دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق الإنسان

Page 1

‫البـاب األول‬ ‫دليل مرجعي فيروس‬ ‫نقص المناعة البشري‬ ‫وحقوق اإلنسان‬

‫فيروس‬ ‫نقص المناعة البشري‬ ‫والصحة‬ ‫حقوق اإلنسان‬ ‫ّ‬

‫جوان ‪2021‬‬


‫دليل مرجعي‬ ‫فيروس نقص المناعة‬ ‫البشري وحقوق اإلنسان‬

‫البـاب األول‬ ‫فيروس نقص المناعة‬ ‫البشري‬ ‫والصـحـة‬ ‫حقوق اإلنسان‬ ‫ّ‬

‫جوان ‪2021‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪1‬‬

‫الشـــــــركاء‬


‫الديوان الوطني لألسرة والعمران البشري‬

‫العنوان‪ ،7 :‬نهج الحطاب بوشناق‪ ،‬المركز الشمالي العمراني‪،‬‬ ‫تونس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 70 729 090 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 70 728 855 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪boc.onfp@rns.tn :‬‬ ‫موقع الواب‪www.onfp.tn :‬‬ ‫محامون بال حدود ‪ -‬مكتب تونس‬

‫العنوان‪ 6 :‬نهج األزمير ‪ -‬نوتردام ‪ -‬تونس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 71 894 002 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 894 002 :‬‬ ‫موقع الواب‪www.asf.be :‬‬

‫العنوان‪ 9 :‬نهج ‪- 7443‬عرض هريشي‪ -‬المنار ‪.1‬‬ ‫الهاتف‪+216 36 381 108/07 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪association.atpp@gmail.com :‬‬ ‫الجمعية التونسية للوقاية من األمراض المنقولة جنسيا‬ ‫والسيدا‪ ،‬المكتب الوطني ‪ -‬صفاقس‬

‫العنوان‪ :‬شارع ‪ 5‬أوت‪ ،‬نهج ‪ 19‬جويلية‪ 3002 ،‬صفاقس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 74 203 500 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 74 228 397 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪atl.bn.sfax@gmail.com :‬‬ ‫موقع الواب‪www.atlmstsida.com :‬‬ ‫الجمعية التونسية للوقاية من األمراض المنقولة جنسيا‬ ‫والسيدا‪ -‬فرع تونس‬

‫إدارة الرعاية الصحية األساسية‬ ‫البرنامج الوطني لمقاومة األمراض المنقولة جنسيا والسيدا‬

‫العنوان‪ ،7 :‬نهج الخليل‪ 2037 ،‬المنزه ‪8‬‬ ‫الهاتف‪+216 70 866 186 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 70 866 588 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪atlsidatunis@gmail.com :‬‬ ‫موقع الواب‪atltunis.org:‬‬

‫الجمعية التونسية للصحة اإلنجابية‬

‫التنسيقية التونسية لمجابهة اآلفات الصحية‬

‫العنوان‪ :‬نهج الخرطوم‪ ،‬البلفدير‪ ،‬تونس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 71 789 148 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 789 679 :‬‬

‫العنوان‪ 14 :‬نهج إبراهيم ابن الرفيع‪ ،‬حي الخضراء‪ 1003 ،‬تونس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 71 808 935 / 71 808 952 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 808 952 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪atsr@atsrtn.org :‬‬ ‫موقع الواب‪atsrtn.org :‬‬

‫العنوان‪ 101 :‬شارع إفريقيا‪ ،‬المنزه ‪5‬ا‪ 2091 ،‬أريانة‪ .‬تونس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 71 230 396 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 230 396 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪ccm.tunisie@ccmtunisie.org.tn :‬‬ ‫موقع الواب‪www.ccmtunisie.org.tn :‬‬

‫الجمعية التونسية لإلرشاد والتوجيه حول السيدا واإلدمان‬

‫برنامج األمم المتحدة المشترك لفيروس نقص المناعة‬ ‫البشرية‪/‬اإليدز‪ -‬مكتب تونس‬

‫العنوان‪ 43 :‬شارع الهادي السعيدى‪ ،‬باب سعدون‪ ،‬تونس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 71 957 544 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 957 511 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪atiost.sida.toxicomanie@gmail.com :‬‬ ‫موقع الواب‪www.atiost.org.tn :‬‬ ‫‪4‬‬

‫الجمعية التونسية للوقاية اإليجابية‬

‫العنوان‪ :‬مقر منظمة الصحة العالمية‪ ،‬نهج التنمية‪،‬‬ ‫حي الخضراء‪ 1053 ،‬تونس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 71 155 636 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 155 634 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪SouaL@unaids.org :‬‬ ‫موقع الواب‪www.unaids.org :‬‬

‫‪5‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪1‬‬

‫لجنة المتابعة و القيادة‬


‫لجنة المتابعة‬ ‫و القيادة‬

‫• برنامج األمم المتحدة المشترك لفيروس نقص المناعة البشرية ‪ /‬اإليدز‬ ‫مكتب تونس‬ ‫‪ -‬السيد لسعد صوة‪ ،‬مدير مكتب‪.‬‬

‫المؤلف‪:‬‬ ‫الدكـتـــور علي مــرابط‪ ،‬أستاذ في علم الوبائيات والصحة العمومية‪ ،‬كلية الطب‬ ‫ تـونس‪.‬‬‫ترجمة‪:‬‬ ‫الدكتور فاروق بن منصور‪ ،‬خبير في الصحة الجنسية و اإلنجابية‪.‬‬ ‫لجنة المتابعة‪:‬‬ ‫• وحدة تصرف مشروع الصندوق العالمي‪ ،‬الديوان الوطني لألسرة والعمران‬ ‫البشري‪ ،‬تونس‪.‬‬ ‫ الدكتور محمد خير الدين خالد‪ ،‬منسق برنامج الصندوق العالمي لمكافحة‬‫السيدا والسل والمالريا‪.‬‬ ‫ الدكتورة لمياء بن حسين‪ ،‬مكلفة باالتصال والتنسيق بين الجهات وببرنامج‬‫السيدا وحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫• محامون بال حدود‪ -‬مكتب تونس‬ ‫ السيدة ناجية بونعيمي‪ ،‬مديرة مكتب تونس‪.‬‬‫السيدا وحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫ السيدة أميرة الدربالي‪،‬‬‫منسقة مشروع ّ‬ ‫ّ‬ ‫لجنة القيادة‬ ‫ّ‬ ‫• التنسيقية التونسية لمجابهة اآلفات الصح ّية‬ ‫ األستاذ محمد شقرون‪ ،‬رئيس التنسيق ّية‪ .‬رئيس قسم األمراض الجرثوم ّية‬‫بمستشفى ّ‬ ‫فطومة بورقيبة‪ ،‬المنستير‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫والسيدا ‪ -‬إدارة‬ ‫• البرنامج الوطني لمقاومة األمراض المنقولة جنس ّيا‬ ‫ّ‬ ‫الرعاية الصح ّية األساس ّية‬ ‫الصحة العموم ّية‪ ،‬رئيس مصلحة الوبائ ّيات‬ ‫ الدكتور فوزي عبيد‪ ،‬طبيب رئيس‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ومنسق البرامج الوطن ّية حول السيدا والسل والمالريا‪.‬‬ ‫ّ‬

‫الرئيسي في برنامج‬ ‫• الّديوان الوطني لألسرة والعمران البشري ‪ -‬المنتفع‬ ‫ّ‬ ‫الصندوق العالمي‬ ‫ الدكتورة فاطمة التميمي‪ ،‬كاهية مدير بإدارة الخدمات الصحية ومنسقة‬‫برنامج الصندوق العالمي بالديوان‪.‬‬ ‫• ممثلو الجمعيات ‪ -‬المنتفعون الثانويون في برنامج الصندوق العالمي‬ ‫ السيدة أرزاق كنيتاش‪ ،‬المديرة التنفيذية‪ ،‬الجمعية التونسية للصحة اإلنجابية‪.‬‬‫عامة‪ ،‬الجمع ّية ال ّتونسية‬ ‫ السيدة هيام بوكسولة‪ ،‬أخصائ ّية نفسان ّية‪ .‬كاتبة ّ‬‫السيدا واإلدمان‪.‬‬ ‫لإلرشاد وال ّتوجيه حول ّ‬ ‫ السيدة سهيلة بن سعيد‪ ،‬رئيسة الجمع ّية ال ّتونسية للوقاية اإليجاب ّية‪.‬‬‫ الدكتورة فاتن المساكني‪ ،‬مساعدة اجتماع ّية‪ ،‬الجمع ّية التونس ّية للوقاية من‬‫والسيدا ‪ -‬المكتب الوطني ‪ -‬صفاقس‪.‬‬ ‫األمراض المنقولة جنس ّيا‬ ‫ّ‬ ‫ السيد أسامة بوعجيلة‪ ،‬مختص في القانون‪ ،‬الجمعية التونسية للوقاية من‬‫األمراض المنقولة جنسيا والسيدا‪ ،‬فرع تونس‪.‬‬ ‫• محامون بال حدود ‪ -‬مكتب تونس‬ ‫ السيدة ناجية بونعيم‪.‬‬‫ السيد لمين بن غازي‪ ،‬منسق مشاريع‪.‬‬‫ السيدة أميرة الدربالي‪.‬‬‫• وحدة تصرف مشروع الصندوق العالمي‪ ،‬الديوان الوطني لألسرة والعمران‬ ‫البشري‪ ،‬تونس‬ ‫ الدكتور محمد خير الدين خالد‪.‬‬‫ الدكتورة لمياء بن حسين‪.‬‬‫لجنة للمراجعة ال ّلغوية وإعادة صياغة المحتوى‪:‬‬ ‫ الدكتور فاروق بن منصور ‪ -‬خبير مكلف بالمراجعة اللغوية وتنسيق المحتوى‪.‬‬‫ الدكتورة لمياء بن حسين‪.‬‬‫ السيدة أميرة الدربالي‪.‬‬‫‪9‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪1‬‬

‫تلخيـــــــــــص‬


‫تـــلــــــــــــخيص‬

‫منذ ظهور فيروس فقدان المناعة المكتسب في تونس‪ ،‬فإن عدد‬ ‫اإلصابات به والوفيات في ارتفاع مستمر من سنة ألخرى رغم توفر وسائل‬ ‫الوقاية والعالج‪ .‬ولقد أظهر تحليل المعطيات الجغرافية والسكانية‬ ‫واالجتماعية واالقتصادية والصحية أن الفيروس يتركز بين فئة السكان‬ ‫األكثر عرضة لإلصابة به‪ ،‬وهم المدمنون على المخدرات المحقونة والرجال‬ ‫الذين يمارسون الجنس مع الرجال وممتهني وممتهنات الجنس‪ ،‬كما‬ ‫أظهرت أنهم ال يـقومون بالكشف عن الفيروس وال يطبقون اإلجراءات‬ ‫والتعدي على حقهم في‬ ‫الوقائية إال نادرا‪ .‬وأنهم يتعرضون للوصم وال ّتمييز‬ ‫ّ‬ ‫الكرامة البشرية من جانب جزء كبير من المجتمع وبذلك أصبح المحيط‬ ‫االجتماعي والثقافي يشكل عائقا ذو بال أمام المجهودات المبذولة‬ ‫للتخفيض من انتشار فيروس فقدان المناعة والحد من آثاره‪.‬‬ ‫تتغـ ّيـر التشريعات المتعلقة بالموضوع من بلد آلخر والبعض منها‬ ‫يساهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة في انتهاك حقوق فئة المتعايشين‬ ‫مع الفيروس أما بصمتها عن هذه التجاوزات أو بإدانتها صراحة لسلوكيات‬ ‫حاملي الفيروس‪ .‬يدين القانون التونسي استعمال وترويج المخدرات‬ ‫والمثلية الجنسية وتجارة الجنس في األماكن غير المرخص فيها‪.‬‬ ‫ـص‬ ‫يُـعتبر احترام كرامة المتعايشين مع الفيروس المبنية على ما تـ ُن ّ‬ ‫عليـه الحقوق العالمية لإلنسان‪ ،‬سندا هاما إلنجاح إستراتيجيات مجابهة‬ ‫انتشار مرض السيدا كما تساعد على بلوغ األهداف المرسومة ضمن‬ ‫مشروع األمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام ‪ 2030‬بأفضل النسب‪.‬‬ ‫وضع الفيروس في تونس‬

‫‪12‬‬

‫حتى نفهم أكثر الدوافع الكامنة وراء سلوكيات المجتمع التونسي نحو‬ ‫فيروس السيدا والمتعايشين معه‪ ،‬سوف نسوق البعض من خصائصه‪.‬‬ ‫لقد تميزت تونس منذ االستقالل عن بقية البلدان العربية واإلسالمية‬

‫واإلفريقية بسياسة تنموية شاملة ومتناسقة شملت مجاالت عديدة‬ ‫لوضع البلد على سكة الحداثة‪ .‬فقد اتُّخذت إجراءات جريئة في هذا الشأن‬ ‫نذكر منها مجلة األحوال الشخصية والبرنامج الوطني لتنظيم األسرة‬ ‫والتغطية الصحية الشاملة وتعميم التعليم‪ .‬لكن ومع األسف لم تكن‬ ‫هذه التنمية متوازنة بين الجهات ألن المناطق الساحلية كانت المستفيد‬ ‫األكبر منها على حساب الجهات الداخلية للبالد‪ .‬ومنذ ثورة ‪ ،2011‬تدهورت‬ ‫األمور على كافة األصعدة وبالخصوص في مجاالت التشغيل والقدرة‬ ‫الشرائية والصحة العامة والتعليم‪.‬‬ ‫وفيما يتعـلق بالحالة الوبائية لفيروس السيدا فقد تميز الوضع في أواسط‬ ‫سنوات ‪ 2000‬بنسبة انتشار ال تتجاوز ‪ % 0.1‬بين عامة السكان‪ .‬ولقد‬ ‫أظهرت مختلف الدراسات تطور هذه النسبة بالزيادة وبأنها منحصرة بين‬ ‫الفئات األكثر ُعـرضة للسيدا وباألخص منها الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين‬ ‫‪ 30‬و‪ 34‬سنة‪ .‬كما أن عدد النساء في تزايد مستمر لكن دون أن يتجاوز عدد‬ ‫الرجال‪ .‬كما يُـ َبـ ّيـن التوزيع الجغرافي أن ‪ % 90‬من الحاالت تتـواجد في إقليم‬ ‫تونس الكبرى والمدن الساحلية‪ .‬وفيما يتعلق بالمقيمين األجانب الحاملين‬ ‫للفيروس فهم يمثلون أكثر من نصف عدد الحاالت الجديدة وأن معظمهم‬ ‫ليبيون الجنسية وأفارقة من جنوب الصحراء وهم يتعاملون عادة مع القطاع‬ ‫الصحي الخاص‪ .‬وبذلك يمكننا القول أن من مميزات التوعية الوبائية في تونس‬ ‫أنها ذات انتشار ضعيف ومستقر بين عامة السكان لكنها غير متجانسة في‬ ‫التوزيع الجغرافي كما أنها غير معروف لدى نسبة غير قليلة من السكان‬ ‫الذين يجهلون وضعهم المصلي بالنظر للفيروس‪.‬‬ ‫تختلف طرق انتقال الفيروس من شخص آلخر من حيث األهمية فالعالقات‬ ‫الجنسية بين الذكور واإلناث تحتل المرتبة األولى‪ .‬تحتل العدوى عن طريق‬ ‫استعمال المخدرات المحقونة المرتبة الثانية أما العالقات الجنسية بين‬ ‫الرجال فهي في المرتبة الثالثة‪.‬‬ ‫مجابهة الفيروس على النطاق الوطني‬

‫« البرنامج الوطني لمقاومة السيدا واألمراض المنقولة جنسيا » هو‬ ‫المكلف بمجابهة جائحة السيدا في تونس وهو الذي يُعـتبـر المرجع في‬ ‫هذا المجال لكونه المك ّلف بتجميع ونشر كل المعلومات المتعلقة‬ ‫المنسق للخدمات الصحية‬ ‫بفيروس نقص المناعة البشري والسيدا‪ .‬وهو‬ ‫ّ‬ ‫الم َه َّمـشـة والحاملة للفيروس‪ .‬كما يعمل‬ ‫والعالجية والدعم للفئات ُ‬

‫‪13‬‬


‫على التع ّرف أكثر على الفئات المستهدفة ومراقبتها ومتابعتها باللجوء‬ ‫صليـة‪-‬السلوكية‪ ،‬كما يُع َنى برسم خرائط المواقع‬ ‫الم َ‬ ‫إلى الدراسات َ‬ ‫الم ْوبوءة ويتـابـع ديناميكية انتقال الفيروس وكيفية تعامل المصابين‬ ‫َ‬ ‫مع بقية أفراد المجتمع‪ ،‬كما يقترح ما يراه صالحا من تهيئـة ومراجعة‬ ‫للنصوص القانونية ولألخالقيات المهنية لضمان تمتع المتعايشين مع‬ ‫الفيروس بكامل حقوقهم‪ ،‬كل هذا إلى جانب التدخل على الميدان بتنظيم‬ ‫الملتقيات للتوعية والتثقيف واإلعالم‪.‬‬ ‫ولغاية تنسيق األنشطة مع البرنامج األممي حول السيدا وفيروس نقص‬ ‫المناعة البشري فقد التزمت تونس ببرنامج ‪ 2015 - 2011‬المعروف‬ ‫الصفر » الذي يرمي إلى تحقيق صفر إصابات جديدة وصفر‬ ‫باسم « األهـداف ّ‬ ‫ِوفيات بالسيدا وصفر وصم تجاه المصابين‪.‬‬ ‫يرتكز المخطط اإلستراتيجي األخير لفترة ‪ 2022-2018‬على توجهات‬ ‫أساسية تتمثل في‪:‬‬ ‫‪ )1‬تحسين الحالة الصحية للمتعايشين مع الفيروس بالتخفيض من‬ ‫عدد اإلصابات الجديدة والوفيات بالسيدا وانتقال الفيروس من األم إلى‬ ‫المولود‪.‬‬ ‫‪ )2‬تفعيل الحقوق اإلنسانية المنصوص عليها في المواثيق الدولية للحث‬ ‫على احترام المتعايشين مع الفيروس وتمتـعهم بحقوق المواطنة مع‬ ‫ردع تصرفات الوصم والتمييز التي يتعرضون لها‪.‬‬ ‫‪ )3‬المركزية إدارة األنشطة حتى تتناغـم مع الخاصيات الجهوية وذلك‬ ‫الح ْوكمة الجهوية وإشراك مختلف الفاعلين والشركاء من‬ ‫بدعم َ‬ ‫المجتمع المدني ونواب عن المتعايشين مع الفيروس ومهنيين الصحة‬ ‫والباحثين وغيرهم في تنفيذ مخلف مراحل البرامج المرسومة من‬ ‫التصميم حتى اإلنجاز‪.‬‬ ‫‪ )4‬دعم المصابين من أجل نوعية حياة أفضل بإزالة العراقيل التي تحول‬ ‫دون تمتعهم بالخدمات الصحية الوقائية منها والعالجية‪.‬‬ ‫‪ )5‬ال مركزية إدارة األنشطة بحيث يمكن للبرنامج االستجابة‬ ‫للخصوصيات الجهوية مع احترام المبادئ التوجيهية الوطنية الرئيسية‪.‬‬ ‫‪14‬‬

‫يتم تقصي الفيروس في القطاع العام بمراكز اإلرشاد والتقصي الالإسمي‬

‫والمجاني وفي مراكز بعض الجمعيات غير الحكومية الناشطة في المجال‪.‬‬ ‫لكن هذه اإلستراتيجية التابعة لوزارة الصحة تستدعي المراجعة لكون‬ ‫بعض هذه المراكز غير ناشطة والبعض اآلخر موجودة في مناطق غير‬ ‫قريبة من إقامة الفئات المستهدفة وأوقات عملها مرتبطة أساسا‬ ‫بالتوقيت اإلداري‪ .‬مع المالحظة أن الخدمات الصحية والعالجية المتعـلقـة‬ ‫بالسيدا متوفرة مجانا للتونسيين في المراكز االستشفائية الجامعية‬ ‫األربعة بتونس وسوسة والمنستير وصفاقس‪.‬‬ ‫الوصم والتمييـز‬

‫يشكوا المتعايشون مع الفيروس من االستنقاص وتشويه الصورة‬ ‫في أعين المواطنين بفعل الوصم الذي يلحقهم نتيجة حالتهم الصحية‬ ‫وسلوكياتهم المعـتبرة بأنها مخالفة لألعراف المجتمعية‪ .‬يتغذى هذا‬ ‫الوصم بأفكار وأحكام مسبقة سلبية موجودة في الخيال الجماعي‬ ‫الج ُنـوسة واستعمال المخدرات وتجارة الجنس ضمن‬ ‫للمواطنين تضع ُ‬ ‫األفعال الالأخالقية‪.‬‬ ‫أما التمييز فهو يتبع الوصم ويغذيه ويـُـعـتبر كردة فعل تترجم الشعور‬ ‫بالخوف من اإلصابة بالسيدا وهو المرض المنعوت بكونه مخجل ومميت‪.‬‬ ‫يعـمـق عدم المساواة االجتماعية وينزل بالمصابين إلى أسفل‬ ‫وهو ما‬ ‫ّ‬ ‫السـ َّلـم االجتماعي‪ .‬هذه الوضعية تُـ َن ّمـي في أنفس المتعايشين مع‬ ‫درجات ُّ‬ ‫الفيروس الشعور بالظلم الذي يجدون أنفسهم عاجزين عن التصـدي له‬ ‫وعندها ينكمش الواحد منهم على نفسه وتسكنه أفكار الندم والخجل‬ ‫التي تؤدي إلى « التمييز الذاتي » والتي قد تؤدي إلى الكـآبة وحتى االنتحار‪.‬‬ ‫يتمثل التمييز في العنف المادي والتحقير والقدح اللفظي المسلط على‬ ‫حاملي الفيروس أو على الـمـش َتبهين بحمله‪ .‬وهو موجود على مستويات‬ ‫عديدة مثل الخدمات الصحية والوسط المهني وبعض األوساط العائلية‬ ‫والمدارس واألسواق إلى غير ذلك من األماكن العامة‪ .‬وهو يعتبر خرقا‬ ‫صارخا لحقوق اإلنسان يزيد من تعميق التأثيرات االجتماعية والصحية‬ ‫لفيروس نقص المناعة المكتسب‪.‬‬ ‫ت ّت ِبع بعض وسائل اإلعالم وبالخصوص المرئية منها خطوات بقية‬ ‫المجتمع فتقدم المتعايشين مع الفيروس ومرض السيدا بأوصاف‬ ‫ونعوت « مهـيـنـة » لما تصف السيدا مثال بأنه « مرض النسـاء » أو « مرض‬

‫‪15‬‬


‫السـود » أو « مرض “المثلييـن” »‪ .‬إن ربط الفيروس بفئة اجتماعية معينة‬ ‫أو بممارسات موصومة يـزيد من عدم المساواة ويعزز إقامة وإعادة إنتاج‬ ‫قـسما من السكان من حقوقهم‬ ‫ويحرم‬ ‫عالقات القوة غـير المتكافـئـة ْ‬ ‫ً‬ ‫العالمية في الحرية والمساواة واالحترام‪.‬‬

‫دراسة أجريت في عام ‪ 2016‬وضعهم ألنهم ال يحصلون على الرعاية والعالج‬ ‫المجاني ْيـن في هياكل القطاع العام‪.‬‬

‫لقد شددت األمم المتحدة خالل الجلسة العامة لعام ‪ 2001‬على ضرورة‬ ‫مكافحة الوصم والتمييز‪ ،‬وأكدت مجددا أن هذه الممارسات تشكل انتهاك ًا‬ ‫لحقوق اإلنسان وأن األمر متروك للدول لضمان تطبيق هذه الحقوق واحترامها‬ ‫من أجل رفاهية جميع السكان‪.‬‬

‫ومن المنطقي وجوب تعزيز وحماية حقوق المتعايشين مع الفيروس‬ ‫نظ ًرا ألنهم يتعرضون للوصم والتمييز في سياقات مختلفة واتخاذ مبادرات‬ ‫للمواجهة على جبهات متعددة‪ .‬ومن بين المقترحات التي وقع تقديمها نذكر‬ ‫وجوب تركيز سياسة إعالمية لصالح حقوق المتعايشين مع الفيروس من‬ ‫خالل تعبئة قادة الرأي العام واتخاذ الترتيبات الالزمة في المرافق الصحية‬ ‫لضمان سرية الحوارات والمعلومات المتعلقة بهذه الفئة وإشراكهم في‬ ‫أنشطة الدعم والدعـوة لضمان احترام حقوقهم وتطبيق التدابير القانونية‬ ‫المناسبة لمقاومة الوصم والتمييز واالنتهاكات األخرى‪.‬‬

‫حاولت دراسة نوعية أجريت في عام ‪ 2019‬على عينة من المصابين‬ ‫بالسيدا استكشاف العقبات التي تحول دون الوقاية من فيروس نقص‬ ‫المناعة ودون التقدم للكشف الطبي‪ .‬أجمع المشاركون على الشكوى‬ ‫من وصمة العار والتمييز التي يواجهونها في جميع مجاالت الحياة والتي‬ ‫تظهر في أفعال وأقوال مهينة وغير محترمة‪ ،‬مثل النظرات التحقيرية‬ ‫وتجنب االقتراب منهم بالمحافظة على مسافة جسدية إلى غير ذلك‬ ‫من السلوكيات المحبطة للعزائم‪ .‬ونتيجة لهذه المواقف البغيضة‪،‬‬ ‫يشعر‬ ‫المستجوبون باإلذالل (‪ )% 93‬وبالظلم (‪ )% 86‬وبالحزن (‪.)% 80‬‬ ‫َ‬ ‫اتهاما بالوصم‬ ‫وفي الفضاء االستشفائي فإن طاقم التمريض هم األكثر‬ ‫ً‬ ‫والتمييز (‪ ،)% 80‬وفي حاالت نادرة (‪ )% 13‬ذهب التمييز إلى حد رفض‬ ‫تقديم العالج‪.‬‬

‫تعزيز وحماية حقوق اإلنسان ذات العالقة مع فيروس نقص‬ ‫المناعة البشري‬

‫في الختام‪ ،‬ال يمكن أن تكون االستجابة لفيروس نقص المناعة البشري‬ ‫والسيدا في تونس فعالة إال من خالل إستراتيجية تتضمن احترام األشخاص‬ ‫المتعايشين مع الفيروس وحقوقهم اإلنسانية المعترف بها دوليا‪.‬‬

‫وعلى مستوى األسرة‪ ،‬اشتكى نصفهم من تغيير السلوك وتجنب‬ ‫المحاذاة والخوف من العدوى‪ .‬وفي أسوء الحاالت (‪ )٪ 13‬وقع طردهم من‬ ‫محل السكنى‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للمقيمين األجانب المصابين بفيروس نقص المناعة‪ ،‬فهم‬ ‫غير مطلعين على خصائص الوضع في تونس وهم يجهلون حقوقهم‬ ‫وواجباتهم في إطار الوقاية من الفيروس وهم يشـتـكون من العالقات‬ ‫المجتمعية‪ .‬كما يؤكدون أن الوصم والتمييز اللذ ْين يتعرضون لهما‬ ‫يمثالن مأساة‪ ،‬وأنه مطلوب منهم‪ ،‬قبل الترسيم في مؤسسات التعليم‬

‫‪16‬‬

‫العالي (خالفا للتونسيين) أن يقدموا ضمن الملف ما يفيد بقيامهم بتحليل‬ ‫الدم بحثا عن أمراض معدية معينة منها السيدا‪ .‬وهم في خوف من إمكانية‬ ‫الطرد من البالد لمن هم مصابون بالسيدا‪ .‬وفي هذا الصدد‪ ،‬استنكرت‬

‫‪17‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪1‬‬

‫فــــــــــهرس‬


‫مقــدمــة‬

‫األول‪ :‬فيروس نقص المناعة المكتسب في تونس‬ ‫الـفـصل ّ‬

‫‪33‬‬

‫‪1.1‬‬

‫التذكير بالسياق الجغرافي‪ ،‬السكاني‪ ،‬االجتماعي‪،‬‬ ‫االقتصادي والصحي بالبالد التونسية‬

‫‪34‬‬

‫‪2.1‬‬

‫الحالة الوبائية لفيروس نقص المناعة البشري في‬ ‫تونس‬

‫‪42‬‬

‫‪3.1‬‬

‫التصدي للفيروس على النطاق الوطني‬ ‫الفصل الثانـــي‪ :‬الوصم والتميـيز‬

‫‪20‬‬

‫‪27‬‬

‫‪1.2‬‬

‫تعـريف الوصم‬

‫‪2.2‬‬

‫تعـريف التمييــز‬

‫‪3.2‬‬

‫الترابط بين الوصم والتمييز وحقوق اإلنسان‬

‫‪4.2‬‬

‫تداعيات الوصم والتمييز‬

‫‪7.3‬‬

‫الفيروس في حاالت استثنائية‬

‫الـرابــع‪ :‬تعزيز وحماية حقوق اإلنسان المتع ّلقة‬ ‫الـفـصــل ّ‬ ‫بفيروس نقص المناعة البشري وال ّنوع االجتماعي‬

‫‪89‬‬ ‫‪96‬‬

‫‪1.4‬‬

‫إجراءات الوقاية‬

‫‪97‬‬

‫‪2.4‬‬

‫مؤشرات النشاط الناجع للحد من الوصم والتمييــز‬

‫‪98‬‬

‫‪48‬‬ ‫‪61‬‬ ‫‪62‬‬ ‫‪65‬‬ ‫‪67‬‬ ‫‪69‬‬

‫الفصل الـثالث‪ :‬تجربة المتعايشيـن مع الفيروس في مجال‬ ‫الوصم والتمييز وعدم احترام حقوقهم‬

‫‪75‬‬

‫‪1.3‬‬

‫الوصم والتمييز‪ :‬عوائق الوقاية من الفيروس والكشف‬ ‫ّ‬ ‫السكانية المستهدفة في تونس‬ ‫عنه بين الفئات‬

‫‪77‬‬

‫‪2.3‬‬

‫تمثالت المتعايشين مع الفيروس تجاه الوصم‬ ‫والتمييز‬

‫‪82‬‬

‫‪3.3‬‬

‫شهادات المهاجرين المصابين بالفيروس حول ال ّتم ّتع‬ ‫بالرعاية الصحية في تونس‬

‫‪83‬‬

‫‪4.3‬‬

‫التجربة المعيشية للرجال الممارسين للجنس مع‬ ‫الرجال‬

‫‪87‬‬

‫‪5.3‬‬

‫التجربة المعيشية للمشتغالت في الجنس‬

‫‪88‬‬

‫‪6.3‬‬

‫تجارب الفئة األكثر للمخاطر من الشباب‬

‫‪89‬‬

‫‪21‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪1‬‬

‫الرسوم والجداول‬


‫قائمة الرسوم‬

‫قائمة الجداول‬

‫قـائـمـة الجداول‬

‫ّ‬ ‫السكان في ‪ 1‬جويلية‪.‬‬ ‫الجـدول ‪ : 1‬تعداد‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السكانية في تونس ‪.2018 - 2010‬‬ ‫المؤشرات‬ ‫تـطور‬ ‫الجـدول ‪: 2‬‬ ‫ّ‬

‫تـطـور انتشار فيروس فقدان المناعة المكتسب بين‬ ‫الجـدول ‪: 3‬‬ ‫ّ‬ ‫السكان األكثر عرضة لإلصابة به‪.‬‬ ‫الجـدول ‪ : 4‬عدد المتعـايـشـيـن مع فيـروس فقدان المناعة‬ ‫المكتسب‪.‬‬ ‫للسيدا في تونس‪.‬‬ ‫الجـدول ‪ : 5‬إحصائيات حول الوضع الوبائي ّ‬

‫الجـدول ‪ : 6‬نسبة الكهول واألطفال المتعايشين مع الفيروس‬ ‫والخاضعين للعالج لمدة ‪ 12‬شهرا‪.‬‬

‫قـائـمـة الرسوم‬

‫الرسـم ‪ : 1‬تطور نسبة الذكور من اإلناث المصابين بالفيروس منذ‬ ‫‪ 1986‬حتى ‪.2016‬‬

‫الرسـم ‪ : 2‬تطـور متوسط العمر لإلصابات الجديدة بالفيروس‬ ‫حسب الجنس منذ ‪ 1986‬حتى ‪.2016‬‬ ‫الرسـم ‪ : 3‬توزيع طرق العدوى لإلصابات الجديدة بالفيروس حسب‬ ‫الجنس منذ ‪ 2012‬حتى ‪.2016‬‬ ‫الرسـم ‪ : 4‬دورة الوصم والتمييز والتهميش‪.‬‬ ‫الرسـم ‪ : 5‬دورة الوصم وال ّتـمييـز وانتـهـاك حـقوق اإلنسان‪.‬‬

‫الرسـم ‪ : 6‬جملـة اإلجـراءات منذ الوقاية حتى المداواة مرورا‬ ‫بال ّرعاية الطب ّية‪.‬‬

‫الرسـم ‪ : 7‬تأثير الوصم والتمييز المرتبطين بالسيدا‪ ،‬من الوقاية‬ ‫إلى ال ّرعاية والعالج‪.‬‬ ‫الرسـم ‪ : 8‬ال ّنسبة المئـوية لالنتهاكات ضد المتـعـايشيـن مع‬ ‫والمعـ ّرضين لإلصابة به‪.‬‬ ‫الفيروس ُ‬ ‫الرسـم ‪ : 9‬ال ّنسبة المئـوية لمختلف االنتهاكات ضد المتـعـايشيـن‬ ‫والمعـ ّرضين لإلصابة به‪.‬‬ ‫مع الفيروس ُ‬ ‫الرسـم ‪ : 10‬تمتيع المهاجرين المتـعـايشـيـن مع الفيروس‬ ‫بالخدمات الصح ّية بين الواقع واآلفاق‪.‬‬

‫‪24‬‬

‫‪25‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪1‬‬

‫تمهيـــــــــد عام‬


‫تـــمهيد عـــام‬

‫السيدا مشكال كبيرا للصحة العمومية‬ ‫تمثل اإلصابة بفيروس ّ‬ ‫في مختلف بلدان العالم‪ .‬وفي البالد التونسية كان انتشار المرض‬ ‫متواضعا حتى أواسط السنوات ‪ 2000‬حيث لم يتجاوز نسبة ‪% 0.1‬‬ ‫السلوك ‪ -‬المصليـّة المنجزة‬ ‫عامة السكان‪ .‬ولقد بيـّـنت مسوح ّ‬ ‫من ّ‬ ‫بين ‪ 2009‬و‪ 2018‬أن اإلصابات مركزة بين فئـة السكان األكثر عرضة‬ ‫لإلصابة من غيرها حيث ارتفع عدد الوفيات بالمرض منذ ‪ 2010‬بما‬ ‫يزيد عن ‪ ،% 306‬كما ارتفع عدد اإلصابات بنسبة ‪ .% 22‬ورغم توفر‬ ‫مجال واسع لمختلف وسائل وطرق الوقاية الناجعة من اإلصابة‬ ‫بالفيروس فإن الشريحة األكثر عرضة لإلصابة وال ّتي من المفروض‬ ‫التـقصي في الدم لم تمثل إ ّال‬ ‫أن تكون أ ّول المستفيدين من تحاليل‬ ‫ّ‬ ‫الدم للغرض‪ .‬ففي عام ‪2018‬‬ ‫نسبة بسيطة ممن تم ّتعوا بتحليل ّ‬ ‫كانت نسبة ممتهنات الجنس بالجنس ممن قمن بالكشف عن‬ ‫السيدا في حدود ‪ ،% 7.8‬أما نسبة الرجال الذين لهم عالقات جنسية‬ ‫مع الرجال الذين استعملوا الواقي الذكري لتجنب اإلصابة بالسيدا‬ ‫فلم تتعدى ‪.% 34.8‬‬ ‫للسيدا‬ ‫وهكذا يتواصل انتشار اإلصابات بين الشرائح األكثر عرضة ّ‬ ‫بفعل الوصم والتمييز وعدم المساواة بين الجنسين والعنف وعدم‬ ‫تمكين الشرائح المجتمعية المستهدفة وانتهاكات حقوق اإلنسان‬ ‫وكذلك القوانين والسياسات التي تج ّرم سلوكيات معـيـّنـة(((‪.(((-‬‬ ‫تشكل هذه العوامل المجتمعية حواجز ذات وزن أمام الوقاية‬ ‫بالسيدا وتقديم الخدمات الصحية والعالج والتخفيف‬ ‫من اإلصابة‬ ‫ّ‬ ‫من تأثير الوباء‪ .‬ذلك أن مقاومة الفيروس ترتكز أساسا على احترام‬ ‫للحد من التمييز ضد‬ ‫الحقوق اإلنسانية والنوع االجتماعي واإلنصاف‬ ‫ّ‬ ‫‪1‬‬ ‫‪Shuper PA, Neuman M, Kanteres F, Baliunas D, Joharchi N, Rehm J. Causal‬‬ ‫‪considerations on alcohol and HIV/AIDS: A systematic review. Alcohol and Alcoholism.‬‬ ‫‪2010;45(2):159-66‬‬

‫‪28‬‬

‫‪2‬‬ ‫‪Hahn JA, Samet JH. Alcohol and HIV disease progression: Weighing the evidence.‬‬ ‫‪Curr HIV/AIDS Rep. 2010;7:226-33‬‬

‫المتعايشين مع الفيروس وضد الفئات السكانية الضعيفة‪.‬‬ ‫لذلك وضمن هذا اإلطار ترمي أهداف التنمية المستدامة واإلعالن‬ ‫السياسي لعام ‪ 2016‬وإستراتيجية برنامج األمم المتحدة المشترك‬ ‫السيدا ‪ 2021 - 2016‬إلى تسريع وتيرة العمل لتحقيق‬ ‫لمكافحة ّ‬ ‫الثـالث ّية « صفر إصابات جديدة بالفيروس » و« صفر وفيات مرتبطة‬ ‫بالسيدا » و« صفر وصم وتمييز » في نهاية جائحة السيدا‪.‬‬ ‫تعتبر المقاربة المبنية على حقوق اإلنسان أساسية للتخلص‬ ‫من السيدا باعتبارها تهديدا للصحة العامـة‪ ،‬ألن احترام هذه الحقوق‬ ‫الكونية يخلق البيئة المواتية إلنجاح مقاومة الجائحـة بالتأكيد على‬ ‫كرامة المتعايشين مع الفيروس أو المعـ ّرضين لإلصابة به(((‪.‬‬ ‫يشتمل هذا البحث على محاور أربعـة وهي‪:‬‬ ‫‪ .1‬الفيروس والمتعايشين معه‪ :‬إشكالية الفيروس بالنظر إلى‬ ‫الوضع الوبائي في تونس واإلستراتيجية‪.‬‬ ‫تذكيـر بالسياق الجغرافي‪ ،‬السكاني‪،‬‬ ‫الموضوعة للتصدي له مع‬ ‫ٍ‬ ‫االجتماعي‪ ،‬االقتصادي والصحي‪.‬‬ ‫‪ .2‬الوصم والتمييز‪ :‬تحديد وفهم وتحليل هذه الظواهر في سياق‬ ‫انتشار الفيروس‪.‬‬ ‫‪ .3‬بعض التجارب الحاصلة في حياة أشخاص متعايشين مع‬ ‫والتعدي على‬ ‫الفيروس وهم الفئات األكثر عرضة للتمييز‪ ،‬الوصم‬ ‫ّ‬ ‫الحقوق‪.‬‬ ‫‪ .4‬توصيات لتعزيز وحماية حقوق اإلنسان المتعلقة بالفيروس‬ ‫والمصابين به لتحقيق ثـالثـ ّية األصفـار‪ « :‬صفر إصابة بالفيروس‬ ‫وصفر تمييز وصفر وفيات بالسيدا »‪.‬‬ ‫وتستند هذه التوصيات على‪:‬‬ ‫‪ .1‬الحد من الوصم والتمييز ضد المصابين بالفيروس في‬ ‫األوساط الصح ّية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫السكانية‬ ‫‪ .2‬حماية الحقوق اإلنسانية للمتعايشين وللفئات‬ ‫المؤسساتية‪.‬‬ ‫الضعيفة في األوساط‬ ‫ّ‬ ‫‪ .3‬تقليص العقبات التي تحول دون وصول الفئات الضعيفة من‬ ‫السكان إلى الخدمات الصحية‪.‬‬ ‫‪ONUSIDA, Notre Action. Droits de l’homme. http://www.unaids.org/fr/topic/rights‬‬

‫‪3‬‬

‫‪29‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪1‬‬

‫األول‬ ‫الفصـــل ّ‬

‫وضعـيــة جـائـحـة السـيـدا في تــونـس‬ ‫ّ‬


‫الفصـــل األول‬

‫‪ 1.1‬التذكير بالسياق الجغرافي‪ ،‬السكاني‪ ،‬االجتماعي‪ ،‬االقتصادي والصحي‬ ‫بالبالد التونسيـة‬ ‫لتونس مسار ذاتي يم ّيـزها عن بقية الدول العربية واإلسالم ّية واإلفريق ّية‪.‬‬ ‫تعدد ال ّزوجات الذي تق ّرر منذ االستقالل في عام ‪ 1956‬إضافة إلى‬ ‫إن إلغاء ّ‬ ‫حد كبير‬ ‫وتقـدم النظام‬ ‫سياسة تنظيم األسرة‬ ‫الصحي كل ذلك يفسر إلى ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ـحول الذي حصل في تونس‪.‬‬ ‫ال ّنموذج المتميز للـ ّت ّ‬ ‫‪ 1.1.1‬السياق الجغرافي‬ ‫تقع تونس في شمال إفريقيا وتغطي مساحة ‪162155‬كم ‪ ،‬يحدها‬ ‫من الشمال والشرق البحر األبيض‬ ‫المتوسط بسواحل طولها ‪ 1300‬كم‬ ‫ّ‬ ‫ومن الجنوب الصحراء الكبرى ومن الغـرب الجزائر ومن الجنوب الشرقي‬ ‫ليبيا‪ .‬هذا المحيط الجغرافي يضعها في مجموعة شبه إقليمية تسمى‬ ‫«المغرب العربي» وهي تشكل بموقعها مفترق طرق بين أوروبا والشرق‬ ‫األوسط وإفريقيا‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫جزءا من «مجموعة الشرق األوسط‬ ‫ومن جهة أخرى تعتبر تونس‬ ‫ً‬ ‫عموما جميع بلدان الشرق األوسط‬ ‫وشمال إفريقيا»‪ ،‬وهي منطقة تشمل‬ ‫ً‬ ‫وشمال إفريقيا‪ .‬وتمتلك هذه المنطقة حصة كبيرة من الموارد البشرية‬ ‫معدل بطالة بين ّ‬ ‫الشباب وأدنى معدل مشاركة‬ ‫غير المستغلة‪ ،‬مع أعلى‬ ‫ّ‬ ‫نسائية في القوى العاملة في العالم‪.‬‬

‫‪32‬‬

‫ّ‬ ‫السكاني‬ ‫السياق‬ ‫‪ّ 2.1.1‬‬ ‫تم ّيزت تونس عن كل الدول العربية واإلسالم ّية واألفريق ّية بمسار‬ ‫سكاني متم ّيز‪ .‬فما هي إال بضعة أشهر بعد االستقالل (مارس ‪)1956‬‬ ‫حتى صدرت «مجلة األحوال الشخص ّية» والتي تشتمل على مجموعة من‬

‫التقدمية الهادفة إلى المساواة بين الرجال والنساء في العديد‬ ‫القوانين‬ ‫ّ‬ ‫تعدد الزوجات والمساواة المدنية في الحقوق‬ ‫من المجاالت منها‪ :‬إلغاء ّ‬ ‫والواجبات‪ .‬كما وقع في إطار سياسة تنظيم األسرة منذ ‪ 1960‬االقتصار‬ ‫في االنتفاع بالمنح العائلية على األبناء األربعة األوائل فقط‪ .‬وفي سنة ‪1961‬‬ ‫صدر القانون عدد ‪ 7/61‬المؤرخ في ‪ 9‬جانفي ‪ 1961‬والذي يبيح استعمال‬ ‫وسائل منع الحمل واستيرادها وبيعها واإلشهار لها‪ .‬وفي سنة ‪ 1964‬صدر‬ ‫قانون يحدد السن األدنى للزواج بـ‪ 17‬سنة لألنثى وبــ‪ 20‬سنة للذكر وفي‬ ‫عام ‪ 1965‬صدر قانون يبيح اإلجهاض خالل الثالثة أشهر األولى للحمل‬ ‫بالنسبة لألمهات الالتي لهن ‪ 5‬أطفال على األقل وفي ‪ 23‬سبتمبر من عام‬ ‫‪ 1973‬أصبح اإلجهاض اختيار ّيا بدون التق ّيد بعدد معين من األبناء‪.‬‬ ‫يفسر التقدم الذي أحرزه النظام الصحي‪ ،‬في جزء كبير منه نموذج‬ ‫التحول الملحوظ في تونس كما تدل عليه المعطيات التالية(((‪ :‬تضاعف‬ ‫ّ‬ ‫عدد السكان ‪ 2.6‬مرة منذ االستقالل حتى عام ‪ ،2010‬حيث تطور من‬ ‫‪ 3.780.000‬ساكن إلى ‪ 10.329.000‬ساكن‪ ،‬وإلى ‪ 10.673.000‬نسمة‬ ‫(((‬ ‫سنة ‪ .2011‬ومن المتوقع أن يبلغ عدد السكان ‪ 12.028.000‬نسمة‬ ‫(الجدول ‪.)1‬‬ ‫السنة‬ ‫السكان‬

‫‪2010‬‬

‫‪2015‬‬

‫‪2016‬‬

‫‪2017‬‬

‫‪2018‬‬

‫‪2019‬‬

‫‪10.565.704‬‬

‫‪11.162.666‬‬

‫‪11.304.483‬‬

‫‪11.434.994‬‬

‫‪11.551.448‬‬

‫‪11.658.341‬‬

‫الجدول ‪ :1‬عدد السكان في ‪ 1‬جويلية حسب المعهد الوطني لإلحصاء‬

‫لقد تجاوزت تونس عشرة ماليين نسمة في عام ‪ ،2005‬وهو ما يعني‬ ‫تضاعف عدد ا لسكان ‪ 3‬مرات منذ االستقالل في عام ‪،)3.448.000( 1956‬‬ ‫كما تضاعف عدد السكان مرتين منذ ‪.1970‬‬ ‫وكنتيجة النخفاض وفيات الرضع‪ ،‬فقد ارتفع مؤمل الحياة‪ ،‬حيث قفز من‬ ‫‪ 37‬سنة عام ‪ 1940‬إلى ‪ 52‬سنة عام ‪ 1960‬وإلى ‪ 74.5‬عام ‪72.5( 2009‬‬ ‫للرجال و‪ 76.5‬للنساء)‪.‬‬ ‫نسبة وفيات الرضع ال ّتي كانت تقارب ‪ 200‬في األلف عام ‪ ،1956‬انخفضت‬ ‫إلى ‪ 17.8‬في األلف عام ‪ .2009‬وسوف تكون حسب التقديرات ‪ 10.0‬في‬ ‫األلف عام ‪ 2020‬و‪ 8.0‬في األلف في حدود عام ‪.2030‬‬ ‫‪ 4‬لمعهد الوطني لإلحصاء ‪ -‬تحديث بتاريخ ‪.2020/09/22‬‬ ‫‪ 5‬المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية‪ .‬الصورة الديمغرافية لتونس‪ 2011.‬سبتمبر‪.‬‬

‫‪33‬‬


‫المعدل الخام للمواليد‬

‫لكل ‪ 100‬ساكن‬

‫المعدل الخام لوفيات المواليد‬

‫لكل ‪ 100‬ساكن‬

‫المعدل الخام للوفيات‬ ‫المعدل الخام للزواج‬ ‫النمو الطبيعي للسكان‬ ‫نسبة‬ ‫ّ‬ ‫متوسط عدد األبناء األحياء‬ ‫نسبة وفيات األطفال‬ ‫مؤمـل الحياة عند الوالدة‬ ‫ّ‬ ‫مؤمـل الحياة عند الوالدة‬ ‫ّ‬ ‫للذكور‬ ‫مؤمـل الحياة عند الوالدة لإلناث‬ ‫ّ‬ ‫نسبة سكان الحضر من عامة‬ ‫السكان‬ ‫‪2‬‬ ‫الكثافة السكانية في الـكم‬

‫لكل ‪ 100‬ساكن‬ ‫لكل ‪ 100‬ساكن‬

‫‪19.3‬‬ ‫‪5.1‬‬ ‫‪9.8‬‬

‫‪18.2‬‬

‫نسبة مئوية‬

‫‪1.4‬‬

‫لكل ‪ 100‬ساكن‬

‫‪16.8‬‬

‫مـؤشـر‬

‫‪2.3‬‬

‫السـنـــة‬

‫‪74.2‬‬

‫‪19.9‬‬ ‫‪5.9‬‬

‫‪19.4‬‬ ‫‪5.5‬‬

‫‪18.2‬‬ ‫‪6.0‬‬

‫‪17.5‬‬ ‫‪5.9‬‬

‫‪10.2‬‬

‫‪11.3‬‬

‫‪11.8‬‬

‫‪11.5‬‬

‫‪1.4‬‬

‫‪1.4‬‬

‫‪1.2‬‬

‫‪1.2‬‬

‫‪19.4‬‬ ‫‪2.3‬‬

‫‪15.3‬‬ ‫‪75.1‬‬

‫‪17.4‬‬ ‫‪2.3‬‬

‫‪14.2‬‬ ‫‪75.4‬‬

‫‪16.7‬‬ ‫‪2.2‬‬

‫‪14.1‬‬ ‫‪75.4‬‬

‫‪16.1‬‬ ‫‪2.2‬‬ ‫‪...‬‬ ‫‪...‬‬

‫السـنـــة‬

‫‪71.8‬‬

‫‪74.5‬‬

‫‪74.5‬‬

‫‪74.5‬‬

‫‪...‬‬

‫السـنـــة‬

‫‪76.8‬‬

‫‪77.8‬‬

‫‪78.1‬‬

‫‪78.1‬‬

‫‪...‬‬

‫نسبة مئوية‬

‫‪66.0‬‬

‫‪...‬‬

‫‪...‬‬

‫‪...‬‬

‫‪...‬‬

‫عدد‬

‫‪67.7‬‬

‫‪...‬‬

‫‪...‬‬

‫‪...‬‬

‫‪...‬‬

‫ّ‬ ‫السكانية في تونس بين ‪ 2010‬و‪.2018‬‬ ‫الجدول ‪ :2‬تطور المؤشرات‬

‫‪ 3.1.1‬السياق االجتماعي واالقتصادي‪:‬‬ ‫ً‬ ‫انخفاضا كبي ًرا في مستوى الفقر وتحس ًنا‬ ‫لقد شهدت تونس بالتأكيد‬ ‫في المؤشرات االجتماعية(((‪ ،‬ومع ذلك ال تزال هناك فوارق اجتماعية‬ ‫أهم أسباب االضطرابات‬ ‫واقتصادية كبيرة‪ .‬وتفاوت جهوي كان من‬ ‫ّ‬ ‫االجتماعية في مدن سيدي بوزيد والقصرين وتالة في المنطقة الوسطى‬ ‫الساحل الشرقي للبالد يعتبر أكثر‬ ‫الشرقية من البالد‪ .‬وبشكل عام‪ ،‬فإن ّ‬ ‫تطورا ً من المناطق الغربية والجنوبية‪ .‬يتركز السكان والنشاط االقتصادي‬ ‫بشكل رئيسي في الشمال الشرقي (والية تونس) والوسط الشرقي‬ ‫(والية صفاقس)‪ ،‬مع وجود ‪ % 75‬من الوظائف غير ال ّزراعية في المناطق‬ ‫الساحلية‪ .‬ينتج عن هذا‪ ،‬تباين كبير في متوسط االستهالك والفقر من‬ ‫ّ‬ ‫منطقة إلى أخرى‪ .‬في عام ‪ ،2000‬بينما كان مؤشر الفقر (المعدل الوطني)‬ ‫‪ ،% 18.4‬فقد تراوح في الواقع بين ‪ % 6.9‬في منطقة تونس و‪ % 30.8‬في‬ ‫الوسط الغربي‪ .‬وبالمثل‪ ،‬فإن البطالة كانت حادة بشكل خاص في المناطق‬ ‫النائية‪ .‬وفي المتوسط ومنذ عام ‪ ،2004‬تجاوز معدل البطالة ‪ % 22.6‬في‬ ‫مناطق جندوبة والكاف والقصرين وقـفصة‪.‬‬ ‫يشير البنك الدولي في تقريره بتاريخ أكتوبر ‪ 2017‬إلى أن ضعف النمو‬ ‫الهامة في اإلنفاق العام‪ ،‬بما في ذلك األجور‪ ،‬إلى جانب‬ ‫االقتصادي وال ّزيادات‬ ‫ّ‬ ‫‪34‬‬

‫‪ 6‬ورقة اإلستراتيجية القطرية ‪ 2013 - 2012‬بنك التنمية األفريقي‪.‬‬

‫التأخير في تنفيذ اإلصالحات الرئيسية‪ ،‬كلها عوامل ساعدت على‬ ‫الحفاظ على عجز الميزانية والحسابات العمومية في مستويات‬ ‫وخاصة بين فئات ّ‬ ‫الشباب‬ ‫عالية‪ .‬وال يزال معدل البطالة مرتفعا‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫الداخلية من البالد‪.‬‬ ‫والنساء وسكان المناطق ّ‬ ‫(((‬ ‫ً‬ ‫كما تُظهر ال ّتحاليل اإلحصائ ّية‬ ‫وفقا للمتغ ّيرات الجغرافية‬ ‫متعدد المؤشرات‬ ‫واالجتماعية واالقتصادية (المسح العنقودي‬ ‫ّ‬ ‫‪ )MICS 4‬إلى وجود تفاوت كبير في عديد المؤشرات‪ .‬تبلغ نسبة‬ ‫التأطير قبل الدراسي لشريحة األطفال الذين هم بين ‪ 3‬و‪ 4‬سنوات‬ ‫المتوسط‪ .‬لكن في الواقع تتراوح هذه النسبة‬ ‫من العمر ‪ % 44‬في‬ ‫ّ‬ ‫بين ‪ % 81‬ألطفال األسر األغنى و‪ % 13‬ألطفال األسر األفقر‪ ،‬أي‬ ‫تفاوت من ‪ 1‬إلى ‪ 6‬مرات (تباين أكبر من التفاوت حسب البيئة الذي‬ ‫يبلغ ‪ 3‬مرات أو ذلك بين المناطق الذي يبلغ ‪ 4‬مرات‪ ).‬كما تختلف‬ ‫نسبة النساء الحوامل الالتي يقمن بعيادات مراقبة الحمل األربعة‬ ‫وفقا لهذه المتغيرات المختلفة‪ ،‬لكننا نالحظ أن االختالف أكبر ً‬ ‫ً‬ ‫وفقا‬ ‫ً‬ ‫منخفضا بشكل خاص في مناطق‬ ‫لـمستوى تعليم األم وقد يكون‬ ‫أو واليات معينة‪.‬‬

‫تشير خارطة الفقر((( إلى أن هناك تركي ًزا كبي ًرا للفقر في جهات‬ ‫معدل‬ ‫أن‬ ‫ّ‬ ‫الوسط الغربي والشمال الغربي للبالد‪ .‬على الرغم من ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والشمال الشرقي‬ ‫اإلصابة في المناطق الساحلية لتونس الكبرى‬ ‫والوسط الشرقي منخفض‪ ،‬إ ّال أن هناك عد ًدا قلي ً‬ ‫ال من العمادات ذات‬ ‫معدالت فقر مرتفعة نسب ًيا‪ .‬ويالحظ تركز الفقراء بشكل رئيسي في‬ ‫الساحلية في وسط وشمال البالد‪ .‬وتشير اإلحصائيات‬ ‫المناطق غير ّ‬ ‫إلى أن المعتمديات الثالثة األكثر فقرا هي‪ :‬حاسي الفريد وجدليان‬ ‫والعيون من والية القصرين (الوسط الغربي) بينما تعتبر معتمديات‬ ‫المنزه وحلق الوادي وأريانة المدينة (على أطراف العاصمة) من بين‬ ‫ّ‬ ‫األقل فقرا ً في البالد(‪.)8‬‬ ‫المعتمديات‬ ‫منذ ثورة ‪ ،2011‬ا ّتسم الوضع االجتماعي في البالد بتو ّترات شديدة‬ ‫مثل مطالب ال ّرفـع في األجور‪ ،‬ومظاهرات الباحثين عن الشغـل‪،‬‬ ‫واإلضرابات التي تؤثر على أداء الخدمات في القطاعين العام والخاص‪.‬‬ ‫‪ 7‬المسح العنقودي متعدد المؤشرات ‪MICS4‬‬

‫‪ 8‬المعهد الوطني لإلحصاء‪ ،‬البنك الدولي‪ .‬خريطة الفقر في تونس‪ 2020 .‬سبتمبر‪.‬‬

‫‪35‬‬


‫وبحسب تفقدية الشغل‪ ،‬فقد ارتفع عدد اإلضرابات خالل األشهر الستة‬ ‫األولى من عام ‪ 2011‬بنسبة ‪.% 130‬‬

‫تتعـايش في تونس ثـالث قطاعات صحيـة جنبا إلى جنب وهي‪ :‬القطاع‬ ‫العمومي والقطاع شبه العمومي والقطاع الخاص‪.‬‬

‫مقارنة بالفترة نفسها من عام ‪ .2010‬وبلغت البطالة‪ ،‬خاصة بين أصحاب‬ ‫الشهائد من الشباب ‪ % 23‬في عام ‪ 2010‬بينما كانت ‪ % 15‬عام ‪،2005‬‬ ‫من أهم أسباب هذه البطالة الهيكل ّية عدم ال ّتناسق بين منظومة ال ّتعليم‬ ‫العالي واحتياجات القطاع الخاص ونوع ّية ال ّتكوين الذي يُـنتج خريجين ليس‬ ‫لديهم المهارات الكافية المطلوبة لاللتحاق بعالم ّ‬ ‫الشركات‪.‬‬

‫متطورا‬ ‫أ ‪ ۰‬الـقطاع العمومي‪ :‬يعتبر نظام ال ّرعاية الصحية في تونس‬ ‫ّ‬ ‫نسبيا وهو يشتغل على مستويات ثالثة‪ :‬أهمها قطاع الصحة العامة وهو‬ ‫المزود الرئيسي لخدمات الرعاية الصحية‪ ،‬وخاصة الرعاية األولية والطب‬ ‫الوقائي وكذلك جملة الخدمات الصحية في المستشفيات العموم ّية‪ .‬كل‬ ‫هذه الخدمات استوجبت حوالي ‪ % 40‬من االستهالك الجملي لألدويـة‪.‬‬ ‫المستويات ّ‬ ‫الثالثة المشار إليها أعاله هي‪:‬‬

‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬تنتشر البطالة بين النساء أكثر من الرجال‪ ،‬وهي على‬ ‫ال ّتوالي بنسب ‪ % 27.4‬و‪ً ،% 15‬‬ ‫وفقا لمسح التشغيل الوطني لعام ‪.2011‬‬ ‫وعلى عكس نسـبة التـّمـدرس لإلناث‪ ،‬ال تزال النساء تواجه صعوبات‬ ‫ّ‬ ‫فعال‬ ‫الشغل وإدارة‬ ‫جمـّـة لدخول سوق‬ ‫حياتهن المهن ّية بشكل ّ‬ ‫ّ‬ ‫واالستفادة من نفس الفـرص المتاحـة للـرجال‪.‬‬ ‫واليوم باإلضافة إلى هذه العناصر‪ ،‬هناك حاجة لتوسيع خدمات الوقاية‬ ‫والرعاية والدعـم وإعادة موازنتها لصالح المناطق المحـرومة‪ .‬في الواقع‬ ‫ّ‬ ‫والصحي لتونس كما‬ ‫والسكاني‬ ‫يسلط السياق االجتماعي واالقتصادي‬ ‫ّ‬ ‫هو موصوف‪ ،‬الضوء على العوامل الهيكلية التي من المحتمل أن تغذي‬ ‫السلوكيات المحفوفة بالمخاطر وتعرض السكان لألمراض المنقولة‬ ‫جنسي ًا ولفيروس نقص المناعة البشري‪ .‬ألن هذه العوامل الهيكلية‬ ‫ال تؤثر فقط على الوصول إلى الوقاية والرعاية‪ ،‬بل تؤثر ً‬ ‫أيضا على السلوك‬ ‫ً‬ ‫إن أي برنامج شامل وفعال‬ ‫الجنسي للفئات السكانية األكثر‬ ‫ضعفا‪ّ .‬‬ ‫لمكافحة الفيروس والسيدا يجب أن يأخذ ذلك في الحسبان‪ .‬ومن خالل‬ ‫هذه الضرورات الصحية واالجتماعية واالقتصادية وبالتعاون مع قطاعات‬ ‫التنمية‪ ،‬يجب تصميم أولويات استراتيجيات للوقاية‪.‬‬ ‫‪ 4.1.1‬السيــــاق الصحي في تونس‬ ‫لطالما اعتبرت الدولة التونسية الصحة العامة والتعليم من أولوياتها‬ ‫الوطنية من خالل تخصيص موارد مالية كبيرة لهما(((‪ .‬لقد سمحت‬ ‫السياسة الصحية في مجال التطعيم من تطعيم أكثر من ‪ % 90‬من‬ ‫األطفال التونسيين دون سن الواحدة‪ ،‬وال سيما ضد السل والدفتيريا‬ ‫والكزاز والسعال الديكي وشلل األطفال والحصبة والتهاب الكبد الفيروسي‬ ‫«ب» والنزلة المستديمة من النوع «ب»‪.‬‬ ‫‪36‬‬

‫‪ 9‬كمال بوكاف‪ .‬دراسة تنظيم الدواء في تونس‪ ،‬مجلة الصيدلي عدد‪ 76 :‬جوان ‪.2000‬‬

‫ المستوى األ ّول وهو يشمل مراكز الرعاية الصحية األساسية التي‬‫ّ‬ ‫توفر ال ّرعاية الروتينية واإلجراءات الوقائ ّية‪ .‬تعتبر المستشفيات المحل ّية‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ومراكز التوليد في المعتمديات أيضا هياكل من المستوى األول‪.‬‬ ‫يضم المستشفيات الجهو ّية التي توجد على مستوى‬ ‫ المستوى الث ّاني‬‫ّ‬ ‫عاصمة كل والية‪ ،‬وهي ّ‬ ‫توفر على األقل‬ ‫الطب العام والجراحة‬ ‫العامة وال ّتوليد وطب األطفال واختصاص واألنف‬ ‫ّ‬ ‫واألذن والحنجرة وطب العيون‪.‬‬ ‫ المستوى الثالث يتكون من المستشفيات والمراكز الجامعية‪.‬‬‫مهمتها ال ّرئيسية هي توفير رعاية صحية متخصصة للغاية‪ .‬وتقع في‬ ‫المناطق التي تضم كليات الطب األربعة (تونس‪ ،‬سوسة‪ ،‬المنستير‪،‬‬ ‫صفاقس) والواليات المتاخمة لمواقع الجامعات (أريانة‪ ،‬بن عروس‪ ،‬منوبة‪،‬‬ ‫بنزرت‪ ،‬نابل‪ ،‬المهدية‪ ،‬القيروان‪ ،‬قابس)‪.‬‬ ‫للصحة األساسية كامل‬ ‫فيما يخص الخط األول‪ ،‬يغطي ‪ 2200‬مركز‬ ‫ّ‬ ‫التراب الوطني‪ّ .‬‬ ‫الحد األدنى من حزمة ال ّرعاية األول ّية‬ ‫توفر هذه المراكز‬ ‫ّ‬ ‫المتكاملة والرعاية العادية إضافة للخدمات الوقائية المجانية‪ .‬يتم وضع‬ ‫ومتابعة برامج الصحة األساس ّية الوطنية من قبل إدارة خدمات الصحة‬ ‫األساسية التابعة لوزارة الصحة‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬فإن الديوان الوطني لألسرة والعمران البشري مكلـّـف‬ ‫بالبرنامج الوطني للصحة الجنسية واإلنـجـابيـة ولديه هياكل جهوية على‬ ‫مستوى عواصم الواليات األربعة والعشرين في البالد وهي تقدم خدمات‬ ‫مجانية في مجال التحكم في اإلنجاب بما في ذلك عالج األمراض المنقولة‬ ‫جنسيا‪.‬‬ ‫تم منذ عام ‪ ،2009‬إنشاء خمسة وعشرين مرك ًزا لإلرشاد والكشف‬ ‫كما ّ‬

‫‪37‬‬


‫المجاني ال ّ‬ ‫الإسمي عن الفيروس‪ ،‬من أجل إزالة حواجز الوصم والتمييز‪ .‬هذه‬ ‫تقدم المشورة والتثقيف‬ ‫المراكز‪ ،‬التي تدار من قبل فرق مد ّربة للغرض‪ّ ،‬‬ ‫الصحي لطالبي الخدمات إضافة إلى الفحص الطبي وتحليل الدم الحيني‬ ‫ّ‬ ‫للكشف عن الفيروس‪ ،‬دون طلب الهو ّيـة أو أية وثيقة شخصية‪ .‬لكن‬ ‫هذه المراكز‪ ،‬لم تحقق أهدافها بالكامل‪ ،‬بسبب نقص الترويج لها‪ ،‬ونقص‬ ‫وسائل العمل وجودة الخدمات لجذب الفئات األكثر عرضة للخطر كالرجال‬ ‫الذين يمارسون الجنس مع الرجال ومستعملي المخدرات المحقونة‬ ‫وممتهني وممتهنات الجنس‪.‬‬ ‫ويبقى تعزيز الخدمات الصحية للخط األول أحد األولويات الصحية في‬ ‫تونس لتحسين الوصول إلى خدمات الوقاية والعالج وتحسين الجودة‪.‬‬ ‫كما أن هناك برامج وطنية متجذرة‪ ،‬ال سيما تلك التي تستهدف صحة األم‬ ‫والطفل التي كانت في البداية من مشموالت مستشفيات التوليد‪ ،‬والتي‬ ‫تم تعميمها على مراكز‬ ‫الصحة األساس ّية منذ جويلية ‪.2014‬‬ ‫ّ‬ ‫معدالت استخدام خدمات مثل عالج األمراض المنقولة‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فإن‬ ‫ّ‬ ‫جنس ّيا وتقصي العدوى بالفيروس من جانب فئات مع ّينة من السكان‬ ‫(الرجال والشباب غير المتزوجون والفئـة األكثر عرضة لإلصابة بالفيروس‪،‬‬ ‫و الرجال الناشطون جنسيا مع الرجال ومتعاطو المخدرات بالحقن) تشير‬ ‫الصحة األساس ّية بشكل فعال في االستجابة‬ ‫إلى أنه ال يتم استخدام مراكز‬ ‫ّ‬ ‫لجائحة السيدا واألمراض المنقولة جنسيا ألنـها غير مك ّيفة بما يكفي‬ ‫لتلبية االحتياجات الخصوص ّية لهذه الشرائح إضافة إلى النقص في الكفاءة‬ ‫والو ْعظ‬ ‫المهنية و بعض مواقف المهنيين الصحيين التي تتـّسم بالوصم َ‬ ‫وهو ما يعوق انتـفاع األشخاص األكثر عرضة للخطر بخدمات الوقاية‬ ‫والدعم‪.‬‬ ‫والرعاية ّ‬ ‫للصحة هي التي تشرف‬ ‫أما على المستوى الجهوي فإن اإلدارة الجهو ّية‬ ‫ّ‬ ‫على تنفيذ البرامج الوطنية المختلفة على مستوى كل والية بالتعاون مع‬ ‫فرق الوحدات الصحية المثبتة على مستوى المعتمديات (وهو المستوى‬ ‫اإلداري الثاني الذي يأتي بعد المحلي مباشرة)‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن هذه الخدمات‬ ‫الجهو ّية مع فريقها الطبي (بما في ذلك الطبيب المنسق لبرنامج مقاومة‬ ‫دائما الوسائل واإلمكانيات الالزمة لضمان إدارة‬ ‫السيدا) ليس لديها‬ ‫ً‬ ‫وتنسيق البرنامج الوطني لمقاومة السيدا على مستوى الواليات‪.‬‬ ‫‪38‬‬

‫المختصة للمتعايشين مع فيروس نقص‬ ‫يتم توفير الخدمات الطب ّية‬ ‫ّ‬ ‫الم ْع ِدية للمستشفيات الجامع ّية‬ ‫المناعة البشرية في أقسام األمراض ُ‬ ‫األربعة الموجودة في تونس وسوسة والمنستير وصفاقس‪.‬‬ ‫ب ‪ -‬الصحة شبه العامة‪ :‬تم تطوير قطاع هام في تونس إلى جانب‬ ‫القطاع العام‪ ،‬والذي يشمل عيادات المراكز الصحية متعددة االختصاصات‬ ‫التابعة للصندوق الوطني للضمان االجتماعي والتي تقدم الخدمات الصح ّية‬ ‫ّ‬ ‫لموظفي القطاع الخاص و بعض الشركات الكبرى‪ ،‬وكذلك الخدمات‬ ‫الصح ّية لبعض الوزارات (الداخلية ‪ ،‬الدفاع‪ ،‬العدل)‪.‬‬ ‫يتكون من شبكة الطب العام وطب‬ ‫ت ‪ -‬القطاع الصحي الخاص‪ :‬وهو‬ ‫ّ‬ ‫االختصاص وتجار الجملة الموزعين لألدوية‪ ،‬والصيدليات ومخابر التحاليل‬ ‫الطبية‪ .‬وعدد من منشآت االستشفاء (عيادات عامة أو متخصصة)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫يشغـل هذا القطاع ‪ % 7‬من اإلطار شبه الطبي و‪ % 48‬من األطباء و‪% 83‬‬ ‫من الصيادلة و‪ % 72‬من أطباء األسنان‪ .‬تمثل خدمات هذا القطاع حوالي‬ ‫‪ % 11‬من العرض اإلجمالي ولكن هذا العرض يتميز بتفاوت جغرافي هام‬ ‫حيث أنه يقع بشكل أساسي على طول السواحل وفي المناطق التي يعيش‬ ‫فيها السكان األكثر رفاهة‪ .‬يتم تغطية بعض الخدمات المقدمة بشكل‬ ‫رئيسي أو حصري في المرافق الخاصة‪ ،‬على سبيل المثال غسيل الكلى‪ ،‬الذي‬ ‫يتكفل صندوق الضمان االجتماعي بكامل مصاريفه‪.‬‬ ‫تطور‪ ،‬ولكن األطباء في هذا القطاع الذين قد‬ ‫القطـاع الخـاص في حالة‬ ‫ّ‬ ‫يلتجئ األشخاص األكثر عرضة للخطر لخدماتهم ليسوا على دراية كافية‬ ‫باإلستراتيجية الوطنية لمكافحة الفيروس وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬ال يزال‬ ‫عدد األطباء الممارسين في القطاع الخاص والذين يمتلكون المهارات‬ ‫الخصوصية لتقديم الرعاية للمصابين بالفيروس محدو ًدا للغاية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تمثل الصيدليات الخاصة‪ ،‬الهياكل األولى التي يتوجه إليها األشخاص‬ ‫األكثر عرضة للخطر قصد شراء الواقي الذكري أو الحقن أو األدوية لعالج‬ ‫لكن األعوان العاملين ليسوا‬ ‫األمراض المنقولة جنسي ًا (التطبيب الذاتي)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫جميعا واعين بإشكالية الفيروس ولذلك يرفضون في بعض األحيان تقديم‬ ‫الخدمات لشريحة المتعايشين مع الفيروس‪.‬‬ ‫‪39‬‬


‫‪ 2.1‬الوضع الوبائي واالستجابة لفيروس نقص المناعة البشري في‬ ‫تونس‬

‫وبالتالي‪ ،‬فإن حالة الوباء في تونس «مركزة» على مستوى الفئات‬ ‫السكانية الرئيسية الثالث(‪ )9‬وهم‪ :‬متعاطو المخدرات بالحقن والرجال‬ ‫الذين لهم عالقات جنسية مع الرجال وممتهنات الجنس‪.‬‬

‫فصيلة الفيروس المنتشر في تونس تكاد تكون حصريا من الصنف ‪ 1‬إلى‬ ‫عاما الماضية‪.‬‬ ‫جانب أقل من ‪ 20‬ساللة من هذا الفيروس خالل الثالثين ً‬ ‫في عام ‪ 1999‬تم تقطيع ‪ 24‬ساللة من الفيروس نوع ‪ 1‬فتبين أن ‪ 23‬منها‬ ‫كانت من النوع الفرعي «ب» وواحدة من النوع الفرعي المركب «أ‪-‬ج»(‪.((1‬‬

‫ً‬ ‫وفقا للدراسات السلوك‪-‬مصلية‬ ‫لكن هذه األرقام تستمر في الزيادة‬ ‫(الجدول ‪.)3‬‬

‫‪ 1.2.1‬العامل المسبب للمرض‬

‫وفي عام ‪ ،2009‬تم التنميط الجيني لـ ‪ 63‬ساللة فكانت النتيجة كالتالي‪:‬‬ ‫‪ 55‬من النمط الجيني «ب»‪ 5 ،‬من النمط المركب «أ‪-‬ج»‪ 2 ،‬من النمط‬ ‫المركب المزدوج و‪ 1‬من النمط الجيني «د»‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى األهمية الوبائية‪ ،‬فإن تصنيف سالالت الفيروسات التي‬ ‫مهم لرصد مقاومة األدوية‬ ‫تم تحديدها لدى األشخاص المصابين‬ ‫ّ‬ ‫المستعملة لعالج السيدا‪.‬‬ ‫أهـم عناصر الوباء في تونس‬ ‫‪2.2.1‬‬ ‫ّ‬

‫يستند تحليل معطيات الوضع الوبائي لفيروس نقص المناعة البشري‬ ‫في تونس إلى ثالثة مراجع هي‪ :‬المعطيات المتعلقة بالحاالت الحاملة‬ ‫التقصي‪ ،‬وبيانات المنظمات غير الحكومية‬ ‫للفيروس من خالل برامج‬ ‫ّ‬ ‫العاملة في المجال‪ ،‬ونتائج الدراسات السلوك‪ -‬مصلية المتعلقة‬ ‫بالمجموعات السكانية المعرضة لخطر اإلصابة‪.‬‬ ‫حتى منتصف العقد األول من القرن الحادي والعشرين‪ ،‬كان الوباء غير‬ ‫ناشط في تونس‪ ،‬حيث كان معدل انتشاره أقل من ‪ % 0.1‬بين عموم‬ ‫السكان‪ .‬ومع ذلك أظهرت الدراسات السلوك‪ -‬مصلية األربع األخيرة‪ ،‬التي‬ ‫أجريت في ‪ 2009‬و‪ 2011‬و‪ 2014‬و‪ ،2018‬أن انتشار الفيروس تركــز بين‬ ‫ـدر هذا االنتشار في ‪ 2018‬بـ‪:‬‬ ‫السكان األكثر عرضة للخطر‪ .‬وقد قـ ُ ِّ‬ ‫‪ % 1.2 -‬لدى ممتهنات الجنس‪.‬‬

‫ ‪ % 6‬بين متعاطي المخدرات المحقونة‪.‬‬‫ ‪ % 11.2‬من الرجال الناشطين جنسيا مع الرجال‪.‬‬‫‪40‬‬

‫‪10‬‬ ‫‪Ben Halima M, et al. First molecular characterization of HIV-1 Tunisian strains. J Acqui Immune Defic‬‬ ‫‪Syndr. 2001; 28 (1):94-6.‬‬

‫الفئات السكانية‬

‫‪2009‬‬

‫‪2011‬‬

‫‪2014‬‬

‫‪2018‬‬

‫مستعملو الحقن‬

‫‪% 2.7‬‬

‫‪% 2.4‬‬

‫‪% 3.9‬‬

‫‪% 6.0‬‬

‫ممتهنات الجنس‬

‫‪% 0.43‬‬

‫‪% 0.61‬‬

‫‪% 0.94‬‬

‫‪% 1.21‬‬

‫رجال مع رجال‬

‫‪% 4.9‬‬

‫‪% 13‬‬

‫‪% 9.1‬‬

‫‪% 11.2‬‬

‫الجدول ‪ :3‬تطور انتشار الفيروس بين الفئات األكثر عرضة لإلصابة‬ ‫لسنوات ‪2018 - 2014 - 2011 - 2009‬‬

‫يقدر عدد األشخاص المتعايشين مع الفيروس في تونس ً‬ ‫وفقا ألنموذج‬ ‫‪ SPECTRUM‬التابع لبرنامج األمم المتحدة المشترك لمكافحة‬ ‫اإليدز (‪ )UNAIDS‬بـ‪ 2997‬أي بمعدل متوسط أقل من ‪ % 0.1‬من جملة‬ ‫السكان(‪.((1‬‬ ‫عدد الكهول المتعايشين مع الفيروس والذين يفوق سنهم ‪ 15‬سنة‬

‫‪2997‬‬

‫عدد الكهول واألطفال حديثي العهد باإلصابة بالفيروس‬

‫‪320‬‬

‫عدد الكهول واألطفال المتوفون بسبب السيدا‬

‫‪80‬‬

‫الجدول ‪ : 4‬عدد المتعايشين مع الفيروس‪.‬‬ ‫(البرنامج الوطني لمقاومة األمراض المنقولة جنسيا و السيدا ‪)2022 - 2018‬‬

‫‪ 3.2.1‬توزيع حاالت اإلصابة بالفيروس حسب النوع‬

‫وجهات في حاالت اإلصابة بالفيروس حسب الجنس أن‬ ‫يُظهر تحليل ال ّت ّ‬ ‫هناك توجـّه ًا تنازلي ًا في نسبة الرجال من ال ّنساء لصالح النساء دون تجاوز‬ ‫الرجال‪ .‬كما تشير الدراسات إلى أن هذه ال ّنسبة انخفضت من ‪ 3.02‬رجل‬ ‫مقابل المرأة الواحدة عام ‪ 2000‬إلى ‪ 2.1‬رجل مقابل المرأة الواحدة عام‬ ‫‪( .2016‬الجدول ‪)1‬‬ ‫‪ 11‬وزارة الصحة‪ ،‬إدارة الرعاية الصحية األساسية‪ ،‬البرنامج الوطني لمقاومة السيدا واألمراض المنقولة‬ ‫جنسيا‪ .‬الخطة االستراتيجية الوطنية لمقاومة فيروس نقص المناعة البشرية ‪ /‬السيدا واألمراض المنقولة‬ ‫جنسيا ‪.2022-2018‬‬

‫‪41‬‬


‫األهـم النتشار الوباء في تونس‪ ،‬على ال ّرغم‬ ‫ال يزال الرجال هم العامل‬ ‫ّ‬ ‫من الزيادة األخيرة في انتشار الوباء بين النساء‪ ،‬مما يشهد مكانة انتقال‬ ‫الفيروس بين الشريكين الجنسي ّيـن المختلفين(‪.((1‬‬ ‫إصابات جديدة بالفيروس‬ ‫كل األعــمـــار‬ ‫‪ 14 - 0‬سنـة‬ ‫نساء ‪ 15‬سنة فما فوق‬

‫‪2010‬‬

‫‪2015‬‬

‫‪2018‬‬

‫‪<500‬‬

‫‪<500‬‬

‫‪<500‬‬

‫) <‪( 200< - 500‬‬

‫) <‪( 200< - 500‬‬

‫) <‪( 200< - 500‬‬

‫‪...‬‬

‫‪...‬‬

‫‪...‬‬

‫<‪...< - ...‬‬

‫<‪...< - ...‬‬

‫<‪...< - ...‬‬

‫<‪100‬‬

‫<‪100‬‬

‫<‪100‬‬

‫) < ‪(100< - 200‬‬

‫) < ‪(100< - 200‬‬

‫) < ‪(100< - 200‬‬

‫‪< 200‬‬

‫‪< 200‬‬

‫‪< 200‬‬

‫إصابات لكل ‪ 1000‬ساكن‬

‫) < ‪(100< - 500‬‬

‫) < ‪(100< - 500‬‬

‫) < ‪(100< - 500‬‬

‫) ‪0.02 (0.01 - 0.03‬‬

‫) ‪0.02 ( 0.01-0.04‬‬

‫)‪0.02 (0.01-0.04‬‬

‫الوفيات المرتبطة بالسيدا‬

‫<‪100‬‬

‫<‪100‬‬

‫<‪100‬‬

‫) < ‪(100< - 200‬‬

‫) < ‪(100< - 200‬‬

‫) < ‪(100< - 200‬‬

‫رجال ‪ 15‬سنة فما فوق‬

‫كل األعــمـــار‬ ‫‪ 14 - 0‬سنـة‬ ‫نساء ‪ 15‬سنة فما فوق‬ ‫رجال ‪ 15‬سنة فما فوق‬ ‫المتعايشون مع الفيروس‬ ‫كل األعــمـــار‬ ‫‪ 14 - 0‬سنـة‬ ‫نساء ‪ 15‬سنة فما فوق‬ ‫رجال ‪ 15‬سنة فما فوق‬ ‫انتشار الفيروس ‪49 - 15‬‬

‫اتسم توزيع حاالت اإلصابات الجديدة حسب الفئات العمرية بغلبة‬ ‫الشباب الذين هم دون سن الثالثين‪ ،‬الذين ّ‬ ‫مثلوا أكثر من النصف قبل عام‬ ‫‪ .1995‬لكن وبمرور األعوام ارتفع متوسط العمر حيث بلغ عام ‪ ،2016‬قرابة‬ ‫نصف الحاالت (‪ )% 49.5‬بين ‪ 25‬و‪ 39‬سنة مع غلبة الفئة العمرية ‪34 - 30‬‬ ‫التي مثلت خـ ُ ُمس المجموع‪.‬‬

‫‪...‬‬

‫‪...‬‬

‫‪...‬‬

‫‪... - ...‬‬

‫‪... - ...‬‬

‫‪... - ...‬‬

‫<‪100‬‬

‫<‪100‬‬

‫<‪100‬‬

‫) < ‪(100< - 100‬‬

‫) < ‪(100< - 100‬‬

‫) < ‪(100< - 100‬‬

‫<‪100‬‬

‫<‪100‬‬

‫<‪100‬‬

‫) < ‪(100< - 100‬‬

‫) < ‪(100< - 100‬‬

‫) < ‪(100< - 200‬‬

‫‪1400‬‬

‫‪2300‬‬

‫‪2800‬‬

‫) ‪( 980 - 2200‬‬

‫) ‪( 1500 - 3400‬‬

‫) ‪( 1700 - 4400‬‬

‫‪...‬‬

‫‪...‬‬

‫‪...‬‬

‫الرسم ‪ :1‬تطور نسبة حاملي الفيروس ‪ /‬السيدا المسجلين بإدارة رعاية الصحة األساسية من‬ ‫سنة ‪ 1986‬إلى ‪( 2018‬حسب البرنامج الوطني لمقاومة السيدا)‪.‬‬

‫‪... - ...‬‬

‫‪... - ...‬‬

‫‪... - ...‬‬

‫< ‪500‬‬

‫‪720‬‬

‫‪890‬‬

‫) ‪( 500 < - 640‬‬

‫) ‪( 500 < - 1000‬‬

‫) ‪( 500 < - 1300‬‬

‫‪970‬‬

‫‪1600‬‬

‫‪1900‬‬

‫) ‪( 650 - 1500‬‬

‫) ‪( 1000 - 2400‬‬

‫) ‪( 1100 - 2900‬‬

‫أن غالبيته اإلصابات منذ بداية الوباء سجلت في‬ ‫يمكن أن نستخلص إذا ّ‬ ‫صفوف الشباب بمتوسط عمر يساوي ‪ 34.5‬سنة (‪ 35.9‬للشباب و‪32.1‬‬ ‫ـعـد تمثل نسبة اللذين هم دون الـ‪ 30‬سنة سوى‬ ‫للشابات)‪ .‬بينما لم تَ ُ‬ ‫‪.% 29‬‬

‫) ‪< 0.1 ( < 0.1 - < 0.1‬‬

‫) ‪< 0.1 ( < 0.1 - < 0.1‬‬

‫) ‪< 0.1 ( < 0.1 - < 0.1‬‬

‫‪ .5.2.1‬توزيع حاالت اإلصابة بالفيروس حسب الجهات‬

‫الجدول ‪ :5‬إحصائيات الحالة الوبائية للسيدا بتونس ‪ -‬معطيات ‪ 2019‬لبرنامج األمم المتحدة‬ ‫المشترك لمكافحة األيدز (‪ .)UNAIDS‬يبيــّن الجدول رقم ‪ 5‬تقديرات جائحة السيدا حسب برنامج‬ ‫(‪)12‬‬ ‫األمم المتحدة المشترك لمكافحـة اإليدز ‪2019‬‬ ‫‪42‬‬

‫‪ .4.2.1‬توزيع حاالت اإلصابة بالفيروس حسب الفئات العمرية‬

‫‪www.gesundheitsfoerderungwallis.ch/fr/femmes-sont-elles-plus-exposees-risque‬‬‫‪infection-24.htm‬‬

‫‪12‬‬

‫الصحة األساس ّية بين‬ ‫يُظهر توزيع الحاالت المب ّلغ عنها إلى إدارة خدمات‬ ‫ّ‬ ‫عامي ‪ 1986‬و‪ 2016‬حسب المناطق الرئيسية أن مجموع الحاالت متأتية‬ ‫من إقليم تونس الكبرى والمناطق الساحلية بما نـسـبته ‪ % 88‬من جميع‬ ‫الحاالت منذ بداية الوباء‪.‬‬

‫‪43‬‬


‫السيدا في تونس على أنه وباء َح َ‬ ‫ضري يتركز في الجهات‬ ‫يُصنف وباء ّ‬ ‫الساحلية للبالد‪.‬‬

‫يتم عالج هؤالء المصابين بشكل أساسي من قبل القطاع الخاص‬ ‫في مدينتي‪ :‬تونس وصفاقس‪ .‬يتابع أطباء األمراض المعدية في القطاع‬ ‫الحر ما بين ‪ 500‬و‪ 600‬مصاب من الجنسية الليبية‪ .‬في حين يتم عالج‬ ‫المتعايشين مع الفيروس من التونسيين بشكل أساسي في القطاع العام‬ ‫في أربعة مراكز تشخيص ورعاية بتونس العاصمة وسوسة والمنستير‬ ‫وصفاقس‪.‬‬ ‫‪ .7.2.1‬تحليل طرق انتقال الفيروس في تونس‬

‫أظهر تحليل بيانات البرنامج من ‪ 1986‬إلى ‪ 2018‬أن االنتقال بين‬ ‫الجنسين كان األكثر‬ ‫شيوعا ويمثل ‪ % 49‬من الحاالت (‪ % 46‬للرجال‬ ‫ً‬ ‫و‪ .% 85‬للنساء)‪ .‬احتل تعاطي المخدرات عن طريق الحقن المرتبة الثانية‬ ‫بنسبة ‪ .% 19‬وتعاطي الجنس بين الرجال المرتبة الثالثة بنسبة ‪.% 7‬‬ ‫وتبقى طريقة االنتقال غير معروفة لـدى ‪ % 20,68‬من الرجال و‪ % 10‬من‬ ‫النساء (الشكل ‪.)3‬‬ ‫بالسيدا من ‪ 1986‬حتى ‪ 2018‬حسب النوع‬ ‫الرسم ‪ :2‬تطور متوسط عمر الحاالت الجديدة المصابة ّ‬ ‫(البرنامج الوطني لمقاومة السيدا)‬

‫‪ .6.2.1‬توزيع حاالت السيدا حسب الجنسية‬

‫منذ عام ‪ 2000‬الحظنا ارتفاعا متواصال لحاالت السيدا بين األجانب‬ ‫المقيمين (أي من جنسيات أخرى)‪.‬‬ ‫لقد تطورت نسبة األجانب بالمقارنة مع التونسيين من صفر عام ‪1986‬‬ ‫إلى أكثر من ‪ 2‬عام ‪ .2013‬كما بلغ عدد الحاالت الجديدة من التونسيين‬ ‫واألجانب ‪ 253‬عام ‪ 2013‬و‪ 327‬في ‪ 31‬ديسمبر ‪ .2014‬وبذلك يصبح العدد‬ ‫الجملي للحاالت ‪ 2047‬يوم ‪ 31‬ديسمبر ‪ .2014‬كما تشير المعطيات‬ ‫المستقاة من البرنامج الوطني لمقاومة السيدا إلى ظهور ‪ 156‬حالة عام‬ ‫‪ 2015‬و‪ 164‬حالة عام ‪.2016‬‬

‫يمثل األجانب نسبة كبيرة تزيد عن ‪ % 50‬معظمهم مواطنون ليبيون‬ ‫غير مقيمون يأتون لتلقي الرعاية الطبية‪ ،‬وعدد قليل من المقيمين من‬ ‫جنسيات مختلفة وطالب من دول إفريقيا جنوب الصحراء‪.‬‬ ‫‪44‬‬

‫تعاطي الجنس‬ ‫بين الرجال‬

‫ذكور‬

‫إناث‬

‫الرسم ‪ :3‬توزيع طرق انتقال الفيروس بين الجنسين حسب النوع من ‪ 1986‬إلى ‪.2018‬‬

‫‪45‬‬


‫السيدا بتونس تتميز بالخصائص التالية‪:‬‬ ‫وهكذا فإن جائحة ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السكانية األكثر‬ ‫يتركز بين المجموعات‬ ‫ وباء منخفض االنتشار‪ :‬وهو‬‫معـدل االنتشار أعلى من ‪ % 5‬خالل المسوح‬ ‫عرضة لإلصابة‪ ،‬حيث كان‬ ‫ّ‬ ‫ـجـرات‪.‬‬ ‫الم ْ‬ ‫السلوك‪ -‬مصلية ُ‬ ‫ وباء مستقـر على مستوى السكان‪ :‬وهذا يدل على أهمية االستجابة من‬‫حيث الوقاية والرعاية‪ .‬تـُـظـْهر النسبة بين الجنسين أن الرجال يصابون‬ ‫مرتين أكثر من النساء‪ ،‬مما يؤكد توزيع طرق االنتقال‪.‬‬ ‫ وباء غير متجانس جغرافيا‪ :‬حيث هو موجود في الحضر أكثر من الريف‬‫(تونس الكبرى والمناطق الساحلية)‬ ‫ وباء متـخـ ّفـي‪ :‬نسبة كبيرة من الناس ال يعرفون أنهم مصابون‬‫بالفيروس‪ .‬وهو ما يجعل هذا الوباء متشابها في بلدان منطقتي المغرب‬ ‫العربي والشرق األوسط‪.‬‬ ‫التصدي للفيروس على ال ّنطاق الوطني‬ ‫‪.3.1‬‬ ‫ّ‬

‫يجب أن توفر االستجابة الوطنية الفعالة المعلومات والخدمات‬ ‫والدعم حول الفيروس للسكان األكثر عرضة للخطر‪ .‬يمكن ال ّتعرف على‬ ‫السكان بشكل أفضل من خالل تكرار ترصد الجيل الثاني باللجوء‬ ‫هؤالء ّ‬ ‫إلى مسوح سلوك‪ -‬مصلية عالية الدقة ورسم خرائط اإلقامة والتشاور مع‬ ‫السكان المعرضين لخطر اإلصابة‪ ،‬والمتعايشين مع الفيروس ومقدمي‬ ‫الخدمات‪.‬‬ ‫لفهم الوباء بشكل أفضل‪ ،‬يجب على الدولة أن تتـعـ ّرف بشكل أحسن‬ ‫على ديناميكية انتقال الفيروس بين السكان المتضررين وكيفية تفاعل‬ ‫هذه المجموعات مع المجموعات السكانية األخرى ومع بقية المواطنين‬ ‫بشكل عــام‪.‬‬ ‫‪ 1.3.1‬البرنامج الوطني لمكافحة السيدا واألمراض المنقولة جنسي ًا‬

‫‪46‬‬

‫بعد شهرين من اإلبالغ عن أول حالة إصابة بفيروس نقص المناعة‬ ‫البشري في ديسمبر ‪ ،1985‬شكلت تونس لجنة وطنية متعددة‬ ‫القطاعات ومتعددة االختصاصات لمكافحة السيدا‪ .‬بعد ذلك‪ ،‬تم إنشاء‬ ‫البرنامج الوطني لمكافحة السيدا في عام ‪ .1987‬يعتمد هذا البرنامج على‬ ‫المكونات األربعة التالية؛‬

‫ المراقبة الوبائية لفيروس نقص المناعة البشري والسيدا‪.‬‬‫ الرعاية الطبية والنفسية واالجتماعية للمصابين‪.‬‬‫ الجانب األخالقي والقانوني‪.‬‬‫ التثقيف واإلعالم والتواصل‪.‬‬‫في عام ‪ ،1998‬ومع مراعاة عالقة التـالزم المحتملة بين اإلصابة‬ ‫بالفيروس واألمراض المنقولة جنسيا‪ ،‬تم دمج اإلستراتيجية الوطنية‬ ‫لمكافحة األمراض المنقولة جنسيا في برنامج مكافحة السيدا‪ ،‬الذي‬ ‫أطلق عليه منذ ذلك الحين اسم « البرنامج الوطني لمقاومة السيدا‬ ‫واألمراض المنقولة جنسيا »‪ .‬في هذا اإلطار‪ ،‬وبهدف الحد من انتشار‬ ‫تم إدخال وتعميم العالج الثالثي منذ عام ‪.2000‬‬ ‫العدوى بالفيروس‪ّ ،‬‬ ‫على الرغم من انخفاض معدل انتشار اإلصابة بالفيروس وبهدف زيادة‬ ‫تعزيز االستجابة الوطنية‪ ،‬تم إجراء تحليل لوضعية اإلصابات في عام ‪2005‬‬ ‫أثناء التحضير للمخطط الوطني الخماسي ‪2010 - 2006‬‬ ‫وتـم وضع إطار‬ ‫ّ‬ ‫سياسي للتصرف في المنحة المقدمة من قبل « الصندوق العالمي‬ ‫ّ‬ ‫تقصي في‬ ‫لمكافحة األيدز‬ ‫والسل والمالريا »‪ .‬وبالتالي‪ ،‬تم إنشاء نظام ّ‬ ‫مراكز خاصة للغرض لضمان عدم الكشف عن الهوية ومجانيـّة الخدمات‬ ‫ـميت‪« :‬مراكز اإلرشاد والتقصي الالإسمي والمجاني»‪ .‬بدأت هذه‬ ‫ُ‬ ‫وس ِّ‬ ‫التجربة في عام ‪ 2008‬في الهياكل العامة ومباني بعض المنظمات غير‬ ‫الحكومية بعد تعديل القانون ‪ 71/92‬وإصدار تعديل ‪ 2007/12‬الذي يسمح‬ ‫لألطباء والمختصين في علوم الحياة العاملين في المخابر‪ ،‬أن يقوموا‬ ‫بالكشف عن الفيروس دون االلتزام باإلفصـاح عن هوية الحاالت اإليجابية‬ ‫أو اإلبالغ عنها‪.‬‬ ‫ترصد الفيروس من الجيل الثاني‪ ،‬تم إجراء دراسات سلوك‪-‬‬ ‫كجزء من ّ‬ ‫مصلية بين المجموعات السكانية األكثر عرضة لإلصابة (الرجال‬ ‫الناشطون جنسيا مع الرجال والمشتغـالت في الجنس والذين يـتعاطون‬ ‫المخدرات بالحقن)‪ ،‬وذلك بفضل برنامج الدعم المقدم من الصندوق‬ ‫العالمي‪ .‬في الواقع‪ ،‬يهدف هذا البرنامج لمتابعة ورصد العدوى بالفيروس‬ ‫والتــوجهات الوبائية عبر الزمان في السلوكيات عالية الخطورة من أجل‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫توفير المعلومات األساسية ال ّ‬ ‫الزمة إلعداد‬ ‫التدخالت المناسبة ولتقييم‬ ‫تأثيراتها(‪.((1‬‬ ‫‪ 13‬منظمة الصحة العالمية‪ ،‬برنامج األمم المتحدة المشترك لمكافحة بفيروس نقص المناعة البشرية ‪/‬‬

‫‪47‬‬


‫لقـد جددت تونس التزامها أمام مختلف الهيئات الدولية بالعمل مع‬ ‫المجتمع الدولي لمكافحة هذا المرض واحتواء انتشاره كما تبنت رؤية‬ ‫برنامج األمم المتحدة المشترك لمكافحة السيدا « صفر إصابات جديدة‬ ‫بالفيروس‪ ،‬صفر تمييز‪ ،‬صفر وفيات مرتبطة بالسيدا»‪.‬‬ ‫تحقيق «صفر إصابات جديدة»‪:‬‬ ‫ خفض معدل انتقال الفيروس عن طريق االتصال الجنسي إلى النصف‪،‬‬‫بما في ذلك بين الشباب والرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال‪.‬‬ ‫ القضاء على انتقال الفيروس من المرأة الحامل إلى الجنين وخفض‬‫وفيات األمهات المرتبطة بالسيدا إلى النصف‪.‬‬ ‫ الوقاية من جميع اإلصابات الجديدة بفيروس نقص المناعة البشري‬‫المخدرات‪.‬‬ ‫بين متعاطي‬ ‫ّ‬ ‫تحقيق « صفر وفيات مرتبطة بالسيدا »‪:‬‬ ‫ الوصول الشامل إلى العالج الثالثي لألشخاص المصابين المؤهلين‬‫للعالج‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫السل بمقدار النصف لدى المتعايشين مع‬ ‫ خفض الوفيات الناجمة عن‬‫الفيروس‪.‬‬ ‫ مراعاة األشخاص المتعايشين مع الفيروس واألسر المتضررة من‬‫الفيروس في جميع استراتيجيات الحماية االجتماعية الوطنية وضمـان‬ ‫الوصول إلى الرعاية األساس ّية والدعم لهؤالء المواطنين‪.‬‬ ‫تحقـيق « عدم التمييز »‬ ‫ خفض عــدد البلدان التي لــديها قوانين وممارسات عـقابية فيما‬‫يتعلق بانتقال فيروس نقص المناعة البشري أو االشتغال بالجنس أو‬ ‫تعاطي المخدرات أو ممارسة الجنس بين الرجال إلى النصف‪.‬‬ ‫ رفع القيود المفروضة على الدخول واإلقامة والسكنى المرتبطة‬‫بالفيروس في نصف الدول التي تخضع لهذه القيود‪.‬‬ ‫اإليدز‪ .‬الدالئل اإلرشادية‪.‬‬ ‫‪48‬‬

‫اإلرشادية لترصد الجيل الثاني لفيروس نقص المناعة البشرية‪2000 .‬‬ ‫‪https://apps.who.int/iris/bitstream/handle/66483/10665/WHO_CDS_CSR_EDC_2000.5_fre.‬‬ ‫‪pdf?sequence=1‬‬

‫ مراعاة االحتياجات الخاصة للنساء والفتيات فيما يتعلق بالفيروس‬‫في نصف اإلستراتيجيات الوطنية لمكافحة السيدا‪.‬‬ ‫ عدم التسامح مطلقا مع العنف القائم على ال ّنوع االجتماعي‪.‬‬‫‪ 2.3.1‬المخطط الوطني اإلستراتيجي لمقاومة األمراض المنقولة‬ ‫الجنسية ‪:2022-2018‬‬ ‫تهدف المخطط الوطني اإلستراتيجي ‪ 2022-2018‬إلى الحد من‬ ‫اإلصابات الجديدة بين البالغين والمراهقين‪ ،‬والقضاء على انتقال الفيروس‬ ‫من األم إلى الطفل (نحو عام ‪ ،)2020‬والحد من الوفيات المرتبطة‬ ‫بالفيروس‪ ،‬والمسـاعـدة على تحسين نوعية حياة المصابين‪ ،‬ومكافحة‬ ‫جميع أشكال التمييز وتعزيز حقوق اإلنسان‪ ،‬فضال عن تعزيز الحوكمة في‬ ‫تنفيذ األنشـطة من أجل استجابة مستدامة وفعالة حتى يتمكن جميع‬ ‫األشخاص الذين يعيشون في تونس من حماية أنفسهم‪.‬‬ ‫المبادئ التوجيهية للمخطط الوطني اإلستراتيجي ‪:2022 - 2018‬‬ ‫‪ « .1‬المبادئ الثالثة»‪ :‬وهي تمثل إطار عمل لمكافحة فيروس السيدا‪.‬‬ ‫يوفر هذا اإلطار قاعدة للتنسيق الوطني لالستجابة تحت إشراف هيئات‬ ‫وطنية (اللجنة الوطنية لمقاومة السيدا والبرنامج الوطني لمقاومة‬ ‫السيدا واألمراض المنقولة الجنسية) لتنفيذ التدخالت في شراكة مع‬ ‫جميع أصحاب المصلحة والمجتمع المدني وممثلي المصابين بفيروس‬ ‫السيدا والفئات المع ّرضة لخطر اإلصابة والمهنيين الصحيين والباحثين‬ ‫الوطنيين والشركاء الدوليين الذين يعملون في إطار مرجعية الخطة‬ ‫الوطنية اإلستراتيجية ‪ 2022-2018‬مع نظام مراقبة متفق عليه وتقييم‬ ‫على مستوى الدولة‪.‬‬ ‫‪ « .2‬المنهج الذي يحترم حقوق اإلنسان والنوع االجتماعي»‪ :‬وهو إطار‬ ‫مفاهيمي لعملية التنمية البشرية يقوم على معايير حقوق اإلنسان‬ ‫الدولية‪ .‬يعمل هذا المنهج على تعزيز هذه الحقوق وحمايتها إلزالة العـقبات‬ ‫تشجع على النظر الواعي‬ ‫التي تحول دون الوصول إلى الوقاية وال ّرعاية‪ .‬وهي‬ ‫ّ‬ ‫والمنهجي في حقوق اإلنسان وال ّنوع االجتماعي في جميع جوانب تطوير‬ ‫المؤسساتية والجمع ّياتية‪.‬‬ ‫السياسات والبرامج‬ ‫ّ‬ ‫‪ « .3‬منهج المشاركة والشراكة» وهو يضمن مشاركة مختلف‬ ‫الفاعلين‪ :‬المجتمع المدني‪ ،‬وممثلي األشخاص المصابين بالفيروس‪،‬‬

‫‪49‬‬


‫والسكان المع ّرضين لخطر اإلصابة‪ ،‬والمهنيين الصحيين‪ ،‬والباحثين‬ ‫الوطنيين‪ ،‬والشركاء الدوليين في مختلف مراحل التخطيط‬ ‫والتصميم و التنفيذ وال ّرصد وتقييم البرامج والتدخالت‪ .‬يؤدي هذا‬ ‫المنهج التشاركي إلى زيادة جودة وكفاءة ومالئمة السياسات‬ ‫والبرامج‪ ،‬ال سيما من خالل تعزيز األنظمة الجمعياتية‪.‬‬ ‫‪ « .4‬الالمـركـزيـّة »‪ :‬تعزز ال ّ‬ ‫المركزية كاستجابة أكثر مالئمة‬ ‫للسياقات اإلقليم ّية والمحل ّية‪ .‬ومن الضروري تعزيز قدرات‬ ‫المتدخلين الجهوييـن حتى يتمكنوا من االستجابة لالحتياجات‬ ‫الخصوصية لمناطقهم‪ ،‬مع احترام المبادئ التوجيهية الوطنية‬ ‫الرئيسية ً‬ ‫والتقصي والخدمات والنظام‬ ‫وفقا للنهج المتميز للوقاية‬ ‫ّ‬ ‫الصحي المرن والمستدام‪.‬‬ ‫فإن المخطط الوطني اإلستراتيجي ‪ 2022-2018‬تطمح‬ ‫وبال ّتالي‪ّ ،‬‬ ‫إلى تحسين نوع ّية حياة المتعايشين مع الفيروس والفئات السكانية‬ ‫المعـرضة لخطر العدوى والفئات الضعيفة‪ ،‬من خالل مراعاة حقوق‬ ‫اإلنسان والنوع االجتماعي‪ .‬وهي تهدف إلى وضع إطار عمل متناسق‬ ‫وبرمجة تدمج نهج حقوق اإلنسان والمساواة بين الجنسين‪،‬‬ ‫تحد من‬ ‫لضمان استجابة فعالة لعدوى الفيروس‪ ،‬ومن المنتـظر أن ّ‬ ‫الوصم والتمييز وحماية حقوق ّ‬ ‫كل من الفئات المعرضة للخطر‬ ‫والمتعايشين مع الفيروس‪.‬‬ ‫في مجال حقوق اإلنسان‪ :‬يتمحور تعزيز خدمات حماية واحترام‬ ‫حقوق اإلنسان حول تدخالت مختلفة‪:‬‬ ‫ مكافحة جميع أشكال التمييز والوصم‪،‬‬‫الصحة واإلنصاف والكرامة والعمل‪.‬‬ ‫ حق المصابين بالفيروس في‬‫ّ‬ ‫ دعم المصابين بالفيروس للـولوج إلى الخدمات القانونية‪.‬‬‫ إجراءات المناصرة مع قادة المجتمع‪ ،‬والسلطات اإلدارية‪.‬‬‫‪ -‬العـمـل على القبول االجتماعي للمصابين بين عامة السكان‪.‬‬

‫‪50‬‬

‫يهدف المخطط الوطني اإلستراتيجي هذا إلى تحقيق الهدف‬ ‫رقم ‪ 3‬لإلعالن السياسي بشأن الفيروس والسيدا الذي يتمثل في‬ ‫«‪...‬القضاء على الوصم والتمييز المرتبطين بالفيروس بحلول عام‬ ‫‪ »...2020‬والهدف رقم ‪ 10‬المتعلق» بالقضاء على عدم المساواة‬

‫بين الجنسين وإنهاء جميع أشكال العنف والتمييز ضد النساء‬ ‫ينص على « القضاء على الوصم‬ ‫والفتيات «والهدف رقم ‪ 13‬الذي‬ ‫ّ‬ ‫والتمييز داخــل المرافق الصحية »‪.‬‬ ‫تتـمثل النتائج المتوقعة لهذا البرنامج فيما يلي‪:‬‬ ‫ في عام ‪ ،2022‬تحمي البيئة االجتماعية والقانونية المصابين‬‫بالفيروس والفئات السكانية الضعيفة من التمييز‪.‬‬ ‫ تساهم اإلستراتيجية الوطنية في الحد من عدم المساواة بين‬‫الجنسين والعنف القائم على النوع االجتماعي‪.‬‬ ‫‪ 3.3.1‬رؤية التصدي الوطني للسيدا حتى عام ‪2030‬‬ ‫تتمثل الرؤية اإلستراتيجية لتونس في تقديم مساهمة فعالة‬ ‫وناجـعة‪ ،‬على الصعيدين الوطني والدولي‪ ،‬للقضاء على وباء السيدا‬ ‫بحلول عام ‪ 2030‬في إطار أهداف التنمية المستدامة لألمم‬ ‫المتحدة‪ .‬وقد تم اعتماد اإلعالن السياسي بشأن الفيروس والسيدا‬ ‫السيدا بحلول عام ‪» 2030‬‬ ‫كـالتالي‪ « :‬تسريع االستجابة وإنهاء وباء ّ‬ ‫والذي وقع تبـ ّنـيه في ‪ 8‬جوان ‪ 2016‬خالل الدورة السبعين للجمع ّية‬ ‫العامة لألمم المتحدة‪.‬‬ ‫للتصدي الوطني‪:‬‬ ‫‪ 4.3.1‬النتائج والتحديات الرئيسية‬ ‫ّ‬ ‫أكدت تونس التزامها بالعمل مع المجتمع الدولي لمكافحة هذا‬ ‫الوباء واحتواء انتشاره في العالم وفي تونس بشكل خاص‪.‬‬ ‫ففي عام ‪ 1987‬تم إرساء « البرنامج الوطني لمكافحة السيدا‬ ‫واألمراض المنقولة جنسيا »‪ .‬ومنذ عام ‪ ،1992‬أحدثت اللجنة‬ ‫الوطنية لمكافحة السيدا» بلجانها الفرعية الفنية األربع لمساندة‬ ‫أنشطة البرنامج الوطني‪ .‬ومع ذلك فإن التحديات الحالية للوباء في‬ ‫تونس تتطلب مراجعة هذا اإلطار المؤسساتي وترسيخه كسلطة‬ ‫وطنية حقيقية تتمتع بالموارد البشرية والمالية التي تمكنها من‬ ‫لعب دورها من خالل مكتبها التنفيذي المتمثل في «البرنامج‬ ‫الوطني لمكافحة السيدا واألمراض المنقولة جنسيا »‪.‬‬ ‫‪51‬‬


‫التــقــصـــي‬ ‫أ ‪ ۰‬فـي مجــال‬ ‫ّ‬

‫التقصي الحالي على « مراكز اإلرشاد والتقصي الالإسمي‬ ‫يتركز نظام‬ ‫ّ‬ ‫والمجاني » التي يبلغ عددها ‪ 25‬موزعة على ‪ 19‬والية‪ .‬إلى جانب هذه المراكز‬ ‫العامة‪ ،‬تعهدت الجمعيات الناشطة في المجال بتعزيز التقصي بين الفئات‬ ‫األكثر عرضة لإلصابة‪ ،‬من خالل أنشطة التوعية والكشف عن الفيروس‬ ‫أثناء الحمالت التوعوية‪.‬‬ ‫تقدم أنشطة التوعية والتثقيف كان بنسـق بطيء بما أعاقـه عن‬ ‫لكن ّ‬ ‫أهدافه المبرمجة التي تسعى أن يكون « ‪ % 90‬من المصابين بفيروس‬ ‫نقص المناعة البشري مدركون إلصابتهم بالفيروس »‪ .‬لم يتم‬ ‫تحديث اإلستراتيجية الوطنية للتقصي منذ عام ‪ 2014‬إذ ال تزال مرتكزة‬ ‫على «مراكز اإلرشاد والتقصي الالإسمي والمجاني » والتي ال يعمل بعضها‬ ‫بالمردودية المطلوبة‪ ،‬السيما بسبب موقع وجودها وأوقات عملها ذات‬ ‫الصبغة اإلدارية التي ال تتناسب مع احتياجات الفئات المستهدفة‪.‬‬ ‫تقصـي الفيروس ال يتم تنفيذه في مراكز الصحة األساسية‪ ،‬مما‬ ‫كما أن ّ‬ ‫يعرفون‬ ‫أدى إلى ضياع العديد من الفرص التي تقلل عدد األشخاص الذين ِ‬ ‫أنـهـم حاملون أم ال للفيروس‪ .‬كما نشير إلى أن بعض الجمعيات قد بدأت‬ ‫في الكشف عن الفيروس باالعتماد على المهنيين الصحيين العاملين‬ ‫فيها‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى كل هذا‪ ،‬ال تمثل الفئات السكانية األكثر عرضة لحمل‬ ‫الفيروس إال نسبة صغيرة ممن يستفيدون من عمليات الكشف عن‬ ‫الفيروس‪.‬‬ ‫فيما يتعلق بالوقاية المشتركة‪ ،‬اعتمد المخطط اإلستراتيجي الوطني‬ ‫السابق ‪ 2018-2015‬هذا اإلجراء لفئات السكان األكثر عرضة لخطر اإلصابة‬ ‫بالفيروس‪ ،‬ولكن لم يتم تنفيذ هذه اآللية الوطنية المبرمجـة من طرف‬ ‫كل الجمعيات الناشطة في المجال بما فيها حديثة العهد‪ .‬ومن المقرر‬ ‫تنفيذه في ّ‬ ‫خطة تسريع المنح لعام ‪.2018‬‬

‫‪52‬‬

‫فيما يتعلق بالوقاية من انتقال الفيروس من المرأة الحامل إلى‬ ‫المولود‪ ،‬فهناك ّ‬ ‫خطة وطنية غطت في البداية ‪ 10‬واليات ومكنت من‬ ‫منع انتقال العدوى لألطفال بمشاركة هامة من النساء والمهنيين‬ ‫الصحيين (القابالت)‪ ،‬وقد تم حاليا تعميم هذا البرنامج في كامل مراكز‬

‫الرعاية الصحية األساسية ويتم اقتراح التقصي الإلسمي لفيروس نقص‬ ‫المناعة البشري لكافة النساء الحوامل في عيادات ما قبل الوالدة بمراكز‬ ‫الصحة األساسية في كل والية (‪ )24‬منذ ‪.2019‬‬ ‫التكفـــل الصحي‬ ‫ب ‪ ۰‬في مجال‬ ‫ّ‬

‫كان الوصول إلى الوقاية والخدمات الصحية ثاب ًتا لعدة سنوات‪ ،‬مما‬ ‫المتـكـون من‬ ‫يدل على االلتزام السياسي وكذلك التزام المجتمع المدني‬ ‫ّ‬ ‫جمعيات عاملة في المجال باإلضافة إلى ظهور جمعيات تمثل المصابين‬ ‫بالسيدا‪.‬‬ ‫إن الوصول الشامل إلى التكفل الصحي بعدوى الفيروس‪ ،‬وخاصة العالج‬ ‫يهـم جميع البلدان‪.‬‬ ‫تحد عالمي‬ ‫ّ‬ ‫المضاد له بصفة خاصة‪ ،‬هو ّ‬ ‫فمنذ شهر ماي ‪ ،2010‬تم التنسيق والتوافق على وصفات العالج‬ ‫المضاد للفيروس والمتابعة السرير ّية والمخبـرية للمصابين بين خدمات‬ ‫الرعاية في مختلف األقسام العالجية باالستناد إلى التوصيات الوطنية التي‬ ‫وضعـتها مجموعة من الخبراء الوطنيين‪ .‬غير أنه لم يتم تجديد هذه‬ ‫البروتوكوالت العالجية منذ عام ‪ ،2013‬على الرغم من أن التأثير اإليجابي‬ ‫على االلتزام بتطبيقها بين مختلف األطباء تطور من ‪ % 78‬في ‪ 2010‬إلى‬ ‫‪ % 98‬في ‪.2015‬‬ ‫يتم التكفل الصحي الشامل (الطبي والمخبري بما فيه قياس الحمولة‬ ‫الفيروس ّية إضافة إلى ال ّرعاية النفس ّية واالجتماع ّية) بصفـة مجانـية‬ ‫لجميع المصابين بالفيروس من الجنسية التونسية في األقسام الطبية‬ ‫األربعة المخصصة لذلك في المستشفيات الجامعية بتونس وسوسة‬ ‫والمنستير وصفاقس‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫المتوفـر‬ ‫أما بالنسبة لألجانب‪ ،‬فيتم تقديم هذا الدعم بفضل التمويل‬ ‫من وزارة الخارجية وبالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة‪ .‬تعمل وزارتا‬ ‫الصحة والشؤون االجتماعية بدعم من المنظمة الدولية للهجرة‪ ،‬على‬ ‫إنشاء آليات تسهل وصول األجانب إلى الرعاية الصحية‪.‬‬ ‫لكن وعلى الرغم من تبنـي الرعاية الشاملة‪ ،‬إال أنه يصعب تنفيذها‬ ‫بشكل منهجي بسبب العديد من العقبات مثل‪:‬‬ ‫ عدم ّ‬‫توفر بعض الموارد البشرية الثابتة في أقسام العالج مثل‬ ‫المرافقين الصحيين واالجتماعيين وعلماء النفس والمرشدين‬

‫‪53‬‬


‫االجتماعيين المدربين على التعامل مع االحتياجات الخاصة لحاملي‬ ‫الفيروس ومرضى السيدا‪.‬‬ ‫ كما يظل معدل المواظبة على العالج بمضادات الفيروسات منخفضا‬‫بين المرضى المعالجين إذ يُ َق ّدر بما بين ‪ % 35‬و‪ % 50‬مما يع ّرض لخطر‬ ‫ظهور مقاومة األدوية المستعملة‪.‬‬ ‫ كما يالحظ عدم ال ّت ّ‬‫ـوفـر الدائم والمستمر للتحاليل المخبرية لمدى‬ ‫جدوى وفاعلية العالج للدواء إضافة إلى صعوبات الوصول إلى المضادات من‬ ‫المستوى الثالث‪.‬‬ ‫ وغياب إستراتيجية التعافي الوطنية لمن فقدوا متابعة العالج المضاد‬‫للفيروس (الجدول ‪.)6‬‬ ‫السنـة‬

‫‪2011‬‬

‫‪2012‬‬

‫‪2013‬‬

‫‪2014‬‬

‫‪2015‬‬

‫‪2016‬‬

‫‪%‬‬

‫‪96‬‬

‫‪91.5‬‬

‫‪96.4‬‬

‫‪82.3‬‬

‫‪78.8‬‬

‫‪83.7‬‬

‫من المؤكد أن تقديرات التز ّود بمضادات الفيروس تعتـمـد على بيانات‬ ‫االستهالك‪ ،‬ولكن هذا وحده قد ال يكون كافي ًا لتوقع تغيير الوصفات‬ ‫الطبية وتغيير نوع الدواء‪.‬‬ ‫إلى جانب معدل االمتثال المنخفض للمداومة على الدواء‪ ،‬تجدر اإلشارة‬ ‫إلى‪:‬‬ ‫ عدم وجود إستراتيجية وطنية السترجاع المنقطعين عن متابعة‬‫العالج‪،‬‬ ‫ عدم وجود بيانات وطنية محدثة حول اختبار مدى جدوى وفاعلية‬‫العالج (‪،)Test de résistance‬‬ ‫ الوجود المتقطع لتحاليل جدوى وفاعلية العالج‪.‬‬‫ غالء أسعار األدوية المضادة لفيروس السيدا خاصة تلك المتعلقة‬‫بالخط الثالث في ظل انخفاض قيمة الدينار التونسي‪.‬‬

‫‪54‬‬

‫على الرغم من أن جميع مقدمي الرعاية يبلغون عن نسبة هامة من‬ ‫ـدر ما بين ‪ % 10‬و‪ ،% 20‬إال أن مصادر‬ ‫المنقطعين عن متابعة العالج تــ َق ّ‬ ‫المعلومة تعتمد على الملفات الطبية‪ ،‬وعلى الوفيات واألشخاص الذين تم‬

‫عالجهم والذين ال يعودون بانتظام إلى العيادات الطبية أو حتى أولئك الذين‬ ‫لديهم تنقل بين أطباء مختلفين‪.‬‬ ‫يفسـر صعوبة تحديد المنقطعين عن متابعة العالج دون دراسة‬ ‫كل هذا ّ‬ ‫مخصصة لهذا الموضوع‪ .‬يتفق جميع المحاورون الذين تمت مقابلتهم‪،‬‬ ‫من مقدمي الخدمات الطبية والعاملين تحت راية المجتمع المدني على‬ ‫ّ‬ ‫خطر ّ‬ ‫التكفـل الصحي» أي الفجوة بين أولئك الذين تم‬ ‫تقطـعـات «سلسلة‬ ‫فحصهم ألول مرة والذين يتابعون بانتظام العالج والمتابعة‪.‬‬ ‫ومن أهم التوصيات في هذا المجال‪ ،‬الحاجة إلى تعزيز جودة الخدمات في‬ ‫مختلف أقسام العالج وفتح المستشفيات النهارية‪ ،‬السيما في المراكز‬ ‫التي يوجد فيها عدد كبير من المواظبين على العالج دون أن ننسى مقاومة‬ ‫الوصم بالعار والتمييز‪.‬‬ ‫ت‪-‬‬

‫في مجال استمرارية الرعاية‬

‫يُظهر تحليل مختلف األنشطة المتعلقة بالسيدا في تونس أن‬ ‫استمرارية الرعاية‪( ،‬وهو مصطلح أكثر مالئمة لشرح األبعاد األخرى للرعاية‬ ‫الشاملة)‪ ،‬ال تزال تطرح مشكلة رغم وجود آليـّـة وطنية للرعاية النفسية‬ ‫واالجتماعية للمتعايشين مع الفيروس(‪.((1‬‬ ‫وبالفعل‪ ،‬تم دمج الرعاية النفسية واالجتماعية في الرعاية الشاملة‬ ‫للمصابين بالفيروس من خالل التدخالت المنسقة لعلماء النفس‬ ‫صائيين االجتماعيين العاملين في األقطاب المرجعية األربعة لعالج‬ ‫واألخ ّ‬ ‫ِ‬ ‫السيدا إضافة إلى المندوبيات الجهوية للنهوض االجتماعي‪.‬‬ ‫يتمتع الفقراء من المتعايشين مع الفيروس ومرضى السيدا بمجانية‬ ‫العالج والنقـل وبمنحة شهرية من وزارة الشؤون االجتماعية‪.‬‬ ‫إلى جانب المهنيين‪ ،‬تتضافر جهود الناشطين في المجتمع المدني‬ ‫من جمعيات مكافحة السيدا والجمعيات التي تضم المصابين وتلك التي‬ ‫تعمل للوقاية من إدمان المخدرات لتقديم الدعم النفسي واالجتماعي‬ ‫تم وضع‬ ‫السيدا‪ .‬وهكذا فقد ّ‬ ‫لألشخاص حاملي الفيروس أو مرضى ّ‬ ‫المصابين بالفيروس داخل المنظومة العامة بوصفهم المستفيدين وفي‬ ‫نفس الوقت العاملين لضمان االستمرارية بين الوقاية والخدمات الصح ّية‪.‬‬ ‫‪Dispositif National d’accompagnement psychologique et social des PVVIH en Tunisie‬‬ ‫‪2008/2009‬‬

‫‪14‬‬

‫‪55‬‬


‫هذه المنظومة ليست ُم َف ّعــلة في جميع مواقع ال ّرعاية (يقدر معدل‬ ‫تعد من بين‬ ‫اإلنجاز بـ ‪ )% 33‬على أن‬ ‫مهمة المرافقين االجتماعيين ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫المهن الصح ّية المعترف بها‪ .‬لقد ب ّين تحليل التصدي للسيدا تباينات‬ ‫كبيرة في تنفيذ هذا البرنامج‪ ،‬فحزمة الخدمات ليست موجودة بصفة آلية‬ ‫في جميع المراكز وغال ًبا ما تكون غير متجانسة من موقع إلى آخر‪ ،‬وهو ما‬ ‫يعكسه انخفاض مستوى االنتفاع بخدمات الرعاية المتوفرة‪ .‬كما أن نسبة‬ ‫ـدرت بين ‪ % 35‬و‪ % 50‬في عام ‪.2012‬‬ ‫متابعة العالج منخفضة حيث ُق ِّ‬ ‫ولذلك‪ ،‬تعد المساهمة المشتركة للقطاع العام والقطاع شبه العام‬ ‫والقطاع الحر ومؤسسات المجتمع المدني بكل مواردهم ومهاراتهم‬ ‫العامون والصيادلة والسلك شبه‬ ‫البشرية (أطباء االختصاص واألطباء‬ ‫ّ‬ ‫الطبي والمختصون في علم النفس والمرشدون االجتماعيون) أم ًرا‬ ‫أساس ًيا‪.‬‬ ‫وفي الواقع‪ ،‬فإنه من الممكن تلبية االحتياجات بشكل أفضل وزيادة‬ ‫مستويات التغطية في مجال ال ّرعاية والعالج لضمان إِنصاف كل المصابين‬ ‫دون تمييز‪.‬‬ ‫وفيما يتعلق برعاية األطفال والحوامل‪ ،‬فمن الضروري بذل جهود‬ ‫كبيرة ً‬ ‫أيضا ألنه من غير المقبول اليوم أن تستمر إصابة األطفال بالفيروس‬ ‫ّ‬ ‫تتوفر الوسائل الفعالة للوقاية‪ .‬كما أنه من غير المقبول أن يكون‬ ‫بينما‬ ‫ّ‬ ‫حصولهم على ال ّرعاية أقـل من البالغين‪.‬‬ ‫ال يزال الفيروس ّ‬ ‫يؤثر بشكل غير متناسب على الفئات األكثر عرضة‬ ‫لإلصابة في تونس ويجب أن يَ ْأ ُخـذ برنامج الرعاية الشاملة هذا الواقع‬ ‫في االعتبار من خالل التكيــف مع االحتياجات الخصوصية لهذه ّ‬ ‫الشرائح‬ ‫ّ‬ ‫السكانية ومن خالل مراعاة الفوارق اإلقليمية (تفشـّي الوباء ووزنه بين‬ ‫ّ‬ ‫السكانية) كل ذلك مع التأكيد على احترام حقوق‬ ‫هذه المجموعات‬ ‫المصابين بالفيروس‪.‬‬

‫‪56‬‬

‫‪57‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪1‬‬

‫الفصل الـثـانـي‬

‫ـــــم وال ّت ْـمـيـيــــز‬ ‫ْ‬ ‫​​الوص ُ‬


‫الفصل الثاني‬

‫تصوير األشخاص المتعايشين مع الفيروس في وسائل اإلعالم‬ ‫والتلفزيون التي تشير إلى أنه «مرض نسائي» أو «مرض ذوي البشرة‬ ‫السوداء» أو «طاعون “المثـليين“» مثل هذه األوصاف تعزز الوصم‪.‬‬ ‫كما أن النظرة الدينية للفاحشة تدعم وتعزز فكرة أن اإلصابة بالفيروس‬ ‫السلوك المنحرف‪.‬‬ ‫هي عقاب على ّ‬

‫من أجل التمكن من تحديد التدابير المحتملة لمجابهة َو ْص َمتا العار‬ ‫والتمييز المرتبطتـان بالفيروس‪ ،‬من الضروري أو ًال فهم ما تنطوي عليه‬ ‫ـم ْظ ُه ِـرها وتحليل العالقة بينها(‪.((1‬‬ ‫هذه المفاهيم‪ ،‬وتحديد كيفية تَ َ‬ ‫‪ 1.2‬تعــريف الــوصــــــم‬

‫ُو ِصف الوصم بأنه «عملية ديناميكية للتنقيص من القيمة ّ‬ ‫الذاتية‬ ‫لتشويه سمعة الفرد بشكل كبير في عيون اآلخرين»(‪ .((1‬يمكن أن‬ ‫تكون الخصائص الموصومة‪ ،‬مثل لون الجلد أو طريقة الكالم أو التفضيل‬ ‫تماما‪ .‬يتم اختيار سمات معينة وتعريفها في ثقافة ما‬ ‫الجنسي‪ ،‬عشوائ ّية‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫أو في موقف معين من قبل أشخاص آخرين على أنها ليست ُمش ّرفة أو ال‬ ‫قيمة لها‪.‬‬ ‫يمكن مالحظة الوصم المرتبطة بالفيروس على مستويات عديدة‪،‬‬ ‫تم غرسها بالفعل وتعزيزها‪،‬‬ ‫السلبية التي ّ‬ ‫وتميل إلى البناء على األفكار ّ‬ ‫بالسلوكيات المهمشة مثل العمل‬ ‫من خالل ربط الفيروس والسيدا‬ ‫ّ‬ ‫بالجنس‪ ،‬تعاطي المخدرات والشذوذ الجنسي وتغيير الجنس‪ .‬كما يع ّزز‬ ‫الوصم ّ‬ ‫الشعور بالخوف من األشخاص المستبعدين وغيرهم من الفئات‬ ‫الضعيفة‪ ،‬مثل المساجين والمهاجرين‪.‬‬ ‫غال ًبا ما يُقال إن األشخاص المصابين يستحقون ما يحدث لهم ألنهم‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫«خاطئا»‪ .‬ومن خالل إلقاء ال ّلوم على أشخاص أو مجموعات‬ ‫شيئا‬ ‫ارتكبوا‬ ‫معينة «مختلفة» قد يتجنب اآلخرون االعتراف بالخطر المحدق بهم‪،‬‬ ‫وبمواجهة المشكلة‪ ،‬وباالهتمام بالمتضررين‪.‬‬ ‫‪Maluwa M, Aggleton P, Parker R. HIV/AIDS stigma, discrimination and human rights: a‬‬ ‫‪critical overview. Health and Human Rights. 2002;6(1):1-15.‬‬

‫يتجلى الوصم من خالل الكالم فمنذ بداية الوباء‪ ،‬أدت االستعارات‬ ‫اللفظية التي تربط الفيروس بالموت والذنب والعقاب والجريمة والرعب‬ ‫وغير ذلك إلى خلق وصم شرعي‪ .‬كما أن هناك جانب آخر يكمن وراء‬ ‫عملية الوصم ويعززها وهو خشية الناس من األمراض القاتلة العتقادهم‬ ‫بأن عاقبة اإلصابة بالفيروس هي الموت‪ ،‬ويعـزز هذا االعتقاد ارتفاع معدل‬ ‫الوفيات عندما ال تتوفـر العالجات المناسبة‪.‬‬ ‫تعود جذور الوصم إلى الماضي وتتجلى في قيم الحياة اليومية‪ .‬على‬ ‫الرغم من اختالف مفهوم السيدا في الخيال الشعبي‪ ،‬إال أن هذا التباين‬ ‫بالسيدا بالتفاوتات االجتماعية القائمة‬ ‫هو الذي يساعد على ربط الوصم‬ ‫ّ‬ ‫ويعززها(‪.((1‬‬ ‫تشمل هذه التفاوتات‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬عدم المساواة بين الجنسين‪،‬‬ ‫وعدم المساواة على أساس العرق والجنس‪ .‬لذلك‪ ،‬غال ًبا ما يتم التعامل‬ ‫مع الرجال والنساء بشكل مختلف عندما يصاب أحدهما بالفيروس أو‬ ‫يُشتبه في إصابته فمن المرجح أن يتم إلقاء اللوم على المرأة أكثر‪ ،‬حتى‬ ‫لو كانت مصابة من قبل زوجها‪ ،‬والنساء المصابات ربما أقل قبو ًلا في‬ ‫مجتمعاتهن‪.‬‬ ‫ترتبط هذه الظاهرة بعدم المساواة بين الجنسين الموجودة منذ‬ ‫زمان‪ ،‬فاأليديولوجيات حول الذكورة واألنوثة هي التي حملت النساء تقليد ًيا‬ ‫مسؤولية نقل األمراض المنقولة جنسي ًا بجميع أنواعها‪ ،‬وبالمثل فإن‬ ‫ال ّتهم الموجهة إلى الذين لهم عالقات جنسية مع شركاء من نفس‬ ‫الجنس والمتحولين جنسي ًا تستند إلى وصم طويل األمد مرتبط بنمط‬ ‫حياتهم وممارساتهم الجنس ّية‪ .‬القوالب النمطية القائمة على األصـل‬ ‫العرقي تكمن وراء الوصم على سبيل المثال(‪ ،((1‬ارتبطت االفتراضات‬

‫‪15‬‬

‫‪60‬‬

‫‪Goffman E. (1963) Stigma: notes on the management of a spoiled identity. New York: Simon‬‬ ‫‪and Schuster.‬‬

‫‪16‬‬

‫‪Parker R, Aggleton P. HIV and AIDS-related stigma and discrimination: a conceptual‬‬ ‫)‪framework and implications for action. Social Science and Medicine. 2003;57:13-24.‬‬

‫‪17‬‬

‫‪ONUSIDA. Stigmatisation, discrimination et violations des droits de l’homme associées‬‬

‫‪18‬‬

‫‪61‬‬


‫العنصرية حول «ممارسة الجنس عند األفارقة « ونظرة العالم النامي لـ‬ ‫«السلوك غير األخالقي» في الغرب بالوباء‪ .‬أخي ًرا‪ ،‬أدى تعرض المجتمعات‬ ‫التي تعيش في فقر لإلصابة بالفيروس إلى تعزيز الوصم الحالي لألشخاص‬ ‫المهـمـشيـن اقتصاد ًيا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بالسلطة والهيمنة‬ ‫يرتبط الوصم من خالل تالزم هذه األفكار‬ ‫ّ‬ ‫في المجتمع بأسره‪ ،‬مما يخلق ويع ّزز عدم المساواة‪ ،‬ويجعل بعض‬ ‫متفوقة بينما يشعر البعض اآلخر بتحقيـر الذات‪.‬‬ ‫المجموعات تشعر بأنها‬ ‫ّ‬ ‫إن ارتباط الفيروس بالجماعات والممارسات الموصومة بالفعل يؤدي‬ ‫إلى تفاقم عدم المساواة القائمة‪ ،‬ويعزز إنشاء وتكاثر عالقات القوة‬ ‫ً‬ ‫يعمق من الوصم المرتبط‬ ‫مسبقا‬ ‫غير المتكافئة‪ .‬إن الوصم الموجود‬ ‫ّ‬ ‫بالفيروس‪ ،‬ليس فقط ألن الفئات المستهدفة بالفعل تتعرض للوصم‬ ‫بشكل أكبر لما تكون حاملة للفيروس‪ ،‬ولكن ً‬ ‫أيضا ألن األشخاص‬ ‫المصابين سوف يكون مـآلهم التهميش‪.‬‬

‫تـو ِعب‬ ‫كما يمكن للوصم أن يظهر على مستوى آخر حيث يَ ْ‬ ‫س ْ‬ ‫الموصوم ردود فعل الغير السلبية ويستطبنها فيصبح الوصم ذاتيـا‬ ‫أو «داخليا» كما يسميه البعض‪ .‬وقد أطلق عليه بعض المؤلفين نعت‬ ‫«المحسوس» مقابل الوصم من طرف الغـير‪ ،‬من حيث أنه يؤثر بشكل‬ ‫أساسي على مشاعـر الكرامة والقيمة الذاتية فيتطور هذا اإلحساس إلى‬ ‫شعور بالخجل والذنب وانعدام القيمة‪ ،‬والذي يمكن أن يؤدي‪ ،‬إلى االنزواء‬ ‫وإلى االكتئاب أو حتى الرغبة في االنتحار‪.‬‬ ‫‪ 2.2‬تعريف التمييز‬

‫التمييز هو نتيجة الوصم وهو يتم ّيـز بالقيام بأشياء أو نسيان القيام‬ ‫بأشياء تنبع من الوصم الموجه للشخص الموصوم‪ .‬التمييز‪ ،‬على النحو‬ ‫الذي حدده «برنامج األمم المتحدة المشترك لمكافحة األيدز» في ‪2001‬‬ ‫ضمن بروتوكول تحديد التمييز ضد المصابين بالفيروس‪ ،‬يشير إلى أن‬ ‫التمييز يظهر في أي شكل من أشكال التفرقة أو االستبعاد أو السجن‬ ‫بناء‬ ‫التعسفي تجاه الشخص الموصوم بشكل عام ولكن ليس حصر ًيا‪ً ،‬‬ ‫ـضـن أنها كذلك‪ .‬على سبيل المثال وفي‬ ‫على خاصية‬ ‫متأصلة فيه أو يُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫موضوع السيدا الشخص الذي تأكد حمله للفيروس أو يفترض أن يكون‬ ‫كذلك سواء كان لهذه المواقف مبررات أم ال‪.‬‬ ‫عدة مستويات‬ ‫يمكن أن يظهر التمييز المرتبط بالفيروس على ّ‬

‫(‪((2( ((2( ((1‬‬

‫الرسم ‪ :4‬دورة الوصم والتهميش حسب «باركر وأكلتون»(‪)16‬‬

‫لذلك فإن الوصم المرتبط بالفيروس هي عملية يتم من خاللها فقدان‬ ‫مصداقية األشخاص المصابين‪ .‬كما يمكن أن تؤثر هذه الظاهرة على كل‬ ‫من األشخاص المصابين أو المشتبه في إصابتهم‪ ،‬أو الذين يعيشون مع‬ ‫المصابين أو المخالطين لهم‪ ،‬مثل األيتام أو األبناء أو األسرة‪.‬‬ ‫‪62‬‬

‫‪au VIH : études de cas des programmes réussis. ONUSIDA collection meilleures pratiques,‬‬ ‫‪Genève. 2005. p8.‬‬

‫أ) يمكن أن يحدث التمييز في الوسط العائلي أو المجتمعي‪ ،‬ويوصف‬ ‫أحيا ًنا بأنه الوصم «الحقيقي»‪ .‬ويتمثل في أفعال تدفع الناس للقيام بأشياء‬ ‫معينة‪ ،‬أو تنسيهم القيام بأشياء مما يعرض اآلخرين للخطر أو يحرمهم‬ ‫من الخدمات أو الحقوق‪ .‬كمثال على ذلك النبذ الذي يؤدي إلى إجبار النساء‬ ‫المصابات على العودة إلى أسرهن عندما تظهر عليهن العالمات األولى‬ ‫للمرض‪ ،‬أو عندما يموت شريكهن بالسيدا‪ .‬إن الهروب من الشخص‬ ‫‪ 19‬برنامج األمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية‪/‬اإليدز (‪ )2000‬الوصم والتمييز‬ ‫والحرمان المتصلين بفيروس نقص المناعة البشرية واإليدز‪ :‬األشكال والسياقات والمحددات‪ .‬دراسات‬ ‫بحثية من أوغندا والهند‪ .‬برنامج األمم المتحدة المشترك المعني بفيروس نقص المناعة البشرية‪.‬‬ ‫‪Malcolm A, et al. HIV-related stigmatization and discrimination: its forms and contexts.‬‬ ‫‪Critical Public Health. 1998; 8 (4): 347-70‬‬

‫‪20‬‬

‫‪21‬‬ ‫‪Aggleton P, Parker R, Maluwa M. (2002) Stigma, discrimination and HIV/AIDS in Latin America‬‬ ‫‪and the Caribbean. www.iadb.org/sds/publication/publication_3362_e.htm.‬‬

‫‪63‬‬


‫أو تجنب االتصال به بشكل يومي‪ ،‬والتحرش اللفظي‪ ،‬والعنف الجسدي‪،‬‬ ‫واالستهزاء اللفظي والتوبيخ‪ ،‬والقيل والقال‪ ،‬والحرمان من الطقوس‬ ‫الجنائـزية التقليدية هي ً‬ ‫أيضا من أشكال التمييز‪.‬‬ ‫ب) كما يوجد التمييز ً‬ ‫أيضا في المؤسسات‪ ،‬ال سيما في مكان العمل‬ ‫وفي أوساط الرعاية الصحية والسجون والمؤسسات التعليمية والمراكز‬ ‫فيتحول هذا التمييز إلى سياسات وممارسات مؤسساتية‬ ‫االجتماعية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ضد المصابين بالفيروس أو على العكس من ذلك في غياب سياسات‬ ‫مناهضة للتمييز ومغيـّبـة لإلنصاف‪ .‬وكأمثـلة على هذا النوع من التمييز‬ ‫نذكر ما يلي‪:‬‬ ‫ خدمات الرعاية الصحية‪ :‬الرعاية دون المستوى‪ ،‬والحرمان من الوصول‬‫إلى الرعاية والعالج وتقصي الفيروس دون موافقة المعني باألمر‪ ،‬وانتهاكات‬ ‫السرية‪ ،‬بما في ذلك إشاعة الحالة الفيروسية للشخص بين أحبائه أو‬ ‫السلبية والممارسات المهـيــنـة من‬ ‫لمنظمات ألجنبية إضافة للمواقف ّ‬ ‫جانب المهنيين الصحيين‪.‬‬ ‫ مكان العمل‪ :‬رفض منح وظيفة بسبب إيجابية التحليل المخبري‬‫للفيروس أو إجبار الشخص على القيام بالتحليل أو استبعاد األشخاص‬ ‫المصابين من برامج الرعاية االجتماعية أو الخدمات الطبية‪.‬‬ ‫ المدارس‪ :‬رفض تسجيل األطفال المصابين بالفيروس أو فصل‬‫المعـلمين المصابين عن الشغل‪.‬‬ ‫ السجون‪ :‬الفصل اإلجباري للمصابين واستبعادهم من األنشطة‬‫الجماع ّية‪.‬‬ ‫ت) على المستوى الوطني‪ :‬قد ينعكس التمييز الذي تم إقراره رسم ًيا‬ ‫أو إضفاء الشرعية عليه بموجب القوانين والسياسات المعمول بها‬ ‫يعـمق وصم‬ ‫على الواقع في شكل ممارسات وإجراءات‪ .‬وهذا يمكن أن‬ ‫ّ‬ ‫المصابين وبالتالي يضفي الشرعية على التمييـز‪.‬‬ ‫سن قوانين في العديد من البلدان لتقييد حقوق األشخاص‬ ‫لقد تم‬ ‫ّ‬ ‫والجماعات المصابة مثل‪:‬‬ ‫ إجبارية الفحص والتقصي المخبري للمجموعات واألفراد‪.‬‬‫‪64‬‬

‫ حظر توظيف األشخاص المصابين في وظائف معينة وأنواع مع ّينة‬‫من العمالة‪.‬‬

‫ إجبارية العزل واالحتجاز والفحص الطبي والعالج‪.‬‬‫ القيود على السفر والهجرة إلى الخارج‪ ،‬بما في ذلك إجبارية التحليل‬‫المخبري لطـالبي تصاريح العمل أو ترحيل األجانب المصابين‪.‬‬ ‫يمكن أن ينشأ التمييز من خالل اإلغـفال‪ ،‬كأن ال يتم تطبيق القوانين‬ ‫والسياسات واإلجراءات الهادفة إلى إنصاف وحماية حقوق المصابين أو أن‬ ‫ّ‬ ‫تكـون هذه السياسات غير موجودة أصال‪.‬‬ ‫‪ 3.2‬الترابط بين الوصم والتمييز وحقوق اإلنسان‬

‫ً‬ ‫ً‬ ‫وثيقا‪ ،‬ويعـ ّزز كل منهما‬ ‫ارتباطا‬ ‫يرتبط الوصم والتمييز ببعضهما‬ ‫اآلخر ويُ َ‬ ‫ـش ْر ِعـ َنـه‪ .‬يقود الوصم إلى األفعال التمييزية‪ ،‬ويؤدي إلى مــا يع ّرض‬ ‫اآلخرين للخطر أو يحرمهم من الخدمات أو الحقوق‪.‬‬ ‫يُع َّرف التمييز بأنه تطبيق الوصم وهو الذي يشجع بدوره التمييز ويعززه‪.‬‬ ‫التمييز هو انتهاك لحقوق اإلنسان‪ .‬إن مبدأ عدم التمييز‪ ،‬الذي يقع في‬ ‫صميم مفهوم االعتراف بالمساواة للجميع‪ ،‬مكرس في اإلعالن العالمي‬ ‫لحقوق اإلنسان وفي غيره من مواثيق الحقوق األساسية‪ .‬وجميعها يحظر‬ ‫التمييز على أساس العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي‬ ‫السياسي أو غير السياسي أو الملكية أو المولد أو أي وضع آخر‪ .‬باإلضافة إلى‬ ‫ذلك‪ ،‬ذكرت «لجنة األمم المتحدة لحقوق اإلنسان» في قراراتها أن التمييز‬ ‫على أساس حالة اإلصابة بفيروس السيدا‪ ،‬الفعلي أو المشتبه فيه‪ ،‬محظور‬ ‫بموجب معايير حقوق اإلنسان الحال ّية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫حــق اإلنسان األساسي في التح ّرر‬ ‫إن الوصم واألفعال التمييـزية تنتهك‬ ‫ً‬ ‫انتهاكا لحقوق اإلنسان في حد ذاته‪ .‬إن‬ ‫من ال ّتمييز‪ .‬باإلضافة إلى كونه‬ ‫التمييز ضد المتعايشين مع الفيروس أو أولئك الذين ُيعتقد أنهم مصابون‬ ‫به ينتهك حقوق اإلنسان األساسية األخرى ً‬ ‫أيضا‪ ،‬مثل الحق في الصحة‬ ‫والكرامة والخصوصية والمساواة أمام القانون وعـدم التعرض للمعاملة‬ ‫أو العقوبة الالإنسانية أو المهـيـنة‪ .‬كما يمكن للبيئة االجتماعية التي‬ ‫تسمح بانتهاكات حقوق اإلنسان‪ ،‬إضفاء الشرعية على الوصم والتمييز‪.‬‬ ‫هناك العديد من العالقات المباشرة وغير المباشرة بين وباء السيدا‬ ‫وغياب حماية حقوق اإلنسان‪ .‬يمكن أن يؤدي انتهاك هذه الحقوق إلى تفاقم‬ ‫تأثير الفيروس وزيادة الهشاشة وإعاقة المقاومة اإليجابية للوباء(‪.((2‬‬ ‫‪ONUSIDA/UIP (1999). Guide pratique à l’intention du législateur sur le VIH/SIDA, la‬‬

‫‪22‬‬

‫‪65‬‬


‫التصدي‪ :‬عندما ال تُحترم حقوق اإلنسان‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬إذا تم‬ ‫‬‫ّ‬ ‫تقييد حرية التعبير أو تكوين الجمعيات‪،‬‬ ‫فمن الصعب على المجتمع المدني التعبئة من أجل االستجابة بفعالية‬ ‫للوباء‪ .‬في بعض البلدان ال تسمح القوانين للمنظمات غير الحكومية‬ ‫ِّ‬ ‫المثـقفين األقران‪.‬‬ ‫بالتسجيل رسم ًيا‪ .‬وهذا ما يعيق اللجوء إلى‬

‫الرسم ‪ :5‬دورة الوصمة والتمييز وانتهاكات حقوق اإلنسان‬ ‫(رسم تخطيطي من إعداد ميريام مالوا وبيتر أغليتون)‬

‫ التأثير‪ :‬تزيد انتهاكات حقوق اإلنسان ال ّناتجة عن التمييز من تأثير‬‫الوباء على المتعايشين مع الفيروس أو من يُ ْعتـقـد أنهم مصابون به‪،‬‬ ‫وكذلك على أسرهم وأقاربهم‪ .‬على سبيل المثال‪ ،‬الشخص الذي تم‬ ‫فصله عن الشغل بسبب إصابته بالفيروس يواجه مشاكل أخرى باإلضافة‬ ‫إلى المرض نفسه‪ ،‬بما في ذلك نقص الموارد االقتصادية للرعاية الصحية‪،‬‬ ‫سواء لنفسه أو ألفراد عائلته الذين هم في ُع ْهدته‪.‬‬ ‫ الهشاشة‪ :‬يكون الناس أكثر عرضة لإلصابة عندما ال تُحترم‬‫حقوقهم المدن ّية والسياس ّية واالقتصاد ّية واالجتماع ّية والثقافية‪ .‬على‬ ‫سبيل المثال‪ ،‬يزداد تعرض المرأة لإلصابة بالفيروس عندما تفتقر إلى‬ ‫الوسائل القانونية لتحقيق خياراتها بكل حرية مثل رفض ممارسة الجنس‬ ‫ـحـرم األطفال من ممارسة حقوقهم في‬ ‫غير المرغوب فيه‪ ،‬أو عندما يُ ْ‬ ‫التعليم واإلعالم‪ .‬وبالمثل‪ ،‬فإن عدم القدرة على الوصول إلى خدمات‬ ‫الوقاية والرعاية الصحية يزيد من هشاشة الفئات الضعيفة األخرى‪ ،‬مثل‬ ‫متعاطي المخدرات بالحقن والالجئين والمهاجرين والسجناء‪.‬‬

‫إن ضمان حماية حقوق اإلنسان واحترامها وتطبيقها بطريقة جيدة‬ ‫لمكافحة الوصم والتمييز المرتبطين بالسيدا‪ .‬يمكن من معالجة الوصم‬ ‫والتمييز وانتهاكات حقوق اإلنسان التي تولدها‪ ،‬من خالل آل ّيات لتفعيل‬ ‫حقوق اإلنسان القائمة‪ .‬توفر هذه اآلليات إطا ًرا يتم من خالله ممارسة‬ ‫المساءلة أمام المصابين والذين يعانون من التمي ّيز لكونهم حاملين‬ ‫للفيروس أو لمجرد االشتباه في إصابتهم بـه‪ ،‬واالعتراف بحقوقهم‬ ‫التصدي لمثل هذه األعمال من خالل‬ ‫وتطبيقها‪ ،‬وبالتالي تمكينهم من‬ ‫ّ‬ ‫المؤسساتية والقضائ ّية لضمان احترام حقوق اإلنسان‬ ‫اإلجراءات واآلليات‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والتمكن من التعويضات عن األعمال التمييزية‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫متماسكا‬ ‫توفر المبادئ والمعايير الدولية لحقوق اإلنسان إطا ًرا‬ ‫ومرجع ًيا يمكن من خالله تحليل وعالج التمييز المرتبط بالسيدا‪ .‬الدول‬ ‫هي المسئولة وعليها أن تُحاسب كل من ينتهك بصفة مباشرة أو غير‬ ‫مباشرة حقوق اإلنسان وتضمن ممارسة الناس لحقوقهم في أفضل‬ ‫الظروف‪ .‬وهذا منصوص عليه ضمن المبادئ التوجيه ّية الدولية بشأن‬ ‫الفيروس وحقوق اإلنسان‪ ،‬التي نشرها برنامج األمم المتحدة المشترك‬ ‫المفوضية العليا‬ ‫لمكافحة األيدز في عام ‪ ،((2( 1998‬ومن ق ْبـل مكتب‬ ‫ّ‬ ‫تحدد التزامات الدول المنصوص عليها‬ ‫لألمم المتحدة لحقوق اإلنسان التي ّ‬ ‫في لوائح حقوق اإلنسان وكيفية تطبيقها في سياق السيدا‪.‬‬ ‫‪ 4.2‬تداعيات الوصم والتمييز‬

‫منذ بداية الوباء‪ ،‬أدى الوصم والتمييز إلى تسريع انتقال الفيروس وزادا‬ ‫بدرجة هامة من التأثير السلبي للوباء وال يزال الوصم والتمييز واضحان في‬ ‫جميع بلدان العالم ويشكالن عقبات رئيسية أمام الوقاية من اإلصابات‬ ‫‪Le VIH/SIDA et les droits de l’homme: directives internationales. Deuxième consultation‬‬ ‫‪internationale sur le VIH/SIDA et les droits de l’homme, Genève, 23-25 septembre 1996.‬‬ ‫‪ONUSIDA, Genève (Suisse). 2001. https://data.unaids.org/publications/irc-pub02/jc520‬‬‫‪humanrights_fr.pdf‬‬

‫‪23‬‬

‫‪66‬‬

‫‪législation et les droits de l’homme : Mesures de lutte contre les effets dévastateurs du VIH/‬‬ ‫‪SIDA sur les plans humain, économique et social. Genève, Suisse.‬‬

‫‪67‬‬


‫الجديدة‪ ،‬والتخفيف من وطأة الوباء وتقديم الرعاية الكافية والدعم‬ ‫والعالج(‪.((2‬‬

‫الرسم ‪ :6‬مجموعة من التدابير ‪ ،‬من الوقاية إلى الرعاية والعالج‪.‬‬ ‫‪McNeil and Anderson 1998(25), Busza 1999(26).‬‬

‫م الوصم المرتبط بالسيدا عن عوامل مختلفة‪ ،‬منها سوء فهم‬ ‫يَ ْن ُج ُ‬ ‫المرض‪ ،‬واألساطير حول انتقال الفيروس‪ ،‬وعدم إمكانية الوصول إلى العالج‪،‬‬ ‫وسوء طرح ومعالجة المواضيع المتعلقة بالوباء من قبل وسائل اإلعالم‪،‬‬ ‫السيدا غير قابل للشفاء‪ ،‬وكذلك األحكام المسبقة والمخاوف‬ ‫والظن أن ّ‬ ‫المرتبطة بعدد من القضايا االجتماعية الحساسة مثل الجنس والمرض‬ ‫والوفاة وتعاطي المخدرات‪ .‬يمكن أن يؤدي الوصم إلى التمييز وانتهاكات‬ ‫حقوق اإلنسان األخرى‪ ،‬التي تؤثر بشكل أساسي على رفاه المصابين‪ .‬فهناك‬ ‫في جميع أنحاء العالم‪ ،‬حاالت ّ‬ ‫موثـقة لمصابين ُحرموا من الحق في الرعاية‬ ‫الصحية والشغل والتعليم والتنقل‪.‬‬ ‫يؤكد إعالن االلتزام‪ ،‬المعتمد في جوان ‪ 2001‬في الدورة االستثنائية‬ ‫للجمعية العامة لألمم المتحدة بشأن فيروس نقص المناعة البشري‪/‬‬ ‫‪ONUSIDA. Stigmatisation, discrimination et violations des droits de l’homme associées au‬‬ ‫‪VIH : études de cas des programmes réussis. UNAIDS/05.05E, avril 2005‬‬

‫‪24‬‬

‫‪McNeil J, Anderson S. Beyond the dichotomy: linking HIV prevention with care. AIDS.‬‬ ‫‪1998;12(Supplement 2):S19-S26.‬‬

‫‪25‬‬

‫‪68‬‬

‫‪Busza J. Challenging HIV-related stigma and discrimination in Southeast Asia: Past‬‬ ‫‪successes and future priorities. New York: Population Council Horizons; 1999.‬‬

‫‪26‬‬

‫السيدا(‪ ((2‬على اإلجماع العالمي لمعالجة الوصم والتمييز المرتبطان‬ ‫ينص اإلعالن على أن مكافحة الوصم والتمييز شرط أساسي‬ ‫بالسيدا‪ .‬كما ّ‬ ‫الفعــالة‪ ،‬ويؤكد مجد ًدا أن التمييز على أساس حالة‬ ‫للوقاية والرعاية‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫انتهاكا لحقوق اإلنسان‪ .‬ال ّيـعتبر‬ ‫الشخص المصاب بالفيروس يشكل‬ ‫ً‬ ‫انتهاكا لحقوق اإلنسان فقط‪ ،‬بل إن ال ّتـشهيـر‬ ‫التمييز المرتبط بالسيدا‬ ‫بوجوده وفضـحه يساعد على التصدي له لتحقيق أهداف الصحة العامة‬ ‫والتغلب على الوباء‪ .‬تشكل مجابهة الفيروس والسيدا حلقات متواصلة‬ ‫انطالقا من الوقاية حتى الرعاية والعالج‪ ،‬ويمكن رؤية اآلثار السلبية للوصم‬ ‫والتمييز في جميع هذه الحلقات‪.‬‬ ‫من الناحية المثالية‪ ،‬ينبغي أن يكون كل شخص قاد ًرا على الوصول‬ ‫إلى المشورة واالختبارات الطوع ّية والسر ّية لمعرفة حالته دون خوف من‬ ‫العواقب‪ .‬ويبقى لألشخاص الذين ثبتت سالمتهم الحـــق في أن يتلقوا متى‬ ‫شاءوا المشورة الوقائية حتى تبقى تحاليلهم سلبيـة‪ .‬أما أولئك الذين‬ ‫يكون اختبارهم إيجابيا فيجب عالجهم‪ ،‬وإعطاءهم نصائح وقائية لكي ال‬ ‫يكونوا سببا لعدوى اآلخرين ولتحصين أنفسهم من العدوى الثانوية‪ .‬يحتاج‬ ‫المتعايشون مع الفيروس إلى أن يكونوا قادرين على العيش بانفتاح وتلقي‬ ‫التعاطف والدعم في مجتمعاتهم‪ .‬إن تف ّتـحهم على المجتمع وتواصلهم‬ ‫ّ‬ ‫يمكـن اآلخرين من إدراك المخاطر و االنتفاع بمعارفهم في المجال‬ ‫معه‬ ‫مما يساهم في الجهود العامة بالخصوص للوقاية ولكن أيضا للرعاية‬ ‫والعالج‪.‬‬ ‫إذا كانت البيئة االجتماعية مصدر الوصم‪ ،‬فستظهر عقبات في جميع‬ ‫مراحل الدورة الموصوفة أعاله‪ .‬إن الوصم والتمييز المرتبطان بالفيروس‬ ‫يقوضان جهود الوقاية ألن الناس يخشون معرفة ما إذا كانوا مصابين أم ال‪،‬‬ ‫ويتحاشون البحث عن معلومات حول طرق التقليل من التعرض لمخاطر‬ ‫ً‬ ‫خوفا من إثارة الشكوك حول حالتهم‪.‬‬ ‫الفيروس‪ ،‬ويتصرفون بمزيد الحذر‬ ‫يقـوضان قدرة األفراد والمجتمعات على‬ ‫وبالتالي‪ ،‬فإن الوصم والتمييز‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫حماية أنفسهم‪ .‬كما أن الخوف من الوصم والتمييز يُـثـ ِني المصابين عن‬ ‫الكشف عن إصابتهم‪ ،‬حتى ألفراد األسرة والشركاء الجنسيين‪ .‬إن السرية‬ ‫التي تحيط بالفـيـروس والناجمة عن الخوف من الوصم والتمييز تجعل‬ ‫يتـصـورون أنهم في مأمن من خطر اإلصابة بالسيدا‪.‬‬ ‫الناس‬ ‫ّ‬ ‫‪Nations Unies. Déclaration d’engagement sur le virus de l’immunodéficience humaine et le‬‬ ‫‪syndrome d’immunodéficience acquise (VIH/sida). Vingt-sixième session extraordinaire du 27‬‬ ‫‪juin 2001. https://www.un.org/french/ga/sida/conference/aress262f.pdf‬‬

‫‪27‬‬

‫‪69‬‬


‫ـع ِنـيان ً‬ ‫أيضا أن المتعايشين‬ ‫إن الوصم والتمييز المرتبطان بالفيروس يَ ْ‬ ‫ودعـما ّ‬ ‫أقـل‪ .‬وحتى األشخاص غير المصابين‬ ‫مع الفيروس سيتلقون رعاية‬ ‫ً‬ ‫والذين هم على تواصل بأفراد مصابين‪ ،‬مثل األزواج واألطفال ومقدمي‬ ‫الرعاية‪ ،‬سيعانون من الوصم والتمييز مما يزيـد‪ ،‬بدون موجب في المعاناة‬ ‫الشخصية المرتبطة بالمرض‪.‬‬ ‫قد يمنع العار المرتبط بالسيدا المصابين من التماس العالج والرعاية‬ ‫والدعم واالنتفاع بحقوق أخرى‪ ،‬مثل العمل والذهاب إلى المدرسة‪ ...‬إلخ‪.‬‬ ‫يمكن أن يكون للشـعـور بهذا العار تأثير نفسي هـــام على كيفية تصور‬ ‫المصابين ألنفسهم وكيف يتعاملون مع حالتهم‪ ،‬مما يجعلهم عرضة‬ ‫للشعور بالذنب واالكتئاب والعزلة التي يفرضونها على أنفسهم‪.‬‬ ‫ربـما تتفاقم هذه الظاهرة إذا كان بعض األشخاص أعضاء في مجموعات‬ ‫مهمشة بالفعل أو موصومة‪ ،‬مثل مجموعات متعاطي المخدرات بالحقن‬ ‫ّ‬ ‫والرجال الممارسون للجنس مع الرجال أو العمال المهاجرين‪ .‬كما أنــه في‬ ‫األماكن التي تكون فيها الرعاية الطبية متاحة‪ ،‬قد يزيد الوصم في صعوبة‬ ‫الوصــول إلى العالج‪.‬‬ ‫هذا الميل لرفض الكشف عن الوضع الفيروسي وعدم السعي لطلب‬ ‫الرعاية الصحية والعالج ّي ّ‬ ‫ـغـذي الوصم والتمييز‪ ،‬ويزيد من تعزيز حلقات‬ ‫الدورة المذكورة أعـاله‪ ،‬وذلك ألن القوالب النمطية والمخاوف متـواصلـة‬ ‫مما يصيب المرضى بالوهن ويزيد من معاناتهم بالخصوص في المرحلة‬ ‫النهائية للمــرض‪ .‬كما يعزز اإلنكار والصمت الوصم ضدهم وهم أفراد‬ ‫ضعفاء بالفعل‪ .‬عند إخفاء الكشف عن حالة اإلصابة‪ ،‬فإنه غال ًبا ما تكون‬ ‫العائالت غير قادرة على تنظيم أمورها المستقبلية بعد وفاة رئيس‬ ‫العائلة المصاب فيغـلب عليها الفقـر واالحتياج وتصبح عرضة للتهميـش‬ ‫إذا ما اكتشف النـاس وضعـهم المـرتبط بالسيدا‪.‬‬

‫‪70‬‬

‫الرسم ‪ : 7‬تداعيات الوصم والتمييز المرتبطين بالسيدا على جميع التدابير من الوقاية إلى العالج‬ ‫‪(Diagramme adapté de Busza 1999).‬‬

‫‪71‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪1‬‬

‫الفصل الثالث‬

‫معيشة الحاملين للفيروس والسكان‬

‫المعرضين لخطر اإلصابة به من حيث الوصـم‬ ‫والتمييـز وعـدم احترام حقـوقهم‬


‫الفصل الثالث‬

‫‪ 1.3‬الوصم والتمييز‪ :‬عوائق الوقاية من الفيروس والكشف عنه بين‬ ‫السكانية المستهدفة في تونس‬ ‫الفئات‬ ‫ّ‬

‫حاول الثنائي « كلبوسي ومرابط» في دراسة نوعية (أطروحـة في الطب)‬ ‫أجريت بين جوان ونوفمبر ‪ ،2019‬تحديد العقبات التي تحول دون الوقاية‬ ‫والتقصي المخبري للفيروس بين السكان المستهدفين في تونس(‪.((3‬‬ ‫غال ًبا ما يتعرض المصابون بالفيروس وحتى الفئات األكثر عرضة لإلصابة‪ ،‬للوصم‬ ‫والتمييز والمواقف السلبية تجاه سلوكهم من قبل أسرهم ومجتمعاتهم واإلطار‬ ‫الصحي‪ .‬هذا الوصم منتشر في العديد من مؤسسات الرعاية الصحية وإدارات تطبيق‬ ‫القانون‪ .‬قد يبدو أن الوصم مباح ضمن ًيا بسبب غياب قوانين وسياسات وطنية‬ ‫لمكافحة التمييز‪ .‬لذلك‪ ،‬يمكن أن يـؤدي الوصم والتمييز المرتبطان بالفيروس‬ ‫إلى تأخير الكشف المخبري‪ ،‬وإخفاء حالة اإلصابة‪ ،‬وضعف اإلقبال على الخدمات‬ ‫الصحية(‪.((3(((3( ((3(((2(((2‬‬ ‫يقـوض جهود البرامج الصحية الوطنية لربط الناس بشكل‬ ‫كل ذلك ّ‬ ‫فعال بخدمات ال ّرعاية المتع ّلقة بالفيروس واالحتفاظ بهم داخل األقسام‬ ‫العالجية على المدى الطويل (‪.((3( ((3‬‬ ‫ّ‬ ‫السكانية‬ ‫حاولت بعض الدراسات التونسية تحليل تجارب الفئات‬ ‫ستهدفة واألشخاص المصابين فيما يتعلق بالوصم والتمييز والعنف‬ ‫الم ْ‬ ‫ُ‬ ‫القائم على النوع االجتماعي‪.‬‬ ‫‪Brou H, et al. When do HIV-infected women disclose their HIV status to their male partner‬‬ ‫‪and why? A study in a PMTCT program, Abidjan. PloS Medicine. 2007;4(12):e342.‬‬

‫‪28‬‬

‫‪Bwirire LD, et al. Reasons for loss to follow-up among mothers registered in a prevention-of‬‬ ‫‪mother to child transmission program in Rural Malawi. Transactions of the Royal Society of‬‬ ‫‪Tropical Medicine and Hygiene. 2008;102(12):1195-200.‬‬

‫‪29‬‬

‫‪HIV-related stigma. Late testing, late treatment: a cross analysis of findings from the People‬‬ ‫‪Living with HIV Stigma Index in Estonia, Moldova, Poland, Turkey, and Ukraine. Copenhagen,‬‬ ‫‪HIV in Europe, 2011‬‬

‫‪30‬‬

‫‪Karim QA, et al. The influence of AIDS stigma and discrimination and social cohesion on‬‬ ‫‪HIV testing and willingness to disclose HIV in rural Kwa Zulu-Natal, South Africa. Global‬‬ ‫‪Public Health. 2008; 3 (4): 351-65.‬‬

‫‪31‬‬

‫‪Stangl A, et al. A systematic review of interventions to reduce HIV-related stigma and‬‬ ‫‪discrimination from 2002 to 2013: have far have we come ? Journal of the International AIDS‬‬ ‫‪Society, 2013.‬‬

‫‪32‬‬

‫كان الوصم والتمييز أول العقبات التي ذكرها كل المشاركون في هذه‬ ‫الدراسة‪ .‬كما تبين حسب تجربة كل واحد أن الخوف المتوقع من وصم‬ ‫الطرف المقابل والوصم الذاتي ّأثرا سل ًبا على العالقة بين المريض ومقدم‬ ‫الخدمة‪ ،‬وعلى نوعية الخدمات وعلى الطموح إلى تحسينها وتناسبها مع‬ ‫أوضاعهم‪ .‬كما تُ ّ‬ ‫وضح هذه األطروحـة أن الوصم والتمييز يتجليان في‬ ‫الشعور باإلهمال وانتهاك السر ّية وخطاب الترشيد األخالقي‪ ،‬مما أدى إلى‬ ‫العزوف عن خدمات الوقاية والسكوت عن َّ‬ ‫الض ْي ِم وال ّتعسف الذي يالقونه‪.‬‬ ‫ـع َ‬ ‫ـاشـة‬ ‫الم َ‬ ‫أ ‪ ۰‬أشكال الوصم والتمييز والتجارب ُ‬

‫لقد ذكر المشاركون في الدراسة أن الخوف من االنعكاسات االجتماعية‬ ‫إذا طلبوا اختبار الكشف عن الفيروس أو خدمة أخرى كان السبب الرئيسي‬ ‫مقدمي خدمات‬ ‫لترددهم وعدم طلب خدمات الوقاية‪ .‬كما أكدوا أن‬ ‫ّ‬ ‫الرعاية الصح ّية كانوا هم مصدر الوصم‪ ،‬في حين أنه من المفروض أن‬ ‫ً‬ ‫ووفقا لتجاربهم داخل المرافق الصحية‪،‬‬ ‫يكونوا مصدر دعم وطمأنينة‪.‬‬ ‫غال ًبا ما يتجلى الوصم والتمييز في اإلهمال وعدم االكتراث‪ ،‬بمجرد أن‬ ‫يسأل الشخص عن موقع مخبر الكشف عن السيدا مثال‪.‬‬ ‫جانب آخر من التمييز هو خرق السرية إذ ذكر المشاركون أن مقدمي‬ ‫الخدمات الصحية يتحدثون مع بعضهم البعض حول سبب قدوم‬ ‫الشخص‪ .‬كما كان عدم الرد على األسئلة التي ّتــطرح عـليهم شك ً‬ ‫ال من‬ ‫أشكال التمييز الذي تم االستشهاد به « كانت إجاباتهم قصيرة وجافــة »‪.‬‬ ‫ــوبيخي وأخالقي من قبل المهنيين‬ ‫كما اتـفـق الجـمـيع على وجـود خطاب تَ ْ‬ ‫الصحيين‪ ،‬وأن هذا الخطاب القائم على المراجع المجتمعية وأحيا ًنا الديـنـ ّيـة‬ ‫ــوا عن عيادات مراكز‬ ‫كان واسع االنتشار وأن العـديد من األشخاص تخ ّل ْ‬ ‫الصحة األساسية لتجنب سماع هذا ال ّنوع من الكالم‪.‬‬

‫‪Poteat T, German D, Kerrigan D. Managing uncertainty: a grounded theory of stigma in‬‬ ‫‪transgender health care encounters. Social Science & Medicine. 2013;84:22-9.‬‬

‫‪33‬‬

‫‪74‬‬

‫‪Roberts TK, Fantz C. Barriers to quality health care for the transgender population. Clinical‬‬ ‫‪Biochemistry. 2014.‬‬

‫‪34‬‬

‫‪Kalboussi Y. Les obstacles à la prévention et au dépistage du VIH/Sida chez les populations‬‬ ‫‪clées en Tunisie. [Thèse]. Médecine. Université Tunis El Manar. 2020‬‬

‫‪35‬‬

‫‪75‬‬


‫المستهدفين فبالنسبة‬ ‫اختلف هذا الخطاب باختالف أنماط السكان‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـعـتـبـرون ضحايا « لمرض‬ ‫للرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال‪ ،‬فهم يُ ْ‬ ‫معين » مع النصح بالتخـلي عن هذا السلوك وأفضلية الزواج لتكوين أسرة‬ ‫تحدثن عن خطاب يستند إلى‬ ‫كباقي الرجــال‪ .‬أما العامالت في الجنس فقد ّ‬ ‫اتهـامهـن‬ ‫رسائل تحثهم على البحث عن وظيفة أخرى «أكثر كرامة» مع‬ ‫ّ‬ ‫بالقـيام بممارسات غير مقبولة اجتماع ًيا «ما تفعـلينـه مخالف لعـادات‬ ‫ومبادئ مجتمعنا»‪.‬‬ ‫كما شمل الوصم ً‬ ‫أيضا العاملين في مكاتب االستقبال (التسجيل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫نـوه المشاركون‬ ‫والموظفـين اإلداريين‪ ،‬وما إلى ذلك)‪ .‬خالفا لما سبق‪ّ ،‬‬ ‫بشخصية الطبيب‪ ،‬إذ وبمجرد دخول الشخص إلى مكتب الطبيب‪ ،‬يبدأ‬ ‫الحوار بين اثنين ال ثالث لهما‪ ،‬في ظروف ج ّيـدة من السـ ّرية والراحة‪« .‬وجدت‬ ‫نفسي أخي ًرا أمام محترف يتفهم مشاكلي ويمكنه مساعدتي»‪.‬‬ ‫إن الخوف من الكشف عن نتائج التحاليل وانعدام السرية ال يزال قائما‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فقد أعرب المشاركون في االستطالع عن مخاوفهم فيما يتعلق باحترام‬ ‫سـ ّر ّيـة هويتهم وكشف النتائج أمام أعين الحاضرين اآلخرين‪ ،‬ومناقشة‬ ‫مرتفع‪.‬‬ ‫أسباب العيادات والتصريح بنتائج االختبارات بصوت‬ ‫ٍ‬

‫‪76‬‬

‫أتوا للحصول على خدمات مماثلة‪ .‬وأن أعوان االستقبال في هذه المراكز‬ ‫ينـتمون في معظم األوقات لنفس الشريحة المجتمعية ولهم نفس‬ ‫الميول مما يسهل التفاعالت والتبادالت وبالتالي االرتياح لهذه المراكز‪.‬‬ ‫وقد ُذ ِكرت بعض الحاالت القليلة من الوصم داخل المجموعة‪ ،‬سببـها‬ ‫الروح التنافسية على الزبائن لدى العامالت في الجنس أو التصـ ّرف في‬ ‫المخدرات بين المدمنين على استعمالها‪ ...‬إلخ‪ .‬وكذا الوصم الخارجي‪ ،‬فإنه‬ ‫يمكن أن تسبب التوترات داخل المجموعة الواحدة إلى العزلة االجتماعية‬ ‫أو حتى العنف‪.‬‬ ‫ـطـن‬ ‫س َـت ْـب َ‬ ‫ب ‪ ۰‬الوصم الذّ اتي أو ُ‬ ‫الم ْ‬

‫تم ذكر شكل آخر من أشكال الوصم وهو الوصم الذاتي أو المستبطن‬ ‫(الداخلي) الذي له تأثير سلبي على الصحة العقلية للفرد وعلى الثقة في‬ ‫النفس وعلى طلب خدمات المساعدة والوقاية‪ .‬وقد ع ّبر المشاركون من‬ ‫خالل تجاربهم الشخصية عن حكم سلبي على الذات يؤدي إلى العزوف عن‬ ‫طلب الخدمات الوقاية واالنتفاع بها‪.‬‬ ‫المجموعة التي أص ّرت أكثر على فكرة وصم الذات هي مجموعة‬ ‫هـمـها األول في البحث اليومي‬ ‫متعاطي المخدرات بالحقن التي يتلخص ّ‬ ‫عن المؤثـرات العقلية (المخدرات) كما أن استحالة العثور على الشغل‬ ‫والحالة المستمرة للتوتر العصبي والركون إلى النوم لفترات طويلة كل‬ ‫ذلك يغـذي ويزيد في الوصم الذاتي‪.‬‬

‫كما أعرب المشاركون عن قلقهم من وجودهم في نفـس العـيادة‬ ‫التي يـقـصدها أناس آخرون قـدموا ألسباب مـرضيـة مخـتلفـة في المركز‬ ‫الصحي الذي يقدم خدمات الكشف عن السيدا‪ .‬ونتيجة لذلك‪ ،‬عندما يأتي‬ ‫شخص ما إلى المرفق الصحي فإنه يكون على مرأى ومسمع من بقية‬ ‫ـمـيت‬ ‫المرضى الذين يأتون لطلب خدمة ال عالقة لها بالسيدا‪ .‬وقد ُ‬ ‫س ِّ‬ ‫العيادة الموجودة في مركز الصحة األساسية الواقع بشارع ‪ 9‬أفريل‬ ‫بتونس كمثال على ذلك‪ ،‬فالمرأة التي تمتهن الجنس وتقصد هذه العيادة‪،‬‬ ‫ستكون على اتصال بأشخاص آخرين قدموا لعـالج أمراض مزمنة مثال‪...« .‬‬ ‫عندما أذهب إلى هناك‪ ،‬أحاول أن أختبئ‪ ،‬ألنه إذا تفـطن لوجـدك شخص من‬ ‫الحي هناك‪ ،‬فإن أمرك سيروج في الحي بأكمله‪( »...‬انظر المرجع ‪.)36‬‬

‫للتغ ّلب على هذا النوع من الوصم يعتمد المعنيون باألمـر استراتيج ّيات‬ ‫متشابهة إلى حد ما لمحاولة حماية أنفسهم تتلخص في العزلة والكتمان‬ ‫وتفادي اللجوء إلى خدمات الوقاية بد ًال من مواجهة الوصم‪ .‬قال بعضهم‬ ‫أنه غ ّير طريقة االنتفاع بالخدمات الصحية أو االجتماعية بينما ّ‬ ‫فضل البعض‬ ‫اآلخر مقاطعة هذه الخدمات أصال‪.‬‬

‫ً‬ ‫وفقا للمشاركين‪ ،‬أن االستقبال والخدمات أفضل في العيادات‬ ‫يبدو‪،‬‬ ‫التي تديرها المنظمات غير الحكومية‪ .‬وأعربوا عن إمكانية قضاء المزيد‬ ‫من الوقت في هذه المراكز كما أن لديهم الوقت الكافي لطرح األسئلة‬ ‫أو طلب خدمات إضافية حيث أن كل الموجودين في هذه المراكز قد‬

‫قصي‬ ‫إن الخشية من الوقوع في مواقف تمييز دفع بالعديد من طالبي التـ ّ ّ‬ ‫الصحي الواحد واالنتقال بين مراكز‬ ‫المخبري إلى عدم المداومة على المركز‬ ‫ّ‬ ‫يشجعهم على ذلك عدم الكشف عن الهـوية‪ .‬لكن وعند فقدان‬ ‫مختلفة‬ ‫ّ‬ ‫االختبار السريع في الصيدليات أو في القطاع الخاص وعند لزوم التحليل‬

‫ت ‪ ۰‬المواقف تجاه الوصم‬

‫‪77‬‬


‫التوجه إلى المراكز الصحية‬ ‫المخبري فإنهم يضطرون عن مضض إما إلى‬ ‫ّ‬ ‫العامة أو التخ ّلي عن هذه الخدمة خوفا من اإلحراج والوصم‪.‬‬ ‫ذكر مشاركون آخرون استخدام خدمات خارج المسالك الكالسيكية‬ ‫المتبعة في مراكز الصحة األساسية إذ كانوا يتوجهون مباشرة للقطاع‬ ‫الخاص للكشف عن حمولة الفيروس في الدم‪ ،‬مع العلم أن النتيجة‬ ‫صحيحة مائة بالمائة وال تظهر إال بعد أيام عوض المرور بالتحليل السريع‬ ‫الصحة األساس ّية أو الحصول على‬ ‫والحيني لقطرة الدم المتداول في مراكز‬ ‫ّ‬ ‫اإلبر والحقن من الجيران أو األحباب الذين يستعملون األنسولين‪.‬‬ ‫المستجوبين عدم اإلفصاح عن عوامل‬ ‫من األمور األخرى المتدا َولة بين‬ ‫َ‬ ‫الم ّتـــ َبعة وإخفاء هذه المعلومات ليس فقط عن‬ ‫الخطر والممارسات ُ‬ ‫عائالتهم بل وعن المهنيين الصحيين‪ .‬والسبب الرئيسي وراء ذلك هو‬ ‫توقع رد فعل عائلي سلبي مثل الحبس أو الضرب أو فقدان الدعم المالي‪.‬‬ ‫وفي هذا الصدد أشار المشاركون إلى أنهم على دراية بالصور النمطية‬ ‫السلبية المرتبطة بوضعهم في المراكز الصحية وأنهم يتوقعون‬ ‫بمقدمي الخدمات الصحية واعتمدوا‬ ‫التهميش والتمييز عند كل اتصال‬ ‫ّ‬ ‫اإلخفاء كسلوك لتجنب الرفض االجتماعي المتوقع حصوله‪ ،‬إذا ما افتضح‬ ‫أمرهم‪.‬‬ ‫متعدد‬ ‫وصف بعض الرجال الناشطين جنسيا مع الرجال الوصم بأنه‬ ‫ّ‬ ‫المصادر حيث أنه يمكن أن يصدر عن رجال يشاركونهم نفس النشاط‬ ‫الجنسي‪ ،‬وعن أفراد األسرة وعن األصدقاء‪ ،‬أو في األوساط المهنية‪ .‬كما‬ ‫أبلغوا عن نقص الدعم األسري واالجتماعي والحاجة إلى بذل جهد مستمر‬ ‫إلخفاء حياتهم الجنسية‪ ،‬والمشكالت الصحة العقلية المستمرة (مثل‬ ‫الوحدة والحرمان العاطفي)‪ .‬كما تحدثوا عن وجود فسحة كبيرة في‬ ‫استخدام وسائل التواصل االجتماعي‪ ،‬وقالوا ً‬ ‫أيضا إن لديهم في كثير من‬ ‫األحيان عـد ًدا محدو ًدا من األصدقاء المقربين الذين يمكنهم االعتماد‬ ‫عليهم‪.‬‬ ‫ث ‪ ۰‬الحواجز القانونية والهيكلية‬

‫‪78‬‬

‫أفاد األشخاص الذين شملهم االستطالع أن القوانين العقاب ّية‬ ‫الموجودة في تونس تمثل ً‬ ‫أيضا عقبة أمام استخدام الخدمات الصحية‪.‬‬ ‫وص ّرحوا أ ّنهم على دراية بمخاطر تجريم تعاطي الجنس بين الرجال‬

‫ينص‬ ‫وتعاطي المخدرات واالشتغال بالجنس‪ .‬كما أنهم على علم بما‬ ‫ّ‬ ‫عليه القانون من الغرامات والسجن وهم مدركون للممارسات القمعية‬ ‫من جانب أعوان األمـن وكذلك وصم المهن ّيين الصح ّيين‪.‬‬ ‫المخدرات بالحقن أنه على الرغم من علمهم بخطر‬ ‫وذكر مستعملو‬ ‫ّ‬ ‫الح َ‬ ‫ـقـن اآلمنة للخطر‪ ،‬حيث‬ ‫تبادل اإلبر‪ ،‬فقد يتع ّرض من يحمل كمية من ُ‬ ‫معدات حقن المخدرات‬ ‫يمكن ألعوان الشرطة اعـتقال أي شخص بحوزته‬ ‫ّ‬ ‫واقتياده إلى مركز الشرطة لالستجواب وأحيا ًنا للتوقيف لمدة ‪ 24‬ساعة‪.‬‬ ‫وفي مـ ّرات أخرى‪ ،‬تعرض العاملون في المنظمات غير الحكومية الذين‬ ‫يسـمــونه «‪...‬استفزازات أعـوان‬ ‫يوزعـون اإلبر ومعدات الحقن النظيفة لما‬ ‫ُّ‬ ‫األمن‪.»...‬‬ ‫المخدرات بالحقن‬ ‫كما هناك ممارسات أخرى تعوق وصول متعاطي‬ ‫ّ‬ ‫إلى معدات الحقن السليمة مما يزيد من التشارك في استعمال الحقنة‬ ‫الواحدة ألكثر من شخص بسبب رفض بعض الصيدليات بيع حقن‬ ‫األنسولين لمستخدمي المخدرات ألن أعوان الصيدليات يعتبرون أنها‬ ‫تهديدا محتم ً‬ ‫ال لسمعة الصيدل ّية‪ ،‬ولهذا يرفضون بيعها‪...« .‬حتى‬ ‫تشكل‬ ‫ً‬ ‫إذا وافقت الصيدلية على بيع الحقن ألول مرة‪ ،‬فسوف تنتـشـر المعلومة‬ ‫بسرعة بين مجتمع متعاطي المخدرات بالحقن مما سيؤدي إلى تدفق‬ ‫كبير عليها ولتجنب ذلك‪ ،‬يفضل الصيادلة رفض البيع ‪.((3(»...‬‬ ‫ً‬ ‫خوفا‬ ‫ص ّرحت المشتغالت بالجنس أنهن مدفوعات للعمل في الخفاء‬ ‫من فقدان مصدر رزقهن حيث أن القانون يج ّرم العمل بالجنس‪ ،‬ومن جهة‬ ‫أخرى فإنهن يخش ْيـن من اطالع الشرطة والسلطات األخرى على ما لديهن‬ ‫اعـتـقـلتهـن الشرطة‬ ‫من معلومات‪ .‬كما ص ّرحن أن البعض منهن قد‬ ‫ّ‬ ‫حافظاتهن‪...« .‬إذا كان من المحتمل أن‬ ‫لمجرد وجود واقيات ذكرية في‬ ‫ّ‬ ‫يتم القبض عليك كمشتغلة بالجنس‪ ،‬فمن غير المرجح أن تكشف عن‬ ‫أسرارك ومن غير المحتمل أن تطلب المساعدة‪.»...‬‬ ‫يتحاشى الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال طلب الخدمات‬ ‫اإلرشاديـة والصحية المتعلقة بالسيدا لوجود قانون يج ّرم اللواط وقد‬ ‫تم االستشهاد في عدة مناسبات بقضية طالب المبيت الجامعي الستة‬ ‫بمدينة ّ‬ ‫رقادة الذين حكمت عليهم محكمة القيروان في ‪ 10‬ديسمبر‬ ‫‪36‬‬ ‫‪Idrissi G, Makroum R. Stigmatisation et discrimination des personnes vivantes avec le VIH.‬‬ ‫‪[Mémoire]. Sciences Infirmières. Université Tunis El Manar. 2020‬‬

‫‪79‬‬


‫‪ 2015‬بالسجن لمـدة ‪ 3‬سنوات بتهمة المثلية الجنسية بعد خضوعهم‬ ‫لفحوصات شرجية إلثبات موالتهم الجنسية‪ .‬وهـذا ما يدفعهم إلى العيش‬ ‫التوجه إلى الخدمات المتعلقة‬ ‫في ثقافة منغلقة إلى حد ما وعدم طلب‬ ‫ّ‬ ‫بالفيروس‪.‬‬ ‫‪ 2.3‬تمثالت المتعايشين مع الفـيـروس تجاه الوصم والتمييز‬

‫هناك دراسة أخرى مفيدة‪ ،‬أ ّ ْج ِـريَت في جويلية ‪ 2020‬وشملت ثالثة‬ ‫أقسام استشفائية في تونس نشـرها ّ‬ ‫الثنائي «اإلدريسي ومكروم» كرسالة‬ ‫لختـم شهادة التـمـريض تحت عـنـوان «الوصم والتمييز ضد المصابين‬ ‫بفيروس نقص المناعة البشري» ناقشت تمثالت المصابين بالفيروس‬ ‫من منظور المحيطين بهم والممرضات وقـ ّيمت العوامل والمواقف‬ ‫ومظاهر التمييز‪( .‬انظر المصدر السابق ‪.)37‬‬ ‫وقد أظهرت أن من بين المصابين بالفيروس الذين شملهم‬ ‫خطؤن»‬ ‫االستطالع‪ ،‬يعتقد ‪ % 93‬أن المجتمع التونسي يعتبرهم «أنـاس ُم ِ‬ ‫صحييـن»‪ .‬كما تبـ ّيـن‪ً ،‬‬ ‫وفقا لـ‬ ‫و‪« % 73‬أناس مذنـبـون» و‪« % 60‬أناس غير ّ‬ ‫‪ % 86‬بـأن «المستوى التعليمي» هو العامل الرئيسي وراء الوصم‪ ،‬ويعتقد‬ ‫السيدا»‪ ،‬وص ّرح‬ ‫‪ % 73‬أن السبب في ذلك هو «انتشار الصور الصادمة حول ّ‬ ‫‪ % 20‬فقط أن الوصم مرتبط بالدين‪.‬‬ ‫كما وردت طرق مختلفة للتعبيـر عن الوصم مثل‪ ...« :‬نظرة ازدراءيه‬ ‫ومحبطة للعـزائـم» في ‪ % 93‬من الحاالت‪ .‬و«‪...‬توجيه أصابع االتهام» في‬ ‫‪ % 86‬من الحاالت‪ ،‬و«‪...‬تجنب االقتراب الجسدي» في ‪ % 73‬من الحاالت‪،‬‬ ‫و«‪...‬تقاسيم الوجه المع ّبرة عن االستهزاء والهمس» في ‪ % 60‬حاالت‪.‬‬ ‫ومهما اختـلفـت طرق ال ّتـعبير عن الوصم‪ ،‬فإن إحساس المصابين واحد‬ ‫ويتلخص في اإلهانة في ‪ % 93‬من الحاالت‪ ،‬والشعور ّ‬ ‫ّ‬ ‫بالظلم في ‪ % 86‬من‬ ‫الحاالت‪ ،‬واإلحساس بالحزن في ‪ % 80‬من الحاالت‪.‬‬ ‫أ ‪ ۰‬في المستشفيات‪ :‬أعلن ‪ % 80‬من المصابين الذين شملهم‬ ‫االستطالع أنهم تعرضوا للتمييز في الوسط االستشفائي من طـرف‬ ‫الممرضين‪ .‬ويتجلى ذلك في عدم كتمان الس ّر المهني من جانب طاقم‬ ‫تـوحـي بالسلبيات‬ ‫التمريض (‪ ،)% 80‬واالزدراء (‪ ،)% 66‬وتقاسيم الوجه التي ِ‬ ‫والهمسات فيما بينهم (‪ )% 40‬وأحيا ًنا رفض تقديم الخدمات (‪.)% 13‬‬ ‫‪80‬‬

‫كما أعلن ‪ % 80‬من المصابين عن «حصول تغيير في سلوك» بعض‬

‫الممرضين بعد اإلعالن عن ظهور نتيجة إيجابية لتحليل المصل‪ ،‬وأعلن‬ ‫فإن‬ ‫‪« % 66‬صم ًتا ُك ِّليا» من جانب الممرضة‪ .‬لكن إلى جانب هذه السلبيات ّ‬ ‫‪ % 20‬من المصابين صرحوا بعدم مالحظة أي رد فعل سلبي من سلك‬ ‫الممرضين‪.‬‬ ‫إن تغـ ّيـر سلوك المحيط العائلي هو الموقف‬ ‫ب ‪ ۰‬في الوسـط العـائلي‪ّ :‬‬ ‫األكثر مالحظة للوصم والتمييز (‪ ،)% 88‬وأعلن ‪ % 63‬بأن العائلة تتج ّنبهم‪،‬‬ ‫وشعر ‪ % 40‬بأن العائلة تخاف من التلوث بالفيروس‪ ،‬بينما وصل الحد إلى‬ ‫الطرد من أسرهم في ‪ % 13‬من الحاالت‪ .‬وفي المقابل‪ ،‬قال ‪ % 46‬فقط‬ ‫دعما نفس ًيا واجتماع ًيا واقتصاد ًيا من عائالتهم‪.‬‬ ‫إنهم تلقوا‬ ‫ً‬

‫‪ 3.3‬شهادات المهاجرين المصابين بالفيروس حول ال ّتم ّتـع بالرعاية‬ ‫الصحية في تونس‬

‫درست «الجمعية التونسية لمكافحة األمراض المنقولة جنسي ًا‬ ‫والسيدا» وضعية الوصول إلى الرعاية الصحية‬ ‫للمهاجرين المصابين بالفيروس في تونس في عام ‪ .((3( 2016‬وفيما‬ ‫يلي بعض نتائج هذه الدراسـة‪:‬‬ ‫أ ‪ ۰‬وضعية الوصول للخدمات الصحية‪:‬‬ ‫ ال يمكن‪ ،‬بشكل عام‪ ،‬للمصابين األجانب بالفيروس الوصول إلى‬‫التمتع بالخدمات الطبية في القطاع العام‬ ‫ كما ال يستفيدون من العالج المجاني‪ ،‬ويتم رفضهم في كل مرة‬‫يطلبون فيها األدوية المضادة للفيروس من صيدليات المستشفيات‪.‬‬ ‫أن القانون التونسي ال يحظر العالج المجاني لألجانب‪.‬‬ ‫ تجدر اإلشارة إلى ّ‬‫ب ‪ ۰‬الحصول على الرعاية الصحية للطلبة المهاجرين‬

‫ عدم قدرة إدارة الطب المدرسي والجامعي على تغطية كامل‬‫المؤسسات االجتماعية‪.‬‬ ‫ عدم احترام النصوص القانونية من مؤسسات التعليم العالي ومراكز‬‫الخاصة ‪...‬‬ ‫التكوين المهني‬ ‫ّ‬ ‫‪Association Tunisienne de Lutte contre les Maladies Sexuellement Transmissibles et le‬‬ ‫‪Sida. Situation de l’accès aux soins pour les migrants vivant avec le VIH en Tunisie. ATL MST‬‬ ‫‪Sida Tunis. 2016.‬‬

‫‪37‬‬

‫‪81‬‬


‫ التمييز بين طلبة القطاع العام وطلبة القطاع الخاص‪.‬‬‫غياب المتابعة من قبل وزارتي التعليم العالي والتكوين المهني فيما‬‫يتعلق بالتكوين المهني‬ ‫معوقات الوصول إلى الرعاية الصحية‬ ‫ت‪۰‬‬ ‫ّ‬

‫تم اإلبالغ عن أنواع مختلفة من االنتهاكات ضد المصابين بالفيروس‬ ‫والفئات المع ّرضة لخطر اإلصابة به‪ .‬وفي كثير من األحيان كانت من نوع‬ ‫الوصم و التمييز في المستشفيات عند طلب الحصول على الرعاية (‪)% 19‬‬ ‫أو مع أعـوان األمــن (‪ )% 6‬و ح ّتى في الـوسط العــائـلي (‪( .)% 4‬الرسم ‪.)9‬‬

‫ الجـهـل بالقـانــون‪.‬‬‫ نقص المعلومات‪ ،‬وال ّتصورات المس ّبقة والخوف من الفيروس ومن‬‫السيـدا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫خاصة‬ ‫بتعقــد اإلجراءات اإلدار ّية‪،‬‬ ‫ المعوقات المالية واإلدارية المرتبطة‬‫عندما يتعلق األمر بالوالدة أو الوفاة أو تسوية تصريح اإلقامة‪.‬‬ ‫ الالجئون المقيمـون بمخيمات الشوشة (والية مدنين) يرفضون‬‫االندماج في تونس ويريدون المغادرة إلى البلدان األوروبية كالجئين‪ .‬وهكذا‬ ‫تبقى حالتهم الفيروسية مجـهولـة‪.‬‬ ‫ج ‪ ۰‬أرقام وإحصائيات حول الوصول إلى الرعاية الصحية‬

‫ّ‬ ‫يمثـل المتعايشون مع الفيروس أعلى نسبة من انتهاكات الوصول‬ ‫إلى الرعاية الصحية (‪ )% 44‬يليهم متعاطو‬ ‫ثم‬ ‫المخدرات بالحقن (‪ّ )% 24‬‬ ‫ّ‬ ‫المهاجرون (‪ )% 20‬وبعدهم العامالت في الجنس (‪ )% 13‬وأخيرا الرجال‬ ‫الذين يمارسون الجنس مع الرجال‪( )% 7( .‬الرسم ‪.)8‬‬ ‫الرسم ‪ : 9‬النـسـبة المئوية لمختلف االنتهاكات ضد حاملي الفيروس‬ ‫المصدر‪ :‬الجمعية التونسية لمقاومة األمراض المنقولة جنسيا والسيّدا‪.2016 ،‬‬

‫ث ‪ ۰‬شهادات المهاجرين‬

‫‪82‬‬

‫الرسم ‪ : 8‬نسب االنتهاكات ضد المصابين بالفيروس حسب شرائح طالبي الرعاية‪.‬‬ ‫المصدر‪ :‬الجمعية التونسية لمقاومة األمراض المنقولة جنسيا والسيدا‪.2016 ،‬‬

‫ عدم توفر المعلومة‪ ...« :‬جئت لتونس بقصد الدراسة في مجال‬‫السياحة والفـنـدقة‪ .‬أبلغتني المدرسة التي أخطط للتسجيل فيها أنني‬ ‫ّ‬ ‫سأخضع لفحوصات صحية بما في ذلك اختبار فيروس نقص المناعة‬ ‫البشري‪ ،‬لذلك ال أعرف كيف سيكون الحال إذا ما أظـهرت النتيـجـة أننـي‬ ‫كنت مصابا‪ .‬هل سوف يقع منعـي من اإلقامة أو حتى الدراسة هنا في‬ ‫تونس ؟ «وبحسب شهادة بعض الطلبة األجانب السابقين يبدو أنه من‬ ‫بين الكشوفات اإلجبارية للطلبة األجانب‪ ،‬الكشف عن الفيروس‪.‬‬

‫‪83‬‬


‫ التساؤل عن الحقوق الصحية‪...« :‬هل سوف ّتـ َتاح لي فرصة الحصول‬‫على العالج واالستفادة من الرعاية والعــالج؟ هل لي الحق في السرية؟ هل‬ ‫لي الحق في االحترام والكرامة ً‬ ‫أيضا؟ أجيبـوني من فضلكم»‪.‬‬ ‫ التهمة البــاطلـة‪...« :‬عندما ذهبت إلى المستشفى بد ًال عن صديق‬‫لي مصاب بالفيروس لالستفسار عن رعاية المصابين بالسيدا عانيت‬ ‫إلي أنني مصاب‬ ‫من الوصم والتمييز من قبل طاقم التمريض الذي ألمح ّ‬ ‫وا ّتـهمـوني بأنني‪ ،‬بقدومي فإنني نشرت المرض في جميع أنحاء المستشفى‪،‬‬ ‫لكن هذا بعيد عن الحقيقة»‪.‬‬ ‫ الشعـور بالخــوف‪...« :‬أنا أفريقي أسود البشرة وأنا هنا في تونس منذ‬‫ثالثة أشهر‪ .‬أعيش في والية سوسة وأقوم بتدريب قصير في معهد‬ ‫خاص‪ .‬أنا في وضع قانوني هنا في تونس لكن ليست لدي بطاقة إقامة‪ .‬منذ‬ ‫بأي مغامرة جنسية ولكن قبل ذلك‪ ،‬كنت في‬ ‫قدومي إلى تونس‪ ،‬لم أقم ّ‬ ‫بلدي مع شخص علمت بعد وصولي إلى تونس أنه مصاب بفيروس نقص‬ ‫المناعة البشري‪ .‬لذلك فأنا في خوف لعدة أسباب‪:‬‬ ‫• الخوف ألنني ال أعرف حالتي بالنظر إلى الفيروس‪.‬‬ ‫• الخوف ألنني ال أعرف ما إذا كنت سأتمكن من االستفادة من العالج‬ ‫المضاد للفيروسات هنا في تونس في حالة اإلصابة‪.‬‬

‫• الخوف من أنه في حالة اإلصابة‪ ،‬هل سيكون لي الحق في االحترام‬ ‫والكرامة‪ ،‬في سرية وضعي ؟ أم أنني أخاطر بمنعي من اإلقامة في تونس ؟‬ ‫‪ 4.3‬التجربة المعيشية للرجال الممارسين للجنس مع الرجال‬

‫السيدا بين ال ّرجال الممارسين للجنس مع الرجال‬ ‫يستمر انتشـار وباء ّ‬ ‫في غالبية البلدان‪ .‬وفي معظم المناطق الحضرية‪ ،‬يزيد معدل انتشار‬ ‫الفيروس بينهم في المتوسط ‪ 13‬مرة عنه بين عامة السكان حسب‬ ‫تقرير البرنامج األممي لليوم العالمي للسيدا ‪.((3( 2012‬‬ ‫ومن أسباب ارتفاع معـدل االنتشار هذا هو سهـولة انتقال الفيروس‬ ‫عن طريق الشـرج ولو باستعـمـال الواقي الذكري‪ .‬وهو عـمـلـيـّا أسهل من‬ ‫انتقاله عن طريق المهبل مع غـياب الواقي الذكري‪ ،‬ويشمل خطر اإلصابة‬ ‫الرجال الذين يمارسون الجنس الشرجي السلبي من غـيـر أن يستعمل‬ ‫تعدد ّ‬ ‫الشركاء‬ ‫الطرف المقابل الواقي الذكري‪ .‬ويزداد هذا الخطر مع‬ ‫ّ‬ ‫(‪((4( ((4( ((3‬‬ ‫الجنسيين الذكور ومع تعاطي المخدرات المحقونة‬ ‫‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تشكل ال ّتشريعات التمييز ّية والوصم (بما في ذلك الذي يقوم به‬ ‫ضد الرجال الممارسين للجنس مع الرجال في‬ ‫العاملون الصحيون) والعنف ّ‬ ‫العديد من البلدان‪ ،‬عـقـبـة رئيسية أمام انتفاع هؤالء بالخدمات المتعلقة‬ ‫ّ‬ ‫المتوفـرة‪ .‬مع‬ ‫ويحد من انتـفـاعـهم بالخدمات‬ ‫بمقاومة وعالج الفيروس‬ ‫ّ‬ ‫اإلشارة إلى أن العديد من البلدان تج ّرم العالقات الجنسية مع شركاء من‬ ‫نفس الجنس (الذكور واإلناث)‪.‬‬ ‫اعتبا ًرا من ديسمبر ‪ ،2011‬تم تجريم الممارسات الجنسية المثلية‬ ‫في ‪ 38‬من أصل ‪ 53‬دولة أفريقية(‪ ((4‬أما في األمريكـيـتـ ْيـن وآسيا وأفريقيا‬ ‫والشرق األوسط‪ ،‬فهناك ‪ 83‬دولة لديها قوانين تحظر ممارسة الجنس‬ ‫‪World AIDS Day Report 2012. Geneva, Joint United Nations Program on HIV/AIDS, 2012.‬‬ ‫‪www.unaids.org/en/media/unaids/contentassets/documents/epidemiology/2012/gr2012/‬‬ ‫‪jc2434_worldaidsday_Résultats_en.pdf‬‬

‫‪38‬‬

‫‪Beyrer C, et al. Global epidemiology of HIV Infection in men having sex with men. Lancet.‬‬ ‫‪2012;380(9839): 367-77.‬‬

‫‪39‬‬

‫‪Hladik F Mc Elrath MJ.Setting the stage: host invasion by HIV.NatureReviews‬‬ ‫‪Immunology.2008; 8(6):447-57.‬‬

‫‪40‬‬

‫‪Royce RA, et al. Sexual transmission of HIV. New England Journal of Medicine.‬‬ ‫‪1997;336:1072-8.‬‬

‫‪41‬‬

‫‪84‬‬

‫الصورة ‪ : 1‬الوصول إلى الرعاية الصحية للمهاجرين المصابين بالفيروس بين الواقع واآلفاق‬ ‫المصدر‪ :‬الجمعية التونسية لمقاومة األمراض المنقولة جنسيا والسيدا‬

‫‪Johnson CA. Off the map: How HIV/AIDS programming is failing same-sex practicing‬‬ ‫‪people in Africa. Canadian Journal of African Studies. Vol. 43, No. 1, New Perspectives on‬‬ ‫‪Sexualities in Africa, pp. 195-198.‬‬

‫‪42‬‬

‫‪85‬‬


‫بين الرجال(‪ .((4‬كما يختلف نطاق العقوبات القانونية وتدابير إنفاذ القانون‬ ‫الجنائي من بلد إلى آخر(‪.((4‬‬ ‫في تونس‪ ،‬وكما في جميع البلدان العربية واإلسالمية‪ ،‬ال يزال السلوك‬ ‫الجنسي غير مستكشف نسب ًيا ويرتبط هذا أساسا باالعتبارات الدينية‬ ‫واالجتماعية والثقافية‪ .‬حسب مقال لألستاذ فخر الدين ّ‬ ‫حفـاني(‪ ،((4‬فإن‬ ‫المدرسة تمثل ‪ % 1.1‬فقط من مصادر المعلومات الجنسية‪ ،‬مقابل ‪% 2‬‬ ‫للوالدين و‪ % 14.1‬لوسائل اإلعالم و‪ % 82.8‬لألصدقاء‪.‬‬ ‫في المدرسة الثانوية‪ ،‬يتم تدريس التكاثر فقط (وهو جزء صغير من‬ ‫النشاط الجنسي) عندما يكون طالب المدرسة الثانوية قد عاش بالفعل‬ ‫ً‬ ‫وفقا لنفس الدراسة‪ ،‬فإن المثلية الجنسية هي‬ ‫أو يمر بمرحلة البلوغ‪.‬‬ ‫الممارسة الجنسية األقل تق ّبال من المجتمع (‪ % 81.6‬في المناطق‬ ‫الحضرية مقابل ‪ % 66.3‬في المناطق الريفية)‪ .‬وهكذا‪ ،‬لم يكن النفتاح‬ ‫المجتمع التونسي أي تأثير على مفهومه للمثلية الجنسية‪ ،‬وظلت هذه‬ ‫ً‬ ‫راسخا في أذهان الصغار والكبار في تونس‪ .‬هذه الحواجز‬ ‫الممارسة ُرهابا‬ ‫تعرقل تطبيق وفعالية برامج الوقاية‪.‬‬ ‫‪ 5.3‬التجربة المعيشية للمشتغـالت في الجنـس‬

‫المشتغالت في الجنس هن األكثر عرضة لخطر اإلصابة بالـفـيـروس‬ ‫تعدد الشركاء الجنسيـيـن‪ ،‬واالستعمال غير المنـتظم للواقي‬ ‫بسبب‬ ‫ّ‬ ‫الذكري‪ ،‬نتيجة الرفض أو اإلكراه من طرف الزبائن‪ .‬تُعتبر النصوص القانونية‬ ‫والوصم والتمييز والعنف عوائـق هـامة أمام تقديم الخدمات الصحية في‬

‫(‪((4( ((4( ((4( ((4‬‬

‫المجال (انظر المراجع‬

‫‪ 6.3‬تجارب الفئة األكثر للمخاطر من الشباب‬

‫قد تواجه فئة الشباب (المراهقين) الوصم والتمييز والعنف أكثر مما‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫وخوفا من مواجهة التمييز‬ ‫السكانية‪ .‬لذلك‬ ‫السن في الفئات‬ ‫يواجهه كبار‬ ‫ّ‬ ‫و‪/‬أو العواقب القانونية المحتملة‪ ،‬يتردد العديد من الشباب المعرضين‬ ‫لخطر اإلصابة بالسيدا في تلقي خدمات التشخيص والعالج‪ .‬ونتيجة لذلك‬ ‫تم محوها في العديد من برامج التدخل الصحي األساسية‪ ،‬مما يديم‬ ‫ّ‬ ‫(‪((5( ((5‬‬ ‫استبعادها‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ 7.3‬الفـيـروس في حـاالت استثنائية‬ ‫‪ 1.7.3‬تأثير وباء الكورونا على رعاية األشخاص المعرضين لخطر اإلصابة‬ ‫بالفيروس والمصابين به فعال‬

‫لقد غزا وباء الكوفـيـد ‪ ،19 -‬الذي اندلع في الصين في أواخر ‪ 2019‬تدريجي ًا‬ ‫جميع القارات ومعظم بلدان العالم‪ .‬ظهرت أول إصابة بهذا الفيروس في‬ ‫تونس يوم ‪ 2‬مارس ‪ 2020‬في مدينة قفصة‪ ،‬بعد نحو أربعة أشهر من‬ ‫ظهور أولى حاالت العدوى في إقليم «ووهان» بالصين‪.‬‬ ‫جدا‪ ،‬في منتصف مارس‪،‬‬ ‫اتخذت السلطات التونسية‪ ،‬في وقت مبكر ً‬ ‫اإلجراءات الالزمة الحتواء الوباء‪ :‬تدابير التباعد الجسدي‪ ،‬وحظر التجول‪،‬‬ ‫والعزل التام‪ ،‬وعزل األشخاص القادمين من الخارج‪ .‬وقد ّ‬ ‫مكن ذلك من‬ ‫‪Baral S, et al. Burden of HIV among female sex workers in low-income and middle-income‬‬ ‫‪countries: A systematic review and meta-analysis. Lancet Infectious Diseases. 2012;12:538‬‬‫‪49‬‬

‫‪46‬‬

‫‪Bayer AM, et al. “Just getting by”: A cross-sectional study of male sex workers as a key‬‬ ‫‪population for HIV/STIs among men having sex with men in Peru. Sexually Transmitted‬‬ ‫‪Infections. 2014;90(3):223-9.‬‬

‫‪47‬‬

‫‪Platt L, et al. Factors mediating HIV risk among female sex workers in Europe: A systematic‬‬ ‫‪review and ecological analysis. BMJ Open. 2013;3(7).‬‬

‫‪48‬‬

‫‪Tran BX, et al. HIV Infection, Risk Factors, and Preventive Services Utilization among‬‬ ‫‪Female Sex Workers in the Mekong Delta Region of Vietnam. PLoS One. 2014;9(1):e86267.‬‬

‫‪49‬‬

‫‪Leblanc D. 79 pays avec des lois anti-homosexuelles. Erasing 76 CRIMES. Publié le 17‬‬ ‫‪Avril 2014, mis-à-jour le 19 octobre, 2014. https://76crimesfr.com/2014/10/19/79-pays-avec‬‬‫‪des-lois-anti-homosexuelles/‬‬

‫‪43‬‬

‫‪Poteat T, et al. HIV risk among MSM in Senegal: a qualitative rapid assessment of the‬‬ ‫‪impact of enforcing laws that criminalize same sex practices. PLoS One. 2011;6(12).‬‬

‫‪44‬‬

‫‪86‬‬

‫‪Haffani F. La sexualité des hommes Tunisiens. 2005.‬‬ ‫‪http://haffani.blogspot.com/2005/07/la-sexualite-des-hommes-tunisiens.html‬‬

‫‪45‬‬

‫‪HIV and adolescents. Guidance for HIV testing and counseling and care for adolescents‬‬ ‫‪living with HIV: recommendations for a public health approach and considerations for‬‬ ‫‪policymakers and managers. Geneva, World Health Organization, 2013. http://www.who.int/‬‬ ‫‪iris/bitstream/10665/94334/1/9789241506168_eng.pdf‬‬

‫‪50‬‬

‫‪Organisation mondiale de la Santé. Lignes directrices unifiées sur la prévention, le‬‬ ‫‪diagnostic, le traitement et les soins du VIH pour les populations clés. Bureau régional de‬‬ ‫‪l’OMS pour l’Afrique, Genève. 2016‬‬

‫‪51‬‬

‫‪87‬‬


‫إبقاء الوباء تحت السيطرة نسب ًيا وكان من المقرر التخفيف التدريجي لهذه‬ ‫اإلجراءات في أوائل ماي من نفس العام‪.‬‬ ‫كان الدافع الرئيسي لخطط مكافحة كوفيد ‪ 19 -‬هو تجنب تشبع‬ ‫الخدمات الصحية‪ ،‬لضمان استدامتها وحمايتها من االنهيار الكارثي(‪.((5‬‬ ‫ولكن هذه اإلجراءات كانت سببا في محدودية الوصول إلى رعاية المصابين‬ ‫باألمراض المزمنـة والحاملين للفيروس‪.‬‬ ‫قــدر برنامج األمم المتحدة اإلنمائي في تونس‪ ،‬في تقريره الصادر في‬ ‫ّ‬ ‫(‪((5‬‬ ‫جوان ‪2020‬‬ ‫األثر االقتصادي لـجائحة كوفيد ‪ 19 -‬في تونس‪ .‬فعلى‬ ‫غرار ما حدث في العديد من البلدان‪ ،‬تحول وباء كوفيد ‪ 19 -‬في تونس‬ ‫إلى أزمة اقتصادية واجتماعية ذات مخ ّلـفات ثقيلة‪ ،‬خاصة على العائـالت‬ ‫الضعيفة والمؤسسات الصغرى والصغيرة جدا‪ .‬لقد ترافقت هذه الجائحة‬ ‫في جميع أنحاء العالم‪ ،‬مع تفاقم البطالة وانخفاض األجور في الوظائف‬ ‫غير المستقرة وفقدان الوظائف‪ .‬ووقع تقـدير تصاعد البطالة في العالم‬ ‫من ‪ 5.3‬إلى ‪ 24.7‬مليون حسب التـأثيرات الناجمة عن الجائحة واعتمادا‬ ‫على سيناريوهات مختلفة‪ .‬وبالنسبة لدولة نامية مثل تونس من الضروري‬ ‫أخذ العمل غير الرسمي في االعتبار عند تحليل آثار وباء كوفيد ‪ 19 -‬على‬ ‫الفقر المالي والمتعدد األبعاد‪ .‬وبالفعل‪ ،‬فإن الوباء أحدث انهـيـارا في عروض‬ ‫التشغـيل وبالتالي في انخفاض كبير لمصادر الدخل وعدد ساعات العمل‬ ‫مما أدى إلى زيادة في عدد العاملين في القطاع غير الرسمي‪.‬‬ ‫كما يجب إيالء اهتمام خاص للعمال المهاجرين وطالبي اللجوء‬ ‫والذين يشتغلون بأجور يومية في القطاع غير الرسمي مثل البناء‬ ‫ـم يتأثرون بشكل‬ ‫ـه ْ‬ ‫والسياحة والزراعة أو في مجال الخدمات المنزلية‪َ ،‬ف ُ‬ ‫غير متناسب بإجراءات العـزل‪.‬‬ ‫في الواقع‪ ،‬فإن األطراف األكثر تضر ًرا من كوفيد ‪ 19 -‬هم العمال‬ ‫والعاطلون عن العمل وغيرهم من غير الناشطيـن الذين يعانون من‬ ‫تدهور أكبر في دخلهم مقارنة بفئات أخرى‪ .‬إن النساء العامالت في الزراعة‬ ‫هن من يعانين من اآلثار السلبية في‬ ‫وغيرهن والعاطالت عن العمل ّ‬ ‫المقام األول‪ .‬أما بالنسبة للرجال‪ ،‬فيجب إضافة فئة أخرى غير ناشطة‬ ‫إلى هاتين الفئتين وهم السكان المعرضون لخطر اإلصابة من بين هذه‬ ‫‪Ben Abdelaziz A, et al. Counter-Covid-19 pandemic strategy in the Maghreb Central.‬‬ ‫‪Qualitative study of the perceptions of health professionals. Tunis Med. 2020; 98(4): 266-82‬‬

‫‪52‬‬

‫‪Programme des Nations Unies pour le Développement en Tunisie. Impact économique du‬‬ ‫‪Covid-19 en Tunisie. Analyse en termes de vulnérabilité des ménages et des micros et très‬‬ ‫‪petites entreprises. Tunis. 2020‬‬

‫‪53‬‬

‫‪88‬‬

‫األطراف المتأثرة بـكوفيد ‪.19 -‬‬ ‫لقد ّأثرت جائحة كوفيد ‪ 19 -‬في تونس على االستجابة لفيروس نقص‬ ‫ّ‬ ‫وتوفـر األدوية المضادة‬ ‫المناعة البشري من حيث الوصول إلى الرعاية‪،‬‬ ‫للفيروس التي شهدت في بعض األحيان انقطاعا مرتبطا بمخابر الصنع‬ ‫األجنبية وهذا ما سيؤثـر في المستقبل على زيادة عدد اإلصابات الجديدة‬ ‫بفيروس السيدا‪ ،‬ووقف العالج من قبل المستعملين له‪ ،‬وتطوير المقاومة‬ ‫لمضادات الفيروس السيدا‪ .‬وللتخفيف من هذا األثر ولضمان االمتثال‬ ‫لرعاية المصابين بفيروس نقص المناعة البشري‪ ،‬فقد ّ‬ ‫تكفلت الجمعية‬ ‫الوطنية لالجئين وبعض المنظمات غير الحكومية بتوزيع األدوية على‬ ‫المصابين بالسيدا خالل فترة الحجر العام في تونس‪.‬‬ ‫أما على الصعيد الدولي‪ ،‬فقد تمت التوصية بمبادرات معينة في سياق‬ ‫ّ‬ ‫وباء كوفيد ‪ .19 -‬ففي فرنسا ومن أجل ضمان الرعاية لألشخاص‬ ‫المعرضين لخطر اإلصابة بالسيدا واألمراض المنقولة جنسيا‪ ،‬قامت‬ ‫الهيئة الفرنسية العليا للصحة(‪ .((5‬باالستجابة السريعة بعد رفع الحجر‬ ‫الصحي ونشرت بروتوكول التدابير الالزم تطبيقها‬ ‫ودور مراكز التثقيف والتشخيص والكشف المجاني مثل‪:‬‬ ‫ الحفاظ على الكشف المنتظم لفيروس نقص المناعة البشري‪،‬‬‫والتهاب الكبد الفيروسي «ب» و «ج»‪ ،‬واألمراض المنقولة جنسيا لألشخاص‬ ‫المع ّرضين لخطر السيدا (من لهم عدد كبير من الشركاء الجنسيين‬ ‫والعاملون في الجنس والمهاجرون واألشخاص الذين هـم في أوضاع غير‬ ‫مستقرة ‪.)...‬‬ ‫ التأكد من إجراء هذا الفحص مرة عند الخروج من فترة الحجر إذا لم‬‫يتم إجراءه خالل فترة الحجر‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ الحفاظ على خدمات الرعاية في إطار فحص وعالج األمراض المنقولة‬‫جنسيا‪.‬‬ ‫‪ 2.7.3‬العنف الجنسي وفيروس نقص المناعة البشري وال ّنزاعات المس ّلحة‬

‫يُع ّرف «العنف الجنسي» على أنه‪ « :‬العنف الجسدي أو المعنوي الذي‬ ‫ُيرتكب بالوسائل الجنسية أو بالّسعي وراء االتصال الجنسي‪ .‬ويغطي‬ ‫‪Haute Autorité de Santé. Réponses rapides dans le cadre du Covid-19. Continuité du suivi‬‬ ‫‪des personnes vivant avec le VIH et de l’offre de soins en santé sexuelle dans la levée de‬‬ ‫‪confinement. Mise à jour. juin 2020.‬‬

‫‪54‬‬

‫‪89‬‬


‫كال من االعتداءات الجسدية والنفسية الموجهة ضد الخصائص‬ ‫الجنسية ألي شخص »(‪ .((5‬يجب أن نضيف إلى أرقام حاالت االغتصاب‬ ‫حاالت «العبودية الجنسية والدعارة والحمل غير المرغوب فيه والتعقيم‬ ‫النهائي أو أي شكل آخر من أشكال العنف الجنسي على نفس الدرجة من‬ ‫الخطورة‪ ،‬المرتكب ضد النساء أو الرجال أو األطفال « وترى اللجنة الدولية‬ ‫للصليب األحمر ً‬ ‫أيضا أنه من الضروري أن نضيف إلى هذه القائمة الطويلة »‬ ‫ّ‬ ‫المخل باآلداب واالتجار‬ ‫األمومة القسرية والتعقيم النهائي والسلوك‬ ‫بالبشر والفحوصات الطبية القسرية للمشردين والتفتيش الجسدي مع‬ ‫خلع المالبس»(‪.((5‬‬ ‫وفي الواقع‪ ،‬ال يعتبر العنف الجنسي بأي حال من األحوال ظاهرة جديدة‬ ‫في النزاعات المسلحة إذ يبدو أن تاريخ هذا العنف يعود إلى تاريخ الحروب‬ ‫سـ ْب ُي النساء كغنـائم حرب(‪.((5‬‬ ‫حيث كان يتم َ‬ ‫كان ينظر إلى االعتداءات الجنسية واالغتصاب على أنها حتمية القدر‪.‬‬ ‫لكنها في الواقع تدخل ضمن السياق الفوضوي للنزاع المسلح‪ .‬وبنفس‬ ‫الطريقة التي يغزو بها أحد األباطرة أراضي الغيـر لالستيالء على ثرواته‪ ،‬فإن‬ ‫محاربيه في تواصل سيطرة القوي‪ ،‬يعتقلون المرأة باعتبارها غنيمة حرب‬ ‫يمكنهم التصرف فيها بكل حرية(‪.((5‬‬ ‫أفادت منظمة العفو الدولية أن ‪ 200.000‬امرأة في بنغالديش كن‬ ‫ضحايا «االغتصاب الممنهج» خالل الحرب األهلية عام ‪.((5( 1971‬‬ ‫• كما أفاد البرنامج األممي للتواصل حول اإلبادة الجماعية في رواندا‬ ‫أنه منذ عام ‪ 1989‬تم اغتصاب حوالي ‪ 40.000‬امرأة في ليبيريا‪ ،‬و‪60.000‬‬ ‫‪Dubuy M. Le viol et les autres crimes de violences sexuelles à l’encontre des femmes dans‬‬ ‫‪les conflits armés. dans Biad A. et Tavernier P. dir. Le droit international humanitaire face aux‬‬ ‫‪défis du XXIe siècle, ed. Bruylant, collection Credho, Université de Paris-Sud et Rouen, 2012,‬‬ ‫‪p. 185-186‬‬

‫في سيراليون‪ ،‬و‪ 100.000‬إلى ‪ 250.000‬في ثالثة أشهر فقط في رواندا‪،‬‬ ‫و‪ 60.000‬في يوغوسالفيا السابقة وما ال يقل عن ‪ 200.000‬في جمهورية‬ ‫ــد َر في الكونغو الديمقراطية في عام‬ ‫الكونغو الديمقراطية(‪ .((6‬حيث ُق ِّ‬ ‫‪ 2004‬أن «ثمانية إلى عشرة أشخاص يتعرضون لالغتصاب كل يوم في‬ ‫منطقة إيتوري وحدها(‪.((6‬‬ ‫للعنف الجنسي في النزاعات المسلحة عواقب صح ّية مدمرة على‬ ‫المدى القصير والطويل‪ .‬إن مخاطر العقم والصدمات النفسية الدائمة‬ ‫مرتفـع‪ ،‬كما أن اإلصابة باألمراض المنقولة جنسي ًا مرتفعة بشكل خطير‪.‬‬ ‫« ‪...‬يحصل الضحايا بشكل ما على عقوبة مزدوجة‪ :‬االعتداء مع العواقب‬ ‫الناتجة عنه‪.((6(» ...‬‬ ‫لقد تم إقصاء بعض النساء والفتيات من بعض المجموعات السكانية‬ ‫خوفا من انتقال العدوى إلى بقية المتساكنين‪ ،‬خاصة بفيروس نقص‬ ‫المناعة البشري‪ .‬وهذا األخير هو بالفعل أكمل مثال على العواقب الصحية‬ ‫لهذا العنف(‪.((6‬‬ ‫أثناء اإلبادة الجماعية في روندا تع ّرضت ‪ ٪ 66.7‬من النساء لالغتصاب‪.‬‬ ‫وهو ما يفسر كثرة المصابين بالسيدا من الرونديين(‪ .((6‬حتى في غياب‬ ‫ً‬ ‫تم استخدام فيروس‬ ‫ـعـ َتقد‬ ‫وفقا لبعض الخبراء أنه قد ّ‬ ‫الدالئل فإنه يُ ْ‬ ‫نقص المناعة البشري في بعض األحيان بشكل طوعي كسالح بيولوجي‬ ‫ونفسي ضد السكان(‪.((6‬‬

‫‪55‬‬

‫‪Lindsey-Curtet C, Tercier Holst-Roness F, Anderson L. Répondre aux besoins des femmes affectées‬‬ ‫‪par les conflits armés: Un guide pratique du CICR. CICR, 11.2004, p. 29.‬‬

‫‪56‬‬

‫‪Ayat M. Quelques apports des Tribunaux pénaux internationaux, ad hoc et notamment le‬‬ ‫‪TPIR, à la lutte contre les violences sexuelles subies par les femmes durant les génocides et‬‬ ‫‪les conflits armés. International Criminal Law Review, 10, 2010, Leiden, p. 789.‬‬

‫‪57‬‬

‫‪Dubuy M. Le viol et les autres crimes de violences sexuelles à l’encontre des femmes dans‬‬ ‫‪les conflits armés. dans Biad A. et Tavernier P. dir. Le droit international humanitaire face aux‬‬ ‫‪défis du XXIe siècle, ed. Bruylant, collection Credho, Université de Paris-Sud et Rouen, 2012,‬‬ ‫‪p. 207.‬‬

‫‪58‬‬

‫‪90‬‬

‫‪Les crimes commis contre les femmes lors des conflits armés. Amnesty International. Nov.‬‬ ‫‪2004, p. 28.‬‬

‫‪59‬‬

‫‪La violence sexuelle : un outil de guerre. Programme de communication sur le Génocide au‬‬ ‫‪Rwanda et les Nations Unies, Nations Unies, mise à jour en Mars 2014‬‬

‫‪60‬‬

‫‪Kippenberg J. En quête de justice : Poursuivre les auteurs des violences sexuelles‬‬ ‫‪commises pendant la guerre au Congo. Human Rights Watch, Rapport. 2005;17(1):10‬‬

‫‪61‬‬

‫‪Violences sexuelles dans les conflits armés : questions et réponses. CICR, 10.11.2013.‬‬

‫‪62‬‬

‫‪La République Démocratique du Congo. La guerre dans la guerre : violence sexuelle contre‬‬ ‫‪les femmes et les filles dans l’est du Congo. Human Rights Watch. Juin 2002.‬‬

‫‪63‬‬

‫‪Josse E. Violences sexuelles et conflits armés en Afrique. Résilience PSY. www.resilience‬‬‫‪psy.com/spip.php?article107‬‬

‫‪64‬‬

‫‪Milleliri J-M. Le sida transforme le paysage des conflits armés en Afrique. Revue critique de‬‬ ‫‪l’actualité scientifique internationale sur le VIH et les virus des hépatites, Institut de médecine‬‬ ‫‪tropicale, Service de santé des armées (Marseille), n°110, 09.2003‬‬

‫‪65‬‬

‫‪91‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪1‬‬

‫الـرابـع‬ ‫الفـصــل ّ‬

‫تعزيز وحماية حقوق اإلنسان المتع ّلقة‬ ‫بفيروس نقص المناعة البشري‬ ‫وال ّنـوع االجتماعي‬


‫الفصل الرابع‬

‫فعـالة‬ ‫وباء السيدا‪ .‬هذه االستجابة تستوجب التقييم باستخدام مؤشرات ّ‬ ‫للحد من الوصم والتمييز‪.‬‬ ‫‪ 1.4‬إجــراءات الوقــايـة‬

‫يمكن تقسيم اإلجراءات المتخذة للتصدي للوصم والتمييز المرتبطين‬ ‫بفيروس نقص المناعة البشري إلى ثالث مقاربات أساسيــة‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ارتباطا‬ ‫بما أن الوصم والتمييز وانتهاكات حقوق اإلنسان مرتبطة‬ ‫ً‬ ‫وثيقا‪ ،‬وأن األشخاص المصابون بالفيروس يعانون من الوصم والتمييز‬ ‫في سياقات مختلفة‪ ،‬وجب اتخاذ مبادرات متعددة األوجه في وقت واحد‬ ‫وصيانتها بمرور الوقت من أجل خلق بيئة ال يتم فيها التسامح مع الوصم‬ ‫والتمييز وانتهاك حقوق اإلنسان‪ .‬لذلك يجب تنفيذ البرامج التي تعالج‬ ‫الوصم على مستوى المجتمع المحلي والمجتمعي الشامل‪ .‬كما ينبغي أن‬ ‫تعمل البرامج خالل المراحل األولى وأن تتصدى للوصم قبل أن يتفاقم أو‬ ‫يـتحول إلى أفعال تمييزية بارزة للعيان‪ ،‬بد ًال من التعامل معها بعد أن تصبح‬ ‫ـعـاشة في الواقع‪ .‬باإلضافة إلى ذلك‪ ،‬هناك حاجة لوضع وتطبيق‬ ‫ظاهرة ُم َ‬ ‫قوانين وسياسات لحماية المتعايشين مع الفيروس من التمييز حتى‬ ‫يتمكنوا من ممارسة حقوقهم‪.‬‬ ‫القـ َيــم االجتماعية‬ ‫ـعـد اإلصالح القانوني والسياسي‬ ‫يُ ّ‬ ‫مهما لتغيير ِ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫السائدة ووضع معاييــر مع ّيـنة من المحتمل أن تضعف الوصم والتمييز‬ ‫في المجتمعات والمؤسسات‪ .‬إن اإلصالح القانوني والسياسي الذي يحمي‬ ‫ً‬ ‫حقوق اإلنسان ّ‬ ‫مالئما لتطوير وتنفيذ برامج فعالة‬ ‫سيـاقـا‬ ‫يوفـر في حد ذاته‬ ‫ً‬ ‫للوقاية من الفيروس ولتوفير الرعاية الصحية لمرضى السيدا بشكل‬ ‫عام وعند غياب التمييز‪ ،‬يمكن لألفراد والمجتمعات تعبئة مواردهم‬ ‫للتصـدي لوباء السيدا‪.‬‬ ‫واالستجابة بشكل جماعي وإيجابي‬ ‫ّ‬ ‫وهكذا‪ ،‬يجب اتخاذ إجراءات لتعزيز وحماية حقوق اإلنسان المتعلقة‬ ‫بالسيدا والتي تهدف إلى إحداث تغيير على مستوى المجتمع والخدمات‬ ‫للحد من المواقف السلبية من رفض للعالج وتمييز ضد المصابين‬ ‫واألشـخـاص المعرضين لخطر اإلصابة واالقتراب من هدف « صفر إصابات‬ ‫جديدة » و« صفر تمييز » و« صفر وفيات مرتبطة بالسيدا » في تونس‪.‬‬ ‫‪94‬‬

‫والمطلوب على أرض الواقع تنفيذ استجابة فعالة من خالل الحد من‬ ‫التمييز وتعزيز حقوق اإلنسان وحمايتها ونشرها للتخفيض من انتشار‬

‫‪ 1.1.4‬إجــراءات للحد من الوصم‬

‫هذه التدابير موجهة نحو التجمعات السكانية وتتمثل في مجموعة‬ ‫من أنشطة الوقاية والرعاية إضافة إلى إجراءات تثقيفية تدعـو إلى زيادة‬ ‫التسامح تجاه المصابين وفهم أوسـع للظروف التي يعيشون فيها‪.‬‬ ‫يمكن أن تتضمن استراتيجيات تقليل الوصم ما يلي‪:‬‬ ‫ تحسين نوعية حياة المصابين بالفيروس من خالل الرعاية المتكاملة‬‫بما في ذلك الرعاية داخل محل السكنى‪.‬‬ ‫األئـمـة وعلماء الدين لتعزيز االحترام والتعاطف مع المصابين‪.‬‬ ‫ حشد‬‫ّ‬ ‫ معالجة التفاوت في معناه الواسع من خالل التعليم التشاركي‪.‬‬‫ خلق مساحات مناسبة تضمن الحديث عن مواضيع حساسة في‬‫كنف الس ّرية‪.‬‬ ‫ توفير العالج الشامل للسيدا‪ ،‬بما في ذلك العالج الثالثي المضاد‬‫للفيروس‪.‬‬ ‫ تمكين المصابين من تولي مسؤولية مختلف أنشطة الدعم والدفاع‬‫عن قضاياهم‪.‬‬ ‫ حشد قادة المجتمع لتشجيع االنفتاح على القضايا المتعلقة بالجنس‬‫والفيروس في التجمعات السكانية واالستفادة من المعايير االجتماعية‬ ‫اإليجابية السائدة في المجتمع‪.‬‬ ‫ زيادة الوعي العام من خالل وسائل اإلعالم‪.‬‬‫‪ 2.1.4‬إجــراءات ضد التمييز‪:‬‬

‫والمؤسسات‪،‬‬ ‫تم وضع تدابير مناهضة للتمييز في األوساط العمالية‬ ‫ّ‬ ‫وال سيما في مكان الشغل أو في المؤسسات الصحية‪ ،‬وتهدف إلى «إزالة‬

‫‪95‬‬


‫الطابع المؤسسي» من الوصم والتمييز‪ .‬يمكن أن تشمل هذه اإلجــراءات‬ ‫ما يلي‪:‬‬ ‫ تعبئة القطاع الصحي الخاص لتطبيق سياسات مناهضة للتم ّييز‪.‬‬‫ تعزيز اكتساب المعرفة بشأن الفيروس ومرض السيدا من خالل‬‫تدريب المديرين والموظفين‪.‬‬ ‫ تحسين نوعية حياة الموظفين المصابين من خالل تزويدهم‬‫بإمكانية الوصول إلى الرعاية المتكاملة وتطبيق سياسات مناهضة‬ ‫للتمييز في مكان العمل‪.‬‬ ‫ ضمان معالجة حاالت ثبوت التمييز‪.‬‬‫ تحسين جودة الرعاية المقدمة للمصابين من خالل العمل بطريقة‬‫تشاركية مع المسؤولين عن الرعاية الصحية والذين يقدمونها‪.‬‬ ‫‪ 3.1.4‬اإلجــراءات القانونية القائمة على حقوق اإلنسان‬

‫‪ 1.2.4‬في السياق المجتـمعي‬

‫يمكن تلخيص هذه المؤشرات فيما يلي‪:‬‬ ‫ زيادة استعداد األقارب وأفراد المجتمع لرعاية المصابين بالفيروس‪.‬‬‫ تحسين الرعاية من أجل نوعية حياة أفضل للمصابين‪.‬‬‫ زيادة استعداد أفراد المجتمع للمشاركة في برامج الوقاية من‬‫الفيروس‪.‬‬ ‫ زيادة عدد المتعايشين مع الفيروس الذين ال يـ َر ْون مانعا في ال ّتصريح‬‫بإصابتهم بالفيروس ودعم مشاركتهم القيادية في مجاالت الوقاية‬ ‫والرعاية والدفاع عن القضية‪.‬‬ ‫ انخفاض الوصم الذاتي وزيادة احترام الذات بين المصابين والفئات‬‫السكانية األكثر عرضة لإلصابة‪.‬‬ ‫ التعبيـر بانفتاح أكبر عن السلوكيات اإليجابية في المجتمعات تجاه‬‫المصابين والمتأثرين بالفيروس والفئات السكانية األكثر عرضة لإلصابة‪.‬‬

‫أهم هذه المقاربات القـائمة على حقوق اإلنسـان نذكر‪:‬‬ ‫من ّ‬ ‫ اتخاذ وتطبيق إجراءات قانونية لمناهضة التمييز وغيره من انتهاكات‬‫حقوق اإلنسان في مختلف سياقاتها‪.‬‬ ‫ تنظيم حمالت توعية لحقوق اإلنسان‪ ،‬وال سيما تعزيز فهم هذه‬‫الحقوق بين المصابين بالـفـيـروس‪.‬‬ ‫‪ 2.4‬مؤشرات العمل الجيد للحد من الوصم والتمييز‪:‬‬

‫من الواضح أن اآلثار اإليجابية للبرامج التي تهدف إلى مناهضة الوصم‬ ‫والتمييز وتعزيز حقوق اإلنسان تستغرق وق ًتا من الزمـن حتى تتحقق‪،‬‬ ‫ويمكن للعديد من العوامل أن تؤثر على النتيجة النهائية‪ .‬ومع ذلك فإنـه‬ ‫من بين مختلف المشاريع والبرامج واألنشطة‪ ،‬غال ًبا ما يتم مالحظة بعض‬ ‫التأثيرات ويمكن أن تكون بمثابة مؤشرات ج ّيـدة على وجود عالقة بين‬ ‫أنشطة البرامج ونتائجها(‪.((6‬‬

‫‪Brown L, Trujillo L, Macintyre K. (2001) Interventions to reduce HIV/AIDS stigma: what have‬‬ ‫‪we learned? Population Council: Horizons Project. www.popcouncil.org/horizons/reports/‬‬ ‫‪book_report/default.html.‬‬

‫‪ 2.2.4‬في المرافــق الصح ّية‬

‫يمكن أن تتمثل مؤشرات النجاح في‪:‬‬ ‫ زيادة االهتمام باإلرشاد والتـقـصي المـخـبـري للفيروس‪.‬‬‫ توسيع الوصول إلى العالج وقبوله بشكل أفضل‪.‬‬‫ تقليل عدد الشكاوى المتعلقة بالتمييز من المصابين وأسرهم‪.‬‬‫ تحسين نوع ّية ال ّرعاية المقدمة للمصابين بما يؤ ّدي إلى نوع ّية حياة‬‫أفضل‪.‬‬ ‫ دعوة المهنيين الصحيين للتعامل مع المصابين والفئات السكانية‬‫األكثر عرضة لإلصابة بطريقة بناءة‪.‬‬ ‫ موقف أكثر إيجابية من جانب المهنيين تجاه المصابين والفئات‬‫ّ‬ ‫المؤسسات غير الصحـ ّيـة‪.‬‬ ‫السكانية األكثر عرضة لإلصابة في‬ ‫ّ‬

‫‪66‬‬

‫‪96‬‬

‫‪97‬‬


‫‪ 3.2.4‬في مجال الشغل وفي مق ّرات العمل‬

‫ّ‬ ‫تتـلخـص مؤشرات النجاح في‪:‬‬ ‫يمكن أن‬ ‫ انخفاض عدد الشكاوى المتعلقة بال ّتمييز‪.‬‬‫ زيادة عدد األشخاص المشاركين طوعا في برامج خصوصيـة‬‫للفيروس في مق ّرات العمل‪.‬‬ ‫الصراحة فيما يتع ّلق بالحالة الوبائية للموظفين‪.‬‬ ‫ مزيد من ّ‬‫ زيادة استعداد الموظفين للعمل جنب ًا إلى جنب مع زمالئهم‬‫المصابين‪.‬‬ ‫ زيادة االهتمام باإلرشاد والفحص الطوعـ ّيـ ْيـن‪.‬‬‫المقدمة في مق ّر العمل‪.‬‬ ‫ مزيد االهتمام بخدمات العالج‬‫ّ‬ ‫ سياسات وممارسات في مكان العمل قابلة للفيـروس‬‫ومتسامحة تجاهـه‪ ،‬على سبيل المثال‪ ،‬تطبيق ترتيبات تسهـيـليـّة‬ ‫معقولة للعمال المصابين بما يتماشى وقدراتهم البدنية والنفسية‪.‬‬

‫‪98‬‬

‫‪99‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪1‬‬

‫ببليـــوجــــرافيا‬


13. Promotion santé Valais. www.gesundheitsfoerderungwallis.ch/fr/ femmes-sont-elles-plus-exposees-risque-infection-24.html

‫ببليوجرافيا‬

14. Organisation mondiale de la Santé, Programme commun des Nations Unies sur le VIH/SIDA. Directives pour la surveillance de deuxième génération du VIH. 2000. https://apps.who.int/iris/bitstream/handle/10665/66483/WHO_CDS_CSR_EDC_2000.5_fre.pdf?sequence=1 15. Dispositif National d’accompagnement psychologique et social des PVVIH en Tunisie 2008/2009 16. Maluwa M, Aggleton P, Parker R. HIV/AIDS stigma, discrimination and human rights: a critical overview. Health and Human Rights. 2002;6(1):1-15. 17. Goffman E. (1963) Stigma: notes on the management of a spoiled identity. New York: Simon and Schuster. 18. Parker R, Aggleton P. HIV and AIDS-related stigma and discrimination: a conceptual framework and implications for action. Social Science and Medicine. 2003 ;57 :13-24.) 19. ONUSIDA. Stigmatisation, discrimination et violations des droits de l’homme associées au VIH : études de cas des programmes réussis. ONUSIDA collection meilleures pratiques, Genève. 2005. p8. 20. ONUSIDA (2000) HIV- and AIDS-related stigmatization, discrimination and denial: forms, contexts and determinants. Research studies from Uganda and India. ONUSIDA, Genève. 2000. 21. Malcolm A, et al. HIV-related stigmatization and discrimination: its forms and contexts. Critical Public Health. 1998;8(4):347-70. 22. Aggleton P, Parker R, Maluwa M. (2002) Stigma, discrimination and HIV/AIDS in Latin America and the Caribbean. www.iadb.org/sds/publication/publication_3362_e.htm. 23. ONUSIDA/UIP (1999). Guide pratique à l’intention du législateur sur le VIH/SIDA, la législation et les droits de l’homme : Mesures de lutte contre les effets dévastateurs du VIH/SIDA sur les plans humain, économique et social. Genève, Suisse.

103

24. Le VIH/SIDA et les droits de l’homme : directives internationales. Deuxième consultation internationale sur le VIH/SIDA et les droits de l’homme, Genève, 23-25 septembre 1996. ONUSIDA, Genève (Suisse). 2001. https://data.unaids.org/publications/irc-pub02/jc520-humanrights_ fr.pdf

1. Shuper PA, Neuman M, Kanteres F, Baliunas D, Joharchi N, Rehm J. Causal considerations on alcohol and HIV/AIDS: A systematic review. Alcohol and Alcoholism . 2010;45(2):159-66. 2. Hahn JA, Samet JH. Alcohol and HIV disease progression: Weighing the evidence. Curr HIV/AIDS Rep. 2010 ;7:226-33. 3. ONUSIDA, Notre Action. Droits de l’homme. http://www.unaids. org/fr/topic/rights 4. Institut National de la Statistique. www.ins.tn. Mise à jour 22/09/2020. 5. Institut Tunisien de la Compétitivité et des Etudes Quantitatives. Le profil démographique de la Tunisie. Septembre 2011. 6. Document de stratégie pays intérimaire 2012-2013 Banque africaine de développement. 7. Multiple Indicators Cluster Survey - Enquête Grappe à Indicateurs Multiples (MICS4). 8. Institut National des Statistiques, Banque Mondiale. Carte de la pauvreté en Tunisie. Septembre 2020 9. Boukef K. Étude de la réglementation des médicaments en Tunisie. Essaydali N°76. Juin 2000. 10. Ben Halima M, et al. First molecular characterization of HIV-1 Tunisian strains. J Acqui Immune Defic Syndr. 2001 ;28(1) :94-6. 11. Ministère de la Santé, Direction des Soins de Santé de Base, Programme National de Lutte contre le Sida et les IST. Plan Stratégique National de la riposte au VIH/sida et aux IST 2018-2022. 12. UNAIDS. UNAIDS data 2019. Joint United Nations Programme on HIV/AIDS. Geneva Switzerland. 2019.

102


36. Kalboussi Y. Les obstacles à la prévention et au dépistage du VIH/ Sida chez les populations clés en Tunisie. [Thèse]. Médecine. Université Tunis El Manar. 2020

25. ONUSIDA. Stigmatisation, discrimination et violations des droits de l’homme associées au VIH : études de cas des programmes réussis. UNAIDS/05.05E, avril 2005.

37. Idrissi G, Makroum R. Stigmatisation et discrimination des personnes vivantes avec le VIH. [Mémoire]. Sciences Infirmières. Université Tunis El Manar. 2020.

26. Nations Unies. Déclaration d’engagement sur le virus de l’immunodéficience humaine et le syndrome d’immunodéficience acquise (VIH/ sida). Vingt-sixième session extraordinaire du 27 juin 2001. https://www. un.org/french/ga/sida/conference/aress262f.pdf

38. Association Tunisienne de Lutte contre les Maladies Sexuellement Transmissibles et le Sida. Situation de l’accès aux soins pour les migrants vivant avec le VIH en Tunisie. ATL MST Sida Tunis. 2016. 39. World AIDS Day Report 2012. Geneva, Joint United Nations Programme on HIV/AIDS, 2012. www.unaids.org/en/media/unaids/contentassets/documents/epidemiology/2012/gr2012/jc2434_worldaidsday_Résultats_en.pdf 40. Beyrer C, et al. Global epidemiology of HIV Infection in men having sex with men. Lancet. 2012;380(9839):367-77. 41. Hladik F, Mc Elrath MJ. Setting the stage: host invasion by HIV. Nature Reviews Immunology. 2008;8(6):447-57. 42. Royce RA, et al. Sexual transmission of HIV. New England Journal of Medicine. 1997; 336:1072-8. 43. Johnson CA. Off the map: How HIV/AIDS programming is failing same-sex practicing people in Africa. Canadian Journal of African Studies. Vol. 43, No. 1, New Perspectives on Sexualities in Africa (2009), pp. 195198. 44. Leblanc D. 79 pays avec des lois anti-homosexuelles. Erasing 76 CRIMES. Publié le 17 Avril 2014, mis-à-jour le 19 octobre, 2014. https://76crimesfr.com/2014/10/19/79-pays-avec-des-lois-anti-homosexuelles/ 45. Poteat T, et al. HIV risk among MSM in Senegal: a qualitative rapid assessment of the impact of enforcing laws that criminalize same sex practices. PLoS One. 2011;6(12). 46. Haffani F. La sexualité des hommes Tunisiens. 2005. http://haffani. blogspot.com/2005/07/la-sexualite-des-hommes-tunisiens.html

47. Baral S, et al. Burden of HIV among female sex workers in low-income and middle-income countries: A systematic review and meta-analysis. Lancet Infectious Diseases. 2012; 12:538-49. 105

27. McNeil J, Anderson S. Beyond the dichotomy: linking HIV prevention with care. AIDS. 1998;12(Supplement 2):S19-S26. 28. Busza J. Challenging HIV-related stigma and discrimination in Southeast Asia: Past successes and future priorities. New York: Population Council Horizons; 1999. 29. Brou H, et al. When do HIV-infected women disclose their HIV status to their male partner and why? A study in a PMTCT program, Abidjan. PloS Medicine. 2007;4(12):e342. 30. Bwirire LD, et al. Reasons for loss to follow-up among mothers registered in a prevention-of mother to child transmission program in Rural Malawi. Transactions of the Royal Society of Tropical Medicine and Hygiene. 2008;102(12):1195-200. 31. HIV-related stigma. Late testing, late treatment: a cross analysis of findings from the People Living with HIV Stigma Index in Estonia, Moldova, Poland, Turkey, and Ukraine. Copenhagen, HIV in Europe, 2011. 32. Karim QA, et al. The influence of AIDS stigma and discrimination and social cohesion on HIV testing and willingness to disclose HIV in rural Kwa Zulu-Natal, South Africa. Global Public Health. 2008;3(4):351-65. 33. Stangl A, et al. A systematic review of interventions to reduce HIV-related stigma and discrimination from 2002 to 2013: have far have we come? Journal of the International AIDS Society, 2013. 34. Poteat T, German D, Kerrigan D. Managing uncertainty: a grounded theory of stigma in transgender health care encounters. Social Science & Medicine. 2013; 84:22-9. 35. Roberts TK, Fantz C. Barriers to quality health care for the transgender population. Clinical Biochemistry. 2014. 104


par les femmes durant les génocides et les conflits armés. International Criminal Law Review, 10, 2010, Leiden, p. 789. 59. Dubuy M. Le viol et les autres crimes de violences sexuelles à l’encontre des femmes dans les conflits armés. dans Biad A. et Tavernier P. dir. Le droit international humanitaire face aux défis du XXIe siècle, ed. Bruylant, collection Credho, Université de Paris-Sud et Rouen, 2012, p. 207. 60. Les crimes commis contre les femmes lors des conflits armés. Amnesty International. Nov. 2004, p. 28. 61. La violence sexuelle : un outil de guerre. Programme de communication sur le Génocide au Rwanda et les Nations Unies, Nations Unies, mise à jour en Mars 2014. 62. Kippenberg J. En quête de justice : Poursuivre les auteurs des violences sexuelles commises pendant la guerre au Congo. Human Rights Watch, Rapport. 2005; 17(1):10. 63. Violences sexuelles dans les conflits armés : questions et réponses. CICR, 10.11.2013. 64. La République Démocratique du Congo. La guerre dans la guerre : violence sexuelle contre les femmes et les filles dans l’est du Congo. Human Rights Watch. Juin 2002. 65. Josse E. Violences sexuelles et conflits armés en Afrique. Résilience PSY. www.resilience-psy.com/spip.php?article107 66. Milleliri J-M. Le sida transforme le paysage des conflits armés en Afrique. Revue critique de l’actualité scientifique internationale sur le VIH et les virus des hépatites, Institut de médecine tropicale, Service de santé des armées (Marseille), n°110, 09.2003. 67. Brown L, Trujillo L, Macintyre K. (2001) Interventions to reduce HIV/ AIDS stigma: what have we learned? Population Council: Horizons Project. www.popcouncil.org/horizons/reports/book_report/default.html.

48. Bayer AM, et al. “Just getting by”: A cross-sectional study of male sex workers as a key population for HIV/STIs among men having sex with men in Peru. Sexually Transmitted Infections. 2014;90(3):223-9.

49. Platt L, et al. Factors mediating HIV risk among female sex workers in Europe: A systematic review and ecological analysis. BMJ Open. 2013;3(7). 50. Tran BX, et al. HIV Infection, Risk Factors, and Preventive Services Utilization among Female Sex Workers in the Mekong Delta Region of Vietnam. PLoS One. 2014;9(1):e86267.

51. HIV and adolescents. Guidance for HIV testing and counseling and care for adolescents living with HIV: recommendations for a public health approach and considerations for policymakers and managers. Geneva, World Health Organization, 2013. http://www.who.int/iris/ bitstream/10665/94334/1/ 9789241506168_eng.pdf 52. Organisation mondiale de la Santé. Lignes directrices unifiées sur la prévention, le diagnostic, le traitement et les soins du VIH pour les populations clés. Bureau régional de l’OMS pour l’Afrique, Genève. 2016. 53. Ben Abdelaziz A, et al. Counter-Covid-19 pandemic strategy in the Maghreb Central. Qualitative study of the perceptions of health professionals. Tunis Med. 2020; 98 (4): 266-82. 54. Programme des Nations Unies pour le Développement en Tunisie. Impact économique du Covid-19 en Tunisie. Analyse en termes de vulnérabilité des ménages et des micros et très petites entreprises. Tunis. 2020

55. Haute Autorité de Santé. Réponses rapides dans le cadre du Covid-19. Continuité du suivi des personnes vivant avec le VIH et de l’offre de soins en santé sexuelle dans la levée de confinement. Mise à jour. juin 2020. 56. Dubuy M. Le viol et les autres crimes de violences sexuelles à l’encontre des femmes dans les conflits armés. Dans Biad A. et Tavernier P. dir. Le droit international humanitaire face aux défis du XXIe siècle, ed. Bruylant, collection Credho, Université de Paris-Sud et Rouen, 2012, p. 185-186. 57. Lindsey-Curtet C, Tercier Holst-Roness F, Anderson L. Répondre aux besoins des femmes affectées par les conflits armés : Un guide pratique du CICR. CICR, 11.2004, p. 29.

107

58. Ayat M. Quelques apports des Tribunaux pénaux internationaux, ad hoc et notamment le TPIR, à la lutte contre les violences sexuelles subies

106


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪1‬‬

‫المـــــــرفــــق ‪1‬‬


1 ‫المرفق‬

efficace pour attirer les jeunes et les populations à risque afin de se faire dépister dans l’anonymat et profiter de conseils et d’aides pour améliorer les comportements préventifs et faciliter l’accès aux soins pour les cas qui se révéleraient positifs. En Tunisie, cette expérience a commencé en 2008 par la mise en place des CCDAG dans des structures publiques et dans les locaux de certaines ONG après avoir modifié la loi 92/71 et l’émission de l’amendement 12/2007 qui permet aux médecins et biologistes de faire les tests pour la détection du VIH sans obligation de nommer ou de déclarer les cas positifs. Toutefois, l’affluence reste faible par rapport aux comportements à risque et à la méconnaissance de l’infection, malgré la gratuité du service. Des efforts restent à déployer pour attirer les populations à risque vers ces structures à travers les services offerts dans les CDAG, la vulgarisation du dépistage par le renforcement de l’information, la levée des barrières culturelles, sociales et organisationnelles et l’amélioration de l’accès au service en proposant un accueil et un dépistage extramuros, en dehors des structures et locaux de santé publique et des ONG.

II - Fonctions de la structure et Principes à respecter : Les structures offrant le conseil et le dépistage anonyme et gratuit concernant l’infection à VIH assurent des activités intra et extra muros.

A. Dans le cadre des activités intra-muros Le personnel médical et paramédical de ces structures, préalablement formé, doit assurer les fonctions suivantes : 1- L’accueil et l’information, 2- L’écoute 3- L’entretien (évaluation et analyse des facteurs de risque d’exposition) 4- La visite médicale (Si nécessaire) : Le médecin peut, à l’occasion, faire un examen clinique, demander des analyses biologiques qu’il jugera nécessaires outre le test VIH, des conseils utiles en matière d’éducation sexuelle et d’éducation sanitaire (hépatites virales, cancers féminins, addictions…etc.) 5- Le test de dépistage du VIH : 111

Il s’agit d’un test rapide avec seulement une goutte de sang recueillie au bout du doigt, qui permet d’obtenir en quelques minutes un résultat

République Tunisienne Ministère de la Santé Direction des Soins de santé de base Programme National de lutte contre le SDA et les IST

Cahier des Charges concernant la Mise en place, l’Organisation et la Gestion des Centres de Conseil et de Dépistage Anonyme et Gratuit (CCDAG) I - Mission et Objectifs : Le dépistage du VIH chez la population générale et en particulier celle à risque (jeunes, MSM, UDI, TS, population carcérale...) constitue un des piliers de la prévention de la transmission du virus et du ralentissement de l’évolution de la maladie à bas bruit vers l’aggravation chez les PVVIH qui ne connaissent pas leur statut. Pour diverses raisons, ces populations à comportements à risques ne trouvent pas dans les structures de santé « classiques » un accès facile et discret permettant de se présenter aux agents de santé pour un dépistage et connaitre leur statut sérologique. Afin de lever les barrières de stigmatisation, de discrimination, de besoin d’argent et autres, le Programme National (PNLS), avec ses partenaires, a mis en place un système de dépistage dans des centres appropriés assurant anonymat et gratuité ; que sont les CCDAG (Centre de Conseil et de Dépistage Anonyme et Gratuit). Ces centres, gérés par des équipes préalablement formées, assurent à l’occasion, le conseil des clients, en même temps que le dépistage sans demander l’identité du client ou un document de soins. Cette pratique, déjà essayée dans les pays occidentaux, s’est avérée

110


Un circuit clair de prise en charge des personnes séropositives doit être mis en place.

fiable. On propose le dépistage dans le cadre d’une discussion plus large sur la sexualité et la prévention.

Remarque : certaines situations comme le traitement prophylactique suite à une exposition au VIH ou la prise en charge et le suivi thérapeutique de l’infection à VIH, doivent être prises en compte, pour une orientation dans les meilleurs délais vers des structures de prise en charge appropriées.

Le test est réalisé dans l’anonymat par le médecin ou par un professionnel de santé formé préalablement à cet effet sous la responsabilité du médecin du CCDAG. Dans le cas où on opte pour un test conventionnel, la remise du résultat sera différée et la structure (CCADG) précisera le laboratoire de référence qui pratiquera cette analyse.

L’anonymat est assuré par l’utilisation d’un codage pour le test et la remise des résultats. Dans ce but, un numéro de code est remis au consultant par le prestataire. Il ne doit comprendre aucun élément permettant l’identification du consultant. Ce numéro ne comprendra pas, en particulier le nom, le prénom, l’adresse, la profession et la date de naissance du sujet. Il figurera sur les plaques, les bandelettes ou les tubes de prélèvement et sur tout document relatif au consultant pour suivre les analyses, l’orientation éventuelle vers les structures de prise en charge et sera exigé lors de la remise des résultats en cas de test conventionnel.

6- Le counseling : Il est assuré par le prestataire au cours de l’entretien avant et après la pratique du test Cet entretien individuel a pour objectif d’explorer le comportement à risque et de prodiguer des conseils de prévention, d’information et d’orientation éventuelle vers une structure de prise en charge appropriée.

CIRCUIT DE PRISE EN CHARGE D’UN TEST POSITIF Toutes les prestations offertes dans les CCDAG sont gratuites et anonymes +++ Toutes les prestations offertes dans les CCDAG sont gratuites et anonymes +++

B. Dans le cadre des activités extra muros : 113

Les professionnels de santé sont autorisés à organiser des séances de conseil et de dépistage anonyme et gratuit au profit de la population géné-

7- Le délai de remise des résultats : Dans le cas du test rapide, le résultat est généralement obtenu dans 5 à10 mn, au cours desquelles le prestataire doit poursuivre le counseling et préparer l’annonce du résultat. 8- L’accompagnement : L’annonce de la séropositivité doit être associée à un accompagnement psychologique et une orientation, suivant le cas, vers le laboratoire de référence pour une confirmation par le Western Blot ou vers une structure de prise en charge appropriée (suivi médical et prise en charge thérapeutique, psychologique et sociale). Le personnel de ces structures est appelé à travailler en équipe et collaborer avec les structures de prise en charge médicale, psychologique et sociale.

112


• Pour les CCDAG des structures publiques, l’équipe doit transmettre au préalable le plan d’action à la DRSP et la DSSB et obtenir une autorisation de sortie sur terrain. (ordre de mission) de la DRSP. Accessibilité, locaux et équipements : 1. Accessibilité :

• L’emplacement du CCDAG doit être accessible, notamment par les transports en commun. • La structure hébergeant le CCDAG doit être correctement signalée

dans la commune.

• La signalisation du « dépistage gratuit et anonyme » sur des en-

seignes ou des panneaux est à proscrire, afin d’éviter la stigmatisation des consultants.

• Toutefois, ce type de prestation peut être signalé sur les supports et

documents de communication (dépliants EPLS, carte de suivi…), avec les informations détaillées sur les modalités d’accès et les horaires de service

• Ces supports d’information doivent être adressés, au PNLS/MST,

pour approbation préalablement à leur diffusion.

• Une permanence téléphonique assurée par une ligne directe, dédiée à cette activité sera un avantage pour faciliter le recrutement des consultants. • Les horaires d’ouverture et les modalités d’accès à la consultation doivent être affichés à l’entrée du centre et sur la carte du client. Pour les structures de santé publique, le service devrait être quotidien, répondant aux horaires habituels d’ouverture et assurant au moins une séance par semaine entre 12 et 14 heures. • Les structures non publiques doivent assurer au minimum 10 heures

par semaine, avec au moins 2 plages horaires entre 12 -14 heures ou 1820 heures.

• La possibilité d’associer les deux modes de consultation, avec et sans

rendez-vous, est recommandée. 2. L’implantation : 115

• L’accessibilité intérieure et l’accueil doivent être adaptés aux besoins

rale et en particulier les groupes de populations à risques dans des lieux publics en dehors des CCDAG. Néanmoins, cette activité doit être coordonnée avec la direction régionale de la santé et le responsable du CCDAG implanté dans la zone de l’activité programmée en précisant la date, le lieu, la plage horaire, la composition de l’équipe et le médecin responsable qui supervisera le dépistage. Dans le cas où le médecin du CCDAG local donne son accord pour superviser cette activité, il doit le mentionner préalablement par écrit.

• Le test de dépistage du VIH est réalisé par le médecin ou par un professionnel de santé formé préalablement à cet effet, sous la responsabilité du médecin du CCDAG. • Il doit respecter les procédures suscitées surtout en ce qui concerne l’anonymat, la confidentialité et la gratuité.

a) L’anonymat stipule qu’aucune information sur l’identité de l’individu ne doit être demandée (pièce d’identité ou carte de soins ou carte d’adhérent ou autre). Toutefois l’âge et les facteurs de risques peuvent être notés

b) La confidentialité doit être assurée dans tous les cas et les résultats sont transmis personnellement et discrètement à la personne concernée de manière verbale en respectant le codage.

c) La gratuité doit être garantie et contrôlée par le suivi (aucune rémunération n’est perçue)

• Dans le cas où un test s’avère positif, la personne est orientée vers

une structure spécialisée en vue de la confirmation du résultat et, éventuellement, d’une prise en charge.

• Le personnel de santé impliqué dans ces activités, devrait veiller à la bonne qualité de tous les services rendus (l’accueil, l’écoute, le counseling, l’accompagnement …) • Pour une meilleure efficacité de ces interventions de proximité, la prio-

rité sera donnée aux populations clés et chaque équipe mettra l’accent sur certaines populations à risque selon l’environnement socioculturel du CCDAG (MSM, UDI, PS...).

• Cette activité doit être planifiée et évaluée. • Les équipes des CCDAG sont appelées à coordonner leurs actions en travaillant en réseau (OG, ONG) et à tenir des réunions semestrielles de programmation et d’évaluation.

114


3. Formation : Tout le personnel doit obligatoirement justifier d’une formation adaptée, notamment :

• Aux techniques d’accueil et de communication interpersonnelle, • A la non stigmatisation, non-discrimination et au secret médical • Aux méthodes d’éducation pour la santé, • A l’abord des thèmes sur la sexualité, la PEC des IST, les conduites

addictives, cancers féminins…

• A la connaissance des différents comportements à risque, • Aux mesures préventives adaptées aux différentes situations d’expo-

sition et aux différents contextes socioculturels.

De plus, et concernant des infections à VIH, VHC et VHB, le personnel médical sera formé sur :

• L’évaluation du risque de transmission, • Le diagnostic clinique et biologique dans leurs différentes phases,

notamment la primo-infection pour le VIH,

• L’annonce d’un résultat positif. • Les équipes formées de professionnels expérimentés et motivés sont

à privilégier pour être assignées à cette fonction de dépistage anonyme et gratuit. Pour les CCDAG implantés dans les centres de santé de base, tout le personnel, médecins et autres, doit être formé en matière d’accueil garantissant la discrétion. A cet effet, la formation en cascade sera utile pour toucher un grand nombre et sera ensuite renforcée par les visites d’accompagnement et les supervisions formatives…

IV. - L’articulation avec le réseau médico-social local Les structures offrant ce type de service doivent :

- Établir un partenariat avec des services hospitaliers compétents pour

la prise en charge des personnes séropositives et des personnes sujettes à exposition au risque de transmission du VIH.

- S’intégrer et/ou développer des réseaux formels de services socio-médicaux, - être parties prenantes pour les campagnes de communication et notamment dans l’élaboration des outils de communication. 117

des populations les plus vulnérables et veiller à favoriser un climat de discrétion et de confidentialité parmi le personnel de la structure.

• Les services de dépistage du VIH peuvent se faire dans des services de soins déjà existants. 3. Les locaux et l’équipement : Ils doivent être adaptés afin de garantir la confidentialité.

• Les locaux comprennent au minimum : - Un espace d’accueil visible dès l’entrée, - Une salle d’attente, - Une pièce pour l’entretien avec le médecin avec une armoire fermant à clé pour le classement des dossiers et des résultats. Le prélèvement peut être réalisé dans la salle d’entretien (test actuellement simple facile et rapide). - Une salle de prélèvement attenante à la salle d’entretien ou un box de

prélèvement au sein de la salle d’entretien peuvent être aménagés lorsque c’est possible.

• L’équipement doit répondre aux règles universelles d’hygiène en vigueur, notamment pour l’élimination des déchets, et les règles de conservation et de transport des prélèvements pour analyses biologiques. Chaque structure doit prévoir une convention avec une structure hospitalière pour la gestion des déchets. • L’équipement informatique est nécessaire pour le suivi de l’activité. III - Le personnel 1. Composition : La composition et l’effectif de l’équipe sont adaptés en fonction des locaux et aux besoins de l’activité de la consultation. Pour mener à bien les diverses taches assumées par le centre, il est possible de faire appel à la compétence de psychologues, d’assistantes sociales et autres compétences aidant à renforcer la prévention, l’écoute et la prise en charge. 2. Coordination : Tout le personnel impliqué dans cette activité de dépistage anonyme et gratuit doit être directement placé sous la supervision du médecin coordinateur du centre qui doit être désigné nominativement.

116


• Un rapport d’activité du CCDAG est rédigé chaque mois. • Une autoévaluation est assurée chaque année.

V - Gestion des tests rapides, des préservatifs et des documents

• Les médecins coordinateurs sont formés en suivi évaluation et appliquent son protocole

• Cette tâche sera correctement assurée par le personnel des CCDAG sous la responsabilité du médecin coordinateur.

• Les membres formés des CCDAG procèdent à la formation du reste du personnel du centre

mois

• L’analyse et l’utilisation des données au niveau local est assurée.

• Un contrôle de qualité externe des tests VIH sera assuré tous les 3 • Un laboratoire de référence sera identifié à cet effet. VI - Suivi de l’activité :

Une fiche de recueil d’information doit être établie pour chaque consultant afin de recueillir discrètement l’ensemble des données nécessaires à l’établissement des rapports d’activité du CCDAG et contiendra avec l’âge, le sexe et la nationalité, les données pertinentes sur les comportements à risque, le profil socioéconomique, etc... Ces données seront recueillies selon un format unique préétabli par le PNLS. Si possible les équipes opteront en plus, pour un recueil informatisé de ces données. Un bilan d’activité du CCDAG est élaboré par le médecin coordinateur, selon le format établi par le PNLS, et adressé mensuellement au programme national PNLS (DSSB) et la direction régionale de la santé territorialement compétente.

VII. Normes de fonctionnalité des CCDAG : Des indicateurs d’évaluation des activités des CCDAGs seront périodiquement mis à jour tels :

• Le nombre de conseils dépistages réalisés auprès de la population

générale par centre et par mois (activités intra et extra CCDAG)

• Nombre de conseils dépistages réalisés auprès des populations clés par centre et par mois (activités intra et extra CCDAG) • Le nombre de préservatifs distribués auprès de la population géné-

rale et des populations clés par centre et par mois (activités intra et extra CCDAG

• Nombre de séances de sensibilisation spécifique au « conseil dépistage anonyme et gratuit » réalisées par le personnel du CCDAG. 119

• Un plan d’action annuel partant d’une évaluation des activités et de la réalité locale est établi pour chaque CCDAG et parvenu au PNLS.

118


‫© حقوق الطبع والنشر‬ ‫الديوان الوطني لألسرة والعمران البشري ‪ /‬محامون بال حدود (مكتب تونس)‪.‬‬ ‫برنامج الصندوق العالمي لمكافحة السيدا والسل والمالريا‬ ‫«النهوض بخدمات الوقاية والعالج وحقوق اإلنسان بتونس للفئات المفاتيح»‪.‬‬ ‫إصدار‬ ‫الديوان الوطني لألسرة والعمران البشري‪.‬‬ ‫‪ 7‬نهج الحطاب بوشناق‪ ،‬المركز العمراني الشمالي‪ 1082 ،‬تونس‪.‬‬ ‫بالشراكة مع‬ ‫محامون بال حدود (مكتب تونس)‪.‬‬ ‫‪ ،6‬نهج إزمير‪ ،‬نوتردام‪ ،‬تونس‪.‬‬ ‫تاريخ اإلصدار‪ :‬جوان ‪.2021‬‬


‫البـاب الثاني‬ ‫دليل مرجعي فيروس‬ ‫نقص المناعة البشري‬ ‫وحقوق اإلنسان‬

‫حقوق اإلنسان‬ ‫في إطار فيروس‬ ‫نقص المناعة البشري‬ ‫وحقوق األشخاص‬ ‫المتعايشين مع‬ ‫الفيروس‬ ‫جوان ‪2021‬‬


‫دليل مرجعي‬ ‫فيروس نقص المناعة‬ ‫البشري وحقوق اإلنسان‬

‫البـاب الثاني‬ ‫حقوق اإلنسان‬ ‫في إطار فيروس‬ ‫نقص المناعة البشري‬ ‫وحقوق األشخاص‬ ‫المتعايشين مع‬ ‫الفيروس‬ ‫جوان ‪2021‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪2‬‬

‫الشـــــــركاء‬


‫الديوان الوطني لألسرة والعمران البشري‬

‫العنوان‪ ،7 :‬نهج الحطاب بوشناق‪ ،‬المركز الشمالي العمراني‪،‬‬ ‫تونس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 70 729 090 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 70 728 855 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪boc.onfp@rns.tn :‬‬ ‫موقع الواب‪www.onfp.tn :‬‬ ‫محامون بال حدود ‪ -‬مكتب تونس‬

‫العنوان‪ 6 :‬نهج األزمير ‪ -‬نوتردام ‪ -‬تونس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 71 894 002 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 894 002 :‬‬ ‫موقع الواب‪www.asf.be :‬‬

‫العنوان‪ 9 :‬نهج ‪- 7443‬عرض هريشي‪ -‬المنار ‪.1‬‬ ‫الهاتف‪+216 36 381 108/07 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪association.atpp@gmail.com :‬‬ ‫الجمعية التونسية للوقاية من األمراض المنقولة جنسيا‬ ‫والسيدا‪ ،‬المكتب الوطني ‪ -‬صفاقس‬

‫العنوان‪ :‬شارع ‪ 5‬أوت‪ ،‬نهج ‪ 19‬جويلية‪ 3002 ،‬صفاقس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 74 203 500 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 74 228 397 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪atl.bn.sfax@gmail.com :‬‬ ‫موقع الواب‪www.atlmstsida.com :‬‬ ‫الجمعية التونسية للوقاية من األمراض المنقولة جنسيا‬ ‫والسيدا‪ -‬فرع تونس‬

‫إدارة الرعاية الصحية األساسية‬ ‫البرنامج الوطني لمقاومة األمراض المنقولة جنسيا والسيدا‬

‫العنوان‪ ،7 :‬نهج الخليل‪ 2037 ،‬المنزه ‪8‬‬ ‫الهاتف‪+216 70 866 186 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 70 866 588 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪atlsidatunis@gmail.com :‬‬ ‫موقع الواب‪atltunis.org:‬‬

‫الجمعية التونسية للصحة اإلنجابية‬

‫التنسيقية التونسية لمجابهة اآلفات الصحية‬

‫العنوان‪ :‬نهج الخرطوم‪ ،‬البلفدير‪ ،‬تونس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 71 789 148 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 789 679 :‬‬

‫العنوان‪ 14 :‬نهج إبراهيم ابن الرفيع‪ ،‬حي الخضراء‪ 1003 ،‬تونس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 71 808 935 / 71 808 952 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 808 952 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪atsr@atsrtn.org :‬‬ ‫موقع الواب‪atsrtn.org :‬‬

‫العنوان‪ 101 :‬شارع إفريقيا‪ ،‬المنزه ‪5‬ا‪ 2091 ،‬أريانة‪ .‬تونس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 71 230 396 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 230 396 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪ccm.tunisie@ccmtunisie.org.tn :‬‬ ‫موقع الواب‪www.ccmtunisie.org.tn :‬‬

‫الجمعية التونسية لإلرشاد والتوجيه حول السيدا واإلدمان‬

‫برنامج األمم المتحدة المشترك لفيروس نقص المناعة‬ ‫البشرية‪/‬اإليدز‪ -‬مكتب تونس‬

‫العنوان‪ 43 :‬شارع الهادي السعيدى‪ ،‬باب سعدون‪ ،‬تونس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 71 957 544 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 957 511 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪atiost.sida.toxicomanie@gmail.com :‬‬ ‫موقع الواب‪www.atiost.org.tn :‬‬ ‫‪4‬‬

‫الجمعية التونسية للوقاية اإليجابية‬

‫العنوان‪ :‬مقر منظمة الصحة العالمية‪ ،‬نهج التنمية‪،‬‬ ‫حي الخضراء‪ 1053 ،‬تونس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 71 155 636 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 155 634 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪SouaL@unaids.org :‬‬ ‫موقع الواب‪www.unaids.org :‬‬

‫‪5‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪2‬‬

‫لجنة المتابعة و القيادة‬


‫لجنة المتابعة‬ ‫و القيادة‬

‫• برنامج األمم المتحدة المشترك لفيروس نقص المناعة البشرية‪/‬اإليدز‬ ‫مكتب تونس‬ ‫‪ -‬السيد لسعد صوة‪ ،‬مدير مكتب‪.‬‬

‫المؤلف‪:‬‬ ‫األستاذ وحيد الفرشيشي‬ ‫أستاذ في القانون العام‪ .‬كلية العلوم القانونية والسياسية واالجتماعية ‪ -‬جامعة‬ ‫قرطاج ‪ -‬تونس‪.‬‬ ‫لجنة المتابعة‪:‬‬ ‫• وحدة تصرف مشروع الصندوق العالمي‪ ،‬الديوان الوطني لألسرة والعمران‬ ‫البشري‪ ،‬تونس‪.‬‬ ‫ الدكتور محمد خير الدين خالد‪ ،‬منسق برنامج الصندوق العالمي لمكافحة‬‫السيدا والسل والمالريا‪.‬‬ ‫ الدكتورة لمياء بن حسين‪ ،‬مكلفة باالتصال والتنسيق بين الجهات وببرنامج‬‫السيدا وحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫• محامون بال حدود‪ -‬مكتب تونس‬ ‫ السيدة ناجية بونعيمي‪ ،‬مديرة مكتب تونس‪.‬‬‫السيدا وحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫ السيدة أميرة الدربالي‪،‬‬‫منسقة مشروع ّ‬ ‫ّ‬ ‫لجنة القيادة‬ ‫• التنسيقية الّتونسية لمجابهة اآلفات الصح ّية‬ ‫ األستاذ محمد شقرون‪ ،‬رئيس التنسيق ّية‪ .‬رئيس قسم األمراض الجرثوم ّية‬‫بمستشفى ّ‬ ‫فطومة بورقيبة‪ ،‬المنستير‪.‬‬

‫‪8‬‬

‫والسيدا‪ -‬إدارة‬ ‫• البرنامج الوطني لمقاومة األمراض المنقولة جنس ّيا‬ ‫ّ‬ ‫الرعاية الصح ّية األساس ّية‬ ‫الصحة العموم ّية‪ ،‬رئيس مصلحة الوبائ ّيات‬ ‫ الدكتور فوزي عبيد‪ ،‬طبيب رئيس‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والسل والمالريا‪.‬‬ ‫ومنسق البرامج الوطن ّية حول السيدا‬ ‫ّ‬

‫الرئيسي في برنامج‬ ‫• الّديوان الوطني لألسرة والعمران البشري ‪ -‬المنتفع‬ ‫ّ‬ ‫الصندوق العالمي‬ ‫ الدكتورة فاطمة التميمي‪ ،‬كاهية مدير بإدارة الخدمات الصحية ومنسقة‬‫برنامج الصندوق العالمي بالديوان‪.‬‬ ‫• ممثلو الجمعيات ‪ -‬المنتفعون الثانويون في برنامج الصندوق العالمي‬ ‫ السيدة أرزاق كنيتاش‪ ،‬المديرة التنفيذية‪ ،‬الجمعية التونسية للصحة اإلنجابية‪.‬‬‫عامة‪ ،‬الجمع ّية ال ّتونسية‬ ‫ السيدة هيام بوكسولة‪ ،‬أخصائ ّية نفسان ّية‪ .‬كاتبة ّ‬‫السيدا واإلدمان‪.‬‬ ‫لإلرشاد وال ّتوجيه حول ّ‬ ‫ السيدة سهيلة بن سعيد‪ ،‬رئيسة الجمع ّية ال ّتونسية للوقاية اإليجاب ّية‪.‬‬‫ الدكتورة فاتن المساكني‪ ،‬مساعدة اجتماع ّية‪ ،‬الجمع ّية التونس ّية للوقاية من‬‫والسيدا ‪ -‬المكتب الوطني ‪ -‬صفاقس‪.‬‬ ‫األمراض المنقولة جنس ّيا‬ ‫ّ‬ ‫ السيد أسامة بوعجيلة‪ ،‬مختص في القانون‪ ،‬الجمعية التونسية للوقاية من‬‫األمراض المنقولة جنسيا والسيدا‪ ،‬فرع تونس‪.‬‬ ‫• محامون بال حدود‪ -‬مكتب تونس‬ ‫ السيدة ناجية بونعيم‪.‬‬‫ السيد لمين بن غازي‪ ،‬منسق مشاريع‪.‬‬‫ السيدة أميرة الدربالي‪.‬‬‫• وحدة تصرف مشروع الصندوق العالمي‪ ،‬الديوان الوطني لألسرة والعمران‬ ‫البشري‪ ،‬تونس‬ ‫ الدكتور محمد خير الدين خالد‪.‬‬‫ الدكتورة لمياء بن حسين‪.‬‬‫لجنة للمراجعة ال ّلغوية وإعادة صياغة المحتوى‪:‬‬ ‫ الدكتور فاروق بن منصور‪ -‬خبير مكلف بالمراجعة اللغوية وتنسيق المحتوى‪.‬‬‫ الدكتورة لمياء بن حسين‪.‬‬‫ السيدة أميرة الدربالي‪.‬‬‫‪9‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪2‬‬

‫تلخيـــــــــــص‬


‫تـــلــــــــــــخيص‬

‫المقدمة‬ ‫اهتم القانون التونسي بمسألة فيروس نقص المناعة البشرية‬ ‫لقد‬ ‫ّ‬ ‫المكتسب من خالل مجموعة من النصوص التي ال تخصه بالتحديد‬ ‫ولكنها تسمح مع ذلك بإدارة الجانب التشريعي للسيدا وكذلك‬ ‫النواحي االجتماعية والصحية واالقتصادية والسياسية وغيرها‬ ‫المرتبطة به ضمن اإلطار العام لحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫مقاربة «حقــوق اإلنسان»‬

‫نُ ِّ‬ ‫ذكر أن حقوق اإلنسان هي الحقوق األساسية التي يتمتع بها كل‬ ‫إنسان في العالم‪ .‬إنها عالمية وغير قابلة للتجزئة أو للتصرف‪ .‬تم‬ ‫وضعها سنة ‪ 1946‬ضمن ميثاق األمم المتحدة‪ّ .‬‬ ‫وقعت تونس على‬ ‫تسع اتفاقيات دولية تتعلق بحقوق اإلنسان‪ ،‬وهي ملزمة باحترامها‬ ‫وحمايتها وتسهيل تطبيقها‪ .‬وتحقيقا لهذه الغاية‪ ،‬تم إنشاء اثنتا‬ ‫عشرة لجنة خبراء يتمثل دورها في ضمان تطبيق نصوص هذه‬ ‫االتفاقيات‪.‬‬

‫‪12‬‬

‫هناك عالقة وثيقة بين سلب حقوق اإلنسان وانتشار فيروس‬ ‫نقص المناعة‪ .‬وعلى سبيل المثال فإن تجريد الحق في المعلومات‬ ‫يحرم الناس من معرفة التدابير الوقائية أو السلوك الواجب ا ّتـباعه‬ ‫للحصول على الرعاية والعالج‪ .‬نفس هذه النتيجة تظهر عند حدوث‬ ‫الوصم والتمييز الذ ْين يمكن أن يثنيا المتعايشين مع الفيروس عن‬ ‫ً‬ ‫خوفا من المعاملة باالزدراء وعدم‬ ‫التواصل مع المهنيين الصحيين‬ ‫المباالة‪ .‬كما يمكن أن تتمثل ردة الفعل في التـواري عن األنظار‬ ‫مما يؤدي إلى نفس النتائج‪ .‬إن المتعايش مع الفيروس الذي يتمتع‬ ‫ويمارس جميع حقوقه مثل أي مواطن آخر يسعى عن طيب خاطر‬ ‫لتحسين حالته الصحية وبالتالي يساهم في الحد من انتشار السيدا‪.‬‬

‫لألشخاص المتعايشين مع الفيروس الحق كبقية المواطنين‬ ‫في التمتع بالحقوق االجتماعية واالقتصادية األساسية فالحق في‬ ‫السالمة الجسدية ليس سوى الحق في الحياة الذي يتجسد من خالل‬ ‫الحق في العالج الذي تكفله الدولة ً‬ ‫وفقا لدستور ‪.2014‬‬

‫إن الحق في الرعاية مك ّرس في الدستور «‪...‬تكفل الدولة الوقاية‬ ‫تنص المادة ‪ 1‬من قانون عام‬ ‫والرعاية الصحية لجميع المواطنين‪ّ .»...‬‬ ‫‪ 1992‬على ما يلي‪« :‬ال يجوز أن يتعرض أي شخص لتدابير تمييزية أثناء‬ ‫خدمات الوقاية من األمراض المعدية أو أثناء العالج»‪ .‬يجب توفير‬ ‫ينص على ذلك الفصل األول‬ ‫الحق في الصحة للجميع دون تمييـز كما ّ‬ ‫من قانون عام ‪« :1992‬ال يجوز إخضاع أي شخص لتدابير تمييزية‬ ‫أثناء الوقاية من األمراض المعدية أو العالج»‪ .‬مع المالحظة أن الدولة‬ ‫تضمن العالج المجاني بمضادات الفيروس‪.‬‬ ‫الحق في الشغـل مشروط بالقدرة الجسدية لطالبـه المثـ ّبـت‬ ‫أي نص يُلزم بإجراء اختبار مخبري لتقصي‬ ‫بشهادة طبية‪ .‬ال يوجد ّ‬ ‫فيروس نقص المناعة ضمن الملف الطبي‪.‬‬ ‫مع المالحظة أن الحق في الضمان االجتماعي والقروض المصرفية‬ ‫واإلسكان يستوجب المراجعة والتوضيح‪.‬‬ ‫الحقوق المدنية والسياسية للمتعايشين مع الفيروس‪:‬‬

‫المساواة ومبدأ عدم التمييز‪« :‬ال يجوز أن يتعرض أي شخص‬ ‫لتدابير تمييزية أثناء الوقاية من مرض معدي أو أثناء العالج»‪ .‬ال يغطي‬ ‫هذا النص جميع جوانب حقوق األشخاص المتعايشين مع الفيروس‪.‬‬ ‫يكفل الدستور المساواة في الحقوق والواجبات لجميع المواطنين‬ ‫«‪ ...‬الناس سواسية أمام القانون دون تمييز»‪.‬‬ ‫الحق في حماية الحياة الخاصة‪ :‬هذا الحق يكفله الدستور «تصون‬ ‫الدولة كرامة اإلنسان»‪« .‬تحمي الدولة الخصوصية وحرمة المنزل‬ ‫وسرية المراسالت واالتصاالت والبيانات الشخصية»‪ .‬ينطبق هذا‬ ‫الحق بشكل خاص على المهنيين الصحيين؛ ولكن ً‬ ‫أيضا على أي‬ ‫شخص لديه إمكانية الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالحالة‬ ‫الصحية لشخص آخر‪ .‬تأتي أهمية هذا الحق من كونه مرتبط بشرف‬ ‫وكرامة المتعايشين مع الفيروس وأن له تأثير مباشر على الحياة‬ ‫األسرية وبين عامة المجتمع‪.‬‬

‫‪13‬‬


‫قانون األسرة‪ :‬أقـ ّر الدستور في مادته السابعة أن «األسرة هي الوحدة‬ ‫األساسية للمجتمع‪ ،‬ومن مسؤولية الدولة حمايتها»‪ .‬يعتمد الحق‬ ‫تنص‬ ‫في الزواج على شهادة طبية سابقة للزواج حددها القانون وهي‬ ‫ّ‬ ‫على بعض الخصائص‪ ...« :‬يجب أن يركز انتباه الطبيب بشكل خاص على‬ ‫األمراض المعدية‪ ...،‬أو أي أمراض قد تشكل خطرا على الطرف المقابل أو‬ ‫على الذرية» وهذا ما يساعد بشكل غير مباشر على القيام باختبار الكشف‬ ‫عن فيروس نقص المناعة‪ .‬يتم لفت انتباه المقبل على الزواج إلى حق‬ ‫الشريك في معرفة حالته الصحية «أي شخص يكون على علم بأنه يعاني‬ ‫عمدا في نقله إلى أشخاص آخرين‪،‬‬ ‫من مرض معدي ويساهم بسلوكه‬ ‫ً‬ ‫يكون عرضة للسجن من ‪ 1‬إلى ‪ 3‬سنوات»‪ .‬إن عدم االمتثال لهذا الحكم‬ ‫من قبل المتعايشين مع الفيروس يمكن أن يضر بأحد الزوجين ويمنحه‬ ‫تنص مجلة األحوال الشخصية على أنه «يجب‬ ‫الحق في طلب الطالق‪ .‬كما ّ‬ ‫أحـسن وأن يقيم معه‬ ‫على كل من الزوجين أن يعامل شريكه بالتي هي‬ ‫ْ‬ ‫عالقة طيبة وأن يتجنب إيذائه»‪.‬‬ ‫حضانة األطفال‪ :‬بما أن فيروس نقص المناعة قابل لالنتقال‪ ،‬دون‬ ‫أن يكون معد ًيا وأن مجلة األحوال الشخصية توضح أن صاحب هذا الحق‬ ‫(الحضانة) «يجب أن يكون ‪ ...‬خال ًيا من أي مرض معدي ‪ ،»...‬ال شيء يمكن‬ ‫أن يمنع الزوج المتعايش مع الفيروس من ضمان حقه في حضانة األطفال‬ ‫عند الضرورة‪.‬‬ ‫الحق في الوصول إلى المعلومة‪ :‬لقد أصبح الوصول إلى المعلومة ً‬ ‫حقا‬ ‫دستور ًيا منذ عام ‪ .2014‬في حالة فيروس نقص المناعة‪ ،‬يكون الطبيب‬ ‫الولي الشرعي إن كان المريض قاصرا‪ ،‬عن‬ ‫ملزما قانو ًنا بإبالغ المريض‪ ،‬أو‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫حمله للفيروس مع تفاصيل عن المرض وانعكاساته المحتملة على‬ ‫الصحة الجسدية والنفسية والحياة المهنية واألسرية واالجتماعية‪ .‬كما‬ ‫ينبغي أن يلفت االنتباه إلى مخاطر انتقال الفيروس ووسائل الوقاية من ذلك‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫الحـق في التقاضـي‪ :‬يكفل الدستور حق التقاضي لجميع المواطنين‪.‬‬ ‫ولكن في الواقع‪ ،‬يجد الضعفاء مثل المتعايشون مع الفيروس صعوبة في‬ ‫المختصون في القانون بضرورة «إصالح إطار‬ ‫نيل حقوقهم‪ ،‬لذلك يطالب‬ ‫ّ‬ ‫المساعدة القانونية لتحقيق المساواة لجميع فئات الناس»‪ .‬كما يدينون‬ ‫«‪ ...‬البطء القانوني واستحالة تقديم المساعدة للفقراء» (بما في ذلك‬ ‫المتعايشين مع الفيروس والفئات الضعيفة)‪.‬‬

‫العقبات أمام تمتع المتعايشين مع الفيروس بحقوقهم‬ ‫األساسية‬ ‫تم تفويض مهمة‬ ‫الصحة العامة عنصر أساسي للنظام العام‪ّ .‬‬ ‫الحماية الصحية هذه للسلطات العامة‪ ،‬ولكن ً‬ ‫أيضا لألطباء‬ ‫المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية أنفسهم‪.‬‬ ‫لذلك يُـعتبر التبليغ اإللزامي عن بعض األمراض المعدية‪ ،‬بما في ذلك‬ ‫استثناء للسرية‬ ‫عد‬ ‫السيدا التزاما قانونيا لألطباء‪ .‬هذا اإلجراء الذي يُ ّ‬ ‫ً‬ ‫الطبية‪ ،‬يمكـّـن من ال ّرصد الوبائي لألمراض المعدية من أجل رفاهية‬ ‫عامة السكان‪ .‬لكن هذه اإللزامية يمكن أن تكون بمثابة الحاجز‬ ‫أمام اإلقبال غلى الكشف المخبري‪ .‬للفيروس مما يثني األشخاص‬ ‫المشتبه في حملهم للفيروس عن السعي طواعـية لالختبار‪ .‬لقد‬ ‫شجـع إنشاء «مراكز الكشف المجانية والالإسمي عن السيدا « في‬ ‫ّ‬ ‫عام ‪ 1992‬السكان المعرضين للخطر على القيام بالتحليل للكشف‬ ‫عن فيروس نقص المناعة‪.‬‬

‫الجانب القمعي من قانون ‪ 1992‬الخاص باألمراض المنقولة‬ ‫جنسي ًا‪:‬‬

‫ينص هذا القانون على أنه في حالة رفض المتعايش مع الفيروس‬ ‫تناول أو مواصلة العالج أو عندما يساهم عمدا في نقل الفيروس‬ ‫إلى أشخاص آخرين؛ فإن لوزير الصحة الحق في طلب حكم قضائي‬ ‫لإليواء اإلجباري بالمستشفى كإجراء وقائي‪ .‬كما أن وزير الصحة‬ ‫مخول بموجب القانون التخاذ إجراءات قانونية ضد األطباء وعلماء‬ ‫ّ‬ ‫األحياء الذين ال يمتثلون اللتزام باإلعــالم والتبليغ عن حاالت السيدا‪.‬‬ ‫كما أن للمحاكم الجنائية الحق في معاقبة السلوكيات الخطيرة‬ ‫لبعض المتعايشين مع الفيروس‪ .‬وبالتالي‪ ،‬فإنها تلعب دو ًرا في‬ ‫مكافحة انتشار السيدا‪.‬‬ ‫أوجه القصور والعقبات الكامنة في النصوص القانونية‬ ‫األخرى‪:‬‬

‫للتمعش بالجنس واللواط وتعاطي‬ ‫إن التشريع التونسي‪ ،‬بتجريمه‬ ‫ّ‬ ‫المخدرات‪ ،‬يحد من قدرة المشتغلين بالجنس على ممارسة‬ ‫الجنس اآلمن ويمنع متعاطي المخدرات من تطبيق إجراءات الحد‬ ‫ً‬ ‫مناخا يشجع على العنف المدني‬ ‫من الضرر‪ .‬هذه التشريعات تخلق‬

‫‪15‬‬


‫الصعـب على الضحايا تقديم شكاوى «(دراسة‬ ‫والبوليسي ويجعل من ّ‬ ‫وزارة الصحة ‪ .)2015 -‬هذا النهج القمعي ال يمكن إال أن يثني السكان‬ ‫المستهدفين عن االستفادة من التدابير االجتماعية والصحية‬ ‫لمكافحة فيروس نقص المناعة‪.‬‬

‫النهج القمعي تجاه المخدرات‪« :‬أدى تطبيق القانون المتعلق‬ ‫بالمخدرات إلى انتهاكات جسيمة لحقوق اإلنسان بما في ذلك الحق‬ ‫في السالمة الجسدية»‪ .‬فبموجب هذا القانون‪ ،‬يُحكم على آالف‬ ‫التونسيين كل عام بالسجن بتهمة تناول القنب أو حيازته‪ .‬من بين‬ ‫‪ 32‬فصال‬ ‫المكونة لهذا القانون يشمل القمع ‪ 27‬فصال على األقل!‬ ‫ّ‬ ‫في عام ‪ ،2015‬كان ‪ ٪ 28‬من نزالء السجون من المتورطين في‬ ‫قضايا المخدرات‪.‬‬

‫العمل بالجنس من قبل النساء‪ :‬يجرم القانون التونسي‬ ‫االشتغال بالجنس غير المرخص فيه ويسمح وينظم العمل في‬ ‫هذا المجال في األماكن المخصصة لذلك فقط‪.‬‬ ‫تجريم المثليين والمثليات ومزدوجي الميول الجنسية‬ ‫والمتحولين جنس ًيا‪:‬‬

‫ يعاقب القانون على المثلية الجنسية بالسجن ثالث سنوات‪.‬‬‫وغال ًبا ما يتعرض هؤالء األشخاص ألشكال مختلفة من العدوان في‬ ‫البيئات العامة وحتى األسرية‪.‬‬ ‫والتمعش من الخناء‬ ‫ يتم قمع اإلغراء على الطريق العام‬‫ّ‬ ‫بعقوبات جنائية‪.‬‬ ‫ االستغالل الجنسي للمرأة يعتبر جريمة ا ّتـجار بالبشر‪.‬‬‫ تتم مقاضاة اللواط الذي يمارسه الرجال بعـنـوان أفعال أخرى‬‫تتعلق باألخالق‪.‬‬ ‫ تغيير الجنس محظور‪ ،‬الجراح الذي يتدخل لتغيير الجنس يحاكم‬‫المس من السالمة الجسدية‪.‬‬ ‫بتهمة‬ ‫ّ‬

‫‪16‬‬

‫التشريعات التمييزية‪ :‬على الرغم من التقدم الكبير في‬ ‫حقوق اإلنسان المشار إليه في الدستور‪ ،‬وتطبيقه في القوانين‪ ،‬ال يزال‬ ‫التشريع التونسي يميـّـز‪:‬‬

‫ً‬ ‫وفقا‬ ‫ النساء اللواتي ما زلن ضحايا ألنواع مختلفة من العنف‪.‬‬‫لمسح نُشر في عام ‪ ،2010‬قالت ‪ ٪ 48‬من النساء إنهن تعرضن‬ ‫للعنف مرة واحدة على األقل في حياتهن‪ .‬يعتبر الرجل هو رب األسرة‬ ‫وليس المرأة‪ .‬ال تتمتع المرأة بنفس الحقوق التي يتمتع بها الرجل في‬ ‫اختيار الزوج‪ ،‬ويحرم عليها الزواج من غير المسلم‪ .‬ليس لديها نفس‬ ‫حقوق الميراث مثل الرجل‪.‬‬ ‫ األطفال الذين يمكنهم العمل في الزراعة منذ سن الثالثة عشر‪،‬‬‫بينما المبدأ هو أن سن العمل ‪ 18‬سنة‪ .‬األمر نفسه ينطبق على‬ ‫عامالت المنازل الالتي يمكن توظيفهن منذ سن ‪ .16‬هذا الوضع في‬ ‫طور التغيير من خالل النصوص المنشورة في عام ‪ 2017‬والتي تدين‬ ‫العمل قبل سن ‪.18‬‬ ‫ ال يحق للمهاجرين الحصول على عالج السيدا بالمجان في القطاع‬‫العام‪ .‬وهذا يتعارض مع روح إستراتيجية مكافحة فيروس نقص‬ ‫تنص على أن الصحة حق لكل‬ ‫المناعة والمادة ‪ 38‬من الدستور التي‬ ‫ّ‬ ‫إنسان‪.‬‬ ‫ ال يستفيد السجناء الخاضعون لقانون تنظيم السجون عملي ًا‬‫من الحقوق التي يمنحها الدستور؛ مثل الحق في التكتم على حالة‬ ‫اإلصابة بفيروس نقص المناعة أو في االنفصال عن بقية المحتجزين‪.‬‬

‫التوصيات المتعـلقة باإلطار القانوني‪:‬‬ ‫على الرغم من التقدم الذي تم إحرازه في مجال حقوق اإلنسان‬ ‫بشكل عام‪ ،‬المؤسف أنه ال تزال هناك أحكام تعيق حقوق األشخاص‬ ‫المتعايشين مع الفيروس‪ .‬وللتغلب على هذه المشكلة تم اقتراح‬ ‫التوصيات التالية المتعلقة بشكل ومحتوى النصوص‪( :‬لكن دعونا‬ ‫أو ًال نؤكد قبل ذلك على الضرورة الملحة إلنشاء المحكمة الدستورية‬ ‫وتطبيق أفضل لحقوق المصابين بفيروس نقص‬ ‫تفسير‬ ‫من أجل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫المناعة)‪.‬‬ ‫من حيث الشكـــل‪:‬‬ ‫ اعتماد فصل خاص بفيروس نقص المناعة والسيدا ضمن قانون‬‫‪ 71-93‬يوضح إجراءات الوقاية والعالج والمتابعة والتقييم وحقوق‬ ‫الفئات المستهدفة ودور الجمعيات غير الحكومية في المجال‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫ اعتماد قانون خاص بالمتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية‬‫باإلضافة إلى الفئات السكانية المستهدفة مخصص بالكامل لحقوق‬ ‫اإلنسان‪.‬‬

‫من حيث المحتوى‪:‬‬ ‫مراجعة النصوص القانونية المختلفة المتعلقة بفيروس نقص المناعة‬ ‫وحقوق الحاملين له وتكييفها مع المتطلبات الدستورية واالتفاقيات‬ ‫والمعاهدات الدولية‪:‬‬ ‫ الدعم الكامل وتأمين الحقوق االجتماعية للمتعايشين مع الفيروس‬‫سواء كانوا تونسيين أم ال‪.‬‬ ‫ إضافة السيدا إلى قائمة األمراض المزمنة التي يعتمدها الصندوق‬‫الوطني للضمان االجتماعي‪.‬‬

‫ اعتبار المتعايشين مع الفيروس من بين األشخاص ذوي األولوية‬‫للحصول على السكن االجتماعي‪.‬‬ ‫ الحظر الواضح للوصم والتمييز ضد المتعايشين مع الفيروس مع‬‫تحديد العقوبات المناسبة‪.‬‬ ‫ حظر أي فصل أو عمل تمييزي ضد المتعايشين مع الفيروس في‬‫مواطن الشـغـل‪.‬‬ ‫ تعزيز الحقوق المدنية والسياسية للمتعايشين مع الفيروس وحماية‬‫البيانات المتعلقة بحياتهم الخاصة‪.‬‬ ‫ اعتبار جمعيات المتعايشين مع فيروس نقص المناعة على أنها ذات‬‫مصلحة عامة‪.‬‬ ‫إزالة العقوبات غير المبررة عن هذه المجموعات السكانية المستهدفة‪:‬‬ ‫ المشتغالت بالجنس‪ :‬إلغاء تجريم هذا العمل واالكتفاء بقانون‬‫مكافحة االتجار بالبشر والقضاء على العنف ضد المرأة‪.‬‬ ‫ بالنسبة للمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية‬‫ُ‬ ‫والخناثى‪ ،‬يلغي تجريم المثلية الجنسية ويسمح بتغيير الجنس وتعديل‬ ‫الهوية الجنسية التي تتماشى مع الجنس الجديد‪.‬‬ ‫‪18‬‬

‫ بالنسبة لمتعاطي المخدرات‪ ،‬تعديل النصوص من أجل نهج وقائي‬‫وعالجي والتركيز على المتاجرين بالمخدرات بد ًال من المستهلكين‪.‬‬

‫تعزيز حقوق المرأة كما ورد في الدستور‪:‬‬ ‫ إقامة سلطة أبوية على قدم المساواة بين الوالدين‪.‬‬‫ إقامة مساواة تامة في اإلرث‪.‬‬‫ ضمان حرية اختيار الزوج بغض النظر عن معتقده‪.‬‬‫دعم مكانة الطفل‪:‬‬ ‫ حظر عمل األطفال دون استثناء قبل سن الثامنة عشر‪.‬‬‫وسن الزواج واالعتراف بالحق في التربية‬ ‫سن الرشد‬ ‫ّ‬ ‫ التمييز بين ّ‬‫الجنسية الشاملة‪.‬‬ ‫ مراجعة قانون حماية الطفل إلدماج مفهوم «األطفال ضحايا‬‫االستغالل الجنسي»‪.‬‬ ‫ التفكير في أماكن أخرى إلقامة األطفال تكون ذات قبول نفسي‬‫أفضل‪.‬‬ ‫االعتراف الواضح بحقوق المهاجرين‪:‬‬ ‫ تكييف حقوق اإلنسان لألجانب وخاصة الحق في الصحة بما‬‫يتماشى مع التطورات الدستورية والمواثيق والمعاهدات الدولية‪.‬‬ ‫ وضع أنظمة تضمن الحقوق األساسية للمهاجرين وتدين جميع‬‫أشكال العنصرية والحواجز التي تحول دون الوصول إلى الخدمات‬ ‫الصحية‪.‬‬ ‫حماية المصابين بفيروس نقص المناعة في مراكز الحبس‬ ‫االحتياطي مع تدريب الموظفين على‪:‬‬ ‫ حماية المعلومات المتعلقة بالحالة المصلية لفيروس نقص‬‫المناعة‪.‬‬ ‫ ضمان الرعاية والعالج المجاني لجميع السجناء بمن فيهم‬‫األجانب‪.‬‬ ‫ حماية المتعايشين مع الفيروس من االعتداء والوصم‪.‬‬‫‪19‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪2‬‬

‫فــــــــــهرس‬


‫تمهيد عام‬

‫‪..................................................................................................‬‬

‫‪27‬‬

‫الباب األول‪ :‬حقوق اإلنسان وحقوق األشخاص المتعايشين مع‬ ‫فيروس نقص المناعة البشري في المنظومتين الدولية والتونسية ‪29‬‬

‫‪ - 2‬تجريم المثـليات والمثـليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية‬ ‫الجنسانية والعابرين جنسيا ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪55‬‬

‫‪..................................‬‬

‫‪56‬‬ ‫‪56‬‬

‫‪.........................................................‬‬

‫‪30‬‬

‫‪ - 3‬تجريم عامالت وعملة الجنس خارج اإلطار القانوني‬

‫‪..............................................................................‬‬

‫‪30‬‬

‫و ‪ -‬قانون تمييزي‪ ،‬ال يضمن كرامة األشخاص‬

‫‪............................................‬‬

‫‪........................................................‬‬

‫‪33‬‬

‫‪ - 1‬النساء أغلبية ولكنهن األكثر عرضة للتمييز‬

‫‪............................................‬‬

‫‪57‬‬

‫‪..............................................‬‬

‫‪36‬‬

‫فــــــــرع ‪ :2‬موقع حقوق اإلنسان في المنظومتين التونسية‬ ‫والدولية‬

‫‪ - 2‬األطفال‪ ،‬حماية منقوصة‬

‫‪.........................................................................‬‬

‫‪57‬‬

‫‪40‬‬

‫‪...................................‬‬

‫‪58‬‬

‫‪..............................................‬‬

‫‪40‬‬

‫‪...........................................................................‬‬

‫‪59‬‬

‫فــــــــرع ‪ :1‬منظومة حقوق اإلنسان‬ ‫والمكونات‬ ‫‪ .1‬المفهوم‬ ‫ّ‬

‫المؤسسة لحقوق اإلنسان‬ ‫‪ .2‬المبادئ‬ ‫ّ‬

‫‪ .3‬النصوص األولى المتعلقة بحقوق اإلنسان‬

‫‪ .1‬موقع تونس من منظومة حقوق اإلنسان‬

‫فــــــــــــرع ‪ :3‬المنظومة الدولية لحقوق اإلنسان في إطار فيروس‬ ‫نقص المناعة البشري وحقوق المتعايشين مع الفيروس ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪ .1‬ما هي صلة حقوق اإلنسان بفيروس نقص المناعة البشرية والسيدا‬

‫‪....‬‬

‫‪ .2‬ما هو النهج القائـم على حقوق اإلنســان في مواجـهـة فيـروس نقص‬ ‫المناعــة البشـريـة والسيدا‬

‫‪.........................................................................‬‬

‫الباب الثاني‪ :‬حقوق األشخاص المتعايشين مع الفيروس في‬ ‫المنظومة التونسية ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪42‬‬ ‫‪42‬‬

‫‪ - 4‬نظام االحتجاز والسجن‬

‫الباب الثالث‪ :‬التوصيات المالئمة لـلتشريعات التونسية مع ما‬ ‫تقتضيه منظومة حقوق اإلنسان ‪61 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪ .1‬وجوب تعديل القانون عدد ‪ 71‬لسنة ‪ 1992‬المؤرخ في ‪ 27‬سبتمبر‬ ‫‪ 1992‬المتعلق باألمراض السارية ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪ .1.1‬على مستوى الـــشكل‬

‫‪...........................................................................‬‬

‫‪62‬‬ ‫‪62‬‬

‫‪44‬‬ ‫‪47‬‬

‫‪ .2‬إلغاء العقوبات الغير مبررة تجاه األشخاص األكثر عرضة لإلصابة‬ ‫بفيروس نقص المناعة البشري ‪64 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪ .1.2‬بالنسبة للعامالت بالجنس‬

‫‪...................................................................‬‬

‫‪65‬‬

‫‪.....................................‬‬

‫‪50‬‬

‫‪...................................‬‬

‫‪50‬‬

‫‪ .2.2‬بالنسبة للمثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية‬ ‫الجنسانية والعابرين جنسيا ‪65 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪........................‬‬

‫‪50‬‬

‫‪ .3.2‬بالنسبة لمتعاطي المخدرات المحقونة‬

‫‪...............................................‬‬

‫‪51‬‬

‫‪ .3‬إلغاء كل أشكال التمييز‬

‫‪.........................................‬‬

‫‪52‬‬

‫‪ .1.3‬إلغاء كل أشكال التمييز ضد المرأة‬

‫‪......................‬‬

‫‪53‬‬

‫‪ .2.3‬دعم حقوق األطفال‬

‫ب ‪ -‬مآخذ هذا اإلطار القانوني العام‪ :‬عدم التناسق‬

‫ج ‪ -‬الحقوق االجتماعية للمتعايشين مع الفيروس‬

‫‪ - 1‬حق المتعايشين مع الفيروس في الصحة والتأمين الصحي‬ ‫‪ - 2‬الحق في العمل للمتعايشين مع الفيروس‬

‫‪ - 3‬المهاجرون والمهاجرات‪ ،‬منسيّون وضحايا للتمييز‬

‫‪ .2.1‬على مستوى المضمون‪ :‬دعم حقوق المتعايشين مع فيروس نقص‬ ‫المناعة البشري ‪63 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫أ ‪ -‬اإلطار القانوني «الخاص»‪ :‬القانون ‪ 71-92‬المؤرخ في ‪ 27‬سبتمبر ‪48 1992‬‬

‫‪ - 3‬حق المتعايشين مع الفيروس في تكوين أسرة‬

‫‪ - 1‬فيروس نقص المناعة البشري وحماية الخصوصية‬

‫‪.................................................‬‬

‫‪.......................................................................‬‬

‫‪65‬‬ ‫‪66‬‬

‫‪........................................................‬‬

‫‪66‬‬

‫‪...............................................................................‬‬

‫‪66‬‬

‫‪..................................‬‬

‫‪53‬‬

‫‪ .3.3‬االعتراف الصريح بحقوق المهاجرين والمهاجرات‬

‫‪....................................‬‬

‫‪67‬‬

‫‪..........‬‬

‫‪54‬‬

‫‪.....................‬‬

‫‪54‬‬

‫‪ .4.3‬مزيد من الحماية للمتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشري داخل‬ ‫السجون ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . : . . . . . . .‬‬

‫‪69‬‬

‫‪........................‬‬

‫‪55‬‬

‫د ‪ -‬الحقوق المدنية والسياسية للمتعايشين مع الفيروس‬

‫‪ - 2‬فيروس نقص المناعة البشري والحق في الحصول على المعلومات‬ ‫‪ - 3‬األشخاص المتعايشين مع الفيروس وحرية تكوين الجمعيات‬ ‫‪22‬‬

‫‪ - 1‬المقاربة القمعـية فيما يتعلق باستهالك المخدرات‬

‫‪................................‬‬

‫‪55‬‬

‫هـ ‪ -‬قانون يعاقب الفئات الضعيفة واألكثر عرضة لإلصابة‬

‫‪23‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪2‬‬

‫تمهـــــــيد عـــــــام‪:‬‬


‫مرت أكثر من ‪ 29‬سنة على صدور القانون عدد ‪ 71‬لسنة ‪1992‬‬ ‫المؤرخ ‪ 27‬سبتمبر ‪ 1992‬المتعلق باألمراض السارية‪ ،‬وتكوين‬

‫أول جمعية تونسية تهدف من خالل نشاطها إلى الحد من اإلصابة‬ ‫بفيروس نقص المناعة البشري وجميع األمراض السارية األخرى‪،‬‬ ‫وبالرغم من ذلك يبقى القانون التونسي قانونا غير متناسق في هذا‬ ‫المجال‪.‬‬

‫تـــمهيد عـــام‬

‫إذ لم يأخذ القانون التونسي بعين االعتبار الوضع الخصوصي‬ ‫للمتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشري‪ .‬وينعكس ذلك‪،‬‬ ‫من جهة أولى‪ ،‬من خالل النص الخاص أي القانون المتعلق باألمراض‬ ‫السارية ومن جهة ثانية‪ ،‬من خالل النصوص العامة التي تنطبق‬ ‫بحكم طبيعتها على جميع الحاالت بصرف النظر عن خصوصيات‬ ‫فيروس العوز المناعي المكتسب‪.‬‬ ‫وبالرغم من التطورات المعتبرة في مجال حقوق اإلنسان وصدور‬ ‫دستور ‪ 27‬جانفي ‪ 2014‬الحامي للحقوق والحريات وانخراط تونس‬ ‫في المنظومة الدولية لحقوق اإلنسان‪ ،‬ال يزال هناك عدد كبير من‬ ‫تحد من حقوق األشخاص المتعايشين مع‬ ‫األحكام القانونية التي‬ ‫ّ‬ ‫فيروس نقص المناعة البشري‪.‬‬

‫‪26‬‬

‫‪27‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪2‬‬

‫الباب األول‬

‫حقوق اإلنسان وحقوق المتعايشين‬ ‫مع فيروس نقص المناعة البشري‬ ‫في المنظومتين الدولية والتونسية‬


‫الباب األول‬

‫فرع ‪ :1‬منظومة حقوق اإلنسان‬ ‫والمكونات‬ ‫‪ )1‬المفهوم‬ ‫ّ‬ ‫يقصد بمنظومة حقوق اإلنسان‪ :‬كل الحقوق والحريات التي يتمتع‬ ‫بها اإلنسان ألنه إنسان ال غير بقطع النظر عن جنسه ولونه وعرقه‬ ‫وأصله ومنشأه ولغته ووضعه الصحي أو الجسدي أو الجنسي‪ ...‬فهي‬ ‫منظومة تقوم أساسا على مبدأي المساواة التامة والفعل ّية وعلى‬ ‫عدم التمييز وتهدف باألساس عن طريق آليات الحماية والوقاية إلى‬ ‫ضمان إنسانية اإلنسان أي كرامته اإلنسانية الجسدية والمعنوية‪.‬‬ ‫تشكلت منظومة حقوق اإلنسان بصفة تدريج ّية حيث ساهمت‬ ‫فيها كل الشعوب والحضارات على م ّر التاريخ لتبلغ مرحلة متقدمة‬ ‫منذ الحرب العالمية الثانية إلى اليوم من خالل تبني ميثاق األمم‬ ‫المتحدة والصكوك واآلليات التي عقبته‪.‬‬ ‫ تعريف حقوق اإلنسان‬‫حقوق اإلنسان هي حقوق متأصلة في الطبيعة البشرية ومضمونة‬ ‫لكل الناس مهما كانت جنسيتهم‪ ،‬مقر سكناهم‪ ،‬جنسهم‪،‬‬ ‫أصلهم اإلثــني أو القومي‪ ،‬لونهم‪ ،‬دينهم‪ ،‬لغتهم‪ ،‬جنسهم‪ ،‬هويتهم‬ ‫الجنسية أو أي وضع آخر‪ .‬وهي حقوق‪:‬‬ ‫ومكملة لبعضها البعض وغير قابلة للتجزئة والتصرف‬ ‫· مترابطة‬ ‫ّ‬ ‫ألنها تشكل وحدة متكاملة تكرس إنسانية اإلنسان في أبعاده‬ ‫الفردية والجماعية‬

‫‪30‬‬

‫· شاملة أي تشمل كل حقوق اإلنسان بمختلف أجيالها‪ :‬المدنية‬ ‫والسياسية‪ ،‬االقتصادية واالجتماعية والثقافية والبيئية والتنموية‬ ‫والتي تشمل كل األشخاص (األفراد) وكل المجموعات دون تمييز‬

‫ألن إقرار حقوق اإلنسان لكل شخص ولكل‬ ‫· غير قابلة للتراجع ّ‬ ‫مجموعة هو حق وليس امتيازا‪ ،‬ولذا ال يمكن رفض حق إنساني ألي‬ ‫إنسان وال يمكن لمنظومة وطنية أن تتراجع عن حقوق إنسانية‬ ‫أقرتها أو اعترفت بها سابقا‬ ‫· مك ّرسة ومضمونة في قواعد قانونية محلية كالدساتير‬ ‫والقوانين ودولية مثل االتفاقيات الدولية واإلعالنات والتوصيات‬ ‫والعرف الدولي والمبادئ الدولية العامة وبقية مصادر القانون الدولي‪.‬‬ ‫ تطور حقوق اإلنسان‬‫حقوق اإلنسان في تطور مستمر عبر العالم منذ صدور اإلعالن‬ ‫العالمي لحقوق اإلنسان في ‪ 10‬ديسمبر ‪ 1948‬ثم العهدين الدوليين‬ ‫الخاصين‪ :‬األول بالحقوق المدنية والسياسية والثاني بالحقوق‬ ‫ّ‬ ‫االقتصادية واالجتماعية والثقافية (في ‪ 16‬ديسمبر ‪ )1966‬وخاصة‬ ‫بعد انعقاد المؤتمرات الدولية بشأن حقوق اإلنسان لسنة ‪ 1968‬ثم‬ ‫سنة ‪1993‬‬ ‫‪ :1968‬انعقد المؤتمر الدولي األول حول حقوق اإلنسان في طهران‬ ‫(إيران) وأبرز أهمية حقوق اإلنسان وضرورة االلتزام بها والعمل على‬ ‫احترامها في ترابطها وكون ّيتها وعدم تجزئتها(((‪.‬‬ ‫وقد أكد هذا المؤتمر في الفقرة األولى من اإلعالن الذي أصدره‪ « :‬أن‬ ‫من الواجبات التي ال مفر منها أن يفي جميع أعضاء المجتمع الدولي‬ ‫بااللتزامات التي أخذوها على أنفسهم أمام المأل بالعمل والتشجيع‬ ‫على احترام ما للجميع من حقوق اإلنسان والحريات األساسية دون‬ ‫ما تمييز ألي سبب كالعنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو‬ ‫الرأي السياسي وغير السياسي»‪.‬‬ ‫كما أقر هذا المؤتمر في الفقرة ‪ 13‬من اإلعالن‪« :‬أنه نظرا لكون‬ ‫حقوق اإلنسان وحرياته األساسية غير قابلة للتجزئة‪ ،‬يستحيل‬ ‫التحقيق الكامل للحقوق المدنية والسياسية من غير التمتع بالحقوق‬ ‫االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ .‬فإنجاز تقدم مستديم في ميدان‬ ‫وضع حقوق اإلنسان موضع العمل الفعلي مرهون بسياسات وطنية‬ ‫‪ 1‬إعالن طهران كام أصدره املؤمتر الدويل حلقوق‬

‫اإلنسان يف طهران‪ ،‬رسميا‪ ،‬يف ‪ 13‬آيار‪/‬مايو ‪1968‬‬ ‫‪http://hrlibrary.umn.edu/arab/b006.html‬‬

‫‪31‬‬


‫ودولية سليمة وفعالة على صعيد التنمية االقتصادية واالجتماعية»‬

‫‪.‬‬

‫‪ :1993‬انعقد المؤتمر الثاني لحقوق اإلنسان بفيينا (النمسا) في‬ ‫جوان ‪ 1993‬وانتهى باعتماد إعالن وبرنامج عمل تبنى تصورا وتعريفا‬ ‫شامال وواسعا لحقوق اإلنسان يقوم على تأكيد‪:‬‬ ‫· عالمية حقوق اإلنسان التي تنتج من التزام الدول إذ «يؤكد المؤتمر‬ ‫العالمي لحقوق اإلنسان من جديد التزام جميع الدول رسميا بالوفاء‬ ‫بالتزاماتها المتعلقة بتعزيز احترام جميع حقوق اإلنسان والحريات‬ ‫األساسية للجميع ومراعاتها وحمايتها على الصعيد العالمي وفقا‬ ‫لميثاق األمم المتحدة والصكوك األخرى المتعلقة بحقوق اإلنسان‬ ‫والقانون الدولي‪ .‬وال تقبل الطبيعة العالمية لهذه الحقوق والحريات‬ ‫أي نقاش‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬يعتبر تعزيز التعاون الدولي في مجال حقوق‬ ‫اإلنسان أساسيا لتحقيق مقاصد األمم المتحدة تحقيقا كامال‪ .‬وإن‬ ‫حقوق اإلنسان والحريات األساسية هي حقوق يكتسبها جميع البشر‬ ‫بالوالدة‪ ،‬وإن حمايتها وتعزيزها هما المسؤولية األولي الملقاة على‬ ‫عاتق الحكومات»(((‪.‬‬ ‫· الترابط بين حقوق اإلنسان كما أكدته الفقرة الخامسة من‬ ‫هذا البرنامج‪« :‬جميع حقوق اإلنسان عالمية وغير قابلة للتجزئة‬ ‫ومترابطة ومتشابكة‪ ،‬ويجب على المجتمع الدولي أن يعامل حقوق‬ ‫اإلنسان علي نحو شامل وبطريقة منصفة ومتكافئة‪ ،‬وعلى قدم‬ ‫المساواة‪ ،‬وبنفس القدر من التركيز»(((‪.‬‬ ‫هكذا شملت حقوق اإلنسان كل الحريات األساسية وكل الحقوق‬ ‫المدنية والسياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ .‬كما‬ ‫أدمجت الحقوق الفردية ضمن الحقوق الجماعية مثل حق الشعوب‬ ‫في تقرير مصيرها‪ ،‬والحق في الديمقراطية والعدل والتنمية والبيئة‬ ‫السليمة‪.‬‬ ‫وفي نفس اإلعالن والبرنامج برزت العالقة بين الكرامة اإلنسانية‬ ‫‪ 2‬يمكن االطالع عىل مضمون الفقرة األوىل من برنامج عمل املؤمتر عىل الرابط التايل‪:‬‬ ‫‪32‬‬

‫!! ‪site infecté par un virus attention‬‬ ‫‪http://www.arabhumanrights.org/publications/unconf/wchr/vienna-program93a.htm‬‬

‫‪ 3‬الفقرة اخلامسة من نفس املرجع‪.‬‬

‫وعالمية حقوق اإلنسان وترابطها ببعضها البعض مع األخذ بعين‬ ‫االعتبار أهمية الخصوصيات الوطنية واإلقليمية ومختلف الخلفيات‬ ‫التاريخية والثقافية والدينية‪ ،‬في تعزيز وحماية جميع حقوق اإلنسان‬ ‫والحريات األساسية حسب ما جاء في الفقرة الخامسة من إعالن‬ ‫وبرنامج عمل مؤتمر فيينا‪.‬‬ ‫«جميع حقوق اإلنسان عالمية وغير قابلة للتجزئة ومترابطة‬ ‫ومتشابكة‪ ،‬ويجب علي المجتمع الدولي أن يعامل حقوق اإلنسان‬ ‫على نحو شامل وبطريقة منصفة ومتكافئة‪ ،‬وعلي قدم المساواة‪،‬‬ ‫وبنفس القدر من التركيز‪ .‬وفي حين أنه يجب أن توضع في االعتبار‬ ‫أهمية الخاصيات الوطنية واإلقليمية ومختلف الخلفيات التاريخية‬ ‫والثقافية والدينية‪ ،‬فإن من واجب الدول‪ ،‬بصرف النظر عن نظمها‬ ‫السياسية واالقتصادية والثقافية‪ ،‬تعزيز وحماية جميع حقوق‬ ‫اإلنسان والحريات األساسية»(((‪.‬‬ ‫و«يعتبر المؤتمر العالمي لحقوق اإلنسان أن تعزيز وحماية حقوق‬ ‫اإلنسان مسألة ذات أولوية بالنسبة إلى المجتمع الدولي‪ ،‬وأن المؤتمر‬ ‫يتيح فرصة فريدة إلجراء تحليل شامل لنظام حقوق اإلنسان الدولي‬ ‫وآللية حماية حقوق اإلنسان‪ ،‬بغية زيادة مراعاة تلك الحقوق علي وجه‬ ‫أكمل وبالتالي تعزيزها‪ ،‬على نحو منصف ومتوازن‪ ،‬ويؤكد أن جميع‬ ‫حقوق اإلنسان نابعة من كرامة اإلنسان وقدره المتأصلين فيه‪ ،‬وأن‬ ‫اإلنسان هو الموضوع الرئيسي لحقوق اإلنسان والحريات األساسية‪،‬‬ ‫وينبغي بالتالي أن يكون المستفيد الرئيسي وأن يشارك بنشاط في‬ ‫أعمال هذه الحقوق والحريات»‪.‬‬ ‫المؤسسة لحقوق اإلنسان‬ ‫‪ )2‬المبادئ‬ ‫ّ‬ ‫تعتمد النصوص الدولية على مجموعة من المبادئ والقيم التي‬ ‫ونفع َل مضمونها‪ .‬وتتمحور‬ ‫يجب فهمها حتى ندرك أهميتها‬ ‫ّ‬ ‫مجموعة المبادئ والقيم حـول‪:‬‬ ‫ مبدأ الكرامة اإلنسانية باعتبارها الشرط األول لتحقق إنسانية‬‫اإلنسان‪ .‬فاإلنسانية‪ ،‬كما يقول الكاتب الفرنسي دي فركوس‬ ‫«ليست حالة نحياها إنها كرامة نحققها»‪.‬‬ ‫‪ 4‬أنظر الفقرة اخلامسة من نفس املرجع‪.‬‬

‫‪33‬‬


‫ مبدأ المساواة وعدم التمييز باعتباره الشرط الثاني لتحقق‬‫إنسانية اإلنسان التي يكون فيها مساويا تماما لبقية بني جنسه دون‬ ‫أي تمييز على أساس الجنس أو اللون أو الدين أو األصل أو العرق‪ ...‬إلخ‬ ‫ّ‬

‫كذلك اعتمدت النصوص الدولية واإلقليمية على الكرامة اإلنسانية‬ ‫لمنع التعذيب والمعامالت ال ّ‬ ‫الإنسانية والعبودية والتمييز بمختلف‬ ‫أسسه والعنف المسلط على النساء وعلى ذوي اإلعاقة‪.‬‬

‫من المهم أن نب ّين باإلضافة إلى ما سبق أن الكرامة اإلنسانية‬ ‫تستعمل خاصة في المجال اإليتيقي ألنها مرتبطة بجوهر اإلنسان‬ ‫وتخص جميع الناس وال تقبل أي درجة من التمييز أو الهرمية بين‬ ‫البشر‪ .‬وفي هذا السياق‪ ،‬تفترض أن يُحترم كل إنسان دون شرط أو‬ ‫قيد مهما كان سنه أو جنسه أو وضعه الصحي والمعنوي أو دينه أو‬ ‫وضعه االجتماعي أو أصله العرقي أو ميوالته الجنسية‪.‬‬

‫وفي مجال البيوإيتيقا أو أخالقيات علم األحياء أي البيولوجيا‪ ،‬فإن‬ ‫النصوص الدولية احترمت الذات البشرية باسم الكرامة اإلنسانية‪.‬‬ ‫هذا ما يؤكده اإلعالن العالمي بشأن المجين البشري وحقوق اإلنسان‬ ‫الصادر عن منظمة اليونسكو سنة ‪ 1997‬أو اإلعالن العالمي ألخالقيات‬ ‫البيولوجيا وحقوق اإلنسان الصادر عن نفس المنظمة سنة ‪.2005‬‬

‫ العالقة بين حقوق اإلنسان والكرامة اإلنسانية‬‫إذا كنا نعتبر أنه من الضروري احترام الكائن البشري احتراما غير‬ ‫مشروط مهما كان سنه‪ ،‬جنسه‪ ،‬صحته الجسدية أو العقلية‪ ،‬دينه‪ ،‬أو‬ ‫وضعه االجتماعي فذلك يعود تحديدا إلى تلك القيمة المتأصلة فيه‬ ‫ولصفته اإلنسانية وهي قيمة الكرامة التي تحيل على إحدى الصفات‬ ‫يفسر أنها تنطبق على الجميع‬ ‫اللصيقة بالذات البشرية‪ .‬وهو ما‬ ‫ّ‬ ‫وأنها ال تقبل لذلك االستثناء باسم الخصوصيات الثقافية أو الفئات‬ ‫االجتماعية‪.‬‬ ‫ويكتسي مبدأ الكرامة قيمة هامة في القانون الدولي لحقوق‬ ‫اإلنسان ألنه يعتبر من أهم المبادئ المؤسسة لالتفاقيات الدولية‬ ‫ويؤسس كل الصكوك الدولية المتعلقة‬ ‫مثله مثل قيمة اإلنسان‬ ‫ّ‬ ‫بالموضوع‪.‬‬ ‫للمرة األولى في توطئة اإلعالن العالمي‬ ‫وقد ّ‬ ‫تم اعتماد هذا المبدأ ّ‬ ‫لحقوق اإلنسان لسنة ‪ 1948‬الذي أق ّر بما « لجميع أعضاء األسرة‬ ‫البشرية من كرامة أصيلة فيهم‪ ،‬ومن حقوق متساوية وثابتة‪،‬‬ ‫يشكل أساس الحرية والعدل والسالم في العالم»(((‪.‬‬ ‫كما ّ‬ ‫أكد في فصله األول أن كل الناس يولدون أحرارا ومتساويين‬ ‫في الحقوق والكرامة‪.‬‬

‫‪34‬‬

‫‪ 5‬اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان‪ .‬اعتمد ونرش عىل املأل بموجب قرار اجلمعية العامة لألمم املتحدة (د‪)3-‬‬ ‫املؤرخ يف ‪ 10‬ديسمرب ‪1948‬‬

‫‪https://www.un.org/ar/universal-declaration-human-rights/index.html‬‬

‫ مبدأ المساواة وعدم التمييز‬‫من مبدأ الكرامة ينبع آليا مبدأ المساواة بين الناس الذي أق ّره‬ ‫اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان في ما ّدته األولى « يولد جميع الناس‬ ‫أحرارا ً متساوين في الكرامة والحقوق»‪.‬‬ ‫وألن لكل إنسان‪ ،‬بمقتضى إنسانيته وحدها‪ ،‬الحق في العيش‬ ‫الكريم‪ ،‬فهو يتمتع بقيمة مساوية لكل إنسان مهما كانت حالته‬ ‫(غني أو فقير‪ ،‬ذي إعاقة أو غير حامل إلعاقة‪ ،‬متزوج أو غير متزوج‪،)...‬‬ ‫خصائصه البيولوجية (ذكر أو أنثى‪ ،‬طفل أو كهل)‪ ،‬حاالته االجتماعية‬ ‫(الجنس واألصل العرقي أو الدين‪ .)...‬فالناس جميعا مختلفون‬ ‫ولكنهم متساوون‪.‬‬ ‫ويمثل مبدأ المساواة التعبير األوضح عن كونية حقوق اإلنسان‬ ‫ألنه يقتضي أن يتم االعتراف بحقوق األشخاص دون اعتبار ألي وجه‬ ‫من أوجه االختالف‪.‬‬ ‫غير أن الممارسة أثبتت‪ ،‬في كل أنحاء العالم وفي أحيان كثيرة‪،‬‬ ‫للمس بمبدأ المساواة في الحقوق والواجبات بين‬ ‫أشكاال عديدة‬ ‫ّ‬ ‫المواطنين‪ .‬ولذلك اعتمد القانون الدولي لحقوق اإلنسان تدريجيا‬ ‫سلسلة من االتفاقيات الدولية التي تهدف إلى حماية حقوق األشخاص‬ ‫من انتهاكات بعينها مثل التعذيب واالختفاء ألقسري واالعتداء على‬ ‫الحقوق االقتصادية واالجتماعية‪...‬أو حماية فئات بعينها لتعرضهم‬ ‫لعدم المساواة والحيف والنتهاك حقوقهم مثل النساء واألطفال‬ ‫واألشخاص ذوي اإلعاقة والمهاجرين والمثليين وغيرهم‪.‬‬ ‫‪35‬‬


‫فما يخلق عدم المساواة في الحقوق هو التمييز أي عندما يقدم‬ ‫القانون اختالفات في الوضع القانوني لألشخاص كأن يمنح بعضهم‬ ‫امتيازات يحرم منها بقيتهم‪ .‬ولهذا السبب جاءت المادة الثانية من‬ ‫اإلعالن العالمي لمنع كل شكل من أشكال التمييز أيا كان أساسه‬ ‫أو مبرره‪:‬‬ ‫«لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا‬ ‫اإلعالن‪ ،‬دون أي تمييز‪ ،‬كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس‬ ‫أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر‪ ،‬أو األصل الوطني أو‬ ‫االجتماعي أو الثروة أو الميالد أو أي وضع آخر‪ ،‬دون أية تفرقة بين الرجال‬ ‫والنساء‪ .‬وفضال عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع‬ ‫السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد‬ ‫سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقال أو تحت الوصاية أو غير‬ ‫متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة ألي قيد من القيود»‪.‬‬ ‫أيضا تحتوي كل االتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان على‬ ‫تنص على مبدأ المساواة وتمنع التمييز مهما كان‬ ‫مادة أو أكثر‬ ‫ّ‬ ‫تنص‬ ‫أساسه وتضع مجموعة من التدابير واإلجراءات إللغائه‪ .‬كما‬ ‫ّ‬ ‫هذه االتفاقيات على بعض أشكال التمييز على وجه الذكر ال الحصر‪.‬‬ ‫وما فتئت قائمة أشكال التمييز تطول ليتم إدراج أمثلة جديدة في‬ ‫النصوص الدولية وذلك على ضوء تطور العقليات وتزايد األسئلة‬ ‫والقضايا التي تطرحها المجتمعات على نفسها‪.‬‬ ‫وتكون الدول‪ ،‬من خالل المصادقة على اتفاقية دولية تحتوي ما ّدة‬ ‫تك ّرس مبدأ المساواة وتمنع التمييز‪ ،‬ملزمة باحترام وضمان حقوق‬ ‫كافة األفراد ويقع على عاتقها تنفيذ جملة من االلتزامات المتعلقة‬ ‫بحقوق اإلنسان تجاه أي شخص يتواجد على ترابها وليس فقط تجاه‬ ‫مواطناتها ومواطنيها‪.‬‬

‫‪36‬‬

‫‪ )3‬النصوص األولى المتعلقة بحقوق اإلنسان‬ ‫ مـراحل التدوين القانوني لحقوق اإلنسان‪:‬‬‫لعبت المؤتمرات الدولية دورا أساسيا في التدوين القانوني لحقوق‬ ‫اإلنسان وتطوير الصكوك المتعلقة بها وذلك من خالل مسار يم ّر‬ ‫عادة بالمراحل التالية‪:‬‬

‫يتم إعداد اقتراح نص في البداية ويقع االشتغال عليه عادة‬ ‫‪‬‬ ‫صلب لجنة فرعية ضمن مجلس حقوق اإلنسان باألمم المتحدة‬ ‫ثم يقع توزيعه على كافة الدول والهيئات المعنية إلبداء الرأي فيه‪.‬‬ ‫بعد تلقي تلك اآلراء‪ ،‬تتم مراجعة النص على ضوءها‪.‬‬ ‫‪ ‬يمكن أن يفضي هذا النص إلى إعالن يدل على أن البلدان التي‬ ‫ّ‬ ‫وقعته تتبنى جملة من المبادئ ولكن ذلك يعتبر بمثابة إعالن نوايا‬ ‫من قبل الدول الموقعة وال ينجر عنه أي التزام قانوني لها‪.‬‬ ‫‪ ‬عادة ما يتطور اإلعالن ليتحول إلى اتفاقية أو معاهدة ملزمة‬ ‫للدول التي تصادق عليها‬ ‫‪ ‬أحيانا يقع إتمام االتفاقية ببروتوكول اختياري يع ّزز آليات مراقبة‬ ‫تنفيذ الدول اللتزاماتها وحماية الحقوق التي أقرتها االتفاقية‪.‬‬ ‫‪‬‬ ‫على هذا النحو‪ ،‬بعد قبول انضمام الدول لمنظمة األمم‬ ‫المتحدة من خالل توقيع ميثاق هذه المنظمة‪ ،‬تقوم الدول بتوقيع‬ ‫اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان (قانون غير ملزم للدول) الذي تو ّلدت‬ ‫عنه جملة من العهود واالتفاقيات الدولية لحقوق اإلنسان التي تصبح‬ ‫ملزمة بعد المصادقة عليها أو االنضمام إليها‬ ‫ ميثاق األمم المتحدة ‪:1945‬‬‫ميثاق األمم المتحدة هو معاهدة تأسيس المنظمة الدولية‬ ‫المدعوة األمم المتحدة‪ .‬وقـِّع ميثاق األمم المتحدة في ‪ 26‬جوان‬ ‫ّ‬ ‫‪ 1945‬في «سان فرانسيسكو» في ختام مؤتمر األمم المتحدة‬ ‫الخاص بنظام الهيئة الدولية وأصبح نافذا ً في ‪ 24‬اكتو بر ‪ 1945‬بعد أن‬ ‫صادق عليه األعضاء المؤسسون‪ :‬الصين‪ ،‬فرنسا‪ ،‬االتحاد السوفييتي‪،‬‬ ‫المملكة المتحدة والواليات المتحدة األمريكية وغالبية الدول‬ ‫الموقعة األخرى‪ .‬ويعتبر النظام األساسي لمحكمة العدل الدولية‬ ‫ٌّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جزءا متمما للميثاق‪.‬‬ ‫يحدد الميثاق أهداف ومقاصد األمم المتحدة ودورها في المحافظة‬ ‫على السلم واألمن وإنماء العالقات الودية بين األمم على أساس‬ ‫المساواة بين الشعوب وحقها بأن يكون لكل منها الحق في تقرير‬ ‫مصيرها وتحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات‬ ‫الصبغة االقتصادية واالجتماعية والثقافية واإلنسانية وعلى تعزيز‬

‫‪37‬‬


‫احترام حقوق اإلنسان والحريات األساسية للناس جميع ًا والتشجيع‬ ‫على ذلك إطالق ًا بال تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو الدين وال تفريق‬ ‫بين الرجال والنساء(((‪.‬‬ ‫كما ضبط الميثاق المبادئ التي تعمل على أساسها المنظمة‬ ‫والدول األعضاء وهي خاصة مبدأ المساواة في السيادة بين جميع‬ ‫أعضائها ويتكفل الدول األعضاء جميعا الحقوق والمزايا المترتبة على‬ ‫صفة العضوية حتى يقومون بااللتزامات التي أخذوها على أنفسهم في‬ ‫هذا الميثاق وفض نزاعاتهم الدولية بالوسائل السلمية واالمتناع‬ ‫في عالقاتهم الدولية عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها‬ ‫ضد سالمة األراضي أو االستقالل السياسي ألية دولة أو على أي وجه‬ ‫آخر ال يتفق ومقاصد «األمم المتحدة»‪..‬‬ ‫كما يقدم الميثاق خصائص العضوية في المنظمة ومختلف‬ ‫الهيئات العاملة في األمم المتحدة((( ودور مجلس األمن الدولي‬ ‫في تحقيق السالم الذي يمكنه عند قيام أي تهديد للسالم أو خرق‬ ‫للسالم‪ ،‬أو أي عمل عدواني» باتخاذ األعمال والتدابير والقرارات من‬ ‫أجل «إعادة السالم واألمن الدوليين»(((‪.‬‬ ‫ اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان ‪ :1948‬من اإلعالن العالمي‬‫لحقوق اإلنسان إلى أهم االتفاقيات المتعلقة بحقوق اإلنسان‪:‬‬ ‫إثر ظهور هذه المعاهدات العامة‪ ،‬صدرت العديد من االتفاقيات‬ ‫في مجاالت أخرى أكدت الحقوق التي اعترف بها العهدان‪ .‬كل هذه‬ ‫المعاهدات تتطلب مصادقة الدولة حتى تكتسي صبغة إلزامية‬ ‫وتدرج في سلم القواعد القانونية المحلية وتصبح نافذة‪.‬‬ ‫ أهم المعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان‪:‬‬‫توجد اليوم تسع اتفاقيات دولية كبرى متعلقة بحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫نذكرها فيما يلي‪:‬‬ ‫تمت بلورتها على‬ ‫· االتفاقية المتعلقة بإلغاء التمييز العنصري وقد ّ‬ ‫إثر الحرب العالمية الثانية‪ .‬تمنع هذه االتفاقية كل أشكال التمييز‬ ‫‪6‬‬

‫‪38‬‬

‫أنظر املادة األوىل من ميثاق األمم املتحدة‬

‫‪http://hrlibrary.umn.edu/arab/a001.html‬‬

‫‪ 7‬مجعيـة عامة وجملس أمن وجملس اقتصادي واجتامعي وجملس وصاية وحمكمة العدل الدولية وأمانة العامة‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫أنظر الباب السابع من امليثاق‬

‫العنصري الذي تمارسه الدول كما تلزمها بمقتضى المصادقة‬ ‫بحماية األفراد من التمييز الذي يس ّلطه عليهم الغير (‪.)1965‬‬ ‫· العهد الدولي الخاص بالحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‬ ‫(‪ )1966‬الذي يحمي الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‬ ‫ويعتبرها جزء ال يتجزأ من حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫· العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يحمي‬ ‫الحريات األساسية والمدنية والسياسية مثل الحق في التصويت‬ ‫والحق في الترشح وغيرها (‪.)1966‬‬ ‫· االتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة‬ ‫(‪.)1979‬‬ ‫· اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة‬ ‫القاسية أو الالإنسانية أو المهينة التي تمنع تلك الممارسات منعا‬ ‫مطلقا بما في ذلك أثناء الحرب أو التهديد المحدق بالدولة (‪.)1984‬‬ ‫· اتفاقية حقوق الطفل التي تدعو إلى اعتبار الطفل شخصا مكتمل‬ ‫الحقوق ومن الضروري تمكينه من المشاركة وإبداء الرأي في كل‬ ‫القضايا (‪.)1989‬‬ ‫· االتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين‬ ‫وأفراد أسرهم التي تبين العالقة بين حقوق اإلنسان والهجرة وتُعنى‬ ‫بالعمالة المهاجرة وهي قضية ما فتئت تكتسي أهمية بالغة عبر‬ ‫العالم (‪.)1990‬‬ ‫· اتفاقية حقوق األشخاص ذوي اإلعاقة التي تحتوي على إجراءات‬ ‫على الدول اتخاذها إلدماج األشخاص ذوي اإلعاقة في كافة مجاالت‬ ‫الحياة (‪.)2006‬‬ ‫· االتفاقية الدولية لحماية جميع األشخاص من االختفاء القسري‬ ‫التي تم تبنيها لحماية األشخاص الذي يتعرضون الختفاء يتسبب‬ ‫فيه أعوان الدولة وينكرونه وهي جريمة ضد اإلنسانية (‪.)2006‬‬ ‫مع العلم أن الدولة التونسية صادقت على كل هذه االتفاقيات‬ ‫الدولية باستثناء االتفاقية الدولية لحماية حقوق المهاجرين وأفراد‬ ‫أسرهم‪.‬‬

‫‪39‬‬


‫فـــــــرع ‪ :2‬موقع حقوق اإلنسان في المنظومتين التونسية‬ ‫والدولية‬ ‫‪ )1‬موقع تونس من منظومة حقوق اإلنسان‬ ‫ينص الدستور التونسي الصادر في ‪ 27‬جانفي ‪ 2014‬على أن الدستور‬ ‫جاء «تعبيرا عن تمسك شعبنا بالقيم اإلنسانية ومبادئ حقوق‬ ‫اإلنسان الكونية السامية‪ »...‬و«تأسيسا لنظام جمهوري ديمقراطي‬ ‫تشاركي في إطار دولة مدنية‪ ...‬تضمن فيه الدولة علوية القانون‬ ‫واحترام الحريات وحقوق اإلنسان‪( »...‬التوطئة)‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫وأكد الفصل ‪ 20‬أن «المعاهدات الموافق عليها من قبل المجلس‬ ‫النيابي والمصادق عليها أعلى من القوانين وأدنى من الدستور»‪.‬‬ ‫إجماال يمكن القول إن دستور الجمهورية الثانية قد ك ّرس أهم‬ ‫وأكد على مجموعة كبرى من الحقوق العامة‬ ‫مبادئ حقوق اإلنسان‬ ‫ّ‬ ‫والخاصة‪.‬‬ ‫كرسها الدستور‬ ‫‪ ‬مبادئ حقوق اإلنسان التي ّ‬ ‫على مستوى مبادئ حقوق اإلنسان‪ ،‬ك ّرس الدستور مبدأ المساواة‬ ‫في الحقوق والواجبات بين المواطنين والمواطنات (الفصل ‪،)21‬‬ ‫هذه المساواة تشمل « جميع المواطنين والمواطنات» (التوطئة)‬ ‫كما أكد مبدأ عدم التمييز‪ .‬فالمواطنون والمواطنات «سواء أمام‬ ‫القانون من غير تمييز» (الفصل ‪ )21‬وحمل الدولة مسؤولية حماية‬ ‫«كرامة الذات البشرية وحرمة الجسد» (الفصل ‪.)23‬‬ ‫‪ ‬الحقوق التي أقرها الدستور على أساس هذه المبادئ‬ ‫تشمل هذه الحقوق والحريات كل أجيال حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫‪40‬‬

‫تأكيد الحقوق المدنية والسياسية‪ :‬الحق في الحياة (فصل‬ ‫‪ )22‬الحق في الكرامة ومنع التعذيب (فصل ‪ )22‬حماية الحياة‬ ‫الخاصة وحرمة المسكن وسرية المراسالت واالتصاالت والمعطيات‬ ‫الشخصية (الفصل ‪ ،)24‬حرية اختيار مقر اإلقامة وحرية التنقل‬ ‫(الفصل ‪ ،)24‬المحاكمة العادلة وقرينة البراءة (فصل ‪ ،)27‬حرية الرأي‬ ‫والتعبير (الفصل ‪ ،)34‬تكوين األحزاب والجمعيات والنقابات (الفصل‬ ‫‪ .)35‬حرية الضمير والمعتقد والدين (فصل ‪.)6‬‬

‫تكريس الحقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ :‬وذلك‬ ‫بإقرار الحق في الصحة وفي التغطية االجتماعية (الفصل ‪ ،)38‬الحق‬ ‫في التعليم (الفصل ‪ )38‬الحق في العمل (الفصل ‪ ،)40‬الحق في‬ ‫الثقافة وحرية اإلبداع (الفصل ‪ ،)42‬الحق في الرياضة (الفصل ‪ ...)43‬إلخ‪.‬‬ ‫تكريس حقوق الجيل الثالث‪ :‬أكد الدستور التونسي الحق في‬ ‫الماء (الفصل ‪ )44‬والحق في بيئة سليمة ومتوازنة وفي سالمة‬ ‫المناخ والقضاء على التلوث (الفصل ‪ ،)45‬والحق في العدالة االجتماعية‬ ‫والتنمية المستدامة والتوازن بين الجهات (الفصل ‪ )12‬واالستغالل‬ ‫الرشيد للثروات الطبيعية (الفصل ‪.)12‬‬

‫إقرار حقوق بعض الفئات‪ :‬إلى جانب هذه الحقوق والحريات التي‬ ‫ك ّرسها الدستور وأقرها لكل المواطنين والمواطنات خص الدستور‬ ‫بعض الفئات االجتماعية بحماية معززة نظرا لحاجة هذه الفئات‬ ‫إلى حماية خاصة لهشاشتها أو لرغبة المجموعة الوطنية في‬ ‫إيجاد التوازن بين حقوق هذه الفئات وحقوق الفئات األخرى المكونة‬ ‫للمجتمع‪ ،‬من ذلك‪ :‬حماية حقوق الطفل‪( ،‬الفصل ‪ .)47‬حماية‬ ‫األشخاص ذوي اإلعاقة من كل تمييز (الفصل ‪ .)48‬حماية حقوق‬ ‫المرأة ودعم مكتسباتها (الفصل ‪.)46‬‬ ‫وقد تدعم هذا التكريس الدستوري للحقوق والحريات بمختلف‬ ‫أجيالها بمجموعة كبرى من المواثيق الدولية المصادق عليها‪.‬‬ ‫‪ ‬المواثيق الدولية المصادق عليها واالنخراط في منظومة‬ ‫حقوق اإلنسان‬ ‫الدولية المتعلقة بحقوق‬ ‫صادقت تونس على أغلب االتفاقيات ّ‬ ‫اإلنسان‪ ،‬مثل «العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية»‬ ‫و«العهد الدولي الخاص بالحـقوق االجتماعيـة واالقتصـاديـة‬ ‫والثقافية» و«اتفاقية القضاء على كل أشكال التميز العنصري»‬ ‫و«اتفاقية القضاء على كل أشكال التميز ضد المرأة» و«اتفاقية‬ ‫مناهضة التعذيب» و«اتفاقية حقوق الطفل» و«اتفاقية األشخاص‬ ‫ذوي اإلعاقة»‪...‬‬ ‫إلى جانب هذه االتفاقيات الدولية صادقت تونس على االتفاقيات‬ ‫اإلقليمية لحقوق اإلنسان (العربية واإلفريقية) ومنها خاصة «االتفاقية‬

‫‪41‬‬


‫اإلفريقية لحقوق اإلنسان والشعوب» وبرتوكولها المتعلق بحقوق‬ ‫المرأة‪ ،‬المصادق عليه مؤخرا في ‪ 6‬جوان ‪ 2018‬بموجب القانون عدد‬ ‫‪ 33‬لسنة ‪.2018‬‬ ‫وبمصادقتها على هذه االتفاقيات الدولية تنخرط تونس أيضا في‬ ‫اآلليات الدولية التعاقدية وغير التعاقدية التي تتابع مدى إنفاذ الدول‬ ‫لتعهداتها‪.‬‬ ‫ففي هذا اإلطار ترفع وتناقش تونس بصفة دورية أمام مجلس‬ ‫حقوق اإلنسان تقريرها الدوري الشامل حول وضعية حقوق اإلنسان‬ ‫فيها ومدى التزامها بتعهداتها‪( .‬آخر استعراض تم في ‪ 2‬ماي ‪)2017‬‬ ‫وتناقش تقاريرها المتخصصة أمام اللجان التعاقدية المختصة‪:‬‬ ‫لجنة حقوق الطفل‪ ،‬لجنة مناهضة التعذيب‪ ،‬لجنة حقوق المرأة‪...‬‬ ‫تعد تقاريرها حول مختلف‬ ‫هذا االستعراض يمكن تونس من أن ّ‬ ‫الحقوق ويمكنها عندئذ أن تتثبت في مدى احترامها اللتزاماتها‬ ‫الدولية من ناحية‪ ،‬ومدى متابعة ما تنجزه أو لم تنجزه الدولة‬ ‫التونسية وأن تتقدم لها بالمالحظات والتوصيات لتحسين حقوق‬ ‫اإلنسان بتكريسها وإنفاذها قانونا وواقعا‪.‬‬

‫فرع ‪ :3‬المنظومة الدولية لحقوق اإلنسان في إطار فيروس‬ ‫(((‬ ‫نقص المناعة البشري وحقوق المتعايشين مع الفيروس‬

‫يقصد بمنظومة حقوق اإلنسان في إطار فيروس نقص المناعة‬ ‫البشري وحقوق المتعايشين مع الفيروس‪ :‬كل الحقوق والحريات‬ ‫التي يتمتع بها المتعايشون مع الفيروس بقطع النظر عن جنسهم‬ ‫ولونهم وعرقهم وأصلهم ومنشأهم ولغتهم ووضعهم‬ ‫الجسدي أو الجنسي‪ ...‬ومدى انطباق مبدأي المساواة التامة والفعل ّية‬ ‫وعدم التمييز تجاههم ومدى تمتعهم بآليات الحماية والوقاية‬ ‫وضمان إنسانيتهم وكرامتهم الجسدية والمعنوية‪.‬‬ ‫‪ .1‬ما هي صلة حقوق اإلنسان بفيروس نقص المناعة البشرية ؟‬ ‫ترتبط حقوق اإلنسان ارتباط ًا وثيق ًا بانتشار فيروس نقص المناعة‬

‫‪42‬‬

‫‪ 9‬تم إعداد هنا الفرع من الوثيقة املرجعية باالعتامد عىل املرجع التايل‪« :‬اإليدز وحقوق اإلنسان» متوفر عىل‬ ‫الرابط التايل‪:‬‬

‫‪https://www.ohchr.org/AR/Issues/HIV/Pages/HIVIndex.aspx‬‬

‫البشرية وتأثيره على األفراد والمجتمعات حول العالم‪ .‬ويؤدي عدم‬ ‫احترام حقوق اإلنسان إلى زيادة انتشار الفيروس وتفاقم تأثيره‪ ،‬بينما‬ ‫ّ‬ ‫يحطم فيروس نقص المناعة البشرية‪ ،‬في الوقت نفسه‪ ،‬التقدم‬ ‫المحرز في إعمال حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫هذه الصلة واضحة بين اإلصابة بالفيروس ومدى انتشاره بين مختلف‬ ‫الفئات‪ .‬وهي مرتبطة بـطبيعة الوباء واألحوال االجتماعية والقانونية‬ ‫واالقتصادية السائدة‪ ،‬وبصفة خاصة من يعيشون في فقر من النساء‬ ‫واألطفال‪ .‬والمالحظ أيضا أن العبء الثقيل للوباء تتحمله البلدان‬ ‫النامية التي يهدد فيها المرض بالقضاء على اإلنجازات الجوهرية‬ ‫المحققة في مجال التنمية البشرية‪.‬‬ ‫وتبرز العالقة بين فيروس نقص المناعة البشرية وحقوق اإلنسان‬ ‫في ثالثة مجاالت‪:‬‬ ‫‪ .1.1‬التعرض لإلصابة بالفيروس‪ :‬توجد فئات أكثر عرضة‬ ‫لإلصابة بالفيروس بسبب عدم قدرتها على إعمال حقوقها المدنية‬ ‫والسياسية واالقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ .‬وعلى سبيل المثال‪،‬‬ ‫فإن األشخاص المحرومين من حق تكوين الجمعيات والحق في‬ ‫الحصول على المعلومات قد يُمنعون من مناقشة المسائل‬ ‫المتعلقة بفيروس نقص المناعة البشرية‪ ،‬والمشاركة في منظمات‬ ‫تقديم الخدمات المتعلقة بالسيدا وجماعات المساعدة الذاتية‪،‬‬ ‫واتخاذ تدابير وقائية أخرى لحماية أنفسهم من اإلصابة بفيروس‬ ‫نقص المناعة البشرية‪ .‬وتبقى النساء‪ ،‬وخاصة الشابات‪ ،‬معرضات‬ ‫بدرجة أكبر لإلصابة إذا لم يكن بوسعهن الحصول على المعلومات‬ ‫والتعليم والخدمات الضرورية لتأمين صحتهن الجنسية واإلنجابية‬ ‫إن عدم تساوي وضع المرأة مع وضع الرجل في‬ ‫والوقاية من اإلصابة‪ّ .‬‬ ‫المجتمع يعني أيض ًا تقويض لقدرتها على التفاوض في سياق النشاط‬ ‫الجنسي‪ .‬وكثيرا ً ما ال يكون في مقدور الفقراء الحاملين للفيروس‬ ‫الحصول على الرعاية الصحية واألدوية المضادة للفيروسات وتلك‬ ‫المستعملة لعالج التعفنات االنتهازية‪.‬‬ ‫‪ .2.1‬التمييز والوصم‪ :‬كثيرا ً ما تُنتهك حقوق األشخاص‬ ‫المصابين الحاملين للفيروس بسبب حالة إصابتهم‪ ،‬المفترضة‬

‫‪43‬‬


‫أو المعروفة‪ ،‬مما يتسبب في تكبدهم عبء المرض وكذلك ما يترتب‬ ‫عليه من فقدان حقوق أخرى‪ .‬والوصم والتمييز قد يحوالن دون حصولهم‬ ‫على العالج وقد يضران بحقهم في العمل وحقهم في السكن وغيرهما‬ ‫من الحقوق‪ .‬ويسهم هذا‪ ،‬بدوره‪ ،‬في تعرض أنـاس آخرين لإلصابة بالنظر‬ ‫إلى أن الوصم والتمييز اللذ ْيـن يتعرضون لهما يثنيهم عن طلب الخدمات‬ ‫الصحية واالجتماعية‪ .‬والنتيجة هي أن أشد األشخاص احتياج ًا إلى المعلومات‬ ‫والتعليم والمشورة ال يمكنهم االستفادة من هذه الخدمات حتى عندما‬ ‫تكون متوفرة‪.‬‬ ‫‪ .3.1‬الحرمان من االستجابة الفعالة‪ :‬تتعثر استراتيجيات التصدي للوباء‬ ‫في بيئة ال تُحترم فيها حقوق اإلنسان‪ .‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬فإن التمييز‬ ‫ضد الفئات األكثر عرضة لإلصابة ووصمها‪ ،‬مثل متعاطي المخدرات‬ ‫بالحقن والمشتغلين بالجنس والرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال‪،‬‬ ‫يدفعانها إلى التخفي‪ .‬وهذا مـا يكبح القدرة على الوصول إلى هذه الفئات‬ ‫السكانية وتمكينها من مستلزمات الوقاية‪ ،‬ويزيد بالتالي من تعرضها‬ ‫لإلصابة بــــالـــــفيروس‪ .‬وبالمثل‪ ،‬فإن عدم توفير إمكانية الحصول‬ ‫على التعليم والمعلومات المتعلقة بالوقاية أو بخدمات العالج والرعاية‬ ‫والدعم يزيد من حدة الوباء وانتشاره‪ .‬وهذه العناصر هي مكونات ضرورية‬ ‫لمواجهة فعالة للسيدا‪ ،‬وهي مواجهة تتعثر إذا لم تُحترم هذه الحقوق‪.‬‬

‫‪44‬‬

‫‪ .2‬ما هو النهج القائم على حقوق اإلنسان في مواجهة فيروس‬ ‫نقص المناعة البشرية والسيدا ؟‬ ‫عندما تكون لدى األفراد والجماعات القدرة على ممارسة حقوقهم‬ ‫في التعليم‪ ،‬وحرية تكوين الجمعيات‪ ،‬والحصول على المعلومات وعدم‬ ‫التمييز‪ ،‬تقل التأثيرات الشخصية والمجتمعية لفيروس نقص المناعة‬ ‫البشرية‪ .‬وحيثما توجد بيئة مفتوحة وداعمة للمتعايشين مع الفيروس‪،‬‬ ‫وحيثما تجري حمايتهم من التمييز ويعالجون بكرامة وتوفر لهم إمكانية‬ ‫العالج والرعاية والدعم‪ ،‬وحيثما يتوقف الوصم الناتج عن السيدا‪ ،‬يكون‬ ‫من األرجح أن يسعى األفراد طواعـية إلى إجراء االختبار الالزم بغية معرفة‬ ‫حالتهم‪ .‬الذين تثبت إصابتهم بالفيروس قد يتعاملون بدورهم‪ ،‬مع‬ ‫حالتهم بمزيد من الفعالية‪ ،‬وذلك بالتماس وتلقي العالج والدعم النفسي‪،‬‬ ‫وباتخاذ التدابير الالزمة لمنع انتقال الفيروس إلى غيرهم‪ ،‬وبذلك يقلصون‬ ‫من تأثير الفيروس على أنفسهم وعلى غيرهم‪.‬‬

‫ومن ثم‪ ،‬فإن حماية وتعزيز حقوق اإلنسان ضروريان في منع انتشار‬ ‫الفيروس والتخفيف من التأثير االجتماعي واالقتصادي للجائحة‪.‬‬ ‫ولهذا ثالثة أسباب‪:‬‬ ‫ أو ًال‪ :‬يحد تعزيز وحماية حقوق اإلنسان من التعرض لإلصابة‬‫بالعدوى بفيروس نقص المناعة البشرية وذلك بمعالجة أسبابه‬ ‫الجذرية‪.‬‬ ‫ ثاني ًا‪ :‬يقل األثر الضار على المصابين والمتأثرين بفيروس نقص‬‫المناعة البشرية‪.‬‬ ‫ ثالث ًا‪ :‬تجعل حماية حقوق اإلنسان األفراد والجماعات قدرة أكبر‬‫على التصدي للجائحة‪.‬‬ ‫ومن ثم‪ ،‬فإن المواجهة الفعالة يجب أن تستند إلى احترام جميع‬ ‫الحقوق المدنية والثقافية السياسية واالقتصادية واالجتماعية‬ ‫والحق في التنمية‪ ،‬وفق ًا للمعايير والقواعد والمبادئ الدولية لحقوق‬ ‫اإلنسان‪.‬‬ ‫وتتحدد التزامات الدول بتعزيز وحماية حقوق اإلنسان المتصلة‬ ‫بفيروس نقص المناعة البشرية بالمعاهدات الدولية القائمة‪.‬‬ ‫وتتضمن حقوق اإلنسان المتصلة بفيروس نقص المناعة البشرية‬ ‫من‪ :‬الحق في الحياة‪ ،‬وحق الفرد في الحرية وفي األمان على شخصه‪،‬‬ ‫والحق في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية‪،‬‬ ‫والحق في عدم التعرض للتمييز وفي الحماية المتساوية والمساواة‬ ‫أمام القانون‪ ،‬والحق في حرية التنقل‪ ،‬والحق في المسكن والتمتع‬ ‫به‪ ،‬والحق في الخصوصية‪ ،‬والحق في حرية التعبير والرأي‪ ،‬والحق في‬ ‫تلقي المعلومات ونقلها إلى اآلخرين بحرية‪ ،‬والحق في حرية تكوين‬ ‫الجمعيات‪ ،‬والحق في الزواج وتأسيس أسرة‪ ،‬والحق في العمل‪ ،‬والحق‬ ‫في المساواة في الحصول على التعليم‪ ،‬والحق في مستوى معيشي‬ ‫الئق‪ ،‬والحق في الضمان االجتماعي والمساعدة والرعاية االجتماعية‪،‬‬ ‫والحق في اإلسهام في التقدم العلمي وفي الحصول على الفوائد‬ ‫الناجمة عنه‪ ،‬والحق في المشاركة في الحياة العامة والثقافية‪ ،‬والحق‬ ‫في عدم التعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة‬ ‫القاسية أو الالإنسانية أو المهينة‪.‬‬

‫‪45‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪2‬‬

‫الباب الثاني‬

‫حقوق المتعايشين مع الفيروس‬ ‫في المنظومة التونسية‬


‫الباب الثاني‬

‫منه فيما يتعلق بالمجال الصحي وذلك دون توسيع نطاق تطبيقه‬ ‫على جميع الحقوق وعلى جميع الحريات‪ .‬إضافة إلى ذلك‪ ،‬ال نجد بهذا‬ ‫القانون أي ذكر للوصم الذي يطال المتعايشين مع هذا الفيروس‪.‬‬ ‫‪ - 1‬ينص هذا القانون على عدد من المبادئ والتدابير التي ستشكل‬ ‫إطارا شامال لحقوق اإلنسان الخاصة بالمتعايشين مع الفيروس‪ :‬مبدأ‬ ‫عدم التمييز‪ ،‬مبدأ الرعاية المجانية في مرافق الصحة العامة‪ ،‬واالختبار‬ ‫الالإسمي والمجاني في مراكز الصحة األساسية المخصصة لذلك‪.‬‬

‫لم يأخذ القانون التونسي بعين االعتبار الوضع الخصوصي‬ ‫للمتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشري‪ .‬وينعكس ذلك‪،‬‬ ‫من جهة أولى‪ ،‬من خالل النص الخاص أي القانون رقم ‪ 71-92‬المؤرخ‬ ‫‪ 27‬سبتمبر ‪ 1992‬المتعلق باألمراض السارية‪ ،‬ومن جهة ثانية‪،‬‬ ‫من خالل النصوص العامة التي تنطبق بحكم طبيعتها على جميع‬ ‫الحاالت بصرف النظر عن خصوصيات فيروس نقص المناعة البشري‪.‬‬ ‫أ) اإلطار القانوني «الخاص»‪ :‬القانون ‪ 71-92‬المؤرخ في ‪27‬‬ ‫سبتمبر ‪1992‬‬

‫يتمثل اإلطار القانوني التونسي المتعلق بفيروس فيروس نقص‬ ‫المناعة البشري بشكل أساسي من خالل القانون عدد ‪ 72‬لسنة‬ ‫‪ 1992‬المؤرخ ‪ 27‬سبتمبر ‪ 1992‬المتعلق باألمراض السارية‪ ،‬المنقح‬ ‫بمقتضى القانون عدد ‪ 12‬لسنة ‪ 2007‬المؤرخ في ‪ 12‬فيفري ‪2007‬‬ ‫والذي تم تطبيقه بمقتضى األمر عدد ‪ 2451‬لسنة ‪ 1993‬المؤرخ ‪13‬‬ ‫ديسمبر ‪ .1993‬ويتميز هذا اإلطار القانوني بالخصائص التالية ‪:‬‬ ‫ ال يعتبر هذا القانون إطارا قانونيا خاصا فيروس نقص المناعة‬‫البشري فقط‪ ،‬بل هو قانون يتعلق بجميع األمراض السارية التي يعد‬ ‫فيروس نقص المناعة البشري واحدا منها‪.‬‬ ‫ الهدف الرئيسي من هذا القانون هو حماية النظام العام في بعده‬‫المتعلق بالصحة العامة من خطر انتشار األمراض السارية‪ .‬وال يزال‬ ‫القانون‪ ،‬إلى اليوم‪ ،‬يتسم باهتمامه باألمن الصحي أوال وقبل كل‬ ‫شيء‪.‬‬ ‫‪48‬‬

‫ يحد هذا القانون من مبدأ عدم التمييز من الحق في العالج‪.‬‬‫فبالرغم من كونه قانونا يؤكد على مبدأ عدم التمييز‪ ،‬إال أنه يحد‬

‫‪ - 2‬هناك أوجه قصور كثيرة في هذا القانون تعرقل التمتع بالحقوق‪:‬‬ ‫إذ أن هذا القانون هو قانون ذو نزعة طبية باألساس (خاصة من خالل‬ ‫استعمال عبارات كـ«المريض» و«المصاب» ‪ )...‬غير مرتكز على‬ ‫مقاربة حقوقية‪ .‬ويتضح ذلك من خالل البعد المتعلق صلبه بالرقابة‬ ‫(مثل اإلعالم الوجوبي والعقوبات المفروضة على األطباء واألشخاص‬ ‫المتعايشين مع الفيروس‪.)...‬‬ ‫‪ - 3‬ال يؤكد هذا القانون على مبدأ النفاذ الشامل للعالج‪ .‬فصحيح‬ ‫أن القانون يمنح األشخاص الذين يتلقون العالج في المؤسسات‬ ‫الصحية العامة رعاية كاملة ومجانية‪ ،‬إال أن مبدأ النفاذ الشامل غير‬ ‫معترف به بصفة صريحة صلب هذا القانون‪.‬‬ ‫‪ - 4‬يبقى مجال تطبيق هذا القانون مض ّيقا‪ .‬فتطبيق قانون ‪1992‬‬

‫خاصة فيما يتعلق بالحصول على العالج المجاني وتعميمه قد تم‬ ‫يحد من مجال تطبيق هذا المبدأ ويجعله حقا‬ ‫بواسطة مرسوم‬ ‫ّ‬ ‫مكرسا لذوي الجنسية التونسية المقيمين بتونس فقط وال ينطبق‬ ‫على األجانب إال في صور محدودة جدا‪.‬‬ ‫‪ - 5‬ال يزال قانون ‪ 1992‬حتى بعد تعديله سنة ‪ ،2007‬ينص على مبدأ‬ ‫اإلعالم الوجوبي‪ .‬فمبدأ السرية فيما يتعلق بالفحوصات الطبية ليس‬ ‫منصوصا عليه بوضوح في هذا القانون‪ ،‬وال يعتبر إال استثناء لإلعالم‬ ‫الوجوبي الذي يشكل المبدأ فيما يخص هذه الفحوصات‪.‬‬ ‫‪ - 6‬ال يزال قانون ‪ 1992‬صامتا بشأن مقاربة النوع االجتماعي‪،‬‬ ‫وخصوصية األطفال المتعايشين مع الفيروس أو المتضررين منه‪،‬‬ ‫وكذلك األشخاص األكثر عرضة لإلصابة به‪.‬‬ ‫‪ - 7‬ال يذكر هذا القانون إال بطريقة موجزة جدا مسألة الدعم النفسي‬

‫‪49‬‬


‫واالجتماعي للمتعايشين مع الفيروس أو المتأثرين به وال يشير إلى‬ ‫الخدمات القانونية المتعلقة بهم‪.‬‬ ‫ب) مآخذ هذا اإلطار القانوني العام‪ :‬عدم الـــتناسق‬

‫ال ينبغي أن يحجب قانون ‪ ،1992‬وهو اإلطار القانوني الذي ينطبق‬ ‫مباشرة عل المتعايشين مع الفيروس واألشخاص المتأثرين به‬ ‫وجود إطار قانوني إضافي يتألف من نصوص وأحكام عديدة تتعلق‬ ‫بالفيروس وحقوق المتعايشين معه والمتأثرين به‪ .‬وتشمل هذه‬ ‫األحكام الدستور التونسي المؤرخ ‪ 27‬جانفي ‪ 2014‬إضافة إلى بعض‬ ‫القوانين األساسية التي تم إقرارها مؤخرا من قبيل قانون مكافحة‬ ‫االتجار باألشخاص (‪ 3‬أوت ‪ ،)2016‬وقانون القضاء على العنف ضد‬ ‫المرأة (‪ 11‬أوت ‪ .)2017‬فهذه التطورات األخيرة في اإلطار القانوني‬ ‫التونسي (بعد سنة ‪ )2011‬تتعايش مع عديد القواعد القانونية األخرى‬ ‫التي تهتم بتغطية جميع جوانب حقوق اإلنسان المدنية والسياسية‬ ‫واالجتماعية واالقتصادية والثقافية‪ ...‬إذ أن بعض هذه النصوص‬ ‫قديم جدا مثل المجلة الجزائية لسنة ‪ ،1913‬وقانون األحوال‬ ‫الشخصية لسنة ‪ ،1957‬وقانون الشغل لسنة ‪ 1966‬وغيرها من‬ ‫القوانين التي اعتمدت بعد صدور قانون عام ‪ 1992‬بشأن األمراض‬ ‫السارية مثل مجلة حماية الطفولة لسنة ‪ ،1995‬وقانون حماية‬ ‫المعطيات الشخصية لسنة ‪ ،2004‬والمرسوم المتعلق بالجمعيات‬ ‫لسنة ‪....2011‬‬ ‫هذه المجموعة من النصوص ال تعكس مقاربة واضحة لمنظومة‬ ‫حقوق اإلنسان في تونس‪ .‬فالقراءة الجامعة للنصوص القديمة‬ ‫والحديثة‪ ،‬سواء منها تلك التي تعترف بحقوق اإلنسان أو تلك التي لم‬ ‫تتطور بعد وال زالت تضع قيودا على عدد كبير من الحقوق والحريات‪،‬‬ ‫ال ييسر مهمة الكشف عن وجود سياسة وطنية ضامنة لحقوق‬ ‫اإلنسان‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬فإن هذا اإلطار القانوني يؤثر بشكل مباشر على‬ ‫حقوق المتعايشين مع الفيروس والمتأثرين به‪.‬‬ ‫ج) الحقوق االجتماعية للمتعايشين مع الفيروس‬

‫‪ - 1‬حق المتعايشين مـــع الفيروس في الصحة والتأمين الصحي‪:‬‬ ‫‪50‬‬

‫يعترف الدستور التونسي‪ ،‬صلب الفصل ‪ ،37‬بالحق في الصحة لكل‬ ‫شخص‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬فإن النص في نسخته العربية يتحدث عن‬

‫«كل إنسان»‪ .‬ويعترف قانون ‪ 27‬سبتمبر ‪ 1992‬بالرعاية الصحية‬ ‫المجانية في مؤسسات الصحة العمومية فقط‪ .‬كما أن منشور‬ ‫وزيري الصحة العمومية والشؤون االجتماعية عدد ‪ 16‬لسنة ‪2001‬‬ ‫المؤرخ ‪ 28‬فيفري ‪ 2001‬يعطي الحق في الحصول على مضادات‬ ‫الفيروسات (‪ )Antirétroviraux‬بالنسبة للتونسيين المقيمين‬ ‫في تونس وفي المراكز االستشفائية والجامعية فقط‪ .‬كذلك‬ ‫بالنسبة للحق في الرعاية الصحية المجانية المعترف به للتونسيين‬ ‫المقيمين في تونس ال غير‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬فإن اإلصابة بالفيروس‪ ،‬يعتبر مرضا مزمنا‪ ،‬إال أنه‬ ‫غير مدرج في قائمة األمراض المزمنة التي وضعها الصندوق الوطني‬ ‫للتأمين على الصحة‪ ،‬وهو ما يحرم المتعايشين مع الفيروس من‬ ‫الحصول على االمتيازات المتعلقة بطبيعة األمراض المزمنة‪.‬‬ ‫‪ - 2‬الحق في العمل للمتعايشين مع الفيروس‪:‬‬ ‫يمكن أن تؤثر اإلصابة بالفيروس في الحصول على عمل واالحتفاظ‬ ‫به‪ .‬إذ يتوقف الحصول على عمل على الكفاءة البدنية للمرشح‪.‬‬ ‫وبالتالي فإن المترشح ملزم بالحصول على شهادة طبية تبرر‬ ‫كفاءته البدنية للقيام بالمهام المطلوبة منه والتي من أجلها طلب‬ ‫هذا الفحص الطبي الذي يشمل «الفحوص السريرية واإلشعاعية‬ ‫والمخبرية»‪ .‬حسب أحكام الفصل ‪ 61‬من مجلة الشغل‪.‬‬ ‫ولذلك‪ ،‬يطرح السؤال ما إذا كان يجوز إجراء اختبار للفيروس فيما‬ ‫يتعلق بالفحوصات الطبية المتصلة بالتوظيف؟ لذلك‪ ،‬هل يمكن‬ ‫رفض ملف طالب الشغل بسبب اإلصابة بهذا الفيروس ؟ في الحالة‬ ‫الراهنة للقانون التونسي‪ ،‬ال يوجد حكم يحظر هذه الشروط بوضوح‪.‬‬ ‫أما بالنسبة إلنهاء العالقة الشغلية‪ ،‬هل يمكننا أن نتصور أن‬ ‫اإلصابة بفيروس نقص المناعة البشري يمكن أن يمثل سببا لفسخ‬ ‫عقد العمل؟ وفي هذا اإلطار‪ ،‬ينتهي عقد العمل الممضى إلى مدة‬ ‫غير معينة‪ ،‬حسب الفصل ‪ 14‬من مجلة الشغل‪« ،‬بإرادة أحد الطرفين‬ ‫تبعا الرتكاب خطإ فادح من الطرف اآلخر»‪ .‬فال يمكن أن يكون الخطأ‬ ‫الفادح اإلصابة بالفيروس في حد ذاتها‪ .‬ولكن اإلصابة به يمكن أن‬ ‫تكون سببا الرتكاب خطإ فادح كالتغيب الغير مرخص فيه أو عدم‬

‫‪51‬‬


‫قدرة الشغيل على القيام بمهامه نتيجة الوهن الجسدي‪ .‬فالخطأ‬ ‫الفادح‪ ،‬حسب الفصل ‪ 14‬من مجلة الشغل‪ ،‬قد يكون «تعذر اإلنجاز‬ ‫الناتج إما عن أمر طارئ أو قوة قاهرة حدثت قبل أو أثناء تنفيذ العقد‬ ‫أو عن وفاة العامل‪.»...‬‬ ‫‪ - 3‬حق المتعايشين مع الفيروس في تكوين أسرة‪:‬‬

‫هل يمكن أن يتأثر الزواج بسبب اإلصابة بالفيروس ؟ يطرح السؤال‬ ‫أوال فيما يتعلق بعقد الزواج وثانيا على مستوى الطالق‪.‬‬ ‫ عقـد الزواج‪ :‬القانون رقم ‪ 46‬لسنة ‪ 1964‬المؤرخ ‪ 3‬نوفمبر‬‫‪ 1964‬المتعلق بالشهادة الطبية السابقة للزواج ينص‪ ،‬صلب‬ ‫فصله الثاني‪ ،‬على أنه «يجب أن توجه بصفة خاصة عناية الطبيب‬ ‫أثناء الفحص المنصوص عليه بالفصل السابق إلى اإلصابات المعدية‬ ‫واالضطرابات العصبية ونتائج اإلدمان على المشروبات الكحولية‬ ‫وغيرها من األمراض الخطرة وخاصة مرض السل ومرض الزهري‬ ‫بالنسبة للقرين وللذرية»‪ .‬فحسب أحكام هذا الفصل التي أتت على‬ ‫إطالقها‪ ،‬يمكن للطبيب أن يقوم بالتحاليل المتعلقة بالكشف عن‬ ‫اإلصابة بالفيروس‪.‬‬ ‫والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ما إذا كان للقرين الحق في‬ ‫معرفة الحالة الصحية لقرينه ؟‬ ‫تنص المادة ‪ 23‬من مجلة األحوال الشخصية على أنه «على ّ‬ ‫كل‬ ‫ويتجنب‬ ‫واحد من الزوجين أن يعامل اآلخر بالمعروف ويحسن عشرته‬ ‫ّ‬ ‫إلحاق الضرر به»‪ .‬وهذا الحكم يجبر األزواج على االمتناع عن إلحاق‬ ‫األذى ببعضهم البعض‪ .‬وال يمكن اعتبار نقل العدوى بالفيروس إال‬ ‫ضررا خطيرا‪ .‬وبالتالي فإنه من حق الزوج أو الزوجة معرفة ما إذا كان‬ ‫الشريك مصابا بأمراض تنتقل عن طريق االتصال الجنسي‪ .‬وعلى هذا‬ ‫األساس‪ ،‬يمكن للمتضرر منهما طلب الطالق‪.‬‬

‫‪52‬‬

‫ الطالق بسبب اإلصابة بالفيروس‪ :‬بالرجوع إلى الفصل ‪ 31‬من‬‫مجلة األحوال الشخصية‪ « ،‬يجب على ِكال الزوجين أن يتجنبا إلحاق‬ ‫الضرر ببعضهما البعض‪ .‬وفيما وقع الضرر‪ « ،‬يحكم بالطالق‪ ...‬بناء‬ ‫على طلب أحد الزوجين بسبب ما حصل له من ضرر»‪ .‬ويبدو من‬ ‫الواضح أن نقل الفيروس يعطي حتما الحق في الطالق والتعويض عن‬

‫األضرار المادية والمعنوية التي تكبدها أحد الشريكين نتيجة اإلصابة‬ ‫بالفيروس‪ ،‬وذلك شريطة أن يكون الشخص المصاب على بينة من‬ ‫وضعيته الصحية وأنه لم يقم بحماية شريكه‪.‬‬ ‫وفي هذه الوضعية‪ ،‬هل سيكون للحالة الصحية أي تأثير على حق‬ ‫الحضانة؟‬ ‫ الحضانة‪ :‬التي تقوم حسب الفصل ‪ 54‬من مجلة األحوال‬‫الشخصية على «حفظ الولد في مبيته والقيام بتربيته»‪ ،‬تتطلب أن‬ ‫يكون صاحب الحق في الحضانة مستوفيا لشروط معينة‪ .‬فوفقا‬ ‫للفصل ‪ 58‬من نفس المجلة‪ ،‬يجب أن يكون صاحب الحق في‬ ‫الحضانة «‪...‬سالما من األمراض المعدية‪ .»...‬وعلى هذا األساس‪،‬‬ ‫فإن تطبيق هذا الفصل ال يمكن أن يحرم الشخص المتعايش مع‬ ‫الفيروس من رعاية أطفاله‪ ،‬إذ أن انتقال الفيروس من شخص آلخر‬ ‫يتم بطرق ثـالث باإلمكان التوقي منها(‪ ،((1‬ولذلك فإنه من الممكن‬ ‫تربية الطفل وضمان حمايته حتى وإن كان الشخص المسؤول عنه‬ ‫حامال للفيروس‪.‬‬ ‫ الحق في زيارة الطفل والنظر في شؤونه‪ :‬يمكن أن يتأثر‬‫هذا الحق أيضا بحقيقة أن أحد الوالدين مصاب بالفيروس‪ .‬وعلى هذا‬ ‫المستوى‪ ،‬قد يتم الحد من هذه الحقوق بقرار من القاضي‪ ،‬إذا اقتضت‬ ‫مصلحة الطفل ذلك‪ .‬ويتماشى هذا اإلقرار مع مبدأ أساسي من‬ ‫مبادئ حقوق الطفل‪ ،‬أال وهو إعطاء األولوية لمصلحة الطفل‪ .‬وعلى‬ ‫هذا األساس‪ ،‬يمكن منع الوالدين من أي تواصل مع الطفل مما قد‬ ‫تؤدي كذلك إلى تقليص الوعي بحقوق الوالدين (الحضانة‪ ،‬الزيارة‪ ،‬الحق‬ ‫في النظر على شؤون الطفل‪ ،‬وما إلى ذلك)‪.‬‬ ‫د) الحقوق المدنية والسياسية للمتعايشين مع الفيروس‬

‫‪ - 1‬فيروس نقص المناعة البشري وحماية الخصوصية‪:‬‬ ‫ينص الفصل ‪ 24‬من الدستور على مسؤولية الدولة في حماية حرمة‬ ‫وسرية المعطيات الشخصية‪ .‬فاإلصابة بالفيروس ونتائج االختبارات‬ ‫بخصوصه واالستشفاء‪ ،‬والعالج كلـها معطيات شخصية يجب‬ ‫حمايتها‪.‬‬ ‫‪10‬‬

‫امللـوث وحليب األم احلاملة للفريوس‪.‬‬ ‫طرق االنتقال هي‪ :‬السوائل واإلفرازات اجلنسية والدم ّ‬

‫‪53‬‬


‫واستنادا إلى طبيعة اإلصابة بهذا الفيروس والفكرة االجتماعية‬ ‫التي تظن أن الفيروس ال ينتقل إال عن طريق االتصال الجنسي‪ ،‬يمكن‬ ‫القول بأن كل معطى يتعلق بإصابة الشخص بالفيروس من عدمها‬ ‫هي تشهير أو إهانة‪.‬‬ ‫وتم تعزيز هذه األحكام في إطار القانون رقم ‪ 63‬لسنة ‪2004‬‬ ‫المؤرخ ‪ 27‬جويلية ‪ 2004‬المتعلق بحماية المـعطيات الشخصية‪.‬‬ ‫غير أن القانون المتعلق باألمراض السارية لسنة ‪ 1992‬يضع واجب‬

‫اإلبالغ على عاتق األطباء‪ .‬وعلى أساسه‪ ،‬غالبا ما يعاني المتعايشون‬ ‫مع الفيروس من عدم احترام الطاقم الصحي صلب المؤسسات‬ ‫الصحية للمعطيات المتعلقة بحقيقة إصابتهم بالفيروس من‬ ‫عدمها‪.‬‬

‫‪ - 2‬فيروس نقص المناعة البشري والحق في الحصول‬ ‫على المعلومات‪ :‬يلزم الفصل ‪ 6‬من قانون ‪ 1992‬الطبيب بإبالغ‬ ‫الشخص المصاب إذا كان بالغا أو الوصي القانوني للقاصر المصاب‬ ‫بالفيروس‪ .‬وفي الواقع‪ ،‬يشمل هذا اإللزام‪ ،‬اإلبالغ بالمعطيات التالية‪:‬‬ ‫ نوع المرض وجميع تداعياته الجسدية والنفسية المحتملة‪ ،‬فضال‬‫عن تأثيراته المحتملة على الحياة المهنية واألسرية واالجتماعية‪.‬‬ ‫ المخاطر التي يمكن أن تنجر عن القيام بعمل ال يحترم التدابير‬‫الوقائية المعمول بها‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫الواجبات المفروضة على المصاب بموجب أحكام قانون ‪1992‬‬

‫وجميع النصوص التطبيقية المتعلقة به‪.‬‬

‫إال أن هذا الحق في المعلومة‪ ،‬ال يزال يقتصر على المرض وتداعياته‬ ‫وال يمتد إلى الحق في النفاذ إلى العدالة ومختلف الخدمات االجتماعية‬ ‫والضمان االجتماعي‪.‬‬

‫‪54‬‬

‫‪ - 3‬األشخاص المتعايشون مع الفيروس وحرية تكوين‬ ‫الجمعيات‪ :‬يستند النظام الجمعياتي في تونس الذي تم إقراره‬ ‫بموجب المرسوم عدد ‪ 88‬لسنة ‪ 2011‬المؤرخ في ‪ 24‬سبتمبر‬ ‫‪ 2011‬إلى نظام التصريح إلنشاء جمعية وانطالق أنشطتها‪ .‬ومع‬ ‫ذلك‪ ،‬فإن السلطات العمومية تذهب في بعض األحيان إلى عدم نشر‬ ‫اإلشهار القانوني المؤسس للجمعية بالرائد الرسمي للجمهورية‬

‫والهدف من ذلك هو تأخير أو منع بعض الجمعيات من النشاط‬ ‫بصفة قانونية‪ ،‬ال سيما جمعيات الدفاع عن المثليات والمثليين‬ ‫(من يقومون بأنشطة جنسية مع أناس من جنسهم) ومزدوجي‬ ‫الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية والمتحولين جنسيا‪.‬‬ ‫فهذه الممارسة‪ ،‬التي أدانتها المحاكم‪ ،‬خطرة جدا وتشكل عائقا‬ ‫واضحا أمام الحق الدستوري في تكوين الجمعيات‪.‬‬

‫هـ) قانون يعاقب الفئات الضعيفة واألكثر عرضة لإلصابة‪:‬‬

‫من المعروف أن المقاربة القمعية تجاه الفئات الضعيفة واألكثر‬ ‫عرضة لإلصابة بالفيروس ال يمكن أن يكون له إال آثار سلبية على ‪:‬‬ ‫ النفاذ إلى هذه الفئات وتوعيتها من خالل رسائل وقائية‪.‬‬‫ نفاذ هذه الفئات إلى الخدمات الصحية واالجتماعية دون تمييز‪.‬‬‫معدة لتلبية االحتياجات الخاصة لهذه‬ ‫ وضع وتخصيص برامج‬‫ّ‬ ‫الفئات‪.‬‬ ‫ الخوف والشك الذين يميزان عــالقــة هذه الفئات بالسلطات‬‫الرسمية‪.‬‬ ‫‪ - 1‬المقاربة القمعية فيما يتعلق باستهالك المخدرات‬

‫قراءة قانون ‪ 18‬ماي ‪ 1992‬تؤكد لنا بأنه ينخرط ضمن مقاربة‬ ‫قمعية في مجملها‪ ،‬ال تمس الجوانب الوقائية والعالجية إال بشكل‬ ‫مسه بتاريخ ‪ 8‬ماي ‪2017‬‬ ‫محدود‪ .‬فحتى بعد التنقيح األخير الذي ّ‬ ‫والذي لم يلغ العقوبات المسلطة على مستعملي المخدرات‪،‬‬ ‫بل جعل فقط إمكانية تمتع األشخاص المستهلكين والحائزين‬ ‫للمخدرات بغاية االستهالك الشخصي بظروف التخفيف‪ ،‬والسماح‬ ‫للقاضي‪ ،‬في هذه األحوال‪ ،‬بتطبيق الفصل ‪ 53‬من المجلة الجزائية‪،‬‬ ‫ال يزال هذا التشريع يشكل عائقا أمام متعاطي المخدرات للتمتع‬ ‫بالوقاية والحماية الكافية‪.‬‬ ‫‪ - 2‬تجريم المثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي‬ ‫ومغايري الهوية الجنسانية والمتحولين جنسيا‬

‫يعاقب الفصل ‪ 230‬من المجلة الجزائية‪ ،‬للتي تعود لسنة ‪،1913‬‬ ‫على العالقات الجنسية بين أشخاص من نفس الجنس (ذكورا وإناثا)‬

‫‪55‬‬


‫بالسجن لمدة ثالث سنوات‪ .‬كما تعاقب الفصول ‪ 226‬وما يليها‬ ‫من نفس المجلة أي سلوك مخالف لألخالق العامة‪ ،‬والتي كثيرا‬ ‫ما تستخدم لمضايقة واعتقال وإدانة األشخاص الذين يعرفون‬ ‫أو يشتبه في كونهم من المثليات والمثليين ومزدوجي الميل‬ ‫الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية والمتحولين جنسيا‪ .‬ويرافق‬ ‫اعتقال وإحالة هؤالء األشخاص أمام المحاكم إخضاعهم بصورة‬ ‫آلية إلى اختبار شرجي الهدف منه إثبات ممارستهم للعالقات‬ ‫الدبر ّية‪ .‬وبالتالي‪ ،‬وخوفا من التعرض لالعتقال والتتبعات‬ ‫الجنسية ّ‬ ‫العدلية‪ ،‬غالبا ما يتنازل هؤالء األشخاص عن حقوقهم‪ ،‬بما في ذلك‬ ‫توفير الحق في الحماية من اإلصابة بالفيروس أو الحق في الحصول‬ ‫على الرعاية الصحية والخدمات االجتماعية المتعلقة بهذا الفيروس‪.‬‬ ‫‪ - 3‬تجريم عامالت وعملة الجنس خارج اإلطار القانوني ‪:‬‬

‫فيما يخص العمل بالجنس‪ ،‬يكرس القانون التونسي تمييزا‬ ‫مزدوجا‪ :‬فمن جهة‪ ،‬ال يعترف إال بالعامالت بالجنس المرخص لهن‬ ‫بالنشاط في أماكن محــددة ويستبعد ويعاقب المشتغلين بالجنس‬ ‫من الذكور‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬يميز القانون التونسي العامالت بالجنس‬ ‫المرخص لهن (وهن خاضعات لقوانين صارمة‪ :‬مثل أماكن عمل‬ ‫محددة جيدا‪ ،‬فحوصات طبية دورية‪ )...‬والعامالت الالتي يشتغلن‬ ‫خارج هذا اإلطار القانوني ُ‬ ‫ـــن بذلك عرضة للعقوبة بالسجن تصل‬ ‫ويـك َّ‬ ‫إلى ‪ 5‬سنوات‪.‬‬

‫‪ - 1‬النساء أغلبية ولكنهن األكثر عرضة للتمييز‪:‬‬

‫وضع الدستور التونسي لسنة ‪ 2014‬مبدأ المساواة بين المواطنين‬ ‫دون تمييز صلب فصله ‪ ،21‬وألقى على عاتق الدولة بموجب المادة‬ ‫‪ 46‬مهمة القضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة‪ .‬وبالفعل‪ ،‬فقد‬ ‫وضع القانون األخير الصادر في ‪ 11‬أوت ‪ ،2017‬نظاما شامال لمكافحة‬ ‫جميع أشكال العنف ضد المرأة‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬ال تزال هناك أحكام تمييزية كثيرة صلب التشريع‬ ‫التونسي تمس مجاال واسعا من الحقوق المدنية والسياسية‬ ‫والحقوق االقتصادية واالجتماعية للمرأة‪.‬‬ ‫ عدم المساواة في الحقوق المدنية والسياسية‪ :‬ال تزال مجلة‬‫األحوال الشخصية تكرس عدم المساواة بين النساء والرجال‪ ،‬وذلك‬ ‫خاصة من خالل ‪:‬‬ ‫• اعتبار الرجل في كل األحوال ربا لألسرة‪ ،‬وبالتالي فهو الوصي على‬ ‫األطفال‪.‬‬ ‫• عدم إمكانية المرأة التونسية أن تمنح جنسيتها بصفة تلقائية‬ ‫لزوجها غير التونسي‪ .‬في حين أن الزوجة األجنبية لرجل تونسي تحصل‬ ‫على الجنسية التونسية عن طريق التصريح‪.‬‬

‫هذا النظام القانوني الذي يكرس إقصاء مزدوجا (العاملين بالجنس‬ ‫من الذكور والعامالت بالجنس بصفة غير قانونية) وعقابا شديدا‬ ‫لألشخاص المتعاطين لهذا النشاط‪ .‬وعلى هذا األساس‪ ،‬يمثل هذا‬ ‫النظام القانوني عقبة رئيسية أمام الوصول إلى هذه الفئات والقيام‬ ‫بحمالت تحسيسية لفائـدتها‪ .‬فهؤالء األشخاص مثلما هو الحال‬ ‫بالنسبة للمثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري‬ ‫الهوية الجنسانية والمتحولين جنسيا‪ ،‬فإنهم غالبا ما يتنازلون عن‬ ‫حقوقهم بما في ذلك الوقاية من اإلصابة بالفيروس والوصول إلى‬ ‫الرعاية الصحية بسبب الخوف من أن يتم اعتقالهم وتتبعهم‪.‬‬

‫ عدم المساواة في الحقوق االجتماعية واالقتصادية‪ :‬وذلك خاصة‬‫من خالل عدم المساواة في الميراث‪ .‬فما زال القانون التونسي‬ ‫يؤسس لفارق كبير بين الجنسين في الميراث‪ .‬والواقع أن األخوة‬ ‫الذكور يرثون ضعف أخواتهم من اإلناث (الفصل ‪ 103‬من مجلة‬ ‫األحوال الشخصية)‪ .‬والرجل األرمل‪ ،‬إذا لم يكن له أطفال‪ ،‬يرث النصف‬ ‫(الفصل ‪ 101‬من مجلة األحوال الشخصية) في حين أن األرملة في‬ ‫نفس الوضعية ال ترث سوى الثلث (الفصل ‪ 107‬من مجلة األحوال‬ ‫الشخصية)‪.‬‬

‫بالرغم من المكاسب الدستورية والقانونية العديدة (قانون منع‬ ‫ومكافحة االتجار باألشخاص ‪ 3‬أوت ‪ 2016‬وقانون منع العنف ضد‬

‫تنص المادة ‪ 47‬من الدستور على أن الدولة توفر «جميع أشكال‬ ‫الحماية لألطفال دون تمييز وبما يحقق مصلحة الطفل الفضلى»‪.‬‬

‫و) قانون تمييزي‪ ،‬ال يضمن كرامة األشخاص‬

‫‪56‬‬

‫المرأة ‪ 11‬أوت ‪ ،)2017‬فإن القانون التونسي يكرس التمييز تجاه‬ ‫بعض الفئات‪ :‬النساء واألطفال والمهاجرين والسجناء‪.‬‬

‫‪ - 2‬األطفال‪ ،‬حماية منقوصة ‪:‬‬

‫‪57‬‬


‫ومع ذلك‪ ،‬فإن القانون التونسي‪ ،‬الذي يوفر إطارا مالئما لحماية‬ ‫الطفل‪ ،‬يتضمن جوانب تمييزية ال مبرر لها ‪:‬‬ ‫ فيما يتعلق بعمل الطفل‪ :‬المبدأ هو أن سن العمل هو ‪ 18‬سنة‪.‬‬‫لكن قانون الشغل يسمح بتشغيل األطفال في العمل الزراعي وغير‬ ‫الزراعي ابتداء من ‪ 13‬سنة‪.‬‬ ‫ فيما يتعلق بحماية «الطفل‪-‬الضحية»‪ :‬قانون حماية الطفولة‬‫ينطوي على تناقض كبير‪ .‬إذ يعتبر‪ ،‬من ناحية‪ ،‬أن الطفل ضحية‬ ‫االستغالل الجنسي طفال معرضا للخطر‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬يعتبر‬ ‫الطفل الذي تعرض لعملية استغالل جنسي‪ ،‬وذلك وفقا لنفس‬ ‫القانون‪ ،‬طفال مخالفا للقانون ويمكن أن يكون عرضة لعقوبة‬ ‫السجن ألسباب تتعلق بـ« البغاء أو التحريض على الفجور»‪.‬‬

‫‪ - 4‬نظام االحتجاز والسجن‬

‫وضع القانون عدد ‪ 52‬لسنة ‪ 2001‬المؤرخ ‪ 14‬ماي ‪ 2001‬المنظم‬ ‫للسجون المبادئ التالية لالحتجاز والسجن‪:‬‬ ‫ الفصل بين المحتجزين بحسب السن والجنس ونوع الجريمة‬‫المرتكبة وما إذا كان السجين عائدا أم ال‪ .‬وفي هذا اإلطار‪ ،‬نالحظ‬ ‫وجود ممارسة يتم على أساسها فصل السجناء الذين تمت‬ ‫محاكمتهم على أساس الفصل ‪ 230‬من المجلة الجزائية عن‬ ‫السجناء اآلخرين‪ ،‬كما يتم أيضا فصل السجناء المتعايشين مع‬ ‫الفيروس عن السجناء اآلخرين أيضا‪.‬‬

‫ فيما يتعلق بالحقوق الجنسية للطفل‪ :‬ال يزال القانون التونسي‬‫قانونا يرفض تكريس الحقوق الجنسية‪ ،‬بالنسبة للبالغين ولكن‬ ‫أيضا بالنسبة لألطفال‪ .‬والواقع أن المقاربة التي ينظر بها القانون‬ ‫التونسي إلى هذه المسألة تميل بصفة كبيرة نحو الطابع الزجري‪.‬‬ ‫وهذا ما يجعل الحياة الجنسية لهذه الفئة العمرية مجهولة تماما‬ ‫ومعاقبا عليها بشكل خاص‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك فإنه ال وجود‪ ،‬صلب‬ ‫النظام القانوني التونسي‪ ،‬لنص يؤسس لنشر ثقافة جنسية تتناسب‬ ‫وجميع األعمار‪.‬‬

‫ المراقبة الدورية والمنتظمة ألماكن االحتجاز‪ ،‬والغرف‪ ،‬وأغراض‬‫السجناء ليال ونهارا‪.‬‬

‫ليس القانون التونسي عموما قانونا يتبع مقاربة مبنية على حقوق‬ ‫اإلنسان فيما يتعلق بوضعية األجانب‪ .‬وعالوة على ذلك‪ ،‬تشكل‬ ‫النصوص القانونية التي تعود إلى سنة ‪( 1968‬القانون ‪ 7-1968‬المؤرخ‬ ‫‪ 8‬ماي ‪ )1968‬إطارا وقائيا جدا للنظام العام ضد األجانب‪.‬‬

‫ الفحص الطبي الوجوبي للمحتجزين لدى وصولهم إلى مكان‬‫االحتجاز‪ :‬اختبار الكشف عن األمراض المعدية‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن نظام‬ ‫السجون التونسي ال يعترف وال يكرس وسائل جديدة للوقاية‬ ‫والحماية من الفيروس (مثل الواقي الذكري ومعدات الحقن‬ ‫المعقمة)‪ ،‬فإنه ال يزال يكرس الطرق القديمة كالفصل والرقابة‪.‬‬

‫منسيون وضحايا للتمييز‪:‬‬ ‫‪ - 3‬المهاجرون والمهاجرات‪،‬‬ ‫ّ‬

‫‪58‬‬

‫المؤرخ في ‪ 27‬فيفري ‪ 2001‬المتعلق بمكافحة فيروس فقدان‬ ‫المناعــة المكتسب والذي ينص على ضمان حق العالج لـــــهذا‬ ‫الفيروس فقط بالنسبة للمصابين التونسيين الذين يعيشون‬ ‫في تونس‪ ،‬مما يستبعد المهاجرين والمهاجرات من الحصول‬ ‫على العالج‪ .‬وللحد من اآلثار التمييزية لهذا األمر‪ ،‬وضعت اللجنة‬ ‫التقنية للحماية والوقاية من اإلصابة بالفيروس‪ ،‬معايير للسماح‬ ‫للمهاجرين بالحصول على العالج حسب األولوية وذلك مع تبجيل‬ ‫الطالب والنساء الحوامل‪.‬‬

‫وفيما يتعلق بفيروس نقص المناعة البشري ال يشير قانون‬ ‫األمراض السارية لسنة ‪ 1992‬بصفة صريحة إلى حقوق المهاجرين‪،‬‬ ‫كما أنه لم يتم التنصيص عليها صلب أي تشريع آخر‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن‬ ‫أحكام هذا القانون التي وردت في صياغة مطلقة يجعل من الممكن‬ ‫تطبيقها على أي شخص معني بمجال تطبيقها‪ .‬بيد أن األحكام‬ ‫التطبيقية لقانون ‪ 1992‬قد صدرت بموجب األمر عدد ‪2001-16‬‬

‫‪59‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪2‬‬

‫الباب الثـالث‬

‫التوصيات المالئمة للتشريعات التونسية‬ ‫مع ما تقتضيه منظومة حقوق اإلنسان‬


‫الباب الثالث‬

‫أكثر من ‪ 29‬سنة مرت على صدور القانون عدد ‪ 71‬لسنة ‪1992‬‬ ‫المؤرخ ‪ 27‬سبتمبر ‪ 1992‬المتعلق باألمراض السارية‪ ،‬وتكوين‬

‫أول جمعية تونسية تهدف من خالل نشاطها إلى الحد من اإلصابة‬ ‫بفيروس نقص المناعة البشري وجميع األمراض السارية األخرى‪،‬‬ ‫وبالرغم من ذلك يبقى القانون التونسي قانونا غير متناسق في هذا‬ ‫المجال‪ .‬إذ أنه لم يأخذ بعين االعتبار الوضع الخصوصي للمتعايشين‬ ‫مع فيروس نقص المناعة البشري‪ .‬وينعكس ذلك‪ ،‬من جهة أولى‪،‬‬ ‫من خالل النص الخاص أي القانون المتعلق باألمراض السارية ومن‬ ‫جهة ثانية‪ ،‬من خالل النصوص العامة التي تنطبق بحكم طبيعتها‬ ‫على جميع الحاالت بصرف النظر عن خصوصيات الفيروس‪.‬‬ ‫وبالرغم من التطورات المعتبرة في مجال حقوق اإلنسان‪ ،‬ال‬ ‫تحد من حقوق‬ ‫يزال هناك عدد كبير من األحكام القانونية التي‬ ‫ّ‬ ‫المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشري‪ .‬ولتجاوز هذه‬ ‫النقائص وجعل القانون المتعلق بهؤالء األشخاص قانونا متناسقا‬ ‫وأحكام دستور ‪ 27‬جانفي ‪ ،2014‬نقترح إدخال التعديالت التالية على‬ ‫النظام القانوني التونسي‪:‬‬ ‫‪ .1‬وجوب تعديل القانون عدد ‪ 71‬لسنة ‪ 1992‬المؤرخ في‬ ‫‪ 27‬سبتمبر ‪ 1992‬المتعلق باألمراض السارية‬ ‫‪ .1.1‬على مستوى الشكل‬

‫‪62‬‬

‫لتضمين التعديالت المقترحة صلب النظام القانوني الذي يتعـلق‬ ‫سن قانون‬ ‫باألمراض السارية‪ ،‬يتوفر لنا خياران اثنان‪ :‬أولهما مقترح ّ‬ ‫يتعلق فقط بوضعية المتعايشين مع فيروس نقص المناعة‬ ‫البشري‪ .‬وبخصوص هذا الخيار يجب التنويه إلى كون عملية صياغة‬ ‫مقترح قانون ليست بالعملية الهينة‪ .‬إذ تتطلب تشريك عديد‬

‫الفاعلين في هذا المجال إضافة إلى ضرورة ّ‬ ‫توفر موارد مالية وتقنية‬ ‫ّ‬ ‫تضخم‬ ‫كبيرة‪ .‬وأكثر من ذلك‪ ،‬فهذا الخيار يمكن أن يؤدي إلى وضعية‬ ‫تشريعي في هذا المجال‪.‬‬ ‫ولذلك نعتبر أن عملية تنقيح القانون عدد ‪ 71‬لسنة ‪ 1992‬المؤرخ‬ ‫في ‪ 27‬سبتمبر ‪ 1992‬المتعلق باألمراض السارية هي الطريقة األمثل‬ ‫ّ‬ ‫تضخم تشريعي‬ ‫لتضمين التعديالت المقترحة مع تفادي التسبب في‬ ‫أو مؤسساتي صلب النظام القانوني المتعلق باألمراض السارية‪.‬‬ ‫وبالتالي فعملية تنقيح هذا القانون تستوجب بالضرورة تكريس‬ ‫باب خاص بالمتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشري‪.‬‬ ‫ويتضمن هذا الباب خاصة‪:‬‬ ‫· مقاربة شاملة في التعامل مع مسألة اإلصابة بفيروس نقص‬ ‫المناعة البشري‪ :‬معاينته‪ ،‬الوقاية منه‪ ،‬عالجه‪ ،‬اإلحاطة بالمتعايشين‬ ‫معه‪ ،‬مكافحته‪ ،‬التقييم والمتابعة‪...‬‬ ‫· إعطاء السياسة الوطنية لمكافحة اإلصابة بهذا الفيروس بعدا‬ ‫رسميا وتوضيح إجراءات اتخاذها ومجال تطبيقها‪.‬‬ ‫· سيتمحور هذا الباب أساسا حول‪ :‬الوقاية (القسم ‪ ،)1‬اإلحاطة‬ ‫بالمتعايشين مع الفيروس (القسم ‪ ،)2‬التقييم والمتابعة (القسم‬ ‫‪ ،)3‬حقوق المتعايشين مع الفيروس (القسم ‪ ،)4‬دور المجتمع‬ ‫المدني واألشخاص المدافعين عن حقوق اإلنسان في الدفاع عن هذه‬ ‫الحقوق (القسم ‪.)5‬‬ ‫‪ .2.1‬على مستوى المـضمون‪ :‬دعم حقوق المتعايشين مع‬ ‫فيروس نقص المناعة البشري‬ ‫حقوق اإلنسان هي حقوق متأصلة في الذات البشرية وغير قابلة‬ ‫للتجزئة‪ .‬ولذلك فدعم حقوق المتعايشين مع هذا الفيروس يجب‬ ‫أن يشمل جميع أصناف وأجيال الحقوق بدون استثناء‪ .‬ولغاية ضمان‬ ‫مجمل وفاعلية هذه الحقوق‪ ،‬نقترح دعم النظام القانوني الخاص‬ ‫بـــالمتعايشين مع هذا الفيروس عبر المقترحات التالية‪:‬‬ ‫ اإلحاطة بالمتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشري‬‫من خالل توفير حقوقهم االجتماعية‪،‬‬

‫‪63‬‬


‫· يجب أن تكون اإلحاطة هي المبدأ فيما يتعلق بـالمتعايشين مع‬ ‫فيروس نقص المناعة البشري دون تفريق بينهم (سواء الموجودين‬ ‫فوق التراب التونسي‪ :‬أشخاص مقيمين أو غير مقيمين‪ ،‬أو موجودين‬ ‫بطريقة قانونية أو غير قانونية)‪.‬‬ ‫· إدراج مرض اإلصابة بفيروس نقص المناعة البشري ضمن قائمة‬ ‫المـعترف بها من طرف الصندوق الوطني للتأمين‬ ‫األمراض المزمنة ُ‬ ‫على المرض وتطبيق النظام القانوني الذي يتماشى معه‪.‬‬ ‫· اعتبار المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشري من بين‬ ‫األشخاص ذوي‪/‬ذوات األولوية للحصول على السكن االجتماعي‪.‬‬ ‫ ضمان الحقوق االقتصادية واالجتماعية للمتعايشين مع‬‫فيروس نقص المناعة البشري‪.‬‬ ‫· إقرار منع أي تمييز أو وصم يطال هؤالء األشخاص وتجريمه‪.‬‬ ‫· منع أي رفت أو أي معاملة تك ّرس تمييزا تجاه هؤالء األشخاص‬ ‫في العمل‪.‬‬ ‫ دعم الحقوق المدنية والسياسية للمتعايشين مع فيروس‬‫نقص المناعة البشري‪.‬‬ ‫· حماية الحياة الخاصة والمعطيات المتعلقة باإلصابة بالفيروس‬ ‫من عدمها لألشخاص وتسليط عقاب شديد (خطية أو عمل لفائدة‬ ‫المصلحة العامة) على كل من يفشي هذه المعطيات‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫التنظم بالنسبة لهؤالء األشخاص‪ ،‬واعتبار الجمعيات‬ ‫· دعم حرية‬ ‫التي تعنى بهم من ضمن الجمعيات التي تعمل على تحقيق المصلحة‬ ‫العامة ولها األولوية في التمويل‪.‬‬ ‫· اإلقرار صراحة بالحقوق المدنية لهؤالء األشخاص‪ :‬الحق في‬ ‫تكوين عائلة‪ ،‬الحق في الحضانة والزيارة عند حصول الطالق‪...‬‬ ‫‪ .2‬إلغاء العقوبات الغير مبررة تجاه األشخاص األكثر‬ ‫عرضة لإلصابة بفيروس نقص المناعة البشري‬

‫‪64‬‬

‫وفقا للبيانات الواردة في تقرير سنة ‪ ،2014‬يقدر عدد األشخاص‬ ‫األكثر عرضة لإلصابة بالفيروس بـ‪ 62000‬شخصا‪ 28000 :‬منهم‬

‫من الرجال الذين يمارسون الجنس مع الرجال و‪ 9000‬من بين‬ ‫المتعاطين للمخدرات المحقونة و‪ 25000‬من العامالت بالجنس‪.‬‬ ‫وقد أظهرت الدراسات السلوكية بين هؤالء األشخاص أن الحصول‬ ‫على الخدمات الوقائية من الفيروس ال يزال منخفضا جدا‪ ،‬وال سيما‬ ‫بالنسبة للعامالت بالجنس وذلك على الرغم من األنشطة التي تقوم‬ ‫بها المنظمات غير الحكومية المشتغلة على الموضوع لدى هؤالء‬ ‫األشخاص‪ .‬فال يمكن تحسين وضعية المتعايشين بفيروس نقص‬ ‫المناعة البشري في تونس إال من خالل تغيير النظرة السلوكية تجاه‬ ‫األشخاص األكثر عرضة لإلصابة بالفيروس‪.‬‬ ‫‪ .1.2‬بالنسبة للعامالت بالجنس‪ :‬تذهب توصيات الهيئات‬ ‫الدولية إلى عدم تجريم العمل بالجنس كوسيلة لتحسين ولوج‬ ‫العامالت بالجنس إلى العالج ولضمان حمايتهن وكرامتهن‪ .‬ولذلك‬ ‫نقترح حذف تجريم العمل بالجنس الوارد بالفصل ‪ 231‬من المجلة‬ ‫الجزائية واالكتفاء بأحكام قانون ‪ 3‬أوت ‪ 2016‬المتعلق بمنع االتجار‬ ‫باألشخاص والذي يجرم كل استغالل جنسي للنساء وكذلك أحكام‬ ‫قانون ‪ 11‬أوت ‪ 2017‬المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة‪.‬‬ ‫‪ .2.2‬بالنسبة للمثليات والمثليين ومزدوجي الميل الجنسي‬ ‫ومغايري الهوية الجنسانية والعابرين جنسيا‪ :‬من الضروري‬ ‫تعديل المجلة الجزائية من خالل إلغاء الفصل ‪ 230‬المج ّرم للمثلية‬ ‫الجنسية والفصول ‪ 226‬وما يليه المتعلقة بـ«االعتداء على األخالق‬ ‫الحميدة» والتي تنطبق غالبا على األشخاص الذين لهم توجه جنسي‬ ‫مختلف‪ .‬كما يجب السماح أيضا بتغيير الجنس وتغيير الهوية‬ ‫الجنسية التابعة له‪.‬‬ ‫‪ .3.2‬بالنسبة لمتعاطي المخدرات المحقونة‪ :‬أول المقترحات‬ ‫هي سن مشروع قانون جديد يتعلق بالمخدرات يلغي ويعوض القانون‬ ‫عدد ‪ 52‬لسنة ‪ 1992‬المؤرخ في ‪ 18‬ماي ‪ .1992‬هذا المشروع يجب‬ ‫مؤسسا على مقاربة تكرس الوقاية والعالج بصفة فعلية‪.‬‬ ‫إن يكون‬ ‫َ‬ ‫كمـــا يجب إن يلغي هذا المشروع استهالك المخدرات وحيازتها‬ ‫بغاية االستهالك والذي يجب أن يركز كل الجهود حول دحر الترويج‬ ‫واالتجار‪.‬‬ ‫‪65‬‬


‫‪ .3‬إلغاء كل أشكال التمييز‬ ‫‪ .1.3‬إلغاء كل أشكال التمييز ضد المرأة‬ ‫يص ّرح دستور ‪ 27‬جانفي ‪ 2014‬صلب فصله ‪ 21‬على أن المواطنين‬ ‫والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات‪ ،‬وهم سواء أمام‬ ‫القانون من غير تمييز‪ .‬كما يضع على عاتق الدولة صلب فصله ‪46‬‬ ‫إلزامية حماية الحقوق المكتسبة للمرأة والعـمـل على دعمها‬ ‫وتطويرها واتخاذ التدابير الكفيلة بالقضاء على العنف ضد المرأة‬ ‫خاصة في األوساط المؤسساتية‪ .‬وبالرغم من ذلك عديدة هي صور‬ ‫التمييز تجاه المرأة والتي لم يعد لها مبرر اليوم‪ .‬وبالخصوص تلك‬ ‫المضمنة صلب المجلة الجزائية ومجلة األحوال الشخصية ومجلة‬ ‫الشغل‪...‬‬ ‫إضافة إلى كل ذلك يمثل القانون األساسي الصادر في ‪ 11‬أوت ‪2017‬‬

‫المتعلق بالقضاء على العنف ضد المرأة أساسا قانونيا لتكريس‬ ‫تامة وفعلية في الميادين المدنية والسياسية واالقتصادية‬ ‫«مساواة ّ‬ ‫واالجتماعية والثقافية»‪ ،‬وإلغاء كل أشكال التمييز المقامة «على‬ ‫أساس اللون أو العرق أو الدين أو الفكر أو السن أو الجنسية أو الظروف‬ ‫االقتصادية واالجتماعية أو الحالة المدنية أو الصحية أو اللغة أو‬ ‫اإلعاقة»‪.‬‬ ‫ولهذه األسباب‪ ،‬يجب إرساء «مساواة تامة وفعلية» في جميع‬ ‫الميادين‪ ،‬بدءا بالجانب القانوني وذلك بإزالة الشوائب العالقة به والتي‬ ‫تعود لنظام تمييزي غير مكرس للمساواة وذلك من خالل ‪:‬‬ ‫· إسناد السلطة األبوية بصفة متساوية بين األم واألب‪.‬‬

‫· ضمان حق المرأة التونسية في نقل جنسيتها آليا لزوجها األجنبي‪.‬‬ ‫· إرساء المساواة التامة في الميراث‪.‬‬ ‫‪ .2.3‬دعم حقوق األطفال‬

‫‪66‬‬

‫حسب الفصل ‪ 47‬من الدستور «حقوق الطفل على أبويه وعلى‬ ‫الدولة ضمان الكرامة والصحة والرعاية والتربية والتعليم ‪ -‬على‬ ‫الدولة توفير جميع أنواع الحماية لكل األطفال دون تمييز وفق‬ ‫المصالح الفضلى للطفل»‪.‬‬

‫هذه القاعدة الدستورية الجد هامة هي في الحقيقة تكريس‪ ،‬صلب‬ ‫القاعدة القانونية األسمى‪ ،‬لمبدأ قانوني حديث فيما يتعلق بمجال‬ ‫حماية الطفولة‪ .‬فقد صادقت تونس على االتفاقية الدولية لحقوق‬ ‫الطفل وأصدرت منذ سنة ‪ 1995‬مجلة لحماية الطفولة‪ .‬مجلة‬ ‫أرست عديد المبادئ واإلجراءات الهادفة لحماية وضمان حقوق‬ ‫الطفل خاصة منهم المـتواجدين في وضعية خطر‪.‬‬ ‫وبغاية التنسيق بين مختلف قواعد النظام القانوني التونسي‬ ‫للمتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشري‪ ،‬في اتجاه يضمن‬ ‫مزيدا من الحماية للطفل‪ ،‬نـقـترح‪:‬‬ ‫ المنع التام لعمل األطفال قبل بلوغ سن الثامنة عشر وتلقي من‬‫ينقطعون منهم عن الدراسة قبل هذه السن برنامجا في التكوين‬ ‫واإلدماج‪.‬‬ ‫ التفرقة بين سن الرشد الجنسي والسن المسموح بها للزواج‪.‬‬‫ إقرار الحق في تربية جنسية كاملة‪.‬‬‫ إقرار وضعية واضحة للطفل المتعايش مع فيروس نقص‬‫المناعة البشري أو المتأثر به‪.‬‬ ‫ تنقيح مجلة حماية الطفولة بهدف إدراج مفهوم «الطفل‬‫الضحية» الذي يسمح بحماية األطفال من جميع أشكال االستغالل‬ ‫الجنسي وعدم معاملة األطفال في «حالة استغالل جنسي تجاري»‬ ‫كأطفال مخالفين للقانون‪.‬‬ ‫ التفكير في طرق وأماكن لإلحاطة باألطفال‪ :‬صحيح أن حماية‬‫الطفل من محيط عائلي واجتماعي يجعله عرضة لالستغالل‬ ‫الجنسي التجاري هو إجراء يجب في بعض األحيان اتخاذه‪ ،‬ولكن وضع‬ ‫الطفل بمركز إصالحي يمكن أن يؤدي إلى تدهور حالة الطفل النفسية‬ ‫خاصة إذ ما كانت اإلحاطة الشاملة والمدمجة غير كافية وإذا كانت‬ ‫المتابعة الالحقة لفترة اإلحاطة غير جدية‪.‬‬ ‫‪ .3.3‬االعتراف الصريح بحقوق المهاجرين والمهاجرات‬ ‫يبقى الدستور التونسي لسنة ‪ 2014‬صامتا بخصوص حقوق‬ ‫الالجئات والالجئين‪ .‬فاإلشارة الوحيدة للمسألة ال تخص سوى الحق‬

‫‪67‬‬


‫في طلب اللجوء السياسي (الفصل ‪ .)26‬وبصفة عامة ليس القانون‬ ‫التونسي قانونا يتبع مقاربة حقوقية فيما يخص هذه الفئة من‬ ‫األشخاص‪.‬‬

‫وتضمينها الحقا بالهيئة الوطنية لحقوق اإلنسان‪ ،‬الهيئة المكرسة‬ ‫دستوريا على أساس الفصل ‪ 128‬والتي ال يزال القانون المنشئ لها‬ ‫بصدد الدراسة‪.‬‬

‫فاإلطار القانوني الذي ينضم هذه المسألة يعود إلى سنة ‪ 1968‬وهو‬ ‫يمثل إطارا حمائيا جدا للنظام العام تجاه األجانب‪ .‬والحال أن ضمان‬ ‫حقوق هؤالء األشخاص ال يجب أن يؤخذ على أنـــه إعانة مخصصة لهم‬ ‫على وجه الفضل وعبئ على ميزانية الدولة بل هي باألساس مسألة‬ ‫تكريس لحقوق اإلنسان الكونية‪ ،‬المتصلة بالذات البشرية والغير‬ ‫قابلة للتجزئة وهي أيضا ظرف أساسي لتمتع التونسيين المقيمين‬ ‫بالخارج بنفس الحقوق على أساس مبدأ المعاملة بالمثل‪.‬‬

‫ تطبيق المنع المتعلق بالتمييز المنصوص عليه بالقانون‬‫المتعلق باألمراض السارية خاصة فيما يتعلق بجانب الحماية‬ ‫والعالج من هذه األمراض وذلك عن طريق إلغاء الحدود المسلطة‬ ‫التي ال تضمن العالج إال بالنـسبة للتونسيين‪.‬‬

‫هذا االعتراف يجب أن يبدأ أوال وقبل كل شيء عن طريق التزام‬ ‫واضح من قبل الدولة التونسية لالعتراف بوضعية وحقوق األجانب‪،‬‬ ‫ثم من خالل ‪:‬‬ ‫‪ -‬تنقيح اإلطار القانوني خاصة منه المنشور عدد ‪ 16‬لسنة ‪2001‬‬

‫من اجل ضمان الحق في مجانية الفحوصات اإلجبارية وتمديد نظام‬ ‫التغطية الصحية إلى كل الطلبة األجانب المسجلين بالمؤسسات‬ ‫التعليمية العمومية والخاصة‪.‬‬

‫‪ -‬تنقيح القانون عدد ‪ 7‬لسنة ‪ 1968‬المؤرخ في ‪ 8‬مارس ‪1968‬‬

‫المتعلق بوضعية األجانب في تونس ومالءمته لتطور األحكام‬ ‫الدستورية وااللتزامات الدولية لتونس فيما يخص ضمان حقوق‬ ‫األجانب خاصة منها الحق في الصحة المضمون «لكل إنسان» حسب‬ ‫الدستور التونسي‪.‬‬ ‫ إرساء نظام قانوني للهجرة يضمن كرامة المهاجرين وحقوقهم‬‫األساسية وذلك من خالل التسريع في تبني القانون المقترح‪.‬‬ ‫ سن قانون يمنع صراحة كل أشكال العنصرية والتمييز أو تسريع‬‫اتخاذ القانون المقترح على مجلس النواب منذ ‪.2016‬‬ ‫ إرساء آليات فعالة للتظ ّلم وللقيام بالدعاوى القضائية لفائدة‬‫الالجئين والالجئات الذين كانوا ضحايا للتمييز أو اللذين منعوا‬ ‫بطريقة أو بأخرى من الولوج إلى العالج أو إلى المصالح الطبية‪.‬‬ ‫‪68‬‬

‫‪ -‬إنشاء لجنة لدى الهيئة العليا لحقوق اإلنسان والحريات األساسية‬

‫ منع التمييز تجاه الالجئات والالجئين على أساس إصابتهم‬‫باألمراض السارية من عدمها‪.‬‬ ‫ إرساء نظام للتكفل واإلحاطة الصحية بالالجئين والالجئات‪.‬‬‫ إدراج الفئات الهشة من المهاجرات والمهاجرين ضمن نظام‬‫اإلعانة االجتماعية الصحية‪.‬‬ ‫‪ .4.3‬مزيد من الحماية للمتعايشين مع فيروس نقص المناعة‬ ‫البشري داخل السجون‬ ‫ينص الفصل ‪ 30‬من الدستور على أن «لكل سجين الحق في‬ ‫معاملة إنسانية تحفظ كرامته‪ .‬تراعي الدولة في تنفيذ العقوبات‬ ‫السالبة للحرية مصلحة األسرة‪ ،‬وتعمل على إعادة تأهيل السجين‬ ‫وإدماجه في المجتمع»‪ .‬وبالرغم من ذلك لم يتم إلى حد اآلن تنقيح‬ ‫القانون المتعلق بالسجون في تونس بعد صدور دستور ‪.2014‬‬ ‫فالنظام القانوني التونسي المتعلق بالسجون يرتكز على القانون‬ ‫عدد ‪ 52‬لسنة ‪ 2001‬المؤرخ في ‪ 14‬ماي ‪ 2001‬المتعلق بتنظيم‬ ‫السجون‪ .‬هذا القانون الذي ينخرط ضمن التوجه الحقوقي للسنوات‬ ‫‪( ........،2000‬مجلة السجون ؟؟) تبدو هامة لنا من خالل المبادئ التي‬ ‫تؤسس لها‪ .‬ولكن يوجد بها كذلك عديد األحكام الغامضة التي تم‬ ‫استعمالها للحد حقوق األشخاص المتعايشين مع فيروس ا نقص‬ ‫المناعة البشري المتواجدين بالسجون‪ .‬وبغاية إكمال النقائص التي‬ ‫تشوب هذا القانون تقترح ما يلي ‪:‬‬ ‫ إرساء نظام تكوين إلطارات وأعوان السجون في مجال اإلصابة‬‫بفيروس نقص المناعة البشري وطرق انتقاله وحقوق األشخاص‬ ‫المتعايشين معه‪.‬‬

‫‪69‬‬


‫ حماية المعطيات المتعلقة بإصابة السجناء بهذا الفيروس من‬‫عدمها‪.‬‬ ‫ المجانية التامة للفحوصات والعالج لجميع السجناء بمن فيهم‬‫األجانب‪.‬‬ ‫ األخذ بخصوصية اإلصابة بفيروس نقص المناعة البشري داخل‬‫أجنحة السجن‪ ،‬على مستوى الحماية من االعتداءات والوصم والتدرج‬ ‫عن طريق تسليك عقوبات بديلة على األشخاص المتعايشين مع‬ ‫الفيروس‪.‬‬

‫© حقوق الطبع والنشر‬ ‫الديوان الوطني لألسرة والعمران البشري ‪ /‬محامون بال حدود (مكتب تونس)‪.‬‬ ‫برنامج الصندوق العالمي لمكافحة السيدا والسل والمالريا‬ ‫«النهوض بخدمات الوقاية والعالج وحقوق اإلنسان بتونس للفئات المفاتيح»‪.‬‬ ‫إصدار‬ ‫الديوان الوطني لألسرة والعمران البشري‪.‬‬ ‫‪ 7‬نهج الحطاب بوشناق‪ ،‬المركز العمراني الشمالي‪ 1082 ،‬تونس‪.‬‬ ‫بالشراكة مع‬ ‫محامون بال حدود (مكتب تونس)‪.‬‬ ‫‪ ،6‬نهج إزمير‪ ،‬نوتردام‪ ،‬تونس‪.‬‬ ‫تاريخ اإلصدار‪ :‬جوان ‪.2021‬‬ ‫‪70‬‬


‫البـاب الثالث‬ ‫دليل مرجعي فيروس‬ ‫نقص المناعة البشري‬ ‫وحقوق اإلنسان‬

‫الصحافة واالتصال‪:‬‬ ‫في إطار فيروس‬ ‫نقص المناعة البشري‬ ‫وحقوق األشخاص‬ ‫المتعايشين مع‬ ‫الفيروس‬

‫جوان ‪2021‬‬


‫دليل مرجعي‬ ‫فيروس نقص المناعة‬ ‫البشري وحقوق اإلنسان‬

‫البـاب الثالث‬ ‫الصحافة واالتصال‪:‬‬ ‫في إطار فيروس‬ ‫نقص المناعة البشري‬ ‫وحقوق األشخاص‬ ‫المتعايشين مع‬ ‫الفيروس‬

‫جوان ‪2021‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪3‬‬

‫الشركـــــــــــاء‬


‫الديوان الوطني لألسرة والعمران البشري‬

‫العنوان‪ ،7 :‬نهج الحطاب بوشناق‪ ،‬المركز الشمالي العمراني‪،‬‬ ‫تونس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 70 729 090 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 70 728 855 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪boc.onfp@rns.tn :‬‬ ‫موقع الواب‪www.onfp.tn :‬‬ ‫محامون بال حدود ‪ -‬مكتب تونس‬

‫العنوان‪ 6 :‬نهج األزمير ‪ -‬نوتردام ‪ -‬تونس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 71 894 002 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 894 002 :‬‬ ‫موقع الواب‪www.asf.be :‬‬

‫العنوان‪ 9 :‬نهج ‪- 7443‬عرض هريشي‪ -‬المنار ‪.1‬‬ ‫الهاتف‪+216 36 381 108/07 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪association.atpp@gmail.com :‬‬ ‫الجمعية التونسية للوقاية من األمراض المنقولة جنسيا‬ ‫والسيدا‪ ،‬المكتب الوطني ‪ -‬صفاقس‬

‫العنوان‪ :‬شارع ‪ 5‬أوت‪ ،‬نهج ‪ 19‬جويلية‪ 3002 ،‬صفاقس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 74 203 500 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 74 228 397 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪atl.bn.sfax@gmail.com :‬‬ ‫موقع الواب‪www.atlmstsida.com :‬‬ ‫الجمعية التونسية للوقاية من األمراض المنقولة جنسيا‬ ‫والسيدا‪ -‬فرع تونس‬

‫إدارة الرعاية الصحية األساسية‬ ‫البرنامج الوطني لمقاومة األمراض المنقولة جنسيا والسيدا‬

‫العنوان‪ ،7 :‬نهج الخليل‪ 2037 ،‬المنزه ‪8‬‬ ‫الهاتف‪+216 70 866 186 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 70 866 588 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪atlsidatunis@gmail.com :‬‬ ‫موقع الواب‪atltunis.org:‬‬

‫الجمعية التونسية للصحة اإلنجابية‬

‫التنسيقية التونسية لمجابهة اآلفات الصحية‬

‫العنوان‪ :‬نهج الخرطوم‪ ،‬البلفدير‪ ،‬تونس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 71 789 148 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 789 679 :‬‬

‫العنوان‪ 14 :‬نهج إبراهيم ابن الرفيع‪ ،‬حي الخضراء‪ 1003 ،‬تونس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 71 808 935 / 71 808 952 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 808 952 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪atsr@atsrtn.org :‬‬ ‫موقع الواب‪atsrtn.org :‬‬

‫العنوان‪ 101 :‬شارع إفريقيا‪ ،‬المنزه ‪5‬ا‪ 2091 ،‬أريانة‪ .‬تونس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 71 230 396 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 230 396 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪ccm.tunisie@ccmtunisie.org.tn :‬‬ ‫موقع الواب‪www.ccmtunisie.org.tn :‬‬

‫الجمعية التونسية لإلرشاد والتوجيه حول السيدا واإلدمان‬

‫برنامج األمم المتحدة المشترك لفيروس نقص المناعة‬ ‫البشرية‪/‬اإليدز‪ -‬مكتب تونس‬

‫العنوان‪ 43 :‬شارع الهادي السعيدى‪ ،‬باب سعدون‪ ،‬تونس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 71 957 544 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 957 511 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪atiost.sida.toxicomanie@gmail.com :‬‬ ‫موقع الواب‪www.atiost.org.tn :‬‬ ‫‪4‬‬

‫الجمعية التونسية للوقاية اإليجابية‬

‫العنوان‪ :‬مقر منظمة الصحة العالمية‪ ،‬نهج التنمية‪،‬‬ ‫حي الخضراء‪ 1053 ،‬تونس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 71 155 636 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 155 634 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪SouaL@unaids.org :‬‬ ‫موقع الواب‪www.unaids.org :‬‬

‫‪5‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪3‬‬

‫لجنة المتابعة و القيادة‬


‫لجنة المتابعة‬ ‫و القيادة‬

‫• برنامج األمم المتحدة المشترك لفيروس نقص المناعة البشرية‪/‬اإليدز‬ ‫مكتب تونس‬ ‫‪ -‬السيد لسعد صوة‪ ،‬مدير مكتب‪.‬‬

‫المؤلف‪:‬‬ ‫األستاذ الصادق الحمامي‪،‬‬ ‫أستاذ محاضر‪ ،‬معهد الصحافة وعلوم األخبار ‪ -‬تونس‬ ‫لجنة المتابعة‪:‬‬ ‫• وحدة تصرف مشروع الصندوق العالمي‪ ،‬الديوان الوطني لألسرة والعمران‬ ‫البشري‪ ،‬تونس‪.‬‬ ‫ الدكتور محمد خير الدين خالد‪ ،‬منسق برنامج الصندوق العالمي لمكافحة‬‫السيدا والسل والمالريا‪.‬‬ ‫ الدكتورة لمياء بن حسين‪ ،‬مكلفة باالتصال والتنسيق بين الجهات وببرنامج‬‫السيدا وحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫• محامون بال حدود‪ -‬مكتب تونس‬ ‫ السيدة ناجية بونعيمي‪ ،‬مديرة مكتب تونس‪.‬‬‫السيدا وحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫ السيدة أميرة الدربالي‪،‬‬‫منسقة مشروع ّ‬ ‫ّ‬

‫‪8‬‬

‫الرئيسي في برنامج‬ ‫• الّديوان الوطني لألسرة والعمران البشري ‪ -‬المنتفع‬ ‫ّ‬ ‫الصندوق العالمي‬ ‫ الدكتورة فاطمة التميمي‪ ،‬كاهية مدير بإدارة الخدمات الصحية ومنسقة‬‫برنامج الصندوق العالمي بالديوان‪.‬‬ ‫• ممثلو الجمعيات ‪ -‬المنتفعون الثانويون في برنامج الصندوق العالمي‬ ‫ السيدة أرزاق كنيتاش‪ ،‬المديرة التنفيذية‪ ،‬الجمعية التونسية للصحة اإلنجابية‪.‬‬‫عامة‪ ،‬الجمع ّية ال ّتونسية‬ ‫ السيدة هيام بوكسولة‪ ،‬أخصائ ّية نفسان ّية‪ .‬كاتبة ّ‬‫السيدا واإلدمان‪.‬‬ ‫لإلرشاد وال ّتوجيه حول ّ‬ ‫ السيدة سهيلة بن سعيد‪ ،‬رئيسة الجمع ّية ال ّتونسية للوقاية اإليجاب ّية‪.‬‬‫ الدكتورة فاتن المساكني‪ ،‬مساعدة اجتماع ّية‪ ،‬الجمع ّية التونس ّية للوقاية من‬‫والسيدا ‪ -‬المكتب الوطني ‪ -‬صفاقس‪.‬‬ ‫األمراض المنقولة جنس ّيا‬ ‫ّ‬ ‫ السيد أسامة بوعجيلة‪ ،‬مختص في القانون‪ ،‬الجمعية التونسية للوقاية من‬‫األمراض المنقولة جنسيا والسيدا‪ ،‬فرع تونس‪.‬‬ ‫• محامون بال حدود‪ -‬مكتب تونس‬ ‫ السيدة ناجية بونعيم‪.‬‬‫ السيد لمين بن غازي‪ ،‬منسق مشاريع‪.‬‬‫‪ -‬السيدة أميرة الدربالي‪.‬‬

‫لجنة القيادة‬ ‫• التنسيقية الّتونسية لمجابهة اآلفات الصح ّية‬ ‫ األستاذ محمد شقرون‪ ،‬رئيس التنسيق ّية‪ .‬رئيس قسم األمراض الجرثوم ّية‬‫بمستشفى ّ‬ ‫فطومة بورقيبة‪ ،‬المنستير‪.‬‬

‫• وحدة تصرف مشروع الصندوق العالمي‪ ،‬الديوان الوطني لألسرة والعمران‬ ‫البشري‪ ،‬تونس‬ ‫ الدكتور محمد خير الدين خالد‪.‬‬‫‪ -‬الدكتورة لمياء بن حسين‪.‬‬

‫والسيدا‪ -‬إدارة‬ ‫• البرنامج الوطني لمقاومة األمراض المنقولة جنس ّيا‬ ‫ّ‬ ‫الرعاية الصح ّية األساس ّية‬ ‫الصحة العموم ّية‪ ،‬رئيس مصلحة الوبائ ّيات‬ ‫ الدكتور فوزي عبيد‪ ،‬طبيب رئيس‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والسل والمالريا‪.‬‬ ‫ومنسق البرامج الوطن ّية حول السيدا‬ ‫ّ‬

‫لجنة للمراجعة ال ّلغوية وإعادة صياغة المحتوى‪:‬‬ ‫ الدكتور فاروق بن منصور‪ -‬خبير مكلف بالمراجعة اللغوية وتنسيق المحتوى‪.‬‬‫ الدكتورة لمياء بن حسين‪.‬‬‫ السيدة أميرة الدربالي‪.‬‬‫‪9‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪3‬‬

‫ملخص‬ ‫دليل الصحافة واالتصال‬


‫ملخص‬

‫وسيلة ترويجية للمؤسسات والمنظمات العاملة في مجال التصدي‬ ‫للسيدا والتي يمكن أن تعتمد على وسائلها الخاصة التحسيس‬ ‫والتوعية‪.‬‬ ‫‪ .3‬اإلطار القانوني للصحافة والحقوق اإلنسانية‬

‫القـسـم األ ّول‬ ‫الكتابة الصحفية واإلخبارية‬ ‫عن فيروس نقص المناعة وحامليه‬ ‫يدرس هذا القسم الشروط الالزم توفرها عند الكتابة في موضوع‬ ‫فيروس نقص المناعة والحاملين له من الناحيتين األخالقية‬ ‫والتحريرية‪ .‬وهو يتوجه بشكل أساسي إلى الصحفيين والعاملين‬ ‫بالمؤسسات اإلعالمية كما يمكن أن يشمل صانعي المضامين‬ ‫والمؤثرين في الرأي العام من مواقع مختلفة‪ .‬يأتي هذا الدليل لملئ‬ ‫فراغ في الساحة اإلعالمية التونسية وتطوير المعالجة اإلعالمية‬ ‫للمسائل المتعلقة بالفيروس وحامليه على ركائز أخالقية ومهنية‪.‬‬ ‫وقد تط ّرق هذا القسم إلى تحليل النقاط التالية‪:‬‬ ‫‪ .1‬دور الميديا والصحفيين في التصدي للتمييز والوصم‬ ‫تقوم الميديا بإخبار المواطنين حول مختلف أوجه الحياة والبحث‬ ‫عن الحقائق ذات المصداقية بما يسمح للمتلـقي بالتفكير واتخاذ‬ ‫المواقف المناسبة عن علم ودراية بالمواضيع بشكل مستقل‬ ‫ومسؤول‪.‬‬ ‫‪ .2‬دور الصحافة والميديا في التصدي لفيروس نقص المناعة‬ ‫البشري‬ ‫عند بداية مرض السيدا لم تكن وسائل اإلعالم كالتلفزة التونسية‬ ‫على اقتناع بضرورة االنخراط في حمالت التحسيس بخطورته‬ ‫وبلزوم اتخاذ التدابير الوقائية‪ .‬إذ كان اهتمامها بالموضوع مناسباتيا‬ ‫على غرار االحتفال باليوم العالمي لمكافحة السيدا‪.‬‬ ‫‪12‬‬

‫إن دور الصحافة يتمثل في البحث عن الحقيقة وإخبار المواطنين‬ ‫تتحول إلى‬ ‫عن أحداث الحياة السياسية واالجتماعية والثقافية دون أن‬ ‫ّ‬

‫يتكون هذا اإلطار من المواثيق الدولية والدستور والقوانين‬ ‫يتضمـن الدستور أحكاما تتعلق بحرية الرأي والتعبير‬ ‫والمراسيم‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫واإلعالم والنشر والحق في النفاذ إلى المعلومة‪ .‬كما يحدد الضوابط‬ ‫المتعلقة بالحقوق والحريات والتي يمكن االلتجاء إليها في الحاالت‬ ‫االستثنائية‪.‬‬ ‫‪ .4‬اإلطار المعـياري للصحافة التونسية‬ ‫المقصود بهذا اإلطار المعياري جملة المراجع األخالقية والمهنية‬ ‫والتي يلتزم بها المهنيون وهو قائم على ميثـاق النقابة الوطنية‬ ‫للصحفييـن بمبادئه األربعة عشر وأ ّولها السعي إلى الحقيقة‪ .‬وآخر‬ ‫ينص على الدفاع عن قيم المساواة‬ ‫مبدأ وقعت إضافته عام ‪ّ 2014‬‬ ‫ورفض مختلف أنواع التمييــز‪ .‬وإلى جانب ذلك التزمت العديد من‬ ‫المؤسسات بمواثيق تحريرية تعتمد على القيم الديمقراطية‬ ‫والحرية والمعاهدات الدولية‪.‬‬ ‫‪ .5‬الصحافة القائمة على حقوق اإلنسان‬ ‫يحـــــولها إلى مبادئ‬ ‫إن احترام الصحفيين للحقوق اإلنسانية‬ ‫ّ‬ ‫مهنية ويجعل من الصحفيين مدافعين عنها وداعمين لها‪ .‬ومن‬ ‫وتحولها إلى أخبار‪.‬‬ ‫هذا المنظور فإنها ترصد انتهاكات هذه الحقوق‬ ‫ّ‬ ‫وهي تقوم على عدم التمييز واحترام المعايير الدولية والـمـبــادئ‬ ‫أهــم هذه المبادئ‪ :‬عدم التمييـز الذي يأخذ‬ ‫اإلنـسـانـيــة‪ .‬ومن‬ ‫ّ‬ ‫في االعتبار الجماعات الضعـيفة والمساءلة للتأكد من صحة‬ ‫المعلومات المستقاة ومراقبة مدى احترام السلطة لحقوق اإلنسان‬ ‫وإعطاء الكلمة للفئات الضعيفة حتى تع ّبـر عن مقترحاتها و الحلول‬ ‫التي تراها لتجاوز المشاكل التي تعيشها و تعزيز قدرات الجماعات‬ ‫المهمشة و البحث في الطرق التي تمكنهم من التواصل مع الميديا‬ ‫إلبالغ أصواتهم‪.‬‬ ‫‪ .6‬اإلخبار والتفـسيـر وإعـطاء الكلمة‬ ‫من مميزات صحافة حقوق اإلنسان أنها تروي القصص اإلنسانية‬ ‫للفئات الحاملة لفيروس نقص المناعة ومشاكلها وأوضاعها بطرق‬

‫‪13‬‬


‫متنوعة مثل التقارير اإلخبارية المحضة وتقارير التفسير والمقاالت‬ ‫إخبارية‬ ‫ّ‬ ‫والريبورتاجات والتحقيقات واالستقصاءات والبورتريـه‪ .‬ويبقى الصحفي حرا‬ ‫في الطريقة التي يختارها لتقديم مواضيعه‪.‬‬ ‫إن معرفة عامة الناس بموضوع فيروس نقص المناعة وبمرض‬ ‫السيدا متواضعة جدا‪ .‬والصحافة التفسيرية بوسعها تناول هذا الموضوع‬ ‫بالتوضيح والتفسير لمختلف أبعاده الغامضة ليجد فيه القارئ اإلجابة عن‬ ‫األسئلة التي تتبادر إلى ذهنه‪ .‬كما أن صحافة الحلول يمكن أن تلعب دورا‬ ‫مهما في التعريف بمبادرات المجتمع المدني للتصدي لفيروس نقص‬ ‫المناعة أو للدفاع عن حاملي الفيروس‪.‬‬ ‫‪ .7‬نصائح ومبادئ خبراء تونسيين لتغـطية فيروس نقص المناعة‬ ‫والتصدي له‬ ‫يُـجمع أهل االختصاص في التصدي للسيدا على جملة من اإلجراءات منها‪:‬‬ ‫‪ )1‬تحسيس وتوعية المواطنين عـبر وسائط إعالمية مثل األفالم‬ ‫التـثـقـيف ّية‪.‬‬ ‫‪ )2‬التركيز على التقـصي للكشف عن الفيروس والترويج للحمالت‬ ‫الوقائية‪.‬‬ ‫‪ )3‬اهتمام الميديا بالموضوع يجب أن يمتد على كامل السنة وال يقتصر‬ ‫على اليوم العالمي لمكافحة السيدا‪.‬‬ ‫‪ )4‬إرساء شراكة إستراتيجية بين الجمعيات الناشطة في المجال‬ ‫ومؤسسات الميديا‪.‬‬ ‫‪ )5‬تشجيع الصحفيين على تعميق معارفهم في مجال فيروس نقص‬ ‫المناعة والسيدا‪.‬‬ ‫‪ )6‬استعمال مصطلحات غير تمييزية والتخلص من القوالب النمطية‬ ‫االجتماعية وذلك بمزيد االحتكاك بالواقع والخروج من الروتين االجتماعي‬ ‫وتطوير التفكير النقدي‪.‬‬ ‫‪ )7‬إرساء مقاربة مستقلة وأخالقية لتغطية الفيروس واعتماد آراء أهل‬ ‫الخبرة من العاملين في الميدان وتوجيه الجمهور نحو مصادر إخبارية جيدة‬ ‫وموثوقة عالوة على ضرورة التمييز بين الحقائق القطعية والمشكوك‬ ‫فيها والتركيز على التفسير العلمي لتبني السلوكيات السليمة‪.‬‬ ‫‪14‬‬

‫القــــســــــم الثـــــانــي‬ ‫االستراتيجيات االتصالية‬ ‫في مجال التصدي لفيروس نقص المناعة‬ ‫يبحث هذا القسم في إدارة االتصال في مجال التصدي لفيروس‬ ‫نقص المناعة البشري وهو يتعلق باالتصاليين الذين تختلف أدوارهم‬ ‫عن الصحفيين‪ .‬فاالتصال يتمثل في التوعية والتثقيف ويرمي إلى‬ ‫تغيير السلوك وتصحيح نظرة الناس إلى الفئات المتعايشة مع‬ ‫الفيروس وإقناعها باإلقالع عن الوصم والتمييز والتأكيد على‬ ‫أن انتقال الفيروس بين المواطنين يتم بطرق معينة بعيدة عن‬ ‫التواصل المجتمعي العادي في الحياة العامة‪.‬‬ ‫‪ .1‬واقع اإلستراتيجية االتصالية في مجال التصدي لفيروس‬ ‫نقص المناعة‪ :‬الفاعلون الرئيسيون في منظومة االتصال في‬ ‫مجال فيروس نقص المناعة هم‪:‬‬ ‫ وزارة الصحة‪ :‬عن طريق إدارة الرعاية الصحـيـة األساسية وإدارة‬‫الطب المدرسي والجامعي والديوان الوطني لألسرة والعمران البشري‪.‬‬ ‫ بعض منظمات المجتمع المدني الناشطة في المجال‪.‬‬‫ّ‬ ‫المؤسسات بطابع‬ ‫جـل الرسائل ال ّتـوعـو ّية لهذه‬ ‫هذا وتتميز‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫السياق االجتماعي والثـقافي‬ ‫مؤسساتي وأحيانا غير متوافقة مع ّ‬ ‫ّ‬ ‫التونسي لتأثرها بال ّتجارب األجنب ّيـة لبلدان ذات ثقافة مغايرة‪.‬‬ ‫إن غياب إستراتيجية اتصالية وطنية متكاملة ومتفق عليها أدى‬ ‫وحدت من المجهود المبذول لتغيير‬ ‫إلى بعثرة جهود المتدخلين‬ ‫ّ‬ ‫السلوكيات على النطاق الوطني الواسع‪.‬‬ ‫‪ .2‬إدارة الحمالت االتصالية‪:‬‬ ‫إلنجاح الحمالت االتصالية يستوجب ّ‬ ‫توفـر النقاط التالية‪:‬‬ ‫ التحضير للخطة االتصالية بما في ذلك تحديد الجمهور‬‫المستهدف واألنشطة الالزم القيام بها لتحقيق األهداف المرسومة‬ ‫والميزانية والجدول الزمني ومؤشرات النجاح‪.‬‬

‫‪15‬‬


‫ تشخيص حالة االتصال ويستوجب ذلك التحليل المسبق‬‫لمعارف الجمهور عن الموضوع ويتم ذلك مثال عن طريق العصف‬ ‫الذهني لمجموعة تركيز أو استطالع رأي على شبكات التواصل‬ ‫االجتماعي‪.‬‬ ‫ تحديد المعطيات المراد تبليغها لتغيير السلوكيات نحو‬‫األفضل ووضع أهداف تكون قابلة للقياس‪.‬‬ ‫ تحديد الجماعات المستهدفة قصد تكييف محتوى الخطاب‬‫ال ّتـوعـوي مع خصائصها المجتمعية ومدى ارتباطها بالموضوع‪.‬‬ ‫متنـوعـة من األنشطة االتصالية كالمعلقات‬ ‫ تحديد أشكال‬‫ّ‬ ‫وتوزيع المنشورات والومضات اإلذاعية أو التلفزية والندوات‬ ‫واستخدام الميديا الرقمية‪ ...‬إلخ‪.‬‬ ‫‪ .3‬أهمية الميديا في الحمالت االتصالية‪:‬‬ ‫ تأخذ الحمالت االتصالية في االعتبار أهمية الميديا وتنوعها‬‫وسياساتها التحريرية وجمهورها وفي هذا اإلطار فإن المشهد‬ ‫اإلعالمي التونسي يهتم أكثر بالتنوع األيديولوجي والسياسي‪ .‬كما‬ ‫نالحظ أن أغلب الميديا في تونس ذات بُعد جامع باستثناء بعض‬ ‫الحاالت على غرار اإلذاعة الثقافية‪ ،‬أما البعد المحلي فال يزال محدودا‪.‬‬ ‫ استهالك الميديا التونسية‪ :‬بـ ّيـَن استطالع حول استخدامات‬‫الميديا في تونس أن ‪ % 99‬من التونسيين مجهزون بتلفاز و‪% 88‬‬ ‫يشاهدون التلفزيون مرة في اليوم على األقل وأن ‪ % 92‬يمتلكون‬ ‫هاتفا جواال و‪ % 86‬من التونسيين يستخدمونه على األقل مرة‬ ‫في اليوم‪ .‬وأن ‪ % 39‬من العائالت تمتلك حاسوبا مكتبيا و‪% 34‬‬ ‫حاسوبا محموال‪ .‬وقد أظهرت نتائج هذا االستطالع أن التلفزيون‬ ‫يمثل الميديا األكثر استخداما للحصول على األخبار‪.‬‬

‫ تشريك أصحاب القرار والمشاهـيــر أو المؤثرين‪.‬‬‫ تعزيز التدريب والتكوين والخروج من غـرف األخبار إلى عوالم‬‫المصابين‪.‬‬ ‫ الرفع من جودة المضمون اإلخباري‪.‬‬‫‪ .4‬معايير التعامل مع الصحافة وهي باألساس أخالقية‬ ‫ومهنيـة‪:‬‬ ‫ المعاييــر األخالقـ ّيــة‪ :‬وهي ضرورية لمهمة الصحفي لبناء عالقة‬‫ثقة مع المتلقي لذلك وضع الصحفيون التونسيون ألنفسهم ميثاق‬ ‫شرف ومد ّونة األخالقيات الصحفية التي تضمن الصدق والنزاهة‬ ‫واحترام األخالق العامة‪.‬‬ ‫الصدور وأوقات البث بالنسبة‬ ‫ المعاييــر المهـنـ ّيـــة‪ :‬احترام دورية ّ‬‫لإلذاعات والتلفزيون‪.‬‬ ‫ال تخضع العالقات مع الميديا للظرفية لكونها إستراتيجية وقائمة‬ ‫على الثقة والتعاون والعمل باألخالقيات المهنية وهي تعتبر مكونا‬ ‫من مكونات سياسة اتصالية أوسع وأشمل طويلة المدى وقائمة‬ ‫على أهداف واضحــة‪.‬‬ ‫‪ .5‬ما يجب أن يعرفه الصحفي عن فيروس نقص المناعة‬ ‫البشري‪:‬‬ ‫ فيروس نقص المناعة البشري هو فيروس يصيب خاليا الجهاز‬‫المناعي التي يساعد الجسم على التصدي للعدوى بمختلف أشكالها‪.‬‬ ‫المــدة الفاصلة بين دخول الفيروس إلى الجسم‬ ‫ تستغرق‬‫ّ‬ ‫واإلصابة بمرض السيدا ما متوسطه ‪ 10‬سنوات‪.‬‬

‫بد من‪:‬‬ ‫ولتفادي وصم وتمييز الفئات المفاتيح بواسطة االتصال ال ّ‬

‫ ينتقل الفيروس عن طريق الممارسات الجنسية وحليب األم‬‫ونقل الدم الملوث بواسطة إبر الحقن الجماعي للمخدرات‪.‬‬

‫ قياس التأثير لتعزيز المضامين الناجحة والمبادرة بالتعديل إذا‬‫لزم‪.‬‬

‫ ال يمكن القضاء نهائيا على الفيروس لدى اإلنسان الحامل له‪،‬‬‫ويقتصر العالج بمضادات الفيروس على وقف استنساخ هذا األخير‬ ‫بما يسمح لجهاز المناعة بالعمل بصفة طبيعية‪.‬‬

‫ التركيز على الوقائع المعاشة‪.‬‬‫‪16‬‬

‫‪ -‬التركيز على فئـة المتعايشين مع الفيروس‪.‬‬

‫‪17‬‬


‫ لما تكون كمية الفيروسات منخفضة في الجسم ال يمكن أن يتفـطن‬‫الكشف العادي لوجودها‪ .‬في مثل هذه الحاالت يقع اللجوء إلى تحليل‬ ‫معمق يتمثل في قياس «حمولة الفيروس»‪ .‬والحمولة المنخفضة ال‬ ‫تُـغني عن المداواة‪.‬‬ ‫أهم األمراض التي يمكن أن تصيب المتعايشين مع الفيروس في‬ ‫ من ّ‬‫ّ‬ ‫السل والتهاب الكبد بنوعيه «ب» و «ج» وعندنا‬ ‫غياب العالج نذكر مرض‬ ‫يتقدم العمر قد تظهر أمراض القلب والشرايين والسرطانات ومرض‬ ‫السكري‪.‬‬ ‫ يمكن القيام بالكشف عن الفيروس باللجوء إلى التحليل الحيني‬‫ّ‬ ‫الشك في النتيجة يقع اللجوء إلى التحليل المخبري‪.‬‬ ‫لقطرة من الدم وعند‬ ‫ األشخاص األشد تعرض ًا للفيروس هم المتعاطون لعالقات جنسية‬‫غير محمية والمتبادلون إلبر حقـن المخدرات وكل ما من شأنه نقل‬ ‫الدم بين األشخاص‪ .‬دون أن ننسى انتقاله عن طريق حليب األم الحاملة‬ ‫للفيروس للرضيع‪.‬‬ ‫ يمكن الوقاية من انتقال الفيروس باستعمال الواقيات الذكرية أو‬‫األنثوية وقت العالقات الجنسية وعدم تبادل اإلبر عند استعمال المخدرات‬ ‫المحقونة والحذر من تعاطي الجنس مع أناس مجهولين‪.‬‬

‫‪18‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪3‬‬

‫فهـــــــــــرس‬


‫القسم الثاني‪:‬‬ ‫القسم األول‪:‬‬ ‫الكتابة الصحفية واإلخبارية عن فيروس نقص المناعة وحامليه ‪. . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪ .1‬المقدمة ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪ .2‬دور الميديا والصحفيين في التصدي للتمييز والوصم لحاملي فيروس‬ ‫نقص المناعة ودعم حقوقهم اإلنسانية ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪ .3‬دور الصحافة والميديا التونسية في التصدي لفيروس نقص المناعة ‪. . . . . . . . .‬‬ ‫‪ .1.3‬نقاط ضعف التغطية الصحفية لفيروس نقص المناعة ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪ .2.3‬صحافة أو اتصال ؟ ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪ .3.3‬المعوقات أمام تغطية جيدة لفيروس نقص المناعة في الصحافة ‪. . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪ .4‬اإلطار القانوني للصحافة التونسية والحقوق اإلنسانية ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪ .5‬اإلطار المعياري للصحافة التونسية ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪ .6‬الصحافة القائمة على حقوق اإلنسان ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪ )1‬عدم التمييز ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪ )2‬المساءلة ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪ )3‬مراقبة الحكومة والسلطة ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪ )4‬المشاركة ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪ )5‬تعزيز قدرات الجماعات ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪30‬‬ ‫‪32‬‬ ‫‪34‬‬

‫‪35‬‬ ‫‪36‬‬ ‫‪37‬‬

‫‪39‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪43‬‬

‫‪45‬‬ ‫‪45‬‬

‫‪46‬‬ ‫‪46‬‬ ‫‪46‬‬

‫‪ .7‬اإلخبار‪ ،‬التفسير‪ ،‬إعطاء الكلمة‪ :‬مقاربات تحريرية مبتكرة من أجل صحافة‬ ‫إنسانية ومنفتحة على حقوق اإلنسان ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪46‬‬

‫‪ .8‬نصائح ومبادئ خاصة بتغطية فيروس نقص المناعة ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪48‬‬

‫األنواع واألجناس اإلخبارية ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪ .1.8‬نصائح خبراء تونسيين في مجال التصدي لفيروس نقص المناعة ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪ .2.8‬أفكار حول تقارير فيروس نقص المناعة وحامليه ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪ .3.8‬كيف يمكن للصحفيين التخلص من القوالب النمطية االجتماعية؟ ‪. . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪46‬‬

‫‪ .3‬إدارة الحمالت االتصالية ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪.4‬‬

‫أهمية الميديا في الحمالت االتصالية ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪ .1.4‬استهالك الميديا التونسية ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪ .2.4‬استهالك الميديا التونسية ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪ .3.4‬نصائح لتفادي وصم الفئات المفاتيح بواسطة االتصال ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪ .5‬معايير التعامل مع الصحافة ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪ .1.5‬المعايير األخالقية ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫‪ .2.5‬المعايير المهنية ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪60‬‬ ‫‪65‬‬

‫‪65‬‬ ‫‪67‬‬ ‫‪68‬‬

‫‪70‬‬

‫‪50‬‬ ‫‪71‬‬

‫‪ .3.5‬أدوات العالقات مع الصحافة ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪72‬‬

‫القسم الثالث‪:‬‬ ‫عناوين للصحفيين ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪77‬‬

‫مالحق ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬ ‫ما يجب أن يعرفه الصحفي عن فيروس نقص المناعة ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪89‬‬

‫‪90‬‬

‫ميثاق شرف نقابة الصحفيين ال ّتونسيين ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪97‬‬

‫ميثاق التغطية اإلعالمية الجيّدة لقضايا اللجوء والهجرة المختلطة في سياق‬ ‫األزمات‪ :‬أزمة ّ‬ ‫تفشي فيروس كوفيد ‪ 19‬في تونس ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪99‬‬

‫‪50‬‬

‫‪ .5.8‬نصائح من أجل مقاربة مستقلة وأخالقية لتغطية فيروس كورونا من شبكة‬ ‫الصحافة األخالقية ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪52‬‬

‫‪ .7.8‬كيف يمكن معالجة فيروس الكورونا صحفيا دون الوقوع في تزييف الحقائق ‪. . .‬‬

‫‪ .2‬ظهور وتطور وتحوالت االتصال واالستراتيجيات االتصالية في مجال‬ ‫التصدي لفيروس نقص المناعة ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪57‬‬

‫‪49‬‬

‫‪ .4.8‬نصائح جمعية إفريقيا الجنوبية المتخصصة في اإليدز لمعالجة قضايا فيروس‬ ‫نقص المناعة البشري وحامليه في الصحافة والميديا ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪ Harvard‬في علم األوبئة ‪. . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪ .1‬المقدمة ‪. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .‬‬

‫‪56‬‬

‫‪48‬‬

‫‪51‬‬

‫‪ .6.8‬خمس نصائح من الدكتور ‪Bill Hanage‬‬

‫‪22‬‬

‫‪29‬‬

‫االستراتيجيات االتصالية في مجال التصدي لفيروس نقص المناعة ‪. . . . . . . . .‬‬

‫‪55‬‬

‫‪52‬‬ ‫‪53‬‬

‫‪23‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪3‬‬

‫شكـــــــــــــر‬


‫يعبر مؤلف التقرير عن شكره وامتنانه لكل من ساهم في إثراء‬ ‫التقرير بالمعلومات والشهادات وتيسير النفاذ إلى المصادر‪ .‬ويخص‬ ‫المؤلف بالشكر‪:‬‬ ‫ اآلنســـة لمياء بن حسيـــــن‪ ،‬الدكتورة في علوم اإلعالم واالتصال‬‫السيدا وحقوق‬ ‫والمكلفة باالتصال والتنسيق بين الجهات وببرنامج ّ‬ ‫اإلنسان في وحدة التصرف لبرنامج الصندوق العالمي لمكافحة‬ ‫السيدا والسل والمالريا‪.‬‬ ‫ الدكتور عبد الحميد الزحاف‪ ،‬رئيس الجمع ّية التونس ّية لمقاومة‬‫األمراض المنقولة جنسيا والسيدا (المكتب الوطني ‪ -‬صفاقس)‬ ‫والعميد السابق لكلية الطب بصفاقس‪.‬‬

‫شكـــــــــــــر‬

‫ الدكتور محمد رضا كمون‪ ،‬طبيب مختص في األمراض الجلدية‬‫ورئيس فرع تونس للجمعية التونس ّية لمقاومة األمراض المنقولة‬ ‫جنسيا والسيدا ‪ -‬فرع تونس‪.‬‬ ‫ــوة‪ ،‬ممثـــل برنامج األمم الم ّتحدة المشترك‬ ‫ السيد لسعد ُ‬‫ص ّ‬ ‫لمكافحة اإليدز بتونس‪.‬‬ ‫ الدكتور فوزي عبيد‪ ،‬رئيس قسم األمراض المعدية بإدارة الصحة‬‫األساسية بوزارة الصحة ومنسق البرامج الوطنية للوقاية من‬ ‫فيروس نقص المناعة البشرية والسل والمالريا‪.‬‬ ‫ فوزي الزريبي‪ ،‬عضو الجمع ّية التونس ّية لمقاومة األمراض‬‫المنقولة جنسيا والسيدا‪ ،‬المكتب الوطني ‪ -‬صفاقس‪.‬‬ ‫ الدكتور محمد شقرون‪ ،‬رئيس اللجنة الوطنية التنسيقية‬‫لبرنامج الصندوق العالمي لمكافحة اإليدز والسل والمالريا‪ ،‬ورئيس‬ ‫قسم األمراض الجرثومية بالمستشفى الجامعي فطومة بورڤيبة‪.‬‬

‫‪26‬‬

‫‪27‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪3‬‬

‫األول‬ ‫القسم ّ‬

‫الكتابة الصحفية واإلخبارية‬ ‫عن فيروس نقص المناعة وحامليه‬


‫األول‬ ‫القسم ّ‬

‫‪ .1‬المقدمة‬ ‫يتعلق هذا الدليل المرجعي بالمعايير األخالقية والتحريرية التي يجب‬ ‫أن يحترمها الصحفي عند تغطيته لفيروس نقص المناعة والحاملين‬ ‫له‪ ،‬حتى تكون هذه التغطية أخالقية ومسؤولة وغير تمييزية وغير‬ ‫قائمة على الوصم لحاملي الفيروس‪ .‬وبشكل عام يعالج هذا الدليل‬ ‫الشروط التي يجب أن تقوم عليها صحافة متخصصة في تغطية‬ ‫ومحترمة لمعايير الصحافة‬ ‫فيروس نقص المناعة تكون أخالقية‬ ‫ِ‬ ‫المهنية‪.‬‬ ‫ويتوجه هذا الدليل‪ ،‬أوال وبشكل أساسي‪ ،‬إلى الصحفيين المهنيين‬ ‫وإلى مؤسسات الميديا‪ .‬والمقصود بالصحفيين المهنيين‪ ،‬العاملين‬ ‫في مؤسسات الميديا والذين يمارسون الصحافة كمهنة أو يعملون‬ ‫في المؤسسات اإلعالمية على غرار التلفزيون واإلذاعة والصحافة‬ ‫اإللكترونية الخاصة والعمومية المعترف بها من الهيئة العليا‬ ‫المستقلة لالتصال السمعي البصري‪.‬‬ ‫ولكن هذا الدليل المرجعي يمكن أن يشمل أيضا من يطلق‬ ‫عليهم «صانعو المضامين» مثل العاملين في اإلذاعات الجمعياتية‬ ‫أو في إذاعات الواب‪ ،‬بل يمكن أن يشمل أيضا كل مضمون موجه إلى‬ ‫ّ‬ ‫«بالمـؤثريـن»‪.‬‬ ‫يسميهـم من يسمون‬ ‫الجمهور العريض على غرار من‬ ‫ّ‬

‫‪30‬‬

‫ويتضمن هذا الدليل المرجعي بعدا مبتكرا ومستجدا بالنظر‬ ‫إلى غياب المرجعيات التحريرية المتصلة بمعالجة فيروس نقص‬ ‫المناعة المكتسبة (السيدا) في القطاع المهني في تونس بل‬ ‫يمكن القول إن المسائل التحريرية والمشكالت األخالقية الخاصة‬ ‫بمعالجة فيروس نقص المناعة والسيدا نادرا ما تطرح في النقاشات‬ ‫المهنية الصحفية‪ .‬بل يمكن القول إنها غائبة تماما في هذه‬

‫النقاشات في األوساط المهنية أو األكاديمية‪ .‬ومن هنا أتت الحاجة‬ ‫إلى هذا الدليل للمساهمة في تطوير المعالجة اإلخبارية للمسائل‬ ‫المتصلة بفيروس نقص المناعة وتأصيلها على قواعد أخالقية‬ ‫ومعايير مهنية صارمة تحترم الحقوق اإلنسانية‪ ،‬رغم وضع المواثيق‬ ‫التحريرية في بعض مؤسسات الميديا التونسية على غرار «موزاييك‬ ‫أف أم» أو مؤسسات الميديا العمومية‪.‬‬ ‫وقد بينت التجربة في الدول التي ينتشر فيها فيروس نقص‬ ‫المناعة أن تدريب الصحفيين على المواثيق التحريرية يساهم‬ ‫بشكل كبير في تغيير المقاربات والممارسات التحريرية التي يمكن‬ ‫أن يتحقق تغييرها بواسطة آليات جديدة على غرار الدراسات أو الدالئل‬ ‫المرجعية مثل هذا الدليل‪.‬‬ ‫كما أن انخراط رؤساء التحرير والمسؤولين عن غرف األخبار يمثل‬ ‫عنصرا مؤثرا في تحديد التغطية اإلخبارية وإدماج مقاربات تحريرية‬ ‫جديدة في غرف األخبار لما لمسؤولي غرف األخبار ورؤساء التحرير‬ ‫من أهمية في تحديد الممارسات التحريرية‪...‬‬ ‫المؤطر عدد ‪:1‬‬ ‫األول من الدليل‬ ‫محتويات القسم ّ‬ ‫إن هذا الدليل‪ ،‬على غرار الدالئل العالمية المرجع ّية حول الصحافة‬ ‫ّ‬ ‫وفيروس نقص المناعة البشري يتمحور حول المسائل التالية‪:‬‬ ‫ تحليل لدور الميديا في التصدي لفيروس نقص المناعة البشري‪.‬‬‫يتوجب عليهم‬ ‫ نصائح للصحف ّيين حول المبادئ األخالقية التي‬‫ّ‬ ‫احترامها والتقنيات التي يجب أن يستخدموها لتغطية مهن ّية‬ ‫ج ّيدة لهذا الفيروس‪.‬‬ ‫ قاموس للمصطلحات التقنية والتعريفات التي تسمح‬‫للصحف ّيين بفهم ج ّيد لمختلف أبعاد ومظاهر الفيروس واألسئلة‬ ‫المتداولة حول الموضوع‪.‬‬ ‫ قائمة المصطلحات أو الكلمات التي يجب تجنبها‪.‬‬‫ خارطة المصادر األساسية الضرور ّية للصحف ّيين‪.‬‬‫‪31‬‬


‫‪ .2‬دور الميديا والصحفيين في التصدي للتمييز والوصم‬ ‫لحاملي فيروس نقص المناعة ودعم حقوقهم اإلنسانية‬ ‫إن الميديا بشكل عام والميديا اإلخبارية والصحافة بشكل خاص‬ ‫تؤدي عدة وظائف في المجتمعات الديمقراطية‪ .‬فهي تقوم بإخبار‬ ‫المواطنين حول مختلف أوجه الحياة العامة والسياسية واالجتماعية‬ ‫واالقتصادية‪ .‬كما أنها تتيح لهم مجموعة معارف عبر قوالب‬ ‫مختلفة كالتحقيقات والريبورتاجات واآلراء والتعليقات المتصلة‬ ‫باألحداث‪....‬‬ ‫يقول «كوفاتش وروزنتال»)‪ :(1‬إن الصحافة تقوم أوال وقبل كل‬ ‫شيء على السعي إلى الحقيقة كما تؤكد على ذلك أغلبية المواثيق‬ ‫األخالقية والتحريرية للهيئات الصحفية ومؤسسات الميديا في‬ ‫المجتمعات الديمقراطية‪ .‬فالبحث عن الحقيقة هو ما يميز‬ ‫الصحافة عن كل أشكال االتصال والمعارف األخرى (األدبية والشعرية‬ ‫والعلمية‪.)...‬‬ ‫والحقيقة الصحفية ليست ذات طابع فلسفي أو «أنطولوجي»‬ ‫وهي ليست الحقيقة التي يبحث عنها الفالسفة أو الباحثون في‬ ‫العالم ألنها مختلفة عن الحقائق العلمية والفلسفية‪ ،‬فهي ذات‬ ‫طابع وظيفي حسب تعبير كوفاتش ورزنتال‪ .‬فالحقيقة الصحفية‬ ‫القائمة على معلومات ذات مصداقية وموثوقة تسمح للمواطنين‬ ‫بالتفكير وإطالق األحكام والفعل بشكل مستقل‪ .‬وعلى هذا النحو‬ ‫فإن الصحافة والميديا تساهمان في بناء المجتمع الديمقراطي‬ ‫والمحافظة عليه باعتباره تنظيما سياسيا يتكون من مواطنين‬ ‫أحرار ومتساويين ومستقلين‪.‬‬ ‫وتؤكد المادة ‪ 19‬من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية‬ ‫والسياسية على أن لكل إنسان الحق في اعتناق آراء دون مضايقة‪.‬‬ ‫ «لكل إنسان الحق في حرية التعبير‪ .‬ويشمل هذا الحق حريته‬‫في التماس مختلف ضروب المعلومات واألفكار وتلقيها ونقلها إلى‬ ‫آخرين دونما اعتبار للحدود‪ ،‬سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو‬ ‫في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها»‪.‬‬ ‫‪32‬‬

‫‪ 1‬كتاب «أسس الصحافة»‪.‬‬

‫ كما تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة ‪ 2‬من‬‫نفس المادة واجبات ومسئوليات خاصة‪« .‬وعلى ذلك يجوز إخضاعها‬ ‫لبعض القيود ولكن شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون‬ ‫ضرورية الحترام حقوق اآلخرين أو سمعتهم وحماية األمن القومي أو‬ ‫النظام العام أو الصحة العامة أو اآلداب العامة»(((‪.‬‬ ‫إن الصحافة ال تقتصر عالقتها بالحقوق اإلنسانية فقط بل إنها‬ ‫متصلة أيضا بحقوق حرية الرأي والتفكير والتعبير‪ .‬كما أنها تساهم‬ ‫في حماية هذه الحقوق والدفاع عنها ودعمها‪ .‬وبهذا المعنى فإن‬ ‫الصحافة لها دور الرقابة على مختلف السلطات والتحقيق في‬ ‫التجاوزات التي يمكن أن ترتكبها هذه السلطات‪.‬‬ ‫ومن المهام أو الوظائف األساسية التي يقوم بها الصحفيون نذكر‬ ‫رقابة السلطة السياسية رقابة مستقلة بسبب طبيعة الصحافة‬ ‫باعتبارها تعبر عن أصوات الجمهور‪ .‬والصحفي كذلك ليس مجرد‬ ‫ناقل للمعلومات أو مجرد وسيط بين المؤسسات والجمهور‪ .‬أو‬ ‫«صوت من ال صوت له» فقط‪.‬‬ ‫المؤطر عدد ‪:2‬‬ ‫أدوار الصحافة الديمقراطية وحماية الحقوق اإلنسانية‬ ‫ يتمثل دور الصحفيين في المجتمع الديمقراطي في‪:‬‬‫ التحقيق في تجاوزات السلطات كلها‪.‬‬‫ تمثيل تعددية المجتمع وخاصة الفئات االجتماعية المهمشة‬‫والضعيفة‪.‬‬ ‫ الصحفي هو الضامن لحق المعرفة أي حق الناس في معرفة‬‫الطريقة التي تعمل وفقها المؤسسات أي حق االطالع على‬ ‫المؤسسات‪.‬‬

‫لكن الصحفيين يمكن أن يكونوا أيضا مصدر تهديدات لحقوق‬ ‫اإلنسان‪ .‬فالصحفيون يمكن أن يف ّرطوا في استقالليتهم بربط‬ ‫عالقات تبعية مع السلطات المختلفة األيديولوجية واالقتصادية‬ ‫والحزبية‪ ....‬وقد تضمنت المواثيق التحريرية واألخالقية‪ ،‬على غرار‬ ‫ميثاق النقابة الوطنية للصحفيين الفرنسيين‪ ،‬تعليمات بشأن هذه‬ ‫االنتهاكات مثل ن ّيــة اإلساءة وتشويه الوثائق والوقائع‪.‬‬ ‫‪ 2‬العهد الدويل اخلاص باحلقوق املدنية والسياسية‪ ،‬املادة ‪ - 19‬الفقرة عدد ‪.2‬‬

‫‪33‬‬


‫كما أن احترام الحياة الشخصية هي من أساسيات الصحافة‬ ‫األخالقية‪ .‬فقد ورد في ميثاق ميونيخ أن الصحفي يحترم الحياة‬ ‫الخاصة التي هي من أوكد واجباته‪ .‬ومن جهته فإن ميثاق الجمعية‬ ‫األمريكية للصحفيين المهنيين يدعو الصحفيين إلى عدم التسبب‬ ‫بأضرار للجمهور وعدم اإلساءة إليه‪.‬‬ ‫أما في تونس فقد ساهمت الصحافة والميديا أحيانا في إشاعة‬ ‫خطاب الكراهية وتغذيته‪ .‬ففي سنة ‪ 2016‬نشرت النقابة الوطنية‬ ‫للصحفيين التونسيين تقريرا حول دراسة قامت خاللها بمعالجة‬ ‫اإلرهاب وخطاب الكراهية لقد شملت هذه الدراسة عينات من‬ ‫عشرين مؤسسة فرصدت ‪ 1925‬تجاوزا متصال بأحداث اإلرهاب‬ ‫و‪ 142‬تجاوزا متصال بخطاب الكراهية(((‪.‬‬

‫‪ .3‬دور الصحافة والميديا التونسية في التصدي لفيروس‬ ‫نقص المناعة‬

‫ال توجد معطيات عن أدوار الميديا في التصدي لفيروس نقص‬ ‫المناعة‪ .‬فالتجارب الصحفية في هذا المضمار غير موثقة أو نادرة‬ ‫أو غير معلومة بشكل جيد‪ .‬ولتجاوز هذا النقص في المعلومات‪،‬‬ ‫اعتمد مؤلف الدليل على مقابالت مع فاعلين في منظومة التصدي‬ ‫لفيروس نقص المناعة‪.‬‬ ‫وفي هذا اإلطار‪ ،‬يرى الدكتور محمد رضا كمون‪ ،‬رئيس الجمعية‬ ‫(((‬ ‫التونسية لمقاومة األمراض المنقولة جنسيا والسيدا‪ ،‬فرع تونس‬ ‫أن األوساط الطبية في بدايات المرض وبسبب غياب العالجات‬ ‫المناسبة كانت مقتنعة أن الصحافة والميديا تمثل عنصرا أساسيا‬ ‫وفاعال في منظومة التصدي لفيروس نقص المناعة ولمرض السيدا‪.‬‬ ‫ولهذه األسباب فإن األوساط الطبية كانت حريصة على انخراط‬ ‫الصحافة والميديا في منظومة التصدي هذه منذ ظهور الحاالت‬ ‫األولى للمرض في الواليات المتحدة األمريكية عام ‪.1981‬‬ ‫‪ 3‬أنظر التقرير الذي نرشته وحدة رصد اإلخالالت املهنية يف التعاطي اإلعالمي مع قضايا اإلرهاب‬ ‫وخطابات الكراهية والنزاعات املسلحة طوال الفرتة الفاصلة بني ديسمرب ‪ 2015‬وماي ‪shorturl. 2016‬‬

‫‪at/cjvz5‬‬ ‫‪34‬‬

‫‪ 4‬اجلمعية التونسية ملكافحة األمراض املنقولة جنسا والسيدا ‪ -‬فرع تونس‪ATL MST / SIDA – .‬‬ ‫‪Section Tunis‬‬

‫وتمثل حادثة إصدار أول فيديو عن السيدا مثاال جيدا على أدوار‬ ‫الميديا في تونس للتصدي لفيروس نقص المناعة‪ .‬فقد كانت وزارة‬ ‫الصحة قد صممت ومضة تحسيسية وتوعوية حول الفيروس‬ ‫تتمثل قصته في امرأة تمشي تحت المطر حاملة مظلة أو مطرية‪.‬‬ ‫وكان هذا الفيلم التحسيسي ذا طابع إيحائي عن أهمية الحماية أو‬ ‫الوقاية‪ .‬ورغم هذا الطابع اإليحائي للفيلم إال أن إدارة التلفزة رفضت‬ ‫ّ‬ ‫بثـــه‪.‬‬ ‫‪ .1.3‬نقاط ضعف التغطية الصحفية لفيروس نقص المناعة‬ ‫يقول التقرير المتعلق بأنشطة التصدي للفيروس((( (أفريل ‪)2014‬‬ ‫أن منظمات المجتمع المدني تَعتبر أن السياق االجتماعي والسياسي‬ ‫ما بعد الثورة يمثل بشكل نسبي عائقا أمام احترام حقوق اإلنسان‪،‬‬ ‫وأن الميديا‪ ،‬رغم سياق الحريات‪ ،‬لم تساعد على التصدي للوصم‬ ‫ودعم حقوق اإلنسان‪ .‬وتفيد شهادات المختصين والفاعلين في‬ ‫إستراتيجية التصدي للفيروس‪ ،‬أن مقاربة الصحافة في هذا المجال‬ ‫تتسم بعدد من السمات ومنها أن الميديا غائبة تماما (أو تكاد)‬ ‫تكون عن استراتيجية التصدي لفيروس نقص المناعة البشري‪.‬‬ ‫مؤطر عدد ‪:3‬‬ ‫الصحافة التونسية وفيروس نقص المناعة‬ ‫ عدم االهتمام بفيروس نقص المناعة (بشكل عام)‪.‬‬‫ ا ّتصال جزئي ومناسباتي‪.‬‬‫ ندرة التقارير التحليلية والتحقيقات والتقارير االستقصائية القادرة‬‫على التفسير والتحليل‪.‬‬ ‫ التصدي لفيروس نقص المناعة البشري‪.‬‬‫ تؤدي الميديا التونسية دورا محدودا جدا في إستراتيجية التصدي‬‫للفيروس وإستراتيجية التحسيس والتثقيف‪.‬‬ ‫ يمكن للميديا التونسية أن تكون مصدرا للتمييز والوصم‪.‬‬‫‪ 5‬تقرير نشاط حول االستجابة لإليدز – تونس‪ ،‬أفريل ‪ ،2014‬وزارة الصحة العمومية‪ .‬إدارة الرعاية‬ ‫الصحية األساسية‪ ،‬الربنامج الوطني ملكافحة األمراض املنقولة جنسا والسيدا‪.‬‬

‫‪Rapport d’activité sur la riposte au sida- Tunisie, AVRIL 2014, Ministère‬‬ ‫‪de la Santé Publique Direction des Soins de Santé de Base Programme‬‬ ‫‪National de Lutte contre le sida et les IST‬‬

‫‪35‬‬


‫وعلى هذا النحو فإنه من الصعب اعتبار الصحافة والميديا من ضمن‬ ‫الفاعلين في منظومة التصدي لفيروس نقص المناعة‪ .‬فالمضامين‬ ‫الصحفية في هذا المجال محدودة ومتفرقة ومناسباتية‪ .‬كما أن‬ ‫دور الميديا التونسية يقتصر على اليوم العالمي لمكافحة فيروس‬ ‫نقص المناعة البشري على حساب باقي أيام السنة‪.‬‬ ‫‪ .2.3‬صحافة أو اتصال؟‬ ‫من المهم جدا أن ندرك العالقة بين االتصال والميديا والصحافة‬ ‫حتى نتمكن من فهم أدوار الميديا في منظومة التصدي لفيروس‬ ‫نقص المناعة‪ .‬فدور الصحافة والصحفيين كما أوردنا ذلك سابقا هو‬ ‫البحث عن الحقيقة كما تشير إلى ذلك المواثيق التحريرية واألخالقية‬ ‫الصحفية‪.‬‬ ‫إن دور الصحفي هو إخبار المواطنين عن أحداث الحياة السياسية‬ ‫واالقتصادية واالجتماعية والثقافية‪ .‬وتسمح الصحافة للمجتمع‬ ‫بمعرفة نفسه بواسطة البحث عن المعلومات ومعالجتها ونشرها‬ ‫وص ِف ّيـــة وتحقيقية واستقصائية تتناول‬ ‫عبر أشكال صحفية متعددة ْ‬ ‫األحداث واألشخاص والقضايا أو عبر النقاش العام‪ .‬وفي هذا اإلطار‬ ‫فإنه ال يجب أن نخلط بين أدوار الصحافة وأدوار االتصال والعالقات‬ ‫العامة كما تشير إلى ذلك عدة دالئل مرجعية في مجال التغطيات‬ ‫الصحفية لفيروس نقص المناعة على غرار الدليل الذي أصدره االتحاد‬ ‫الدولي للصحفيين((( أو الدليل الذي أصدرته جمعية إفريقيا الجنوبية‬ ‫يقدم نصائح لمعالجة قضايا فيروس‬ ‫المتخصصة في السيدا الذي ّ‬ ‫(((‬ ‫نقص المناعة وحامليه في الصحافة والميديا ‪ .‬فالصحافة التي‬ ‫تدافع عن الحقوق اإلنسانية ال يجب أن تتحول إلى وسيلة ترويجية‬ ‫لصالح المؤسسات الحكومية والمنظمات المدنية التي تعمل في‬ ‫مجال التصدي لفيروس نقص المناعة البشري‪.‬‬ ‫‪HIV/AIDS media guide IFJ media guide and research report on the‬‬ ‫‪media’sreporting of HIV/AIDS‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪« South african Media aids » pour Traitement du VIH et des PVVIH dans‬‬ ‫‪les médias‬‬ ‫‪https://www.hivmediaguide.org.au/media-tool-kit/principles-reporting-hiv‬‬‫‪and-aids/index.html‬‬

‫‪7‬‬

‫‪36‬‬

‫إن هذه المؤسسات الحكومية (وزارة الصحة ومؤسساتها)‬ ‫والمنظمات المدنية يمكن أن تعتمد على وسائلها الخاصة للترويج‬ ‫لنفسها وإنجاز الحمالت االتصالية والتحسيسية والتوعوية للتصدي‬ ‫لفيروس نقص المناعة‪ .‬فالصحفي ليس اتصاليا ‪ Communicant‬أو‬ ‫مكلفا بالعالقات العامة لدى المنظمات والمؤسسات‪.‬‬ ‫فدور الميديا (والصحافة) يتمثل في األهمية التي توليها وتعطيها‬ ‫لبعض القضايا‪ .‬ومن هنا فهي تساهم في تشكيل األجندة السياسية‬ ‫وفي تشكيل الرأي العام‪ .‬فالصحافة والميديا تختار قضايا ومسائل‬ ‫وأحداث بعينها وتحدد أهميتها عبر ترتيب األخبار والقضايا في‬ ‫الصحف والبرامج‪ .‬وفي المجتمع الديمقراطي فإن الميديا متنوعة‬ ‫من جهة اختصاصاتها واتجاهاتها‪ .‬وعلى هذا النحو فهي تساهم أيضا‬ ‫فيما يسمى تأطير األحداث من جهة تتناولها من زاوية معينة‪.‬‬ ‫مؤطر عدد ‪:4‬‬ ‫الصحفي ليس اتصاليا‬ ‫ تساهم الميديا والصحافة في عملية اإلخبار والتحسيس في‬‫منظومة الوقاية من فيروس نقص المناعة البشري ولكن‬ ‫الصحفي مع ذلك ليس ملحقا لدى المؤسسات والمنظمات‬ ‫الحكومية والمدنية‪.‬‬ ‫ إن دور الصحفي هو التحقيق في السياسات العمومية والكشف‬‫عن نقائص هذه المنظمات والحكومات وعن تمويلها وإدارتها‬ ‫(التمويالت العمومية والتمويالت الخاصة)‪.‬‬

‫‪ .3.3‬المعوقات والمصاعب أمام تغطية جيدة لفيروس نقص‬ ‫المناعة في الصحافة‬ ‫تمثل الرقابة الذاتية أحد أهم المشاكل التي يمكن أن تمنع‬ ‫الصحفيين التونسيين من تناول قضايا فيروس نقص المناعة‬ ‫في مجتمع ال تزال فيه القيم الثقافية المحافظة فاعلة‪ .‬فإذا‬ ‫كانت الرقابة التي تمارسها السلطات السياسية تمثل عائقا‬ ‫وكابحا للحريات الصحفية وحرية الرأي والتعبير‪ ،‬فإن الرقابة الذاتية‬ ‫يمكن أن تكون لها النتائج نفسها‪ .‬فدور الصحافة هو الكشف عن‬

‫‪37‬‬


‫الحقيقة وإظهارها وإبرازها‪ .‬ويعتبر دليل االتحاد الدولي للصحفيين‬ ‫الخاص بفيروس نقص المناعة والسيدا‪ ،‬أن المصاعب التي يمكن‬ ‫للصحفيين مواجهتها إلخبار الجمهور العريض عن فيروس نقص‬ ‫المناعة والسيدا هي على النحو التالي‪:‬‬ ‫ نقص المعلومات الدقيقة عن الفيروس‪.‬‬‫ فهم محدود لفيروس نقص المناعة‪.‬‬‫ المعضالت األخالقية‪ :‬احترام األشخاص الحاملين لفيروس نقص‬‫المناعة والحاجة إلى إعطائهم الكلمة وإظهارهم‪.‬‬ ‫ نقص الموارد المالية والمادية إلنجاز التحقيقات االستقصائية‪.‬‬‫ حدود مفروضة على حرية الصحافة لمعالجة قضايا فيروس‬‫نقص المناعة‪.‬‬ ‫‪ -‬الرقابة الذاتية ومعالجة القضايا ذات الطابع الجنسي‪.‬‬

‫‪38‬‬

‫مؤطر عدد ‪:5‬‬ ‫موقف أو نظرة فاعل في منظومة التصدي لفيروس‬ ‫نقص المناعة حول الصحافة والميديا‪...‬‬ ‫الدكتور محمد شقرون‪ ،‬رئيس قسم األمراض المعدية في‬ ‫المستشفى الجامعي فطومة بورقيبة ورئيس التنسيقية‬ ‫الصح ّية لبرنامج الصندوق العلمي‬ ‫التونسية لمجابهة اآلفات‬ ‫ّ‬ ‫لمقاومة السيدا والسل والمالريا‪:‬‬ ‫نقيم المقاربة التي تعاطت بواسطتها الصحافة‬ ‫سؤال‪ :‬كيف يمكن أن ّ‬ ‫التونسية مع مسألة فيروس نقص المناعة منذ الثمانينات؟‬ ‫بصراحة‪ ،‬أرى أن الصحافة والميديا غير مهتمة حقيقة بفيروس‬ ‫نقص المناعة‪ .‬إن تغطية الميديا والصحافة لهذه المسالة ضعيفة‬ ‫جدا‪ .‬لم أر مقاالت أو تقارير حول هذه المسألة‪ ،‬باستثناء بعض‬ ‫البرامج بمناسبة اليوم العالمي ضد السيدا الذي ّ‬ ‫ينظم يوم غرة‬ ‫ديسمبر من كل سنة‪ .‬تتــردد الصحافة التونسية للحديث عن هذا‬ ‫الموضوع وقد يكون سبب ذلك الجهل بالموضوع وعدم معرفته‬ ‫أو بسبب أنه ال يزال «تابوا» أو موضوعا ممنوعا من الحديث‪ .‬أو‬ ‫كذلك لخوفهم من معالجة بعض المواضيع في سياق ما بعد‬ ‫الثورة‪ :‬ال افهم ال مباالة الصحافة التونسية إزاء هذه المسألة‬ ‫ولماذا ال تعالجها بشكل جيد ومالئم‪...‬‬

‫سؤال‪ :‬كيف يمكن أن نفسر هذه الوضعية؟ من المسؤول؟ الصحفيون‪،‬‬ ‫مؤسسات المجتمع المدني المتخصصة في المجال‪ ،‬المؤسسات‬ ‫الحكومية؟‬ ‫حتى نتواصل مع الصحفيين يجب تكوين شبكات تواصل مع‬ ‫ّ‬ ‫لحثـــه على‬ ‫الصحفيين‪ .‬شخصيا لم أجرأ على االتصال بصحفي‬ ‫الكتابة في موضوع فيروس نقص المناعة‪ .‬أعتقد أنه على الصحفي‬ ‫أن يبادر (وليس العكس أي أن ينتظر من يتصل به ليقترح عليه‬ ‫مواضيع للكتابة‪ .)..‬قبل الثورة كانت بعض اإلذاعات تتصل بي‬ ‫للحصول على حوارات حول موضوع فيروس نقص المناعة أو‬ ‫مشاركات في برامج لكنها توقفت عن ذلك اآلن‪.‬‬ ‫ما يمكن أن أستنتجه هو عدم اهتمام الصحافة والصحفيين‬ ‫بهذا الموضوع الذي ال يبذلون مجهودا لفهم وضعيته في‬ ‫تونس والعوائق والعالج المتعلقة به‪ .‬والدليل على ذلك غياب‬ ‫تام للمقاالت في هذا الموضوع‪ .‬إن دور الصحفيين يتمثل في‬ ‫توضيح كل ما يتعلق بفيروس نقص المناعة البشرية حتى تزول‬ ‫صورة تمثل هذا الفيروس باعتباره مرضا ممنوعا وتابو ومنشؤه‬ ‫سيئ‪ .‬يتحدث الناس العاديون عن هذا الفيروس بشكل جد سلبي‬ ‫ف َي ٌ‬ ‫سقطون في عملية وصم وتمييز األشخاص المتعايشين‬ ‫مع الفيروس‪ .‬وهذا ما ساهم في عدم التعرف على المتعاملين‬ ‫والمقدر عددهم بـ‪ 6‬آالف شخص ال تعرف المؤسسات‬ ‫للفيروس‬ ‫ّ‬ ‫الطبية منهم إال ألفي شخص‪.‬‬

‫‪ .4‬اإلطار القانوني للصحافة التونسية والحقوق اإلنسانية‬ ‫§ يتكون هذا اإلطار من المواثيق والدستور والقوانين األساسية‬ ‫والقوانين والمراسيم والنصوص التونسية (على غرار كراسات‬ ‫الشروط المنظمة للمشهد السمعي البصري)‪ .‬ويتضمن العقد‬ ‫الدولي للحقوق المدنية والسياسية عدة أحكام حول الممارسة‬ ‫الصحفية وخاصة المادة ‪.19‬‬ ‫§ كما أن الدستور التونسي الجديد ينظم الممارسة الصحفية‬ ‫ويتضمن أحكاما عديدة ذات عالقة بالميديا والصحافة‪ .‬مثال ذلك‬ ‫الفصول التالية‪:‬‬ ‫ الفصل ‪ :31‬حرية الرأي والفكر والتعبير واإلعالم والنشر مضمونة‪.‬‬‫وال يمكن ممارسة رقابة مسبقة على هذه الحريات‪.‬‬

‫‪39‬‬


‫ الفصل‪ :32‬تضمن الدولة الحق في اإلعالم والحق في النفاذ إلى‬‫المعلومة‪ .‬تسعى الدولة إلى ضمان الحق في النفاذ إلى شبكات‬ ‫االتصال‪.‬‬

‫يحدد القانون الضوابط المتعلقة بالحقوق والحريات‬ ‫ الفصل ‪:49‬‬‫ّ‬ ‫المضمونة بهذا الدستور وممارستها بما ال ينال من جوهرها‪ .‬وال‬ ‫توضع هذه الضوابط إال لضرورة تقتضيها دولة مدنية ديمقراطية‬ ‫وبهدف حماية حقوق الغير‪ ،‬أو لمقتضيات األمن العام‪ ،‬أو الدفاع‬ ‫الوطني‪ ،‬أو الصحة العامة‪ ،‬أو اآلداب العامة‪ ،‬وذلك مع احترام التناسب‬ ‫بين هذه الضوابط وموجباتها‪ .‬وتتكفل الهيئات القضائية بحماية‬ ‫الحقوق والحريات من أي انتهاك‪ .‬وال يجوز ألي تعديل أن ينال من‬ ‫مكتسبات حقوق اإلنسان وحرياته المضمونة في هذا الدستور‪.‬‬ ‫مؤطر عدد ‪:6‬‬ ‫ما هي القوانين التي تنظم الممارسة الصحفية‬ ‫تخضع الممارسة الصحفية في تونس إلى القوانين والنصوص‬ ‫التونسية التالية التي تعترف بالمعاهدات الدولية كمرجعية لها‬ ‫خاصة بمجال حرية التعبير‪.‬‬ ‫ دستور الجمهورية التونسية لعام ‪ 2014‬وفصوله ‪.49-32-31‬‬‫ قانون أساسي عدد ‪ 9‬لسنة ‪ 2019‬مؤرخ في ‪ 23‬جانفي ‪ 2019‬يتعلق‬‫بتنقيح وإتمام القانون األساسي عدد ‪ 26‬لسنة ‪ 2015‬المؤرخ في ‪7‬‬ ‫أوت ‪ 2015‬المتعلق بمكافحة اإلرهاب ومنع غسل األموال‪.‬‬ ‫ قانون أساسي عدد ‪ 22‬لسنة ‪ 2016‬مؤرخ في ‪ 24‬مارس‬‫يتعلق بالحق في النفاذ إلى المعلومة‪.‬‬

‫‪2016‬‬

‫ مرسوم عدد ‪ 116‬لسنة ‪ 2011‬مؤرخ في ‪ 2‬نوفمبر ‪ 2011‬يتعلق‬‫بحرية االتصال السمعي والبصري وبإحداث هيئة عليا مستقلة‬ ‫لالتصال السمعي والبصري‪.‬‬ ‫ مرسوم عدد ‪ 115‬لسنة ‪ 2011‬مؤ ّرخ في ‪ 2‬نوفمبر ‪ 2011‬يتعلق‬‫بحرية الصحافة والطباعة والنشر‪.‬‬ ‫‪ -‬قرار الهيئة العليا المستقلة لالتصال السمعي والبصري عدد ‪20‬‬

‫‪40‬‬

‫لسنة ‪ 2020‬المؤرخ في ‪ 5‬مارس ‪ 2020‬والمتعلق بإصدار كراس‬ ‫الشروط للحصول على إجازة إحداث واستغالل قناة تلفزية خاصة‬ ‫في الجمهورية التونسية‪.‬‬

‫فينص على أن ممارسة حرية اإلعالم‬ ‫§ أما المرسوم عدد ‪116‬‬ ‫ّ‬ ‫السمعي البصري وحق النفاذ إلى اإلعالم واالتصال تكونان على قاعدة‬ ‫احترام المواثيق والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان‬ ‫والحريات العامة وحرية الصحافة والمساواة والتعددية في اآلراء‬ ‫واألفكار والموضوعية والشفافية‪.‬‬ ‫§ المرسوم ‪ 115‬لسنة ‪ 2011‬مؤ ّرخ في ‪ 2‬نوفمبر ‪ 2011‬يتعلق‬ ‫بحرية الصحافة والطباعة والنشر‪ .‬وينص في فصله األول على‬ ‫أن «الحق في ح ّرية التعبير مضمون ويمارس وفقا لبنود العهد‬ ‫الدولي للحقوق المدنية والسياسية وبقية المواثيق الدولية ذات‬ ‫العالقة المصادق عليها من قبل الجمهورية التونسية وأحكام هذا‬ ‫المرسوم‪ .‬ويشمل الحق في حرية التعبير وحرية تداول ونشر وتلقي‬ ‫األخبار واآلراء واألفكار مهما كان نوعها‪ ،‬وال يمكن التقييد من ح ّرية‬ ‫التعبير إال بمقتضى نص تشريعي‪.»....‬‬ ‫§ كما ينص نفس المرسوم في الفصل ‪ :52‬يعاقب بالسجن‬ ‫من عام إلى ثالثة أعوام وبخطية من ألف إلى ألفي دينار كل من يدعو‬ ‫مباشرة بواسطة وسيلة من الوسائل المب ّينة بالفصل ‪ 50‬من هذا‬ ‫المرسوم إلى الكراهية بين األجناس أو األديان أو السكان وذلك‬ ‫بالتحريض على التمييز واستعمال الوسائل العدائية أو العنف أو نشر‬ ‫أفكار قائمة على التمييز العنصري‪.‬‬ ‫أما الفصل ‪57‬‬ ‫§‬ ‫فينص على أن الشتم هو كل «عبارة تنال‬ ‫ّ‬ ‫من الكرامة أو لفظة احتقار أو سب ال تتضمن نسبة شيء معين‪،‬‬ ‫واالعتداء بالشتم بالوسائل المبينة بالفصل ‪ 50‬من هذا المرسوم‬ ‫يعاقب مرتكبه بخطية من خمسمائة إلى ألف دينار مع اإلذن بنشر‬ ‫مقتطفات من الحكم الصادر في القضية على عدد الدورية المحكوم‬ ‫ضدها الموالي لتاريخ إعالمها بالحكم»‪.‬‬

‫‪ .5‬اإلطار المعياري للصحافة التونسية‬

‫§ المقصود باإلطار المعياري هو المعايير األخالقية والمهنية‬ ‫التي تمثل المرجعية التي يلتزم بها المهنيون باعتبارها المعايير التي‬ ‫تقوم عليها الصحافة المشروعة أو الصحافة كما يجب أن تكون أو‬ ‫الصحافة التي تستحق أن تسمى كذلك وفق التعبير الذي يستخدمه‬ ‫ميثاق االتحاد الدولي للصحفيين(((‪.‬‬ ‫‪ 8‬اإلعالن العاملي ألخالقيات املهنة للصحفيني‬

‫‪41‬‬


‫§ إن هذا اإلطار المعياري قائم أوال وقبل كل شيء‪ ،‬على ميثاق‬ ‫النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين‪ .‬وهذا الميثاق يتضمن ‪14‬‬ ‫مبدأ أولها السعي إلى الحقيقة باعتبارها الواجب األول للصحفيين‬ ‫التونسيين‪.‬‬ ‫ومن بين المبادئ األخرى ذات العالقة بالحقوق اإلنسانية‪ ،‬نجد المبدأ‬ ‫ينص على‬ ‫الرابع عشر الذي تمت إضافته في الميثاق عام ‪ 2014‬والذي ّ‬ ‫أن الصحفي يدافع عن قيم المساواة بين الجنسين ويرفض كل أنواع‬ ‫التمييز ويدافع عن الحريات الفردية والجماعية‪ .‬ومن هذا المنظور‬ ‫فإن الصحافة التونسية هي صحافة قائمة على قيم الحرية والتقدم‬ ‫اإلنساني وقيمه المتصلة بحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫§ وإضافة إلى الميثاق األخالقي للنقابة الوطنية للصحفيين‬ ‫التونسيين‪ ،‬نجد المواثيق التحريرية التي وضعتها بعض المؤسسات‬ ‫اإلذاعية والتلفزيونية العمومية والخاصة‪ .‬لقد كانت آليات التنظيم‬ ‫الذاتي نادرة في الميديا والصحافة التونسية بل غائبة تقريبا باستثناء‬ ‫ميثاق النقابة الوطنية للصحفيين‪.‬‬ ‫بعد سقوط النظام السابق سنة ‪ 2011‬شهدت الميديا بعض‬ ‫التحوالت منها ظهور الحاجة إلى مواثيق تحريرية لتنظيم الممارسة‬ ‫الصحفية على غرار‪:‬‬ ‫§ الميثاق التحريري لمؤسسة «موزاييك أف أم» المبني على قيم‬ ‫ديمقراطية وعلى فلسفة للصحافة تستند إلى الحرية كما أنها تمتد‬ ‫أيضا إلى المبادئ والمعاهدات الدولية‪ .‬ومن بين مبادئها استخدام‬ ‫مصطلحات محايدة ومهنية لوصف األفراد واألحداث‪.‬‬ ‫§ أما ميثاق وكالة تونس إفريقيا لألنباء فيستند إلى الدستور‬ ‫التونسي وإلى قيم حرية الرأي والتعبير وحق المواطن في اإلعالم‪.‬‬ ‫ويحرص الصحفي على عدم بث أي خبر أو مادة إعالمية مكتوبة‬ ‫أو مصورة باسم الوكالة تتضمن مسا بالحياة الخاصة لألفراد‬ ‫وبحرمتهم النفسية والجسدية‪ .‬كما ينص الميثاق على منع األخبار‬ ‫أو اآلراء التي تحرض على العنف أو التمييز الجنسي والعنصري أو الديني‬ ‫أو العقائدي أو النوع االجتماعي أو التطرف بمختلف أشكاله‪.‬‬ ‫‪42‬‬

‫_‪www.ifj-arabic.org/fileadmin/user_upload/IFJ_Declaration_of_Principles‬‬ ‫‪on_the_Conduct_of_Journalists.pdf‬‬

‫مؤطر عدد ‪:7‬‬ ‫اإلطار المعياري للصحافة التونسية‬ ‫الصحافة التونسية منظمة ذاتيا ‪ Autorégulé‬على قاعدة األخالقيات‬ ‫الصحفية التي تنظمها المواثيق األخالقية والتحريرية التالية‪:‬‬ ‫ ميثاق االتحاد الدولي للصحفيين‪.‬‬‫ ميثاق النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين‪.‬‬‫ ميثاق مجلس الصحافة (مشروع مدونة أخالقيات المهنة‬‫الصحفية)‪.‬‬ ‫كما أن للجمهور الحق أن تتوفر له إمكانيات عبر اآلليات التالية‪:‬‬ ‫لجنة الشكاوى بمجلس الصحافة وآلية الشكوى التي توفرها‬ ‫الهيئة العليا المستقلة لالتصال السمعي البصري‪.‬‬

‫§ وقد تضمن الميثاق التحريري للمؤسسة التلفزة الوطنية عدة‬ ‫مبادئ متصلة بحماية حقوق األطفال واألطفال الضعفاء‪ .‬ويؤكد‬ ‫الميثاق على عدم نشر المضامين التمييزية التي تغذي أو تشجع على‬ ‫العنف والتمييز العرقي في كل أشكاله (الثقافي والديني والطائفي‪.)...‬‬ ‫وفي الباب المتعلق بالصالح العام‪ ،‬يؤكد الميثاق على أن التلفزيون‬ ‫العمومي بما أنه تلفزيون الجميع عليه أن يتساءل عن كل القضايا‬ ‫التي تهم المواطنين مهما كانت انتماءاتهم االجتماعية‪.‬‬ ‫§ والميثاق التحريري لإلذاعة التونسية يتضمن إشارة واضحة إلى‬ ‫انخراط والتزام الصحفيين ضد التمييز االجتماعي والديني واألخالقي‬ ‫والطائفي والمذهبي أو القائم على النوع االجتماعي أو الجندر‪.‬‬ ‫والميثاق التحريري إلذاعة الديوان يعتمد أيضا على المبادئ‬ ‫§‬ ‫اإلنسانية للصحافة كما وردت في الميثاق الدولي للصحفيين‪.‬‬ ‫‪ .6‬الصحافة القائمة على حقوق اإلنسان‬

‫يحولها إلى مبادئ مهنية‬ ‫إن احترام الصحفيين للحقوق اإلنسانية ّ‬ ‫ويجعل من الصحفيين مدافعين عنها وداعمين لها‪ .‬ومن هذا‬ ‫المنظور فإن الصحافة القائمة على حقوق اإلنسان تهدف إلى رصد‬ ‫انتهاكات حقوق اإلنسان وتحويلها إلى أخبار‪ .‬ومن هذا المنظور‬ ‫فإن الصحفيين يساهمون في حماية حقوق الناس وتطويرها‬ ‫والمساهمة في الديمقراطية(((‪.‬‬ ‫‪MeltemBostanci, Rights-basedApproach to Journalism in Turkey,‬‬

‫‪9‬‬

‫‪43‬‬


‫وتسعى صحافة حقوق اإلنسان إلى تطوير مقاربة تحريرية إخبارية‬ ‫تساهم في تعزيز التفكير النقدي للجمهور حول جميع التجارب‬ ‫للوقوف إلى جانب الضحايا ضد مرتكبي انتهاكات حقوق اإلنسان‬ ‫البدنية والنفسية والنظامية‪ .‬كما أن صحافة حقوق اإلنسان تسعى‬ ‫إلى فهم هذه االنتهاكات‪ .‬ومن هذا المنظور فهي صحافة داعمة‬ ‫لألصوات البديلة ومتعددة بال حدود قائمة على حقوق اإلنسان‬ ‫والعدالة الكونية التي ال تقبل بعدم التكافؤ السياسي واالقتصادي‬ ‫واالجتماعي والثقافي على المستوى المحلي والدولي(‪.((1‬‬ ‫إن الصحافة القائمة على حقوق اإلنسان هي نوع من الصحافة‬ ‫يسمى «مقاربة حقوق اإلنسان» التي تُـعــــ ّرفها‬ ‫يأخذ في االعتبار ما‬ ‫ّ‬ ‫مفوضية األمم المتحدة لحقوق اإلنسان على أنها مقاربة متصلة‬ ‫بمفهوم التنمية البشرية وبالمبادئ الدولية التي تسعى إلى دعم‬ ‫حقوق اإلنسان وحمايتها‪ .‬وهي مقاربة لرصد الالمساواة في صلب‬ ‫مشاكل التنمية وتصحيح الممارسات التمييزية والتوزيع غير العادل‬ ‫للسلطة الذي يعيق التنمية(‪.((1‬‬ ‫والمقاربة القائمة على حقوق اإلنسان تسعى إلى أن تكون‬ ‫المشاريع قائمة على المعايير الدولية لحقوق اإلنسان وعلى تحميل‬ ‫المسؤولية للقائمين عليها للتأكيد والتركيز على الفئات الضعيفة‬ ‫بحسب مؤلفي كتاب أو دليل الصحافة القائمة على حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫إن هذه المقاربة تقوم على معالجة كل األبعاد المتصلة بمسألة‬ ‫حقوق اإلنسان‪ .‬وهي تأخذ في االعتبار بالعوامل المحلية والوطنية‬ ‫وبتلك المتصلة بالدولة وبالسياسات الحكومية والبيئة القانونية‬ ‫لفهم األسباب التي عطلت احترام القانون وحالت دون نفوذه‪ .‬وهي‬ ‫تقوم على المبادئ اإلنسانية وعلى عدم التمييز وعلى االستقاللية‬ ‫واحترام المعايير الدولية‪ .‬وعلى هذا النحو فهي صحافة تقوم بدور‬ ‫أساسي إلبراز األحداث المتصلة بحقوق اإلنسان وعلى التعريف‬ ‫بمفهوم حقوق اإلنسان لدى الجمهور العريض‪ .‬ومن هذه المبادئ‪:‬‬

‫‪44‬‬

‫‪Journalism and Mass Communication, May 2017, Vol. 7, No. 5, 244-248 doi:‬‬ ‫‪10.17265/2160-6579/2017.05.002‬‬ ‫‪10‬‬ ‫‪Shaw, I. S. (2011). Human rightsjournalism’: A criticalconceptualframework‬‬ ‫‪of a complementarystrand of peacejournalism. Expandingpeacejournalism:‬‬ ‫‪Comparative and criticalapproaches, 96-121.‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪Haut commissariat des Nations Unies aux droits de l’Homme (HCDH),‬‬ ‫‪2006, p 15.‬‬

‫‪ )1‬عدم التمييز‬ ‫إن الصحافة القائمة على حقوق اإلنسان تأخذ في االعتبار الجماعات‬ ‫الضعيفة والطريقة التي تتأثر بها بالمشاكل الخصوصية المتصلة‬ ‫ــقدم وتُـــعالج بطريقة متصلة كلما‬ ‫بقضية ما‪ ،‬والتي يجب أن تُ ّ‬ ‫أمكن ذلك واألخذ في االعتبار النوع االجتماعي والمكانة االجتماعية‬ ‫واالقتصادية والنمو واالحتياجات الخصوصية واإلعاقة حتى يتمكن‬ ‫الجمهور من فهمها وفق إشكاليات حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫وأثناء إجراء المقابالت الصحفية‪ ،‬فإن الصحفي المنفتح على مقاربة‬ ‫حقوق اإلنسان يجب أن يكون مدركا لعدم التكافؤ أو الالمساواة‬ ‫وعالقات القوة والسلطة القائمة بينه وبين األفراد الذين يحاورهم‬ ‫بسبب شعورهم بالضعف أمامه‪ .‬وعلى هذا النحو يمكن لهؤالء‬ ‫األشخاص أن يصرحوا بمعطيات ومعلومات غير صحيحة لمج ّرد أن‬ ‫الصحفي يريد الحصول عليها‪.‬‬ ‫‪ )2‬المساءلة‪:‬‬ ‫عندما يحصل الصحفيون على معلومات ومعطيات متصلة‬ ‫بالحقوق اإلنسانية فيجب أن يتأكدوا من أنها صحيحة وموثوق بها‬ ‫وتستند إلى وقائع أصيلة وخضعت إلى التحري‪ .‬وعندما يحاور الصحفي‬ ‫أفرادا يجب أن تتوفر لديه كل المعلومات عنهم وأن يكون عارفا‬ ‫بالمعلومات التي يريد الحصول عليها‪ .‬كما على الصحفيين أن يسألوا‬ ‫األفراد الذين يحاورنهم عن الطريقة التي يفضلون بواسطتها أن‬ ‫يُ َ‬ ‫ـــق ّدموا في التقارير‪.‬‬ ‫وباإلضافة إلى ذلك فإن للسياق أهمية كبرى‪.‬‬ ‫ومن هذا المنظور‪ ،‬وفي بعض الحاالت إن اقتضى األمر‪ ،‬يمكن في‬ ‫مقابلة مع امرأة أن تكون الصحفية امرأة‪ .‬كما يجب أن يأخذ الصحفي‬ ‫في االعتبار سالمة األشخاص الذين يحاورهم‪ :‬كالمحاورة في‬ ‫مكان آمن لحماية هويتهم إذا رغبوا في ذلك وحماية معطياتهم‬ ‫الشخصية وإعالمهم بالمخاطر المتصلة بالحوار بالنسبة إليهم‬ ‫وبالنسبة إلى عائالتهم في كل األحوال‪.‬‬ ‫‪45‬‬


‫‪ )3‬مراقبة الحكومة والسلطة‬ ‫يجب على الصحفي أن يقوم في مقابالته بالتنبيه إلى عدم احترام‬ ‫الحكومة لحقوق اإلنسان أو لعدم احترام التزاماتها بالمعاهدات‬ ‫الدولية التي وقعتها‪ .‬وهذا الدور الذي يقوم به باعتباره «حارسا» هو‬ ‫دور أساسي بالنسبة إلى الصحفيين ألن من أدوارهم مراقبة احترام‬ ‫السلطة لحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫‪ )4‬المشاركة‬ ‫التقارير الصحفية المتصلة بالجماعات الضعيفة مهمة ألنها‬ ‫تسمح للصحفيين بإظهار أصواتهم وإبرازها في المجال العمومي‪.‬‬ ‫إضافة إلى أن هذه المقاربة توفر إمكانات لهذه الجماعات لطرح‬ ‫مقترحات وحلول للمشاكل التي تواجهها‪.‬‬ ‫‪ )5‬تعزيز قدرات الجماعات‬ ‫تنشغل مقاربة الصحافة القائمة على حقوق اإلنسان بحماية‬ ‫الناس وسالمتهم‪ .‬وهذه المقاربة منشغلة أيضا بالمعلومات‬ ‫والمعطيات حول الطرق التي يمكن بها التواصل مع الميديا إلبالغ‬ ‫أصواتهم بشكل يسمح‪ ،‬في حالة وجود مشكل ما‪ ،‬بالبحث عن‬ ‫الصحفيين لمساءلتهم‪.‬‬

‫‪ .7‬اإلخبار‪ ،‬التفسير‪ ،‬إعطاء الكلمة‪ :‬مقاربات تحريرية‬ ‫مبتكرة من أجل صحافة إنسانية منفتحة على حقوق اإلنسان‬ ‫إن إرساء صحافة حقوق اإلنسان تحتاج‪ ،‬في السياق التونسي‪ ،‬إلى‬ ‫مقاربات تحريرية جديدة‪ .‬فصحافة حقوق اإلنسان هي صحافة ذات‬ ‫بعد إنساني تساهم في التعريف بحقوق اإلنسان ودعمها واحترامها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تـمـثـــل‬ ‫وهي أيضا صحافة تروي القصص اإلنسانية خاصة تلك التي‬ ‫الفئات المفاتيح ومشاكلها وأوضاعها في الصحافة والميديا‪.‬‬ ‫األنــــــــواع واألجناس اإلخبارية‬

‫‪46‬‬

‫§ ال شك أن «الفئات المفاتيح» واألفراد الحاملين لفيروس نقص‬ ‫المناعة منعدمو الظهور في الميديا‪ .‬ومن هذا المنظور‪ ،‬فإن األنواع‬ ‫الصحفية نوعان‪ .‬األول قائم على اإلخبار والثاني قائم على الرأي‪.‬‬ ‫ويمكن أيضا أن نم ّيز بين التقارير اإلخبارية المحضة ‪Hardnews‬‬ ‫وتقارير التفسير ‪ Features‬والمقاالت اإلخبارية التي تهدف إلى توفير‬

‫األخبار حول األحداث الجارية وتجيب عن األسئلة الستة‪ :‬من‪ ،‬ماذا‪،‬‬ ‫متى‪ ،‬أين‪ ،‬كيف ولماذا؟ والتقارير اإلخبارية التي تتناول حدثا ما على غرار‬ ‫ندوة صحفية أو أي تظاهرة أو أي حدث آخر‪.‬‬ ‫§ وفي األنواع اإلخبارية نجد‪:‬‬ ‫ الربورتاج‪ :‬وهو نوع صحفي يقوم على السرد التصويري والقصصي‬‫الخاص بحدث معين‪ .‬فدور الربورتاج هو استعادة مشاهد ووقائع‬ ‫الحياة اليومية واالجتماعية‪ .‬وهو يمكن أن ّ‬ ‫يوظف لسرد عوالم األفراد‬ ‫الحاملين لفيروس نقص المناعة والمشاكل التي يعانون منها‪.‬‬ ‫ التحقيق واالستقصاء‪ :‬وهي أنواع تتصل بدور الرقابة التي يمكن‬‫للصحافة أو للصحفي أن يمارسها والتي أشرنا إليها‪ .‬واالستقصاء‬ ‫على وجه الخصوص هو نوع أعمق من التحقيق لكشف التجاوزات‬ ‫المتصلة بحقوق اإلنسان والتي يمكن أن يتعرض إليها األفراد‬ ‫الحاملون لفيروس نقص المناعة البشري‪.‬‬ ‫الم ْل َمح‪ :‬فهو نوع يمكن أن يكون أيضا مفيدا‬ ‫ البورتريـه أو َ‬‫لتمثيل األفراد الحاملين لفيروس نقص المناعة أو لألفراد الذين‬ ‫ينتمون إلى ما يسمى «الفئات المفاتيح»‪.‬‬ ‫§ المقاربات التحريرية المبتكرة‪:‬‬ ‫عدة غايات ومنها اإلخبار والتفسير والتحري‬ ‫لصحافة حقوق اإلنسان ّ‬ ‫والنقد واالستقصاء والتحقيق والتعليق والتحليل‪.‬‬ ‫ الصحافة التفسيرية بدأت تتطور منذ سنوات في سياق‬‫تعاظم الطابع المركب للوقائع والسياقات السياسية واإلنسانية‬ ‫واالجتماعية واالقتصادية‪ .‬وتعرف جائزة بوليتزر للصحافة‬ ‫التفسيرية(‪ ((1‬بأنها تسمح بإثارة القارئ في مسائل معقدة ومتشعبة‪.‬‬ ‫والصحافة التفسيرية تقوم على تقديم معرفة عميقة ودقيقة حول‬ ‫َّ‬ ‫تطور الصحافة التفسيرية نوع‬ ‫مواضيع تحتاج التوضيح‪.‬‬ ‫وتــمخض عن ّ‬ ‫صحفي جديد يسمى التفسيريات ‪ Explainers‬والتقرير التفسيري هو‬ ‫تقرير يتناول أحداثا أو مسائل أو قضايا بالتفسير لتوضيحها وتفسير‬ ‫أبعادها الغامضة‪.‬‬ ‫‪ 12‬جائزة بوليتزر للصحافة التفسريية‪.‬‬

‫‪47‬‬


‫وتتناول التفسيريات قضايا األحداث الجارية‪ .‬والتقرير التفسيري‬ ‫يسعى إلى اإلجابة عن األسئلة التي تتبادر إلى ذهن القارئ إذا أراد أن‬ ‫يفهم األحداث وخلفياتها‪ .‬وهذا مثال لتقرير تفسيري‪ :‬متى وأين بدأ‬ ‫فيروس نقص المناعة‪ .‬وعلى هذا النحو فإن الصحافة التفسيرية‬ ‫يمكن أن تكون آلية من اآلليات التي يمكن أن تستخدم إلتاحة معارف‬ ‫جديدة‪.‬‬ ‫ صحافة الحلول‪ :‬وهي نوع جديد من الصحافة يمكن أن يمثل‬‫بديال عن المقاربات التحريرية التقليدية‪ .‬فالصحافة وفق المعايير‬ ‫التقليدية متصلة باألحداث الطارئة التي تمثل مشاكل «أو القطارات‬ ‫التي ال تأتي في الوقت» كما يقول التعبير الشهير المتداول في‬ ‫األوساط الصحفية‪ .‬أما صحافة الحلول فهي مختلفة عن الصحافة‬ ‫التقليدية بما أنها منشغلة بالمعارف عن المبادرات الجيدة التي‬ ‫تقدم حلوال ملموسة يمكن أن تصبح نماذج لمسائل اجتماعية‬ ‫واقتصادية وبيئيـّـة‪.‬‬ ‫أما مصطلح «الحلول» فإنه يحيل إلى مبادرة إيجابية تقدم حلوال‬ ‫لمشاكل مخصوصة‪ .‬وفي هذا السياق يمكن لصحافة الحلول‬ ‫ــعــــــ ّرف بالمبادرات الجيدة التي تقوم بها منظمات المجتمع‬ ‫أن تُ َ‬ ‫المدني للتصدي لفيروس نقص المناعة‪ ،‬أو المبادرات التي يقوم بها‬ ‫ناشطون في المجتمع المدني للدفاع عن حاملي فيروس نقص‬ ‫المناعة البشرية‪.‬‬ ‫‪ .8‬نصائح ومبادئ خاصة بتغطية فيروس نقص المناعة‬

‫‪ .1.8‬نصائح خبراء تونسيين في مجال التصدي لفيروس نقص‬ ‫(‪((1‬‬ ‫المناعة‬ ‫ ال يجب أن يقتصر دور الميديا والصحافة على المعطيات الصحفية‬‫واإلخبار فقط بل يجب أن يتجاوز ذلك إلى التثقيف والتوعية عبر األفالم‬ ‫التثقيفية‪.‬‬

‫‪48‬‬

‫‪ 13‬هذه النصائح مستخرجة من املقابالت التي أجراها مؤلف هذا الدليل مع عدد من اخلرباء التونسيني‪:‬‬ ‫الدكتور فوزي عبيد رئيس قسم األمراض املعدية بإدارة الصحة األساسية بوزارة الصحة ومنسق الربامج‬ ‫الوطنية للوقاية من فريوس نقص املناعة‪.‬‬ ‫الدكتور حممد شقرون رئيس قسم األمراض املعدية باملستشفى اجلامعي فطومة بورقيبة‪.‬‬ ‫الدكتور حممد رايض كمون‪ ،‬طبيب خمتص يف األمراض اجللدية ورئيس مجعية ‪ATL Tunis.‬‬

‫ يجب أن يركز انتباه وجهود الصحفيين والميديا بشكل أساسي‬‫على قضايا ذات أهمية في السياق التونسي على غرار التقصي الالإسمي‬ ‫لفيروس نقص المناعة البشري‪.‬‬ ‫ وفي السياق التونسي يتضاعف انتشار الفيروس وال تتجاوز نسبة‬‫المشخصين لدى الدولة ‪ % 20‬من مجموع المصابين بالفيروس‬ ‫ما يعني أن ‪ % 80‬من الحاملين للفيروس غير معروفين وغير‬ ‫ّ‬ ‫مشخصين من طرف السلطات الصحية وهذا يعني أن مسألة‬ ‫النقص يجب أن تدرج في أجندة الميديا‪.‬‬ ‫ يجب أن يمتد اهتمام الميديا على كامل السنة وال يقتصر على‬‫مناسبات معينة على غرار اليوم العالمي لمكافحة السيدا الذي‬ ‫يوافق ‪ 1‬ديسمبر من كل سنة‪.‬‬ ‫ المنظمات العمومية على غرار إدارة الصحة األساسية في وزارة‬‫الصحة والجمعيات المساهمة في استراتيجية التصدي لفيروس‬ ‫نقص المناعة يجب أن تقوم بإرساء شراكة استراتيجية مع‬ ‫مؤسسات الميديا وخاصة منها العمومية‪.‬‬ ‫ يجب تشجيع الصحفيين على تعميق معارفهم في مجال‬‫فيروس نقص المناعة‪ .‬ومن هذا المنظور فإن التخصص يمثل‬ ‫شرطا ضروريا لمقاربة صحافة جيدة لقضايا فيروس نقص المناعة‪.‬‬ ‫وفي هذا اإلطار فإن الصحفيين التونسيين لهم مشاكل أو يواجهون‬ ‫صعوبات للتعامل مع قضايا فيروس نقص المناعة البشرية أو لنقل‬ ‫تصريحات المختصين‪.‬‬ ‫ على الصحفيين والميديا استخدام مصطلحات غير تمييزية وال‬‫تؤدي إلى الوصم ومصطلحات متناسبة على غرار استخدام مصطلح‬ ‫«ممتهنات الجنس» كبديل عن كلمة «عاهرات» أو «مومسات»‪.‬‬ ‫‪ .2.8‬أفكار حول تقارير فيروس نقص المناعة وحاملي فيروس‬ ‫نقص المناعة‪:‬‬ ‫ النفاذ إلى العالج بالنسبة إلى حاملي الفيروس‪ :‬هل تضع الدولة‬‫على ذمة حاملي الفيروس الظروف الجيدة للنفاذ الحر والمبسط إلى‬ ‫العالجات؟‬

‫‪49‬‬


‫ حاملو فيروس نقص المناعة والوصم‪.‬‬‫ قصص إنسانية لحاملي فيروس نقص المناعة‪.‬‬‫ أوضاع المهاجرين الحاملين لفيروس نقص المناعية (النفاذ إلى‬‫العالج واألدوية)‪.‬‬ ‫ الشبكة الجمعياتية الناشطة في مجال التصدي لفيروس نقص‬‫المناعة‪.‬‬ ‫ الصعوبات التي يواجهها حاملو الفيروس خارج المسالك المعدة‬‫لهم (عند العالج مثال لدى األطباء)‪.‬‬ ‫ كيف تتعامل قوى األمن مع ممتهنات الجنس والتناغم‬‫الممكن بين هذا األسلوب في التعامل وسياسات الدولة فيما‬ ‫يتعلق بالواقيات الذكريـــــة؟‬ ‫ بورتريه الناشطين في مجال التصدي لفيروس نقص المناعة‬‫البشري‪.‬‬ ‫‪ .3.8‬كيف يمكن للصحفيين التخلص من القوالب النمطية‬ ‫االجتماعية؟‬ ‫ مغادرة قاعة األخبار واالنخراط في العالم االجتماعي‪ :‬إن الصحفيين‬‫فاعلون اجتماعيون تتمثل رؤيتهم لألحداث وللواقع بواسطة‬ ‫المعايير المهنية وأخالقيات المهنة ولكنهم يعيشون أيضا في‬ ‫المجتمع‪ .‬والصحفي عندما يفضل الميدان والتحقيق واالستقصاء‬ ‫والربورتاج فإنه يخرج عن المسالك الروتينية ويتخلص من األفكار‬ ‫المسبقة ويكتشف الناس في عوالمهم االجتماعية حتى يتمكن‬ ‫من سرد القصص اإلنسانية‪.‬‬ ‫ تطوير ال ّت ّ‬‫فكرية أو التفكير النقدي في غرف األخبار‪ :‬عناصر‬ ‫عديدة تتداخل في تشكيل تمثالت لألحداث والوقائع‪ ،‬منها التجارب‬ ‫الشخصية واالجتماعية وعمليات التنشئة االجتماعية التي يخضعون‬ ‫إليها في سياقاتهم العائلية وفي السياقات االجتماعية األخرى التي‬ ‫يعيشون فيها‪.‬‬

‫‪50‬‬

‫ لكن الصحفيين كذلك يتأثرون بالمعايير المهنية وبالثقافات‬‫السائدة في مؤسساتهم وفي غرف األخبار أو بالمعايير السائدة في‬

‫المهنة‪ .‬وفي هذا اإلطار فإن النقاشات المهنية داخل غرف األخبار‬ ‫تسمح للصحفيين بإدراك المعايير المهنية التي تحركهم وتطور‬ ‫نظرتهم النقدية إلى مهنتهم والوعي بالمعوقات التي تعطل‬ ‫المقاربة التحريرية الجيدة للوقائع واألحداث والخروج من الروتين‬ ‫االجتماعي الذي يجعلهم غير مدركين لنتائج أعمالهم على األفراد‬ ‫والجماعات التي تكشف عنهم‪.‬‬ ‫‪ .4.8‬نصائح جمعية إفريقيا الجنوبية المتخصصة في اإليدز‬ ‫لمعالجة قضايا فيروس نقص المناعة البشري وحامليه في‬ ‫الصحافة والميديا(‪.((1‬‬ ‫وضعت الجمعية دليال للتعامل الصحفي األخالقي والمهني مع‬ ‫فيروس نقص المناعة تضمن المبادئ التالية‪:‬‬ ‫ تجنب التمييز واألفكار المسبقة والوصم في مستوى اللغة‬‫والصورة‪.‬‬ ‫ الدقة‪ :‬وجوب أن تكون المعلومات التي يتحصل عليها الصحفيون‬‫دقيقة وخاصة المعلومات العلمية واإلحصائية‪.‬‬ ‫ تشخيص واضح للمصادر‪ :‬إن من شروط إقامة عالقة ثقة‬‫بين الجمهور والصحافة هو التشخيص الواضح للمصادر وإعطاء‬ ‫المعلومات الضرورية للجمهور حتى يتمكن من تقييم جدارتها‬ ‫ومصداقيتها للكشف عن زيف األفكار الخاطئة‪.‬‬ ‫ يساهم الصحفي في الكشف عن زيف األخبار الخاطئة وغير‬‫الدقيقة أو غير الصحيحة حول المرضى والمرض‪.‬‬ ‫ الوضوح‪ :‬النقاش الصريح في القضايا الحساسة المتصلة بالجنس‬‫حتى يتمكن الجمهور من فهمها بشكل جيد وعميق‪.‬‬ ‫ مراقبة السلطة السياسية ومساءلتها‪.‬‬‫ واجب تمثيل الحاملين للفيروس وإظهارهم في الصحافة‬‫والميديا وعدم تبخيس دورهم وحقهم في الحضور في المجال‬ ‫العمومي ألن لهم الحق في أن تُ‬ ‫ـــسمع أصواتهم‪ ،‬فدور اإلعالم‬ ‫َ‬ ‫تمثيل التنوع والتعدد واحترام حقوق الحاملين للفيروس‪.‬‬ ‫‪https://www.hivmediaguide.org.au/media-tool-kit/principles-reporting-hiv‬‬‫‪and-aids/index.html‬‬

‫‪14‬‬

‫‪51‬‬


‫ األفراد الضعفاء‪ :‬يسعى الصحفي إلى حماية هؤالء عند التعامل‬‫معهم فيحصل على مواقفهم الصريحة لذكرهم في التقارير وعدم‬ ‫نشر معطيات خاصة عنهم وعن عائالتهم يمكن أن تضعهم في‬ ‫مواقف حرجــــة‪.‬‬ ‫‪ .5.8‬نصائح من أجل مقاربة مستقلة وأخالقية لتغطية‬ ‫(‪((1‬‬ ‫فيروس كورونا من شبكة الصحافة األخالقية‬ ‫ تجنب اإلثارة في اللغة والصور (مثال تصوير محالت فارغة‪ )..‬والتي‬‫يمكن أن تخلق الشعور بالقلق والفزع مما يضاعف من التوتر‪.‬‬ ‫ حماية األفراد بإخفاء أسمائهم أو صورهم وعدم نشرها دون‬‫ذكرهم‪.‬‬ ‫ دقة الوقائع وتجنب اإلشاعات‪.‬‬‫ ضرورة االعتماد على آراء الخبراء من أطباء وباحثين تتوفر فيهم‬‫الكفاءة العلمية‪.‬‬ ‫ إعطاء سياق لألخبار حتى تتوفر للقارئ إمكانية فهمها بشكل‬‫جيد وتوجيه الجمهور نحو مصادر إخبارية جيدة وذات مصداقية‪.‬‬ ‫‪ .6.8‬خمس نصائح من الدكتور ‪ Bill Hanage‬في علم األوبئة‬

‫(‪((1‬‬

‫ انتقاء ج ّيد للخبراء‪ :‬فكل الباحثين ليسوا مؤهلين إلعطاء رأيهم‬‫في فيروس الكورونا‪ .‬فالباحث في جائزة نوبل ال يمكن له أن يتحدث‬ ‫في كل المواضيع والمسائل‪.‬‬

‫ يجب أن يتعامل الصحفيون بحذر كثير مع اآلراء والتخمينات التي‬‫يمكن أن يطلقها الصحفيون‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫توظيف حذ ٌر لنتائج البحوث التي لم تنشر بعد ألن نتائجها لم يتم‬ ‫‬‫التأكد منها بشكل نهائي‪.‬‬ ‫‪ .7.8‬كيف يمكن الحديث عن فيروس الكورونا دون الوقوع في‬ ‫تزييف الحقائق؟‬ ‫ استدعاء الخبراء في األمراض المعدية وفي الصحة العمومية‬‫للحصول على معلومات دقيقة واالستغناء عن األشخاص الذين‬ ‫يدعون أنهم يملكون معرفة علمية أو أولئك الذين يزعمون أن‬ ‫لهم عالجات خارقة للعادة‪.‬‬ ‫ يجب أن تساهم الصحافة في كشف زيف األخبار الكاذبة‪ ،‬وعلى‬‫هذا النحو فإن الصحفيين يشاركون في تفنيد األخبار الكاذبة‪ .‬ويجب‬ ‫أن يقترح الصحفي أخبارا تكون بديلة عن األخبار الكاذبة‪.‬‬ ‫ تبجيل التفسير‪ :‬مثال تفسير كيف يمكن لشخص حامل‬‫للفيروس دون أعراض مرضية أن ينقل الفيروس إلى شخص آخر‪.‬‬ ‫ إدراج السياق حتى يفهم الجمهور األخبار كأن يفسر الصحفي‬‫خصائص النظام الصحي ونظام النشر العلمي‪.‬‬

‫ وفي هذا اإلطار يحث الطبيب ‪ Bill Hanage‬الصحفيين على‬‫البحث بشكل جيد عن الباحثين الذين لهم القدرة والكفاءة للحديث‬ ‫في موضوع الكورونا والذين لهم خبرة جيدة في الموضوع‪.‬‬ ‫ التمييز بين ما هو ثابت أنه حقيقة وبين ما يعتقد الناس أنه‬‫حقيقة‪.‬‬ ‫‪https://ethicaljournalismnetwork.org/media-ethics-safety-and-mental‬‬‫‪health-reporting-in-the-time-of-covid-19‬‬

‫‪15‬‬

‫‪52‬‬

‫‪https://journalistsresource.org/studies/society/public-health/covid-19‬‬‫‪coronavirus-epidemiology/‬‬

‫‪16‬‬

‫‪53‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪3‬‬

‫القسم الثاني‬

‫االستراتيجيات االتصالية‬ ‫في مجال التصدي لفيروس نقص المناعة البشري‬


‫القسم الثاني‬

‫‪ .1‬المـقدمـــة‬ ‫يتعلق هذا الجزء الثاني بإدارة االتصال في مجال التصدي لفيروس‬ ‫نقص المناعة‪ .‬وفي هذا اإلطار يجب التذكير بأن هذا القسم يتعلق‬ ‫باالتصاليين الذين تختلف أدوارهم عن أدوار الصحافيين‪ .‬فاالتصال على‬ ‫خالف الصحافة يتضمن أنشطة التربية والتثقيف والتوعية بواسطة‬ ‫الميديا أو دونها‪ .‬وهو يهدف إلى تغيير السلوكيات أو إتاحة معرفة ما‬ ‫للجمهور الواسع أو لقاءات بعينها مع الجمهور‪ .‬إن منظومة االتصال‬ ‫هي جزء من منظومة واسعة للتصدي لفيروس نقص المناعة‪.‬‬ ‫ومنظومة االتصال يمكن أن تؤمنها المؤسسات العمومية التابعة‬ ‫لوزارة الصحة أو الجمعيات الفاعلة في المجتمع المدني‪ .‬وتتوجه هذه‬ ‫المنظومة إلى الرأي العام أو الجمهور العريض أو إلى فئات بعينها‬ ‫على غرار الفئات المفاتيح والصحفيين باعتبارهم وسطاء بين‬ ‫المؤسسات العمومية والجمعيات الفاعلة في منظومة التصدي‬ ‫لفيروس نقص المناعة وبين الرأي العام والمواطنين بشكل عام‬ ‫باعتبارهم مزودين للمواطنين باألخبار ومنظمين للنقاش العام‪.‬‬ ‫والمنظومة االتصالية ال تهدف فقط إلى إتاحة المعارف والمعلومات‬ ‫لمختلف أنواع الجمهور من خالل الميديا أو بواسطة وسائط أخرى‬ ‫ولكنها تشمل أيضا ما يسمى التأثير ‪ Influence‬لتغيير السلوكيات‪.‬‬ ‫ويتمثل تغيير السلوكيات مثال في الوقاية عبر استخدام الواقي‬ ‫الذكري كما يتضمن التأثير تغيير ال ّت ّ‬ ‫مثــالت‪ .‬ويمكن هنا أن تساهم‬ ‫المنظومة االتصالية في تغيير نظرة الناس أو الرأي العام إلى الجماعات‬ ‫المفاتيح وإلى حاملي فيروس نقص المناعة عبر التصدي لممارسات‬ ‫الوصم‪..‬‬ ‫‪56‬‬

‫ويتضمن هذا القسم من الدليل نصائح ومبادئ عن إدارة االتصال‬ ‫والحمالت التوعوية في السياق التونسي على وجه الخصوص‪ .‬وإضافة‬ ‫إلى هذا البعد المنهجي‪ ،‬يسعى مؤلف الدليل إلى إثرائه بمعلومات عن‬ ‫الممارسات االتصالية لفيروس نقص المناعة في السياق التونسي‪.‬‬ ‫شحــا في المعلومات والمعطيات‬ ‫فقد واجه مؤلف هذا الدليل‬ ‫ًّ‬ ‫الخاصة باالتصال في مجال فيروس نقص المناعة‪ .‬ولهذا الغرض‬ ‫أنجز حوارات مع عدد من الخبراء الذين تم ذكرهم في بداية هذا‬ ‫الدليل إلثراء الجزء المتعلق باالتصال ضد فيروس نقص المناعة في‬ ‫السياق التونسي(‪.((1‬‬

‫‪ .2‬ظهور وتطور وتحوالت االتصال واالستراتيجيات‬ ‫االتصالية في مجال التصدي لفيروس نقص المناعة‪.‬‬ ‫كانت األوساط الطبية المنخرطة في مكافحة فيروس نقص‬ ‫المناعة البشري في السنوات األولى من ظهور الفيروس حسب رواية‬ ‫الدكتور محمد رضا كمون(‪ ((1‬مقتنعة بدور الصحافة والميديا في‬ ‫التصدي لفيروس نقص المناعة البشري بالنظر إلى غياب العالقات‬ ‫المناسبة‪ .‬إذا كانت الميديا من هذا المنظور وسيلة من وسائل‬ ‫التعريف بمخاطر الفيروس وإتاحة المعلومات والمعارف للجمهور‬ ‫العريض والتصدي أيضا للوصم الذي يمكن أن يتعرض له حاملو‬ ‫فيروس نقص المناعة وكذلك تصحيح المعلومات الخاطئة عن‬ ‫الفيروس‪.‬‬ ‫ويروي الدكتور محمد رضا كمون في اإلطار قصة أول ومضة‬ ‫تلفزيونية تحسيسية ضد فيروس نقص المناعة التي كانت تتضمن‬ ‫مشهدا المرأة تمشي تحت المطر وهي تحمل مظلة لكن التلفزة‬

‫‪ 17‬وشملت هذه املقابالت‪:‬‬ ‫ الدكتور عبد احلميد الزحاف رئيس اجلمع ّية التونس ّية ملقاومة األمراض املنقولة جنسيا والسيدا ‪ -‬املكتب‬‫الوطني صفاقس‪.‬‬ ‫ الدكتور حممد رضا كمون‪ ،‬طبيب خمتص يف األمراض اجللدية ورئيس فرع تونس لنفس اجلمعية‪.‬‬‫ ملياء بن حسيني الدكتورة يف علوم اإلعالم واالتصال واملكلفة باالتصال والتنسيق بني اجلهات يف وحدة‬‫املرشوع للترصف التابعة لربنامج الصندوق العاملي ملكافحة اإليدز والسل واملالريا‪.‬‬ ‫ فوزي الزريبي عضو اجلمع ّية التونس ّية ملقاومة األمراض املنقولة جنسيا والسيدا ‪ -‬املكتب الوطني‬‫صفاقس‪.‬‬ ‫‪ 18‬رئيس فرع تونس العاصمة للجمهورية التونسية ملقاومة األمراض املنقولة جنسيا والسيدا‪.‬‬

‫‪57‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشرية وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪3‬‬

‫التونسية رفضت بث هذه الومضة التلفزيونية التحسيسية ولم‬ ‫يتم بثها إال بعد تدخل السلطات والفاعلين في المنظومة االتصالية‬ ‫ الفاعلون في منظومة االتصال في مجال فيروس نقص‬‫المناعة البشري‪ :‬هم المنظمات العمومية‪ :‬إدارة الرعاية‬ ‫الصحية األساسية بوزارة الصحة والديوان الوطني لألسرة والعمران‬ ‫البشري وإدارة الطب المدرسي والجامعي من جهة أولى ومنظمات‬ ‫المجتمع المدني من جهة ثانية‪ .‬ويمكن أيضا أن نعتبر الميديا‬ ‫والصحافة والمضامين التي تنتجها أو تتيحها عن فيروس نقص‬ ‫المناعة فاعال ضمن منظومة التصدي لتفشي الفيروس‪.‬‬ ‫ خاصيات االتصال حول فيروس نقص المناعة البشري في‬‫تونس‬ ‫إن الرسائل أو المضامين التي ينتجها ويروجها هؤالء الفاعلون‬ ‫إما أن تكون مضامين متصلة بمناسبات أو مضامين أساسية‪.‬‬ ‫وتتسم هذه المضامين بأنها ذات طابع مؤسسي أو أحادي أحيانا‪.‬‬ ‫كما أن هذه المضامين تتسم بأنها غير مالئمة دائما للسياق‬ ‫التونسي وخصوصياته‪ .‬وعلى هذا النحو فإن الرسائل االتصالية (أو‬ ‫المضامين) االتصالية الخاصة بالمنظمات الدولية تستنسخ حيانا‪،‬‬ ‫كما هي‪.‬‬ ‫كما أن االتصال في مجال فيروس نقص المناعة المكتسبة‬ ‫هو اتصال مناسباتي غير مستمر في الزمن‪ .‬لكن ومن جهة أخرى‬ ‫فإن المقاربة االتصالية السائدة في تونس لم تتبع بعد معايير‬ ‫المنظمات القائمة على تــثـــمين الحقوق‪ :‬الحق في الصحة والحق‬ ‫في التعليم والحق في الرأي والتعبير‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى فإن الفاعلين في المجتمع المدني يشيرون أيضا‬ ‫إلى غياب استراتيجية وطنية اتصالية متكاملة رغم وجود بعض‬ ‫المبادرات النشطة في مجال التصدي لفيروس نقص المناعة‪.‬‬ ‫وتقوم منظمات المجتمع المدني حسب هذه الشهادات‪ ،‬بمجهود‬ ‫كبير في مجال االتصال لكنها تظل محدودة بسبب قلة اإلمكانيات‪.‬‬ ‫ويرى فاعلون في المجتمع المدني أن قلة اإلمكانيات تجعلهم‬ ‫يعتمدون بشكل شبه كلي على منصات الميديا االجتماعية على‬ ‫غرار الفايسبوك‪.‬‬ ‫‪58‬‬

‫مؤطر عدد ‪:1‬‬ ‫االتصال في مجال نقص المناعة البشري‪ :‬رؤية تاريخية‬ ‫حوار مع الدكتور عبد المجيد الزحاف رئيس الجمعية التونسية‬ ‫لمكافحة السيدا واألمراض المنقولة جنسيا والسيدا ‪ -‬الكتب‬ ‫الوطني صفاقس والعميد السابق لكلية الطب في صفاقس‪.‬‬ ‫السؤال األول‪ :‬ما الذي يفسر أن الجمعية األولى لمكافحة األمراض‬ ‫المنقولة جنسيا والسيدا تأسست في مدينة صفاقس؟‬ ‫نعم يبدو هذا األمر غربيا نوعا ما ألن في تونس تجري األمور على‬ ‫المستوى المركزي أي في العاصمة‪.‬‬ ‫لكن بالنسبة لي فإن األمر كان التزاما شخصيا‪ .‬مع اإلشارة إلى أن‬ ‫الجمعية التونسية لمكافحة السيدا هي نفسها امتداد لجمعية‬ ‫مكافحة الجذام‪Association de lutte contre la lèpre .‬‬ ‫عندما عدت من تولوز إلى صفاقس سنة ‪ 1974‬شرعت برفقة‬ ‫جمع من األطباء في القيام بحمالت توعوية في عديد المعاهد‬ ‫الثانوية‪ .‬وقد أنجزنا العديد من األنشطة بعضها كان جريئا جدا في‬ ‫تلك الفترة‪ .‬ففي سنة ‪ 1991‬قمنا بتنظيم خيمة تحسيسية وسط‬ ‫مدينة صفاقس وكان والي صفاقس قد رفض كليا هذه التظاهرة‬ ‫بسبب خوفه من ردود فعل السلطة‪ .‬وفي تلك التظاهرة عرضنا‬ ‫مجسما لعضو ذكري من خشب وقمنا بوضع واقيات ذكرية على‬ ‫المجسم‪ ،‬أمام أنظار المارة فكان لهذه التظاهرة صدى كبيرا في‬ ‫مدينة صفاقس وفي تونس وحتى خارج الحدود‪.‬‬ ‫ومن األنشطة األخرى التي يمكن أن أسردها هو نشاط قمنا‬ ‫به على المستوى الوطني يتمثل في وضع معلقات تحسيسية‬ ‫تتمثل في صورة بنطلون أو سروال «دجين» مع واقي ذكري في‬ ‫جيب البنطلون وقد كانت تكلفة العملية التحسيسية وقتها‬ ‫بـ‪ 80‬ألف دينار‪.‬‬

‫‪59‬‬


‫السؤال الثاني‪ :‬كيف تقيمون الجهود االتصالية نحو الجمهور‬ ‫العريض؟‬ ‫بشكل عام تكاد تنحصر الحمالت التوعوية لمكافحة فيروس‬ ‫نقص المناعة على يوم ‪ 1‬ديسمبر من كل عام وهو ما يوافق‬ ‫اليوم العالمي لمكافحة السيدا إذ تنظم التلفزة الوطنية برنامجا‬ ‫تلفزيونيا حول السيدا وفيروس نقص المناعة‪ .‬وبالنسبة لوزارة‬ ‫الصحة تبقى غير كافية باستثناء بعض األنشطة الموسمية‪.‬‬ ‫أما منظمات المجتمع المدني فإنها تحتاج إلى دعم في مستوى‬ ‫الموازنة‪ .‬لكن يجب أن نالحظ أن السلطات الحكومية لم تساعد‬ ‫حقيقة منظمات المجتمع المدني‪.‬‬ ‫تم استيراد تجهيزات لتوزيع الواقيات الذكرية لكن‬ ‫في ‪ّ 1992‬‬ ‫الغريب أنه تم تركيز جهاز واحد في صيدلية قرب المبيتات‬ ‫الجامعية في صفاقس وهو يشتغل إلى يومنا هذا وظلت باقي‬ ‫التجهيزات في مكانها في حتى بعد ‪ 2011‬بسبب تأثير التيارات‬ ‫السياسية والدينية‪.‬‬

‫‪ .3‬إدارة الحمالت االتصالية‬ ‫يؤخذ في االعتبار عند إنجاز الحمالت االتصالية عدد من المبادئ‬ ‫المنهجية وذلك لتحقيق الفعالية المطلوبة‬ ‫ أهمية الخطة االتصالية‬‫الخطة االتصالية السنوية تتمثل في آلية عقالنية ومنظمة‬ ‫وفاعلة لقياس األنشطة االتصالية وهو ما يتمثل في تحديد األهداف‬ ‫والجمهور المستهدف والعمليات التي يجب تطويرها والميزانية‬ ‫والجدول الزمني أو الرزنـــامة ومؤشرات النجاح‪.‬‬ ‫تقتضي الحمالت االتصالية بشكل عام‪ ،‬طرح األسئلة التالية‪:‬‬ ‫من هو الجمهور المستهدف وما هي األهداف اإلستراتيجية؟‬ ‫وما هي األنشطة أو العمليات التي يجب إنجازها لتحقيق األهداف‬ ‫اإلستراتيجية؟‬

‫‪60‬‬

‫ تشخيص حالة االتصال‪:‬‬‫إن وضع حمالت اتصالية في مجال حقوق اإلنسان أو في مجال‬ ‫فيروس نقص المناعة البشري يقتضي تحليال مسبقا‪ :‬كتحليل حالة‬

‫المعارف عن الفيروس لدى الجمهور أو ماذا يعرف الجمهور أيضا عن‬ ‫الحقوق اإلنسانية لحاملي فيروس نقص المناعة وما هي تمثالت‬ ‫الجمهور للفئات المفاتيح‪ .‬وللحصول على أجوبة لهذه األسئلة‬ ‫يجب على المنظمة أو الجمعية أن تتوفر لديها الموارد األساسية‬ ‫إلنجاز استطالع رأي أو جماعة بـُـؤر ّيـة‪ .‬لكن هذا ليس دائما ممكنا‪.‬‬ ‫في هذه الحالة يمكن للمنظمة أو الجمعية أن تلجأ الستطالع رأي‬ ‫على شبكة األنترنت وخاصة الفايسبوك الذي يوفر معطيات تساعد‬ ‫على وضع صياغة اإلستراتيجية االتصالية‪.‬‬ ‫ تحديد األهداف‬‫بالنسبة إلى المنظمات العمومية والجمعيات العاملة في مجال‬ ‫التصدي لفيروس نقص المناعة‪ ،‬فإن األهداف تنقسم إلى ثالثة أنواع‪:‬‬ ‫· يتعلق الهدف األول بالصورة‪ :‬ما هي صورة المنظمة أو الجمعية‬ ‫لدى الجمهور العريض‪ ،‬أو الرأي العام؟ ما هي سمعتها كمنظمة‬ ‫تسدي خدمات عمومية أو جمعية ناشطة في المجتمع المدني؟‬ ‫وما مدى شهرتها (سمعتها) لدى الجمهور العري‪.‬‬ ‫· أما الهدف الثاني الذي تسعى المنظمة أو الجمعية لتحقيقه فهو‬ ‫هدف متصل بالمعلومات أي المعطيات التي تريد المؤسسة إبالغها‬ ‫وإتاحتها للجمهور العريض‪.‬‬ ‫· ويتعلق الهدف الثالث بتغيير والسلوكيات واالتجاهات‪.‬‬ ‫وفي حملة تحسيسية‪ ،‬فإن أهداف التثقيف أو التوعية والتبليغ على‬ ‫وجه الخصوص ال تتحقق إ ّال على المدى الطويل ألن تغيير العقليات‬ ‫وتغيير السلوكيات يحتاج إلى وقت طويل‪ .‬وفي هذه الحالة فإن‬ ‫أهداف الحملة يجب أن تكون ذكية‪.‬‬ ‫التصدي لفيروس نقص‬ ‫وفي حملة ا ّتصالية مثل الذي يقتضيه‬ ‫ّ‬ ‫فإن األهداف الم ّتصلة بالتثقيف تنجز على المدى‬ ‫المناعة البشري ّ‬ ‫ألن تغيير العقل ّيات يحتاج إلى وقت‪ .‬وفي هذا اإلطار فإن‬ ‫الطويل ّ‬ ‫األهداف يجب أن تكون ذات خصوصية وقابلة للقياس وقابلة لإلنجاز‬ ‫ومحددة زمنيا‪.‬‬ ‫‪61‬‬


‫وبحسب المنهجية المقترحة من منظمة الصحة العالمية‪.‬‬ ‫في مجال إنجاز الحمالت االتصالية فإن تحقيق هذه األهداف يحتاج‬ ‫إلى تحديد دقيق للمشاكل واألخذ في االعتبار العوائق والمصاعب‬ ‫المتصلة بالسياسية العمومية‪ .‬إن المنهجية الجيدة تقتضي وفق‬ ‫تعليمات أو نصائح منظمة الصحة العالمية تحديدا جيدا للفرص‬ ‫الممكنة لمساندة الجماعات أو األفراد المؤثرين‪.‬‬ ‫ الجماعات المستهدفة من الحمالت االتصالية‬‫· الجمهور العريض أو الرأي العام‪.‬‬ ‫· الميديا والصحفيين‪.‬‬ ‫· المتعايشون مع الفيروس‪.‬‬ ‫· الفئات المفاتيح‪.‬‬ ‫· الوسط التربوي والجامعي‪.‬‬ ‫· أصحاب القرار‪.‬‬ ‫· المساجين والمهاجرين‪.‬‬ ‫· اإلدارة العمومية على المستوى الوطني والمحلي‪.‬‬ ‫وحسب منظمة الصحة العالمية فإن تحديد الجمهور المستهدف‬ ‫يقتضي فهم العوائق والفرص على غرار اتجاهات السلطات العمومية‬ ‫ومساهمات الوزارات بخالف وزارة الصحة العمومية على غرار وزارة‬ ‫التربية وكذلك سياسات مؤسسات الميديا باعتبارها جمهورا‬ ‫مستهدفا أيضا من الحمالت االتصالية‪.‬‬

‫‪62‬‬

‫كما أن التأثير على الجمهور يحتاج معرفة جيدة بدوافعه‬ ‫وممارساته اإلعالمية‪ ،‬وبحالة المعارف الـمكتسبة عن فيروس‬ ‫نقص المناعة‪ .‬وتعرف الممارسات اإلعالمية المتصلة بالميديا عن‬ ‫طريق استطالعات الرأي أو الجماعات البؤرية‪ .‬وبحسب منهجية‬ ‫منظمة الصحة العالمية فإن أصحاب القرار يمثلون فئة أساسية‬ ‫من فئات الجمهور المستهدف والمقصود بفئة أصحاب القرار كل‬ ‫من هو قادر على إنجاز قرار ما متصل بفيروس نقص المناعة على‬ ‫غرار السياسيين واألحزاب السياسية والموظفين الكبار أو األشخاص‬ ‫الذين لهم تأثير على أصحاب القرار‪.‬‬

‫ الرسالة االتصالية‬‫الرسالة االتصالية هي نبض العملية االتصالية وحلقة الوصل بين‬ ‫بد أن ّ‬ ‫توفر‬ ‫المرسل والمتلقي‪ ،‬فال يمكن أن ّ‬ ‫تتم العمل ّية بدونها‪ .‬وال ّ‬ ‫بعض الخصائص في الرسالة االتصالية‪:‬‬ ‫ صريحة غير متح ّيزة‪.‬‬‫ صحيحة ومضبوطة المعنى‪.‬‬‫ واضحة حيث ال يكون هناك أ ّية إمكان ّية لسوء الفهم‪.‬‬‫تامة أو شاملة‪.‬‬ ‫ ّ‬‫ موجزة ومختصرة‪.‬‬‫ ملموسة‪.‬‬‫ الميزانية‬‫كل حملة ا ّتصالية تستوجب تبويب النفقات وتبويبها‪ ،‬من ذلك‬ ‫كلفة إنتاج المطو ّيات (تصميم وطباعة) وتوزيع الومضات التثقيفية‬ ‫والحمالت اإلعالن ّية (الملصقات الحائط ّية) والندوات الصحفية أو‬ ‫الزيارات الميدانية‪.‬‬ ‫ األنشطة االتصالية أو الحمالت االتصالية‬‫توجد عدة أشكال اتصالية كالمعلقات والومضات اإلذاعية أو‬ ‫التلفزيونية أو توزيع المنشورات االتصالية أو تنظيم ندوات صحفية‬ ‫مع الصحفيين أو إعداد الملفات الصحفية أو الحمالت الموجهة‬ ‫للجمهور العريض باستخدام الميديا الرقمية وخاصة منصات‬ ‫الميديا االجتماعية‪.‬‬ ‫ مؤشرات نجاح األنشطة والحمالت االتصالية‬‫ التغطية اإلعالم ّية‪ :‬عدد المقاالت الصادرة في الصحافة مقاالت‬‫وريبورتاجات في الصحافة المكتوبة أو أخبار‪.‬‬ ‫ عدد المطويات الموزعة‬‫ عدد التفاعالت في صفحات الفايسبوك‪.‬‬‫ عدد االنخراطات في الجمعية‪.‬‬‫)‪(19‬‬ ‫ نسبة اإلقبال على مواقع الواب‪...‬‬‫‪AIRHIHENBUWA, Collins O., MAKINWA, Bunmi, FRITH, Michael, et al.‬‬ ‫‪Communications framework for HIV/AIDS: A new direction. In: Communica‬‬‫‪tions framework for HIV/AIDS: a new direction. 1999.‬‬

‫‪19‬‬

‫‪63‬‬


‫مؤطر عدد ‪:2‬‬ ‫مقترحات اإلطار االتصالي الجديد حول فيروس نقص‬ ‫المناعة البشري والسيدا الذي وضعه برنامج األمم‬ ‫البشرية‬ ‫المتحدة المشترك لفيروس نقص المناعة‬ ‫ّ‬ ‫بالتعاون مع جامعة «بانستات»(‪( )17‬جوان ‪)2000‬‬ ‫اإلطار االتصالي الجديد حول فيروس السيــدا‪ .‬هو مشروع بين األمم‬ ‫المتحدة وجامعة «بانستات» يتضمن اتجاهات تأخذ في االعتبار‬ ‫وضع السياسات االتصالية حول فيروس نقص المناعة والسيدا‪.‬‬

‫وتشمل هذه المجاالت الجديدة‪ :‬السياسة العمومية‬ ‫والمكانة االجتماعية واالقتصادية والثقافية والعالقة بين‬ ‫الجنسين والروحانيات‪ .‬ومن هذا المنظور فإن السياسات‬ ‫واالستراتيجيات االتصالية يجب أن تأخذ في االعتبار هذه‬ ‫المجاالت الجديدة الخمسة‪ .‬وتفترض األهمية التي تعطي‬ ‫لهذه المجاالت الجديدة أن السلوك الفردي ليس عنصرا يتأثر‬ ‫بالسياق أو الفئة االجتماعية‪.‬‬ ‫ويقوم هذا اإلطار االتصالي الجديد على فكرة أساسية مفادها أنه‬ ‫توجد أطر سياقية تؤثر بطريقة تكون كونية حول جهود االتصال‬ ‫والتي تسعى إلى دعم السلوكيات المواتية للوقاية من فيروس‬ ‫نقص المناعة‪.‬‬ ‫وتشمل تعليمات التقرير المستويات التالية أيضا‪:‬‬ ‫ أهمية الميديا التشاركية والنقاش مما يمكن أن يسمح للناس‬‫بالمشاركة في القرارات التي تهم حياتهم وحتى ال يحدد اآلخرون‬ ‫حياتهم‪.‬‬ ‫ إن الميديا ذات الطابع الجمعياتي لها القدرة على التربية والترفيه‬‫واإلخبار في الوقت ذاته أي تعطي فرصا للناس في قضايا فيروس‬ ‫نقص المناعة والسيدا‪.‬‬ ‫ التنويع في الرسائل والمضامين يجذب المستهدف ويجعل من‬‫الصعب االستمرار في انتهاج سياسة اتصالية تقوم على رسائل أو‬ ‫مضامين منمطة ألن الجمهور أصبح بدوره متنوعا‪.‬‬

‫‪64‬‬

‫ورغم هذه التحديات فإن تنوع الميديا (عمومية‪ ،‬خاصة‪ ،‬جمعياتية)‬ ‫أو جامعة ومتخصصة تعطي االتصاليين فرصا أكثر لتوزيع‬ ‫المضامين‪.‬‬ ‫ التكامل بين الميديا الجماهيرية واالتصال الشخصي‪ :‬يؤكد‬‫اإلطار االتصالي الجديد على فكرة الجمع بين الميديا الجماهيرية‬ ‫وآليات التواصل الشخصي المباشر وهي تأخذ في االعتبار اهتمامات‬ ‫متنوعة وجماهير متعددة‪.‬‬

‫‪ .4‬أهمية الميديا في الحمالت االتصالية‬ ‫تأخذ الحمالت االتصالية في االعتبار أهمية الميديا وتنوعها‬ ‫وسياساتها التحريرية وجمهورها كذلك‪ .‬وفي هذا اإلطار فإن المشهد‬ ‫اإلعالمي التونسي يهتم أكثر بالتنوع األيديولوجي والسياسي‪ .‬ومن‬ ‫هذا المنظور نالحظ أن أغلبية االتجاهات األيديولوجية والسياسية‬ ‫ممثلة بشكل عام في هذا المشهد اإلعالمي‪.‬‬ ‫في المقابل نالحظ أيضا أن أغلب الميديا في تونس هي ذات بعد‬ ‫جامع باستثناء بعض الحاالت على غرار اإلذاعة الثقافية‪ .‬أما البعد‬ ‫المحلي فال يزال محدودا ومرتبطا خاصة بالميديا العمومية وباإلذاعة‬ ‫العمومية على وجه الخصوص‪ .‬أما الميديا اإلذاعية المحلية فهي‬ ‫حاضرة خاصة في المجال الجمعياتي كما نالحظ أيضا وجود الميديا أو‬ ‫ما يسمى الميديا البديلة على غرار إنكيفادا أو نواة والكتيبة‪ .‬وبشكل‬ ‫عام هناك قناتان عموميتان و‪ 23‬إذاعة خاصة و‪ 10‬إذاعات جمعياتية‬ ‫و‪ 23‬جريدة ناطقة باللغة العربية و‪ 6‬جرائد ناطقة باللغة الفرنسية‪.‬‬ ‫‪ .1.4‬استهالك الميديا التونسية‪:‬‬ ‫إن التواصل مع مختلف فئات الجمهور يقتضي كما أسلفنا أن تأخذ‬ ‫استراتيجية االتصال في االعتبار مختلف خصوصيات فئات الجمهور‬ ‫وثقة التونسيين في الميديا‪ .‬ففي ‪ 2019‬أصدرت منظمة (‪BBC‬‬ ‫‪ )media action‬استطالعات حول استخدامات الميديا في تونس‬ ‫انطالقا من عينة من ألف تونسي تفوق أعمارهم ‪ 15‬سنة وقد بينت‬ ‫هذه النتائج أن ‪ % 99‬من التونسيين مجهزون بتلفاز و‪ % 88‬من‬ ‫التونسيين يشاهدون التلفزيون مرة واحدة في اليوم على األقل‪ .‬كما‬ ‫بينت النتائج أن ‪ % 92‬من التونسيين يمتلكون هاتفا جواال و‪% 86‬‬

‫‪65‬‬


‫من التونسيين يستخدمون الهاتف الجوال على األقل مرة واحدة في‬ ‫اليوم‪.‬‬ ‫كما بينت النتائج أن ‪ % 39‬من العائالت تمتلك حاسوبا مكتبيا‬ ‫و‪ % 34‬حاسوبا محموال‪ .‬وقد أظهرت نتائج هذا االستطالع أن‬ ‫التلفزيون يمثل الميديا األكثر استخداما للحصول على األخبار كما‬ ‫يُــ َبــــ ّيــــن هذا االستطالع أن قراءة الصحافة تراجعت بشكل كبير‪.‬‬ ‫وبشكل عام يمكن أن نقول إن التلفزيون هو الميديا األكثر أهمية‬ ‫بالنسبة للتونسيين‪.‬‬ ‫المؤطر عدد ‪:3‬‬ ‫نصائح للمتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشري‬ ‫للتعامل مع الصحافة والصحفيين أثناء الحوارات الصحفية‬ ‫أطلب معلومات عن الصحفي والمؤسسة التي يعمل بها وعن‬ ‫‪.1‬‬ ‫ْ‬ ‫خطها التحريري من خالل بحث في األنترنت وفي مواقع الشبكات‬ ‫االجتماعية‪.‬‬ ‫‪ .2‬أطلب معلومات عن االستخدام النهائي للحوار الصحفي‬ ‫وطريقة تعامل الصحفي مع المعلومات التي سيتحصل عليها من‬ ‫الحوار‪ .‬هل سينشر الصحفي الحوار كامال أم أنه سينشر مقتطفات‬ ‫في مقال‪.‬‬ ‫‪ .3‬أطلب من الصحفي إذا كان يقوم بتسجيل صوتي للحوار معك‪:‬‬ ‫فبعض الصحفيين يقومون بتسجيل الحوارات الصحفية دون‬ ‫إعالم المحاورين‪.‬‬ ‫‪ .4‬يمكن مد الصحفي بمعلومات غير مخصصة للنشر‪ .‬في‬ ‫هذه الحالة يجب الحصول على وعد صريح من الصحفي بأن هذه‬ ‫المعلومات هي خارج التسجيل وغير مخصصة للنشر‪.‬‬ ‫‪ .5‬أطلب معلومات من الصحفيين عن استخدام الصور التي‬ ‫يلتقطونها لك أو لتسجيالت الفيديو‪.‬‬ ‫‪ .6‬إذا كانت لديك شكوك حول نزاهة الصحفي ونواياه ال تقدم‬ ‫معطيات شخصية عن اسم العائلة‪ ،‬صور‪ ،‬تسجيالت فيديو‪ ،‬أسرار‬ ‫شخصية‪.‬‬ ‫‪66‬‬

‫‪ .7‬أطلب معلومات عن نشر المقال (تاريخ النشر) أو بث البرنامج‪.‬‬ ‫‪ .8‬بعد نشر المقال أو بث البرنامج‪ ،‬تأكد من دقة المعلومات التي‬ ‫أدليت بها‪....‬‬ ‫‪ .9‬إذا الحظت أن المعطيات التي أدليت بها سيتم تغييرها أو‬ ‫وضعها في سياق مختلف‪ ،‬في هذه الحالة يجب االتصال بالصحفي‬ ‫ومطالبته بتصحيح المعلومات أو طلب حق الرد المكفول بالقانون‬ ‫(المرسوم ‪ 115‬وكراسات شروط الهايكا)‪.‬‬ ‫‪ .10‬إذا كان الصحفي يرفض إدراج حق الرد أو التصحيح‪ ،‬في هذه‬ ‫الحالة يمكن رفع شكوى لمجلس الصحافة أو للهيئة العليا‬ ‫لالتصال السمعي البصري في مرحة أولى أو مقاضاته في مرحلة‬ ‫ثانية‪.‬‬

‫‪ .2.4‬آليات الشكوى ضد مضمون صحفي‪:‬‬ ‫يمكن للصحفيين أو منتجي المضامين أن يرتكبوا أخطاء أو‬ ‫خروقات لألخالقيات الصحفية أو المعايير التي وضعتها الهايكا في‬ ‫كراسات الشروط‪ .‬وفي هذه الحالة‪ ،‬فإنه يمكن للجمهور أن يقدم‬ ‫شكوى للهيئة العليا المستقلة لالتصال السمعي البصري إذا كان‬ ‫المضمون يتعلق بخرق لمعايير كراسات الشروط أو لمجلس‬ ‫الصحافة إذا كان هناك خرق لمبادئ صحفية تضمنتها مدونة األخالق‬ ‫لمهنة الصحافة‪ .‬ويكون ذلك بتعمير استمارة خاصة وضعـتـها‬ ‫الهايكا للغرض‪ .‬كما أن بعض المؤسسات وضعت آلية للشكوى‬ ‫على ذمة الجمهور على غرار مؤسسة موزاييك التي أنشأت وظيفة‬ ‫الموفق وكذلك األمر بالنسبة للتلفزيون العمومي‪.‬‬

‫‪67‬‬


‫المناعة‪ .‬كما يركز التقرير على الصعوبات التي تمنع الميديا من أن‬ ‫تقوم بدورها حيث يرى أن أهم صعوبة تواجهها الحكومات والجهات‬ ‫الممولة هو قياس تأثير الميديا على إحداث تغييرات في سياق يتسم‬ ‫بتراجع اهتمام هذه الميديا بفيروس نقص المناعة‪.‬‬ ‫ويقدم التقرير جملة من النصائح إلى الجمعيات التي تعمل في‬ ‫مجال الوقاية من فيروس نقص المناعة‪ .‬وهي كاآلتي‪:‬‬ ‫ التركيز على الوقائع‪ :‬فالمبادرات في مجال الميديا التي تعمل‬‫على التقليل من وصم حاملي فيروس نقص المناعة يجب أن تكون‬ ‫امتدادا لبحوث أنجزت في هذا المجال ويجب أن تستهدف جمهورا‬ ‫مخصوصا‪.‬‬ ‫ قياس التأثير‪ :‬إذ يتبين أن مضمونا ما تبثه الميديا قد برهن على‬‫تأثيره‪ .‬في هذه الحالة يجب أن يقع تعزيزه بموارد إضافية‪ ،‬خاصة إذا‬ ‫كانت هذه المضامين متصلة بالسياقات المحلية‪.‬‬ ‫ التركيز على «الفئات المفاتيح»‪ :‬يجب التركيز على «الفئات‬‫المفاتيح» في مستوى تمثيلها وظهورها في الميديا‪.‬‬ ‫ تشريك أصحاب القرار واستقطاب المؤثرين أو المشاهير‬‫في الميديا‪ :‬وذلك لدعم انخراطهم في جهود التوقي من فيروس‬ ‫نقص المناعة‪.‬‬ ‫‪ .3.4‬نصائح لتفادي وصم الفئات المفاتيح بواسطة االتصال‪:‬‬ ‫هذه النصائح قدمتها ‪ Sophie Chalk‬في الدليل «تحدي الميديا»‬ ‫(‪ )The media challenge‬الذي يهدف إلى إعطاء نبذة عن المبادرات‬ ‫التي تقوم بها الميديا التي تسعى إلى الحد من الوصم المتصل بحاملي‬ ‫فيروس نقص المناعة واستخالص الدروس والنصائح من التجارب‬ ‫الجيدة وغير الجيدة للمعالجة الصحفية لفيروس نقص المناعة‪.‬‬

‫‪68‬‬

‫ويؤكد التقرير انطالقا من التحليل والتقييم لعديد التجارب في‬ ‫مجال الميديا أن الوصم يمثل عائقا أساسيا أمام الوقاية والعالج‪.‬‬ ‫ويتمظهر هذا الوصم بأشكال مختلفة وخاصة من خالل الخوف‬ ‫الذي يمنع الناس من التقصي‪ .‬وتبين التجارب أن الصحافة والميديا‬ ‫تلعب دورا أساسيا في التصدي للوصم المتصل بفيروس نقص‬

‫ تعزيز التدريب والتكوين في مجال الوقاية من الفيروس‪:‬‬‫كما يحتاج الصحفيون للخروج من غرف األخبار واستكشاف عوالم‬ ‫المصابين بفيروس نقص المناعة للبحث عن مواضيع جديدة‬ ‫لتقاريرهم‪.‬‬ ‫ انتهاج أسلوب درامي في تمثيل القضايا المتصلة بفيروس‬‫نقص المناعة‪ :‬يضمن دفع الناس إلى االنخراط بشكل عاطفي‬ ‫ووجداني مما يؤدى إلى تغيير السلوكيات‪ .‬وفي هذا المجال يجب دعم‬ ‫إنتاج المسلسالت التلفزيونية واإلذاعية التي يمكن أن تعزز تغيير‬ ‫اتجاهات الرأي العام‪.‬‬ ‫ الرفع من جودة المضمون اإلخباري‪ :‬مما يسمح بإقامة عالقة‬‫تفاعلية مع الجمهور بفضل تجنب األسلوب المباشر والتعليمي‪.‬‬ ‫‪69‬‬


‫ تجسيد قضية فيروس نقص المناعة البشري في نماذج‬‫جيدة لحاملين لفيروس نقص المناعة المكتسبة‪ :‬من أجل‬ ‫تحويل الفيروس إلى مرض عادي‪.‬‬ ‫ يجب على منظمات المجتمع المدني أن تتعاون فيما بينها‪:‬‬‫وذلك من أجل الزيادة في تأثيرها وحتى ال تتنافس في إنتاج مضامين‬ ‫مماثلة‪ .‬وأن تنتهج مقاربات طويلة المدى تعمل على تغيير‬ ‫ضد المتعايشين مع الفيروس‪.‬‬ ‫المفاهيم إزاء الوصم والتمييز ّ‬ ‫ مقاربة على المدى البعيد‪ :‬إن كل المنظمات التي تعمل على‬‫تغيير االتجاهات إزاء الوصم المتصل بحاملي فيروس نقص المناعة‬ ‫يجب أن تنتهج مقاربات طولية المدى‪.‬‬ ‫‪ .5‬معايير التعامل مع الصحافة‬

‫‪ .1.5‬المعايير األخالقية‪:‬‬

‫عند التعامل مع الميديا ال بد من األخذ في االعتبار أن الصحافة‬ ‫(والصحفيين) يخضعون لمبادئ أخالقية ومهنية يجب احترامها‬ ‫ألنها أساسية وضرورية لمهنتهم ولبناء عالقة قائمة على الثقة‬ ‫واالحترام‪ .‬كما يأخذ االتصال مع الميديا المبادئ األخالقية المضمنة‬ ‫في مواثيق أخالقية‪ :‬ومنها ميثاق ميونيخ ‪ 1971‬وميثاق االتحاد الدولي‬ ‫للصحفيين وميثاق شرف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين‬ ‫إضافة إلى مدونة األخالقيات الصحفية التي وضعا مجلس الصحافة‪.‬‬ ‫والمبادئ األخالقية للصحافة هي المبادئ التي وضعها الصحفيون‬ ‫ألنفسهم والتي يمكن أن يحاسبهم الجمهور على احترامها‪ .‬ومن‬ ‫هذه المبادئ‪:‬‬ ‫ يحترم الصحفي الحياة الشخصية لألفراد ولكرامتهم‪.‬‬‫ يُعلم الناس الذين يتحصل على تصريحاتهم في إطار العمل‪ ،‬أن‬‫هذه التصريحات معدة للنشر‪.‬‬ ‫ ال يستخدم الصحفي حرية الصحافة لغايات شخصية‪.‬‬‫ ال يقبل الصحفي هدايا مقابل عمله أو لبث أو لحجب معلومة‪.‬‬‫‪70‬‬

‫‪ -‬ال يقبل الصحفي بحاالت (أو حالة) تضارب المصالح‪.‬‬

‫ ال يجمع الصحفي بين مهنة الصحافة وبين مهنة اإلعالن‬‫(العالقات العامة أو الدعاية)‪.‬‬ ‫ ال يقدم الصحفي التزامات من شأنها أن تهدد استقالليته‪.‬‬‫الص َيغ التي توافق عليها مع محدثيه على غرار عدم‬ ‫ لكنه يحترم ِّ‬‫ذكر المصدر أو عدم كشف الهوية على شرط أن تكون هذه الصيغ‬ ‫واضحة‪.‬‬ ‫االتصال والعالقات العامة يخضعان أيضا إلى مبادئ أخالقية أنظر‬ ‫ميثاق الجمعية األمريكية‪.‬‬ ‫العامة يحترمون‬ ‫ومن جهة أخرى فإن مسؤولي االتصال والعالقات‬ ‫ّ‬ ‫أيضا جملة من المبادئ مدونة هي أيضا في المواثيق األخالقية التي‬ ‫وضعتها جمعيات العالقات واالتصال ومنها‪:‬‬ ‫والدقة والحقيقة في التواصل مع الجمهور‪.‬‬ ‫ النزاهة ّ‬‫ الخبرة في االعتماد على المعرفة والتجربة والمعايير المهنية‪.‬‬‫يتحول التعامل مع الميديا إلى دعاية‪.‬‬ ‫ الحذر من أن‬‫ّ‬ ‫ الحرص على أال يصبح االتصال دعاية أو تالعب بالرأي العام‬‫وبالعقول بواسطة الكذب وتشويه الحقائق‪.‬‬ ‫‪ .2.5‬المعايير المهنية‬ ‫الدورية‪ :‬عند التعامل مع الصحافة‪ ،‬يجب أن نأخذ في االعتبار‬ ‫ ّ‬‫دورية الصحافة لنشر األخبار في وقتها‪ .‬فالصحافة اإللكترونية‪ :‬تعمل‬ ‫باستمرار على مدار اليوم تقريبا‪ .‬وإلبالغ الرأي العام بالمعلومات ذات‬ ‫األولوية من األحسن التعامل مع الصحافة اإللكترونية‪ .‬وبالنسبة إلى‬ ‫الصحافة المطبوعة فتقتضي دوريتها أن ترسل المواد إلى الصحيفة‬ ‫قبل نهاية الظهر ألن الصحيفة تصنع من كامل اليوم حتى الساعة‬ ‫الثانية ‪/‬الثالثة‪ .‬ودورية اإلذاعة مستمرة على مدار اليوم تقريبا وتبث‬ ‫فيها النشرات اإلخبارية على رأس الساعة‪ .‬أما في التلفزيون نشرات‬ ‫األخبار تبث في مواعيد مع ّيـنة‪.‬‬ ‫ والعالقات مع الميديا ال يجب أن تخضع إلى ّ‬‫الظــرفية‪:‬‬ ‫فالعالقات مع الميديا والصحافة يجب أن تكون إستراتيجية أي‬ ‫بتعبير آخر دائمة وقائمة على الثقة والتعاون واألخالقيات‪ .‬والـمك ّلف‬

‫‪71‬‬


‫بالعالقة مع الميديا يبني عالقات ثقة ومعرفة مع الصحفيين‬ ‫ويسعى إلى تكوين شبكة من الصحفيين المهتمين بالشأن الذي‬ ‫يخص المؤسسة عبر إرساء منظومة من األدوات األساسية إلدارة‬ ‫العالقات مع الميديا والصحافة‪.‬‬ ‫مكون من مكونات سياسة‬ ‫ العالقات مع الصحافة والميديا‬‫ّ‬ ‫اتصالية واسعة وشاملة‪( :‬أو إستراتيجية اتصالية)‪ .‬فالسياسة‬ ‫االتصالية يجب أن تكون طويلة المدى قائمة على أهداف واضحة كما‬ ‫أشرنا إلى ذلك في الجزء األول من هذا الدليل‬ ‫ قسم الصحافة هو الذي يهتم بالعالقات مع الصحافة‬‫ويتحدث باسم الجمعية أو المنظمة‪( :‬بترخيص من رئيس‬ ‫المنظمة)‪ .‬كما يقوم باإلدارة اليومية ألنشطة مكتب الصحافة‬ ‫والتخطيط وتنفيذ الحمالت االتصالية ومعالجة طلبات الصحفيين‬ ‫واإلعداد للحوارات مع الصحفيين وتقديم النصح ألعضاء المنظمة‬ ‫في كل ما يتعلق بظهورهم في الميديا والمشاركة في إعداد الخطب‬ ‫العامة (ندوات‪ ،‬مؤتمرات‪ )...‬وكتابة البيانات الصحفية وإدارة وتنظيم‬ ‫الزيارات الصحفية إللى جانب اإلشراف على المنشورات الموجهة إلى‬ ‫الصحافة‪.‬‬ ‫‪ .3.5‬أدوات العالقات مع الصحافة‪:‬‬ ‫ أ ّوال‪ :‬قاعدة المعلومات عن الصحفيين‪ :‬وتشمل الصحفيين‬‫الذين تتعاون معهم المنظمة أو الجمعية وتتضمن ملمحا خاصا‬ ‫يضم المعلومات الشخصية واالختصاص والعناوين‬ ‫بكل صحفي‬ ‫ّ‬ ‫الجغرافية واإللكترونية والمقاالت األخيرة المنشورة وموقع الصحفي‬ ‫في المؤسسة وتحيين دائم للمؤسسة التي ينتمي إليها الصحفي‪.‬‬ ‫· هذا إلى جانب بيانات صحفية حول القضايا التي تشتغل عليها‬ ‫المنظمة أو الجمعية‪ :‬وفيديوهات ومواد بصرية إحصاءات والتقارير‬ ‫الوثائقية وهي تقارير تفسيرية وتحليلية حول عدد من المسائل التي‬ ‫تتعلق بفيــــروس نقص المناعة من المواضيع التي تعمل عليها‬ ‫المنظمة أو مجال من مجاالت اختصاصها‪.‬‬ ‫‪72‬‬

‫المؤطر عدد ‪:4‬‬ ‫مؤشرات نجاح العالقات مع الصحافة‬ ‫البيان الصحفي‬ ‫ عدد الصحف والمواقع واإلذاعات والقنوات التلفزيونية التي نشرت‬‫البيان‪.‬‬ ‫ عدد الصحفيين الذين اتصلوا للحصول على معلومات إضافية‪.‬‬‫المؤتمر الصحفي‬ ‫ عدد الصحفيين الذين حضروا المؤتمر‬‫ األسئلة التي طرحها الصحفيون‬‫ التقارير الصحفية التي تناولت المؤتمر‬‫الحوار الصحفي‬ ‫ معالجة طريقة نشر الحوار الصحفي‪ :‬الحجم والمكان‬‫ التفاعل في الميديا االجتماعية مع الحوار‪ :‬اإلعجاب‪ ،‬المشاركة‪،‬‬‫التعليقات‪.‬‬

‫ ثانيا البيان الصحفي‬‫· البيان الصحفي ليس بيانا إلى الرأي العام بل هو مادة تتضمن‬ ‫معلومات موجهة إلى الصحفيين على وجه الخصوص لمعالجتها‬ ‫وتحويلها إلى أخبار‪ .‬والبيان الصحفي يجب أن يكتب في شكل خبر‬ ‫صحفي يتضمن المعلومات األساسية التي يجب أن تتوفر لكتابة خبر‬ ‫أو تقرير إخباري‪ .‬البيان الجيد يجيب عن األسئلة الست وهي المبدأ‬ ‫األساسي الذي يعتمده الصحفيون لكتابة األخبار من األشخاص ماذا‬ ‫(موضوع البيان) ومتى (تاريخ الحدث) وأين (المكان)وكيف (تفاصيل‬ ‫عن الحدث) ولماذا (تفاصيل عن أسباب وقوع الحدث)‪ ،‬فالبيان الجيد‬ ‫يتناول موضوعا واحدا ويكتب بطريقة تحث الصحفي على نشر البالغ‬ ‫أو للحضور إلى التظاهرة أو الحدث أو االتصال للحصول على معلومات‬ ‫إضافية‪.‬‬ ‫· أما شكال فالبيان الصحفي يمكن أن يتضمن معلومات عن تاريخ‬ ‫النشر كالنشر حاال أو إشارات عن تاريخ محدد للنشر‪ .‬كما يجب أن‬ ‫يكون العنوان إخباريا يتضمن خبرا أو معلومات واضحة‪ .‬ويتكون‬ ‫العنوان من مطلع يتضمن فقرة من سطرين أو ثالثة أسطر أو‬

‫‪73‬‬


‫الرسالة األساسية والقسم الرئيسي للمقال‪ :‬يتضمن التفاصيل‬ ‫الخاصة بالموضوع‪ ،‬كما يتضمن البيان الصحفي أيضا المعلومات‬ ‫التالية‪ :‬تاريخ البالغ واسم الجمعية والشعار ومعلومات إضافية‬ ‫تتعلق باألشخاص الذين يمكن أن يتواصل معهم الصحفي (أسماء‪،‬‬ ‫هواتف‪ ،‬بريد إلكتروني)‬ ‫· ويجب أن يكون البيان الصحفي مرفوقا بمواد يمكن أن يستند‬ ‫إليها الصحفي وروابط نحو مواد إخبارية أخرى ذات عالقة بالموضوع‬ ‫وصور عالية الجودة وفيديوهات عالية الجودة أو أية مواد أخرى يمكن‬ ‫أن يستفيد منها الصحفي مثال‪ :‬سيرة ذاتية أو وثائق إضافية‪.‬‬ ‫ ثالثــــــــا الملف الصحفي‪:‬‬‫يتكون الملف الصحفي من وثائق تقدم للصحفي قبل المؤتمر‬ ‫الصحفي‪ .‬على غرار بيان صحفي حول الندوة ‪ /‬المؤتمر ومعلومات عن‬ ‫المتحدثين ومعلومات عن المنظمة ومعلومات أخرى‪ :‬إحصاءات‬ ‫ووثائق تكميلية وصور وفيديوهات‪ .‬ويوضع كامل الملف الخاص‬ ‫بالندوة على موقع المنظمة للصحفيين الذين لم يحضروا المؤتمر‬ ‫الصحفي‪.‬‬

‫· التأكد من األحداث الموازية لموعد الندوة (ندوات أخرى‪ )....‬لضمان‬ ‫حضور الصحفيين‪.‬‬ ‫· إعداد بيان صحفي يكون مصحوبا بالدعوة ويتضمن كل‬ ‫المعلومات المتصلة بالمؤتمر الصحفي يكتب بطريقة تقنع‬ ‫المؤسسة (بإرسال صحفي) أو الصحفي بالحضور‪.‬‬ ‫· إعداد الملف الصحفي‪ :‬ملف يتضمن كل الوثائق األساسية التي‬ ‫يمكن مد الصحفيين بها‪ :‬تتحدد طبيعة هذه الوثائق بطبيعة‬ ‫موضوع المؤتمر الصحفي‪.‬‬ ‫· إعداد بيان صحفي يكون مصحوبا بالدعوة ويتضمن كل‬ ‫المعلومات المتصلة بالمؤتمر الصحفي يكتب بطريقة تقنع‬ ‫المؤسسة (بإرسال صحفي) أو الصحفي بالحضور‪.‬‬ ‫· إعداد الملف الصحفي‪ :‬ملف يتضمن كل الوثائق األساسية التي‬ ‫يمكن مد الصحفيين بها‪ :‬تتحدد طبيعة هذه الوثائق بطبيعة‬ ‫موضوع المؤتمر الصحفي‪.‬‬

‫ رابعـــا المؤتمر الصحفي‪:‬‬‫يجمع المؤتمر الصحفي الصحفيين فقط لتقديم معلومات عن‬ ‫حدث معين أو موضوع ما‪ .‬ويتم قبل المؤتمر تحديد الموضوع‪.‬‬ ‫والتساؤل هل يحتاج الموضوع فعال إلى عقد مؤتمر صحفي ألجــله‪،‬‬ ‫إذ ال يمكن أن تستدعي الصحفييـــن للحضور إلى مؤتمرات صحفية‬ ‫موضوعها ال يمثل أهمية بالنسبة إليهم ألن المؤتمر الصحفي‬ ‫يقتضي أن يعطل الصحفي أعماله وأن ينتقل إلى مكان المؤتمر بعد‬ ‫اعتبار الموضوع‪.‬‬ ‫لذلك يقتضي المؤتمر تحضير ما يلي‪:‬‬

‫‪74‬‬

‫· إعداد قائمة في المؤسسات الواجب دعوتها‪ .‬الدعوة تقع وفق‬ ‫خصائص الميديا واهتمامات الصحفيين بالموضوع‪ .‬توجيه الدعوات‬ ‫إلى رئيس التحرير ألنه هو المؤهل لتعيين الصحفي الذي يجب أن‬ ‫يحضر المؤتمر‪.‬‬

‫‪75‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪3‬‬

‫القسم الثالث‬

‫عناوين للصحفيين‬


‫عناوين‬ ‫للصحفيين‬

‫األستاذ عبد المجيد الزحاف‬

‫عميد سابق لكلية الطب بصفاقس أخصائي في األمراض الجرثومية ورئيس الجمعية‬ ‫التونسية لمكافحة األمراض المنقولة جنسيا بصفاقس ‪ATL MST Sida Sfax‬‬

‫الهاتف‪+216 74 403 133 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 74 40 48 66:‬‬

‫‪ .1‬عناوين مفيدة للصحفيين‪:‬‬ ‫األستاذ محمد شقرون‬ ‫رئيس قسم األمراض الجرثومية بمستشفى فطومة بورقيبة المنستير‬

‫الهاتف‪+216 73 106 028 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪chakrounm@outlook.com :‬‬ ‫‪chakrounme@gmail.com‬‬ ‫الدكتور محمد رضا كمون‬ ‫رئيس الجمعية التونسية لمكافحة األمراض المنقولة جنسيا بتونس‬ ‫‪ATL MST Sida Tunis‬‬

‫البريد اإللكتروني‪zahaf.abdelmajid@yahoo.fr :‬‬ ‫األستاذة حنان تويري بن عيسى‬

‫أستاذة بكلية الطب بتونس ورئيسة قسم األمراض الجرثومية بمستشفى الرابطة بتونس‬

‫الهاتف‪+216 71 57 88 25 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 57 49 18:‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪hanene.tiouiribenaissa@gmail.com :‬‬ ‫األستاذ وحيد الفرشيشي‬

‫أستاذ قانون عام بجامعة قرطاج‪ ،‬كلية العلوم القانونية‪ ،‬السياسية واالجتماعية‬ ‫رئيس الجمعية التونسية للدفاع عن الحريات الفردية ‪ADLI‬‬

‫البريد اإللكتروني‪mohamedridha.kamoun@gmail.com :‬‬

‫البريد اإللكتروني‪wahidferchichi2014@gmail.com :‬‬

‫األستاذ حبيب غديرة‬

‫األستاذة أمال اللطيف‬

‫رئيس مدير عام الديوان الوطني لألسرة والعمران البشري‬ ‫نهج الشيخ حطاب بوشناق المركز العمراني الشمالي‪ 1002 ،‬تونس‬

‫الهاتف‪(+216) 70 729 090 / 71 754 794 :‬‬ ‫الفاكس‪(+216) 70 728 855 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪pdg.onfp@gmail.com :‬‬ ‫الدكتورة فاطمة التميمي‬

‫إدارة الخدمات الصحية بالديوان الوطني لألسرة والعمران البشري )‪(ONFP‬‬

‫منسقة برنامج الصندوق العالمي لمكافحة اإليدز والسل والمالريا للديوان الديوان الوطني‬ ‫لألسرة والعمران البشري الوطني لألسرة المستفيد األساسي‬

‫البريد اإللكتروني‪fatma.temimi@yahoo.fr :‬‬

‫رئيسة قسم األمراض الجرثومية بمستشفى فرحات حشاد بسوسة‬

‫البريد اإللكتروني‪ameletaief@gmail.com :‬‬ ‫األستاذ منير بن جمعة‬ ‫رئيس قسم األمراض الجرثومية بمستشفى الهادي شاكر بصفاقس‬ ‫البريد اإللكتروني‪mounir.benjemaa61@gmail.com :‬‬ ‫بوكسولة‬ ‫السيدة هيام‬ ‫ّ‬ ‫أخصائية العلم النفسي السريري (علم اإلدمان)‬ ‫ّ‬ ‫البريد اإللكتروني‪h_boukassoula@yahoo.fr :‬‬ ‫األستاذة روضة لعبيدي‬

‫رئيسة الهيئة الوطنية لمكافحة اإل ّتجار باألشخاص في تونس‬ ‫‪ 5‬نهج ابن شرف حي الحدائق ‪ -‬البلفدير ‪1002‬‬

‫‪78‬‬

‫‪79‬‬


‫األستاذ لسعد لعبيدي‬

‫أستاذ بالمعهد الوطني للشغل والدراسات االجتماعية ‪INTES‬‬

‫وخبير في الهجرة‬

‫البريد اإللكتروني‪lassaadlabidi1964@yahoo.fr :‬‬ ‫األستاذ حسن بوبكري‬

‫أستاذ جغرافيا بجامعة سوسة ورئيس مركز تونس للهجرة وال ّلجوء‬

‫البريد اإللكتروني‪hassan.boubakri@gmail.com :‬‬ ‫صوة‬ ‫السيد لسعد ّ‬

‫رئيس مكتب األمم المتحدة لإليدز بتونس‬

‫الهاتف‪+216 71 155 636 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 155 634:‬‬ ‫موقع الواب‪www.unaids.org :‬‬ ‫السيد سنيم بن عبد اهلل‬

‫عالم اجتماع وأستاذ بمعهد الصحافة وعلوم اإلخبار‬

‫البريد اإللكتروني‪senimbenabdallah@yahoo.fr :‬‬ ‫األستاذة هيفاء زليلة‬

‫أستاذة طب النفس (علم اإلدمان)‬

‫البريد اإللكتروني‪hzalila@yahoo.fr :‬‬ ‫األستاذ شكري عرفة‬

‫خبير اقتصادي متخصص في تأثير وتحليل فيروس نقص المناعة البشرية على االقتصاد‬

‫البريد اإللكتروني‪chokri_arfa@yahoo.fr :‬‬ ‫الدكتور نبيل بن صالح‬

‫رئيس الجمعية التونسية لإلدمان‬

‫البريد اإللكتروني‪nabil.bensalah1952@gmail.com :‬‬ ‫الدكتور فوزي عبيد‬

‫رئيس قسم األوبئة باإلدارة الفرعية لتقسيم األنشطة الصحية األساسية ومنسق البرنامج‬ ‫الوطني لمكافحة اإليدز واألمراض المنقولة جنسيا‬

‫الدكتور ياسين الكلبوسي‬

‫مستشار في الصحة العمومية وأخصائي في حقوق اإلنسان‬

‫البريد اإللكتروني‪yassine.kalboussi@tuncph.org :‬‬ ‫‪kel.yassine@gmail.com‬‬ ‫األستاذ أمين سليم‬

‫رئيس قسم مخبر علم الفيروسات بمستشفى شارل نيكول ورئيس المرصد الوطني‬ ‫لمراقبة اإلنفلوانزا الموسمية‬

‫الهاتف‪+216 71 578 186 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪amislim@yahoo.com :‬‬

‫‪ .2‬عناوين لبعض المؤسسات حكومية‬ ‫وزارة الصحّ ة‬ ‫العنوان ‪ :‬باب سعدون ‪ 1006‬تونس‬

‫الهاتف‪+216 71 577 000 :‬‬

‫الفاكس‪+216 71 577 000:‬‬

‫البريد اإللكتروني‪msp@rns.tn :‬‬ ‫‪www.santetunisie.rns.tn‬‬

‫إدارة الرعاية الصحية األساسية ‪ -‬وزارة الصحة‬ ‫العنوان ‪ 31‬نهج خرطوم البلفدير ‪ 1002‬تونس‬

‫الهاتف‪+216 71 789 148 :‬‬

‫الفاكس‪+216 71 789 679:‬‬

‫موقع الواب‪www.santetunisie.rns.tn :‬‬ ‫الديوان الوطني لألسرة والعمران البشري‬ ‫)‪(ONFP‬‬ ‫العنوان نهج الشيخ حطاب بوشناق المركز العمراني الشمالي‪ 1002 ،‬تونس‬

‫الهاتف‪+216 71 789 148 / 70 729 090 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 789 679:‬‬

‫البريد اإللكتروني‪boc.onfp@rns.tn :‬‬

‫البريد اإللكتروني‪drfaouziabid@yahoo.fr :‬‬ ‫‪80‬‬

‫‪81‬‬


‫مركز المساعدة النفسية للنساء ضحايا العنف على أساس النوع‬ ‫العنوان ‪ 14‬نهج باكستان ‪ 2013‬بن عروس‬

‫الهاتف‪71 385 585 :‬‬

‫الفاكس‪71 385 585:‬‬

‫البريد اإللكتروني‪cap@onfp.tn :‬‬ ‫موقع الواب‪www.onfp.tn :‬‬

‫قسم األمراض الجرثومية بمراكز المستشفيات الجامعية‬ ‫قسم األمراض الجرثومية بالمستشفى الجامعي الرابطة بتونس‬ ‫العنوان نهج الجبل االخضر ‪ 1002‬تونس‬

‫الهاتف‪+216 71 578 825 :‬‬

‫الفاكس‪+216 71 574 918:‬‬ ‫قسم األمراض الجرثومية بالمستشفى الجامعي فطومة بورڤيبة المنستير‬ ‫العنوان شارع ‪ 1‬جوان ‪ 5019 - 1955‬المنستير‬

‫الهاتف‪+216 73 106 000 (poste 1639) :‬‬ ‫الفاكس‪+216 73 425 261:‬‬

‫قسم األمراض الجرثومية بالمستشفى الجامعي فرحات حشاد سوسة‬ ‫العنوان نهج ابن الجزار ‪ 4031‬الزهور سوسة تونس‬

‫الهاتف‪+216 73 211 183 / 73 102 516 :‬‬

‫الفاكس‪+216 73 211 183 / 73 226 702:‬‬ ‫قسم األمراض الجرثومية بالمستشفى الجامعي الهادي شاكر صفاقس‬ ‫العنوان طريق العين كم ‪ 0،5‬شارع مجيدة بوليلة ‪ 3029‬صفاقس ‪ -‬تونس‬

‫الهاتف‪+216 74 246 906 :‬‬

‫الفاكس‪+216 74 541 384:‬‬

‫‪ .3‬عناوين المنظمات غير الحكومية‬ ‫المنظمات غير الحكومية‬ ‫التنسيقية التونسية لمجابهة اآلفات الصحية‬ ‫برنامج الصندوق العالمي لمكافحة اإليدز والسل والمالريا‬ ‫العنوان ‪ 101‬شارع إفريقيا‪ ،‬المنزه ‪ 5‬أريانة ‪ 2091‬تونس‬

‫الهاتف‪+216 71 230 396 :‬‬

‫الفاكس‪+216 71 230 396:‬‬

‫البريد اإللكتروني‪ccm.tunisie@gmail.com :‬‬ ‫موقع الواب‪www.ccmtunisie.org.tn :‬‬

‫الجمعية التونسية للوقاية اإليجابية )‪(ATP+‬‬ ‫العنوان ‪ 9‬نهج ‪ ،7443‬فيال عدد ‪ 9‬المنار ‪ 1‬ـ ‪ 2092‬تونس‬

‫البريد اإللكتروني‪atppluscontact14@gmail.com :‬‬ ‫الجمعية التونسية لألمراض منقولة جنسيا والسيدا فرع تونس‬ ‫العنوان ‪ 8‬نهج هيفاء ـ ‪ 2037‬المنزه ‪8‬‬

‫الهاتف‪+216 70 866 587 :‬‬

‫الفاكس‪+216 70 866 588:‬‬

‫البريد اإللكتروني‪infosida@atlsida.org :‬‬ ‫موقع الواب‪www.atlsida.org :‬‬

‫الجمعية التونسية لألمراض منقولة جنسيا والسيدا المكتب الوطني بصفاقس‬ ‫العنوان شارع ‪ 5‬أوت نهج ‪ 19‬جويلية ‪ -3200 -‬صفاقس‬

‫الهاتف‪+216 74 203 500 :‬‬

‫البريد اإللكتروني‪contact@atlmstsida.com :‬‬ ‫موقع الواب‪www.atlmstsida.com :‬‬ ‫الهالل األحمر التونسي‬ ‫العنوان ‪ 19‬نهج إنجلترا ـ ‪ 1000‬تونس‬

‫الهاتف‪+216 71 325 572 / +216 71 320 630 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 320 151:‬‬

‫البريد اإللكتروني‪hilalahmar@planet.tn :‬‬

‫‪82‬‬

‫موقع الواب‪www.tunisianredcrescent.org :‬‬

‫‪83‬‬


‫الجمعية التونسية للصحة اإلنجابية‬ ‫العنوان ‪ 14‬نهج إبراهيم يبن عبد الرفيع ـ حي الخضراء ـ ‪ 1003‬تونس‬

‫المنظمات غير الحكومية‬ ‫جمعية موجودين للمساواة‬ ‫العنوان ‪ 67‬نهج أم كلثوم الطابق الثاني ‪ C -‬بلوك ‪ 1000‬تونس‬

‫الهاتف‪71 808 935 :‬‬

‫الهاتف‪+216 71 255 698 :‬‬

‫البريد اإللكتروني‪atsr@atsrtn.org :‬‬

‫موقع الواب‪ali.bousselmi@mawjoudin.org :‬‬

‫الفاكس‪71 808 953:‬‬

‫موقع الواب‪www.atsrtn.org :‬‬

‫الجمعية التونسية لإلرشاد والتوجيه حول السيدا واإلدمان‬ ‫العنوان ‪ 43‬نهج الهادي السعيدي ـ ‪ 1005‬تونس‬

‫الهاتف‪+216 71 957 544 :‬‬

‫الفاكس‪+216 71 957 51:‬‬

‫البريد اإللكتروني‪atiost.sida.toxicomanie@gmail.com :‬‬ ‫جمعية بيتي للنساء دون مأوى‬ ‫العنوان ‪ 5‬شارع خير الدين باشا ـ ‪ 1002‬تونس‬

‫الهاتف‪+216 71 906 692 :‬‬

‫البريد اإللكتروني‪beity.tunisie@gmail.com :‬‬ ‫جمعية ناس للوقاية المندمجة‬ ‫البريد اإللكتروني‪association.ness.pc@gmail.com :‬‬ ‫‪fetenbouhaha1@gmail.com‬‬

‫البريد اإللكتروني‪mawjoudin.tn@mawjoudin.org :‬‬ ‫أطباء العالم‬ ‫العنوان ‪ 9‬نهج امين العباسي‪ 1002 ،‬البلفدير تونس‬

‫البريد اإللكتروني‪contact.tunisie@medecinsdumonde.be :‬‬ ‫محامون بال حدود‬ ‫العنوان ‪ 6‬نهج أزمير نوتردام ‪ 1002‬تونس‬

‫موقع الواب‪www.asf.be :‬‬ ‫دار الحقوق والهجرة بتونس‬ ‫العنوان ‪ 17‬نهج خالد ابن الوليد ميتيال فيل ‪ 1002‬تونس‬

‫الهاتف‪(+216) 71 287 484 :‬‬

‫البريد اإللكتروني‪contact@maison-migrations.tn :‬‬ ‫برنامج األمم المتحدة المشترك لمكافحة السيدا‬ ‫العنوان ‪ 11‬نهج التنمية حي الخضراء ‪ 1003‬تونس‬

‫‪nadhem.o.oueslati@gmail.com‬‬

‫الهاتف‪+216 71 155 600 :‬‬

‫دمج الجمعية التونسية للعدالة والمساواة‬

‫الفاكس‪+216 71 155 634:‬‬

‫العنوان ‪ 6‬نهج محمد العڤربي ـ الجمهورية ‪ 1001‬تونس‬

‫البريد اإللكتروني‪damj.association@gmail.com :‬‬ ‫‪baaboubadr@yahoo.fr‬‬

‫موقع الواب‪www.damj.co :‬‬

‫الهاتف‪+216 71 155 636 / 637 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪benmamoum@unaids.org :‬‬

‫موقع الواب‪www.unictunis.org.tn/onusida.htm :‬‬ ‫موقع الواب‪www.unaids.org :‬‬

‫برنامج األمم المتحدة للتنمية‬ ‫العنوان ‪ 41‬مكرر شارع لويس براي زنقة لويس براي حي الخضراء ‪ 1003‬تونس‬

‫الهاتف‪+216 71 904 011 :‬‬

‫الفاكس‪+216 71 900 668:‬‬

‫‪84‬‬

‫البريد اإللكتروني‪registry.tn@undp.org :‬‬ ‫موقع الواب‪www.tn.undp.org :‬‬

‫‪85‬‬


‫منظمة الصحة العالمية‬ ‫العنوان نهج التنمية حي الخضراء ‪ 1003‬تونس‬

‫الهاتف‪+216 71 155 600 :‬‬

‫الفاكس‪+216 71 155 634:‬‬

‫البريد اإللكتروني‪wrtunisia@emro.who.int :‬‬ ‫صندوق األمم المتحدة للسكان‬ ‫العنوان ‪ 54‬شارع الطاهر بن عاشور ميتيال فيل ‪ 1002‬تونس‬

‫الهاتف‪+216 71 282 383 / 71 282 384 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 282 386:‬‬

‫البريد اإللكتروني‪boughzene@unfpa.org :‬‬ ‫موقع الواب‪tunisie-unfpa.org :‬‬

‫‪86‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪3‬‬

‫مـــــــــالحق‬ ‫ ما يجب أن يعرفه الصحفي عن فيروس نقص المناعة‬‫ ميثاق شرف نقابة الصحفيين التونسيين‬‫ ميثاق التغطية اإلعالمية الج ّيدة لقضايا اللجوء‬‫والهجرة المختلطة في سياق األزمات ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫تفشي فيروس كوفيد ‪ 19‬في تونس‬ ‫أزمة‬


‫مـــــــــالحق‬

‫كم تستغرق الفترة الفاصلة بين انتقال الفيروس إلى الشخص‬ ‫وإصابته بالمرض؟‬

‫ما يجب أن يعرفه الصحفي‬ ‫عن فيروس نقص المناعة‬

‫)‪(20‬‬

‫ما هو فيروس نقص المناعة البشري؟‬ ‫يصيب فيروس نقص المناعة البشري خاليا الجهاز المناعي المسماة‬ ‫خاليا عنقود التمايز ‪ 4‬التي تساعد الجسم على التصدي للعدوى‪ .‬ويتناسخ‬ ‫الفيروس داخل هذه الخاليا فيصيبها بالضرر ويدمرها‪ .‬وفي غياب العالج‬ ‫الفعال باستخدام األدوية المضادة للفيروسات القهقرية‪ ،‬يصبح الجهاز‬ ‫ّ‬ ‫المناعي ضعيف ًا إلى الحد الذي يجعله عاجزا ً عن محاربة انتقال الفيروس‬ ‫والمرض مما يؤدي للوفاة‪.‬‬ ‫هل تختلف السيدا عن فيروس نقص المناعة البشري؟‬

‫متالزمة نقص المناعة البشري المكتسب (السيــدا) مصطلح يشير إلى‬ ‫المراحل القصوى للعدوى بالفيروس‪ .‬وتُعرف تلك المراحل بظهور أمراض‬ ‫سرطانية وحاالت من األمراض االنتهازية المهددة للحياة‪ .‬وتطلق عليها‬ ‫صفة “االنتهازية» ألنها تنتـهـز ضعف النظام المناعي لتصيب الجســم‪.‬‬ ‫وكانت السيدا من السمات المحددة للسنوات األولى لوباء فيروس نقص‬ ‫ّ‬ ‫يتوفــر العالج المضاد للفيروسات القهقرية‪ .‬واآلن‬ ‫المناعة البشري‪ ،‬قبل أن‬ ‫ً‬ ‫وقد أصبح هذا العالج متاحا لعدد أكبر من الناس‪ ،‬ال تتقدم مراحل المرض‬ ‫لدى معظم األشخاص المتعايشين مع الفيروس لتصل إلى إصابتهم‬ ‫بمرض السيــدا‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإن احتماالت اإلصابة به تزداد لدى األشخاص‬ ‫المصابين بالفيروس الذين لم يخضعوا لالختبار‪ ،‬واألشخاص الذين لم‬ ‫تُ ّ‬ ‫شخص حالتهم إال في مرحلة متأخرة من العدوى‪ ،‬واألشخاص الذين ال‬ ‫يتعاطون العالج المضاد للفيروسات القهقرية‪.‬‬ ‫‪90‬‬

‫‪ 20‬املصدر‪ :‬منظمة الصحة العاملية ‪www.who.int/features/qa/71/ar‬‬

‫قد تظهر عالمات االعتالل المتعلق بفيروس نقص المناعة البشري‬ ‫على األشخاص المتعايشين مع الفيروس الذين ال يتلقون العالج المضاد‬ ‫للفيروسات القهقرية في غضون ‪ 10 - 5‬سنوات‪ ،‬وقد تقل الفترة عن ذلك‪.‬‬ ‫وعادة ما تمتد الفترة الفاصلة بين انتقال الفيروس وتشخيص السيدا من‬ ‫‪ 10‬سنوات إلى ‪ 15‬سنة‪ ،‬ولكنها قد تزيد على ذلك‪.‬‬ ‫كيف ينتقل فيروس نقص المناعة البشري؟‬

‫يوجد الفيروس في بعض سوائل جسم األشخاص المتعايشين معه بما‬ ‫والسـائل المنــوي والسوائل المهبلية والسوائل الشرجية‬ ‫في ذلك الدم‬ ‫ّ‬ ‫ولبن األم‪ .‬ويمكن للفيروس أن ينتقل عن طريق األفعال التالية‪:‬‬ ‫· ممارسة الجنس بالولوج في المهبل أو الشرج دون حماية‪ ،‬وفي‬ ‫أحيان نادرة ممارسة الجنس الفموي مع أحد األشخاص المتعايشين مع‬ ‫الفيروس؛‬ ‫· عمليات نقل الدم الملوث (حدث هذا في بداية الجائحة‪ ،‬أما اليوم‬ ‫فعمليات نقل الدم كلها سليمة)؛‬ ‫· تبادل استخدام اإلبر بن مستعـملي المخدرات المحقونة‪ ،‬وسائر األدوات‬ ‫الحادة؛‬ ‫· ومن األم المتعايشة مع الفيروس إلى رضيعها أثناء الحمل أو الوالدة أو‬ ‫الرضاعة؛‬ ‫وإذا كان الشخص المتعايش مع الفيروس يتعاطى مضادات الفيروسات‬ ‫الفعال للفيروس داخل الجسم‪ ،‬تتراجع فرص‬ ‫القهقرية التي تؤدي إلى الكبت ّ‬ ‫انتقاله إلى شخص آخر بقدر كبير‪.‬‏‬ ‫كيف ُتعالج انتقال فيروس نقص المناعة البشري؟‬

‫ال يمكن الشفاء من عدوى فيروس نقص المناعة البشري‪ ،‬ولكن يمكن‬ ‫عالجه باستخدام األدوية المضادة للفيروسات القهقرية التي تعمل على‬ ‫وقف استنســاخ الفيروسات‪ .‬ويمكن للعالج أن يؤدي إلى تدني مستويات‬ ‫الفيروس في الجسم بحيث يمكن للجهاز المناعي أن يعمل بشكل‬

‫‪91‬‬


‫طبيعي‪ ،‬فيتمتع الشخص المتعايش مع الفيروس بصحة جيدة‪ ،‬على أن‬ ‫فعا ًال‪ .‬كما تقل احتماالت انتقال الفيروس‬ ‫يلتزم بالعالج وأن يظل العالج ّ‬ ‫من األشخاص المتعايشين مع الفيروس إلى اآلخرين عندما يكون العالج‬ ‫ناجع ًا‪.‬‬ ‫ما معنى «ال يمكن الكشف عنه»؟‬

‫تشير الب ّينات المستمدة من عدة دراسات إلى أن األشخاص المتعايشين‬ ‫مع فيروس نقص المناعة البشري الذين ال يمكن الكشف عن وجوده‬ ‫لديهم‪ ،‬ال يمكنهم نقل الفيروس إلى اآلخرين‪ .‬ويتعذر الكشف عن‬ ‫الفيروس لدى الشخص عندما ينخفض الحمل الفيروسي في جسمه إلى‬ ‫مستويات متد ّنــية ال يمكن الكشف عنها باستخدام اختبارات الحمل‬ ‫الفيروسي العادية‪ .‬وينبغي أن يُجرى رصد الحمل الفيروسي وتأكيد وجود‬ ‫الحمل الفيروسي الذي ال يمكن الكشف عنه على يد أحد المتخصصين في‬ ‫الرعاية الصحية‪ ،‬كجزء من الرعاية الطبية الروتينية لألشخاص المصابين‬ ‫بالفيروس‪ .‬وفي العديد من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل‪ ،‬ال تتاح‬ ‫اختبارات الحمل الفيروسي على نحو مستمر أو روتيني‪ ،‬ولذا فإن العديد من‬ ‫األشخاص ال يستفيدون من معرفة أنهم حققوا ذلك‪ .‬ومع ذلك فيمكن‬ ‫لهؤالء األشخاص أن يطمئنوا إلى أن مخاطر انتقال الفيروس إلى اآلخرين‬ ‫قد تراجعت بقدر كبير عندما يلتزمون بالعالج‪ ،‬وعندما يبدءون العالج دون‬ ‫تأخير‪.‬‬

‫ما هي االعتالالت التي قد تصيب المتعايشين مع فيروس نقص‬ ‫المناعة البشري؟‬

‫يسمح العالج المضاد للفيروسات القهقرية للمتعايشين مع الفيروس‬ ‫بأن يعيشوا حياة طويلة وأن يتمتعوا بالصحة بضمان الحفاظ على‬ ‫صحة جهازهم المناعي‪ .‬ولكن في بعض األماكن‪ ،‬ال يخضع العديد من‬ ‫المتعايشين مع الفيروس للتشخيص أو العالج‪ ،‬أو ال يتعاطون العالج على‬ ‫نحو مستمر‪ ،‬فيؤدي ذلك إلى تقدم المرض وتعكر حالتهم الصحية‪.‬‬

‫‪92‬‬

‫ّ‬ ‫السل السبب األول للوفاة بين المتعايشين مع الفيروس في‬ ‫ويشكل‬ ‫أفريقيا‪ ،‬وأحد األسباب الرئيسية للوفاة بين هؤالء األشخاص في شتى‬ ‫أنحاء العالم‪ .‬ومن شأن الفحص الروتيني لتحري أعراض السل وبدء العالج‬ ‫المضاد للفيروسات القهقرية مبكرا ً أن يحسن بدرجة كبيرة من األوضاع‬

‫الصحية لدى المتعايشين مع الفيروس‪ .‬وتشمل حاالت العدوى األخرى‬ ‫الشائعة والمصاحبة لفيروس نقص المناعة البشري التهاب الكبد «ب»‬ ‫والتهاب الكبد «ج» في بعض المجموعات السكانية‪.‬‬ ‫وقد تؤدي العدوى بالفيروس إلى طيف من المشكالت الصحية‪ .‬ومع‬ ‫السن واستطالة أعمارهم‪ ،‬تصبح‬ ‫تقدم المتعايشين مع الفيروس في‬ ‫ّ‬ ‫االعتالالت التي ال تدل على اإلصابة بالسيدا أكثر شيوع ًا‪ .‬وتشمل هذه‬ ‫االعتالالت أمراض القلب والسرطان وداء السكري‪.‬‬ ‫كيف يمكن الخضوع الختبار الكشف عن فيروس نقص المناعة‬ ‫البشري؟‬

‫يُعد اختبار الكشف عن فيروس نقص المناعة البشري السبيل الوحيد‬ ‫لمعرفة إذا كان الشخص مصاب ًا به أم ال‪ .‬ويمكن تشخيص الفيروس عن‬ ‫طريق اختبارات التشخيص السريعة التي تظهر نتائجها في غضون دقائق‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فال يمكن اعتبار هذه النتائج تشخيص ًا تام ًا إال بعد تأكيدها من‬ ‫ِقبل أحد المخابر المختصة في المجال‪.‬‬ ‫وتوصي المنظمة بإتاحة اختبارات الكشف عن فيروس نقص المناعة‬ ‫البشري في جميع المرافق الصحية وفي البيئات المجتمعية الرئيسية وفي‬ ‫المنازل عن طريق االختبار الذاتي‪.‬‬ ‫ويعود إدراك الشخص أنه حامل للفيروس بفائدتين مهمتين‪ ،‬أال وهما‪:‬‬ ‫· إذا علمت أ ّنك حامل للفيروس يمكنك اتــخاذ الخطوات الالزمة قبل‬ ‫ظهور األعراض للحصول على خدمات العالج والرعاية والدعم‪ ،‬واحتمال‬ ‫إطالة عمرك لعدة سنوات أخرى في نهاية المطاف‪.‬‬ ‫· إذا علمت أ ّنك مصاب بعدوى الفيروس يمكنك اتخاذ االحتياطات‬ ‫الالزمة لتج ّنب نقله إلى أشخاص آخرين‪.‬‬ ‫وتوصي المنظمة بإتاحة اختبارات الكشف عن الفيروس في جميع‬ ‫المرافق الصحية في البيئات المجتمعية الرئيسية وفي المنازل عن طريق‬ ‫االختبار الذاتي‪.‬‬

‫‪93‬‬


‫من هم األشخاص األشد تعرض ًا لفيروس نقص المناعة‬ ‫البشري؟‬ ‫تشمل مسارات انتقال الفيروس الرئيسية العالقات الجنسية غير‬ ‫المأمونة في ظل عدم استخدام العوازل‪ ،‬وعمليات نقل الدم أو منتجات‬ ‫الدم األخرى الملوثة بالفيروس‪ ،‬وتبادل استخدام اإلبر وسائر أدوات الحقن‪،‬‬ ‫والتعرض للفيروس عن طريق المعدات الجراحية وسائر معدات ثقب‬ ‫الجلد الملوثة‪ ،‬واالنتقال العمودي للفيروس من األمهات إلى أطفالهن‪.‬‬ ‫ويمكن الوقاية التامة من فيروس العوز المناعي البشري حيث توجد‬ ‫تدخالت مختلفة لوقف سريانه‪.‬‬ ‫ومع ذلك‪ ،‬فال يحصل العديد من األشخاص على المعلومات والمهارات‬ ‫الالزمة للوقاية منه‪ .‬وفي بعض األحيان‪ ،‬تحول العقبات القانونية واالجتماعية‬ ‫الكبيرة دون إمكانية حصول األشخاص على الخدمات والتدابير الفعالة‪.‬‬ ‫وهناك مجموعات سكانية أشد تعرض ًا للعدوى بالفيروس‪ ،‬وتشمل الرجال‬ ‫الذين يمارسون الجنس مع الرجال‪ ،‬واألشخاص الذين يتعاطون المخدرات‬ ‫المحقونة ضمن مجموعات‪ ،‬ونزالء السجون وسائر األماكن المغلقة‪،‬‬ ‫والعاملين في مجال الجنس وزبائنهم‪ ،‬والمتحولين جنسي ًا‪ .‬ويُشار إلى‬ ‫هذه المجموعات السكانية بمسمى «الفئات المفاتيح»‪ ،‬وكثيرا ً ما تكون‬ ‫مهمشة في المجتمعات المحلية وتواجه عقبات كبرى في الحصول على‬ ‫خدمات الوقاية والعالج وسائر الخدمات الصحية المتعلقة بالفيروس‪.‬‬

‫كيف يمكن الوقاية من انتقال فيروس نقص المناعة البشري‬ ‫جنسي ًا؟‬

‫ينتقل فيروس نقص المناعة البشري في المقام األول على الصعيد‬ ‫العالمي عن طريق ممارسة الجنس بالولوج في المهبل أو الشرج دون‬ ‫وصى باستخدام‬ ‫حماية‪ .‬ويمكن استخدام عدة أساليب للوقاية من ذلك‪ .‬ويُ َ‬ ‫الفعالة‪ ،‬تتضمن ما يلي‪:‬‬ ‫توليفة من التدخالت الوقائية ّ‬ ‫· استخدام العوازل الذكرية و‪ /‬أو األنثوية على نحو مستمر وصحيح؛‬ ‫· وتعاطي األشخاص غير المصابين بالفيروس للعالج الوقائي قبل‬ ‫التعرض للفيروس للوقاية من انتقاله؛‬ ‫‪94‬‬

‫· وتعاطي األشخاص المتعايشين مع الفيروس للعالج المضاد‬ ‫للفيروسات القهقرية لخفض الحمل الفيروسي إلى مستويات ال يمكن‬

‫الكشف عنها‪ ،‬ليكونوا غير قادرين على نقل الفيروس إلى عشرائهم؛‬ ‫· إدراك الشخص لحالته فيما يتعلق بالفيروس لتعزيز السلوكيات‬ ‫الجنسية التي تنطوي على قدر أقل من المخاطر‪.‬‬ ‫األم إلى الجنين؟‬ ‫كيف يمكن الوقاية من انتقال الفيروس من‬ ‫ّ‬

‫يمكن انتقال فيروس نقص المناعة البشري من األم إلى الطفل أثناء‬ ‫الحمل أو الوالدة أو الرضاعة‪ .‬ولكن هذا االنتقال العمودي يمكن منعه‬ ‫الفعالة‪ ،‬بما في ذلك استعمال األم للعالج المضاد‬ ‫عن طريق التدخالت‬ ‫ّ‬ ‫للفيروسات القهقرية وإخضاع الرضيع لدورة قصيرة من األدوية المضادة‬ ‫الفعالة األخرى اتخاذ التدابير لمنع‬ ‫للفيروسات القهقرية‪ .‬وتشمل التدخالت ّ‬ ‫اكتساب النساء الحوامل للفيروس‪ ،‬ومنع الحمل غير المرغوب فيه لدى‬ ‫النساء المصابات بالفيروس‪ ،‬وا ّتباع ممارسات الرضاعة المالئمة (غير‬ ‫طبيع ّية)‪ .‬وينبغي دمج خدمات اختبار العدوى بالفيروس في خدمات صحة‬ ‫األمهات واألطفال‪ ،‬حتى يمكن للنساء المعرضات لمخاطر الفيروس‬ ‫أن يخضعن لالختبار‪ .‬وينبغي للنساء الحوامل واألمهات التي ُ‬ ‫شخصت‬ ‫إصابتهن بالفيروس أن يخضعن للعالج المضاد للفيروسات القهقرية‬ ‫في أقرب وقت ممكن‪ ،‬حتى يتخلوا أجسام أطفالهن من الفيروس عند‬ ‫الــوالدة‪.‬‬ ‫ما معنى العالج الوقائي قبل التعرض لإلصابة بالفيروس؟‬

‫العالج الوقائي قبل التعرض هو دورة عالجية باألدوية المضادة للفيروسات‬ ‫القهقرية يمكن لألشخاص غير المصابين بالفيروس أن يخضعوا لها‬ ‫لوقايتهم من اكتساب الفيروس‪ .‬وعندما يؤخذ هذا العالج على النحو الذي‬ ‫ــوصى به‪ ،‬يمكنه أن يقضي على أي احتمال الكتساب الفيروس‪ .‬ويوصى‬ ‫يُ َ‬ ‫بالعالج الوقائي السابق للتعرض للمجموعات السكانية األشد تعرضاً‬ ‫لمخاطر حمل الفيروس‪ .‬وقد تشمل هذه المجموعات الرجال الذين‬ ‫يمارسون الجنس مع الرجال‪ ،‬والعامالت في مجال الجنس‪ ،‬واألشخاص‬ ‫الذين يتعاطون المخدرات الـمحقونة‪ ،‬والنساء الشابات في جنوب أفريقيا‪.‬‬ ‫هل هناك عالج لفيروس نقص المناعة البشري؟‬ ‫كال‪ ،‬ال يوجد حالي ًا عالج نــهائي لفيروس نقص المناعة البشري‪ .‬ومع‬ ‫ذلك فإن االلتزام الجيد والمستمر بالعالج المضاد للفيروسات القهقرية‪،‬‬ ‫يُ ِّ‬ ‫مكن من احتواء العدوى بالفيروس ومن إخضاعه للتدبير العالجي بوصفه‬

‫‪95‬‬


‫حالة صحية مزمنة‪ .‬وفي جميع أنحاء العالم‪ ،‬يظل اآلن المتعايشون مع‬ ‫الفيروس والملتزمون بالعالج على قيد الحياة ويتقدمون في العمر‪.‬‬

‫ما هي أنواع خدمات الرعاية األخرى التي يحتاج إليها المتعايشون‬ ‫مع فيروس نقص المناعة البشري؟‬

‫ في حين أن العالج المضاد للفيروسات القهقرية يساعد على احتفاظ‬‫الجهاز المناعي بقوته‪ ،‬فإن المتعايشين مع الفيروس يمكنهم االستفادة‬ ‫من الدعم النفسي االجتماعي لضمان حقهم في «حياة جيدة» رغم‬ ‫إصابتهم بالفيروس‪ .‬ويمكن أن يخضع الفيروس للتدبير العالجي‪ ،‬ولكنه‬ ‫اعتالل مزمن يستمر طوال الحياة‪ ،‬وقد يحتاج األشخاص إلى تلقي دعم‬ ‫بشأن صحتهم النفسية والتغيرات التي تطرأ على أسلوب حياتهم‪ ،‬لدعم‬ ‫أن إتاحة التغذية الج ّيدة والمياه‬ ‫تمتعهم بالصحة طوال الحياة‪ .‬كما ّ‬ ‫ً‬ ‫المأمونة والنظافة األساسية من شأنها أيضا أن تساعد المتعايشين مع‬ ‫الفيروس على الحفاظ على نوعية حياة جيدة‪ .‬ومثلهم مثل بقية أفراد‬ ‫المجتمع‪ ،‬قد يتعرضون لطيف واسع من الحاالت المرض ّية األخرى التي‬ ‫تحتاج إلى العالج والرعاية‪.‬‬

‫ميثــــــــــــاق شــــــرف نقــــــابــــــة‬ ‫الصحفييـــن ال ّتــــــــونســييـــــن‬ ‫الصحفي بالسعي إلى الحقيقة وبالعمل على إبالغها إلى الرأي‬ ‫‪.1‬‬ ‫ُ‬ ‫يلتزم ُ‬ ‫العام في إطار حقه في النفاذ إلى المعلومة‪.‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫الصحفي بالدفاع عن ُحرية الصحافة وال يقبل المهام التي ال‬ ‫ُ‬ ‫يلتزم ُ‬ ‫تتالءم مع ضوابط المهنة وأخالقياتها‪.‬‬ ‫‪.3‬‬ ‫يمتنع الصحفي عن إمضاء وإنتاج أعمال صحفية ذات محتوى أو طابع‬ ‫ُ‬ ‫يمتنع عن صناعة مضامين إشهارية‬ ‫إشهاري دون التنصيص على ذلك كما‬ ‫ُ‬ ‫في صيغة أخبار‪.‬‬

‫ُ‬ ‫المهمة اإلعالمية‪.‬‬ ‫‪ .4‬ال‬ ‫يقبل ُ‬ ‫الصحفي هدايا أو امتيازات خاصة ُمقابل أداء ُ‬ ‫ُ‬ ‫الصحفي استعمال صفته أو مسؤوليته لخدمة أغراض‬ ‫‪.5‬‬ ‫يرفض ُ‬ ‫شخصية‪.‬‬ ‫‪.6‬‬ ‫ينسب الصحفي المقتطفات التي يستدل بها إلى أصحابها ويمتنع عن‬ ‫ُ‬ ‫انتحال كتابات اآلخرين‪.‬‬

‫‪ .7‬يمتنع الصحفي عن ذكر أي عنوان أو صفة أو خبر وهمي‪.‬‬ ‫المختلفين‬ ‫‪ .8‬يحترم الصحفي آراء زمالئه وال يلجأ إلى ثلبهم ويتعامل مع ُ‬ ‫معه في الرأي بروح من التسامح وينسحب ذلك على صفحات التواصل‬ ‫االجتماعي‪.‬‬ ‫‪.9‬‬ ‫ب في مشاكل‬ ‫يمتنع الصحفي عن الممارسات التي من شأنها أن تتس ّب َ‬ ‫ُ‬ ‫مهنية لزمالئه أو تكون سببا في حرمانهم من ممارسة العمل الصحفي‪.‬‬ ‫‪.10‬‬ ‫يلتزم الصحفي بالعمل من أجل تحقيق تضامن فعلي بين أصحاب‬ ‫ُ‬ ‫المهنة وعليه أال يسعى إلى االستيالء على منصب زميله أو قبوله العمل‬ ‫في ظروف أسوأ وبأجر أدنى‪.‬‬

‫ُ‬ ‫‪.11‬‬ ‫ويرفض‬ ‫يلتزم الصحفي بكل ما نشر تحت إمضائه وبموافقته التامة‬ ‫ُ‬ ‫تب ّني أو توقيع األعمال الصحفية الجاهزة‪.‬‬ ‫‪96‬‬

‫ُ‬ ‫‪.12‬‬ ‫الصحفي كل تشويه أو تحريف جزئي أو ك ّلي ألفكاره وأعماله‬ ‫يرفض ُ‬ ‫الصحفية‪.‬‬ ‫ُ‬

‫‪97‬‬


‫يحترم الصحفي الس ّر المهني ويرفض اإلدالء بمصادر معلوماته‪.‬‬ ‫‪.13‬‬ ‫ُ‬ ‫يلتزم الصحفي بالدفاع عن قيم المساواة بين الجنسين وبعدم‬ ‫‪.14‬‬ ‫ُ‬ ‫التمييز وبالدفاع عن الحريات الفردية والعامة‪.‬‬

‫الجيدة‬ ‫ميثاق التغطية اإلعالمية‬ ‫ّ‬ ‫لقضايا اللجوء والهجرة المختلطة في سياق األزمات‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫تفشي فيروس كوفيد ‪ 19‬في تونس‬ ‫أزمة‬ ‫تونس‪ 08 ،‬و‪ 09‬ماي ‪2020‬‬ ‫الديباجة‪:‬‬ ‫نحن الموقعون‪ :‬المؤسسات اإلعالمية والصحفيين ومنتجي المضامين‬ ‫اإلعالمية وممثلي الهيئات التنظيمية الصحفية‪.‬‬ ‫وإذ نضع في اعتبارنا المرجعيات القانونية واألخالقية والتحريرية التي ّ‬ ‫تنظم‬ ‫الصحافة واإلعالم‪ ،‬على غرار الدستور والقوانين والمراسيم أو النصوص‬ ‫ّ‬ ‫الترتيبية األخرى وخاصة ما ورد في المرسوم ‪ 116‬من مبادئ ممارسة‬ ‫الحقوق والحريات المتصلة بحرية االتصال ومنها خاصة احترام المعاهدات‬ ‫والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان والحريات العامة‪ ،‬وحرية‬ ‫التعبير‪ ،‬والمساواة والتعددية في التعبير عن األفكار واآلراء والموضوعية‬ ‫والشفافية التي تخضع بدورها إلى ضوابط على غرار احترام كرامة اإلنسان‬ ‫والحياة الخاصة واحترام حرية المعتقد وحماية الطفولة‪ ،‬حماية األمن‬ ‫الوطني والنظام العام والصحة العامة‪.‬‬ ‫وإذ نؤكد ونجدد التزامنا بمدونة السلوك المهني الخاصة بالتعاطي‬ ‫اإلعالمي مع قضايا اللجوء والهجرة في تونس والتي تم إطالقها يوم ‪01‬‬ ‫مارس ‪ 2016‬بالتعاون بين المعهد العربي لحقوق اإلنسان والمفوضية‬ ‫السامية لألمم المتحدة لشؤون الالجئين بتونس والنقابة الوطنية‬ ‫للصحفيين التونسيين‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫نذكر بمختلف المواثيق التحريرية التي وضعتها العديد من‬ ‫وإذ‬ ‫المؤسسات اإلعالمية العمومية والخاصة والمبادئ الواردة في مشروع‬ ‫المدونة التحريرية لمجلس الصحافة‪.‬‬

‫‪98‬‬

‫وإذ ندرك ضرورة التزام الصحفيين بالمبادئ التي وردت في ميثاقهم‬ ‫وخاصة منها المتصلة بالسعي «إلى الحقيقة وبالعمل على إبالغها إلى الرأي‬ ‫العام في إطار حقه في النفاذ إلى المعلومة واالمتناع «عن ذكر أي عنوان أو‬ ‫صفة أو خبر وهمي»‪.‬‬

‫‪99‬‬


‫وإذ ندرك أن فيروس كورونا كوفيد ‪ 19‬هو وباء عالمي له عواقب صحية‬ ‫وإنسانية واجتماعية واقتصادية عميقة خاصة على الفئات األكثر ضعفا‬ ‫ومنها الالجئين والمهاجرين‪.‬‬ ‫واقتناعا م ّنا بأن التعاطي اإلعالمي المهني الجيد مع قضايا اللجوء‬ ‫والهجرة أمر ضروري لتنفيذ استجابة فعالة لتخفيف أثر وباء‪.‬‬ ‫كوفيد ‪19‬‬

‫وإذ ندرك دورنا الخاص في تعزيز ثقافة ديمقراطية تقوم على عدم الوصم‬ ‫وعدم التمييز واحترام الكرامة اإلنسانية من خالل تقديم معلومات نزيهة‬ ‫وتعددية وصادقة ومسؤولة؛‬ ‫فقد قررنا بحرية االمتثال ألحكام ميثاق التغطية اإلعالمية الج ّيدة لقضايا‬ ‫اللجوء والهجرة المختلطة في سياق األزمات (أزمة ّ‬ ‫تفشي فيروس كوفيد‬ ‫‪ 19‬في تونس) هذا‪ ،‬ونحن ملتزمون بتعزيز تنفيذه‪.‬‬

‫الصحفي في التعاطي مع قضايا اللجوء‬ ‫المادة ‪ :1‬أخالقيات العمل ّ‬ ‫والهجرة المختلطة في سياق األزمات‬ ‫إن قواعد األخالقيات المنطبقة على الصحفيين ومنتجي المضامين‬ ‫اإلعالمية‪ ،‬بما في ذلك قواعد الموضوعية واالستقاللية والمسؤولية‬ ‫والصدق والنزاهة والتحقق من المعلومات والتحقق من المصادر‪ ،‬ال تستثني‬ ‫التعاطي مع قضايا اللجوء والهجرة المختلطة خاصة في سياق األزمات‬ ‫الصحية ويجب أن يتق ّيد بها الجميع‪.‬‬ ‫المادة ‪ :2‬االستناد إلى مصادر موثوقة‬

‫‪100‬‬

‫يجب أن يمتنع الصحفيون ومنتجو المضامين اإلعالمية عن نشر أو‬ ‫إعادة نشر أي معلومات لم يتم التحقق منها حول أزمة انتشار فيروس‬ ‫كوفيد ‪ 19‬وعالقته بقضايا اللجوء والهجرة المختلطة على اعتبارها‬ ‫مواضيع معقدة ومتشعبة تتداخل فيها األبعاد االجتماعية واالقتصادية‬ ‫والجيوسياسية والقانونية وهي تحتاج من الصحفي معرفة دقيقة تسمح‬ ‫له بتناول الموضوع بشكل عميق ويمكن اعتماد األسلوب الصحفي‬ ‫التفسيري إلعطاء المعارف الضرورية للجمهور لفهم واقع المهاجرين‬ ‫وطالبي اللجوء والالجئين وفهم السياقات االقتصادية والسياسية التي‬ ‫تؤدي باألفراد إلى الهجرة أو طلب اللجوء‪.‬‬

‫وفي هذا اإلطار يسعى الصحفي أو الصحفية إلى التعاون مع المؤسسات‬ ‫الحكومية والعمومية المعنية بشؤون الهجرة واللجوء‬ ‫والمنظمات العاملة في مجال الهجرة واللجوء دون المساس بحياد‬ ‫واستقاللية وسائل اإلعالم والصحفيين وذلك بهدف ضمان الحصول على‬ ‫معلومات صحيحة ومنتظمة عن أوضاع الالجئين والمهاجرين والتدابير‬ ‫المتخذة لتخفيف أثر األزمة على حياتهم‪ .‬ولتنفيذ هذا التعاون يجب أن‬ ‫تسعى الهياكل المختصة والمنظمات من جهتها إلتاحة الوصول إلى‬ ‫مصادر المعلومات ومخاطبة وسائط اإلعالم‪.‬‬ ‫المادة ‪ :3‬عدم الوصم‪ ،‬احترام الحقوق والكرامة اإلنسانية‬

‫ّ‬ ‫تغطي قضايا اللجوء والهجرة‬ ‫يجب أن تراعي أي معلومات أو منشورات‬ ‫المختلطة في سياق أزمة كوفيد ‪ 19‬أو أزمات أخرى متطلبات حقوق‬ ‫اإلنسان التي يكفلها الدستور والمواثيق الدولية المصادق عليها والقوانين‬ ‫الوطنية والمواثيق الصحفية‪ .‬حيث يجب أن يمتنع الصحفيون ومنتجي‬ ‫المضامين اإلعالمية عن الوصم أو التمييز ضد الالجئين والمهاجرين على‬ ‫أساس األصل القومي أو العرق أو الدين أو ال ّلون أو ألي سبب آخر‪ .‬وينبغي إيالء‬ ‫اهتمام خاص لحماية أضعف الفئات من النساء واألطفال‪ .‬وفي هذا اإلطار‬ ‫ال يقدمهم الصحفي في صورة تسيء إلى كرامتهم أو تمثل إهانة لهم‬ ‫سواء كان ذلك بالنص أو بالصورة أو بالفيديو‪.‬‬ ‫المادة ‪ :4‬التماسك االجتماعي واإلدماج‬ ‫يجب أن يعمل الصحفيون ومنتجو المضامين اإلعالمية على المساهمة‬ ‫في تعزيز السالم والتماسك االجتماعي وإدماج الالجئين والمهاجرين‬ ‫وتجنب المعلومات المثيرة والتشهيرية التي تساهم في التحريض‬ ‫ضدهم‪ .‬كذلك من المهم عدم تقديمهم كأفراد يحتاجون الشفقة أو‬ ‫ّ‬ ‫اإلغاثة أو المساعدة فقط بل أيضا تقديمهم كأفراد مستقلين لهم دور‬ ‫في االستجابة الفعالة لهذه األزمة الصح ّية‪.‬‬

‫المادة ‪ :5‬المشاركة في جهود تعزيز الصحة العامة والتدابير‬ ‫الوقائية والحمائية‬ ‫إن تعزيز الصحة العامة وحمايتها هو شأن الجميع ويجب على الصحفيين‬ ‫واإلعالميين والمدونين المشاركة في مكافحة أزمة كوفيد ‪ 19‬واألزمات‬

‫‪101‬‬


‫الصحية األخرى من خالل تطبيق أعلى معايير السلوك المهني في التعاطي‬ ‫مع قضايا اللجوء والهجرة المختلطة خاصة في السياقات التي تتم ّيز‬ ‫بالهشاشة والتعقيد‪.‬‬ ‫وحيث تنطبق على الجميع إجراءات الوقاية من هذا الوباء أو أي أزمات‬ ‫صحية فيجب تزويد الصحفيين واإلعالميين والمدونين لدى أدائهم‬ ‫لواجباتهم بالمعلومات الصحيحة عن المخاطر المحتملة النتشار‬ ‫الوباء وأيضا تمكينهم من وسائل الحماية بما في ذلك في غرف األخبار‬ ‫واالستوديوهات وعلى الميدان‪.‬‬ ‫المادة ‪ :6‬دعم الصحافة ووسائط اإلعالم‬ ‫ضمانا لمشاركة الصحفيين ووسائل اإلعالم ومساهمتهم الفعالة في‬ ‫االستجابة لهذه األزمة أو أي أزمات أخرى يجب على هيئات التحرير وإدارات‬ ‫المؤسسات الصحفية والحكومة والشركاء والتقنيين والماليين تقديم‬ ‫دعم متعدد األوجه بما في ذلك الموارد المادية والتقنية واللوجستية من‬ ‫أجل تغطية صحفية جيدة لقضايا اللجوء والهجرة في سياق األزمة الصح ّية‪.‬‬ ‫المادة ‪ :7‬المساءلة وتنفيذ ميثاق حسن السلوك‬ ‫هذا ويدعو هذا الميثاق الخاص بالتغطية الصحفية الج ّيدة لقضايا اللجوء‬ ‫ّ‬ ‫تفشي فيروس كوفيد ‪19‬‬ ‫والهجرة المختلطة في سياق األزمات (أزمة‬ ‫في تونس) إلى إشراك جميع الصحفيين ومنتجي المضامين اإلعالمية في‬ ‫الجهود الرامية إلى مكافحة وباء كوفيد ‪ 19‬وغيره من األزمات‪ .‬ويدعو‬ ‫الهيئات المهنية الصحفية والهيئات التعديلية فضال عن هيئات التحرير‬ ‫إلى التق ّيد بمواد ومبادئ هذا الميثاق واالمتثال لها‪.‬‬

‫‪102‬‬


‫© حقوق الطبع والنشر‬ ‫الديوان الوطني لألسرة والعمران البشري ‪ /‬محامون بال حدود (مكتب تونس)‪.‬‬ ‫برنامج الصندوق العالمي لمكافحة السيدا والسل والمالريا‬ ‫«النهوض بخدمات الوقاية والعالج وحقوق اإلنسان بتونس للفئات المفاتيح»‪.‬‬ ‫إصدار‬ ‫الديوان الوطني لألسرة والعمران البشري‪.‬‬ ‫‪ 7‬نهج الحطاب بوشناق‪ ،‬المركز العمراني الشمالي‪ 1082 ،‬تونس‪.‬‬ ‫بالشراكة مع‬ ‫محامون بال حدود (مكتب تونس)‪.‬‬ ‫‪ ،6‬نهج إزمير‪ ،‬نوتردام‪ ،‬تونس‪.‬‬ ‫تاريخ اإلصدار‪ :‬جوان ‪.2021‬‬


‫البـاب الرابع‬ ‫دليل مرجعي فيروس‬ ‫نقص المناعة البشري‬ ‫وحقوق اإلنسان‬

‫المقاربة الدينية‬ ‫لحقوق المتعايشين‬ ‫مع فيروس نقص‬ ‫المناعة البشري‬

‫جوان ‪2021‬‬


‫دليل مرجعي‬ ‫فيروس نقص المناعة‬ ‫البشري وحقوق اإلنسان‬

‫البـاب الرابع‬ ‫المقاربة الدينية‬ ‫لحقوق المتعايشين‬ ‫مع فيروس نقص‬ ‫المناعة البشري‬

‫جوان ‪2021‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪4‬‬

‫الشـــــــركاء‬


‫الديوان الوطني لألسرة والعمران البشري‬

‫العنوان‪ ،7 :‬نهج الحطاب بوشناق‪ ،‬المركز الشمالي العمراني‪،‬‬ ‫تونس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 70 729 090 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 70 728 855 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪boc.onfp@rns.tn :‬‬ ‫موقع الواب‪www.onfp.tn :‬‬ ‫محامون بال حدود ‪ -‬مكتب تونس‬

‫العنوان‪ 6 :‬نهج األزمير ‪ -‬نوتردام ‪ -‬تونس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 71 894 002 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 894 002 :‬‬ ‫موقع الواب‪www.asf.be :‬‬

‫العنوان‪ 9 :‬نهج ‪- 7443‬عرض هريشي‪ -‬المنار ‪.1‬‬ ‫الهاتف‪+216 36 381 108/07 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪:‬‬

‫‪association.atpp@gmail.com‬‬

‫الجمعية التونسية للوقاية من األمراض المنقولة جنسيا‬ ‫والسيدا‪ ،‬المكتب الوطني ‪ -‬صفاقس‬

‫العنوان‪ :‬شارع ‪ 5‬أوت‪ ،‬نهج ‪ 19‬جويلية‪ 3002 ،‬صفاقس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 74 203 500 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 74 228 397 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪atl.bn.sfax@gmail.com :‬‬ ‫موقع الواب‪www.atlmstsida.com :‬‬ ‫الجمعية التونسية للوقاية من األمراض المنقولة جنسيا‬ ‫والسيدا‪ -‬فرع تونس‬

‫إدارة الرعاية الصحية األساسية‬ ‫البرنامج الوطني لمقاومة األمراض المنقولة جنسيا والسيدا‬

‫العنوان‪ ،7 :‬نهج الخليل‪ 2037 ،‬المنزه ‪8‬‬ ‫الهاتف‪+216 70 866 186 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 70 866 588 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪atlsidatunis@gmail.com :‬‬ ‫موقع الواب‪atltunis.org:‬‬

‫الجمعية التونسية للصحة اإلنجابية‬

‫التنسيقية التونسية لمجابهة اآلفات الصحية‬

‫العنوان‪ :‬نهج الخرطوم‪ ،‬البلفدير‪ ،‬تونس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 71 789 148 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 789 679 :‬‬

‫العنوان‪ 14 :‬نهج إبراهيم ابن الرفيع‪ ،‬حي الخضراء‪ 1003 ،‬تونس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 71 808 935 / 71 808 952 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 808 952 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪atsr@atsrtn.org :‬‬ ‫موقع الواب‪atsrtn.org :‬‬

‫العنوان‪ 101 :‬شارع إفريقيا‪ ،‬المنزه ‪5‬ا‪ 2091 ،‬أريانة‪ .‬تونس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 71 230 396 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 230 396 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪ccm.tunisie@ccmtunisie.org.tn :‬‬ ‫موقع الواب‪www.ccmtunisie.org.tn :‬‬

‫الجمعية التونسية لإلرشاد والتوجيه حول السيدا واإلدمان‬

‫برنامج األمم المتحدة المشترك لفيروس نقص المناعة‬ ‫البشرية‪/‬اإليدز‪ -‬مكتب تونس‬

‫العنوان‪ 43 :‬شارع الهادي السعيدى‪ ،‬باب سعدون‪ ،‬تونس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 71 957 544 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 957 511 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪atiost.sida.toxicomanie@gmail.com :‬‬ ‫موقع الواب‪www.atiost.org.tn :‬‬ ‫‪4‬‬

‫الجمعية التونسية للوقاية اإليجابية‬

‫العنوان‪ :‬مقر منظمة الصحة العالمية‪ ،‬نهج التنمية‪،‬‬ ‫حي الخضراء‪ 1053 ،‬تونس‪.‬‬ ‫الهاتف‪+216 71 155 636 :‬‬ ‫الفاكس‪+216 71 155 634 :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪SouaL@unaids.org :‬‬ ‫موقع الواب‪www.unaids.org :‬‬

‫‪5‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪4‬‬

‫لجنة المتابعة و القيادة‬


‫لجنة المتابعة‬ ‫والقيادة‬

‫• برنامج األمم المتحدة المشترك لفيروس نقص المناعة البشرية‪/‬اإليدز‬ ‫مكتب تونس‬ ‫‪ -‬السيد لسعد صوة‪ ،‬مدير مكتب‪.‬‬

‫المؤلف‪:‬‬ ‫األستاذ منير بنجمور‪ ،‬أستاذ تعليم عال بالمعهد العالي ألصول الدين ‪ -‬جامعة‬ ‫الزيتونة ‪ -‬تونس‪.‬‬ ‫لجنة المتابعة‪:‬‬ ‫• وحدة تصرف مشروع الصندوق العالمي‪ ،‬الديوان الوطني لألسرة والعمران‬ ‫البشري‪ ،‬تونس‪.‬‬ ‫ الدكتور محمد خير الدين خالد‪ ،‬منسق برنامج الصندوق العالمي لمكافحة‬‫السيدا والسل والمالريا‪.‬‬ ‫ الدكتورة لمياء بن حسين‪ ،‬مكلفة باالتصال والتنسيق بين الجهات وببرنامج‬‫السيدا وحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫• محامون بال حدود‪ -‬مكتب تونس‬ ‫ السيدة ناجية بونعيمي‪ ،‬مديرة مكتب تونس‪.‬‬‫السيدا وحقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫ السيدة أميرة الدربالي‪،‬‬‫منسقة مشروع ّ‬ ‫ّ‬ ‫لجنة القيادة‬ ‫• التنسيقية الّتونسية لمجابهة اآلفات الصح ّية‬ ‫ األستاذ محمد شقرون‪ ،‬رئيس التنسيق ّية‪ .‬رئيس قسم األمراض الجرثوم ّية‬‫بمستشفى ّ‬ ‫فطومة بورقيبة‪ ،‬المنستير‪.‬‬ ‫والسيدا‪ -‬إدارة‬ ‫• البرنامج الوطني لمقاومة األمراض المنقولة جنس ّيا‬ ‫ّ‬ ‫الرعاية الصح ّية األساس ّية‬ ‫الصحة العموم ّية‪ ،‬رئيس مصلحة الوبائ ّيات‬ ‫ الدكتور فوزي عبيد‪ ،‬طبيب رئيس‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫والسل والمالريا‪.‬‬ ‫ومنسق البرامج الوطن ّية حول السيدا‬ ‫ّ‬ ‫‪8‬‬

‫الرئيسي في برنامج‬ ‫• الّديوان الوطني لألسرة والعمران البشري ‪ -‬المنتفع‬ ‫ّ‬ ‫الصندوق العالمي‬ ‫ الدكتورة فاطمة التميمي‪ ،‬كاهية مدير بإدارة الخدمات الصحية ومنسقة‬‫برنامج الصندوق العالمي بالديوان‪.‬‬ ‫• ممثلو الجمعيات ‪ -‬المنتفعون الثانويون في برنامج الصندوق العالمي‬ ‫ السيدة أرزاق كنيتاش‪ ،‬المديرة التنفيذية‪ ،‬الجمعية التونسية للصحة اإلنجابية‪.‬‬‫عامة‪ ،‬الجمع ّية ال ّتونسية‬ ‫ السيدة هيام بوكسولة‪ ،‬أخصائ ّية نفسان ّية‪ .‬كاتبة ّ‬‫السيدا واإلدمان‪.‬‬ ‫لإلرشاد وال ّتوجيه حول ّ‬ ‫ السيدة سهيلة بن سعيد‪ ،‬رئيسة الجمع ّية ال ّتونسية للوقاية اإليجاب ّية‪.‬‬‫ الدكتورة فاتن المساكني‪ ،‬مساعدة اجتماع ّية‪ ،‬الجمع ّية التونس ّية للوقاية من‬‫والسيدا ‪ -‬المكتب الوطني ‪ -‬صفاقس‪.‬‬ ‫األمراض المنقولة جنس ّيا‬ ‫ّ‬ ‫ السيد أسامة بوعجيلة‪ ،‬مختص في القانون‪ ،‬الجمعية التونسية للوقاية من‬‫األمراض المنقولة جنسيا والسيدا‪ ،‬فرع تونس‪.‬‬ ‫• محامون بال حدود‪ -‬مكتب تونس‬ ‫ السيدة ناجية بونعيم‪.‬‬‫ السيد لمين بن غازي‪ ،‬منسق مشاريع‪.‬‬‫ السيدة أميرة الدربالي‪.‬‬‫• وحدة تصرف مشروع الصندوق العالمي‪ ،‬الديوان الوطني لألسرة والعمران‬ ‫البشري‪ ،‬تونس‬ ‫ الدكتور محمد خير الدين خالد‪.‬‬‫ الدكتورة لمياء بن حسين‪.‬‬‫لجنة للمراجعة ال ّلغوية وإعادة صياغة المحتوى‪:‬‬ ‫ الدكتور فاروق بن منصور‪ -‬خبير مكلف بالمراجعة اللغوية وتنسيق المحتوى‪.‬‬‫ الدكتورة لمياء بن حسين‪.‬‬‫ السيدة أميرة الدربالي‪.‬‬‫‪9‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪4‬‬

‫تـــلخيـــص‬


‫تلخيص‬

‫لقد بُـني الخطاب الديني حول موضوع فيروس فقد المناعة‬ ‫البشري‪ ،‬خالل العقود األخيرة‪ ،‬على الناحية العلمية الطبية مع التركيز‬ ‫على الجانب الوعظي وعلى ضرورة حفظ النفس التي هي أعلى الكليات‬ ‫الشرعية‪ .‬أما اليوم فقد بات من الضروري الخروج به إلى أفق التعريف‬ ‫بحقوق المتعايشين مع الفيروس‪ ،‬والعمل على تفعيلها في الواقع‬ ‫المعاش والتأسيس لمنظومة حقوقية خاصة بهم وفق مرجعية‬ ‫إسالمية‪ .‬لكن هذا العمل ال يتس ّنى إال بإماطة اللثام عن المسكوت‬ ‫عنه بين الناس وكشف االنتهاكات الفادحة لحقوق المتعايشين مع‬ ‫الفيروس التي تتمظهر في سائر المجاالت الحياتية‪.‬‬ ‫إن انتشار السيدا في مختلف البلدان وتنامي عدد الحاملين‬ ‫للفيروس خلق لدى العديد من الناس خوفا غير مبرر من اإلصابة به‬ ‫لقلـة درايتهم بطرق العدوى التي أثبتها الطب‪ .‬وكنتيجة لذلك برزت‬ ‫وتنامت شيئا فشيئا ظاهرة الوصم والتمييز تجاه المتعايشين مع‬ ‫الفيروس‪ ،‬الشيء الذي أفضى إلى التعدي على حقوقهم األساسية‬ ‫المادية منها والمعنوية‪.‬‬ ‫لمعرفة موقف الدين من مثل هذه الظواهر وجب البحث في‬ ‫األصول الشرعية النتقاء ما يصلح منها لتأسيس مرجعية دينية‬ ‫لحقوق المتعايشين مع الفيروس‪ .‬وهذا ممكن حين نتناول‬ ‫الموضوع من خالل الحقائق الدينية الثالث التالية‪ :‬وحدانية اهلل ‪-‬‬ ‫تكريم اإلنسان ‪ -‬االبتالء الرباني‪.‬‬

‫‪12‬‬

‫إن اهلل واحد في ذاته وصفاته‪ ،‬متفرد بخلق اإلنسان‬ ‫‪ )1‬وحدانية اللـه‪ّ :‬‬ ‫والكون والحياة والموت‪ .‬نقرأ في القرآن‪﴿ :‬اهلل ال أاله إال هـو ‪ »...‬كما‬ ‫نقرأ أيضا ﴿تبارك الذي بيـده الملك وهو على كل شيء قدير﴾‪ .‬إن‬ ‫عقيدة التوحيد تستنهض الهمم وتحرك العزائم وتوقظ الجانب‬

‫يرسخ في‬ ‫الباطني الخ ّيـر في اإلنسان‪ .‬واإليمان بوحدانية الخالق‬ ‫ّ‬ ‫اإلنسان قناعات يبني عليها مواقف سليمة‪ .‬يقول اهلل في سورة‬ ‫البقرة ﴿هو الذي خلق لكم ما في األرض جميعا﴾ و على هذا األساس‬ ‫يجب أن يكون للمتعايشين حق في االنتفاع بما خلق اهلل ‪ ،‬وحق‬ ‫في التصرف والتدبير ومنهما تنبثق سائر الحقوق المادية كالحياة‬ ‫والصحة والشغل‪.‬‬ ‫كما أن اإليمان بأنه ال خالق سواه وال معبود غيره‪ ،‬يكسب‬ ‫المتعايش قوة في الثبات على المبدأ بأنه حر في بناء عالقته مع اهلل‬ ‫وأنه ال واسطة بينه وبين خالقه‪ ،‬وأن المرض ابتالء من اهلل يقتضي‬ ‫الجزاء لكل من يصبر عليه مع األخذ في االعتبار بأن السعي إلى التداوي‬ ‫قصد الشفاء مطلوب‪.‬‬ ‫‪ )2‬تكريم اإلنسان‪ :‬المتعايش مع الفيروس إنسان مك ّرم بمقتضى‬ ‫الهيئة التي خلقه اهلل تعالى عليها‪ ،‬وال فرق بينه وبين غيره إال بالعمل‬ ‫النافع مصداقا لقوله تعالى ﴿إن أكرمكم عند اهلل أتقاكم﴾‪ .‬واعتبارا‬ ‫لمبدأ التكريم اإللهي لإلنسان ال يجوز شرعا أن نجعل المـتعايش مع‬ ‫الفيروس عرضـة للوصم والتمييز وال مبررا النتهاك حقوقـه‪.‬‬ ‫‪ )3‬االبتالء ال ّرباني‪ :‬إن اإلصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب‬ ‫ابتالء ر ّباني واختبار إلهي‪ ،‬وال يليق بمن آمن برب العـزة المتفـ ّرد بالخلق‬ ‫والتدبير أن يعتبر الـ ّتـعايش مع الفيروس عقوبة سلطت على صاحبه‪.‬‬ ‫ـلـو َّنكم بشيء من الخوف والجوع‪.﴾...‬‬ ‫يقـول المولى ﴿ولنـ ْب َ‬ ‫يجب على الحامل للفيروس أ ّال يكون إنسانا سلبيا يعيش في‬ ‫عالم اليأس والقنوط ويركن إلى العزلة واالنطواء‪ ،‬بل عليه أن يتقبل‬ ‫وضعه باعتباره ابتالء ربانيا‪ ،‬ويتقـ ّرب إلى خالقه بالدعاء والتضرع‪ .‬قال‬ ‫ّ‬ ‫﴿وبشر‬ ‫تعالى ﴿ادعوني استجب لكم﴾‪ ،‬كما وعد الصابرين قائال‪:‬‬ ‫الصابرين﴾‪.‬‬ ‫إذن وباعتبار مرض السيدا ابتالء رباني لإلنسان‪ ،‬فال يحق ألي شخص‬ ‫ّ‬ ‫الحط من قـيـمته‬ ‫أن ينعت حامل الفيروس بوصف يقصد منه‬ ‫كإنسـان وتميـيـزه عن غـيره سلبيـا‪ ،‬ألنه بين يدي خالقه العارف‬ ‫بسرائر نفسه‪.‬‬ ‫‪13‬‬


‫ـميـة وحقوق المتعايشين‪:‬‬ ‫المنظومة ِ‬ ‫الق َـي ّ‬ ‫القيم األخالقية الضابطة لسلوك الفرد وللعالقات االجتماعية‪،‬‬ ‫كالعدل والمساواة والحرية والتسامح هي جزء ال يتجزأ من تعاليم‬ ‫اإلسالم التي استخرجها العلماء من الوحي اإللهي‪ .‬وتتميز منظومة‬ ‫القيم هذه بخصائص هي‪ :‬الثبات والعموم واإلطالقية‪.‬‬ ‫إن االعتراف بحق المتعايش في الحر ّيـــة اعتراف بإنسـانيته أ ّوال‪،‬‬ ‫واستجابة لنداء الفطرة ثانيا‪ .‬ويبقى التعدي على حقوق المتعايش‬ ‫سلوكا ينافي العدل‪ ،‬وعمال يكرس الظلم‪.‬‬ ‫ال يمكن فهم حقوق المتعايشين في اإلسالم بمعزل عن‬ ‫القـيـَمي وهي تظهر من خالل‬ ‫استحضار الحقيقة العقدية والطرح ِ‬ ‫التشريع اإلسالمي في مقومين اثنين‪ ،‬أولهما الكليات أو المقاصـد‬ ‫الشـرعـ ّية‪ ،‬وثانيهما الفروع الفقهية‪.‬‬ ‫‪ )1‬فيما يتعلق بالنـقـطة األولى‪ ،‬فقد ضبط علماء المقاصد اإلطار‬ ‫التشريعي لهذه الحقوق فيما يعـ ّبر عنه بالكليات الشرعـية وهي‬ ‫العـرض‬ ‫حفظ الدين والنفس والنسل والمال والعقل‪ ،‬إضافة إلى حفظ ِ‬ ‫عـد حفظها أعلى مراتب المصالح المقصودة من التشريع‪.‬‬ ‫والتي يُ ّ‬ ‫فحفظ النفس يعني الحق في الحياة وحفظها من الهالك‪ .‬وينبني‬ ‫عليها حق المتعايش مع الفيروس في العيش في أمان‪ .‬أما حفظ‬ ‫الدين فإنه يعطي المتعايش الحق في حرية التدين اعتقادا وممارسة‪.‬‬ ‫بينما يترتب عن حفظ النسل الحق في الزواج وتكوين أسرة وهذا الحق‬ ‫ال يسقط بالنظر إلى حالته الصحية‪ ،‬فهو ممكن طبيا ومقبول شرعا‪.‬‬ ‫ويُعـتـبر حفظ العرض الحق في الكرامة بعيدا عن الوصم والتمييز‪.‬‬ ‫ويبقى ضمان هذه الحقوق مرتهـن بإخراجها إلى عالم التطبيق‬ ‫اعتمادا على مسؤولية المتعايش مع الفيروس في األخذ بأسبابها‪.‬‬ ‫فإن القواعد الفقهية صالحة الن‬ ‫‪ )2‬فيما يتعلق بالنـقـطة الثانـية ّ‬ ‫تستوعب ما يستجد من قضايا باعتبار ما تتميز به من إطالقية‬ ‫وشمول وواقعية‪ .‬ومن القواعد التي تفيدنا في هذا المقام‪ ،‬اثنتان‬ ‫ّ‬ ‫و«المشـقـة تجلب التيـْسيـر»‪.‬‬ ‫هما‪« :‬الضرر يُزال»‬

‫‪14‬‬

‫تُختزل المقاصد األساسية للتشريع اإلسالمي في التصرفات‬ ‫الشخصية والعالقات االجتماعية بما يثبت صفة العدل والرحمة‬

‫في تعيـيـن الحقوق وممارستها‪ .‬والمقصود هنا أال ُ‬ ‫يضر اإلنسان أخاه‬ ‫بأي شكل فال يحق له أن يلحق به أذى وال أن يعـتدي على حقوقه‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بأن حماية حقوق المتعايشين ال تكتـمـل إال بدفع الضرر‬ ‫مع العـلم ّ‬ ‫إن الدعـوة الدينية إلى إزالة هذه األضرار بناء على قاعدة «الضرر‬ ‫عنهم!! ّ‬ ‫يزال» كفيلة بتفعيـل سائر حقوق المتعايش مع الفيروس‪.‬‬ ‫حقوق المتعايشين مع الفيروس في الفقه اإلسالمي‪:‬‬

‫‪ - 1‬الحق في الزواج واإلنجاب‬ ‫يقـول الفقهاء بإباحة زواج المريض إذا كان فيه مصلحة ولم يؤ ّد‬ ‫إلى مفـسدة‪ ،‬ومعلوم أن إمكانية نقل فيروس السيدا من حــامله إلى‬ ‫العـلـم يـؤكـد اليوم أن الزواج‬ ‫القرين وإلى المولود تبقى واردة‪ ،‬ولكن ِ‬ ‫ممكن في جميع الحاالت‪ ،‬ألن وسائل الحماية الفعـالة متاحة وفي‬ ‫المتنـاول‪ .‬كما أن تفادي مرور الفيروس من األم إلى الجنين أو إلى‬ ‫المولود ممكـن‪ .‬ذلك أن المراقبة الطبيـة للمرأة الحامل ومعالجتها‬ ‫باألدوية المضادة لفيروس نقص المناعة في أوقات محددة قبل‬ ‫جدا انتقال الفيروس من األم إلى المولود‪.‬‬ ‫الوالدة‪ ،‬يبـطل بنسبة عاليـة ّ‬ ‫إن االجتهاد في هذه المسائل الحقوقية يجب أن يعالج في إطار‬ ‫الحقائق الطبية التي تحسم القول في مدى قدرة المتعايشة مع‬ ‫الفيروس على أداء حق الحمل والرضاعـة الطبيعية‪.‬‬ ‫‪ -2‬الحق في التمتع بالحقوق اإلنسانية‬ ‫إن الحديث عن حق المتعايش في الفقه اإلسالمي ذو منزع إنساني‬ ‫بامتياز‪ ،‬ألنه مأمور بحفظ حقوقه والدفاع عنها دون إهمال وال يأس‪،‬‬ ‫كما يُخاطب به كل فرد عبر وازعه الداخلي‪ .‬هذه الحقوق ذات وظيفة‬ ‫اجتماعية بحيث يتوجـه الخطاب للمجتمع بمختلف مكوناته‬ ‫وكشخصية اعتبارية الحتضان المتعايشين مع الفيروس عبر وعي‬ ‫جماعي قصد العيش في أمان وطمأنيـنة‪.‬‬ ‫إن هذه األحكام من جهة ما هي مسؤولية فردية واجتماعية ال‬ ‫يمكن أن تتحقق في مجريات الواقع بصورة منظمة إال عن طريق‬ ‫اإللزام القانوني‪ .‬وهنا يأتي دور الدولة ألنها في المنظور اإلسالمي‪،‬‬ ‫المسئولة األولى على الرعاية االجتماعية لمواطنيـها وتوفيـر الدعم‬

‫‪15‬‬


‫فهـرس‬

‫المادي والمعنوي للمتعايشين مع الفيروس والضعـفـاء‪.‬‬ ‫والوعــاظ رسالة أمل وعمل‪،‬‬ ‫وفي الختام يبقى خطاب األئـمـة‬ ‫ّ‬ ‫فالمخاطب البليغ هو الذي يضمن لفئـة المتعايشين فسحة من‬ ‫ِ‬ ‫توصيف لوضع ّية المرض‬ ‫األمل في واقع متأزم‪ ،‬فينتقـل من مرحلة‬ ‫ٍ‬ ‫والفيروس إلى خطاب علمي عقـالني يدعـو إلى معالجـة السلوك‬ ‫السلبـي بمنظار الشرع وفقـا لمعـيارين اثنين هما معيار التكليف‪،‬‬ ‫من جهة أن الوصم والتمييز بمختلف أشكاله والتشهير بحامل‬ ‫الفيروس بشتى صوره محـــ ّرم شـرعــــا‪ .‬ومعيار األخالق‪ ،‬من جهة أن‬ ‫توسم الخير في البشرية‪ ،‬ومأمور‬ ‫نقي السريرة مجبـول على ّ‬ ‫المسلم ّ‬ ‫بمناصرة الحـق والعـدل واحتـرام كــــــرامة اإلنسان بقطع النظر عن‬ ‫دينه أو لغـتـه أو سائـر االعتبارات الشكـلـيـّة‪.‬‬

‫تـمهــيـــــــــد‬

‫مقدمات كسر حاجز الصمت‬

‫‪ - 1‬مرض فقدان المناعة المكتسب ورسالــة أمــل‪.‬‬ ‫‪ - 2‬مواقف وظـواهـر تنـافي حقـوق المتـعـايشـيـن‪.‬‬

‫المبـحـث األول‪:‬‬ ‫ميـة وتأصيل حـقـوق المتعـايشـين‬ ‫القـي‬ ‫والمنظومة‬ ‫البنية العـقدية‬ ‫َ ّ‬

‫‪23‬‬ ‫‪23‬‬ ‫‪25‬‬ ‫‪26‬‬

‫‪ - 1‬البنيـة العـقـديّـة اإلسالمية وحقوق المتعايشين‪.‬‬

‫‪26‬‬

‫‪ - 2‬المنظـومة القـيـمـيّـة وحـقـوق المـتـعـايـشـيــن‪.‬‬

‫‪30‬‬

‫المبحث الثـــانـي‪:‬‬ ‫حقــوق المتعايشين في المنظومة التشريعية اإلسالمية‬

‫‪33‬‬

‫‪ - 1‬السياقات الموضوعية‪ :‬مـاذا؟ ‪ -‬لمـاذا؟ ‪ -‬كيـف؟‬

‫‪32‬‬

‫‪ - 2‬الكليّات التشريعية الضامنة لحقوق المتعايشين‪.‬‬

‫‪34‬‬

‫‪ - 3‬حقــوق المتعايشين في الفقه اإلسالمي‪.‬‬

‫‪16‬‬

‫‪20‬‬

‫‪39‬‬

‫المبحث الــثالث‪:‬‬ ‫الخطاب الديني من أجــل تفـعـيــل حقوق المتعايشين‬

‫‪43‬‬

‫‪ - 1‬مهمة القادة الدينييـــن من أئمة ووعّ ـاظ‪.‬‬

‫‪43‬‬

‫‪ - 2‬رسالة أمــــــل وعــمـــــل‪.‬‬

‫‪44‬‬

‫خـــــاتـــمـــــة‬

‫‪47‬‬

‫فهـــــرس المــــراجــــع‬

‫‪48‬‬

‫‪17‬‬


‫دليل مرجعي فيروس نقص المناعة البشري وحقوق اإلنسان‪ /‬البـاب ‪4‬‬

‫المقــــاربة الدينيــــة‬


‫المقاربة الدينية‬

‫تمهـيــد‬ ‫استفرغ الباحثون في العلوم الدينية والمشتغلون منهم على‬ ‫موضوع فيروس نقص المناعة البشري على امتداد عقود في بناء‬ ‫الخطاب الديني على تأصيل الموضوع من الناحية العلمية الطبية‪،‬‬ ‫ثم التركيز على الجانب الوعظي بالتنبيه إلى العفة واإلخالص‪ ،‬والتأكيد‬ ‫على حفظ النفس التي هي أعـلى الكليات الشرعية‪.‬‬ ‫أما اليوم فقد بات من الضروري الخروج بالخطاب الديني من‬ ‫مدار التوعية بحقيقة فيروس نقص المناعة البشري‪ ،‬والتحذير‬ ‫من خطورته والتنبيه إلى طرق العدوى‪ ،‬إلى أفق التعريف بحقوق‬ ‫المتعايشين مع هذا الفيروس‪ ،‬والتوعية بتفعيل هذه الحقوق إزاء‬ ‫ما نالحظه جميعا من تنامي ظاهرة تهميش هذه الفئة اجتماعيا‪،‬‬ ‫واالعتداء على كرامتها اإلنسانية بالوصم والتمييز في سائر المجاالت‬ ‫الحياتية‪ ،‬وبروز مواقف معادية لحقوق هذه الفئة‪ ،‬وكأنها قد كتب‬ ‫عليها أن تعاني عقوبة مضاعفة‪ ،‬المرض نفسه من جهة وانتهاك‬ ‫حقوقها من جهة أخرى‪.‬‬ ‫حري بأصحاب القرار توسيع‬ ‫واعتبارا لهذه المعطيات الواقعية‪ ،‬كان‬ ‫ّ‬ ‫دائرة الخطاب الديني ليشمل الحديث عن تلك الحقوق تأصيال وتنزيال‪.‬‬ ‫وفي إطار تفعيل برنامج الصندوق العالمي لمكافحة السيدا‬ ‫ّ‬ ‫والسل والمالريا بالشراكة مع الديوان الوطني لألسرة والعمران‬ ‫البشري وجمعية «محامون بال حدود»‪ ،‬سأتولى الكتابة في الموضوع‬ ‫بما يخدم حقوق المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشري‪.‬‬ ‫‪20‬‬

‫وال شك في أن تحبين هذا العمل بعد عقد من الزمن يستمد‬ ‫مشروعيته‪ ،‬إضافة إلى ما ذكر‪ ،‬من الخطاب الديني نفسه‪ .‬ذلك أن‬

‫اهتمام اإلسالم بضرورة التوقي من األمراض المعدية والمنقولة‬ ‫حفاظا على حق اإلنسان في الحياة ليست بأكثر من اهتمامه‬ ‫بتأصيل حقوق الناس بسائر أبعادها ومجاالتها خصوصا في الحاالت‬ ‫الطارئة واألوضاع االستثنائية على نحو ما نحن يصدده‪ ،‬أي أن تحكيم‬ ‫المرجعية اإلسالمية لضبط حقوق المتعايشين أمر ممكن من‬ ‫هذه الجهة‪ ،‬وضروري من جهة أخرى بناء على أن الحقيقة الدينية‬ ‫في بعدها الوظيفي‪ -‬تسند الحقيقة العلمية الطبية وتعضد المادة‬‫القانونية و تدعم المقاربات النفسية و االجتماعية‪ ،‬فال يليق بأي حال‬ ‫من األحوال تحكيم المقاربة الدينية بمعزل عن المرجعيات األخرى‬ ‫المذكورة‪ ،‬كما ال يحق االستغناء بتلك المرجعيات عن الطرح الديني‪،‬‬ ‫ً‬ ‫صورة وفعال‪.‬‬ ‫إذ التكامل المعرفي الزمة مراعاته في هذا المقام‬ ‫إن الغرض األسمى من وضع هذا المرجع هو رسم معالم حقوق‬ ‫ّ‬ ‫المتعايشين مع فيروس فقدان المناعة البشري من منظور إسالمي‬ ‫منطوقا ومفهوما وعلى منوال موضوعي يقوم على الركائز التالية‪:‬‬ ‫ استنطاق موارد الدين القيم عقيدة وتشريعا وقيما‪ ،‬واستمداد‬‫ما به تتجلى هذه الحقوق دون تعسف وال إسقاط أو توظيف‪.‬‬ ‫ تحكيم التشريع األصلي نصا ومقصدا أوال‪ ،‬واستحضار ما يناسب‬‫المؤسس على قواعد االضطرار ورفع الحرج‬ ‫من التشريع االستثنائي‬ ‫ّ‬ ‫ثانيا‪ ،‬مراعاة لظروف هذه الفئة الصحية واالجتماعية واالقتصادية‬ ‫والنفسية‪ ،‬وضمانا النخراطها صلب المجتمع بروح إيجابية عالية‪،‬‬ ‫ألنها في الحقيقة جزء ال يتجزأ منه‪.‬‬ ‫ معالجة موضوع المتعايشين في إطار منظومة حقوق اإلنسان‬‫ذات المرجعية الدينية بعيدا عن كل أشكال التقويم األخالقي‪،‬‬ ‫وبمعزل عن تحكيم سائر المعايير القيم ّيـة‪ ،‬كالحق والباطل‬ ‫والطاعة والمعصية والكفر واإليمان والذنوب والفساد واالنحراف‬ ‫والتوبة‪ ...‬فهذه النعوت وغيرها بعيدة كل البعد عن غرضنا من هذا‬ ‫العمل‪ ،‬ناهيك وأنها أحكام وتوصيفات تفرد الخالق بضبطها واستأثر‬ ‫بحسم المقال فيها‪.‬‬ ‫تناولنا الموضوع في بعده الواقعي اللصيق بمشاغل فئة‬ ‫المرجوة دون الخوض في‬ ‫عما يحقق النـّجاعة‬ ‫ّ‬ ‫المتعايشين‪ ،‬بحثا ّ‬

‫‪21‬‬


‫المسائل النظرية المجردة التي ال جدوى عملية من طرحها‪ .‬وقعت‬ ‫صياغته بعبارات واضحة وسلسة وبمصطلحات دقيقة‪ ،‬يدرك‬ ‫أهل الشأن الديني من خاللها مشروعية معالجة موضوع حقوق‬ ‫المتعايشين تأصيال وتفعيال‪.‬‬ ‫والمقال يروم من خالل هذه الوثيقة المرجعية تصحيح بعض‬ ‫المفاهيم المتداولة بين الخاصة والعامة والتي أفضت إلى تكريس‬ ‫الوصم واستفحال ظاهرة التمييز في صفـوف فئة المتعايشين مع‬ ‫فيروس نقص المناعة البشري‪ .‬وال شك في أن توجيه اإلنسان إلى‬ ‫استيعاب مفهوم جديد مقـترن بهذه الفئة وبما تعانيه بدل مفهوم‬ ‫ويبدل رأيه‪ ،‬بل ويجعله متحمسا‬ ‫آخر موروث كاف ألن يغير موقفه‬ ‫ّ‬ ‫للدفاع عن حقوق المتعايشين واالجتهاد في ابتكار طرق ومسالك‬ ‫لحلول جذرية تقـ ّلص من مشاكلهم الحياتية وتخفف عنهم ضرو ًبا‬ ‫شتى من معاناتهم اليومية‪.‬‬ ‫إن هذا المرجع بمثابة السند المتماسك الوحدات يمكـّـن القارئ‬ ‫من آليات تحويل مسار الحديث عن فيروس نقص المناعة البشري‬ ‫من مجال التعريف به إلى مجال التعريف بحقوق المتعايشين بطريقة‬ ‫تمكـّـن من استحضار قـ َيم اإلسالم المثلى التي يـجدر باإلمام أو‬ ‫الواعظ أو الداعية أن يتجاوز بها مجرد تحريك مشاعر الرحمة والرأفة‬ ‫التي في الوجدان إلى تفعيل سلوكيات التكافل والتضامن والتآزر في‬ ‫الواقع المعـيـش‪ ،‬وتنزيل مبادئ العدل والمساواة والحرية صلب‬ ‫مجريات األحداث وفي خضم ما يشهده عالم اليوم من انتهاكات‬ ‫صارخة لحقوق الناس بمختلف فئاتهم ‪.‬‬

‫المرجـو تفعيلها‬ ‫جدا أن هذه الوثيقة ال تتحقق وظائفها‬ ‫ّ‬ ‫وطبيعي ّ‬ ‫في حيز الواقع المعيش‪ ،‬إال حين نضمن اكتساب اإلمام والواعظ‬ ‫لمهارات التواصل مع اآلخر عبر خطاب ديني ناجع ينطق بهموم‬ ‫تلك الفئة‪ ،‬وهو ما يدعـو إلى التأكيد على أن التدريب على الخطابة أمر‬ ‫مح ّبذ بل ومتأكـد‪.‬‬ ‫مقدمات كسر حاجز الصمت‬

‫ال يتسنى التأسيس لمنظومة حقوقية للمتعايشين مع فيروس‬ ‫نقص المناعة المكتسب وفق مرجعية دينية إال بكسر حاجز الصمت‪،‬‬ ‫وإماطة اللثام عن المسكوت عنه بين الناس خوفا أو استحياء أو‬ ‫جهال‪ ،‬ولكن ليس األمر متوقفا على التعريف بهذا المرض‪ ،‬وال على‬ ‫وصف أعراضه وطرق اإلصابة به فحسب‪ ،‬وإنما يتعداه إلى الحديث‬ ‫عن االنتهاكات الفادحة لحقوق المتعايشين مع هذا الفيروس التي‬ ‫تتـمظهـر في سائر المجاالت الحياتـ ّية‪.‬‬ ‫‪ .1‬مرض فقدان المناعة المكتسب ورسالة أمل‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬البنية العقدية والمنظومة القيم ّية وتأصيل حقوق‬ ‫المتعايشين‪.‬‬

‫السيدا من أخطر األمراض الفيروسية التي تهدد األرواح‬ ‫يعتبر مرض ّ‬ ‫ّ‬ ‫البشرية في هذا العصر نظرا لعدم وجود دواء ناجع يمكـن من القضاء‬ ‫عليه نهائيا‪ ،‬لكن وفي مقابل ذلك تطورت التجارب الطبية في هذا‬ ‫المجال للتقليص من حدة هذا الفيروس والتقليل من أثاره السلبية‬ ‫على جسد المصاب به‪ ،‬مما بعث فسحة من األمل في قلوب الكثير‬ ‫من المتعايشين به ليمارسوا حياتهم اليومية بصفة عادية‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬الخطاب الديني من أجل تفعيل حقوق المتعايشين‪.‬‬

‫ّ‬ ‫يمكـن المتعايشين من االنخراط في‬ ‫إن هذا االنتصار العلمي الذي‬ ‫ّ‬ ‫المجتمع ال تـتحقق الجدوى منه إال بأمرين اثنين‪:‬‬

‫واعتبارا لهذا وذاك اتسعت هذه الوثيقة لثالثة مباحث على النحو‬ ‫التالي‪:‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬حقوق المتعايشين في المنظومة التشريعية‪.‬‬

‫‪22‬‬

‫إطار المنظومة اإلسالمية‪ ،‬ومنطلق إلشاعة هذه الثقافة في صفوف‬ ‫العامة والخاصة حتى تتهيأ األرضية المالئمة ألن تمارس هذه الفئة‬ ‫حياتها بروح إيجابية كبيرة وبثـقـة عالية في النفس وفي اآلخـر‪ ،‬وهذا‬ ‫ال يتسنى إدراكه واستيعابه إال بتأسيس مرجعية حقوقية نابعة من‬ ‫رؤية متكاملة لإلسالم عـقـيـدة وشريعة وقيما على النحو الذي‬ ‫رسمناه آنفــا‪.‬‬

‫إن هذا المقال أسس للتعـريف بثـقـافة حقوق المتعايشين في‬

‫‪ -‬الحذر من نقل الفيروس إلى اآلخرين‪.‬‬

‫‪23‬‬


‫ المواظبة على تناول األدوية المناسبة‪.‬‬‫ال شك في أن المرض ابتالء من اهلل سبحانه وتعالى نتجاوزه بالصبر‬ ‫والدعاء واألمل‪ ،‬وهذا ال ينفي السعي إلى ال ّتـداوي طلبا للشفاء وأخذا‬ ‫باألسباب‪ ،‬وجريا على السنن الكونية التي تسير وفق نظام رباني‬ ‫محكم‪ ،‬كما ال ينفي تسلح المتعايش مع الفيروس بمعرفة طرق‬ ‫انتقاله إلى الشخص السليم‪ ،‬فيسهم بذلك السلوك في التقليص‬ ‫من انتشاره‪.‬‬ ‫وفي سياق السعي إلى كسر حاجز الصمت‪ ،‬يجـدر التذكير بأن‬ ‫فيروس نقص المناعة البشري ال يصيب اإلنسان السليم عبر العدوى‪،‬‬ ‫بل عبر االنتقال من الشخص الحامل للفيروس إلى اآلخر‪ ،‬ويكون ذلك‬ ‫بثالث طرق‪:‬‬ ‫ االتصال الجنسي غير المحمي بين الحامل للفيروس والطرف‬‫الثاني‪.‬‬ ‫ الدم ومشتقاته‪ ،‬وغالبا ما يُنقـل الفيروس عبر استخدام‬‫الملوثة والمشتركة بين مجموعات مستهلكي المخدرات‬ ‫اإلبر‬ ‫ّ‬ ‫المحقونة‪ ،‬وسائر األدوات التي تخترق الجلد أو األغشية المخاطية‬ ‫مثل وسائل ثقب األذن وأدوات الوشم ‪...‬أما تزويد المريض بالدم‬ ‫في المؤسسات الصحية المختصة في تونس‪ ،‬فأمره محسوم عبر‬ ‫التحاليل المخبرية للتأكد من سالمته‪.‬‬ ‫ من األم المصابة إلى جنينها أثناء الحمل وخالل الوالدة وعن‬‫طريق الرضاعة‬ ‫واعتبارا لهذه المعطيات العلمية‪ ،‬يجـدر بالقارئ تصحيح ما تلقاه‬ ‫من مفاهيم متداولة بين الناس ال أساس علمي لها كانت سببا‬ ‫في تعميق انتهاك حقوق المتعايشين وإقصائهم من المجتمع‬ ‫واجتناب التعامل معهم واالحتكاك بهم واالستفادة من جهودهم‪.‬‬ ‫وإليكم جملة من الممارسات اليومية التي ال تنقل الفيروس عن‬ ‫هذه الفئة وهي‪:‬‬ ‫‪24‬‬

‫ مالمسة المتعايش كالمصافحة أو المعانقة والتعامل معه في‬‫محيط األسرة أو المدرسة أو العمل أو المجتمع‪.‬‬

‫ االختالط به في األسواق والمغازات والمساحات الكبرى وما اقترن‬‫بها من تبادل النقود ومالمسة األبواب واألشياء األخرى المشتركة‬ ‫بين الجميع‪.‬‬ ‫ مشاركته وسائل المواصالت العامة والمسابح والحنفيات‬‫والمراحيض‪.‬‬ ‫الصحون والمالعق‬ ‫ المشاركة في األكل والشرب واستعمال ّ‬‫واألكواب وغيرها‪.‬‬ ‫ السوائل الفيزيولوجية مثل العرق واللعاب‪.‬‬‫السعال‪.‬‬ ‫ نزلة البرد أو العطس أو ّ‬‫إن الغرض األسمى من حصر طرق اإلصابة بفيروس نقص المناعة‬ ‫ّ‬ ‫المكتسب‪ ،‬وذكر نماذج من الممارسات اليومية التي ال تشكل خطرا‬ ‫األصحاء رغم مخالطتهم لحاملي الفيروس هو بناء أرضية‬ ‫على‬ ‫ّ‬ ‫أن معرفة أعراض‬ ‫موضوعية صلبة للدفاع عن حقوق المتعايشين‪ ،‬إذ ّ‬ ‫هذا المرض وأسباب انتقاله أصبحت معلومة ومتاحة للجميع‪ ،‬أما‬ ‫حقوق المتعايشين مع الفيروس فيتجاهلها الكثيرون ويتنكرون‬ ‫لها بتبريرات واهية‪.‬‬ ‫‪ .2‬مواقف وظواهر تنافي حقوق المتعايشين‪:‬‬ ‫تنامت ظاهرة الوصم والتمييز تجاه المتعايشين مع فيروس‬ ‫نقص المناعة البشري‪ ،‬و تنامت معها مواقف وسلوكيات اتسمت‬ ‫التعدي على‬ ‫بالقسوة والعنجهية إزاء هذه الفئة‪ ،‬الشيء الذي أفضى إلى‬ ‫ّ‬ ‫حقوقها األساسية المادية منها والمعنوية‪ ،‬رغم الجهود المبذولة‬ ‫من قبل الحكومات والمنظمات الوطنية والدولية للتقليص من‬ ‫حدة هذه الممارسات‪.‬‬ ‫إن استفحال ظاهرة الوصم والتمييز المرتبطة بحاملي الفيروس‬ ‫ّ‬ ‫هو األداة الفعالة النتهاك حقوق المتعايشين االجتماعية والتشريعية‬ ‫والصحية وغيرها‪ .‬ففي المجال االجتماعي تعاني هذه الفئة اإلقصاء‬ ‫والتهميش حتى من أقرب الناس إليها‪ ،‬وتفـتقـر إلى التمتع بالخدمات‬ ‫االجتماعية الالزمة‪ ،‬وأعالها الحق في الشغل كما تالقي ضروبا من‬ ‫والصد بل والعنف بتع ّلـة الخوف من انتقال الفيروس إليها‪،‬‬ ‫اإلهانات‬ ‫ّ‬

‫‪25‬‬


‫أو ألن هذه الفئة ‪ -‬في نظر بعض المتطرفين الدينيين ‪ -‬من صنف‬ ‫العصاة الذين أثموا بارتكابهم الرذيلة وال بد حينئذ من معاقبتهم‬ ‫تطهيرا لهم من اإلثم‪ ،‬وليكونوا عبرة لغيرهم‪.‬‬

‫المبــحــث األول‬

‫وفي الميدان التشريعي وضعت بعض الدول قوانين تسيء معاملة‬ ‫حاملي الفيروس وتتوعد بسجنهم وعزلهم‪ ،‬وتج ّرم كتمان اإلصابة‬ ‫أو التعرض لها أو نقـل العدوى‪ ،‬وتفيد بعض المصادر أن هذه القوانين‬ ‫هي التي فسحت المجال لتعنيفهم وإساءة معاملتهم أثناء الحجز‪.‬‬ ‫وفي السياق التشريعي أيضا‪ ،‬تفرض بعض الدول قيودا لمنع السفر‬ ‫على المتعايشين ظنا منها أنها إجراءات تمكن من مكافحة انتشار‬ ‫الفيروس‪.‬‬

‫‪ -1‬البنية العقدية اإلسالمية وحقوق المتعايشين‪:‬‬

‫لقد طال التعدي على حقوق المتعايشين في كثير من دول‬ ‫العالم اليوم المجال الصحي‪ ،‬فبعض المؤسسات االستشفائية‬ ‫ترفض استقبال هذه الفئة االجتماعية‪ ،‬وقد يغادر بعضهم أماكن‬ ‫تواجدهم خوفا من العدوى‪ ،‬وينتاب البعض األخر‪ -‬حتى من األطباء‬ ‫والممرضين‪ -‬حالة من الذعر والفزع‪ .‬وإذا ما تم استقبالهم فان‬ ‫بعض هذه المؤسسات تضعهم في غـرف عزل ال تتوفر فيها‬ ‫الخدمات الطبية الالزمة‪ ،‬بل قد وصل األمر بالبعض إلى رفض إجراء‬ ‫العمليات الجراحية على المتعايشـيـن‪.‬‬ ‫ـسـر فظهرت‬ ‫يبدو مما سبق ذكره‪ ،‬إن حاجز الصمت قد ُك ّ‬ ‫حقيقة التعايش مع هذا الفيروس‪ ،‬وتأكدت الحاجة إلى تأمين حقوق‬ ‫المتعايشين كاملة‪ .‬ولعل هذه المعطيات العلمية والواقعية هي‬ ‫الكفيلة بإنشاء مقاربة دينية في الغرض تأخذ في عين االعتبار البعد‬ ‫التكاملي للدين اإلسالمي عقيدة وشريعة وأخالقا‪.‬‬

‫‪26‬‬

‫القيمية وتأصيل حقوق‬ ‫البنية العقدية والمنظومة‬ ‫ّ‬ ‫المتعايشين‬ ‫العقيدة اإلسالمية حقائق غيبية قائمة على مبدأ التوحيد من جهة‬ ‫اإليمان بوحدانية اهلل في الخلق والتدبير‪ .‬ويترتب على هذا‪ ،‬التصديق‬ ‫بسائر الغيبيات التي تعرف بالخبر اليقيني وتدرك بالعقل االستداللي‬ ‫وهي‪ ،‬األنبياء والرسل والكتب المنزلة والمالئكة واليوم اآلخر والقضاء‬ ‫والقدر خيره وشره‪ ،‬بحيث تتضافر جميع هذه األركان لتشكل وحدة‬ ‫موضوعية متكاملة وأصوال للدين اإلسالمي إليها ترتد كل الحقائق‬ ‫الدينية األخرى الفقهية منها والقـ َيـم ّية‪.‬‬ ‫إن هذه األصول صالحة ألن تؤسس مرجعية دينية لحقوق‬ ‫المتعايشين مع فيروس نقص المناعة المكتسب على نحو‬ ‫ـكـلـ ُّ َ‬ ‫موضوعي متين ال تَ َ‬ ‫ـف فيه وال تعسف‪ .‬ولعل األمر يدخل في حيز‬ ‫اإلمكان ويتم حسمه بجدية حين نتناوله من خالل الحقائق الدينية‬ ‫التالية‪ :‬وحدانية اهلل ‪ -‬تكريم اإلنسان ‪ -‬االبتالء الرباني‪.‬‬ ‫وحدانية اللــه‪:‬‬ ‫إن اهلل واحد في ذاته وصفاته‪ ،‬متفـرد بخلق اإلنسان والكون والحياة‬ ‫ّ‬ ‫والموت‪ ،‬مستأثر بالتسيير والعناية والتدبير بحكمته ورحمته‬ ‫ولطفه‪ ،‬ال يشاركه مخلوق في هذا كله وال في غيره‪ .‬قال تعالى ﴿ال ّل ُه‬ ‫ال َت ْأ ُخ ُذ ُه ِس َن ٌة َو َ‬ ‫وم َ‬ ‫ـه ِإ َّ‬ ‫َ‬ ‫م﴾ (البقرة ‪)255 -‬‬ ‫ال هُ َو ا ْل َح ُّي ا ْل َق ُّي ُ‬ ‫ال ِإ َل َ‬ ‫ال َن ْو ٌ‬ ‫َ‬ ‫ك ا َّل ِذي ِب َي ِد ِه ا ْل ُم ْل ُ‬ ‫وقال ﴿ َت َبا َر َ‬ ‫ك َوهُ َو َع َلى ُك ِّ‬ ‫ل ش ْي ٍء َق ِدي ٌر * ا َّل ِذي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫س ُن َع َم ًلا َوهُ َو ا ْل َع ِز ُ‬ ‫ت َوا ْل َح َي َ‬ ‫يز‬ ‫َخ َل َق ا ْل َم ْو َ‬ ‫م أ ْح َ‬ ‫م أ ُّي ُك ْ‬ ‫اة ِل َي ْب ُل َو ُك ْ‬ ‫ا ْل َغ ُفو ُر﴾ (الملك ‪ -1‬و‪.)2‬‬ ‫إن التعمق الموضوعي في فهم مبدأ التوحيد الذي يختزل بالصورة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يمكن من التزود‬ ‫والفعل روح العقيدة اإلسالمية‪ ،‬هو السبيل الذي‬ ‫باألدوات المعرفية الالزمة لصياغة منظومة حقوقية متينة‬ ‫تستهدف فئة المتعايشين‪ ،‬وهي ذات مرجع ّية إسالمية صالحة‬ ‫ألن تشكل سندا لخطاب توعـوي رشيد‪ ،‬ذلك أن عقيدة التوحيد‬

‫‪27‬‬


‫تستنهض الهمم وتحرك العزائم وتوقظ الجانب الباطني الخ ّيـر في‬ ‫اإلنسان‪ ،‬وإيمان اإلنسان بأن المولى تفـ ّرد بالخلق والتدبير يرسخ فيه‬ ‫قناعات يبني بها مواقف وهي‪:‬‬ ‫إن الكون والحياة واإلنسان لم تخلق عبثا وال صدفة وإنما لغاية‪،‬‬ ‫ ّ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ين * َما‬ ‫﴿و َما خلقنا َّ‬ ‫الس َم َ‬ ‫قال تعالى َ‬ ‫ات َوالأ ْرض َو َما َب ْين ُه َما ل ِ‬ ‫او ِ‬ ‫اع ِب َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِّ‬ ‫م لا َي ْعل ُمون﴾َ (الدخان ‪.)39-38‬‬ ‫ن أكث َرهُ ْ‬ ‫َخ َل ْق َناهُ َما ِإ َّلا ِبال َحق َول ِك َّ‬ ‫وأن وجوده مقصود لالنتفاع بما خلق اهلل تعالى‪ ،‬قال عز من قائل‬ ‫م َما ِفي َ‬ ‫﴿هُ َو ِّ‬ ‫يعا﴾ (البقرة ‪ .)29‬وينبني على‬ ‫ض َج ِم ً‬ ‫الذي َخ َل َق َل ُك ْ‬ ‫األ ْر ِ‬ ‫هذا وذاك أن يكون للمتعايشين حق في االنتفاع بما خلق اهلل‪ ،‬وحق‬ ‫في التصرف والتدبير ومنهما تنبثق سائر الحقوق المادية كالحياة‬ ‫رب الناس‬ ‫والصحة والشغل‪ ،‬فهم من عباد اهلل الذين خلقهم ّ‬ ‫جميعا‪ ،‬العالم بالسرائر وما تُ ْخفي الصدور‪.‬‬ ‫ ال خالق سواه وال معبود غيره‪ .‬وهذا االعتقاد يكسب المتعايش‬‫قوة في الثبات على المبدأ بأنه ح ّر ال واسطة بينه وبين خالقه‪ ،‬وال‬ ‫سلطان عليه غير تقوى اهلل وضميره والقانون‪ ،‬فالحرية حق تكفله‬ ‫القوانين اليوم ولكن التأسيس لمشروعيته يسهم فيه غالبا المبدأ‬ ‫اإليماني‪.‬‬ ‫ إن الحرية في إطار المرجعية الدينية محفوظة بالوازع الداخلي‬‫أساسا‪ ،‬وبيانه أن الناس جميعا هم عباد اهلل أحسن خلقهم‬ ‫وك ّرمهم‪ ،‬وال سلطان عليهم غيره‪ ،‬وفي هذا اإلطار يتنزل استنكار‬ ‫اإلسالم للوصم والتمييز وكل ضروب االعتداء على كرامة اإلنسان‪.‬‬ ‫تكريم اإلنسان‬ ‫المتعايش مع الفيروس إنسان مكـ ّرم بمقتضى الهيئة التي خلقه‬ ‫اهلل تعالى عليها‪ ،‬وال فرق بينه وبين غيره إال بالعمل النافع مصداقا‬ ‫اهلل أَ ْت َق ُ‬ ‫م﴾ (الحجرات‪ .)13 -‬وهذا‬ ‫اك ْ‬ ‫لقوله تعالى ﴿ ِإ َّن أَ ْك َر َم ُك ْ‬ ‫م ِع ْن َد ِ‬ ‫هو المع ّبـر عنه بالحق األصلي الذي تتأسس عليه سائر الحقوق‬ ‫المدنية والثقافية واالقتصادية واالجتماعية وغيرها‪.‬‬

‫‪28‬‬

‫لقد حظي اإلنسان بما هو إنسان ‪-‬في المنظور اإلسالمي‪ -‬بالتكريم‬ ‫آدمَ﴾ (اإلسراء‬ ‫﴿و َل َق ْد َك َّر ْم َنا َب ِني َ‬ ‫اإللهي دون سائر الخلق‪ ،‬قال تعالى َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ان َما‬ ‫ ‪ .)70‬فسواه عقال وجسدا وروحا‪ ،‬قال تعالى ﴿ َيا أ ُّي َها ا ِإلن َ‬‫س ُ‬

‫ك ِب َر ِّب َ‬ ‫ـر َ‬ ‫ك َ‬ ‫يم﴾ (االنفطار ‪ )6 -‬وأنشأه مزودا باستعدادات‬ ‫َّغ َّ‬ ‫الك ِر ِ‬ ‫فطرية ومواهب وقدرات تؤهله ألداء وظائفه في الكون بما يحقق‬ ‫الصالح والنفع للجميع‪ ،‬كما ّ‬ ‫سخـر له الكون لصالحه وه ّيـأ له األرض‬ ‫ّ‬ ‫الستثمارها واإلبداع فيها ‪،‬قال عز من قائل في أكثر من آية ﴿‪...‬‬ ‫م‪.﴾...‬‬ ‫َو َ‬ ‫س َّخ َر َل ُك ْ‬ ‫وإن كيف ّيـة انتفاع اإلنسان عموما بما خلق اهلل في األرض على‬ ‫ّ‬ ‫قاعدة العدل‪ ،‬هي المع ّبر عنها بالحقوق وهي التي يقترن بها ّ‬ ‫حقـه في‬ ‫تصرفات بدنه وحواسه ومشاعره(((‪.‬‬ ‫يحول نظره‬ ‫حري بكل من استوعب مبدأ التكريم اإللهي أن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫تحدي الوصم‬ ‫واهتمامه من الدعوة إلى مواجهة الفيروس إلى إعالن ّ‬ ‫والتمييز اللذين يطاردان المتعايشين حيثما وجدوا‪.‬‬ ‫إن اإلنسان من جهة كونه إنسانا هو الذي يستخلفه اهلل في الكون‬ ‫ّ‬ ‫تحمال وأداء وذلك تكريم وتشريف له بقطع النظر عن الفوارق‬ ‫الشكلية الزائلة بين الناس كاللون والجنس والصحة والمرض‪ ،‬فهي‬ ‫اختالفات ال تصلح معايير للتفاضل بين البشر في البنية العقدية‬ ‫اإلسالمية‪.‬‬ ‫واعتبارا لمبدأ التكريم اإللهي لإلنسان‪ ،‬ال يجوز شرعا أن نجعل‬ ‫التعايش مع فيروس نقص المناعة المكتسب سببا للوصم‬ ‫والتمييز‪ ،‬وال مبررا النتهاك حقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫االبتالء الربّاني‪:‬‬ ‫إن اإلصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب ابتالء رباني واختبار‬ ‫إلهي جارية على مقتضاه السنن اإللهية في الكون واإلنسان‪ ،‬وال يليق‬ ‫بمن آمن برب العزة العزيز الرحيم المتفرد بالخلق والتدبير أن يعتبر‬ ‫التعايش مع هذا الفيروس عقوبة سلطت على صاحبها‪ ،‬قال تعالى‬ ‫﴿و َل َن ْبـلـ َو َّنكم ِب َ‬ ‫ش ْي ٍء ِم ْن َ‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫ص ِفي ا ْل َأ ْم َو ِ‬ ‫وع َو َن ْق ٍ‬ ‫الخ ْو ِف َوا ْل ُج ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ِّ‬ ‫َواأل ْن ُ‬ ‫الصا ِب ِرينَ﴾ (البقرة‪ ،)155 -‬فاالعتقاد‬ ‫ات َو َبشر َّ‬ ‫ـس َوالث َم َر ِ‬ ‫ـف ِ‬ ‫الصادق باهلل تعالى هو البلسم الشافي الذي منه يتز ّود المتعايش‬ ‫بفسحة من األمل والرجاء ويتسلح بالعزيمة والقوة‪.‬‬ ‫‪ 1‬حممد الطاهر بن عاشور ‪ -‬مقاصد الرشيعة‪ ،‬ص ‪.168‬‬

‫‪29‬‬


‫المتعايش مع الفيروس الذي تق ّبـل وضعه باعتباره ابتالء ربانيا‪،‬‬ ‫يجب أال يكون إنسانا سلبيا يعيش في عالم اليأس والقنوط ويركن‬ ‫عبد يتقرب إلى خالقه بالدعاء والتض ّرع‪.‬‬ ‫إلى العزلة واالنطواء‪ ،‬بل هو ٌ‬ ‫م﴾ (غافـر‪ .)60 -‬ويتحلى بالصبر أمال‬ ‫قال تعالى ﴿اُ ْد ُعو ِني أَ ْ‬ ‫ب َل ُك ْ‬ ‫س َت ِج ْ‬ ‫﴿و َب ِّ‬ ‫ين﴾ (البقرة‪.)155 -‬‬ ‫ش ْر َّ‬ ‫في الشفاء‪ ،‬قال تعالى َ‬ ‫الصا ِب ِر َ‬ ‫وبناء على ما ذكر‪ ،‬يجدر تسجيل االستنتاجات الموضوعية التالية‪:‬‬

‫ّ‬ ‫الحط من‬ ‫ ال يحق ألي شخص أن ينعت المتعايش بوصف يقصد به‬‫قيمته كإنسان وتمييزه عن غيره سلبيا‪ ،‬ألنه بين يدي خالقه وهو‬ ‫ات‬ ‫األعلم بالسرائر‪ .‬قال تعالى َ‬ ‫ين َوا ْل ُم ْؤ ِم َن ِ‬ ‫ين ُي ْؤ ُذ َ‬ ‫ون ا ْل ُم ْؤ ِم ِن َ‬ ‫﴿وا َّل ِذ َ‬ ‫ِب َغ ْي ِر َما ْ‬ ‫اح َت َم ُلوا ُب ْه َتا ًنا َو ِإ ْث ًما ُّم ِبي ًنا﴾ (األحزاب‪.)58 -‬‬ ‫س ُبوا َف َق ِد ْ‬ ‫اك َت َ‬

‫الصحي‪ ،‬وال‬ ‫ ال يحق أن يوضع المتعايش في العزل وال في الحجر‬‫ّ‬ ‫حقـه اإلدماج صلب‬ ‫يليق به ال ّرضا بهذه الممارسات المهينة‪ ،‬بل من‬ ‫ّ‬ ‫المجتمع بروح إيجابية استمدها من إيمانه العميق باهلل تعالى الذي‬ ‫ابتاله كما ابتلى غيره حتى األنبياء منهم‪ .‬قال تعالى ﴿ ِإ ِّني َمسـ َّ ِـن َي‬ ‫ُ‬ ‫ين﴾ (األنبياء‪.)83 -‬‬ ‫الض ُّر َوأَ ْن َ‬ ‫ت اَ ْر َح ُ‬ ‫م َّ‬ ‫الر ِ‬ ‫اح ِم َ‬ ‫‪ -2‬المنظومة القيم ّيـة وحقوق المتعايشين‪:‬‬

‫المنظومة القيم ّيـة وحدة متكاملة من القيم األخالقية الضابطة‬ ‫لسلوك الفرد وللعالقات االجتماعية والمنزلة في إطار المهمة‬ ‫الوجودية التي أ ُ ِن َ‬ ‫يطت بعهدة اإلنسان‪ ،‬كالعدل والمساواة والحرية‬ ‫والتسامح والعفو‪ .‬وهذه القيم جزء ال يتجزأ من تعاليم اإلسالم‬ ‫السمحة التي استخرجها العلماء من الوحي اإللهي نصا ومقصدا‪،‬‬ ‫س ْل َن َ‬ ‫اك‬ ‫﴿و َما أَ ْر َ‬ ‫بل هي روح الدين اإلسالمي التي يختزلها قوله تعالى َ‬ ‫ين﴾ (األنبياء‪ .)107 -‬فالقسوة والكراهية والظلم‬ ‫ِإ َّلا َر ْح َم ًة ِل ْل َعا َل ِم َ‬ ‫والتمييز والوصم مظاهر سلوكية تنافي مبدأ الرحمة‪.‬‬ ‫وتتميز منظومة القيم اإلسالمية بخصائص هي‪:‬‬

‫‪30‬‬

‫ الثبــــات‪ :‬بوصفه ناشئ عن الحقيقة االعتقادية‪ ،‬أي أن العدل‬‫بين المتخاصمين أو العفو عن اآلخر أو الرأفة بالضعـيف والمريض‬ ‫سلوكيات ومواقف قيم ّية نابعة من الشعور بـرقابة اإلله خالق‬ ‫الكون واإلنسان‪.‬‬

‫ العـموم‪ :‬فهي قيم ذات بعد إنساني يتجاوز كل الحواجز‬‫واالختالفات الشكلية والعارضة‪ ،‬ويتوافق مع الفطرة السليمة‬ ‫والعقل الراجح‪.‬‬ ‫ اإلطالق ّية‪ :‬من جهة أنها قابلة للتحويـل إلى قـوى زمنية‪-‬‬‫مكانية حسب الظروف المتغيرة‪.‬‬ ‫ضمن هذا النسق المعرفي‪ ،‬تتنزل ممارسة حقوق المتعايشين مع‬ ‫الفيروس بالصورة التي يجب أن تكون عليها‪ .‬ويمكن اختزال الوضعية‬ ‫المنشودة في المعطيات التالية‪:‬‬ ‫ االعتراف بحق المتعايش في الحرية اعتراف بإنسانيته أوال‪،‬‬‫واستجابة لنداء الفطرة ثانيا‪.‬‬ ‫ الوصم والتمييز ال يجتمعان مع مبدأ المساواة‪ ،‬بل يهدمانه‪.‬‬‫ التعدي على حقوق المتعايش سلوك ينافي مبدأ العدل‪ ،‬وعمل‬‫يكرس الظلم‪.‬‬ ‫وبالوصم والتمييز والتعدي على حقوق المتعايش وحرياته‪ ،‬يخرق‬ ‫الفرد منظومة القيم اإلسالمية وينحرف عن تعاليم اإلسالم وهو‬ ‫ال يشعر‪ ،‬ذلك ألن التحلي بقيم اإلسالم السمحة هي غاية الرسالة‬ ‫ومنتهى الديانة‪ ،‬يقول الرسول صلى اهلل عليه وسلم «إنما بعثت‬ ‫ألتمم مكارم األخالق»‪ ،‬واهلل قد أمر بالعدل والقسط‪ ،‬فهو القائل‬ ‫ب ِلل َّت ْق َوى‪( ﴾..‬المائدة‪ .)8 -‬كما نبهنا إلى أن‬ ‫اع ِد ُلوا هُ َو اَ ْق َر ُ‬ ‫﴿‪ْ ...‬‬ ‫الناس سواسية ال فرق بينهم إال بالعمل النافع‪ ،‬وحث على العفو‬ ‫والحلم والتعايش السلمي‪.‬‬ ‫إن المتعايش جدير بأن ينال حظوظه الدنيوية التي خلقها اهلل‬ ‫كغيره من الناس‪ ،‬أما تمييزه عنهم وإقصاؤه ووصمه بصنوف شتى‬ ‫من النعوت المشينة‪ ،‬فال مبرر لها‪ ،‬وال دليل عليها في اإلسالم بل هي‬ ‫من المنهـ ّيـات الواردة صراحة في نصوص الوحي‪ ،‬منها قوله تعـالى‬ ‫م ِم ْن َق ْو ٍم ‪( ﴾...‬الحجرات‪.)11 -‬‬ ‫آم ُنوا َلا َي ْ‬ ‫س َخ ْر َق ْو ٌ‬ ‫ين َ‬ ‫﴿ َيا أَيـ ُّ َها ا َّل ِذ َ‬

‫وال شك في أن تنامي الوصم والتمييز وتصاعد العنف واستفحال‬ ‫التطرف إزاء هذه الفئة اليوم في كثير من المجتمعات والدول‪،‬‬ ‫ظواهر سلبية أوجد البعض لها ما يبررها في المرجعية الدينية‬

‫‪31‬‬


‫بطريق التوظيف والتأويل‪ ،‬فألصقوها بها تعسفا‪ ،‬ورفعوا بها شعار‬ ‫اإلصالح الديني والدعوة إلى الفضيلة ومقاومة الرذيلة والفساد األخالقي‬ ‫والحال أن الدين من ذلك كله براء‪ ،‬ألن قيم اإلسالم السمحة تأبى مثل‬ ‫هذه الممارسات المبنية على مواقف خاطئة‪.‬‬ ‫إن محاكمة المتعايشين مع الفيروس بالمعايير األخالقية السلبية‪،‬‬ ‫فنعت هؤالء بالمنحرفين أو ّ‬ ‫بالضالين‬ ‫أمر ال يستقيم شرعا وواقعا‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫أو بالفاسدين والمفسدين أو بالشواذ فيه من الظلم والعدوان الكثير‪.‬‬ ‫ان ِإ َّلا َع َلى َّ‬ ‫ين﴾‬ ‫واهلل سبحانه وتعالى يقول ﴿‪ ...‬ف َلا ُع ْد َو َ‬ ‫الظا ِل ِم َ‬ ‫(البقرة‪ .)193 -‬فأي ظلم ارتكبه الجنين أو ال ّرضيع حين يصاب بالفيروس‬ ‫والمغتصبة وزر خيانة‬ ‫نحمل المرأة الحامل‬ ‫من ّ‬ ‫َ‬ ‫أم متعايشة وبأي حق ّ‬ ‫زوجية غير محم ّية أو وزر مغتصب سفاح وكيف للعاملين في المجال‬ ‫الصحي أو المرضى الذين نقل إليهم الدم الملوث دون علمهم أن‬ ‫نصنـّفهم في عداد المنحرفين؟‬ ‫كل هؤالء ضحايا المجتمع في حقيقة األمر‪ ،‬أما غيرهم ممن انتقل‬ ‫إليهم الفيروس بسبب عالقات جنسية غير محمية أو باستعمال‬ ‫ّ‬ ‫تحق في‬ ‫المخدرات فال يليق تصنيفهم في زمرة المنحرفين الذين‬ ‫شانهم العقوبة أو كمذنبين يحتاجون إلى أن يتطهروا من ذنوبهم‪،‬‬ ‫فإن ثبت هذا أو ذاك‪ ،‬فالقضاء هو الفيصل وإ ّال فاألمر موكول إلى رب‬ ‫العالمين الذي بيده األمر كله والذي لم يجعل لذاته العل ّية في األرض‬ ‫وكيال بينه وبين خلقه‪ ،‬يحكم باسمه وينفذ باسمه وينتقم ويتشفى‬ ‫من األبرياء بتع ّ‬ ‫الت موهومة‪ .‬وليس الدين ‪-‬في حقـيقـته‪ -‬عامل فتنة‬ ‫وال وسيلة النتهاك حقوق اإلنسان وخصوصا الفئات التي تحتاج إلى‬ ‫والصالح‬ ‫الرعاية النفسية والمادية‪ ،‬ولكنه السبيل القويم لنشر الخير‬ ‫ّ‬ ‫والع ْروة الوثقى إلشاعة قيم العدل والحرية والمساواة‪.‬‬ ‫ُ‬

‫‪32‬‬

‫إن حفظ حقوق المتعايشين المادية والمعنوية بالقسطاس والعدول‬ ‫عن وصمهم وتمييزهم عن سائر أفراد المجتمع وباقي فئاته واحترام‬ ‫يعد من قبيل األمر بالمعروف وال ّنهي‬ ‫إنسانيتهم وحرياتهم‪ ،‬كل هذا ّ‬ ‫عن المنكر ومن جنس العمل الصالح الذي تكررت الدعوة إليه مرارا‬ ‫ّ‬ ‫بحق جميع القيم اإلسالمية‪ ،‬وهو ما‬ ‫في القران الكريم والذي يختزل‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ين ا َمنوا‬ ‫ّ‬ ‫يفسر اقترانه باإليمان غالبا كلما ذكر في القران الكريم ﴿ال ِذ َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ات﴾ (ذكرت ‪ 10‬مرات في القرآن)‪.‬‬ ‫َو َع ِملوا َّ‬ ‫الصا ِل َح ِ‬

‫المبحث الثــــــاني‬

‫حقوق المتعايشين في المنظومة التشريعية اإلسالمية‬ ‫‪ - 1‬السياقات الموضوعية‪ :‬مـاذا؟ ‪ -‬لمـاذا؟ ‪ -‬كيـف؟‬

‫مــــــاذا؟‬ ‫المقصود بالمقاربة التشريعية لحقوق المتعايشين معالجة‬ ‫األحكام والنظم الفقهية التي تضبط تصرفات الناس إزاء هؤالء‪،‬‬ ‫حفاظا على وجودهم وتحقيقا لمصالحهم المادية والمعنوية‪ ،‬حتى‬ ‫يعيشوا بين الناس في رفاهية وطمأنينة‪.‬‬ ‫لمــــــاذا؟‬ ‫عامة لكل الناس وشاملة‬ ‫لما كانت الشريعة اإلسالمية شريعة ّ‬ ‫لكل قضاياهم الحياتية‪ ،‬اقتضى أن تق ّرر ‪-‬بمقتضى أحكامها الجزئية‬ ‫وقواعدها الكلية ومقاصدها‪ -‬حقوق اإلنسان بسائر أبعادها وأنواعها‬ ‫والدفاع عنها‬ ‫والدعوة إلى نشرها‬ ‫وتلح على حفظها وااللتزام بها‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫شك فيه أن حقوق اإلنسان‬ ‫وتفعيلها في الواقع المعيش‪ .‬ومما ال‬ ‫ذات المرجعية الشرعية قادرة على استيعاب الوضعيات المستحدثة‬ ‫وإسعاف الناس بأحكام تراعي وقع األزمات وتستجيب لنداء الفطرة‬ ‫حي لهذه‬ ‫اإلنسانية وما الحديث عن حقوق المتعايشين إال أنموذج ّ‬ ‫النوازل‪.‬‬ ‫وإزاء تنامي ظاهرة الوصم والتمييز التي طالت المتعايشين مع‬ ‫الفيروس‪ ،‬تعالت أصوات الحكماء وقادة الرأي في هذا العصر منبهة‬ ‫إلى خطر هذه المواقف وفداحة هذه الممارسات على حقوق اإلنسان‬ ‫وبرزت الشريعة اإلسالمية س ّبـاقة في هذا المجال‪ ،‬بحيث أضحت من‬ ‫المصادر الملهمة لحقوق المتعايشين في هذا العصر نصا ومقصدا‪.‬‬ ‫كيـــــف؟‬ ‫حري بالباحث في حقوق المتعايشين من منظور تشريعي‪ ،‬التعاطي‬ ‫ّ‬ ‫مع الضوابط الموضوعية والمسارات اآلتي ذكرها فهما وتنزيال‪:‬‬ ‫ إن الدعوة إلى التوقـّي من انتقال الفيروس‪ ،‬واتخاذ اإلجراءات‬‫االحتياطية التي تحول دون انتشاره‪ ،‬ال تشكل بالضرورة مبررا النتهاك‬

‫‪33‬‬


‫حريات األشخاص المتعايشين وحقوقهم‪ ،‬وفسح المجال ليكونوا‬ ‫عرضة للوصم والتمييز‪.‬‬ ‫ اعتراف الشريعة بحقوق هذه الفئة وما يلحق بها من أشياء‪،‬‬‫مشروط بإحكام الموازنة بين المصالح بحسب مراتبها ودرجاتها‪،‬‬ ‫والمعادلة بين حق الفرد والحقوق العامة‪.‬‬ ‫ ال يليق فهم حقوق المتعايشين في ضوء الشريعة اإلسالمية‬‫بمعزل عن استحضار الحقيقة العقدية والطرح القيمي ألنهما منبع‬ ‫تـتـفعـل أساسا بالوعـظ واإلرشاد والتي تسبق‬ ‫الرقابة الذاتية التي‬ ‫ّ‬ ‫خطاب الزجر واإللزام الذي يتنزل بالوازع السلطاني‪.‬‬ ‫ إن حقوق المتعايشين تظهر من خالل المنحى التشريعي‬‫اإلسالمي في مقومين اثنين‪ ،‬أ ّولهما الكل ّيات التشريعية وثانيهما‬ ‫الفروع الفقهية ومجال تفصيل الحديث عنهما في الصفحات‬ ‫الموالية‪.‬‬ ‫‪ - 2‬الكل ّيات التشريعية الضامنة لحقوق المتعايشين‪:‬‬ ‫المقــاصـد الشرعـيــة‬ ‫إن شخصية المتعايش كغيره من الناس ال تكتمل إال إذا تمتع‬ ‫ّ‬ ‫وجسـد ذلك في أنشطة حيوية روحية واجتماعية‬ ‫بسائر حقوقه‬ ‫ّ‬ ‫وسياسية واقتصادية وعلمية‪.‬‬ ‫وقد ضبط علماء المقاصد اإلطار التشريعي لهذه الحقوق فيما‬ ‫يع ّبـر عنه بالكل ّيات الخمس وهي‪ :‬الدين ‪ -‬النفس ‪ -‬النسل ‪ -‬المال‬ ‫ويعد حفظها أعلى مراتب المصالح‬ ‫العـرض‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ العقل‪ ،‬وزاد بعضهم ِ‬‫المقصودة من التشريع وأثبتها‪ ،‬وتفصيل الحديث فيها على النحو‬ ‫التالي‪:‬‬

‫‪34‬‬

‫حفظ الـنـفــس‪ :‬وهو المعبر عنه بحق الحياة والمقصود به أن من‬ ‫حق ّ‬ ‫ّ‬ ‫كل إنسان أن يحيا ويتمتع بملذات الدنيا التي خلقها اهلل تعالى‬ ‫وجعل اإلنسان مستخلفا فيها بحسب قدراته ومواهبه ويُقصد بها‬ ‫أيضا حفظ النفس من الهالك‪ .‬وينبني على هذه الكل ّية حق المتعايش‬ ‫الصحة الجسدية والحصول‬ ‫في العيش الكريم والمسكن الالئق وفي‬ ‫ّ‬ ‫على األدوية المضا ّدة للفيروس والحق في األمان على شخصه‪.‬‬

‫ويمكن أن ندرج ضمن هذه الكل ّية الحق في الحرمة الجسدية وعدم‬ ‫التع ّرض ألي شكل من أشكال التعذيب أو التعنيف أو العقوبات‬ ‫القاسية والمعامالت الالإنسانية إذ الحياة تُحفظ بدرء كل خطر واقع‬ ‫ومتوقع أيضا‪.‬‬ ‫الدين‪ :‬من حق المتعايش أن يتمتع بحرية التد ّين اعتقادا‬ ‫حفظ ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫الرش ُد ِم ْن‬ ‫وممارسة‪ .‬قال تعالى ﴿ال ِإك َر َ‬ ‫ين ق ْد ت َب َّي َن ُّ‬ ‫اه ِفي ِّ‬ ‫الد ِ‬ ‫َ‬ ‫الغ ِّي‪( ﴾...‬البقرة‪ .)256 -‬فال يجوز ألي كان إكراهه على اعتناق دين أو‬ ‫الخروج من دين‪ ،‬كما ال يحق لغيره محاسبته على فعل باسم الدين‬ ‫أو بعنوان األخالق‪.‬‬ ‫حفظ النسل‪ :‬ويترتب عليه حق المتعايش في ال ّزواج وتكوين‬ ‫الصحية‬ ‫أسرة وفي حفظ نسبه وهذا الحق ال يسقط بالنظر إلى حالته ّ‬ ‫فهو ممكن ط ّبـيا ومقبول شرعا كما ال يسقط بسبب ارتكابه الزنا‪.‬‬ ‫حفظ العقل‪ :‬أي حمايته من أن يدخل عليه خلل يؤدي إلى عدم‬ ‫االنضباط في التص ّرف وفي ذلك خطر عظيم ويدخل في ذلك منع‬ ‫والمخدرات لكن حفظ العقل يتم أيضا بفسح المجال لحرية‬ ‫الخمر‬ ‫ّ‬ ‫الرأي والتعبير ولطلب العلم والمعرفة دون تمييز بين هذا وذاك‪.‬‬ ‫صون المال من الفساد واإلهدار ويترتب على ذلك‬ ‫حفظ المال‪ :‬أي ْ‬ ‫توزيع الثروة على الجميع بالعدل والتساوي فيكون المتعايش واحدا‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫منهم له ّ‬ ‫والحق في القروض‪.‬‬ ‫والحق في الشغل‬ ‫حق التملك‬ ‫حفظ العرض‪ :‬ويعبر عنه ّ‬ ‫بحق الكرامة فلكل شخص‪ ،‬والمتعايش‬ ‫التجسـس والغـ ْيـبة‬ ‫منهم‪ ،‬الحق في حياة تصان فيها كرامته من‬ ‫ّ‬ ‫والنميمة واللمز والسخرية وال ّتـنابز باأللقاب وسائر أنواع الوصم‪.‬‬ ‫عما نحن بصدده‪ .‬قال‬ ‫وقد ورد في سورة الحجرات ما يقيم الدليل ّ‬ ‫آم ُنوا َ‬ ‫َ‬ ‫م ِم ْن ق ْو ٍم‪( ﴾...‬البقرة‪-‬‬ ‫ال َي ْ‬ ‫س َخ ْر َق ْو ٌ‬ ‫ين َ‬ ‫تعالى ﴿ َيا أَ ُّي َها ا َّل ِذ َ‬ ‫‪ .)256‬وكذلك كل شكل من أشكال اإلهانة والتهميش واإلقصاء‬ ‫ويُفسح له المجال لحرية التنقـل والمشاركة في الحياة العامة‪.‬‬ ‫هذا‪ ،‬ويلحق بهذه ّ‬ ‫الضروريات ما له عالقة بالحاجيات وكذلك‬ ‫المصالح التحسينية وهي محاسن العادات‪ ،‬ويندرج ضمنها التجميل‬ ‫الستعادة الخلقة إلى أصلها شكال ووظيفة وإزالة تشوه أو انحراف‬ ‫ـرقي وال ّت ّ‬ ‫بالخلقة أو بحادث أو التجميل سيرا على نهج ال ّت ّ‬ ‫حضر ما لم‬ ‫يتغ ّيـر خلق اهلل‪.‬‬

‫‪35‬‬


‫إن ضمان حقوق المتعايش رهـين بإخراجها من حيز التنظير إلى‬ ‫عالم التطبيق كما يلي‪:‬‬ ‫ مسؤولية المتعايشين في األخذ بأسباب العيش الكريم بحسب‬‫ما ته ّيأت لهم من الظروف والوسائل‪ ،‬وبحسب ما يبذلونه من‬ ‫جهود في سبيل المطالبة بحقوقهم‪.‬‬ ‫ وضع برامج واستراتيجيات للتعريف بهذه الحقوق والتوعية‬‫والدورات التدريبية‬ ‫بأهميتها عبر منابر الحوار‪ ،‬ومنابر التوعية الدينية ّ‬ ‫وفي وسائل اإلعالم‪.‬‬ ‫ رصد ميزانيات لهذا الغرض‪.‬‬‫ صياغة هذه المعطيات في مواد قانونية ملزمة ومعاهدات‬‫واتفاقيات‪.‬‬ ‫ تفعيل هذه الكليات في الواقع المعيش بإجراء العدل والمساواة‬‫فيها وتحكيم قواعـد الموازنة بين المصالح بمعايير موضوعـ ّية‬ ‫تضع في االعـتبار مبدأ تكافؤ الفرص من جهة وأولو ّية أصحاب‬ ‫الحاجات الخصوص ّية من جهة أخرى واألمر هاهنا موكول إلى الحكام‪.‬‬ ‫إن المتعايشين مع فيروس نقص المناعة المكتسب مشمولون‬ ‫بالرعاية نظر ّيا ضمن مقاصد شرعـ ّية قائمة على جلب المصالح‬ ‫والم ّ‬ ‫توقـعة‪ ،‬وفي دائرة الكليات الضرور ّية‪،‬‬ ‫ودرء المفاسد الواقعة‬ ‫ُ‬ ‫تحمل مسؤولية هذه ال ّرعاية للجميع‪،‬‬ ‫وتطبيقـيا ضمن تعاليم‬ ‫ّ‬ ‫عمال بقوله صلى اهلل عليه وسلم «ك ّلـكم راع وك ّلـكم مسؤول‬ ‫عـن رعـيته»‪.‬‬ ‫القـواعـد الفـقـهـيـــة‪:‬‬

‫‪36‬‬

‫إن تحكيم القواعد الفقهية في تأصيل حقوق المتعايشين أمر من‬ ‫األهمية بمكان ألن هذه القواعـد عبارات موجزة تختزل كثيرا من‬ ‫األحكام الفرعـية المتجانسة من حيث مقاصدها وإن اختلفت في‬ ‫يستجد من‬ ‫مضامينها ومجاالتها‪ ،‬وألنها صالحة ألن تستوعب ما‬ ‫ّ‬ ‫قضايا باعتبار ما تتميز به من إطالقـ ّيـة وعموم وشمول وواقعية‪.‬‬ ‫ومن القواعد التي تفيدنا في هذا المقام‪ ،‬اثنتان من القواعد الكلية‬ ‫هما‪« :‬الضرر يُزال» و «المشقة تجلب التيسير»‪.‬‬

‫ ّ‬‫الضـرر ُيــزال‪:‬‬ ‫هي من القواعد الكلية التي تتسع لكثير من الفروع الفقهية في‬ ‫مختلف المجاالت واألصل فيها قوله صلى اهلل عليه وسلم «ال‬ ‫ضرر وال ضرار» رواه اإلمام مالك في الموطأ‪ ،‬الذي يختزل المقاصد‬ ‫األساسية للتشريع اإلسالمي في التصرفات الشخصية والمعامالت‬ ‫المالية والعالقات االجتماعـية بما يثبت صفة العدل والرحمة في‬ ‫تعيين الحقوق وممارستها‪.‬‬ ‫إن الـمـقصود بهذه القاعدة‪ ،‬حسب ما قرره المحققون من العلماء‪،‬‬ ‫أال يض ّر اإلنسان أخاه ابتداء وال جزاء (ابن نجيم مج ‪ ،1‬ص ‪ )87‬أي ال يحق‬ ‫له أن يلحق به أذى أو مفسدة وال أن يعتدي على حقوقه‪ ،‬ألن ذلك من‬ ‫قبيل ّ‬ ‫الظـلم المرفوض شرعا وطبعا ويستوي في ذلك الجميع‬ ‫وإن تع ّرض اإلنسان إلى ضرر فوجب عليه أن يدفعه بقـدر اإلمكان وال‬ ‫يقابله بضرر مثله‪.‬‬ ‫إن معالجة وضعية المتعايشين مع فيروس نقص المناعة‬ ‫المكتسب من منظور شرعي تستدعي استحضار هذه القاعدة التي‬ ‫وروحا ووجدت القبول من‬ ‫نصا‬ ‫ً‬ ‫استمدت شرعـيتها من الشريعة ً‬ ‫أن حماية‬ ‫سائر المذاهب الفقهية‪ .‬وتحكيما لهذه القاعدة أقول ّ‬ ‫حقـوق المتعايشين الذي ال تتم إال بدفع الضرر عنهم مطلب يتنزل‬ ‫في صميم الشريعة اإلسالمية على النحو التالي‪:‬‬ ‫ دفع األضرار المادية التي تلحقه في بدنه كالمرض واإلهمال‬‫وانعدام األدوية والمال كاالحتياج والفقر والتعرض لالستغالل‬ ‫واالبتزاز‪.‬‬ ‫ دفع األضرار المعنوية التي تلحقه في كرامته وشرفه أو في شعوره‬‫كالوصم والتمييز والتهميش أو في معتقداته أو في عاطفـته‪.‬‬ ‫ إن الدعـوة الدينية إلى إزالة هذه األضرار بناء على قاعدة «الضرر‬‫يُـزال» كفيلة في نظري بتفعيل سائر حقوق المتعايش التي تمليها‬ ‫للنص الديني‪.‬‬ ‫تعسف أو سوء توظيف‬ ‫ظروفه ووضعيته دون‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ ولعل األمر يزداد وضوحا حين نستحضر القواعد الفرعية ّ‬‫الضابطة‬ ‫نفعـلها هي األخرى في الواقع‬ ‫لهذه القاعدة األصلية ألنها جديرة بأن ّ‬ ‫وندعم بها مشروعـ ّية حقوق المتعايش وهي‪« :‬الضرورات‬ ‫المعيش‬ ‫ّ‬

‫‪37‬‬


‫تبيح المحظورات»‪ .‬فما أبيح للضرورة يقدر بقدرها‪ .‬والضرر ال يزال‬ ‫بالضرر ويُـتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام‪ .‬إذا تعارضت‬ ‫مفسدتان ُروعي أعظمهما ضررا بارتكاب أخفهما‪ .‬درء المفاسد‬ ‫أولى من جلب المصالح‪ .‬الحاجة تتـنـ ّزل منزلة الضرورة عامة كانت‬ ‫أو خاصة‪ .‬والمقام هنا ال يتسع ألسهب القول في هذه القواعد على‬ ‫أهميتها في الموضوع‪( .‬انظر ابن نجيم‪ :‬مج ‪ 1‬ص ‪ 87‬وما بعدها‪ ،‬جالل‬ ‫الدين السيوطي‪ :‬األشباه والنظائر‪ ،‬ص ‪ 83‬وما بعدها)‪.‬‬ ‫ المشقة تجلب التيسيــر‪:‬‬‫هذه القاعدة الكلية تختزل جميع رخص الشريعة اإلسالمية‬ ‫وتخفـيفاتها خصوصا فيما له صلة بالعبادات‪ ،‬إذ قد تعتري اإلنسان‬ ‫حاالت طارئة تمنعه من أداء تكاليف الشرع على الوجه المطلوب‬ ‫لكونها مشقة خارجة عن المعتاد كالمرض فكانت التشريعات‬ ‫االستثنائية القائمة على قاعدة التيسير هي مرجع النظر لرفع الحرج‬ ‫ين ِم ْن َح َر ٍج﴾‬ ‫﴿و َما َج َع َل َع َل ْي ُك ْ‬ ‫م ِفي ِّ‬ ‫عن المك ّلف‪ .‬قال تعالى َ‬ ‫الد ِ‬ ‫ُ‬ ‫س َر﴾‬ ‫م ُ‬ ‫الع ْ‬ ‫يد ِب ُك ْ‬ ‫س َر َو َلا ُي ِر ُ‬ ‫م ال ُي ْ‬ ‫يد اهلل ِب ُك ْ‬ ‫(الحج‪ .)78 -‬وقال ﴿ ُي ِر ُ‬ ‫(البقرة ‪.)185 -‬‬ ‫إن المتعايش مع الفيروس قد شملته الرحمة اإللهية بالرعاية‬ ‫كغيره من المرضى مراعاة لحقه في الحياة وفي العيش الكريم‬ ‫التيمم وترك الجماعة‬ ‫فأسعفته برخص في العبادات نذكر منها‬ ‫ّ‬ ‫وأداء صالته على الهيئة التي يستطيعها ولو باإليماء ولغير القبلة‬ ‫واإلفطار في رمضان واالستنابة في الحج إذا تحقق خوفه من الهالك أو‬ ‫من تض ّرر أطرافه أو ازدياد مرضه وتأخر شفائه‪ .‬والمعيار في ذلك كله‬ ‫أن حفظ النفوس واألطراف إلقامة مصالح الدين أولى من تعريضها‬ ‫ّ‬ ‫للفوات في عبادة أو عبادات‪( .‬كما قال اإلمام السيوطي‪ ،‬ص ‪.)80‬‬

‫‪38‬‬

‫واعتبارا لقاعدة المشقة تجلب التيسير ّ‬ ‫يحق للمتعايش العالج من‬ ‫المال العام ويباح له التداوي بما تتخلله نجاسات أو محرمات ويجوز‬ ‫لألطباء ولو من غير المسلمين النظر إلى عورته‪ ،‬وتزويد جسمه‬ ‫بالمخدر ألغراض عالجية حفظا لحقه في الحياة وضمانا لوضعـية‬ ‫َ‬ ‫م َما َح َّر َم ‪( ﴾...‬األنعام‬ ‫صحية جيدة‪ .‬قال تعالى‬ ‫ص َل َل ُك ْ‬ ‫﴿وق ْد َف َّ‬ ‫‪.)119‬‬

‫وإزاء هذه الحقائق الشرعـية المتينة‪ ،‬تتهاوى الفتاوى التي تظهر‬ ‫عبر األنترنت وعلى شبكة التواصل االجتماعي من حين آلخر لتر ّوج‬ ‫توهـما في التقوى ومزيد‬ ‫باسم الدين خالف ما سبق تأكيده جهال أو ّ‬ ‫األجر‪ ،‬وهذا في الحقيقة مخالفة لروح ّ‬ ‫الشرع الحنيف‪.‬‬ ‫‪ - 3‬حقوق المتعايشين في الفقه اإلسالمي‬ ‫أ) مسؤولية الفرد في حفظ حقوق المتعايش‬ ‫إن ما يجدر التنبيه إليه بادئ ذي بدء أن حقوق اإلنسان في الفقه‬ ‫اإلسالمي مثبتة ّ‬ ‫بالشرع ومن ميزاتها أنها تتناغم مع حاجات اإلنسان‬ ‫وتعم كل األشخاص والفئات دون تمييز‪.‬‬ ‫الفطرية بسائر أبعادها‬ ‫ّ‬ ‫وحري بالباحث في حقوق المتعايشين أن ُ‬ ‫يغـوص في هذه الثروة‬ ‫ّ‬ ‫الفقهية وينظر في أبوابها ومسائلها ويستنطقها ليظفر بما ّ‬ ‫يمكـن‬ ‫من وضع منظومة حقوقية لهذه الفئة ذات مرجعـية فقهية صرفه‬ ‫بعيدة عن اإلسقاط والتكلف‪.‬‬ ‫إن الفقه اإلسالمي‪ ،‬من جهة ما هو أحكام جزئية مستنبطة من‬ ‫نصوص القران والسنة أو ملحقة بهما‪ ،‬هو الذي يضبط تصرفات‬ ‫الناس ويعـ ّيـن حقوقهم المدنية واالجتماعـية واالقتصادية وغيرها‬ ‫وفق العدل والمصلحة‪.‬‬ ‫ولما كانت قضية حقوق المتعايشين من النوازل المستحدثة التي‬ ‫لم يكن للقدماء عهد بها فسـنقـتصر على رصد ما يليق من الفقه‬ ‫اإلسالمي بالمعالجة التشريعـية للموضوع بقدر المستطاع وما به‬ ‫وأهمهـا ما يتعلق باألحوال الشخصية‪.‬‬ ‫تلحق بعض المسائل‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ب) حــق المتعايش في الزواج واإلنجاب‪:‬‬ ‫الزواج س ّنة كونية أق ّرته الشريعة اإلسالمية ّ‬ ‫ورغـبت فيه وجعلته‬ ‫السامية‬ ‫وحكمه ّ‬ ‫حقا من حقوق اإلنسان اعتبارا لمقاصده النبيلة ِ‬ ‫فهو ميثاق يش ّرع إلشباع الغريزة الجنسية في جو عاطفي تسوده‬ ‫المو ّدة والحب وال ّرحمة وهو اإلطار األمثل لإلنجاب وتكوين أسرة‪.‬‬ ‫وحدد الفقهاء موانع الزواج‪ ،‬نذكر أهمها‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫‪ -‬أن يكون القصد من الزواج اإلضرار بالورثة‪.‬‬

‫‪39‬‬


‫ أن يكون أحدهما مصابا بأحد العيوب الجنسية التي تمنع االتصال‬‫الجنسي بصورة طبيعية أو تمنع تحقيق اللذة أو التناسل كالعنين‬ ‫الذي ال يستطيع الجماع لصغره أو ألنه ال ينتشر‪ .‬فهذا العيب مثال‬ ‫يوجب للزوجة القيام بالفراق إذا علمت بعد العقد ولم يذهب للعالج‪.‬‬ ‫وال مقال لها إذا علمت بهذا العيب قبل العقد ورضيت به‪ .‬وتط ّبـق‬ ‫هذه القاعدة على الزوجة التي بها عـيب عضوي يمنع االتصال الجنسي‬ ‫وإن‬ ‫بصورة طبيعية وعلى الوجه المعتاد ويمنع غيرها مما ذكر آنفا‪ّ ،‬‬ ‫المقام ال يتسع إلسهاب القول في أنواع هذه العيوب التي بسـط‬ ‫الفقهاء الكالم فيها‪.‬‬ ‫ أن يكون أحدهما مصابا بمرض خطير‪ ،‬وذكروا الجنون والجذام‬‫والبرص والشلل والعرج وغيرها من األمراض أو العيوب الظاهرة‬ ‫وتجري عليها نفس الشروط المذكورة آنفا تقريبا‪ .‬أما إذا لم يكن‬ ‫مخيفا وال مؤذيا وال فاحشا فيجوز الزواج‪.‬‬ ‫إن المتعايش هو الذي يعاني من مرض ناجم عن دخول فيروس‬ ‫فقدان المناعة في جسمه فيتسبب ذلك في قصور جهازه المناعي‬ ‫ويكون بذلك عرضة لألمراض االنتهازية فهل أن المصاب بهذا‬ ‫مؤهـل لإلنجاب وتأسيس‬ ‫الفيروس له الحق في الزواج؟ وهل هو‬ ‫ّ‬ ‫أسرة؟ وهل للقرين طلب الطالق للضرر في حال ثبوت إصابة الطرف‬ ‫اآلخر بالفيروس؟ وهل يسحب من الزوجة المتعايشة حق الحضانة؟‬ ‫أ ّول ما يجدر ذكره هو أن جمهور الفقهاء قالوا بإباحة زواج المريض‬ ‫إذا كان فيه مصلحة ولم يؤد إلى مفاسد‪ ،‬ومعلوم أن المتعايش‬ ‫سينقل إلى قرينه عبر االتصال الجنسي‪ ،‬ور ّبـما إلى المولود‪ ،‬الفيروس‬ ‫ألن وسائل‬ ‫ولكن أكد العلم اليوم أن الزواج ممكن في جميع الحاالت ّ‬ ‫الحماية متاحة بشرط الحصول على شهادة طبية سابقة للزواج‪.‬‬ ‫التطور الطبي‪،‬‬ ‫تم التغلب عليها بفضل‬ ‫إن هذه المفاسد المتوقعة ّ‬ ‫ّ‬ ‫مدة محددة‬ ‫أن الحمل إذا ّ‬ ‫تم بمراقبة طبية وتلقت األم عالجا ّ‬ ‫ذلك ّ‬ ‫فإن نسبة إنجاب طفل مريض تكاد تكون معدومة‪.‬‬ ‫قبل الوالدة‪ّ ،‬‬

‫‪40‬‬

‫لقد سجلت الوقائع نماذج كثيرة لمصابين تز ّوجوا من غير‬ ‫أصحاء واستمرت العالقات دون‬ ‫الحاملين للفيروس وأنجبوا مواليد‬ ‫ّ‬ ‫انتقال الفيروس بفضل االلتزام بطرق الوقاية الطبية‪.‬‬

‫إن الطالق ّ‬ ‫للضرر حق مشروع للزوج وللزوجة يحسم أمره القاضي‬ ‫إذا ثبت اإلضرار الفاحش باإلقرار أو الب ّيـنة أو شهادة الشهود أو تقرير‬ ‫أهل الخبرة ويجب أ ّال يكون الطالق عقوبة وال أداة لتعميق التمييز‬ ‫والوصم تجاه األشخاص المتعايشين‪ ،‬فتعايش أحد الزوجين مع‬ ‫الفيروس ليس عالمة على ضرر يوجب الطالق إال إذا ثبت الضرر ولحق‬ ‫القرين غير المصاب أذى فاحش تنتهك بسببه حقوقه األساسية‬ ‫ومنها حقه في الحياة وحقه في ممارسة جنسية طبيعية وحقه في‬ ‫تكوين عائلة‪.‬‬ ‫إن االجتهاد في هذه المسائل الحقوقية يجب أن يُعالج في إطار‬ ‫ّ‬ ‫الحقائق الطبية التي تحسم القول في مدى قدرة المتعايشة على‬ ‫أداء حقها في الحضانة وتحمل مسؤوليتها فيها ألن حق األم في‬ ‫الحضانة ثابت شرعا وقانونا ومتأصل بالفطرة بحيث ال ينتزع منها إ ّال‬ ‫بمبرر شرعي قائم على ترجيح مصلحة المحضون ال غير‪.‬‬ ‫ج) حقــــوق المتعايشين في فقه السياسة الشرعية‪:‬‬ ‫إن الحديث عن حقـوق المتعايشين في الفقه اإلسالمي ذو منزع‬ ‫ّ‬ ‫إنساني بامتياز يستدعي تقصي األحكام العامة التي تقتضيها الفطرة‬ ‫السليمة والتي يخاطب بها المتعايش ألنه مأمور بحفظ حقوقه‬ ‫والدفاع عنها دون إهمال وال يأس كما يخاطب بها كل فرد عبر وازعه‬ ‫الداخلي لاللتزام بها تجاه هذه الفئة طاعة وامتثاال هلل تعالى‪ .‬وهذه‬ ‫الحقوق أيضا ذات وظيفة اجتماعية بحيث يُ َ‬ ‫خاطب المجتمع بمختلف‬ ‫مكوناته وكشخصية اعتبارية الحتضان األشخاص المتعايشين عبر‬ ‫او ُنوا َع َلى‬ ‫﴿و َت َع َ‬ ‫وعي جماعي ليعيشوا في أمان تجسيما لقوله تعالى َ‬ ‫الب ٍّر َوال َّت ْ‬ ‫ـق َوى‪( ﴾..‬المائدة‪ .)2 -‬وقوله صلى اهلل عليه وسلم «مثل‬ ‫ِ‬ ‫المؤمنين في توادهم وتراحمهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى‬ ‫منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»‪.‬‬ ‫إن هذه األحكام من جهة ما هي مسؤولية فردية واجتماعية ال‬ ‫جدية ومنظمة إ ّال عن‬ ‫يمكن أن تتحقق في مجريات الواقع بصورة ّ‬ ‫طريق اإللزام القانوني فالدولة في المنظور اإلسالمي هي المسئولة‬ ‫على الرعاية االجتماعـية والدعم المادي والمعنوي لألشخاص‬ ‫ألن حقوقهم مع ّرضة لالغتصاب واالنتهاك واالحتقار‬ ‫المتعايشين ّ‬ ‫وألن تص ّرف الحاكم على الشعب منوط بالمصلحة‪.‬‬ ‫ّ‬

‫‪41‬‬


‫الدولة ممثلة في مؤسساتها مأمورة بحماية أصل حياة أولئك‬ ‫إن ّ‬ ‫ّ‬ ‫ألن لهم الحقّ‬ ‫األشخاص من غـذاء وملبس ومسكن وشغل وعالج‪ّ ،‬‬ ‫في ثروة البالد التي ال توزع على أساس طبقي فئوي‪ ،‬بل على أساس‬ ‫إن هذه الفئة يجب أن تحظى برعاية خاصة ألنها ذات أولو ّية‬ ‫العدل بل ّ‬ ‫ّ‬ ‫شأن المرضى والضعفاء والمحتاجين‪ ،‬كما يجب أن تلقى الحماية من‬ ‫كل إشكال الوصم والتمييز واإلقصاء بال ّردع وال ّزجر‪.‬‬ ‫د) تنبيهــات فقهيـــة‪:‬‬ ‫ التعايش مع فيروس نقص المناعة المكتسب ال يعني اإلصابة‬‫بعيب جنسي‪.‬‬ ‫ حق المتعايش في الزواج وحقه في اإلنجاب ال حرج فيهما شرعا‬‫طالما أن التطور الطبي قد حقق نجاحات في السيطرة على الفيروس‪.‬‬ ‫ تمكين المتعايش من حقه في الزواج واإلنجاب طريق إلى حماية‬‫للحد من انتشاره‪.‬‬ ‫اآلخرين من الفيروس ووسيلة‬ ‫ّ‬ ‫ حق المتعايش في الزواج وتكوين أسرة‪ ،‬يقابله واجب الوفاء‬‫للقرين‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بالعفـة كما ال‬ ‫ عدم التمكن من الحق في الزواج ال يلغي االلتزام‬‫يلغي األخذ بأسباب الحماية عند إقامة عالقات جنسية‪.‬‬ ‫ التعايش مع الفيروس ال يسقط ّ‬‫حق األم في الحضانة إ ّال إذا ثبت‬ ‫عجزها عن القيام بالمولود أو خيف أن يدخل عليه ضرر في المعيشة‬ ‫أو فساد طبع بسببها معيار إسناد الحضانة عند التنازع عليها هو‬ ‫مصلحة المحضون‪.‬‬ ‫ التعايش مع فيروس نقص المناعة المكتسب ليس عيبا جنسيا‬‫يوجب الطالق للضرر‪.‬‬

‫‪42‬‬

‫المبحث الثــالث‬

‫الخطاب الديني من أجل تفعـيل حقـوق المتعـايشـين‬ ‫‪-1‬‬ ‫ووعـاظ‪:‬‬ ‫أئـمـة‬ ‫ّ‬ ‫مهـمــة القادة الدينييــن من ّ‬ ‫ّ‬

‫ووعاظ‬ ‫إن المهمة التي يضطلع بها القادة الدينيون من أئمة‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ومرشدين ودعاة من األهمية بمكان‪ ،‬بحيث أنهم يخطبون في‬ ‫جمهور المنصتين الخاشعين في المسجد والجامع أو خارجهما‬ ‫بكالم ينفذ إلى القلوب ويخترق العقول فيستنهض الهمم ويحرك‬ ‫السواكن ويوقظ ّ‬ ‫الضمائر ويهيئ العزائم لتحويل تلك األفكار والقيم‬ ‫ّ‬ ‫إلى واقع ملموس‪.‬‬ ‫وال شك في أن هذه األهداف التربوية ال تتحقق في التلقي واألداء إ ّال‬ ‫إذا تأسس الخطاب على دعائم ال ينفك بعضها عن بعض فالتوعـية‬ ‫الدينية بطريق الوعظ واإلرشاد أو بطريق سرد األحكام الفقهية ال‬ ‫تحقق أهدافها بمعزل عن التوعـية بالواقع من جهة وبالحقائق‬ ‫الطبية من جهة أخرى‪ .‬ولو طبقنا هذه المعايير على ما نحن بصدده‬ ‫يكون األمر على النحو التالي‪:‬‬ ‫· كسر حاجز الصمت والصدع بصوت الحكمة‪:‬‬ ‫ بلفت األنظار إلى ظاهرة الوصم والتمييز التي تطال فئة‬‫المتعايشين من قبل كثير من األشخاص وفي مختلف مناحي الحياة‪.‬‬ ‫ بربط ذلك كله بانتهاك حقوق المتعايشين‪ ،‬والتنبيه إلى أنه عقوبة‬‫غير مبررة‪.‬‬ ‫ بإثارة العواقب المحتملة ج ّراء هذه الممارسات العنصرية‬‫(اعـتداء على كرامة اإلنسان‪ ،‬إهانة‪ ،‬إقصاء‪ ،‬عوائق للتواصل مع هذه‬ ‫الفئة‪ ،‬عوائق للتمتع بحقوقهم‪ ،‬موانع لمعرفة مشاغـلهم‪)..‬‬ ‫· كسر جدار الجهـل والصدع بصوت العـلم‪:‬‬ ‫الصحي المتصل بمعرفة حقيقة فيروس‬ ‫ ويكون ذلك بالتثقيف ّ‬‫نقص المناعة المكتسب وطرق انتقاله‪ ،‬ليحصل للسامع معرفة‬ ‫بأمرين اثنين‪:‬‬ ‫‪ ü‬أن ال عدوى وإنما هو فيروس ينتقل عبر الطرق التي سبق بيانها‪.‬‬

‫‪43‬‬


‫‪ ü‬أن المتعايش ال ينقـل الفيروس لآلخرين إ ّال عبر تلك الطرق ولذا‬ ‫ال حرج وال خوف من التعامل معه في سائر المعامالت والعالقات‪.‬‬ ‫ أن المتعايش ليس مجرما حتى يستحق العقوبة باإلقصاء‬‫وانتهاك الحقوق‪.‬‬ ‫‪ - 2‬رسالة أمــــــل وعــمـــــل‪:‬‬ ‫الخطيب البارع هو الذي يضمن لفئة المتعايشين فسحة من‬ ‫األمل في واقع متأزم فينتقـل من مرحلة توصيف الوضعـية بخطاب‬ ‫العقـل والعلم إلى معالجتها بمنظار ّ‬ ‫الشرع بمعيارين اثنين‪:‬‬ ‫‪ - 1‬معيار التكليف‪ ،‬من جهة أن الوصم والتمييز بمختلف أشكاله‬ ‫وأن التشهير بشتى صوره محرمة شرعا مهما يكن الشخص‬ ‫المستهدف فالمسلم من سلم الناس من لسانه ويده واحترام‬ ‫حقوق المتعايشين واجب بهذا االعتبار‪.‬‬ ‫‪ - 2‬المعيار األخالقي‪ ،‬من جهة أن المسلم نقي السريرة‪ ،‬مجبول‬ ‫توسم الخير في البشرية ومأمور بمناصرة الحق والعدل واحترام‬ ‫على ّ‬ ‫كرامة اإلنسان بقطع النظر عن دينه أو لغته وسائر االعتبارات‬ ‫الشكلية وهو مع هذا وذاك قدوة في قول الكلمة الطيبة واإلحسان‬ ‫وفعل الخير وإشاعة الرحمة والمحبة بين الناس‪.‬‬ ‫ما أحوج المتعايش إلى هذه القيم التي تنبع من وجدان اآلخر وتنبثق‬ ‫من فطرته السليمة والتي يضمنها وازع داخلي ويحرسها رقيب ذاتي‬ ‫قبل التشريعات الرادعة والقوانين الزاجرة‪.‬‬ ‫ما أحوج المتعايش إلى هذه القيم التي تنبع من وجدان اآلخر‪ ،‬وتنبثق‬ ‫من فطرته السليمة والتي يضمنها وازع داخلي ويحرسها رقيب ذاتي‬ ‫قبل التشريعات الرادعة والقوانين الزاجرة‪.‬‬ ‫همة المنوطة‬ ‫ــد ّونــــة ُ‬ ‫‪ُ - 3‬م َ‬ ‫إن ُعمق القض ّية‪ ،‬و ِثقـل ُ‬ ‫الم ّ‬ ‫سـلوك‪ّ :‬‬ ‫والو ّعاظ‪ ،‬وأحقـ ّية المتعايشين بحياة كريمة تستدعي‬ ‫ُ‬ ‫بعهدة األئمة ُ‬ ‫رسم معالم الرسالة الدين ّية التي تشتغـل على هذا الموضوع بإحكام‬ ‫وحرف ّية‪.‬‬ ‫‪44‬‬

‫ّ‬ ‫ولعل المحاولة التي أعرضها في هذه األسطر‪ ،‬كفيلة بتحقيق‬ ‫المقصود‪.‬‬

‫الو ّعــــاظ‪،‬‬ ‫الســـادة األئــمة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫الســــادة ُ‬ ‫ُ‬ ‫أبدي‬ ‫وشعار‬ ‫به‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫شرف‬ ‫عنوان‬ ‫هذا‬ ‫قضــــاة‪،‬‬ ‫ال‬ ‫دعـــــاة‬ ‫أنتم‬ ‫ّ‬ ‫ُ ِّ‬ ‫ترفعون لواءه باعتزاز‪ ،‬ونبراس تستضيئون به حين يداهمكم‬ ‫الظالم الدامس‪ ،‬ظالم الجهل‪ ،‬وظالم األنان ّية‪ ،‬وظالم الجور والعدوان‪.‬‬ ‫َ‬ ‫مرضى ال ُعصاة‪.‬‬ ‫المتعايشون مع فيروس نقص المناعة البشري‬ ‫ُ‬ ‫عقابي‪.‬‬ ‫رقابي وال‬ ‫دوركم إرشـــادي‪ ،‬ال‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أيّــــها اإلمــام‪ ،‬أيّــــها الواعــظ‪،‬‬ ‫ أنت تضطلع بوظيفة راقية‪ ،‬وتتحمل مسؤول ّية جسيمة في‬‫الدفاع عن حقوق المستضعفين في األرض ألنك اعتليت المنبر‬ ‫وانتصبت خطيبا في الناس تهديهم إلى سواء السبيل‪ ،‬أو أقمت‬ ‫مجالس علم ل ُترشد الناس إلى معرفة دينهم‪ ،‬ولتحثهم على تبليغ‬ ‫ما استوعبوه حتى ينتشر الوعي في الناس ويمتد‪ ،‬اقتداء بالرسول‬ ‫فليبلغ ّ‬ ‫ّ‬ ‫الشاهد‬ ‫صلى اهلل عليه وسلم الذي كان يردد في خطبه عبارة‪:‬‬ ‫ألن الغرض األسمى ههنا هو التوعية الجماع ّية وتشمل‬ ‫الغائب‪ّ ،‬‬ ‫الحاضرين والغائبين‪.‬‬ ‫ أنت مؤتمن على حقوق الناس‪ ،‬ومك ّلف بتذكيرهم بها‪ ،‬عمال‬‫الم ْ‬ ‫الذ ْك َرى َت ْن َ‬ ‫َ‬ ‫﴿وذ ِّك ْـر َف ِإ َّن ِّ‬ ‫يــن﴾ (الذاريات ‪-‬‬ ‫بقوله تعالى‪:‬‬ ‫ـؤ ِم ِن َ‬ ‫ــفعُ ُ‬ ‫اآلية ‪ ،)55‬والتنبيه على ضياعها إن ضاعت‪ ،‬والتشنيع بمن ينتهكها‬ ‫بطريقة التعريض أي باإلشارة الخف ّية‪ ،‬وما المتعايشون إ ّال أنموذج‬ ‫ساطع لهؤالء المظلومين والمستضعفين الذين ينتظرون كلمة‬ ‫حق فيهم أمام جمع غفير من المسلمين الذين يناجون ربهم‬ ‫الرحمان الرحيم في الغد ّو واآلصال‪.‬‬ ‫معنيا بتحذير الناس من أخطار انتقال الفيروس‪ ،‬ومن‬ ‫ أنت لست‬‫ّ‬ ‫طرق العدوى فحسب‪ ،‬وال بتذكيرهم بحرمة الزنا وشرب الخمر‬ ‫وتعاطي المخدرات فقط‪ ،‬وإ ّنما أنت الجدير بلفت أنظارهم إلى معاناة‬ ‫األشخاص المتعايشين‪ ،‬معاناة الوصم والتمييز‪ ،‬وهـتك أعراضهم‪،‬‬ ‫وقذفهم بشتى النعوت واألوصاف‪ .‬فوضع ّية هذه الفئة المجتمع ّية‪،‬‬ ‫جزء من الشأن العام الذي يستحق العناية الجديرة بها‪.‬‬ ‫ ال تجعل من كالمك مجرد خطاب وعظي إنشائي قائم على األمر‬‫والنهي‪ ،‬والوعد والوعيد‪ ،‬بل اجعل منه رسالة توعية دين ّية‪ ،‬منطلقها‬ ‫وسندها وضع ّيات من الواقع‬

‫‪45‬‬


‫المعـيش تُ ّ‬ ‫وشيها أخبار وقصص‪ ،‬وإحصائيات تلفت أنظار السامعين‬ ‫وتهيء أذهانهم إلى تلقي النصائح واإلرشادات‬ ‫وتشد انتباههم‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫بيسر وعن قناعة‪ ،‬فيتحرروا تلقائيا من األفكار المسبقة التي بنـوا‬ ‫عليها أحكاما خاطئة‪ ،‬واتخذوا بها مواقف سلب ّية من األشخاص‬ ‫المتعايشين‪.‬‬ ‫ كن جريئا في الصدع بكلمة الحق‪ ،‬والجهر بالحقيقة وال تتردد‬‫في دعمها والدفاع عنها والترويج لها باستماتة‪ ،‬وال تأخذك في اهلل‬ ‫تستبد بالبعض حاالت من الفزع والهلع من ذكر‬ ‫لومة الئم‪ .‬قد‬ ‫ّ‬ ‫موضوع حقوق المتعايشين‪ ،‬وتصدر عن البعض اآلخر مواقف تع ّبر‬ ‫عن روح عدائ ّية ونزعة حقد عليهم‪ ،‬فال تكن شاهد زور‪ ،‬وال تتبع‬ ‫أهواءهم لكسب رضاهم‪ ،‬فتكون من الذين يبررون الباطل بدين‬ ‫اهلل‪ ،‬ويشيعون الظلم باسمه‪.‬‬ ‫الكراهية والعنف تجاه األشخاص المتعايشين‪،‬‬ ‫ احذر دعم خطاب‬‫ّ‬ ‫منصة المحاضرات‪ ،‬فإنك‬ ‫على المنبر أو في الفضاء االفتراضي‪ ،‬أو على‬ ‫ّ‬ ‫ستحاسب أمام اهلل تعالى‪ ،‬وثق أ ّنك ال تهنأ وال يهدأ لك بال‪ ،‬وال يرضى‬ ‫ضميرك ما لم يكن شعار خطبك دعم مبدإ العدل بين الناس‪ ،‬ونشر‬ ‫بنبي‬ ‫وتأسيا‬ ‫الرحمة بكل تجلياتها‪ ،‬عمال بتوجيهات القرآن الكريم‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الرحمة‪.‬‬ ‫ تذكر ّأن قوام خطابك الحكمة والموعظة الحسنة‪ ،‬فمن‬‫الحكمة مخاطبة الناس على قدر عقولهم وبيئاتهم وعاداتهم‬ ‫ومن محاسن الوعظ أن تذكرهم بقيم اإلسالم ومبادئه مما له‬ ‫عميق الصلة بمسالة حقوق المتعايشين‪ .‬منها أنهم ليسوا وكالء‬ ‫وأن انتهاك‬ ‫على اهلل ليعاقبوا من ز ّلت به القدم إلى ارتكاب معصية‪ّ ،‬‬ ‫أعراض الناس بالسخر ّية أو التجسس أو الغيبة أو التنابز باأللقاب‬ ‫وسوء الظن‪ ،‬عصيان هلل أ ّوال‪ ،‬وإشاعة للفتنة التي هي أشد من القتـل‪،‬‬ ‫فما بالك إذا كانت كذبا وافتراء‪ ،‬فحتما إ ّنهم ال يجنون ج ّراء ذلك إ ّال‬ ‫الخسران المبين في الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫‪46‬‬

‫ ّ‬‫معرض إلى االبتالء‪ ،‬وأن األيام ُدولة بين‬ ‫علمهم ّأن كل ابن آدم ّ‬ ‫الناس‪ ،‬واإلصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب قد تستهدف‬ ‫أن إيمان‬ ‫أقرب الناس إليهم دون قصد أو ارتكاب إثم‪ .‬ع ّلمهم ّ‬

‫وأن األنانية‬ ‫يحب ألخيه ما‬ ‫المسلم ال يكتمل إ ّال حين‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫يحب لنفسه‪ّ ،‬‬ ‫ليست من صفات المؤمن‪.‬‬ ‫ ّنبه المتعايشين إلى ّ‬‫الجيدة‪ ،‬باألخذ بما‬ ‫حقهم في الصحة‬ ‫ّ‬ ‫اكتشفه العلماء وذلك بالتماس العالج من أهله‪ ،‬واألخذ باألسباب‪،‬‬ ‫والمواظبة على استعمال فئات األدوية المضادة لفيروس نقص‬ ‫المناعة البشري‪ ،‬و ا ّتـباع نصائح األط ّباء وأهل الذكر كما أمرنا بذلك‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلسالم‪،‬‬ ‫المتطببين والمشعوذين‬ ‫وحذرهم من مغ ّبة التعامل مع‬ ‫صحتهم‪ ،‬وهروبا‬ ‫والمحتالين والسحرة والع ّرافين خوفا من تدهور ّ‬ ‫من عمل ّيات االبتزاز الما ّدي والجنسي‪.‬‬ ‫الخـــاتـمـة‬

‫ّ‬ ‫تشكل هذه الورقة محاولة لوضع منظومة حقوقـ ّية إسالم ّية‬ ‫تعنى باألشخاص المتعايشين مع فيروس نقص المناعة المكتسب‪،‬‬ ‫وتتأسس على معان ُكــ ِّلــ ّيـة سبق تفصيلها في ط ّيات هذا العمل‪،‬‬ ‫أهمها‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫إنسان مك ّر ٌم بمقتضى الهيئة التي خلقه اهلل عليها‬ ‫إن المتعايش‬ ‫ٌ‬ ‫ ّ‬‫قوته من اإليمان بإلــه‬ ‫جسدا وعقال وروحا مثل سائر البشر‪،‬‬ ‫يستمد ّ‬ ‫ّ‬ ‫تف ّرد َ‬ ‫بالخلق والتدبير‪ ،‬وعليه يبني مواقفه ومنهجه في الحياة‪ ،‬فهو ُح ّر‬ ‫بهذا االعتبار اإليماني‪ ،‬وجدير بأن ينال حقوقه الماد ّية والمعنو ّية‪ ،‬ألنه‬ ‫ُخلق كسائر البشر لينتـفع بما ّ‬ ‫السماء‬ ‫سخره اهلل في هذا الكون‪ ،‬في ّ‬ ‫واألرض وما بينهما‪ ،‬وذلك في إطار تفاعله مع وظيفة االستخالف في‬ ‫تحمال وأداء‪.‬‬ ‫األرض ّ‬ ‫فإن المنظومة الحقوقـيـّة‬ ‫ وبمقتضى الحقيقة االعتقادية‪،‬‬‫ّ‬ ‫اإلسالم ّية تحمل في ط ّياتها حقوق المتعايش مع الفيروس الذي‬ ‫الدين اإلسالمي‪ ،‬أل ّنه إنسان ُمك ّرم قبل ّ‬ ‫كل شيء‪ ،‬ومعلوم‬ ‫ال يعتنق ّ‬ ‫أن الحر ّية الدين ّية محفوظة لغير المسلمين دون إكراه‪ ،‬وال عبرة‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫﴿و ُقــلْ‬ ‫باختالف األديان في ما يتصل بحقوق اإلنسان‪ ،‬قال تعالى‪َ :‬‬ ‫ؤمن َو َم ْن َ‬ ‫م َف َم ْن َ‬ ‫اء َف ْل َي ْك ُفر﴾ (سورة‬ ‫الح ُّق ِم ْن َر ِّب ُك ْ‬ ‫َ‬ ‫اء َف ْـل ُي ِ‬ ‫ش َ‬ ‫ش َ‬ ‫الكهف‪ ،‬اآلية ‪.)29‬‬ ‫‪47‬‬


‫فهـــــرس المــــراجــــع‬ ‫· القرآن الكريم‪.‬‬ ‫· إقبال (محمد)‪،‬‬ ‫ تجديد التفكير الديني في اإلسالم‪ ،‬دار الجنوب‪ ،‬تونس‪ ،‬د‪ .‬ط‪.2006 ،‬‬‫· ابن خلدون (عبد الرحمان)‪،‬‬ ‫ المقدمة دار مكتبة المعارف‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.2015 ،2‬‬‫· بنجمور (منير)‪،‬‬ ‫ القضايا الطبية المعاصرة ومقاصد الشريعة‪ ،‬الدار التونسية‬‫للكتاب‪ ،‬تونس‪ ،‬ط‪.2014، 1‬‬ ‫· ابن رشد (محمد)‪،‬‬ ‫ بداية المجتهد ونهاية المقتصد‪ ،‬دار المعرفة‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪،9‬‬‫‪1409‬هـ‪1988 ،‬م‪.‬‬

‫· الدليل اإلسالمي لمواجهة االيدز‪ ،‬مجموعة من األساتذة‪،‬‬ ‫والشيوخ‪ ،‬البرنامج اإلقليمي لأليدز في الدول العربية‪ ،‬برنامج األمم‬ ‫المتحدة اإلنمائي‪ ،‬القاهرة‪ ،‬جمهورية ‪-‬مصر العربية‪.2010 ،‬‬ ‫· دليل األئمة والوعاظ في مواجهة فقدان المناعة المكتسب‬ ‫السيدا‪ ،‬وزارة الشؤون الدينية‪ ،‬د‪ .‬عبد القادر ال ّنفاتي‪ ،‬مرتفعة‪ ،‬د‪ .‬فاروق‬ ‫بن منصور‪ ،‬د‪ .‬منجية السوايحي‪ -‬وزارة الصحة‪( ،‬الديوان الوطني‬ ‫لألسرة والعمران البشري) تونس ‪.2010‬‬ ‫· االختالف وأخالقيات التعايش في الفكر التشريعي اإلسالمي‪،‬‬ ‫مجمع األطرش للنشر وتوزيع الكتاب المختص‪ ،‬ط ‪.2019، 1‬‬ ‫· مقال‪« :‬التصدي لفيروس السيدا من منظور إسالمي‪ ،‬دور الواعظ‬ ‫واإلمام أنموذجا»‪ ،‬وزارة الشؤون الدينية والديوان الوطني لألسرة‬ ‫والعمران البشري‪ ،‬جويلية ‪.2011‬‬ ‫وزارة الشؤون الدينية والديوان الوطني تونس‪.‬‬

‫· السيوطي (جالل الدين)‪،‬‬ ‫األشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية‪ ،‬دار الكتب‬ ‫العلمية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬ط‪.1983 ،2‬‬ ‫· ابن عاشور (محمد الطاهر)‪،‬‬ ‫ أصول النظام االجتماعي في اإلسالم‪،‬الدار التونسية للتوزيع‪،‬‬‫تونس ‪،‬ط‪.1985 ،2‬‬ ‫ مقاصد الشريعة اإلسالمية‪،‬دار سحنون للنشر والتوزيع‪ ،‬تونس‪،‬‬‫ط ‪1435 ،6‬هـ‪2014 ،‬م‪.‬‬ ‫ أصول اإلنشاء والخطابة‪ ،‬مكتبة دار المنهاج للنشر والتوزيع‪،‬‬‫الرياض‪ ،‬السعودية‪ ،‬ط‪1433 ,2‬هـ‪.‬‬ ‫· الغزالي (أبو حامد)‪،‬‬ ‫‪ -‬إحياء علوم الدين‪ ،‬دار الكتاب العربي‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،‬د‪.‬ط‪.‬ت‪.‬‬

‫‪48‬‬

‫· ابن نجيم (زين الدين)‪،‬‬ ‫األشباه والنظائر على مذهب أبي حنيفة النعمان‪ ،‬مكتبة نزار‬ ‫مصطفى الباز‪ ،‬مكة المكرمة‪ ،‬الرياض‪ ،‬ط ‪.1997 ،2‬‬

‫‪49‬‬


‫© حقوق الطبع والنشر‬ ‫الديوان الوطني لألسرة والعمران البشري ‪ /‬محامون بال حدود (مكتب تونس)‪.‬‬ ‫برنامج الصندوق العالمي لمكافحة السيدا والسل والمالريا‬ ‫«النهوض بخدمات الوقاية والعالج وحقوق اإلنسان بتونس للفئات المفاتيح»‪.‬‬ ‫إصدار‬ ‫الديوان الوطني لألسرة والعمران البشري‪.‬‬ ‫‪ 7‬نهج الحطاب بوشناق‪ ،‬المركز العمراني الشمالي‪ 1082 ،‬تونس‪.‬‬ ‫بالشراكة مع‬ ‫محامون بال حدود (مكتب تونس)‪.‬‬ ‫‪ ،6‬نهج إزمير‪ ،‬نوتردام‪ ،‬تونس‪.‬‬ ‫تاريخ اإلصدار‪ :‬جوان ‪.2021‬‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.