3 minute read

لا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي

تحليل لخطاب ياسر عرفات أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ١٩٧٤

الكاتب:‏ عمر عوف

Advertisement

المحرر:‏ عبد الرحمن رضوان

القضية الفلسطينية من أكثر القضايا المحورية في السياسة الدولية وأكثر القضايا قربًا لقلوب الشعوب العربية.‏ قد مرت فلسطين بالكثير من أيام الظلم والقهر،‏ ومازالت تقاوم قوات الطغيان العظمى ببسالة الأم والأب اللذين يدافعان عن أولادهما.‏ في الثالث عشر من نوفمبر سنة ،1974 وقفت قوات الطغيان ووقف العالم بأكمله ليستمع إلى فلسطين بصوت فلسطيني.‏ ذهب ياسر عرفات إلى نيويورك ليخطب ساعةً‏ أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث عرض رئيس منظمة التحرير الفلسطينية نضال الشعب الفلسطيني في سياق الاستعمار العالمي والنضال الثوري.‏

أتى هذا الخطاب في وسط الحرب الباردة حيث كانت الحروب عن بعد للقوات العظمى والنضال الشعبي للاستقلال وإنهاء الاستعمار والتفرقة العنصرية في أوج قوتها،‏ فكانت أمريكا تحت ضغوطات كبيرة للانسحاب من فيتنام،‏ وقد كان نيكسون قد تسلم الحكم من قريب.‏ كما أتى الخطاب بعد حرب 73 حيث كان العرب في موقف أقوى نسبيًا من الأعوام السابقة.‏ ومن الجدير للذكر أنه أيضًا أتى في سياق إنهاء الاستعمار وبدء الرحلات التنموية للجنوب العالمي وتبلور مجال التنمية ومدارسه المتنافسة.‏

سيدي الرئيس"

‏"أنتهز هذه الفرصة لأتقدم لكم باسم الشعب الفلسطيني وقائدة كفاحه الوطني... ‏

‏(فيخلع عرفات نظارته بسلاسة وهو يكمل جملته وكأنما تذكر أنه يخطب بالأمم المتحدة)

"...منظمة التحرير الفلسطينية

فيشكر عرفات الجزائر ورئيسها وأمين عام الأمم المتحدة.‏ ثم يبدأ مجددا بقوله أن «هيئة أمم اليوم ليست هيئة أمم الأمس» لأن ‏«عالم اليوم ليس عالم الأمس».‏ فيبني على هذه الفكرة ويشير إلى إرادة شعوب آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية لعالمٍ‏ خالٍ‏ من الاستعمار القديم ‏(مشيرً‏ ا إلى الاستعمار الأوروبي)‏ والجديد (مشيرا إلى الهيمنة الثنائية السوفيتية الأمريكية)‏ والعنصرية بكافة أشكالها بما فيها الصهيونية.‏

يرتكز خطاب عرفات حول الشعوب وإرادة الشعوب،‏ وهذا كان إتجاه ذو زخم قوي مع إنهاء الاستعمار والمعارضة الشعبية الأمريكية ضد حرب فيتنام.‏ يبني رابط تصدٍ‏ وكفاحٍ‏ بين الشعب الفلسطيني وشعب نامبيا وزيمبابوي وجنوب إفريقيا ويؤكد مشروعية كفاحهم ضد الظلم والإرهاب.‏ وما يحاول عرفات فعله هنا هو أخذ القضية الفلسطينية بعيدً‏ ا عن ثنائية علاقات أمريكا بالشرق الأوسط أو الصراع السوفييتي الأمريكي ووضعه في سياق نهضة ونضال الشعوب العالمية.‏ يكمل على هذا النهج عندما يذكُر نضال شعوب الهند الصينية ولاوس وكمبوديا وفيتنام،‏ محاولاً‏ إظهار نصيب ذنب سياسات القوة والحرب الباردة في صعوبات الشعوب العالمية – كما يفعل عندما يستنكر سباق التسلح ويدعو لتدمير الأسلحة النووية.‏

في ذلك السياق الذي بناه عرفات يضع تركيزه على القضية الفلسطينية.‏ يبث نفس الشعور كالشعور السائد في مقولة غصن الزيتون الشهيرة عندما يؤكد إيمانه ‏«بالنضال السياسي والدبلوماسي،‏ مكملاً‏ معززًا بالنضال المسلح» وهذه رسالة واضحة أنه لن يترك السلاح إلا إذا تركه العدو.‏ الكثير من خطابه يبني نفسه على ترسيخ شرعية النضال الفلسطيني بكافة أشكاله.‏ فيقول أنه يوجد من لا زال ‏«يحتل بيوتنا ويدعو أننا أشباح لا وجود لها.»‏

يأخذ عرفات بعض اللحظات لتوجيه كلامه لشعب الولايات المتحدة ويسأل لماذا كل هذا العداء؟ يحاول أن يظهر تشابهات التاريخ؛ فيستذكر نضال جورج واشنطن ضد الإنجليز ونضال إبراهام لينكولن في صف المعذَ‏ بين والمحرومين ووصايا ويلسون الأربعة عشر.‏ أليس النضال الفلسطيني نضال من أجل حقوق المظلومين ضد الاستعمار؟

ثم يوجه أنظاره إلى أوروبا ونشأة الصهيونية في أواخر القرن التاسع العشر،‏ يقارن الصهيونية باستعمار إفريقيا وأمريكا اللاتينية في ذلك الحقبة.‏ فيقول أن الصهاينة استخدموا اضطهاد اليهود ‏«كوقود للعدوان،‏ ومرتكزات الاستيطان».‏

‏“إنها أيديولوجيا استعمارية استيطانية؛ عنصرية تمييزية رجعية، تلتقي مع اللاسامية في منطلقاتها،‏ بل هي الوجه الآخر للعملة نفسها."‏

This article is from: