فيل ــي»‪ ،‬مجل ــس الن ــواب إل ــى "س ــن قان ــون‬ ‫يعاق ــب مثي ــري النع ـرات الطائفي ــة‪ ،‬وعل ــى‬ ‫مفوضي ــة االنتخاب ــات اس ــتبعاد أي مرش ــح‬ ‫يثي ــر الطائفي ــة الت ــي ل ــم نغادره ــا إال بش ــق‬ ‫األنف ــس‪ ،‬وه ــي أداة م ــن أدوات االحت ــال‬ ‫لتقس ــيم الب ــاد"‪.‬‬ ‫وه ــذا م ــا طال ــب ب ــه زعي ــم تي ــار "الحكم ــة"‬ ‫عم ــار الحكي ــم‪ ،‬ف ــي‬ ‫‪ 30‬أبريل‪/‬نيس ــان‬ ‫املا�ض ــي‪ ،‬إذ‬ ‫دع ــا إل ــى‬

‫" ا لتص ــد ي‬ ‫مل ــن يري ــد الحص ــول‬ ‫عل ــى الص ــوت االنتخاب ــي‬ ‫م ــن خ ــال إث ــارة النع ـرات‬ ‫الطائفي ــة"‪ ،‬مش ــي ًرا إل ــى أن‬ ‫"أه ــم منج ــز ه ــو امت ــاك‬

‫‪30‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪31 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫النائب حميد الشبالوي‪" :‬الوقت حان التخاذ موقف قانوني‬ ‫حاسم تجاه هذه اآلفة بما يعزز الوحدة الوطنية ويحمي‬ ‫السلم األهلي ويمنع عودة الخطاب المحرض والممزق"‬

‫القانوني محمد جمعة‪" :‬أن اإلجراءات القانونية تتم حالي ًا‬ ‫وفق المادة ‪ 372‬وهي مس المعتقدات الدينية‪ ،‬وبالتالي‬ ‫تعتبر جنحة‪ ،‬واألفضل تكييفها وفق ًا للمادة ‪ 200‬بإثارة‬ ‫النعرات بين الشعب‪ ،‬باعتبارها جناية"‬

‫الع ـراق إل ــى الحصان ــة واملناع ــة م ــن الخط ــاب‬ ‫ا لطا ئف ــي " ‪.‬‬ ‫وألهمي ــة تش ــريع قان ــون يعاق ــب عل ــى إث ــارة‬ ‫الطائفيــة‪ ،‬أعلــن النائــب حميــد الشــبالوي‪ ،‬فــي‬ ‫‪ 28‬حزيران‪/‬يونيــو املا�ضــي‪ ،‬عــن جمــع تواقيــع‬ ‫نيابي ــة لتش ــريع قان ــون تجري ــم الطائفي ــة ف ــي‬ ‫مجل ــس الن ــواب بأق ــرب وق ــت ممك ــن‪.‬‬ ‫وأكــد الشــبالوي فــي طلبــه إلــى رئاســة البرملــان‪،‬‬ ‫أن "الوق ــت ح ــان التخ ــاذ موق ــف قانون ــي‬

‫حاس ــم تج ــاه ه ــذه اآلف ــة بم ــا يع ــزز الوح ــدة‬ ‫الوطني ــة ويحم ــي الس ــلم األهل ــي ويمن ــع ع ــودة‬ ‫الخط ــاب املح ــرض واملم ــزق"‪.‬‬ ‫ويأت ــي طل ــب الش ــبالوي بع ــد ثالث ــة أش ــهر م ــن‬ ‫دع ــوة رئي ــس البرمل ــان محم ــود املش ــهداني‪ ،‬ف ــي‬ ‫‪ 21‬آذار‪ /‬م ــارس املا�ض ــي‪ ،‬إل ــى تش ــريع قان ــون‬ ‫يجــرم الطائفيــة فــي العـراق‪ ،‬مــع إغالق وحجب‬ ‫وإزالــة الصفحــات واملنشــورات والفيديوهــات‬ ‫والتس ــجيالت الت ــي تدع ــو للطائفي ــة‪.‬‬

‫وأوض ــح املش ــهداني ف ــي مق ــال‪ ،‬أن "خط ــورة‬ ‫التحري ــض تزاي ــدت إل ــى ح ــد التماه ــي م ــع‬ ‫مش ــاريع قديم ــة تدع ــو لتقس ــيم الب ــاد‪ ،‬وف ــي‬ ‫الطري ــق إل ــى انتخاب ــات نهاي ــة ع ــام ‪،2025‬‬ ‫ـدا خطي ـ ًرا بينم ــا‬ ‫نج ــد ف ــي ه ــذا املش ــروع تصعي ـ ً‬ ‫يعص ــف التغيي ــر باملنطق ــة الت ــي نعي ــش فيه ــا‬ ‫وتح ــدق به ــا الفو�ض ــى"‪.‬‬ ‫وه ــذا م ــا يح ــذر من ــه وكي ــل املرجعي ــة ف ــي‬ ‫بغ ــداد‪ ،‬وعض ــو األمان ــة العام ــة لعلم ــاء‬

‫الع ـراق‪ ،‬محمــد خليــل إبراهيــم‪ ،‬الــذي أوضــح‬ ‫ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "الطائفي ــة مطي ــة يركبه ــا‬ ‫االس ــتعمار وال ــدول املس ــتكبرة‪ ،‬وه ــي ال تم ــت‬ ‫إلــى اإلســام ب�شــيء‪ ،‬فــكل مــن نطــق الشــهادتين‬ ‫دم ــه وعرض ــه ومال ــه محت ــرم‪ ،‬لذل ــك يج ــب‬ ‫الحفــاظ علــى وحــدة املســلمين فــي هــذه الفتــرة‬ ‫العصيب ــة الت ــي يم ــر به ــا لي ــس الع ـراق فق ــط‪،‬‬ ‫ب ــل الوط ــن العرب ــي واألم ــة اإلس ــامية"‪.‬‬ ‫ويتفــق رئيــس مجلــس أئمــة وخطبــاء األعظميــة‬

‫وضواحيهــا‪ ،‬الشــيخ مصطفــى البياتــي‪ ،‬مــع مــا‬ ‫قال ــه محم ــد خلي ــل‪ ،‬إذ يؤك ــد ملجل ــة «فيل ــي»‪،‬‬ ‫أن "الواجــب الشــرعي قبــل أن يكــون الواجــب‬ ‫الوطن ــي ه ــو احت ـرام بعضن ــا البع ــض‪ ،‬ب ــل أن‬ ‫الديــن اإلســامي نهــى ســب الذيــن كفــروا حتــى‬ ‫ال يس ــبوا املس ــلمين‪ ،‬لذل ــك تل ــك التصرف ــات‬ ‫مس ــتنكرة ومدان ــة‪ ،‬وعل ــى الحكوم ــة والقض ــاء‬ ‫محاس ــبة ه ــؤالء املجرمي ــن والحف ــاظ عل ــى‬ ‫وح ــدة الش ــعب"‪.‬‬

‫وتعاق ــب امل ــادة (‪ )200‬م ــن قان ــون العقوب ــات‬ ‫العراق ــي املع ــدل الت ــي وردت ضم ــن الجرائ ــم‬ ‫املاس ــة بأم ــن الدول ــة الداخل ــي بعقوب ــة‬ ‫الس ــجن م ــدة ال تزي ــد عل ــى س ــبع س ــنوات "كل‬ ‫مــن حــرض أو حبــذ‪ ،‬أو روج مــا يثيــر النع ـرات‬ ‫املذهبيــة‪ ،‬أو الطائفيــة‪ ،‬أو حــرض علــى النـزاع‬ ‫بي ــن الطوائ ــف‪ ،‬واألجن ــاس‪ ،‬والبغض ــاء‪ ،‬أو‬ ‫أث ــار ش ــعور الكراهي ــة بي ــن س ــكان الع ـراق"‪.‬‬ ‫كم ــا عاقب ــت امل ــادة (‪ )372‬م ــن قان ــون‬ ‫العقوب ــات العراق ــي املع ــدل الت ــي وردت ضم ــن‬ ‫الجرائــم التــي تمــس الشــعور الدينــي بالعقوبــة‬ ‫مــدة ال تزيــد علــى ثــاث ســنوات‪ ،‬أو بالغرامــة‬ ‫كل "م ــن اعت ــدى بإح ــدى ط ــرق العالني ــة عل ــى‬ ‫معتق ــد إلح ــدى الطوائ ــف الديني ــة‪ ،‬أو حق ــر‬ ‫م ــن ش ــعائرها‪ ،‬أو م ــن أه ــان علن ـ ًـا رم ـ ًزا‪ ،‬أو‬ ‫ـخصا ه ــو موض ــع تقدي ــس‪ ،‬أو تمجي ــد‪ ،‬أو‬ ‫شـ ً‬ ‫احت ـرام ل ــدى طائف ــة ديني ــة"‪.‬‬ ‫لكــن الخبيــر القانونــي‪ ،‬محمــد جمعــة‪ ،‬يوضــح‬ ‫ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬أن "اإلج ـراءات القانونيــة تتــم‬ ‫حالي ـ ًـا وف ــق امل ــادة ‪ 372‬وه ــي م ــس املعتق ــدات‬ ‫الديني ــة‪ ،‬وبالتال ــي تعتب ــر جنح ــة‪ ،‬واألفض ــل‬ ‫تكييفهــا وفقـ ًـا للمــادة ‪ 200‬بإثــارة النعـرات بيــن‬ ‫الش ــعب‪ ،‬باعتباره ــا جناي ــة‪ ،‬إذ يج ــب اتخ ــاذ‬ ‫إج ـراءات رادع ــة بح ــق كل م ــن يثي ــر النع ـرات‬ ‫الطائفي ــة ف ــي الب ــاد"‪.‬‬

‫‪32‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪33 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬ ‫أجورا على تأشيرة الدخول الخاصة بالزيارة األربعينية‬ ‫يمثل فرض العراق‬ ‫ً‬ ‫للزائرين القادمين من الدول العربية واألجنبية بقيمة ‪ 5‬دوالرات أي ‪7500‬‬ ‫دينارعراقي‪ ،‬خطوة أولى نحو تحسين اإليرادات غيرالنفطية ودعم حقيقي‬ ‫للموازنة الوطنية‪ ،‬بحسب مختصين‪ ،‬حيث شددوا على أهمية أن تستثمر‬ ‫هذه األموال بشكل شفاف لتطويرالبنية التحتية الخاصة باملناسبة‪.‬‬

‫رسوم األربعين‪..‬‬

‫ّ‬ ‫يفعل‬ ‫العراق‬ ‫ً‬ ‫مورداً‬ ‫حيويا‬

‫لمواجهة الضائقة‬ ‫المالية‬

‫وقــررت وزارة الداخليــة العراقيــة‪ ،‬منــح ســمات‬ ‫الدخ ــول (الزي ــارة ‪ -‬الس ــياحية ‪ -‬االعتيادي ــة)‬ ‫مقاب ــل رس ــوم (‪ 5‬دوالرات)‪ ،‬عل ــى أن ُينف ــذ ه ــذا‬ ‫األم ــر اعتب ــا ًرا م ــن ‪ 1‬مح ــرم ولغاي ــة ‪ 20‬صف ــر‬ ‫‪1447‬هــ‪ ،‬املواف ــق ‪ 27‬حزيران‪/‬يوني ــو ‪2025‬‬ ‫ولغاي ــة ‪ 25‬تم ــوز‪ /‬يولي ــو ‪.2025‬‬ ‫وتعليقـ ًـا علــى هــذا الق ـرار‪ ،‬يقــول عضــو اللجنــة‬ ‫النيابي ــة املكلف ــة بمتابع ــة زي ــارة األربعيني ــة ف ــي‬ ‫محافظ ــة كرب ــاء‪ ،‬النائ ــب زهي ــر الفت ــاوي‪،‬‬ ‫إن "الرس ــوم ه ــي ق ـرار س ــليم‪ ،‬خاص ــة وأن‬ ‫كرب ــاء س ــجلت دخ ــول بح ــدود ‪ 8‬ماليي ــن زائ ــر‬ ‫م ــن داخ ــل وخ ــارج الع ـراق عل ــى م ــدار الس ــنة‬ ‫الس ــابقة‪ ،‬لك ــن ينبغ ــي اس ــتثمار اإلي ـرادات‬ ‫املســتحصلة مــن هــذه الرســوم بشــفافية كاملــة‬ ‫لضم ــان ع ــدم ضياعه ــا ف ــي الفس ــاد"‪.‬‬ ‫ويؤك ــد الفت ــاوي ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "ه ــذه‬ ‫األم ــوال يج ــب أن تدخ ــل ف ــي تأهي ــل الط ــرق‬ ‫املؤدي ــة إل ــى كرب ــاء وإنش ــاء جس ــور عل ــى نه ــر‬ ‫الف ـرات لتخفي ــف الزح ــام وف ــك االختناق ــات‬ ‫املروري ــة الدائم ــة عل ــى ه ــذا النه ــر‪ ،‬وتحس ــين‬ ‫خدم ــات النق ــل ومبي ــت الزائري ــن وتقدي ــم‬ ‫العالج ــات الصحي ــة والخدم ــات الطبي ــة‬ ‫م ــع توفي ــر محط ــات اس ــتراحة نظيف ــة وآمن ــة‬ ‫للزائري ــن"‪.‬‬ ‫وتتف ــق النائب ــة ع ــن محافظ ــة كرب ــاء‪ ،‬ابتس ــام‬ ‫الهالل ــي‪ ،‬م ــع الفت ــاوي ب ــأن "ه ــذه األم ــوال‬ ‫ينبغ ــي أن تع ــود نصفه ــا لكرب ــاء‪ ،‬إذ تس ــتقبل‬ ‫املحافظ ــة ‪ 20‬ملي ــون زائ ــر خ ــال ‪ 40‬يوم ـ ًـا‪ ،‬م ــا‬ ‫يتطل ــب إج ـراء إع ــادة تأهي ــل للمي ــاه واملج ــاري‬ ‫والبن ــى التحتي ــة بع ــد انته ــاء الزي ــارة لتك ــون‬ ‫املدين ــة جاه ــزة للزي ــارات األخ ــرى"‪.‬‬ ‫كم ــا تدع ــو الهالل ــي خ ــال حديثه ــا ملجل ــة‬ ‫«فيل ــي»‪ ،‬إل ــى "ص ــرف ج ــزء م ــن ه ــذه األم ــوال‬ ‫لتهيئ ــة الخدم ــات ودع ــم البلدي ــة عب ــر ص ــرف‬ ‫مكاف ــأة لعم ــال البلدي ــة الذي ــن يعمل ــون بش ــكل‬ ‫متواص ــل م ــن ي ــوم العاش ــر م ــن مح ــرم إل ــى‬ ‫األربعي ــن‪ ،‬وم ــا بع ــد األربعي ــن أيض ـ ًـا حت ــى انته ــاء‬ ‫ش ــهر صف ــر"‪.‬‬ ‫وع ــن أهمي ــة امل ــردود االقتص ــادي م ــن ه ــذه‬ ‫الرس ــوم‪ ،‬يب ــرز الخبي ــر االقتص ــادي‪ ،‬مصطف ــى‬ ‫الف ــرج‪ ،‬أن "ف ــرض الع ـراق أج ــو ًرا عل ــى تأش ــيرة‬ ‫الدخ ــول ل ــكل زائ ــر خ ــال موس ــم الزي ــارات‬ ‫الديني ــة يمث ــل خط ــوة أول ــى نح ــو تحس ــين‬ ‫اإلي ـرادات غي ــر النفطي ــة‪ ،‬وه ــو م ــا نحت ــاج‬

‫إلي ــه بش ــدة ف ــي ظ ــل التحدي ــات الت ــي يواجهه ــا‬ ‫االقتصــاد العراقــي املرتبــط بشــكل كبيــر بعوائــد‬ ‫النف ــط"‪.‬‬ ‫ويوض ــح الف ــرج ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "ه ــذه‬ ‫الرس ــوم‪ ،‬وإن كان ــت رمزي ــة‪ ،‬إال أنه ــا ق ــد تول ــد‬ ‫ـنويا بماليي ــن ال ــدوالرات إذا م ــا ت ــم‬ ‫دخ ـ ًـا س ـ ً‬ ‫تنظيمه ــا وإدارته ــا بش ــكل ش ــفاف وفع ــال‪،‬‬ ‫خاص ــة ف ــي ظ ــل اس ــتقبال الع ـراق ملاليي ــن‬ ‫ـنويا خ ــال مناس ــبات كب ــرى مث ــل‬ ‫الزائري ــن س ـ ً‬ ‫زي ــارة األربعي ــن"‪.‬‬ ‫ويعتب ــر أن "األه ــم م ــن ذل ــك‪ ،‬أن ه ــذا التوج ــه‬ ‫ُيظهــر رغبــة حكومي ــة حقيقيــة بتنوي ــع مص ــادر‬ ‫الدخ ــل‪ ،‬وه ــو توج ــه اقتص ــادي س ــليم طامل ــا‬ ‫ـلبا عل ــى حرك ــة ال ــزوار أو يس ــتخدم‬ ‫ل ــم يؤث ــر س ـ ً‬ ‫ُ‬ ‫بطريق ــة تعس ــفية"‪.‬‬ ‫كم ــا يش ــير الف ــرج إل ــى أهمي ــة أن "تقت ــرن ه ــذه‬ ‫الخط ــوة بخط ــة اس ــتراتيجية لالس ــتثمار ف ــي‬ ‫البني ــة التحتي ــة الس ــياحية والديني ــة‪ ،‬م ــن‬ ‫أج ــل تعظي ــم الفائ ــدة االقتصادي ــة م ــن قط ــاع‬ ‫الزيــارات‪ ،‬بمــا يشــمل تشــغيل الفنــادق‪ ،‬النقــل‪،‬‬ ‫الخدم ــات‪ ،‬واألس ــواق املحلي ــة‪ ،‬خصوص ـ ًـا أن‬

‫ع ــدد ال ــزوار يتج ــاوز ‪ 3‬إل ــى ‪ 5‬ماليي ــن زائ ــر"‪.‬‬ ‫وفــي الســياق ذاتــه‪ ،‬يؤكــد الباحــث االقتصــادي‪،‬‬ ‫أحم ــد عي ــد‪ ،‬أن "رس ــم تأش ــيرة دخ ــول الع ـراق‬ ‫ق ــد يش ـ ّـكل دعم ـ ًـا حقيقي ـ ًـا للموازن ــة الوطني ــة‪،‬‬ ‫إذ تش ــير تقاري ــر إل ــى أن الوالي ــات املتح ــدة‬ ‫وحدهــا جنــت نحــو ‪ 3‬مليــارات دوالر مــن رســوم‬ ‫التأشــيرات فــي عــام واحــد‪ ،‬وأن الســوق العامليــة‬ ‫لتأش ــيرات الس ــفر تص ــل قيمت ــه إل ــى نح ــو‬ ‫‪ 50‬مليــار دوالر ممــا يعــزز تحقيــق مصــدر إيـراد‬ ‫إضاف ــي ملم ــوس"‪.‬‬ ‫وي ــرى عي ــد خ ــال حديث ــه ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن‬ ‫"الخطــوة هــذه تســاهم فــي ضبــط الســياحة غيــر‬ ‫املنتظم ــة وج ــودة ال ــزوار‪ ،‬حي ــث يعم ــل الرس ــم‬ ‫األعل ــى كعام ــل تصفي ــة يج ــذب املس ــافرين‬ ‫الجادي ــن ويخف ــف الضغ ــط عل ــى البني ــة‬ ‫التحتي ــة‪ ،‬كم ــا يع ــزز رب ــط اإلي ـرادات املباش ــرة‬ ‫ُ‬ ‫بتحس ــين الخدم ــات الس ــياحية"‪.‬‬ ‫ويش ــدد عل ــى أن "تنوي ــع اإلي ـرادات أصب ــح‬ ‫ملح ــة للع ـراق بع ــد االعتم ــاد ش ــبه‬ ‫ض ــرورة ّ‬ ‫الكل ـ ّـي عل ــى النف ــط‪ ،‬وبالتال ــي ف ــإن رس ــوم‬ ‫التأشــيرة عنــد مســتوى عــادل وشــفاف ومرفــق‬

‫بتحس ــين ملم ــوس للخدم ــات‪ ،‬يع ــزز الثق ــة م ــن‬ ‫ويرســخ دعائــم االقتصــاد‬ ‫قبــل املواطــن والزائــر ّ‬ ‫غي ــر النفط ــي"‪.‬‬ ‫ه ــذا وكان رئي ــس رابط ــة فن ــادق النج ــف‪،‬‬ ‫صائ ــب أب ــو غي ــم‪ ،‬أك ــد أول أم ــس الس ــبت‪،‬‬ ‫ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬أن الفنــادق فــي املدينــة باشــرت‬ ‫اس ــتعداداتها بش ــكل كام ــل الس ــتقبال الزائري ــن‬ ‫ف ــي محافظت ــي النج ــف وكرب ــاء‪ ،‬مش ــي ًرا إل ــى‬ ‫أن األس ــعار بقي ــت مس ــتقرة رغ ــم الظ ــروف‬ ‫الصعب ــة‪.‬‬ ‫م ــن جهته ــا‪ ،‬أعلن ــت وزارة الداخلي ــة العراقي ــة‪،‬‬ ‫الخمي ــس املا�ض ــي‪ ،‬انط ــاق الخط ــة األمني ــة‬ ‫الخاصــة بشــهر محــرم‪ ،‬مؤكــدة عــدم وجــود أي‬ ‫قطوع ــات مروري ــة ف ــي عم ــوم الب ــاد‪.‬‬ ‫ويحي ــي املس ــلمون الش ــيعة "ي ــوم عاش ــوراء"‬ ‫ذك ــرى مقت ــل اإلم ــام الحس ــين م ــع أه ــل بيت ــه‬ ‫وأصحاب ــه ف ــي واقع ــة الط ــف عل ــى أي ــدي جي ــش‬ ‫الخليف ــة األم ــوي يزي ــد ب ــن معاوي ــة ف ــي س ــنة ‪61‬‬ ‫للهج ــرة املواف ــق ‪ 680‬مي ــادي‪ ،‬وتس ــتمر حت ــى‬ ‫ذكــرى الزيــارة األربعينيــة بعــد أربعيــن يومـ ًـا علــى‬ ‫ي ــوم عاش ــوراء‪.‬‬

‫‪34‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬ ‫‪IRAQI‬‬

‫اللطــم ‪..‬‬

‫تجسيد واقعي للحزن‬ ‫يمتد لمئات السنني‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬ ‫تحم ــر‪ ،‬وس ــط ص ــراخ وعوي ــل‬ ‫كف ــوف تض ــرب الص ــدور حت ــى ّ‬ ‫بص ــوت مرتف ــع‪ ،‬هك ــذا يش ــكلن النس ــوة م ــن مختل ــف األعم ــار‪،‬‬ ‫حلق ــة متش ــحة بالس ــواد‪ ،‬وه ــن ينعي ــن فقديه ــن‪ ،‬ف ــي طق ــس‬ ‫"اللط ــم" ال ــذي يش ــكل الج ــزء األه ــم م ــن امل ــوروث الش ــعبي‬ ‫بمجالــس العــزاء "الفواتــح"‪ ،‬وســرعان مــا اقتــرن بطقــوس شــهر‬ ‫مح ــرم‪ ،‬و أنعك ــس ب ــكل جوانب ــه ليح ــي ذك ــرى و اقع ــة الط ــف‪.‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 258‬السنة الحادية والعشرون|حزيران ‪ /‬يونيو ‪35 2025‬‬

‫‪36‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪37 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫مشــهد النســوة‪ ،‬وهــن يتجمعــن فــي املنــزل الــذي‬ ‫يش ــهد حال ــة وف ــاة "الفاتح ــة"‪ ،‬ويب ــدأ بحلق ــة‬ ‫اللط ــم الت ــي تتك ــرر م ـرات كثي ــرة خ ــال الي ــوم‪،‬‬ ‫ويك ــون خاتمته ــا م ــع خت ــام مجل ــس الع ـزاء ف ــي‬ ‫اليــوم الثالــث‪ ،‬وهــو الســياق الــذي كان ســابقا‬ ‫متبعــا‪ ،‬قبــل أن تتحــول مجالــس العـزاء ليوميــن‬ ‫فقــط مؤخ ـرا‪ ،‬كان مــن أبــرز جوانــب "الفواتــح‬ ‫الجنوبي ــة"‪ ،‬حي ــث يس ــمع ص ــوت اللط ــم‬ ‫وص ـراخ النس ــوة م ــن خ ــارج املن ــزل‪.‬‬ ‫وبه ــذا الص ــدد‪ ،‬يق ــول الباح ــث االس ــامي‬ ‫الش ــيخ فيص ــل الكاظم ــي‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إن‬ ‫"فقــرة (اللطــم) تحتــل موقعـ ًـا الفتـ ًـا فــي مراســم‬ ‫إحي ــاء عاش ــوراء وإحي ــاء ش ــهادة املعصومي ــن‬ ‫عليه ــم الس ــام"‪.‬‬ ‫ويضيــف‪" :‬تطــورت ظاهــرة (اللطــم) فــي مراســم‬ ‫الع ـزاء م ــن جي ــل آلخ ــر‪ ،‬وأصبح ــت له ــا أع ـراف‬ ‫خاص ــة وأنم ــاط معين ــة‪ ،‬وزاد م ــن ّ‬ ‫تطوره ــا‬ ‫تخص ــص البع ــض ف ــي إنش ــاد الش ــعر الرثائ ــي‬ ‫بط ــرق وأس ــاليب تراع ــي ه ــذه األنم ــاط‪ ،‬فيم ــا‬ ‫يتألــق بعــض (الرواديــد) فــي زيــادة وتيــرة تتناغــم‬ ‫م ــع نوب ــات اللط ــم"‪.‬‬

‫وأش ــار إل ــى "تمي ــز البل ــدان واملناط ــق بأس ــلوب‬ ‫معي ــن م ــن أس ــاليب اللط ــم املرتب ــط بمراس ــم‬ ‫عاش ــوراء‪ ،‬فالش ــيعة الهن ــود له ــم أس ــلوب‬ ‫عاطف ــي ف ــي نم ــط لط ــم متواص ــل وس ــريع‪ ،‬كم ــا‬ ‫يتمي ــز أه ــل البحري ــن بنم ــط خ ــاص م ــن اللط ــم‬ ‫ذي النوب ــات الكثي ــرة بحم ــاس وإيق ــاع خ ــاص‪،‬‬ ‫وثم ــة ط ــرق واضح ــة بي ــن مدين ــة وأخ ــرى ف ــي‬ ‫الع ـراق‪ ،‬فهن ــاك لط ــم كربالئ ــي وآخ ــر نجف ــي‬ ‫وآخ ــر جنوب ــي وهك ــذا"‪.‬‬ ‫وتع ــزز مس ــار اللط ــم وش ــمل الرج ــال والنس ــاء‬ ‫عل ــى ح ــد س ــواء‪ ،‬وأصبح ــت مجال ــس رجالي ــة‬ ‫تعقــد لهــذا الغــرض‪ ،‬ألن اللطــم لــم يعــد مجــرد‬ ‫إرث‪ ،‬بــل شــعيرة مهمــة عنــد املســلمين الشــيعة‬ ‫بع ــد استش ــهاد اإلم ــام الحس ــين علي ــه الس ــام‬ ‫س ــنة ‪ 61‬للهج ــرة‪.‬‬ ‫ويس ــتند الش ــيعة ال ــى ه ــذه الش ــعيرة واهميته ــا‬ ‫عبــر مصــادر كثيــرة ومنهــا زيــارة الناحيــة املعتبــرة‬ ‫عن ــد الش ــيعة ال ــواردة ع ــن اإلم ــام امله ــدي ب ــن‬ ‫الحســن إلــى أن عائلــة االمــام الحســين هــن أول‬ ‫مــن لطمــن ســاعة استشــهاد اإلمــام‪ ،‬إذ ورد فــي‬ ‫الزي ــارة فق ــرة تش ــير ال ــى ذل ــك وه ــي ‪"،‬فلم ــا رأي ــن‬

‫النس ــاء ج ــوادك مخزي ـ ًـا والس ــرج علي ــه ملوي ـ ًـا‬ ‫خرج ــن م ــن الخ ــدور ب ــارزات وعل ــى الخ ــدود‬ ‫الطم ــات"‪.‬‬ ‫وورد اللط ــم عن ــد الع ــرب بمعن ــى ض ــرب الخ ــد‬ ‫بالكــف‪ ،‬كمــا يشــير الــى ذلــك دعبــل الخزاعــي فــي‬ ‫قصيدت ــه التائي ــة املعروف ــة‪:‬‬ ‫ـدال وق ــد م ــات‬ ‫أفاط ــم ل ــو خل ــت الحس ــين مجن ـ ً‬ ‫ـانا بش ــط ف ـرات‬ ‫عطش ـ ً‬ ‫اذن للطمــت الخــد فاطــم عنــده وأجريــت دمــع‬ ‫العيــن بالوجنــات‬ ‫ويطل ــق الش ــيخ الكاظم ــي تس ــمية "اللط ــم‬ ‫النع ــوي" عل ــى اللط ــم بمعن ــى ض ــرب الص ــدور‬ ‫وب ــرز كنم ــط م ــن أنم ــاط إب ــداء الح ــزن‬ ‫والتجــاوب العاطفــي مــع أحــداث كربــاء‪ ،‬وهــو‬ ‫م ــا يمك ــن أن يس ــمى "باللط ــم اله ــادف" ال ــذي‬ ‫ـلوبا م ــن أس ــاليب إحي ــاء واقع ــة‬ ‫أصب ــح أس ـ ً‬ ‫الط ــف‪.‬‬ ‫وف ــي مجال ــس الع ـزاء النس ــائية "الفوات ــح"‬ ‫الت ــي تق ــام ف ــي املن ــازل عن ــد وف ــاة أي ش ــخص‪،‬‬ ‫تتوس ــط ام ـرأة‪ ،‬يك ــون عمره ــا بالع ــادة ف ــي‬ ‫األربعيني ــات وأكث ــر‪ ،‬تس ــمى "املالي ــة"‪ ،‬وه ــي‬

‫«الشيعة الهنود لهم أسلوب عاطفي‬ ‫في نمط لطم متواصل وسريع‪ ،‬كما‬ ‫يتميز أهل البحرين بنمط خاص من‬ ‫اللطم ذي النوبات الكثيرة بحماس‬ ‫وإيقاع خاص‪ ،‬وثمة طرق واضحة‬ ‫بين مدينة وأخرى في العراق» ‪..‬‬

‫" يعبّر اللطم بمجمله عن النزوع‬ ‫العاطفي واالنساني بمختلف االزمان‬ ‫للتعبير عن االلم في حاالت الوفيات‪،‬‬ ‫بحسب الباحثة في علم النفس‬ ‫مناهل الصالح"‪.‬‬

‫املســؤولة عــن إنشــاد القصائــد املبكيــة بصــوت‬ ‫مته ــدج ومرتف ــع‪ ،‬وتك ــون قصائده ــا حس ــب‬ ‫املتوفــي‪ ،‬شــاب أو فتــاة او رجــل ذو مكانــة كبيــرة‬ ‫وغيره ــا‪ ،‬وتتمت ــع بق ــدرة للتحك ــم بطبق ــات‬ ‫صوته ــا وإيق ــاع اإلنش ــاد بطريق ــة مؤث ــرة ج ــدا‪،‬‬ ‫تدفــع حتــى الرجــال القريبيــن مــن املــكان للبــكاء‪.‬‬ ‫حلق ــة النس ــوة املغلق ــة‪ ،‬الت ــي ال يدخله ــا رج ــل‪،‬‬ ‫تأخ ــذ منحني ــات كثي ــرة‪ ،‬حي ــث تب ــدأ باللط ــم‬ ‫الخفي ــف والب ــكاء‪ ،‬وص ــوال ملرحل ــة اللط ــم‬ ‫الس ــريع والق ــوي‪ ،‬ويص ــل مرحل ــة تمزي ــق‬ ‫املال ب ــس‪.‬‬ ‫وي ــرى الخطي ــب الحس ــيني الش ــيخ عدن ــان‬ ‫الكعبــي‪ ،‬أن "أول إشــارة تتعلــق بلطــم الصــدور‬ ‫وردت يــوم عاشــوراء عنــد استشــهاد علــي األكبــر‬ ‫نج ــل اإلم ــام الحس ــين علي ــه الس ــام"‪.‬‬ ‫ويش ــير الكعب ــي ف ــي حديث ــه ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إل ــى‬ ‫أن "الهاش ــميين نقل ــوا عل ــي األكب ــر إل ــى املخي ــم‬ ‫بع ــد استش ــهاده فاس ــتقبلته النس ــاء‪ ،‬ينظ ــرن‬ ‫جللت ــه الدم ــاء بمط ــارف‬ ‫ـوال وق ــد ّ‬ ‫إلي ــه محم ـ ً‬ ‫م ــن الع ــز حم ـراء‪ ،‬وق ــد وزع جثمان ــه الض ــرب‬ ‫ّ‬ ‫ـدا‪،‬‬ ‫والطعــن فاســتقبلنه بصــدور داميــة"‪ ،‬مؤكـ ً‬

‫أن "العدي ــد م ــن قصائ ــد الرث ــاء الحس ــيني‬ ‫وردت به ــا كلم ــة اللط ــم‪ ،‬وكثي ـ ًرا منه ــا كان يلق ــى‬ ‫ف ــي مجال ــس االئم ــة املعصومي ــن"‪.‬‬ ‫م ــن جانب ــه‪ ،‬يلف ــت الباح ــث واألكاديم ــي رائ ــد‬ ‫صال ــح‪ ،‬إل ــى أن "ظاه ــرة اللط ــم الجماع ــي‬ ‫كش ــعيرة م ــن ش ــعائر الط ــف ظه ــرت ف ــي بغ ــداد‬ ‫ألول م ــرة وس ــجل وقائعه ــا امل ــؤرخ ياق ــوت‬ ‫الحم ــوي‪ ،‬ف ــي معج ــم األدب ــاء"‪.‬‬ ‫ويوض ــح صال ــح‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "الحم ــوي‬ ‫س ــجل موقف ـ ًـا اللتف ــاف الن ــاس وتفاعله ــم ف ــي‬ ‫أســواق بغــداد مــع قصيــدة النا�شــئ‪ ،‬التــي يقــول‬ ‫فيهــا‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫بمث ـ ِـل مصاب ــي فيك ــم لي ــس يس ــمع‏ بن ــي أحم ـ ٍـد‬ ‫ُ‬ ‫يتقط ـ ُـع‪ ،‬وق ــد لط ــم النا�ش ــئ‪ ،‬لطم ـ ًـا‬ ‫قلب ــي لك ــم ّ‬ ‫عظيمـ ًـا علــى وجهــه عنــد ق ـراءة هــذه القصيــدة‬ ‫وتبع ــه الن ــاس كله ــم"‪.‬‬ ‫ويواص ــل‪" ،‬نزل ــت مظاه ــر الع ـزاء الحس ــيني‬ ‫بش ــكل ب ــارز ف ــي عه ــد البويهيي ــن إل ــى الش ــوارع‬ ‫العام ــة ببغ ــداد بع ــد عش ـرات الس ــنين م ــن‬ ‫التغيي ــب والكب ــت واالختف ــاء‪ ،‬وأس ــرعت أق ــام‬ ‫وكتــاب السـ َـير إلــى تســجيل مــا حــدث‬ ‫املؤرخيــن ّ‬ ‫ف ــي بغ ــداد ي ــوم عاش ــوراء"‪.‬‬ ‫ويعب ــر اللط ــم بمجمل ــه ع ــن الن ــزوع العاطف ــي‬ ‫ّ‬ ‫واالنس ــاني بمختل ــف االزم ــان للتعبي ــر ع ــن‬ ‫االلــم فــي حــاالت الوفيــات‪ ،‬بحســب الباحثــة فــي‬ ‫عل ــم النف ــس مناه ــل الصال ــح‪.‬‬ ‫وتوض ــح ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "للط ــم ايجابي ــات‬ ‫كثي ــرة إذا تع ــدى مرحل ــة اللط ــم الخفي ــف‬ ‫أصب ــح جزع ـ ًـا‪ ،‬فالج ــزع م ــؤذي‪ ،‬أم ــا اللط ــم‬ ‫فهن ــاك العدي ــد م ــن االيجابي ــات م ــن منظ ــور‬ ‫نف�س ــي‪ ،‬حي ــث يوف ــر وس ــيلة لتفري ــغ املش ــاعر‬ ‫املكبوت ــة م ــن ح ــزن‪ ،‬ظل ــم‪ ،‬وقه ــر"‪.‬‬ ‫وتؤك ــد أن "اللط ــم يخل ــق ش ــعو ًرا باالنتم ــاء‬ ‫إل ــى الجماع ــة أو امل ــوروث الدين ــي أو الثقاف ــي"‪،‬‬ ‫مضيف ــة أن "بع ــض الدراس ــات ف ــي عل ــم‬ ‫النف ــس‪ ،‬تش ــير إل ــى أن الح ــركات االيقاعي ــة‬ ‫الجماعي ــة مث ــل اللط ــم والتصفي ــق أو حت ــى‬ ‫الرق ــص الصوف ــي‪ ،‬تس ــاعد ف ــي تنظي ــم الجه ــاز‬ ‫العصب ــي وتقلي ــل التوت ــر وتخل ــق نوع ـ ًـا م ــن‬ ‫الصف ــاء الذهن ــي املؤق ــت"‪.‬‬

‫‪38‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪39 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫سراديب بغداد‪..‬‬ ‫طراز معماري يخبئ أسرار الماضي وانعكاسا مندثرا لوجه المدينة‬ ‫فــيلي‬

‫هل توجد مدينة قديمة مدفونة تحت‬ ‫مدينة بغداد الحالية؟‪ ،‬سؤال ُ‬ ‫طرح‬ ‫مؤخر اً بعدما انتشر‪ ،‬على مواقع‬ ‫التواصل االجتماعي‪ ،‬فيديو يظهر‬ ‫وجود سراديب عميقة تحت األرض‬ ‫تم اكتشافها خالل العمليات‬ ‫األخيرة لتأهيل شارع الرشيد وسط‬ ‫فسر البعض تلك‬ ‫العاصمة‪ ،‬حيث ّ‬ ‫السراديب على أنها تدل على وجود‬ ‫مدينة أخرى مدفونة تحت األرض‪.‬‬

‫لكــن هــذا التســاؤل رسعــان مــا نفــاه‬ ‫مؤرخــون بغداديــون حيــث ع ّرفــوا تلــك‬ ‫الرساديــب بأنهــا ممــرات وأقبيــة تقــع‬ ‫تحــت األرض‪ ،‬ميتــد تاريخهــا إىل العــر‬ ‫العبــايس والعهــد العثــاين وتســتخدم‬ ‫ألغــراض شــتى‪.‬‬ ‫ويقــول املــؤرخ معتصــم املفتــي‪ ،‬لوكالــة‬ ‫مجلــة «فيــي»‪ ،‬إنــه "قبــل إنشــاء شــارع‬ ‫الرشــيد‪ ،‬كانــت هــذه املنطقــة عبــارة عــن‬

‫مجموعــة مــن األســواق املســقوفة واألزقــة‬ ‫الضيقــة‪ ،‬وتضــم دروبــا صغــرة يتصــل‬ ‫بعضهــا بالبعــض اآلخــر‪ ،‬ومثــة طــرق فرعيــة‬ ‫تــؤدي إىل نهــر دجلــة"‪ ،‬مبينــاً أن "شــارع‬ ‫الرشــيد كان عبــارة عــن طريــق عســكري‬ ‫شــقه الــوايل العثــاين خليــل باشــا يف بدايــة‬ ‫القــرن العرشيــن بهــدف تســهيل حركــة‬ ‫الجيــش واملعــدات الحربيــة"‪.‬‬ ‫ويضيــف‪" :‬كانــت هــذه املنطقــة قبــل شــق‬

‫الشــارع تضــم ســوق الصفاريــن وســوق‬ ‫هــرج وســوق الـراي‪ ،‬وجميعهــا مســقوفة‪،‬‬ ‫ومثــة أزقــة وشــوارع ضيقــة تحيــط بهــذه‬ ‫املنطقــة‪ ،‬إضافــة إىل وجــود طــرق فرعيــة‬ ‫تربطهــا بنهــر دجلــة‪ ،‬ومنهــا طريــق‬ ‫الصابونجيــة وطريــق العباخانــة"‪.‬‬ ‫ويوضــح املفتــي‪ ،‬أن "الــوايل العثــاين "ناظم‬ ‫باشــا" هــو أول مــن شــق الشــارع عــام‪،‬‬ ‫‪ ،1910‬إال أن الشــق كان صغــرا وشــبيها‬ ‫بزقــاق ضيــق‪ ،‬فقــام الــوايل خليــل باشــا‪،‬‬ ‫عــام ‪ 1916‬بشــق الشــارع بشــكل أوســع‪،‬‬ ‫حتــى عــرف حينهــا باســم شــارع خليــل‬ ‫باشــا‪ ،‬قبــل أن يصبــح اســمه شــارع الرشــيد‬ ‫عــام ‪ ،"1936‬مبينــاً أن "الهــدف الرئيــي‬ ‫مــن شــق الشــارع كان لتســهيل حركــة‬ ‫القــوات واملعــدات العســكرية‪ ،‬باإلضافــة‬ ‫إىل أســباب ماديــة‪ ،‬ألنــه كان مــن الســهل‬ ‫شــق الشــارع يف زمــن الحــرب بتعويــض‬ ‫أصحــاب الــدور املهدومــة بســندات بعــد‬ ‫الحــرب"‪.‬‬ ‫ويؤكــد‪ ،‬أن "رساديــب شــارع الرشــيد‬ ‫القديــم تختلــف عــن الرساديــب التاريخيــة‬ ‫املعروفــة يف بغــداد قبــل ذلــك العهــد ‪،‬‬ ‫إذ أن معظــم رساديــب شــارع الرشــيد و‬ ‫منطقــة الــراي هــي رساديــب بســيطة‪،‬‬ ‫وتســتخدم غالبــا لخــزن البضائــع‪ ،‬ومل يتــم‬ ‫اســتخدامها مــن قبــل الحكومــة لخــزن‬ ‫األســلحة والعتــاد وغــر ذلــك‪ ،‬ألن الحكومــة‬ ‫العثامنيــة اكتفــت بشــق الشــارع وحســب‬ ‫لتســهيل مــرور القــوات العســكرية‪ ،‬أمــا‬ ‫األهــايل فقــد اســتخدموها للراحــة وحفــظ‬ ‫البضائــع‪ ،‬وال يعنــي ذلــك وجــود مدينــة‬ ‫أخــرى تحــت األرض‪ ،‬ألن الرساديــب‬ ‫بطبيعتهــا طــراز قديــم وشــائع"‪.‬‬ ‫تختلــف الرساديــب باختــاف العــر‬ ‫واختــاف املــدن‪ ،‬فالرساديــب البغداديــة‬

‫‪40‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪41 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫يف العــر العبــايس وفــق مؤرخــن‪ ،‬تختلــف‬ ‫عــن رساديــب بغــداد يف الزمــن العثــاين‪،‬‬ ‫بيــد أن القاســم املشــرك بينهــا‪ ،‬هــو أن‬ ‫كثــراً مــن النــاس كانــوا يســتخدمونها مــن‬ ‫أجــل الوقايــة مــن الحــر‪ ،‬إذ تنخفــض درجــة‬ ‫الحـرارة بداخلهــا إىل حــد كبــر باملقارنــة مع‬ ‫ارتفــاع درجــات الح ـرارة خــارج الــرداب‪.‬‬ ‫ويؤكــد املــؤرخ والنســابة عدنــان املوســوي‪،‬‬ ‫أن "رساديــب بغــداد عــامل غامــض يجهلــه‬ ‫كثــرون لعــدم وجــود مصــادر تعــرض‬ ‫تفصيليــاً حجمهــا وعمقهــا ومســاحتها‬ ‫وأهــداف وجودهــا التــي تختلــف باختــاف‬ ‫األزمــان واملتغــرات"‪.‬‬ ‫ويضيــف املوســوي‪ ،‬لوكالــة مجلــة «فيــي»‪،‬‬ ‫أن "مدينــة بغــداد كانــت تضــم رساديــب‬ ‫كثــرة تعــود لفــرات زمنيــة بعيــدة‪ ،‬وأن‬ ‫األهــايل يســتخدمونها للوقايــة مــن الحــر‬ ‫وحفــظ األطعمــة خــال العــر العبــايس‪،‬‬ ‫وخاصــة تلــك البيــوت التــي تقــع إىل جــوار‬ ‫النهــر‪ ،‬إذ تصبــح الرساديــب خــر وســيلة‬ ‫التقــاء الحــر والرطوبــة"‪.‬‬ ‫ويشــر إىل أن "الرساديــب التــي كانــت أكــر‬ ‫شــيوعا يف بغــداد‪ ،‬هــي تلــك التــي كانــت‬ ‫خــال العــر العبــايس ألن أهدافهــا كانــت‬ ‫كثــرة‪ ،‬إذ تســتخدم كمخــازن ومالجــئ‪،‬‬ ‫فضــا عــن اســتخدامها مكانــا للعيــش خــال‬ ‫فصــل الصيــف مــن قبــل األهــايل"‪ ،‬الفتــا‬ ‫إىل أنــه "عــى الرغــم مــن قلــة املصــادر‬ ‫املتعلقــة باســتخدام العباســيني للرساديــب‬ ‫لخــزن األســلحة‪ ،‬إال أن كثــراً مــن الدالئــل‬ ‫تؤكــد إنشــاء رساديــب بذلــك العــر لتكون‬ ‫مالجــئ وأماكــن اختبــاء وخــزن الحبــوب"‪.‬‬ ‫ويشــر املوســوي‪ ،‬إىل أن "إنشــاء الرساديــب‬ ‫ظــل مالزمــا للبغداديــن‪ ،‬بيــد أن طابعهــا‬ ‫كان يختلــف يف العهــد العثــاين عــن‬ ‫العــر العبــايس الــذي ســبقه مــن حيــث‬ ‫املســاحة والعمــق"‪ ،‬مؤكــداً أن "الدولــة‬ ‫العباســية اعتمــدت الرساديــب كجــزء‬ ‫مــن اســراتيجيتها البنيويــة‪ ،‬أمــا يف العهــد‬ ‫العثــاين فيتــم إنشــاء الرساديــب ألغ ـراض‬

‫اقتصاديــة إذ تســتخدم للخــزن وحفــظ‬ ‫املــواد"‪.‬‬ ‫وكانــت مديريــة بلديــة الكاظميــة‪ ،‬قــد‬ ‫كشــفت خــال تأهيلهــا شــوارع مبنطقــة‬ ‫الكاظميــة عــام ‪ ،2023‬عــدداً كبــراً مــن‬ ‫الرساديــب املمتــدة عــى طــول شــارع‬ ‫اإلمامــن الجواديــن عليهــا الســام‪ ،‬إىل‬ ‫ســاحة عبــد املحســن الكاظمــي‪ ،‬األمــر‬ ‫الــذي يؤكــد شــيوع الرساديــب يف مناطــق‬ ‫بغــداد القدميــة‪ ،‬فيــا يضــم شــارع الرشــيد‬ ‫وهــو أقــدم الشــوارع الرتاثيــة يف العاصمــة‬ ‫بغــداد‪ ،‬عــدداً مــن الرساديــب التــي تــم‬ ‫اكتشــافها خــال عمليــات تأهيــل وتطويــر‬

‫مناطــق شــوارع بغــداد القدميــة‪ ،‬وخاصــة‬ ‫شــارع الرشــيد الــذي ميتــد إىل منطقــة‬ ‫الـراي ويربطهــا بشــارع الرشــيد املعــروف‬ ‫بشــارع املعرفــة واآلداب‪.‬‬ ‫وحتــى وقــت قريــب كان شــارع املتنبــي‬ ‫يضــم يف أعامقــه عاملــا خفيــا ينبــض‬ ‫بالحيــاة‪ ،‬حيــث كانــت تتــم طباعــة الكتــب‬ ‫واألغلفــة داخــل غــرف عميقــة "رساديــب"‬ ‫تحــت األرض‪.‬‬ ‫وبهــذا الصــدد يؤكــد الباحــث األكادميــي‬ ‫محمــد حريــب‪ ،‬ملجلــة «فيــي» أن‬ ‫"رساديــب شــارع املتنبــي تعــود إىل أكــر‬ ‫مــن نصــف قــرن‪ ،‬وهــي غــرف عميقــة‬

‫بنيــت تحــت األرض‪ ،‬تضــم بداخلهــا مطابــع‬ ‫الكتــب ووصــوالت البيــع والـراء‪ ،‬وأكيــاس‬ ‫العالمــات التجاريــة املتنوعــة وغــر ذلــك"‪.‬‬ ‫ويضيــف‪" ،‬تعــود معظــم تلــك املطابــع‬ ‫واملكائــن ألصحــاب املكاتــب‪ ،‬وكان كل مــا‬ ‫يصــل إىل األســواق مــن أشــكال جميلــة‬ ‫وأغلفــة أنيقــة يتــم صنعهــا داخــل رساديــب‬ ‫شــارع املتنبــي‪ ،‬دون أن يعلــم بذلــك ســوى‬ ‫نــزر قليــل"‪.‬‬ ‫ويلفــت حريــب‪ ،‬إىل أن "املكائــن واآلالت‬ ‫التــي كانــت موجــودة برساديــب املتنبــي‬ ‫قدميــة وبدائيــة وظلــت تعمــل حتــى‬ ‫ســبعينيات القــرن املــايض"‪.‬‬

‫ورغــم املكائــن القدميــة والطــرق البدائيــة‬ ‫املســتخدمة يف عمــل أغلفــة الكتــب‬ ‫والعالمــات التجاريــة وغريهــا مــن‬ ‫املطبوعــات‪ ،‬إال أنهــا كانــت تلبــي الحاجــة‪.‬‬ ‫ويصــف حريــب رساديــب املتنبــي بأنهــا‬ ‫"جــزء مــن اإلرث العريــق لهــذا الشــارع‬ ‫الحافــل بــاألرسار‪ ،‬وتــم انشــاؤها لحفــظ‬ ‫املــواد مــن التلــف خــال ارتفــاع درجــات‬ ‫الحــرارة"‪.‬‬ ‫وتشــكل الرساديــب البغداديــة جــزءاً مــن‬ ‫الــراث املعــاري للمدينــة‪ ،‬وبقيــت إحــدى‬ ‫الشــواهد التــي تــرد قصــة حيــاة وأرسار‬ ‫املــايض‪.‬‬

‫« مديرية بلدية‬ ‫الكاظمية‪ ،‬قد كشفت‬ ‫خالل تأهيلها شوارع‬ ‫بمنطقة الكاظمية‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫كبريا‬ ‫عددا‬ ‫عام ‪،2023‬‬ ‫من الرساديب الممتدة‬ ‫على طول شارع‬ ‫اإلمامني الجوادين‬ ‫عليهما السالم‪ ،‬إلى‬ ‫ساحة عبد المحسن‬ ‫الكاظمي‪ ،‬األمر الذي‬ ‫يؤكد شيوع الرساديب‬ ‫في مناطق بغداد‬ ‫القديمة »‪.‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪42‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪43 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫تحقيق خاص ‪..‬‬

‫‪ 55‬ألف حريق في العراق خالل ‪ 3‬سنوات تغلق بـقضاء وقدر‬ ‫فــيـلـــي‬

‫سجل العراق‬ ‫(باستثناء إقليم‬ ‫كوردستان) أكثر من‬ ‫‪ 55‬ألف حريق خالل‬ ‫السنوات الثالث‬ ‫الماضية‪ ،‬حاصدة‬ ‫أرواح المئات من‬ ‫األشخاص إلى جانب‬ ‫الخسائر المادية‬ ‫الجسيمة‪.‬‬

‫وبحســب معلومــات خاصــة حصلــت عليهــا‬ ‫مجلــة «فيــي»‪ ،‬فقــد ســجل الع ـراق (عــدا‬ ‫إقليــم كوردســتان) ‪ 32477‬حادثــة حريــق‬ ‫عــام ‪ ،2022‬و ‪ 21024‬حادثــة حريــق عــام‬ ‫‪ ،2023‬و ‪ 2300‬حادثــة حريــق عــام ‪،2024‬‬ ‫وتعكــس هــذه األرقــام انخفاضــاً ســنوياً‬ ‫ملحوظ ـاً يف معــدل الحرائــق‪.‬‬ ‫أبرز الحرائق املأساوية‬ ‫ومــن أبــرز الحرائــق التــي ســجل فيهــا‬ ‫خســائر بــاألرواح هــي حريــق مستشــفى‬ ‫ابــن الخطيــب بالعاصمــة بغــداد عــام‬ ‫‪ ،2021‬إذ تراوحــت أعــداد الضحايــا بــن‬ ‫‪ 92–82‬ضحيــة وأكــر مــن ‪ 110‬جرحــى‪،‬‬

‫ونجــم الحريــق عــن انفجــار أســطوانة‬ ‫أوكســجني يف وحــدة العنايــة املركــزة ملــرىض‬ ‫كورونــا‪.‬‬ ‫ويف قســم عــزل كورونــا أيضـاً‪ ،‬نشــب حريق‬ ‫يف مستشــفى الحســيني مبدينــة النارصيــة‬ ‫مركــز محافظــة ذي قــار جنــويب العــراق‬ ‫عــام ‪ ،2021‬وأدى الحريــق إىل مقتــل مــا‬ ‫بــن ‪ 60‬إىل ‪ 92‬شــخصاً‪ ،‬باإلضافــة إىل عــدد‬ ‫كبــر مــن املصابــن‪ ،‬وكان بســبب كابــات‬ ‫كهربائيــة معطوبــة تأثــرت بأســطوانات‬ ‫أوكســجني‪.‬‬ ‫ـجل حريق قاعــة الزفــاف يف قراقوش‬ ‫كــا ُسـ ّ‬ ‫بقضــاء الحمدانيــة يف مدينــة املوصــل مركــز‬

‫محافظــة نينــوى عــام ‪ ،2023‬وحصــد أكــر‬ ‫مــن ‪ 100‬ضحيــة ومئــات الجرحــى‪ ،‬نتيجــة‬ ‫ألعــاب ناريــة داخــل القاعــة واحــراق ألواح‬ ‫(الســاندوتش بانــل) ســهلة االشــتعال‪.‬‬ ‫ويف املوصــل أيضــاً‪ ،‬ســجل حريــق مصنــع‬ ‫الكربيــت (املــراق) يف قضــاء القيــارة‬ ‫جنــويب املدينــة عــام ‪ ،2023‬واســتمر احرتاق‬ ‫املصنــع حــوايل ثالثــة أســابيع‪ ،‬مس ـ ّبباً أكــر‬ ‫انبعــاث بــري لغــاز ثــاين أكســيد الكربيــت‬ ‫(‪ )SO₂‬بحــوايل ‪ 21‬ألــف طــن يوميــاً‪.‬‬ ‫وكان مــن أبــرز حرائــق عــام ‪ ،2025‬حريــق‬ ‫(هايــر ماركــت) يف مدينــة الكــوت مركــز‬

‫محافظــة واســط‪ ،‬يــوم األربعــاء املــايض‪،‬‬ ‫وأدى الحريــق يف هــذا املــول الجديــد‬ ‫املكــون مــن خمســة طوابــق إىل ‪77–69‬‬ ‫ضحيــة و‪ 11‬مفقــوداً وأكــر مــن ‪ 43‬جريحـاً‪.‬‬ ‫فيــا تشــر املعلومــات إىل أن ســبب‬ ‫الحريــق هــو انفجــار وحــدة تكييــف يف‬ ‫"كوزماتيــك عطــور" وتفاقــم الحريــق‬ ‫بســبب مــواد بنــاء قابلــة لالشــتعال وغيــاب‬ ‫مخــارج الطــوارئ‪.‬‬ ‫األسباب والتحديات‬ ‫وبحســب تقاريــر الدفــاع املــدين‪ ،‬فــإن‬ ‫األســباب الرئيســية للحرائــق بصــورة عامــة‪،‬‬

‫تعــود إىل عطــل كهربــايئ أو اســتخدام‬ ‫األلعــاب النارية يف املناســبات‪ ،‬أو اســتخدام‬ ‫مــواد قابلــة لالشــتعال أثنــاء عمليــة بنــاء‬ ‫املجمعــات لرخــص ســعرها‪ ،‬فضــ ًا عــن‬ ‫حرائــق متعمــدة نتيجــة نزاعــات عشــائرية‪.‬‬ ‫كــا يســجل غيــاب معايــر الســامة مثــل‬ ‫اإلنــذارات ومخــارج الطــوارئ يف الكثــر‬ ‫مــن املشــاريع‪ ،‬وتهــاون مــن قبــل املديريــن‬ ‫املســؤولني عــن الســامة والجهــات‬ ‫املســؤولة يف إصــدار إجــازات مقابــل فوائــد‬ ‫ماليــة‪.‬‬ ‫توصيــات الدفــاع املــدين وإجــراءات‬ ‫ا لســا مة‬

‫وللحــد مــن الحرائــق الكارثيــة‪ ،‬أصــدر‬ ‫الدفــاع املــدين عــدة توصيــات يف الســنوات‬ ‫الســابقة‪ ،‬بينهــا حظــر اســتخدام ألــواح‬ ‫(الســاندوتش بانــل) القابلــة لالشــتعال‪،‬‬ ‫وإلـزام أصحــاب املجمعــات بتوفــر مخــارج‬ ‫طــوارئ وإنــذارات قويــة وأنظمــة رش‬ ‫أوتوماتيــي‪ ،‬وتدريــب وتوعيــة دوريــة‪.‬‬ ‫ومــن توصيــات الدفــاع املــدين أيضــاً‪،‬‬ ‫تشــديد املســاءلة القانونيــة للهيئــات‬ ‫والســلطات املحليــة يف منــح تراخيــص‬ ‫البنــاء أو التشــغيل عنــد وجــود مخالفــات‬ ‫واضحــة‪.‬‬ ‫إهامل رشوط السالمة‬

‫‪44‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪45 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫وبهــذا الســياق‪ ،‬يقــول مديــر شــعبة اإلعــام‬ ‫يف مديريــة الدفــاع املــدين العامــة‪ ،‬نــؤاس‬ ‫صبــاح‪ ،‬إن الدفــاع املــدين يتابــع رشوط‬ ‫الســامة يف كل املشــاريع بواقــع كشــفني‬ ‫ســنوياً‪.‬‬ ‫و ُيجــرى الكشــف األول‪ ،‬وفــق مــا يقــول‬

‫صبــاح ملجلــة «فيــي»‪ ،‬لتســجيل مالحظــات‬ ‫الســامة‪ ،‬والكشــف الثــاين يتــم فيــه متابعة‬ ‫مــا تــم تنفيــذه مــن مالحظــات ســواء يف‬ ‫املــوالت أو األســواق واملبــاين التجاريــة‪.‬‬ ‫وعــن أســباب انــدالع الحريــق‪ ،‬يوضــح‬ ‫صبــاح‪ ،‬أنهــا غالبـاً مــا تكون بســبب اإلهامل‬

‫بــروط الســامة ومتطلبــات الدفــاع املدين‬ ‫وكذلــك التــاس الكهربــايئ بســبب تذبــذب‬ ‫التيــار وتعــدد مصــادره‪.‬‬ ‫وهــذه األســباب هــي نفســها التــي يذكرهــا‬ ‫املتحــدث باســم وزارة الداخليــة‪ ،‬العقيــد‬ ‫عبــاس البهــاديل‪ ،‬إذ أرجــع الحــوادث التــي‬

‫حصلــت يف األعــوام املاضيــة إىل "متــاس‬ ‫كهربــايئ أو أعطــال أخــرى‪ ،‬فيــا مل يتــم‬ ‫تســجيل حريــق يحتــوي عــى مــؤرشات‬ ‫لعمــل جنــايئ أو فعــل متعمــد"‪.‬‬ ‫ويؤكــد البهــاديل ملجلــة «فيــي»‪ ،‬أن‬ ‫كل الحرائــق يتــم فيهــا تشــكيل لجــان‬

‫تحقيقيــة كــا حــدث مــع حريــق الكــوت‬ ‫ومــا ت ـزال اللجــان تعمــل حتــى اليــوم مــع‬ ‫كل الجهــات املعنيــة يف املحافظــة ســواء‬ ‫بالحكومــة املحليــة أو بفــرق الدفــاع املــدين‪.‬‬ ‫أغلــب نتائــج التحقيــق تنتهــي بـ"قضــاء‬ ‫وقــدر"‬ ‫مــن جهتــه‪ ،‬يعــزو عضــو لجنــة األمــن‬ ‫والدفــاع النيابيــة‪ ،‬عــي نعمــة البنــداوي‪،‬‬ ‫أغلــب حــوادث الحريــق يف العــراق إىل‬ ‫"نقــص يف متطلبــات الســامة يف البنايــات‬ ‫أو املــوالت واملراكــز التجاريــة العامــة‪،‬‬ ‫وكذلــك النقــص يف أجهــزة ومعــدات الدفــاع‬ ‫املــدين"‪.‬‬ ‫ويشــر البنــداوي خــال حديثــه ملجلــة‬ ‫«فيــي»‪ ،‬إىل أن "مــا حــدث يف الكــوت يعــد‬ ‫دليــ ًا عــى إهــال الســلطات املختصــة‬ ‫بهــذا األمــر‪ ،‬لذلــك نشــدد عــى قيــام‬ ‫مديريــة الدفــاع املــدين واملحافظــات‬ ‫والدوائــر الخدميــة فيهــا‪ ،‬بزيــارات ميدانيــة‬ ‫إىل األماكــن العامــة وخاصــة األماكــن‬ ‫التجاريــة‪ ،‬وغلــق كل بنايــة مخالفــة لحــن‬ ‫إكــال متطلبــات الســامة"‪.‬‬ ‫وينــ ّوه البنــداوي إىل أن "أغلــب الحرائــق‬ ‫هــي بســبب اإلهــال‪ ،‬أو رداءة جــودة‬ ‫املــواد املســتخدمة‪ ،‬خاصــة (الســاندوتش‬ ‫بانــل) الــذي يحتــوي عــى مــواد رسيعــة‬ ‫االشــتعال‪ ،‬لذلــك يجــب منــع اســتخدامه يف‬ ‫جميــع األبنيــة‪ ،‬واســتخدام مــواد غــر قابلــة‬ ‫لالشــتعال ووضــع مخــارج طــوارئ لــكل‬ ‫بنايــة لعــدم تكــرار حــوادث الحريــق"‪.‬‬ ‫فيــا كشــف عضــو لجنــة األمــن إىل أن‬ ‫"أغلــب نتائــج التحقيــق تنتهــي إىل اعتبــار‬ ‫الحرائــق قضــا ًء وقــدراً"‪.‬‬ ‫وألهميــة توفــر منظومــات الســامة‬ ‫واألمــان يف جميــع املشــاريع‪ ،‬تؤكــد عضــوة‬ ‫لجنــة االســتثامر النيابيــة‪ ،‬ســوزان منصــور‪،‬‬ ‫أن "كل املشــاريع االســتثامرية ينبغــي‬ ‫أن يتوفــر فيهــا منظومــة أمــان متكاملــة‬ ‫ومخــارج طــوارئ يف حــال حصــول حريــق"‪.‬‬ ‫وتضيــف منصــور ملجلــة «فيــي»‪ ،‬أن "عــى‬ ‫الجهــة املســؤولة عــن تلــك املشــاريع‬ ‫متابعــة تحقيــق رشوط الســامة ســواء‬ ‫هيئــات االســتثامر يف املحافظــات أو الهيئــة‬ ‫الوطنيــة لالســتثامر‪ ،‬ومحاســبة املخالــف‬

‫لــروط الســامة‪ ،‬وأن ال تقتــر املحاســبة‬ ‫عــى املســتثمر فقــط‪ ،‬بــل هيئــات‬ ‫االســتثامر التــي ســمحت لــه ومل تراقــب‬ ‫العمــل بالشــكل الصحيــح"‪.‬‬ ‫كــا دعــت منصــور‪ ،‬إىل "رضورة إجــراء‬ ‫تدريبــات دوريــة للمواطنــن عــى اإلنــذار‬ ‫وإخــاء األبنيــة يف املــوالت واملجمعــات‬ ‫الســكنية يف حــال انــدالع حريــق فيهــا"‪.‬‬ ‫وهــذا مــا يؤكــده أيضــاً رئيــس مؤسســة‬ ‫عـراق املســتقبل‪ ،‬منــار العبيــدي‪ ،‬بــأن عــى‬ ‫"هيئــات االســتثامر أن تكــون أكــر حزمــاً‬ ‫يف األمــن والســامة ووضــع محــددات‬ ‫لهــا‪ ،‬ورضورة الت ـزام املشــاريع االســتثامرية‬ ‫باســتخدام مــواد غــر قابلــة لالحــراق‪،‬‬ ‫واعتــاد أجهــزة ســامة وأمــان ذات قيمــة‬ ‫عاليــة وقــادرة عــى اكتشــاف الحريــق‬ ‫ومعالجتــه بــأرسع وقــت"‪.‬‬ ‫وعــن الخســائر االقتصاديــة الناجمــة عــن‬ ‫هــذه الحرائــق‪ ،‬يوضــح العبيــدي ملجلــة‬ ‫«فيــي»‪ ،‬أن "الخســائر تصنــف إىل نوعــن‪:‬‬ ‫مبــارشة وغــر مبــارشة‪ ،‬أمــا األوىل فهــي‬ ‫تتعلــق بتدمــر البنــى التحتيــة‪ ،‬وخســائر‬ ‫معالجــة الحرائــق واســتهالك املعــدات‪،‬‬ ‫وخســائر تتعلــق بالتخــوف مــن املنطقــة‬ ‫االقتصاديــة التــي حدثــت فيهــا الحرائــق‪،‬‬ ‫والتخــوف ملرحلــة معينــة لزيــارة مناطــق‬ ‫مشــابهة وبالتــايل انخفــاض النشــاط‬ ‫التجــاري فيهــا"‪.‬‬ ‫أمــا الخســائر غــر املبــارشة‪ ،‬فهــي "تتعلــق‬ ‫بانخفــاض اإليــرادات الرضيبيــة كــون‬ ‫توقــف الكثــر مــن املشــاريع التــي كانــت‬ ‫تدفــع رضيبــة للدولــة‪ ،‬وكذلــك انخفــاض‬ ‫يف فــرص العمــل‪ ،‬إذ أن املشــاريع التــي‬ ‫تتعــرض للحرائــق يفقــد العاملــون فيهــا‬ ‫عملهــم"‪.‬‬ ‫وكان رئيــس املركــز االســراتيجي لحقــوق‬ ‫اإلنســان يف العـراق‪ ،‬فاضــل الغـراوي‪ ،‬اعتــر‪،‬‬ ‫الجمعــة املــايض‪ ،‬أن حــوادث الحريــق يف‬ ‫الع ـراق تح ّولــت إىل ظاهــرة خطــرة تهــدد‬ ‫األمــن اإلنســاين‪ ،‬داعي ـاً الحكومــة ومجلــس‬ ‫النــواب إىل ترشيــع قانــون خــاص مبتطلبــات‬ ‫الســامة العامــة‪ُ ،‬يلــزم الجهــات العامــة‬ ‫والخاصــة مبعايــر محــددة‪ ،‬و ُيعاقــب‬ ‫املخالفــن بالســجن والغرامــات املشــددة‪.‬‬

‫‪46‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬ ‫‪IRAQI‬‬

‫صادق االزرقي‬ ‫في كل شتاء يكذبون علينا‬ ‫بحديثهم عن الكهرباء التي‬ ‫سيجري توفيرها في الصيف‬ ‫(املقبل)‪ ،‬وفي كل صيف مقبل‬ ‫تكون الكهرباء أسوأ من الذي‬ ‫قبله‪ ،‬والنتيجة أن الكهرباء‬ ‫انهارت بصورة شبه تامة في هذا‬ ‫الصيف‪ ،‬وان التزود بها قبل‬ ‫عشرسنوات كان أفضل من‬ ‫اآلن‪ ،‬وفضال عن الكهرباء فقد‬ ‫شح املاء عن ماليين العر اقيين‬ ‫وهم ال يكادون يحصلون عليه إال‬ ‫بشق األنفس بعد ان اختفى في‬ ‫األنابيب التي أصبحت غيرذات‬ ‫قيمة في كثيرمن مناطق العاصمة‬ ‫بغداد واملحافظات االخرى‪،‬‬ ‫فيضطرالناس إلى شرائه من‬ ‫الباعة الجائلين وكأننا لم نزل‬ ‫نعيش في العصورالوسطى او أيام‬ ‫سقاة املاء الذين يبيعونه على‬ ‫املنازل‪ ،‬قبل توفرشبكات املياه‬ ‫الحديثة‪.‬‬

‫العراق نحو المجهول‬

‫ظالم الخدمات ونار الخطاب الطائفي‪..‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪47 2025‬‬

‫‪48‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪49 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫ظالم الخدمات ونار الخطاب الطائفي‪..‬‬ ‫لقــد فشــلت جميــع الحكومــات العراقيــة املتعاقبــة‬ ‫طيل ــة أكث ــر م ــن عش ــرين عام ــا ف ــي جع ــل الن ــاس‬ ‫يعيش ــون بكرام ــة‪ ،‬فم ــا قيم ــة م ــا يس ــمى بالعملي ــة‬ ‫السياس ــية إذا كن ــت تح ــرم الن ــاس م ــن حاجاته ــم‬ ‫وتقل ــل م ــن احترامه ــم؟‬ ‫املس ــؤولون والسياس ــيون اآلن‪ ،‬يحض ــون الن ــاس‬ ‫عل ــى املش ــاركة ف ــي االنتخاب ــات العام ــة املقبل ــة وه ــي‬ ‫برأيــي انتخابــات طائفيــة مزيفــة وتــؤدي إلــى النتائــج‬ ‫الكارثي ــة الس ــابقة نفس ــها‪ ،‬ول ــن تح ــل مش ــكالت‬ ‫البل ــد ب ــل تفاقمه ــا‪.‬‬ ‫املالح ــظ‪ ،‬ان سياس ــيين وأعالمه ــم ورج ــال دي ــن‬ ‫م ــن ش ــتى املذاه ــب تحرك ــوا من ــذ اآلن وبق ــوة لط ــرح‬ ‫الخط ــاب الطائف ــي املقي ــت وتصعي ــده؛ ممثل ــو‬ ‫"االســام السيا�ســي" الشــيعي يخوفــون جمهوره ــم‬ ‫املفترض من الســلطة التي ســتؤخذ من بين أيديهم‬ ‫ويعي ــدون الحدي ــث ع ــن مظلوميته ــم التاريخي ــة‪،‬‬ ‫و "االس ــام السيا�س ــي" الس ــني يق ــول إن ــه س ــينجح‬ ‫ف ــي حي ــازة الس ــلطة ل ــه‪ ،‬فيم ــا يراه ــن االثن ــان عل ــى‬ ‫املوق ــف الك ــردي ال ــذي يعدون ــه "بيض ــة القب ــان"‬ ‫كم ــا ي ــرد ف ــي الخطاب ــات السياس ــية الجدي ــدة‬ ‫من ــذ ‪ 2003‬؛ سياس ــيو الش ــيعة بالحدي ــث ع ــن‬ ‫مظلومي ــة "الك ــورد" املش ــتركة معه ــم‪ ،‬وسياس ــيو‬ ‫الع ــرب الس ــنة بالحدي ــث ع ــن مذه ــب الك ــورد‬ ‫باغلبيته ــم الس ــنية‪ ،‬وف ــي الحقيق ــة ان االثني ــن‬ ‫يهم ــان مطال ــب الش ــعب الك ــردي بمج ــرد االنته ــاء‬ ‫م ــن االنتخاب ــات او بع ــد تش ــكيل الحكوم ــات‪ ،‬كم ــا‬ ‫ان كثي ـرا م ــن القواني ــن الت ــي تتعل ــق بالعالق ــات‬ ‫املش ــتركة ج ــرى تعطيله ــا‪.‬‬ ‫م ــع كل ي ــوم يقت ــرب ف ــي موع ــد االنتخاب ــات العام ــة‬ ‫فــي التــي حــدد القامتهــا شــهر تشــرين الثانــي ‪،٢٠٢٥‬‬ ‫تتصاعــد بصــورة الفتــة الخطابــات الطائفيــة‪ ،‬فهــل‬ ‫أن الســياق الطائفــي اســلوب ســليم لقيــادة البلــد؟‬ ‫بعــد أن عانينــا طيلــة أكثــر مــن عقديــن مــن ســيادة‬ ‫الخطــاب الطائفــي الــذي أعــاق نمــو البلــد وتســبب‬ ‫ف ــي مش ــكالت كبي ــرة ل ــم ن ــزل نعان ــي منه ــا‪ ،‬يلج ــأ‬ ‫السياس ــيون ال ــى الخط ــاب ذات ــه ال ــذي تس ــبب ف ــي‬ ‫الكــوارث عــن طريــق إثــارة التحريــض الطائفــي بــدال‬ ‫م ــن ط ــرح البرام ــج الحزبي ــة والسياس ــية‪.‬‬ ‫ان قي ــادة بل ــد متع ــدد الطوائ ــف واالدي ــان‬ ‫والقومي ــات مث ــل الع ـراق تتطل ــب رؤي ــة وطني ــة‬ ‫جامع ــة تتج ــاوز االنتم ــاءات الضيق ــة‪ ،‬وترك ــز عل ــى‬ ‫بن ــاء دول ــة املواطن ــة واملؤسس ــات‪.‬‬ ‫أمــا عــن األســباب التــي تدفــع السياســيين واإلعــام‬ ‫املرتب ــط به ــم إل ــى إث ــارة الش ــحن الطائف ــي‪ ،‬ب ــدال‬

‫م ــن ط ــرح البرام ــج الحزبي ــة والسياس ــية‪ ،‬فيمك ــن‬ ‫إجماله ــا ف ــي ع ــدة نق ــاط‪ ،‬منه ــا س ــهولة التعبئ ــة‬ ‫والتجييــش‪ ،‬اذ يعــد الخطــاب الطائفــي أداة فعالــة‬ ‫وس ــريعة لتعبئ ــة الجماهي ــر وتحش ــيدهم عاطفي ــا‪،‬‬ ‫فبــدال مــن بــذل الجهــد فــي صياغــة برامــج سياســية‬ ‫واقتصادي ــة معق ــدة وش ــرحها للناخبي ــن‪ ،‬يج ــد‬ ‫بع ــض السياس ــيين أن إث ــارة املخ ــاوف الطائفي ــة‬ ‫وتقدي ــم أنفس ــهم كمدافعي ــن ع ــن طائف ــة معين ــة‬ ‫أس ــهل وأكث ــر ضمان ــا لكس ــب األص ــوات‪.‬‬ ‫وفض ــا ع ــن ذل ــك يعان ــي ع ــدد م ــن األح ـزاب‬ ‫السياس ــية ف ــي الع ـراق م ــن ضع ــف ف ــي برامجه ــا‬ ‫السياس ــية واالقتصادي ــة‪ ،‬وع ــدم امت ــاك رؤى‬ ‫واضح ــة لح ــل املش ــكالت الت ــي تواج ــه الب ــاد‪ .‬ف ــي‬ ‫ظــل هــذا الف ـراغ‪ ،‬يصبــح الخطــاب الطائفــي بديــا‬ ‫مل ــلء الف ـراغ وإخف ــاء العج ــز ف ــي تقدي ــم الحل ــول‬

‫ا لحقيقي ــة ‪.‬‬ ‫وفيم ــا يتعل ــق ببع ــض النخ ــب السياس ــية الت ــي‬ ‫اســتفادت مــن النظــام املحاصصاتــي" بعــد ‪،2003‬‬ ‫ف ــإن إث ــارة النع ـرات الطائفي ــة يضم ــن اس ــتمرارية‬ ‫ه ــذا النظ ــام ال ــذي أم ــن له ــم نف ــوذا ومكاس ــب‬ ‫معينــة‪ .‬أي تغييــر نحــو خطــاب وطنــي شــامل يرونــه‬ ‫تهدي ــدا ملصالحه ــم‪.‬‬ ‫وملس ــنا ط ــوال العقدي ــن املاضيي ــن ان الخط ــاب‬ ‫الطائفــي غالبــا مــا يســتغل كوســيلة لصــرف انتبــاه‬ ‫الس ــكان ع ــن قضاي ــا الفس ــاد املستش ــري‪ ،‬وس ــوء‬ ‫اإلدارة‪ ،‬والفشــل فــي تقديــم الخدمــات األساســية؛‬ ‫فعندم ــا يك ــون الن ــاس منش ــغلين بالصراع ــات‬ ‫الطائفي ــة‪ ،‬فإنه ــم ق ــد يغفل ــون ع ــن مس ــاءلة‬ ‫السياس ــيين بش ــأن أدائه ــم الحقيق ــي‪ ،‬وهك ــذا‬ ‫يري ــدون له ــم ان يظل ــوا‪.‬‬

‫و ف ــي ظ ــل غي ــاب قواني ــن صارم ــة ورادع ــة ض ــد‬ ‫الخط ــاب الطائف ــي التحري�ض ــي‪ ،‬وضع ــف ال ــدور‬ ‫الرقاب ــي لإلع ــام املس ــتقل‪ ،‬يج ــد البع ــض مس ــاحة‬ ‫واســعة ملمارســة هــذا النــوع مــن الخطــاب مــن دون‬ ‫خ ــوف م ــن تبع ــات حقيقي ــة‪.‬‬ ‫وبع ــض السياس ــيين الذي ــن اختل ــط به ــم بع ــض‬ ‫رجــال الديــن يعتمــدون فــي بنــاء قواعدهــم الشــعبية‬ ‫بش ــكل أس ــاس عل ــى االنتم ــاءات الطائفي ــة‪،‬‬ ‫ويع ــززون ه ــذه االنتم ــاءات ع ــن طري ــق خطاباته ــم‬ ‫لضم ــان اس ــتمرار الدع ــم االنتخاب ــي‪.‬‬ ‫ان معظ ــم السياس ــيين العراقيي ــن الحاليي ــن‬ ‫يلج ــؤون للخط ــاب الطائف ــي ألن ــه غالب ــا م ــا يك ــون‬ ‫"الطري ــق األس ــهل" لكس ــب األص ــوات ف ــي بيئ ــة‬ ‫سياس ــية معين ــة‪ ،‬برغ ــم عواقب ــه املدم ــرة عل ــى‬ ‫وح ــدة وتنمي ــة الع ـراق‪.‬‬

‫التح ــدي الحقيق ــي يكم ــن ف ــي كيفي ــة بن ــاء وع ــي‬ ‫مجتمع ــي وسيا�س ــي يرف ــض ه ــذا الخط ــاب‪،‬‬ ‫ويطال ــب ببرام ــج وطني ــة حقيقي ــة ترك ــز عل ــى بن ــاء‬ ‫الدول ــة واملواطن ــة‪.‬‬ ‫الوض ــع ف ــي الع ـراق وحول ــه معق ــد ومتش ــابك وه ــو‬ ‫مهــدد بأحــداث ربمــا تكــون غيــر متوقعــة‪ ،‬لــذا فــان‬ ‫األســلم برأيــي‪ ،‬هــو تجاهــل االنتخابــات وموعدهــا‪،‬‬ ‫والعم ــل بنك ـران ذات عل ــى صياغ ــة خط ــاب وطن ــي‬ ‫ش ــامل يحتف ــي باالنس ــان وهموم ــه‪ ،‬وانش ــاء وض ــع‬ ‫انتقال ــي مؤق ــت لرس ــم خريط ــة سياس ــية جدي ــدة‬ ‫تأخ ــذ العب ــرة م ــن االخفاق ــات الت ــي حدث ــت‪ ،‬م ــع‬ ‫العم ــل عل ــى تعدي ــل النظ ــام االنتخاب ــي بمجمل ــه و‬ ‫س ــن قان ــون عص ــري لالح ـزاب؛ وحت ــى اذا تطل ــب‬ ‫االم ــر تغيي ــر الدس ــتور فاملس ــألة ف ــي النهاي ــة تتعل ــق‬ ‫بتطلع ــات العراقيي ــن وحياته ــم‪.‬‬

‫"لمسنا طوال العقدين‬ ‫الماضيين ان الخطاب‬ ‫الطائفي غالبا ما‬ ‫يستغل كوسيلة‬ ‫لصرف انتباه السكان‬ ‫عن قضايا الفساد‬ ‫المستشري‪ ،‬وسوء‬ ‫اإلدارة‪ ،‬والفشل‬ ‫في تقديم الخدمات‬ ‫األساسية"‬

‫‪50‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 258‬السنة الحادية والعشرون|حزيران ‪ /‬يونيو ‪51 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫حين يدور الماضي في الحاضر‪..‬‬

‫نواعري هيت تقاوم االندثار‬ ‫وتجذب السائحني‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬ ‫في مدينة هيت‪ ،‬حيث يسير الفرات بهدوء بين الحقول‬ ‫وبساتين النخيل‪ ،‬ما تزال أصوات نواعير الماء ُتسمع وهي‬ ‫تدور ببطء‪ ،‬تصدر صرير ًا خشبي ًا يشبه أنين الزمن البعيد‪.‬‬

‫ه ــذه املنش ــآت التراثي ــة الت ــي مض ــت عليه ــا ق ــرون‪ ،‬ع ــادت‬ ‫لتأس ــر انتب ــاه الزائري ــن م ــن مختل ــف م ــدن الع ـراق وحت ــى‬ ‫م ــن دول الج ــوار‪ ،‬بع ــد أن ظل ــت لعق ــود حبيس ــة اإلهم ــال‬ ‫والنس ــيان‪.‬‬ ‫ويق ــول محم ــد الهيت ــي‪ ،‬الباح ــث ف ــي الت ـراث الش ــعبي‪ ،‬لوكال ــة‬ ‫مجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إن "ه ــذه الناع ــورة عمره ــا ربم ــا يزي ــد عل ــى‬ ‫‪ 400‬ســنة‪ ،‬النواعيــر هنــا ليســت مثــل غيرهــا‪ ،‬فهــي جــزء مــن‬ ‫الطاب ــع االجتماع ــي والثقاف ــي للمدين ــة‪ ،‬كان ــت ُتس ـ ّـمى بأس ــماء‬

‫العائــات التــي تبنيهــا أو ترعاهــا‪ ،‬وكان ُيحتفــى بهــا كمــا ُيحتفــى‬ ‫بمول ــود جدي ــد"‪.‬‬ ‫ويضي ــف أن "مدين ــة هي ــت كان ــت تعتم ــد عل ــى ه ــذه النواعي ــر‬ ‫ل ــري بس ــاتينها‪ ،‬خصوص ـ ًـا حي ــن كان ــت الزراع ــة تمت ــد عل ــى‬ ‫ضفتــي الف ـرات ملســافات طويلــة"‪ ،‬مبينـ ًـا أن "مــا يميــز نواعيــر‬ ‫هي ــت أنه ــا مصنوع ــة بالكام ــل م ــن الخش ــب املحل ــي‪ ،‬وال‬ ‫تحت ــوي عل ــى أي مع ــدن‪ ،‬وه ــذا يعتب ــر م ــن مقوم ــات األصال ــة‬ ‫ُ‬ ‫املعماري ــة"‪.‬‬

‫‪52‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 258‬السنة الحادية والعشرون|حزيران ‪ /‬يونيو ‪53 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫نواعير هيت تقاوم االندثار وتجذب السائحين‬ ‫نواعي ــر هي ــت‪ ،‬ه ــي آالت مائي ــة تراثي ــة‬ ‫مصنوع ــة م ــن الخش ــب‪ ،‬تعم ــل بق ــوة دف ــع‬ ‫ميــاه نهــر الفـرات‪ ،‬وتســتخدم منــذ قــرون فــي‬ ‫رفــع امليــاه مــن النهــر إلــى األحــواض العلويــة‪،‬‬ ‫وم ــن ث ــم توزيعه ــا عب ــر قن ــوات لس ــقي‬ ‫البس ــاتين وتوفي ــر املي ــاه للم ــدن الواقع ــة‬ ‫عل ــى ضفاف ــه‪.‬‬ ‫تنتشــر هــذه النواعيــر بشــكل خــاص فــي مــدن‬ ‫هي ــت وعان ــة وحديث ــة والقائ ــم بمحافظ ــة‬ ‫األنب ــار‪ُ ،‬وتصن ــع ع ــادة م ــن خش ــب ش ــجرة‬ ‫الت ــوت "الت ــوث" مل ــا يتمي ــز ب ــه م ــن صالب ــة‬ ‫ومتان ــة‪.‬‬ ‫السياحة في ازدهار‬ ‫مــن جانبــه‪ ،‬يقــول مصطفــى العانــي‪ ،‬ناشــط‬ ‫بيئــي وســياحي‪ ،‬وهــو مــن أبنــاء املدينــة الذيــن‬ ‫يرافق ــون الس ــياح ف ــي جوالته ــم‪ ،‬أن ــه "م ــع‬ ‫تحس ــن األوض ــاع األمني ــة‪ ،‬ب ــدأت املدين ــة‬ ‫ـدا م ــن ال ــزوار"‪.‬‬ ‫ـاال متزاي ـ ً‬ ‫تش ــهد إقب ـ ً‬ ‫ويتابــع العانــي‪ ،‬حديثــه قائـ ًـا إن "قبــل عــام‬ ‫‪ ،2018‬لــم يكــن أحــد يجــرؤ علــى املجــيء إلــى‬ ‫هن ــا بس ــبب األوض ــاع األمني ــة‪ ،‬لك ــن الي ــوم‪،‬‬ ‫ُن ّظــم أكثــر مــن ‪ 40‬رحلــة ســياحية إلــى هيــت‪،‬‬ ‫كان أبــرز مــا يعــرض فيهــا هــو النواعيــر"‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫ويش ــير إل ــى أن "الس ــائحين ينبه ــرون عندم ــا‬ ‫ي ــرون كي ــف تعم ــل الناع ــورة فق ــط بطاق ــة‬ ‫امليــاه‪ ،‬مــن دون أي محــرك بعضهــم يعتقــد‬ ‫أنه ــا مجس ــمات للزين ــة حت ــى ُنريه ــم كي ــف‬ ‫حق ــا‪ ،‬ونس ــقي ال ــزرع أمامه ــم"‪.‬‬ ‫ترف ــع امل ــاء ً‬ ‫وف ــي الع ــام املا�ض ــي‪ ،‬ش ــهد متن ــزه "نواعي ــر‬ ‫هي ــت" حمل ــة إدام ــة تطوعي ــة‪ ،‬نفذته ــا‬ ‫منظمــة أيــادي الرحمــة بتمويــل مــن الوكالــة‬ ‫األمريكي ــة للتنمي ــة الدولي ــة‪ ،‬وبمش ــاركة‬ ‫ع ــدد م ــن نش ــطاء املدين ــة وأعض ــاء برنام ــج‬ ‫ســفراء شــباب‪ ،‬حيــث اســتمرت لثالثــة أيــام‬ ‫لتشــمل تنظيــف املتنــزه والكورنيــش وصيانــة‬ ‫اإلن ــارة وتأهي ــل مبان ــي املراف ــق الصحي ــة‬ ‫وغيره ــا م ــن األم ــور‪.‬‬

‫تحديات كبيرة‬ ‫لك ــن رغ ــم ه ــذه االنتعاش ــة‪ ،‬يقابله ــا‬ ‫تحديــات كبيــرة امــام تـراث النواعيــر‪ ،‬حيــث‬ ‫تق ــول نادي ــة الدليم ــي‪ ،‬الباحث ــة ف ــي العم ــارة‬ ‫اإلس ــامية والت ـراث إن "بع ــض عملي ــات‬ ‫الترمي ــم‪ ،‬تت ــم بطريق ــة عش ــوائية‪ ،‬يت ــم‬ ‫ـدال مــن الخشــب‬ ‫اســتخدام مــواد صناعيــة بـ ً‬ ‫الطبيع ــي‪ ،‬م ــا يفق ــد الناع ــورة طابعه ــا‬ ‫التقليــدي ويهــدد بانهيارهــا مــع الزمــن‪ ،‬كمــا‬ ‫أن انحســار ميــاه الف ـرات‪ ،‬بســبب الســدود‬

‫يشير الناشط أحمد الراوي‬ ‫إلى "أهمية إشراك سكان‬ ‫هيت أنفسهم في حماية‬ ‫النواعير"‪ ،‬مضيف ًا أن "بعض‬ ‫العائالت القديمة ما زالت‬ ‫تحتفظ بذكريات دقيقة عن‬ ‫كيفية بناء الناعورة‪ ،‬أسماء‬ ‫أجزائها‪ ،‬طريقة تشغيلها‪،‬‬ ‫يجب أن نستثمر هذه‬ ‫الذاكرة الحية ونوثقها‪ ،‬ربما‬ ‫عبر مركز تراثي أو متحف‬ ‫محلي"‪.‬‬

‫ف ــي املنب ــع‪ ،‬جع ــل م ــن الصع ــب عل ــى بع ــض‬ ‫ـابقا"‪.‬‬ ‫النواعي ــر أن تعم ــل كم ــا كان ــت س ـ ً‬ ‫وفــي حديــث لوكالــة مجلــة «فيلــي»‪ ،‬تضيــف‬ ‫أن ــه "م ــن املؤس ــف ّأاّل تك ــون ه ــذه النواعي ــر‬ ‫مدرج ــة حت ــى اآلن ضم ــن الئح ــة الت ـراث‬ ‫الوطن ــي العراق ــي‪ ،‬ناهي ــك ع ــن الت ـراث‬ ‫العالم ــي‪ ،‬ه ــذه فرص ــة للحكوم ــة املحلي ــة‬ ‫بالتعــاون مــع الجهــات األكاديميــة لترشــيحها‬ ‫ل ــدى اليونس ــكو"‪.‬‬ ‫إل ــى ذل ــك‪ ،‬يش ــير الناش ــط أحم ــد ال ـراوي‬

‫إل ــى "أهمي ــة إش ـراك س ــكان هي ــت أنفس ــهم‬ ‫ف ــي حماي ــة النواعي ــر"‪ ،‬مضيف ـ ًـا أن "بع ــض‬ ‫العائ ــات القديم ــة م ــا زال ــت تحتف ــظ‬ ‫بذكريــات دقيقــة عــن كيفيــة بنــاء الناعــورة‪،‬‬ ‫أســماء أجزائهــا‪ ،‬طريقــة تشــغيلها‪ ،‬يجــب أن‬ ‫نســتثمر هــذه الذاكــرة الحيــة ونوثقهــا‪ ،‬ربمــا‬ ‫عب ــر مرك ــز تراث ــي أو متح ــف محل ــي"‪.‬‬ ‫ويضي ــف أن "ف ــي أح ــد املش ــاريع الت ــي نعم ــل‬ ‫عليه ــا بالتع ــاون م ــع ط ــاب ف ــي جامع ــة‬ ‫األنب ــار‪ ،‬بدأن ــا بتس ــجيل ش ــهادات كب ــار‬

‫الســن عــن النواعيــر‪ ،‬وســنصدر ّ‬ ‫كتيبـ ًـا بهــذا‬ ‫الخص ــوص قريب ـ ًـا"‪.‬‬ ‫ول ــم تع ــد نواعي ــر هي ــت مج ــرد بقاي ــا م ــن‬ ‫املا�ضــي‪ ،‬بــل أصبحــت رمــو ًزا لنهضــة ثقافيــة‬ ‫وس ــياحية‪ ،‬ه ــي جس ــور بي ــن األجي ــال‪،‬‬ ‫وتذكي ــر دائ ــم ب ــأن م ــا ي ــدور حولن ــا لي ــس‬ ‫فق ــط امل ــاء‪ ،‬ب ــل التاري ــخ والهوي ــة والحي ــاة‪.‬‬ ‫ورغ ــم قيمته ــا التاريخي ــة والهندس ــية‪ ،‬ل ــم‬ ‫يتب ــق منه ــا الي ــوم س ــوى أق ــل م ــن عش ــرين‬ ‫َ‬ ‫ناع ــورة‪ ،‬وفق ـ ًـا للمؤرخي ــن‪ ،‬بع ــد أن تس ــببت‬

‫قلــة منســوب ميــاه الفـرات وإقامــة الســدود‬ ‫عل ــى مج ـراه ف ــي اندث ــار الغالبي ــة العظم ــى‬ ‫منه ــا‪.‬‬ ‫وم ــع ذل ــك‪ ،‬تتواص ــل الجه ــود املحلي ــة‬ ‫للمحافظ ــة عل ــى م ــا تبق ــى منه ــا‪ ،‬وس ــط‬ ‫مس ــاع رس ــمية وش ــعبية إلدراج نواعي ــر‬ ‫ٍ‬ ‫الع ـراق ضم ــن قائم ــة الت ـراث العالم ــي مل ــا‬ ‫تحمل ــه م ــن دالل ــة حضاري ــة وهوي ــة ثقافي ــة‬ ‫فري ــدة‪.‬‬

‫ويضيف أن "في أحد‬ ‫المشاريع التي نعمل عليها‬ ‫بالتعاون مع طالب في‬ ‫جامعة األنبار‪ ،‬بدأنا بتسجيل‬ ‫شهادات كبار السن عن‬ ‫النواعير‪ ،‬وسنصدر كت ّيب ًا‬ ‫بهذا الخصوص قريب ًا"‪.‬‬

‫‪54‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬ ‫‪IRAQI‬‬

‫الشباب العراقي يلجأ إلى الخيار البديل‬

‫والخطة ‪B‬‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫يعاني الشباب العراقي الذي يمثل حوالي ‪ 60‬باملئة من مجموع السكان البالغ‬ ‫‪ 47‬مليون نسمة‪ ،‬من معدالت بطالة مرتفعة‪ ،‬بسبب نقص التعيينات في‬ ‫القطاع الحكومي‪ ،‬و افتقارالسوق العر اقية إلى فرص عمل كافية‪ ،‬مما يزيد‬ ‫من صعوبة العثورعلى وظيفة ويؤثرعلى مستوى معيشتهم ويحد من فرصهم‬ ‫في بناء مستقبل منهي‪.‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪55 2025‬‬

‫كمــا ينعكــس تأثيــر البطالــة وقلــة فــرص العمــل‬ ‫علــى االقتصــاد العراقــي‪ ،‬حيــث يمكــن أن تــؤدي‬ ‫إل ــى انخف ــاض ف ــي اإلنتاجي ــة وزي ــادة ف ــي الفق ــر‬ ‫حتــى عنــد شــريحة الخريجيــن‪ ،‬كمــا هــو الحــال‬ ‫مــع مريــم (‪ 26‬عامـ ًـا) مــن محافظــة بابــل‪.‬‬ ‫وأش ــارت مري ــم خ ــال حديثه ــا لوكال ــة مجل ــة‬ ‫«فيلــي»‪ ،‬إلــى أنهــا تخرجــت حديثـ ًـا مــن الجامعــة‬ ‫بتخص ــص إدارة واقتص ــاد‪ ،‬وكان ــت متحمس ــة‬ ‫للب ــدء ف ــي حياته ــا املهني ــة‪ ،‬وم ــع ذل ــك‪ ،‬وج ــدت‬ ‫نفس ــها أم ــام تح ــد كبي ــر يتمث ــل ف ــي نق ــص‬ ‫التعيين ــات ف ــي القط ــاع الحكوم ــي‪.‬‬ ‫ونتيج ــة لذل ــك‪ ،‬ق ــررت مري ــم اللج ــوء للقط ــاع‬ ‫الخ ــاص كخي ــار بدي ــل للبح ــث ع ــن ف ــرص‬ ‫عم ــل‪ ،‬وعمل ــت عل ــى تطوي ــر مهاراته ــا وخبراته ــا‬ ‫لتك ــون أكث ــر جاذبي ــة ألصح ــاب العم ــل‪،‬‬ ‫مم ــا س ــاعدها عل ــى إيج ــاد وظيف ــة مناس ــبة‪،‬‬ ‫وم ــع ذل ــك‪ ،‬واجه ــت تحدي ــات جدي ــدة‪ ،‬مث ــل‬ ‫املنافس ــة الش ــديدة والضغ ــوط العملي ــة‪.‬‬ ‫وهــذه الظــروف التــي مــرت بهــا مريــم هــي مشــابه‬ ‫لظ ــروف آالف الش ــباب الخريجي ــن‪ ،‬لذل ــك‬ ‫تدع ــو الفت ــاة الحكوم ــة لفت ــح دورات تدريبي ــة‬ ‫م ــن خ ــال التع ــاون بي ــن الحكوم ــة والقط ــاع‬ ‫الخ ــاص وتش ــجيع ري ــادة األعم ــال ودع ــم‬

‫‪56‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬ ‫‪IRAQI‬‬

‫املش ــاريع الصغي ــرة واملتوس ــطة لتوفي ــر ف ــرص‬ ‫عم ــل للش ــباب ف ــي مختل ــف القطاع ــات‪.‬‬ ‫وه ــو م ــا يس ــاهم‪ ،‬بحس ــب مري ــم‪ ،‬ف ــي تعزي ــز‬ ‫االقتص ــاد املحل ــي م ــن خ ــال توفي ــر عمال ــة‬ ‫ماه ــرة ومدرب ــة وتحس ــين مس ــتوى معيش ــتهم‪،‬‬ ‫لبن ــاء مجتم ــع مس ــتقر واقتص ــاد مزده ــر‪.‬‬ ‫مبادرة "ريادة"‬ ‫وألهمي ــة املب ــادرات ف ــي دع ــم القط ــاع الخ ــاص‪،‬‬ ‫أطل ــق رئي ــس ال ــوزراء العراق ــي محم ــد ش ــياع‬ ‫الس ــوداني ف ــي آذار‪ /‬م ــارس م ــن ع ــام ‪،2023‬‬ ‫مب ــادرة ري ــادة‪ ،‬بـ"ه ــدف خل ــق مجتم ــع نش ــط‬ ‫ريــادي عبــر إتاحــة الفرصــة للجميــع بالحصــول‬ ‫عل ــى فرص ــة عم ــل أو تدري ــب"‪ ،‬وف ــق مستش ــار‬ ‫رئي ــس ال ــوزراء املدي ــر التنفي ــذي ملب ــادرة‬ ‫"ري ــادة"‪ ،‬حس ــين فالم ــرز‪.‬‬ ‫وأوض ــح فالم ــرز‪ ،‬خ ــال حديث ــه للوكال ــة‪ ،‬أن‬ ‫"مبــادرة ريــادة تعتمــد علــى خمــس مراحــل تبــدأ‬ ‫بالتس ــجيل اإللكترون ــي والتدري ــب الحض ــوري‬ ‫والج ــدوى االقتصادي ــة وطل ــب الق ــرض‬ ‫إلكترونيـ ًـا والبــدء باملشــروع واملتابعــة علــى مــدى‬ ‫‪ 10‬س ــنوات"‪.‬‬

‫صفوان قصي‬ ‫خبير اقتصادي‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪57 2025‬‬

‫"هناك إمكانية لدى‬ ‫مبادرة البنك املركزي‬ ‫البالغة ‪ 4‬تريليونات دينار‬ ‫في دعم املشاريع الصغيرة‬ ‫واملتوسطة وريادة األعمال‪،‬‬ ‫خاصة األفكارالتي تحصل‬ ‫على مقبولية من قبل‬ ‫إدارة البنك وتساهم في‬ ‫تشغيل أكبرعدد ممكن‬ ‫من الشباب وعلى مساحة‬ ‫العراق"‬

‫وأك ــد أن "ه ــذه املب ــادرة تس ــاعد الش ــباب عل ــى‬ ‫تحقي ــق أفكاره ــم الخاص ــة وتعط ــي فرص ــة‬ ‫للمص ــارف بإط ــاق الق ــروض وه ــذه تس ــاعد‬ ‫الشــاب علــى أن يخلــق فرصتــه بنفســه‪ ،‬فــي ظــل‬ ‫وج ــود أكث ــر م ــن ‪ 828‬قاع ــة للتدري ــب ضم ــن‬ ‫املبــادرة تضــم أكثــر مــن ألــف مــدرب فــي عمــوم‬ ‫الع ـراق"‪.‬‬ ‫ولف ــت فالم ــرز‪ ،‬إل ــى أن "الحكوم ــة تعم ــل عل ــى‬ ‫أخــذ القطــاع الخــاص املســاحة الكافيــة ليبــدأ‬ ‫الف ــرد العراق ــي باثب ــات جدارت ــه م ــن خ ــال‬ ‫تقدي ــم الخدم ــة أو املنت ــوج ال ــذي يحتاج ــه‬ ‫املجتم ــع‪ ،‬ومؤخ ـ ًرا ت ــم إج ـراء دراس ــة ح ــول‬ ‫إمكاني ــة نق ــل املب ــادرة إل ــى إقلي ــم كوردس ــتان‬ ‫لخلــق فــرص عمــل لجميــع الشــباب الطمــوح"‪.‬‬ ‫زيادة قدرة الشباب‬ ‫م ــن جهت ــه‪ ،‬ق ــال الخبي ــر اقتص ــادي‪ ،‬صف ــوان‬ ‫ق�ص ــي‪ ،‬إن "عملي ــة التنمي ــة البش ــرية ه ــي‬ ‫عن ــوان الس ــتثمار الطاق ــات الش ــبابية ف ــي‬ ‫ظ ــل وج ــود العدي ــد م ــن اإلمكاني ــات املتاح ــة‬ ‫ل ــدى الش ــباب العراق ــي يمك ــن إع ــادة تأهيله ــا‬ ‫م ــن خ ــال املراك ــز التدريبي ــة والتطويري ــة‬

‫الكســابهم مهــارات ســوق العمــل التخصصيــة‪،‬‬ ‫خاصــة وأن العـراق يتطلــع لالندمــاج مــع البيئــة‬ ‫االقتصادي ــة الدولي ــة"‪.‬‬ ‫وذك ــر ق�ص ــي‪ ،‬ل ـ مجل ــة «فيل ــي»‪" :‬كم ــا هن ــاك‬ ‫إمكاني ــة ل ــدى املص ــارف العراقي ــة خاص ــة‬ ‫مب ــادرة البن ــك املرك ــزي البالغ ــة ‪ 4‬تريليون ــات‬ ‫دين ــار ف ــي دع ــم املش ــاريع الصغي ــرة واملتوس ــطة‬ ‫وري ــادة األعم ــال‪ ،‬خاص ــة األف ــكار الت ــي تحص ــل‬ ‫عل ــى مقبولي ــة م ــن قب ــل إدارة البن ــك املرك ــزي‬ ‫وتس ــاهم ف ــي تش ــغيل أكب ــر ع ــدد ممك ــن م ــن‬ ‫الش ــباب وعل ــى مس ــاحة الع ـراق"‪.‬‬ ‫وبي ــن أن "الع ـراق يتطل ــع إل ــى زي ــادة ق ــدرة‬ ‫الش ــباب العراق ــي عل ــى الطل ــب عل ــى الوظائ ــف‬ ‫ـدا ع ــن التعيين ــات‬ ‫ف ــي القط ــاع الخ ــاص بعي ـ ً‬ ‫الحكوميــة‪ ،‬لذلــك عملــت الحكومــة علــى توفيــر‬ ‫مجموع ــة م ــن الضمان ــات للمش ــاريع الصغي ــرة‬ ‫واملتوس ــطة والكبي ــرة كأس ــاس بعملي ــة ش ـراء‬ ‫الس ــلع املنتج ــة م ــن تل ــك املش ــاريع م ــن قب ــل‬ ‫الحكوم ــة أو الش ــركات الكبي ــرة لتك ــون هن ــاك‬ ‫اس ــتدامة ف ــي اإلي ـرادات ونم ــو مس ــتدام له ــذه‬ ‫املش ــاريع"‪.‬‬

‫"املبادرة تساعد الشباب‬ ‫على تحقيق أفكارهم‬ ‫الخاصة وتعطي فرصة‬ ‫للمصارف بإطالق القروض‬ ‫التي تساعد الشاب على‬ ‫أن يخلق فرصته بنفسه‪،‬‬ ‫في ظل وجود أكثرمن ‪828‬‬ ‫قاعة للتدريب ضمن‬ ‫املبادرة تضم أكثرمن ألف‬ ‫مدرب في عموم العراق"‬

‫حسين فالمرز‬ ‫مستشار رئيس الوزراء‬ ‫املدير التنفيذي ملبادرة "ريادة"‬

‫ونب ــه ق�ص ــي‪ ،‬إل ــى أن "الش ــباب العراق ــي يمث ــل‬ ‫‪ 60‬باملئ ــة م ــن املجتم ــع‪ ،‬وهن ــاك ‪ 15‬ملي ــون‬ ‫إنســان بعمــر قــوة العمــل‪ ،‬لذلــك البــد مــن فتــح‬ ‫ش ــهادات تخصصي ــة بمه ــارات س ــريعة يمك ــن‬ ‫اكتس ــابها ل ــدى الش ــباب لك ــي ينم ــو الش ــاب‬ ‫ضم ــن بيئ ــة العم ــل بش ــكل مس ــتقر‪ ،‬ويح ــول‬ ‫الثقاف ــة والش ــهادة الت ــي اكتس ــبها إل ــى مه ــارة‬ ‫تخصصي ــة لخدم ــة س ــوق العم ــل‪ ،‬وبالتال ــي‬ ‫يت ــم تخفي ــف تكلي ــف العم ــل ودع ــم توظي ــف‬ ‫الشــباب فــي القطاعــات التنمويــة املســتدامة"‪.‬‬ ‫فرصة للتطوير‬ ‫بــدوره‪ ،‬أكــد الباحــث االقتصــادي‪ ،‬أحمــد عبــد‬ ‫ربــه‪ ،‬أن "وجــود أكثــر مــن ‪ 61‬باملئــة مــن مجمــوع‬ ‫ـبابا‪ ،‬تع ــد فرص ــة مهم ــة ف ــي تطوي ــر‬ ‫الس ــكان ش ـ ً‬ ‫الواق ــع االقتص ــادي وتحقي ــق نم ــو اقتص ــادي‬ ‫حس ــن توظيفه ــا"‪.‬‬ ‫إذا ُأ ِ‬ ‫وق ــال عب ــد رب ــه‪ ،‬خ ــال حديث ــه للوكال ــة‪ ،‬إن‬ ‫"تطويــر الواقــع االقتصــادي مــن قبــل الشــباب‬ ‫يكــون مــن خــال تحويــل التحديــات إلــى فــرص‬ ‫للتطويــر مــن خــال إحيــاء دور العـراق كـ(ســلة‬ ‫خب ــز الش ــرق األوس ــط) عب ــر االس ــتفادة م ــن‬ ‫األرا�ضــي الخصبــة بيــن دجلــة والف ـرات‪ ،‬ودعــم‬ ‫مش ــاريع مث ــل الدفيئ ــات الزراعي ــة العامل ــة‬ ‫بالطاق ــة الشمس ــية"‪.‬‬ ‫وزاد‪" :‬وكذل ــك اس ــتخدام تقني ــات ال ــري‬ ‫الحديث ــة‪ ،‬وتش ــجيع الش ــباب عل ــى العم ــل ف ــي‬ ‫الزراع ــة عب ــر تموي ــل مش ــاريعهم‪ ،‬إل ــى جان ــب‬

‫إع ــادة بن ــاء القط ــاع الصناع ــي (اإلس ــمنت‪،‬‬ ‫الكيماوي ــات‪ ،‬املنس ــوجات) عب ــر اس ــتثمارات‬ ‫عام ــة وخاص ــة‪ ،‬م ــع تخصي ــص الحكوم ــة يوم ـ ًـا‬ ‫لدع ــم الصناع ــة كـ(نقط ــة تح ــول)"‪.‬‬ ‫وباإلضاف ــة إل ــى ذل ــك‪ ،‬أش ــار عب ــد رب ــه‪ ،‬إل ــى‬ ‫أهمي ــة "دع ــم املش ــاريع الناش ــئة ف ــي مج ــاالت‬ ‫التكنولوجيــا والطبيــة حيــث يســتوعب القطــاع‬ ‫الخــاص ‪ 80%‬مــن العمالــة‪ ،‬مــع ضمــان رواتــب‬ ‫وتقاع ــد مماث ــل للقط ــاع الحكوم ــي"‪ ،‬مردف ـ ًـا‪:‬‬ ‫"وكذل ــك رب ــط التعلي ــم باحتياج ــات الس ــوق‬ ‫وتطوي ــر التعلي ــم املنه ــي (كهندس ــة الزراع ــة‬ ‫والتكنولوجي ــا) لس ــد الفج ــوة ف ــي امله ــارات‬ ‫الفني ــة‪ ،‬وش ـراكة بي ــن الجامع ــات والقط ــاع‬ ‫الخــاص لتصميــم مناهــج تطبيقيــة (مثــل إدارة‬ ‫األعم ــال‪ ،‬التح ــول الرقم ــي)"‪.‬‬ ‫ودع ــا إل ــى "تبس ــيط إج ـراءات اس ــتخراج‬ ‫التراخي ــص الصناعي ــة والتجاري ــة وإص ــدار‬ ‫قانــون يضمــن معاشــات وتأمينـ ًـا صحيـ ًـا لعمــال‬ ‫القط ــاع الخ ــاص‪ ،‬وإعف ــاءات ضريبي ــة مل ــدة ‪5‬‬ ‫س ــنوات للمش ــاريع ف ــي املحافظ ــات النائي ــة"‪.‬‬ ‫وخلــص عبــد ربــه‪ ،‬فــي ختــام حديثــه إلــى القــول‪،‬‬ ‫الفع ــال للش ــباب يس ــتلزم‬ ‫إن "التمكي ــن‬ ‫ّ‬ ‫تكام ـ ًـا بي ــن الحكوم ــات والقط ــاع الخ ــاص‬ ‫واملجتم ــع املدن ــي‪ ،‬م ــع مراقب ــة النتائ ــج وتعدي ــل‬ ‫السياس ــات بش ــكل ديناميك ــي لتحقي ــق تنمي ــة‬ ‫مس ــتدامة"‪.‬‬

‫‪58‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪59 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫العراق‪..‬‬

‫آالف المرشحني‬

‫بال برامج في زحام‬

‫انتخابي غري مسبوق‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬

‫ـدا نيابي ـ ًـا‬ ‫يتناف ــس أكث ــرم ــن ‪ 7900‬مرش ــح عل ــى ‪ 329‬مقع ـ ً‬ ‫ف ــي االنتخاب ــات التش ــريعية العر اقي ــة املق ــرر إجراؤه ــا‬ ‫ف ــي ‪ 11‬تش ــرين الثان ــي‪ /‬نوفمب ــر ‪ ،2025‬ف ــي حال ــة يصفه ــا‬ ‫مر اقب ــون بـ"الفو�ض ــى"‪.‬‬

‫ورغ ــم ه ــذه األع ــداد م ــن املتنافس ــين "غي ــر‬ ‫املس ــبوقة" ف ــي العال ــم‪ ،‬ي ــرى املراقب ــون أن‬ ‫أغل ــب ه ــؤالء املرش ــحين يفتق ــر لبرام ــج‬ ‫واضح ــة‪ ،‬لك ــن تح ــاول الكت ــل السياس ــية‬ ‫م ــن خ ــال زي ــادة أع ــداد مرش ــحيها إل ــى إب ـراز‬ ‫نفس ــها وقط ــع الطري ــق أم ــام املنافس ــين‬ ‫اآلخري ــن‪.‬‬ ‫ن‬ ‫ويع ــزو املراقب ــو ه ــذه "الفو�ض ــى" لع ــدم‬ ‫وجــود قانــون لألحـزاب‪ ،‬فيمــا وصلــت املبالــغ‬ ‫املاليــة التــي ســتصرف فــي االنتخابــات املقبلــة‬ ‫إل ــى تريليون ــي دين ــار‪.‬‬ ‫وأعلن ــت مفوضي ــة االنتخاب ــات‪ ،‬أن "ع ــدد‬ ‫املرش ــحين بل ــغ أكث ــر م ــن ‪ 7900‬مرش ــح‪،‬‬ ‫والس ــبب ه ــو النظ ــام االنتخاب ــي (التمثي ــل‬

‫النس ــبي)‪ ،‬وبطريق ــة الـ(س ــانت ليغ ــو) مم ــا‬ ‫دف ــع التحالف ــات واألح ـزاب إل ــى تس ــجيل‬ ‫قوائ ــم كامل ــة بع ــدد املرش ــحين ف ــي كل دائ ــرة‬ ‫مضروب ـ ًـا ف ــي اثني ــن‪ ،‬وه ــذا م ــا أت ــاح زي ــادة ف ــي‬ ‫أع ــداد املرش ــحين"‪ ،‬بحس ــب عض ــو الفري ــق‬ ‫اإلعالم ــي ف ــي مفوضي ــة االنتخاب ــات‪ ،‬حس ــن‬ ‫ه ــادي زاي ــر‪.‬‬ ‫ويش ــير زاي ــر خ ــال حديث ــه ملجل ــة «فيل ــي»‪،‬‬ ‫إل ــى أن "مفوضي ــة االنتخاب ــات حالي ـ ًـا ف ــي‬ ‫مرحل ــة تدقي ــق البيان ــات األولي ــة قب ــل رفعه ــا‬ ‫إل ــى جه ــات التحق ــق م ــن األهلي ــة‪ ،‬ليتس ــنى‬ ‫له ــا املصادق ــة عل ــى أصح ــاب التاري ــخ النزي ــه‬ ‫والنظي ــف م ــن الش ــوائب"‪.‬‬ ‫وي ــرى املحل ــل السيا�س ــي‪ ،‬عب ــاس الجب ــوري‪،‬‬

‫أن "الزح ــام االنتخاب ــي عل ــى االنتخاب ــات‬ ‫املقبلــة مختلــف عــن الســابق‪ ،‬وتســعى الكتــل‬ ‫السياس ــية م ــن خالل ــه إلب ـراز نفس ــها أم ــام‬ ‫اإلعــام وفــي الوقــت نفســه قطــع الطريــق علــى‬ ‫الكت ــل األخ ــرى"‪.‬‬ ‫ويضيــف الجبــوري ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬أن "هنــاك‬ ‫أكثــر مــن ‪ 400‬حــزب فــي الســاحة السياســية‪،‬‬ ‫فيم ــا وصل ــت التحالف ــات السياس ــية إل ــى‬ ‫‪ 140‬تحالف ـ ًـا‪ ،‬وق ــد تتوس ــع أكث ــر‪ ،‬أم ــا ع ــدد‬ ‫املرش ــحين ف ــي بغ ــداد فق ــد وص ــل إل ــى ‪ 6‬آالف‬ ‫ـدا‪ ،‬وه ــذه‬ ‫مرش ــح للتناف ــس عل ــى ‪ 65‬مقع ـ ً‬ ‫تحص ــل ألول م ــرة"‪.‬‬ ‫ورغــم هــذه األعــداد الكبيــرة‪ ،‬يبيــن الجبــوري‪،‬‬ ‫أن "ه ــذا الص ـراع املحت ــدم عل ــى االنتخاب ــات‬

‫‪60‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪61 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫للش ــعب‪ ،‬خصوص ـ ًـا بع ــد االنس ــحابات أو‬ ‫ع ــدم املش ــاركة ف ــي االنتخاب ــات املقبل ــة م ــن‬ ‫قبــل عــدة حــركات سياســية"‪ ،‬وفــق الناصــر‪.‬‬ ‫ويضي ــف "له ــذا عم ــد زعم ــاء الكت ــل‬ ‫وزعام ــات األح ـزاب إل ــى ترش ــيح ع ــدد كبي ــر‬ ‫ـدا ع ــن االختب ــارات الت ــي‬ ‫م ــن األش ــخاص بعي ـ ً‬ ‫كان ــت تحص ــل ف ــي الترش ــيح إل ــى دورات نيابي ــة‬ ‫س ــابقة"‪.‬‬ ‫ويرج ــع الناص ــر ذل ــك‪" ،‬لك ــي تك ــون هن ــاك‬ ‫مش ــاركة أكب ــر م ــن قب ــل الش ــعب العراق ــي‬ ‫حت ــى يس ــتحصل رئي ــس القائم ــة عل ــى ع ــدد‬ ‫أكث ــر م ــن األص ــوات ويرف ــع نس ــبة املش ــاركة‬ ‫ليبي ــن م ــدى إقب ــال املواطني ــن عل ــى العملي ــة‬ ‫االنتخابيــة التــي تــكاد أن تكــون ديمقراطيــة"‪.‬‬ ‫ويوضــح‪ ،‬أن "أحــد التحالفــات شــارك بــ‪470‬‬ ‫ـحا فــي أغلــب محافظــات الع ـراق واآلخــر‬ ‫مرشـ ً‬ ‫ـحا‪ ،‬وه ــذه األع ــداد‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫مر‬ ‫‪350‬‬ ‫ـدد‬ ‫ـ‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ش ــارك‬ ‫ً‬ ‫الكبي ــرة ل ــن تح ــدث ف ــارق للفائزي ــن ف ــي ظ ــل‬ ‫قان ــون االنتخاب ــات الحال ــي"‪.‬‬ ‫وشــهد العـراق‪ ،‬تشــريع ســتة قوانيــن انتخابيــة‬ ‫منــذ عــام ‪ ،2003‬األول كان فــي مرحلــة الدولــة‬ ‫االنتقالي ــة‪ ،‬حي ــث كان الع ـراق كل ــه دائ ــرة‬

‫يفتق ــر إل ــى برام ــج واضح ــة لح ــد اآلن‪ ،‬إذ أن‬ ‫بع ــض املرش ــحين ال يمل ــك ثقاف ــة الترش ــيح‬ ‫ولي ــس لدي ــه برنام ــج‪ ،‬ب ــل يفتق ــر حت ــى‬ ‫للتوا ص ــل"‪.‬‬ ‫ويلف ــت إل ــى أن "الكت ــل السياس ــية قدم ــت‬ ‫مرش ــحين بم ــا يف ــوق املقاع ــد النيابي ــة ل ــكل‬ ‫محافظ ــة‪ ،‬ف ــي س ــبيل حص ــول رئي ــس الكتل ــة‬ ‫عل ــى أص ــوات ه ــؤالء املرش ــحين املتبعث ــرة‬ ‫وبالتال ــي يف ــوز ه ــو ويبق ــى الوض ــع ف ــي الب ــاد‬ ‫عل ــى حال ــه‪ ،‬ف ــي فو�ض ــى س ــببها ع ــدم وج ــود‬ ‫قانــون لألحـزاب يحددهــا والجهــة ّ‬ ‫املمولــة لهــا‪،‬‬ ‫حي ــث وصل ــت املبال ــغ املالي ــة الت ــي س ــتصرف‬ ‫عل ــى ه ــذه االنتخاب ــات إل ــى تريليون ــي دين ــار"‪.‬‬ ‫وبهــذا الســياق‪ ،‬يقــول املحلــل السيا�ســي‪ ،‬عبــد‬ ‫هللا الكنانــي‪ ،‬إن "هــذا الزحــام االنتخابــي مــن‬

‫املتنافس ــين غي ــر املس ــبوق ف ــي العال ــم س ــببه‬ ‫املــال الــذي عنــد البعــض الــذي يســتحوذ علــى‬ ‫أمــوال الدولــة بشــتى الطــرق‪ ،‬فــي وقــت ال يـزال‬ ‫قانــون األحـزاب غيــر مقـ ّـر"‪.‬‬ ‫وي ــرى الكنان ــي خ ــال حديث ــه ملجل ــة «فيل ــي»‪،‬‬ ‫أن "األم ــور أكث ــر س ــوداوية م ــن االنتخاب ــات‬ ‫الســابقة وال نن�ســى هنــاك مقاطعــة مــن أكبــر‬ ‫طي ــف ش ــيعي وه ــو التي ــار الوطن ــي الش ــيعي‬ ‫(التيــار الصــدري)‪ ،‬وهــذا ســيؤثر علــى إج ـراء‬ ‫االنتخاب ــات حتم ـ ًـا‪ ،‬وس ــتظهر ق ــوى أخ ــرى‬ ‫تقاط ــع وال تش ــارك‪ ،‬وس ــبب الزي ــادة ه ــو‬ ‫لالســتحواذ علــى املــال العــام والدفــع الخارجــي‬ ‫والداخل ــي"‪.‬‬ ‫ل‬ ‫م ــن جهت ــه‪ ،‬يق ــو الباح ــث ف ــي الش ــأن‬ ‫السيا�ســي‪ ،‬علــي الناصــر‪ ،‬إن "العجــز النيابــي‬

‫خ ــال ال ــدورة البرملاني ــة الحالي ــة ب ــدا واضح ـ ًـا‬ ‫أول ــه ف ــي ش ــغور رئاس ــة املجل ــس‪ ،‬وآخ ــره‬ ‫بترحي ــل أكث ــر م ــن ‪ 150‬قانون ـ ًـا إل ــى ال ــدورة‬ ‫املقبل ــة‪ ،‬وه ــذا س ــبب تخبط ـ ًـا ف ــي الش ــارع‬ ‫العراق ــي وانزعاج ـ ًـا م ــن ه ــذا العم ــل غي ــر‬ ‫املج ــدي أم ــام كل التحدي ــات املوج ــودة"‪.‬‬ ‫وباملقاب ــل‪ ،‬يضي ــف الناص ــر ملجل ــة «فيل ــي»‪،‬‬ ‫"غي ــاب العدي ــد م ــن الن ــواب ع ــن معظ ــم‬ ‫الجلس ــات البرملاني ــة وه ــم يتمتع ــون بكاف ــة‬ ‫الروات ــب واالمتي ــازات الت ــي ي ــرى البع ــض أنه ــا‬ ‫ـببا آخ ــر ف ــي انهي ــار ه ــذه املنظوم ــة"‪.‬‬ ‫سـ ً‬ ‫ونتيج ــة لذل ــك‪" ،‬هن ــاك واق ــع مري ــر ف ــي‬ ‫ابتع ــاد أغل ــب الذي ــن يح ــق له ــم التصوي ــت‬ ‫ع ــن صنادي ــق االقت ـراع وع ــزوف ش ــعبي ع ــن‬ ‫االنتخاب ــات‪ ،‬مم ــا يعن ــي ع ــدم تمثي ــل الن ــواب‬

‫انتخابيــة واحــدة‪ ،‬مــع إق ـرار قوائــم انتخابيــة‬ ‫مغلق ــة‪.‬‬ ‫ـدا‬ ‫وف ــي ‪ 2014‬أص ــدر البرمل ــان قانون ـ ًـا جدي ـ ً‬ ‫لالنتخابــات‪ ،‬اعتمــد فيــه نظــام ســانت ليغــو‬ ‫وفــق نســبة ‪ ،1.7‬لكــن هــذه املعادلــة شــهدت‬ ‫تغيي ـ ًرا ف ــي انتخاب ــات ‪ 2018‬ال ــذي ش ــهد‬ ‫تعدي ــل جدي ــد عل ــى القان ــون‪ ،‬وج ــرى اعتم ــاد‬ ‫نس ــبة ‪.1.9‬‬ ‫وش ــهد القان ــون تغيي ـرا جذري ـ ًـا ع ــام ‪،2020‬‬ ‫اس ــتجابة ملطال ــب املتظاهري ــن ف ــي حينه ــا‪،‬‬ ‫ـدال م ــن النس ــبية‪،‬‬ ‫إذ اعتم ــد عل ــى األكثري ــة ب ـ ً‬ ‫وقس ــم املحافظ ــة الت ــي كان ــت ف ــي القواني ــن‬ ‫الس ــابقة دائ ــرة واح ــدة إل ــى ع ــدة دوائ ــر‬ ‫انتخابي ــة‪.‬‬ ‫فيم ــا أك ــدت املتحدث ــة باس ــم املفوضي ــة‬ ‫العلي ــا املس ــتقلة لالنتخاب ــات ف ــي الع ـراق‪،‬‬ ‫جمان ــة الغ ــاي‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬ف ــي ش ــباط‪/‬‬ ‫فبراي ــر املا�ض ــي‪ ،‬أن "مفوضي ــة االنتخاب ــات‬ ‫تعتم ــد إج ـراء انتخاب ــات مجل ــس الن ــواب‬ ‫العراقــي علــى قانــون انتخــاب مجلــس النــواب‬ ‫ومجالــس املحافظــات املعــدل رقــم ‪ 12‬لســنة‬ ‫‪."2018‬‬

‫"هذا الزحام االنتخابي من‬ ‫املتنافسني غري املسبوق يف العالم‬ ‫سببه املال الذي عند البعض الذي‬ ‫يستحوذ على أموال الدولة بشتى‬ ‫الطرق‪ ،‬يف وقت ال يزال قانون‬ ‫األحزاب غري مقرّ"‪.‬‬

‫"العجز النيابي خالل الدورة‬ ‫الربملانية الحالية بدا واضحاً أوله‬ ‫يف شغور رئاسة املجلس‪ ،‬وآخره‬ ‫برتحيل أكثر من ‪ 150‬قانوناً إىل‬ ‫الدورة املقبلة‪ ،‬وهذا سبب تخبطاً‬ ‫يف الشارع العراقي وانزعاجاً من هذا‬ ‫العمل غري املجدي أمام كل التحديات"‬

‫‪62‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪63 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫صوتك مقابل لقمة عيشك‪:‬‬

‫حملة انتخابية‬ ‫عراقية مبكرة‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬

‫تقطع الماء والكهرباء‬

‫بغ ــض النظ ــر عم ــا تقول ــه النائب ــة وه ــو نم ــط‬ ‫م ــن التناف ــس السيا�س ــي قب ــل االنتخاب ــات‪،‬‬ ‫واالشــكاالت التــي اعقبــت هــذا التصريــح‪ ،‬فــان‬ ‫تج ــارب ال ــدول ف ــي البن ــاء السيا�س ــي‪ ،‬تبي ــن ان‬ ‫اإلســاءة إلــى النــاس لتحقيــق أغـراض انتخابيــة‬ ‫ض ــد املنافس ــين ف ــي االنتخاب ــات‪ ،‬لي ــس أم ـرا‬ ‫مس ــتبعدا ف ــي البيئ ــات السياس ــية التنافس ــية‪،‬‬ ‫بخاصــة فــي البلــدان التــي تعانــي مــن ضعــف فــي‬

‫س ــيادة القان ــون أو تواج ــد ثغ ـرات ف ــي األنظم ــة‬ ‫الرقابي ــة‪.‬‬ ‫ان أس ــبابا ع ــدة تجع ــل مث ــل ه ــذه املمارس ــات‬ ‫ممكن ــة‪ ،‬م ــن ذل ــك الص ـراع عل ــى النف ــوذ‬ ‫والس ــلطة‪ ،‬إذ أن االنتخاب ــات ه ــي ص ـراع عل ــى‬ ‫الس ــلطة‪ ،‬وبع ــض األط ـراف ق ــد تلج ــأ إل ــى أي‬ ‫وس ــيلة لضم ــان الف ــوز‪ ،‬حت ــى ل ــو كان ــت غي ــر‬ ‫أخالقي ــة أو غي ــر قانوني ــة‪.‬‬

‫اتهم ــت نائب ــة ع ــن ح ــزب تق ــدم‬ ‫" ن ــورس العي�س ــى"‪ ،‬وه ــو ح ــزب‬ ‫سيش ــارك ف ــي االنتخاب ــات‬ ‫العر اقي ــة املقبل ــة ف ــي تش ــرين‬ ‫الثان ــي ‪ ، ٢٠٢٥‬اتهم ــت‬ ‫سياس ــيين منافس ــين بقط ــع‬ ‫امل ــاء ع ــن مئ ــات م ــن العائ ــات‬ ‫ألغ ــراض سياس ــية و انتخابي ــة‬ ‫ف ــي ديال ــى‪ ،‬بحس ــب قوله ــا‪ ،‬فه ــل‬ ‫مــن املمكــن ان يحــدث مثــل هــذا‬ ‫األم ــر‪ ،‬اي االس ــاءة ال ــى الن ــاس‬ ‫لتحقيــق اغــراض انتخابيــة ضــد‬ ‫املنافس ــين ف ــي االنتخاب ــات‪ ...‬؟‬

‫وق ــد تس ــتغل الحاج ــات األساس ــية الحيوي ــة‪،‬‬ ‫الس ــيما امل ــاء‪ ،‬الكهرب ــاء‪ ،‬الغ ــذاء‪ ،‬والخدم ــات‬ ‫األساســية األخــرى بحرمــان النــاس منهــا‪ ،‬وذلــك‬ ‫يمكــن أن يولــد ضغطــا هائــا عليهــم‪ ،‬ويدفعهــم‬ ‫للتصــرف بطــرق معينــة (مثــل عــدم التصويــت‬ ‫للمنافس ــين أو التصوي ــت لجه ــة معين ــة)‬ ‫لضم ــان ع ــودة ه ــذه الخدم ــات‪.‬‬ ‫كمــا ان قطــع الخدمــات يمكــن أن يكــون شــكال‬ ‫م ــن أش ــكال الترهي ــب إلجب ــار الناخبي ــن عل ــى‬ ‫تغيي ــر والئه ــم أو االمتن ــاع ع ــن التصوي ــت‪.‬‬ ‫وإذا كانــت هنــاك ثغـرات فــي األنظمــة القانونيــة‬ ‫والرقابي ــة‪ ،‬أو إذا كان ــت املؤسس ــات املس ــؤولة‬ ‫عــن إنفــاذ القانــون ضعيفــة‪ ،‬فــإن السياســيين‬

‫قــد يشــعرون بأنهــم بمنــأى عــن العقــاب‪.‬‬ ‫وف ــي حال ــة الع ـراق‪ ،‬ان الفس ــاد املستش ــري‬ ‫يمك ــن أن يتي ــح لألط ـراف الناف ــذة اس ــتغالل‬ ‫املــوارد العامــة (مثــل إمــدادات امليــاه) ألغ ـراض‬ ‫ش ــخصية أو سياس ــية‪.‬‬ ‫و ق ــد يك ــون اله ــدف م ــن قط ــع الخدم ــات ه ــو‬ ‫خل ــق حال ــة م ــن االس ــتياء الش ــعبي ض ــد جه ــة‬ ‫معين ــة (مث ــا‪ ،‬الحكوم ــة املحلي ــة الت ــي يديره ــا‬ ‫املنافــس) او حتــى الحكومــة االتحاديــة‪ ،‬إلظهــار‬ ‫فش ــلها ف ــي إدارة ش ــؤون الن ــاس‪ ،‬وبالنتيج ــة‬ ‫كس ــب تعاط ــف الناخبي ــن‪.‬‬ ‫ولألس ــف‪ ،‬الع ـراق لي ــس اس ــتثناء‪ ،‬و عندم ــا‬ ‫يتعل ــق األم ــر بمث ــل ه ــذه املمارس ــات‪ ،‬ف ــان‬

‫التقاري ــر ع ــن اس ــتغالل الخدم ــات األساس ــية‬ ‫ألغ ـراض سياس ــية ليس ــت ن ــادرة‪ ،‬بخاص ــة ف ــي‬ ‫املناط ــق الت ــي تش ــهد صراع ــا عل ــى النف ــوذ بي ــن‬ ‫األح ـزاب والفصائ ــل املختلف ــة‪.‬‬ ‫الته ــم الت ــي وجهته ــا النائب ــة ع ــن ح ــزب تق ــدم‪،‬‬ ‫ف ــي س ــياق انتخاب ــات مقبل ــة‪ ،‬تتس ــق م ــع نم ــط‬ ‫م ــن الس ــلوكيات يمك ــن مالحظته ــا ف ــي عدي ــد‬ ‫الس ــياقات السياس ــية اذ تك ــون املنافس ــة‬ ‫شرس ــة وامل ــوارد ش ــحيحة‪.‬‬ ‫ومث ــل تج ــارب أخ ــرى وف ــي وض ــع الع ـراق‬ ‫الحال ــي‪ ،‬م ــن املمك ــن ج ــدا أن تح ــدث مث ــل‬ ‫ه ــذه املمارس ــات البغيض ــة‪ ،‬وه ــي تش ــكل‬ ‫انته ــاكا خطي ـرا لحق ــوق اإلنس ــان واملب ــادئ‬

‫الديمقراطيــة؛ تتطلــب مكافحتهــا تعزيــز ســيادة‬ ‫القان ــون‪ ،‬وتفعي ــل دور املؤسس ــات الرقابي ــة‪،‬‬ ‫وزي ــادة الوع ــي املدن ــي‪ ،‬وضم ــان مس ــاءلة كل‬ ‫م ــن يت ــورط ف ــي مث ــل ه ــذه االنته ــاكات‪ ،‬إذ أن‬ ‫الخدم ــات يج ــب أن تبق ــى وتتط ــور بص ــرف‬ ‫النظ ــر ع ــن التناف ــس السيا�س ــي‪ ،‬ب ــل يس ــتدعي‬ ‫التناف ــس التعه ــد بتطويره ــا‪.‬‬ ‫هن ــاك كثي ــر م ــن األمثل ــة ف ــي بل ــدان متنوع ــة‬ ‫ح ــول العال ــم‪ ،‬حي ــث ج ــرى اس ــتغالل أو‬ ‫التالع ــب بالخدم ــات األساس ــية ألغ ـراض‬ ‫سياس ــية وانتخابي ــة‪ ،‬ه ــذا الس ــلوك يتخ ــذ‬ ‫أش ــكاال متنوع ــة‪ ،‬لك ــن اله ــدف املش ــترك ه ــو‬ ‫التأثي ــر عل ــى الناخبي ــن أو معاقب ــة خص ــوم‬

‫‪64‬‬

‫عراقيــــــــــــــــات‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪65 2025‬‬

‫‪IRAQI‬‬

‫«قد يجري التالعب بتوزيع‬ ‫الكهرباء بحيث تحصل املناطق‬ ‫املوالية للحزب الحاكم على‬ ‫إمدادات أفضل وأكثر استقرارا‪ ،‬يف‬ ‫حني تعاني املناطق األخرى »‬

‫وزارة الموارد المائية‪:‬‬ ‫«األموال التي ستستحصل من‬ ‫أجور السقي سيتم استثمارها‬ ‫بتطوير المشاريع االروائية»‬

‫سيا س ــيين ‪.‬‬ ‫فف ــي مناط ــق النزاع ــات املس ــلحة‪ ،‬وانتش ــار املجامي ــع‬ ‫املس ــلحة وغي ــاب س ــيادة القان ــون‪ ،‬غالب ــا م ــا يج ــري‬ ‫اس ــتعمال املي ــاه كس ــاح ح ــرب‪.‬‬ ‫ففــي ســوريا والعـراق علــى ســبيل املثــال‪ ،‬قامــت جماعــات‬ ‫مس ــلحة (مث ــل تنظي ــم داع ــش) بقط ــع إم ــدادات املي ــاه‬ ‫أو الس ــيطرة عل ــى الس ــدود والتلوي ــح بانهياره ــا‪ ،‬لترهي ــب‬ ‫الســكان أو إجبارهــم علــى النــزوح أو للضغــط علــى القــوات‬ ‫املقابل ــة؛ وبرغ ــم أن ه ــذا لي ــس بالض ــرورة "انتخابي ــا"‬ ‫بش ــكل مباش ــر‪ ،‬إال أن ــه يوض ــح كي ــف يمك ــن اس ــتغالل‬ ‫امل ــاء للتحك ــم ف ــي الس ــكان وتحقي ــق أه ــداف سياس ــية‪.‬‬ ‫و حت ــى خ ــارج النزاع ــات الكب ــرى‪ ،‬يمك ــن لألط ـراف‬ ‫السياس ــية املحلي ــة أو اإلقليمي ــة ف ــي بع ــض ال ــدول أن‬ ‫تتالعــب بإمــدادات امليــاه كأداة للضغــط علــى املجتمعــات‬ ‫الت ــي ُينظ ــر إليه ــا عل ــى أنه ــا تدع ــم خصومه ــم‪ ،‬ه ــذا ق ــد‬ ‫يحــدث فــي املناطــق التــي تعانــي مــن نــدرة امليــاه أو ســوء‬ ‫إدارة البني ــة التحتي ــة‪.‬‬ ‫فــي بعــض األحيــان‪ ،‬قــد تشــهد مناطــق معينــة‬ ‫انقطاع ــات كهربائي ــة غي ــر مس ــوغة‬ ‫أو مطول ــة قبي ــل االنتخاب ــات‪،‬‬ ‫بخاص ــة ف ــي املناط ــق الت ــي‬ ‫يعتق ــد‬ ‫ُ‬

‫أنه ــا معاق ــل للمعارض ــة او للمنافس ــين؛ويمكن أن يك ــون‬ ‫اله ــدف ه ــو إث ــارة الس ــخط ض ــد الحكوم ــة القائم ــة إذا‬ ‫كانــت املناطــق املتضــررة مواليــة للمعارضــة‪ ،‬أو إلضعــاف‬ ‫ق ــدرة املعارض ــة عل ــى تنظي ــم حمالته ــا االنتخابي ــة اذا‬ ‫حس ــبنا االم ــر معكوس ــا‪ ،‬وبع ــض املراقبي ــن والباحثي ــن‬ ‫يش ــيرون إل ــى أن ه ــذا يح ــدث اآلن الس ــيما ف ــي العاصم ــة‬ ‫بغ ــداد بص ــورة الفت ــة‪.‬‬ ‫ق ــد يج ــري التالع ــب بتوزي ــع الكهرب ــاء بحي ــث تحص ــل‬ ‫املناط ــق املوالي ــة للح ــزب الحاك ــم عل ــى إم ــدادات أفض ــل‬ ‫وأكثــر اســتقرارا‪ ،‬فــي حيــن تعانــي املناطــق األخــرى‪ ،‬كمــا قــد‬ ‫يجــري التالعــب بالخدمــات الصحيــة والتعليميــة بالوعــود‬ ‫الزائف ــة أو الحرم ــان‪ ،‬مث ــل وع ــد املجتمع ــات بخدم ــات‬ ‫صحي ــة أو تعليمي ــة أفض ــل مقاب ــل دع ــم انتخاب ــي‪ ،‬فيم ــا‬ ‫ُتح ــرم املجتمع ــات الت ــي ال تدع ــم (ع ــادة الح ــزب الحاك ــم)‬ ‫م ــن ه ــذه الوع ــود أو تتع ــرض لتده ــور ف ــي الخدم ــات‪.‬‬ ‫ف ــي بع ــض الح ــاالت‪ ،‬ق ــد يج ــري إغ ــاق م ــدارس أو‬ ‫مستشــفيات أو تقليــل جودتهــا فــي مناطــق معينــة كشــكل‬ ‫من أشكال العقاب السيا�سي‪ ،‬كما قد يصار الى التالعب‬ ‫بالبني ــة التحتي ــة (الط ــرق‪ ،‬الص ــرف الصح ــي‪ ،‬و تجاه ــل‬ ‫الصيان ــة أو التطوي ــر)‪ ،‬اذ يمك ــن أن تتعم ــد الحكوم ــات‬ ‫أو الس ــلطات املحلي ــة تجاه ــل صيان ــة أو تطوي ــر البني ــة‬ ‫التحتيــة فــي املناطــق التــي ال تصــوت لصالحهــا‪ ،‬ممــا يؤثــر‬

‫عل ــى حي ــاة الس ــكان ويزي ــد م ــن معاناته ــم‪.‬‬ ‫و ق ــد يج ــري رب ــط إط ــاق مش ــاريع البني ــة‬ ‫التحتي ــة الجدي ــدة ف ــي منطق ــة معين ــة بدع ــم‬ ‫انتخابــي لحــزب مــا وهــو عــادة الحــزب الحاكــم‬ ‫اس ــتغالال إلمكاني ــات الدول ــة‪.‬‬ ‫وم ــن األس ــاليب األخ ــرى التالع ــب باالتص ــاالت‬ ‫واإلنترن ــت بقط ــع الش ــبكة‪ ،‬أو حج ــب مواق ــع‬ ‫التواص ــل ف ــي كثي ــر م ــن البل ــدان والح ــاالت‪،‬‬ ‫بخاص ــة ف ــي مراح ــل االحتجاج ــات أو‬ ‫االنتخابــات الحساســة‪ ،‬فتلجــأ الحكومــات إلــى‬ ‫قط ــع اإلنترن ــت أو حج ــب تطبيق ــات التواص ــل‬ ‫االجتماع ــي ملن ــع املعارض ــة م ــن التنظي ــم أو‬ ‫تب ــادل املعلوم ــات‪ ،‬أو للتحك ــم ف ــي الرواي ــة‬ ‫اإلعالميــة؛ هــذا يؤثــر بشــكل مباشــر علــى قــدرة‬ ‫الســكان علــى الوصــول إلــى املعلومــات والتعبيــر‬ ‫ع ــن آرائه ــم‪.‬‬ ‫وبحس ــب بع ــض الدراس ــات ف ــإن اس ــتغالل‬ ‫الخدم ــات األساس ــية ألغ ـراض سياس ــية ه ــو‬ ‫تكتي ــك" ق ــذر" ولكن ــه متواج ــد لألس ــف ف ــي‬

‫كثي ــر م ــن الس ــياقات‬ ‫السياس ــية ح ــول العال ــم؛‬ ‫يعتم ــد ه ــذا األم ــر عل ــى ضع ــف‬ ‫املؤسس ــات‪ ،‬ونق ــص الش ــفافية‪،‬‬ ‫وس ــيطرة الفاعلي ــن السياس ــيين عل ــى امل ــوارد‬ ‫الحيوي ــة‪ ،‬وه ــو ي ــؤدي إل ــى ت ــآكل الثق ــة ف ــي‬ ‫العمليــة الديمقراطيــة ويضــر باملدنييــن بشــكل‬ ‫مبا ش ــر ‪.‬‬ ‫ويش ــهد العراقي ــون وبخاص ــة ف ــي العاصم ــة‬ ‫بغ ــداد ف ــي ه ــذه امل ــدة‪ ،‬كثي ـرا م ــن أس ــاليب‬ ‫الضغ ــط تل ــك الت ــي تؤث ــر عل ــى حياته ــم بص ــورة‬ ‫مؤملــة الســيما انقطــاع الكهربــاء وامليــاه‪ ،‬وربــط‬ ‫التصوي ــت ببع ــض اعم ــال التبلي ــط وف ــرش‬ ‫"الس ــبيس" وغيره ــا م ــن املمارس ــات الت ــي‬ ‫تضحــي باالنســان وحقوقــه االعتياديــة‪ ،‬لتنفيــذ‬ ‫مصالــح املســؤولين وتلبيــة متطلبــات املنافســة‬ ‫السياس ــية واالنتخابي ــة عل ــى وف ــق حس ــاباتهم‬ ‫وتصوره ــم‪.‬‬

‫‪66‬‬

‫ثقــافـــة وفنـون‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪67 2025‬‬

‫‪CULTURE & ARTS‬‬

‫بريشة الفنانين واستعادة هوية منسية‪..‬‬

‫رشيد اآللوسي يوثق ذاكرة األنبار بصورة مختلفة‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬

‫في محافظة األنبار‪،‬‬ ‫حيث يمتزج التاريخ‬ ‫العريق بالتحوالت‬ ‫العنيفة التي شهدتها‬ ‫املنطقة خالل العقود‬ ‫املاضية‪ ،‬يبرزجهد‬ ‫فردي‪ ،‬مدعوم بفريق‬ ‫من الفنانين املحليين‪،‬‬ ‫يسعى إلى الحفاظ‬ ‫على هوية املكان من‬ ‫االندثار‪.‬‬

‫امل ــؤرخ والحقوق ــي رش ــيد اآللو�س ــي‪ ،‬يعم ــل‬ ‫من ــذ س ــنوات عل ــى مش ــروع أرش ــيفي طم ــوح‪،‬‬ ‫يهــدف إلــى توثيــق معالــم األنبــار التــي اندثــرت‬ ‫أو مــا تـزال قائمــة‪ ،‬فــي محاولــة لحفــظ التـراث‬ ‫والهوي ــة األنباري ــة لألجي ــال القادم ــة‪.‬‬

‫م ــا يمي ــز ه ــذا املش ــروع أن ــه ال يقتص ــر عل ــى‬ ‫التوثي ــق املكت ــوب أو الفوتوغراف ــي فحس ــب‪،‬‬ ‫ب ــل يعتم ــد كذل ــك عل ــى إع ــادة رس ــم ه ــذه‬ ‫املعالــم بريشــة فنانيــن أنبارييــن‪ ،‬فــي مقدمتهــم‬ ‫الفنــان القديــر نايــف اآللو�ســي‪ ،‬الــذي يضفــي‬

‫ـدا بصري ـ ًـا وفني ـ ًـا عل ــى الذاك ــرة الجمعي ــة‬ ‫بع ـ ً‬ ‫لألنب ــار‪.‬‬ ‫أم ــا رش ــيد اآللو�س ــي‪ ،‬فه ــو م ــن يتول ــى مهم ــة‬ ‫توثيــق هــذه املعالــم وتوفيــر الصــور والبيانــات‬ ‫التاريخي ــة الت ــي يس ــتند إليه ــا الفنان ــون ف ــي‬ ‫أعماله ــم‪.‬‬ ‫وع ــن ه ــذا املش ــروع‪ ،‬ق ــال اآللو�س ــي‪ ،‬ملجل ــة‬ ‫«فيل ــي»‪" :‬أكي ــد‪ ،‬فاملا�ض ــي ه ــو مكم ــل‬ ‫للحاض ــر واملس ــتقبل‪ ،‬واألج ــدر بن ــا أن نلت ــزم‬ ‫بماضين ــا املش ــرق ونتعل ــم من ــه ألن ــه دعائ ــم‬ ‫قوي ــة لبن ــاء الحاض ــر واملس ــتقبل‪ ،‬الهوي ــة‬ ‫األنباري ــة واضح ــة ف ــي أرش ــيفي"‪.‬‬ ‫وأض ــاف أن "رس ــالتي إل ــى الجي ــل الجدي ــد أن‬ ‫يشــاهد األنبــار كيــف كانــت بمعاملهــا ورجالهــا‬ ‫ونس ــائها‪ ،‬وأن يتأث ــروا بإيجابي ــات املرحل ــة‬ ‫املاضي ــة‪ ،‬وخاص ــة العالق ــات و األواص ــر‬ ‫االجتماعي ــة الت ــي كان ــت س ــائدة آن ــذاك‪،‬‬ ‫أرش ــيفي يتضم ــن ص ــو ًرا ع ــن الع ــادات‬

‫والح ــرف واملعال ــم الديني ــة‬ ‫والتقالي ــد وامله ــن ِ‬ ‫والس ــياحية والتجاري ــة‪ ،‬إضاف ــة إل ــى عال ــم‬ ‫الف ــن والرياض ــة"‪.‬‬ ‫بهــذا املعنــى‪ ،‬يتحــول األرشــيف إلــى أداة تربويــة‬ ‫وثقافي ــة تس ــهم ف ــي تعزي ــز االنتم ــاء وتعمي ــق‬ ‫الفه ــم ملكون ــات الهوي ــة املحلي ــة‪.‬‬ ‫وكش ــف اآللو�س ــي‪ ،‬ع ــن ني ــة تحويل ــه إل ــى‬ ‫معــرض رقمــي ومتنقــل‪ ،‬مشــي ًرا إلــى أنــه ســيكون‬ ‫هــذا بعــد اكتمــال كل الجوانــب الفنيــة الالزمــة‬ ‫إلنش ــاء املع ــرض م ــن لوح ــات وص ــور ن ــادرة‪.‬‬ ‫وتاب ــع‪ ،‬أن الطم ــوح ال يقتص ــر عل ــى الحف ــظ‬ ‫فق ــط‪ ،‬ب ــل يمت ــد إل ــى نش ــر املعرف ــة البصري ــة‬ ‫والتاريخيــة عبــر منصــات يمكــن أن تصــل لــكل‬ ‫بي ــت ومدرس ــة ومؤسس ــة ثقافي ــة‪.‬‬ ‫ويق ــر اآللو�س ــي ب ــأن رحلت ــه ل ــم تك ــن س ــهلة‪،‬‬ ‫حي ــث ق ــال إن "التحدي ــات الت ــي واجهتن ــي ه ــي‬ ‫مش ــقة البح ــث ع ــن ص ــور األرش ــيف وخزنه ــا‬ ‫وكتاب ــة املعلوم ــات الخاص ــة ب ــكل ص ــورة"‪،‬‬ ‫موضح ـ ًـا أن ــه "ب ــدأت بإنش ــاء ه ــذا األرش ــيف‬ ‫م ــن ع ــام ‪ ،2009‬ومازل ــت إل ــى اآلن‪ ،‬أرش ــيفي‬ ‫يوث ــق م ــدن األنب ــار م ــن ع ــام ‪ 1900‬لغاي ــة‬ ‫‪."2025‬‬ ‫الجه ــد الف ــردي ال ــذي يق ــوم ب ــه يتطل ــب‬ ‫صب ـ ًرا وبحث ـ ًـا متواص ـ ًـا وتدقيق ـ ًـا ف ــي كل‬ ‫معلوم ــة وص ــورة‪ ،‬بينم ــا يأت ــي دور الفناني ــن‪،‬‬ ‫كناي ــف اآللو�س ــي‪ ،‬إلحي ــاء ه ــذه املعال ــم عب ــر‬ ‫الف ــن التش ــكيلي املس ــتند إل ــى أرش ــيف غن ــي‬ ‫باملعلوم ــات‪.‬‬

‫ورغ ــم حج ــم التحدي ــات‪ ،‬إال أن اآللو�س ــي‬ ‫يثم ــن الدع ــم ال ــذي تلق ــاه‪ ،‬مش ــي ًرا إل ــى أن ــه‬ ‫"لقــد تلقيــت دعمـ ًـا مؤسسـ ًـيا مــن خــال جمــع‬ ‫الوثائــق وبصيغــة رســمية‪ ،‬وكانــت املؤسســات‬ ‫الحكومي ــة متعاون ــة ف ــي ذل ــك‪ ،‬واألم ــر نفس ــه‬

‫بالنس ــبة للدع ــم املجتمع ــي"‬ ‫وف ــي بيئ ــة ق ــد ال تعط ــي األولوي ــة للثقاف ــة‬ ‫والف ــن‪ ،‬ق ــد يواج ــه مث ــل ه ــذا املش ــروع بع ــض‬ ‫النق ــد أو الفه ــم الخاط ــئ‪ ،‬إال أن اآللو�س ــي‬ ‫أوضــح رؤيتــه قائـ ًـا‪" :‬أحــب أن أنــوه أنــي أحــب‬ ‫مدينت ــي ومحافظت ــي‪ ،‬ول ــي ش ــغف لحف ــظ‬ ‫تاريخه ــا وتراثه ــا‪ ،‬لذل ــك وثقن ــا ذل ــك ف ــي كتابن ــا‬ ‫تاريخ ــا وتر ًاث ــا)‪ ،‬تألي ــف مش ــترك م ــع‬ ‫(الرم ــادي ً‬ ‫مجي ــد حمي ــد أحم ــد اآللو�س ــي‪ ،‬أم ــا النق ــد‬ ‫البنــاء فهــو يصــب فــي صالــح املبدعيــن‪ ،‬والنقــد‬ ‫ّ‬ ‫البنــاء هــو هــدم لــكل إبــداع ال نتأثــر بــه"‪.‬‬ ‫ـر‬ ‫غيـ ّ‬ ‫هك ــذا يض ــع اآللو�س ــي‪ ،‬نفس ــه ف ــي خان ــة‬ ‫الفاعلي ــن الثقافيي ــن املقاومي ــن للنس ــيان‪،‬‬ ‫ويؤك ــد أن مش ــروعه لي ــس مج ــرد توثي ــق‪ ،‬ب ــل‬ ‫دف ــاع ع ــن الذاك ــرة وهوي ــة امل ــكان‪ ،‬بمش ــاركة‬ ‫أبن ــاء مدينت ــه م ــن الفناني ــن الذي ــن يرس ــمون‬ ‫الحكاي ــة بألوانه ــا األصلي ــة‪.‬‬

‫‪68‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬ ‫‪SOCIETY‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪69 2025‬‬

‫حظر "البرمودا"‪..‬‬

‫قرارات جدلية حول الحريات والذوق‬ ‫العام فهل يكفلها الدستور؟‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬

‫تتفاوت اآلراء حول‬ ‫ارتداء الشباب‬ ‫البناطيل القصيرة التي‬ ‫تسمى "البرمودا"‪ ،‬فثمة‬ ‫من يرى فيها ظاهرة‬ ‫خارجة عن اللياقة‬ ‫وتقاليد املجتمع‪ ،‬فيما‬ ‫يرى ناشطون وبعض‬ ‫منظمات املجتمع املدني‬ ‫أن هذا املوضوع يدخل‬ ‫ضمن نطاق الحريات‬ ‫الشخصية التي كفلها‬ ‫الدستورالعراقي‪.‬‬

‫وتح ــت ضغ ــط مطالب ــات ديني ــة واجتماعي ــة‬ ‫أص ــدرت الحكوم ــات املحلي ــة ببع ــض‬ ‫املحافظ ــات ق ـرا ًرا يق�ض ــي بمن ــع ارت ــداء‬ ‫البرمــودا‪ ،‬ومنهــا محافظــة واســط التــي أصــدرت‬ ‫بيان ـ ًـا بمن ــع ه ــذا الن ــوع م ــن املالب ــس مطل ــع‬ ‫نيســان املا�ضــي‪ ،‬مؤكــدة أن القـرار يأتــي حفاظـ ًـا‬ ‫عل ــى قي ــم املجتم ــع‪ ،‬وه ــو م ــا أث ــار ردود فع ــل‬ ‫واســعة مــن قبــل املواطنيــن بيــن مؤيــد ومنتقــد‪.‬‬ ‫وأصــدرت بعدهــا محافــظ األنبــار ق ـرا ًرا مماثـ ًـا‬ ‫نهايــة أيــار املا�ضــي‪ ،‬وحــذرت مــن لبــس البرمــودا‬ ‫ف ــي أس ــواق وش ــوارع املحافظ ــة‪ ،‬وش ــرعت‬ ‫ش ــرطة األنب ــار بتطبي ــق من ــع ارت ــداء البرم ــودا‬ ‫والش ــورتات القصي ــرة ف ــي األماك ــن العام ــة‪.‬‬ ‫وف ــي ‪ 2019‬منع ــت محافظ ــة كرك ــوك ه ــي‬ ‫األخ ــرى ارت ــداء البرم ــودا والش ــورتات القصي ــرة‬ ‫ولوح ــت باتخ ــاذ إج ـراءات بح ــق املخالفي ــن‪.‬‬ ‫ويؤك ــد املستش ــار القانون ــي قت ــادة صال ــح‬ ‫فنج ــان‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "ق ـرار الحكوم ــات‬ ‫املحلي ــة بمن ــع ارت ــداء البرم ــودا وغيره ــا م ــن‬ ‫الثيــاب الفاضحــة لــم يــأت مــن فـراغ بــل يســتند‬ ‫إل ــى أس ــس قانوني ــة واضح ــة"‪.‬‬ ‫ويوضــح أن "الفقــرة ال ـ ‪ 17‬مــن املــادة الســابعة‬ ‫لقان ــون املحافظ ــات غي ــر املنتظم ــة ف ــي إقلي ــم‬ ‫م ــن القان ــون رق ــم ‪ 21‬لس ــنة ‪ 2008‬املع ــدل‪،‬‬ ‫يخ ــول مجال ــس املحافظ ــات الصالحي ــات‬ ‫الضبطي ــة"‪.‬‬ ‫ويضي ــف‪ ،‬أن "مجال ــس املحافظ ــات تم ــارس‬ ‫الضب ــط اإلداري وم ــن ضمن ــه مراع ــاة األخ ــاق‬ ‫واآلداب والس ــلوك االجتماع ــي ف ــي املحافظ ــة"‪.‬‬ ‫وأك ــد مص ــدر أمن ــي ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن ــه "ت ــم‬ ‫اتخ ــاذ إج ـراءات ش ــفافة ف ــي التعام ــل م ــع ق ـرار‬ ‫املنــع‪ ،‬بينهــا تنبيــه الشــباب مــن الظهــور بمظهــر‬ ‫غيــر الئــق واســتدعاء أوليــاء األمــور قبــل اتخــاذ‬ ‫أي إج ـراء قانون ــي‪ ،‬ال ــذي ع ــادة ال يت ــم إال بع ــد‬ ‫تك ـرار املخالف ــات"‪.‬‬ ‫وأش ــار إل ــى أن "التوجيه ــات الت ــي ص ــدرت‬ ‫لألجهــزة األمنيــة تأتــي فــي إطــار دعــم االســتقرار‬ ‫املجتمع ــي والحف ــاظ عل ــى القي ــم"‪.‬‬ ‫وأعربــت منظمــات حقــوق اإلنســان وناشــطون‬ ‫ع ــن ش ــجبهم ورفضه ــم لص ــدور مث ــل ه ــذا‬ ‫الق ــرار‪.‬‬ ‫وأك ــد ح ــازم س ــيف الدي ــن‪ ،‬عض ــو ف ــي إح ــدى‬

‫‪70‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪71 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫قرارات جدلية حول الحريات والذوق العام فهل يكفلها الدستور؟‬

‫عــن أفــكاره وق ـراءة دواخلــه"‪.‬‬ ‫رج ــال الدي ــن م ــن ناحيته ــم قال ــوا‪ ،‬إن ارت ــداء‬ ‫الش ــورت القصي ــر ظاه ــرة طارئ ــة عل ــى املجتم ــع‬ ‫العراق ــي وغريب ــة عل ــى س ــلوكياته واعراف ــه"‪.‬‬ ‫وبه ــذا الص ــدد يش ــير الخطي ــب الحس ــيني‬ ‫الش ــيخ حس ــن االزيرج ــاوي‪ ،‬ف ــي حديث ــه ملجل ــة‬ ‫«فيل ــي»‪ ،‬إل ــى أن "موض ــوع الثي ــاب يرتب ــط‬ ‫بأدبي ــات وس ــلوك وأع ـراف املجتم ــع"‪.‬‬ ‫ـدودا‬ ‫وأض ــاف‪ ،‬أن "الدي ــن اإلس ــامي ف ــرض ح ـ ً‬ ‫ش ــرعية عل ــى ثي ــاب الرج ــال والنس ــاء عل ــى ح ــد‬ ‫ـدا‪ ،‬أن ــه "ال يج ــوز للرج ــل عل ــى‬ ‫س ــواء"‪ ،‬مؤك ـ ً‬ ‫ســبيل املثــال كشــف صــدره‪ ،‬وإن علــى الشــباب‬ ‫مراع ــاة اآلداب العام ــة بلباس ــهم ف ــي األماك ــن‬ ‫العام ــة"‪.‬‬ ‫ويواصــل‪ ،‬القــول إن "املنطقــة تواجــه تحديــات‬ ‫غي ــر مس ــبوقة حالي ــا وه ــي تؤث ــر عل ــى بلدن ــا‬ ‫بش ــكل مباش ــر وه ــذا م ــا يتطل ــب م ــن الش ــباب‬ ‫موقف ـ ًـا صلب ـ ًـا ووعي ـ ًـا بم ــا يحص ــل وال ينش ــغلوا‬ ‫بالتقلي ــد والتفاه ــات الت ــي تص ــادر رجولته ــم"‪.‬‬ ‫ويق ــول باحث ــون اكاديمي ــون أن "التقلي ــد ه ــو‬ ‫محصل ــة نهائي ــة لإلنس ــان بمختل ــف مراح ــل‬ ‫حيات ــه وخاص ــة الش ــباب"‪.‬‬ ‫املنظم ــات الحقوقي ــة‪ ،‬أن "الق ـرار يس ــتهدف‬ ‫الحري ــات الش ــخصية للمواطني ــن‪ ،‬وأن عل ــى‬ ‫الحكوم ــات املحلي ــة إص ــدار ق ـرارات أكث ــر‬ ‫ج ــدوى وأهمي ــة مث ــل محاس ــبة الفاس ــدين‬ ‫وغيره ــا م ــن الق ـرارات املهم ــة"‪.‬‬ ‫وأضــاف‪ ،‬أن "الدســتور العراقــي كفــل الحريــات‬ ‫الش ــخصية‪ ،‬وأن مث ــل ه ــذه الق ـرارات تن ــم‬ ‫ع ــن ع ــدم وع ــي الدس ــتور أو االلتف ــات علي ــه"‪،‬‬ ‫منوهــا‪ ،‬إلــى أن "ارتــداء هــذه املالبــس ال يشــكل‬ ‫خرق ـ ًـا للع ــرف االجتماع ــي املت ــوارث‪ ،‬ب ــل ه ــي‬ ‫خفيف ــة تس ــاعد عل ــى الحرك ــة بس ــهولة وال‬ ‫يس ــبب ض ــر ًرا لآلخري ــن"‪.‬‬ ‫ب ــدوره أب ــدى الناش ــط املدن ــي حس ــن الرياح ــي‬ ‫اس ــتغرابه م ــن "ص ــدور ه ــذا الق ـرار"‪ ،‬قائ ـ ًـا‬ ‫ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إن "الق ـرار يعب ــر ع ــن أمزج ــة‬ ‫مس ــؤولين وجه ــات سياس ــية ته ــدف لش ــغل‬ ‫الوض ــع الع ــام ع ــن مواضي ــع أساس ــية‪ ،‬يج ــب‬

‫ـما‬ ‫أن يك ــون للحكوم ــات املحلي ــة موقف ـ ًـا حاس ـ ً‬ ‫منه ــا وأبرزه ــا توفي ــر الخدم ــات العام ــة"‪.‬‬ ‫وأض ــاف الرياح ــي‪ ،‬أن "معظ ــم املحافظ ــات ف ــي‬ ‫وس ــط وجن ــوب الع ـراق تعان ــي م ــن هشاش ــة أو‬ ‫انع ــدام البن ــى التحتي ــة وقص ــور ف ــي الخدم ــات‬ ‫فض ـ ًـا ع ــن تف�ش ــي البطال ــة بش ــكل واس ــع‪ ،‬وإن‬ ‫ـدال م ــن‬ ‫م ــن األج ــدر معالج ــة ه ــذه القضاي ــا ب ـ ً‬ ‫م ــس الحري ــات الش ــخصية"‪.‬‬ ‫وأك ــد‪ ،‬أن "ارت ــداء الش ــورت والبرم ــودا ش ــائع‬ ‫بي ــن الش ــباب ف ــي جمي ــع دول املنطق ــة ول ــم‬ ‫يتع ــرض أح ــد له ــذا املوض ــوع‪ ،‬وال يختل ــف‬ ‫الشــباب العراقــي عــن غيرهــم وهــم أح ـرار فيمــا‬ ‫يرت ــدون "‪.‬‬ ‫وعب ــرت بع ــض الفتي ــات ع ــن اس ــتيائهن م ــن‬ ‫ثي ــاب الش ــباب وخاص ــة الش ــورت والبرم ــودا‪.‬‬ ‫وتق ــول املواطن ــة حني ــن صب ــاح‪ 22( ،‬عام ــا)‪:‬‬ ‫"أوقف ــت ذات ي ــوم س ــيارة اج ــرة وكان الس ــائق‬

‫يرت ــدي برم ــودا فاضح ــة وه ــو م ــا اضطرن ــي‬ ‫ملغ ــادرة الس ــيارة"‪.‬‬ ‫وتش ــير ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إل ــى أن "املجتم ــع‬ ‫يطال ــب الفتي ــات بالحش ــمة‪ ،‬وال يلتف ــت إل ــى‬ ‫مالب ــس الش ــباب وه ــذه مفارق ــة"‪ ،‬مؤك ــدة أنه ــا‬ ‫تدع ــم "أي ق ـرارات تحاس ــب عل ــى مخالف ــة‬ ‫اآلداب العام ــة ف ــي الثي ــاب وال ــكالم والتص ــرف‬ ‫والس ــلوك م ــن الجنس ــين"‪.‬‬ ‫ام ــا املواطن ــة س ــرى كاظ ــم‪ 37( ،‬عام ــا)‪،‬‬ ‫فتؤكــد‪ ،‬أن "الثيــاب تعكــس الــذوق وشــخصية‬ ‫اإلنس ــان"‪.‬‬ ‫وتضي ــف ف ــي حديثه ــا ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "كثي ـ ًرا‬ ‫مــن الشــباب يرتــدون ثيابـ ًـا قصيــرة وهــم أح ـرار‬ ‫بذل ــك بالطب ــع‪ ،‬لك ــن ه ــذه الثي ــاب ت�س ــيء‬ ‫لش ــخصايتهم قب ــل كل �ش ــي"‪.‬‬ ‫وتلف ــت إل ــى أن "الثي ــاب تعك ــس أناق ــة الرج ــل‬ ‫وشــخصيته وثقافتــه ومــن خاللهــا يتــم الكشــف‬

‫ويؤك ــد األكاديم ــي الدكت ــور حس ــن حن ــون‪،‬‬ ‫ف ــي حديث ــه ملجل ــة «فيل ــي»‪" :‬ثم ــة ن ــزوع ح ــاد‬ ‫ل ــدى الش ــباب ف ــي التقلي ــد س ــواء بالثي ــاب أو‬ ‫األف ــكار والتوجه ــات وحت ــى التصرف ــات‪ ،‬وه ــذه‬ ‫مؤش ـرات يتــم تســجيلها عنــد جميــع األجيــال"‪.‬‬ ‫ويضيف في حديثه ملجلة «فيلي»‪ ،‬أن "التقليد‬ ‫غيــر الواعــي يتســبب بقصــور الشــخصية وفتــور‬ ‫أحيانا"‪.‬‬ ‫التفكيــر والتأمــل وغيابهــم‬ ‫ً‬ ‫ولفــت إلــى أنــه "فيمــا يتعلــق بالثيــاب فقــد أصبــح‬ ‫الش ــباب العرب ــي يقل ــدون ثي ــاب الغ ــرب وه ــذا‬ ‫ليــس بال�شــيء الجديــد‪ ،‬لكــن الجديــد فــي األمــر‬ ‫أن الغ ــرب ص ــدروا ثياب ــا فاحش ــة ال تناس ــب‬ ‫قي ــم املجتم ــع وم ــع ذل ــك يرتديه ــا الش ــباب‬ ‫بش ــكل طبيع ــي"‪ ،‬منوه ــا‪ ،‬ال ــى أن ــه "ال مب ــرر ألي‬ ‫ق ـرارات تتعل ــق بحظ ــر ه ــذه الثي ــاب ومحاس ــبة‬ ‫املخالفي ــن للقض ــاء عل ــى ه ــذه الظاه ــرة ألن‬ ‫ذل ــك يدف ــع الش ــباب للتمس ــك به ــا"‪.‬‬ ‫ويؤكــد‪ ،‬ضــرورة أن "يكــون هنــاك وعــي وتثقيــف‬ ‫جمعــي حــول هــذا املوضــوع وغيــره مــن املواضيــع‬ ‫التــي ينســاق لهــا الشــباب بتلقائيــة حتــى تصبــح‬ ‫ظاهــرة طبيعيــة"‪.‬‬

‫المواطنة سرى كاظم‪:‬‬ ‫"الثياب تعكس الذوق‬ ‫وشخصية اإلنسان"‪.‬‬ ‫وتضيف‪" :‬كثيراً من‬ ‫الشباب يرتدون ثياباً‬ ‫قصيرة وهم أحرار‬ ‫بذلك بالطبع‪ ،‬لكن‬ ‫هذه الثياب تسيء‬ ‫لشخصايتهم قبل كل‬ ‫شي"‪.‬‬

‫‪72‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪73 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫الزواج المختلط‪:‬‬ ‫تداعيات اجتماعية‬ ‫واقتصادية وتأثري‬ ‫المتغريات اإلقليمية‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫في نهاية شهرحزيران‬ ‫‪ 2025‬حددت‬ ‫السفارة العر اقية‬ ‫في دمشق‪ ،‬اربع فئات‬ ‫فقط من العر اقيين‬ ‫يمكنهم دخول‬ ‫األرا�ضي السورية‪،‬‬ ‫استنادا الى تعليمات‬ ‫السلطات السورية‪.‬‬

‫وذكرت الســفارة في بيان انه عن طريق تنســيق‬ ‫الس ــفارة م ــع هيئ ــة املناف ــذ الس ــورية وادارة‬ ‫منفــذ القائــم العراقــي الحــدودي وشــركة فــاي‬ ‫ش ــام للطي ـران‪ ،‬حصل ــت املوافق ــة عل ــى دخ ــول‬ ‫العراقيي ــن املقيمي ــن عل ــى ارا�ض ــي الجمهوري ــة‬ ‫العربي ــة الس ــورية ولديه ــم اقام ــات ناف ــذة‬ ‫وس ــارية املفع ــول‪ ،‬و املتزوجي ــن م ــن الس ــوريات‬ ‫بشــرط ان يحمــل معــه عقــد زواج مصــدق مــن‬ ‫وزارة الخارجي ــة الس ــورية و الس ــفارة العراقي ــة‬ ‫ف ــي دمش ــق او وزارة الخارجي ــة العراقي ــة اذا‬ ‫كان ص ــادرا م ــن قب ــل املحاك ــم العراقي ــة‪ ،‬و‬

‫العراقي ــات زوج ــات الس ــوريين بش ــرط تقدي ــم‬ ‫عقــد زواج مصــدق مــن الجهــات ذات العالقــة‪،‬‬ ‫و العراقيي ــن ابن ــاء الس ــوريات ‪.‬‬ ‫وباملقابــل اعلــن الع ـراق منــع دخــول الســوريين‬ ‫إل ــى أراضي ــه باس ــتثناء فئ ــات مح ــدودة تش ــمل‪،‬‬ ‫الس ــورية املتزوج ــة م ــن عراق ــي‪ ،‬العراق ــي‬ ‫ال ــذي لدي ــه أح ــد الوالدي ــن يحم ــل الجنس ــية‬ ‫الس ــورية‪ ،‬الس ــوري املت ــزوج م ــن عراقي ــة‪،‬‬ ‫الس ــورية املتزوج ــة م ــن عراق ــي ولديه ــا أطف ــال‬ ‫قاصري ــن م ــن زوجه ــا الس ــابق يحمل ــون الج ــواز‬ ‫الس ــوري‪.‬‬

‫‪74‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪75 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫ويظه ــر ان مل ــف زواج العراقيي ــن م ــن أجان ــب‪،‬‬ ‫وبخاص ــة م ــن الجنس ــيات املج ــاورة مث ــل‬ ‫الس ــوريين واإليرانيي ــن (وكذل ــك تركي ــا)‪ ،‬غ ــدا‬ ‫خاضع ــا العتب ــارات السياس ــة والتغي ـرات ف ــي‬ ‫املنطق ــة‪ ،‬برغ ــم كون ــه ظاه ــرة تأث ــرت بعوام ــل‬ ‫تاريخي ــة‪ ،‬و اجتماعي ــة‪ ،‬واقتصادي ــة‪.‬‬ ‫وف ــي الحقيق ــة م ــن الصع ــب ج ــدا الحص ــول‬ ‫عل ــى إحصائي ــات دقيق ــة وش ــاملة له ــذه‬ ‫الزيج ــات‪ ،‬لع ــدة أس ــباب منه ــا انتش ــار ال ــزواج‬ ‫غي ــر الرس ــمي‪ /‬العرف ــي‪ ،‬اذ ان كثي ـرا م ــن ه ــذه‬ ‫الزيج ــات يج ــري خ ــارج املحاك ــم الرس ــمية‪،‬‬ ‫ســواء عــن طريــق رجــال الديــن أو بشــكل عرفــي‪،‬‬ ‫الس ــيما ف ــي ظ ــل الظ ــروف الصعب ــة الت ــي يم ــر‬ ‫به ــا بع ــض األجان ــب ف ــي الع ـراق أو العراقيي ــن‬ ‫ف ــي خ ــارج الب ــاد‪ ،‬ه ــذا يجع ــل توثيقه ــا صعب ــا‬ ‫للغاي ــة‪ ،‬اذ ل ــم نج ــد مص ــادر تبي ــن ذل ــك‪.‬‬ ‫كم ــا ال تتواج ــد قاع ــدة بيان ــات موح ــدة تجم ــع‬ ‫إحصائي ــات دقيق ــة ع ــن زواج العراقيي ــن‬ ‫م ــن أجان ــب ف ــي داخ ــل الع ـراق وخارج ــه؛ و‬ ‫الســفارات العراقيــة فــي الخــارج قــد توثــق بعــض‬ ‫الح ــاالت‪ ،‬لكنه ــا ال تغط ــي جمي ــع الزيج ــات‪.‬‬ ‫عل ــى س ــبيل املث ــال‪ ،‬إحصائي ــات تركي ــا لع ــام‬ ‫‪ 2023‬تظه ــر زواج ‪ 178‬عراقي ــا و‪ 523‬عراقي ــة‬ ‫ف ــي تركي ــا‪ ،‬لكنه ــا ل ــم تكش ــف ع ــن جنس ــيات‬ ‫الش ــركاء‪.‬‬ ‫و قــد يفضــل البعــض عــدم اإلفصــاح عــن هــذه‬ ‫الزيجــات ألســباب اجتماعيــة أو شــخصية‪.‬‬ ‫امــا أســباب انتشــار هــذه الظاهــرة فــي الع ـراق‪،‬‬ ‫فيمك ــن تقس ــيمها إل ــى ع ــدة مح ــاور‪ ،‬تعلق ــت‬ ‫باألوض ــاع ف ــي س ــوريا (بخاص ــة بع ــد ع ــام‬ ‫‪ ،)2011‬وم ــن ذل ــك ان الح ــرب ف ــي س ــوريا‬ ‫دفع ــت ماليي ــن الس ــوريين إل ــى الن ــزوح واللج ــوء‬ ‫إل ــى دول الج ــوار‪ ،‬بم ــا ف ــي ذل ــك الع ـراق؛ ه ــذا‬ ‫أدى إل ــى تزاي ــد التواج ــد الس ــوري ف ــي الع ـراق‪،‬‬ ‫وبالنتيج ــة زي ــادة ف ــرص التفاع ــل واملصاه ــرة‪.‬‬ ‫وتعان ــي العائ ــات الس ــورية النازح ــة والالجئ ــة‬ ‫م ــن ظ ــروف اقتصادي ــة قاس ــية ج ــدا‪ ،‬ف ــي‬ ‫بع ــض الح ــاالت‪ ،‬ق ــد يك ــون ال ــزواج م ــن عراق ــي‬ ‫يمث ــل فرص ــة لالس ــتقرار امل ــادي‪ ،‬أو وس ــيلة‬ ‫للخ ــروج م ــن س ــوريا‪ ،‬أو حت ــى لتأمي ــن الع ــاج أو‬

‫يرى كثيرمن الشباب‬ ‫العراقي أن تكاليف‬ ‫الزواج من عر اقية‬ ‫أصبحت باهظة‪ ،‬بما‬ ‫في ذلك املهروتكاليف‬ ‫الحفالت واملنزل‪ ،‬مما‬ ‫يدفعهم للبحث عن‬ ‫بدائل أقل كلفة‪.‬‬

‫االحتياج ــات األساس ــية‪.‬‬ ‫و يقب ــل بع ــض الرج ــال العراقيي ــن عل ــى ال ــزواج‬ ‫م ــن س ــوريات بس ــبب انخف ــاض التكالي ــف‬ ‫املاديــة للــزواج مقارنــة بالزيجــات التقليديــة فــي‬ ‫داخ ــل الع ـراق‪.‬‬ ‫و بع ــض الش ــباب العراق ــي ق ــد يبح ــث ع ــن‬ ‫ش ــريكة حي ــاة تق ــدر الظ ــروف الصعب ــة الت ــي‬ ‫يم ــر به ــا الع ـراق وظروف ــه الش ــخصية‪ ،‬وق ــد‬ ‫يج ــدون ذل ــك ف ــي الس ــوريات الالت ــي عاني ــن م ــن‬ ‫ظ ــروف مش ــابهة‪.‬‬

‫و بســبب الوضــع القانونــي غيــر املســتقر لكثيــر‬ ‫م ــن الس ــوريات ف ــي الع ـراق‪ ،‬ق ــد يلج ــأ البع ــض‬ ‫إل ــى ال ــزواج غي ــر الرس ــمي‪ ،‬عب ــر رج ــال الدي ــن‪،‬‬ ‫لتجن ــب اإلج ـراءات القانوني ــة املعق ــدة‪ ،‬مم ــا‬ ‫يعــرض الزوجــات ملخاطــر قانونيــة واجتماعيــة‬ ‫الحق ــا‪.‬‬ ‫وم ــا ينطب ــق عل ــى س ــوريا‪ ،‬يص ــح ايض ــا عل ــى‬ ‫الحالــة بيــن العـراق وإيـران‪ ،‬اذ يمتلــكان حــدودا‬ ‫طويلــة وعالقــات تاريخيــة عميقــة‪ ،‬ممــا يســهل‬ ‫التنق ــل واالخت ــاط بي ــن الش ــعبين‪.‬‬

‫ان تواج ــد تش ــابه كبي ــر ف ــي املذه ــب (الش ــيعي)‬ ‫بي ــن غالبي ــة س ــكان جن ــوب الع ـراق والوس ــط‬ ‫وبع ــض مناط ــق إي ـران‪ ،‬فض ــا ع ــن الزي ــارات‬ ‫املتك ــررة للمراق ــد الديني ــة ف ــي البلدي ــن‪ ،‬يس ــهم‬ ‫ف ــي تقوي ــة الرواب ــط االجتماعي ــة والثقافي ــة‪.‬‬ ‫و عل ــى م ــر التاري ــخ‪ ،‬ش ــهد البل ــدان موج ــات‬ ‫هج ــرة ون ــزوح متبادل ــة‪ ،‬مم ــا أدى إل ــى تواج ــد‬ ‫جالي ــات م ــن كل بل ــد ف ــي اآلخ ــر‪ ،‬وتزاي ــد ف ــرص‬ ‫املصا ه ــرة‪.‬‬ ‫و ق ــد ت ــؤدي العوام ــل االقتصادي ــة ف ــي بع ــض‬

‫األحي ــان ال ــى التس ــبب ف ــي تل ــك الظاه ــرة‪ ،‬و ق ــد‬ ‫يس ــعى البع ــض م ــن كال البلدي ــن لتحس ــين‬ ‫ظروفه ــم املعيش ــية بوس ــاطة ال ــزواج‪.‬‬ ‫و ق ــد يك ــون هن ــاك تاري ــخ طوي ــل م ــن املصاه ــرة‬ ‫بيــن العائــات علــى جانبــي الحــدود‪ ،‬ممــا يجعــل‬ ‫هــذه الزيجــات اســتمرارا لتقاليــد قديمــة‪.‬‬ ‫و ي ــرى كثي ــر م ــن الش ــباب العراق ــي أن تكالي ــف‬ ‫ال ــزواج م ــن عراقي ــة أصبح ــت باهظ ــة‪ ،‬بم ــا ف ــي‬ ‫ذل ــك امله ــر وتكالي ــف الحف ــات واملن ــزل‪ ،‬مم ــا‬ ‫يدفعه ــم للبح ــث ع ــن بدائ ــل أق ــل كلف ــة‪.‬‬

‫ويلف ــت البع ــض‪ ،‬وتبي ــن ذل ــك أرق ــام املحاك ــم‬ ‫العراقي ــة‪ ،‬إل ــى تزاي ــد املش ــكالت الزوجي ــة‬ ‫ونس ــب الط ــاق ف ــي الع ـراق‪ ،‬مم ــا ق ــد يجع ــل‬ ‫البع ــض يبح ــث ع ــن ش ــريك م ــن خ ــارج بيئت ــه‬ ‫االجتماعيــة التقليديــة‪ ،‬فــي محاولــة للنــأي عــن‬ ‫تل ــك املش ــكالت‪.‬‬ ‫وق ــد يبح ــث بع ــض الش ــباب ع ــن تغيي ــر ف ــي‬ ‫األنم ــاط االجتماعي ــة أو الثقافي ــة‪ ،‬ويج ــدون‬ ‫ذل ــك ف ــي ال ــزواج م ــن جنس ــيات أخ ــرى‪.‬‬ ‫و ف ــي بع ــض الح ــاالت‪ ،‬بخاص ــة للعراقيي ــن‬ ‫املقيمي ــن ف ــي الخ ــارج (مث ــل أوروب ــا)‪ ،‬ق ــد يك ــون‬ ‫ال ــزواج م ــن أجنبي ــة مرتبط ــا بالرغب ــة ف ــي‬ ‫الحص ــول عل ــى اإلقام ــة أو الجنس ــية ف ــي بل ــد‬ ‫املهج ــر‪.‬‬ ‫ولظاه ــرة االقت ـران بأجنبي ــة او اجنب ــي آث ــار‬ ‫اجتماعي ــة متع ــددة‪ ،‬ق ــد تك ــون إيجابي ــة أو‬ ‫س ــلبية‪ ،‬فه ــي م ــن جه ــة يمك ــن أن تس ــهم‬ ‫ف ــي تعزي ــز التفاه ــم الثقاف ــي والتعاي ــش بي ــن‬ ‫الش ــعوب ‪.‬‬ ‫ولك ــن يح ــدث ذل ــك ف ــي ظ ــل تحدي ــات قانوني ــة‬ ‫واجتماعي ــة‪ ،‬الس ــيما ف ــي ح ــاالت ال ــزواج غي ــر‬ ‫الرس ــمي‪ ،‬اذ تواج ــه الزوج ــات واألطف ــال‬ ‫مش ــكالت ف ــي التس ــجيل املدن ــي‪ ،‬والحص ــول‬ ‫علــى الجنســية‪ ،‬وإثبــات النســب‪ ،‬ممــا يعرضهــم‬ ‫لضي ــاع الحق ــوق‪.‬‬ ‫و قــد تواجــه الزوجــات األجنبيــات تحديــات فــي‬ ‫االندمــاج فــي داخــل املجتمــع العراقــي‪ ،‬والعكــس‬ ‫صحيــح‪.‬‬ ‫و ف ــي بع ــض الح ــاالت‪ ،‬ق ــد يج ــري اس ــتغالل‬ ‫الظ ــروف االقتصادي ــة الصعب ــة للط ــرف‬ ‫اآلخــر‪ ،‬ممــا يــؤدي إلــى زيجــات غيــر مســتقرة أو‬ ‫قائم ــة عل ــى املصلح ــة‪.‬‬ ‫والخالصــة‪ ،‬انــه برغــم صعوبــة الحصــول علــى‬ ‫أرقــام وإحصائيــات دقيقــة‪ ،‬إال أن ظاهــرة زواج‬ ‫العراقيي ــن م ــن أجان ــب‪ ،‬الس ــيما م ــن س ــوريا‬ ‫وإي ـران‪ ،‬ه ــي واق ــع اجتماع ــي يتأث ــر بعوام ــل‬ ‫عدي ــدة تتج ــاوز مج ــرد العالق ــات الفردي ــة‪،‬‬ ‫لتالم ــس األوض ــاع السياس ــية واالقتصادي ــة‬ ‫واالجتماعي ــة ف ــي املنطق ــة‪.‬‬

‫‪76‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪77 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫إقامات مع ّلقة وغالء فاحش‪..‬‬

‫عراقيون ضاق بهم اللجوء في تركيا‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬

‫بعد أن َأحزمت حنين حقائب سفرها‪ ،‬ألقت نظرة وداع أخيرة على الشارع‬ ‫الذي سكنت فيه في تركيا‪ ،‬حيث قررت العودة إلى العراق‪ .‬منذ عام ‪2015‬‬ ‫تعيش حنين جبار بمدينة إسطنبول بهدوء‪ ،‬لكن دفعتها ظروف غالء‬ ‫المعيشة إلى العودة‪ ،‬تقول حنين‪" :‬الوضع في تركيا أصبح مختلف ًا عن‬ ‫السابق‪ ،‬إذ ظهرت صعوبات عديدة من ناحية اإلقامة واإليجار والسكن"‪.‬‬

‫وتضي ــف ملجل ــة «فيل ــي»‪“ :‬أصب ــح الوض ــع امل ــادي صعب ـ ًـا‬ ‫للغايــة‪ ،‬ولــم يعــد مــا نحصــل عليــه يكفــي لســد الحاجــات‬ ‫األساس ــية‪ ،‬لق ــد أصب ــح غ ــاء املعيش ــة ف ــي تركي ــا ُيق ــارن‬ ‫بدب ــي املعروف ــة بارتف ــاع األس ــعار‪ ،‬لك ــن الخدم ــات قليل ــة‬ ‫مقاب ــل ه ــذا الغ ــاء‪ ،‬عك ــس دب ــي"‪.‬‬ ‫وفــي عــام ‪ ،2023‬عــاد آالف العراقييــن إلــى بلدهــم بعــد أن‬ ‫اســتقروا فــي تركيــا لعــدة أعــوام بســبب تعقيــدات فــي منــح‬ ‫الســلطات التركيــة اإلقامــة أو تجديدهــا‪ ،‬علــى الرغــم مــن‬ ‫ـاال تجاريــة هنــاك‪،‬‬ ‫أن كثيريــن منهــم يملكــون عقــارات وأعمـ ً‬ ‫ومــا ت ـزال العــودة مســتمرة حتــى يومنــا هــذا‪.‬‬ ‫توقف الزمن‬ ‫بدوره ــا تؤك ــد تم ــارا فائ ــق‪ ،‬بأنه ــا "عاش ــت ف ــي تركي ــا من ــذ‬ ‫‪ 6‬س ــنوات‪ ،‬دون أن تحق ــق م ــا تصب ــو إلي ــه بس ــبب‬ ‫التعقي ــدات‪ ،‬فق ــررت الس ــفر إل ــى أمري ــكا"‪.‬‬ ‫وتضيــف‪" :‬فــي أمريــكا يســتطيع الشــخص الدراســة والعمــل‬

‫والحص ــول عل ــى الجنس ــية‪ ،‬أم ــا ف ــي تركي ــا ف ــا يمك ــن‬ ‫للمهاج ــر أن يتط ــور‪ ،‬ويم�ض ــي الزم ــن دون ج ــدوى"‪.‬‬ ‫وتشــير إلــى أن "هنــاك مصاعــب أخــرى غيــر غــاء املعيشــة‪،‬‬ ‫منه ــا معرق ــات الحص ــول عل ــى إقام ــة‪ ،‬حي ــث إن كثي ـ ًرا‬ ‫م ــن العراقيي ــن قض ــوا س ــنوات عدي ــدة ف ــي تركي ــا م ــن أج ــل‬ ‫الحص ــول عل ــى إقام ــة‪ ،‬لك ــن قوبل ــت ملفاته ــم بالرف ــض‪ ،‬و‬ ‫تس ــتمر تركي ــا ف ــي رف ــض اإلقام ــات بنس ــبة ‪."99%‬‬ ‫وكان ــت آالف العائ ــات ق ــد اضط ــرت إل ــى مغ ــادرة الع ـراق‬ ‫ّ‬ ‫والتوج ــه إل ــى تركي ــا خ ــال الفت ـرات الت ــي أعقب ــت ع ــام‬ ‫‪ ،2003‬وضاعف ــت س ــيطرة عصاب ــات داع ــش عل ــى بع ــض‬ ‫املناط ــق أع ــداد النازحي ــن م ــن تل ــك املناط ــق‪.‬‬ ‫وبه ــذا الص ــدد يق ــول الصحف ــي العراق ــي املقي ــم ف ــي‬ ‫إس ــطنبول مصطف ــى الواس ــطي للوكال ــة‪" :‬أعم ــل ف ــي أنق ــرة‬ ‫مراسـ ًـا إلحــدى القنــوات العراقيــة مقابــل ‪ 1500‬دوالر يتــم‬ ‫ـدا‬ ‫ـهريا لحســابي فــي البنــك‪ ،‬وكان هــذا املبلــغ جيـ ً‬ ‫تحويلهــا شـ ً‬

‫‪78‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 258‬السنة الحادية والعشرون|حزيران ‪ /‬يونيو ‪79 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫خــال الســنة األولــى مــن إقامتــي‪ ،‬ولكــن الوضــع تغيــر كثي ـ ًرا‬ ‫ّ‬ ‫خــال الســنوات القليلــة املاضيــة فــي تركيــا وأصبــح الوضــع‬ ‫امل ــادي عس ــي ًرا للغاي ــة"‪.‬‬ ‫ويزي ــد بالق ــول‪" :‬عمل ــت ألكث ــر م ــن جه ــة إعالمي ــة وأرهقن ــي‬ ‫التع ــب كــي أتمك ــن م ــن دف ــع أج ــور الس ــكن وفواتي ــر امل ــاء‬ ‫واالتص ــاالت والخدم ــات األخ ــرى"‪ ،‬منوه ـ ًـا ال ــى أن "الش ــقة‬ ‫التــي كان قــد اســتأجرها بــادئ األمــر بــ‪ 200‬دوالر أصبحــت‬ ‫بـ‪ 500‬دوالر‪ ،‬كما ارتفعت أســعار جميع املواد والخدمات‪،‬‬ ‫وهــو مــا جعلنــي فــي وضــع حــرج للغايــة مــن الناحيــة املاديــة"‪.‬‬ ‫ويؤك ــد الواس ــطي‪ ،‬أن "ارتباط ــه بالعم ــل وظ ــروف الحي ــاة‬ ‫التــي اعتــاد عليهــا فــي تركيــا تمنعــه مــن العــودة"‪ ،‬موضحـ ًـا أن‬ ‫"املبالــغ التــي يحصــل عليهــا تعــد كبيــرة فــي الع ـراق‪ ،‬لكنهــا ال‬ ‫تكفــي لســداد الضروريــات فــي تركيــا بســبب الغــاء"‪.‬‬ ‫ويوضــح ان "تركيــا اآلن أصبحــت خاليــة مــن العراقييــن إال‬ ‫نس ــبة قليل ــة ه ــم مجب ــرون عل ــى البق ــاء‪ ،‬لكنه ــم رغ ــم ذل ــك‬ ‫يبحثــون عــن بدائــل أخــرى كالســفر إلــى أمريــكا وغيرهــا"‪.‬‬ ‫أم ــا املواط ــن املقي ــم ف ــي تركي ــا م ــازن املعم ــوري فيق ــول‪:‬‬ ‫"كان ــت تصلن ــي م ــن الع ـراق حوال ــة مالي ــة تت ـراوح بي ــن ‪700‬‬ ‫ـهريا‪ ،‬وكان هــذا املبلــغ كافيـ ًـا بالنســبة لــي"‪.‬‬ ‫إلــى ‪ 800‬دوالر شـ ً‬ ‫ويضي ــف ف ــي حدي ــث ملجل ــة «فيل ــي»‪" :‬ف ــي مطل ــع ه ــذا الع ــام‬ ‫حصلــت زيــادة علــى رواتــب العمــال‪ ،‬ولكــن باملقابــل ارتفعــت‬ ‫األســعار‪ ،‬أجــور الســكن والقطــارات واملــواد الغذائيــة كلهــا‬ ‫ارتفع ــت بش ــكل عجي ــب‪ ،‬م ــا دف ــع بكثي ــر م ــن العائ ــات‬ ‫العراقي ــة للع ــودة"‪.‬‬ ‫وعلــى الرغــم مــن الصعوبــات املاليــة وغــاء املعيشــة الــذي‬ ‫يعان ــي من ــه العراقي ــون املقيم ــون ف ــي تركي ــا‪ ،‬إال أن ثم ــة‬

‫يفض ــل البق ــاء عل ــى الع ــودة للوط ــن ألس ــباب‬ ‫العدي ــد منه ــم ّ‬ ‫ش ــتى‪.‬‬ ‫ال يستطيعون العودة‬ ‫يق ــول أحم ــد ماج ــد‪ ،‬املقي ــم ف ــي تركي ــا‪" :‬ال يوج ــد ف ــي الي ــد‬ ‫ـائريا بالقت ــل ف ــي الع ـراق‪ ،‬وعودت ــي‬ ‫حيل ــة‪ ،‬فأن ــا مه ــدد عش ـ ً‬ ‫تش ــكل خط ـ ًرا عل ـ ّـي وعل ــى عائلت ــي"‪.‬‬ ‫ويضي ــف ف ــي حدي ــث ملجل ــة «فيل ــي»‪" :‬أح ــاول أن أعم ــل أن ــا‬ ‫وزوجت ــي لس ــد حاج ــة الس ــكن واملس ــتلزمات األخ ــرى"‪.‬‬ ‫أم ــا الباح ــث األكاديم ــي مش ــتاق الحل ــو‪ ،‬املقي ــم ف ــي تركي ــا‪،‬‬ ‫فيقــول‪ :‬إن "طفلــي ُولــد فــي أنقــرة وال يعــرف التكلــم باللغــة‬ ‫العربي ــة‪ ،‬ألن ــه ع ــاش وترع ــرع ف ــي تركي ــا‪ ،‬ل ــذا فأن ــا مضط ــر‬ ‫للبق ــاء"‪.‬‬ ‫ويؤك ــد ف ــي حديث ــه للوكال ــة‪ ،‬أن "عودت ــه إل ــى الع ـراق تعن ــي‬ ‫فقــدان ابنــه لســنوات مــن التعليــم‪ ،‬وهــو يخ�شــى عليــه مــن‬ ‫الصدم ــة ج ـراء التف ــاوت الثقاف ــي واالجتماع ــي بي ــن الع ـراق‬ ‫وتركي ــا"‪.‬‬ ‫بــدوره يشــير الخبيــر االقتصــادي التر ـكـي جــال البــكار‪ ،‬إلــى‬ ‫أن "أح ــد أس ــباب الهج ــرة م ــن تركي ــا ه ــو موض ــوع ضب ــط‬ ‫اإلقام ــات والتأش ــيرات الس ــياحية‪ ،‬حي ــث أدى إل ــى ن ــزوح‬ ‫بع ــض الجالي ــات املس ــتقرة من ــذ زم ــن طوي ــل‪ ،‬خاص ــة أن ــه‬ ‫بــدأ فــرض قيــود علــى اإلقامــة الســياحية‪ ،‬ويجــب أن تكــون‬ ‫هن ــاك اس ــتثناءات لإلقام ــة الس ــياحية وش ــروط لإلقام ــة‬ ‫العقاري ــة‪ ،‬حي ــث أصبح ــت بتكالي ــف مالي ــة أخ ــرى"‪.‬‬ ‫ويلف ــت ف ــي حديث ــه ملجل ــة «فيل ــي» إل ــى أن “هب ــوط قيم ــة‬ ‫الليــرة التركيــة مقابــل العمــات األجنبيــة أيضـ ًـا كان لــه أثــر‬ ‫عل ــى صعي ــد األس ــعار‪ ،‬خاص ــة وأن العراقيي ــن ولغاي ــة ع ــام‬

‫‪ 2023‬هــم أكثــر الجاليــات ش ـر ًاء للعقــارات فــي تركيــا‪ ،‬لكــن‬ ‫م ــع ش ـراء العق ــار وع ــدم الحص ــول عل ــى اإلقام ــة‪ ،‬أصب ــح‬ ‫وجوده ــم محفوف ـ ًـا باملخاط ــر"‪.‬‬ ‫ويؤك ــد الب ــكار أن "االقتص ــاد التركــي تع ــرض للعدي ــد م ــن‬ ‫األزمــات‪ ،‬منهــا طبيعيــة مثــل الزل ـزال فــي تركيــا عــام ‪،2023‬‬ ‫وأيض ـ ًـا االنتخاب ــات الرئاس ــية والبلدي ــة الت ــي بدوره ــا ّأث ــرت‬ ‫عل ــى االقتص ــاد‪ ،‬حي ــث انخفض ــت قيم ــة العمل ــة التركي ــة‬ ‫وارتفع ــت تكالي ــف املعيش ــة"‪.‬‬ ‫ويتاب ــع‪" :‬كم ــا أن الح ــرب الروس ــية األوكراني ــة انعكس ــت‬ ‫ـلبا عل ــى أس ــعار امل ــواد األولي ــة‪ ،‬خاص ــة وأن تركي ــا‬ ‫سـ ً‬ ‫كان ــت م ــن املس ــتوردين للغ ــاز الرو�س ــي‪ ،‬وهن ــاك مصال ــح‬ ‫اقتصادي ــة لتركي ــا م ــع أوكراني ــا‪ ،‬كل ه ــذه العوام ــل ّأث ــرت‬ ‫ـلبا عل ــى االقتص ــاد التركــي"‪.‬‬ ‫سـ ً‬ ‫وق ــد دفع ــت الظ ــروف القاه ــرة خ ــال الس ــنوات املاضي ــة‬ ‫آالف العراقيي ــن ملغ ــادرة بلده ــم والن ــزوح إل ــى ال ــدول‬

‫يؤكد البكار أن "االقتصاد التركي تعرض للعديد‬ ‫من األزمات‪ ،‬منها طبيعية مثل الزلزال في تركيا‬ ‫عام ‪ ،2023‬وأيض ًا االنتخابات الرئاسية والبلدية التي‬ ‫بدورها ّ‬ ‫أثرت على االقتصاد‪ ،‬حيث انخفضت قيمة‬ ‫العملة التركية وارتفعت تكاليف المعيشة"‪.‬‬

‫املج ــاورة‪ ،‬وتع ــد تركي ــا واح ــدة م ــن دول الج ــوار الت ــي‬ ‫ـدادا كبي ــرة م ــن املهاجري ــن العراقيي ــن‪ ،‬بي ــد‬ ‫اس ــتقطبت أع ـ ً‬ ‫أن صعوب ــة األوض ــاع املادي ــة هن ــاك وتحس ــن األوض ــاع‬ ‫وتوفــر فــرص العمــل شــجعت كثيريــن علــى العــودة‪،‬‬ ‫األمنيــة ّ‬ ‫فيمــا ال يـزال عراقيــون كثيــرون فــي تركيــا ينتظــرون فرصــة‬ ‫الحص ــول عل ــى لج ــوء ف ــي دول ــة أوروبي ــة‪.‬‬

‫‪80‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪81 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫أرض كان ــت ُتع ــد رم ـ ًزا للخط ــر واملجه ــول‪،‬‬ ‫هن ــا‪ ،‬ف ــي ٍ‬ ‫ينبث ــق مش ــروع س ــياحي ه ــو األول م ــن نوع ــه ف ــي‬ ‫غ ــرب الب ــاد‪ ،‬ليحم ــل رس ــالة واضح ــة مفاده ــا أن‬ ‫"األوض ــاع األمني ــة ف ــي األنب ــار ق ــد تغي ــرت"‪.‬‬ ‫وتق ــع ناحي ــة البغ ــدادي ضم ــن قض ــاء هي ــت ف ــي‬ ‫محافظ ــة األنب ــار‪ ،‬بمس ــاحة تق ــدر بنح ــو ‪480‬‬ ‫كيلومت ـ ًرا مربع ـ ًـا‪ ،‬مركزه ــا مدين ــة البغ ــدادي‪ ،‬الت ــي‬ ‫تمث ــل نقط ــة اس ــتراتيجية ترب ــط بي ــن م ــدن غ ــرب‬ ‫املحافظ ــة‪ُ ،‬وتع ــرف بطبيعته ــا الفراتي ــة الس ــاحرة‬ ‫وعمقه ــا العش ــائري والثقاف ــي‪.‬‬

‫وشــهدت الناحيــة تحــوالت أمنيــة كبيــرة علــى مــدى‬ ‫العقــود املاضيــة‪ ،‬لكــن التحـ ّـول األهــم كان مــا بعــد‬ ‫‪ ،2003‬حيــن ّ‬ ‫تحولــت إلــى أحــد أبــرز معاقــل تنظيــم‬ ‫"القاع ــدة"‪ ،‬قب ــل أن تس ــقط الحق ـ ًـا ف ــي قبض ــة‬ ‫تنظي ــم "داع ــش"‪ ،‬لتك ــون ف ــي واجه ــة الص ـراع‬ ‫الدم ــوي ال ــذي اجت ــاح املنطق ــة ف ــي الس ــنوات‬ ‫املاضي ــة‪.‬‬ ‫من التحدي إلى اإلنجاز‬ ‫ُويعــد "صح ـرا"‪ ،‬املشــروع األول مــن نوعــه فــي غــرب‬ ‫الع ـراق‪ ،‬جامع ـ ًـا بي ــن س ــحر الطبيع ــة الصحراوي ــة‬

‫من اإلرهاب إلى االستجمام‪..‬‬

‫صحراء األنبار تتحول‬

‫إلى منطقة سياحية‬ ‫واعدة‬

‫وأصال ــة الت ـراث الب ــدوي م ــن جه ــة‪ ،‬وحداث ــة‬ ‫الخدم ــات الس ــياحية م ــن جه ــة أخ ــرى‪ ،‬م ــا يجعل ــه‬ ‫نقط ــة انط ــاق جدي ــدة لواق ــع س ــياحي واع ــد ف ــي‬ ‫األنب ــار‪.‬‬ ‫ول ــم يك ــن الطري ــق إل ــى إنش ــاء املش ــروع مفروش ـ ًـا‬ ‫بالــورود‪ ،‬إذ واجــه مؤسســوه جملــة مــن التحديــات‬ ‫منــذ انطــاق املشــروع‪ ،‬حيــث يقــول مديــر املنتجــع‪،‬‬ ‫طــارق عبــد الكريــم‪ ،‬فــي حديثــه ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬إن‬ ‫"العقبــة األولــى تمثلــت فــي غيــاب ثقافــة املنتجعــات‬ ‫ـدا‬ ‫الســياحية لــدى ســكان املنطقــة‪ ،‬مــا ّ‬ ‫تطلــب جهـ ً‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫وتحديدا‬ ‫في عمق صحراء األنبارغربي العراق‪،‬‬ ‫ً‬ ‫على ضفاف نهرالفرات في البغدادي على وجه‬ ‫الخصوص‪ ،‬املنطقة التي كانت لسنوات طويلة‬ ‫عنوانا لألحداث الدامية وأحد أبرزمعاقل‬ ‫ً‬ ‫الجماعات املتطرفة "اإلرهابية"‪ ،‬مابعد العام‬ ‫‪ ،2003‬ينهض منتجع "صحرا" كعالمة تحول‬ ‫جريئة ومفعمة باألمل‪.‬‬

‫كبيـ ً ًـرا فــي كســب ثقــة املجتمــع املحلــي وتغييــر نظرتــه‬ ‫تجــاه الفكــرة"‪.‬‬ ‫وهن ــاك تحدي ــات أخ ــرى ارتبط ــت بطبيع ــة البيئ ــة‬ ‫الصحراويــة‪ ،‬والــكالم لعبــد الكريــم‪ ،‬التــي لــم تألــف‬ ‫مث ــل ه ــذه املش ــاريع‪ ،‬فاحت ــاج األم ــر إل ــى تخطي ــط‬ ‫ّ‬ ‫وتكي ــف م ــع الظ ــروف املناخي ــة والجغرافي ــة‬ ‫الخاص ــة باألنب ــار‪.‬‬ ‫ل‬ ‫كم ــا أن ــه تك ــن الظ ــروف األمني ــة بمع ــز ع ــن ه ــذه‬ ‫املعوق ــات‪ ،‬إذ يش ــير عب ــد الكري ــم‪ ،‬إل ــى أن "فت ـرات‬ ‫ع ــدم االس ــتقرار‪ ،‬خاص ــة ف ــي محي ــط قاع ــدة‬ ‫عي ــن األس ــد‪ ،‬تس ــببت ف ــي إيق ــاف العم ــل لفت ـرات‬ ‫مضيف ــا أن "املخ ــاوف األمني ــة ال ت ـزال‬ ‫متقطع ــة"‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ُت ـراود بع ــض ال ــزوار املحتملي ــن‪ ،‬لكنه ــا تتال�ش ــى‬ ‫تدريجيـ ًـا مــع تزايــد تجــارب الــزوار اإليجابيــة وتــداول‬ ‫محت ــوى بص ــري يوث ــق أم ــن وجمالي ــة امل ــكان"‪.‬‬ ‫ويش ــير إل ــى أن الص ــورة النمطي ــة الت ــي كان ــت ترب ــط‬

‫األنب ــار بالعن ــف واإلقص ــاء ب ــدأت تتغي ــر‪ ،‬فال ــزوار‬ ‫الي ــوم يكتش ــفون أماك ــن س ــياحية خالب ــة تتع ــدى‬ ‫ش ــهرة نواعي ــر هي ــت‪ ،‬لتش ــمل مناط ــق أخ ــرى مث ــل‬ ‫ضف ــاف الف ـرات ف ــي البغ ــدادي‪ ،‬والت ــي م ــا ت ـزال‬ ‫بحاج ــة إل ــى تس ــويق أوس ــع‪ ،‬لكنه ــا تخط ــو بثب ــات‬ ‫نح ــو خارط ــة الس ــياحة الوطني ــة‪.‬‬ ‫دعم رسمي وتكامل مؤس�سي‬ ‫مــع انطــاق املشــروع‪ ،‬كان ال بــد مــن تنســيق وثيــق‬ ‫ـدا بعــد‬ ‫مــع الجهــات األمنيــة‪ ،‬التــي أبــدت تعاونـ ًـا متزايـ ً‬ ‫ـميا ف ــي وزارة الس ــياحة‬ ‫أن ت ــم تس ــجيل املنتج ــع رس ـ ً‬ ‫وغرف ــة التج ــارة‪ ،‬م ــا أضف ــى علي ــه صبغ ــة قانوني ــة‬ ‫ســهلت التعــاون مــع الســلطات فــي البغــدادي‪.‬‬ ‫ويؤك ــد عب ــد الكري ــم‪ ،‬أن الدع ــم املؤس�س ــي أس ــهم‬ ‫ف ــي تعزي ــز مصداقي ــة املش ــروع‪ ،‬وفت ــح الب ــاب أم ــام‬ ‫مشــاريع مشــابهة فــي املنطقــة‪ ،‬الفتـ ًـا إلــى أن "صحـرا"‬ ‫ل ــم يغي ــر فق ــط م ــن نظ ــرة الن ــاس للس ــياحة ف ــي‬

‫األنبــار‪ ،‬بــل غيــر مــن الصــورة الذهنيــة للمحافظــة‬ ‫ّ‬ ‫ككل‪.‬‬ ‫ويســعى "صح ـرا"‪ ،‬وفقـ ًـا للقائميــن عليــه إلــى حمايــة‬ ‫الت ـراث الب ــدوي األصي ــل ال ــذي يمي ــز األنب ــار‪ ،‬م ــن‬ ‫خ ــال تقدي ــم أنش ــطة ثقافي ــة وفلكلوري ــة تعك ــس‬ ‫هويــة املنطقــة‪ ،‬كمــا يشــمل ذلــك تنظيــم فعاليــات‬ ‫ش ــعبية مث ــل رقص ــة الجوب ــي‪ ،‬وتقدي ــم األطب ــاق‬ ‫التقليدي ــة كـ"املدكوك ــة"‪ ،‬إل ــى جان ــب الحف ــاظ عل ــى‬ ‫ع ــادات العش ــائر العراقي ــة الغربي ــة الت ــي تش ــكل‬ ‫ـزءا ال يتج ـزأ م ــن النس ــيج االجتماع ــي املحل ــي‪.‬‬ ‫جـ ً‬ ‫وس ــقطت محافظ ــة األنب ــار بي ــد التنظي ــم ف ــي ع ــام‬ ‫‪ ،2014‬وتحول ــت ف ــي وقته ــا إل ــى واح ــدة م ــن أخط ــر‬ ‫ب ــؤر التط ــرف ف ــي املنطق ــة‪ ،‬إال أن الق ــوات األمني ــة‬ ‫العراقي ــة تمكن ــت م ــن تحري ــر مدنه ــا بالكام ــل ف ــي‬ ‫الع ــام ‪.2017‬‬

‫‪82‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬ ‫‪SOCIETY‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪83 2025‬‬

‫من سعة الدور إلى ضيق الحال‪:‬‬

‫البيوت الصغرية بديال‬ ‫اضطراريا في العراق‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫شهد نمط البناء واملعيشة في العراق‪ ،‬وبخاصة في‬ ‫بغداد‪ ،‬تحوال كبيرا في العقدين األخيرين‪ ،‬من البيوت‬ ‫ذات املساحات الواسعة إلى املساحات األصغربكثير‪.‬‬

‫ف ــي الس ــابق كان اعتيادي ــا أن ن ــرى مس ــاحة‬ ‫بي ــت ب ـ ‪ ٢٠٠‬أو ‪ ٣٠٠‬أو حت ــى ‪ ٤٠٠‬أو ‪٦٠٠‬‬ ‫متــر مربــع‪ ،‬إذا لــم تكــن أكثــر مــن ذلــك‪ ،‬وكانــت‬ ‫هن ــاك اش ــتراطات قانوني ــة ف ــي الح ــد األدن ــى‬ ‫للبن ــاء للمن ــازل الحديث ــة‪ ،‬فيبن ــى قس ــم م ــن‬ ‫املس ــاحة وتخص ــص البقي ــة كحديق ــة وگ ـراج‬ ‫للســيارة وحتــى حدائــق خلفيــة‪ ،‬ولكــن فــي املــدة‬ ‫املاضي ــة أصب ــح البن ــاء األع ــم ف ــي مس ــاحة ‪٥٠‬‬ ‫أو حت ــى ‪ ٤٠‬مت ـرا مربع ــا‪ ،‬كم ــا تعرض ــت البي ــوت‬ ‫االكث ــر مس ــاحة إل ــى القط ــع وج ــرى بيعه ــا أو‬ ‫تأجيره ــا أو توزيعه ــا بي ــن أف ـراد العائل ــة‪.‬‬ ‫م ــن اس ــباب ذل ــك الزي ــادة الس ــكانية الكبي ــرة‬ ‫والضغ ــط عل ــى األرا�ض ــي‪ ،‬اذ يش ــهد الع ـراق‬ ‫بشــكل عــام وبغــداد بشــكل خــاص نمــوا ســكانيا‬ ‫كبي ـرا؛ فق ــد تج ــاوز ع ــدد س ــكان العاصم ــة ‪11‬‬ ‫مليــون نســمة وهــو العــدد االقــرب الــى الواقــع‪،‬‬ ‫برغ ــم كونه ــا اصغ ــر محافظ ــات الع ـراق‪ ،‬مم ــا‬ ‫يض ــع ضغط ــا هائ ــا عل ــى األرا�ض ــي املتاح ــة‬ ‫للس ــكن‪.‬‬ ‫وبغــداد تعــد مركـزا جاذبــا للباحثيــن عــن فــرص‬ ‫العم ــل والخدم ــات م ــن املحافظ ــات األخ ــرى‪،‬‬ ‫مم ــا يزي ــد م ــن الكثاف ــة الس ــكانية فيه ــا ويزي ــد‬ ‫الطل ــب عل ــى الس ــكن‪ ،‬يقاب ــل ذل ــك عج ــز‬

‫كبي ــر ف ــي ع ــدد الوح ــدات الس ــكنية املطلوب ــة‪،‬‬ ‫مم ــا يس ــهم ف ــي تفاق ــم أزم ــة الس ــكن ويجع ــل‬ ‫الحص ــول عل ــى من ــزل واس ــع أم ـرا صعب ــا‪.‬‬ ‫و ارتفع ــت أس ــعار العق ــارات بش ــكل كبي ــر‬ ‫ف ــي البل ــد‪ ،‬اذ وص ــل س ــعر املت ــر املرب ــع ف ــي‬ ‫بغ ــداد إل ــى أرق ــام قياس ــية‪ ،‬مم ــا يجع ــل ش ـراء‬ ‫األرا�ض ــي الكبي ــرة أو املن ــازل الواس ــعة بعي ــد‬ ‫املن ــال بالنس ــبة ملعظ ــم العراقيي ــن‪ ،‬وبخاص ــة‬ ‫ذوي الدخ ــل املح ــدود واملتوس ــط؛ وت ــؤدي‬ ‫املضارب ــات العقاري ــة وغس ــيل األم ــوال دورا ف ــي‬ ‫ارتفــاع األســعار‪ ،‬فضــا عــن غيــاب التخطيــط‬ ‫العمرانــي الفعــال‪ ،‬ممــا يجعــل ســوق العقــارات‬ ‫غيــر مســتقر؛ و ارتفعــت تكاليــف البنــاء أيضــا‪،‬‬ ‫مم ــا يجع ــل بن ــاء من ــزل واس ــع مكلف ــا ج ــدا‪.‬‬ ‫و بس ــبب الصعوب ــات االقتصادي ــة والحاج ــة‬ ‫إلــى توفيــر الســكن ألف ـراد العائلــة‪ ،‬تلجــأ األســر‬ ‫إل ــى تقس ــيم البي ــوت الكبي ــرة إل ــى أج ـزاء أصغ ــر‬ ‫لبيعه ــا أو تأجيره ــا أو توزيعه ــا عل ــى األبن ــاء‪.‬‬ ‫و أدت أزم ــة الس ــكن إل ــى انتش ــار كبي ــر‬ ‫للعشــوائيات فــي أطـراف املــدن‪ ،‬ويجــري تحويــل‬ ‫األرا�ض ــي الزراعي ــة إل ــى مناط ــق س ــكنية غي ــر‬ ‫منظمــة‪ ،‬تفتقــر غالبــا إلــى الخدمــات األساســية‪.‬‬ ‫وبرغ ــم ظه ــور مجمع ــات س ــكنية عمودي ــة‬

‫‪84‬‬

‫مجتـــــــــــــــــــمع‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪85 2025‬‬

‫‪SOCIETY‬‬

‫البيوت الصغيرة بديال اضطراريا في العراق‬ ‫(ش ــقق) كح ــل ألزم ــة الس ــكن‪ ،‬فإنه ــا برغ ــم‬ ‫ذل ــك ال تتناس ــب دائم ــا م ــع الثقاف ــة الس ــكنية‬ ‫العراقي ــة الت ــي تفض ــل املن ــازل املس ــتقلة‪،‬‬ ‫فض ــا ع ــن أن معظ ــم املجمع ــات أس ــعارها‬ ‫عالي ــة وإج ـراءات تس ــليمها معق ــدة وتمت ــد‬ ‫مل ــدد طويل ــة؛ وربم ــا يفض ــل البع ــض املن ــازل‬ ‫الصغيــرة ألنهــا أســهل وأقــل تكلفــة فــي التدفئــة‬ ‫والتبري ــد‪ ،‬وه ــو عام ــل مه ــم ف ــي ظ ــل انقط ــاع‬ ‫الكهرب ــاء املتك ــرر لس ــاعات طويل ــة‪.‬‬ ‫ويعان ــي قط ــاع الس ــكن م ــن إهم ــال حكوم ــي‬ ‫كبيــر وضعــف فــي تنفيــذ الخطــط االســتراتيجية‬ ‫لتوفي ــر الوح ــدات الس ــكنية املطلوب ــة‪ ،‬و‬ ‫ال يتواج ــد دع ــم مال ــي كاف لفئ ــات الدخ ــل‬ ‫املح ــدود واملتوس ــط بوس ــاطة ق ــروض ميس ــرة‬ ‫أو توزي ــع أراض بأس ــعار معقول ــة‪.‬‬ ‫وبرغ ــم تواج ــد ضواب ــط لتقس ــيم األرا�ض ــي‪،‬‬ ‫إال أن الواق ــع يظه ــر تج ــاوزات له ــذه القواني ــن‬ ‫بســبب الضغــط علــى األرا�ضــي والحاجــة امللحــة‬ ‫للس ــكن‪.‬‬ ‫ان نم ــط بن ــاء البي ــوت ف ــي مس ــاحات صغي ــرة‬ ‫أو صغي ــرة ج ــدا ه ــو إج ـراء معم ــول ب ــه بش ــكل‬ ‫واس ــع ف ــي كثي ــر م ــن دول العال ــم‪ ،‬ب ــل إن ــه‬ ‫أصب ــح اتجاه ــا عاملي ــا متزاي ــدا‪ ،‬بخاص ــة ف ــي‬ ‫املــدن الكبــرى ذات الكثافــة الســكانية العاليــة‬ ‫وارتف ــاع أس ــعار العق ــارات‪.‬‬ ‫يعــرف هــذا النمــط بمصطلحــات مثــل "املنــازل‬ ‫الصغيــرة"‪ ،‬أو "الشــقق املدمجــة" أو "الشــقق‬ ‫االســتوديو" أو "املســاحات املعيشــية الذكية"‪.‬‬ ‫و ان األس ــباب والدواف ــع وراء انتش ــار ه ــذا‬ ‫النم ــط‪ ،‬تتش ــابه إل ــى ح ــد كبي ــر م ــع األس ــباب‬ ‫الت ــي ذكرناه ــا للع ـراق‪ ،‬إذ أن ارتف ــاع تكالي ــف‬ ‫الســكن‪ ،‬هــو الســبب الرئيــس فــي معظــم املــدن‬ ‫الكبــرى حــول العالــم‪ ،‬كمــا ان املــدن تســتقطب‬ ‫مزي ــدا م ــن الس ــكان‪ ،‬مم ــا يزي ــد الطل ــب عل ــى‬ ‫املس ــاحات الس ــكنية‪.‬‬ ‫يض ــاف لذل ــك م ــا يس ــمى االس ــتدامة والوع ــي‬ ‫البيئ ــي‪ ،‬اذ ان املس ــاحات األصغ ــر تتطل ــب‬ ‫م ــوارد أق ــل للبن ــاء والتدفئ ــة والتبري ــد‪.‬‬ ‫وبع ــض األف ـراد يفضل ــون بس ــاطة العي ــش‬ ‫والتخل ــص م ــن الفو�ض ــى املادي ــة‪ ،‬وكذل ــك‬ ‫املرون ــة والتنق ــل بوس ــاطة املن ــازل الصغي ــرة‬ ‫املتنقل ــة (‪ )Tiny Homes on Wheels‬الت ــي‬ ‫تتيــح نمــط حيــاة مــرن؛ و للحصــول علــى ســهولة‬

‫الوص ــول إل ــى العم ــل والخدم ــات والترفي ــه‪،‬‬ ‫يدف ــع لذل ــك الن ــاس ثمن ــا باهظ ــا بالتضحي ــة‬ ‫باملس ــاحة‪.‬‬ ‫و تع ــد الياب ــان رائ ــدة ف ــي مج ــال اس ــتغالل‬ ‫املس ــاحات الصغي ــرة‪ ،‬ونظ ـرا للكثاف ــة‬ ‫الســكانية الهائلــة فــي مــدن مثــل طوكيــو‪ ،‬نجــد‬ ‫عدي ــد "املن ــازل الضيق ــة" الت ــي ُتبن ــى عل ــى قط ــع‬ ‫أراض صغي ــرة ج ــدا‪ ،‬ولك ــن بتصميم ــات ذكي ــة‬ ‫وعمودي ــة تس ــتغل كل زاوي ــة‪ ،‬كم ــا أن الش ــقق‬ ‫"االس ــتوديو" الصغي ــرة ج ــدا ش ــائعة للغاي ــة‪.‬‬ ‫و يش ــتهر املعماري ــون الياباني ــون بقدرته ــم عل ــى‬ ‫تصمي ــم مس ــاحات وظيفي ــة وجمالي ــة ضم ــن‬ ‫قي ــود صارم ــة عل ــى املس ــاحة‪.‬‬

‫وف ــي هون ــغ كون ــغ‪ ،‬أغل ــى أس ــعار العق ــارات‬ ‫ف ــي العال ــم؛ بس ــبب ن ــدرة األرا�ض ــي والكثاف ــة‬ ‫الس ــكانية الهائل ــة‪ ،‬لذل ــك تع ــد هون ــغ كون ــغ‬ ‫موطن ــا لبع ــض أصغ ــر الوح ــدات الس ــكنية ف ــي‬ ‫العا ل ــم‪.‬‬ ‫ان م ــا يس ــمى "ش ــقق النع ــش" و "ش ــقق‬ ‫القفــص" ‪ ،‬هــذه مصطلحــات تصــف وحــدات‬ ‫ســكنية متناهيــة الصغــر‪ ،‬اذ ال تزيــد مســاحة‬ ‫الواح ــدة ع ــن بضع ــة أمت ــار مربع ــة‪ ،‬وتس ــتغل‬ ‫إلي ــواء الفق ـراء‪ ،‬وبرغ ــم أنه ــا تمث ــل تحدي ــا‬ ‫إنس ــانيا‪ ،‬إال أنه ــا تعك ــس م ــدى الضغ ــط عل ــى‬ ‫املس ــاحات الس ــكنية هن ــاك‪ .‬حت ــى الش ــقق‬

‫االعتياديــة غالبــا مــا تكــون صغيــرة جــدا مقارنــة‬ ‫باملعايي ــر العاملي ــة‪.‬‬ ‫وف ــي الوالي ــات املتح ــدة األمريكي ــة وكن ــدا‪،‬‬ ‫انبثق ــت حرك ــة "املن ــازل الصغي ــرة" و ه ــذه‬ ‫الحرك ــة اكتس ــبت ش ــعبية كبي ــرة ف ــي الس ــنوات‬ ‫األخيــرة‪ ،‬اذ يقــوم األف ـراد ببنــاء أو ش ـراء منــازل‬ ‫صغي ــرة ج ــدا (ع ــادة م ــا بي ــن ‪ 9‬إل ــى ‪ 37‬مت ــر‬ ‫مرب ــع) ألس ــباب اقتصادي ــة‪ ،‬بيئي ــة‪ ،‬أو للعي ــش‬ ‫بأس ــلوب حي ــاة أبس ــط‪ ،‬بعضه ــا يك ــون متنق ــا‬ ‫عل ــى عج ــات‪.‬‬ ‫و املدن الكبرى (نيويورك‪ ،‬ســان فرانسيســكو‪،‬‬ ‫فانكوف ــر)‪ ،‬تش ــهد ارتفاع ــا جنوني ــا ف ــي أس ــعار‬ ‫اإليج ــارات والعق ــارات‪ ،‬مم ــا دف ــع املطوري ــن‬

‫إل ــى بن ــاء "الش ــقق املايك ــرو" الت ــي ق ــد ال تزي ــد‬ ‫مســاحتها عــن (نحــو ‪ 32-23‬متــر مربــع)‪ ،‬وغالبــا‬ ‫م ــا تك ــون مجه ــزة بأث ــاث متع ــدد االس ــتعماالت‪.‬‬ ‫وفــي مــدن لنــدن‪ ،‬باريــس‪ ،‬أمســتردام القديمــة‬ ‫ذات الكثافــة الســكانية العاليــة‪ُ ،‬تبــاع الشــقق‬ ‫االس ــتوديو الصغي ــرة ج ــدا بأس ــعار مرتفع ــة‬ ‫للغاي ــة‪ .‬يس ــتغل كل مت ــر مرب ــع بأق�ص ــى كف ــاءة؛‬ ‫ُ‬ ‫و تســتعمل حلــول تصميــم مبتكــرة مثــل األســرة‬ ‫القابل ــة للط ــي‪ ،‬واألث ــاث متع ــدد الوظائ ــف‪،‬‬ ‫والتخزي ــن املخف ــي لتحقي ــق أق�ص ــى اس ــتفادة‬ ‫م ــن املس ــاحة املح ــدودة‪.‬‬ ‫الخالص ــة‪ ،‬ان بن ــاء البي ــوت ف ــي مس ــاحات‬ ‫صغي ــرة أو صغي ــرة ج ــدا ه ــو واق ــع عالم ــي‬

‫تفرضــه الظــروف االقتصاديــة والديموغرافيــة‬ ‫والتغي ـرات ف ــي نم ــط الحي ــاة‪.‬‬ ‫وف ــي حي ــن تك ــون ف ــي الع ـراق مدفوع ــة بش ــكل‬ ‫أسا�س ــي بالضغ ــط الس ــكاني وارتف ــاع األس ــعار‬ ‫ونق ــص التخطي ــط‪ ،‬فإنه ــا ف ــي دول أخ ــرى‬ ‫ق ــد تك ــون أيض ــا خي ــارا واعي ــا ألس ــلوب حي ــاة‬ ‫مســتدام أو للوصول إلى مراكز املدن النابضة‬ ‫بالحي ــاة؛ االخت ــاف الرئي ــس ق ــد يكم ــن ف ــي‬ ‫ج ــودة التصمي ــم والتخطي ــط الحض ــري الع ــام‬ ‫ال ــذي يراف ــق ه ــذا النم ــط م ــن البن ــاء‪.‬‬

‫« نمط بناء البيوت في‬ ‫مساحات صغيرة أو‬ ‫صغيرة جدا هو إجراء‬ ‫معمول به بشكل واسع‬ ‫في كثير من دول العالم‪،‬‬ ‫بل إنه أصبح اتجاها‬ ‫عالميا متزايدا‪ ،‬بخاصة‬ ‫في المدن الكبرى ذات‬ ‫الكثافة السكانية‬ ‫العالية وارتفاع أسعار‬ ‫العقارات»‪.‬‬

‫« بناء البيوت في‬ ‫مساحات صغيرة‬ ‫أو صغيرة جدا هو‬ ‫واقع عالمي تفرضه‬ ‫الظروف االقتصادية‬ ‫والديموغرافية‬ ‫والتغيرات في نمط‬ ‫الحياة »‪.‬‬

‫‪86‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫أزمة السكن في العراق‪..‬‬

‫‪ 3‬ماليني وحدة ناقصة‬

‫و‪ %65‬من المشاريع متعرثة‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫يواجــه العــراق تفاقمـاً فــي الفجــوة الســكنية نتيجــة زيــادة النفــوس‪ ،‬وتوســع‬ ‫النـــزوح مـــن الريـــف إلـــى المـــدن‪ ،‬باإلضافـــة إلـــى بـــطء تنفيـــذ المشـــاريع‬ ‫اإلســكانية‪ ،‬رغــم تأكيــد الحكومــة علــى أن هــذا الملــف يمثــل أولويــة قصــوى‬ ‫لتأمي ــن حي ــاة كريم ــة وس ــكن مناس ــب لجمي ــع العراقيي ــن‪.‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪2025‬‬

‫‪87‬‬

‫ويؤك ــد مختص ــون أن العج ــز الس ــكني ف ــي‬ ‫الع ـراق يتج ــاوز الثالث ــة ماليي ــن وح ــدة س ــكنية‬ ‫حت ــى نهاي ــة ‪ ،2024‬فيم ــا ُتظه ــر تقاري ــر دي ــوان‬ ‫الرقابــة املاليــة لســنة ‪ 2023‬أن نحــو ‪ 65%‬مــن‬ ‫املش ــاريع الحكومي ــة متعث ــرة‪ ،‬باملقاب ــل هن ــاك‬ ‫ـنويا‪ ،‬م ــا‬ ‫مع ــدل نم ــو س ــكاني عن ــد ‪ 2.6%‬س ـ ً‬ ‫ـنويا‪.‬‬ ‫يتطل ــب إنت ــاج ‪ 250‬أل ــف وح ــدة س ـ ً‬ ‫ويعي ــش الكثي ــر م ــن العراقيي ــن خيب ــة أم ــل‬ ‫متك ــررة ج ـراء تفاق ــم أزم ــة الس ــكن كم ــا ه ــو‬ ‫الح ــال م ــع املواطن ــة أم علي ــاء‪ ،‬القاطن ــة ف ــي‬ ‫العاصمــة بغــداد‪ ،‬بعــد أن اصطدمــت أحالمهــا‬ ‫بامت ــاك من ــزل بعقب ــات اقتصادي ــة وإداري ــة‪،‬‬ ‫أبرزهــا ارتفــاع أســعار العقــارات وتعثــر املشــاريع‬ ‫االس ــتثمارية الس ــكنية‪.‬‬ ‫وتقــول الســيدة ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬إنهــا كانــت تأمــل‬ ‫بالحص ــول عل ــى وح ــدة س ــكنية ضم ــن أح ــد‬ ‫املش ــاريع الت ــي ُأعلن ــت قب ــل س ــنوات‪ ،‬إال أن‬ ‫املش ــروع انته ــى ف ــي نهاي ــة املط ــاف إل ــى مس ــتثمر‬ ‫خــاص‪ ،‬ولــم ُتخصــص فيــه أي حصــة حقيقيــة‬ ‫للمواطني ــن ذوي الدخ ــل املح ــدود‪.‬‬ ‫وتوض ــح‪ ،‬أن "أس ــعار األرا�ض ــي أصبح ــت‬ ‫خيالي ــة‪ ،‬وحت ــى إن حصلن ــا عل ــى قطع ــة أرض‪،‬‬ ‫فتكلف ــة البن ــاء تف ــوق إمكانياتن ــا‪ .‬رات ــب زوج ــي‬ ‫بال ــكاد يكف ــي لس ــداد اإليج ــار ومصاري ــف‬ ‫الحي ــاة اليومي ــة"‪.‬‬ ‫يأتــي هــذا فــي وقــت يؤكــد املتحــدث باســم وزارة‬ ‫التخطي ــط العراقي ــة‪ ،‬عب ــد الزه ــرة الهن ــداوي‪،‬‬ ‫أن "الس ــكن يمث ــل أولوي ــة قص ــوى ضم ــن‬ ‫توجه ــات وخط ــط الحكوم ــة لتأمي ــن س ــكن‬ ‫كري ــم ل ــكل العراقيي ــن‪ ،‬وه ــذه األهمي ــة تمثل ــت‬ ‫بوج ــود الكثي ــر م ــن مش ــاريع الس ــكن"‪.‬‬ ‫وم ــن ه ــذه املش ــاريع‪ ،‬يضي ــف الهن ــداوي ملجل ــة‬ ‫«فيل ــي»‪ ،‬أن "منه ــا خط ــة التنمي ــة الخمس ــية‬ ‫(‪ 2024‬و‪ )2028‬الت ــي أعط ــت مس ــاحة ليس ــت‬ ‫بالقليل ــة للس ــكن‪ ،‬فض ـ ًـا ع ــن الخط ــط الت ــي‬ ‫قي ــد التنفي ــذ"‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ويوض ــح الهن ــداو ‪" ،‬إذ هن ــاك ‪ 16‬مدين ــة‬ ‫ســكنية بعضهــا بــدأ العمــل بهــا واآلخــر فــي طــور‬ ‫اإلع ــداد واس ــتكمال املتطلب ــات األخ ــرى"‪.‬‬

‫‪88‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫أزمة السكن في العراق‪..‬‬ ‫ويس ــتدرك قائ ـ ًـا‪" ،‬لك ــن هن ــاك مش ــكلة‬ ‫العش ــوائيات الت ــي ال ت ـزال تمث ــل ثق ـ ًـا عل ــى‬ ‫املش ــهد العراق ــي‪ ،‬حي ــث يس ــكن ف ــي ه ــذه‬ ‫العش ــوائيات نح ــو أربع ــة ماليي ــن عراق ــي"‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫حم ــل عض ــو لجن ــة االس ــتثمار‬ ‫م ــن جهت ــه‪ ،‬ي ّ‬ ‫والتنمي ــة النيابي ــة‪ ،‬ضي ــاء هن ــدي الحس ــناوي‪،‬‬ ‫س ــبب الفج ــوة الس ــكنية املتزاي ــدة ف ــي الع ـراق‬ ‫إل ــى "التباط ــؤ ف ــي تنفي ــذ املش ــاريع اإلس ــكانية‪،‬‬ ‫رغ ــم الخط ــط الحكومي ــة املعلن ــة"‪ ،‬مش ــي ًرا‬ ‫إل ــى أن "الوع ــود الكثي ــرة الت ــي ُقدم ــت خ ــال‬ ‫الس ــنوات املاضي ــة دون نتائ ــج ملموس ــة‪،‬‬ ‫أس ــهمت ف ــي فق ــدان املواط ــن لثقت ــه بجدي ــة‬ ‫ه ــذه املش ــاريع"‪.‬‬

‫ويؤك ــد الحس ــناوي ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "هن ــاك‬ ‫حاج ــة إل ــى معالج ــة جذري ــة للبيروقراطي ــة‬ ‫واإلج ـراءات املعق ــدة الت ــي تعرق ــل تنفي ــذ‬ ‫املجمعــات الســكنية‪ ،‬خصوصـ ًـا فــي املحافظــات‬ ‫الت ــي تعان ــي م ــن ضغ ــط س ــكاني متن ــام"‪ ،‬مبين ـ ًـا‬ ‫أن "الح ــق ف ــي الس ــكن الالئ ــق يج ــب ٍأن يك ــون‬ ‫أولوي ــة ضم ــن السياس ــات الوطني ــة‪ ،‬ال س ــيما‬ ‫م ــع تزاي ــد أع ــداد الس ــكان وارتف ــاع كل ــف‬ ‫اإليج ــارات"‪.‬‬ ‫ب ــدوره‪ ،‬يرج ــع الخبي ــر االقتص ــادي‪ ،‬كري ــم‬ ‫الحل ــو‪ ،‬أزم ــة الس ــكن لع ــدة أس ــباب "أوله ــا‬ ‫ـنويا‪،‬‬ ‫الزيــادة فــي الســكان وهــي مليــون نســمة سـ ً‬ ‫والثان ــي توس ــع الن ــزوح م ــن الري ــف إل ــى امل ــدن‬

‫نتيج ــة تده ــور الوض ــع الزراع ــي وغي ــاب ف ــرص‬ ‫ـوال‬ ‫العم ــل‪ ،‬والثال ــث ع ــدم وض ــع الحكوم ــة حل ـ ً‬ ‫لألزم ــة"‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وع ــن دور املجمع ــات الس ــكنية‪ ،‬ين ــوه الحل ــو‬ ‫خ ــال حديث ــه ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إل ــى أن "ه ــذه‬ ‫املجمعــات كان مــن املفتــرض أنــت تكــون ملــن ال‬ ‫ـكنا حص ـ ًرا‪ ،‬لك ــن دخ ــل إليه ــا غس ــيل‬ ‫يمل ــك س ـ ً‬ ‫األمــوال والتجــار الفاســدين وبالتالــي تــم ش ـراء‬ ‫العش ـرات م ــن الوح ــدات الس ــكنية وم ــن ث ــم‬ ‫بيعه ــا بأس ــعار مرتفع ــة"‪.‬‬ ‫وبن ـ ًـاء عل ــى ذل ــك‪ ،‬يش ــدد الحل ــو عل ــى ض ــرورة‬ ‫فعال ــة ملعالج ــة‬ ‫ـوال ّ‬ ‫أن "تض ــع الحكوم ــة حل ـ ً‬ ‫هــذه األزمــة‪ ،‬منهــا بنــاء مجمعــات تشــمل جميــع‬

‫الفئ ــات (الفقي ــرة واملتوس ــطة والعلي ــا)‪ ،‬وبن ــاء‬ ‫مجمع ــات س ــكنية للبي ــع ولإليج ــار‪ ،‬وحص ــر‬ ‫ـكنا فق ــط‪ ،‬إل ــى جان ــب‬ ‫البي ــع مل ــن ال يمل ــك س ـ ً‬ ‫معالجــة أســباب النــزوح مــن الريــف إلــى املــدن"‪.‬‬ ‫مــن جانبــه‪ ،‬يشــير الخبيــر االقتصــادي‪ ،‬أحمــد‬ ‫عب ــد رب ــه‪ ،‬إل ــى أن "العج ــز الس ــكني ف ــي الع ـراق‬ ‫متراك ــم‪ ،‬ويتج ــاوز ‪ 3‬ماليي ــن وح ــدة س ــكنية‬ ‫حت ــى نهاي ــة ‪ ،2024‬فيم ــا ُتظه ــر تقاري ــر دي ــوان‬ ‫الرقاب ــة املالي ــة لس ــنة ‪ 2023‬أن نح ــو ‪65%‬‬ ‫م ــن املش ــاريع الحكومي ــة متعث ــرة‪ ،‬بينم ــا ال‬ ‫تتج ــاوز مس ــاهمة القط ــاع الخ ــاص نس ــبة‬ ‫‪ 15%‬م ــن حج ــم مش ــاريع اإلس ــكان بس ــبب‬ ‫غيــاب الضمانــات‪ ،‬باملقابــل هنــاك معــدل نمــو‬

‫ـنويا‪ ،‬م ــا يتطل ــب إنت ــاج‬ ‫س ــكاني عن ــد ‪ 2.6%‬س ـ ً‬ ‫ـنويا"‪.‬‬ ‫ُ‪ 250‬أل ــف وح ــدة س ـ ً‬ ‫لخــص عبــد ربــه خــال حديثــه ملجلــة «فيلي»‪،‬‬ ‫وي ّ‬ ‫أس ــباب املش ــكلة "ف ــي تع ــدد جه ــات املوافق ــة‬ ‫والتقاط ــع املؤس�س ــي بي ــن ‪ 12‬جه ــة رقابي ــة ف ــي‬ ‫املش ــروع الواح ــد‪ ،‬م ــع غي ــاب قان ــون موح ــد‬ ‫لتنظي ــم التخصيص ــات العقاري ــة واإلعف ــاءات‬ ‫للمس ــتثمرين ف ــي ظ ــل غي ــاب النظ ــام املصرف ــي‬ ‫املحف ــز للتموي ــل العق ــاري طوي ــل األج ــل‪ ،‬كم ــا‬ ‫أن ضع ــف البن ــى التحتي ــة ف ــي األط ـراف وامل ــدن‬ ‫الثانويــة يقلــل الجــدوى االســتثمارية للمشــاريع‬ ‫الجدي ــدة"‪.‬‬ ‫ولتج ــاوز األزم ــة‪ ،‬يقت ــرح عب ــد رب ــه "هيكل ــة‬ ‫مؤسســة اإلســكان ضمــن (هيئــة وطنيــة عليــا)‬ ‫بصالحي ــات تنفيذي ــة‪ ،‬وتوحي ــد إج ـراءات من ــح‬ ‫إج ــازات االس ــتثمار خ ــال س ــتة أش ــهر‪ ،‬م ــع‬ ‫إص ــدار (س ــندات إس ــكانية وطني ــة) بعائ ــد‬ ‫مضم ــون ‪ 7%‬للمواطني ــن واملغتربي ــن‪ ،‬إضاف ــة‬ ‫إل ــى إط ــاق (ضمان ــات حكومي ــة) لتش ــجيع‬ ‫املص ــارف عل ــى التموي ــل العق ــاري بفوائ ــد‬ ‫َّ‬ ‫ميس ــرة‪ ،‬م ــع إعف ــاءات ضريبي ــة وجمركي ــة‬ ‫للمطوري ــن العقاريي ــن الذي ــن يلتزم ــون بس ــقف‬ ‫س ــعري مح ــدد"‪.‬‬ ‫ويضي ــف "كم ــا يج ــب التوس ــع ف ــي تخصي ــص‬ ‫اض حكومي ــة مملوك ــة للدول ــة إلنش ــاء‬ ‫أر ٍ‬ ‫مش ــاريع س ــكنية بش ـراكات اس ــتثمارية‪،‬‬ ‫وتفعي ــل صن ــدوق اإلس ــكان الس ــيادي بتموي ــل‬ ‫س ــنوي م ــن فائ ــض النف ــط بنس ــبة ‪،20%‬‬ ‫إل ــى جان ــب إط ــاق مب ــادرة (س ــكن للمهنيي ــن)‬ ‫تش ــمل املعلمي ــن واألطب ــاء واملهندس ــين بنظ ــام‬ ‫ميس ــر‪ ،‬ودم ــج مخصص ــات البلدي ــات‬ ‫تمل ــك ّ‬ ‫واإلس ــكان واملجال ــس املحلي ــة ضم ــن صن ــدوق‬ ‫تنمي ــة حضري ــة موح ــد"‪.‬‬ ‫ل‬ ‫وخل ــص عب ــد رب ــه ف ــي نهاي ــة حديث ــه إل ــى الق ــو ‪،‬‬ ‫إن "أزم ــة الس ــكن ليس ــت خل ـ ًـا ف ــي األرق ــام‬ ‫فق ــط‪ ،‬ب ــل ترجم ــة مباش ــرة لغي ــاب العدال ــة‬ ‫ف ــي توزي ــع الف ــرص‪ ،‬املطل ــوب إرادة سياس ــية‬ ‫قويــة وإدارة تنفيذيــة موحــدة ومســار تشــريعي‬ ‫داع ــم‪ ،‬فمس ــتقبل الش ــباب ف ــي الع ـراق مه ــدد‬ ‫م ــا ل ــم يعتم ــد ح ــل ج ــذري له ــذا املل ــف"‪.‬‬ ‫ُ‬

‫" هناك مشكلة‬ ‫العشوائيات التي ال‬ ‫تزال تمثل ثق ً‬ ‫ال على‬ ‫المشهد العراقي‪،‬‬ ‫حيث يسكن في هذه‬ ‫العشوائيات نحو‬ ‫أربعة ماليين عراقي"‪.‬‬

‫" ال تتجاوز مساهمة‬ ‫القطاع الخاص‬ ‫نسبة ‪ 15%‬من حجم‬ ‫مشاريع اإلسكان‬ ‫بسبب غياب‬ ‫الضمانات‪ ،‬بالمقابل‬ ‫هناك معدل نمو‬ ‫سكاني عند ‪2.6%‬‬ ‫سنوي ًا‪ ،‬ما يتطلب‬ ‫إنتاج ‪ 250‬ألف وحدة‬ ‫سنوي ًا "‪.‬‬

‫‪89‬‬

‫‪90‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫ف ــي كل م ــرة تنخف ــض فيه ــا قيم ــة الدين ــارالعراق ــي مقاب ــل ال ــدوالراألميركــي‬ ‫يواجه العر اقيون ارتفاعا في أســعارالســلع والخدمات؛ غيران االســعار‬ ‫ال تنخفــض إذا حــدث العكــس؛ بمعنــى أن قيمــة الدينــارأمــام الــدوالرتشــهد‬ ‫منــذ مــدة ارتفاعــا فــي الســوق املوازيــة‪ ،‬بحيــث انخفــض ســعر‪ ١‬دوالرأمير ـكـي‬ ‫الــى ‪ ١٣٩٠‬دينــارعراقــي فــي احيــان كثيــرة بعــد أن كان يتجــاوز‪ ١٥٠٠‬ومــع هــذا لــم‬ ‫تشــهد االســواق انخفاضــا فــي االســعار‪ ،‬فلمــاذا بقيــت االســعارفــي الســوق علــى‬ ‫حالهــا ولــم تنخفــض برغــم االنخفــاض امللحــوظ فــي ســعرالــدوالر؟‬

‫مفارقة الدينار العراقي‪:‬‬

‫قوة وهمية‬

‫وأسعار ال تزنل‬

‫ب ـرأي املتخصصي ــن والدراس ــات االقتصادي ــة‪،‬‬ ‫ف ــان االم ــر يعك ــس ظاه ــرة اقتصادي ــة ش ــائعة‬ ‫تع ــرف باس ــم "جم ــود األس ــعار" أو "التص ــاق‬ ‫األس ــعار إل ــى األس ــفل"‪ ،‬بمعن ــى ان‪ ،‬األس ــعار‬ ‫تمي ــل إل ــى االرتف ــاع بس ــهولة عندم ــا ترتف ــع‬ ‫التكالي ــف (مث ــل انخف ــاض قيم ــة العمل ــة‬ ‫املحليــة)‪ ،‬ولكنهــا ال تنخفــض بالســهولة نفســها‬ ‫عندمــا تنخفــض التكاليــف (مثــل تحســن قيمــة‬ ‫العمل ــة املحلي ــة)‪.‬‬ ‫ويرج ــع ذل ــك ال ــى ع ــدة أس ــباب تفس ــر ه ــذه‬ ‫الظاه ــرة ف ــي الع ـراق وف ــي عدي ــد االقتص ــادات‬ ‫الت ــي تعتم ــد بش ــكل كبي ــر عل ــى االس ــتيراد‪ ،‬منه ــا‬ ‫تكالي ــف املخ ــزون واالس ــتيراد؛ ويتمث ــل ذل ــك‬ ‫باملخــزون الحالــي‪ ،‬اذ ان التجــار لديهــم مخــزون‬ ‫م ــن الس ــلع الت ــي ج ــرى اس ــتيرادها عندم ــا كان‬

‫س ــعر ال ــدوالر أعل ــى‪.‬‬ ‫و لتجن ــب الخس ــارة‪ ،‬يفضل ــون بي ــع ه ــذا‬ ‫املخ ــزون باألس ــعار الت ــي تغط ــي تكاليفه ــم‬ ‫األصلي ــة‪ ،‬يس ــتغرق األم ــر بع ــض الوق ــت حت ــى‬ ‫يجــري اســتنفاد هــذا املخــزون ويبــدأ التجــار فــي‬ ‫اس ــتيراد س ــلع جدي ــدة بأس ــعار ص ــرف أفض ــل؛‬ ‫كم ــا ان عملي ــات االس ــتيراد و م ــا يس ــمى‬ ‫"سالس ــل اإلم ــداد" ف ــي العملي ــات التجاري ــة‬ ‫ليس ــت فوري ــة‪ ،‬وق ــد تس ــتغرق الس ــلع أس ــابيع‬ ‫أو حت ــى أش ــهر للوص ــول م ــن بل ــد املنش ــأ إل ــى‬ ‫األســواق العراقيــة‪ ،‬ممــا يعنــي أن تأثيــر تحســن‬ ‫س ــعر الص ــرف ق ــد يس ــتغرق وقت ــا ليظه ــر عل ــى‬ ‫الس ــلع املس ــتوردة‪.‬‬ ‫وهن ــاك عام ــل رئي ــس آخ ــر ايض ــا ي ــؤدي ال ــى‬ ‫بق ــاء س ــعر الس ــلعة وع ــدم انخفاضه ــا برغ ــم‬

‫ارتف ــاع قيم ــة العمل ــة املحلي ــة قياس ــا بال ــدوالر‬ ‫وهــذا العامــل يتمثــل فــي جشــع التجــار وهيمنــة‬ ‫الســوق‪ ،‬ففــي بعــض الحــاالت‪ ،‬يســتغل التجــار‬ ‫فرصــة ارتفــاع الــدوالر لرفــع األســعار‪ ،‬وعندمــا‬ ‫ينخف ــض ال ــدوالر‪ ،‬ال يك ــون هن ــاك حاف ــز كاف‬ ‫له ــم لخف ــض األس ــعار‪ ،‬بخاص ــة إذا كان ــت‬ ‫له ــم س ــيطرة عل ــى الس ــوق أو غاب ــت املنافس ــة‬ ‫الش ــديدة الت ــي تدفعه ــم إل ــى ذل ــك‪.‬‬ ‫وق ــد يلج ــأ التج ــار إل ــى "تثبي ــت" األس ــعار عن ــد‬ ‫مس ــتوى معي ــن لتحقي ــق أق�ص ــى رب ــح ممك ــن‪.‬‬ ‫و إذا كان هناك توقع مستمر بارتفاع األسعار‬ ‫ف ــي املس ــتقبل بس ــبب التضخ ــم مث ــا‪ ،‬ف ــإن‬ ‫التج ــار يميل ــون إل ــى ع ــدم خف ــض أس ــعارهم‬ ‫حتــى عنــد تحســن ســعر الصــرف‪ ،‬خوفــا مــن أن‬ ‫يع ــاود ال ــدوالر االرتف ــاع م ــرة أخ ــرى ويخس ــروا‪.‬‬ ‫وتؤثــر توقعــات التضخــم علــى ســلوك املســتهلك‬ ‫أيض ــا‪ ،‬ال ــذي ق ــد يقب ــل األس ــعار املرتفع ــة‬ ‫معتق ــدا أنه ــا ل ــن تنخف ــض أو ترتف ــع أكث ــر‪،‬‬ ‫و حت ــى ل ــو انخف ــض س ــعر ال ــدوالر‪ ،‬هن ــاك‬ ‫عوام ــل تكلف ــة أخ ــرى ق ــد ال تنخف ــض أو‬ ‫ق ــد تزي ــد‪ ،‬مث ــل تكالي ــف النق ــل الداخل ــي‪،‬‬ ‫اإليج ــارات‪ ،‬أج ــور العمال ــة‪ ،‬الضرائ ــب‪،‬‬ ‫والرســوم الجمركيــة؛ هــذه التكاليــف يمكــن أن‬ ‫تح ــد م ــن ق ــدرة التج ــار عل ــى خف ــض األس ــعار‪.‬‬ ‫و ان البني ــة التحتي ــة الضعيف ــة والفس ــاد‬ ‫يضيف ــان تكالي ــف اخ ــرى عل ــى الس ــلع‬ ‫والخدم ــات‪ ،‬بغ ــض النظ ــر ع ــن س ــعر ص ــرف‬ ‫ال ــدوالر‪ ،‬كم ــا ان غي ــاب الرقاب ــة الفعال ــة م ــن‬ ‫قب ــل الجه ــات الحكومي ــة عل ــى األس ــعار يمك ــن‬ ‫أن يس ــمح للتج ــار بالحف ــاظ عل ــى األس ــعار‬ ‫مرتفع ــة حت ــى ف ــي ظ ــل تحس ــن س ــعر الص ــرف‪.‬‬ ‫وعندم ــا ترتف ــع األس ــعار بش ــكل ح ــاد بس ــبب‬ ‫انخف ــاض قيم ــة العمل ــة‪ ،‬يتأث ــر املس ــتهلكون‬ ‫واملجتمــع بهــذه الصدمــة؛ حتــى عندمــا تتحســن‬ ‫الظــروف‪ ،‬قــد تبقــى مــا تســمى "ذاكــرة األســعار‬ ‫املرتفع ــة" قائم ــة‪ ،‬مم ــا يجع ــل قب ــول األس ــعار‬ ‫املرتفع ــة أس ــهل م ــن قب ــول خفضه ــا‪.‬‬ ‫ولكــي تنخفــض أســعار الســلع مــع تحســن قيمــة‬ ‫الدينــار‪ ،‬يتطلــب األمــر‬ ‫اســتقرارا طويــل األمــد لســعر الصــرف‪ ،‬وليــس‬ ‫مج ــرد تقلب ــات مؤقت ــة‪ ،‬و زي ــادة املنافس ــة ف ــي‬ ‫الس ــوق‪ ،‬لتدف ــع التج ــار لخف ــض األس ــعار‪ ،‬و‬ ‫رقابــة حكوميــة فعالــة‪ ،‬للســيطرة علــى األســعار‬ ‫ومراقبته ــا ومن ــع االحت ــكار‪.‬‬ ‫وم ــن العوام ــل الفعال ــة دع ــم اإلنت ــاج املحل ــي‪،‬‬ ‫لتقلي ــل االعتم ــاد عل ــى االس ــتيراد وتقلي ــل تأثي ــر‬

‫‪91‬‬

‫تقلبــات ســعر الصــرف‪ ،‬و سياســات اقتصاديــة‬ ‫كلي ــة مس ــتقرة‪ ،‬لتعزي ــز الثق ــة ف ــي االقتص ــاد‬ ‫ومن ــع توقع ــات التضخ ــم‪.‬‬ ‫وباختص ــار ف ــإن عملي ــة تعدي ــل األس ــعار نح ــو‬ ‫االنخف ــاض ع ــادة م ــا تك ــون أبط ــأ وأق ــل مرون ــة‬ ‫مــن تعديلهــا لألعلــى‪ ،‬وهــذا مــا يفســر اســتمرار‬ ‫ارتف ــاع األس ــعار حت ــى م ــع التحس ــن النس ــبي ف ــي‬ ‫قيم ــة الدين ــار العراق ــي‪.‬‬ ‫ويس ــهم تعزي ــز اإلنت ــاج املحل ــي والتصني ــع‪،‬‬ ‫وتقلي ــل االس ــتيراد ف ــي الحف ــاظ عل ــى قيم ــة‬ ‫العمل ــة املحلي ــة ع ــن طري ــق زي ــادة الص ــادرات‪،‬‬ ‫وتخفي ــض الطل ــب عل ــى العم ــات األجنبي ــة‪،‬‬ ‫وتحســين امليـزان التجــاري؛ هــذا يــؤدي إلــى زيــادة‬ ‫الثقــة فــي العملــة املحليــة وزيــادة الطلــب عليهــا‪،‬‬ ‫م ــا يع ــزز قيمته ــا‪.‬‬ ‫وعندمــا يدعــم البلــد إنتاجــه املحلــي ويقلــل مــن‬ ‫اعتم ــاده عل ــى االس ــتيراد‪ ،‬فإن ــه يصب ــح ق ــادرا‬ ‫عل ــى تصدي ــر مزي ــد م ــن الس ــلع واملنتج ــات‪ ،‬و‬ ‫م ــع زي ــادة الص ــادرات وتقلي ــل االس ــتيراد‪ ،‬يق ــل‬ ‫الطلــب علــى العمــات األجنبيــة املطلوبــة لشـراء‬ ‫الســلع املســتوردة‪ ،‬ممــا يــؤدي إلــى ارتفــاع قيمــة‬ ‫العمل ــة املحلي ــة‪.‬‬ ‫ق‬ ‫وعندم ــا تتف ــو قيم ــة الص ــادرات عل ــى‬ ‫ال ــواردات‪ ،‬يتحق ــق فائ ــض تج ــاري‪ ،‬مم ــا يع ــزز‬ ‫االقتص ــاد وي ــؤدي إل ــى زي ــادة االحتياطي ــات‬ ‫األجنبي ــة للبل ــد؛ ه ــذا االس ــتقرار االقتص ــادي‬ ‫ينعك ــس إيجاب ــا عل ــى قيم ــة العمل ــة‪.‬‬ ‫و عندم ــا ي ــرى املس ــتثمرون واألس ــواق أن‬ ‫البل ــد يتمت ــع باقتص ــاد ق ــوي ومس ــتقر بفض ــل‬ ‫اإلنتــاج املحلــي والتصنيــع‪ ،‬يــزداد إقبالهــم علــى‬ ‫االس ــتثمار ف ــي ه ــذه العمل ــة‪ ،‬مم ــا يزي ــد م ــن‬ ‫الطل ــب عليه ــا ويحاف ــظ عل ــى قيمته ــا‪.‬‬ ‫وم ــع زي ــادة اإلنت ــاج املحل ــي‪ ،‬يق ــل االعتم ــاد عل ــى‬ ‫الس ــلع واملنتج ــات املس ــتوردة‪ ،‬مم ــا يقل ــل م ــن‬ ‫الضغ ــط عل ــى العمل ــة املحلي ــة ويدع ــم قيمته ــا‪.‬‬ ‫لذل ــك ف ــان تعزي ــز اإلنت ــاج املحل ــي والتصني ــع‬ ‫وتقلي ــل االس ــتيراد عوام ــل أساس ــية للحف ــاظ‬ ‫عل ــى قيم ــة العمل ــة املحلي ــة وتعزي ــز االقتص ــاد‬ ‫الوطنــي؛ وهــو مــا يجــب ان تعمــل عليه الحكومة‬ ‫بتش ــغيل املصان ــع املتوقف ــة وانش ــاء مصان ــع‬ ‫جدي ــدة تنت ــج جمي ــع متطلب ــات االس ــتهالك‬ ‫املحل ــي م ــع امكاني ــة تصدي ــر الفائ ــض‪ ،‬وكذل ــك‬ ‫تنش ــيط االنت ــاج الزراع ــي للوص ــول بالس ــوق‬ ‫املحليــة الــى االكتفــاء الذاتــي‪ ،‬فتنتفــي الحاجــة‬ ‫ال ــى العمل ــة االجنبي ــة الس ــتيراد املنتج ــات‬ ‫الزراعي ــة‪.‬‬

‫‪92‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫غائبة رغم شح المياه‪..‬‬

‫هل باتت الزراعة العمودية رضورة للعراق؟‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬

‫تع ــد الزراع ــة العمودي ــة الت ــي كان ــت يوم ـ ًـا ضرب ـ ًـا م ــن الخي ــال‪ ،‬إح ــدى مي ــزات الث ــورة‬ ‫التكنولوجيــة فــي بعــض البلــدان‪ ،‬ومنهــا املجــاورة للعــراق‪ ،‬وفــي ظــل مــا يتعــرض لــه البلــد مــن‬ ‫عواصــف وأزمــة تغيــرمناخــي وشــح امليــاه‪ ،‬بــرزت الحاجــة الضروريــة لهــذا النــوع مــن الزراعــة‪،‬‬ ‫رغــم اختــاف الــرؤى بشــأن جدواهــا‪ ،‬خاصــة فــي ظــل زراعــة محاصيــل اســتراتيجية بحاجــة‬ ‫ملس ــاحات واس ــعة‪.‬‬

‫ويقــول عضــو لجنــة الزراعــة وامليــاه النيابيــة‬ ‫ثائ ــر الجب ــوري‪ ،‬لوكال ــة مجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إن‬ ‫"تجربــة الزراعــة العموديــة اثبتــت نجاحهــا فــي‬ ‫بعــض البلــدان التــي ال تتوفــر فيهــا مســاحات‬ ‫واســعة إلنشــاء م ـزارع‪ ،‬مــا دعــا تلــك البلــدان‬ ‫ال ــى اعتم ــاد الزراع ــة العمودي ــة لع ــدد م ــن‬ ‫املحاصي ــل"‪.‬‬ ‫ويضي ــف الجب ــوري‪ ،‬أن "الزراع ــة العمودي ــة‬ ‫ف ــي الع ـراق غي ــر ناجح ــة ألن ــه يمتل ــك اراض‬ ‫زراعي ــة شاس ــعة ويعتم ــد عل ــى محاصي ــل‬ ‫اس ــتراتيجية كالحنط ــة والش ــعير والش ــلب‬ ‫وغيره ــا"‪ ،‬مبين ــا‪ ،‬ان ــه "ال يمك ــن االعتم ــاد‬ ‫عل ــى الزراع ــة العمودي ــة ف ــي املحاصي ــل‬ ‫االس ــتراتيجية"‪.‬‬ ‫ويشير إلى أن "العراق ال يفتقر الى املساحات‬

‫الزراعي ــة لكن ــه يعان ــي م ــن ش ــح املي ــاه‪ ،‬وان‬ ‫الس ــلطتين التفيذي ــة والتش ــريعية تس ــعيان‬ ‫بجــد ملعالجــة هــذه املشــكلة التــي تشــكل ازمــة‬ ‫ـابقا"‪ ،‬الفتـ ًـا الــى‬ ‫خانقــة لــم تشــهدها البــاد سـ ً‬ ‫"ض ــرورة تضاف ــر الجه ــود وتدخ ــل املجتم ــع‬ ‫الدول ــي ملعالج ــة ه ــذه االزم ــة"‪.‬‬ ‫ويص ــف خب ـراء الزراع ــة العمودي ــة‪ ،‬بأنه ــا‬

‫ليســت تقليديــة النهــا ال تعتمــد علــى املواســم‬ ‫والتحت ــاج ال ــى التدخ ــل البش ــري ب ــل تعتم ــد‬ ‫تكنولوجيــا ذكيــة‪ ،‬ويتــم اســتخدام ميــاه اقــل‬ ‫ف ــي امل ـزارع العمودي ــة بنس ــبة تص ــل إل ــى ‪90%‬‬ ‫ع ــن امل ـزارع االعتيادي ــة‪.‬‬ ‫وتعرضــت بعــض دول الجــوار إلــى التصحــر‪،‬‬ ‫ـودا ف ــي مقاوم ــة التغي ـرات‬ ‫بي ــد أنه ــا بذل ــت جه ـ ً‬

‫‪93‬‬

‫‪94‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫‪95‬‬

‫هل باتت الزراعة العمودية ضرورة للعراق؟‬ ‫بي ــد أن تجرب ــة ه ــذا االبت ــكار ف ــي الع ـراق م ــا‬ ‫زال ــت مح ــدودة للغاي ــة‪ ،‬ووف ــق وكي ــل وزارة‬ ‫الزراعــة مهــدي ضمــد القي�ســي‪ ،‬فــإن "الزراعــة‬ ‫العمودي ــة تع ــد م ــن التقني ــات املهم ــة لزي ــادة‬ ‫االنتــاج فــي وحــدة املســاحة ويترتــب علــى هــذه‬ ‫الزراع ــة قل ــة ف ــي اس ــتهالك املي ــاه"‪.‬‬ ‫ويضيــف لوكالــة مجلــة «فيلــي»‪ ،‬أن "الع ـراق‬ ‫بــدأ بدايــة موفقــة بتجربــة الزراعــة العموديــة‬ ‫باســتخدام التقنيــات الليزريــة والــري بالــرش‪،‬‬ ‫وهــي مــن مقومــات هــذا النــوع مــن الزراعــة"‪،‬‬

‫املناخي ــة م ــن خ ــال تقوي ــة الغط ــاء النبات ــي‬ ‫واس ــتغالل األرا�ض ــي الصحراوي ــة بإقام ــة‬ ‫مش ــاريع عمالق ــة كم ــا ح ــدث ف ــي إي ـران‬ ‫واإلم ــارات والس ــعودية‪ ،‬وجميعه ــا تض ــم‬ ‫اض صحراوي ــة واس ــعة ت ــم اس ــتغاللها‬ ‫أر ٍ‬ ‫بمش ــاريع زراعي ــة وصناعي ــة‪.‬‬ ‫ووفق خبراء‪ ،‬فإن الســدود التركية واإليرانية‬ ‫خفض ــت نس ــبة املي ــاه ال ــواردة إل ــى نه ــري‬ ‫دجل ــة والف ـرات ف ــي الع ـراق إل ــى ‪ 20‬باملئ ــة‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫اض واس ــعة ف ــي الع ـراق‬ ‫وه ــو م ــا ع ــرض أر ٍ‬ ‫إل ــى التصح ــر‪ ،‬دون أن تب ــرم الحكوم ــة عل ــى‬ ‫م ــدى الس ــنوات الس ــابقة اتفاق ــات رس ــمية‬ ‫مــع هذيــن البلديــن لزيــادة اإلطالقــات املائيــة‬ ‫ملعالج ــة الجف ــاف‪.‬‬

‫م ــن جانب ــه‪ ،‬يبي ــن الخبي ــر الزراع ــي تحس ــين‬ ‫املوس ــوي‪ ،‬أن "الزراع ــة العمودي ــة ليس ــت‬ ‫صعب ــة‪ ،‬وان الدنم ــارك كان ــت م ــن اوائ ــل‬ ‫ال ــدول االوربي ــة الت ــي اس ــتخدمتها ونجح ــت‬ ‫به ــا"‪.‬‬ ‫ويش ــير املوس ــوي‪ ،‬لوكال ــة مجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن‬ ‫"الزراعــة العموديــة ال تقتصــر علــى النباتــات‬ ‫وحســب‪ ،‬بــل يمكــن اســتزراع بحي ـرات ســمك‬ ‫مغلق ــة ايض ـ ًـا‪ ،‬وذل ــك يعتم ــد عل ــى التنمي ــة‬ ‫املس ــتدامة والبن ــى التحتي ــة ف ــي البل ــدان"‪،‬‬ ‫منوه ــا إل ــى أن "القائمي ــن عل ــى مل ــف املي ــاه‬ ‫والزراعــة فــي العـراق ال يمتلكــون ارادة للقيــام‬ ‫به ــذا املش ــروع"‪.‬‬ ‫ويؤك ــد‪ ،‬أن "الزراع ــة العمودي ــة تحت ــاج‬

‫ال ــى الخب ــرة وتدري ــب الك ــوادر م ــن خ ــال‬ ‫اس ــتقدام خب ـرات عاملي ــة لتدري ــب الفالحي ــن‬ ‫واملس ــتثمرين"‪ ،‬الفت ــا إل ــى أن "ش ــح املي ــاه ف ــي‬ ‫الع ـراق يدع ــو الجه ــات املعني ــة للقي ــام به ــذه‬ ‫بتجربــة الزراعــة العموديــة والزراعــة املائيــة"‪.‬‬ ‫وينــوه خب ـراء الزراعــة الــى ســهولة ازالــة املــواد‬ ‫الكيميائي ــة م ــن امل ـزارع العمودي ــة املوج ــودة‬ ‫ف ــي العدي ــد م ــن البل ــدان الت ــي تس ــاعد عل ــى‬ ‫تقلي ــل االعتم ــاد عل ــى ال ــواردات ُوتقل ــل م ــن‬ ‫البصم ــة الكربوني ــة‪.‬‬ ‫ونجحــت االمــارات العربيــة فــي ملــف الزراعــة‬ ‫العمودي ــة املدعوم ــة بجه ــود حكومي ــة‪ ،‬ك ــون‬ ‫ابت ــكار ه ــذا الن ــوع م ــن الزراع ــة يتواف ــق م ــع‬ ‫الرؤي ــة االس ــتراتيجية للدول ــة‪.‬‬

‫الفعال ــة ف ــي تقلي ــل كل ــف االنت ــاج"‪.‬‬ ‫ويوض ــح أن "مل ــف املي ــاه يش ــكل تحدي ــات‬ ‫كبي ــرة دفع ــت وزارة الزراع ــة ال ــى ترش ــيد‬ ‫اســتخدام امليــاه واســتخدام الطــرق الحديثــة‬ ‫فــي الزراعــة‪ ،‬ومنهــا منظومــات الــري املدعومــة‬ ‫للمزارعي ــن م ــن قب ــل ال ــوزارة بنس ــبة ‪30‬‬ ‫باملئ ــة‪ ،‬م ــع تقس ــيط مبال ــغ املنظوم ــات مل ــدة‬ ‫عش ــر س ــنوات وذل ــك به ــدف ح ــث املزارعي ــن‬

‫الفت ـ ًـا إل ــى أن "الع ـراق لج ــأ ايض ـ ًـا ال ــى الزراع ــة‬ ‫املغط ــاة‪ ،‬إال أن انتش ــار الزراع ــة العمودي ــة‬ ‫بش ــكل واس ــع يحت ــاج ال ــى مس ــتلزمات ووع ــي‬ ‫مــن قبــل املزارعيــن"‪.‬‬ ‫ويؤك ــد ضم ــد‪ ،‬أن "وزارة الزراع ــة تدع ــم‬ ‫التطــور فــي النشــاط الزراعــي مــن خــال دائــرة‬ ‫التدري ــب واالرش ــاد الزراع ــي التاب ــع لل ــوزارة"‪،‬‬ ‫مش ــي ًرا ال ــى ان "ال ــوزارة تح ــث الفالحي ــن‬ ‫واملزارعي ــن عل ــى اعتم ــاد الزراع ــة العمودي ــة‬ ‫والزراع ــة املائي ــة الت ــي تع ــد م ــن االدوات‬

‫عل ــى اس ــتخدام ه ــذه املنظوم ــة الت ــي تقل ــل‬ ‫م ــن اس ــتهالك املي ــاه بنس ــبة تت ــرواح بي ــن ‪30‬‬ ‫ال ــى ‪ 40‬باملئ ــة"‪.‬‬ ‫وف ــي حزيران‪/‬يوني ــو املا�ض ــي‪ ،‬أعل ــن مرص ــد‬ ‫الع ـراق األخض ــر‪ ،‬أن نح ــو ‪ 40‬باملئ ــة م ــن‬ ‫أرا�ض ــي الب ــاد تعرض ــت للتصح ــر‪ ،‬فيم ــا‬ ‫تحول ــت أكث ــر م ــن ‪ 70‬باملئ ــة م ــن األرا�ض ــي‬ ‫اض غي ــر منتج ــة‪.‬‬ ‫الزراعي ــة إل ــى أر ٍ‬

‫الخبير الزراعي‬ ‫تحسين الموسوي‪:‬‬ ‫"الزراعة العمودية‬ ‫ليست صعبة‪ ،‬وان‬ ‫الدنمارك كانت من‬ ‫اوائل الدول االوربية‬ ‫التي استخدمتها‬ ‫ونجحت بها"‪.‬‬

‫" تحديات ملف المياه‬ ‫دفعت وزارة الزراعة‬ ‫الى ترشيد استخدام‬ ‫المياه واستخدام‬ ‫الطرق الحديثة‬ ‫في الزراعة‪ ،‬ومنها‬ ‫منظومات الري‬ ‫المدعومة للمزارعين‬ ‫بنسبة ‪ 30‬بالمئة‪،‬‬ ‫مع تقسيط مبالغ‬ ‫المنظومات لمدة‬ ‫عشر سنوات"‬

‫‪96‬‬

‫ســياســـــــــــــــــة‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪97 2025‬‬

‫‪POLITICS‬‬

‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬ ‫تعاني ‪ 42‬باملئة من مجموع‬ ‫مساحة العراق من‬ ‫التصحر‪ ،‬بسبب الحفاف‬ ‫والتطرف املناخي و انعدام‬ ‫التشجير‪ ،‬حتى باتت هذه‬ ‫الظاهرة تتوسع وتهدد‬ ‫البالد‪ ،‬بحسب مختصين‪.‬‬

‫التصحر يجهز على نصف العراق‬ ‫ويهدد مصير سكانه‬

‫ويؤك ــد املختص ــون‪ ،‬أن الح ــل الرئي�س ــي‬ ‫ملكافح ــة التصح ــر يكم ــن بقي ــام الحكوم ــة ب ــدور‬ ‫دبلوما�س ــي م ــع دول املنب ــع إلط ــاق الحص ــص‬ ‫املائي ــة الكافي ــة وبن ــاء الس ــدود والحف ــاظ عل ــى‬ ‫الخزي ــن االس ــتراتيجي للمي ــاه الجوفي ــة‪ ،‬فض ـ ًـا‬ ‫ع ــن اعتم ــاد إج ـراءات وتطبيق ــات ميكانيكي ــة‬ ‫وبايلوجي ــة للح ــد م ــن ه ــذه الظاه ــرة‪.‬‬ ‫ووبه ــذا الس ــياق‪ ،‬يق ــول الخبي ــر البيئ ــي‪ ،‬حي ــدر‬ ‫رش ــاد الربيع ــي‪ ،‬إن "نس ــبة األرا�ض ــي املتصح ــرة‬ ‫تبل ــغ ‪ 42‬باملئ ـة‪ ‎‬وفق ـ ًـا لبيان ــات جه ــاز اإلحص ــاء‬ ‫املرك ــزي ف ــي وزارة التخطي ــط‪ ،‬وه ــي نس ــبة كبي ــرة‬ ‫ته ــدد األرا�ض ــي األخ ــرى‪ ،‬خاص ــة ف ــي وس ــط‬ ‫وجن ــوب الب ــاد"‪.‬‬ ‫ويذك ــر الربيع ــي‪ ،‬لوكال ــة مجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن‬ ‫"نس ــبة األرا�ض ــي املتصح ــرة ف ــي الع ـراق بتزاي ــد‬ ‫مس ــتمر‪ ،‬ويمك ــن إضاف ــة األرا�ض ــي الصحراوي ــة‬ ‫البالغ ــة ‪ 15‬باملئ ــة إل ــى النس ــبة الرس ــمية"‪.‬‬ ‫ويضي ــف‪ ،‬أن "العدي ــد م ــن األرا�ض ــي تصح ــرت‬

‫بس ــبب الحف ــاف والتط ــرف املناخ ــي وانع ــدام‬ ‫التش ــجير ال ــذي يح ــد م ــن ظاه ــرة التصح ــر"‪،‬‬ ‫الفتا إلى أن "نســبة مجموع األرا�ضي الصحراوية‬ ‫ً‬ ‫واملتصحــرة تصــل إلــى نحــو ‪ 60‬باملئــة مــن مســاحة‬ ‫الب ــاد‪ ،‬أي أكث ــر م ــن نص ــف الع ـراق"‪.‬‬ ‫ويع ــزو الربيع ــي‪ ،‬أس ــباب التصح ــر إل ــى س ــببين‬ ‫رئيســيين همــا‪ ،‬طبيعــي وآخــر بشــري‪ ،‬منوهـ ًـا إلــى‬ ‫أن "الس ــبب الطبيع ــي يتلخ ــص ف ــي أن األرا�ض ــي‬ ‫العراقي ــة تض ــم مناط ــق صحراوي ــة واس ــعة ف ــي‬ ‫بادي ــة الس ــماوة والنج ــف واألنب ــار"‪.‬‬ ‫أم ــا األس ــباب البش ــرية‪ ،‬فيمك ــن تلخيصه ــا وف ــق‬ ‫الربيعــي بـ"قلــة الغطــاء النباتــي وســوء اســتخدام‬ ‫املي ــاه وش ــحتها‪ ،‬فض ـ ًـا ع ــن هج ــرة الن ــاس وت ــرك‬ ‫مهن ــة الزراع ــة وع ــدم وج ــود ح ـزام أخض ــر"‪.‬‬ ‫ويؤكــد الخبيــر البيئــي‪ ،‬أن "أكثــر مناطــق الع ـراق‬ ‫تض ــر ًرا ه ــي مناط ــق البادي ــة الجنوبي ــة وبع ــض‬ ‫مناط ــق النج ــف وكرب ــاء"‪ ،‬مبين ـ ًـا‪ ،‬أن "ه ــذه‬ ‫املناط ــق تعان ــي م ــن انع ــدام الغط ــاء النبات ــي‬

‫‪98‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫وش ــحة األنه ــر ون ــدرة األمط ــار"‪.‬‬ ‫ويش ــير إل ــى أن "الع ـراق يأت ــي باملرتب ــة الخامس ــة‬ ‫عاملي ـ ًـا م ــن حي ــث التأث ــر باملتغي ـرات املناخي ــة‪،‬‬ ‫وأن م ــا تع ــرض ل ــه خ ــال الفت ـرات الس ــابقة م ــن‬ ‫عواصــف ترابيــة أثــرت بشــكل كبيــر علــى طبيعــة‬ ‫األرض"‪.‬‬ ‫وتعرضــت بعــض دول الجــوار إلــى التصحــر‪ ،‬بيــد‬ ‫ـودا فــي مقاومــة التغيـرات املناخيــة‬ ‫أنهــا بذلــت جهـ ً‬ ‫م ــن خ ــال تقوي ــة الغط ــاء النبات ــي واس ــتغالل‬ ‫األرا�ض ــي الصحراوي ــة بإقام ــة مش ــاريع عمالق ــة‬ ‫كم ــا ح ــدث ف ــي إي ـران واإلم ــارات والس ــعودية‪،‬‬ ‫اض صحراوي ــة واس ــعة ت ــم‬ ‫وجميعه ــا تض ــم أر ٍ‬ ‫اس ــتغاللها بمش ــاريع زراعي ــة وصناعي ــة‪.‬‬ ‫ووف ــق خب ـراء‪ ،‬ف ــإن الس ــدود التركي ــة واإليراني ــة‬ ‫خفض ــت نس ــبة املي ــاه ال ــواردة إل ــى نه ــري دجل ــة‬ ‫والف ـرات ف ــي الع ـراق إل ــى ‪ 20‬باملئ ــة‪ ،‬وه ــو م ــا‬ ‫ّ‬ ‫اض واس ــعة ف ــي الع ـراق إل ــى التصح ــر‪،‬‬ ‫ع ــرض أر ٍ‬ ‫دون أن تب ــرم الحكوم ــة عل ــى م ــدى الس ــنوات‬ ‫الس ــابقة اتفاق ــات رس ــمية م ــع هذي ــن البلدي ــن‬ ‫لزي ــادة اإلطالق ــات املائي ــة ملعالج ــة الجف ــاف‪.‬‬ ‫وبهــذا الصــدد‪ ،‬يقــول مديــر عــام دائــرة الغابــات‬ ‫والتصح ــر ف ــي وزارة الزراع ــة‪ ،‬بس ــام كنع ــان‬ ‫عب ــد الجب ــار‪ ،‬إن "نس ــب التصح ــر ف ــي األرا�ض ــي‬ ‫العراقي ــة غي ــر محس ــوبة حت ــى اآلن‪ ،‬وتعم ــل‬ ‫الدائ ــرة ف ــي الوق ــت الحال ــي الحتس ــاب نس ــبة‬ ‫التصح ــر عل ــى أس ــاس التصح ــر ف ــي األرا�ض ــي‬ ‫الزراعي ــة"‪.‬‬ ‫ويضي ــف عب ــد الجب ــار‪ ،‬خ ــال حديث ــه للوكال ــة‪:‬‬ ‫"كم ــا تس ــعى دائ ــرة الغاب ــات والتصح ــر حالي ـ ًـا‬ ‫بالتع ــاون م ــع وزارات البيئ ــة وامل ــوارد املائي ــة‬ ‫والصناعــة ومركــز دراســات الصحـراء فــي جامعــة‬ ‫األنب ــار وغيره ــا لتحدي ــد نس ــب التصح ــر‪ ،‬وم ــن‬ ‫املؤم ــل أن تص ــدر اللجن ــة املش ــكلة م ــن الدائ ــرة‬ ‫توصي ــات ملعالج ــة التصح ــر"‪.‬‬ ‫وين ـ ّـوه عب ــد الجب ــار‪ ،‬إل ــى أن "التغي ـرات املناخي ــة‬ ‫والجف ــاف الناج ــم ع ــن قل ــة تس ــاقط األمط ــار‬ ‫وضع ــف اإلطالق ــات املائي ــة‪ ،‬تع ــد م ــن أب ــرز‬ ‫األس ــباب الت ــي ته ــدد الب ــاد والعدي ــد م ــن ال ــدول‬ ‫اإلقليمي ــة بالتصح ــر‪ ،‬فيم ــا أس ــهم انحس ــار‬ ‫الغط ــاء النبات ــي بزي ــادة مس ــاحة التصح ــر ف ــي‬ ‫الع ــراق"‪.‬‬ ‫ويش ــير إل ــى أن "مل ــف التصح ــر ال يخ ــص دائ ــرة‬ ‫معينــة بــل هــو مســؤولية مشــتركة بيــن عــدد مــن‬ ‫ال ــوزارات والجه ــات‪ ،‬م ــا يؤك ــد ض ــرورة وج ــود‬

‫تنس ــيق ع ـ ٍـال بي ــن جم ــع ال ــوزارات والدوائ ــر‬ ‫الحكومي ــة للس ــيطرة عل ــى التصح ــر ال ــذي يه ــدد‬ ‫الب ــاد"‪.‬‬ ‫ويوض ــح‪ ،‬أن "دائ ــرة الغاب ــات والتصح ــر تعتم ــد‬ ‫إج ـراءات وتطبيق ــات حالي ـ ًـا للح ــد م ــن ه ــذه‬ ‫الظاه ــرة‪ ،‬منه ــا تطبيق ــات ميكانيكي ــة تتلخ ــص‬ ‫بتغطي ــة طيني ــة للكثب ــان الرميلي ــة ملن ــع زحفه ــا‬ ‫وتوســعها‪ ،‬إضافــة إلــى عمــل الخنــادق والســواتر‬ ‫الترابي ــة"‪.‬‬ ‫أمــا التطبيقــات البايلوجيــة‪ ،‬يبيــن عبــد الجبــار‪،‬‬ ‫أنه ــا تتمث ــل بزراع ــة العدي ــد م ــن األش ــجار الت ــي‬ ‫تتحمــل التطــرف املناخــي والتــي تقــوم املشــاتل فــي‬ ‫املحافظ ــات بزراعته ــا"‪.‬‬ ‫وين ـ ّـوه إل ــى "وج ــود مش ــروع لتثبي ــت الكثب ــان‬ ‫الرملي ــة ف ــي محافظ ــة ذي ق ــار‪ ،‬فيم ــا ت ــم ضم ــن‬ ‫خط ــة ع ــام ‪ 2025‬إدراج مش ــروع يه ــدف إل ــى‬ ‫زراع ــة الخ ــط الس ــريع ال ــذي يرب ــط محافظ ــات‬ ‫ذي ق ــار واملثن ــى والديواني ــة بأش ــجار مقاوم ــة‬ ‫للجف ــاف والتط ــرف املناخ ــي"‪.‬‬ ‫وكان مرك ــز الرواب ــط للدراس ــات اإلس ــتراتيجية‬ ‫أش ــار ف ــي وق ــت س ــابق إل ــى أن ‪ 90‬باملئ ــة م ــن‬ ‫مس ــاحة الع ـراق تق ــع ضم ــن منطق ــة املن ــاخ‬ ‫الج ــاف وش ــبه الج ــاف‪ ،‬وأن ارتف ــاع درج ــات‬ ‫الح ـرارة ف ــي الصي ــف يص ــل أحيان ـ ًـا إل ــى أكث ــر م ــن‬ ‫‪ 50‬درج ــة مئوي ــة‪ ،‬فيم ــا تص ــل نس ــبة انخف ــاض‬ ‫األمط ــار بي ــن ‪ 15 – 5‬س ــم‪ ،‬متأث ــرة بنس ــبة‬ ‫التبخ ــر العالي ــة‪.‬‬ ‫بدوره ــا‪ ،‬توض ــح خبي ــرة البيئ ــة‪ ،‬إقب ــال لطي ــف‪،‬‬ ‫أن "اللســان امللحــي فــي محافظــة البصــرة يســبب‬ ‫التصح ــر وه ــو نات ــج ع ــن ش ــحة اإلطالق ــات‬ ‫املائي ــة‪ ،‬وأن التصح ــر ل ــم يقتص ــر عل ــى املناط ــق‬ ‫الجنوبي ــة والغربي ــة ب ــل امت ــد أيض ـ ًـا إل ــى املناط ــق‬ ‫الش ــمالية"‪.‬‬ ‫وم ــن أب ــرز عوام ــل التصح ــر ف ــي الع ـراق‪ ،‬تبي ــن‬ ‫لطي ــف‪ ،‬لوكال ــة مجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أنه ــا "الح ــروب‬ ‫واســتخدام األســلحة املحرمــة التــي رفعــت درجــة‬ ‫ح ـرارة اله ــواء‪ ،‬إضاف ــة إل ــى العش ــوائية ف ــي حف ــر‬ ‫اآلب ــار‪ ،‬والتج ــاوز عل ــى الحص ــص املائي ــة عل ــى‬ ‫نهــري دجلــة والف ـرات‪ ،‬وإنشــاء أحــواض ســمكية‬ ‫متج ــاوزة عل ــى الحص ــص املائي ــة املخصص ــة‬ ‫لألرا�ض ــي الزراعي ــة‪ ،‬وتحوي ــل جن ــس األرا�ض ــي‬ ‫الزراعي ــة إل ــى س ــكنية"‪.‬‬ ‫وتلف ــت إقب ــال‪ ،‬إل ــى أن "الح ــل الرئي�س ــي ملكافح ــة‬ ‫التصحــر يكمــن بقيــام الحكومــة بــدور دبلوما�ســي‬

‫مــع دول املنبــع إلطــاق الحصــص املائيــة الكافيــة‬ ‫وبن ــاء س ــدود تخ ــزن مي ــاه األمط ــار‪ ،‬إضاف ــة‬ ‫إل ــى الحف ــاظ عل ــى الخزي ــن االس ــتراتيجي للمي ــاه‬ ‫الجوفي ــة"‪.‬‬ ‫وف ــي حزيران‪/‬يوني ــو املا�ض ــي‪ ،‬أعل ــن مرص ــد‬ ‫الع ـراق األخضــر‪ ،‬أن نحــو ‪ 40‬باملئــة مــن أرا�ضــي‬

‫الب ــاد تعرض ــت للتصح ــر‪ ،‬فيم ــا تحول ــت أكث ــر‬ ‫اض‬ ‫م ــن ‪ 70‬باملئ ــة م ــن األرا�ض ــي الزراعي ــة إل ــى أر ٍ‬ ‫غي ــر منتج ــة‪.‬‬ ‫وبي ــن املرص ــد‪ ،‬أن محافظ ــة ذي ق ــار س ــجلت‬ ‫ّ‬ ‫أعل ــى مع ــدالت الن ــزوح املرتب ــط بالتصح ــر عل ــى‬ ‫مس ــتوى الع ـراق‪.‬‬

‫‪99‬‬

‫خبيرة البيئة إقبال لطيف‪" :‬الحل الرئيسي‬ ‫لمكافحة التصحر يكمن بقيام الحكومة بدور‬ ‫دبلوماسي مع دول المنبع إلطالق الحصص‬ ‫المائية الكافية وبناء سدود تخزن مياه األمطار‪،‬‬ ‫إضافة إلى الحفاظ على الخزين االستراتيجي‬ ‫للمياه الجوفية"‪.‬‬

‫‪100‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪101 2025‬‬

‫تراجع الدين العام‪..‬‬

‫هل يشري لنهضة اقتصادية؟‬ ‫فيلي ‪ -‬خاص ‪:‬‬

‫بــدأت الحكومــة العر اقيــة‪ ،‬بخطــوات لتقليــص الديــن الداخلــي البالــغ ‪ 85‬ترليــون دينــار‪ ،‬والخارجي‬ ‫‪ 54‬مليــاردوالر‪ ،‬عبــرخطــة تعتمــد علــى مزيــج مــن الترشــيد والســداد والهيكلــة وتوســيع اإليــرادات‪،‬‬ ‫ـدال مــن االقتــراض غيــرالفعــال‪.‬‬ ‫فيمــا يتــم التركيــزبشــكل خــاص علــى االقتــراض املنتــج فقــط بـ ً‬

‫ونتيجــة لهــذه االســتراتيجية‪ ،‬أظهــرت إحصائيــة‬ ‫للبن ــك املرك ــزي العراق ــي‪ ،‬أم ــس الخمي ــس‪،‬‬ ‫انخفــاض الديــن العــام الداخلــي فــي نهايــة شــهر‬ ‫نيس ــان‪/‬أبريل م ــن الع ــام الج ــاري ليبل ــغ ‪85‬‬ ‫ترليونـ ًـا و‪ 503‬مليــارات دينــار عراقــي‪ ،‬منخفضـ ًـا‬ ‫ع ــن ش ــهر آذار‪/‬م ــارس ال ــذي بل ــغ ‪ 85‬ترليون ـ ًـا‬ ‫و‪ 536‬ملي ــار دين ــار‪.‬‬ ‫وأش ــارت اإلحصائي ــة الرس ــمية الت ــي اطلع ــت‬ ‫عليه ــا مجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إل ــى أن "االنخف ــاض ج ــاء‬ ‫نتيج ــة تس ــديد ق ــروض املؤسس ــات املالي ــة‬ ‫لتبل ــغ ‪ 19‬ترليون ـ ًـا و‪ 119‬ملي ــار دوالر بع ــد أن‬ ‫كان ــت ‪ 19‬ترليون ـ ًـا و‪ 152‬ملي ــار دوالر"‪.‬‬ ‫وأوضح ــت‪ ،‬أن "الدي ــون املتبقي ــة ه ــي بذم ــة‬ ‫وزارة املاليــة البالغــة ‪ 756‬مليــار دينــار‪ ،‬وديــون‬ ‫الح ــواالت الخزين ــة ل ــدى البن ــك املرك ــزي‬ ‫واملص ــارف التجاري ــة البالغ ــة ‪ 51‬ترليون ـ ًـا و‪30‬‬ ‫ملي ــار دين ــار‪ ،‬إضاف ــة إل ــى ح ــواالت خزين ــة‬ ‫عل ــى حس ــاب وزارة املالي ــة بمق ــدار ترليوني ــن‪،‬‬ ‫و‪ 30‬ملي ــار دين ــار‪ ،‬ودي ــون األج ــل الوطني ــة‬ ‫مس ــتحقات الفالحي ــن بمق ــدار ‪ 12‬ترليون ـ ًـا‬ ‫و‪ 568‬ملي ــار دوالر"‪.‬‬ ‫أمــا الديــون الخارجيــة‪ ،‬فقــد كشــفت إحصائيــة‬ ‫رســمية للبنــك املركــزي العراقــي فــي ‪ 14‬حزيـران‪/‬‬ ‫يوني ــو املا�ض ــي‪ ،‬اطلع ــت عليه ــا مجل ــة «فيل ــي»‪،‬‬ ‫أن حج ــم الدي ــون املترتب ــة عل ــى الع ـراق ف ــي‬ ‫الع ــام ‪ 2024‬بلغ ــت ‪ 54‬ملي ــا ًرا و‪ 601‬ملي ــون‬ ‫دوالر‪ ،‬منخفضــة بنســبة ‪ % 2.94‬مقارنــة بعــام‬ ‫‪ ،2023‬الت ــي بلغ ــت الدي ــون فيه ــا ‪ 56‬ملي ــا ًرا‬ ‫و‪ 207‬ماليي ــن دوالر‪.‬‬ ‫ويوض ــح مختص ــون بالش ــأن املال ــي‬ ‫واالقتص ــادي‪ ،‬أن الدي ــون الخارجي ــة الواجب ــة‬ ‫الدفــع خــال الســنوات األربــع املقبلــة هــي بنحــو‬ ‫‪ 9‬مليــارات دوالر‪ ،‬وهنــاك ديــون خارجيــة بمبلــغ‬ ‫مماث ــل تمت ــد لس ــنوات أط ــول تخ ــص قروض ـ ًـا‬ ‫طويل ــة األج ــل م ــن صنادي ــق دولي ــة إلعم ــار‬ ‫املناط ــق املح ــررة بالغال ــب‪.‬‬ ‫وأكــد املختصــون‪ ،‬أن نســبة الديــن الخارجــي إلــى‬ ‫الناتــج املحلــي اإلجمالــي هــو فــي النطــاق اآلمــن ال‬ ‫يتع ــدى ‪ 8%‬م ــن النات ــج املحل ــي اإلجمال ــي‪ ،‬مم ــا‬ ‫يجع ــل الع ـراق ضم ــن التصني ــف االئتمان ــي‬ ‫العالم ــي املري ــح والقلي ــل املخاط ــر‪.‬‬

‫ويش ــير املختص ــون‪ ،‬إل ــى أن الع ـراق يمتل ــك‬ ‫مــوارد متنوعــة يمكــن اســتثمارها بشــكل يــؤدي‬ ‫إل ــى تصفي ــر ه ــذه الدي ــون‪ ،‬مم ــا يس ــاهم ف ــي‬ ‫تعظي ــم الثق ــة ف ــي االقتص ــاد الوطن ــي وتحس ــين‬ ‫نظ ــرة البيئ ــة االس ــتثمارية الدولي ــة لالقتص ــاد‬ ‫العراق ــي‪.‬‬ ‫ويوض ــح املختص ــون‪ ،‬أن ــه كلم ــا تقلل ــت‬ ‫أعب ــاء الفوائ ــد وتصف ــرت الدي ــون الداخلي ــة‬ ‫والخارجي ــة كلم ــا اطم ــأن املس ــتثمرون‬ ‫ب ــأن الع ـراق ق ــادر عل ــى تغطي ــة تكالي ــف‬ ‫االس ــتثمار‪ ،‬وأن اعط ــاء العوائ ــد املناس ــبة‬ ‫لتلــك االســتثمارات ســيقود بــا شــك إلــى تنويــع‬ ‫مص ــادر االقتص ــاد الوطن ــي‪ ،‬خاص ــة وأن‬ ‫هن ــاك حاج ــة إل ــى أل ــف مش ــروع اس ــتراتيجي ف ــي‬ ‫قطاع ــات الغ ــذاء والطاق ــة والنق ــل وغيره ــا‪.‬‬ ‫"التعزيز املالي"‬ ‫وفــي التفاصيــل‪ ،‬يقــول مستشــار رئيــس الــوزراء‬ ‫للش ــؤون املالي ــة‪ ،‬مظه ــر محم ــد صال ــح‪ ،‬إن‬ ‫"متالزمــة انخفــاض معــدالت نمــو الديــن العــام‬ ‫أو الحكوم ــي م ــع انخف ــاض النم ــو ف ــي العج ــز‬ ‫ـدا‬ ‫الســنوي فــي املوازنــة يعــد اتجاهـ ًـا يشــكل واحـ ً‬ ‫م ــن مقوم ــات نج ــاح ومتان ــة السياس ــة املالي ــة‬ ‫للب ــاد ويطل ــق علي ــه بـ(التعزي ــز املال ــي)"‪.‬‬ ‫"وه ــو ه ــدف جوه ــري م ــن أه ــداف البرنام ــج‬ ‫الحكومــي‪ ،‬ويؤشــر بــا شــك التحــول نحــو تــازم‬ ‫جوه ــري آخ ــر‪ ،‬وه ــو تالح ــم االس ــتدامة املالي ــة‬ ‫م ــع التنمي ــة املس ــتدامة"‪ ،‬بحس ــب صال ــح‪.‬‬ ‫ويضي ــف ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "ه ــذه النهض ــة ف ــي‬ ‫إدارة امل ــوارد املالي ــة العام ــة س ــتقود ب ــا ش ــك‬ ‫إلــى تنويــع مصــادر االقتصــاد الوطنــي وتحريــك‬ ‫مفاص ــل النم ــو ف ــي أكث ــر م ــن قط ــاع اقتص ــادي‬ ‫ضام ــن لرفاهي ــة املجتم ــع العراق ــي ومس ــتقبل‬ ‫التنمي ــة في ــه"‪.‬‬ ‫وبنـ ًـاء علــى مــا تقــدم‪ ،‬يوضــح صالــح‪ ،‬أنــه "كلمــا‬ ‫انخفضــت الديــون‪ ،‬قــل االعتمــاد علــى الدائنين‬ ‫ّ‬ ‫ب ــكل مصادره ــم والس ــيما الدي ــن الخارج ــي‬ ‫من ــه‪ ،‬مم ــا يق ــود إل ــى زي ــادة مرون ــة الحكوم ــة ف ــي‬ ‫ـدا ع ــن‬ ‫رس ــم السياس ــات النقدي ــة واملالي ــة بعي ـ ً‬ ‫شــروط الــدول واملؤسســات الخارجيــة املانحــة‬ ‫للدي ــون"‪.‬‬ ‫ويتاب ــع‪" ،‬فض ـ ًـا ع ــن تعظي ــم الثق ــة ف ــي‬

‫‪102‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪103 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫تراجع الدين العام‪ ....‬هل يشير لنهضة اقتصادية؟‬

‫االقتصــاد الوطنــي ويشــكل نقطــة جــذب ومنــاخ‬ ‫أعم ــال أفض ــل للمس ــتثمرين ذل ــك النخف ــاض‬ ‫مخاط ــر االقتص ــاد‪ ،‬وي ــؤدي ف ــي الوق ــت نفس ــه‬ ‫إل ــى تحس ــين التصني ــف االئتمان ــي للب ــاد"‪.‬‬ ‫أم ــا عل ــى صعي ــد الدي ــن الع ــام الداخل ــي‪ ،‬فأن ــه‬ ‫وفــق صالــح "يــؤدي إلــى تخفيــف الضغــط علــى‬ ‫التموي ــل املصرف ــي لك ــي تتف ــرغ املص ــارف إل ــى‬ ‫منــح القــروض إلــى القطــاع الخــاص‪ ،‬فضـ ًـا عــن‬ ‫انخف ــاض التناف ــس بي ــن الحكوم ــة والس ــوق‬ ‫عل ــى س ــعر الفائ ــدة"‪.‬‬ ‫ويوض ــح‪" ،‬غالب ـ ًـا م ــا ترتف ــع الفائ ــدة املصرفي ــة‬ ‫املتاح ــة للقط ــاع الخ ــاص م ــع ارتف ــاع الدي ــون‬ ‫الس ــيادية املحلي ــة بس ــبب عام ــل الضغ ــط‬ ‫عل ــى الس ــيولة واالئتم ــان املصرف ــي‪ ،‬وه ــو م ــا‬ ‫يس ــمى (باإلزاح ــة ‪ -‬وه ــي ظاه ــرة تح ــدث عندم ــا‬ ‫ي ــؤدي اإلنف ــاق الحكوم ــي م ــن خ ــال الدي ــن أو‬ ‫االقتـراض العــام الكبيــر إلــى تقليــص أو (إزاحــة)‬ ‫االســتثمار أو اإلنفــاق الخــاص فــي االقتصــاد)"‪.‬‬ ‫ويؤك ــد صال ــح‪ ،‬أن "انخف ــاض م ــا تخصص ــه‬ ‫الحكوم ــة م ــن موازنته ــا للفوائ ــد وس ــداد‬ ‫األقس ــاط‪ ،‬س ــيحرر ب ــا ش ــك م ــوارد إضافي ــة‬ ‫لإلنف ــاق عل ــى البني ــة التحتي ــة‪ ،‬والتعلي ــم‪،‬‬ ‫والصح ــة وغيره ــا‪ ،‬ف ــي برام ــج تحاف ــظ عل ــى‬ ‫اإلنف ــاق املنضب ــط (غي ــر التقش ــفي) ويتناس ــب‬ ‫ومبــادئ الحوكمــة املاليــة فــي البرنامــج الحكومــي‬ ‫وخط ــة التنمي ــة الوطني ــة ‪."2028-2024‬‬ ‫إجراءات خفض الديون‬ ‫ن‬ ‫وم ــن إج ـراءات خف ــض الدي ــو ودالالته ــا‪،‬‬ ‫يق ــول الخبي ــر املال ــي واالقتص ــادي‪ ،‬صف ــوان‬ ‫ق�ص ــي‪ ،‬إن "تصفي ــر الدي ــون الداخلي ــة تحت ــاج‬ ‫إلــى اتخــاذ وزارة املاليــة إج ـراءات لتســديد هــذه‬ ‫الفات ــورة لألط ـراف الدائن ــة بش ــكل انس ــيابي"‪.‬‬ ‫ومــن ذلــك‪ ،‬يوضــح ق�صــي ملجلــة «فيلــي»‪" ،‬مــن‬ ‫خ ــال نق ــل ملكي ــة ج ــزء م ــن عق ــارات الدول ــة‪،‬‬ ‫بإص ــدار أس ــهم عقاري ــة لتل ــك املوج ــودات‬ ‫وتحوي ــل ملكي ــة ه ــذه األس ــهم إل ــى الجه ــات‬ ‫الدائن ــة‪ ،‬لتصفي ــر الدي ــون‪ ،‬وع ــدم تكبي ــد‬ ‫املوازن ــة االتحادي ــة فوائده ــا التراكمي ــة"‪.‬‬ ‫ويؤك ــد‪ ،‬أن "ه ــذا الح ــل يمك ــن أن يس ــاهم ف ــي‬ ‫زيــادة املرونــة املاليــة لــدى وزارة املاليــة الحقـ ًـا فــي‬ ‫تغطيــة العجــز مــن خــال االقتـراض الداخلــي"‪.‬‬ ‫أم ــا الدي ــون الخارجي ــة‪ ،‬فه ــي بحس ــب ق�ص ــي‬

‫مظهر محمد صالح‬ ‫* مستشاررئيس الوزراء للشؤون املالية‬

‫كريم الحلو‬

‫"هذه النهضة يف إدارة‬ ‫املوارد املالية العامة‬ ‫ستقود بال شك إىل‬ ‫تنويع مصادر االقتصاد‬ ‫الوطني وتحريك‬ ‫مفاصل النمو يف أكثر‬ ‫من قطاع اقتصادي"‪.‬‬

‫"الدين الداخلي يكون‬ ‫بالعملة املحلية‪ ،‬لذلك‬ ‫يمكن مداورة األموال‬ ‫وحل املشكلة‪ ،‬لكن الدين‬ ‫الخارجي عليه أرباح‪ ،‬وقد‬ ‫يستغل سياسياً ضد‬ ‫الدول التي تستدين"‪.‬‬

‫*خبيراقتصادي‬

‫"مح ــدودة وطويل ــة األج ــل وبفوائ ــد مخفض ــة‪،‬‬ ‫وعملي ــة تصفيره ــا يت ــم م ــن خ ــال وض ــع‬ ‫مجموع ــة م ــن البدائ ــل ل ــوزارة املالي ــة لإلس ـراع‬ ‫ف ــي تس ــديدها مم ــا يس ــاهم ف ــي تحس ــين نظ ــرة‬ ‫البيئ ــة االس ــتثمارية الدولي ــة لالقتص ــاد‬ ‫العرا ق ــي"‪.‬‬ ‫ويبي ــن‪" ،‬كلم ــا قل ــت أعب ــاء الفوائ ــد وتصف ــرت‬ ‫الدي ــون الداخلي ــة والخارجي ــة‪ ،‬كلم ــا اطم ــأن‬ ‫املس ــتثمرون ب ــأن الع ـراق ق ــادر عل ــى تغطي ــة‬ ‫تكالي ــف االس ــتثمار واعط ــاء العوائ ــد املناس ــبة‬ ‫لتل ــك االس ــتثمارات"‪.‬‬

‫ويطمئــن ق�صــي‪ ،‬أن "الديــون الخارجيــة ليســت‬ ‫قلق ــة أو خط ــرة‪ ،‬كم ــا أنه ــا ليس ــت مرتفع ــة‪ ،‬إذ‬ ‫تســمح املؤشـرات العامليــة باالقتـراض الداخلــي‬ ‫والخارج ــي لك ــي يبل ــغ ‪ 60‬باملئ ــة م ــن النات ــج‬ ‫املحل ــي اإلجمال ــي‪ ،‬ورغ ــم ذل ــك يج ــب ع ــدم‬ ‫تكبي ــد األجي ــال املقبل ــة بمث ــل ه ــذه الدي ــون‪،‬‬ ‫خاص ــة وأن الع ـراق يمتل ــك م ــوارد متنوع ــة‬ ‫يمك ــن اس ــتثمارها بش ــكل ي ــؤدي إل ــى تصفي ــر‬ ‫ه ــذه الدي ــون"‪.‬‬ ‫فوائد معرقلة بالفساد‬ ‫ب ــدوره‪ ،‬ين ــوه الخبي ــر االقتص ــادي‪ ،‬كري ــم‬

‫الحلــو‪ ،‬إلــى أن "أغلــب دول العالــم هــي مديونــة‬ ‫للداخــل أو للخــارج‪ ،‬ســواء مــن البنــوك الدوليــة‬ ‫أو صن ــدوق النق ــد الدول ــي وم ــا ش ــاكل ذل ــك"‪.‬‬ ‫ويوض ــح الحل ــو ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "أعل ــى دي ــن‬ ‫ف ــي العال ــم ه ــو الدي ــن األمريك ــي‪ ،‬إذ يتج ــاوز‬ ‫الدي ــن الداخل ــي للحكوم ــة األمريكي ــة ‪36‬‬ ‫ترلي ــون دوالر‪ ،‬وه ــذه نقط ــة ضع ــف‪ ،‬كم ــا أن‬ ‫أملاني ــا مديون ــة للداخ ــل ترليون ــي ي ــورو‪ ،‬لك ــن‬ ‫يبق ــى الدي ــن الداخل ــي أق ــل ض ــر ًرا بكثي ــر ع ــن‬ ‫الدي ــن الخارج ــي"‪.‬‬ ‫ويبي ــن‪ ،‬أن "الدي ــن الداخل ــي يك ــون بالعمل ــة‬

‫املحلي ــة‪ ،‬لذل ــك يمك ــن م ــداورة األم ــوال وح ــل‬ ‫املش ــكلة‪ ،‬لك ــن الدي ــن الخارج ــي علي ــه أرب ــاح‪،‬‬ ‫وق ــد يس ــتغل سياس ـ ًـيا ض ــد ال ــدول الت ــي‬ ‫تس ــتدين"‪.‬‬ ‫وع ــن أهمي ــة س ــداد الدي ــون وانعكاس ــها عل ــى‬ ‫االقتص ــاد وخاص ــة ف ــي الع ـراق‪ ،‬يؤك ــد الحل ــو‪،‬‬ ‫أن "تس ــديد الدي ــون الداخلي ــة أو الخارجي ــة‪،‬‬ ‫يمك ــن بعده ــا تحوي ــل ه ــذه األقس ــاط إل ــى‬ ‫االس ــتثمار ف ــي البن ــى التحتي ــة واملش ــاريع الت ــي‬ ‫يحتاجه ــا الع ـراق ف ــي الوق ــت الحال ــي‪ ،‬خاص ــة‬ ‫وأن هنــاك حاجــة إلــى ألــف مشــروع اســتراتيجي‬

‫فــي قطاعــات الغــذاء والطاقــة والنقــل وغيرهــا"‪.‬‬ ‫ويش ــير إل ــى أن "تراج ــع الدي ــن الداخل ــي أو‬ ‫الخارجــي بالعـراق يعنــي أن الدولــة ومؤسســاتها‬ ‫بــدأت الســيطرة علــى الكثيــر مــن األمــور‪ ،‬لكــن‬ ‫يبق ــى الطري ــق طوي ـ ًـا ف ــي ظ ــل وج ــود الفس ــاد‬ ‫الــذي يعرقــل مشــاريع كثيــرة مــن ناحيــة الفســاد‬ ‫اإلداري والرش ــوة والتحاص ــص والروتي ــن‬ ‫والجه ــل املؤسس ــاتي"‪.‬‬ ‫ومم ــا يع ــزز ه ــذا االنطب ــاع وف ــق م ــا يق ــول‬ ‫الحل ــو ف ــي خت ــام حديث ــه‪" ،‬مالحظ ــة ص ــدور‬ ‫مئ ــات الق ـرارات الجي ــدة ف ــي مجل ــس ال ــوزراء‬ ‫العراق ــي‪ ،‬لك ــن عندم ــا تص ــل إل ــى التنفي ــذ ف ــي‬ ‫املحافظ ــات تعرقله ــا أح ـزاب فاس ــدة مس ــتغلة‬ ‫املناص ــب الت ــي تس ــتحوذ عليه ــا‪ ،‬وبالتال ــي أغل ــب‬ ‫املناقصــات واملشــاريع االســتثمارية ال ُتسـ ّـلم إال‬ ‫بالرشــوة‪ ،‬وهــذا خلــل كبيــر وســرطان ينهــش فــي‬ ‫جس ــد الب ــاد"‪.‬‬

‫‪104‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫ن‬ ‫يغلف أجواء العراق‪..‬‬ ‫الكربو ّ‬

‫جاري البحث‬ ‫عن خطة إنقاذ‬

‫فيلي‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫تشكل االنبعاثات الكربونية‬ ‫تحديات عالمية كبيرة ألنها‬ ‫تطلق غازات تحتوي على‬ ‫الكربون‪ ،‬مثل ثاني أكسيد‬ ‫الكربون (‪ ،)CO2‬إلى الغالف الجوي‪.‬‬ ‫تنجم االنبعاثات الكربونية عن‬ ‫أنشطة بشرية متعددة‪ ،‬مثل‬ ‫حرق الوقود األحفوري في توليد‬ ‫الطاقة والنقل والصناعة‪ ،‬وهذه‬ ‫االنبعاثات مسؤولة بشكل رئيسي‬ ‫عن ظاهرة االحتباس الحراري‬ ‫وتغير المناخ‪.‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪105 2025‬‬

‫‪106‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪107 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫الكربون يغلّف أجواء العراق‪ ..‬جاري البحث عن خطة إنقاذ‬ ‫ولع ــل عملي ــات اس ــتخراج النف ــط وح ــرق‬ ‫النفاي ــات بط ــرق غي ــر صحيح ــة م ــن أب ــرز‬ ‫األس ــباب الرتف ــاع نس ــب االنبعاث ــات الكربوني ــة‬ ‫والتل ــوث ف ــي الع ـراق‪.‬‬ ‫وف ــي ه ــذا الس ــياق‪ ،‬يؤك ــد املخت ــص بالش ــأن‬ ‫البيئ ــي‪ ،‬عم ــر عب ــد اللطي ــف‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪،‬‬ ‫أن "الع ـراق يعان ــي م ــن التل ــوث وارتف ــاع نس ــب‬ ‫انبع ــاث الكرب ــون"‪.‬‬ ‫ويوضح عبد اللطيف‪ ،‬أن "اآلليات واألساليب‬ ‫غيــر الصحيحــة املســتخدمة فــي حــرق النفايــات‬ ‫والتل ــوث ال ــذي تحدث ــه املول ــدات األهلي ــة‬ ‫ومعام ــل األس ــفلت واألدوي ــة وغيره ــا‪ ،‬كان له ــا‬ ‫تأثيــر كبيــر علــى ارتفــاع نســبة انبعــاث الكربــون‬ ‫والتغي ــر املناخ ــي وارتف ــاع درج ــات الح ـرارة ف ــي‬ ‫الع ـراق خ ــال األع ــوام األخي ــرة"‪.‬‬ ‫وأظه ــر تقري ــر حصل ــت علي ــه وح ــدة أبح ــاث‬ ‫الطاق ــة ومقره ــا واش ــنطن‪ ،‬ارتف ــاع قائم ــة‬ ‫انبعاث ــات الكرب ــون ف ــي ال ــدول العربي ــة خ ــال‬ ‫الع ــام املا�ض ــي ف ــي ‪ 5‬بل ــدان بينه ــا الع ـراق ال ــذي‬ ‫ج ــاء وف ــق التقري ــر باملرتب ــة الثالث ــة بنس ــبة‬ ‫انبع ــاث تق ــدر ب ـ ‪ 342.8‬ملي ــون ط ــن‪.‬‬ ‫م ــن جانبه ــا‪ ،‬نف ــت وزارة البيئ ــة ملجل ــة «فيل ــي»‪،‬‬ ‫م ــا ورد ف ــي ه ــذا التقري ــر‪ ،‬معتب ــرة إي ــاه مجه ــول‬ ‫املص ــدر‪ ،‬إضاف ــة إل ــى ع ــدم وج ــود مص ــادر‬ ‫علمي ــة تثب ــت النس ــب الت ــي وردت في ــه‪.‬‬ ‫ويق ــول املتح ــدث باس ــم ال ــوزارة ل ــؤي املخت ــار‪،‬‬ ‫إن "الع ـراق ب ــدأ بخط ــوات جدي ــدة للتخل ــص‬ ‫م ــن االنبعاث ــات الكربوني ــة وخفضه ــا إل ــى أدن ــى‬ ‫ح ــد ممك ــن"‪.‬‬ ‫ويضي ــف‪ ،‬أن "الع ـراق أنش ــأ الع ــام املا�ض ــي‬ ‫ش ــركة اقتصادي ــات الكرب ــون‪ ،‬الت ــي تنف ــذ‬ ‫مش ــاريع ذات م ــردودات بيئي ــة واقتصادي ــة‬ ‫إيجابي ــة"‪ ،‬مش ـ ًـيرا إل ــى أن "الش ــركة تس ــعى‬ ‫إلنت ــاج مش ــاريع تعتم ــد الطاق ــة النظيف ــة‬ ‫وتراع ــي تقني ــات خف ــض االنبعاث ــات"‪.‬‬ ‫ويلف ــت إل ــى أن "الش ــركة تم�ض ــي بخط ــوات‬ ‫متس ــارعة‪ ،‬بع ــد عق ــد املؤتم ــر األول‬ ‫القتصادي ــات الكرب ــون بحض ــور ش ــركات‬ ‫محلي ــة وعاملي ــة‪ ،‬وت ــم خالل ــه توقي ــع مذك ـرات‬ ‫تفاه ــم م ــن ش ــأنها اإلس ــهام ف ــي تعزي ــز بني ــة‬ ‫االقتص ــاد الوطن ــي وتحقي ــق التنمي ــة‬ ‫ا ملس ــتد ا مة " ‪.‬‬

‫ويبيــن‪ ،‬أن "لــكل فــرد فــي العالــم بصمــة كربونيــة‬ ‫ناتجــة عــن مجموعــة األنشــطة اليوميــة وحجــم‬ ‫النفاي ــات الت ــي يولده ــا‪ ،‬وأن ــه بوس ــع اإلنس ــان‬ ‫خف ــض البصم ــة الكربوني ــة باتخ ــاذه خط ــوات‬ ‫صحيح ــة ف ــي جم ــع النفاي ــات والفائ ــض م ــن‬ ‫األطعم ــة وغي ــر ذل ــك"‪.‬‬ ‫وكان رئي ــس املرك ــز االس ــتراتيجي لحق ــوق‬ ‫اإلنس ــان‪ ،‬فاض ــل الغ ـراوي‪ ،‬أك ــد الع ــام‬ ‫املا�ض ــي‪ ،‬أن ع ــام ‪ 2021‬س ــجل انبعاث ــات ف ــي‬ ‫تركيــز ثانــي أوكســيد الكربــون فــي العـراق بنســبة‬ ‫‪ 177.8‬ملي ــون ط ــن‪.‬‬ ‫فيم ــا ش ــهدت الس ــنوات الث ــاث املاضي ــة‬ ‫تس ــجيل ‪ 27.1‬ملي ــون ط ــن‪ ،‬بزي ــادة س ــبعة‬ ‫أضع ــاف م ــن انبعاث ــات الغ ــاز‪ ،‬وت ــزداد ه ــذه‬ ‫ـنويا بمق ــدار ‪.4.88%‬‬ ‫النس ــبة س ـ ً‬ ‫وبيــن الغـراوي‪ ،‬أن بغــداد تأتــي باملرتبــة ال ـ ‪ 13‬فــي‬ ‫قائمــة املــدن االكثــر تلوثـ ًـا بانبعاثــات غــاز ثانــي‬

‫أكســيد الكربــون‪.‬‬ ‫مــن جانبــه ينــوه الخبيــر البيئــي‪ ،‬خالــد ســليمان‪،‬‬ ‫خ ــال حديث ــه ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إل ــى أن "الس ــبب‬ ‫ال ــذي يجع ــل الع ـراق ف ــي طليع ــة دول التل ــوث‬ ‫الكربون ــي الصناع ــة النفطي ــة والغازي ــة‪ ،‬إذ‬ ‫تــؤدي هــذه الصناعــات إلــى املزيــد مــن انبعاثــات‬ ‫الكرب ــون"‪.‬‬ ‫ويش ــكك س ــليمان ف ــي الوق ــت نفس ــه بصح ــة‬ ‫املعلوم ــات ال ــواردة بالتقري ــر ال ــذي حصل ــت‬ ‫علي ــه وح ــدة أبح ــاث الطاق ــة املتعل ــق بنس ــبة‬ ‫ـدا‪،‬‬ ‫انبعاث ــات الكرب ــون ف ــي الع ـراق‪ ،‬مؤك ـ ً‬ ‫أن "الصناع ــة النفطي ــة العراقي ــة أق ــل م ــن‬ ‫الصناعــة الســعودية"‪ ،‬لكنــه أكــد أن "الع ـراق‬ ‫يع ــد م ــن ال ــدول املص ــدرة واملصنع ــة للنف ــط‬ ‫ـدءا م ــن حف ــر اآلب ــار إل ــى جمي ــع املراح ــل‬ ‫بـ ً‬ ‫األخــرى للصناعــات النفطيــة‪ ،‬ويــؤدي ذلــك إلــى‬ ‫مزي ــد م ــن االنبعاث ــات الكربوني ــة"‪.‬‬ ‫ويوض ــح‪ ،‬أن "افتق ــار الع ـراق إل ــى الغط ــاء‬ ‫النباتي باملقارنة مع صناعته النفطية‪ ،‬ونســب‬

‫االنبعاث ــات الت ــي تطل ــق إل ــى الج ــو تس ــاهم‬ ‫بش ــكل كبي ــر ف ــي االحت ـرار"‪ ،‬مبين ـ ًـا‪ ،‬أن "الع ـراق‬ ‫ال يتعام ــل م ــع االنبعاث ــات بش ــكل علم ــي ل ــذا‬ ‫فه ــو متأخ ــر م ــن ناحي ــة خف ــض االنبعاث ــات"‪،‬‬ ‫الفت ـ ًـا إل ــى أن "م ــن املمك ــن أن يك ــون التقري ــر‬ ‫الس ــنوي ال ــذي يرف ــع إل ــى املنظم ــة املختص ــة‬ ‫باملن ــاخ ف ــي األم ــم املتح ــدة ناقص ـ ًـا"‪.‬‬ ‫وين ـ ّـوه س ــليمان ف ــي ذات الوق ــت‪ ،‬إل ــى أن‬ ‫"الع ـراق يس ــعى لزي ــادة إنتاج ــه النفط ــي‪ ،‬وه ــو‬ ‫م ــا س ــيؤدي إل ــى ارتف ــاع نس ــب االنبعاث ــات‬ ‫خ ــال الس ــنوات املقبل ــة‪ ،‬ويتس ــبب ذل ــك عل ــى‬ ‫الصعي ــد املحل ــي بارتف ــاع درج ــات الح ـرارة‬ ‫ونس ــب التل ــوث ف ــي اله ــواء والترب ــة"‪.‬‬ ‫وطالــب معنيــون الحكومــة فــي وقــت ســابق إلــى‬ ‫وض ــع سياس ــات بيئ ــة ومناخي ــة به ــدف تقلي ــل‬ ‫نس ــبة انبع ــاث غ ــاز ثان ــي أوكس ــيد الكرب ــون‪،‬‬ ‫وإط ــاق املب ــادرة الوطني ــة للغاب ــات وإل ـزام‬ ‫املحافظ ــات كاف ــة بزراع ــة الط ــوق األخض ــر‬ ‫ومص ــدات الري ــاح‪ ،‬فض ـ ًـا ع ــن االس ــتثمار ف ــي‬

‫املناط ــق الصحراوي ــة‪ ،‬خاص ــة تل ــك املش ــاريع‬ ‫الت ــي تس ــاهم ف ــي تعزي ــز الغط ــاء األخض ــر‪.‬‬ ‫وتقــول األكاديميــة املختصــة فــي الشــأن البيئــي‪،‬‬ ‫من ــار ماج ــد‪ ،‬إن "التقري ــر الخ ــاص باح ـراق‬ ‫الغــاز العالمــي عــام ‪ ،2024‬ذكــر ارتفــاع معــدل‬ ‫احت ـراق الغ ــاز ف ــي منش ــآت اس ــتخراج النف ــط‬ ‫والغ ــاز‪ ،‬وزي ــادة الح ــرق بمق ــدار ‪ 7‬باملئ ــة"‪.‬‬ ‫وتش ــير ماج ــد خ ــال حديثه ــا ملجل ــة «فيل ــي»‪،‬‬ ‫إل ــى أن "الع ـراق ل ــو اعتم ــد عملي ــات اس ــتثمار‬ ‫صحيح ــة ف ــي اس ــتخراج النف ــط والغ ــاز‬ ‫واملش ــاريع الصناعي ــة األخ ــرى‪ ،‬س ــيكون تأثي ــر‬ ‫انبع ــاث الكرب ــون أق ــل ف ــي الب ــاد‪ ،‬وأن م ــن‬ ‫املمك ــن االس ــتفادة م ــن الغ ــاز املصاح ــب‬ ‫للنفــط فــي التصديــر‪ ،‬كمــا يحــدث فــي قطــر التــي‬ ‫تع ــد األول ــى ف ــي إنت ــاج الغ ــاز الطبيع ــي"‪.‬‬ ‫وتن ــوه إل ــى أن ــه "ف ــي ح ــال اعتم ــد الع ـراق‬ ‫اس ــتثمار الغ ــاز وسياس ــات فعال ــة أخ ــرى‬ ‫لتقلي ــل كمي ــات اله ــدر والح ــرق‪ ،‬س ــيصل إل ــى‬ ‫مرحلــة االســتدامة‪ ،‬فضـ ًـا عــن توفيــر العديــد‬

‫م ــن الوظائ ــف وف ــرص العم ــل"‪.‬‬ ‫لك ــن ماج ــد تؤش ــر "غي ــاب البرام ــج واملش ــاريع‬ ‫الج ــادة املعني ــة بخف ــض انبعاث ــات الكرب ــون‬ ‫ف ــي الع ـراق"‪ ،‬مش ــيرة إل ــى أن "العم ــل به ــذا‬ ‫الخصــوص يجــب أن ال يقتصــر علــى مؤسســة‬ ‫واح ــدة م ــن مؤسس ــات الدول ــة‪ ،‬وأن ــه الب ــد م ــن‬ ‫االس ــتعانة بخب ـرات عاملي ــة بنق ــل املحط ــات‬ ‫الحراري ــة إل ــى محط ــات غازي ــة وغيره ــا م ــن‬ ‫املش ــاريع"‪.‬‬ ‫ولعب ــت االنبعاث ــات الكربوني ــة والجف ــاف‬ ‫وغي ــاب خط ــط االس ــتزراع والتش ــجير وزي ــادة‬ ‫التصحــر‪ ،‬دو ًرا كبيـ ًرا فــي تغييــر املنــاخ فــي العـراق‬ ‫وارتف ــاع درج ــات الح ـرارة الت ــي تتج ــاوز أحيان ـ ًـا‬ ‫نص ــف درج ــة الغلي ــان (‪ 50‬مئوي ــة)‪ ،‬وه ــو م ــا‬ ‫يدع ــو الحكوم ــة إل ــى اتخ ــاذ خط ــوات ملموس ــة‬ ‫وتبن ــي سياس ــات علمي ــة ممنهج ــة ته ــدف إل ــى‬ ‫خف ــض انبع ــاث الكرب ــون ال ــذي يه ــدد الن ــاس‬ ‫بخط ــر ش ــديد‪.‬‬

‫"بغداد تأتي باملرتبة‬ ‫الـ ‪ 13‬يف قائمة املدن‬ ‫االكثر تلوثاً بانبعاثات‬ ‫غاز ثاني أكسيد‬ ‫الكربون"‪..‬‬

‫"يف حال اعتمد العراق‬ ‫استثمار الغاز وسياسات‬ ‫فعالة أخرى لتقليل كميات‬ ‫الهدر والحرق‪ ،‬سيصل‬ ‫إىل مرحلة االستدامة‪،‬‬ ‫فض ً‬ ‫ال عن توفري العديد‬ ‫من الوظائف وفرص‬ ‫العمل"‬

‫‪108‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪109 2025‬‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫موخرا على بعض‬ ‫ارتفعت رسوم التعرفة الجمركية‬ ‫ً‬ ‫السيارات والبضائع‪ ،‬االمرالذي كانت له ردودا‬ ‫مختلفة اذ اثارارتفاع رسوم الجمرك تساؤالت عديدة‬ ‫تتعلق بسبب االرتفاع وتوقيته واالسس القانونية التي‬ ‫استند عليها‪.‬‬

‫ركود بالمعارض وغضب في الشارع‪..‬‬

‫الرسوم الجمركية تشعل األسعار‬

‫وزادت رس ــوم الس ــيارات بنس ــبة ‪ ، 50%‬بع ــد‬ ‫ان كان ــت الرس ــوم القديم ــة تعتم ــد عل ــى نس ــبة‬ ‫‪ 15%‬مــن ســعر الســيارة‪ ،‬فيمــا يــرى مراقبــون ان‬ ‫ارتفــاع تســعيرة الجمــرك علــى الســيارات وبعــض‬ ‫البضائ ــع سيس ــهم بزي ــادة اإلي ـرادات وحماي ــة‬ ‫املنتج ــات املحلي ــة‪.‬‬ ‫الضرائب والرسوم‬ ‫وف ــي ه ــذا الص ــدد‪ ،‬أوض ــح عض ــو اللجن ــة العلي ــا‬ ‫لإلص ــاح الضريب ــي‪ ،‬محم ــد الجاب ــري‪ ،‬لوكال ــة‬ ‫مجلــة «فيلــي»‪ ،‬انــه "يجــب التمييــز بيــن الضرائــب‬ ‫والرس ــوم"‪ ،‬مش ــيرا ان ــه "ل ــم يح ــدث اي ارتف ــاع‬ ‫ضريب ــي عل ــى الس ــلع البضائ ــع‪ ،‬الن اي ارتف ــاع‬ ‫يتع ــارض م ــع الدس ــتور العراق ــي"‪.‬‬ ‫وأض ــاف الجاب ــري‪ ،‬أن "الحكوم ــة ال يمكنه ــا رف ــع‬ ‫او خف ــض او تعدي ــل الضرائ ــب‪ ،‬الن الجه ــة‬ ‫املخول ــة بذل ــك ه ــي مجل ــس الن ــواب فق ــط م ــن‬ ‫خــال مشــروع قانــون يخضــع للتصويــت"‪ ،‬مبينـ ًـا‬ ‫أن "ارتف ــاع بع ــض الرس ــوم ال يحت ــاج ال ــى ق ـرار‬ ‫حكومــي او برملانــي‪ ،‬وانمــا يخضــع تحديــد الرســوم‬ ‫ال ــى ال ــوزارة او املؤسس ــة الحكومي ــة املعني ــة الت ــي‬ ‫بامكانه ــا تعدي ــل الرس ــوم وف ــق مات ـراه مناس ــبا"‪.‬‬ ‫ولفــت الــى ان "ارتفــاع اســعار التعرفــة الجمركيــة‬ ‫للس ــيارات ت ــم بق ـرار حكوم ــي يرتب ــط باه ــداف‬ ‫عدي ــدة‪ ،‬منه ــا تحقي ــق العدال ــة بي ــن املس ــتوردين‬ ‫م ــن خ ــال التميي ــز بي ــن البضائ ــع"‪ ،‬مردف ـ ًـا‪" :‬ل ــو‬ ‫اخذن ــا عل ــى س ــبيل املث ــال حاوي ــة بحج ــم معي ــن‬ ‫تحت ــوي عل ــى س ــيارات مقاب ــل حاوي ــة اخ ــرى‬ ‫بنفــس الحجــم والــوزن تحتــوي مــواد اســتهالكية‪،‬‬ ‫فــان العدالــة تدعــو الــى عــدم مســاواة التســعيرة‬ ‫ـابقا‪،‬‬ ‫الجمركي ــة للحاويتي ــن كم ــا كان يحص ــل س ـ ً‬ ‫ل ــذا ت ــم تعدي ــل التس ــعيرة الجمركي ــة الجدي ــدة‬ ‫للس ــيارات"‪.‬‬ ‫ي‬ ‫ونبــه الجابــر ‪ ،‬إلــى أن "تســعيرة رســوم الســيارات‬ ‫تختلــف بحســب انــواع الســيارات‪ ،‬وان الجمــارك‬ ‫تخف ــض نس ــبة ‪ 30‬باملئ ــة م ــن قيم ــة الس ــيارة ف ــي‬ ‫املصنــع‪ ،‬وتحســب التعرفــة الجمركيــة بعــد هــذا‬ ‫ـدا أن ــه‬ ‫الخص ــم مراع ــاة للمس ــتوردين"‪ ،‬مؤك ـ ً‬ ‫"يح ــق للتاج ــر او املس ــتورد ال ــذي يش ــعر بالغب ــن‬ ‫بالتعرف ــة الحمركي ــة ال ــذي تق ــع علي ــه تقدي ــم‬ ‫طلــب الــى مركــز تطويــر القطــاع الخــاص فــي وزارة‬

‫‪110‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪111 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫الرسوم الجمركية تشعل األسعار‬

‫التخطي ــط للنظ ــر ف ــي طلب ــه"‪.‬‬ ‫خطوة مهمة‬ ‫إل ــى ذل ــك‪ ،‬ذك ــرت الخبي ــرة االقتصادي ــة‬ ‫اك ـرام عب ــد العزي ــز‪ ،‬ف ــي تصريح ــات‬ ‫خاص ــة للوكال ــة‪ ،‬أن "التوج ــه الحكوم ــي‬ ‫االخي ــر يه ــدف ال ــى تعزي ــز مس ــيرة التنمي ــة‬ ‫االقتصاديــة مــن خــال دعــم وحمايــة املنتــج‬ ‫الوطنــي بمــا يمكــن القطــاع الخــاص ليكــون‬ ‫ـريكا فعلي ـ ًـا ف ــي الس ــاحة االقتصادي ــة"‪.‬‬ ‫شـ ً‬ ‫وأش ــارت عب ــد العزي ــز‪ ،‬إل ــى أن "الحكوم ــة‬ ‫وضمــن هــذا االطــار توجهــت إلصــاح النظام‬ ‫الجمر ـكـي وفــق برنامــج يســتوعب متطلبــات‬ ‫التنمي ــة االقتصادي ــة‪ ،‬فض ـ ًـا ع ــن تعظي ــم‬ ‫االي ـرادات عب ــر االي ـرادات"‪ ،‬منوه ــة ‪،‬ان‬ ‫"ارتف ــاع الرس ــوم اليش ــمل جمي ــع البضائ ــع‬ ‫والســلع بــل كانــت هنــاك اســتثناءات للمــواد‬ ‫االساس ــية للمواطني ــن"‪.‬‬ ‫وبين ــت أن "الدول ــة اصبح ــت تعتم ــد عل ــى‬ ‫اســتراتيجية مدروســة وفاعلــة ‪ ،‬وان ارتفــاع‬ ‫الرس ــم الجمركــي اس ــتند ال ــى ق ـرار مجل ــس‬ ‫الــوزراء رقــم ‪ 270‬لســنة ‪ 2025‬ودخــل حيــز‬ ‫التنفيــذ فــي االول مــن حزيـران الجــاري‪ ،‬وتــم‬ ‫م ــن خالل ــه اعتم ــاد قوائ ــم جدي ــدة ألس ــعار‬ ‫البضائ ــع"‪.‬‬ ‫ووصف ــت عب ــد العزي ــز‪ ،‬التوج ــه الحكوم ــي‬ ‫بان ــه خط ــوة مهم ــة ملواكب ــة االس ــعار‬ ‫م ــع مراع ــاة االنعكاس ــات االجتماعي ــة‬ ‫واالقتصادي ــة الت ــي تترت ــب بس ــبب ق ـرار‬ ‫رف ــع س ــعر التعرف ــة الجمركي ــة"‪ ،‬مؤك ــدة‪،‬‬ ‫ان نس ــبة "املبال ــغ الت ــي تجب ــى م ــن الض ـراب‬ ‫والرس ــوم تت ـراوح بي ــن ‪ 2‬ال ــى ‪ 3‬باملئ ــة فق ــط‬ ‫وه ــي نس ــبة ضئيل ــة والب ــد م ــن تطبي ــق‬ ‫الحوكم ــة ف ــي عائ ــدات الض ـراب لتموي ــل‬ ‫االنف ــاق وتس ــريع وتي ــرة التنمي ــة"‪.‬‬ ‫وأك ــدت أهمي ــة أن "يك ــون هن ــاك برنامج ـ ًـا‬ ‫اديا ياخ ــذ بنظ ــر االعتب ــار اولوي ــات‬ ‫اس ــتير ً‬ ‫االســتيراد طبقـ ًـا لحاجــة الســوق‪ ،‬كمــا يجــب‬ ‫التفريــق فــي التســعيرة الجمركيــة بيــن املــواد‬ ‫الت ــي ال يمك ــن انتاجه ــا ف ــي الع ـراق اوتل ــك‬

‫الت ــي التغط ــي نس ــبة انتاجه ــا محلي ـ ًـا حاج ــة‬ ‫املس ــتهلكين"‪.‬‬ ‫وف ــي ظ ــل ه ــذه الزي ــادة الجمركي ــة يش ــكو‬ ‫عــدد مــن تجــار الســيارات واملســتوردين مــن‬ ‫التســعيرة الجديــدة للرســوم وماتعرضــوا لــه‬ ‫م ــن خس ــائر مالي ــة ج ـراء ذل ــك‪.‬‬ ‫خسائر تجار السيارات‬ ‫وق ــال املس ــتورد س ــرحان مط ــر‪ ،‬ف ــي حديث ــه‬ ‫لوكال ــة مجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إن "ارتف ــاع اس ــعار‬ ‫رســوم الجمــرك اطــاح بعــدد كبيــر مــن تجــار‬

‫الس ــيارات الذي ــن تعرض ــوا لخس ــائر مالي ــة‬ ‫فادحــة‪ ،‬الن الق ـرار كان مفاجئـ ًـا للجميــع"‪،‬‬ ‫موضح ـ ًـا أن "مش ــكلة التس ــعيرة الجدي ــدة‬ ‫تكمــن فــي تقييــم اســعار الســيارات ‪ ،‬فمثــا‬ ‫اذا كان س ــعر الس ــيارة ‪ 30‬ال ــف دوالر‬ ‫يت ــم تقييمه ــا بس ــعر ‪ 80‬ال ــف دوالر‪ ،‬وعل ــى‬ ‫اس ــاس ه ــذا الف ــارق الكبيرف ــي املبل ــغ يت ــم‬ ‫اس ــتيفاء الرس ــوم الجمركي ــة"‪.‬‬ ‫ب ــدوره أخب ــر س ــاطع ال ــدوري‪ ،‬الوكال ــة‪ ،‬ب ــأن‬ ‫"ارتف ــاع اس ــعار جم ــرك الس ــيارات س ــاهم‬

‫« القرار يهدف‬ ‫الى خفض استيراد‬ ‫السيارات والحد من‬ ‫االختناقات المروية‪،‬‬ ‫وقد ابلغت حكومة‬ ‫االقليم بالقوائم‬ ‫الجديدة للتسعيرة‬ ‫الجمركية" »‪.‬‬

‫« تسعيرة الجمرك‬ ‫ستضاف الى‬ ‫سعر السيارة مع‬ ‫ارباح المستوردين‬ ‫واصحاب الشركات‬ ‫والمعارض وهذا‬ ‫سيحمل المواطن‬ ‫اعباء مالية فوق‬ ‫قدرته »‪.‬‬

‫بارتفــاع اســعارها فــي املعــارض والشــركات"‪،‬‬ ‫ـدا أن "ه ــذا االرتف ــاع تس ــبب بض ــرر‬ ‫مؤك ـ ً‬ ‫كبي ــر عل ــى املواطني ــن واملس ــتوردين ف ــي ان‬ ‫مع ــا‪ ،‬وعل ــى الحكوم ــة مراجع ــة قراره ــا او‬ ‫تعديل ــه ف ــي اق ــرب وق ــت ممك ــن"‪.‬‬ ‫وكانــت الحكومــة العراقيــة اشــارت فــي وقــت‬ ‫س ــابق‪ ،‬إل ــى ان الس ــوق املحلي ــة ل ــن تتاث ــر‬ ‫بارتف ــاع التس ــعيرة الجمركي ــة الجدي ــدة‬ ‫لعــدم شــمول املــواد االساســية بهــا‪ ،‬منوهــة‬ ‫ال ــى ان الق ـرار يه ــدف ال ــى خف ــض اس ــتيراد‬

‫الس ــيارات والح ــد م ــن االختناق ــات املروي ــة‪،‬‬ ‫وق ــد ابلغ ــت حكوم ــة االقلي ــم بالقوائ ــم‬ ‫الجدي ــدة للتس ــعيرة الجمركي ــة"‪.‬‬ ‫وارتفعــت أســعار الســيارات فــي العـراق بعــد‬ ‫تطبي ــق التس ــعيرة الجمركي ــة الجدي ــدة‪،‬‬ ‫حي ــث أدت الزي ــادة ف ــي الرس ــوم الجمركي ــة‬ ‫إلــى ارتفــاع تكلفــة اســتيراد الســيارات‪ ،‬وهــو‬ ‫ماانعك ــس ب ــدوره عل ــى أس ــعار البي ــع ف ــي‬ ‫الس ــوق املحلي ــة‪.‬‬ ‫ركود في املعارض‬

‫إل ــى ذل ــك‪ ،‬ق ــال أحم ــد عل ــوان (صاح ــب‬ ‫مع ــرض لبي ــع وش ـراء الس ــيارات بمنطق ــة‬ ‫ـودا ف ــي‬ ‫البي ــاع)‪ ،‬إن "معرض ــه يش ــهد رك ـ ً‬ ‫مجــال بيــع وشـراء الســيارات بســبب ارتفــاع‬ ‫الرس ــوم الجمركي ــة الت ــي ادت ال ــى ارتف ــاع‬ ‫اس ــعار الس ــيارات بش ــكل الف ــت"‪.‬‬ ‫وبي ــن خ ــال حديث ــه لوكال ــة مجل ــة‬ ‫«فيل ــي»‪ ،‬ان "الس ــيارات أس ــعارها مرتفع ــة‬ ‫منذرالبداي ــة وق ــد اصب ــح م ــن الصعوب ــة‬ ‫بم ــكان اقتناءه ــا ج ـراء ارتف ــاع االس ــعار"‪،‬‬ ‫منوه ــا ان ــه "اليش ــتري الس ــيارات حالي ـ ًـا ب ــل‬ ‫يق ــوم بع ــرض م ــن يرغ ــب ببي ــع س ــيارته ف ــي‬ ‫معرض ــه مقاب ــل اج ــر معي ــن"‪.‬‬ ‫واتجــه أحمــد علــوان‪ ،‬مــع أصحــاب معــارض‬ ‫اخري ــن ال ــى البي ــع باالقس ــاط وذل ــك الح ــل‬ ‫الوحي ــد "لتمش ــيه الس ــوق" حس ــب وصف ــه‬ ‫ام ــا س ــائق التك�س ــي كري ــم خل ــف ‪ 32‬ع ــام‪،‬‬ ‫فيؤك ــد ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬ان ــه "كان عل ــى‬ ‫وش ــك بي ــع س ــيارته وش ـراء اخ ــرى جدي ــدة‪،‬‬ ‫لكنــه تراجــع عــن ق ـراره بعــد ارتفــاع اســعار‬ ‫الس ــيارات مؤخ ـرا"‪.‬‬ ‫ب ــدوره‪ ،‬أش ــار مصطف ــى الجب ــوري ‪38‬‬ ‫عام ــا (صاح ــب مع ــرض س ــيارت بمنطق ــة‬ ‫الس ــيدية)‪ ،‬إل ــى أن التس ــعيرة الجمركي ــة‬ ‫للس ــيارة م ــن ن ــوع "ش ــالجر" عل ــى س ــبيل‬ ‫املثــال كانــت تبلــغ ‪ 30‬الــف دوالر واصبحــت‬ ‫‪ 60‬ال ــف دوالر دون س ــابق ان ــذار"‪.‬‬ ‫وبي ــن الجب ــوري‪ ،‬ف ــي حديث ــه لوكال ــة مجل ــة‬ ‫«فيل ــي»‪ ،‬ان "تس ــعيرة الجم ــرك س ــتضاف‬ ‫ال ــى س ــعر الس ــيارة م ــع ارب ــاح املس ــتوردين‬ ‫واصح ــاب الش ــركات واملع ــارض وه ــذا‬ ‫س ــيحمل املواط ــن اعب ــاء مالي ــة ف ــوق‬ ‫قدرت ــه"‪.‬‬ ‫وثم ــة مفارق ــة واضح ــة ف ــي املعادل ــة‬ ‫االقتصادي ــة بي ــن اس ــعار امل ــواد املختلف ــة‬ ‫والق ــدرة الش ـرائية للمواطني ــن‪ ،‬وه ــو م ــا‬ ‫يدع ــو الجه ــات املعني ــة لوض ــع خط ــط‬ ‫وق ـرارات مدروس ــة للحف ــاظ عل ــى الحرك ــة‬ ‫التجاري ــة وتجن ــب الرك ــود االقتص ــادي ف ــي‬ ‫الب ــاد‪.‬‬

‫‪112‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪113 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫من اليورانيوم إلى التصحر‪..‬‬

‫كيف صنعت الحروب‬

‫األجواء الالهبة؟‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫يشهد العراق منذ سنوات موجات حرارة غير‬ ‫مسبوقة تجاوزت في بعض املناطق عتبة الـ ‪ 50‬درجة‬ ‫مئوية خالل أشهرالصيف‪ ،‬ما يثيرمخاوف بيئية‬ ‫وصحية متزايدة‪.‬‬

‫وي ــرى متخصص ــون أن ه ــذا االرتف ــاع الح ــاد‬ ‫معق ــد‬ ‫ف ــي درج ــات الح ـرارة نات ــج ع ــن مزي ــج ّ‬ ‫م ــن العوام ــل الطبيعي ــة والبش ــرية‪ ،‬أبرزه ــا‬ ‫التغي ــر املناخ ــي‪ ،‬وش ــح األمط ــار‪ ،‬والجف ــاف‪،‬‬ ‫والتصح ــر‪ ،‬باإلضاف ــة إل ــى التأثي ــر طوي ــل األم ــد‬ ‫للح ــروب والنش ــاطات العس ــكرية الت ــي ش ــهدها‬ ‫الع ـراق عل ــى م ــدى العق ــود املاضي ــة‪.‬‬ ‫وكان العامــل البشــري‪ ،‬بحســب املتخصصيــن‪،‬‬ ‫ل ــه تأثي ــر ال يق ــل خط ــورة‪ ،‬إذ أدت الح ــروب‬ ‫دو ًرا جوهري ـ ًـا ف ــي تفاق ــم املش ــكلة‪ ،‬فق ــد ش ــهد‬ ‫الع ـراق‪ ،‬من ــذ تس ــعينيات الق ــرن املا�ض ــي‪،‬‬ ‫سلس ــلة م ــن الصراع ــات العس ــكرية الت ــي كان‬ ‫له ــا أث ــر مباش ــر وغي ــر مباش ــر عل ــى البيئ ــة‪.‬‬ ‫فف ــي الع ــام ‪ ،1991‬وأثن ــاء ح ــرب الخلي ــج‪،‬‬ ‫أضرم ــت الق ــوات العراقي ــة الن ــار ف ــي آب ــار‬ ‫النف ــط الكويتي ــة‪ ،‬م ــا أدى إل ــى انبع ــاث س ــحب‬ ‫ســوداء كثيفــة حجبــت أشــعة الشــمس وغيــرت‬ ‫ّ‬ ‫مــن خصائــص املنــاخ املحلــي فــي الع ـراق‪ ،‬فيمــا‬ ‫تكــررت الســيناريوهات نفســها فــي العــام ‪،2003‬‬ ‫وم ــع بداي ــة الغ ــزو األمريك ــي‪ ،‬بح ــرق منش ــآت‬ ‫صناعي ــة وآب ــار نف ــط ومخ ــازن أس ــلحة‪ ،‬م ــا‬ ‫أطل ــق كمي ــات ضخم ــة م ــن الغ ــازات الس ــامة‬ ‫والس ــاخنة إل ــى الج ــو‪.‬‬ ‫وفــي العــام ‪ ،2014‬قامــت التنظيمــات اإلرهابيــة‬ ‫بتفجيــر آبــار النفــط وتدميــر مســاحات واســعة‬ ‫م ــن األرا�ض ــي الزراعي ــة‪ ،‬خاص ــة ف ــي منطق ــة‬ ‫القي ــارة‪ ،‬وه ــو م ــا أدى إل ــى انبع ــاث الغ ــازات‬ ‫الدفيئــة‪ ،‬ســاهمت برفــع درجــات الح ـرارة علــى‬ ‫امل ــدى الطوي ــل‪.‬‬ ‫الحروب أبرز األسباب‬ ‫وف ــي ه ــذا الص ــدد‪ ،‬قال ــت خبي ــرة اإلش ــعاع‬ ‫والتل ــوث‪ ،‬إقب ــال لطي ــف‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬إن‬ ‫"اس ــتخدام اليوراني ــوم املنض ــب ف ــي القذائ ــف‬ ‫والصواري ــخ الحربي ــة أدى إل ــى تغي ـرات مناخي ــة‬ ‫ح ــادة"‪ ،‬مبين ــة أن ــه "عن ــد انفج ــار ه ــذه‬ ‫القناب ــل‪ ،‬تتول ــد ح ـرارة هائل ــة ق ــد تص ــل إل ــى‬ ‫‪ 10,000‬درج ــة مئوي ــة‪ ،‬م ــا ي ــؤدي إل ــى تك ـ ّـون‬ ‫س ــحب كثيف ــة تحج ــب أش ــعة الش ــمس‪ ،‬وم ــع‬

‫‪114‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪115 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫كيف صنعت الحروب األجواء الالهبة؟‬

‫امتزاجه ــا بأكاس ــيد الكرب ــون والكبري ــت‪ ،‬ترتف ــع‬ ‫هــذه الغــازات إلــى طبقــات الجــو العليــا مســببة‬ ‫احتباس ـ ًـا حراري ـ ًـا طوي ــل األم ــد"‪.‬‬ ‫وأشــارت‪ ،‬إلــى أن "البصمــة الكربونيــة للقــوات‬ ‫األمريكيــة فــي العـراق‪ ،‬بحســب الوكالــة الدوليــة‬ ‫للطاق ــة الذري ــة‪ُ ،‬تق ـ ّـدر بــ‪ 5.8%‬م ــن إجمال ــي‬ ‫االنبعاث ــات العاملي ــة‪ ،‬فيم ــا ُتق ـ ّـدر االنبعاث ــات‬ ‫الكربوني ــة للجي ــش األمريك ــي بنح ــو ‪ 60‬ملي ــون‬ ‫ط ــن‪ ،‬م ــا ي ــؤدي إل ــى ارتف ــاع ح ـرارة اله ــواء‬ ‫والغ ــاف الج ــوي وت ــآكل طبق ــة األوزون"‪.‬‬ ‫وتابعــت لطيــف‪ ،‬حديثهــا بالقــول إن "منــذ عــام‬ ‫‪ ،1991‬ب ــدأت درج ــات الح ـرارة ترتف ــع بص ــورة‬ ‫غي ــر معه ــودة‪ ،‬وب ــدأ املواطن ــون ف ــي محافظ ــات‬ ‫البصــرة وذي قــار والســماوة باســتخدام أجهــزة‬ ‫التبري ــد ألول م ــرة‪ ،‬بعدم ــا كان ــت أجواؤه ــم‬ ‫ـبيا قب ــل ذل ــك"‪.‬‬ ‫معتدل ــة نس ـ ً‬ ‫وق ــد كش ــف وكي ــل وزارة البيئ ــة جاس ــم‬ ‫الفالح ــي‪ ،‬مطل ــع الع ــام الج ــاري‪ ،‬ع ــن ارتف ــاع‬ ‫درج ــات الح ـرارة ف ــي الع ـراق م ــا بي ــن ‪ 4‬إل ــى ‪5‬‬

‫درجــات مئويــة فــوق املعــدالت الطبيعيــة خــال‬ ‫الخمس ــين س ــنة املاضي ــة‪ ،‬ف ــي حي ــن أن املع ــدل‬ ‫العالمــي لالرتفــاع خــال املــدة ذاتهــا أقــل بكثيــر‪.‬‬ ‫مدمر‬ ‫اليورانيوم املنضب‪ ..‬سالح ّ‬ ‫ب ــدوره‪ ،‬ق ــال حي ــدر رش ــاد الربيع ــي‪ ،‬رئي ــس‬ ‫مؤسس ــة "حق ــب لإلغاث ــة والتنمي ــة‬ ‫املســتدامة"‪ ،‬إن "الحــروب كانــت مــن األســباب‬ ‫الرئيســية فــي تراجــع الغطــاء النباتــي‪ ،‬خاصــة فــي‬ ‫املحافظ ــات الجنوبي ــة"‪.‬‬ ‫وفــي حديــث ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬أضــاف أن "البصــرة‬ ‫كان ــت تض ــم أكث ــر م ــن ‪ 10‬ماليي ــن نخل ــة قب ــل‬ ‫الح ــرب العراقي ــة اإليراني ــة‪ ،‬والي ــوم ال يتبق ــى‬ ‫منه ــا س ــوى أق ــل م ــن ملي ــون نخل ــة فق ــط"‪،‬‬ ‫مشــي ًرا إلــى أن "األلغــام واملقذوفــات املنتشــرة فــي‬ ‫األرا�ضــي الزراعيــة أجبــرت الفالحيــن علــى هجــر‬ ‫أراضيهــم‪ ،‬مــا فاقــم ظاهــرة التصحــر وأســهم فــي‬ ‫ارتف ــاع درج ــات الح ـرارة بش ــكل واض ــح"‪.‬‬ ‫كم ــا لف ــت إل ــى أن "االنفج ــارات العس ــكرية‬ ‫والحرائ ــق النفطي ــة تطل ــق كمي ــات كبي ــرة م ــن‬

‫إقبال لطيف‪":‬البصمة‬ ‫الكربونية للقوات‬ ‫األمريكية في العراق‪،‬‬ ‫بحسب الوكالة الدولية‬ ‫قدر‬ ‫للطاقة الذرية‪ُ ،‬ت ّ‬ ‫بـ‪ %5.8‬من إجمالي‬ ‫االنبعاثات العالمية‪،‬‬ ‫قدر االنبعاثات‬ ‫فيما ُت ّ‬

‫إقبال لطيف‬

‫خبيرة اإلشعاع والتلوث‬

‫الكربونية للجيش‬ ‫األمريكي بنحو ‪60‬‬ ‫مليون طن‪ ،‬ما يؤدي‬ ‫إلى ارتفاع حرارة الهواء‬ ‫والغالف الجوي وتآكل‬ ‫طبقة األوزون "‪.‬‬

‫شكري الحسن‪":‬‬ ‫الحروب ساهمت في‬ ‫تدمير مساحات خضراء‬ ‫شاسعة وأطلقت‬ ‫كميات هائلة من‬ ‫الملوثات‪ ،‬من بينها‬ ‫إشعاعات اليورانيوم‬ ‫والغازات السامة‪،‬‬ ‫وكلها تؤدي إلى تفاقم‬ ‫ظاهرة االحتباس‬ ‫شكري الحسن‬

‫باحث أكاديمي في الشأن البيئي‪،‬‬

‫الحراري "‪.‬‬

‫الغ ــازات الكربوني ــة والغ ــازات الدفيئ ــة‪ ،‬والت ــي‬ ‫ت ــؤدي إل ــى تغي ـرات مناخي ــة دائم ــة"‪ ،‬مضيف ـ ًـا‬ ‫أن "االنفج ــارات وإش ــعال اآلب ــار تف ــرز ملوث ــات‬ ‫تس ــبب االحتب ــاس الح ـراري‪ ،‬وه ــو أح ــد أب ــرز‬ ‫أس ــباب ارتف ــاع درج ــات الح ـرارة"‪.‬‬ ‫وف ــي مطل ــع الع ــام الج ــاري‪ ،‬ح ــذر معه ــد‬ ‫"ســتوكهولم" البيئــي الســويدي مــن أن الع ـراق‬ ‫يواج ــه تحدي ــات مائي ــة بس ــبب أزم ــات التغيي ــر‬ ‫املناخ ــي واألح ــداث اإلقليمي ــة الناجم ــة ع ــن‬ ‫النزاعــات الطويلــة‪ ،‬مــا يهــدد أمنــه املائــي بشــكل‬ ‫خطي ــر‪.‬‬ ‫رأي علمي متوازن‬ ‫إلــى ذلــك‪ ،‬أوضــح الباحــث األكاديمــي فــي الشــأن‬ ‫البيئ ــي‪ ،‬ش ــكري الحس ــن‪ ،‬خ ــال حديث ــه ملجل ــة‬ ‫«فيل ــي»‪ ،‬أن "العوام ــل املتس ــببة بارتف ــاع‬ ‫درج ــات الح ـرارة متع ــددة‪ ،‬وال يمك ــن إرجاعه ــا‬ ‫للح ــروب فق ــط"‪.‬‬ ‫وقــال إن هنــاك متغي ـرات مناخيــة مهمــة تــؤدي‬ ‫ً‬ ‫دورا‪ ،‬مث ــل الضغ ــط الج ــوي‪ ،‬اتج ــاه الري ــاح‪،‬‬ ‫طبيع ــة األرض‪ ،‬موس ــمية حرك ــة األرض‪،‬‬

‫الجف ــاف‪ ،‬وتناق ــص الغط ــاء األخض ــر"‪.‬‬ ‫لكن ــه أق ـ ّـر ب ــأن الح ــروب س ــاهمت ف ــي تدمي ــر‬ ‫مس ــاحات خض ـراء شاس ــعة وأطلق ــت كمي ــات‬ ‫هائل ــة م ــن امللوث ــات‪ ،‬م ــن بينه ــا إش ــعاعات‬ ‫اليورانيــوم والغــازات الســامة‪ ،‬وكلهــا تــؤدي إلــى‬ ‫تفاق ــم ظاه ــرة االحتب ــاس الح ـراري‪.‬‬ ‫ارتف ــاع درج ــات الح ـرارة الح ــاد ف ــي الع ـراق ل ــم‬ ‫يكــن مجــرد ظاهــرة مناخيــة‪ ،‬بــل تســبب بأزمــات‬ ‫صحي ــة متزاي ــدة‪ ،‬أبرزه ــا تف�ش ــي أم ـراض مث ــل‬ ‫الكوليـرا‪ ،‬وأمـراض جلديــة‪ ،‬وضربــات الشــمس‪.‬‬ ‫وق ــد اضط ــرت الس ــلطات إل ــى تعطي ــل ال ــدوام‬ ‫الرس ــمي م ـرا ًرا ف ــي مؤسس ــات الدول ــة‪ ،‬حي ــن‬ ‫بلغ ــت درج ــات الح ـرارة الخمس ــين مئوي ــة أو‬ ‫أكث ــر‪ ،‬م ــا يعك ــس حج ــم التأثي ــر الس ــلبي عل ــى‬ ‫الحي ــاة اليومي ــة واالقتص ــاد‪.‬‬ ‫ويع ــد الع ـراق م ــن أكث ــر دول املنطق ــة تأث ـ ًرا‬ ‫ـدا‬ ‫بالتغيـرات املناخيــة‪ ،‬إذ يواجــه ارتفاعـ ًـا متزايـ ً‬ ‫ف ــي مس ــتويات الجف ــاف‪ ،‬م ــا أدى إل ــى اتس ــاع‬ ‫رقع ــة التصح ــر وتراج ــع املس ــاحات الخض ـراء‬ ‫بش ــكل ملح ــوظ‪.‬‬

‫‪116‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪117 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫توقفت عديد املصانع‬ ‫العر اقية التي كانت‬ ‫مزدهرة في عقود سابقة‪،‬‬ ‫مثل شركات الزيوت‬ ‫النباتية والجلود واألسمنت‬ ‫والصناعات القطنية‬ ‫والنسيج واملنتجات‬ ‫الغذائية والسكرواألسمنت‬ ‫والصناعات الكهربائية‬ ‫وغيرها‪ ،‬و تضافرت أسباب‬ ‫عدة لتشكل عائقا أمام‬ ‫عودتها لإلنتاج والتميزالذي‬ ‫كانت عليه وتحديثها‪.‬‬

‫"القوانني المعقدة‬ ‫والروتني الحكومي‬ ‫الطويل يعرقالن‬ ‫أي محاولة لجذب‬ ‫االستثمار األجنبي أو‬ ‫حتى المحلي‪ ،‬وعدم‬ ‫استقرار السياسات‬ ‫االقتصادية يثني‬ ‫المستثمرين عن‬ ‫المغامرة بأموالهم في‬ ‫مشاريع صناعية طويلة‬ ‫األجل"‪.‬‬

‫الصناعة العراقية‪:‬‬

‫رثاء أمجاد الماضي‬ ‫ومأساة الحارض‬

‫فلق ــد عان ــت املصان ــع العراقي ــة م ــن إهم ــال‬ ‫طوي ــل األم ــد من ــذ تس ــعينات الق ــرن املا�ض ــي‪ ،‬و‬ ‫لــم يجــري تحديــث اآلالت واملعــدات أو صيانتهــا‬ ‫بش ــكل دوري‪ ،‬مم ــا أدى إل ــى تآكله ــا وتوقفه ــا‬ ‫ع ــن العم ــل‪ .‬وبع ــد ع ــام ‪ ،2003‬وبرغ ــم الوع ــود‬ ‫املتك ــررة‪ ،‬ل ــم يج ــري تخصي ــص اس ــتثمارات‬ ‫كافي ــة إلع ــادة تأهي ــل ه ــذه املصان ــع وتحدي ــث‬ ‫بنيته ــا التحتي ــة‪.‬‬ ‫وش ــخص الفس ــاد أح ــد أكب ــر املعوق ــات الت ــي‬ ‫تواج ــه قط ــاع الصناع ــة ف ــي الع ـراق‪ ،‬فس ــوء‬ ‫اإلدارة واختــاس األمــوال املخصصــة للمشــاريع‬ ‫الصناعيــة أدى إلــى هــدر املــوارد ومنــع إنجــاز أي‬

‫تقــدم ملمــوس‪ ،‬كمــا أن املحســوبية والواســطة‬ ‫ف ــي التعيين ــات أدت إل ــى تده ــور الكف ــاءات‬ ‫اإلداري ــة والفني ــة ف ــي ه ــذه الش ــركات‪.‬‬ ‫ويغ ــرق الس ــوق العراق ــي باملنتج ــات املس ــتوردة‪،‬‬ ‫ال س ــيما م ــن دول الج ــوار‪ ،‬ويك ــون املنت ــج ف ــي‬ ‫كثي ــر م ــن األحي ــان أرخ ــص ثمن ــا‪ ،‬حت ــى ل ــو كان‬ ‫أق ــل ج ــودة‪ ،‬بس ــبب سياس ــات اإلغ ـراق وع ــدم‬ ‫تواج ــد حماي ــة جمركي ــة كافي ــة للمنت ــج املحل ــي؛‬ ‫هــذا الوضــع يجعــل مــن الصعــب علــى املنتجــات‬ ‫العراقي ــة منافس ــة املس ــتورد‪ ،‬وي ــؤدي إل ــى رك ــود‬ ‫مبيع ــات املصان ــع املحلي ــة وتراك ــم خس ــائرها‪.‬‬ ‫وتعان ــي املصان ــع العراقي ــة م ــن نق ــص ح ــاد‬

‫ومس ــتمر ف ــي إم ــدادات الطاق ــة الكهربائي ــة‬ ‫والوق ــود‪ ،‬مم ــا ي ــؤدي إل ــى توق ــف اإلنت ــاج مل ــدد‬ ‫طويل ــة ورف ــع تكالي ــف التش ــغيل بش ــكل كبي ــر‪،‬‬ ‫اذ تضطــر املصانــع إلــى االعتمــاد علــى املولــدات‬ ‫الكهربائي ــة الخاص ــة الت ــي تعم ــل بالوق ــود‬ ‫بأس ــعار مرتفع ــة‪.‬‬ ‫وفض ــا ع ــن ذل ــك تفتق ــر البيئ ــة التش ــريعية ف ــي‬ ‫الع ـراق إل ــى املرون ــة والدع ــم املطلوبي ــن إلنع ــاش‬ ‫القطــاع الصناعــي؛ فالقوانيــن املعقــدة والروتيــن‬ ‫الحكومــي الطويــل يعرقــان أي محاولــة لجــذب‬ ‫االس ــتثمار األجنب ــي أو حت ــى املحل ــي ف ــي ه ــذا‬ ‫القط ــاع‪ ،‬كم ــا أن ع ــدم اس ــتقرار السياس ــات‬

‫االقتصادي ــة يثن ــي املس ــتثمرين ع ــن املغام ــرة‬ ‫بأمواله ــم ف ــي مش ــاريع صناعي ــة طويل ــة األج ــل‪.‬‬ ‫وش ــهد الع ـراق ف ــي العق ــود املاضي ــة هج ــرة‬ ‫واس ــعة للكف ــاءات والخب ـرات الصناعي ــة‬ ‫والفنيــة‪ ،‬بســبب الظــروف األمنيــة واالقتصاديــة‬ ‫الصعب ــة‪ .‬ه ــذا النق ــص ف ــي األي ــدي العامل ــة‬ ‫املاهــرة واملهندســين املتخصصيــن يمثــل تحديــا‬ ‫كبي ـرا أم ــام إع ــادة تش ــغيل وتطوي ــر املصان ــع‪.‬‬ ‫لذلــك‪ ،‬تتطلــب إعــادة إحيــاء الصناعــة العراقية‬ ‫إرادة سياس ــية حقيقي ــة وخطط ــا اس ــتراتيجية‬ ‫متكامل ــة تش ــمل تخصي ــص اس ــتثمارات‬ ‫ضخم ــة‪ ،‬إلع ــادة تأهي ــل املصان ــع وتحديثه ــا‬

‫‪118‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪119 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫الصناعة العراقية‪ :‬رثاء أمجاد الماضي ومأساة الحاضر‬ ‫بأحــدث التقنيــات‪ ،‬وتطبيــق مبــادئ الشــفافية‬ ‫واملس ــاءلة ف ــي إدارة الش ــركات الصناعي ــة؛ و‬ ‫ف ــرض رس ــوم جمركي ــة مناس ــبة عل ــى الس ــلع‬ ‫املس ــتوردة ودع ــم الصناع ــات املحلي ــة؛ وتوفي ــر‬ ‫البن ــى التحتي ــة املطلوب ــة م ــن كهرب ــاء ووق ــود‬ ‫وط ــرق وش ــبكات نق ــل‪ ،‬وتحدي ــث القواني ــن‬ ‫لتشــجيع االســتثمار الصناعــي‪ ،‬وتدريــب مــاكات‬ ‫جدي ــدة لرف ــد املصان ــع بامله ــارات املطلوب ــة‪.‬‬ ‫ويج ــب وض ــع معايي ــر ج ــودة صارم ــة للمنتج ــات‬ ‫املس ــتوردة لضم ــان ع ــدم إغ ـراق الس ــوق‬ ‫بمنتج ــات رديئ ــة وغي ــر مطابق ــة للمواصف ــات‪،‬‬ ‫وتقدي ــم حواف ــز مالي ــة وضريبي ــة للمصان ــع‬ ‫املحلي ــة‪ ،‬وتس ــهيل الحص ــول عل ــى الق ــروض‬ ‫امليســرة‪ ،‬وكذلــك توفيــر بيئــة جاذبــة لالســتثمار‬ ‫املحلي واألجنبي‪ ،‬من خالل تبسيط اإلجراءات‪،‬‬ ‫وتوفي ــر الضمان ــات القانوني ــة‪ ،‬وحماي ــة امللكي ــة‬ ‫الفكري ــة‪ ،‬وتوفي ــر الحواف ــز الضريبي ــة واملزاي ــا‬ ‫االس ــتثمارية‪ ،‬وتنمي ــة وتش ــجيع االبت ــكار‬ ‫والبح ــث والتطوي ــر ف ــي الجامع ــات واملراك ــز‬ ‫البحثي ــة والتع ــاون م ــع الصناع ــات لتطوي ــر‬ ‫منتج ــات جدي ــدة وتحس ــين ج ــودة املنتج ــات‬ ‫الحالي ــة‪ ،‬والتوج ــه نح ــو تطوي ــر صناع ــات‬ ‫تحويليــة تعتمــد علــى املــوارد املحليــة (الزراعيــة‪،‬‬ ‫الحيواني ــة‪ ،‬املعدني ــة)‪.‬‬ ‫إن تحقي ــق ه ــذه األه ــداف يس ــهم ف ــي توفي ــر‬ ‫مصــدر دخــل آخــر غيــر النفــط‪ ،‬ويخلــق فــرص‬ ‫عم ــل ويحس ــن م ــن مس ــتوى معيش ــة الس ــكان‬ ‫ويع ــزز االقتص ــاد الوطن ــي بش ــكل ع ــام‪.‬‬ ‫ان تج ــارب بل ــدان العال ــم املتق ــدم‪ ،‬تثب ــت دور‬ ‫التخطيــط الســليم واالدارات الكــفء فــي تطــور‬ ‫البل ــدان الصناع ــي‪.‬‬ ‫أملاني ــا والياب ــان هم ــا مث ــاالن ب ــارزان عل ــى دول‬ ‫دمرتهــا الحــروب بالكامــل‪ ،‬لكنهــا اســتطاعت أن‬ ‫تعــود لتصبــح قــوى صناعيــة واقتصاديــة رائــدة‬ ‫عاملي ــا‪.‬‬ ‫لقــد نجحــت كل مــن أملانيــا واليابــان فــي تحقيــق‬ ‫"معج ــزة اقتصادي ــة" بع ــد الدم ــار الش ــامل‬ ‫ال ــذي لح ــق بهم ــا ف ــي الح ــرب العاملي ــة الثاني ــة‪.‬‬ ‫وبرغ ــم اخت ــاف التفاصي ــل‪ ،‬إال أن هن ــاك‬ ‫قواس ــم مش ــتركة رئيس ــة ف ــي اس ــتراتيجياتهما؛‬ ‫بع ــد الح ــرب العاملي ــة الثاني ــة‪ ،‬كان ــت أملاني ــا‬

‫مدم ــرة بالكام ــل‪ ،‬لكنه ــا نهض ــت بفض ــل ع ــدة‬ ‫عوام ــل‪ :‬مس ــاعدة خط ــة مارش ــال األمريكي ــة‪:‬‬ ‫قدم ــت الوالي ــات املتح ــدة مس ــاعدات مالي ــة‬ ‫ضخم ــة ألوروب ــا الغربي ــة‪ ،‬بم ــا ف ــي ذل ــك أملاني ــا‬ ‫الغربي ــة‪ ،‬إلع ــادة اإلعم ــار‪ .‬ه ــذه املس ــاعدات‬ ‫كان ــت حاس ــمة ف ــي توفي ــر رأس امل ــال املطل ــوب‬ ‫إلع ــادة بن ــاء البني ــة التحتي ــة والصناعي ــة‪.‬‬ ‫وج ــرى إص ــاح العمل ــة باس ــتبدال الراي ــخ م ــارك‬ ‫بامل ــارك األملان ــي‪ ،‬لوق ــف التضخ ــم املف ــرط‬ ‫واس ــتعادة الثق ــة ف ــي االقتص ــاد‪ ،‬وتبن ــت أملاني ــا‬ ‫انم ــوذج "اقتص ــاد الس ــوق االجتماع ــي" ال ــذي‬ ‫يجمــع بيــن حريــة الســوق والعدالــة االجتماعيــة‪.‬‬ ‫ه ــذا النم ــوذج ش ــجع املنافس ــة الح ــرة م ــع‬ ‫الحف ــاظ عل ــى ش ــبكة أم ــان اجتماع ــي قوي ــة‪.‬‬ ‫ورك ــزت أملاني ــا عل ــى تطوي ــر الصناع ــات عالي ــة‬ ‫الج ــودة واملوجه ــة للتصدي ــر‪ ،‬مث ــل الس ــيارات‬ ‫واآلالت وامل ــواد الكيميائي ــة‪ ،‬و أول ــت اهتمام ــا‬ ‫كبي ـرا للبح ــث العلم ــي والتطوي ــر التكنولوج ــي‬

‫للحف ــاظ عل ــى قدرته ــا التنافس ــية؛ وتمي ــزت‬ ‫أملاني ــا بتواج ــد ق ــوة عامل ــة ماه ــرة ومنضبط ــة‪،‬‬ ‫اس ــهمت بش ــكل كبي ــر ف ــي ج ــودة املنتج ــات‬ ‫وكف ــاءة اإلنت ــاج‪ ،‬وادت النقاب ــات دورا هام ــا ف ــي‬ ‫الحف ــاظ عل ــى الس ــام الصناع ــي والتع ــاون م ــع‬ ‫اإلدارة لتحقي ــق األه ــداف املش ــتركة‪.‬‬ ‫وعل ــى غ ـرار أملاني ــا‪ ،‬كان ــت الياب ــان مدم ــرة كلي ــا‬ ‫ايض ــا بع ــد الح ــرب‪ ،‬ولكنه ــا حقق ــت نهض ــة‬ ‫اقتصاديــة وصناعيــة مذهلــة‪ ،‬إذ ســاعد الدعــم‬ ‫األمريك ــي ف ــي مرحل ــة م ــا بع ــد الح ــرب ف ــي إرس ــاء‬ ‫أس ــس اقتص ــاد س ــوق حدي ــث‪ ،‬بم ــا ف ــي ذل ــك‬ ‫إصــاح األرا�ضــي وتفكيــك التكتــات الصناعيــة‬ ‫الكبي ــرة لتش ــجيع املنافس ــة‪ ،‬وج ــرى التركي ــز‬ ‫بش ــدة عل ــى تطوي ــر الصناع ــات التحويلي ــة الت ــي‬ ‫تعتم ــد عل ــى االس ــتيراد والتجمي ــع والتصدي ــر‪،‬‬ ‫مث ــل اإللكتروني ــات والس ــيارات واآلالت‪،‬‬ ‫و اس ــتثمرت الياب ــان بش ــكل كبي ــر ف ــي نظ ــام‬ ‫التعلي ــم والتدري ــب املنه ــي إلنش ــاء ق ــوة عامل ــة‬

‫عالي ــة امله ــارة والتخص ــص‪.‬‬ ‫و تمي ــزت الش ــركات الياباني ــة بتبن ــي فلس ــفة‬ ‫التحس ــين املس ــتمر ف ــي جمي ــع جوان ــب اإلنت ــاج‪،‬‬ ‫ممــا أدى إلــى جــودة عاليــة وكفــاءة فــي التكلفــة و‬ ‫كان هناك تعاون وثيق بين الحكومة والشركات‬ ‫الكبــرى فــي تحديــد األولويــات الصناعيــة وتوفيــر‬ ‫الدعــم املطلــوب للتوســع فــي األســواق العامليــة‪،‬‬ ‫ورك ــزت الياب ــان عل ــى اس ــتيراد التكنولوجي ــا‬ ‫الغربيــة فــي البدايــة ثــم تطويرهــا واالبتــكار فيهــا‬ ‫لتصبــح رائــدة فــي عديــد املجــاالت التكنولوجيــة؛‬ ‫وشــجعت الحكومــة اليابانيــة معــدالت االدخــار‬ ‫املرتفع ــة ل ــدى األف ـراد والش ــركات‪ ،‬مم ــا وف ــر‬ ‫رأس امل ــال املطل ــوب لالس ــتثمار الصناع ــي‪.‬‬ ‫مــن تجــارب أملانيــا واليابــان‪ ،‬يمكــن اســتخالص‬ ‫األس ــاليب الرئيس ــة للنه ــوض الصناع ــي بع ــد‬ ‫األزمــات‪ ،‬بإعــادة بنــاء وتحديــث البنيــة التحتيــة‬ ‫األساس ــية (الطاق ــة‪ ،‬النق ــل‪ ،‬االتص ــاالت) الت ــي‬ ‫تع ــد العم ــود الفق ــري ألي نهض ــة صناعي ــة‪.‬‬

‫" ألمانيا واليابان هما مثاالن بارزان على دول دمرتها‬ ‫الحروب بالكامل‪ ،‬لكنها استطاعت أن تعود لتصبح‬ ‫قوى صناعية واقتصادية رائدة عالميا‪" .‬‬

‫االس ــتثمار ف ــي التعلي ــم والتدري ــب املنه ــي‪،‬‬ ‫والتركي ــز عل ــى بن ــاء ق ــدرات امل ــاكات الفني ــة‬ ‫واإلداري ــة‪ ،‬والتركي ــز عل ــى بن ــاء صناع ــات ق ــادرة‬ ‫عل ــى املنافس ــة عاملي ــا والتصدي ــر لتحقي ــق‬ ‫العم ــات الصعب ــة وتنوي ــع مص ــادر الدخ ــل‪.‬‬ ‫تبس ــيط اإلج ـراءات‪ ،‬وتقدي ــم حواف ــز‪ ،‬وتوفي ــر‬ ‫بيئ ــة قانوني ــة وتش ــريعية مس ــتقرة وداعم ــة‬ ‫لالس ــتثمار‪.‬‬

‫كمــا تشــمل إجـراءات التعافــي الصناعــي‪ ،‬الدعــم‬ ‫الحكوم ــي الذكــي‪ ،‬و لي ــس بالض ــرورة التدخ ــل‬ ‫املباش ــر ف ــي اإلدارة‪ ،‬ب ــل بتوفي ــر البيئ ــة املحف ــزة‬ ‫(سياس ــات حمائي ــة مدروس ــة‪ ،‬دع ــم البح ــث‬ ‫والتطوي ــر‪ ،‬توفي ــر التموي ــل امليسر)‪،‬وترس ــيخ‬ ‫االس ــتقرار السيا�س ــي واألمن ــي فه ــو الش ــرط‬ ‫األسا�س ــي ال ــذي م ــن دون ــه ال يمك ــن ألي خط ــط‬ ‫اقتصادي ــة أن تنج ــح‪.‬‬

‫‪120‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪121 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫رزق من الجحيم‪..‬‬

‫كادحون ينزتعون‬

‫قوتهم من تحت الجمر‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫يلســع لهيــب النــاروجــه عامــل فــي مطعــم‪ ،‬وهــو يقلــب ســمكة‬ ‫موضوع ــة أمام ــه عل ــى الحط ــب‪ ،‬ويعص ــر وجه ــه بق ــوة ج ــراء‬ ‫الح ــرارة العالي ــة املنبعث ــة م ــن جم ــر الخش ــب م ــع درج ــات‬ ‫الح ــرارة املرتفع ــة ج ــدا والخارج ــة م ــن الف ــرن‪.‬‬

‫وف ــي مش ــهد مماث ــل يرت ــدي العام ــل حس ــام‬ ‫الديــن عبــاس‪ ،‬اكثــر مــن قميــص علــى الرغــم‬ ‫م ــن الن ــار وارتف ــاع درج ــات الح ـرارة‪ ،‬ويغط ــي‬ ‫وجه ــه بقطع ــة قم ــاش س ــميكة ويض ــع قبع ــة‬ ‫عل ــى راس ــه ويرت ــدي النظ ــارات والكف ــوف‪،‬‬ ‫وه ــو يواج ــه ن ــار الش ــواء‪.‬‬ ‫ه ــذه املش ــاهد‪ ،‬مس ــتمرة ف ــي األس ــواق‬ ‫ومختل ــف املطاع ــم وأف ـران الصم ــون‪ ،‬رغ ــم‬ ‫ارتف ــاع درج ــات الح ـرارة‪ ،‬لك ــن العم ــال‬ ‫يكافحــون ويواصلــون عملهــم مــن أجــل لقمــة‬ ‫عي ــش له ــم وألس ــرهم‪.‬‬ ‫ويقــول العامــل عبــاس‪ ،‬إن "املالبــس الثقيلــة‬ ‫التــي ارتديهــا هــي محاولــة للوقايــة مــن الحــروق‬ ‫والحـرارة العاليــة"‪.‬‬ ‫ويضيــف فــي حديــث ملجلــة «فيلي»‪ ،‬أن "عملنا‬ ‫فــي املخابــز واالفـران و�شــي الســمك اليتوقــف‬ ‫ف ــي مختل ــف الظ ــروف‪ ،‬والتوج ــد ضواب ــط‬ ‫او تعليم ــات معين ــة ممك ــن اتباعه ــا لتوق ــف‬ ‫العم ــل خ ــال درج ــات الح ـرارة العالي ــة‪ ،‬الن‬ ‫ذل ــك مره ــون بق ـرار رب العم ــل فق ــط"‪.‬‬ ‫ويتاب ــع أن "توق ــف العم ــل يتس ــبب بض ــرر‬ ‫للعم ــال الذي ــن يتقاض ــون اج ــو ًرا يومي ــة او‬ ‫اس ــبوعية‪ ،‬لع ــدم احتس ــاب أج ــر عل ــى االي ــام‬ ‫الت ــي يتوق ــف به ــا العم ــل"‪.‬‬ ‫وتس ــبب الن ــار والح ـرارة العالي ــة ومواصل ــة‬ ‫العم ــل به ــذه امله ــن لفت ـرات طويل ــة‪ ،‬بتع ــرض‬ ‫بعــض العامليــن الــى اصابــات جلديــة وامـراض‬ ‫اخ ــرى مختلف ــة دون ان تح ــرك الجه ــات‬ ‫ـاكنا به ــذا الش ــأن‪.‬‬ ‫املعني ــة س ـ ً‬ ‫وبموج ــب القواني ــن الناف ــذة‪ ،‬فان ــه يج ــب‬ ‫توفي ــر مس ــلتزمات الس ــامة والعم ــل‪ ،‬بي ــد ان‬ ‫القواني ــن مات ـزال مج ــرد حب ــر عل ــى ورق ول ــم‬ ‫يت ــم اعتماده ــا وتطبيقه ــا ف ــي اغل ــب مج ــاالت‬ ‫عم ــل القط ــاع الخ ــاص‪.‬‬ ‫م ــن جانب ــه‪ ،‬يبي ــن العام ــل ف ــي األف ـران‪ ،‬كري ــم‬ ‫فرحــان فــي حديــث ملجلــة «فيلــي»‪ ،‬أنــه "م�ضــى‬ ‫‪ 15‬عام ــا عل ــى ممارس ــتي العم ــل ف ــي االف ـران‬ ‫واملخابــز و�شــي األســماك‪ ،‬وعملــت فــي مختلــف‬

‫‪122‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪123 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫رزق من الجحيم‪..‬كادحون ينتزعون قوتهم من تحت الجمر‬ ‫الظ ــروف دون توق ــف"‪.‬‬ ‫ويضي ــف‪" :‬تعرض ــت م ـرات عدي ــدة لإلصاب ــة‬ ‫بحــروق فــي وجهــي ويــدي ودخلــت املستشــفى‬ ‫اكث ــر م ــن م ــرة ج ـراء مضاعف ــات الن ــار‬ ‫والدخ ــان‪ ،‬اذ تعرض ــت م ـرا ًرا لالختن ــاق"‪.‬‬ ‫ويوض ــح أن "الف ــرن والش ــواية‪ ،‬تبل ــغ درج ــة‬ ‫حرارته ــا ‪ 50‬درج ــة مئوي ــة‪ ،‬يض ــاف له ــا درج ــة‬ ‫ح ـرارة الجــو التــي تناهــز الــ‪ 50‬ايضـ ًـا‪ ،‬وبذلــك‬ ‫نحــن نعمــل بدرجــة غليــان كاملــة‪ ،‬ولــم اشـ ُـك‬ ‫يوم ـ ًـا‪ ،‬فنح ــن نكس ــب قوتن ــا بظ ــروف عم ــل‬ ‫تش ــبه الجحي ــم‪ ،‬فالحي ــاة صعب ــة‪ ،‬ول ــدي‬ ‫عائل ــة اتكف ــل باالنف ــاق عليه ــا"‪ ،‬مضيف ــا‬ ‫باللهج ــة العامي ــة "للعيش ــة كل�ش ــي نتحم ــل"‪.‬‬ ‫ويؤك ــد أن "العم ــل ف ــي بع ــض االف ـران‬ ‫يتواص ــل عل ــى م ــدى ‪ 12‬س ــاعة‪ ،‬وان اق ــل‬ ‫وقــت يقضيــه العامــل يوميــا فــي مواجهــة النــار‬ ‫ه ــو ‪ 7‬س ــاعات"‪.‬‬ ‫ويس ــتطرد أن "كثي ـ ًرا م ــن العاملي ــن ترك ــوا‬ ‫العم ــل ف ــي �ش ــي االس ــماك خ ــال فص ــل‬ ‫الصي ــف لع ــدم تحمله ــم ظ ــروف العم ــل‬ ‫والحـرارة القاســية"‪ ،‬مشــيرا الــى ان "العمــل فــي‬ ‫مجــال �شــي االســماك يتطلــب وقــوف العمــال‬ ‫طوي ـ ًـا تح ــت الش ــمس ليواجه ــوا الن ــار‬ ‫والدخ ــان والش ــمس الح ــارة‪ ،‬وه ــو اليق ــوى‬ ‫علي ــه كثي ــرون‪ ،‬اال انن ــي اعت ــدت ه ــذا العم ــل‬ ‫وتعايش ــت مع ــه فه ــو مص ــدر رزق ــي الوحي ــد‬ ‫عل ــى الرغ ــم م ــن االض ـرار الصحي ــة الت ــي‬ ‫اتع ــرض له ــا والت ــي تجبرن ــي عل ــى ت ــرك العم ــل‬ ‫ألس ــابيع"‪.‬‬ ‫أمــا عبــد العزيــز عبــد الواحــد‪ ،‬وهــو صاحــب‬ ‫مطع ــم س ــمك‪ ،‬فيق ــول ف ــي حديث ــه ملجل ــة‬ ‫«فيل ــي» أن ــه‪" ،‬لي ــس بالي ــد حيل ــه‪ ،‬واليمك ــن‬ ‫غل ــق املطع ــم خ ــال ارتف ــاع درج ــات الح ـرارة‬ ‫الن ــه س ــبيلنا الوحي ــد للعي ــش"‪.‬‬ ‫ويب ــدي عب ــد العزي ــز تعاطف ــه م ــع العم ــال‬ ‫ف ــي فص ــل الصي ــف‪ ،‬حي ــث الن ــار والش ــمس‬ ‫والدخــان‪ ،‬ويثنــي علــى جهودهــم وصبرهــم كمــا‬ ‫يقــول‪ ،‬مشــي ًرا فــي ذات الوقــت‪ ،‬انــه "اســتبدل‬ ‫عم ــال �ش ــي االس ــماك بي ــن فت ــرة واخ ــرى‪ ،‬أم ــا‬ ‫لتركهــم العمــل او تعرضهــم إلصابــات تمنعهــم‬ ‫م ــن مزاول ــة العم ــل"‪.‬‬ ‫إلــى ذلــك‪ ،‬يوضــح الخبيــر القانونــي نــور الديــن‬

‫مه ــدي‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن "قان ــون العم ــل‬ ‫لس ــنة ‪ 2015‬يوج ــب اتب ــاع تدابي ــر الصح ــة‬ ‫والســامة األساســية وتوفيــر بيئــة عمــل الئقــة‬ ‫وصحي ــة وس ــليمة‪ ،‬وتدري ــب العاملي ــن عل ــى‬ ‫كيفيــة تجنــب املخاطــر املهنيــة ونشــر ثقافــة‬ ‫الصح ــة والس ــامة املهني ــة بي ــن العاملي ــن‬ ‫وتقليــص الضوابــط الخاصــة بمخاطــر املهنــة‬ ‫ف ــي م ــكان ظاه ــر ف ــي موق ــع العم ــل"‪.‬‬ ‫ويؤكــد أن "قانــون العمــل يشــدد علــى ضــرورة‬ ‫توفيــر مســتلزمات االســعافات الطبيــة األوليــة‬

‫فــي مــكان العمــل وضمــان اج ـراء الفحوصــات‬ ‫الطبي ــة االبتدائي ــة والدوري ــة لكاف ــة العم ــال‪،‬‬ ‫للتاك ــد م ــن س ــامتهم م ــن جمي ــع املخاط ــر‬ ‫املهني ــة‪ ،‬اضاف ــة ال ــى توفي ــر مع ــدات الوقاي ــة‬ ‫الشــخصية املناســبة للعمــال دون ان يتحمــل‬ ‫العامــل أي تكاليــف ماليــة‪ ،‬بــل يجــب توفيرهــا‬ ‫مــن قبــل اربــاب العمــل"‪.‬‬ ‫ووفق ــا ألطب ــاء ومختصي ــن‪ ،‬ف ــإن الوق ــوف‬ ‫لفت ـرات طويل ــة ف ــي أف ـران الصم ــون و�ش ــي‬ ‫االس ــماك ف ــي الصي ــف‪ ،‬يتس ــبب بمش ــاكل ف ــي‬

‫انتظ ــام ال ــدورة الدموي ــة‪ ،‬اضاف ــة ال ــى ارتف ــاع‬ ‫مع ــدالت ضغ ــط ال ــدم‪ ،‬وت ــورم والته ــاب‬ ‫الس ــاقين‪ ،‬وآالم ف ــي الظه ــر والرقب ــة والكتفي ــن‬ ‫وتش ــنجات العض ــات‪.‬‬ ‫ويؤكــد رئيــس االتحــاد العــام لنقابــات العمــال‬ ‫ف ــي الع ـراق س ــتار الدنب ــوس‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪،‬‬ ‫أن ــه "عل ــى الرغ ــم م ــن العم ــل الش ــاق ال ــذي‬ ‫يزاول ــه العم ــال ف ــي قط ــاع االف ـران واملخاب ــز‬ ‫و�ش ــي االس ــماك بش ــكل خ ــاص‪ ،‬وال ــذي‬ ‫يتطل ــب الوق ــوف طوي ــا تح ــت الش ــمس‬

‫وارتف ــاع درج ــات الح ـراة صيف ــا‪ ،‬اال ان ــه ل ــم‬ ‫ت ــرد لالتح ــاد اي ــة ش ــكاوى م ــن العم ــال به ــذا‬ ‫الخص ــوص"‪.‬‬ ‫ويش ــدد الدنب ــوس عل ــى ض ــرورة أن "يع ــي‬ ‫العم ــال وأرب ــاب العم ــل قان ــون الضم ــان‬ ‫االجتماع ــي االختي ــاري واالجب ــاري الن ــه يص ــب‬ ‫بصلح ــة الجمي ــع"‪ ،‬الفت ــا إل ــى "وج ــود ج ــوالت‬ ‫م ــن اعض ــاء نقاب ــات العم ــال ملتابع ــة س ــير‬ ‫العم ــل واالط ــاع عل ــى الصعوب ــات الت ــي‬ ‫يواجهه ــا العامل ــون وتوجي ــه ارب ــاب العم ــل‬

‫التخ ــاذ اج ـراءات الس ــامة‪ ،‬واالخب ــار ع ــن‬ ‫اي حال ــة صحي ــة يتع ــرض له ــا العم ــال ج ـراء‬ ‫العم ــل"‪.‬‬ ‫وثم ــة اعتب ــارات عدي ــدة تدف ــع العم ــال ع ــن‬ ‫االمتن ــاع ع ــن تقدي ــم ش ــكاوى للنقاب ــات‬ ‫املعني ــة تتعل ــق بظ ــروف عمله ــم واملخاط ــر‬ ‫الت ــي يتعرض ــون له ــا‪ ،‬ومنه ــا الخ ــوف م ــن‬ ‫فق ــدان العم ــل وع ــدم الثق ــة ف ــي االج ـراءات‬ ‫الت ــي يمك ــن ان تتخذه ــا النقاب ــة العمالي ــة‪،‬‬ ‫اضافــة الــى احباطهــم مــن تغييــر بيئــة العمــل‪.‬‬

‫"الحياة صعبة‪ ،‬ولدي عائلة‬ ‫اتكفل باالنفاق عليها"‪" ،‬للعيشة‬ ‫كل�شي نتحمل" ‪" ،‬العمل في بعض‬ ‫االفران يتواصل على مدى ‪12‬‬ ‫ساعة"‪ ،‬و اقل وقت يقضيه‬ ‫العامل يوميا في مواجهة النار ‪7‬‬ ‫ساعات"‪.‬‬

‫" الوقوف لفترات طويلة في‬ ‫أفران الصمون و�شي االسماك‬ ‫في الصيف‪ ،‬يتسبب بمشاكل في‬ ‫انتظام الدورة الدموية‪ ،‬اضافة‬ ‫الى ارتفاع معدالت ضغط‬ ‫الدم‪ ،‬وتورم والتهاب الساقين‪،‬‬ ‫وآالم في الظهروالرقبة والكتفين‬ ‫وتشنجات العضالت‪".‬‬

‫‪124‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪125 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫نعمة‪" :‬األكثر تأثر اً بالجفاف الذي‬ ‫ضرب بأطنابه محافظات ميسان‬ ‫والبصرة وذي قار والمثنى‪ ،‬فيما‬ ‫تعرضت ميسان إلى أقسى موجة‬ ‫نزوح بالفترة الحالية بارتحال حوالي‬ ‫‪ 1600‬إنسان من أطراف األرياف إلى‬ ‫بعض األقضية والنواحي أو إلى مركز‬ ‫المحافظة‪".‬‬

‫العطش يجتاح الريف العراقي‪..‬‬

‫الهنداوي‪" :‬وزارة التخطيط لديها‬

‫الجفاف ُيشعل أزمة ديمغرافية في الجنوب‬

‫سياسة تتضمن مسارات عدة لتنمية‬ ‫الريف وإعادة الحياة إليه‪ ،‬بينها تطوير‬ ‫القرى الريفية أو ما تسمى (أمهات‬ ‫القرى) التي فيها أعداد سكان أكثر‬ ‫واشتراكات مع القرى األخرى"‪.‬‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫تتع ــرض املجتمع ــات الريفي ــة لتغيي ــرديمغراف ــي وحرك ــة ن ــزوح تح ــت وط ــأة الجف ــاف ال ــذي يش ــتد ف ــي عم ــوم أنح ــاء‬ ‫العــراق ال ســيما فــي املحافظــات الجنوبيــة‪ ،‬مــا تســبب فــي تدهــورالثــروات الحيوانيــة والســمكية‪ ،‬وتراجــع جــودة‬ ‫ـلبا علــى الســلم الغذائــي والتــوازن البيئــي املوجــود فــي األريــاف‪.‬‬ ‫التربــة‪ ،‬و أثــرسـ ً‬

‫وتبل ــغ نس ــبة س ــكان الري ــف حوال ــي ‪ 30‬باملئ ــة‬ ‫مقارن ــة بس ــكان امل ــدن الذي ــن يش ــكلون حوال ــي‬ ‫‪ 70‬باملئ ــة م ــن مجم ــوع س ــكان الع ـراق‪ ،‬أي‬ ‫حوال ــي ‪ 13‬ملي ــون نس ــمة م ــن أص ــل ‪ 46‬ملي ــون‬ ‫نس ــمة‪ ،‬ه ــم إجمال ــي س ــكان الع ـراق‪ ،‬وفق ـ ًـا‬ ‫لنتائ ــج التع ــداد الع ــام للس ــكان واملس ــاكن‬ ‫ال ــذي أج ــري نهاي ــة الع ــام املا�ض ــي ‪،2024‬‬ ‫وبحس ــب املتح ــدث باس ــم وزارة التخطي ــط‪،‬‬ ‫عب ــد الزه ــرة الهن ــداوي‪.‬‬ ‫ويوض ــح الهن ــداوي‪ ،‬ملجل ــة «فيل ــي»‪ ،‬أن‬ ‫"التغي ـرات املناخي ــة الت ــي يش ــهدها الع ـراق‬ ‫والعال ــم‪ ،‬تس ــببت بانحس ــار الزراع ــة م ــا دف ــع‬ ‫العدي ــد م ــن العائ ــات الت ــي تس ــكن الري ــف‬ ‫للبح ــث ع ــن مص ــادر رزق بديل ــة‪ ،‬ونتيج ــة‬ ‫لذل ــك انتق ــل بع ــض س ــكان الق ــرى م ــن م ــكان‬ ‫إل ــى آخ ــر"‪.‬‬ ‫وع ــن تفاصي ــل ح ــاالت الن ــزوح‪ ،‬يش ــير‬ ‫الخبي ــر البيئ ــي‪ ،‬أحم ــد صال ــح نعم ــة‪ ،‬إل ــى أن‬ ‫"املجتمع ــات تتع ــرض بع ــد كل موج ــة جف ــاف‬

‫إل ــى ن ــوع م ــن التده ــور‪ ،‬بم ــا في ــه التغيي ــر‬ ‫الديمغراف ــي وانتق ــال بع ــض املواطني ــن واألس ــر‬ ‫م ــن م ــكان س ــكانهم إل ــى أماك ــن أخ ــرى‪ ،‬وت ــرك‬ ‫الري ــف بم ــا في ــه م ــن اس ــتقرار ومص ــادر رزق‬ ‫وموروث ــات مادي ــة ومعنوي ــة"‪.‬‬ ‫الجنوب األكثر تأث ًرا‬ ‫ويش ــرح نعم ــة ه ــذه املوروث ــات خ ــال حديث ــه‬ ‫للوكالة‪ ،‬أن "من املوروثات املادية هي مزارعهم‬ ‫وبيوته ــم وأماك ــن تواجده ــم ولقاءاته ــم‪ ،‬أم ــا‬ ‫املوروث ــات املعنوي ــة فه ــي ت ــرك الطاب ــع الريف ــي‬ ‫ب ــكل م ــا تعني ــه كلم ــة الري ــف‪ ،‬وت ــرك املوروث ــات‬ ‫االجتماعي ــة والعدي ــد م ــن األش ــياء الت ــي كان‬ ‫يهت ــم به ــا املواط ــن ف ــي م ــكان س ــكناه"‪.‬‬ ‫وبم ــا أن محافظ ــات الجن ــوب تع ــد مصب ـ ًـا‬ ‫لألنه ــار وليس ــت منبع ـ ًـا‪ ،‬فإنه ــا وفق ـ ًـا لحدي ــث‬ ‫نعمــة‪ ،‬فــإن األكثــر تأثـ ًرا بالجفــاف الــذي ضــرب‬ ‫بأطناب ــه محافظ ــات ميس ــان والبص ــرة وذي‬ ‫ق ــار واملثن ــى‪ ،‬فيم ــا تعرض ــت ميس ــان إل ــى أق�س ــى‬ ‫موج ــة ن ــزوح بالفت ــرة الحالي ــة بارتح ــال حوال ــي‬

‫‪ 1600‬إنس ــان م ــن أط ـراف األري ــاف إل ــى بع ــض‬ ‫األقضي ــة والنواح ــي أو إل ــى مرك ــز املحافظ ــة‪.‬‬ ‫كم ــا يؤك ــد‪ ،‬أن "ه ــذا الن ــزوح يؤث ــر عل ــى‬ ‫الث ــروة الحيواني ــة وأع ــداد األغن ــام واألبق ــار‬ ‫والجام ــوس‪ ،‬وكذل ــك يؤث ــر عل ــى الث ــروة‬ ‫الس ــمكية ونوعي ــة األرض والترب ــة‪ ،‬حي ــث إن‬ ‫ت ــرك الترب ــة دون زراع ــة ملواس ــم عدي ــدة ي ــؤدي‬ ‫تملحه ــا"‪.‬‬ ‫إل ــى ّ‬ ‫ويوض ــح نعم ــة‪ ،‬أن "ه ــذه الظ ــروف ت ــؤدي إل ــى‬ ‫تدهور كبير بالبيئة وانتهاء الكثير من النباتات‬ ‫والنظ ــام الحش ــري أيض ـ ًـا ال ــذي يعت ــاش عل ــى‬ ‫النبات ــات‪ ،‬وكذل ــك تض ــرر الكثي ــر م ــن الطي ــور‬ ‫الت ــي تعت ــاش عل ــى النظ ــام الحش ــري‪ ،‬مم ــا‬ ‫يعن ــي تده ــور كل الس ــلم الغذائ ــي والبيولوج ــي‬ ‫املوج ــود ف ــي األري ــاف"‬ ‫آثار اقتصادية في العراق‬ ‫م ــن جهت ــه‪ ،‬يق ــول الخبي ــر الزراع ــي‪ ،‬خط ــاب‬ ‫الضام ــن‪ ،‬إن "هج ــرة الفالحي ــن م ــن الري ــف‬ ‫إل ــى املدين ــة له ــا آث ــار س ــلبية عل ــى األوض ــاع‬

‫االقتصادي ــة واالجتماعي ــة‪ ،‬وه ــذه األض ـرار‬ ‫تتمث ــل بالدرج ــة األول ــى بانخف ــاض اإلنت ــاج‬ ‫الزراعــي نتيجــة تــرك الفالحيــن مزارعهــم وتربيــة‬ ‫املوا�ش ــي والدواج ــن‪ ،‬م ــا يؤث ــر عل ــى األم ــن‬ ‫الغذا ئ ــي"‪.‬‬ ‫وال تقتص ــر ه ــذه األض ـرار عل ــى م ــا ُذك ــر‪،‬‬ ‫حي ــث يضي ــف الضام ــن للوكال ــة‪ ،‬أن "هج ــرة‬ ‫الفالحي ــن تس ــهم ف ــي ارتف ــاع أس ــعار الغ ــذاء‪،‬‬ ‫وتراج ــع جودت ــه‪ ،‬وزي ــادة مع ــدالت الفق ــر‪ ،‬م ــا‬ ‫يدف ــع الب ــاد لالس ــتيراد م ــن الخ ــارج لتعوي ــض‬ ‫النقــص الحاصــل فــي اإلنتــاج الزراعــي‪ ،‬هــذا مــن‬ ‫الجان ــب االقتص ــادي"‪.‬‬ ‫أم ــا م ــن الجان ــب االجتماع ــي‪ ،‬يتاب ــع الضام ــن‬ ‫حديث ــه‪ ،‬أن "هج ــرة الس ــكان م ــن الري ــف إل ــى‬ ‫املدينــة تضعهــم فــي ظــروف اجتماعيــة مختلفــة‬ ‫ـابقا‪ ،‬ألن هنــاك فروقــات‬ ‫عمــا اعتــادوا عليــه سـ ً‬ ‫كثيــرة بطبيعــة التقاليــد واألع ـراف االجتماعيــة‬ ‫بي ــن الري ــف واملدين ــة"‪.‬‬ ‫ويوضــح‪ ،‬أن "ســكان الريــف فــي املــدن يواجهــون‬

‫تكالي ــف معيش ــة مرتفع ــة قياس ـ ًـا بم ــا كان ــوا‬ ‫ـابقا‪ ،‬عل ــى س ــبيل املث ــال‬ ‫معتادي ــن علي ــه س ـ ً‬ ‫ف ــي تأمي ــن إيج ــارات الس ــكن ف ــي امل ــدن‪ ،‬فه ــي‬ ‫مرتفعــة بشــكل كبيــر قياسـ ًـا بدخلهــم الفالحــي‬ ‫أو الزراع ــي‪ ،‬مم ــا يضطره ــم إل ــى الس ــكن ف ــي‬ ‫مس ــاكن غي ــر رس ــمية (عش ــوائية)"‪.‬‬ ‫ويش ــير إل ــى أن "الن ــزوح يؤث ــر عل ــى األرض‬ ‫الزراعيــة نفســها‪ ،‬إذ يــؤدي إلــى عــدم اســتثمارها‬ ‫وقــد يتــم اســتغالل هــذه األرض الســتخدامات‬ ‫أخ ــرى غي ــر الزراعي ــة ت ــؤدي إل ــى التصح ــر‪،‬‬ ‫وبالتال ــي الن ــزوح ل ــه أض ـرار س ــلبية عل ــى البيئ ــة‬ ‫وعل ــى الواق ــع االقتص ــادي ف ــي الب ــاد"‪.‬‬ ‫وبغيــة الحــد منهــا‪ ،‬يؤكــد املتحــدث باســم وزارة‬ ‫التخطيــط‪ ،‬عبــد الزهــرة الهنــداوي‪ ،‬أن "الوزارة‬ ‫لديه ــا سياس ــة تتضم ــن مس ــارات ع ــدة لتنمي ــة‬ ‫الري ــف وإع ــادة الحي ــاة إلي ــه‪ ،‬بينه ــا تطوي ــر‬ ‫الق ــرى الريفي ــة أو م ــا تس ــمى (أمه ــات الق ــرى)‬ ‫الت ــي فيه ــا أع ــداد س ــكان أكث ــر واش ــتراكات م ــع‬ ‫الق ــرى األخ ــرى"‪.‬‬

‫ويضي ــف‪" ،‬كم ــا يوج ــد الصن ــدوق االجتماع ــي‬ ‫للتنمي ــة ال ــذي يق ــوم بتنفي ــذ مش ــاريع خدمي ــة‬ ‫ف ــي الق ــرى الريفي ــة الفقي ــرة‪ ،‬وه ــذه املش ــاريع‬ ‫تتضمــن بنــاء مراكــز صحيــة ومــدارس ابتدائيــة‬ ‫ومتوس ــطة وم ــد خط ــوط م ــاء وكهرب ــاء وتعبي ــد‬ ‫الط ــرق‪ ،‬وه ــذه تس ــهم وأس ــهمت ف ــي تحقي ــق‬ ‫حال ــة م ــن االس ــتقرار الس ــكاني ف ــي الق ــرى‬ ‫الريفي ــة‪ ،‬ه ــذا م ــن جان ــب"‪.‬‬ ‫ويلفــت الهنــداوي‪ ،‬إلــى "إنشــاء صنــدوق املناطــق‬ ‫األكث ــر فق ـ ًرا ال ــذي يق ــدم الدع ــم واملس ــاعدة‬ ‫للق ــرى واملناط ــق الفقي ــرة ف ــي املحافظ ــات الت ــي‬ ‫تش ــكل فيه ــا مع ــدالت فق ــر عالي ــة"‪.‬‬ ‫وأش ــار إل ــى إع ــادة اس ــتحداث ع ــدد م ــن‬ ‫الوح ــدات اإلداري ــة عل ــى مس ــتوى القض ــاء‬ ‫والناحيــة منهــا إعــادة اســتحداث ناحيــة الطيــب‬ ‫ف ــي محافظ ــة ميس ــان‪ ،‬وإع ــادة اس ــتحداث‬ ‫قض ــاء مندل ــي ف ــي محافظ ــة ديال ــى‪ ،‬واس ــتحداث‬ ‫قض ــاء االس ــكندرية ف ــي محافظ ــة باب ــل‪.‬‬ ‫وم ــن ش ــأن ه ــذه االس ــتحداثات‪ ،‬بحس ــب‬ ‫الهن ــداوي‪ ،‬أن "تس ــهم ف ــي تش ــكيل وح ــدات‬ ‫إداري ــة تتبعه ــا خدم ــات‪ ،‬وبالتال ــي س ــيكون‬ ‫له ــا أث ــر طي ــب ف ــي خل ــق حال ــة م ــن االس ــتقرار‬ ‫الس ــكاني ف ــي املناط ــق الريفي ــة وع ــودة ال ــروح‬ ‫والنش ــاط للقط ــاع الزراع ــي‪ ،‬لت ــزداد مس ــاهمته‬ ‫فــي تأميــن السـ ّـلة الغذائيــة وفــي عمليــة تشــكيل‬ ‫النات ــج املحل ــي اإلجمال ــي"‪.‬‬

‫‪126‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫بر ي‬

‫ق اإل‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫ا‬ ‫ق‬ ‫ع الفقر‪..‬‬

‫و‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫ق‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ض‬ ‫ف‬ ‫ي‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫ا‬ ‫ق‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪127 2025‬‬

‫فيلي ‪ -‬خاص‪:‬‬ ‫تتن ــوع إعالن ــات ق ــروض املص ــارف ف ــي الع ــراق وتأخ ــذ أش ــكاال متع ــددة‪ ،‬منه ــا الس ــلف االعتيادي ــة‬ ‫للموظفي ــن واملتقاعدي ــن‪ ،‬وق ــروض اإلس ــكان‪ ،‬وق ــروض املش ــاريع الصغي ــرة‪ ،‬وغيره ــا؛ ولك ــن فيم ــا‬ ‫يتعلــق بالنــاس االعتيادييــن‪ ،‬فانــه نــادرا مــا تســهم تلــك القــروض فــي تطويــرحياتهــم واالرتقــاء بمســتوى‬ ‫معيشــتهم‪ ،‬وظلــت معــدالت الفقــرفــي البلــد مرتفعــة‪ ،‬برغــم الحديــث املتكاثــرفــي وســائل اإلعــام عــن تلــك‬ ‫القروض‪..‬فلم ــاذا ال تلب ــي تل ــك الق ــروض حاج ــات الن ــاس وتبق ــى قاص ــرة ع ــن االرتق ــاء بحياته ــم؟‬

‫تض ــع املص ــارف العراقي ــة ع ــادة ش ــروطا‬ ‫صارم ــة ومعق ــدة للحص ــول عل ــى الق ــروض‪،‬‬ ‫مم ــا يجعله ــا صعب ــة املن ــال عل ــى ش ــريحة‬ ‫واس ــعة م ــن الس ــكان‪ ،‬الس ــيما ذوي الدخ ــل‬ ‫املح ــدود أو الذي ــن يفتق ــرون إل ــى الضمان ــات‬ ‫الكافيــة‪ .‬تتضمــن هــذه الشــروط غالبــا‪ ،‬ارتفــاع‬ ‫أس ــعار الفائ ــدة‪ ،‬مم ــا يزي ــد الع ــبء املال ــي عل ــى‬ ‫املقترضي ــن ويقل ــل م ــن قدرته ــم عل ــى س ــداد‬ ‫الق ــروض وتحقي ــق فائ ــدة اقتصادي ــة حقيقي ــة‬ ‫منه ــا‪.‬‬ ‫و تطلــب البنــوك ضمانــات يصعــب علــى كثيريــن‬ ‫توفيرهــا‪ ،‬مثــل الكفــاء مــن ذوي الدخــل الثابــت‬ ‫او موظفي ــن اثني ــن براتبي ــن أو حج ــز الروات ــب‪،‬‬ ‫مم ــا يق�ص ــي كثيري ــن م ــن دائ ــرة املس ــتفيدين؛‬ ‫كم ــا ان ط ــول اإلج ـراءات وتعقيده ــا ي ــؤدي إل ــى‬ ‫تأخيــر صــرف القــروض‪ ،‬ممــا يفقدهــا فعاليتهــا‬ ‫ف ــي تلبي ــة االحتياج ــات امللح ــة أو اس ــتغالل‬ ‫الف ــرص االقتصادي ــة الس ــريعة‪.‬‬ ‫وترك ــز معظ ــم الق ــروض املتاح ــة ف ــي الع ـراق‬ ‫عل ــى االس ــتهالك أو االحتياج ــات الش ــخصية‬ ‫الفوريــة (مثــل ســلف املوظفيــن واملتقاعديــن)‪،‬‬ ‫فيم ــا تفتق ــر إل ــى رؤي ــة تنموي ــة واضح ــة ته ــدف‬ ‫إل ــى تمكي ــن الس ــكان اقتصادي ــا‪ ،‬فق ــروض‬ ‫املش ــاريع الصغي ــرة‪ ،‬عل ــى س ــبيل املث ــال‪ ،‬ق ــد‬ ‫تكــون متواجــدة اســميا‪ ،‬وال تقــدم املصــارف أو‬ ‫الجهــات الحكوميــة املرتبطــة بالقــروض الدعــم‬ ‫املطل ــوب ألصح ــاب املش ــاريع لضم ــان نجاحه ــا‬ ‫واس ــتدامتها‪.‬‬ ‫ون ــادرا م ــا يج ــري التركي ــز عل ــى دراس ــات ج ــدوى‬ ‫حقيقية تضمن أن القرض يستثمر في مشروع‬

‫ذي عائ ــد اقتص ــادي مس ــتدام للمقت ــرض‪ ،‬وال‬ ‫تتواجــد آليــات فعالــة لربــط املشــاريع الصغيــرة‬ ‫باألســواق املحليــة أو العامليــة لضمــان تســويق‬ ‫منتجاتهــا وخدماتهــا‪ ،‬ويوجــد ضعــف فــي آليــات‬ ‫الرقاب ــة والتقوي ــم مل ــدى فعالي ــة الق ــروض ف ــي‬ ‫تحقي ــق أهدافه ــا التنموي ــة؛ ف ــا يج ــري تقوي ــم‬ ‫أث ــر ه ــذه الق ــروض عل ــى حي ــاة املقترضي ــن‬ ‫ومس ــتوى معيش ــتهم بش ــكل دوري ومنتظ ــم‬ ‫ومتابعــة ذلــك‪ ،‬وال تجــري التعديــات املطلوبــة‬ ‫عل ــى ش ــروط وأن ــواع الق ــروض لتناس ــب‬ ‫االحتياج ــات الفعلي ــة للمقت ــرض‪.‬‬ ‫يعان ــي االقتص ــاد العراق ــي م ــن تضخ ــم وارتف ــاع‬ ‫فــي األســعار وعــدم اســتقرار فــي ســعر الصــرف‪،‬‬ ‫مم ــا يقل ــل م ــن الق ــوة الش ـرائية للق ــروض‪،‬‬ ‫فاملبل ــغ ال ــذي يحص ــل علي ــه املقت ــرض الي ــوم‬ ‫قــد ال يكــون كافيــا لتلبيــة احتياجاتــه أو إطــاق‬ ‫مشــروعه بســبب ارتفــاع التكاليــف الحقــا؛ هــذا‬ ‫يقل ــل م ــن الفائ ــدة الحقيقي ــة للق ــرض ويجع ــل‬ ‫املقت ــرض يعان ــي م ــن أعب ــاء الس ــداد م ــن دون‬ ‫تحقي ــق الفائ ــدة املرج ــوة‪.‬‬ ‫وتنتش ــر ف ــي الع ـراق ثقاف ــة االقت ـراض ألغ ـراض‬ ‫اس ــتهالكية أكث ــر م ــن االقت ـراض ألغ ـراض‬ ‫اس ــتثمارية أو تنموي ــة؛ يرج ــع ذل ــك جزئي ــا‬ ‫إل ــى االحتياج ــات املعيش ــية امللح ــة‪ ،‬فيلج ــأ‬ ‫كثيــرون إلــى القــروض لتغطيــة نفقــات املعيشــة‬ ‫األساس ــية أو الط ــوارئ الصحي ــة والتعليمي ــة‪،‬‬ ‫و يفتق ــر الكثي ــرون إل ــى الوع ــي الكاف ــي بش ــأن‬ ‫كيفي ــة اس ــتثمار الق ــروض بش ــكل فع ــال‬ ‫لتحقي ــق عوائ ــد مس ــتدامة‪.‬‬ ‫وفضــا عــن ذلــك‪ ،‬فــان الظــروف االقتصاديــة‬

‫‪128‬‬

‫اقتصـــــــــــــــــاد‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون|تموز ‪ /‬يوليو ‪129 2025‬‬

‫‪ECONOMY‬‬

‫وهم القروض في العراق‬

‫والسياس ــية غي ــر املس ــتقرة تجع ــل االس ــتثمار‬ ‫محفوف ــا باملخاط ــر‪ ،‬مم ــا يدف ــع األف ـراد نح ــو‬ ‫االقت ـراض االس ــتهالكي الف ــوري‪ ،‬ب ــدال م ــن‬ ‫"املغام ــرة" باملش ــاريع‪.‬‬ ‫وكــي تك ــون الق ــروض املصرفي ــة أداة فعال ــة ف ــي‬ ‫االرتقــاء بمســتوى معيشــة الســكان فــي العـراق‪،‬‬ ‫يج ــب إع ــادة النظ ــر ف ــي آلي ــات اإلق ـراض‬ ‫وش ــروطه‪ ،‬وتوجيهه ــا نح ــو أه ــداف تنموي ــة‬ ‫واضح ــة‪ ،‬م ــع توفي ــر الدع ــم الفن ــي واملال ــي‬ ‫املطل ــوب للمقترضي ــن‪.‬‬ ‫ف ــي كثي ــر م ــن ال ــدول حت ــى الفقي ــرة‪ ،‬يس ــهم‬ ‫اإلقـراض فــي تنميــة حيــاة الســكان‪ ،‬فاإلقـراض‬ ‫متناه ــي الصغ ــر م ــن بن ــك جرامي ــن ف ــي‬ ‫(بنغالدي ــش) ال ــذي أسس ــه البروفيس ــور‬ ‫محم ــد يون ــس الحائ ــز عل ــى جائ ــزة نوب ــل‬ ‫للســام‪ ،‬واحــدة مــن أبــرز النمــاذج الناجحــة فــي‬ ‫اإلق ـراض متناه ــي الصغ ــر‪.‬‬ ‫يق ــدم البن ــك قروض ــا صغي ــرة ج ــدا (غالب ــا م ــا‬ ‫تك ــون م ــن دون ضمان ــات تقليدي ــة) للنس ــاء‬ ‫الفقي ـرات ف ــي املناط ــق الريفي ــة‪ ،‬واللوات ــي ال‬ ‫تخدمه ــن املص ــارف التقليدي ــة‪ ،‬و يج ــري‬ ‫تنظي ــم املقترض ــات ف ــي مجموع ــات صغي ــرة‬ ‫(ع ــادة ‪ 5‬أف ـراد)‪ ،‬حي ــث تك ــون املجموع ــة‬ ‫مســؤولة بشــكل جماعــي عــن ســداد القــروض‪،‬‬ ‫ه ــذا يخل ــق ضغط ــا اجتماعي ــا إيجابي ــا ويقل ــل‬ ‫م ــن مخاط ــر التخل ــف ع ــن الس ــداد ويدفعه ــن‬ ‫ال ــى اس ــتغالل الق ــروض باألعم ــال‪.‬‬ ‫و ال يقتص ــر األم ــر عل ــى التموي ــل‪ ،‬ب ــل يوف ــر‬ ‫البنــك التدريــب علــى إدارة األعمــال األساســية‪،‬‬ ‫والتس ــويق‪ ،‬وحت ــى مه ــارات الحي ــاة‪ ،‬مم ــا يع ــزز‬ ‫ف ــرص نج ــاح املش ــاريع‪ ،‬و يتمي ــز الق ــرض‬ ‫بمرونــة فــي جــداول الســداد تتناســب مــع طبيعــة‬ ‫األنش ــطة االقتصادي ــة الصغي ــرة الت ــي يموله ــا‪.‬‬ ‫ومكن ــت ه ــذه الق ــروض املاليي ــن م ــن النس ــاء‬ ‫م ــن ب ــدء مش ــاريع صغي ــرة م ــدرة للدخ ــل (مث ــل‬ ‫تربي ــة الدواج ــن‪ ،‬الح ــرف اليدوي ــة‪ ،‬تج ــارة‬ ‫التجزئ ــة الصغي ــرة)‪ ،‬مم ــا اس ــهم ف ــي تحس ــين‬ ‫مس ــتوى معيش ــة أس ــرهن بش ــكل ملح ــوظ‪،‬‬ ‫و ع ــززت الق ــروض م ــن دور امل ـرأة ومكانته ــا ف ــي‬ ‫داخ ــل األس ــرة واملجتم ــع‪ ،‬ومنحته ــا اس ــتقاللية‬

‫مالي ــة وق ــدرة عل ــى اتخ ــاذ الق ـرار‪ ،‬و أدت إل ــى‬ ‫تحســين مؤشـرات التعليــم والصحــة والتغذيــة‬ ‫لألس ــر املس ــتفيدة‪ ،‬اذ تمكن ــت األمه ــات م ــن‬ ‫إرس ــال أطفاله ــن إل ــى امل ــدارس وتوفي ــر رعاي ــة‬ ‫صحي ــة أفض ــل؛ واس ــهمت املش ــاريع الصغي ــرة‬ ‫ف ــي بنغالدي ــش بتنش ــيط االقتص ــاد املحل ــي‬ ‫وخل ــق ف ــرص عم ــل إضافي ــة‪.‬‬ ‫وف ــي الوالي ــات املتح ــدة ف ــان ق ــروض املش ــاريع‬ ‫الصغي ــرة واملتوس ــطة‪ ،‬تدع ــم إدارة األعم ــال‬ ‫الصغي ــرة والش ــركات الصغي ــرة واملتوس ــطة‪،‬‬ ‫بوس ــاطة برام ــج ق ــروض متنوع ــة‪ ،‬وال يج ــري‬ ‫االق ـراض املباش ــر ف ــي معظ ــم الح ــاالت‪ ،‬ب ــل‬ ‫تضمــن القــروض املقدمــة مــن البنــوك التجارية‬ ‫املش ــاريع الصغي ــرة؛ ه ــذا يقل ــل م ــن مخاط ــر‬ ‫البنــوك ويشــجع علــى اإلق ـراض للشــركات التــي‬ ‫ق ــد ال تس ــتوفي ش ــروط اإلق ـراض التقليدي ــة‪.‬‬ ‫و تق ــدم مص ــارف االق ـراض مجموع ــة‬ ‫واس ــعة م ــن برام ــج الق ــروض املصمم ــة‬ ‫ألغ ـراض مختلف ــة (مث ــل ق ــروض التموي ــل‬ ‫الع ــام‪ ،‬وق ــروض األص ــول الثابت ــة‪ ،‬وق ــروض‬ ‫متناهي ــة الصغ ــر للمبال ــغ الصغي ــرة)‪ ،‬و توف ــر‬ ‫أيض ــا م ــوارد وخدم ــات استش ــارية مجاني ــة‬ ‫أو منخفض ــة التكلف ــة ل ــرواد األعم ــال‪ ،‬مث ــل‬ ‫املســاعدة فــي إعــداد خطــط العمــل‪ ،‬التســويق‪،‬‬ ‫واإلدارة املالي ــة‪.‬‬ ‫وبذلــك تعــد املشــاريع الصغيــرة واملتوســطة هــي‬ ‫املحــرك الرئيــس لنمــو الوظائــف فــي االقتصــاد‬ ‫األمريك ــي‪ ،‬وتس ــهم ه ــذه الق ــروض ف ــي التوس ــع‬ ‫وخل ــق مزي ــد م ــن الوظائ ــف‪ ،‬وتمك ــن الش ــركات‬ ‫الناشــئة والصغيــرة مــن الحصــول علــى التمويــل‬ ‫املطلــوب لالبتــكار والتوســع‪ ،‬ممــا يدعــم النمــو‬ ‫االقتص ــادي الش ــامل‪ ،‬و توف ــر فرص ــة لألف ـراد‬ ‫لتحوي ــل أفكاره ــم إل ــى مش ــاريع ناجح ــة‪ ،‬مم ــا‬ ‫يع ــزز روح املب ــادرة وري ــادة األعم ــال‪.‬‬ ‫وتعــد ســنغافورة مثــاال بــارزا علــى كيفيــة اســهام‬ ‫برامــج اإلســكان الحكوميــة املدعومــة بالقــروض‬ ‫ف ــي توفي ــر الس ــكن الالئ ــق ملعظ ــم الس ــكان‪ ،‬اذ‬ ‫تق ــدم الحكوم ــة ع ــن طري ــق مجل ــس اإلس ــكان‬ ‫والتنمي ــة الق ــروض الت ــي ت ــؤدي دورا محوري ــا‬ ‫فــي بنــاء وتوفيــر غالبيــة الوحــدات الســكنية فــي‬

‫س ــنغافورة‪.‬‬ ‫فتق ــدم الحكوم ــة ق ــروض إس ــكان ميس ــرة‬ ‫للن ــاس لش ـراء ش ــقق‪ ،‬بأس ــعار فائ ــدة أق ــل‬ ‫بكثيــر مــن القــروض التجاريــة‪ ،‬ومراحــل ســداد‬ ‫طويل ــة‪ ،‬ويمك ــن للس ــكان اس ــتغالل بع ــض‬ ‫االمــوال املتراكمــة فــي صنــدوق االدخــار املركــزي‬ ‫لدف ــع الدفع ــة األول ــى وأقس ــاط الق ــروض‪ ،‬مم ــا‬ ‫يس ــهل عملي ــة الش ـراء‪ ،‬فيم ــا تق ــدم الحكوم ــة‬ ‫منح ــا وإعان ــات إضافي ــة لألس ــر ذات الدخ ــل‬ ‫املنخف ــض ملس ــاعدتها عل ــى تحم ــل تكالي ــف‬ ‫الس ــكن‪.‬‬ ‫عنــد مقارنــة هــذه التجــارب الناجحــة بالوضــع‬ ‫ف ــي الع ـراق‪ ،‬تب ــرز الفروق ــات‪ ،‬ففيم ــا ترك ــز‬ ‫التجــارب الناجحــة علــى توفيــر حزمــة متكاملــة‬ ‫م ــن التموي ــل‪ ،‬التدري ــب‪ ،‬الدع ــم الفن ــي‪،‬‬

‫واملش ــورة‪ ،‬ف ــإن الق ــروض ف ــي الع ـراق غالب ــا م ــا‬ ‫تكــون مجــرد عمليــة ماليــة بحتــة مــن دون دعــم‬ ‫كاف لضم ــان نج ــاح املش ــروع أو تحقي ــق األث ــر‬ ‫التنم ــوي‪.‬‬ ‫والش ــروط الصارم ــة وارتف ــاع أس ــعار الفائ ــدة‬ ‫ف ــي الع ـراق تق ــف عائق ــا أم ــام الفئ ــات األكث ــر‬ ‫حاج ــة‪ ،‬بينم ــا ف ــي النم ــاذج الناجح ــة يج ــري‬ ‫تصمي ــم الق ــروض لتك ــون ميس ــرة ومتاح ــة‬ ‫للفئ ــات املس ــتهدفة‪ .‬و تفتق ــر الق ــروض ف ــي‬ ‫الع ـراق إل ــى رؤي ــة تنموي ــة ش ــاملة تس ــتهدف‬ ‫قطاع ــات معين ــة أو ش ـرائح س ــكانية مح ــددة‬ ‫لتعظي ــم األث ــر االقتص ــادي واالجتماع ــي؛ وان‬ ‫ع ــدم االس ــتقرار االقتص ــادي والتضخ ــم ف ــي‬ ‫الع ـراق يقل ــل م ــن قيم ــة الق ــروض ويزي ــد م ــن‬ ‫صعوبــة الســداد‪ ،‬فيمــا تعمــل الــدول الناجحــة‬

‫" الشروط الصارمة‬ ‫وارتفاع أسعار الفائدة‬ ‫في العراق تقف عائقا‬ ‫أمام الفئات األكثر‬ ‫حاجة‪ ،‬بينما في‬ ‫النماذج الناجحة يجري‬ ‫تصميم القروض‬ ‫لتكون ميسرة ومتاحة‬ ‫للفئات المستهدفة "‪.‬‬

‫عل ــى توفي ــر بيئ ــة اقتصادي ــة مس ــتقرة تدع ــم‬ ‫نج ــاح املقترضي ــن‪.‬‬ ‫واالفتقــار إلــى آليــات الرقابــة والتقويــم الفعالــة‬ ‫ف ــي الع ـراق يمن ــع تحدي ــد نق ــاط الضع ــف‬ ‫وتحس ــين برام ــج اإلق ـراض‪ ،‬ف ــي حي ــن تعتم ــد‬ ‫التج ــارب الناجح ــة عل ــى التقوي ــم املس ــتمر‬ ‫لتعدي ــل السياس ــات وتحقي ــق أفض ــل النتائ ــج‪.‬‬ ‫لتحقي ــق أث ــر إيجاب ــي مش ــابه ف ــي الع ـراق‪،‬‬ ‫يتطل ــب األم ــر تبن ــي نه ــج ش ــامل يتج ــاوز مج ــرد‬ ‫توفيــر الســيولة املاليــة‪ ،‬ويشــمل بنــاء القــدرات‪،‬‬ ‫وتوفي ــر الدع ــم الفن ــي‪ ،‬وتصمي ــم برام ــج‬ ‫إق ـراض تتناس ــب م ــع الظ ــروف االقتصادي ــة‬ ‫واالجتماعي ــة للفئ ــات املس ــتهدفة‪ ،‬م ــع التركي ــز‬ ‫علــى االســتدامة واألثــر التنمــوي طويــل األجــل‪.‬‬

‫"آالم تموز"‪...‬‬ ‫هذا الشهر الذي ال يمر على العراق إال وهو‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫شمسه تبرشنا‬ ‫جديدا‪.‬‬ ‫كفنا‬ ‫يحمل في جعبته‬ ‫بالوصول إلى نصف الغليان‪ ،‬وكأن األرض‬ ‫تغلي بما فيها؛ ال بحرارة الجو وحدها‪ ،‬بل‬ ‫بحرارة المآسي التي ال تربد‪ .‬في بالد ُتشوى‬ ‫بها األرواح قبل األجساد‪ ،‬لم يكن الحريق في‬ ‫واسط سوى فصل آخر من رواية اإلهمال‪،‬‬ ‫حيث ُيقايَض األبرياء بالمباالة الجشع‪ ،‬وتحصد‬ ‫برخص ال يجيده إال أصحاب القرار‪.‬‬ ‫أرواحهم‬ ‫ٍ‬

‫أما األرض‪ ،‬التي ُتباع في سوق السياسة؛‬

‫كل شرب منها ُيعرض على طاولة من خشب‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الخيانة‪ُ ،‬تقطع الرثوات كما ُتقطع الفاكهة بني‬ ‫تجار المصالح‪ ،‬والشواطئ والحدود ُت ّ‬ ‫وزع كما‬

‫ُت ّ‬ ‫وزع الوالئم في أعراس الزيف‪ .‬ليس غريبا على‬ ‫تراب اعتاد أن ُيسحق تحت أقدام الطامعني‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫دائما في المزاد‬ ‫زبونا‬ ‫بل على وطن أصبح‬

‫‪ ...‬وفي خضم هذا الخراب المتكرر في تموز‪،‬‬ ‫نرى وجه الحسني عليه السالم بني رماد‬ ‫النريان‪ ،‬فعاشوراء تعود كل عام لتذكرنا أن‬ ‫الدم الطاهر ال ُيهزم‪ ،‬مهما تعاظمت سيوف‬ ‫الطغيان‪ .‬تمر ذكرى استشهاده وكأنها صفعة‬ ‫تاريخية على وجه كل من يبيع األرض ويشرتي‬ ‫بصوت ال يخفت‪ :‬الطغاة إلى‬ ‫الوالء‪ ،‬لتقول‬ ‫ٍ‬ ‫مزابل التاريخ ُيساقون‪ ،‬أما من حمل راية‬ ‫ً‬ ‫وحيدا بني الرمال‪ ،‬فالبقاء له‪...‬‬ ‫الحق‪ ،‬وإن كان‬ ‫ً‬ ‫قصة‬ ‫ولو تقطعت أوصاله‪ .‬تموزنا اليوم يروي‬ ‫ال تختلف كثريًا عن كربالء‪ ،‬سوى أن الطغاة‬ ‫ً‬ ‫قبحا‪ ،‬وأن الوطن لم يعد يجد من‬ ‫صاروا أكرث‬ ‫يبكيه كما ُيبكى الشهيد ‪..‬‬

‫مدير التحرير‬

‫‪FAILY MAGAZINE‬‬

‫مجلة شهرية تصدر عن مؤسسة شفق‬

‫صاحب االمتياز‬

‫مؤسسة الثقافة واالعالم للكورد الفيليين‬

‫ده‌زگاى رۆشنبیرى و راگه‌یاندنى كوردى فه‌یلى‬ ‫&‪SHAFAQ FOUNDATION OF CULTURE‬‬ ‫‪MEDIA FOR FAILI KURD‬‬ ‫العدد ‪ 259‬السنة الحادية والعشرون ‪ -‬تموز ‪ /‬يوليو ‪2025‬‬