مجلة آراء العدد 122

‫نائبالرئيساليمنيلـ(آراءحولالخليج)‪:‬‬ ‫طمــس الهويــة العروبيــة لليمن أخطر‬ ‫محــاوالت االنقــاب‪ ..‬وعاصفــة الحــزم‬ ‫أحبطت مخطط إيران‬ ‫العــــــدد ‪122‬‬ ‫أغــســطــس ‪2017‬‬

‫المخايف‪:‬المتاجرة بمعاناة الشعب جريمة‬ ‫واالنفتــاح عــى األفــكار خطــوة شــجاعة‬ ‫العليمـي‪ :‬الحل يف دولـة اتحادية تقود‬ ‫لعضويـة مجلس التعاون‬

‫ملف العدد‪:‬‬

‫االنـقـاب الـحـوثـي فـي الـيـمـن ‪ ...‬مـسـتـقــبـل الـشـعـب والـدولـة‬ ‫▀ قيـــادة صال ــح اعتم ــدت ع ــى ال ــوالءات خ ــارج الدول ــة والرق ــص ع ــى رؤوس المثلثـــات‬ ‫▀ ميليش ــيا الحوث ــي اس ــتمدت إع ــام ح ــزب الل ــه والش ــرعية أغفل ــت اإلذاع ــة أق ــوى أس ــلحتها‬ ‫▀ الحوثي ــة ال تمتل ــك أدوات الحك ــم وصع ــب احتواؤه ــا وال تتعاي ــش م ــع خصومه ــا مطل ًق ــا‬ ‫▀ ‪ %85‬مـــن األراضـــي مـــع الشـــرعية والحوثـــي يراهـــن علـــى الزمـــن وحـــرب العصابـــات‬ ‫▀ الحوثيـة ضـد التعدديـة وتعتبـر الحريـة ضـد الوحـدة ودعمـت صالـح فـي الحـروب السـتة‬ ‫▀ الموقـف األمريكـي داعـم للشـرعية وعاصفـة الحـزم والتحالـف العربـي والحـوار السـلمي‬ ‫▀ ألغ ــام الحوث ــي قتل ــت وأصاب ــت ‪ 1557‬يمن ًي ــا وفج ــرت ‪ 556‬منش ــأة وع ــدن األكث ــر تض ــر ًرا‬ ‫▀ ‪ %60‬م ــن األطف ــال يعان ــون م ــن س ــوء التغذي ــة واليم ــن يف المرك ــز ‪ 168‬بي ــن ‪ 188‬دول ــة‬ ‫▀ الحوثيــون يتفقــون مــع اإلخــوان فــي دعــم قطــر وحالــة الركــود تتطلــب عاصفــة جديــدة‬

‫* ﺑﺎﺣﺚ ﻋﺴﻜﺮي ميﻨﻲ‬

‫‪148‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫وقفة‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫ماحظات عى دفتر األزمة اليمنية‬

‫جمال أمني همام*‬ ‫‪jamal@araa.sa‬‬

‫يأتي هذا املقال يف نهاية ملف متكامل عن األزمة اليمنية بعد االنقاب‬ ‫احلوثي على الشـرعية يف اليمن الشـقيق‪ ،‬وتداعيات هذا االنقاب‪ ،‬وما قد‬ ‫يترتب عليه مستقب ً‬ ‫ا من متغيرات إثر حملة يقودها االنقاب على األرض‪،‬‬ ‫خاصة فيما يتعلق بتغيير هوية وثقافة الشعب اليمني يف مهد العرب‪.‬‬ ‫تنـاول امللـف اليمنـي يف هـذا العـدد مـن مجلـة (آراء حـول اخلليـج) كافـة‬ ‫احملـاور مـن مختلـف الزوايـا بأقـام نخبـة مـن كبـار املسـؤولن‪ ،‬واملفكريـن‪،‬‬ ‫واألكادمييـن واملراقبـن اليمنيـن والعـرب‪ .‬وكمـا قالـت العـرب قدميـا (أهـل‬ ‫مكـة أدرى بشـعابها)‪ ..‬فأهـل اليمـن أدرى مبسـالكها ودروبهـا السياسـية‬ ‫املتعرجـة التـي تشـبه وديانهـا وجبالهـا صعبـة التضاريـس‪ ،‬لذلـك مت طـرح‬ ‫أسـباب االنقـاب‪ ،‬ومـا حـدث خالـه‪ ،‬ومـا ترتـب عليـه‪ ،‬ومـا ميكـن أن يترتـب‬ ‫عليـه مسـتقب ً‬ ‫ا‪.‬‬

‫وتتبقى يل ماحظات عى هذه األزمة‪:‬‬ ‫● االنقـاب لـم يـأت مـن فـراغ‪ ،‬بـل سـبقته إرهاصـات مهـدت لـه‪ ،‬بـدأت مـع‬ ‫اسـتمرار الرئيـس السـابق علـي عبـد اهلل صالـح يف احلكـم ملـدة جتـاوزت ‪35‬‬ ‫عا ًمـا‪ ،‬وكمـا وصفهـا هـو نفسـه بــ (الرقـص علـى رؤوس الثعابن)‪ ،‬واسـتخدم‬ ‫فيهـا وسـائل احلكـم القدميـة التـي كانـت سـائدة قبـل الدولـة احلديثـة يف‬ ‫االسـترضاءات وكسـب الـوالءات‪ ،‬حيـث اعتمـد علـى إرضـاء القبائـل وتوزيـع‬ ‫الهبـات والوظائـف علـى املـوالة إليجـاد مؤيديـن نافذيـن أقويـاء مبـا يحقـق له‬ ‫طـول البقـاء يف السـلطة‪ ،‬يف بلـد للقبيلـة دور هـام يف تركيبتـه وحكمـه‪.‬‬ ‫● جتاهـل علـي عبـد اهلل صالـح استشـراء النفـوذ اإليرانـي يف اليمـن ـ سـواء‬ ‫عن عمد حلسـابات سياسـية‪ ،‬أو بسـبب التمويل اإليراني املغري ـ ما أدى إلى‬ ‫حتول أسـرة (احلوثي) من رجل وأوالده؛ إلى قوة انقاب عسـكري‪ /‬سياسـي‪،‬‬ ‫وقنطـرة لعبـور املذهـب االثنـى عشـري اإلمامـي إلـى اليمـن ومحاولـة صبـغ‬ ‫املذهـب الزيـدي بصبغـة واليـة الفقيـه يف مـدة لـم تتجـاوز عقديـن مـن الزمـن‪.‬‬ ‫● قـاد الرئيـس السـابق انقـاب احلوثـي عبـر قواتـه‪ ،‬وجعـل احلوثين واجهة‬ ‫لهـذا االنقـاب‪ ،‬الـذي يغـرس جـذوره يف أرض اليمـن مبـا يتجـاوز منـاورات‬

‫الرئيس السـابق نفسـه وبذلك لن يسـتطيع اسـترداد السـلطة من احلوثين‬ ‫الذيـن صنعهم‪.‬‬ ‫● االنفات األمني الذي أوجده االنقاب أدى إلى تفشـي اإلرهاب وجذب‬ ‫اجلماعـات اإلرهابيـة إلـى اليمـن مـا يؤثـر علـى اسـتقرار اليمـن لسـنوات‬ ‫طويلـة‪ ،‬وكذلـك سـوف يؤثـر بـدوره علـى املنطقـة‪.‬‬ ‫● اخلـوف علـى ثقافـة وهويـة املجتمـع اليمنـي‪ ،‬حيـث بـدأت تزحـف الثقافـة‬ ‫الفارسية يف املضمون واجلوهر‪ ،‬وترتدي مسوح الدين يف املظهر على حساب‬ ‫الثقافـة العربيـة واإلسـامية األصيلـة يف موطـن العـرب األول‪ ،‬حيـث افتتـح‬ ‫االنقـاب العديـد مـن اجلامعـات واملدارس واملراكز الثقافيـة اإليرانية يف وقت‬ ‫مشغول فيه العالم والشعب اليمني بالظروف السيئة التي أوجدها االنقاب‪.‬‬ ‫● األوضـاع االقتصاديـة يف اليمـن ازدادت تدهـو ًرا‪ ،‬بعـد أن سـطا االنقـاب‬ ‫علـى مقـدرات الدولـة يف ظـل مبـدأ حكـم امليليشـيات املسـلحة التـي جتعـل‬ ‫مصلحـة اجلماعـة أو احلـزب أوالً وفـوق مصلحـة الوطـن‪.‬‬ ‫● املجتمـع الدولـي ال يولـي األزمـة اليمنيـة مكانتهـا احلقيقيـة بـل تراجعـت‬ ‫االهتمامات الدولية واألممية‪ ،‬وحتى العربية بهذه القضية‪ ،‬يف ظل الصراعات‬ ‫اإلقليميـة‪ ،‬وعليـه تبدلـت اهتمامـات ومواقـف ومصالـح القـوى الكبرى‪.‬‬ ‫● يف املقابـل‪ ،‬ويف تطـور مهـم ملجريـات هـذه األزمـة‪ ،‬تؤكـد احلكومـة‬ ‫الشـرعية أنهـا تشـعر باملخاطـر وتـدرك حجـم وخطـورة التحديـات مبنطـق‬ ‫الدولـة وليـس مبنطـق امليلشـيات ـ كمـا يفعـل احلوثي ـ لذلك تقبل الشـرعية‬ ‫باحلـل السياسـي القائـم علـى املرجعيـات الثـاث وهـي املبـادرة اخلليجيـة‪،‬‬ ‫ومخرجـات احلـوار الوطنـي‪ ،‬وقـرارات األمم املتحـدة ذات الصلـة‪ ،‬بـل أن‬ ‫الشـرعية لـن تتشـفى أو تنتقـم ملـا حـدث‪ ،‬بـل تـرى أن اليمـن يتسـع للجميـع‪،‬‬ ‫وتؤكـد علـى أن ميـن املسـتقبل يقـوم علـى دولـة احتاديـة مسـؤولة عـن كل‬ ‫أبنائهـا حتـت رايـة العـدل واملسـاواة‪ ،‬دون انتقـاء أو إقصـاء ألي مكـون مـن‬ ‫مكونـات الشـعب اليمنـي مبـا يؤكـد صراحـة أن احلوثيـن وحـزب املؤمتـر‬ ‫الشـعبي وأنصـار الرئيـس السـابق علـي عبـد اهلل صالـح سيشـاركون يف‬ ‫اليمـن اجلديـد دون انتقـاص مـن حقـوق أو واجبـات ألي مكـون مينـي‪.‬‬ ‫● املآخـذ علـى معاجلـة األزمـة اليمنيـة كثيـرة منهـا‪ ،‬ضعـف إعـام احلكومـة‬ ‫الشـرعية الـذي لـم يقـدم واقـع األزمـة أو يطرحهـا للغـرب بواقعيـة‪ ،‬مقابـل‬ ‫تسـوق االنقاب احلوثي للغرب على الطريقة‬ ‫اآللة اإلعامية اإليرانية التي ّ‬ ‫اإليرانية يف اإلقناع‪ ،‬ودس السم يف العسل وقلب املوائد‪ ،‬وإذا سلمنا بضعف‬ ‫اإلعـام اليمنـي واحتـكاره مـن جانـب الرئيـس السـابق علي عبـد اهلل صالح‪،‬‬ ‫فا يوجد أي دور لإعام اجلماعي العربي املتمثل يف اجلامعة العربية‪ ،‬يف‬ ‫مـؤازرة الشـعب اليمنـي وإظهـار معاناتـه كما يجب وتسـويق قضيتـه العادلة‪.‬‬ ‫اليمـن يحتـاج إلـى توضيـح حقيقـة االنقاب‪ ،‬وإلى إجمـاع عربي ودولي‬ ‫إلعـادة تأهيـل هـذا البلـد مـن كل اجلوانـب وإعادتـه إلـى احلظيـرة العربيـة‬ ‫قبل فـوات األوان‪.‬‬ ‫*ﻣﺪﻳﺮ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ‬

‫‪147‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫ﻣﺎ وراء اﻟﺤﺮب اﻟﺒﺎردة‬ ‫اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪ :‬اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺪوﱄ‬ ‫ﻟﻠﺤﺮب اﻷﻫﻠﻴﺔ اﻟﻴﻤﻨﻴﺔ‪،‬‬ ‫‪١٩٨٦ - ١٩٦٢‬‬

‫اﻟﻴﻤﻦ وﺳﻴﺎﺳﺔ اﻷزﻣﺔ‬ ‫اﻟﺪامئﺔ‬

‫اﳌﻼذ اﻷﺧري‪ :‬اﻟﻴﻤﻦ‪،‬‬ ‫اﻟﻘﺎﻋﺪة‪ ،‬وﺣﺮب أﻣﺮﻳﻜﺎ ﰲ‬ ‫اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬

‫منشورات‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫‪Orkaby, Asher. “Beyond the Arab‬‬ ‫‪Cold War: The International‬‬ ‫‪History of the Yemen Civil War,‬‬ ‫‪1962-68. Oxford University Press.‬‬ ‫)‪(2017‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪147‬‬

‫ﻣﺎ وراء اﻟﺤﺮب اﻟﺒﺎردة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻳﺠﻠﺐ اﻟﺤﺮب اﻷﻫﻠﻴﺔ اﻟﻴﻤﻨﻴﺔ )‪ (١٩٦٨-١٩٦٢‬إﱃ ﻃﻠﻴﻌﺔ‬ ‫اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﰲ اﻟﴩق اﻷوﺳﻂ‪ ،‬ﰲ ﻃﺮح ﺷﺎﻣﻞ ﻳﻀﻢ وﺛﺎﺋﻖ وﻣﺤﻔﻮﻇﺎت ﻣﺘﻌﺪدة اﻟﻠﻐﺎت‬ ‫واﻟﺠﻨﺴﻴﺎت واﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﺸﻔﻮي‪ .‬ﻋﲆ ﻣﺪى ﺳﺖ ﺳﻨﻮات ﻣﻦ اﻟﴫاع اﻟﻜﺒري‪ ،‬ﻛﺎن اﻟﻴﻤﻦ ﻋﲆ‬ ‫ﻣﻔﱰق ﻃﺮق اﻟﴫاع اﻹﻗﻠﻴﻤﻲ واﻟﺪوﱄ ﺣﻴﺚ ﺗﺪﺧﻞ ﻋﴩات اﻟﺪول واﳌﻨﻈامت اﻟﺪوﻟﻴﺔ واﻷﻓﺮاد‬ ‫ﰲ اﻟﺤﺮب اﻷﻫﻠﻴﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺠﻨﻮﺑﻴﺔ اﳌﺤﻠﻴﺔ وﻛﺎن ﻋﺮﺿﺔ ﻟﻌﻬﺪ ﺟﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﺣﻔﻆ اﻟﺴﻼم‬ ‫اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻸﻣﻢ اﳌﺘﺤﺪة واﻟﺼﻠﻴﺐ اﻷﺣﻤﺮ‪ ،‬واﻟﻨﺸﺎط اﻟﴪي‪ ،‬وﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﺘﻤﺮد ﰲ ﻣﴫ‪ ،‬وأﺣﺪ أول‬ ‫اﺳﺘﺨﺪاﻣﺎت اﻟﻐﺎزات اﻟﺴﺎﻣﺔ ﻋﲆ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ ﻣﻨﺬ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﳌﻴﺔ اﻷوﱃ‪ .‬ومل ﺗﻜﻦ اﻷﺣﺪاث ﰲ‬ ‫اﻟﻴﻤﻦ ﺗﺤﺖ ﺳﻴﻄﺮة ﻗﻮة واﺣﺪة‪ .‬مل ﺗﻜﻦ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﺤﺮب اﻟﺒﺎردة ﺑني اﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة واﻻﺗﺤﺎد‬ ‫اﻟﺴﻮﻓﻴﺘﻲ أو اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺒﺎردة )اﻟﺘﻴﺎر اﻟﻘﻮﻣﻲ( ﺑني اﳌﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ وﻣﴫ‪.‬‬ ‫وﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ‪ ،‬ﺗﺤﻮﻟﺖ اﻟﻴﻤﻦ ﺧﻼل اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت إﱃ ﺳﺎﺣﺔ ﴏاع ﻋﺎﳌﻲ أدى اﻟﻔﻮﴇ اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺖ‬ ‫ذﻟﻚ إﱃ ﻫﺪم ﺟﺪران ﻗﺮون ﻣﻦ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺪﻳﻨﻲ واﻟﻌﺰﻟﺔ ووﺿﻌﺖ اﻷﺳﺎس ﻟﻨﺼﻒ اﻟﻘﺮن اﻟﻘﺎدم‬ ‫ﻣﻦ اﻟﺘﺎرﻳﺦ اﻟﻴﻤﻨﻲ‪ .‬ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﺤﺮب اﻷﻫﻠﻴﺔ ﰲ اﻟﻴﻤﻦ ﻫﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺗﻮﺳﻊ اﻻﻣﱪاﻃﻮرﻳﺔ‬ ‫اﻟﱪﻳﻄﺎﻧﻴﺔ ﰲ اﻟﴩق اﻷوﺳﻂ واﻟﺘﻴﺎر اﻟﻘﻮﻣﻲ اﳌﴫي‪ ،‬وﻫام ﻣﻦ أﻛرث اﻟﻘﻮى اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ اﳌﻬﻴﻤﻨﺔ‪.‬‬ ‫إن إرث اﻟﻬﺰميﺔ اﻟﻘﺒﻠﻴﺔ اﻟﺸامﻟﻴﺔ ﰲ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﳌﻄﺎف وإﻗﺎﻣﺔ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻟﻀﻌﻴﻔﺔ واﻟﻼﻣﺮﻛﺰﻳﺔ ﰲ‬ ‫ﺻﻤﻴﻢ اﻟﴫاﻋﺎت اﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﰲ ﺟﻨﻮب اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‪.‬‬

‫‪ Yemen and the Politics of‬ﺗﻢ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﲆ اﳌﻠﺨﺺ‪:‬‬ ‫‪http://smallwarsjournal.com/blog/book-review-yemen-and-the-politics-of- Permanent Crisis. By Sarah Phillips.‬‬ ‫‪permanent-crisis‬‬ ‫‪(New York, NY: Routledge for the‬‬ ‫‪International Institute for Strategic‬‬ ‫)‪Studies, 2011.‬‬ ‫‪ Gregory D. Johnsen. The Last‬ﺗﻢ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﲆ اﳌﻠﺨﺺ‪:‬‬ ‫‪scroll= Refuge: Yemen, Al-Qaeda, and‬؟‪http://www.tandfonline.com/doi/full/10.1080/09546553.2014.881677‬‬ ‫‪top&needAccess=true‬‬ ‫‪America's War in Arabia.‬‬ ‫‪Gamal Gasim‬‬ ‫‪Pages 392-394 | Published online:‬‬ ‫‪10 Mar 2014‬‬

‫أوراق بحثية‪:‬‬

‫اﺳﻢ اﻟﻔﻠﻢ اﻟﻮﺛﺎﺋﻘﻲ‬

‫ﻣﻮﻗﻊ اﻟﻔﻠﻢ‬

‫اﻟﻴﻤﻦ ﺗﺤﺖ اﻟﺤﺼﺎر‬

‫‪http://www.pbs.org/wgbh/frontline/film/yemen-under-siege/‬‬

‫اﻟﻜﻔﺎح ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻴﻤﻦ‬ ‫ﺻﻌﻮد اﻟﺤﻮﺛﻴني‬ ‫اﻟﻴﻤﻦ‪ :‬دوﻟﺔ ﻓﺎﺷﻠﺔ‬

‫‪http://www.pbs.org/wgbh/frontline/film/fight-for-yemen/‬‬ ‫‪v=Y7HQRyJDTPo‬؟‪https://www.youtube.com/watch‬‬ ‫‪v=9ggen-595Ng‬؟‪https://www.youtube.com/watch‬‬

‫‪146‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫اﳌﻔﺎوﺿﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‬ ‫واﻟﻨﺰاع اﻟﻌﻨﻴﻒ‪ :‬ﺗﺤﻮﻳﻞ‬ ‫ﺗﺤﺎﻟﻔﺎت اﻟﻨﺨﺒﺔ ﻛﻌﺎﻣﻞ‬ ‫ﺣﺎﺳﻢ ﰲ ﺗﺤﻮل اﻟﻴﻤﻦ‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫‪Transfeld, Mareike. “Political‬‬ ‫‪Bargaining and Violent Conflict:‬‬ ‫‪Shifting Elite Alliances as the‬‬ ‫‪Decisive Factor in Yemen’s‬‬ ‫‪Transformation.” Mediterranean‬‬ ‫‪Politics 21.1 (2016): 150–169.‬‬

‫منشورات‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪146‬‬

‫ﺗﻢ ذﻛﺮ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ اﳌﺸﺎرﻛﺔ ﰲ اﻟﺘﺤﻮل اﻟﻴﻤﻨﻲ وﻛﻴﻒ أﺛﺮت اﻟﺪﻳﻨﺎﻣﻴﻜﻴﺔ اﳌﺘﻐرية ﻓﻴام‬ ‫ﺑﻴﻨﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺴﻴﺎﳼ اﻟﻨﺎﺷﺊ‪ .‬وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻮد اﻟﺘﻲ ﻓﺮﺿﺘﻬﺎ ﻣﺒﺎدرة ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺘﻌﺎون‬ ‫اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ‪ ،‬اﻟﺘﻲ ﺑﺪأت ﻧﻘﻞ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺳﻠﻤﻴًﺎ‪ ،‬اﺳﺘﺨﺪﻣﺖ اﻟﻨﺨﺒﺔ اﻷﺳﺎﺳﻴﺔ ذات اﻟﺼﻠﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴًﺎ‬ ‫ﺷﺒﻜﺎﺗﻬﺎ ﰲ اﻷﺣﺰاب اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ واﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ووﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﳌﻮاﺻﻠﺔ اﻟﺴﻌﻲ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ‬ ‫ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﺎ اﻟﺨﺎﺻﺔ‪.‬‬ ‫وﺗﺤﻠﻞ ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ ﺗﻔﺎﻋﻞ اﻟﴫاع ﻋﲆ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑني اﻟﻨﺨﺒﺔ وﺗﻨﻔﻴﺬ ﻣﺒﺎدرة ﻣﺠﻠﺲ‬ ‫اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺨﻠﻴﺠﻲ )أي اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑني دﻳﻨﺎﻣﻴﺎت اﻟﺴﻠﻄﺔ وﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﺤﻮل اﻟﺮﺳﻤﻲ( وﻛام ﺗﺒﺤﺚ‪،‬‬ ‫ﰲ ﻛﻴﻔﻴﺔ ﺗﻔﺎﻋﻞ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﻨﺨﺒﻮﻳﺔ ﻣﻊ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ اﻷﺧﺮى‪ ،‬مبﺎ ﰲ ذﻟﻚ اﻟﺠامﻫري اﳌﺘﻨﻘﻠﺔ‪،‬‬ ‫ﻣﺜﻞ ﺣﺮﻛﺔ ﺣﺮاك‪ ،‬واﻟﺘﻲ ﺗﺴﻌﻰ ﻹﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﰲ ﺟﻨﻮب اﻟﻴﻤﻦ‪ .‬مبﺎ ﰲ ذﻟﻚ اﳌﻌﺎرك‬ ‫ﺑني اﻟﺠﻴﺶ واﻟﻘﺎﻋﺪة ﰲ ﺷﺒﻪ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ وﺑني أﻧﺼﺎر اﻟﻠﻪ )ﻟﺤﺰب اﻟﻠﻪ‪ ،‬اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺤﻮﺛﻴﺔ(‬ ‫وﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ واﻟﻔﺼﺎﺋﻞ ﰲ اﻟﺠﻴﺶ و اﳌﺆﺳﺴﺎت‪ ،‬ﻣﺜﻞ ﻣﺆمتﺮ اﻟﺤﻮار اﻟﻮﻃﻨﻲ؛ واﻟﺴﻠﻄﺎت‬ ‫اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ واﻟﺪوﻟﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻌﻰ إﱃ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﺎ ﰲ اﻟﺒﻼد ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻨﺢ أو ﺣﺠﺐ اﻟﺪﻋﻢ‬ ‫اﳌﺎﱄ أو أي ﻧﻮع آﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﺪﻋﻢ ﳌﺨﺘﻠﻒ ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﻨﺨﺒﺔ‬

‫الكتب‪:‬‬ ‫اﻟﻌﻨﻮان‬

‫اﳌﺮﺟﻊ‬

‫ﻧﺒﺬة ﻣﺨﺘﴫة‬

‫اﻟﺜﻮرات ﻏري اﳌﻜﺘﻤﻠﺔ‪:‬‬ ‫اﻟﻴﻤﻦ وﻟﻴﺒﻴﺎ وﺗﻮﻧﺲ ﺑﻌﺪ‬ ‫اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮيب‬

‫‪Fraihat, Ibrahim. “Unfinished‬‬ ‫‪Revolutions: Yemen, Libya and‬‬ ‫‪Tunisia After the Arab Spring” Yale‬‬ ‫)‪University Press. (2016‬‬

‫ﻛﺜ ًريا ﻣﺎ ﺗﺠﺪ دول ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺜﻮرة أﻧﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺒﺪأ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎل‪ ،‬ميﻜﻦ أن ﺗﻨﺸﺄ ﺗﺤﺪﻳﺎت‪،‬‬ ‫ﻣﺜﻞ اﻻﺳﺘﻘﻄﺎب اﻟﺴﻴﺎﳼ واﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ﺑﺎﻟﺤﺮب اﻷﻫﻠﻴﺔ‪ .‬وذﻛﺮ إﺑﺮاﻫﻴﻢ ﻓﺮﻳﺤﺎت )ﻣﻌﻠﻖ ﻣﺨﺘﺺ‬ ‫ﺑﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﴩق اﻷوﺳﻂ( ﻣﻘﺎرﻧًﺎ ﺛﻼث دول ﺗﺘﺼﺎرع ﻣﻊ اﻟﺘﺤﻮﻻت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﰲ أﻋﻘﺎب اﻟﺮﺑﻴﻊ‬ ‫اﻟﻌﺮيب‪ :‬اﻟﻴﻤﻦ‪ ،‬ﻟﻴﺒﻴﺎ‪ ،‬وﺗﻮﻧﺲ‪ .‬وأﻛﺪ أن ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺴﻼم واﻻﺳﺘﻘﺮار اﻟﺪامئني ﻳﺠﺐ ﻋﲆ دول ﻣﺎ ﺑﻌﺪ‬ ‫اﻟﺜﻮرة أن ﺗﺸﺎرك ﰲ ﻋﻤﻠﻴﺎت ﻣﺼﺎﻟﺤﺔ وﻃﻨﻴﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﺗﺸﻤﻞ ﺣﻮا ًرا وﻃﻨﻴًﺎ وﺟﻬﺪًا ﻟﺘﻘﴢ اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ‬ ‫وﺗﻌﻮﻳﺾ إﺻﺎﺑﺎت اﻟﻀﺤﺎﻳﺎ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ واﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺴﺎﺑﻖ واﻹﺻﻼح اﳌﺆﺳﴘ‪ .‬وميﻜﻦ‬ ‫ﻟﻠﻤﺮأة واﳌﺠﺘﻤﻊ اﳌﺪين واﻟﻘﺒﺎﺋﻞ‪ ،‬ﻣﻦ ﺑني ﻗﻮى اﺟﺘامﻋﻴﺔ أﺧﺮى‪ ،‬أن ﺗﺪﻋﻢ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻛام‬ ‫ﺗﺒني أﺑﺤﺎﺛﻪ ﻛﻴﻒ ﺗﻢ ﺗﺴﻴﺲ ﺑﻌﺾ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﺘﺤﻮﻻت‪ ،‬وإن ﻛﻞ ﺑﻠﺪ ﻗﺪ اﺗﺒﻊ ﻧﻬ ًﺠﺎ ﻣﺤﺪدًا‪ ،‬أو رﻓﻊ‬ ‫أو ﺗﻘﻠﻴﺺ ﻓﺮص اﻟﺤﺮب اﻷﻫﻠﻴﺔ أو اﻻﻧﺘﻘﺎل اﻟﺴﻠﻤﻲ‪.‬‬

‫اﻟﻴﻤﻦ ﻳﻨﺘﻬﻲ‪ :‬اﻟﺤﺮب‬ ‫اﻷﻫﻠﻴﺔ‪ ،‬اﳌﻐﺎﻣﺮة‬ ‫اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ‪ ،‬وﻣﺴﺘﻘﺒﻞ‬ ‫اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬

‫‪Hill, Ginny. “Yemen Endures: Civil‬‬ ‫‪War, Saudi Adventurism, and the‬‬ ‫‪Future of Arabia” Oxford Univ.‬‬ ‫)‪(2017‬‬

‫)ﻫﻴﻞ ‪ -‬ﺻﺤﻔﻴﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ وﻣﺴﺘﺸﺎرة ﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻟﴩق اﻷوﺳﻂ ﻋﻤﻠﻬﺎ أﻛرث وﺻﻔﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺮﻳﺔ‬ ‫ﻣام ﻳﺴﺎﻋﺪ ﻋﲆ ﴍح اﳌﺸﻜﻠﺔ ﻟﻐري اﳌﺘﺨﺼﺼني( ﺗﺬﻛﺮ ﻛﻴﻒ أن أﻓﻘﺮ دوﻟﺔ ﰲ اﻟﴩق اﻷوﺳﻂ‬ ‫ﺗﺤﻤﻞ ﻧﻈﺎم اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺴﺎﺑﻖ )ﻋﲇ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻪ ﺻﺎﻟﺢ ( اﻟﺬي دام ‪ ٣٣‬ﻋﺎ ًﻣﺎ واﻟﺤﺮب اﻷﻫﻠﻴﺔ اﻟﺘﻲ‬ ‫ﺗﻠﺖ رﺣﻴﻠﻪ ﻋﺎم ‪ .٢٠١٢‬ﻛام ذﻛﺮت أن اﺣﺘﺠﺎﺟﺎت ﺧﻼل اﻟﺮﺑﻴﻊ اﻟﻌﺮيب‪ ،‬ﻣﺴﺘﻮﺣﺎة ﻣﻦ اﻹﻃﺎﺣﺔ‬ ‫اﻟﻨﺎﺟﺤﺔ ﻟﺤﺎﻛﻢ ﺗﻮﻧﺲ‪ ،‬ﺗﺤﻮﻟﺖ ﰲ اﻟﻴﻤﻦ إﱃ ﴏاع ﻋﲆ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺑني ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻔﺼﺎﺋﻞ داﺧﻞ‬ ‫اﻟﻨﻈﺎم‪ .‬وﻫﻲ ﺗﺮﺳﻢ ﺻﻮرة ﻣﺘﺸﺎمئﺔ ﳌﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻴﻤﻦ‪ .‬إذا مل ﺗﺘﺤﻘﻖ اﻵﻣﺎل اﻟﺘﻲ أﺛﺎرﺗﻬﺎ اﻧﺘﻔﺎﺿﺔ‬ ‫ﻋﺎم ‪ ٢٠١١‬ﻟﻺﺻﻼح واﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﴩﻋﻴﺔ‪ ،‬ﻓﺈن "اﻟﺒﻼد ﺳﺘﺴﺘﻤﺮ ﰲ اﻟﺘﺠﺰؤ‪ ،‬وﺗﻌﻢ اﻟﻔﻮﴇ اﻟﻌﺎرﻣﺔ‬ ‫" ﻣﺴﺘﻨﺘﺠﺔ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﳌﻘﺎﺑﻼت ﻣﻊ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴني واﳌﺘﻤﺮدﻳﻦ‪ ،‬واﻟﻨﺎﺷﻄني‪ ،‬واﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴني اﻷﺟﺎﻧﺐ‬ ‫اﳌﻮﺟﻮدﻳﻦ‪ .‬ﺣﻴﺚ ﺷﺒﻬﺖ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻛـ "اﻟﻄﻴﺎر اﻟﺜﻘﻴﻞ اﻟﺬي ميﺰق اﻟﻄﺮﻳﻖ‬ ‫اﻟﴪﻳﻊ ﰲ ﻟﻴﻠﺔ ﻣﻈﻠﻤﺔ وﻣﻤﻄﺮة" واﻟﻴﻤﻦ "ﻣﺠﺮد ﺟﺰء ﺑﻄﻲء ﻣﻦ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﴪﻳﻊ ﻛﺎدت أن‬ ‫ﺗﻠﺘﻬﻤﻪ اﻟﻌﺠﻼت "‪) .‬ﺳﺒﺘﻤﱪ(‬

‫‪http://www.hurstpublishers.com/book/yemen-endures/‬‬

‫‪145‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫منشورات‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪145‬‬

‫(منشورات حديثة عن اليمن)‬ ‫أوراق بحثية‪:‬‬ ‫ﻧﺒﺬة ﻣﺨﺘﴫة‬

‫اﻟﻌﻨﻮان‬

‫اﳌﺮﺟﻊ‬

‫اﻟﻴﻤﻦ‪ :‬ﻫﻞ اﻟﺴﻼم‬ ‫ﻣﻤﻜﻦ؟‬

‫‪ International Crisis Group. "Yemen:‬اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت ﰲ اﻟﻴﻤﻦ ﻗﺎمتﺔ‪ .‬واﻟﺘﺰام اﻟﺠﻬﺎت اﳌﻌﺎرﺿﺔ وﺣﻠﻔﺎؤﻫﻢ اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﻮن ﺑﻌﻤﻠﻴﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ‬ ‫‪ Is Peace Possible?" Middle East‬ﻟﺤﻞ اﻟﴫاع ﻣﻬﻢ‪ ،‬وﻟﻜﻦ ﻳﻈﻬﺮ أن ﻫﺬا اﻟﺤﻞ ﻻ ﻳﻠﻮح ﰲ اﻷﻓﻖ‪ .‬ﻟﺬﻟﻚ ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﺗﻜﻮن اﻷوﻟﻮﻳﺔ‬ ‫)‪ Report N°167 (2016‬ﰲ اﻻﺗﻔﺎق ﻋﲆ اﳌﻌﻮﻧﺎت اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ واﻟﺴﻠﻊ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﰲ اﳌﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻌﺮض ﻓﻴﻬﺎ اﳌﺪﻧﻴﻮن‬ ‫ﻟﻠﺤﺼﺎر‪.‬‬

‫اﻟﻴﻤﻦ‪ :‬اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ ﺻﻌﻮد‬ ‫دوﻟﺔ اﻟﻔﻮﴇ‬

‫‪ Salisbury, Peter “Yemen: Stemming‬ﺗﻢ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﲆ اﳌﻠﺨﺺ‪:‬‬ ‫‪https://www.chathamhouse.org/publication/yemen-stemming-rise-chaos‬‬‫‪the Rise of a Chaos State” Chatham‬‬ ‫‪state‬‬ ‫‪House: Middle East and North‬‬ ‫)‪Africa Programme. (2016‬‬

‫‪ Salisbury, Peter “Yemen and the‬ﻳﻌﻮد اﻟﴫاع ﰲ اﻟﻴﻤﻦ ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﱃ إﱃ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﳌﺤﻠﻴﺔ‪ .‬وﻟﻜﻦ اﻟﻨﺰاع ﺑني إﻳﺮان واﳌﻤﻠﻜﺔ‬ ‫اﻟﻴﻤﻦ واﻟﺤﺮب اﻟﺒﺎردة ﺑني‬ ‫‪ Saudi-Iranian ‘Cold War’” Chatham‬اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ ﻻ ﺗﺰال ﺗﺆدي إﱃ ﺗﻔﺎﻗﻢ اﻟﻮﺿﻊ ﰲ اﻟﻴﻤﻦ واﻟﺘﺄﺛري ﻋﲆ‬ ‫اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ و إﻳﺮان‬ ‫‪ House: Middle East and North‬ﻛﻞ ﻣﻦ ﻃﺮﰲ اﻟﻨﺰاع‪.‬‬ ‫)‪Africa Programme. (2016‬‬ ‫اﻟﴫاع ﰲ اﻟﻴﻤﻦ‪ :‬آﺧﺮ‬ ‫اﻟﺘﻄﻮرات‬

‫‪Jongberg, Kirsten “The Conflict‬‬ ‫”‪in Yemen: Latest Developments‬‬ ‫‪European Parliament: Directorate‬‬ ‫)‪General for External Policies. (2016‬‬

‫ﺗﺪﻫﻮر اﻟﴫاع اﻟﻴﻤﻨﻲ ﻣﻨﺬ ﻋﺎم ‪ 2015‬ﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﺠﻮﻻت اﳌﺘﻜﺮرة ﳌﻔﺎوﺿﺎت اﻟﺴﻼم‪،‬‬ ‫واﻧﺘﻬﺖ اﻟﺠﻮﻟﺔ اﻷﺧرية ﻣﻦ اﳌﺤﺎدﺛﺎت اﻟﺘﻲ ﻗﺎدﺗﻬﺎ اﻷﻣﻢ اﳌﺘﺤﺪة ﰲ آب ‪ /‬أﻏﺴﻄﺲ ‪2016‬‬ ‫دون اﻟﺘﻮﺻﻞ إﱃ اﺗﻔﺎق ﻣام ﺻﻌﺪ ﺧﻄﺮ اﻟﴫاع ﺧﺎرج ﺣﺪود اﻟﻴﻤﻦ ﻣﻊ ﺗﻮﻏﻞ اﻟﺤﻮﺛﻴني ﺑﺸﻜﻞ‬ ‫ﻣﺘﻜﺮر ﰲ اﳌﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ واﻟﺘﻌﺮض ﻟﻠﺴﻔﻦ اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻬﺪﻓﻬﺎ اﻟﺼﻮارﻳﺦ ﻣﻦ‬ ‫اﳌﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﻳﺴﻴﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟﺤﻮﺛﻴﻮن ﺑﺎﻟﻘﺮب ﻣﻦ ﻣﻀﻴﻖ ﺑﺎب اﳌﻨﺪب )ﻫﻮ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﺠﺎري دوﱄ‬ ‫ﻋﻠام ﺑﺄﻧﻪ ﻛﺎن ﻫﻨﺎك وﻗﻒ ﻹﻃﻼق اﻟﻨﺎر ﳌﺪة‬ ‫رﺋﻴﴘ ﰲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﻨﺰاع ﺑني اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ و إﻳﺮان( ً‬ ‫‪ 72‬ﺳﺎﻋﺔ اﺑﺘﺪاء ﻣﻦ ‪ 22 20-‬ﺗﴩﻳﻦ اﻷول ‪ /‬أﻛﺘﻮﺑﺮ ﻣام ﺳﻤﺢ ﻟﻮﻛﺎﻻت اﳌﻌﻮﻧﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ أن‬ ‫ﺗﺘﺪﺧﻞ ﻟﻠﺒﺪء ﰲ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﳌﺴﺎﻋﺪات اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻟـ ‪ 21.2‬ﻣﻠﻴﻮن ﺷﺨﺺ ﰲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء اﻟﻴﻤﻦ‪ .‬وﻗﺪ‬ ‫ﻗﺪر ﻣﻜﺘﺐ اﻷﻣﻢ اﳌﺘﺤﺪة ﻟﺘﻨﺴﻴﻖ اﻟﺸﺆون اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ أﻧﻪ ﻳﺤﺘﺎج إﱃ ‪ 1.63‬ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر أﻣﺮﻳيك‬ ‫ﻟﺼﻨﺪوق اﻟﺨﻄﺔ اﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﰲ اﻟﻴﻤﻦ‪ ،‬وﻟﻜﻦ مل ﻳﺘﻠﻖ ﺳﻮى ﺗﻌﻬﺪات ﺑﻨﺴﺒﺔ ‪ 47٪‬ﻣﻦ‬ ‫ﻫﺬا اﳌﺒﻠﻎ ﺣﺘﻰ اﻵن‪ .‬وﻗﺪ أﻋﻠﻦ اﻻﺗﺤﺎد اﻷورويب ﻣﺆﺧ ًﺮا ﻋﻦ ﻣﺒﻠﻎ إﺿﺎﰲ ﻗﺪره ‪ 40‬ﻣﻠﻴﻮن ﻳﻮرو‬ ‫ﻟﻠﺼﻨﺪوق‪ ،‬ﻟﻴﺼﻞ إﺟامﱄ ﺗﻌﻬﺪ اﻻﺗﺤﺎد اﻷورويب إﱃ ‪ 120‬ﻣﻠﻴﻮن ﻳﻮرو‪ .‬وﻗﺪ دﻋﺎ اﻟﱪﳌﺎن اﻷورويب‬ ‫إﱃ ﻓﺮض ﺣﻈﺮ ﻋﲆ ﺗﻮرﻳﺪ اﻷﺳﻠﺤﺔ إﱃ اﳌﻤﻠﻜﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ‪ ،‬ﻋﲆ اﻋﺘﺒﺎر أن ﻏﺎﻟﺒﻴﺔ ﺗﺪﻣري‬ ‫اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ اﳌﺪﻧﻴﺔ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺘﻬﺎ‬

‫اﻟﻴﻤﻦ‪ :‬اﻟﻔﺪراﻟﻴﺔ ﺑﻌﺪ‬ ‫اﻧﺘﻬﺎء اﻟﴫاع ﻟﺘﺠﻨﺐ‬ ‫اﻟﺘﻔﻜﻚ‬

‫‪Ghafarzade, Babak “Yemen:‬‬ ‫‪Post-Conflict Federalism to Avoid‬‬ ‫‪Disintegration” International Law‬‬ ‫‪and Politics, NYU. Vol. 48 (2016),‬‬ ‫‪933-1005‬‬

‫ﺗﺘﺤﺪث ﻣﺎﴈ اﻟﻴﻤﻦ وﺣﺎﴐه ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺣﻞ ﻣﺴﺘﻘﺒﲇ ﻣﺤﺘﻤﻞ ﻟﻜﻞ ﻣﻦ اﻟﴫاع اﻟﺤﻮيث‬ ‫واﻻﻧﻔﺼﺎل ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺎم‪ .‬وﻷن ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺤﻮار اﻟﻮﻃﻨﻲ ﻳﺘﺄﻟﻒ ﻣﻦ ﴍﻳﺤﺔ ﻣﻤﺜﻠﺔ ﻣﻦ اﳌﺠﺘﻤﻊ‬ ‫اﻟﻴﻤﻨﻲ‪ ،‬ﻓﺈن ﻗﺮاراﺗﻪ ﺑﺄن ﻳﺒﻘﻰ اﻟﻴﻤﻦ ﻣﻮﺣﺪًا وأن ﻳﻌﺘﻤﺪ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ دﻻﺋﻞ ﻣﴩوﻋﺔ ﻋﲆ متﺜﻴﻞ‬ ‫إرادة اﻟﺸﻌﺐ‪ .‬اﻟﺮأي اﻟﺬي واﻓﻖ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺮﺋﻴﺲ ﻫﺎدي ﺑﺘﻘﺴﻴﻢ اﻟﻴﻤﻦ إﱃ ﺳﺖ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﺗﺤﺎدﻳﺔ‬ ‫ﻗﺪ ﻳﺠﺮ ﻫﺬا اﻟﺮأي ﻟﻼﻧﺘﻘﺎد‪.‬‬ ‫وﺗﺬﻛﺮ ﻫﺬه اﻟﻮرﻗﺔ أن واﺿﻌﻲ اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﻴﻤﻨﻲ ميﻜﻦ أن ﻳﺨﻔﻔﻮا ﻣﻦ اﻟﴫاع اﻟﻌﺮﻗﻲ اﻟﺤﺎﱄ‬ ‫واﳌﺴﺘﻘﺒﲇ واﻻﻧﻔﺼﺎل ﻋﻦ ﻃﺮﻳﻖ ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻣﺒﺎدئ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﰲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﴫاع‪ ،‬وﻫﻲ‬ ‫ﻧﻈﺮﻳﺔ وﺿﻌﺖ ﻣﺆﺧ ًﺮا ﺗﺪﻋﻮ إﱃ متﻜني ﺑﻌﺾ اﻷﻗﻠﻴﺎت اﻻﺛﻨﻴﺔ ﰲ اﳌﻨﺎﻃﻖ اﻻﺗﺤﺎدﻳﺔ اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻬﺎ‬ ‫وﺗﺸري اﻟﺤﺮب اﻷﻫﻠﻴﺔ اﻟﺠﺎرﻳﺔ ﰲ اﻟﻴﻤﻦ اﻵن إﱃ أن اﳌﺒﺎدئ اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ واﻟﺘﻲ ﺗﺘﺠﺎﻫﻞ‬ ‫رﻏﺒﺎت ﺟامﻋﺎت اﻷﻗﻠﻴﺎت ﰲ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﺬايت اﻹﻗﻠﻴﻤﻲ ﻏري ﻛﺎﻓﻴﺔ ﳌﻨﻊ اﻟﻌﻨﻒ واﻟﺘﻔﻜﻚ‪ .‬ﻛام أن‬ ‫ﺗﻘﺪم اﻟﻔﻴﺪراﻟﻴﺔ ﺑﻌﺪ اﻧﺘﻬﺎء اﻟﴫاع ﻃﺮﻳﻘًﺎ واﻋﺪًا ﻧﺤﻮ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﲆ دوﻟﺔ ميﻨﻴﺔ ﻣﻮﺣﺪة‪.‬‬

‫‪144‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫إصدارات‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫قراءة في كتاب‪:‬‬

‫إعـ ــادة بـنـ ــاء الـيـمـ ــن‪ :‬الـتـحـديـ ــات الـسـيـاسـيـ ــة‬ ‫واالقـتـصـاديــــة واالجـتـمـاعـيــــة‬ ‫صــدر عــن مركــز امللــك فيصــل للبحــوث والدراســات اإلســامية بالريــاض الطبعــة العربيــة مــن كتــاب (إعــادة بنــاء اليمــن‪:‬‬ ‫التحديــات السياســية واالقتصاديــة واالجتماعيــة) عــام ‪2016‬م‪ ،‬وح ـ ّرره باللغــة اإلجنليزيــة الباحثــان‪ :‬نويــل بريهونــي رئيــس‬ ‫اجلمعيــة البريطانيــة اليمنيــة‪ ،‬وســعود الســرحان مديــر إدارة البحــوث يف املركــز‪ .‬ويقــع الكتــاب يف ‪ 254‬صفحــة ويأتي يف ســبعة‬ ‫فصــول‪ ،‬وتضمنــت املقدمــة‪ :‬اخللفيــة التاريخيــة والسياســية لليمــن‪ ،‬والوحــدة اليمنيــة‪ ،‬واليمــن بعــد عــام ‪1994‬م‪ ،‬واحلوثيــن‪،‬‬ ‫والتفـ ّكك التدريجــي لنظــام علــي عبــد اهلل صالــح‪ ،‬والصفقــة االنتقاليــة بعنصريهــا‪ :‬السياســي‪ ،‬والعســكري واألمنــي‪ ،‬ونتائــج‬ ‫مؤمتــر احلــوار الوطنــي‪ ،‬وحت ّديــات اليمــن السياســية‪ ،‬وكذلــك حتديــات اليمــن االقتصاديــة‪.‬‬

‫عرض‪ :‬شريف شعبان مبروك‬

‫ً‬ ‫ـتعراضا لألحــداث التــي مــر بهــا اليمــن أثنــاء‬ ‫وتنــاول الكتــاب اسـ‬ ‫عمليتـ ّـي عاصفــة احلــزم وإعــادة األمــل‪ ،‬وجــاء أن اليمــن ال يســتطيع‬ ‫التعامــل مــع التحديــات الكبيــرة والكثيــرة التــي يواجههــا إال بتوافر دعم‬ ‫هائــل مــن جيرانــه يف مجلــس التعــاون اخلليجــي واملجتمــع الدولــي‪،‬‬ ‫واعتبــر أنــه يجــب علــى املجتمــع الدولــي االعتــراف بإخفاقــه يف دعــم‬ ‫النظــام االنتقالــي‪ ،‬فرغــم مــن تعهــده بدفــع ‪ 8.49‬مليــارات دوالر‬ ‫بعــام ‪2014‬م‪ ،‬إال أنــه لــم يحــدث ذلــك‪ ،‬بينمــا قدمــت الســعودية ثلــث‬ ‫التعهــدات والتــي بلغــت ‪ %39‬وهــو مبلــغ يســاوي مســاهمة جميع ممولي‬ ‫منظمــة التعــاون االقتصــادي والتنميــة تقري ًبــا‪.‬‬ ‫الفصــل األول تنــاول اخلطــة الفيدراليــة يف اليمــن وطــرح تاريــخ‬ ‫املشــكات وتطورهــا احلالــي‪ ،‬وصــوالً إلــى النقاشــات املختلفــة حــول‬ ‫إنشــاء نظــام فيدرالــي‪ ،‬والشــكوك املتناميــة حــول خطــة األقاليــم‬ ‫الفيدراليــة الســتة ملؤمتــر احلــوار الوطنــي‪.‬‬ ‫وتنــاول الفصــل الثانــي "الهويــات احلضرميــة يف الســعودية"‬ ‫مــن حيــث فهــم قضايــا الهويــة واإلنتمــاء والطرائــق التــي يتنــاول بهــا‬ ‫األشــخاص العاقــات بينهــم مــن املنظــور األنثروبولوجــي‪.‬‬ ‫وتطرق الفصل الثالث إلى "الفساد يف اليمن‪ :‬احلفاظ على األمر‬ ‫الواقــع" مــن خــال االنتقــال السياســي والتفــاوض علــى قواعــد اللعبــة‬ ‫اخلاصة باحملســوبية‪ ،‬وازدياد املنافســة بن النخب اليمنية من وتيرة‬ ‫اســتخاص الربــع بشــكل ســليم‪ ،‬كاشـ ًفا عــن األعمــال غيــر املشــروعة‬ ‫يف ســياق احملســوبية وقواعــد اللعبــة يف اليمــن‪ ،‬وطــرح تســاؤالً عمــا‬ ‫إذا كان الفســاد قــد عولــج أم ازداد ســو ًءا‪ ،‬ومــا إذا كان اإلصاحيــون‬

‫املتعاقبــون قــد خرجــوا عــن حــدود املعاييــر املقبولــة يف اليمــن‪.‬‬ ‫وقــد ناقــش الفصــان الرابــع واخلامــس قضايــا العمــل واالســتثمار‬ ‫واملــوارد الطبيعيــة والزراعــة يف اليمــن‪ ،‬وخلــص إلــى أن مســتقبل اليمــن‬ ‫االقتصادي يتمركز حول تســخير إنتاجية العمالة اليمنية‪ ،‬وليس تســليم‬ ‫االقتصــاد إلــى القطــاع اخلــاص الــذي ليــس لديــه أي حافــز لاســتثمار‪.‬‬ ‫وناقش الفصل الســادس‪ ،‬املياه يف املناطق احلضرية‪ ،‬والتحديات‬ ‫الكبــرى واحللــول العميقــة‪ ،‬ودراســات املســتقبل‪ ،‬اســتنا ًدا إلــى بحــوث‬ ‫أجراهــا "الصنــدوق البريطانــي املشــترك ملنــع نشــوب الصراعــات"‪،‬‬ ‫والتــي بحثــت بشــكل شــامل اجلوانــب االجتماعيــة واالقتصاديــة‬ ‫والتنظيميــة املتعلقــة بشــح امليــاه يف املناطــق احلضريــة‪.‬‬ ‫وتطــرق الفصــل األخيــر ملشــاركة املــرأة اليمنيــة‪ ،‬واألدوار التــي‬ ‫اختطتهــا املــرأة لنفســها منــذ عــام ‪2011‬م‪ ،‬والفــرص التــي توافــرت لهــا‬ ‫إلحــداث تغييــر بعيــد األمــد‪ ،‬والضغــط باجتــاه احلصــول علــى "كوتــا"‬ ‫سياســية‪ ،‬واقتراح حد أدنى لســن الزواج‪ ،‬واصاحات دســتورية أخرى‪.‬‬ ‫وختــم الكتــاب بــأن مــا سيكشــف عنــه الوضــع السياســي الراهــن‬ ‫أمــر غايــة األهميــة‪ ،‬ألن هنــاك مخــاوف أمنيــة مســتمرة تتعلــق بانتشــار‬ ‫النشــاط اإلرهابــي يف البــاد‪ ،‬إضافــة للحالــة اإلنســانية املترديــة علــى‬ ‫نحــو متزايــد‪ ،‬وانعــدام األمــن العــام‪ ،‬مشــد ًدا علــى أن الوقــت احلالــي‬ ‫هــو الوقــت املناســب للتفكيــر مل ًيــا وبشــكل أعمــق وأبعــد يف كيفيــة‬ ‫حتقيــق احللــول‪ ،‬والــدور الــذي ميكــن للمــرأة أن تقــوم بــه‪ ،‬ومعرفــة‬ ‫واجباتهــا التــي عليهــا تقدميهــا يف ســبيل حتقيــق ذلــك‪.‬‬ ‫* ﻣﺮﻛﺰ اﻷﻫﺮام ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫أصـ ً‬ ‫ا‪ ،‬كفيــل بحــل مشــكلة البطالــة يف املجتمــع األمريكــي‪ ..‬وحتقيــق‬ ‫مجد‪ ،‬ورشـ ٍ‬ ‫معجــزة العمالــة الكاملــة‪ ،‬بفــرض إن هــذا األخيــر هــدف ٍ‬ ‫ـيد‬ ‫اقتصاد ًيــا!؟ ثــم‪ :‬هــل لــو جنــح الرئيــس ترامــب‪ ،‬يف فــرض سياســته‬ ‫احلمائيــة ضــد واردات الواليــات املتحــدة مــن الســلع واخلدمــات‪ ،‬يكون‬ ‫هــذا يف صالــح الســوق األمريكيــة‪ ،‬بــل حتــى للمســتهلك العــادي يف‬ ‫أمريــكا‪ ..‬وإن هــو فعــل ذلــك‪ ،‬هــل بإمكانــه أن مينــع شــركاء جتاريــن‬ ‫ألمريــكا مــن اتبــاع سياســة اقتصاديــة حمائيــة مضــادة‪.‬‬ ‫أمريــكا‪ ،‬ببســاطة‪ :‬ليســت بهــذا النفوذ والقوة والغنــى‪ ،‬التي يتصوره‬ ‫الرئيس ترامب‪ .‬هو شخص ًيا يعترف‪ :‬أن أمريكا ضعيفة‪ ،‬وهو يريد أن‬ ‫يستعيد إليها عظمتها‪ ،‬فكيف للضعيف أن يبدأ مشوار عظمته‪ ،‬وهو ال‬ ‫يقــوى علــى املشــي!؟ ثــم هل يســتطيع الســوق األمريكــي‪ ،‬رغم ضخامته‪،‬‬ ‫أن يســتوعب "عظمة" أمريكا االقتصادية‪ ،‬التي يعد بها املســتر ترامب‪.‬‬ ‫لنتســاءل‪ ،‬هل يســتطيع الســوق األمريكي‪ ،‬يف ظل حرب عاملية حمائية‪،‬‬ ‫تعززهــا أيدلوجيــة انعزاليــة متطرفــة‪ ،‬أن يســتوعب صناعــة االتصــال‬ ‫يف الواليــات املتحــدة‪ ،‬علــى ســبيل املثــال‪ .‬هــل الســوق األمريكــي‪ ،‬رغــم‬ ‫ضخامتــه‪ ،‬مؤهــل الســتيعاب توســع شــركات‪ ،‬مثــل‪ :‬مايكروســوفت وأبــل‬ ‫وجوجــل وفيــس بــوك‪ ،‬والواتــس أب‪ .‬وإلــى أيــن ميضــي مصيــر برامــج‬ ‫ومشــروعات هذه الصروح االقتصادية األمريكية العماقة املســتقبلية‪،‬‬ ‫يف ظــل حــرب حمائيــة عامليــة يحــرض عليهــا الرئيــس ترامــب‪ ،‬تفــوق‬ ‫طاقــة الســوق األمريكيــة الســتيعاب إمكاناتهــا احلاليــة‪ ،‬دعــك مــن‬ ‫مشــاريعها املســتقبلية الواعــدة‪ .‬ثــم مــاذا تفعــل أمريــكا‪ ،‬وهــي يف عزلــة‬ ‫عــن العالــم‪ ،‬مــع ظاهــرة التغييــر املســتمر يف أدوات اإلنتــاج وعاقاتــه‪،‬‬ ‫التــي هــي متازمــة تاريخيــة‪ ،‬لتطــور املجتمعــات البشــرية وإبداعاتهــا‪،‬‬ ‫سياسـ ًيا واجتماع ًيــا واقتصاد ًيــا‪ ...‬أليــس ذلــك مــن شــأنه أن يأتــي علــى‬ ‫الريــادة األمريكيــة‪ ،‬ويجعلهــا تتخلــف عــن كثيــر مــن دول العالــم الناميــة‪،‬‬ ‫بــل وحتــى االقتصاديــات الناشــئة‪.‬‬ ‫هــذه فقــط أمثلــة اقتصاديــة‪ ،‬لــم يســعف املجــال التوســع فيهــا‬ ‫والتطــرق لغيرهــا‪ ،‬تبــن مــدى الصعــاب احلقيقيــة التــي تواجــه شــعار‬ ‫أمريــكا أوالً‪ .‬النتيجــة‪ ،‬بالقطــع‪ :‬تكــون كارثيــة‪ ،‬القتصــاد أمريــكا‪،‬‬ ‫ومــن ثــم إلمكانــات منــوه‪ ،‬ممــا ينعكــس بالتبعيــة‪ :‬علــى مكانــة وهيبــة‬ ‫ـوى اقتصادية منافســة‪،‬‬ ‫أمريــكا‪ ،‬التــي تطمــع لتحتــل مكانتهــا الكونيــة قـ ً‬ ‫لــن تستســلم لسياســة أمريــكا احلمائيــة‪ ،‬وستســتغل عزلــة الواليــات‬ ‫املتحــدة عــن العالــم‪ ،‬لتمضــي يف اســتراتيجيتها التكامليــة الليبراليــة‪.‬‬ ‫االحتــاد األوربــي واليابــان والصــن‪ ،‬مرشــحة إلقامــة اقتصــاد عاملــي‬ ‫ـواز‪ ،‬لــو أصــرت إدارة الرئيــس ترامــب املضي يف سياســتها احلمائية‪،‬‬ ‫مـ ٍ‬ ‫ممــا قــد يأتــي علــى نظــام الــدوالر‪ ،‬الــذي يحكــم العالــم اقتصاد ًيــا‪،‬‬ ‫مبوجــب اتفاقيــة بريتــون وودز النقديــة ( ‪ 22‬يوليــو ‪ ،) 1944‬قبــل نهايــة‬ ‫احلــرب الكونيــة الثانيــة‪ ،‬ليفقــد الــدوالر‪ ،‬ليــس فقــط مركــزه النقــدي‬ ‫الكونــي املرمــوق‪ ،‬بــل قــد يفقــد قوتــه الشــرائية يف ســوق داخلــي يعانــي‬ ‫مــن تباطــؤ يف النمــو أو انكمــاش‪ ،‬أو حتــى كســاد‪ ..‬ومــن البطالــة‬

‫رأي‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪143‬‬

‫ملف العدد‬

‫املقنعــة‪ ..‬والتضخــم‪ ،‬والثــروة القوميــة املتناقصــة‪.‬‬ ‫ثــم إن الواليــات املتحــدة‪ ،‬بعــد احلــرب الكونيــة الثانيــة أرســت‬ ‫نظا ًمــا تكامل ًيــا عامل ًيــا للتجــارة الدوليــة‪ ،‬يقــوم علــى أســس اقتصاديــة‬ ‫ليبراليــة‪ ،‬ففرضــت اتفاقيــة التجــارة والتعرفــة اجلمركيــة (‪)GATT‬‬ ‫‪1947‬م‪ ،‬التــي اُســتبدلت مؤخــ ًرا مبعاهــدة منظمــة التجــارة العامليــة‬ ‫(‪ ،1995 )WTO‬التــي أرســت لقيــم وممارســات نظــام العوملــة‪ ،‬ومــن‬ ‫حينهــا أخــذت دول العالــم تتقاطــر لانْ ِضمــام إليهــا‪ ،‬لتواجــه اليــوم‬ ‫أعظــم حتدياتهــا علــى اإلطــاق يف سياســة الواليــات املتحدة احلمائية‬ ‫االنعزاليــة‪ ،‬التــي تتبعهــا إدارة الرئيــس ترامــب احلاليــة‪.‬‬

‫شعار أمريكا أو ًال لن ُيبقي أمريكا يف المقدمة‬

‫الرئيــس األمريكــي اجلديــد عندمــا يُطلــق شــعار "أمريــكا أو ًال"‪..‬‬ ‫و"العامــل األمريكــي أوالً"‪ ،‬إمنــا هــو يف حقيقــة األمــر يدشــن سياســة‬ ‫خارجيــة انعزاليــة وسياســة اقتصاديــة حمائيــة بامتيــاز‪ ،‬يف نكوص عن‬ ‫تاريــخ طويــل نســب ًيا أمتــد ملــا يزيــد عــن ســبعة عقــود‪ ،‬كانــت الواليــات‬ ‫املتحــدة فيــه تتســيد العالــم‪ ..‬وتدعــم ســامه‪ ..‬وتعــزز اســتقراره‪،‬‬ ‫ويف نفــس الوقــت‪ ،‬كانــت تلــك السياســة التداخليــة الطويلــة نســب ًيا‪،‬‬ ‫تصــب يف مصلحــة اقتصــاد الواليــات املتحــدة‪ ،‬رغــم التكلفــة الكبيــرة‬ ‫التــي حتملتهــا عنــد بــدء تدشــن تبنيهــا للنظــام الليبرالــي االقتصــادي‬ ‫العاملــي‪ .‬بفضــل تلــك االســتراتيجية الليبراليــة التداخليــة‪ :‬الواليــات‬ ‫املتحــدة أضحــت أكثــر غنـ ًـى‪ ..‬وأكثــر تقد ًمــا‪ ..‬وأكثــر مهابــة ونفــو ًذا‬ ‫علــى مســتوى العالــم‪ ،‬بــل وأكثــر أمنًــا‪ ،‬بالرغــم ممــا واجهتــه مــن‬ ‫حتديــات أمنيــة‪ ،‬ســواء يف فتــرة احلــرب البــاردة‪ ..‬أو مــا تواجهــه اليــوم‬ ‫ممــا يســمى اإلرهــاب‪.‬‬ ‫الواليــات املتحــدة أضحــت دولــة عظمــى ومهيمنــة علــى مقــدرات‬ ‫العالــم بسياســتها الليبراليــة التداخليــة‪ ،‬ولــم تكــن كذلــك أبـدًا‪ ،‬طــوال‬ ‫فتــرات انعزالهــا وانكفائهــا علــى نفســها الســابقة‪ .‬باتبــاع سياســة‬ ‫انعزاليــة رجعيــة متطرفــة‪ ،‬جتــازف الواليــات املتحــدة بالكثيــر‪ .‬أمريــكا‬ ‫بنــت عظمتهــا علــى انفتاحهــا الكونــي‪ ،‬وســوف تعيدهــا عزلتهــا‬ ‫وانكفاؤهــا علــى نفســها‪ ،‬حــدود منطقتهــا اجلغرافيــة احملــدودة‬ ‫والضيقــة‪ ،‬ممــا ســيؤثر ســل ًبا علــى وحدتهــا الداخليــة‪ ،‬رمبــا باســتعادة‬ ‫النزعــة الكنفيدراليــة القدميــة‪.‬‬ ‫عزلــة الواليــات املتحــدة عــن العالــم ســتقودها ألن تصبــح أقــل‬ ‫من ـ ًوا‪ ..‬وأقــل أم ًنــا‪ ،‬ورمبــا أقــل اســتقرا ًرا‪ .‬ألــم يكــن أجــدر أن يختــار‬ ‫الرئيــس ترامــب شــعار (الســام أوالً)‪ ،‬لتظــل أمريــكا دائ ًمــا يف املقدمــة‬ ‫حضار ًيا‪ ..‬ونامية اقتصاد ًيا‪ ..‬ومتقدمة تكنولوج ًيا وعلم ًيا‪ ..‬ومزدهرة‬ ‫اجتماع ًيــا وثقاف ًيــا‪ ..‬ومســتقرة سياسـ ًيا‪ ..‬ورائــدة للعالــم احلــر‪ ..‬وخير‬ ‫ضمــان يف مواجهــة الفاشــية‪ ،‬وخيــر نصيــر للدميقراطيــة‪.‬‬ ‫* أﺳﺘﺎذ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ـ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﳌﻠﻚ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ ـ ﺟﺪة‬

‫‪142‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫أثنــاء احلــرب‪ ،‬يف الصــن وجــزء مــن الهنــد الصينيــة‪ ،‬ممــا شــكل خطـ ًرا‬ ‫اســتراتيج ًيا محد ًقــا وناج ـزًا للواليــات املتحــدة‪ ،‬األمــر الــذي اضطــر‬ ‫ـروب إقليميــة محــدودة‪ ،‬خــارج مجالهــا‬ ‫الواليــات املتحــدة للدخــول يف حـ ٍ‬ ‫احليــوي التقليــدي يف العالــم اجلديــد‪ ،‬يف كوريــا (‪1953-1950‬م)‬ ‫وفيتنــام (‪1975-1955‬م)‪ ..‬وكــذا تطويــر اســتراتيجيات دفــاع غيــر‬ ‫تقليديــة‪ ،‬مثــل اســتراتيجية االحتــواء وحافــة الهاويــة وحــرب النجــوم‪،‬‬ ‫حتــى اقتربــت مــن تبنــي عقيــدة الضربــة األولى‪ ،‬لفرض حصــار حديدي‬ ‫علــى االحتــاد الســوفيتي للحــد مــن متــدده يف مناطــق حيويــة ملصاحلهــا‬ ‫وأمنهــا القومــي‪ ،‬مثــل‪ :‬الشــرق األوســط وشــبه القــارة الهنديــة وإفريقيا‪.‬‬ ‫باإلضافــة إلــى حساســية واشــنطن األمنيــة واالســتراتيجية الصارمــة‬ ‫جتــاه احتمــال اقتــراب اخلطــر االســتراتيجي لاحتــاد الســوفيتي مــن‬ ‫مناطــق نفوذهــا احليــوي التقليدية يف أمريكا الاتينيــة‪ ،‬حتى أنها كادت‬ ‫أن تخاطــر بســام العالــم وأمنــه‪ ،‬طــوال ‪ 13‬يو ًمــا (‪ 14‬أكتوبــر ‪-1962‬‬ ‫‪ 28‬أكتوبــر ‪1962‬م)‪ ،‬حبــس فيهــا العالــم أنفاســه‪ ،‬فيمــا عــرف بأزمــة‬ ‫الصواريــخ الســوفيتية يف كوبــا‪.‬‬ ‫الواليــات املتحــدة أعــادت إعمــار اليابــان وأوروبــا الغربيــة مــن أجل‬ ‫ترســيخ الرأســمالية‪ ،‬يف مواجهــة االشــتراكية‪ ..‬ونشــرت املظلــة النوويــة‬ ‫يف أوربــا الغربيــة واليابــان‪ ،‬لــردع املــد الشــيوعي مــن أن ينجــح فيمــا‬ ‫فشــلت فيــه األيدلوجيــة الفاشــية والنازيــة‪ ،‬للتوســع حتــى تهديــد األمــن‬ ‫القومــي األمريكــي مباشــر ًة‪ ،‬داخــل أمريــكا نفســها‪ .‬بعبــارة أخــرى‪:‬‬ ‫حققــت الواليــات املتحــدة منافــع اقتصاديــة وسياســية كبيــرة مــن خطة‬ ‫مارشــال إلعــادة إعمــار أوربــا الغربيــة واليابــان‪ ..‬ومكاســب سياســية‬ ‫عريضــة مــن جــراء تزعمهــا ملــا ســمي‪ ،‬يف فتــرة احلــرب البــاردة‪ ،‬للعالــم‬ ‫احلــر‪ ...‬وأخيـ ًرا‪ ،‬مــن الناحيــة االســتراتيجية‪ ،‬امتــداد املظلــة النوويــة‬ ‫األمريكيــة‪ ،‬يف أوربــا واألناضــول وغــرب الباســفيك‪ ،‬أعلــى مــن شــأن‬ ‫وكفــاءة الــرادع النــووي األمريكــي‪ ،‬يف مواجهــة التمــدد الشــيوعي‪،‬‬ ‫حمايــة ألمــن الواليــات املتحــدة القومــي‪.‬‬ ‫باختصــار‪ :‬أوربــا واليابــان لــم تطلبــا املعونــة االقتصاديــة واحلماية‬ ‫االســتراتيجية لهمــا مــن قبــل أمريــكا‪ ،‬حتــى يأتــي الرئيــس ترامــب‬ ‫ليطلــب تســديد فاتــورة كل ذلــك مــن األوربيــن واليابانيــن‪ ..‬كمــا أن‬ ‫األوربيــن واليابانيــن‪ ،‬وخاصــة األوربيــن‪ ،‬لــم يعتمــدوا علــى املظلــة‬ ‫النوويــة األمريكيــة حصر ًيــا حلمايــة أمنهم‪ ..‬البريطانيون والفرنســيون‬ ‫طــوروا رادعهــم النــووي اخلــاص بهــم‪ ..‬حتــى أن الفرنســين مبكــ ًرا‬ ‫(‪ 1966‬م) خرجــوا مــن الترتيبــات العســكرية حللــف شــمال األطلســي‪،‬‬ ‫عل ًمــا منهــم وقناع ـ ًة عندهــم‪ ،‬أنــه يف حــال تطــور موقــف خطيــر قــد‬ ‫يــؤدي إلــى اســتخدام الســاح النــووي‪ ،‬فــإن الواليات املتحدة ســتضحي‬ ‫بلنــدن وباريــس مــن أجــل حمايــة واشــنطن ونيويــورك!‬ ‫منهجــا أكثــر نعومــة وأتــى بنتائــج‬ ‫كمــا أن اليابانيــن اختــاروا‬ ‫ً‬ ‫إيجابيــة‪ ،‬حلــد اآلن‪ ،‬يف التعامــل مــع خصــوم اليابــان التاريخيــن غر ًبــا‬ ‫يف االحتــاد الســوفيتي والصــن‪ .‬لقــد طــورت اليابــان‪ ،‬طــوال احلــرب‬

‫رأي‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫البــاردة واســتمر ذلــك إلــى اليــوم عاقــات جتاريــة وتعــاون اقتصــادي‬ ‫ممتــد مــع الصــن واالحتــاد الســوفيتي واليــوم مــع روســيا‪ ،‬وفــر لهــا‬ ‫غطــا ًء اســتراتيج ًيا‪ ،‬رمبــا أكثــر وثو ًقــا ومصداقيــة‪ ،‬مــن املظلــة النوويــة‬ ‫األمريكيــة غيــر املســتقرة وغيــر املضمونــة‪ ،‬بصــورة مطلقــة‪ ،‬يف حالــة‬ ‫تطــور وضــع اســتراتيجي يحمــل احتمــاالت اســتراتيجية غيــر تقليديــة‪،‬‬ ‫كاحتمــال اســتخدام الســاح النــووي‪ ،‬ســواء يف صــورة حــرب شــاملة‪..‬‬ ‫أو يف حالــة نشــوب حــرب نوويــة محــدودة يف منطقــة غــرب الباســفيك‪،‬‬ ‫كمــا هــو احتمــال ذلــك هــذه األيــام‪ ،‬نتيجــة التوتــر املتصاعــد بــن‬ ‫الواليــات املتحــدة وكوريــا الشــمالية‪.‬‬

‫حمائية العزلة االقتصادية‬ ‫اقتصاد ًيــا‪ :‬مــن أهــم مؤشــرات عــودة أيدلوجيــة العزلــة‪ ،‬لتهيمــن‬ ‫علــى السياســة اخلارجيــة األمريكيــة‪ ،‬يف عهــد إدارة الرئيــس ترامــب‪،‬‬ ‫تبنــي هــذه اإلدارة لسياســة اقتصاديــة حمائيــة تطــال أوجــه التجــارة‬ ‫اخلارجيــة األمريكيــة‪ ،‬مــع العالــم‪ .‬بــدأت واشــنطن سياســة العزلــة‬ ‫االقتصاديــة‪ ،‬بالتخلــي عــن العديــد مــن إســهاماتها التكامليــة‪ ،‬مــع‬ ‫ـت أن يبــدأ الرئيــس األمريكــي يف أول‬ ‫شــركاء جتاريــن‪ ،‬دوليــن‪ُ .‬ملفـ ٌ‬ ‫يــوم عمــل إلدارتــه بعــد تنصيبــه بالتوقيــع علــى أمــر رئاســي تخــرج بــه‬ ‫الواليــات املتحــدة مــن اتفاقيــة الشــراكة عبــر الهــادي التــي تضــم ‪12‬‬ ‫دولــة تقــع جميعهــا علــى ضفتــي احمليــط الهــادي يف أربــع قــارات‪ ،‬عــدا‬ ‫الصــن‪ ..‬وكانــت تهــدف إلــى إزالــة العوائــق اجلمركيــة أمــام التجــارة‬ ‫واالســتثمار‪ ،‬يف مواجهــة تكتــات اســتراتيجية واقتصاديــة عماقــة‪،‬‬ ‫مثــل‪ :‬الصــن‪ ..‬وروســيا‪ ،‬واالحتــاد األوربــي‪.‬‬ ‫سياسة اقتصادية حمائية يدشن بها الرئيس ترامب استراتيجيته‬ ‫االنعزاليــة‪ ،‬بــد ًءا بحلفائــه االســتراتيجين وشــركائه االقتصاديــن‪ .‬كما‬ ‫أن الرئيــس ترامــب أبــدى توجهــه ملراجعــة أهــم صيغــة تكامليــة يف‬ ‫أمريــكا الشــمالية والوســطى‪ ،‬بــن بــاده وكنــدا واملكســيك (النافتــا)‪،‬‬ ‫التــي أنشــئت ‪1992‬م‪ ،‬وأصبحــت ســارية املفعــول ‪1994‬م‪ ،‬مــن أجــل‬ ‫مواجهــة التكتــات االقتصاديــة الناشــئة مثــل االحتــاد األوربــي‪ ،‬بإقامــة‬ ‫منطقــة جتاريــة حــرة بــن الــدول الثــاث‪ .‬اتفاقيــة التجــارة احلــرة‬ ‫لــدول أمريــكا الشــمالية أحــرزت تقد ًمــا كبيـ ًرا يف التكامــل االقتصــادي‬ ‫بــن الــدول الثــاث‪ ،‬حتــى أنــه مت إلغــاء الرســوم اجلمركيــة علــى الســلع‬ ‫واخلدمــات بــن الــدول الثــاث عــام ‪2008‬م‪.‬الرئيــس ترامــب ال يتوعــد‬ ‫بتقويــض النافتــا‪ ،‬اتســا ًقا مــع توجــه إدارتــه االنعزالــي‪ ،‬فحســب‪ ...‬بــل‬ ‫أن الرئيــس ترامــب يزمــع إقامــة فواصــل اصطناعيــة مــع جيرانــه يف‬ ‫اجلنــوب‪ ،‬ببنــاء جــدار إســمنتي علــى طــول حــدود بــاده مــع املكســيك!‬ ‫لنتصــور‪ً ،‬‬ ‫فرضــا‪ ،‬لــو اســتطاع الرئيــس ترامب‪ ،‬املضي يف سياســته‬ ‫احلمائيــة االنعزاليــة هــذه‪ ،‬مــن أجــل اســتعادة العمالــة الوطنيــة للســوق‬ ‫األمريكــي‪ ،‬عــن طريــق اتبــاع سياســة اقتصاديــة تدخلية بفــرض قوانن‬ ‫حتــد مــن حريــة حركــة رأس املــال األمريكــي‪ ،‬هــل ذلــك‪ ،‬إن كان ممك ًنــا‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫مضاعفــة حجــم ثروتهــا االقتصاديــة واإلنســانية‪ ،‬مبعــدالت تفــوق مــا‬ ‫يتطــور يف مجتمعــات العالــم األخــرى‪ .‬بالتالــي‪ :‬ال تســتطيع الواليــات‬ ‫املتحــدة‪ ،‬أن تعيــش يف عزلــة عــن العالــم‪ ،‬ليــس مــن أجــل مدهــا مبــا‬ ‫ال يتوفــر لديهــا مــن مــوارد الزمــة ملواصلــة منوهــا وتفوقهــا التكنلوجــي‬ ‫والعلمــي واحلضــاري‪ ..‬وال مــن أجــل فتــح أســواق خارجيــة ملخرجــات‬ ‫اقتصادهــا الضخــم‪ ،‬فحســب‪ ...‬بــل أكثــر‪ :‬مــن أجــل ضمــان أمنهــا‬ ‫القومــي‪ ،‬مــن الناحيــة االســتراتيجية الصرفــة‪.‬‬ ‫الواليــات املتحــدة جربــت اقتــراب العزلــة مــن مســرح السياســة‬ ‫الدولية كثي ًرا‪ ...‬بل أن تاريخها القصير‪ ،‬نســب ًيا‪ ،‬مقارنة بامبراطوريات‬ ‫أمميــة ســبقتها‪ ،‬يــكاد يكــون يف معظمه تســوده اســتراتيجية العزلة‪ .‬لعل‬ ‫أكثــر فتــرات العزلــة شــهرة يف السياســة اخلارجيــة األمريكيــة‪ ،‬تلك التي‬ ‫ســادت يف فتــرة مــا بــن احلربــن الكونيتــن األولــى والثانيــة‪ ،‬وحتــى‬ ‫جــزء مــن احلــرب الكونيــة الثانيــة‪ ،‬عندمــا أعلنــت الواليــات املتحــدة‬ ‫احلــرب علــى اليابــان (‪ 8‬ديســمبر ‪1941‬م)‪ ،‬بعــد الهجــوم الكاســح التــي‬ ‫تعــرض لــه أســطولها يف احمليــط الهــادي مــن ســاح البحريــة اليابانــي‬ ‫(‪ 7‬ديســمبر ‪ 1941‬م)‪ .‬أعقــب ذلــك إعــان أملانيــا وإيطاليــا‪ ،‬اللتــان كانتــا‬ ‫تشــكان مــع اليابــان دول احملــور‪ ،‬احلــرب علــى الواليــات املتحــدة (‪11‬‬ ‫ديســمبر ‪1941‬م)‪ .‬وكان أن دخلــت الواليــات املتحــدة احلــرب الكونيــة‬ ‫الثانيــة‪ ،‬بعــد ‪ 22‬ســنة مــن العزلــة‪ ،‬التــي لــم تعــد إليهــا متامـاً‪ ،‬إلــى اليوم‪،‬‬ ‫وإن كانــت أيدلوجيــة العزلــة مازالــت تتمتــع بتيــار سياســي قــوي‪ ،‬داخــل‬ ‫الواليــات املتحــدة‪ ،‬رمبــا تكــون إدارة الرئيــس ترامــب احلالية تشــكل أهم‬ ‫منعطفاتــه اخلطــرة‪.‬‬

‫رأي‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪141‬‬

‫ملف العدد‬

‫االســتراتيجي املميــز‪ ،‬دو ٌر كبيــ ٌر يف حســم تلــك احلــرب‪ ،‬لصالــح‬ ‫دفاعــا عــن الدميقراطيــة والعالــم احلــر‪ ،‬كمــا كان يُقال‪ .‬تخلي‬ ‫احللفــاء‬ ‫ً‬ ‫الواليــات عــن حلفائهــا يف احلــرب الكونيــة األولــى‪ ..‬وتخليهــا عــن‬ ‫الدفــاع عــن ِس ـل ْ ِم العالــم واســتقراره‪ ،‬أدى إلــى تعــرض أمنهــا القومــي‬ ‫خلطــر مباشــر‪ ،‬أجبرهــا لدخــول احلــرب الكونيــة الثانيــة‪ ،‬رغــم قــوة‬ ‫تيــار االنعزاليــة يف داخــل الواليــات املتحــدة‪ ،‬الــذي حــال دون الواليــات‬ ‫املتحــدة ودخــول احلــرب الكونيــة الثانيــة أكثــر مــن عامــن كاملــن‪،‬‬ ‫كانتــا كافيتــن الجتيــاح النازيــة والفاشــية يف أملانيــا وإيطاليــا‪ ،‬لــكل‬ ‫أوربــا غــرب األورال‪ ،‬بــل حتــى التوغــل داخــل أوربــا اآلســيوية‪ ،‬شــرق‬ ‫األورال حيــث عريــن الــدب الروســي‪.‬‬ ‫يف اجلانــب اآلخــر مــن العالــم توغلــت اليابــان غر ًبــا‪ ،‬فجــرى‬ ‫احتــال الصــن وصــوالً إلــى التبــت‪ ..‬وجنو ًبــا‪ ،‬حتــى كادت الفاشــية‬ ‫العســكرية يف طوكيــو حتتــل اســتراليا‪ ،‬بعــد مــا ســيطر اجليــش‬ ‫اإلمبراطــوري اليابانــي علــى الهنــد الصينيــة‪ ،‬ليقتــرب مــن أبــواب شــبه‬ ‫القــارة الهنديــة‪ .‬كادت الفاشــية أن تســيطر علــى العالــم ويف ذهــن‬ ‫هتلــر وموســيليني واجلنــرال هيديكــي توجــو‪ ،‬اجلائــزة الكبــرى للحــرب‬ ‫(الواليــات املتحــدة)‪.‬‬ ‫عزلـة الواليـات املتحـدة يف الفتـرة مـا بن احلربـن‪ ،‬كادت أن تطرق‬ ‫أبـواب الواليـات املتحـدة احلصينـة‪ ،‬بعـد أن كانـت الغواصـات األملانيـة‬ ‫ُمتـارس مـا يشـبه احلصـار علـى طـول سـاحل األطلسـي شـرق الواليـات‬ ‫املتحدة‪ ،‬بينما يصل األسطول الياباني‪ ،‬إلى وكر األسطول األمريكي يف‬ ‫بيـرل هاربـر (هـاوي) ويدمـره‪ ،‬ليصبـح الطريـق البحـري أمـام اليابانين‬ ‫مفتوحـا‪ ،‬جتـاه سـواحل الواليـات املتحـدة الغربيـة على احمليـط الهادي‪.‬‬ ‫ً‬

‫ترامب‪ :‬العودة للعزلة من جديد!؟‬ ‫اليـوم‪ ،‬يف ظـل إدارة الرئيـس ترامـب‪ ،‬تخطـو السياسـة اخلارجيـة‪،‬‬ ‫نحـو انعزاليـة جديـدة‪ ،‬لـن تقـود ‪-‬إن هـي مضـت قد ًمـا فيهـا ‪-‬أن تفقـد‬ ‫الواليات املتحدة ميزتها التنافسية استراتيج ًيا‪ ،‬بوصفها القوة العظمى‬ ‫الرئيسـية يف عالـم اليـوم‪ ،‬بـل ذلـك مـن شـأنه‪ً ،‬‬ ‫أيضـا‪ :‬أن يُعـرض أمـن‬ ‫الواليـات املتحـدة للخطـر‪ .‬الرئيـس دونالـد ترامـب يف زياراتـه املتكـررة‬ ‫حللفائه التقليدين يف أوربا‪ ،‬منذ تقلده منصبه كرئيس للواليات املتحد‬ ‫(‪ 20‬ينايـر املاضـي)‪ ،‬ضمـن منظومـة معاهـدة حلـف شـمال األطلسـي‬ ‫(الناتـو)‪ ،‬ال يخفـي ضجـره مـن التكلفـة املاديـة الضخمـة‪ ،‬التـي تفرضها‬ ‫التزامات واشنطن الدفاعية‪ ،‬جتاه حلفائها التقليدين يف الناتو‪ .‬بل أن‬ ‫الرئيـس األمريكـي اجلديـد‪ ،‬يذهـب إلى أبعد من املطالبة بزيادة نصيب‬ ‫حلفـاء أمريـكا التقليديـن يف الناتـو يف ميزانيـة املنظمـة الدفاعيـة‪ ،‬إلـى‬ ‫املطالبة بأن يدفع شـركاء واشـنطن يف معاهدة حلف شـمال األطلسـي‪،‬‬ ‫مـا دفعتـه واشـنطن‪ ،‬منـذ نهايـة احلـرب الكونيـة الثانيـة يف تكلفة املظلة‬ ‫النوويـة األمريكيـة للدفـاع عـن أوربـا الغربيـة واليابان!؟‬ ‫ســلوك انعزالــي‪ ،‬بامتيــاز‪ ،‬ال يختلــف كثيــ ًرا عمــا أقدمــت عليــه‬ ‫الواليــات املتحــدة‪ ،‬عقــب احلــرب الكونيــة األولــى‪ ،‬التــي كان ملوقفهــا‬

‫تكلفة العزلة وعوائد التداخلية‬ ‫كمــا أن الرئيــس ترامــب‪ ،‬عنــد محاولتــه ابتــزاز حلفائــه يف‬ ‫معاهــدة حلــف شــمال األطلســي‪ ،‬مبطالبتــه إياهــم زيــادة إســهاماتهم‬ ‫يف ميزانيــة الناتــو الدفاعيــة‪ ،‬بــل ومطالبتهــم بدفــع مــا ســبق ودفعتــه‬ ‫واشــنطن مقابــل إعــادة إعمــار أوربــا ونشــر املظلــة النوويــة األمريكيــة‬ ‫للدفــاع عــن القــارة العجــوز‪ ،‬كمــا يُطلــق عليهــا رواد التيــار االنعزالــي‬ ‫للمحافظــن اجلــدد يف واشــنطن‪ ،‬إمنــا يف حقيقــة األمــر يقفــز علــى‬ ‫حقائــق تاريخيــة واســتراتيجية‪ ،‬كانــت وال زالــت تصــب يف مصلحــة‬ ‫األمــن القومــي األمريكــي ويف املكانــة املميــزة للواليــات املتحــدة‪ ،‬التــي‬ ‫حتظــى بهــا واشــنطن يف عالــم اليــوم‪.‬‬ ‫ً‬ ‫الواليــات املتحــدة‪ ،‬بعــد احلــرب الكونيــة الثانيــة مباشــرة كان‬ ‫هاجســها األمنــي يتجــه نحــو منافســها الكونــي اجلديــد‪ ،‬علــى مكانــة‬ ‫الهيمنــة الكونيــة التــي تبوأتهــا بعــد احلــرب‪ ،‬التــي هــي ‪ -‬يف نفس الوقت‬ ‫ وثيقــة الصلــة بأمنهــا القومــي‪ .‬خطــر االحتاد الســوفيتي الذي اقتســم‬‫مــع أمريــكا أوربــا والعالــم‪ ..‬وكــذا خطــر األيدلوجيــة املاركســية‪ ،‬ببعدهــا‬ ‫السياســي الفاشــي‪ ،‬الــذي ورث مناطــق واســعة مــن التوســع اليابانــي‬

‫‪140‬‬

‫ملف العدد‬

‫رأي‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫نمـــوا وأم ًنـــا واســـتقرا ًرا‬ ‫عزلـــة أمريـــكا تقودهـــا لتكـــون دولـــة أقـــل‬ ‫ً‬

‫الرئيــس ترامــب‪ :‬أمريــكا أو ًال‪ ..‬عــودة للعزلــة‬ ‫والحمائيــة مــن جديــد!؟‬ ‫لـيـ ــس هـنـ ــاك شـعـ ــار فـ ــي ظـ ــاهره ح ــق‪ ،‬وم ــا ق ــد يتمخ ــض عن ــه غي ــر ذل ــك‪ ،‬مث ــل‬ ‫ـهير ألب ــي ف ــراس احلمدان ــي‪ ،‬يق ــول‬ ‫ـعر ش ـ ٍ‬ ‫ش ــعار‪ :‬نح ــن أوالً‪ .‬لنس ــتعيد َع ُجــ َز بي ــت ش ـ ٍ‬ ‫ـت ظمآنــاً ف ــا ن ــزل الق َّطــ ُر! وق ــول آخ ــر منس ــوب مل ــدام مبب ــادور عش ــيقة‬ ‫في ــه‪ :‬إذا مِ ـ ُ‬ ‫لوي ــس الراب ــع عش ــر‪ ،‬تق ــول في ــه‪ :‬أن ــا وبع ــدي الطوف ــان! إن كان ــت احلال ــة األول ــى تُ َع ـ ُد‬ ‫أنانيـ ـ َة ض ــرورة‪ ،‬فالثاني ــة أنانيـ ـ ًة َم َر ِض َي ــة‪ .‬بالتبعي ــة‪ :‬كم ــا ينت ــاب الن ــاس‪ ،‬مث ــل ه ــذه‬ ‫املش ــاكل النفس ــية‪ ،‬س ــلوكيات ال ــدول‪ً ،‬‬ ‫أيض ــا‪ ،‬ليس ــت بعي ــدة ع ــن األح ــوال النفس ــية‬ ‫لنخبه ــا احلاكم ــة‪.‬‬

‫د‪ .‬طالل صالح بنّان‬

‫متازمة "نرجسية" الحكم و"عشق" الدولة‬ ‫يصعب إ ًذا‪ :‬إخراج شــعار الرئيس األمريكي دونالد ترامب (أمريكا‬ ‫أوالً)‪ ،‬وهــو يرســم معالــم سياســة إدارتــه الداخليــة واخلارجيــة‪ ،‬عــن‬ ‫ســياق البيئــة الشــعبوية‪ ،‬التــي دعمــت وصوله للبيت األبيض‪ .‬إنه شــعار‪،‬‬ ‫رغــم ظاهــر وطنيتــه‪ ،‬إال أنــه تاريخ ًيــا عــاد ًة مــا يرتبــط بـــ "نرجســية" يف‬ ‫احلكــم‪ ..‬و"هــوس" شــعبوي تاز ًمــا تاريخ ًيــا‪ ،‬مــع أنظمــة حكــم شــمولية‪،‬‬ ‫كانــت وبــاالً علــى بلدانهــا‪ ،‬قبــل أن تكــون كارثيــة علــى العالــم‪ .‬كثيـ ٌر مــن‬ ‫النخــب احلاكمــة‪ ،‬وهــذا ليــس حكـ ًرا علــى بلــدان العالــم الثالــث‪ ،‬ما تلجأ‬ ‫إلــى مثــل هــذه الشــعارات الشــعبوية‪ ،‬مــن أجــل ترســيخ حكمها‪ ..‬وســيادة‬ ‫قيــم األيدلوجيــة‪ ،‬التــي تؤمــن بهــا‪ ..‬ومحاربــة خصومهــا السياســين‬ ‫وتبريــر التنكيــل بهــم‪ ،‬عــن طريــق مثــل هــذا "الولــه" املتطــرف بالدولــة‬ ‫و"العشــق" األجــوف بوطنيــة مزيفــة‪ ،‬للتغطيــة ‪-‬يف كثيــر مــن األحيــان‬ ‫علــى فشــل ذريــع وعــدم كفــاءة مزمنــة ملؤسســات احلكــم القائمــة‪ ،‬أو‬‫للدخــول يف صراعــات دوليــة أو إقليميــة‪ ،‬بغرض التوســع والعدوان‪ ،‬على‬ ‫حســاب دول وشــعوب أخــرى‪ ..‬أو التجــاوز علــى قضايــا قومية وإقليمية‪،‬‬ ‫تشــكل ركيــزة رئيســية مــن ركائــز الشــرعية السياســية لتلــك األنظمــة‪،‬‬ ‫التــي حتكمهــا مثــل تلــك النخــب‪ ،‬حيــث اســتبدادها وطغيانهــا‪ ،‬يتخفيــان‬ ‫وراء تلــك الشــعارات الشــعبوية‪.‬‬ ‫هتلــر كان يريــد أن حتكــم أملانيــا العالــم‪ ،‬وأن يســود اجلنــس اآلري‬ ‫البشــر‪ .‬ومــا كان هتلــر مبغامــرة دخولــه احلــرب الكونيــة الثانية‪ ،‬يرغب‬

‫فقــط يف الثــأر مــن احللفــاء‪ ،‬الذيــن انتصــروا علــى أملانيــا يف احلــرب‬ ‫الكونيــة األولــى وأرغموهــا علــى القبــول باستســام مــذل مبوجــب‬ ‫معاهــدة فرســاي (‪ 28‬يونيــو ‪1919‬م)‪ .‬لقــد بالــغ هتلــر يف تقديــر قــوة‬ ‫أملانيــا‪ ،‬مقارنــة ملــا بــدا لــه مــن ضعــف خصومهــا الدوليــن‪ ..‬واســتغل‬ ‫عواطــف شــعبه الوطنيــة‪ ..‬وتنبــأ أن يســود الرايــخ الثالــث العالــم أللــف‬ ‫ســنة‪ ،‬ولــم يســتمر إال لســت ســنوات!؟ موســيليني كان ينفــخ يف (األنــا)‬ ‫اإليطاليــة ليســتعيد مجــد رومــا اإلمبراطــوري والكنســي‪ ،‬وليعيــد‬ ‫اللحمــة إليطاليــا‪ ،‬التــي متزقــت لـــ "دوقــات"‪ ،‬منــذ انهيــار االمبراطوريــة‬ ‫الرومانيــة وســقوط البابويــة الكاثوليكيــة‪ ،‬يف رومــا (‪ 410‬م)‪ ،‬حــال‬ ‫اعتناقهــا املســيحية‪ .‬ســرعان مــا اكتشــف الشــعب اإليطالــي‪ ،‬بعــد زوال‬ ‫فاشــية نظــام موســيليني‪ ،‬إن الطريــق للتقــدم واالزدهــار واالنصهــار‬ ‫واللحمــة الوطنيــة‪ ،‬ال يأتــي عــن طريــق تضخيــم (األنــا) القوميــة‪،‬‬ ‫بقــدر مــا يأتــي عــن طريــق العمــل الــدؤوب‪ ..‬والتكامــل االقتصــادي مــع‬ ‫اجليــران‪ ،‬والســام معهــم‪.‬‬

‫أمريكا‪ :‬تاريخ طويل من العزلة‬ ‫صحيــح أن الواليــات املتحــدة دولــة غنيــة مبواردهــا‪ ..‬ومتفوقــة‬ ‫بتقدمهــا التكنلوجــي‪ ،‬وجبــارة بقوتهــا االســتراتيجية الطاغيــة‪ .‬إال أنهــا‬ ‫تظــل تعانــي مــن مشــكلة اقتصاديــة وإنســانية كونهــا دولــة محــدودة‬ ‫املــوارد‪ ،‬كبقيــة دول العالــم فقيرهــا وغنيهــا‪ ،‬حتــى لــو متكنــت مــن‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫رأي‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪139‬‬

‫ملف العدد‬

‫الغ ــرب يستغـ ــل اإلره ــاب يف الب ــاد اإلس ــامية كوس ــيلة لتحقي ــق‬ ‫أهـدافـــه ويتدخــل يف الشــأن الـــداخيل لـهـــذه البــاد‬ ‫معظــم التوقعــــات‪ .‬إنهــا تنظيمــات " إســاموية " الهــوى ‪ ...‬تفســر‬ ‫الديــن علــى هواهــا‪ ،‬وتشــوهه بارتــكاب أبشــع األفعــال باســمه‪.‬‬ ‫ونذكــر أن مــن أبــرز النتائــج الســلبية ألعمــال هــذه اجلماعــات‪،‬‬ ‫هـــي‪ :‬اإلســـهام يف ضـــرب محـــاوالت النهـــوض العربيـــة‪ ،‬تقويـــة‬ ‫املوق ــف اإلس ــرائيلي جت ــاه الع ــرب‪ ،‬غ ــزو واحت ــال وتدمي ــر الع ــراق‪،‬‬ ‫اإلمعــان يف ظلــم الفلســطينين‪ ،‬غــزو واحتــال أفغانســتان‪ ،‬تواصــل‬ ‫الدعــم الغربــي للصهيونيــة‪ ،‬التخطيــط لتمزيــق العالــم العربــي أكثــر‬ ‫مم ــا ه ــو علي ــه اآلن‪ ،‬والتضيي ــق أكث ــر علي ــه فيم ــا يتعل ــق مبس ــألتي‬ ‫التنمي ــة والتس ــلح‪.‬‬ ‫كمــا أن مــن أســوأ مــا نتــج عــن أفعــال اإلســاموية (مبعناهــا‬ ‫الســلبي الــذي طرحنــاه أعــاه) هــو تنامــى ودعــم وتفاقــم ظاهــرة‬ ‫"اإلســاموفوبيا " يف الغــرب وغيــره‪ ،‬والتــي تعنــي‪ :‬تســفيه وكراهيــة‬ ‫املســلمن (بصفــة عامــة) مــن قبــل غيرهــم‪ ،‬واتخــاذ إجــراءات وأفعــال‬ ‫ضدهــم علــى أصعــدة تواجدهــم‪ ،‬والتمييــز ضدهــم‪ ،‬ومعاملتهــم – دون‬ ‫ســواهم – معاملــة ســيئة ‪ ..‬فيهــا حــط مــن الكرامــة‪ ،‬وقــدر مــن اإلهانــة‬ ‫املتعمــدة ‪ ...‬باعتبارهــم " أصحــاب عقيــدة عنــف وتخلــف وكراهيــة‬ ‫لآلخريــن (حاشــا ديــن اهلل القيــم) وحتــى احلــض علــى اســتخدام‬ ‫العنــف ضدهــم‪.... "...‬؟!‬ ‫انتشــرت هــذه الظاهــرة يف معظــم أنحــاء العالــم‪ ...‬وظلــت درجــة‬ ‫حدتهــا تتفــاوت مــن مســتوى منخفــض‪ ،‬وغيــر معلــن‪ ،‬إلــى مســتويات‬ ‫حــادة‪ ،‬وســافرة‪ .‬وكان مــن نتائــج تكــرر األعمــال اإلرهابيــة‪ ،‬التــي‬ ‫ربطــت‪ ،‬أو ارتبطــت مبســلمن‪ ،‬أن ارتفعــت حدة اإلســاموفوبيا مؤخ ًرا‬ ‫لدرجــات غيــر مســبوقة‪ ،‬وبخاصــة يف أمريــكا والغــرب بعامــة‪ .‬ونتــج‬ ‫عــن ذلــك آثــار ســلبية كبيــرة علــى قضايــا العــرب واملســلمن وعلــى‬ ‫أشــخاصهم‪ ،‬وخاصــة أولئــك الذيــن اضطرتهم ظــروف العيش لإقامة‬ ‫بالغــرب‪ ،‬بشــكل دائــم أو مؤقــت‪ .‬ولهــذا‪ ،‬يجمــع العــرب واملســلمون‬ ‫املعنيــون علــى ضــرورة مكافحــة اإلســاموفوبيا وتقليصهــا‪ .‬وأضحــت‬ ‫هــذه الظاهــر‪ ،‬وكل مــا يتعلــق بهــا مــن أحــداث وأفعــال خطيــرة‪ ،‬تنــدرج‬ ‫ضمــن أهــم مســائل العاقــات العربيــة – الغربيــة يف الوقــت احلاضــر‪.‬‬ ‫مــن أهــم أســباب قيــام وتنامــي ظاهــرة "اإلســاموفوبيا" هــو‬ ‫األســاموين‪ ،‬وأفعــال تنظيماتهــم‪ ،‬كمــا أشــرنا‪ .‬إضافــة إلــى تصرفات‬ ‫بعــض العــرب واملســلمن املتشــددين (ظاهــرة "الغربوفوبيــا " – إن صــح‬ ‫الوصــف) مــن جهــة‪ ،‬وحتامــل وحقــد املتشــددين يف الغــرب علــى العرب‬ ‫واملســلمن‪ ،‬مــن جهــة أخــرى‪ .‬أي أن ســببها يعــود –يف الواقــع– إلــى‬ ‫طــريف العاقــة‪ ...‬وإن كان هنــاك تفاو ًتــا يف مــدى القــوة‪ ،‬ومــدى احلقد‬ ‫والكيــد‪ ،‬والكيــد املضــاد‪.‬‬

‫وتظــل اإلســاموية (مبعناهــا الســلبي) هــي املســبب الرئيــس لـــ "‬ ‫اإلســاموفوبيا "‪ ،‬يف كل مكان‪ ،‬ووراء تشــويه صورة اإلســام واملسلمن‬ ‫يف أعــن غالبيــة العالــم‪ ،‬مبــا يف ذلــك نســبة كبيــرة مــن النــشء‬ ‫اإلســامي‪ .‬قــال لــي أحــد كبار املســؤولن الغربيــن‪ ،‬تعلي ًقا على تفاقم‬ ‫اإلســاموفوبيا يف كل أوروبــا مؤخ ـ ًرا‪ " :‬لــن تقــف اإلســاموفوبيا‪ ،‬مــا‬ ‫لــم يتوقــف التطــرف اإلســامي للجماعــات اإلســامية ذات التيــارات‬ ‫املنحرفــة " (يقصــد اجلماعــات اإلســاموية)‪.‬‬ ‫ولكــن‪ ،‬كل هــذا ال يعفــي حكومــات الغــرب املتنفــذ مــن مســؤوليتها‬ ‫الكبــرى املباشــرة‪ ،‬وغيــر املباشــرة‪ ،‬يف قيــام ورعايــة بعــض هــذه‬ ‫التنظيمــات اإلســاموية ‪ ....‬واســتخدامها لتحقيــق أهدافهــا الســلبية‬ ‫يف األرض العربيــة واإلســامية‪ .‬ورغــم أن كل العالــم يــدرك أن‬ ‫اإلســاموين ال ميثلون إال قلة قليلة بن املســلمن اإلســامين‪ ،‬يصر‬ ‫احلاقــدون علــى ربــط اإلرهــاب باإلســام ‪...‬متناســن هــذه احلقيقــة‪،‬‬ ‫ومتجاهلــن وجــود فئــات متطرفــة يف كل بلــد تقري ًبــا‪.‬‬ ‫واخلاصة‪ ،‬إنه نشأ عن سوء تفسير بعض األحكام الشرعية للدين‬ ‫اإلسـامي احلنيـف (عـن سـوء‪ ،‬أو حسـن نيـة) فكـر متطـرف ضـال‪...‬‬ ‫يحسـب علـى اإلسـام‪ ،‬واإلسـام منـه بـراء‪ ،‬اعتنقه بعض املسـلمن‪...‬‬ ‫وبسـبب سـوء أوضـاع أغلـب العـرب واملسـلمن‪ ،‬واستشـراء الظلـم‬ ‫والفسـاد يف ديارهـم‪ ،‬إضافـة إلـى ممارسـة الغـرب املتنفـذ لسياسـات‬ ‫ظاملـة وقاهـرة جتـاه العاملـن العربـي واإلسـامي‪ ،‬نشـأت ظاهـرة‬ ‫اإلساموية (اإلرهابية) وتفاقمت‪ ....‬حتى أصبحت تهدد وجود األمة‪،‬‬ ‫وتقـض مضاجعهـا‪ ،‬وتشـوه دينها أمـام كل العالم‪ .‬عكرت هذه الظاهرة‬ ‫احلركيـة مـاء األمـة‪ ...‬وأتاحـت ألعدائها الصيد يف هـذه املياه‪ .‬واآلن‪،‬‬ ‫أصبـح هـؤالء يسـتغلون ظاهـرة اإلرهاب‪ ،‬لابتزاز السياسـي باملنطقة‪.‬‬ ‫وللخــروج مــن هــذا املــأزق الــذي وجــدت األمــة نفســها فيــه‪،‬‬ ‫البــد مــن قيــام حركــة تصحيــح دينيــة كبــرى‪ ،‬يقودهــا علمــاء وزعمــاء‬ ‫املســلمن العقــاء واملخلصــن ‪ ....‬تنقــي اإلســام الصحيح مما ألصق‬ ‫بــه‪ ،‬وممــا علــق بــه مــن شــوائب ال حصــر لهــا‪ ،‬ومنهــا اإلســاموية ذات‬ ‫الفكــر التكفيــري واإلقصائــي الضــال‪ ،‬وتعيد لإســام صفــاءه ورونقه‪.‬‬ ‫ثــم تعمــل علــى نهضــة األمــة مــن ســباتها وتخلفهــا ‪ ...‬باألخــذ بــكل‬ ‫ســبل القــوة واملنعــة والتقــدم‪ ،‬وحتــاول حــل مشــاكلها مــع العالــم اآلخــر‬ ‫عبــر التفاهــم واحلــوار والتفــاوض الســلمي ‪ ...‬املؤكــد علــى التعــاون‪،‬‬ ‫والعمــل املشــترك ‪ ...‬لتحقيــق املصالــح املشــروعة املشــتركة‪.‬‬ ‫* ﻋﻀﻮ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻮرى اﻟﺴﻌﻮدي ﺳﺎﺑﻘًﺎ‪ ،‬أﺳﺘﺎذ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ‬

‫‪138‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫أقــول‪ ،‬واحلالــة هــذه‪ ،‬الغالــب أن هــذا املصطلــح قــد يســتخدم‬ ‫إلســباغ صفــة إيجابيــة علــى املوصــوف‪ ،‬وميكــن أن يســتخدم إلســباغ‬ ‫صفــة ســلبية مرفوضــة علــى مــن يوصــف بــه‪ .‬وأغلــب اســتخداماته‬ ‫احلاليــة مكرســة إلســباغ صفــة ســلبية‪ .‬لذلــك‪ ،‬أســتخدمه هنــا بحــذر‬ ‫شــديد‪ ،‬وحتفــظ‪ .‬فــا يجــب اســتعمال مصطلــح " إســاموي " ســل ًبا‬ ‫–يف رأيــي– إال إذا توفــرت يف املوصــوف صفــات‪ ،‬أهمهــا التالــي‪:‬‬ ‫ اخلروج على الوسطية الصحيحة‪ ،‬والتطرف والغلو املؤكد‪.‬‬‫ عدم احترام أهل السنة واجلماعة‪ ،‬وتكفيرهم‪.‬‬‫ اعتبار املخالفن يف الرأي كفرة‪ ،‬يحل دمهم وقتالهم‪.‬‬‫ االستخدام الفعلي للعنف ضد املخالفن لهم يف الرأي‪.‬‬‫واألكثــر تطر ًفــا يف هــؤالء يعرفــون بهــذه الصفــات‪ ،‬وبصفــات‬ ‫إضافيــة أخــرى أكثــر حتجــ ًرا وغلــ ًوا وتعســ ًفا‪.‬‬ ‫إن أســوأ مــا تفعلــه التيــارات اإلســاموية‪ ،‬الناجمــة عــن التراكمات‬ ‫الســلبية املدسوســة علــى الديــن‪ ،‬هــو تشــويه ديننــا احلنيــف أمــام‬ ‫املســلمن‪ ،‬وأمــام غيرهــم‪ .‬وليــس ذلــك وحســب‪ ،‬بــل إن لهــذه التيارات‬ ‫نتائــج بالغــة الســلبية علــى كل املســلمن‪ ،‬بــا ًدا وعبــا ًدا‪ .‬أنظــر (علــى‬ ‫ســبيل املثــال ال احلصــر) كيــف يدعــي البعــض أن لــه "حقو ًقــا" ال جدال‬ ‫عليهــا (ألنهــا مقدســة) علــى آخريــن‪ ،‬وعلى حياتهم‪ ...‬مســتندًا حلديث‬ ‫غيــر صحيــح‪ ،‬أو مشــكوك يف صحتــه‪ ،‬أو حتــى إلــى تقليــد تراثــي بــال‪.‬‬ ‫وأنظــر إلــى مــا يوجــد اآلن علــى الســاحة اإلســامية من هــذه الفرق‪...‬‬ ‫التــي يدعــي كل منهــا أنــه ميثــل اإلســام "الصحيــح"‪ ...‬ثــم ســرعان‬ ‫مــا تفضــح أفعالــه و ادعــاؤه الــكاذب‪ .‬أنظــر إلــى مــا أدت إليــه هــذه‬

‫رأي‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫احلــركات‪ ،‬وأســهمت يف وجــوده مــن مذهبيــات ضالــة ومقيتــة‪ ،‬ومــا‬ ‫أفرزتــه مــن جماعــات وتنظيمــات إرهابيــة ‪ ....‬حتتــرف إرهــاب كل‬ ‫مــن يخالفهــا‪ ،‬وال تتــردد –إن متكنــت‪ -‬يف إزهــاق األرواح البريئــة‪ ،‬وجــز‬ ‫الــرؤوس‪ ...‬وســبي النســاء‪ ...‬ومصــادرة املمتلــكات‪ ،‬باســم الديــن ؟!‬ ‫هــذا‪ ،‬إضافــة إلــى مــا تســببه هــذه الفــرق مــن هــدر لــألرواح‬ ‫واملمتلــكات‪ ،‬وإعاقــة التنميــة الشــاملة‪ ،‬وشــد البــاد املبتــاة بهــا‬ ‫للــوراء‪ ،‬ورميهــا يف أتــون التخلــف واالضطــراب والفوضــى‪ ،‬وحتويــل‬ ‫حياتهــا إلــى جحيــم أرضــي‪ ...‬يســود فيــه الفقــر واجلهــل واملــرض‪،‬‬ ‫ويخيــم عليــه الظــام‪ ...‬كل ذلــك يجعــل "اإلســاموية" –مبعناهــا‬ ‫الســلبي– مــن أســس البــاء الــذي يعــم اآلن جــز ًءا كبي ـ ًرا مــن عاملنــا‬ ‫العربــي واإلســامي‪.‬‬

‫" اإلســاموفوبيـا "‪ ...‬من نتائج " اإلساموية "‪:‬‬ ‫ومعــروف أن األعمــال اإلرهابيــة التــي ترتكبهــا بعــض اجلماعــات‬ ‫املتطرفــة واملنحرفــة‪ ،‬والتــي بــدأت جتتــاح العالــم منــذ النصــف الثانــي‬ ‫مــن القــرن العشــرين‪ ،‬قــد نتــج عنهــا الكثيــر مــن التطــورات السياســية‬ ‫الكبــرى علــى أغلــب املســتويات‪ .‬وطالــت هــذه النتائــج جــز ًءا واسـ ًعا من‬ ‫عالــم اليــوم‪ .‬وواجــه العاملــان العربــي واإلســامي ردود فعــل ســلبية يف‬ ‫سياســات أغلــب دول العالــم جتاههمــا‪ .‬فمــن املؤســف أن العــدد األكبر‬ ‫مــن هــذه التيــارات والتنظيمــات يدعــي اإلســام‪ ،‬ويحســب زو ًرا عليــه‪،‬‬ ‫وأبرزهــا اآلن تنظيمــي " القاعــدة " و " داعــش "‪ .‬لقــد فاقــت نتائــج‬ ‫أفعــال هــؤالء الســلبية‪ ،‬بالنســبة لقضيــة " الســام واألمــن " الدوليــن‪،‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫رأي‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪137‬‬

‫ملف العدد‬

‫للخ ــروج م ــن الم ــأزق الح ــايل الب ــد م ــن حرك ــة تصحي ــح ديني ــة‬ ‫يقودهـــا علمـــاء وزعمـــاء عقـــاء لتنقيـــة اإلســـام ممـــا ألصـــق بـــه‬ ‫ومعظمهــا ذو فكــر متحجــر‪ ،‬وبعضهــا يؤمــن باســتخدام العنــف‪ ،‬والقتــل‬ ‫والتدميــر‪ ،‬ضــد مخالفيــه‪ ،‬حتــى لــو كانــوا يشــهدون أن ال إلــه إال اهلل‪،‬‬ ‫وأن محم ـدًا رســول اهلل‪ .‬وكثي ـ ًرا مــا تتحــول هــذه التيــارات الفكريــة‬ ‫إلــى تنظيمــات‪ .‬وتتحــول األخيــرة إلــى حــركات إرهابيــة‪ ...‬متــارس‬ ‫اإلرهــاب عــن قناعــة بــه‪ .‬وغال ًبــا مــا ينســب كل تيــار إســاموي لـــ‬ ‫"الفقيــه" الــذي ابتدعــه‪.‬‬ ‫إن مــن أهــم نتائــج وأســباب تواصــل – وتفاقــم – هــذه‬ ‫اإلفــرازات الســيئة واملســيئة (مــن نبتــات الســوء املتراكمــة املســتمرة‬ ‫والناميــة) هــو‪ :‬ســوء وتدهــور الوضــع العــام يف معظــم البــاد العربيــة‬ ‫واإلســامية‪ ،‬واستشــراء الظلــم‪ ،‬وغيــاب (أو تغييــب) النمــوذج العــام‬ ‫الصحيــح األكثــر منطقيــة وقبــوالً‬ ‫ً‬ ‫ورســوخا‪ .‬إضافــة إلــى اخلــاف‬ ‫والصــراع املدمــر فيمــا بــن هــذه التيــارات‪ ،‬واحتمــال نشــوب حــروب‬ ‫طاحنــة فيمــا بينهــم‪ ،‬ومــع غيرهــم‪.‬‬ ‫وللغــرب املتنفــذ – كمــا هــو معــروف – سياســات ســلبية ســوداء‬ ‫جتــاه العــرب واملســلمن‪ ،‬بــدأت قبــل اســتتباب وتفاقــم اإلســاموية‪.‬‬ ‫واآلن‪ ،‬أصبــح هــذا الغــرب يســتغل ظاهــرة اإلرهــاب‪ ،‬املتواجــدة هنــا‬ ‫وهناك يف الباد اإلســامية ويســتعملها كوســيلة لتحقيق أهدافه ‪....‬‬ ‫خاصــة بالتدخــل املباشــر‪ ،‬وغيــر املباشــر‪ ،‬يف الشــأن الداخلــي لهــذه‬ ‫البــاد ‪ ...‬بحجــة " محاربــة اإلرهــاب " ‪ ....‬يف الوقــت الــذي يدعــم‬ ‫فيــه إرهــاب إســرائيل‪ ،‬ويعمــل علــى دعــم بعــض اجلماعــات اإلرهابيــة‬ ‫س ـ ًرا‪ ،‬الســتخدامها‪ ،‬لابتــزاز السياســي يف املنطقــة‪.‬‬ ‫ولذلــك‪ ،‬ال بــد مــن حركــة إصاحيــة رشــيدة شــاملة‪ .‬تهــدف –‬ ‫أول مــا تهــدف– لتنقيــة هــذا الديــن مــن كل الشــوائب امللصقــة بــه‬ ‫زو ًرا‪ .‬وهــي مهمــة شــاقة ‪ ...‬ألنهــا تتضمــن إزاحــة نبتــات ســوء هائلــة‪،‬‬ ‫أو اســتئصالها‪ ...‬لوقــف إفرازاتهــا الســيئة‪ .‬إن األمــة اإلســامية‬ ‫الوســطية –مبــا لهــا مــن إمكانــات– مــا زالــت بخيــر‪ ،‬ومــا زالــت قــادرة‬ ‫علــى القيــام بهــذه املهمــة التاريخيــة الكبــرى والعظيمــة‪ .‬وليتهــا تشــرع‬ ‫ا‪ ،‬وليــس آج ـ ً‬ ‫يف هــذا التحــرك عاج ـ ً‬ ‫ا‪.‬‬

‫" اإلساموية "‪ :‬من أسس الباء‪:‬‬ ‫"إس ــاموي" مصطل ــح مس ــتجد يف أدبي ــات الصحاف ــة العربي ــة‬ ‫واإلس ــامية الراهن ــة‪ ،‬يس ــتخدم لتميي ــز ش ــيء بلف ــظ يجعل ــه صن ًف ــا‬ ‫مس ــتق ً‬ ‫ا ومختل ًف ــا ع ــن األص ــل‪ .‬ويب ــدو أن ــه اس ــتحدث للتفري ــق ب ــن‬ ‫"املســـلمن املعتدلـــن" أهـــل الســـنة واجلماعـــة‪ ،‬املتبعـــن للتطبيـــق‬ ‫الصحي ــح لتعالي ــم اإلس ــام احلني ــف‪ ،‬وأولئ ــك املتطرف ــن املخالف ــن‬ ‫لهــم‪ .‬واملتشــددين‪ ،‬لدرجــة اعتبــار املخالــف لهــم يف الــرأي خــارج عــن‬

‫امللــة اإلســامية‪ ،‬وكافــر يحــل قتالــه وهــدر دمــه‪ .‬وبحيــث يشــار إلــى‬ ‫أتبــاع اإلســام الوســطي الصحيــح‪ ،‬ومــا يتعلــق بــه مــن أفــكار وســلوك‪،‬‬ ‫بـــ "اإلســـامي"‪ ،‬ويشـــار إلـــى متبعـــي التطـــرف وتكفيـــر اآلخريـــن‪،‬‬ ‫وإرهابهــم‪ ،‬ومــا يتعلــق بهــم مــن فكــر وســلوكيات‪ ،‬بـــ "اإلســاموين"‪.‬؟!‬ ‫ويقــال إن هــذا املصطلــح اســتحدث يف حوالــي العــام ‪2001‬م‪،‬‬ ‫علــى يــد مفكــر عربــي‪ ،‬هــو خليــل عبــد الكــرمي‪ .‬وهــذه اللفظــة‬ ‫عرفــت بأنهــا مكونــة مــن شــقن‪ :‬إســامي زائــد دمــوي‪ .‬ليصبــح‬ ‫"إســاموي" كنايــة عــن ميــل اإلســاموي للجــوء إلــى العنــف‪ ،‬وســفك‬ ‫دمــاء مــن يخالفــه‪ ،‬ويقــف يف وجــه ســعيه لفــرض أيديولوجيتــه علــى‬ ‫آخريــن رافضــن لهــا‪ .‬وإن أخــذ باملعنــى املذكــور لهــذا املصطلــح‪،‬‬ ‫فإنــه ميكــن إطــاق صفــة "اإلســاموي" علــى األشــخاص واألفــكار‬ ‫والتيــارات واجلماعــات والتنظيمــات املعتنقــة لهــذا الفكــر‪ ،‬الــذي‬ ‫أفتــى معظــم علمــاء األمــة بخروجــه علــى الوســطية اإلســامية‪.‬‬ ‫والبعــض مــن العلمــاء قــال بضالــه‪ ،‬ووصــف أتباعــه بـــ "خــوارج‬ ‫العصــر"‪ .‬وبهــذا املعنــى‪ ،‬فــإن املــراد بهــذا املصطلــح غال ًبــا مــا يكــون‬ ‫االزدراء و"االنتقــاص" مــن أصحابــه‪.‬‬ ‫وميكــن‪ ،‬يف الواقــع‪ ،‬اســتعمال الوزنــن اللغويــن "فعلــوي" و‬ ‫"فعلويــة" لنعــت أي تيــار بالتطــرف والغلــو‪ .‬ســواء كان إســام ًيا‪ ،‬أو‬ ‫غيــر إســامي‪ ...‬كأن نقــول "القومويــة" عــن متطــريف قوميــة معينــة‪...‬‬ ‫قدحــا‪ ...‬ويهــدف إلــى ذم‬ ‫وهكــذا‪ .‬وال شــك أن هــذا النعــت يعتبــر ً‬ ‫التطــرف‪ ،‬والعنــف‪ ،‬ورفــض تكفيــر اآلخريــن‪.‬‬ ‫ولكــن‪ ،‬يبــدو –واهلل أعلــم– أن مصطلــح "إســاموي" ميكــن أن‬ ‫يســتخدم مبعنــى محايــد‪ ..‬عندمــا يطلــق علــى الشــخص الــذي يهتــم‬ ‫بالفكــر اإلســامي وتياراتــه املختلفــة‪ ،‬وإن كان غيــر مســلم‪ .‬فهــو‪،‬‬ ‫يف هــذه احلالــة‪ ،‬مجــرد (‪ .)Islamist‬وقــد يســتعمل إيجا ًبــا‪ ،‬إن‬ ‫أريــد بــه وصــف الشــخص احلريــص علــى تطبيــق اإلســام يف كل‬ ‫أمــوره‪ .‬وذلــك‪ ،‬دون شــك‪ ،‬وصــف إيجابــي محمــود‪ ،‬مــن وجهــة نظــر‬ ‫املســلمن‪ ،‬علــى األقــل‪.‬‬ ‫وفــى الواقــع‪ ،‬فــإن هــذا املصطلــح لــم يوجــد يف التراث اإلســامي‪.‬‬ ‫فليــس هنــاك غال ًبــا ســوى مســلم‪ ،‬وغيــر مســلم‪ .‬وال يــرى البعــض‬ ‫بأســا يف اســتخدام هــذا املصطلــح (مــن قبيــل التوافــق املصطلحــي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أو مــا يســمى بالتعريــف اإلجرائــي) لإشــارة إلــى املســلم املتطــرف‪،‬‬ ‫اخلــارج عــن الوســطية‪ ،‬امليــال الســتخدام العنــف ضــد مخالفيــه‪ .‬فمــا‬ ‫يطرحــه هــؤالء مــن أفــكار ويقومــون بــه مــن ســلوكيات‪ ،‬ال ميــت للديــن‬ ‫اإلســامي الصحيــح بصلــة‪ ،‬بــل هــو أيديولوجيــة‪ ...‬تتدثــر بالديــن‪،‬‬ ‫ولكنهــا منحرفــة عــن أهــم ثوابتــه ومبادئــه وجوهــر تعاليمــه‪.‬‬

‫‪136‬‬

‫ملف العدد‬

‫رأي‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫جهــل العامــة وانتهازيــة بعــض الخاصــة ســبب انتشــار التيــارات املجنونــة‬

‫خــــــــطــــــــــورة "اإلســــامــــويـــــــة"‬ ‫الــــفــادحــــــة ‪...‬؟!‬ ‫أشرقت على العالم‪ ،‬منذ أكثر من أربعة عشر قر ًنا‪ ،‬شمس الدين اإلسامي احلنيف‪ ،‬على يد‬ ‫خامت األنبياء واملرسلن سيدنا محمد (صلى اهلل عليه وسلم) رسول الهدى والسام للعاملن‪،‬‬ ‫فكانـت ضيـا ًء وهـدى ورحمـة للنـاس كافـة‪ .‬وأكمل اخلالق البارئ (جلت قدرته) للبشـرية دينها‬ ‫الـذي ارتضـاه لهـا‪ .‬أتـت تعاليـم الديـن اإلسـامي واضحـة وحاسـمة‪ ،‬متجسـدة يف القـرآن‬ ‫الكرمي‪ ،‬والسـنة النبوية الطاهرة والصحيحة‪ .‬وجاء اإلسـام صاف ًيا غد ًقا كاملاء الزالل وآمن‬ ‫بـه مـن آمـن‪ .‬وتشـرب األوائـل‪ ،‬وثلـة مـن األولـن‪ ،‬بوحي طاهر صاف‪ ،‬خال من شـوائب الهوى‪،‬‬ ‫وال تعكره األكاذيب التي دستها الح ًقا بعض املصالح السياسية والفئوية والشخصية املغرضة‪،‬‬ ‫التي اسـتغلت هذا الدين‪ .‬كمطية لتحقيق أهداف دنيوية مشـبوهة كما تبن الح ًقا‪ .‬رمبا لم‬ ‫يتعرض دين حملاربة وحلمات ومحاوالت تشويه ودس وحتريف كما تعرض هذا الدين القيم‪ ،‬حتى أصبحنا –نتيجة لهذه األخطاء‬ ‫(متجسـدا يف‬ ‫والدسـائس واملؤامرات‪ -‬بصدد عدة "إسـامات"؟! ولكن‪ ،‬ورغم كل هذا االسـتغال البشـع‪ ،‬فإن اهلل قد حمى دينه‬ ‫ً‬ ‫القرآن الكرمي) ووفى بوعده‪ .‬إذ قال تعالى‪" :‬إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له حلافظون"‪ .‬فاإلسام الصحيح الصايف النقي الوسطي‬ ‫موجود إلى يوم القيامة‪ .‬واإلنسان السوي ميكن أن يراه ويلمسه‪ .‬رغم العتمة التي حتاول حجبه‪ ،‬واملتمثلة يف التاعب بنصوصه‪،‬‬ ‫والتفسـيرات اخلاطئـة واملغرضـة واملصلحيـة الكثيـرة التـي بـدأت تنتشـر يف الفضـاء اإلسـامي منـذ انتهـاء اخلافـة الراشـدة‪.‬‬

‫د‪ .‬صدقة يحيى فاض ـ ـ ــل‬ ‫وقــد أصبحــت هــذه األخطــاء وتلــك الدســائس وذلــك التشــويه‬ ‫والتحريــف املغرضــن تشــكل مجتمعــة " تراكمــات " مدمــرة (ميكــن‬ ‫اعتبارهــا نبتــات وأشــجار ســوء هائلــة مــن شــدة متكنهــا يف ضمائــر‬ ‫مايــن مــن النــاس) ألصقــت بالديــن والديــن منهــا بــراء‪ .‬إن اإلســام‬ ‫األصلــي النقــي كالشــجرة املباركــة الباســقة‪ ...‬أصلهــا يف األرض‪،‬‬ ‫وفرعهــا يف الســماء‪ .‬بينمــا أشــجار الســوء الطفيليــة‪ ،‬ذات الثمــرات‬ ‫الســامة (التــي تتجســد يف هيئــة أحاديــث موضوعــة) منــت حــول هــذه‬ ‫الشــجرة الطيبــة املباركــة ‪ ...‬حتــى تــكاد حتجبهــا‪.‬‬ ‫وممــا يؤكــد ســوء تلــك النبتــات (التراكمــات) ويفضحهــا هــو‬ ‫التحليــل املوضوعــي الصــادق والنزيــه لــكل منهــا ولــكل جزئيــة فيهــا‪.‬‬ ‫إن التحليــل العلمــي املوضوعــي يكشــف زيــف وخطــأ وحتامــل معظمــه‪،‬‬ ‫ووجــود أغــراض وأهــداف مصلحيــة ألكثرهــا‪ .‬والســؤال احمليــر هــو‪:‬‬ ‫كيــف وصلــت هــذه التراكمــات إلــى هــذا العصــر‪ ،‬وكيــف عاشــت‬ ‫‪-‬وازدهــرت‪ -‬خــال كل هــذه القــرون؟! فممــا يثيــر االســتغراب حــول‬

‫ســبب اســتمراريتها هــذه‪ ،‬هــو اتســام أغلــب محتويــات جزئيــات هــذه‬ ‫التراكمــات بالغلــو والتحجــر والصلــف والســخف ومعــاداة العقــل‬ ‫واملنطــق اإلســامي الســليم‪ ،‬بــل ومخالفــة العدالــة مبفهومهــا الشــامل‪.‬‬ ‫ويعتقــد أن أهــم أســباب انتشــار واســتمرار‪ ،‬وتواصــل ومنــو‪،‬‬ ‫هــذه التراكمــات (املتمثلــة اآلن يف تيــارات مجنونــة) هــي‪ :‬جهــل العامــة‪،‬‬ ‫وانتهازيــة بعــض اخلاصــة‪ ،‬وتســلط القــوى الباغيــة التــي من مصلحتها‬ ‫اخلاصــة توجيــه النــاس والشــعوب املعنيــة يف االجتــاه الــذي يخــدم تلك‬ ‫املصلحــة‪ ،‬عبــر إلصــاق مضمــون ذلــك االجتــاه يف الديــن‪ ،‬واعتبــاره‬ ‫زو ًرا‪ -‬جــز ًءا ال يتجــزأ منــه‪ .‬وهنــا تكمــن هــذه املأســاة‪ ،‬التــي تــكاد‬‫تنفــرد بهــا أمتنــا دون ســائر األمم‪.‬‬ ‫وميكــن أن نشــير إلــى هــذه التيــارات املنحرفــة‪ ،‬أو لعلهــا الضالــة ‪/‬‬ ‫املضلــة (كمــا ينعتهــا كثير مــن العلماء املتخصصن) بـ "اإلســاموية"‪...‬‬ ‫متييــزًا لهــا وتفري ًقــا عــن "اإلســامية" (األصليــة الصحيحــة)‪ .‬لقــد‬ ‫انتشــرت التيــارات املنحرفــة يف هــذا القــرن بشــكل غيــر مســبوق‪.‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪135‬‬

‫ملف العدد‬

‫تـصـ ــدرت الـسـعـوديـ ــة قـ ــائمة ال ــدول الـمـستـقـ ــبلة لاجـئـ ــي‬ ‫اليم ــن بإي ــواء ‪ 40‬ألفــاً بنس ــبة ‪ %58‬م ــن ع ــدد الاجئي ــن اليمنيي ــن‬ ‫هــذه النســبة ‪ %58‬مــن عــدد الاجئــن اليمنيــن‪ ،‬بينمــا اســتقبلت‬ ‫ســلطنة عمــان خمســة آالف مينــي‪ ،‬أي ‪ %9‬مــن الاجئــن‪ .‬واســتقبلت‬ ‫إثيوبيــا ‪ 1000‬مينــي‪ ،‬فيمــا هاجــر إلــى الســودان ‪ 626‬مين ًيــا مــن بــن‬ ‫خمســة آالف الجــئ‪.‬‬ ‫‪-٥‬سوء األوضاع الصحية‬ ‫أدت حالــة الفوضــى وشــح اإلمكانيــات ونقــص األدويــة وســيارات‬ ‫اإلســعاف إلــى تدهــور الوضــع الصحــي يف أربــع محافظــات (عــدن‪،‬‬ ‫وحلــج‪ ،‬وأبــن‪ ،‬والضالــع)‪ .‬كمــا يواجــه اليمــن أكبــر تفشــي ملــرض‬ ‫الكوليــرا يف العالــم‪ ،‬حيــث يبلــغ عــدد حــاالت املشــتبه بهــا ‪368.207‬‬ ‫حالــة و‪ 1.828‬حالــة وفــاة منــذ ‪ 27‬أبريــل ‪2017‬م‪ .‬مبعــدل إصابــة‬ ‫‪ 5000‬مينــي كل يــوم بأعــراض الكوليــرا‪ ،‬كمــا يعانــي ‪ 17‬مليــون‬ ‫شــخص يف اليمــن حال ًيــا مــن انعــدام األمــن الغذائــي‪ ،‬وذلــك وف ًقــا لـــ‬ ‫"منظمــة الصحــة العامليــة‪.‬‬

‫ثال ًثا‪ :‬تأثير األوضاع األمنية عى دول الخليج العربي‬ ‫مثلــت األزمــة اليمنيــة وتداعياتهــا تهديـدًا حقي ًقــا لألمــن القومــي‬ ‫اخلليجــي‪ ،‬فبرغــم مــن أنهــا أزمــة داخليــة إال أنهــا ذات انعكاســات‬ ‫خارجيــة علــى دول اجلــوار اجلغــرايف‪ .‬حيــث تلعــب اليمــن دو ًرا‬ ‫مه ًمــا يف منظومــة األمــن القومــي اخلليجــي يف إطــار أهميتهــا‬ ‫اجليوسياســية‪ ،‬ومــن ثــم‪ ،‬فــإن الفوضــى التــي تضــرب اليمــن قابلــة‬ ‫لانفجــار يف محيطهــا اجلغــرايف مــا لــم يتــم التصــدي إليهــا علــى‬ ‫كافــة املســتويات‪ .‬وتتجلــى تداعيــات االنفــات األمنــي وتنامــي‬ ‫اجلماعــات اإلرهابيــة علــى دول اخلليــج العربــي علــى النحــو التالــي‪:‬‬ ‫● تنامــي التهديــد األيديولوجــي؛ إذ يحمــل التواجــد اإليرانــي يف‬ ‫اليمــن عبــر أذرعــه املتجســدة يف احلوثيــن خلــق بــؤر للتوتــر والصــراع‬ ‫الدائــم يف اخلاصــرة اجلنوبيــة للخليــج‪ ،‬وقــد يتــم توظيفهــا لزعزعــة‬ ‫األمــن واالســتقرار يف املنطقــة مبــا يشــكل تهدي ـدًا مباش ـ ًرا لألمــن‬ ‫القومــي اخلليجــي‪.‬‬ ‫● ســهولة انتقــال عناصــر التنظيمــات اإلرهابيــة؛ يســاعد االنفــات‬ ‫األمنــي يف اليمــن علــى تســلل عناصــر مــن القاعــدة وداعــش‬ ‫واحلوثيــن واملهربــن إلــى دول اجلــوار‪ ،‬وقــد يشــكل هــؤالء شــبكات‬ ‫مســلحة وخايــا بداخلهــا‪ ،‬باإلضافــة إلــى تشــكيل شــبكات لتجنيــد‬ ‫الشــباب لشــن عــدد مــن الهجمــات اإلرهابيــة والتــي تهــدد أمــن‬ ‫اخلليــج بشــكل عــام واألمــن الســعودي بشــكل خــاص‪.‬‬ ‫● إثــارة النعــرات الطائفيــة؛ تكمــن مخــاوف الــدول اخلليجيــة مــن‬

‫جنــاح احلوثيــن يف إحــكام قبضتهــم علــى اليمــن وبســط ســيطرتهم‬ ‫مــن أن يكــون حاف ـزًا إلثــارة النعــرات الطائفيــة‪.‬‬ ‫● احتماليــة تهديــد املعابــر املائيــة الدوليــة؛ حيــث التخــوف مــن‬ ‫اســتمرار الصــراع الدائــر يف اليمــن أن يكــون فرصــة ســانحة‬ ‫للتنظيمــات اإلرهابيــة يف الســيطرة علــى املعابــر الدوليــة وقــد‬ ‫جتلــت بعــض مؤشــراتها يف اســتهداف عــدد مــن الســفن اإلماراتيــة‬ ‫والســعودية األمــر الــذي مثــل تهديــدًا مباشــ ًرا وخاصــ ًة يف ظــل‬ ‫إمكانيــة التعــاون مــع التنظيمــات اإلرهابيــة يف القــرن اإلفريقــي‪.‬‬ ‫● تزايــد أعــداد الاجئــن؛ يف إطــار متاهــي احلــدود بــن الداخــل‬ ‫واخلــارج‪ ،‬تعــد ظاهــرة الاجئــن واحــدة مــن أبــرز أمنــاط التهديــدات‬ ‫األمنيــة التــي تواجههــا دول اخلليــج‪ ،‬مــا دفــع األخيــرة لتبني سياســات‬ ‫محــددة يف التعامــل مــع هــذه الظاهــرة‪ ،‬عبــر تقــدمي املســاعدات‬ ‫اإلنســانية‪ ،‬وتقــدمي اإلمكانيــات واالحتياجــات الازمــة لليمنــي‬ ‫لضبــط اللجــوء‪.‬‬ ‫ً‬ ‫● تدويــل األزمــة؛ متكــن مخــاوف دول اخلليــج أيضــا مــن التدخــل‬ ‫الدولــي يف األزمــة اليمنيــة‪ ،‬مــا ميثــل تهدي ـدًا مباش ـ ًرا حيــث تتبنــى‬ ‫اإلدارة األمريكيــة اجلديــدة موق ًفــا أكثــر حز ًمــا ضــد اجلماعــات‬ ‫اإلرهابيــة وتأتــي علــى رأســهم احلوثيــن وتنظيــم القاعــدة وداعــش‪،‬‬ ‫وهــو مــا جتلــى عبــر نشــر واشــنطن يف الثلــث األول مــن عــام ‪2017‬م‪،‬‬ ‫مدمــرة تابعــة للبحريــة قبالــة اليمــن حلمايــة املمــرات املائيــة مــن‬ ‫املســلحن احلوثيــن الذيــن تدعمهــم إيــران‪.‬‬ ‫ختا ًمــا؛ تعانــي األزمــة اليمنيــة بقــدر كبيــر مــن التشــابك‬ ‫واالنســداد السياســي‪ ،‬علــى مســتوى أطــراف األزمــة‪ ،‬والقــوى‬ ‫اإلقليميــة والدوليــة الفاعلــة نتيجــة حالــة التنافــس فيمــا بينهــم‬ ‫عــاوة علــى الصعــود احلوثــي وانقابهــم علــى املرجعيــات الرئيســية‬ ‫مثــل املبــادرة اخلليجيــة ومخرجــات احلــوار الوطنــي بدعــم مــن إيــران‬ ‫والرئيــس اليمنــي املخلــوع‪ ،‬مــع تنامــي حــدة العنــف والصــراع الدائــر‬ ‫علــى الســلطة‪ ،‬والــذي مثــل العامــل الرئيســي الــذي أدى إلــى تفاقــم‬ ‫األزمــة اليمنيــة‪ ،‬فضـ ً‬ ‫ا عــن حتولهــا ملــاذ أمــن للجماعــات املتطرفــة‬ ‫ذات األجنــدات املتنافســة‪ ،‬مبــا ينــذر مبزيــد مــن العنــف والتعقيــد‪.‬‬ ‫ومــن ثــم فقــد باتــت األزمــة اليمنيــة واحــدة مــن أهــم مهــددات األمــن‬ ‫اإلقليمــي العربــي بصفــة عامــة وأمــن اخلليــج بصفــة خاصــة‪.‬‬

‫* اﻷﻫﺮام اﻟﻌﺮيب– ﺑﺎﺣﺜﺔ ﰲ اﻟﺸﺆون اﻷﻓﺮﻳﻘﻴﺔ‬

‫‪134‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫وجـدت الجماعـات اإلرهابيـة يف اليمـن مـاذًا آمنًـا بعـد خروجهـا مـن‬ ‫أفغانستان وماحقتها يف العراق وارتباط الحوثيين بإيران زاد األمر تعقي ًدا‬ ‫وجــاء ذلــك بالتزامــن مــع صعــود تنظيــم "داعــش" وانتشــاره يف‬ ‫اليمــن إلعــادة التمركــز وايجــاد موطــئ قــدم يف ظل الفراغــات األمنية‪،‬‬ ‫حتــت ذريعــة حمايــة أهــل الســنة مــن انتهــاكات احلوثيــن‪ .‬إذ تعــود‬ ‫بدايــة التواجــد لداعــش يف اليمــن إلــى أواخــر عــام ‪2014‬م‪ ،‬حيــث‬ ‫اعتمــد علــى اســتهداف احلوثيــن وعناصــر مــن اجليــش عــاوة علــى‬ ‫اســتهداف قــوات الرئيــس هــادي‪ .‬عبــر تنفيــذ العمليــات االنتحاريــة‬ ‫واالغتيــاالت باســتخدام العبــوات الناســفة وســيارات مفخخــة‪.‬‬ ‫تنظيــم "القاعــدة" والــذي ميثــل اجليــل الثانــي األكثــر تطر ًفــا‪،‬‬ ‫والــذي عانــى مــن التعذيــب داخــل الســجون اليمنيــة‪ ،‬اســتغل‬ ‫االضطرابــات السياســية‪ ،‬لتعظيــم نفــوذه بإقامــة حتالفــات مــع‬ ‫القبائــل اجلنوبيــة مســتغ ً‬ ‫ا تدهــور األوضــاع االقتصاديــة الســتهداف‬ ‫احلوثيــن العــدو املشــترك‪ ،‬األمــر الــذي مكــن التنظيــم مــن الســيطرة‬ ‫علــى بعــض املناطــق مثــل محافظتــي حضرمــوت واملــكا يف إبريــل‬ ‫‪2015‬م‪ .‬وأوجــد لــه قاعــدة لانطــاق وأماكــن للتدريــب والتجنيــد‪،‬‬ ‫واســتولى علــى كميــات كبيــرة مــن األســلحة واملعــدات والذخائــر‬ ‫مــن مواقــع اجليــش اليمنــي التــي هاجمهــا التنظيــم يف الســنوات‬ ‫األخيــرة يف جنــوب‪ ،‬وجنــوب شــرق البــاد‪ ،‬ممــا جعــل حركــة التنظيــم‬ ‫ومســاحة نشــاطه يف اليمــن يف أعلــى مســتوياتها‪.‬‬ ‫وانتهــى األمــر علــى أن هــذه التنظيمــات توافقــت بشــكل غيــر‬ ‫مباشــر علــى ضــرورة اســقاط الدولــة اليمنيــة إلقامــة دولــة اخلافــة‬ ‫رغــم اختافاتهــم االيديولوجيــة‪ .‬لــذا فقــد متثلــت أبــرز هــذه‬ ‫التهديــدات يف‪:‬‬ ‫‪-1‬انتشار الفوضى‪:‬‬ ‫أدى االنقــاب وتبعاتــه إلــى تفاقــم األوضاع االقتصادية واإلنســانية‬ ‫وســيولة يف العمليــات اإلرهابيــة واالغتيــاالت‪ ،‬فضــ ً‬ ‫ا عــن انتشــار‬ ‫الســرقة والســطو املســلح‪ ،‬واملجاعات وارتفاع معدالت البطالة وتفشــي‬ ‫األمــراض‪ .‬األمــر الــذي ترتــب عليــه تعــرض ثلثــي الشــعب إلــى االعتمــاد‬ ‫علــى املســاعدات اخلارجيــة للبقــاء علــى قيــد احليــاة‪.‬‬ ‫ومتثــل ذلــك يف حصــار امليلشــيات "احلوثــي" وصالــح يف ‪2017‬م‪،‬‬ ‫قــرى "بــاد الــوايف" غــرب مدينــة "تعــز" ومنعــت دخــول أي مــواد‬ ‫غذائيــة فض ـ ً‬ ‫ا عــن اســتهداف املدنيــن باإلضافــة إلــى االنتهــاكات‬ ‫الصارخــة مــن تفجيــر وإحــراق منــازل املواطنــن وتهجيرهــم قسـ ًرا‪.‬‬ ‫وقــد بلــغ عــدد األســر املهجــرة قســر ًيا مــن منازلهــم عــدد (‪)101‬‬ ‫أســرة بإجمالــي عــدد أفــراد (‪ )419‬فــرد منهــم عــدد (‪ )211‬ذكــور‬ ‫و(‪ )208‬إنــاث‪ .‬كمــا مت قطــع الطريــق التــي تــؤدي إلــى تلــك القــرى‬ ‫مــن قبــل امليلشــيا‪ ،‬ممــا زاد مــن معانــاة الســكان‪.‬‬

‫‪ -٢‬تزايد النفوذ اإليراني‪:‬‬ ‫بــرز الــدور اإليرانــي يف أحــداث األزمــة اليمنيــة مــن خــال‬ ‫دعــم جماعــة احلوثــي سياســ ًيا وعســكر ًيا ومال ًيــا وإعام ًيــا‪ ،‬كمــا‬ ‫دعمــت بعــض الشــخصيات يف اجلنــوب‪ ،‬مــن خــال اســتقطاب بعــض‬ ‫عناصــر "احلــراك اجلنوبــي"‪ .‬لتتبنــى طهــران اســتراتيجية مناهضــة‬ ‫ملنطقــة اخلليــج تســعى مــن خالهــا لتحقيــق أهدافهــا التوســعية عبــر‬ ‫دعــم الطائفيــة يف دول اجلــوار اخلليجــي‪ ،‬لــذا ميكــن تفســير حالــة‬ ‫الصــراع بــن جماعــة احلوثيــن والدولــة اليمنيــة يف إطــار صــراع‬ ‫سياســي أيديولوجــي توســعي تديــره طهــران‪ ،‬لتحقيــق أطماعهــا يف‬ ‫إيجــاد مناطــق نفــوذ لهــا يف منطقــة اخلليــج‪ ،‬والرغبــة يف الســيطرة‬ ‫علــى املعابــر املائيــة الدوليــة ويف مقدمتهــا مضيــق "بــاب املنــدب"‬ ‫لفــرض حصــار اســتراتيجي حــول دول اخلليــج العربــي‪ ،‬وهــو مــا‬ ‫ميثــل تهديــدًا مباشــ ًرا ألمــن الســعودية ودول اخلليــج العربــي‬ ‫املصــدرة للنفــط والغــاز‪.‬‬ ‫‪-٣‬استهداف حركة النقل يف املعابر الدولية‪:‬‬ ‫ومــع غيــاب الدولــة اليمينــة وســيطرة اجلماعــات اإلرهابيــة علــى‬ ‫املناطــق اجلنوبيــة املطلــة علــى املعابــر الدوليــة حيــث يطــل اليمــن‬ ‫علــى ســواحل واســعة يف البحــر األحمــر وبحــر العــرب‪ ،‬كمــا يشــرف‬ ‫علــى "بــاب املنــدب" الــذي ميثــل البوابــة اجلنوبيــة للبحــر األحمــر‬ ‫وخليــج عــدن‪ .‬أدى ذلــك إلــى مطامــع إيــران واحلوثيــن يف زيــادة‬ ‫التواجــد وممارســة الضغــوط علــى دول العالــم وخاصــة دول اخلليــج‪،‬‬ ‫واســتغلت طهــران ذلــك الســتهداف الســفن يف املنطقــة مــا أدى إلــى‬ ‫إعاقــة وصــول املســاعدات اإلنســانية واملــواد التجاريــة األساســية‬ ‫لليمنيــن‪ .‬بجانــب هجــوم احلوثيــن وإضرارهــم بفرقاطــة ســعودية‬ ‫يف البحــر األحمــر يف أواخــر شــهر ينايــر ‪2017‬م‪.‬‬ ‫‪-٤‬تزايد حالة النزوح الداخلي‪:‬‬ ‫يف إطــار االنفــات األمنــي وانتشــار الفاعلــن العنيفــن مــن غيــر‬ ‫الــدول‪ ،‬وتدهــور البنيــة التحتيــة أدى ذلــك إلــى تزايد معــدالت الهجرة‬ ‫والنــزوح إذ وصــل معــدل النــزوح يف عــام ‪2016‬م‪ ،‬إلــى ‪ 2.4‬مليــون‬ ‫مينــي‪ .‬فيمــا أعلنــت "وكالــة غــوث الاجئــن" التابعــة لــألمم املتحــدة‪،‬‬ ‫أن عــدد الاجئــن اليمنيــن يف دول اجلــوار وصــل إلــى حوالــي ‪117‬‬ ‫ألفــا‪ ،‬منهــم نحــو ‪ 52‬ألــف مينــي‪ ،‬و‪ 30‬ألــف صومالــي إضافــة إلــى‬ ‫جنســيات أخــرى‪ .‬وتصــدرت الســعودية قائمــة الــدول املســتقبلة‬ ‫لاجئــي اليمــن‪ ،‬بإيوائهــا حوالــي ‪ 40‬ألفـاً‪ %75 ،‬منهــم مينيــون‪ ،‬ومتثــل‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪133‬‬

‫ملف العدد‬

‫أوالً‪ :‬األوضاع األمنية يف اليمن‬

‫ثان ًيا‪ :‬تهديدات الجماعات اإلرهابية يف اليمن‬

‫اســتطاعت اجلماعــات اإلرهابيــة‪ ،‬التوســع والتنامــي يف غــرب‬ ‫وجنــوب اليمــن األمــر الــذي مثــل تهديــدًا كبيــ ًرا لقــوات التحالــف‬ ‫واجليــش اليمنــي خاصـ ًة يف العاصمــة املؤقتــة "عــدن" نتيجــة إغــراق‬ ‫املدينــة باألســلحة عــاوة علــى القــدرة القتاليــة للعناصــر اإلرهابيــة‪،‬‬ ‫والتــي نتــج عنهــا اغتيــاالت وعمليــات ســرقة ونهــب واختطافــات‬ ‫واشــتباكات يوميــة جعلــت مــن اليمــن ســاحة مــن الفوضــى وحولتهــا‬ ‫إلــى دولــة غيــر قــادرة علــى تلبيــة االحتياجــات األساســية ملواطنيهــا‬ ‫مــن توفيــر املــأكل واملشــرب واملســكن واألمــن‪ ،‬فضــ ً‬ ‫ا عــن الفــراغ‬ ‫األمنــي الــذي مألتــه اجلماعــات اإلرهابيــة التــي تســعى إلــى هــدم‬ ‫الدولــة القوميــة ولكــي تقــوم بإنشــاء دولــة اخلافــة العقائديــة ذات‬ ‫الــوالءات الطائفيــة والعرقيــة‪.‬‬ ‫وعلــي ضــوء استشــعار دول التحالــف العربــي اخلطــر القــادم‬ ‫مــن اجلماعــات اإلرهابيــة يف غيــاب ســلطة الدولــة اليمنيــة؛ شــهد‬ ‫النصــف الثانــي مــن العــام اجلــاري؛ تزايــد وتيــرة العمليــات العســكرية‬ ‫يف محافظــة حجــة واملناطــق احلدوديــة بــن اليمــن والســعودية بعــد‬ ‫ســقوط القذائــف يف منطقــة (جيــزان الســعودية)‪ ،‬ومــأرب خاصــ ًة‬ ‫خــال االشــتباكات للســيطرة علــى مدينــة صــرواح‪ ،‬باإلضافــة إلــى‬ ‫اســتمرار الغــارات اجلويــة يف صعــدة وصنعــاء واجلــوف‪.‬‬ ‫حيــث أراد حتالــف انقــاب احلوثــي‪ /‬صالــح تشــتيت جهــود دول‬ ‫التحالــف‪ ،‬فــزاد مــن حــدة الهجــوم علــى الســكان يف تعــز مــع اســتمرار‬ ‫القصــف العشــوائي للمناطــق الســكنية مــا أســفر عنــه الكثيــر مــن‬ ‫القتلــى واجلرحــى وتدميــر للبنيــة التحتيــة‪ .‬كمــا شــهدت مدينــة عــدن‬ ‫سلســلة مــن جرائــم الســطو املســلح علــى ‪ 12‬مصر ًفــا‪.‬‬

‫التحديـــات األمنيـــة يف اليمـــن كثيـــرة وقدميـــة‪ ،‬حيـــث تنتشـــر‬ ‫جتــارة األســلحة بشــكل علنــي وعشــوائي‪ ،‬فقــد وجــدت اجلماعــات‬ ‫اإلرهابي ــة يف اليم ــن م ــا ًذا آم ًن ــا بع ــد خروجه ــا م ــن أفغانس ــتان‬ ‫وماحقتهــا يف العــراق‪ ،‬وجــاء مــن ارتبــاط جماعــة احلوثــي بإيــران‬ ‫وحتولهـــا إلـــى ميليشـــيات مســـلحة ليزيـــد األمـــر تعقيـــ ًدا وهـــي‬ ‫حتـــاول زرع شـــوكة مذهبيـــة يف اخلاصـــرة اجلنوبيـــة للســـعودية‬ ‫حتديـــ ًدا باعتبارهـــا املتصديـــة األولـــى للمخططـــات الطائفيـــة‬ ‫يف املنطقـــة‪ .‬كمـــا اعتبـــرت إيـــران أن الوضـــع اجلديـــد يف اليمـــن‬ ‫ورق ــة ضغ ــط جدي ــدة إضاف ــة إل ــى أوراقه ــا يف الع ــراق‪ ،‬وس ــوريا‪،‬‬ ‫ـاعا يف اإلقلي ــم‪ ،‬فض ـ ً‬ ‫ـا‬ ‫ولبن ــان‪ ،‬وغ ــزة ومتنحه ــا نف ــو ًذا أكث ــر اتس ـ ً‬ ‫ع ــن رغبته ــا يف مقاوم ــة الضغ ــوط الت ــي مت ــارس عليه ــا م ــن قب ــل‬ ‫الق ــوى الدولي ــة اإلقليمي ــة الت ــي تكب ــح جم ــاح طموحه ــا يف امت ــاك‬ ‫س ــاح ن ــووي‪.‬‬ ‫وجنحــت إيــران يف تهريــب األســلحة واآلليــات إلــى احلوثيــن‬ ‫وكذلــك الدعــم العســكري املتجســد يف عمليــات التدريــب وتدفــق‬ ‫الســاح عبــر تهريبــه إلــى صعــدة‪ ،‬أو عبــر الدعــم املالــي لشــراء‬ ‫الســاح مــن األســواق اليمنيــة‪ .‬عــن طريــق "حــزب اهلل"‪ ،‬باإلضافــة‬ ‫إلــى آلــة إعاميــة ضخمــة حرضــت عــل إســقاط الدولــة اليمنيــة يف‬ ‫إطــار أحــداث الربيــع العربــي وهــدم مؤسســاتها الوطنيــة‪ ،‬وضــد‬ ‫قــوات التحالــف الدولــي فيمــا بعــد لتشــويه أهدافــه‪ .‬فضــ ً‬ ‫ا عــن‬ ‫شــن هجو ًمــا علــى اململكــة العربيــة الســعودية‪ .‬كمــا وصفــت األعمــال‬ ‫ومنوذجــا للصحــوة‬ ‫العســكرية للحوثيــن بأنهــا جتســيد للمقاومــة‬ ‫ً‬ ‫اإلســامية‪ ،‬مــع التجاهــل التــام لســياق األزمــة‪.‬‬

‫‪132‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫"الــيــمـــــن"‪ ...‬بـيــــن قــبــضـــــة الــفــوضـــــى والــجــمــاعـــــات اإلرهـــابــيــــة‬

‫تاقي أهداف االنقاب والجماعات اإلرهابية‬ ‫لهدم الدولة وإقامة كنتونات بوالءات طائفية‬ ‫تعانــي الدولــة اليمنيــة مــن حالــة تدهــور شــديدة نتيجــة تنامــي حــاالت العنــف التــي تعيشــها‬ ‫معظــم املناطــق‪ ،‬إلــى جانــب الفــراغ األمنــي يف محافظــات كثيــرة األمــر الــذي أدى إلــى‬ ‫تنامــي الفاعلــن العنيفــن مــن غيــر الــدول أي اجلماعــات املســلحة وامليليشــيات‪ .‬فمــع‬ ‫ســقوط الدولــة يف قبضــة احلوثيــن يف ‪ 21‬ســبتمبر ‪2014‬م‪ ،‬كانــت هــذه الســيطرة مبثابــة‬ ‫الركيــزة األساســية يف حتــول اليمــن إلــى دولــة فاشــلة بعــد تعــرض األجهــزة األمنيــة حلالــة‬ ‫مــن االنقســام‪ ،‬وضعــف حضورهــا وفاعليتهــا‪ ،‬بــل تاشــيها يف كثيــر مــن املناطــق اليمنيــة‪.‬‬ ‫مــع إطالــة أمــد االنقــاب وتغلغــل حتالــف احلوثيــن‪ /‬صالــح يف مفاصــل الدولــة‪ ،‬والزحــف‬ ‫إلــى مدينــة "عــدن"‪ ،‬والســيطرة عليهــا مــن خــال اســتراتيجية اســتهدفت أطــراف املدينــة‬ ‫ثــم املنشــآت احليويــة ويف مقدمتهــا مطــار "عــدن" الدولــي‪ ،‬ثــم االســتياء علــى القصــر الرئاســي يف ‪ 23‬مــارس ‪2015‬م‪ ،‬ومــن‬ ‫ثــم املدينــة كلهــا أصبحــت يف قبضتهــم‪.‬‬

‫شاهيناز العقباوي‬ ‫وتزايــدت حالــة العنــف نتيجــة حالــة الصــراع مــا بــن اجلماعــات‬ ‫املواليــة للحكومــة الشــرعية والتــي عرفــت باســم "املقاومــة الشــعبية"‬ ‫وبــن جماعــة احلوثــي املدعومــة مــن الرئيــس املخلــوع علــى عبــد اهلل‬ ‫صالــح خاصــة يف املناطــق اجلنوبيــة حيــث أدى تهــاوي الوضــع األمنــي‬ ‫بشــكل غيــر مســبوق إلــى أوضــا ًع شــديدة التعقيــد انعكســت علــى‬ ‫انســداد املشــهد السياســي يف اليمــن‪.‬‬ ‫ويف هــذا اإلطــار؛ فقــد طالــب الرئيــس هــادي من القــوى اإلقليمية‬ ‫والدوليــة ومجلــس األمــن يف ‪ 24‬مــارس التدخــل العســكري وفــرض‬ ‫حظــر طيــران علــى املواقــع واملطــارات التــي يســيطر عليهــا جماعــة‬ ‫احلوثــي لردعهــا واحليلولــة دون االســتياء علــى "عــدن"‪ ،‬وحمايــة‬ ‫الشــعب اليمنــي واحلفــاظ علــى وحــدة أراضــي الدولــة‪ ،‬ومواجهة متدد‬ ‫وانتشــار تنظيــم "القاعــدة" و"داعــش" حيــث أصبحــت اليمــن ً‬ ‫أرضــا‬ ‫خصبــة لتمــدد اجلماعــات اإلرهابيــة بعــد غيــاب مظاهــر الدولــة‪.‬‬ ‫وقــد جــاءت هــذه التطــورات الســلبية بعــد أن كانــت قــد قطعــت‬ ‫اليمــن شـ ً‬ ‫ـوطا كبيـ ًرا يف التوافــق وف ًقــا للمبــادرة اخلليجيــة التــي دعــت‬ ‫إلــى البــدء يف حــوار وطنــي يشــمل كافــة طوائــف الشــعب اليمنــي‪،‬‬ ‫عــاوة علــى تشــكيل دســتور جديــد‪ ،‬ولكــن كل هــذه اجلهــود ذهبــت‬ ‫أدراج الريــاح يف ظــل تعنــت انقــاب احلوثــي‪ /‬صالــح‪.‬‬

‫وبعــد أن فشــلت املســاعي الســلمية‪ ،‬ورفــض قــوى االنقــاب‬ ‫للحــوار الوطنــي‪ ،‬أو االســتجابة للمبــادرات اخلليجيــة‪ ،‬أصبــح‬ ‫االنقــاب أداة لتدخــل إيــران يف شــؤون اليمــن وبوابــة للتســلل إلــى‬ ‫بقيــة دول منطقــة اخلليــج‪ ،‬شــكلت الريــاض حتال ًفــا دول ًيــا لدعــم‬ ‫الشــرعية يف اليمــن حظــي بدعــم دولــي واســع‪ ،‬وقــام بتوجيــه ضربــات‬ ‫جويــة تركــزت يف صنعــاء‪ ،‬وصعــدة ثــم توســعت يف باقــي احملافظــات‬ ‫الســتعادة األراضــي املســتولى عليهــا وإعــادة احلكومــة اليمنيــة‪.‬‬ ‫وحققــت قــوات التحالــف تقد ًمــا حاســ ًما يف العديــد مــن مناطــق‬ ‫متركــز قــوات احلوثيــن وصالــح‪ .‬واســتطاعت حتريــر مدينــة عــدن‬ ‫وتقتــرب مــن صنعــاء وتعــز‪.‬‬ ‫ويف ظـــل جنـــاح ضربـــات التحالـــف‪ ،‬ومـــع حتريـــر املناطـــق‬ ‫اجلنوبيــة بــدأ نــزاع جديــد بــن قــوات التحالــف الدولــي والتنظيمــات‬ ‫مثـــل داعـــش والقاعـــدة والتـــي بـــدأت تعيـــد التمركـــز يف املناطـــق‬ ‫احمل ــررة م ــن قبض ــة احلوثي ــن يف ظ ــل الف ــراغ ال ــذي ترك ــه غي ــاب‬ ‫الدول ــة اليمني ــة‪ .‬ويف إط ــار ذل ــك؛ حت ــاول الدراس ــة ق ــراءة خريط ــة‬ ‫احلال ــة األمني ــة يف اليم ــن‪ ،‬وتوضي ــح التهدي ــدات م ــع تنام ــي وج ــود‬ ‫اجلماعـــات اإلرهابيـــة‪ ،‬وتداعيـــات ذلـــك علـــى أمـــن دول اخلليـــج‬ ‫العربـــي‪ ،‬وكيفيـــة مواجهتهـــا مســـتقب ً‬ ‫ا‪.‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪131‬‬

‫ملف العدد‬

‫إيران تسعى لمحاصرة دول الخليج من الجنوب ليمتد الهال الشيعي‬ ‫اإليراني من لبنان فالعراق مرو ًرا بإيران ثم اليمن لتهديد المنظومة الخليجية‬ ‫إفريقيــا والقــرن اإلفريقــي‪ ،‬حيــث تتزايــد التوقعــات ببنــاء الســعودية‬ ‫قاعــدة عســكرية لهــا يف جيبوتــي‪ ،‬تلــك الدولــة املطلــة علــى اجلانــب‬ ‫الغربــي ملضيــق بــاب املنــدب‪ ،‬بهــدف تأمــن حمايتــه‪ ،‬والتــي تربطهــا‬ ‫بالســعودية عاقــات متميــزة‪ ،‬حيــث منحــت الســعودية دولــة جيبوتــي‬ ‫‪ 5‬زوارق بحريــة ســريعة ومتطــورة‪ ،‬كمــا تســعى الســعودية إلــى تكثيــف‬ ‫التواجــد العســكري فيهــا‪ ،‬األمــر الــذي انعكــس علــى تقــدمي جيبوتــي‬ ‫لتســهيات للســعودية‪ ،‬ومنهــا الســماح لهــا بقاعــدة عســكرية علــى‬ ‫أراضيهــا‪ ،‬كمــا أســهمت تلــك التســهيات يف جنــاح عمليــات الســفن‬ ‫والبــوارج العســكرية لقــوات التحالــف العربــي يف حتريــر جزيــرة ميون‬ ‫اليمنيــة مــن ســيطرة احلوثيــن‪ ،‬واســتعادة الســيطرة علــى مضيــق‬ ‫بــاب املنــدب‪ ،‬واســتلمته قــوات اجليــش الوطنــي اليمنــي الــذي وصــل‬ ‫هنــاك عبــر جيبوتــي‪ .‬هــذا باإلضافــة إلــى التحــركات الســعودية نحــو‬ ‫دولــة إريتريــا‪ ،‬مــن خــال توقيــع اتفــاق عســكري وأمنــي واقتصــادي‬ ‫بــن البلديــن يف عــام ‪ ،2015‬بهــدف محاربــة اإلرهــاب والتجــارة‬ ‫غيــر املشــروعة والقرصنــة يف البحــر األحمــر‪ ،‬وحمايــة اليمــن مــن‬ ‫التدخــات األجنبيــة‪ ،‬كمــا حلقــت طائــرات عموديــة ســعودية فــوق‬ ‫أجــواء جيبوتــي وإريتريــا مــن أجــل تفقــد مينــاءي عصــب ومصــوع‪،‬‬ ‫وعــدة جــزر إريتريــة متاخمــة لليمــن‪.‬‬ ‫كمــا تتطلــع الســعودية نحــو تعزيــز العاقــات الثنائيــة مــع دولــة‬ ‫إثيوبيــا يف مختلــف املجــاالت االقتصاديــة واالســتثمارية‪ ،‬وحتديــدًا‬ ‫يف املجــال الزراعــي‪ ،‬وتعزيــز التبــادل التجــاري بينهمــا‪ ،‬بهــدف‬ ‫إحــداث تــوازن اســتراتيجي يف منطقــة شــرق إفريقيــا‪ .‬وقــد وصلــت‬ ‫االســتثمارات الســعودية يف إثيوبيــا إلــى ‪ 3‬مليــارات دوالر‪ ،‬وبلــغ عــدد‬ ‫املشــروعات االســتثمارية بهــا ‪ 303‬مشــاريع‪ ،‬كمــا أنــه خــال الفتــرة‬ ‫مــن ‪ 2016-2008‬حصــل أكثــر مــن ‪ 303‬مســتثمر ســعودي علــى حــق‬ ‫االســتثمار يف إثيوبيــا يف مختلــف املجــاالت‪ ،‬وهــو مــا دفــع إلــى تزايــد‬ ‫الشــركات الســعودية يف إثيوبيــا إلــى ‪ 69‬شــركة ســعودية‪ ،‬بــرأس مــال‬ ‫يتجــاوز ‪ 369‬مليــون دوالر‪.‬‬ ‫ويف إطــار الســعي الســعودي نحــو تقويــض التمــدد اإليرانــي يف‬ ‫شــرق إفريقيــا‪ ،‬شــكلت عاصفــة احلــزم نقطــة حتــول يف العاقــة بــن‬ ‫الســودان ودول اخلليــج ال ســيما الســعودية‪ ،‬حيــث شــاركت الســودان‬ ‫يف التحالــف العربــي ضــد احلوثيــن يف اليمــن‪ ،‬كمــا بــادرت بقطــع‬ ‫عاقاتهــا الدبلوماســية مــع إيــران‪ ،‬وهــو مــا عــزز مــن االســتثمارات‬ ‫الســعودية يف الســودان‪ ،‬حيــث وقــع البلــدان عــد ًدا مــن االتفاقيــات يف‬ ‫مجــاالت مختلفــة‪ ،‬باإلضافــة إلــى املســاعي الســعودية التــي يقــوم بهــا‬ ‫امللك ســلمان للوســاطة بشــأن رفع العقوبات األمريكية عن اخلرطوم‪.‬‬

‫كمــا حتــرص اإلمــارات علــى إيجــاد موطــئ قــدم يف منطقــة شــرق‬ ‫إفريقيــا‪ ،‬ويف البحــر األحمــر مــن خــال التواجــد العســكري يف قاعدة‬ ‫مينــاء عصــب يف إريتريــا‪ ،‬باإلضافــة إلــى قاعــدة عســكرية أخــرى يف‬ ‫مينــاء بربــرة يف الصومــال‪ ،‬عــاوة علــى إدارة شــركة موانــئ دبــي‬ ‫العامليــة حلاويــات مينــاء جيبوتــي‪ ،‬وهــو مــا يعــزز التواجــد اإلماراتــي‬ ‫واخلليجــي يف القــرن اإلفريقــي ممــا يزيــد مــن فــرص حمايــة تأمــن‬ ‫البحــر األحمــر ومضيــق بــاب املنــدب‪.‬‬ ‫وعلــى صعيــد االســتثمار يف شــرق إفريقيــا‪ ،‬عملــت اإلمــارات إلــى‬ ‫تعزيــز اســتثماراتها وتوطيــد عاقاتهــا االقتصاديــة مــع دول املنطقــة‪،‬‬ ‫حيــث قامــت بافتتــاح أول مكتــب جتــاري لهــا يف العاصمــة اإلثيوبيــة‬ ‫أديــس أبابــا يف ‪ .2013‬ووصلــت قيمــة التبــادل التجــاري غيــر‬ ‫النفطــي بــن الطرفــن خــال عامــي ‪2015-2014‬م‪ ،‬حوالــي ‪788‬‬ ‫مليــون درهــم‪ .‬كمــا تبلــغ االســتثمارات اإلماراتيــة يف إثيوبيــا حوالــي ‪3‬‬ ‫مليــارات درهــم‪ ،‬وتتركــز يف قطاعــات الســياحة والفنــادق‪ .‬كمــا تأتــي‬ ‫اإلمــارات كثانــي أكبــر مســتثمر يف الســودان بعــد الســعودية خليج ًيــا‪،‬‬ ‫وذلــك بنحــو ‪ 6‬مليــارات دوالر‪ ،‬كمــا تناقــش عــد ًدا مــن املشــروعات‬ ‫االســتثمارية يف الســودان بنحــو ‪ 16‬مليــار دوالر‪.‬‬

‫خاتمة‬ ‫مــن املفتــرض أن دولــة اليمــن تعــد مبثابــة حائــط الصــد يف‬ ‫درء املخاطــر احملتملــة التــي تهــدد دول اخلليــج العربــي‪ ،‬ومصاحلهــا‬ ‫االقتصاديــة‪ ،‬ال ســيما خطــوط نقــل النفــط اخلليجــي إلــى األســواق‬ ‫العامليــة‪ ،‬األمــر الــذي يُح ّمــل الــدول اخلليجيــة مســؤولية عــودة‬ ‫االســتقرار للدولــة اليمنيــة‪ .‬كمــا أن تهديــد أمــن مضيــق بــاب املنــدب‬ ‫يف البحــر األحمــر مــن قبــل جماعــة احلوثــي املدعومــة مــن إيــران يحتم‬ ‫تضافــر اجلهــود اخلليجيــة نحــو حمايــة البحــر األحمــر ومضيــق بــاب‬ ‫املنــدب‪ ،‬مــن خــال تكثيــف عمليــات التحالــف العربــي ضــد احلوثيــن‪،‬‬ ‫فضــ ً‬ ‫ا عــن تكثيــف التواجــد العســكري يف البحــر األحمــر‪ ،‬وتعزيــز‬ ‫التعــاون والتنســيق بــن القــوى اإلقليميــة مثــل مصــر‪ ،‬والدوليــة مثــل‬ ‫الواليــات املتحــدة األمريكيــة بشــأن حمايــة مضيــق بــاب املنــدب‬ ‫بشــأن مواجهــة احلوثيــن وإيــران‪ ،‬عــاوة علــى تعظيــم التواجــد يف‬ ‫شــرق إفريقيــا والقــرن اإلفريقــي‪ ،‬ممــا يســهم يف تعزيــز حمايــة األمــن‬ ‫القومــي اخلليجــي‪ ،‬يف ظــل التغيــرات االســتراتيجية والتهديــدات التــي‬ ‫تواجهــه يف منطقــة البحــر األحمــر ومضيــق بــاب املنــدب‪.‬‬ ‫* ﺑﺎﺣﺚ مبﺮﻛﺰ اﻷﻫﺮام ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ـ اﻟﻘﺎﻫﺮة‬

‫‪130‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫تقــدمي الدعــم جلماعــة احلوثــي‪ ،‬وتــورط بعــض دول املنطقــة يف‬ ‫ذلــك‪ ،‬وأبرزهــم دولــة إريتريــا‪.‬‬ ‫● اســتمرار الدعــم اإليرانــي جلماعــة احلوثــي يف اليمــن‪ ،‬مــن أجــل‬ ‫توطيــد نفوذهــا غيــر املباشــر علــى ســاحل البحــر األحمــر‪ ،‬والتحكــم‬ ‫يف مضيــق بــاب املنــدب‪ ،‬مــن خــال تقــدمي الدعــم املــادي واللوجيســتي‬ ‫للحوثيــن‪ ،‬وهــو مــا ميثــل تهديدًا للماحة يف مضيق باب املندب‪ ،‬وأمن‬ ‫البحــر األحمــر‪ ،‬حيــث تقــوم إيــران بتزويــد احلوثيــن مبعــدات متطــورة‬ ‫وألغــام ضــد الســفن‪ ،‬وصواريــخ كــروز‪ ،‬ممــا يشــكل تهديــدًا ملمريــن‬ ‫مائيــن مهمــن بالنســبة للتجــارة العامليــة ولألمــن القومــي اخلليجــي‪.‬‬ ‫● اســتمرار تبعــات األزمــة اليمنيــة مــن انقســامات سياســية‬ ‫واجتماعيــة‪ ،‬وتهديــد كيــان الدولــة‪ ،‬ممــا يشــكل خط ـ ًرا كبي ـ ًرا علــى‬ ‫األمــن القومــي اخلليجــي‪ .‬ففــي ظــل االســتقطابات السياســية التــي‬ ‫تشــهدها البــاد‪ ،‬مــن شــأنها التســبب يف تفــكك اليمــن إلــى دويــات‬ ‫وقبائــل‪ ،‬وهــو مــا يشــكل تهديــدًا خطيــ ًرا لــدول اجلــوار‪.‬‬ ‫● احتماليــة انتصــار املشــروع اإليرانــي يف اليمــن‪ ،‬وهــو مــا يعنــي‬ ‫ترســيخ التواجــد اإليرانــي يف البحــر األحمــر‪ ،‬ممــا يثيــر زعزعــة‬ ‫االســتقرار يف دول اخلليــج‪ .‬فقــد ارتبطــت جماعــة احلوثــي بإيــران‬ ‫التــي كان لهــا دور مهــم يف حتريــض وتدعيــم احلوثيــن مــن أجــل‬ ‫زعزعــة االســتقرار يف املنطقــة‪ ،‬وتهديــد األمــن القومــي اخلليجــي‪،‬‬ ‫ال ســيما األمــن القومــي الســعودي‪ ،‬وإيجــاد موطــئ قــدم يف البحــر‬ ‫األحمــر‪ ،‬والســيطرة علــى مضيــق بــاب املنــدب‪ ،‬الــذي ميثــل أهميــة‬ ‫اســتراتيجية كبــرى‪ ،‬ومــن ثــم تســيطر إيــران بشــكل غيــر مباشــر علــى‬ ‫أهــم املمــرات املائيــة يف منطقــة الشــرق األوســط باإلضافــة إلــى‬ ‫مضيــق هرمــز‪ .‬وتهــدف إيــران إلــى محاصــرة دول اخلليــج مــن ناحيــة‬ ‫اجلنــوب‪ ،‬ليمتــد الهــال الشــيعي اإليرانــي مــن لبنــان فالعــراق مــرو ًرا‬ ‫بإيــران فاليمــن‪ ،‬مــن أجــل تهديــد املنظومــة األمنيــة للــدول اخلليجيــة‪.‬‬ ‫● النجــاح يف الســيطرة علــى مضيــق بــاب املنــدب‪ ،‬وهــو مــا يعنــي‬ ‫إيجــاد موطــئ قــدم يف البحــر األحمــر‪ ،‬والتحكــم يف واحــد مــن املنافــذ‬ ‫األهــم عامل ًيــا‪ ،‬كمــا أنــه يضــرب احلصــار القــوي علــى دول اخلليــج‬ ‫العربــي‪ ،‬وقــد يتحكــم يف اخلــط املاحــي كلــه إذا اســتطاع الســيطرة‬ ‫علــى جزيــرة ســوقطري اليمنيــة االســتراتيجية‪.‬‬ ‫ودفعــت تلــك املخاطــر التــي تهــدد األمــن القومــي اخلليجــي دول‬ ‫اخلليــج إلــى التحــرك مــن أجــل دحرهــا‪ ،‬والســعي نحــو تأمــن املصالــح‬ ‫اخلليجيــة مــن أي تهديــد ميكــن أن يــؤدي إلــى زعزعــة االســتقرار‬ ‫السياســي أو األمنــي أو االقتصــادي لــدول اخلليــج يف املنطقــة‪.‬‬

‫ثال ًثا‪ :‬التحرك الخليجي يف المنطقة‬ ‫تعــددت املبــادرات اإلقليميــة ألمــن البحــر األحمــر‪ ،‬خــال العقــود‬ ‫الطويلــة املاضيــة‪ ،‬والتــي كانــت بدايتهــا مــع املبــادرة التــي أطلقتهــا‬ ‫اململكــة العربيــة الســعودية يف خمســينيات القــرن املاضــي‪ ،‬التــي انبثــق‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫منهــا ميثــاق أمــن جــدة والــذي ضــم ك ً‬ ‫ا مــن مصــر والســعودية واليمــن‪،‬‬ ‫وهــدف هــذا امليثــاق إلــى حمايــة أمــن البحــر األحمــر من خــال الدفاع‬ ‫املشــترك ضــد األخطــار اخلارجيــة‪ ،‬وهــو أول خطــوة عربيــة لضمــان‬ ‫أمنــه يف ســبيل مواجهــة أي تهديــدات خارجيــة لهــذا البحــر‪ ،‬إال أن‬ ‫امليثــاق قــد انهــار يف خضــم األحــداث العربيــة والدوليــة التــي أدت إلــى‬ ‫التناقــض والتعــارض بــن الــدول التــي وقعــت علــى امليثــاق‪.‬‬ ‫وخــال الســنوات القليلــة املاضيــة‪ ،‬ومــع التطــورات اإلقليميــة التي‬ ‫كان لهــا تأثيــر علــى تــوازن القــوى يف البحــر األحمــر‪ ،‬تزايــد التعــاون‬ ‫العســكري اإلقليمــي املشــترك يف البحــر األحمــر‪ ،‬فقــد شــاركت بعــض‬ ‫الــدول اخلليجيــة مثــل الســعودية بالتنســيق مــع الــدول املجــاورة يف‬ ‫تأمــن الســفن البحريــة والتجاريــة وحتريرهــا من القرصنــة يف منطقة‬ ‫العقبــة والبحــر األحمــر‪ ،‬كمــا شــهدت اململكــة يف نوفمبــر ‪2016‬م‪،‬‬ ‫االجتمــاع التنســيقي الثالــث للجنــة اإلقليميــة للتدريــب والتنســيق ملركز‬ ‫جيبوتــي‪ ،‬يف معهــد حــرس احلــدود البحــري بجــدة‪ ،‬ومبشــاركة حوالــي‬ ‫‪ 20‬دولــة مــن املوقعــن علــى مدونــة ســلوك جيبوتــي اخلاصــة مبكافحة‬ ‫الســطو املســلح والقرصنــة البحريــة غــرب احمليــط الهنــدي وخليــج‬ ‫عــدن‪ .‬كمــا قامــت القــوات البحريــة الســعودية والســودانية يف فبرايــر‬ ‫‪2017‬م‪ ،‬بتمريــن بحــري مشــترك يف الســاحل الســوداني يف إطــار‬ ‫التعــاون املشــترك لتأمــن البحــر األحمــر وحــدود البلديــن‪ .‬باإلضافــة‬ ‫إلــى توقيــع الســعودية اتفاقيــة ترســيم احلــدود مــع مصــر‪ ،‬التــي علــى‬ ‫إثرهــا مت نقــل ســيادة جزيرتــي تيــران وصنافيــر إلى اململكة الســعودية‪،‬‬ ‫ممــا يضاعــف التواجــد والنفــوذ الســعودي يف منطقــة البحــر األحمــر‪،‬‬ ‫ال ســيما عنــد مضيــق تيــران‪.‬‬ ‫ومــع اســتمرار عاصفــة احلــزم التــي انطلقت بهــدف القضاء على‬ ‫جماعــة احلوثــي يف اليمــن‪ ،‬وعــودة االســتقرار إلــى اليمــن مــن خــال‬ ‫اســتعادة الشــرعية السياســية إلــى البــاد‪ ،‬أطلــق التحالــف العربــي‬ ‫بزعامــة الســعودية عــدة عمليــات مــن أجــل اســتعادة االســتقرار لليمن‬ ‫منهــا عمليــة إعــادة األمــل‪ ،‬وعمليــة "الســهم الذهبــي" بهــدف تطهيــر‬ ‫الســاحل اليمنــي الغربــي مــن قــوات احلوثــي والرئيــس األســبق علــي‬ ‫عبــد اهلل صالــح‪ .‬وتتواصــل عمليــات التحالــف العربــي ضــد احلوثين‬ ‫يف اليمــن‪ ،‬مــن أجــل إعــادة االســتقرار إلــى اليمــن‪.‬‬ ‫وعلــى اجلانــب اآلخــر‪ ،‬يعطــي الصــراع الدائــر يف اليمــن‬ ‫وتهديــد أمــن اخلليــج العربــي ومصالــح دولــه يف املنطقــة والبحــر‬ ‫األحمــر‪ ،‬الدافــع نحــو مراقبــة ومتابعــة دول اخلليج للســاحل الشــرقي‬ ‫اإلفريقــي يف إريتريــا والســودان والصومــال وجيبوتــي‪ ،‬كونهــا تطــل‬ ‫علــى مضيــق بــاب املنــدب والبحــر األحمــر‪ ،‬وكونهــا متــر عبرهــا حركة‬ ‫الســاح والبشــر إلــى اليمــن‪ ،‬عــاوة علــى املخــاوف التــي تدفعهــا نحــو‬ ‫محاولــة إيجــاد موطــئ قــدم راســخ يف تلــك الــدول قبــل إيــران التــي‬ ‫تســعى إلــى نشــر املذهــب الشــيعي‪ ،‬وتهديــد أمــن الــدول اخلليجيــة‪.‬‬ ‫ومــن هنــا‪ ،‬ســعت دول اخلليــج إلــى تعزيــز نفوذهــا يف منطقــة شــرق‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫وكــون اليمــن تطــل علــى مضيــق بــاب املنــدب‪ ،‬جعــل مســألة‬ ‫االهتمــام بأمنهــا واســتقرارها مســألة ال تعنيهــا وحدهــا‪ ،‬وإمنــا تعنــي‬ ‫الــدول العربيــة بصفــة عامــة ودول اخلليــج العربــي بصفــة خاصــة‪،‬‬ ‫وهــو مــا دفــع دول اخلليــج ال ســيما الســعودية واإلمــارات للنظــر إلــى‬ ‫صراعــا داخل ًيــا‪ ،‬وإمنــا صــراع‬ ‫الصــراع يف اليمــن علــى أنــه ليــس‬ ‫ً‬ ‫حتركــه بعــض القــوى اإلقليميــة ال ســيما إيــران‪ ،‬مــن خــال تقــدمي‬ ‫الدعــم املــادي واللوجيســتي جلماعــة احلوثــي يف اليمــن‪ ،‬وهــي التــي‬ ‫تهــدف إلــى الســيطرة علــى املضايــق املائيــة املهمــة يف املنطقــة‪،‬‬ ‫بحيــث يتعاظــم نفوذهــا يف مضيــق بــاب املنــدب‪ ،‬مثلمــا هــو احلــال‬ ‫يف مضيــق هرمــز‪ .‬ومــن ثــم‪ ،‬فــإن مصالــح الــدول اخلليجيــة مرتبــط‬ ‫بأمــن اليمــن‪ ،‬كــون أن ســيطرة اإلرهابيــن عليهــا‬ ‫وعلــى مضيــق بــاب املنــدب‪ ،‬يهــدد املصالــح واألمــن‬ ‫اخلليجــي يف املنطقــة بشــكل كبيــر‪.‬‬ ‫وجتــدر اإلشــارة إلــى أن العاقــات اخلليجيــة‬ ‫اليمنيــة متشــابكة ومترابطــة يف كثيــر مــن امللفــات‬ ‫املهمــة‪ ،‬وعلــى رأســها امللــف األمنــي‪ ،‬حيــث يرتبــط‬ ‫األمن القومي اخلليجي بشــكل كبير بأمن واســتقرار‬ ‫اليمــن‪ ،‬لذلــك‪ ،‬فهنــاك ضــرورة اســتراتيجية بشــأن‬ ‫توطيــد العاقــات البينيــة بــن دول اخلليــج واليمــن‪،‬‬ ‫واملســاهمة يف إعــادة بنــاء اليمــن‪ ،‬وعــدم اختطافهــا‬ ‫مــن أي قــوى إقليميــة معاديــة ألمــن اخلليــج القومــي‪.‬‬ ‫ويقــع يف الشــاطئ املقابــل لليمــن الســاحل الشــرقي لقــارة‬ ‫إفريقيــا‪ ،‬حيــث تتأثــر بتطــورات األوضــاع والتفاعــات يف منطقــة‬ ‫القــرن اإلفريقــي‪ ،‬األمــر الــذي يضاعــف مــن أهميــة اليمــن‬ ‫االســتراتيجية كركــن أساســي ألمــن اخلليــج العربــي وبوابتــه‬ ‫اجلنوبيــة‪ .‬كمــا تعتبــر اليمــن مبثابــة همــزة الوصــل بــن منطقــة‬ ‫اخلليــج العربــي والقــارة اإلفريقيــة‪ ،‬األمــر الــذي يؤهلهــا للعــب دور‬ ‫احلاجــز األمنــي الرئيســي أمــام الهجــرات اإلفريقيــة جتــاه منطقــة‬ ‫اخلليــج‪ ،‬أو يف املقابــل مصــدر القلــق األساســي لهــا‪ ،‬وهــو مــا يتوقــف‬ ‫علــى مســتقبل دولــة اليمــن‪ ،‬ومــدى أهميــة اليمــن يف االســتراتيجية‬ ‫األمنيــة لــدول اخلليــج العربــي‪.‬‬ ‫ـرحا للتنافــس‬ ‫ـ‬ ‫مس‬ ‫ـد‬ ‫ـ‬ ‫يع‬ ‫ـذي‬ ‫ـ‬ ‫ال‬ ‫ـر‪،‬‬ ‫ـ‬ ‫األحم‬ ‫وتطــل اليمــن علــى البحــر‬ ‫ً‬ ‫اإلقليمــي والدولــي بــن الــدول املتشــاطئة لــه أو املطلــة عليــه‪ ،‬والقــوى‬ ‫الكبــرى‪ ،‬كونــه بقعــة جيوســتراتيجية مهمــة‪ ،‬وذلــك لتوســطه مناطــق‬ ‫مصــادر الطاقــة يف منطقــة الشــرق األوســط وإفريقيــا واخلليــج العربــي‬ ‫وشــرق إفريقيا‪ ،‬فهو معبر ســهل وقصير واقتصادي‪ ،‬وممر اســتراتيجي‬ ‫حلركــة األســاطيل البحريــة مــا بــن البحــر املتوســط واحمليــط الهنــدي‬ ‫وإفريقيــا وصــوالً حتــى الصــن واليابــان واحمليــط الهــادي‪.‬‬ ‫ويتوقــع تزايــد أهميــة البحــر األحمــر مســتقب ً‬ ‫ا مع توســع التجارة‬ ‫الدوليــة للصــن ودول شــرق آســيا‪ ،‬إذ يقــدر أن تعبــره حوالــي ‪%30‬‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪129‬‬

‫ملف العدد‬

‫مــن الصــادرات الصينيــة إلــى الغــرب عبــر قنــاة الســويس بحلــول عــام‬ ‫‪2030‬م‪ ،‬األمــر الــذي يجعلــه مــن أهــم بــؤر الصــراع الدولــي‪ ،‬فض ـ ً‬ ‫ا‬ ‫عــن أهميتــه االســتراتيجية يف احلفــاظ علــى األمــن القومــي العربــي‬ ‫بشــكل عــام‪ ،‬وأمــن البــاد املشــاطئة للبحــر األحمــر بشــكل خــاص‪.‬‬

‫ثان ًيا‪ :‬المخاطر التي تهدد المصالح الخليجية‬ ‫تشــهد اليمــن العديــد مــن التطــورات املهمــة منــذ اإلطاحــة بنظــام‬ ‫علــي عبــد اهلل صالــح يف عــام ‪2011‬م‪ ،‬أبرزهــا دخــول احلوثيــن‬ ‫العاصمــة اليمنيــة صنعــاء يف ســبتمبر ‪2014‬م‪ ،‬ومحاولــة الســيطرة‬ ‫علــى مفاصــل الدولــة‪ ،‬فضــ ً‬ ‫ا عــن تهديــد أمــن البحــر األحمــر‪،‬‬ ‫وهــو مــا أبــرز العديــد مــن التحديــات األمنيــة‬ ‫واالســتراتيجية بالنســبة لــدول اخلليــج العربــي‪ .‬وكــون‬ ‫اليمــن إحــدى أهــم الدوائــر املهمــة ملعادلــة األمــن‬ ‫واالســتقرار اإلقليمــي‪ ،‬خاصــة بالنســبة لــدول التعــاون‬ ‫اخلليجــي‪ ،‬فــإن مــا تشــهده مــن تطــورات وحتديــات‬ ‫تلقــي بظالهــا وتأثيراتهــا علــى دول اخلليــج‪.‬‬ ‫ومــن ثــم‪ ،‬تتعــدد املخاطــر التــي تهــدد مصالــح‬ ‫الــدول اخلليجيــة مــع اســتمرار األزمــة اليمنيــة‪،‬‬ ‫وبالتزامــن مــع التفاعــات اإلقليميــة يف منطقــة البحر‬ ‫األحمــر‪ ،‬وتتمثــل أبــرز تلــك املخاطــر يف‪:‬‬ ‫● تهديــد خطــوط املاحــة البحريــة يف البحــر األحمــر‪ ،‬وهــو مــا قــد‬ ‫يعرقل مرور الســفن يف مضيق باب املندب‪ ،‬مما يهدد التجارة العاملية‬ ‫ال ســيما جتــارة النفــط ألوروبــا وأمريــكا‪ .‬فقــد اســتهدف احلوثيــون‬ ‫ســفينة اإلغاثــة اإلماراتيــة "ســويفت" يف أكتوبــر ‪2016‬م‪ ،‬وفرقاطــة‬ ‫ســعودية‪ ،‬باإلضافــة إلــى اســتهداف املدمــرة األمريكيــة "ماســون"‪،‬‬ ‫وســفينة الدعــم القتالــي "بونــس" بصواريــخ إيرانيــة مــن فئــة "قــادر"‪.‬‬ ‫● تفاقــم ظاهــرة الهجــرة غيــر الشــرعية وهــروب املتســللن مــن شــرق‬ ‫إفريقيــا ومنطقــة القــرن اإلفريقــي عبــر البحــر األحمــر‪ ،‬هرو ًبــا مــن‬ ‫األوضــاع االقتصاديــة واألمنيــة الصعبــة‪ ،‬إلــى الــدول اخلليجيــة‬ ‫مــرو ًرا باليمــن‪ ،‬وهــو مــا يشــكل تهديــدًا ألمــن الــدول اخلليجيــة‪،‬‬ ‫خاصــة يف ظــل التخــوف مــن تســلل العناصــر اإلرهابيــة إلــى داخــل‬ ‫منطقــة اخلليــج‪ ،‬وتنفيــذ عمليــات إرهابيــة فيهــا‪.‬‬ ‫● التخــوف مــن التهديــدات اإلرهابيــة يف شــرق إفريقيــا‪ ،‬مــن خــال‬ ‫نشــاط حركــة الشــباب املجاهديــن يف الصومــال‪ ،‬وإمكانيــة التحالــف‬ ‫املــرن بينهــا وبــن تنظيــم القاعــدة يف اليمــن عبــر البحر األحمــر‪ ،‬األمر‬ ‫الــذي يهــدد املصالــح اخلليجيــة املتمثلــة يف االســتثمارات الكبــرى يف‬ ‫منطقــة القــرن اإلفريقــي‪ ،‬وتهديــد األمــن القومــي اخلليجــي‪.‬‬ ‫● عمليــات تهريــب الســاح‪ ،‬والعناصــر املســلحة‪ ،‬عــن طريــق بعــض‬ ‫القــوى اإلقليميــة ال ســيما إيــران‪ ،‬وتدريبهــا يف معســكرات يف بعــض‬ ‫اجلــزر علــى البحــر األحمــر‪ ،‬متهيــدًا لنقلهــم إلــى اليمــن بهــدف‬

‫اســـتـــراتـيـجـيـــة‬ ‫للعـاقـات الـخليـجـية‪-‬‬ ‫الــيــمـنـيـــة إلعـــــادة‬ ‫بـ ــناء الـيـمـ ــن وع ــدم‬ ‫اختطافه ــا م ــن إي ــران‬

‫‪128‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫إيـران تدعـم الحوثيـن لتوطيـد نفوذهـا فـي البحـر األحمـر ومضيـق بـاب املنـدب‬

‫اليمـــن والبحـــر األحمـــر‪ :‬مصالـــح حيويـــة‬ ‫ومرتكـــز ألمـــن دول الخليـــج‬ ‫أتــت األحــداث التــي شــهدتها اليمــن منــذ إســقاط نظــام علــي عبــد اهلل صالــح يف عــام‬ ‫‪2011‬م‪ ،‬ومــا تاهــا مــن تطــورات انطــوت علــى حتديــات اســتراتيجية كان لهــا تأثيرهــا‬ ‫علــى اســتقرار الدولــة اليمنيــة‪ ،‬أبرزهــا انقــاب جماعــة احلوثــي علــى الشــرعية السياســية‬ ‫يف البــاد‪ ،‬ومــا ترتــب عليهــا مــن تهديــد إقليمــي لــدول اجلــوار‪ ،‬ال ســيما دول مجلــس‬ ‫التعــاون اخلليجــي‪ ،‬ليعبــر عــن ثقــل التحديــات التــي تواجــه دول اخلليــج يف املنطقــة‪ ،‬خاصة‬ ‫مــع تهديــد احلوثيــن ألمــن البحــر األحمــر‪ ،‬ومضيــق بــاب املنــدب‪ ،‬الــذي يعــد أحــد املنافــذ‬ ‫املهمــة للمصالــح اخلليجيــة‪ ،‬األمــر الــذي يهــدد األمــن القومــي اخلليجــي‪ ،‬ويضــع مســتقبل‬ ‫أمنــه يف خطــر حــال تطــور األوضــاع يف اليمــن مــن ســيئ إلــى أســوأ‪.‬‬

‫أحمد عسكر‬ ‫وملــا متثــل اليمــن إحــدى الدوائر املهمــة ملعادلة األمن واالســتقرار‬ ‫لــدول التعــاون اخلليجــي‪ ،‬ومــا تطالــه مــن أحــداث وتطــورات تنعكــس‬ ‫علــى األمــن القومــي للخليــج‪ ،‬األمــر الــذي يســتدعي ضــرورة حتــرك‬ ‫دول اخلليــج للتعامــل مــع مــا يهــدد أمنهــا القومــي واالســتراتيجي‪.‬‬ ‫ومــن هنــا يتعــرض هــذا املقــال إلــى األهميــة االســتراتيجية لليمــن‬ ‫والبحــر األحمــر‪ ،‬واملخاطــر التــي تهــدد املصالــح اخلليجيــة يف تلــك‬ ‫املنطقــة‪ ،‬والتحــرك اخلليجــي يف إطــار تلــك املخاطــر‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬األهمية االستراتيجية‬ ‫تتعاظــم األهميــة االســتراتيجية لدولــة اليمــن يف املنطقــة كونهــا‬ ‫متثــل البوابــة اجلنوبيــة ملدخــل البحــر األحمــر‪ ،‬مــا ميكنهــا مــن‬ ‫التحكــم يف املمــر الــذي يصــل بــن البحــر األحمــر واحمليــط الهنــدي‬ ‫التــي حتتضنهمــا عبــر منطقــة خليــج عــدن‪ ،‬كمــا أنهــا تتحكــم يف طــرق‬ ‫املاحــة البحريــة املؤديــة إلــى آســيا‪ .‬وهــو مــا يجعلهــا بوابــة لــدول‬ ‫جنوبــي آســيا وجنوبــي شــرق إفريقيــا‪ ،‬فضـ ً‬ ‫ا عــن البحــار واخللجــان‪،‬‬ ‫واملضائــق املائيــة‪ ،‬كل تلــك املواصفــات االســتراتيجية واجلغرافيــة‬ ‫واالقتصاديــة يجعــل مــن الصعــب أن تبقــى اليمــن خــارج االهتمــام‬ ‫السياســي لــدول اخلليــج العربــي‪.‬‬ ‫ويبلــغ طــول الســاحل اليمنــي حوالــي ‪ 2500‬كيلومتــر‪ ،‬ويعــد‬ ‫مــن أهــم الســواحل يف املنطقــة العربيــة والشــرق األوســط‪ ،‬حيــث‬

‫ميســك بزمــام مفاتيــح البــاب اجلنوبــي للبحــر األحمــر‪ .‬كمــا أن هنــاك‬ ‫تداخــل وثيــق بــن مضيقــي هرمــز وبــاب املنــدب وقنــاة الســويس‪،‬‬ ‫كونهــم ميثلــون الطريــق الرئيســي للناقــات النفطيــة مــن منطقــة‬ ‫اخلليــج العربــي باجتــاه أوروبــا مبــا يعــادل ‪ ،%30‬إضافــة إلــى جتــارة‬ ‫آســيا مــع أوروبــا التــي تعبــر إلــى البحــر املتوســط عبــر مضيــق بــاب‬ ‫املنــدب‪ .‬وينطــوي املوقــع اجلغــرايف لليمــن علــى أهميــة كبيــرة بالنســبة‬ ‫لــدول اخلليــج‪ ،‬كونــه يتيــح لهــا منافــذ حيويــة واالنفتــاح علــى العديــد‬ ‫مــن قــارات العالــم‪ ،‬حيــث ميتلــك اليمــن أكثــر مــن عشــرة موانــئ‬ ‫بحريــة محوريــة وجــزر مهمــة‪ ،‬كانــت محــط أنظــار القــوى اإلقليميــة‬ ‫والدوليــة‪ ،‬مثــل جــزر ســوقطري وحنيــش الصغــرى والكبــرى وكمــران‬ ‫وجزيــرة ميــون التــي تقــع يف قلــب مضيــق بــاب املنــدب‪.‬‬ ‫ومتثــل اليمــن العنصــر األساســي ألمــن املنطقــة مــن أجــل ضمــان‬ ‫تدفــق الثــورة النفطيــة مــن دون مشــكات أو معوقــات عســيرة‪ ،‬ممــا‬ ‫أكســب اليمــن دو ًرا إقليم ًيــا فاعــ ً‬ ‫ا‪ ،‬وحتديــدًا يف حمايــة األمــن‬ ‫واالســتقرار يف املنطقــة‪ ،‬ال ســيما اجلزيــرة العربيــة‪ .‬فالســيطرة علــى‬ ‫مضيــق بــاب املنــدب‪ ،‬واملدخــل اجلنوبــي للبحــر األحمــر هــو مبثابــة‬ ‫تضييــق اخلنــاق علــى دول اخلليــج العربــي واجلزيــرة العربيــة‪ ،‬ليــس‬ ‫لكونــه ممـ ًرا لناقــات النفــط فقــط‪ ،‬بــل يعــد ً‬ ‫أيضــا ممـ ًرا الســتيراد‬ ‫وتصديــر الســلع التجاريــة مــع أســواق العالــم اخلارجيــة يف أوروبــا‬ ‫وأمريــكا ودول الشــرق األقصــى يف آســيا‪.‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫األمريكــي للعــراق يف عــام ‪2003‬م‪ ،‬الــى احلــرب األهليــة املذهبيــة‬ ‫عندمــا دعمــت الواليــات املتحــدة الطائفــة الشــيعية يف الوصــول‬ ‫للحكــم وهمشــت الطائفــة الســنية ممــا أدى إلــى بــروز اجلماعــات‬ ‫املتطرفــة مــن كا الطرفــن ولذلــك كان التدخــل اخلارجــي يف هــذه‬ ‫احلالــة مــن أســباب احلــرب الطائفيــة التــي أدت إلــى مذابــح للطائفــة‬ ‫الســنية علــى يــد احلشــد الشــعبي الشــيعي واجلماعــات املســلحة‬ ‫الشــيعية وبدعــم مــن الســلطة احلاكمــة الشــيعية ممــا أدام مــدة‬ ‫احلــرب األهليــة‪.‬‬

‫التدخل الخارجي بين إنهاء الحرب وإطالة أمدها‬ ‫تتعــدد أشــكال التدخــل اخلارجــي يف احلــروب األهليــة‪ ،‬فقــد‬ ‫يكــون التدخــل علــى شــكل قــوات متعــددة اجلنســية ملنــع احلــرب‬ ‫أو تكــون فاصــ ً‬ ‫ا بــن أطــراف النــزاع يف الدولــة كمــا هــو حــال‬ ‫قــوات حفــظ الســام الدوليــة‪ ،‬وقــد تتدخــل مجموعــة مــن الــدول‬ ‫إلــى جانــب أحــد أطــراف النــزاع‪ ،‬كأن يكــون التدخــل علــى جانــب‬ ‫احلكومــة الشــرعية ضــد املعارضــة املســلحة للدولــة‪ ،‬وقــد تكــون دولــة‬ ‫تتدخــل إلــى جانــب املعارضــة أو احلكومــة‪ .‬وقــد حدثــت تدخــات‬ ‫متعــددة يف احلــروب األهليــة يف معظــم دول آســيا وإفريقيــا وأمريــكا‬ ‫الاتينيــة التــي شــهدت احلــرب األهليــة‪.‬‬ ‫وتشــير الدراســات األكادمييــة التــي تناولــت التدخــل اخلارجــي‪،‬‬ ‫أن التدخــل العســكري إذا اســتمر فتــرة طويلــة ال ميكــن أن يحقــق‬ ‫نصــ ًرا ســواء كان التدخــل إلــى جانــب احلكومــة الشــرعية أو إلــى‬ ‫جانــب أطــراف املعارضــة املســلحة‪ ،‬ولكــن االنتصــار الســريع مــن‬ ‫التدخــل العســكري ميكــن أن ينهــي احلــرب األهليــة ألنــه ميكــن أن‬ ‫يقلــب امليــزان لصالــح احلكومــة الشــرعية‪ ،‬ولكــن طــول التدخــل قــد‬ ‫يدفــع أطــراف دوليــة منافســة للدولــة املتدخلــة ممــا يخلــق تواز ًنــا‬ ‫عســكر ًيا يدفــع إلــى جمــود املوقــف ممــا يدفــع إلــى ضــرورة احلــل‬ ‫السياســي مــن خــال املفاوضــات‪ .‬وأحيا ًنــا طــول التدخــل العســكري‬ ‫قــد يدفــع الــرأي العــام داخــل الدولــة التــي تشــهد احلــرب األهليــة‬ ‫إلــى التعاطــف مــع املعارضــة ويحــرك الشــعور الوطنــي‪ ،‬كمــا أن‬ ‫طــول التدخــل قــد يثيــر الــرأي العــام يف الدولــة املتدخلــة‪ .‬فالــرأي‬ ‫العــام حتــول ضــد التدخــل األمريكــي يف فيتنــام وكانــت املظاهــرات‬ ‫الطابيــة يف الواليــات املتحــدة ضــد احلــرب‪ ،‬ومــن جانــب آخــر أثــار‬ ‫التدخــل العســكري األمريكــي الشــعور القومــي الفيتنامــي للتعاطــف‬ ‫مــع الفيتكونــغ‪.‬‬

‫التدخل العربي وعاصفة الحزم والحل السياسي يف اليمن‬ ‫إن التدخـــل العربـــي يف اليمـــن‪ ،‬عاصفـــة احلـــزم‪ ،‬كانـــت إلـــى‬ ‫جان ــب احلكوم ــة الش ــرعية بع ــد س ــيطرة جماع ــة احلوث ــي والرئي ــس‬ ‫الس ــابق عل ــي صال ــح عل ــى العاصم ــة صنع ــاء‪ ،‬ول ــم يك ــون التدخ ــل‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪127‬‬

‫ملف العدد‬

‫العرب ــي بر ًي ــا بق ــدر م ــا ه ــو تدخ ـ ً‬ ‫ـا جو ًي ــا‪ ،‬وترك ــت احل ــرب البري ــة‬ ‫لألطـــراف اليمنيـــة‪ ،‬فالظاهـــر أن اجليـــش اليمنـــي‪ ،‬هنـــاك املؤيـــد‬ ‫للشـــرعية وهنـــاك قســـم مـــن اجليـــش يديـــن بالـــوالء للرئيـــس‬ ‫الســـابق‪ .‬وعـــادة التدخـــل اجلـــوي ال يحســـم معركـــة التدخـــل‬ ‫العس ــكري‪ ،‬والنقط ــة األخ ــرى أن ال ــدول الت ــي تدخل ــت بعضه ــا كان‬ ‫رمز ًيـــا أكثـــر ممـــا هـــو فعل ًيـــا‪ ،‬ولكـــن التدخـــل احلقيقـــي للمملكـــة‬ ‫العربي ــة الس ــعودية ولإم ــارات العربي ــة املتح ــدة‪ ،‬كم ــا أن أه ــداف‬ ‫ال ــدول الفعال ــة املش ــاركة ليس ــت متطابق ــة م ًع ــا‪ .‬أم ــا عل ــى املس ــتوى‬ ‫الداخلــي اليمنــي فالرئيــس الشــرعي عبــد ربــه هــادي عندمــا تولــى‬ ‫الرئاســة بعــد علــي صالــح وف ًقــا للمبــادرة اخلليجيــة كان يعانــي مــن‬ ‫إقنــاع الشــعب اليمنــي وإثبــات متتعــه بالشــخصية الكاريزميــة حتــى‬ ‫يتمك ــن م ــن حتقي ــق إجم ــاع الش ــعب اليمن ــي حول ــه‪.‬‬ ‫وإذا انتقلنــا لألطــراف اإلقليميــة والدوليــة‪ ،‬فيظهــر أن الواليــات‬ ‫املتحــدة ليســت معنيــة باحلوثيــن والرئيــس الســابق بقــدر اهتمامهــا‬ ‫باحلــرب علــى القاعــدة وتنظيــم الدولــة (داعــش)‪ ،‬وحتــى تأييدهــا‬ ‫للتحالــف الدولــي بحــدود معينــة‪ ،‬أمــا روســيا املنافســة للواليــات‬ ‫املتحــدة‪ ،‬فليســت معنيــة باليمــن بقــدر مصاحلهــا التجاريــة‬ ‫والسياســية مــع دول اخلليــج العربــي ولذلــك أقــرب إلــى احليــاد‬ ‫يف هــذه احلــرب األهليــة‪ ،‬وإن كانــت األســلحة الروســية تتســرب‬ ‫للحوثيــن عــن طريــق إيــران‪.‬‬ ‫إن املنافــس احلقيقــي يف احلــرب األهليــة يف اليمــن هــي إيــران‪،‬‬ ‫ولكنهــا بعيــدة جغراف ًيــا وال تشــكل اليمــن أولويــة يف االســتراتيجية‬ ‫اإليرانيــة كمــا هــو حــال العــراق‪ .‬ولكــن وجــدت فرصــة ســانحة لهــا‬ ‫لتعزيــز نفوذهــا يف اليمــن مــن خــال احلوثيــن‪ ،‬وكمــا يقــول بــروس‬ ‫راســيل مــن معهــد بروكننــز‪ ،‬إن العاقــة بــن احلوثيــن وإيــران تعــززت‬ ‫منــذ حــروب احلوثيــن مــع الرئيــس علــي صالــح عندمــا كان يحكــم‬ ‫اليمــن‪ ،‬واســتغلوا حاجــة احلوثيــن لألســلحة ومــن ثــم تطــورات‬ ‫العاقــة بــن احلوثيــن وإيــران‪ ،‬عل ًمــا بــأن الصــراع يف اليمــن هــو‬ ‫صراعــا‬ ‫صراعــا مذهب ًيــا‪ ،‬فاليمــن لــم تشــهد‬ ‫صــراع سياســي وليــس‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مذهب ًيــا يف تاريخهــا احلديــث ألن املذهــب الزيــدي أقــرب ألهــل‬ ‫الســنة واجلماعــة مــن اإلماميــة اإلثنــى عشــرية يف إيــران‪.‬‬ ‫إن طــول الفتــرة التــي شــهدتها عاصفــة احلــزم وقــد جتــاوزت‬ ‫العامــن والنصــف‪ ،‬ويف ظــل اختــاف األهــداف بــن الفرقــاء داخــل‬ ‫اليمــن ويف أهــداف الــدول اإلقليميــة وتراخــي الــدول الكبــرى يجعــل‬ ‫احلــل السياســي هــو األمثــل إلنهــاء حــرب اليمــن وعــودة الشــرعية‬ ‫واحلاجــة إلــى صفقــة سياســية تشــترك جميــع األطــراف السياســية‬ ‫اليمنيــة فيهــا حتــت مظلــة وســاطة األمم املتحــدة ومبشــاركة الــدول‬ ‫اخلليجيــة والعربيــة‪.‬‬ ‫* أﺳﺘﺎذ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ – ﺟﺎﻣﻌﺔ اﳌﻠﻚ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ‬

‫‪126‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫نشــبت (‪ )128‬حر ًبــا أهليــة منــذ عــام ‪ 1945‬منهــا ‪ %25‬تــم حلهــا‬ ‫خــال عاميــن و‪ %25‬اســتمرت ‪ 12‬عا ًمــا و‪ 13‬حر ًبــا اســتمرت عشــرين عا ًمــا‬ ‫العــام فيهــا أو إللهــاء الــرأي العــام فيهــا عــن مشــاكل داخليــة تتعلــق‬ ‫بالســلطة احلاكمــة أو لتحقيــق مصالــح اســتراتيجية واقتصاديــة أو‬ ‫الســتنزاف مــوارد دول أخــرى منافســة لهــا تريــد جرهــا للتدخــل يف‬ ‫احلــرب األهليــة‪.‬‬

‫الواليات المتحدة واستنزاف االتحاد السوفيتي يف أفغانستان‬ ‫تعتبــر احلــرب األهليــة األفغانيــة مثــاال للتنافــس بــن الــدول‬ ‫الكبــرى لتصفيــة حســاباتها واســتنزاف الطــرف املنافــس لهــا‪ ،‬فأثــر‬ ‫االنقــاب العســكري الــذي قــاده نــور محمــد ترقــي عــام ‪1978‬م‪،‬‬ ‫ضــد اجلنــرال محمــد داود وإعدامــه‪ ،‬فقــد أصبحــت أفغانســتان‬ ‫قريبــة مــن االحتــاد الســوفيتي حيــث أن حــزب الشــعب الدميقراطــي‬ ‫األفغانــي تبنــى االشــتراكية يف البــاد‪ ،‬ويف ســبتمبر ‪1979‬م‪ ،‬وصــل‬ ‫نائــب رئيــس الــوزراء حفيــظ اهلل أمــن إلــى رئاســة احلكومــة بعــد‬ ‫مقتــل نــور الديــن ترقــي‪ ،‬ثــم مقتــل حفيــظ اهلل أمــن والتدخــل‬ ‫الســوفيتي يف أفغانســتان يف ديســمبر ‪1979‬م‪ ،‬وتنصيــب باربــرك‬ ‫رئيســا يف أفغانســتان الــذي اســتمر يف احلكــم حتــى عــام‬ ‫كرامــال‬ ‫ً‬ ‫‪1986‬م‪ ،‬وتولــي محمــد جنيــب اهلل احلكــم‪.‬‬ ‫وتشــير املصــادر األمريكيــة أن مستشــار األمــن القومــي األمريكي‬ ‫الســابق زبجنيــو بريجنســكي يف عهــد كارتــر كان وراء جــر االحتــاد‬ ‫الســوفيتي للتــورط يف أفغانســتان‪ ،‬فقبــل التدخــل الســوفيتي‬ ‫بشــهور كانــت االســتخبارات األمريكيــة تدعــم املعارضــة األفغانيــة‬ ‫(املجاهــدون األفغــان) حلكــم حــزب الشــعب الدميقراطــي يف‬ ‫أفغانســتان علــى اعتبــار أنهــا حكومــة شــيوعية‪ ،‬وممــا يثيــر االنتبــاه‬ ‫للباحــث مقتــل حفيــظ اهلل أمــن الــذي طلــب الدعــم الســوفيتي ممــا‬ ‫يبــن مــدى حقــد الســوفيت عليــه‪ ،‬ويوحــي بعــدم ثقــة الســوفيت يف‬ ‫حفيــظ اهلل أمــن ألنهــم تدخلــوا عســكر ًيا يف أفغانســتان بذريعــة‬ ‫حمايــة احلكومــة األفغانيــة ضــد املجاهديــن ونصبــوا باربــرك‬ ‫كارامــال‪ ،‬ويقــال أن حفيــظ اهلل قــد مت جتنيــده من قبل االســتخبارات‬ ‫األمريكيــة ‪ CIA‬عندمــا كان ملح ًقــا يف الســفارة األفغانيــة يف‬ ‫واشــنطن‪ ،‬ولذلــك ميكــن اعتبــار طلبــه دعــم الســوفيت خطــة معــدة‬ ‫جلــر الســوفيت وتوريطهــم يف احلــرب األهليــة يف أفغانســتان بــن‬ ‫الســلطة احلاكمــة الشــيوعية علــى اعتبارهــا الســلطة الشــرعية وبــن‬ ‫املعارضــة األفغانيــة املعارضــة للحكومــة الشــيوعية؟ الســوفيت تدعــم‬ ‫احلكومــة والواليــات املتحــدة تدعــم املعارضــة‪.‬‬ ‫وجنــد أن التدخــل األمريكــي مبســاعدة املجاهديــن األفغــان‬ ‫لــم يكــن يهــدف إلنهــاء احلــرب األهليــة بــل إطالــة احلــرب فيهــا‬

‫الســتنزاف االحتــاد الســوفيتي اقتصاد ًيــا وعســكر ًيا واســتمرت‬ ‫احلــرب األهليــة حتــى عــام ‪1988‬م‪ ،‬وكان هــدف الواليــات املتحــدة‬ ‫جيوبولتيــكا لدحــر الشــيوعية مــن أفغانســتان وحتــى مــن أوروبــا‬ ‫الشــرقية حســب مبــدأ الرئيــس األمريكــي ريغــان‪ .‬كمــا أن التدخــل‬ ‫األمريكــي لــم يكــن فيــه اجلانــب األخاقــي إلنهــاء معانــاة الشــعب‬ ‫األفغانــي بــل إطالــة أمــد احلــرب األهليــة وبالتالــي جنــد أن االحتــاد‬ ‫الســوفيتي انهــار بعــد ثاثــة أعــوام مــن نهايــة التدخــل الســوفيتي يف‬ ‫أفغانســتان عــام ‪1988‬م‪.‬‬ ‫وهــذا يعيدنــا إلــى حــرب فيتنــام عندمــا تدخلــت الواليــات‬ ‫املتحــدة يف احلــرب األهليــة الفيتناميــة ومت اســتنزاف واشــنطن‬ ‫حتــى وصــل عــدد اجلنــود األمريكيــن إلــى نصــف مليــون جنــدي‬ ‫أمريكــي‪ ،‬وكانــت الصــن واالحتــاد الســوفيتي يدعــم بطريــق غيــر‬ ‫مباشــر ثــوار الفيتكونــغ الفيتناميــن وبالنهايــة لــم حتقــق الواليــات‬ ‫املتحــدة أهدافهــا وانتهــت يف عهــد الرئيــس نيكســون ووزيــر خارجيتــه‬ ‫هنــري كيســنجر علــى اعتبــار أن التدخــل يف أفغانســان كان مســتنق ًعا‬ ‫خطيــ ًرا للواليــات املتحــدة أثــار الــرأي العــام األمريكــي‪.‬‬

‫الحرب األهلية العرقية والعقائدية من أخطر الحروب‬ ‫إن الدراســات األكادمييــة تؤكــد أن احلــروب األهليــة العرقيــة مــن‬ ‫أخطــر احلــروب األهليــة كمــا هــو حــال احلــرب األهليــة بــن الهوتــو‬ ‫والتوتســي التــي حدثــت يف روانــدا‪ ،‬التــي أدت إلــى إبــادة جماعيــة يف‬ ‫روانــدا‪ ،‬التــي قتــل فيهــا حوالــي ‪ 800‬الــف عــام ‪1994‬م‪ ،‬اســتهدفت‬ ‫قبائــل الهوتــو أقليــة التوتســي‪ ،‬كانــت يوغنــدا تدعــم التوتســي وفرنســا‬ ‫تدعــم الهوتــو‪ ،‬هــذا التدخــل اخلارجــي كان ألهــداف اســتراتيجية‬ ‫واقتصاديــة‪ ،‬وهــي مثــال ألعنــف احلــروب العرقيــة يف نهايــة القــرن‬ ‫العشــرين‪ ،‬وتغــذي التدخــات األهليــة احلــروب األهليــة يف القــارة‬ ‫اإلفريقيــة والتــي تعتبــر قــارة النزاعــات العرقيــة بســبب هندســة‬ ‫الــدول االســتعمارية حلــدود الــدول اإلفريقيــة‪.‬‬ ‫وتأتــي احلــروب األهليــة األيديولوجيــة يف املرتبــة الثانيــة بحدتهــا‬ ‫وصعوبــة إنهائهــا ألنهــا تأخــذ وقتًــا طويــا حتــى تصــل األطــراف‬ ‫املتنازعــة إلــى مرحلــة التفــاوض والوصــول إلــى احلــل السياســي‪،‬‬ ‫احلــرب األهليــة األفغانيــة مثــال‪ ،‬كمــا هــو حــال احلــرب األهليــة‬ ‫الفيتناميــة‪ ،‬واحلــرب األهليــة يف يوغســافيا ســاب ًقا حيــث ارتبــط‬ ‫الصــراع الدينــي والعرقــي بــن املســلمن والصــرب يف البوســنة‬ ‫والهرســك‪ ،‬واحلــرب اللبنانيــة أخــذت مداهــا منــذ ‪1975‬م‪ ،‬وحتــى‬ ‫اتفافيــة الطائــف ‪1989‬م‪ ،‬وهــي حــرب طائفيــة‪ ،‬وقــد أدى االحتــال‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪125‬‬

‫ملف العدد‬

‫الـــحـــــــروب األهــــلــــيـــــة وأخــطــارهــــــا ومـــــــدى اســــتـــمـــرارهـــــــا‬

‫الحل السياسي هو األمثل إلنهاء حرب اليمن‬ ‫ضمـن صفقـة بمشـاركة جميـع األطـراف‬ ‫أثارت ظاهرة انتشـار احلروب األهلية اهتمام علماء السياسـة‪ ،‬خاصة أن هناك حوالي ‪%25‬‬ ‫مـن دول العالـم تشـهد حرو ًبـا أهليـة‪ ،‬والتـي ازدادت بعـد انهيـار االحتـاد السـوفيتي‪ ،‬فنجـد أنه‬ ‫يف عـام ‪1994‬م‪ ،‬كانـت هنـاك (‪ )44‬حربـا أهليـة وأغلبهـا إن لـم يكـن جميعهـا يف الـدول النامية‬ ‫والتي أصبحت مشكلة سياسية دولية تهدد األمن الدولي واإلقليمي ‪ ،‬وتزداد احلروب األهلية‬ ‫مبعدل ‪ %2.3‬يف الوقت الذي تنتهي فيه بعض احلروب األهلية سنويا مبعدل ‪ ،%1.85‬وهذا‬ ‫مؤشـر علـى أن احلـروب األهليـة مسـتمرة يف النظـام الدولـي‪ .‬وتختلـف احلـروب األهلية التي‬ ‫شهدتها بعض الدول يف مدة استمرارها‪ ،‬فقد نشبت (‪ )128‬حر ًبا أهلية منذ عام ‪1945‬م‪%25 ،‬‬ ‫من هذه احلروب مت حلها خال عامن أو أقل‪ ،‬و‪ %25‬من هذه احلروب األهلية استمرت ‪12‬‬ ‫عا ًما‪ ،‬وهناك حوالي (‪ )13‬حر ًبا أهلية اسـتمرت عشـرين عا ًما؟ وقد دفعت احلروب األهلية إلى تدخل أطرا ًفا خارجية يف هذه‬ ‫احلروب‪ ،‬والسؤال املطروح هل يدفع التدخل اخلارجي إلى إطالة أمد احلرب األهلية أم يسهم يف إنهائها يف مدة قصيرة؟ خاصة‬ ‫أن اإلقليم العربي شهد حرو ًبا أهلية بعضها يزداد تعقيدًا‪ ،‬مثل احلرب األهلية يف سوريا والعراق وليبيا واليمن والصومال‪ ،‬وكلها‬ ‫دول ضمن النظام اإلقليمي العربي إضافة إلى احلرب األهلية يف أفغانستان والى درجة ما يف باكستان وهما دولتان مسلمتان‪.‬‬

‫د‪ .‬احمد سليم البرصان‬

‫الدول الهشة والحرب األهلية‬ ‫إن احلــروب األهليــة تنهــش الــدول الهشــة التــي تغيــب فيهــا دولــة‬ ‫املؤسســات وســيادة القانــون‪ ،‬وتكــون اخلافــات العرقيــة والطائفيــة‬ ‫والفســاد مــن عوامــل نشــوب احلــرب األهليــة‪ ،‬عندمــا تشــعر األقليــات‬ ‫باإلحبــاط يف حتقيــق مصاحلهــا‪ ،‬كمــا أن األنظمــة الدكتاتوريــة‬ ‫وانتهــاك حقــوق األفــراد واجلماعــات يدفــع إلــى التمــرد واللجــوء‬ ‫للعمــل املســلح بــن احلكومــة املركزيــة واجلماعــات التــي فقــدت ثقتهــا‬ ‫يف احلكومــة املركزيــة‪ ،‬وقــد يكــون اخلــاف العقــدي (األيديولوجــي)‬ ‫أحــد أســباب احلــرب األهليــة يف الــدول الناميــة الهشــة‪ .‬وقــد تدفــع‬ ‫احلــرب األهليــة إلــى تدخــل طــرف ثالــث يف احلــرب وقــد تكــون دولــة‬ ‫مجــاورة أو بعيــدة مــن أجــل إنهــاء احلــرب األهليــة ولكــن التدخــل‬ ‫اخلارجــي يف احلــرب األهليــة قــد يعقــد نهايــة احلــرب ألنــه قــد يدفــع‬ ‫أطرا ًفــا أخــرى ألن تقــف مــع الطــرف اآلخــر يف احلــرب األهليــة‪،‬‬ ‫ألن تدخــل الدولــة يف احلــرب األهليــة يف دولــة أخــرى يكــون يف‬ ‫الغالــب بجانــب طــرف علــى حســاب آخــر‪ ،‬قــد يكــون إلــى جانــب‬

‫الســلطة احلاكمــة التــي تواجــه متــر ًدا أو تكــون للتدخــل إلــى جانــب‬ ‫املعارضــة‪ ،‬ولســنا بصــدد أســباب احلــرب األهليــة ولكــن نحــن نحــاول‬ ‫فهــم هــل يــؤدي تدخــل طــرف ثالــث إلــى إنهــاء احلــرب األهليــة أم‬ ‫إطالــة أمدهــا‪.‬‬

‫التدخل الخارجي كأداة من أدوات السياسة الخارجية‬ ‫إن تدخــل الــدول يف احلــروب األهليــة يرتبــط مبصالــح الدولــة‬ ‫املتدخلــة‪ ،‬وحيــث أن البعــد األخاقــي يــكاد يكــون ال مجــال لــه‬ ‫يف العاقــات بــن الــدول علــى اعتبــار أن املصلحــة القوميــة هــي‬ ‫األســاس حســب نظريــة الواقعيــة يف العاقــات الدوليــة‪ ،‬وكمــا يــردد‬ ‫وزيــر اخلارجيــة األمريكيــة األســبق هنــري كيســنجر بأنــه ال أخــاق‬ ‫يف السياســة‪ ،‬أي امليكافليــة السياســية‪ ،‬لــذا فالــدول تتدخــل يف‬ ‫احلــروب األهليــة يف الــدول األخــرى لألســباب التاليــة أو علــى األقــل‬ ‫لســبب مــن هــذه األســباب‪ :‬أيجــاد نفــوذ لهــا يف الدولــة األخــرى‪،‬‬ ‫أو ألســباب تتعلــق بالدولــة املتدخلــة قــد يكــون متماش ـ ًيا مــع الــرأي‬

‫‪124‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫والبحــر األحمــر وبــاب املنــدب‪ ،‬وذلــك إعماالً للفقــرة (ب) من املــادة ‪152‬‬ ‫مــن الدســتور التــي تشــترط أخــذ رأى املجلــس األعلــى للقوات املســلحة‪،‬‬ ‫وموافقــة كل مــن مجلــس الــوزراء ومجلــس الدفــاع الوطنــي‪ ،‬علــى إرســال‬ ‫قــوات يف مهمــة قتاليــة خــارج حــدود الدولــة"‪.‬‬ ‫وتنصــرف السياســة الثانيــة إلــى تقــدمي الدعــم الدبلوماســي‬ ‫جلهــود التســوية السياســية للصــراع والتــي تبــذل بقيــادة الســعودية يف‬ ‫إطــار مجلــس التعــاون اخلليجــي أو مــن قبــل املبعــوث األممــي اخلــاص‬ ‫لليمــن‪ ،‬وذلــك بهــدف وفــق تعبيــر الرئيــس السيســي عــدم "دفــع األمــور‬ ‫نحــو الهاويــة"‪ .‬ويف هــذا الســياق‪ ،‬حتــدث الرئيــس السيســي يف أكثــر‬ ‫مــن مناســبة عــن دعمــه ملــا يبــذل مــن جهــود للتســوية السياســية‬ ‫اســتنا ًدا إلــى املبــادرة اخلليجيــة وآليتهــا التنفيذيــة وقــرارات مجلــس‬ ‫األمــن الدولــي كمــا ســيتضح الح ًقــا‪.‬‬ ‫وحتــرص مصــر ً‬ ‫أيضــا علــى التأكيــد علــى أن تكــون هــذه التســوية‬ ‫قابلــة لاســتدامة ويف الوقــت نفســه تتوافــق مــع املبــادئ املصريــة‬ ‫الســابق ذكرهــا‪ ،‬وقــد أوضــح الرئيــس السيســي املقصــود بذلــك يف‬ ‫كلمتــه يف منتــدى حــوار املنامــة الــذي عقــد يف أكتوبــر ‪2015‬م‪ ،‬أي‬ ‫بعــد ســبعة أشــهر مــن بــدء عاصفــة احلــزم‪ ،‬وحتــدث عــن أن اســتدامة‬ ‫التســوية السياســية تتطلــب أن "حتفــظ الســامة اإلقليميــة لليمــن‬ ‫وتضمــن وحــدة أراضيــه وتصــون مقــدرات شــعبه‪ ،‬كمــا تكفــل إعــادة‬ ‫إعمــاره عقــب حتقيــق االســتقرار مبــا يســاهم يف توفيــر واقــع أفضــل‬ ‫لشــعبه الشــقيق"‪.‬‬ ‫ويف ظــل توقــف املفاوضــات السياســية بعــد فشــل جولــة الكويــت‬ ‫أغســطس ‪2016‬م‪ ،‬حتــرص مصــر علــى حــث كافــة األطــراف علــى‬ ‫اســتئناف جهــود املفاوضــات‪ ،‬ويف هــذا اإلطــار أكــد وزيــر اخلارجيــة‬ ‫املصــري أثنــاء اجتمــاع وزراء اخلارجيــة العــرب الــذي عقــد يف إطــار‬ ‫اجلامعــة العربيــة يف مــارس ‪2017‬م‪ ،‬علــى دعــم مصر "الكامل للحفاظ‬ ‫علــى وحــدة واســتقرار وســامة اليمــن ودعــم الشــرعية‪ ،‬وعلــى أهميــة‬ ‫العــودة الســتئناف املفاوضــات يف أقــرب وقــت ممكــن حتــت رعايــة‬ ‫املبعــوث األممــي‪ ،‬إعــا ًء للمصلحــة الوطنيــة‪ ،‬لوقــف نزيــف الــدم‬ ‫واســتعادة وحــدة واســتقرار الدولــة اليمنيــة ومكافحــة اإلرهــاب"‪.‬‬ ‫وتتعلــق السياســة الثالثــة بحــرص مصــر يف كافــة احملافــل‬ ‫اإلقليميــة والدوليــة‪ ،‬ويف إطــار املشــاورات الثنائيــة مــع الســعودية‪ ،‬علــى‬ ‫التحذيــر مــن املخاطــر املترتبــة علــى اســتمرار العمليــات العســكرية‬ ‫يف اليمــن‪ ،‬واســتمرار تعثــر املفاوضــات السياســية‪ .‬وذلــك بهــدف وفــق‬ ‫تعبيــر الرئيــس السيســي عــدم" دفــع األمــور نحــو الهاويــة"‪.‬‬ ‫ورغــم تعثــر املفاوضــات منــذ جولــة الكويــت أغســطس ‪2016‬م‪،‬‬ ‫كمــا ســبقت االشــارة‪ ،‬التــزال مصــر تــرى أن التســوية السياســية هــي‬ ‫احلــل الرئيســي للصــراع يف اليمــن‪ ،‬وهــو موقــف يف حقيقــة األمر تبنته‬ ‫مصــر منــذ األيــام األولــى للصــراع‪ .‬حيــث حتــدث الرئيــس السيســي يف‬ ‫أكثــر مــن مناســبة عــن دعمــه مــا يبــذل مــن جهــود للتســوية السياســية‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫ســواء يف إطــار مجلــس التعــاون أو مــن قبــل املبعــوث األممــي‪ ،‬ومــن‬ ‫ذلــك مــا ورد يف كلمــة الرئيــس السيســي أمــام اجلمعيــة العامــة لــألمم‬ ‫املتحــدة يف ســبتمبر ‪2015‬م‪ ،‬مــن أنــه "وحتــث مصــر األســرة الدوليــة‬ ‫علــى بــذل اجلهــود الازمــة الســتئناف العمليــة السياســية االنتقاليــة‪.‬‬ ‫وف ًقــا للمبــادرة اخلليجيــة وآليتهــا التنفيذيــة‪ .‬وقــرارات مجلــس األمــن‬ ‫ذات الصلــة"‪.‬‬ ‫كمــا حتــدث يف كلمتــه أمــام اجلمعيــة العامــة يف ســبتمبر ‪2016‬م‪،‬‬ ‫عــن أنــه "إننــا نؤيــد جهــد املبعــوث األممــي إســماعيل ولــد الشــيخ‪،‬‬ ‫وندعــم خطتــه حلــل األزمــة‪ ،‬والتــي وافقــت عليهــا احلكومــة الشــرعية‬ ‫تغلي ًبــا للمصلحــة الوطنيــة‪ .‬ونؤكــد علــى ضــرورة اســتئناف املفاوضــات‬ ‫وأن يعلــن ســائر األطــراف التزامهــم بخطــة املبعــوث األممــي للتوصــل‬ ‫لتســوية شــاملة يف اليمــن وف ًقــا لقــرارات مجلــس األمــن‪ ،‬وعلــى رأســها‬ ‫القــرار رقــم ‪2216‬م‪ .‬وستســتمر مصــر يف دعــم جهــود التســوية وتقدمي‬ ‫العــون اإلنســاني لألشــقاء اليمنيــن‪ ،‬فض ـ ً‬ ‫ا عــن دورنــا األساســي يف‬ ‫تأمــن وضمــان حريــة املاحــة يف بــاب املنــدب والبحــر األحمــر"‪.‬‬ ‫إلــى جانــب ذلــك‪ ،‬حتــرص الدبلوماســية املصريــة علــى متابعــة‬ ‫اجلهــود التــي تبــذل يف إطــار الرباعيــة الدوليــة املعنيــة باليمــن والتــي‬ ‫تشــكلت يف ‪ 17‬يونيــو ‪2016‬م‪ ،‬مــن كل مــن الســعودية واإلمــارات‬ ‫وبريطانيــا والواليــات املتحــدة‪ ،‬مــع إمكانيــة مشــاركة كل مــن عمــان‬ ‫واملبعــوث األممــي فيهــا‪ .‬وتتخــذ الرباعيــة وفــق مــا يصــدر عنهــا مــن‬ ‫بيانــات مــن املبــادرة اخلليجيــة ونتائــج احلــوار الوطنــي وقــرارات‬ ‫مجلــس األمــن الدولــي ذات الصلــة إطــا ًرا لهــا‪ ،‬فض ـ ً‬ ‫ا عمــا طرحــه‬ ‫املبعــوث األممــي إســماعيل ولــد الشــيخ مــن أفــكار‪.‬‬ ‫كمــا انضمــت مصــر إلــى مجموعــة الــدول الراعيــة للمبــادرة‬ ‫اخلليجيــة باعتبارهــا املرتكــز الــذي اســتنادا إليــه ميكــن حتقيــق‬ ‫التســوية يف اليمــن‪ ،‬وتســمى هــذه املجموعــة مبجموعــة "الســفراء‬ ‫الثمانيــة عشــر"‪ ،‬وتضــم كل مــن الــدول دائمــة العضويــة يف مجلــس‬ ‫األمــن الدولــي وهــي الواليــات املتحــدة وروســيا والصــن وبريطانيــا‬ ‫وفرنســا‪ ،‬والســعودية واإلمــارات والبحريــن وعمــان والكويــت وأملانيــا‬ ‫واليابــان وهولنــدا وتركيــا ومصــر‪.‬‬ ‫امتــازت السياســة املصريــة جتــاه الصــراع يف اليمــن بالثبــات رغــم‬ ‫التطــورات علــى األرض خــال الفتــرة املاضيــة‪ ،‬ســواء فيمــا يتعلــق‬ ‫بسياســات املســارات الثاثــة الســابق ذكرهــا‪ ،‬أو فيمــا يتعلــق بالدعــم‬ ‫العســكري والدبلوماســي للحلفــاء يف اخلليــج‪ ،‬وهــو مــا يرتبــط بــإدراك‬ ‫مصــر لطبيعــة التهديــدات التــي يتعــرض لهــا األمــن الوطنــي للســعودية‬ ‫وباقــي دول اخلليــج‪ ،‬فضـ ً‬ ‫ا عمــا قــد يولــده من تهديــد لألمن اإلقليمي‬ ‫يف املنطقــة بصفــة عامــة‪.‬‬ ‫* ﺧﺒري ﰲ اﻷﻣﻦ اﻹﻗﻠﻴﻤﻲ مبﺮﻛﺰ اﻷﻫﺮام ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫التــي مــرت بنــا‪ ،‬لــم نكــن لنبخــل يو ًمــا عــن تقــدمي كافــة ســبل الدعــم‬ ‫واملســاندة يف املجــاالت الفنيــة والتقنيــة وتدريــب الكــوادر اليمنيــة‪ .‬لــم‬ ‫تتــوان مصــر عــن االســتمرار يف فتــح جامعاتها ومعاهدها ومؤسســاتها‬ ‫العلميــة والتعليميــة والدينيــة والعاجيــة أمــام أبنــاء اليمــن الشــقيق"‪.‬‬

‫دعم الحلفاء يف الخليج‪:‬‬ ‫يعــد دعــم مصــر لتحــرك الســعودية جتــاه الصــراع يف اليمــن‬ ‫باعتبارهــا احلليــف االســتراتيجي لهــا بعــدًا مه ًمــا يف السياســات‬ ‫املصريــة جتــاه ذلــك الصــراع‪ ،‬خاصــة وأن رؤيــة مصــر لهــذا الصــراع‬ ‫ومــا يتولــد عنــه مــن تهديــدات علــى األمــن الوطنــي للســعودية ولغيرهــا‬ ‫مــن دول اخلليــج يتقاطــع مــع رؤيــة هــذه الــدول‪ .‬ويف هــذا اإلطــار‬ ‫تتبنــى مصــر ثــاث سياســات رئيســية‪.‬‬ ‫تتمثــل السياســة األولــى يف دعــم جهود احللفــاء يف اخلليج اخلاصة‬ ‫بإحلــاق الهزميــة العســكرية باجلماعــة احلوثيــة يف اليمــن واســتعادة‬ ‫ســيطرة احلكومــة الشــرعية علــى األوضــاع هنــاك‪ ،‬حيــث تشــارك مصر‬ ‫يف التحالــف العربــي منــذ اإلعــان عــن تشــكيله يف ‪ 25‬مــارس ‪2015‬م‪.‬‬ ‫وتشــارك يف هــذا التحالــف وفــق مــا أعلنه الرئيس عبد الفتاح السيســي‬ ‫يف أبريــل ‪2015‬م‪ ،‬مــن خــال القــوات البحريــة والقــوات اجلويــة‪.‬‬ ‫وتقــوم القــوات البحريــة بالتمركــز يف اجلــزر املطلــة علــى مضيــق‬ ‫بــاب املنــدب مــن أجــل املشــاركة يف عمليــة تأمــن املضيــق "لتأمــن‬ ‫حريــة املاحــة فــى املمــر املاحــى فــى بــاب املنــدب وتأمــن وصــول‬ ‫الســفن إلــى قنــاة الســويس"‪ ،‬وبهــدف احليلولــة دون ســيطرة اجلماعــة‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪123‬‬

‫ملف العدد‬

‫احلوثيــة عليــه‪ ،‬فضـ ً‬ ‫ا عــن قيامهــا بعمليــة متشــيط مســتمرة للمضيــق‬ ‫ملنــع أي ســفن إيرانيــة مــن اســتغال هــذا املمــر لنقــل أي أســلحة أو‬ ‫دعــم للجماعــة احلوثيــة‪ ،‬وكذلــك للحفــاظ علــى ســامة املاحــة يف‬ ‫البحــر األحمــر‪.‬‬ ‫وفيمــا يتعلــق بالقــوات اجلويــة‪ ،‬أوضــح الرئيــس السيســي أنــه‬ ‫"تتمركــز عناصــر مــن القــوات اجلويــة مــع أشــقائنا يف الســعودية"‪ ،‬مــن‬ ‫أجــل دعــم الطلعــات اجلويــة التــي نفــذت الســتهداف أماكــن متركــز‬ ‫اجلماعــة احلوثيــة يف اليمــن يف أثنــاء عمليــة عاصفــة احلــزم‪.‬‬ ‫ويف هــذا اإلطــار‪ ،‬صــدرت عــدة بيانــات منــذ بــدء عمليــة عاصفــة‬ ‫احلــزم عــن مجلــس الدفــاع الوطنــي املصــري للتجديــد ملشــاركة مصــر‬ ‫عســكر ًيا يف التحالــف العربــي‪ ،‬ومــن ذلــك بيــان ينايــر ‪ 2016‬والــذي‬ ‫نــص علــى أنــه "وافــق مجلــس الدفــاع الوطنــي علــى متديــد مشــاركة‬ ‫العناصــر الازمــة مــن القــوات املســلحة املصريــة يف مهمــة قتاليــة‬ ‫خــارج احلــدود للدفــاع عــن األمــن القومــي املصري والعربــي يف منطقة‬ ‫اخلليــج العربــي والبحــر األحمــر وبــاب املنــدب‪ ،‬وذلــك ملــدة عــام إضايف‬ ‫أو حلــن انتهــاء مهمتهــا القتاليــة أيهمــا أقــرب‪ ،‬وذلــك إعمــاالً لنــص‬ ‫املــادة ‪ 152‬مــن الدســتور"‪.‬‬ ‫وبعــد انتهــاء مــدة العــام‪ ،‬مت جتديــد مهمــة هــذه القــوات مجــد ًدا‬ ‫يف ينايــر ‪2017‬م‪ ،‬وأفــاد بيــان مؤسســة الرئاســة املصريــة بأنــه "وافــق‬ ‫مجلــس الدفــاع الوطنــي خــال االجتمــاع علــى متديد مشــاركة العناصر‬ ‫الازمــة مــن القــوات املســلحة املصريــة يف مهمــة قتاليــة خــارج احلــدود‬ ‫للدفــاع عــن األمــن القومــي املصــري والعربــي يف منطقــة اخلليــج العربي‬

‫‪122‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫القاه ــرة‪ :‬تعزي ــز النف ــوذ اإليران ــي يؤث ــر ع ــى مي ــزان الق ــوى يف‬ ‫المنطقـــة ويتجـــاوز التصـــور المصـــري لترتيبـــات األمـــن اإلقليمـــي‬ ‫حــول اليمــن‪ ،‬حيــث أوضــح أنــه " أدى طمــع فئــة يف االســتئثار بالســلطة‬ ‫واحلكــم يف اليمــن إلــى إثــارة رغبــة ميليشــيات أخــرى مــا دون الدولــة يف‬ ‫االنقضــاض علــى الشــرعية وهــدم مقومــات الوطــن ورمــوزه ومؤسســاته‬ ‫منــذ أواخــر عــام ‪2013‬م‪ ،‬وصــوالً إلــى اســتيائها علــى العاصمــة صنعاء‬ ‫يف ســبتمبر املاضــي حتــت ســطوة الســاح‪ ،‬بــل ومتــادت يف تصرفاتهــا‬ ‫األحاديــة لتســعي إلــى بســط ســيطرتها بقــوة الســاح كذلــك علــى‬ ‫باقــي األراضــي اليمنيــة‪ ،‬متجاهلــة نــداءات املجتمــع الدولــي املتكــررة‬ ‫باالســتجابة للقــرارات الدوليــة ذات الصلــة واالنســحاب مــن املــدن‬ ‫التــي اســتولوا عليهــا وتســليم أســلحتهم للدولــة واالنخــراط يف العمليــة‬ ‫السياســية إلنقــاذ اليمــن مــن الفوضــى واإلرهــاب والتناحــر الداخلــي"‪.‬‬ ‫ويف إطــار هــذه الرؤيــة‪ ،‬ميكــن حتديــد عــدد مــن املبــادئ التــي‬ ‫حكمــت السياســات املصريــة جتــاه الصــراع يف اليمــن‪ ،‬يتمثــل املبــدأ‬ ‫األول يف التســوية السياســية للصــراع‪ ،‬وينصــرف املبــدأ الثانــي إلــى‬ ‫"احلفــاظ علــى وحــدة اليمــن وســامة أراضيه ومصالح شــعبه ووحدته‬ ‫الوطنيــة"‪ ،‬ويتعلــق املبــدأ الثالــث باحلفــاظ علــى الهويــة العربيــة لليمــن‬ ‫الســيما يف ظــل تدخــل القــوى اخلارجيــة يف هــذا الصــراع‪ .‬وينصــرف‬ ‫املبــدأ الرابــع إلــى عــدم تعريــض املاحــة الدوليــة يف مضيــق بــاب‬ ‫املنــدب ويف البحــر األحمــر للخطــر‪.‬‬ ‫واتســا ًقا مــع هــذه املبــادئ‪ ،‬تتبنــى مصــر مجموعــة مــن السياســات‬ ‫جتــاه اليمــن‪ ،‬والتــي تضمــن لهــا مــن ناحيــة حضــور مــا حتقــق مــن‬ ‫خالــه رؤيتهــا اخلاصــة بكيفيــة تســوية الصــراع‪ ،‬ومــن ناحيــة أخــرى‬ ‫تقــدمي الدعــم للحلفــاء يف اخلليــج يف تصديهــم للتهديــدات املتولدة عن‬ ‫جنــاح احلوثيــن يف الســيطرة علــى الســلطة يف اليمــن‪.‬‬

‫سياسة المسارات الثاثة‪:‬‬ ‫يف إطــار ســعي مصــر لاحتفــاظ بحضــور مــا يف التفاعــات‬ ‫اخلاصــة بتســوية الصــراع يف اليمــن‪ ،‬والــذي يرجــع إلــى األســباب‬ ‫الســابق ذكرهــا‪ ،‬فإنهــا تتحــرك علــى ثاثــة مســارات رئيســية‪ .‬يتمثــل‬ ‫املســار األول يف تقــدمي الدعــم الدبلوماســي للحكومــة الشــرعية ممثلــة‬ ‫يف الرئيــس عبدربــه منصــور هــادي‪ ،‬ليــس فقــط مــن خــال التأكيــد‬ ‫علــى شــرعية احلكومــة يف احملافــل الدوليــة املختلفــة‪ ،‬ولكــن ً‬ ‫أيضــا مــن‬ ‫خــال اســتقبال الزيــارات الرســمية ملمثلــي احلكومــة يف القاهــرة‪ .‬ومن‬ ‫ذلــك اجتمــاع عبــد امللــك املخــايف وزيــر اخلارجيــة اليمنــي مــع وزيــر‬ ‫اخلارجية املصري ســامح شــكري يف القاهرة يف ‪ 22‬ديســمبر ‪2016‬م‪،‬‬ ‫واجتمــاع اللــواء الركــن حســن محمــد عــرب نائــب رئيــس الــوزراء وزيــر‬ ‫داخليــة اليمــن مــع اللــواء مجــدي عبــد الغفــار وزيــر الداخليــة املصــري‬

‫يف ‪ 28‬أغســطس ‪2016‬م‪ ،‬لترتيب اســتمرار قنوات االتصال والتنســيق‬ ‫املســتمر بــن اجلانبــن فيمــا يخــص تبــادل املعلومــات عــن العناصــر‬ ‫والكيانــات اإلرهابيــة‪.‬‬ ‫وكذلــك قيــام أحمــد عبيــد بــن داغــر رئيــس وزراء اليمــن بزيــارة‬ ‫للقاهــرة يف ‪ 15‬أغســطس ‪2016‬م‪ ،‬علــى رأس وفــد يضــم وزراء كل‬ ‫مــن اخلارجيــة والســياحة والصحــة وشــؤون املغتربــن‪ ،‬والتقــى خــال‬ ‫الزيــارة بالرئيــس عبــد الفتــاح السيســي‪ .‬كمــا شــارك الرئيــس اليمنــي‬ ‫عبــد ربــه منصــور هــادي يف حفــل افتتــاح قنــاة الســويس اجلديــدة يف‬ ‫‪ 5‬أغســطس ‪2015‬م‪.‬‬ ‫إلــى جانــب ذلــك‪ ،‬قــام خالــد بحــاح نائــب رئيــس اجلمهوريــة‬ ‫ورئيــس مجلــس الــوزراء اليمنــي بزيــارة ملصــر يف ‪ 15‬يوليــو ‪2015‬م‪،‬‬ ‫علــى رأس وفــد رفيــع املســتوى حلضــور اجتمــاع الــدورة الثامنــة للجنــة‬ ‫العليــا املشــتركة بــن مصــر واليمــن‪ ،‬واســتقبله خالهــا رئيــس الــوزراء‬ ‫حينهــا إبراهيــم محلــب‪ .‬وقــد مت خالهــا التوقيــع علــى عــدد مــن‬ ‫االتفاقيــات يف مجــاالت التربيــة والتعليــم‪ ،‬والتعليــم العالــي‪ ،‬واإلعــام‪،‬‬ ‫والشــباب والطائــع‪ ،‬والصحــة‪ .‬وتعــد هــذه هــي الزيــارة الثانيــة لبحاح‪،‬‬ ‫حيــث زار مــن قبــل القاهــرة يف ‪ 17‬يونيــو ‪2015‬م‪.‬‬ ‫كمــا اســتقبل الرئيــس عبــد الفتــاح السيســي عبــد اهلل الصايــدي‬ ‫املبعوث الشخصي للرئيس اليمني يف ‪ 23‬مايو ‪2015‬م‪ ،‬وهي زيارة كانت‬ ‫بعــد ســيطرة احلوثيــن علــى صنعــاء وقبــل أيــام من بدء عاصفــة احلزم‪.‬‬ ‫ويتمثــل املســار الثانــي يف االنفتــاح علــى الكيانــات السياســية‬ ‫األخــرى يف اليمــن‪ ،‬فعلــى ســبيل املثــال قــام وفــد مــن حــزب املؤمتــر‬ ‫الشــعبي العــام اليمنــي برئاســة عــارف الــزوكا أمــن عــام احلــزب‬ ‫وعضويــة كل مــن أبــو بكــر القربــي وزيــر اخلارجيــة اليمنــي األســبق‬ ‫وياســر العواضــي األمــن العــام املســاعد بزيــارة ملصــر يف ‪ 7‬يوليــو‬ ‫‪2015‬م‪ ،‬التقــى بهــم الســفير عبــد الرحمــن صــاح مســاعد وزيــر‬ ‫اخلارجيــة للشــؤون العربيــة‪.‬‬ ‫وينصــرف املســار الثالــث إلــى تقــدمي الدعــم اإلنســاني للشــعب‬ ‫اليمنــي‪ ،‬وذلــك مــن خــال اســتضافة من فر من اليمن ألســباب صحية‬ ‫أو أمنيــة يف القاهــرة‪ ،‬وتســهيل إجــراءات اإلقامــة لهــم يف مصر‪ ،‬فض ً‬ ‫ا‬ ‫عــن تســهيل حصولهــم علــى اخلدمــات الصحيــة والتعليميــة‪ ،‬وذلــك‬ ‫إلــى جانــب احلــرص علــى فتــح مطــار القاهــرة أمــام رحــات الطيــران‬ ‫املنطلقــة مــن اليمــن إلــى العالــم‪ .‬وهــذا املســار يتفــق مــع مــا صــرح بــه‬ ‫وزيــر اخلارجيــة ســامح شــكري مــن أنــه "نظـ ًرا خلصوصيــة العاقــات‬ ‫التاريخيــة املصرية‪-‬اليمنيــة‪ ،‬فــإن مصــر تبقــي دائ ًمــا مســتعدة لتقــدمي‬ ‫كل مــا هــو ممكــن ومتــاح لليمــن الشــقيق‪ .‬حتــى يف أصعــب األوقــات‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪121‬‬

‫ملف العدد‬

‫الــســيــاســ ــة الــخــارجــيـ ــة الــمـصـريـ ــة تـجـ ــاه الـصـ ــراع فـ ــي الـيـمـ ــن‬

‫أربعــة أســباب الهتمــام مصــر بالصــراع يف‬ ‫اليمــن وللقاهــرة رؤيــة للحــل مــن ‪ 4‬مبــادئ‬ ‫تبنــت مصــر منــذ بــدء الصــراع املســلح يف اليمــن يف ‪ 25‬مــارس ‪2015‬م‪ ،‬موق ًفــا ثاب ًتــا‪ ،‬يقــوم‬ ‫علــى مجموعــة مــن املبــادئ التــي مثلــت اإلطــار احلاكــم لسياســاتها جتــاه الصــراع هنــاك‪،‬‬ ‫ســواء السياســات التــي تبنتهــا بصــورة فرديــة‪ ،‬أو تلــك التــي تضمنــت تعاو ًنــا مــع اململكــة‬ ‫العربيــة الســعودية التــي تعــد حلي ًفــا اســتراتيج ًيا لهــا‪ .‬وقــد ظلــت هــذه املبــادئ توجــه‬ ‫التحــركات املصريــة جتــاه الصــراع وجتــاه جهــود تســويته رغــم التطــورات التــي يشــهدها‬ ‫الصــراع هنــاك‪.‬‬

‫د‪ .‬إميان رجب‬ ‫وكان حــرص مصــر علــى تبنــي سياســة محــددة جتــاه الصــراع يف‬ ‫اليمــن يثيــر تســاؤالً رئيسـ ًيا بــن العديــد مــن األكادمييــن حــول أســباب‬ ‫اهتمــام مصــر باليمــن‪ ،‬خاصــة يف ظــل تعــدد التحديــات التــي تواجههــا‬ ‫داخل ًيــا فضـ ً‬ ‫ا عــن تفاقــم الصــراع يف ليبيــا التــي تقــع علــى حدودهــا‬ ‫الغربيــة وتعثــر محــاوالت تشــكيل حكومــة موحــدة هنــاك متثــل كل‬ ‫فئــات الشــعب الليبــي‪.‬‬ ‫ومــن خــال متابعــة السياســة اخلارجيــة ملصر‪ ،‬ميكــن حتديد أربعة‬ ‫أســباب رئيســية الهتمام مصر بالصراع يف اليمن‪ .‬يتمثل الســبب األول‬ ‫يف أهميــة تأمــن مضيــق بــاب املنــدب علــى نحو يؤمن املاحــة يف البحر‬ ‫األحمــر ومــن ثــم يف قنــاة الســويس‪ ،‬والتــي تعــد مصــد ًرا مه ًمــا للدخــل‬ ‫بالعملــة األجنبيــة للدولــة‪ ،‬ففــي ظــل تعثــر عمليــة النهــوض باالقتصــاد‬ ‫املصــري يكــون مــن الصعــب التســاهل مــع اضطــراب املاحــة يف قنــاة‬ ‫ـروعا قوم ًيــا لتطويــر‬ ‫الســويس‪ ،‬الســيما يف ظــل تبنــي الدولــة حال ًيــا مشـ ً‬ ‫القنــاة وزيــادة دخلهــا مــن العملــة األجنبيــة‪.‬‬ ‫ويرتبــط الســبب الثانــي بتحــول اليمــن إلــى بوابــة توظفهــا القــوى‬ ‫اإلقليميــة غيــر العربيــة‪ ،‬وحتدي ـدًا إيــران مــن أجــل تعزيــز نفوذهــا يف‬ ‫منطقــة اخلليــج واجلزيــرة العربيــة‪ ،‬وذلــك مــن خــال دعمهــا للجماعــة‬ ‫احلوثيــة يف صراعهــا مــع الســلطة الشــرعية هناك‪ ،‬علــى نحو يؤثر على‬ ‫ميــزان القــوى يف املنطقــة‪ .‬وينصــرف الســبب الثالــث إلــى أن اســتمرار‬ ‫الصــراع يف اليمــن مــن شــأنه أن يضعــف الدولــة هنــاك ويفتــح الطريــق‬ ‫أمــام طــرح أفــكار متــس بفكــرة الدولــة املركزيــة‪ ،‬والتي تعــد وفق التصور‬ ‫املصــري املرتكــز ألي ترتيبــات لألمــن اإلقليمــي يف املنطقــة‪.‬‬

‫ويتمثــل الســبب الرابــع يف أن اســتمرار الصــراع املســلح يف اليمــن‬ ‫يخلــق بــؤرة مــن الصراع والتوتــر والتي وفق تصريح الرئيس عبدالفتاح‬ ‫السيســي " تهــدد ً‬ ‫أيضــا ســلطنة عمــان واإلمــارات والســعودية"‪ ،‬خاصــة‬ ‫يف ظــل محــاوالت "تصديــر هــذا الوضــع إلــى دول اجلــوار"‪ .‬ويرتبــط‬ ‫أمــن دول اخلليــج بصفــة عامــة وفــق التصــورات الســائدة لــدى النظــام‬ ‫يف مصــر باألمــن القومــي املصــري‪ ،‬وهــو مــا كان ســب ًبا يف حديــث‬ ‫الرئيــس السيســي يف مناســبات متعــددة منــذ وصولــه للســلطة عــن‬ ‫دفاعــا عــن أمــن دول اخلليــج مــن‬ ‫اســتعداده إلرســال القــوات املســلحة‬ ‫ً‬ ‫خــال حديثــه املســتمر عــن "مســافة الســكة"‪.‬‬

‫رؤية تقودها مجموعة مبادئ‪:‬‬ ‫تشــير تصريحــات الرئيــس عبدالفتــاح السيســي إلــى أن الصــراع‬ ‫يف اليمــن ليــس مجــرد صــراع داخلــي‪ ،‬فهــو لــه أطــراف داخليــة تتمثــل‬ ‫بصــورة رئيســية يف الســلطة الشــرعية التــي تســتند يف شــرعيتها إلــى‬ ‫املبــادرة اخلليجيــة ومخرجــات احلــوار الوطنــي وقــرارات مجلس األمن‬ ‫الدولــي ذات الصلــة‪ ،‬وهــي تتمثــل يف الرئيــس عبدربــه منصــور هــادي‪،‬‬ ‫وذلــك يف مواجهــة مــا أســماه "حفنــة أخــرى طامعــة لاســتئثار باليمــن‬ ‫وإقصــاء باقــي أبنائــه"‪ .‬كمــا أن هنــاك تدخــل مــن قــوى خارجيــة يف‬ ‫هــذا الصــراع "تســتغل مــا أصــاب اليمــن لنشــر عدواهــا يف اجلســم‬ ‫العربــي"‪ ،‬يف إشــارة إلــى إيــران‪.‬‬ ‫وقــد أكــد هــذه الرؤيــة وزيــر اخلارجيــة املصــري أثنــاء مشــاركته‬ ‫يف االجتمــاع الــوزاري الــذي عقــد يف إطــار منظمــة التعــاون اإلســامي‬

‫‪120‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫فمــن الطبيعــي أن تتأثــر دول اخلليــج بجميــع األزمــات احمليطــة‬ ‫بهــا‪ .‬فمــا يحــدث يف اليمــن ســواء مــن احلضــور املريــب للــدور‬ ‫اإليرانــي مــن جهــة عبــر احلوثيــن ومــن جهــة أخــرى اتســاع خارطــة‬ ‫انتشــار التنظيمــات اإلرهابيــة ويف خضــم األزمــة اخلليجيــة مــع قطــر‬ ‫وبــروز معطيــات جديــدة يف ســياق هــذا امللــف‪.‬وكل هــذه املعطيــات‬ ‫تعيــد دول اخلليــج إلــى مربــع الصفــر‪.‬‬ ‫فاســتمرار إيــران مــن الرفــع التدريجــي لســقف تدخاتهــا أدى‬ ‫إلــى تــأزم احلالــة اليمنيــة وميكــن حصــر أبــرز تداعيــات ذلــك علــى‬ ‫دول اخلليــج مــن حيــث‪:‬‬ ‫ تهديــد اســتقرار دول اخلليــج بشــكل مباشــر فمحاولــة إبــداء‬‫احلوثيــن لدراجــات متقدمــة مــن التماســك واالحتفــاظ باملناطــق يف‬ ‫ظــل الضربــات اإلســتراتيجية واملركــزة لقــوى التحالــف العربــي والتــي‬ ‫قلصــت مــن احليــز اجلغــرايف إال أن هــذا يدفــع بتمســك الاعبــن‬ ‫الذيــن يقفــون وراء الســتار لتحويــل األزمــة اليمنيــة إلى صــراع طائفي‬ ‫يتمــدد تدريج ًيــا‪ .‬وهــو مــا يدفــع إلــى ضــرورة تبنــي نهــج مــوازي للعمل‬ ‫العســكري الــذي يهــدف إلــى ضــرب إيــران إيديولوج ًيــا‪.‬‬ ‫ اســتمرار حالــة عــدم االســتقرار يف اليمــن ميكــن أن تترتــب عليــه‬‫العديــد مــن التداعيــات اجليوسياســية واالقتصاديــة‪.‬‬ ‫ اليمــن متثــل حاجــزًا لــدول اخلليــج مــن الهجــرة غيــر الشــرعية‬‫والتنظيمــات اإلرهابيــة خاصــة القادمــة مــن جنــوب الصحــراء‬ ‫الكبــرى عبــر القــرن اإلفريقــي‪.‬‬ ‫ متثــل اليمــن ظهيــ ًرا أمن ًيــا لــكل مــن اململكــة العربيــة الســعودية‬‫وســلطنة عمــان مــن خــال حمايتهــا للحــدود البريــة‪.‬‬ ‫ تســعى إيــران أن جتعــل مــن اليمــن موطــئ قــدم اســتراتيجي خاصــة‬‫علــى مضيــق هرمــز بالتالــي تعــد اليمــن بالنســبة إليــران فرصــة‬ ‫اســتراتيجية خللــق حالــة مــن التوتــر اإلقليمــي املســتمر‪.‬‬ ‫مــن هنــا تصبــح هندســة أمــن دول اخلليــج يف ســياق املؤشــرات‬ ‫الســابقة‪ .‬العمــل علــى اســتعادة اليمــن كدولة آمنة باعتبــار أن اليمن تعد‬ ‫صمام األمان للعمق االستراتيجي ملفهوم األمن اجلماعي لدول اخلليج‪.‬‬ ‫وهــو مــا يســتدعي العمــل اليــوم علــى أن تضــع دول اخلليــج يف‬ ‫احلســبان ضــرورة تفــادي ســيناريو أن تتحــول األزمــة اليمنيــة إلــى‬ ‫أزمــة ممتــدة وهــذا الســيناريو قــد يضعــف دول اخلليــج تدريج ًيــا مــن‬ ‫خــال االســتنزاف الداخلــي واإلقليمــي‪.‬‬ ‫باعتبـــار أن املســـالة اليمنيـــة مـــن حيـــث أمنهـــا واســـتقرارها‬ ‫ليســت لإهمــال وبدليــل أن عاصفــة احلــزم ســارت يف ســياق تقليــم‬ ‫أظافـــر االنقابـــن واســـتعادة الشـــرعية عبـــر مســـارات سياســـية‬ ‫واضح ــة املعال ــم‪.‬‬ ‫ومــن جهــة أخــرى خــوض حــرب كســر العظــام ضــد متــدد‬ ‫التنظيمــات اإلرهابيــة بــكل أنواعهــا وتوجهاتهــا والعمــل علــى جتفيــف‬ ‫منابــع متويلهــا مــن خــال تبنــي خطــاب املكاشــفة‪.‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫هنــاك دروس مســتخلصة مــن جملــة األحــداث التــي متــر بهــا‬ ‫املنطقــة وهــو مــا سيســاعد يف صياغــة هندســة أمنيــة متماســكة‬ ‫لــدول اخلليــج علــى ضــوء خارطــة انتشــار التنظيمــات اإلرهابيــة يف‬ ‫اليمــن تتضمــن اآلتــي‪:‬‬ ‫ إدراك دول اخلليــج علــى أن اليمــن ســاحة صــراع إقليمــي وهــو مــا‬‫مكــن مــن وضــع رؤيــة إســتراتيجية تســاهم يف امتصــاص الصدمــة‬ ‫وإحــداث حالــة مــن التــوازن داخــل اليمــن‪.‬‬ ‫ العمــل علــى بنــاء نظــرة أمنيــة خليجيــة واضحــة وتفــادي وقــوع‬‫تباينــات يف املواقــف واألهــداف داخــل البيــت اخلليجــي‪.‬‬ ‫ العمــل علــى رســم خارطــة سياســية جديــدة يف اليمــن عــن طريــق‬‫تبنــي مســار احلــوار لبنــاء جبهــة مينيــة داخليــة للتصــدي لتمــدد‬ ‫الظاهــرة اإلرهابيــة‪.‬‬ ‫ العمــل علــى معادلــة إســتراتيجية قوامهــا أمــن اليمــن واســتقراره‬‫مــن أمــن دول اخلليــج‪.‬‬ ‫ العمــل علــى دعــم اليمــن للتغلــب علــى األزمــة الراهنــة واخلــروج‬‫منهــا مبــا يكفــل احلفــاظ علــى وحــدة اليمــن وأمنــه واســتقراره‪.‬‬ ‫ العمــل علــى التأمــن الشــامل للحــدود املشــتركة بــن اململكــة‬‫العربيــة الســعودية واليمــن والقيــام بضربــات وقائيــة‬ ‫ العمــل علــى بنــاء منظومــة اســتخباراتية للرصــد وحتليــل املخاطــر‬‫للحــد مــن متــدد الظاهــرة واســتفحالها يف الداخــل اليمنــي‪.‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬ ‫كخاصــة ومــن خــال اســتعراض التطــورات امليدانيــة احلاصلــة‬ ‫يف اليمــن ومــن خــال تشــخيص احلالــة اليمنيــة علــى ضــوء انتشــار‬ ‫اإلرهــاب ومتــدد التيــارات املتطرفــة ميكــن القــول مبــا ال يدعــو للشــك‬ ‫بــروز للــدور اخلارجــي واإلقليمــي يف احلالــة اليمنيــة لتنفيــذ أجنــدات‬ ‫بعيــدة املــدى تســتهدف تقويــض أمــن اخلليــج العربــي‪.‬‬ ‫كمــا هــو واضــح مــن خــال أدوات املخطــط التوســعي الشــيعي‬ ‫بتحريــك خايــا نائمــة وجيــوب مندســة هــذا الــدور الســلبي املتعاظــم‬ ‫يهــدف بشــكل رئيســي لبــث حالــة مــن االنهيــار االســتراتيجي‪.‬‬ ‫ففــي ظــل غيــاب الــردع املســتقر وغلبــة التفاعات الســالبة برزت‬ ‫خارطــة انتشــار التنظيمــات اإلرهابيــة بشــكل مخيــف ومــن خــال‬ ‫حتديــد مصــادر متويلهــا التــي ترتبــط بأجنــدات إقليميــة وخارجيــة‬ ‫خطيــرة تســتهدف البنــاء اخلليجــي‪ .‬ممــا يدفــع بــدول اخلليــج علــى‬ ‫العمــل ويف ســياق توافــر هــذه املعطيــات مــن صياغــة هندســة أمنيــة‬ ‫تراعــي احلفــاظ علــى متاســك الدولــة اليمنيــة واســتعادة الشــرعية‬ ‫والعمــل علــى مراعــاة حتقيــق هــذه الهندســة علــى املســتوين القريــب‬ ‫والبعيــد املــدى‪.‬‬ ‫* ﻣﺨﺘﺺ ﰲ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻷﻣﻨﻴﺔ واﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ـ اﻟﺠﺰاﺋﺮ‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫ الدخــل الثابــت املتمثــل يف الضرائــب واإلتــاوات لكنهــا ال تشــكل‬‫ســوى ‪ %10‬مــن مصــادر التمويــل باعتبــار القبائــل يف املناطــق اليمنيــة‬ ‫ال يوفــرون بيئــة حاضنــة‪.‬‬ ‫ عمليــات االجتــار يف املخــدرات والتــي تعــد مــن أبــرز مصــادر متويــل‬‫العمليــات اإلرهابيــة بحيــث تشــكل نســبة ‪ % 25‬مــن مصــادر متويــل‬ ‫اجلماعــات اإلرهابيــة خاصــة القاعــدة وداعــش‪.‬‬ ‫ عمليــات الســطو املســلح علــى املؤسســات املاليــة والبنــوك يف عــدة‬‫عمليــات قامــت بهــا القاعــدة يف اليمــن حيــث متثــل نســبة ‪7‬باملائــة‬ ‫مــن مصــادر التمويــل‪.‬‬ ‫ التمويــل الــذي يأتــي عــن طريــق دول لتغذيــة النعــرات وإشــعال فتيل‬‫األزمــة والدفــع بهــا نحــو التمــدد مثــا القاعــدة منــذ أربــع ســنوات‬ ‫حتصــل علــى دعــم مــن طــرف إحــدى الــدول بقيمــة ‪15‬مليــون دوالر‬ ‫بعــد تعرضــه لضربــات موجعــة يف محافظــة أبن‪.‬تشــكل ‪30‬باملائــة‬ ‫مــن مصــادر متويــل التنظيمــات اإلرهابيــة‪ .‬كمــا نتحــدث الدعــم‬ ‫اللوجســتي بالســاح والــذي تتوجــه فيــه أصابــع االتهــام نحــو إيــران‪.‬‬ ‫ الفديــة التــي يتــم حتصيلهــا جــراء عمليــات االختطــاف والتــي‬‫تراجعــت يف اليمــن مقارنــة بوقــت ســابق لتصبــح متثــل ‪3‬باملائــة مــن‬ ‫مصــادر متويــل التنظيمــات اإلرهابيــة‪.‬‬ ‫ اإلعــام كمصــدر مــن مصــادر التمويــل وتبييــض األمــوال لصالــح‬‫التيــارات اإلرهابيــة والتــي تشــكل أحــد األوجــه اخلفيــة لدعــم‬ ‫النشــاط اإلرهابــي وتســهيل متــدده حيــث متثــل ‪10‬باملائــة‪.‬‬ ‫ اجلمعيــات اخليريــة والتــي اتضــح أنهــا تشــكل أهــم مصــدر مــن‬‫مصــادر متويــل نشــاط اجلماعــات اإلرهابيــة بحيــث متثــل ‪35‬باملائــة‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪119‬‬

‫ملف العدد‬

‫مــن مصــادر التمويــل والتــي كشــرت عــن أنيابهــا خاصــة مــن خــال‬ ‫األزمــة اليمنيــة والتــي يعــود لتســهيات قدمتهــا دول لتلــك اجلمعيــات‬ ‫لتمــارس أنشــطتها املشــبوهة يف نقــل املســاعدات والتمويــات وحتــى‬ ‫معاجلــة عناصــر التنظيمــات اإلرهابيــة‪.‬‬ ‫فمـــن خـــال مـــا ســـبق جنـــد أن املؤشـــر األجـــدر يف اتســـاع‬ ‫خارطـــة انتشـــار التنظيمـــات اإلرهابيـــة يف اليمـــن يعـــود للـــدور‬ ‫اخلارجـــي الـــذي يـــكاد يكـــون مركـــزي‪ .‬والـــذي يدفـــع بالقـــول إن‬ ‫ارتـــدادات خارطـــة انتشـــار التنظيمـــات اإلرهابيـــة وانعكاســـاتها‬ ‫تتجل ــى بش ــكل كبي ــر عل ــى األم ــن القوم ــي واإلقليم ــي ل ــدول اخللي ــج‬ ‫مــن حيــث احملــاوالت املتكــررة الســتهداف اململكــة العربيــة الســعودية‬ ‫واســـتهدافها انطا ًقـــا مـــن اليمـــن باعتبـــار أن اململكـــة العربيـــة‬ ‫الســـعودية وعـــن طريـــق قيادتهـــا للتحالـــف العربـــي وقفـــت أمـــام‬ ‫املش ــروع ال ــذي كان يس ــتهدف لنش ــر الص ــراع الطائف ــي وإضع ــاف‬ ‫املنظومـــة القيميـــة للـــدول العربيـــة‪.‬‬

‫المحـــور الثالث‪-‬هندســـة األمـــن الخليجـــي عـــى ضـــوء خارطـــة‬ ‫انتش ــار اإلره ــاب باليم ــن‪:‬‬ ‫يف ظــل سياســة التمــدد اإليرانــي يف شــكل زحــف ناعــم تــارة‬ ‫أو زحــف صلــب تــارة أخــرى وكــذا الــدور املتعاظــم إليــران يف اليمــن‬ ‫واتهامها بالوقوف خلف الســتار يف ســياق دعم مباشــر أو غير مباشــر‬ ‫ويف ســياق النفــخ يف نــار األزمــة وافتعــال تعقيــدات جديــدة مــن خــال‬ ‫حتريــك التنظيمــات املتطرفــة وأثــارت الصــراع الطائفــي‪ .‬أضحى أمام‬ ‫دول اخلليــج باألســاس فــرص للتكتــل ومواجهــة التحديــات اخلارجيــة‪.‬‬

‫‪118‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫باعتبــار أنــه إذا مــا عدنــا إلــى حتــركات التنظيــم منــذ ‪2015‬م‪ ،‬باليمــن‬ ‫ســنجد أنــه يخــوض حر ًبــا ضــد اجلميــع ويعتبــر اليمــن ً‬ ‫أرضــا للجهــاد‪.‬‬ ‫فواقــع انتشــار تنظيــم داعــش يف اليمــن يتمثــل يف االنتشــار عــن‬ ‫طريــق مجموعــات صغيــرة وقــد ظهــرت هــذه املجموعــات يف (إب‪-‬‬ ‫حلج‪-‬حضرموت‪-‬بلــدة تــرمي شــرق حضرموت‪-‬املكا‪-‬احلوطــة‪-‬‬ ‫صنعاء‪-‬شبوة‪-‬تعز‪-‬الكدف‪-‬مقبنة‪-‬شــرعب الرونــة)‪ ،‬فداعــش يف‬ ‫اليمــن يواصــل تنفيــذ اســتراتيجيته العبثيــة مــن خــال مبــدأ احلــرب‬ ‫الشــاملة التــي ال يســتثني فيهــا أحـدًا بــل يعتبــر الــكل أهــداف يتوجــب‬ ‫اســتهدافها‪ ،‬وتواجــد تنظيــم داعــش بحضرمــوت هــو حتــد لتنظيــم‬ ‫القاعــدة باعتبــار أن محافظــة حضرمــوت معروفــة باحلضــور‬ ‫الكثيــف لتنظيــم القاعــدة‪.‬‬ ‫فداعــش يف اليمــن اعتمــد علــى اختــراق املناطــق التــي تعــرف‬ ‫بانتشــار تنظيــم القاعــدة فتواجــد داعــش بحضرمــوت التــي تعــد‬ ‫ثالــث أكبــر محافظــات اليمــن والقريبــة مــن حــدود اململكــة العربيــة‬ ‫الســعودية توضــح األهــداف اخلفيــة لدوافــع األجنــدة اخلارجيــة يف‬ ‫حتريــك التنظيــم وتأثيراتــه علــى أمــن الــدول اخلليجيــة‪.‬‬ ‫متــدد داعــش خاصــة يف املناطــق التــي تعــرف بتبعيتهــا لتنظيــم‬ ‫القاعــدة تأكيــد علــى أن التنظيــم وقــوده هــو زرع حــرب طائفيــة‬ ‫باملنطقــة‪ .‬تنظيــم داعــش حال ًيــا يعمــل علــى تعزيــز تواجــده مبدينــة‬ ‫ً‬ ‫ملحوظــا للتنظيــم خاصــة‬ ‫تعــز التــي عــرف يف اآلونــة األخيــرة انتشــا ًرا‬ ‫يف أريــاف تعــز وإذا مــا عدنــا إلــى عوامــل االنتشــار املتســارع يف‬ ‫مدينــة تعــز فنجــد‪:‬‬ ‫ ضعــف األجهــزة األمنيــة ونقــص اإلمكانيــات الازمــة لتمكينهــم مــن‬‫مواجهــة متــدد التنظيمــات اإلرهابيــة باملنطقة‪.‬‬ ‫ غياب أجهزة مكافحة اإلرهاب‪.‬‬‫ أهمية تعز استراتيج ًيا‪.‬‬‫داعش وفية الستراتيجيتها القائمة على‪:‬‬ ‫ االستفادة من التوترات والنزاعات‪.‬‬‫ استغال انهيار الدولة املركزية‪.‬‬‫ ضعف أو تشتت اجليش الوطني‪.‬‬‫ اللعب على التناقضات الطائفية‪.‬‬‫ومن أبرز اخلايا التابعة للتنظيم لدينا (جند اخلافة –خلية بدر…‪.)..‬‬ ‫الثانــي‪ :‬تنظيــم القاعــدة الــذي يجــد يف اليمــن مــا ًذا آمنًــا‬‫لفلولــه كمــا أن احلديــث عــن التنظيــم يف اليمــن ليــس وليــد اللحظــة‬ ‫وإمنــا هــو حديــث يعــود إلــى مــا قبــل بدايــة األحــداث وبعــد أحــداث‬ ‫‪11‬ســبتمبر‪2001‬م‪.‬‬ ‫ـاعا مــن‬ ‫وخارطــة انتشــار تنظيــم القاعــدة يف اليمــن أكثــر اتسـ ًَ‬ ‫تنظيــم داعــش باعتبــار أن تنظيــم القاعــدة متمــدد يف اليمــن بنســبة‬ ‫‪ % 70‬وأكثــر املناطــق تواجـدًا لتنظيــم القاعــدة ب (ابين‪-‬حضرموت‪-‬‬ ‫صنعاء‪-‬عدن‪-‬اجلوف‪-‬مأرب‪-‬رداح‪....‬الــخ)‪.‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫ومــا يســاهم يف بقــاء التنظيــم يف اليمــن امتاكــه للقــدرة علــى‬ ‫التمــدد األفقــي كمــا أنــه يعتبــر اليمــن منطقــة بؤريــة محوريــة والقــدرة‬ ‫علــى التواصــل بفروعــه وخايــاه املتواجــدة بالقــرن اإلفريقــي‬ ‫والصحــراء الكبــرى بإفريقيــا‪.‬‬ ‫فالقاعــدة تتواجــد باليمــن يف شــكل خايــا وفــروع إال أنهــا‬ ‫تصطــدم بتمــدد معاكــس لتنظيــم داعــش ممــا يجعلهمــا أحيا ًنــا يف‬ ‫وضعيــة تنافــس ومــرات كثيــرة يف وضعيــة تصــادم‪ .‬كمــا أن القاعــدة‬ ‫يف هــذه املرحلــة ينتهــج أســلوب الكــر والفــر ويقــوم بإعــادة جتميــع‬ ‫قياداتــه يف ســياق بنــاء حتالفــات جديــدة وبنــاء قواعــد خلفيــة‪.‬‬ ‫كمــا يعتمــد علــى تعــدد مصــادر التمويــل واالســتفادة مــن منــاخ‬ ‫الــا أمــن و الااســتقرار الــذي تعرفــه اليمــن لبنــاء حواضــن جديــدة‪.‬‬ ‫كمــا أن تقاطــع املصالــح مــع التنظيمــات املتطرفــة األخــرى شــكل‬ ‫رواق أمــن للتمــدد ونقــل مراكــز الثقــل مــن مــكان آلخــر‪.‬‬ ‫أمــا األشــكال التــي تأخذهــا التنظيمــات التابعــة للقاعــدة‬ ‫تســاعدها علــى التمــدد والبقــاء ملــدة أطــول‪.‬‬ ‫الثالــث‪ :‬التيــارات التــي حتســب علــى اإلخــوان ودورهــا يف تغذية‬‫األزمــة وهنــا نتحــدث عــن الــدور املريــب لتلــك التيــارات واجلمعيــات‬ ‫التابعــة لهــا والتــي أثبتــت عديــد التقاريــر تورطهــا يف تغذيــة ودعــم‬ ‫اجلماعــات اإلرهابيــة خاصــة باحملافظــات احملــررة جنــوب اليمــن‪.‬‬ ‫ولقــد كشــفت هــذه األوراق بعــد سلســلة التحقيقــات الدقيقــة‬ ‫يف عــدن احملافظــات اليمنيــة احملــررة والتــي أكــدت وقــوف عناصــر‬ ‫تابعــة للتيــار اإلخوانــي يف اســتهداف قــوات التحالــف العربــي‪.‬‬ ‫هــذا التيــار وحســب بعــض التقديــرات ميتلــك يف حــدود ‪120‬‬ ‫ألــف مــن املقاتلــن منتشــرين يف (مأرب‪-‬أبن‪-‬حضرمــوت)‪.‬‬ ‫فــا ميكــن بــأي حــال مــن األحــوال عنــد اســتعراض خارطــة‬ ‫انتشــار التنظيمــات اإلرهابيــة يف اليمــن وعلــى ضــوء انقــاب‬ ‫احلوثيــن علــى الشــرعية وانتهاجهــم ألســلوب الترويــع والتخويــف‬ ‫والتحالــف مــع العبــن إقليميــن يســعون مــن خــال افتعــال األزمــة‬ ‫يف اليمــن ويف ظــل العمليــات املركــزة لقــوى التحالــف التــي حــدت‬ ‫مــن القــدرات العســكرية للحوثيــن إال أن اســتفحال التنظيمــات‬ ‫اإلرهابيــة دفــع مبعطيــات جديــدة خاصــة إذا مــا عدنــا للحديــث عــن‬ ‫الــدور املتعاظــم لهــؤالء الاعبــن يف احلالــة اليمنيــة والــذي يهــدف‬ ‫بشــكل رئيســي إلــى إحــداث حالــة مــن انهيــار التــوازن االســتراتيجي‪.‬‬ ‫مســتفيدين مــن غلبــة التفاعــات الســالبة‪ .‬والغيــاب التــام ألي نظــام‬ ‫أو ترتيــب أمنــي قــادر علــى احتــواء التوتــرات‪.‬‬ ‫ال ميكــن احلديــث عــن خارطــة انتشــار التنظيمــات اإلرهابيــة‬ ‫دون احلديــث عــن الشــريان أو العصــب احلــي الــذي مينــح اســتمرارية‬ ‫لهــذه التنظيمــات العبثيــة ويطيــل مــن أمــد متددهــا ويســهل انتشــارها‬ ‫وميكنهــا مــن تنفيــذ مخططاتهــا واقصــد هنــا بالضــرورة مصــادر‬ ‫متويــل اجلماعــات اإلرهابيــة يف اليمــن والتــي تتمثــل يف‪:‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫هــذه اخلفايــا أعطتنــا معطــى أخــر يف ســياق تقييــم الوضــع‬ ‫امليدانــي باملنطقــة وهــو أن اليمــن تكونــت بــه خايــا مجهريــة وأخــرى‬ ‫وجــدت املنــاخ موات ًيــا للعبــث باعتبــار اليمــن جيــو اســتراتيج ًيا تعــد‬ ‫أداة ميكــن اســتغالها علــى أكثــر مــن صعيــد‪.‬‬ ‫فاألوضــاع الراهنــة يف اليمــن تبعــث علــى القلــق ألنهــا تنطــوي‬ ‫علــى حتديــات بالغــة علــى أمــن اليمــن واســتقراره وهــذا مــا يتضــح‬ ‫حينمــا نتمعــن يف قــراءة املشــهد الراهــن مــن حيــث‪:‬‬ ‫‪ -1‬االنقابيــون ماضــون يف خطابهــم التصعيــدي وغيــر مكترثــن‬ ‫بحالــة الرفــض السياســية واملجتمعيــة الســائدة بــل وأكثــر مــن ذلــك‬ ‫اتضحــت مــن خــال مســار األحــداث وتطوراتهــا األجنــدة اخلارجيــة‬ ‫التــي يشــتغلون عليهــا وهــذا مــا يفســر إصــرار‬ ‫االنقابيــن علــى منهــج الفوضــى وجــر اليمــن نحــو‬ ‫الفــراغ واالنهيــار‪.‬‬ ‫‪ -2‬األوضــاع األمنيــة يف اليمــن حتولــت إلــى‬ ‫فرصــة لتنظيــم القاعــدة لتعزيــز نفــوذه ووجــوده‪.‬‬ ‫حـيـــث يـسـتـغـــل الـتـنـظـيـــم اإلرهـابـــي حـالـــة‬ ‫الفوضــى األمنيــة والفــراغ املوجــود للتمــدد خاصــة‬ ‫أن للتنظيــم رؤيــة جيوبوليتيكيــة خاصــة باعتبــار‬ ‫املوقــع االســتراتيجي الــذي تتمتــع بــه اليمــن وطبيعــة‬ ‫املنطقــة اجلبليــة التــي توفــر حتصينــات خلايــا‬ ‫التنظيــم للتمركــز والنشــاط‪.‬‬ ‫فاليمــن قــد تتحــول إلــى نقطــة اســتقطاب يف ظــل بــروز اخلطــاب‬ ‫الطائفــي ومــا هــو بــارز مــن خــال بعــض التقاريــر االســتخباراتية‬ ‫املســربة‪ ،‬إن التنظيــم قــد يجعــل مــن اليمــن أرضيــة إلطــاق مخططاته‬ ‫اجلديــدة مســتفيدًا مــن جملــة العوامــل املتوفــرة علــى األرض‪.‬‬ ‫‪-3‬التطـــورات امليدانيـــة مكنـــت مـــن بـــروز تنظيـــم داعـــش‬ ‫اإلرهابـــي واتخـــاذه لعـــدة مواقـــع باعتبـــاره وســـيلة تنفـــذ لتفكيـــك‬ ‫مفهـــوم الدولـــة الوطنيـــة‪.‬‬ ‫‪-4‬انعكاســات الوضــع امليدانــي يف عــدة محافظــات مينيــة‬ ‫انعكــس علــى واقــع التماســك االجتماعــي بحيــث بــرزت بــوادر‬ ‫صراعــات قبليــة وتفــككات داخليــة ممــا ينعكــس مســتقبا علــى واقــع‬ ‫اســتقرار النســيج االجتماعــي‪.‬‬ ‫‪-5‬املشــهد اليمنــي أثــر علــى بنيــة اجليــش اليمنــي وأضعفــه‬ ‫بشــكل كبيــر فلــوال قــوات التحالــف النهــار ســري ًعا وهــذا راجــع إلــى‪:‬‬ ‫تعدد الوالءات داخل اجليش اليمني‪.‬‬‫عــدم خضــوع الترســانة العســكرية بيــد اجليــش وإمنــا ســيطرت‬‫عليهــا ميليشــيات صالــح واحلوثيــن‪.‬‬ ‫عــدم القــدرة علــى مجابهــة حــرب العصابــات والتنظيمــات‬‫اإلرهابيــة فاجليــش اليمنــي كاســيكي وال يعتمــد علــى أســلوب‬ ‫احلــروب احلديثــة‪.‬‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪117‬‬

‫ملف العدد‬

‫هــذه القــراءة يف تطــورات املشــهد امليدانــي يف اليمــن تدفعنــا‬ ‫للحديــث عــن تطــورات األحــداث وانعكاســاتها بحيــث نتحــدث اآلن‬ ‫عــن تداعيــات اســتراتيجية محتملــة جــراء الواقــع امليدانــي‪.‬‬ ‫لكن قبل ذلك يتوجب أن نتحدث عن تلك االنعكاسات‪:‬‬ ‫ اســتمرار األزمــة أدى إلــى تدميــر البنــي التحتيــة يف اليمــن وغيــاب‬‫املؤسســات ســواء التعليميــة أو غيرهــا كمــا أننــا نتحــدث عــن انهيــار‬ ‫املنظومــة الصحيــة‪.‬‬ ‫ انتشــار األوبئــة جــراء تلــك االنعكاســات ‪ 1996‬ضحيــة وبــاء‬‫الكوليــرا وأوضــاع إنســانية كارثيــة‪.‬‬ ‫ اعتمــاد التنظيمــات اإلرهابيــة علــى اليمنيــن خاصــة النســاء‬‫واألطفــال كــدروع بشــرية‪.‬‬ ‫تفكك املنظومة العسكرية‪.‬‬‫املؤشــر األجــدر يف األزمــة اليمنيــة أن الــدور‬ ‫اخلارجــي واإلقليمــي يــكاد يكــون مركز ًيــا يف كافــة‬ ‫حتــركات األطــراف علــى مســرح الســاحة اليمنيــة‪.‬‬ ‫وإذا أردنــا أن نفــكك الســاحة الداخليــة يف اليمــن‬ ‫ســنجد هنــاك صالــح واحلوثيــن‪ ،‬والقــوى الثوريــة‬ ‫باختــاف مشــاربها اإلســامية والليبراليــة‪ ،‬احلــراك‬ ‫اجلنوبــي‪ ،‬وأخي ـ ًرا القاعــدة‪ .‬ومعظــم تلــك األطــراف‬ ‫تدعمهــا قــوى إقليميــة مختلفــة لديهــا اســتراتيجيتها‬ ‫ـرحا للوصــول إلــى أهدافهــا‪.‬‬ ‫ومطامحهــا وتتخــذ الســاحة اليمنيــة مسـ ً‬ ‫هــذا ببســاطة التصــور العــام وباختصــار للتطــورات امليدانيــة‬ ‫يف الســاحة اليمنية التي خلقت فسيفســاء تقاطعت مصاحلها واتفقت‬ ‫يف زاويــة تدميــر اليمــن وتفكيكــه وحتقيق أهداف األجنــدات اخلارجية‪.‬‬

‫‪ %25‬مــن مــصــادر‬ ‫تـمـويــــل الـقـاعــــدة‬ ‫وداعــش للـعـمـلـيـــات‬ ‫اإلرهـــابية من عـــوائد‬ ‫تــجــــارة الـمـخــــدرات‬

‫المح ــور الثاني‪-‬خارط ــة انتش ــار الجماع ــات اإلرهابي ــة ومص ــادر‬ ‫تمويله ــا‪:‬‬ ‫نعتــرف يف البدايــة أن الوضــع اليمنــي معقــد وأن التنظيمــات‬ ‫اإلرهابيــة اســتفادت مــن حالــة الفوضــى والفــراغ املؤسســاتي بحيــث‬ ‫متكنــت مــن اختــراق املؤسســات اليمنيــة وبنــاء حتالفــات مــع بعــض‬ ‫امليليشــيات‪ .‬كمــا أننــا نتحــدث مــن خــال خارطــة االنتشــار عــن حالــة‬ ‫مــن التنافــس بــن التنظيمــات اإلرهابيــة تــارة وحالــة مــن التصــادم‬ ‫تــارة أخــرى‪ .‬املشــهد اليمنــي حتــول إلــى خليــط مــن التنظيمــات التــي‬ ‫تتقاطــع مصاحلهــا ودول إقليميــة تعمــل علــى نشــر الفوضــى والعبــث‬ ‫مبفهــوم الطائفيــة إلضعــاف املنطقــة واختــراق منطقــة اخلليــج‬ ‫علــى أصعــدة متعــددة‪ .‬ففــي خارطــة انتشــار التنظيمــات اإلرهابيــة‬ ‫ســنتحدث علــى ثاثــة مســارات‪:‬‬ ‫األول‪ :‬املتعلــق بتنظيــم داعــش الــذي يســعى بعــد تراجعــه يف‬‫العــراق وســوريا أن ينقــل ثقلــه إلــى اليمــن وعبرهــا إلــى منطقة الســاحل‬ ‫والصحــراء اإلفريقــي مــن خــال قيامــه بتقويــة حضــوره يف اليمــن‬

‫‪116‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫استراتيجية داعش‪ :‬االستفادة من التوترات وانهيار الدولة وضعف الجيوش والطائفية‬

‫الهندســـة األمنيـــة الخليجيـــة‪ :‬اســـتقرار‬ ‫اليمـــن بوابـــة أمـــن منطقـــة الخليـــج‬ ‫شــكلت األزمــة اليمنيــة أحــد املنعرجــات الفارقــة يف ظــل مــا تعرفــه املنطقــة مــن حتــوالت‬ ‫متســارعة رافقهــا متــدد غيــر مبــرر وكــذا غيــر مســبوق للظاهــرة اإلرهابيــة التــي وجــدت‬ ‫يف ســياق األحــداث عوامــل تغذيــة ارتبــط بعــض منهــا بطبيعــة الصــراع احلاصــل ويف شــق‬ ‫آخــر ارتبطــت بعوامــل إقليميــة تدفــع بهــذه الظاهــرة قصــد نشــر الفوضــى التــي متكــن‬ ‫مــن حتقيــق أهــداف إســتراتيجية تدميريــة‪ .‬ويف ســياق يهــدف نحــو ضــرب وحــدة الدولــة‬ ‫الوطنيــة مبؤسســاتها لصالــح مفهــوم األقليــات والطوائــف التــي تنخــر جســد الوطــن وال‬ ‫تهــدف بــأي شــكل مــن األشــكال للحفــاظ علــى وحــدة الوطــن‪.‬‬

‫أحمد ميزاب‬ ‫مــا يبــرز مــن خــال تشــريح األحــداث هــو إزالــة مفهــوم اجليــوش‬ ‫مبعنــاه التركيبــي البنيــوي والوظيفــي لصالــح امليليشــيات التــي‬ ‫ســتضمن اختــال مفهــوم الدولــة وعــدم قــدرة انســجام مؤسســاتها‪.‬‬ ‫هــذا الــذي أفرزتــه هندســة األزمــة اليمنيــة وطبيعــة الفاعلــن‬ ‫فيهــا والــذي دفــع بتغــول اجلرميــة بــكل أشــكالها بــل أضحــت تهديـدًا‬ ‫ثاثــي األبعــاد يف هندســة األمــن اخلليجــي‪.‬‬ ‫وعليــه فــإن التحــرك اخلليجــي وبقيــادة اململكــة العربيــة الســعودية‬ ‫انطلــق مــن مبــدأ احلفــاظ علــى أمــن واســتقرار املنطقــة والوقــوف يف‬ ‫وجــه مخطــط إقليمــي يســعى لنســف خصوصيــة االســتقرار‪ .‬وهــو مــا‬ ‫أدركتــه اململكــة العربيــة الســعودية ممــا دفعها بالتحرك علــى محورين‪:‬‬ ‫األول‪ :‬فــرض طــوق أمنــي اســتراتيجي يحــول دون متــدد الفوضى‬ ‫للمنطقــة‪ ،‬والثانــي التمســك باحلــوار واحلفــاظ علــى وحــدة الدولــة‬ ‫اليمنيــة كحــل شــامل ينســف املشــروع التدميــري لكــن يف ســياق كل‬ ‫هــذا احلــراك يظــل التهديــد قائ ًمــا وناســفا لــكل املبــادئ‪ .‬وتظــل‬ ‫الظاهــرة اإلرهابيــة يف خارطــة انتشــارها ومصــادر متويلهــا املتعــددة‬ ‫واملتنوعــة أمــ ًرا يســتلزم تقويــة االســتراتيجية املعمــول بهــا‪ ،‬وعليــه‬ ‫نتســاءل كل يــوم يضــاف يف عمــر األزمــة اليمنيــة عــن خارطــة انتشــار‬ ‫التنظيمــات اإلرهابيــة املصنفــة وغيــر املصنفــة؟ ومــدى متاســكها‬ ‫ومصــادر متويلهــا وتقاطــع مصاحلهــا بأجنــدات إقليميــة ودوليــة؟‬ ‫وعلــى ضــوء ذلــك مــا هــي محــددات االســتراتيجية اخلليجيــة‬ ‫ملواجهــة انعكاســات األزمــة اليمنيــة؟‬

‫المحور األول‪ -‬الوضع الميداني يف اليمن‪:‬‬ ‫دون العــودة الســتحضار كرونولوجيــا األحــداث باليمــن أو‬ ‫التفصيــل يف تشــابكات األحــداث وتفاعاتهــا يكفــي أن ننطلــق م‬ ‫ممــا آلــت إليــه األزمــة حتــى نســتوعب وبشــكل دقيــق الوضــع ميدانيــا‬ ‫يف اليمــن فبالرغــم مــن جنــاح قــوى التحالــف مــن تقليــم أظافــر‬ ‫االنقابيــن واحلــد مــن قدراتهــم العســكرية لكــن باملقابــل هنــاك واقع‬ ‫مهــم اســتراتيج ًيا يدفعنــا بالقــول إن اليمــن توظــف كقاعــدة خلفيــة‬ ‫لانطــاق يف اســتهداف األمــن اخلليجــي وإربــاك دول اخلليــج‪.‬‬ ‫هــذا إذا مــا حددنــا نقــاط التمركــز والتموقــع والطريقــة التــي‬ ‫تتحــرك بهــا القــوات االنقابيــة علــى األرض وهــو مــا يترجــم‬ ‫األهــداف اخلفيــة للمســألة اليمنيــة‪.‬‬ ‫ســواء كان يف ســياق اســتكمال الهــال الفارســي أو التمــدد‬ ‫الشــيعي لفــرض طــوق باملنطقــة‪ ،‬باإلضافــة إلــى أن الورقــة اليمنيــة‬ ‫وظفــت يف بدايتهــا لتحقيــق اتفــاق نــووي‪ .‬وطــي امللــف حســب التصــور‬ ‫الــذي وضعتــه اإلدارة الســابقة ألوبامــا والتــي كانــت تســعى لهدفــن‪:‬‬ ‫األول تثبيــت مكســب أن إدارة أوبامــا جنحــت يف إنهــاء جــدل‬‫حــول ملــف طــال أكثــر مــن ثاثــة عقــود عجــزت فيــه كل اإلدارات‬ ‫املتعاقبــة يف الواليــات املتحــدة األمريكيــة‪.‬‬ ‫الثانــي إعــادة خلــط األوراق يف املنطقــة ممــا ســيؤدي إلــى‬‫إضعــاف دول اخلليــج علــى حســاب إبــراز قــوى جديــدة حتســب يف‬ ‫موازيــن القــوى بالقــوى الطفيليــة‪.‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫يف هــذا القطــاع‪ ،‬أو معلومــات تتعلــق باالستكشــاف والعمليــات‬ ‫النفطيــة‪ .‬وصــدرت الوثيقــة يف اليــوم ذاتــه الــذي أعلــن فيــه وزيــر‬ ‫النفــط واملعــادن اليمنــي املهنــدس ســيف الشــريف صــدور أوامــر مــن‬ ‫رئيــس اجلمهوريــة اليمنيــة عبــد ربــه منصــور هــادي‪ ،‬بتخصيــص ‪20‬‬ ‫يف املائــة مــن دخــل النفــط والغــاز لصالــح التنميــة يف احملافظــات‬ ‫النفطيــة كحــق لهــذه احملافظــات التــي عانــت احلرمــان‪.‬‬

‫فرص وتحديات‬ ‫رغــم العبــث الــذي أحدثــه االنقابيــون يف قطــاع النفــط اليمنــي‪،‬‬ ‫إال أنــه مــا يــزال القطــاع الــذي يعــول عليــه يف املســتقبل باعتبــاره‬ ‫العمــود الفقــري والعصــب املالــي لاقتصــاد‬ ‫اليمنــي‪ .‬حيــث أن هــذا القطــاع مــا يــزال واعــدًا‪،‬‬ ‫وينتظــر منــه ‪ ,‬يف حالــة عــودة االســتقرار السياســي‬ ‫واألمنــي لليمــن ‪ ,‬أن يلعــب دو ًرا محور ًيــا يف إحــداث‬ ‫نهضــة تنمويــة شــاملة‪ ،‬خاصــة وأنــه ميتلــك الكثيــر‬ ‫مــن نقــاط القــوة والفــرص التــي متثــل عوامــل جــذب‬ ‫للشــركات النفطيــة العامليــة واملســتثمرين‪ ،‬ولعــل مــن‬ ‫أبــرز هــذه النقــاط الثــاث ‪:‬‬ ‫أوال‪ ،‬أن اليمــن جــزء ال يتجــزأ من شــبه اجلزيرة‬ ‫العربيــة وإحــدى الوحــدات اجليولوجيــة املكونــة‬ ‫للــدرع العربــي‪ ،‬وقــد أثبتــت األبحــاث والدراســات اجليولوجيــة‬ ‫للجزيــرة العربيــة أن اجلــزء األكبــر مــن الصخــور التــي تتكــون منهــا‬ ‫هــي صخــور ذات خــواص وتراكيــب وأعمــار جيولوجيــة ُمائمــة‬ ‫لتولــد النفــط وخزنــه وحفظــه‪ .‬باإلضافــة إلــى مؤشــرات أخــرى علــى‬ ‫واعديــة األراضــي اليمنيــة القاريــة والبحريــة يف وجــود مكامــن كثيــرة‬ ‫ومتعــددة لاحتياطيــات النفطيــة والغازيــة‪.‬‬ ‫خصوصــا املنتــج مــن حقــول‬ ‫ثانيــا‪ ،‬إن النفــط اخلــام اليمنــي‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫مأرب‪-‬اجلــوف‪ ،‬يتمتــع بجــودة عاليــة ويصنــف مــن ضمــن النفــط‬ ‫األعلــى جــودة يف العالــم‪ .‬كمــا متتلــك اليمــن بنيــة حتتيــة جيــدة‬ ‫لنقــل وتصديــر النفــط اخلــام‪ .‬كذلــك توجــد بنيــة حتتيــة جيــدة لنقــل‬ ‫وتســييل الغــاز الطبيعــي وتصديــره‪ .‬كمــا تتمتع منشــآت نقــل وتصدير‬ ‫النفــط اخلــام والغــاز الطبيعــي بإمكانيــة تطويرهــا وتوســيعها‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ثالثــا‪ ،‬إن موقــع اليمــن املتميــز وامتاكهــا لســواحل طويلــة علــى‬ ‫البحــر العربــي وخليــج عــدن والبحــر األحمــر‪ ،‬والتــي تقــع علــى‬ ‫خطــوط نقــل وإمــداد النفــط العامليــة‪ ،‬يجعــل مــن تلــك الســواحل‬ ‫منافــذ جيــدة لتصديــر النفــط والغــاز‪ ،‬وبالتالــي متثــل عوامــل جــذب‬ ‫لــرؤوس األمــوال اخلارجيــة واحملليــة لاســتثمار يف هــذا القطــاع‪.‬‬ ‫ومــع ذلــك‪ ،‬تظــل فاعليــة هــذه العوامــل الثــاث مرهونــة بالعامــل‬ ‫األهــم واألساســي أال وهــو االســتقرار السياســي واألمنــي‪ ،‬فضــ ً‬ ‫ا‬ ‫عــن الثقــة يف اإلدارات احلاكمــة‪ ،‬ألن غيــاب األمــن والثقــة يؤديــان‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪115‬‬

‫ملف العدد‬

‫إلــى فقــدان حماســة املســتثمرين يف أي قطــاع نفطــي يف العالــم‪ .‬ومن‬ ‫ناحيــة أخــرى‪ ،‬ســتكون اســتفادة الشــعب اليمنــي مــن ثرواتــه النفطيــة‬ ‫مرهونــة ً‬ ‫أيضــا بحرمــان العناصــر االنقابيــة مــع هــذه الثــروة بــكل‬ ‫الســبل‪ ،‬حتــى يتــم دفعهــم إلــى تغييــر مســلكهم املعــادي للشــعب‬ ‫اليمنــي‪ .‬فالثــروة الهائلــة التــي تعــود مــن النفــط علــى االنقابيــن‬ ‫يف الوقــت احلالــي متثــل أحــد األســباب املهمــة التــي تدفــع محمــد‬ ‫عبــد الســام وفريقــه املفــاوض يف محادثــات الســام مــع احلكومــة‬ ‫الشــرعية‪ ،‬إلــى إفشــال أي حلــول أو فــرص للتوصــل إلــى الســام يف‬ ‫اليمــن‪ ،‬وبالتالــي إبقــاء الوضــع احلالــي كمــا هــو عليــه‪ ،‬ألطــول وقــت‬ ‫ممكــن‪ ،‬حتــى يعظمــوا مــن الثــروات التــي يراكمونهــا علــى حســاب‬ ‫الشــعب اليمنــي‪ .‬وحتــى إذا مــا متكنــت اليمــن مــن‬ ‫حتقيــق الســام ووقــف عبــث االنقابيــن بالقطــاع‬ ‫النفطــي‪ ،‬ســيظل قطــاع النفــط اليمنــي يواجــه حتد ًيــا‬ ‫آخــر مهــم‪ ،‬وهــو االنخفــاض يف أســعار النفــط عامل ًيــا‪،‬‬ ‫منــذ أواخــر عــام ‪2014‬م‪ ،‬ألنــه ســيؤدي‪ ،‬يف الغالــب‪،‬‬ ‫إلــى إحجــام شــركات النفــط العامليــة عــن القيــام‬ ‫باســتثمارات جديــدة‪.‬‬ ‫علــى أيــة حــال‪ ،‬ينبغــي القــول إن العبــث الــذي‬ ‫يقــوم بــه االنقابيــون يف قطــاع النفــط والغــاز مــن‬ ‫شــأنه أن يحــد مــن قــدرة الدولــة اليمنيــة‪ ،‬يف املــدى‬ ‫املنظــور‪ ،‬علــى اســتعادة عافيــة االقتصــاد اليمنــي مــن خــال التوســع‬ ‫يف متويــل مشــاريع البنيــة التحتيــة وتوفيــر اخلدمــات األساســية‬ ‫واحملافظــة علــى االســتقرار املالــي والنقــدي‪ .‬وهــذا يســتدعي‬ ‫التأكيــد علــى أن قطــاع النفــط والغــاز ملــك للشــعب اليمنــي وأي‬ ‫اســتهداف لهــذا القطــاع هــو اســتهداف للوطــن ومســتقبل األجيــال‬ ‫القادمــة‪ .‬وبالتالــي‪ ،‬توجــد ضــرورة إلبعــاد هــذا القطــاع عــن دائــرة‬ ‫الصراعــات السياســية واألعمــال اإلرهابيــة كونــه مرتبــط بحيــاة‬ ‫املواطنــن اليوميــة‪.‬‬ ‫ومــن جهــة أخــرى‪ ،‬ينبغــي علــى املجتمــع الدولــي مســاعدة‬ ‫احلكومــة الشــرعية يف تصديــر النفــط والغــاز‪ ،‬بأكبــر كميــة ممكنــة‪،‬‬ ‫ويف أســرع وقــت ممكــن‪ ،‬الن عائــدات هــذه الصــادرات ســوف تنعــش‬ ‫االقتصــاد اليمنــي‪ ،‬وبالتالــي تخفــف مــن وطــأة الكارثــة اإلنســانية‬ ‫احلاليــة يف اليمــن‪ .‬كمــا يجــب ً‬ ‫أيضــا أن يتكاتــف املجتمــع الدولــي‬ ‫مــع أبنــاء الشــعب اليمنــي يف مواجهــة االنقابيــن واجلماعــات‬ ‫اإلرهابيــة‪ ،‬النــه بــدون القضــاء عليهــم ســيبقى االقتصــاد اليمنــي‬ ‫يف أزمــة‪ ،‬ممــا ســيؤدي إلــى اســتمرار الكارثــة اإلنســانية املتفاقمــة‬ ‫يف اليمــن‪.‬‬

‫رد االنــقــابــيــون‬ ‫عـلـى دعـوة الـشـرعـيـة‬ ‫للـشـركـات الـعـالـمـيـة‬ ‫السـتـكـشـاف الـنـفـط‬ ‫بـحـجـب الـمـعـلـومـات‬

‫* رﺋﻴـﺲ ﺑﺮﻧﺎﻣـﺞ دراﺳـﺎت اﻟﻄﺎﻗـﺔ وﺧﺒـري اﻟﺸـﺆون اﻟﺪوﻟﻴـﺔ ـ ﻣﺮﻛـﺰ اﻷﻫـﺮام‬ ‫ﻟﻠﺪراﺳـﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳـﻴﺔ واﻻﺳـﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫـﺮة‪ ،‬ﻣـﴫ‬

‫‪114‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫شكل توضيحي ألهم مناطق إنتاج النفط والغاز يف اليمن‬

‫النفــط اخلــام التــي متتــد مــن حقــول اإلنتــاج يف حضرمــوت ومــأرب‬ ‫إلــى موانــئ التصديــر علــى البحــر العربــي والبحــر األحمــر‪ ،‬هــذا‬ ‫باإلضافــة إلــى هجومهــم املتواصــل علــى بعــض املنشــآت النفطيــة‬ ‫مثــل مصفــاة عــدن‪ ،‬ومينــاء الزيــت بعــدن‪ ،‬ومحطــة تعبئــة الغــاز بتعــز‪،‬‬ ‫وشــبكة توزيــع املشــتقات النفطيــة والغازيــة‪ ،‬ممــا ســبب خســائر‬ ‫فادحــة وأحلــق الضــرر بهــذا القطــاع احليــوي الهــام‪ .‬ففــي مايــو‬ ‫‪2016‬م‪ ،‬أشــار بيــان لــوزارة النفــط واملعــادن اليمنيــة إلــى أن خســائر‬ ‫قطــاع الطاقــة املباشــرة وغيــر املباشــرة‪ ،‬جتــاوزت ‪ 7‬مليــارات دوالر‪،‬‬ ‫وجــاءت هــذه اخلســائر نتيجــة اســتهداف االنقابيــن للمنشــآت‬ ‫النفطيــة مــن مصــاف وخزّانــات وصهاريــج وخطــوط أنابيــب‬ ‫ّ‬ ‫ومحطــات وقــود‪ ،‬وغيرهــا‪.‬‬ ‫ويف مرحلــة الحقــة‪ ،‬عمــل االنقابيــون علــى االســتحواذ علــى‬ ‫النفــط مباشــرة وبيعــه مــن أجــل كســب األمــوال علــى حســاب الشــعب‬ ‫اليمنــي‪ .‬وقــد ترتــب علــى ذلــك ذهــاب بايــن الريــاالت مــن إيــرادات‬ ‫الدولــة وجتــارة الســوق الســوداء للمشــتقات النفطيــة جليــوب قــادة‬ ‫االنقــاب‪ ،‬وتــرك الشــعب اليمنــي يعانــي اجلــوع والفقــر واألوبئــة‬ ‫واألمــراض الفتاكــة مــع قطــع ومصــادرة رواتــب املوظفــن‪ ،‬ممــا‬ ‫زاد مــن تفاقــم الوضــع املعيشــي للمواطنــن اليمنيــن‪ .‬ففــي يوليــو‬ ‫‪2015‬م‪ ،‬قــررت مــا تســمى باللجنــة الثوريــة العليــا جلماعــة احلوثــي‬ ‫تعــومي أســعار املشــتقات النفطيــة وف ًقــا لألســعار العامليــة‪ ،‬وهــو مــا‬ ‫أدى إلــى رفــع الدعــم عــن هــذه املشــتقات بشــكل نهائــي (وقــد جــاء‬ ‫هــذا القــرار رغــم املعارضــة الشــديدة مــن جانــب احلوثيــن لقــرار‬

‫حكومــة الوفــاق‪ ،‬التــي رأســها محمــد ســالم باســندوة‪ ،‬يف يوليــو‬ ‫‪2014‬م رفــع بعــض الدعــم عــن املشــتقات النفطيــة)‪ .‬ومــن جهــة‬ ‫أخــرى‪ ،‬ســاهم هــذا القــرار ً‬ ‫أيضــا يف فتــح املجــال نحــو قيــام القطــاع‬ ‫اخلــاص باســتيراد املشــتقات النفطيــة وبيعهــا يف األســواق الســوداء‪،‬‬ ‫األمــر الــذي ســاهم يف بــروز مــا يعــرف بـــ "هواميــر الفســاد النفطــي"‬ ‫التابعــة لقــادة االنقــاب‪ .‬وتشــير بعــض التقديــرات أن ســيطرة‬ ‫احلوثيــن علــى بعــض جوانــب القطــاع النفطــي اليمنــي (اســتيراد‪-‬‬ ‫تصدير‪-‬ســوق ســوداء( وفــرت إيــرادا للحوثيــن بشــكل ســنوي (خــال‬ ‫عامــي ‪ 2015‬و‪2016‬م) مــا يقــرب مــن مليــار و ‪ 250‬مليــون دوالر يف‬ ‫احملافظــات اخلاضعــة لســيطرتهم‪.‬‬ ‫وباإلضافــة إلــى ذلــك‪ ،‬ر ّد االنقابيــون علــى الدعــوة التــي‬ ‫أطلقتهــا احلكومــة اليمنيــة للشــركات العامليــة الستكشــاف حقــول‬ ‫النفــط يف اليمــن واملشــاركة يف عمليــات التطويــر يف القطــاع النفطي‪،‬‬ ‫خصوصــا يف املناطــق الواقعــة حتــت ســيطرة احلكومــة الشــرعية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫بإصــدار أوامــر تقضــي بـ"حجــب املعلومــات" املتعلقة بالقطــاع النفطي‬ ‫عــن أي جهــة كانــت‪ ،‬يف خطــوة تســتهدف عرقلــة أي بــوادر لتحريــك‬ ‫عجلــة اســتعادة عافيــة القطــاع النفطــي يف اليمــن‪ .‬وتشــير وثيقــة‬ ‫حتمــل توقيــع عبــد الولــي جهــان‪ ،‬نائــب رئيــس عمليــات وزارة‬ ‫النفــط واملعــادن‪ ،‬وهــو مــن املســؤولن املوالــن لانقــاب احلوثــي‪،‬‬ ‫إلــى التشــديد علــى منــع الكشــف عــن أي معلومــات أو بيانــات تتعلــق‬ ‫بأعمــال مؤسســات الدولــة ذات العاقــة بالقطــاع النفطــي‪ ،‬وعــدم‬ ‫موافــاة أي جهــة مهمــا كانــت بــأي شــيء يتعلــق بالنفــط والعاملــن‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪113‬‬

‫ملف العدد‬

‫خريطة توضح مناطق اإلنتاج وخطوط األنابيب وموانئ التصدير للنفط يف اليمن‬

‫ومــع تراجــع إيــرادات النفــط والغــاز التــي متثــل مــور ًدا أساس ـ ًيا‬ ‫ومه ًمــا يف املوازنــة العامــة للدولــة‪ ،‬وتنامــي العجــز يف هــذه املوازنــة‪،‬‬ ‫حاولــت احلكومــة اليمنيــة تنويــع االقتصــاد اليمنــي مــن خــال‬ ‫برنامــج إصــاح يهــدف إلــى دعــم القطاعــات غيــر النفطيــة يف‬ ‫االقتصــاد وجــذب االســتثمار األجنبــي‪ .‬ويف إطــار هــذا البرنامــج‪،‬‬ ‫ألغــت احلكومــة اليمنيــة‪ ،‬يف يوليــو ‪2014‬م‪ ،‬بعــض دعــم الوقــود‪،‬‬ ‫ممــا أدى إلــى تنامــي الغضــب داخــل بعــض الدوائــر الشــعبية‬ ‫جتــاه احلكومــة‪ ،‬وهــو األمــر الــذي ســاهم يف حــدوث االنقــاب‬ ‫علــى الشــرعية بعــد ذلــك بعــدة شــهور‪ .‬فمــن الناحيــة التاريخيــة‪،‬‬ ‫اســتخدمت احلكومــات اليمنيــة املتعاقبــة‪ ،‬منــذ منتصــف الثمانينــات‬ ‫يف العقــد املاضــي‪ ،‬الثــروة النفطيــة لكســب القبــول والرضــا الشــعبي‪،‬‬ ‫وذلــك مــن خــال تقــدمي دعــم كبيــر لســعر مشــتقات النفــط (الديــزل‬ ‫والبنزيــن والكيروســن)‪ .‬ووف ًقــا لصنــدوق النقــد الدولــي‪ ،‬فــإن دعــم‬ ‫هــذه املشــتقات كان يســتنزف أكثــر مــن نصــف عائــدات صــادرات‬ ‫النفــط يف اليمــن‪ .‬وبالتالــي‪ ،‬قــد ال يكــون مــن قبيــل املصادفــة أن‬ ‫يــؤدي خفــض الدعــم املالــي والزيــادات الاحقــة يف أســعار الديــزل‬ ‫والبنزيــن والكيروســن بنســبة ‪ 50‬و‪ 20‬و‪ 100‬يف املائــة علــى التوالــي‬ ‫يف منتصــف عــام ‪2014‬م‪ ،‬مباشــرة إلــى االنقــاب يف نهايــة عــام‬ ‫‪2014‬م‪ ،‬ثــم إلــى احلــرب يف بدايــة مــارس ‪2015‬م‪.‬‬ ‫ولــم تقتصــر اآلثــار الســلبية لتراجــع إيــرادات النفــط والغــاز يف‬ ‫اليمــن علــى الصعيديــن السياســي والعســكري وحســب‪ ،‬وإمنــا أمتــدت‬ ‫ً‬ ‫أيضــا إلــى الصعيــد االقتصــادي‪ .‬فقــد أدى تراجــع هــذه اإليــرادات‬

‫إلــى حرمــان اليمــن مــن العمــات الصعبــة التــي كانــت تدرهــا عمليــة‬ ‫تصديــر النفــط اخلــام‪ ،‬ممــا أثــر علــى ســعر العملــة الوطنيــة‪ .‬وكان‬ ‫مــن تداعيــات تلــك االقتصاديــة تســارع ارتفــاع معــدل التضخــم‪،‬‬ ‫والتراجــع الشــديد يف واردات الغــذاء والوقــود‪ ،‬كمــا أرتفــع معــدل‬ ‫البطالــة ليصــل إلــى حوالــي ‪ 35‬يف املائــة مــن إجمالــي قــوة العمــل‪.‬‬

‫االنقابيون يعبثون بالثروة النفطية‬ ‫منــذ وقــوع االنقــاب علــى احلكومــة الشــرعية يف اليمــن يف‬ ‫الشــهور األخيــرة مــن عــام ‪2014‬م‪ ،‬حــاول االنقابيــون الســيطرة‬ ‫علــى مؤسســات القطــاع النفطــي‪ -‬قبــل بقيــة القطاعــات‪ -‬وفــق عــدة‬ ‫مراحــل‪ .‬ففــي البدايــة‪ ،‬اســتهدف االنقابيــون املؤسســات النفطيــة‬ ‫التابعــة للحكومــة‪ ،‬حيــث طــردوا املســؤولن احلكوميــن املعينــن‪،‬‬ ‫خاصــة يف الوظائــف القياديــة بــاإلدارة املاليــة وأمنــاء الصناديــق‪،‬‬ ‫وعينــوا ممثلــن عنهــم‪ ،‬كمــا زرع االنقابيــون يف كل مؤسســة ممث ـ ً‬ ‫ا‬ ‫لهــم ملراقبــة القــرارات مبــا يضمــن مصاحلهــم‪ .‬وبالتزامــن مــع ذلــك‪،‬‬ ‫فــرض االنقابيــون ً‬ ‫أيضــا إتــاوات علــى شــركات النفــط األجنبيــة‬ ‫العاملــة يف البــاد‪ ،‬كمــا عملــوا علــى ابتزازهــم بفــرض مشــرفن‬ ‫تابعــن ملــا يســمى باللجنــة الثوريــة عليهــم‪ ،‬األمــر الــذي جعــل هــذه‬ ‫الشــركات تغــادر البــاد أو جتمــد نشــاطاتها االستكشــافية‪ ،‬ممــا أدى‬ ‫إلــى حــدوث تراجــع كبيــر يف اإلنتــاج والتصديــر‪.‬‬ ‫ومــن ناحيــة أخــرى‪ ،‬قــام االنقابيــون‪ ،‬واجلماعــات التــي تؤيدهــم‬ ‫وتتعاطــف معهــم‪ ،‬بأعمــال تخريــب متعــددة كتفجيــر أنابيــب نقــل‬

‫‪112‬‬

‫ملف العدد‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫مـــازال قطـــاع النفـــط ُيعـــول عليـــه وهـــو العمـــود الفقـــري لالقتصـــاد اليمنـــي‬

‫اليمـــن‪ :‬االنقابيـــون يعبثـــون بالنفـــط‬ ‫وبمســـتقبل االقتصـــاد‬ ‫يؤكــد كثيــر مــن املراقبــن علــى أن الثــروة النفطيــة يف قامــوس اقتصــاد دولــة ناميــة مثــل‬ ‫اليمــن يعنــي "العمــود الفقــري" و"العصــب املالــي" القتصــاد أنهكتــه األزمــات االقتصاديــة‬ ‫واملاليــة والسياســية واألمنيــة‪ .‬وبالتالــي فــإن مــدى صحــة أو تدهــور قطــاع النفــط والغــاز‬ ‫اليمنــي يف املســتقبل املنظــور البــد وأن ينعكــس بصــورة مباشــرة علــى أداء االقتصــاد اليمنــي‬ ‫بشــكل عــام‪ ،‬ملــا لــه مــن أهميــة إســتراتيجية يف هــذه اللحظــة‪ ،‬رمبــا تفــوق أهميتــه يف أي‬ ‫وقــت مضــى‪ ،‬بــل ورمبــا يف أي وقــت ســيأتي‪ .‬فرغــم أن اليمــن ليســت مــن دول منظمــة أوبــك‪،‬‬ ‫التــي تضــم الــدول الرئيســية املصــدرة للنفــط‪ ،‬إال أن صادارتــه مــن النفــط‪ ،‬ومــا جتلبــه مــن‬ ‫نقــد أجنبــي كان املصــدر الرئيــس إليــرادات احلكومــة اليمنيــة يف العقــود األربعــة األخيــرة‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد قنديل‬ ‫اليمــن إلــى ‪ 133‬ألــف برميل‪/‬يــوم فقــط يف عــام ‪2016‬م‪ ،‬بعــد أن كان‬ ‫ينتــج مــا يزيــد عــن ‪ 450‬برميل‪/‬يــوم يف مطلــع العقــد املاضــي‪ .‬كمــا‬ ‫تراجــع إنتــاج الغــاز يف العــام املاضــي ً‬ ‫أيضــا ليصــل إلــى ‪ 270‬بليــون‬ ‫قــدم مكعبــة‪ .‬وتراوحــت نســبة إيــرادات النفــط والغــاز يف املوازنــة‬ ‫العامــة للدولــة مــا بــن ‪ 43‬و‪ 70‬يف املائــة يف الفتــرة مــن ‪ 2010‬إلــى‬ ‫‪2014‬م‪ ،‬بينمــا تفاوتــت إيــرادات النفــط والغــاز كنســبة مــن النــاجت‬ ‫احمللــي اإلجمالــي بــن ‪ 10‬و‪ 18‬يف املائــة خــال نفــس الفتــرة (انظــر‬ ‫اجلــدول التالــي)‪ .‬ومــن املاحــظ تراجــع هاتــن النســبتن بانتظــام‬ ‫منــذ عــام ‪2011‬م‪ ،‬نتيجــة اجتــاه املــوارد النفطيــة إلــى النضــوب‪.‬‬

‫حيــث شــكلت إيــرادات النفــط والغــاز يف اليمــن أكثــر مــن ثلثــي‬ ‫اإليــرادات العامــة للدولــة‪ ،‬واملصــدر الرئيــس للنقــد األجنبــي‪ .‬كمــا‬ ‫بــرزت أهميــة قطــاع النفــط والغــاز يف االقتصــاد اليمنــي ً‬ ‫أيضــا‬ ‫مــن تشــابكه الوثيــق مــع الفــروع الصناعيــة واالقتصاديــة األخــرى‪،‬‬ ‫فضـ ً‬ ‫ا عــن أهميــة القطــاع كأحــد املصــادر الرئيســية للطاقــة‪ ،‬حيــث‬ ‫أن املشــتقات النفطيــة تعــد مدخــ ً‬ ‫ا مه ًمــا يف كافــة القطاعــات‬ ‫االقتصاديــة يف اليمــن‪ ،‬كــون إنتــاج ونقــل الكثيــر من الســلع واخلدمات‬ ‫مرتبــط باملشــتقات النفطيــة‪ .‬وتشــير البيانــات الرســمية املتاحــة‪،‬‬ ‫رغــم محدوديتهــا الشــديدة يف ظــل األزمــة اجلاريــة‪ ،‬إلــى تراجــع إنتاج‬

‫اجلدول‪ -‬موارد املوازنة العامة للدولة وإيرادات النفط والغاز يف الفترة من ‪ ٢٠1٠‬إلى ‪ - ٢٠1٤‬باملليار ريال‬ ‫البيــــــــان‬

‫‪2014‬‬

‫‪2013‬‬

‫‪2012‬‬

‫إجمالي املوارد‬

‫‪1.850.4‬‬

‫‪1.961.2‬‬

‫‪2.111.1‬‬

‫إيرادات النفط والغاز‬

‫‪811.3‬‬

‫‪964.9‬‬

‫‪1.062.9‬‬

‫‪2011‬‬

‫‪2010‬‬

‫املتوسط‬

‫‪1.974.2 1.837.1 1.733.3‬‬ ‫‪1.121.9 1.226.8‬‬

‫‪946.4‬‬

‫نسبة إيرادات النفط والغاز يف املوازنة العامة للدولة (يف املائة)‬

‫‪43‬‬

‫‪49‬‬

‫‪50‬‬

‫‪70‬‬

‫‪61‬‬

‫‪47‬‬

‫نسبة إيرادات النفط والغاز من الناجت احمللي اإلجمالي (يف املائة)‬

‫‪10.2‬‬

‫‪13.2‬‬

‫‪16.4‬‬

‫‪18.1‬‬

‫‪16.4‬‬

‫‪13.3‬‬

‫املصدر‪ :‬البرنامج املرحلي لاستقرار والتنمية – ‪ .2014-2012‬متاح على الرابط التالي‪https://www.yemen-nic.info/sectors/politics/trans/prog2012.pdf :‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫مناســـبة مـــن االســـتثمارات الوطنيـــة‪ ،‬واإلنتقـــال إلـــى مســـار منـــو‬ ‫أعل ــى ومس ــتدام يف الب ــاد‪.‬‬ ‫وتتمثــل أهــم السياســات املؤثــرة علــى منــاخ األعمــال واالســتثمار‬ ‫يف السياســات والنظــم الضريبيــة‪ ،‬والتأمينــات االجتماعيــة‪ ،‬ونظــم‬ ‫التراخيــص والتقاضــي‪ ،‬وإجــراءات دخــول األعمــال واخلــروج منهــا‪،‬‬ ‫مبــا يوفــر بيئــة أعمــال مواتيــة ِ ّ لتعزيــز أنشــطة القطاع اخلــاص وجذب‬ ‫رؤوس األمــوال اخلارجيــة‪ ،‬وتدعيــم اســتثمارات القطــاع احلكومــي‬ ‫والعــام‪ ،‬كمــا أن تطبيــق إصاحــات موجهــة نحــو تقليــص التوظيــف‬ ‫بالقطــاع العــام وتضييــق الفــارق يف األجــور بــن القطاعــن العــام‬ ‫واخلــاص سيشــكان عنصريــن رئيســين يف اســتراتيجية النمــو‪.‬‬ ‫كمــا ميثــل تطويــر نظــام التعليــم وحتديثــه‪ ،‬مدخـ ً‬ ‫ا ضرور ًيا لنجاح‬ ‫خطــط التنميــة‪ ،‬وإقامــة مشــروعات عاليــة التقنيــة‪ ،‬مبــا يكفــل تزويــد‬ ‫اخلريجــن باملعــارف احلديثــة وإكســابهم املهــارات املتطــورة‪ ،‬ومــن ثــم‬ ‫هنــاك حاجــة إلــى إحــداث ثــورة يف نظــام التعليــم مــن أجــل حتســن‬ ‫اجلــودة وتوفيــر فــرص توظــف عاليــة االنتاجيــة واألجــر للمواطنــن‬ ‫الشــباب‪ ،‬ويف الوقــت احلالــي يعــد التدريــب املهنــي ضروريــا يف اليمــن‪،‬‬ ‫كمــا أنــه مــن املهــم زيــادة معــدل مشــاركة النســاء‪ ،‬وتشــجيع القطــاع‬ ‫اخلــاص الرســمي‪ .‬كمــا أن حتســن بيئــة أنشــطة األعمــال واملضــي‬ ‫قد ًمــا يف عمليــات اخلصخصــة مهمــة ً‬ ‫أيضــا كوســيلة لتعزيــز املنافســة‬ ‫يف ظــل الــدور الكبيــر للقطــاع العــام يف االقتصــاد اليمنــي‪.‬‬ ‫وممـــا ال شـــك فيـــه أن حتســـن التجـــارة البينيـــة يف املنطقـــة‬ ‫يع ــد عنصــ ًرا رئيســ ًيا يف حتس ــن آف ــاق التكام ــل اإلقليم ــي ال ــذي‬ ‫ميك ــن أن ي ــؤدي إل ــى انفت ــاح جت ــاري م ــع األس ــواق العاملي ــة الكب ــرى‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪111‬‬

‫ملف العدد‬

‫مثـــل أوروبـــا ومبـــا يحقـــق وفـــورات احلجـــم يف البنيـــة التحتيـــة‪،‬‬ ‫ورمب ــا بن ــاء الثق ــة فيم ــا ب ــن بل ــدان املنطق ــة الت ــي ينخ ــرط بعضه ــا‬ ‫يف ح ــروب بالوكال ــة‪.‬‬ ‫أخيـ ًرا نشــير إلــى أهميــة وجــود إرادة سياســية وشــعبية‪ ،‬للولــوج‬ ‫إل ــى الس ــام وحتقي ــق الوئ ــام ب ــن الفصائ ــل املتناح ــرة‪ ،‬وتوف ــر إدارة‬ ‫علـــى مســـتوى عـــال مـــن االحترافيـــة لتحقيـــق التنميـــة الشـــاملة‬ ‫واحتــواء الفقــراء وإدماجهــم يف عمليــة التنميــة‪ ،‬فمــن ناحيــة‪ ،‬ميكــن‬ ‫إلدارة تنمويــة جيــدة أن تســاعد اليمــن التــي مزقتهــا احلــروب علــى‬ ‫إع ــادة بن ــاء اقتصاده ــا املدم ــر‪ ،‬وإع ــادة توحي ــد ش ــعبها مب ــا يع ــود‬ ‫بالنف ــع عل ــى املنطق ــة بأس ــرها‪ ،‬ورمب ــا بقي ــة بل ــدان العال ــم‪ .‬وم ــن‬ ‫ناحي ــة أخ ــرى‪ ،‬ميك ــن إلدارة تنموي ــة س ــيئة أن ت ــؤدي إل ــى مخاط ــر‬ ‫جتـــدد نشـــوب الصـــراع‪ ،‬واســـتمرار الركـــود واملعانـــاة‪ ،‬ودميومـــة‬ ‫أوضـــاع إعـــادة اإلعمـــار بعـــد انتهـــاء الصـــراع‪ ،‬وبالتالـــي‪ ،‬فـــإن‬ ‫اإلدارة االقتصادي ــة لعملي ــة التنمي ــة تع ــد بالغ ــة األهمي ــة للمس ــتقبل‬ ‫االقتص ــادي يف اليم ــن‪.‬‬ ‫ومثلمــا أســهم العنــف والصــراع يف إبطــاء النمــو يف املنطقــة خــال‬ ‫األعــوام الســتة املاضية‪،‬فــإن آفــاق إحــال الســام يف اليمــن ال تــزال‬ ‫متثــل أحــد العناصــر الرئيســية الســتئناف النمــو واخلــروج مــن ربقــة‬ ‫الفقــر‪ ،‬خــال العقــد القــادم‪ ،‬لكــن حتقيــق هــذه اإلمكانيــة يتوقــف‬ ‫بشــدة علــى كيفيــة إدارةعمليــة إعــادة اإلعمــار بعــد انتهــاء الصــراع‪.‬‬

‫* أﺳﺘﺎذ اﻻﻗﺘﺼﺎد واﳌﺎﻟﻴﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ‪ -‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﳌﻨﻮﻓﻴﺔ‪-‬ﻣﴫ‬

‫‪110‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫أزمة اقتصادية محلية وحلول عالمية‬ ‫اندلعــت احلــرب األهليــة يف اليمــن( كمــا كانــت يف كل مــن ســوريا‬ ‫وليبيــا) مــع انــدالع احتجاجــات الربيــع العربــي‪ ،‬لكنهــا حتولــت منــذ‬ ‫ذلــك احلــن إلــى صراعــات طائفيــة‪ ،‬كمــا حتولــت إلــى حــروب‬ ‫بالوكالــة حيــث يتــم تغذيتهــا مــن أطــراف وبلــدان أجنبيــة‪ ،‬وعــادة مــا‬ ‫تســتمر احلــروب بالوكالــة لفتــرات أطــول مــن احلــروب األخــرى نظـ ًرا‬ ‫الســتمرار التمويــل وعرقلــة اجلهــود املبذولــة للتوصــل إلــى تســوية‬ ‫ســلمية عــن طريــق املفاوضــات‪.‬‬ ‫وبالتالــي فــإن إحــال الســام وإعــادة اإلعمــار يف اليمــن ميثــان‬ ‫حتد ًيــا اقتصاد ًيــا كبيــ ًرا علــى اليمنيــن ودول اجلــوار واملجتمــع‬ ‫الدولــي‪ ،‬كمــا أن حجــم الدمــار وتدهــور مؤشــرات التنميــة يــدالن‬ ‫علــى أن عمليــة إعــادة اإلعمــار بعــد انتهــاء الصــراع ســتتطلب مــوارد‬ ‫طائلــة‪ ،‬حيــث يتطلــب األمــر ليــس فقــط أن تعيــد بنــاء البنيــة التحتيــة‪،‬‬ ‫بــل مؤسســات اخلدمــات االجتماعيــة ومنشــآت األعمــال التــي طالهــا‬ ‫الدمــار‪.‬‬ ‫مــن ناحيــة أخــرى‪ ،‬فكمــا أن الدمــار لــم يصــب فقــط األصــول‬ ‫املاديــة وإمنــا طــال اجلوانــب النفســية واالجتماعيــة‪ ،‬وأثــر بالضــرورة‬ ‫نوعــا مــن الشــعور باإلقصــاء‬ ‫علــى منظومــة القيــم واملبــاديء‪ ،‬وأحــدث ً‬ ‫الــذي أدى إلــى انــدالع االحتجاجــات الشــعبية يف املقــام األول‬ ‫وصراعــات طائفيــة‪ ،‬فــإن أي تســوية بعــد انتهــاء الصــراع يجــب أن‬ ‫تتصــدى لتلــك التصدعــات جتن ًبــا حلــدوث انقســامات أو نزعــات‬ ‫اســتقالية‪ ،‬أســس طائفيــة‪ ،‬كمــا أن عليهــا أن تعيــد إنشــاء ماهــو‬ ‫أكثــر مــن البنيــة التحتيــة بإقامــة مؤسســات كان غيــاب دورهــا ســب ًبا‬ ‫رئيس ـ ًيا يف انــدالع الصــراع‪.‬‬ ‫وكمــا يشــير تقريــر البنــك الدولــي فــإن إحــال الســام يف‬ ‫املنطقــة يُعــد مــن الســلع ذات النفــع العــام العامليــة‪ ،‬ومــن ثــم يجــب‬ ‫علــى املجتمــع الدولــي التكاتــف للمســاعدة يف متويــل برامــج إعــادة‬ ‫اإلعمــار بعــد انتهــاء الصراعــات يف املنطقــة‪ ،‬واملســاعدة يف تنفيذهــا‪.‬‬ ‫مستقبل التنمية االقتصادية يف اليمن‬ ‫تعتمــد التوقعــات االقتصاديــة واالجتماعيــة لعــام ‪2017‬م‪ ،‬ومــا‬ ‫بعــده بشــكل حاســم علــى التحســينات الســريعة علــى الصعيديــن‬ ‫السياســي واألمنــي‪ ،‬ويف نهايــة املطــاف علــى مــا إذا كانــت نهايــة‬ ‫الصــراع اجلــاري ستســمح بإعــادة بنــاء االقتصــاد والقــدرة اإلنتاجيــة‬ ‫والنســيج االجتماعــي لليمــن‪.‬‬ ‫وإذا أمكــن إرســاء الســام بحلــول منتصــف عــام ‪2017‬م‪ ،‬يُق ـ ّدر‬ ‫عجــز املوازنــة باالنخفــاض إلــى ‪ %6‬مــن إجمالــي النــاجت احمللي‪ .‬وميكن‬ ‫اســتئناف التمويــل األجنبــي يف النصــف الثانــي مــن الســنة (مــع تقديــر‬ ‫املســاعدات الطارئــة بنســبة ‪ %4‬مــن إجمالــي النــاجت احمللــي)‪ .‬ويف‬ ‫الوقــت نفســه‪ ،‬ميكــن معــاودة حتصيــل الضرائــب مــع اســتئناف إنتــاج‬ ‫النفــط‪ ،‬مــع انتعــاش عائــدات الضرائــب النفطيــة إلــى حوالــي ‪ %6‬مــن‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫إجمالــي النــاجت احمللــي‪ ،‬مــن بينهــا ‪ 3/2‬مرتبــط بزيــادة االســتهاك‬ ‫احمللــي للطاقــة‪ .‬وتُقــدر اإليــرادات الضريبيــة غيــر النفطيــة بنحــو ‪%8‬‬ ‫مــن إجمالــي النــاجت احمللــي ضمــن هــذا الســيناريو‪.‬‬ ‫ل ــم تع ــد التقاري ــر اإلحصائي ــة الرس ــمية متاح ــة‪ .‬وم ــع ذل ــك‪،‬‬ ‫تش ــير البيان ــات الت ــي مت جمعه ــا إل ــى أن إجمال ــي الن ــاجت احملل ــي‬ ‫لليمـــن انكمـــش منـــذ عـــام ‪2015‬م‪ ،‬بنســـبة تقـــارب ‪ ،%40‬وذلـــك‬ ‫بش ــكل تراكم ــي‪.‬‬ ‫وتعتمــد التوقعــات االقتصاديــة واالجتماعيــة لعــام ‪2017‬م‪ ،‬ومــا‬ ‫بعــده بشــكل حاســم علــى التحســينات الســريعة علــى الصعيديــن‬ ‫السياســي واألمنــي‪ ،‬ويف نهايــة املطــاف علــى مــا إذا كانــت نهايــة‬ ‫الصــراع اجلــاري ستســمح بإعــادة بنــاء االقتصــاد والقــدرة اإلنتاجيــة‬ ‫والنســيج االجتماعــي لليمــن‪ ،‬وإذا أمكــن إرســاء الســام بنهايــة عــام‬ ‫‪2017‬م‪ ،‬يقــدر عجــز املوازنــة باالنخفــاض إلــى ‪ %6‬مــن إجمالــي الناجت‬ ‫احمللــي‪ .‬وميكــن اســتئناف التمويــل األجنبــي مطلــع العــام ‪2018‬م‪،‬‬ ‫(مــع تقديــر املســاعدات الطارئــة بنســبة ‪ %4‬مــن إجمالــي النــاجت‬ ‫احمللــي)‪ ،‬ويف الوقــت نفســه‪ ،‬ميكــن معــاودة حتصيــل الضرائــب مــع‬ ‫اســتئناف إنتــاج النفــط‪ ،‬وانتعــاش عائــدات الضرائــب النفطيــة إلــى‬ ‫حوالــي ‪ %6‬مــن إجمالــي النــاجت احمللــي‪ ،‬املرتبطــة بزيــادة االســتهاك‬ ‫احمللــي للطاقــة‪ ،‬وتقــدر اإليــرادات الضريبيــة غيــر النفطيــة بنحــو ‪%8‬‬ ‫مــن إجمالــي النــاجت احمللــي ضمــن هــذا الســيناريو‪.‬‬

‫التحديات الحاضرة واحتماالت نجاح التنمية االقتصادية مسـتقب ًا‬ ‫يتعــرض مســتقبل التنميــة االقتصاديــة يف اليمــن لتحديــات‬ ‫بعضهــا يف األجــل القصيــر واآلخــر يف األجــل الطويــل‪ ،‬أمــا التحديات‬ ‫يف األجــل القصيــر فمــن بينهــا شــدة تقلبــات أســعار النفــط‪ ،‬وتصاعــد‬ ‫حــدة احلــرب واســتمرار أعمــال العنــف يف املنطقــة‪ ،‬ومــا ترتبــه مــن‬ ‫حالــة عــدم اليقــن بشــأن اجتاهــات التســوية‪ ،‬والتــي بدونهــا ال‬ ‫يتصــور أن تبــدأ جهــود إعــادة اإلعمــار والتنميــة يف اليمــن كذلــك‬ ‫هنــاك مخاطــر متعــددة أمــام حتقيــق منــو طويــل األجــل يف املنطقــة‪،‬‬ ‫فالصــراع وانعــدام االســتقرار السياســي‪ ،‬وانتشــار الفســاد‪ ،‬وســوء‬ ‫نظــام احلوكمــة ميكــن أن تكــون لهــا آثــار معوقــة علــى إمكانــات‬ ‫التنميــة واســتمرارها حتــى مــع انتهــاء الصــراع العســكري‪.‬‬ ‫وعلي ــه ميك ــن الق ــول أن إع ــاد إعم ــار االقتص ــاد اليمن ــي‪ ،‬وب ــدء‬ ‫عملي ــة التنمي ــة‪ ،‬والس ــعي لتحقي ــق من ــو مرتف ــع وش ــامل للجمي ــع يف‬ ‫اليم ــن‪ ،‬يتطل ــب بداي ــة إنه ــاء الص ــراع املس ــلح‪ ،‬وحتقي ــق االس ــتقرار‬ ‫السياس ــي‪ ،‬والب ــدء يف حتس ــن أوض ــاع االقتص ــاد الكل ــي‪ ،‬خاص ــة‬ ‫عل ــى مس ــتوى البني ــة التحتي ــة‪ ،‬وإج ــراء إصاح ــات يف السياس ــات‬ ‫والنظ ــم االقتصادي ــة‪ ،‬وتنفي ــذ إصاح ــات عل ــى مس ــتوى االقتص ــاد‬ ‫اجلزئـــي لتهيئـــة منـــاخ أفضـــل ألنشـــطة األعمـــال يف القطـــاع‬ ‫اخلــاص‪ ،‬مبــا يســمح بالبــدء يف عمليــات التنميــة وحتقيــق معــدالت‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫منهــا إلــى مشــاريع فرعيــة ومســتفيدين‪ .‬ويجــري حال ًيــا تنفيــذ ‪170‬‬ ‫ـروعا فرع ًيــا يعتــزم البنــك‬ ‫ـروعا فرع ًيــا (مــن إجمالــي ‪ 288‬مشـ ً‬ ‫مشـ ً‬ ‫تنفيذهــا)‪ ،‬بإجمالــي ‪ 19‬مليــون دوالر‪.‬‬ ‫ويزيــد عــدد األشــخاص املشــاركن يف مشــاريع األشــغال كثيفــة‬ ‫االســتخدام لأليــدي العاملــة ضمــن كا املكونــن علــى ‪ 15300‬كمــا يلي‪:‬‬ ‫‪ %30‬من النســاء‪ ،‬و ‪ %35‬من الشــباب‪ ،‬و‪ %40‬من النازحن داخل الباد‪.‬‬ ‫وأدت مشــاريع البنــك إلــى إتاحــة حوالــي ‪ 106800‬يــوم عمــل‬ ‫وفــرت دخ ـ ً‬ ‫ا ملــا يبلــغ ‪ 50‬ألــف شــخص (أفــراد األســر املشــاركة)‪،‬‬ ‫باإلضافــة إلــى ذلــك‪ ،‬تتلقــى حال ًيــا ‪ 4222‬امــرأة فقيــرة وأطفالهــن‬ ‫دون ســن اخلامســة مســاعدات نقديــة‪ ،‬ويســتفيدوا جمي ًعــا مــن‬ ‫اإلجــراءات التدخليــة يف مجــال التغذيــة‪ ،‬مبــا يف‬ ‫ذلــك تيســير حصولهــن علــى خدمــات العــاج مــن‬ ‫ســوء التغذيــة‪.‬‬ ‫ويف إطــار املشــروع الطــارئ للصحــة والتغذيــة‪،‬‬ ‫الــذي وافــق عليــه البنــك الدولــي مؤخـ ًرا‪ ،‬مت تنفيــذ‬ ‫حملــة للتطعيــم ضــد شــلل األطفــال يف كافــة أرجــاء‬ ‫اليمــن‪ ،‬وحققــت احلملــة جناحــات ملحوظــة يف‬ ‫الوصــول إلــى نحــو ‪ 5‬مايــن طفــل مينــي يف جميــع‬ ‫احملافظــات‪ .‬باإلضافــة إلــى ذلــك‪ ،‬حصــل ‪ 375‬ألــف‬ ‫طفــل يف الفئــة العمريــة ‪ 24 – 6‬شــه ًرا‪ ،‬و ‪ 132‬ألــف‬ ‫امــرأة حامــل ومرضعــة علــى مســاعدات غذائيــة هامــة‪.‬‬ ‫كمــا تلقــت نحــو ‪ 17‬ألــف امــرأة حامـ ً‬ ‫ا تطعي ًمــا ضــد التيتانــوس‪،‬‬ ‫ومتــت معاجلــة أكثــر مــن‪ 71‬ألــف طفــل مــن أمــراض الطفولــة‪ ،‬وتلقــت‬ ‫نحــو‪ 16‬ألــف امــرأة خدمــات صحــة األمهــات وحديثــي الــوالدة‪ ،‬وقــد‬ ‫صــرف البنــك حوالــي ‪ 80‬مليــون دوالر (‪ )%40‬إلــى اليونيســف‬ ‫ومنظمــة الصحــة العامليــة‪ ،‬حتــى أبريــل ‪2017‬م‪.‬‬ ‫كمــا وافــق مجلــس املديريــن التنفيذيــن للبنــك الدولــي يف يوليــو‬ ‫‪2016‬م‪ ،‬علــى مذكــرة مشــاركة مــع اليمــن للســنتن املاليتــن ‪2017‬‬ ‫و‪2018‬م‪ ،‬مــن أجــل تقــدمي املســاندة العاجلــة عــن طريــق أجهــزة‬ ‫تقــدمي اخلدمــات احملليــة‪ ،‬ومســاندة األســر واملجتمعــات احملليــة‬ ‫املتضــررة مــن الصــراع واإلعــداد للتعــايف وإعــادة اإلعمــار فيمــا بعــد‬ ‫انتهــاء الصــراع بالشــراكة مــع األمم املتحــدة‪ .‬وعــاوة علــى ذلــك‪،‬‬ ‫فقــد وافــق البنــك علــى املشــروع الطــارئ لاســتجابة لألزمــات بقيمــة‬ ‫‪ 50‬مليــون دوالر أمريكــي مــن أجــل مســاندة األســر واملجتمعــات‬ ‫احملليــة األشــد تضــر ًرا مــن جــراء األزمــة املســتمرة‪ .‬واســتنا ًدا إلــى‬ ‫التجربــة اإليجابيــة املتمثلــة يف تنفيــذ حافظــة مشــاريع الصحــة‬ ‫للبنــك مــن خــال اليونيســف ومنظمــة الصحــة العامليــة‪ ،‬ســتمول‬ ‫املنحــة املقترحــة لبرنامــج األمم املتحــدة اإلمنائــي مســاعدات طارئــة‬ ‫لتخفيــف حــدة آثــار الصــراع علــى رفاهة ومعيشــة األســر واملجتمعات‬ ‫احملليــة املتضــررة يف اليمــن‪ ،‬مــع التركيــز بوجــه خــاص علــى النســاء‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪109‬‬

‫ملف العدد‬

‫والشــباب‪ ،‬ومــن أجــل اســتعادة القــدرة علــى تقــدمي اخلدمــات‪.‬‬ ‫وافــق البنــك الدولــي علــى تقــدمي منحتــن جديدتــن مــن‬ ‫املؤسســة الدوليــة للتنميــة لليمــن بإجمالــي ‪ 450‬مليــون دوالر عــام‬ ‫‪2017‬م‪ ،‬لتقــدمي دعــم طــارئ للفئــات األكثــر ضع ًفــا ومعانــاة مــن‬ ‫الســكان يف جميــع محافظــات اليمــن االثنتــن والعشــرين‪ ،‬وســتمول‬ ‫هاتــان املنحتــان مشــروعن ينفــذان علــى الصعيــد الوطنــي ويهدفــان‬ ‫إلــى تزويــد النســاء واألطفــال األكثــر ضع ًفــا بســبل احلصــول علــى‬ ‫اخلدمــات الضروريــة يف مجــاالت الرعايــة الصحيــة والتغذية وفرص‬ ‫احلصــول علــى الدخــل لألســر األكثــر فقـ ًرا‪ ،‬واخلدمــات االجتماعيــة‬ ‫األساســية التــي يعتمــد عليهــا مايــن اليمنيــن‪.‬‬

‫‪ 2.8‬مليـون يمنـي‬ ‫نزحوا قسـ ًرا و‪ 14‬مليون‬ ‫يمنـي ال يجـدون الدواء‬ ‫بينهم ‪ 8.3‬مليون طفل‬ ‫بـدون رعايـة صحيـة‬

‫جه ــود المنظم ــات الدولي ــة األخ ــرى يف مواجه ــة‬ ‫األزم ــة االقتصادي ــة‬

‫يشــارك برنامج األمم املتحدة اإلمنائي يف تقدمي‬ ‫املســاعدات املاليــة والعينيــة لليمنــن يف مواجهــة آثــار‬ ‫األزمــة علــى تفاقــم االحتياجــات اإلنســانية‪ ،‬وزيــادة‬ ‫أعــداد احملتاجــن‪ ،‬وحــدة تلــك اإلحتياجــات‪ ،‬حيــث‬ ‫قــدم منحــة بقيمــة ‪ 250‬مليــون دوالر بغــرض توســيع‬ ‫نطــاق مــا يعــرف باملشــروع الطــاريء لاســتجابة‬ ‫لألزمــات‪ ،‬بغــرض توفيــر فــرص حتقيــق الدخــل لعــدد‬ ‫‪ 2‬مليــون مــن الســكان احملتاجــن للمســاعدات اإلنســانية‪ ،‬والذيــن‬ ‫يعانــون مــن احلاجــة اإلنســانية الشــديدة‪ ،‬مبــا يف ذلــك النســاء‬ ‫والشــباب والنازحــن داخــل البــاد‪ ،‬وتســتهدف املســاعدات دعــم‬ ‫مــوارد الصنــدوق االجتماعــي للتنميــة ومشــروع األشــغال العامــة‪،‬‬ ‫وهمــا مؤسســتان مينيتــان أساســيتان تقدمــان خدمــات علــى املســتوى‬ ‫املجتمعــي وتلعبــان دو ًرا مه ًمــا اآلن يف بنــاء قــدرة اليمنيــن علــى‬ ‫مواجهــة اآلثــار الســلبية لألزمــة‪.‬‬ ‫كمــا تقــدم منظمــة الصحــة العامليــة واليونيســف منحــة مببلــغ‬ ‫‪ 200‬مليــون دوالر مــن خــال مــا يعــرف باملشــروع الطــاريء للرعايــة‬ ‫الصحيــة والتغذيــة‪ ،‬والــذي يســتهدف احلفــاظ علــى قــدرة املنشــآت‬ ‫الصحيــة التــي ال تــزال تعمــل يف أرجــاء اليمــن‪ ،‬مــع توفيــر اخلدمــات‬ ‫الصحيــة والتغذيــة حلوالــي ‪ 7‬مليــون مــن الســكان‪ ،‬ودع ًمــا للمســاندة‬ ‫التــي قدمتهــا املؤسســة الدوليــة للتنميــة إلــى قطــاع الصحــة علــى‬ ‫مــدى ‪ 15‬عا ًمــا املاضيــة‪.‬‬ ‫وترجــع أهميــة هــذه املســاعدات النوعيــة خلطــورة تدهــور‬ ‫األوضــاع الصحيــة يف اليمــن حيــث أســفر الصــراع عــن توقــف أكثــر‬ ‫مــن نصــف منشــآت الرعايــة الصحيــة اليمنيــة عــن العمــل‪ ،‬ممــا‬ ‫ترتــب عليــه تزايــد انتشــار األمــراض خاصــة األمــراض التــي كان‬ ‫ميكــن الوقايــة منهــا‪ ،‬فضـ ً‬ ‫ا عــن االرتفــاع الشــديد يف معــدالت ســوء‬ ‫التغذيــة بصــورة غيــر مســبوقة‪.‬‬

‫‪108‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫تقريـر التنميـة البشـرية ‪ :2016‬اليمـن يف المركـز ‪ 168‬بيـن ‪ 188‬بلدا‬ ‫وتراجع مؤشـر التنمية البشـري بنحو ‪)2015 – 2010( %12‬‬ ‫األدويــة‪ ،‬ومــا يتصــل بالصــراع مــن دمــار‪ ،‬دون حصــول ‪ 14‬مليون ميني‪،‬‬ ‫بينهــم ‪ 8.3‬مليــون طفــل‪ ،‬علــى خدمــات الرعايــة الصحيــة‪ ،‬باإلضافــة‬ ‫إلــى ذلــك‪ ،‬تســرب أكثــر مــن ‪ 1.8‬مليــون طفــل آخريــن مــن املــدارس‬ ‫منــذ تفاقــم الصــراع‪ ،‬ليصــل بذلــك إجمالــي عــدد األطفــال احملرومــن‬ ‫مــن الدراســة إلــى أكثــر مــن ‪ 3‬مايــن طفــل‪ ،‬وال تــزال أكثــر مــن ‪1600‬‬ ‫مدرســة مغلقــة بســبب غيــاب األمــن‪ ،‬ومــا حلقهــا مــن أضرار ماديــة‪ ،‬أو‬ ‫اســتخدامها كماجــئ للمشــردين والنازحــن‪.‬‬

‫جهود البنك الدويل يف مواجهة األزمة االقتصادية‬ ‫مــا مــن شــك أن املنظمــات الدوليــة وعلــى رأســها مجموعــة البنــك‬ ‫الدولــى تتحمــل مســؤليات كبيــرة يف مواجهــة األزمــة يف بــاد اليمــن‪،‬‬ ‫ومــع ذلــك فقــد تأثــرت عمليــة تقــدمي املعونــة بالعنــف الدائــر واملخاوف‬ ‫األمنيــة‪ ،‬ممــا دفــع البنــك الدولــي إلــى إيقــاف كافــة بعثاتــه إلــى اليمــن‬ ‫يف ســبتمبر ‪2015‬م‪ ،‬ومت إيقــاف جميــع عمليــات الصــرف للمشــاريع‬ ‫التــي متولهــا املؤسســة الدوليــة للتنميــة والصناديــق االئتمانيــة التــي‬ ‫يديرهــا البنــك الدولــي اعتبــا ًرا مــن ‪ 11‬مــارس ‪2015‬م‪.‬‬ ‫غيــر أن البنــك واصــل التنســيق مــع األطــراف ذات الصلــة‬ ‫يف اليمــن وكذلــك الشــركاء لاســتجابة لألوضــاع ســريعة التطــور‬

‫والتدهــور هنــاك‪ ،‬ويف ديســمبر ‪2015‬م‪ ،‬وبالنظــر إلــى االحتياجــات‬ ‫الصحيــة بالغــة األهميــة يف اليمــن‪ ،‬قــام البنــك برفــع قــرار اإليقــاف‬ ‫علــى أســاس اســتثنائي وصــرف أمــواال الثنــن مــن مشــاريع الصحــة‪،‬‬ ‫وهمــا مشــروع مكافحــة البلهارســيا ومشــروع الصحــة والســكان‪،‬‬ ‫وذلــك بغيــة الســماح بوضــع ترتيبــات مــع اثنتــن مــن وكاالت األمم‬ ‫املتحــدة املتخصصــة لتوريــد وتوزيــع األدويــة واإلمــدادات الطبيــة‬ ‫الضروريــة‪ ،‬ومــا يتصــل بذلــك مــن أنشــطة‪.‬‬ ‫وتشــير تقاريــر املتابعــة يف البنــك الدولــي إلــى أنــه مت صــرف‬ ‫أكثــر مــن ‪ %89‬مــن األمــوال املخصصــة لهذيــن املشــروعن (مشــروع‬ ‫الصحــة والســكان ومشــروع مكافحــة البلهارســيا) وتقــدر املصروفــات‬ ‫بنحــو (‪ 15.1‬مليــون دوالر)‪.‬‬ ‫كمــا تشــير تلــك التقاريــر إلــى أن نحــو ‪ 1.5‬مليــون طفــل دون‬ ‫ســن اخلامســة حصلــوا علــى تطعيــم ضــد شــلل األطفــال‪ ،‬واســتفاد‬ ‫‪ 150‬ألفــا مــن برامــج معاجلــة ســوء التغذيــة والتخلــص مــن الديــدان‬ ‫وأمــراض األمهــات واألطفــال‪ ،‬وجــرى توزيــع أدويــة ملــا يبلــغ ‪ 0.4‬مليــون‬ ‫طفــل يف ســن الدراســة يف ‪ 20‬مديريــة وذلــك حتــى نوفمبــر‪2016 /‬م‪.‬‬ ‫يف إطــار املشــروع الطــارئ لاســتجابة لألزمــات‪ ،‬مت صــرف‬ ‫‪ 23.3‬مليــون دوالر (‪ ،)%47‬وقــد مت حتويــل ‪ 16.7‬مليــون دوالر‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫‪ 44‬ألــف شــخص‪ ،‬وتشــرد أكثــر مــن ‪ 3‬مايــن نســمة‪ ،‬وتهدمــت مبــان‬ ‫ومؤسســات حكومية وخاصة‪ ،‬منها ‪ 325‬مدرســة ومستشــفى وأســواق‬ ‫جتاريــة وطــرق‪ ،‬وأصبحــت مؤسســات هامة مثل البنــك املركزي ّ‬ ‫معطلة‬ ‫يف أواخــر عــام ‪2016‬م‪ ،‬كمــا هدمــت املــدارس واملستشــفيات‪ ،‬وفقــد‬ ‫أوضاعــا إنســانية‬ ‫الكثيــر مــن اليمنيــن وظائفهــم‪ ،‬وأصبحــوا يواجهــون‬ ‫ً‬ ‫صعبــة‪ ،‬وحــاالت نــزوح واســعة النطــاق‪ ،‬وتعطلــت ســبل االتصــال بعــد‬ ‫تدميــر واســع ألهــم عناصــر البنيــة األساســية مــن الطــرق والكبــاري‬ ‫ووســائل اإلتصــال احليويــة‪ ،‬ممــا أدى إلــى أن تطلــق األمم املتحــدة‬ ‫مؤخــ ًرا نــدا ًء إنســان ًيا (‪ 2.1‬مليــار دوالر) ملســاعدة ‪ 8‬مايــن مينــي‬ ‫يعانــون مــن تزايــد انعــدام األمــن الغذائــي‪.‬‬ ‫ورغــم شــح التقاريــر اإلحصائيــة الرســمية املتاحــة فــإن جهــود‬ ‫منظمــات األمم املتحــدة وخبــراء البنــك الدولــي وصنــدوق النقــد‬ ‫الدولــي يعــدون تقديــرات ال تبعــد كثيـ ًرا عــن الواقــع‪ ،‬وتشــير البيانــات‬ ‫التــي مت إعدادهــا إلــى أن إجمالــي النــاجت احمللــي لليمــن انكمــش منــذ‬ ‫عــام ‪2015‬م‪ ،‬بنســبة تقــارب ‪ ،%40‬كمــا تراجــع متوســط دخــل الفــرد‬ ‫حــال عامــي ‪2016-2015‬م‪ ،‬بنســبة ‪ ،%30‬وذلــك بشــكل تراكمــي‪،‬‬ ‫ممــا يضــع اليمــن يف قائمــة الــدول منخفضــة الدخــل أي الفقيــرة‬ ‫مبتوســط دخــل فــردي بلــغ ‪ 1040‬دوالر أمريكــي ســنو ًيا‪ ،‬حســب‬ ‫تقديــرات مؤشــرات التنميــة األخيــرة ‪2017‬م‪.‬‬ ‫وقــد أشــارت دراســة مشــتركة أجراهــا البنــك الدولــي واألمم‬ ‫املتحــدة والبنــك اإلســامي للتنميــة واالحتــاد األوروبــي إلــى أن التقدير‬ ‫األولــي لتكاليــف األضــرار املاديــة للحــرب يف اليمــن يبلغ نحــو ‪ 15‬مليار‬ ‫دوالر مــن بينهــا خســائر اقتصاديــة بقيمــة تبلــغ حوالــي ‪ 7‬مليــارات‬ ‫دوالر وخســائر يف اإلنتــاج واخلدمــات بقيمــة تتجــاوز ‪ 3.7‬مليار دوالر‪.‬‬ ‫ويــزداد األمــر تعقيــدًا إذا علمنــا أن إعــادة اإلعمــار واســتعادة‬ ‫مســتويات احليــاة واملعيشــة ســوف تتطلــب جهــو ًدا مكملــة علــى‬ ‫املســتوى التنظيمــي واملؤسســي‪ ،‬بجانــب تنفيــذ قــدر كبيــر مــن‬ ‫االســتثمارات ال يقــل عــن ‪ %25‬مــن الدخــل الوطنــي‪ ،‬حتــى ميكــن‬ ‫رفــع معــدل منــو النــاجت بنســبة ‪ %5‬علــى األقــل ســنو ًيا‪ ،‬ممــا يشــير‬ ‫إلــى أن مجــرد اســتعادة نفــس مســتوى متوســط دخــل الفــرد الــذي‬ ‫كان ســائدًا قبــل انــدالع األزمــة يحتــاج إلــى ‪ 7‬ســنوات علــى األقــل مــن‬ ‫اجلهــد التنمــوي املتواصــل‪.‬‬ ‫وتشــمل االحتياجــات االنســانية املفتقــدة يف اليمــن خمســة‬ ‫أبعــاد رئيســة هــي‪ :‬األمــن الغذائــي والزراعــة‪ ،‬امليــاه النقيــة والصــرف‬ ‫الصحــي‪ ،‬الرعايــة الصحيــة‪ ،‬التغذيــة ورعايــة األطفــال حديثــي‬ ‫الــوالدة‪ ،‬املــأوى والتشــرد ‪.displacement‬‬ ‫فبينما قدر عدد الســكان بنحو ‪ 27.4‬مليون نســمة ‪2016‬م‪ ،‬يقدر‬ ‫عــدد الســكان الذيــن يواجهــون احلرمــان مــن احلاجــات األساســية‪،‬‬ ‫ويطلــق عليهــم الســكان احملتاجــون (‪ )People in Need‬نحــو‬ ‫نوعــا مــا مــن املســاعدات‬ ‫‪ 18.8‬أي بنســبة تبلــغ نحــو ‪ ،%68‬يحتاجــون ً‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪107‬‬

‫ملف العدد‬

‫اإلنســانية‪ ،‬واحلمايــة‪ ،‬ويتضمــن هــذا العــدد ‪ 10.3‬مليو ًنــا مــن الســكان‬ ‫يف حاجــة حــادة للمســاعدة‪ ،‬وهــو مــا ظهــر بشــكل أساســي منــذ انــدالع‬ ‫الصــراع يف مــارس ‪2015‬م‪ ،‬وخلــق أزمــة حــادة يف ســبل احلمايــة‬ ‫اإلنســانية‪ ،‬حيــث تزايــدت أعــداد الســكان الذيــن يواجهــون أخطــار‬ ‫فقــدان األمــان واحلقــوق األساســية ويصارعــون مــن أجــل البقــاء‪.‬‬ ‫أمــا عــن االحتياجــات األساســية‪ ،‬فــإن نحــو ‪ 14‬مليــون يعانــون‬ ‫نقصــا حــا ًدا يف‬ ‫مــن عــدم األمــن الغذائــي‪ ،‬منهــم ‪ 7‬مايــن يواجهــون ً‬ ‫احلصــول علــى الغــذاء‪ ،‬وعــدد ‪ 14.7‬مليــون نســمة يعانــون مــن نقــص‬ ‫حــاد يف ســبل الرعايــة الصحيــة‪ ،‬وعــدد ‪ 3.3‬مليــون نســمة يواجهــون‬ ‫ســوء تغذيــة‪ ،‬منهــم ‪ 462‬ألــف طفــل يعانــون مــن أنيميــا حــادة‪ ،‬ونحــو‬ ‫نوعــا مــا مــن املســاعدات اإلنســانية‪ ،‬منهــم‬ ‫‪ 18.8‬مليــون يحتاجــون ً‬ ‫‪ 10.3‬يف حاجــة ماســة للمســاعدات اإلنســانية‪.‬‬ ‫ومــن ناحيــة اخلدمــات األساســية والبنيــة التحتيــة‪ ،‬فقــد‬ ‫تدهــورت بشــكل خطيــر‪ ،‬حيــث لــم يبــق مــن منشــآت الرعايــة‬ ‫الصحيــة إال ‪ %45‬فقــط تقــدم خدمــات فقيــرة‪ ،‬حيــث تواجــه بنقــص‬ ‫حــاد يف األدويــة واملعــدات الصحيــة واملســتلزمات واألجهــزة الطبيــة‪،‬‬ ‫واملــوارد البشــرية‪ ،‬كمــا يوجــد نحــو ‪ 1600‬مدرســة تأثــرت بالتدميــر‬ ‫وأصبحــت غيــر صاحلــة لإســتخدام‪ ،‬ممــا تســبب يف تشــرد نحــو‬ ‫‪ 2‬مليــون طالــب مــن مدارســهم‪ ،‬كمــا يعانــي موظفــو احلكومــة مــن‬ ‫عــدم انتظــام احلصــول علــى مرتباتهــم بشــكل منتظــم‪ ،‬ويشــكلون هــم‬ ‫وأســرهم نحــو ‪ %30‬مــن الســكان‪.‬‬ ‫وعلــى مســتوى االحتياجــات اإلنســانية األساســية تشــير‬ ‫تقديــرات البنــك الدولــي يف مــارس ‪2017‬م‪ ،‬إلــى أن ‪ 17‬مليــون‬ ‫مينــي يعانــون مــن انعــدام األمــن الغذائــي أي نحــو ‪ %63‬مــن مجمــوع‬ ‫الســكان عــام ‪2016‬م‪ ،‬باإلضافــة إلــى ‪ 7‬مايــن آخريــن يعانــون مــن‬ ‫االنعــدام الشــديد يف األمــن الغذائــي‪.‬‬ ‫وقــد ارتفعــت معــدالت ســوء التغذيــة مبعــدل ‪ %57‬منــذ عــام‬ ‫‪2015‬م‪ ،‬وتؤثــر اآلن علــى مــا يقــرب مــن ‪ 3.3‬مليــون شــخص ‪462-‬‬ ‫أل ًفــا منهــم مــن األطفــال دون ســن اخلامســة‪ ،‬وتقــدر منظمــة األمم‬ ‫املتحــدة للطفولــة– اليونيســف أن هنــاك طفــ ً‬ ‫ا واحــدًا ميــوت كل‬ ‫عشــر دقائــق يف اليمــن بســبب أســباب ميكــن الوقايــة منهــا‪.‬‬ ‫كمــا تدهــورت األحــوال املعيشــة لنســبة كبيــرة مــن الســكان‪،‬‬ ‫ناهيــك عــن التراجــع احلــاد يف أنشــطة القطــاع اخلــاص‪ ،‬وتأثــرت‬ ‫الــواردات بشــكل أساســي‪ ،‬وتدهــورت املعامــات املاليــة وتأثــر نشــاط‬ ‫القطــاع املالــي واملصــريف بشــكل كبيــر‪ ،‬ممــا أثــر ســل ًبا علــى نظــم‬ ‫الدفــع‪ ،‬وقــد أســفر ذلــك عــن اجتاهــات تضخميــة شــملت مختلــف‬ ‫الســلع واخلدمــات‪ ،‬وتدهــورت القــوة الشــرائية للنقــود بشــكل كبيــر‬ ‫وأســفر عــن تدهــور حــاد يف مســتويات املعيشــة‪.‬‬ ‫وتشــير تقاريــر البنــك الدولــي إلــى أن ‪ 2.8‬مليــون مينــي قــد‬ ‫اضطــروا إلــى النــزوح قســرا داخــل البــاد‪ ،‬ويحــول النقــص املزمــن يف‬

‫‪106‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫‪ % 60‬مـن األطفـال دون الخامسـة يعانـون مـن سـوء التغذيـة المزمـن‬ ‫و‪ % 35‬مـن نقـص الـوزن و‪ % 13‬مـن سـوء التغذيـة الحاد‬ ‫النفــط‪ ،‬والغــاز‪ ،‬وتراجعــت الــواردات بشــكل كبيــر‪ ،‬باســتثناء الســلع‬ ‫األساســية مــن الغــذاء والطاقــة‪ ،‬أمــا التضخــم فقــد قفــز إلــى‬ ‫معــدالت غيــر مســبوقة‪ ،‬بلغــت ‪ %40‬عــام ‪2015،‬م‪ ،‬متزامنــا مــع‬ ‫اجتاهــات انكماشــية حــادة‪ ،‬وانخفضــت احتياطيــات البــاد مــن‬ ‫النقــد األجنبــي‪ ،‬إلــى مــا يعــادل أقــل مــن شــهرين مــن الــواردات‬ ‫املنخفضــة بفعــل األزمــة‪.‬‬ ‫ورغــم مــا طــرأ مــن حتســن علــى مؤشــرات التعليــم والصحــة‪ ،‬بقــي‬ ‫معــدل الفقــر مرتف ًعــا‪ .‬فقــد ارتفعــت نســبة مــن يعيشــون حتــت خــط‬ ‫الفقــر البالــغ ‪ 1.9‬دوالر يف اليــوم (عنــد تعــادل القــوة الشــرائية) مــن‬ ‫‪ %44.9‬عــام ‪1990‬م‪ ،‬إلــى ‪ %46‬عــام ‪2010‬م‪ ،‬وعنــد ‪ 4‬دوالرات يف‬ ‫اليــوم (عنــد تعــادل القــوة الشــرائية) كان أكثــر مــن ‪ % 85‬مــن الســكان‬ ‫يعيشــون دون خــط الفقــر عــام ‪2010‬م‪ .‬وســجل اليمــن ً‬ ‫أيضــا أحــد‬ ‫أعلــى معــدالت ســوء التغذيــة يف العالــم‪ ،‬ففــي عــام ‪2012‬م‪ ،‬كان ‪% 60‬‬ ‫تقري ًبــا مــن األطفــال دون اخلامســة يعانــون مــن ســوء التغذيــة املزمــن‪،‬‬ ‫و‪ % 35‬مــن نقــص الــوزن‪ ،‬و‪ % 13‬مــن ســوء التغذيــة احلــاد‪.‬‬ ‫كمــا كانــت املؤشــرات االجتماعيــة يف اليمــن ضعيفــة قبــل عــام‬ ‫‪2010‬م‪ ،‬لكــن تصاعــد الصــراع دمــر مــا حتقــق مــن تقــدم خــال‬ ‫العقديــن املاضيــن‪ .‬يف تقريــر التنميــة البشــرية ‪2016‬م‪ ،‬جــاء ترتيــب‬

‫ً‬ ‫منخفضــا مــن املركــز ‪ 154‬الــذي‬ ‫اليمــن يف املركــز ‪ 168‬بــن ‪ 188‬بلـدًا‪،‬‬ ‫احتلــه عــام ‪ 2014‬م‪ .‬وقــد تراجــع مؤشــر التنميــة البشــري بنحــو ‪%12‬‬ ‫خــال الفتــرة ‪2015 - 2010‬م‪ .‬كمــا كان تأثيــر الصــراع مأســاو ًيا علــى‬ ‫الشــعب اليمنــي حيــث يقــدر عــدد القتلــى املدنيــن مبــا يتجــاوز‪ 6‬آالف‬ ‫قتيــل‪ ،‬إلــى جانــب حوالــي ‪ 29‬ألــف جريــح‪ .‬ويف نهايــة عــام ‪2015‬م‪ ،‬كان‬ ‫هنــاك نحــو ‪ 2.5‬مليــون شــخص مشــرد داخل ًيــا يف اليمــن‪.‬‬ ‫والفقــراء هــم األكثــر معانــاة‪ ،‬فهنــاك ‪ 21.2‬مليــون ميني‪ ،‬أو أكثر‬ ‫مــن ‪ % 80‬مــن الســكان‪ ،‬يف حاجــة إلــى مســاعدات إنســانية عاجلــة؛‬ ‫و‪14.4‬مليــون مينــي يواجهــون انعــدام األمــن الغذائــي املزمــن‪ ،‬بزيــادة‬ ‫‪ % 30‬منــذ بدايــة الصــراع؛ و‪ 19.3‬مليــون مينــي بــدون ميــاه الشــرب‬ ‫املأمونــة أو الصــرف الصحــي‪.‬‬ ‫وحســب مكتــب األمم املتحــدة لتنســيق الشــؤون إإلنســانية‪ ،‬فقــد‬ ‫أدى ذلــك إلــى زيــادة حــادة يف عــبء ســوء التغذيــة واألمــراض حيــث‬ ‫أن االعتمــاد علــى امليــاه مــن مصــادر غيــر محميــة يجعــل املواطنــن‪،‬‬ ‫وبخاصــة الصغــار منهــم‪ ،‬عرضــة لألمــراض‪.‬‬ ‫مــن ناحيــة أخــرى‪ ،‬أدى الصــراع إلــى وضــع إنســاني حــرج‪ ،‬يف ظل‬ ‫ازديــاد محصلــة الوفيــات واإلصابــات بــن املدنيــن‪ ،‬والتشــريد الواســع‬ ‫للســكان‪ ،‬والنقــص احلــاد يف الغــذاء‪ ،‬فحتــى ســبتمبر ‪2016‬م‪ ،‬قتل نحو‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪105‬‬

‫ملف العدد‬

‫استعادة متوسط دخل الفرد كما كان قبل االنقالب يحتاج ‪ 7‬سنوات من الجهد املتواصل‬

‫مس ــتقبل التنمي ــة االقتصادي ــة يف اليم ــن‬ ‫بع ــد انق ــاب الحوث ــي‪ /‬صال ــح‬ ‫أص ــاب الص ــراع يف اليم ــن جمي ــع اجلوان ــب احلياتي ــة لليمني ــن‪ ،‬وأدى إل ــى احل ــد م ــن‬ ‫إمكاني ــة حصوله ــم عل ــى امل ــواد الغذائي ــة واملي ــاه والرعاي ــة الصحي ــة‪ ،‬كم ــا عم ــق م ــن ه ــوة‬ ‫الفق ــر‪ ،‬وأجب ــر ماي ــن األطف ــال عل ــى ت ــرك مدارس ــهم والتش ــرد داخ ــل وخ ــارج باده ــم‪،‬‬ ‫وج ــرح أكث ــر م ــن ‪ 30‬أل ًف ــا‪ ،‬وتش ــرد أكث ــر م ــن‬ ‫ولق ــي أكث ــر م ــن ألف ــي ش ــخص مصرعه ــم ُ‬ ‫‪ %15‬م ــن اليمني ــن أو ف ــروا خ ــارج دياره ــم‪.‬‬

‫د‪ .‬محمد البنا‬

‫الصراع يف اليمن ودول الجوار‬ ‫تشــهد بلــدان الشــرق األوســط وشــمال إفريقيــا‪ ،‬واملنطقــة‬ ‫أوضاعــا غيــر مســبوقة يف تاريخهــا‬ ‫العربيــة منهــا‪ ،‬بصفــة خاصــة‪،‬‬ ‫ً‬ ‫املعاصــر‪ ،‬مــا بــن انــدالع ثــورات مــا عــرف بالربيــع العربــي يف عــدد‬ ‫مــن البلــدان العربيــة‪( ،‬تونــس‪ ،‬ومصــر‪ ،‬واليمــن‪ ،‬وســوريا)‪ ،‬ومــا بــن‬ ‫تراجــع حــاد يف أســعار النفــط والغــاز الــذي تعتمــد عليــه عــدد مــن‬ ‫الــدول العربيــة خاصــة دول اخلليــج العربيــة‪.‬‬ ‫ولــم يقــف األمــر‪ ،‬يف عــدد مــن بلــدان املنطقــة‪ ،‬علــى عــدم توفــر‬ ‫األمــن واالســتقرار‪ ،‬وهمــا شــرطان ضروريــان للتنميــة‪ ،‬بــل اندلعت يف‬ ‫بعضهــا صراعــات داخليــة ال تــزال مســتمرة لفتــرة طويلــة‪ ،‬وأدت إلــى‬ ‫تدميــر الكثيــر مــن عناصــر البنيــة األساســية ومؤسســات اخلدمــات‬ ‫االجتماعيــة‪ ،‬ومنشــآت األعمــال‪ ،‬ممــا أفقــد عمليــة التنميــة مقومــات‬ ‫قيامهــا واســتمرارها‪.‬‬ ‫ويعتبــر عــام ‪2017‬م‪ ،‬مــن أشــد األعــوام صعوبــة علــى املنطقــة‬ ‫العربيــة‪ ،‬حيــث تواجــه حكومــات املنطقــة حتديــات جســيمة يف حتقيــق‬ ‫األمــن واالســتقرار‪ ،‬واحملافظــة علــى زخــم التنميــة واســتمرار خططها‪،‬‬ ‫خاصــة بعــد انخفــاض أســعار النفــط يف األســواق العامليــة‪ ،‬الــذي ميثــل‬ ‫أكبــر التحديــات للبلــدان املصــدرة للبتــرول يف إدارة شــؤونها املاليــة‪،‬‬ ‫وتنفيــذ اســتراتيجيات تنويــع مواردهــا االقتصاديــة‪ ،‬مع انخفاض ســعر‬ ‫النفــط إلــى ‪ 54‬دوال ًرا للبرميــل‪ ،‬إضافــة إلــى تــورط البلــدان األربعــة‬ ‫الناميــة املصــدرة للبتــرول – ســوريا‪ ،‬والعــراق‪ ،‬واليمــن‪ ،‬وليبيــا – يف‬ ‫حــروب أهليــة‪ ،‬وصراعــات عنيفــة بتكلفــة إنســانية هائلــة‪.‬‬

‫هكــذا تعيــش املنطقــة العربيــة حالــة مــن عــدم األمــن وفقــدان‬ ‫االســتقرار‪ ،‬كمــا تعانــي بعضهــا مــن ويــات احلــروب وأعمــال العنــف‬ ‫وانخفــاض أســعار النفــط م ًعــا‪ ،‬األمــر الــذي أثــر ســل ًبا علــى معــدالت‬ ‫النمــو االقتصــادي يف املنطقــة كلهــا‪ ،‬فتراجعــت إلــى ‪ %2.6‬عــام‬ ‫‪2017‬م‪ ،‬مقارنــة ب ‪ %3.5‬عــام ‪2016‬م‪ ،‬وذلــك وف ًقــا لتقريــر املرصــد‬ ‫االقتصــادي ملنطقــة الشــرق األوســط وشــمال إفريقيــا‪ ،‬الــذي يصــدره‬ ‫البنــك الدولــي‪.‬‬

‫أبعاد األزمة اإلقتصادية يف اليمن‬ ‫رغــم أن اليمــن لــه تاريــخ طويــل يف الصــراع السياســي وعــدم‬ ‫االســتقرار االقتصــادي‪ ،‬إال أن الصــراع األخيــر الــذي بــدأ عــام‬ ‫‪2011‬م‪ ،‬بعــد انقــاب احلوثــي‪ /‬صالــح‪ ،‬ولــم ينتــه بعــد‪ ،‬كان األطــول‬ ‫واألكثــر تأثيــ ًرا ســلب ًيا علــى حيــاة النــاس واحتياجاتهــم اإلنســانية‬ ‫واملعيشــية الذيــن يتطلعــون حليــاة أفضــل‪.‬‬ ‫فإنتــاج البلــد مــن الســلع واخلدمــات التــي يتعايــش عليهــا النــاس‪،‬‬ ‫وتتحــدد يف ضوئهــا دخولهــم ومســتوى معيشــتهم‪ ،‬يتراجــع مبعــدالت‬ ‫مخيبــة لآلمــال بلغــت (‪ )%28.1-‬عــام ‪2015‬م‪ ،‬كنتيجــة مباشــرة‬ ‫لتعطــل األنشــطة االقتصاديــة‪ ،‬وفقــدان الوظائــف‪ ،‬كمــا بلــغ معــدل‬ ‫البطالــة أكثــر مــن ‪ %16‬عــام ‪2016‬م‪ ،‬بحســب مؤشــرات التنميــة‪،‬‬ ‫البنــك الدولــي‪.‬‬ ‫وأســفر الصــراع عــن تدميــر جانــب كبيــر مــن عناصــر البنيــة‬ ‫األساســية وعلــى نطــاق واســع‪ ،‬كمــا توقفــت صــادرات البــاد مــن‬

‫‪104‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫زايــد بــن ســلطان آل نهيــان رحمــه اهلل‪ ،‬الــذي كان لــه موقــف مناهــض‬ ‫لإخــوان‪ ،‬كمــا تشــكلت هــذه العقيــدة مــن حتليــل الدولــة اإلماراتيــة‬ ‫للخطــاب السياســي للجماعــة بشــأنها‪ ،‬وهــم الذيــن دخلــوا يف تنــاوش‬ ‫إعامــي مــع اإلمــارات خــال ســنة وجودهــم علــى رأس الســلطة يف‬ ‫مصــر‪ ،‬ومــا أشــيع عــن ســعيهم للســيطرة علــى دولــة خليجيــة غنيــة‬ ‫واالنطــاق منهــا يف حتقيــق مشــروعهم األممــي‪ ،‬فض ـ ً‬ ‫ا عــن ســلوك‬ ‫إخــوان الداخــل باإلمــارات والذيــن مثلــوا حالــة مــن خصخصــة الــوالء‬ ‫العابــر للحــدود للجماعــة ومرشــدها العــام يف مصــر‪ ،‬مــع القبــض علــى‬ ‫خليــة للتنظيــم الســري جلماعــة اإلخــوان باإلمــارات أواخــر ‪2012‬م‪،‬‬ ‫تضمنــت عناصــر مصريــة علــى ارتبــاط بقيــادات إخوانيــة يف مصــر‪.‬‬ ‫ومــن خــال حتليــل الســلوك العســكري اإلماراتــي يف اليمــن يتضــح‬ ‫اخلــاف مــع حــزب اإلصــاح (اإلخــوان)‪ ،‬والســعي اإلماراتــي إلــى‬ ‫إجهــاض إمكانيــة اســتياء هــذا احلــزب علــى احلكــم‪ ،‬إدرا ًكا خلطورتــه‬ ‫علــى أمــن اإلمــارات وأمــن مجلــس التعــاون اخلليجــي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫إقليميا‬ ‫ثالثا‪ :‬تعزيز املكانة السياسية لإلمارات والنموذج اإلماراتي‬ ‫ً‬ ‫فقــد دفعــت حالــة العــزوف العربــي عــن التدخــل العســكري يف‬ ‫اليمــن بدولــة اإلمــارات إلــى الطمــوح بلعــب دور أساســي وحتمــل‬ ‫املســؤولية توظي ًفــا لقدراتهــا االقتصاديــة والعســكرية والسياســية‬ ‫املتناميــة‪ ،‬وإثباتًــا لدورهــا كدولــة صغيــرة احلجــم‪ ،‬لكنهــا تضطلــع‬ ‫بــدور إقليمــي هــام يف إعــادة االســتقرار الداخلــي لدولــة عربيــة‬ ‫منوذجــا مغايـ ًرا للنمــوذج العســكري‬ ‫مهــددة بالفشــل‪ ،‬وعلــى نحــو يقــدم‬ ‫ً‬ ‫التدخلــي املباشــر وغيــر املباشــر لدولــة قطــر‪ ،‬التــي قامــت بدعــم‬ ‫جماعــات مســلحة جهاديــة وســلفية إلســقاط األنظمــة الوطنيــة يف‬ ‫ســوريا وليبيــا وتونــس ومصــر‪ ،‬وإســناد وصــول اإلخــوان والتيــارات‬ ‫اإلســامية للســلطة‪ ،‬عــل نحــو انتهــى بالفشــل يف مختلــف التجــارب‬ ‫التــي شــهدت تدخــا قطريــا‪ .‬ولقــد ســلط التدخــل العســكري‬ ‫اإلماراتــي الضــوء علــى الكفــاءة القتاليــة للقــوات املســلحة اإلماراتيــة‬ ‫خصوصــا يف معــارك حتريــر عــدن واملــكا ومــأرب‪ ،‬ويف عمليــة الرمــح‬ ‫ً‬ ‫الذهبــي التــي اســتهدفت حتريــر الســاحل الغربــي لليمــن‪ .‬فمــن املؤكــد‬ ‫أن عــن اإلمــارات تتجــه إلــى مــا بعــد احلــرب ومردوداتهــا على مكانتها‬ ‫اإلقليميــة‪ ،‬وامتــاك موقــع تأثيــر يف مســاحة اســتراتيجية حيويــة‬ ‫للعالــم علــى مداخــل وســواحل ونقــاط التقــاء بحــر العــرب واحمليــط‬ ‫الهنــدي وخليــج عــدن والبحــر األحمــر‪ ،‬ليــس بالســيطرة عليهــا (بشــكل‬ ‫اســتعماري علــى نحــو مــا تطــرح التحليــات التآمريــة)‪ ،‬وإمنــا مــن‬ ‫خــال عمليــات اإلعمــار والبنــاء وإعــادة تأهيــل البنــى التحتيــة‪ ،‬وتعزيــز‬ ‫شــراكات اقتصاديــة مــع مراكــز النفــوذ واملفاصــل األساســية يف الدولــة‬ ‫اليمنيــة اجلديــدة‪ ،‬التــي ســيعود الفضــل يف حتريرهــا إلى الســعودية ثم‬ ‫اإلمــارات‪ ،‬التــي تدخلــت بشــكل بــري كثيــف وجعلــت عمليــة التحريــر‬ ‫ممكنــة عمل ًيــا‪.‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫الخاصة‬ ‫كل مــا طــرح مــن أفــكار بخصــوص الــدور اإلماراتــي‪ ،‬واجتــه إلــى‬ ‫ربطــه باملصالــح اخلاصــة بدولــة اإلمــارات‪ ،‬لــم يقــدم كامــل الصــورة‪ ،‬ولم‬ ‫يقــف أمــام األســئلة الكبــرى التــي ميكــن أن تطــرح‪ ،‬مث ـ ً‬ ‫ا‪ :‬هــل يجــري‬ ‫الــدور اإلماراتــي بعيــدا عــن التوافــق مــع اململكــة العربيــة الســعودية‪،‬‬ ‫ومبعــزل عــن أهــداف مجلــس التعــاون اخلليجــي والتحالــف العربــي؟‬ ‫ومــاذا لــو لــم تشــارك اإلمــارات ولــم ترســل قواتهــا إلــى اليمــن؟ هل كانت‬ ‫أوضــاع الدولــة اليمنيــة ســتكون أفضــل مــن زاوية االســتقرار السياســي؟‬ ‫فعلــى األرجــح أن تدخــل اإلمــارات عســكر ًيا ســاعد علــى عــدم‬ ‫اســتياء أنصــار صالــح واحلوثيــن علــى اجلنــوب‪ ،‬أو علــى األقــل‬ ‫خضوعه حلكم التيارات املتشــددة والعنيفة كالقاعدة وأنصار الشــريعة‬ ‫واإلخــوان‪ ،‬ولســاد منــوذج اإلمــارات اإلســامية والداعشــية يف مــدن‬ ‫ومحافظــات مينيــة متعــددة‪ ،‬ومتزقــت الدولــة املركزيــة متا ًمــا‪ ،‬ورمبــا‬ ‫ســقطت يف أيــدي هــذه اجلماعــات املــدن واملوانــي اليمنيــة الســاحلية‬ ‫والهامــة‪ ،‬والســتمرت شراســة احلــرب وتعطلــت تنميــة اجلنــوب واحليــاة‬ ‫املدنيــة ولتوقفــت اخلدمــات يف عمــوم اليمــن‪ ،‬وتعرقلــت أعمــال اإلغاثــة‬ ‫اإلنســانية أكثــر‪ ،‬وألصبــح حــال اليمــن مــن الســوء أضعــاف مــا هــو‬ ‫ً‬ ‫فراغــا‬ ‫عليــه اآلن‪ .‬هنــا فــإن الوجــود العســكري البــري لإمــارات ســد‬ ‫كان ميكــن لقــوى أخــرى أن متــأله‪ ،‬ســواء قــوى التخريــب السياســي يف‬ ‫الداخــل أو قــوى املصالــح االقتصاديــة يف اخلــارج‪.‬‬ ‫ولــم يكــن ألي مــن القــوى واألطــراف التــي تتحــدث عــن األدوار‬ ‫الســلبية لإمــارات أن تضمــن االســتقرار ســواء يف دولــة جنوبيــة إذا‬ ‫انشــطر اليمــن‪ ،‬أو دولــة الوحــدة إذا بقيــت الدولــة املركزيــة‪ ،‬حتــى لــو‬ ‫كان الصــراع يف اليمــن قــد تأطــر وانحصــر بــن الشــمال واجلنــوب‪،‬‬ ‫علــى نحــو مــا كان يف فتــرات ســابقة‪ ،‬فإنــه علــى األرجــح كان ســيدخل‬ ‫يف صــراع كبيــر ودمــوي بــن تكتلــن كبيريــن همــا أنصــار علــي صالــح‬ ‫واحلوثيــن وحــزب اإلصــاح‪ ،‬وهــو الصــراع الــذي كان ســيتطور ليأخــذ‬ ‫شــك ً‬ ‫ا عقائد ًيــا ومذهب ًيــا حتركــه املصالــح وصراعــات النفــوذ اإلقليمي‪.‬‬ ‫وال يأخــذ املعارضــون للدوراإلماراتــي ً‬ ‫أيضــا أن قــرار املشــاركة‬ ‫العســكرية كان أحــد أعقــد القــرارات يف تاريــخ دولــة اإلمــارات‪ ،‬وهــي‬ ‫تــدرك ثقــل املهمــة ومخــاوف التدخــل العســكري البــري‪ ،‬فض ـ ً‬ ‫ا عــن‬ ‫اخلســائر البشــرية التــي حتملتهــا وال تــزال‪ ،‬وســوف يكتــب أن هــذه مــن‬ ‫املــرات القائــل التــي حتركــت فيهــا دولــة عربيــة بقواتهــا العســكرية ‪-‬‬ ‫يف ظــل أحلــك فتــرات التاريــخ العربي‪-‬لتؤكــد إمــكان بنــاء حتالفــات‬ ‫عســكرية عربيــة ‪-‬بقيــادة عربية‪-‬بهــدف إعــادة االســتقرار والنظــام يف‬ ‫دولــة عربيــة‪.‬‬ ‫* رﺋﻴﺲ وﺣﺪة اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ واﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ وﻣﺪﻳﺮ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮيب‬ ‫مبﺮﻛﺰ اﻟﺪراﺳﺎت اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﺑﺎﻷﻫﺮام‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫هــذه املدرســة يعنــي االقتنــاع بــأن اليمــن الــذي يبلــغ عــدد ســكانه ‪30‬‬ ‫مليو ًنــا أصبــح دولــة مســتلبة اإلرادة‪ .‬ومــن املاحظــات املهمــة‪ ،‬أن هــذا‬ ‫النمــط التصويــري لــدور اإلمــارات يف اليمــن ازداد بشــكل مكثــف منــذ‬ ‫األزمــة القطريــة التــي تفجــرت يف مايــو ‪2017‬م‪ ،‬وأصبــح مجــال تركيــز‬ ‫ودعايــة مســتمرة مــن جانــب قنــاة اجلزيــرة والقنــوات اإلخوانيــة‪ ،‬وهــو‬ ‫مــا يؤكــد دوران الصــراع مــع الــدور اإلماراتــي يف اليمــن يف حلبــة‬ ‫الصــراع بــن قطــر ودول املقاطعــة العربيــة‪.‬‬ ‫وال يعنــي مــا تقــدم أنــه لــم تثــر خافــات بــن اإلمــارات واحلكومــة‬ ‫الشــرعية اليمنيــة‪ ،‬أو أنــه ليــس هنــاك مصالــح سياســية واقتصاديــة‬ ‫خاصــة بدولــة اإلمــارات‪ ،‬أو أنــه ليــس هنــاك اختــاف بــن مواقــف‬ ‫اإلمــارات والســعودية يف اليمــن‪ ،‬فــكل ذلــك موجــود‪ ،‬ولكــن تتــم إدارتــه‬ ‫بشــكل طبيعــي يضخــم منــه أنــه يجــري يف ظــرف أزمــة وصراع تتســلط‬ ‫عليــه األضــواء‪ ،‬علــى نحــو مــا تشــهده كل األزمــات الدوليــة‪ ،‬ولكــن‬ ‫مبجــرد أن تنتهــي األزمــة ويعــود جنــود اإلمــارات مــن اليمــن وتنتهــي‬ ‫مهمتهــم العســكرية‪ ،‬ســوف يتضــح أن أغلــب األفــكار صاغتهــا عقــول‬ ‫مأزومــة ومهجوســة باملؤامــرة‪ ،‬ولــم يكــن لهــا أســاس كبيــر مــن الواقــع‪.‬‬ ‫يف ضــوء مــا ســبق‪ ،‬ميكــن النظــر إلــى الــدور العســكري لإمــارات‬ ‫يف اليمن من ثاث زوايا أساسية‪:‬‬ ‫أو ًال‪ :‬املوقــف الرســمي املعلــن مبســاندة الســعودية وتأكيــد فاعليــة‬ ‫مجلــس التعــاون اخلليجــي‬ ‫وذلــك مــا أكــدت عليــه جلســة مجلــس الــوزراء اإلماراتــي بتاريــخ ‪29‬‬ ‫مــارس ‪2015‬م‪ ،‬الــذي حتــدث عــن هــدف ترســيخ األمــن واالســتقرار‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪103‬‬

‫ملف العدد‬

‫يف اليمــن وحفــظ الشــرعية الدســتورية ومؤسســاتها وصيانــة املســار‬ ‫السياســي املعتــرف بــه دول ًيــا ومكوناتــه األساســية‪ ،‬وعلــى رأســها املبادرة‬ ‫اخلليجيــة وآلياتهــا التنفيذيــة ومخرجــات احلــوار الوطنــي ومــا يتفــق‬ ‫عليــه اليمنيــون‪ ،‬وحتــدث عــن تعزيــز أمــن دول اخلليــج العربــي من خال‬ ‫ضمــان أمــن واســتقرار اليمــن‪ .‬وثمــن املجلــس الــدور القيــادي للمملكــة‬ ‫العربيــة الســعودية انطا ًقــا مــن مســؤوليتها التاريخيــة ودورهــا الريــادي‬ ‫يف املنطقــة‪ .‬ويبــدو أن املجلــس اســتهدف تأكيــد فاعليــة دولــة اإلمــارات‬ ‫ومجلــس التعــاون اخلليجــي ومســؤوليته يف العالــم العربــي علــى نحــو مــا‬ ‫جــرى تصــوره يف مــارس عــام ‪2015‬م‪( ،‬وقــت صــدور القــرار باملشــاركة‬ ‫يف عاصفــة احلــزم)؛ وهــو مــا يتضــح مــن حديــث املجلــس عــن الــدور‬ ‫التاريخــي لدولــة اإلمــارات يف الوقــوف إلــى جانب اليمن‪ ،‬وســعيها ضمن‬ ‫إطــار مجلــس التعــاون‪ ،‬ومــن إحســاس كبيــر باملســؤولية جتــاه املنطقــة‬ ‫وأمنهــا واســتقرارها‪ ،‬إلــى ضمــان التوافــق السياســي الــذي عبــرت عنــه‬ ‫وإحساســا‬ ‫املبادرة اخلليجية‪ ،‬وكانت اســتجابة قادة دول التحالف إميا ًنا‬ ‫ً‬ ‫قويــن بأهميــة التضامــن العربــي والعمــل اجلماعــي ممــا ميثــل مرحلــة‬ ‫جديــدة ونشــطة يف العمــل العربــي املشــترك‪.‬‬ ‫ثانيــا‪ :‬عقيــدة اإلمــارات اخلاصــة باملوقــف مــن اإلخــوان املســلمني‬ ‫ً‬ ‫ومحاربــة اإلرهــاب‬ ‫فــا شــيء ضمــن مكونــات العقيــدة السياســية لدولــة اإلمــارات‬ ‫اآلن‪ ،‬أقــوى مــن مواجهــة اإلخــوان املســلمن وتيــارات العنــف القاعديــة‬ ‫واجلهاديــة‪ ،‬وجتــد جــذور هــذه العقيــدة السياســية خــال حكــم الشــيخ‬

‫‪102‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫أي حدي ــث ع ــن أطم ــاع لإلم ــارات يف اليم ــن ي ــدور ع ــى جغرافي ــا‬ ‫قلق ــة ورم ــال متحرك ــة ال تضم ــن مصال ــح دائم ــة يف يم ــن المس ــتقبل‬ ‫‪2017‬م‪ ،‬خرقــت االتفــاق الــذي شــاركت مبقتضــاه يف احلــرب‪ ،‬والــذي‬ ‫تضمــن النــص علــى أن يقتصــر دورهــا علــى حتريــر عــدن‪ ،‬وأنهــا تلعــب‬ ‫دو ًرا مســتقا خــارج مصالــح التحالــف ومنفصلــة عنــه‪ ،‬وأنهــا غيــر‬ ‫معنيــة بالصــراع مــع احلوثيــن وأنصــار صالــح‪ ،‬بــل يصــل البعــض إلــى‬ ‫حــد إيجــاد أرضيــة تفاهــم مشــتركة بــن اإلمــارات وإيــران واحلوثيــن‪.‬‬ ‫ومهم ــا كان ــت املس ــاحات ب ــن الصحي ــح وغي ــر الصحي ــح م ــن‬ ‫تلـــك الروايـــات‪ ،‬فعلـــى كل هـــذه التحليـــات ميكـــن إيـــراد ثـــاث‬ ‫ماحظـــات أساســـية‪:‬‬ ‫أولهــا‪ :‬أنــه مــن خــال االطاع على عناوين الكتابات والفيديوهات‬ ‫الشــائعة بشــأن الــدور العســكري لإمــارات يف اليمــن ياحــظ اجتــاه‬ ‫إلــى "شــيطنة" هــذا الــدور‪ ،‬بشــكل يؤكــد أن األمــر يتجــاوز مســألة‬ ‫النقــاش العلمــي والسياســي عــن حقيقــة الــدور اإلماراتــي‪ ،‬وأنــه‬ ‫علــى األرجــح يجــري كجــزء مــن معركــة كبــرى تخوضهــا قــوى مضــادة‬ ‫وخصوصــا اإلخــوان‬ ‫لإمــارات‪ ،‬وهــي باألســاس قــوى التيــار اإلســامي‬ ‫ً‬ ‫املســلمن يف اليمــن ويف عمــوم اإلقليــم‪ .‬وهــذا التيــار يتجــه إلــى رفــض‬ ‫كل شــيء يأتــي مــن اإلمــارات بتأكيــد أنــه ال يأتــي منهــا إال كل شــر‪،‬‬ ‫ومــن ثــم يســعى هــذا التيــار دائ ًمــا إلــى تشــويه كل خطــوة إماراتيــة وبــث‬ ‫وخصوصــا بــن اإلمــارات والســعودية‪،‬‬ ‫الشــكوك بــن أطــراف التحالــف‬ ‫ً‬ ‫والدليــل علــى ذلــك أنــه برغــم كل هــذه الشــكوك التــي يســعى لبثها فإن‬ ‫اململكــة لــم تعــر اهتما ًمــا كبي ـ ًرا لهــا‪ ،‬ويف املــرات القائــل التــي ســئل‬ ‫فيهــا املســؤولون الســعوديون عــن الــدور اإلماراتــي وحقيقــة مــا يثــار‬ ‫عنــه‪ ،‬كان الــرد مؤك ـدًا علــى الــدور اإليجابــي لدولــة اإلمــارات والــذي‬ ‫يقــدم مســاندة أساســية للمملكــة والتحالــف‪ ،‬ولذلــك ال يــزال الــدور‬ ‫العســكري اإلماراتــي مســتم ًرا‪ ،‬رغــم وجــود فتــرات بــرز فيهــا اختــاف‬ ‫النهــج بــن البلديــن‪ ،‬علــى نحــو عكســه إعــان اإلمــارات علــى لســان‬ ‫وزيــر الدولــة للشــؤون اخلارجيــة د‪ .‬أنــور قرقــاش يف يونيــو ‪2016‬م‪ ،‬إن‬ ‫مشــاركة بــاده يف حــرب اليمــن "انتهــت عمل ًيــا"‪ ،.‬حيث يشــير اســتمرار‬ ‫الــدور اإلماراتــي واملســاهمة العســكرية لإمــارات رســوخ قناعــة كل من‬ ‫اإلمــارات واململكــة بأهميــة هــذا الــدور والتوافــق السياســي بينهمــا‪.‬‬ ‫وثانيــا يتضــح أن أغلــب التقاريــر والتحليــات واآلراء عــن الــدور‬ ‫ً‬ ‫العســكري لدولــة اإلمــارات‪ ،‬تنصــرف إلــى محاكمــة النيــات‪ ،‬وليــس إلى‬ ‫واقــع التصريحــات أو املواقــف السياســية املعلنــة للدولــة‪ ،‬حيــث أنــه‬ ‫ال أحــد مــن املســؤولن اإلماراتيــن حتــدث عــن مصالــح اقتصاديــة‬ ‫أو مشــروع اســتعماري لإمــارات يف اليمــن ولــو حتــى علــى نحــو‬ ‫مســتتر‪ ،‬وفيمــا هــو أبعــد مــن هــدف عــودة الشــرعية ومنــع اختطــاف‬ ‫بلــد عربــي مــن قبــل إيــران أو تنظيمــات القاعــدة واإلخــوان‪ ،‬ليــس‬

‫هنــاك هــدف إماراتــي آخــر مطــروح‪ ،‬وذلــك مــا يبــرزه تأكيــد الشــيخ‬ ‫محمــد بــن زايــد ‪-‬خــال اســتقباله رئيــس الوزراء اليمني يف أغســطس‬ ‫‪2016‬م‪ ،‬وقــوف اإلمــارات إلــى جانــب الشــعب اليمنــي حتــى يتمكــن مــن‬ ‫جتــاوز التحديــات ويحقــق التطلعــات الوطنيــة يف إعــادة بنــاء مــا دمــره‬ ‫املتمــردون علــى الشــرعية‪ ،‬وأن دولــة اإلمــارات مــع كافــة خطــى قــوات‬ ‫التحالــف بقيــادة الســعودية يف ســعيها لعــودة األمــن والشــرعية لليمــن‪،‬‬ ‫ودحــر الكيانــات املتمــردة واالنقابيــة وفتــح آفــاق التســوية الســلمية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ثالثــا‪ :‬علــى الرغــم مــن أنــه ال مشــكلة يف أن يكــون لإمــارات‬ ‫مصالــح سياســية واقتصاديــة‪ ،‬إال أنــه مــن املؤكــد أنهــا تــدرك خريطــة‬ ‫الصــراع املعقــدة والوضــع الراهــن مــن عدم االســتقرار‪ ،‬وأن أي حكومة‬ ‫مينيــة حاليــة أو محافظــن ومســؤولن أمنيــن ومدنيــن ممــن يوالــون‬ ‫دولــة اإلمــارات‪ ،‬ليــس بإمكانهــم التوقيــع علــى اتفاقيــات ذات حجيــة‬ ‫إزاء القانــون الدولــي‪ ،‬متنــح اإلمــارات امتيــازات اقتصاديــة أو أمنيــة‬ ‫تاليــة يف اجلــزر أو املوانــئ‪ ،‬فــأي حديــث عــن أطمــاع لإمــارات يف‬ ‫اليمــن يــدور علــى جغرافيــا قلقــة‪ ،‬ويف مســاحة مــن الرمــال املتحركــة‪،‬‬ ‫ال ميكــن أن تضمــن مصالــح دائمــة لدولــة اإلمــارات يف ميــن املســتقبل‪،‬‬ ‫ولــن يكــون العائــد مــن أي امتيــازات جتنيهــا خــال فتــرة االضطــراب‬ ‫مبقدار اخلســارة فيها‪ ،‬وذلك ال يشــجع أي قيادة سياســية‪ ،‬خاصة وأن‬ ‫بيئــة وخريطــة االســتثمار اإلماراتيــة مفتوحة على العالــم‪ ،‬وليس هناك‬ ‫حافــز يدفعهــا لانخــراط يف بيئــة مضطربــة‪ .‬ومــن ثــم فــإن الرهــان‬ ‫علــى مصالــح اقتصاديــة حتققهــا اإلمــارات مــن اليمــن يف وضعــه‬ ‫الراهــن غيــر ممكــن‪ ،‬وكدولــة علــى درايــة بأنشــطة املــال واألعمــال‪،‬‬ ‫تــدرك اإلمــارات اســتحالة الرهــان علــى مصالــح يف ظــل أوضــاع‬ ‫قلــق واضطــراب‪ .‬وهــذا احلديــث عــن مصالــح وأطمــاع اقتصاديــة يف‬ ‫اليمــن‪ ،‬يقفــز علــى مرحلــة طويلــة مــا بعــد التحريــر وجنــاح التســوية‬ ‫واالســتقرار السياســي وإعــادة البنــاء‪ .‬فاليمــن لــم يصــل بعــد إلــى‬ ‫مرحلــة االســتقرار الــذي يجعلــه محطــة تنافــس وصراع علــى املصالح‪،‬‬ ‫وإمنــا هــو حتــى اآلن مســتنقع حــرب وجغرافيــا صــراع مضطربــة‪ ،‬وهــو‬ ‫أمــر بالتأكيــد أن القيــادة السياســيون ليســوا غافلــن عنــه‪.‬‬ ‫وبشــكل عــام‪ ،‬فقــد عانــت اإلمــارات كثيـ ًرا منــذ الثــورات العربيــة‪،‬‬ ‫مــن منــط دعايــة سياســية يعتنــق أنصــاره نظريــة املؤامــرة وينطلــق مــن‬ ‫تصويــر احليــاة الدوليــة علــى أنهــا غابــة تســودها اللصوصيــة‪ ،‬علــى‬ ‫نحــو مــا جســدته املدرســة اإلخوانيــة التــي تضرب بعنــف كل ما يختلف‬ ‫معهــا‪ .‬ويصــور أنصــار هــذا التيــار اإلمــارات علــى أنهــا دولــة متعطشــة‬ ‫لثــروات اليمــن وتتحــن الفرصــة لانقضــاض علــى الفريســة وأنهــا‬ ‫تقوم بعملية من الســطو والســرقة يف وضح النهار‪ .‬واالقتناع مبقوالت‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪101‬‬

‫ملف العدد‬

‫اإلخوان يسعون لبث الشكوك بن أطراف التحالف خاصة بن السعودية واإلمارات‬

‫الــدور العســكري اإلماراتــي يف اليمــن بيــن‬ ‫العقيــدة السياســية واألطمــاع االقتصاديــة‬ ‫الــدور العســكري اإلماراتــي يف اليمــن هــو مــن أكثــر األدوار التــي ثــار بشــأنها اجلــدل‬ ‫منــذ انطــاق حــرب عاصفــة احلــزم يف مــارس ‪2015‬م‪ ،‬فقــد أســهب البعــض يف احلديــث‬ ‫عــن طبيعــة املصالــح التــي دفعــت دولــة اإلمــارات للتدخــل العســكري‪ ،‬ومــدى اختــاف‬ ‫هــذه املصالــح مــع املصلحــة الكليــة للتحالــف واململكــة العربيــة الســعودية‪ ،‬وأكــد آخــرون‬ ‫أن لإمــارات أجندتهــا اخلاصــة التــي تعمــل عليهــا‪ ،‬كمــا روج نفــر ثالــث ألخبــار وشــائعات‬ ‫تصــل أحيا ًنــا إلــى حــد احلديــث عــن صــراع ورمبــا "خيانــة" مــن اإلمــارات للمملكــة العربيــة‬ ‫الســعودية‪ ،‬وأن اإلمــارات تعمــل لإضــرار باململكــة يف حــرب اليمــن‪.‬‬

‫د‪ .‬معتز سالمة‬

‫أبرز االتهامات للدور العسكري اإلماراتي يف اليمن‪:‬‬ ‫فيمــا يتعلــق باملصالــح االقتصاديــة فــإن اجلــدال ال نهايــة لــه؛ حيــث‬ ‫يجــري احلديــث عــن األطمــاع االقتصاديــة لإمــارات‪ ،‬وبينمــا حتــدث‬ ‫البعــض عــن ســعي اإلمــارات لاســتياء علــى ميناء عدن حتــدث آخرون‬ ‫عــن رغبتهــا بتدميــره لكي ال يبقى صا ً‬ ‫حلا ملنافســة موانــئ دبي‪ ،‬وحتدث‬ ‫آخــرون عــن رغبــة اإلمــارات بالســيطرة علــى املواني االســتراتيجية على‬ ‫الســواحل اليمنيــة علــى البحــر األحمــر غــرب اليمــن‪ ،‬كموانــيء ميــدي‬ ‫واملخــا واحلديــدة‪ ،‬وعــن أطمــاع اإلمــارات بنفــط اجلنــوب‪ ،‬ورغبتهــا‬ ‫باكتســاب نفــوذ اقتصــادي وأمنــي وعســكري يف بــاب املنــدب‪ ،‬وعلى نحو‬ ‫يجعلهــا مســيطرة علــى املاحــة التجاريــة الرابطــة بــن أهــم مضيقــن‬ ‫باملنطقــة وهمــا مضيقــا هرمــز وبــاب املنــدب‪ .‬بــل عــزا البعــض مشــاركة‬ ‫اإلمــارات إلــى رغبتهــا يف التنافــس مــع اململكــة‪ ،‬بعــد التقاريــر عــن نيــة‬ ‫اململكــة إنشــاء مدينــة النــور املمتــدة بــن اليمــن وجيبوتــي عبــر جســر‬ ‫النــور أو قنــاة ســلمان الرابطــة بــن اليمــن وجيبوتــي‪ ،‬وأن اإلمــارات‬ ‫حتركــت ليكــون لهــا اليــد الطولــى يف عــدن‪ ،‬ألن تنفيــذ هــذا املشــروع‬ ‫ســيؤمن للمملكــة مــرور بترولهــا عبــر القنــاة واالســتغناء عــن مضيــق‬ ‫هرمــز التــي تتحكــم اإلمــارات يف ممراتــه‪ ،‬علــى حــد مــا يقولــون‪.‬‬ ‫ومــن الناحيــة السياســية‪ ،‬يؤكــد البعــض حتــرك اإلمــارات وفــق‬ ‫خطــة تســتهدف يف النهايــة فصــل اجلنــوب وتقســيم اليمــن إلــى مينــن‬ ‫شــمالي وجنوبــي‪ ،‬وأنهــا بينمــا تســيطر علــى اجلنــوب مــن خــال‬

‫قــوات "احلــراك"‪ ،‬فإنهــا ليســت بعيــدة عــن الشــمال مــن خــال ســعيها‬ ‫إلعــادة الرئيــس الســابق علــي عبــداهلل صالــح إلــى الواجهــة عبــر جنلــه‬ ‫أحمــد‪ ،‬ســفير اليمــن يف اإلمــارات‪ ،‬الــذي تؤهلــه أبوظبــي ‪ ,‬وفــق مــا‬ ‫يقولــون‪ -‬للعــب دور يف مســتقبل اليمــن الشــمالي‪ ،‬ويف ســياق ذلــك‬ ‫تســعى اإلمــارات إلــى عــزل حــزب اإلصــاح (اإلخــوان) وإبعــاده عــن‬ ‫الســلطة‪ ،‬وضــرب التنظيمــات الســلفية وتنظيمــات العنــف اإلســامي‪،‬‬ ‫وتعيــن قيــادات سياســية محابيــة لهــا يف املواقــع السياســية واألمنيــة‪،‬‬ ‫لتنتهــي بإطاحــة الرئيــس الشــرعي عبــد ربــه منصــور هــادي‪ .‬بــل ذهــب‬ ‫البعــض إلــى أن اإلمــارات هــي التــي عرقلــت خطــة حتريــر احلديــدة‪،‬‬ ‫التــي كانــت علــى وشــك االنطــاق‪ ،‬وأنهــا اشــترت جزيــرة ســوقطرة‪،‬‬ ‫واخلاصــة هــي ذهــاب البعــض فعل ًيــا إلــى حــد احلديــث عــن "احتــال"‬ ‫أو "اســتعمار" إماراتــي لليمــن‪.‬‬ ‫أمــا علــى الصعيــد العســكري األمنــي‪ ،‬فيــدور احلديــث عن تشــييد‬ ‫قواعــد عســكرية إماراتيــة يف مينائــي املخــا وميــدي وجزيــرة ميــون‪.‬‬ ‫وعــن التركيبــة العســكرية للمشــاركة اإلماراتيــة يتحدثــون عــن مشــاركة‬ ‫مرتزقــة عســكرين مــن كولومبيــا وشــيلي ودول أخــرى يف أمريــكا‬ ‫اجلنوبيــة تابعــن لشــركة "بــاك ووتــر" ضمــن قــوات اإلمــارات باليمــن‪.‬‬ ‫ويف ســياق البعــد األمنــي والعســكري ً‬ ‫أيضــا حتــدث البعــض عــن خطــة‬ ‫خاصــة باإلمــارات وحتركهــا يف ســياق عقيــدة دفاعيــة وعســكرية‬ ‫مختلفــة‪ ،‬وأنهــا انتهكــت اتفاقهــا املســبق مــع اململكــة بخصــوص طبيعــة‬ ‫الــدور وحــدوده‪ ،‬وأنهــا بعمليــة الرمــح الذهبــي التــي انطلقــت يف ينايــر‬

‫‪100‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫بهــا األمم املتحــدة‪ ،‬تتزايــد احتمــاالت توســط روســيا لبنــاء عمليــة‬ ‫الســام لتضمــن تواجدهــا البحــري علــى ســاحل اليمــن‪ .‬ومــن شــأن‬ ‫األزمــة اإلنســانية التــي خلفتهــا احلــرب األهليــة أن تقــوض أجهــزة‬ ‫الدولــة وأن تتســبب يف معانــاة اليمنيــن لســنوات عديــدة قادمــة‪.‬‬

‫خاتمة‬ ‫إن مشــاركة تنظيــم القاعــدة يف شــبه اجلزيــرة العربيــة يف احلــرب‬ ‫األهليــة تســمح للجماعــة بالترويــج عــن نفســها أكثــر داخــل املجتمعــات‬ ‫الســنية‪ .‬وشــارك مقاتلــو تنظيــم القاعــدة يف شــبه اجلزيــرة العربيــة يف‬ ‫هجــوم شــنته حكومــة هــادي علــى املناطق التي يســيطر عليهــا احلوثي‪/‬‬ ‫صالــح يف املدينــة الشــرقية وســط اليمــن يف أوائــل‬ ‫يونيــو‪ .‬ومــن املرجــح أن تنظيــم القاعــدة يف شــبه‬ ‫اجلزيــرة العربيــة يصــور مشــاركته يف الهجوم على أنه‬ ‫السـنَّة من ســيطرة الشــيعة‪ .‬كما زادت‬ ‫يحرر الســكان ُ‬ ‫القاعــدة مــن ســبل الدعايــة يف شــبه اجلزيــرة العربيــة‬ ‫تأكيـدًا علــى ارتباطهــا بالســكان اليمنيــن‪ .‬ومــن شــأن‬ ‫الوتيرة املتســارعة للرئيس هادي للعمليات العســكرية‬ ‫أن توفــر للقاعــدة يف شــبه اجلزيــرة العربيــة املزيــد‬ ‫مــن الفــرص للترويــج عــن نفســها يف معركــة احلوثــي‪/‬‬ ‫صالــح‪ ،‬وخاصــة يف محافظــة البيضــاء حيث يعمد كل‬ ‫مــن فريقــي احلوثي‪/‬صالــح وحكومــة هــادي إلــى تصعيــد القــوات‪.‬‬ ‫يبــدو أن خيــار احلســم العســكري أو انتصــار أحــد الفريقــن‬ ‫بســحقه لآلخــر‪ ،‬خيــار مســتبعد ولكنــه غيــر مســتحيل‪ .‬وأغلــب الظــن‬ ‫أن مســتقبل األزمــة اليمنيــة يتلخــص يف اجتاهــن اثنــن‪ :‬اجلنــوح‬ ‫للمصاحلــة‪ ،‬أو انقســام الدولــة اليمنيــة إلــى دويــات مفككــة‪ .‬اجلنــوح‬ ‫للمصاحلــة هــو الســيناريو األول‪ ،‬الــذي ميكــن أن تصــل إليــه اليمــن‬ ‫خــال العقــد القــادم‪ ،‬فطــول أمــد الصــراع ميثــل حالــة مــن االســتنزاف‬ ‫املســتمر واخلســارة املتفاقمــة وتــردي األوضــاع اإلنســانية لــكا‬ ‫الطرفــن ومــن يدعمهمــا مــن احللفاء‪ .‬ومن شــأن هذه احلالة البائســة‬ ‫مــن الشــلل أن تدفــع نحــو محــاوالت ســام أو مصاحلــات سياســية‬ ‫مش ـ َّوهة‪ .‬فقــد تســمح بدخــول قــوى االنقــاب كشــريك مؤثــر وفاعــل‬ ‫يف شــكل احلكــم القــادم وتفاصيلــه‪ ،‬ويتمخــض عــن حكــم توافقــي بــن‬ ‫خصــوم األمــس ينــذر بفتــرة اضطــراب وتصفيــة حســابات‪.‬‬ ‫أما السيناريو الثاني يف حال فشل محاوالت املصاحلة السياسية‪،‬‬ ‫فسيســعى كل طــرف للتمســك مبناطــق النفــوذ‪ ،‬وبتعبيــر أكثــر واقعيــة‬ ‫تنقســم اليمــن إلــى دويــات متعــددة دون حتقيــق غلبــة طرف علــى آخر‪،‬‬ ‫ويدعــم هــذا االجتــاه تداخــل املصالــح الدولية يف اليمــن وتعارضها‪ ،‬وهو‬ ‫مــا مينــع خيــار احلســم العســكري ألي طــرف مــن أطــراف النــزاع‪ ،‬بل إن‬ ‫هــذا هــو الواقــع فعل ًيــا بغــض النظــر عــن االعتــراف الدولــي باحلكومــة‬ ‫الشــرعية‪ ،‬ومــا تعانيــه قــوى االنقــاب بســبب ذلك‪.‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫وحتــى تضمــن احلكومــة الشــرعية لنفســها وض ًعــا مشــر ًفا‪ ،‬عليهــا‬ ‫أن تتخــذ مجموعــة إجــراءات وسياســات منهــا‪- :‬محاربة الفســاد الذي‬ ‫يهددهــا مــن الداخــل وضــم كــوادر مؤهلــة ونظيفــة إلــى احلكومــة؛‬ ‫تقويــة األداء العســكري وبنــاء أجهــزة اســتخبارات متقدمــة ألهميــة‬‫هــذا املجــال الــذي قــد يفــوق يف أثــره العمــل العســكري املباشــر؛‬ ‫النهــوض باملناطــق احملــررة وحتقيــق أمنهــا واســتقرارها؛ ‪-‬إنشــاء‬‫حتالفــات سياســية واســعة وتصفيــة املشــكات مــع اخلــارج‪.‬‬ ‫رغــم النجــاح يف تقليــص قــدرات احلوثيــن العســكرية‪ ،‬إال‬ ‫أن تلــك امليليشــيات لــم تتــوان عــن القيــام بهجمــات متكــررة علــى‬ ‫الســعودية‪ ،‬والتــي كان أبرزهــا محاولتهــم اســتهداف مطــار جــدة‬ ‫بصــاروخ باليســتي مــن طــراز "بــركان‪ ،"1-‬يف أكتوبــر‬ ‫املاضــي‪ ،‬قبــل أن تعترضــه اململكــة وتؤكــد عدم إحلاقه‬ ‫ً‬ ‫صاروخــا باليســت ًيا‬ ‫بأضــرار‪ .‬والح ًقــا أطلــق املتمــردون‬ ‫باجتــاه منطقــة مكــة املكرمــة ومتكنــت قــوات الدفــاع‬ ‫اجلــوى فــى التحالــف العربــى مــن إســقاطه‪ ،‬حيــث‬ ‫جــرى اعتراضــه فــوق منطقــة الواصليــة مبحافظــة‬ ‫الطائــف ‪ 69‬كلــم عــن مكــة املكرمــة‪ ،‬دون وقــوع أى‬ ‫أضــرار‪ .‬وكان الــرد بشــن مقاتــات التحالــف العربــي‬ ‫غــارات جويــة مكثفــة علــى مواقع ميليشــيات احلوثين‬ ‫بالعاصمــة صنعــاء‪ .‬قذائــف احلوثيــن أصابــت ‪700‬‬ ‫مدنــي مــن املواطنــن واملقيمــن جنــوب الســعودية‪ ،‬وأدت الستشــهاد‬ ‫شــخصا بينهــم ‪ 20‬طفــ ً‬ ‫ا وتســع نســاء‪ .‬واســتهدف احلوثيــون‬ ‫‪80‬‬ ‫ً‬ ‫خصوصــا يف‬ ‫مــن داخــل األراضــي اليمنيــة عــدة أهــداف مدنيــة‬ ‫ً‬ ‫منطقتــي جنــران وجــازان‪ .‬ورغــم أن القــوات اليمنيــة متكنــت ‪-‬بدعــم‬ ‫مــن التحالف‪-‬مــن اســتعادة الســيطرة علــى عــدة مــدن مــن أيــدي‬ ‫احلوثيــن‪ ،‬إال أنهــا لــم حتــرر العاصمــة صنعــاء‪ ،‬والتــي تعــد الســيطرة‬ ‫عليهــا إجنــازًا سياس ـ ًيا وعســكر ًيا ها ًمــا لهــذا البلــد‪.‬‬ ‫وأخيــ ًرا‪ ،‬فــإن قــرار خــادم احلرمــن الشــريفن امللــك ســلمان‬ ‫بــن عبــد العزيــز بتعيــن األميــر محمــد بــن ســلمان‪ ،‬وليــا للعهــد‬ ‫يؤثــر إيجاب ًيــا علــى احلــرب األهليــة اليمنيــة‪ .‬إذ يديــر األميــر محمــد‬ ‫بــن ســلمان االئتــاف الــذي تقــوده الســعودية يف اليمــن‪ ،‬كمــا يجعــل‬ ‫حتقيــق األهــداف واإلجــراءات الســعودية يف اليمــن أكثــر انســجا ًما‬ ‫مــع اخلــط الــذي تنتهجــه دولــة اإلمــارات العربيــة املتحــدة لقــرب‬ ‫األميــر محمــد بــن ســلمان مــن نظيــره اإلماراتــي الشــيخ محمــد ابــن‬ ‫زايــد ولــي العهــد ونائــب القائــد األعلــى للقــوات املســلحة‪ .‬ويزيــد‬ ‫هــذا التوافــق مــن احتماليــة التوصــل إلــى تســوية سياســية تتوســط‬ ‫فيهــا النخبــة‪ ،‬ولكنــه يســتدعي ً‬ ‫مناه َ‬ ‫ضـ ًة إليــران‬ ‫أيضــا موق ًفــا أقــوى‬ ‫َ‬ ‫مــن كل مــن الســعودين واإلماراتيــن‪.‬‬

‫اعتبـارات تسـتحق‬ ‫الــنـظـر‪ :‬الـمـسـتـفـيـد‬ ‫مــن الـصــراع هو بـائـع‬ ‫السـاح للطرفين سـواء‬ ‫مباشـرة أو عبـر وسـيط‬

‫* أﻛﺎدميﻲ ــ ﺟﻤﻬﻮرﻳﺔ ﻣﴫ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫وأكــدت قيــادة التحالــف‪ ،‬أن اســتمرار تهريــب الصواريــخ إلــى‬ ‫األراضــى اليمنيــة يأتــى بســبب غيــاب الرقابــة علــى مينــاء احلديــدة‪،‬‬ ‫وســوء اســتخدام التصاريــح التــى مينحهــا التحالف للشــحنات اإلغاثية‬ ‫والبضائــع‪ ،‬فــى وقــت يعجــز املجتمــع الدولــي عــن اتخــاذ قــرار ملنــع تلك‬ ‫االنتهــاكات التــي تطيــل أمــد احلــرب وتعــرض حيــاة املدنيــن للخطــر‪.‬‬

‫خيارات الحسم العسكري‪ :‬الممكن والمستحيل‬ ‫إن أي مقارنــة بــن القــدرات العســكرية الســعودية وقــدرات‬ ‫اجليــش اليمنــي واللجــان الشــعبية ســتنتهي إلــى تفــوق عســكري شــبه‬ ‫تــام السـ ّيما يف ســاح اجلــو الســعودي‪ ،‬لكــن حســم املعركــة وحســب‬ ‫تقديــرات اخلبــراء يكــون باللجــوء إلــى احلــرب البريــة وحتقيــق‬ ‫انتصــار عســكري‪ ،‬وهــو أمــر مكلّــف جــدًا‪ .‬ولعــل ذلــك يعيــد إلــى‬ ‫األذهــان التجربــة الناصريــة يف اليمــن‪ ،‬والتــي أدت إلــى الكثيــر مــن‬ ‫الضحايــا ونفقــات احلــرب التــي أنهكــت االقتصــاد‪ .‬ورغــم امتــاك‬ ‫اجليــش الســعودي ألســلحة متطــورة فــإن الهجــوم البــري ســيؤدي إلــى‬ ‫وقــوع خســائر بشــرية بســبب الطبيعــة اجلبليــة والتضاريــس الوعــرة‬ ‫يف الشــمال اليمنــي‪ ،‬ولتوفــر إمكانــات دفاعيــة ســتعمل علــى إربــاك‬ ‫الهجــوم عبــر نصــب الكمائــن واملنــاورة علــى األرض التــي يعــرف‬ ‫اليمنيــون جيـدًا طبيعتهــا‪ ،‬فضـ ً‬ ‫ا عــن "قبليــة" املجتمــع اليمنــي الــذي‬ ‫يزعجــه وجــود قــوات وافــدة علــى أرضــه‪.‬‬ ‫تناضــل قــوات حكومــة هــادي مــن أجــل اســتعادة الســيطرة علــى‬ ‫األراضــي التــي جــرى االســتياء عليهــا يف أوائــل ‪2017‬م‪ ،‬وتقوم قوات‬ ‫احلوثي‪/‬صالــح بشــن هجمــات علــى الســفن يف البحــر األحمــر‪ .‬فقــد‬ ‫أصابــت ســفينة حربيــة تابعــة للتحالــف بصــاروخ موجــه يف البحــر‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪99‬‬

‫ملف العدد‬

‫األحمــر يف منتصــف يونيــو وادعــت أنهــا شــنت هجو ًمــا آخــر لــم‬ ‫يؤكــد يف نفــس املوقــع علــى ســفينة للتحالــف يف أواخــر يونيــو‪ .‬وأفــاد‬ ‫قائــد إماراتــي يف مايو‪/‬أيــار ‪2017‬م‪ ،‬أنــه كان مــن الصعوبــة مبــكان‬ ‫إيجــاد قــوات علــى اســتعداد لتجــاوز حــدود مــا قبــل عــام ‪1990‬م‪،‬‬ ‫بــن الشــمال واجلنــوب اليمنــي‪ ،‬والتــي تضــم تعــز يف الشــمال‪ .‬ومــن‬ ‫غيــر املرجــح أن يعمــل نشــر قــوات حكومــة هــادي مــن عــدن إلــى خــط‬ ‫املواجهــة علــى إحــراز انتصــار ملحــوظ يف احلــرب األهليــة بســبب‬ ‫طبيعــة التضاريــس يف خــط املواجهــة البشــرية‪.‬‬ ‫هنــاك مــن يــرى أن تفــوق التقنية العســكرية التي متتلكها اجليوش‬ ‫الكبــرى ليــس بالضــرورة عامــل احلســم يف حــرب غيــر متكافئــة ضــد‬ ‫جماعــة محــدودة اإلمكانيــات هزيلــة القــدرات‪ ،‬ولكنهــا قــد تتميــز‬ ‫بخبــرات ومهــارات يف املعركــة امليدانيــة علــى األرض‪ .‬هــي إ ًذا حــرب‬ ‫يطــول أمدهــا وتتفاقــم خســائرها‪ ،‬وتســتنزف املــوارد بــا طائــل‪ .‬أمــا‬ ‫االعتبــارات التــي تســتحق النظــر إليهــا بكثيــر مــن احلكمــة والرويــة‪،‬‬ ‫أن املســتفيد مــن الصــراع بــا شــك هــو مــن يبيــع الســاح مباشــرة‬ ‫للصديــق ويبيــع الســاح ً‬ ‫أيضــا للعــدو ولكــن عــن طريــق وســيط‪.‬‬ ‫يبــدو أن احللــول احملتملــة لألزمــة السياســية اليمنيــة التــي‬ ‫أطلقــت شــرارة احلــرب األهليــة لــن تــؤدي إلــى اســتقرار طويــل‬ ‫املــدى أو وضــع نهايــة للصراعــات احملليــة‪ .‬لقــد نشــرت حكومــة‬ ‫هــادي عــد ًدا مــن الوحــدات مــن عــدن علــى جبهــات قتــال متعــددة‬ ‫مبــا فيهــا وحــدات كانــت يف األصــل مكلفــة مبهــام أمنيــة ومقاومــة‬ ‫اإلرهــاب‪ .‬كمــا أن التحالــف خفــف القيــود علــى املطــار الدولــي يف‬ ‫صنعــاء ليســمح بدخــول املعونــات اإلنســانية ممــا ميكــن اعتبــاره بــادرة‬ ‫لبنــاء الثقــة يف املفاوضــات اجلاريــة‪ .‬وأمــام تعثــر اجلهــود التــي تقــوم‬

‫‪98‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫اســتغال املوانــئ اليمنيــة والبريــة للجــزء الشــرقي للبــاد املتمثــل يف‬ ‫بلدتــي املهــرة وحضرمــوت الشــرقيتن لتهريــب الســاح بـ ًّرا‪.‬‬ ‫منــذ ســنوات طويلــة عمــدت إيــران إلــى إرســال الدعــم املــادي‬ ‫والدعــم العســكري وإمــداد احلوثيــن بخبــراء عســكرين مــن احلــرس‬ ‫الثــوري اإليرانــي وحــزب اهلل اللبنانــي‪ ،‬وســبق إلقــاء القبــض علــى‬ ‫الســفينة جيهــان ‪ 2‬وهــي محملــة بأســلحة ومت اإلفــراج عــن طاقمهــا‬ ‫عقــب االنقــاب احلوثــي يف ‪ 21‬ســبتمبر‪/‬أيلول ‪2014‬م‪.‬‬ ‫إن إيــران هــي مــن دعمــت وتدعــم جماعــة احلوثــي منــذ نشــأتها‬ ‫بــكل الوســائل بــد ًءا مــن الدعــم املعنــوي وانتهــا ًء بالدعــم العســكري‬ ‫وكانــت األســلحة اإليرانيــة تصــل للحوثيــن يف عهــد الرئيــس املخلــوع‬ ‫بعلمــه ومعرفتــه وإن كانــت تأتــي تهري ًبــا وقــد مت ضبــط الكثيــر‬ ‫منهــا يف الســواحل اليمنيــة يف كل مــن عــدن واحلديــدة‪ .‬ورغــم أن‬ ‫قــوات التحالــف تســيطر علــى امليــاه اإلقليميــة اليمنيــة إال أن تهريــب‬ ‫األســلحة مــن إيــران إلــى ميليشــيا احلوثــي لــم يتوقــف‪ ،‬ومؤخ ـ ًرا مت‬ ‫اكتشــاف موانــئ بحريــة صغيــرة أنشــئت يف ســواحل البحــر العربــي‬ ‫يف محافظــة شــبوة شــرق اليمــن تقــوم ســفن فيهــا بتهريــب الديــزل‬ ‫والبتــرول والســاح مليليشــيا احلوثــي‪ .‬ونقلــت رويتــرز عــن مســؤول‬ ‫أمنــي إيرانــي كبيــر ســابق‪ ،‬قولــه إن "حــكام إيــران يخططــون لتمكــن‬ ‫جماعــة احلوثــي يف اليمــن لتعزيــز قبضتهــم يف املنطقــة عبــر ميليشــيا‬ ‫علــى غــرار ميليشــيا حــزب اهلل يف لبنــان‪".‬‬ ‫تقــول مصــادر إن إيــران تســتخدم ســفنًا لتوصيــل إمــدادات إلــى‬ ‫اليمــن إمــا مباشــرة أو عبــر الصومــال لتتحايــل علــى جهــود التحالــف‬ ‫العتــراض الشــحنات‪ ،‬وتقــول مصــادر غربيــة إنــه مــا إن تصــل الســفن‬ ‫إلــى املنطقــة يتــم نقــل الشــحنات إلــى قــوارب صيــد صغيــرة يصعــب‬ ‫رصدهــا ألنهــا منتشــرة يف تلــك امليــاه‪ ،‬ومــن املعتقــد أن امليــاه املفضلــة‬ ‫لتنفيــذ تلــك العمليــات تشــمل خلجانــا صغيــرة للصيــد قــرب مينــاء‬ ‫املــكا برغــم أن هــذا يتطلــب أن يخــوض مــن يتــم تهريبهــم مــن رجــال‬ ‫أو عتــاد رحلــة طويلــة محفوفــة باملخاطــر إلــى املناطــق الرئيســية‬ ‫التــي يســيطر عليهــا احلوثيــون‪ .‬والواقــع أنــه يصعــب مراقبــة ســواحل‬ ‫اليمــن البالــغ طولهــا ‪ 2700‬كيلومتــر‪.‬‬ ‫وأقــر نيــك جينزيــن جونــز‪ ،‬خبيــر األســلحة احلربيــة ومديــر‬ ‫مؤسســة خدمــات بحــوث التســلح "‪Armament Research‬‬ ‫‪ "Services‬التــي تعقبــت عتــا ًدا إيران ًيــا انتهــى بــه املطــاف يف اليمــن‬ ‫بــأن الكميــات قــد زادت‪ .‬وقــال جونــز‪" :‬الحظنــا املزيــد مــن النجــاح يف‬ ‫عمليــات النقــل البحــري خــال الشــهور القليلــة املاضيــة‪ ،‬وأظــن أن‬ ‫الزيــادة عمو ًمــا يف وتيــرة مــا نوثقــه مــن أســلحة إيرانيــة ترجــع جزئ ًيــا‬ ‫إلــى جنــاح مزيــد مــن عمليــات التســليم البحريــة‪".‬‬ ‫وتكشــفت يف هجمــات وقعــت يف اآلونــة األخيــرة أدلــة علــى عتــاد‬ ‫عســكري أكثر تطو ًرا يُشــتبه بأن احلوثين يســتخدمونه‪ ،‬فقد هوجمت‬ ‫فرقاطة ســعودية قرب ميناء احلديدة اخلاضع لســيطرة احلوثين يف‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫عمليــة اتهــم اإلعــام الرســمي الســعودي احلوثيــن باملســؤولية عنهــا‪،‬‬ ‫وقالــت البحريــة األمريكيــة إن قاربــا دون ربــان يتــم التحكــم فيــه عــن‬ ‫بعد وكان محم ً‬ ‫ا باملتفجرات صدم الســفينة الســعودية يف أول هجوم‬ ‫معــروف مــن نوعــه تســتخدم فيــه مثــل تلــك القــوارب وإن احلوثيــن‬ ‫اســتخدموا علــى األرجــح تكنولوجيــا مــن إيــران‪.‬‬ ‫ويف تطــور آخــر قــال مصــدر باحلكومــة اليمنيــة لرويتــرز إن‬ ‫زور ًقــا خلفــر الســواحل ُد ِّمــر قــرب املــكا بألغــام نشــرها احلوثيــون‪،‬‬ ‫وأشــار جونــز إلــى أن الذخائــر اإليرانيــة شــهدت حتســنًا نوع ًيــا‬ ‫مؤخـ ًرا‪ .‬وأضــاف‪" :‬شــملت عمليــات النقــل األخيــرة ألســلحة وذخائــر‬ ‫سلســلة (الطائــرات دون طيــار) أبابيــل اإليرانيــة املــزودة بــرؤوس‬ ‫حربيــة شــديدة االنفجــار واســتخدمها احلوثيــون ضــد أهــداف لهــا‬ ‫أهميــة كبيــرة مثــل الــرادارات وبطاريــات صواريــخ باتريــوت‪ ".‬وعــاوة‬ ‫علــى األســلحة‪ ،‬قالــت مصــادر إيرانيــة وإقليميــة إن طهــران توفــر‬ ‫خبــراء أفغا ًنـاً وعر ًبـاً مــن الشــيعة لتدريــب وحــدات للحوثيــن وللعمــل‬ ‫كمستشــارين فيمــا يتعلــق باإلمــداد والتمويــن‪ .‬ومــن بــن هــؤالء أفغــان‬ ‫قاتلــوا يف ســوريا حتــت إشــراف قــادة بـ"فيلــق القــدس"‪.‬‬ ‫قبــل أن تعلــن جماعــة احلوثــي التمــرد املســلح عــام ‪2004‬م‪ ،‬كانــت‬ ‫قــد أعـ ّدت العــدة‪ ،‬وجت ّهــزت عســكر ًيا‪ ،‬فلــم يكــن ذلــك التمــرد مــن بــاب‬ ‫الصدفــة‪ ،‬بــل تنفي ـ ًذا خلطــة مدروســة واســتراتيجية التقــت عندهــا‬ ‫طموحــات اجلماعــة بالوصــول إلــى ســدة احلكــم يف اليمــن‪ ،‬ومطامــع‬ ‫إقليميــة تتمثــل يف إنشــاء ذراع عســكرية إليــران يف خاصــرة الســعودية‪،‬‬ ‫علــى غــرار حــزب اهلل اللبنانــي يف خاصــرة بــاد الشــام‪ .‬غيــر أنــه يف‬ ‫الســياق ذاتــه اســتمر تدفــق األســلحة اإليرانيــة إلــى احلوثيــن‪ ،‬فقــد‬ ‫أكــد اخلبــراء العســكريون أن صواريــخ الكاتيوشــا التــي اســتخدمها‬ ‫احلوثيــون يف احلــرب السادســة هــي مــن ذات النوعيــة التــي ســبق‬ ‫حلــزب اهلل اللبنانــي اســتخدامها‪ ،‬معتبريــن أن ظهــور مثــل تلــك‬ ‫الصواريــخ لــدى احلوثيــن قــد كشــف بالدليــل القاطــع عــن التمويــل‬ ‫الكبيــر الــذي تتلقــاه جماعــة احلوثيــن مــن إيــران وحــزب اهلل والبــؤر‬ ‫الشــيعية يف املنطقــة‪ .‬كمــا تؤكــد املصــادر أنــه مت تهريــب صواريــخ‬ ‫الكاتيوشــا إلــى اليمــن مــن خــال رحــات بحريــة عبــر إريتريــا ضمــن‬ ‫أســلحة أخــرى مــن بينهــا صواريــخ أرض‪/‬جــو محمولــة علــى الكتــف‪.‬‬ ‫وكانــت تقاريــر دوليــة قــد أشــارت يف وقــت ســابق إلــى قيــام‬ ‫إيــران بإنشــاء قاعــدة لهــا يف إريتريــا مل ـ ّد احلوثيــن بالســاح عبــر‬ ‫رحــات بحريــة إلــى املناطــق القريبــة مــن ســواحل مينــاءي ميــدي‬ ‫واللحيــة القريبــن مــن صعــدة‪ .‬وحــذرت تلــك التقاريــر مــن انتقــال‬ ‫نشــاط تهريــب األســلحة اإليرانيــة مــن البحــر األحمــر إلــى الســواحل‬ ‫اجلنوبيــة لليمــن‪ .‬وهنــاك أنبــاء تشــير إلــى قيــام الســفن اإليرانيــة‬ ‫يف منطقــة خليــج عــدن بحجــة املســاهمة يف مكافحــة القرصنــة‪،‬‬ ‫إضافــة إلــى ســفن جتاريــة إيرانيــة؛ بتهريــب كميــات مــن األســلحة‬ ‫عبــر قــوارب صيــد مينيــة لتهريبهــا إلــى داخــل اليمــن‪.‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪97‬‬

‫ملف العدد‬

‫كـاتـيـوشـا الـحـوثـي فـي الـحـرب الـسـادسـة مـن نـوعـية صـواريــخ‬ ‫حـزب الله ‪ ..‬دلـيل قـاطـع عـلـى الـتـورط اإليـرانـي‬ ‫بــدأت قــوات التحالــف منــذ ‪ 14‬يوليــو ‪2015‬م‪ ،‬بعمليــة بريــة يف‬ ‫عــدن أطلــق عليهــا اســم "عمليــة الســهم الذهبــي"‪ ،‬مبشــاركة جنــود‬ ‫مينيــن وســعودين وإماراتيــن‪ ،‬ودخلــت تلــك القــوات عــن طريــق‬ ‫البحــر مدعومــة مبئــات العربــات املدرعــة‪ ،‬واســتولت علــى مدينــة‬ ‫عــدن‪ ،‬بدعــم بالغــارات اجلويــة للطيــران‪ ،‬واقتحمــت تلــك القــوات‬ ‫قاعــدة العنــد اجلويــة مبحافظــة حلــج بعــد أن شــنت القــوات هجو ًمــا‬ ‫علــى قاعدتــن عســكريتن‪ ،‬يف محافظــة حلــج وأخــرى يف محافظــة‬ ‫شــبوة‪ ،‬وأكملــت الســيطرة عليهــا وحصارهــا‪ ،‬واســتطاعت القــوات‬ ‫الســيطرة علــى عــدن وأجــزاء واســعة مــن احملافظــات اجلنوبيــة حلــج‬ ‫والضالــع وشــبوة وأبــن‪ .‬وتوقفــت تلــك القــوات يف حــدود محافظــة‬ ‫تعــز ومحافظــة البيضــاء التــي تــدور فيهــا معــارك واســعة مــع‬ ‫احلوثيــن‪ ،‬ودعمــت الســعودية قــوات اجليــش اليمنــي يف محافظــة‬ ‫مــأرب التــي تشــهد حشــدًا عســكر ًيا واســ ًعا‪ ،‬بدفعــات عســكرية‬ ‫جديــدة قادمــة مــن منفــذ الوديعــة احلــدودي‪.‬‬

‫مواطن القوة والضعف يف قدرات اليمن العسكرية الحالية‬ ‫منــذ بدايــة الضربــات اجلويــة يف صنعــاء اســتهدفت مئــات‬ ‫الغــارات مواقــع ألويــة الصواريــخ يف جبــال ّ‬ ‫"عطــان" وجبــل النهديــن‬ ‫وجبــل نقــم‪ .‬وأعلنــت الســعودية يف ‪ 21‬أبريــل تدميــر الصواريــخ‬ ‫البالســتية التــي يف حــوزة القــوات املؤيــدة لصالــح واحلوثيــن‪ .‬إال‬ ‫أن احلوثيــن والقــوات العســكرية املواليــة لهــم متكنــوا يف ‪ 6‬يونيــو‬ ‫مــن إطــاق صــاروخ ســكود مــن محافظــة صعــدة مســتهدفاً قاعــدة‬ ‫امللــك خالــد اجلويــة يف مدينــة خميــس مشــيط‪ ،‬وهــو أول صــاروخ‬ ‫ســكود يســتخدم أثنــاء الصــراع‪ ،‬وذكــر بيــان لقيــادة التحالــف العربــي‬ ‫أن قــوات الدفــاع اجلــوي امللكــي الســعودي اعترضتــه بصاروخــي‬ ‫باتريــوت‪ .‬ويعــود تاريــخ القــوة الصاروخيــة لليمــن إلــى الســبعينات‬ ‫يف عهــد جمهوريــة اليمــن الدميقراطيــة الشــعبية (اليمــن اجلنوبــي)‪،‬‬ ‫حليفــة االحتــاد الســوفيتي الــذي زودهــا بجميــع أنــواع األســلحة‬ ‫ً‬ ‫صاروخــا مــن‬ ‫متضمنــة الصواريــخ الباليســتية‪ .‬وميتلــك اليمــن ‪25‬‬ ‫نــوع هواســوجن‪ 6-‬حيــث كان احلوثيــون قــد ســيطروا علــى معســكرات‬ ‫مجموعــة ألويــة الصواريــخ يف ‪ 21‬ينايــر ‪2015‬م‪ ،‬دون مقاومــة‪ ،‬وذلــك‬ ‫بعــد مهاجمــة منــزل الرئيــس هــادي‪ ،‬وســيطرتهم علــى مجمــع دار‬ ‫الرئاســة مــن جبــل النهديــن بــدار الرئاســة وســط صنعــاء‪ ،‬أطلقــت‬ ‫القــوات املواليــة لعلــي عبــد هلل صالــح واحلوثيــن يف ‪ 26‬أغســطس‬ ‫ً‬ ‫صاروخــا بالســت ًيا مــن نــوع هواســوجن‪ 6-‬نحــو األراضــي الســعودية‪،‬‬ ‫وقــال احلوثيــون إن الصــاروخ اســتهدف محطــة كهربــاء حاميــة‬

‫جيــزان الســعودية‪ .‬لكــن اجليــش الســعودي قــال إنــه اعترضــه‬ ‫بصواريــخ باتريــوت‪ .‬ويف ‪ 16‬أكتوبــر أطلــق صــاروخ ســكود مــن وســط‬ ‫صنعــاء باجتــاه األراضــي الســعودية‪ ،‬وأعلــن احلوثيــون أن الصــاروخ‬ ‫أصــاب هدفــه وهــو قاعــدة امللــك خالــد اجلويــة‪ ،‬وقالــت الســعودية‬ ‫إنــه ســقط يف محافظــة عمــران شــمال صنعــاء‪ ،‬وأفــاد شــهود عيــان‬ ‫يف مدينــة عمــران شــمالي صنعــاء بــأن انفجــا ًرا عني ًفــا هــز املدينــة‬ ‫يعتقــد أنــه انفجــار للصــاروخ يف ســمائها‪.‬‬ ‫ظلــت القــوة العســكرية لــدى جماعــة احلوثــي تنمــو مــع مــرور‬ ‫األيــام‪ ،‬حيــث أشــارت بعــض الدراســات إلــى أن اجلماعــة باتــت‬ ‫متلــك – يف الوقــت الراهــن ‪-‬ترســانة كبيــرة مــن األســلحة‪ ،‬يصعــب‬ ‫احلصــول علــى إحصائيــات دقيقــة بشــأنها‪ ،‬نظـ ًرا للتكتــم الــذي تتبعــه‬ ‫اجلماعــة‪ .‬وأفــادت دراســة حديثــة بــأن قــوة احلوثيــن العســكرية‬ ‫تقــدر بحجــم اثنــن مــن األلويــة العســكرية املتوســطة مــن حيــث‬ ‫مســتوى التســليح‪ ،‬مشــير ًة إلــى أن جماعــة احلوثــي متتلــك نحــو ‪11‬‬ ‫دبابــة معظمهــا مــن نــوع (تــي ‪ ،)52‬إضافــة إلــى عــدد مــن املدافــع‬ ‫بعيــدة املــدى‪ ،‬ومدافــع الهــاون‪ ،‬أغلبهــا مــن نــوع (بــي ‪ ،)10‬وكميــات‬ ‫كبيــرة مــن الذخائــر والقذائــف التــي اســتولوا علــى معظمهــا مــن‬ ‫مخــازن ومعســكرات اجليــش خــال حروبهــم الســت املاضيــة مــع‬ ‫الدولــة‪ .‬وقالــت الدراســة إن احلوثيــن ميتلكــون العديــد مــن صواريــخ‬ ‫الكتــف والكثيــر مــن الرشاشــات‪ ،‬وأســلحة أخــرى مختلفــة‪.‬‬ ‫أعلــن حتالــف "احلوثي‪/‬صالــح" عــن امتــاك صواريــخ باليســتية‬ ‫مــن نــوع "بــركان ‪ "1‬التــي يصــل مــداه إلــى ‪ 800‬كيلومتــر‪ ،‬ويقــدر وزن‬ ‫رأســه احلربــي بحوالــي نصــف طــن‪ ،‬وقــد تنجــح صواريــخ باتريــوت‬ ‫يف اعتــراض هــذه الصواريــخ‪ ،‬ولكنهــا مكلفــة جــدًا‪ ،‬إذ يكلــف كل‬ ‫صــاروخ باتريــوت ‪ 3‬مليــون دوالر تقري ًبــا‪ .‬كمــا أعلــن عــن نقــل حوالــي‬ ‫خمســة آالف مجنــد مينــي يف صفــوف قــوات تابعــة للرئيــس هــادي‬ ‫مــن احملافظــات اليمنيــة اجلنوبيــة عبــر مينــاء عــدن إلــى مينــاء عصب‬ ‫اإلريتــري‪ ،‬حيــث ينخرطــون يف معســكرات وقواعــد عســكرية أقامتهــا‬ ‫دول التحالــف العربــي‪ ،‬متهيــدًا لنقلهــم فيمــا بعــد إلــى احلــدود‬ ‫اليمنيــة ـ الســعودية للتصــدي لهجمــات احلوثيــن علــى احلــدود‪.‬‬

‫كيف يتم إمداد اليمن بالساح والعتاد‬ ‫عملــت إيــران جاهــدة بــكل الســبل علــى تهريــب أســلحة ومعــدات‬ ‫حربيــة حللفائهــا يف اليمــن‪ .‬وبعــد أن تضاءلــت فــرص إيصالهــا بحـ ًرا‬ ‫مــع احلصــار احملكــم الــذي تفرضــه دول التحالــف العربــي باليمــن‬ ‫منــذ أبريــل ‪2015‬م‪ ،‬بتفويــض مــن احلكومــة الشــرعية لليمــن حتــاول‬

‫‪96‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫التحالــف خفــف القيــود علــى مطــار صنعــاء لدخــول املعونــات وبــادرة لبنــاء الثقــة‬

‫مس ــتقبل األزم ــة اليمني ــة‪ :‬المصالح ــة أو‬ ‫التقســـيم إىل دويـــات مفككـــة‬ ‫يف مواجهـة قـوى الظـام التـي أرادت أن تفـرض سـيطرتها علـى الداخـل اليمني‪ ،‬ثم تتمدد‬ ‫ِلتُطـ ِّو َق السـعودية مـن اجلنـوب‪ ،‬وتهـدد جيرانهـا بالصواريـخ البالسـتية‪ ،‬وتتحكـم يف مضيق‬ ‫بـاب املنـدب‪ ،‬انطلقـت احلملـة العسـكرية "عاصفـة احلـزم" يف ‪ 25‬مـارس ‪2015‬م‪ ،‬التـي‬ ‫شـنتها عشـر دول عربيـة بقيـادة السـعودية وحـددت عـدة أهـداف هـي حمايـة دول اجلـوار‬ ‫مـن اإلرهـاب احلوثـي‪ ،‬وإعـادة الشـرعية لليمـن‪ ،‬ووقـف التمـدد اإليرانـي‪ ،‬وتأمـن احلـدود‬ ‫اجلنوبيـة للمملكـة‪ .‬طالـت الضربـات اجلويـة للتحالف جميع أنحاء اليمن مسـتهدفة جميع‬ ‫معسـكرات اجليـش ومخازنـه ومواقعـه ومعسـكرات ألويـة الصواريـخ‪ ،‬وكانـت الصومـال قد‬ ‫فتحـت مجالهـا اجلـوي وامليـاه اإلقليميـة والقواعـد العسـكرية لائتـاف السـتخدامها يف‬ ‫العمليـات‪ .‬ونشـرت مصـر والسـعودية سـفنًا حربيـة للحمايـة‪ ،‬وسـارعت الواليـات املتحـدة لبيـع األسـلحة لـدول التحالـف‬ ‫وتقـدمي الدعـم اللوجسـتي للعمليـات‪ .‬ونشـرت أمريـكا وبريطانيـا أفـرا ًدا عسـكرين يف مركـز القيـادة والسـيطرة املسـؤول‬ ‫عـن الضربـات اجلويـة‪ .‬ودعـت السـعودية باكسـتان لانضمـام إلـى التحالـف لكـن البرملـان الباكسـتاني صـوت للحفـاظ علـى‬ ‫احليـاد‪ .‬ووفـرت باكسـتان سـفنًا حربيـة ملسـاعدة التحالـف يف فـرض حظـر علـى األسـلحة مـن الوصـول للحوثيـن يف اليمـن‪.‬‬

‫لواء د‪ /.‬محمد عالم سيد‬

‫ما بعد عاصفة الحسم‬ ‫جنحـــت احلملـــة يف منـــع وصـــول طائـــرات إيرانيـــة محملـــة‬ ‫مبع ــدات عس ــكرية إل ــى املقاتل ــن "احلوثي ــن" الذي ــن اس ــتولوا عل ــى‬ ‫مناطـــق واســـعة يف البـــاد‪ .‬وكان هنـــاك خـــط جـــوي يأتـــي مـــن‬ ‫طه ــران مبع ــدل طائرت ــن عل ــى األق ــل كل ي ــوم تنق ــان له ــم مع ــدات‬ ‫عســكرية‪ .‬كمــا جنحــت يف قطــع طــرق إمــداد احلوثيــن بالصواريــخ‬ ‫واألســـلحة بـــن صنعـــاء وصعـــدة‪ ،‬وبـــدأت االنشـــقاقات تظهـــر يف‬ ‫صفـــوف القبائـــل والقـــوات املواليـــة للرئيـــس الســـابق علـــي عبـــد‬ ‫اهلل صال ــح‪ ،‬واندلع ــت االش ــتباكات م ــع ميليش ــيات احلوث ــي‪ .‬وأعل ــن‬ ‫أن التحالـــف يســـيطر كل ًيـــا علـــى األجـــواء اليمنيـــة وأنـــه لـــم يعـــد‬ ‫تقري ًب ــا ل ــدى احلوثي ــن أي طائ ــرات وال أي س ــيطرة عل ــى مراك ــز‬ ‫االتصــاالت‪ .‬ويف ‪ 21‬أبريــل ‪2015‬م‪ ،‬أعلنــت وزارة الدفــاع الســعودية‬ ‫بــأن عمليــات عاصفــة احلــزم اجلويــة قــد أزالــت أي خطــر محتمــل‬ ‫علـــى الســـعودية والـــدول املجـــاورة‪ ،‬وذلـــك بعـــد إســـكات وتدميـــر‬ ‫القــوة اجلويــة والصواريــخ البالســتية التــي كانــت يف حــوزة احلوثيــن‬

‫والق ــوات املوالي ــة لصال ــح‪ .‬ويف خط ــاب متلف ــز للرئي ــس عب ــد رب ــه‬ ‫منص ــور ه ــادي ق ــال‪ :‬إن الضرب ــات اجلوي ــة مت إيقافه ــا بن ــا ًء عل ــى‬ ‫طلبـــه‪ ،‬شـــاك ًرا التحالـــف العربـــي لدعمهـــم الشـــرعية يف اليمـــن‪.‬‬ ‫ويف الواق ــع ل ــم يتمك ــن التحال ــف حينه ــا م ــن تدمي ــر ق ــوة املتمردي ــن‬ ‫احلوثي ــن أو وق ــف تقدمه ــم نح ــو احملافظ ــات اجلنوبي ــة لليم ــن‪ ،‬أو‬ ‫منعهــم مــن شــن هجمــات علــى احلــدود اليمنيــة الســعودية‪ .‬وأعلنــت‬ ‫الســعودية بــدء مرحلــة جديــدة حتــت مســمى عمليــة "إعــادة األمــل"‪،‬‬ ‫بهــدف التحــرك نحــو اســتئناف العمليــة السياســية‪ ،‬وتيســير إجــاء‬ ‫الرعايــا األجانــب وتكثيــف املســاعدة اإلغاثيــة والطبيــة للمتضرريــن‬ ‫وإفس ــاح املج ــال للجه ــود الدولي ــة لتق ــدمي املس ــاعدات اإلنس ــانية‪.‬‬ ‫وم ــع ذل ــك‪ ،‬اس ــتمر التحال ــف يف حماي ــة املدني ــن ووق ــف حت ــركات‬ ‫احلوثيـــن‪ ،‬واســـتمرت الضربـــات اجلويـــة واحلصـــار البحـــري‪،‬‬ ‫وقصـــف التحالـــف مطـــار صنعـــاء الدولـــي ممـــا أدى إلـــى تدميـــر‬ ‫املـــدرج الرئيســـي ولـــم تتوقـــف الغـــارات اجلويـــة والبحريـــة علـــى‬ ‫الرغ ــم م ــن إع ــان انته ــاء عاصف ــة احل ــزم‪.‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪95‬‬

‫ملف العدد‬

‫أظهرت عملية السهم الذهبي يف عدن كفاءة التنسيق القتايل بين القوات‬ ‫اإلماراتية والسـعودية والجيش الوطني واليمنيين المدربين يف السـعودية‬ ‫يف املنطقــة‪ ،‬رغــم اســتهداف العديــد مــن عناصــر القاعــدة بواســطة‬ ‫الطائــرات بــدون طيــار األمريكيــة‪ ،‬القادمــة رمبــا مــن جيبوتــي أو مــن‬ ‫قطــع األســطول األمريكــي يف املنطقــة‪.‬‬ ‫‪ .11‬وأخيـ ًرا وكمــا نقــول دائ ًمــا ‪ -‬وبعــد نهايــة احلــروب العامليــة‬ ‫الشــاملة التــي كانــت تســتمر إلــى حتقيــق النصــر الكامــل‪ ،‬مقابــل‬

‫الهزميــة الكاملــة للطــرف اآلخــر – (ســتظل احلــروب هــي مرحلــة‬ ‫وســيطة بــن السياســة والسياســة) وهــو مــا يســعى إليــه املجتمــع‬ ‫العربــي والدولــي إليجــاد حلــول مناســبة‪ ،‬حتافــظ علــى الشــرعية‬ ‫والوحــدة اليمنيــة‪ ،‬وتدعــم األمــن القومــي العربــي وتؤمــن املمــرات‬ ‫املاحيــة الدوليــة الهامــة التــي تخــدم االقتصــاد العاملــي‪.‬‬

‫ﻣﻠﺤﻖ )أ(‪ :‬اﻟﻘﻮات اﻟﻴﻤﻨﻴﺔ ﻗﺒﻞ وﺑﻌﺪ ﻋﺎﺻﻔﺔ اﻟﺤﺰم‬ ‫اﻟﺮﺻﺪ‬

‫‪٢٠١٤‬‬

‫‪٢٠١٧‬‬

‫ﻣﻼﺣﻈﺎت‬

‫اﻟﻘﻮات اﻟﺒﴩﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ‬

‫‪٧٦٠٠٠‬‬

‫‪٤٣٠٠٠‬‬

‫اﻟﻔﺮق= ﺧﺴﺎﺋﺮ واﻧﻘﺴﺎم اﻟﻘﻮات اﳌﺴﻠﺤﺔ‬

‫اﻟﻘﻮات اﻟﺒﴩﻳﺔ اﻻﺣﺘﻴﺎﻃﻴﺔ‬

‫‪٧١٠٠٠‬‬

‫ﻣﻌﺒﺄة‬

‫ﻗﻮات ﺑﺮﻳﺔ‬ ‫دﺑﺎﺑﺎت ﻗﺘﺎل‬ ‫ﻣﺮﻛﺒﺎت ﻗﺘﺎل ﻣﺪرﻋﺔ‬ ‫ﻣﺪﻓﻌﻴﺔ ذاﺗﻴﺔ اﻟﺤﺮﻛﺔ‬ ‫ﻣﺪﻓﻌﻴﺔ ﻣﺠﺮورة‬ ‫ﺻﻮارﻳﺦ ﻣﻴﺪان‬ ‫)ﺻﻮارﻳﺦ ﺑﺎﻟﺴﺘﻴﺔ )ﺳﻜﻮد‬

‫‪١٢٦٠‬‬ ‫‪٣٠٠٧‬‬ ‫‪٢٥‬‬ ‫‪٢٨٠‬‬ ‫‪٤٢٣‬‬ ‫‪٢٥‬‬

‫‪٨٢٦‬‬ ‫‪٢٠٠٣‬‬ ‫‪٢٥‬‬ ‫‪٢٨٠‬‬ ‫‪٤٢٣‬‬ ‫)أﻗﻞ ﻣﻦ )‪١٠‬‬

‫ﺧﺴﺎﺋﺮ‬ ‫ﺧﺴﺎﺋﺮ‬ ‫ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻏري ﻣﺤﺪﺛ َﺔ‬ ‫ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻏري ﻣﺤﺪﺛ َﺔ‬ ‫ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻏري ﻣﺤﺪﺛ َﺔ‬ ‫ﺧﺴﺎﺋﺮ ‪ +‬اﺳﺘﺨﺪام‬

‫)ﻗﻮات ﺟﻮﻳﺔ )إﺟامﱄ‬ ‫ﻃﺎﺋﺮات ﻗﺘﺎل وﻧﻘﻞ‬ ‫ﻫﻴﻞ ﺧﺪﻣﺔ ﻋﺎﻣﺔ‬ ‫ﻫﻴﻞ ﻣﺴﻠﺢ‬

‫‪١٧٠‬‬ ‫‪٦٢‬‬ ‫‪٢٤‬‬

‫‪١٦٩‬‬ ‫‪٦١‬‬ ‫‪١٤‬‬

‫ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻏري ﻣﺤﺪﺛ َﺔ‬ ‫ﻣﻌﻠﻮﻣﺎت ﻏري ﻣﺤﺪﺛ َﺔ‬ ‫ﺧﺴﺎﺋﺮ‬

‫‪٦١‬‬

‫‪٣٠‬‬

‫ﺧﺴﺎﺋﺮ‬

‫‪١٫٧‬‬ ‫‪ ٤‬ﻣﻠﻴﻮن‬ ‫ﻳﻜﻔﻲ وﻳﺼﺪر‬

‫‪١٫٤‬‬ ‫؟‬ ‫ﻻ ﻳﻜﻔﻲ‬

‫أﺛﺮ ﺑﺎﻟﺴﻠﺐ ﻋﲆ ﻛﻔﺎﺋﺔ وﺗﺤﺮﻛﺎت اﻟﻘﻮات اﳌﺴﻠﺤﺔ‬

‫ﻋﻨﺎﴏ اﻟﻘﺘﺎل‬

‫)اﻟﻘﻮات اﻟﺒﺤﺮﻳﺔ )إﺟامﱄ‬ ‫اﻻﻧﻔﺎق اﻟﻌﺴﻜﺮي‬ ‫ﻣﻠﻴﺎر دوﻻر‬ ‫واردات اﻟﺴﻼح‬ ‫اﺳﺘﺨﺮاج اﻟﺒﱰول وأﺛﺮه ﻋﲆ اﻟﻘﻮات‬ ‫اﳌﺴﻠﺤﺔ‬

‫اﳌﺼﺪر‪Global Firepower 2014-2017 :‬‬

‫* أﺳــﺘﺎذ اﻷﻣــﻦ اﻟﻘﻮﻣــﻲ اﻟﺰاﺋــﺮ ﺑﺄﻛﺎدميﻴــﺔ ﻧــﺎﴏ اﻟﻌﺴــﻜﺮﻳﺔ اﻟﻌﻠﻴــﺎـ‬ ‫ﻣﺴﺘﺸــﺎر اﳌﺮﻛــﺰ اﻹﻗﻠﻴﻤــﻲ ﻟﻠﺪراﺳــﺎت اﻻﺳــﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ﺑﺎﻟﻘﺎﻫــﺮة ـ اﳌﻠﺤــﻖ‬ ‫اﻟﻌﺴــﻜﺮي اﳌــﴫي اﻷﺳــﺒﻖ ﺑﺎﻟﻴﻤــﻦ‬

‫‪94‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫فقــد تأثــر اإلمــداد بالوقــود للقــوات املســلحة ممــا يحــد مــن التحــركات‬ ‫القتاليــة واإلداريــة‪ ،‬كمــا تأثــر القطــاع املدنــي بشــدة‪ ،‬يف قطاعــات‬ ‫النقــل املختلفــة وكان مــن أحــد عراقيــل النــزوح والهجــرات الداخليــة‬ ‫مــن املناطــق املتضــررة نتيجــة العمليــات العســكرية‪.‬‬

‫خامسا‪ :‬طبيعة مسرح العمليات اليمني وتأثيره عى األعمال القتالية‪:‬‬ ‫ً‬ ‫يصنــف كمســرح جبلــي صحــراوي‪ ،‬حيــث متتــد الساســل اجلبليــة‬ ‫الوعــرة مــن الشــمال إلــى اجلنــوب محاذيــة للبحــر األحمــر‪ ،‬لتشــكل‬ ‫ســهل ســاحلي هــو امتــدادا لســهل تهامــة يف الســعودية‪ ،‬وحتــى مضيــق‬ ‫بــاب املنــدب جنو ًبــا‪ ،‬وتتــدرج تلــك السلســلة يف االرتفاعــات عــن ســطح‬ ‫البحــر مبعــدل (‪ )3760-2000‬حيــث أقصــى ارتفــاع غــرب صنعــاء‪...‬‬ ‫متــر السلســلة اجلبليــة األخــرى مــن اجلنــوب الغربــي يف اجتــاه الشــرق‬ ‫مبحــاذاة بحــر العــرب لتشــكل ســهل ســاحلي يزيــد اتســاعه كلما اجتهنا‬ ‫شــر ًقا وحتــى احلــدود العمانيــة‪ ...‬وتتحكــم الساســل اجلبليــة يف طــرق‬ ‫التحــرك ممــا يحــد مــن القــدرة علــى املنــاورة أو الفتــح القتالــي‪ ،‬كمــا‬ ‫يعطــي ذلــك ميــزة للمدافــع بعكــس املهاجــم‪ ..‬كما توفر املغــارات اجلبلية‬ ‫ً‬ ‫وأيضــا التخزيــن اآلمــن للمعــدات‬ ‫حمايــة طبيعيــة للقــوات املدافعــة‬ ‫والذخائــر‪ ،‬حيــث يكــون تأثيــر القصــف اجلــوي واملدفعــي محــدو ًدا‪...‬‬ ‫ال توجــد أنهــار‪ ،‬ولكــن وديــان عــدة تغمرهــا ميــاه األمطــار الغزيــرة‪،‬‬ ‫وقــد بــرع اليمنيــون منــذ القــدم‪ ،‬يف بنــاء الســدود حلجــز تلــك األمطــار‬ ‫لاســتفادة منهــا علــى مــدار العــام‪ ،‬ولعــل أشــهرها (ســد مــأرب) الــذي‬ ‫كان يحجــز أكبــر ســيول الوديــان كمــا ذكــره القــرآن الكــرمي (بســيل‬ ‫العــرم) ومازالــت أكتــاف الســد القــدمي موجــودة حتــى اآلن وتشــكل تلك‬ ‫الســدود ومــا حتتجــزه خلفهــا مــن ميــاه عائ ًقــا للتحــركات العســكرية‪...‬‬ ‫تســتطيع القــوات اجلويــة تقــدمي الدعم النيراني ألي مكان يف املســرح‪،‬‬ ‫كمــا تســتطيع القــوات البحريــة تقــدمي الدعــم النيراني للقــوات العاملة‬ ‫يف الســهول الســاحلية‪ .‬تشــكل املناطــق اجلبليــة قيــو ًدا علــى اســتخدام‬ ‫املجنــزرات عمو ًمــا‪ ،‬ولكنهــا أكثــر ماءمــة لعمــل القــوات اخلفيفــة مــن‬ ‫املشــاة والقــوات اخلاصــة واملظليــون‪ ،‬وتكــون أكثــر مناســبة الســتخدام‬ ‫املدفعيــات املجــرورة والهاونــات علــى نطــاق واســع‪ ..‬الريــاح الســائدة‪،‬‬ ‫هــي ريــاح جنوبيــة إلــى جنوبيــة شــرقية‪ ،‬ممــا يؤثــر علــى اســتخدام‬ ‫الدخــان واحلــرب الكيميائيــة‪ ،‬وانحــراف قفــز املظليــون‪ ،‬واجتاهــات‬ ‫مــدارج املطــارات لإقــاع والهبــوط‪ ..‬كمــا أن كثــرة اجلــزر وخاصــة يف‬ ‫البحــر األحمــر توفــر نطا ًقــا آم ًنــا متقد ًمــا للدفــاع البحــري كمــا أنهــا‬ ‫تهــدد الســفن املعاديــة‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬الخاصة‪:‬‬ ‫ً‬ ‫‪ .1‬عاصفــة احلــزم‪ ،‬كانــت ضروريــة لدعــم الشــرعية اليمنيــة‬ ‫ودعــم األمــن القومــي جلنــوب شــبه اجلزيــرة العربيــة وحتجيــم الــدور‬ ‫اإليرانــي يف املنطقــة مذهب ًيــا وعســكر ًيا‪..‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫‪ .2‬أدت الضربــات اجلويــة والبحريــة للتحالــف العربــي إلــى تدميــر‬ ‫البنيــة التحتيــة لتحالــف (احلوثــي ‪ /‬صالــح) وخاصــة األهــداف‬ ‫االســتراتيجية العســكرية للمعســكرات ومناطــق التجمــع ومخــازن‬ ‫األســلحة واملعــدات والذخائــر ومــدارج املطــارات دون الطائــرات‬ ‫ومناطــق متركــز وانتشــار الصواريــخ البالســتية (ســكود)‬ ‫‪ .3‬دعمــت قــوات التحالــف اجلويــة والبحريــة أعمــال القتــال‬ ‫البريــة للقــوات الشــرعية‪ ،‬باإلضافــة إلــى العمليــات البريــة احملــدودة‬ ‫لقــوات التحالــف يف (صعــدة – مــأرب – عــدن – املــكا)‪..‬‬ ‫‪ .4‬أظهــر قيــاس التــوازن العســكري للقــوات اليمنيــة بــن عامــي‬ ‫(‪ )2017-2014‬تراج ًعــا كبيــ ًرا يف األســلحة واملعــدات نتيجــة‬ ‫(اخلســائر – التفتــت بــن اجليــش الوطنــي وحتالــف (احلوثــي ‪/‬‬ ‫صالــح) وصعوبــة رصــد بعــض العناصــر يف القيــاس الثانــي‪ ،‬نتيجــة‬ ‫ســيولة املوقــف وانصــراف بعــض القــوات بأســلحتها إلــى قبائلهــا‪..‬‬ ‫‪ .5‬حســمت قــوات التحالــف العربــي أعمــال القتــال اجلــوي‬ ‫والبحــري‪ ،‬ولكــن لــم يتــم حســم املعــارك البريــة‪ ،‬نظــ ًرا للطبيعــة‬ ‫اجلبليــة الوعــرة ملعظــم مســرح العمليــات‪ ،‬مــع اســتمرار تقــدمي‬ ‫الدعــم اجلــوي والبحــري وخاصــة يف شــمال وجنــوب اليمــن‪...‬‬ ‫‪ .6‬بعــد حصــار وتفتيــش الســفن اإليرانيــة جلــأت إيــران إلــى‬ ‫اإلمــداد البحــري عبــر ســفن صيــد صغيــرة يف أقصــى شــرق اليمــن‬ ‫يف خليــج (القمــر) وعبــر مراســي صغيــرة مثــل (الغيضــة – هــروت)‬ ‫ثــم إلــى العمــق اليمنــي ويحتمــل أن الصــاروخ الــذي أطلــق عــل‬ ‫القطعــة البحريــة اإلماراتيــة أمــام احلديــدة – املخــا‪ ،‬قــد أتــى مــن‬ ‫هــذا الطريــق‪ ،‬ممــا يســتلزم الســيطرة علــى ســفن الصيــد يف هــذا‬ ‫االجتــاه وتفتيشــها مــع االســتعانة باألقمــار الصناعيــة الصديقــة‬ ‫للرصــد املســتمر‪..‬‬ ‫‪ .7‬أدت أعمــال القتــال إلــى تراجــع معــدل اســتخراج النفــط اليمنــي‬ ‫(مــأرب – شــبوة) ممــا أثــر علــى احتياجات القوات املســلحة مــن الوقود‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وأيضــا علــى تنقــات الاجئــن‬ ‫كمــا أثــر علــى قطــاع النقــل املدنــي‪،‬‬ ‫والفاريــن مــن مناطــق القتــال‪ ،‬حيــث حترك بعضهم ســي ًرا علــى األقدام‪.‬‬ ‫‪ .8‬أظهــرت عمليــة (الســهم الذهبــي) يف عــدن كفــاءة التعــاون‬ ‫والتنســيق القتالــي بــن القــوات املختلفــة (اإلماراتيــة – الســعودية –‬ ‫اجليــش الوطنــي‪ ،‬واليمنيــن املدربــن يف الســعودية)‬ ‫‪ .9‬أظهــر والء ومبايعــة قــادة ألويــة اجلنــوب والشــرق للحكــم‬ ‫الشــرعي‪ ،‬رســالة خفيــة قــد تدعــو إلــى االنفصــال اليمنــي قبــل وحــدة‬ ‫عــام (‪1993‬م) التــي يعتبرهــا معظــم اجلنوبيــن (وحــدة باإلجبار) ولكن‬ ‫ســيكون ذلــك مؤج ـ ً‬ ‫ا ملــا بعــد الوصــول إلــى حــل سياســي لألزمــة‪.‬‬ ‫‪ .10‬نتج عن أعمال القتال وخاصة يف اجلنوب الغربي والشــرقي‪،‬‬ ‫إعطــاء حريــة أكبــر لتنظيــم القاعــدة لينشــط يف أعمالــه القتاليــة و‬ ‫نوعــا‬ ‫إطــاق ســراح حلفائــه ورجالــه مــن ســجن (املــكا) ممــا أحــدث ً‬ ‫مــن الفوضــى القتاليــة وكثيــر مــن اغتيــاالت رجــال القضــاء والشــرطة‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫التــي متاثــل وحــدات املشــاة اخلفيفــة واملدعمــة ببعــض عربــات القتــال‬ ‫املدرعــة‪ .‬أمــا بعــد االنقــاب احلوثــي فقــد انقســمت القــوات املســلحة‬ ‫إلــى قســمن‪ ،‬األول‪ :‬ميثــل اجليــش الوطنــي اليمنــي املؤيــد للشــرعية‪،‬‬ ‫والثانــي‪ :‬ميثــل حتالــف قــوات (احلوثــي ‪ /‬صالــح) حيــث امليليشــيات‬ ‫القبليــة احلوثيــة‪ ،‬وقــوات صالــح التــي قوامهــا الرئيســي احلــرس‬ ‫اجلمهــوري واألمــن املركــزي وبعــض التشــكيات املقاتلــة التــي يقودهــا‬ ‫أبنــاؤه أو عشــيرته (األحمر‪-‬حاشــد) مبــا يف ذلــك وحــدات الصواريــخ‬ ‫(أرض – أرض) البالســتية يف (جبــل عطــان قــرب صنعــاء) باإلضافــة‬ ‫إلــى فــرار الضبــاط واألفــراد احلوثيــن الســابق عملهــم يف الوحــدات‬ ‫الوطنيــة‪ ،‬لانضمــام إلــى حتالــف (احلوثــي – صالــح)‪.‬‬ ‫ممــا ســبق جنــد أنــه مــن الصعوبــة مبــكان‪ ،‬الرصــد الدقيــق‬ ‫للتــوازن العســكري عــام (‪2017‬م) – رغــم دقــة املصــدر – إال أننــا‬ ‫ســنحاول التحليــل واالســتنباط مــن خــال املعطيــات‪ ،‬وقــراءة املوقــف‬ ‫االســتراتيجي العســكري كاآلتــي‪:‬‬ ‫‪ .1‬القوة البشرية حتت السالح (عاملة – احتياطية)‪:‬‬ ‫انخفــض عــدد القــوات العاملــة مــن (‪ )76‬ألــف إلــى (‪ )43.5‬ألــف‬ ‫مقاتــل‪ ،‬ويرجــع ذلــك إلــى عاملــن‪ ،‬األول‪ :‬اقتصــار الرصــد الثانــي‬ ‫للقــوات احلكوميــة فقــط‪ ،‬نظــ ًرا لصعوبــة رصــد قــوات (احلوثــي ‪/‬‬ ‫صالــح)‪ ،‬والثانــي‪ :‬حــدوث خســائر كبيــرة لقتــال ملــدة أكثــر مــن عامن‪..‬‬ ‫كمــا لــم يظهــر بيــان القــوات االحتياطيــة لعــام (‪2017‬م) نظـ ًرا لتعبئتهــا‬ ‫وخســائرها وعــدم دقــة الرصــد لتوزيــع تلــك القــوات بــن الطرفــن‪ ،‬أو‬ ‫اإلحجــام عــن التعبئــة للبعــض‪ ،‬لعــدم والئهــم ألي مــن الطرفــن‪.‬‬ ‫‪ .٢‬القوات البرية الرئيسية‪:‬‬ ‫ً‬ ‫تعرضــا‬ ‫أ‪ .‬الدبابــات ومركبــات القتــال املدرعــة‪ :‬كانــت األكثــر‬ ‫للخســائر لســهولة اســتهدافها بواســطة طيــران التحالــف وخاصــة يف‬ ‫مراحــل التحــرك ســواء علــى اجلنزيــر أو محملــة‪ ،‬ونظ ـ ًرا حملدوديــة‬ ‫الطــرق خــال البيئــة اجلبليــة الصحراويــة الوعــرة‪ ..‬وكانــت نســبة‬ ‫اخلســائر مــن العنصريــن حوالــي (الثلــث) تقري ًبــا حيــث انخفــض‬ ‫عــدد الدبابــات مــن (‪ )1260‬إلــى (‪ )826‬بإجمالــي خســائر (‪)434‬‬ ‫دبابــة‪ ..‬وكذلــك مركبــات القتــال املدرعــة حيــث انخفــض العــدد مــن‬ ‫(‪ )3007‬إلــى (‪ )2003‬بإجمالــي خســائر (‪ )1004‬مركبــة‪..‬‬ ‫ب‪ .‬الصواريــخ البالســتية (ســكود)‪ :‬كان لــدى اليمــن قرابــة عــدد (‪)25‬‬ ‫صاروخ‪ ،‬معظمها كان لدى اليمن اجلنوبي قبل الوحدة‪ ،‬وأقلها كان لدى‬ ‫اليمــن الشــمالي‪ ،‬وكان هــذا الرقــم هــو املتبقــي بعــد احلــرب التــي أدت‬ ‫إلــى الوحــدة بــن الشــطرين عــام (‪1993‬م)‪ ...‬وخال عاصفة احلزم‪ ،‬مت‬ ‫اســتهداف املعســكر الرئيســي لتلك الصواريخ يف منطقة جبل (عطان)‬ ‫قــرب صنعــاء ألكثــر مــن مــرة باإلضافــة إلــى إطــاق احلوثيــن لعــدد‬ ‫محــدود منهــا يف اجتــاه جنــوب وجنــوب شــرق الســعودية ‪ ...‬وتعانــي‬ ‫تلــك الصواريــخ مــن التقــادم لضعــف الصيانــة وعــدم توافــر قطــع الغيــار‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪93‬‬

‫ملف العدد‬

‫الازمــة‪ ،‬ممــا يزيــد مــن عــدم دقتهــا يف إصابــة األهــداف داخــل املــدى‬ ‫القياســي (‪ )300‬كــم‪ ..‬باإلضافــة إلــى ســهولة اعتراضهــا مبضــادات‬ ‫الصواريــخ‪ ،‬مثــل (الباتريــوت) املتوفــر لــدى الســعودية‪ ..‬وبالتالــي مت‬ ‫تقديــر املتبقــي مبــا ال يزيــد عــن (‪ )10‬قطــع بكفــاءة قتاليــة منخفضــة‪.‬‬ ‫ج‪ .‬املدفعيــة (ذاتيــة احلركــة – واملجــرورة – وامليــدان)‪ :‬لــم‬ ‫يرصــد أي تغييــر يف اإلجماليــات‪ ،‬ويرجــع ذلــك إلــى ضعــف الرصــد‬ ‫لصعوبــة املتابعــة ومــن املرجــح حــدوث خســائر كبيــرة بهــا وخاصــة‬ ‫ذاتيــة احلركــة وامليدانيــة‪ ،‬نظ ـ ًرا لكبــر حجــم مركباتهــا‪ ،‬ممــا يســهل‬ ‫اســتهدافها جــ ًوا‪ ،‬مثــل الدبابــات ومركبــات القتــال املدرعــة‪.‬‬ ‫‪ .٣‬القوات اجلوية‪:‬‬ ‫لــم يرصــد أي تغييــر يف إجماليــات طائــرات القــوات اجلويــة‬ ‫ً‬ ‫وأيضــا مروحيــات اخلدمــة العامــة‪ ،‬حيــث ظلــت‬ ‫مبجمــل أنواعهــا‪،‬‬ ‫اإلجماليــات كمــا هــي تقري ًبــا‪ ،‬بــن (‪ )169-170‬لــألول‪ ،‬وبــن (‪– 62‬‬ ‫‪ )61‬للثانــي علــى الترتيــب‪ .‬بينمــا ظهــرت خســائر للهليوكوبتر املســلح‪،‬‬ ‫وانخفــض العــدد مــن (‪ )24‬إلــى (‪ ..)14‬ويرجــع ثبــات األرقــام يف‬ ‫األنــواع األولــى‪ ،‬إلــى عــدة احتمــاالت‪ ،‬أوال‪ :‬ضعــف الرصــد وصعوبــة‬ ‫التتبــع‪ ،‬ثان ًيــا‪ :‬اســتهداف طائــرات التحالــف ملمــرات دون الطائــرات‪،‬‬ ‫واملفتــرض تبعيتهــا – أو معظمهــا – للجيــش الوطنــي اليمنــي‪ ،‬ثال ًثــا‪:‬‬ ‫امتنــاع العديــد مــن الطياريــن اليمنيــن عــن اإلقــاع واالشــتراك يف‬ ‫ً‬ ‫حفاظــا علــى القــوات اجلويــة اليمنيــة مســتقب ً‬ ‫ا‪...‬‬ ‫قتــال التحالــف‪،‬‬ ‫ورغــم ذلــك فقــد متــت طلعــات محــدودة مجهولــة املصــدر‪ ،‬مثــل مــا‬ ‫مت حيــال قصــف منــزل الرئيــس‪ /‬هــادي يف عــدن‪.‬‬ ‫‪ .٤‬القوات البحرية‪:‬‬ ‫أظهــر الرصــد اختــاف يصــل إلــى النصــف تقري ًبــا‪ ،‬حيــث انخفــض‬ ‫إجمالــي القطــع البحريــة مــن (‪ )61‬إلــى (‪ ،)30‬ويرجــع ذلــك إلــى عــدة‬ ‫احتمــاالت منهــا خســائر العمليــات لســهولة اســتهدافها ســواء يف‬ ‫املوانــئ أو التحــركات‪ ،‬كمــا أن الرصــد الثانــي رمبــا يكــون غيــر دقيــق‪،‬‬ ‫واملعــروف ان القــوات البحريــة اليمنيــة ال متلــك قطــع كبيــرة مثــل‬ ‫(املدمــرات والفرقاطــات والغواصــات) ولكنهــا متلــك قطــع متوســطة‬ ‫مثــل كاســحات األلغــام باإلضافــة إلــى عــدد كبيــر مــن الــزوارق‬ ‫اخلفيفــة‪ ..‬كمــا أن معظــم املتبقــي مــن القطــع البحريــة يتواجــد يف‬ ‫املوانــئ التــي تســيطر عليهــا القــوات احلكوميــة وخاصــة اجلنوب حتت‬ ‫ســتر وحمايــة بحريــة مــن القــوات الســعودية واملصريــة واإلماراتيــة‪..‬‬ ‫‪ .٥‬استخراج النفط اليمني وأثره على القوات املسلحة‪:‬‬ ‫أدى االنقســام اليمنــي ثــم بــدء عاصفــة احلــزم‪ ،‬إلــى تراجع معدالت‬ ‫االســتخراج النفطــي مــن (‪ )145‬ألــف برميل‪/‬يــوم إلــى (‪ )125‬ألــف‬ ‫برميــل ‪/‬اليــوم‪ ،‬ممــا أثــر بالســلب علــى القطاعــن العســكري واملدنــي‪،‬‬

‫‪92‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫القــوات احلوثيــة التــي قامــت باحتــال جزيــرة (بــرمي) بشــكل مؤقــت‬ ‫ممــا كشــف النيــة يف تهديــد املمــر الدولــي وتأثيــر ذلــك ســلب ًيا‬ ‫بالتبعيــة علــى قنــاة الســويس‪.‬‬ ‫د‪ .‬حتجيــم الــدور اإليرانــي املتنامــي يف املنطقــة لتطويــق شــبه‬ ‫اجلزيــرة العربيــة وكســر هــذه احللقــة يف اليمــن‬ ‫واتفقــت الــدول العربيــة بشــكل شــبه كامــل علــى تشــكيل التحالــف‬ ‫وعاصفــة احلــزم‪ ،‬مــع معارضــة كل مــن العــراق وســوريا وحــزب اهلل‬ ‫يف لبنــان‪ ،‬مــع اتخــاذ اجلزائــر وســلطنة عمــان موق ًفــا محايـدًا‪.‬‬ ‫‪ .٢‬أهم النتائج العسكرية لعاصفة احلزم حتى اآلن‪:‬‬ ‫أ‪ .‬تدميــر معظــم البنيــة األساســية لتحالــف‬ ‫(احلوثــي ‪ /‬صالــح)‬ ‫حيــث شــمل ذلــك ممــرات القواعــد واملطــارات‬ ‫(دون الطائــرات) وطــرق اإلمــداد واملناورة الرئيســية‬ ‫للقــوات وخاصــة التــي حتكمهــا املضايــق واملمــرات‬ ‫اجلبليــة الوعــرة – مراكــز القيــادة احملتملــة‬ ‫– املخــازن والتكدســات العســكرية للمعــدات‬ ‫والذخائــر – معســكرات الوحــدات املقاتلــة وخاصــة‬ ‫املدرعــات واملجنــزرات وصواريــخ امليــدان (ب م ‪)21‬‬ ‫– شــل وتعطيــل القــدرة الصاروخيــة البالســتية يف‬ ‫مواقعهــا‪ ،‬واعتــراض معظــم مــا أطلــق يف اجتــاه اجلنــوب الســعودي‬ ‫– فــرض حصــار بحــري علــى املوانــئ اليمنيــة وتدميــر القطــع‬ ‫البحريــة التــي قاومــت ذلــك – تقــدمي الدعــم البحــري الســاحلي‬ ‫ملعاونــة األعمــال البريــة‪ ،‬كمــا حــدث يف عمليــة (الســهم الذهبــي) يف‬ ‫عــدن – اســتخدام اإلنــزال املظلــي واملروحــي يف عــدة مناطــق يصعــب‬ ‫الوصــول إليهــا بـ ًرا‪ ،‬مــع محدوديــة نتائــج القصــف اجلــوي ضــد تلــك‬ ‫املناطــق الوعــرة‪..‬‬ ‫ب‪ .‬قــدرة التحالــف (احلوثــي ‪ /‬صالــح) على االســتمرار يف القتال‪:‬‬ ‫القتــال اجلــوي البحــري‪ :‬حســم لصالــح التحالــف العربــي املتفوق‬ ‫ســواء القصــف اجلــوي ضــد البنــى التحتيــة واألهداف االســتراتيجية‬ ‫العســكرية‪ ،‬أو القصــف البحــري ملعاونــة القــوات احلكوميــة اليمنيــة‬ ‫القريبــة مــن الســواحل‪ ،‬وخاصــة الســاحل اجلنوبــي لبحــر العرب‪ ،‬كما‬ ‫مت ملعاونــة عمليــة (الســهم الذهبــي) ودعــم أعمــال قتــال التشــكيات‬ ‫القريبــة‪ ،‬جو ًيــا وبحري ـاً والتــي أعلــن معظــم قادتهــا والءهــم للحكــم‬ ‫الشــرعي للبــاد وهــم قــادة األلويــة (‪ 35‬مــدرع تعــز – ‪ 315‬مــدرع‬ ‫يف متــود – ‪ 37‬مــدرع يف املنطقــة العســكرية األولــى – ‪ 111‬مشــاه‬ ‫يف إبــن – ‪ 112‬مشــاه يف مــأرب – ‪ 135‬مشــاه ‪ 11 +‬حــرس حــدود‬ ‫يف ســيتون – األول مشــاه بحــري يف ســوقطري ‪ 123 -‬مشــاه يف‬ ‫احملــور الشــرقي – ‪ 137‬ميكانيكــي يف املهــرة – وحــدات أخــرى‬ ‫صعــب حصرهــا)‪..‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫هــام‪ :‬وبنظــرة حتليليــة إلــى متركــز تلــك الوحــدات املقاتلــة‪ ،‬جنــد‬ ‫أنهــا تشــمل معظــم اليمــن اجلنوبــي قبــل الوحــدة (عــدا مــأرب) ممــا‬ ‫يوحــي مبــدى الرغبــة يف االنفصــال مــرة أخــرى‪ ،‬متــى ســمح املوقــف‬ ‫االســتراتيجي بذلــك وبعــد الوصــول إلــى حــل سياســي للقضيــة‪....‬‬ ‫القتــال البــري‪ :‬هــو الــذي يحســم املعركــة علــى األرض‪ ،‬وفــرض‬ ‫الســيطرة عليهــا للوصــول إلــى أفضــل األوضــاع التفاوضيــة‬ ‫املســتقبلية‪ ..‬ولــم تنفــذ قــوات التحالــف العربــي أعمــال قتاليــة بريــة‬ ‫كبيــرة إال يف مناطــق محــدودة‪ ،‬مثــل (احلــدود الســعودية اليمنيــة‬ ‫– مــأرب – عــدن – املــكا) حيــث يصعــب تنفيــذ أعمــال قتــال‬ ‫بريــة متكاملــة داخــل العمــق اليمنــي اجلبلــي الوعــر حيــث محدوديــة‬ ‫األرض واملمــرات اجلبليــة وطــرق املنــاورة باإلضافــة‬ ‫إلــى الكثافــة الســكانية العاليــة يف بعــض املناطــق‪.‬‬ ‫ولكــن عاونــت القــوات اجلويــة للتحالــف العربــي‪،‬‬ ‫القــوات الشــرعية بشــكل فعــال يف أعمــال القتــال‬ ‫البــري ضــد قــوات (احلوثي‪/‬صالــح) وخاصــة املناطــق‬ ‫املفتوحــة وشــبه املفتوحــة‪ ،‬أمــا داخــل املناطــق اجلبليــة‬ ‫الوعــرة أو الكثافــات الســكانية فــإن القتــال يأخــذ‬ ‫طابــع امليليشــيات وحــرب العصابــات‪ ،‬وهــو مــا ينتظــر‬ ‫أن ميتــد ملــدد أطــول حتــى يف حالــة الوصــول إلــى‬ ‫حلــول سياســية توافقيــة‪.‬‬

‫لـــجـــــأت إيـــــران‬ ‫بــــعــ ــد تـــفــتـيـ ــش‬ ‫سـفـنـهـا إلـى اإلمــداد‬ ‫بـقـــوارب الـصـيـد فـي‬ ‫الـغـيـضــــة ـ هــــروت‬

‫‪ .٣‬الدول املشاركة يف التحالف العربي لعاصفة احلزم‪:‬‬ ‫أ‪ .‬مــن دول مجلــس التعــاون العربــي‪ :‬الســعودية‪ ،‬أكبــر املشــاركن‬ ‫وقيــادة التحالــف – اإلمــارات ثانــي أكبــر املشــاركن – الكويــت –‬ ‫البحريــن – قطــر‪ ،‬ومت انســحابها مؤخ ـ ًرا بعــد املقاطعــة (الســعودية‬ ‫– اإلماراتيــة – البحرينيــة – املصريــة)‪.‬‬ ‫ب‪ .‬دول عربية أخرى‪ :‬مصر – األردن – السودان – املغرب‬ ‫ج‪ .‬دول داعمة وغير مشاركة‪ :‬باكستان – الصومال‬ ‫د‪ .‬دول لــم تشــارك‪ :‬ســلطنة عمــان‪ ،‬ملوقفهــا احملايــد وجيرتهــا‬ ‫لليمــن‪ ،‬وتقــوم بــدور الوســاطة للوصــول إلــى حلــول لألزمــة‪.‬‬

‫راب ًعــا‪ :‬تحليــل التــوازن العســكري اليمنــي قبــل وبعــد عاصفــة‬ ‫الحــزم‪( :‬ملحــق (أ) المرفــق)‬ ‫مت رصــد موقــف التــوازن العســكري بــن عامــي (‪2014‬م)‬ ‫و (‪2017‬م) الســتبيان القــدرات العســكرية اليمنيــة قبــل عــام مــن‬ ‫عاصفــة احلــزم‪ ،‬وبعــد أكثــر مــن عامــن منــذ بــدء أعمــال التحالــف‬ ‫بقيــادة اململكــة العربيــة الســعودية ضــد املنشــقن احلوثيــن‬ ‫واملدعومــن بقــوات الرئيــس علــى عبــد اهلل صالــح‪.‬‬ ‫كان الرصــد ســه ً‬ ‫ا خــال عــام (‪2014‬م) حيــث كانــت قــوات‬ ‫مســلحة مركزيــة باإلضافــة للقــوات شــبه العســكرية (األمــن املركــزي)‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪91‬‬

‫ملف العدد‬

‫لعــب المســرح الصحــراوي الجبــيل الوعــر يف اليمــن دو ًرا يف تحجيــم‬ ‫العمليـــات البريـــة وســـاعد عـــى تخزيـــن وإخفـــاء األســـلحة والذخائـــر‬ ‫ثان ًيــا‪ :‬الــدور اإليرانــي المتنامــي يف اليمــن‪ ،‬كحلقــة لتطويــق‬ ‫شــبه الجزيــرة العربيــة‪:‬‬ ‫تهــدف االســتراتيجية اإليرانيــة منــذ الثــورة اإلســامية (‪1979‬م)‬ ‫وطب ًقــا ملرتكــزات األمــن القومــي اإليرانــي‪ ،‬إلــى اســتراتيجية التمــدد‬ ‫واالحتــواء‪ ،‬ولــم تنجــح يف ذلــك يف املراحــل األولى‪ ،‬ســواء يف العراق أو‬ ‫جمهوريــات االحتــاد الســوفيتي اإلســامية بعــد التفــكك‪ ،‬أو شــر ًقا يف‬ ‫اجتــاه أفغانســتان وباكســتان‪ ...‬ولكنهــا جنحــت مؤخـ ًرا داخــل اإلقليــم‬ ‫العربــي املتصــدع منــذ احتــال العــراق (‪2003‬م) ومنــذ مــا عــرف‬ ‫بالربيــع العربــي (‪2011‬م) حيــث بــدأت تشــكل طو ًقــا اســتراتيج ًيا‬ ‫ومذهب ًيــا حــول شــبه اجلزيــرة العربيــة‪ ،‬امتــد مــن العــراق إلــى ســوريا‬ ‫إلــى لبنــان وإلــى غــزة – رغــم التناقــض – وأخيـ ًرا إلــى اليمــن‪ ،‬حيــث‬ ‫لــم يبــق إال حلقــة واحــدة ميثلهــا األردن ذو التوجــه املختلــف‪.‬‬ ‫‪ .1‬أهمية اليمن إليران وخطوات احتوائه‪:‬‬ ‫أ‪ .‬تكــرر إيــران أن احلضــارة الفارســية عاونــت ودعمــت احلضــارة‬ ‫اليمنيــة القدميــة ضــد أعدائهــا‪ ،‬ولكــن التاريــخ يقــول‪ ،‬إن ذلــك الدعــم‬ ‫كان ألحــد ممالــك حميــر يف اجلنــوب اليمنــي‪.‬‬ ‫ب‪ .‬الثورة اإليرانية وبدء تعاون (اخلميني – بدر الدين احلوثي)‪:‬‬ ‫تزعــم بــدر الديــن احلوثــي األقليــة الشــيعية الزيديــة املتواجدة يف‬ ‫شــمال اليمــن يف كل مــن محافظتــي (صعــده و اجلــوف) املواجهتــن‬ ‫للحــدود اجلنوبيــة الســعودية‪ ..‬إلــى أن حــدث تغيــر كبيــر يف املوقــف‪،‬‬ ‫بدعــوة اإلمــام اخلمينــي لبــدر الديــن احلوثــي لزيارتــه يف (قــم) حيــث‬ ‫مكثــت قرابــة (‪ )6‬ســنوات مت خالهــا التنســيق علــى إيفــاد الشــباب‬ ‫اليمنــي احلوثــي الشــيعي إلــى إيــران وتولــى ذلــك جنلــه حســن‬ ‫احلوثــي يف شــكل بعثــات تدريبيــة تخللهــا تدريبــات عســكرية علــى يــد‬ ‫احلــرس الثــوري اإليرانــي‪ ..‬ولــم يســتغرق يف ذلــك وق ًتــا طويـ ً‬ ‫ا‪ ،‬حتــى‬ ‫اســتكمل كل الشــباب احلوثــي تلــك البعثــات‪ ،‬فتــم االنتقــال إلــى إيفــاد‬ ‫شــباب مــن كل قبائــل وربــوع اليمــن‪ ،‬وتوقــف ذلــك تدريج ًيــا بوفــاة بــدر‬ ‫الديــن احلوثــي‪ ،‬ثــم وفــاة اخلمينــي‪ ،‬إلــى أن توقــف مرحل ًيــا مــع حــرب‬ ‫التوحــد اليمنــي يف (‪1993‬م)‪.‬‬ ‫ولكــن تلــك البعثــات‪ ،‬أوجــدت تغيــ ًرا دميوجراف ًيــا ومذهب ًيــا يف‬ ‫اليمــن‪ ،‬حيــث لــم تعــدو الشــيعة بتلــك األقليــة كمــا ســبق‪ ،‬كمــا أن‬ ‫مــن ذهبــوا يف عشــرينيات العمــر يف ثمانينــات القــرن املاضــي‪ ،‬هــم‬ ‫يف أربعينيــات وخمســينيات العمــر حال ًيــا‪ ،‬وهــو مــا يجيــب علــى‬ ‫الســؤال االســتنكاري‪ ،‬كيــف متكنــت قبيلــة شــيعية صغيــرة يف شــمال‬ ‫البــاد مــن االســتياء علــى معظــم اليمــن يف وقــت قصيــر؟؟ واإلجابــة‬

‫واضحــة ممــا ســبق‪ ،‬أنهــا ليســت قبيلــة احلوثيــن فقــط بــل العديــد‬ ‫مــن كل شــباب اليمــن تقري ًبــا الذيــن ســبق إيفادهــم إلــى إيــران !!!‬ ‫‪ .٢‬املوقــف اإليرانــي مــن األزمــة اليمنيــة بعــد االنقــالب احلوثــي‬ ‫وعاصفــة احلــزم‪:‬‬ ‫أ‪ .‬سياســ ًيا‪ :‬كانــت إيــران هــي الدولــة الوحيــدة التــي اعترفــت‬ ‫بشــرعية االنقــاب احلوثــي‪ ،‬باإلضافــة إلــى تأييــد أقــل مــن قِ بــل‬ ‫إريتريــا‪ ،‬ذات املشــاكل الســيادية مــع احلكــم اليمنــي الشــرعي احلالــي‬ ‫والســابق بخصــوص النــزاع علــى بعــض اجلــزر يف البحــر األحمــر‬ ‫فيمــا بينهمــا‪..‬‬ ‫كمــا أن إيــران أدانــت بوضــوح التدخــل العســكري للتحالــف بقيــادة‬ ‫الســعودية مــن خــال عاصفــة احلــزم‪.‬‬ ‫ب‪ .‬اإلمداد العسكري اإليراني إلى احلوثين‪:‬‬ ‫‪ .i‬يف املراحــل األولــى كان يتــم حتــت شــعار اإلمــداد االقتصــادي‬ ‫إلــى أن مت اكتشــاف أســلحة ومعــدات وذخائــر أســفل تلــك الشــحنات‬ ‫فتــم إخضــاع الســفن اإليرانيــة للتفتيــش‪ ،‬وهــو مــا أوقــف اإلمــداد‬ ‫البحــري الرئيســي إلــى املوانــئ اليمينــة الرئيســية علــى البحر األحمر‬ ‫وخاصــة إلــى (احلديــدة ‪ ,‬املخــا) أو (ميــدى) مــن خــال وســائط نقــل‬ ‫خفيفــة حيــث تقــع األخيــرة قــرب احلــدود اجلنوبيــة الســعودية كمــا‬ ‫أنهــا األقــرب لإمــداد احلوثــي إلــى صعــده‪.‬‬ ‫‪ .ii‬جلــأت إيــران إلــى إمــداد بحــري بديــل وإن كان محــدو ًدا‪ ،‬يف‬ ‫أقصــى شــرق اليمــن وقــرب احلــدود العمانيــة‪ ،‬باســتخدام وســائط‬ ‫خفيفــة إلــى مرســى (الغيضــة) يف خليــج القمــر‪ ،‬ثــم الطريــق عبــر‬ ‫(املهــرة – حضرمــوت – نــارمي – شــبام) ثــم التفــرق إمــا إلــى (العبــر‬ ‫– اجلــوف – صعــده) أو إلــى (شــبوة – مــأرب – صنعــاء)‪..‬‬ ‫وليس من املستبعد أن الصاروخ اإليراني الذي استخدم ضد القطعة‬ ‫البحريــة اإلماراتيــة يف مواجهــة احلديــدة‪ .‬قــد أتــى مــن هــذا الطريــق‪.‬‬

‫ثال ًثا‪ :‬دوافع تحالف عاصفة الحزم‪ ،‬والنتائج حتى اآلن‪:‬‬ ‫‪ .1‬الدوافع‪ :‬وتتبلور يف أربعة محاور رئيسية كاآلتي‪:‬‬ ‫أ‪ .‬دعــم الشــرعية والتعــاون معهــا يف إســقاط االنقــاب احلوثــي‬ ‫املدعــم مــن القــوات املواليــة للرئيــس الســابق علــي عبــد اهلل صالــح ‪.‬‬ ‫ب‪ .‬تأمــن احلــدود اجلنوبيــة للســعودية والغربيــة لســلطنة عمــان‬ ‫ضــد التهديــد احلوثــي املنشــق وتابعيــه‪.‬‬ ‫ج‪ .‬تأمــن املدخــل اجلنوبــي للبحــر األحمــر (بــاب املنــدب) كممــر‬ ‫دولــي خلدمــة املاحــة واالقتصــاد العاملــي‪ ،‬حيــث مت القضــاء علــى‬

‫‪90‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫التحالـــف العربـــي لدعـــم الشـــرعية يف اليمـــن يدعـــم ألمـــن‬ ‫الخليجــي والعربــي ويح ّجــم الــدور اإليرانــي ويؤمــن الماحــة الدوليــة‬ ‫‪ .٢‬احلضــارات القدميــة‪ :‬تعــد احلضــارة اليمنيــة‪ ،‬إحــدى أهــم‬ ‫احلضــارات اإلنســانية الضاربــة يف التاريــخ حيــث حضــارات (ســبأ‬ ‫ومعــن وحميــر) كمــا أنهــا لعبــت دو ًرا ها ًمــا يف التجــارة العامليــة‬ ‫القدميــة‪ ،‬حيــث كان ميــر مــن خالهــا طــرق (احلريــر – واللبــان)‬ ‫كمــا كانــت إحــدى مقصــدي رحلــة الشــتاء والصيــف لقريــش قبــل ويف‬ ‫صــدر اإلســام‪...‬‬ ‫وعلــى املســتوى الدينــي‪ ،‬كانــت مقصــدًا للهجــرات اليهوديــة بعــد‬ ‫الشــتات البابلــي والرومانــي‪ ،‬القادمــة مبحــاذاة البحــر األحمــر والتــي‬ ‫انتقلــت الح ًقــا عبــره إلــى احلبشــة‪ .‬كمــا كانــت علــى عاقــة قويــة‬ ‫بالكنيســة احلبشــية‪ ...‬ثــم دو ًرا ها ًمــا يف انتشــار اإلســام شــر ًقا إلــى‬ ‫عمــان‪ ،‬وغر ًبــا عبــر البحــر األحمــر إلــى القــرن اإلفريقــي وجنــوب‬ ‫شــرق إفريقيــا‪.‬‬ ‫‪ .٣‬التاريــخ احلديــث‪ :‬خضعــت حلكــم األئمــة مــن أســرة حميــد الديــن‪،‬‬ ‫ثــم احلكــم اجلمهــوري اعتبــا ًرا مــن ســتينيات القــرن املاضــي‪ ،‬إلــى أن‬

‫توحــد الشــطرين الشــمالي واجلنوبــي عــام (‪1993‬م) وقــد تكــون متــت‬ ‫بشــكل شــبه إجبــاري بــن الشــمال الفقيــر كثيــف الســكان والقــوي‬ ‫عســكر ًيا‪ ،‬واجلنــوب الغنــي نســب ًيا ومحــدود الســكان والضعيــف‬ ‫انعكاســا ضمن ًيــا متزاي ـدًا‬ ‫عســكر ًيا‪ .‬وقــد أظهــرت األزمــة احلاليــة‬ ‫ً‬ ‫للعــودة إلــى انفصــال اجلنــوب مــرة أخــرى‪ ،‬ولكــن ســيظل ذلــك مؤجـ ً‬ ‫ا‬ ‫إلــى مــا بعــد حــل األزمــة احلاليــة‪..‬‬ ‫‪ .٤‬عاصفــة احلــزم‪ ،‬تشــكل التحالــف العربــي مــن عــدد (‪ )9‬دول‬ ‫خليجيــة وعربيــة‪ ،‬انخفضــت بعــد ذلــك إلــى (‪ )8‬دول بانســحاب‬ ‫قطــر‪ ،‬بعــد املقاطعــة (الســعودية‪ ،‬اإلماراتيــة‪ ،‬البحرينيــة‪ ،‬واملصرية)‪..‬‬ ‫وقــد أيــدت الــدول العربيــة التحالــف‪ ،‬عــدا العــراق وســورية وحــزب‬ ‫اهلل‪ ،‬ووقفــت اجلزائــر علــى احليــاد‪ ،‬وكذلــك ســلطنة عمــان –جــارة‬ ‫اليمــن– والتــي تقــوم بــدور الوســاطة‪ ..‬بينمــا أيــدت إيــران فقــط‬ ‫االنقــاب‪ ،‬وكذلــك إرتيريــا ضمن ًيــا‪ ،‬نظــ ًرا للخــاف مــع احلكومــة‬ ‫اليمنيــة علــى ملكيــة بعــض اجلــزر بــن الدولتــن‪..‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪89‬‬

‫ملف العدد‬

‫التحالــف حســم القتــال الجــوي والبحــري ‪ ..‬والجبــال تؤجــل الحســم البــري‬

‫األزمـــة اليمنيـــة بيـــن االنقـــاب وتدخـــل‬ ‫التحالـــف العربـــي‪ :‬قـــراءة عســـكرية‬ ‫كان مــن املســتغرب‪ ،‬أن تقــوم أســرة احلوثــي الصغيــرة املنتميــة إلــى األقليــة الشــيعية‬ ‫الزيديــة واملتواجــدة يف أقصــى شــمال اليمــن باالســتياء علــى معظــم اليمــن‪ ،‬وبالتحالــف‬ ‫مــع عــدو األمــس الرئيــس الســابق املخلــوع ‪ /‬علــي عبــد اهلل صالــح‪ ،‬واالنقــاب علــى‬ ‫شــرعية الدولــة‪ ،‬ممــا أدى إلــى انقســام اليمــن سياســ ًيا وعســكر ًيا بــن الشــرعية‬ ‫واالنقــاب‪ .‬ولكــن ينقشــع هــذا االســتغراب إذا راجعنــا الــدور اإليرانــي تزام ًنــا مــع ثــورة‬ ‫عــام (‪1979‬م) حيــث اســتضاف اإلمــام اخلمينــي‪ ،‬الزعيــم الشــيعي اليمنــي بــدر الديــن‬ ‫احلوثــي يف (قــم) واإلقامــة بهــا لعــدة ســنوات‪ ،‬مت خالهــا إيفــاد الشــباب احلوثــي احملــدود‪،‬‬ ‫ثــم شــباب معظــم القبائــل اليمنيــة‪ ،‬حتــت ســتار البعثــات التعليميــة‪ ،‬والتــي احتــوت يف‬ ‫جوهرهــا علــى الثقافــات املذهبيــة الشــيعية‪ ،‬والتدريبــات العســكرية مــع احلــرس الثــوري اإليرانــي‪ ...‬ممــا أدى إلــى تغييــر‬ ‫دميوجــرايف مذهبــي يف اليمــن لصالــح الشــيعة علــى حســاب الســنة‪...‬‬

‫لواء أ ح دكتور‪ /‬محمد عبد اخلالق قشقوش‬ ‫ركــزت إيــران علــى اســتقطاب اليمــن‪ ،‬لتكمــل بهــا إحــدى حلقــات‬ ‫تطويــق شــبه اجلزيــرة العربيــة‪ ،‬مبــا يضــر باألمــن القومــي اخلليجــي‬ ‫والعربــي‪ ،‬لذلــك ظهــر مــدى احلاجــة إلــى تشــكيل حتالــف عربــي‬ ‫بقيــادة الســعودية إلطــاق (عاصفــة احلــزم) دع ًمــا للشــرعية يف‬ ‫اليمــن ودع ًمــا لألمــن القومــي اخلليجــي والعربــي وحتجيــم الــدور‬ ‫اإليرانــي يف اليمــن باإلضافــة إلــى تأمــن حركــة املاحــة الدوليــة‬ ‫عبــر جنــوب البحــر األحمــر‪.‬‬ ‫ـحا‬ ‫حققــت قــوات التحالــف العربــي اجلــوي والبحــري‬ ‫جناحــا كاسـ ً‬ ‫ً‬ ‫ضد البنية التحتية االســتراتيجية العســكرية للحوثين‪ ،‬وكذلك جنحت‬ ‫القــوات البحريــة يف تقــدمي الدعــم للقــوات البريــة العســكرية العاملــة‬ ‫قــرب الســواحل‪ ،‬كان أهمهــا عمليــة الســهم الذهبــي الســتعادة عــدن‪،‬‬ ‫وإعــادة الرئيــس عبــد ربــه منصــور هــادي‪ ،‬مــن منفــاه يف الســعودية‪ ،‬كمــا‬ ‫جنحــت القــوات البحريــة يف حصــار اإلمــداد البحــري اإليرانــي وتفتيــش‬ ‫الســفن اإليرانيــة‪ ،‬ممــا حــدا باألخيــرة إلــى تهريــب بعــض األســلحة عبــر‬ ‫املراســي الصغيــرة بســفن صيــد يف أقصــى شــرق الســاحل اليمنــي‪..‬‬ ‫لعــب املســرح الصحــراوي اجلبلــي الوعــر يف اليمــن‪ ،‬دو ًرا ها ًمــا‬ ‫يف حتجيــم العمليــات البريــة‪ ،‬كمــا ســاعد يف تخزيــن وإخفــاء بعــض‬ ‫األســلحة واملعــدات والذخائــر‪..‬‬

‫انخفضــت معــدالت ووتيــرة القتــال بعــد قرابــة (‪ )27‬شــه ًرا‪،‬‬ ‫وبــات املوقــف مهيـ ًأ للتدخــل السياســي والوســاطة العربيــة والدوليــة‬ ‫حلــل األزمــة‪ ..‬حيــث انتهــى عصــر احلســم العســكري الكامــل منــذ‬ ‫احلــروب العامليــة وقبــل األمم املتحــدة‪ ،‬وأصبحــت احلــروب – كمــا‬ ‫نقــول دائ ًمــا – مرحلــة وســيطة بــن السياســة والسياســة‪...‬‬ ‫محتويــات الدراســة‪ :‬اخللفيــة التاريخيــة – الــدور اإليرانــي يف‬ ‫اليمــن‪ ،‬ومحاولــة تطويــق شــبه اجلزيــرة العربيــة – دوافــع التحالــف‬ ‫العربــي لعاصفــة احلــزم ونتائجهــا – حتليــل التــوازن العســكري‬ ‫اليمنــي قبــل وبعــد عاصفــة احلــزم – طبيعــة مســرح العمليــات‬ ‫اليمنــي وتأثيــره علــى أعمــال القتــال – اخلاصــة‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬الخلفية التاريخية‪:‬‬ ‫‪ .1‬الوضــع اجليوســتراتيجي‪ :‬يقــع اليمــن يف أقصــى جنــوب غــرب شــبه‬ ‫اجلزيــرة العربيــة‪ ،‬ويحتــل موق ًعــا اســتراتيج ًيا ها ًمــا‪ ،‬حيــث متتــد حدوده‬ ‫الغربيــة مبحــاذاة جنــوب البحــر األحمــر‪ ،‬وحتــى مضيــق بــاب املنــدب‬ ‫االســتراتيجي للماحــة الدوليــة‪ ،‬كمــا متتــد حــدوده اجلنوبيــة علــى‬ ‫بحــر العــرب مــن عمــان وحتــى القــرن اإلفريقــي حيــث خطــوط التجــارة‬ ‫الدوليــة‪ ،‬وخاصــة النفــط مــن منابعــه يف اخلليــج إلــى أوروبــا وأمريــكا‪.‬‬

‫‪88‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫العربــي واإلســامي بحضــور دونالــد ترامــب مــن أجــل مناقشــة ملــف‬ ‫اإلرهــاب وخاصــة ملــف اإلرهــاب اإليرانــي كانــت صحيفــة العربــي‬ ‫اجلديــد احملســوبة علــى النظــام القطــري ويشــرف عليهــا مستشــار‬ ‫متيــم‪ ،‬عزمــي بشــارة تســتقبل مقــاال لوزيــر اخلارجيــة اإليرانــي‬ ‫محمــد جــواد ظريــف يف ‪ 20‬مايــو ‪ 2017‬م‪ ،‬الــذي مت نشــره صبيحــة‬ ‫يــوم انعقــاد املؤمتــر حتــت عنــوان مســتعدون إلهــداء الســام إلــى‬ ‫املنطقــة وقــدم ظريــف بــأن دولتــه قــادرة علــى قيــادة املنطقــة إلــى‬ ‫الســام ولــم يكتــف بذلــك بــل تنــدر علــى لقــاء القمــة املنعقــدة يف‬ ‫الســعودية معتبـ ًرا أنهــا قمــة تثيــر االنتبــاه‪ ،‬وأملــح ظريــف إلــى بعــض‬ ‫دول املنطقــة يقصــد الســعودية تثيــر برامــج تخويــف مــن طهــران‬ ‫يف املنطقــة كمــا كان يفعــل الكيــان الصهيونــي منــذ‬ ‫ســنن ضــد طهــران‪.‬‬ ‫كان مقــال ظريــف ترويجــي ودعائــي لطهــران‬ ‫مــن قلــب إحــدى دول مجلــس التعــاون اخلليجــي‬ ‫وهــي قطــر التــي يحضــر أميرهــا القمــة العربيــة‬ ‫اإلســامية األمريكيــة يف الريــاض يف تناقــض‬ ‫واضــح أنــه لعــب علــى املتناقضــات ميكــن أن تلعبهــا‬ ‫دول كبــرى مثــل الواليــات املتحــدة وروســيا ضــد‬ ‫بعضهــا ولكنهــا ال تلعــب علــى التناقضــات داخــل أي‬ ‫منظومــة تشــترك فيهــا‪.‬‬ ‫لي ــس ه ــذا املل ــف ال ــذي يخ ــص دول مجل ــس التع ــاون اخلليج ــي‬ ‫فق ــط ويتش ــابك م ــع عاقاته ــا‪ ،‬فهن ــاك ملف ــات أخ ــرى عل ــى رأس ــها‬ ‫موق ــف الدوح ــة م ــن مل ــف اإلخ ــوان املس ــلمن يف مص ــر واس ــتغال‬ ‫منبــر اجلزيــرة مــن أجــل الهجــوم علــى النظــام السياســي القائــم يف‬ ‫مص ــر باعتب ــاره غي ــر ش ــرعي وأن محم ــد مرس ــي م ــا زال الرئي ــس‬ ‫الش ــرعي للب ــاد‪ ،‬وفت ــح املج ــال للمحس ــوبن عل ــى تنظي ــم اإلخ ــوان‬ ‫مـــن أجـــل ممارســـة نشـــاطهم السياســـي واإلعامـــي ضـــد دولـــة‬ ‫مص ــر وه ــو املوق ــف ال ــذي يتع ــارض م ــع توجه ــات مجل ــس التع ــاون‬ ‫اخلليج ــي الداع ــم للنظ ــام املص ــري واس ــتقراره السياس ــي‪ ،‬بجان ــب‬ ‫وقــوف قطــر بجانــب تنظيمــات سياســية ومســلحة يف ســوريا وليبيــا‬ ‫خ ــاف م ــا ترن ــو إلي ــه الس ــعودية ومص ــر‪.‬‬ ‫إيــران تلعــب بالنســيج القومــي والدينــي للمجتمعــات العربيــة يف‬ ‫خصوصــا‬ ‫العــراق وســوريا ولبنــان وفلســطن وحتــى يف دول اخلليــج‬ ‫ً‬ ‫يف البحري ــن فيم ــا تركي ــا تدخله ــا لي ــس معادي ــا للع ــرب يف الع ــراق‬ ‫وس ــوريا امله ــددة بالتقس ــيم والتفتي ــت لكنه ــا تلع ــب بورق ــة اإلخ ــوان‬ ‫الت ــي تض ــر باألم ــن املص ــري وحت ــى العرب ــي وكا البلدي ــن إي ــران‬ ‫وتركيـــا يســـتخدمان دولـــة قطـــر رأس حربـــة لتحقيـــق مشـــاريعها‬ ‫خصوص ــا تركي ــا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫لي ــس فق ــط تركي ــا وإي ــران ب ــل حت ــى روس ــيا كل ه ــذه ال ــدول‬ ‫تقــف أمــام التكامــل الســعودي املصــري عــن أداء دورهمــا القومــي‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫واحلفـــاظ علـــى الدولـــة وعروبـــة ســـوريا ودولـــة ليبيـــا فيمـــا أن‬ ‫القم ــة العربي ــة اإلس ــامية األمريكي ــة الت ــي تقاطع ــت م ــع مصال ــح‬ ‫الوالي ــات املتح ــدة دعم ــت التكام ــل الس ــعودي املص ــري النتش ــال‬ ‫النظـــام اإلقليمـــي العربـــي مـــا بعـــد العواصـــف الرمليـــة التـــي‬ ‫م ــرت بال ــدول العربي ــة ع ــام ‪ 2011‬م‪ ،‬وال ــذي ب ــات يواج ــه تواز ًن ــا‬ ‫اس ــتراتيج ًيا مخت ـ ً‬ ‫ـا ب ــدول فاش ــلة يف س ــوريا وليبي ــا واليم ــن وم ــن‬ ‫قب ــل يف الع ــراق والت ــي ميك ــن أن تص ــل إل ــى لبن ــان بعدم ــا اقتن ــع‬ ‫الغــرب بــأن الــدول الفاشــلة هــي حواضــن لإرهــاب والتــي أنتجــت‬ ‫موجـــة الاجئـــن إلـــى أوربـــا بشـــكل خـــاص وتصاعـــد األحمـــال‬ ‫االقتصاديـــة واإلرهابيـــة وبـــزوغ الشـــعبوية يف تلـــك الـــدول التـــي‬ ‫ه ــددت بتفكي ــك االحت ــاد األورب ــي‪.‬‬ ‫حقـــق التحالـــف العربـــي بقيـــادة الســـعودية‬ ‫بع ــد تل ــك التغي ــرات عل ــى صعي ــد الرم ــح الذهب ــي‬ ‫أهدافهـــا علـــى صعيـــد تخليـــص ممـــر املاحـــة‬ ‫الدوليـــة مـــن خطـــر املعســـكر الـــذي اســـتخدمه‬ ‫االنقابيـــون الســـتهداف ســـفن املمـــر املاحـــي‬ ‫الدولـــي‪ ،‬بعـــد ســـيطرة التحالـــف علـــى معســـكر‬ ‫خالـــد بـــن الوليـــد بالكامـــل يف غـــرب تعـــز وهـــو‬ ‫نقطـــة انطـــاق مهمـــة للبـــدء بعمليـــات حتريـــر‬ ‫مدينـــة احلديـــدة ومينائهـــا االســـتراتيجي وهـــي‬ ‫منطق ــة تعتب ــر يف غاي ــة األهمي ــة االس ــتراتيجية الت ــي تغي ــر م ــن‬ ‫املعادل ــة االس ــتراتيجية عل ــى املس ــرح العس ــكري يف كل اجلبه ــات‬ ‫الـــذي كان معســـكر خالـــد ميثـــل مركـــز حتكمهـــا‪.‬‬ ‫يعــد هــذا املعســكر علــى غــرار معســكر العنــد الــذي تأســس‬ ‫يف بدايــة ســبعينات القــرن املاضــي وتعــداد منتســبي هــذه القاعــدة‬ ‫نحــو ‪ 30‬ألــف عســكري اســتخدمت قبــل الوحــدة عــام ‪ 1990‬وبعدهــا‬ ‫حيــث كانــت تنطلــق منهــا حراســات بــن الشــمال واجلنــوب يف‬ ‫خطــوط التمــاس املطلــة علــى بــاب املنــدب والوازعيــة وجبــل الشــيخ‬ ‫ســعيد الواقــع بــن جنــوب اليمــن وشــماله‪.‬‬ ‫بعــد حتقيــق انتصــار الســيطرة علــى هــذا املعســكر لــم تعــد‬ ‫هنــاك قواعــد وال معســكرات علــى امتــداد الســاحل الغربــي مــن‬ ‫بــاب املنــدب حتــى مدينــة ميــدي شــماالً مــع احلــدود الســعودية وهــو‬ ‫مــا أدى إلــى تراجــع خطــوط مليشــيات احلوثــي وصالــح يف صعــدة‬ ‫وحجــة والبيضــاء بعــد إعــان حتريــر معســكر خالــد بــن الوليــد‪،‬‬ ‫وقائــد املنطقــة السادســة صــرح بــأن اجليــش اليمنــي يحاصــر‬ ‫صعــدة مــن ‪ 3‬جهــات وهنــاك ‪ 12‬لــواء تســتعد لتحريــر املنطقــة‪ ،‬وهــو‬ ‫مــا جعــل قائــد املنطقــة العســكرية الرابعــة يعتــرف بــأن املليشــيات‬ ‫االنقابيــة لــن جتــد مــا هــو متــاح إال االستســام أو الفــرار‪.‬‬

‫إيـــ ــران ســانــ ــدت‬ ‫اتفاقية مخالفة للمبادرة‬ ‫الخليجية لتمزيق اليمن‬ ‫عبـر الكونفدرالية وهو‬ ‫مـا ترفضـه السـعودية‬

‫* أﺳﺘﺎذ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ أم اﻟﻘﺮى مبﻜﺔ‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪87‬‬

‫ملف العدد‬

‫أمريـــكا اعتبـــرت اإلســـام السياســـي البديـــل األفضـــل لتحقيـــق‬ ‫االســـتقرار ومنـــع التطـــرف وإعـــادة تشـــكيل الســـلطة‬ ‫يف مصــر‪ ،‬واســتطاع اجليــش املصــري اســترداد الســلطة بعــد فشــل‬ ‫احلكــم اإلخوانــي بدعــم ثــورة شــعبية‪ ،‬بذلــك اســتطاع اجليــش حمايــة‬ ‫مصــر مــن االضطرابــات العربيــة‪ ،‬وأثبــت قدرتــه الفائقــة يف إدارة‬ ‫األزمــة ألن اجليــش املصــري ليــس اجليــش الســوري بــل هــو نتــاج‬ ‫مؤسســة مصريــة عريقــة متداخلــة يف صميــم املجتمــع املصــري‪،‬‬ ‫حيــث يعتبــر مؤسســة وطنيــة مســتقرة وليســت مؤسســة انقابيــة‬ ‫مشــبوهة علــى غــرار اجليــش الســوري الــذي رضــي بدخــول مرتزقــة‬ ‫إيــران إلــى ســوريا لقصــف الشــعب الســوري‪.‬‬ ‫لذلــك حتتفــظ الســعودية مبكانــة مصــر العربيــة واإلقليميــة‬ ‫باعتبارهــا كبــرى الــدول العربيــة واإلقليميــة‪ ،‬ورغــم الصــراع‬ ‫الســعودي املصــري زمــن امللــك فيصــل وجمــال عبــد الناصــر دعمــت‬ ‫الســعودية بنــاء القــوة العســكرية املصريــة التــي أحلقــت هزميــة‬ ‫مريــرة بإســرائيل واســتعادت قنــاة الســويس عــام ‪1973‬م‪.‬‬

‫تأخــرت الســعودية يف حتقيــق مثــل هــذا التكامــل حتــى تنضــج‬ ‫الظــروف السياســية العامليــة‪ ،‬وهــي تراقــب بحذر حتــركات دولة قطر‬ ‫التــي ضغطــت عليهــا بالتوقــف عــن التغريــد خــارج الســرب واإلضــرار‬ ‫بأمــن أكبــر دولــة عربيــة وهــي مصــر‪ ،‬وتعهــدت دولــة قطــر يف عــام‬ ‫‪ 2014‬م‪ ،‬بالتوقــف عــن التغريــد خــارج الســرب واإلضــرار مبصالــح‬ ‫الــدول العربيــة‪ ،‬لكنهــا لــم تلتــزم بذلــك‪ ،‬وبعــد تنفيــذ الســعودية عــام‬ ‫ـخصا علــى رأســهم رجــل الديــن‬ ‫‪ 2016‬م‪ ،‬حكــم اإلعــدام علــى ‪ 47‬شـ ً‬ ‫الشــيعي منــر النمــر‪ ،‬وتصاعــدت األزمــة بــن الريــاض وطهــران‬ ‫التــي ســمحت ملهاجمــن اســتهداف الســفارة الســعودية يف طهــران‬ ‫والقنصليــة الســعودية يف مشــهد ليأتــي الــرد الســعودي احلاســم عبــر‬ ‫قطــع كامــل العاقــات الدبلوماســية مــع إيــران‪.‬‬ ‫ويف الوقــت الــذي كانــت جتهــز الريــاض مــن أجــل القمــة العربيــة‬ ‫اإلســامية األميركيــة بحضــور الكثيــر مــن امللــوك ورؤســاء العالــم‬

‫‪86‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫مقاطعــة الــدول األربــع لقطــر تحييــد للدوريــن اإليرانــي ‪ /‬التركــي‬ ‫الســاعيين للتغــول يف المنطقــة عبــر منصــة الدوحــة‬ ‫لضربــات الطائــرات اإلســرائيلية تــاه تقــدمي إيــران احلمايــة لألجواء‬ ‫الســودانية والســواحل بســبب غيــاب منظومــة أمــن دفاعيــة عربيــة‪.‬‬ ‫أي يجــب أن ينظــر إلــى األمــن اإلقليمــي كمنظومــة أمنيــة إقليمية‬ ‫واحــدة‪ ،‬ومــن اخلطــأ جتزئتــه ويجــب أن يكــون ممت ـدًا مــن اخلليــج‬ ‫العربــي إلــى أمــن البحــر األحمــر والقــرن اإلفريقــي‪.‬‬ ‫لذلــك ميكــن توســيع رقعــة مجلــس التعــاون الــذي يشــمل التعــاون‬ ‫اخلليجــي والبحــر األحمــر ألن أمــن البحــر األحمــر يشــكل عم ًقــا‬ ‫اســتراتيج ًيا ألمــن اخلليــج وال ميكــن الفصــل بــن األمنــن لتقليــص‬ ‫النفــوذ غيــر العربــي يف املنطقــة‪ ،‬وهــي فرصــة لتعزيــز التكامــل‬ ‫االقتصــادي بــن اجلانبــن اخلليجــي واإلفريقــي‪.‬‬ ‫فقــد حــان الوقــت يف تبنــي حاجــات إقليميــة تدفعهــا الضــرورات‬ ‫االقتصاديــة والضــرورات األمنيــة مــن أجــل أن حتمــي إمكانــات‬ ‫ومكتســبات املنطقــة ‪،‬واعتبارهــا كتلــة واحــدة يف ظــل التهديــدات‬ ‫اإلقليميــة وتأمــن املجــرى التجــاري والنفطــي الــذي ميــر بهــا ‪.‬‬

‫اليمـــن يمتلـــك عوامـــل وحـــدة واندمـــاج أكثـــر منهـــا عوامـــل‬ ‫انفصـــال‪:‬‬ ‫ميتلــك اليمــن مــوارد كبيــرة ج ـدًا‪ ،‬فالنفــط يف اجلنــوب‪ ،‬والغــاز‬ ‫يف مــأرب يتــم تصديــره عــن طريــق شــبوة يف اجلنــوب‪ ،‬وميتلــك‬ ‫اليمــن ‪ 200‬جزيــرة بحــدود بحريــة أكثــر مــن ‪ 2500‬كيلــو متــر ‪،‬وهــي‬ ‫عوامــل وحــدة أكثــر منهــا عوامــل انفصــال‪ ،‬جتمــع عليــه معظــم‬ ‫القــوى السياســية يف اليمــن‪ ،‬ألن اليمــن يقــع يف منطقــة اســتراتيجية‪،‬‬ ‫فاســتقراره مصلحــة للمنطقــة اإلقليميــة وللعالــم بأســره‪ ،‬فلــن تقبــل‬ ‫خصوصــا بعدمــا‬ ‫الســعودية أن تلعــب إيــران يف منطقــة إســتراتيجية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ضمنــت حفــظ األمــن اخلليجــي ومتاســكه بعدمــا ضربتــه ريــاح‬ ‫التفكيــك‪ ،‬فســتعود الســعودية إلــى اليمــن إلدارة األزمــة فيــه بعــد‬ ‫نهايــة عاصفــة احلــزم وحتقيــق كامــل أهدافهــا‪.‬‬ ‫الســعودية تــرى أن منظومــة األمــن يف اليمــن منظومــة خليجيــة‪،‬‬ ‫وال يختلــف عــن األمــن اخلليجــي‪ ،‬فمثلمــا حتــرك درع اجلزيــرة حلماية‬ ‫البحريــن مــن إيــران فتحركــت الســعودية بقيــادة عاصفــة احلــزم‪.‬‬ ‫الســعودية متتلــك ‪ 1800‬كيلــو متــرا مــع اليمــن‪ ،‬بينمــا متتلــك‬ ‫إيــران ‪ 1500‬كيلــو متــرا مــع العــراق‪ ،‬متكنــت مــن غــزوه بالتحالــف مــع‬ ‫حلفائهــا القتلــة واملفســدين الذيــن يريــدون أن يحمــوا أنفســهم مــن‬ ‫املجتمــع العراقــي باملليشــيات‪ ،‬بينمــا بقيــة العراقيــن شــيعة وســنة‬ ‫تضجــروا مــن تصريــح خمســة مســؤولن كبــار مــن اإليرانيــن باعتبــار‬ ‫أن بغــداد عاصمــة اإلمبراطوريــة الفارســية‪.‬‬

‫عاصفــة احلــزم أثبتــت بــل فاجــأت إيــران والعالــم بتحــركات‬ ‫خصوصــا بعــد متــدد طهــران املتزايــد مــن خــال‬ ‫ســعودية ســريعة‬ ‫ً‬ ‫وكائهــا احلوثيــن يف اليمــن‪ ،‬ألن إيــران تريــد انتصــا ًرا طائف ًيــا علــى‬ ‫اإلرهــاب والتحالــف يف العــراق وعلــى الدولــة يف اليمــن‪.‬‬ ‫تـــدرك الســـعودية أن املـــادة ‪ 51‬مـــن الفصـــل الســـابع مـــن‬ ‫ميث ــاق األمم املتح ــدة يس ــمح بتدخ ــل ال ــدول للدف ــاع ع ــن النف ــس‬ ‫خصوص ــا وأن الق ــرارات الدولي ــة ل ــم ت ــردع الي ــد الطول ــى إلي ــران‬ ‫ً‬ ‫املمثلــة يف احلــرس الثــوري يف اليمــن ألنهــا منقســمة بســبب امللــف‬ ‫الن ــووي اإليران ــي‪.‬‬

‫عاصفة الحزم لحظة استثنائية مدعومة بتحالف عربي‪:‬‬ ‫عاصفــة احلــزم حلظــة اســتثنائية تاريخيــة اســتعادت الزخــم‬ ‫الشــعبي بعــد أن ســادت مشــاعر عربيــة وخليجيــة وســعودية‬ ‫باإلحبــاط لتراجــع الــدور الســعودي الــذي تزامــن مــع تراجــع الــدور‬ ‫األمريكــي مألتــه إيــران يف العــراق ويف لبنــان وســوريا وأخيــ ًرا يف‬ ‫اليمــن لكــن عاصفــة احلــزم اســتعادت زمــام املبــادرة احلقيقيــة‬ ‫وليســت الوهميــة وتعيــد ترســيم سياســاتها اخلارجيــة مــن منظــور‬ ‫واقعــي ألنهــا اعتبرتهــا معركــة مصيــر داخل ًيــا وخارج ًيــا ولــن تقبــل‬ ‫التهــاون أو التراخــي أو الوصــول إلــى منتصــف الطريــق ولــن تســتمع‬ ‫أو تســتجيب للمعارضــن التــي تســتثيرهم إيــران ضــد عاصفــة‬ ‫احلــزم‪ ،‬بــل أحيــت عاصفــة احلــزم قــدرة النظــام العربــي يف مواجهــة‬ ‫التحديــات واألخطــار ولــن تركــن إلــى رســم خرائــط نفــوذ علــى‬ ‫حســاب األمــن العربــي‪.‬‬ ‫كــم كانــت هنــاك محــاوالت حثيثــة يف فصــل التكامــل الســعودي‬ ‫ـ املصــري حتــت ذرائــع بــأن الثقــل العربــي والسياســي واملــادي انتقــل‬ ‫إلــى اخلليــج وعليــه أن يتحالــف مــع الــدور التركــي بــدال مــن الــدور‬ ‫خصوصــا عندمــا كان األمريكيــون شــبه خاضعــن لشــروط‬ ‫املصــري‬ ‫ً‬ ‫االبتــزاز اإليرانيــة فقــد فشــلوا يف احلــد مــن ســيطرة طهــران علــى‬ ‫مفاصــل الســلطة يف بغــداد الطريــق املــؤدي إلــى البحــر املتوســط عبر‬ ‫ســوريا الدولــة الفاشــلة بدعــم روســي وهــو مــا أخــر إدارة التحالفــات‬ ‫العربية‪-‬العربيــة إلــى املســتوى املطلــوب مــن التعامــل مــع األمــن‬ ‫اإلقليمــي العربــي بالكفــاءة املنشــودة‪.‬‬ ‫الســعودية لــم تكــن مقتنعــة بتلــك احملــاوالت التــي تقودهــا‬ ‫خصوصــا مــن قبــل دولــة قطــر املتحالفــة مــع تركيــا التــي تدعــم‬ ‫ً‬ ‫جماعــة اإلخــوان املســلمن وتعتبــر أن السيســي انقلــب علــى الرئيــس‬ ‫املنتخــب محمــد مرســي الــذي لــم يتمكــن مــن إدارة التعدديــة احلزبيــة‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫الســويس الثانيــة التــي ال تنفصــل عــن األمــن اإلقليمــي للمنطقــة‪،‬‬ ‫باعتبــار القنــاة أهــم شــريان مائــي يف العالــم يربــط شــمال الكــرة‬ ‫األرضيــة بجنوبهــا‪.‬‬ ‫لكــن مــع وجــود نفــوذ إســرائيلي إيرانــي يف املنطقــة‪ ،‬فــإن ضعــف‬ ‫خصوصــا الســعودية ومصــر يف البحــر‬ ‫القــدرات العســكرية العربيــة‬ ‫ً‬ ‫األحمــر مــن حيــث محدوديــة األســاطيل البحريــة يضعهــا حتــت‬ ‫طائلــة النفوذيــن اإلســرائيلي واإليرانــي‪ ،‬خصوصــا وأن إيــران بــدأت‬ ‫لهــا يــد طولــى يف اليمــن عــن طريــق أنصــار اهلل احلوثيــن ألن اليمــن‬ ‫ميســك بعنــق البحــر األحمــر وفمــه‪.‬‬

‫صياغ ــة تحال ــف اس ــتراتيجي س ــعودي ـ مص ــري لحماي ــة أم ــن‬ ‫البح ــر األحم ــر والمنطق ــة‪:‬‬ ‫حمايــة أمــن اخلليــج والبحــر األحمــر بحاجــة إلــى صياغــة‬ ‫خصوصــا بــن مصــر والســعودية كنــواة‬ ‫اســتراتيجية تفاعــل عربيــة‬ ‫ً‬ ‫لألمــن العربــي التــي تشــاطئ البحــر األحمــر‪.‬‬ ‫لكــن مــرت املنطقــة العربيــة بعــد مــا يســمى بثــورات الربيــع‬ ‫العربــي ‪2011‬م‪ ،‬بينمــا البديــل لــم يكــن جاهـزًا لتطبيــق الدميقراطيــة‬ ‫بــل كان البديــل يف تذويــب القــرار العربــي عبــر مشــاريع وتنظيمــات‬ ‫مدعومــة إمــا إيران ًيــا أو ترك ًيــا‪.‬‬ ‫التحالـــف الســـعودي املصـــري تأخـــر حتـــى نضـــوج متغيـــرات‬ ‫دوليـــة بســـبب أن املجتمـــع الدولـــي يف عهـــد أوبامـــا كان أقـــرب‬ ‫للتص ــور الترك ــي ـ القط ــري يف اعتم ــاد صي ــغ توفيقي ــة تق ــرن ب ــن‬ ‫إش ــهار القب ــول بالنظ ــم القائم ــة وب ــن الدع ــوة إل ــى ترتي ــب سياس ــي‬ ‫اجتماع ــي قائ ــم عل ــى مفهومه ــا للدي ــن م ــن جه ــة‪ ،‬وب ــن التوجه ــات‬ ‫اإلس ــامية القطعي ــة الرافض ــة للنظ ــام السياس ــي القائ ــم برمت ــه‪،‬‬ ‫ســـواء بشـــكله احمللـــي أو بامتداداتـــه العامليـــة واســـتبداله بآخـــر‬ ‫صـــارم أساســـه االنصيـــاع والطاعـــة باســـم الديـــن‪ ،‬كانـــت تعتبـــره‬ ‫أمريـــكا البديـــل األفضـــل والـــذي مـــن وســـعه حتقيـــق االســـتقرار‬ ‫ومن ــع التط ــرف م ــن اس ــتقطاب اجلمه ــور املنتف ــض‪ ،‬وإع ــادة تش ــكيل‬ ‫النظـــام الســـلطوي يف املنطقـــة‪.‬‬ ‫لكــن مــا حــدث هــو العكــس عندمــا انتفــض املجتمــع املصــري‬ ‫بكامــل مكوناتــه يف ثورتــه علــى تلــك اجلماعــة بدعــم الســعودية التــي‬ ‫كانــت ســباقة يف دعــم ثــورة الشــعب املصــري ضــد جماعــة اإلخــوان‬ ‫املســلمن بدعــم اجليــش املصــري الــذي اســتعاد االســتقرار يف مصــر‬ ‫حتــى مجــيء إدارة ترامــب التــي اقتنعــت بــأن مصاحلهــا مرتبطــة‬ ‫باســتعادة القــرار العربــي يف املنطقــة‪.‬‬ ‫لذل ــك ل ــم تك ــن مقاطع ــة ال ــدول األرب ــع لقط ــر س ــوى مرحل ــة‬ ‫لتحييـــد الدوريـــن اإليرانـــي والتركـــي ألن ك ً‬ ‫ا منهمـــا يبحـــث عـــن‬ ‫وس ــطاء للتغ ــول يف املنطق ــة العربي ــة‪ ،‬فتركي ــا رأت يف قط ــر منص ــة‬ ‫إلدارة مش ــروعها اإلخوان ــي رغ ــم اخت ــاف منوذجه ــا ع ــن النم ــوذج‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪85‬‬

‫ملف العدد‬

‫العرب ــي ال ــذي يعتب ــر أكث ــر عصرن ــة ومتاشـ ـ ًيا م ــع احلداث ــة‪ ،‬لك ــن‬ ‫اغتـــرت تركيـــا بـــأن اإلخـــوان العـــرب يريـــدون تنصيـــب أردوغـــان‬ ‫خليف ــة للمس ــلمن باعتب ــار أن تركي ــا دول ــة إقليمي ــة كب ــرى‪ ،‬فيم ــا‬ ‫إيــران متكنــت مــن اســتخدام وســطاء أكثــر عــد ًدا مــن تركيــا إضافــة‬ ‫إلــى قطــر حيــث هنــاك مليشــيات تــود أن تتحــول إلــى دويلــة داخــل‬ ‫الـــدول بقيـــادة حـــزب اهلل الـــذي جنـــح منوذجـــه يف لبنـــان وأن‬ ‫تستنســـخه يف البحريـــن واليمـــن وســـوريا بالطبـــع العـــراق توجـــد‬ ‫فيهــا مليشــيات عديــدة باعتبــار أن العــراق دولــة عريقــة ال تســتطيع‬ ‫الهيمن ــة علي ــه عب ــر مليش ــيا واح ــدة الت ــي ميك ــن أن تس ــيطر عليه ــا‬ ‫احلكوم ــة وتفككه ــا‪.‬‬ ‫اعتبــرت قطــر منصــة ورأس حربــة ملشــروعن همــا لتركيــا‬ ‫وإيــران يف آن واحــد وليــس لــدى إيــران مانــع مــن أن حتــارب قطــر‬ ‫إلــى جانــب الســعودية يف اليمــن وســوريا مــن أجــل متريــر مشــاريعها‬ ‫خصوصــا املشــاريع التــي ال ميكــن متريرهــا عبــر مليشــياتها‬ ‫عبرهــا‬ ‫ً‬ ‫كمــا يف البحريــن واليمــن‪ ،‬وهــو مــا جعــل الســعودية ومصــر بالتحالــف‬ ‫مــع دولــة اإلمــارات والبحريــن باتخــاذ قــرار جــرئ مبقاطعــة قطــر‬ ‫مــن أجــل مرحلــة جديــدة تســتعيد فيهــا القــرار العربــي لترتيــب أوراق‬ ‫املنطقــة يف اليمــن وســوريا وليبيــا وال يتــم ذلــك إال بالتحالــف مــع‬ ‫أمريــكا اجلديــدة التــي هــي حريصــة علــى تثبيــت مصاحلهــا مــع‬ ‫حلفائهــا التقليديــن بعدمــا فشــلت جتربــة أوبامــا يف اختبــار الســلوك‬ ‫اإليرانــي الــذي لــم يحقــق لهــا مــا تصبــو إليــه الواليــات املتحــدة يف‬ ‫متريــر مشــاريعها عبــر الــدور اإليرانــي وهــو مــا أخــر حتريــر اليمــن‬ ‫بســبب خيانــات ســمحت بتهريــب األســلحة‪ ،‬وقــد كشــفت خطــط دول‬ ‫التحالــف التــي تقودهــا الســعودية إلــى جانــب تفكيــك اجلبهــات وخلق‬ ‫الصــراع بينهــا وشــراء والءات لــم يكــن التمويــل معرو ًفــا ولــم يكــن‬ ‫حتديــد مــن يقــف وراء هــذه الفوضــى حتــى اتخــذت الــدول األربــع‬ ‫قــرار مقاطعــة قطــر وإخراجهــا مــن التحالــف حتــى تتضــح الصــورة‬ ‫يف اليمــن وتتوحــد اجلهــود‪.‬‬ ‫املرحلــة اجلديــدة التــي تقودهــا الســعودية ومصــر لــن تقبــل‬ ‫لدولــة عربيــة صغيــرة مثــل قطــر التــي اســتثمرت لســنوات يف شــراء‬ ‫والءات أفــراد ومنظمــات حقوقيــة بــل وظفــت األدوات احلقوقيــة يف‬ ‫معــارك غيــر األخاقيــة مــن خــال نســج عاقــة مبهمــة مــع صنــاع‬ ‫احملتــوى احلقوقــي ومنظماتــه‪ ،‬لذلــك البــد مــن قيــام املنظمــات‬ ‫احلقوقيــة العربيــة بدورهــا يف رصــد وتوثيــق جرائــم النظــام القطــري‬ ‫التــي تتعــارض مــع حزمــة مــن الصكــوك الدوليــة‪ ،‬ليــس مــن املقبول أن‬ ‫يســمح لنظــام مراهــق سياس ـ ًيا اســتخدام فوائضــه املاليــة يف دهــس‬ ‫منظومــة حقــوق اإلنســان وانتهاكهــا‪.‬‬ ‫ومــن املهــم أن حتــوز املكانــة االســتراتيجية ملنطقــة القــرن‬ ‫اإلفريقــي املكانــة ذاتهــا التــي حتوزهــا دول حــوض النيــل بالنســبة‬ ‫خصوصــا بعدمــا تعــرض مصنــع اليرمــوك يف الســودان‬ ‫ملصــر‬ ‫ً‬

‫‪84‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫لكــن بعدمــا صــدرت تصريحــات مــن إيــران عمقــت األزمــة يف‬ ‫اليمــن‪ ،‬ولتخويــف الــدول اخلليجيــة ودول التحالــف التــي حتــارب‬ ‫ضــد داعــش عقا ًبــا لهــا بســبب أنهــا اســتبعدت إيــران مــن هــذا‬ ‫التحالــف‪ ،‬وبســبب تخــوف إيــران مــن اســتبعادها مــن هــذا التحالــف‬ ‫يكــون مرحلــة بــأن تفقــد مــع االســتبعاد مصاحلهــا يف ســوريا وبيروت‪،‬‬ ‫بعدمــا غيــرت داعــش اخلارطــة السياســية يف العــراق‪ ،‬وهــي تــرى‬ ‫أنهــا خســرت مكاســب يف العــراق‪ ،‬رغــم أن القيــادة السياســية يف‬ ‫العــراق أرادت تطمــن إيــران مــن خــال زيــارة العبــادي إلــى طهــران‬ ‫يف أول زيــارة خارجيــة لــه بالتنســيق مــع إيــران ملواجهــة داعــش رغــم‬ ‫ذلــك لــم تهــدأ مخاوفهــا مــع أنهــا متتلــك ‪ 41‬فصيــا ميليشــياويا يف‬ ‫العــراق تأمتــر بأمرهــا ورغــم ذلــك تخشــى مــن التقــارب بــن العــراق‬ ‫خصوصــا بعــد الزيــارة التــي قــام بهــا العبــادي للســعودية‬ ‫والســعودية‬ ‫ً‬ ‫بعــد دحــر داعــش يف املوصــل والتــي توجــت بفتــح احلــدود بــن‬ ‫البلديــن والتنســيق بينهمــا حــول محاربــة اإلرهــاب‪.‬‬ ‫توقيــت تلــك التصريحــات لــه دالالت إلربــاك املشــهد السياســي‬ ‫يف املنطقــة‪ ،‬وتريــد الضغــط ملراجعــة قــرار اســتبعاد إليــران‪ ،‬وهــي‬ ‫خطــوة مــن أجــل الضغــط علــى تلــك الــدول مــن أجــل إبــرام اتفاقــات‬ ‫مــع إيــران حتــى تشــارك يف حــل سياســي يف ســوريا حتــى تضمــن‬ ‫بقاءهــا يف املنطقــة‪.‬‬ ‫حيــث جــاء تصــرح علــي أكبــر واليتــي مستشــار املرشــد بأنــه‬ ‫متأكــد مــن لعــب أنصــار اهلل يف اليمــن بنفــس الــدور الــذي يلعبــه‬ ‫حــزب اهلل يف لبنــان‪ ،‬هــذا التصريــح كان لــه داللــة علــى دعــم أنصــار‬ ‫اهلل سياس ًــيا مــن أجــل اســتمرار حتركهــم الشــجاع‪ ،‬وتعتبــر إيــران أن‬ ‫مشــروع أنصــار اهلل مشــروع مــدروس ومســتلهم مــن مشــروع حــزب‬ ‫اهلل‪ ،‬أي يصبــح أنصــار اهلل علــى رأس احلربــة للمشــروع اإليرانــي‬ ‫يف البحــر األحمــر‪.‬‬ ‫تعتبــر إيــران التنســيق والعمــل املشــترك بــن العــراق ودول‬ ‫اخلليــج وعلــى رأســها الســعودية خســارة اســتراتيجية لهــا‪ ،‬قــد تقــود‬ ‫إلــى خســائر أخــرى لهــا يف املنطقــة‪ ،‬فركــزت علــى اليمــن باعتــراف‬ ‫طهــران علــى لســان مســاعد وزيــر اخلارجيــة يف الشــؤون العربيــة‬ ‫واإلفريقيــة يف ‪ 2014/12/10‬قولــه أن بــاده ( اليــوم األكثــر نفو ًذا يف‬ ‫املنطقــة‪ ،‬وتســتخدم هــذا النفــوذ لضمــان أمنهــا القومــي ومصاحلهــا‬ ‫القوميــة وأمــن املنطقــة)‪ ،‬بــل أكــدت وكالــة أنبــاء اجلمهوريــة اإليرانيــة‬ ‫(إرنــا) عــن عبــد اللهيــان أن إيــران اســتخدمت نفوذهــا يف تطــورات‬ ‫اليمــن ملــا يضمــن الوحــدة الوطنيــة والوفــاق بــن الفصائــل اليمنيــة‪،‬‬ ‫إميا ًنــا منهــا بــأن األمــن املســتدام يف اليمــن لــه تداعيــات مباشــرة‬ ‫علــى األمــن املســتدام يف منطقــة اخلليــج برمتهــا‪.‬‬ ‫رعــت إيــران اتفاقيــة مخالفــة للمبــادرة اخلليجيــة يف اليمــن‬ ‫متاشــ ًيا مــع العقيــدة الدفاعيــة التــي تعتمــد علــى القــوة البحريــة‪:‬‬ ‫إيــران كانــت ترعــى اتفاقيــة مخالفــة للمبــادرة اخلليجيــة التــي‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫تتكــون مــن ســت محافظــات فيدراليــة‪ :‬إقليمــن للجنــوب‪ ،‬وأربعــة‬ ‫للشــمال‪ ،‬لكــن حتفــظ احلــراك اجلنوبــي علــى مخرجــات احلــوار‪،‬‬ ‫وكذلــك احلوثــي ألنــه يريــد ضــم حجــة باعتبارهــا مينــاء علــى البحــر‬ ‫األحمــر واجلــوف إلــى محافظــة ازال‪.‬‬ ‫بينمــا االتفاقيــة التــي ترعاهــا إيــران ميــن كونفيدرالــي مكــون‬ ‫خصوصــا مــع ســالم البيــض اجلنوبــي الــذي يتبــع‬ ‫مــن محافظتــن‪،‬‬ ‫ً‬ ‫إيــران‪ ،‬وبذلــك تكــون هنــاك ســيطرة تامــة إليــران علــى اليمــن وهــو‬ ‫مــا لــم توافــق عليــه الســعودية أيــا كان الثمــن‪.‬‬ ‫إيــران تــرى يف املنطقــة منطقــة حيويــة إيرانيــة لذلــك نقلــت وكالة‬ ‫أنبــاء فــارس اإليرانيــة عــن قائــد القــوة البحريــة اإليرانيــة األدميــرال‬ ‫حبيــب اهلل ســياري قولــه (مشــروعنا لصنــع املدمــرات بــدأ قبــل فتــرة‬ ‫بأمــر مــن قائــد الثــورة اإلســامية ونشــهد اليــوم منجــزات جديــدة‪،‬‬ ‫عل ًمــا بــأن املدمــرة (ســنهد) أكثــر تطــو ًرا مــن املدمــرة (جمــاران)‬ ‫بنســبة ‪ )% 30‬وتابــع أن (أمــن منطقــة خليــج عــدن وبــاب املنــدب مهــم‬ ‫ج ـدًا ملصالــح اجلمهوريــة اإلســامية اإليرانيــة حيــث قمنــا بإرســاء‬ ‫األمــن علــى بعــد ‪ 3‬أو ‪ 4‬آالف كيلــو متــر مــن البــاد)‪.‬‬ ‫العقيــدة الدفاعيــة إليــران تعتمــد علــى القــوة البحريــة والقــدرة‬ ‫الصاروخيـــة وصـــرح روحانـــي للمديـــر العـــام للوكالـــة الدوليـــة‬ ‫للطاق ــة الذري ــة ال ــذي زار طه ــران للم ــرة الثاني ــة يف ‪2014/8/17‬م‪،‬‬ ‫ب ــأن قدرتن ــا الصاروخي ــة غي ــر قابل ــة للتف ــاوض وال ت ــزال الق ــوات‬ ‫البحري ــة تتح ــرش بالق ــوات البحري ــة األمريكي ــة يف اخللي ــج العرب ــي‬ ‫يف ‪ 2017/7/28‬م‪ ،‬وال ت ــزال تتح ــدى اإلدارة األمريكي ــة يف جترب ــة‬ ‫الصواري ــخ البالس ــتية‪.‬‬

‫نظرة السعودية إىل أمن البحر األحمر‪:‬‬ ‫يف املقابــل‪ ،‬الســعودية تــرى أن أمــن شــواطئ اخلليــج العربــي‬ ‫مطروحــا لــدول اخلليــج منــذ فتــرة طويلــة‪ ،‬وظــل االهتمــام بــه‬ ‫ً‬ ‫متزايـدًا لكــن بــرزت إلــى الســطح أهميــة أمــن البحــر األحمــر كجــزء‬ ‫مهمــل مــن أمــن اخلليــج ألن ســير التطــورات يف البحــر األحمــر‬ ‫يف ظــل التعقيــدات واملتغيــرات علــى األرض يجعــل املواجهــة بــن‬ ‫االســتراتيجيتن اإلســرائيلية واإليرانيــة مرجحــة جــدًا التــي‬ ‫تســتهدف محاصــرة األمنــن الســعودي واملصــري‪.‬‬ ‫ميــر عبــر البحــر األحمــر ‪ % 45‬مــن ناقــات النفــط احململــة‬ ‫بنفــط اخلليــج العربــي‪ ،‬وتشــاطئه تســع دول تشــكل دولــه عم ًقــا‬ ‫اســتراتيج ًيا مه ًمــا يحتاجــه األمــن اإلقليمــي باإلضافــة إلــى قواعــد‬ ‫أميركيــة وأوربيــة وإيرانيــة متواجــدة يف املنطقــة‪.‬‬ ‫الريــاض والقاهــرة استشــعرا خطــورة الوضــع‪ ،‬فشــكا حتال ًفــا‬ ‫ثنائ ًيــا‪ ،‬وقــررت مصــر إطــاق مشــروع مصــري لقنــاة ســويس جديــدة‬ ‫بكلفــة أربعــة مليــارات دوالر‪ ،‬لتتمكــن مصــر مــن التحكــم بأمــن القنــاة‬ ‫يف املســتقبل‪ ،‬ويف نفــس الوقــت حتقــق أبعــاد اقتصاديــة ملشــروع قنــاة‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪83‬‬

‫ملف العدد‬

‫التحالف السعودي ـ املصري انتظر رحيل أوباما األقرب للمشروع التركي ـ القطري‬

‫اليمن يف قلب األمن االستراتيجي للخليج‪...‬‬ ‫منظومة أمنية إقليمية واحدة‬ ‫العاقـة بـن الفـرس والعـرب متوتـرة تاريخ ًيـا‪ ،‬انتصـر العـرب يف أول معركـة علـى الفـرس‬ ‫يف معركـة ذي قـار بالعـراق عـام ‪609‬م‪ ،‬عندمـا سـمع الرسـول صلـى اهلل عليـه وسـلم قـال‬ ‫ألول مـرة ينتصـف العـرب وبـي انتصـروا‪ .‬كانـت حتـاول فـارس أن تسـيطر علـى جزيـرة‬ ‫العـرب مـن خـال تواجدهـا يف اليمـن‪ ،‬فحينمـا بعـث الرسـول صلـى اهلل عليـه وسـلم كتابـه‬ ‫لكسـرى مزقـه‪ ،‬فقـال الرسـول الكـرمي اللهـم مـزق ملكـه‪ ،‬فأرسـل كسـرى إلـى عاملـه يف‬ ‫اليمـن بـاذان بـأن يبعـث برجلـن شـديدين ليحمـا لـه ابـن عبـد املطلـب رسـولنا الكـرمي‬ ‫محمـد بـن عبـد اهلل صلـى اهلل عليـه وسـلم‪ ،‬والقصـة معروفـة كيـف أن الرسـول صلـى اهلل‬ ‫عليـه وسـلم حبـس الرجلـن إلـى اليـوم الثانـي وأخبرهمـا مبقتـل كسـرى علـى يـد ابنـه كان‬ ‫سـب ًبا يف إسـام بـاذان يف اليمـن وأسـلم معـه حشـد كبيـر مـن أتباعـه مـن اليمنيـن‪.‬‬

‫د‪ .‬عبد احلفيظ عبد الرحيم محبوب‬ ‫اليمــن يحتــل موقــع اســتراتيجي يف شــبه اجلزيــرة العربيــة‬ ‫وخــزان بشــري للحضــارات العربيــة‪ ،‬فــاألوس واخلــزرج الذيــن ســكنوا‬ ‫املدينــة املنــورة وناصــروا الرســول صلــى اهلل عليــه وســلم هاجــروا مــن‬ ‫اليمــن‪ ،‬والغساســنة واملنــاذرة الذيــن ســكنوا علــى أطــراف اجلزيــرة‬ ‫العربيــة وكونــوا حاضرتــن هاجــروا مــن اليمــن‪ ،‬واليمــن كان مصــدر‬ ‫اقتصــادي لشــبه اجلزيــرة العربيــة ضمــن رحلتــي الشــتاء والصيــف‪،‬‬ ‫أي أن اليمــن ميتلــك بالنســبة للجزيــرة العربيــة ثــاث مميــزات‪ :‬موقــع‬ ‫اســتراتيجي‪ ،‬وخــزان بشــري‪ ،‬ومصــدر اقتصــادي‪ ،‬وعلــى الصعيــد‬ ‫اجليوبولتيكــي يربــط شــبه اجلزيــرة العربيــة بإفريقيــا‪.‬‬

‫محاصرة السعودية‪:‬‬ ‫يتكــرر التاريــخ حتــت غطــاء تصديــر الثــورة اخلمينيــة للمنطقــة‬ ‫ومحاصــرة الســعودية بشــكل خــاص القــوة التــي حلــت محــل الدولــة‬ ‫العثمانيــة‪ ،‬حتــى أتــى غــزو العــراق مــن قبــل الواليــات املتحــدة ولــم‬ ‫تقــدم أي دولــة ال عربيــة وال إســامية خدمــات لوجســتية ألمريــكا يف‬ ‫هــذا الغــزو ســوى إيــران‪ .‬لذلــك كافــأت واشــنطن إيــران بالســماح لهــا‬ ‫بالدخــول إلــى العــراق بعــد تســريح اجليــش العراقــي‪ ،‬وهــو حتالــف‬ ‫خفــي بــن اجلانبــن علــى العــرب واملســلمن‪ ،‬مثلمــا حتالفــت الدولــة‬ ‫الصفويــة مــع البرتغاليــن ضــد الدولــة العثمانيــة‪.‬‬

‫بــدأت إيــران تشــكيل قــوات الباســيج يف العــراق وســوريا وقاتلــت‬ ‫املعارضــة الســورية بـــ ‪ 42‬لــواء و‪ 38‬كتيبــة مكونــة مــن مقاتلــن‬ ‫طائفيــن إيرانيــن وأفغــان ولبنانيــن وعراقيــن‪.‬‬ ‫تزامــن هــذا التقــدم مــع تصريحــات صادمــة مــن الهمدانــي‬ ‫رئيــس احلــرس الثــوري والباســيج بقولــه أصبحــت القــوة اإليرانيــة‬ ‫القــوة الضاربــة األكثــر يف العــراق ولبنــان وســوريا‪ ،‬تزامنــت ً‬ ‫أيضــا مــع‬ ‫تصريحــات أخــرى صــادرة مــن يونســي مستشــار روحانــي بــأن بــاده‬ ‫أصبحــت إمبراطوريــة عاصمتهــا بغــداد كمــا كانــت عبــر التاريــخ وهــي‬ ‫مركــز حضارتنــا وثقافتنــا وهويتنــا اليــوم كمــا كانــت يف املاضــي‪ ،‬يف‬ ‫إشــارة للتواجــد العســكري يف العــراق‪ ،‬وقــال يونســي إن جغرافيــة‬ ‫إيــران والعــراق غيــر قابلــة للتجزئــة وأن كل منطقــة الشــرق األوســط‬ ‫إيرانيــة‪ ،‬و ســنقف بوجــه التطــرف اإلســامي والتكفيــر واإلحلــاد‬ ‫والعثمانيــن اجلــدد والوهابيــن والغــرب والصهيونيــة‪.‬‬ ‫واسـتثمرت إيـران املفاوضـات النوويـة بالتركيـز علـى اليمـن ويف‬ ‫الوقت نفسـه الضغط على السـعودية يف سـوريا حتى تضمن واشـنطن‬ ‫زمن أوباما حتقيق تقدم يف املفاوضات النووية مع إيران‪ ،‬وكانت تصدر‬ ‫عنها تصريحات متناقضة تسـترضي فيها السـعودية ويف نفس الوقت‬ ‫مشـرعا أمـام اسـتكمال النفـوذ اإليرانـي ملجـرد التوقيـع‬ ‫تفتـح البـاب‬ ‫ً‬ ‫علـى االتفاقيـة النوويـة بـن اجلانبـن مـن أجـل ضمـان أمـن إسـرائيل‪.‬‬

‫‪82‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫وحرك ــة الن ــزوح وانهي ــار القط ــاع الزراع ــي والنظ ــام الصح ــي‪ .‬كم ــا‬ ‫بــدا تفشــى األوبئــة واألمــراض يف أوســاط األطفــال والنســاء بســبب‬ ‫س ــوء التغذي ــة وق ــد رص ــدت حال ــة تفش ــي لوب ــاء الكولي ــرا يف اليم ــن‬ ‫يف أكتوبــر ‪2016‬م‪ ،‬وعــاود التفشــي يف ‪2017‬م‪ ،‬يف ‪ 10‬محافظــات‬ ‫مينيــة‪ ،‬يف ظــل تعطــل أكثــر مــن نصــف املنشــآت الصحيــة يف البــاد‬ ‫ع ــن العم ــل‪ ،‬بس ــبب احل ــرب واس ــتحوذت العاصم ــة صنع ــاء عل ــى‬ ‫النصي ــب األكب ــر م ــن إصاب ــات الكولي ــرا م ــا يق ــارب ‪ 34.6‬باملئ ــة‬ ‫م ــن احل ــاالت‪ .‬وخ ــال الفت ــرة م ــا ب ــن ‪ 26‬أبري ــل و‪ 18‬ماي ــو ‪2017‬‬ ‫م‪ ،‬انتشـــر املـــرض إلـــى حوالـــي ‪ 20‬محافظـــة يف جميـــع أنحـــاء‬ ‫الب ــاد‪ .‬كم ــا أن م ــن دواف ــع س ــرعة احلس ــم أن ح ــاالت العملي ــات‬ ‫تقـــود إلـــى انخفـــاض الـــروح املعنويـــة جـــراء‬ ‫االس ــتعداد القتال ــي‪ ،‬وم ــرض التخن ــدق‪ .‬كم ــا يؤث ــر‬ ‫يف املعنوي ــات تكب ــد اجلي ــش خس ــائر فادح ــة يف‬ ‫حملت ــه ‪ .‬س ــواء لقل ــة التدري ــب أو لضع ــف قواع ــد‬ ‫االشـــتباك‪ ،‬أو ببســـاطة ألن الرجـــال ميوتـــون‬ ‫يف القتـــال‪ .‬كمـــا تعانـــي املعـــدات واألســـلحة مـــن‬ ‫االس ــتهاك وتتع ــرض للتل ــف ونف ــاذ قط ــع الغي ــار‪،‬‬ ‫كمـــا أن مـــن دوافـــع ضـــرورة احلســـم الســـريع أن‬ ‫هنــاك ســيناريوهات اقتصاديــة كارثيــة قــد تتعــرض‬ ‫لهـــا دول اخلليـــج جـــراء اســـتمرار الصـــرف علـــى‬ ‫احل ــرب حي ــث س ــتكبدها فات ــورة باهظ ــة التكالي ــف وس ــتقود إل ــى‬ ‫مربــع أزمــات اقتصاديــة خانقــة‪ .‬كمــا يجــب احلســم حتــى اليتمكــن‬ ‫الع ــدو م ــن حتقي ــق الت ــوازن االس ــتراتيجي س ــواء بامل ــدد اإليران ــي‬ ‫أو بالتهريـــب مـــن جتـــار الســـاح بإفريقيـــا أو قصـــف التجمعـــات‬ ‫الس ــكانية بالصواري ــخ البالس ــتية‪.‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫كانـــوا يســـتعدون لهـــذه احلـــرب منـــذ زمـــن طويـــل‪ .‬لكـــن ذلـــك‬ ‫اجلان ــب املش ــرق يك ــدره جان ــب املراوح ــة ال ــذي س ــبق ذك ــره‪ ،‬فتل ــك‬ ‫املراوحـــة يف احلـــرب املشـــتعلة يف اليمـــن لهـــا تداعيـــات كبـــري‬ ‫عل ــى املنطق ــة وعل ــى اليم ــن‪ .‬فالص ــراع أدى إل ــى تقس ــيم فعل ــي يف‬ ‫اليم ــن‪ .‬وتقس ــيم اليم ــن يعن ــي أن خارط ــة الش ــرق األوس ــط يج ــب‬ ‫رس ــمها م ــن جدي ــد‪ .‬ويعن ــي ع ــدم االس ــتقرار عل ــى ب ــاب املن ــدب‬ ‫أكث ــر املم ــرات البحري ــة ازدحا ًم ــا يف العال ــم‪ .‬وق ــد ق ــادت ح ــرب‬ ‫اليمـــن إلـــى صـــراع بأوجـــه عـــدة منهـــا الصـــراع علـــى املضائـــق‬ ‫واجل ــزر والقواع ــد البحري ــة ‪ .‬والاعب ــون ه ــم أمري ــكا وإس ــرائيل‬ ‫وإيــران ودول اخلليــج العربــي‪ .‬حيــث يتصاعــد الصــرا ُع حال ًيــا بــن‬ ‫القــوى الدوليــة واإلقليميــة؛ لضمــان الســيطرة علــى‬ ‫مم ــرات ومضاي ــق البح ــر األحم ــر؛ مل ــا ُمي ّثل ــه م ــن‬ ‫لتوســـطه خارطـــة املاحـــة‬ ‫أهميـــة اســـتراتيجية‪،‬‬ ‫ُّ‬ ‫الدوليـــة‪ ،‬وربطـــه بـــن قارتـــي آســـيا وإفريقيـــا‪.‬‬ ‫وحتتفـــظ أمريـــكا بقاعـــدة عســـكرية يف جيبوتـــي‪،‬‬ ‫تتضمــن نحــو ‪ 4000‬جنــدي‪ ،‬وتســتخدمها يف إطــاق‬ ‫َّ‬ ‫طائــرات مــن دون طيــار إلــى اليمــن ومنطقــة القــرن‬ ‫اإلفريق ــي‪ .‬كم ــا تظه ــر إي ــران لبس ــط الهيمن ــة عل ــى‬ ‫مداخ ــل البح ــر األحم ــر‪ ،‬خاص ــة عب ــر دول الق ــرن‬ ‫اإلفريقـــي الضعيفـــة‪ ،‬بتأســـيس قواعـــد عســـكرية‪،‬‬ ‫تُطـــ ُّل علـــى الس ــاحل‪ .‬فإي ــران تُس ــيطر فعل ًي ــا عل ــى ج ــزر مضي ــق‬ ‫هرم ــز‪ ،‬مب ــا فيه ــا اجل ــزر اإلماراتي ــة احملتل ــة (أب ــو موس ــى – طن ــب‬ ‫الكب ــرى – طن ــب الصغ ــرى)؛ األم ــر ال ــذي َم َّكنه ــا م ــن الس ــيطرة‬ ‫عمل ًيـــا علـــى ماحـــة اخلليـــج‪ ،‬فذهبـــت للســـيطرة علـــى مدخـــل‬ ‫البحـــر األحمـــر واتخـــذت إيـــران مـــن مينـــاء "عصـــب" اإلريتـــري‬ ‫قاعــدة عســكرية لهــا‪ ،‬حيــث تُط ـ ّل ســواحل الدولــة اإلفريقيــة علــى‬ ‫بع ــد كيل ــو مت ــرات قليل ــة م ــن مضي ــق "ب ــاب املن ــدب" بواب ــة دخ ــول‬ ‫البحــر األحمــر‪ .‬وهــو تواجــد اســتراتيجي هــام بالنســبة لطهــران‪،‬‬ ‫لي ــس فق ــط عل ــى املس ــتوى املاح ــي‪ ،‬ب ــل عل ــى مس ــتوى مش ــروعها‬ ‫التوس ــعي اإلقليم ــي ً‬ ‫أيض ــا‪ ،‬حي ــث ُميكنه ــا م ــن نق ــل األس ــلحة إل ــى‬ ‫احلوثيـــن عـــن طريـــق الوحـــدة ‪ 190‬التابعـــة للحـــرس الثـــوري‪.‬‬ ‫ومم ــا س ــبق ميكنن ــا الق ــول أن "عملي ــة عاصف ــة احل ــزم "كان ــت‬ ‫مفاج ــأة اس ــتراتيجية م ــن ط ــراز أذه ــل املراقب ــن العس ــكرين‪ ،‬لك ــن‬ ‫األزمـــة اخلليجيـــة بـــن األشـــقاء قـــد أدخلتنـــا ديناميـــة التصعيـــد‬ ‫الداخل ــي ث ــم حال ــة الرك ــود الت ــي تتطل ــب عاصف ــة جدي ــدة لت ــايف‬ ‫تأثي ــر الص ــراع عل ــى الت ــوازن االقليم ــي‪.‬‬

‫اليمن بين التسخين‬ ‫اللـفـظـ ــي والـجـمـ ــود‬ ‫العملياتي وأزمة الخليج‬ ‫أوجدت تحالفات داخلية‬ ‫وثـغــــرة إقـلـيـمـيــــة‬

‫تأثير الصراع عى التوازن اإلقليمي‬ ‫تتســـع دائـــرة العنـــف والصـــراع يف املنطقـــة خـــارج اليمـــن أو‬ ‫انطا ًقـــا منهـــا‪ ،‬فقـــد أصيـــب الكثيـــر مـــن املراقبـــن العســـكرين‬ ‫بالدهشـــة ألن اخلليجيـــون مت ّكنـــوا مـــن تنفيـــذ عاصفـــة احلـــزم‬ ‫دون دعـــم غربـــي ال مـــن جانـــب احلكومـــات الغربيـــة والشـــركات‬ ‫املعـــدات العســـكرية‪ .‬ورد الدهشـــة عـــدم حتديـــث معلوماتهـــم‬ ‫حـــول التغييـــرات احلاصلـــة يف جيـــوش اخلليـــج‪ .‬فســـن ًة بعـــد‬ ‫س ــنة‪ ،‬قام ــت تل ــك اجلي ــوش بتحدي ــث نفس ــها‪ ،‬وبتعزي ــز طابعه ــا‬ ‫احملت ــرف وكان جدي ــر باملراقب ــن أن يتو ّقع ــوا ذل ــك فق ــد أصب ــح‬ ‫اخللي ــج ال ع ًب ــا إقليم ًي ــا مه ًم ــا‪ .‬فالس ــعوديون أقوي ــاء‪ ،‬كم ــا عم ــل‬ ‫اإلماراتي ــون بطريق ــة ج ّدي ــة لبن ــاء جه ــاز عس ــكري ق ــوي ومؤث ــر‪.‬‬ ‫وق ــد يُص ــاب البع ــض بالدهش ــة إذا قي ــل له ــم أن دول ــة اإلم ــارات‬ ‫كانـــت قـــد أرســـلت قـــوات تدخّ ـــل إلـــى لبنـــان‪ ،‬والصومـــال‪،‬‬ ‫وكوســـوفو‪ ،‬وافغانســـتان‪ ،‬وليبيـــا‪ ،‬ثـــم إلـــى اليمـــن حاليـــاً‪ .‬لقـــد‬

‫* ﻣﺪﻳﺮ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺮاﻗﺒﺔ اﻟﺨﻠﻴﺞ‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫ يف زم ــن املراوح ــة أصب ــح الع ــدو احلوث ــي ق ــادر عل ــى فه ــم‬‫وتيــرة الشــد واجلــذب يف نهــج قــوات التحالــف العملياتــي‪ ،‬ومــدرك‬ ‫للنســق الــذي يحكــم حتــركات قــوات الشــرعية‪ ،‬ممــا يعطــي احلوثــة‬ ‫فرصــة لفــرض واقــع جديــد علــى األرض يرســخ االنقــاب وميكنهــم‬ ‫م ــن ف ــرض مش ــروعهم بالق ــوة‪ ،‬م ــن ب ــاب أن كل ضغ ــط م ــن قب ــل‬ ‫التحال ــف مق ــدور علي ــه‪ ،‬لتك ــراره ب ــدون حس ــم بنف ــس الوتي ــرة يف‬ ‫زم ــن املراوح ــة‪.‬‬ ‫ تســتنزف حالــة املراوحــة صبــر ومــوارد الشــعب اليمنــي فــا‬‫يع ــود مؤم ــن بج ــدوى" عملي ــة إع ــادة األم ــل" الت ــي فق ــدت زخ ــم‬ ‫وق ــوة "عملي ــة عاصف ــة احل ــزم " وأصب ــح يح ــول بين ــه وب ــن نهاي ــة‬ ‫األزم ــة كثب ــان م ــن خيب ــة األم ــل يصع ــب اجتي ــاز مكوناته ــا ج ــراء‬ ‫انتشـــار الكوليـــرا وانتشـــار الفقـــر الشـــديد املطـــل علـــى وديـــان‬ ‫املجاع ــة املوحش ــة‪.‬‬ ‫لق ــد تاش ــت املعرك ــة؛ إال م ــن ص ــوت ني ــران متفرق ــة زخمه ــا‬ ‫اإلعام ــي أكث ــر م ــن األمت ــار الت ــي تق ــرب الش ــرعية م ــن صنع ــاء‪،‬‬ ‫فقــد عمــدت القــوات إلــى املراوحــة يف مكانهــا؛ ولــوال طبيعــة اليمــن‬ ‫اجلبليــة لدفنــت القــوات نفســها يف خنــادق احلــرب العامليــة األولــى‪.‬‬ ‫فأيـــن ذهبـــت املعـــارك الهجوميـــة واخلاطفـــة‪ ،‬وكيـــف أصبحـــت‬ ‫خط ــوط القت ــال جام ــدة‪ .‬رغ ــم تقني ــات املن ــاورة‪ ،‬والتف ــوق اجل ــوي‪،‬‬ ‫وث ــورة تقني ــات األس ــلحة والتف ــوق يف إدارة املعرك ــة!‬ ‫الن ــزاع يف اليم ــن ث ــوري‪ ،‬طائف ــي‪ ،‬انفصال ــي؛ فف ــي التحلي ــل‬‫األخي ــر ه ــو ن ــزاع ب ــن ق ــوى طائفي ــة تتس ــم ب ــروح (الث ــورة) كم ــا‬ ‫يس ــميها احلوثي ــون وب ــن ق ــوى تكفيري ــة ميثله ــا ف ــرع القاع ــدة يف‬ ‫اليم ــن وال ــذي يس ــتمد الع ــون م ــن ح ــزب اإلص ــاح ناهي ــك ع ــن‬ ‫روح انفصاليـــة ميثلهـــا احلـــراك اجلنوبـــي‪ .‬واألهـــداف املعلنـــة‬ ‫للتحال ــف العرب ــي تتمث ــل يف إع ــادة الت ــوازن ب ــن الق ــوى اليمني ــة‬ ‫املتنازع ــة‪ .‬والت ــي متي ــل لصال ــح الش ــرعية ‪،‬حي ــث تواج ــه الق ــوات‬ ‫الصاحلوثيـــة صعوبـــات كبيـــرة يف التجنيـــد ملواجهـــة حالـــة‬ ‫االســتنزاف التــي تع ّرضــت لهــا مــع عــزوف القبائــل وهــي خزانهــا‬ ‫البشـــري عـــن إرســـال أبنائهـــا حلـــرب بـــا نهايـــة لـــذا انتهجـــوا‬ ‫حـــرب االســـتنزاف لفـــرض الركـــود علـــى ميـــدان املعركـــة‪ .‬وهنـــا‬ ‫نعي ــد الس ــؤال أي ــن زخ ــم وق ــوة "عملي ــة عاصف ــة احل ــزم" يف زم ــن‬ ‫"عملي ــة إع ــادة األم ــل" احلال ــي "و ه ــل نحت ــاج إلى"عملي ــة اخل ــروج‬ ‫م ــن املراوح ــة" ؟‬

‫الحسم الخليجي لتجاوز حالة الركود‬ ‫تس ــتطيع ببس ــاطة ش ــديدة‪ ،‬أن ُحت ــدد الوق ــت واللحظ ــة‪ ،‬الت ــي‬ ‫تب ــدأ فيه ــا إط ــاق أول ش ــرارة للح ــرب ص ــوب ع ــدوك‪ ،‬لكن ــك ال‬ ‫تســتطيع حتديــد وقــت نهايتهــا‪ .‬والطبيعــة اجلبليــة لليمــن جتعــل مــن‬ ‫الصع ــب دخ ــول أى جي ــش نظام ــى‪ ،‬وم ــع انتش ــار اخلباي ــا والكه ــوف‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪81‬‬

‫ملف العدد‬

‫تصب ــح مهم ــة ق ــوات التحال ــف لوق ــف احل ــرب بنتائ ــج مرضي ــة ش ــبه‬ ‫مســـتحيلة‪ .‬ويف الوقـــت نفســـه ال تريـــد قـــوات التحالـــف العربـــي‬ ‫الن ــزول ل ــدرك ميليش ــيات احلوث ــي واملخل ــوع فالتحال ــف العرب ــي ‪،‬‬ ‫يتجن ــب متا ًم ــا اس ــتهداف املدني ــن عل ــى حس ــاب التعجي ــل يف حس ــم‬ ‫املعرك ــة‪ ،‬وإع ــادة إح ــكام س ــيطرة الش ــرعية عل ــى كام ــل األراض ــي‬ ‫اليمني ــة‪ ،‬حي ــث يس ــتخدم االنقابي ــون املدني ــن‪ ،‬واألطف ــال والنس ــاء‬ ‫دروعـــا بشـــرية لصـــد أي هجمـــات جويـــة أو بريـــة يف‬ ‫خصوصـــا‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫العاصمــة صنعــاء ومــا جاورهــا‪ .‬واليوجــد ضعــف بن َيــوي لــدى قــوات‬ ‫التحال ــف العرب ــي باإلضاف ــة إل ــى اإلمكان ــات املوضوع ــة بتص ُّرفِ ه ــا‬ ‫ـي مــن بــن األغنــى يف العالــم‪ .‬لكــن اإلشــكالية هــي حجــم‬ ‫والتــي هـ َ‬ ‫القـــ ّوات البريـــة املطلوبـــة لتحقيـــق هجـــوم بـــري ناجـــح ‪.‬فعنـــد‬ ‫الهج ــوم ال ميك ــن أن حتق ــق النص ــر إال إذا كان ــت نس ــبةِ قـ ـ ّوات‬ ‫املهاجم ــن ثاث ــة عل ــى األق ـ ِ ّـل مقا ِبـ ـ َل ِ ّ‬ ‫كل واح ــد‪ ،‬و ه ــذه النس ــبة‬ ‫ل ــم يتـ ـ ّم بلو ُغه ــا ‪ .‬كم ــا أن م ــع الرئي ــس الس ــابق عب ــد اهلل صال ــح‬ ‫قطاع ــات احل ــرس اجلمه ــوري كبي ــرة الع ــدد‪ ،‬وه ــي وح ــدةٌ نخبو ّي ــة‬ ‫يف اجلي ــش اليمن ـ ِ ّـي بقِ َي ــت عل ــى والئه ــا ل ــه‪.‬‬

‫الحسم ضرورة وليس خيار‬ ‫يف اآلون ــة األخي ــرة أصبح ــت وكاالت األنب ــاء الدولي ــة تتح ــدث‬ ‫ع ــن ح ــرب اليم ــن وكأنه ــا تق ــرأ خطاب ــات منس ــوخة م ــن منش ــورات‬ ‫منظمــات حقــوق اإلنســان‪ ،‬أو منظمــة الصحــة العاملية‪.‬ففــي الغــرب‬ ‫مـــزاج ظالـــم مييـــل إلـــى تصويـــر التحالـــف العربـــي كمـــا لـــو كان‬ ‫جيـــش الواليـــات املتحـــدة يف حـــرب فيتنـــام ‪،‬مصوريـــن املقاتـــل‬ ‫اخلليج ــي وه ــو يقص ــف اليم ــن ب ــا ه ــوادة‪ ،‬باس ــتخدام األس ــلحة‬ ‫املنتج ــة يف الوالي ــات املتح ــدة األمريكي ــة واململك ــة املتح ــدة ‪.‬حي ــث‬ ‫ي ــدل تق ــدم األس ــلحة ودق ــة أصابته ــا يف اإلع ــام الغرب ــي عل ــى‬ ‫ع ــدم كف ــاءة الصق ــر اخلليج ــي‪ ،‬أو أنه ــا ضرب ــات مقص ــودة حلص ــد‬ ‫ع ــدد كبي ــر م ــن القتل ــى املدني ــن يف اليم ــن يف اس ــتخفاف مس ــتهجن‬ ‫بــأرواح املدنين؛بــل وظهــر كأن التحالــف عــدمي الرحمــة يف قصفــه‬ ‫للمجتمعـــات املدنيـــة إلـــى حـــد اســـتخدام األســـلحة العنقوديـــة‬ ‫احملرم ــة دول ًي ــا‪ .‬كم ــا أصبح ــت املجاع ــة يف اليم ــن خمي ــرة للغض ــب‬ ‫يف الغــرب بعــد نفــاذ املخــزون الغذائــي عــن أكثــر مــن جتمــع بشــري‪،‬‬ ‫دون أن يع ــي املتاب ــع لألخب ــار أن خ ــط املس ــاعدات احلي ــوي ال ــذي‬ ‫مي ــر عب ــر مين ــاء احلدي ــدة وموان ــئ أخ ــرى ب ــات يُ َ‬ ‫قط ــع ويفت ــح م ــن‬ ‫قبــل احلوثيــن بنــاء علــى حاجتهــم اللوجســتية‪ .‬ووفــق األرقــام التــي‬ ‫نشــرتها منظمــة األمم املتحــدة ومنظمــات دوليــة أخــرى فــإن اليمــن‬ ‫ق ــد دخ ــل رس ــم ًيا يف محن ــة اجل ــوع ودوام ــة املجاع ــات‪ ،‬وأش ــارت‬ ‫التقديـــرات األمميـــة إلـــى أن نحـــو ســـبعة مايـــن مينـــي يعانـــون‬ ‫للحص ــول عل ــى الغ ــذاء‪ ،‬وأن ‪ 14‬مليو ًن ــا يش ــكون بش ــكل ع ــام م ــن‬ ‫انع ــدام األم ــن الغذائ ــي‪ ،‬وأن األم ــر يتفاق ــم ج ــراء اس ــتمرار احل ــرب‬

‫‪80‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫الحوث ّيـــون يلتقـــون مـــع اإلخـــوان المســـلمين يف دعـــم قطـــر‬ ‫ويلتف ــون حوله ــا يف المواق ــف السياس ــية ويقتتل ــون ع ــى األرض‬ ‫أغل ــب القي ــادات العس ــكرية الت ــي تقات ــل يف ص ــف التحال ــف س ــواء‬ ‫يف اجلنـــوب أو الشـــمال أو الوســـط هـــي مـــن حـــزب اإلصـــاح‬ ‫اإلخوان ــي الت ــي قطع ــت دول اخللي ــج العاق ــات م ــع قط ــر بس ــببهم‪.‬‬ ‫ويضيـــف أن غالبيـــة املقاتلـــن يف اليمـــن والقيـــادات العســـكرية‪،‬‬ ‫والق ــرار ق ــد يعي ــد لديه ــم التفكي ــر يف التحال ــف‪ ،‬وتعي ــد مات ــروج‬ ‫ل ــه الق ــوات الصاحلوثي ــة م ــن حتذي ــرات أن احل ــرب تس ــتهدفهم‪،‬‬ ‫وهــي مبثابــة "احلفــار" للوصــول إلــى جذورهــم الســتئصالهم‪ ،‬رغــم‬ ‫مده ــم جبه ــات القت ــال ب ــآالف م ــن الش ــباب للقت ــال م ــع التحال ــف‬ ‫القطـــري لإصـــاح ماد ًيـــا‬ ‫العربـــي‪ .‬فاإلشـــكال ّية هـــي التمويـــل‬ ‫ّ‬ ‫والدعــم اإلخوانــي للدوحــة سياس ـ ًيا دون أن ننســى أنّ اإلخــوان يف‬ ‫س ــاحات قت ــال اليم ــن قــ ّوة عس ــكر ّية مه ّم ــة وحضوره ــم اجلغ ــرا ّ‬ ‫يف‬ ‫واضـــح يف ك ّل القطاعـــات‪.‬‬ ‫ املفارقة احلوثية‬‫كانـــت مفارقـــة يف موقـــف احلوث ّيـــن حـــن أعلنـــت وســـائل‬ ‫إعامه ــم التعاط ــف م ــع دول ــة قط ــر‪ ،‬ج ــراء األزم ــة اخلليجي ــة‪ ،‬ويف‬ ‫ذل ــك يلتق ــون م ــع اإلخ ــوان املس ــلمن (ح ــزب اإلص ــاح) يف املواق ــف‬ ‫السياس ـ ّية رغ ــم قتله ــم لبع ــض يف س ــاحات القت ــال‪ .‬واخلط ــورة هن ــا‬ ‫أن احلوث ــة واالص ــاح رغ ــم تقربه ــم م ــن قط ــر يتفق ــون ً‬ ‫أيض ــا يف‬ ‫العـــداء الحـــد أطـــراف العمليـــات الفاعلـــن وهـــي الشـــقيقة دولـــة‬ ‫اإلم ــارات‪ ،‬ورمب ــا بوتي ــرة أش ــد م ــن عدائه ــم للخليجي ــن اآلخري ــن‪.‬‬ ‫ولتزاي ــد حاج ــة الدوح ــة جلواره ــا اإلقليم ــي عل ــى ضف ــة اخللي ــج‬ ‫األخـــرى بعـــد إغـــاق حدودهـــا الب ّر ّيـــة‪ .‬فقـــد يعتقـــد احلوثـــة أن‬ ‫إيـــران ســـتكون جســـ ًرا لكســـب ود قطـــر‪ .‬لكـــن ذلـــك يف تقديـــر‬ ‫املراق ــب اخلليج ــي مس ــتبعد ألس ــباب أن قط ــر ل ــم تع ــد موج ــودة‬ ‫عل ــى أرض القت ــال يف اليم ــن كم ــا أنه ــا ل ــن تف ــرط يف دم أش ــقائها‬ ‫اخلليجيـــن جـــراء أزمـــة خليجيـــة عابـــرة فتجافيهـــا مـــن اخلليـــج‬ ‫مؤق ــت أم ــا االلتف ــاف اإليران ــي يف جن ــوب اجلزي ــرة العربي ــة عب ــر‬ ‫احلوث ــة فأش ــد خطـ ـ ًرا ‪ ،‬ودميوم ــة‪.‬‬ ‫ الكسب اإليراني من طول أمد األزمة اخلليجية‬‫اســتفادت طهــران مــن هــذه الدعايــة املجانيــة للترويــج لقدراتهــا‬ ‫االســتخباراتية‪ ،‬ولكونهــا حامــي الشــيعة‪ ،‬ولقدرتهــا للتغلغــل يف عمــق‬ ‫العواص ــم العربي ــة‪ .‬ولي ــس اخلليجي ــة رمب ــا ألخذن ــا جرع ــة مض ــادة‬ ‫خ ــال الث ــورة اخلميني ــة ث ــم احل ــرب العراقي ــة اإليراني ــة‪ .‬وق ــد أت ــت‬ ‫طهــران الفرصــة اآلن علــى طبــق مــن ذهــب‪ ،‬حيــث أن هنــاك توقعــات‬

‫بــأن تقــوم إيــران بدعــم املوقــف القطــري رغبـ ًة منهــا يف إطالــة أمــد‬ ‫ـكل‬ ‫اخلــاف داخــل اجلبهــة اخلليجيــة مــا ســيمكنها مــن التوســع بشـ ٍ‬ ‫أكبــر داخــل املنطقــة وليــس فقــط عبــر احلوثــة يف اليمــن‪ ،‬باإلضافــة‬ ‫إلــى أنهــا ســتكون قريبــة مــن صنــع القــرار اخلليجــي وســتضع قد ًمــا‬ ‫له ــا داخ ــل املجل ــس‪ .‬ل ــذا زادت طه ــران م ــن وتي ــرة انخراطه ــا يف‬ ‫األزمــة اليمنيــة‪ ،‬رمبــا لتكمــل مــا بــدأت بــه مــن جهــود توســعية حــن‬ ‫توقي ــع اتف ــاق ب ــن احلوثي ــن وطه ــران لتوس ــيع وتطوي ــر احلدي ــدة‬ ‫ثان ــى أكب ــر موان ــئ اليم ــن‪ ،‬وفت ــح جس ــر ج ــوى م ــع إي ــران لتس ــيير‬ ‫‪ 14‬رحل ــة أس ــبوعية‪ ،‬لع ــودة التم ــدد اإليران ــي‪ .‬ولتأكي ــد ذل ــك أعل ــن‬ ‫رئي ــس األركان العام ــة للق ــوات املس ــلحة اإليراني ــة‪ ،‬الل ــواء محم ــد‬ ‫باقـــري‪ ،‬أن طهـــران قـــد تكـــون مهتمـــة بإنشـــاء قواعـــد بحريـــة يف‬ ‫ســوريا واليمــن‪ .‬وأضــاف‪ :‬امتــاك قواعــد بحريــة يف مناطــق بعيــدة‬ ‫ال يق ــل أهمي ــة ع ــن الطاق ــة النووي ــة‪ ،‬ب ــل ه ــو أكث ــر أهمي ــة عش ــر‬ ‫م ــرات‪ ،‬ويخل ــق ق ــوة ردع‪ .‬وأوض ــح رئي ــس األركان العام ــة أن إنش ــاء‬ ‫منصــات بحريــة قبالــة شــواطئ هذيــن البلديــن يتطلــب أوالً تدشــن‬ ‫بني ــة حتتي ــة هن ــاك‪.‬‬

‫األزمة الخليجية تدخل اليمن يف حال المراوحة‬ ‫أصبحـــت القضيـــة اليمنيـــة علـــى وشـــك الركـــود‪ ،‬والدخـــول‬ ‫فـــى دائـــرة احلـــرب املنســـية فـــى ظـــل التوتـــرات اإلقليميـــة‪،‬‬ ‫واملســـارات اخلليجيـــة الســـلبية احملتملـــة للتعامـــل مـــع األزمـــة‬ ‫اخلليجي ــة وه ــو م ــا ين ــذر بط ــول أم ــد ح ــرب اليم ــن‪ ،‬ويزي ــد م ــن‬ ‫تكلفـــة اإلعمـــار‪ ،‬وتفاقـــم األوضـــاع اإلنســـانية واالقتصاديـــة‪.‬‬ ‫وح ــن غاب ــت القضي ــة اليمني ــة يف ثناي ــا األزم ــة اخلليجي ــة قف ــز‬ ‫مـــن يريـــد إحياءهـــا بادعـــاء وجـــود ترتيبـــات لتســـوية سياســـية‬ ‫يف اليم ــن‪ ،‬ب ــل ودل ــل عل ــى ذل ــك مبؤش ــرات واهن ــة كنق ــل مكت ــب‬ ‫املبعـــوث األممـــي‪ ،‬إســـماعيل ولـــد الشـــيخ‪ ،‬مـــن نيويـــورك إلـــى‬ ‫العاصمـــة األردنيـــة‪ ،‬والســـعي لعقـــد جلســـة للبرملـــان اليمنـــي يف‬ ‫ع ــدن أو امل ــكا‪ .‬لك ــن الواق ــع يق ــول إن ه ــذه االدع ــاءات ماه ــي‬ ‫إال لســـد فـــراغ حالـــة املراوحـــة التـــي ميـــر بهـــا امللـــف اليمنـــي‬ ‫ولي ــس إنهاءه ــا‪ .‬فاليم ــن عل ــى ه ــذه احلال ــة مي ــر بحال ــة مراوح ــة‬ ‫بـــن التســـخن اللفظـــي واجلمـــود العملياتـــي‪ ،‬يف زمـــن األزمـــة‬ ‫اخلليجي ــة وس ــتخلق حتالف ــات داخلي ــة جدي ــدة يف اليم ــن‪ ،‬وثغ ــرة‬ ‫لتدخـــل إقليمـــي ودولـــي‪ ،‬فاجلميـــع لـــه أجنداتـــه املســـتقبلية يف‬ ‫زمـــن الفوضـــى‪ .‬فحالـــة املراوحـــة ليســـت يف صالـــح الشـــرعية‬ ‫اليمنيـــة وال يف صالـــح التحالـــف العربـــي كالتالـــي ‪:‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪79‬‬

‫ملف العدد‬

‫أزمة الخليج دخلت دينامية التصعيد والحســم الســريع ضرورة وليس خيا ًرا‬

‫حالة الركود تتطلب عاصفة جديدة لتايف‬ ‫تأثير الصراع عى التوازن اإلقليمي‬ ‫لـم يكـن جـز ًءا مـن أجندتهـا أو اسـتراتيجيتها‪ ،‬وال ضمـن خُ ططهـا املعـدة سـل ًفا‪ ،‬أن تقـوم‬ ‫دول اخلليـج بالتدخـل العسـكري يف اليمـن‪ .‬كمـا أن املسـارات اخلليجيـة احملتملـة للتعامـل‬ ‫مـع حـرب اليمـن يف ظـل األزمـة اخلليجيـة لم تكن محسـوبة ً‬ ‫أيضا‪ .‬صحيـح أن دول مجلس‬ ‫التعـاون كانـت وال تـزال الع ًبـا قو ًيـا يف املنطقـة‪ ،‬ورق ًما مه ًما يص ُعب جتاوزه‪ ،‬إال أن التدخل‬ ‫كان "مفاجـاة اسـتراتيجية" مبعاييـر عـدة بعـد سـيطرة احلوثيـن علـى العاصمـة اليمنيـة‬ ‫ً‬ ‫خلـا يف التـوازن االسـتراتيجي اإلقليمـي لـم يكـن باإلمـكان تعديلـه إال‬ ‫صنعـاء‪ ،‬ممـا أوجـد‬ ‫أن تقـوم املغيـرات اخلليجيـة يف فجـر ‪ 26‬مـارس ‪2015‬م‪ ،‬بـدك مواقـع مغتصبـي السـلطة‬ ‫مـن القـوات الصاحلوثيـة‪ ،‬إيذا ًنـا بانطـاق "عمليـة عاصفـة احلـزم" إلعـادة الشـرعية فـى‬ ‫رئيسـا لليمـن‪ ،‬وثانيها سـحق حركة أنصـار اهلل احلوثية‪،‬‬ ‫اليمـن بنـاء علـى ً ثاثـة دوافـع‪ :‬أولهـا عـودة عبـد ربـه منصـور هـادي‬ ‫ً‬ ‫ثالثهمـا احلـد مـن النفـوذ اإليرانـي يف البـاد‪ ،‬لكـون احلوثـة جسـر امتـداد للوجـود اإليرانـي يف اليمـن‪ ،‬حيـث حـول محـور‬ ‫الهـال الشـيعي‪ ،‬دمشـق وبيـروت وبغـداد إلـى طـوق حـول دول اخلليـج‪ .‬ويبـدو املشـهد اليمنـي معقـدًا مبـا فيـه الكفايـة جلعـل‬ ‫قـراءة مسـتقبل احلـرب أمـ ًرا صع ًبـا‪ ،‬لكـن ممـا ال شـك فيـه أن لهـذا الصراع تأثيـر على التوازن العسـكري يف منطقة اخلليج‪،‬‬ ‫مـع خطـر أن تتسـع دائـرة العنـف والصـراع يف املنطقـة خـارج اليمـن أو انطا ًقـا منهـا‪ .‬كمـا أن ممـا ال شـك فيـه أن األزمـة‬ ‫اخلليجيـة سـتترك أثرهـا علـى الوضـع العسـكري اخلليجـي اجلماعـي‪ ،‬وعلـى املشـهد يف اليمـن‪.‬‬

‫د‪ .‬ظافر محمد العجمي‬

‫تأثر التحالف العربي بالمتغيرات الخليجية‬ ‫فرضـــت األزمـــة اخلليجيـــة بـــن دولـــة قطـــر وأشـــقاء لهـــا‬ ‫يف مجلـــس التعـــاون ضـــرورة إعـــادة النظـــر بالبيئـــة األمنيـــة‬ ‫يف شـــموليتها وليـــس يف اخلـــاف نفســـه أو احلـــرب يف اليمـــن‪.‬‬ ‫ونس ــتبعد ح ــدوث ص ــدام عس ــكري يف األزم ــة اخلليجي ــة‪ ،‬م ــع أن‬ ‫البعـــض ربـــط ذلـــك االســـتبعاد بحـــدوث متغيـــرات علـــى األرض‬ ‫كتوق ــف احل ــرب يف اليم ــن؛إال أن ذل ــك ال ينف ــي أن ح ــرب اليم ــن‬ ‫قـــد فرضـــت تقييـــد خيـــار احلـــرب واألعمـــال العســـكرية‪ .‬وقـــد‬ ‫أدخلتن ــا دينامي ــة التصعي ــد ب ــن األش ــقاء اخلليجي ــن إل ــى ط ــرح‬ ‫فرضيـــات عـــدة يف شـــكل التأثيـــر وأطرافـــه يف حـــرب اليمـــن و‬ ‫التـــي تنحصـــر يف خـــروج دولـــة قطـــر مـــن اليمـــن والتـــي متلـــك‬ ‫ق ــدرة دبلوماس ــية هائل ــة عل ــى جم ــع النقائ ــض كجماع ــة اإلخ ــوان‬ ‫املســـلمن‪ ،‬واحلوثـــة‪ ،‬وإيـــران كالتالـــي ‪:‬‬

‫ جماعة اإلخوان املسلمني (حزب اإلصالح)‬‫روج صالـــح واحلوثـــة إلـــى أن احلملـــة العســـكرية اخلليجيـــة‬ ‫تســـتهدف اإلخـــوان يف املقـــام الثانـــي وتفتيـــت اليمـــن أوالً‪ .‬وقـــد‬ ‫تســـبب مـــا يجـــري يف اخلليـــج مـــن أزمـــة بـــن قطـــر مـــن جهـــة‬ ‫واململكــة العربيــة الســعودية واإلمــارات العربيــة املتحــدة والبحريــن‬ ‫ب ــردود أفع ــال تتف ــق ح ــول أن م ــا يج ــري س ــوف يزي ــد م ــن س ــخونة‬ ‫احلـــرب باليمـــن وتعقيـــد مســـاراتها وباألخـــص تأثيرهـــا علـــى‬ ‫جماعــة اإلخــوان (حــزب اإلصــاح) الــذي يتعــرض لهجــوم إقليمــي‬ ‫ش ــرس بقي ــادة اإلم ــارات املوج ــودة بق ــوة يف اليم ــن وتدعمه ــم قط ــر‬ ‫بش ــكل كبي ــر‪ ..‬ويذه ــب كات ــب صحف ــي ومحل ــل سياس ــي مين ــي إل ــى‬ ‫أن م ــن تأثي ــرات األزم ــة اخلليجي ــة وخ ــروج قط ــر م ــن التحال ــف‬ ‫أن ه ــذا الق ــرار يؤث ــر عل ــى ق ــوات التحال ــف العرب ــي املش ــاركة يف‬ ‫قتـــال احلوثيـــن وقـــوات الرئيـــس اليمنـــي الســـابق‪ ،‬ال ســـيما وأن‬

‫‪78‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫• إننــا يف اجلنــوب‪ ،‬ال نريــد إلخواننــا وجيراننــا يف الشــمال إال‬ ‫كل مــا نريــده ألبنــاء اجلنــوب مــن خيــر وتقــدم وســام ونهــوض علــى‬ ‫كل املســتويات‪.‬‬ ‫• إن أي كام أو حديــث عــن اســتمرار وحــدة بــن الشــمال‬ ‫واجلنــوب هــو مبثابــة مضيعــة للوقــت وعنــاد وأنانيــة ومكابــرة‪ ،‬ولــن‬ ‫يفضــي ذلــك إ ّال إلــى مزيــد مــن األحقــاد والكراهيــة واخلــراب‪ .‬كمــا‬ ‫أن فكــرة جتريــب فيدراليــة بــن الشــمال واجلنــوب ملــدة ‪ 4‬ســنوات‪،‬‬ ‫يتلوهــا تقريــر مصيــر ألبنــاء اجلنــوب‪ ،‬هــي مضيعــة كذلــك ألربــع‬ ‫ســنوات مــن العمــر وإهــدار إلمكانيــات وفــرص ال تعــوض‪.‬‬ ‫• نتمنــى علــى إخواننــا وجيراننــا يف الشــمال احتــرام إرادة‬ ‫شــعب اجلنــوب العربــي‪ .‬فاجلنــوب قــادر علــى إقامــة دولتــه املدنيــة‬ ‫اجلديــدة بتعــاون وتفهــم مــن اإلقليــم والعالــم‪ .‬الدولــة اجلنوبيــة التــي‬ ‫ســتفتح احلــدود والقلــوب مــع إخوانهــم وجيرانهــم يف الشــمال‪ .‬كمــا‬ ‫نأمــل مــن إخواننــا وجيراننــا يف الشــمال أن يتوصلــوا إلــى تســوية‬ ‫سياســية فيمــا بينهــم تكفــل الشــراكة لــكل األطــراف السياســية يف‬ ‫حكــم البــاد‪ ،‬وتعــوض هــذا الشــعب اليمنــي العظيــم عــن كل الكــوارث‬ ‫التــي ســببتها لــه نُخبــه السياســية والعســكرية والقبليــة املختلفــة يف‬ ‫العقــود األخيــرة املاضيــة‪.‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫علــى ضــوء كل ذلــك‪ ...‬فلنُقــدم علــى ســام العقــاء الشــجعان‪.‬‬ ‫ولنشــرع يف حــوار نــدي بــن وفــد جنوبــي مــن جانــب ووفــد مينــي‪/‬‬ ‫شــمالي مــن جانــب آخــر‪ ،‬حتــت رعايــة إقليميــة ودوليــة‪ ،‬داخــل مقــر‬ ‫مجلــس التعــاون لــدول اخلليــج العربيــة‪ .‬ويتــم يف هــذا احلــوار‪/‬‬ ‫التفــاوض‪ ،‬االتفــاق علــى كل اجلوانــب والنقــاط واألســس والضوابــط‬ ‫واملرجعيــات املؤ ّمنــة لقيــام الدولــة اجلنوبيــة اجلديــدة‪ ،‬ووضــع‬ ‫األســس املفضيــة إلقامــة عاقــات صحيــة ومؤ ّمنــة إلقامــة أفضــل‬ ‫العاقــات واملصالــح مــع الدولــة اليمنيــة‪.‬‬ ‫وحيــث أن اجلنــوب العربــي واليمــن همــا جــزء مــن نســيج‬ ‫اجلزيــرة العربيــة وال ميكــن لهمــا إال أن يكونــا كذلــك‪ ،‬فليتــم العمــل‬ ‫اجلــاد لضــم اجلنــوب العربــي واليمــن إلــى مجلــس التعــاون‪ ،‬ونضــع‬ ‫بذلــك‪ ،‬مــع إخواننــا يف مجلــس التعــاون لــدول اخلليــج العربيــة‪ ،‬أُســس‬ ‫ومداميــك حلــف اســتراتيجي لــدول اجلزيــرة العربيــة يؤ ّمــن حاضرها‬ ‫ومســتقبلها‪ ،‬ويُبعــد عنهــا التهديــدات واملخاطــر اإلقليميــة والدوليــة‪،‬‬ ‫وننطلــق م ًعــا يف حركــة عمــران وبنــاء ونهــوض شــامل‪ ،‬ونلحــق بركــب‬ ‫األمم املتقدمــة‪.‬‬ ‫* اﻷﻣني اﻟﻌﺎم ﻟﺤﺰب راﺑﻄﺔ اﻟﺠﻨﻮب اﻟﻌﺮيب اﻟﺤﺮ "اﻟﺮاﺑﻄﺔ"‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫هــو التأكيــد علــى هويــة "اجلنــوب العربــي"‪ ،‬هــذه الهويــة التــي متثــل‬ ‫جوهــر القضيــة اجلنوبيــة‪ ،‬والتــي ُز ّور التاريــخ وبذلــت الكثيــر مــن‬ ‫اجلهــود واحملــاوالت مــن أجــل طمســها ووأدهــا‪.‬‬ ‫بعـــد اســـتعراضنا جلـــذور القضيـــة اجلنوبيـــة واحملطـــات‬ ‫الرئيس ــية الت ــي م ــرت به ــا‪ ،‬جن ــد أنفس ــنا أم ــام الس ــؤال املصي ــري‪،‬‬ ‫ســـؤال احلاضـــر واملســـتقبل‪:‬‬ ‫اجلنوب العربي واليمن إلى أين ‪..‬؟‬ ‫ال شــك أن انقــاب صالح‪/‬احلوثــي علــى الشــرعية قــد أفضى إلى‬ ‫مزيــد مــن متزيــق وحــدة اليمــن وإلــى ذوبــان الدولــة اليمنيــة وتشــظي‬ ‫أركانهــا وحتويلهــا إلــى دولــة فاشــلة‪ ،‬وذلــك لنشــر النَ َفــس الطائفــي‬ ‫مــن قبــل احلوثــة – أنصــار اهلل – ولعجزهــا عــن القيــام بوظائفهــا‬ ‫الطبيعيــة‪ .‬وهــو األمــر الــذي أدى إلى الفوضى وســيادة املليشــيات على‬ ‫بقيــة مؤسســات الدولــة‪ .‬والعجــز عــن توفيــر األمــن واألمــان للمواطــن‬ ‫وكــذا العجــز عــن توفيــر الغــذاء والــدواء ألغلبيــة الشــعب‪ ،‬وحتولــت‬ ‫اليمــن إلــى كارثــة ومأســاة إنســانية‪ ،‬تســعى األمم املتحــدة واملنظمــات‬ ‫اإلنســانية املختلفــة لوضــع حــل وحــد لهــذه الكارثــة‪ .‬ويف اجلنــوب كمــا‬ ‫رأينــا‪ ،‬حقــق أبنــاء اجلنــوب‪ ،‬وعلــى رأســهم املقاومــة الوطنيــة اجلنوبيــة‪،‬‬ ‫وبفضــل العــون واإلســناد مــن اململكــة العربيــة الســعودية واإلمــارات‬ ‫جناحــا باه ـ ًرا يف وجــه قــوات‬ ‫العربيــة املتحــدة وبقيــة دول التحالــف‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ورفضــا قاط ًعــا للوجــه الطائفــي الكريــه‬ ‫صالــح وميليشــيات احلوثــي‬ ‫الــذي متثلــه احلركــة احلوثيــة بشــكل خــاص‪.‬‬ ‫واحلــل العملــي واملثالــي لوضــع حــد للكارثــة الراهنــة يف اليمــن‬ ‫ونــزع فتيــل احلــرب ووبــاء الطائفيــة فيكمــن يف ضــرورة االتفــاق بــن‬ ‫األطــراف الرئيســية يف اليمن‪/‬الشــمال علــى قيــام دولــة مدنيــة ُمهابــة‬ ‫حتتــرم اإلنســان وحقــوق اإلنســان وخياراتــه العقديــة والسياســية‪،‬‬ ‫بعيـدًا عــن التعصــب الطائفــي و"العقليــة الســبئية"‪ .‬وهــو األمــر الــذي‬ ‫ظــل الشــعب اليمنــي العظيــم يناضــل مــن أجلــه ويتــوق إليــه طــوال‬ ‫العقــود الســتة األخيــرة بصفــة خاصــة‪.‬‬ ‫وميكــن بهــذا اخلصــوص‪ ،‬االســتفادة مــن بعــض البحــوث‬ ‫والدراســات والنقاشــات التــي دارت يف مؤمتــر احلــوار الوطنــي يف‬ ‫وخصوصــا حــول بنــاء الدولــة وأمنــاط احلكــم املختلفــة‪.‬‬ ‫صنعــاء‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وقبــل هــذا وذاك‪ ،‬ينبغــي أن يســتقر يف أذهــان جميــع األطــراف‬ ‫املتنفــذة‪ ،‬واملتشــنجة عقائد ًيــا‪ ،‬أن جتربــة العقــود املاضيــة بشــكل‬ ‫عــام‪ ،‬وكارثــة احلــرب الدائــرة اآلن بشــكل خــاص‪ ،‬قــد أكــدت علــى‬ ‫أن اليمــن ال ميكــن أن يكــون حلــزب أو لطائفــة أو لقبيلــة أو لفــرد أو‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪77‬‬

‫ملف العدد‬

‫ملنطقــة‪ ،‬وال ميكــن أن يكــون‪ ،‬بــل ال يجــب أن يكــون‪ ،‬إال لــكل اليمنيــن‬ ‫مــن مختلــف توجهاتهــم ومشــاربهم السياســية والدينيــة واالجتماعيــة‬ ‫واالقتصاديــة والثقافيــة‪.‬‬ ‫أمــا يف اجلنــوب‪ ،‬فقــد حســمت األغلبيــة أمرهــا وحــددت خيارهــا‬ ‫ومت اإلعــان عــن ذلــك يف بيــان عــدن التاريخــي بوضــوح‪ ،‬وهــو "قيــام‬ ‫دولــة اجلنــوب العربــي وعاصمتهــا عــدن"‪.‬‬ ‫وقــد وضعــت قــوى احلــراك اجلنوبــي تصوراتهــا واجتهاداتهــا‬ ‫حــول شــكل ومضمــون الدولــة اجلنوبيــة القادمــة‪ .‬ولكــن‪ ،‬لرمبــا أن‬ ‫حــزب رابطــة اجلنــوب العربــي احلــر "الرابطــة" هــو األكثــر تفصي ـ ً‬ ‫ا‬ ‫وتعم ًقــا يف هــذا اجلانــب‪ .‬فقــد نشــر مشــروع مفصــل الســتقال‬ ‫اجلنــوب العربــي منــذ حوالــي أربــع ســنوات (لاطــاع علــى املشــروع‬ ‫أضغــط هنــا) حــدد فيــه مامــح الدولــة اجلنوبيــة القادمــة واقتــرح‬ ‫احلــزب أن تتكــون دولــة اجلنــوب مــن إقليــم شــرقي وإقليــم غربــي‪.‬‬ ‫كل إقليــم يتكــون مــن ‪ 3‬واليــات أو محافظــات‪ .‬أمــا نظــام احلكــم‬ ‫فقــد تُــرك للشــعب يف اجلنــوب أن يختــار إمــا النظــام الرئاســي‬ ‫أو النظــام البرملانــي‪ .‬ويف اجلانــب االقتصــادي فقــد حــدد األخــذ‬ ‫بالنظــام الرأســمالي احلــر‪ ،‬ولكــن احملقــق للعدالــة االجتماعيــة‪،‬‬ ‫َوحــش" الرأســمالية‪ .‬وأكــد علــى ضــرورة متكــن املــرأة‬ ‫املُخفِ ــف مــن "ت ُ‬ ‫تأه ـ ً‬ ‫وفرصــا‪ ،‬وتأهيــل الشــباب مــن اجلنســن وفــق برامــج تنميــة‬ ‫ا‬ ‫ً‬ ‫املهــارات يف املجــاالت املختلفــة والدفــع بهــم إلــى الصفــوف األولــى‬ ‫يف القيــادات املختلفــة‪ .‬أمــا العاقــة مــع اليمــن‪ ،‬فقــد أكــد احلــزب‬ ‫أنهــا لــن تكــون إال عاقــات األخــوة واجليــرة واملصاهــرة واملصالــح‬ ‫املشــتركة واحلــدود املفتوحــة واخليــر الــذي يعــم كل األرجــاء‪.‬‬ ‫وهكــذا يتضــح مــن كل مــا ســبق‪ ،‬أن الــكل‪ ،‬يف اجلنــوب والشــمال‪،‬‬ ‫يقــف اليــوم أمــام مفتــرق طــرق مصيــري بالفعــل‪.‬‬ ‫كل‬ ‫ويف عالــم اليــوم‪ ،‬علــى أبنــاء اجلنــوب والشــمال أن يدركــوا أن ٍ‬ ‫منشــغل بنفســه ومشــاكله‪ .‬ومالــم يتعامــل أبنــاء اجلنــوب والشــمال‪،‬‬ ‫وبدعــم وتشــجيع مــن اإلقليــم‪ ،‬وبشــكل خــاص من قبل اململكــة العربية‬ ‫الســعودية ودولــة اإلمــارات العربيــة املتحــدة‪ ،‬والعالــم‪ ،‬معاملــة الرجال‬ ‫الكبــار فيمــا بينهــم‪ ،‬وبحــس املســؤولية الوطنيــة واإلنســانية‪ ،‬بــل‬ ‫والدينيــة‪ ،‬واالبتعــاد عــن املكابــرة واملكايــدات واحلســابات الصغيــرة‪،‬‬ ‫ويتــم االتفــاق علــى كلمــة ســواء‪ ،‬تؤ ّمــن مصالــح كل األطــراف‪ ،‬فهــم‬ ‫يرتكبــون جرميــة كبــرى بحــق هــذا اجليــل واألجيــال القادمــة‪.‬‬ ‫كفى‪."enough is enough" .‬‬ ‫العالــم يســير‪ ،‬بــل يهــرول‪ ،‬ولــن ينتظــر ملــن ال يُــدرك ويقــدر‬ ‫َــس الوطنــي‪ ،‬بــل اإلنســاني‪ ،‬أقــول صاد ًقــا‪:‬‬ ‫مصاحلــه‪ .‬وبهــذا النَف ْ‬

‫تجربــة الماضــي وكارثــة الحــرب الدائــرة تؤكــد أن اليمــن ال يمكــن‬ ‫أن يك ــون لح ــزب أو لطائف ــة أو لقبيل ــة أو لف ــرد ب ــل ل ــكل اليمنيي ــن‬

‫‪76‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫جاءت عاصفة الحزم يف لحظة تاريخية أجهضت المخططات العدوانية‬ ‫واختلط فيها دماء شهداء المقاومة وإخوانهم من التحالف ودحر إيران‬ ‫‪ .7‬توالــت يف مــدن اجلنــوب ومناطقــه املختلفــة فعاليــات الرفــض‬ ‫الســلمي لهــذا العســف وا َ‬ ‫جلــور مــن قِ بــل نظــام صنعــاء وأجهزتــه‬ ‫َ‬ ‫املختلفــة جتــاه اجلنــوب وأبنــاء اجلنــوب‪ ،‬حتــى تــوج شــعب اجلنــوب‬ ‫العربــي‪ ،‬يف ‪ 7‬يوليــو ‪2007‬م‪ ،‬نضالــه الســلمي بإعــان احلــراك‬ ‫الســلمي اجلنوبــي مــن عاصمتــه عــدن‪ ،‬مناد ًيــا بتحريــر واســتقال‬ ‫اجلنــوب‪ ،‬ونبــذ العنــف واإلرهــاب‪ ،‬عبــر املســيرات الســلمية‬ ‫والعصيــان املدنــي الســلمي‪ ،‬وتأكيــده علــى احلــوار النــدي بــن‬ ‫ممثلــي شــعب اجلنــوب العربــي وممثلــي نظــام صنعــاء مــن أجــل إنهــاء‬ ‫االحتــال ونيــل االســتقال وبنــاء دولــة وطنيــة جنوبيــة فيدراليــة علــى‬ ‫كامــل األرض اجلنوبيــة ‪ .‬وكالعــادة‪ ،‬جتاهــل نظــام صنعــاء كل مــا‬ ‫مثلــه احلــراك الشــعبي الســلمي اجلنوبــي مــن مطالــب مشــروعه‪،‬‬ ‫وواجــه هــذه احلركــة الســلمية اجلنوبيــة بالقتــل والقمــع واالعتقــال‬ ‫واملطــاردة واإلخفــاء القســري‪.‬‬ ‫‪ .8‬مت التح ــرك السياس ــي‪ ،‬م ــن قب ــل الق ــوى اجلنوبي ــة‪ ،‬عل ــى‬ ‫الصعيديـــن اإلقليمـــي والدولـــي إليصـــال القضيـــة اجلنوبيـــة‬ ‫وإظهــار حقيقتهــا وعدالتهــا‪ .‬ومت لقــاء يف الريــاض يف ‪ 18‬ديســمبر‬ ‫‪2012‬م‪ ،‬بدع ــوة م ــن األم ــن الع ــام ملجل ــس التع ــاون ل ــدول اخللي ــج‬ ‫العربي ــة‪ ،‬الدكت ــور عب ــد اللطي ــف الزيان ــي‪ ،‬حض ــره أكث ــر م ــن ‪60‬‬ ‫مـــن الشـــخصيات اجلنوبيـــة مـــن مختلـــف األطـــراف‪ ،‬وكان أهـــم‬ ‫م ــا يف اللق ــاء أن اتف ــق اجلمي ــع عل ــى مذك ــرة مش ــتركة تؤك ــد عل ــى‬ ‫هـــدف واحـــد هـــو "التحريـــر واالســـتقال وإقامـــة دولـــة جنوبيـــة‬ ‫فيدراليـــة وفـــق املعاييـــر الدوليـــة"‪ .‬واُعتبـــر ذلـــك إجنـــاز غيـــر‬ ‫مس ــبوق عل ــى الصعي ــد اجلنوب ــي‪ .‬كم ــا طالب ــت املذك ــرة األش ــقاء‬ ‫يف مجل ــس التع ــاون مبب ــادرة خاص ــة حل ــل القضي ــة اجلنوبي ــة‪ .‬ويف‬ ‫‪ 9‬م ــارس ‪2013‬م‪ ،‬مت لق ــاء رس ــمي يف دب ــي لع ــدد م ــن األط ــراف‬ ‫اجلنوبيـــة مـــع الســـيد جمـــال بـــن عمـــر‪ ،‬مبعـــوث األمـــن العـــام‬ ‫ل ــألمم املتح ــدة إل ــى اليم ــن‪ ،‬ومت التأكي ــد عل ــى م ــا مت طرح ــه يف‬ ‫الريـــاض‪ ،‬وأهميـــة رعايـــة خليجية‪/‬دوليـــة للقـــاء جنوبـــي جامـــع‪.‬‬ ‫وصــدر بيــان مشــترك عــن ذلــك اللقــاء أكــد علــى أن مبــدأ احلــوار‬ ‫ه ــو الس ــبيل حل ــل القضي ــة اجلنوبي ــة‪ ..‬وعل ــى لق ــاء جنوب ــي جام ــع‬ ‫يت ــم برعاي ــة خليجي ــة دولي ــة‪.‬‬ ‫‪ .9‬بــذل نظــام صنعــاء وبعــض األحــزاب السياســية اليمنيــة‬ ‫جهــو ًدا كبيــرة يف محاولــة تفتيــت قــوى الثــورة اجلنوبيــة باستنســاخها‬ ‫تــارة بالقمــع وتــارة باإلغــراء‪ .‬ولكــن كل تلــك األســاليب لــم متكنهــا‬ ‫ُوجــت بإعــان جبهــوي‬ ‫مــن إيقــاف مســيرة الثــورة اجلنوبيــة‪ ،‬التــي ت ّ‬ ‫عريــض ملعظــم القــوى السياســية واجلماهيريــة واحلراكيــة اجلنوبيــة‬

‫يف ‪ 25‬ينايــر ‪2015‬م‪ ،‬حتــت إطــار "الهيــأة الوطنيــة اجلنوبيــة املؤقتــة‬ ‫للتحريــر واالســتقال"‪ ،‬وذلــك علــى طريــق عقــد "املؤمتــر اجلنوبــي‬ ‫اجلامــع"‪ ،‬الــذي أجــل انعقــاده الغــزو احلوثي‪/‬العفاشــي للجنــوب‬ ‫يف ‪ 26‬مــارس ‪2015‬م‪ .‬وهكــذا‪ ،‬لــم يعــد مطلــب اســتقال اجلنــوب‬ ‫العربــي وحــق تقريــر املصيــر واحلفــاظ علــى هويــة اجلنــوب العربــي‬ ‫املســتقلة مجــرد شــعار ترفعــه القــوى السياســية احلراكيــة اجلنوبيــة‪،‬‬ ‫بــل إرادة شــعبية أكدتهــا املســيرات املليونيــة يف مختلــف مناطــق‬ ‫اجلنــوب‪ ،‬وأكدتهــا املقاومــة الوطنيــة اجلنوبيــة العظيمــة يف وجــه‬ ‫الغــزو احلوثي‪/‬العفاشــي‪ ،‬التــي أدت إلــى دحــره وهزميتــه (وخلفــه‬ ‫املــد اإليرانــي) يف اجلنــوب‪.‬‬ ‫‪ .10‬جــاء حتالــف قــوات الرئيــس الســابق علــي عبــد اهلل صالــح‬ ‫مــع مليشــيات احلوثــي –أنصــار اهلل– وغزوهــم للجنــوب للمــرة‬ ‫الثانيــة (بعــد حــرب صيــف ‪1994‬م) يف ‪ 26‬مــارس ‪2015‬م‪ ،‬بهــدف‬ ‫تكريــس فــرض الوحــدة بالقــوة‪ .‬وهــو غــزو وحــرب عدوانيــة تُشــن‬ ‫بتأييــد ودعــم عســكري ومــادي مــن إيــران‪ .‬وقــد عــاث احلوثــة وقــوات‬ ‫صالــح يف مــدن وقــرى اجلنــوب قتـ ً‬ ‫ا وتدميـ ًرا‪ .‬وأصبحــت كثيــر مــن‬ ‫مــدن اجلنــوب مد ًنــا منكوبــة وحــل بهــا دمــار غيــر مســبوق‪ .‬كل ذلــك‬ ‫كان بهــدف كســر إرادة شــعب اجلنــوب العربــي وثنيــه عــن املطالبــة‬ ‫والنضــال لنيــل حقــه يف احليــاة احلــرة واســتقال أرضه وبنــاء دولته‪.‬‬ ‫وجاءت "عاصفة احلزم" ‪...‬‬ ‫جــاءت عاصمــة احلــزم يف منتصــف ليلــة ‪ 26‬مــارس ‪2015‬م‪.‬‬ ‫يف حلظــة تاريخيــة نــادرة‪ ،‬وخلطــت كل األوراق وأجهضــت كثيــر مــن‬ ‫األحــام واملخططــات العدوانيــة‪ .‬واختلطــت دمــاء شــهداء املقاومــة‬ ‫الوطنيــة اجلنوبيــة مــع دمــاء إخوانهــم مــن اململكــة العربيــة الســعودية‬ ‫واإلمــارات العربيــة املتحــدة وبقيــة دول التحالــف‪ ،‬ومت حتريــر‬ ‫مختلــف محافظــات اجلنــوب تقري ًبــا بعــد بضعــة أشــهر مــن الغــزو‪.‬‬ ‫ومت دحــر النفــوذ اإليرانــي مــن كل اجلنــوب العربــي‪.‬‬ ‫‪ .11‬يف ‪ 4‬مايو ‪2017‬م‪ ،‬اجتمع الشــمل اجلنوبي يف عدن وصدر‬ ‫"إعــان عــدن التاريخــي"‪ .‬ويف ‪ 11‬مايــو مت اإلعــان عــن "املجلــس‬ ‫االنتقالــي اجلنوبــي"‪ ،‬برئاســة قائــد املقاومــة الوطنيــة اجلنوبيــة‪،‬‬ ‫اللــواء عيــدروس الزبيــدي‪ .‬ويف خطابــه يف ســاحة العــروض يف عــدن‬ ‫‪ 4‬مايــو ‪2017‬م‪ ،‬أعلــن الزبيــدي بــأن الهــدف هــو "قيــام دولــة اجلنــوب‬ ‫العربــي وعاصمتهــا عــدن" وهكــذا جــاء املجلــس االنتقالــي اجلنوبــي‬ ‫كتتويــج لنضــال تراكمــي لشــعب اجلنــوب العربــي‪ ،‬وليــس كعمــل‬ ‫خــاص بهــذا القائــد أو ذاك الفصيــل اجلنوبــي‪ .‬ولرمبــا يكــون أهــم‬ ‫مرتكــز إلعــان عــدن التاريخــي‪ ،‬ثــم للمجلــس االنتقالــي اجلنوبــي‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫وهــو مــاال نرضــاه ولــن نقبلــه"‪ .‬هــذه هــي العقليــة "الســبئية" التــي‬ ‫دمــرت الوحــدة ونفـ ّرت اجلنوبيــن منهــا منــذ اليــوم األول‪ .‬ولألســف‬ ‫أن هــذه النظــرة هــي الســائدة حتــى اآلن عنــد كثيــر مــن اإلخــوان يف‬ ‫الشــمال‪/‬اليمن‪.‬‬ ‫‪ .5‬كشــفت اخلافــات السياســية اجلوهريــة بــن أطــراف الســلطة‬ ‫يف صنعــاء منــذ اليــوم األول للوحــدة حقيقــة التناقضــات بــن الشــعبن‬ ‫والبلديــن‪ .‬وتصاعــدت حــدة اخلافــات‪ .‬ومبجــرد التوقيــع علــى "وثيقــة‬ ‫العهــد واالتفــاق" بــاألردن‪ ،‬يف ‪ 13‬ينايــر ‪1994‬م‪ ،‬جلــأ الرئيــس الســابق‬ ‫علــي عبــد اهلل صالــح وحلفــاؤه إلــى االحتــكام إلــى القــوة‪ ،‬حلســم‬ ‫اخلــاف السياســي لصاحلهــم‪ .‬ويف ‪ 27‬إبريــل ‪1994‬م‪ ،‬أعلــن صالــح‪،‬‬ ‫يف خطــاب سياســي شــهير‪ ،‬يف ميــدان يف وســط العاصمــة صنعــاء‪،‬‬ ‫قائـ ً‬ ‫ا "‪ ...‬ليــس هنــاك مــن ســبيل ســوى الوحــدة أو املــوت"‪ .‬وعلــى إثــر‬ ‫ذلــك مت تدميــر األلويــة العســكرية اجلنوبيــة املتموضعــه يف محافظــات‬ ‫الشــمال‪/‬اليمن‪ .‬ونشــبت احلــرب الشــاملة يف ‪ 4‬مايــو ‪1994‬م‪ ،‬وهــي‬ ‫احلــرب التــي شــنتها القيــادة يف صنعــاء علــى كامــل األرض اجلنوبيــة‪.‬‬ ‫وصــدرت الفتــاوى الدينيــة مــن صنعــاء تبيــح "قتــل املدنيــن‪ ،‬مبــا يف‬ ‫ذلــك النســاء والشــيوخ واألطفــال"‪ .‬وبثتهــا مختلــف وســائل اإلعــام يف‬ ‫صنعــاء‪ .‬ويف ‪ 7‬يوليــو ‪1994‬م‪ ،‬مت االجتيــاح الكامــل للجنــوب‪ ،‬وصاحــب‬ ‫ذلــك عمليــات نهــب وســلب ُمعيبــة و ُمخزيــة و ُمدمــرة ملفهــوم الوحــدة‬ ‫واألخــوة‪ .‬وهكــذا‪ ،‬باحلــرب انهــارت الوحــدة وحتــول اجلنــوب إلــى‬ ‫أرض محتلــة‪ .‬بــل حتــول األمــر إلــى "اســتعمار"‪ ،‬باعتــراف علنــي عبــر‬ ‫التلفزيــون مــن أهــم رمــوز النظــام الســابق‪.‬‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪75‬‬

‫ملف العدد‬

‫‪ .6‬وبالرغــم مــن تعهــدات نظــام صنعــاء لــألمم املتحــدة ولــدول‬ ‫مجلــس التعــاون اخلليجــي‪ ،‬إال أنــه لــم يــف بتعهداتــه‪ ،‬وفــرض‬ ‫الســيطرة علــى كل اجلنــوب بالقــوة املســلحة‪ ،‬وحــول األمــر إلــى‬ ‫اســتعمار واحتــال‪ ،‬حيــث قــام بـــ‪:‬‬ ‫أ‪ .‬طــرد وإحالــة للتقاعــد غيــر القانونــي لعشــرات اآلالف مــن‬ ‫اجلنوبيــن املنخرطــن يف اخلدمــة املدنيــة والعســكرية‪.‬‬ ‫ب‪ .‬التصــرف يف عقــارات وأمــاك الدولــة يف اجلنــوب ومنحهــا‬ ‫للمتنفذيــن يف نظــام صنعــاء‪ ،‬وصــرف مــزارع الدولــة يف اجلنــوب‬ ‫ملســؤولن ومتنفذيــن وتســريح العاملــن فيهــا‪.‬‬ ‫ج‪ .‬منــح النافذيــن واملقربــن مــن النظــام احلاكــم يف صنعــاء امتيــازات‬ ‫وقطاعــات واســعة يف مناطــق االستكشــافات النفطيــة يف اجلنــوب‪.‬‬ ‫د‪ .‬القمــع باحلكــم العســكري املباشــر واســتمرار عمليــات النهــب والســلب‪.‬‬ ‫هــ‪ .‬تقســيم اجلنــوب إلــى مناطــق عســكرية يحكمهــا قائــد عســكري‪،‬‬ ‫ونشــر ‪ 54‬لــواء مــن مختلــف التشــكيات البريــة والبحريــة واجلويــة‪،‬‬ ‫باإلضافــة إلــى معســكرات األمــن املركــزي التــي متوضعــت يف كل‬ ‫محافظــات ومــدن اجلنــوب‪ ،‬وجميعهــم مــن الشــمال‪/‬اليمن‪ ،‬ممــا‬ ‫أخضــع اجلنــوب إلــى احتــال عســكري فعلــي‪.‬‬ ‫و‪ .‬فــرض إتــاوات علــى الشــركات العاملــة يف القطــاع النفطــي يف‬ ‫اجلنــوب يتحصــل عليهــا القــادة العســكريون اليمنيــون مــن مراكــز‬ ‫القــوى يف صنعــاء حتــت مســمى "احلمايــة"‪ ،‬وتُخصــم هــذه اإلتــاوات‬ ‫مــن نصيــب الدولــة يف شــراكتها مــع شــركات التنقيــب‪.‬‬ ‫ز‪ .‬التمييز يف املعاملة وغياب املواطنة املتساوية‪.‬‬

‫‪74‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫لنشــرع فــي حــوار نــدي بمقــر مجلــس التعــاون لالتفــاق علــى املســتقبل‬

‫القضيــة الجنوبيــة‪ :‬جذورهــا و مضمونهــا ‪..‬‬ ‫اليمــن إىل أيــن؟‬ ‫الــكل ُمجمــع علــى أن حــل القضيــة اجلنوبيــة حـ ً‬ ‫ا عــادالً هــو أحــد املفاتيــح الرئيســية حلــل‬ ‫الصــراع واحلــرب يف اليمــن‪ ،‬ولهــذا‪ ،‬مــن املهــم فهــم طبيعــة وأبعــاد هــذه القضيــة‪ .‬وميكــن‬ ‫تلخيــص القضيــة اجلنوبيــة يف احملــاور واحملطــات التاليــة‪:‬‬

‫محسن محمد أبو بكر بن فريد‬

‫‪ .1‬حتــى أوائــل خمســينيات القــرن املاضــي‪ ،‬كان اجلنوب مقسـ ًما‬ ‫إلــى ‪ 23‬ســلطنة وإمــارة ومشــيخة وعــدن ‪ .‬ويف ‪ 29‬إبريــل ‪1951‬م‪،‬‬ ‫مت تكويــن حــزب رابطــة أبنــاء اجلنــوب بعــدن‪ ،‬كأول حــزب سياســي‬ ‫باجلنــوب‪ ،‬بــل رمبــا يف اجلزيــرة العربيــة‪ .‬وكان هــدف حــزب الرابطــة‬ ‫إلــى حتريــر اجلنــوب مــن االســتعمار البريطانــي‪ ،‬وتوحيــد كل تلــك‬ ‫الكيانــات يف دولــة جنوبيــة واحــدة‪ ،‬هــي دولــة اجلنــوب العربــي‪ .‬وكان‬ ‫بذلــك رائــدًا لفكــرة "اجلنــوب العربــي" ومؤصــ ً‬ ‫ا للهويــة اجلنوبيــة‬ ‫العربيــة‪ .‬وحقــق شــعب اجلنــوب العربــي إرادتــه الوطنيــة يف ‪30‬‬ ‫نوفمبــر ‪1967‬م‪ ،‬بالتحــرر مــن االســتعمار البريطانــي‪ ،‬وأقــام دولتــه‬ ‫علــى ترابــه الوطنــي‪ .‬وأشــارت املــادة األولــى مــن "وثيقــة االســتقال"‬ ‫إلــى أن ينــال اجلنــوب العربــي االســتقال يف ‪ 30‬نوفمبــر ‪1967‬م‪،‬‬ ‫وأشــارت املــادة الثانيــة مــن الوثيقــة إلــى أن تُقــام يف يــوم االســتقال‬ ‫دولــة مســتقلة ذات ســيادة تُعــرف باســم "جمهوريــة اليمــن اجلنوبيــة‬ ‫الشــعبية" بـــ"إرادة مــن قبــل اجلبهــة القوميــة"‪( .‬اجلبهــة القوميــة هــي‬ ‫الفصيــل الوطنــي اجلنوبــي الــذي "انفــرد" بالســلطة صبيحــة يــوم‬ ‫االســتقال‪ ،‬وأبعــد وحــارب بقيــة القــوى الوطنيــة)‪ .‬وبهــذا مت ألول‬ ‫مــرة ربــط اجلنــوب العربــي بـ"اليمــن"‪.‬‬ ‫‪ .2‬أمــا "اليمــن"‪ ،‬ككيــان سياســي‪ ،‬فــكان حتــت احلكــم العثمانــي‬ ‫حتــى نهايــة احلــرب العامليــة األولــى‪ .‬ويف عام ‪1918‬م‪ ،‬وبعد انســحاب‬ ‫تركيــا مــن اليمــن‪ ،‬مت إطــاق اســم "اململكــة املتوكليــة اليمنيــة" علــى‬ ‫مــا ُعــرف فيمــا بعــد بـ"اجلمهوريــة العربيــة اليمنيــة" ولــم يكــن‬ ‫اجلنــوب العربــي جــز ًءا مــن تلــك الدولــة "املتوكليــة"‪ ،‬بــل كان مكو ًنــا‬ ‫مــن ‪ 23‬ســلطنة وإمــارة ومشــيخة وعــدن‪ .‬وســعت القيــادات الوطنيــة‬ ‫املســتنيرة يف اجلنــوب إلــى جمــع شــتات هــذه املكونــات اجلنوبيــة يف‬

‫كيــان سياســي واحــد‪ ،‬وهويــة جنوبيــة عربيــة واحــدة‪ .‬وهنــا كان الــدور‬ ‫الريــادي حلــزب الرابطــة يف هــذا املجــال‪ ،‬والــذي دفــع ثمنــه نف ًيــا‬ ‫وتشــريدًا وتشــوي ًها ومعانــاة حتــى اليــوم‪.‬‬ ‫‪ .3‬شــهد العالــم متغيــرات جذريــة يف أواخــر ثمانينيــات وأوائــل‬ ‫تســعينيات القــرن العشــرين‪ ،‬وانهيــار ُكتــل ومنظومــات حكــم كاملــة‬ ‫(مــن أبرزهــا ســقوط االحتــاد الســوفييتي) وأدى ذلــك إلــى تســارع‬ ‫واندفــاع ك ً‬ ‫ا مــن جمهوريــة اليمــن الدميقراطية الشــعبية واجلمهورية‬ ‫العربيــة اليمنيــة إلــى إبــرام اتفــاق عــدن يف ‪ 30‬نوفمبر ‪1989‬م‪ ،‬بشــأن‬ ‫إمتــام الوحــدة يف ‪ 30‬نوفمبــر ‪1990‬م‪ .‬تبــع ذلــك الهرولــة إلعــان‬ ‫اتفــاق علــى وحــدة (اتفــاق غيــر مــدروس‪ ،‬ويف أقــل مــن صفحتــن‪،‬‬ ‫وبــدون أي ضوابــط) وأن تقــوم يف ‪ 22‬مايــو ‪1990‬م‪ .‬ومت كل ذلــك‬ ‫دون الرجــوع إلــى الشــعبن يف كل مــن الدولتــن‪.‬‬ ‫‪ .4‬كان املنطلــق إلعــان الدولــة الواحــدة‪ ،‬علــى أنقــاض‬ ‫الدولتــن‪ ،‬هــو حتقيــق مصلحــة كا الشــعبن يف اجلمهوريتــن‪.‬‬ ‫كان هــذا هــو مفهــوم الطــرف اجلنوبــي‪ .‬ولكــن اتضــح أن الطــرف‬ ‫الشــمالي –القبلــي العســكري– كان لــه مفهــوم آخــر‪ .‬فقــد اعتبــر‬ ‫أنــه بهــذا االتفــاق‪ ،‬قــد مت عــودة الفــرع لألصــل‪ ،‬كمــا عبــر عــن ذلــك‬ ‫أحــد رمــوز صنعــاء‪ ،‬املرحــوم الشــيخ عبــد اهلل بــن حســن األحمــر‪،‬‬ ‫شــيخ مشــايخ قبيلــة حاشــد‪ ،‬رئيــس حــزب التجمــع اليمنــي لإصــاح‬ ‫ورئيــس مجلــس النــواب حينهــا‪ .‬فقــد قــال يف جلســة ملجلــس النــواب‬ ‫يف ‪ 25‬أبريــل ‪1994‬م‪ ،‬بــأن الوحــدة عندمــا قامــت يف مايــو ‪1990‬م‬ ‫"أعــادت األمــور إلــى نصابهــا بعــودة الفــرع إلــى األصــل واجلــزء إلــى‬ ‫الــكل واالبــن الضــال إلــى أبيــه الشــرعي‪ ...‬ومنــذ قيــام الوحــدة‬ ‫يحــاول إعطــاء الفــرع الشــارد نفــس مكانــة وحقــوق األصــل الثابــت‪،‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫‪ .4‬أن تدمــر جميــع األلغــام املضــادة لألفــراد أو تكفــل تدميرهــا وف ًقــا‬ ‫ألحــكام هــذه االتفاقية‪.‬‬ ‫‪ .5‬يف عام ‪1998‬م‪ ،‬أقر القانون األساسي للمحكمة اجلنائية الدولية‬ ‫بجرميــة التعذيــب يف نطــاق تعريفــه جلرائــم احلــرب واجلرائــم ضــد‬ ‫اإلنســانية‪ .‬فقــد نصــت املــادة الثامنــة علــى التعذيــب وتعمــد إحــداث‬ ‫آالم شــديدة أو اإلضــرار اخلطيــر بالســامة البدنيــة واالعتــداء علــى‬ ‫الكرامــة الشــخصية واملعاملــة املهينــة واحلاطــة بالكرامــة باعتبارهــا‬ ‫جرائــم حــرب‪ .‬وجــاء يف تعريــف اجلرائــم ضــد اإلنســانية‪ ،‬أي هجــوم‬ ‫واســع النطــاق أو منهجــي يتضمــن أفعــاال كالتعذيــب واالغتصــاب‬ ‫والدعــارة القســرية واحلمــل القســري واألفعــال الاإنســانية ذات‬ ‫الطبيعــة املشــابهة التــي تتعمــد إحــداث آالم شــديدة‬ ‫أو اإلضــرار اخلطيــر بالســامة البدنيــة أو الصحــة‬ ‫العقليــة أو البدنيــة‪.‬‬

‫الجهـــود الحكوميـــة يف التعامـــل مـــع األلغـــام‬ ‫وتفكيكهـــا‪:‬‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪73‬‬

‫ملف العدد‬

‫مــن زراعــة لأللغــام بشــكل عشــوائي مخالف لــكل القوانــن واألعراف‬ ‫الدوليــة واإلنســانية ومــا ذكرنــاه ال ميثــل إال جــز ًءا يســي ًرا‪ ،‬يف حــن‬ ‫أن هنــاك الكثيــر مــن ضحايــا األلغــام ال يعــرف عنهــم العالــم شــيء‪.‬‬ ‫األمــر الــذي يدعونــا إلــى لفــت نظــر احلكومــة الشــرعية لتفعيــل‬ ‫دور اللجنــة الوطنيــة لنــزع األلغــام وســرعة إصدار قــرار بتعين رئيس‬ ‫لهــا كونهــا اجلهــة املخولــة بصناعــة السياســات والقــرارات لــكل مــا‬ ‫يتعلــق بالتعامــل مــع األلغــام يف اليمــن ويرأســها وزيــر الدولــة وأعضــاء‬ ‫اللجنــة اآلخــرون هــم مديــر إدارة الهندســة العســكرية‪ ،‬نائــب وزيــر‬ ‫الصحــة‪ ،‬نائــب وزيــر التأمينــات والشــؤون االجتماعيــة‪ ،‬نائــب وزيــر‬ ‫الداخليــة‪ ،‬نائــب وزيــر اإلعــام‪ ،‬نائــب وزيــر التربيــة‪ ،‬مديــر العمــل‬ ‫واإلدارة يف مكتــب رئيــس الــوزراء وممثــل عــن وزارة‬ ‫التخطيــط‪ ،‬وممثــل عــن مجلــس حمايــة البيئــة وممثــل‬ ‫عــن اجلمعيــة اليمنيــة للتوعيــة مــن مخاطــر األلغــام‪،‬‬ ‫وهنــاك مجلــس إقليمــي مماثــل يف عــدن يرأســه‬ ‫محافــظ محافظــة عــدن‪ ،‬ويعكــس تركيــب اللجنــة‬ ‫الوطنيــة فه ًمــا بــأن نــزع األلغــام اإلنســاني يشــمل‬ ‫املجتمــع املدنــي وكل الــوزارات ذات العاقــة وليــس‬ ‫فقــط وزارة الدفــاع‪ ،‬وكــون كل الــوكاالت الراغبــة يف‬ ‫دعــم برنامــج التعامــل مــع األلغــام ملزمــة أن توقــع‬ ‫علــى اتفــاق مــع اللجنــة الوطنيــة لنــزع األلغــام‪.‬‬

‫عـدم وجـود خرائط‬ ‫األلغ ــام يؤخ ــر نزعه ــا‬ ‫والمجتمع الدويل مطالب‬ ‫بـتـحـديـ ــد مـنـاطـ ــق‬ ‫تواجـدهـا لـتـطـهـيرها‬

‫علــى الرغــم مــن اجلهــود أو املبــادرات التــي‬ ‫بذلــت مــن قبــل البعــض إلعــادة تأهيــل مركــز يف‬ ‫مــأرب بــدالً عــن املركــز التنفيــذي للبرنامــج الوطنــي‬ ‫للتعامــل مــع األلغــام يف صنعــاء يكــون الهــدف منــه‬ ‫العمــل علــى نــزع األلغــام وتفكيكهــا يف املناطــق املتضررة مــن الصراع‪،‬‬ ‫والتوعيــة املجتمعيــة مبخاطرهــا‪ ،‬إال أن املشــكلة ظلــت قائمــة نعزوهــا‬ ‫لتضافــر العديــد مــن األســباب نوجزهــا يف التالــي‪:‬‬ ‫أو ًال‪ :‬إن الذيــن وضعــوا علــى عاتقهــم العمــل يف هــذا املجــال‬ ‫لــم ياقــوا أي إســناد مــن جانــب احلكومــة الشــرعية‪ ،‬وإمنــا كان‬ ‫العمــل اشــبه باملبــادرات الفرديــة‪ ،‬مت دعــم بعــض مناشــطها‪ ،‬ولــم يتــم‬ ‫التعامــل معهــا مــن قبــل املجتمــع الدولــي بــل ظــل التعامــل والدعــم مــع‬ ‫اللجنــة الوطنيــة لنــزع األلغــام بصنعــاء‪ ،‬التابعــة لانقابــن واملركــز‬ ‫التنفيــذي التابــع لهــا يف ظــل غيــاب تفعيــل دور اللجنــة الوطنيــة لنــزع‬ ‫األلغــام لــدى احلكومــة الشــرعية علــى الرغــم مــن أهميــة هــذا امللــف‬ ‫وخطورتــه علــى الصعيــد اإلنســاني والعســكري‪.‬‬ ‫ثانيــا‪ :‬عــدم وجــود خرائــط ألماكــن زراعــة األلغــام عائــق يؤخــر‬ ‫ً‬ ‫نــزع األلغــام التــي زرعتهــا مليشــيات االنقابيــة يف املناطــق احملــررة‬ ‫وهــو مــا ترتــب عليــه خطــورة كبيــرة اجتــاه العاملــن بنــزع األلغــام‪،‬‬ ‫حيــث أدت إلــى وفــاة أكثــر مــن ‪ 8‬أشــخاص مــن فــرق املركــز وجــرح‬ ‫‪ 23‬بإصابــات بالغــة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ثالثــا‪ :‬ضعــف الكــوادر املؤهلــة فن ًيــا وعلم ًيــا يف مجــال نــزع‬ ‫األلغــام أو التوعيــة مبخاطرهــا راب ًعــا‪ :‬ال توجــد إحصائيــات مســحية‬ ‫متكاملــة عــن أماكــن األلغــام وأعدادهــا وضحاياهــا وأثرهــا علــى‬ ‫اجلانــب املدنــي واإلنســاني وتعريــف العالــم مبــا يقــوم بــه االنقابيــون‬

‫خاصة بأبرز التوصيات‪:‬‬ ‫● علــى احلكومــة الشــرعية ســرعة إصــدار قــرار بتعيــن رئيســا‬ ‫للجنــة الوطنيــة لنــزع األلغــام وتفعيــل دورهــا واملراكــز التنفيذيــة‬ ‫التابعــة لهــا ليتســنى لهــا القيــام بواجباتهــا اجتــاه ضحايــا األلغــام‬ ‫وتتمكــن مــن التنســيق مــع املجتمــع الدولــي‪.‬‬ ‫● الضغــط علــى جماعــة احلوثــي وصالــح للكشــف عــن خرائــط‬ ‫األلغــام وأماكــن زراعتهــا وتوعيــة املواطنــن مبخاطرهــا وتقــدمي‬ ‫املســاعدات الازمــة للضحايــا وللمتضرريــن مــن آثارهــا‪.‬‬ ‫● فتــح ملفــات للتحقيــق يف اســتخدام األلغــام وتعويــض الضحايــا‬ ‫وإحالــة اجلنــاة إلــى القضــاء الوطنــي‪ ،‬وتدويــل جرائــم احلوثــي‬ ‫وصالــح إلصــدار عقوبــات دوليــة رادعــة‪ ،‬باعتبارهــا جرميــة حــرب‬ ‫يف القانــون الدولــي اإلنســاني‪.‬‬ ‫● علــى املجتمــع الدولــي مســاعدة اجلهــات احلكوميــة املختصــة بنــزع‬ ‫األلغــام وتزويدهــا باخلبــراء والفنيــن وباملعــدات واألجهــزة احلديثــة‬ ‫للتخفيــف مــن آالم الضحايــا الذيــن يســقطون جــراء زراعــة األلغــام‪،‬‬ ‫وتقــدمي املســاعدات الازمــة‪.‬‬

‫* ﻣﺤﺎﻣﻲ وﺧﺒري ﺑﺎﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺪوﱄ ـ رﺋﻴﺲ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﺳﻮاﺳﻴﺔ ﻟﻠﺘﻨﻤﻴﺔ واﻟﻌﺪاﻟﺔ‬

‫‪72‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫رصـــد خبـــراء مـــن إيـــران وحـــزب اللـــه يدربـــون الحوثييـــن‬ ‫عـــى صناعـــة متفجـــرات وألغـــام لقتـــل المدنييـــن اليمنييـــن‬ ‫دعــوة ملؤمتــر هيــأة األمم املتحــدة ملنــع أو حتديــد األســلحة‬ ‫التقليديــة ذات التأثيــر املــؤذي والعشــوائي يف ‪ 10‬أيلــول ‪1979‬م‪.‬‬ ‫اتفاقيــة ‪1980‬م‪ ،‬املتعلقــة باألســلحة التقليديــة (املعروفــة رســم ًيا‬ ‫علــى أنهــا اتفاقيــة عــام ‪1980‬م‪ ،‬املتعلقــة بحظــر أو تقييــد اســتعمال‬ ‫أســلحة تقليديــة مع َّينــة ميكــن اعتبارهــا مفرطــة الضــرر أو عشــوائية‬ ‫األثــر) تتكـ ّون مــن خمســة أجــزاء أو بروتوكــوالت‪ .‬ومــن هــذه األجــزاء‬ ‫يتعلــق جــزءان فقــط باألعمــال ذات الصلــة باأللغــام‪ .‬والبروتوكــول‬ ‫الثانــي املعـ ّدل يتنــاول األلغــام األرضيــة والشــراك اخلداعيــة ووســائل‬ ‫أخــرى‪ ،‬يف حــن يتنــاول البروتوكــول اخلامــس مشــكلة مخلفــات‬ ‫احلــرب القابلــة لانفجــار‪.‬‬ ‫ومبوجــب البروتوكــول اخلامــس‪ ،‬يتعـ ّـن علــى الــدول األطــراف‬ ‫واألطــراف يف نـــزاع مســلّح أن تقــوم بأعمــال لتطهيــر‪ ،‬أو إزالــة أو‬ ‫ـجل‬ ‫تدميــر‪ ،‬مخلفــات احلــرب القابلــة لانفجــار (املــادة ‪ ،)3‬وأن تُسـ ِّ‬ ‫املعلومــات التــي لهــا صلــة باســتخدام أو تــرك الذخائــر املنفجــرة‪،‬‬ ‫واالحتفــاظ بتلــك املعلومــات ونقلهــا (املــادة ‪ .)4‬والــدول األطــراف‬ ‫واألطــراف ُملزَمــة أيض ـاً بــأن تتخــذ كافــة االحتياطــات املمكنــة مــن‬ ‫أجــل حمايــة املدنيــن (املــادة ‪ )5‬والبعثــات واملنظمــات اإلنســانية‬

‫(املــادة ‪ ،)6‬والــدول األطــراف التــي هــي يف موقــف يســمح لهــا بــأن‬ ‫تقــ ّدم التعــاون واملســاعدة مــن أجــل وضــع العامــات والتطهيــر‬ ‫واإلزالــة والتدميــر ومســاعدة الضحايــا‪ ،‬ضمــن أمــور أخــرى‪ ،‬يتعـ ّـن‬ ‫عليهــا أن تفعــل ذلــك (املادتــان ‪7‬و‪ .)8‬والبروتوكــول اخلامــس دخــل‬ ‫ح ّيــز النفــاذ يف ‪ 12‬تشــرين الثاني‪/‬نوفمبــر ‪.2006‬‬ ‫كمــا أن اجلمعيــة العامــة لــألمم املتحــدة ناشــدت جميــع الــدول‬ ‫بالســعي إلــى إبــرام اتفــاق دولــي فاعــل وملــزم قانو ًنــا‪ ،‬يحظــر‬ ‫اســتعمال وتخزيــن ونقــل األلغــام البريــة املضــادة لألفــراد‪.‬‬ ‫ولقــد أســفرت تلــك اجلهــود عــن التوقيــع علــى اتفاقيــة حظــر‬ ‫اســتخدام وتخزيــن وإنتــاج ونقــل األلغــام املضــادة لألفــراد "أوتــاوا‬ ‫‪ ،"1997‬وقــد احتــوت االتفاقيــة علــى تعهــد مــن الــدول األطــراف‬ ‫مفــاده عــدم القيــام حتــت أي ظــرف مبــا يلــي‪:‬‬ ‫‪ .1‬استعمال األلغام املضادة لألفراد‪.‬‬ ‫‪ .2‬اســتحداث أو إنتــاج األلغــام لألفــراد أو حيازتهــا بــأي طريقــة‬ ‫أخــرى‪ ،‬أو تخزينهــا أو االحتفــاظ بهــا أو نقلهــا إلــى أي مــكان‪.‬‬ ‫‪ .3‬املســاعدة أو التشــجيع أو احلث بأي طريقة على القيام بأنشــطة‬ ‫محظــورة علــى دولــة طــرف مبوجب هــذه االتفاقية‪.‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪71‬‬

‫ملف العدد‬

‫‪ 164‬شـهـيــ ًدا مـــن ألـغـــام الـحـوثـــي فـــي عـــدن و ‪157‬فـــي تــعــــز‬ ‫ثــــم مــــأرب ‪ 132‬شــهــيــ ًدا‬ ‫مخاطر األلغام وتبعاتها‪:‬‬ ‫هنــاك مخاطــر وتبعــات متعددة يحدثها اســتخدام األلغــام بأنواعها‬ ‫يف النزاعــات املســلحة ومــن أبرزهــا نذكر النقــاط التالية‪:‬‬ ‫● الوفــاة‪ :‬إمــا الفوريــة فتكــون بســبب النزيــف الدمــوي الصاعــق بفعــل‬ ‫متــزق األوعيــة الدمويــة علــى مســتوى الدمــاغ‪ ،‬القلــب‪ ،‬والشــراين‬ ‫الرئيسية بفعل املوجة االرتدادية التي يحدثها االنفجار أو موت الفجاءة‬ ‫عنــد األطفــال واملســنن والوفــاة الاحقــة نتيجــة اللتهــاب أو نزيــف‪.‬‬ ‫● اإلصابات العظمية وغال ًبا ما تترك عاهات دائمة‪.‬‬ ‫● بتر طرف أو أكثر من األطراف السفلية كامل أو جزئي‪.‬‬ ‫● كســور مترافقــة يف األطــراف العلويــة أو الســفلية أو القفــص‬ ‫الصــدري أو اجلمجمــة نتيجــة قــذف اجلســم املصــاب علــى ارتفــاع‬ ‫معــن وارتطامــه بــاألرض‪.‬‬ ‫● اإلصابــات الشــريانية بفعــل متــزق األوعيــة الدمويــة الرئيســية أو‬ ‫املرافقــة ملــكان البتــر والكســور‪.‬‬ ‫● اإلصابــات العصبيــة الناجتــة عــن إصابــات الدمــاغ والنزيــف فيــه أو‬ ‫إصابــات النخــاع الشــوكي بفصــل العامــود الفقــري مــع مــا يترتــب علــى‬ ‫هــذه اإلصابــات مــن الشــلل اجلزئــي أو التــام نتيجــة العصــف الناجــم‬ ‫عــن االنفجــار الــذي يــؤدي إلــى متــزق تــام أو جزئــي يف الرئتــن‪.‬‬ ‫● احلــروق املرافقــة نتيجــة التعــرض لانفجاريــات والتــي تتــراوح‬ ‫درجاتهــا بــن‪ ،3-2-1‬إضافــة إلــى حــاالت أذيــة الســمع والنظــر‬ ‫واإلعاقــة النفســية واجلســدية‪.‬‬ ‫وقــد ذكــر تقريــر مصيــدة البشــر الــذي أصدرتــه منظمــة رقيــب‬ ‫عــن ضحايــا األلغــام يف مناطــق أرحــب ونهــم وبنــي جرمــوز عــن نتائــج‬ ‫زراعــة األلغــام كالتالــي‪:‬‬ ‫● قتــل ‪ -‬جــروح وإصابــات بأنواعهــا ‪ -‬بتــر كامــل وجزئــي لطــرف أو‬ ‫أكثــر مــن األطــراف الســفلية ‪ -‬كســور مترافقــة يف األطــراف العلويــة‬ ‫والســفلية والقفــص الصــدري أو اجلمجمــة نتيجــة تطايــر اجلســم‬ ‫املصــاب جــراء قــوة االنفجــار‪ ،‬احلــروق بأنواعهــا ودرجاتهــا ‪-‬متــزق‬ ‫تــام وجزئــي يف الرئتــن نتيجــة التعــرض لانفجــارات والتــي تتــراوح‬ ‫درجتهــا بــن ‪ 1‬و‪.3‬‬ ‫● اإلصابــات العصبيــة ‪ -‬فقــدان البصــر ومشــاكل بصريــة أخــرى ‪-‬‬ ‫فقــدان الســمع ومشــاكل ســمعية أخــرى ‪ -‬إعاقــات ‪ -‬إعاقــات نفســية‬ ‫ إعاقــات وتشــوهات جســدية ‪ -‬تشــوهات مختلفــة ‪ -‬تدميــر آليــات‬‫ومركبــات ‪ -‬تدميــر مصالــح حيويــة كأعمــدة الكهربــاء‪.‬‬ ‫وقــد ذكــر يف تقريــر رصــد األلغــام لعــام ‪1999‬م‪ ،‬ويف تقريــر‬ ‫مســح الضحايــا ‪ /‬الناجــن مــن مخاطــر األلغــام والقذائــف غيــر‬

‫املتفجــرة الــذي أجــري يف ديســمبر ‪1998‬م‪ ،‬مــن قبــل املنظمــة‬ ‫الســويدية واجلمعيــة اليمنيــة للتوعيــة مــن مخاطــر األلغــام بالتعــاون‬ ‫مــع أفــراد املجتمعــات احملليــة يف تبــن عنــد حتليــل النتائــج بــأن أكثــر‬ ‫ـيوعا يف املناطــق األربــع املمســوحة هــي احلـــــروق‬ ‫اإلصابــات شـ ً‬ ‫(‪ )% 51‬ويلــي ذلــك الصعوبــة يف الرؤيــة (‪ )%8،13‬ثــم فقــدان األطراف‬ ‫‪( %8،12‬ومــرا ًرا مــا تفقــد األطــراف العليــا أكثــر مــن الســفلى) ثــم‬ ‫مشــاكل يف الســمع ‪ %7،11‬وأخيــ ًرا الصعوبــة يف احلركــة ‪.%6،10‬‬ ‫يشــكل فقــدان األطــراف العليــا مشــكلة كبيــرة كــون األطــراف‬ ‫الصناعيــة هــي جتميليــة فقــط وتصنــع يف مركزيــن لألطــراف‬ ‫الصناعيــة يف صنعــاء وتعــز وال تصنــع أطــراف صناعيــة عليــا‬ ‫وظيفيــة بــل أطــراف ســفلى فقــط‪ ،‬كمــا ذكــر يف التقريــر الســابق‪،‬‬ ‫كانــت النتائــج املتعلقــة بضحايــا األلغــام كمــا يلــي‪:‬‬ ‫● هم بحاجة ماسة ملوارد مالية‪.‬‬ ‫● ال توجــد لــدى معظــم الضحايــا الذيــن فقــدوا أطرافهــم أي أجهــزة‬ ‫أو أطــراف صناعيــة‪.‬‬ ‫● معظم ضحايا األلغام متوسطي العمر‪.‬‬ ‫● يعاني عدد كبير منهم من العمى والصمم‪.‬‬ ‫● هذه املناطق محرومة من الرعاية الصحية‪.‬‬

‫جهود األمم المتحدة والمجتمع الدويل يف حظر األلغام‪:‬‬ ‫هنــاك عــدد مــن االتفاقــات الدوليــة التــي ّ‬ ‫تنظــم أو حتظــر‬ ‫اســتخدام األلغــام األرضيــة ومخلفــات احلــرب القابلــة لانفجــار‪،‬‬ ‫وهــذه الصكــوك هــي جــزء مــن كيــان القانــون اإلنســاني الدولــي‬ ‫الــذي يهــدف إلــى احل ـ ّد مــن آثــار النـــزاع املســلح ألســباب إنســانية‪.‬‬ ‫ومجموعــة مدونــات قانــون حقــوق اإلنســان الدولــي تبـ ِّـن اخلطــوط‬ ‫العريضــة حلقــوق األشــخاص املتأثريــن بهــذه األســلحة‪.‬‬ ‫َ‬ ‫وقيــام األمم املتحــدة بأعمــال تتعلــق باأللغــام يُستَرشــد فيهــا‬ ‫ـجع بنشــاط التمســك الكامــل‬ ‫بالقانــون الدولــي ذي الصلــة‪ ،‬وهــو يشـ ِّ‬ ‫وااللتــزام مــن جانــب الــدول وأطــراف النـــزاع املســلح‪ ،‬حيثمــا يكــون‬ ‫منطب ًقــا‪ ،‬باملعاهــدات والصكــوك الدوليــة ذات الصلــة‪ ،‬وخاصــة‬ ‫معاهــدة حظــر األلغــام املضــادة لألفــراد‪ ،‬واالتفاقية املتعلقة باألســلحة‬ ‫التقليديــة‪ ،‬والصكــوك الدوليــة حلقــوق اإلنســان‪ .‬وسياســة األمم‬ ‫املتحــدة بالنســبة للقيــام بأعمــال تتعلــق باأللغــام تتمثــل يف اإلســهام‬ ‫يف اجلهــود األكبــر التــي تبذلهــا األمم املتحــدة للمســاعدة يف ضمــان‬ ‫االلتــزام بالقــرارات ذات الصلــة وباألعــراف واملعايير القانونية الدولية‬ ‫ونذكــر مــن تلــك اجلهــود االجــراءات واملعاهــدات التاليــة‪:‬‬

‫‪70‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫دور جماعة الحوثي وصالح يف زراعة األلغام‬ ‫إن األلغــام التــي زرعتهــا جماعــة احلوثــي وقوات الرئيس الســابق‬ ‫ـخصا‪،‬‬ ‫صالــح يف عــدد مــن احملافظــات‪ ،‬تســببت يف استشــهاد ‪ 615‬شـ ً‬ ‫وإصابــة ‪ 942‬آخريــن‪ ،‬خــال عامــن مــن احلــرب املتصاعدة‪.‬‬ ‫جــاء ذلــك يف تقريــر قدمــه ‪,‬التحالــف اليمنــي لرصــد انتهــاكات‬ ‫حقــوق اإلنســان ملجلــس حقــوق اإلنســان التابــع لــألمم املتحــدة‬ ‫بعنــوان‪“ :‬ضحايــا األلغــام يف اليمــن”‪.‬‬ ‫وأفــاد التقريــر‪ ،‬الــذي يرصــد ضحايــا األلغــام خــال الفتــرة مــا‬ ‫بــن ينايــر ‪2015‬م‪ ،‬حتــى ديســمبر ‪2016‬م‪ ،‬أن األلغــام تســببت ً‬ ‫أيضــا‬ ‫ـخصا بإعاقــات دائمــة‪.‬‬ ‫يف إصابــة ‪ 527‬شـ ً‬ ‫وحلّــت العاصمــة عــدن علــى رأس قائمــة املــدن املتضــررة مــن‬ ‫ألغــام جماعــة احلوثــي حيــث استشــهد فيهــا ‪ 164‬تليهــا محافظــة تعــز‬ ‫ـخصا‪،‬‬ ‫التــي بلــغ عــدد شــهدائها ‪ ،157‬ثــم محافظــة مــأرب ‪ 132‬شـ ً‬ ‫فيمــا استشــهد بقيــة الضحايــا مبحافظــات متفرقــة‪.‬‬ ‫ووف ًقــا للتقريــر‪ ،‬فقــد اســتخدمت جماعــة احلوثــي األلغــام ً‬ ‫أيضــا‬ ‫يف تفجيــر ‪ 556‬منشــأة طبيــة وتعليميــة ومنــازل مدنيــن ومقــرات‬ ‫عمــل ومقــرات خاصــة ومحــات جتاريــة ومركبــات‪.‬‬ ‫وأشــار إلــى أن األلغــام التــي مت انتزاعهــا بلــغ عددهــا نحــو ‪39‬‬ ‫ألــف و‪ 634‬لغ ًمــا‪ ،‬بينهــا ‪ 26‬ألــف و‪ 755‬لغ ًمــا مضــا ًدا لألفــراد‪ ،‬و‪12‬‬ ‫ألــف و‪ 879‬مضــا ًدا للمدرعــات‪ ،‬الف ًتــا إلــى أن عمليــة زراعــة األلغــام‬ ‫مــن قبــل جماعــة احلوثــي وقــوات صالــح ال تــزال نشــطة‪.‬‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪69‬‬

‫ملف العدد‬

‫وبحســب تقريــر ملنظمــة الهيومــن رايتــس جــاء حتــت بنــد األلغــام‬ ‫األرضيــة "زرع احلوثيــون والعناصــر املتحالفــة معهمــا مــن قــوات‬ ‫الرئيــس املخلــوع العديــد مــن األلغــام األرضيــة‪ ،‬ومنهــا ألغــام محظــورة‬ ‫مضــادة لألفــراد‪ ،‬يف احملافظــات اليمنيــة اجلنوبيــة والشــرقية‪ :‬عــدن‬ ‫وأبــن ومــأرب وحلــج وتعــز‪ ،‬منــذ بدايــة النــزاع احلالــي‪ .‬تســببت‬ ‫األلغــام األرضيــة يف مقتــل وإصابــة عشــرات املدنيــن‪ ،‬منهــم أطفــال‪.‬‬ ‫وقــد جــاء يف رســالة مؤرخــة ‪ 27‬كانــون الثاني‪/‬ينايــر ‪2017‬م‪،‬‬ ‫موجهــة إلــى رئيــس مجلــس األمــن التقريــر النهائــي للخبــراء املعنيــن‬ ‫باليمــن" املتفجــرات مــن مخلفــات احلــرب‪ ،‬واأللغــام والذخائــر غيــر‬ ‫املنفجــرة ‪-91‬ال يــزال الفريــق يتلقــى أدلــة علــى اســتخدام قــوات‬ ‫احلوثيــن أو قــوات صالــح لأللغــام‪ ،‬واســتخدام أحــزام حاجــزة‬ ‫متكاملــة تشــمل األلغــام واألجهــزة املتفجــرة اليدويــة الصنــع"‪.‬‬

‫أنواع األلغام المستخدمة ومصادرها‪:‬‬ ‫اســتخدمت جماعــة احلوثــي و صالــح األلغــام املضــادة لألفــراد‬ ‫واملركبات‪ ،‬واأللغام البحرية مبا يف ذلك “تي إم‪ )TM-62( ″62-‬و”تي‬ ‫إم‪ )TM-57( ”57-‬املصنوعة يف االحتاد الســوفييتي الســابق واأللغام‬ ‫املضــادة للمركبــات “يــو كــي إي‪ )UKA-63( ”63-‬املصنعــة يف املجــر‪.‬‬ ‫كمــا أن هنــاك مراقبــون يقولــون بــأن فريــق خبــراء إيرانيــن ومــن‬ ‫حزب اهلل اللبناني يقومون بتدريب احلوثين ومساعدتهم على صناعة‬ ‫متفجــرات وألغــام يدويــة الصنــع تســاهم يف قتــل املدنيــن اليمنيــن‪.‬‬

‫ ‬

‫ﻋﺪم اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻷﻣﺎن‬

‫ﺣﺮﻛﺔ ﻣﺤﺪوده‬

‫ﻟﻠﻤﺼﺎب أﺛــﺮ ﺟﺴﺪي‬

‫أﺛــﺮ ﻧﻔﺴﻲ ﻟﻠﻤﺼﺎب‬ ‫ﻋﺪم اﺳﺘﺨﺪام اﻷرض‬ ‫ﻣﺸﺎﻛﻞ اﺳﺮﯾﺔ واﺛﺮإﺟﺘﻤﺎﻋﻲ‬

‫طﻼق وﺗﻤﺰق اﺳﺮي‬

‫أﺛــﺮ اﻗﺘﺼﺎدي ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ‬ ‫ﺗﺮك اﻟﻤﺪرﺳﺔ‬

‫‪68‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫حقوقيـــة قـــد وثقـــت حـــاالت لضحايـــا تلـــك األلغـــام مـــن أطفـــال‬ ‫ونس ــاء ورج ــال‪.‬‬ ‫كمــا قامــت جماعــة احلوثــي يف العــام ‪2011‬م‪ ،‬أثنــاء اقتحامهــا‬ ‫مديريــة كشــر يف محافظــة حجــة بزراعــة األلغــام يف مناطــق ‪,‬كشــر‬ ‫وعاهــم” وســقط علــى أثرهــا ضحايــا مــن املدنيــن‪ ،‬حيــث قتــل ‪36‬‬ ‫مدن ًيــا بينهــم ‪ 4‬أطفــال وأصيــب ‪ 45‬مدن ًيــا بينهــم ‪ 6‬أطفــال و‪ 3‬نســاء‪.‬‬ ‫ويف مطلــع ‪2014‬م‪ ،‬قامــت جماعــة احلوثــي بالتعــاون مــع قــوات‬ ‫احلــرس اجلمهــوري يف حتالــف مــع صالــح ضــد الشــرعية وقامــوا‬ ‫مطلــع العــام ‪2015‬م‪ ،‬مبواصلــة حربهــم العبثيــة علــى اليمنيــن يف‬ ‫مختلــف احملافظــات وكانــت زراعــة األلغــام بالطبــع واحــدة مــن أبــرز‬ ‫الوســائل التــي اســتخدمتها هــذه اجلماعــة االنقابيــة ضــد خصومهــا‬ ‫يف مختلــف مناطــق البــاد بقصــد إرهــاب املواطنــن‪ ،‬وتعريــض‬ ‫حياتهــم للخطــر‪ ،‬وإعاقــة أي محاولــة لوقــف مشــروعهم االنقابــي‪.‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫الفتــرة‬

‫النطاق الزمني‬

‫احملافظات املتأثرة‬

‫عدد احملافظات‬

‫األولى‬

‫‪1967 - 1962‬م‬

‫مــأرب ‪ -‬اجلــوف ‪ -‬صنعاء‬ ‫‪ -‬حجة ‪ -‬عمران ‪ -‬صعدة‬

‫‪6‬‬

‫الثانية‬

‫‪1983 - 1973‬م‬

‫إب ‪ -‬الضالع ‪ -‬البيضاء‬ ‫ ذمار ‪ -‬تعز ‪ -‬احلديدة‬‫‪ -‬رميه ‪ -‬املهره‬

‫‪8‬‬

‫الثالثة‬

‫‪1994‬م‬

‫عدن ‪ -‬حلج ‪ -‬أبن ‪-‬‬ ‫الضالع ‪ -‬حضرموت‬ ‫‪ -‬شبوة‬

‫‪6‬‬

‫الرابعة‬

‫‪2011 - 2004‬م‬

‫صعده ‪ -‬عمران ‪ -‬حجـــة‬ ‫‪ -‬أبن ‪ -‬صنعاء‬

‫‪5‬‬

‫اخلامسة‬

‫‪2017 - 2014‬م‬

‫عدن ‪ -‬حلج أبن ‪ -‬حجة‬ ‫عمران اجلوف ‪ -‬مأرب‬ ‫ البيضاء ‪ -‬تعز ‪-‬‬‫صنعاء ‪ -‬شبوة الضالع‬

‫‪12‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪67‬‬

‫ملف العدد‬

‫ألغام الحوثي فجرت ‪ 556‬منشأة و انتزاع ‪ 39‬ألف لغم‪ ..‬الزراعة مازالت نشطة‬

‫األلـغـــام فـــي الـيـمـــن الـخـطـــر الـكـامـــن‪:‬‬ ‫الـمـشـكـلـــة والـحـــل‬ ‫تع ــد األلغ ــام واح ــدة م ــن املش ــاكل الت ــي ت ــؤرق اإلنس ــانية‪ ،‬ونظـ ـ ًرا للصراع ــات املتع ــددة‬ ‫الت ــي ش ــهدتها اليم ــن خ ــال مراح ــل س ــابقة زرع ــت فيه ــا األلغ ــام املض ــادة لألف ــراد‪،‬‬ ‫ونت ــج عنه ــا ضحاي ــا كثي ــرة فق ــد كان ــت اليم ــن م ــن أوائ ــل ال ــدول املوقع ــة عل ــى اتفاقي ــة‬ ‫حظــر اســتعمال وتخزيــن وإنتــاج ونقــل األلغــام املضــادة لألفــراد‪ ،‬والتــي تعــرف باتفاقيــة‬ ‫أوت ــاوا‪ ،‬الص ــادرة ع ــام ‪1997‬م‪ ،‬وإدخاله ــا حي ــز التنفي ــذ ف ــور ص ــدور القان ــون رق ــم (‪)7‬‬ ‫لع ــام ‪1998‬م‪ ،‬ل ــذا فق ــد س ــارعت اليم ــن إلنش ــاء اللجن ــة الوطني ــة للتعام ــل م ــع األلغ ــام‬ ‫بتاري ــخ ‪ 17‬يوني ــو ‪1998‬م‪.‬‬

‫علي حسن هزازي‬

‫تعريف األلغام كما يف المادة ‪ 2‬من اتفاقية أوتاوا‪:‬‬

‫تاريخ زراعة األلغام يف اليمن‪:‬‬

‫‪ -1‬يــراد بتعبيــر "اللغــم املضــاد لألفــراد" لغــم مصمــم لانفجــار‬ ‫بفعــل وجــود شــخص عنــده أو قري ًبــا منــه أو مســه لــه‪ ،‬ويــؤدي إلــى‬ ‫شــل قــدرات أو جــرح أو قتــل شــخص أو أكثــر‪ .‬أمــا األلغــام التــي تكــون‬ ‫شــخصا‪ ،‬عندهــا أو‬ ‫مصممــة لتنفجــر بفعــل وجــود مركبــة‪ ،‬وليــس‬ ‫ً‬ ‫قري ًبــا منهــا أو مســها لهــا‪ ،‬والتــي تكــون مجهــزة بأجهــزة منــع املناولــة‬ ‫فــا تعتبــر ألغا ًمــا مضــادة ألفــراد لكونهــا مجهــزة علــى هــذا النحــو‪.‬‬ ‫‪ -2‬يــراد بتعبيــر "لغــم" ذخيــرة تكــون مصممــة لتوضــع حتــت ســطح‬ ‫األرض أو حتــت رقعــة ســطحية أخــرى أو فــوق أو قــرب أي منهمــا‬ ‫وتنفجــر بفعــل وجــود شــخص أو مركبــة عندهــا أو قري ًبــا منهــا أو‬ ‫مــس أحدهمــا لهــا‪.‬‬ ‫ يــراد بتعبيــر "جهــاز منــع املناولــة" جهــاز معــد حلمايــة لغــم ويكــون‬‫ً‬ ‫موضوعــا حتتــه ويفجــره‬ ‫مرتبطــا بــه أو‬ ‫جــز ًءا مــن اللغــم أو موصــوالً أو‬ ‫ً‬ ‫عنــد محاولــة العبــث باللغــم أو إفســاد نظامــه عمـدًا بأي طريقــة أخرى‪.‬‬ ‫‪ -4‬يشــمل تعبيــر "النقــل" باإلضافــة إلــى النقــل املــادي لأللغــام‬ ‫املضــادة لألفــراد مــن إقليــم وطنــي أو إليــه‪ ،‬نقــل ســند ملكيــة األلغــام‬ ‫ونقــل اإلشــراف عليهــا‪ ،‬غيــر أنــه ال يشــمل نقــل إقليــم زرعــت فيــه‬ ‫ألغــام مضــادة لألفــراد‪.‬‬ ‫‪ -5‬يــراد بتعبيــر "منطقــة ملغومــة" منطقــة خطيــرة بســبب وجــود‬ ‫األلغــام أو االشــتباه يف وجودهــا فيهــا‪.‬‬

‫تعــود زراعــة األلغــام يف اليمــن إلــى بدايــة العــام ‪1962‬م‪ ،‬مــن‬ ‫القــرن املاضــي أثنــاء الصــراع بــن اإلماميــن واجلمهوريــن‪ ،‬حيــث‬ ‫قامــت القــوات املواليــة لإمــام البــدر بــن أحمــد حميــد الديــن بزراعــة‬ ‫حقــول ألغــام يف كل مــن محافظــة اجلــوف شــمال اليمــن ومديريــة‬ ‫صــرواح شــرق صنعــاء ومديريــة أرحــب غــرب شــمال العاصمــة‬ ‫اليمنيــة صنعــاء‪ ،‬وال زالــت هــذه األلغــام تنفجــر بالرعــاة والنســاء‬ ‫واألطفــال إلــى اليــوم‪ .‬وف ًقــا لبعــض التقاريــر املعنيــة باأللغــام‪.‬‬ ‫كمــا أن الفتــرة بــن مــا يعــرف بحــرب املناطــق الوســطى التــي‬ ‫ـلحا بــن شــطري اليمــن ســاب ًقا‬ ‫شــهدت اليمــن خالهــا‬ ‫ً‬ ‫صراعــا مسـ ً‬ ‫حيــث مت زراعــة حقــول ألغــام يف املناطــق احلدوديــة بــن اليمــن‬ ‫الشــمالي واليمــن اجلنوبــي (قعطبــة ‪ -‬حريــب ‪ -‬العــود ‪ -‬مريــس ‪-‬‬ ‫بيحــان ‪ -‬مكيــراس) وال زالــت بقايــا األلغــام يف هــذه املناطــق تهــدد‬ ‫حيــاة النــاس إلــى اليــوم‪.‬‬ ‫كمــا أنــه يف الفتــرة خــال حــروب صعــدة الســتة شــهدت عمليــة‬ ‫زراع ــة لأللغ ــام عل ــى نط ــاق واس ــع‪ .‬وعق ــب أح ــداث ث ــورة الربي ــع‬ ‫العربـــي يف العـــام ‪2011‬م أقدمـــت قـــوات احلـــرس اجلمهـــوري يف‬ ‫محيـــط معســـكراتها يف نهـــم وأرحـــب وبنـــي جرمـــوز علـــى زراعـــة‬ ‫ألغ ــام مض ــادة لألف ــراد س ــقط عل ــى أثره ــا ضحاي ــا م ــن املدني ــن‬ ‫بينهـــم نســـاء وأطفـــال‪ ،‬ويف هـــذا اخلصـــوص كانـــت منظمـــات‬

‫‪66‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫أو الدولــي‪ ،‬أو اإلقليمــي‪ ،‬لكــن مظاهــر تلــك املعوقــات جتســدت‬ ‫يف امليــدان يف العــوز احلــاد إلــى الوســائط املاديــة العســكرية التــي‬ ‫تــكاد تصــل إلــى االنعــدام‪ ..‬إن الوســائط البشــرية اليمنيــة املدربــة‬ ‫متواجــدة يف امليــدان ينقصهــا فقــط أدوات العمــل ولــن أنســى ذاك‬ ‫القائــد العســكري يف جبهــة نهــم الــذي قــال لــي باحلــرف الواحــد‬ ‫فقــط وفــروا لــي بعــض الذخائــر وقليــل مــن اخلبــز وســأدخل صنعــاء‬ ‫أو أمــوت حتــت أســوارها وإذا لــم تتوفــر فســنقاتل حتــى باحلصــى‬ ‫لكــن شــي ًئا واح ـدًا يجــب أن يفهمــه اجلميــع لــن ننســحب مــن أرض‬ ‫املعركــة حتــى لومتنــا جوعــى‪ .‬إن انحصــار الوســائط املاديــة يشــكل‬ ‫عائ ًقــا حقيق ًيــا أمــام اجليــش الوطنــي وهــذا نــاجت مباشــر عــن الظرف‬ ‫السياســي طب ًعــا‪ ،‬وقــد يعتــرض البعــض علــى مــا ذكرتــه بالقــول إن‬ ‫دول التحالــف وفــرت كل شــيء لكنهــا لــم حتقــق آثــاره يف امليــدان‪،‬‬ ‫وهنــا يجــب القــول إن احلــرب بطبيعتهــا تــأكل كل شــيء وليســت‬ ‫اإلشــكالية يف أن تدعــم مــرة أو مرتــن علــى دفعــة ثــم متــل وتقــول‬ ‫لــم أجــد أثــ ًرا‪ ،‬احلــروب تطــول بحســب ظرفهــا الزمانــي واملكانــي‬ ‫واألثــر قــد يكــون مباش ـ ًرا أو غيــر مباشــر واملهــم هــو االســتمرار يف‬ ‫ضــخ الوســائط املاديــة يف املعركــة وتفعيــل دور االســتخبارات للرقابــة‬ ‫علــى فعليــة الوســائط والتأكــد أنهــا وصلــت إلــى أماكنهــا الطبيعيــة‬ ‫وعــدم تعميــم ظاهــرة الفســاد اجلزئيــة علــى الــكل يف جبهــات القتــل‬ ‫إن االمتنــاع عــن ضــخ الوســائط املاديــة بداعــي الفســاد عــذر غيــر‬ ‫مقبــول‪ ،‬واألصــل هــو اتخــاذ إجــراءات إداريــة حقيقيــه لوصــول تلــك‬ ‫اإلمكانيــات جلبهــات القتــال هــذا مــن جانــب‪ ،‬ومــن جــاب آخــر‬ ‫اســتبان بالتجربــة أن مصطلــح (احلســم العســكري) غيــر متســق مــع‬ ‫طبيعــة احلــرب املفروضــة وكان األصــل أن (إدارة احلــرب مصطلــح)‬ ‫أنســب ألن احلســم العســكري لــن يأتــي ســري ًعا‪ ،‬فهــي حــرب شــاملة‬ ‫تداخلــت فيهــا املفاهيــم االجتماعيــة والسياســية والتاريخيــة أي أنهــا‬ ‫ليســت معركــة عســكرية حديــة فاصلــة جليــش مقابــل جيــش يلتقيــان‬ ‫يف زمــان ومــكان مــا لتقــرر علــى أثــره مصيــر شــعب مــا‪ ،‬إنهــا معركــة‬ ‫مــن نــوع خــاص تقتضــي إدارة مــن نــوع خــاص يتناســب مــع طبيعتهــا‬ ‫والقــول بأنهــا قــد حتســم عســكر ًيا قــول منــايف للصــواب واالســتدالل‬ ‫بتجــارب الغيــر يســوقنا إلــى نفــس النتيجــة وخيــر مثــال هــي جتربــة‬ ‫القــوات األمريكيــة والدوليــة يف أفغانســتان وجتربــة قــوات االحتــاد‬ ‫الســوفيتي ســاب ًقا ً‬ ‫أيضــا يف نفــس البــاد؛ ال ميكــن احلســم العســكري‬ ‫يف حــرب أحــد طرفيهــا يســتند حلاضنــة شــعبية ويخــوض حــرب‬ ‫المركزيــة يتجنــب فيهــا خــوض معركــة حاســمة يف إيقاعاتهــا ويعتمــد‬ ‫فقــط علــى معركــة اســتراتيجيتها الوجــود أوالً‪....‬إدارة احلــرب هــي‬ ‫الوصــف العســكري األنســب يف اليمــن وهــذا يســتغرق وق ًتــا طوي ـ ً‬ ‫ا‬ ‫حتــى تتلمــس آثارهــا إذا خاضــت هــذه احلــرب وف ًقــا لشــروطك أنــت‬ ‫ال وفــق مــا يريــده عــدوك مــع األخــذ بعــن االعتبــار أن حريــة املنــاورة‬ ‫واالقتصــاد بالقــوى هــي العامــل األهــم يف كســب احلــرب‪ ،‬فقــوة العدو‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫تكمــن يف أنــه يراهــن علــى عامــل الزمــن لصاحلــه وأن نقطــة ضعــف‬ ‫الــدول هــي النمــط النظامــي يف إدارة احلــرب واجليــوش وتســتعجل‬ ‫يف حســم احلــرب ألن مواردهــا تســتنزف والضغــط السياســي يــزداد‬ ‫كل يــوم غيــر أن تفهــم طبيعــة احلــرب الامركزيــة ســيغير طبيعــة‬ ‫احلــرب وطبيعــة املعركــة ويف تصــوري أن عــدم تفهــم هــذه اإلشــكالية‬ ‫يشــكل ً‬ ‫أيضــا عائ ًقــا أمــام تقــدم اجليــش الوطنــي فهــو يخــوض حــرب‬ ‫بنمــط عرضــي وبتكتيــك جيــش نظامــي ويغطــي مســاحات شاســعة‬ ‫مــن األرض يف حــن أن العــدو يعتمــد فقــط علــى احلشــد يف أماكــن‬ ‫محــددة ويعتمــد علــى مفــارز إلدارة الصــراع مرتكــزًا علــى خفــة‬ ‫أفــراده وحريــة مناورتــه وبذلــك يكــون قــد حــاز علــى األفضليــة‬ ‫تكتيـ ًكا ومــع أنــه اآلن يف أضعــف حاالتــه إال أنــه ينــاور علــى املســتوى‬ ‫االســتراتيجي بخطــة دفاعيــة إال أنــه مــازال قــاد ًرا علــى خــوض‬ ‫احلــرب بشــروطه هــو ال بشــروط اجليــش الوطنــي‪.‬‬ ‫نخلــص للقــول أن التناقــص احلــاد يف اإلمكانيــات املاديــة‬ ‫العســكرية وعــدم تفهــم اجليــش الوطنــي لطبيعــة التكتيــك العســكري‬ ‫للعــدو واالضطــراب السياســي وتناقــض يف التكتيــك العســكري شـ َكل‬ ‫حزمــة مــن العوائــق أمــام اجليــش الوطنــي وحتقيــق مكاســب حقيقيــة‬ ‫حاســمة علــى األرض‪ ،‬ولتجنــب هــذه العوائــق البــد مــن إعطــاء‬ ‫البعــد الزمنــي للحــرب مداهــا األمثــل وتــرك التكتيــك والتكنيــك‬ ‫العســكري يديرهــا بعيــد عــن الضغــط السياســي ويجــب تفعيــل دور‬ ‫هيــأة األركان اليمنيــة ومــد اجليــش الوطنــي بالوســائط القتاليــة‪،‬‬ ‫وتأهيــل كــوادره البشــرية‪ ،‬والعمــل علــى ترشــيد القيــم املعنويــة وإزالــة‬ ‫التناقضــات الفكريــة علــى كل املســتويات‪ ،‬واألهــم مــن ذلــك هــو‬ ‫تشــخيص ومراجعــة املرحلــة الســابقة مــن احلــرب للخــروج برؤيــة‬ ‫واضحــة عــن األســباب والعلــل التــي أدت إلــى نتائــج غيــر مجديــة‪،‬‬ ‫والعمــل علــى تافيــه‪ ،‬حيــث أن كســب احلــرب داخــل يف دائــرة‬ ‫اإلمــكان العســكري بشــروط منهــا املبــادأة‪ ..‬واملفاجــأة‪ ..‬الدعــم‬ ‫القــوى‪ ..‬وخفــة احلركــة وحريــة املنــاورة‪ ..‬حريــة اتخــاذ القــرار‪...‬‬ ‫ترشــيد التكتيــك العســكري وف ًقــا ملعطيــات الواقــع‪ ....‬تفعيــل دور‬ ‫االســتخبارات العســكرية واالســتطاع العســكري‪ ..‬وضــع القائــد‬ ‫املناســب يف املــكان املناســب‪ ....‬تأمــن الوســائط املاديــة للمقاتلــن‬ ‫يف اجلبهــات‪ .‬واألهــم مــن هــذا كلــه ترقــب الفرصــة املواتيــة للزحــف‬ ‫إلــى صنعــاء والعمــل علــى تهيئــة الظــرف التاريخــي لذلــك مــن‬ ‫خــال حشــد مزيــد مــن التأييــد الشــعبي يف الداخــل وتأهيلــه لتقبــل‬ ‫التحريــر ويف نفــس الوقــت تأهيــل كل الوســائط البشــرية العســكرية‬ ‫للعمــل علــى اســتغال ذلــك الظــرف التاريخــي باحترافيــة ومهنيــة‬ ‫وأعتقــد أنــه قــادم وبشــائره بــدأت تلــوح يف اآلفــاق‪.‬‬ ‫* ﺑﺎﺣﺚ ﻋﺴﻜﺮي ميﻨﻲ‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫شــبوه وحلــج وبهــذه االنتصــارات التــي متــت بــاال شــتراك مــع دول‬ ‫التحالــف انتقــل اجليــش الوطنــي مــن مرحلــة الدفــاع إلــى مرحلــة‬ ‫الهجــوم االســتراتيجي وبــدأ العــدو يفقــد القــدرة متا ًمــا علــى شــن‬ ‫أي هجــوم وانتقــل إلــى مرحلــة الدفــاع االســتراتيجي وبــات اجليــش‬ ‫الوطنــي يســيطر علــى ‪ %85‬مــن األرض‪ ،‬غيــر أن تلــك االنتصــارات لــم‬ ‫تكــن كافيــة للقــول إن األهــداف املعلنــة لهــذه احلــرب قــد حتققــت‪،‬‬ ‫فالعــدو مــازال يســيطر علــى العاصمــة وبعــض املــدن الهامــة ومــازال‬ ‫يســتولي علــى مؤسســات الدولــة أي أنــه يســطر علــى املــدن ذات‬ ‫الكثافــة الســكانية والثقــل الدميغــرايف األمــر الــذي ميكــن معــه القول‪،‬‬ ‫أن مــا حققــه اجليــش الوطنــي مقارنــة باألهــداف هــو نصــر مفــرغ‬ ‫مــن محتــواه تقري ًبــا فلــم تتحقــق أهــداف احلــرب فالوضــع العــام‬ ‫لانقابيــن مــازال كمــا هــو عليــه تقري ًبــا‪ .‬فهــل كان األداء العملياتــي‬ ‫بعي ـدًا عــن مامســة األهــداف؟ وهــل مــا كان مــن املمكــن أن يكــون‬ ‫أفضــل ممــا كان؟ أعتقــد أن الوضــع العســكري كان ميكــن أن يكــون‬ ‫أفضــل لــو أن التحالــف ســعى لتفعيــل هيــأة األركان وحصــر التعامــل‬ ‫يف امليــدان مــن خالــه فقــط؛ فــدول التحالــف لــم حتســم أمرهــا يف‬ ‫كيفيــة التعامــل مــع اجليــش الوطنــي؛ فاهــي عملــت علــى اســتقاله‬ ‫وتفعيلــه ومــده بإمكانيــات اســتقاله ماد ًيــا ومعنو ًيــا‪ ،‬وال تبنتــه بشــكل‬ ‫كامــل وحتمــل مســؤوليته سياســ ًيا وعســكر ًيا وهــو مــا أدى إلــى‬ ‫انحســار ميــدان العمليــات‪ ،‬مــع قصــور حــاد يف األداء القتالــي مقارنــة‬ ‫بحجــم األداء اجلــوي لــدول التحالــف‪ ...‬إن التعامــل املباشــر لــدول‬ ‫التحالــف مــع الوســائط البشــرية اليمنيــة يف امليــدان أضعــف قيــادة‬

‫مقال‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪65‬‬

‫ملف العدد‬

‫األركان وحــد مــن قــدرات الدفــاع الوطنــي وشــتت محــاور القتــال‬ ‫ومصــادر القــرار وزاد مــن عمــق هــذه اإلشــكالية الظــرف السياســي‬ ‫الــذي شــكل كتلــة ضغــط هائلــة علــى العقــل العســكري مــا أفقــده‬ ‫قدرتــه االحترافيــة وبــدأ يســعى فقــط إلرضــاء العقــل السياســي مــا‬ ‫أدى إلــى تشــكيل محــاور قتــال ثانويــة وإغفــال محــاور قتــال تكتيكيــة‬ ‫هامــة‪ ،‬أضــف إلــى ذلــك القيــم املعنويــة يف احلــرب لــم تكــن واضحــة‬ ‫يف ذهنيــة العقــل العســكري اليمنــي الــذي بــدا كل يــوم مــن أيــام‬ ‫احلــرب يستنســخ مــن املاضــي أومــن بعــض معطيــات احلاضــر‬ ‫أســباب وجــوده وأســباب قتالــه‪ .‬هــذا االرتبــاك يف عالــم التقاليــد‬ ‫العســكرية‪ ،‬وعالــم األفــكار ظهــر مجســدًا يف مشــروع اجلنــوب‬ ‫واملجلــس العســكري االنتقالــي الــذي أدى إلــى االنحســار مفهــوم‬ ‫الشــرعية وجتلــت فيــه كل معوقــات النصــر املاديــة واملعنويــة‪ .‬لــم يكــن‬ ‫يخطــر يف بــال أحــد أن حتريــر اجلنــوب ســينعكس ســل ًبا علــى طبيعــة‬ ‫املعركــة ضــد االنقــاب وســيعمل ضــد مشــروع األمــة الــذي تبنتــه دول‬ ‫التحالــف‪ ،‬فقــد كان األصــل أن يتحــول اجلنــوب إلــى قاعــدة انطــاق‬ ‫عســكرية فعليــة نحــو صنعــاء وتتحــول قاعــدة العنــد إلــى مقــر رئاســة‬ ‫األركان ويعــود املهجريــن إلــى وطنهــم ويفتــح مطــار عــدن واملــكا أمــام‬ ‫العالــم واليمنيــن الفاريــن مــن هــول االنقــاب لكــن شــيء مــن ذلــك لم‬ ‫يحــدث‪ .‬إن جملــة العوامــل التــي أدت باجلنــوب إلــى هــذه الوضعيــة‬ ‫هــي ذاتهــا معوقــات النصــر‪ ،‬وهــي ذاتهــا املانعــة مــن حتقيــق تقــدم‬ ‫فاعــل صــوب صنعــاء‪....‬إن معوقــات تقــدم اجليــش الوطنــي كامنــة‬ ‫يف األجنــدات السياســية املختلفــة ســواء علــى املســتوى الوطنــي‪،‬‬

‫‪64‬‬

‫ملف العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫مقال‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫التحالف نقل الجيش الوطني من الدفاع إلى الهجوم وسيطر على ‪ %85‬من األرض‬

‫الـحـوثـي يـراهـن عـلـى الـوقـت ‪..‬‬ ‫ومشكلة الجيش يف محاربة عصابة ميليشيات‬ ‫بعــد اســتياء االنقــاب علــى العاصمــة صنعــاء‪ ،‬أدركــت أن كل مقومــات الدولــة أصبحــت‬ ‫حتــت تصــرف أفــكار االنقابيــن‪ ،‬وأن احلوثــة بالــذات لديهــم فكــرة سياســية واضحــة‬ ‫مســتمده مــن التــراث السياســي اليمنــي الــذي يغلــب عليــه طابــع عــدم الرضــوخ إال لفكــرة‬ ‫مقدســة ورجــل مقــدس علــى األقــل مــن املنظــور التاريخــي القريــب‪ .‬وأدركــت أن هــذه‬ ‫الفكــرة تشــكل خطـ ًرا وجود ًيــا علــى اليمــن ودول اجلــوار اإلقليمــي‪ ،‬بــل الوجــود احلضــاري‬ ‫لألمــة العربيــة‪ ،‬ومهمــا يكــن فإنــه بعــد االنقــاب تغيــرت املراكــز القانونيــة للدولــة اليمنيــة‬ ‫وبــدت مامــح ذاك التغيــر كواقــع مــادي بتهديــد االنقابــن بالقــول أنــه قــد حــان الوقــت‬ ‫لتغييــر احلــدود اجلغرافيــة مــع بعــض دول اجلــوار وشــرعت حركــة احلوثــي بعمــل منــاورة‬ ‫عســكرية قــرب تلــك احلــدود؛ وتأكــد للمجتمــع الدولــي الــذي كان يضــع اليمــن حتــت الفصــل الســابع أن هــذا البلــد يف وضــع‬ ‫حــرج‪ ،‬فــكل االتفاقيــات الدوليــة فيمــا يخــص اليمــن كأن لــم تكــن؛ وأصبحــت امليليشــيات تســيطر علــى كامــل قــوام دولــة تقــع‬ ‫بجــوار منابــع النفــط املهمــة‪ ،‬وتســيطر علــى أهــم املمــرات املائيــة يف العالــم ســواء علــى بحــر العــرب‪ ،‬أو البحــر األحمــر‪.‬‬ ‫واتخــذت إيــران مــن هــذا اليــوم عيـدًا‪ .‬فكمــا قالــت أنهــا احتلــت العاصمــة العربيــة الرابعــة‪ .‬و كان أدق توصيــف لهــذه املرحلــة‬ ‫هــو تاشــي الدولــة وظهــور عصــر امليليشــيات وهــو مفهــوم عكســي حليــاة الشــعوب‪ ،‬وبذلــك عــادت وانتقلــت اليمــن مــن‬ ‫مرحلــة الدولــة القانونيــة إلــى مرحلــة الفوضــى امليليشــياوية‪.‬‬

‫عميد د‪ .‬عبد اهلل محمد أحمد حسني‬ ‫هــذه املعطيــات شــكلت مبــر ًرا منطق ًيــا لعاصفــة احلــزم وأوجــدت‬ ‫أســبابها وأهدافهــا‪ .‬إن انســحاب االنقابيــن مــن مراكــز املــدن‬ ‫والعاصمــة صنعــاء وعــودة الشــرعية وتســليم األســلحة وإنهــاء‬ ‫االنقــاب ومحــو آثــاره‪ ،‬هــي مجمــوع أهــداف عاصفــة احلــزم التــي‬ ‫تترجــم رغبــة كل املســتويات السياســية والعســكرية واالجتماعيــة‬ ‫لليمنيــن‪ ،‬وبالتــوازي ومــع مرحلــة الفعــل العســكري للعاصفــة بــدأ‬ ‫يتشــكل اجليــش الوطنــي ويرتكــز علــى ذات األســباب وذات األهــداف‬ ‫لعاصفــة احلــزم التــي تؤســس لوجــوده كقــوة عســكرية تعتمــد علــى‬ ‫إمكانيــات املنظومــة الدفاعيــة للتحالــف العربــي أي أن اجليــش‬ ‫الوطنــي أصبــح بالضــرورة جــز ًءا فاع ـ ً‬ ‫ا مــن الــكل اخلليجــي يتأثــر‬ ‫ســل ًبا وإيجا ًبــا ووجــو ًدا بهــذا الــكل ‪،‬وهنــا يجــب الوقــوف علــى أهــم‬ ‫محطــات اجليــش الوطنــي خــال عامــن ونصــف مــن احلــرب‪،‬‬ ‫باقتضــاب دون الولــوج علــى املعامــل التاريخــي لهــذه احملطــات‬

‫فأهــم منجــز هــو صــد العــدو ومنعــه مــن دخــول محافظــة مــأرب‬ ‫ومنعــه مــن الســيطرة علــى أهــم منابــع النفــط والغــاز وامتــدت جبهــة‬ ‫القتــال لتصــل إلــى محافظــة صنعــاء‪ ،‬واحلــرب تــدور رحاهــا اآلن‬ ‫شــرق صنعــاء ؛ وحتريــر محافظــة اجلــوف التــي تبعــد عــن صنعــاء‬ ‫ســبعن كيلومتـ ًرا ؛ويف جبهــة ميــدي أصبــح اجليــش الوطنــي يحاصــر‬ ‫املدينــة بعــد أن ســيطر علــى املينــاء‪ ،‬وقري ًبــا ســيصبح علــى مقربــة‬ ‫ً‬ ‫وأيضــا يف محــور املخــا ـ احلديــدة حقــق‬ ‫مــن محافظــة حجــه ؛‬ ‫اجليــش انتصــارات رائعــة‪ ،‬وحــرر معســكر خالــد بــن الوليــد أكبــر‬ ‫قاعــدة عســكرية علــى البحــر األحمــر بعــد أن طهــر مينــاء املخــا‬ ‫وبذلــك مت تأمــن بــاب املنــدب تقري ًبــا مــن االنقابيــن؛ ويف جبهــة‬ ‫البقــع حقــق انتصــارات مدهشــة وأصبــح ينــاور داخــل محافظــة‬ ‫صعــدة وكانــت احملطــة األبــرز هــي دحــر االنقابيــن مــن اجلنــوب‬ ‫كليــة عــدا بعــض املناطــق التــي مازالــوا متواجديــن فيهــا يف محافظــة‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫التداعي ــات العس ــكرية لسياس ــة احلوثي ــن إحي ــاء منظم ــة القاع ــدة‪،‬‬ ‫مبنحهـــا مبـــ ّر ًرا للوجـــود‪ ،‬بدعـــوى الدفـــاع عـــن (أهـــل الســـنة)‪ ،‬يف‬ ‫وجــه مــا تصفــه بـــ( الغــزو والتمـ ّدد الرافضــي املجوســي للحوثيــن)‪،‬‬ ‫غيـــر أنـــه لوحـــظ أن ظهـــور القاعـــدة وشـــعارها يف مقاومـــة املـــد‬ ‫(الرافض ــي) اقتص ــر عل ــى مرحل ــة البداي ــة عن ــد اقتح ــام احلوثي ــن‬ ‫احملافظـــات‪ ،‬أمـــا بعـــد ســـيطرتهم ‪ ،‬فقـــد غابـــت القاعـــدة عـــن‬ ‫املش ــهد متا ًم ــا‪ ،‬ول ــم يع ــد نش ــاطها إل ــى احلض ــور إال عق ــب انتص ــار‬ ‫املقاومـــة واجليـــش الوطنـــي يف أواخـــر رمضـــان ‪1437‬هـــ ‪-‬يوليـــو‬ ‫‪2015‬م‪ ،‬بتحري ــر محافظ ــة ع ــدن‪ ،‬ث ــم بقي ــة محافظ ــات اجلن ــوب‪،‬‬ ‫يف محاولـــة منهـــا إلعاقـــة الدولـــة الشـــرعية عـــن إحـــال األمـــن‬ ‫واالس ــتقرار يف احملافظ ــات احمل ـ ّررة هن ــاك‪ ،‬حي ــث قام ــت بعملي ــات‬ ‫اغتيــاالت وتفجيــرات ومذابــح واســعة النطــاق‪ ،‬بغيــة إفشــال جهــود‬ ‫الدول ــة تل ــك‪ ،‬وبق ــاء حال ــة الفوض ــى‪.‬‬ ‫‪ -18‬عل ــى صعي ــد التداعي ــات السياس ــية‪ ،‬فإنه ــا بلغ ــت ذروته ــا‬ ‫بحـــاح‪ ،‬ثـــم رئيـــس‬ ‫باســـتقالة حكومـــة الكفـــاءات برئاســـة خالـــد ّ‬ ‫اجلمهوريـــة عبـــد ربـــه منصـــور هـــادي‪ ،‬يف ‪2015/1/22‬م ‪ -‬قبـــل‬ ‫عدولهمـــا عـــن ذلـــك الح ًقـــا‪ -‬ثـــم قيـــام احلوثيـــن مبـــا وصفـــوه‬ ‫باإلعـــان الدســـتوري يف ‪2015/2/6‬م‪ ،‬ومـــا جـــ ّر إليـــه مـــن فشـــل‬ ‫كل احلـــوارات السياســـية التـــي أجرتهـــا املكونـــات السياســـية مـــع‬ ‫احلوثيـــن بســـبب إصـــرار األخيريـــن علـــى فـــرض إماءاتهـــا‪،‬‬ ‫وتطبي ًع ــا ألم ــر واق ــع فرضت ــه غطرس ــة الق ــوة‪ ،‬ث ــم إع ــان كثي ــر م ــن‬ ‫احملافظ ــات رفضه ــا تلق ــي أوامره ــا م ــن صنع ــاء بوصفه ــا عاصم ــة‬ ‫محتلــة مــن قبــل احلوثيــن‪ ،‬وهــو مــا عــززه رئيــس اجلمهوريــة هــادي‬ ‫بتأكي ــد ذل ــك الوص ــف يف ‪2015/3/3‬م‪ .‬وكان إلع ــان م ــا سـ ـ ّمي‬ ‫بـ(املجلـــس السياســـي األعلـــى) يف ‪2016/7/28‬م دوره الســـلبي يف‬ ‫احليلولـــة دون إجنـــاح محادثـــات الكويـــت‪.‬‬ ‫‪ -19‬حدثــت تداعيــات اقتصاديــة كبــرى يصعــب حصرهــا بدقــة‪،‬‬ ‫نظــ ًرا الس ــتمرار احل ــرب م ــن ناحي ــة وإص ــرار احلوثي ــن وحليفه ــم‬ ‫صالـــح علـــى فـــرض ســـيطرتهم علـــى العاصمـــة واحملافظـــات‬ ‫الواقعـــة يف قبضتهمـــا‪ ،‬ومـــا اســـتتبع مـــن تداعيـــات أهمهـــا مالـــه‬ ‫صل ــة مب ــوارد الدول ــة ب ــد ًءا م ــن مقاطع ــة دول اخللي ــج لليم ــن بع ــد‬ ‫س ــيطرة احلوثي ــن عل ــى مقالي ــد الس ــلطة‪ ،‬وانهي ــار معظ ــم ش ــركات‬ ‫القطــاع اخلــاص‪ ،‬وتســريح اآلالف مــن موظفيهــا‪ ،‬ويف ظــل مقاطعــة‬ ‫العديـــد مـــن شـــركات الطيـــران القيـــام برحـــات إلـــى صنعـــاء‪ ،‬و‬ ‫اغ ــاق مكاتبه ــا بالكام ــل‪ ،‬الس ــيما عق ــب إع ــان عاصف ــة احل ــزم‬ ‫انطاقته ــا يف ‪2015/3/26‬م‪ ،‬وانس ــحاب كل الس ــفارات األجنبي ــة‪،‬‬ ‫عـــدا الســـفارتن الروســـية واإليرانيـــة‪ ،‬لكـــن األولـــى اضطـــرت‬ ‫إلج ــاء موظفيه ــا بع ــد أش ــهر م ــن محاولته ــا البق ــاء‪ ،‬وكان ــت بع ــض‬ ‫الس ــفارات نقل ــت أنش ــطتها إل ــى ع ــدن بداي ــة األم ــر وذل ــك عق ــب‬ ‫متك ــن الرئي ــس عب ــد رب ــه منص ــور ه ــادي‪ ،‬م ــن الف ــرار م ــن صنع ــاء‬

‫دراسات العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪63‬‬

‫ي ــوم ‪2015/2/21‬م‪ ،‬قب ــل أن يس ــقط احلوثي ــون ع ــدن وس ــواها م ــن‬ ‫احملافظـــات اجلنوبيـــة‪ .‬ثـــم تأزمـــت األوضـــاع االقتصاديـــة أكبـــر‪،‬‬ ‫وتراج ــع س ــعر الص ــرف عل ــى نح ــو غي ــر مس ــبوق‪ ،‬فقام ــت احلكوم ــة‬ ‫بدع ــوة اجله ــات االقتصادي ــة الدولي ــة إل ــى االمتن ــاع ع ــن التعام ــل‬ ‫م ــع البن ــك املرك ــزي بصنع ــاء‪ ،‬ودعوته ــا إل ــى نقل ــه إل ــى ع ــدن‪ ،‬وقي ــام‬ ‫بع ــض احملافظ ــات برف ــض التعام ــل مع ــه فعل ًي ــا‪ ،‬وه ــو م ــا ق ــاد إل ــى‬ ‫مزي ــد م ــن األزم ــة اخلانق ــة بلغ ــت حـ ـ ّد العج ــز الفعل ــي للحوثي ــن‬ ‫وحليفه ــم صال ــح ع ــن تس ــليم مرتب ــات لبع ــض القطاع ــات‪ ،‬الس ــيما‬ ‫يف اجليــش واألمــن بــد ًءا مــن شــهر أغســطس ‪2016‬م‪ ،‬ثــم انتقــل مــن‬ ‫الش ــهر التال ــي إل ــى القط ــاع املدن ــي ودار الع ــام والوض ــع عل ــى حال ــه‬ ‫يف االنقط ــاع املس ــتمر للمرتب ــات‪ ،‬س ــواء ل ــدى احلوثي ــن وحليفه ــم‬ ‫صال ــح أو م ــا ع ــرف بـ(حكوم ــة اب ــن حبت ــور) أم ل ــدى الش ــرعية وم ــا‬ ‫ُع ــرف بحكوم ــة (اب ــن دغ ــر)‪ ،‬م ــع التراج ــع االقتص ــادي واملعيش ــي‬ ‫الش ــامل يف اجلهت ــن‪ ،‬إال م ــن ترقيع ــات وصفه ــا خب ــراء ومتابع ــون‬ ‫بـ(الوهمي ــة) تش ــهد عل ــى تفاق ــم األزم ــة م ــن مختل ــف جوانبه ــا‪.‬‬ ‫‪-20‬بلغـــت التداعيـــات الصحيـــة أرقا ًمـــا مفزعـــة‪ ،‬ســـواء يف‬ ‫أعـــداد الضحايـــا‪ ،‬أم اجلرحـــى‪ ،‬أم ســـوء التغذيـــة واألمـــراض‬ ‫املتفشـــية وال ســـيما بـــن األطفـــال‪ .‬وقدرتهـــا تصريحـــات بعـــض‬ ‫املس ــؤولن ‪ 21‬بنح ــو ملي ــون مين ــي يحتاج ــون للرعاي ــة‪ ،‬ومي ّثل ــون م ــا‬ ‫نســـبته ‪ %82‬مـــن الســـكان‪ ،‬و‪19‬مليـــون يفتقـــرون للميـــاه النظيفـــة‪،‬‬ ‫وأن ‪ 6000‬مستشــفى توقفــت عــن العمــل‪َ ،‬ج ـ َّراء احلــرب يف اليمــن‪.‬‬ ‫ومنـــذ أواخـــر ســـنة ‪2015‬م‪ ،‬فـــإن هنـــاك نحـــو ‪ 21.2‬مليـــون‬ ‫ش ــخص يف اليم ــن ‪-‬أو ‪ % 82‬م ــن الس ــكان بحاج ــة إل ــى ن ــوع م ــن‬ ‫املســـاعدة لتلبيـــة احتياجاتهـــم األساســـية‪-‬وف ًقا لنشـــرة موجـــزة‬ ‫صـــادرة عـــن مكتـــب األمم املتحـــدة لتنســـيق الشـــؤون اإلنســـانية‬ ‫(أوتش ــا)‪-‬هذا ع ــاوة عل ــى تفش ــي وب ــاء الكولي ــرا من ــذ أواخ ــر ش ــهر‬ ‫إبريـــل‪2017‬م‪.‬‬ ‫‪-21‬وقعـــت تداعيـــات تربويـــة وأكادمييـــة ونفســـية جســـيمة‪،‬‬ ‫تعرضـــت لهـــا بعـــض الفئـــات مـــن الطلبـــة واملدرســـن واملوظفـــن‬ ‫وســواهم‪ ،‬ممــن كان مســتفيدًا يف مصــدر رزقــه مــن تلــك املؤسســات‪،‬‬ ‫ج ــراء تعرضه ــا للتدمي ــر والنه ــب‪.‬‬ ‫‪-22‬جـ ّرت تلــك املمارســات احلوثيــة وحليفهــا صالــح كذلــك إلــى‬ ‫تداعي ــات إعامي ــة ق ــادت إل ــى قت ــل بع ــض اإلعامي ــن‪ ،‬واختط ــاف‬ ‫بعضهــم اآلخــر‪ ،‬ومداهمــة مكاتــب البعــض ومنازلهــم‪ ،‬وتشــريد عــدد‬ ‫كبيـــر منهـــم‪ ،‬مـــع وصمهـــم جمي ًعـــا بتهمـــة (الداعشـــية)‪ ،‬ووصلـــت‬ ‫أحيا ًن ــا إل ــى ح ـ ّد إص ــدار بع ــض محاكــم احلوثيــن حك ًمــا باإلع ــدام‪،‬‬ ‫كم ــا ح ــدث م ــع الصحف ــي احلبيج ــي‪.‬‬ ‫* أﺳﺘﺎذ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﱰﺑﻮي اﻹﺳﻼﻣﻲ‪ -‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺻﻨﻌﺎء‬

‫‪62‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫دراسات العدد‬

‫‪-11‬توزّع ــت خصوم ــات احلوثي ــن ب ــن زيدي ــة رمزه ــم محم ــد‬ ‫عب ــد العظي ــم احلوث ــي‪ ،‬وبع ــض املكون ــات القبلي ــة‪ ،‬ورمزه ــا قبيل ــة‬ ‫حاشــد‪ ،‬بزعامــة الشــيخ صــادق األحمــر‪ ،‬وفرقــاء العمــل السياســي‪،‬‬ ‫ومنوذجهــم اإلصــاح‪ ،‬وخصــوم مذهبيــن ومنوذجهــم ســلفية د ّمــاج‪،‬‬ ‫ورم ــوز عس ــكرين‪.‬‬ ‫‪-12‬توزعــت حتالفــات احلوثيــن بــن حتالفــات داخليــة وأخــرى‬ ‫خارجي ــة‪ ،‬أم ــا الداخلي ــة فيمثله ــا الرئي ــس الس ــابق عل ــي عب ــد اهلل‬ ‫صال ــح وجناح ــه يف املؤمت ــر الش ــعبي الع ــام‪ ،‬وف ًق ــا جلمل ــة ش ــواهد‪،‬‬ ‫وم ــن أبرزه ــا دع ــم احلوثي ــن ل ــه يف محط ــات املفصلي ــة من ــذ زم ــن‬ ‫احل ــروب الس ــتة‪ ،‬وذل ــك كاالنتخاب ــات الرئاس ــية يف ‪2006‬م‪ ،‬حي ــث‬ ‫حصـــل يف محافظـــة صعـــده يف أجـــواء احلـــرب‬ ‫الثالثـــة معهـــم علـــى‪ % 95‬مـــن األصـــوات‪ .‬ثـــم‬ ‫تصريح ــات عب ــده اجلن ــدي الناط ــق باس ــم ح ــزب‬ ‫املؤمتـــر‪ ،‬ومحمـــد عبـــد الســـام الناطـــق باســـم‬ ‫جماعـــة احلوثـــي املؤكـــدة لذلـــك التحالـــف‪ ،‬هـــذا‬ ‫م ــع م ــا لوح ــظ م ــن تناغ ــم إعام ــي ب ــن اآللت ــن‬ ‫اإلعاميتـــن للطرفـــن‪ ،‬وثبـــوت تســـجيل صوتـــي‬ ‫بـــن الرئيـــس الســـابق وأحـــد قيـــادات احلوثيـــن‪،‬‬ ‫وم ــن تنس ــيق الف ــت يف املواق ــف الكلي ــة‪ .‬ث ــم ح ــدث‬ ‫اإلق ــرار العلن ــي م ــن ط ــرف الرئي ــس الس ــابق عق ــب‬ ‫مــا عــرف بعاصفــة احلــزم التــي انطلقــت يف ‪2015/3/26‬م‪ ،‬وآخرهــا‬ ‫إعـــان مـــا ســـ ّمي بـ(املجلـــس السياســـي األعلـــى) بـــن الطرفـــن‪.‬‬ ‫أم ــا التحال ــف اخلارج ــي فيتمث ــل يف التحال ــف م ــع طه ــران‪ ،‬وم ــن‬ ‫ش ــواهد ذل ــك ثب ــوت صفق ــة األس ــلحة اإليراني ــة املعروف ــة بجيه ــان‬ ‫(‪ )1‬وجيهـــان (‪ ،)2‬وغيرهـــا الح ًقـــا‪ ،‬ثـــم ضبـــط شـــبكات خايـــا‬ ‫التجســـس اإليرانيـــة‪ ،‬ومحاصـــرة مقـــ ّر األمـــن القومـــي بصنعـــاء‪،‬‬ ‫إلط ــاق س ــراح احملتجزي ــن اإليراني ــن بع ــد س ــقوط صنع ــاء‪ .‬ث ــم‬ ‫تصريح ــات كب ــار الساس ــة اإليراني ــن بقي ــام عاق ــة خاص ــة ب ــن‬ ‫الطرفـــن‪ ،‬وتســـجيات بالصـــوت والصـــورة يف اليمـــن‪ ،‬لبعـــض‬ ‫العناص ــر العس ــكرية اللبناني ــة التابع ــة حل ــزب اهلل‪ ،‬التاب ــع ب ــدوره‬ ‫إليـــران‪ ،‬واعترافهـــا بعـــد ذلـــك مبـــا ســـمي بـ(املجلـــس السياســـي‬ ‫األعل ــى) تؤ ّك ــد أنه ــا تق ــوم بعملي ــات تصفه ــا باالستش ــهادية‪ ،‬ومنه ــا‬ ‫عمليــات بقلــب الريــاض‪ ،‬ثــم تصريحــات ساســة مينيــن (محايديــن)‬ ‫أمث ــال أحم ــد صال ــح الفقي ــه األم ــن الع ــام للح ــزب الدميقراط ــي‬ ‫اليمن ــي‪ ،‬وعب ــد الك ــرمي اإلريان ــي األم ــن الع ــام (الس ــابق) للمؤمت ــر‬ ‫الشـــعبي العـــام‪ ،‬وأنيـــس حســـن يحيـــى عضـــو املكتـــب السياســـي‬ ‫للحـــزب االشـــتراكي اليمنـــي‪.‬‬ ‫‪-13‬تتضافـــر عـــدد مـــن الشـــواهد لتتجـــه نحـــو قيـــام عاقـــة‬ ‫إيجابيــة بــن احلوثيــن واإلدارة األمريكيــة رغــم رفــع األولــى شــعار‬ ‫امل ــوت ألمري ــكا وإس ــرائيل‪ .‬وم ــن أب ــرز تل ــك الش ــواهد تصريح ــات‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫الســفير األمريكــي الســابق بصنعــاء جيرالــد فايــر ســتاين‪ ،‬التــي تقلّــل‬ ‫مــن خطــورة احلركــة احلوثيــة علــى املصالــح األمريكيــة وتب ـ ّرر عــدم‬ ‫إدراجه ــا يف قائم ــة املنظم ــات اإلرهابي ــة‪ ،‬لك ــون األمريكي ــن معني ــن‬ ‫باألفع ــال ال األق ــوال‪ ،‬كم ــا أن تصريح ــات نائ ــب الس ــفير األمريك ــي‬ ‫الس ــابق نبي ــل خ ــوري‪ ،‬أثن ــاء ج ــوالت بع ــض احل ــروب م ــع احلوثي ــن‬ ‫نـــادت باحلـــوار معهـــم ال احلـــرب عليهـــم‪ ،‬ثـــم هنالـــك مفاوضـــات‬ ‫س ــرية وعلني ــة م ــع ش ــخصيات رس ــمية أمريكي ــة‪ ،‬كتل ــك الت ــي دام ــت‬ ‫أســـابيع يف العاصمـــة ال ُعمانيـــة مســـقط‪ ،‬جتمـــع احلوثيـــن مـــع‬ ‫األمريكيــن‪ ،‬ثــم تصريحــات جــون كيــري وزيــر اخلارجيــة األمريكــي‬ ‫الســـابق يف ‪2016/4/9‬م يف ســـياق تبريـــره للحوثيـــن تلكؤهـــم يف‬ ‫تنفي ــذ الهدن ــة الت ــي أعلنه ــا مبع ــوث األمم املتح ــدة‬ ‫إل ــى اليم ــن إس ــماعيل ول ــد الش ــيخ أحم ــد ب ــد ًءا م ــن‬ ‫منتص ــف ليل ــة ‪2016/4/10‬م‪.‬‬ ‫‪-14‬أ ّكــدت الدراســة أن ســيناريو إســقاط حاشــد‬ ‫ث ـ ّم عم ــران ث ــم صنع ــاء وبقي ــة احملافظ ــات مت بدع ــم‬ ‫عس ــكري مباش ــر م ــن قب ــل الق ــوات املوالي ــة للرئي ــس‬ ‫اليمن ــي الس ــابق عل ــي عب ــد اهلل صال ــح‪.‬‬ ‫‪-15‬خلصـــت الدراســـة إلـــى أن هنـــاك تزايـــدًا‬ ‫ً‬ ‫ملحوظـــا يف درجـــة الرفـــض الشـــعبي للحركـــة‬ ‫احلوثيــة بســبب مســلك احلركــة العنيــف يف التعامــل‬ ‫م ــع خصومه ــا الفعلي ــن أو املفترض ــن‪ ،‬س ــواء يف القض ــاء عليه ــم‪،‬‬ ‫أو تشـــريدهم وماحقتهـــم وطردهـــم مـــن وظائفهـــم‪ ،‬أو بتفجيـــر‬ ‫منازله ــم‪ .‬وتزاي ــد ذل ــك من ــذ إس ــقاط صنع ــاء‪ ،‬وش ــهد اجت ــاه العن ــف‬ ‫ً‬ ‫ملحوظ ــا‪ ،‬وتع ـ ّرض العدي ــد‬ ‫عل ــى أئم ــة املس ــاجد وخطبائه ــا تزاي ـدًا‬ ‫منهــم مــن مختلــف احملافظــات والســيما أمانــة العاصمــة ومحافظــة‬ ‫صنع ــاء إل ــى االختط ــاف‪ ،‬واملاحق ــة والتش ــريد‪ ،‬ب ــل بل ــغ األم ــر ح ـ ّد‬ ‫قت ــل بعضه ــم وس ــحله أم ــام أهل ــه وأوالده‪ ،‬كم ــا ح ــدث م ــع جني ــب‬ ‫شــحرة يف مدينــة إب‪ ،‬وإحــال عناصــر حوثيــة بالقــوة بديـ ً‬ ‫ـا عنهــم‪.‬‬ ‫‪ -17‬ســـيطرة احلوثيـــن العســـكرية واألمنيـــة بالقـــوة‪ ،‬مـــع‬ ‫اســـتغالها البُعـــد املذهبـــي واملناطقـــي‪ ،‬كأداة مـــن أدوات تلـــك‬ ‫الســـيطرة يف بعـــض احملافظـــات ‪ ،‬تســـببت يف وقـــوع جملـــة مـــن‬ ‫التداعيـــات العســـكرية والسياســـية واالقتصاديـــة واالجتماعيـــة‬ ‫والصحيــة والتربويــة والنفســة واألكادمييــة واإلعاميــة‪ ،‬ومــن أبرزهــا‬ ‫ش ــرعنة االنقاب ــات العس ــكرية‪ ،‬وحتوي ــل سياس ــة الق ــوة إل ــى أم ــر‬ ‫واقــع مط ّبــع مقبــول‪ ،‬ممــا يدفــع كل جماعــة عنــف عســكرية متغلبــة‬ ‫أي منهـــا‬ ‫كالقاعـــدة أو داعـــش أو ســـواهما لاعتقـــاد أنّ امتـــاك ّ‬ ‫الق ــوة والغلب ــة وحدهم ــا كاف ًي ــا لاعت ــراف به ــا س ــلطة أم ــر واق ــع‪،‬‬ ‫وأس ــهمت يف ذل ــك األمم املتح ــدة واملجتم ــع الدول ــي‪ ،‬بإصرارهم ــا‬ ‫علـــى فـــرض شـــراكة مـــع حركـــة مســـلّحة رفضـــت التخلّـــي عـــن‬ ‫واضح ــا‪ ،‬كم ــا أن م ــن أب ــرز‬ ‫س ــاحها‪ ،‬وكان التواط ــؤ معه ــا يف ذل ــك‬ ‫ً‬

‫الحوثـي دعم صالح‬ ‫يف زمن الحروب السـت‬ ‫وفـي انـتـخـابـات عـام‬ ‫‪ 2006‬حـصـل عـى ‪%95‬‬ ‫مـــن أصــوات صـعـدة‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫‪-2‬يق ــود التحقي ــق يف موق ــف اإلم ــام زي ــد ب ــن عل ــي م ــن كب ــار‬ ‫صحابـــة الرســـول ‪-‬صلـــى اهلل عليـــه وســـلّم‪-‬إلى موقـــف إيجابـــي‪،‬‬ ‫وميكــن القــول مبــا ال يخلــو مــن نقــاش بــأن ذلــك كان موقــف اإلمــام‬ ‫اله ــادي كذل ــك م ــن كب ــار الصحاب ــة وخلف ــاء الرس ــول ‪-‬صل ــى اهلل‬ ‫علي ــه وس ـلّم‪-‬على خ ــاف املدرس ــة اجلارودي ــة م ــن الزيدي ــة (نس ــبة‬ ‫إلــى أبــي اجلــارود زيــاد بــن أبــي زيــاد املنــذر العبــدي ت‪ 150:‬وقيــل‬ ‫‪160‬هـــ) ذات املوقــف الســلبي يف ذلــك‪ ،‬وهــو مــا تابعــه عليهــا آخــرون‬ ‫م ــن أئم ــة الهادوي ــة يف اليم ــن‪ ،‬كم ــا ه ــو موق ــف احلوثي ــة الي ــوم‪.‬‬ ‫‪-3‬شـــهدت اليمـــن حتـــ ّوالت فكريـــة لبعـــض مجدديهـــا مـــن‬ ‫أبن ــاء البيئ ــة الزيدي ــة‪ ،‬انتقل ــت به ــم إل ــى رح ــاب (املدرس ــة الســنّية)‬ ‫مبفهومهـــا األعـــم إال أنـــه ال ميكـــن بعـــد ذلـــك اســـتمرار نســـبتهم‬ ‫إلـــى املذهـــب الزيـــدي‪ ،‬إذ جتـــاوزوا أصولـــه الكاميـــة‪ ،‬ومصـــادره‬ ‫املعرفي ــة‪ ،‬ناهي ــك ع ــن بع ــض مس ــائله الفقهي ــة والعملي ــة وأبرزه ــم‬ ‫املقبلـــي والوزيـــر والصنعانـــي والشـــوكاني‪.‬‬ ‫‪-4‬مـــع أنـــه ال توجـــد إحصائيـــة رســـمية للخارطـــة املذهبيـــة‬ ‫يف اليمـــن إال أن هنـــاك مصـــادر خاصـــة تشـــير إلـــى أن الزيديـــة‬ ‫تشــكل حوالــي ‪ ،%35-30‬مــع األخــذ يف احلســبان‪ ،‬أن ذلــك تقديــر‬ ‫للوضـــع التقليـــدي التاريخـــي مـــن حيـــث األصـــل‪ ،‬أمـــا الواقـــع‬ ‫احلالـــي فيؤ ِّكـــد أن أغلبيـــة جيـــل ثـــورة ‪26‬ســـبتمبر ‪1962‬م‪ ،‬مـــن‬ ‫أبنــاء البيئــة الزيديــة‪ ،‬نشــأ بعي ـ ًدا عــن معانــي هــذه األطــر‪ ،‬ولذلــك‬ ‫فيمكـــن القـــول إن األغلبيـــة منهـــم لـــم يعـــد لهـــم ارتبـــاط فعلـــي‬ ‫مبذهبهــم‪ ،‬بــل هــم مــع روح اإلســام العــام‪ ،‬مبختلــف مذاهبــه‪ ،‬دون‬ ‫تن ّك ــر لذل ــك التاري ــخ بعموم ــه‪ ،‬أو حتــ ّول إل ــى فك ــرة (الامذهبي ــة)‬ ‫الســـلفية الشـــهيرة‪.‬‬ ‫‪-5‬كانـــت بدايـــات تشـــ ّكل احلركـــة احلوثيـــة قـــد ظهـــرت يف‬ ‫صــورة منتديــات تعليميــة ثقافيــة مذهبيــة زيديــة عرفــت بـ(منتديــات‬ ‫الشـــباب املؤمـــن) عـــام ‪1990‬م‪ ،‬أمـــا بدايـــات تأسيســـها الفعليـــة‬ ‫فتعـــود إلـــى بدايـــة الســـبعينات مـــن القـــرن العشـــرين‪ ،‬أي عقـــب‬ ‫انعق ــاد م ــا ُع ــرف باملصاحل ــة الوطني ــة ب ــن اجلمهوري ــن وامللكي ــن‪،‬‬ ‫يف ‪1970‬م‪ ،‬يف مدين ــة جـ ـ ّدة‪ ،‬ث ــم مت ّك ــن مؤس ــس احلرك ــة حس ــن‬ ‫ب ــدر الدي ــن احلوث ــي م ــن االنتق ــال به ــا م ــن مرب ــع التعلي ــم والتثقي ــف‬ ‫إلــى مر ّبــع اجلماعــة املسـلّحة‪ ،‬وذلــك منــذ منتصــف ‪2004‬م‪ .‬وبذلــك‬ ‫فق ــد مـ ـ ّرت مبرحلت ــن ثقافي ــة تربوي ــة وعس ــكرية مقاتل ــة‪.‬‬ ‫‪-6‬ميكــن تصنيــف اجتاهــات الفكــر الزيــدي السياســي املعاصــر‬ ‫إلــى اجتاهــات ثاثــة هــي‪ :‬اجتــاه تراثــي تقليــدي (راديكالــي) يتم ّيــز‬ ‫بـ(تقدي ــس) امل ــوروث املذهب ــي الفقه ــي باجلمل ــة‪ ،‬واحملافظ ــة عل ــى‬ ‫التـــراث الفكـــري‪ ،‬مبـــا يف ذلـــك متابعتـــه للمدرســـة اجلاروديـــة يف‬ ‫املوقـــف مـــن كبـــار الصحابـــة‪ ،‬ومســـألة اخلافـــة بعـــد الرســـول‬ ‫مح ّمـــد ‪-‬صلـــى اهلل عليـــه وســـلّم‪-‬وإن مت ّيـــز باملوقـــف الســـلبي‬ ‫جتـــاه املذهـــب االثنـــى عشـــري‪ ،‬وميثلـــه املرجـــع الهـــادوي الزيـــدي‬

‫دراسات العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪61‬‬

‫الراح ــل مج ــد ال ّدي ــن املؤي ــدي (ت‪2007:‬م)‪ .‬والثان ــي اجت ــاه تقلي ــدي‬ ‫متوس ــع م ــع اإلمامي ــة‪ ،‬وميثل ــه املرج ــع احلوث ــي‬ ‫(راديكال ــي) م ــرن‬ ‫ِّ‬ ‫األعلـــى بـــدر الديـــن احلوثـــي (ت‪2010:‬م)‪ .‬أمـــا االجتـــاه الثالـــث‬ ‫فزي ــدي جتدي ــدي منفت ــح‪ ،‬ولك ــن بع ــد معان ــاة واضط ــراب‪ ،‬نظـ ـ ًرا‬ ‫حلرص ــه عل ــى االنفت ــاح عل ــى جمي ــع امل ــدارس الفكري ــة والفقهي ــة‪،‬‬ ‫غي ــر أن أقربه ــا إلي ــه يف مرحل ــة معين ــة كان ــت اإلمام ــة اجلعفري ــة‪،‬‬ ‫علـــى خلفيـــة انتصـــار الثـــورة اإليرانيـــة يف ‪1979‬م‪ ،‬وســـعيها نحـــو‬ ‫تصدي ــر ثورته ــا إل ــى العال ــم‪ ،‬وأب ــرز م ــن مي ّث ــل ه ــذا االجت ــاه ه ــو‬ ‫الباح ــث الزي ــدي احملق ــق محم ــد يحي ــى س ــالم ع ـزّان األم ــن الع ــام‬ ‫الس ــابق ملنتدي ــات الش ــباب املؤم ــن‪.‬‬ ‫‪-7‬كان ملؤس ــس احلوثي ــة حس ــن ب ــدر الدِّي ــن احلوث ــي موق ــف‬ ‫س ــلبي م ــن املعرف ــة املتمثل ــة يف علم ــي ال ــكام (التوحي ــد) وأص ــول‬ ‫الفق ــه‪ ،‬عل ــى خ ــاف املش ــهور يف املذه ــب الزي ــدي اله ــادوي‪ ،‬وه ــو‬ ‫مــا يؤ ّكــد أن الرجــل كان انتقائ ًيــا أكثــر منــه هادو ًيــا زيد ًيــا‪ ،‬أو حتــى‬ ‫جارود ًي ــا صار ًم ــا‪.‬‬ ‫‪ -8‬تزخ ــر أدبي ــات احلوثي ــة ممثل ــة يف م ُع ــرف مب ــازم (حس ــن‬ ‫بــدر الدِّيــن احلوثــي) باملوقــف الســلبي كذلــك مــن قضايــا التعدديــة‬ ‫واحلريـــة الفكريـــة والسياســـية‪ ،‬العتقـــاده أنـــه ال جتتمـــع احلريـــة‬ ‫ووح ــدة األم ــة (وف ــق رؤيت ــه الفكري ــة واملذهبي ــة اخلاص ــة)‪.‬‬ ‫‪-9‬بوس ــع الباح ــث حص ــر العوام ــل والق ــوى املؤث ــرة يف عام ــل‬ ‫داخل ــي يتم ّث ــل يف ج ــذور التشـ ـ ّيع السياس ــي‪ ،‬وكارزمي ــة املؤس ــس‪،‬‬ ‫واخلاف ــات الداخلي ــة‪ ،‬ومش ــكلة التعام ــل م ــع يه ــود صع ــدة‪ ،‬إال أن‬ ‫أبرزه ــا بإط ــاق كان العام ــل األول (التش ـ ّيع السياس ــي)‪ ،‬حي ــث ه ــو‬ ‫القاس ــم املش ــترك األب ــرز ل ــكل فصائ ــل التش ــيع ومذاهب ــه‪ ،‬املغالي ــة‬ ‫منه ــا وم ــا توص ــف باالعت ــدال‪ ،‬ألن االعتق ــاد ل ــدى اجلمي ــع أن ثم ــة‬ ‫ح ًقـــا إله ًيـــا‪ ،‬وامتيـــازًا ربان ًيـــا‪ ،‬لســـالة النبـــي وذريته‪-‬وهـــي ذريـــة‬ ‫احلســن واحلســن مــن فاطمــة بالنســبة للزيديــة الهادويــة واحلوثيــة‬ ‫تبــع لهــم يف ذلــك‪ -‬وثمــة عامــل خارجــي يتمثــل يف اســتيراد الصرخــة‬ ‫احلوثي ــة اإليراني ــة الش ــهيرة املنادي ــة بامل ــوت ألمري ــكا وإس ــرائيل‪.‬‬ ‫‪ - 10‬تؤ ّك ــد كل الش ــواهد أن ــه الب ــد م ــن التميي ــز ع ــن عاق ــة‬ ‫مؤســس احلركــة احلوثيــة حســن احلوثــي مــن االثنــى عشــرية بــن‬ ‫مرحلـــة احلركـــة يف حيـــاة الرجـــل وقيادتـــه وبـــن املرحلـــة التاليـــة‬ ‫لرحيل ــه‪ ،‬حي ــث خلص ــت الدراس ــة إل ــى أن ــه ل ــم يك ــن م ــع مح ــاوالت‬ ‫إح ــال املذه ــب االثن ــى عش ــري يف اليم ــن‪ ،‬ب ــل كان واق ًف ــا يف وج ــه‬ ‫ه ــذا االجت ــاه بق ــوة‪ ،‬م ــع إعجاب ــه املف ــرط باخلمين ــي وثورت ــه وح ــزب‬ ‫اهلل وقيادت ــه‪ ،‬ورمب ــا تلقي ــه دع ًم ــا مختل ًف ــا م ــن أط ــراف خارجي ــة‬ ‫عل ــى صل ــة باالثن ــى عش ــرية‪ ،‬وذل ــك عل ــى خ ــاف املرحل ــة التالي ــة‬ ‫لرحيل ــه‪ ،‬حي ــث دخل ــت االثن ــى عش ــرية يف التكوي ــن احلوث ــي ل ــدى‬ ‫بعـــض عناصـــره ومتاهـــت العاقـــة بـــن االجتاهـــن‪ ،‬إلـــى حـــ ّد‬ ‫يصع ــب مع ــه التميي ــز بينهم ــا أحيا ًن ــا ل ــدى بعضه ــم‪.‬‬

‫‪60‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫دراسات العدد‬

‫للموضـــوع‪ ،‬علـــى نحـــو مـــا سأشـــير إليـــه عنـــد تناولـــي منهـــج‬ ‫الدراســـة ومنهجيتهـــا‪.‬‬

‫مشكلة الدراسة وأسئلتها وأهدافها‪:‬‬ ‫يف ضــوء مــا تق ـ ّدم‪ ،‬وبالنظــر يف أبعــاد املشــكلة ومآالتهــا؛ فــإن‬ ‫ه ــذه الدراس ــة هدف ــت لإجاب ــة عل ــى الس ــؤال الرئي ــس التال ــي‪ :‬م ــن‬ ‫هــم احلوثيــون؟‬ ‫وينبثق عن السؤال الرئيس األسئلة الفرعية التالية‪:‬‬ ‫‪ -1‬ما اخللفية التاريخية للحوثية؟‬ ‫‪ -2‬ما معتقدات احلوثين وأفكارهم؟‬ ‫‪ -3‬مـــــا الــعـوامـــل الـمـؤثـــرة فـــي الـحـوثـيـــة داخـلــ ًيا‬ ‫وخـارجـ ًيا؟‬ ‫‪ -4‬مـــــا طــبـيــعــــة عــاقـــــات الــحـوثـيـيــــن؟ ومــــا‬ ‫خـصـومـاتـهــــم؟‬ ‫‪-5‬مــا مســار احلركــة احلوثيــة بعــد بلوغهــا الهــدف‬ ‫املركــزي (الســلطة)؟ ومــا تداعياتــه املختلفــة؟‬

‫منهج الدراسة وإجراءاتها‪:‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫أكث ــر مركزي ــة للس ــيطرة عل ــى الوس ــط واألط ــراف‪ ،‬باس ــم ماحق ــة‬ ‫(الدواع ــش) رغ ــم أن أغل ــب م ــن كان يواج ــه احلوثي ــن واس ــتمر يف‬ ‫ذل ــك ه ــم أبن ــاء تل ــك املناط ــق م ــن عام ــة املجتم ــع‪ ،‬متج ــاوزة بذل ــك‬ ‫كل االتفاق ــات ويف مقدمته ــا (اتف ــاق الس ــلم والش ــراكة)‪ ،‬وب ــدا م ــا‬ ‫يجــري علــى األرض مــن ســعي حوثــي حثيــث لاســتياء علــى كامــل‬ ‫الب ــاد‪ ،‬واالس ــتمرار يف سياس ــة (الق ـ ّوة)‪ ،‬مبثاب ــة اإلع ــان الصري ــح‬ ‫أن ال عاق ــة لتل ــك املطال ــب باألجن ــدة احلقيقي ــة مل ــن ن ــادى به ــا‪،‬‬ ‫خاصـــة بعـــد أن بـــدأ احلديـــث مـــع مطلـــع شـــهر فبرايـــر‪2015‬م‪،‬‬ ‫عل ــى ألس ــنة قي ــادات احلوثي ــن‪ ،‬مب ــا مف ــاده أن ــه ال ب ــد م ــن التفكي ــر‬ ‫مبراجع ــة أس ــعار الوق ــود ملواجه ــة األزم ــة االقتصادي ــة‪ ،‬وه ــو م ــا مت‬ ‫فعل ًيــا حيــث غــدت تبــاع اســطوانة البتــرول ســعة ‪20‬‬ ‫لت ـ ًرا بعــد مــرور أكثــر مــن ســنة علــى ســيطرتها علــى‬ ‫مقالي ــد الب ــاد‪ ،‬بأضع ــاف مضاعف ــة‪ ،‬مقارن ــة مب ــا‬ ‫كان ــت علي ــه طيل ــة عه ــد حكوم ــة باس ــندوة‪.‬‬

‫أدبـيـات الـحـوثـية‬ ‫سـلبية مـن التعدديـة‬ ‫والــحــريــة العـتـقــاد‬ ‫مؤسسـها أنه ال تجتمع‬ ‫الـحـرية ووحـدة األمـة‬

‫ســـتجمع هـــذه الدراســـة بـــن املنهجـــن‬ ‫التاريخـــي والوصفـــي م ًعـــا‪ ،‬مـــن حيـــث املـــادة‬ ‫العلمي ــة‪ ،‬وطريق ــة حتلي ــل النص ــوص التاريخي ــة‪ ،‬وتوصي ــف الواق ــع‬ ‫القائ ــم‪ ،‬مب ــا ال يخل ــو م ــن توثي ــق تاريخ ــي بحــ ّد ذات ــه‪ ،‬أو لألجي ــال‬ ‫القادم ــة‪ .‬أم ــا منهجيته ــا فه ــي ملتزم ــة مبنهجي ــة البح ــث العلم ــي‪،‬‬ ‫حقيقــة ال شــعا ًرا‪ ،‬مــن خــال التــزام احل ـ ّد األعلــى مــن املوضوعيــة‬ ‫يف التعاطــي مــع املشــكلة‪ ،‬وحســبي اإلشــارة إلــى أن مت ّكــن احلركــة‬ ‫احلوثيــة مــن حتقيــق أمنيتهــا الكبــرى بإســقاط خصومهــا الفكريــن‬ ‫والسياس ــين ؛ وولوجه ــا عامل ًــا جدي ـدًا عليه ــا‪ ،‬ق ــد أس ــهم يف مزي ــد‬ ‫م ــن تعقي ــد املش ــهد‪ ،‬وصن ــع له ــا م ــن األع ــداء أكث ــر‪ ،‬بع ــد أن ب ــدأت‬ ‫يف ممارســة ســلطة األمــر الواقــع‪ ،‬ممــا أوقعهــا يف قــدر غيــر يســير‬ ‫م ــن التراج ــع ع ــن بع ــض م ــا كان ــت تن ــادي ب ــه أثن ــاء ثورانه ــا عل ــى‬ ‫حكومــة الوفــاق الوطنــي برئاســة مح ّمــد ســالم باســندوة‪ ،‬خاصــة أن‬ ‫املواطــن اليمنــي لــم يصبــح علــى واقــع ميــن جديــد‪ ،‬يتجــاوز بــه ه ّمــه‬ ‫املعيش ــي‪ ،‬بع ــد أن كان كثي ــرون ق ــد أ ّي ــدوا مطال ــب احلرك ــة الثاث ــة‪:‬‬ ‫إســـقاط احلكومـــة‪ ،‬والتراجـــع عمـــا وصـــف يف اليمـــن بـ(اجلرعـــة‬ ‫الســعرية)‪ ،‬وتنفيــذ مخرجــات مؤمتــر احلــوار الوطنــي‪ ،‬خاصــة بعــد‬ ‫أن متــت االســتجابة مــن قبــل حكومــة الوفــاق‪ ،‬لتغييــر احلكومــة‪ ،‬ومت‬ ‫التراج ــع الفعل ــي ع ــن (اجلرع ــة الس ــعرية)‪ ،‬وب ــدأ البح ــث يف تنفي ــذ‬ ‫مخرجــات احلــوار‪ ،‬بيــد أن ذلــك لــم يلــق أي اســتجابة مــن احلركــة‪،‬‬ ‫بــل مضــت يف إســقاط املديريــات واحملافظــات‪ ،‬حتــى بلــوغ صنعــاء‪،‬‬ ‫لتغ ــدو مبثاب ــة املوق ــع االس ــتراتيجي لانط ــاق م ــن موق ــع جدي ــد‬

‫نتائج وتوصيات‬

‫رغ ــم أن ل ــم يبل ــغ املش ــهد احلوث ــي نهايت ــه‪ ،‬نظ ـ ًرا‬ ‫لتعقيداتــه‪ ،‬ومــا يــدور حولــه مــن تفاعــات متســارعة‪،‬‬ ‫مفتوح ــة عل ــى االحتم ــاالت جميعه ــا‪ .‬ولك ــن مض ــت‬ ‫الدراســة يف ضــوء خطتــه املرســومة معاملهــا الرئيســة‬ ‫منـــذ البدايـــة‪ ،‬وتابعـــت كل مالـــه صلـــة مباشـــرة أو غيـــر مباشـــرة‬ ‫التوس ــع ف ــوق م ــا تو ّق ــع الكات ــب يف بداي ــة اخلط ــة‪،‬‬ ‫مبوضوعه ــا‪ ،‬م ــع‬ ‫ّ‬ ‫حت ــى غ ــدا اآلن أربع ــة أج ــزاء قابل ــة للمزي ــد فيم ــا ل ــو ف ــرض الواق ــع‬ ‫ذلــك‪ ،‬ولــم تصــل احلــرب الدائــرة إلــى نهايــة لهــا‪ .‬وذلــك فــإن أبــرز مــا‬ ‫خل ــص إلي ــه م ــن نتائ ــج ميك ــن إيجازه ــا يف التال ــي‪:‬‬ ‫‪-1‬مــع أن قلّــة مــن اليمنيــن أدركــوا بدايــات التشــيع قبــل مقــدم‬ ‫الرســي ســنة ‪280‬هـــ‬ ‫اإلمــام الهــادي يحيــى بــن احلســن بــن القاســم‬ ‫ّ‬ ‫عل ــى ي ــد إبراهي ــم ب ــن موس ــى (اجل ـزّار) (ت‪210:‬هـــ) قب ــل نح ــو ‪80‬‬ ‫س ــنة م ــن ق ــدوم اله ــادي إال أن البداي ــات الفعلي ــة للدول ــة الزيدي ــة‬ ‫األولــى يف اليمــن لــم تتــم إال علــى يــد الهــادي‪ ،‬الــذي امتــد مذهبــه‬ ‫عب ــر تاري ــخ اليم ــن بع ــد ذل ــك نحـ ـ ًوا م ــن ‪ 1100‬س ــنة‪ ،‬وإن ظل ــت‬ ‫البقعــة اجلغرافيــة لتمـ ّدده محصــورة يف مناطــق تقليديــة محــدودة‪،‬‬ ‫بالنظــر إلــى اخلارطــة الطبيعيــة لليمــن‪ ،‬وكــون املذهــب األوســع هــو‬ ‫املذه ــب الش ــافعي‪ ،‬أم ــا مذه ــب اإلم ــام زي ــد ب ــن عل ــي (ت‪122:‬هـــ)‬ ‫الفعل ــي فل ــم ي ــر الن ــور يف اليم ــن طيل ــة تاريخه ــا يف ص ــورة مذه ــب‬ ‫ميك ــن مقارنت ــه مبذه ــب اله ــادي‪ ،‬انتش ــا ًرا وتأثيـ ـ ًرا ودول ــة‪ ،‬وظ ــل‬ ‫محص ــو ًرا يف نط ــاق أف ــراد أو مجموع ــات مح ــدودة ‪ ،‬ومت جت ــاوزه‬ ‫مب ــرور الزم ــن‪ ،‬حت ــى ان ــزوى عل ــى نح ــو ش ــبه ت ــام‪ .‬ولذل ــك ف ــإن‬ ‫نِســـبة املذهـــب الهـــادوي إلـــى الزيـــدي مجـــازي عـــريف أكثـــر منـــه‬ ‫حقيق ــي وتاريخ ــي‪.‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫دراسات العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪59‬‬

‫الـمـســــارات والـتـداعـيــــات فــــي الـيـمــــن بـعــــد االنـقــــالب الـحـوثــــي‪ /‬صـالــــح‬

‫مـــن الهـــادي إىل الحوثـــي‪ :‬المعتقـــدات‬ ‫والـمـواقـف والـخـصـومـات والـتـحـالـفـات‬ ‫م ــا يتص ــل بفك ــرة الكتاب ــة يف ه ــذا املوض ــوع وج ــذوره ح ــول أص ــول الزيدي ــة وعاقته ــا‬ ‫باملهداوي ــة‪ ،‬ومام ــح تش ـ ّكل فك ــرة احلوثي ــة فاب ــد م ــن اس ــتهاله؛ ونق ــول لعله ــا ب ــدأت‬ ‫م ــع مطل ــع التس ــعينات م ــن الق ــرن املي ــادي املنص ــرم‪ ،‬أي عق ــب اإلع ــان ع ــن الوح ــدة‬ ‫اليمني ــة‪ ،‬ولوازمه ــا م ــن تعددي ــة سياس ــية وانفت ــاح عل ــى املكون ــات املختلف ــة‪ ،‬إذ ظه ــرت‬ ‫فك ــرة منتدي ــات الش ــباب املؤم ــن تب ــرز يف العل ــن‪ ،‬منطلق ــة م ــن محافظ ــة صع ــدة‪ ،‬حي ــث‬ ‫م ّثل ــت ن ــواة الفك ــر احلوث ــي وج ــذره األول‪ .‬ويف منتص ــف الع ــام ‪2004‬م‪ ،‬حت ّول ــت ه ــذه‬ ‫املنتدي ــات الش ــبابية (اإلمياني ــة) – إال القلي ــل م ــن أفراده ــا وبع ــض قياداتها‪-‬إل ــى ط ــور‬ ‫اجلماعـــة املســـلّحة‪ ،‬وبـــدأت تـــؤرق املجتمـــع اليمنـــي يف صعدة‪-‬بوجـــه خاص‪-‬وعمـــوم‬ ‫احملافظ ــات بأق ــدار مختلف ــة‪ ،‬نظــ ًرا لكونه ــا جلب ــت الص ــراع املســلّح إل ــى تل ــك احملافظ ــة‪ ،‬وانعكس ــت تداعياته ــا األولي ــة‬ ‫عل ــى املواط ــن يف صع ــدة‪ ،‬كم ــا املؤسس ــة العس ــكرية وأفراده ــا الذي ــن يتش ـ ّكلون م ــن مختل ــف محافظ ــات اليم ــن‪ ،‬ع ــاوة‬ ‫عل ــى اآلث ــار السياس ــية واالقتصادي ــة واالجتماعي ــة وس ــواها‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد محمد الدغشي‬ ‫ويف ‪2014‬م‪ ،‬ضمـــت اجلماعـــة إلـــى جانـــب ســـمة (اجلماعـــة‬ ‫املســـلّحة) ســـمة (الشـــرعية الثوريـــة) ‪ -‬بحســـب توصيفهـــا‬ ‫لنفس ــها‪ -‬دون أن يك ــون لذل ــك عاق ــة بث ــورة الربي ــع اليمن ــي الت ــي‬ ‫اندلع ــت يف ‪ 11‬فبراي ــر ‪2011‬م‪ ،‬لكنه ــا ل ــم تغ ــادر مرب ــع الس ــاح‪،‬‬ ‫لتنتقـــل إلـــى طـــور (الدولـــة)‪ ،‬بعـــد أن انتصـــرت علـــى خصومهـــا‬ ‫كمــا لــم تقبــل بالشــراكة علــى نحــو مــا نصــت عليــه وثيقــة (الســلم‬ ‫والشــراكة)‪ ،‬الصــادرة يف ‪21‬ســبتمبر‪2014‬م‪ ،‬تلــك التــي تعــد وثيقــة‬ ‫(حوثي ــة) أكث ــر منه ــا (وطني ــة عام ــة)‪ ،‬إذ ج ــاءت حت ــت وق ــع لغ ــة‬ ‫الرصــاص‪ ،‬والقصــف احلوثــي لصنعــاء‪ ،‬يف يــوم التوقيــع ذاتــه‪ ،‬بــل‬ ‫راح ــت احلرك ــة تف ــرض عناصره ــا ومطالبه ــا عل ــى الس ــلطة ممثل ــة‬ ‫يف حكوم ــة الكف ــاءات‪ ،‬بع ــد أن فوض ــت اجلماع ــة م ــع غيره ــا م ــن‬ ‫املكونـــات واألحـــزاب رئيـــس اجلمهوريـــة لتعيـــن رئيســـها‪ ،‬وصـــار‬ ‫للجماعـــة ممثلـــون علـــى نحـــو مباشـــر أو غيـــر مباشـــر‪ ،‬بيـــد‬ ‫أنهـــا اســـتمرت يف اقتحـــام احملافظـــات‪ ،‬واملؤسســـات احلكوميـــة‪،‬‬ ‫واخلاص ــة ومصادرته ــا‪ ،‬وف ــرض أئمته ــا وخطبائه ــا عل ــى املس ــاجد‪،‬‬ ‫عب ــر م ــا ُع ــرف باللج ــان الثوري ــة‪ ،‬إل ــى أن أعلن ــت احلوثي ــة أ ّنه ــا‬ ‫هـــي الدولـــة ذاتهـــا يف مـــا وصفتـــه باإلعـــان الدســـتوري يف‬

‫‪2015/2/6‬م‪ ،‬واس ــتمرت يف سياس ــة إقص ــاء خصومه ــا‪ ،‬وتش ــريد‬ ‫الكثي ــر منه ــم‪ ،‬وتفجي ــر املن ــازل‪ ،‬و دور العب ــادة‪ ،‬ومراك ــز التعلي ــم‪،‬‬ ‫وقطـــع مرتبـــات كثيريـــن‪ ،‬وفصـــل عـــدد مـــن اإلعاميـــن‪ .‬وهنـــا‬ ‫اختلطـــت األوراق‪ ،‬وتســـاءل كثيـــرون تُـــرى مـــا حقيقـــة احلوثيـــة‬ ‫ه ــذه؟ م ــن أي ــن ج ــاءت؟ وكي ــف ظه ــرت؟ م ــا جذوره ــا التاريخي ــة؟‬ ‫وه ــل له ــا م ــن َســلَف يف ذل ــك؟ وم ــاذا تري ــد؟ وم ــا واقعه ــا؟ وإل ــى‬ ‫أي ــن تس ــوق اليم ــن؟ وأي ــن وصل ــت فعل ًي ــا؟ وه ــو م ــا دف ــع بالباح ــث‬ ‫للتفاع ــل وص ــدرت ه ــذه الدراس ــة‪.‬‬

‫أهمية الدراسة‪:‬‬ ‫هـــذه الدراســـة هـــي األولـــى منـــذ منعطـــف اجتيـــاح صنعـــاء‬ ‫مـــن قبـــل احلركـــة احلوثيـــة يف ‪21‬ســـبتمبر ‪2014‬م‪ ،‬يف ســـعتها‬ ‫وش ــمولها ومتابعته ــا وتوثيقه ــا‪ ،‬وجمعه ــا ب ــن التاري ــخ واحلاض ــر‪،‬‬ ‫واإلميـــاء نحـــو املســـتقبل‪ ،‬مـــع الزمـــن الفعلـــي الـــذي أخذتـــه‬ ‫الكتابـــة لـــه‪ ،‬حيـــث امتـــ ّد منـــذ اجتيـــاح احلوثيـــن صنعـــاء إلـــى‬ ‫م ــا يرب ــو عل ــى س ــنتن وثاث ــة أش ــهر م ــن عم ــر س ــلطة احلوثي ــن‪،‬‬ ‫وتل ــك وحده ــا أهمي ــة تتأك ــد م ــن خ ــال طبيع ــة التن ــاول العمل ــي‬

‫‪58‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫دراسات العدد‬

‫الهزميــة العســكرية‪ ،‬أو التفاهمــات السياســية املدعومــة بالضغــط‬ ‫العســكري‪ .‬وإلجنــاح عمليــة االحتــواء يتطلــب األمــر تفكيــك البنيــة‬ ‫العســكرية‪ ،‬والــذي يعنــي حــل اجلهــاز العســكري ومصــادرة األســلحة‬ ‫الثقيلــة واملتوســطة‪.‬‬ ‫وميكــن إرجــاع قــوة احلركــة إلــى عــدد مــن العوامــل والتــي ذكرنــا‬ ‫معظمهــا حــن اإلشــارة إلــى عوامــل صعــود احلركة‪ ،‬وســنعيد اإلشــارة‬ ‫لهــا بشــكل مقتضــب يف النقــاط التاليــة‪:‬‬ ‫‪ -1‬ضعــف خصومهــا وتشــتتهم بــن أطــراف كثيــرة ذات أجنــدات‬ ‫مختلفــة‪.‬‬ ‫‪ -2‬استمرار حالة فراغ السلطة الرسمية‪.‬‬ ‫‪ -3‬استمرار حتالفها التكتيكي مع الرئيس السابق صالح‪.‬‬ ‫‪ -6‬اســتمرار الدعــم اإليرانــي والــذي ميــد احلركــة باألمــوال ورمبــا‬ ‫األســلحة‪ ،‬ويبــدو أن هــذا الدعــم سيســتمر وقــد يتصاعــد يف حــال‬ ‫أصبحــت احلركــة يف وضــع عســكري وسياســي صعــب‪.‬‬ ‫‪ -7‬متاســك نواتهــا الصلبــة والتــي تتشــكل مــن فريقــن‪ :‬الهاشــميون‬ ‫والذيــن ينتشــرون يف جميــع مناطــق اليمــن ويتواجــدون يف كل‬ ‫مؤسســات الدولــة‪ ،‬واحلركيــون املشــبعون بالفكــرة والــوالء‪ ،‬وأصبحــوا‬ ‫عصــب املليشــيا وأدواتهــا الضاربــة‪.‬‬ ‫‪ -8‬القيــادة املركزيــة الصارمــة للحركــة وهــي الصفــة التــي تنفــرد‬ ‫قياســا بالقــوى األخــرى‪.‬‬ ‫فيهــا احلركــة‬ ‫ً‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫‪ -9‬اســتمرار ســيطرتها علــى مؤسســات الدولــة‪ ،‬والــذي يجعلهــا‬ ‫تســخر مــوارد الدولــة وأجهزتهــا لصالــح احلركــة‪.‬‬ ‫‪ -10‬امــتـ ــاك الـحـركـ ــة لـمـ ــوارد خـاصـ ــة‪ ،‬بع ــد أن متكن ــت م ــن‬ ‫الســـيطرة علـــى أهـــم املؤسســـات احلكوميـــة املـــدرة للدخـــل‪،‬‬ ‫والقطاعـــات االقتصاديـــة املربحـــة كتجـــارة الوقـــود واالتصـــاالت‬ ‫والبنـــوك والصرافـــة‪.‬‬ ‫‪ -11‬سيطرتها على املنطقة األصعب جغراف ًيا واألقوى سكا ًنا‪.‬‬ ‫‪ -12‬صراعهــا الوجــودي مــع خصومهــا‪ ،‬فاحلركــة وضعــت لنفســها‬ ‫خيــارات صفريــة فإمــا النصــر الكامــل أو الهزميــة املاحقــة‪.‬‬ ‫‪ -13‬الوجــه الليبرالــي للحركــة‪ ،‬والــذي يجعلهــا قــادرة علــى التســويق‬ ‫لــدى الكثيــر مــن الــدول واملنظمــات احلقوقيــة‪.‬‬ ‫‪ -14‬توظيفها للعنف ألغراض سياسية يف صاحلها‪.‬‬ ‫إن مــن املمكــن القــول أن احلركــة احلوثيــة بصفتهــا مشــروع‬ ‫فوضــى مولــدة للعنــف واالنقســامات ال ميكنهــا أن تســتمر لفتــرة‬ ‫طويلــة وأن حركــة التاريــخ حت ًمــا ســتتجاوزها‪ ،‬ولكــن الســؤال املركــزي‬ ‫هنــا هــو متــى وكيــف ســيتم ذلــك‪.‬‬

‫* ﺑﺎﺣﺚ ميﻨﻲ‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫إعانهــم الدســتوري يف ‪ 6‬فبرايــر ‪2015‬م‪ ،‬مت تشــكيل اللجنــة الثوريــة‬ ‫العليــا والتــي مارســت بشــكل عملــي مهــام رئيــس الدولــة يف الدســتور‬ ‫اليمنــي؛ فيمــا أصبــح زعيــم احلركــة عبــد امللــك احلوثــي يحمــل صفــة‬ ‫قائــد الثــورة‪.‬‬ ‫البنيــة التنظيميــة للحوثيــن تبقــى غامضــة األمــر الــذي يجعــل‬ ‫كل مــا يقــال نــوع مــن االجتهــادات الشــخصية ليــس إال‪ ،‬ميكــن تخمــن‬ ‫البنيــة التنظيميــة للحركــة علــى النحــو التالــي‪:‬‬ ‫أ‪ -‬تسيطر أسرة احلوثي على املراكز العليا للحركة‪.‬‬ ‫ب‪ -‬يحتــل الســادة الهاشــميون‪ ،‬تقري ًبــا‪ ،‬وحتدي ـدًا أوالئــك املنتمــون‬ ‫حملافظــة صعــدة‪ ،‬كل املناصــب الوســطى يف األجهــزة احلساســة‪.‬‬ ‫ت‪ -‬تُـــتخذ القــرارات االســتراتيجية واحلساســة يف نطــاق زعيــم‬ ‫احلركــة وأقاربــه وقــادة األجهــزة‪ ،‬والتــي يبــدو أنهــا مرتبطــة بحلقــة‬ ‫وصــل عضويــة مــع اإليرانيــن‪.‬‬ ‫ث‪ -‬بقيــة تنظيمــات احلركــة يتــم إشــراك بعــض األشــخاص مــن‬ ‫فئــات ال تنتمــي لألســر الهاشــمية‪.‬‬

‫مشروع الحركة‬ ‫حتــى الوقــت احلالــي لــم تقــدم احلركــة علــى تبيــان مشــروعها‬ ‫السياســـي بشـــكل واضـــح ومحـــدد‪ ،‬وكل مـــا هنالـــك ليـــس إال‬ ‫ش ــعارات ع ــن الع ــداء ألمري ــكا وإس ــرائيل‪ ،‬ونه ــوض األم ــة وغيره ــا‬ ‫م ــن اخلطاب ــات الت ــي ال تق ــدم مش ــروع سياس ــي للحك ــم‪ .‬وميك ــن‬ ‫إرجـــاع ذلـــك إلـــى عـــدم قـــدرة احلركـــة علـــى إظهـــار مشـــروعها‬ ‫احلقيقـــي املتمثـــل بعـــودة النظـــام اإلمامـــي‪ ،‬والـــذي هـــو جوهـــر‬ ‫املذه ــب الزي ــدي‪ ،‬كم ــا س ــبق وأش ــرنا‪ .‬فالنظ ــام اإلمام ــي أصب ــح‬ ‫ل ــدى ش ــريحة واس ــعة م ــن اليمني ــن ج ــزء م ــن املاض ــي‪ ،‬وال ميك ــن‬ ‫القبــول بعودتــه إال لــدى فئــة صغيــرة جـ ًدا مــن املتعصبــن للمذهــب‬ ‫الزيـــدي‪ ،‬ومـــع ذلـــك فـــكل أدبيـــات احلركـــة احلوثيـــة‪ ،‬وحتديـــ ًدا‬ ‫م ــازم حس ــن احلوث ــي‪ ،‬تتح ــدث ع ــن ح ــق احت ــكار احلك ــم لس ــالة‬ ‫احلس ــن واحلس ــن‪ ،‬وه ــو األم ــر ال ــذي ل ــم تبل ــور احلرك ــة وس ــائل‬ ‫تطبيق ــه حت ــى اآلن‪.‬‬

‫صعوبة الحكم‬ ‫م ــن خ ــال معرف ــة الطبيع ــة العام ــة للحرك ــة احلوثي ــة يتض ــح‬ ‫بأنه ــا ال ميك ــن أن حتك ــم اليم ــن إال بش ــكل منف ــرد وبآلي ــة قمعي ــة‬ ‫شـــمولية‪ ،‬وحتـــى لـــو متكنـــت مـــن التحالـــف مـــع بعـــض القـــوى‬ ‫األخـــرى؛ فـــإن هـــذا التحالـــف يبقـــى هـــش وال ميكـــن اســـتمراره‪.‬‬ ‫ومــا يجعــل احلركــة متــارس الســلطة عــن طريــق القمــع واالســتبداد‬ ‫ضع ــف ش ــرعيتها السياس ــية‪ .‬وه ــذا الضع ــف ن ــاجت ع ــن مش ــروع‬ ‫احلركـــة الركيـــك والـــذي ال يحظـــى بدعـــم شـــريحة واســـعة مـــن‬

‫دراسات العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪57‬‬

‫الس ــكان‪ ،‬فكمــا ذكرنــا مــرا ًرا فــإن مشــروع احلركــة ال يخــدم عمل ًي ــا‬ ‫إال فئ ــة مح ــددة ال يتج ــاوز ع ــدد أفراده ــا ‪ %3‬م ــن س ــكان اليم ــن‪،‬‬ ‫وقل ــة صغي ــرة م ــن الس ــكان الذي ــن مت أدجلته ــم م ــن قب ــل احلرك ــة‬ ‫وأصبحـــوا مقتنعـــن بهـــا ومؤمنـــن مبنطلقاتهـــا الفكرية‪/‬الدينيـــة‪،‬‬ ‫أمــا األغلبيــة الســنية مــن الســكان فإنهــا تبقــى يف مجملهــا معارضــة‬ ‫للمشــروع احلوثــي‪ ،‬وإن كانــت هــذه املعارضــة غيــر كاملــة يف الوقــت‬ ‫احلال ــي نتيج ــة االختراق ــات الت ــي ق ــام به ــا احلوثي ــون ل ــدى بع ــض‬ ‫احملس ــوبن عل ــى الس ــنة‪.‬‬

‫صعوبة المشاركة‬ ‫هنــاك عــدة منــاذج ملشــاركة احلركــة احلوثيــة يف الســلطة أهمهــا‬ ‫أن تكــون جــز ًءا مــن نظــام تعــددي دميقراطــي‪ ،‬أو أن تكــون جــز ًءا مــن‬ ‫نظــام محاصصــة طائفي‪/‬جهــوي‪ ،‬أو أن يصبــح لهــا منطقــة جغرافيــة‬ ‫محــددة تديرهــا ضمــن نظــام حكــم ذاتي‪/‬فدرالــي‪ .‬وفيمــا يلــي‬ ‫مناقشــة إلمكانيــة مشــاركة احلركــة يف النمــاذج املذكــورة مــن عدمهــا‪:‬‬ ‫يف النمــط األول يصعــب علــى احلركــة أن تصبــح جــز ًءا مــن‬ ‫عمليــة تعدديــة دميقراطيــة؛ ألن هــذه العمليــة ال تتناســب وطبيعتهــا‬ ‫العامــة؛ فالنظــام التعــددي يقــوم علــى فكــرة جوهريــة تتلخــص يف‬ ‫قبــول أطــراف العمليــة السياســية بقواعــد لعبــة ملزمــة لهــم‪ ،‬ومعظــم‬ ‫هــذه القواعــد يتــم ذكرهــا يف الدســاتير والقوانــن النافــذة‪ ،‬فيمــا‬ ‫البعــض اآلخــر تكــون مســتبطنة يف احلــس العــام للمجتمــع ضمــن‬ ‫الثقافــة السياســية الســائدة‪ .‬ومــن أهــم قواعــد اللعبــة عدم اســتخدام‬ ‫العنــف أو التهديــد بــه‪ ،‬واالســتقواء بطــرف خارجــي‪ ،‬وتكافــؤ الفــرص‬ ‫جلميــع الاعبــن‪ ،‬يضــاف إلــى ذلــك؛ انســجام عقائــد وبرامــج‬ ‫أطــراف اللعبــة مــع هــذه القواعــد‪.‬‬ ‫ولهــذا فــإن حركــة بهــذه الكيفيــة ال ميكنهــا أن تكــون جــز ًءا مــن‬ ‫نظــام سياســي تعــددي ألنهــا يف األســاس ال تعتــرف بالتعدديــة‪،‬‬ ‫والتــي تقــوم علــى مبــدأ املواطنــة املتســاوية‪ ،‬وحــق النــاس يف انتخــاب‬ ‫حكامهــم عبــر التفويــض احلــر‪.‬‬ ‫أمـــا منـــوذج احملاصصـــة السياســـية‪/‬اجلهوية‪/‬املذهبية فإنـــه‬ ‫ه ــو اآلخ ــر ال ميل ــك أي فرص ــة للنج ــاح يف اليم ــن وف ــق الظ ــروف‬ ‫احلاليـــة؛ واألســـباب املانعـــة لهـــذا نظـــام تتمثـــل يف صعوبـــة‬ ‫التحاص ــص السياس ــي بع ــد الص ــراع العني ــف عل ــى الس ــلطة‪ .‬ويف‬ ‫كل األح ــوال ف ــإن جترب ــة اليم ــن م ــع نظ ــام احملاصص ــة السياس ــية‬ ‫كان س ــي ًئا‪ ،‬فف ــي الفت ــرة الت ــي تل ــت الوح ــدة‪ ،‬أتص ــف ه ــذا النظ ــام‬ ‫بالصـــراع واألزمـــات بـــن أطرافـــه وانتهـــى بحـــرب طاحنـــة‪.‬‬

‫صعوبة االحتواء‬ ‫االحتــواء الــذي نقصــده هنــا هــو إنهــاء تأثيــر احلركــة احلوثيــة أو‬ ‫جعــل تأثيرهــا محــدود جــدا وثانــوي‪ .‬وهــذا الفعــل ســيتم مــن خــال‬

‫‪56‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫دراسات العدد‬

‫استغالل اخلالفات السياسية‪:‬‬ ‫بعــد خــروج الرئيــس صالــح مــن احلكــم عــام ‪2012‬م‪ ،‬مارســت‬ ‫احلركــة نشــاطاتها بشــكل علنــي وحتديـدًا يف العاصمــة‪ ،‬واســتقطبت‬ ‫الكثيــر مــن القــوى واألشــخاص احملســوبن علــى الرئيــس صالــح‬ ‫وكذلــك املعارضــون لــه‪ .‬ونصبــت نفســها كخصــم أيديولوجــي‬ ‫وسياســي حلــزب اإلصــاح وحلفائــه‪.‬‬ ‫وقــد أدى ذلــك إلــى حتالفهــا‪ ،‬بشــكل أو آخــر‪ ،‬مــع جميــع خصــوم‬ ‫اإلصــاح األيديولوجيــن والسياســين‪ ،‬ومــن هــؤالء الرئيــس الســابق‬ ‫وحزبــه املؤمتــر الشــعبي والقــوى اليســارية كاحلــزب االشــتراكي‬ ‫والكثيــر مــن القــوى احملســوبة علــى مــا ميكــن تســميتهم بالليبراليــن‬ ‫والعلمانيــن‪.‬‬ ‫االستفراد باخلصوم‪:‬‬ ‫برعــت احلركــة يف سياســة االســتفراد باخلصــوم‪ ،‬ولعبــت علــى‬ ‫املتناقضــات والنزاعــات‪ .‬وأظهــرت نفســها بأنهــا‪ :‬املمثلــة ملصالــح‬ ‫الهاشــمين‪ ،‬والزيــود‪ ،‬وهــي مــع اجلنوبيــن ضــد الطبقــة احلاكمــة‬ ‫الشــمالية‪ ،‬ومــع اليســارين والليبراليــن ضــد القبائــل ورجــال الديــن‬ ‫والعســكر‪ ،‬ومع اإلســماعيلين والصوفين ضد اإلصاح والســلفين‪،‬‬ ‫ومــع صالــح وحزبــه ضــد اإلصــاح‪ ،‬ومــع قبيلــة بكيــل ضــد حاشــد‪،‬‬ ‫ومــع احلــرس اجلمهــوري ضــد الفرقــة األولــى وهكــذا‪.‬‬ ‫وخــال حروبهــا والزالــت‪ ،‬تقــوم باالســتفراد مــن خــال التواصــل‬ ‫مــع كل مــن يحتمــل أن يقــف ضدهــا‪ ،‬وحثــه علــى احليــاد وإقناعــه‬ ‫بأنهــا ال تســتهدفه وإمنــا تســتهدف غيــره‪ ،‬وأن ليــس مــن مصلحتــه‬ ‫أن يقاتــل بالنيابــة عــن الطــرف الــذي تقاتلــه‪ .‬وأدى ذلــك إلــى أنهــم‬ ‫متكنــوا مــن تفكيــك جبهــات خصومهــم‪ ،‬وســهلت لهــم االنتصــار يف‬ ‫معظــم معاركهــم‪.‬‬ ‫البرجماتية‪:‬‬ ‫علــى الرغــم مــن الصرامــة األيديولوجيــة للحركــة‪ ،‬إال أن ســلوكها‬ ‫العــام اتســم بالبرجماتيــة‪ .‬فنجــد أن احلركــة تســلك ســلوكا متزمتــا‬ ‫يف محافظــة صعــدة‪ ،‬شــبي ًها مبــا كانــت تقــوم بــه حركــة طالبــان يف‬ ‫أفغانســتان‪ ،‬مــن حتــرمي الغنــاء‪ ،‬والتعامــل مــع النســاء؛ فيمــا تســلك‬ ‫منفتحــا يف املناطــق األخــرى كصنعــاء‪ ،‬واملناطــق املتمدنــة‪.‬‬ ‫ســلو ًكا‬ ‫ً‬ ‫ويف اجلانــب الفكــري والسياســي؛ تســوق احلركــة نفســها بأكثــر‬ ‫مــن لغــة ولــون تب ًعــا للطــرف املســتهدف؛ فخطابهــا لــدى أعضائهــا‬ ‫وأنصارهــا الريفيــن‪ ،‬يتصــف باإلغــراق يف الســرد الدينــي‪ ،‬والــذي‬ ‫يصــل حــد اخلرافــة وتقديــس زعيــم احلركــة‪ ،‬فيمــا خطابهــا مــع‬ ‫األجانــب أو القــوى احملســوبة علــى اليســار والليبراليــن‪ ،‬فيحمــل‬ ‫صيغــة ليبراليــة منفتحــة؛ واحلركــة ال تضــع أي محظــور يف حتالفاتهــا‬ ‫مــع أي طــرف مبــا يف ذلــك األطــراف التــي كانــت تعتبرها مــن األعداء‪.‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫مركزية القيادة‪:‬‬ ‫تتصــف احلركــة احلوثيــة بــأن لديهــا قيــادة مركزيــة صارمــة‪،‬‬ ‫وهــي تتفــوق بذلــك علــى جميــع احلركات السياســية األخــرى‪ .‬وتعطي‬ ‫هــذه الصفــة للحركــة الكثيــر مــن امليــزات مــن أهمهــا‪ :‬الســرعة يف‬ ‫اتخــاذ القــرار‪ ،‬وســهولة تنفيــذه‪ ،‬حيــث ال وجــود فعلــي ألي أجنحــة‬ ‫داخــل احلركــة تعــارض هــذه القــرارات‪ .‬ولكــون ســلوك احلركــة كان‬ ‫يف جوهــره عســكري وأمنــي فــإن القيــادة املركزيــة الصارمــة هــي‬ ‫األكثــر ماءمــة ملثــل هــذا الســلوك‪.‬‬ ‫السيطرة على مؤسسات الدولة‪:‬‬ ‫بعــد أن ســيطرت احلركــة علــى جميــع مؤسســات الدولــة تقري ًبــا‬ ‫وســخروها لصاحلهــم‪ .‬أصبحــت عمل ًيــا هــي املتحكمــة بشــؤون‬ ‫املؤسســات احلكوميــة‪ ،‬ثــم قامــوا بتعيــن عناصرهــم يف الوظائــف‬ ‫الرئيســية‪ ،‬دون أي اعتبــار للمؤهــات أو اخلبــرات فعلــى ســبيل املثــال‬ ‫مت ترفيــع بعــض عناصرهــم يف وزارة الداخليــة مــن رتبــة جنــدي إلــى‬ ‫رتبــة لــواء‪ ،‬وهــي أعلــى رتبــة يف هــذه الــوزارة‪.‬‬ ‫الدعم اإليراني‪:‬‬ ‫ورغــم العاقــة القويــة التــي تربــط إيــران باحلركــة احلوثيــة إال‬ ‫أنهــا تبقــى عاقــة حتالــف أكثــر مــن كونهــا عاقــة عضويــة‪ ،‬كمــا‬ ‫هــو حــال حــزب اهلل مــع إيــران‪ ،‬ويرجــع ســبب ذلــك إلــى االختــاف‬ ‫املذهبــي بــن الفريقــن‪ ،‬ورغبــة احلوثيــن بــأن يكــون لهــم قــدر أكبــر‬ ‫مــن احلريــة التــي تســمح لهــم بهامــش كبيــر يف املنــاورة والتحالــف مــع‬ ‫القــوى احملليــة والتعامــل مــع اإلقليــم‪.‬‬ ‫وممــا ال شــك فيــه أن العاقــة مــع إيــران كان لهــا دور واضــح‬ ‫يف تقويــة احلركــة احلوثيــة يف جميــع املجــاالت‪ ،‬وبــدون ذلــك الدعــم‬ ‫لــم يكــن للحركــة أن تنمــو وتصبــح علــى مــا هــي عليــه‪ ،‬فاملــوارد‬ ‫احملليــة محــدودة‪ ،‬خاصــة وأن احلركــة ظهــرت ومنــت يف منطقــة‬ ‫ريفيــة فقيــرة‪.‬‬ ‫البنية التنظيمية للحركة‪:‬‬ ‫بــدأت احلركــة كمشــروع خــاص بأســرة حســن احلوثــي والتــي‬ ‫تشــمل والــده وإخوانــه‪ ،‬وليــس واضــح حتــى اآلن عــن آليــة اتخــاذ‬ ‫القــرار وال الهيــكل التنظيمــي‪ ،‬واملؤسســات داخــل احلركــة‪ .‬وكل مــا‬ ‫هــو معــروف ومعلــن يتعلــق بأحــد األجهــزة والــذي يســمى باملجلــس‬ ‫السياســي ألنصــار اهلل (االســم الــذي أطلقــه احلوثيــون علــى أنفســهم‬ ‫بــدءا مــن عــام ‪2010‬م) وهــذا املجلــس كان ميثــل الواجهــة التنظيميــة‬ ‫للحوثيــن يف صنعــاء بعــد أن ُســمح لهــم مبمارســة نشــاطهم بشــكل‬ ‫علنــي بعــد عــام ‪2012‬م‪ ،‬وبعــد دخــول احلوثيــون صنعــاء مت تشــكيل‬ ‫جلــان ثوريــة يف املؤسســات احلكوميــة‪ .‬وعندمــا أعلــن احلوثيــون‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫ملنعه ــم عب ــر مجل ــس األم ــن‪ ،‬رغ ــم أن ــه كان ميل ــك أكث ــر م ــن ق ــرار‬ ‫ض ــد كل م ــن يعرق ــل العملي ــة السياس ــية يف اليم ــن‪ ،‬وأح ــد ه ــذه‬ ‫الق ــرارات ص ــدر حت ــت الفص ــل الس ــابع ويف ــرض عقوب ــات عل ــى‬ ‫املعرقلـــن للتســـوية‪.‬‬ ‫ول ــم يق ــم اب ــن عم ــر ب ــأي دور إليق ــاف مت ــدد احلوثي ــن ب ــل أن ــه‬ ‫وخ ــال حص ــار صنع ــاء وب ــدء االش ــتباكات ب ــن احلوثي ــن والق ــوى‬ ‫التابع ــة لإص ــاح كان يف صع ــدة يجتم ــع باحلوث ــي ول ــم يب ــدر من ــه‬ ‫أي تصري ــح ض ــد احلوثي ــن‪ ،‬والذي ــن ل ــم يكون ــوا بحصاره ــم صنع ــاء‬ ‫يعرقلــون التســوية السياســية فقــط بــل كانــوا يف طريقهــم إللغائهــا‪،‬‬ ‫وتهدي ــد أس ــس الدول ــة اليمني ــة كم ــا أتض ــح الح ًق ــا‪ .‬وكان الط ــرف‬ ‫الوحي ــد املع ــارض للحوثي ــن ه ــو ح ــزب اإلص ــاح وحلفائ ــه‪.‬‬ ‫وقبــل ســقوط صنعــاء بأيــام حدثــت اشــتباكات بــن احلوثيــن‬ ‫والقــوات احملســوبة علــى اإلصــاح انتهــت يف يــوم ‪ 21‬ســبتمبر بنصــر‬ ‫واضــح للحوثيــن‪ ،‬ودخــل احلوثيــون صنعــاء دخــول الســائحن‪ ،‬حيــث‬ ‫لــم يجــدوا أمامهــم أي قــوة متنعهــم مــن الســيطرة علــى املناطــق التــي‬ ‫رغبــوا يف الســيطرة عليهــا‪.‬‬ ‫وخــال عــدة ســاعات ســيطر احلوثيــون ‪ ،‬ونهبــوا األســلحة‬ ‫منهــا‪ .‬ومت كل هــذا العمــل فيمــا كان قــادة األحــزاب واملبعــوث‬ ‫األممــي مجتمعــون يف دار الرئاســة بانتظــار احلوثيــن للتوقيــع علــى‬ ‫االتفاقيــة‪ ،‬التــي أســميت باتفاقيــة الســلم والشــراكة الوطنيــة‪ ،‬والتــي‬

‫دراسات العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪55‬‬

‫صاغهــا احلوثيــون واملبعــوث األممــي جمــال بــن عمــر‪ ،‬ومت التوقيــع‬ ‫عليهــا يف مســاء ذلــك اليــوم مــن جميــع القــوى السياســية مبباركــة مــن‬ ‫الرئيــس هــادي واملبعــوث األممــي‪.‬‬ ‫وميكــن النظــر إلــى ســقوط صنعــاء بأنهــا أقــرب مــا تكــون عمليــة‬ ‫تســليم للحوثيــن‪ .‬ومــا حــل بصنعــاء تكــرر يف احملافظــات الشــمالية‬ ‫التــي ســيطر عليهــا احلوثيــون بــكل ســهولة ودون مقاومــة تذكــر‪.‬‬ ‫وميكــن إرجــاع األســباب التــي ســاعدت احلوثيــن علــى الصعــود‬ ‫فيمــا يلــي‪:‬‬ ‫حسابات صالح اخلاصة‪:‬‬ ‫خــال املواجهــات املســلحة بــن القــوات احلكوميــة واحلوثيــن‬ ‫فيمــا يســمى باحلــروب الســت‪ ،‬ظهــر جل ًيــا أن الرئيــس الســابق صالــح‬ ‫كانــت لديــه حســابات خاصــة يف التعامــل مــع احلركــة‪ ،‬حمتهــا مــن‬ ‫الهزميــة العســكرية الســاحقة‪ .‬ومنهــا رغبــة صالــح يف توريــث جنلــه‬ ‫احلكــم‪ ،‬والــذي كان يتطلــب إبعــاد املنافســن األقويــاء لنجلــه‪ ،‬ومنهــم‬ ‫اجلنــرال علــي محســن األحمــر‪.‬‬ ‫وعليــه فلــم يكــن مــن مصلحــة صالــح إنهــاء احلركــة احلوثيــة‪،‬‬ ‫وكان مــن مصلحتــه إبقاؤهــا ضمــن نطــاق معــن طاملــا هــو مســتفيد‬ ‫مــن بقائهــا‪ ،‬ويؤكــد هــذا األمــر النهايــات املفاجئــة لعــدد مــن حــروب‬ ‫صالــح مــع احلوثيــن‪ ،‬والتــي كانــت تتــم بأمــر منــه ودون استشــارة‬ ‫القــادة العســكرين والسياســين‪.‬‬

‫‪54‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫دراسات العدد‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫الحرك ــة الحوثي ــة معضل ــة مس ــتمرة حت ــى تتخل ــق ظ ــروف محلي ــة‬ ‫وخارجيــة قــادرة عــى إنهائهــا أو تحجيمهــا وإضعــاف تأثيرهــا المدمــر‬ ‫خصومه ــا يتوقع ــوا ذل ــك الصع ــود‪ .‬فخ ــال عش ــر س ــنوات (‪:2004‬‬ ‫‪2014‬م) حتول ــت احلرك ــة م ــن جماع ــة صغي ــرة يف بع ــض املناط ــق‬ ‫الريفي ــة م ــن محافظ ــة صع ــدة إل ــى ق ــوة سياس ــية يف اليم ــن‪.‬‬ ‫وكانـــت بدايـــة املرحلـــة األولـــى مبـــا يســـمى باحلـــرب األولـــى‬ ‫الت ــي اندلع ــت ع ــام ‪2004‬م‪ ،‬وانته ــت فيم ــا يش ــبه االنتص ــار الكام ــل‬ ‫للق ــوات احلكومي ــة بع ــد أن قتل ــت زعي ــم احلرك ــة ومؤسس ــها حس ــن‬ ‫بدرالديـــن احلوثـــي وســـيطرت علـــى جميـــع املناطـــق التـــي كان‬ ‫يتحص ــن فيه ــا‪.‬‬ ‫غي ــر أن ان ــدالع املع ــارك انفج ــرت م ــن جدي ــد يف ع ــام ‪2005‬م‪،‬‬ ‫ليتوالــى بعــد ذلــك مسلســل احلــرب حتــى ‪2010‬م‪ ،‬مبعــدل جولــة مــن‬ ‫املعــارك كل عــام تســتمر لعــدة أشــهر‪ .‬وكانــت معظــم املعــارك تــدور‬ ‫يف محافظ ــة صع ــدة‪ ،‬وامت ــدت يف بعضه ــا ألج ــزاء م ــن محافظ ــات‬ ‫عمــران واجلــوف وصنعــاء‪ .‬وعلــى العمــوم لــم تتجــاوز قــوة احلوثيــن‬ ‫حتـــى بدايـــة عـــام ‪2011‬م‪ ،‬بعـــض املديريـــات يف محافظـــة صعـــدة‬ ‫وأج ــزاء صغي ــرة م ــن محافظت ــي اجل ــوف وعم ــران‪.‬‬ ‫ويف املرحلــة الثانيــة‪ ،‬والتــي بــدأت مــع االحتجاجــات املطالبــة‬ ‫بخــروج علــي عبــد اهلل صالــح مــن احلكــم يف ‪ 11‬فبرايــر ‪2011‬م‪،‬‬ ‫حــدث تطــور نوعــي يف مســيرة احلركــة نتيجــة تصــدع نظــام صالــح‪،‬‬ ‫وخروجــه الرســمي مــن الســلطة يف ‪ 21‬فبرايــر ‪2012‬م‪ .‬والــذي أدى‬ ‫إلــى تراجــع يف القــوة العســكرية والسياســية التــي كانــت تقــف أمــام‬ ‫متــدد احلركــة وانتشــارها‪.‬‬ ‫وخــال الفتــرة املمتــدة مــن ‪ 2011‬وحتــى نهايــة ‪2013‬م‪،‬‬ ‫رســخت احلركــة وجودهــا السياســي والفكــري والتنظيمــي يف معظــم‬ ‫مناطــق اليمــن‪ ،‬وقامــت بنســج عاقــات تفاهــم وحتالــف مــع معظــم‬ ‫األطــراف السياســية‪ ،‬وحتدي ـدًا تلــك التــي لديهــا خافــات سياســية‬ ‫وأيديولوجيــة مــع حــزب اإلصــاح وحلفائــه العســكرين ‪ ،‬والقبليــن‪.‬‬ ‫ومنــذ نهايــة عــام ‪2013‬م‪ ،‬بــدأت احلركــة بخطواتهــا التوســعية‪،‬‬ ‫وكانــت البدايــة مــن منطقــة دمــاج يف محافظــة صعــدة‪ ،‬والتــي كانــت‬ ‫تضــم مركــز ســلفي متشــدد مت إنشــاؤه يف بدايــة الثمانينــات مــن‬ ‫القــرن العشــرين بدعــم مــن قبــل احلكومــة اليمنيــة‪ .‬ومثــل هــذا‬ ‫املركــز خطــ ًرا علــى املذهــب الزيــدي يف عقــر داره (صعــدة)‪.‬‬ ‫وأصبــح مبثابــة منــوذج للقريــة الســلفية النموذجيــة‪ ،‬والتــي‬ ‫اســتقطبت اآلالف مــن الدارســن‪.‬‬ ‫وبالنظــر إلــى طبيعــة املركــز؛ فقــد كان مــن الطبيعــي أن يتــم‬ ‫اســتهدافه مــن احلوثيــن‪ ،‬حيــث كان يهمهــم التخلــص مــن هــذا‬ ‫اجليــب الســلفي داخــل‪ ،‬مــا يعتبرونــه حصــن الزيديــة العتيــد‪ ،‬وألجــل‬

‫هــذا الغــرض؛ قــام احلوثيــون مبحاصــرة منطقــة (دمــاج) وهــو مــا‬ ‫أدى إلــى اشــتباكات عســكرية بــن الطرفــن‪ ،‬ولــدت اســتنفار عــام‬ ‫بــن القــوى الســلفية يف عمــوم اليمــن واإلقليــم‪.‬‬ ‫ويف نهايــة املطــاف تفككــت تلــك اجلبهــة وضعــف تأثيرهــا؛‬ ‫خاصــة بعــد أن تدخــل الرئيــس هــادي مــن خــال تشــكيل جلــان‬ ‫وســاطة أســفرت جهودهــا عــن فــك احلصــار عــن احلوثيــن‪ ،‬وتفكيــك‬ ‫اجلبهــة التــي تشــكلت ضدهــم‪ .‬وتوجــت جهودهــا باقتــراح إخــراج‬ ‫الســلفين وتهجيرهــم مــن دمــاج يف ‪ 15‬ينايــر‪ .‬وهــو األمــر الــذي‬ ‫أعتبــر مبثابــة نصــر كبيــر للحوثيــن‪.‬‬ ‫وحتــرك احلوثيــون باجتــاه عمــران‪ ،‬وحاصروهــا بالتعــاون‬ ‫مــع قبائــل مــن املنطقــة ومحســوبن علــى حــزب املؤمتــر الشــعبي‪.‬‬ ‫وأســتمر احلصــار عــدة أشــهر تخللــه اشــتباكات‪ .‬ويف يــوم ‪ 8‬يوليــو‬ ‫‪2014‬م‪ ،‬أقتحــم احلوثيــون مدينــة عمــران وســيطروا علــى اللــواء ‪310‬‬ ‫ونهبــوا أســلحته وقتلــوا قائــده العميــد حميــد القشــيبي احملســوب‬ ‫علــى اجلنــرال األحمــر‪.‬‬ ‫وبعــد أن رســخ احلوثيــون وجودهــم يف مدينــة عمــران ومــا‬ ‫حولهــا قــام رئيــس اجلمهوريــة بزيــارة املدينــة وصــرح مــن هنــاك بــأن‬ ‫األوضــاع عــادت إلــى طبيعتهــا وطالــب النازحــن بالعــودة إليهــا‪ ،‬وقــد‬ ‫نظــر الكثيــرون إلــى تلــك الزيــارة بأنهــا تؤكــد رضــاء هــادي علــى‬ ‫ســيطرة احلوثيــن وأنهــا متــت بالتفاهــم معــه‪.‬‬ ‫وبعــد تلــك الواقعــة بعــدة أســابيع بــدأ احلوثيــون مبحاصــرة‬ ‫صنعــاء‪ ،‬والتــي كان معظمهــم مــن أنصــار الرئيــس الســابق صالــح‪،‬‬ ‫وقامــوا بذلــك بدعــوى رفضهــم الزيــادات يف أســعار الوقــود التــي‬ ‫كانــت بأمــر مــن الرئيــس هــادي يف ‪ 30‬يوليــو ‪2014‬م‪ ،‬وقــد أســتمر‬ ‫احلصــار ألكثــر مــن شــهر‪.‬‬ ‫وعلــى الرغــم مــن حالــة احلصــار اخلطيــرة للعاصمــة؛ اكتفــت‬ ‫احلكومــة بإرســال جلــان الوســاطة إلــى عبــد امللــك احلوثــي يف‬ ‫صعــدة‪ ،‬والقبــول بتحقيــق بعــض مطالــب احلوثيــن وحتديــ ًدا‬ ‫القبــول بتغييــر احلكومــة وتخفيــض أســعار الوقــود‪ .‬بــدون أي‬ ‫خطــوات عمليــة لوقــف احلصــار‪ ،‬حيــث لــم يشــكل غرفــة عمليــات‬ ‫حربيــة‪ ،‬ولــم يصــدر أمــر قتالــي للقــوات املســلحة واألمنيــة ملواجهــة‬ ‫احلوثيــن‪ ،‬كمــا أنــه لــم يطلــب مــن الــدول الراعيــة للتســوية اليمنيــة‬ ‫بــأن تديــن احلوثيــن‪.‬‬ ‫إلـــى جانـــب ذلـــك؛ ســـاهم املبعـــوث األممـــي الســـابق لليمـــن‬ ‫جمـــال بـــن عمـــر بـــدور رئيســـي يف متـــدد احلوثيـــن‪ ،‬فمنـــذ أن‬ ‫ب ــدأ ه ــؤالء بالتم ــدد والته ــام األراض ــي اليمني ــة ل ــم يق ــم ب ــأي دور‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫دراسات العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪53‬‬

‫ال يمكـن لحركـة إحيائيـة للمذهـب الزيـدي التخـيل عـن حـق الحكـم‬ ‫للبطنيين فهذه الفكرة هي جوهر المذهب الزيدي وبدونها يصبح شي ًئا آخر‬ ‫رســول اهلل إلــى أن تقــوم الســاعة"‪ .‬ويشــترك احلوثيــون يف هــذه‬ ‫القضيــة مــع بقيــة املذاهــب الشــيعية‪ ،‬فيمــا يختلفــون حــول مــن يحــق‬ ‫لــه احلكــم مــن آل النبــي‪.‬‬ ‫والقضيــة الثانيــة‪ ،‬احلكــم يف علــي وذريتــه مــن احلســن واحلســن‪،‬‬ ‫والقضيــة الثالثــة هــي قضيــة العلــم التــي كان يكررهــا حســن احلوثــي‪،‬‬ ‫وذكرتهــا الوثيقــة حتــت مســمى املنــارة‪ .‬وفكــرة العلم‪/‬املنــارة تصيغهــا‬ ‫الوثيقــة علــى النحــو التالــي‪" :‬إن اهلل يهيــئ يف كل عصــر مــن يكــون‬ ‫منــا ًرا لعبــاده وقــاد ًرا علــى القيــام بأمــر األمــة والنهــوض بهــا يف كل‬ ‫مجاالتهــا"‪ .‬وإذا ســمحنا ألنفســنا بتأويــل أحاديــث حســن احلوثــي‬ ‫حــول "العلــم" فإننــا نتوصــل‪ :‬أنــه يــرى يف نفســه هــذا العلــم والــذي‬ ‫ســيتم اإلعــان عنــه حــن تنضــج الظــروف‪ .‬وهــو بذلــك يتحاشــى‬ ‫املواجهــة مــع الســلطة‪ ،‬كونــه لــم يكــن يتحــدث عــن ســلطة سياســية‬ ‫بديلــة‪ ،‬ودعــوة صريحــة لعــودة اإلمامــة‪ ،‬ويف نفــس الوقــت اإلتيــان‬ ‫بصيغــة جديــدة لإعــان عــن اإلمامــة‪ ،‬بــدال مــن الصيغــة التقليديــة‪.‬‬ ‫ومت صياغــة هــذا األمــر ضمــن قضيــة ضخمــة ومطاطــة وهــي‬ ‫قضيــة الصــراع مــع اآلخــر (اليهــود والنصــارى‪ ،‬أمريــكا‪ ،‬وإســرائيل)‪.‬‬ ‫وميكــن اختصــار املشــروع احلوثــي يف الفكــرة التاليــة‪ :‬إن‬ ‫جميــع مشــاكل املســلمن السياســية واالقتصاديــة والفكريــة‬ ‫وفشــلهم وهزائمهــم أمــام "أعدائهــم التاريخيــن واألبديــن" (اليهــود‬ ‫والنصــارى) ترجــع إلــى عــدم تنفيــذ وصيــة النبــي بحصــر الواليــة‬ ‫يف ذريتــه‪ ،‬والــذي يعتبــر انحرا ًفــا عــن العقيــدة‪ ،‬وتصويــب هــذا‬ ‫االنحــراف‪ ،‬يتــم بعــودة الواليــة لذريــة النبــي وهــو األمــر الكفيــل بحــل‬ ‫كل مشــاكل املســلمن‪.‬‬

‫ظروف النشأة‪:‬‬ ‫بــرزت احلوثيــة إلــى ســطح األحداث يف اليمــن عام ‪2004‬م‪ ،‬حن‬ ‫اندلعــت اشــتباكات عســكرية محــدودة بينهــا وبــن القــوات احلكوميــة‬ ‫يف ذلــك العــام تطــورت إلــى حملــة عســكرية كبيــرة اســتمرت لعــدة‬ ‫أشــهر‪ ،‬وانتهــت بســيطرة القــوات احلكوميــة علــى معاقــل احلركــة‬ ‫يف مــران مبحافظــة صعــدة‪ ،‬ومقتــل زعيمهــا ومؤسســها حســن بــدر‬ ‫الديــن احلوثــي‪.‬‬ ‫وترجــع اإلرهاصــات األولــى للحركــة إلــى بدايــة التســعينات مــن‬ ‫القــرن العشــرين‪ ،‬حــن قــام عــدد مــن رجــال الديــن املنتمــن للمذهــب‬ ‫الزيــدي وعلــى رأســهم بــدر الديــن احلوثــي بتأســيس تنظيــم "الشــباب‬ ‫املؤمــن" كحركــة إحيائيــة للمذهــب الزيــدي اســتهدفت اجليــل اجلديد‬ ‫مــن الشــباب املنتمــن للمذهــب الزيــدي‪.‬‬

‫وأتــت تلــك احلركــة يف حلظــة انحســار وتراجــع للمذهــب‬ ‫الزيــدي‪ ،‬لصالــح املذهــب الســني‪ ،‬والــذي متــدد وانتشــر يف املناطــق‬ ‫الزيديــة عقــب ثــورة ســبتمبر عــام ‪1962‬م‪ ،‬التــي قامــت علــى إلغــاء‬ ‫النظــام اإلمامــي املســتند علــى املذهــب الزيــدي‪ .‬ومت ذلــك التمــدد‬ ‫بشــكل تلقائــي مــن الســكان الزيــود الذيــن تأثــروا باملذهــب الســني‪/‬‬ ‫الســلفي‪ ،‬وبشــكل ممنهــج مــن قبــل احلكومــة اليمنيــة‪ ،‬وحركــة‬ ‫اإلخــوان املســلمن‪ ،‬وبدعــم خارجــي‪.‬‬ ‫فخــال الفتــرة التــي تلــت ثــورة ســبتمبر قامــت حكومــة الثــورة‪،‬‬ ‫والتــي كانــت مدعومــة مــن احلكومــة املصريــة‪ ،‬باعتمــاد املناهــج‬ ‫الدينيــة املصريــة يف املــدارس اليمنيــة‪ .‬ويف الســبعينات والثمانينــات‬ ‫كثفــت احلكومــة اليمنيــة مــن التعليــم الدينــي السني‪/‬الســلفي يف‬ ‫املناهــج الدراســية‪ ،‬وقامــت بإنشــاء مــدارس خاصــة‪ ،‬ســميت باملعاهــد‬ ‫العلميــة والتــي متــت إدارتهــا مــن قبــل حركــة اإلخــوان املســلمن‪.‬‬ ‫وكان الهــدف الرئيســي مــن تكثيــف اخلطــاب الدينــي‪ ،‬خــال تلك‬ ‫الفتــرة‪ ،‬مواجهــة األفــكار اليســارية والقوميــة والتــي كان مصدرهــا‬ ‫حكومــة اليمــن اجلنوبيــة ذات التوجهــات املاركســية‪ ،‬واحلكومــات‬ ‫العربيــة ذات التوجهــات القوميــة‪.‬‬ ‫واجلديــر باالنتبــاه أن حالــة "التســنين" التــي اجتاحــت املناطــق‬ ‫الزيديــة متــت حينهــا دون أن تواجــه بــأي مقاومــة تذكــر مــن قبــل‬ ‫أتبــاع املذهــب الزيــدي‪ ،‬وميكــن إرجــاع ذلــك ألســباب عــدة أهمهــا‪:‬‬ ‫املنــاخ السياســي العــام الرافــض للنظــام اإلمامــي‪ ،‬والتحــول الطوعــي‬ ‫والســلس مــن قبــل أتبــاع املذهــب الزيــدي للمذهــب الســني‪ ،‬واألهــم‬ ‫مــن كل هــذا أن حالــة "التســنين" متــت علــى يــد الطبقــة احلاكمــة‬ ‫املهيمــن عليهــا مــن قبــل الزيــود أنفســهم‪.‬‬ ‫وميكــن اجلــزم بــأن تلــك السياســات قــد أدت إلــى حتــول‬ ‫الكثيــر مــن أبنــاء الطائفــة الزيديــة إلــى املذهــب الســني‪ ،‬والــذي‬ ‫كانــوا يقــدرون عشــية ثــورة ســبتمبر مبــا يقــارب ثلــث ســكان اليمــن‬ ‫الشــمالي الســابق‪ .,17,‬وليــس هنــاك مــن إحصائيــة حلجــم ذلــك‬ ‫التحــول؛ إال أن االنطبــاع العــام يشــير إلــى أن أغلبيــة الزيــود حتولــوا‬ ‫إلــى املذهــب الســني منــذ ســبتمبر ‪1962‬م‪ ،‬وحتــى ســبتمبر ‪2014‬م‪،‬‬ ‫والــذي شــهد موجــة معاكســة إلعــادة إحيــاء املذهــب الزيــدي‪.‬‬

‫عوامل الصعود‪:‬‬ ‫تضافـــرت عـــدة عوامـــل ســـاعدت احلركـــة يف صعودهـــا‬ ‫الصاروخـــي والـــذي تتـــوج بتحكمهـــا علـــى الســـلطة يف ســـبتمبر‬ ‫‪2014‬م‪ .‬ولــم يكــن أكثــر املتفائلــن مــن احلركــة وال املتشــائمن مــن‬

‫‪52‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫دراسات العدد‬

‫دميقراطــي‪ .‬ويف األخيــر ســتناقش الورقــة العوامــل التــي حالــت حتــى‬ ‫اآلن دون احتــواء احلركــة أو القضــاء عليهــا‪.‬‬

‫طبيعة الحركة الحوثية‬ ‫هنــاك الكثيــر مــن املعلومــات الزائفــة حــول احلركــة احلوثيــة؛‬ ‫رغــم األضــواء الكثيفــة التــي ُســـلطت عليهــا منــذ ســيطرتها علــى‬ ‫صنعــاء يف ‪ 21‬ســبتمبر ‪2014‬م‪ ،‬وأهــم هــذه األفــكار مــا يتعلــق‬ ‫بطبيعتهــا االجتماعيــة والدينيــة‪ ،‬والتــي تذهــب إلــى اعتبارهــا مكــون‬ ‫مذهبــي واجتماعــي خــاص؛ فيمــا الصحيــح أنهــا ليســت ســوى حركــة‬ ‫سياســية حديثــة النشــأة‪ ،‬ولــدت وتوســعت نتيجــة لظــروف تاريخيــة‬ ‫محــددة‪ ،‬وهــو مــا يعنــي بأنهــا معرضــة لاضمحــال ورمبــا األفــول‬ ‫يف حــال تغيــر تلــك الظــروف‪.‬‬

‫المنطلقات الفكرية للحوثيين‪:‬‬ ‫احلركــة احلوثيــة هــي حركــة إلحيــاء املذهــب الزيــدي الــذي‬ ‫يشــترك مــع املذاهــب الشــيعية يف أحقيــة ســالة اإلمــام علــي‬ ‫باحلكــم‪ .‬ووفقــا للزيديــة؛ فــإن اإلمامــة أو الواليــة العامــة للمســلمن‪،‬‬ ‫تنحصــر يف الذكــور البالغــن املنحدريــن مــن "البطنيــن" (ســالة‬ ‫احلســن واحلســن أبنــاء علــي ابــن أبــي طالــب) فهــؤالء جميعهــم‬ ‫ميكــن ألي شــخص منهــم االدعــاء باإلمامــة إذا مــا توفــرت فيــه‬ ‫الشــروط األربــع عشــرة للواليــة‪ .‬ويجيــز املذهــب االدعــاء يف وجــود‬ ‫إمــام زيــدي أو غيــر زيــدي‪.‬‬ ‫ووف ًقــا لذلــك؛ يصبــح املذهــب الزيــدي حركــة معارضــة للمذاهــب‬ ‫الشــيعية والســنية علــى الســواء‪ ،‬فكونــه مينــح احلكــم للبطنيــن فإنــه‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫بذلــك يخالــف املذهبــن الشــيعين الرئيســين (االثنــى عشــري‬ ‫واإلســماعيلي) واللــذان حصــرا اإلمامــة يف عــدد محــدود مــن‬ ‫األشــخاص ينتهــي بإمــام غائــب كمــا يقــول االثنــى عشــرية وبعــض‬ ‫اإلســماعيلية‪ .‬كمــا يتعــارض مــع معظــم املذاهــب الســنية والتــي‬ ‫وســعت شــروط احلاكــم (اخلليفــة) وحصرتهــا يف قريــش‪ ،‬أو عامــة‬ ‫املســلمن كمــا هــو حــال معظــم احلــركات السياســية اإلســامية‪.‬‬ ‫ومــع أن احلوثيــة حركــة إحيائيــة للمذهــب الزيــدي‪ ،‬إال أن‬ ‫أدبياتهــا وخطاباتهــا العلنيــة علــى األقــل‪ ،‬ال تدعــوا إلــى عــودة النظــام‬ ‫اإلمامــي بشــكل صريــح‪ ،‬فــكل "مــازم" حســن احلوثــي‪ ،‬وخطابــات‬ ‫أخيــه عبــد امللــك‪ ،‬واحلــوارات اإلعاميــة مــع قــادة احلركــة ومنظريهــا‬ ‫ال تشــير لعــودة النظــام اإلمامــي‪ ،‬بشــكل صريــح‪ ،‬بــل إن الكثيــر مــن‬ ‫خطابــات احلركــة أشــارت إلــى أنهــا ال ترغــب بعــودة اإلمامــة وأنهــا‬ ‫أصبحــت جــزء مــن التاريــخ‪.‬‬ ‫وموقــف احلركــة مــن هــذه املســألة يتســم بالغمــوض املتعمــد‪،‬‬ ‫والــذي ميكــن إرجاعــه إلــى فكــرة التقيــة‪ ،‬املعتمــدة يف املذاهــب‬ ‫الشــيعية‪ ،‬والتــي جتعلهــا تتجنــب التصريــح بفكــرة تؤمــن بهــا‪ ،‬حتــى‬ ‫تتســنى لهــا الظــروف إلعانهــا‪ .‬ووف ًقــا لذلــك؛ تتحــدث احلركــة‬ ‫يف أدبياتهــا‪ ،‬إلــى حصــر احلــق يف الواليــة العامــة لســالة احلســن‬ ‫واحلســن (البطنيــن) ففيمــا يســمى الوثيقــة الفكريــة والثقافيــة‪،‬‬ ‫والتــي حــررت يف عــام ‪2012‬م‪ ،‬جنــد الوثيقــة تلخــص هــذه املســألة‬ ‫يف ثــاث قضايــا هــي‪ :‬االصطفــاء ومضمونهــا يقــوم علــى أن اهلل‬ ‫اصطفــى آل محمــد ليتولــوا املســؤولية الكاملــة عــن الديــن حيــث‬ ‫تقــول الوثيقــة "ونعتقــد أن اهلل ســبحانه اصطفــى أهــل بيــت رســوله‬ ‫صــل اهلل عليــه وآلــه وســلم فجعلهــم هــداة لألمــة وورثــة للكتــاب بعــد‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫دراسات العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪51‬‬

‫األيدولوجيـــة الحوثيـــة ونشـــأتها تمنعهـــا مـــن العمـــل السياســـي التعـــددي‬

‫الـمـعـضـلـــة الـحـوثـيـــة صـعـوبـة الـحـكـم‬ ‫والتعاي ــش واالحت ــواء !!‬ ‫فكــرة هــذه الدراســة تقــوم علــى حتليــل طبيعــة احلركــة احلوثيــة‪ ،‬وظــروف نشــأتها‪ ،‬والعوامل‬ ‫التــي ســاعدت علــى صعودهــا الســريع‪ ،‬والعوامــل التــي ســمحت لهــا بالبقــاء ومواجهــة‬ ‫خصومهــا والذيــن لــم يتمكنــوا مــن هزميتهــا حتــى كتابــة الدراســة يف ســبتمبر ‪2016‬م‪.‬‬ ‫وقــد خلصــت الدراســة إلــى النتائــج التاليــة‪ -1 :‬احلركــة احلوثيــة هــي يف جوهرهــا خليــط‬ ‫مــن مشــروع شخصي‪/‬عائلي‪/‬ســالي‪/‬مذهبي (حســن احلوثي‪/‬عائلــة احلوثي‪/‬الســالة‬ ‫الهاشــمية‪/‬املذهب الزيــدي) تســتند إلــى عمــق تاريخــي حلكــم األئمــة‪ ،‬والــذي حكــم أجــزاء‬ ‫مــن اليمــن احلالــي ألكثــر مــن ‪ 1100‬ســنة‪-2 .‬قــوة احلركــة وصعودهــا ال يرجــع لعوامــل ذاتيــة‬ ‫بقــدر مــا يرجــع لعوامــل خارجيــة‪ ،‬أجــادت احلركــة باســتثمارها ومــن ذلــك‪ :‬تفــكك الطبقــة‬ ‫السياســية اليمنيــة منــذ عــام ‪2011‬م‪ ،‬وتصارعهــا‪ ،‬وإهمــال اليمــن مــن دول املنطقــة‪ .‬وســوء إدارة خصومهــا للحــرب التــي شــنت‬ ‫عليهــا‪-3 .‬ال متلــك احلركــة أي مشــروع سياســي قابــل للحيــاة وقــادر علــى حكــم جميــع مناطــق اليمــن‪ ،‬وكل ســكانه‪-4 .‬طبيعــة‬ ‫احلركــة‪ ،‬وطريقــة حصولهــا علــى الســلطة‪ ،‬وعاقاتهــا بإيــران‪ ،‬والطبيعــة العامــة لليمــن؛ جتعــل مــن احلركــة مصــد ًرا لتوليــد‬ ‫العنــف والفوضــى يف اليمــن‪-5 .‬احلركــة احلوثيــة مشــروع فوضــى مكتمــل األركان؛ فبحكــم طبيعتهــا ال ميكــن أن حتكــم اليمــن‬ ‫بســام‪ ،‬حتــى يف احلــدود الدنيــا‪ ،‬كمــا ال تســتطيع أن تتعايــش ضمــن نظــام تعــددي دميقراطــي أو محاصصــة سياســية أو‬ ‫جغرافيــة‪ ،‬ووف ًقــا ملعادلــة القــوة والنفــوذ يف اليمــن حال ًيــا؛ ال ميكــن احتواؤهــا عســكر ًيا أو سياسـ ًيا‪.‬‬

‫عبد الناصر املودع‬ ‫حتمــل بعــض احلــركات السياســية صفــات جتعلهــا صيغــة‬ ‫ملشــروع فوضــى يف الدولــة التــي تظهــر فيهــا‪ ،‬ويحــدث ذلــك نتيجــة‬ ‫لـــ‪ :‬أيديولوجيتهــا‪ ،‬وبنيتهــا السياســية والتنظيميــة‪ ،‬وآليــة عملهــا‪،‬‬ ‫وعاقتهــا بالقــوى السياســية األخــرى‪ ،‬وغيرها مــن األمور التي حتول‬ ‫دون أن تكــون قــادرة علــى العمــل ضمــن نظــام تعــددي دميقراطــي‪،‬‬ ‫وعــدم امتاكهــا اإلمكانيــات الكافيــة لاســتفراد باحلكــم‪ ،‬وضعــف‬ ‫مؤسســات الدولــة وخصومهــا يف احتوائهــا سياســ ًيا أو عســكر ًيا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫صارخــا لهــذا النــوع مــن‬ ‫منوذجــا‬ ‫وتعــد احلركــة احلوثيــة‬ ‫ً‬ ‫احلــركات؛ فأيديولوجيتهــا‪ ،‬وســلوكها العســكري‪ ،‬وظــروف نشــأتها‪،‬‬ ‫وطريقــة حصولهــا علــى الســلطة‪ ،‬وعاقاتهــا اخلارجيــة‪ ،‬وطريقــة‬ ‫تعاملهــا مــع بقيــة مكونــات املجتمــع‪ ،‬وغيرهــا؛ متنعهــا مــن املشــاركة‬ ‫مــع غيرهــا العمــل السياســي ضمــن نظــام تعــددي دميقراطــي‪ ،‬وال‬ ‫متلــك مــن اإلمكانــات التــي متكنهــا مــن حكــم كامــل اليمــن أو جــزء‬ ‫رئيســي منــه‪ ،‬وصعــب احتواؤهــا مــن قبــل مؤسســات الدولــة وخصومها‬

‫احملليــن واخلارجيــن‪ .‬وأدى كل ذلــك إلــى أن تصبــح احلركــة مشــروع‬ ‫فوضــى لتفكيــك الدولــة اليمنيــة سياســ ًيا واجتماع ًيــا وفكر ًيــا‪.‬‬ ‫واخلاصــة مــن كل ذلــك تقودنــا إلــى اعتبــار احلركــة احلوثيــة‬ ‫مبثابــة معضلــة ستســتمر حتــى تتخلــق ظــروف محليــة وخارجيــة قادرة‬ ‫علــى إنهائهــا أو حتجيمهــا وإضعــاف تأثيرهــا املدمــر علــى األقــل‪.‬‬ ‫هــذه املعضلــة هــي جوهــر هــذا البحــث‪ ،‬الــذي ســيناقش‬ ‫بالتفصيــل العوامــل التــي جتعــل مــن احلركــة احلوثيــة مشــروع‬ ‫فوضــى‪ .‬وســتتطرق الورقــة أليديولوجيــة احلركــة وبنيتهــا السياســية‪،‬‬ ‫وخلفيتهــا االجتماعيــة‪ ،‬وظــروف نشــأتها ووســائل حصولهــا علــى‬ ‫الســلطة‪ ،‬والعوامــل التــي ســاهمت يف صعودهــا الســريع‪ ،‬وعاقتهــا‬ ‫بالقــوى احملليــة واإلقليميــة والدوليــة‪ ،‬ومــا هــي العوامــل التــي‬ ‫ســاعدت‪ ،‬وتســاعد احلركــة علــى البقــاء‪.‬‬ ‫وبعــد ذلــك ســيتم التطــرق إلــى العوائــق التــي متنــع احلركــة‬ ‫مــن حكــم اليمــن أو بعضــه‪ ،‬أو أن تكــون جــز ًءا مــن نظــام تعــددي‬

‫‪50‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫دراسات العدد‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫حافــظ أبنــاء القبائــل عــى ثقلهــم السياســي والعســكري خــال‬ ‫حقبــة صالــح ‪ ..‬والشــيخ عبــد اللــه األحمــر عضــد دور القبيلــة‬ ‫التابــع حلركــة اإلخــوان املســلمن لــم يســمح للمشــاهد واملراقــب‬ ‫متابعــة ذلــك التغييــر ورؤيــة مامحــه بســهولة ويســر‪ ،‬وعب ًثــا حاولــت‬ ‫بعــض األصــوات لفــت األنظــار ملثــل ذلــك التغييــر‪ ،‬وهــو مــا ميكــن‬ ‫رؤيــة مامحــه اليــوم بقــوة‪.‬‬

‫الخاتمة‪:‬‬ ‫لقـــد أثبتـــت القبيلـــة يف اليمـــن عمـــق حكمتهـــا يف التعامـــل‬ ‫م ــع األزم ــات ح ــال ت ــداول الص ــراع البين ــي يف فت ــرات الفوض ــى‬ ‫السياس ــية يف املنطق ــة‪ ،‬باتفاقه ــا املبدئ ــي عل ــى االلت ــزام بحيثي ــات‬ ‫مجموعـــة األحـــكام العرفيـــة الضابطـــة ألطـــر وشـــكل العاقـــات‬ ‫البينيـــة بينهـــا مـــن جهـــة‪ ،‬وأطـــر وشـــكل وحـــدود العاقـــات مـــع‬ ‫باق ــي أف ــراد املجتم ــع م ــن جه ــة أخ ــرى‪ ،‬فكان ــت تل ــك األع ــراف‬ ‫مبثابـــة القانـــون املدنـــي الوجاهـــي‪ ،‬الـــذي يشـــكل الضمانـــة‬ ‫القطعيـــة لتـــداول الصـــراع احملـــدود والســـلمي بـــن مختلـــف‬ ‫القبائــل ضمــن أرجــاء اليمــن‪ ،‬وهــو مــا أدى إلــى حفــظ احلرمــات‪،‬‬

‫ورعاي ــة احلق ــوق‪ ،‬وااللت ــزام بخص ــال امل ــروءة‪ ،‬ب ــل وب ــروز مفه ــوم‬ ‫عقاني ــة احل ــرب – إن ج ــاز اس ــتخدام اللف ــظ – ط ــوال فت ــرات‬ ‫الفوضـــى السياســـي‪ ،‬جـــراء ضعـــف ســـلطة الدولـــة وأجهزتهـــا‬ ‫املركزي ــة‪ ،‬ومثل ــت القبيل ــة ح ــن ذاك‪ ،‬بأعرافه ــا وعاداته ــا وقيمه ــا‬ ‫وحتـــى أمثالهـــا الشـــعبية‪ ،‬الضمانـــة األقـــوى لســـامة املجتمـــع‬ ‫م ــن االنف ــات املطل ــق‪ ،‬واالن ــزالق يف مه ــاوي م ــا يع ــرف سياسـ ـ ًيا‬ ‫بظاه ــرة الصوملــة والعرقنــة‪ ،‬لكونهــا لــم تتشــرب ذهن ًيــا بــأي فكــر‬ ‫إقصائـــي‪ ،‬ولـــم يتغلغـــل إلـــى أعمـــاق مرتكزاتهـــا البنائيـــة توجـــه‬ ‫دينـــي يختـــزل احلقيقـــة والطريـــق إلـــى اجلنـــة‪.‬‬ ‫وهــو مــا يجعلهــا اليــوم ويف ظــل األزمــة السياســية احلاليــة‬ ‫مرك ـزًا ميكــن االعتمــاد عليــه لتحقيــق مــا تصبــوا إليــه املنطقــة مــن‬ ‫ســلم وأمــان‪.‬‬ ‫* ﺑﺎﺣﺚ ﻣﺘﺨﺼﺺ ﰲ اﻟﺸﺆون اﻟﻴﻤﻨﻴﺔ وﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺠﺰﻳﺮة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻟﺤﺪﻳﺚ‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫دراسات العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪49‬‬

‫جذوة الصراع بين القبيلة والدولة بدأت يف عهد الحمدي لتحجيمه‬ ‫دور شيوخ القبائل يف النظام الجمهوري وتعزيز هيبة الدولة أمام القبيلة‬ ‫وطبيعــة العاقــات البينيــة ضمــن إطــار املجتمــع اليمنــي بوجــه عــام‪،‬‬ ‫ومنــع مــن ظهــور الدولــة الدينيــة ذات األهــداف التوســعية وفــق رؤاهــا‬ ‫العقائديــة‪ ،‬العاملــة علــى إقصــاء اآلخــر‪ ،‬وحتويــل قناعاتــه الفكريــة‬ ‫واإلميانيــة جب ـ ًرا‪ ،‬ممــا منــع ظهــور أي اقتتــال عبثــي‪ ،‬ضمــن أجــواء‬ ‫املشــهد السياســي والعســكري يف اليمــن بوجــه عــام‪ ،‬بــل وكان لــه‬ ‫الفضــل يف منــع حــدوث حالــة التشــظي التــي تعيشــها بعــض األقطــار‬ ‫العربيــة كالعــراق حال ًيــا‪.‬‬

‫حاض ــرة آل األحم ــر بل ــدة "خم ــر"‪ ،‬وم ــن ث ــم حاض ــرة حاش ــد مدين ــة‬ ‫"عم ــران" يف ي ــد الكي ــان السياس ــي الناش ــئ بش ــكل س ــلس وحاس ــم‪،‬‬ ‫ثــم أثمــر عــن ســيطرتهم علــى العاصمــة صنعــاء بشــكل فــوري جــراء‬ ‫انهيــار قيــادة الفرقــة أولــى مــدرع وانســحابها الســريع مــن العاصمــة‪،‬‬ ‫م ــن بع ــد احت ــدام االحتجاج ــات املدني ــة الت ــي قاده ــا "أنص ــار اهلل"‬ ‫ض ــد ق ــرارات حكوم ــة الوف ــاق الوطن ــي االقتصادي ــة بقي ــادة ح ــزب‬ ‫اإلص ــاح يف حين ــه‪.‬‬

‫دور القبيلة مع أحداث الربيع العربي‪:‬‬

‫تداعيات سقوط حكومة الوفاق الوطني‪:‬‬

‫ج ــاءت أح ــداث الربي ــع العرب ــي يف أوائ ــل ع ــام ‪2011‬م‪ ،‬مؤذن ــة‬ ‫بإحـــداث تغييـــر جـــذري ليـــس يف رأس هـــرم الســـلطة السياســـي‬ ‫وحس ــب‪ ،‬وإمن ــا يف حج ــم الق ــوى وتأثيره ــا ضم ــن إط ــار مؤسس ــة‬ ‫القبيلـــة‪ ،‬التـــي ســـيطر علـــى مفاصلهـــا خـــال األربعـــة عقـــود‬ ‫األخيــرة عــدد مــن الزعامــات القبليــة مــن مختلــف القبــل اليمنيــة‪،‬‬ ‫التـــي حتالفـــت مـــع الســـلطة حتـــت مظلـــة الشـــيخ عبـــد اهلل بـــن‬ ‫حس ــن األحم ــر‪.‬‬ ‫كم ــا كش ــفت ً‬ ‫أيض ــا ع ــن صع ــود تي ــار قبل ــي وطن ــي كبي ــر ل ــم‬ ‫يج ــد نفس ــه بالكلي ــة يف س ــاحات االعتص ــام‪ ،‬الت ــي تس ــيدها ق ــادة‬ ‫ح ــزب "التجم ــع اليمن ــي لإص ــاح" اإلخوان ــي التوج ــه‪ ،‬فأخ ــذ ينح ــو‬ ‫صــوب كيانــات أخــرى‪ ،‬وكانــت حركــة احلوثيــن ذات النســق القبلــي‬ ‫األكث ــر قر ًب ــا من ــه وم ــن نس ــقه الثق ــايف والذهن ــي‪ ،‬فانص ــرف الكثي ــر‬ ‫مــن أبنــاء مختلــف القبائــل (حاشــدي وبكيلــي ومذحجــي) لانضــواء‬ ‫حت ــت ل ــواء حرك ــة احلوثي ــن‪ ،‬الذي ــن أطلق ــوا عل ــى أنفس ــهم اس ــم‬ ‫حرك ــة "أنص ــار اهلل"‪.‬‬ ‫ووض ــح ذل ــك الدع ــم القبل ــي يف حج ــم اجلم ــوع الغفي ــرة الت ــي‬ ‫ناصــرت الكيــان السياســي الوليــد يف مطالبــه اخلدميــة واعتصاماتــه‬ ‫الســـلمية ضـــد حكومـــة الوفـــاق الوطنـــي بعـــد ذلـــك بقيـــادة حـــزب‬ ‫االصــاح‪ ،‬التــي نتــج عنهــا انــدالع املواجهــة العســكرية بــن املجاميــع‬ ‫املس ــلحة املوالي ــة للش ــيخ حمي ــد األحم ــر (وه ــو القي ــادي الب ــارز يف‬ ‫حـــزب اإلصـــاح) وأخيـــه الشـــيخ حســـن بـــن عبـــد اهلل األحمـــر‪،‬‬ ‫تس ــاندهم كتائ ــب الفرق ــة أول ــى م ــدرع بقي ــادة الل ــواء عل ــي محس ــن‬ ‫األحمــر املواليــة حلــزب اإلصــاح يف حينــه‪ ،‬مــع اجلمــوع املســلحة مــن‬ ‫أبن ــاء مختل ــف القبائ ــل‪ ،‬وبخاص ــة يف ه ــذه امل ــرة م ــن ش ــريحة واس ــعة‬ ‫م ــن القي ــادات التاريخي ــة لقبيل ــة حاش ــد‪ ،‬الذي ــن مت تهميش ــهم خ ــال‬ ‫العق ــود الس ــالفة‪ ،‬فوج ــدوا يف إع ــان مواالته ــم حلرك ــة "أنص ــار اهلل"‬ ‫مخرجــا لهــم‪ ،‬وإعــادة لكياناتهــم املفقــودة‪ ،‬وهــو مــا أدى إلــى ســقوط‬ ‫ً‬

‫لقــد أدت تلــك االعتصامــات الكثيفــة‪ ،‬ومــا نتــج عنهــا مــن صــراع‬ ‫مســلح بــن املجاميــع القبليــة املســلحة وجنــود الفرقــة أولــى مــدرع‪،‬‬ ‫إلــى ســقوط العاصمــة صنعــاء يف ‪ 21‬مــن شــهر ســبتمبر ‪2014‬م‪،‬‬ ‫بيــد قــوى الثــورة اجلديــدة‪ ،‬الذيــن بــادروا إلــى طــرح مبــادرة سياســية‬ ‫باســم "اتفــاق الســلم والشــراكة"‪ ،‬مت التوقيــع عليهــا مــن قبــل كل‬ ‫األحــزاب واملكونــات السياســية برعايــة ممثــل األمم املتحــدة يف حينــه‬ ‫الســيد جمــال بــن عمــر‪ ،‬وأثمــرت عــن تولــي األســتاذ خالــد بحــاح‬ ‫رئاســة مجلــس الــوزراء بــدالً عــن الرئيــس الســابق محمــد باســندوة‬ ‫املكلــف مــن قبــل حــزب اإلصــاح‪.‬‬ ‫وواقــع احلــال فقــد كان ذلــك مبثابــة الصدمــة لقــوى اإلســام‬ ‫السياســي يف اليمــن املتمثــل يف تيــار حــزب اإلصــاح اإلخوانــي‪،‬‬ ‫الذيــن تصــوروا أن الربيــع العربــي قــد أينــع وبلــغ منتهــاه بوصولهــم‬ ‫للحكــم أســوة مبــا هــو حــادث يف مصــر وتونــس علــى وجــه‬ ‫اخلصــوص‪ ،‬ولذلــك فلــم يتمكنــوا مــن اســتيعاب التغييــر اجلــذري‬ ‫احلــادث يف اخلريطــة السياســية اليمنيــة‪ ،‬ولــم يتفهمــوا ضمــور قــوة‬ ‫الشــيخ القبلــي عبــداهلل بــن حســن األحمــر وأبنائــه‪ ،‬الذيــن حتالفــوا‬ ‫معهــم طــوال العقــود املاضيــة‪ ،‬وكان مــن جــراء ذلــك أن عملــت آلتهــم‬ ‫اإلعاميــة القويــة ويف مقدمتهــا قنــاة "اجلزيــرة" الفضائيــة وغيرهــا‪،‬‬ ‫علــى رســم الصــورة التــي تتوافــق مــع رغباتهــم‪ ،‬وليــس وف ًقــا ملــا هــو‬ ‫قائــم يف أرض الواقــع‪.‬‬ ‫وكان بذلــك أن مت تصويــر الصــراع بــن أنصــار اهلل واإلصاح يف‬ ‫إطــاره الطائفــي اإلقليمــي‪ ،‬ضمــن إطــار مــا يعــرف بالصــراع العربــي ــ‬ ‫اإليرانــي يف جانبــه السياســي‪ ،‬أو الســني الشــيعي يف جانبــه الدينــي‪،‬‬ ‫بالرغــم مــن أن احملــرك يف كل ذلــك كان داخل ًيــا بصــورة كليــة‪ ،‬وال‬ ‫ميــت بصلــة كبيــرة إلــى مــا ســبق‪.‬‬ ‫لقــد كانــت بــوادر التغييــر القبلــي واضحــة للعيــان منــذ اللحظــات‬ ‫األولــى ألحــداث الربيــع العربــي‪ ،‬غيــر أن اإلعــام األيديولوجــي‬

‫‪48‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫دراسات العدد‬

‫أمــام كل هــذا التمايــز يف املشــاريع‪ ،‬والتغايــر يف اإلرادة‬ ‫واألهــداف‪ ،‬ويف مجتمــع لــم ينضــو حتــت لــواء الدولــة املؤسســية‬ ‫بشــكل فاعــل‪ ،‬وال زالــت القبيلــة بــكل أعرافهــا وقيمهــا هــي احملــرك‬ ‫لــه‪ ،‬يصعــب إغفــال تأثيــر ذلــك حــن احلديــث عــن تطــور األحــداث‬ ‫الداميــة بــن الســلطة وحركــة احلوثيــن (‪2009 – 2004‬م)‪ ،‬الســيما‬ ‫إذا مــا عرفنــا أن نســبة الهاشــمين يف احلركــة احلوثيــة ال تتجــاوز‬ ‫‪ %10‬كحــد أعلــى‪ ،‬علــى اعتبــار أن الهاشــمين يف اليمــن بأكملــه ال‬ ‫يتجــاوز تعدادهــم النســبة ذاتهــا مــن عــدد الســكان اإلجمالــي‪.‬‬ ‫وبالتالــي فالغالبيــة العظمــى مــن مســلحي احلركــة احلوثيــة هــم‬ ‫م ــن القاطن ــن محافظ ــة صع ــدة (الت ــي تعرض ــت للتهمي ــش الكل ــي‬ ‫إمنائ ًي ــا من ــذ ع ــام ‪1970‬م‪ ،‬وه ــو الع ــام ال ــذي أس ــقط الفرق ــاء م ــن‬ ‫امللكيــن واجلمهوريــن جميــع أســلحتهم‪ ،‬وانضــووا يف حكومــة وحــدة‬ ‫وطنيــة)‪ ،‬تدعمهــم قبيلــة ســفيان البكيليــة ً‬ ‫أيضــا‪ ،‬يف مقابــل مجاميــع‬ ‫قبائ ــل حاش ــد م ــن العصيم ــات وغيره ــا‪ ،‬الت ــي تق ــف م ــع الس ــلطة‪.‬‬ ‫وكان مــن املمكــن يف هــذا الســياق يف حــال تطــورت احلــرب‬ ‫بــن ســفيان البكيليــة مثــ ً‬ ‫ا‪ ،‬الواقعــة علــى حــدود قبيلــة حاشــد‪،‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫أن تتدخــل مختلــف قبائــل بكيــل كقبيلــة أرحــب املتفقــة نســ ًبا مــع‬ ‫ســفيان‪ ،‬لكــن ذلــك لــم يحــدث بشــكل رســمي‪ ،‬وظلــت القبــل مبنــأى‬ ‫عــن هــذا االصطفــاف والتحالــف االثنــي الضيــق‪ ،‬بــل ومبنــأى ً‬ ‫أيضــا‬ ‫عــن االصطفــاف الطائفــي املذهبــي املتشــدد‪ ،‬بالرغــم مــن محاولــة‬ ‫الشــيخ عبــد اهلل األحمــر وبعــض أبنائــه وقيــادات الســلطة يف حينــه‬ ‫اســتثارة هــذا األمــر يف حلظــة مــن حلظــات الصــراع الدامــي بــن‬ ‫القــوى احلوثيــة والدولــة‪.‬‬ ‫ويف هــذا الســياق ميكــن التأكيــد علــى أن القبيلــة اليمنيــة‬ ‫لــم تعــش طــوال فتــرات احلقــب التاريخيــة املاضيــة‪ ،‬أي انتمــاء‬ ‫أيديولوجــي عقائــدي مكثــف‪ ،‬حتركــه تباينــات التأثيــرات املذهبيــة‬ ‫زيديــة كانــت أو شــافعية‪ ،‬ناهيــك عــن األفــكار القوميــة احلديثــة‬ ‫ميي ًنــا كانــت أم يســا ًرا‪ ،‬وهــو مــا يفســر بشــكل عــام جهــل الكثيــر مــن‬ ‫أفــراد مجتمــع القبيلــة ملختلــف تباينــات اخلــاف املذهبــي الطائفــي‪،‬‬ ‫الــذي ظــل محصــو ًرا يف إطــار مدونــات شــريحة العلمــاء والفقهــاء‪،‬‬ ‫ممــا حصــر الصــراع العســكري حــال حدوثــه يف خانــة التوســع‬ ‫السياســي فقــط‪ ،‬األمــر الــذي كانــت لــه أثــاره اإليجابيــة علــى شــكل‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫عهــده مــن مقاومــة االنقــاب العســكري الناصــري واحتــواء كثيــر مــن‬ ‫قياداتهــم بعــد ذلــك‪ ،‬وعمــل علــى احتــواء التمــدد البعثــي العراقــي يف‬ ‫اليمــن‪ ،‬ومــارس مهاراتــه يف تأكيــد ســيطرته علــى عديــد مــن املشــايخ‬ ‫القبليــن الرئيســين مــن مختلــف القبائــل اليمنيــة‪ ،‬كمــا حــرص‬ ‫علــى االســتفادة مــن كل التيــارات الفكريــة واملذهبيــة لتثبيــت دعائــم‬ ‫ســيطرته الكليــة علــى مقاليــد األمــور‪.‬‬ ‫فــكان أن اســتفاد مــن التيــارات القوميــة ملواجهــة خصومــه‬ ‫احملافظــن (ملكيــن وغيرهــم)‪ ،‬وكان أن اســتفاد مــن بــروز الطبقــة‬ ‫البرجوازيــة اجلديــدة لضعضعــة الطبقــة اإلقطاعيــة القبلية القدمية‪،‬‬ ‫وكان أن اســتفاد مــن تأييــد احلركــة الدينيــة الســلفية واإلخوانيــة يف‬ ‫مواجهــة متــدد وســيطرة احلــزب االشــتراكي‪ ،‬الســيما خــال أحــداث‬ ‫احلــرب األهليــة الثانيــة يف اليمــن عــام ‪1994‬م‪ ،‬ثــم عمــل علــى‬ ‫االســتفادة مــن تأييــده حلركــة "الشــباب املؤمــن" الزيديــة يف أواخــر‬ ‫عقــد التســعينات ملواجهــة متــدد التيــار الســلفي واإلخوانــي‪ ،‬وحــرص‬ ‫علــى رعايــة احلركــة الصوفيــة الشــافعية املذهــب يف محاولــة منــه‬ ‫خللــق حالــة تــوازن دينــي سياســي قــدر املســتطاع ضمــن إطــار‬ ‫املجتمــع اليمنــي‪.‬‬ ‫وخـــال كل ذلـــك‪ ،‬وعلـــى امتـــداد حقبتـــه السياســـية‪ ،‬فقـــد‬ ‫حاف ــظ أبن ــاء القبائ ــل اليمني ــة عل ــى ثقله ــم السياس ــي والعس ــكري‬ ‫امللح ــوظ‪ ،‬ال ــذي كان يب ــرز يف ص ــور متنوع ــة خ ــال فت ــرة حكم ــه‬ ‫الطويلـــة‪ .‬إذ أدى متحـــور الســـلطة وتركزهـــا يف شـــخص الشـــيخ‬ ‫عبــد اهلل بــن حســن األحمــر‪ ،‬إلــى تعضيــد قــوة القبيلــة السياســي‬ ‫يف اليم ــن‪.‬‬ ‫جتــدر اإلشــارة إلــى أن الشــيخ عبــد اهلل قــد مثــل نقطــة ارتــكاز‬ ‫محوريــة تــدور مــن حولهــا وعبرهــا مختلــف جتليــات األحــداث‬ ‫السياســية واالجتماعيــة‪ ،‬لكونــه أحــد أقطــاب صنــاع الدولــة اليمنيــة‬ ‫اجلديــدة الرئيســين‪ ،‬ولكونــه قــد أصبــح قطــب رحــى متــاوج ا َ‬ ‫حلــراك‬ ‫القبلــي خــال األربعــة عقــود األخيــرة مــن القــرن العشــرين علــى‬ ‫مســتوى قبيلتــه حاشــد‪ ،‬وعلــى مســتوى غيرهــا مــن القبائــل اليمنيــة‬ ‫العتيــدة‪ ،‬وبخاصــة مــن بعــد فنــاء عــدد غيــر قليــل مــن مشــايخ وأقيــال‬ ‫قبائــل بكيــل يف أوائــل عقــد الســبعينات مــن القــرن املنصــرم بالقــرب‬ ‫مــن حريــب‪ ،‬الذيــن كانــوا قــد أعلنــوا مواالتهــم ومناصرتهــم للنظــام‬ ‫امللكــي الســابق يف اليمــن‪ ،‬ومتاهــى خلفاؤهــم مــن بعدهــم يف صفــوف‬ ‫النظــام اجلمهــوري‪ ،‬حتــت لــواء قبيلــة حاشــد برئاســته‪.‬‬ ‫وكان بقـــوة حضـــوره ســـندا للوجـــود القبلـــي وداعمـــا لتلـــك‬ ‫الكينون ــة م ــن التاش ــي ضم ــن إط ــارات املجتم ــع املدن ــي‪ ،‬الس ــيما‬ ‫مـــع ترأســـه بصفتـــه الوجاهيـــة القبليـــة ألحـــد أهـــم األحـــزاب‬ ‫السياســية وهــو حــزب "التجمــع اليمنــي لإصــاح"‪ ،‬وترأســه جــراء‬ ‫ذلــك ألكبــر مرجــع دســتوري مدنــي وهــو مجلــس النــواب‪ ،‬ودون أن‬ ‫يك ــون ذل ــك بس ــبب تســ ُّيد حزب ــه ألغلبي ــة املقاع ــد البرملاني ــة كم ــا‬

‫دراسات العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪47‬‬

‫جت ــري الع ــادة يف ذل ــك‪.‬‬ ‫ويف هــذا اإلطــار فقــد ارتضــى حــزب "التجمــع اليمنــي لإصــاح"‪،‬‬ ‫رئيســا عليهــم‪ ،‬علــى الرغــم مــن عــدم انتمائــه‬ ‫أن يكــون الشــيخ األحمــر‬ ‫ً‬ ‫حزب ًيــا لهــم‪ ،‬رغبــة يف حتقيــق مــا يصبــون إليــه مــن دعــم قبلــي‪ ،‬فــكان‬ ‫أن حتقق ــت املصلح ــة للطرف ــن‪ ،‬فالش ــيخ عب ــد اهلل وج ــد يف ترأس ــه‬ ‫للح ــزب مج ــاالً خص ًب ــا‪ ،‬ومس ــاحة واس ــعة‪ ،‬إلضف ــاء س ــمة الش ــرعية‬ ‫املؤسســية علــى مختلــف أدواره وجهــوده وحركتــه ضمــن إطــار الوطــن‪،‬‬ ‫فخــرج بذلــك مــن ضيــق املشــروع القبلــي إلــى فضــاء املشــروع الوطنــي‪،‬‬ ‫وبالتالــي كان نفــاذه إلــى أروقــة ودهاليــز السياســة اخلارجيــة يف إطارها‬ ‫اإلقليم ــي والدول ــي؛ ويف املقاب ــل فق ــد حظي ــت مختل ــف ك ــوادر العم ــل‬ ‫اإلس ــامي ‪ -‬ج ــراء م ــا يتمت ــع ب ــه الش ــيخ م ــن نف ــوذ وق ــوة ‪ -‬باحلماي ــة‬ ‫والرعايــة‪ ،‬وبخاصــة وأنــه قــد تعمــق يف وجدانهــا‪ ،‬مــن بعــد فشــل ثــورة‬ ‫الدســتور يف اليمــن ســنة ‪1948‬م‪ ،‬أهميــة توافــر الدعــم القبلــي لتحقيــق‬ ‫أي جنــاح سياســي ملمــوس‪.‬‬ ‫وهكــذا تعــززت هويــة القبيلــة وأهميتهــا ضمــن أركان مشــروع‬ ‫الدولــة اجلمهوريــة‪ ،‬وأصبــح لهــا مكانتهــا السياســية وتأثيرهــا الناجــع‬ ‫يف مختلــف مفاصــل الصــراع السياســي يف اليمــن‪ ،‬بــل وبــات أبناؤهــا‬ ‫مشــاركن يف كثيــر مــن مفاصــل التغييــر ليــس بوصفهــم املجتمعــي‬ ‫القبلــي وحســب‪ ،‬وإمنــا بشــخصياتهم املدنيــة‪ ،‬لتتماهــى يف حلظــة‬ ‫مــا‪ ،‬الشــخصية القبليــة بالشــخصية املدنيــة‪ ،‬ممــا أجهــض جنــاح‬ ‫مشــروع بنــاء الدولــة يف مقابــل مشــروع القبيلــة‪ ،‬فــكان أن وضــح‬ ‫إخفــاق الدولــة اجلمهوريــة يف حتقيــق املواطنــة العادلــة‪ ،‬والنمــو‬ ‫املتــوازن‪ ،‬واالســتقرار الداخلــي‪ ،‬لكونهــا قــد اعتمــدت سياســة تركيــز‬ ‫خيــوط الســلطة يف جانــب معــن مــن شــرائح املجتمــع اليمنــي‪ ،‬وهــي‬ ‫شــريحة القبيلــة‪ ،‬وبخاصــة مــا كان منتم ًيــا منهــا لقبيلــة حاشــد بوجــه‬ ‫عــام‪ ،‬يف مقابــل إعمــال وتكريــس حالــة اإلقصــاء لفئــات عديــدة مــن‬ ‫قبائــل بكيــل ومذحــج‪ ،‬ولغيرهــا مــن الفئــات القبليــة يف احملافظــات‬ ‫اجلنوبيــة وبخاصــة مــن بعــد حــرب ‪1994‬م‪.‬‬

‫الدور السياسي للقبيلة يف أزمة الحوثي‪:‬‬ ‫علــى أن األمــر قــد تغيــرت أبعــاده مــع مــرور الزمــن‪ ،‬وقــل تأثيــر‬ ‫وهيمنــة الشــيخ عبــد اهلل األحمــر يف آخــر مــدة حياتــه علــى مختلــف‬ ‫ال ُقبُـ ْل‪ ،‬وأخــذت قبيلــة حاشــد تفقــد كثيـ ًرا مــن قوتهــا املطلقــة بشــكل‬ ‫تدريجــي بعــد وفاتــه‪ ،‬عــاوة علــى بــروز مظاهــر الصــراع بــن مختلــف‬ ‫األجيــال اجلديــدة مــن أبنــاء املشــايخ‪ ،‬الذيــن حتركهــم روح التغايــر‬ ‫والتكالــب علــى الســلطة‪ ،‬ناهيــك عــن وضــوح حــدة الصــراع بــن أبنــاء‬ ‫الشــيخ الوالــد حامــي النظــام اجلمهــوري‪ ،‬الذيــن يــرون األحقيــة لهــم‬ ‫يف إدارة دفــة الدولــة‪ ،‬بحكــم الشــرعية التاريخيــة والقــوة القبليــة‪،‬‬ ‫وبــن أســرة فخامــة رئيــس اجلمهوريــة‪ ،‬القابضــن علــى مفاصــل‬ ‫أركان الســلطة األمنيــة والعســكرية بشــكل خــاص‪.‬‬

‫‪46‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫دراسات العدد‬

‫القبلــي وبخاصــة يف نطــاق أســرة آل األحمــر مــن قبيلــة حاشــد‬ ‫ظــل قائ ًمــا لتحقيــق مــا تصبــو إليــه مــن مكاســب‪ ،‬الســيما وأنــه قــد‬ ‫كان جلدهــم الــدور األكبــر يف تعيــن اإلمــام يحيــى علــى مقاليــد‬ ‫احلكــم‪ ،‬وتثبيــت أركان دولتــه‪ ،‬وقــد بــرز ذلــك يف أواخــر اخلمســينات‬ ‫امليــادي مــع انتفاضــة الشــيخ حميــد األحمــر مبســاندة مــن فئــات‬ ‫مــن قبيلتــه حاشــد‪ ،‬مســتغلن خــروج اإلمــام أحمــد للعــاج يف إيطاليــا‬ ‫بعــد محاولــة االغتيــال التــي تعــرض لهــا يف املستشــفى العســكري‬ ‫باحلديــدة‪ ،‬ويظهــر ذلــك التمــرد يف زامــل القبيلــة الــذي يقــول‪:‬‬ ‫"سبحان من رد العوائد ألهلها"‬ ‫"إمامنا الناصر ومن بعده حميد"‬ ‫وكان مــن جــراء ذلــك أن أمــر اإلمــام أحمــد بعــد عودتــه بقتــل‬ ‫الشــيخ حميــد وأخيــه الشــيخ حســن األحمــر‪،‬‬ ‫وحبــس الشــيخ عبــد اهلل بــن حســن األحمــر يف‬ ‫ســجن القصــر كرهينــة‪.‬‬

‫الدور السياسي للقبيلة يف العهد الجمهوري‪:‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫علــى هيــاكل صناعــة القــرار السياســي والتنفيــذي يف الدولــة‬ ‫اجلديــدة‪ ،‬وعمــل أفرادهــا وبخاصــة علــى تــرأس هــرم الســلطة‬ ‫الفعلــي يف اليمــن منــذ اللحظــات األولــى للثــورة اليمنيــة‪.‬‬ ‫وكان مــن نتيجــة هــذا الصــراع اخلفــي تــارة‪ ،‬والظاهــر تــارة‬ ‫أخــرى‪ ،‬أن أجهضــت القبيلــة حركــة التمــرد الداخلــي يف أواخــر‬ ‫الســتينات امليــادي بــن أركان الســلطة العســكرية فيمــا عــرف‬ ‫بثــورة "عبــد الرقيــب"‪ ،‬الــذي كان أحــد الضبــاط املنتمــن بأصولهــم‬ ‫الدميغرافيــة إلــى بلــدة ذبحــان مبحافظــة تعــز‪ .‬وهــو مــا أدى إلــى‬ ‫تزايــد حنــق أبنــاء تلــك املناطــق مــن ســلطة اإلقطاعيــات املرتبطــة‬ ‫بســلطة املشــايخ القبليــن‪ ،‬ممــا جعلهــم يتبنــون ثقافــة مختلــف‬ ‫األفــكار القوميــة (ميي ًنــا ويســا ًرا) لتكــون ســندًا لهــم‬ ‫يف مواجهــة ســيطرة مشــايخ القبائــل اإلقطاعيــن‬ ‫الكليــة‪.‬‬ ‫يف هـــذا الســـياق فيمكـــن القـــول أن جـــذوة‬ ‫الصـــراع بـــن القبيلـــة والدولـــة قـــد متثلـــت يف‬ ‫عه ــد الرئي ــس إبراهي ــم احلم ــدي خ ــال منتص ــف‬ ‫الســـبعينات امليـــادي‪ ،‬الـــذي عمـــل علـــى حتجيـــم‬ ‫دور شـــيوخ القبائـــل يف النظـــام اجلمهـــوري‪،‬‬ ‫وحـــرص علـــى تعزيـــز هيبـــة الدولـــة وقوتهـــا يف‬ ‫مواجهـــة هيبـــة القبيلـــة وســـلطة شـــيوخها‪.‬‬ ‫وكان مــن جــراء ذلــك الصــراع املكشــوف أن اغتيــل الرئيــس‬ ‫احلمــدي يف حادثــة لــم يتقبلهــا الشــعب اليمنــي‪ ،‬ليأخــذ موق ًفــا‬ ‫معاد ًيــا مــن خلفــه الرئيــس أحمــد الغشــمي‪ ،‬الــذي مت اغتيالــه يف‬ ‫حــادث التفجيــر الكبيــر عــام ‪1978‬م‪ .‬ليعيــش اليمــن فــراغ ســلطة‪،‬‬ ‫ويتخــوف العديــد مــن رمــوزه مــن تولــي الســلطة‪ ،‬ويكــون املجــال‬ ‫متاحــا ألحــد قياداتــه العســكرية البســيطة‪ ،‬املنتمــي إلــى قبيلــة‬ ‫ً‬ ‫ســنحان املؤاخيــة لقبيلــة حاشــد‪ ،‬وهــو الرائــد علــي عبــد اهلل صالــح‪،‬‬ ‫لتســنم ســدة الســلطة‪ ،‬بتأييــد ومســاندة مــن الشــيخ عبــد اهلل بــن‬ ‫حســن األحمــر‪ ،‬ورضــى وموافقــة مــن غيــره مــن مشــايخ القبائــل‬ ‫األخــرى وقيــادات اليمــن السياســية‪.‬‬ ‫ومنــذ ذلــك احلــن مــع بدايــة عقــد الثمانينــات امليــادي‪ ،‬باتــت‬ ‫القبيلــة ممثلــة يف شــخص الشــيخ عبــد اهلل بــن حســن األحمــر‪،‬‬ ‫ومبســاندة بعــض مــن حلفائــه مــن مشــايخ القبائــل األخــرى‪ ،‬هــي‬ ‫املســيطرة علــى مفاصــل الدولــة الرئيســة‪ ،‬كمــا يف املقابــل ورغبــة مــن‬ ‫الرئيــس اجلديــد علــي عبــد اهلل صالــح يف التحــرر رويـدًا رويـدًا مــن‬ ‫ســلطة القبيلــة عليــه‪ ،‬الســيما مــع احساســه بالضعــف االجتماعــي‪،‬‬ ‫فقــد فتــح املجــال أكثــر ألبنــاء اليمــن األوســط يف البــروز اجللــي‬ ‫ضمــن هيــاكل الســلطة اإلداريــة‪.‬‬ ‫يف هــذا اإلطــار ال يغيــب عــن البــال قــدرة الرئيــس صالــح علــى‬ ‫خــوض جتربتــه السياســية بنجــاح ملمــوس‪ ،‬حيــث متكــن يف بدايــة‬

‫تـعــــززت هـويــــة‬ ‫القبيلة وأهميتها ضمن‬ ‫أركان مشــروع الدولــة‬ ‫الجمهوريـــة وأصبـــح‬ ‫لهـــا تأثيرهـــا الناجـــع‬

‫ســاندت قبيلــة حاشــد وغالبيــة قبيلــة مذحــج‬ ‫فصائــل الضبــاط األحــرار حــال إعانهــم االنقــاب‬ ‫العســكري علــى اإلمــام محمــد البــدر يف ‪ 26‬مــن‬ ‫ســبتمبر ‪1962‬م‪ ،‬وصــارت حاشــد بخاصــة مبختلــف‬ ‫بطونهــا عمــود ارتــكاز الثــورة اليمنيــة ضــد احلكــم‬ ‫امللكــي‪ ،‬يف مقابــل دعــم قبيلــة بكيــل مبجملها للحكم امللكي والشــرعية‬ ‫القائمــة يف حينــه املتمثلــة بشــخص اإلمــام محمــد البــدر‪ ،‬لتســتمر‬ ‫احلــرب األهليــة بــن الطرفــن قرابــة ثمــان ســنوات‪ ،‬حتــى كانــت‬ ‫نهايتهــا باعتــراف اململكــة العربيــة الســعودية بالنظــام اجلمهــوري‪.‬‬ ‫وخــال تلــك الفتــرة تركــزت ســلطة القبيلــة يف اجلانبــن‪ ،‬وبــات‬ ‫مشــايخ القبائــل الرئيســين مؤثريــن يف صناعــة القــرار وتوجيهــه‬ ‫بالشــكل الــذي يريــدون‪.‬‬ ‫جتــدر اإلشــارة إلــى أنــه وبالرغــم مــن محاولــة الضبــاط‬ ‫األحــرار إلحــداث تغييــر ملحــوظ يف بنيــة التقســيم االجتماعــي‬ ‫بعــد االنقــاب العســكري يف اليمــن (الثــورة اليمنيــة) ســنة ‪1962‬م‬ ‫وتكويــن اجلمهوريــة‪ ،‬وتأســيس مــا يعــرف بشــرعية الدولــة يف مقابــل‬ ‫شــرعية القبيلــة والتقســيمات املجتمعيــة األخــرى‪ ،‬وتثبيــت مراكــز‬ ‫القــوة ضمــن نطــاق حــوزة رؤســاء تشــكياته العســكرية‪ ،‬دون النظــر‬ ‫إلــى خلفيــات تكويناتهــم االجتماعيــة‪.‬‬ ‫لكــن ذلــك لــم ينجــح بشــكل تــام‪ ،‬حيــث فرضــت شــريحة القبائــل‬ ‫ممثلــة بحاشــد وبشــخص شــيخها عبــد اهلل بــن حســن األحمــر‬ ‫ومبســاندة عديــد مــن مشــايخها اآلخريــن كالشــيخ مجاهــد أبــو‬ ‫شــوارب‪ ،‬ومبســاندة مشــايخ القبائــل األخــرى كالشــيخ ســنان أبــو‬ ‫حلــوم شــيخ قبيلــة نهــم‪ ،‬والشــيخ أحمــد بــن علــي املطــري شــيخ قبيلــة‬ ‫بنــي مطــر البكيليتــن املواليتــن للنظــام اجلمهــوري‪ ،‬قوتهــا وهيمنتهــا‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫دراسات العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪45‬‬

‫المجتمــع اليمنــي شــرائح تنتمــي لمرحلــة مــا قبــل الصناعــة وهــي‬ ‫الســادة والقضــاة والقبائــل والتجــار والحرفييــن والمهــن الحــرة‬ ‫غيــر أن تلــك احلالــة الوفاقيــة لــم تســتمر ملــدة طويلــة‪ ،‬إذ ورغبــة‬ ‫مــن اإلمــام يحيــى يف تثبيــت ســلطته األحاديــة علــى حكــم اليمــن‪ ،‬فقــد‬ ‫عمــد إلــى حبــس بعــض مشــايخ القبائــل الرئيســين بحجــج متنوعــة‪،‬‬ ‫ماعــة اخلوالنيــة حــن وفــد‬ ‫وهــو مــا يتــراءى مــن فحــوى زامــل قبيلــة ُج َ‬ ‫بعــض رجالهــم إلــى صنعــاء مطالبــن اإلمــام يحيــى بإطــاق ســراح‬ ‫شــيخهم ابــن مقيــت بقولهــم‪:‬‬ ‫مِ قدامنا ابن مقيت متضنَّك ويف حبس الدول‬ ‫وِ ْ‬ ‫ش باتقولوا يف خروجه ياجماعة‬ ‫الشهر األول ّ‬ ‫زل والثاني يـقـولـوا إ ِّنه دخــل‬ ‫والثـالث أقــْبـَل ما لـقـيـنا به نفاعة‬ ‫ِـصل‬ ‫إن جـاد موالنا وه ْو بايـطـلـقه ساعة ن َ‬ ‫ِخْ‬ ‫وا ّال دخـلنا ن رجه واملوت ساعة‬ ‫كمــا عمــل يف شــق آخــر علــى إقامــة ومســاندة منافســن لهــم‬ ‫مــن ذويهــم ومــن عشــائرهم‪ ،‬األمــر الــذي زاد مــن توتــر العاقــة بــن‬ ‫الطرفــن يف مجمــل الفتــرات‪ ،‬ممــا حفــز البعــض إلــى مبــادرة إعــان‬ ‫اخلــروج عليــه‪ ،‬كمــا حــدث مــع الشــيخ ناصــر بــن مبخــوت األحمــر‪،‬‬ ‫الــذي كان لــه الفضــل يف مســاندته لتولــي مقاليــد احلكــم يف بدايــة‬ ‫أمــره‪ ،‬والشــيخ أحمــد الزيحــي مبنطقــة الشــرفن‪ ،‬والشــيخ علــي بــن‬ ‫مطلــق بهمــدان صنعــاء‪ ،‬وثــورة قبائــل الزرانيــق بتهامــة‪.‬‬

‫وجعــل البعــض منهــم بعــد ذلــك علــى متــاس دائــم مــع طليعــة‬ ‫املثقفــن التنويريــن‪ ،‬فعملــوا جاهديــن علــى مواجهــة حالــة الركــود‬ ‫خــال عهــد اإلمــام يحيــى مبختلــف الســبل املمكنــة‪ ،‬علــى الرغــم‬ ‫مــن تدنــي مســتوى احلالــة الثقافيــة بينهــم‪ ،‬ومــع ذلــك فقــد شــارك‬ ‫عديــد مــن وجهائهــم وبخاصــة يف املناطــق الوســطى مــن اليمــن‬ ‫يف تســيير دفــة احلركــة اإلصاحيــة خــال تلــك الفتــرة مبختلــف‬ ‫الوســائل املتاحــة‪ .‬ويأتــي يف مقدمــة أولئــك الشــيخ حســن ال ُّد َعيــس‪،‬‬ ‫واملشــايخ مــن آل نعمــان‪ ،‬وصــوالً إلــى الشــيخ علــي ناصــر القَردعــي‬ ‫املذحج َّيــة‪ ،‬الذيــن باشــروا تنفيــذ قتــل‬ ‫ورفاقــه مــن قبيلــة مــراد‬ ‫َ‬ ‫اإلمــام يحيــى حميــد الديــن إيذا ًنــا بانــدالع ثــورة الدســتور ســنة‬ ‫‪1367‬هـــ‪1948/‬م‪.‬‬ ‫تلــك الثــورة التــي بــرز فيهــا جل ًيــا مــدى مشــاركتهم يف صناعــة‬ ‫وتنفيــذ القــرار‪ ،‬بحســب مــا تقــرره لوائــح أســماء أعضــاء الســلطة‬ ‫التشــريعية (مجلــس الشــورى) والســلطة التنفيذيــة (مجلــس الــوزراء)‪،‬‬ ‫حيــث بلــغ عــدد العناصــر مــن شــريحة القبائــل يف مجلــس الشــورى‬ ‫(‪ )8‬أعضــاء مــن أصــل (‪ )29‬نائ ًبــا‪ ،‬وبلــغ عــدد العناصــر منهــم يف‬ ‫مجلــس الــوزراء (‪ )5‬مــن أصــل (‪ )19‬وزيــ ًرا‪ ،‬وبلــغ عــدد مــدراء‬ ‫الــوزارات منهــم (‪ )8‬مــدراء مــن أصــل (‪ )12‬مديــ ًرا‪.‬‬ ‫وبالرغــم مــن ســيطرة اإلمــام أحمــد علــى مقاليــد األمــور بعــد‬ ‫مقتــل والــده اإلمــام يحيــى‪ ،‬وقضائــه علــى الثــورة‪ ،‬إال أن الطمــوح‬

‫‪44‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫دراسات العدد‬

‫ويبلــغ تعــداد أقســامها جمي ًعــا حوالــي مائــة وســتون قبيلــة تقري ًبــا‬ ‫(‪160‬قبيلــة) يقطــن معظمهــا يف املناطــق اجلبليــة التابعــة سياســ ًيا‬ ‫أس‬ ‫وإدار ًيــا يف أغلــب الفتــرات لدولــة األئمــة‪ ،‬وهــي التــي شــكلت َّ‬ ‫اجلماعــات القتاليــة القويــة‪ ،‬ومتثــل جمي ًعــا وف ًقــا لبعــض التقديــرات‬ ‫مــا بــن ‪ %85 – %80‬مــن مجمــوع الســكان الرئيســي لليمــن‪ ،‬كمــا‬ ‫يتميــز أغلبهــا بتماســك مكوناتهــا البنائيــة القرابيــة‪ ،‬وبتعــدد مكوناتهــا‬ ‫السياســية‪ ،‬وبنزعتهــا االســتقالية‪ ،‬وهــو مــا أدى يف كثيــر مــن‬ ‫األوقــات إلــى عــدم اخلضــوع التــام ألي ســلطة مركزيــة خارجيــة‪ ،‬إال‬ ‫أن يكــون ذلــك برغبــة منهــا‪.‬‬ ‫ول ــم يقتص ــر مترده ــا ذل ــك عل ــى الش ــق اخلارج ــي فحس ــب‪،‬‬ ‫بـــل تعـــداه يف كثيـــر مـــن األوقـــات إلـــى توتـــر طبيعـــة العاقـــات‬ ‫الداخليـــة بـــن مشـــايخ القبيلـــة الواحـــدة مـــع شـــيوخ مشـــايخ‬ ‫القبائـــل الرئيســـة ذاتهـــا‪ ،‬الذيـــن يرفضـــون القبـــول بالســـيادة‬ ‫العليـــا ألي إنســـان مـــن طبقتهـــم االجتماعيـــة‪ ،‬باعتبـــار حالـــة‬ ‫الكبري ــاء واالعت ــزاز والفخ ــر املكتن ــزة يف نفوس ــهم‪ ،‬املانع ــة إياه ــم‬ ‫مـــن الرضـــوخ لبعضهـــم البعـــض‪.‬‬ ‫وهــو مــا يفســر حالــة انضوائهــم ووحدتهــم ولفتــرات تاريخيــة‬ ‫طويلــة حتــت زعامــة دولــة األئمــة الهاشــمية‪ ،‬التــي ميثــل أئمتهــا‬ ‫االمتــداد النســبي للرســول عليــه الصــاة والســام مــن جانــب‪،‬‬ ‫ويعكــس نظامهــا السياســي احلكــم الشــرعي للدولــة اإلســامية مــن‬ ‫جانــب آخــر؛ كمــا ويف الســياق ذاتــه فلــم تتســم العاقــة بــن شــريحة‬ ‫القبائــل والدولــة املدنيــة بالتآلــف واالنســجام‪ ،‬بســبب نفــور املجتمــع‬ ‫القبلــي مــن مركزيــة الســلطة ومحوريــة قرارهــا الهرمــي‪ ،‬علــى الرغــم‬ ‫مــن تغذيتهــم املتواصلــة لهــا بكثيــر مــن األفــراد والقيــادات‪.‬‬ ‫جتــدر اإلشــارة ً‬ ‫أيضــا إلــى أن املجتمــع اليمنــي الشــمالي قــد‬ ‫انقســم مــن حيــث التنــوع الدميغــرايف إلــى قســمن بوجــه عــام‪ ،‬وهمــا‪:‬‬ ‫‪ -1‬ســكان اليمــن األعلــى (القبائــل) ابتــداء مــن منطقــة ذمــار‪،‬‬ ‫مــرو ًرا باملناطــق الغربيــة‪ ،‬ووصــوالً إلــى املناطــق الشــرقية مــن اليمــن‬ ‫الشــمالي‪ ،‬ويتميــزون بالشــدة والصابــة‪.‬‬ ‫‪ -2‬وســكان اليمــن األســفل حيــث حواضــر مدينتــي إب وتعــز‪،‬‬ ‫وأبنــاء تهامــة‪ ،‬املدنيــن يف غالبهــم بطبعهــم‪ ،‬وهــو مــا مكــن أبنــاء‬ ‫القبائــل املنتقلــن إلــى تلــك املناطــق منــذ فتــرات ســابقة‪ ،‬مــن فــرض‬ ‫نفوذهــم‪ ،‬مكونــن لهــم إقطاعــات كبيــرة‪ ،‬كمــا هــو احلــال علــى ســبيل‬ ‫املثــال مــع بنــي خشــافة وبيــت الدعيــس وآل البخيتــي وغيرهــم‬ ‫املنتمــن إلــى قبيلــة احلــدا مــن مذحــج‪ ،‬وآل الشــماخ وآل دمــاج وآل‬ ‫أبــو راس وغيرهــم وهــم مــن قبيلــة بــرط املأربيــة‪ ،‬وآل الرويشــان‬ ‫وأبــو حليقــة وآل الصــويف وغيرهــم املنتمــن إلــى قبيلــة خــوالن‬ ‫العاليــة (الطيــال)‪ ،‬وآل الباشــا املنتمــن إلــى قبيلــة خــوالن ابــن عامــر‬ ‫بصعــدة‪ ،‬وآل أبــو حلــوم مــن قبيلــة نهــم‪ ،‬عــاوة علــى آل النــويف مــن‬ ‫بنــي نــوف باجلــوف‪ ،‬وهكــذا كثيــر غيرهــم ‪.‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫بواكير الدور السياسي للقبيلة يف اليمن‪:‬‬ ‫ألفــت القبيلــة اليمنيــة منــذ صــدر اإلســام أن تكــون رافــد‬ ‫وال يتــم تكليفــه‬ ‫لعاصمــة اخلافــة باجلنــود املقاتلــن‪ ،‬ومنقــادة ألي ٍ‬ ‫بحكــم اليمــن مــن قبــل اخلليفة الشــرعي‪ ،‬واســتمر ذلك حتى منتصف‬ ‫القــرن الثالــث الهجــري‪ ،‬التاســع امليــادي تقري ًبــا‪ ،‬حيــث استشــعرت‬ ‫بعــض القــوى الفكريــة كاحلركــة االســماعيلية أهميــة القبيلــة اليمنيــة‬ ‫يف حتقيــق وجودهــا الفكــري والسياســي مســتقب ً‬ ‫ا‪ ،‬فــكان أن توجــه‬ ‫إلــى اليمــن لهــذا الغــرض الداعــي منصــور بــن حوشــب‪ ،‬الــذي متكــن‬ ‫مــن اســتقطاب جانــب مــن القبائــل اليمنيــة لدعوتــه‪ ،‬وأســس مقدمات‬ ‫دولــة إســماعيلية مبســاندة علــي بــن الفضــل اخلنفــري اليمنــي‪ ،‬لكنهــا‬ ‫مــا لبثــت أن تاشــت بفعــل حالــة التطــرف واالنحــراف الــذي ظهــر يف‬ ‫دعــوة علــي بــن الفضــل‪ ،‬ممــا فــرض علــى القبائــل مواجهتــه مســتعينة‬ ‫بأحــد أئمــة آل البيــت‪ ،‬حيــث طلــب وفــد مــن قبيلــة بنــي فطيمــة‬ ‫الهمدانيــة عــام ‪284‬هـــ‪897/‬م مــن اإلمــام الهــادي إلــى احلــق يحيــى‬ ‫بــن احلســن ابــن اإلمــام القاســم الرســي‪ ،‬الهجــرة إليهــم لسياســتهم‬ ‫ورعايــة أمورهــم‪ ،‬وبخاصــة مــن بعــد أن استشــرى النــزاع فيمــا بينهــم‪.‬‬ ‫ومــن حينــه توالــى األئمــة مــن آل البيــت علــى حكــم منطقــة‬ ‫اليمــن إجمــاالً بــن مــد وجــزر‪ ،‬متغايريــن بــن إمــام شــرعي تتوافــر‬ ‫فيــه مختلــف الشــروط وف ًقــا للنظريــة الزيديــة‪ ،‬تســانده مجموعــات‬ ‫متنوعــة مــن شــريحة القبائــل ومــن غيرهــا‪ ،‬أو إمــام متغلــب ال تتوافــر‬ ‫فيــه كامــل الشــروط املســتحقة لتولــي اإلمامــة‪ ،‬فيعمــد إلــى إعمــال‬ ‫الســيطرة علــى مقاليــد احلكــم بالقــوة‪ ،‬عبــر حتالفاتــه القبليــة مــن‬ ‫جهــة‪ ،‬واســتقطابه لهــا مبنــح االمتيــازات املتنوعــة‪.‬‬ ‫وهكــذا صــارت القبيلــة أحــد أهــم املكونــات األساســية ألي‬ ‫إمــام متغلــب يرغــب باحلكــم خــال مختلــف الفتــرات التاريخيــة‪ ،‬بــل‬ ‫صــارت مرجحــة ملــن يدفــع أكثــر حــن يكثــر طالبــي احلكــم وف ًقــا‬ ‫ملنطــوق قائلهــم‪:‬‬ ‫أح ْد لي إمام"‬ ‫أح ْد وال َّ‬ ‫"ما َمامِ َّي َّ‬ ‫"ما َمامِ َّي إال من ما جيبي فلوس"‬

‫الدور السياسي للقبيلة يف القرن العشرين‪:‬‬ ‫ويف النصــف األول مــن القــرن العشــرين ‪ /‬الرابــع عشــر الهجــري‬ ‫كان للقبيلــة دور مهــم يف مســاندة اإلمــام يحيــى حميــد الديــن علــى‬ ‫تولــي مقاليــد الســلطة وتثبيــت أركان دولتــه‪ ،‬عبر مســاندة شــيخ قبيلة‬ ‫حاشــد يف حينــه وهــو الشــيخ ناصــر بــن مبخــوت األحمر لــه‪ ،‬وحتالف‬ ‫القبائــل معــه يف عديــد مــن األحــداث‪ ،‬وانضــواء معظمهــا ضمــن لــواء‬ ‫اإلمامــة يف حــال الســلم واحلــرب‪ ،‬التــي وضحــت معاملهــا يف الكثيــر‬ ‫مــن األشــعار الشــعبية املعروفــة بالزوامــل مثــل قــول شــاعرهم‪:‬‬ ‫ال بـــــد مــــــن يـــــوم يــــراه‬ ‫يــا مــن يخالــف أمــر موالنــا ويعصيــه‬ ‫والطيــر يرســي يف ســماه‬ ‫يــــــــوم تـــغـــيـــــب الـشــمــــس فـــيــــــه‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫دراسات العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪43‬‬

‫القبيلة اليمنية رافد لعاصمة الخالفة منذ صدر اإلسالم بالجنود وداعمة للحاكم‬

‫خـريـطـة الـقـبـائـل الـيـمـنـيـة ‪..‬‬ ‫دورهــا وتأثيرها السياســي (اليمن الشــمايل)‬ ‫اهتـم علمـاء االجتمـاع السياسـي علـى وجـه اخلصـوص بدراسـة مناحـي وخصائـص القـوة‬ ‫والنفـوذ داخـل أروقـة مختلـف املجتمعـات التي تتميز عن بعضها البعض بخصائص متغايرة‬ ‫وف ًقـا لسـمات كل بيئـة‪ ،‬لترتكـز حتلياتهـم ملامـح القـوة االجتماعيـة ضمـن ثاثـة مفاهيـم‬ ‫رئيسـة وهـي‪ ● :‬مفهـوم النظريـة التعدديـة ● ونظريـة الصفـوة احلاكمـة ● ونظريـة الطبقـة‬ ‫املسيطرة‪ .‬وتفرض األخيرتان منهما انخراط فئات املجتمع بشكل عام ضمن منط تراتبي‪،‬‬ ‫تشـكل مفاصلـه معطيـات سياسـية وثقافيـة صارمـة‪ ،‬يصعـب علـى املـرء جتاوزهـا يف عديـد‬ ‫من املجتمعات‪ ،‬األمر الذي ال تتطابق أشـكاله كل ًيا مع أشـكال ا َ‬ ‫حلراك االجتماعي والثقايف‬ ‫وحتى السياسـي يف اليمن‪ ،‬الذي تتشـارك عناصر شـرائحه االجتماعية املتنوعة يف تشـكيل‬ ‫مامـح وسـمات وخصائـص القـوة والنفـوذ فيـه‪ ،‬ممـا يجعلـه متواف ًقـا مـع مفهـوم النظريـة التعدديـة للقـوة‪ ،‬التـي تـرى بـأن القـوة‬ ‫ليسـت محصـورة يف يـد طبقـة مسـيطرة‪ ،‬أو صفـوة حاكمـة‪ ،‬بـل هـي منتشـرة بـن مختلـف أركان فئـات املجتمـع بأكملـه‪" ،‬حيـث‬ ‫يكـون لـكل جماعـة سياسـية وزنهـا اخلـاص يف حلبـة صنـع القرار السياسـي"‪.‬‬

‫د‪ .‬زيد بن علي الفضيل‬ ‫جتــدر اإلشــارة إلــى أن املجتمــع اليمنــي ينقســم وفــق النظريــة‬ ‫التعدديــة إلــى عــدد مــن الشــرائح االجتماعيــة التقليديــة املنتميــة‬ ‫بجذورهــا إلــى مرحلــة مــا قبــل الصناعــة والرأســمالية وهــي‪:‬‬ ‫‪ -1‬شــريحة الســادة ‪ -2‬شــريحة القضــاة ‪ -3‬شــريحة القبائــل ‪-4‬‬ ‫شــريحة التجــار والصنــاع واحلرفيــن وأصحــاب املهــن التقليديــة‪.‬‬ ‫كمــا متيــز املجتمــع اليمنــي دو ًنــا عــن غيــره مــن املجتمعــات العربيــة‬ ‫مبحافظــة أفــراده علــى خصائــص تقســيماتهم االجتماعيــة‪ ،‬وحافــظ‬ ‫أفــراده علــى مختلــف ألقابهــم املجتمعيــة يف ســياقاتهم اللفظيةـ بتلقائية‬ ‫عفويــة ـ وبخاصــة يف مناطــق شــمال الشــمال‪ ،‬حتــى و ُه ـ ْم يف إطــارات‬ ‫مؤسســاتهم املدنيــة املتنوعــة‪ ،‬وهــو ما يتضح جل ًيا يف ثنايــا حديث املؤرخ‬ ‫القاضــي عبــد اهلل الشــماحي إلــى وزيــر اإلعــام اليمنــي األســتاذ يحيــى‬ ‫ً‬ ‫عوضــا عــن‬ ‫العرشــي‪ ،‬حيــث شــدد علــى أهميــة تلقيبــه بلقــب القاضــي‬ ‫لقــب األخ‪ ،‬مبينــا أهميــة هذه الســمة ضمــن إطار املجتمع اليمني بقوله‪:‬‬ ‫"‪ ..‬فــاألخ وزيــر اإلعــام أو أقــول القاضــي يحيــى العرشــي‪ ،‬فهــذه‬ ‫الســمة يجــب أن نحــرص عليهــا‪ ،‬فهــي ظاهــرة مــن ظواهــر هــذا‬ ‫املجتمــع اليمنــي ‪"..‬‬

‫شريحة القبائل‪:‬‬ ‫ويف هــذا النســق االجتماعــي متثــل شــريحة القبائــل أكبــر‬ ‫شــريحة ســكانية‪ ،‬وأكثــر تأثيـ ًرا يف هويــة املجتمــع بوجــه عــام‪ ،‬حيــث‬ ‫يشــكل اليمــن املنبــع الرئيــس جلميــع القبائــل العربيــة القحطانيــة‬ ‫تباعــا ولظــروف متغايــرة إلــى أقطــار شــبه اجلزيــرة‬ ‫التــي هاجــرت ً‬ ‫العربيــة وغيرهــا يف فتــرات تاريخيــة مختلفــة‪ ،‬وتعــود بواكيــر وجودهــا‬ ‫يف اليمــن إلــى األلــف األول قبــل امليــاد‪ ،‬وهــو مــا يــدل علــى عراقــة‬ ‫وأصالــة النظــام القبلــي اليمنــي‪ ،‬الــذي يتكــون حال ًيــا مــن عــدة قبائــل‬ ‫رئيســة وهــي‪:‬‬ ‫● قبيلــة همــدان بــن زيــد املعروفــة بهمــدان الكبــرى‪ ،‬املنقســمة‬ ‫بدورهــا إلــى جناحــن كبيريــن همــا قبيلتــا حاشــد وبكيــل‪ ،‬املتفرعتــن‬ ‫بدورهمــا إلــى عــدة قبائــل رئيســة‪.‬‬ ‫● قبيلــة مذحــج التــي تتكــون مــن قبائــل عنــس ومــراد واحلــدا وقيفــة‬ ‫وعبيــدة وغيرهــا‪.‬‬ ‫● قبيلــة حميــر‪ ،‬التــي تاشــت هويتهــا القبليــة‪ ،‬ومــا بقــي مــن فــروع‬ ‫صغيــرة منهــا تأخــى مــع قبيلــة همــدان الكبــرى‪.‬‬

‫‪42‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫دراسات العدد‬

‫اجليــش النظامــي أن تتجــاوز حــدود معينــة‪ .‬وقــد دفعــت مقاومــة تعزيــز‬ ‫اجليــش النظامــي بنظــام احلكــم إلــى التعويــض عــن ذلــك مــن خــال‬ ‫ثاثــة أشــياء‪ .‬أوالً‪ ،‬عملــت الســلطة كل مــا يف وســعها لتضمــن اختــراق‬ ‫القــوات العســكرية والســيطرة عليهــا مــن خــال نظــام زبائنــي يقــوده‬ ‫أهــم احللفــاء‪ ،‬وخلــق االنقســام يف صفــوف هــذه القــوات وإحــكام قبضــة‬ ‫الســلطة عليهــا باالعتمــاد علــى نخبــة مــن القــوات ووحــدات عســكرية‬ ‫خاصــة يقودهــا مباشــرة القائــد وال تخضــع لــوزارة الدفــاع‪ .‬ثان ًيــا‪ ،‬متيــل‬ ‫الســلطة إلــى إدارة كل وزارات الدولــة األساســية ودوائرهــا‪ ،‬املدنيــة‬ ‫والعســكرية‪ ،‬عــن طريــق مســؤولن عســكرين يتميــزون بالــوالء الشــديد‬ ‫للمؤسســة احلاكمــة‪ .‬ثال ًثــا‪ ،‬ومبــا أن القــوات العســكرية تفتقر للتماســك‬ ‫ونظــام احلكــم يفتقــر للشــرعية الكاملــة‪ ،‬ظــل املجتمع وحيـدًا يعصف به‬ ‫العنــف والصراعــات املســلحة حتــى تتشــظى وتضعــف وحداتــه وتبقــى‬ ‫ســيادة املؤسســة احلاكمــة هــي العليــا‪ ،‬وهــو مــا أضفــى علــى املجتمــع‬ ‫الطابــع العســكري حيــث تتطلــع الفئــات االجتماعيــة للقــوة املســلحة‪،‬‬ ‫نظاميــة وشــعبية وقبليــة‪ ،‬مــن أجــل ضمــان األمــن يف األطــراف‪.‬‬ ‫وبهــذا تواجــه الدولــة يف اليمــن حتد ًيــا كبيــ ًرا يســتدعي‬ ‫احلاجــة إلــى إصــاح جــذري للعاقــات املدنيــة العســكرية‪ .‬وقــد‬ ‫أوجــد األداء الغيــر عقانــي والفاقــد للحيويــة الــذي تقــوم بــه إدارة‬ ‫الضبــاط العســكرين إلدارات الدولــة املدنيــة احلنــن والشــوق بــن‬ ‫أوســاط الشــعب إلــى احلكــم غيــر الدميقراطــي الســابق الــذي وفــر‬ ‫االحتياجــات األساســية واألمــن وســير األمــور أفضــل ممــا هــي عليــه‬ ‫اليــوم‪ .‬لــذا ال بــد مــن بــذل اجلهــود مــن أجــل إعــادة هيكلــة وتوجيــه‬ ‫القــوات العســكرية جتــاه املهــام العســكرية وتعزيــز املهــارة العســكرية‬ ‫وتقليــل الــدور الــذي تلعبــه القــوات العســكرية يف املجتمــع‪ ،‬حيــث أن‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫واجــب القــوات العســكرية الدفــاع عــن املجتمــع وليــس حتديــد هويتــه‬ ‫وتعريفــه‪ .‬إن الســيطرة املدنيــة مهمــة جــداً‪ :‬إذ يجــب أن يتخــذ ويقــر‬ ‫القــرارات احلكوميــة مبــا يف ذلــك األمــن القومــي متخصصــون مــن‬ ‫خــارج دائــرة القــوات املســلحة‪ .‬وهــذا ً‬ ‫أيضــا يتطلــب نظــام حكومــي‬ ‫مســتقر وشــرعي ملنــع التدخــل العســكري بحجــة حمايــة املجتمــع مــن‬ ‫الفوضــى‪ .‬كمــا يجــب إخضــاع القــوات العســكرية للمســاءلة أمــام‬ ‫مجلــس النــواب املنتخــب‪ ،‬وفــرض مناقشــة عامــة وفحــص لسياســات‬ ‫الدفــاع واملوازنــات وحــاالت األخطــاء العســكرية وارتــكاب احملظــور‪.‬‬ ‫وعــاوة علــى ذلــك‪ ،‬ال ينبغــي ملوظفــي الدوائــر العســكرية‬ ‫القائمــة باخلدمــة االشــتراك بــأي حــال مــن األحــوال يف الشــؤون‬ ‫السياســية كأعضــاء ألحــزاب سياســية يف الســلطات املنتخبــة أو حتى‬ ‫يف إدارة سياســية علــى املســتوى احمللــي أو الوطنــي‪ ،‬وهــذا يشــمل‬ ‫وزارات الدفــاع والداخليــة واملخابــرات‪ .‬وحــن ال تســتطيع الســلطات‬ ‫التنفيذيــة والتشــريعية ضبــط أيــن ومتــى وكيــف يتــم اســتخدام‬ ‫القــوات العســكرية فــا ميكــن القــول أن هنــاك ســيطرة مدنيــة‪.‬‬ ‫فيجــب تقــدمي الدعــم الفعــال والعلنــي ملبــدأ اإلخضــاع العســكري‬ ‫للحكومــة املدنيــة مــن قبــل أدوات الفكــر‪ :‬وســائل اإلعــام واجلامعــات‬ ‫واألحــزاب السياســية واجلمعيــات التجاريــة واملتخصصــة وغيرهــا‬ ‫مــن األدوات‪ .‬وبينمــا مــن املمكــن وجــود ســيطرة مدنيــة علــى القــوى‬ ‫العســكرية بــدون الدميقراطيــة إال أنــه ال ميكــن وجــود الدميقراطيــة‬ ‫بــدون الســيطرة املدنيــة علــى القــوى العســكرية‪.‬‬ ‫*ﻣﺪﻳﺮ ﻣﺮﻛﺰ ﺳﺒﺄ ﻟﻠﺪراﺳﺎت اﻻﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺔ ‪ -‬ﻋﻤﻴﺪ اﻟﻜﻠﻴﺔ اﻟﻴﻤﻨﻴﺔ ﻟﺪراﺳﺎت اﻟﴩق‬ ‫اﻷوﺳﻂ ‪ -‬أﺳﺘﺎذ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﳌﺸﺎرك‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺻﻨﻌﺎء‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫اخلدمــات املقدمــة مــن الدولــة يف مقابــل إســهامات املواطنــن يف‬ ‫اخلزينــة العامــة‪ .‬وهكــذا‪ ،‬ويف هــذا الســياق ميكــن تعريــف بنــاء‬ ‫الدولــة بأنــه عمليــة ذاتيــة لتطويــر قــدرة ومؤسســات وشــرعية الدولــة‬ ‫املرتكــزة علــى عاقــة الدولة‪-‬املجتمــع‪ .‬تشــتمل عمليــات بنــاء الدولــة‬ ‫اإليجابيــة علــى عاقــات متبادلــة بــن الدولــة التــي تقــدم اخلدمــات‬ ‫لشــعبها واملجموعــات االجتماعيــة والسياســية التــي تنخــرط بصــورة‬ ‫ب ّنــاءة مــع الدولــة‪ ،‬وهــذا يتطلــب بالضــرورة وجــود عمليــة سياســية‬ ‫جامعــة للتفــاوض علــى عاقــات الدولة‪-‬املجتمــع‪.‬‬ ‫وإذا مــا مضــى اليمــن يف تبنــي الفيدراليــة فــإن التجربــة تظهــر‬ ‫أن تقاســم الســلطة الرأســي ميكــن أن يُســتخدم لتنــاول القضايــا التــي‬ ‫تواجــه اليمــن‪ ،‬غيــر أنــه توجــد كذلــك جتــارب تتعلق مبســألة اســتخدام‬ ‫النهــج املرتبــط بتقاســم الســلطة الرأســي يف الواقــع لتعزيــز الســيطرة‬ ‫مــن األعلــى لألســفل أو لزيــادة التنافــس النخبــوي بن الرجــال األقوياء‬ ‫احملليــن أو للدفــع مــن أجــل تفــكك الدولــة‪ .‬ويتوقــف تأثيــر تبــادل‬ ‫الســلطة الرأســي بشــكل كبيــر علــى تصميــم خياراتــه وعمليــة إرســائه‬ ‫الكليــة ضمــن إطــار النظــام احلكومــي‪ ،‬وهــذا يقــود إلــى التســاؤل عــن‬ ‫نــوع تقاســم الســلطة الرأســي الــذي ميكــن أن يســهم يف هــذا التغييــر‪،‬‬ ‫أي يف تعزيــز مؤسســات الدولــة الرســمية وترســيخ القانــون والنظــام‬ ‫وإيجــاد املســاءلة ودعــم اندمــاج كافــة املناطــق يف اليمــن والتأثيــر‬ ‫بإيجابيــة علــى عاقــات الدولــة واملجتمــع‪ .‬العناصــر التاليــة حاســمة‬ ‫ويجــب النظــر فيهــا عنــد مناقشــة تقاســم الســلطة الرأســي‪:‬‬ ‫‪ -1‬بــن مــن يجــب تقاســم الســلطة؟ مبعنــى آخــر‪ ،‬مــع أي وحــدات‬ ‫أخــرى مــن احلكــم يجــب علــى املركــز أن يتقاســم الصاحيــات؟ مــع‬ ‫األقاليــم أم احلكومــات احملليــة مثـ ً‬ ‫ا؟ ميكــن أن تكــون هــذه الوحــدات‬ ‫موجــودة ســل ًفا أو يتــم اســتحداثها لهــذا الغــرض‪.‬‬ ‫‪ -2‬مــا هــي الصاحيــات أو الســلطات التــي يجــب أن تبقــى يف‬ ‫املركــز ومــا هــي الســلطات التــي ميكــن نســبها إلــى وحــدات أخــرى‬ ‫يف احلكــم؟ أو بصياغــة أخــرى‪ :‬مــا هــي قضايــا السياســة التــي‬ ‫ســيقررها املركــز ومســتويات احلكــم األدنــى؟ أي مســتويات احلكــم‬ ‫هــو أفضــل مــن يقــدر علــى أداء مهــام معينــة‪ ،‬ومــا هــي املهــام التــي‬ ‫يتطلــب فيهــا التعــاون؟‬ ‫‪ -3‬مــا نــوع املوارد‪/‬اإليــرادات املاليــة التــي ســتتوفر لــكل وحــدة مــن‬ ‫وحــدات احلكــم؟ إلــى أي مــدى تســتطيع وحــدات احلكــم التقريــر‬ ‫بشــأن كيفيــة زيــادة اإليــرادات وكيفيــة إدارتهــا وإنفاقهــا؟‬ ‫‪ -4‬كيــف ســيتم تنظيــم مســتويات احلكومــة األدنــى‪ ،‬وبشــكل خــاص‬ ‫إلــى أي مــدى تســتطيع هــذه الوحــدات اتخــاذ قــرار كيفيــة التنظيــم‬ ‫بنفســها؟‬ ‫‪ -5‬كيــف ســيتم بنــاء العاقــات بــن املركــز ووحــدات احلكــم األخــرى؟‬ ‫مــا نــوع آليــات الرقابــة والتنســيق واملتابعــة واملوازنــة التــي توضــع‬ ‫موضــع التنفيــذ؟ هــل ســيكون لوحــدات احلكــم علــى املســتوى احمللــي‬

‫دراسات العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪41‬‬

‫رأي يف عمليــة صناعــة القــرار يف املركــز؟ كيــف ســتتم إدارة النزاعات‬ ‫بــن مختلــف وحــدات احلكــم؟‬ ‫‪ -6‬كيــف ســيتم ترســيخ حقــوق وواجبــات وحــدات احلكم؟ على ســبيل‬ ‫املثــال هــل ســيتم التأســيس لعمليــة توزيــع الســلطة وتقاســم املــوارد‬ ‫وآليــات حــل النزاعــات يف الدســتور أو علــى مســتوى التشــريع؟‬ ‫إذا كان هنــاك اتفــاق علــى أن تقاســم الســلطة الرأســي يفتــرض‬ ‫أن يســاهم يف تعزيــز مؤسســات الدولــة الرســمية والقانــون والنظــام‬ ‫وتأســيس املســاءلة مــن أجــل املواطنــة‪ ،‬ومــع تأثيــره بشــكل إيجابــي‬ ‫علــى عاقــات الدولــة واملجتمــع وكــذا املســاهمة يف تكامــل جميــع‬ ‫مناطــق اليمــن‪ ،‬فــإن تأثيــرات اخليــارات املختلفــة علــى عمليــات‬ ‫احلكــم الكليــة تســتحق بعــض االهتمــام‪.‬‬

‫إصاح العاقات المدنية العسكرية‬ ‫مــن بــن املشــاكل القدميــة التــي يواجههــا اليمــن هــو إخضــاع‬ ‫القــوات العســكرية للســلطة املدنيــة‪ .‬وأثنــاء حقبــة مــا قبــل الوحــدة‬ ‫كانــت دولــة احلــزب الواحــد يف اجلنــوب تنظــر إلى اجلانب العســكري‬ ‫علــى أنــه أداة للحــزب‪ :‬فــكان علــى الضبــاط العســكرين االنتمــاء إلــى‬ ‫احلــزب‪ ،‬وكان املفوضــون واخلايــا احلزبيــة تــوازي سلســلة القيــادة‬ ‫العســكرية الطبيعيــة‪ ،‬وكان الــوالء للحــزب وليــس للدولــة‪ ،‬وداخــل‬ ‫صفــوف احلــزب كان الــوالء ينقســم علــى جماعــات معينــة‪ ،‬وهــو‬ ‫س اجليــش إلــى درجــة عاليــة‪ .‬كمــا مت جتنيــد املجتمــع يف‬ ‫مــا َســيْ َ‬ ‫مليشــيات شــعبية ســادت احليــاة اليوميــة يف كل القــرى النائيــة‪.‬‬ ‫وعلــى غــرار ذلــك‪ ،‬وإن كان بإتبــاع منــط مختلــف‪ ،‬كان اليمــن‬ ‫الشــمالي ألكثــر مــن ألــف عــام يتصــف بالطابــع العســكري‪ .‬ومــع أن‬ ‫األئمــة لــم يكونــوا ميتلكــون جيــوش نظاميــة متخصصــة إال أنهــم‬ ‫كانــوا يشــنوا حروبهــم مــن خــال حشــد القبائــل املقاتلــة‪ .‬وكانــت‬ ‫حــرب ‪1970 – 1962‬م‪ ،‬األهليــة هــي نقطــة التحــول‪ ،‬فقــد دفعــت‬ ‫باملعســكرين املتحاربــن (امللكيــون واجلمهوريــون) إلــى االعتمــاد‬ ‫كثيـ ًرا علــى القــوى القبليــة‪ .‬ومنــذ تلــك الفتــرة تواصلــت احلالــة هــذه‬ ‫حتــت ظــل ضغــط بعــض العناصــر القبليــة لتولــي مناصــب مؤثــرة يف‬ ‫مؤسســات الدولــة وحاجــة نظــام احلكــم إلــى دعــم تلــك العناصــر‪،‬‬ ‫مثــل مــا حــدث يف حــروب ‪1972‬م و‪1979 – 1978‬م و‪1994‬م‪ .‬وهــذا‬ ‫أدى إلــى وجــود مراكــز قــوى تتكــون مــن خليــط مــن العناصــر القبليــة‬ ‫والعســكرية تفــرض ســيطرتها‪ ،‬ليــس فقــط علــى أجهــزة وإدارات‬ ‫الدولــة‪ ،‬بــل ً‬ ‫أيضــا علــى األنشــطة السياســية والتجاريــة وحتــى علــى‬ ‫الثقافيــة مؤخ ـ ًرا‪.‬‬ ‫وبعــد الوحــدة اليمنيــة ســاد النمــط الــذي ســاد ســاب ًقا يف اليمــن‬ ‫الشــمالي‪ ،‬هــذا خلــق عاقــات نســبية عكســية بــن قــوة اجليــش‬ ‫النظامــي وتأثيــر مراكــز القــوى املبنيــة قبل ًيــا‪ .‬وتــدرك العناصــر القبليــة‪،‬‬ ‫التــي تشــكل مخــزون اجليــش الغيــر رســمي‪ ،‬أنــه ال يجــب الســماح لقــوة‬

‫‪40‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫دراسات العدد‬

‫املســلحة التــي مــن خــال اللجــوء إلــى العنــف تســخر عل ًنــا مــن ســلطة‬ ‫الدولــة وتفــرض ســيطرتها علــى العديــد مــن املناطــق‪.‬‬ ‫يف البلــدان التــي تعانــي مــن صــراع مســتمر تتطــور سلســلة مــن‬ ‫العاقــات الرســمية والغيــر رســمية تثيــر أعــراض مرضيــة مؤسســية‪،‬‬ ‫ومــن الواضــح أن هــذه العاقــات أصبحــت تشــكل عائ ًقــا ملشــروع‬ ‫عمليــة االســتقرار والســام االجتماعــي وبنــاء الدولــة‪ .‬واالســتيعاب‬ ‫الواضــح لهــذه األعــراض املؤسســية أساســي إلعــداد االســتراتيجيات‬ ‫مــن أجــل التغلــب علــى هــذه العوائــق التــي تــؤدي إلــى خلــق دولــة‪،‬‬ ‫وتصبــح مبثابــة آليــات لاســتقرار واالزدهــار‪ .‬ومن العوامل املســاعدة‬ ‫علــى التغلــب علــى هــذه العوائــق هــو فتــح املجــال أمــام املواطنــن‬ ‫للمشــاركة يف العمليــة السياســية وخلــق مجــال واســع للقطــاع اخلاص‬ ‫املشــروع للظهــور‪ .‬وبــدون ذلــك فــإن مخاطــر اإلقصــاء واألعمــال غيــر‬ ‫القانونيــة ســوف تزيــد مــن فــرص تعــرض بنــاء الســام االجتماعــي‬ ‫وعمليــة االســتقرار إلــى اخلطــر املــازم ملثــل هــذه التصرفــات‪.‬‬ ‫ويتصف تزامن مثل هذه األعراض بالتالي‪:‬‬ ‫(‪ )1‬ظهــور اجلماعــات املســلحة التــي تدخــل يف صراعــات مــع‬ ‫بعضهــا ومــع الدولــة؛ (‪ )2‬بــروز نزعــة مناطقيــة قويــة داخــل الوطــن‪،‬‬ ‫مــع التركيــز بشــكل خــاص علــى املناطــق (اجلنــوب) الغنيــة باملــوارد‬ ‫واملســاحة‪ ،‬و(الشــمال) ذات التضاريــس الوعــرة املناســبة لتحــركات‬ ‫التمــرد؛ (‪ )3‬تنامــي شــبكات الدعــم اللوجســتي وعمليــات التمويــل‬ ‫والتهريــب التــي تعمــل خــارج القانــون؛ (‪ )4‬عــدم الشــفافية يف‬ ‫صنــع القــرار وهيمنــة النخــب واألقليــات علــى عمليــة صنعــه؛ (‪)6‬‬ ‫تاشــي وفقــدان الثقــة يف املؤسســات مــن ناحيــة‪ ،‬والرغبــة الشــديدة‬ ‫للحصــول علــى دولــة فعالــة مــن ناحيــة أخــرى‪.‬‬

‫بناء الدولة واستقرار اليمن (زيادة فعالية الدولة)‬ ‫هنــاك ثــاث عشــرة وظيفــة جوهريــة مقترحــة هنــا والتــي علــى‬ ‫دولــة اليمــن القيــام بهــا حتــى تســتطيع البقــاء واملنافســة يف العالــم‬ ‫احلديــث‪ .‬وهــذه الوظائــف هــي‪ )1( :‬االحتــكار املشــروع لوســائل‬ ‫العنــف؛ (‪ )2‬الســيطرة اإلداريــة؛ (‪ )3‬كفــاءة وشــفافية إدارة املــال‬ ‫العــام؛ (‪ )4‬االســتثمار يف الثــروة البشــرية؛ (‪ )5‬توضيــح حقــوق‬ ‫وواجبــات املواطنــن وااللتــزام القانونــي بتطبيقهــا؛ (‪ )6‬توفيــر‬ ‫خدمــات البنيــة التحتيــة وحتديثهــا؛ (‪ )7‬تشــكيل أســواق حــرة فعالــة‬ ‫ومســتقلة؛ (‪ )8‬إدارة ممتلــكات الدولــة (ومــن ضمنهــا البيئــة واملــوارد‬ ‫الطبيعيــة واملمتلــكات الثقافيــة)؛ (‪ )9‬إقامــة عاقــات دوليــة متزنــة‬ ‫(مبــا يف ذلــك إبــرام العقــود الدوليــة واالقتــراض)؛ (‪ )10‬تطبيــق‬ ‫ســلطة القانــون؛ (‪ )11‬إقامــة عاقــات متزنــة بــن الدولــة واملجتمــع؛‬ ‫(‪ )12‬املســاواة بــن املواطنــن قانون ًيــا واقتصاد ًيــا؛ (‪ )13‬توزيــع عــادل‬ ‫للثــروة مــن أجــل حتقيــق تنميــة مناطقيــة متســاوية‪.‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫االنتقال من الصراع‪/‬الهشاشة إىل االستقرار‬ ‫األعراض املتازمة‬

‫الوظيفة‬

‫السياســة واملجتمــع؛ االحتــكار املشــروع‬ ‫الصراع؛ التشظي‬ ‫لوســائل العنــف‬ ‫ً‬ ‫إدارة مؤسسية فعالة وفقا للدستور‬ ‫االفتتان بشخصية القائد؛‬ ‫والقانون‬ ‫البطل الفرد‬ ‫التعتيم؛ عدم القدرة على التنبؤ إدارة واضحة وشفافة للمال العام‬ ‫هجرة األدمغة؛ البيئة الطاردة االستثمار يف رأس املال البشري‬ ‫الرعاية؛ التمويل‪ ،‬اجلودة؛ التنظيم‪،‬‬ ‫غياب اخلدمات‬ ‫التحديث املستمر‬ ‫حقوق املواطنن؛ تشكيل مجتمع مدني‬ ‫الهويات املتعارضة‬ ‫خلق بنية حتتية واحلفاظ عليها‬ ‫الدمار‬ ‫وحتديثها‬ ‫إنشاء وتنظيم اقتصاد السوق‬ ‫االقتصاد احلربي‬ ‫عاقات دولية بناءة متوازنة قدر‬ ‫التهميش؛ انعدام الشرعية‬ ‫اإلمكان‬ ‫سلطة القانون؛ السلطة التنفيذية‬ ‫لغة الساح؛ وساطة غير‬ ‫املركزية‪/‬احمللية؛ السلطة التشريعية؛‬ ‫رسمية‬ ‫سلطة قضاء حتكمها اإلجراءات العادلة‬

‫لذا ينبغي القيام بالبحث والتحقيق يف عدد من املجاالت‪:‬‬ ‫● توصيــف الدولــة املوازيــة‪ ،‬مــع فهــم أفضــل لتــوازن املتغيــرات‬ ‫بــن الاعبــن األساســين‪ ،‬ومصاحلهــم ومنافســيهم‪ ،‬وكذلــك فهــم‬ ‫العوامــل القبليــة التــي تكمــن وراء التســوية السياســية؛ فهــل ال زال‬ ‫يخضــع اليمــن حلكــم مرشــح التســوية؟‬ ‫● فهــم ثقافــة الشــباب وتصميــم البرامــج التــي تســاعد الشــباب أن‬ ‫يلعبــوا دو ًرا بنــا ًء يف صياغــة مســتقبل اليمــن‪.‬‬ ‫● التحقيــق يف اليمــن "التقليــدي"‪ :‬كيــف يســتطيع النــاس العيــش‬ ‫وحــل النزاعــات لكــي يتــم التعــرف علــى البرامــج الداعمــة املمكنــة‪.‬‬ ‫● خــوض غمــار جتربــة متكــن املــرأة‪ :‬هــل هــي تأتــي مــن تغيــر املكانــة‬ ‫السياســية أم أنها – وهو ما نشــك فيه – تأتي من التمكن االقتصادي؟‬ ‫ال ميكــن إنشــاء دولــة قويــة ومســتقرة يف اليمــن دون تعزيــز‬ ‫مؤسســات الدولــة الرســمية وبســط القانــون والنظــام واحملاســبة‪.‬‬ ‫غيــر أن هــذا يحتــاج إلــى توزيــع الســلطة بتــوازن دقيــق‪ .‬عــاوة‬ ‫علــى ذلــك فــإن املوازنــة بــن الدولــة واملجتمــع أمــر حتمــي ويتطلــب‬ ‫إعــادة تشــكيل وحــدات الدولــة املوحــدة وتعريــف العاقــة بــن هــذه‬ ‫الوحــدات بوضــوح‪ .‬يجــب كذلــك توليــد املــوارد وتوزيعهــا بطريقــة‬ ‫عادلــة‪ ،‬كمــا يجــب ربــط الهويــة واالنتمــاء للدولــة مــع كميــة وجــودة‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫دراسات العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪39‬‬

‫تشــهد الدولــة هنــا مســتوين مــن التســوية‪ :‬يف األول‪ :‬تقــوم‬ ‫القيــادة العليــا يف الدولــة بالتســوية بــن نوعــن مــن التحكــم‬ ‫االجتماعــي‪ :‬األول يســمح فيــه للمتنفذيــن بتطويــر حتكــم اجتماعــي‬ ‫لغــرض كســب االســتقرار املجتمعــي علــى املســتوى احمللــي والثانــي‬ ‫علــى املســتوى الوطنــي مــن خــال مراكــز القــوى حيــث يقــوم القــادة‬ ‫بعقــد صفقاتهــم مــن خــال سياســات متييزيــة و‪/‬أو تفضيليــة‪.‬‬ ‫يحــدث املســتوى الثانــي مــن التســوية علــى الصعيديــن احمللــي‬ ‫واإلقليمــي داخــل الدولــة حيــث يقــوم املنفــذون ونظراؤهــم مــن‬ ‫املســؤولن والرجــال األقويــاء يف الدولــة بالتســوية أو مراضــاة بعضهم‬ ‫البعــض يف شــبكة مــن التبــادل السياســي واالقتصــادي واالجتماعــي‪.‬‬ ‫وحتــدد مســاوماتهم املخصــص النهائــي مــن مــوارد الدولــة للمنطقــة‬ ‫أو اإلقليــم‪ .‬هاتــان املنظومتــان مــن املســاومة تســميان م ًعــا بـ"مثلــث‬ ‫االحتـــــــــواء"‪ ،‬والنتائــج غيــر متوقعــة وغال ًبــا مختلفــة عــن تلــك التــي‬ ‫يرســمها صنــاع سياســة الدولــة‪ ،‬وتــؤدي املســاومة دو ًمــا إلــى انحــراف‬ ‫يف اســتخدام مــوارد الدولــة حيــث حتيــد سياســات الدولــة عــن‬ ‫مســارها وتتــم إعــادة توجيــه املــوارد مــع تغلغــل هــؤالء يف املجتمــع‬ ‫واســتخدامهم مــوارد الدولــة لغاياتهــم اخلاصــة وتعزيزهــم للتشــظي‬ ‫االجتماعــي‪ .‬ولهــذا الســبب‪ ،‬ال يتوقــع أن يتغيــر توزيــع الســيطرة‬ ‫االجتماعيــة بصــورة جذريــة مــن الشــكل الشــبكي إلــى الهرمــي‪.‬‬

‫البديلــة‪ .‬فحلــول املشــاكل تكــون مــن خــال توزيــع املــوارد والفوائــد‬ ‫واملكانــات‪ ،‬وطريقــة جــذب هــذه األشــياء هــو عــن طريــق خلــق األزمــة‬ ‫ومــن ثــم اخلــوض يف مفاوضــات مــع القيــادة للتوصــل إلــى حــل"‪.‬‬ ‫ومــن األوضــاع التــي خلقتهــا الوحــدة وجــود قطــاع عــام مكتــظ‪،‬‬ ‫فمــع وجــود حوالــي ‪ 1.200.000‬وظيفــة حكوميــة جنــد أن تكلفــة‬ ‫قــوة عمــل بهــذا احلجــم شــيء مذهــل‪ .‬وهــذا مــا هــو إال نتيجــة‬ ‫مكافــأة املخلصــن لنظــام احلكــم الــذي عليــه إبقــاء املوظفــن يف‬ ‫وظائفهــم‪ .‬لكــن هــذا أدى إلــى خلــق قطــاع عــام متضخــم مــع مهــارات‬ ‫متواضعــة‪ ،‬وبالتالــي ظلــت القــدرات اإلداريــة متدنيــة واملؤسســات ال‬ ‫تعمــل يف الغالــب إال بطريقــة ردة الفعــل لألزمــات الناشــئة‪ .‬وبذلــك‬ ‫يصبــح ديــدن نظــام احلكــم احلفــاظ علــى اســتقراره مــن خــال‬ ‫احملســوبية واالختيــار‪ ،‬ومنــع ظهــور أي خطــر فعلــي يهــدد ســلطته‬ ‫املركزيــة‪ ،‬وهــذا الوضــع هــو مــا يفــرض التركيــز التكتيكــي قصيــر‬ ‫املــدى ويعيــق مشــروع بنــاء الدولــة القــادر علــى معاجلــة التحديــات‬ ‫االســتراتيجية علــى املــدى البعيــد‪ ،‬وهــي حتديــات حقيقيــة وتــزداد‬ ‫منـ ًوا‪ .‬وهــذا الوضــع البيروقراطــي ســيزداد ســو ًءا بإعــادة مــا يقــارب‬ ‫‪ 150.000‬موظــف عســكري ومدنــي جنوبــي مــن الذيــن مت إبعادهــم‬ ‫مــن وظائفهــم يف الفتــرة الســابقة‪ ،‬مــع مــا يضــاف ســنو ًيا لقطــاع‬ ‫العمــل مــن الشــباب واخلريجــن اجلــدد‪.‬‬

‫المنظور المستقبيل لتوازن السلطات‬

‫متازمة الضعف المؤسسي يف اليمن‬

‫مــع الدعــم الدولــي الكبيــر ســتتركز الســلطة يف أيــدي اجلهــات‬ ‫التنفيذيــة دون أن يعنــي ذلــك مركزيــة الدولــة التــي تتشــارك فيهــا قــوى‬ ‫طرفيــة عديــدة‪ ،‬حيــث تضمــن الترتيبــات املؤسســية إشــراك أطــراف‬ ‫عديــدة مــع الســلطة التنفيذيــة يف كل القــرارات الهامــة‪ .‬وتعمــل شــبكة‬ ‫الرعايــة املرتبــة بعنايــة علــى الــوالء الشــخصي علــى تعزيــز نفــوذ‬ ‫الســلطة التنفيذيــة‪ .‬ويف ظــل غيــاب الفصــل الواضــح بــن الســلطات‬ ‫تفلــت الكثيــر مــن أعمــال الســلطة التنفيذيــة مــن الرقابــة‪ ،‬وهــو مــا‬ ‫أنتــج ثقافــة سياســية تظهــر ســمات تركيــز الســلطة (عــدم الشــفافية؛‬ ‫الامســؤولية‪ ,‬الفســاد‪ ,‬احلصانــة غيــر القانونيــة مــن املســاءلة)‪.‬‬ ‫والطريقــة التــي ُمتــارس بهــا الســلطة يف اليمــن لهــا تبعــات هامــة‬ ‫علــى عمليــة صنــع القــرار‪ ،‬األمــر الــذي جعــل مــن الصعــب علــى نظــام‬ ‫احلكــم أن يتعامــل مــع حتديــات املــدى البعيــد االســتراتيجية‪ .‬واملشــكلة‬ ‫احلقيقيــة ال تكمــن يف عــدم معرفــة مــا هــو مطلــوب القيــام بــه ولكن يف‬ ‫نوعيــة الدوافــع واحلوافــز التــي تواجــه مــن لهــم ســلطة ونفــوذ ومتنعهــم‬ ‫مــن الرقــي إلــى مســتوى التحــدي بعكــس التوجهــات احلاليــة‪ .‬وقــد‬ ‫وصفــت ذلــك باختصــار ســارة فيليبــس يف قولهــا‪:‬‬ ‫"يعتبــر نظــام احملســوبية يف األســاس طريقــة إلدارة األزمــات‬ ‫– وهــي طريقــة جيــدة الحتــواء األزمــات أو علــى األقــل حصرهــا‪،‬‬ ‫ولكنهــا غيــر كافيــة الســتباق األزمــات مــن خــال وضــع السياســات‬

‫لــن يتحقــق االســتقرار يف اليمــن إال إذا ترســخت الثقــة بــن‬ ‫الدولــة ومواطنيهــا‪ ،‬فقــد أدت عقــود الصــراع املتواصــل إلــى انعــدام‬ ‫األمــن وضيــاع فرصــة بنــاء الدولة والســقوط يف ويات الفقر‪ .‬وفشــل‬ ‫الدولــة أو هشاشــتها هــو مــا يقــف وراء أزمــة احلوكمــة هــذه‪ .‬ويعتبــر‬ ‫انخفــاض مســتوى الشــرعية هــو املنفــذ الرئيســي لهشاشــة وضعــف‬ ‫الدولــة يف اليمــن‪ .‬وتبــدأ احللقــة املفرغــة مــع انعــدام ثقــة املواطنــن‬ ‫يف قــدرة دولتهــم علــى خلــق نظــام سياســي واجتماعــي واقتصــادي‬ ‫شــامل ميكــن حتقيقــه بتطبيــق سياســة القانــون‪ .‬وهنــاك دالئــل تشــير‬ ‫إلــى فقــدان الشــرعية‪ ،‬منهــا‪ :‬زيــادة املمارســات الغيــر قانونيــة والغيــر‬ ‫رســمية واإلجراميــة يف االقتصــاد؛ عــدم فعاليــة تقــدمي اخلدمــات‬ ‫األساســية مثــل الصحــة والصــرف الصحــي والتعليــم؛ التقاعــس يف‬ ‫احلفــاظ علــى أو توســيع البنيــة التحتيــة األساســية؛ تفشــي الفســاد؛‬ ‫االســتياء علــى األمــاك العامــة وتخصيصهــا للمصلحــة اخلاصــة‪.‬‬ ‫ونتيجــة لذلــك تضعــف الســيطرة اإلداريــة وتُســتخدم البيروقراطيــة‬ ‫كوســيلة إلســاءة اســتخدام الســلطة‪ ،‬وبالتالــي تــؤدي إلــى حــدوث‬ ‫أزمــة يف األمــوال العامــة‪ ،‬حيــث يصبــح مــن الصعــب توقــع الــواردات‬ ‫والنفقــات ويصبــح وضــع املوازنــات الطارئــة واإلضافيــة ممارســة‬ ‫دائمــة يف إدارة دولــة الطــوارئ‪ .‬أمــا العامــة اجلوهريــة فتكمــن يف‬ ‫عــدم احتــكار العنــف املشــروع مــن قبــل الدولــة وظهــور اجلماعــات‬

‫‪38‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫دراسات العدد‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫الــجــنـــوب دخــــل الــوحــــدة وهــــو يــعــانـــي الـفـقـــر والـتـفـتـــت‬ ‫االجـتـمـاعـــي وتـشـــرذم سـيـاســـي‬ ‫هنــاك أنــواع مختلفــة مــن األدوات والتحــركات السياســة يف‬ ‫اليمــن‪ .‬وهــي‪ :‬أو ًال عمليــة النقــل الوظيفــي حيــث يلجــأ فيهــا القائــد‬ ‫الــى التدويــر الوظيفــي أو التعيــن أو الفصــل مــن الوظيفــة الرســمية‬ ‫فيقــوم بشــكل دوري باســتبدال كبــار املســؤولن للحيلولــة دون تشــكل‬ ‫والءات داخــل الهيــآت القويــة قــد تهــدد القائــد‪ .‬وهــذه مجموعــة مــن‬ ‫التحــركات االســتباقية التــي متنــع حــدوث تكتــل أو ائتــاف للقــوة‪،‬‬ ‫وهــي عمليــة تنطــوي علــى تدويــر مســتمر للنخبــة وهــي أشــبه بلعبــة‬ ‫الكراســي املوســيقية السياســية‪.‬‬ ‫ثانيــا‪ ،‬هنــاك تكنيــك التعيينــات غيــر القائمــة علــى اجلــدارة‬ ‫ً‬ ‫واالســتحقاق والتــي يتــم تعيــن املســؤولن مبوجبهــا يف الوظائــف‬ ‫الرئيســية لقــاء والئهــم الشــخصي العميــق لقائــد البــاد‪ .‬ويف الوضــع‬ ‫احلالــي مت اســتخدام اخلصائــص املبنيــة على صــات القرابة كمعيار‬ ‫يف الترقيــة بالوظائــف احلكوميــة‪ .‬وقــد ترتبــط الصــات الشــخصية‬ ‫كذلــك باخللفيــات املناطقيــة والعرقيــة والقبليــة أو الطائفيــة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ثالثــا‪ ،‬توجــد الوســائل املتعلقــة باخلــدع القــذرة‪ ،‬مبــا فيهــا‬ ‫الوســائل غيــر القانونيــة أو التغييــرات الســريعة يف القوانــن مــن أجــل‬ ‫إزاحــة شــخصيات رئيســية يف الدولــة‪ ،‬أو اســتباق ظهــور مراكــز قــوة‬ ‫مهــددة عبــر إضعــاف أو تدميــر املجموعــات يف مؤسســات الدولــة‬ ‫التــي هــي قويــة مبــا يكفــي لتهديــد صاحيــات احلاكــم‪ .‬وتشــتمل‬ ‫حتــركات مــن هــذا القبيــل علــى احلبــس غيــر القانونــي والتعذيــب‬ ‫واالغتيــاالت‪ .‬وميكــن أن تتعــرض مراكــز القــوى التابعــة للدولــة وغيــر‬ ‫التابعــة لهــا م ًعــا حليـ ٍـل قــذرة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫تعكــس كافــة أنــواع سياســات البقــاء ضعفــا يف مؤسســات الدولــة‬ ‫وحتــد مــن صاحيــات هيآتهــا‪ .‬وبالرغــم مــن أن اســتخدام سياســات‬ ‫البقــاء قــد يســاهم يف إطالــة عمــر األنظمــة واحلــكام فإنهــا تســبب يف‬ ‫الوقــت ذاتــه يف اســتمرار الفوضــى يف اجلهــاز البيروقراطــي‪ ،‬وهــي‬ ‫تهــدر الوقــت وحتــد مــن كفــاءة مؤسســات الدولــة والترشــيد اإلداري‪.‬‬ ‫وقــد متخــض هــذا عــن إيجــاد مــأزق مزمــن يف البيروقراطيــة‬ ‫متــدن جــدًا مــن القــدرة‬ ‫ٍ‬ ‫احلكوميــة يف اليمــن نشــأ عنهــا مســتوى‬ ‫االســتيعابية للدولــة‪ .‬وهــذا يحــول دون تطويــر مؤسســات الدولــة‬ ‫التــي‪ ،‬إذا وضعنــا جميــع احلقائــق يف االعتبــار‪ ،‬ضروريــة للحاكــم‬ ‫باعتبارهــا وســائل للدفــاع ضــد العنــف الداخلــي واخلارجــي‪ .‬وهــذا‬ ‫يعنــي أنــه تعــن علــى احلــكام أن يقدمــوا مخصصــات كافيــة لهــذه‬ ‫الهيــآت لكــي تقــوم مبهامهــا الضروريــة‪.‬‬ ‫مــع ذلــك‪ ،‬ميكــن أن تنبثــق بعــض مراكــز القــوة خــارج منظمــات‬ ‫الدولــة‪ ،‬وهــي تشــكل خطـ ًرا إضاف ًيــا علــى القيــادة‪ .‬وقــد تكــون هــذه‬

‫مــدارة مــن قبــل أشــخاص أقويــاء يف املناطــق احلضريــة والريفيــة‪.‬‬ ‫ويحــدث األمــر ذاتــه يف هيــآت الدولــة حيــث يحتــاج القــادة إلــى خدمة‬ ‫هؤالء األشــخاص األقوياء باعتبارهم شــيوخ قبائل أو قادة مليشــيات‬ ‫أو مالكــن لــرؤوس أمــوال أو خطبــاء دينيــن أو قــادة مجتمعيــن أو‬ ‫غيرهــم‪ .‬ويف الوقــت عينــه‪ ،‬يحتــاج القــادة إلــى احلــد مــن صاحيــات‬ ‫هــؤالء األشــخاص األقويــاء مــن أجــل احليلولــة دون تخطــي نفوذهــم‬ ‫حلــدود معينــة قــد تؤثــر علــى قــدرة الدولــة علــى التعبئــة‪ .‬ويف هــذه‬ ‫احلالــة‪ ،‬يفتقــر حــكام الدولــة لســلطة القيــام بتعيينــات أو تعديــل كبيــر‬ ‫يف املناصــب‪ ،‬ولكنهــم قــد يســتخدمون بعــض احليــل القــذرة علــى‬ ‫نطــاق واســع ضــد مراكــز القــوة مــن هــذا النــوع‪ .‬وحيثمــا كان التنظيــم‬ ‫االجتماعــي كبيـ ًرا وكان للحيــل القــذرة تأثيــر محــدود فقــط‪ ،‬يحــاول‬ ‫القــادة دمــج هــذه التنظيمــات أو وظائفهــا يف تنظيــم الدولــة أو يف‬ ‫مؤسســات متحالفــة مــع الدولــة‪ ،‬وتشــتمل هــذه املنــاورة بشــكل ثابــت‬ ‫علــى اإلكــراه واخليــار املشــترك والتســوية أو املراضــاة‪.‬‬

‫مثلث االحتــــواء‬ ‫يف مثــل هــذه البيئــة املتوقعــة بعــد عاصفــة احلــزم والتــي ســتكون‬ ‫فيها الدولة متشــظية ســنجد أن السياســات ســتنفذ من قبل املنفذين‬ ‫وهــم أولئــك املســؤولون عــن تطبيــق البرامــج يف مناطــق محــددة‬ ‫ومحصــورة علــى املســتويات الدنيــا يف الدولــة‪ .‬وهــم يف العــادة بعيديــن‬ ‫عــن قــادة الدولــة‪ ،‬وغال ًبــا خــارج مجــال رؤيــة كبــار األشــخاص يف‬ ‫مؤسســاتهم‪ .‬يوضــع هــؤالء املنفــذون بصــورة اســتراتيجية بــن صنــاع‬ ‫السياســة الكبــار ومعظــم ســكان البــاد‪ .‬تُخضــع اللعبة السياســية هذه‬ ‫األدوار الوســيطة إلــى ضغوطــات ومخاطــر مــن مختلــف املجموعــات‪،‬‬ ‫وأولهــا املشــرفن أو األشــخاص املوجوديــن مباشــرة فوقهــم والثانيــة‬ ‫هــي العمــاء املســتهدفن بالبرنامــج أي مــن يســتفيدون أو ينتظمــون‬ ‫حتــت قواعــد البرنامــج‪ .‬والثالثــة مكونــة من اجلهــات الفاعلة اإلقليمية‬ ‫داخــل الدولــة مــن البيروقراطيــن والسياســين فيمــا تشــمل املجموعــة‬ ‫األخيــرة الرجــال األقويــاء مــن خــارج إطــار الدولــة‪ .‬لتركيبــة املجتمــع‪،‬‬ ‫مع ذلك‪ ،‬تأثير مهم وغير مباشــر على تنفيذ السياســة‪ .‬تنشــأ سياســة‬ ‫البقــاء يف املجتمــع الــذي لديــه ســيطرة اجتماعيــة مفتتــة‪ ،‬وبدورهــا‬ ‫تقلــل سياســة البقــاء مــن الدعــم القــادم مــن املنفذيــن وخطــر العقوبات‬ ‫مــن املشــرفن مــا يجعــل املنفذيــن أكثــر يقظــة وانتباهً ــا لتكاليــف‬ ‫العمــل احملتملــة مــن املتنفذيــن والنظــراء‪ .‬مبعنــى آخــر‪ :‬يكــون املنفــذون‬ ‫منفتحــن علــى طيــف واســع مــن الضغوطات ويســفر هــذا عن إضعاف‬ ‫قــدرة الدولــة علــى وضــع القواعــد التــي حتكــم ســلوك النــاس أكثــر‪.‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫فعالــة‪ .‬وقــاد هــذا إلــى حــرب عــام ‪1994‬م‪ ،‬ومــن ثــم مت اتخــاذ العديــد‬ ‫مــن اإلجــراءات إلقصــاء اجلنوبيــن مــن اجليــش واخلدمــة املدنيــة مــا‬ ‫ســاهم مبجملــه يف نشــوء املطالبــة باالنفصــال‪ .‬وبــدالً مــن الســياق‬ ‫التعاونــي‪ ،‬ســاد ســياق تنازعــي‪ ،‬فقــد اســتخدم الفرقــاء السياســيون‬ ‫اليمنيــون كل القــدرات التــي ميلكونهــا لكســب الهيمنــة والبقــاء ابتــداء‬ ‫مــن التحالفــات إلــى احلــرب الشــاملة‪ .‬وقــد بلغــت هــذه املنافســة على‬ ‫الســلطة والســيطرة ذروتهــا وانعكســت فيمــا بعــد علــى التغييــرات‬ ‫املؤسســية والوضــع االجتماعــي واالقتصــادي املتــردي‪ .‬ويف الوقــت‬ ‫ذاتــه‪ ،‬كانــت مراكــز القــوى منخرطــة يف متثيــل وتشــجيع مصاحلهــا‬ ‫االقتصاديــة واالجتماعيــة والدينيــة‪.‬‬ ‫واليــوم مي ّكننــا توقــع املشــهد بعــد عاصفــة‬ ‫احلــزم بــأن تتــوزع وســائل وأدوات الســلطة والضبــط‬ ‫االجتماعيــة بــن عــدد كبيــر مــن مراكــز القــوى‬ ‫والاعبــن واملنظمــات املختلفــة يف املجتمــع‪ .‬فالدولة‬ ‫القويــة هــي القــادرة علــى التغلغــل يف املجتمــع‬ ‫وضبــط العاقــات االجتماعيــة واشــتقاق املــوارد‬ ‫وحتديــد كيفيــة اســتخدامها‪ ،‬وهــي قــادرة علــى إعادة‬ ‫تشــكيل املجتمــع عبــر الترويــج لبعــض اجلماعــات‬ ‫والطبقــات ومتثيــل اآلخريــن يف الوقــت ذاتــه‪ .‬وعلــى‬ ‫ســبيل املقارنــة فــإن دولــة ضعيفــة مثــل اليمــن لديهــا‬ ‫مؤسســات أمنيــة قويــة ويف الوقــت ذاتــه لديها تنمية ومؤسســات إدارية‬ ‫شــديدتا الضعــف ووظائــف مترديــة‪ .‬وتنعكــس هــذه االزدواجيــة يف قوة‬ ‫تغلغــل الدولــة مقرونــة بضعفهــا يف حتقيــق التغييــر االجتماعــي‪.‬‬ ‫غيــر أن ثــاث مشــاكل ســتنتج قصــو ًرا سياس ـ ًيا‪ :‬أولهــا تشــظي‬ ‫الهيــكل االجتماعــي الــذي ســينتج عــن توزيــع الســلطة االجتماعيــة‬ ‫بــن مجموعــات متعــددة ومســتقلة‪ ،‬والثانيــة تشــتمل علــى الكــوارث‬ ‫مثــل احلــروب األهليــة التــي تقلــل الســيطرة االجتماعيــة عبــر ســحب‬ ‫الثــواب والعقــاب مــن أيــدي القــادة‪ ،‬مصحوبــة بالتغييــرات املؤسســية‪.‬‬ ‫واملشــكلة الثالثــة حتــدث عندمــا يكــون املجتمــع أشــبه بالشــبكة ولــه‬ ‫روابــط محســوبية وعمــاء بــدالً مــن النمــوذج الهرمــي أو املركــزي‬ ‫حتــت ســلطة الدولــة‪ ،‬وهكــذا توجــد حواجــز هائلــة يف إدراك‬ ‫وحتقيــق السياســات‪.‬‬ ‫لهــذه املامــح تأثيــر تبادلــي علــى املركــز واألطــراف ألن املجتمــع‬ ‫يصيــغ أو يشـ ّكل الدولــة عميقـاً بقــدر مــا تؤثــر الدولــة علــى املجتمــع‪،‬‬ ‫وتتــم تعبئــة وحــدات املجتمــع علــى املســتوى األدنــى عبــر الــوالء‬ ‫واملكافــآت والعقوبــات وبشــكل مختلــف عمــا كانــت الدولــة تنــوي‬ ‫حتقيقــه‪ ،‬وســتكون النتيجــة أن املتنفذيــن سيســتخدمون مــوارد‬ ‫الدولــة ومؤسســاتها لبنــاء ســلطاتهم‪ .‬وســيجبر هــذا الدولــة علــى‬ ‫االنخــراط يف عمليــات تســوية ومراضــاة وهــي كانــت السياســة‬ ‫الفعليــة يف اليمــن قبــل عاصفــة احلــزم‪ ،‬وهــي كذلــك بالضبــط‬

‫دراسات العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪37‬‬

‫مــا وصفــه الرئيــس الســابق بـ"الرقــص علــى رؤوس الثعابــن" ومــا‬ ‫نســميها هنــا "الرقــص علــى رؤوس املثلثــات"‪.‬‬

‫سياسة البقاء‬ ‫تتطلــب سياســات البقــاء الف ّعالــة منظومــة مــن املؤسســات مــن‬ ‫أجــل إدارة املكافــآت والعقوبــات بشــكل ذي جــدوى‪ .‬وميكــن مواجهــة‬ ‫األخطــار الداخليــة واخلارجيــة مــن خــال التعبئــة السياســية التــي‬ ‫تتحقــق عبــر بنــاء هيــآت الدولــة ثــم تعزيــز هــذه الهيــآت‪ .‬وعلــى‬ ‫النقيــض مــن ذلــك‪ ،‬ميكــن أن تفــرز هــذه بعــض املخاطــر علــى قــادة‬ ‫الــدول مــع ســعيهم للعثــور علــى قنــوات كافيــة للتعبئــة مــا يســفر عــن‬ ‫عــدم قــدرة أي هيــأة حكوميــة علــى الســيطرة علــى‬ ‫قــدرة التعبئــة اخلاصــة بالدولــة‪ .‬مــع ذلــك‪ ،‬تتنافــس‬ ‫مؤسســات الدولــة مــن أجــل تخصيــص املــوارد واملكانة‬ ‫والتأثيــر والتفاعــل‪ ،‬مــا يوجــد والءات داخليــة بن كبار‬ ‫املســؤولن ويهــدد متاســك واســتقرار البــاد‪ .‬وبالتالي‬ ‫فــإن القــادة بحاجــة إلــى إيجــاد قــوى جاذبــة ملواجهــة‬ ‫النزعــات الطــاردة مــن أجــل اســتمرار الهيــآت يف‬ ‫العمــل بشــكل متماســك‪.‬‬ ‫تتمثــل املفارقــة التــي يواجههــا القــادة باليمــن يف‬ ‫أنهــم بحاجــة إلــى هيــآت فعالــة‪ ،‬مــا قــد ينطــوي علــى‬ ‫مخاطــر عليهــم‪ ،‬وهــذه املفارقــة جتبــر القــادة علــى الســعي لبنــاء قــوى‬ ‫جاذبــة بشــكل مســتمر مــن أجــل تقليــل املخاطــر احملدقــة ببقائهــم‪.‬‬ ‫وقــد مت بالفعــل اســتخدام الكثيــر مــن هــذه اخليــارات والتقنيــات يف‬ ‫الســابق وســيجد أي رئيــس قــادم نفســه مضطـ ًرا الســتخدامها‪ .‬أحــد‬ ‫اخليــارات يتمثــل يف املوازنــة بــن اثنــن أو أكثــر مــن هيــآت الدولــة‬ ‫ضــد بعضهــا البعــض‪ ،‬مثـ ً‬ ‫ا عبــر وضــع العســكر ضــد األمــن أو إيجــاد‬ ‫أكثــر مــن قــوة عســكرية واحــدة بحيــث تواجــه بعضهــا البعــض‪.‬‬ ‫واخليــار الثانــي يتعلــق بعــزل الوحــدات عــن بعضهــا البعــض‪،‬‬ ‫أو القيــام بالتعيــن أو الترقيــة علــى أســاس الــوالء‪ .‬وقــد باتــت هــذه‬ ‫الوســائل إضافــة إلــى إيجــاد وظائــف متداخلــة وســائل رئيســية يف‬ ‫خفــض مخاطــر اإلطاحــة بالقيــادة‪ .‬ولهــذا الغــرض‪ ،‬تأتــي بعــض‬ ‫القــوى عســكرية وشــبه عســكرية‪ ،‬ليــس حتــت ســيطرة وزارة الدفــاع‪،‬‬ ‫بــل تتــم إدارتهــا مباشــرة مــن القائــد وأقاربــه‪.‬‬ ‫أحــد اخليــارات األخــرى للقائــد يتمثــل يف االعتمــاد علــى‬ ‫مجموعــة بعينهــا مثــل طبقــة اجتماعيــة معينــة أو طائفــة أو غيرهــا من‬ ‫أجــل إحــداث تــوازن يف مراكــز القــوى غيــر الرســمية وللســيطرة علــى‬ ‫املجتمــع بشــكل أفضــل‪ .‬إضافــة لذلــك‪ ،‬قــد تكــون لــدى القــادة خطــط‬ ‫ُنحــى فكــرة‬ ‫للحيلولــة دون تركــز الســلطة‪ .‬ولتعزيــز البقــاء السياســي‪ ،‬ت ّ‬ ‫قــدرة التعبئــة جان ًبــا بالرغــم مــن املخاطــر الداخليــة أو العامليــة وذلــك‬ ‫مــن أجــل التخفيــف مــن أي قــوة جاذبــة محتملــة قــد تهــدد احلاكــم‪.‬‬

‫شـــرعية النظـــام‬ ‫الســـابق المتاشـــية‬ ‫اعــتــمــــدت عــلــــى‬ ‫الــــــوالءات فـــــــوق‬ ‫المصلحـــة الوطنيـــة‬

‫‪36‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫دراسات العدد‬

‫مــع رؤوس املثلثــات علــى املســتوى األعلــى ورمبــا املتوســط فيمــا‬ ‫يقــوم هــؤالء بدورهــم بالتحكــم والتواصــل مــع املســتويات التــي تليهــم‬ ‫وهكــذا‪ .‬وعلــى هــذه الصــورة الهرميــة‪ ،‬يســيطر النظــام يف اليمــن‬ ‫علــى املجتمــع ويبقــى يف ســدة احلكــم‪.‬‬

‫الثواب‪ /‬العقاب‬ ‫بحســب درجــة الــوالء واخلضــوع‪ ،‬يقــوم النظــام مبكافــأة أو‬ ‫معاقبــة الاعبــن السياســين‪ ،‬وســادت الســيطرة الرأســية يف اليمــن‬ ‫علــى مــدى العقــود الثاثــة املاضيــة للحفــاظ علــى اســتدامة النظــام‪.‬‬ ‫وتطلبــت هــذه املنظومــة وفــرة املــوارد لدعــم التابعــن واملنافســن مت‬ ‫ســحبها مــن عائــدات الدولــة وهــذا حــدث علــى حســاب التنميــة‪.‬‬ ‫وجعلــت عمليــة إعــادة توزيــع وتوجيــه املــوارد بصورة مســتمرة احلاجة‬ ‫إلــى تفكيــك الروابــط بــن عناصــر املثلــث الواحــد أمــ ًرا حتم ًيــا‪،‬‬ ‫وتســبب هــذا يف تفتيــت املجتمــع أكثــر يف ســياق شــديد التقلــب إذ‬ ‫جـ ّرده مــن مميزاتــه التاريخيــة يف االســتفادة مــن الــدور الــذي تلعبــه‬ ‫كمنظــم‪ ،‬ويف الوقــت ذاتــه لــم تقــدم الدولــة بديــ ً‬ ‫ّ‬ ‫ا‪ .‬لقــد‬ ‫القبيلــة‬ ‫عــززت هــذه االســتراتيجية مــن ســيطرة الدولــة علــى املجتمــع لكنهــا‬ ‫لألســف أوجــدت مجتم ًعــا شــديد التشــظي والهشاشــة‪.‬‬ ‫يف اجلنــوب كان الوضــع أســوأ مــن ذلــك‪ ،‬فقــد تبنــت الدولــة قبــل‬ ‫الوحــدة سياســات هدفــت إلــى خلــق مجتمــع ال طبقــي عبــر تطبيــق‬ ‫سياســات غيــر مناســبة اجتثــت الهيــكل التقليــدي واالجتماعــي‬ ‫وفشــلت يف إيجــاد بديــل لــه‪ .‬وهكــذا‪ ،‬دخــل اجلنــوب يف الوحــدة وهــو‬ ‫يعانــي تفتــت اجتماعــي وتشــرذم سياســي وفــراغ كبيــر‪ ،‬واليــوم ال‬ ‫توجــد مرجعيــة سياســية أو اجتماعيــة ميكنهــا أن تزعــم أنهــا مت ّثــل‬ ‫كل اجلنــوب‪ ،‬وهنــاك فــراغ عمــدت إلــى ملئــه مجموعــات صغيــرة‬ ‫طموحــة التــي ال تســتطيع احلفــاظ علــى أو تعبئــة دعــم كبيــر مثــل‬ ‫تنظيــم القاعــدة أو الفرقــاء السياســين اآلخريــن‪.‬‬

‫هياكل التحكم‬ ‫م ّيــزت خاصيتــان رئيســيتان السياســة اليمنيــة‪ :‬أوالهمــا‬ ‫الصــراع علــى الســلطة بــن النخبــة السياســية حيــث ســاد الصــراع‬ ‫ً‬ ‫عوضــا عــن التعــاون‪ ،‬وقــد مت تطبيــق طيــف واســع مــن املنــاورات‬ ‫بــدءاً بالتحالفــات إلــى احلــرب الشــاملة‪ .‬ولهــذا الســبب أعطيــت‬ ‫سياســة البقــاء األولويــة فيمــا تراجــع بنــاء الدولــة إلــى اخللــف‪ .‬أمــا‬ ‫اخلاصيــة الثانيــة فتتمثــل يف أنــه منــذ بدايــة الوحــدة وحتــى اليــوم‪،‬‬ ‫عانــت الدولــة مــن ركــود اقتصــادي حــاد‪ .‬وكان لهــذا‪ ،‬إضافــة لــألداء‬ ‫الضعيــف للحكومــات املتعــددة والعائــدات املتواضعــة املشــتقة مــن‬ ‫القطاعــات الهيدروكربونيــة مــع حالــة عــدم اليقــن بشــأن املســتقبل‪،‬‬ ‫تداعيــات كبيــرة علــى االقتصــاد وعلــى النــاس بالنتيجــة‪ .‬يعتبــر‬ ‫توزيــع الســلطة يف الدولــة اليمنيــة احلديثــة ومحاولــة التغلــب علــى‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫ضعــف الدولــة يف مواجهــة تفتــت الســيطرة االجتماعيــة هــو املشــكلة‬ ‫الرئيســية‪ ،‬ويف هــذا اإلطــار نشــأت مؤسســات عديــدة أو مت حلهــا‪،‬‬ ‫واعتبــرت املنافســة بــن النخــب وسياســة البقــاء بشــكل جماعــي‬ ‫جــز ًءا مــن العاقــات بــن الدولــة واملجتمــع‪.‬‬ ‫جــاء إنشــاء هيــكل جديــد للقيــادة والســيطرة علــى املجتمــع معــه‬ ‫بتغييــرات مؤسســية حيــث مت إعــادة توزيــع الســلطة‪ ،‬وشــهدت فتــرة‬ ‫وضوحــا بعــد‬ ‫صراعــا ضمن ًيــا جديــدًا زاد‬ ‫مــا بعــد حــرب ‪1994‬م‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫إجــراء االنتخابــات البرملانيــة الثانيــة التــي جــرت يف ‪ 27‬أبريــل ‪1997‬م‪.‬‬ ‫متحــورت اســتراتيجية النظــام يف إعــادة ترتيــب وتوحيــد هيــكل‬ ‫الســيطرة وكذلــك تعبئــة املــوارد واألشــخاص‪ .‬ميكــن تلخيــص املشــكلة‬ ‫الرئيســية يف اليمــن يف التخلــف التنمــوي‪ ،‬الــذي يغطــي جوانــب عديدة‬ ‫للحيــاة الشــخصية والعامــة علــى الســواء‪ ،‬وأحــد جوانــب هــذه املشــكلة‬ ‫حددتــه بدقــة وحتدثــت عنــه هــذه الورقــة علــى وجــه احلصــر وهــو‬ ‫تنافــس النخبــة علــى تولــي الســلطة يف بلــد واهــن ومجتمــع متشــظي‪،‬‬ ‫مــا أثــر علــى عمليــة التنميــة واســتنزاف مــوارد البــاد‪.‬‬ ‫كان ميكــن ليــوم الوحــدة أن يشــكل بدايــة لاندمــاج السياســي‬ ‫واالنصهــار الوطنــي‪ .‬إن حقيقــة أن اليمنيــن اجلنوبيــن والشــمالين‬ ‫شــعروا بحــس الهويــة املشــتركة علــى الصعيــد الثقــايف والتاريخــي‬ ‫واالجتماعــي لــم يكــن ضمانــة بحــد ذاتــه علــى أنــه ميكــن التســليم‬ ‫بحــدوث االندمــاج السياســي‪ .‬ففــي الواقــع‪ ،‬وحتــت الســطح‪ ،‬كانــت‬ ‫مؤسســتا الســلطة اللتــان مت دمجهمــا دون اندماجهمــا‪ ،‬تنــاوران مــن‬ ‫كل علــى‬ ‫أجــل احلفــاظ علــى و‪/‬أو توســيع اســتقاليتهما وســلطتهما ٍ‬ ‫حســاب األخــرى‪.‬‬ ‫على املســتوى الرســمي‪ ،‬مت إنشــاء هياكل لكيان سياســي متكامل‪:‬‬ ‫دســتور وبرملــان وانتخابــات واندماجــات بيروقراطيــة‪ ،‬ومت فتــح‬ ‫مســاحة للتعبيــر السياســي ا ُ‬ ‫حلــر كثــرت وســائل اإلعــام وألحــزاب‬ ‫سياســية وجمعيــات وانعقــاد ملؤمتــرات عامــة‪ .‬مــع ذلــك‪ ،‬على مســتوى‬ ‫السياســة التطبيقيــة‪ ،‬كان كا النظامــن الشــمولين الســابقن ينظــر‬ ‫إلــى االندمــاج بقليــل مــن حســن النيــة أو الثقــة يف اآلخــر‪ .‬ويف الوقــت‬ ‫الــذي اتفــق فيــه حــزب املؤمتــر الشــعبي العــام‪ ،‬احلــزب احلاكــم يف‬ ‫اجلمهوريــة العربيــة اليمنيــة واحلــزب االشــتراكي اليمنــي‪ ،‬احلــزب‬ ‫احلاكــم يف جمهوريــة اليمــن الدميقراطيــة الشــعبية ظاهر ًيــا علــى‬ ‫معادلــة لتقاســم الســلطة علــى أســاس ‪ 50-50‬تقري ًبــا‪( ،‬بالرغــم مــن‬ ‫وجــود نســبة ‪ 20-80‬يف الســكان) كان هــذان الكيانــان يعـ ّدان كذلــك‬ ‫اســتراتيجيات التراجــع وخطــط الطــوارئ حلــدوث صــراع متوقــع‪،‬‬ ‫فســعى كل طــرف إلــى تطويــر قدراتــه العســكرية وإلــى املداهنــة فقــط‬ ‫يف مبــدأ التوحيــد العســكري‪ .‬وســعى كاهمــا للحصــول علــى الدعــم‬ ‫مــن اخلــارج وبــدا علــى كاهمــا أنهمــا يتشــاركان يف مصلحــة ضمنيــة‬ ‫يف إحبــاط منــو القــوى السياســية املســتقلة ويف إفســاد محــاوالت‬ ‫املجتمــع املدنــي الصاعــد يف الدخــول إلــى احللبــة السياســية بصــورة‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫يف اليمــن لــم يكــن لــدى الدولــة املركزيــة ســوى ســيطرة محــدودة‬ ‫علــى مناطقهــا‪ ،‬تنحصــر علــى املناطــق احلضريــة الكبــرى‪ .‬أمــا بعــد‬ ‫عاصفــة احلــزم ويف ظــل وجــود ثاثــة أربــاع الســكان يف األريــاف‬ ‫ســيصعب جـدًا توفيــر وتوصيــل اخلدمــات إلــى املناطــق الطرفية‪ .‬ومبا‬ ‫أن القبائــل تقــوم مبــلء الدولــة فســتظل تلعــب دو ًرا قو ًيــا يف مؤسســات‬ ‫الدولــة‪ ،‬يف الهيــآت التشــريعية والتنفيذيــة يف اليمــن والقــوات املســلحة‬ ‫وأجهــزة األمــن والنظــام السياســي‪ .‬لهــذا فــإن صناعــة القــرار‬ ‫السياســي تتطلــب االنصيــاع للتشــاور وتقــدمي التنــازالت واملســاومات‬ ‫يف التحالفــات املتقلبــة بصــورة مســتمرة‪ .‬لكــن ثقــة املواطــن اليمنــي‬ ‫يف قــدرة احلكومــة القائمــة علــى معاجلــة التحديــات االقتصاديــة‬ ‫املســتقبلية بنجــاح ســتتضائل كثيـ ًرا مبــرور الوقــت‪ .‬ويف نظــر الشــعب‬ ‫فــإن شــرعية الدولــة ضعفــت نتيجــة لنظــام الوراثــة يف الوظيفــة العامــة‬ ‫الــذي اختــار الشــخصيات القبليــة وبعــض مســؤولي األمــن واجليــش‬ ‫يف مفاصــل الدولــة‪ .‬وهــذه اجلماعــة ال تفــرض ســيطرتها علــى صنــع‬ ‫سياســة الدولــة فحســب بــل وعلــى قطاعــات االقتصــاد واألعمــال‪.‬‬ ‫لــذا ينظــر املواطــن اليمنــي إلــى إقصائــه مــن الفــرص االقتصاديــة‬ ‫والتجاريــة علــى أنــه أكبــر تهديــد ألمنــه‪ .‬كخطــوة أولــى‪ ،‬ســيتم النظــر‬ ‫يف بعــض املامــح املهيمنــة للحكــم يف اليمــن‪.‬‬

‫نظرية المثلثات السياسية‬ ‫ال شــك يف أن اليمــن تعانــي مــن تشــوه واختــال وظيفــي يف‬ ‫هيــكل الدولــة ولهــذا أســباب عديــدة تتجــاوز مســاحة هــذه الورقــة‪.‬‬

‫دراسات العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪35‬‬

‫ويشــكل هــذا امللمــح خاصيــة مزمنــة ومســتوطنة يف التاريخ السياســي‬ ‫احلديــث لليمــن‪ .‬إحــدى الظواهــر البــارزة يف السياســة اليمنيــة‬ ‫تتمثــل يف تبنــي سياســات البقــاء‪ ،‬ومبــا أن قاعــدة االقتصــاد صغيــرة‬ ‫وضعيفــة والدولــة هــي املصــدر الرئيســي للثــروة‪ ،‬يحتــدم الصــراع‬ ‫للفــوز بالســلطة‪ .‬ومــن أجــل البقــاء يف الســلطة‪ ،‬درج القــادة علــى‬ ‫اســتمالة أعدائهــم أو إزالتهــم إن متكنــوا‪ ،‬وهــذا يســتوجب امتــاك‬ ‫القائــد ملــوارد وفيــرة حتــت تصرفــه مــن أجــل االســتمالة وتوطيــد‬ ‫أركان حكمــه‪ .‬وقــد أنشــأ هــذا نظا ًمــا مــن التوافقيــة وســيطرة‬ ‫التضامنيــات أو املصالــح املبنيــة مــن األعلــى إلــى األســفل‪.‬‬ ‫يف هــذا النظــام الــذي أســميه "نظريــة املثلــث السياســي"‪ ،‬والــذي‬ ‫توجــد بداخلــه آالف املثلثــات املتواليــة كلهــا داخــل مثلــث عمــاق‪،‬‬ ‫يتربــع علــى رأس املثلــث العمــاق القائــد وحتتــه مثلثــات أخــرى‬ ‫يقودهــا مــن يأتــون بعــد القائــد يف الســلطة مثــل الدائــرة الضيقــة‬ ‫احمليطــة بــه‪ .‬وحتــت هــذه املثلثــات تأتــي مثلثــات أخــرى أكثــر عــد ًدا‬ ‫وأقــل قــوة‪ .‬وعلــى طــول املجتمــع توجــد شــخصية مؤثــرة علــى رأس‬ ‫كل مثلــث‪ ،‬وهــذه الشــخصية قــد تكــون سياســية أو قبليــة أو عســكرية‬ ‫أو دينيــة أو اجتماعيــة‪ ،‬ويســيطر هــذا الشــخص علــى النــاس ضمــن‬ ‫منطقتــه ويضمــن والءهــم للنظــام أو علــى األقــل ســلبيتهم يف عــدم‬ ‫مقاومتــه عبــر اســتخدامه للمحســوبية مــع النظــام مــا مينحــه العديــد‬ ‫مــن األدوات للتحكــم بالثــواب‪ /‬العقــاب مثــل الوظائــف العامــة‬ ‫وامتيــازات الترخيــص وغيرهــا‪ ،‬أو خــاف ذلــك حرمــان النــاس مــن‬ ‫هــذه اخلدمــات‪ .‬الفرضيــة هنــا هــي أن القائــد يتحكــم ويتواصــل‬

‫‪34‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫دراسات العدد‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫تركيبــة القيــادة فــي الســلطة اليمنيــة تعتمــد علــى الوالءات خــارج نظــام الدولة‬

‫الرقــص عــى رؤوس المثلثات‪ :‬نظــام الحكم‬ ‫وسياســات البقــاء يف اليمن‬ ‫دأب الرئي ــس الس ــابق عل ــي عب ــد اهلل صال ــح عل ــى الق ــول أن ــه حك ــم اليم ــن كم ــن يرق ــص‬ ‫علــى رؤوس الثعابــن‪ ،‬ويف هــذه الورقــة نحــاول تأصيــل نظريــة تفســر كيفيــة حكــم اليمــن‬ ‫يف الفتــرة املاضيــة ومحورهــا الســيطرة علــى مثلثــات سياســية واجتماعيــة وبالتالــي هــي‬ ‫"رق ــص عل ــى رؤوس املثلث ــات ولي ــس الثعاب ــن" وسياس ــات البق ــاء وهندس ــة النظ ــام مب ــا‬ ‫يحق ــق بق ــاءه‪ .‬اليم ــن بع ــد "عاصف ــة احل ــزم" س ــيكون مختل ًف ــا عم ــا قبله ــا‪ .‬مختل ًف ــا يف‬ ‫نظام ــه السياس ــي‪ ،‬وحتالفات ــه‪ ،‬وق ــواه السياس ــية‪ ،‬وتوازنات ــه‪ .‬وال تقت ــرح ه ــذه الورق ــة أي‬ ‫منظوم ــة مح ــددة م ــن املؤسس ــات لكنه ــا تس ــعى لتفس ــير طريق ــة حك ــم اليم ــن الت ــي تب ــدو‬ ‫غامضــة لكثيــر مــن املراقبــن والباحثــن‪ ،‬وإليجــاز اخليــارات املختلفــة وتقــدم إطــار عمــل‬ ‫لتقيي ــم ه ــذه اخلي ــارات‪ .‬وله ــذا الغ ــرض‪ ،‬س ــيتم أوالً تصوي ــر بع ــض املام ــح احلاس ــمة للحك ــم يف اليم ــن متبوع ــة ببع ــض‬ ‫اخليــارات وتأثيرهــا احملتمــل علــى املامــح احملــددة للحكــم‪ .‬والســؤال األول واحلاســم هــو‪ :‬مــا الــذي ينبغــي احلفــاظ عليــه‬ ‫وم ــا ال ــذي يج ــب تغيي ــره فيم ــا يتعل ــق بحك ــم اليم ــن‪ .‬وم ــن ه ــذا املنطل ــق‪ ،‬ميك ــن إع ــداد املام ــح الدس ــتورية الت ــي تفض ــي‬ ‫إل ــى احلف ــاظ عل ــى م ــا يج ــب احلف ــاظ علي ــه وتيس ــير التغيي ــر‪.‬‬

‫د‪ .‬أحمد عبد الكرمي سيف‬ ‫لــم يكتمــل بنــاء الدولــة يف اليمــن حتــى اآلن علــى املســتوين‬ ‫املؤسســي القانونــي والوظيفــي‪ ،‬ومــا جنــده ليــس ســوى ســلطات‬ ‫تتــراوح بــن االســتبداد واملرونــة‪ ،‬حيــث يتــم عــادة اتخــاذ القــرارات‬ ‫خــارج نطــاق املؤسســات الرســمية‪ .‬كمــا أن ضعــف الدولــة يحــد مــن‬ ‫قدرتهــا علــى النفــوذ إلــى أوســاط شــرائح املجتمــع‪ ،‬األمــر الــذي أدى‬ ‫إلــى ظهــور فــراغ متلــؤه عناصــر وســيطة تســتفيد مــن دميومــة نظــام‬ ‫احلكــم ومتــارس نفوذهــا يف املجتمــع نيابــة عــن ذلــك النظــام‪.‬‬ ‫وســمحت شــرعية النظــام الســابق علــى اســتمرار الــوالءات دون‬ ‫الوطنيــة وهــي ثانويــة وضيقــة األفــق‪ ،‬يف حــن أدى فشــل حتقيــق‬ ‫التنميــة وضعــف الهيــآت التمثيليــة إلــى إقامــة قواعــد قبليــة وجهويــة‬ ‫وطائفيــة عمقــت مــن االنقســامات يف املجتمــع‪ ،‬مــا أضعــف الســلطة‬ ‫املركزيــة وعــزز مــن الــوالءات احملليــة علــى حســاب التماســك‬ ‫الوطنــي‪ .‬وكانــت نتيجــة هــذا التشــظي وجــود أفــراد وجماعــات يف‬ ‫الوظائــف احلكوميــة يقومــون بتوجيــه مؤسســات الدولــة ومواردهــا‬ ‫وف ًقــا لوالءاتهــم القبليــة واجلهويــة‪ .‬وال عجــب إ ًذا‪ ،‬أن كانــت اليمــن‬

‫متــارس الدميقراطيــة وتنفــذ التعديــات الهيكليــة بصــورة انتقائيــة‪،‬‬ ‫ممــا يــؤدي إلــى وجــود الدولــة بوظيفتهــا القســرية وغيابهــا يف‬ ‫املجــاالت اإلنتاجيــة والتوزيعيــة واخلدميــة‪ .‬واملجتمــع – باملقابــل –‬ ‫َسـل َ َك مســل ًكا منفصـ ً‬ ‫ا‪ ،‬حيــث فشــلت مؤسســات الدولــة الضعيفــة يف‬ ‫اســتيعاب وتنظيــم املجتمــع‪ ،‬ونظـ ًرا لتعــدد االنقســامات عجــز املجتمع‬ ‫عــن تشــكيل منظمــات مدنيــة تســتطيع الضغــط علــى الدولــة للصالــح‬ ‫العــام‪ .‬ويف هــذا احمليــط يتقيــد املجتمــع بالهويــات املتشــظية املبنيــة‬ ‫علــى انتمــاءات دون وطنيــة‪.‬‬ ‫اليمــن مــن أقــل دول املنطقــة منـ ًوا‪ ،‬وزاد عــدد ســكانها منــذ عــام‬ ‫‪1980‬م‪ ،‬إلــى ثاثــة أضعــاف‪ ،‬حيــث ارتفــع مــن ‪ 8.4‬مليــون نســمة إلــى‬ ‫‪ 23‬مليــون نســمة‪ .‬ومتثــل واردات النفــط ‪ %70‬مــن إجمالــي واردات‬ ‫الدولــة‪ ،‬ويشــكل النفــط ‪ %90‬مــن إجمالــي صــادرات البــاد‪ ،‬وهــو‬ ‫املــورد الــذي مــن املتوقــع نضوبــه خــال عقــد‪ .‬وهنــاك حتديــات تنمويــة‬ ‫تتمثــل يف مســتوى الفقــر العالــي‪ ،‬واألميــة املرتفعــة‪ ،‬واملخــزون املائــي‬ ‫املتضائــل‪ ،‬واالرتفــاع احلــاد يف معــدل األســعار والتدهــور االقتصــادي‪.‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫بالكامــل دون أدنــى شــك‪ .‬واســتخدم إعــام االنقابيــن‪ ،‬أســلوب‬ ‫"التضخيــم واملبالغــة"‪ ،‬يف عــرض النتائــج‪ ،‬والتهويــل منهــا واملتاجــرة‬ ‫بالدمــاء واألشــاء ومعانــاة اليمنيــن‪ ،‬دون أن يفصــح عــن الســبب‪،‬‬ ‫خاصــة وأن غالبيــة مــا يعرضــه ذلــك "املطبــخ اإلعامــي" هو مخرجات‬ ‫خلبــراء إيرانيــن ولبنانيــن (حــزب اهلل)‪ ،‬محترفــن يف التضليــل‬ ‫خلدمــة الهــدف السياســي واملشــروع األكبــر الــذي حتركــه طهــران عبــر‬ ‫أدواتهــا يف املنطقــة بخلفيــات وأجنــدات مذهبيــة وطائفيــة‪ ،‬ويســانده‬ ‫ً‬ ‫أيضــا يف ذلــك اإلعــام الفارســي املوجــه نحــو الغــرب‪.‬‬ ‫والبــد مــن االعتــراف أن كثيــ ًرا مــن وســائل اإلعــام الغربــي‪،‬‬ ‫وقعــت ضحيــة لتضليــل االنقابيــن‪ ،‬الذيــن اســتغلوا حــرص بعــض‬ ‫تلــك الوســائل علــى عكــس وجهــات النظــر املختلفــة‪ ،‬واغرقوهــا مبــواد‬ ‫يف مجملهــا ال حتمــل أي جــزء مــن احلقيقــة‪ ،‬لكنهــا جنحــت يف متريــر‬ ‫عــدة رســائل وتســويق مصطلحــات بعيــدة متا ًمــا عــن الواقــع منهــا‬ ‫علــى ســبيل املثــال‪ ،‬وصــف مــا يجــري‪ ،‬بأنهــا حــرب شــنتها أغنــى دولــة‬ ‫عربيــة (الســعودية) ضــد أفقــر دولــة عربيــة (اليمــن)‪ ،‬ومعلــوم أن هــذا‬ ‫املصطلــح أكثــر مــن يســتخدمه ويــروج لــه اإلعــام اإليرانــي‪.‬‬ ‫كمــا جنــح الطــرف االنقابــي‪ ،‬يف ممارســة التزييــف عالــي‬ ‫املســتوى كوســيلة البتــزاز املجتمــع الدولــي‪ ،‬وذلــك بالتركيــز علــى‬ ‫اجلانــب اإلنســاني‪ ،‬الــذي يحبــذه اإلعــام الغربــي‪ ،‬ونســج علــى‬ ‫قصصــا وصــو ًرا لضحايــا‪ ،‬ســواء بالقصــف أو املجاعــة‬ ‫هــذا املنــوال‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أو األوبئــة‪ ،‬واملتهــم لديهــا معــروف وهــو التحالــف العربــي بقيــادة‬ ‫الســعودية‪ ،‬حيــث ياحــظ أن وســائل اإلعــام الغربيــة تتهــم كثيــ ًرا‬ ‫الســعودية بانتهــاك حقــوق اإلنســان يف اليمــن‪ ،‬بســبب أخطــاء‬ ‫لهجمــات جويــة نفذتهــا طائــرات حربيــة ضــد مواقــع عســكرية‬ ‫لانقابيــن‪ ،‬وتكــون كثيــر مــن تلــك االدعــاءات غيــر صحيحــة‪.‬‬

‫رأي المسؤول‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪33‬‬

‫والشــيء األكثــر أهميــة‪ ،‬هــو التقاريــر الصــادرة عــن بعــض‬ ‫منظمــات حقوقيــة أمميــة ودوليــة لــم تكــن محايــدة يف عملهــا‪،‬‬ ‫والســبب ببســاطة‪ ،‬ألنهــا تعمــل يف املناطــق اخلاضعــة لســيطرة‬ ‫وحتديــدا العاصمــة صنعــاء‪ ،‬مــا جعــل منظمــات وهيــآت‬ ‫االنقابيــن‪،‬‬ ‫ً‬ ‫تابعــة لــألمم املتحــدة تتبنــى وجهــة نظــر وسياســة املليشــيا االنقابية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫متناقضــا‬ ‫وإصــدار تقاريرهــا بنــاء علــى مــا حتملــه مــن توجــه سياســي‬ ‫مــن دورهــا يف العمــل اإلنســاني احملايــد وتقــدمي املســاعدات فقــط‪.‬‬ ‫وتلــك التقاريــر حتظــى دون شــك بــرواج وحضــور لدى اإلعــام الغربي‪،‬‬ ‫والــذي لــم يتســاءل وهــو مــن يدعي احليــاد واملوضوعية‪ ،‬ملاذا ال تســمح‬ ‫املليشــيا االنقابيــة لتلــك املنظمــات بزيــارة املناطــق التــي حتاصرهــا‬ ‫وترتكــب فيهــا أبشــع املجــازر واالنتهــاكات‪ ،‬مثــل تعــز أو غيرهــا‪.‬‬ ‫علــى الصعيــد احمللــي‪ ،‬هنــاك مــا هــو أخطــر والــذي لــم تتنبــه لــه‬ ‫احلكومــة الشــرعية حتــى اآلن‪ ،‬ويتمثــل يف التأثيــر اإلعامــي املضلــل‬ ‫والدعائــي الــذي متارســه املليشــيا االنقابية علــى املواطنن يف مناطق‬ ‫ســيطرتها مــن خــال (اإلذاعــات احملليــة ‪ ،)FM‬حيــث حتظــى هــذه‬ ‫اإلذاعــات وقــد أصبحــت بالعشــرات ومت اســتحداثها منــذ االنقــاب‪،‬‬ ‫مبتابعــة واســعة النطــاق نظـ ًرا النقطــاع خدمــة الكهربــاء وعــدم وجــود‬ ‫صحــف غيــر املواليــة لهــا‪ .‬لــذا‪ ،‬ينبغــي هنــا التشــديد علــى أن إغفــال‬ ‫احلكومــة الشــرعية لهــذه الوســيلة اإلعاميــة (اإلذاعــة) األكثــر تأثيـ ًرا‬ ‫علــى الــرأي العــام الداخلــي‪ ،‬علــى األقــل يف املرحلــة الراهنــة‪ ،‬خطــأ‬ ‫جســيم‪ ،‬فاملتلقــي املضطــر إلــى متضيــة الوقــت بســماع اإلذاعــات‬ ‫املوجــودة وكلهــا تــدور يف فلــك االنقابيــن‪ ،‬حت ًمــا ســيتأثر بخطابهــا‬ ‫املثقــل بالكراهيــة وتشــويه احلقائــق‪ ،‬مــع التكــرار واإلحلــاح‪.‬‬ ‫* اﳌﺘﺤﺪث اﻟﺮﺳﻤﻲ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺤﻮﻣﺔ اﻟﻴﻤﻨﻴﺔ‬

‫‪32‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫رأي المسؤول‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫إغفال الحكومة الشرعية (لإلذاعة) األكثر تأث ًيرا على الرأي العام الداخلي خطأ جسيم‬

‫مـلـيـشـيـــا االنـقـــاب وســـاح اإلعـام فـي‬ ‫مـواجـهـــة الـشـرعـيـــة الـيـمـنـيـة‬ ‫مــن البديهــي القــول‪ ،‬أن اإلعــام بعنوانــه العــام والواســع‪ ،‬ميثــل األداة الرئيســية املوازيــة‬ ‫للبندقيــة يف أيــة معركــة‪ ،‬وقــد يتفــوق يف بعــض املنعطفــات واملواقف‪ ،‬ليكون العنصر احلاســم‬ ‫لنتائــج املعــارك واحلــروب‪ ،‬إذا مــا مت اســتخدامه وتوظيفــه بالشــكل الصحيــح‪ .‬تلــك احلقيقة‬ ‫كانــت واضحــة لــدى مليشــيات احلوثــي وصالــح منــذ بدايــة حربهــا ضــد الشــعب اليمنــي‬ ‫وانقابهــا علــى الســلطة الشــرعية قبــل عامــن ونصــف‪ ،‬بنــا ًء علــى نصائــح تلقتهــا مــن‬ ‫داعميهــا يف طهــران التــي زودتهــا بخبــراء ملســاعدتها يف كيفيــة حتويــر احلقائــق وممارســة‬ ‫التضليــل اإلعامــي‪ ،‬مســتفيدة مــن ســيطرتها علــى قنــوات ووســائل اإلعــام الرســمية‪ ،‬قبــل‬ ‫أن حتولهــا يف مرحلــة الحقــة إلــى أدوات تابعــة ملــا يســمى "اإلعــام احلربــي"‪.‬‬

‫راجح بادي‬

‫اســتمدت مليشــيا احلوثــي جتربــة "اإلعام احلربــي" وطورتها على‬ ‫أيــدي خبــراء مــن حــزب اهلل اللبنانــي الــذي انشــأها يف الثمانينــات‪،‬‬ ‫ونشــرها مؤخــ ًرا علــى أدوات إيــران يف املنطقــة وحتديــدًا يف ســوريا‬ ‫والعــراق واليمــن‪ ،‬حيــث اعتمــد هــذا اإلعــام علــى مــا ميكــن تســميته‬ ‫"تســويق الوهم" بفبركة وصناعة انتصارات زائفة‪ ،‬مســتندًا يف األشــهر‬ ‫األولــى مــن االنقــاب علــى تغييــب الصوت اآلخر‪ ،‬بإغــاق كل الصحف‬ ‫ومنابــر اإلعــام املناوئــة وحجــب املواقــع اإلخباريــة‪ ،‬ومنــع مراســلي‬ ‫الفضائيــات والصحــف ووكاالت األنبــاء العربيــة والدوليــة مــن العمــل‪.‬‬ ‫وبخــاف منــع اإلعــام اخلارجــي عــن العمــل‪ ،‬ضيقــت املليشــيا‬ ‫االنقابيــة اخلنــاق علــى الصحفيــن اليمنيــن‪ ،‬فقامــت باعتقــال‬ ‫العشــرات وزجهــم يف الســجون‪ ،‬بــل وأصــدرت حك ًمــا باإلعــدام علــى‬ ‫الصحفــي عبــد الرقيــب اجلبيحــي يف محاكمــة هزليــة اســتمرت ‪10‬‬ ‫دقائــق‪ ،‬لتهديــد اآلخريــن‪ ،‬وكل مــن يحــاول معارضــة مشــروعها‪ ،‬مــا‬ ‫جعــل منظمــات دوليــة تصنــف احلوثيــن كثانــي جماعــة بعــد تنظيــم‬ ‫الدولــة (داعــش) يف االنتهــاكات ضــد الصحفيــن وحريــة اإلعــام‪.‬‬ ‫تغيــرت املعادلــة‪ ،‬مــع دخــول التحالــف العربــي بقيــادة الســعودية‬ ‫لــدعم الشــرعية يف اليمــن (‪26‬مــارس ‪2015‬م)‪ ،‬بنــا ًء علــى طلب الرئيس‬ ‫اليمنــي الشــرعي‪ ،‬وســاندت وســائل إعــام دول التحالــف‪ ،‬إضافــة إلــى‬ ‫املواقــع اإلخباريــة اليمنيــة التــي ظلــت لفتــرة املنبــر الوحيــد ملواجهــة‬

‫االنقــاب وآلتــه اإلعاميــة‪ ،‬وكشــف جرائمــه وانتهاكاتــه الســافرة‬ ‫حلقــوق اإلنســان عقــب اجتياحــه للمــدن اليمنيــة واحــدة تلــو األخــرى‪.‬‬ ‫احلكومــة اليمنيــة الشــرعية‪ ،‬بــدأت تدريج ًيــا تســتعيد النشــاط‬ ‫اإلعامــي للقنــوات الرســمية ووكالــة األنبــاء واســتئناف نشــاطها مــن‬ ‫العاصمــة الســعودية الريــاض‪ ،‬وعلــى وقــع االنتصــارات التــي حتققــت‬ ‫ضــد مليشــيا االنقــاب بدعــم مــن التحالــف العربــي‪ ،‬وحتريــر مناطــق‬ ‫واســعة واختيــار مدينــة عــدن كعاصمــة مؤقتــة إلدارة الدولــة اليمنيــة‬ ‫ومواصلــة اســتكمال إنهــاء االنقــاب‪ ،‬وسنســتبعد هنــا تقييــم أداء‬ ‫إعــام الشــرعية الــذي يحتــاج لشــرح طويــل‪ .‬لكــن إجمــاال‪ ،‬الزال إعــام‬ ‫احلكومــة الشــرعية بحاجــة إلــى مراجعــة جــادة ألدائــه وجتــاوز نقــاط‬ ‫الضعــف التــي ظهــرت خــال الفتــرة املاضية‪ ،‬ليكــون أكثر تأثيـ ًرا وقدرة‬ ‫علــى اإلقنــاع والتواصــل مــع الــرأي العــام ســواء احمللــي أو اخلارجــي‪.‬‬ ‫علــى اجلانــب اآلخــر‪ ،‬مــن املاحــظ‪ ،‬وبشــكل واضــح‪ ،‬أن إعــام‬ ‫االنقابيــن وعقــب الهزائــم املتواليــة التــي تلقاهــا ودحــره مــن غالبيــة‬ ‫األراضــي التــي كان يســيطر عليهــا‪ ،‬علــى أيــدي اجليــش الوطنــي‬ ‫واملقاومــة الشــعبية بدعــم لوجســتي كامــل مــن التحالــف العربــي‪ ،‬حــول‬ ‫اســتراتيجيته اإلعاميــة‪ ،‬باجتــاه الوضــع اإلنســاني والكــوارث القائمــة‬ ‫يف انتشــار األوبئــة واملجاعــة والضحايا‪ ،‬متغافـ ً‬ ‫ا متا ًما بطبيعة احلال‪،‬‬ ‫جــذر املشــكلة والســبب األساســي لذلــك‪ ،‬الــذي يتحملــون مســؤوليته‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫وليــس األمــر مقصــو ًرا علــى الــدول بــل علــى املنظمــات الدوليــة‬ ‫ً‬ ‫مشــروعا اســتهاك ًيا إلــى‬ ‫أيضــاً والتــي جعلــت مــن فاجعــة اليمــن‬ ‫ً‬ ‫درجــة االجتــار باألدويــة يف ظــل األوبئــة واحلمــات اإلعاميــة‬ ‫العامليــة التــي تعطــي صــورة مغلوطــة عمــا يحــدث‪ُ ،‬مهيجــة الــرأي‬ ‫العــام العاملــي لتوحــي بــأن دمــار اليمــن هــو بســبب تأثيــر اخلــارج‬ ‫علــى الداخــل وليــس احلقيقــة وهــي أن املليشــيات املســيطرة هــي‬ ‫التــي متنــع وصــول األدويــة والغــذاء وتأخــذ اإلتــاوات مــن املواطنــن‬ ‫والتجــار علــى االحتياجــات الرئيســية‪.‬‬ ‫ومــع ذلــك وبعــد كل هــذا وذاك وإذا سـلّمنا بالوضــع الراهــن وبغــض‬ ‫النظــر عــن املســببات والظــروف فيبقــى اجلــزء األهــم مــن التعامــل مــع‬ ‫املشــكلة وهــو مســألة احلــل‪ .‬ولــذا علــى املجتمــع الدولي مســؤولية كبيرة‬ ‫يف مســاعدة اليمــن للرجــوع إلــى طريــق التنميــة ليتعافــى ممــا حــدث له‪.‬‬ ‫واألمــر أكبــر مــن إعــادة بنــاء البنية التحتية‪ ،‬فمشــاريع إعــادة اإلعمار لن‬ ‫ضخــت األمــوال يف حــال لــم يتــم التعامــل مــع ثقافــة احلرب‬ ‫تنجــح مهمــا ُ‬ ‫ومــا بعــد احلــرب التــي تفشــت يف اليمــن‪ .‬وذلــك ألن البنيــة التحتية على‬ ‫أهميتهــا تبقــى حجــارة وحديـدًا وكيانات بــا أرواح وال إرادة‪ .‬مقابل هذا‬ ‫فــإن تهــدم املجتمــع يُعــد مصيبـ ًة أكبــر بكثيــر ألن البشــر الذيــن شــكلتهم‬ ‫احلــروب وفصلّــت أولوياتهــم ســيهدمون مــا يتــم بنــاؤه ملجــرد اختــاف‬ ‫يف الــرأي أو تهديــد ملصاحلهــم الشــخصية‪ .‬فاحلــرب الطويلــة خلقــت‬ ‫العديــد مــن املليشــيات وأصحــاب القــوى واملتنفذيــن ســواء يف املناطــق‬ ‫التــي يســيطر عليهــا احلوثيــون أو مناطــق ســيطرة احلكومــة الشــرعية‪.‬‬ ‫وبالتالي على املجتمع الدولي أن يكرس جهوده لصالح اإلنســان اليمني‬ ‫ويعمــل علــى إعــادة تأهيلــه ليبنــي وطنــه بنفســه‪ .‬وهــذا ال يتــم إال مــن‬ ‫خــال التعليــم والتوعيــة والتثقيــف املجتمعــي بدرجــة أساســية أو كمــا‬ ‫ســماه كوليــر "بنــاء املواطــن الواعــي"‪.‬‬ ‫قــد يتســاءل البعــض‪ :‬كيــف نلــوم ونحمــل املجتمــع الدولــي‬ ‫مســؤولية مــا يحــدث يف اليمــن ونطالبــه بتحمــل إصــاح اليمــن؟‬ ‫أيــن مســؤولية اليمنيــن مــن هــذا ومــا هــو دورهــم؟ واإلجابــة علــى‬ ‫هــذا التســاؤل بســيطة‪ ":‬فاقــد الشــيء ال يعطيــه"‪ .‬فلمــاذا يتــم لــوم‬ ‫وطلــب الشــعب اليمنــي بالنهــوض بنفســه والتاريــخ يكتــب كيــف قامــت‬ ‫الواليــات املتحــدة األمريكيــة باحتضــان الــدول األوروبيــة واألخــذ‬ ‫بيدهــا علــى مســار أربعــن ســنة؟ الشــعب اليمنــي يف وضــع أحــرى أن‬ ‫يتــم مســاعدته واألخــذ بيــده‪ ،‬بالــذات أن العالــم املتقــدم قــد أصبــح‬ ‫مؤهـ ً‬ ‫ا أكثــر مــن الســابق وحجمــه أكبــر وبالتالــي املفتــرض أن تكــون‬ ‫مســؤولية انتشــال اليمــن أســهل بحكــم أن العالــم املتقــدم ميكنــه توزيع‬ ‫املســؤوليات إن شــاء‪ .‬ألنــه مــن غيــر العــدل االعتمــاد علــى اليمنيــن‬ ‫إلخــراج أنفســهم مــن واقعهــم هــذا وهــم يف هــذه الصــورة‪ ،‬فقــد وصــل‬ ‫احلــال بالشــعب اليمنــي أن مت اغتيــال وكســر أكثــر القيــادات التــي‬ ‫كانــت مؤهلــة لتولــي زمــام األمــور‪ ،‬ومت تهجيــر ‪ -‬ســواء إراد ًيــا أو ال‬ ‫إراد ًيــا ‪-‬الكثيــر مــن الكفــاءات التــي كان مــن املمكــن أن تقــود مســيرة‬

‫رأي المسؤول‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪31‬‬

‫التنميــة‪ .‬وحــدث هــذا علــى مــرأى ومســمع مــن املجتمــع الدولــي‪ ،‬بــل‬ ‫أنــه حتــى املنظمــات احلقوقيــة انحــاز أكثرهــا يف صــف االنقابــن‬ ‫متجاهلــن مــا يفعلونــه يف الشــعب علــى املــدى القريــب والبعيــد‪.‬‬ ‫هــذا التجاهــل املتعمــد باإلضافــة إلــى االعتــراف باالنقابيــن‬ ‫أحيا ًنــا إلــى درجــة التمجيــد أدى إلــى تفاقــم األزمــة اليمنيــة وحتولهــا‬ ‫إلــى مشــكلة بالغــة التعقيــد‪ .‬وبالرغــم مــن أن كل اليمنيــن يدركــون أن‬ ‫قضيتهــم هــي جــزء مــن صــورة كبــرى لتحــول سياســي جغــرايف كبير يف‬ ‫املنطقــة‪ .‬بــل ويســمعون أخبــار الــدول املنكوبــة األخــرى ومــا يحــدث لها‬ ‫من تدمير مستمر سواء للبنية التحتية أو لإنسان‪ .‬ولكنهم يف الوقت‬ ‫نفســه يعيشــون واق ًعــا مؤملًــا وتهديـدًا مســتم ًرا ألمنهــم واســتقرارهم بل‬ ‫وحياتهــم وهــذا الواقــع ال يســمح ألي إنســان مهمــا كان قو ًيــا وذا بُعــد‬ ‫اســتراتيجي أن يحلــل األمــر مــن منظــور عاملــي وإقليمــي علــى أن مــا‬ ‫يحــدث يف اليمــن هــو جــزء مــن خطــة كبــرى لتعديــل موازيــن القــوى يف‬ ‫املنطقــة‪ .‬فاملواطــن منشــغل باحلفــاظ علــى حياتــه وقــوت يومــه وعــاج‬ ‫أطفالــه فيــدور يف دائــرة مفرغــة تتجــه بشــكل حلزونــي نحــو األســفل‪.‬‬ ‫لــذا فــإن اإلحبــاط مســيطر علــى اجلميــع حتــى مــن هــم مــن أصحــاب‬ ‫الهمــم العاليــة‪ .‬والكثيــر مــن القــادة الوطنيــن يدركــون أن هــذه مرحلــة‬ ‫حــرق وســنة كونيــة البــد أن تأخــذ وقتهــا قبــل أن تنفــرج األزمــة وميكــن‬ ‫العمــل علــى املســتقبل‪.‬‬ ‫ويجــب التذكيــر هنــا بــأن املجتمــع الدولــي خاصــة العالــم املتقــدم‬ ‫منــه‪ ،‬قــد مــر بتجربــة احلــروب وإعــادة اإلعمــار بعــد احلــروب ويعلــم‬ ‫متــام العلــم بــأن نقطــة البدايــة هــي اإلنســان‪ .‬وبالرغــم مــن أهميــة‬ ‫البحــث عــن حــل سياســي أو عســكري للقضيــة اليمنيــة‪ ،‬فباإلضافــة‬ ‫إلــى غيــاب االســتراتيجية املتكاملــة ذات احملــاور األربعــة يف التعامــل‬ ‫مــع الشــأن اليمنــي‪ ،‬فــإن هنــاك مســا ًرا مفقــو ًدا كان يجــب أن يتــم‬ ‫االهتمــام بــه بشــكل مــواز ومكثــف لــكل مــا يجــري وهــو تهيئــة‬ ‫القيــادات اجلديــدة والصفــوف الثانيــة والثالثــة حتــى تســتطيع أن‬ ‫تقــوم بواجبهــا جتــاه وطنهــا عندمــا يحــن الوقــت املناســب ومبعيــة‬ ‫ومســاعدة املجتمــع الدولــي‪ .‬ألنــه بــدون هــذا فــإن كل اجلهــود‬ ‫الســاعية إلنهــاء األزمــة وحــل املشــكلة لــن تكــون أكثــر مــن هبــا ًء‬ ‫منثــور‪ .‬وستســتمر األزمــة اليمنيــة إلــى مــدى طويــل حتــى ولــو توقفــت‬ ‫الصراعــات املســلحة لفتــرات مؤقتــة وحتــى لــو مت الوصــول إلــى‬ ‫اتفاقــات ســام أصيلــة أو غيــر أصيلــة‪ ،‬وسيســتمر الشــعب اليمنــي‬ ‫يف شــعوره وإدراكــه بخــذالن العالــم لــه‪ ،‬إلــى أن تتغيــر طريقــة تعامــل‬ ‫املجتمــع الدولــي مــع قضيــة اليمــن ويصبــح جــا ًدا يف مســاعدته يف‬ ‫اخلــروج مــن مشــكلته الصعبــة‪ ،‬أو تتغيــر مامــح املنطقــة متا ًمــا وهنــا‬ ‫يصبــح لــكل حــادث حديــث‪.‬‬ ‫* وزﻳﺮة اﻹﻋﻼم اﻟﻴﻤﻨﻴﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ‬

‫‪30‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫رأي المسؤول‬

‫وحتــى عندمــا كانــت احلكومــة الشــرعية محاصــرة مــن قبــل‬ ‫املليشــيات كانــت األمم املتحــدة ترعــى بشــكل متواتــر مفاوضــات‬ ‫سياســية غيــر واقعيــة للســام بحيــث جلــس علــى أطــراف الطاولــة‬ ‫سياســيون ال ميثلــون يف حقيقــة األمــر ســوى أنفســهم وكياناتهــم‬ ‫السياســية املختلفــة ناســن أو متناســن الفوضــى املنتشــرة يف البلــد‬ ‫اجلريــح‪ .‬ومــع ذلــك كان يُهــرع الدبلوماســيون ذها ًبــا وإيا ًبــا بــن‬ ‫العواصــم لتعميــد اتفاقــات كتبــت باملــاء علــى الرمــال‪.‬‬ ‫وبالرغــم مــن أن عاصفــة احلــزم كانــت هــي احملاولــة الوحيــدة‬ ‫احلقيقيــة لدعــم الشــرعية علــى أرض الواقــع مــن حيــث املبــدأ‬ ‫وجــاءت بدعــوة مــن الرئيــس الشــرعي بهــدف القضــاء علــى املليشــيات‬ ‫االنقابيــة التــي عاثــت يف األرض فســا ًدا‪ ،‬إال أنهــا يف حــد ذاتهــا جــاءت‬ ‫متأخــرة مثــل الطبيــب الــذي يحــاول أن ينتشــل الســرطان اخلبيــث بعــد‬ ‫أن اســتفحل يف اجلســم‪ .‬ألنــه بينمــا كان املجتمــع الدولــي يأخــذ راحتــه‬ ‫يف التفكيــر وتقريــر مصيــر اليمــن وعقــد الصفقــات اإلقليميــة علــى‬ ‫حســاب الشــعب‪ ،‬كان االنقابيــون يتغلغلــون إلــى كل مفاصــل الدولــة‬ ‫لدرجــة تغييــر املناهــج الدراســية وتشــويه مامــح املســاجد األثريــة‬ ‫ليصبغــوا عليهــا اللــون األخضــر الــذي أصبــح يرمز يف أذهــان اليمنين‬ ‫لفئــة طاغيــة مرعبــة بــدالً عــن املشــاعر اإليجابيــة التــي مــن املفتــرض‬ ‫أن يوحيهــا هــذا اللــون املُنتَ َهــك‪.‬‬ ‫إن تعامــل املنظمــات الدوليــة وممثلــي الــدول مــع الكيانــات‬ ‫املُغت َِصبــة للشــرعية يعطــي هــذه الكيانــات مصداقية وثقة دبلوماســية‬ ‫ويزيدهــا عتـ ًوا‪ .‬وقــد يبــرر الدبلوماســيون وممثلــو املنظمــات الدوليــة‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫أنهــم يتعاملــون مــع االنقابيــن بصفتهــم األمــر الواقــع‪ .‬وإن يكــن هــذا‬ ‫التبريــر مفهو ًمــا‪ ،‬فإنــه غيــر مقبــول مــن ناحيــة املبــدأ إذا افترضنــا أن‬ ‫هنــاك قيــم دوليــة وإنســانية يجــب احلفــاظ عليهــا وهــي الوقــوف يف‬ ‫صــف احلكومــات الشــرعية ودعــم املســار الدميقراطــي وليــس مســار‬ ‫الوصــول إلــى الســلطة بالعنــف املســلح‪ .‬وكذلــك هــو غيــر مقبــول مــن‬ ‫ناحيــة احملتــوى ألنــه اســتراتيجية فاشــلة‪ ،‬فقــد أثبــت التاريــخ أن مــن‬ ‫صحيحــا‬ ‫يبيــع والءه مــرة‪ ،‬يبيعــه ألــف مــرة‪ .‬ويف نفــس الوقــت ليــس‬ ‫ً‬ ‫أن هــذه املليشــيات هــي احلاكمــة لليمــن برمتــه بــل هــي تســيطر‬ ‫علــى جــزء منــه فقــط‪ ،‬وإن كان حيو ًيــا وذا كثافــة ســكانية عاليــة‬ ‫ومرافــئ مهمــة‪ .‬ألنــه يف نفــس الوقــت الــذي بســطت فيــه جماعــة‬ ‫صالــح واحلوثيــون ســلطتها علــى املناطــق الشــمالية‪ ،‬تخلقــت قياديات‬ ‫مختلفــة يف جنــوب اليمــن وشــرقها وغربهــا ووســطها ويف كل مــكان‪،‬‬ ‫وكل منهــا لــه مطالبــه ومشــروعه السياســي ومصــادر دعمــه املختلفــة‪.‬‬ ‫وبالتالــي مــا حــدث فعل ًيــا ليــس إزالــة حلكومــة وإحــال أخــرى‬ ‫مكانهــا‪ ،‬بــل مــا حــدث هــو متزيــق وتفتيــت لدولــة كانــت أصـ ً‬ ‫ا ضعيفــة‬ ‫وغيــر متجانســة‪ .‬ومــا يحــدث اآلن ليــس ذنــب أهــل البلــد لوحدهــم –‬ ‫ألن اليمنيــن هــم املســؤولون بالدرجــة الرئيســية عمــا حــدث ويحــدث‬ ‫وســيحدث لهــم – ولكــن املجتمــع الدولــي مــن أقصــاه إلــى أدنــاه شــارك‬ ‫بطريقــة وبأخــرى يف دعــم املليشــيات االنقابيــة ومــن وراءهــا ســواء‬ ‫يف العقــود املاضيــة أو يف الوقــت احلالــي‪ .‬ويشــارك اآلن يف اســتمرار‬ ‫العنــف املســلح ألنــه يتجاهــل املنهجيــة املتكاملــة ذات األربعــة محاور يف‬ ‫التعامــل مــع البلــدان التــي يف مثل هذا الوضع كما مت التوضيح ســاب ًقا‪.‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫ً‬ ‫عوضــا عــن احللــول الســريعة غيــر املجديــة التــي يتــم‬ ‫يف بنــاء اليمــن‬ ‫احلــوم حولهــا منــذ أكثــر مــن خمــس ســنوات‪.‬‬ ‫ولكــن الــذي يحــدث لألســف هــو العكــس‪ ،‬وهــو التركيــز علــى‬ ‫املســار السياســي واملفاوضــات مــع جهــات ال كلمــة أو مصداقيــة لهــا‬ ‫أو مــع جهــات ال متلــك مــن األمــر شــي ًئا علــى أرض الواقــع‪ .‬وقــد نبــه‬ ‫موضحــا أن انهيــار كثيــر مــن‬ ‫االقتصــادي كوليــر إلــى هــذه النقطــة‬ ‫ً‬ ‫الــدول أو بقاءهــا يف حضيــض اإلنســانية بســبب الفقــر واحلــروب‬ ‫يكــون أحيا ًنــا كثيــرة بســبب قبــول القــوى العامليــة بالتعامــل مــع‬ ‫االنقابيــن واملعارضــة املســلحة مــن أجــل احملافظــة علــى مصاحلهــا‬ ‫املختلفــة بغــض النظــر عــن شــرعية هــذه اجلماعــة أو تلــك وبغــض‬ ‫النظــر عــن الدمــار الــذي جتلبــه علــى شــعوبها‪ .‬وأعطــى أمثلــة مــن‬ ‫الكونغــو وكيــف اســتولت اجلماعــة املســلحة علــى مناجــم األملــاس‬ ‫لتمويــل انقابهــا علــى حكومتهــا وبرغــم ذلــك تعاملــت كثيــر مــن‬ ‫الشــركات العامليــة بــل والــدول مــع املليشــيات واشــترت منهــا وبالتالــي‬ ‫شــاركت يف احلــروب الطاحنــة التــي ابتلعــت هــذه الدولــة اإلفريقيــة‬ ‫املرهقــة بالنزاعــات املســلحة‪ .‬ومثــال ذلــك النمــور الســريانكية‬ ‫واملعارضــة اإلرتيريــة وجــزر الفيجــي ونيجيريــا وبركينــا فاســو‬ ‫وأوغنــدا وغيرهــا مــن النمــاذج حــول العالــم والتــي تؤكــد بــأن جتاهــل‬ ‫الشــرعية الدســتورية والتعامــل مــع االنقابيــن ال يدفــع بــأي بلــد‬

‫رأي المسؤول‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪29‬‬

‫إلــى االســتقرار بافتراضهــم أن تشــكيل االنقابيــن حلكومــة جديــدة‬ ‫بديلــة ســيكون هــو احلــل‪ ،‬بــل العكــس هــو الــذي يحــدث وســري ًعا مــا‬ ‫تظهــر النوايــا احلقيقيــة للمليشــيات املعارضــة وكيــف أنهــم ألبســوا‬ ‫مطالبهــم لبــاس املظلوميــات واحلقــوق واحلريــات ومــا أن تولــوا‬ ‫الســلطة أصبحــوا ظاملــن ودكتاتوريــن بأبشــع صــورة‪.‬‬ ‫إن أي ُم ًّط ِلــع علــى الشــأن اليمنــي يعلــم بــأن مــا يحــدث اليــوم ليــس‬ ‫وليــد حلظتــه أو نتــاج الســنوات املاضيــة القريبــة‪ .‬بــل هــو نتــاج عبــث‬ ‫مســتمر بالهويــة اليمنيــة وتفتيــت ملجتمــع عــن طريــق (فــرق تســد) نابــع‬ ‫مــن مصلحــة ذاتيــة وعلــى مــرأى ومســمع بل وبرضى من القــوى العاملية‪.‬‬ ‫عندمــا بــدأ االنقــاب يف ‪2013‬م‪ ،‬جــاء يف وقــت كان اليمنيــون‬ ‫يحتفلــون باحلــوار الوطنــي وخارطــة الطريــق للمرحلــة االنتقاليــة‬ ‫إلــى الدولــة الفيدراليــة والتــي كانــت وال تــزال هــي احلــل الوحيــد ملــا‬ ‫يجــري يف اليمــن‪ .‬وكان ال يــزال مــن املمكــن احتــواء هــذا االنقــاب‬ ‫املســلح وعــدم الســماح لفئــة أنانيــة أن تنســف املنجــزات اجلميلــة‬ ‫التــي أنتجهــا اليمنيــون بشــأن مســتقبلهم‪ .‬ولكــن الــذي حــدث أن‬ ‫املجتمــع الدولــي تأخــر يف التعامــل مــع مــا يحــدث يف اليمــن متجاهـ ً‬ ‫ا‬ ‫التســليح الســريع الــذي كان يحــدث لانقابيــن ومــا يخطــط لــه‬ ‫الرئيــس الســابق مــن مؤامــرات تعــود بــه إلــى الســلطة ليقعــد علــى‬ ‫ـي علــى جثــث اآلالف مــن املواطنــن‪.‬‬ ‫عــرش بُ ِنـ َ‬

‫‪28‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫رأي المسؤول‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫الــــمـــجـــتـــمــــــع الــــدولـــــي خـــــــذل الــــشــــعـــــــب الــــيــــمـــــنـــــي !!!‬

‫تأهيل اإلنسان لبناء وطنه والبنية التحتية‬ ‫حجـارة يهدمها لمجرد اختاف الرأي‬ ‫يُ َحـ ِّذر املفكـر االقتصـادي العاملـي بـول كوليـر يف كتابـه املعنـون "املليـار السـفلية" – كنايـة عـن‬ ‫مليـار إنسـان حـول العالـم يعيـش يف آخـر ركـب التنمية وهم مواطنو الـدول األقل ً‬ ‫حظا ‪ -‬بأن‬ ‫قـوى عامليـة خاضعـة إلرادات معينـة ال متلـك املعرفـة وال الرغبـة يف انتشـال البلـدان‬ ‫هنـاك ً‬ ‫القابعـة يف أسـفل السـلم احلضـاري مـن موقعهـا املتدنـي‪ .‬ويُصـر كوليـر علـى أن العالم يجب‬ ‫أن يدرك أن طريقته املعتادة يف التعامل مع البلدان األشد فق ًرا لن ولم جتدي وأن مواطني‬ ‫هـذه الـدول وهـم مـا يقـارب املليار إنسـان‪ ،‬سـوف يسـتمرون بالـدوران يف حلقـات مفرغة من‬ ‫احلـروب والنزاعـات والفقـر واحلكومـات الفاسـدة واالنقابيـن أصحـاب املصالـح الضيقـة‬ ‫وجتـار احلـروب وغيرهـم مـن املنتفعن مـن آالم البشـر وأحزانهم‪.‬‬

‫د‪ .‬نادية السقاف‬ ‫يقــول كوليــر أن آخــر مــرة تعامــل فيهــا املجتمــع الدولــي بجديــة مــع‬ ‫مشــروع تعميــر بلــدان أقــل تنميــة كان يف األربعينيــات من القــرن املاضي‬ ‫عندمــا ســاعدت الواليــات املتحــدة األمريكيــة الغنيــة آنــذاك بتعميــر‬ ‫أوروبــا يف مرحلــة مــا بعــد احلــرب العامليــة‪ .‬وأوضــح أن الواليات املتحدة‬ ‫األمريكيــة أخــذت هــذا املشــروع بجديــة ليــس فقــط بســبب التعاطــف‬ ‫مــع الشــعوب األوروبيــة والتــي كانــت تعيــش يف حالــة صعبــة يف ذلــك‬ ‫الوقــت‪ ،‬ولكــن ً‬ ‫أيضــا ألن أمريــكا أدركــت أنــه البــد مــن النهــوض بأوروبــا‬ ‫قبــل أن تقــع يف قبضــة االحتــاد الســوفيتي آنــذاك والــذي كان فعـ ً‬ ‫ا قــد‬ ‫بــدأ يف ضــم العديــد مــن دول شــرق أوروبــا إليــه‪ .‬ومــا فعلتــه الواليــات‬ ‫املتحــدة األمريكيــة كان أكثــر بكثيــر مــن الدعــم اإلنســاني‪ ،‬والــذي ســمي‬ ‫برنامــج "مارشــال لإغاثــة" وإن كانــت اإلغاثــة ذات أولويــة‪ ،‬فإنهــا لــم‬ ‫تكــن األولويــة الوحيــدة‪ .‬بــل أن أمريــكا أعــادت تصميــم اســتراتيجيتها‬ ‫للتجــارة العامليــة برمتهــا لتشــمل الــدول األوروبيــة وجتعلهــا دول مصــدرة‬ ‫ومســتوردة لتحــرك االقتصــاد األوروبــي وتربطه باقتصــاد أمريكا القوي‬ ‫كما أنشأت االتفاقية العامة للتَع ُرفة والتجارة‪ .‬ويف الوقت نفسه عملت‬ ‫علــى احملــور العســكري واألمنــي وقامــت الواليــات املتحــدة األمريكيــة يف‬ ‫أربعينيــات القــرن املاضــي بتكريس مئــات اآلالف من اجلنود األمريكين‬ ‫حلفــظ األمــن والســام يف املنطقــة األوروبيــة واســتمر ذلــك ملــدة أربعــن‬ ‫عا ًمــا‪ .‬باإلضافــة إلــى ذلــك مت تكوين مؤسســات أمميــة‪ ،‬كاألمم املتحدة‪،‬‬

‫وصنــدوق النقــد الدولــي لتكــون مرجعيــة مســؤولة يف املنطقــة وإعمــال‬ ‫اتفاقيــات لكيانــات دوليــة مثــل منظمــة التنميــة االقتصاديــة بــل وحتــى‬ ‫مت تشــجيع الــدول األوروبيــة لتبــرم اتفاقــات فيمــا بينهــا لتبنــي أُســس‬ ‫االحتــاد األوروبــي واحلكــم اجليــد املشــترك‪ .‬ويؤكــد كوليــر أنــه منذ ذلك‬ ‫احلــن لــم تتــم أي محــاوالت جــادة النتشــال أي مجتمــع كان مــن فقــره‬ ‫وتدنــي وضعــه‪ .‬وذلــك ألن مقومــات النجــاح إلعمــار واســتقرار أي بلــد‬ ‫يجــب أن تشــمل األربعــة محــاور املذكــورة أعــاه وهــي‪ :‬الدعم اإلنســاني‪،‬‬ ‫التجــارة الدوليــة‪ ،‬اســتتباب األمــن‪ ،‬وأخي ـ ًرا تفعيــل مؤسســات احلكــم‬ ‫اجليــد‪ .‬ولــذا فإنــه تب ًعــا لهــذه املنهجية ميكــن القول بأن املجتمــع الدولي‬ ‫يف حالــة اليمــن لــم يكــن جــا ًدا يف محاوالتــه مســاعدة اليمــن يف اخلــروج‬ ‫مــن أزمتهــا‪ .‬ألنــه ركــز فقــط علــى اجلهــود اإلنســانية ويرفض حتــى اآلن‬ ‫املســاعدة يف نشــر قــوات حفــظ الســام حلمايــة املرافــئ اجلوهرية مثل‬ ‫احلديــدة والتــي يتــم احتكارهــا مــن قبــل االنقابيــن ملنــع وصــول الغــذاء‬ ‫والــدواء واملــواد األساســية لعامــة الشــعب‪ .‬احلقيقــة أنــه كان بإمــكان‬ ‫املجتمــع الدولــي أن يســاعد يف بنــاء اليمــن ولــو جزئ ًيــا عــن طريــق دعــم‬ ‫االقتصــاد احمللــي ولــو علــى مســتوى احملافظــات شــبه املســتقرة بحيــث‬ ‫منوذجــا يشــجع بقيــة أرجــاء اليمــن أن يحــذوا حذوهــا‪ .‬ولكــن‬ ‫تشــكل‬ ‫ً‬ ‫هــذا املنهــج طويــل األمــد‪ ،‬فعلــى ســبيل املثــال تطلــب األمــر أربعــة عقــود‬ ‫ملســاعدة أوروبا يف االســتقرار‪ .‬كما أنه يتطلب اســتمرارية ونية صادقة‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫رأي المسؤول‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪27‬‬

‫الميليشـــيات أســـاءت قـــراءة أفـــكار كيـــري يف لقـــاء مســـقط‬ ‫وشـــكلت حكومـــة مـــن طـــريف االنقـــاب‬ ‫الــدفء إلــى العاقــات األميركيــة اخلليجيــة والتــي مت التعبيــر عنهــا‬ ‫يف أكث ــر م ــن مناس ــبة أهمه ــا الزي ــارة التاريخي ــة للرئي ــس ترام ــب‬ ‫للمملك ــة وانع ــكاس ذل ــك إيجابي ــا عل ــى املس ــألة اليمني ــة‪.‬‬ ‫تتفـــق الشـــرعية اليمنيـــة والتحالـــف العربـــي بقيـــادة اململكـــة‬ ‫العربيـــة الســـعودية مـــع املوقـــف األمريكـــي يف ضـــرورة العـــودة‬ ‫ويف دع ــم جه ــود املبع ــوث األمم ــي‪ ،‬وت ــرى أن أي‬ ‫للعملي ــة السياس ــية ِ‬ ‫تس ــوية سياس ــية يج ــب أن تس ــتند للمرجعي ــات الث ــاث‪ ،‬وه ــو أم ــر‬ ‫يج ــب التعبي ــر عن ــه دائم ــا برس ــائل غي ــر ملتبس ــة ال يُس ــاء قرأته ــا‬ ‫م ــن قب ــل مليش ــيات االنق ــاب كم ــا ح ــدث م ــع أف ــكار كي ــري عندم ــا‬ ‫التق ــى احلوثي ــن يف مس ــقط والت ــي فهم ــت م ــن قبله ــم بأنه ــا إق ــرار‬ ‫دول ــي بالتعام ــل معه ــم‪ ،‬مم ــا س ــاهم يف تش ــكيل م ــا ع ــرف باملجل ــس‬ ‫السياس ــي ث ــم حكوم ــة وح ــدة م ــن ط ــريف االنق ــاب مباش ــرة بع ــد‬ ‫عودته ــم م ــن مس ــقط‪.‬‬

‫إن اســتمرار اإلدارة األمريكيــة يف دعــم جهــود املبعــوث األممــي‬ ‫إلنهـــاء كل مظاهـــر االنقـــاب والعـــودة للعمليـــة السياســـية وف ًقـــا‬ ‫للمرجعي ــات الث ــاث‪ ،‬وبالوق ــت ذات ــه دع ــم حكوم ــة الرئي ــس عب ــد‬ ‫رب ــه منص ــور ه ــادي والتحال ــف العرب ــي يف محارب ــة اإلره ــاب بكاف ــة‬ ‫أنواعـــه مبـــا فيـــه تهديـــد احلوثيـــن للماحـــة الدوليـــة وللحـــدود‬ ‫اجلنوبيـــة للمملكـــة خاصـــة بعـــد التطـــور الافـــت يف اســـتخدام‬ ‫الصواري ــخ البالس ــتية وم ــا يحمل ــه ذل ــك م ــن مضام ــن ح ــول طبيع ــة‬ ‫التعـــاون بـــن مليشـــيات االنقـــاب والنظـــام اإليرانـــي‪ ،‬أمـــر غايـــة‬ ‫يف األهمي ــة ويتس ــق متا ًم ــا م ــع املقارب ــات األمريكي ــة اجلدي ــدة يف‬ ‫املنطقــة ويســهم دون شــك يف تنامــي العاقــات اليمنيــة ـ األمريكيــة‪.‬‬ ‫* ﺳﻔري اﻟﻴﻤﻦ ﺑﺎﻟﻮﻻﻳﺎت اﳌﺘﺤﺪة اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ‬

‫‪26‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫رأي المسؤول‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫الــــمـــوقـــ ــف األمـــريــــكــ ــي داعـــ ــم لـلــــشـــرعــــيـ ــة والــتـحــالـــ ــف الــعــربــ ــي‬

‫الــعــاقــات الــيــمــنــيــة ‪ -‬األمــريـكــيـة‪:‬‬ ‫مـنـظـور نـقـدي‬ ‫تتميــز العاقــات اليمنيــة ـ األمريكيــة بالقــدم النســبي‪ ،‬وخــط البعديــن الثقــايف والتنمــوي‬ ‫بداياته ــا األول ــى بفض ــل هج ــرة اليمن ــن املبك ــرة إل ــى الوالي ــات املتح ــدة األمريكي ــة‪ ،‬يف‬ ‫ثاثيني ــات الق ــرن املاض ــي‪ ،‬كم ــا حظي ــت تل ــك العاق ــة الح ًق ــا باهتم ــام سياس ــي بال ــغ‬ ‫بفض ــل املوق ــع االس ــتراتيجي املمي ــز لليم ــن عل ــى خارط ــة املاح ــة الدولي ــة‪ ،‬وتعمق ــت‬ ‫العاقــة أكثــر يف إطــار الشــراكة االســتراتيجية ملكافحــة اإلرهــاب والتطــرف بعــد تنامــي‬ ‫نش ــاط تنظي ــم القاع ــدة يف جزي ــرة الع ــرب‪ ،‬وق ــد ش ــهدت ه ــذه الش ــراكة تقار ًب ــا وتناف ـ ًرا‬ ‫بالوق ــت ذات ــه بس ــبب توظي ــف نظ ــام عل ــي عب ــد اهلل صال ــح ل ــكل أش ــكال الدع ــم األمن ــي‬ ‫والعســكري يف بنــاء وحــدات أمنيــة عنيــت بدرجــة رئيســية يف تعزيــز أركان حكمــه وقمــع‬ ‫معارضيــه أكثــر مــن محاربتهــا اجلــادة لإرهــاب‪ ،‬وقــد أثبتــت األحــداث الح ًقــا وجــود عاقــات بــن نظــام صالــح وتنظيــم‬ ‫القاع ــدة‪ ،‬اس ــتخدمها خارج ًي ــا يف ابت ــزاز األش ــقاء يف اخللي ــج وال ــدول الغربي ــة‪ ،‬وداخل ًي ــا يف التخل ــص م ــن معارضي ــه‪.‬‬

‫د ‪ .‬أحمد عوض بن مبارك‬ ‫ثـــم شـــهدت العاقـــات اليمنيـــة ـ األمريكيـــة تنامـــي وتطـــور‬ ‫مضطـــرد خـــال الفتـــرة االنتقاليـــة التـــي أعقبـــت العـــام ‪2012‬م‪،‬‬ ‫بع ــد انتخ ــاب الرئي ــس عب ــد رب ــه منص ــور ه ــادي‪ ،‬إذ كان للوالي ــات‬ ‫املتح ــدة دور ب ــارز يف رعاي ــة املب ــادرة اخلليجي ــة وآليته ــا التنفيذي ــة‬ ‫التــي أزاحــت صالــح مــن الســلطة وجنبــت اليمــن يف حينــه الدخــول‬ ‫يف دوام ــة عن ــف واحت ــراب داخل ــي‪ ،‬كم ــا وضع ــت اإلدارة األمريكي ــة‬ ‫ويف تبنـــي‬ ‫ثقلهـــا السياســـي يف دعـــم مؤمتـــر احلـــوار الوطنـــي ِ‬ ‫مختل ــف الق ــرارات الدولي ــة الداعم ــة للرئي ــس ه ــادي والس ــتكمال‬ ‫املرحل ــة االنتقالي ــة وص ــوالً النتخاب ــات عام ــة وف ًق ــا لدس ــتور جدي ــد‬ ‫يعبــر عــن طموحــات اليمنيــن‪ ،‬وعســكر ًيا دعمــت الواليــات املتحــدة‬ ‫اجليـــش اليمنـــي يف عمليـــة الســـيوف الذهبيـــة حملاربـــة القاعـــدة‬ ‫وحتري ــر محافظ ــة اب ــن‪ ،‬كم ــا كان له ــا دور فن ــي يف إع ــادة هيكل ــة‬ ‫اجلي ــش اليمن ــي‪.‬‬ ‫ً‬ ‫واضحــا‬ ‫شــهد املوقــف الدولــي ومنــه املوقــف األمريكــي ارتبــاكا‬ ‫ً‬ ‫بعـــد انقـــاب مليشـــيات احلوثـــي ‪ -‬صالـــح يف ســـبتمبر ‪2014‬م‪،‬‬ ‫الـــذي تـــوج باقتحـــام العاصمـــة صنعـــاء‪ ،‬ولـــوال املوقـــف الشـــجاع‬ ‫للمل ــك س ــلمان ب ــن عب ــد العزي ــز وأش ــقائه الع ــرب يف االس ــتجابة‬ ‫لن ــداء الرئي ــس عب ــد رب ــه منص ــور ه ــادي لنج ــدة اليم ــن م ــن خ ــال‬

‫عاصفــة احلــزم التــي أعــادت توصيــف مــا حــدث يف اليمــن باعتبــاره‬ ‫انق ــاب عل ــى الش ــرعية الدس ــتورية وخط ــف اليم ــن م ــن محيط ــه‬ ‫اخلليج ــي والعرب ــي لصال ــح النظ ــام اإليران ــي ومنوذج ــه السياس ــي‪،‬‬ ‫وب ــدون عاصف ــة احل ــزم ل ــكان اس ــتمر ذل ــك االرتب ــاك يف املوق ــف‬ ‫الدولـــي‪ ،‬حيـــث شـــكلت عاصفـــة احلـــزم رافعـــة جديـــدة أعـــادت‬ ‫الوضــوح وتقــدمي للموقــف الدولــي ومنــه املوقــف األمريكــي املتمثــل‬ ‫يف حقيقـــة رفـــض االنقـــاب والدعـــوة للعـــودة للعمليـــة السياســـية‬ ‫وكان القــرار الدولــي ‪ 2216‬والدعــم األمريكــي لــه عامــة فارقــة يف‬ ‫ه ــذا التح ــول اإليجاب ــي‪.‬‬ ‫ميك ــن توصي ــف املوق ــف األمريك ــي عمو ًم ــا س ــواء يف ظ ــل إدارة‬ ‫أوبامـــا أو إدارة ترامـــب بأنـــه داعـــم ملوقـــف الشـــرعية اليمنيـــة‬ ‫والتحال ــف العرب ــي بقي ــادة اململك ــة العربي ــة الس ــعودية‪ ،‬وداع ــم ألي‬ ‫حــل سياســي يســتند للمرجعيــات الثــاث وباألخــص القــرار الدولــي‬ ‫‪ ،2216‬لكـــن بالتأكيـــد تتميـــز اإلدارة احلاليـــة بإدراكهـــا خلطـــورة‬ ‫احلوثي ــن ودع ــم إي ــران له ــم كأح ــد أذرعه ــا يف املنطق ــة وم ــا يش ــكله‬ ‫ذل ــك م ــن تهدي ــد لإقلي ــم وللماح ــة الدولي ــة‪ ،‬لذل ــك نراه ــا أكث ــر‬ ‫ثبا ًت ــا وحز ًم ــا يف دع ــم الش ــرعية والتحال ــف العرب ــي ملواجه ــة امل ــد‬ ‫اإليرانـــي يف املنطقـــة‪ ،‬إلـــى جانـــب اهتمـــام إدارة ترامـــب بعـــودة‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫تس ــيطر عليه ــا إي ــران‪ ،‬باإلضاف ــة إل ــى قي ــام االنقابي ــن بإج ــراء‬ ‫املن ــاورات باألس ــلحة املتط ــورة عل ــى احل ــدود اليمني ــة ‪ -‬الس ــعودية‬ ‫يف مـــارس ‪2015‬م‪ ،‬ناهيـــك عـــن احلملـــة اإلعاميـــة ضـــد دول‬ ‫اخلليـــج‪ ،‬كل ذلـــك ترتـــب عليـــه قيـــام التحالـــف العربـــي بقيـــادة‬ ‫اململكـــة العربيـــة الســـعودية كـــرد فعـــل طبيعـــي علـــى اختطـــاف‬ ‫الدولــة اليمنيــة بــكل مقدراتهــا وتهديــد األمــن القومــي ليــس لــدول‬ ‫اخللي ــج فحس ــب وإمن ــا لألم ــن القوم ــي العرب ــي‪ ،‬واس ــتجابة لذل ــك‬ ‫التهديــد فقــد انضمــت دول عربيــة وبعــض الــدول اإلســامية إلــى‬ ‫ذلـــك التحالـــف تأكيـــ ًدا علـــى ذلـــك االرتبـــاط بـــن أمـــن اخلليـــج‬ ‫والتط ــورات الداخلي ــة يف اليم ــن‪.‬‬ ‫وق ــد كان ــت النتيج ــة الطبيعي ــة لذل ــك انط ــاق‬ ‫عاصف ــة احل ــزم وع ــودة األم ــل بن ــا ًء عل ــى طل ــب‬ ‫احلكومـــة اليمنيـــة الشـــرعية ممثلـــة برئيـــس‬ ‫اجلمهوريـــة عبـــد ربـــه منصـــور هـــادي‪ ،‬كمـــا‬ ‫قدم ــت دول التحال ــف دع ًم ــا كام ـ ً‬ ‫ـا ملقاوم ــة ذل ــك‬ ‫االنقـــاب الـــذي رفضـــه اليمنيـــون‪.‬‬ ‫إن النتائـــج الكارثيـــة التـــي ترتبـــت علـــى‬ ‫تط ــورات االنق ــاب وتداعيات ــه‪ ،‬أدت إل ــى ح ــرب‬ ‫شـــاملة ع َمـــت كل مناطـــق اليمـــن‪ ،‬ودمـــرت كل‬ ‫مقـــدرات الشـــعب اليمنـــي ونســـيجه االجتماعـــي‬ ‫ووحدتـــه الوطنيـــة‪ ،‬وترتـــب علـــى ذلـــك انتشـــار وظهـــور وتطـــور‬ ‫أشــكال مختلفــة مــن اجلماعــات املتطرفــة واإلرهابيــة واجلماعــات‬ ‫املســـلحة واخلارجـــة عـــن القانـــون‪.‬‬ ‫فالتط ــرف ال ــذي مارس ــه احلوثي ــون أدى إل ــى انتش ــار وتط ــور‬ ‫التط ــرف بأش ــكاله املختلف ــة كم ــا أن انهي ــار املؤسس ــات احلكومي ــة‬ ‫ترتـــب عليـــه تدهـــور شـــامل للخدمـــات األساســـية وانتشـــار‬ ‫األم ــراض والفق ــر إل ــى ح ــد املجاع ــة يف بع ــض املناط ــق‪ ،‬ناهي ــك‬ ‫عـــن اســـتحواذ االنقابيـــن علـــى االحتياطـــات النقديـــة واملـــوارد‬ ‫احملليـــة وتســـخيرها ملـــا يســـمى باملجهـــود احلربـــي‪ ،‬وانتشـــار‬ ‫الفســـاد بشـــكل غيـــر مســـبوق مـــن قبـــل املشـــرفن احلوثيـــن‬ ‫عل ــى مؤسس ــات الدول ــة املختطف ــة‪ ،‬وم ــا أطل ــق عليه ــم م ــن قب ــل‬ ‫احلوثيـــن "اللجـــان الثوريـــة"‪.‬‬ ‫إن انهيـــار الوضـــع األمنـــي واملؤسســـات املدنيـــة األخـــرى‬ ‫املركزيـــة واحملليـــة يتطلـــب البـــدء الفـــوري يف تفعيـــل املؤسســـات‬ ‫األمني ــة والس ــلطة احمللي ــة يف احملافظ ــات‪ ،‬خاص ــة تل ــك الت ــي مت‬ ‫حتريره ــا م ــن قبض ــة املليش ــيات االنقابي ــة متهيــ ًدا لتطوي ــر ه ــذا‬ ‫ال ــدور عل ــى مس ــتوى األقالي ــم واملرك ــز‪ ،‬ذل ــك ه ــو الوس ــيلة املمكن ــة‬ ‫اآلن الســـتعادة دور مؤسســـات الدولـــة وتفعيـــل عملهـــا بإســـناد‬ ‫فاعـــل مـــن دول التحالـــف وبالـــذات اململكـــة العربيـــة الســـعودية‬ ‫ودولـــة اإلمـــارات العربيـــة املتحـــدة‪.‬‬

‫رأي المسؤول‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪25‬‬

‫إن أم ــام اليمني ــن والنخ ــب السياس ــية بص ــورة خاص ــة فرص ــة‬ ‫للتفكيــر يف تقديــر مصالــح اليمــن الوطنيــة واملصالــح املشــتركة مــع‬ ‫دول اخللي ــج‪ ،‬فلي ــس هن ــاك مصال ــح مش ــتركة م ــع إي ــران‪ ،‬فمصلح ــة‬ ‫اليمنيــن مــع جيرانهــم مثلمــا هــي مصلحــة دول اخلليــج مــع اليمــن‪،‬‬ ‫وميكــن صياغــة هــذه العاقــة يف إطــار تفاهــم مينــي خليجــي يقــوم‬ ‫علــى املصالــح املشــتركة؛ فــدول اخلليــج تبحــث عــن األمــن‪ ،‬واليمــن‬ ‫اليــوم يف حاجــة ماســة إلــى األمــن واالقتصــاد وإعــادة اإلعمــار‪ ،‬مــا‬ ‫عــدا ذلــك فهــو متــروك لليمنيــن مــن شــكل النظــام السياســي إلــى‬ ‫غي ــر ذل ــك م ــن القضاي ــا الت ــي حتت ــاج إل ــى مصاحل ــة وطني ــة ش ــاملة‬ ‫تنطلـــق مـــن مخرجـــات احلـــوار الوطنـــي‪ ،‬واملبـــادرة اخلليجيـــة‪،‬‬ ‫وقـــرارات مجلـــس األمـــن ذات الصلـــة وعلـــى وجـــه‬ ‫اخلصـــوص القـــرار ‪ ،2216‬واحلفـــاظ علـــى الهويـــة‬ ‫اليمني ــة م ــن خ ــال إقام ــة الدول ــة االحتادي ــة الت ــي‬ ‫تضم ــن للجمي ــع العدال ــة واملس ــاواة وعاق ــة حس ــن‬ ‫اجل ــوار م ــع دول اخللي ــج تؤس ــس لش ــراكة م ــع تل ــك‬ ‫ال ــدول ق ــد تق ــود اليم ــن إل ــى العضوي ــة الكامل ــة يف‬ ‫مجلـــس التعـــاون لـــدول اخلليـــج العربيـــة‪ ،‬فقـــد آن‬ ‫األوان اخلـــروج مـــن الكارثـــة الناجتـــة عـــن ارتهـــان‬ ‫اليم ــن ومصاحل ــه الوطني ــة إلي ــران‪ ،‬وغي ــاب الرؤي ــة‬ ‫ملصال ــح اليم ــن واليمني ــن‪.‬‬ ‫إن مســـؤولية النخـــب السياســـية اليمنيـــة ‪ -‬بـــكل أطيافهـــا‬ ‫وتوجهاتهـــا‪ -‬احلفـــاظ علـــى مـــا تبقـــى مـــن القواســـم املشـــتركة‬ ‫ب ــن اليمني ــن‪ ،‬وإن الطري ــق لذل ــك ه ــو اعت ــراف جمي ــع األط ــراف‬ ‫ب ــأن اإلقص ــاء واحت ــكار الس ــلطة ه ــو ال ــذي أدى إل ــى فش ــل بن ــاء‬ ‫الدول ــة الوطني ــة‪ ،‬وع ــدم حتقي ــق العدال ــة واملس ــاواة ل ــكل اليمني ــن‪،‬‬ ‫وإن اخل ــروج م ــن ه ــذا الص ــراع ل ــن يت ــم إال بالش ــراكة والتواف ــق‬ ‫ب ــن كل املكون ــات السياس ــية واالجتماعي ــة‪ ،‬واالنط ــاق م ــن هذي ــن‬ ‫املفهومـــن إلـــى بنـــاء الدولـــة االحتاديـــة بعيـــ ًدا عـــن اإلقصـــاء‬ ‫والتفـــرد بالســـلطة بدعـــاوى سياســـية أو دينيـــة أو طائفيـــة أو‬ ‫مناطقيـــة‪ ،‬وتأســـيس عاقـــة اســـتراتيجية مـــع دول اخلليـــج ويف‬ ‫مقدمته ــا اململك ــة العربي ــة الس ــعودية‪ ،‬تق ــوم عل ــى أس ــاس املصال ــح‬ ‫املشـــتركة يف األمـــن والتنميـــة وحســـن اجلـــوار‪.‬‬ ‫فهـــل آن األوان إلزالـــة آثـــار ذلـــك االنقـــاب ومـــا ترتـــب‬ ‫علي ــه‪ ،‬وانط ــاق عجل ــة إع ــادة اإلعم ــار والتنمي ــة‪ ،‬وتعزي ــز األم ــن‬ ‫واالســـتقرار يف اليمـــن ومنطقـــة اخلليـــج؟!‬ ‫إن ذلـــك كلـــه بيـــد اليمنيـــن‪ ،‬وبدعـــم ومســـاندة مـــن دول‬ ‫التحالـــف العربـــي بقيـــادة اململكـــة العربيـــة الســـعودية ودولـــة‬ ‫اإلمـــارات العربيـــة املتحـــدة‪.‬‬

‫آن األوان إلزالة آثار‬ ‫االنقاب وانطاق إعادة‬ ‫اإلعماروالتنميةوتعزيز‬ ‫األمـن واالسـتـقـرار يف‬ ‫الـيـمــــن والـخـلـيــــج‬

‫* ﻣﺴﺘﺸﺎر رﺋﻴﺲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ ـ ﻧﺎﺋﺐ رﺋﻴﺲ اﻟﻮزراء اﻟﺴﺎﺑﻖ ﰲ اﻟﺠﻤﻬﻮرﻳﺔ اﻟﻴﻤﻨﻴﺔ‬

‫‪24‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫رأي المسؤول‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫الح ــل ف ــي دول ــة اتحادي ــة تتس ــع للجمي ــع وتق ــود لعضوي ــة مجل ــس التع ــاون‬

‫اليمــن واســتراتيجية أمــن الخليــج‪ :‬مصلحــة‬ ‫اليمنييــن مــع دول الخليــج وليس مــع إيران‬ ‫يشكل املوقع اجلغرايف للجمهورية اليمنية أحد أهم مرتكزات استراتيجية األمن للجزيرة‬ ‫العربية واخلليج واملنطقة بشكل عام من وجهة نظر واضعي اخلطط االستراتيجية‪ .‬فاليمن‬ ‫يقع على ممرات مائية يف البحر األحمر‪ ،‬والبحر العربي‪ ،‬وامتدا ًدا إلى احمليط الهندي‪،‬‬ ‫ومبساحة طولية تتجاوز ‪ 2400‬كيلو متر‪ .‬وما يترتب على هذه السواحل الطويلة على البحر‬ ‫من أعباء استراتيجية وأمنية العتبارات كثيرة تضع منطقة اجلزيرة العربية واخلليج كهدف‬ ‫للتسلل والتهريب بأشكاله املختلفة (املخدرات‪ ،‬األسلحة‪ ،‬والبشر) األمر الذي يدعو تلك الدول‬ ‫النظر إلى حدود أمنها القومي املمتد على طول الساحل اليمني على أنه البوابة التي ميكن‬ ‫استغالها من أية قوى خارجية للتأثير على أمنها واستقرارها‪ .‬ولم يكن قرار قمة مسقط‬ ‫يف ديسمبر ‪2001‬م‪ ،‬لدول مجلس التعاون للخليج العربية لتأهيل شامل لليمن بجوانبه االقتصادية واالجتماعية واندماج اليمن‬ ‫يف اقتصاديات دول مجلس التعاون‪ ،‬إال تعبي ًرا عن تلك النظرة االستراتيجية ألمن دول اخلليج‪ ،‬لكن هذا القرار لم يتم ترجمته‬ ‫إلى برامج عملية على كافة املستويات‪ ،‬ألسباب كثيرة‪ ،‬بعضها متعلق بدول املجلس‪ ،‬وأخرى مرتبطة باألوضاع اليمنية الداخلية‪.‬‬

‫د‪ .‬رشاد محمد العليمي‬

‫ولـــم تكـــن تلـــك الرؤيـــة االســـتراتيجية هـــي العامـــل الوحيـــد‬ ‫لاهتمـــام باألوضـــاع يف اليمـــن‪ ،‬بـــل امتـــدت إلـــى مـــا هـــو أبعـــد‬ ‫م ــن ذل ــك بع ــد تأس ــيس نظ ــام (والي ــة الفقي ــه وتصدي ــر الث ــورة) يف‬ ‫إي ــران‪ ،‬وس ــعي طه ــران للس ــيطرة عل ــى تل ــك املم ــرات املائي ــة عل ــى‬ ‫امتـــداد الســـواحل اليمنيـــة‪ ،‬ومـــا يترتـــب علـــى ذلـــك مـــن تهديـــد‬ ‫للماح ــة الدولي ــة يف ه ــذه املنطق ــة‪ ،‬فه ــو الطري ــق البح ــري لعب ــور‬ ‫ناق ــات النف ــط م ــن اخللي ــج ً‬ ‫أيض ــا‪ ،‬ومت ــر عب ــره م ــن ‪% 50-45‬‬ ‫م ــن التج ــارة العاملي ــة تقري ًب ــا‪ ،‬ويعتب ــر ب ــاب املن ــدب مص ــب املم ــرات‬ ‫العاملي ــة حي ــث يتدف ــق عب ــره نص ــف جت ــارة العال ــم‪ ،‬ويش ــكل م ــع‬ ‫مضي ــق هرم ــز م ــا نس ــبته ‪ %85‬م ــن حج ــم جت ــارة النف ــط العاملي ــة‪.‬‬ ‫ولـــم يكـــن االنقـــاب علـــى الدولـــة اليمنيـــة يف ‪ 21‬ســـبتمبر‬ ‫‪2014‬م‪ ،‬بدعــم إيرانــي‪ ،‬إال تأكي ـ ًدا علــى ذلــك البعــد االســتراتيجي‬ ‫ملوقـــع اليمـــن وتأثيـــره علـــى أمـــن دول اخلليـــج ومحيطهـــا ضمـــن‬ ‫خطـــط إيـــران اخلمينـــي يف التوســـع والهيمنـــة لتحقيـــق أهـــداف‬ ‫اســـتراتيجية إيرانيـــة محضـــة ال تأخـــذ مطل ًقـــا بعـــن االعتبـــار‬

‫املصالـــح الوطنيـــة للشـــعب اليمنـــي املرتبطـــة مبصالـــح مشـــتركة‬ ‫م ــع دول وش ــعوب منطق ــة اجلزي ــرة واخللي ــج عب ــر تاري ــخ طوي ــل‬ ‫م ــن القواس ــم املش ــتركة يف اجل ــوار والثقاف ــة والقي ــم االجتماعي ــة‪،‬‬ ‫وقب ــل ذل ــك املصال ــح االقتصادي ــة‪.‬‬ ‫ول ــم يك ــن ذل ــك االنق ــاب والس ــيطرة اإليراني ــة عل ــى صنع ــاء‬ ‫وصــوالً إلــى بــاب املنــدب وعــدن إال نتيجــة لنشــاط إيرانــي متعــدد‬ ‫األوجــه بــدأ يف عــام ‪1983‬م‪ ،‬مــن خــال تأســيس "احتــاد الشــباب"‪،‬‬ ‫ث ــم "الش ــباب املؤم ــن" أو م ــا ب ــات يع ــرف باحلرك ــة احلوثي ــة فيم ــا‬ ‫بع ــد‪ ،‬ث ــم (أنص ــار اهلل)‪ ،‬وبالتزام ــن م ــع ع ــودة حس ــن نص ــر اهلل‬ ‫مــن إيــران إلــى لبنــان وتأســيس حــزب اهلل اللبنانــي‪ ،‬وال فــرق بــن‬ ‫"ح ــزب اهلل" و"أنص ــار اهلل" فاأله ــداف واح ــدة‪.‬‬ ‫مــن املؤكــد أن هنــاك ارتبــاط وثيــق بــن التطــورات الداخليــة يف‬ ‫اليم ــن وب ــن األم ــن القوم ــي اخلليج ــي‪ ،‬وال ميك ــن الفص ــل بينهم ــا‪.‬‬ ‫فبع ــد س ــيطرة التحال ــف االنقاب ــي املدع ــوم م ــن إي ــران‪ ،‬وإع ــان‬ ‫أح ــد قادته ــا أن صنع ــاء أصبح ــت العاصم ــة العربي ــة الرابع ــة الت ــي‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫اإلنســـانية رغـــم أننـــا أصبحنـــا يف النصـــف الثانـــي مـــن العـــام‪،‬‬ ‫كمـــا نهيـــب بالـــدول التـــي تعهـــدت يف مؤمتـــر جنيـــف باإلســـراع‬ ‫لســـداد التزاماتهـــا لـــألمم املتحـــدة حتـــى تتمكـــن مـــن القيـــام‬ ‫بالتزاماتهـــا اإلنســـانية يف اليمـــن‪.‬‬ ‫واليفوتُن ــي هن ــا أن أعبــ َر ع ــن ش ــكرنا يف احلكوم ــة اليمني ــة‬ ‫وتقديرنـــا للســـيد أنطونيـــو جوتيريـــش األمـــن العـــام لـــألمم‬ ‫املتحـــدة والـــدولِ املانحـــةِ ومركـــز امللـــك ســـلمان لاغاثـــة‬ ‫اإلنســـانية ومنظمـــة اليونيســـف ومنظمـــة الصحـــة العامليـــة‬ ‫وبرنامـــج الغـــذاء العاملـــي واملنظمـــات اإلغاثيـــة يف الـــدول‬ ‫الشـــقيقة ومنهـــا دولـــة اإلمـــارات العربيـــة املتحـــدة ودولـــة‬ ‫الكويـــت علـــى الدعـــم واملســـاعد ِة املســـتمرة ملواجهـــةِ تداعيـــات‬ ‫الوضـ ِـع اإلنســاني وانتشــار وبــاء الكوليــرا يف اليمــن‪ .‬إن الدع ـ َم‬ ‫الســـخي الـــذي قد َمـــه مركـــ ُز امللـــك ســـلمان واملتمثـــل بـــ‪550‬‬ ‫طنًـــا مـــن األدويـــة واحملاليـــل الطبيـــة وكـــذا توقيـــع اتفاقيـــات‬ ‫مـــع منظمـــات الصحـــة العامليـــة واليونيســـف لتغطيـــة مشـــاريع‬ ‫مكافحـــة الكوليـــرا مببلـــغ ‪ 66.7‬مليـــون دوالر‪ ،‬باالضافـــة إلـــى‬ ‫مبلـــغ ‪ 8.2‬مليـــون دوالر لتمويـــلِ أنشـــطةِ منظمـــةِ الصحـــة‬ ‫العاملي ــة ملعاجل ــة املصاب ــن بالكولي ــرا‪ ،‬كل ه ــذا الدع ــم كان ل ــه‬ ‫األثـــر األكبـــر يف جنـــاح هـــذه اجلهـــود‪.‬‬ ‫إننــا يف احلكومــة اليمنيــة ملتزمــون التزا ًمــا تا ًمــا أخاق ًيــا‬ ‫ـام بواجباتنــا جتــاهَ شــعبنا وبادنــا والعمــل‬ ‫وإنســان ًيا ودســتور ًيا بالقيـ ِ‬

‫رأي المسؤول‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪23‬‬

‫ِ‬ ‫علــى توجيــهِ‬ ‫مختلــف مناطــق البــاد وتوفيــر‬ ‫الدعــم املتــاح إلــى‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫متييــز أو اســتثناء‬ ‫دون‬ ‫ة‬ ‫كافــ‬ ‫شــعبنا‬ ‫ألبنــاء‬ ‫الصحيــة‬ ‫اخلدمــات‬ ‫ٍ‬ ‫وســنعم ُل علــى تذليــلِ الصعوبــات التــي قــد تعتــرض ذلــك بــكل‬ ‫الوســائل املتاحــة‪.‬‬ ‫يقــن راســخ بــأن املعاجلــ َة احلقيقيــةَ‬ ‫يف األخيــر‪ ،‬إننــا علــى‬ ‫ٍ‬ ‫واملســتدام َة لألوضــاع يف اليمــن تكمــن يف معاجلــةِ جــذورِ األزمــة‬ ‫مــن خــال إنهــاء أســباب االنقــاب علــى الدولــة وعلــى التوافــق‬ ‫ِ‬ ‫السياســي الوطنــي وعــود ِة الشــرعيةِ‬ ‫وتطبيــع‬ ‫ومؤسســات الدولــة‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫احليــاة عبــر عمليــة الســام التــي تُنهــي اختطــاف الدولــةِ مــن قبــل‬ ‫مليشــيات طهــران وأذرعهــا اإلرهابيــةِ يف املنطقــة والضغــط علــى‬ ‫احلوثيــن وصالــح للعــودة إلــى محادثـ ِ‬ ‫ـدق‬ ‫ـات الســام واالنخــراط بصـ ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫واســتعداد حقيقــي لتقــدمي التنــازالت مــن أجــل اليمــن‪ .‬إن بقــاء‬ ‫ً‬ ‫ُ‬ ‫هــذا املجلــس موحـدًا ومتحدثــا بصـ ٍ‬ ‫ـرص‬ ‫ـوت واحــد هــو ماســيجعل فـ َ‬ ‫احلــلِ الســلمي يف اليمــن أكبـ َر وأســهل وذلــك وف ًقــا ملرجعيــات الســام‬ ‫وتطبي ًقــا للقــرارات الدوليــة التــي اتخذهــا هــذا املجلــس واحترا ًمــا‬ ‫للقانــون الدولــي اإلنســاني‪.‬‬ ‫ونــود هنــا أن نثمــن اجلهــود التــي يبذلهــا مجلــس األمــن املوقــر‪،‬‬ ‫وســفراء مجموعــة الـــ ‪ 18‬لتحقيــق األمــن واالســتقرار يف اليمــن‪ .‬كمــا‬ ‫جنــد ُد شــكرنا وعميــ َق امتنانِنــا للمملكــة العربيــة الســعودية ودولــة‬ ‫اإلمــارات العربيــة املتحــدة وبقيــة دول التحالــف العربــي الســتعاد ِة‬ ‫الشــرعيةِ يف اليمــن‪.‬‬

‫‪22‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫رأي المسؤول‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫المتاج ــرة بمعان ــاة الن ــاس جريم ــة وإيج ــاد الحل ــول الج ــادة بمعي ــار‬ ‫واح ــد وانفت ــاح ع ــى كل األف ــكار ه ــي الخط ــوة الش ــجاعة‬ ‫أحمـــد وتأييدنـــا للمقترحـــات واألفـــكارِ األخيـــرة التـــي طرحهـــا‬ ‫املبع ــوثُ عل ــى فخام ــةِ رئي ــس اجلمهوري ــة عبدرب ــه منص ــور ه ــادي‬ ‫واملتمثلـــة بترتيبـــات انســـحاب املليشـــيات مـــن مينـــاء ومحافظـــة‬ ‫ِ‬ ‫ـاورات الس ــام يف الكوي ــت الع ــام املاض ــي‬ ‫احلدي ــدة يف ض ــوء مش ـ‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫فنيـــة مـــن اخلبـــراء املاليـــن واالقتصاديـــن‬ ‫جلنـــة‬ ‫وكـــذا تشـــكي ُل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫مناســـبة وعاجلـــة لدفـــع‬ ‫آليـــة‬ ‫ملســـاعد ِة احلكومـــة يف إيجـــاد‬ ‫مرتبـــات املوظفـــن يف اجلهـــاز اإلداري للدولـــة والتعامـــل مـــع‬ ‫ـدف توفي ــرِ الس ــيولةِ‬ ‫اإلي ــرادات يف مناط ــق س ــيطر ِة االنقابي ــن به ـ ِ‬ ‫الازم ــة لتغطي ــةِ ه ــذه النفق ــات‪ .‬والت ــي ولألس ــف م ــازا َل حتال ــف‬ ‫احلوثـــي‪ -‬صالـــح يقابلُهـــا بالرفـــض‪.‬‬ ‫رفــض كل‬ ‫ثانيــا‪ :‬مــا كان ميكــ ُن لهــذه العصابــةِ أن تســتم َر يف‬ ‫ِ‬ ‫ً‬ ‫ِ‬ ‫ـرارات الشــرعية الدوليــة‬ ‫ـض االنصيــاع لقـ‬ ‫مقترحــات الســام وترفـ َ‬ ‫لــوال الدعــم املــادي والعســكري واللوجيســتي املســتمر مــن قبــل‬ ‫إيــران‪ .‬فبفضــلِ هــذا الدعــم واألســلحةِ اإليرانيــة التــي يت ـ ُم تهريُبهــا‬ ‫لهــذه املليشــيات‪ ،‬أصبحــت مليشــيات االنقابيــن تشــك ُل تهديــدًا‬ ‫خطيــ ًرا علــى اليمنيــن وعلــى جيرانِهــم وأشــقائِهم يف اململكــة‬ ‫بالصواريــخ الباليســتية وعلــى‬ ‫العربيــة الســعودية عبــر اســتهدافِ هم‬ ‫ِ‬ ‫املاحــة واملمـ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ـرات الدوليــة يف البحــر األحمــر عبــر مهاجمتهــا للســفن‬ ‫ِ‬ ‫البحريــةِ‬ ‫املهــددة ألمــنِ وســامة‬ ‫وزرع األلغــام‬ ‫التجاريــة والعابــرة‬ ‫ِ‬ ‫املاحــة الدوليــة‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ثالثــا‪ :‬نؤك ـ ُد اســتمرا َر احلكوم ـ َة يف جهودهــا ملكافحــة اإلرهــاب‬ ‫واســتمرار تعاونُهــا مــع املجتمــع الدولــي يف مكافحــةِ هــذه اآلفــةِ‬ ‫اخلطيــرة التــي كانــت اليمــن أولــى ضحاياهــا‪ .‬إن النجاحــات األخيــرة‬ ‫التــي متــت يف محاربــة القاعــدة وتطهيــر مدينــة املــكا منهــا يف أبريــل‬ ‫‪2016‬م‪ ،‬بدعــم ومســاندة قــوات التحالــف العربــي‪ ،‬دليـ ٌل واضـ ٌح علــى‬ ‫عزمنــا علــى محاربــة كل جماعــات اإلرهــاب والتطــرف ليس عســكر ًيا‬ ‫فقــط وإمنــا فكر ًيــا وثقاف ًيــا ً‬ ‫أيضــا وكــذا عبــر إنهــاءِ االنقــاب الــذي‬ ‫يغــذي اإلرهــاب ويتبــادل معــه األدوار يف إغــراق البــاد يف الفوضــى‬ ‫والعنــف والقتــل والدمــار ويف توفيــر مبــررات بقــاء كل منهمــا‪.‬‬ ‫رابعــا‪ :‬مــا يــزا ُل عــدد املعتقلــن واملخفيــن يف ســجون احلوثيــن‬ ‫ً‬ ‫الدولــي صوتَــه‬ ‫يــزدا ُد يو ًمــا بعــد يــوم مــن دونِ أن يرفــ َع املجتمــ ُع‬ ‫ُ‬ ‫للدفــاع عــن هــذه احلقــوقِ اإلنســانيةِ املنتهكــة‪ ،‬وتتضاعــف هــذه‬ ‫ِ‬ ‫عائــات وأطفــا ٌل يعانــون‬ ‫املعانــاة ألن هنــاك مــن وراءِ املعتقلــن‬ ‫ٌ‬ ‫وغيــاب األب واألخ‬ ‫نتيجــ َة عــدم معرفــةِ مصيــ َر أبنائِهــم وذويِهــم‬ ‫ِ‬ ‫ـت الرهيــب حيــال‬ ‫ـاني الصمـ َ‬ ‫واملعيــل فيمــا يواص ـ ُل الضمي ـ ُر اإلنسـ ُ‬ ‫هــذه القضيــة‪.‬‬

‫خامس ــا‪ :‬إن كل محاولـــة لانفـــراد أو اإلقصـــاء أو ســـيطرة‬ ‫ً‬ ‫أقلي ـ ٍـة أو طائف ـ ٍـة عل ــى الس ــلطة والث ــروة يف اليم ــن‪ ،‬وه ــو ماتس ــعى‬ ‫إليـــه هـــذه املليشـــيا االنقابيـــة‪ ،‬ستفشـــ ُل مهمـــا طـــال الزمـــن‬ ‫ـاس نب ــذ اإلقص ــاءِ والعن ــف واملش ــاركةِ‬ ‫وسيس ــو ُد الس ــا ُم عل ــى أس ـ ِ‬ ‫ـلم واحلري ــات العام ــة والعم ــلِ‬ ‫يف الس ــلطةِ والث ــروة والتعاي ـ ِ‬ ‫ـش والس ـ ِ‬ ‫السياســـي الســـلمي‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ـاس جرميـ ـة وإيج ــا ُد احلل ــولِ‬ ‫سادس ــا‪ :‬إن املتاج ــرةَ مبعان ــا ِة الن ـ ِ‬ ‫ً‬ ‫واحلقيقيـــةِ‬ ‫ٍ‬ ‫وانفتـــاح علـــى كل‬ ‫واحـــد‬ ‫ومبعيـــار‬ ‫والشـــاملة‬ ‫اجلـــاد ِة‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫األفـــكار هـــي اخلطـــوةُ الشـــجاعة التـــي ينتُظرهـــا شـــعبنا‪.‬‬ ‫ـابعا‪ :‬يس ــتطيع االنقابي ــون أن يحصل ــوا عل ــى الس ــام م ــع‬ ‫سـ ً‬ ‫كل فئ ـ ِ‬ ‫ـات الش ــعب اليمن ــي إن التزم ــوا ب ــكل اس ــتحقاقات الس ــام‬ ‫ومتطلبات ــه‪ ،‬لك ــن اليج ــب أن يحصل ــوا عل ــى مكافئ ــة جلرائمه ــم‪.‬‬ ‫ـرض احلائ ــط ب ــكل اخلي ــارات‬ ‫إن ه ــذه املليش ــيات ضرب ــت ع ـ َ‬ ‫الســـلمية وكل التضحيـــات والتنـــازالت التـــي قدمهـــا الرئيـــس‬ ‫ٍ‬ ‫عبثيـــة يكـــو ُن‬ ‫حـــرب‬ ‫هـــادي مـــن أجـــل عـــدم الدخـــول يف أتـــونِ‬ ‫ٍ‬ ‫اخلاس ـ ُر األو ُل واألخي ــر فيه ــا ه ــو ش ــعبنا اليمن ــي العظي ــم‪ .‬ورغ ــم‬ ‫ذل ــك فإنن ــا س ــنظل من ــد يدن ــا للح ــل الس ــلمي الع ــادل والش ــامل‬ ‫ـام حقيق ـ ٍـي ال يفض ــي‬ ‫ال ــذي يق ــو ُم عل ــى املرجعي ــات ويؤس ـ ُ‬ ‫ـس لس ـ ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ٍ‬ ‫عبثيـــة قادمـــة واليقبـــل باالبتـــزاز وال يكافـــ ُئ‬ ‫حـــروب‬ ‫جلـــوالت‬ ‫ٍ‬ ‫االنقابيـــن واإلرهابيـــن والعصابـــات علـــى انتهـــاك ســـيادات‬ ‫الـــدول الوطنيـــة‪.‬‬ ‫أود التأكي ــد عل ــى أن احلكوم ــة اليمني ــة برئاس ــة فخام ــة األخ‬ ‫الرئي ــس ه ــادي تب ــذ ُل جه ــو ًدا كبي ــرة ملواجه ــة الوض ـ ِـع اإلنس ــاني‬ ‫املتدهـــور وتفشـــي وبـــاء الكوليـــرا يف كافـــة املناطـــق اليمنيـــة‬ ‫ـكل خ ــاص املناط ـ َق الت ــي يس ــيط ُر عليه ــا االنقابي ــون‪ ،‬ووفق ـاً‬ ‫وبش ـ ٍ‬ ‫لبي ــان وزار ِة الصح ــةِ اليمني ــة الص ــادر يف ‪ 15‬أغس ــطس ‪2017‬م‪،‬‬ ‫فق ــد بل ــغ ع ــد ُد ح ـ ِ‬ ‫ـاالت اإلصاب ــةِ املش ــتبهِ به ــا ‪ 508,680‬حال ــة‬ ‫ـاالت الوفــاة ‪ 1970‬حالــة‪ ،‬ومــن جانــب آخــر فــإن نســبة‬ ‫وبلغــت حـ ُ‬ ‫الذيـــن مت تعافيهـــم وشـــفاؤهم مـــن الوبـــاء تصـــل إلـــى ‪ %99‬مـــن‬ ‫احل ــاالت املش ــتبه به ــا وه ــو أم ــر يعك ــس جن ــاح جهودن ــا املش ــتركة‬ ‫وفعاليـــة اإلجـــراءات العاجيـــة رغـــم الظـــروف الصعبـــة لكـــن‬ ‫الوضـــ َع مـــازال صع ًبـــا ويحتـــا ُج الدعـــ َم واملســـاندة‪ .‬وإذ نثمـــن‬ ‫غال ًيـــا دعـــم ومســـاعدة الـــدول واملنظمـــات املانحـــة يف متويـــل‬ ‫خطـــة االســـتجابة اإلنســـانية لليمـــن للعـــام ‪ 2017‬فإننـــا نناشـــد‬ ‫املجتم ــع الدول ــي زي ــادة االهتم ــام وتق ــدمي املس ــاعدة‪ .‬فحت ــى ه ــذه‬ ‫اللحظ ــة ل ــم يت ــم متوي ــل س ــوى ‪ %44‬فق ــط م ــن خط ــة االس ــتجابة‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫ـص يف املــواد الغذائيــة املتوفــرة يف‬ ‫الكوليــرا وليــس ذلــك بســبب نقـ ٍ‬ ‫ـبب توقــف املليشــيات عــن دفـ ِـع رواتــب موظفــي‬ ‫األســواق وإمنــا بسـ ِ‬ ‫ونهــب األمــوال مــن البنــك املركــزي يف‬ ‫الدولــة منــذ عشــرةَ أشــهر‬ ‫ِ‬ ‫صنعــاء واملتاجــر ِة بالوقــود واملســاعدات اإلنســانية يف الســوق‬ ‫الســوداء األمــر الــذي يَجنــي منــه االنقابيــون مليــارات الــدوالرات‬ ‫األمــراض‬ ‫جوعــا وميوتــون بســبب‬ ‫ن‬ ‫ِ‬ ‫بينمــا يتضــو ُر مايــن اليمنيــ َ‬ ‫ً‬ ‫القابلــةِ للشــفاء‪.‬‬ ‫كانــت احلكومـ ُة اليمنيــة ومازالــت منفتحـ ًة علــى كل املقترحـ ِ‬ ‫ـات‬ ‫التـــي قدمه ــا املبعـــوث اخل ــاص ألنه ــا تؤمـ ـ ُن بالس ــام ول ــم تخت ــرِ‬ ‫احلــرب لكــن االنقابيــن يرفضــون كل هــذه املقترحــات األمـ َر الــذي‬ ‫ـبب بس ــيط‪ ،‬فأخطـ ـ ُر‬ ‫يجعـ ـ ُل الص ــرا َع مس ـ ٍ‬ ‫ـتعص عل ــى احل ــل والس ـ ُ‬ ‫ِ‬ ‫صفـــات احلـــرب أنهـــا أصبحـــت مربحـــ ًة إلـــى ٍ‬ ‫حـــد كبيـــر لهـــذه‬ ‫املليشـــيات‪ ،‬ففـــي الوقـــت الـــذي يتضـــو ُر فيـــه الشـــعب يف مناطـــق‬ ‫س ــيطرة املليش ــيات م ــن اجل ــوع‪ ،‬يجن ــي أم ــراء احل ــرب احلوثي ــن‬ ‫املليــارات فكيــف لهــم أن يقبلــوا الســام ويتخلــوا عــن هــذه األمــوالِ‬ ‫الطائل ــةِ امللوث ــةِ بدم ــاء اليمني ــن‪.‬‬ ‫وأود هنــا اإلشــادة بالبيــان الرئاســي الصــادر عــن مجلســكم‬ ‫املوقــر يف ‪ 9‬أغســطس حــول خطــر املجاعــة يف كل مــن اليمــن‬ ‫والصومــال وجنــوب الســودان وشــمال شــرق نيجيريــا والــذي أدان‬ ‫أطرا ًفــا معينــة والتــي َف ِشــلت يف ضمــان الوصــول املســتمر وغيــرِ‬ ‫واملســاعدات اإلنســانيةِ‬ ‫ِ‬ ‫ملســاعدات الغــذاء الضروريــةِ‬ ‫ِ‬ ‫املقيــدِ‬ ‫األخــرى‪ .‬فماتــزا ُل مليشــيات احلوثــي وصالــح منــذ أكثــر مــن عامــن‬ ‫ِ‬ ‫املســاعدات‬ ‫ونصــف حتاصــ ُر مدينــ َة تعــز الباســلة ومتنــ ُع دخــو َل‬ ‫اإلنســانيةِ والطبيــةِ واملــوادِ الغذائيــةِ وتقصـ ُ‬ ‫ـف املدينـ َة ليــل نهــار ‪ .‬وإذ‬ ‫نقــد ُر املناشــدات الدوليــةِ بفتــح مطــار صنعــاء أمــام الرحــات ورغــم‬ ‫كل املخــاوف واملخاطــر األمنيــةِ املتعلقــةِ باملطــار وتشــغيله مــن قبــل‬ ‫مليشــيات املتمرديــن فإننــا نعلــن اســتعدادنا للموافقــةِ علــى فتــح مطار‬ ‫ن‬ ‫صنعــاء يف حــال قبلــت املليشــيات تــرك موضــوع إدارتــه للموظف ـ َ‬ ‫ِ‬ ‫إشــراف األمم‬ ‫ن للدولــةِ قبــل االنقــاب وحتــت‬ ‫ن التابعــ َ‬ ‫الرســمي َ‬ ‫املتحــدة فنحــن حريصــون علــى تخفيـ ِ‬ ‫ـف معانــا ِة أهلِنــا يف عاصمتِنــا‬ ‫احلبيبــةِ صنعــاء جــراء االنقــاب واحلــرب‪ .‬إال أننــا يف الوقــت نفســه‬ ‫نســتغرب أال نســم َع أي ـ َة مناشــدةٍ أو تأنيـ ٍـب للضميــرِ اإلنســاني علــى‬ ‫احلصــارِ اجلائــرِ علــى مدينــةِ تعــز مــن قبــل هــذه املليشــيات‪ ،‬فســكا ُن‬ ‫تعــز يشــعرون بــأن املجتم ـ َع الدولــي يكي ـ ُل مبكياليــن‪.‬‬ ‫تعــز ‪ ،‬أيهــا الســادة‪ ،‬تدمـ ُر وتقصـ ُ‬ ‫ـكل يومــي‪ ..‬أصبحت هذه‬ ‫ـف بشـ ٍ‬ ‫املدينـ َة اجلميلـ َة الوادعـ َة واملســاملة‪ ،‬والتــي كان يطلــق عليهــا احلاملــة‪،‬‬ ‫أصبحــت أطــا َل مدينــة‪ ،‬فقــد ُق ِصفــت و ُدمِ ــرت مبانيهــا ومدارســها‬ ‫ومستشــفياتها وجوامعهــا وآثارهــا يف قصــف عشــوائي لــم يتوقــف‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫وأختطــف أروا َح‬ ‫يصــب احلجــر فقــط بــل تســل َل‬ ‫وهــو‬ ‫قصــف لــم ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫يــوم‬ ‫كل‬ ‫قتلــون‬ ‫ي‬ ‫الذيــن‬ ‫ل‬ ‫واألطفــا‬ ‫ء‬ ‫النســا‬ ‫ة‬ ‫وخاصــ‬ ‫املدنيــن‬ ‫البشــرِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬

‫رأي المسؤول‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪21‬‬

‫ـراض واألوبئـ َة واجلــوع ويلعــب احلصــا ُر دو َره املكمــل‪،‬‬ ‫وتُصيبُهــم األمـ َ‬ ‫اذ يســتغر ُق اخلــرو ُج مــن املدينــةِ أو الدخــو ُل اليهــا اآلن زهــا َء ســب َع‬ ‫ٍ‬ ‫دقائــق فقــط فقــد بلــ َغ عــد ُد‬ ‫ســاعات بعــد أن كان يســتغر ُق عشــ َر‬ ‫ٍ‬ ‫ـةِ‬ ‫ـخصا‪.‬‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫‪17911‬‬ ‫ـى‬ ‫ـ‬ ‫اجلرح‬ ‫د‬ ‫ـد‬ ‫ـ‬ ‫وع‬ ‫ا‬ ‫ـخص‬ ‫ـ‬ ‫ش‬ ‫‪4164‬‬ ‫ـ‬ ‫املدين‬ ‫يف‬ ‫القتلــى‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫جحيــم بعــد أن كانــت مدينــ ُة‬ ‫لقــد حتولــت حيــاةُ ســكانِ تعــز إلــى‬ ‫ٍ‬ ‫التعليـ ِـم والثقافــةِ والــورودِ واحلـ ِـب والفــنِ واألوليــاء‪.‬‬ ‫إن هــذه املأســاةَ التــي تشــاب ُه أكبــ َر املآســي يف العالــم لــم جتــ َد‬ ‫االهتمــا َم الــكايف مــن أحــد مبــا يف ذلــك املنظمــات اإلنســانية واألممية‪.‬‬ ‫تعــز تســتصرخُ كم وتناشــ ُد ضمائَركــم قبــل القوانــن أن تقفــوا‬ ‫معهــا وأن تفكــوا حصارهــا وأن يصب ـ َح فــك احلصــارِ عنهــا أولوي ـ ًة‬ ‫ن بحــقِ اإلنســانِ يف احليــاة وكل الذيــن يريــدون الســام‬ ‫لــكلِ املؤمن ـ َ‬ ‫أن يعــو َد إلــى اليمــن وإنهــاء معانــا ِة اليمنيــن‪ .‬لقــد كان فـ ُ‬ ‫ـك حصــا َر‬ ‫ـات مشـ ِ‬ ‫تعــز يف أولويـ ِ‬ ‫ـات كثيــرة حــول ذلك‬ ‫ـاورات الســام وجــرت اتفاقـ ٌ‬ ‫بإشـ ِ‬ ‫األمم املتحــدة واملجتمـ ِـع الدولــي ولكــن دون تنفيــذ‪ .‬إن أبنــا َء‬ ‫ـراف‬ ‫ِ‬ ‫تعــز يتطلعــون إلــى أن تــزو َر مدينَتهــم املنكوبــة وفــو ٌد كثيــرة ليطلعــوا‬ ‫علــى حجـ ِـم املعانــاة‪ ،‬مــع الشــكر والتقديــر لــكلِ مــن جتــاوزوا كل شــيءٍ‬ ‫واســتجابوا لواجبِهــم اإلنســاني واخترقــوا احلصــار‪.‬‬ ‫إننــا متمســكون باحلــل السياســي والســلمي يف اليمــن الــذي‬ ‫ُ‬ ‫يحفـــظ أمنَـــه واســـتقالَه ووحدتَـــه وســـام َة أراضيـــه والقائـــ ُم‬ ‫ِ‬ ‫املرجعيـــات الثـــاث املتفـــق عليهـــا محل ًيـــا وإقليم ًيـــا ودول ًيـــا‬ ‫علـــى‬ ‫ومخرجـــات احلـــوار‬ ‫وهـــي املبـــادرةُ اخلليجيـــة وآليتهـــا التنفيذيـــة‬ ‫ُ‬ ‫ـرارات مجلــس األمــن ذات الصلــة وعلــى رأســها القــرار‬ ‫الوطنــي وقـ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫‪ ، 2216‬ونعيـــد التأكيـــ َد مجـــد ًدا أن احلكومـــة اليمنيـــة مســـتعدةٌ‬ ‫الســـام‬ ‫لتقـــدمي كل التنـــازالت مهمـــا كانـــت صعوبتهـــا مـــن أجـــلِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اليمنـــي العظيـــم‬ ‫الشـــعب‬ ‫ه‬ ‫يســـتحق‬ ‫الـــذي‬ ‫واملســـتدام‬ ‫العـــادلِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫املقترحـــات التـــي قدمهـــا املبعـــوث اخلـــاص‬ ‫ولـــذا فقـــد قبِلنـــا كل‬ ‫ُ‬ ‫الس ــيد إس ــماعيل ول ــد ش ــيخ أحم ــد وس ــنظل منفتح ــن عل ــى كلِ‬ ‫األف ــكار واملقترح ــات‪ ،‬لك ــن يف املقاب ــل عل ــى ه ــذا املجل ــس وم ــن‬ ‫خلفـــهِ املجتمـــ ُع الدولـــي أن يوجـــ َه رســـال ًة واضحـــ ًة ومحـــدد ًة‬ ‫َ‬ ‫يضغـــط علـــى‬ ‫وقويـــة للطـــرف الرافـــض ملقترحـــات املبعـــوث وأن‬ ‫ِ‬ ‫الطـــرف االنقابـــي مـــن أجـــلِ القبـــول بهـــذه املقترحـــات التـــي‬ ‫ـول منفتح ـ ٍـة‬ ‫أ ّيده ــا‬ ‫مجلس ــكم املوق ــر والذه ــاب بنواي ــا صادق ـ ٍـة وعق ـ ٍ‬ ‫ُ‬ ‫للســام إلــى طاولــة املشــاورات‪ ،‬ودعونــي هنــا أقتبــس مــن ديباجــةِ‬ ‫ميث ــاق اليونيس ــكو الت ــي تن ــص عل ــى "مل ــا كان ــت احل ــروب تتول ــد يف‬ ‫عقـــول البشـــر‪ ،‬ففـــي عقولهـــم يجـــب أن تبنـــى حصـــون الســـام"‬ ‫نهايـــة االقتبـــاس‪.‬‬ ‫ً‬ ‫جملة من األمور‪:‬‬ ‫أوضح‬ ‫اسمحوا لي هنا أن‬ ‫َ‬ ‫أو ًال‪ :‬نؤك ـ ُد يف احلكومــةِ اليمنيــة علــى اســتمرارِ دعمِ نــا جلهــودِ‬ ‫املبعـــوث اخلـــاص لألمـــن العـــام الســـيد إســـماعيل ولـــد شـــيخ‬

‫‪20‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫رأي المسؤول‬

‫فخامــة الرئيــس عبدربــه منصــور هــادي بــأن احلــل األنســب واألجنــع‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫وصحيــة غايــ ًة يف‬ ‫إنســانية‬ ‫أوضــاع‬ ‫ملــا تواجهــ ُه بــادي اليمــن مــن‬ ‫ٍ‬ ‫اخلطــورة والتعقيــد بعــد مــرور قرابــ َة العامــن والنصــف مــن‬ ‫االنقــاب الدمــوي الــذي قادتــه مليشــيات احلوثــي بالتحالــف مــع‬ ‫الرئيــس الســابق وبدعــم مــن إيــران‪ ،‬هــو احلــل الســلمي القائــم علــى‬ ‫املرجعيــات الثــاث التــي أجمــع عليهــا اليمنيــون‪ ،‬مبــن فيهــم العناصــر‬ ‫ومجلســكم‬ ‫ودع َمها املجتم ُع الدولي‬ ‫التــي انقلبــت علــى الدولــة الح ًقــا‪َ ،‬‬ ‫ُ‬ ‫املوقــر هــذا‪ .‬لقــد ظلــت أيدينــا ومازالــت وستســتمر ممــدود ًة للســام‬ ‫املســتدام الــذي ينشــده اليمنيــون ألننــا لــم نكــن يو ًمــا دعــاةَ حــرب ولــم‬ ‫تكــن احلــرب خيارنــا ولكنهــا ُفرِ ضــت علينــا مــن قبــل هــذه العصابــةِ‬ ‫املتمــرد ِة علــى الشــرعية الدســتورية وعلــى الشــرعية الدوليــة‪ .‬لقــد‬ ‫ٍ‬ ‫صادقــة‬ ‫ذهبنــا إلــى مشــاورات الســام يف جنيــف ويف بييــل بنوايــا‬ ‫ـال عريضــة بتحقيــق الســام يف بــادي اليمــن التــي كانــت تلقــب‬ ‫وآمـ ٍ‬ ‫يو ًمــا بالعربيــةِ الســعيدة ورغــم عــدم تنفيــذ االنقابيــن إلجــراءات‬ ‫بنــاء الثقــة التــي مت االتفــاق عليهــا يف بييــل‪ ،‬إال أننــا ذهبنــا إلــى‬ ‫الكويــت وأمضينــا هنــاك ‪ 115‬يو ًمــا رغبـ ًة يف الســام وألننــا حكومــة‬ ‫مســؤولة عــن هــذا الشــعب مــن صعــدة وحتــى املهــرة‪ ،‬لكــن ولألســف‬ ‫كان حضــور ومشــاركة االنقابيــن يف كل هــذه اجلــوالت عبــار ًة عــن‬ ‫منــاورةٍ ومراوغـ ٍـة يف مخططهــم اإلجرامــي لتدميــر اليمــن واالعتــداء‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫ٍ‬ ‫مخطــط تقُــوده إيــران لنشــر التوتــر‬ ‫علــى الــدول املجــاورة ضمــن‬ ‫ٍ‬ ‫ومحاولــة لكســب الوقــت ملواصلــة‬ ‫وزعزعــةِ االســتقرار يف املنطقــة‬ ‫انتشــار مليشــيات املــوت والدمــار التابعــة لهــم يف إطــار مخطـ ٍـط كبيــر‬ ‫للمنطقــة كلِهــا يهـ ُ‬ ‫ـدف إلــى تدميــر الدولــةِ الوطنيــة ويســتبد ُل الدولـ َة‬ ‫بالطائفــة واجليـ َ‬ ‫ـش باملليشــيا‪.‬‬ ‫املليشــيات االنقابيــةِ‬ ‫ِ‬ ‫لقــد أصبحــت اليمــن بســبب هــذه‬ ‫املجرمــة عنوا ًنــا رئيس ـ ًيا ملثلـ ِـث املــوت‪ :‬اجلهــل والفقــر واملــرض وهــو‬ ‫ـس املثلـ ِـث الــذي عانــت منــه اليمــن إبــان حكـ ِـم اإلمامــةِ املســتبد‬ ‫نفـ ُ‬ ‫وهــو احلك ـ ُم الــذي حتــاول هــذه العصابــة إعادتَــه إلــى اليمــن‪ ،‬لكــن‬ ‫والكهنــوت إلــى األبــد‪ .‬هــل ميكــن أن‬ ‫شــع َبنا قــد لفــظ االســتبدا َد‬ ‫َ‬ ‫تقب ـ َل أوروبــا والعالــم املتحضــر اليــوم أن تعــو َد إلــى عصــورِ الظــام‬ ‫واحلــقِ اإللهــي يف احلكــم؟ بالتأكيــد لــن يقبـ َل أحــد وباملثــل لــن يقبـ َل‬ ‫اليمنيــون أن َحت ُك َمهــم قلــ ًة تدعــي احلــ َق اإللهــي كمــا تدعــي هــذه‬ ‫العصابــةِ االنقابيــةِ التــي أتــت مــن وراء التاريــخ‪.‬‬ ‫يف الوقـ ِـت الــذي حققــت فيــه احلكومـ ُة الكثيـ َر مــن جهــود إعــاد ِة‬ ‫ن اخلدمــات واألمــن يف املناطــق احملــررة بدعــم‬ ‫اإلعمــار وحتســ َ‬ ‫ِ‬ ‫ومســاندة األشــقاء يف التحالــف العربــي بقيــادة اململكــة العربيــة‬ ‫الســعودية ودولــة اإلمــارات العربيــة املتحــدة‪ ،‬مازالــت املناطـ ُق الواقع ُة‬ ‫حتــت ســيطر ِة االنقابيــن تعانــي مــن القهــر واملجاعــة وانتشــار وبــاء‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫رأي المسؤول‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪19‬‬

‫مركـز امللـك سـلمان قـدم ‪ 550‬طـن أدويـة و‪ 75‬مليـون دوالر لصحـة اليمنيـن‬

‫المخايف‪ :‬الحكومة اليمنية مستعدة لتقديم‬ ‫كل التنازالت الصعبة من أجل السام‬ ‫أكــد وزيــر اخلارجيــة اليمنــي عبــد امللــك املخــايف أن احلكومــة الشــرعية لبــاده متمســكة‬ ‫ُ‬ ‫يحفــظ أمنَــه واســتقالَه ووحدتَــه وســام َة‬ ‫باحلــل السياســي والســلمي يف اليمــن الــذي‬ ‫أراضيــه والقائـ ُم علــى املرجعيـ ِ‬ ‫ـات الثــاث املتفــق عليهــا محل ًيــا وإقليم ًيــا ودول ًيــا وهــي املبادرةُ‬ ‫وقرارات مجلــس األمن ذات الصلة‬ ‫ـات احلــوار الوطني‬ ‫ُ‬ ‫اخلليجيــة وآليتهــا التنفيذيــة ومخرجـ ُ‬ ‫وعلــى رأســها القــرار ‪ ،2216‬وقــال يف هــذا الصــدد نعيــد التأكيـ َد مجــد ًدا علــى أن احلكومـ َة‬ ‫ـام العــادلِ‬ ‫اليمنيــة مســتعدةٌ لتقـ ِ‬ ‫ـدمي كل التنــازالت مهمــا كانــت صعوبُتهــا مــن أجــلِ السـ ِ‬ ‫موضحــا أن حكومــة اليمــن الشــرعية‬ ‫ـي العظيــم‪/‬‬ ‫ً‬ ‫واملســتدام الــذي يســتحق ُه الشـ ُ‬ ‫ـعب اليمنـ ُ‬ ‫قبلــت كل املقترحـ ِ‬ ‫ـات التــي قدمهــا املبعــوث اخلــاص إســماعيل ولــد شــيخ أحمــد‪ ،‬مشــد ًدا‬ ‫علــى أن "ســنظ ُل منفتحــن علــى كلِ األفــكار واملقترحــات‪ ،‬لكــن يف املقابــل‪ ،‬علــى هــذا املجلــس ومــن خلفــهِ املجتمـ ُع الدولــي أن‬ ‫يوج ـ َه رســال ًة واضح ـ ًة ومحــدد ًة وقويــة للطــرف الرافــض ملقترحــات املبعــوث وأن يضغـ َ‬ ‫ـط علــى الطـ ِ‬ ‫ـرف االنقابــي مــن أجــلِ‬ ‫ـول منفتحـ ٍـة للســام إلــى طاولــة املشــاورات‪.‬‬ ‫القبــول بهــذه املقترحــات التــي أ ّيدهــا مجلــس األمــن والذهــاب بنوايــا صادقـ ٍـة وعقـ ٍ‬

‫بعثة آراء حول اخلليج ـ نيويورك‬ ‫وأكــد املخــايف اســتعداد حكومــة بــاده إعــادة فتــح وتشــغيل‬ ‫مطــار صنعــاء الدولــي إذا قبــل االنقابيــون عــودة طاقمــه القــدمي‪،‬‬ ‫وإذا تولــت األمم املتحــدة اإلشــراف عليــه‪.‬‬ ‫وذكــر وزيــر اخلارجيــة اليمنــي يف كلمــة ألقاهــا أمــام مجلــس‬ ‫األمــن يف الثامــن عشــر مــن أغســطس ‪2017‬م‪"،‬نعــرب عــن تقديرنــا‬ ‫للمناشــدات الدوليــة بفتــح مطــار صنعــاء الدولــي أمــام الرحــات‬ ‫ورغــم كل املخــاوف واملخاطــر األمنيــة املتعلقــة باملطــار وتشــغيله مــن‬ ‫قبــل مليشــيا املتمرديــن"‪ .‬معل ًنــا اســتعداد احلكومــة للموافقــة علــى فتح‬ ‫مطــار صنعــاء يف حــال قبلــت املليشــيا تــرك موضــوع إدارتــه للموظفــن‬ ‫الرســمين التابعــن للدولــة وحتــت إشــراف األمم املتحــدة‪ ،‬مشــي ًرا‬ ‫إلــى أن االنقابيــن يســتطيعون احلصــول علــى الســام مــع كل فئــات‬ ‫الشــعب اليمنــي إن التزمــوا بــكل اســتحقاقات الســام ومتطلباتــه‪ ،‬لكن‬ ‫اليجــب أن يحصلــوا علــى مكافــأة جلرائمهــم‪ ،‬إال أن هــذه املليشــيا‬ ‫ضربــت عــرض احلائــط بــكل اخليــارات الســلمية وكل التضحيــات‬ ‫والتنــازالت التــي قدمهــا الرئيــس هــادي مــن أجــل عــدم الدخــول يف‬ ‫أتــون حــرب عبثيــة يكــون اخلاســر األول واألخيــر فيهــا هــو شــعبنا‬

‫اليمنــي العظيــم "‪ ..‬مشــد ًدا يف هــذا الصــدد علــى أنــه برغــم ذلــك‬ ‫"فإننــا ســنظل منــد يدنــا للحــل الســلمي العــادل والشــامل الــذي يقــوم‬ ‫علــى املرجعيــات ويؤســس لســام حقيقــي ال يفضــي جلــوالت حــروب‬ ‫عبثيــة قادمــة وال يقبــل باالبتــزاز وال يكافــئ االنقابيــن واإلرهابيــن‬ ‫والعصابــات علــى انتهــاك ســيادات الــدول الوطنيــة‪".‬‬ ‫وفيما يلي نص الكلمة‪:‬‬ ‫ً‬ ‫اســمحوا لــي بدايــة أن أ ُهنئكــم ســعادة الســفير عمــرو أبــو‬ ‫العطــا املنــدوب الدائــم جلمهوريــة مصــر العربيــة لــدى األمم املتحــدة‬ ‫لتســلمه رئاســة مجلــس األمــن‪ ،‬علــى إدارتكــم احلكيمــة ألعمــال‬ ‫املجلــس للشــهر احلالــي وأن أتقــد َم بالشــكر اجلزيــل واالمتنــان‬ ‫إلتاحتكــم الفرصــ َة لنــا للحديــث أمــام مجلســكم املوقــر‪.‬‬ ‫أعــرب عــن ســعادتي للمشــاركة يف هــذه اجللســة‬ ‫أو ُد أن‬ ‫َ‬ ‫يخصصهــا مجلســكم املوقــر ملناقشــة األوضــاع‬ ‫االســتثنائية التــي‬ ‫ُ‬ ‫السياســية واإلنســانية يف اليمــن‪ ،‬كمــا أو ُد أن أؤكـ َد أن هــذه املشــاركة‬ ‫ماهــي إال تأكي ـدًا لقناعاتنــا الراســخة يف احلكومــة اليمنيــة بقيــادة‬

‫‪18‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫حوار العدد‬

‫معرفتك ــم لطبيع ــة مس ــرح العملي ــات يف اليم ــن؟ وماه ــي اخلي ــارات‬ ‫املتاح ــة أم ــام ق ــوات التحال ــف؟‬ ‫ خطـــة دول التحالـــف بقيـــادة اململكـــة كانـــت خطـــة محكمـــة‬‫حي ــث اس ــتطاعت الس ــيطرة اجلوي ــة الكامل ــة والس ــيطرة عل ــى املي ــاه‬ ‫اإلقليمي ــة واملم ــرات الدولي ــة الت ــي اس ــتخدمت يف إدخ ــال ش ــحنات‬ ‫األســلحة‪ ،‬ثــم رافقهــا عمليــة (إعــادة األمــل) للتحــرك البــري لقــوات‬ ‫وح ــررت معظ ــم األراض ــي اليمني ــة‪.‬‬ ‫التحال ــف والش ــرعية ُ‬ ‫والقصــف اجلــوي أ ّثــر كثيـ ًرا علــى احلوثيــن وقضــى علــى الكثيــر‬ ‫م ــن املعس ــكرات الت ــي احتلوه ــا ودم ــر نس ــبة م ــن الذخائ ــر املتنوع ــة‬ ‫والصواريـــخ والعتـــاد العســـكري‪ ،‬إال أن إيـــران ال تـــزال تزودهـــم‬ ‫بالعديــد مــن قطــع الغيــار والعتــاد العســكري واألســلحة والصواريــخ‪.‬‬ ‫● يف ح ــال انته ــت األزم ــة اليمني ــة وتخل ــى االنق ــالب ع ــن مواقف ــه‪..‬‬ ‫هــل تقبلــون مبشــاركة علــي عبــداهلل صالــح وحــزب املؤمتــر وعبدامللــك‬ ‫احلوثــي أو احلوثيــني يف احلكــم مســتقب ًال؟ وهــل لكــم ولهــم شــروط‬ ‫ح ــول ذل ــك؟ وه ــل مت ط ــرح ذل ــك يف مباحث ــات س ــرية ب ــني احلكوم ــة‬ ‫الش ــرعية واالنقالبي ــني عب ــر وس ــطاء؟‬ ‫ بعـــد إنهـــاء االنقـــاب وتنفيـــذ القـــرارات األمميـــة وترجمـــة‬‫املرجعي ــات الث ــاث وااللت ــزام مب ــا اتف ــق علي ــه اليمني ــون يف املب ــادرة‬ ‫اخلليجي ــة ومخرج ــات مؤمت ــر احل ــوار الوطن ــي ومس ــودة الدس ــتور‪،‬‬ ‫فاليم ــن يتس ــع للجمي ــع‪.‬‬ ‫● ه ــل توج ــد مفاوض ــات غي ــر معلن ــة ب ــني احلكوم ــة الش ــرعية‬ ‫وميليش ــيات احلوثي‪/‬عل ــي عب ــداهلل صال ــح إلنه ــاء الوض ــع احلال ــي‪،‬‬ ‫وه ــل هن ــاك أط ــراف دولي ــة أو داخلي ــة يف اليم ــن تتوس ــط لذل ــك؟‬ ‫ــــ س ــبيل ذل ــك ث ــاث ج ــوالت م ــن املش ــاورات بإش ــراف ورعاي ــة‬ ‫أممي ــة وآخره ــا املش ــاورات الت ــي أجري ــت يف الكوي ــت يف أبري ــل م ــن‬ ‫العــام املاضــي واســتمرت حتــى أغســطس مــن العــام نفســه‪ ،‬وتعثــرت‬ ‫كل تلــك اجلــوالت بســبب تعنــت وصلــف احلوثيــن وال يوجــد حال ًيــا‬ ‫أي ح ــوار ثنائ ــي‪ ،‬لك ــن ن ــرى ونس ــمع أن هن ــاك جس ــور متت ــد هن ــا‬ ‫وهنــاك خلــف الكواليــس‪ ،‬فــإذا كانــت تخــدم املصلحــة العامــة مين ًيــا‬ ‫وإقليم ًي ــا ودول ًي ــا فنتمن ــى له ــا التوفي ــق والنج ــاح‪.‬‬ ‫والشــرعية متــد يدهــا للحــوار وتلتقــي بشــكل مســتمر باملبعــوث‬ ‫األممـــي وبســـفراء الـــدول الراعيـــة ونتجـــاوب مـــع كل القـــرارات‬ ‫الدولي ــة وكل م ــا يص ــدر ع ــن مجل ــس األم ــن الدول ــي بش ــأن اليم ــن‬ ‫والت ــي تخ ــدم مصلحت ــه ووحدت ــه واس ــتقراره وس ــامة أراضي ــه‪.‬‬ ‫ونؤكــد أن احلــل السياســي يف اليمــن يكمــن يف اســتعادة الدولــة‬ ‫اليمني ــة وإنه ــاء االنق ــاب وتس ــليم األس ــلحة للدول ــة والتح ــول إل ــى‬ ‫طيــف سياســي الســتئناف العمليــة السياســية‪ ،‬وأن أي حــل يجــب أن‬ ‫يرتكــز ً‬ ‫أيضــا علــى املرجعيــات الثــاث املتمثلــة يف املبــادرة اخلليجيــة‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫وآليتهـــا التنفيذيـــة ومخرجـــات مؤمتـــر احلـــوار الوطنـــي وقـــرار‬ ‫مجلـــس األمـــن الدولـــي رقـــم ‪ 2216‬باعتبارهـــا الضامـــن لتحقيـــق‬ ‫األم ــن املس ــتقبلي املس ــتمر لليم ــن واليمني ــن‪.‬‬ ‫● م ــا ه ــو حج ــم التأيي ــد الش ــعبي حلك ــم االنق ــالب‪ ،‬مقارن ــة بحج ــم‬ ‫التأييــد الشــعبي للحكومــة الشــرعية‪ ،‬وهــل الشــعب اليمنــي مختطفً ــا‬ ‫مــن علــي عبــداهلل صالــح وميليشــيات احلوثــي؟‬ ‫الش ــعب اليمن ــي ميل ــك إرادة وعزمي ــة قوي ــة ويرف ــض أن يظ ــل‬ ‫مرهو ًنـــا حتـــت ســـلطة عصابـــة احلوثـــي التـــي ال تراعـــي ظروفـــه‬ ‫وقيمــه وتســتهتر بدمائــه وتصــادر حرياتــه ومتــأل الســجون بأبنائــه‪،‬‬ ‫كم ــا ه ــو احل ــال الي ــوم يف ظ ــل س ــيطرة ميليش ــيا احلوثي ــن‪ ،‬حي ــث‬ ‫يتجــرع اليمنيــون يف املناطــق التــي حتتلهــا تلــك امليليشــيات صنــوف‬ ‫العــذاب واالنتهــاكات‪ ،‬وعلــى الرغــم مــن محــاوالت القمــع والتســلط‬ ‫واإلخضـــاع إال أن هنـــاك الكثيـــر مـــن املواقـــف التـــي بـــرزت يف‬ ‫مختلــف املناطــق وتقــاوم بــكل شــجاعة وأنفــة تصرفــات االنقابيــن‬ ‫الامســـؤولة وتنجـــح يف كثيـــر مـــن األحيـــان يف صدهـــا كمـــا أن‬ ‫النقاب ــات والق ــوى املدني ــة والش ــبابية والنس ــوية خرج ــت يف العدي ــد‬ ‫مـــن محافظـــات اجلمهوريـــة‪ ،‬يف ظـــل ســـخط شـــعبي عـــارم علـــى‬ ‫االنقابيـــن بســـبب مصادرتهـــم ألقـــوات النـــاس وتســـببهم يف كل‬ ‫الكــوارث التــي حلــت بأبنــاء الشــعب اليمنــي‪ ،‬حيــث يــدرك اليمنيــون‬ ‫جمي ًع ــا أن س ــبب املعان ــاة احلالي ــة ه ــو االنق ــاب‪.‬‬ ‫ولك ــي تع ــرف حج ــم تطل ــع أبن ــاء الش ــعب اليمن ــي إل ــى التح ــرر‬ ‫والتخلــص مــن قــوى االنقــاب فعليــك االلتفــات إلــى إقبــال اليمنيــن‬ ‫لانضم ــام لصف ــوف اجلي ــش الوطن ــي وس ــعيهم احلثي ــث لالتح ــاق‬ ‫بصفـــوف الشـــرعية يف حـــن يفـــر الكثيـــر مـــن املغـــرر بهـــم مـــن‬ ‫صف ــوف االنقابي ــن م ــا دف ــع ق ــوى االنق ــاب عل ــى إجب ــار املس ــنن‬ ‫واألطف ــال عل ــى خ ــوض معاركه ــم العبثي ــة‪.‬‬ ‫وال ميك ــن ألبن ــاء الش ــعب اليمن ــي الرض ــوخ لفئ ــة وقل ــة قليل ــة‬ ‫اســـتأثرت بالثـــروة والســـلطة ونهبـــت مقـــدرات البلـــد والبنـــك‬ ‫املركـــزي وممتلـــكات املواطنـــن ورواتـــب املوظفـــن‪ ،‬وازدهـــرت‬ ‫يف عهدهـــا األســـواق الســـوداء للمشـــتقات النفطيـــة واألســـلحة‪،‬‬ ‫وحتـــى املـــواد الغذائيـــة والطبيـــة املقدمـــة كمســـاعدات إنســـانية‬ ‫لـــم تســـلم مـــن البيـــع‪ ،‬وحتـــول قيـــادات احلوثـــي إلـــى أثريـــاء‬ ‫وأسســـوا الشـــركات التجاريـــة والبتروليـــة ومحـــات الصرافـــة‬ ‫جوعـــا ويبحثـــون‬ ‫يف فتـــرات قليلـــة‪ ،‬يف حـــن يتضـــور املواطنـــون‬ ‫ً‬ ‫عم ــا يس ــد رمقه ــم وأصبح ــوا مهددي ــن بس ــوء التغذي ــة وانتش ــار‬ ‫األمـــراض واألوبئـــة‪.‬‬ ‫وهــذه فتــرة زمنيــة لــن يصبــر عليهــا أبنــاء الشــعب ولــن تســتمر‬ ‫وس ــيطوون صفحاته ــا الس ــوداء القامت ــة إل ــى األب ــد ول ــو بع ــد ح ــن‬ ‫فه ــذه جول ــة م ــن ج ــوالت التاري ــخ‪.‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫يـو لـ ــي أهـمـيـ ــة لألز م ــة اليمني ــة عـلـ ــى ضـ ــوء وجـ ــود أز مـ ــات أخـ ــرى‬ ‫فـ ــي ا لـ ــمنطقة العربي ــة والعا ل ــم؟ و م ــا ه ــو املطل ــوب م ــن املجتم ــع‬ ‫الدو ل ــي يف ه ــذه املرحل ــة؟‬ ‫ موق ــف املجتم ــع الدول ــي إزاء االنق ــاب واض ــح‪ ،‬ويتجس ــد‬‫يف ع ــدم االعت ــراف أو التعام ــل م ــع االنقابي ــن ويتجس ــد ً‬ ‫أيض ــا‬ ‫يف املواقـــف الداعمـــة للشـــرعية ويف مختلـــف البيانـــات التـــي‬ ‫ص ــدرت ع ــن تل ــك ال ــدول والق ــرارات والبيان ــات الت ــي ص ــدرت‬ ‫عــن مجلــس األمــن الدولــي بإجمــاع إقليمــي ودولــي ومــن ضمنهــا‬ ‫الق ــرار رق ــم ‪ ،2216‬وه ــو إح ــدى املرجعي ــات الت ــي تس ــتند عليه ــا‬ ‫الش ــرعية وتطال ــب بتنفيذه ــا وتعتبره ــا إح ــدى األس ــس الرئيس ــية‬ ‫لتحقي ــق الس ــام يف اليم ــن إضاف ــة للمب ــادرة اخلليجي ــة وآليته ــا‬ ‫التنفيذيـــة ومخرجـــات مؤمتـــر احلـــوار الوطنـــي وهـــي جميعهـــا‬ ‫مرجعيـــات مت االتفـــاق عليهـــا ووقـــع عليهـــا اجلميـــع مبـــن فيهـــم‬ ‫احلوثيـــون وحلفاؤهـــم‪.‬‬ ‫وثقــل دول التحالــف بقيــادة اململكــة العربيــة الســعودية الشــقيقة‬ ‫سياس ـ ًيا وعســكر ًيا واقتصاد ًيــا جعــل املجتمــع الدولــي يحافــظ علــى‬ ‫اتزانــه يف دعــم الشــرعية ودميومــة هــذا املوقــف‪.‬‬ ‫واملوقـــف الدولـــي واإلقليمـــي ثابـــت نحـــو دعـــم الشـــرعية‬ ‫وال أعتقـــد أن املجتمـــع الدولـــي ســـيقف موق ًفـــا يناقـــض قيـــم‬ ‫احلريـــة والدميقراطيـــة التـــي يؤمـــن بهـــا وميارســـها يف حـــن‬ ‫ال يؤم ــن االنقابي ــون ب ــأي م ــن تل ــك املفاهي ــم‪ ،‬وه ــو فع ـ ً‬ ‫ـا م ــا‬ ‫حـــدث‪ ،‬فقـــد عـــاش االنقابيـــون وال يزالـــون حلظـــات عزلـــة‬ ‫دولي ــة حي ــث ل ــم يعت ــرف املجتم ــع الدول ــي ب ــأي س ــلطة يف اليم ــن‬ ‫ســـوى الســـلطة الشـــرعية بقيـــادة فخامـــة الرئيـــس عبدربـــه‬ ‫منصـــور هـــادي رئيـــس اجلمهوريـــة‪.‬‬ ‫كم ــا يتول ــى مبع ــوث األم ــن الع ــام ل ــألمم املتح ــدة إل ــى اليم ــن‬ ‫إســماعيل ولــد الشــيخ مســؤولية مهمــة يف إعــادة العمليــة السياســية‬ ‫مبـــا مـــن شـــأنه حتقيـــق الســـام ووقـــف معانـــاة اليمنيـــن ويبـــذل‬ ‫جه ــو ًدا جب ــارة يف ه ــذا اإلط ــار وس ــط تعن ــت ومماطل ــة ومت ــرد م ــن‬ ‫االنقابي ــن ووص ــل األم ــر باحلوثي ــن إل ــى محاول ــة اغتيال ــه بع ــد‬ ‫وصول ــه إل ــى مط ــار صنع ــاء‪ ،‬وه ــو م ــا يس ــتلزم م ــن املجتم ــع الدول ــي‬ ‫ممارس ــة مزي ــد م ــن الضغ ــط عل ــى احلوثي ــن إلجباره ــم لانصي ــاع‬ ‫لإجمــاع احمللــي ولــإرادة الدوليــة كونهــا الضامــن الوحيــد حلمايــة‬ ‫اليم ــن وحتقي ــق أح ــام اليمني ــن ببن ــاء الدول ــة االحتادي ــة املكون ــة‬ ‫م ــن س ــتة أقالي ــم والت ــي تضم ــن العدال ــة يف توزي ــع الس ــلطة والث ــروة‬ ‫وبن ــاء دول ــة احلك ــم الرش ــيد‪.‬‬

‫حوار العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪17‬‬

‫● م ــا ه ــي طبيع ــة العالق ــة العس ــكرية ب ــني إي ــران واحلوثيني‪/‬صال ــح‪،‬‬ ‫وكيــف دخلــت ودخــل الدعــم العســكري اإليرانــي إلــى اليمــن ملســاعدة‬ ‫ميليشــيات احلوثــي وقــوات علــي عبــداهلل صالــح؟‬ ‫ منــذ انطلقــت الثــورة اإليرانيــة بــدأ الدعــم الثقــايف واللوجســتي‬‫والتواص ــل م ــع أي ــادي حوثي ــة يف اليم ــن‪ ،‬فش ــعار ح ــزب اهلل وش ــعار‬ ‫احلوث ــي ه ــو ش ــعار اخلمين ــي وش ــعار الث ــورة اإليراني ــة نفس ــها‪.‬‬ ‫ومـــن مقتضـــى تصديـــر الثـــورة اإليرانيـــة فقـــد شـــمل‬ ‫تصديرهـــا كل أرجـــاء الوطـــن العربـــي واإلســـامي وأصبحـــت‬ ‫مشـــكلة يعانـــي منهـــا اجلميـــع يف اليمـــن وغيـــر اليمـــن يف لبنـــان‬ ‫وس ــوريا والع ــراق وإفريقي ــا وع ــدد م ــن ال ــدول‪ ،‬وكله ــا ج ــزء م ــن‬ ‫تصديـــر الثـــورة طائف ًيـــا‪.‬‬ ‫ومنــذ الثمانينــات ومــا بعدهــا خــال وجــود بــدر الديــن احلوثــي‬ ‫يف إيــران وأبنائــه وأتباعــه بعــد مواقفهــم الرافضــة للدولــة والوحــدة‬ ‫عق ــدوا حل ًف ــا اس ــتراتيج ًيا طائف ًي ــا س ــال ًيا فيم ــا بينه ــم وال ي ــزال‬ ‫ه ــذا احلل ــف قائ ــم حت ــى اآلن‪.‬‬ ‫وبالنســـبة إليصـــال الســـاح للحوثيـــن يف اليمـــن فباإلضافـــة‬ ‫إل ــى س ــيطرتهم ونهبه ــم ل ــكل أس ــلحة اجلي ــش اليمن ــي وه ــي كمي ــات‬ ‫خيالي ــة ف ــإن قص ــة تهري ــب الس ــاح للمليش ــيات قدمي ــة فاألجه ــزة‬ ‫املختص ــة ضبط ــت أكث ــر م ــن ش ــحنة حت ــوي أس ــلحة مهرب ــة عل ــى‬ ‫ســـفن إيرانيـــة وكان أبرزهـــا ســـفينة جيهـــان ‪ 1،2‬التـــي ضبطـــت‬ ‫يف يناي ــر ‪2013‬م‪ ،‬واتس ــاع الس ــواحل اليمني ــة وس ــيطرة املليش ــيات‬ ‫علـــى مســـاحات واســـعة منهـــا يســـهل عمليـــة التهريـــب‪ ،‬وقـــد‬ ‫ضبطـــت الدوريـــات األمريكيـــة‪ ،‬والســـعودية‪ ،‬واإلماراتيـــة العديـــد‬ ‫م ــن الش ــحنات اإليراني ــة الت ــي حاول ــوا تهريبه ــا إل ــى اليم ــن وأُعلن ــت‬ ‫عملي ــات الضب ــط عل ــى وس ــائل اإلع ــام له ــذه ال ــدول‪.‬‬ ‫ويح ــاول احلوثي ــون بإيع ــاز ودع ــم م ــن إي ــران إح ــكام قبضته ــم‬ ‫علـــى املاحـــة الدوليـــة واملمـــرات املائيـــة مـــن خـــال الســـيطرة‬ ‫عل ــى الس ــواحل واملوان ــئ وف ــرض قوته ــم البحري ــة‪ ،‬كم ــا أن ح ــوادث‬ ‫اس ــتهدافهم للس ــفن اإلماراتي ــة والس ــعودية واألمريكي ــة ق ــد تك ــررت‬ ‫ألكثــر مــن مــرة‪ ،‬واعتدائهــم مؤخ ـ ًرا علــى مينــاء املخــاء واســتهدافهم‬ ‫بعـــض ســـواحل اململكـــة وانتشـــار القـــوارب املســـيرة وتفخيـــخ‬ ‫الس ــواحل اليمني ــة مبختل ــف الوس ــائل والط ــرق وم ــن ضمنه ــا زرع‬ ‫آالف األلغـــام البحريـــة‪.‬‬ ‫● ه ــل ت ــرون أن القص ــف اجل ــوي ق ــادر عل ــى هزمي ــة االنق ــالب‪ ،‬وم ــا‬ ‫إمكاني ــة التدخ ــل الب ــري وقدرات ــه عل ــى إنه ــاء االنق ــالب عل ــى ض ــوء‬

‫إنهـــاء االنقـــاب يعيـــد الدولـــة الضامنـــة لحقـــوق الجميـــع‬ ‫والراعي ــة لمصال ــح األش ــقاء واألصدق ــاء وتنض ــم لمجل ــس التع ــاون‬

‫‪16‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫حوار العدد‬

‫يومـــي‪ ،‬فصاحـــب هـــذا الفكـــر ال يُلقـــي أي اعتبـــار ألي جرميـــة‬ ‫يرتكبه ــا مادام ــت قيادت ــه الفكري ــة ق ــد وجهت ــه بارتكابه ــا‪ ،‬س ــيقتل‬ ‫األبريـــاء دون تفرقـــة بـــن طفـــل أو امـــرأة أو شـــيخ وســـيفجر‬ ‫املنـــزل واملدرســـة واملســـجد واملصنـــع‪ ،‬ووصـــل بأصحـــاب هـــذه‬ ‫العقـــول وهـــذه التعبئـــة اخلاطئـــة إلـــى أن يصوبـــوا صواريخهـــم‬ ‫باجت ــاه مك ــة املكرم ــة وقبل ــة املس ــلمن ومه ــوى األفئ ــدة يف س ــابقة‬ ‫خطيـــرة ال ميكـــن ألي مينـــي بـــل ال ميكـــن ألي عاقـــل أن يفكـــر‬ ‫حتـــى مجـــرد التفكيـــر يف اإلقـــدام عليهـــا‪.‬‬ ‫● كرج ــل عس ــكري محت ــرف‪ ..‬كي ــف ت ــرون اإلجن ــازات الت ــي حققته ــا‬ ‫قــوات التحالــف العربــي علــى صعيــد إضعــاف قــوات‬ ‫حتال ــف االنق ــالب‪ ،‬وماه ــي النتائ ــج الت ــي حققته ــا‬ ‫ه ــذه الق ــوات؟‬ ‫ كان النطـــاق عمليتـــي «عاصفـــة احلـــزم»‬‫و«إعــادة األمــل» بقيــادة خــادم احلرمــن الشــريفن‬ ‫املل ــك س ــلمان اب ــن عب ــد العزي ــز آل س ــعود وول ــي‬ ‫العه ــد صاح ــب الس ــمو امللك ــي األمي ــر محم ــد ب ــن‬ ‫س ــلمان ب ــن عب ــد العزي ــز آل س ــعود‪ ،‬دور كبي ــر يف‬ ‫إجهــاض املخطــط التدميــري الــذي كانــت وال تــزال‬ ‫مت ّولـــه وتدعمـــه إيـــران‪ .‬والقـــوة التـــي كان يعـــول‬ ‫عليهـــا احلوثيـــون يف االنطـــاق مبشـــروعهم التخريبـــي أُضعفـــت‬ ‫كثيـ ـ ًرا أم ــام وقف ــة ق ــوات التحال ــف وأم ــام مواجه ــة ورف ــض أبن ــاء‬ ‫الش ــعب اليمن ــي‪ ،‬وه ــي باألس ــاس ق ــوة عس ــكرية منظم ــة ومدرب ــة‬ ‫ومخــازن أســلحة نهبتهــا امليليشــيات مــن معســكرات اجليــش واألمــن‬ ‫فحرف ــت مس ــار اس ــتخدامها م ــن أه ــداف وطني ــة إل ــى الض ــرب به ــا‬ ‫يف ص ــدور اليمني ــن واالعت ــداء عل ــى األش ــقاء يف اململك ــة ومحاول ــة‬ ‫اســـتغالها يف احلفـــاظ علـــى مشـــروعهم وحمايتـــه؛ لكـــن تدخـــل‬ ‫دول التحالــف بقيــادة اململكــة أربــك العــدو وأحــدث انكســا ًرا كبي ـ ًرا‬ ‫يف صفوفه ــم أفقده ــم املق ــدرة عل ــى الهج ــوم يف اجت ــاه ومس ــتقب ً‬ ‫ا‬ ‫س ــيفقدهم مي ــزة الدف ــاع‪.‬‬ ‫ورغـــم دعـــم إيـــران للحوثيـــن بتهريـــب األســـلحة والصواريـــخ‬ ‫الباليس ــتية ومختل ــف أن ــواع األس ــلحة والعت ــاد العس ــكري فإن ــه عن ــد‬ ‫النظ ــر إل ــى م ــا حققت ــه الش ــرعية املدعوم ــة م ــن ق ــوات التحال ــف‪،‬‬ ‫جن ــد أن أه ــم ه ــدف حتق ــق ه ــو إفش ــال مش ــروع الدول ــة اإليراني ــة‬ ‫يف اليم ــن‪ ،‬فبات ــت ق ــوات الش ــرعية مبس ــاندة التحال ــف ق ــادرة عل ــى‬ ‫دح ــر محاول ــة الهجم ــات الت ــي ينفذه ــا االنقابي ــون جت ــاه مختل ــف‬ ‫املـــدن اليمنيـــة‪ ،‬وأصبحـــت غالبيـــة األراضـــي اليمنيـــة ومصـــادر‬ ‫النفـــط والطاقـــة واملنافـــذ البحريـــة عـــدا مينـــاء احلديـــدة حتـــت‬ ‫ســـيطرة الشـــرعية‪ ،‬ولـــم يتـــم التوقـــف عنـــد هـــذا احلـــد فقـــوات‬ ‫اجليـــش الوطنـــي حتـــت غطـــاء جـــوي ولوجســـتي وعســـكري مـــن‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫التحالـــف تواصـــل تقدمهـــا الســـتكمال عمليـــة التحريـــر يف كل‬ ‫املناطــق‪ ،‬حيــث تقــف علــى مشــارف العاصمــة صنعــاء وتتمــدد علــى‬ ‫الس ــاحل الغرب ــي الس ــتعادته وحلماي ــة املاح ــة الدولي ــة ومؤخ ـ ًرا مت‬ ‫اســتعادة معســكر خالــد بــن الوليــد االســتراتيجي‪ ،‬وتتوغــل قواتنــا يف‬ ‫معقــل املتمرديــن احلوثيــن يف صعــدة‪ ،‬عــاوة علــى خــوض الشــرعية‬ ‫والتحال ــف مع ــارك ض ــد أزالم االنقابي ــن وأياديه ــم اإلرهابي ــة يف‬ ‫مختل ــف املناط ــق‪.‬‬ ‫● مــا هــي حقيقــة االتهامــات التــي توجههــا ميليشــيا احلوثــي وقــوات‬ ‫الرئي ــس املخل ــوع عل ــي عب ــداهلل صال ــح إل ــى ق ــوات التحال ــف بقص ــف‬ ‫املدنيــني‪ ،‬واملــدن والقــرى اليمنيــة؟‬ ‫ـ ال ميكــن أخــذ أ ًيــا مــن تلــك التهــم التــي يوجههــا‬ ‫احلوثي ــون عل ــى محم ــل اجلدي ــة واملصداقي ــة كونه ــا‬ ‫ص ــادرة م ــن ط ــرف أمع ــن كثي ـ ًرا يف قص ــف املدني ــن‬ ‫وحص ــار امل ــدن وتفجي ــر امل ــدارس واملس ــاجد وه ــدم‬ ‫املن ــازل عل ــى رؤوس س ــاكنيها‪ ،‬وم ــا يح ــدث يف تع ــز‬ ‫الي ــوم وأم ــس وكل ي ــوم خي ــر دلي ــل عل ــى ذل ــك‪ ،‬وال‬ ‫تع ــدو ه ــذه االس ــطوانة املش ــروخة الت ــي يردده ــا كل‬ ‫يـــوم رعـــاة االنقـــاب وأدواتـــه عـــن كونهـــا محاولـــة‬ ‫فاش ــلة لص ــرف النظ ــر عم ــا يرتكبون ــه م ــن جرائ ــم‬ ‫بحــق أبنــاء الشــعب‪ ،‬حيــث يحاولــون تغطيــة جرائمهــم بإلقــاء التهــم‬ ‫جزا ًف ــا عل ــى اآلخري ــن‪ ،‬ويحاول ــون توظي ــف دم ــاء األبري ــاء أم ـ ً‬ ‫ـا يف‬ ‫حش ــد ال ــرأي الع ــام‪ ،‬ول ــو كان ــوا جادي ــن وحريص ــن عل ــى أال يُ ــراق‬ ‫ال ــدم اليمن ــي ألوقف ــوا القص ــف العش ــوائي عل ــى من ــازل املدني ــن يف‬ ‫تع ــز والبيض ــاء وم ــأرب ومل ــا ارتكب ــوا مختل ــف الفظائ ــع واجلرائ ــم‬ ‫قبله ــا يف ع ــدن وحل ــج وأب ــن وش ــبوه والضال ــع وصنع ــاء وعم ــران‬ ‫وصعــدة وغيرهــا مــن املــدن اليمنيــة والســتجابوا للقــرارات األمميــة‪.‬‬ ‫لــدى التحالــف فريــق مختــص لتقييــم احلــوادث وحريــص علــى‬ ‫االلتــزام بقواعــد االشــتباك املتعــارف عليهــا‪.‬‬ ‫والتعام ــل م ــع أي خط ــأ ق ــد يحص ــل ع ــادة يف ظ ــل احل ــروب‬ ‫ومحاولـــة جبـــره وجتـــاوزه وعـــدم تكـــراره هـــو األهـــم‪ ،‬وهـــو مـــا‬ ‫حتــرص عليــه الشــرعية وقــوات التحالــف يف كل احلــوادث امليدانيــة‪،‬‬ ‫يف ح ــن يتعم ــد االنقابي ــون وقواته ــم قص ــف املدني ــن وإرهابه ــم‬ ‫بهـــدف إخضاعهـــم لســـلطتهم امليليشـــاوية‪ ،‬وهـــذا هـــو الفـــارق‬ ‫القيم ــي واألخاق ــي ب ــن م ــن يحم ــل مش ــروع دول ــة حتم ــي وتؤ ّم ــن‬ ‫املواط ــن وب ــن م ــن يس ــعى لتحقي ــق مصاحل ــه ومآرب ــه الس ــلطوية‬ ‫غي ــر آب ــه باس ــتخدام واس ــتغال دم ــاء األبري ــاء‪.‬‬

‫بزوال االنقاب سيعود‬ ‫اليم ــن س ــعي ًدا ضم ــن‬ ‫منظومة مجلس التعاون‬ ‫الموضعالطبيعيلليمن‬ ‫بجوار األشقاء يف الخليج‬

‫● كـ ــيف تصـ ــفون مو ق ــف ا لـمـ ــجتمع الدو ل ــي م ــن أز م ــة االنق ــالب‬ ‫ا لـحـوثي‪ /‬صـا لـ ــح فـ ــي الـيـمـ ــن؟ وهـ ــل مـ ــا زال ا لـمـجـتـ ــمع الدو ل ــي‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫وبالنس ــبة لألزم ــة اليمني ــة الت ــي بات ــت الي ــوم قضي ــة كب ــرى ال‬ ‫يقتص ــر تأثيره ــا عل ــى الش ــأن احملل ــي فحس ــب؛ ب ــل ميت ــد ليش ــمل‬ ‫اإلقلي ــم والعال ــم‪ ،‬فم ــن املؤك ــد أن ــه بانته ــاء املس ــبب له ــذه األزم ــة‬ ‫س ــتزول تدريج ًي ــا وتع ــود األم ــور إل ــى نصابه ــا ويع ــود اليم ــن س ــعيدًا‬ ‫كم ــا كان ب ــإذن اهلل‪.‬‬ ‫فأســـاس القضيـــة أن هنـــاك انقـــاب مســـلح قادتـــه ميليشـــيا‬ ‫مســلحة خــارج إطــار الدولــة ســطت خالــه علــى الدولــة ومتكنــت مــن‬ ‫الســيطرة عليهــا وحتكــم اليــوم مــن خــارج الدولــة‪ ،‬فاحملافــظ يحكمــه‬ ‫مشــرف والوزيــر يحكمــه مشــرف وكل مســؤول يحكمــه مشــرف ومــن‬ ‫يدي ــر الدول ــة أن ــاس م ــن خارجه ــا مث ــل اللج ــان الثوري ــة واألمني ــات‬ ‫وغيرهــا‪ ،‬ونتــج عــن ذلــك ســيطرتها علــى املرافــق احلكوميــة املدنيــة‬ ‫منهـــا والعســـكرية واســـتفردت بحكمهـــا وإدارتهـــا بعـــد أن طـــردت‬ ‫منتســـبيها‪ ،‬وامتـــدت تلـــك األيـــادي االنقابيـــة لتحتـــل املـــدن بقـــوة‬ ‫الســاح وتنهــب مــوارد البــاد املختلفــة وتســرق امللــك العــام واخلــاص‬ ‫وتشـــرع يف تكميـــم األفـــواه ومصـــادرة احلريـــات وجتـــرمي احليـــاة‬ ‫السياســـية ومضايقـــة البعثـــات الدبلوماســـية وممارســـة اإلرهـــاب‬ ‫بح ــق املدني ــن ب ــكل أنواع ــه‪ ،‬واألس ــوأ م ــن ذل ــك أنه ــا تعم ــل الي ــوم‬ ‫مبختل ــف الوس ــائل لاس ــتفراد ب ــكل ش ــيء ولتش ــكيل جي ــوش طائفي ــة‬ ‫عل ــى غ ــرار ح ــزب اهلل واحل ــرس الث ــوري بع ــد أن س ــرحت اجلي ــش‬ ‫النظام ــي امل ــدرب واس ــتبدلته مبيليش ــيات‪ ،‬وإلغ ــاء العملي ــة التعليمي ــة‬ ‫ذات املنطلــق واملضمــون الوطنــي الســليم واســتبدالها مبناهــج طائفيــة‬ ‫ل ــم يعرفه ــا اليمني ــون أو يؤمن ــوا به ــا‪ ،‬وف ــوق ه ــذا وذاك تعم ــل تل ــك‬ ‫امليليش ــيات جاه ــدة لي ـ ً‬ ‫ـا نه ــا ًرا وبدع ــم لوجس ــتي وعس ــكري إيران ــي‬ ‫لتهديـــد املاحـــة الدوليـــة واســـتهداف األمـــن والســـلم الدوليـــن‬ ‫واس ــتهداف جغرافي ــة اليم ــن‪ ،‬ب ــل واجلزي ــرة العربي ــة‪.‬‬ ‫كان ــت تل ــك وغيره ــا أس ــبا ًبا كافي ــة ألن يق ــف اليمني ــون جمي ًع ــا‬ ‫يف وجـــه هـــذه العصابـــة التـــي متثـــل مخالـــب إيـــران يف خاصـــرة‬ ‫اجلزي ــرة العربي ــة‪ ،‬ويس ــاندنا يف ذل ــك األش ــقاء م ــن دول التحال ــف‬ ‫بقي ــادة اململك ــة العربي ــة الس ــعودية الش ــقيقة‪ ،‬الذي ــن نق ــف الي ــوم‬ ‫دفـــاع واحـــد ومعركـــة مصيريـــة تهـــدف‬ ‫جمي ًعـــا معهـــم يف خـــط‬ ‫ٍ‬ ‫الســـتعادة اليمـــن وحمايـــة هويتـــه القوميـــة والعربيـــة واإلســـامية‬ ‫ومنـــع املؤامـــرات التـــي ُحتـــاك ضـــده وحتـــاول النيـــل مـــن موقعـــه‬ ‫اجلغـــرايف والتاريخـــي باإلســـاءة إلـــى األشـــقاء واألصدقـــاء‪.‬‬ ‫وبانتهـــاء االنقـــاب املســـبب الرئيســـي لـــكل هـــذه املشـــاكل‬ ‫ســتعود احليــاة السياســية وتعــود الدولــة الضامنــة حلقــوق اليمنيــن‬ ‫والراعي ــة ملصاحله ــم ومصال ــح األش ــقاء واألصدق ــاء ويك ــون اليم ــن‬ ‫ضم ــن منظوم ــة مجل ــس التع ــاون اخلليج ــي الت ــي ي ــرى اليمني ــون أن‬ ‫موضعه ــا الطبيع ــي إل ــى ج ــوار األش ــقاء يف اخللي ــج‪.‬‬ ‫ومـــا مـــن خيـــار أمامنـــا ســـوى إنهـــاء هـــذا االنقـــاب بشـــتى‬ ‫الوســـائل‪ ،‬وبالطـــرق التـــي يختارهـــا االنقابيـــون أنفســـهم؛ إمـــا‬

‫حوار العدد‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪15‬‬

‫بتحكيمه ــم العق ــل واملنط ــق وتغليبه ــم املصلح ــة الوطني ــة العلي ــا عل ــى‬ ‫املصال ــح الش ــخصية وال ــوالء إلي ــران ويكون ــوا بذل ــك ق ــد ضمن ــوا‬ ‫مســتقب ً‬ ‫ا أفضــل لهــم وألبنــاء الشــعب اليمنــي‪ ،‬وهــذا ُمســتبعد وف ًقــا‬ ‫للمعطيــات احلاليــة‪ ،‬أو بوقوفهــم ومقاومتهــم ملوجــة رفــض اليمنيــن‬ ‫واإلقلي ــم واخل ــارج النقابه ــم وس ــلطتهم امليليش ــاوية وه ــم بذل ــك ال‬ ‫محال ــة خاس ــرون ومهزوم ــون‪.‬‬ ‫● مــن وجهــة نظــر فخامتكــم‪ ..‬مــا أخطــر نتائــج االنقــالب والســيطرة‬ ‫علــى الدولــة يف اليمــن؟‬ ‫ الكــوارث والنتائــج الســلبية التــي تســبب بهــا االنقــاب كثيــرة‬‫وتتفـــاوت فيمـــا بينهـــا مـــن حيـــث أضرارهـــا وإمكانيـــة معاجلتهـــا‬ ‫يف املســـتقبل؛ وتظـــل احلملـــة الثقافيـــة التـــي تقـــوم بهـــا جماعـــة‬ ‫احلوثيــن اليــوم هــي األخطــر علــى اإلطــاق مــن كل النواحــي وعلــى‬ ‫كل املســـتويات‪.‬‬ ‫هن ــاك تعبئ ــة ثقافي ــة وإعامي ــة كبي ــرة حت ــاول طم ــس الهوي ــة‬ ‫اليمنيـــة واســـتبدالها بهويـــة دخيلـــة تُســـيء لثقافـــة اليمنيـــن‬ ‫وتاريخه ــم ومتن ــع مب ــدأ التعاي ــش ال ــذي دأب علي ــه اليمني ــون لق ــرون‬ ‫وتنطل ــق م ــن منطل ــق الع ــداء للداخ ــل واخل ــارج وللش ــقيق والصدي ــق‪،‬‬ ‫وق ــد ُس ــخر له ــذه احلمل ــة إمكاني ــات هائل ــة م ــن قن ــوات فضائي ــة‬ ‫ومحط ــات إذاعي ــة وجامع ــات ومطاب ــع وم ــدارس ومراك ــز صيفي ــة‬ ‫ومؤسس ــات كثي ــرة تعم ــل خلدم ــة ه ــذا اله ــدف حت ــت غط ــاء العم ــل‬ ‫اخليـــري أو املدنـــي أو التعليمـــي‪.‬‬ ‫افتتحـــوا أربـــع جامعـــات خاصـــة بهـــم وعشـــرات املـــدارس‬ ‫واملراكـــز وطبعـــوا مئـــات اآلالف مـــن الكتيبـــات واملايـــن مـــن‬ ‫املطوي ــات وامل ــازم الت ــي تخ ــدم الفك ــر الطائف ــي وعدل ــوا يف مناه ــج‬ ‫التعليـــم الدراســـية مبـــا يستســـيغ لهـــم ويتـــواءم مـــع توجهاتهـــم‪،‬‬ ‫وافتتحـــوا أقســـام لتعليـــم اللغـــة الفارســـية وهنـــاك أكثـــر مـــن ‪5‬‬ ‫فضائيـــات و‪ 10‬إذاعـــات ووســـائل مختلفـــة تـــروج لهـــذا املشـــروع‬ ‫الثق ــايف التوس ــعي‪ ،‬ال ــذي يس ــتهدف الطال ــب يف مدرس ــته واجلن ــدي‬ ‫يف معس ــكره والف ــاح يف مزرعت ــه وال يس ــتثني أح ـدًا م ــن اليمني ــن‪،‬‬ ‫وق ــد قطع ــوا أش ـ ً‬ ‫ـواطا كبي ــرة يف أدجل ــة املتحالف ــن معه ــم ً‬ ‫أيض ــا‪.‬‬ ‫وهن ــاك اس ــتياءٌ ع ــارم م ــن قب ــل اليمني ــن له ــذا التوج ــه وله ــذا‬ ‫العمـــل األيدلوجـــي الدخيـــل علـــى شـــعبنا وحضارتنـــا وثقافتنـــا‬ ‫وتاريخنــا‪ ،‬والــذي إن اســتمر دون مجابهــة فكريــة سـيَنتج عنــه جيـ ً‬ ‫ـا‬ ‫مؤد ً‬ ‫جل ــا انتحار ًي ــا ل ــن تؤث ــر في ــه أي ق ــوة مس ــلحة‪.‬‬ ‫وأجدهـــا فرصـــة للتنويـــه إلـــى هـــذا اخلطـــر قبـــل فـــوات‬ ‫األوان والدع ــوة إل ــى احل ــد من ــه ووقف ــه‪ ،‬فه ــو أكث ــر تأثيـ ـ ًرا م ــن‬ ‫احلـــروب العســـكرية التـــي تعتبـــر حلظيـــة ووقتيـــة بينمـــا الفكـــر‬ ‫اإلرهاب ــي األع ــوج ومعاجلت ــه يعتب ــر معرك ــة دائم ــة ال ي ــزال يعان ــي‬ ‫ً‬ ‫باهظـــا بشـــكل‬ ‫منهـــا اجلميـــع‪ ،‬اإلقليـــم والعالـــم ويدفـــع ثمنهـــا‬

‫‪14‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫حوار العدد‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫نائب الرئيس اليمني الفريق الركن علي محسن األحمر لـ )آراء حول الخليج(‪:‬‬

‫طمس الهوية العروبية لليمن أخطر محاوالت‬ ‫االنقاب‪ ..‬وعاصفة الحزم أحبطت مخطط إيران‬ ‫أكــد فخامــة نائــب الرئيــس اليمنــي الفريــق ركــن علــي محســن صالــح األحمــر أن أخطــر‬ ‫م ــا يفعل ــه االنق ــاب يف اليم ــن ه ــو محاول ــة مح ــو هوي ــة الش ــعب اليمن ــي العرب ــي املس ــلم‪،‬‬ ‫واص ًف ــا م ــا تق ــوم ب ــه ميليش ــيات احلوث ــي م ــن حمل ــة ثقافي ــة ممنهج ــة لتغيي ــر ثقاف ــة‬ ‫موضح ــا أن م ــا يج ــري يف ب ــاده‬ ‫وهوي ــة الش ــعب اليمن ــي ه ــي األخط ــر عل ــى اإلط ــاق‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ه ــو تعبئ ــة ثقافي ــة وإعامي ــة لطم ــس الهوي ــة اليمني ــة واس ــتبدالها بهوي ــة دخيل ــة تُس ــيء‬ ‫لثقاف ــة اليمني ــن وتاريخه ــم ومتن ــع مب ــدأ التعاي ــش ال ــذي دأب علي ــه اليمني ــون لق ــرون‪،‬‬ ‫موضحــا يف هــذا الصــدد أن احلوثيــن افتتحــوا ‪ 4‬جامعــات وعشــرات املــدارس وطبعــوا‬ ‫ً‬ ‫مئـــات آالف الكتيبـــات ومايـــن املطويـــات خلدمـــة الفكـــر الطائفـــي وعدلـــوا مناهـــج‬ ‫التعلي ــم وافتتح ــوا أقس ــا ًما لتعلي ــم اللغ ــة الفارس ــية‪ ،‬كم ــا افتتح ــوا ‪ 5‬فضائي ــات و‪ 10‬إذاع ــات ووس ــائل مختلف ــة ت ــروج‬ ‫للمشــروع احلوثــي ‪ /‬اإليرانــي الثقــايف التوســعي الســتهداف الطالــب واجلنــدي والفــاح وال يســتثني أح ـدًا مــن اليمنيــن‪.‬‬

‫أجرى احلوار‪ :‬د‪ .‬عبد العزيز بن عثمان بن صقر‬ ‫وح ــول منج ــزات عاصف ــة احل ــزم وإع ــادة األم ــل‪ ،‬ق ــال فخام ــة‬ ‫نائـــب الرئيـــس اليمنـــي الفريـــق الركـــن علـــي محســـن األحمـــر‬ ‫يف حـــوار خـــاص لـــ (آراء حـــول اخلليـــج) إن أهـــم هـــدف حتقـــق‬ ‫هـــو إفشـــال مشـــروع الدولـــة اإليرانيـــة يف اليمـــن‪ ،‬فباتـــت قـــوات‬ ‫الش ــرعية مبس ــاندة التحال ــف ق ــادرة عل ــى دح ــر محاول ــة الهجم ــات‬ ‫الت ــي ينفذه ــا االنقابي ــون جت ــاه مختل ــف امل ــدن اليمني ــة‪ ،‬وأصبح ــت‬ ‫غالبيـــة األراضـــي اليمنيـــة ومصـــادر النفـــط والطاقـــة واملنافـــذ‬ ‫البحريـــة عـــدا مينـــاء احلديـــدة حتـــت ســـيطرة الشـــرعية‪.‬‬ ‫وفيم ــا يروج ــه االنقابي ــون ب ــأن التحال ــف العرب ــي يس ــتهدف‬ ‫قت ــل اليمني ــن املدني ــن‪ ،‬وص ــف الفري ــق الرك ــن عل ــي محس ــن ه ــذه‬ ‫املزاع ــم بأنه ــا ال تع ــدو كونه ــا اس ــطوانة مش ــروخة يردده ــا كل ي ــوم‬ ‫رعــاة االنقــاب وهــي محاولــة فاشــلة لصــرف النظــر عمــا يرتكبونــه‬ ‫م ــن جرائ ــم بح ــق أبن ــاء الش ــعب‪ ،‬حي ــث يحاول ــون تغطي ــة جرائمه ــم‬ ‫بإلقـــاء التهـــم جزا ًفـــا علـــى اآلخريـــن‪ ،‬ويحاولـــون توظيـــف دمـــاء‬ ‫األبري ــاء أم ـ ً‬ ‫ـا يف حش ــد ال ــرأي الع ــام‪.‬‬ ‫وأكـــد فخامتـــه أن احلـــل السياســـي يف اليمـــن يكمـــن يف‬ ‫اســتعادة الدولــة اليمنيــة وإنهــاء االنقــاب وتســليم األســلحة للدولــة‬ ‫والتح ــول إل ــى طي ــف سياس ــي الس ــتئناف العملي ــة السياس ــية‪ ،‬وأن‬

‫أي حــل يجــب أن يرتكــز ً‬ ‫أيضــا علــى املرجعيــات الثــاث املتمثلــة يف‬ ‫املب ــادرة اخلليجي ــة وآليته ــا التنفيذي ــة‪ ،‬ومخرج ــات مؤمت ــر احل ــوار‬ ‫الوطنـــي وقـــرار مجلـــس األمـــن الدولـــي رقـــم ‪ 2216‬باعتبارهـــا‬ ‫الضامـــن لتحقيـــق األمـــن املســـتقبلي املســـتمر لليمـــن واليمنيـــن‪،‬‬ ‫حـــول مـــا إذا كانـــت هنـــاك محادثـــات أو مفاوضـــات ســـرية غيـــر‬ ‫معلنـــة بـــن احلكومـــة الشـــرعية واالنقابيـــن قـــال فخامـــة نائـــب‬ ‫رئيـــس اجلمهوريـــة‪ ،‬نـــرى ونســـمع أن هنـــاك جســـور متتـــد هنـــا‬ ‫وهنــاك خلــف الكواليــس‪ ،‬فــإذا كانــت تخــدم املصلحــة العامــة مين ًيــا‬ ‫وإقليم ًي ــا ودول ًي ــا فنتمن ــى له ــا التوفي ــق والنج ــاح‪ ،‬والش ــرعية مت ــد‬ ‫يده ــا للح ــوار‪ .‬وفيم ــا يل ــي ن ــص احل ــوار‪:‬‬ ‫● دول ــة فخام ــة نائ ــب رئي ــس اجلمهوري ــة اليمني ــة‪ ..‬ه ــل ت ــرون أن‬ ‫هن ــاك انفراج ــة قريب ــة لألزم ــة اليمني ــة عل ــى ض ــوء األوض ــاع عل ــى‬ ‫األرض يف اليم ــن‪ ،‬أم ت ــرون أن تعن ــت االنق ــالب س ــوف ُيطي ــل أم ــد‬ ‫ه ــذه األزم ــة؟‬ ‫ أرحــب مبركــز اخلليــج لألبحــاث وأعبــر عــن الشــكر والتقديــر‬‫إلدارت ــه عل ــى م ــا تبذل ــه م ــن جه ــود بحثي ــة كبي ــرة وم ــا تقدم ــه م ــن‬ ‫أدوار معرفي ــة جت ــاه مختل ــف القضاي ــا العربي ــة واإلس ــامية‪.‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫متابعات خليجية‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪13‬‬

‫‪12‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫صور من ورشتي عمل واشنطن و لندن‪:‬‬

‫متابعات خليجية‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫ع ــدم الرض ــا ع ــن العملي ــة السياس ــية ب ــن العم ــل يج ــري إعداده ــا‬ ‫حال ًيــا حــول مبــادرات التنميــة يف اليمــن‪ ،‬وحتتــاج هــذه اخلطــة إلــى‬ ‫توفيــر ‪ 17‬مليــار دوالر ســنو ًيا و‪ 88‬مليــار دوالر ملــدة خمــس ســنوات‪،‬‬ ‫عل ــى أن يت ــم توجي ــه مبل ــغ ‪ 25‬بلي ــون دوالر م ــن ه ــذا املبل ــغ إلع ــادة‬ ‫بنــاء البنيــة التحتيــة يف البــاد‪ .‬وتتمثــل النقطــة احملوريــة يف ضمــان‬ ‫حصـــول اليمنيـــن علـــى األمـــوال‪ ،‬وإنشـــاء آليـــات مثـــل صنـــدوق‬ ‫الرعاي ــة االجتماعي ــة‪ ،‬فض ـ ً‬ ‫ـا ع ــن تعزي ــز جه ــود تيس ــير التج ــارة‬ ‫للمزارعــن احملليــن بحيــث ميكــن توفيــر قــدر مــن االكتفــاء الذاتــي‪.‬‬ ‫ويف حــن أن هنــاك العديــد مــن املســائل التــي يتعــن العمــل عليهــا‪،‬‬ ‫ق ــال الس ــيد ويلس ــون ً‬ ‫أيض ــا إن ــه ميك ــن حتقي ــق بع ــض التق ــدم‪ ،‬م ــع‬ ‫تزايــد القيــادات احملليــة والدوليــة‪ ،‬كمــا هــو احلــال يف أماكــن أخــرى‬ ‫مث ــل الع ــراق‪.‬‬ ‫وخــال مناقشــات هــذه اجللســة‪ ،‬كان هنــاك تركيــز علــى قــدرة‬ ‫املؤسســات علــى الصمــود‪ ،‬وبــذل كل جهــد ممكــن لتفــادي انهيارهــا؛‬ ‫وإال فــإن تكاليــف محاولــة إعــادة إنشــائها ســتكون مرتفعــة ج ـدًا‪.‬‬ ‫وع ــاوة عل ــى ذل ــك‪ ،‬هن ــاك مس ــألة هام ــة ً‬ ‫أيض ــا‪ ،‬وه ــي اس ــتعداد‬ ‫املجتمــع الدولــي ورغبتــه يف توفيــر آليــة التمويــل‪ .‬وقــد اشــار البعــض‬ ‫إل ــى أن االعتم ــادات ال ت ــزال متوف ــرة لليم ــن‪ ،‬ولك ــن ال ي ــزال هن ــاك‬ ‫أش ــخاص مهتم ــون به ــذه املس ــالة‪ .‬كم ــا أن هن ــاك حاج ــة ً‬ ‫أيض ــا إل ــى‬ ‫تشــكيل حتالــف أوســع مــن املمولــن مــن أجــل احلفــاظ علــى اســتمرار‬ ‫اجله ــود املبذول ــة يف الب ــاد‪ .‬وتب ــع ذل ــك نق ــاش ح ــول األم ــوال الت ــي‬ ‫ســتأتي مــن خــال املبالــغ الهائلــة املطلوبــة‪ .‬وقــال أحــد املشــاركن إنــه‬ ‫م ــن امله ــم وض ــع ه ــدف وتق ــدمي ع ــرض موج ــز مل ــا ينبغ ــي القي ــام ب ــه‬ ‫مبج ــرد التوص ــل إل ــى تس ــوية سياس ــية‪ .‬ولذل ــك‪ ،‬فهن ــاك حاج ــة إل ــى‬ ‫إرس ــال رس ــالة أم ــل إل ــى الش ــعب واإلش ــارة إل ــى وج ــود مس ــتوى م ــن‬ ‫االســتعداد يف أعقــاب أي صــراع‪ .‬ولقــد كافحــت اليمــن دائ ًمــا مــن أجــل‬ ‫احلص ــول عل ــى اهتم ــام م ــن املجتم ــع الدول ــي‪ ،‬وه ــي طريق ــة إلرس ــال‬ ‫رس ــالة ع ــن حج ــم املش ــكلة واحلف ــاظ عل ــى مس ــتوى م ــن التركي ــز‪.‬‬ ‫وش ــملت التوصي ــات احمل ــددة املقدم ــة يف ه ــذه اجللس ــة م ــا يل ــي‪:‬‬ ‫● تقييـــم التجربـــة مـــع صنـــدوق التنميـــة االجتماعيـــة يف اليمـــن‪،‬‬ ‫ومعرفــة كيــف ميكــن نقــل جوانــب تلــك التجربــة للعمــل مــع مؤسســات‬ ‫الدول ــة‪.‬‬ ‫● مواصلـــة العمـــل مـــع املؤسســـات الدوليـــة لوضـــع خطـــة طويلـــة‬ ‫األجـــل جلهـــود التنميـــة املســـتدامة يف اليمـــن‪.‬‬ ‫● النظـــر يف آليـــة لضمـــان القـــدرة االســـتيعابية علـــى املســـتوى‬ ‫الداخلـــي يف اليمـــن‪ ،‬وعلـــى مســـتوى املانحـــن‪.‬‬

‫التوصيات‬ ‫ويف اجللس ــة األخي ــرة‪ ،‬الت ــي ترأس ــها الدكت ــور كريس ــتيان ك ــوخ‪،‬‬ ‫مدي ــر مؤسس ــة مرك ــز اخللي ــج لألبح ــاث بجنيف‪-‬سويس ــرا‪ُ ،‬طل ــب‬

‫متابعات خليجية‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪11‬‬

‫مـــن املشـــاركن تقـــدمي بعـــض التوصيـــات املتعلقـــة بالسياســـات‪،‬‬ ‫والت ــي ق ــد توج ــه املناقش ــات اجلاري ــة‪ .‬وكان م ــن ب ــن االقتراح ــات‬ ‫الت ــي طرح ــت خ ــال ه ــذه اجللس ــة م ــا يل ــي‪:‬‬ ‫● التركي ــز عل ــى كيفي ــة التنفي ــذ ولي ــس ماهي ــة التنفي ــذ؛ إذ هن ــاك‬ ‫اتف ــاق واس ــع النط ــاق عل ــى م ــا ينبغ ــي عمل ــه‪ ،‬ولك ــن يتبق ــى الس ــؤال‬ ‫الرئيس ــي ه ــو كي ــف ميك ــن حتقيق ــه‪.‬‬ ‫● وعلـــى الصعيـــد السياســـي‪ ،‬اقتـــرح البعـــض تشـــكيل حكومـــة‬ ‫تكنوقـــراط تتكـــون مـــن ‪ 15‬وزيـــ ًرا‪ ،‬وتعمـــل يف صنعـــاء بدعـــم مـــن‬ ‫مجل ــس عس ــكري‪/‬أمني يتك ــون م ــن تس ــعة متخصص ــن‪ ،‬ال عاق ــة‬ ‫له ــم بالص ــراع الدائ ــر حال ًي ــا‪ .‬وتعم ــل ه ــذه احلكوم ــة مل ــدة عام ــن‬ ‫وترك ــز عل ــى القضاي ــا احلاس ــمة الت ــي يتع ــن حله ــا‪ ،‬عل ــى أن تظ ــل‬ ‫األطــراف املتحاربــة خــارج احلكومــة‪ ،‬وال ميكنهــا االنضمــام إال إلــى‬ ‫حكوم ــة وطني ــة‪ ،‬يت ــم التف ــاوض عليه ــا بع ــد فت ــرة الس ــنتن‪.‬‬ ‫● تسليم رسائل رئيسية إلى الشعب اليمني مفادها‪:‬‬ ‫● أن العالم لن ينساهم‪.‬‬ ‫● أن األس ــاس ألي اتف ــاق يج ــب أن يرتك ــز عل ــى الدعائ ــم الرئيس ــية‬ ‫للح ــوار الوطن ــي‪ ،‬وق ــرارات مجل ــس األم ــن التاب ــع ل ــألمم املتح ــدة‪،‬‬ ‫واملب ــادرة اخلليجي ــة‪.‬‬ ‫● طمأنـــة الشـــعب اليمنـــي بـــأن قضاياهـــم ســـتتم معاجلتهـــا‪ ،‬مـــع‬ ‫تك ــرار االلت ــزام بح ــل تل ــك القضاي ــا‪.‬‬ ‫● اتخ ــاذ املزي ــد م ــن اخلط ــوات يف املس ــتقبل‪ ،‬فه ــذه مج ــرد بداي ــة‬ ‫للعملي ــة السياس ــية‪ .‬واليمني ــون بحاج ــة إل ــى س ــماع ذل ــك‪.‬‬ ‫● عقـــد اجتمـــاع مـــرة أخـــرى يف غضـــون بضعـــة أشـــهر ملواصلـــة‬ ‫املناقش ــات واس ــتعراض التق ــدم احمل ــرز‪ .‬وم ــن امله ــم احلف ــاظ عل ــى‬ ‫الشـــبكة التـــي يتـــم إنشـــاؤها هنـــا‪ ،‬وتطويرهـــا‪ .‬وميكـــن للســـفير‬ ‫اليمنـــي أن يتولـــى رئاســـة هـــذه العمليـــة‪.‬‬ ‫● جتزئ ــة الص ــراع م ــن أج ــل إظه ــار حت ــى النجاح ــات الصغي ــرة‪.‬‬ ‫ويتضمــن ذلــك اتخــاذ بعــض اخلطــوات الفوريــة‪ ،‬مثــل دفــع الرواتــب‬ ‫لليمنيـــن‪ ،‬ورفـــع احلصـــار عـــن تعـــز وتخفيـــف إجـــراءات دخـــول‬ ‫اليمني ــن إل ــى الوالي ــات املتح ــدة عن ــد اس ــتيفاء كاف ــة املتطلب ــات‪.‬‬ ‫● وض ــع بدائ ــل أم ــام الش ــعب اليمن ــي حت ــى يتمك ــن م ــن االبتع ــاد‬ ‫ع ــن احلوثي ــن‪ ،‬فب ــدون تل ــك البدائ ــل‪ ،‬سيس ــتمر الص ــراع ببس ــاطة‪.‬‬ ‫● إجــراء تقييــم فــوري للصنــدوق االجتماعــي للتنميــة ملعرفــة كيفيــة‬ ‫تكــرار هــذه التجــارب يف أماكــن أخــرى‪.‬‬ ‫● دعم مسارات اجلهود الثنائية لتعزيز احلوار‪.‬‬ ‫● توفي ــر أم ــوال إضافي ــة لاقتص ــاد اليمن ــي‪ ،‬م ــع من ــع وص ــول تل ــك‬ ‫األم ــوال إل ــى اجلماع ــات الت ــي تؤج ــج الص ــراع‪.‬‬ ‫● مس ــاعدة احملافظ ــات احمل ــررة يف اس ــتعادة اخلدم ــات‪ ،‬وجعله ــا‬ ‫منــاذج متكــررة يف البــاد‪ ،‬فهــذا مــن شــأنه أن يســمح لليمنيــن رؤيــة‬ ‫بع ــض الض ــوء يف نهاي ــة النف ــق‪.‬‬

‫‪10‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫متابعات خليجية‬

‫العريانــي الضــوء علــى نقــص مدفوعــات املرتبــات‪ ،‬وهــو العنصــر‬ ‫الرئيســي يف األزمــة اإلنســانية الراهنــة‪ .‬وقــال إن هنــاك خطــر أن‬ ‫يعتمــد النــاس علــى احلــرب واقتصــاد احلــرب‪ ،‬أثنــاء بحثهــم عــن‬ ‫بدائــل نظـ ًرا لعــدم وجــود خدمــات حال ًيــا‪ ،‬بســبب انعــدام األمــن‪ ،‬وهــو‬ ‫مصــدر قلقهــم البالــغ حال ًيــا‪ .‬كمــا تنــاول العريانــي مســألة نقــص‬ ‫اخلدمــات التعليميــة‪.‬‬ ‫وقالــت آنــا نيلســون‪ ،‬رئيســة قســم التواصــل والشــؤون العامــة‬ ‫للجنــة الدوليــة للصليــب األحمــر يف واشــنطن‪ ،‬إن أزمــة الرعايــة‬ ‫الصحيــة احلاليــة تتجــاوز تأثيرهــا املباشــر احلالــي‪ .‬فاإلجهــاد البالــغ‬ ‫يجعــل مــن الصعــب علــى النــاس إعــادة بنــاء حياتهــم‪ ،‬يف حــن أن‬ ‫احلــرب احلضريــة لهــا كلفــة باهظــة‪ ،‬وأهمهــا تــرك األطفــال دون‬ ‫تعليــم‪ ،‬ورحيــل املوظفــن املهــرة‪ ،‬والعاقــات املترديــة التــي تتركهــا‪.‬‬ ‫وال ميكــن للجهــود اإلنســانية الدوليــة ســوى رعايــة شــخص مــن بــن‬ ‫كل خمســة أشــخاص يعانــون مــن الكوليــرا؛ إذ ال تــزال امليزانيــة‬ ‫احلاليــة غيــر كافيــة‪.‬‬ ‫وم ــن القضاي ــا الرئيس ــية‪ ،‬الت ــي نوقش ــت خ ــال اجللس ــة‪ ،‬ه ــي‬ ‫محاول ــة فص ــل القضاي ــا اإلنس ــانية ع ــن السياس ــة احلالي ــة للب ــاد‪.‬‬ ‫وقـــال أحـــد املشـــاركن إنـــه ال ينبغـــي التمييـــز يف تقـــدمي جهـــود‬ ‫اإلغاثـــة للجميـــع يف كافـــة أنحـــاء البـــاد‪ ،‬حتـــى يف املناطـــق التـــي‬ ‫تس ــيطر عليه ــا ق ــوات احلوثي ــن وصال ــح‪ .‬وه ــذا يش ــمل الرف ــع غي ــر‬ ‫املشــروط للحصــار املفــروض علــى املوانــئ واملطــارات‪ .‬وقــد عــارض‬ ‫هــذا الطــرح القــول بأنــه ينبغــي للمجتمــع الدولــي أال يســاعد أولئــك‬ ‫الذيـــن تســـببوا يف احلالـــة الراهنـــة‪ ،‬ألن ذلـــك لـــن يـــؤدي إال إلـــى‬ ‫إطالـــة أمـــد الدمـــار‪ .‬ولذلـــك مت اقتـــراح حـــل يهـــدف إلـــى إيجـــاد‬ ‫وس ــيلة للضغ ــط عل ــى احلوثي ــن للجل ــوس عل ــى طاول ــة املفاوض ــات‪.‬‬ ‫واملهــم يف هــذا الصــدد هــو توفيــر بدائــل أمــام املواطنــن‪ ،‬ومنحهــم‬ ‫ً‬ ‫ضغط ــا أكب ــر عل ــى احلوثي ــن‪ .‬وإال‬ ‫خي ــارات أكب ــر‪ ،‬وه ــو م ــا س ــيضع‬ ‫ســـيذهب الســـكان إلـــى أحضـــان احلوثيـــن‪ .‬وتضمنـــت توصيـــات‬ ‫ه ــذه اجللس ــة م ــا يل ــي‪:‬‬ ‫● إيجــاد ســبل لفتــح ممــرات لتوصيــل اإلمــدادات اإلنســانية يف‬ ‫املطــارات واملوانــئ علــى وجــه اخلصــوص‪.‬‬ ‫● حــل مشــكلة دفــع الرواتــب‪ ،‬ألن ذلــك مــن شــأنه أن ُمي ِّكــن النــاس‪،‬‬ ‫ومينحهــم إمكانيــة أكبــر للحصــول علــى اخلدمــات الصحيــة‪ ،‬والقــدرة‬ ‫علــى دفــع تكاليــف هــذه اخلدمــات‪.‬‬ ‫● بــذل املجتمــع الدولــي جهــود أكبــر للجمــع بــن خدمــات اإلغاثــة‬ ‫يف حــاالت الطــوارئ والتخطيــط اإلمنائــي املتوســط األجــل لضمــان‬ ‫اســتدامة أفضــل يف اليمــن‪.‬‬

‫الجلسة الثالثة ‪-‬تحديد جدول أعمال التنمية يف اليمن‬ ‫ويف اجللســة أثيــر عــدد مــن األســئلة ومنهــا‪ :‬مــا هــي الــدروس‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫املســتفادة مــن النهــج اإلمنائــي الســابق يف اليمــن؟ ومــا هــي جوانــب‬ ‫النهــج اإلمنائــي التــي ميكــن تنفيذهــا أثنــاء األزمــة؟ ومــا هــي الركائــز‬ ‫التــي ميكــن هيكلــة عمليــة التنميــة واملســاعدة التقنيــة مــن خالهــا؟‬ ‫وكيــف ميكــن حتســن التنســيق بــن اجلهــات الفاعلــة احملليــة‬ ‫واإلقليميــة والدوليــة لتكــون فعالــة؟‬ ‫وتــرأس اجللســة بــول ســالم‪ ،‬نائــب رئيــس حتليــل السياســات‬ ‫والبحــوث والبرامــج التابــع ملعهــد الشــرق األوســط‪ .‬وقالــت جيهــان‬ ‫عبــد الغفــار‪ ،‬خبيــرة التنميــة الدوليــة يف البنــك الدولــي‪ ،‬يف بدايــة‬ ‫حديثهــا‪ ،‬إن الضــرر الــذي حلــق بالنســيج االجتماعــي يف البــاد هــو‬ ‫األســوأ‪ ،‬نظـ ًرا لتدميــر التماســك االجتماعــي يف اليمــن‪ .‬ولذلــك‪ ،‬فــإن‬ ‫أي حــل سيســتغرق وق ًتــا‪ ،‬حتــى لــو انتهــى الصــراع اآلن‪ .‬ومــن ثــم‪،‬‬ ‫هنــاك حاجــة إلدارة التوقعــات حــول هــذه األزمــة مــن حيــث كيفيــة‬ ‫تغييــر الوضــع علــى أرض الواقــع‪ ،‬والتعامــل مــع القضايــا الرئيســية‬ ‫الثنائيــة القائمــة‪ ،‬فعلــى ســبيل املثــال‪ ،‬اجلهــود املبذولــة للحفــاظ‬ ‫علــى فعاليــة املؤسســات الوطنيــة‪ ،‬والتــي يقابلهــا عــدم النظــر بشــكل‬ ‫كاف يف املظالــم احملليــة‪ .‬ويتضمــن هــذا الطــرح توفيــر القــدرة‬ ‫الكافيــة علــى الصعيــد احمللــي لتنفيــذ املبــادرات اإلمنائيــة ذات‬ ‫الصلــة‪ .‬وأضافــت جيهــان أن هنــاك فجــوة بــن تعهــدات مســاعدات‬ ‫املانحــن وبــن املبالــغ التــي مت صرفهــا فعل ًيــا‪ ،‬وهــو مــا يــؤدي‬ ‫بــدوره إلــى اإلحبــاط بــن املواطنــن عندمــا ال يتــم تســليم األمــوال‪.‬‬ ‫ودعــت اجلهــات املانحــة إلــى التوصــل إلــى نهــج مشــترك‪ ،‬والتعامــل‬ ‫بصــورة أكثــر مرونــة مــع الصــراع احلالــي مــن حيــث تطبيــق مبادئهــم‬ ‫التوجيهيــة الداخليــة‪ .‬ويتضمــن هــذا النهــج املقتــرح‪ ،‬تصميــم برامــج‬ ‫بنظــرة تراعــي احلساســيات الداخليــة يف البــاد‪ .‬وعلــى هــذا النحــو‪،‬‬ ‫فــإن وكاالت التنميــة الدوليــة ليــس مــن مهامهــا مقاومــة الصراعــات‪،‬‬ ‫ولكنهــا عبــارة عــن ســبيل إليجــاد طريقــة للحفــاظ علــى اســتمرارية‬ ‫املشــروعات أثنــاء الصــراع‪ .‬ويف حــن أن التنميــة اإلنســانية ال ميكــن‬ ‫أن تعمــل يف بيئــة غيــر آمنــة‪ ،‬إال أن هنــاك حاجــة إلــى االســتعداد يف‬ ‫حالــة اســتمرار الصــراع وتوفيــر ســبل التعامــل مــع حــاالت الطــوارئ‪.‬‬ ‫واقترحــت ً‬ ‫أيضــا إنشــاء صنــدوق للمغتربــن نظـ ًرا للــدور الهــام الــذي‬ ‫يلعبــه مجتمــع الشــتات اليمنــي مــن حيــث ضــرورة إعــادة إشــراكهم يف‬ ‫املجتمــع يف الوقــت احلاضــر‪.‬‬ ‫وقـــال روبـــرت ويلســـون‪ ،‬رئيـــس شـــعبة تنســـيق السياســـات‬ ‫والبرامـــج يف مكتـــب شـــؤون الشـــرق األدنـــى‪ /‬مكتـــب تنســـيق‬ ‫املســاعدة بــوزارة اخلارجيــة األميركيــة‪ ،‬إن الواليــات املتحــدة لديهــا‬ ‫برنام ــج إمنائ ــي ق ــوي قائ ــم من ــذ أرب ــع س ــنوات وحت ــى اآلن فيم ــا‬ ‫يتعل ــق باليم ــن‪ .‬ويف الوق ــت احلاض ــر‪ ،‬ولك ــن األم ــور الداخلي ــة وبن ــاء‬ ‫الق ــدرات االس ــتيعابية له ــا األولوي ــة حال ًي ــا يف اليم ــن‪ .‬وأش ــار إل ــى‬ ‫موافقت ــه عل ــى حقيق ــة أن ع ــدم إح ــراز تق ــدم ملح ــوظ يف الص ــراع‬ ‫اليمن ــي‪ .‬وأش ــار إل ــى وج ــود مس ــودة خلط ــة اليم ــن ق ــد أدى إل ــى‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫طريقــه ألن يكــون دولــة منقســمة وأن النظــام الفيدرالــي يقــوم علــى‬ ‫هذه االنقســامات‪ .‬وأفاد أن األطراف السياســية الرئيســية يف اليمن‬ ‫يف احلقيقــة تقبــل الوضــع علــى مــا هــو عليــه‪ .‬وعلى وجــه اخلصوص‪،‬‬ ‫يريــد علــي عبــد اهلل صالــح االســتمرار يف احلــرب بشــتى الطــرق‬ ‫باعتبارهــا مســألة حيــاة أو مــوت بالنســبة إليــه‪ .‬مــا يهــم يف هــذه‬ ‫املرحلــة هــو جتنــب االنهيــار االقتصــادي وبنــاء مؤسســات جديــدة‬ ‫تعتمــد علــى حقائــق جديــدة‪ .‬كمــا حــث شــميتز املجتمــع الدولــي‬ ‫علــى توفيــر أكبــر قــدر مــن التمويــل إلــى اليمــن مــن أجــل منــع ترســخ‬ ‫اقتصــاد احلــرب لألبــد‪.‬‬ ‫ويف املناقشــات الاحقــة‪ ،‬كانــت األســئلة الرئيســية التــي أثيــرت‬ ‫تتمحــور حــول ســبل مســاعدة اجلهــات اخلارجيــة لألطــراف اليمنيــة‪،‬‬ ‫ومــا إذا كان اليمنيــون أنفســهم يســتطيعون التفــاوض بجديــة‪ .‬وكانــت‬ ‫النتيجــة التــي مت التوصــل إليهــا يف هــذا النقــاش هــي أن احلــرب‬ ‫ســتنتهي يف اليمــن عندمــا يريــد اليمنيــون إنهاءهــا‪ .‬وأكــدت نــدوى‬ ‫الدوســري علــى أن اليمنيــن عليهــم حتمــل مســؤولية عمليــة الســام‪،‬‬ ‫التــي تفــرض عليهــم يف الوقــت احلالي‪ ،‬رغــم أن هذه العملية منفصلة‬ ‫عــن الواقــع حال ًيــا‪ .‬وقــال علــي الصاحــي إن املجتمــع الدولــي يجــب‬ ‫أن يســاعد اليمنيــن علــى العــودة إلــى احلــوار السياســي‪ .‬فهنــاك‬ ‫حاجــة ماســة لوجــود أطــراف مســؤولة وقيــادة ناضجــة مــن أجــل‬ ‫إجنــاح هــذا احلــوار‪ .‬وقــال دكتــور اجلنيــد إن احلوثيــن لســوء احلــظ‬ ‫لــن يقبلــوا باحلــل السياســي‪ .‬ففــي الوضــع الراهــن‪ ،‬يعتبــر صالــح‬ ‫واحلوثيــن وجهــان لعملــة واحــدة‪ ،‬ويكمــن هدفهــم الرئيســي يف‬ ‫عرقلــة احلــوار‪ .‬ولذلــك‪ ،‬فــإن أحــد الوســائل املتاحــة إلزالــة الغمــوض‬ ‫احلالــي هــو البــدء بتحريــر املناطــق‪ .‬واقتــرح الدكتــور اجلنيــد البــدء‬ ‫يف حتريــر مدينــة تعــز بالكامــل‪.‬‬ ‫وقــال تشــارلز ســميث إن اململكــة العربيــة الســعودية جــزء‬ ‫ال يتجــزأ مــن أي حــل لألزمــة اليمنيــة‪ .‬كمــا أثيــرت مناقشــات يف‬ ‫اجللســة حــول دور إيــران يف الصــراع‪ .‬وقــال البعــض إن إيــران تدعــي‬ ‫دائ ًمــا أنهــا ال متلــك أي تأثيــر علــى احلوثيــن وأنهــا تدعــم العمليــة‬ ‫السياســية يف اليمــن‪ .‬ومــع ذلــك‪ ،‬عندمــا يتــم القبــض علــى أعضــاء‬ ‫حــزب اهلل‪ ،‬علــى ســبيل املثــال‪ ،‬داخــل اليمــن‪ ،‬تســتمر إيــران يف إنــكار‬ ‫مشــاركتها وتأثيرهــا يف الصــراع‪.‬‬ ‫وأظهــرت املناقشــات أن العديــد مــن جوانــب األزمــة اليمنيــة ال‬ ‫يــزال يســاء فهمهــا‪ ،‬وأن الوصــول األفضــل إلــى املعلومــات الدقيقــة‬ ‫أمــر حيــوي وهــام‪ .‬وبذلــك‪ ،‬تشــمل النقــاط الرئيســية لهــذه اجللســة‬ ‫مــا يلــي‪:‬‬ ‫● ال ميكــن صياغــة اســتجابات أفضــل‪ ،‬إال يف حالــة وجــود تشــخيص‬ ‫صحيح للمشــاكل‪.‬‬ ‫● هنــاك حاجــة لوجــود نهــج ذو شــقن مــن قبــل املجتمــع الدولــي‪ ،‬مــن‬ ‫حيــث دعــم جهــود احلكومــة الشــرعية يف اليمــن‪ ،‬ويف الوقــت نفســه‬

‫متابعات خليجية‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪9‬‬

‫التفكيــر يف كيفيــة توفيــر احللــول احملليــة مــن أجــل املســاعدة يف‬ ‫إجنــاز العمليــة السياســية‪.‬‬ ‫● يرغــب اليمنيــون يف حــل املشــكلة بأنفســهم‪ ،‬ولكــن يف كثيــر مــن‬ ‫األحيــان يشــعرون بالقلــق إزاء الوضــع احلالــي‪ .‬وبالتالــي‪ُ ،‬ميكــن‬ ‫للمجتمــع الدولــي التدخــل حلــل النــزاع‪ ،‬ولكــن مــع األخــذ يف االعتبــار‬ ‫مراعــاة املشــاكل الداخليــة احلساســة‪.‬‬ ‫● ال تــزال هنــاك شــكوك كبيــرة حــول مــا إذا كان معســكر صالــح ‪/‬‬ ‫احلوثــي مهت ًمــا بالفعــل أو حتــى مســتعدًا للدخــول يف حــل سياســي‪.‬‬ ‫ويجــب علــى املجتمــع الدولــي أن يكــون واقع ًيــا يف هــذا التقييــم‪ ،‬وأال‬ ‫ينخــدع وراء املزاعــم التــي تقــول بــأن معســكر احلوثي‪/‬صالــح مســتعد‬ ‫ح ًقــا إلنهــاء الصــراع‪.‬‬

‫الجلسة الثانية ‪-‬األزمة اإلنسانية يف اليمن‬ ‫تناولـــت اجللســـة الثانيـــة‪ ،‬االحتياجـــات اإلنســـانية العاجلـــة‬ ‫لليمـــن‪ ،‬وكيفيـــة تنفيـــذ خطـــة عمـــل ملجابهـــة االحتياجـــات األكثـــر‬ ‫إحلاح ــا؟ وم ــا ه ــي اآلف ــاق والعواق ــب املتوس ــطة لألزم ــة اإلنس ــانية‬ ‫املتزاي ــدة يف اليم ــن؟ وم ــا ه ــي مس ــؤوليات اجله ــات الفاعل ــة املعني ــة‬ ‫لتجنـــب املزيـــد مـــن التدهـــور يف الوضـــع اإلنســـاني؟ ومـــا هـــو‬ ‫االئتــاف الــذي ينبغــي تشــكيله مــن أجــل التغلــب علــى االحتياجــات‬ ‫اإلنســـانية العاجلـــة؟‬ ‫وتــرأس هــذه اجللســة وقــام بــإدارة النقــاش الســفيرة وينــدي‬ ‫تشــامبرلن‪ ،‬رئيــس معهــد الشــرق األوســط‪ .‬ويف البدايــة‪ ،‬قدمــت‬ ‫الســيدة ‪ /‬حنــان محــرم‪ ،‬اخلبيــرة يف قطــاع الصحــة‪ ،‬نظــرة عــن‬ ‫الوضــع الصحــي يف اليمــن قائلــة إنــه حتــى قبــل األزمــة األخيــرة‪،‬‬ ‫كان النظــام الصحــي يف اليمــن يواجــه دائ ًمــا حتديــات كبيــرة‪ .‬وحتــى‬ ‫يف املاضــي‪ ،‬كان هنــاك عــدم تطابــق بــن املــوارد املقدمــة وتأثيرهــا‬ ‫الفعلــي علــى أرض الواقــع‪ .‬وقــد ازدادت احلالــة ســو ًءا بدرجــة كبيــرة‬ ‫مــع احتــدام النــزاع ممــا أدى إلــى عــدم وصــول أكثــر مــن ‪ 14‬مليــون‬ ‫شــخص حال ًيــا إلــى املرافــق الصحيــة‪ .‬وباإلضافــة إلــى ذلــك‪ ،‬مت‬ ‫تدميــر العديــد مــن مراكــز الرعايــة الصحيــة‪.‬‬ ‫وقــال قيــس العريانــي‪ ،‬رئيــس مؤسســة مــور للمتطوعــن‪ ،‬إنــه مــن‬ ‫املرجــح أن األرقــام احلاليــة لألزمــة اإلنســانية يف اليمــن ال تــزال تقلــل‬ ‫مــن خطــورة الوضــع‪ ،‬فالوضــع الصحــي يف اليمــن ليــس جديـدًا ولكنــه‬ ‫اآلن مســتمر منــذ ‪ 27‬شــه ًرا‪ ،‬وقــد مت وقــف ســبل احليــاة عمو ًمــا‬ ‫بالنســبة جلميــع الســكان تقري ًبــا ؛ إذ يعانــي ‪ 68‬يف املائــة مــن الســكان‬ ‫مــن انعــدام األمــن الغذائــي مــع قلــة فــرص احلصــول علــى الكهربــاء‬ ‫أو امليــاه‪ .‬وبينمــا يســتطيع النــاس التأقلــم علــى احليــاة بــدون كهربــاء‪،‬‬ ‫لكنهــم ال يســتطيعون العيــش بــدون مــاء‪ .‬وقــد دفــع بعــض اليمنيــن‬ ‫أمــواالً طائلــة يف محاولــة للهــروب إلــى أماكــن أكثــر أمنًــا‪ ،‬ولكنهــم‬ ‫اكتشــفوا عــدم وجــود أماكــن آمنــة للهــروب إليهــا تقري ًبــا‪ .‬وســلط‬

‫‪8‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫متابعات خليجية‬

‫ضعي ــف ألن ــه ميتل ــك إدارة مركزي ــة ضعيف ــة‪ .‬ولك ــن اإلدارة املركزي ــة‬ ‫يف اليم ــن كان ــت تق ــوم دائ ًم ــا عل ــى خدم ــة عل ــي عب ــد اهلل صال ــح‬ ‫ونخبت ــه‪ ،‬وبالتال ــي أدى ذل ــك إل ــى تعزي ــز جوان ــب القص ــور الهيكلي ــة‬ ‫املوج ــودة بالفع ــل‪ .‬ونتيج ــة ذل ــك أصبح ــت اإلدارة املركزي ــة عنص ـ ًرا‬ ‫يقص ــي األط ــراف املدني ــة‪ ،‬ويف ه ــذا الس ــياق‪ ،‬ف ــإن مب ــادرة مجل ــس‬ ‫التع ــاون اخلليج ــي ق ــد انط ــوت فق ــط عل ــى إع ــادة تدوي ــر النخب ــة‬ ‫السياس ــية ب ــدالً م ــن حتقي ــق عملي ــة انتقالي ــة حقيقي ــة‪.‬‬ ‫كان املتحــدث التالــي هــو علــي الصاحــي دبلوماســي مينــي‬ ‫ســابق‪ .‬وأشــار إلــى دســتور ‪1990‬م‪ ،‬الــذي أتــاح وجــود نظــام متعــدد‬ ‫األحــزاب وصحافــة حــرة وأحــزاب معارضــة‪ .‬إال أن املشــهد تضمــن‬ ‫جوانــب مــن العمليــة الدميوقراطيــة‪ .‬ومتكــن طــوال الوقــت علــي عبــد‬ ‫اهلل صالــح مــن تغييــر الدســتور وضــم تطلعاتــه السياســية فيــه‪ .‬ثــم‬ ‫جــاءت ثــورة الشــباب يف عــام ‪2011‬م‪ ،‬التــي كانــت مفاجــأة بالنســبة‬ ‫لــه‪ ،‬إال أن االنتفاضــة لــم ينتــج عنهــا صــراع مفتــوح يف احلــال‪ ،‬وهــذا‬ ‫يرجــع إلــى الثقافــة السياســية يف اليمــن‪ .‬ولكــن نشــأت عمليــة احلــوار‬ ‫الوطنــي‪ ،‬إال أنــه مــع اســتياء احلوثيــن علــى صنعــاء‪ ،‬انتهــت تلــك‬ ‫العمليــة بشــكل مفاجــئ‪ .‬إن املشــكلة الرئيســية اآلن هــي أن احلوثيــن‬ ‫يســتولون علــى مــا يريــدون بالقــوة بــدون أي اعتبــار للدمــار الــذي‬ ‫يخلــف ذلــك‪ .‬ونظـ ًرا إلــى أن احلوثيــن ليســوا حز ًبــا سياسـ ًيا ولكنهــم‬ ‫مدفوعــون مــن فكــر متطــرف‪ ،‬فإنــه مــن غيــر املنطقــي أن يكونــوا‬ ‫علــى اســتعاد للمصاحلــة‪ .‬وإذا مــر علــى اليمــن ‪ 3‬أو ‪ 4‬ســنوات حتــت‬ ‫ســيطرة احلوثيــن‪ ،‬فــإن اليمــن ســيتحول إلــى إيــران أخــرى‪ .‬ولذلــك‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫مــن املهــم أن يــدرك املجتمــع الدولــي أنــه قــد خُ ــدع مــن احلوثيــن‪،‬‬ ‫وأن احلوثيــن شــركاء غيــر مســؤولن‪.‬‬ ‫أمــا الطبيــب والناشــط السياســي عبــد القــادر اجلنيــد‪ ،‬فقــال‬ ‫إن مــا حــدث هــو اختطــاف لليمــن نتــج عنــه الفوضــى‪ ،‬وأن الوضــع‬ ‫إذا تُــرك علــى مــا هــو عليــه اآلن فإنــه لــن يتحســن‪ .‬ورغــم أنــه كان‬ ‫يوجــد أمــل يف البدايــة يف األطــراف اإلقليميــة‪ ،‬إال أن تلــك األطــراف‬ ‫جتــد نفســها اآلن وســط حالــة مــن الفوضــى‪ .‬وقــد كان هنــاك أمــل‬ ‫كبيــر ً‬ ‫أيضــا يف الواليــات املتحــدة يف بــادئ األمــر‪ ،‬ولكــن احلقيقــة‬ ‫هــي أن نطــاق اهتمــام الواليــات املتحــدة قصيــر‪ ،‬وال تهتــم كثيــ ًرا‬ ‫باليمــن‪ .‬وصــرح د‪ .‬اجلنيــد أن األمــور يجــب أن تُســمى بأســمائها‪،‬‬ ‫وهــذا يتطلــب حتديــد أوالً مــا إذا كان اســتياء احلوثيــن علــى صنعاء‬ ‫انقا ًبــا أم ال‪ .‬فــإذا كان انقا ًبــا فينبغــي إنهــاء هــذا االنقــاب‪ .‬وقــد‬ ‫ذهــب اجلنيــد بالتأكيــد إلــى أن تلــك اخلطــوة كانــت بالتأكيــد انقا ًبــا‬ ‫علــى احلــوار الوطنــي‪ ،‬وأن نِتــاج هــذا احلــوار ال يقبــل التفــاوض‪.‬‬ ‫وإذا لــم يكــن انقا ًبــا‪ ،‬فإننــا ميكــن أن نتوقــع مأســاة ال نهايــة لهــا‬ ‫وموقــف قــد ينتهــي إلــى أن يكــون أســوأ مــن موقــف الصومــال‪ .‬وقــال‬ ‫د‪ .‬اجلنيــد إن املجتمــع الدولــي يجــب أن يؤكــد أن احلــل السياســي‬ ‫يجــب أن يكــون قائ ًمــا علــى الركائــز الثاثــة وهــي نتــاج احلــوار‬ ‫الوطنــي‪ ،‬واملبــادرة اخلليجيــة‪ ،‬وقــرار مجلــس األمــن التابــع لــألمم‬ ‫املتحــدة ‪.2216‬‬ ‫وأشــار املتحــدث األخيــر تشــارلز شــميتز‪ ،‬األســتاذ يف جامعــة‬ ‫تاوســن والباحــث يف معهــد الشــرق األوســط‪ ،‬إلــى أن اليمــن يف‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫متابعات خليجية‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪7‬‬

‫األمم المتحدة وضعت مسودة خطة للتنمية يف اليمن تحتاج ‪ 17‬مليار‬ ‫دوالر ســنو ًيا لمــدة خمــس ســنوات منها ‪ 25‬مليا ًرا إلعــادة البنية التحتية‬ ‫خاصــة األمــر هــي أن الشــعب اليمنــي يف معانــاة وأن األزمة تفاقمت‬ ‫لدرجــة أن اليمــن أصبــح يف خطــر‪ .‬وأكــد الســفير علــى حقيقــة أن‬ ‫احلــل ميكــن أن يكــون داخل ًيــا بــن األطــراف اليمنيــة‪ ،‬وهــو يقــوم‬ ‫علــى ثــاث ركائــز هــي‪ :‬عمليــة احلــوار الوطنــي‪ ،‬واملبــادرة اخلليجيــة‬ ‫‪2011‬م‪ ،‬وقــرار مجلــس األمــن التابــع لــألمم املتحــدة ‪ .2216‬وليســت‬ ‫هنــاك وســيلة أخــرى غيــر ذلــك‪ .‬ومــن اجلديــر بالذكــر أن الســفير بــن‬ ‫مبــارك قــد شــارك يف ورشــة العمــل بالكامــل‪.‬‬ ‫مــن جهتــه‪ ،‬قــال مديــر مؤسســة مركــز اخلليج لألبحــاث بجنيف‪-‬‬ ‫سويســرا‪ ،‬الدكتــور كريســتيان كــوخ‪ ،‬إنــه مــن املهــم خــال هــذه الورشــة‬ ‫طــرح فه ًمــا أفضــل لوجهــات النظــر وتوفيــر منبــر ميكــن مــن خالــه‬ ‫أن يعبــر اليمنيــون أنفســهم عــن آرائهــم وأن يقدمــوا تقيي ًمــا حقيق ًيــا‬ ‫للموقــف داخــل البــاد‪.‬‬

‫جلسة بناء المؤسسات والعملية السياسية‬ ‫مت تقســيم ورشــة العمــل إلــى ثــاث جلســات تركــز علــى اجلوانــب‬ ‫األساســية للصــراع اليمنــي‪ .‬وقــد اســتندت كل جلســة إلــى مجموعــة‬ ‫مــن األســئلة املتضمنــة يف خطــة ســير الورشــة‪ ،‬حيــث مت مناقشــة‬

‫األســئلة التاليــة‪ :‬مــا هــي املخططــات الواقعيــة ملباشــرة عملية سياســية‬ ‫بــن األطــراف يف اليمــن؟ مــا هــي الــدروس املســتفادة مــن اجلهــود‬ ‫الســابقة يف بنــاء املؤسســات‪ ،‬وعلــى أي أســاس ميكــن أن تقــوم هــذه‬ ‫العمليــة؟ مــا هــي أبــرز العناصــر التــي ينبغــي النظــر فيهــا فيمــا يتعلــق‬ ‫بتكويــن حتالــف سياســي مســتقر؟ مــا هــو الــدور الــذي ميكــن أن يؤديــه‬ ‫األطــراف اخلارجيــة تأيي ـدًا لقــرار سياســي بشــأن األزمــة؟‬ ‫تـــرأس اجللســـة األولـــى الســـيد‪ /‬آالن كيســـويتر مـــن معهـــد‬ ‫الش ــرق األوس ــط‪ .‬وأوضح ــت املتحدث ــة األول ــى ن ــدوى الدوس ــري‪،‬‬ ‫مـــن كبـــار الزمـــاء غيـــر املقيمـــن يف مشـــروع الدميوقراطيـــة‬ ‫يف الشـــرق األوســـط يف واشـــنطن‪ ،‬أنـــه كان مـــن املمكـــن تفـــادي‬ ‫أم ــور ع ــدة يف األزم ــة اليمني ــة يف ح ــال ح ــدوث بع ــض التدخ ــات‬ ‫السياس ــية‪ .‬وبالتأكي ــد هن ــاك حاج ــة للواقعي ــة ومواءم ــة التدخ ــات‬ ‫لألح ــداث الفعلي ــة عل ــى أرض الواق ــع‪ .‬كم ــا يتطل ــب ذل ــك معاجل ــة‬ ‫املش ــاكل الهيكلي ــة الت ــي ل ــم يتناوله ــا املجتم ــع الدول ــي يف مبادرت ــه‬ ‫عـــام ‪2011‬م‪ ،‬ومـــن أبـــرز األمـــور يف هـــذا الشـــأن هـــو أن الكثيـــر‬ ‫م ــن التدخ ــات الس ــابقة كان ــت تتمح ــور ح ــول صنع ــاء وترك ــز عل ــى‬ ‫النخبــة السياســية القائمــة‪ .‬وكان هنــاك افتــراض ضمنــي أن اليمــن‬

‫‪6‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫متابعات خليجية‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫مركـــز الخليـــج لألبحـــاث ينقـــل األزمـــة اليمنيـــة إلـــى واشـــنطن ولنـــدن‬

‫تحذيــرات غربيــة مــن يمــن مقســم ومنهــار‬ ‫اقتصاد ًيــا ومطالبــة ببناء مؤسســات جديدة‬ ‫عقــد مركــز اخلليــج لألبحــاث مؤخـ ًرا عــدة ورش عمــل يف الواليــات املتحــدة األمريكيــة والعاصمــة البريطانيــة لنــدن حــول األزمــة‬ ‫اليمنيــة‪ ،‬وجــاءت واحــدة مــن هــذه الــورش بالتعــاون مــع معهــد الشــرق األوســط بالواليــات املتحــدة األمريكيــة يف ‪ 17‬يوليــو املاضي‪،‬‬ ‫بعنــوان "اليمــن – رؤى مســتقبلية" يف واشــنطن‪ ،‬مبشــاركة أكثــر مــن ‪ 50‬مــن اخلبــراء واملختصــن اليمنيــن و األمريكين املختصن‬ ‫يف شــؤون املنطقة‪ ،‬واإلعامين‪ ،‬يف محاولة لتســليط الضوء على العملية السياســية واملفاوضات لتســوية الصراع وعلى الوضع‬ ‫اإلنســاني الراهــن داخــل اليمــن‪ ،‬ومناقشــة أجنــدة التنمية املســتقبلية التي ســيتم تنفيذها‪.‬‬

‫بعثة آراء حول اخلليج ـ واشنطن ـ لندن‬

‫وركــزت ورشــة العمــل علــى توفيــر منصــة للخبــراء واملختصــن‬ ‫لتقــدمي وجهــات نظــر مينيــة وعامليــة حــول الوضــع اليمنــي وإلجــراء‬ ‫مناقشــة لتعزيــز احلــوار اليمنــي ـ اليمنــي للتغلــب علــى االختافــات‬ ‫السياســية وحتديــد نهــج مشــترك‪ ،‬وقســمت ورشــة العمــل إلــى‬ ‫ثــاث جلســات ركــزت علــى "بنــاء املؤسســات والعمليــة السياســية يف‬ ‫اليمــن" و "قضايــا األزمــة اإلنســانية" و "برنامــج االقتصــاد والتنميــة"‪،‬‬ ‫واختتمــت الورشــة بجلســة التوصيــات‪.‬‬ ‫وافتتحت السفيرة ويندي تشامبرلن‪ ،‬رئيس معهد الشرق األوسط‬ ‫الورشـة بكلمة افتتاحية‪ ،‬ترأس جلسـات الورشـة خبراء ومختصون من‬ ‫املعهـد‪ .‬وبحضـور السـفير الدكتـور أحمـد عـوض بـن مبـارك‪ ،‬سـفير‬ ‫اجلمهوريـة اليمنيـة لـدى الواليـات املتحـدة‪ .‬وحظيـت الورشـة بتغطيـة‬ ‫صحفية يف الدوائر اإلعامية األمريكية‪ ،‬ووسائل التواصل االجتماعي‪.‬‬ ‫ومــن جهتــه قــال بــول ســالم‪ ،‬نائــب رئيــس حتليــل السياســات‬ ‫والبحــوث والبرامــج يف معهــد الشــرق األوســط يف االجتمــاع‪ :‬إن‬ ‫ورشــة العمــل مــن شــأنها أن تكــون رافــدًا مه ًمــا للمعهــد لتقــدمي‬ ‫املعلومــات ملســؤولي السياســة وصنــاع القــرار يف واشــنطن والــرأي‬ ‫العــام يف الواليــات املتحــدة‪.‬‬

‫الجلسة االفتتاحية‬ ‫افتتحــت الســفيرة وينــدي تشــامبرلن‪ ،‬رئيــس معهــد الشــرق‬ ‫األوســط الورشــة‪ ،‬وصرحــت بــأن خلفيــة فظاعــة املوقــف يف اليمــن‪،‬‬

‫خاص ـ ًة املوقــف اإلنســاني‪ ،‬فــإن البــدء يف التحــدث عــن املوقــف مــا‬ ‫بعــد الصــراع ليــس ســابق ألوانــه‪ ،‬نظ ـ ًرا إلــى أن محادثــات الســام‬ ‫ميكــن أن تســتمر‪ .‬ومــن هــذا املنطلــق‪ ،‬كان عنــوان النــدوة ومحــور‬ ‫تركيزهــا علــى "رؤى مســتقبلية" اختيــا ًرا مناس ـ ًبا‪ .‬وقــد طــرح معهــد‬ ‫الشــرق األوســط ومركــز اخلليــج لألبحــاث أفــكا ًرا بالفعــل‪ ،‬مثــل نقــل‬ ‫إدارة مينــاء احلديــدة إلــى طــرف ثالــث أو دعــوة البنــك املركــزي‬ ‫ملواصلــة أعمالــه‪ .‬ولكــن هــذه األفــكار ال ميكــن تطبيقهــا إال إذا‬ ‫كانــت هنــاك حركــة تتخطــي ذلــك الفتــور الراهــن‪ .‬فاألفــكار املبدئيــة‬ ‫املعروضــة حتــى اآلن تعمــل فقــط كحلــول مؤقتــة مــا دامــت جــذور‬ ‫الصــراع املترســخة لــم تتــم معاجلتهــا‪.‬‬ ‫وصــرح ســفير جمهوريــة اليمــن يف الواليــات املتحــدة‪ ،‬الدكتــور‬ ‫أحمــد عــوض بــن مبــارك‪ ،‬أنــه قــد مــر عامــن منــذ أن مت وقــف‬ ‫العمليــة السياســية بســبب االنقــاب علــى يــد احلوثيــن‪ .‬وبالرغــم‬ ‫مــن ذلــك‪ ،‬فــإن احلكومــة لــم تألــو جه ـدًا يف محاولتهــا لوضــع حــد‬ ‫للصــراع‪ ،‬حتــى وإن كان الكثيــر مــن هــذه اجلهــود يبــوء بالفشــل‪ .‬وقــد‬ ‫رحبــت احلكومــة ً‬ ‫أيضــا بجميــع االقتراحــات التــي قدمهــا املبعــوث‬ ‫اخلــاص لــألمم املتحــدة‪ ،‬كمــا لديهــا االســتعداد التــام ملواصلــة‬ ‫التفاعــل اإليجابــي مــع أي جهــود تقودهــا األمم املتحــدة‪ .‬إال أن‬ ‫احلوثيــن قــد دمــروا كل تلــك احملــاوالت إلنهــاء احلــرب‪.‬‬ ‫وشــجع الســفير اليمنــي الصحفيــن لزيــارة اليمــن ر ًدا علــى منــع‬ ‫احلوثيــن لألطــراف احملايــدة مــن نقــل مــا يحــدث علــى أرض الواقــع‪.‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫‪5‬‬

‫علــى أن يكــون البــدء يف قيــام املجتمــع الدولــي مببــادرة ملزمــة‬

‫املهمــة يف الشــرق األوســط ‪ ،‬ومبــا يحقــق توعيــة املواطــن وإبعــاده عــن‬

‫إلقــرار الســام يف اليمــن علــى ضــوء مــا مت االتفــاق عليــه ســاب ًقا ضمــن‬

‫ثقافــة الطائفيــة واحلزبيــة وإعــاء شــأن املواطنــة والدولــة الوطنيــة‪،‬‬

‫املبــادرة اخلليجيــة‪ ،‬ومخرجــات احلــوار الوطني اليمني‪ ،‬وقــرارات األمم‬

‫ومبــا يحقــق االســتقرار اإلقليمــي ويحاصــر اإلرهــاب وتصديــر الفــن‬

‫املتحــدة ومجلــس األمــن الدولــي ذات الصلــة علــى أن يتبنــى مجلــس‬

‫الطائفيــة وقطــع دابــر اجلماعــات اإلرهابيــة التــي تســكن اليمن وســط‬

‫األمــن فــرض عقوبــات ملزمــة حتــت بنــد الفصــل الســابع يف حــال اتبــاع‬

‫هــذا الفــراغ السياســي واألمنــي والتناحــر املذهبــي وتعــدد الــوالءات‪.‬‬

‫سياســة التســويف التــي يتبعهــا االنقــاب يف صنعــاء‪ ،‬عل ًمــا أن تراخــي‬

‫ودول مجلـــس التعـــاون اخلليجـــي لـــن تتـــردد يف تقـــدمي العـــون‬

‫املجتمــع الدولــي يعطــي االنقــاب فرصــة أكبــر يف تبديــد مقــدرات‬

‫واملس ــاندة والتموي ــل لليم ــن الش ــقيق م ــن أج ــل إقام ــة دول ــة آمن ــة‬

‫الشــعب اليمنــي ونشــر ثقافتــه الطائفيــة العنصريــة‪.‬‬

‫مطمئنـــة تتســـع جلميـــع أبنائهـــا وتلـــم شـــتاتهم بعـــد أن انتشـــرت‬

‫اإلبط ــاء يف ح ــل املعضل ــة اليمني ــة وإطال ــة بق ــاء االنق ــاب يدف ــع‬

‫كف ــاءات ميني ــة وش ــخصيات ذات قيم ــة يف مختل ــف أصق ــاع األرض‪،‬‬

‫ثمنـــه الشـــعب اليمنـــي مبفـــرده‪ ،‬هـــذا الشـــعب الـــذي يعانـــي مـــن‬

‫كمــا أن دول مجلــس التعــاون التــي قدمــت دمــاء أبنائهــا فــدا ًء لليمــن‬

‫الفق ــر‪ ،‬وقل ــة الغ ــذاء وال ــدواء‪ ،‬وانتش ــار األوبئ ــة واألم ــراض الفتاك ــة‪،‬‬

‫يف عاصف ــة احل ــزم بدع ــم وق ــرار م ــن خ ــادم احلرم ــن الش ــريفن‬

‫والتدميـــر املمنهـــج الـــذي تقـــوم بـــه قـــوى االنقـــاب مبـــا يكـــرس‬

‫امللـــك ســـلمان بـــن عبـــد العزيـــز ـ حفظـــه اهلل ورعـــاه ـ ومـــن ولـــي‬

‫الطائفيـــة املقيتـــة التـــي ال يقرهـــا الديـــن اإلســـامي احلنيـــف وال‬

‫العه ــد نائ ــب رئي ــس مجل ــس ال ــوزراء وزي ــر الدف ــاع صاح ــب الس ــمو‬

‫يرتضيه ــا الش ــعب اليمن ــي‪ ،‬ب ــل فتن ــة طائفي ــة كب ــرى تصدره ــا إي ــران‬

‫امللك ــي األمي ــر محم ــد ب ــن س ــلمان ب ــن عب ــد العزي ــز‪ ،‬واململك ــة مب ــا‬

‫للمنطق ــة والعال ــم عب ــر اليم ــن‪.‬‬

‫قدمت ــه يف ه ــذا العه ــد الزاه ــر م ــن مس ــاعدات إغاثي ــة وإنس ــانية‬

‫واملطلــوب حتــرك ســريع وجــاد مــن املجتمــع الدولــي إليجــاد احلــل‬

‫لألشـــقاء يف اليمـــن يف إطـــار عمليـــة إعـــادة األمـــل‪ ،‬لـــن تتـــردد يف‬

‫السياســي املناســب خاصــة أن احلكومــة الشــرعية ترغــب يف إنهــاء‬

‫تق ــدمي كاف ــة أن ــواع املس ــاعدات يف عملي ــة إع ــادة اإلعم ــار م ــن أج ــل‬

‫الوضــع القائــم‪ ،‬وترحــب باحلــل السياســي وعــدم اســتبعاد أي فصيــل‬

‫عــودة اليمــن اآلمــن املســتقر كونــه اجلــار الشــقيق الــذي جتمعــه مــع‬

‫أو حــزب مــن العمليــة السياســية الســلمية‪ ،‬وتؤكــد علــى أن اليمــن‬

‫اململك ــة أط ــول ح ــدود بري ــة ب ــن دولت ــن يف جزي ــرة الع ــرب‪.‬‬

‫يتســع جلميــع اليمنيــن‪ ،‬شــريطة أن يكــون الوطــن هــو هــدف اجلميــع‬

‫ختا ًمـــا‪ ،‬مـــن جانبـــه‪ ،‬يقـــدم مركـــز اخلليـــج لألبحـــاث ومجلتـــه‬

‫ورفــض التدخــل اخلارجــي بأجنداتــه الطائفيــة‪ .‬ومــن ثــم علــى طــريف‬

‫الش ــهرية (آراء ح ــول اخللي ــج) ه ــذا الع ــدد م ــن املجل ــة كع ــدد متمي ــز‬

‫االنقــاب أن ينتهــزوا الفرصــة وينخرطــوا يف مصاحلــة سياســية‬

‫عــن اليمــن اســتكتب فيــه كبــار الشــخصيات اليمنيــة مــن املســؤولن‪،‬‬

‫تضمــن العيــش للجميــع يف وطــن واحــد يتســع لــكل ألــوان الطيــف‬

‫واملفكريـــن والكتـــاب مـــن مختلـــف ألـــوان الطيـــف لتقـــدمي رؤيـــة‬

‫السياســي‪ ،‬والتيقــن مــن أن الدعــم اخلارجــي املربــوط بالطائفيــة لــن‬ ‫يــدوم ألنــه مرتبــط مبصالــح وأجنــدات فاشــلة لــم حتقــق شــي ًئا يف‬

‫متكاملــة‪ ،‬ومتوازنــة‪ ،‬وشــاملة بغيــة الوقــوف علــى احلقائــق ومناقشــة‬ ‫األزم ــة اليمني ــة م ــن كل جوانبه ــا‪ ،‬وم ــن ث ــم تق ــدمي رؤي ــة متكامل ــة‬

‫كثيــر مــن الــدول التــي اســتهدفتها ســوى اخلــراب والدمــار‪.‬‬

‫للح ــل م ــن أج ــل ع ــودة اليم ــن الس ــعيد إل ــى س ــعادته املأمول ــة‪.‬‬

‫وعلــى احلكومــة الشــرعية التخطيــط إلعــادة بنــاء ميــن مــا بعــد‬

‫كم ــا أن مرك ــز اخللي ــج لألبح ــاث ينظ ــم ع ــد ًدا م ــن ورش العم ــل‬

‫االنقــاب ‪ ،‬وإعــادة البنــاء هنــا مبعناهــا الشــامل الــذي يشــمل اإلنســان‬

‫ح ــول األوض ــاع يف اليم ــن ومس ــتقبله يف ع ــدد م ــن امل ــدن والعواص ــم‬

‫واملــكان وعجلــة اإلنتــاج واملرافــق وغيــر ذلــك‪ ،‬ومــن ثــم الشــروع يف‬

‫العامليـــة مثـــل واشـــنطن‪ ،‬ونيويـــورك‪ ،‬ولنـــدن‪ ،‬وبرلـــن‪ ،‬وباريـــس‪،‬‬

‫تأهيــل الكــوادر التــي تبنــي وتعيــد تأهيــل اليمــن يف كل املجــاالت‪.‬‬

‫وبروكس ــل‪ ،‬وجني ــف‪ ،‬وطوكي ــو‪ ،‬وبك ــن‪ ،‬والقاه ــرة لط ــرح ومناقش ــة‬

‫وعلــى املجتمــع الدولــي‪ ،‬واملنظمــات والــدول املانحــة أن تســاند‬

‫واق ــع اليم ــن ومس ــتقبله‪.‬‬

‫هــذه اجلهــود الراميــة إلــى حتديــث اليمــن وليــس مجرد إعــادة اإلعمار‬ ‫فقــط‪ ،‬مبــا يتناســب مــع أهميــة وتاريــخ وعراقــة وموقــع هــذه الدولــة‬

‫*رﺋﻴﺲ ﻣﺮﻛﺰ اﻟﺨﻠﻴﺞ ﻟﻸﺑﺤﺎث‬

‫حول الخليج‬ ‫‪4‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫افـتتــاحــية ال ـعـدد‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫الــيــمــن ‪ ..‬الــمـعـضـلـة والـحــل‬ ‫مــن املؤكــد أن املشــكلة اليمنيــة معقــدة‪ ،‬ومتشــابكة‪ ،‬يختلــط فيهــا‬ ‫السياســي باالقتصــادي واألمنــي بالعســكري‪ ،‬واحلزبــي بالطائفــي‪،‬‬ ‫واملصالــح مــع مســتقبل الوطــن‪ ،‬وكذلــك أطمــاع خارجيــة ممتــدة التأثيــر‬ ‫ليــس كاالســتعمار التقليــدي القــدمي الطامــع يف اخليــرات‪ ،‬بــل تصديــر‬ ‫أزمــات فكريــة طائفيــة عقائديــة ممتــدة املفعــول وزارعة للنفــوذ والهيمنة‬ ‫كمــا تفعلــه إيــران يف اليمــن ضمــن أجندتهــا التــي تتجــاوز حــدود اليمــن‬ ‫وشــعبه ومصاحلــه‪ ،‬لتكــون محطــة يف هــذه األجنــدة ومنصــة لانطــاق‬ ‫إلــى اجلــوار اجلغــرايف يف آســيا وإفريقيــا‪ ،‬مســتفيدة مــن موقــع اليمــن‬

‫‪4‬‬

‫د‪ .‬عبد العزيز بن عثمان بن صقر‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪sager@grc.net‬‬

‫يف جزيــرة العــرب وعلــى احلــدود اإلفريقيــة عنــد بوابــة البحــر األحمــر‬ ‫اجلنوبيــة‪ ،‬هــذه الدولــة التــي تئــن مــن حتديــات كثيــرة تبــدو عصيــة‬ ‫علــى احللــول الســريعة أو الترقيعيــة‪ ،‬بــل تتطلــب اســتراتيجية طويلــة‬ ‫املــدى مبشــاركة أبنــاء اليمــن‪ ،‬والــدول اخلليجيــة‪ ،‬والعربيــة‪ ،‬ودول‬ ‫العالــم‪ ،‬حيــث األمــر يتطلــب إنهــاء االنقــاب وإعــادة تأهيــل دولــة‬ ‫مزقتهــا صراعــات متعــددة بــدأت مــع نظــام حكــم اســتمر ألكثــر مــن ‪35‬‬ ‫ســنة‪ ،‬اعتمــد يف بقائــه علــى التوازنــات واملواءمــات بعي ـدًا عــن أســس‬ ‫إدارة الدولــة احلديثــة‪ ،‬فــزادت رقعــة الفقــر‪ ،‬وانتشــر الفســاد‪ ،‬وظهــر‬ ‫اإلرهــاب‪ ،‬وحتولــت اليمــن إلــى ســاحة جلــذب اجلماعــات اإلرهابيــة‬ ‫العائــدة مــن أفغانســتان وغيرهــا‪ ،‬وزاد مــن ذلــك ظهــور ميليشــيا مســلحة‬ ‫عقائديــة تابعــة لدولــة أجنبيــة اســتولت علــى احلكــم بالقــوة ونصبــت‬ ‫نفســها حكومــة رغــم أنــف اليمــن واليمنيــن ودول اجلــوار‪.‬‬ ‫وإذا ســلمنا بهــذه األزمــات وانعكاســها علــى الشــعب اليمنــي‪ ،‬فــإن‬ ‫مواجهتها ليســت مســؤولية أبناء اليمن فقط‪ ،‬بل األمر يتطلب مشــاركة‬ ‫جماعيــة عربيــة ‪ /‬خليجيــة‪ ،‬ودوليــة مــع وضــع خطــط اســتراتيجية عبــر‬ ‫ورش عمــل تضــع تصــو ًرا متكامـ ً‬ ‫ا ملشــاكل اليمــن‪ ،‬وكيفيــة حلولهــا وف ًقــا‬ ‫لألولويــات‪ ،‬وعلــى ضــوء اإلمكانيــات التــي ميكــن توفيرهــا مــن الــدول‬ ‫املانحــة واملجتمــع الدولــي حتــت إشــراف األمم املتحــدة‪ ،‬وجامعــة الــدول‬ ‫العربيــة‪ ،‬ومجلــس التعــاون اخلليجــي‪.‬‬

‫الـمـعـضـلــة الـحـوثـيــة صـعـوبــة الـحـكــم والتعايـش واالحتـواء !!‬ ‫عبد الناصر المودع‬

‫‪51‬‬

‫‪www.araa.sa‬‬ ‫‪59‬‬ ‫من الهادي إىل الحوثي‪ :‬المعتقدات والمواقف والخصومات والتحالفات‬ ‫د‪ .‬أحمد محمد الدغشي‬

‫ملف العدد‬ ‫عميـد د‪ .‬عبد الله محمد أحمد حسـين‬ ‫عيل حسن هزازي‬ ‫محسـن محمد أبوبكر بن فريد‬ ‫د‪ .‬ظافـر محمد العجمي‬ ‫د‪ .‬عبـد الحفيـظ عبد الرحيم محبوب‬ ‫لواء أ ح دكتور‪ /‬محمد عبد الخالق قشـقوش‬ ‫لواء د‪ /.‬محمد عام سـيد‬ ‫د‪ .‬معتز سامة‬ ‫د‪ .‬محمد البنا‬ ‫د‪ .‬أحمد قنديل‬ ‫أحمد ميزاب‬ ‫د‪ .‬إيمان رجب‬ ‫د‪ .‬احمد سـليم البرصان‬ ‫أحمد عسكر‬ ‫شاهيناز العقباوي‬

‫هذا العدد‬ ‫ه ــذا الع ــدد م ــن مجل ــة (آراء ح ــول الخلي ــج)‪ ،‬وه ــو الع ــدد ال ــذي يحم ــل رق ــم ‪ 122‬م ــن سلس ــلة‬ ‫العــدد ‪122‬‬ ‫اليمـــن الشـــقيق بعـــد االنقـــاب‬ ‫لألوضـــاع‬ ‫إصـــدار المجلـــة‪ ،‬ويتضمـــن تغطيـــة خاصـــة‬ ‫‪2017‬يف ‪3‬‬ ‫أغسطس‬ ‫ً‬ ‫وتاريخ ــا‬ ‫الحوث ــي ع ــى الس ــلطة وم ــا ترت ــب علي ــه م ــن فظائ ــع تس ــتهدف اليم ــن ش ــع ًبا‬ ‫وحضــارة ومســتقب ًا ‪ ،‬لذلــك جــاء هــذا العــدد مــن المجلــة عــى قــدر الحــدث و أهميتــه‪ ،‬حيــث‬ ‫شــمل حــوارات مــع كبــار المســؤولين اليمنييــن يف الحكومــة الشــرعية‪ ،‬ويف المقدمــة فخامــة‬

‫‪64‬‬ ‫‪67‬‬ ‫‪74‬‬ ‫‪79‬‬ ‫‪83‬‬ ‫‪89‬‬ ‫‪96‬‬ ‫‪101‬‬ ‫‪105‬‬ ‫‪112‬‬ ‫‪116‬‬ ‫‪121‬‬ ‫‪125‬‬ ‫‪128‬‬ ‫‪132‬‬

‫نائــب رئيــس الجمهوريــة الفريــق الركــن عــيل محســن األحمــر‪ ،‬ودولــة رئيــس مجلــس الــوزراء‬ ‫الدكت ــور أحم ــد عبي ــد ب ــن دغ ــر‪ ،‬ونخب ــة م ــن أصح ــاب المع ــايل ال ــوزراء والس ــفراء الحاليي ــن‬ ‫والس ــابقين‪ ،‬وكوكب ــة م ــن المفكري ــن والمحللي ــن والمراقبي ــن م ــن اليم ــن الش ــقيق وبقي ــة‬ ‫ال ــدول العربي ــة‪.‬‬ ‫كش ــفت الح ــوارات والدراس ــات والمق ــاالت ع ــن رغب ــة الحكوم ــة الش ــرعية يف الح ــل السياس ــي‬ ‫لألزمـــة اليمنيـــة وفـــق المرجعيـــات الثـــاث وهـــي المبـــادرة الخليجيـــة‪ ،‬مخرجـــات الحـــوار‬ ‫الوطن ــي‪ ،‬وق ــرارات مجل ــس األم ــن ال ــدويل‪ ،‬م ــع التأكي ــد ع ــى أن ي ــد الحكوم ــة الش ــرعية‬ ‫مم ــدودة للس ــام واالس ــتقرار وإع ــادة بن ــاء الدول ــة‪ ،‬وأك ــدت ع ــى أن اليم ــن ل ــكل اليمنيي ــن‬ ‫دون إقص ــاء أي مك ــون م ــن مكون ــات الش ــعب يف العملي ــة الس ــلمية والحك ــم وإدارة الدول ــة‬ ‫يف المس ــتقبل ش ــريطة إنه ــاء االنق ــاب وتس ــليم الس ــاح واالحت ــكام للديمقراطي ــة وت ــداول‬ ‫الس ــلطة يف إط ــار دول ــة اتحادي ــة تتس ــع للجمي ــع وتك ــون مس ــؤولة ع ــن كل أبن ــاء اليم ــن‪.‬‬ ‫وأك ــدت كل األطي ــاف اليمني ــة ع ــى رف ــض التدخ ــل اإليران ــي يف اليم ــن‪ ،‬وأب ــدت مخاوفه ــا‬ ‫م ــن العم ــل ع ــى غ ــرس الثقاف ــة الفارس ــية بي ــن أبن ــاء اليم ــن حي ــث توج ــد مح ــاوالت حثيث ــة‬

‫رأي‬

‫م ــن جان ــب االنق ــاب الحوث ــي لتغيي ــر هوي ــة الش ــعب وثقافت ــه‬

‫خطورة " اإلســاموية " الفادحة ‪...‬؟!‬ ‫د‪ .‬صدقه يحيى فاضـــــــــل‬

‫‪136‬‬

‫الرئيــس ترامــب‪ :‬أمريكا أوالً‪ ..‬عودة للعزلــة والحمائية من جديد!؟‬ ‫د‪ .‬طــال صالح بنّان‬

‫‪140‬‬

‫إصدارات‬

‫معتبري ــن أن عاصف ــة الح ــزم الت ــي ج ــاءت بن ــاء ع ــى طل ــب الش ــرعية اليمني ــة بمثاب ــة حائ ــط‬ ‫ص ــد أم ــام التدخ ــل اإليران ــي الس ــافر يف ش ــؤون اليم ــن ودول المنطق ــة‪ ،‬ودع ــا أبن ــاء اليم ــن‬

‫‪144‬‬

‫محاور العدد المقبل‬ ‫‪145‬‬

‫منشورات حديثة عن اليمن‬

‫وقفة‬

‫وثمن ــت ب ــدور عاصف ــة الح ــزم وم ــا حققت ــه م ــن انتص ــار لصال ــح الش ــعب اليمن ــي والمنطق ــة‪،‬‬

‫المجتم ــع ال ــدويل إىل اتخ ــاذ خط ــوات ج ــادة إلنه ــاء ه ــذا االنق ــاب وإع ــادة اليم ــن إىل ش ــعبه‪.‬‬

‫إع ــادة بن ــاء اليم ــن‪ :‬التحدي ــات السياس ــية واالقتصادي ــة واالجتماعي ــة‬ ‫عرض‪ :‬شريف شعبان مبروك‬

‫منشورات‬

‫كافــة األطــراف اليمنيــة أشــادت بــدور المملكــة العربيــة الســعودية يف قيــادة التحالــف العربــي‪،‬‬

‫يتنــاول عــدد (آراء حــول الخليــج) لشــهر ســبتمبر المقبــل ملفً ــا حــول (المســجد األقصــى والعبــث‬ ‫اإلســرائييل إىل أيــن يقــود المنطقــة)‪ ،‬وســوف يركــز العــدد عــى المحــاور التاليــة‪:‬‬ ‫‪ -‬إىل أي مدى تذهب إسرائيل يف المحاوالت االستفزازية حيال المسجد األقصى‪.‬‬

‫‪148‬‬

‫ماحظات عى دفتر األزمة اليمنية‬ ‫جمال أمين ه ّمام‬

‫ كيف يواجه الفلسطينيون هذه الحمات العدائية اإلسرائيلية تجاه األماكن المقدسة‪.‬‬‫ دور المجتمع الدويل يف مواجهة اإلرهاب اإلسرائييل يف القدس الشريف‪.‬‬‫ الدور العربي يف مواجهة االعتداءات اإلسرائيلية عى المسجد األقصى المبارك‪.‬‬‫ الواليات المتحدة األمريكية ‪ ..‬راعية للسام أم داعمة لاعتداءات اإلسرائيلية‪.‬‬‫‪ -‬المصالحة الفلسطينية ـ الفلسطينية ‪ ..‬هل تتحقق لسحب الذرائع اإلسرائيلية‪.‬‬

‫اإلسهامات‬ ‫٭ ترحــب مجلــة «آراء حــول اخلليــج» بإســهامات الكتــاب والباحثــني يف الشــؤون اخلليجيــة يف‬ ‫املجــاالت السياســية واالقتصاديــة واالجتماعيــة والدفاعيــة واألمنيــة‪.‬‬ ‫٭ المجلة غير ملتزمة بإعادة أي مادة تتلقاها للنشر‪.‬‬ ‫٭ جميع حقوق الترجمة والنشر محفوظة لمركز الخليج لألبحاث ‪.٢٠٠8‬‬ ‫٭ ال يســمح بإعــادة نشــر المــواد المنشــورة فــي المجلــة دون الحصــول علــى إذن خطــي مســبق مــن‬ ‫مركــز الخليــج لألبحــاث‪.‬‬ ‫٭ آراء الكتاب تعبر عن أصحابها وال تعبر بالضرورة عن اتجاهات يتبناها مركز الخليج أو مجلة آراء‪.‬‬

‫ الخافات الداخلية يف الفصائل الفلسطينية ظاهرة تهدد الوحدة الفلسطينية‪.‬‬‫ تأثير االستقطاب اإلقليمي عى القضية الفلسطينية‪ :‬دور تركيا وإيران‪.‬‬‫ هل هناك ما تتفاوض عنه السلطة الفلسطينية مع إسرائيل بعد االستيطان‪.‬‬‫ المبادرة العربية ‪ ..‬هل مازالت تعد اإلطار األفضل إلقرار السام‪.‬‬‫ الدعم العربي للقضية الفلسطينية بعد ما يسمى بثورات الربيع العربي‪.‬‬‫‪ -‬تأثير األزمات والصراعات العربية الحالية عى القضية الفلسطينية‪.‬‬

‫افتتاحية العدد‬ ‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪2‬‬

‫مجلة شهرية تصدر عن‬ ‫مركز اخلليج لألبحاث‬ ‫تعنى بالشؤون اخلليجية‬ ‫رئيس التحرير‬

‫د‪ .‬عبد العزيز بن عثمان بن صقر‬ ‫‪sager@grc.net‬‬

‫مدير التحرير‬

‫جمال أمني همام‬ ‫‪jamal@araa.sa‬‬

‫سكرتير التحرير‬

‫‪4‬‬

‫اليمـن ‪ ..‬المعضلة والحل‬ ‫‪www.araa.sa‬‬ ‫عثمان بن صقر‬ ‫د‪ .‬عبـد العزيـز بن‬

‫متابعات خليجية‬

‫‪6‬‬

‫تحذيــرات غربيــة مــن يمــن مقســم ومنهــار اقتصاد ًيــا ومطالبــة ببنــاء‬ ‫مؤسســات جديــدة‬ ‫بعثة آراء حول الخليج ـ واشــنطن ـ لندن‬

‫حوار العدد‬ ‫نائــب الرئيــس اليمنــي لـــ (آراء)‪ :‬طمــس الهويــة العروبيــة لليمــن‬ ‫أخطــر محــاوالت االنقــاب‪ ..‬وعاصفــة الحــزم أحبطــت مخطــط إيــران‬ ‫أجــرى الحــوار ‪ /‬د‪ .‬عبــد العزيز بن عثمان بن صقر‬

‫رأي المسؤول‬

‫سليمان مارديني‬

‫وزيــر الخارجيــة اليمني المخــايف‪ :‬الحكومة اليمنية مســتعدة لتقديم كل‬ ‫التنــازالت الصعبــة من أجل الســام‬ ‫بعثة آراء حول الخليج ـ نيويورك‬

‫التصميم الفني‬

‫اليمن واستراتيجية أمن الخليج‪ :‬مصلحة اليمنيين مع دول الخليج وليس‬ ‫مع إيران‬ ‫د‪ .‬رشــاد محمد العليمي‬

‫‪suliman@araa.sa‬‬

‫منى فيصل‬

‫‪mona@grc.net‬‬

‫الهيئة االستشارية‬

‫د‪ .‬خالد اجلابر‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬عبد اخلالق عبد اهلل‬ ‫أ‪ .‬د‪ .‬عبد اهلل خليفة الشايجي‬ ‫د‪ .‬عبد اهلل بن علي عبد الرزاق باحجاج‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬صالح بن عبد الرحمن املانع‬ ‫د‪ .‬محمد عبد الغفار عبد اهلل‬ ‫الطباعة‬ ‫متت الطباعة يف مؤسسة‬ ‫املدينة للصحافة والطباعة والنشر‬

‫‪14‬‬

‫السفير اليمني يف أمريكا‪ :‬العاقات اليمنية ‪ -‬األمريكية‪ :‬منظور نقدي‬ ‫د ‪ .‬أحمــد عوض بن مبارك‬

‫‪19‬‬

‫‪24‬‬

‫‪26‬‬

‫تأهيل اإلنسان لبناء وطنه والبنية التحتية حجارة يهدمها لمجرد اختاف الرأي‬ ‫د‪ .‬نادية السقاف‬

‫‪28‬‬

‫مليش ــيا االنق ــاب وس ــاح اإلع ــام يف مواجهـ ــة الش ــرعية اليمني ــة‬ ‫راجح بادي‬

‫‪32‬‬

‫دراسات العدد‬ ‫الرقـص عـى رؤوس المثلثـات‪ :‬نظـام الحكم وسياسـات البقاء يف اليمن‬ ‫د‪ .‬أحمد عبدا لكريم سيف‬ ‫خريطــة القبائــل اليمنيــة ‪ ..‬دورها وتأثيرها السياســي (اليمن الشــمايل)‬ ‫د‪ .‬زيد بن عيل الفضيل‬

‫‪34‬‬ ‫‪43‬‬

‫اإلعالنات واملراسالت‬ ‫لإلعالن يف املجلة ميكن االتصال بقسم اإلعالن والتسويق على العنوان التالي‪:‬‬ ‫البريد االلكتروني‪info@araa.sa :‬‬ ‫توجه جميع املراسالت إلى مجلة «آراء حول اخلليج» على العنوان التالي‪:‬‬ ‫‪ 1٩‬شارع راية االحتاد‬ ‫ص‪.‬ب‪ 1٠٥٠1 .‬جدة ‪ ٢1٤٤٣‬اململكة العربية السعودية‬ ‫هاتف‪+٩٦٦ 1٢ ٦٥11٩٩٩:‬‬ ‫فاكس‪+٩٦٦ 1٢ ٦٥٣1٣٧٥ :‬‬ ‫البريد اإللكتروني‪info@araa.sa :‬‬

‫ثمن النسخة‬ ‫اململكة العربية السعودية‪ ٣٥ :‬ري ـ ــا ًال‬ ‫درهما‬ ‫اإلمارات العربية املتحدة‪٣٥ :‬‬ ‫ً‬ ‫‪ ٣٫٥‬دينا ًرا‬ ‫مملكة البحرين‪:‬‬ ‫دولة قطر‪:‬‬ ‫‪ ٣٥‬ري ـ ـ ــا ًال‬ ‫‪ ٣٫٥‬دينا ًرا‬ ‫دولة الكويت‪:‬‬ ‫سلطنة عمان‪:‬‬ ‫‪ ٣٫٥‬ري ـ ـ ــا ًال‬ ‫‪ ٤٫٥‬ديـنــا ًرا‬ ‫األردن‪:‬‬

‫االشتراك السنوي‬ ‫الدول العربية‪:‬‬ ‫الدول األوروبية‪:‬‬ ‫بقية دول العالم‪:‬‬

‫‪ 1٠٠‬دوال ًرا‬ ‫‪ 11٠‬دوال ًرا‬ ‫‪ 1٢٠‬دوال ًرا‬

‫يرسل طلب االشتراك إلى عنوان املجلة‬ ‫مــع حوالــة مصرفيــة أو شــيك بقيمــة‬ ‫االشــتراك باســم مركز اخلليج لألبحاث‬

‫‪www.araa.sa‬‬

‫العــدد ‪122‬‬ ‫أغسطس ‪2017‬‬

‫‪1‬‬

‫نائبالرئيساليمنيلـ(آراءحولالخليج)‪:‬‬ ‫طمــس الهويــة العروبيــة لليمن أخطر‬ ‫محــاوالت االنقــاب‪ ..‬وعاصفــة الحــزم‬ ‫أحبطت مخطط إيران‬ ‫العــــــدد ‪122‬‬ ‫أغــســطــس ‪2017‬‬

‫المخايف‪:‬المتاجرة بمعاناة الشعب جريمة‬ ‫واالنفتــاح عــى األفــكار خطــوة شــجاعة‬ ‫العليمـي‪ :‬الحل يف دولـة اتحادية تقود‬ ‫لعضويـة مجلس التعاون‬

‫ملف العدد‪:‬‬

‫االنـقـاب الـحـوثـي فـي الـيـمـن ‪ ...‬مـسـتـقــبـل الـشـعـب والـدولـة‬ ‫▀ قيـــادة صال ــح اعتم ــدت ع ــى ال ــوالءات خ ــارج الدول ــة والرق ــص ع ــى رؤوس المثلثـــات‬ ‫▀ ميليش ــيا الحوث ــي اس ــتمدت إع ــام ح ــزب الل ــه والش ــرعية أغفل ــت اإلذاع ــة أق ــوى أس ــلحتها‬ ‫▀ الحوثي ــة ال تمتل ــك أدوات الحك ــم وصع ــب احتواؤه ــا وال تتعاي ــش م ــع خصومه ــا مطل ًق ــا‬ ‫▀ ‪ %85‬مـــن األراضـــي مـــع الشـــرعية والحوثـــي يراهـــن علـــى الزمـــن وحـــرب العصابـــات‬ ‫▀ الحوثيـة ضـد التعدديـة وتعتبـر الحريـة ضـد الوحـدة ودعمـت صالـح فـي الحـروب السـتة‬ ‫▀ الموقـف األمريكـي داعـم للشـرعية وعاصفـة الحـزم والتحالـف العربـي والحـوار السـلمي‬ ‫▀ ألغ ــام الحوث ــي قتل ــت وأصاب ــت ‪ 1557‬يمن ًي ــا وفج ــرت ‪ 556‬منش ــأة وع ــدن األكث ــر تض ــر ًرا‬ ‫▀ ‪ %60‬م ــن األطف ــال يعان ــون م ــن س ــوء التغذي ــة واليم ــن يف المرك ــز ‪ 168‬بي ــن ‪ 188‬دول ــة‬ ‫▀ الحوثيــون يتفقــون مــع اإلخــوان فــي دعــم قطــر وحالــة الركــود تتطلــب عاصفــة جديــدة‬