مجلة العلوم القانونية

Page 1

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬

‫‪Email: lawmagazine@ajman.ac.ae‬‬

‫مجلة إلكترونية دورية علمية محكمة تعنـــــي بالدراسات الشرعية والقانونية واالقتصاديـــــة‬

‫• النظام القانوني للحبس االنفرادي في ظل مبادئ حقوق اإلنسان‬ ‫الدكتور عـامـر غسان فـاخـوري‬

‫• اتجاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم المسؤولية عن فعل الغير‬ ‫د‪ .‬رغيد عبد احلميد فتال‬

‫• اتفاق التّحكيم في ضوء القانون اإلمارتيّ ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬ ‫القطان‬ ‫محمد سامر‬ ‫د‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫• حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة تحليلية مقارنة‬ ‫د‪ .‬اميان يوسف نوري‬

‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪law.ajman.ac.ae‬‬

‫الترقيم الدولي‪ISBN978 – 9948 – 15 – 966 - 7 :‬‬

‫(نصف سنوية)‬

‫مجلة العلوم القانونية‬



‫مجلة العلوم القانونية ‪ -‬مجلة علمية إلكترونية دورية محكمة‬ ‫(نصف سنوية) تقبل النشر باللغات العربية واإلجنليزية والفرنسية‪،‬‬ ‫ترمي إلى اإلسهام في تطوير املعرفة ونشرها‪ ،‬وذلك بنشر البحوث‬ ‫والدراسات الشرعية والقانونية واالقتصادية‪ ،‬وتعتبر اجمللة سجال ً وثائقيا ً‬ ‫للبحوث والدراسات الشرعية والقانونية واالقتصادية‪.‬‬

‫الهيئة االستشارية للمجلة‬

‫القاضي الدكتور ‪ /‬عبد الوهاب عبدول‬ ‫رئيس احملكمة االحتادية العليا – اإلمارات‬

‫معالي األستاذ الدكتور ‪ /‬أحمد جمال الدين موسى‬ ‫أستاذ االقتصاد بكلية احلقوق ‪ -‬جامعة املنصورة‬ ‫وزير التعليم املصري األسبق‬

‫األستاذ الدكتور ‪ /‬رفعت العوضي‬

‫رئيس مكتب هيئة اإلعجاز العلمي بالقاهرة التابع ملنظمة املؤمتر‬ ‫اإلسالمي ‪ -‬أستاذ االقتصاد بكلية التجارة ‪ -‬جامعة األزهر‬

‫األستاذ الدكتور ‪ /‬محمد املرسي زهرة‬

‫أستاذ القانون املدني بكلية احلقوق ‪ -‬جامعة عني شمس‬ ‫العميد األسبق لكلية الشريعة والقانون‬ ‫جامعة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫األستاذ الدكتور ‪ /‬جاسم الشامسي‬ ‫العميد السابق لكلية القانون‬ ‫جامعة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫القاضي الدكتور ‪ /‬جمال السميطي‬ ‫مدير عام معهد دبي القضائي‬


‫أهداف اجمللة‪ :‬تسعى جملة العلوم القانونية إىل حتقيق عدة‬ ‫أهداف‪ ،‬أهمها‪:‬‬ ‫‪ -1‬تعميق املعرفة بأحكام الشريعة اإلسالمية والتشريعات القانونية واإلقتصادية على املستويني احمللي‬ ‫واإلقليمي‪.‬‬ ‫‪ -2‬تنمية القدرة على البحث القانوني لدى املشتغلني بالقانون داخل الدولة وخارجها‪.‬‬ ‫‪ -3‬التعاون مع كليات القانون والشريعة واحلقوق على املستوى احمللي واإلقليمي والدولي‪.‬‬ ‫‪ -4‬تدعيم التواصل مع كافة األجهزة احلكومية والهيئات واملؤسسات العامة واخلاصة العاملة في اجملال‬ ‫القانوني‪.‬‬ ‫‪ -5‬تقدمي العون للجهات القضائية من خالل التعليق على األحكام واملبادئ القضائية وحتليلها‪.‬‬

‫اهتمامات اجمللة‪ :‬تعنى اجمللة بنشر ما يلي‪:‬‬ ‫‪ -1‬البحوث العلمية الرصينة في مجاالت التخصص‪.‬‬ ‫‪ -2‬البحوث والدراسات املعنية بالفقه االسالمي‪.‬‬ ‫‪ -3‬البحوث والدراسات النقدية التي تتصل باإلصدارات في مجاالت التخصص التي تعنى بها اجمللة‪.‬‬ ‫‪ -4‬البحوث والدراسات العلمية املعنية مبعاجلة املشكالت املعاصرة والقضايا املستجدة في مجال الشريعة‬ ‫والقانون واإلقتصاد‪.‬‬ ‫‪ -5‬البحوث والدراسات العلمية التي تسهم في رقي اجملتمع حضاريا ً واحملافظة على هويته العربية واإلسالمية‪.‬‬

‫قواعد النشر يف اجمللة‪:‬‬ ‫‪ -1‬تعهد من الباحث بأن البحث لم يسبق نشره وأنه يلتزم باملبادرة بإخطار اجمللة في حالة تقدمي البحث للنشر‬ ‫في مجلة أخرى طاملا لم تبد اجمللة رأيها ‪ -‬بعد ‪ -‬في البحث‪.‬‬ ‫‪ -2‬ال يجوز نشر البحث في مجلة أخرى (أو مؤمتر أو ندوة علمية أو بأي وسيلة أخرى) بعد قبوله للنشر في اجمللة‬ ‫إال ّ بعد احلصول على إذن كتابي من مدير التحرير‪.‬‬ ‫‪ -3‬أن يلتزم الباحث املنهجية العلمية والتوثيق العلمي ملادة البحث ‪ ،‬وأن يتسم البحث باألصالة واإلضافة‬ ‫للمعرفة القانونية‪.‬‬ ‫‪ -4‬أال يكون البحث مستال ً من رسالة علمية (ماجستير أو دكتوراه) نال بها الباحث درجة علمية‪ ،‬أو منشورا من‬ ‫قبل على أي صورة من صور النشر‪.‬‬ ‫‪ -5‬أال يتجاوز حجم البحث خمسني صفحة إال ّ إذا اقتضى ذلك احلفاظ على وحدة البحث‪.‬‬ ‫‪ -6‬على الباحث أن يختتم بحثه بخامتة يبني فيها أهم النتائج التي توصل إليها‪ ،‬وكذلك التوصيات التي يراها‪.‬‬ ‫‪ -7‬تقدم البحوث مطبوعة بخط ‪ Simplified Arabic‬وتكتب العناوين الرئيسة والفرعية باخلط األسود العريض‬ ‫بحجم (‪ ، )16‬وحجم (‪ )14‬للنصوص في املنت‪ ،‬وبحجم (‪ )12‬للهوامش في أسفل كل صفحة‪ ،‬ويكتب البحث‬ ‫على وجه واحد‪ ،‬مع ترك مسافة ‪ 1.5‬بني السطور‪ .‬وينبغي مراعاة التصحيح الدقيق في جميع النسخ‪.‬‬ ‫‪ -8‬تكون احلواشي ‪ 2.5‬سم على جوانب الصفحة األربعة‪.‬‬ ‫‪ -9‬أن يراعي في التهميش والترقيم والتواريخ وذكر املراجع واملؤلفني اآلتي‪:‬‬ ‫أ‌‪ .‬أن تكون اإلشارة إلى صفحات املصادر واملراجع في الهامش وليس في صلب البحث‪.‬‬ ‫ب‌‪ .‬أن ترقم هوامش كل صفحة على حده‪ ،‬ويراعي في الترقيم األرقام املتعارف عليها في األسلوب العربي‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫ت‪ .‬عند ذكر األعالم واملؤلفني يذكر اسم الشخص أوال ثم اسم أبيه وجده ثم لقبه‪.‬‬ ‫‌‬ ‫ث‌‪ .‬تثبت املصادر واملراجع العلمية ومؤلفوها في نهاية البحث بالترتيب الهجائي‪ ،‬مع بيانات الطباعة‬ ‫والنشر‪.‬‬ ‫‪ -10‬يقدم البحث في نسخة إلكترونية مع مراعاة التدقيق اللغوي‪.‬‬ ‫‪ -11‬يقدم الباحث موجزا ً لسيرته العلمية في حدود عشرة سطور في صفحة مستقلة‪ ،‬تتضمن‪ :‬االسم‪ ،‬وجهة‬ ‫عمله‪ ،‬ورتبته العلمية‪ ،‬وأهم أبحاثه‪ ،‬مع صورة شخصية حديثة‪ ،‬وملخص للبحث في حدود ‪ 500‬كلمة‬ ‫باللغتني العربية واإلجنليزية‪.‬‬ ‫‪ -12‬يتم عرض البحث ‪ -‬على نحو سري – على محكمني من ذوي الكفاءة ممن يقع عليهم اختيار اجمللة‪.‬‬ ‫‪ -13‬تخطر اجمللة أصحاب البحوث املقدمة مبوقفها من نشر بحوثهم على النحو التالي‪:‬‬ ‫أ‌‪ .‬يخطر أصحاب البحوث الواردة بوصولها إلى اجمللة خالل أسبوع من تاريخ الوصول‪.‬‬ ‫ب‪ .‬يخطر أصحاب البحوث املقبولة بإجازة بحوثهم للنشر‪.‬‬ ‫‌‬ ‫ت‌‪ .‬في حالة وجود مالحظات على البحث‪ ،‬يعاد البحث لصاحبه الستيفاء هذه املالحظات ليكون صاحلا ً‬ ‫للنشر‪.‬‬ ‫‪ -14‬يعتذر للباحث الذي لم توافق جلنة احملكمني على نشر بحثه دون االلتزام بإبداء األسباب‪.‬‬ ‫‪ -15‬أصول البحوث املقدمة للمجلة ال ترد سوا ًء نشرت أو لم تنشر‪.‬‬ ‫‪ -16‬ما ينشر في اجمللة من آراء تعبر عن أفكار أصحابها وال متثل بالضرورة رأي اجمللة أو اجلامعة‪.‬‬ ‫‪ -17‬مينح الباحث نسخة إلكترونية حتتوي على‪ :‬بحثه املنشور‪ ،‬والعدد الذي نشر فيه البحث كامالً‪ ،‬كل في ملف‬ ‫مستقل‪.‬‬ ‫‪ -18‬توجه جميع املراسالت باسم عميد كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا‪ ،‬على البريد‬

‫اإللكتروني اآلتي‪lawmagazine@ajman.ac.ae :‬‬ ‫األشياء املطلوب تسليمها‪:‬‬ ‫‪ -1‬طلب بنشر البحث‪.‬‬

‫‪ -2‬تقدم البحوث وجميع املراسالت إلكترونية من خالل البريد اإللكتروني املبني ‪.‬‬ ‫ص‪ .‬ب‪ 346 :.‬عجمان‪ ،‬اإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬هاتف‪ +971 6 705 6131 :‬أو ‪+971 6 705 6441‬‬ ‫فاكس‪ ،+971 6 705 6270 :‬البريد اإللكتروني‪lawmagazine@ajman.ac.ae :‬‬

‫‪law.ajman.ac.ae‬‬

‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪5‬‬


‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬ ‫كلمة العدد‬ ‫احلمد هلل رب العاملني والصالة والسالم على رسوله الصادق األمني وعلى جميع األنبياء‬ ‫واملرسلني‪ ،‬وبعد‪،،،‬‬ ‫تقدم كلية القانون بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا إصدارها الثالث من «مجلة‬ ‫العلوم القانونية» وهي مجلة علمية إلكترونية دورية محكمة (نصف سنوية) تقبل النشر‬ ‫باللغات العربية واإلجنليزية والفرنسية‪ ،‬وتعنى بنشر البحوث والدراسات الشرعية والقانونية‬ ‫واالقتصادية‪.‬‬ ‫ويتضمن العدد الثالث من اجمللة أربعة بحوث باللغة العربية‪ ،‬تتوزع بني تخصصات القانون‬ ‫الدولي العام والقانون التجاري والقانون املدني‪.‬‬ ‫أول هذه البحوث جاء حتت عنوان «النظام القانوني للحبس االنفرادي في ظل مبادئ‬ ‫حقوق اإلنسان» أشار فيه الباحث أنه إلى أنه يتوجب على القوانني الوطنية أن تسير في شأن‬ ‫موضوع احلبس االنفرادي بالتوازي مع االتفاقيات الدولية واإلقليمية ومبادئ حقوق اإلنسان املتفق‬ ‫عليها‪ .‬ذلك أن هذا التدبير وعلى الرغم من خطورته إال أن معاهدات حقوق اإلنسان الدولية‬ ‫واإلقليمية لم تعطه العناية الواجبة‪ ،‬فمعاهدات حقوق االنسان تكاد تخلو من أي تنظيم‬ ‫صريح وواضح لتلك املسألة‪ .‬كما أنه وعلى الرغم من أن احلبس االنفرادي يعتبر تدبيرا ً قاسيا ً‬ ‫ويتعارض مع إعادة التأهيل ويتعارض أيضا مع الهدف من نظام السجون فما زال العديد من‬ ‫الدول‪ ،‬بغض النظر عن نظامها القانوني‪ ،‬يحرص على تطبيق هذه العقوبة بدرجات مختلفة‪.‬‬ ‫وقد سعى الباحث إلى دراسة مدى شرعية هذه العقوبة في ظل مبادئ حقوق اإلنسان والقوانني‬ ‫الدولية املعاصرة من خالل معاجلة أحدث قرارات احملاكم الدولية واإلقليمية وكذلك من خالل‬ ‫التطبيقات القضائية اخملتلفة‪.‬‬ ‫أما البحث الثاني فقد جاء حتت عنوان «اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم‬ ‫املسؤولية عن فعل الغير»‪ ،‬أشار فيه الباحث إلى أن أحكام القضاء تطورت تدريجياً‪ ،‬وباتت‬ ‫املسؤولية العامة عن فعل الغير ال تتعلق باألشخاص املكلفني بتنظيم ورقابة طريقة عيش‬ ‫ذوي االحتياجات اخلاصة‪ ،‬أو الشخص الذي يحتاج إلى رقابة أو حماية معينة بسبب حالته‬ ‫الذهنية‪ ،‬أو النفسية‪ ،‬أو عمره‪ ،‬فحسب‪ ،‬بل أيضا ً بأشخاص آخرين إذا ما توفرت شروط معينة‬ ‫منها ما يتعلق باجلهة املسؤولة مدنيا ً عن فعل الغير‪ ،‬واملعيار هنا هو السلطة التي تتمتع بها‬ ‫هذه اجلهة جتاه األشخاص املسؤولة عن فعلهم‪ .‬ففي السنوات األخيرة بدأ التوسع في تطبيق‬ ‫الفقرة األولى من املادة ‪ 1384‬من القانون املدني الفرنسي لتشمل كل من يشرف على نشاط‬ ‫الغير مهما كان نوع النشاط؛ فالفكرة التي أوجدها حكم «‪ »Blieck‬الشهير لم تعد تطبق‬

‫‪6‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫على العبي «الروكبي» فحسب‪ ،‬بل على كل من ميارس أنشطة رياضية كالعبي كرة القدم‬ ‫مثالً‪ ،‬فضال ً عن أنشطة أخرى؛ وقد غير القضاء الفرنسي مساره القدمي واستقر على أن األندية‬ ‫الرياضية ليست مسؤول ًة حكما ً على أساس الفقرة األولى من املادة ‪ 1384‬من القانون املدني‬ ‫الفرنسي إال عن األضرار التي يسببها العبوها بخطئهم املتمثل في خرق قواعد اللعبة‪ ،‬ألن‬ ‫األندية الرياضية تشرف على نشاط العبيها؛ كما استقر القضاء على إمكانية مساءلة األندية‬ ‫الرياضية عن األضرار املرتكبة أثناء التمرين‪ ،‬واملباريات الرسمية‪ ،‬واللقاءات الودية‪.‬‬ ‫اإلمارتي دراسة‬ ‫ويأتي البحث الثالث ليتناول موضوع «اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون‬ ‫ّ‬ ‫مقارنة» حيث يُشكل اتفاق األشخاص على اللجوء إلى التحكيم‪ ،‬من أجل فض نزاع وقع بينهم‬ ‫أو من املمكن وقوعه في املستقبل‪ ،‬الركيزة األساسية في العملية التحكيمية؛ فهو مصدر‬ ‫سلطة احملكمني في النظر بالنزاع‪ ،‬وهو الذي يحجب في الوقت ذاته اختصاص قضاء الدولة‬ ‫بالبت بهذا النزاع‪ .‬وقد تناول الباحث دراسته للموضوع ببيان تعريف اتفاق التحكيم وطبيعته‬ ‫القانونية وخصائصه وصوره‪ ،‬ثم أركانه وشروط صحته‪ ،‬فاآلثار املترتبة عليه‪ ،‬دراسة استقرائية‬ ‫وحتليلية ومقارنة‪ ،‬انطالقا من القواعد التشريعية الواردة بشكل أساسي في قانون اإلجراءات‬ ‫املدنية اإلماراتي االحتادي‪ ،‬والقواعد الواردة في مشروع قانون التحكيم االحتادي‪ ،‬مع اإلشارة إلى‬ ‫أحكام القضاء ذات العالقة وآراء الفقه مقارنة مبا هو سائد بهذا اخلصوص مع بعض التشريعات‬ ‫وآراء الفقهاء واالجتهادات املقارنة‪ ،‬وال سيما في املسائل اخلالفية التي أظهرها الواقع العملي‪،‬‬ ‫ثم ختم الباحث بحثه ببعض التوصيات حول النصوص القانونية التي حتكم اتفاق التحكيم‬ ‫في دولة اإلمارات العربية املتحدة‪.‬‬ ‫وينقلنا البحث الرابع لدراسة موضوع «حماية أموال الصغير في القانون العراقي‬ ‫دراسة حتليلية مقارنة» ملا هو معلوم من أن الصغير اليستطيع إدارة شؤون أمواله واستثمارها‬ ‫حلني بلوغهم سن الرشد‪ ،‬مما يستتبع وجود أشخاص يتولون القيام بهذه املهمة‪ ،‬لذا رسم‬ ‫القانون طرقا ً وحدد وسائل من شأنها حتقيق تلك احلماية ألموال الصغير املتمثلة بتحرير التركة‬ ‫وتصفيتها‪ ،‬واحملافظة على أموال الصغير وإدارتها واستثمارها‪ ،‬ومحاسبة األولياء واألوصياء‪.‬‬ ‫وانتهى الباحث إلى التوصية بأن يعيد املشرع العراقي النظر في قانون رعاية القاصرين من‬ ‫حيث ترتيب األولياء واألوصياء‪ ،‬وأن مينح األولياء صالحيات ليتمكنوا من القيام بعملهم‪ ،‬وطالب‬ ‫بتفعيل دور صندوق رعاية القاصرين الوارد في القانون من خالل االستعانة باجلهات اخملتصة‬ ‫ووضع البرامج واخلطط التي من شأنها حتقيق االستثمار األمثل ألموال الصغبر‪.‬‬

‫*‬

‫*‬

‫*‬

‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪7‬‬


‫احملتويات‬

‫المحتويات‬ ‫الصفحة‬

‫الموضوع‬

‫النظام القانوني للحبس االنفرادي في ظل مبادئ حقوق اإلنسان‬

‫‪9‬‬

‫اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير‬

‫‪31‬‬

‫الدكتور عـامـر غسان فـاخـوري‬

‫د‪ .‬رغيد عبد احلميد فتال‬

‫اإلمارتي ‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬ ‫اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون‬ ‫ّ‬

‫‪63‬‬

‫القطان‬ ‫محمد سامر‬ ‫د‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة‬

‫د‪ .‬اميان يوسف نوري‬

‫‪8‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫‪99‬‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫النظام القانوني للحبس االنفرادي‬ ‫في ظل مبادئ حقوق اإلنسان‬

‫الدكتور عـامـر غسان فـاخـوري‬ ‫أستاذ القانون الدولي العام املساعد‬ ‫اجلامعة األمريكية في اإلمارات‬

‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪9‬‬


‫‪10‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫مقدمة البحث وأهميته‬ ‫إن تاريﺦ استخدام احلبس االنفرادي وآثاره على اﶈتجزين أو املسجونني هو موضوع موثق بشكل‬ ‫جيد‪ .1‬ففي نظم السجون احلديثة في العالم ميكن للمرء أن يتتبع فلسفة إعادة التأهيل عن طريق‬ ‫العزل إلى منوذج السجن في بنسلفانيا في الواليات املتحدة األمريكية‪ ،‬الذي أُنشئ في العقد الثالث‬ ‫من القرن التاسع عشر في سجن تشيري هيل في فيالدلفيا‪ ،‬بنسلفانيا‪ .‬كان االعتقاد ومازال لدى‬ ‫بعﺾ الدول من هذا النموذج هو إعادة تأهيل اﺠﻤﻟرمني عن طريق احلبس االنفرادي ؛ حيث كان السجناء‬ ‫يقضون كل وقتهم في زنزاناتهم‪ ،‬مبا في ذلك وقت العمل‪ ،‬وذلك للتفكير فيما أقدموا عليه من‬ ‫ﲡاوزات ومن ثم العودة إلى اﺠﻤﻟتمع بصفحة أخالقية نظيفة‪ .2‬ومت في وقت الحق استيراد النموذج‬ ‫السابق واستخدامه في العديد من بلدان أوروبا وأمريكا اجلنوبية والعديد من دول العالم الثالث‪.‬‬ ‫يخضع احلبس االنفرادي في كثير من الدول الى القواعد واألنظمة والقوانني الداخلية‬ ‫الوطنية وهي بالتالي تختلف من دولة الى أخرى‪ ،‬لكن مع ذلك يجب على تلك القوانني الوطنية أن‬ ‫تتفق مع االتفاقيات الدولية واإلقليمية ومبادئ حقوق اإلنسان املتفق عليها‪ .‬فاتفاقيات حقوق‬ ‫اإلنسان اإلقليمية والعاملية باإلضافة إلى قرارات اﶈاكم الدولية في هذا الشأن تعمل بكل تأكيد‬ ‫على رسم اخلطوط العريضة التي يتوجب على الدول إحترامها عند تنفيذ عقوبة احلبس ضد‬ ‫اﺠﻤﻟرمني‪.‬‬ ‫ويستخدم احلبس االنفرادي عادة شكال ً من أشكال العقوبة التأديبية للسجناء الذين يصدر‬ ‫عنهم إخالل باألمن والنظام‪ ،‬ولعزل املشتبه بهم أثناء التحقيقات اجلنائية‪ ،‬وكحكم قضائي‪.‬‬ ‫ويستخدم أحيانا شكال ً من أشكال املعاملة أو العقوبة لألشخاص ذوي اإلعاقة في املؤسسات أو‬ ‫للسيطرة على فئات معينة من السجناء‪ ،‬كالفئات التي تعد بحاجة إلى رعاية الطب النفسي‪.3‬‬ ‫ﻏالبية معايير حقوق اإلنسان الدولية ﲤيز بني فئتني من األشخاص ‪ :‬اﶈتجزون والسجناء‪.‬‬ ‫فكالهما مجرد من حريته لكن الفئة األولى تتعلق بالذين لم تصدر بحقهم أحكام نهائية‪ ،‬أما‬ ‫الفئة الثانية فهي مرتبطة مبن صدرت أحكام بحقهم‪ .‬ففي كلتا احلالينت يتوجب أن يتمتع اﶈتجز‬ ‫والسجني مبجموعة من احلقوق التي ال تقبل التالعب بها وهي تشمل ما يلي‪:‬‬ ‫فيما يتعلق بحق اﶈتجز فينطبق عليه أوال القاعدة القانونية التي مفادها أن املتهم بريء‬ ‫حتى تثبت إدانته‪ ،‬ومنع االحتجاز إال بقرار من النيابة العامة‪ ،‬حق اﶈتجز في طلب الوقت‬ ‫‪1 Scharff Smith, P. “The effects of solitary confinement on prison inmates:‬‬ ‫‪A brief history and review of the literature.” Crime and Justice, vol. 34,‬‬ ‫‪2006 (University of Chicago Press), pp. 441-528.‬‬ ‫‪2‬أنظر الفقرة ‪ 18‬من تقرير املقرر اخلاص التابع لألمم املتحدة واملتعلق بتعزيز حقوق اإلنسان وحمايتها‪ :‬تنفيذ الصكوك‬ ‫املتعلقة بحقوق اإلنسان‪ .‬انظر الوثيقة ‪ A-63-175‬لعام ‪.28 July 2008‬‬ ‫‪ 3‬أنظر الفقرة ‪ 97‬من تقرير املقرر اخلاص التابع لألمم املتحدة واملتعلق بتعزيز حقوق اإلنسان وحمايتها‪ :‬تنفيذ الصكوك‬ ‫املتعلقة بحقوق اإلنسان‪ .‬انظر الوثيقة ‪ A-63-175‬لعام ‪.28 July 2008‬‬

‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪11‬‬


‫النظام القانوني للحبس االنفرادي في ظل مبادئ حقوق اإلنسان‬

‫الكافي لتحضير دفاعه‪ ،‬حق اﶈتجز في االتصال مبن يحدِّده‪ ،‬حق اﶈتجز في االستعانة مبحام‬ ‫ومترجم إذا أقتضت الضرورة ذلك‪ ،‬وحق إطِّ ال ع اﶈتجز على األدلة املساقة ضده‪ ،‬وحق استجواب‬ ‫املشتبه به فور احتجازه وعدم إطالة مدة احتجازه‪ ،‬وكذلك للمحتجز احلق بالدفاع عن نفسه‬ ‫واإلدالء بأقواله وبكل ما يريده بإرادة حرة‪ ،‬وحق اﶈتجز التزام الصمت واالمتناع عن الكالم وكذلك حق‬ ‫طلب االستعانة بطبيب ملعاينته الى ما الى ذلك من حقوق‪ .‬أما فيما يتعلق بالسجني فتتفق غالبية‬ ‫دول العالم أن للسجني ‪ -‬باعتباره إنسانا ً‪ -‬مجموعة من احلقوق على النحو اآلتي‪ :‬يعامل كل‬ ‫السجناء مبا يلزم من االحترام لكرامتهم املتأصلة وقيمتهم كبشر‪ ،‬ال يجوز أن يكون هنالك متييز في‬ ‫املعاملة بسبب العنصر أو اللون أو اجلنس أو الدين‪ ،‬أو الرأي السياسي‪ ،‬أو املنشأ القومي أو‬ ‫االجتماعي أو الثروة أو املولد‪ ،‬وفى الوقت نفسه‪ ،‬من الضروري احترام املعتقدات الدينية واملبادئ‬ ‫األخالقية للفئة التي ينتسب إليها السجني‪ ،‬ويجب أن يكون جلميع الغرف املعدة الستخدام‬ ‫املسجونني وال سيما حجرات النوم ليال جميع املتطلبات الصحية‪ ،‬مع احلرص على مراعاة الظروف‬ ‫املناخية‪ ،‬وخصوصا من حيث حجم الهواء واملساحة الدنيا اجملصصة لكل سجني واإلضاءة والتدفئة‬ ‫والتهوية‪ ،‬وال يجوز أبدا أن تستخدم أدوات تقييد احلرية كاألغالل والسالسل واألصفاد وثياب التكبيل‬ ‫كوسائل للعقاب‪ .‬باختصار ميكن القول بأنه يحتفظ كل السجناء بحقوق اإلنسان واحلريات‬ ‫األساسية املبينة في اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان‪.‬‬ ‫لكن يبقى السﺆال حول إمكانية متتع اﶈتجز أو السجني بحق عدم احلبس اإلنفرادي‪ .‬وهنا‬ ‫نطرح التساؤالت اآلتية ‪ :‬هل اإلطار القانوني للحبس االنفرادي واضح املعالم مبوجب القانون الدولي‬ ‫حلقوق اإلنسان؟ هل القانون الدولي حلقوق اإلنسان يحظر بشكل واضح هذا الشكل من أشكال‬ ‫العقاب؟ هل ميكن أن نعتبر احلبس االنفرادي مبثابة تعذيب‪ ،‬وبالتالي يتوجب على الدول التوقف فورا ً‬ ‫عن تطبيق تلك العقوبة؟ هل هناك تعريف واضح للحبس االنفرادي ؟ و ما هو موقف اﶈاكم اجملتلفة‬ ‫من هذه املسألة؟‬ ‫لذلك وبنا ًء على ما تقدم فأهمية هذا البحث تكمن بكونه يعالج إشكالية قانونية لم‬ ‫تعالج بشكل دقيق من قبل زمالئي الباحثني القانونيني‪ ،‬وعليه ففي هذا البحث سوف تتم اإلجابة‬ ‫عن األسئلة السابقة وغيرها من خالل املباحث اآلتية‪ :‬فاملبحث األول يتحدث عن مفهوم احلبس‬ ‫االنفرادي‪ ،‬في حني يعالج املبحث الثاني املعايير القانونية الدولية حلماية األشخاص اﺠﻤﻟردين من‬ ‫حريتهم‪ ،‬أما املبحث الثالث فيركز على ظروف االحتجاز واحلبس في ظل مبادئ حقوق اإلنسان‬ ‫وقرارات اﶈاكم الدولية اجملتلفة‪.‬‬ ‫أهدف الدراسة وتساؤالتها‪:‬‬ ‫تهدف هذه الدراسة إلى اإلجابة عن تساؤالت مازالت بحاجة للمزيد من البحوث القانونية‬ ‫وحتديدا ً تبيان الوضع القانوني لفكرة احلبس االنفرادي املطبقة في كثير من دول العالم وخاصة في‬ ‫عاملنا العربي‪ ،‬كذلك معرفة األبعاد اخلطيرة لتطبيقات احلبس االنفرادي على األفراد‪ .‬هذا البحث‬ ‫يهدف الى إمكانية اعتبار احلبس اإلنفرادي جرمية تعذيب مقارن ًة مع اتفاقية مناهضة التعذيب‬ ‫وغيره من ضروب املعاملة أو العقوبة القاسية غير اإلنسانية أو املهينة لعام ‪ .8711‬ما هو موقف‬

‫‪12‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫الدكتور عـامـر غسان فـاخـوري‬

‫اﶈاكم الدولية ﲡاه تطبيق هذه العقوبة‪ ،‬هل لديها موقف ثابت؟ هل بﺈمكاننا أن نعتمد على‬ ‫قراراتهم لتبيان اإلطار القانوني لهذه العقوبة‪.‬‬ ‫إشكالية الدراسة‪:‬‬ ‫يخلو القانون الدولي بفروعه اجملتلفة من نص صريح مينع فيه اللجوء الى استخدام عقوبة‬ ‫ومبطن احيانا ً‬ ‫احلبس اإلنفرادي ما يفتح الباب امام بعض الدول إلى تطبيقة بشكل صريح أحيانا ً‬ ‫ّ‬ ‫أخرى‪ ،‬ونظرا ً لآلثار الكارثية لتطبيقات هذه العقوبة أصبح من الضروري أن تتدخل األمم املتحدة‬ ‫بشكل واضح من أجل حتديد اإلطار القانوني لهذه العقوبة وبالتالي تبيان احلدود القانونية لها‪.‬‬ ‫املشكلة اﶈاطة بهذا البحث انه ال يوجد تعريف دقيق ومتفق عليه دوليا ً لفكرة احلبس االنفرادي‬ ‫وبالتالي أصبح من الصعوبة مبكان االتفاق على حتديد الوضع القانوني لها‪.‬‬ ‫أسباب اختيار البحث‪:‬‬ ‫لقد فوجئت بحجم املشكلة أو الظاهرة للحبس االنفرادي على املستوى الدولي‪ ،‬ففي‬ ‫الواليات املتحدة األمريكية وحدها فقط تشير الدراسات إلى أنه يوجد أكثر من ‪ 18‬ألف شخص‬ ‫يخضعون لتلك العقوبة‪ ،‬وعند العودة إلى التقارير الصادرة عن منظمات حقوق اإلنسان وإلى‬ ‫القرارات الصادرة عن اﶈاكم الدولية اإلقليمية ﳒد أن هذه التقارير وتلك القرارات تشمل قضايا‬ ‫ألشخاص من جنسيات مختلفة ومن دول مختلفة وكثير منها أيضا حدثت في دول متقدمة على‬ ‫مستوى احترام حقوق اإلنسان‪ ،‬فضال ً عن دول العالم الثالث‪ ،‬وبالتالي فنحن نقف ليس امام ظاهرة‬ ‫فردية وامنا امام مشكلة تشمل كثير من الدول املتقدمة في مجال حقوق االنسان أو ما زالت تسعي‬ ‫للتقدم في هذا الشأن‪ .‬والغريب في األمر ان هذه الظاهر وعلى الرغم من قدمها التاريخي ما زالت‬ ‫تطبق حتى وقتنا احلاضر دون أن يتدخل اﺠﻤﻟتمع الدولي لوضع حد لها أو حتى تنظيمها‪.‬‬ ‫منهجية البحث‪:‬‬ ‫يستعمل املنهج التحليلي للنصوص الدولية ذات العالقة باملوضوع‪ ،‬واملنهج االستقرائي أو‬ ‫االستنباطي فيما تعلق بأحكام اﶈاكم الدولية و قراراتها و تقارير ﳉان حقوق اإلنسان‪.‬‬

‫املبحث األول‪ :‬مفهوم احلبس االنفرادي‬ ‫تلجأ بعض الدول وعلى رأسها الواليات املتحدة الستخدام احلبس االنفرادي كعقوبة ضد بعض‬ ‫اﶈتجﺰين الذين مازالوا ينتظرون قرارا ً نهائيا ً بحكمهم أو ضد الكثير من املدانني بقضايا مختلفة‪،‬‬

‫فهناك أكثر من ‪ 18.888‬شخص يواجهون احلبس االنفرادي في الواليات املتحدة وحدها‪ .4‬فهذه‬ ‫العقوبة ليست بحديثة بل تعود إلى القرن التاسع عشر‪ ،‬لكن أكثر ما يالحظ على هذه العقوبة‬

‫‪4 There are more than 80,000 people in solitary confinement in the United States. Ian‬‬ ‫‪Kysel, Aryeh Neier Fellow, International Body Slams U.S. Solitary Confinement‬‬ ‫‪Practices, ACLU Human Rights Program, 2013‬‬

‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪13‬‬


‫النظام القانوني للحبس االنفرادي في ظل مبادئ حقوق اإلنسان‬

‫غياب تعريف دولي محدد لها (املطلب األول)‪ ،‬ومع ذلك حاولت بعض الهيئات الدولية التدخل من‬ ‫خالل حتديد معالم هذه العقوبة (املطلب الثاني)‬ ‫املطلب األول‪ :‬غياب مفهوم دولي واضح املعالم للحبس االنفرادي‪.‬‬ ‫اذا كانت بعض االتفاقيات الدولية قد أشارت بطرق مختلفة الى موضوع احلبس االنفرادي إال‬ ‫أنه ال يوجد تعريف عاملي متفق عليه بني الدول للحبس االنفرادي‪ .‬فعلى سبيل املثال أقر مؤمتر األمم‬ ‫املتحدة األول ملنع اجلرﳝة ومعاملة اﺠﻤﻟرمني املعقود في جنيف عام ‪ 8711‬القواعد النموذجية الدنيا‬ ‫ملعاملة السجناء والتي فيها يوجد نص واضح يبني أنه ال يجوز في أي حني أن يعاقب السجني‬ ‫باحلبس املنفرد إال بعد أن يكون الطبيب قد فحصه وشهد خطيا بأنه قادر على حتمل مثل هذه‬ ‫العقوبة‪ .‬كما أقرت اجلمعية العامة لألمم املتحدة في عام ‪ 8778‬املبادئ األساسية ملعاملة‬ ‫السجناء‪ ،‬وفيها مت حث الدول للقيام بجهود إللغاء عقوبة احلبس االنفرادي أو للحد من استخدامها‬

‫وتشجيع تلك اجلهود‪.‬‬ ‫عند العودة الى مفهوم احلبس االنفرادي باللغة اإلجنليزية جند استخدامهم ملصطلح‬

‫‪ Solitary Confinement‬ومع ذلك تنتشر مفاهيم كثيرة في الواليات املتحدة لتشير لذات‬ ‫العقوبة مثل‪:‬‬

‫‪Isolation, control units, supermax prisons, the hole SHUs (Security‬‬ ‫‪Housing Units), administrative segregation, maximum security, or permanent‬‬ ‫‪lockdown.‬‬

‫والسبب في عدم مقدرة اﺠﻤﻟتمع الدولي على وضع مفهوم واضح املعالم ملفهوم احلبس‬ ‫االنفرادي يعود الى أن درجة العزلة التي يخضع لها السجني او اﶈتجز تختلف من الناحية‬ ‫التطبيقية بني مكان وآخر في ظل تعدد األنظمة القضائية في العالم‪ .‬فمشكلة تعريف احلبس‬ ‫االنفرادي تكاد تقترب ‪ -‬من حيث املبدأ‪ -‬من مشكلة تعريف العدوان‪ .‬فكل دولة لها مفهومها اخلاص‬ ‫للعدوان‪ ،‬ونادرا ً ما جند قواسم مشتركة حول ذات املوضوع‪ .‬كذلك األمر فاملشكلة املرافقة ملفهوم‬ ‫احلبس االنفرادي مرتبطة اساسا ً بالظروف املرافقة للحبس‪ ،‬فاألنظمة القضائية اجملتلفة التي تلجأ‬ ‫إلى هذا العقوبة تطبقها ضمن ظروف تختلف حدتها من حالة إلى أخرى ومن قضية إلى أخرى ومن‬ ‫دولة إلى أخرى وبالتالي هذا يجعل احلكم عليها صعب من حيث مدى موافقتها ملبادئ حقوق‬ ‫اإلنسان‪ .‬فاملوقف القانوني جتاه احلبس االنفرادي ملدة يوم واحد تختلف عما إذا كانت مدة احلبس‬ ‫شهر واحد‪ ،‬واحلبس ملدة شهر بانعزالية تامة وانقطاع تام عن العالم اخلارجي يختلف عن احلبس‬ ‫االنفرادي ملدة ‪ 1‬أشهر دون االنقطاع التام عما يحيط املسجون من ظروف اجتماعية من خالل‬ ‫السماح للمحكوم علية بالتواصل املتكرر مع أسرته ومحاميه أو املنظمات احلقوقية‪ .‬إذن فالقصية‬ ‫معقدة نوعا ً ما وليست بالسهولة املتوقعة‪.‬‬

‫‪14‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫الدكتور عـامـر غسان فـاخـوري‬

‫املطلب الثاني‪ :‬مفهوم احلبس االنفرادي بحسب بيان اسطنبول‪:‬‬ ‫سوف نتبني التعريف الذي ورد بيان اسطنبول بشأن استخدام احلبس االنفرادي وآثاره املعتمد في ‪7‬‬ ‫كانون األول‪/‬ديسمبر‪ 7889‬في الندوة الدولية املعنية للصدمات النفسية والذي تبنى التعريف‬ ‫التالي بالقول إن احلبس االنفرادي هو "العزل البدني لألفراد بحبسهم في زنزاناتهم ملدة تتراوح بني‬ ‫‪ 77‬ساعة و ‪ 71‬ساعة في اليوم‪ .‬وفي كثير من الواليات القضائية‪ ،‬يُسمح للسجناء باخلروج من‬ ‫زنزاناتهم ملدة ساعة من أجل التمارين الرياضية بشكل انفرادي‪ .‬أما االتصال بأشخاص آخرين‬ ‫بشكل مج ٍد‪ ،‬فيخفض عادة إلى احلد األدنى‪ .‬واالنخفاض في احلوافز هو ليس من الناحية الكمية‬ ‫فحسب‪ ،‬بل أيضا من الناحية النوعية‪ .‬فنادرا ً ما يتم اختيار احلوافز املتوفرة واالحتكاك االجتماعي‬ ‫‪5‬‬ ‫العرضي بحرية‪ ،‬وتكون هذه بوجه عام على وتيرة واحدة‪ ،‬وال تنطوي غالبا على أي تعاطف‪.‬‬ ‫من الضروري معرفة أنه يطبق احلبس االنفرادي عادة في أربعة ظروف عامة في مختلف‬ ‫نظم العدالة اجلنائية‪ :‬إما كعقوبة تأديبية للسجناء اﶈكوم عليهم وعادة تطبق هذه العقوبة على‬ ‫أشخاص خالفوا اللوائح الداخلية للسجن نتيجة ارتكابهم جرائم معينة أثناء إمتامهم فترة‬ ‫عقوبتهم مثل االعتداء على أحد موظفي السجن‪ ،‬فهي بالنتيجة االولى قد تهدف إلى حماية‬ ‫املسجونني اآلخرين منه أو حماية ذات الشخص من اعتداءات اآلخرين؛ وإما لعزل األفراد أثناء‬ ‫التحقيق اجلنائي اجلاري؛ وإما كوسيلة إدارية للسيطرة على جماعات محددة من السجناء؛ وإما‬ ‫كحكم قضائي‪ .‬ويُستخدم احلبس االنفرادي أيضا في كثير من الواليات القضائية كبديل عن الرعاية‬ ‫الطبية أو النفسية املالئمة من أجل األفراد اجملتلني عقليا‪ .‬وباإلضافة إلى ذلك‪ ،‬يُستخدم احلبس‬ ‫االنفرادي باطراد كجزء من االستجواب القسري‪ ،‬وغالبا ما يكون جزءا ال يتجزأ من حاالت االختفاء‬ ‫القسري أو االحتجاز االنفرادي املطلق‪.6‬‬ ‫لكن على الرغم من عدم وجود تعريف دولي محدد للحبس االنفرادي‪ ،‬لكننا نستطيع أن‬ ‫نبني مفهومه من خالل الظروف التي حتيط باحلبس االنفرادي للمحتجز أو السجني التي ميكن أن يتم‬ ‫تلخيصها بالظروف اآلتية‪:‬‬

‫‪ 5‬شارك في هذا املؤمتر فريق عمل إلى جانب العديد من اخلبراء الدوليني البارزين في ميدان احلبس االنفرادي والسجون‬ ‫والتعذيب‪ ،‬ومت إصدار وثيقة ختامية‪ ،‬وهي ”بيان اسطنبول بشأن استخدام احلبس االنفرادي وآثاره‪.‬‬ ‫‪"Solitary confinement is the physical isolation of individuals who are confined to their‬‬ ‫‪cells for twenty-two to twenty-four hours a day. In many jurisdictions prisoners are‬‬ ‫‪allowed out of their cells for one hour of solitary exercise. Meaningful contact with‬‬ ‫‪other people is typically reduced to a minimum. The reduction in stimuli is not only‬‬ ‫‪quantitative but also qualitative. The available stimuli and the occasional social‬‬ ‫‪contacts are seldom freely chosen, are generally monotonous, and are often not‬‬ ‫‪empathetic" .P. Scharff Smith “Solitary confinement: An introduction to the Istanbul‬‬ ‫‪Statement on the Use and Effects of Solitary Confinement”; Journal on Rehabilitation‬‬ ‫‪of Torture Victims and Prevention of Torture, vol. 18, No. 1, pp.56-62‬‬ ‫‪ 6‬لالطالع على بيان اسطنبول يراجع قرار اجلمعية العامة لألمم املتحدة رقم ‪A-63-175‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪15‬‬


‫النظام القانوني للحبس االنفرادي في ظل مبادئ حقوق اإلنسان‬

‫احلبس وراء أبواب الفوالذ الصلبة ملدة ‪ 72‬ساعة في اليوم‪ ،‬واالحتكاك يكون محدودا ً مع غيره من‬ ‫البشر‪ ،‬واملكاملات الهاتفية والزيارات العائلية تكون نادرة جداً‪ ،‬وندرة السماح للسجني باستخدام‬ ‫برامج إلعادة التأهيل أو برامج تعليمية‪ ،‬وعدم كفاية العالج الصحي النفسي بشكل صارخ‪ ،‬وتقييد‬ ‫السماح بقراءة الكتب أو السماح باقتناء املمتلكات الشخصية‪ ،‬احيانا ً قد يرافق احلبس االنفرادي‬ ‫تعذيب جسدي‪ ،‬والتعذيب النفسي مثل احلرمان من استخدام بعض احلواس‪ ،‬أو درجات احلرارة العالية‬ ‫داخل الزنزانة باإلضافة لألرق القسري‪ ،‬والتخويف والعنف اجلنسي‪.7‬‬

‫املبحث الثاني ‪:‬‬ ‫املعايير القانونية الدولية حلماية األشخاص اﺠﻤﻟردين من حريتهم‪:‬‬ ‫اعتمدت اجلمعية العامة لألمم املتحدة في عام ‪ 8711‬مجموعة من املبادئ املتعلقة بحماية جميع‬ ‫األشخاص الذين يتعرضون ألي شكل من أشكال االحتجاز أو السجن‪ .‬هذه املبادئ أصبحت اليوم‬ ‫جزءا ً من القانون الدولي العرفي بحيث يلزم اجلميع‪ -‬مص ّدقني أو غير مص ّدقني عليها‪ -‬باحترامها‬ ‫ومن أهم هذه املبادئ ‪ :‬نذكر أنه يجب أن يعامل جميع األشخاص الذين يتعرضون ألي شكل من‬ ‫أشكال االحتجاز أو السجن إلى معاملة إنسانية وباحترام لكرامة الشخص اإلنساني األصيلة‪ ،‬فال‬ ‫يجوز تقييد أو انتقاص أي حق من حقوق اإلنسان التي يتمتع بها األشخاص الذين يتعرضون ألي‬ ‫شكل من أشكال االحتجاز أو السجن‪ .‬كما أنه ال يجوز إخضاع أي شخص يتعرض ألي شكل من‬ ‫أشكال االحتجاز أو السجن للتعذيب أو غيره من ضروب املعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية‬

‫أو املهنية‪ .8‬وبعد ذلك بسنتني قررت اجلمعية العامة لألمم املتحدة اعتماد مجموعة أخرى من املبادئ‬

‫األساسية ملعاملة السجناء في عام ‪ .8778‬هذه املبادئ أخذت منحى آخر حيث توجهت نحو‬ ‫مراعاة الظروف التي يقضي بها السجناء مدة محكوميتهم حيث نصت على أنه يحق لكل‬ ‫السجناء أن يشاركوا في األنشطة الثقافية والتربوية الرامية إلى النمو الكامل للشخصية‬ ‫البشرية‪ .‬وهذا املبدأ تبعه مبدأ آخر موجها ً إلى دعوة إلى جميع الدول إللغاء عقوبة احلبس االنفرادي‬ ‫أو للحد من استخدامها‪ .9‬وعلى الرغم من أن احلبس االنفرادي يعتبر من أشد انواع احلبس على‬ ‫اإلطالق إال أنه ال يوجد اتفاقية دولة حتظر مثل هذا النوع من احلبس بشكل دقيق وواضح‪ .‬فالقضية‬ ‫تعتمد في مجملها على طول فترة احلبس االنفرادي والظروف التي ميضي فيها املسجون تلك‬ ‫العقوبة‪ .‬ومع ذلك فال بد من دراسة املوضوع من باب إمكانية ربط احلبس االنفرادي مبفهوم التعذيب‬ ‫وبالتالي جعلة محظورا ً دولياً‪ ،‬لذلك فال بد في ) املطلب األول( دراسة آثار احلبس االنفرادي بهدف‬ ‫‪7 Rachael Kamel and Bonnie Kerness, The Prison inside Prison, Control Units,‬‬ ‫‪Supermax Prisons, and Devices of Torture, A JUSTICE VISIONS BRIEFING PAPER,‬‬ ‫‪American Friends Service Committee, Philadelphia 2003, pp. 1-12‬‬ ‫‪ 8‬مجموعة صكوك دولية‪ ،‬اﺠﻤﻟلد األول‪ ،‬األمم املتحدة‪ ،‬نيويورك‪ ،A.94.XIV-Vol.1, Part 1 ،8772 ،‬ص ‪269‬‬ ‫‪ 9‬مجموعة صكوك دولية‪ ،‬اﺠﻤﻟلد األول‪ ،‬األمم املتحدة‪ ،‬نيويورك‪ ،A.94.XIV-Vol.1, Part 1 ،8772 ،‬ص ‪261‬‬ ‫‪16‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫الدكتور عـامـر غسان فـاخـوري‬

‫حتديد مدى العالقة التي تربطه بالتعذيب ومن ثم سوف نتطرق في )املطلب الثاني( لدراسة‬ ‫إمكانية اعتبار هذا النوع من احلبس أداة تعذيب‪.‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬آثار احلبس االنفرادي‪:‬‬ ‫يتفق جميع من درسوا املشاكل املترتبة على احلبس االنفرادي بأنها من أكثر التجارب ايالما ً على‬ ‫الشخص الذي تقع عليه هذه التجربة‪ ،‬فالسجني في احلبس االنفرادي يكون معزول متاما ً عن اﺠﻤﻟتمع‬ ‫وبالتالي فإن عالقته مع اآلخرين تكون محصورة ‪ -‬في أفضل اوقاتها‪ -‬مع بعض موظفي السجن‬ ‫وتكون الغرفة التي يقيم فيها من حيث املبدأ صغيرة جدا ً ال تتجاوز ثالثة أمتار مكعبه وفي كثير من‬ ‫األوقات ال يوجد بها أية نافذة للخارج‪.10‬‬ ‫هناك أدلة كثيرة ال لبس فيها أن احلبس االنفرادي له أثر عميق على صحة السجني ويعتبر‬ ‫خطرا ً حقيقيا ً‪ 11‬لكن هناك عوامل كثيرة حتدد مدى تأثير تلك العقوبة على الشخص الواقعة عليه‬ ‫من حيث‪ :‬هل يعاني ذلك الشخص من أمراض صحية سابقة على تنفيذ العقوبة؟ وما مدى‬ ‫احتكاك ذلك الشخص باآلخرين ؟ وما هي الظروف املتعلقة باملكان الذي ميضي فيه العقوبة؟ لكن‬ ‫على الرغم من ذلك فإن جميع الدراسات املتعلقة بآثار احلبس االنفرادي على الشخص املنفذ ضده‬ ‫هذه العقوبة تؤكد بأن هناك آثارا ً صحية ال ميكن إنكارها مثل الهلوسة والهذيان والشيزوفرينيا‪.12‬‬ ‫كذلك يواجه الشخص الكثير من االضطرابات اإلدراكية واملعرفية‪ ،‬واخلوف‪ ،‬وجنون العظمة‪،‬‬ ‫واالنفعاالت‪ ،‬والسلوك العشوائي‪ ،‬والتسرع‪ .13‬واحدة من املشاكل األكثر شيوعا بني السجناء الذين‬ ‫مت عزلهم هي أنهم غير قادرين على التمييز بني الواقع احلقيقي وأفكارهم اخلاصة ‪ ،‬ففي ظل‬

‫‪ 10‬لالطالع على دراسات تتعلق باآلثار الصحية للحبس االنفرادي‪ ،‬انظر ما يلي‪:‬‬ ‫‪Peter Scharff Smith, P., “The effects of solitary confinement on prison inmates: A brief‬‬ ‫‪history and review of the literature” in Crime and Justice, vol. 34, 2006; Holly Boyer,‬‬ ‫‪Comment, Home Sweet Hell: An Analysis of the Eighth Amendment's 'Cruel and‬‬ ‫‪Unusual Punishment' Clause as Applied to Supermax Prisons, 32 Sw. U. L. REv. 317,‬‬ ‫'‪279 (7882); Craig Haney, “Mental Health Issues in Long-Term Solitary and 'Supermax‬‬ ‫‪Confinement” in Crime and Delinquency 49 (10), 2003; Stuart Grassian,‬‬ ‫‪“Psychopathological Effects of Solitary Confinement” in American Journal of‬‬ ‫;‪Psychiatry, vol. 140, 1983‬‬ ‫‪11 Haney Mental Health Issues in Long-Term Solitary and ‘Supermax’ Confinement.‬‬ ‫‪Crime & Delinquency, (2003) pp. 124-156; Elizabeth Vasiliades, Solitary Confinement‬‬ ‫‪and International Human Rights: Why the U.S. Prison System Fails Global Standards,‬‬ ‫‪American University International Law Review, Volume 21, Issue 1, 2005, p. 76‬‬ ‫‪12 Faris, R.E., Cultural Isolation and the Schizophrenic Personality. American Journal‬‬ ‫‪of Sociology, September, (1934) pp. 155-164.‬‬ ‫‪13 Grassian Stuart, Psychiatric Effects of Solitary Confinement, Journal of Law and‬‬ ‫‪Policy, Vol.22, 2006, pp. 325-383‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪17‬‬


‫النظام القانوني للحبس االنفرادي في ظل مبادئ حقوق اإلنسان‬ ‫واقعهم املؤلم يقومون بخلق عاملهم اخليالي اخلاص بهم‪ .14‬كل هذا مرتبط مبدة احلبس االنفرادي‬ ‫فكلما طالت املدة نقص أداء الدماغ بشكل كبير ما يلحق التدمير النفسي بالشخص‪ ،‬وكذلك‬ ‫صعوبة في التفكير والتركيز والذاكرة والضياع‪ ،‬وفي كثير من األحيان يصاب املساجني باالنفصال‪.‬‬ ‫يقول املقرر اخلاص حلقوق اإلنسان في تقرير مقدم لألمم املتحدة‪ :‬إن حجم األدلة املتراكمة‬ ‫حتى اآلن تشير إلى خطورة اآلثار الصحية الناجمة عن استخدام احلبس االنفرادي التي تتراوح بني‬ ‫األرَق الشديد‪ 15‬والتشوش والهلوسة واألمراض العقلية‪ .‬كما أن العامل السيء الرئيسي الناجم عن‬ ‫احلبس االنفرادي هو تخفيﺾ االحتكاك أو التواصل االجتماعي والنفسي اﺠﻤﻟدي إلى احلد األدنى‬ ‫املطلق‪ ،‬أي إلى احلد الذي ال يكفي بالنسبة ملعظم املعتقلني كي يبقوا صاحلني عقليا‪ .‬وعالوة على‬ ‫ذلك‪ ،‬قد تكون آثار احلبس االنفرادي في املعتقلني رهن التحقيق أسوأ من آثاره في املعتقلني اآلخرين‬ ‫املعرضني للعزل‪ ،‬وذلك بالنظر إلى عدم اليقني املتوقع بالنسبة لطول فترة االعتقال‪ ،‬واحتمال‬ ‫استخدامه النتزاع املعلومات أو االعترافات‪ .‬فهناك زيادة في معدالت االنتحار وإيذاء النفس خالل‬ ‫األسبوعني األولني من احلبس االنفرادي في حاالت املعتقلني رهن التحقيق في احلبس االنفرادي ‪.16‬‬ ‫لقد أجريت العديد من الدراسات العلمية املوثقة حول اآلثار اخلطرة التي تصيب األشخاص‬ ‫الذين ينفذون عقوبة احلبس االنفرادي بالقول‪ :‬إنهم في أغلب األحيان يكونون على وشك االنهيار‬ ‫واالكتئاب املزمن والقلق والعدوانية والعصبية الشديدة‪ .17‬الكثير من الباحثني أكدوا على األضرار‬ ‫التالية‪ :‬خفقان القلب (ضربات القلب قوية)‪ ،‬والتعرق الغزير (التعرق املفاجئ)‪ ،‬واألرق‪ ،‬وآالم الظهر‬ ‫واملفاصل‪ ،‬وتدهور البصر‪ ،‬وضعف الشهية وفقدان الوزن‪ ،‬واخلمول والوهن العام‪ ،‬وتفاقم املشاكل‬ ‫الطبية املوجودة من قبل‪ .18‬ومما ال شك فيه فإن عقوبة احلبس االنفرادي هي عقوبة تدميرية لإلنسان‪،‬‬ ‫فهي تدمير للعقل واملشاعر والنفس والروح واملعنويات واجلسد‪ ،‬جتعل الشخص يشعر بأنه في‬ ‫مرتبة أدنى من اإلنسان البشري وتقوده هذه العزلة إما إلى التفكير بالهرب بأية وسيلة أو‬

‫‪14 Sharon Shalev, A sourcebook on Solitary Confinement, Mannheim center for‬‬ ‫‪Criminology, 2008, p. 12‬‬ ‫‪15 Hocking, F., Extreme environmental stress and its significance for psychopathology,‬‬ ‫)‪American Journal of Psychiatry, (1970‬‬ ‫‪ 16‬أنظر الفقرة ‪ 17‬من تقرير املقرر اخلاص التابع لألمم املتحدة واملتعلق بتعزيز حقوق اإلنسان وحمايتها‪ :‬تنفيذ الصكوك‬ ‫املتعلقة بحقوق اإلنسان‪ .‬انظر الوثيقة ‪ A-63-175‬لعام ‪.28 July 2008‬‬ ‫‪17 Sharon Shalev, A sourcebook on Solitary Confinement, Mannheim center for‬‬ ‫‪Criminology, 2008, p. 11‬‬ ‫‪18 Fairweather, L. Psychological effects of the prison environment. IN: Fairweather, L.‬‬ ‫‪and McCnoville,‬‬ ‫‪S., eds. (2000) Prison Architecture: Policy, Design and Experience. London:‬‬ ‫‪Architectural Press. (2000); Ecclestone, C., Gendreau, P. and Knox, C., Solitary‬‬ ‫‪confinement of prisoners: an assessment of its effects on inmates’ personal constructs‬‬ ‫‪and adrenocortical activity. Canadian Journal of Behavioural Science Review, 6(2):178‬‬‫)‪191. (1974‬‬ ‫‪18‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫الدكتور عـامـر غسان فـاخـوري‬ ‫باالنتحار‪ .19‬إلى ذلك نضيف بأنه لن يستطيع هذا الشخص أن يعود إلى طبيعته بسهولة‪ ،‬لن‬ ‫يستطيع أن يتفاعل مع محيطة البشري‪ .‬بعض الدول حتاول الرد على اآلثار السلبية للحبس‬ ‫االنفرادي من خالل القول‪ :‬إنها ال تطبق هذا النوع من احلبس لفترات طويلة‪ ،‬لكن مقرر األمم املتحدة‬ ‫اخلاص املعني بالتعذيب خوان منديز في بيان صحفي رد على هذه احلجج بالقول‪ :‬إنه "حتى إذا مت‬ ‫تطبيق احلبس االنفرادي لفترات قصيرة من الزمن‪ ،‬فإنه غالبا ما يسبب املعاناة النفسية واجلسدية‬ ‫أو اإلذالل‪ ،‬ويرقى إلى حد املعاملة القاسية أو الالإنسانية أو املهينة أو احلاطة للكرامة"‪ .20‬باختصار‬ ‫ميكن القول‪ :‬إن جميع من وقعت عليهم مثل تلك العقوبة يفضلون املوت على احلبس االنفرادي‪.‬‬ ‫نستطيع أن نوجز ما سبق باإلشارة الى تقرير صادر عن جلنة مناهضة التعذيب التي أكدت‬ ‫على اآلثار اجلسمية والعقلية املؤذية الناجمة عن احلبس االنفرادي الطويل األمد‪ ،‬وأعربت عن قلقها‬ ‫بشأن استخدامه‪ ،‬سواء أكان ذلك تدبيرا ً وقائيا ً خالل االحتجاز رهن التحقيق‪ ،‬أم تدبيرا ً تأديبيا ً‪.21‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬العالقة بني التعذيب واحلبس االنفرادي‪:‬‬ ‫لقد قامت اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب املعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية‬

‫أو املهينة لعام ‪ 8711‬بوضع تعريف للتعذيب في املادة األولى‪ 22‬بالقول‪ :‬بأنه "كل فعل مقصود‬ ‫يسبب أملا ً ‪ ،‬أو معاناة ‪ ،‬سواء كانت جسدية أو نفسية لشخص ما بغرض احلصول على معلومات أو‬ ‫اعتراف منه أو معلومات عن شخص آخر ‪ ،‬أو لفعل قام به أو مشتبه في أنه قام به هو أو شخص‬ ‫آخر ‪ ،‬أو بغرض تخويفه ‪ ،‬أو إجباره هو أو شخص آخر ‪ ،‬أو ألي سبب آخر قائم على التمييز ‪ ،‬عندما‬ ‫يكون مثل هذا األلم أو املعاناة قد أوقع بإيعاز أو مبوافقة من موظف رسمي أو أي شخص له صفة‬ ‫رسمية ‪ ،‬وال يتضمن ذلك األلم أو املعاناة الناجتة أو حدثت باملصادفة نتيجة تطبيق العقوبات‬ ‫القانونية"‪ .‬وهذا التعريف يقترب كثيرا ً من المادة ‪ 1‬من الميثاق العربي لحقوق اإلنسان لسنة‬ ‫‪ 19‬أعرب املقرر اخلاص عن قلقه بشأن نظام العزل اخلاص ففي بعض السجون املنغولية حني التقى بتسعة سجناء يقضون‬ ‫حكما بالسجن ملدة ‪ 28‬عاما‪ ،‬محتجزين في زنزانات مساحتها ‪ 2X2‬أمتار لفترة ‪ 71‬ساعة يوميا‪ .‬وكانت الكآبة بادية على‬ ‫وجوه السجناء كما عبروا عن يأسهم‪ ،‬وتفكيرهم في االنتحار‪ ،‬وقالوا أنهم يفضلون عقوبة املوت على احلبس االنفرادي وقد‬ ‫خلص املقرر اخلاص إلى أن النظام برمته يصل إلى مرتبة العقوبة القاسية والالإنسانية‪ ،‬إن لم يكن هو التعذيب بعينه‪.‬‬ ‫‪E/CN.4/2006/6/Add.4‬‬ ‫‪20 http://www.un.org/arabic/news/story.asp?NewsID=19242#.UpR6YtKVNIg‬‬ ‫‪ 21‬انظر على سبيل املثال الوثائق الرسمية للجمعية العامة‪ ،‬الدورة الثانية واخلمسون‪ ،‬امللحق رقم ‪،)A/52/44( 11‬‬ ‫الفصل الرابع‪ ،‬الفقرتان ‪ 818‬و ‪ 816‬؛ وعلى التقرير الدوري الثالث للسويد (املرجع نفسه‪ ،‬الفصل الرابع‪ ،‬الفرع ك‪ ،‬الفقرتان‬ ‫‪ 778‬و ‪ 771‬؛ وعلى التقرير الدوري الثالث للنرويج (املرجع نفسه‪ ،‬الدورة الثالثة واخلمسون‪ ،‬امللحق رقم ‪،)A/53/44( 11‬‬ ‫الفصل الرابع‪ ،‬الفرع ح‪ ،‬الفقرتان ‪ 811‬و ‪816‬؛ وعلى التقرير الدوري الثالث لفرنسا (‪ ،)CAT/C/FRA/CO/13‬الفقرة‬ ‫‪87‬؛ وعلى التقرير الدوري الثاني للواليات املتحدة األمريكية (‪ ،)CAT/C/USA/CO/2‬الفقرة ‪26‬؛ وعلى التقرير الدوري‬ ‫الثالث لنيوزيلندا (‪ ،)CAT/C/CR/32/4‬الفقرتان ‪( 1‬د) و ‪( 6‬د)‪ .‬مالحظة‪ :‬وردت املالحق السابقة في قرار اجلمعية العامة‬ ‫لألمم املتحدة رقم ‪A/63/175‬‬ ‫‪ 22‬اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق واالنضمام مبوجب قرار اجلمعية العامة لألمم املتحدة ‪ 16/27‬املؤرخ في ‪ 88‬كانون‬ ‫األول‪/‬ديسمبر ‪ 8711‬تاريخ بدء النفاذ‪ 76 :‬حزيران ‪ ،8719‬وفقا ألحكام املادة ‪)8( 79‬‬

‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪19‬‬


‫النظام القانوني للحبس االنفرادي في ظل مبادئ حقوق اإلنسان‬

‫‪ 7881‬التي تنص بأنه يحﻅر تعذيب أي شخص بدنياً أو نفسياً أو معاملته معاملة قاسية أو‬ ‫مهينة أو حاطة بالكرامة أو غير إنسانية‪.‬‬ ‫املعاملة الالإنسانية ميكن أن تعرف بأنها "التسبب عمدا ً مبعاناة شديدة عقلية أو بدنية‪ .‬ويتمثّل‬ ‫الفارق القانوني بني التعذيب وغيره من ضروب املعاملة السيئة في مدى شدة ما يتم إحلاقه من ألم‬ ‫أو عذاب‪ .‬لكن باإلجمال يحظر القانون الدولي حلقوق اإلنسان التعذيب وغيره من أشكال املعاملة‬ ‫السيئة في جميع األوقات‪ ،‬ويقضي مبعاملة اﶈتجزين وفقا ً ألحكام ومبادئ القانون الدولي اإلنساني‬ ‫وغيره من املعايير الدولية‪.‬‬ ‫االتفاقيات الدولية العامة واإلقليمية وضعت نصوصا ً صريحة ال تقبل مجاال ً للشك بأن‬ ‫التعذيب وغيرة من أساليب املعاملة املهينة أو احلاطة من الكرامة محظورة دولياً‪ ،‬وعليه تنص املادة‬ ‫‪ 1‬من اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان الصادر في العام ‪ 8711‬على أنه "ال يعرض أي إنسان للتعذيب‬ ‫وال للعقوبات أو املعامالت القاسية أو الوحشية أو احلاطة بالكرامة"‪ .‬لذلك جاءت جميع االتفاقيات‬ ‫الالحقة لإلعالن سواء اإلقليمية أم الدولية لتكرس ذات املبدأ العام‪ .‬فاملادة الثالثة من االتفاقية‬ ‫األوروبية حلقوق اإلنسان لعام ‪ 8718‬تصرح بوضوح أنه ال يجوز إخضاع أي إنسان للتعذيب وال‬ ‫للمعاملة أو العقوبة الالإنسانية أو املهينة"‪ .‬كذلك جاءت املادة السابعة من العهد الدولي اخلاص‬ ‫باحلقوق املدنية والسياسية الصادر في عام ‪ 8766‬لتؤكد أنه ال يجوز إخضاع أحد للتعذيب وال‬ ‫للمعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية أو احلاطة بالكرامة" في حني جاءت املادة العاشرة من‬ ‫ذات العهد لتؤكد أنه يجب أن "يعامل جميع اﶈرومني من حريتهم معاملة إنسانية‪ ،‬حتترم الكرامة‬

‫األصيلة في الشخص اإلنساني"‪ .‬وبعدها بثالثة أعوام أي في عام ‪ 8767‬مت تبني االتفاقية‬

‫األمريكية حلقوق اإلنسان التي تنص في املادة الثالثة منه على أنه " ال يجوز إخضاع أحد للتعذيب أو‬ ‫لعقوبة أو معاملة قاسية أو غير إنسانية أو مذلة‪ .‬ويعامل كل الذين قيدت حريتهم باالحترام‬ ‫الواجب للكرامة املتأصلة في شخص اإلنسان"‬ ‫نشير أن حظر التعذيب في القانون الدولي مطلق‪ ،‬شأنه في ذلك شأن جرائم احلرب أو ضد‬ ‫اإلنسانية أو اإلبادة اجلماعية‪ ،‬وبالتالي فالتعذيب غير مسموح به مهما كانت املبررات سواء أكانت‬ ‫حربا ً أو أعماال ً إرهابية أو ما إلى ذلك وعليه فقد أصبح احلظر جزءا ً من القانون الدولي العرفي أي أن‬ ‫‪23‬‬ ‫الدول ملزمة بذلك سواء وقعت على املعاهدات الناظمة للتعذيب أم ال‪.‬‬

‫‪ 23‬املادة الثانية فقرة ‪ 7‬من اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب املعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية أو املهينة‬ ‫لعام ‪ 8711‬تشير أنه ال يجوز التذرع بأية ظروف استثنائية أيا كانت‪ ،‬سواء أكانت هذه الظروف حالة حرب أو تهديدا باحلرب أو‬ ‫عدم استقرار سياسي داخلي أو أية حالة من حاالت الطوارئ العامة األخرى كمبرر للتعذيب كما أنه ال يجوز التذرع باألوامر‬ ‫الصادرة عن موظفني أعلى مرتبة أو عن سلطة عامة كمبرر للتعذيب‪.‬‬ ‫‪20‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫الدكتور عـامـر غسان فـاخـوري‬

‫املبحث الثالث‪:‬‬ ‫ظروف االحتجاز واحلبس في ظل مبادئ حقوق اإلنسان وقرارات‬ ‫اﶈاكم اإلقليمية‪.‬‬ ‫يكاد يكون من املتفق عليه أنه يجب أن يعامل جميع األشخاص الذين يتعرضون ألي شكل من‬

‫أشكال االحتجاز أو السجن معاملة انسانية وباحترام لكرامة الشخص اإلنساني األصيلة‪ .‬فال‬ ‫يجوز تقييد أو انتقاص أي حق من حقوق اإلنسان التي يتمتع بها األشخاص الذين يتعرضون ألي‬ ‫شكل من أشكال االحتجاز أو السجن‪ .‬فمن أجل استكمال النقاش حول العالقة بني احلبس‬ ‫االنفرادي والتعذيب ال بد من احلديث بشكل معمق عن ظروف االعتقال أو االحتجاز في ظل مبادئ‬

‫حقوق األنسان (املطلب األول) لنعرج بعدها على موقف القضاء الدولي ملعرفة كيف تتم معاجلة‬ ‫هذا املوضوع ( املطلب الثاني)‪.‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬ظ روف االحتجاز واحلبس في ظل مبادئ حقوق اإلنسان‬ ‫تقر كل من اللجنة املعنية بحقوق اإلنسان وجلنة مناهضة التعذيب بأن ظروف االحتجاز قد تشكل‬ ‫في حد ذاتها سوء معاملة أو في حاالت أخرى تعذيبا‪ .‬ومع ذلك‪ ،‬فإنه ميكن لنظام االعتقال عموما أن‬ ‫يهيئ الظروف التي تفضي إلى التعذيب أو سوء املعاملة‪ ،‬أو‪ ،‬على العكس من ذلك‪ ،‬إلى بيئة يُسمح‬ ‫فيها ﲟثل هذه األعمال‪ .‬ونظرا لتقييد حريتهم‪ ،‬يكون السجناء وغيرهم من اﶈتجزين عرضة على‬ ‫نحو خاص لإلساءة‪ .‬لذلك يتضمن العهد الدولي للحقوق املدنية والسياسية في املادة العاشرة نصا ً‬ ‫يشير صراحة إلى أنه يجب أن يعامل جميع اﶈرومني من حريتهم معاملة إنسانية‪ ،‬ﲢترم الكرامة‬ ‫األصيلة في الشخص اإلنساني‪.‬‬ ‫استنادا ً للمادة ‪ 78‬من اتفاقية مناهضة التعذيب لعام ‪ 8711‬إذا "تلقت جلنة ملناهضة‬ ‫التعذيب معلومات موثوقا بها ويبدو لها أنها تتضمن دالئل لها أساس قوى تشير إلى أن تعذيبا‬ ‫ميارس على نحو منظم في أراضي دولة طرف‪ ،‬تدعو اللجنة الدولة الطرف املعنية إلى التعاون في‬ ‫دراسة هذه املعلومات" وبنا ًء علية وجدت جلنة مناهضة التعذيب انتهاكات تتعلق بظروف االحتجاز‬ ‫خالل زياراتها ألماكن االحتجاز عقب زيارتها إلى السجون التركية‪ ،‬حيث دعت اللجنة السلطات‬ ‫التركية إلى هدم كل زنزانات احلبس االنفرادي املعروفة باسم التوابيت فورا ً و كليا ً والتي تشكل في‬ ‫حد ذاتها نوعا ً من أنواع التعذيب‪ .‬تبلغ أبعاد هذه الزنزانات حوالي ‪ 68 × 18‬سنتيمترا وليس فيها‬ ‫ضوء مع عدم كفاية التهوية‪ ،‬وال يستطيع السجني إال الوقوف أو جلوس جلسة القرفصاء‪.24‬‬ ‫من جانب آخر أفادت اللجنة املعنية بحقوق اإلنسان في تعليقها العام رقم ‪ ،78‬إلى أن‬

‫احلبس االنفرادي ملدة طويلة قد ينتهك املادة ‪ 9‬السابقة‪ 25‬الواردة في العهد الدولي اخلاص باحلقوق‬ ‫‪ 24‬وثيقة األمم املتحدة ‪1993 ،A/48/44/Add.1‬‬ ‫‪ 25‬اللجنة املعنية بحقوق اإلنسان‪ ،‬التعليق العام رقم ‪، 8777 78‬املادة ‪6‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪21‬‬


‫النظام القانوني للحبس االنفرادي في ظل مبادئ حقوق اإلنسان‬

‫املدنية والسياسية الصادر عام ‪ .8766‬ومن حيث مدى انتهاك احلبس االنفرادي للمادة العاشرة من‬ ‫ذات العهد أعربت ذات اللجنة أن "احلبس االنفرادي هو عقوبة قاسية تترتب عليها عواقب نفسية‬ ‫خطيرة وال ميكن تبريرها إال في حالة الضرورة امللحة؛ كما أن استخدام احلبس االنفرادي االنفرادي في‬

‫غير الظروف االستثنائية و لفترات محدودة ال يتفق مع الفقرة ‪ 8‬من املادة ‪ 88‬من العهد‪.26‬‬ ‫في قضية بوالي كامبوس ضد دولة البيرو‪ ،‬وجدت اللجنة املعنية بحقوق اإلنسان أن فترة‬ ‫تسعة أشهر من احلبس االنفرادي خالل االحتجاز السابق للمحاكمة تشكل انتهاكا ً للمادة ‪88‬‬ ‫السابقة وأن العزلة الالحقة التامة للسيد بوالي ملدة سنة والقيود املفروضة على املراسالت بينه‬ ‫وبني أسرته تشكل معاملة غير إنسانية باملعنى املقصود في املادتني السابعة والعاشرة من‬ ‫العهد‪.27‬‬ ‫أما بالنسبة للمعتقلني في القاعدة البحرية في خليج غوانتنامو التابعة للواليات املتحدة‬ ‫األمريكية‪ ،‬فقد ذكر املقرر اخلاص أنه على الرغم من أن فترة ‪ 28‬يوما ً من العزل هي الفترة القصوى‬ ‫املسموح بها‪ ،‬فإن املعتقلني سرعان ما يعادون إلى العزل بعد فواصل زمنية قصيرة جداً‪ ،‬بحيث ميكن‬ ‫اعتبارهم في حالة شبه عزل لفترة تصل حتى ‪ 81‬شهرا ً‪ .28‬وقد مت التوصل إلى استنتاج مفاده أن‬ ‫عدم اليقني بشأن طول فترة االعتقال واحلبس االنفرادي الطويل األمد للسجناء يبلغ حد املعاملة‬ ‫الالإنسانية‪.‬‬ ‫كما أن استخدام اﶈققني للحبس االنفرادي يتضمن بعدا ً مؤذيا ً آخر نظرا ً إلى أن اآلثار‬ ‫الضارة ستخلق غالبا ً وضعا ً واقعيا ً فيه ضغط نفسي ميكن أن يؤثر في املعتقلني رهن التحقيق‬ ‫ويدفعهم إلى االعتراف بالذنب‪ .‬وعندما يُستخدم عنصر الضغط النفسي عمدا ً كجزء من أنظمة‬ ‫العزل‪ ،‬فإن هذه املمارسات تصبح قسرية وميكن أن تصل إلى حد التعذيب‪.29‬‬ ‫وقد أفادت اللجنة األوروبية ملنع التعذيب أيضا أن احلبس االنفرادي”قد يصل إلى حد املعاملة‬ ‫الالإنسانية واملهينة“ كما انتقدت في عدة مناسبات هذه املمارسات وأوصت بإجراء إصالح ‪ -‬أي إما‬ ‫بالتخلي عن أنظمة محددة‪ ،‬و‪/‬أو قصر استخدام احلبس االنفرادي على ظروف استثنائية و‪/‬أو ضمان‬ ‫حد أعلى من االحتكاك االجتماعي للسجناء‪ .30‬لكل ما سبق نصت قواعد السجون األوروبية‬

‫‪ 26‬اللجنة املعنية بحقوق اإلنسان‪ ،‬وثيقة األمم املتحدة رقم ‪،2000 ،DNK ، CCPR/CO/70/‬‬ ‫‪ 27‬بوالي كامبوس ضد البيرو‪ ،‬اللجنة املعنية بحقوق اإلنسان‪ ،‬رقم ‪ 199/8771، 6‬تشرين الثاني‪/‬نوفمبر ‪8779‬‬ ‫‪28 E/CN.4/2006/120‬‬ ‫‪29 P. Scharff Smith “Solitary confinement: An introduction to the Istanbul Statement‬‬ ‫‪on the Use and Effects of Solitary Confinement”; Journal on Rehabilitation of Torture‬‬ ‫‪Victims and Prevention of Torture, vol. 18, No. 1, pp.56-62‬‬ ‫‪30 Rod Morgan and Malcolm Evans 'Combating Torture in Europe', 2001, p. 118. See‬‬ ‫‪also recommendation Rec (2003) 23 of the Committee of Ministers of the Council of‬‬ ‫‪Europe, para. 7, 20 and 22‬‬ ‫‪22‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫الدكتور عـامـر غسان فـاخـوري‬

‫املنقحة لعام ‪ 7886‬بوضوح على ضرورة استخدام احلبس االنفرادي كتدبير استثنائي‪ ،‬ويجب عند‬ ‫استخدامه أن يكون ألقصر وقت ممكن‪.31‬‬

‫املطلب الثاني‪ :‬موقف اﶈاكم الدولية واالقليمية من احلبس االنفرادي‪:‬‬ ‫االتفاقيات الدولية املرتبطة بحقوق اإلنسان ورد فيها‪ -‬كما رأينا ‪ -‬العديد من النصوص املناهضة للتعذيب لكنها لم‬ ‫املوضوع يحتاج إلى معاجلة كل قضية على حده تبعا ً للظروف اخلاصة بكل منها‪ .‬وعليه فاﶈاكم‬ ‫تأخذ بعني االعتبار العديد من املعايير أذكر منها ‪( :‬العزلة احلسية الكاملة‪ ،‬والعزلة االجتماعية‬ ‫الكاملة‪ ،‬ومتطلبات األمن والسالمة‪ ،‬ومدة العزلة‪ ،‬والهدف من وراء العزلة‪ ،‬واحلالة الصحية‬ ‫للشخص‪ ،‬ومدى تأثير العزلة على الشخص‪ ،‬والظروف داخل الزنزانة‪ ،‬وغيرها من املعايير)‪.‬‬

‫وعليه فقد أوضحت اﶈكمة األوروبية حلقوق اإلنسان في قضية كودتا ضد بولندا‪ ،‬أنه‪ ،‬وفقا للمادة ‪ 2‬من االتفاقية‪" ،‬‬ ‫املتطلبات العملية للسجن‪ ،‬بصورة كافية‪ ،‬في جملة أمور أخرى‪ ،‬مع تزويده مبا يلزمه من مساعدة‬

‫طبية‪ .32‬واعتبرت اﶈكمة في القضية ‪Kucheruk v. Ukraine‬‬

‫التي تعود لعام ‪ 7889‬أن تكبيل اليدين أثناء احلبس االنفرادي يجعلنا نقترب من مفهوم التعذيب‬ ‫اﶈظور دوليا ً وتنتهك بالنتيجة املادة الثالثة من االتفاقية األوروبية حلقوق اإلنسان التي تنص على أنه‬ ‫ال يجوز إخضاع أي إنسان للتعذيب وال للمعاملة أو العقوبة املهينة للكرامة‪ .33‬وفي قضية أخرى‬

‫تعود لعام ‪ 7887‬واملعروفة باسم ‪ X v. Turkey‬واملتعلقة بقيام احلكومة التركية بوضع‬

‫املدعو ‪ x‬في حبس انفرادي ملدة ‪ 1‬اشهر لكن تبني أن السبب في ذلك لم يكن‪ ،‬كما تقول اﶈكمة‪،‬‬ ‫حمايته من قبل املساجني اآلخرين بل من أجل التوجهات اجلنسية لذلك الرجل باعتباره مثليا ً‪،34‬‬ ‫وبالتالي يشكل انتهاكا ً كبيرا ً للمادة الثالثة لالتفاقية األوروبية حلقوق اإلنسان وبالتالي يعتبر‬ ‫تعذيبا ً باملفهوم القانوني‪.‬‬ ‫أوضحت اﶈكمة األوروبية حلقوق اإلنسان في العديد من قراراتها أن استخدام احلبس‬ ‫االنفرادي قد يصل إلى حد انتهاك املادة ‪ 2‬من االتفاقية األوروبية حلماية حقوق اإلنسان واحلريات‬ ‫األساسية (أي أنه يشكل تعذيبا‪ ،‬أو معاملة ال إنسانية أو مهينة)‪ ،‬األمر الذي يتوقف على الظروف‬ ‫اﶈددة في القضية‪ ،‬وظروف االحتجاز ومدته‪ .‬لكن ال بد من اإلشارة إلى أنه ليس لدينا فترة زمنية‬ ‫‪31 See recommendation Rec (2006) 2 of the Committee of Ministers of the Council of‬‬ ‫‪Europe (Adopted by the Committee of Ministers on 11 January 2006 at the 952nd‬‬ ‫‪meeting of the Ministers' Deputies), para. 60.5. See also CPT, 2nd General Report‬‬ ‫‪(1991), para. 56‬‬ ‫‪ 32‬كودتا ضد بولندا‪ ،‬الرقم ‪ 28788/76‬االتفاقية األوروبية حلماية حقوق اإلنسان ‪ ،7888-88‬احلكم الصادر في ‪76‬‬ ‫تشرين االول ‪ ،7888‬الفقرة ‪71‬‬ ‫‪33 http://echr.coe.int/Documents/CP_Ukraine_ENG.pdf‬‬ ‫)‪34 X. v. Turkey (no. 24626/09‬‬ ‫‪http://echr.coe.int/Documents/FS_Sexual_orientation_ENG.pdf‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪23‬‬


‫النظام القانوني للحبس االنفرادي في ظل مبادئ حقوق اإلنسان‬

‫ثابتة للقول بأنه لو مت جتاوزها فإن الفعل يعتبر انتهاكا ً حلقوق اإلنسان‪ ،‬ذلك أنه يجب أن نؤخذ بعني‬ ‫االعتبار الظروف األخرى املرتبطة باحلبس االنفرادي‪ .‬وعليه ففي قضية ماثيو ضد هولندا‪ ،‬اعتبرت‬ ‫اﶈكمة األوروبية حلقوق اإلنسان أن فترة ما يقرب من ‪ 87‬شهرا هي فترة مفرطة في ظل ظروف‬ ‫االحتجاز السيئة واملشاكل الصحية للسجني‪.35‬‬ ‫وفي قضية اكسوى ضد تركيا‪ ،‬قامت احلكومة التركية بحجز اكسوي ملدة ‪ 81‬يوما ً في‬ ‫حبس انفرادي كجزء من حربها ضد اإلرهاب‪ .‬وعندما رفعت القضية أمام اﶈكمة األوروبية حلقوق‬ ‫اإلنسان كان لها املوقف التالي بالقول‪ :‬إنه كان يوجد نقص في كفاية الضمانات املتوفرة للسيد‬ ‫اكسوي الذي سبق أن اعتقل لفترة طويلة من الزمن‪ .‬وعلى وجه اخلصوص‪ ،‬رأت اﶈكمة ان احلرمان‬ ‫من االتصال مبحام أو طبيب أو قريب أو صديق ‪ ....‬يعني أنه تُرك متاما حتت رحمة من يحتجزونه‪.‬‬ ‫وبالتالي اعتبرت اﶈكمة القضية انتهاكا ً حلقوق اإلنسان وال يبرر احلبس االنفرادي ‪ .36‬لكن في‬ ‫‪ Ramirez Sanchez V. France‬كان للمحكمة موقف مغاير‪ ،‬ونظرا ً ألهمية القرار سوف أفرد‬ ‫له مزيدا ً من التفصيل لهذه القضية‪:‬‬ ‫‪ Ramirez Sanchez‬واملعروف عامليا ً بكارلوس (فنزويلي اجلنسية) مت اعتقاله ووضعه‬ ‫في حبس انفرادي في أحد السجون الفرنسية بني الفترة ما بني ‪ 7887-8771‬أي ما يقارب ثماني‬ ‫سنوات‪ ،‬وعلى الرغم من أن هذه الفترة تعتبر طويلة جدا ً لكن مع ذلك لم تعتبر اﶈكمة األوروبية‬ ‫هذا احلبس االنفرادي عمال ً ينتهك أحكام املادة الثالثة وبالتالي ال يعتبر تعذيبا ً أو عمال ً غير إنساني‪.‬‬ ‫وقد عللت اﶈكمة قراراها بأن أخذت بعني االعتبار عنصرين‪ ،‬العنصر األول خطورة كارلوس حيث‬ ‫أشارت اﶈكمة أنه كان يعتبر أكثر األشخاص اخلطرين على مستوى العالم في فترة السبعينات‪،‬‬ ‫أما العنصر الثاني فكان مرتبطا ً بظروف االعتقال وهنا أشارت اﶈكمة بالقول أن مساحة الزنزانة‬

‫التي وضع فيها كارلوس والتي تبلغ ‪ 6.84 square metres‬كانت كافية لشخص واحد‪،‬‬ ‫باإلضافة إلى أن هناك نافذة داخل السجن يستطيع كارلوس احلصول على الضوء الطبيعي من‬ ‫خاللها‪ ،‬باإلضافة إلى أنه يوجد كتب ومجالت وتلفاز‪ ،‬وحيث إنه كان يستطيع اخلروج ملدة ساعتني‬ ‫يوميا ً للساحة اخلارجية وملدة ساعة ملمارسة التمارين‪ ،‬وعليه ومن ناحية إجمالية اعتبرت اﶈكمة‬ ‫هذه الظروف مقبولة بحسب املعايير األوروبية وال تشكل انتهاكا ً حلقوق اإلنسان‪.37‬‬ ‫أما محكمة البلدان األمريكية حلقوق اإلنسان فقد كان لها مواقف مشابه فقد أشارت في‬ ‫قضية نيرا أليغريا وآخرين ضد البيرو أن" األشخاص اﶈرومني من حريتهم لهم احلق في أن يعاملوا‬

‫‪ 35‬ماثيو ضد هولندا‪ ،‬الرقم ‪ ،71787/82‬اﶈكمة األوروبية حلقوق اإلنسان عام ‪ ،7881-7‬احلكم الصادر في ‪ 77‬أيلول‬ ‫‪7881‬‬ ‫‪ 36‬آكسوي ضد تركيا ‪8776‬‬ ‫‪ 37‬ملزيد من التفصيل حول القضية يراجع موقع اﶈكمة على الرابﻂ التالي‪:‬‬ ‫‪http://hudoc.echr.coe.int/sites/eng-press/pages/search.aspx?i=003-1719956‬‬‫}]"‪1803362#{"itemid":["003-1719956-1803362‬‬ ‫‪24‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫الدكتور عـامـر غسان فـاخـوري‬

‫معاملة كرمية فالدول هي املسؤولة عن مراكز االحتجاز وتسيطر سيطرة كاملة على كل من هو‬ ‫موجود حتت رعايتها فهي الضامنة حلقوق اﶈتجزين"‪.38‬‬ ‫كما نصت محكمة البلدان األمريكية حلقوق اإلنسان على أن احلبس االنفرادي الطويل األمد‬ ‫هو شكل من أشكال املعاملة القاسية أو الالإنسانية أو املهينة اﶈﻈورة مبوجب املادة ‪ 1‬من‬ ‫االتفاقية األمريكية حلقوق اإلنسان (كاستيوبيتروزي وآخرون‪ ،‬احلكم الصادر في ‪ 28‬أيار‪/‬مايو‪)8777 ،‬‬ ‫وهذا املوقف قد تكرر مرة أخرى في قضية دي ال كروز فلورس ضد البيرو لعام ‪ 7881‬حيث أكّدت‬ ‫اﶈكمة ان احلبس االنفرادي "ال يحترم الكرامة املتأصلة لﻺنسان"‪ .39‬أما في قضية مونتيرو أرانغورين‬ ‫ضد فنزويال‪ ،‬رأت اﶈكمة أنه "يجب استعمال زنزانات احلبس االنفرادي كتدابير تأديبية أو من أجل‬ ‫حماية األشخاص فقط في الوقت الالزم وباالمتثال الصارم ملعايير املعقولية والضرورة والشرعية"‪،‬‬ ‫‪40‬‬ ‫وصرحت حتديدا بأنه ال بد مع ذلك من الوفاء باحلد األدنى من املعايير اخلاصة بشروط االحتجاز‪.‬‬ ‫إذا كنت شخصيا ً أدعو من خالل هذا البحث الى إلغاء عقوبة احلبس االنفرادي إال أنه ال بد‬ ‫االعتراف أن هناك حاالت ضيقة جدا ً ال جند أمامها مجاال ً إال اللجوء إلى تطبيق هذه العقوبة كحل‬ ‫نهائي على الرغم من عدم إنسانيتها‪ ،‬وهذا ما دفع اﶈكمة األوروبية حلقوق اإلنسان في القضية‬

‫املعروفة بـ‪ Cocaign v. France‬لعام ‪ 7888‬إلى عدم اعتبار ‪ 11‬يوما من احلبس االنفرادي‬

‫الذي تعرض له ‪ Cocaign‬مبثابة انتهاك للمادة الثالثة لالتفاقية األوروبية حلقوق اإلنسان وعند‬

‫العودة إلى وقائع القضية نستطيع أن نتفهم موقف اﶈكمة من أن ‪ Cocaign‬هو شخص مريض‬ ‫نفسيا ً وأدخل مصحة األمراض العقلية عدة مرات وأدخل السجن نتيجة الشروع باالغتصاب وأثناء‬ ‫تنفيذ العقوبة قام باالعتداء على أحد املساجني حيث نتج عن ذلك مقتل زميله لكن القضية أخذت‬ ‫بعدا ً آخر عندما قام املتهم بأكل جزء من رئة زميله‪ 41‬فما كان من السلطات الفرنسية إال أن وضعت‬ ‫ذلك الشخص في احلبس االنفرادي ‪.42‬‬

‫‪ 38‬نيرا أليغريا وآخرون ضد البيرو‪ ،‬محكمة البلدان األمريكية حلقوق اإلنسان (السلسلة ج) رقم ‪ ،78‬احلكم الصادر في ‪87‬‬ ‫كانون الثاني ‪ ،8771‬الفقرة ‪68‬؛‬ ‫‪ 39‬دليل الفقية القانوني‪ ،‬التعذيب في القانون الدولي‪A - TORTURE IN INTERNATIONAL LAW ،‬‬ ‫‪ ،GUIDE TO JURISPRUDENCE‬مركز العدالة بالتعاون مع جمعية الوقاية من التعذيب‪ ،7881 ،‬ص‪886 .‬‬ ‫‪ 40‬مونتيرو‪-‬آرانغويرين وآخرون ضد فنزويال ‪ ،7886‬دليل الفقية القانوني‪ ،‬التعذيب في القانون الدولي‪Torture In ،‬‬ ‫‪ ،Guide To Jurisprudence International Law‬مركز العدالة بالتعاون مع جمعية الوقاية من التعذيب‪،7881 ،‬‬ ‫ص‪886 .‬‬ ‫‪41 For more information please go to the following website‬‬ ‫‪http://echr.coe.int/Documents/CP_France_ENG.pdf‬‬ ‫‪ 42‬ملزيد من التفصيل حول القضية يراجع موقع اﶈكمة على الرابط التالي‪:‬‬ ‫‪http://hudoc.echr.coe.int/sites/eng‬‬‫}]"‪press/pages/search.aspx#{"display":["1"],"dmdocnumber":["894726‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪25‬‬


‫النظام القانوني للحبس االنفرادي في ظل مبادئ حقوق اإلنسان‬

‫خامتة وتوصيات‪:‬‬ ‫مما ال شك فيه أن احلبس االنفرادي يعتبر من أشد أنواع العقوبات على اإلطالق بل ميكن أن نذهب إلى‬ ‫أبعد من ذلك بالقول أنها أكثر شدة من عقوبة اإلعدام ذاتها‪ .‬بعض االتفاقيات الدولية حثت الدول‬ ‫على تكثيف اجلهود إللغاء عقوبة احلبس االنفرادي لكن مع ذلك ما زالت بعض الدول تفتخر باللجوء‬ ‫الى تطبيق تلك العقوبة‪ .‬القانون الدولي املعاصر ال يحتوي على نص صريح يحظر استخدام احلبس‬ ‫االنفرادي لكن خلو القانون الدولي من نص صريح ال يعني أن تعتبر الدول هذا األمر مبثابة تصريح‬ ‫للجوء إليه‪ .‬التطبيقات القضائية في هذا املوضوع كثيرة جداً‪ ،‬فلم جند في هذا الشأن قضية‬ ‫توضح بشكل صريح اإلطار القانوني للحبس االنفرادي لكن في جميع القضايا التي نظرت أمام‬ ‫اﶈاكم الدولية اإلقليمية كان يتم العودة الى أكثر من معيار لتحديد مدى اعتبار الفعل انتهاكا ً‬ ‫حلقوق اإلنسان وعلى رأسها طبيعة وصفات السجني والظروف اخلاصة بالسجن وعليه فاملوضوع‬ ‫خاضع لتقدير اﶈكمة التي في كثير من القضايا ال جندها تتخذ قراراتها باإلجماع بل باألغلبية‪ ،‬وهذا‬ ‫يعني أنه داخل اﶈكمة ذاتها املوضوع محل نقاش عميق‪ .‬لذلك يبقى الوضع القانوني للحبس‬ ‫االنفرادي في منطقة رمادية في القانون الدولي على الرغم من عدم إنسانيته‪.‬‬ ‫لذلك وفي نهاية هذا البحث فإننا نوصي مبا يأتي‪:‬‬ ‫‪ ‬يتوجب على الدول التي تطبق هذه العقوبة أن تقوم بوضع تنظيم قانوني لعملية احلبس‬ ‫االنفرادي تؤدي بالنتيجة إلى الغائها متاما ً من سلسلة العقوبات املفروضة على السجناء‬ ‫أو على األقل إلغاؤها جتاه األشخاص الذين لم تصدر بحقهم أية عقوبة‪.‬‬ ‫‪ ‬يتوجب في جميع احلاالت عدم استخدام هذه العقوبة جتاه فئات محددة على سبيل احلصر‬ ‫وفي جميع الظروف واألحوال دون أي استثناءات‪ .‬وعليه نقترح الغاءها جتاه األشخاص الذين‬ ‫تقل أعمارهم عن ‪ 81‬عاما ً وجتاه األشخاص الذين ال يسمح وضعهم الصحي أو العقلي‬ ‫بتنفيذ هذه العقوبة‪.‬‬ ‫‪ ‬يتوجب أن تكون هذه العقوبة هي املالذ األخير‪ ،‬وبانتظار إلغاء هذه العقوبة بشكل تام‬ ‫يتوجب رفع مستوى االحتكاك االجتماعي للسجناء مع العالم اخلارجي وحتديدا ً مع‬ ‫السجناء اآلخرين والسماح بعدد أكبر من الزيارات ومزيد من الرعاية الصحية ومزيد من‬ ‫األنشطة اجملتلفة داخل مراكز اإلصالح‪.‬‬ ‫‪ ‬نوصي بإعطاء مفهوم دقيق للحبس االنفرادي يتجاوز اخلالفات الواردة حوله باإلضافة إلى‬ ‫حتديد معايير حقوق اإلنسان اخلاصة باحلبس االنفرادي‪.‬‬

‫‪26‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫الدكتور عـامـر غسان فـاخـوري‬

‫قائمة املراجع‬ Books and Reviews

1. Craig Haney, Mental Health Issues in Long-Term Solitary and Supermax Confinement in Crime and Delinquency 49 (10), 2003 2. Ecclestone, C., Gendreau, P. and Knox, C., Solitary confinement of prisoners: an assessment of its effects on inmates’ personal constructs and adrenocortical activity. Canadian Journal of Behavioural Science Review, 1974 3. Elizabeth Vasiliades, Solitary Confinement and International Human Rights: Why the U.S. Prison System Fails Global Standards, American University International Law Review, Volume 21, Issue 1, 2005 4. Fairweather, L. Psychological effects of the prison environment. IN: Fairweather, L. and McCnoville, S., eds. Prison Architecture: Policy, Design and Experience. London: Architectural Press, 2000 5. Faris, R.E., Cultural Isolation and the Schizophrenic Personality. American Journal of Sociology, September, 1934 6. Grassian Stuart “Psychopathological Effects of Solitary Confinement” in American Journal of Psychiatry, vol. 818, 8712; 7. Grassian Stuart, Psychiatric Effects of Solitary Confinement, Journal of Law and Policy, Vol.22, 2006 8. Hocking, F., Extreme environmental stress and its significance for psychopathology, American Journal of Psychiatry, 1970 9. Holly Boyer, Comment, Home Sweet Hell: An Analysis of the Eighth Amendment's 'Cruel and Unusual Punishment' Clause as Applied to Supermax Prisons, Southwestern University Law Review, 2003

27

‫ دولة اإلمارات العربية املتحدة‬- ‫ جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا‬،‫تصدر عن كلية القانون‬


‫النظام القانوني للحبس االنفرادي في ظل مبادئ حقوق اإلنسان‬

10. Ian Kysel, Aryeh Neier Fellow, International Body Slams U.S. Solitary Confinement Practices, ACLU Human Rights Program, 2013 11. Peter Scharff Smith “Solitary confinement: An introduction to the Istanbul Statement on the Use and Effects of Solitary Confinement”; Journal on Rehabilitation of Torture Victims and Prevention of Torture, vol. 18, No. 1, 12. Peter Scharff Smith, “The effects of solitary confinement on prison inmates: A brief history and review of the literature.” Crime and Justice, vol. 34, University of Chicago Press, 2006 13. Rachael Kamel and Bonnie Kerness, The Prison inside Prison, Control Units, Supermax Prisons, and Devices of Torture, A Justice Visions Briefing Paper, American Friends Service Committee, Philadelphia 2003 14. Rod Morgan and Malcolm Evans 'Combating Torture in Europe, Strasbourg Council of Europe Publishing, 2001 15. Sharon Shalev, A sourcebook on Solitary Confinement, Mannheim center for Criminology, 2008

‫م‬2014 ‫ يناير‬- ‫هـ‬1436 ‫ ربيع األول‬:‫ العدد الثالث‬- ‫السنة الثانية‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

28


‫الدكتور عـامـر غسان فـاخـوري‬

‫الصكوك العالمية‬ ‫• العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ‪٦٦١١ ،‬‬ ‫• اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية أو‬ ‫المهينة‪٦٦٩١ ،‬‬ ‫• اتفاقيات جنيﭪ لعام ‪ ٦٦١٦‬والبروتوكوالن اإلضافيان الملحقان بها‪٦٦١١ ،‬‬ ‫• النﻅام األساسي للمحكمة الجنائية الدولية‪٦٦٦٩ ،‬‬ ‫• اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان‪٦٦١٩ ،‬‬ ‫• القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء‪٦٦١١ ،‬‬ ‫• المبادئ األساسية لمعاملة السجناء‪٦٦٦١ ،‬‬ ‫• مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع األشخاص الذين يتعرضون ألي شكل من أشكال‬ ‫االحتجاز أو السجن‪٦٦٩٩ ،‬‬ ‫• مبادئ آداب مهنة الطب المتصلة بدور الموﻅفين الصحيين‪ ،‬وال سيما األطباء‪ ،‬في حماية‬ ‫المسجونين والمحتجزين من التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية‬ ‫أوالالإنسانية أو المهينة‪٦٦٩١ ،‬‬ ‫• مدونة لقواعد سلوك الموﻅفين المكلفين بإنفاذ القوانين‪٦٦١٦ ،‬‬ ‫• اإلعالن المتعلق بحماية جميع األشخاص من االختفاء القسري‪٦٦٦١ ،‬‬ ‫مبادئ المنع والتقصي الفعالين لعمليات اإلعدام خارج نطاق القانون واإلعدام التعسفي‬ ‫‪‬‬ ‫واإلعدام بإجراءات موجزة‪٦٦٩٦ ،‬‬ ‫الصكوك اإلقليمية‬ ‫• الميثاق االفريقي لحقوق اإلنسان والشعوب‪٦٦٩٦ ،‬‬ ‫• االتفاقية األمريكية لحقوق اإلنسان‪٦٦١٦ ،‬‬ ‫• اتفاقية البلدان األمريكية لمنع التعذيب والمعاقبة عليه‪٦٦٩١ ،‬‬ ‫• اتفاقية البلدان األمريكية بشأن االختفاء القسري لألشخاص‪٦٦٦١ ،‬‬ ‫• االتفاقية األوروبية لحقوق اإلنسان‪٦٦١١ ،‬‬ ‫• االتفاقية األوروبية لمنع التعذيب والمعاملة أو العقوبة الالإنسانية أو المهينة‪٦٦٩١ ،‬‬

‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪29‬‬


‫‪30‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫اتجاه القضاء الفرنسي نحو التوسع‬ ‫في مفهوم المسؤولية عن فعل الغير‬

‫د‪ .‬رغيد عبد احلميد فتال‬

‫أستاذ القانون املدني املساعد‬ ‫في كلية القانون – جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا‬

‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪31‬‬


‫‪32‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫املقدمة‬ ‫‪ .1‬املسؤولون عن فعل الغير في القانون الفرنسي‪ - .‬عالج القانون املدني الفرنسي املسؤولية‬ ‫عن فعل الغير في املادة ‪ ،1831‬مشيرا ً إلى مسؤولية األب واألم عن أفعال أبنائهم القاصرين في‬ ‫الفقرة ‪ ،1‬ومسؤولية املتبوع عن فعل التابع في الفقرة ‪ ،5‬ومسؤولية األساتذة واحلرفيني عن أفعال‬ ‫التالمذة واملتدربني في الفقرة ‪16‬؛ أما الفقرة األولى التي على أساسها بدأ االجتهاد في التوسع في‬ ‫مفهوم املسؤولية عن فعل الغير دون التقيد باحلاالت اخلاصة املنصوص عليها في الفقرة ‪1‬و‪5‬و‪ 6‬من‬ ‫املادة ‪ ،1831‬فجاءت عامة وهي تنص على ما يلي‪" :‬يُسأل الشخص ليس فقط عن الضرر الذي‬ ‫يسببه بفعله الشخصي‪ ،‬ولكن أيضا ً عن ذلك الذي يسببه فعل األشخاص الذين يُسأل عنهم أو‬ ‫األشياء التي يتولى حراستها"‪.2‬‬ ‫‪ .2‬تفسير عبارة "األشخاص الذين يُسأل عنهم"‪ - .‬لقد تولى االجتهاد الفرنسي تفسير عبارة‬ ‫"األشخاص الذين يُسأل عنهم"‪ ،‬ففي ‪ 22‬مارس ‪ 1221‬أصدرت محكمة النقض الفرنسية حكم‬ ‫‪ Blieck‬الشهير‪ ،‬والذي اعتبر أن الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬من القانون املدني الفرنسي تطبق على‬ ‫أي شخص وافق على أن يتولى بصورة دائمة تنظيم ورقابة طريقة عيش ذوي االحتياجات اخلاصة‪،3‬‬

‫‪1 Article 1384 (Modifié par Loi n°2002-305 du 4 mars 2002 - art. 8 JORF 5 mars 2002) :‬‬ ‫‪« On est responsable non seulement du dommage que l'on cause par son propre fait, mais‬‬ ‫‪encore de celui qui est causé par le fait des personnes dont on doit répondre, ou des choses‬‬ ‫‪que l'on a sous sa garde.‬‬ ‫)…(‬ ‫‪Le père et la mère, en tant qu'ils exercent l'autorité parentale, sont solidairement responsables‬‬ ‫‪du dommage causé par leurs enfants mineurs habitant avec eux.‬‬ ‫‪Les maîtres et les commettants, du dommage causé par leurs domestiques et préposés dans‬‬ ‫; ‪les fonctions auxquelles ils les ont employés‬‬ ‫‪Les instituteurs et les artisans, du dommage causé par leurs élèves et apprentis pendant le‬‬ ‫‪temps qu'ils sont sous leur surveillance. ».‬‬

‫تنص املادة ‪( 4831‬املعدلة)‪:‬‬ ‫"ال يُسأل اإلنسان عن الضرر الذي يسببه بفعله الشخصي فحسب‪ ،‬ولكن أيضا ً عن الضرر الذي يسببه فعل‬ ‫األشخاص الذين يُسأل عنهم أو األشياء التي بحراسته‪.‬‬ ‫(‪)...‬‬ ‫األب واألم‪ ،‬طاملا أنهما ميارسان سلطة األهل‪ ،‬هما مسؤوالن بالتضامن عن الضرر الذي يسببه األوالد (والبنات)‬ ‫القاصرون الذين يساكنوهم‪.‬‬ ‫إن األسياد واملتبوعني (مسؤولون) عن الضرر الذي يلحقه اخلدم والتابعون أثناء املهام الذين استخدموهم من أجلها‪.‬‬ ‫إن املعلمني واحلرفيني (مسؤولون) عن الضرر الذي يسببه التالمذة واملتمرنون أثناء فترة وجودهم حتت رقابتهم"‪.‬‬

‫‪2 L’article 1384 (alinéa 1er) dispose qu’ « On est responsable non seulement du dommage que‬‬ ‫‪l'on cause par son propre fait, mais encore de celui qui est causé par le fait des personnes dont‬‬ ‫‪on doit répondre, ou des choses que l'on a sous sa garde. ».‬‬

‫تنص املادة ‪( 4831‬الفقرة األولى)‪:‬‬ ‫"ال يُسأل اإلنسان عن الضرر الذي يسببه بفعله الشخصي فحسب‪ ،‬ولكن أيضا ً عن الضرر الذي يسببه فعل‬ ‫األشخاص الذين يُسأل عنهم أو األشياء التي بحراسته"‪.‬‬

‫‪3 Cass. ass. plén., 29 mars 1991, no89-15.231:‬‬

‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪33‬‬


‫اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير‬

‫وهذا ما بات يعرف باملسؤولية العامة عن فعل الغير‪ ،‬وهي مسؤولية بقوة القانون (مسؤولية‬ ‫حكمية) ال تقوم على اخلطأ‪ ،‬وال ميكن دفعها بإثبات عدم ارتكاب خطأ‪.4‬‬ ‫وقد تطورت أحكام القضاء تدريجياً‪ ،‬وباتت املسؤولية العامة عن فعل الغير ال تقتصر على‬ ‫األشخاص املكلفني بتنظيم ورقابة طريقة عيش ذوي االحتياجات اخلاصة‪ ،‬أو الشخص الذي يحتاج‬ ‫إلى رقابة أوحماية معينة بسبب حالته الذهنية‪ ،‬أو النفسية‪ ،‬أو عمره‪ ،‬فحسب‪ ،‬بل تشمل أيضا ً‬ ‫أشخاصا ً آخرين‪ .‬فاألمر ال يتعلق فقط مبراكز العناية باألشخاص املعوقني ذهنيا ً أو األشخاص الذين‬ ‫ال يتأقلمون مع اﺠﻤﻟتمع‪ ،‬واجلمعيات التي تتولى الرقابة على األحداث مرتكبي اجلرائم أو الذين هم‬ ‫بخطر (نتيجة إدمان على اجملدرات‪ ،)...‬واجلمعيات التي تهتم بالقاصرين ذوي االحتياجات اخلاصة‪،‬‬ ‫واجلمعيات التي تتولى تعليم وعالج ذوي االحتياجات اخلاصة‪ ،‬بل باألندية الرياضية ورابطة املشجعني‬ ‫وجمعيات أخرى إذا توفرت شروط تطبيق هذه الفقرة (الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬من القانون‬ ‫املدني الفرنسي)‪ .‬هنا تطرح عدة تساؤالت‪ :‬من هم األشخاص الذين ميكن أن تطبق عليهم الفقرة‬ ‫األولى من املادة ‪ 1831‬من القانون املدني الفرنسي؟ ما هو املعيار املتبع؟ ما هو األساس القانوني‬ ‫للمسؤولية العامة عن فعل الغير؟ وبصورة رئيسية ما هي الشروط الواجب توافرها؟‬ ‫في الواقع‪ ،‬هذه الشروط نوعان‪ :‬النوع األول يخص اجلهة املسؤولة مدنيا ً عن فعل الغير‪ ،‬واملعيار هنا‬ ‫هو السلطة التي تتمتع بها هذه اجلهة جتاه األشخاص املسؤولة عن فعلهم؛ أما النوع الثاني فهو‬ ‫يكمن بالغير الذي يرتكب الفعل الضار‪ .‬سيقتصر بحثنا حول النوع األول من هذه الشروط أال وهو‬ ‫الشروط التي تتعلق باجلهة املسؤولة مدنيا ً عن فعل الغير‪ ،‬والتي تتمثل في شكل عام بتمتع‬ ‫املسؤول بسلطة جتاه الغير الذي يسأل عن فعله‪.‬‬ ‫‪ .8‬مظاهر السلطة على الغير؛ السيطرة على شؤون الغير واإلشراف على نشاطه‪ – .‬إن‬ ‫دراسة األحكام القضائية الفرنسية تظهر أن السلطة التي تربط الغير باجلهة املسؤولة عن فعله‬ ‫لها مظهران‪ :‬املظهر األول يتمثل في تنظيم ومراقبة منط عيش الغير من قبل اجلهة املسؤولة وذلك‬ ‫بصورة دائمة‪ ،‬وهذا يعني أنه يوجد نوع من السيطرة على منط عيش الغير‪ .‬أما املظهر الثاني‬ ‫للسلطة فيتمثل في اإلدارة الدقيقة لنشاط الغير‪ ،‬أي اإلشراف على نشاطه‪ .‬في حني أن املظهر‬ ‫األول للسلطة هو أقرب لسلطة األهل‪ ،‬يقترب املظهر الثاني من السلطة التي ميارسها املتبوع على‬ ‫التابع‪ .‬لذلك‪ ،‬يدخل ضمن نطاق الفئة األولى األشخاص الذين تتطلب حالتهم بحد ذاتها رقابة‬ ‫‪« Qu'en l'état de ces constatations, d'où il résulte que l'association avait accepté la charge‬‬ ‫‪d'organiser et de contrôler, à titre permanent, le mode de vie de ce handicapé, la cour‬‬ ‫‪d'appel a décidé, à bon droit, qu'elle devait répondre de celui-ci au sens de l'article 1384, alinéa‬‬ ‫‪1er, du Code civil, et qu'elle était tenue de réparer les dommages qu'il avait causés ; d'où il suit‬‬ ‫‪que le moyen n'est pas fondé ; ».‬‬

‫"يستنتج من واقع احلال أن اجلمعية قد قبلت عبء تنظيم ورقابة طريقة عيش ذي االحتياجات اخلاصة بشكل دائم‪،‬‬ ‫فقد أصابت محكمة االستئناف عندما ألزمت اجلمعية بالتعويض عن الضرر الذي سببه ذو االحتياجات اخلاصة‪،‬‬ ‫وذلك على أساس الفقرة األولى من املادة ‪ 4831‬من القانون املدني الفرنسي؛ مما يستتبع رد سبب الطعن"‪.‬‬

‫‪4 Cass. crim., 26 mars 1997, N° de pourvoi: 95-83606 : « Qu'en effet les personnes tenues de‬‬ ‫‪répondre du fait d'autrui, au sens de l'article 1384, alinéa 1er, du Code civil, ne peuvent‬‬ ‫‪s'exonérer de la responsabilité de plein droit résultant de ce texte en démontrant qu'elles n'ont‬‬ ‫‪commis aucune faute ».‬‬

‫"في الواقع‪ ،‬إن األشخاص املسؤولني عن فعل الغير‪ ،‬بحسب املادة ‪( 4831‬الفقرة األولى) من القانون املدني‪ ،‬ال ميكن‬ ‫إعفاؤهم من املسؤولية احلكمية املستمدة من هذا النص بإثباتهم عدم ارتكابهم أي خطأ"‪.‬‬ ‫‪34‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬رغيد عبد احلميد فتال‬

‫خاصة‪ ،‬ويدخل ضمن الفئة الثانية األشخاص الذين يخضعون نفسهم لسلطة الغير بصورة‬ ‫طوعية وضمن إطار نشاط مؤقت‪.‬‬ ‫‪ .1‬خطة البحث‪ – .‬سنعالج املظهر األول للسلطة أال وهو السيطرة على شؤون الغير في املبحث األول‪،‬‬ ‫على أن نعالج املظهر الثاني للسلطة أال وهو اإلشراف على نشاط الغير في املبحث الثاني‪.‬‬

‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪35‬‬


‫اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير‬

‫املبحث األول‪ :‬السيطرة على شؤون الغير‬ ‫‪ .5‬سنبني مفهوم السيطرة على شؤون الغير لدى القضاء الفرنسي في املطلب األول‪ ،‬على أن نعرض‬ ‫تطبيقات عملية من قبل االجتهاد الفرنسي في املطلب الثاني‪.‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬مفهوم السيطرة على شؤون الغير لدى القضاء الفرنسي‬ ‫‪ .6‬يقصد بالسيطرة على شؤون الغير السيطرة على معيشته وشؤون حياته‪ 5‬والتي تبررها حالة‬ ‫ضعف اإلنسان‪ ،‬إما بسبب عمره (كونه قاصرا ً مثال ً) أو بسبب املرض الذي يعاني منه (مختل عقليا ً‬ ‫مثال ً)‪.‬‬ ‫عبر القضاء الفرنسي عن "السيطرة على شؤون الغير" بعبارات عديدة‪:‬‬ ‫ عبء تنظيم ومراقبة طريقة العيش بصورة دائمة‪.6‬‬‫ مهمة مراقبة وتنظيم منط حياة الغير بصورة دائمة‪.7‬‬‫ مراقبة وتنظيم منط حياة الغير‪.8‬‬‫نستنتﺞ من هذه العبارات التي استعملتها اﶈاكم الفرنسية أن "السيطرة على شؤون الغير"‬ ‫تتطلب سلطة أقوى من مجرد مراقبة طريقة عيش الغير‪ ،‬بل متتد إلى التنظيم واإلدارة وذلك‬ ‫بصورة دائمة؛ لذلك يجب أن تكون هذه السلطة استثنائية‪ ،‬ال تعطى إال لغاية تربوية أو عالجية أو‬ ‫إصالحية‪ ،‬إذ أنها تفرض "سلطة حقيقية للتأثير على اإلنسان‪ :‬على نفسيته‪ ،‬وشخصيته‪،‬‬ ‫وتصرفاته"‪.9‬‬ ‫السؤال الذي يطرح نفسه هنا‪ :‬هل تكون هذه السيطرة مادية أو قانونية؟‬

‫‪5‬‬ ‫‪Cass. Crim. 26 mars 1997, N° de pourvoi: 95-83606 : « que l'institution avait la garde‬‬ ‫‪du mineur et ainsi mission de contrôler et organiser, à titre permanent,‬‬ ‫‪son mode de vie… ».‬‬

‫"أن املؤسسة كانت حارسة للقاصر وبالتالي لديها مهمة رقابة وتنظيم طريقة عيشه بصورة دائمة"‪.‬‬

‫‪6 Charge d'organiser et de contrôler, à titre permanent, le mode de vie:‬‬ ‫‪Cass. ass. plén., 29 mars 1991, no 89-15.231 ; Cass. 2e civ., 9 déc. 1999, no 97-22.268 ; Cass.‬‬ ‫‪crim., 28 mars 2000, no 99-84.075.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪« mission de contrôler, d'organiser, à titre permanent, (le) mode de vie » : Cass. crim.,‬‬ ‫‪26 mars 1997, nos 95-83.606, 95-83.956 et 95-83.957 ; Capitant Henri, Lequette Yves, Terré‬‬ ‫‪François, Les grands arrêts de la jurisprudence civile, Tome II, 2008, Litec, Paris, nos 227-229,‬‬ ‫‪p. 494 et s.‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪« surveillance et organisation des conditions de vie » (Cass. 2e civ., 25 févr. 1998,‬‬ ‫‪no 95-20.419 ; adde Galliou-Scanvion A.-M., L'article 1384, alinéa 1er et la responsabilité du fait‬‬ ‫‪d'autrui : un fardeau non transférable sur les épaules du tuteur, D. 1998, chr., p. 240).‬‬ ‫‪9‬‬ ‫‪Elle suppose « pouvoir réel d'influer sur la personne : sur sa psychologie, son‬‬ ‫‪caractère, son comportement » (Jourdain (P.), Existe-t-il un principe général de responsabilité‬‬ ‫‪du fait d'autrui ? in La responsabilité du fait d'autrui, Actualité et évolutions, Resp. civ. et assur.‬‬ ‫‪2000, Hors-série, no 11 bis, p. 7).‬‬

‫‪36‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬رغيد عبد احلميد فتال‬

‫‪ .7‬سيطرة قانونية أم مادية ؟ ‪ - .‬للسيطرة على شؤون األشخاص مفهومان‪ :‬السيطرة القانونية‪،‬‬ ‫والسيطرة املادية‪.10‬‬ ‫السيطرة القانونية على شؤون الغير تكون لكل من لديه سند قانوني ملمارسة هذه السيطرة ؛ إذن‬ ‫مصدر مهمة "صاحب السيطرة" القانونية هو النص القانوني‪ ،‬أو احلكم القضائي‪ ،‬أو االتفاق‪.‬‬ ‫"فصاحب السيطرة" القانونية على شؤون الغير إذن هو الذي كان يتمتع بسند قانوني لتنظيم‬ ‫ومراقبة طريقة عيش الغير حلظة ارتكاب الفعل الضار‪.‬‬ ‫أما السيطرة املادية على شؤون الغير‪ ،‬فهي تعني واقعة تنظيم ورقابة منط حياة الغير بصورة‬ ‫فعلية‪" .‬فصاحب السيطرة" املادية أو الفعلية إذن هو الذي كان ينظم ويراقب بصورة فعلية طريقة‬ ‫عيش الغير حلظة ارتكاب الفعل الضار‪.‬‬ ‫‪ .3‬األخذ بالسيطرة القانونية من قبل الغرف املدنية واجلزائية ﶈكمة النقض‪ – .‬أخذت‬ ‫محكمة النقض الفرنسية بالسيطرة القانونية معتبرةً أن العبرة مبن كان "صاحب السيطرة"‬ ‫القانونية على شؤون الغير وقت ارتكاب الفعل الضار؛ فقد أصدرت الغرفة املدنية‪ 11‬من جهة‪،‬‬ ‫والغرفة اجلزائية‪ 12‬من جهة أخرى‪ ،‬عدة أحكام كلها تدور حول وقائع مشابهة‪ :‬وضع قاصر حتت رقابة‬ ‫مؤسسة إصالحية بنا ًء على حكم من اﶈكمة‪ 13‬على أساس املواد ‪ 875‬وما بعدها من القانون املدني‪.‬‬ ‫ذات يوم‪ ،‬أقدم القاصر على ارتكاب فعل ضار (اعتداء جنسي في القضية األولى‪ ،14‬التسبب في اندالع‬ ‫حريق أحلق أضرارا ً بالغير‪ ،15‬سرقة سيارة مع إصابة الغير بجروح‪ )16‬في حني أنه لم يكن ساعة‬ ‫ارتكاب الفعل الضار حتت السيطرة املادية والفعلية للمؤسسة اإلصالحية‪ ،‬إما ألن القاصر قد‬ ‫هرب‪ 17‬أو ألنه كان في زيارة ألهله‪ .18‬اعتبرت الغرفتان املدنية واجلزائية أن املؤسسة اإلصالحية‬ ‫‪10‬‬ ‫» ‪Sur cette question, v. notamment, Blin-Franchomme (M.-P.), Le critère de « garde‬‬ ‫‪des personnes au regard du principe général de responsabilité civile du fait d'autrui, LPA 1997,‬‬ ‫‪no 141, p. 5 ; Alt-Maes (F.), La garde, fondement de la responsabilité du fait du mineur, JCP G‬‬ ‫‪1998, I, no 154, p. 1367 ; Lasserre-Kiesow (V.), La garde et la responsabilité civile du fait‬‬ ‫‪d'autrui, LPA 2001, no 203, p. 12.‬‬ ‫‪11‬‬ ‫‪Cass. 2e civ., 7 oct. 2004, no 03-16.078 ; Cass. 2e civ., 7 mai 2003, nos 01-15.607 et‬‬ ‫‪01-15.923 ; Cass. 2e civ., 6 juin 2002, nos 00-12.014, 00-15.606, 00-18.286, 00-19.694 et 00‬‬‫‪19.922.‬‬ ‫‪12 Cass. crim., 26 mars 1997, no 95-83.956 ; Cass. crim., 15 juin 2000, no 99-85.240.‬‬ ‫‪13‬‬ ‫‪V., par exemple, Cass. 2e civ., 7 mai 2003, nos 01-15.607 et 01-15.923 ; Cass. 2e civ.,‬‬ ‫‪7 oct. 2004, no 03-16.078, précité.‬‬ ‫‪14 Cass. crim., 15 juin 2000, no 99-84.912, précité‬‬ ‫‪15 Cass. 2e civ., 7 oct. 2004, no 03-16.078, précité.‬‬ ‫‪16 Cass. 2e civ., 7 mai 2003, nos 01-15.607 et 01-15.923, précité.‬‬ ‫‪17 Cass. 2e civ., 7 oct. 2004, no 03-16.078, précité.‬‬ ‫‪18 Cass. 2e civ., 6 juin 2002, nos 00-12.014 :‬‬ ‫‪« Mais attendu qu'une association chargée par décision d'un juge des enfants d'organiser et de‬‬ ‫‪contrôler à titre permanent le mode de vie d'un mineur demeure, en application de l'article 1384,‬‬ ‫‪alinéa 1er, du Code civil, responsable de plein droit du fait dommageable commis par ce‬‬ ‫‪mineur, même lorsque celui-ci habite avec ses parents, dès lors qu'aucune décision‬‬ ‫‪judiciaire n'a suspendu ou interrompu cette mission éducative ; ».‬‬

‫"ولكن حيث إن اجلمعية املكلفة بحكم من قاضي األحداث بتنظيم ومراقبة طريقة عيش القاصر بصورة دائمة‪،‬‬ ‫تصبح استنادا ً للمادة ‪( 4831‬الفقرة األولى) من القانون املدني‪ ،‬مسؤول ًة حكما ً عن الفعل الضار الذي يرتكبه‬ ‫القاصر‪ ،‬ولو كان هذا األخير يعيش مع والديه‪ ،‬طاملا أنه لم يصدر حكم قضائي بتعليق أو قطع هذه املهمة التربوية"‪.‬‬

‫‪Voir aussi: Cass. crim., 26 mars 1997, no 95-83.956, précité.‬‬

‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪37‬‬


‫اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير‬

‫مسؤولة عن فعل القاصر‪ ،‬إذ أنه في جميع هذه احلاالت‪ ،‬لم يصدر حكم قضائي بتعليق أو قطع هذه‬ ‫املهمة التربوية‪19‬؛ هذا ما استقر عليه االجتهاد الفرنسي‪.20‬‬ ‫بعد أن بينا مفهوم السيطرة على شؤون الغير‪ ،‬ننتقل لعرض بعض األحكام القضائية التي توضح‬ ‫معنى "صاحب السيطرة" املسؤول مدنيا ً عن فعل الغير على أساس املادة ‪( 1831‬الفقرة األولى) من‬ ‫القانون املدني الفرنسي‪.‬‬ ‫املطلب الثاني‪ :‬تطبيقات عملية‬

‫‪ .2‬نعرض في الفرع األول مجموعة من األشخاص اعتبرهم االجتهاد "مسؤولني مدنيا ً" عن فعل الغير‬ ‫استنادا ً للمادة ‪( 1831‬الفقرة األولى) من القانون املدني الفرنسي‪ ،‬وفي الفرع الثاني مجموعة من‬ ‫األشخاص لم يعتبرهم االجتهاد "مسؤولني مدنيا ً" عن فعل الغير استنادا ً للفقرة ذاتها‪.‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬أشخاص اعتبرهم االجتهاد مسؤولني مدنيا ً عن فعل الغير استنادا ً للمادة ‪1831‬‬ ‫(الفقرة األولى) من القانون املدني الفرنسي‬ ‫‪ .11‬مؤسسات أودع لديها قاصرون أو معوقون ذهنيا ً أو نفسيا ً‪ – .‬اعتبر االجتهاد الفرنسي أنه ميكن أن‬ ‫يكون املسؤول مدنيا ً استنادا ً للمادة ‪( 1831‬الفقرة األولى) من القانون املدني الفرنسي شخصا ً‬ ‫طبيعيا ً أو اعتباريا ً‪ 21‬في حال توفرت الشروط املطلوبة‪ ،‬ونذكر على سبيل املثال‪:‬‬

‫‪19 Cass. 2e civ., 7 oct. 2004, no 03-16.078 :‬‬ ‫‪« Qu'en statuant ainsi, alors qu'il ressortait de ses propres constatations, d'une part,‬‬ ‫‪que la DISS, service non personnalisé du département de Maine-et-Loire désigné en qualité de‬‬ ‫‪tuteur d'Urbis C... par décision d'un juge des tutelles, était chargée à ce titre d'organiser, de‬‬ ‫‪diriger et de contrôler à titre permanent son mode de vie, et qu'au moment de l'incendie‬‬ ‫‪volontaire provoqué par cette mineure en fugue, aucune décision judiciaire n'avait‬‬ ‫‪suspendu ou interrompu cette mission éducative ».‬‬

‫"(‪ )...‬يتبني أن مركز ‪ )...( DISS‬الذي عُ ني بحكم صادر عن قاضي الوصاية وصيا ً على ‪ ،Urbis C...‬كان مكلفا ً في‬ ‫هذا الصدد بتنظيم وإدارة ومراقبة طريقة عيش القاصر بصورة دائمة‪ ،‬وأن حلظة اندالع احلريق املفتعل من قبله‪ ،‬لم‬ ‫يكن قد صدر حكم قضائي بتعليق أو قطع هذه املهمة التربوية"‪.‬‬

‫‪Voir aussi: Cass. 2e civ., 6 juin 2002, nos 00-12.014, précité.‬‬ ‫‪20‬‬ ‫‪Cass. crim., 8 janvier 2008, N° de pourvoi: 07-81725 : « Qu'en effet, une association,‬‬ ‫‪chargée par décision du juge des enfants d'organiser et de contrôler à titre permanent le mode‬‬ ‫‪de vie d'un mineur, demeure, en application de l'article 1384, alinéa 1er du code civil,‬‬ ‫‪responsable de plein droit du fait dommageable commis par ce mineur, même lorsque celui-ci‬‬ ‫‪est‬‬ ‫‪hébergé‬‬ ‫‪par‬‬ ‫‪ses‬‬ ‫‪parents,‬‬ ‫‪dès‬‬ ‫‪lors‬‬ ‫‪qu'aucune‬‬ ‫‪décision‬‬ ‫‪judiciaire‬‬ ‫‪n'a suspendu ou interrompu cette mission éducative ; ».‬‬

‫"بالفعل‪ ،‬إن اجلمعية املكلفة ‪ -‬مبوجب قرار من قاضي األحداث ‪ -‬بتنظيم ومراقبة عيش القاصر بصورة دائمة‪ ،‬تصبح‬ ‫استنادا ً للمادة ‪( 4831‬الفقرة األولى) من القانون املدني‪ ،‬مسؤولة حكما ً عن الفعل الضار الذي يرتكبه القاصر‪ ،‬ولو‬ ‫كان هذا األخير ساكنا ً مع والديه‪ ،‬طاملا أنه لم يصدر حكم قضائي بتعليق أو قطع هذه املهمة التربوية"‪.‬‬

‫‪21 Cass. crim., 10 oct. 1996, no 95-84.186.‬‬ ‫‪Cass. 2e civ., 20 janv. 2000, no 98-17.005:‬‬ ‫; ‪« Vu l'article 1384, alinéa 1er, du Code civil‬‬ ‫‪Attendu que la personne physique ou morale à qui le juge des enfants confie la garde d'un‬‬ ‫‪mineur en danger en application des articles 375 et suivants du Code civil, ayant pour mission‬‬ ‫‪d'organiser, de diriger et de contrôler le mode de vie du mineur, est responsable des‬‬

‫‪38‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫ رغيد عبد احلميد فتال‬.‫د‬

.22ً ‫ اجلمعية التي تدير مركزا ً طبيا ً وتربويا ً عن فعل املعوق ذهنيا‬.23‫ اجلمعية التي تدير إصالحية تستقبل فيها األحداث الذين عهدوا إليها مبوجب حكم قضائي‬‫ املستشفى اجملتص مبعاجلة األمراض النفسية عن أفعال أي مريض يعالج فيها منذ أكثر من‬.24‫عام‬ ‫كما أكدت محكمة النقض الفرنسية على أنه إذا لم يتم إيداع القاصر باملركز مبوجب حكم‬ ‫ بل فقط على أساس‬،251831 ‫ ال ميكن مساءلة املركز على أساس الفقرة األولى من املادة‬،‫قضائي‬ ‫ ؛ أما بالنسبة "لصاحب السيطرة" على شؤون‬26‫أحكام املسؤولية العقدية إذا توفرت شروطها‬ dommages qu'il cause à cette occasion, y compris aux autres enfants placés dans l'établissement ».

‫ (الفقرة األولى) من القانون املدني؛‬4831 ‫"بعد االطالع على املادة‬ ً ‫ وما‬873 ‫وحيث إن الشخص الطبيعي أو االعتباري الذي كلفه قاضي األحداث بحراسة قاصر بخطر استنادا للمواد‬ ‫ هو مسؤول عن األضرار التي‬،‫ والذ ي لديه مهمة تنظيم وإدارة ومراقبة طريقة عيش القاصر‬،‫بعدها من القانون املدني‬ ."‫ ومن بينها تلك التي يُحدثها لقاصرين آخرين نزالء في املؤسسة‬،‫يحدثها في هذه املناسبة‬

Voir aussi: Cass. crim., 28 mars 2000, no 99-84.075. 22 Cass. 2e civ., 24 janv. 1996, no 94-11.028 : « …ce dont il résultait que les préjudices invoqués par les parents étaient en relation directe avec les faits dont l'établissement avait été déclaré responsable… ».

."‫ إن األضرار التي أثارها الوالدان هي على اتصال مباشر باألفعال التي اع ُتبرت املؤسسة مسؤولة عنها‬..."

V. aussi: Cass. 2e civ., 25 févr. 1998, no 95-20.419. 23 Cass. crim., 10 oct. 1996, no 95-84.186 ; Cass. crim., 26 mars 1997, nos 95-83.606, 95-83.956 et 95-83.957 ; Cass. 2e civ., 20 janv. 2000, no 98-17.005 ; Cass. 2e civ., 22 mai 2003, no 01-15.311. Cass. 2e civ., 9 déc. 1999, no 97-22.268. 24 CA Orléans, 24 juin 1996, JCP G 1997, I, no 4070, p. 515, obs. Viney G. 25 Cass. Crim. 26 mars 1997, N° de pourvoi: 95-83606 ; Cass. 2e civ., 9 déc. 1999, no 9722.268 ; Cass. crim., 28 mars 2000, no 99-84.075 ; Cass. crim., 26 mars 1997, nos 95-83.606, 95-83.956 et 95-83.957. Cass. civ.2, 12 mai 2005, N° de pourvoi: 03-17994 : « Mais attendu que, par motifs 26 propres et adoptés, l'arrêt retient qu'il est hors de contestation que l'association Clair Soleil avait en charge les victimes en dehors de toute décision de l'autorité publique ; que les mineurs, tant Hassen X... que les victimes, ont été confiés à l'Institut Les Collines, après décision d'orientation de la commission de l'éducation spéciale instaurée par la loi du 30 juin 1975, à la demande de leurs représentants légaux qui, après avoir eu connaissance du fonctionnement de l'établissement et de ses objectifs, ont sollicité l'admission de leur enfant ; Que de ces constatations et énonciations, la cour d'appel a exactement déduit que la responsabilité de l'association ne pouvait être recherchée que sur le fondement de l'article 1147 du Code civil ; ».

‫ كانت تهتم بالضحايا دون‬Clair Soleil ‫ أنه من غير املتنازع عليه أن جمعية‬،‫) قد اعتبر‬...( ‫"ولكن حيث إن احلكم‬ ‫أي قرار من السلطة العامة؛‬ ‫ مبوجب قرار توجيهي من قبل‬Les Collines ‫ قد أسندوا إلى مؤسسة‬،‫ والضحايا‬Hassen X... ،‫وإن القاصرين‬ ‫ بنا ًء على طلب ممثليهم القانونيني‬،4773 ‫ يونيو‬83 ‫جلنة التربية اخلاصة التي أنشئت مبوجب القانون الصادر بتاريخ‬ ‫الذين طلبوا أيضا ً قبول ابنهم لديها بعد االطالع على عمل املؤسسة وأهدافها؛‬ ‫ استنتجت محكمة االستئناف بحق أن اجلمعية ال ُميكن أن تُسأل إال على أساس‬،‫وإنه من هذه االستنتاجات واألقوال‬ ."‫ من القانون املدني‬4411 ‫املادة‬

Cass. civ.2, 24 mai 2006, N° de pourvoi: 04-17495 : « le mineur (…) auteur des faits n'ayant pas été confié à l'association par décision de justice, la responsabilité de cette association ne pouvait être recherchée que sur le fondement contractuel ».

39

‫ دولة اإلمارات العربية املتحدة‬- ‫ جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا‬،‫تصدر عن كلية القانون‬


‫اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير‬ ‫الراشد‪ ،‬فيمكن مساءلته ولو كان مصدر السيطرة هو االتفاق وليس احلكم القضائي‪ ،27‬إال أن‬ ‫االجتهاد الفرنسي غير مساره في احلكم الصادر بتاريخ ‪ 15‬ديسمبر ‪ 2111‬عن محكمة النقض التي‬ ‫اعتبرت أنه إذا كان مرتكب الفعل الضار راشدا ً مصابا ً مبرض "الزهامير" وأودع املركز الصحي مبوجب‬ ‫عقد‪ ،‬فاملركز الصحي في هذه احلالة ال يسأل على أساس الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬عن فعله‬ ‫الضار‪.28‬‬ ‫جتدر اإلشارة إلى أنه إذا أودع القاصر مركز العناية الصحية والتعليم بنا ًء على اتفاق (وليس بناء ً‬ ‫على حكم قضائي)‪ ،‬ميكن مساءلة املركز عن فعله استنادا ً ألحكام املسؤولية العقدية إذا توفرت‬ ‫شروطها وذلك وفقا ً للمادة ‪ 1117‬من القانون املدني؛ فإذا ارتكب القاصر الذي أودعه ذووه بنا ًء على‬ ‫اتفاق مركز العناية الصحية والتعليم جرمية اغتصاب في حق قاصر آخر‪ ،‬فيكون املركز املذكور‬ ‫مسؤوال ً على أساس املسؤولية العقدية إلخالله في التزامه بالسالمة‪ .29‬برأينا‪ ،‬ال مانع من تطبيق‬ ‫احلل ذاته إذا كان مرتكب الفعل الضار راشدا ً‪.‬‬ ‫‪ .11‬الوصي‪ - .‬مبا أن ناقص األهلية أو فاقدها قد يوضع حتت رقابة الوصي‪ ،‬فقد يعتبر هذا األخير "صاحبا ً‬ ‫للسيطرة" ويسأل على أساس املادة ‪( 1831‬الفقرة األولى) من القانون املدني الفرنسي‪ .‬هذا ما أكدته‬ ‫"القاصر (‪ )...‬مرتكب األفعال (الضارة) لم يُسلم إلى اجلمعية مبوجب حكم قضائي‪ ،‬فمسؤولية اجلمعية ال ميكن أن‬ ‫تترتب إال على أساس العقد"‪.‬‬

‫‪27 Cass. ass. plén., 29 mars 1991, no 89-15.231.‬‬ ‫‪« Qu'en l'état de ces constatations, d'où il résulte que l'association avait accepté la charge‬‬ ‫‪d'organiser et de contrôler, à titre permanent, le mode de vie de ce handicapé, la cour‬‬ ‫‪d'appel a décidé, à bon droit, qu'elle devait répondre de celui-ci au sens de l'article 1384, alinéa‬‬ ‫‪1er, du Code civil, et qu'elle était tenue de réparer les dommages qu'il avait causés ; d'où il suit‬‬ ‫‪que le moyen n'est pas fondé ; ».‬‬

‫"يستنتج من واقع احلال أن اجلمعية قد قبلت عبء تنظيم ورقابة طريقة عيش هذا املريض ذي االحتياجات اخلاصة‬ ‫بشكل دائم‪ ،‬فقد أصابت محكمة االستئناف عندما ألزمت اجلمعية بالتعويض عن الضرر الذي سببه ذو االحتياجات‬ ‫اخلاصة‪ ،‬وذلك على أساس الفقرة األولى من املادة ‪ 4831‬من القانون املدني الفرنسي؛ مما يستتبع رد سبب الطعن"‪.‬‬ ‫ملحوظة‪ :‬عبارة "قد قبلت" التي استعملتها محكمة النقض توحي بأن مصدر السيطرة على شؤون الغير هو‬ ‫االتفاق وليس احلكم القضائي‪.‬‬

‫‪Voir aussi: Cass. 2e civ., 25 févr. 1998, no 95-20.419.‬‬ ‫‪28‬‬ ‫‪Cass. civ. 1, arrêt n° 1236 du 15 décembre 2011, n° 10-25740 : « Mais attendu que‬‬ ‫‪Marcel Y..., auteur des coups mortels, étant hébergé à la maison de retraite Les Opalines‬‬ ‫‪en vertu d'un contrat, la cour d'appel a retenu à bon droit que cette dernière ne pouvait‬‬ ‫‪être considérée comme responsable, au titre de l'article 1384, alinéa 1er, du code civil,‬‬ ‫‪des dommages causés par lui ».‬‬

‫"ولكن حيث إن ‪ Marcel Y...‬الذي قام بالضربات القاتلة‪ ،‬كان ساكنا ً في بيت التقاعد ‪Les Opalines‬‬ ‫مبوجب عقد‪ ،‬فقد اعتبرت محكمة االستئناف بحق أن هذه األخيرة ال تعتبر مسؤول ًة ‪ ،‬على أساس املادة ‪4831‬‬ ‫(الفقرة األولى) من القانون املدني‪ ،‬عن األضرار التي سببها"‪.‬‬

‫‪29‬‬ ‫‪Cass. civ.2, 12 mai 2005, N° de pourvoi: 03-17994 : « après avoir constaté que l'un des‬‬ ‫‪pensionnaires de l'association avait pu se livrer de façon répétée et pendant plusieurs mois à‬‬ ‫‪des actes d'agression sexuelle sur d'autres pensionnaires également placés dans cet internat‬‬ ‫‪de rééducation, ce qui caractérisait l'organisation défectueuse de la surveillance dans‬‬ ‫‪l'établissement et le manquement de l'association à son obligation de sécurité ».‬‬

‫"بعد مالحظة أن أحد نزالء املؤسسة استطاع بصورة متكررة وخالل عدة أشهر ارتكاب عدة اعتداءات جنسية على‬ ‫نزالء آخرين وُضعوا أيضا ً في هذه املؤسسة‪ ،‬األمر الذي يظهر خلل في تنظيم الرقابة في املؤسسة وإخالل هذه‬ ‫األخيرة في التزامها بالسالمة"‪.‬‬

‫‪Cass. 2e civ., 24 mai 2006, no 04-17.095.‬‬

‫‪40‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬رغيد عبد احلميد فتال‬

‫الغرفة اجلنائية والغرفة املدنية الثانية‪ ،‬ولكن يقتضي التمييز في بادئ األمر فيما إذا كانت الوصاية‬ ‫مفروضة على راشد أم قاصر‪.‬‬ ‫‪30‬‬ ‫فقد اعتبرت الغرفة املدنية بتاريخ ‪ 25‬فبراير ‪ 1223‬أن الوصي على الراشد ليس مسؤوال ً على‬ ‫أساس املادة ‪( 1831‬الفقرة األولى) من القانون املدني الفرنسي عن األضرار التي يتسبب بها الراشد‬ ‫الذي وضع حتت وصايته‪ ،‬في حني أن الغرفة اجلنائية قد اعتبرت بتاريخ ‪ 23‬مارس ‪ 2111‬أن الوصي على‬ ‫القاصر مسؤول عن فعل القاصر على أساس املادة ‪( 1831‬الفقرة األولى) من القانون املدني‬ ‫الفرنسي‪ .31‬ومبوجب احلكم الصادر بتاريخ ‪ 7‬أكتوبر ‪ ،2111‬أخذت الغرفة املدنية الثانية ﶈكمة‬ ‫النقض باحلل الذي أقرته الغرفة اجلنائية؛ فقد اعتبرت أن "الشخص الذي عهدت إليه الوصاية على‬ ‫القاصر بحكم من القاضي‪ ،‬والذي أصبح مكلفا ً بتنظيم ومراقبة وإدارة طريقة عيش هذا القاصر‬ ‫بشكل دائم‪ ،‬يصبح مسؤوال ً حكما ً عن الفعل الضار املرتكب من قبله‪ ،‬طاملا أن هذه املهمة التربوية‬ ‫‪33‬‬ ‫لم تتوقف ولم تنقطع"‪ .32‬إن هذا الفرق باملعاملة بني القاصر والراشد دفع العديد من الفقهاء‬ ‫للمطالبة بتوحيد احللول بشأن مسؤولية الوصي وذلك بتطبيق الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬على‬ ‫من يتولى الوصاية على القاصر والراشد أيضاً‪.‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬أشخاص ال يسألون مدنيا َ عن فعل الغير على أساس الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬من‬ ‫القانون املدني الفرنسي‬ ‫‪ .12‬نعرض في هذا الفرع مجموعة من األشخاص غير املسؤولني مدنيا َ عن فعل الغير على أساس‬ ‫الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬من القانون املدني الفرنسي؛ نذكر منهم‪ :‬األساتذة والقيمون (الغصن‬ ‫‪30 Cass. 2e civ., 25 févr. 1998, no 95-20.419:‬‬ ‫‪« Mais attendu que, s'il résulte de l'article 490 du Code civil que la mesure édictée en‬‬ ‫‪faveur d'un majeur, dont les facultés mentales sont altérées, concerne non seulement la gestion‬‬ ‫‪de ses biens mais aussi la protection de sa personne, il ne s'ensuit pas que son tuteur ou‬‬ ‫‪l'administrateur légal sous contrôle judiciaire du juge des tutelles est responsable des‬‬ ‫‪agissements de la personne protégée sur le fondement de l'article 1384, alinéa 1er, du‬‬ ‫‪même Code ; ».‬‬

‫"ولكن حيث إنه‪ ،‬لو استنتج من املادة ‪ 173‬من القانون املدني أن اإلجراء الذي ُسن لصالح راشد يُعاني من خلل في‬ ‫قدراته العقلية‪ ،‬ال يتعلق بإدارة أمواله فحسب‪ ،‬ولكن بحماية شخصه أيضاً‪ ،‬فإن هذا ال يعني أن الوصي عليه أو‬ ‫ممثله القانوني حتت الرقابة القضائية لقاضي الوصاية مسؤول عن تصرفات اإلنسان موضوع احلماية على أساس‬ ‫املادة ‪( 4831‬الفقرة األولى) من القانون ذاته"‪.‬‬

‫‪31 Cass. crim., 28 mars 2000, no 99-84.075.‬‬ ‫‪32 Cass. 2e civ., 7 oct. 2004, no03-16.078 :‬‬ ‫‪La Haute juridiction a ainsi admis que ce dernier, « à qui la tutelle d'un mineur, demeurée‬‬ ‫‪vacante, a été déférée par décision d'un juge des tutelles, et qui est dès lors investi de la‬‬ ‫‪charge d'organiser, de contrôler et de diriger à titre permanent le mode de vie de ce mineur,‬‬ ‫‪demeure responsable de plein droit du fait dommageable commis par celui-ci, dès lors‬‬ ‫‪qu'aucune décision judiciaire n'a suspendu ou interrompu cette mission éducative ».‬‬

‫أقرت اﶈكمة العليا أن هذا األخير "الذي أُسندت إليه الوصاية على القاصر (‪ )...‬مبوجب حكم من قاضي الوصاية‪،‬‬ ‫والذي أصبح مكلفا ً بعبء تنظيم ومراقبة وإدارة طريقة عيش هذا القاصر بصورة دائمة‪ ،‬أصبح مسؤوال ً حكما ً عن‬ ‫الفعل الضار الذي ارتكبه هذا األخير‪ ،‬طاملا أنه لم يصدر حكم قضائي بتعليق أو قطع هذه املهمة التربوية"‪.‬‬

‫‪33‬‬ ‫‪Viney (G.) et Jourdain (P.), Traité de droit civil, sous la direction de Ghestin (J.), La‬‬ ‫‪responsabilité : conditions, LGDJ, 3e éd., 2006, no 789-17 ; Viney (G.) et Mazeaud (D.), obs.‬‬ ‫‪sous Cass. crim., 28 mars 2000, no 99-84.075, D. 2000, somm., p. 466.‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪41‬‬


‫اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير‬

‫األول)‪ ،‬وأقارب وأصدقاء القاصر (الغصن الثاني)‪ ،‬واجمليمات الترفيهية واملراكز الترفيهية األخرى‬ ‫(الغصن الثالث)‪.‬‬ ‫الغصن األول‪ :‬األساتذة والقيمون‬ ‫‪ .18‬األساتذة‪ – .‬اعتبرت محكمة النقض الفرنسية أن األساتذة غير مسؤولني مدنيا ً عن أفعال‬ ‫تالمذتهم على أساس املادة ‪( 1831‬الفقرة ‪ )1‬من القانون املدني الفرنسي‪ ،34‬بل ميكن أن يسألوا على‬ ‫أساس فقرات أو مواد أخرى من ذات القانون إذا توفرت شروط تطبيقها‪.‬‬ ‫‪ .11‬القيمون‪ - .‬إن القيمني ليسوا مسؤولني مدنيا ً على أساس الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬من القانون‬ ‫املدني عن فعل األشخاص الذين يحتاجون إلى رعايتهم‪ ،‬والسبب في ذلك أن القيمني ال ينظمون وال‬ ‫يراقبون حياة األشخاص الذين يحتاجون لرعايتهم‪ ،‬بل يقتصر دورهم على إدارة أموالهم فقط‪ .‬هذا‬ ‫احلل كرسته الغرفة الثانية ﶈكمة النقض في ‪ 22‬مارس ‪ .352116‬بالتأكيد‪ ،‬ال مانع من أن تترتب‬ ‫مسؤوليتهم على أساس فقرات أو مواد أخرى من ذات القانون إذا توفرت شروط تطبيقها‪.‬‬

‫‪34 Cass. 2e civ., 16 mars 1994, no 92-19.649 :‬‬ ‫‪« Mais attendu que l'Institution Saint-Dominique ayant passé un contrat d'association à‬‬ ‫‪l'enseignement public, la responsabilité de l'Etat, substituée à celle des membres de‬‬ ‫‪l'enseignement pour les dommages causés par leurs élèves pendant que ceux-ci sont sous leur‬‬ ‫‪surveillance, n'est pas une responsabilité de plein droit, au sens de l'article 1384, alinéa‬‬ ‫‪1er, du Code civil, et ne peut être retenue, conformément aux dispositions des articles 1384,‬‬ ‫; ‪alinéa 6 et 8, du Code civil, que si une faute de l'instituteur est prouvée selon le droit commun‬‬ ‫‪d'où il suit que le moyen n'est pas fondé ; ».‬‬

‫"ولكن حيث إن مؤسسة ‪ Saint-Dominique‬قد أبرمت عقدا ً للتعاون مع التعليم العام‪ ،‬فإن مسؤولية الدولة‬ ‫التي حلت مكان املدرسني عن األضرار التي يسببها تالمذتهم أثناء فترة وجودهم حتت رقابتهم‪ ،‬ال تكون مسؤولية‬ ‫حكمية على أساس الفقرة األولى من املادة ‪ 4831‬من القانون املدني‪ ،‬وال ميكن أن تترتب على أساس الفقرتني ‪ 6‬و ‪3‬‬ ‫من املادة ‪ 4831‬من القانون املدني‪ ،‬إال إذا ثبت خطأ املدرس وفقا ً لألحكام العامة؛ مما يستوحب رد سبب الطعن"‪.‬‬

‫‪35‬‬ ‫‪Cass. 2e civ., 29 mars 2006, no 03-20.071 : le curateur « n'est pas responsable des‬‬ ‫‪actes de la personne protégée mais seulement de la gestion de ses biens ».‬‬

‫القيم "ليس مسؤوال ً عن أفعال الشخص موضوع احلماية‪ ،‬بل فقط عن إدارة أمواله"‪.‬‬ ‫‪42‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬رغيد عبد احلميد فتال‬

‫الغصن الثاني‪ :‬أقارب وأصدقاء القاصر‬ ‫‪ .15‬قد يسلم الطفل إلى أحد األقارب أو األصدقاء من دون مقابل‪ ،‬فترة قصيرة أو طويلة‪ ،‬دون أن يتعرض‬ ‫هؤالء للمساءلة على أساس الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬من القانون املدني الفرنسي‪ ،‬علما ً أنه‬ ‫ميكن مساءلتهم على أساس فقرات أو مواد أخرى من ذات القانون إذا توفرت شروط تطبيقها‪ ،‬هذا ما‬ ‫أكدته محكمة النقض الفرنسية في عدة أحكام‪ :‬ففي احلكم الصادر بتاريخ ‪ 13‬سبتمبر ‪،361226‬‬ ‫اعتبرت اﶈكمة أن األجداد أو األعمام أو اخلاالت أو العمات ليسوا مسؤولني مدنيا ً على أساس الفقرة‬ ‫األولى من املادة ‪ 1831‬من القانون املدني الفرنسي عن فعل أحفادهم أو أبناء أو بنات إخوانهم أو‬ ‫أخواتهم الذين عهد إليهم أمر رعايتهم خالل العطلة الصيفية‪ .‬في الوقائع‪ ،‬أودع قاصر يبلغ من‬ ‫العمر عشر سنوات لدى جدته وعمته خالل العطلة الصيفية‪ .‬ذات يوم وبينما كان يستعمل دراجته‬ ‫الهوائية‪ ،‬صدم أحد املشاة وسبب له جروحاً‪ .‬اعتبرت اﶈكمة أن ال اجلدة وال العمة مسؤولة على‬ ‫أساس الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬من القانون املدني الفرنسي لعدم توافر شروط تطبيقها؛ فال‬ ‫يعتبر اإلنسان "صاحبا ً للسيطرة" على شؤون الغير على أساس الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬إال إذا‬ ‫كان منوطا ً به تنظيم منط حياة الغير‪ ،‬مع العلم أن الشخص القادر على تنظيم حياة الغير يجب أن‬ ‫يكون قادرا ً على أن يتخذ قرارات بصورة مستقلة؛ وفي الدعاوى املذكورة‪ ،‬فإن هذه السلطة تكون‬ ‫لألهل الذين يحتفظون لنفسهم بإعطاء تعليمات للطفل عن بعد‪ ،‬ولكن السؤال الذي يطرح هنا‪:‬‬ ‫هل ميكن مساءلة اجلد أو اجلدة إذا كانوا يربون حفيدهم بصورة مستقلة ويومية؟‬ ‫أجابت محكمة النقض الفرنسية على هذا السؤال أيضا ً بالنفي وذلك في حكمها الصادر بتاريخ ‪3‬‬ ‫فبراير ‪ .2115‬في الوقائع‪ ،‬ترك والدان طفلهما البالغ من العمر عاما ً واحدا ً عند جدته لتربيه‬ ‫مبساعدة زوجها بدال ً من والديه‪ ،‬دون أن متنح قانونا ً سلطة الوالدين‪ ،‬ودون أن تنتقل إليها "السيطرة‬ ‫القانونية" بحكم من القضاء اجملتص؛ وفي عمر الثالثة عشرة‪ ،‬أقدم الولد عن قصد على إشعال‬ ‫حريق أحلق ضررا ً بالغير مما أدى إلى مالحقته مدنياً‪ .‬اعتبرت محكمة االستئناف أن على اجلدة وزوجها‬ ‫حلظة ارتكاب الفعل الضار "عبء تنظيم وإدارة ومراقبة طريقة عيش القاصر"‪ ،‬وبالتالي هما‬ ‫مسؤوالن على أساس املادة ‪( 1831‬الفقرة األولى) من القانون املدني؛ طعنت اجلدة وزوجها في احلكم‬ ‫الصادر عن محكمة االستئناف مدعيان أن القاضي لم ينقل إليهما "السيطرة"‪ ،‬وأن سلطة‬ ‫الوالدين لم تنتقل إليهما‪ ،‬وبالتالي يكون األبوان فقط مسؤولني عن فعل الولد على أساس الفقرة‬ ‫األولى من املادة املذكورة‪.‬‬ ‫قبلت الغرفة اجلنائية ﶈكمة النقض الطعن املقدم وألغت احلكم الصادر عن محكمة االستئناف‬ ‫معتبرةً أن "محكمة االستئناف خالفت الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬من القانون املدني الفرنسي‬ ‫بتطبيقها تطبيقا ً خاطئا ً"‪ ،‬ولكن هذا ال مينع من ترتب املسؤولية على أساس الفقرة ‪ 1‬من ذات‬ ‫القانون في الدعوى املقامة (مسؤولية األب واألم عن فعل ولدهما‪)...‬؛ فقد اعتبرت محكمة النقض‬ ‫‪36‬‬ ‫‪Cass. 2e civ., 18 sept. 1996, no 94-20.580, Bull. civ. II, no 217, Resp. civ. et assur.‬‬ ‫‪1996, comm. no 379, obs. Groutel (H.), LPA 1997, no 24, p. 6, note Lebreton (M.-C.) ; Philippe‬‬ ‫‪(C.), Les grands-parents sont-ils des ascendants privilégiés ? (2e partie : l'autorité et la‬‬ ‫‪responsabilité), RLDC 2005/20, no 851 ; v. aussi, sur cette question, Bosse-Platière (H.), La‬‬ ‫‪présence des grands-parents dans le contentieux familial, JCP G 1997, I, no 4030 :‬‬ ‫‪« alors que les conditions d'application de l'article 1384, alinéa 1er, du Code civil n'étaient pas‬‬ ‫‪réunies ».‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪43‬‬


‫اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير‬

‫في ذات احلكم أن "األب واألم للولد القاصر الذي لم تتوقف إقامته معهما لسبب شرعي‪ ،‬ال ميكن‬ ‫إعفاؤهما من املسؤولية احلكمية التي تقع على عاتقهما إال بالقوة القاهرة وفعل الضحية" وأن‬ ‫"الظرف الذي على أساسه سلم الوالدان ابنهما القاصر إلى جدته رغم أنهما كانا ميارسان‬ ‫السلطة عليه‪ ،‬ال يوقف املساكنة لهم"‪.37‬‬ ‫هذا احلكم أكد على فكرة هامة وهي أنه يخرج عن نطاق تطبيق الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬من‬ ‫القانون املدني الفرنسي‪ ،‬األشخاص الطبيعيون الذين يربون بصورة تطوعية القاصر ولو بصورة‬ ‫دائمة‪ ،‬طاملا أن هذه املهمة لم توكل إليهم من قبل القضاء أو أنهم أوصياء‪ .38‬ومبفهوم اجملالفة‪ ،‬لو أن‬ ‫اﶈكمة كانﺖ قد نقلﺖ السلطة للجدة وزوجها‪ ،‬فكان من املمكن مساءلتهما على أساس الفقرة‬ ‫األولى من املادة املذكورة‪ .‬في الواقع‪ ،‬اعتبرت محكمة النقض أن االتفاق احلاصل بني الوالدين من‬ ‫جهة واجلدة وزوجها من جهة أخرى حول وضع الطفل ال يكفي لنقل السلطة؛ فالسلطة ال تنتقل‬ ‫بنا ًء على قرار منفرد من األب واألم أو اتفاق بينهما وبني اجلدين‪.‬‬ ‫هذا التوجه يشجع الناس على قبول رعاية غير أطفالهم‪ ،‬األمر الذي يساهم في زيادة الترابط‬ ‫االجتماعي بني أفراد العائلة الواحدة وبني األصدقاء الذين لن يسألوا على أساس الفقرة األولى من‬ ‫املادة ‪ 1831‬من القانون املدني الفرنسي عن أي ضرر يصيب الغير من فعل القاصر؛ فلو أن اﶈكمة‬ ‫تعتبرهم مسؤولني‪ ،‬ملا تشجعوا بإبقاء أي قاصر لديهم إال إذا كان ولدهم‪.‬‬ ‫‪ .16‬اقتراح بعض الفقهاء‪ - .‬اقترح بعض الفقهاء حتديد نطاق تطبيق حكم ‪ Blieck‬على املمتهنني مع‬ ‫استبعاد "أصحاب السيطرة العرضيني"‪ ،39‬كما اقترح البعض عدم تطبيق الفقرة األولى من املادة‬ ‫‪ 1831‬من القانون املدني الفرنسي إال على "أصحاب السيطرة" الذين يتقاضون مقابال ً‪ .40‬وفي جميع‬ ‫احلاالت‪ ،‬ولو أن محكمة النقض ترفض أن يكون اجلدان مسؤولني على أساس الفقرة األولى من املادة‬ ‫‪ 1831‬من القانون املدني‪ ،‬فإن هذا ال يعني أنهما محصنان‪ ،‬إذ ميكن مساءلتهما على أساس‬ ‫املسؤولية عن الفعل الشخصي إذا ارتكبا خطأ ً شخصيا ً بالرقابة‪.41‬‬

‫‪37‬‬ ‫‪Cass. crim. 8 février 2005, N° de pourvoi: no 03-87447 : « la cour d'appel a violé par‬‬ ‫‪fausse application l'article 1384, alinéa 1er, du Code civil ; » et que « les père et mère d'un‬‬ ‫‪enfant mineur dont la cohabitation avec celui-ci n'a pas cessé pour une cause légitime ne‬‬ ‫‪peuvent être exonérés de la responsabilité de plein droit pesant sur eux que par la force‬‬ ‫‪majeure ou le fait de la victime » et que « la circonstance que le mineur avait été confié par ses‬‬ ‫‪parents, qui exerçaient l'autorité parentale, à sa grand-mère n'avait pas fait cesser la‬‬ ‫‪cohabitation avec ceux-ci ».‬‬

‫"إن محكمة االستئناف قد أخطأت في تطبيق املادة ‪( 4831‬الفقرة األولى) من القانون الفرنسي"؛ كما وأن "والد‬ ‫ووالدة القاصر الذي لم تتوقف مساكنته لهما لسبب مشروع‪ ،‬ال ميكن إعفاؤهما من املسؤولية احلكمية إال بالقوة‬ ‫القاهرة أو خطأ املضرور"‪ ،‬وأن "الظرف الذي مبوجبه أسند الوالدان‪ -‬اللذان كانا ميارسان سلطة األهل‪ -‬القاصر إلى‬ ‫جدته‪ ،‬ال يوقف املساكنة لهم"‪.‬‬

‫‪38 Voir déjà en ce sens, Cass. 2e civ., 25 janv. 1995, no 92-18.802.‬‬ ‫‪39‬‬ ‫‪Kessous (R.), concl. sous Cass. 2e civ., 25 févr. 1998, no 95-20.419, Bull. civ. II, no 62,‬‬ ‫‪D. 1998, jur., p. 315.‬‬ ‫‪40 Le Tourneau (Ph.), Droit de la responsabilité et des contrats, Dalloz action, 2010-2011, no‬‬ ‫‪7362-1.‬‬ ‫‪41‬‬ ‫‪Cass. 2e civ., 5 févr. 2004, nos 01-03.585 et 02-15.383 ; Cass. 2e civ., 18 mars 2004,‬‬ ‫‪no 02-19.454 ; CA Nancy, 26 avr. 2004, Resp. civ. et assur. 2004, comm. no 362, obs. Radé‬‬ ‫‪Ch. ; Cass. 2e civ., 25 janv. 1995, no 92-18.802.‬‬

‫‪44‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬رغيد عبد احلميد فتال‬

‫الغصن الثالث‪ :‬اخمليمات الترفيهية واملراكز الترفيهية األخرى‬ ‫‪ .17‬جرت العادة بأن يودع األهل أوالدهم في مخيمات ومراكز ترفيهية لعدة أيام أو أسابيع وال سيما أثناء‬ ‫فترة العطالت الدراسية‪ ،‬وقد قضت الغرفة اجلزائية لدى محكمة النقض الفرنسية بتاريخ ‪22‬‬ ‫أكتوبر ‪ 2112‬مبسؤولية والدة القاصر التي أودعته لدى مركز ترفيهي ملدة ‪ 8‬أسابيع‪ ،‬ارتكب خاللها‬ ‫سرقات عدة‪ ،‬معتبرةً أن هذه املدة ليست كافية النتقال املساكنة وبالتالي يعتبر القاصر ما يزال‬ ‫ساكنا ً مع والدته‪ ،‬مطبق ًة الفقرة الرابعة من املادة ‪ 1831‬من القانون املدني‪.42‬‬ ‫في رأينا‪ ،‬ال يعتبر املركز الترفيهي "صاحبا ً للسيطرة" على شؤون القاصر ألن هذا األخير لم يودع‬ ‫املركز الترفيهي مبوجب حكم قضائي بل مبوجب اتفاق من جهة‪ ،‬وألن مدة ‪ 8‬أسابيع هي مدة قصيرة‬ ‫ال تكفي للسيطرة على حياة الغير من جهة أخرى‪.‬‬ ‫بعد أن بينا املظهر األول للسلطة أال وهو السيطرة على شؤون الغير في املبحث األول‪ ،‬ننتقل انآن‬ ‫ملعاجلة املظهر الثاني للسلطة أال وهو اإلشراف على نشاط الغير في املبحث الثاني‪.‬‬

‫‪42 Cass. crim., 29 oct. 2002, no 01-82.109 :‬‬ ‫‪« Attendu qu'en statuant ainsi, la cour d'appel a fait l'exacte application de l'article 1384, alinéa‬‬ ‫; ‪4, du Code civil‬‬ ‫‪Qu'en effet, la cohabitation de l'enfant avec ses parents, résultant de sa résidence habituelle à‬‬ ‫‪leur domicile ou au domicile de l'un d'eux, ne cesse pas lorsque le mineur est confié par contrat‬‬ ‫‪à un organisme de vacances, qui n'est pas chargé d'organiser et de contrôler à titre permanent‬‬ ‫; ‪le mode de vie de l'enfant‬‬ ‫‪Que seule la force majeure ou la faute de la victime peut exonérer les parents de la‬‬ ‫‪responsabilité qu'ils encourent de plein droit du fait des dommages causés par leur enfant‬‬ ‫‪mineur ; ».‬‬

‫"حيث إن (‪ )...‬مساكنة القاصر لوالديه والناجتة عن سكنه املعتاد في منزلهم أو منزل أحدهما‪ ،‬ال تتوقف إذا أُسند‬ ‫القاصر مبوجب عقد إلى مؤسسة تهتم بالعطالت‪ ،‬والتي ليست مكلفة بتنظيم ومراقبة طريقة عيش القاصر‬ ‫بصورة دائمة؛‬ ‫وإن القوة القاهرة أو خطأ الضحية فقط ميكن أن يعفي الوالدين من املسؤولية احلكمية عن األضرار التي يسببها‬ ‫ابنهما القاصر"‪.‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪45‬‬


‫اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير‬

‫املبحث الثاني‪ :‬اإلشراف على نشاط الغير‬ ‫‪ .13‬يكمن الفرق بني السيطرة على شؤون الغير (املظهر األول من السلطة التي ميارسها املسؤول عن‬ ‫فعل الغير على هذا األخير) واإلشراف على نشاطه (املظهر الثاني من السلطة) في ثالثة أمور‪ :‬األول‬ ‫أن السيطرة على شؤون الغير يشترط فيها أن متارس بشكل دائم‪ ،‬في حني أن اإلشراف على نشاط‬ ‫الغير ال ميارس "بشكل دائم"؛ أما الثاني فهو يكمن في أن محل السيطرة على شؤون الغير هو‬ ‫طريقة عيش الغير‪ ،‬في حني أن محل اإلشراف على نشاط الغير هو نشاطه الذي قد يكون رياضيا ً أو‬ ‫اجتماعيا ً‪...‬؛ أما الثالث فهو أن السيطرة على شؤون الغير ال تكون إال بسبب وضعه اخلاص (كأن‬ ‫يكون مسنا ً أو مريضا ً أو قاصرا ً‪ ،)...‬في حني أن اإلشراف على نشاط الغير ال يكون إال إذا وافق اإلنسان‬ ‫طوعا ً على املشاركة في نشاط حتت إشراف الغير‪.‬‬ ‫نالحظ أنه في السنوات األخيرة بدأ التوسع في تطبيق الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬من القانون‬ ‫املدني الفرنسي لتشمل كل من يشرف على نشاط الغير مهما كان نوع النشاط؛ فالفكرة التي‬ ‫أوجدها حكم "‪ "Blieck‬الشهير لم تعد تطبق على العبي "الروكبي" فحسب‪ ،‬بل على كل من‬ ‫ميارس أنشطة رياضية كالعبي كرة القدم مثالً‪ ،‬فضال ً عن أنشطة أخرى‪ .‬سنعالج "األشخاص‬ ‫املشرفون على نشاط الغير" في املطلب األول‪ ،‬على أن نعالج "نطاق مسؤوليتهم" في املطلب‬ ‫الثاني‪.‬‬ ‫املطلب األول‪ :‬األشخاص املشرفون على نشاط الغير‬ ‫‪ .12‬من األشخاص املشرفني على نشاط الغير؛ أي الذين يتمتعون باملظهر الثاني للسلطة على الغير‬ ‫جند اجلمعيات الرياضية (الفرع األول)‪ ،‬إال أن هذه السلطة قد ميارسها آخرون (الفرع الثاني)‪.‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬اجلمعيات أو األندية الرياضية‬ ‫‪ .21‬إن مسؤولية اجلمعيات أو األندية الرياضية عن أفعال الالعبني على أساس املادة ‪( 1831‬الفقرة األولى)‬ ‫من القانون املدني الفرنسي ناجتة عن ممارسة سلطة متقطعة (غير مستمرة) على أنشطة‬ ‫أشخاص مستقلني‪ .‬سنبني احلل الذي كرسه القضاء الفرنسي بشأن اجلمعيات الرياضية في‬ ‫الغصن األول‪ ،‬وشروط مسؤولية األندية الرياضية عن فعل الالعبني في الغصن الثاني‪ ،‬ونطاق تطبيق‬ ‫الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬من القانون املدني الفرنسي على األنشطة الرياضية في الغصن‬ ‫الثالث‪ ،‬ومعيار قيام مسؤولية األندية الرياضية وأساسها القانوني في الغصن الرابع‪.‬‬ ‫الغصن األول‪ :‬احلل الذي كرسه القضاء الفرنسي بشأن اجلمعيات الرياضية‬ ‫‪ .21‬في ‪ 22‬مايو ‪ ،1225‬أصدرت محكمة النقض الفرنسية حكمني توسعت فيهما في تطبيق الفقرة‬ ‫األولى من املادة ‪ 1831‬من القانون املدني الفرنسي‪ .43‬ففي القضية األولى‪ ،‬أصيب أحد العبي‬ ‫‪43 Cass. 2e civ., 22 mai 1995, N° de pourvoi: 92-21197 et 92-21871(www.legifrance.gouv.fr).‬‬

‫‪46‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬رغيد عبد احلميد فتال‬

‫"الروكبي" بجروح على أثر ركلة قوية من العب في الفريق انآخر لم يُعرف من هو‪ .‬أما في القضية‬ ‫الثانية‪ ،‬فقد وقع شجار أثناء املباراة بني الفريقني مما أدى إلى وفاة أحد الالعبني‪ .‬أقام الالعب املصاب‬ ‫في القضية األولى وورثة الالعب املقتول في القضية الثانية دعوى ضد الفريق انآخر‪ .‬اعتبرت محاكم‬ ‫األساس أن الفريق انآخر مسؤول مدنيا ً عن ذلك على أساس الفقرة ‪ 5‬من املادة ‪ 1831‬من القانون‬ ‫املدني الفرنسي (مسؤولية املتبوع عن فعل التابع) باعتباره متبوعا ً لالعبني‪ُ .‬طعن على احلكمني‬ ‫بالنقض أمام محكمة النقض التي قضت بالتالي‪":‬ولكن حيث إن للجمعيات الرياضية مهمة‬ ‫تنظيم وإدارة ومراقبة نشاط أعضائها أثناء املنافسات الرياضية التي يشاركون فيها‪ ،‬وهم‬ ‫مسؤولون على أساس املادة ‪( 1831‬الفقرة األولى) من القانون املدني الفرنسي عن األضرار التي‬ ‫يحدثها األعضاء في هذه املناسبة"‪44‬؛ كما عاد وأكد القضاء الفرنسي على هذا التوجه عبر أحكام‬ ‫عديدة منها ما صدر في ‪ 8‬فبراير ‪ ،452111‬و ‪ 2‬أغسطس ‪( 2111‬حكم صادر عن محكمة‬ ‫االستئناف)‪.46‬‬ ‫الغصن الثاني‪ :‬اشتراط اخلطأ لقيام مسؤولية األندية الرياضية عن أفعال الالعبني طبقا ً للفقرة‬ ‫األولى من املادة ‪4831‬‬ ‫‪ .22‬اخلطأ لم يكن شرطا ً لترتب مسؤولية األندية الرياضية عن أفعال الالعبني‪ - .‬تطور موقف القضاء‬ ‫الفرنسي من عدم اشتراط اخلطأ إلى اشتراطه لترتب مسؤولية النادي الرياضي عن أفعال العبيه‪.‬‬ ‫في البداية‪ ،‬لم يكن خطأ املنتسب إلى النادي الرياضي شرطا ً لترتب مسؤولية النادي أو اجلمعية عن‬ ‫‪44 Cass. 2e civ., 22 mai 1995, préc. (www.legifrance.gouv.fr) :‬‬ ‫‪« Mais attendu que les associations sportives ayant pour mission d'organiser, de diriger et de‬‬ ‫‪contrôler l'activité de leurs membres au cours des compétitions sportives auxquelles ils‬‬ ‫‪participent sont responsables, au sens de l'article 1384, alinéa 1er, du Code civil, des‬‬ ‫‪dommages qu'ils causent à cette occasion ».‬‬

‫"ولكن حيث إن للجمعيات الرياضية مهمة تنظيم وإدارة ورقابة نشاط أعضائها أثناء املنافسات الرياضية التي‬ ‫يشاركون فيها‪ ،‬فهم مسؤولون على أساس املادة ‪( 4831‬الفقرة األولى) من القانون املدني‪ ،‬عن األضرار التي‬ ‫يسببوها (األعضاء) في هذه املناسبة"‪.‬‬

‫‪45 Cass. 2e civ., 3 févr. 2000, no 98-11.438:‬‬ ‫‪« Mais attendu que, pour condamner l'Asca à indemniser M. X..., l'arrêt énonce que les‬‬ ‫‪associations sportives, ayant pour objet d'organiser, de diriger et de contrôler l'activité de leurs‬‬ ‫‪membres au cours des compétitions sportives auxquelles ils participent, sont responsables, au‬‬ ‫‪sens de l'article 1384, alinéa 1er, du Code civil, des dommages qu'ils causent à cette‬‬ ‫‪occasion ».‬‬

‫"ولكن حيث إنه‪ ،‬وإللزام ‪ Asca‬بتعويض السيد ‪ ،X...‬يعتبر احلكم أن اجلمعيات الرياضية‪ ،‬التي تهدف إلى تنظيم‬ ‫وإدارة ومراقبة نشاط أعضائها أثناء املنافسات الرياضية التي يشاركون فيها‪ ،‬مسؤولة على أساس املادة ‪4831‬‬ ‫(الفقرة األولى) من القانون املدني‪ ،‬عن األضرار التي يسببونها (األعضاء) في هذه املناسبة"‪.‬‬

‫‪46 CA Nîmes, 1re ch. B, 9 août 2011, N° de RG: 09/02055 :‬‬ ‫‪« Les associations sportives ayant pour objet d'organiser, de diriger et de contrôler‬‬ ‫‪l'activité de leurs membres au cours des compétitions sportives auxquelles ils participent sont‬‬ ‫‪responsables au sens de l'article 1384 alinéa1er du Code civil des dommages qu'ils causent à‬‬ ‫‪cette occasion ».‬‬

‫"اجلمعيات الر ياضية‪ ،‬التي تهدف إلى تنظيم وإدارة ومراقبة نشاط أعضائها أثناء املنافسات الرياضية التي يشاركون‬ ‫فيها‪ ،‬مسؤولة على أساس املادة ‪( 4831‬الفقرة األولى) من القانون املدني‪ ،‬عن األضرار التي يسببونها (األعضاء) في‬ ‫هذه املناسبة"‪.‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪47‬‬


‫اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير‬ ‫فعله‪ .47‬هذا األمر سبب خوفا ً لألندية الرياضية والالعبني واجلمهور ألنه يعكس التوسع في تطبيق‬ ‫الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬من القانون املدني الفرنسي في مجال الرياضة وبالتالي املسؤولية‬ ‫احلكمية التي ال تقوم على اخلطأ‪.‬‬ ‫‪ .28‬اخلطأ أصبح شرطا ً لترتب مسؤولية األندية الرياضية عن أفعال الالعبني‪ - .‬بعد ذلك‪ ،‬غيرت‬ ‫محكمة النقض توجهها‪ ،‬واتخذت قرارا ً بعدم التوسع في تطبيق الفقرة املذكورة واضع ًة شروطا ً‬ ‫ضيقة لتطبيقها على األندية الرياضية؛ فقد اعتبرت أن األندية الرياضية التي تنظم وتدير وتراقب‬ ‫نشاط أعضائها (أي الالعبني)‪ ،‬مسؤولة عن أفعالهم بشرط توفر "خطأ يتمثل في خرق قواعد‬ ‫اللعبة‪ ،‬مرتكب من قبل أحد أعضائها‪ ،‬ولو لم يعرف من هو بالتحديد"‪48‬؛ على الضحية إذن أن تثبت‬ ‫وجود اخلطأ؛ هذا ما أكدته محكمة النقض مرارا ً في أحكامها‪ ،‬ومنها احلكم الصادر بتاريخ ‪21‬‬ ‫أكتوبر ‪ 2111‬وهو يتعلق أيضا ً برياضة "الروكبي"‪ .49‬كما أكد هذا التوجه احلكم الصادر في ‪ 18‬يناير‬ ‫‪ 2115‬فيما يخص رياضة كرة القدم‪ ،50‬وفي ‪ 16‬مايو ‪ 2116‬حيث اعتبرت محكمة النقض أن "األندية‬ ‫الرياضية التي تنظم وتدير وتراقب نشاط أعضائها أثناء املباريات والتمرينات التي يشاركون فيها‪،‬‬ ‫غير مسؤولة حكما ً إال عن األضرار التي يسببونها (األعضاء) بخطئهم املتمثل في خرق قواعد‬ ‫اللعبة"‪ .51‬هذا ما عادت وأكدته محكمة النقض الفرنسية في ‪ 6‬أكتوبر ‪ ،522116‬و ‪ 16‬سبتمبر‬

‫‪47 Cass. civ. 2, 22 mai 1995, préc. ; Cass. 2e civ., 3 févr. 2000, no 98-11.438, précité.‬‬ ‫‪48‬‬ ‫‪Cass. 2e civ., 20 nov. 2003, no 02-13.653, Bull. civ. II, no 356 : les associations‬‬ ‫‪sportives, ayant pour mission d'organiser, de diriger et de contrôler l'activité de leurs membres‬‬ ‫‪sont responsables des dommages qu'ils causent à cette occasion à condition qu'« une faute‬‬ ‫‪caractérisée par une violation des règles du jeu et imputable à l'un de ses membres,‬‬ ‫‪même non identifié » soit établie.‬‬

‫اجلمعيات الرياضية‪ ،‬التي تهدف إلى تنظيم وإدارة ومراقبة نشاط أعضائها‪ ،‬مسؤولة عن األضرار التي يسببونها في‬ ‫هذه املناسبة‪ ،‬بشرط ارتكاب " خطأ يتمثل في خرق قواعد اللعبة‪ ،‬مرتكب من قبل أحد أعضائها‪ ،‬ولو لم يعرف من‬ ‫هو بالتحديد"‪.‬‬

‫‪La même décision prévoit qu’ « aucune faute caractérisée par une violation des règles du jeu et‬‬ ‫‪imputable à un joueur, même non identifié (…) n'était établie ».‬‬

‫يؤكد احلكم ذاته أنه "لم يُرتكب خطأ متمثل في خرق قواعد اللعبة من قبل أي العب‪ ،‬عرف أو لم يعرف من هو‬ ‫بالتحديد"‪.‬‬

‫‪Radé (Ch.), La résurgence de la faute dans la responsabilité civile du fait d'autrui, Resp. civ. et‬‬ ‫‪assur. 2004, chr. no 15.‬‬ ‫‪49 Cass. 2e civ., 21 oct. 2004, nos 03-17.910 et 03-18.942.‬‬ ‫‪50 Cass. 2e civ., 13 janv. 2005, no 03-18.617.‬‬ ‫‪51‬‬ ‫‪Cass. 2e civ., 16 mai 2006, no 03-12.537 : la Cour de cassation a écarté la‬‬ ‫‪responsabilité de l'association sur le fondement de l'article 1384, alinéa 1er, après avoir rappelé‬‬ ‫‪que « les associations sportives, ayant pour objet d'organiser, de diriger et de contrôler l'activité‬‬ ‫‪de leurs membres au cours des compétitions et entraînements auxquels ils participent, ne sont‬‬ ‫‪responsables de plein droit que des dommages qu'ils causent par leur faute caractérisée par‬‬ ‫‪une violation des règles du jeu ».‬‬

‫استبعدت محكمة النقض مسؤولية اجلمعية على أساس املادة ‪( 4831‬الفقرة األولى) من القانون املدني مذكرةً بأن‬ ‫"اجلمعيات الرياضية‪ ،‬التي تهدف إلى تنظيم وإدارة ومراقبة نشاط أعضائها أثناء املنافسات والتمرينات التي‬ ‫يشاركون فيها‪ ،‬ليسوا مسؤولني حكما ً إال عن األضرار التي يسببونها (األعضاء) بخطئهم الذي يتمثل في خرق‬ ‫قواعد اللعبة"‪.‬‬

‫‪52 Cass. 2e civ., 5 oct. 2006, no 05-18.494.‬‬

‫‪48‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬رغيد عبد احلميد فتال‬

‫‪ 2111‬حيث ألغت احلكم الصادر عن محكمة االستئناف ألنها لم تتثبت مما إذا كان اخلطأ يتمثل في‬ ‫مخالفة قواعد اللعب أم ال‪.53‬‬ ‫بتاريخ سابق‪ ،‬وأثناء مباراة في رياضة "الروكبي" حصلت في فرنسا بني نادي ‪Périgord-‬‬ ‫‪ Agenais‬ونادي ‪ ،Armagnac-Bigorre‬أصيب أحد العبي الفريق األول بجروح خطيرة‪ .‬ادعى الالعب‬ ‫على الناديني الرياضيني وعلى الضامنني مطالبا ً بالتعويض عن األضرار التي أملت به وذلك على أساس‬ ‫املادة ‪( 1831‬الفقرة األولى) من القانون املدني الفرنسي‪ .‬اعتبرت محكمة استئناف ‪ Agen‬بتاريخ ‪21‬‬ ‫نوفمبر ‪ 2111‬أن ادعاء الالعب يقوم على سند من القانون‪ ،‬وحكمت لصاحله بالتعويض عن األضرار‬ ‫التي أحلقت به‪ ،‬إال أن محكمة النقض الفرنسية قد ألغت احلكم بتاريخ ‪ 18‬مايو ‪ 2111‬لعلة عدم‬ ‫ارتكاب خطأ ً يتمثل في مخالفة قواعد اللعبة‪ ،54‬ثم أحالت القضية إلى محكمة استئناف‬ ‫‪ Bordeaux‬التي لم تتقيد بحكم محكمة النقض وأصدرت حكما ً مماثال ً للحكم الصادر عن‬ ‫محكمة استئناف ‪ ،Agen‬معتبرةً أنه ليس على املضرور إال إثبات "الفعل الضار" أي فعل اإلضرار‬ ‫(بحسب القانون اإلماراتي)‪ ،‬وعليه يسأل النادي حتى لو لم ينتهك الالعب قواعد اللعبة أو لم‬ ‫يرتكب أي خطأ‪.55‬‬ ‫طعن الناديان الرياضيان في احلكم الصادر عن محكمة استئناف ‪ Bordeaux‬واعتبرا أن "اخلطأ‬ ‫املتمثل في خرق قواعد اللعبة والصادر عن العب واحد أو أكثر حتى لو لم تتضح هويتهم‪ ،‬هو وحده‬ ‫الذي يرتب مسؤولية النادي الرياضي في حال إصابة العب بجروح أثناء مباراة رياضة "الروكبي"‪.‬‬ ‫بتاريخ ‪ 22‬يونيو ‪ ،2117‬أصدرت الهيئة العامة ﶈكمة النقض حكما ً قضى بإلغاء احلكم الصادر عن‬ ‫محكمة استئناف ‪ Bordeaux‬معتبرةً أنه ال ميكن إلزام النادي بالتعويض عن األضرار إال إذا ارتكب‬ ‫‪53 Cass. civ. 2, 16 septembre 2010, N° de pourvoi: 09-16843.‬‬ ‫‪« Qu'en retenant ainsi la responsabilité de l'association Les Albatros de Brest, sans relever‬‬ ‫‪l'existence d'une faute caractérisée par une violation des règles du jeu de hockey sur‬‬ ‫‪glace commise par un ou plusieurs joueurs, mêmes non identifiés, membres de cette‬‬ ‫‪association, la cour d'appel a violé le texte susvisé ; ».‬‬

‫"بحكمها هذا معتبرةً أن جمعية ‪ Les Albatros de Brest‬مسؤولة‪ ،‬دون التأكد من وجود خطأ يتمثل في‬ ‫خرق قواعد لعبة التزلج على اجلليد ارتكبه العب واحد أو أكثر‪ ،‬حتى لو كانوا غيرمحددين‪ ،‬ينتمون إلى هذه اجلمعية‪،‬‬ ‫فإن محكمة االستئناف قد خالفت النص املذكور"‪.‬‬

‫‪Cass. civ. 2, 8 avril 2004, N° de pourvoi: 03-11653 : « Qu'en statuant ainsi, alors qu'elle‬‬ ‫‪relevait que M. X..., joueur salarié de la société OM, avait commis l'action dommageable au‬‬ ‫‪cours d'une compétition sportive, sans rechercher si le tacle ayant provoqué les blessures‬‬ ‫‪avait constitué une faute caractérisée par une violation des règles du jeu, la cour d'appel‬‬ ‫‪n'a pas donné de base légale à sa décision au regard du texte précité ; ».‬‬

‫"بحكمها هذا‪ ،‬الذي اعتبرت فيه أن السيد ‪ X...‬العب أجير لدى شركة ‪ OM‬قد ارتكب الفعل الضار أثناء منافسة‬ ‫رياضية‪ ،‬دون البحث عما إذا كان الفعل الضار الذي سبب اجلروح قد شكل خطأ ً يتمثل في خرق قواعد اللعبة‪ ،‬لم‬ ‫تعط محكمة االستئناف سندا ً قانونيا ً حلكمها املبني على النص املذكور"‪.‬‬

‫‪54‬‬ ‫‪Cass. 2e civ., 13 mai 2004, no 03-10.222 : la décision a été censurée parce que les‬‬ ‫‪juges du fond n'avaient pas caractérisé « une faute consistant en une violation des règles du‬‬ ‫‪jeu commise par un ou plusieurs joueurs, même non identifiés, faute seule de nature à engager‬‬ ‫‪la responsabilité d'une association sportive ».‬‬

‫إن احلكم قد أُلغي ألن محكمة االستئناف لم تتأكد من وجود "خطأ يتمثل في خرق قواعد اللعبة ارتكبه العب واحد‬ ‫أو أكثر‪ ،‬حتى لو كانوا غير محددين‪ ،‬واخلطأ هو وحده الذي ميكن أن يرتب مسؤولية جمعية رياضية"‪.‬‬

‫‪55 CA Bordeaux, 4 juillet 2006, Bulletin 2007, N° 7 : « la victime n’avait pas d’autre preuve à‬‬ ‫‪rapporter que celle du fait dommageable (...), même si rien n’établissait qu’une violation des‬‬ ‫‪règles du jeu ou une faute quelconque eût été commise ».‬‬

‫"ليس على الضحية إال إثبات الفعل الضار (‪ ،)...‬حتى لو لم تُنتهك قواعد اللعبة أو لم يُرتكب أي خطأ"‪.‬‬

‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪49‬‬


‫اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير‬ ‫الالعب خطأ ً يتمثل في خرق قواعد اللعبة ‪ .56‬تقتضي اإلشارة هنا إلى أن شرط ارتكاب خطأ يتمثل‬ ‫في خرق قواعد اللعبة ال يطبق إال على الالعبني أثناء اللعب‪.‬‬ ‫‪ .21‬تعليق على اعتماد اخلطأ كشرط لترتب مسؤولية األندية الرياضية عن أفعال الالعبني‪ - .‬كما نعلم‬ ‫فإن حكم ‪ Blieck‬واألحكام التي أيدته ال تشترط خطأ الغير حتى تترتب مسؤولية من له سلطة‬ ‫عليه على أساس الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬من القانون املدني‪ ،‬فهي تكتفي بوقوع الضرر بسبب‬ ‫فعل الغير‪ .57‬من ناحية أخرى‪ ،‬وفيما يتعلق مبسؤولية األهل عن أفعال أبنائهم القاصرين‪ ،‬اعتبرت‬ ‫الهيئة العامة ﶈكمة النقض الفرنسية بعد االطالع على الفقرة ‪1‬و‪1‬و‪ 7‬من املادة ‪ 1831‬من القانون‬ ‫املدني الفرنسي أن املسؤولية عن فعل الغير ميكن أن تترتب حتى لو لم ينسب الضرر إلى خطأ‬ ‫القاصر؛ فقد اعتبرت محكمة النقض أنه مجرد وجود ضرر "‪...‬سببه املباشر فعل القاصر وإن كان‬ ‫غير خاطئ‪ "...‬كاف لقيام مسؤولية األهل‪ .58‬هذه القرارات تنسجم مع قرار ‪ Füllenwarth‬الصادر في‬ ‫‪ 2‬مايو ‪ 1231‬عن الهيئة العامة ﶈكمة النقض الفرنسية‪( 59‬الذي اعتبر أن مجرد إثبات أن فعل االبن‬ ‫القاصر كان السبب املباشر لوقوع الضرر يؤدي إلى قيام قرينة مسؤولية األب واألم عن فعل ابنهما‬ ‫القاصر املقيم معهما)‪ ،‬وقرار ‪ Bertrand‬الصادر عن الغرفة املدنية الثانية ﶈكمة النقض الفرنسية‬ ‫في ‪ 12‬فبراير ‪( 601227‬الذي اعتبر أن القوة القاهرة أو خطأ الضحية فقط ميكنهما أن يعفيا األب‬ ‫‪56 Cass. Ass. Plén., 29 juin 2007, N° de pourvoi: 06-18141 :‬‬ ‫‪« Qu'en statuant ainsi, alors qu'elle était tenue de relever l'existence d'une faute‬‬ ‫‪caractérisée par une violation des règles du jeu commise par un ou plusieurs joueurs, même‬‬ ‫‪non identifiés, la cour d'appel a violé le texte susvisé ; ».‬‬

‫"بحكمها هذا خالفت محكمة االستئناف النص املذكور‪ ،‬حيث إنه كان يتوجب عليها التأكد من وجود خطأ يتمثل‬ ‫في خرق قواعد اللعبة ارتكبه العب واحد أو أكثر‪ ،‬حتى لو كانوا غير محددين"‪.‬‬

‫‪57 Cass. ass. plén., 29 mars 1991, préc. :‬‬ ‫‪« Qu'en l'état de ces constatations, d'où il résulte que l'association avait accepté la charge‬‬ ‫‪d'organiser et de contrôler, à titre permanent, le mode de vie de ce handicapé, la cour‬‬ ‫‪d'appel a décidé, à bon droit, qu'elle devait répondre de celui-ci au sens de l'article 1384, alinéa‬‬ ‫‪1er, du Code civil, et qu'elle était tenue de réparer les dommages qu'il avait causés ; d'où il suit‬‬ ‫‪que le moyen n'est pas fondé ; ».‬‬

‫"بنا ًء على هذه االستنتاجات التي مبوجبها وافقت اجلمعية على عبء تنظيم ومراقبة طريقة عيش ذي االحتياجات‬ ‫اخلاصة بصورة دائمة‪ ،‬قررت محكمة االستئناف بحق أن اجلمعية مسؤولة عن فعل هذا األخير على أساس املادة‬ ‫‪( 4831‬الفقرة األولى) من القانون املدني‪ ،‬وأنها يجب أن تعوض عن األضرار التي سببها؛ مما يستبع رد سبب الطعن"‪.‬‬

‫‪58 Cf. Cass. ass. plén., 13 déc. 2002, nos 00-13.787 :‬‬ ‫‪« … il suffit que le dommage invoqué par la victime ait été directement causé par le fait, même‬‬ ‫; » … ‪non fautif, du mineur‬‬ ‫"‪ ...‬يكفي أن الضرر الذي تذرعت به الضحية سببه فعل القاصر مباشرة‪ ،‬ولو لم يكن خاطئاً‪."...‬‬

‫‪Cf., également, Cass. 2e civ., 10 mai 2001, no 99-11.287.‬‬ ‫‪59‬‬ ‫‪Cass. ass. plén., 9 mai 1984, n° 79-16.612, Bull. civ. ass. plén., n° 4, D. 1984, jur., p.‬‬ ‫‪525, concl. Cabannes (J.) et note Chabas (Fr.), JCP G 1984, II, n° 20255, note Dejean de la‬‬ ‫‪Bâtie (N.) :‬‬ ‫‪« Mais attendu que, pour que soit présumée, sur le fondement de l'article 1384 alinéa 4 du‬‬ ‫‪Code civil, la responsabilité des père et mère d'un mineur habitant avec eux, il suffit que celui-ci‬‬ ‫‪ait commis un acte qui soit la cause directe du dommage invoqué par la victime ; que par ce‬‬ ‫‪motif de pur droit, substitué à celui critiqué par le moyen, l'arrêt se trouve légalement justifié ; ».‬‬ ‫"ولكن حيث إنه لتأسيس مسؤولية أب وأم القاصر الذي يسكن معهما على املادة ‪( 4831‬الفقرة ‪ )1‬من القانون‬ ‫املدني‪ ،‬يكفي أن يرتكب القاصر فعال ً يكون السبب املباشر للضرر الذي تتذرع به الضحية ‪."...‬‬ ‫‪60‬‬ ‫‪Cass. 2e civ., 19 févr. 1997, n° 94-21.111, Bull. civ. II, n° 56, RTD civ. 1997, p. 668,‬‬ ‫‪obs. Jourdain (P.), JCP G 1997, II, n° 22848, concl. Kessous (R.), note Viney (G.) :‬‬

‫‪50‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬رغيد عبد احلميد فتال‬

‫من مسؤوليته احلكمية عن األضرار التي يسببها ابنه القاصر املقيم معه)‪ ،‬والقرار الصادر عن‬ ‫الغرفة املدنية الثانية ﶈكمة النقض الفرنسية في ‪ 11‬مايو ‪ ،612111‬والقرار الصادر بتاريخ ‪18‬‬ ‫ديسمبر ‪ 2112‬عن الهيئة العامة ﶈكمة النقض الفرنسية‪ 62‬بشأن مسؤولية أولياء األمور عن‬ ‫أفعال أوالدهم القاصرين‪ ،‬والتي اعتبرت أن املسؤولية حكمية وليست مبنية على خطأ القاصر‪ ،‬إذ‬ ‫يكفي توفر العالقة السببية بني فعله والضرر احلاصل؛ كما اعتبرت الغرفة الثانية ﶈكمة النقض‬ ‫الفرنسية في ‪ 12‬ديسمبر ‪ 2112‬أن جمعية املشجعني مسؤولة عن فعل أعضائها دون أن تبحث‬ ‫فيما إذا ارتكب الفاعل خطأ ً أم ال‪.63‬‬ ‫أما بالنسبة للجمعيات واألندية الرياضية‪ ،‬فبعد أن غير القضاء الفرنسي مساره عام ‪ ،2118‬استقر‬ ‫على أنه ال تترتب مسؤوليتها إال إذا ارتكب الالعب خطأ ً يتمثل في مخالفة قواعد اللعبة‪ .64‬هذا‬ ‫التوجه يعيد بنظر البعض ملصطلح "املسؤولية" معناه؛ فهو ال يعني مجرد آلية تعويض عن أي‬ ‫ضرر‪ ،65‬بل يتعلق بأي سلوك غير طبيعي‪ .‬يتساءل البعض هنا كيف ميكن ملسؤولية األهل عن أفعال‬ ‫أبنائهم القاصرين أن تكون أقصى من مسؤولية األندية الرياضية عن أفعال منتسبيها‪ ،‬خاص ًة وأن‬ ‫القانون ال يلزم األهل بإبرام عقود ضمان لتغطية تلك املسؤولية‪ ،‬في حني أن األندية الرياضية ملزمة‬ ‫قانونا ً بإبرام عقد ضمان لتغطية مسؤوليتها (املادة ل‪ 821-1 .‬من قانون الرياضة)‪66‬؟ يعزو البعض‬ ‫تفضيل األندية الرياضية على األهل إلى أسباب اجتماعية مفادها أن حماية األندية الرياضية تؤدي‬ ‫حلماية الرياضة بشكل عام إذ أن سهولة محاسبة األندية الرياضية عن أفعال منتسبيها هو مبثابة‬ ‫معاقبة الرياضة وتهديد لها؛ لذا أصدرت محكمة النقض الفرنسية أحكامها األخيرة حماي ًة‬ ‫لوظيفة الرياضة االجتماعية واالقتصادية‪ ،‬علما ً أننا نرى أن كون اإلنسان أبا ً أو أما ً أجدر باحلماية من‬ ‫الرياضة‪ ،‬خاص ًة وأن األحكام القضائية احلديثة والتي ترتب مسؤولية األهل مبجرد حصول الضرر‬

‫‪« Mais attendu que, l'arrêt ayant exactement énoncé que seule la force majeure ou la‬‬ ‫‪faute de la victime pouvait exonérer M. X... de la responsabilité de plein droit encourue du fait‬‬ ‫‪des dommages causés par son fils mineur habitant avec lui, la cour d'appel n'avait pas à‬‬ ‫‪rechercher l'existence d'un défaut de surveillance du père ; ».‬‬ ‫" ولكن حيث إن احلكم قد بني أنه ميكن للقوة القاهرة أو خطأ الضحية فقط إعفاء السيد ‪ X...‬من املسؤولية‬

‫احلكمية الناجتة عن األضرار التي سببها ابنه القاصر الذي يسكن معه‪ ،‬ال تكون محكمة االستئناف ُملزمة إذن‬ ‫بالبحث عن خطأ في مراقبة األب ؛"‪.‬‬

‫‪61 Cass. 2e civ., 10 mai 2001, n° 99-11.287.‬‬ ‫‪62 Cass. ass. plén., 13 déc. 2002, n° 01-14.007.‬‬ ‫‪63 Cass. 2e civ., 12 déc. 2002, no 00-13.553, Bull. civ. II, no 289, p. 230, Petites affiches 7 avr.‬‬ ‫‪2003, no 69, p. 11, note Buy (F.).‬‬ ‫‪64 Cass. civ. 2, 16 septembre 2010, précité :‬‬ ‫‪« Qu'en retenant ainsi la responsabilité de l'association Les Albatros de Brest, sans relever‬‬ ‫‪l'existence d'une faute caractérisée par une violation des règles du jeu de hockey sur glace‬‬ ‫‪commise par un ou plusieurs joueurs, mêmes non identifiés, membres de cette association, la‬‬ ‫‪cour d'appel a violé le texte susvisé ; ».‬‬ ‫"بحكمها هذا معتبرةً أن جمعية ‪ Les Albatros de Brest‬مسؤولة‪ ،‬دون التأكد من وجود خطأ يتمثل في‬

‫خرق ق واعد لعبة التزلج على اجلليد ارتكبه العب واحد أو أكثر‪ ،‬حتى لو كانوا غير محددين‪ ،‬ينتمون إلى هذه اجلمعية‪،‬‬ ‫فإن محكمة االستئناف قد خالفت النص الذكور"‪.‬‬

‫‪Cass. civ. 2, 8 avril 2004, N° de pourvoi: 03-11653.‬‬ ‫‪65‬‬ ‫‪Sur cette question, Engel (L.), Vers une nouvelle approche de la responsabilité, Le droit‬‬ ‫‪français face à la dérive américaine, Esprit, juin 1993, p. 15.‬‬ ‫‪66‬‬ ‫‪Mouly (J.), Les paradoxes du droit de la responsabilité civile dans le domaine des‬‬ ‫‪activités sportives, JCP G 2005, I, n° 134, spéc. la première partie.‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪51‬‬


‫اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير‬

‫حتى رغم عدم ارتكاب أي خطأ من قبل القاصر أو األهل شكلت رعبا ً لدى األهل من اإلجناب‪ ،‬مما قلل‬ ‫فعال ً عملية إجناب األطفال في اﺠﻤﻟتمع الفرنسي‪.67‬‬ ‫نفهم أحكام محكمة النقض التي تقضي بعدم مسؤولية األندية الرياضية عن أفعال منتسبيها‬ ‫إال إذا ارتكب الرياضي خطأ ً يتمثل في مخالفة قواعد اللعبة يقع عبء إثباته على الضحية‪ ،‬إال أنه‬ ‫من األفضل أن يكون هناك توازن بني مصلحة الضحية ومصلحة األندية الرياضية فيما يتعلق بعبء‬ ‫اإلثبات‪ .‬فبدال ً من أن يكون عبء إثبات اخلطأ على الضحية‪ ،‬فمن األفضل أن يكون خطأ الالعب‬ ‫مفترضا ً‪ .‬ومن باب التسهيل على الضحية‪ ،‬اعتبرت محكمة النقض في ‪ 22‬سبتمبر ‪ 2115‬أن‬ ‫سقوط الالعبني بعد أن كانوا متجمعني حول طابة ‪ Rugby‬ال ميكن إال أن يكون نتيجة وقوف خاطئ‬ ‫لالعب أو أكثر و من دفع غير عادي‪ ،‬وأن هذا السقوط هو بالضرورة نتيجة اخلطأ‪.68‬‬ ‫يرى البعض في هذا الصدد أنه من األفضل تضييق نطاق العمل في هذه القرينة (قرينة اخلطأ)‬ ‫بحيث ال تشمل املباريات الرسمية‪ ،‬لكي ال تضعف عزمية الالعبني؛ أما البعض انآخر‪ ،‬فيرى أنه من‬ ‫األفضل إعمال قرينة اخلطأ فقط في حال األضرار اجلسدية دون األضرار املادية‪.69‬‬ ‫الغصن الثالث‪ :‬نطاق تطبيق الفقرة األولى من املادة ‪ 4831‬من القانون املدني الفرنسي على‬ ‫األنشطة الرياضية‬ ‫‪ .25‬اعتبرت محكمة النقض الفرنسية أن اجلمعيات أو األندية الرياضية مسؤولة عن األضرار املتعلقة بـ‬ ‫"املنافسات الرياضية"‪ 70‬التي يتسبب بها أحد العبيها‪ ،‬وعن األضرار املرتكبة أثناء التمرين‪71‬؛ كما‬ ‫تعتبر محكمة النقض أن اجلمعيات أو األندية الرياضية مسؤولة أيضا ً عن األضرار التي يتسبب بها‬ ‫أحد العبيها أثناء املباريات الرسمية أو اللقاءات الودية‪.72‬‬ ‫نرى أنه ال مانع من ترتب مسؤولية اجلمعيات أو األندية الرياضية عن األضرار التي يتسبب بها أحد‬ ‫‪67 Brun (Ph.), préc., p. 76.‬‬ ‫‪68‬‬ ‫‪Cass. civ. 2, 22 sep. 2005, N° de pourvoi: 04-14092 : « que l'effondrement aussi‬‬ ‫‪brusque d'une mêlée est la conséquence d'un mauvais positionnement d'un joueur adverse‬‬ ‫‪exerçant une poussée anormale soit latérale soit plus probablement vers le bas ; que cette‬‬ ‫‪poussée irrégulière résulte d'une violation de règles contre le jeu, à ce titre sanctionnable …».‬‬ ‫" إن السقوط املفاجئ هو نتيجة وقوف خاطئ لالعب الذي ينتمي إلى الفريق انآخر والذي دفع (الالعب املضرور) بصورة‬ ‫غير عادية (‪ )...‬؛ هذا الدفع غير العادي ينتج عن مخالفة قواعد اللعبة‪ ،‬ويكون بذلك معاقبا ً عليه"‪.‬‬

‫‪69‬‬ ‫‪Voir Starck (B.), Essai d’une théorie générale de la responsabilité civile considérée‬‬ ‫‪dans sa double fonction de garantie et de peine privée, Thèse Paris, 1947 : la thèse consiste à‬‬ ‫‪partir de la nature des dommages causés et non du comportement pour construire l’ensemble‬‬ ‫‪du droit de la responsabilité civile.‬‬ ‫‪70 Cass. 2e civ., 3 févr. 2000, précité :‬‬ ‫‪« les associations sportives, ayant pour objet d'organiser, de diriger et de contrôler l'activité de‬‬ ‫‪leurs membres au cours des compétitions sportives auxquelles ils participent, sont‬‬ ‫‪responsables, au sens de l'article 1384, alinéa 1er, du Code civil, des dommages qu'ils causent‬‬ ‫‪à cette occasion ».‬‬ ‫"إن اجلمعيات الرياضية‪ ،‬التي تهدف إلى تنظيم وإدارة ومراقبة نشاط أعضائها أثناء املنافسات الرياضية التي‬

‫يشاركون فيها‪ ،‬مسؤولة على أساس املادة ‪( 4831‬الفقرة األولى) من القانون املدني‪ ،‬عن األضرار التي يسببونها‬ ‫(األعضاء) في هذه املناسبة"‪.‬‬

‫‪71 Cass. 2e civ., 21 oct. 2004, précité :‬‬ ‫‪« … qu'aucune faute caractérisée par une violation des règles du jeu n'avait été‬‬ ‫‪commise par un joueur quelconque au cours de la phase d'entraînement …».‬‬ ‫"‪...‬لم يُرتكب أي خطأ متمثل في خرق قواعد اللعبة من قبل أي العب‪ ،‬أثناء فترة التمرين‪."...‬‬

‫‪72 Cass. 2e civ., 13 janv. 2005, no 03-18.617.‬‬

‫‪52‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬رغيد عبد احلميد فتال‬

‫الالعبني للغير وهم على مقاعد االحتياط‪ ،‬أو أثناء اخلروج والدخول إلى أماكن تغيير املالبس قبيل أو‬ ‫عقب انتهاء املباراة‪.‬‬ ‫وبهذه املناسبة يثور التساؤل عما إذا كانت اجلمعيات الرياضية تسأل عن األضرار التي يتسبب بها‬ ‫رياضيون ال ينتمون إليها ولكن حدثت أثناء املباراة التي تنظمها؟ هذا من جهة‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬يثور التساؤل عما إذا كانت مسؤولية األندية الرياضية تشمل األفعال التي يرتكبها‬ ‫الالعبون خارج األنشطة الرياضية؟‬ ‫‪73‬‬ ‫أجابت محكمة النقض الفرنسية بالنفي في حكمها الصادر بتاريخ ‪ 22‬سبتمبر ‪ : 2115‬ففي‬ ‫الوقائع‪ ،‬أصيب أحد العبي "اجلودو" أثناء مباراة نظمها االحتاد الوطني للرياضة في املدارس ‪،74UNSS‬‬ ‫فأقام دعوى أمام القضاء اجملتص متذرعا ً بأن "منظم املباراة الرياضية مسؤول حكما ً عن األضرار التي‬ ‫يسببها املنتسبون إليه"‪ .‬ردت محكمة النقض الطعن معتبرةً أن مسؤولية اجلمعية ال تترتب إال إذا‬ ‫كان الضرر الذي تطالب الضحية بالتعويض عنه قد سببه منتسب إلى اجلمعية ومبناسبة‬ ‫األنشطة الرياضية‪ .‬وبالعودة إلى وقائع الدعوى‪ ،‬لم يتم إثبات أن مسبب الضرر كان عضوا ً في االحتاد‬ ‫الوطني للرياضة في املدارس ‪.UNSS‬‬ ‫إضافة إلى ما سبق‪ ،‬يثور التساؤل‪ ،‬في احلالة التي يكون فيها الالعب قاصراً‪ ،‬عما إذا كان من املمكن‬ ‫اجلمع بني املسؤوليتني (مسؤولية األهل ومسؤولية األندية الرياضية)؟‬ ‫من املؤكد أن اجلمع بني املسؤوليتني غير وارد‪ ،75‬فأي من املسؤوليتني حتجب األخرى؟ العبرة في الطرف‬ ‫الذي ميلك سلطة الرقابة واإلدارة عند ارتكاب الفعل الضار‪ .‬هذا األمر يرجح مسؤولية األندية‬ ‫الرياضية‪.‬‬ ‫الغصن الرابع‪ :‬معيار ترتب مسؤولية األندية الرياضية عن أفعال العبيها وأساسها القانوني‬ ‫‪ .26‬ال ميكن اعتبار "الربح املادي" معيارا ً لترتب مسؤولية األندية الرياضية عن أفعال منتسبيها ألن ذلك‬ ‫يحول دون ترتب مسؤولية األندية الرياضية عن أفعال الهواة أو الالعبني أثناء املباريات الودية أو‬ ‫التمرينات والتي ال حتقق أرباحا ً مادية؛ بالواقع‪ ،‬نرى أن املعيار ال يكمن في "النشاط" بل في العالقة‬ ‫التي تربط اجلمعية مبنتسبيها‪ ،‬فإذا كان للجمعية سلطة تنظيم وإدارة ورقابة نشاط األعضاء‬ ‫‪73 Cass. 2e civ., 22 sept. 2005, no04-18.258:‬‬ ‫‪« Mais attendu que l'arrêt, après avoir exactement rappelé que les associations‬‬ ‫‪sportives ayant pour mission d'organiser, de diriger et de contrôler l'activité de leurs membres‬‬ ‫‪au cours des compétitions sportives auxquelles ils participent ne sont responsables, au sens de‬‬ ‫‪l'article 1384, alinéa 1er, du Code civil, des dommages qu'ils causent à cette occasion qu'à la‬‬ ‫‪condition que le dommage dont la victime demande réparation ait été causé par un membre de‬‬ ‫‪cette association ».‬‬ ‫"ولكن حيث إن احلكم‪ ،‬بعد أن ذكر بأن اجلمعيات الرياضية‪ ،‬التي تهدف إلى تنظيم وإدارة ومراقبة نشاط أعضائها‬

‫أثناء املنافسات الرياضية التي يشاركون فيها‪ ،‬ليست مسؤولة على أساس املادة ‪( 4831‬الفقرة األولى) من القانون‬ ‫املدني‪ ،‬عن األضرار التي يسببونها في هذه املناسبة‪ ،‬إال بشرط أن يكون الضرر الذي تطالب الضحية بالتعويض عنه‬ ‫قد سببه عضو في هذه اجلمعية"‪.‬‬

‫‪74 Union nationale du sport scolaire (l'UNSS).‬‬ ‫‪75 Cass. 2e civ., 18 mars 1981, no 79-14.036 :‬‬ ‫‪« qu'en statuant ainsi, alors que les différentes responsabilités du fait d'autrui ne sont pas‬‬ ‫‪cumulatives mais alternatives … ».‬‬ ‫"‪ ...‬إن املسؤوليات اجملتلفة عن فعل الغير ال جتتمع ‪." ...‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪53‬‬


‫اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير‬

‫فتكون حينئذ مسؤولة عن األضرار التي حتصل بفعل األعضاء سوا ًء كنا بصدد مباراة رسمية أو‬ ‫ودية أو مترينات‪.76‬‬ ‫ميكن القول أن مسؤولية األندية الرياضية عن أفعال منتسبيها تكون على أساس فكرة حتمل‬ ‫اجملاطر‪.‬‬ ‫إن اجلمعيات الرياضية ليست هي الوحيدة التي تشرف على نشاط الغير‪ ،‬بل هناك أشخاص آخرون‬ ‫يشرفون أيضا ً على نشاط الغير‪.‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬أشخاص آخرون يشرفون على نشاط الغير‬ ‫‪ .27‬بعد تطبيق الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬من القانون املدني على اجلمعيات الرياضية‪ ،‬طبقت هذه‬ ‫الفقرة على العديد من األشخاص واجلمعيات‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬ ‫‪77‬‬ ‫ جمعية الكشافة عن األضرار التي يرتكبها األوالد املنتسبون إليها ‪.‬‬‫ جمعية املشجعني عن األضرار التي يسببها أحدهم للغير‪.78‬‬‫وفي السياق عينه‪ ،‬أصدرت محكمة استئناف ‪ Aix-en-Provence‬حكما ً في ‪ 2‬أكتوبر ‪ 2118‬جاء‬ ‫فيه‪" :‬استنادا ً للمادة ‪( 1831‬الفقرة األولى) من القانون املدني الفرنسي‪ ،‬فإن رابطة مشجعي‬ ‫نادي ‪ OGC Nice‬الرياضي والتي مهمتها تنظيم وإدارة ورقابة نشاط أعضائها ضمن نطاق‬ ‫موضوعها‪ ،‬مسؤولة عن األضرار التي يحدثونها‪ ،‬وعن التخريب الذي حصل مبناسبة عملية‬ ‫النقل التي كانت قد نظمتها الرابطة" وذلك بعد أن أشارت إلى األخطاء التي ارتكبوها‪،‬‬ ‫مستندا ً في ذلك إلى محضر الضبط املنظم من قبل الشرطة؛ في الوقائع وبتاريخ ‪ 21‬أبريل‬ ‫‪ ،1221‬استأجرت رابطة مشجعي نادي ‪ OGC Nice‬الرياضي حافلتني من شركة ‪Flash Azur‬‬ ‫‪ Voyages‬لنقل املشجعني إلى مكان املباراة؛ أثناء االنتقال وحتت تأثير الكحول‪ ،‬أقدم بعض‬ ‫املشجعني على اإلضرار باحلافلتني‪ .‬في ‪ 25‬نوفمبر ‪ ،1222‬حكمت محكمة الدرجة األولى في‬ ‫‪ Nice‬باعتبار رابطة املشجعني مسؤولة وبإلزامها بالتعويض عن األضرار التي أصابت شركة‬ ‫‪ .Flash Azur Voyages‬في ‪ 2‬أكتوبر ‪ ،2118‬أصدرت محكمة استئناف ‪Aix-en-Provence‬‬

‫‪76‬‬ ‫‪Voir Viney (G.) et Jourdain (P.), op. cit., n° 789-24, p. 960 et s. ; Brun (Ph.),‬‬ ‫‪Responsabilité civile extracontractuelle, Paris : Lexisnexis, 3e éd., 2014, n° 570, p. 296 ; Terré‬‬ ‫‪Fr., Simler Ph. et Lequette Y., Les obligations, Dalloz, 9e éd., 2005, n° 853, p. 825 et 826.‬‬ ‫‪77 CA Paris, 14e ch., sect. B, 9 juin 2000, Resp. civ. et assur. 2000, comm. no 74, obs.‬‬ ‫‪Grynbaum (L.).‬‬ ‫‪78 Cass. 2e civ., 12 déc. 2002, précité :‬‬ ‫‪« Que par ces constatations et énonciations, la cour d'appel a pu, sans avoir à tenir compte de‬‬ ‫‪la dangerosité potentielle de l'activité exercée par un des membres de l'association, décider‬‬ ‫‪que celle-ci était tenue de plein droit de réparer, avec son assureur, le préjudice résultant du fait‬‬ ‫‪dommageable commis par l'un de ses membres à l'occasion de la manifestation qu'elle avait‬‬ ‫‪organisée ».‬‬

‫"‪ ...‬استطاعت محكمة االستئناف‪ ،‬دون األخذ باالعتبار خطورة النشاط الذي ميارسه عضو من أعضاء اجلمعية‪ ،‬أن‬ ‫تقرر أن هذه األخيرة مسؤولة حكما ً مع الضامن عن تعويض الضرر الناجت عن الفعل الضار الذي يرتكبه أحد أعضائها‬ ‫مبناسبة الفعالية (وهي هنا التشجيع) التي نظمتها"‪.‬‬ ‫‪54‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬رغيد عبد احلميد فتال‬ ‫حكما ً مؤيدا ً له‪ ،79‬وهذا يعني أن اجلمعية ليست مسؤولة عن األخطاء التي حتصل أثناء‬ ‫الفعاليات التي تنظمها داخل امللعب فحسب‪ ،‬بل وأيضا ً عن تلك التي تقع أثناء االنتقال بهدف‬ ‫تشجيع النادي على مالعب النادي املستضيف‪.‬‬ ‫‪80‬‬ ‫ أي جمعية أو نقابة تنظم وتدير وتراقب نشاط منتسبيها ‪.‬‬‫املطلب الثاني‪ :‬موقف الفقه والقضاء من تطبيق املادة ‪( 4831‬الفقرة األولى) على األشخاص الذين‬ ‫يشرفون على نشاط الغير‬ ‫‪ .23‬إن توسيع نطاق مسؤولية األشخاص الذين يشرفون على نشاط الغير له مزايا عديدة أبرزها سهولة‬ ‫حصول الضحية على التعويض املناسب‪ ،‬مما جعل العديد من الفقهاء يقترحون هذا التوسيع (الفرع‬ ‫األول)؛ ولكن وألن لهذا التوسيع بعض السلبيات‪ ،‬فقد مال القضاء لعدم توسيع نطاق مسؤوليتهم‬ ‫(الفرع الثاني)‪.‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬االجتاه نحو توسيع نطاق مسؤولية األشخاص الذين يشرفون على نشاط الغير‬ ‫‪ .22‬اقترح الفقه الفرنسي توسيع نطاق تطبيق الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬لتشمل العالقات‬ ‫االقتصادية غير املستقلة كعقد العمل والعالقات بني املتبوع والتابع‪ ،‬كما اقترح أحد الفقهاء‬ ‫توسيع نطاق الفقرة املذكورة لتشمل كل العالقات االقتصادية غير املستقلة بني املمتهنني الذين ال‬ ‫عالقة تبعية بينهم‪ ،81‬كالعالقة التي تربط الشركة القابضة ‪ société mère‬بالشركات التابعة لها‬ ‫(املادة ‪ L. 233-1‬من القانون التجاري الفرنسي)‪82‬؛ إال أن القضاء الفرنسي رفض األخذ بذلك‪ 83‬خالفا ً‬ ‫ﶈكمة العدل اﳋاﺻة باﻹحتاد األوروبي التي أوجدت قرينة ال تقبل إثبات العكس على مسؤولية‬ ‫الشركة القابضة إذا كانت الشركة التابعة مملوك ًة لها‪.84‬‬ ‫‪79 CA Aix-en-Provence, 10e ch., 9 oct. 2003, Resp. civ. et assur. 2004, comm. no 89, obs.‬‬ ‫)‪Radé (Ch.‬‬ ‫‪80‬‬ ‫‪Mouly (J.), note précitée sous : Cass. 2e civ., 3 févr. 2000, n° 98-11.438, spéc. n° 8 ; à‬‬ ‫‪propos d’une éviction critiquable de la responsabilité délictuelle du fait d’autrui pour absence de‬‬ ‫‪lien d’autorité, v. Cass. 2e civ., 26 oct. 2006, n° 04-11.665, D. 2007, p. 204, note Laydu (J.-B.),‬‬ ‫‪JCP G 2007, I, n° 115, spéc. n° 5, obs. Stoffel-Munck (Ph.), RLDC 2007/35, n° 2390, Resp. civ.‬‬ ‫‪et assur. 2006, comm. 365, note Radé (Ch.), JCP G 2007, II, n° 10004, note Mouly (J.), RTD‬‬ ‫‪civ. 2007, p. 357, n° 3, obs. Jourdain (P.).‬‬ ‫‪81‬‬ ‫‪Del Cont (C.), Propriété économique, dépendance et responsabilité, éd. L'harmattan,‬‬ ‫‪1997, p.73 ; Pasquier (T.), L'économie du contrat de travail, LGDJ, Bibl. de droit social, T. 53,‬‬ ‫‪2010, nos 174 à 177.‬‬ ‫‪82‬‬ ‫‪Voir aussi, en ce sens, Blin-Franchomme (M.-P.), Le critère de « garde » des‬‬ ‫‪personnes au regard du principe général de responsabilité civile du fait d'autrui, LPA 1997,‬‬ ‫‪no 141, p. 5.‬‬ ‫‪83‬‬ ‫‪Voir Cass. com., 24 mai 1982, no 81-11.268 : la société mère n'est pas responsable‬‬ ‫‪des dommages causés par sa filiale.‬‬ ‫‪84‬‬ ‫‪CJUE, 10 sept. 2009, aff. C-97/08, Akzo Nobel ; CJUE, 20 janv. 2011, aff. C‬‬‫‪90/09, General Química e.a./Commission, RLDA 2011/58, no 3308, RLDA 2011/58, no 3334,‬‬ ‫‪note Lecourt A., JCP G 2011, no 5, 126, note P.-F. ; CJUE, 3 mai 2012, aff. C-289/11, Legris‬‬ ‫‪industries SA, RLDA 2012/72, no 4057 ; Trib. UE, 17 mai 2011, aff. T-299/08 et T-343/08, Elf‬‬ ‫‪Aquitaine, Arkema France c/Commission, RLDA 2011/61, no 3493 ;Trib. UE, 16 juin 2011, aff.‬‬ ‫‪T-208/08 et Trib. UE, 16 juin 2011, aff. T-209/08, Gosselin Groupe ; Trib. UE, 16 juin 2011, aff.‬‬ ‫‪T-185/06, Air liquide et Trib. UE, 16 juin 2011, aff. T-196/06, Edison, RLDA 2011/63, no 3605.‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪55‬‬


‫اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير‬

‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫كما اقترح الفقهاء تطبيق الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬من القانون املدني الفرنسي على‪:‬‬ ‫كل جمعية سوا ًء كانت رياضية أو غير رياضية‪ ،‬وذلك عن األضرار التي يسببها أعضاؤها‪.85‬‬ ‫مدربي رياضة التزلج أثناء التدريب‪.86‬‬ ‫املرشدين السياحيني املرافقني للوفد السياحي‪.‬‬ ‫منشئي مواقع اإلنترنت وذلك عن األضرار التي يسببها نشر الرسائل عبرها من قبل‬ ‫مستخدميها‪.87‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬حتديد نطاق مسؤولية األشخاص الذين يشرفون على نشاط الغير‬

‫‪ .81‬عدم ترتب مسؤولية النقابات عن أفعال منتسبيها مبناسبة التظاهرات‪ - .‬بتاريخ ‪ 26‬أكتوبر ‪،2116‬‬ ‫أصدرت الغرفة الثانية ﶈكمة النقض الفرنسية حكما ً قضى بأن النقابات غير مسؤولة على أساس‬ ‫الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬من القانون املدني الفرنسي عن األخطاء التي يرتكبها منتسبوها‬ ‫مبناسبة التظاهرات‪ ،‬وذلك ألنه "ليس من مهام النقابة تنظيم وإدارة ومراقبة نشاط منتسبيها أثناء‬ ‫التحركات أو التظاهرات التي يشاركون فيها؛ فاألخطاء الشخصية التي ترتكب ال ترتب املسؤولية‬ ‫احلكمية للنقابة التي ينتمون إليها"‪ .88‬بعض الفقهاء يعتقدون عكس ذلك‪ ،‬أي أنه ميكن للنقابة‬ ‫تنظيم وإدارة ومراقبة نشاط منتسبيها‪ ،‬وبالتالي تسأل عن أفعالهم أثناء املظاهرات‪.89‬‬ ‫وفي رأينا‪ ،‬ميكن تبرير هذا احلكم؛ فمن جهة أولى وبحسب املادة ‪ L. 2131-1‬من قانون العمل‪ ،‬فإن‬ ‫مهمة النقابات ليست السيطرة على أفعال منتسبيها أو حتى اإلشراف عليها؛ فصالحيات‬ ‫النقابات جتاه منتسبيها أقل من صالحيات األندية الرياضية واجلمعيات جتاه منتسبيها‪ ،‬فاألولى ال‬ ‫ميكنها أن تعطي سوى نصائح عامة أو وضع نظام للعمل‪ ،‬دون أن يرقى ذلك ليصل إلى حد اإلشراف‬ ‫على نشاط األعضاء‪ .‬ومن جهة ثانية‪ ،‬فإن جعل النقابات مسؤول ًة حكما ً عن أفعال منتسبيها يؤدي‬ ‫إلى تقييد نشاطها‪ ،‬األمر الذي يرفضه اﺠﻤﻟتمع الفرنسي‪.‬‬ ‫‪85 Chabas F., note sous Cass. 2e civ., 22 mai 1995, no 92-21.197, Gaz. Pal. 1996, 1, jur., p.‬‬ ‫‪16.‬‬ ‫‪86 Voir Chabas F., obs. précitée sous Cass. 2e civ., 22 mai 1995, no 92-21.197.‬‬ ‫‪87 Viney G., note sous CA Paris, 10 févr. 1999, JCP G 1999, I, no 147, spéc. no 9.‬‬ ‫‪88 Cass. 2e civ., 26 oct. 2006, no 04-11.665, RLDC 2006/33, no 2302 :‬‬ ‫‪« qu'un syndicat n'ayant ni pour objet ni pour mission d'organiser, de diriger et de contrôler‬‬ ‫‪l'activité de ses adhérents au cours de mouvements ou manifestations auxquels ces derniers‬‬ ‫‪participent, les fautes commises personnellement par ceux-ci n'engagent pas la responsabilité‬‬ ‫‪de plein droit du syndicat auquel ils appartiennent »,‬‬ ‫" إن هدف النقابة ومهمتها ليس تنظيم أو إدارة أو مراقبة نشاط منتسبيها أثناء التحركات واملظاهرات التي‬

‫يشاركون فيها‪ ،‬وعليه فإن األخطاء الشخصية التي يرتكبها هؤالء ال ترتب املسؤولية احلكمية للنقابة التي ينتمون‬ ‫إليها"‪.‬‬

‫‪obs. Kleitz (Cl.), Resp. civ. et assur. 2006, comm. 365, note Radé (Ch.), JCP G 2007, II,‬‬ ‫‪no 10004, note Mouly (J.), JCP G 2007, I, no 115, obs. Stoffel-Munck (Ph.), D. 2007, p. 204,‬‬ ‫‪note Laydu (J.-B.), LPA 2007, no 3, p. 15, note Brusorio (M.), LPA 2007, no 17, p. 11 et s., note‬‬ ‫‪Barbiéri (J.-F.), RTD civ. 2007, p. 357 et s., note Jourdain (P.), LPA 2007, no 201, p. 15 et s.,‬‬ ‫‪obs. Vignon-Barrault (A.).‬‬ ‫‪89‬‬ ‫‪Voir par exemple Radé (Ch.), note sous Cass. civ. 2e, 26 oct. 2006, Resp. civ. et assur.‬‬ ‫‪2006, comm. 365.‬‬

‫‪56‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬رغيد عبد احلميد فتال‬

‫‪ .81‬عدم ترتب مسؤولية جمعية الصيد البري عن أفعال منتسبيها‪ - .‬رفضت محكمة النقض‬ ‫الفرنسية اعتبار جمعيات الصيد البري مسؤول ًة عن أفعال منتسبيها على أساس الفقرة األولى‬ ‫من املادة ‪ 1831‬من القانون املدني الفرنسي وذلك في حكم شهير صدر في ‪ 11‬سبتمبر ‪ 902113‬؛ وقد‬ ‫عللت محكمة النقض حكمها بأنه "ليس من مهام جمعيات الصيد البري تنظيم وإدارة ومراقبة‬ ‫نشاط منتسبيها‪ ،‬وبالتالي ال تسأل عن أفعالهم"؛ إال أن بعض الفقهاء قد اعتبر أنه ميكن جلمعية‬ ‫الصيد البري أن متارس هذه السلطة على منتسبيها‪.91‬‬

‫‪90‬‬ ‫‪Cass. 2e civ., 11 sept. 2008, no 07-15.842, préc.: « les associations de chasse n'ont‬‬ ‫‪pas pour mission d'organiser, de diriger et de contrôler l'activité de leurs membres et n'ont donc‬‬ ‫‪pas à répondre de ceux-ci ».‬‬ ‫"إن جمعيات الصيد البري ليس مهمتها تنظيم وإدارة ومراقبة نشاط أعضائها‪ ،‬وبالتالي ال تُسأل عن أفعالهم"‪.‬‬

‫‪91 Voir par exemple Radé (Ch.), note sous Cass. civ. 2e, 26 oct. 2006, Resp. civ. et assur.‬‬ ‫‪2006, comm. 365 ; Mouly (J.), note sous Cass. 2e civ., 11 sept. 2008, JCP 2008, II, no 10184.‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪57‬‬


‫اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير‬

‫اخلامتة‬ ‫أ‪ -‬النتائج‬ ‫في نهاية هذا البحث‪ ،‬ميكننا أن نستنتج التالي‪:‬‬ ‫‪ .1‬عالج القانون املدني الفرنسي املسؤولية عن فعل الغير في املادة ‪1831‬؛ فقد نص على‬ ‫مسؤولية األب واألم عن أفعال أبنائهم القاصرين في الفقرة ‪ ،1‬ومسؤولية املتبوع عن فعل‬ ‫التابع في الفقرة ‪ ،5‬ومسؤولية األساتذة واحلرفيني عن فعل التالمذة واملتدربني في الفقرة ‪6‬؛‬ ‫وأما الفقرة األولى والتي ال مثيل لها في القانون اإلماراتي والتي على أساسها بدأ القضاء‬ ‫باخلروج عن احلاالت التقليدية للمسؤولية عن فعل الغير واﶈددة في القانون‪ ،‬فﺠاءت عامة‬ ‫وهي تنص على ما يلي‪" :‬يسأل الشخص ليس فقط عن الضرر الذي يسببه بفعله‬ ‫الشخصي‪ ،‬ولكن أيضا ً عن ذلك الذي يسببه فعل األشخاص الذين يسأل عنهم أو األشياء‬ ‫التي يتولى حراستها"‪.‬‬ ‫‪ .2‬أي شخص طبيعي أو اعتباري يتولى السيطرة على شؤون الغير؛ أي تنظيم ومراقبة طريقة‬ ‫عيش الغير بصورة دائمة مسؤول عن فعله ولو لم يرتكب الغير خطأ ً‪ .‬ينبغي التمييز هنا‬ ‫بني السيطرة على شؤون القاصر والسيطرة على شؤون الراشد‪ .‬إذا لم يكن مصدر‬ ‫السيطرة على شؤون القاصر حكما ً قضائياً‪ ،‬ال ميكن مساءلة "صاحب السيطرة" على‬ ‫أساس الفقرة األولى من املادة ‪ ،1831‬بل فقط على أساس أحكام املسؤولية العقدية إن‬ ‫توفرت شروطها؛ أما بالنسبة ل"صاحب السيطرة" على شؤون الراشد‪ ،‬فيمكن مساءلته‬ ‫ولو كان مصدر سلطته هو االتفاق وليس احلكم القضائي‪ ،‬إال أن القضاء الفرنسي غير‬ ‫مساره في احلكم الصادر بتاريخ ‪ 15‬ديسمبر ‪ 2111‬عن محكمة النقض الذي اعتبرت فيه‬ ‫أنه إذا كان مرتكب الفعل الضار راشدا ً مصابا ً مبرض "الزهامير" وأودع املركز الصحي مبوجب‬ ‫عقد‪ ،‬فاملركز الصحي في هذه احلالة ال يسأل على أساس الفقرة األولى من املادة ‪ ،1831‬بل‬ ‫فقط على أساس أحكام املسؤولية العقدية إن توفرت شروطها‪ ،‬وبالتالي لم يعد هناك‬ ‫متييز بني القاصر والراشد‪.‬‬ ‫‪ .8‬السيطرة على شؤون الغير التي أخذ بها القضاء الفرنسي هي السيطرة القانونية‬ ‫وليست الفعلية‪.‬‬ ‫‪ .1‬قضت محكمة النقض الفرنسية أنه يعتبر مسؤوال ً مدنيا ً على أساس املادة ‪( 1831‬الفقرة‬ ‫األولى) من القانون املدني الفرنسي في حال توفرت الشروط املطلوبة أي شخص طبيعي أو‬ ‫اعتباري‪ ،‬ونذكر مثال ً‪:‬‬ ‫ اجلمعية التي تدير مركزا ً طبيا ً وتربويا ً عن فعل املعوق ذهنيا ً‪.‬‬‫ اجلمعية التي تدير إصالحية تستقبل األحداث الذين عهدوا إليها مبوجب حكم قضائي‪.‬‬‫ املستشفى اجملتص مبعاجلة األمراض النفسية عن أفعال مريض يعالج فيها منذ أكثر‬‫من عام‪.‬‬ ‫‪58‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬رغيد عبد احلميد فتال‬

‫ الوصي على القاصر‪.‬‬‫‪ .5‬قضت محكمة النقض الفرنسية أنه ال يعتبر مسؤوال ً مدنيا ً عن فعل الغير على أساس‬ ‫املادة ‪( 1831‬الفقرة األولى) من القانون املدني الفرنسي‪:‬‬ ‫ القيمون‪.‬‬‫ األساتذة‪.‬‬‫ األصدقاء واألقارب طاملا أن مهمة السيطرة على شؤون القاصر لم توكل إليهم من قبل‬‫القضاء أو أنهم أوصياء‪.‬‬ ‫ األوصياء على الراشد‪.‬‬‫ اجمليمات الترفيهية واملراكز الترفيهية األخرى‪.‬‬‫‪ .6‬غير القضاء الفرنسي مساره القدمي واستقر على أن األندية الرياضية ليست مسؤول ًة‬ ‫حكما ً على أساس الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬من القانون املدني الفرنسي إال عن األضرار‬ ‫التي يسببها العبوها بخطئهم املتمثل في خرق قواعد اللعبة‪ ،‬ألن األندية الرياضية تشرف‬ ‫على نشاط العبيها؛ كما استقر القضاء على إمكانية مساءلة األندية الرياضية عن‬ ‫األضرار املرتكبة أثاء التمرين‪ ،‬واملباريات الرسمية واللقاءات الودية‪.‬‬ ‫‪ .7‬بحسب االجتهاد احلديث‪ ،‬يشترط لترتب مسؤولية اجلمعيات أو األندية الرياضية عن أفعال‬ ‫العبيها ارتكاب الالعب املنتسب لها خطأ يتمثل في خرق قواعد اللعبة‪ ،‬في حني أنه تترتب‬ ‫مسؤولية أي شخص آخر عن فعل الغير مبجرد إحلاق الضرر أي حتى لو لم يرتكب الغير‬ ‫خطأً‪ .‬نستنتج هنا أن اجلمعيات أو األندية الرياضية محميون أكثر من غيرهم!‬ ‫‪ .3‬بعد تطبيق الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬من القانون املدني على اجلمعيات الرياضية‪ ،‬طبقت‬ ‫على العديد من األشخاص واجلمعيات‪ ،‬نذكر منها‪:‬‬ ‫ جمعية الكشافة عن األضرار الذي يرتكبها األوالد املنتسبون إليها‪.‬‬‫ جمعية املشجعني عن األضرار التي يسببها أحدهم للغير‪.‬‬‫ أي جمعية أو نقابة تنظم وتدير وتراقب نشاط منتسبيها‪.‬‬‫ب‪ -‬التوصيات‪:‬‬ ‫بنا ًء على هذه الدراسة‪ ،‬نوصي مبا يلي‪:‬‬ ‫‪ -1‬إمكانية مساءلة من له السيطرة على شؤون القاصر أو الراشد عن فعل الغير على أساس‬ ‫الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬من القانون املدني ولو كان مصدر السيطرة على شؤونه هو‬ ‫االتفاق‪ ،‬أي أنه ال يشترط في نظرنا أن يكون مصدر السيطرة احلكم القضائي‪ ،‬ألن مصدر‬ ‫السيطرة القانونية ليس فقط احلكم القضائي بل االتفاق أيضا ً فضال ً عن القانون؛ وبالتالي ال‬

‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪59‬‬


‫اجتاه القضاء الفرنسي نحو التوسع في مفهوم املسؤولية عن فعل الغير‬

‫مانع برأينا أن تسأل اجلدة على أساس الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬عن الفعل الضار الصادر‬ ‫عن حفيدها الذي أودع لديها أثناء العطالت‪.‬‬ ‫‪ -2‬التأكيد على مساءلة أي شخص طبيعي أو اعتباري يتولى السيطرة على شؤون الغير (أي‬ ‫تنظيم ورقابة طريقة عيش الغير بصورة دائمة) عن فعل هذا األخير ولو لم يرتكب (الغير)‬ ‫خطأ ً‪.‬‬ ‫‪ -8‬اعتبار الوصي على الراشد ‪ -‬على غرار الوصي على القاصر‪ -‬مسؤوال ً عن الضرر الذي يحدثه‬ ‫الراشد على أساس الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬إذا توفرت شروطها‪ ،‬إذ أنه ال نرى أي فائدة من‬ ‫التمييز بني الوصي على الراشد والوصي على القاصر إذ أن مهمتهما واحدة أال وهي إدارة‬ ‫أموال الشخص الذي وضع حتت الوصاية وحمايته‪.‬‬ ‫‪ -1‬اعتبار اجمليمات الترفيهية واملراكز الترفيهية األخرى التي يودع فيها القاصر مسؤول ًة على‬ ‫أساس الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬من القانون املدني الفرنسي‪.‬‬ ‫‪ -5‬عدم اعتبار خطأ الالعب شرطا ً لترتب مسؤولية اجلمعيات أو األندية الرياضية عن فعل‬ ‫العبيها‪ ،‬وذلك على غرار مسؤولية "صاحب السيطرة" على شؤون األشخاص‪ ،‬وخاص ًة أن‬ ‫األساس القانوني للمسؤولية في احلالتني هو واحد أال وهو الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬من‬ ‫القانون املدني الفرنسي؛ فكيف ميكن أن تترتب مسؤولية "صاحب السيطرة" على شؤون‬ ‫الغير عن فعل هذا األخير ولو لو يرتكب (الغير) أي خطأ‪ ،‬في حني أنها تشترط خطأ الالعب‬ ‫املتمثل في خرق قواعد اللعبة لتترتب مسؤولية األندية الرياضية؟ هذا فضال ً عن أن األندية‬ ‫الرياضية ملزمة قانونا ً بإبرام عقد ضمان لتغطية مسؤوليتها (املادة ل‪ 821-1 .‬من قانون‬ ‫الرياضة)‪.‬‬ ‫‪ -6‬التأكيد على اقتراح الفقيهني الفرنسيني "شاباس" و "فيناه" وهو توسيع نطاق تطبيق‬ ‫الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬لتشمل كل من يتولى اإلشراف على نشاط الغير‪ ،‬ونذكر مثال ً ‪:‬‬ ‫ كل جمعية سوا ًء كانت رياضية أو غير رياضية‪ ،‬وذلك عن األضرار التي يسببها أعضاؤها‪.‬‬‫ مدربي رياضة التزلج أثناء التدريب‪.‬‬‫ املرشدين السياحيني املرافقني للوفد السياحي‪.‬‬‫ منشئي مواقع اإلنترنت وذلك عن األضرار التي يسببها نشر الرسائل عبرها من قبل‬‫مستخدميها‪.‬‬ ‫‪ -7‬التأكيد على أن النقابات غير مسؤولة على أساس الفقرة األولى من املادة ‪ 1831‬من القانون‬ ‫املدني الفرنسي عن األخطاء التي يرتكبها منتسبوها مبناسبة التظاهرات‪.‬‬

‫‪60‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫ رغيد عبد احلميد فتال‬.‫د‬

‫قائمة املراجع‬ 1- Alt-Maes (F.), La garde, fondement de la responsabilité du fait du mineur, JCP G 1998, I, no 154, p. 1367. 2- Blin-Franchomme (M.-P.), Le critère de « garde » des personnes au regard du principe général de responsabilité civile du fait d'autrui, LPA 1997. 3- Brun (Ph.), Responsabilité civile extracontractuelle, Paris : Lexisnexis, 3e éd., 2014. 4- Capitant Henri, Lequette Yves, Terré François, Les grands arrêts de la jurisprudence civile, Tome II, 2008, Litec, Paris. 5- Del Cont (C.), Propriété économique, dépendance et responsabilité, éd. L'Harmattan, 1997. 6- Engel (L.), Vers une nouvelle approche de la responsabilité, Le droit français face à la dérive américaine, Esprit, juin 1993. 7- Hocquet-Berg (S.), Vers la suppression de l’acceptation des risques en matière sportive, Resp. civ. et assur. 2002, chr. n° 15. 8- Jourdain (P.), Existe-t-il un principe général de responsabilité du fait d'autrui ? in La responsabilité du fait d'autrui, Actualité et évolutions, Resp. civ. et assur. 2000. 9- Lasserre-Kiesow (V.), La garde et la responsabilité civile du fait d'autrui, LPA 2001, no 203, p. 12. 10- Mouly (J.), Les paradoxes du droit de la responsabilité civile dans le domaine des activités sportives, JCP G 2005, I. 11- Mouly (J.), Rép. Dalloz, V° Sport, spéc. n° 117. 12- Philippe (C.), Les grands-parents sont-ils des ascendants privilégiés ? (2e partie : l'autorité et la responsabilité), RLDC 2005/20. 13- Radé (Ch.), La résurgence de la faute dans la responsabilité civile du fait d'autrui, Resp. civ. et assur. 2004, chr. 14- Scanvion (A.-M.), L'article 1384, alinéa 1er et la responsabilité du fait d'autrui : un fardeau non transférable sur les épaules du tuteur, D. 1998, chr. 15- Terré (Fr.), Simler (Ph.) et Lequette (Y.), Les obligations, Dalloz, 9e éd., 2005. 16- Viney (G.) et Jourdain (P.), Traité de droit civil, sous la direction de Ghestin (J.), La responsabilité : conditions, LGDJ, 3e éd., 2006, no 789-17. 17- www.legifrance.gouv.fr

61

‫ دولة اإلمارات العربية املتحدة‬- ‫ جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا‬،‫تصدر عن كلية القانون‬


‫‪62‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫اتفاق التّحكيم‬ ‫في ضوء القانون اإلمارتيّ‬ ‫‪ -‬دراسة مقارنة ‪-‬‬

‫القطان‬ ‫محمد سامر‬ ‫د‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫أستاذ مساعد ‪ -‬كل ّ​ّية القانون ‪-‬‬ ‫جامعة عجمان ‪ -‬مقر ّ الفجيرة‬

‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪63‬‬


‫‪64‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫املقدمة‬ ‫التعريف بال ّت حكيم وأهميته‪:‬‬ ‫‪ -1‬ال ّتحكيم ‪ L'arbitrage‬هو طريقة أو وسيلة اتفاقية قانونية حلل املنازعات عن طريق هيئة‬ ‫حتكيمية‪ ،‬تتألف من محكم أو أكثر يختارهم األطراف بإرادتهم احلرة‪ ،‬بدال ً من تسويتها عن طريق‬ ‫قضاء الدولة اجملتص(‪.)1‬‬ ‫وال ّتحكيم ‪ -‬في وقتنا احلاضر‪ -‬هو األكثر رواجا ً بني الوسائل البديلة األخرى املتوافرة حلل املنازعات‬

‫خارج نطاق اﶈاكم الرسمية للدول)‪(2‬؛ ألنه األكثر تلبية ملتطلبات وحاجات األعمال واملبادالت‬ ‫التجارية؛ وخاصة من حيث السرعة في البت في النزاع املعروض على اﶈكم أو اﶈكمني‪ ،‬والسرية‬ ‫واملرونة في اإلجراءات‪ ،‬واالقتصاد في التكاليف والنفقات في معظم األحيان‪ ...‬مما يجنب األطراف‬ ‫املتخاصمة طول إجراءات التقاضي أمام اﶈاكم الرسمية وتعقيداتها‪ ،‬ورمبا ارتفاع تكاليفها أيضا ً‪...‬‬

‫وتقر تشريعات أكثر دول العالم – إن لم يكن جميعها(‪ -)3‬نظام ال ّتحكيم كآلية حلل املنازعات تقوم‬ ‫بأكملها‪ ،‬من حيث املبدأ‪ ،‬على إرادة األطراف املتنازعة ورﻏبتهم في إبعاد نزاعهم عن حكم اﶈاكم‬ ‫)(‬

‫الرسمية للدولة‪ ،‬وإخضاعه باملقابل حلكم أشخاص ) اﶈكمني) يختارونهم بأنفسهم ‪ ، 4‬أو يحددون‬ ‫طريقة اختيارهم‪ ،‬أو يحيلون نزاعهم إلى مؤسسة أو مركز من مراكز ال ّتحكيم اﶈلية أو الدولية‬ ‫املنتشرة في معظم دول العالم‪.‬‬ ‫ويبدو أن اجتاها ً جديدا ً برز في العصر احلديث‪ ،‬يقضي بالنص على ال ّتحكيم وحتديد شروطه وتنظيم‬ ‫اجراءاته في قانون خاص؛ كما هو احلال في اململكة املتحدة ومصر وسورية ومشروع قانون ال ّتحكيم‬ ‫االحتاد ّي اإلماراتي ‪ ...‬إلى جانب االجتاه التقليدي الذي يُدرج النصوص املتعلقة بال ّتحكيم في قانون‬ ‫اإلجراءات أو املرافعات املدنية؛ كما هو احلال في فرنسا ولبنان ودولة اإلمارات العربية املتحدة ‪...‬‬

‫‪ 1‬عرّفت املادة األولى من قانون التّحكيم السوري رقم ‪ 4‬لعام ‪ 8002‬التّحكيم بأنه‪" :‬أسلوب اتفاقي قانوني حلل النزاع بدال ً من‬ ‫القضاء سواء أكانت اجلهة التي ستتولى إجراءات التّحكيم مبقتضى اتفاق الطرفني منظمة أم مركزا ً دائما ً للتحكيم أم لم‬ ‫تكن كذلك"‪.‬‬ ‫‪ 2‬الوسائل البديلة حلل املنازعات ‪ )ADR) Alternative Dispute Resolution‬عبارة عن مجموعة من الطرق أو اآلليات االتفاقية‬ ‫والقانونية التي يلجأ إليها األطراف بإرادتهم حلل منازعاتهم خارج أروقة اﶈاكم الرسمية للدولة؛ لتجنب تعقيدات التقاضي‬ ‫أمام اﶈاكم‪ ،‬ولﻺفادة من املميزات التي متنحها هذه الطرق عموما؛ كاملرونة والسرعة والسرية‪ ،‬ومن أهم هذه الطرق‪ :‬التّحكيم‪،‬‬ ‫والتوفيق‪ ،‬والوساطة‪ ،‬واملصاحلة‪ ،‬واملفاوضات‪ ...،‬انظر‪ :‬د‪ .‬أحمدأنورناجي‪ ،‬مدى فعالية الوسائل البديلة حلل املنازعات وعالقتها‬ ‫بالقضاء‪ّ ،‬‬ ‫العنكبوتية‪ ،‬موقع‪http://membres.multimania.fr/berradarz/article/hal-niza3ate.pdf :‬‬ ‫الشبكة‬ ‫ّ‬ ‫‪ 3‬انظر على سبيل املثال قانون التّحكيم اإلنكليزي الصادر سنة ‪ ،1991‬والهولندي الصادر سنة ‪ ،1921‬واملصري الصادر سنة‬ ‫‪ ،1994‬والسوري الصادر سنة ‪... 8002‬‬ ‫‪4 KAMARIYAGWE Nadège, «Portée d'une sentence arbitrale en Droit international»,‬‬ ‫‪http://www.memoireonline.com/07/12/6022/m_Portee-d-une-sentence-arbitrale-en-Droit-international-13.html‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪65‬‬


‫اإلمارتي ‪ -‬دراسة مقارنة‪-‬‬ ‫اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون‬ ‫ّ‬ ‫وعليه‪ ،‬منيز في دولة اإلمارات العربية املتحدة من جهة بني نصوص ال ّتحكيم النافذة (حتى تاريخ‬ ‫إعداد هذا البحث)‪ ،‬الواردة في املواد (من ‪ 802‬الى ‪ ،)812‬التي تُشكل الباب الثالث من الكتاب الثاني‬

‫من قانون اإلجراءات املدنية االحتادي رقم ‪ ،(5)1998/11‬ومن جهة أخرى بني نصوص مشروع القانون‬ ‫االحتادي املستقل بشأن التّحكيم في املعامالت املدنية والتجارية‪ ،‬املُعد سنة ‪ 8001‬الذي لم يصدر‬ ‫حتى تاريخ إعداد هذا البحث‪.‬‬ ‫أهمية دراسة اتفاق ال ّت حكيم‪:‬‬ ‫‪ -8‬متر العملية ال ّتحكيمية في ثالث مراحل أساسية‪ ،‬أوّلها‪ :‬االتفاق على ال ّتحكيم‪ ،‬وأوسطها‬ ‫اإلجراءات وإصدار احلكم‪ ،‬وآخرها تنفيذ احلكم‪ .‬وي ُشكل اتفاق ال ّت حكيم نقطة البداية‪ ،‬والركيزة‬ ‫األساسية في العملية التّ حكيمية؛ فمن دونه ال يوجد حتكيم وال إجراءات وال حكم‪ .‬ونقصد هنا‬

‫بطبيعة احلال ال ّتحكيم االختياري املعني وحده بهذا البحث دون ال ّتحكيم اإلجبار ّي(‪.)6‬‬ ‫وتكمن أهمية دراسة القواعد واألحكام الناظمة التفاق ال ّتحكيم من حيث إنه مصدر سلطة‬ ‫اﶈكمني في النظر والبت في النزاع موضوعه من جهة‪ ،‬ومن حيث إنه يحجب في الوقت ذاته‬ ‫اختصاص قضاء الدولة عن النظر والبت بهذا النزاع‪ ،‬وفق اإلجراءات والشروط املنصوص عليها في‬ ‫القانون من جهة أخرى‪.‬‬ ‫وإن مدى وضوح اتفاق ال ّتحكيم وسالمته من الناحية القانونية عند إنشائه‪ ،‬يؤثر إيجابا ً على‬ ‫إجراءات ال ّتحكيم‪ ،‬واصدار احلكم‪ ،‬وتصديقه من قبل اﶈكمة اجملتصة من أجل منحه القوة‬ ‫التنفيذية‪ ،‬أ ّي من أجل تنفيذه جبرا ً إن تعذر تنفيذه رضا ًء ألي سبب كان)‪.(7‬‬ ‫كما تبرز أهمية هذا البحث من خالل التصدي للمسائل االختالفية التي ظهرت‪ ،‬في الفقه والقضاء‬ ‫في دولة اإلمارات‪ ،‬حول بعض النقاط املتعلقة بتفاصيل اتفاق ال ّتحكيم وشروطه وآثاره؛ كاالختالف‬ ‫حول‪:‬‬

‫سمية‪.‬‬ ‫‪ 5‬املعدل بالقانون االحتادي رقم ‪ 20‬لسنة ‪ ،8002‬املنشور في العدد ‪ 440‬من اجلريدة الر ّ ّ‬ ‫‪ 6‬يُقسم التّحكيم‪ ،‬من حيث دور اإلرادة في اللجوء إليه‪ ،‬إلى حتكيم اختياري (إرادي) وآخر إجباري‪ ،‬والتّحكيم االختياري هو الذي‬ ‫معينة دون‬ ‫يلجأ إليه األفراد مبحض إرادتهم‪ ،‬أما التّحكيم اإلجباري فهو الذي تفرضه قاعدة قانونية آمره بخصوص منازعات ّ‬ ‫مراعاة إلرادة األطراف‪ .‬واألصل في التّحكيم أنه اختياري وليس إجبارياً؛ ومثال ال ّتحكيم اإلجباري في القانون اإلماراتي هو‬ ‫التّحكيم في منازعات العمل‬ ‫اجلماعية؛ حيث نصت املادة ‪ 110‬من قانون العمل اإلماراتي رقم ‪ 2‬لعام ‪ 1920‬على أن‪" :‬تنشأ بوزارة‬ ‫ّ‬ ‫العمل والشؤون االجتماعية جلنة تسمى جلنة التّحكيم العليا حلل منازعات العمل اجلماعية ‪ ."...‬وجتدر اإلشارة إلى أن التّحكيم‬ ‫االختياري هو طريق إلزامي بالنسبة لألطراف التي اختارته‪ ،‬فال يجوز التنازل عنه إال بإجماعهم‪.‬‬ ‫‪ 7‬حكم التّحكيم‪ ،‬وإن كان يتمتع قانونا ببعض اآلثار القانونية منذ صدوره؛ كالقوة الثبوتية ‪ Force propante‬وحجية الشيء أو‬ ‫األمر املقضي ‪ ،Force de la chose jujée‬إال أنه ال يتمتع بذاته بالقوة التنفيذية ‪ Force exécutoire‬التي تسمح بتنفيذه جبرا ً‬ ‫عند االقتضاء من قبل السلطة اجملتصة في الدولة‪ ،‬فهذه القوة ال تثبت قانونا ً إال للسندات التنفيذية التي حددها املشرع على‬ ‫سبيل احلصر ‪-‬كما هو احلال في معظم الدول ومن بينها دولة االمارات العربية املتحدة‪ -‬والتي يُعد من أهمها األحكام‬ ‫القضائية‪ ،‬وليس من بينها بطبيعة احلال أحكام التّحكيم (انظر‪ :‬املادة ‪ 882‬من قانون اإلجراءات املدنية اإلماراتي)‪ .‬لذلك‪ ،‬البد من‬ ‫إقامة دعوى ُمبتدئة أمام اﶈكمة اجملتصة من أجل استصدار حكم قضائي يقضي بتصديق حكم التّحكيم (انظر‪ :‬املواد ‪812‬‬ ‫وما بعد ق إ م إ)‪.‬‬ ‫‪66‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫القطان‬ ‫محمد سامر‬ ‫د‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ الطبيعة القانونية التفاق ال ّتحكيم‪ ،‬وما إذا كان هذا االتفاق هو مجرد عمل إجرائي أم أنه عقد‬‫ككل عقود القانون اخلاص‪ ،‬ينطبق عليه ما ينطبق عليها من أحكام قانونية؟‬ ‫ اعتبار كتابة اتفاق ال ّتحكيم شرطا لوجوده أم مجرد شرط إلثباته؟‬‫ مدى استقاللية شرط ال ّتحكيم عن العقد املندرج فيه‪ ،‬وأثر بطالن أي منهما على اآلخر‪...‬‬‫منهج البحث وخطته‪:‬‬ ‫‪ -2‬سنعمد في دراستنا التفاق ال ّتحكيم إلى تبيان تعريفه وطبيعته القانونية‪ ،‬وخصائصه وصوره‪،‬‬ ‫وأركانه وشروط صحته‪ ،‬واآلثار املترتبة عليه‪ .‬وسندرس كل من هذه املسائل‪ ،‬وما أثير حولها‪ ،‬أو حول‬ ‫العملي‪ ،‬أو أشار إليها الباحثون‪ ،‬دراسة استقرائية‬ ‫البعض منها‪ ،‬من اختالفات أظهرها الواقع‬ ‫ّ‬ ‫وحتليلية ومقارنة‪ ،‬انطالقا من القواعد التشريعية الواردة بشكل أساسي في قانون اإلجراءات املدنية‬ ‫االحتادي رقم ‪ 11‬لعام ‪ ،(8)1998‬والقواعد الواردة في مشروع قانون ال ّتحكيم االحتادي امل ُ َعد سنة ‪8001‬‬ ‫بشأن ال ّتحكيم في املنازعات التجارية‪ ،‬مستنيرين –كلما أمكن‪ -‬بأحكام القضاء وآراء الفقه‬ ‫املتوافرة في دولة اإلمارات‪ ،‬ومقارنني في الوقت ذاته مع ما هو سائد في بعض التشريعات وآراء‬ ‫الفقهاء واالجتهادات املقارنة‪ ،‬وكل ذلك وفق اجملطط اآلتي‪:‬‬ ‫‬‫‬‫‬‫‪-‬‬

‫املبحث األول‪ :‬تعريف اتفاق ال ّتحكيم وطبيعته القانونية‬ ‫املبحث الثاني‪ :‬خصائص اتفاق التّحكيم وصوره‬ ‫املبحث الثالث‪ :‬أركان اتفاق التّحكيم وشروط صحته‬ ‫املبحث الرابع‪ :‬آثار اتفاق التّحكيم‬

‫‪ 8‬املعدل بالقانون رقم ‪.8002/20‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪67‬‬


‫اإلمارتي ‪ -‬دراسة مقارنة‪-‬‬ ‫اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون‬ ‫ّ‬

‫املبحث األول‬ ‫تعريف اتفاق ال ّت حكيم وطبيعته القانونية‬ ‫ثم تبيان طبيعته القانونية‪ ،‬وهذا ما‬ ‫تقتضي دراسة اتفاق ال ّتحكيم البدء بتعريفه أوّالً‪ ،‬ومن ّ‬ ‫سنوضحه في املطلبني اآلتيني‪:‬‬

‫املطلب األول‬ ‫تعريف اتفاق ال ّت حكيم‬ ‫‪Définition de la convention d'arbitrage‬‬ ‫‪ -4‬لم تتطرق النصوص القانونية اإلماراتية النافذة‪ ،‬االحتادية منها واﶈلية‪ ،‬إلى مسألة تعريف اتفاق‬ ‫ال ّتحكيم‪ .‬في حني أشارت املادة األولى من مشروع قانون ال ّتحكيم اإلماراتي‪ ،‬في معرض تبيانها‬ ‫ملعاني بعض الكلمات والعبارات الواردة فيه‪ ،‬إلى أن اتفاق ال ّتحكيم هو‪" :‬اتفاق األطراف بإرادتهم‬ ‫احلرة على إحالة نزاعهم للتحكيم"‪ .‬وال شك أن هذا التعريف يبرز بوضوح اجلانب الرضائي في‬ ‫اللجوء إلى ال ّتحكيم‪ ،‬لكنه تعريف مختصر؛ فهو لم يشر إلى أشكال أو صور هذا االتفاق‪ ،‬ولم‬ ‫يتطرق ملاهية أو أنواع املنازعات التي ميكن حلّها عن طريق ال ّتحكيم‪.‬‬ ‫في حني أن قانون ال ّتحكيم املصري – وهو املصدر املباشر ملشروع قانون ال ّتحكيم اإلماراتي‪ -‬أوضح‬ ‫في املادة ‪ 1/10‬منه أن "اتفاق ال ّتحكيم هو اتفاق الطرفني على االلتجاء إلى ال ّتحكيم لتسوية كل أو‬ ‫بعض املنازعات التي نشأت أو ميكن أن تنشأ بينهما مبناسبة عالقة قانونية معينة عقدية كانت أو‬ ‫يبني أن املنازعات التي ميكن تسويتها عن طريق ال ّتحكيم‪ ،‬قد تكون واقعة‬ ‫بير عقدية"‪ .‬وهذا تعريف ّ‬ ‫فعال أو من املمكن أن تقع في املستقبل‪ ،‬وفي ذلك إشارة إلى صورتي اتفاق التّحكيم ‪ -‬الشرط‬ ‫واملشارطة‪ -‬اللتني سنأتي على دراستهما الحقا ً(‪ .)9‬ولكن قد يؤخذ على هذا النص قصره اتفاق‬ ‫ال ّتحكيم على اتفاق طرفني ال أكثر‪ ،‬لوال أن املشرع نص صراح ًة في املادة ‪ 2/4‬على أن عبارة "طرفي‬ ‫ال ّتحكيم" الواردة في هذا القانون تنصرف إلى أطراف ال ّتحكيم ولو تعددوا‪ .‬وباعتقادنا‪ ،‬كان من‬ ‫األجدر استخدام تعبير أطراف ال ّتحكيم عوضا عن طرفيه في جميع نصوص قانون ال ّتحكيم‪ ،‬وعلى‬ ‫األخص في معرض تعريف اتفاق ال ّتحكيم؛ لتشمل داللته كل ما قد ينضوي عليه بهذا الشأن(‪.)10‬‬

‫‪ 9‬انظر ما بعد‪ :‬البند ‪.10-‬‬ ‫‪ 10‬انظر‪ :‬عبد الباسط محمد عبد الواسع الضراسي‪ ،‬النظام القانوني التفاق التّحكيم – دراسة حتليلية مقارنة‪ -‬ط‪ ،8‬صنعاء‪،‬‬ ‫‪ 8002‬ص ‪.14‬‬ ‫‪68‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫القطان‬ ‫محمد سامر‬ ‫د‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫املبني أعاله‪ -‬كان أدق من نظيره املصري‬ ‫ولعلّ التعريف الذي أورده مشروع قانون ال ّتحكيم اإلماراتي – ّ‬ ‫من هذه الناحية‪.‬‬ ‫وجدير بالذكر أن القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي – الذي هو بدوره املصدر الرئيسي‬ ‫لقانون ال ّتحكيم املصري‪ -‬عرّف في املادة ‪ 7‬منه اتفاق ال ّتحكيم بأنه‪" :‬اتفاق الطرفني على أن يحيال‬ ‫إلى ال ّتحكيم‪ ،‬جميع أو بعض املنازعات اﶈددة التي نشأت أو قد تنشأ بينهما بشأن عالقة قانونية‬ ‫محددة تعاقدية كانت أو بير تعاقدية ويجوز أن يكون اتفاق ال ّتحكيم في صورة شرط حتكيم وارد في‬ ‫عقد أو في صورة اتفاق منفصل"‪ .‬وفي ذلك إشارة صريحة إلى صورتي اتفاق ال ّتحكيم‪.‬‬ ‫ووفقا ً التفاقية نيويورك لعام ‪ ،1922‬يقصد باتفاق ال ّتحكيم‪" :‬شرط ال ّتحكيم الوارد في عقد‪ ،‬أو‬ ‫اتفاق ال ّتحكيم املوقع عليه من قبل األطراف‪ ،‬أو االتفاق الذي تضمنته اخلطابات املتبادلة أو‬ ‫البرقيات"(‪.)11‬‬ ‫وكذلك‪ ،‬أعطى الكثير من فقهاء القانون تعريفات متعددة التفاق ال ّتحكيم ال تختلف في جوهرها‬

‫عن تعريف ال ّتحكيم ذاته(‪ ،)12‬وتتشابه مع بعضها البعض ومع بيرها من التعريفات التشريعية‬ ‫املقارنة‪ ،‬ولن نستعرضها هنا؛ ألن جلّها ينصب من حيث النتيجة على اعتبار أن اتفاق ال ّتحكيم هو‪:‬‬ ‫االتفاق أو العقد الذي مبوجبه يتفق األطراف على اللجوء إلى ال ّت حكيم لتسوية كل أو بعض‬ ‫املنازعات التي نشأت أو ميكن أن تنشأ بينهم مبناسبة عالقة قانونية معينة عقدية كانت أو‬

‫بير عقدية(‪.)13‬‬

‫املطلب الثاني‬ ‫الطبيعة القانونية التفاق ال ّت حكيم‬ ‫(اتفاق أم عقد؟)‬ ‫‪La nature juridique de la convention d'arbitrage‬‬ ‫‪ُ -2‬مييز بعض فقهاء القانون – تقليديا‪ -‬بني مصطلحي "االتفاق" ‪ Convention‬و"العقد" ‪،Contrat‬‬ ‫ويرون في االتفاق أنه توافق إرادتني أو أكثر على إنشاء التزام ما أو نقله أو تعديله أو إنهائه‪ ،‬ويرون في‬ ‫العقد أنه اتفاق إرادتني على إنشاء التزام ما أو نقله فحسب‪ ،‬أ ّي أن العقد هو أخص من االتفاق؛‬ ‫‪ 11‬املادة ‪ 1/8‬من اتفاقية نيويورك لعام ‪ ،1922‬املبرمة بشأن االعتراف بقرارات التّحكيم األجنبية وتنفيذها‪ ،‬والتي انضمت إليها‬ ‫دولة االمارات العربية املتحدة مبوجب املرسوم االحتادي رقم ‪ 42‬املؤرخ ‪ 12‬يونيو‪.8001 ،‬‬ ‫‪ 12‬يحرص البعض من رجال القانون على عمومية تعريف اتفاق ال ّتحكيم وشموليته؛ فيرون أن "االتفاق على اللجوء إلى‬ ‫التّحكيم بشأن نزاع لم يحصر املشرع والية نظره فقط للقضاء"‪ ،‬انظر‪ :‬د‪ .‬الشهابي إبراهيم الشهابي الشرقاوي‪ ،‬اتفاق‬ ‫التّحكيم في ضوء أحكام القضاء اإلماراتي ومشروع القانون االحتادي‪ ،‬سلسلة الدراسات القانونية والقضائية (‪ ،)2‬معهد دبي‬ ‫القضائي‪ ،8012 ،‬ص ‪.18‬‬ ‫‪ 13‬حول بعض التعريفات الفقهية التفاق التّحكيم‪ ،‬انظر‪ :‬د‪ .‬أحمد ابراهيم عبد التواب‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‪ ،‬مصر‪ ،8009 ،‬ص ‪22‬‬ ‫وما بعد‪ .‬وانظر‪( KAMARIYAGWE Nadège :‬مرجع سابق)‪.‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪69‬‬


‫اإلمارتي ‪ -‬دراسة مقارنة‪-‬‬ ‫اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون‬ ‫ّ‬ ‫بحيث ميكن القول أن كل عقد هو اتفاق‪ ،‬ولكن ليس كل اتفاق هو عقد ما لم يكن منشئا ً اللتزام أو‬ ‫ناقال ً له‪ ،‬أما إذا كان االتفاق ُمعدال ً لاللتزام أو منهيا ً له فال يكون حينئذ عقدا ً(‪.)14‬‬

‫ولكن أكثر فقهاء القانون‪ ،‬ومنهم الفرنسي ‪ ،Ghestin‬ال يجدون أيّة فائدة عملية للتفرقة بني‬ ‫مصطلحي "االتفاق" و"العقد"‪ ،‬ويرون أنهما ليسا في الواقع سوى مترادفني ملعنى واحد‪ ،‬وميكن‬ ‫استخدام أ ّي منهما محل اآلخر‪ ،‬واألمر املهم عندهم هو أن يتضمن كل عقد اتفاقا ً على إحداث أثر‬ ‫قانوني ما‪ ،‬فإذا لم يكن املراد إحداث هذا األثر فال نكون أمام عقد باملعنى القانوني للكلمة‪ ،‬ويبررون‬ ‫وجهة نظرهم هذه بأن القانون املدني الفرنسي ذاته – الذي هو مصدر الكثير من القوانني املدنية في‬ ‫البالد العربية وبيرها‪ -‬لم يفرق بني هذين املصطلحني‪ ،‬وأن القواعد العامة الواردة فيه املتعلقة‬ ‫بالعقد هي ذاتها القواعد العامة املتعلقة باالتفاق‪ ،‬لذا ال فائدة عملية من التفرقة بني هذين‬ ‫املصطلحني(‪.)15‬‬ ‫أما بشأن ال ّتحكيم‪ ،‬فبالنظر إلى أن االتفاق عليه ينشئ التزامات متبادلة تقع على عاتق أطرافه(‪)16‬؛‬ ‫ومن أهمها االلتزام بعدم اللجوء إلى قضاء الدولة من أجل تسوية نزاعهم محل االتفاق‪ ،‬واللجوء‬ ‫عوضا عن ذلك إلى هيئة التّحكيم املشار إليها باتفاقهم؛ لتقوم هي بهذه املهمة‪ ....‬لذلك فإن هذا‬ ‫االتفاق – املنشئ لاللتزامات ‪ -‬يُعبر عنه في كل األحوال بالعقد‪ ،‬والعكس صحيح‪.‬‬

‫‪ -1-2‬ومن جهة أخرى‪ ،‬يرى البعض أن اتفاق ال ّتحكيم هو عقد من عقود القانون اخلاص‪ ،‬وليس عمال ً‬ ‫من األعمال اإلجرائية البحتة‪ ،‬أو عقدا ً له طبيعة إجرائية عامة‪ ،‬كما كان يُنظر إليه قدميا من قبل‬ ‫بعض الفقه اإليطالي؛ وذلك ألن اتفاق ال ّتحكيم يُبرم قبل بدء اخلصومة فال ميكن ع ّده عنصرا ً من‬

‫عناصرها(‪ .)17‬ومبعنى آخر‪ ،‬اتفاق ال ّتحكيم هو عقد ينشئ التزامات متبادلة على عاتق أطرافه تقضي‬ ‫– كما أشرنا‪ -‬بعدم اللجوء إلى محاكم الدولة من أجل البت بالنزاع موضوعه‪ ،‬والذهاب عوضا ً عنها‬ ‫إلى هيئة ال ّتحكيم‪ ،‬وهو بذلك يسبق إجراءات ال ّتحكيم(‪.)18‬‬ ‫ونحن نرى من جانبنا‪ ،‬أن اتفاق ال ّتحكيم وإن كان عقدا ً من عقود القانون اخلاص إال أن ّه ذو طابع‬ ‫إجرائي؛ يتناول نواح إجرائية بحتة تكمن في الكيفية التي يجب أن يبت من خاللها في نزاع قائم أو‬ ‫من املمكن أن يقوم في املستقبل‪ ،‬واملتمثلة في اللجوء الى ال ّتحكيم بدال ً من اللجوء إلى القضاء‪،‬‬ ‫وألنه يُبني بشكل مباشر أو بير مباشر تشكيل هيئة التّحكيم أو طريقة تشكيلها‪ ،‬ويحدد القواعد‬ ‫اإلجرائية واملوضوعية الواجب اتباعها‪ .‬ولهذا نرى في اتفاق ال ّتحكيم أنه عقد مدني ذو طابع‬

‫خصه بها املشرع – ان في قانون‬ ‫إجرائي‪ ،‬وفي الوقت ذاته هو عقد‬ ‫مسمى يخضع لألحكام التي ّ‬ ‫ّ‬

‫‪ 14‬انظر‪ :‬د‪ .‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون املدني‪ ،‬جزء ‪ ،1‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،8004 ،‬ص‪.117‬‬ ‫‪15 Jacques Ghestin, Traité de droit civil: La formation du contrat, Librairie générale de droit et de jurisprudence,‬‬ ‫‪1993, P. 5.‬‬ ‫‪ 16‬انظر ما بعد –البند‪.7‬‬ ‫‪ 17‬انظر‪ :‬د‪ .‬فتحي والي‪ ،‬قانون التّحكيم في النظرية والتطبيق‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬االسكندرية‪ ،8007 ،‬ص ‪.27‬‬ ‫‪ 18‬د‪ .‬حفيظة السيد احلداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق ال ّتحكيم‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،8001 ،‬ص ‪.12‬‬ ‫‪70‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫القطان‬ ‫محمد سامر‬ ‫د‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اإلجراءات أو في قانون مستقل‪ -‬كما يخضع بصورة عامة لألحكام الناظمة لعقود القانون اخلاص(‪،)19‬‬ ‫وفق قاعدة اخلاص أولى بالتطبيق من العام‪.‬‬ ‫وجتدر املالحظة إلى أن اتفاق ال ّتحكيم يبقى عقدا مدنيا ً ذا طابع إجرائي‪ ،‬حتى ولو تعلق مبنازعات ذات‬ ‫طابع جتاري أو إداري أو دولي‪ ،‬وسواء أُبرم بعقد مستقل أو كان على صورة شرط أو بند ُمدرج في‬ ‫العقد األصلي الذي يربط بني األطراف(‪)20‬؛ ذلك ألن اتفاق ال ّتحكيم يُعد اتفاقا مستقال عن العقد‬

‫األصلي(‪ ،)21‬وجوهره العام ‪ -‬املدني اإلجرائي‪ -‬ال يتأثر مبوضوعه إن كان جتاريا ً أو إداريا ً أو دوليا ً(‪ ،)22‬وإن‬ ‫طبقت عليه بعض القواعد التجارية أو اإلدارية أو الدولية – حسب احلال‪ -‬بوصفها قواعد خاصة‪ .‬و‬ ‫كلًما خلت هذه القواعد من نص على مسألة ما أو إجراء ما وجب الرجوع إلى النصوص املدنية أو‬ ‫اإلجرائية العامة‪.‬‬

‫‪ 19‬انظر ما بعد‪ ،‬البند ‪.1-‬‬ ‫‪ 20‬حول صورتي اتفاق التّحكيم‪ ،‬انظر ما بعد‪ ،‬البند‪.10-‬‬ ‫‪ 21‬حول استقاللية شرط التّحكيم‪ ،‬انظر ما بعد‪ ،‬البند‪.1-80-‬‬ ‫‪ 22‬انظر‪ :‬د‪ .‬فتحي والي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 27‬و‪.22‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪71‬‬


‫اإلمارتي ‪ -‬دراسة مقارنة‪-‬‬ ‫اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون‬ ‫ّ‬

‫املبحث الثاني‬ ‫خصائص اتفاق ال ّت حكيم وصوره‬ ‫يتسم اتفاق ال ّتحكيم بخصائص متعددة ندرسها في املطلب األول‪ُ ،‬وميكن أن يأتي هذا االتفاق في‬ ‫صورتني اثنتني ندرسهما في املطلب الثاني‪ ،‬على النحو اآلتي‪:‬‬

‫املطلب األول‬ ‫خصائص اتفاق ال ّت حكيم‬ ‫باالستناد إلى تعريف ال ّتحكيم وطبيعته القانونية‪ ،‬يرى معظم فقهاء القانون أن اتفاق ال ّتحكيم‬ ‫هو عقد يتمتع بخصائص متعددة(‪ ،)23‬أهمها أنه‪:‬‬

‫مسمى من حيث موضوعه‪:‬‬ ‫أوال‪ -‬عقد‬ ‫ّ‬ ‫خصت تشريعات أكثر دول العالم العقد الذي مبوجبه يتفق أطرافه على اللجوء إلى اﶈكمني‬ ‫‪ -1‬فقد ّ‬ ‫بدال ً من اللجوء إلى القضاة املعنيني من قبل الدولة حلل ما نشأ‪ ،‬أو ما قد ينشأ بينهم‪ ،‬من نزاع‬ ‫باسم "ال ّت حكيم"‪ ،‬ونظموا إجراءاته وشروطه بقواعد خاصة شكّلت في بعض الدول‪ ،‬قانونا ً‬ ‫مستقال ً بحد ذاته أُطلق عليه "قانون ال ّتحكيم" كما في بريطانيا ومصر‪ ...‬أو أُدرجت في قانون‬ ‫اإلجراءات في دول أخرى؛ كما في فرنسا ولبنان ‪...‬‬ ‫وفي دولة اإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬وضع املشرع للتحكيم تنظيما ً خاصا ً يتمثل –كما رأينا‪ -‬في‬ ‫النصوص القانونية التي شكّلت في مجملها الباب الثالث من الكتاب الثاني من قانون اإلجراءات‬ ‫املدنية االحتادي رقم‪ 11‬لعام ‪( 1998‬املواد من ‪ 802‬إلى ‪ ،)812‬مع رببة في إصدار قانون خاص‬ ‫بال ّتحكيم – متاشيا مع االجتاه التشريعي احلديث‪ -‬جتلّت في مشروع قانون حتكيم مستقل مت إعداده‬ ‫في دولة اإلمارات سنة ‪ ،8001‬ولم يصدر حتى تاريخ إعداد هذا البحث‪.‬‬ ‫ثانيا‪ -‬عقد ملزم للجانبني من حيث أثره‪:‬‬ ‫‪ -7‬ينشئ عقد ال ّتحكيم التزامات متبادلة تقع على عاتق طرفيه‪ ،‬فكل منهما يلتزم بعدم طرح‬ ‫النزاع محل عقد ال ّتحكيم أمام القضاء وعرضه باملقابل على هيئة ال ّتحكيم‪ ،‬وعلى كل منهما‬ ‫املساهمة بتشكيل هيئة التّحكيم بالطريقة املتفق عليها ‪...‬‬ ‫‪ 23‬انظر‪ :‬اﶈامي عبد الهادي عباس‪ ،‬التّحكيم الداخلي في القانون السوري واملقارن‪ ،‬دمشق‪ ،‬مطبعة األنصار‪ ،1992 ،‬ص‪.102‬‬ ‫‪72‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫القطان‬ ‫محمد سامر‬ ‫د‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ويالحظ بهذا الصدد‪ ،‬أن االلتزامات التي يرتبها عقد ال ّتحكيم على عاتق طرفيه على سبيل التبادل‬

‫هي التزامات متماثلة(‪ ،)24‬على خالف العقود األخرى التي ترتب عادة على أطرافها التزامات متقابلة‬ ‫لكنها بير متماثلة وامنا مختلفة كعقد البيع مثال؛ حيث يلتزم البائع بتسليم املبيع إلى املشتري‬ ‫الذي يلتزم باملقابل بدفع الثمن‪...‬‬ ‫ثالثا‪ -‬عقد محدد‪:‬‬ ‫‪ -2‬لطاملا أن االلتزامات املتبادلة لطرفي عقد ال ّتحكيم – املبينة في البند السابق‪ -‬والفائدة التي‬ ‫سيجنها كل منهما من هذا العقد تتحدد وقت التعاقد‪ ،‬لذا يوصف عقد ال ّتحكيم بأنه عقد‬ ‫محدد‪.‬‬ ‫رابعا‪ -‬عقد شكلي‪:‬‬ ‫‪ -9‬يُعد عقد ال ّتحكيم‪ ،‬وفق الراجح في الفقه القانوني‪ ،‬من العقود الشكلية من حيث تكوينه؛‬ ‫فالرضائية ‪ -‬أي تراضي الطرفني‪ -‬وان كانت مطلوبة في انعقاد اتفاق ال ّتحكيم إال أنها ال تكفي‬ ‫وحدها لتكوينه‪ ،‬والبد فوق ذلك أن يكون هذا االتفاق مكتوبا ً؛ وذلك بالنظر إلى أن كتابة اتفاق‬ ‫ال ّتحكيم هي‪ ،‬وفق الراجح من الفقه والقضاء ووفق أكثر التشريعات املقارنة‪ ،‬شرط النعقاده ال‬ ‫شرطا ً ﺠﻤﻟرد إثباته وفق ما سنبينه الحقا(‪.)25‬‬

‫املطلب الثاني‬ ‫صورتا اتفاق ال ّت حكيم‬ ‫‪ -10‬التعبير عن إرادة األطراف باللجوء إلى ال ّتحكيم يتم‪ ،‬بحسب القانون اإلماراتي وأكثر تشريعات‬ ‫دول العالم‪ ،‬بإحدى صورتني‪ :‬األولى‪ :‬تكون قبل وقوع النزاع بني األطراف‪ ،‬وتأخذ شكل شرط أو بند‬ ‫يُدرج في العقد األساسي الذي يربط بني األطراف‪ ،‬وتسمى "شرط ال ّت حكيم"‪ ،‬والثانية تكون بعد‬ ‫وقوع النزاع بني األطراف‪ ،‬وتكمن في إبرام اتفاق مستقل عن العقد األساسي الذي يربط بني األطراف‪،‬‬ ‫وتسمى "مشارطة ال ّت حكيم"‪.‬‬ ‫وقد نص قانون اإلجراءات املدنية الفرنسي اجلديد صراح ًة على أن‪ (:‬اتفاق ال ّتحكيم قد يأخذ شكل‬ ‫شرط ‪ clause compromissoire‬أو مشارطة ‪.))26(compromis‬‬

‫‪ 24‬انظر‪ :‬د‪ .‬مصطفى محمد اجلمال‪ ،‬أضواء على عقد التّحكيم‪ ،‬مجلة الدراسات القانونية‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة بيروت‬ ‫العربية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬يوليو ‪ ،1992‬ص‪.801‬‬ ‫‪ 25‬انظر ما بعد البند ‪.1-14‬‬ ‫‪26Article 1442 du NCPC: "La convention d'arbitrage prend la forme d'une clause compromissoire ou d'un‬‬ ‫" … ‪compromis‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪73‬‬


‫اإلمارتي ‪ -‬دراسة مقارنة‪-‬‬ ‫اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون‬ ‫ّ‬ ‫ويع ّد هذا أيضا ً موقف مشروع قانون ال ّتحكيم اإلماراتي االحتادي الذي ينص على جواز أن يكون اتفاق‬ ‫ال ّتحكيم في شكل شرط سابق على قيام النزاع يُدرج في عقد معني‪ ،‬أو أن يكون في شكل اتفاق‬ ‫منفصل يُبرم بعد نشوء النزاع‪ ،‬حتى ولو سبق أن أقيمت بشأنه دعوى أمام القضاء (م ‪.)1\11‬‬ ‫وكذلك‪ ،‬أجاز قانون اإلجراءات املدنية اإلماراتي لألطراف املتعاقدة أن يشترطوا‪ ،‬بصفة عامة‪ ،‬في‬ ‫عقدهم األساسي أو في اتفاق الحق عليه‪ ،‬عرض ما قد ينشأ بينهم من نزاع بصدد تنفيذ هذا‬ ‫العقد ‪ -‬أو عقد معني آخر‪ -‬على محكم أو أكثر (م ‪ .)1\802‬وفي هذا الصدد‪ ،‬قضت اﶈكمة االحتادية‬ ‫العليا في دولة اإلمارات‪ ،‬بأن ال ّتحكيم وفقا ألحكام قانون اإلجراءات املدنية االحتادي ينصرف إلى ما‬

‫يتفق عليه طرفا النزاع بإرادتهما احلرة‪ ،‬وسواء أكان االتفاق سابقا أو الحقا على قيام النزاع(‪.)27‬‬ ‫وعلى ذلك منيز في االتفاق على ال ّتحكيم بني الصورتني اآلتيتني‪:‬‬ ‫أوال‪ -‬شرط ال ّت حكيم ‪Clause compromissoire‬‬

‫‪ -11‬تعريفه‪ :‬هو عبارة عن شرط ‪ -‬أو فقرة أو بند‪ -‬يُدرجه املتعاقدون في عقد معني‪ ،‬يقضي‬ ‫باإلحالة على ال ّتحكيم ما قد ينشأ بينهم في املستقبل من منازعات‪ ،‬كال ً أو بعضاً‪ ،‬بخصوص هذا‬ ‫العقد أو بخصوص مسألة معينة منه‪ .‬وقد عرّفه املشرع الفرنسي بأنه‪" :‬االتفاق الذي يلتزم مبوجبه‬ ‫أطراف عقد أو أكثر بأن يخضعوا إلى حتكيم املنازعات التي من املمكن أن تقع بشأن هذا أو هذه‬ ‫العقود"(‪.)28‬‬ ‫وفي الواقع‪ ،‬كثيرا ما نصادف في عقود التجارة‪ ،‬وبخاصة الدولية منها‪ ،‬مثل هذا الشرط الذي يقضي‬ ‫بإحالة ما قد ينشأ عن تفسير أو تنفيذ العقد من منازعات إلى ال ّتحكيم‪.‬‬ ‫‪ -1-11‬مك انه‪ :‬يرد شرط ال ّتحكيم عادةً في صلب العقد األصلي املبرم بني األطراف‪ ،‬وقد يأتي في‬ ‫ملحق له‪ ،‬ويخضع في هذه احلالة إلى لذات األحكام الناظمة لشرط ال ّتحكيم الوارد في العقد‬ ‫األصلي‪.‬‬ ‫وقد ال ينص العقد األصلي املبرم بني األطراف ‪ -‬بشكل مباشر وصريح ‪ -‬على اللجوء إلى ال ّتحكيم‬ ‫حلل املنازعات التي قد تنشأ عنه‪ ،‬لكنه يتضمن إحالة إلى عقد آخر أو إلى وثيقة معينة تتضمن من‬ ‫بني بنودها شرطا ً حتكيميا ً‪ .‬وقد أجاز الفقه والقضاء والكثير من التشريعات املقارنة مثل هذه‬ ‫اإلحالة‪ ،‬واعتبروها مبثابة اتفاق على ال ّتحكيم ما دامت واضحة الداللة على إرادة األطراف في اللجوء‬ ‫إلى ال ّتحكيم‪ ،‬كطريق لفض ما قد ينجم بينهم من منازعات بصدد تنفيذ عقدهم األصلي‪ .‬وهذا ما‬ ‫أخذ به مشروع قانون ال ّتحكيم اإلماراتي في املادة ‪ 8/11‬التي نصت على أنه‪" :‬تعتبر اإلشارة في أي‬ ‫عقد إلى شرط ال ّتحكيم مبثابة اتفاق حتكيم شريطة أن يكون العقد مكتوباً‪ ،‬وتكون اإلشارة قد‬ ‫وردت بحيث جتعل ذلك الشرط جزءا ً من العقد"‪ .‬وكذلك ذكرت املادة ‪ 2/10‬من قانون ال ّتحكيم‬ ‫‪ 27‬الطعن رقم ‪ 171‬لسنة ‪ 8009‬جتاري‪ ،‬جلسة األحد املوافق ‪ 12‬من أكتوبر سنة ‪ ،8009‬نُشر على ّ‬ ‫العنكبوتية؛ موقع‬ ‫الشبكة‬ ‫ّ‬ ‫منتدى قانون اإلمارات‪http://theuaelaw.com/vb/index.php :‬‬ ‫‪"… La clause compromissoire est la convention par laquelle les parties à un ou plusieurs : du NCPC 28 Article 1442‬‬ ‫‪contrats s'engagent à soumettre à l'arbitrage les litiges qui pourraient naître relativement à ce ou à ces‬‬ ‫‪contrats…".‬‬ ‫‪74‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫القطان‬ ‫محمد سامر‬ ‫د‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫املصري‪" :‬ويعتبر اتفاقا على ال ّتحكيم كل إحالة ترد في العقد إلى وثيقة تتضمن شرط حتكيم إذا‬ ‫كانت اإلحالة واضحة في اعتبار هذا الشرط جزءا من هذا العقد"‪.‬‬ ‫‪ -2-11‬صيغته‪ :‬قد يأتي شرط ال ّتحكيم مفصال ً‪ ،‬مبعنى أنه يشمل كل أو معظم متطلبات‬ ‫ال ّتحكيم (كأن يسمي األطراف اﶈكم أو اﶈكمني أو يبينوا طريقة تسميتهم أو تعينهم‪ ،‬ويحددوا‬ ‫القانون الواجب التطبيق على اإلجراءات وعلى موضوع النزاع‪ ،‬ويبينوا لغة ال ّتحكيم ومدته ومكانه‪،‬‬ ‫وبير ذلك من التفاصيل اإلجرائية ‪ ...‬ولهم أيضا ً أن يختاروا اللجوء إلى مركز معني من مراكز أو‬ ‫مؤسسات ال ّتحكيم)‪ ،‬كما قد يأتي شرط ال ّتحكيم مقتضبا ً‪ ،‬مبعنى أنه يقتصر على مجرد تقرير‬ ‫مبدأ اللجوء إلى ال ّتحكيم حلسم املنازعات التي قد تنشأ عن هذا العقد‪ ،‬وتترك التفاصيل لالتفاق‬ ‫عليها الحقا ً بني األطراف‪ ،‬أو أنها تخضع للقواعد القانونية الواجبة التطبيق في حال عدم االتفاق‬ ‫عليها‪.‬‬ ‫وفي جميع األحوال يجب أن يصاغ شرط ال ّتحكيم بشكل واضح ال لبس فيه وال بموض‪ ،‬وذلك ألن‬ ‫اللبس أو الغموض في شرط ال ّتحكيم قد يؤدي إلى استحالة إعماله أو بطالن احلكم الصادر بناء‬ ‫عليه ‪...‬‬ ‫ثانيا‪ -‬مشارطة ال ّت حكيم ‪Compromis‬‬

‫‪ -18‬تعريفها‪ :‬مشارطة ال ّتحكيم عبارة عن اتفاق أطراف نزاع معني وقع بينهم بالفعل على‬ ‫اللجوء إلى ال ّتحكيم من أجل تسويته‪ ،‬وذلك بدال ً من اللجوء إلى قضاء الدولة‪ ،‬وتسمى في القانون‬ ‫املقارن في بعض األحيان "وثيقة ال ّتحكيم" أو "صك ال ّتحكيم"‪ .‬وقد عرّف املشرع الفرنسي‬ ‫مشارطة ال ّتحكيم بأنها االتفاق الذي مبوجبه يُخضع اخلصوم نزاع ما وقع بينهم إلى ال ّتحكيم(‪.)29‬‬ ‫وعليه‪ ،‬فقد يقع نزاع ما بني أطراف عقد معني ال يتضمن شرطا ً حتكيماً‪ ،‬أو يقع نزاع ما بني أطراف‬ ‫عالقة قانونية بير تعاقدية (كاخلالفات حول مقدار التعويضات عن األضرار املترتبة على احلوادث‬ ‫الناجمة عن سيارات أو آالت أو بير ذلك ‪ ،)...‬ويربب األطراف بتسوية هذا النزاع عن طريق ال ّتحكيم‪،‬‬ ‫فيعمدون إلى إبرام مشارطة حتكيم خاصة به‪.‬‬

‫‪ -1-18‬موضوعها‪ :‬تنصب مشارطة ال ّتحكيم على نزاع وقع فعال بني األطراف املعنية‪ ،‬فهي على‬ ‫خالف شرط ال ّتحكيم الذي يتفق عليه قبل نشوء النزاع كما أشرنا أعاله‪.‬‬ ‫وال متانع قوانني أكثر الدول من إبرام مشارطة ال ّتحكيم بشأن نزاع معروض على القضاء‪ ،‬وهذا ما‬ ‫ميز‪ ،‬في بعض األحكام اإلجرائية‪ ،‬بني ال ّتحكيم الذي يجري عن‬ ‫أجازه املشرع اإلماراتي ضمنا ً عندما ّ‬ ‫أي من محاكم الدولة اجملتصة‪ ،‬وال ّتحكيم الذي يلجأ إليه األطراف بشأن نزاع لم يعرض على‬ ‫طريق ٍّ‬ ‫أي من محاكم الدولة (املواد ‪ 812‬وما بعد من قانون اإلجراءات املدنية)‪ .‬في حني أجاز املشرع الفرنسي‬

‫‪… Le compromis est la convention par laquelle les parties à un litige né soumettent celui-ci NCPC"Article 1442 29‬‬ ‫‪."à l'arbitrage‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪75‬‬


‫اإلمارتي ‪ -‬دراسة مقارنة‪-‬‬ ‫اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون‬ ‫ّ‬ ‫صراح ًة لألطراف اللجوء إلى ال ّتحكيم أثناء سير دعوى مرفوعة مسبقا أمام القضاء(‪ .)30‬وكذلك‬ ‫فعل املشرع املصري حني نص في املادة ‪ 8/10‬من قانون ال ّتحكيم على أنه‪ ... " :‬يجوز أن يتم اتفاق‬ ‫ال ّتحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت في شأنه دعوى أمام جهة قضائية ‪."...‬‬ ‫ومن جهة أخرى‪ ،‬ميكن لألطراف جتزئة النزاع‪ ،‬وذلك في األحوال التي يكون فيها النزاع قابال ً للتجزئة‪،‬‬ ‫وإخضاع جزء منه أو أكثر للتحكيم‪ ،‬وإحالة األجزاء األخرى إلى القضاء أو إلى بير ذلك من وسائل‬ ‫التسوية‪ ،‬أو حتى تأجيل تسويتها إلى زمن الحق‪.‬‬ ‫‪ -8-18‬متييزها عن شرط ال ّت حكيم‪ :‬ال فرق بني صورتي اتفاق ال ّتحكيم ‪ -‬الشرط واملشارطة‪ -‬من‬ ‫بأي منهما باللجوء إلى ال ّتحكيم ال إلى محاكم الدولة‪ ،‬من أجل تسوية‬ ‫حيث التزام كل من ارتبط ٍّ‬ ‫النزاع موضوع هذا االتفاق‪ .‬وكذلك‪ ،‬البد أن يستوفي اتفاق ال ّتحكيم‪ ،‬سواء أتى على صورة شرط أو‬

‫مشارطة‪ ،‬جميع أركانه وشرائط صحته املنصوص عليها في القانون والتي سيتم تبيانها الحقا ً(‪.)31‬‬ ‫أما االختالف اجلوهري بني الصورتني ‪ -‬الشرط واملشارطة‪ -‬فيكمن في توقيت هذا االتفاق؛ فقوام‬ ‫شرط ال ّتحكيم هو اتفاق األطراف على اللجوء إلى ال ّتحكيم من أجل تسوية منازعات يحتمل‬ ‫وقوعها في املستقبل‪ ،‬أي منازعات قد تقع وقد ال تقع‪ ،‬ولذا ال يتصور حتديد هذه املنازعات بدقة‬ ‫مسبقاً‪ .‬أما مشارطة ال ّتحكيم فقوامها هو اتفاق األطراف على ال ّتحكيم بعد قيام النزاع‪ ،‬مما‬ ‫يقتضي حتديد هذا النزاع بدقة‪.‬‬ ‫وعلى ذلك‪ ،‬ولطاملا أن مشارطة ال ّتحكيم تبرم بعد وقوع النزاع‪ ،‬فإن معظم تشريعات ال ّتحكيم في‬

‫مختلف دول العالم‪ ،‬ترتب البطالن على عدم حتديد النزاع محلها(‪ ،)32‬بينما ال تتطلب مثل هذا‬ ‫التحديد بالنسبة لشرط ال ّتحكيم؛ كونه يبرم بشأن نزاع محتمل الوقوع‪ .‬ولقد نص القانون‬ ‫اإلماراتي صراح ًة على البطالن في حال لم يحدد موضوع النزاع في وثيقة ال ّتحكيم ‪ -‬أو أثناء نظر‬ ‫الدعوى‪ -‬حتى لو كان اﶈكمون مفوضني بالصلح (م ‪ 2/802‬ق إ م)‪.‬‬ ‫ومن الناحية العملية‪ ،‬بالبا ما يقضي شرط ال ّتحكيم باإلحالة على ال ّتحكيم ما قد ينشأ من‬ ‫منازعات حول تفسير العقد األصلي الذي يربط بني األطراف أو حول تنفيذه‪ ،‬وهذا يشكل حتديدا على‬ ‫وجه العموم ﶈل شرط ال ّتحكيم مبظاهره وجوانبه دون أن ينصب على كنه النزاع بدقائقه‬ ‫وتفصيالته‪.‬‬ ‫وجتدر اإلشارة أخيرا ً إلى أن مشارطة ال ّتحكيم ال ميكن أن تكون إال بشأن منازعات وقعت فعال‪ ،‬أما‬ ‫املنازعات اﶈتملة الوقوع في املستقبل‪ ،‬فال يتصور بشأنها سوى اللجوء إلى شرط أو بند ال ّتحكيم‪.‬‬

‫‪Article 1446 NCPC -Modifié par Décret n°2011-48 du 13 janvier 2011- "Les parties peuvent compromettre 30‬‬ ‫‪même au cours d'une instance déjà engagée devant une juridiction".‬‬ ‫‪ 31‬انظر ما بعد‪ :‬البندين ‪ -12-‬و‪.14-‬‬ ‫‪ 32‬جاء في املادة ‪ 8/10‬من قانون التّحكيم املصري‪ .... " :‬كما يجوز أن يتم اتفاق التّحكيم بعد قيام النزاع ولو كانت قد أقيمت‬ ‫في شأنه دعوى أمام جهة قضائية وفى هذه احلالة يجب أن يحدد االتفاق املسائل التي يشملها التّحكيم وإال كان االتفاق‬ ‫باطال"‪.‬‬ ‫‪76‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫القطان‬ ‫محمد سامر‬ ‫د‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫املبحث الثالث‬ ‫أركان اتفاق ال ّت حكيم وشروط صحته‬ ‫رأينا فيما سبق أن اتفاق ال ّتحكيم ‪ -‬شرطا ً كان أم مشارطة‪ -‬هو عقد كسائر العقود‪ ،‬وإن أفرد له‬ ‫املشرع بعض األحكام اخلاصة‪ ،‬لذلك ال بد لقيامه من أن تتوافر فيه كافة األركان القانونية‪ ،‬والبد‬ ‫لصحته من توافر الشروط الالزمة لذلك‪ .‬وسنتناول فيما يأتي أركان اتفاق ال ّتحكيم وشروط صحته‪،‬‬ ‫في ضوء األحكام العامة الناظمة للعقود واألحكام اخلاصة بعقد ال ّتحكيم‪ ،‬وذلك في املطلبني‬ ‫اآلتيني‪:‬‬

‫املطلب األول‬ ‫أركان اتفاق ال ّت حكيم‬ ‫يقوم اتفاق ال ّتحكيم‪ ،‬كسائر العقود‪ ،‬على أركان ثالثة هي‪ :‬الرضا واﶈل والسبب‪ ،‬وهذا ما أكدته‬ ‫اﶈكمة االحتادية العليا بقولها إن االتفاق على ال ّتحكيم هو من العقود الرضائية امللزمة التي يلزم‬ ‫لصحتها ونفاذها‪ ،‬وجوب استيفائها جلميع أركان العقد من رضا ومحل وسبب مشروع ‪ )33(...‬ودراسة‬

‫هذه األركان تتم عادةً في نطاق النظرية العامة لاللتزام(‪ ،)34‬لذلك سنقتصر فيما يأتي على تبيان‬ ‫أهم ما يتعلق من هذه األحكام بأركان اتفاق ال ّتحكيم‪ ،‬إضافة إلى األحكام اخلاصة بهذا االتفاق‪:‬‬ ‫أوال‪ -‬الرضا ‪: Consentement‬‬ ‫‪ -1-12‬كما هو احلال في سائر العقود عموماً‪ ،‬ال ينعقد اتفاق ال ّتحكيم بصورتيه – الشرط‬ ‫واملشارطة ‪ -‬إال برضا الطرفني‪ ،‬ولذا ال بد من إيجاب وقبول تتطابق مبوجبهما اإلرادتان على اللجوء‬ ‫إلى ال ّتحكيم حلل النزاع الذي من املمكن أن يقع في املستقبل أو الذي وقع فعال بينهما(‪.)35‬‬

‫وتنص املادة ‪ 120‬من قانون املعامالت املدنية اإلماراتي االحتادي على أن(‪" :)36‬ينعقد العقد مبجرد ارتباط‬ ‫اإليجاب بالقبول مع مراعاة ما قد يقرره القانون من أوضاع معينة النعقاده"‪ .‬وقد تطلب املشرع‬

‫‪ 33‬الطعن رقم ‪ 181‬لسنة ‪ 8018‬جتاري‪ ،‬جلسة األربعاء ‪ 80‬من يونيو سنة ‪ ،8018‬منشور في ّ‬ ‫العنكبوتية؛ موقع منتدى‬ ‫الشبكة‬ ‫ّ‬ ‫قانون اإلمارات ‪http://theuaelaw.com/vb/index.php‬‬ ‫‪ 34‬حول أركان العقد‪ ،‬انظر‪ :‬د‪ .‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 148‬وما بعد‪.‬‬

‫‪ 35‬فوزي محمد سامي‪ ،‬ال ّتحكيم التجاري الدولي‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار الثقافة‪ ،‬عمان‪.188 ،8010 ،‬‬ ‫‪ 36‬رقم ‪ 2‬لسنة ‪ 1922‬م املعدل بالقانون رقم ‪ 1‬لسنة ‪.1927‬‬

‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪77‬‬


‫اإلمارتي ‪ -‬دراسة مقارنة‪-‬‬ ‫اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون‬ ‫ّ‬ ‫اإلماراتي‪ ،‬أن يكون التعبير عن إرادة األطراف في اللجوء إلى ال ّتحكيم عن طريق الكتابة(‪ .)37‬وكتابة‬ ‫اتفاق ال ّتحكيم هي ‪-‬كما سيمر معنا‪ -‬وفق الفقه والقضاء وأكثر التشريعات املقارنة‪ ،‬شرط لوجوده‬ ‫(أي ركن) ال شرطا ً ﺠﻤﻟرد إثباته(‪.)38‬‬ ‫وال بد أن يكون التعبير عن اإلرادة داال ً ‪ -‬في صيغته‪ -‬داللة واضحة ال لبس فيها وال بموض‪ ،‬على رببة‬

‫األطراف في اللجوء إلى ال ّتحكيم لتسوية النزاع الذي قصده األطراف في اتفاقهم(‪.)39‬‬ ‫وال يكفي توافر الرضا حتى ينتج اتفاق ال ّتحكيم آثاره القانونية بصورة مستقرة‪ ،‬بل ال بد أن يكون‬ ‫أيضا خاليا من العيوب التي نص عليها قانون املعامالت املدنية اإلماراتي االحتادي؛ وهي اإلكراه‬ ‫والتغرير والغنب والغلط‪ ،‬وبالشروط املبينة في املواد (من ‪ 171‬إلى ‪ )192‬منه‪.‬‬ ‫قوام ُه اإلرادة‪ ،‬فإذا انتفت هذه اإلرادة كان العقد باطال بل ومنعدما‬ ‫وعليه‪ ،‬فاتفاق ال ّتحكيم هو عقد‬ ‫ُ‬

‫‪.)40(Inexistant‬‬ ‫ثانيا‪ -‬اﶈل ‪:‬‬

‫‪ -8-13‬أدرج املشرع اإلماراتي ‪-‬كأكثر التشريعات املقارنة‪ -‬محل العقد حتت عنوان أركان العقد؛ فنص‬ ‫في املادة ‪ 199‬من قانون املعامالت املدنية على أنه‪" :‬يجب أن يكون لكل عقد محل يضاف إليه"‪.‬‬ ‫وال شك أن اﶈل في اتفاق ال ّتحكيم هو موضوع النزاع أو اخلالف الذي نشأ‪ ،‬أو ميكن أن ينشأ بني‬ ‫أطرافه‪.‬‬ ‫وإذا ورد اتفاق ال ّتحكيم على صورة شرط أو بند مدرج في العقد األصلي‪ ،‬الذي يربط بني األطراف‬ ‫املتعاقدة‪ ،‬فإنه بالبا ما يرد من دون تفصيل باعتبار أن وقوع النزاع هو أمر مستقبلي واحتمالي‪.‬‬ ‫أما إذا أتى اتفاق ال ّتحكيم على صورة مشارطة‪ ،‬أي مت إبرامه بعد وقوع النزاع‪ ،‬فيتوجب على األطراف‬ ‫في هذه احلالة حتديد كل املسائل املتنازع عليها املراد تسويتها عن طريق ال ّتحكيم‪ .‬ولقد رتب املشرع‬ ‫اإلماراتي – كغيره من املشرعني‪ -‬البطالن إذا لم يحدد األطراف موضوع النزاع في اتفاقهم على‬ ‫فوضوا اﶈكمني بالصلح (م ‪ 2/802‬ق إ م)‪.‬‬ ‫ال ّتحكيم‪ ،‬حتى ولو ّ‬ ‫ويشترط في محل اتفاق ال ّتحكيم‪ ،‬حتقق كافة الشروط التي فرضها القانون على محل العقد‬ ‫بشكل عام؛ كأن ال يكون التعامل به ممنوعا‪ ،‬وأال يكون مخالفا للنظام العام أو اآلداب (املادة ‪ 802‬من‬ ‫قانون املعامالت املدنية اإلماراتي االحتادي)‪ ،‬وهذا ما سنتناوله بشيء من التفصيل عند دراسة شروط‬ ‫صحة اتفاق ال ّتحكيم(‪.)41‬‬

‫‪ 37‬نصت املادة ‪ 2/802‬من قانون اإلجراءات املدنية اإلماراتي االحتادي على أنه‪ ..." :‬ال يثبت االتفاق على التّحكيم إال‬ ‫بالكتابة"‪.‬‬ ‫‪ 38‬انظر ما بعد‪ ،‬البند ‪.1-14‬‬ ‫‪ 39‬د‪ .‬نبيل اسماعيل عمر‪ ،‬التّحكيم في املواد املدنية والتجارية‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‪ ،8004 ،‬ص ‪.18‬‬ ‫‪ 40‬اﶈامي عبد الهادي عباس‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.101‬‬ ‫‪ 41‬انظر ما بعد‪ ،‬البند ‪.8-12-‬‬

‫‪78‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫القطان‬ ‫محمد سامر‬ ‫د‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫ثالثا‪ -‬السبب‪:‬‬ ‫‪ -2-12‬كما هو احلال في القانون املدني املقارن عموما‪ ،‬ع ّد املشرع اإلماراتي في قانون املعامالت املدنية‬ ‫االحتادي سبب العقد ركنا ً من أركانه‪ ،‬وعرّفه بأنه الغرض املباشر الذي يقصده املتعاقدون من العقد‪،‬‬ ‫واشترط أن يكون موجودا ً وصحيحا ً ومباحا ً وبير مخالف للنظام العام أو اآلداب (املادة ‪ 807‬من ق م‬ ‫م)‪ .‬وكذلك‪ ،‬قضى املشرع في القانون ذاته بعدم صحة العقد إن لم تكن فيه منفعة مشروعة‬ ‫للمتعاقدين‪ ،‬وافترض في ذات الوقت وجود هذه املنفعة املشروعة في كافة العقود ما لم يقم‬ ‫الدليل على خالف ذلك (املادة ‪ 802‬ق م م)‪.‬‬ ‫والسبب في عقد ال ّتحكيم يتمثل‪ ،‬بحسب معظم فقهاء ال ّتحكيم‪ ،‬في إرادة أطرافه بعدم حل‬ ‫النزاع القائم‪ ،‬أو الذي من املمكن أن يقوم بينهم في املستقبل‪ ،‬عن طريق قضاء الدولة وحلّه عن‬ ‫طريق اللجوء إلى ال ّتحكيم‪ ،‬وهذا سبب مشروع مالم يثبت عكس ذلك باألدلة املقبولة قانونا ً‪.‬‬ ‫وبصيغة أخرى‪ ،‬يقول الدكتور أحمد ابراهيم عبد التواب عن سبب اتفاق ال ّتحكيم أنه "رببة‬ ‫األطراف في إقصاء منازعتهم عن قضاء الدولة وطرحها على ال ّتحكيم"(‪.)42‬‬

‫املطلب الثاني‬ ‫شروط صحة اتفاق ال ّت حكيم‬ ‫ميكن تقسيم الشروط الالزمة لصحة اتفاق ال ّتحكيم‪ ،‬وفق الراجح في الفقه القانوني اﶈلي‬

‫واملقارن(‪ ،)43‬إلى شروط شكلية‪ ،‬وأخرى موضوعية‪ ،‬نتناول كال منها فيما يأتي‪:‬‬

‫أوال‪ -‬الشروط الشكلية لصحة اتفاق ال ّتحكيم‪:‬‬ ‫‪ -14‬يتطلب القانون اإلماراتي –كما املقارن‪ -‬من أجل صحة اتفاق ال ّتحكيم‪ ،‬مجموعة من الشروط‬ ‫الشكلية‪ ،‬نتناولها تباعا فيما يأتي‪:‬‬ ‫(‪ )1‬يجب أن يكون اتفاق ال ّت حكيم مكتوبا ً‪:‬‬ ‫‪ -1-14‬نظرا ً لآلثار القانونية الهامة التي تترتب على اتفاق ال ّتحكيم‪ ،‬والتي تتمثل – كما سنرى(‪-)44‬‬ ‫في حجب والية القضاء عن البت بالنزاع محل هذا االتفاق‪ ،‬وعرضه باملقابل على اﶈكم أو اﶈكمني‬ ‫اجملتارين من قبل األطراف املتعاقدة‪ ٬‬يتطلب القانون اإلماراتي ‪-‬كما معظم تشريعات دول العالم‪ -‬أن‬ ‫يكون اتفاق ال ّتحكيم بصورتيه‪ ٬‬الشرط واملشارطة‪ ٬‬مكتوبا‪.‬‬ ‫ولم تشترط قوانني مختلف الدول شكال محددا لكتابة اتفاق ال ّتحكيم‪ ،‬وقد اقتصر قانون اإلجراءات‬ ‫املدنية اإلماراتي بهذا الشأن‪ ،‬على نص املادة ‪ 2/802‬التي تقضي بأنه "‪ ...‬ال يثبت االتفاق على‬ ‫‪ 42‬د‪ .‬أحمد ابراهيم عبد التواب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.291‬‬ ‫‪ 43‬د‪ .‬أحمد ابراهيم عبد التواب‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.298‬‬ ‫‪ 44‬انظر ما بعد‪ ،‬البند‪.11-‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪79‬‬


‫اإلمارتي ‪ -‬دراسة مقارنة‪-‬‬ ‫اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون‬ ‫ّ‬ ‫ال ّتحكيم إال بالكتابة"‪ .‬في حني أن مشروع قانون ال ّتحكيم اإلماراتي جاء‪ ،‬على برار قانون ال ّتحكيم‬ ‫املصري وبيره‪ ،‬أكثر تفصيال؛ فنصت املادة ‪ 18‬منه على أنه‪" :‬يجب أن يكون اتفاق ال ّتحكيم مكتوبا ً‬ ‫وإال كان باطال ً‪ .‬ويكون االتفاق مكتوبا ً إذا تضمنه محرر وقّعه الطرفان أو ورد فيما تبادله الطرفان من‬

‫رسائل أو برقيات أو بيرها من وسائل االتصال املكتوبة"(‪ .)45‬كما اعتبر مشروع قانون ال ّتحكيم‬ ‫اإلماراتي في املادة ‪ 8/11‬منه أن مجرد "اإلشارة الواردة في أ ّي عقد إلى شرط للتحكيم مبثابة اتفاق‬ ‫حتكيم شريطة أن يكون العقد مكتوبا ً وأن تكون اإلشارة قد وردت بحيث جتعل ذلك الشرط جزءا ً من‬

‫العقد"(‪.)46‬‬ ‫وإذا كان شرط الكتابة في االتفاق على ال ّتحكيم مجمعا ً عليه –عموما‪ -‬في الفقه والقانون‬ ‫املقارنني‪ ،‬لكن اختالف وقع حول ما إذا كانت الكتابة هي شرط لتكوينه (أي ركن) أم هي شرط‬ ‫إلثباته؟‬ ‫واحلقيقة أن مثل هذا االختالف بير موجود في الدول التي نصت تشريعاتها صراح ًة مبا يفيد أن‬ ‫الكتابة هي شرط من شروط تكوين اتفاق ال ّتحكيم ‪ -‬أي هي ركن فيه‪ -‬كما هو حال قانون‬ ‫ال ّتحكيم املصري ومشروع قانون ال ّتحكيم اإلماراتي وبيرهما من القوانني التي أوجبت‪ ،‬حتت طائلة‬ ‫البطالن‪ ،‬أن يكون اتفاق التّحكيم مكتوبا ً (املادة ‪ 18‬من مشروع قانون ال ّتحكيم اإلماراتي‪ ،‬املقابلة‬ ‫للمادة ‪ 18‬من قانون ال ّتحكيم املصري)‪.‬‬ ‫لكن االختالف نشأ في ظل قوانني الدول التي لم تنص صراح ًة مبا يفيد أن الكتابة هي شرط وجود‬ ‫التفاق ال ّتحكيم؛ كقانون اإلجراءات املدنية اإلماراتي االحتادي‪ ،‬حيث نصت املادة ‪ 2/802‬منه على أنه‪:‬‬ ‫"‪ ...‬ال يثبت االتفاق على ال ّتحكيم إال بالكتابة"‪ ،‬وقد ظهرت عدة وجهات نظر حول هذا النص‬ ‫وتفرعت إلى الرأيني اآلتيني‪:‬‬ ‫‪ -8-14‬الرأي األول(‪ :)47‬ذهب إلى أن الكتابة هي شرط إثبات وليست شرط وجود التفاق ال ّتحكيم‪ ،‬أي‬ ‫أنها ليست ركنا ً من أركان عقد ال ّتحكيم‪ .‬وأصحاب هذا الرأي يبررون موقفهم هذا بتمسكهم‬ ‫بحرفية نص املادة ‪ ..." 2/802‬ال يثبت االتفاق على ال ّتحكيم إال بالكتابة"‪ .‬وعليه‪ ،‬فاالتفاق الشفهي‬ ‫على ال ّتحكيم هو ممكن التحقق وفق هذا الرأي‪ ،‬ولكن إثباته ال يكون إال كتابةً‪ .‬وتبدو خطورة هذا‬ ‫الرأي من حيث أن اإلثبات بالكتابة له قانونا ً عدة استثناءات يجوز فيها اإلثبات بالشهادة؛ كما لو‬ ‫وجد مثال ً مان ع مادي أو أدبي حال دون احلصول على دليل كتابي ‪...‬أو بير ذلك مما أورده املشرع اإلماراتي‬ ‫في قانون اإلثبات(‪.)48‬‬ ‫‪ 45‬املقابلة لنص املادة (‪ )18‬من قانون التّحكيم املصري‪.‬‬ ‫‪ 46‬املقابلة لنص املادة (‪ )2/10‬من قانون التّحكيم املصري‪.‬‬ ‫‪ 47‬انظر‪ :‬اﶈامي جمـال حسـن النجــار‪ ،‬التّحكيم وفقـا لقانـون اإلجــراءات املدنيــة رقم (‪ )11‬لسنــة ‪- 1998‬املعمـول بــه‬ ‫فـي دولـــة اإلمارات العربيـة املتحــدة‪ -‬مجلة احلق‪ ،‬جمعية احلقوقيني بدولة اإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬العدد السابع ‪ 1481‬هـ‬ ‫‪ 8001‬م‪.‬‬ ‫‪ 48‬تقضي املادة ‪ 27‬من قانون اإلثبات االحتادي في املعامالت املدنية والتجارية رقم ‪ 10‬لسنة ‪ 1998‬أنه‪ " :‬يجوز اإلثبات بشهادة‬ ‫الشهود فيما كان يجب إثباته بالكتابة في األحوال اآلتية‪:‬‬ ‫‪ -1‬إذا وجد مبدأ ثبوت بالكتابة‪ ،‬ويعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة كل كتابة تصدر من اخلصم ويكون من شأنها أن جتعل وجود‬ ‫التصرف املدعى به قريب االحتمال‪.‬‬ ‫‪80‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫القطان‬ ‫محمد سامر‬ ‫د‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫‪ -2-14‬الرأي الثاني‪ :‬وهو ما نراه أقرب للصواب يرى في الكتابة شرط وجود التفاق ال ّتحكيم ال مجرد‬ ‫شرط إلثباته‪ .‬وعليه‪ ،‬يترتب على عدم كتابة اتفاق ال ّتحكيم بطالنه‪ ،‬وال مجال بالتالي إلثبات وجوده‬ ‫ال شفاها ً وال بأي طريقة أخرى بير الكتابة؛ إذ ال يجب التوقف عند حرفية نص املادة ‪ 2/802‬آنفة‬ ‫الذكر‪ ،‬وامنا يتعني االستناد في تفسير هذا النص إلى روح نصوص ال ّتحكيم باعتبارها وحدة‬ ‫متكاملة‪:‬‬ ‫فمن جهة‪ ،‬أشار املشرع اإلماراتي في معرض تنظيمه للتحكيم في قانون اإلجراءات املدنية إلى ما‬ ‫سمى "وثيقة ال ّت حكيم" قاصدا فيها اتفاق ال ّتحكيم‪ ،‬بطريقة تدل باملطلق أن كتابته هي شرط‬ ‫يُ ّ‬ ‫لوجوده (أي ركن) ال شرطا ً إلثباته؛ من ذلك مثال‪:‬‬ ‫‪ -1‬لقد أوجبت املادة ‪ 1/812‬ق إ م إيداع حكم اﶈكمني مع أصل وثيقة ال ّتحكيم قلم كتاب اﶈكمة‬ ‫اجملتصة‪ ،‬واإليداع ال ميكن أن يتصور في الوثائق عمليا ً إال ل ِ َم هو مكتوب‪.‬‬ ‫‪ -8‬وأوجبت املادة ‪ 2/818‬ق إ م أن يتضمن حكم اﶈكمني صورة من االتفاق على ال ّتحكيم‪ ،‬وبهذا‬

‫الشأن قضت محكمة متييز دبي بأن عدم تطبيق هذا النص يؤدي إلى بطالن احلكم(‪.)49‬‬ ‫‪ -2‬وأوجبت املادة ‪ 2/802‬ق إ م أن يحدد موضوع النزاع في وثيقة ال ّتحكيم أو أثناء نظر الدعوى وإال‬ ‫كان ال ّتحكيم باطال ً‪.‬‬ ‫‪ -4‬وقضت املادة ‪ 802‬ق إ م بعدم جواز تفويﺾ اﶈكمني بالصلﺢ ما لم يكونوا مذكورين بأسمائهم‬ ‫في االتفاق على ال ّتحكيم أو في وثيقة الحقة‪.‬‬ ‫وكل هذه النصوص القانونية – ورمبا بيرها ‪ -‬تدل بوضوح أن كتابة اتفاق ال ّتحكيم هو شرط لوجوده‬ ‫وليس شرطا ً إلثباته‪.‬‬

‫ومن جهة أخرى‪ ،‬تقضي األعراف ال ّتحكيمية‪ ،‬ال سيما في املنازعات التجارية الداخلية منها‬ ‫والدولية‪ ،‬بأن االتفاق على ال ّتحكيم ال ميكن أن يكون إال كتاب ًة حتت طائلة البطالن‪ .‬والكثير من‬ ‫تشريعات دول العالم تعتبر العرف التجاري في العديد من املعامالت التجارية مصدرا ً رئيسا ً‬ ‫للقانون(‪.)50‬‬

‫‪ -8‬إذا وجد مانع مادي أو أدبي يحول دون احلصول على دليل كتابي‪.‬‬ ‫‪ -2‬إذا فقد الدائن سنده الكتابي بسبب أجنبي ال يد له فيه‪.‬‬ ‫‪ -4‬إذا رأت اﶈكمة ألسباب وجيهة السماح باإلثبات بالشهادة‪.‬‬ ‫‪ -2‬إذا طعن في الدليل الكتابي بأنه يتضمن ما يحظره القانون أو مخالف للنظام العام أو اآلداب العامة"‪.‬‬ ‫‪ 49‬طعن مدني رقم ‪ ،22‬تاريخ ‪ ،8001/4/89‬مجلة القضاء والتشريع‪ ،‬العدد ‪ ،18‬ص‪.270‬‬ ‫‪ 50‬نصت املادة الثانية من قانون املعامالت التجارية اإلماراتي االحتادي رقم ‪ 12‬لسنة ‪ 1992‬على أن‪ -1" :‬يسري على التجار وعلى‬ ‫األعمال التجارية ما اتفق عليه املتعاقدان ما لم يتعارض اتفاقهما مع نص جتاري آمر‪ -8 .‬فإذا لم يوجد اتفاق خاص؛ سرت قواعد‬ ‫العرف التجاري فيما لم يرد بشأنه نص في هذا القانون‪ ،‬أو في بيره من القوانني املتعلقة باملسائل التجارية ويقدم العرف اخلاص‬ ‫أو اﶈلي على العرف العام فإذا لم يوجد عرف جتاري وجب تطبيق األحكام اخلاصة باملسائل املدنية فيما ال يتعارض مع املبادئ‬ ‫العامة للنشاط التجاري‪ -2 .‬وال يجوز تطبيق االتفاقيات اخلاصة أو قواعد العرف التجاري إذا تعارضت مع النظام العام أو اآلداب"‪.‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪81‬‬


‫اإلمارتي ‪ -‬دراسة مقارنة‪-‬‬ ‫اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون‬ ‫ّ‬ ‫وخالصة القول‪ ،‬إن كتابة شرط ال ّتحكيم هي ‪ -‬وفق الراجح في الفقه والقضاء ووفق أكثر‬ ‫التشريعات املقارنة‪ -‬شرط لوجوده ال شرطا ً إلثباته‪ ،‬وهي دون شك شرط شكلي يجعل من عقد‬ ‫ال ّتحكيم عقدا ً شكليا ً إضاف ًة لكونه عقدا ً رضائيا ً‪ ،‬كما سبق أن مر ّ معنا(‪.)51‬‬

‫‪ 51‬انظر ما سبق‪ ،‬البند ‪.9-‬‬ ‫‪82‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫القطان‬ ‫محمد سامر‬ ‫د‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫(‪ )8‬يجب أن يصدر اتفاق ال ّت حكيم ممن له أهلية التصرف في احلق محل النزا ع‪:‬‬ ‫‪ -4-14‬تأخذ تشريعات معظم الدول مبعيار قدرة الشخص على التصرف بحقوقه‪ ،‬من أجل تقرير‬ ‫أهليته إلبرام اتفاق حتكيم‪ .‬وعليه يكون احلق قابال للتصرف عندما يكون بإمكان صاحبه أو حائزه‬ ‫التفرغ عنه سواء ببيعه أو بالتنازل عنه(‪ .)52‬ففي دولة اإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬اشترط املشرع‬ ‫صراح ًة في قانون اإلجراءات املدنية‪ ،‬من أجل صحة اتفاق ال ّتحكيم‪ ،‬أن تتوافر في الشخص الذي‬ ‫يبرمه أهلية التصرف في احلق محل النزاع (املادة ‪.)4\202‬‬ ‫وكذلك‪ ،‬لم يجز مشروع قانون ال ّتحكيم اإلماراتي‪ ،‬على برار القانون املصري وبيره ‪ ...‬االتفاق على‬ ‫ال ّتحكيم إال للشخص الطبيعي أو االعتباري الذي ميلك التصرف في حقوقه (املادة ‪ 1/12‬من املشروع‬ ‫املقابلة للمادة ‪ 11‬من قانون ال ّتحكيم املصري)‪.‬‬ ‫وعلى ذلك‪ ،‬ال يجوز أن يكون طرفا ً في اتفاق ال ّتحكيم إال الشخص الذي ميلك أهلية التصرف في احلق‬ ‫موضوع هذا االتفاق‪ ،‬والعكس بالعكس؛ مبعنى أنه ال يجوز ملن ال ميلك حق التصرف بهذا احلق إبرام‬ ‫اتفاق حتكيم بشأنه‪ ،‬حتى ولو كان متمتعا ً باألهلية الالزمة إلدارة أمواله – كلها أو بعضها‪ -‬أو كان‬ ‫يتمتع بأهلية التقاضي أو بير ذلك ‪ ...‬وهذا ما أكدته محكمة متييز دبي بقولها إن‪ .." :‬االتفاق على‬ ‫اللجوء إلى ال ّتحكيم ال يصح إال ممن كانت له أهلية التصرف في احلق املتنازع عليه وليست أهليته‬ ‫في االلتجاء إلى القضاء ‪.)53(" ...‬‬ ‫وبديهي أن أهلية التصرف إلبرام اتفاق ال ّتحكيم يجب أن يتمتع بها جميع األطراف‪ ،‬وسواء أكان‬

‫اتفاق ال ّتحكيم على صورة شرط أو مشارطة‪ .‬وأهلية التصرف باحلقوق بالنسبة للشخص‬ ‫الطبيعي‪ ،‬يحددها عادة قانون الدولة التي يتبع إليها الشخص بجنسيته(‪ .)54‬وهي بحسب القانون‬ ‫اإلماراتي ال تكون إال ملن بلغ سن الرشد‪ ،‬وكان متمتعا بكامل قواه العقلية‪ ،‬ولم يحجر عليه ألي‬ ‫(‪)55‬‬

‫سبب من األسباب‪ .‬وقد حدد قانون املعامالت املدنية اإلماراتي االحتادي‬

‫‪ -‬وكذلك قانون األحوال‬

‫الشخصية االحتادي(‪ -)56‬سن الرشد القانوني للشخص الطبيعي بإمتام إحدى وعشرين سنة قمرية‬ ‫(أي ما يعادل بالتقومي الشمسي عشرين سنه وأربعة أشهر وعشرين يوماً؛ باعتبار أن السنة القمرية‬ ‫– الهجرية‪ -‬أقصر عن السنة الشمسية – امليالدية‪ -‬بعشرة أيام تقريبا)‪.‬‬ ‫‪52 Fauvarque-cosson (B), Libre disponibilite´ des droits et conflits de lois, L.G.D.J. Paris, 1996. No. 92-93, P. 57 et‬‬ ‫‪s.‬‬ ‫‪ 53‬قرار محكمة متييز دبي‪ ،‬أحكام املدنية‪ ،‬الطعن رقم ‪ ،8009 ،191‬جلسة ‪ ،8009-9-12‬املبدأ رقم ‪ -1-‬مكتب فني ‪ ،80‬ج ‪،2‬‬ ‫صفحة ‪ ،1912‬منشور على موقع شبكة قوانني الشرق‪http://www.eastlaws.com/ :‬‬ ‫‪ 54‬نصت املادة (‪ )1/11‬من قانون املعامالت املدنية اإلماراتي على أن‪" :‬يسري على احلالة املدنية لألشخاص وأهليتهم قانون الدولة‬ ‫التي ينتمون إليها بجنسيتهم ومع ذلك ففي التصرفات املالية التي تعقد في دولة اإلمارات العربية املتحدة وتترتب آثارها فيها‬ ‫إذا كان أحد الطرفني أجنبيا ناقص األهلية‪ ،‬وكان نقص األهلية يرجع الى سبب فيه خفاء ال يسهل على الطرف اآلخر تبينه؛ فان‬ ‫هذا السبب ال يؤثر في أهليته"‪.‬‬ ‫‪ 55‬نصت املادة (‪ 1-":)22‬كل شخص يبلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية ولم يحجر عليه يكون كامل األهلية ملباشرة‬ ‫حقوقه املنصوص عليها في هذا القانون والقوانني املتفرعة عنه‪ -8 .‬ويبلغ الشخص سن الرشد إذا أمت إحدى وعشرين سنة‬ ‫قمرية"‪.‬‬ ‫‪ 56‬املادتني (‪.)178 ،171‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪83‬‬


‫اإلمارتي ‪ -‬دراسة مقارنة‪-‬‬ ‫اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون‬ ‫ّ‬ ‫أما أهلية التصرف للشخص االعتباري‪ ،‬فيحددها عادة سند إنشائه‪ ،‬إضافة ملا يقرره القانون‬ ‫الواجب تطبيقه بشأنها(‪ .)57‬وفي هذا الصدد‪ ،‬قضت اﶈكمة االحتادية العليا في دولة اإلمارات بأن‬ ‫االتفاق على ال ّتحكيم هو من العقود الرضائية امللزمة‪ ،‬ويلزم لصحتها ونفاذها وجوب استيفائها‬ ‫جلميع أركان العقد من رضا ومحل وسبب مشروع‪ .‬ووجوب صدور الرضا ‪ -‬أو قبول التعاقد‪ -‬عن إرادة‬ ‫بير معيبة‪ ،‬ومتمتعة بكامل مقومات أهلية التعاقد‪ ،‬سواء تعلق األمر بشخص طبيعي أو معنوي‪.‬‬ ‫وعليه‪ ،‬في الشركات يكون صاحب الصفة في التعاقد باسمها ممثلها القانوني اجملول بذلك أو أي‬ ‫شخص يتم توكيله أو تفويضه بذلك(‪.)58‬‬ ‫وجتدر اإلشارة إلى أن اتفاق ال ّتحكيم يبرم إما من األطراف املعنية به أنفسهم أو من قبل وكالئهم‪،‬‬ ‫وفي احلالة الثانية ال بد –حسب قوانني معظم الدول‪ -‬من تفويضهم بإبرام هذا االتفاق بنص خاص؛‬ ‫فالوكالة ذات األلفاظ العامة ال جتيز للوكيل إبرام اتفاق ال ّتحكيم ما لم تشتمل على نص خاص‬ ‫صريح يفوضه بذلك؛ وفي هذا االجتاه نصت املادة ‪ 982‬من قانون املعامالت املدنية اإلماراتي على أنه‪" :‬‬ ‫إذا كانت الوكالة بلفظ عام لم يقترن مبا يوضح املقصود منه فال تخول الوكيل إال أعمال اإلدارة‬ ‫واحلفظ"‪ .‬وتبعتها املادة ‪ 989‬من القانون ذاته بنصها على أن‪" :‬كل عمل ليس من أعمال اإلدارة‬ ‫واحلفظ يستوجب توكيال خاصا محددا لنوع العمل وما تستلزمه الوكالة فيه من تصرفات"‪.‬‬ ‫وفي هذا الشأن‪ ،‬قضت محكمة متييز دبي أيضا ً‪ .. ":‬أن موافقة وكيل اخلصم على ال ّتحكيم حتتاج‬ ‫إلى تفويض خاص من املوكل‪ ،‬وال تكفي فيه الوكالة العامة ألن االتفاق على ال ّتحكيم يعني التنازل‬

‫عن رفع الدعوى أمام قضاء الدولة ربم ما يكفله من ضمانات للخصوم"(‪ .)59‬وفي قرار آخر‪ ،‬ذكرت‬ ‫محكمة متييز دبي أنه‪" :‬من املقرر أن اﶈامي املوكل ليست لديه أهلية االلتجاء إلى ال ّتحكيم أو‬ ‫املوافقة عليه بغير تفويض خاص على ذلك من املوكل وهو ما تتحقق منه هيئة ال ّتحكيم قبل‬ ‫الفصل في النزاع ويقع حكمها باطال ً إذا تخلف شرط األهلية لاللتجاء إلى ال ّتحكيم وهو ما تقضي‬ ‫به اﶈكمة عند نظرها على التصديق على هذا احلكم الباطل طبقا ً للمادة (‪ 1/811‬ج) من قانون‬ ‫اإلجراءات املدنية‪ ،‬وال يصحح هذا البطالن إجازة اخلصم املوكل الالحقة للتصرف الذي قام به وكيله‬ ‫بااللتجاء إلى ال ّتحكيم دون تفويض إذ يجب أن تكون إجازة املوكل الالحقة – التي ينظر فيها– أثناء‬ ‫مباشرة إجراءات ال ّتحكيم وقبل صدور حكم ال ّتحكيم وليس بعد إنهاء إجراءات ال ّتحكيم وصدور‬ ‫حكم اﶈكمني‪ ،‬وبعد رفع الدعوى للتصديق على حكم ال ّتحكيم أو طلب إبطاله‪ .‬أي أن طلب اإلجازة‬

‫‪ 57‬نصت املادة (‪ )8/11‬من قانون املعامالت املدنية اإلماراتي االحتادي على أنه‪" :‬أما النظام القانوني لألشخاص االعتبارية األجنبية‬ ‫من شركات وجمعيات ومؤسسات وبيرها فيسري عليه قانون الدولة التي اتخذت فيها هذه األشخاص مركز إدارتها الرّئيس‬ ‫الفعلي‪ ،‬فإذا باشرت نشاطا في دولة اإلمارات العربية املتحدة فان القانون الوطني هو الذي يسري"‪.‬‬ ‫‪ 58‬الطعن رقم ‪ 181‬لسنة ‪ 8018‬جتاري‪ ،‬جلسة األربعاء ‪ 80‬من يونيو سنة ‪ ،8018‬منشور في ّ‬ ‫العنكبوتية‪ ،‬موقع منتدى‬ ‫الشبكة‬ ‫ّ‬ ‫قانون اإلمارات ‪http://theuaelaw.com/vb/index.php‬‬ ‫‪ 59‬قرار محكمة متييز دبي‪ ،‬أحكام املدنية‪ ،‬الطعن رقم ‪ ،8009 ،191‬جلسة ‪ ،8009-9-12‬املبدأ رقم ‪ -1-‬مكتب فني ‪ ،80‬ج ‪،2‬‬ ‫صفحة ‪ ،1912‬منشور في ّ‬ ‫العنكبوتية‪ ،‬موقع شبكة قوانني الشرق‪http://www.eastlaws.com/ :‬‬ ‫الشبكة‬ ‫ّ‬ ‫‪84‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫القطان‬ ‫محمد سامر‬ ‫د‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫الالحقة اللتجاء الوكيل للتحكيم ال يكون بعد فوات أوانها – كما احلال– بإجازة تصرف الوكيل‬ ‫بال ّتحكيم في الدعوى املاثلة"(‪.)60‬‬ ‫ثانيا‪ -‬الشروط املوضوعية لصحة اتفاق ال ّت حكيم‪:‬‬ ‫‪ -12‬يتطلب القانون اإلماراتي –كما املقارن‪ -‬من أجل صحة اتفاق ال ّتحكيم‪ ،‬إضافة للشروط‬ ‫الشكلية التي أتينا على ذكرها‪ ،‬مجموعة من الشروط املوضوعية‪ ،‬نتناولها تباعا فيما يأتي‪:‬‬

‫(‪ )1‬حتديد موضو ع النزا ع في اتفاق ال ّت حكيم‪:‬‬ ‫‪ -1-12‬أوجب القانون اإلماراتي حتديد موضوع النزاع‪ ،‬إما في اتفاق ال ّتحكيم ذاته أو في أثناء نظر‬ ‫الدعوى‪ ،‬حتى ولو كان اﶈكمون مفوضني بالصلح )مادة ‪ 2/802‬ق إ م)‪.‬‬ ‫وإذا جاء اتفاق ال ّتحكيم في صورة شرط أو بند ُمدرج في العقد األصلي الذي يربط بني األطراف‪،‬‬ ‫فغالبا ما يأتي مقتضبا ً أو مختصرا ً؛ باعتبار أن شرط التّحكيم ال يبرم –كما رأينا‪ -‬إال بشأن نزاع لم‬

‫يقع بعد‪ ،‬األمر الذي يجعل حتديده بدقة أمرا ً صعباً‪ ،‬إن لم نقل مستحيال(‪ .)61‬وفي الواقع‪ ،‬بالبا ما‬ ‫يصار إلى حتديده باتفاق الحق بني األطراف قبل أو في بداية السير في اإلجراءات ال ّتحكيمية‪.‬‬ ‫أما إذا جاء اتفاق ال ّتحكيم في صورة مشارطة ‪ -‬أي أبرم بعد وقوع النزاع‪ -‬فيتوجب حينئذ حتت طائلة‬ ‫البطالن حتديد كافة املسائل التي يربب األطراف في حلها عن طريق ال ّتحكيم‪ ،‬سواء مت اللجوء إلى‬ ‫ال ّتحكيم ابتدا ًء‪ ،‬أو بنا ًء على إحالة من اﶈكمة التي عرض عليها النزاع قبل االتفاق على ال ّتحكيم‬ ‫وفق تعبير املشرع اإلماراتي(‪ .)62‬وهذا هو أيضا ً موقف املشرع الفرنسي – وبيره‪ -‬حيث قضى بوجوب‬

‫حتديد موضوع النزاع حتت طائلة البطالن(‪.)63‬‬ ‫(‪ )8‬عدم تناول اتفاق ال ّت حكيم مسائل ال يجوز فيها الصلح‪:‬‬ ‫‪-8-12‬ال يجوز أن يتناول اتفاق ال ّتحكيم منازعات ال يجوز الصلح فيها أصال ً (مادة ‪ 4/802‬ق إ م)‪ .‬وقد‬ ‫أكدت اﶈكمة االحتادية العليا في دولة اإلمارات أن قوام الشريعة العامة للتحكيم في املواد املدنية‬ ‫والتجارية هو االتفاق عليه في املسائل التي يجوز فيها الصلح(‪ .)64‬ومن أهم املسائل التي ال يجوز‬ ‫فيها الصلح‪ ،‬وبالتالي ال يجوز فيها ال ّتحكيم هي‪:‬‬ ‫أ‪ -‬املسائل التي تتعلق باألحوال الشخصية الصرفة‪ :‬فال يجوز ال ّتحكيم من حيث املبدأ‬ ‫في جميع املنازعات املتعلقة باألحوال الشخصية باستثناء احلقوق املالية الناجمة عنها‪ .‬فـال يـجوز‬ ‫‪ 60‬قرار محكمة متييز دبي‪ ،‬أحكام املدنية‪ ،‬الطعن رقم ‪ ،8009 ،191‬جلسة ‪ ،8009-9-12‬املبدأ رقم ‪ -2 -‬مكتب فني ‪ ،80‬ج ‪،2‬‬ ‫صفحة ‪ ،1912‬منشور في ّ‬ ‫العنكبوتية‪ ،‬موقع شبكة قوانني الشرق‪http://www.eastlaws.com/ :‬‬ ‫الشبكة‬ ‫ّ‬ ‫‪ 61‬انظر ما سبق‪ ،‬البندين ‪ 11-‬و‪.8-12‬‬ ‫‪ 62‬مادة ‪ 2/802‬من قانون اإلجراءات املدنية اإلماراتي‪.‬‬ ‫‪Article 1445 du NCPC "A peine de nullité, le compromis détermine l'objet du litige". 63‬‬ ‫‪ 64‬الطعن رقم ‪ 171‬لسنة ‪ 8009‬جتاري‪ ،‬جلسة األحد املوافق ‪ 12‬من أكتوبر سنة ‪ ،8009‬منشور في ّ‬ ‫العنكبوتية‪ ،‬موقع‬ ‫الشبكة‬ ‫ّ‬ ‫قانون اإلمارات‪http://theuaelaw.com/vb/index.php :‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪85‬‬


‫اإلمارتي ‪ -‬دراسة مقارنة‪-‬‬ ‫اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون‬ ‫ّ‬ ‫ال ّتحكيم مثال ً في خصومة تتصل بصحة أو بطالن عقد زواج أو وقوع طالق ‪ ...‬ولكن يجوز ال ّتحكيم‬ ‫في املصالح املالية املتصلة بالزواج أو بالطالق ‪ ...‬كتحديد مقـدار النفقة أو بدل اجملالعة ‪...‬‬ ‫ب‪ -‬املسائل التي تتعلق باملسؤولية اجلنائية‪ :‬فال يجوز ال ّتحكيم من حيث املبدأ في جميع‬ ‫املنازعات املتعلقة بتحديد املسؤولية اجلنائية‪ ،‬أو بنفيها باستثناء احلقوق املالية الناجمة عنها‪ .‬فـال‬ ‫يـجوز ال ّتحكيم مثال ً بشأن األفعال التي تعد جرائم‪ ٬‬وال حتديد املسؤولية عنها‪ ،‬أما ال ّتحكيم في‬ ‫املسائل املتعلقة بتحديد التعويض الناجت عن اجلرمية فهو جائز‪.‬‬ ‫ج‪ -‬املسائل التي تتعلق باجلنسية‪ :‬وال يجـوز ال ّتحكيم أيضا ً في كل ما يتعلق في خصومة تتصل‬ ‫باكتساب أو عدم اكتساب اجلنسية‪.‬‬ ‫د‪ -‬املسائل التي تتعلق بالنظام العام‪ :‬وال يجـوز ال ّتحكيم بشكل أعم وأشمل في جميع املنازعات‬ ‫املتعلقة بالنظام العام؛ كالنزاع بشأن دين قمار‪ ،‬أو بشأن ثمن مواد ممنوعة ‪...‬‬ ‫ه‪ -‬املسائل التي يحصر املشرع نظرها مبحاكم الدولة‪ ،‬ويحظر على بيرها البت فيها‪)65(...‬‬ ‫خالصة القول‪ ،‬ال بد في اتفاق ال ّتحكيم‪ ،‬شرطا كان أم مشارطة‪ ،‬أن تتوافر فيه كافة األركان‬ ‫والشروط القانونية الالزمة لوجوده ولصحته والتي أتينا على ذكرها في هذا املبحث‪.‬‬

‫‪ - 65‬انظر‪ :‬الشهابي إبراهيم الشرقاوي‪ ،‬اتفاق ال ّتحكيم في ضوء أحكام القضاء اإلماراتي ومشروع القانون االحتادي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.41‬‬

‫‪86‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫القطان‬ ‫محمد سامر‬ ‫د‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫املبحث الرابع‬ ‫آثار اتفاق ال ّت حكيم‬ ‫‪ -11‬إذا توافرت في اتفاق التّحكيم‪ ،‬شرطً ا كان أو مشارطة‪ ٬‬كافة أركانه وشرائط صحته‪ ،‬فإن هذا‬ ‫سلبي؛ يتمثل في حجب والية قضاء الدولة عن النظر‬ ‫االتفاق ينتج أثرين قانونيني هامني‪ ٬‬أحدهما‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫إيجابي؛ يتمثل في والية هيئة ال ّتحكيم للبت بالنزاع‬ ‫في النزاع موضوع اتفاق ال ّتحكيم‪ ،‬والثّاني ‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫موضوع اتفاق ال ّتحكيم‪ ،‬وسنتناول كال منهما تباعا فيما يأتي‪:‬‬

‫املطلب األول‬ ‫لبي التفاق ال ّت حكيم‬ ‫األثر ّ‬ ‫الس ّ‬ ‫‪ -17‬ينتج عن إبرام اتفاق ال ّتحكيم أثر سلبي يتمثل في حجب والية قضاء الدولة عن النظر في‬ ‫النزاع موضوع هذا االتفاق‪ ،‬وبالشروط التي نص عليها القانون‪ .‬فعمال ً مببدأ العقد شريعة‬ ‫املتعاقدين‪ ٬‬ال يجوز ﶈاكم الدولة‪ ،‬من حيث املبدأ‪ ،‬النظر بالنزاع الذي اتفـق اخلصـوم على تسويته‬ ‫عن طريق ال ّتحكيم‪ ،‬فإذا جلأ أحد طرفي النزاع إلى رفع الدعوى أمام القضاء دون اعتداد باتفاق‬ ‫ال ّتحكيم‪ ٬‬واعترض الطرف اآلخر‪ ٬‬توجب على اﶈكمة عندئ ٍذ احلكم بعدم قبول الدعوى‪ ،‬وذلك بشرط‬ ‫أن يكون التمسك باتفاق التّحكيم من قبل املدعى عليه في اجللسة األولى‪ ،‬وقبل أي طلب منه أو‬ ‫دفع أو دفاع‪ ٬‬وإال ال يعتد باتفاق ال ّتحكيم ويتوجب على اﶈكمة نظر الدعوى والبت بالنزاع؛ وهذا ما‬ ‫نصت عليه املادة ‪ 2/802‬من قانون اإلجراءات املدنيـة اإلماراتي بقولها‪" :‬وإذا اتفق اخلصوم على‬ ‫التحكيم في نزاع ما فال يجوز رفع الدعوى به أمام القضاء ومع ذلك إذا جلأ أحد الطرفني إلى رفع‬ ‫الدعوى دون اعتداد بشرط التحكيم ولم يعترض الطرف اآلخر في اجللسة األولى وجب نظر الدعوى‪،‬‬ ‫واعتبر شرط التحكيم البياً"‪.‬‬ ‫وهذا هو احلال أيضا ً في مشروع قانون ال ّتحكيم االحتادي؛ حيث قضت املادة ‪ 14‬منه بأن‪" :‬على‬ ‫اﶈكمة التي يرفع إليها نزاع يوجد بشأنه اتفاق حتكيم‪ ،‬أن حتكم بعدم قبول الدعوى وحتيل الطرفني‬ ‫إلى التحكيم؛ إذا دفع املدعى عليه بذلك قبل إبدائه أي طلب أو دفاع في الدعوى‪ ."...‬وهو أيضا ً موقف‬ ‫قانون ال ّتحكيم املصري (م ‪.)12‬‬ ‫تلقائيا ً بعدم قبول الدعوى لوجود اتفاق حتكيم بشأن النزاع‬ ‫وعلى ذلك‪ ٬‬ال يجوز للمحكمة أن تقضي‬ ‫ّ‬ ‫املعروض عليها‪ ٬‬وإمنا يتعني أن يدفع أمامها بذلك املدعى عليه في أول جلسة‪ ،‬وقبل إبدائه أ ّي طلب‬ ‫أو دفع أو دفاع في الدعوى؛ فاالتفاق على ال ّتحكيم ما هو إال استثناء من األصل العام الذي يقضي‬ ‫بحرية اللجوء إلى القضاء‪ ٬‬وبالتالي للخصوم النزول عن حقهم هذا؛ وتطبيقا ً لذلك قضت اﶈكمة‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪87‬‬


‫اإلمارتي ‪ -‬دراسة مقارنة‪-‬‬ ‫اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون‬ ‫ّ‬ ‫االحتادية العليا في دولة اإلمارات بأن والية القضاء هي والية عامة جلميع املنازعات إال ما استثني‬ ‫منها بنص صريح‪ ،‬أو اتفق اخلصوم فيها على حلها عن طريق التحكيم بصورة صريحة(‪.)66‬‬ ‫‪ -12‬ومن الناحية اإلجرائية‪ ٬‬يُعد التمسك أو الدفع بوجود اتفاق حتكيم بشأن نزاع رفع إلى القضاء‪،‬‬

‫دفعا ً شكليا ً؛ فهو يهدف إلى احلكم بعدم قبول الدعوى دون الدخول في موضوعها‪ .‬وهو في الوقت‬ ‫ذاته دفع ال يتعلق بالنظام العام؛ فاللجوء إلى ال ّتحكيم مبني في األساس على إرادة األطراف التي‬ ‫احترمها املشرع في األحوال والشروط املبينة في القانون؛ وهذا ما ذهبت إليه اﶈكمة االحتادية العليا‬ ‫بقولها‪" :‬إن من املقرر أن الدفع بعدم قبول الدعوى لوجود شرط التحكيم من الدفوع الشكلية التي‬ ‫ال تتصل بالنظام العام ويجب إبداؤه قبل التعرض للموضوع؛ وإال سقط احلق في اإلدالء بها عمال ً‬

‫باملادة ‪ 24‬من قانون اإلجراءات املدنية"(‪.)67‬‬ ‫وكذلك‪ ،‬قضت محكمة متييز دبي في أحد قراراتها أنه "من املقرر وفق ما تقضي به الفقرة اخلامسة‬ ‫من املادة ‪ 802‬من قانون اإلجراءات املدنية‪ ،‬أنه إذا اتفق اخلصوم على التحكيم في نزاع ما فال يجوز‬ ‫رفع الدعوى به أمام القضاء‪ ،‬ومع ذلك إذا جلأ أحد الطرفني ورفع الدعوى دون اعتداد بشرط التحكيم‬ ‫ولم يعترض الطرف اآلخر في اجللسة األولى‪ ،‬جاز نظر الدعوى واعتبر شرط التحكيم البياً‪ ،‬ومن‬ ‫املقرر في قضاء هذه اﶈكمة أنه يجب على الطرف املتمسك بشرط التحكيم أن يتخذ موقفا ً‬ ‫إيجابيا بأن يعترض في اجللسة األولى على التجاء خصمه إلى القضاء للمطالبة مبا يدعيه من حق‬ ‫ّ‬ ‫ربم االتفاق على التحكيم‪ ،‬فإن لم يحصل منه اعتراض في تلك اجللسة جاز نظر الدعوى‪ ،‬واملقصود‬ ‫من عبارة (جاز نظر الدعوى)‪ ،‬أن نظر الدعوى أمام اﶈكمة يصبح صحيحا ً والزما ً ويصبح شرط‬ ‫التحكيم البياً‪ ،‬أما إذا ما مت االعتراض في تلك اجللسة فيتعني على اﶈكمة أن تقضى بعدم قبول‬ ‫الدعوى لوجود شرط التحكيم إعماال ً التفاق اخلصوم على اللجوء إلى التحكيم لفض املنازعات‬ ‫بينهم‪ ،‬واملقصود باجللسة األولى هي اجللسة التي يحضر فيها املدعى عليه أو ممثله ألول مرة أمام‬ ‫اﶈكمة"(‪.)68‬‬ ‫في حني يرى جانب من التشريع والفقه والقضاء أن الدفع بوجود اتفاق ال ّتحكيم هو دفع بعدم‬

‫االختصاص وليس دفعا بعدم قبول الدعوى(‪)69‬؛ فمثال نصت املادة ‪ 1442‬من القانون اإلجراءات املدنية‬ ‫الفرنسي بأنه إذا رفعت دعوى أمام محكمة من محاكم الدولة بشأن نزاع مشروط عرضه على‬ ‫ال ّتحكيم‪ ،‬فعلى اﶈكمة أن تعلن عدم اختصاصها‪ ،‬ما لم تكن هيئة ال ّتحكيم مختصة‪ ،‬أو كان‬

‫‪ 66‬الطعن رقم ‪ 140‬لسنة ‪ 80099‬جتاري‪ ،‬جلسة الثالثاء املوافق ‪ 82‬من يوليو سنة ‪ ،800‬منشور في ّ‬ ‫العنكبوتية؛ موقع‬ ‫الشبكة‬ ‫ّ‬ ‫قانون اإلمارات‪http://theuaelaw.com/vb/index.php :‬‬ ‫‪ 67‬قرار اﶈكمة االحتادية العليا‪ ،‬مدني جتاري‪ ،‬الطعن رقم ‪ ،882‬جلسة ‪ .8002-1-2‬مكتب فني ‪ ،82‬جزء ‪ ،2‬صفحة ‪ ،1481‬منشور‬ ‫في ّ‬ ‫العنكبوتية‪ ،‬موقع شبكة قوانني الشرق‪http://www.eastlaws.com/ :‬‬ ‫الشبكة‬ ‫ّ‬ ‫‪ 68‬قرار محكمة متييز دبي‪ ،‬األحكام املدنية‪ ،‬الطعن رقم ‪ ،117‬لسنة ‪ ،8008‬جلسة ‪ ،8008-1-8‬املبدأ رقم ‪ -1-‬مكتب فني ‪ ،12‬ج‬ ‫‪ ،1‬صفحة ‪ .421‬منشور في ّ‬ ‫العنكبوتية‪ ،‬موقع شبكة قوانني الشرق‪http://www.eastlaws.com/ :‬‬ ‫الشبكة‬ ‫ّ‬ ‫لبي املترتب على اتفاق‬ ‫‪ 69‬إبراهيم جوهر إبراهيم‪ ،‬الدفع باتفاق التّحكيم في الدعوى املدنية – دراسة مقارنة في األثر ّ‬ ‫الس ّ‬ ‫ال ّتحكيم في التشريعات العربية واألجنبية‪ ،‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪ ،8009‬ص ‪ 128‬وما بعد‪.‬‬ ‫‪88‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫القطان‬ ‫محمد سامر‬ ‫د‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫اتفاق ال ّتحكيم باطال بشكل ظاهر أو بير واجب التطبيق‪ ،‬وال ميكن لقضاء الدولة أن يعلن عدم‬

‫اختصاصه من تلقاء نفسه‪ ،‬وكل اتفاق على خالف ذلك يُعد كأن لم يكن(‪.)70‬‬ ‫ونحن بدورنا نؤيد ما ذهبت إليه اﶈكمة االحتادية العليا‪ ،‬ومحكمة متييز دبي‪ ،‬من أن الدفع بوجود‬ ‫اتفاق حتكيم أمام القضاء هو بالتكييف القانوني الصحيح دفع بعدم قبول الدعوى وليس دفعا‬ ‫ثم على اﶈكمة املعنية أن حتكم بعدم قبول الدعوى إذا توافرت جميع‬ ‫بعدم االختصاص‪ ،‬ومن ّ‬ ‫الشرائط القانونية لهذا الدفع؛ والسبب في ذلك أن وجود اتفاق ال ّتحكيم يحجب اختصاص‬ ‫اﶈكمة‪ ،‬التي هي في األصل مختصة في البت بالنزاع موضوع هذا االتفاق‪ ،‬حجبا ً مؤقتا ً ال نهائيا ً؛‬ ‫فإذا ما فشل ال ّتحكيم أو تعثر ألي سبب من األسباب البد حينئ ٍذ من العودة إليها حلل النزاع برمته‪،‬‬ ‫أو حلل املسألة املتعثرة‪ .‬فعلى سبيل املثال؛ البد من الرجوع إلى اﶈكمة اﺨﻤﻟتصة من أجل اتخاذ بعﺾ‬ ‫اإلجراءات الضرورية للعملية ال ّتحكيمية مثل‪:‬‬ ‫ النظر بطلب تعيني اﶈكمني‪ ،‬وذلك في حال وقع النزاع موضوع اتفاق ال ّتحكيم ولم يكن اخلصوم‬‫قد اتفقوا على تسميتهم‪ ،‬أو في حال امتنع واحد أو أكثر من اﶈكمني املتفق عليهم عن العمل أو‬ ‫اعتزله أو عزل عنه أو حكم برده‪ ،‬أو قام مانع من مباشرته له‪ ،‬ولم يكن هناك اتفاق في هذا الشأن‬ ‫بني اخلصوم ‪( ...‬املادة ‪ 1/804‬واملادة ‪ 4-2/807‬من ق إ م)‪.‬‬ ‫ النظر بطلب مد أجل ال ّتحكيم املقدم من اﶈكم أو أحد اخلصوم (املادة ‪.)2/810‬‬‫ احلكم باجلزاء املنصوص عليه في القانون على من يتخلف من الشهود عن احلضور أمام هيئة‬‫ال ّتحكيم‪ ،‬أو ميتنع عن اإلدالء بشهادته (املادة ‪-8/809‬أ)‪.‬‬ ‫ احلكم بتكليف الغير بتقدمي مستند في حوزته ضروري للحكم بالقضية ال ّتحكيمية (املادة‬‫‪ -8/809‬ب)‪.‬‬ ‫ احلكم بتصديق قرار ال ّتحكيم بناء على طلب الطرف صاحب املصلحة؛ باعتبار أن حكم اﶈكمني‪،‬‬‫وإن كان قابال للتنفيذ الرضائي‪ ،‬إال أن ّه ال يكون قابال للتنفيذ اجلبري إال بعد تصديقه أصوال‪ ،‬أي بعد‬ ‫التحقق من شرائطه القانونية‪ ،‬وكذلك احلكم بإبطاله (املادتني ‪ 814‬و‪... )812‬‬ ‫‪ -19‬وكل ذلك يدل أن اختصاص القضاء بنظر النزاع موضوع اتفاق ال ّتحكيم‪ ،‬يُحجب بشكل مؤقت‬

‫ال نهائي‪ ،‬ويتوجب بالتالي على اﶈكمة اﺨﻤﻟتصة أصال بالنظر بالنزاع أن حتكم بعدم قبول الدعوى‬ ‫وليس بعدم اختصاصها‪ ،‬فيما لو متسك صاحب املصلحة بهذا االتفاق أمامها‪ ،‬في أول جلسة وقبل‬ ‫أي طلب أو دفع أو دفاع‪.‬‬

‫‪Article 1448 du NCPC "Lorsqu'un litige relevant d'une convention d'arbitrage est porté devant une juridiction de 70‬‬ ‫‪celle-ci se déclare incompétente sauf si le tribunal arbitral n'est pas encore saisi et si la convention ،l'Etat‬‬ ‫‪d'arbitrage est manifestement nulle ou manifestement inapplicable. La juridiction de l'Etat ne peut relever d'office‬‬ ‫‪son incompétence. Toute stipulation contraire au présent article est réputée non écrite".‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪89‬‬


‫اإلمارتي ‪ -‬دراسة مقارنة‪-‬‬ ‫اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون‬ ‫ّ‬

‫املطلب الثاني‬ ‫اإليجابي التفاق ال ّت حكيم‬ ‫األثر‬ ‫ّ‬ ‫إيجابي‪ ،‬يتمثل في والية هيئة ال ّتحكيم للبت بالنزاع‬ ‫‪ -80‬ينتج عن إبرام اتفاق ال ّتحكيم أيضا ً أثر‬ ‫ّ‬ ‫موضوع اتفاق ال ّتحكيم؛ فاحتراما ً ملبدأ (العقد شريعة املتعاقدين)‪ ٬‬ولطاملا اتفق األطراف املتخاصمة‬ ‫على اللجوء إلى ال ّتحكيم لتسوية نزاعهم‪ ٬‬فعلى هيئة ال ّتحكيم إن قَبلت هذه املهمة أن تتولى‬ ‫النظر بهذا النزاع والفصل فيه‪ ٬‬وفق األصول واإلجراءات اﶈددة باتفاق األطراف املتخاصمة أو في‬ ‫القواعد القانونية الواجبة التطبيق‪.‬‬ ‫اإليجابي التفاق ال ّتحكيم في التزام أطرافه بعرض نزاعهم على ال ّتحكيم‪٬‬‬ ‫ومبعنى آخر‪ ٬‬يتمثل األثر‬ ‫ّ‬ ‫فال يجوز من حيث املبدأ االلتفات عن هذا االتفاق‪ ٬‬أو تركه أو التنازل عنه‪ ٬‬واللجوء إلى القضاء إال‬ ‫باتفاق جديد بني الطرفني‪.‬‬ ‫وجتدر اإلشارة إلى أن اتفاق ال ّتحكيم ال مينع أطرافه بشكل نهائي من اللجوء إلى محاكم الدولة؛ ألن‬ ‫حق اللجوء إلى القضاء هو من احلقوق العامة التي ال يجوز التنازل عنها بشكل مطلق‪ ،‬وصحيح أن‬ ‫املشرع سمح لألطراف اللجوء إلى ال ّتحكيم‪ ،‬ولكن على سبيل االستثناء وضمن الشروط املبينة في‬ ‫القانون‪ ،‬فإذا ما اختل شرط منها عادت الوالية إلى األصل‪ ،‬أي إلى قضاء الدولة(‪.)71‬‬

‫مهمان‪ :‬األول يكمن‬ ‫وحول والية هيئة ال ّتحكيم للبت بالنزاع موضوع اتفاق ال ّتحكيم‪ ،‬يبرز تساؤالن‬ ‫ّ‬

‫في معرفة مصير شرط ال ّتحكيم املندرج في عقد باطل أو قابل لإلبطال؟ والثاني يكمن في معرفة‬ ‫اجلهة اجملتصة بالنظر في صحة اختصاص هيئة ال ّتحكيم للبت بالنزاع؟‬ ‫ولإلجابة على هذين التساؤلني‪ ٬‬يورد الفقه املقارن مبدأين هامني هما‪ :‬مبدأ استقاللية شرط‬ ‫ال ّتحكيم‪ ،‬ومبدأ االختصاص باالختصاص‪ ٬‬نتناول شرح كال ً منهما على التتالي‪:‬‬ ‫أوال‪ -‬مبدأ استقاللية شرط ال ّت حكيم‪:‬‬ ‫‪ -1-80‬معناه‪ :‬يعني مبدأ استقاللية شرط ال ّتحكيم أنه إذا كان العقد باطال ً أو قابال ً لإلبطال‪ ٬‬ألي‬ ‫سبب من األسباب‪ ٬‬فهذا ال يؤثر في شرط أو بند ال ّتحكيم املُندرج فيه‪ ٬‬وذلك خالفا ً للقاعدة العامة‬ ‫التي تقضي بأن بطالن العقد يؤدي بالتبعية إلى بطالن وزوال كل ما تضمنه من شروط مبا فيها‬ ‫شرط ال ّتحكيم‪ .‬ومبعنى آخر إن االدعاء أو احلكم ببطالن العقد املتضمن لشرط ال ّتحكيم ال يعني‬ ‫بالضرورة بطالن هذا الشرط‪.‬‬ ‫‪ -8-80‬أساسه‪ :‬استقالل شرط ال ّتحكيم هو من املبادئ املستقرة في معظم التشريعات‬ ‫الوضعية الداخلية منها والدولية‪ ،‬وتستخلص هذه االستقاللية من املوضوع اجملتلف لكل من‬ ‫العقدين– العقد األصلي وشرط ال ّتحكيم‪ -‬فهذا األخير يرد محله على البت في املنازعات الناشئة‬ ‫عن الشروط املوضوعية‪ ،‬وال يهدف ‪ -‬خالفا لألول‪ -‬إلى حتديد حقوق والتزامات األطراف املوضوعية‬

‫‪ 71‬د‪ .‬أحمد إبراهيم عبد التواب‪ ،‬األثر اإليجابي والسلبي التفاق ال ّتحكيم‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،8012 ،‬ص‪.89‬‬ ‫‪90‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫القطان‬ ‫محمد سامر‬ ‫د‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫التي يتضمنها العقد األصلي(‪ .)72‬ومبعنى آخر‪ ،‬يجد مبدأ استقاللية شرط ال ّتحكيم أساسه في‬ ‫بايته املستقلة التي تكمن في آلية حل النزاع بني أطراف العقد املتضمن شرط ال ّتحكيم‪ ،‬والتي‬ ‫تقتضي اللجوء إلى ال ّتحكيم دون القضاء أو أي من الوسائل األخرى حلل املنازعات‪ ،‬األمر الذي يجعل‬ ‫من هذا الشرط اتفاقا ً مستقال ً عن العقد املُندرج فيه‪ ،‬وإن كان مندمجا فيه من الناحية املادية‪،‬‬ ‫وبالتالي ال يؤثر بطالن العقد األصلي على شرط ال ّتحكيم املُدرج فيه مادام هذا الشرط صحيحا‬ ‫بذاته‪.‬‬ ‫‪ -2-80‬موقف القانون املقارن‪ :‬أخذ قانون اإلجراءات املدنية الفرنسي مببدأ استقاللية شرط‬ ‫ال ّتحكيم؛ فنص صراح ًة على أن شرط ال ّتحكيم مستقل عن العقد الذي أحال إليه‪ ،‬وال يؤثر بطالن‬

‫هذا العقد على هذا الشرط(‪.)73‬‬ ‫وكذلك‪ ،‬تبنى القانون النموذجي (لليونسترال) مبدأ استقاللية شرط ال ّتحكيم‪ ٬‬ومنه انتقل إلى‬ ‫الكثير من تشريعات دول العالم الغربية والعربية‪ ٬‬والتي منها على سبيل املثال‪ :‬سورية ومصر‬ ‫وعُ مان واألردن ‪ ...‬حيث عَ دّت شرط ال ّتحكيم اتفاقا ً مستقال ً عن شروط العقد األخرى‪ ٬‬وأن انتهاء‬ ‫العقد أو بطالنه أو فسخه أو إنهاءه ال يرتب أي أثر على شرط ال ّتحكيم طاملا أن هذا الشرط‬ ‫صحيحا في ذاته‪.‬‬

‫‪ -4-80‬موقف القانون اإلماراتي‪ :‬ال يوجد نص تشريعي في دولة اإلمارات العربية املتحدة يقضي‬ ‫باستقاللية شرط ال ّتحكيم‪ .‬لكن القضاء اإلماراتي تعرض لهذا الشرط وتبناه صراح ًة في العديد‬ ‫من قراراته؛ فقد قضت محكمة متييز دبي‪ ،‬في إحدى قراراتها أنه‪" :‬من املقرر أن بطالن العقد األصلي‬ ‫املتضمن شرط ال ّتحكيم أو فسخه أو إنهاءه ال مينع من أن يظل شرط ال ّتحكيم ساريا ً ومنتجا ً ألثره‬ ‫بالنسبة لآلثار املترتبة على بطالن أو فسخ أو إنهاء العقد األصلي ما لم ميتد البطالن إلى شرط‬ ‫ال ّتحكيم ذاته‪ ،‬فيكون في هذه احلالة ال أثر له‪ ،‬باعتبار أن شرط ال ّتحكيم له موضوعه اخلاص به‪،‬‬ ‫والذي يتمثل في استبعاد النزاع املشترط ال ّتحكيم فيه من والية اﶈاكم‪ .‬وإسناد والية الفصل فيه‬

‫إلى هيئة ال ّتحكيم"(‪ .)74‬وكذلك تبنت اﶈكمة االﲢادية العليا هذا املبدأ؛ حيث قضت في قرار لها‬ ‫صدر سنة ‪ 8010‬بأن‪" :‬بطالن العقد األساسي املتضمن شرط ال ّتحكيم أو فسخه أو إنهاءه ال مينع‬

‫من أن يظل شرط ال ّتحكيم ساريا ومنتجا ألثره بالنسبة للنزاع املشترط ال ّتحكيم فيه(‪.)75‬‬ ‫وقد جاء مشروع قانون ال ّتحكيم اإلماراتي مطابقا ً في هذا الشأن ملوقف القانون املصري؛ فنصت‬ ‫املادة (‪ )82‬منه على أنه‪" :‬يعتبر شرط ال ّتحكيم اتفاقا ً مستقال ً عن شروط العقد األخرى‪ ،‬وال يترتب‬ ‫‪ 72‬الطالبني أحمد البدوي ومحمد ولد محمد الراضي‪ ،‬شرط التّحكيم‪ ،‬منتدى القاضي عياض‪ّ ،‬‬ ‫العنكبوتية‪ ،‬موقع‪:‬‬ ‫الشبكة‬ ‫ّ‬ ‫‪http://mountada.emedina.org/viewtopic.php?p=43&sid=897494cfb5957eee2bdf6c078dd951ef‬‬ ‫‪Modifié par Décret n°2011-48 du 13 janvier 2011 - "La convention d'arbitrage est indépendante du 73Article 1447‬‬‫‪contrat auquel elle se rapporte. Elle n'est pas affectée par l'inefficacité de celui-ci. Lorsqu'elle est nulle …".‬‬ ‫‪ 74‬قرار محكمة متييز دبي‪ ،‬األحكام املدنية‪ ،‬الطعن رقم ‪ ،117‬لسنة ‪ ،8008‬جلسة ‪ ،8008-1-8‬املبدأ رقم ‪ -2-‬مكتب فني ‪ ،12‬ج‬ ‫‪ ،1‬صفحة ‪ .421‬منشور في ّ‬ ‫العنكبوتية؛ موقع الشرق‪http://www.eastlaws.com/ :‬‬ ‫الشبكة‬ ‫ّ‬ ‫العنكبوتية ؛‬ ‫‪ 75‬الطعن رقم ‪ 111‬لسنة ‪ 8002‬جتاري‪ ،‬جلسة اإلثنني املوافق األول من فبراير سنة ‪ ،8010‬منشور في الشبكة‬ ‫ّ‬ ‫موقع منتدى قانون اإلمارات ‪http://theuaelaw.com/vb/index.php‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪91‬‬


‫اإلمارتي ‪ -‬دراسة مقارنة‪-‬‬ ‫اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون‬ ‫ّ‬ ‫على بطالن العقد أو فسخه أو إنهائه أي أثر على شرط ال ّتحكيم الذي يتضمنه إذا كان هذا الشرط‬

‫صحيحا ً في ذاته"(‪ .)76‬وهذا يتوافق مع االجتاه احلديث لتشريعات ال ّتحكيم املقارنة‪.‬‬ ‫ثانيا‪ -‬مبدأ االختصاص باالختصاص ‪Compétence de la compétence‬‬

‫‪ -1-81‬يعني مبدأ االختصاص باالختصاص أن اﶈكم يختص بالبت في جميع الدفوع املتعلقة‬ ‫باختصاصه‪ ،‬مبا فيها الدفوع املتعلقة بوجود اتفاق التّحكيم أو صحته أو سقوطه أو بطالنه أو‬

‫نطاقه(‪ .)77‬ولهذا املبدأ مبررات كثيرة ساقها املؤيدون له‪ ،‬ولعل من أهمها قولهم إن عدم االعتراف‬ ‫للمحكم بسلطته في البت مبسألة اختصاصه وما قد يُثار حولها من دفوع‪ ،‬يعني طرح النزاع على‬ ‫قضاء الدولة‪ ،‬وهو األمر الذي أراد األطراف جتنبه ابتدا ًء باتفاقهم على ال ّتحكيم! ومثل هذا القول‬ ‫يهدد نظام ال ّتحكيم من أساسه‪ ،‬فهو يؤثر سلبا ً على فعالية هذه الوسيلة حلل املنازعات والثقة‬ ‫بها؛ فبمجرد الدفع بعدم صحة اتفاق ال ّتحكيم أو نطاقه يرفع يد اﶈكم عن نظر النزاع‪ ،‬وهذا ما‬ ‫يتنافى مع أبراض ال ّتحكيم‪ ،‬والتي من أهمها السرعة بالبت بالنزاع وجتنب اللجوء قضاء الدولة من‬ ‫(‪)78‬‬

‫أجل تسويته ‪...‬‬ ‫ويرى الفقيه الفرنسي ‪ Cornu‬أن أساس مبدأ االختصاص باالختصاص يكمن في الطبيعة‬ ‫القضائية ملهمة اﶈكم؛ فهو الذي يبت – كأي قاض في قضاء الدولة‪ -‬مبسألة اختصاصه‪ ،‬أي أنه هو‬ ‫الذي يقدر سلطته في الفصل بالنزاع اﶈال إليه في ضوء اتفاق األطراف والقانون الواجب‬ ‫التطبيق(‪.)79‬‬ ‫وقد خلت تشريعات بعض الدول من النص صراح ًة عن هذا املبدأ؛ كما في دولة اإلمارات حيث ال‬ ‫يوجد في النصوص ال ّتحكيمية النافذة‪،‬الواردة في قانون اإلجراءات املدنية اإلماراتي‪ ،‬ما يشير إلى‬ ‫األخذ بهذا املبدأ من عدمه‪.‬‬ ‫في حني أقرت تشريعات دول أخرى أجنبية وعربية‪ ،‬وكذلك بعض املعاهدات الدولية واألنظمة‬ ‫النموذجية(‪ ،)80‬مبدأ االختصاص باالختصاص؛ كالتشريع اللبناني الذي تبنى في هذا الشأن النص‬ ‫الفرنسي‪ ،‬فنص على أنه‪" :‬إذا نازع أحد اﳋصوم أمام اﶈكم في مبدأ أو مدى الوالية العائدة له لنظر‬ ‫القضية املعروضة عليه‪ ،‬فيكون له أن يفصل في هذه املنازعة"(‪.)81‬‬ ‫‪ -8-81‬وكذلك‪ ،‬تبنى مشروع قانون ال ّتحكيم االحتادي اإلماراتي مبدأ االختصاص باالختصاص؛ حيث‬ ‫نصت املادة ‪ 84‬منه على أن‪:‬‬ ‫‪ 76‬املادة (‪ )82‬من مشروع قانون التّحكيم اإلماراتي تقابل املادة (‪ )82‬من قانون التّحكيم املصري‪.‬‬ ‫‪ 77‬حول تعريف مبدأ االختصاص باالختصاص‪ ،‬انظر‪ :‬أنور علي أحمد الطشي‪ ،‬مبدأ االختصاص باالختصاص في مجال‬ ‫التّحكيم‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪ ،8009‬ص ‪ 84‬وما بعد‪.‬‬ ‫‪ 78‬انظر‪ :‬أنور علي أحمد الطشي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ 21‬وما بعد‪.‬‬ ‫‪79 CORNU (G.) «Le décret du 14 mai 1980 relatif à l'arbitrage, présentation de la réforme», Rev. arb. 1980, p. 583 et‬‬ ‫‪s. spec 586.k.‬‬ ‫‪ 80‬انظر‪ :‬د‪ .‬اياد محمود بردان‪ ،‬التّحكيم والنظام العام ‪ -‬دراسة مقارنة‪ -‬منشورات احللبي احلقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،8004 ،‬ص ‪.410‬‬ ‫‪ 81‬انظر‪ :‬املادة ‪ 722‬من قانون اإلجراءات املدنية اللبناني الصادر باملرسوم ّ‬ ‫الشرعيّ رقم ‪ ،90‬لعام ‪ ،1922‬املقابلة للمادة ‪ 1411‬من‬ ‫قانون اإلجراءات املدنية الفرنسي‪.‬‬ ‫‪92‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫القطان‬ ‫محمد سامر‬ ‫د‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫"‪ -1‬تفصل هيئة ال ّتحكيم في الدفوع املتعلقة بعدم اختصاصها مبا في ذلك الدفوع املبنية على‬ ‫عدم وجود اتفاق حتكيم أو سقوطه أو بطالنه أو عدم شموله ملوضوع النزاع‪.‬‬ ‫‪ -8‬يجب التمسك بهذه الدفوع في ميعاد ال يجاوز ميعاد تقدمي دفاع املدعى عليه املشار إليه في‬ ‫البند (‪ )8‬من املادة (‪ )28‬من هذا القانون‪ .‬وال يترتب على قيام أحد طرفي ال ّتحكيم بتعيني محكم أو‬ ‫االشتراك في تعيينه سقوط حقه في تقدمي أي من هذه الدفوع‪ .‬أما الدفع بتجاوز هيئة ال ّتحكيم‬ ‫لنطاق اختصاصها فينبغي إبداؤه مبجرد إثارة املسألة التي يدعي بتجاوزها لذلك االختصاص‪ ،‬وإال‬ ‫سقط احلق بإثارة هذا الدفع‪ .‬ويجوز في جميع األحوال أن تقبل هيئة ال ّتحكيم الدفع املتأخر إذا رأت‬ ‫أن التأخير كان لسبب معقول‪.‬‬ ‫‪ -2‬تفصل هيئة ال ّتحكيم في الدفوع املشار إليها في البند (‪ )1‬من هذه املادة ـ باعتبارها مسألة‬ ‫أولية ـ قبل الفصل في املوضوع‪ ،‬أو تقرر ضمها للموضوع لتفصل فيهما معا ً‪ .‬وإذا قررت هيئة‬ ‫ال ّتحكيم في حكم جزئي أنها مختصة‪ ،‬فألي من الطرفني خالل (‪ )20‬ثالثني يوما ً من تاريخ إعالنه‬ ‫بالقرار أن يطلب من اﶈكمة اجملتصة أن تفصل في األمر ويكون قرارها نهائيا ً وبير قابل للطعن‪ ،‬ومع‬ ‫ذلك يكون للهيئة أن متضي في إجراءات ال ّتحكيم وأن تصدر قرار ال ّتحكيم بالربم من الطلب املشار‬ ‫إليه"‪ .‬وهذا ما ذهب إليه أيضا ً قانون ال ّتحكيم املصري في املادة ‪ 88‬منه‪.‬‬ ‫‪ -2-81‬وحول عالقة مبدأ االختصاص باالختصاص مببدأ استقاللية شرط ال ّتحكيم‪ ،‬يرى البعض أنه‬ ‫لوال مبدأ االستقاللية ملا كان للمحكم إمكانية النظر باختصاصه؛ فبفضل هذه االستقاللية‬ ‫لشرط ال ّتحكيم تفقد العيوب التي ميكن أن توجه للعقد األصلي ‪ -‬الذي يربط بني األطراف املعنية‪-‬‬ ‫كل أثر مباشر قد يكون لها على شرط ال ّتحكيم‪ ،‬وال تسلب اﶈكم بالتالي اختصاص النظر‬ ‫بالنزاع(‪.)82‬‬ ‫وقد تبنى القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي كل من مبدأ االختصاص باالختصاص ومبدأ‬

‫استقاللية شرط ال ّتحكيم(‪)83‬؛ فنصت املادة ‪ 11‬منه على أنه‪" :‬يجوز لهيئة ال ّتحكيم البت في‬ ‫اختصاصها‪ ،‬مبا في ذلك البت في أي اعتراضات تتعلق بوجود اتفاق ال ّتحكيم او بصحته‪ .‬ولهذا‬ ‫الغرض‪ ،‬ينظر إلى شرط التّحكيم الذي يشكل جزءا من عقد كما لو كان اتفاقا مستقال عن شروط‬ ‫العقد األخرى‪ .‬وأي قرار يصدر من هيئة ال ّتحكيم ببطالن العقد ال يترتب عليه بحكم القانون بطالن‬ ‫شرط ال ّتحكيم"‪.‬‬ ‫وجتدر اإلشارة أخيرا إلى أن هذين األثرين التفاق ال ّتحكيم – اإليجابي والسلبي‪ -‬ينحصران في أطرافه‬ ‫وال ميتدان إلى بيرهما‪ ،‬وهذا ما أكدته محكمة متييز دبي بقولها‪" :‬إن من املقرر وفق ما تقضى به‬ ‫املادة ‪ 828‬من قانون املعامالت املدنية أن العقد ال يرتب التزاما ً في ذمة الغير ولكن يجوز أن يكسبه‬ ‫حقاً‪ ،‬واالتفاق على ال ّتحكيم حلل النزاع بني املتعاقدين ال يلزم إال أطرافه سواء كانوا اثنني أو أكثر‪،‬‬ ‫واملتعاقد في هذا االتفاق هو من صدر منه التعبير عن إرادة االلتزام به فيسهم في تكوينه‪ ،‬وال‬ ‫يكفى لذلك ورود اسم بير املتعاقدين فيه أو أن يوقع عليه بصفة أخرى بير هذه الصفة‪ .‬ومع ذلك‬ ‫‪ 82‬د‪ .‬عبد احلميد األحدب‪ ،‬موسوعة التّحكيم في البالد العربية‪ ،‬جزء ‪ ،8‬دار املعارف‪ ،‬مصر‪ ،1929 ،‬ص ص ‪ 121‬و‪.127‬‬ ‫‪ 83‬القانون النموذجي وضعته جلنة االمم املتحدة للقانون التجاري الدولي في ‪ 81‬حزيران ‪ /‬يونية ‪.1922‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪93‬‬


‫اإلمارتي ‪ -‬دراسة مقارنة‪-‬‬ ‫اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون‬ ‫ّ‬ ‫فقد يسرى شرط ال ّتحكيم على الغير في بعض احلاالت‪ ،‬كما في حالة حوالة العقد األصلي الذي‬ ‫يتضمن هذا الشرط أو الذي يشير إليه فينتقل شرط التّحكيم مع العقد األصلي إلى اﶈال له"(‪.)84‬‬

‫‪ 84‬قرار محكمة متييز دبي‪ ،‬األحكام املدنية‪ ،‬الطعن رقم ‪ ،117‬لسنة ‪ ،8008‬جلسة ‪ ،8008-1-8‬املبدأ رقم ‪ -2-‬مكتب فني ‪ ،12‬ج‬ ‫‪ ،1‬صفحة ‪ .421‬منشور على موقع شبكة قوانني الشرق‪http://www.eastlaws.com/ :‬‬ ‫‪94‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫القطان‬ ‫محمد سامر‬ ‫د‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫اخلامتة‬ ‫نخلص من هذا البحث إلى أن اتفاق األشخاص على اللجوء إلى ال ّتحكيم من أجل فض نزاع وقع‬ ‫بينهم‪ ،‬أو من املمكن وقوعه في املستقبل‪ ،‬هو بحق أساس ال ّت حكيم‪ ،‬وهو مصدر سلطة اﶈكمني؛‬ ‫فال نزاع يحال إلى ال ّتحكيم إال باتفاق أطرافه على ذلك‪ ،‬كما أنه هو اﶈدد لنطاق ال ّتحكيم؛ فيبني ما‬ ‫تختص به هيئة ال ّتحكيم وما يخرج عن اختصاصها‪.‬‬ ‫ولكي يُنتج اتفاق ال ّتحكيم أثره‪ ،‬املتمثل باستبعاد محاكم الدولة عن النظر بالنزاع موضوعه‬ ‫عينها األطراف ‪ -‬مباشرة أو بير مباشرة‪ -‬البد أن تتوافر‬ ‫وعرضه باملقابل على هيئة ال ّتحكيم التي ّ‬ ‫في هذا االتفاق أركانه العامة كافة – بوصفه عقد ككل العقود‪ -‬وأن يستوفي كل الشروط‬ ‫القانونية الالزمة لصحته‪ ،‬والتي من أبرزها الكتابة‪ ،‬واألهلية الالزمة للشخص الذي يبرم هذا‬ ‫االتفاق‪.‬‬ ‫وعليه‪ ،‬فإن وضوح اتفاق التّحكيم وسالمته من الناحية القانونية عند كتابته‪ ،‬يؤثر إيجابا ً على سير‬ ‫إجراءات ال ّتحكيم وإصدار احلكم‪ ،‬وعلى تصديقه من قبل اﶈكمة اﺨﻤﻟتصة من أجل منحه القوة‬ ‫التنفيذية‪ ،‬أي من أجل تنفيذه جبرا ً إن تعذر تنفيذه رضا ًء ألي سبب‪ .‬لذلك نوصي من الناحية‬

‫العملية‪ ،‬بوجوب صيابة اتفاق ال ّتحكيم – شرطا كان أم مشارطة‪ -‬بدقة وعناية‪ ،‬وبشكل واضح ال‬ ‫لبس فيه وال بموض؛ وذلك ألن اللبس أو الغموض في اتفاق ال ّتحكيم قد يؤدي إلى استحالة إعماله‬ ‫أو بطالن احلكم الصادر بناء عليه‪.‬‬

‫وتشريعيا‪ ،‬نوصي بوجوب تطوير النصوص ال ّتحكيمية النافذة الواردة في قانون اإلجراءات املدنية‬ ‫اإلماراتي االحتادي الصادر سنة ‪ ،1998‬مبا يتالءم مع التطور الذي حلق النصوص ال ّتحكيمية املقارنة‪،‬‬ ‫ولسد الثغرات التي كشفها التطبيق العملي لهذه النصوص؛ كالنص صراح ًة على أن كتابة اتفاق‬ ‫ال ّتحكيم هي ركن من أركانه وليست مجرد شرط إلثباته‪ ،‬وكذلك النص على مبدأ استقاللية شرط‬ ‫ال ّتحكيم عن العقد املندرج به‪ ،‬والنص أيضا ً على مبدأ االختصاص باالختصاص‪ ،‬على النحو الذي‬ ‫بيناه في منت هذا البحث‪.‬‬ ‫وصحيح أن مشروع قانون ال ّتحكيم اإلماراتي االحتادي املعد سنة ‪ - 8001‬الذي لم يصدر حتى‬ ‫تاريخه‪ -‬قد تصدى ملثل هذه الثغرات بنصوص صريحة وواضحة‪ ،‬إال أن الطول النسبي للفترة التي‬ ‫مرّت على وضعه‪ ،‬يستدعي باعتقادنا إعادة عرض هذا املشروع مجددا على املناقشة قبل إصداره؛‬ ‫لإلفادة أكثر مما نشأ خالل هذه الفترة من اجتهادات قضائية‪ ،‬وآراء فقهية محلية ومقارنة قد تغنيه‬ ‫وجتعل منه قانونا حديثا مواكبا فعال ً للتطور الذي حلق نصوص ال ّتحكيم املقارنة في أكثر دول‬ ‫العالم‪.‬‬

‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪95‬‬


‫اإلمارتي ‪ -‬دراسة مقارنة‪-‬‬ ‫اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون‬ ‫ّ‬ ‫وجتدر اإلشارة أخيرا إلى أن اتفاق ال ّتحكيم ال يكفي وحده إلجناز العملية ال ّتحكيمية‪ ،‬وال بد فوق ذلك‬ ‫من قبول اﶈكمني املعينني لهذه املهمة‪ ،‬وهذا يشكل بطبيعة احلال اتفاقا ً جديدا ً بني األطراف‬ ‫واﶈكمني يستحﻖ أن يكون موضوع بحﺚ علمي مستقل(‪.)85‬‬

‫‪ -‬واهلل ويل األمر والتوفيق‪-‬‬

‫‪ 85‬انظر‪ :‬د‪ .‬الشهابي ابراهيم الشرقاوي ود‪ .‬مصطفى أبو العينني‪ ،‬الطبيعة القانونية لعالقات التّحكيم واملسؤولية املدنية‬ ‫الناشئة عنها‪ ،‬مجلة العلوم القانونية الكترونية‪ ،‬جامعة عجمان‪ ،‬العدد األول‪ ،8012 ،‬ص ‪ 92‬وما بعد‪.‬‬ ‫‪96‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫القطان‬ ‫محمد سامر‬ ‫د‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬

‫قائمة املصادر واملراجع‬ ‫أوال ً‪ -‬باللغة العربية‪:‬‬

‫‪ -1‬الكتب واألبحاث ‪:‬‬ ‫‪-‬‬

‫إبراهيم جوهر إبراهيم‪ ،‬الدفع باتفاق ال ّتحكيم في الدعوى املدنية – دراسة مقارنة في األثر السلبي املترتب على‬ ‫اتفاق التّحكيم في التشريعات العربية واألجنبية‪ -‬دار الكتب القانونية‪ ،‬مصر‪.8009‬‬

‫‪-‬‬

‫أحمد إبراهيم عبد التواب‪ ،‬اتفاق التّحكيم والدفوع املتعلقة به‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‪ ،‬مصر‪.8009 ،‬‬

‫‪-‬‬

‫أحمد إبراهيم عبد التواب‪ ،‬األثر اإليجابي والسلبي التفاق التّحكيم‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪.8012 ،‬‬

‫‪-‬‬

‫أحمد أنور ناجي‪ ،‬مدى فعالية الوسائل البديلة حلل املنازعات وعالقتها بالقضاء‪ّ ،‬‬ ‫العنكبرتية‬ ‫الشبكة‬ ‫ّ‬

‫‪-‬‬

‫الشهابي إبراهيم الشرقاوي‪ ،‬اتفاق التّحكيم في ضوء أحكام القضاء اإلماراتي ومشروع القانون االحتادي‪،‬‬

‫‪http://membres.multimania.fr/berradarz/article/hal-niza3ate.pdf‬‬

‫سلسلة الدراسات القانونية والقضائية (‪ ،)2‬معهد دبي القضائي‪.8012 ،‬‬ ‫‪-‬‬

‫الشهابي ابراهيم الشرقاوي ود‪ .‬مصطفى أبو العينني‪ ،‬الطبيعة القانونية لعالقات ال ّتحكيم واملسؤولية‬ ‫إلكترونية‪ ،‬جامعة عجمان‪ ،‬العدد األول‪.8012 ،‬‬ ‫املدنية الناشئة عنها‪ ،‬مجلة العلوم القانونية‬ ‫ّ‬

‫‪-‬‬

‫أنور علي أحمد الطشي‪ ،‬مبدأ االختصاص باالختصاص في مجال التّحكيم‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة ‪.8009‬‬

‫‪-‬‬

‫إياد محمود بردان‪ ،‬التّحكيم والنظام العام ‪ -‬دراسة مقارنة‪ -‬منشورات احللبي احلقوقية‪ ،‬بيروت‪.8004 ،‬‬

‫‪-‬‬

‫جمـال حسـن النجــار‪ ،‬التّحكيم وفقـا لقانـون اإلجــراءات املدنيــة رقم (‪ )11‬لسنــة ‪ ،1998‬املعمـول بــه‬ ‫فـي دولـــة اإلمارات العربيـة املتحــدة‪ ،‬مجلة احلق‪ ،‬جمعية احلقوقيني بدولة اإلمارات العربية املتحدة‪ ،‬العدد‬ ‫السابع ‪ 1481‬هـ ‪ 8001‬م‪.‬‬

‫‪-‬‬

‫حفيظة السيد احلداد‪ ،‬االجتاهات املعاصرة بشأن اتفاق التّحكيم‪ ،‬دار الفكر اجلامعي‪ ،‬اإلسكندرية‪.8001 ،‬‬

‫‪-‬‬

‫عبد الباسط محمد عبد الواسع الضراسي‪ ،‬النظام القانوني التفاق ال ّتحكيم – دراسة حتليلية مقارنة‪ -‬ط‪،8‬‬ ‫صنعاء‪.8002 ،‬‬

‫‪-‬‬

‫عبد احلميد األحدب‪ ،‬موسوعة التّحكيم في البالد العربية‪ ،‬جزء ‪ ،8‬دار املعارف‪ ،‬مصر‪.1929 ،‬‬

‫‪-‬‬

‫عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوسيط في شرح القانون املدني‪ ،‬جزء‪ ،1‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪.8004 ،‬‬

‫‪-‬‬

‫عبد الهادي عباس‪ ،‬التّحكيم الداخلي في القانون السوري واملقارن‪ ،‬مطبعة األنصار‪ ،‬دمشق‪.1992 ،‬‬

‫‪-‬‬

‫فتحي والي‪ ،‬قانون ال ّتحكيم في النظرية والتطبيق‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪.8007 ،‬‬

‫‪-‬‬

‫فوزي محمد سامي‪ ،‬ال ّتحكيم التجاري الدولي‪ ،‬ط ‪ ،2‬دار الثقافة‪ ،‬عمان‪.8010 ،‬‬

‫‪-‬‬

‫مصطفى محمد اجلمال‪ ،‬أضواء على عقد التّحكيم‪ ،‬مجلة الدراسات القانونية‪ ،‬كلية احلقوق‪ ،‬جامعة بيروت‬ ‫العربية‪ ،‬العدد األول‪ ،‬يوليو ‪.1992‬‬

‫‪-‬‬

‫نبيل إسماعيل عمر‪ ،‬التّحكيم في املواد املدنية والتجارية‪ ،‬دار اجلامعة اجلديدة‪.8004 ،‬‬

‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪97‬‬


‫اإلمارتي ‪ -‬دراسة مقارنة‪-‬‬ ‫اتفاق ال ّتحكيم في ضوء القانون‬ ‫ّ‬ ‫‪ -2‬قوانني واتفاقيات‪:‬‬ ‫ قانون اإلجراءات املدنية االحتادي اإلماراتي رقم ‪ ،1998/11‬املعدل بالقانون االحتادي رقم ‪ 20‬لسنة‬‫‪ 8002‬املنشور في العدد ‪ 440‬من اجلريدة الرسمية‪.‬‬ ‫ مشروع قانون ال ّتحكيم االحتادي اإلماراتي امل ُ َعد سنة ‪ 8001‬في شأن ال ّتحكيم في املنازعات‬‫التجارية‪.‬‬ ‫ قانون املعامالت املدنية االحتادي اإلماراتي رقم ‪ 2‬لسنة ‪.1922‬‬‫ قانون املعامالت التجارية االحتادي اإلماراتي رقم ‪ 12‬لسنة ‪.1992‬‬‫ قانون اإلثبات االحتادي اإلماراتي في املعامالت املدنية والتجارية رقم ‪ 10‬لسنة ‪.1998‬‬‫ قانون اإلجراءات املدنية الفرنسي (‪ )CPC‬لسنة ‪ 1922‬وتعديالته‪.‬‬‫ القانون النموذجي للتحكيم التجاري الدولي الذي وضعته جلنة األمم املتحدة للقانون التجاري‬‫الدولي في ‪ 81‬حزيران ‪ /‬يونية ‪.1922‬‬ ‫ اتفاقية نيويورك لعام ‪ ،1922‬بشأن االعتراف بقرارات ال ّتحكيم األجنبية وتنفيذها‪.‬‬‫ثانيا ً‪ -‬باللغة الفرنسية‪:‬‬ ‫ ‪، présentation de la réforme»،CORNU (G.) «Le décret du 14 mai 1980 relatif à l'arbitrage‬‬‫‪Rev. arb. 1980‬‬ ‫‪«Portée d'une sentence arbitrale en Droit ،Nadège Kamariygwe‬‬‫»‪http://www.memoireonline.com/07/12/6022/m_Portee-d-une-sentence-:international‬‬ ‫‪arbitrale-en-Droit-international-13.html‬‬ ‫ ‪Traité de droit civil -La formation du contrat- Librairie générale de ،Jacques Ghestin‬‬‫‪1993.،droit et de jurisprudence‬‬ ‫ثالثا‪ -‬مواقع ّ‬ ‫العنكبوتية‪:‬‬ ‫الشبكة‬ ‫ّ‬ ‫ موقع شبكة قوانني الشرق‪/http://www.eastlaws.com :‬‬‫ موقع منتدى قانون اإلمارات‪http://theuaelaw.com/vb/index.php :‬‬‫ موقع منتدى القاضي عياض‪:‬‬‫‪http://mountada.emedina.org/viewtopic.php?p=43&sid=897494cfb5957eee2bdf6c078dd951‬‬ ‫‪ef‬‬

‫‪98‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫حماية أموال الصغير في القانون العراقي‬ ‫دراسة تحليلية مقارنة‬

‫د‪ .‬اميان يوسف نوري‬

‫كلية القانون ‪ /‬جامعة دهوك‬ ‫كوردستان – العراق‬

‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪99‬‬


‫‪100‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫مقدمة‬ ‫أوال‪ -‬التعريف مبوضوع البحث‬ ‫أولى املشرع العراقي اهتماما بالغا بتنظيم القواعد املتعلقة بالقاصر حيث لم يكتف‬ ‫باألحكام العامة الواردة في القانون املدني العراقي املرقم (‪ )04‬لسنة ‪ 1591‬املعدل ‪ ،‬بل عمد إلى إصدار‬ ‫عدة قوانني تهتم بشؤون القاصرين؛ منها قانون األحوال الشخصية املرقم (‪ )111‬لسنة ‪ 1595‬املعدل‬ ‫‪ ،‬وقانون التسجيل العقاري املرقم (‪ ) 04‬لسنة ‪ ، 1591‬وقانون االدعاء العام املرقم (‪ ) 195‬لسنة ‪1595‬‬ ‫املعدل ‪ ،‬وقانون الرعاية االجتماعية املرقم (‪ ) 121‬لسنة ‪ ، 1514‬وقانون رعاية األحداث املرقم (‪ )91‬لسنة‬ ‫‪ ، 1514‬وقانون اخلدمة والتقاعد العسكري املرقم (‪ )1‬لسنة ‪ ، 1599‬وقانون اخلدمة وتقاعد األمن‬ ‫الداخلي املرقم (‪ )1‬لسنة ‪ 1591‬وقانون رعاية القاصرين املرقم (‪ )91‬لسنة ‪ 1514‬املعدل الذي جعل‬ ‫مفهوم القاصر ينصرف إلى الصغير واجلنني واﶈجور الذي تقرر اﶈكمة أنه ناقﺺ األهلية أو فاقدها‬ ‫والغائب واملفقود‪.‬‬ ‫من املعلوم أن الصغير ال يستطيع إدارة شؤون أمواله واستثمارها بسبب صغر سنه ‪ ،‬لذا فإنه‬ ‫بحاجة حلماية ورعاية إلى حني بلوغه سن الرشد ‪ ،‬مما يستتبع وجود أشخاص يتولون القيام بهذه‬ ‫املهمة‪ .‬لذا رسم القانون طرقا وأورد وسائل من شأنها حتقيق تلك احلماية ألموال الصغير واملتمثلة‬ ‫بتحرير التركة وتصفيتها ‪ ،‬واﶈافظة على أموال الصغير وإدارتها واستثمارها ‪ ،‬ومحاسبة األولياء‬ ‫واألوصياء‪.‬‬ ‫ثانيا – مشكلة البحث‬ ‫ﳝكن أن نحدد مشكلة البحث باﶈورين األساسني ‪:‬‬ ‫اﶈور األول – يالحظ من ن صوص قانون رعاية القا صرين أنه قد ضيق من مدى قدرة الولي أو الو صي أو‬ ‫القيم ع لى القيام بحماية أموال الصغغغير من حيث اادارة واالسغغتثمار ومنعهم من القيام بأي‬ ‫تصرف إال بحدود معينة أو بعد أخذ موافقة مديرية رعاية القاصرين‪.‬‬ ‫اﶈور الثاني –أمام التشدد املفروض على سلطة الولي أو الوصي أو القيم فقد وضع املشرع العراقي‬ ‫طرقا معينة في حماية أموال الصغير‪.‬‬ ‫فبعد مرور فترة زمنية طويلة على إصغغدار قانون رعاية القاصغغرين ‪ ،‬فهل إن القانون اسغغتطاع أن‬ ‫يحقق النفع للصغغغير من النها الذي وضغغعه وهل كان موفقا وهل إن النصغغوص القانونية التي‬ ‫عاجلت م سألة حماية أموال ال صغير كانت فعالة ومنتجة وهل حقق امل شرع العراقي الهدف الذي‬ ‫شرع من أجله قانون رعاية القا صرين والذي أو ضحه في األ سباب املوجبة وهي اﶈافظة على أموال‬ ‫الصغير‪.‬‬

‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪101‬‬


‫حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة‬

‫ثالثا – فرضية البحث‬ ‫ميكن أن نحدد فرضيات البحث على النحو اآلتي ‪:‬‬ ‫‪ -1‬هل نحن بحاجة إلى العودة ألحكام القانون املدني التي عاجلت البعض من مواده مسغغغألة ولي‬ ‫الصغير وسلطاته‬ ‫‪ - 2‬أم نحن بحاجة إلى تعديل أو إلغاء قانون رعاية القاصغغرين وإصغغدار قانون جديد يتماشغغى والواقع‬ ‫احلالي ومتطلباته‬ ‫‪ -4‬هل ميكن تدارك الضرر الذي أصاب الصغير من جراء إيداع أمواله لفترة زمنية طويلة وتغيير قيمة‬ ‫العملة وماهي تلك الوسائل التي من شأنها أن جتبر الضرر‬ ‫رابعا‪ -‬منهجية البحث –‬ ‫يعتمد البحث على حتليل مواد القانون املدني العراقي وأحكام قانون رعاية القاصغغرين باملقارنة‬ ‫مع قانون مدونة األسرة املغربي لكونه أكثر القوانني تشددا في إضفاء احلماية على اﶈجورين بشكل‬ ‫عام والصغغغير من ضغغمنهم‪ ،‬وقانون الوالية على املال املصغغري‪ ،‬وقانون الوالية على أموال القاصغغرين‬ ‫القطري‪ ،‬على اعتبار أنهما عاجلا م سائل الوالية على املال ب شكل منف صل عن القواعد العامة‪ ،‬مع‬ ‫قانون األحوال الشخصية السوداني‪ ،‬والقانون املدني الكويتي‪ ،‬وقانون الهئية العامة لشؤون القصر‬ ‫الكويتي‪ ،‬على اعتبار أنهم اعتمدوا على قواعد مختلطة بني العامة واخلاصغغة لتضغغمنها املسغغائل‬ ‫املتعلقة بالوالية على املال‪.‬‬ ‫خامسا– نطاق البحث‬ ‫سيتم بيان حماية أموال ال صغير ضمن القوانني املتعلقة باملو ضوع ‪ ،‬لذا سيخرج من نطاق‬ ‫البحث التطرق إلى التأصيل الشرعي لنصوص القانون على اعتبار أن مشكلة املوضوع متعلقة في‬ ‫كيفية معاجلة املشرع العراقي ملوضوع البحث في قانون رعاية القاصرين باملقارنة مع األحكام الواردة‬ ‫في القوانني املقارنة‪.‬‬ ‫سادسا – خطة البحث‬ ‫خطة البحث ستق سم إلى مبحثني ي سبقهما مبحث متهيدي ‪ ،‬املبحث التمهيدي حول ماهية‬ ‫حماية أموال الصغغغير والذي سغغيقسغغم إلى مطلبني‪ ،‬املطلب األول مفهوم حماية أموال الصغغغير ‪،‬‬ ‫املطلب الثاني سلطات ال صغير في إدارة أمواله ‪ ،‬أما املبحث األول فهو متعلق مبظاهر حماية أموال‬ ‫الصغغغير‪ ،‬والذي بدوره سغغيقسغغم إلى مطلبني ‪ ،‬املطلب األول مفهوم النائب عن الصغغغير ‪ ،‬املطلب‬ ‫الثاني سلطات النائب عن الصغير‪ ،‬وأخيرا املبحث الثالث الذي يوضح وسائل حماية أموال الصغير‬ ‫و سيتم تق سيمه إلى ثﻼثة مطالب‪ ،‬املطلب األول حترير التركة وت صفيتها ‪ ،‬املطلب الثاني اﶈافظة‬ ‫على أموال الصغير وإدارتها واستثمارها‪ ،‬اما املطلب الثالث فهو متعلق مبحاسبة األولياء واألوصياء‪،‬‬ ‫وختم البحث بخامتة تتضمن النتائا والتوصيات‪.‬‬

‫‪102‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬اميان يوسف نوري‬

‫املبحث التمهيدي‬ ‫ماهية حماية أموال الصغير‬ ‫يعتبر موضغغوع حماية أموال الصغغغير من املواضغغيع املهمة‪ ،‬و محل اهتمام املشغغرع من خالل‬ ‫ت شريعه للقوانني املتعلقة بهذا ال شأن‪ ،‬وميثل مو ضوعا ذا صلة بالواقع العملي واالقت صادي‪ ،‬لذا ‪-‬‬ ‫ولغرض الولوج في مو ضوع حماية أموال ال صغير‪ -‬يقت ضي األمر أن نبني ماهيته من خالل تو ضيح‬ ‫مفهومه ‪ ،‬وصالحيات الصغير في إدارة أمواله‪ ،‬وعليه سنقسم املبحث إلى املطلبني اآلتيني ‪:‬‬ ‫املطلب األول –مفهوم حماية أموال الصغير‬ ‫املطلب الثاني – صالحيات الصغير في إدارة أمواله‬ ‫املطلب األول‬ ‫مفهوم حماية أموال الصغير‬ ‫ألجل بيان مفهوم حماية أموال الصغير البد من تعريف الصغير باعتباره املستفيد من احلماية ‪،‬‬ ‫وتوضيح أهمية حماية أموال الصغير ونطاقه ‪ ،‬وعليه سنقسم املطلب إلى الفرعني اآلتيني ‪:‬‬ ‫الفرع األول – تعريف الصغير‬ ‫الفرع الثاني –أهمية حماية أموال الصغير و نطاقها‬ ‫الفرع األول ‪ -‬تعريف الصغير‬ ‫سنبني تعريف الصغير من الناحية اللغوية والفقهية والقانونية ‪ ،‬وعلى النحو اآلتي‪:‬‬ ‫أوال‪ -‬الصغير لغة‬ ‫(‪)1‬‬ ‫الصغير فعيل من الصغر وهو والصغارة خالف العظم ‪ ،‬وقيل الصغر في اجلرم والصغارة في القدر‬ ‫‪ ،‬وهو من لم يبلغ احللم ذكرا كان أو أنثى‪ ،‬فاذا مات أبوه وهو صغغغير فهو يتيم‪ ،‬وإذا بلغ احللم زال عنه‬ ‫وصف الصغر واليتم (‪. )2‬‬ ‫ثانيا ‪ -‬الصغير فقها‬ ‫بحث فقهاء القانون األحوال املتعلقة بالصغغغير عند بيان موضغغوع األهلية وتوضغغيح‬ ‫أنواعها وأحكامها وتدرج األهلية‪ ،‬واألهلية تطلق ويراد بها أحد معنيني؛ فهي القابلية الكتساب احلق‬ ‫والتحمل بااللتزام‪ ،‬وهي أهلية الوجوب التي تدور وجودا وعدما مع احلياة‪ ،‬مع مالحظة أن اجلنني يتمتع‬ ‫بأهلية وجوب ناق صة (‪ ، )3‬و أهلية األداء والتي مناطها التمييز الذي يتدرج عند اان سان تبعا لل سن‬ ‫من االنعدام إلى الوجود مع النقص ثم الكمال‪ .‬والتمييز منعدم عند من لم يبلغ السغغغابعة‪ ،‬وهو‬ ‫الصبي غير املميز ‪ ،‬ثم الصبي املميز وهي الفترة الواقعة ما بني سن التمييز وسن الرشد؛ أي بني متام‬ ‫(‪ )1‬ابي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم ابن منظور االفريقي ‪ ،‬لسان العرب ‪ ،‬اﺠﻤﻟلد الثامن ‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪ ،‬دار صادرة‬ ‫بيروت ‪ ، 2449 ،‬ص ‪. 200‬‬ ‫(‪ )2‬علي حسب اهلل ‪ ،‬الوالية على املال والتعامل بالدين في الشريعة االسالمية ‪ ،‬معهد البحوث والدراسات ‪ ،1519 ،‬ص ‪. 9‬‬ ‫(‪ )3‬د‪ .‬رمضان ابو السعود ‪ ،‬الوسيط في شرح مقدمة القانون املدني ‪ ،‬النظرية العامة للحق ‪ ،‬الدار اجلامعية ‪،‬بيروت ‪ ،‬بال سنة ‪،‬‬ ‫ص ‪. 141‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪103‬‬


‫حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة‬

‫السغغابعة والثامنة عشغغرة‪ ،‬وأخيرا مرحلة كمال التمييز واملتمثلة بإكمال الثامنة عشغغرة‪ ،‬ويصغغبح‬ ‫الشخص عندها كامل األهلية (‪. )4‬‬ ‫كما تناول شغغراح القانون أيضغغا مصغغطلحات أخرى كالطفل واليتيم تبعا ملوضغغوع بحثهم‪،‬‬ ‫ولكن البعض أطلق م صطلح الطفل للمرحلة ما بني الوالدة حيا إلى أن ي صير بالغا قادرا (‪ ، )5‬واعتبر‬ ‫البعض اآلخر أن الطفل في القانون املدني العراقي والذي يطلق عليه الصغغغير هو الوليد الذي يكون‬ ‫دون سن ثماني عشرة سنة كاملة (‪. )6‬‬ ‫أما اليتيم فقد عرفه البعض بأنه الصغغغير الذي فقد األب أو والديه ولم يبلغ سغغن الرشغغد‪ ،‬و‬ ‫بني أن كل يتيم قا صر‪ ،‬وتراعى شؤونه تبعا لرعاية القا صرين في ظل القوانني النافذة‪ ،‬وتخ ضع إدارة‬ ‫أموال اليتيم لقانون رعاية القاصرين (‪. )7‬‬ ‫ثالثا‪ -‬الصغير قانونا‬ ‫(‪)8‬‬ ‫أطلق امل شرع العراقي م صطلح القا صر في قانون رعاية القا صرين الذي ي شمل ال صغير‬ ‫واجلنني واﶈجور الغغغغذي تقرر اﶈكمة أنه ناقص األهلية أو فاقدها والغاﺋب واملفقود‪ )9( ،‬وعرف القانون‬ ‫املذكور ال صغير بأنه الذي لم يبلغ سن الر شد‪ ،‬وهي متام الثامنة ع شرة من العمر‪ ،‬ويعتبر من أكمل‬ ‫اﳋام سة ع شرة وتزوج بإذن من اﶈكمة كامل األهلية‪)10( .‬وأمغغغغا في القانون املدني العراقي (‪ )11‬فقد‬ ‫استعمل املشرع لفظ الصغير والصبي‪)12( ،‬ويالحظ أنه لم يفرق بينهما باملعنى إال عند إضافة مميز أو‬ ‫غير مميز‪ ،‬وأحيانا يستعمل الصغير أو الصبي لوحده (‪ )13‬واستخدم أيضا عبارة ( كل شخص ولو غير‬ ‫مميز ‪. )14( ).....‬‬ ‫أما بالنسبة إلى موقف القوانني املقارنة فإن املشرع املغربي في قانون مدونة األسرة(‪ )15‬اعتمد‬ ‫عند تنظيمه ألحكام األهلية والنيابة الشرعية على احلجر وأسبابه وتصرفات اﶈجور‪ ،‬فقد أوضح أن‬ ‫أسغغباب احلجر نوعان‪ ،‬األول ينقص األهلية‪ ،‬والثاني يعدم األهلية ؛ والصغغغير إما عدل أهلية األداء وهو‬ ‫الذي لم يبلغ سن التمييز‪ ) 16(،‬أو ناقص أهلية األداء وهو الصغير الذي بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن‬

‫(‪ )4‬للمزيد من التفصيل حول املوضوع ينظر د‪ .‬حسن كيرة ‪،،‬املدخل الى القانون ‪ ،‬منشاة املعارف ‪ ،‬االسكندرية ‪، 1591 ،‬ص‪-992‬‬ ‫ص ‪. 910‬‬ ‫(‪ )5‬د‪ .‬رجاء ناجي ‪ ،‬احلماية القانونية لالطفال مواجهة باملتغيرات االجتماعية واالقتصادية‪،‬بحث متاح على املوقع ‪www. :‬‬ ‫‪gulfkids.com/ar/index.php‬‬ ‫(‪ )6‬فاطمة خلف كاظم ‪،‬مظاهر احلماية املدنية حلقوق الطفل في التشريعات العراقية النافذة ‪ ،‬بحث منشور في مجلة‬ ‫احلقوق ‪،‬تصدر عن كلية القانون ‪ ،‬اجلامعة املستنصرية ‪ ،‬اﺠﻤﻟلد (‪ ، )2‬السنة الرابعة ‪ ،‬العددان (‪ ،2445 ، )1،9‬ص‪245‬‬ ‫(‪ )7‬سغغغغالم روضغغغغان املوسغغغوي ‪ ،‬احكغغام اليتيم في الشغغغريعغغة والقغغانون العراقي ‪ ،‬بحغغث متغغاح على املوقع ‪:‬‬ ‫‪www.annabaaorg‬‬ ‫(‪ )8‬املرقم (‪ ) 91‬لسنة ‪. 1514‬‬ ‫(‪ )9‬ينظر املادة (‪ )4‬من القانون ‪.‬‬ ‫(‪ )10‬ينظر املادة ‪ /4/‬اوال‪ /‬ا )‪.‬‬ ‫(‪ )11‬املرقم (‪ )04‬لسنة ‪ 1591‬املعدل ‪.‬‬ ‫(‪ )12‬على سبيل املثال املواد( ‪ )499،049،140،149،944 ،151،211،201،204‬علما ان من الناحية اللغوية يوجد فرق بني الصغير‬ ‫والصبي فاالخير معناها من لم يفطم (ينظر ابن منظور ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪.) 151‬‬ ‫(‪ )13‬كما هو احلال في املادة ( ‪.) 049‬‬ ‫(‪ )14‬يالحظ املادة ( ‪.)204‬‬ ‫(‪ )15‬الصادر مبوجب القرار رقم ‪2240441‬في ‪ 4‬فبراير ‪. 2440‬‬ ‫(‪ )16‬ينظر( الفقرة اوال من املادة ‪.) 219‬‬ ‫‪104‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬اميان يوسف نوري‬

‫الرشد‪ )17( .‬كما استخدم املشرع املغربي لفظ القاصر؛ حيث نصت املادة (‪ )211‬على أنه (ينتهي احلجر‬ ‫عن القاصر إذا بلغ سن الرشد ما لم يحجر عليه لداع آخر من دواعي احلجر ‪ .)...‬واجته املشرع القطري‬ ‫في قانون الوالية على أموال القاصغغرين (‪ )18‬إلى موقف مشغغابه لقانون رعاية القاصغغرين العراقي من‬ ‫حيث املقصود من القاصر وهو الصغير الذي لم يبلغ سن الرشد‪ ،‬ويعتبر في حكمه احلمل املستكن‬ ‫واﺠﻤﻟنون وفاقد اﻹدراك واملعتوه وذو الغفلة والسغغفيه والغائب واملفقود (‪ . )19‬أما بالنسغغبة إلى قانون‬ ‫الوالية على املال امل صري (‪ )20‬فقد ا ستخدم امل شرع امل صري لفظي ال صغير والقا صر(‪ )21‬للداللة على‬ ‫الشغغخص الذي لم يبلغ سغغن الرشغغغد‪ .‬بينما اتفق القانون املدني الكويتي(‪ ) 22‬مع القانون املدني‬ ‫العراقي من حيث إن الصغغغير إما غير مميز أو مميز تبعا ملدى متتعه بأهلية األداء‪ .‬وأخيرا عرف قانون‬ ‫األحوال الشخصية السوداني (‪ )23‬القاصر بأنه الشخص الذي لم يبلغ سن الرشد‪ ،‬ويكون في حكمه‬ ‫كل فاقد لألهلية أو ناقصها‪ )24(.‬والصغير غير املميز هو من لم يكمل العاشرة من عمره‪ ،‬أما الصغير‬ ‫املميز فهو من أكملها (‪. )25‬‬ ‫إذن اتفق كل من املشرع القطري والسوداني مع املشرع العراقي من حيث استخدامها ملعنى الصغير‬ ‫ومن في حكمه في قانون رعاية القاصغغرين ‪ ،‬كذلك اتفق املشغغرع الكويتي مع املشغغرع العراقي في‬ ‫القانون املدني من حيث تق سيم مراحل ال صغير‪ ،‬بينما ا ستعمل امل شرع املغربي لفظي ال صغير‬ ‫والقاصر للداللة على الصغير وقريب منه املشرع املصري‪.‬‬ ‫الفرع الثاني – أهمية حماية أموال الصغير ونطاقها‬ ‫أوال‪ -‬أهمية حماية أموال الصغير‬ ‫إن اﶈافظة على أموال القاصر واستثمارها ﲟا يحقق منافع أكثر لهم أحد أسس قانون رعاية‬ ‫القاصغغرين‪ ) 26(،‬كما أن وضغغع القواعد في كيفية االسغغتثمار يعد أحد اختصغغاصغغات مجلس رعاية‬ ‫القاصرين‪ )27( .‬كما بني قانون األحوال الشخصية السوداني الوالية على أموال القاصر حفظا وتصرفا‬ ‫واستثمارا (‪.)28‬‬ ‫وعليه ميكن أن نوضح أهمية حماية أموال الصغير على النحو اآلتي‪:‬‬ ‫‪ -1‬اﶈافظة على حقوق الصغير الذي ال يحسن النظر في تدبير شﺆونه املالية‪.‬‬ ‫امتام‬

‫(‪ )17‬ينظر( الفقرة اوال من املادة ‪.)214‬علما ان سن التمييز هوامتام الثانية عشرة شمسية (م ‪) 210‬وسن الرشد هو‬ ‫الثامنة عشر شمسية(م ‪) 245‬‬ ‫(‪ )18‬املرقم (‪ )04‬لسنة‪2440‬‬ ‫(‪ )19‬كذلك يعتبر موقف املشرع القطري مشابه ملوقف املشرع العراقي من حيث تقسيم مراحل الصغير الى مميز وغير مميز‪.‬‬ ‫كما نظم االحكام املتعلقة بالغائب واملفقود باملواد من (‪ ) 04 -42‬من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري ‪.‬‬ ‫(‪ )20‬املرقم (‪ )115‬لسنة ‪. 1592‬‬ ‫(‪ )21‬ينظر على سبيل املثال املادة (‪ )1‬و (‪ )5‬من قانون الوالية على املال املصري‪.‬‬ ‫(‪ )22‬املرقم (‪ )19‬لسنة ‪1514‬‬ ‫(‪ )23‬سنة ‪. 1551‬‬ ‫(‪ )24‬ينظر املادة (‪ ) 211‬من االحوال الشخصية السوداني ‪.‬‬ ‫(‪ )25‬ينظر املادة (‪ )224‬من االحوال الشخصية السوداني ‪.‬‬ ‫(‪ )26‬ينظر املادة (‪ /2‬سادسا)من قانون رعاية القاصرين العراقي ‪.‬‬ ‫(‪ )27‬ينظر املادة (‪ /1‬اوال‪ /‬د) من قانون رعاية القاصرين العراقي ‪.‬‬ ‫(‪ )28‬ينظر املادة (‪ )241‬قانون االحوال الشخصية السوداني‪.‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪105‬‬


‫حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة‬

‫‪ - 2‬حتقيق النفع للصغير من خالل تنمية األموال بفوائد مجزية ‪.‬‬ ‫‪ -4‬احلفاظ على أموال الصغغير من الضغياع وفقد قيمتها خصغوصغا أن قيمة املدخرات النقدية‬ ‫تتدنى مع تدهور العمالت الوطنية‪.‬‬ ‫‪ -0‬فسح اﺠﻤﻟال الستثمار أموال الصغير في مشاريع ﲡارية مبا ينعكس إيجابيا على توسع حجم‬ ‫االستثمارات‪.‬‬ ‫ثانيا‪ -‬نطاق حماية أموال الصغير‬ ‫يقصغغد بنطاق حماية أموال الصغغغير حدود احلماية القانونية التي نظمها املشغغرع على أموال‬ ‫الصغغغير حيث إنها محددة مبدة معينة‪ ،‬بااضغغافة إلى أن هناك أمواال ال تخضغغع للحماية ألسغغباب‬ ‫ارتآها املشرع‪ .‬وألجل توضيح ذلك سنقسم املطلب إلى فرعيني‪:‬‬ ‫الفرع األول – نطاق حماية أموال الصغير من حيث املدة‬ ‫الفرع الثاني ‪ -‬نطاق حماية أموال الصغير من حيث املضمون‬ ‫الفرع األول ‪ -‬نطاق حماية أموال الصغير من حيث املدة‬ ‫نصت املادة (‪ )41‬من قانون رعاية القاصرين العراقي على أنه ( تنتهي الوالية ببلوغ الصغير سن‬ ‫الر شد مالم تقرر اﶈكمة قبيل بلوغه هذه ال سن ا ستمرار الوالية عليه‪ ).‬واملادة (‪( )45‬تنتهي مهمة‬ ‫الو صي في احلاالت اآلتية‪ :‬أوال – بلوغ ال صغير سن الر شد مالم تقرر اﶈكمة قبيل بلوغه هذه ال سن‬ ‫استمرار الوصاية عليه)‪.‬‬ ‫وعليه فإن احلماية على أموال الصغير تبدأ منذ والدته حيا إلى حني بلوغه سن الرشد ما لم‬ ‫تقرر اﶈكمة اسغغتمرار الوالية أو الوصغغاية‪ )29( .‬كما اتفقت على ذلك القوانني املقارنة؛ سغغواء بالنص‬ ‫على ذلك صراحة (‪ )30‬أو ضمنا ‪ ،‬وقد ن صت املادة (‪ )221‬من قانون األحوال ال شخ صية ال سوداني ( ‪-1‬‬ ‫يكون للقاصر بعد رشده احلق في أن يطالب بحقوقه التي ضاعت بسبب تصرفات وصيه الضارة‪).‬‬ ‫إذن مدة احلماية تنتهي عند بلوغ ال صغير سن الر شد ‪ ،‬حيث ن صت الفقرة (‪ )1‬من املادة (‪)01‬‬ ‫من القانون املدني العراقي ( كل شغغخص بلغ سغغن الرشغغد متمتعا بقواه العقلية غير محجور عليه‬ ‫يكون كامل األهلية ملبا شرة حقوقه املدنية‪ ).‬واعتبر البعض أن امل شرع العراقي لم يعلق الر شد على‬ ‫شرط معني وإمنا أخذ بارتفاع احلجر ال شرعي عن ال صغير مبجرد بلوغه سن الر شد ولم يكن مجنونا‬ ‫أو معتوها‪ ،‬والحاجة للصغير إلى احلصول على حكم من اﶈكمة عندما يبلغ سن الرشد ألن الصغير‬ ‫محجور عليه لذاته‪ ،‬أما إذا نصغغغب عليه ولي أو وصغغي مبوجب حكم محكمة فعندها يجب على‬ ‫(‪ )29‬اجاز قانون رعاية القا صرين في املادة (‪ /91‬ثالثا) و ملن انتفت عنه صفة الق صر ان يطلب من دائرة رعاية القا صرين اال ستمرار‬ ‫بإدارة امواله نيابة عنه اذا حتقق عذر مشروع او مصلحة في ذلك يقررها مجلس رعاية القاصرين‬ ‫(‪ )30‬ينظر املادة (‪ )299‬من قانون االحوال الشغغخصغغية السغغوداني ‪ .‬واملادة (‪ ، 11‬و‪ 09‬من قانون الوالية على املال املصغغري)و(م ‪ 51‬من‬ ‫القانون املدني الكويتي) واملادة (‪12‬و‪ 14‬و‪ )21‬من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري ‪.‬واملادة (‪ 214‬و‪211‬و‪244‬و‪ 291‬من‬ ‫قانون مدونة االسرة املغربي )‪.‬‬ ‫‪106‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬اميان يوسف نوري‬

‫ال صغير عند بلوغه أن يثبت ر شده أمام اﶈكمة وحتكم له بإثبات ر شده ورفع الوالية عنه( ‪ )31‬علما‬ ‫أن محكمة األحوال الشخصية تعد اجملتصة بالنظر في دعاوى احلجر ورفعه وإثبات الرشد( ‪.)32‬‬ ‫الفرع الثاني‪ -‬نطاق حماية أموال الصغير من حيث محل احلماية‬ ‫بني قانون رعاية القا صرين العراقي أن األموال امل شمولة باحلماية هي كل ما يؤول لل صغير‬ ‫بطريق التبرع إال إذا اشغغترط املتبرع غير ذلك (‪ ، )33‬كما أوضغغح القانون حدود ما يتسغغلمه الولي أو‬ ‫الو صي أو القيم حيث ن صت املادة (‪ )00‬على أنه (للولي أو الو صي أو القيم ت سلم الراتب التقاعدي‬ ‫للقاصغغر مع اجملصغغصغغات وااضغغافات مبوجب قانون التقاعد مبا اليزيد على املبلغ الذي يحدده مجلس‬ ‫رعاية القا صرين‪ ،‬وما زاد عن احلد األعلى يودع في مديرية رعاية القا صرين ال ستثماره وفق القانون)‪ .‬إال‬ ‫أن ذلك اليعني أن تلك األموال فقط مشغغمولة باحلماية بل إن كل مايؤول للصغغغير داخل في هذه‬ ‫احلماية‪ ،‬وهذا األمر واضح بالنصوص الواردة في القانون(‪. )34‬‬ ‫كما أن القوانني املقارنة أشغغارت إلى ذلك وبنفس اجتاه املشغغرع العراقي إال أن قسغغما منها‬ ‫أو ضحها ب شكل مبا شر مع وجود البعض من االختالف؛ حيث ن صت املادة (‪ )111‬من القانون املدني‬ ‫الكويتي على أنه ( ‪ -1‬تكون الوالية أو الوصغغاية على كل أموال الصغغغير‪ ،‬ويجوز ان تتحدد الوصغغاية‬ ‫بإرادة األب أو بحكم القاضي على حسب األحوال ‪ -2‬على أنه إذا آل مال إلى الصغير بطريق الوصية‬ ‫أو التبرع وأو صى املو صي أو ا شترط املتبرع عند التبرع عدم خ ضوع املال لوالية األب أو اجلد أو و صاية‬ ‫شخص معني خرج هذا املال عن الوالية أو الوصاية وعندﺋذ تعني اﶈكمة للصغير وصيا خاصا يتولى‬ ‫الوالية على هذا املال ما لم يكن املوصي أو املتبرع قد اختار له وصيا في الشكل الذي حتدده املادة ‪114‬‬ ‫الختيار الو صي من األب) كما ن صت املادة (‪ )141‬من القانون املدني الكويتي على أن (‪ -1‬جميع القيود‬ ‫الواردة على سلطة الولي ال تسري بالنسبة إلى ما يكون قد آل منه إلغغغغى الصغير مغغغغن مال على‬ ‫سبيل التبرع ولو كان ذلك بطريق غير مباشر ‪ )35().‬كما نص قانون الوالية على املال امل صري في املادة‬ ‫(‪ )4‬على أنه (اليدخل في الوالية ما يؤول للقا صر من مال بطريقة التبرع إذا ا شترط املتبرع ذلك ‪ ).‬أما‬ ‫إذا كان املتبرع األب فإن القيود املنصوص عليها في هذا القانون ال تسري سواء أكان التبرع صريحا أو‬ ‫مستترا(‪. )36‬‬ ‫من خالل ما تقدم يتضح ما يلي ‪:‬‬ ‫‪ -1‬جعل املشرع العراقي ما يؤول للصغير مشموال باحلماية‪.‬‬

‫‪) 31‬شامل رشيد ياسني الشيخلي ‪ ،‬عوارض االهلية بني القانون والشريعة ‪ ،‬الطبعة االولى ‪ ،‬مطبعة العاني ‪ ،‬بغداد ‪ ،1590 ،‬ص ‪.120-124‬‬ ‫‪ ) 32‬ينظر الفقرة (‪ )0‬من املادة (‪ )444‬من قانون املرافعات املدنية العراقي املرقم (‪ )14‬لسنة ‪ 1515‬املعدل ‪.‬‬

‫(‪ )33‬ينظر املادة (‪.)25‬واما بالنسبة الى كيفية ادارته او التصرف فيه فانه يتبع الشروط التي وضعها املتبرع ما دام على قيد احلياة‬ ‫(ينظر املادة ‪.)94‬‬ ‫(‪)34‬نصت املادة (‪ )25‬من قانون رعاية القاصرين العراقي على انه ( يدخل في الوالية ما يؤول للصغير بطريق التبرع اال اذا اشترط‬ ‫املتبرع غير ذلك )‪.‬‬ ‫(‪ )35‬يالحظ ان موقف امل شرع القطري ي شابه موقف امل شرع امل صري فيما يتعلق بهذه امل سالة (ينظر املادة ‪ 11‬من قانون الوالية‬ ‫على اموال القاصر القطري ‪.‬‬ ‫(‪ )36‬ينظر املادة (‪.)14‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪107‬‬


‫حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة‬

‫‪ -2‬لم يسغغمح املشغغرع العراقي لةرادة باشغغتراط عدم خضغغوع بعض من األموال لتلك‬ ‫احلماية على عكس ما ذهب إليه بعض من القوانني املقارنة كالقانون املدني الكويتي‬ ‫‪.‬‬ ‫املطلب الثاني‬ ‫صالحيات الصغير في إدارة أمواله‬ ‫أوضغغح القانون احلاالت التي مبوجبها يتمكن الصغغغير من إدارة أمواله من قبله وبحسغغغب‬ ‫الضوابط ‪ ،‬ويالحظ أن املشرع العراقي في القانون املدني قسم املراحل التي مير بها الصغير إلى ثالثة‬ ‫مراحل عمرية ؛ املرحلة األولى تبدأ منذ الوالدة إلى السغغغابعة وأطلق عليها‪ :‬الصغغغير غير املميز ‪،‬‬ ‫املرحلة الثانية متتد من إمتام السابعة إلى الثامنة عشرة وتسمى بالصغير املميز ‪ ،‬أما املرحلة األخيرة‬ ‫فهي إمتام الثامنة عشغغرة ويعتبر فيها الشغغخص بالغا سغغن الرشغغد‪ )37(.‬وتبعا للتقسغغيم املذكور‬ ‫نستطيع معرفة حكم التصرفات الصادرة في تلك املراحل؛ ففي املرحلة األولى تصرفاته باطلة وإن‬ ‫أذن له الولي ‪ ،‬و في املرحلة الثانية متباينة بني املعتبرة إذا كانت نافعة نفعا محضغغغا ‪ ،‬وغير املعتبرة‬ ‫إذا كانت ضارة ضررا محضا حتى وإن أذن له الوصي ‪ ،‬وتصرف موقوف على إجازة الولي في احلدود التي‬ ‫يجوز فيها له التصرف إذا كان التصرف دائرا بني النفع والضرر (‪. )38‬‬ ‫كما أشغار القانون املدني العراقي إلى الصغغير املاذون بالتجارة‪ ،‬واعتبر تصغرفاته الداخلة حتت‬ ‫ااذن مبنزلة ت صرفات البالغ سن الر شد‪ )39(.‬ونود أن ن شير إلى أن هناك من أجرى مقارنة فيما يتعلق‬ ‫بالصغير املميز الوارد في القانون املدني الذي عالا أحكام الصغير املأذون‪ ،‬والصغير املميز املتزوج بإذن‬ ‫اﶈكمة الوارد في قانون رعاية القا صرين واعتبر أن امل شرع في القانون األخير ا شترط أن يكون متزوجا‬ ‫(‪ .)40‬جتدر املالحظة أن أحكام ال صغير املأذون ال تقارن مع أحكام ال صغير املتزوج بإذن اﶈكمة ب سبب‬ ‫أن الهدف من إعطاء ااذن للصغغغير املميز ااذن بالتجارة هو ألجل االختبار والتجربة‪ ،‬ولذلك أهليته‬ ‫تصبح مبنزلة كامل األهلية بالتصرفات الداخلة في حدود االذن ‪ ،‬مع مالحظة أن الفقهاء اختلفوا في‬ ‫حدود حتمل التزاماته التجارية بني معاملته معاملة كامل األهلية وعدميها(‪ ،)41‬أما الصغغبي املميز‬ ‫املاذون بالزواج فهو كامل األهلية‪ ،‬والسغغؤال الذي ميكن طرحه‪ :‬ماهو نطاق كمال أهليته‪ ،‬هل يشغغمل‬ ‫كل الت صرفات القانونية أم هو فقط في امل سائل املتعلقة باألحوال ال شخ صية اعتبر البعض أنه‬ ‫يعد كامل األهلية بالنسغغبة إلى جميع التصغغرفات القانونية وليس فيما يتعلق بعقد الزواج لورود‬ ‫النص مطلقا( ‪ )42‬في حني ذهبت محكمة اسغغتئناف منطقة بغداد الرصغغغافة إلى أن من أكمل‬ ‫اﳋامسة عشرة وتزوج بإذن من اﶈكمة يعتبر كامل األهلية فيما يتعلق بقضايا األحوال الشخصية‪،‬‬ ‫(‪ )37‬ينظر املواد (‪) 141 ،51‬‬ ‫(‪ )38‬ينظر املادة (‪.)51‬‬ ‫(‪ )39‬ينظر املادة (‪.)51‬‬ ‫(‪ )40‬فاطمة خلف كاظم ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪. 245 -241‬‬ ‫(‪ )41‬للمزيد من االطالع حول االراء الفقهية ينظر د‪.‬باسم محمد صالح ‪،‬القاون التجاري ‪،‬القسم االول ‪،‬وزارة التعليم العالي‬ ‫والبحث العلمي ‪ ،‬بال سنة ‪ ،‬بغداد ‪ ،‬ص‪. 114 – 141‬‬

‫‪ ( 42‬د‪ .‬عصمت عبد اﺠﻤﻟيد بكر ‪،‬النظرية العامة لاللتزامات ‪ ،‬اﳉزء االول ‪ ،‬مصادر االلتزام ‪ ،‬الطبعة االولى ‪ ،‬جامعة جيهان ‪ ،‬اربيل ‪ ،2411 ،‬ص ‪. 244‬ويضيف‬ ‫الدكتور عصمت بانه اذا طلق املتزرج قبل البلوغ سن الرشد يبقى كامل االهلية لغرض استقرار املعامالت املالية ‪.‬‬

‫‪108‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬اميان يوسف نوري‬

‫أما فيما يتعلق بالقضغغغايا املالية والتجارية فهو اليزال قاصغغرا( ‪ ) 43‬ونرجح ما ذهبت إليه محكمة‬ ‫االسغغتئناف على اعتبار أن النص في األصغغل متعلق بالصغغبي املأذون بالزواج مما يعني أنه يعد كامل‬ ‫األهلية فيما يتعلق باملسغغغائل التي أجيز له إبرامها وكافة اآلثار املترتبة عليها‪ ،‬وبخالفها فهو يعد‬ ‫صبيا مميزا ويخضع لتلك األحكام ‪.‬‬ ‫أما بالنسغغبة إلى موقف القوانني املقارنة فقد أجاز املشغغرع املغربي في قانون مدونة األسغغرة‬ ‫إمكانية طلب القاصر الترشيد إذا بلغ السادسة عشرة بناء على طلبه أو طلب من النائب الشرعي ‪،‬‬ ‫ويترتب على التر شيد ت سلمه ألمواله واكت سابه األهلية الكاملة في إدارتها والت صرف فيها وتبقى‬ ‫ممار سة احلقوق غير املالية خا ضعة للن صوص القانونية املنظمة لها‪ )44( ،‬إذن احلجر ال شرعي ينتهي‬ ‫ببلوغ القا صر سن الر شد وهي (‪ )11‬سنة شم سية كاملة لقيام قرينة قانونية تفيد بأنه أ صبح‬ ‫متمتعا بأهلية تامة ‪ ،‬أو بتر شيد القا صر إذا بلغ ال ساد سة ع شرة من عمره على أن يقدم طلب من‬ ‫قبله أو من نائبه ال شرعي (‪ ، )45‬كذلك أجاز امل شرع القطري تر شيد القا صر (‪ ) 46‬وهو ما لم يأخذ به‬ ‫املشرع العراقي‪.‬‬ ‫(‪)47‬‬ ‫وأشار املشرع املغربي إلى الصغير املأذون بالتجارة وأحكامها متقاربة مع القانون املدني العراقي‬ ‫من حيث حكم تصرفات الصغير عدل أهلية األداء أوناقصها(‪.)48‬‬ ‫أما املشغغرع القطري في قانون الوالية على أموال القاصغغرين واملشغغرع الكويتي في القانون املدني‬ ‫وامل شرع ال سوداني في قانون األحوال ال شخ صية فقد اختلفوا مع امل شرع العراقي من حيث حكم‬ ‫تصرفات الصغير املميز الدائرة بني النفع والضرر حيث تعد قابلة لةبطال (‪ ،)49‬بينما تعد موقوفة في‬ ‫القانون املدني العراقي( ‪ ،)50‬والعقد املوقوف صغغورة عكسغغية من العقد القابل لةبطال؛ فاالول يعد‬ ‫عقدا صغغحيحا ولكنه غير نافذ ويجب إجازته من قبل من ميلك ااجازة (‪ ، )51‬أما الثاني فهو نافذ في‬ ‫احلال وينتا جميع آثاره وله وجود قانوني باعتباره تصرفا قانونيا حتى يبطل بعدم ااجازة( ‪. )52‬‬ ‫ميز املشغغرع املصغغري في قانون الوالية على املال واملشغغرع الكويتي في القانون املدني واملشغغرع‬ ‫السوداني في قانون األحوال الشخصية بني إدارة القاصر ألمواله بنفسه سواء أكان مأذونا أم‬

‫‪ ) 43‬القرار املرقم ‪ / 1145‬هيئة اولى ‪ 2444 /‬في ‪ 2444 /5/1‬نقال عن د‪ .‬عصمت عبد اﺠﻤﻟيد ‪ ،‬مصر نفسه ‪ ،‬ص ‪. 241‬وذكر بان اﲡاه اﶈكمة املذكورة هو اﲡاه‬ ‫مجلس شورى الدولة في القرار املرقم ‪ 2449/20‬في ‪ 2449 /1/1‬مشار الى رقم وتاريخ القرار في املصدر اعاله ‪.‬‬

‫(‪ )44‬ينظر املادة (‪..)211‬‬

‫‪ ) 45‬احمد نصر اجلندي ‪ ،‬شرح قانون مدونة االسرة املغربي ‪ ،‬دار الكتب القانونية ‪ ،‬مصر ‪ ،‬بال سنة نشر ‪ ،‬ص ‪. 294‬‬ ‫‪ ) 46‬ينظر املادة (‪ )4‬من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري‪.‬‬

‫(‪ )47‬ينظر املادة (‪ ) 221‬من مدونة األسرة املغربي ‪.‬‬ ‫(‪ )48‬ينظر املادتني (‪ ) 229 -220‬من قانون مدونة األسرة املغربي ‪.‬‬ ‫(‪ )49‬ينظر املادة (‪ )2‬من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري‪.‬واملادة (‪ )19‬من القانون املدني الكويتي واملادة (‪ ) 221‬من‬ ‫األحوال الشخصية السوداني بينما اتفق القانون املدني الكويتي وقانون األحوال الشخصية السوداني مع القانون املدني‬ ‫العراقي من حيث حكم تصرفات الصغير الغير املميز واملميز ينظر املادة (‪ )11‬من القانون املدني الكويتي واملادة (‪ )221‬من قانون‬ ‫األحوال الشخصية السوداني ‪.‬‬ ‫‪ ) 50‬ينظر املادة (‪ )59‬من القانون املدني العراقي ‪.‬‬ ‫‪ ) 51‬د‪ .‬عبد اﺠﻤﻟيد احلكيم ‪ ،‬املوجز في شرح القانون املدني ‪ ،‬اجلزء االول ‪ ،‬مصادر االلتزام ‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬شركة الطبع والنشر‬ ‫االهلية ‪ ،‬بغداد ‪ ،1514 ،‬ص ‪. 299‬‬ ‫‪ ( 52‬للمزيد من التفصيل ينظر د‪.‬عبد الرزاق السنهوري ‪ ،‬مصادر احلق في الفقه االسالمي ‪ ،‬اجلزء الرابع ‪ ،‬دار احياء التراث العربي‬ ‫‪ ،‬بيروت ‪ ،‬ص ‪. 14‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪109‬‬


‫حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة‬

‫غير مأذون‪ ،‬متزوجا أم غير متزوج و بني الولي والوصغغي وصغغالحياتهما في إدارة تلك االموال مع‬ ‫وجود البعض من االختالف وميكن ان نوضحها على النحو اآلتي ‪:‬‬ ‫‪ -1‬أجاز امل شرع امل صري للولي أن يأذن للقا صر الذي بلغ الثامنة ع شرة في ت سليم أمواله‬ ‫كلها أو بعضغغها ادارتها ويكون ذلك بإشغغهاد لدى املوثق‪ ،‬وله أن يسغغحب هذا ااذن أو‬ ‫يحد منه بإشغغهاد آخر مع مراعاة حكم املادة ‪ 1429‬من قانون املرافعات (‪ .)53‬كما يجوز‬ ‫للمحكمة بعد سماع أقوال الوصي أن تأذن للقاصر الذي بلغ الثامنة عشرة في تسلم‬ ‫أمواله كلها أو بعضغغها ادارتها‪ ،‬وإذا رفضغغت اﶈكمة ااذن فال يجوز جتديد طلبه قبل‬ ‫م ضي سنة من تاريخ صدور القرار النهائي بالرفض‪ )54( .‬كذلك أجاز امل شرع الكويتي‬ ‫في القانون املدني للصغغغير املميز البالغ من العمر الثامنة عشغغرة إدارة أمواله كلها‬ ‫أو بعضها إذا آنس منه وليه أو وصيه القدرة على أن يدير أمواله بنفسه ( ‪ . )55‬وإذا رفض‬ ‫الو صي ااذن لل صغير باادارة أو قيده أو سحبه بعد إعطائه‪ ،‬جاز للمحكمة بناء على‬ ‫طلب ال صغير أو إدارة شئون الق صر أو أي ذي شأن آخر أن تأذن لل صغير في إدارة أمواله‬ ‫كلها أو بعضغغها إذنا مطلقا أو مقيدا‪ ،‬إن رأت أن ما أجراه الوصغغي غير مسغغتند إلى‬ ‫أساس‪ .‬فإن قضت اﶈكمة برفض طلب الصغير‪ ،‬فإنه ال يجوز جتديده‪ ،‬قبل مضي سنة‬ ‫من تاريخ صيرورة احلكم نهائيا(‪ .)56‬كما فرق قانون األحوال ال شخ صية ال سوداني بني‬ ‫الولي والوصي من حيث ااذن للصغير في إدارة أمواله ‪ ،‬حيث أجاز القانون لولي الصغير‬ ‫املميز ااذن بإدارة أمواله أو أي جزء منها اذا آنس منه حسغغن التصغغرف (‪ ، )57‬كما أجاز‬ ‫(‪)58‬‬ ‫القانون للوصي بعد موافقة القاضي ااذن للصغير املميز بإدارة أمواله أو جزء منها‬ ‫‪ ،‬ويعتبر الصغير املأذون كامل األهلية فيما أذن له فيه (‪. )59‬‬ ‫‪ -2‬للقا صر املأذون في قانون الوالية على املال امل صري أن يبا شر أعمال اادارة ‪ ،‬وله أن يفي‬ ‫ويسغغتوفي الديون املترتبة على هذه األعمال ‪ ،‬ولكن ال يجوز له أن يؤجر األرض الزراعية‬ ‫واملباني ملدة تزيد على سغغنة ‪ ،‬وال أن يفي بالديون األخرى ولو كانت ثابتة بحكم واجب‬ ‫النفاذ أو سند تنفيذي آخر إال بإذن خاص من اﶈكمة أو من الو صي فيما ميلك من ذلك ‪،‬‬ ‫وال يجوز للقا صر أن يت صرف في صافي دخلة إال بالقدر الالزم ل سد نفقاته ومن تلزمه‬ ‫نفقتهم قانونا(‪ .)60‬وفي نفس االجتاه ذهب املشغغرع الكويتي في القانون املدني إلى أن‬ ‫للقا صر املأذون أهلية إجراء الت صرفات التي تقت ضيها إدارة األموال التي ت سلم له في‬

‫(‪ )53‬ينظر املادة (‪ )90‬من قانون الوالية على املال املصري‪.‬‬ ‫(‪ )54‬ينظر املادة (‪ ) 99‬من قانون الوالية على املال املصري‪. .‬‬

‫‪ ) 55‬ينظر املادة (‪ )11‬من القانون املدني الكويتي ‪.‬‬

‫(‪ )56‬ينظر املادة (‪ ) 52‬من القانون املدني الكويتي ‪.‬‬ ‫(‪ )57‬ينظر املادة (‪ )222‬من األحوال الشخصية السوداني ‪.‬‬ ‫(‪ )58‬ينظر املادة (‪ )224‬من األحوال الشخصية السوداني‪.‬‬ ‫(‪ )59‬ينظر املادة (‪ ) 220‬من األحوال الشخصية السوداني‪.‬‬ ‫(‪ )60‬ينظر املادة (‪ )91‬من قانون الوالية على املال املصري‪.‬‬ ‫‪110‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬اميان يوسف نوري‬

‫حدود ااذن‪ ،‬كما أنه ليس للصغغغير املأذون في اادارة أهلية تأجير املال ملدة تزيد على‬ ‫سنة (‪ ، )61‬كما أجاز للصغير املميز عند بلوغه الثامنة عشرة أهلية إبرام الوصية (‪.)62‬‬ ‫‪ -3‬ال يجوز للقاصغغر في قانون الوالية على املال املصغغري‪ ،‬سغغواء كان مشغغموال بالوالية أو‬ ‫بالوصغغاية‪ ،‬أن يتجر إال إذا بلغ الثامنة عشغغرة من عمره وأذنت له اﶈكمة في ذلك إذنا‬ ‫مطلقا أو مقيدا (‪.)63‬‬ ‫‪ -4‬بالنسبة إلى زواج القاصر فقد اعتبر قانون الوالية على املال املصري أنه إذا أذنت اﶈكمة‬ ‫في زواج القا صر الذي له مال كان ذلك إذنا له في الت صرف في املهر والنفقة مالم تأمر‬ ‫اﶈكمة بغير ذلك عند ااذن أو في قرار ال حق (‪. )64‬‬ ‫‪ -5‬للقاصغغر في قانون الوالية على املال املصغغري(‪ )65‬والقانون املدني الكويتي(‪ ) 66‬أهلية‬ ‫الت صرف فيما ي سلم له أو يو ضع حتت ت صرفه عادة من مال ألغراض نفقتة وي صبح‬ ‫التزامه املتعلق بهذه األغراض في حدود هذا املال فقط ‪.‬‬ ‫‪ -6‬بني قانون الوالية على املال املصغغري أن للقاصغغر إبرام عقد العمل الفردي وفقا ألحكام‬ ‫القانون ‪ ،‬وللمحكمة بناء على طلب الوصغغي أو ذي الشغغغان إنهاء هذا العقد رعاية‬ ‫مل صلحة القا صر أو م ستقبله أو م صلحة أخرى ظاهرة (‪ ، )67‬ويكون القا صر الذي بلغ‬ ‫ال ساد سة ع شرة أهال للت صرف فيما يك سبة من عمله من أجر أو غيره ‪ ،‬وال يجوز أن‬ ‫يتعدي أثر التزام القاصغغر حدود املال الذي يكسغغبه من مهنته أو صغغناعته‪ .‬مع ذلك‬ ‫فللمحكمة إذا اقت ضت امل صلحة أن تقيد حق القا صر في الت صرف في ماله املذكور‬ ‫وعندئذ جتري أحكام الوالية والوصاية‪ )68( .‬ويعتبر القاصر املأذون من قبل وليه أو اﶈكمة‬ ‫أو نص القانون كامل األهلية فيما أذن له فيه وفي التقا ضي فيه(‪ .)69‬وقريب منه أو ضح‬ ‫القانون املدني الكويتي أهلية إبرام عقد العمل للصغغغير املميز عند بلوغه اخلامسغغة‬ ‫عشغغرة‪ ، ،‬إن كان غير محدد املدة‪ ،‬فإن كانت املدة محددة فإنها ال تتجاوز سغغنة‪ .‬كما أن‬ ‫له ببلوغه هذه ال سن أهلية الت صرف في أجره وفي غيره مما يك سب من عمله‪ ،‬على أن‬ ‫تكون مسغغئوليته عن تصغغرفاته في نتاج عمله في حدود ما كسغغبه منه من أموال‪،‬‬ ‫ويجوز للمحكمة عند االقتضاء‪ ،‬وبناء على طلب الولي أو الوصي أو إدارة شئون القصر‬ ‫أو أي ذي شأن آخر‪ ،‬أن تقيد أهلية ال صغير في الت صرف في أجره وفي غيره مما يك سبه‬ ‫من عمله‪ .‬وعندئذ جتري أحكام الوالية أو الوصاية‪ ،‬على حسب األحوال (‪. )70‬‬ ‫(‪ )61‬ينظر املادة (‪ )11‬من القانون املدني الكويتي ‪.‬‬

‫‪ ) 62‬ينظر املادة (‪ )59‬من القانون املدني الكويتي ‪.‬‬

‫(‪ )63‬ينظر املادة (‪ )99‬من قانون الوالية على املال املصري‪.‬‬ ‫(‪ )64‬ينظر املادة (‪ )14‬من قانون الوالية على املال املصري‪. .‬‬

‫‪ ) 65‬ينظر املادة (‪.) 11‬‬ ‫‪ ) 66‬ينظر املادة (‪. )54‬‬

‫(‪ )67‬ينظر املادة (‪ )12‬من قانون الوالية على املال املصري‪. .‬‬ ‫(‪ )68‬ينظر املادة (‪ )14‬من قانون الوالية على املال املصري‪. .‬‬ ‫(‪ )69‬ينظر املادة (‪ )10‬من قانون الوالية على املال املصري‪..‬‬ ‫‪ ) 70‬ينظر املادة (‪ )50‬من القانون املدني الكويتي ‪.‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪111‬‬


‫حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة‬

‫علما أن قانون العمل العراقي( ‪ )71‬نظم عمل األحداث (‪ )72‬من حيث األعمال التي سغغمح‬ ‫القانون بتشغيلهم فيها من عدمها وشروط تشغيلهم(‪ ،)73‬ومدة عملهم (‪ ، )74‬وإجازاتهم‬ ‫(‪ ،) 75‬وأجورهم( ‪.)76‬‬ ‫يالحظ أن املشغغرع املصغغري والكويتي أذنا للقاصغغر بإدارة أمواله واالجتار بها بحسغغب‬ ‫ال ضوابط التي نص عليها القانون ‪ ،‬كما أو ضح امل شرع نطاق ت صرف القا صر املتزوج الذي‬ ‫له مال ‪ ،‬والتف صيل الذي جاء به امل شرع امل صري لم يرد في القانون العراقي‪ .‬ونرى أنه من‬ ‫الضغغروري‪ ،‬وفي حالة اابقاء على قانون رعاية القاصغغرين‪ ،‬إجراء تعديالت عليه وإيراد نص‬ ‫يوضح إمكانية إدارة أموال الصغير بنفسه وفق شروط يحددها القانون‪ ،‬ومن الضروري أن‬ ‫منيز في إعطاء ااذن بني حالة إدارة األموال واالجتار بها‪.‬‬ ‫يتضح مما سبق أن مفهوم حماية أموال الصغير يقصد به مجموعة من ااجراءات والوسائل‬ ‫التي نظمها القانون والهادفة إلى ادارة األموال العائدة للصغغغير وحفظها واسغغتثمارها خالل مدة‬ ‫صغره حلني بلوغه سن الرشد‪.‬‬

‫‪ ) 71‬املرقم (‪ )91‬لسنة ‪ 1519‬املعدل ‪.‬‬ ‫‪ ) 72‬يقصد باحلدث وفقا لقانون العمل العراقي االشخاص الذين لم يكملوا الثامنة عشرة من العمر ‪ ،‬ينظر الفقرة اوال من املادة (‪. )54‬‬ ‫‪ ) 73‬نصت الفقرة الثانية من املادة (‪ )54‬على انه ( اليجوز تشغيل االحداث في االعمال التالية كما اليسمح لهم بدخول اماكنها ا‪ -‬االعمال التي تسبب‬ ‫امراضا مهنية او معدية او تسممات خطرة واالعمال التي تكون بطبيعتها او بالطرق او بالظروف التي جتري بها خطرة على حياة االشخاص الذين يعملون‬ ‫فيها او على اخالقهم وصحتهم وحتدد تلك االعمال بتعليمات يصدرها وزير العمل والشؤون االجتماعية ‪.‬ب‪ -‬االعمال التي جتري على ظهر السفينة‬ ‫‪.)......‬ونصت الفقرة اوالمن (‪ )51‬على ا نه ( يجوز تشغيل االحداث الذين بلغوا اخلامسة عشرة من العمر في االعمال النهارية عدا املرهقة والضارة منها في‬ ‫غير االعمال املنصوص عليها في البند اوال من املادة ‪ 54‬من هذا القانون ‪ .‬ثانيا – يجوز تشغيل االحداث الذين بلغوا السابعة عشرة من العمر في االعمال‬ ‫النهارية والليلية واالضافية من غير االعمال املنصوص عليها في البند اوال من املادة ‪ 54‬من هذا القانون‪ .‬ثالثا‪ -‬يشترط لتشغيل احلدث ثبوت لياقته البدنية‬ ‫وقدرته الصحية مبوجب شهادة طبية صادرة عن جهة مختصة ‪.).‬‬ ‫‪ ) 74‬نصت الفقرة اوال من املادة (‪ )52‬على انه ( اليجوز ان تزيد مدة عمل احلدث الذي يبلغ السادسة عشرة من العمر على سبع ساعات يوميا ‪).‬‬ ‫‪ ) 75‬نصت املادة (‪ ) 54‬على انه ( يستحق احلدث الذي يجوز تشغيله اجازة سنوية مأجورة ملدة ثالثني يوما في السنة )‪.‬كما نص املشرع العراقي على احكام‬ ‫عقابية عند االخالل بتلك القواعد ‪ ،‬ينظر املادة (‪ )59‬من قانون العمل ‪.‬‬ ‫‪ ) 76‬نصت الفقرة ثانيا من املادة (‪ ) 05‬على انه ( يدفع اجر العامل احلدث اليه مباشرة ويكون هذا الدفع مبرئا لذمة صاحب العمل ‪.).‬‬

‫‪112‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬اميان يوسف نوري‬

‫املبحث األول‬ ‫مظاهر حماية أموال الصغير‬ ‫يق صد مبظاهر حماية أموال ال صغير الكيفية التي تعامل بها امل شرع في حماية أموال ال صغير‬ ‫حيث عبر عن تلك املظاهر من خالل حتديد مفهوم النائب عن الصغغغير وسغغلطاته‪ .‬وألجل توضغغيح‬ ‫موقف املشرع العراقي والتشريعات املقارنة سنقسم املبحث إلى املطلبني اآلتيني ‪:‬‬ ‫املطلب األول – مفهوم النائب عن الصغير‬ ‫املطلب الثاني – سلطات النائب عن الصغير‬ ‫املطلب األول‬ ‫مفهوم النائب عن الصغير‬ ‫النائب عن الصغير هو الولي أو الوصي اللذان يتوليان األعمال القانونية‪ ،‬وهي تعد نيابة قانونية أي‬ ‫يتولى القانون حتديد سلطات الولي أو الوصي ويرسم حدود كل واحد منهما (‪ .)77‬وميكن بيان تعريف‬ ‫الولي والوصي باعتبارهما نائبي الصغير على النحو اآلتي ‪:‬‬ ‫الفرع األول‪ -‬تعريف الولي‬ ‫سنوضح تعريف الولي لغة وفقها وقانونا وخصائصه ‪ ،‬وعلى النحو اآلتي‪:‬‬ ‫أوال‪ :‬الولي‬ ‫‪ -1‬الولي لغة‪ :‬من أسغغماء اهلل تعالى ‪ ،‬الولي هو الناصغغر ‪ ،‬ولي الشغغيء وولي عليه والية‪ ،‬والوالية‬ ‫(‪)78‬‬ ‫بالكسر تعني السلطان‪ ،‬والوالية بالفتح تعني النصرة ‪.‬‬ ‫‪ - 2‬الولي فقها‪ :‬من ميلك سلطة شرعية ينفذ بها عقد صاحبها وت صرفه شرعا (‪ .)79‬أو هي سلطة‬ ‫متكن صغاحبها من مباشغرة العقود وترتيب آثارها عليها دون توقف على رضغا غيره‪ ،‬وهي نوعان والية‬ ‫على النفس ووالية على املال(‪.)80‬‬ ‫وعرفها آخر بأنها قدرة ال شخص على مبا شرة الت صرفات القانونية حل ساب شخص آخر ومبا‬ ‫ينتا آثارها في حق هذا األخير (‪. )81‬‬ ‫والوالية على املال نوعان ‪ ،‬النوع األول ‪ :‬قا صرة والتي تعني سلطة املرء على مال نف سه ‪ ،‬وهي‬ ‫ثابتة لكل من له أهلية األداء الكاملة ‪ ،‬النوع الثاني‪ :‬الوالية املتعدية وهي سلطة املرء على مال غيره‬ ‫و بدورها تنقسم إلى قسمني ‪ ،‬القسم األول ‪ :‬سلطة أصلية مبعنى أنها تكون ثابتة بحكم القانون ‪،‬‬

‫(‪ )77‬د‪ .‬عصمﺖ عبد اﺠﻤﻟيد بكر ‪ ،‬احكام رعاية القاصرين ‪،‬املكتبة القانونية ‪،‬الطبعة الثالثة ‪ ،‬بغداد ‪ ، 2449 ،‬ص ‪. 5‬‬ ‫(‪ )78‬ابن منظور ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬اﺠﻤﻟلد اﳋامس عشر ‪ ،‬ص ‪. 211‬‬ ‫(‪ )79‬د‪ .‬عزيز كاظم جبر ‪،‬احكام الوالية على مال ال صغير بني القانون املدني وقانون رعاية القا صرين املرقم ‪91‬ل سنة ‪ 1514‬بحث‬ ‫منشور في مجلة القانون املقارن ‪ ،‬تصدر عن جمعية القانون املقارن العراقية ‪،‬العدد ‪ ،41‬السنة ‪ 2442‬ص ‪9‬‬ ‫(‪ )80‬علي حسب اهلل ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪. 2‬‬ ‫(‪ )81‬د‪ .‬حسن كيرة ‪ ،‬مصدر سابق ‪. 951 ،‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪113‬‬


‫حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة‬

‫(‪)82‬‬

‫‪ ،‬والذي يهمنا هو‬

‫و الق سم الثاني ‪ :‬سلطة نيابية والتي ي ستمدها صاحبها من شخص آخر‬ ‫الوالية على املال ‪ /‬املتعدية‪ ،‬األصلية ‪.‬‬ ‫لم يعرف املشغغرع العراقي الوالية على املال وال الوالية ‪ ،‬إال أن قانون األحوال الشغغخصغغية‬ ‫السوداني عرف الوالية على املال بأنها العناية بكل ماله عالقة مبال القاصر ومن في حكمه (‪ ، )83‬كما‬ ‫أن قانون الوالية على أموال القاصرين القطري عرف الوالية بأنها نيابة شرعية يقوم الولي مبقتضاها‬ ‫مقام القاصر في إبرام التصرفات القانونية ورعاية شؤونه املالية (‪. )84‬‬ ‫إن التعريف الوارد في قانون األحوال الشغغخصغغية السغغوداني يعرف الوالية من حيث الغاية من‬ ‫الوالية‪ ،‬بينما التعريف الوارد في قانون الوالية على أموال القاصرين القطري يعرفها من حيث نوعها‪.‬‬ ‫‪ -4‬الولي قانونا‪ :‬أو ضح قانون رعاية القا صرين العراقي أن ولي الصغير هو األب ثم اﶈكمة (‪، )85‬‬ ‫وبهذا يكون امل شرع العراقي خالف الت سل سل الوارد في القانون املدني العراقي والذي أو ضحته املادة‬ ‫(‪ )142‬والتي نصت (ولي الصغير هو أبوه ثم وصي أبيه ثم جده الصحيح ثم وصي اجلد ثم اﶈكمة أو‬ ‫الوصي الذي تنصبه اﶈكمة‪).‬‬ ‫إن النص الوارد في قانون رعاية القاصرين هو واجب االتباع على اعتبار أنه قانون خاص بالنسبة‬ ‫إلى القانون املدني‪ ،‬كما أنه صدر بعده باا ضافة إلى أن املادة(‪ )141‬من قانون رعاية القا صرين ن صت‬ ‫على مايلي (‪....‬اليعمل بالنصوص القانونية التي تتعارض مع أحكامه)‪.‬‬ ‫وقد كان املوقف الذي اتخذه املشغغرع العراقي سغغواء في ترتيب األولياء الوارد في القانون املدني‬ ‫أم في التغيير احلاصغغل في قانون رعاية القاصغغرين موضغغع خالف بني شغغراح القانون فمنهم املؤيد‬ ‫واملعارض‪ ،‬حيث اعتبر البعض أن امل شرع العراقي ابتداء خلط بني الوالية والو صاية عند ترتيب األولياء‬ ‫الوارد في ال قانون ا ملدني؛ فالوال ية حق لألب وا جلد دون غيره ما‪ ،‬وهي تث بت بحكم ال قانون من غير‬ ‫حاجة إلى صدور حكم فيها من اﶈكمة بخالف الوصاية التي تقتضي صدور حكم من اﶈكمة ‪ ،‬كما‬ ‫أن سغغلطة األولياء قائمة على رابطة الدم‪ ،‬وأهلها أكثر الناس حرصغغا على أموال الصغغغير وشغغفقة‬ ‫عليه‪ ،‬لذا يكون املشرع قرر لهم سلطات أوسع من تلك التي قررها لألوصياء سواء أكانوا مختارين أم‬ ‫منصبني حيث إنهم اليرتبطون بالصغير بذات الرابطة التي تربطه بوليه‪ .‬من جهة أخرى فإن املشرع‬ ‫العراقي في قانون رعاية القاصغغرين ضغغيق من الوالية إلى حد كبير وبني أن األوصغغياء اليعتبرون من‬ ‫األولياء حتى وإن كانوا مختارين من األب‪ ،‬وهو اجتاه جيد‪ ،‬إال أن الذي يؤخذ عليه عدم ااشغغارة إلى اجلد‬ ‫الصحيح باعتباره وليا على الصغير عند عدم وجود األب‪ ،‬لذا يقترح أن يكون نص املادة (‪ )29‬من قانون‬ ‫رعاية القاصغغرين ‪( :‬ولي الصغغغير أبوه ثم جده الصغغحيح فإن لم يوجد انتقلت الوصغغاية عليه إلى‬

‫(‪ )82‬علي حسغغب اهلل ‪ ،‬مصغغدر سغغابق ‪ ،‬ص ‪. 2‬وجتدر االشغغارة الى ان هناك فرق بني الوالية على املال واالهلية حيث ان الوالية هي‬ ‫صالحية الشخص للتصرف في هذا املال اما االهلية فهي صالحية التصرف بالنسبة الى مال الشخص نفسه ‪ ،‬د‪ .‬عبد الرزاق‬ ‫احمد السنهوري ‪ ،‬الوسيط في شرح القانون املدني اجلديد ‪ ،‬نظرية االلتﺰام ‪ ،‬اﺠﻤﻟلد االول ‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ ،‬منشورات احللبي ‪،‬‬ ‫بيروت ‪ ، 2445 ،‬ص ‪. 211‬‬ ‫(‪ )83‬ينظر املادة (‪ )244‬من قانون االحوال الشخصية السوداني‪.‬‬ ‫(‪ )84‬ينظر املادة االولى من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري‪.‬‬ ‫(‪ )85‬ينظر املادة (‪ )29‬من قانون رعاية القاصرين العراقي ‪.‬‬ ‫‪114‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬اميان يوسف نوري‬

‫اﶈكمة )(‪ )86‬بينما ذهب البعض اآلخر إلى أن ماورد في القانون املدني هو األفضغغل لتحقق الشغغفقة‬ ‫على الصغغغير في ترتيب األولياء‪ ،‬ثم إنه ليس من املعقول جتاوز اجلد في ترتيب األولياء وعدم ذكره في‬ ‫حالة وجوده‪ )87(.‬واجته البعض اآلخر إلى أن املق صود باألب بو صفه وليا لل صغير الوارد في قانون رعاية‬ ‫القاصغغرين يشغغمل األب وأب األب على اعتبار أن كلمة األب تعبير مجازي عام‪ ،‬وأن الولي القانوني هو‬ ‫الذي يتولى أمر اﶈجور ويدير شغغﺆونه وهو مكتسغغب بحكم الشغغرع والقانون ومحصغغور باألب واجلد‬ ‫الصحيح دون غيرهما (‪.)88‬‬ ‫أما موقف القوانني املقارنة فقد اجته املشغغرع املصغغري في قانون الوالية على املال بالنسغغبة إلى‬ ‫ترتيب األولياء لألب ثم للجد إن لم يكن األب قد اختار وصغغيا للواليه على مال القاصغغر‪ ،‬وعليه القيام‬ ‫بﻬا‪ ،‬واليجوز له أن يتنحى عنﻬا إال بﺈذن اﶈك مة(‪ ،)89‬بين ما اعتبر املشغغرع املغربي في قانون مدو نة‬ ‫األسرة أن ولي الصغير هو األب واألم والقاضي (‪. )90‬‬ ‫أما قانون الوالية على أموال القاصغغرين القطري فقد اعتبر الوالية على مال القاصغغر لألب‪ ،‬ثم‬ ‫اجلد ألب إذا لم يكن األب قد اختار وصغغيا (‪ ، )91‬بينما اعتبر املشغغرع السغغوداني في قانون األحوال‬ ‫الشغغخصغغية أن الوالية على املال تكون لألب ثم لوصغغي األب ثم اجلد ألب ثم وصغغي اجلد (‪ ،)92‬واعتبر‬ ‫امل شرع الكويتي في القانون املدني أن الوالية على مال ال صغير لألب‪ ،‬ثم للو صي اجملتار من األب‪ ،‬ثم‬ ‫اجلد ألب‪ ،‬ثم للوصي الذي تعينه اﶈكمة‪ ،‬وذلﻚ مع مراعاة ما تقضي به املادة ‪. )93( 112‬‬ ‫يالحظ مما تقدم أن القوانني املقارنة انقسمت إلى ثالثة اجتاهات ‪:‬‬ ‫االجتاه األول‪ :‬االجتاه املتشغغغدد في مراتب األولياء ؛ ميثله قانون رعاية القاصغغرين العراقي ومعه قانون‬ ‫مدونة األسرة املغربي‪.‬‬ ‫االجتاه الثاني ‪:‬االجتاه الوسغغط؛ ميثله قانون الوالية على املال املصغغري وقانون رعاية أموال القاصغغرين‬ ‫القطري ‪.‬‬ ‫االجتاه الثالث‪ :‬االجتاه الواسع؛ الذي ميثله كل من قانون األحوال الشخصية السوداني والقانون املدني‬ ‫الكويتي ‪.‬‬ ‫نرجح االجتاه الو سط مع تغيير في ت سل سل األولياء وعلى النحو اآلتي‪ :‬األب واألم واجلد ثم من تختاره‬ ‫اﶈكمة وفقا ملصلحة الصغير‪.‬‬ ‫‪ -0‬خصائص والية األب – ميكن أن نحدد خصائص والية األب على النحو اآلتي ‪:‬‬ ‫ا‪ -‬تثبت والية األب بقوة القانون مبعنى أن صفة الوالية تستمد من القانون مباشرة‪.‬‬

‫(‪ )86‬د‪ .‬عزيز كاظم جبر ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪. 14 – 5‬‬ ‫(‪ )87‬د‪ .‬عصمت عبد اﺠﻤﻟيد ‪ ،‬احكام رعاية القاصرين ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪. 95‬‬ ‫(‪ )88‬وميض حامد الزبيدي والولي والقاصر ‪،‬مقال متاح على منتديات صحابي وعلى املوقع االلكتروني ‪.www. S7ay.com.‬‬ ‫(‪ )89‬ينظر املادة (‪ )1‬من قانون الوالية على املال املصري ‪.‬‬ ‫(‪ )90‬ينظر (الفقرة ‪ /4‬من املادة ‪ )244‬من قانون مدونة االسرة املغربي‪.‬‬ ‫(‪ )91‬ينظر املادة (‪ )0‬من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري‬ ‫(‪ )92‬ينظر املادة (‪ )249‬من قانون االحوال الشخصية السوداني‪.‬‬ ‫(‪ )93‬ينظر الفقرة (‪ /1‬من املادة ‪ )114‬من القانون املدني الكويتي ‪.‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪115‬‬


‫حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة‬

‫ب‪ -‬وال ية جبر ية أو الزام ية‪ ،‬مبعنى أن ثبوت ها اليح تاج إلى إصغغغدار حكم من اﶈك مة إال أ نه اليجوز‬ ‫التنحي عن الوالية إال بإذن من اﶈكمة (‪ ، )94‬وعلى هذا األسغغاس تعتبر الوالية واجبا على األب بحكم‬ ‫مركزه العائلي‪ ،‬وبنفس الوقت تعد حقا ألنها والية طبيعة مفروضغغة بحكم صغغلة الدم الوثيقة من‬ ‫القرابة املباشرة (‪. )95‬‬ ‫ج‪ -‬اليتقاضى الولي أجورا لقاء قيامه بإدارة أموال الصغير واستثمارها‪.‬‬ ‫الفرع الثاني – الوصي‪ :‬تعريف الوصي لغة وفقها وقانونا‪ ،‬ميكن توضيحه على النحو اآلتي‪:‬‬ ‫أوال‪ -‬الو صي لغة‪ :‬من و صي أي عهد إليه ‪ ،‬وأو صيت له ب شيء وأو صيت إليه إذا جعلته و صييك ‪،‬‬ ‫وأوصيته ووصيته إيصاء وتوصية(‪. )96‬‬ ‫ثانيا‪ -‬الوصي فقها‪:‬‬ ‫هو النائب عن القا صر تن صبه محكمة األحوال ال شخ صية ليقوم بتمثيله وإدارة أمواله ورعايتها‬ ‫وحتت إشرافها وحسب أحكام القانون (‪ .)97‬والوصي هو أي شخص تثبت له سلطة ع غلى القاصر غير‬ ‫األب واجلد ألن األب واجلد هم أولياء وليسغغوا أوصغغياء عليه‪ )98( .‬وعرفها آخر بأنه كل شغغخص غير األب‬ ‫واجلد تثبت له السغغلطة على مال القاصغغر فيكون وليا على ماله ويعد نائبا قانونيا عن الصغغغير‪.‬‬ ‫وتهدف نيابته إلى صغغيانة ثروة القاصغغر واسغغتثمارها في الوجوه التي تعود باخلير واملنفعة على‬ ‫ال صغير‪ )99(.‬ويعتبر البعض أن والية الو صي امتداد لوالية من اختاره نائبا عنه؛ فإن اختاره األب سمي‬ ‫وصيا مختارا‪ ،‬وإن كان الذي اختاره القاضي سمي وصيا منصوبا(‪. )100‬‬ ‫ثالثا‪ -‬الوصغغي قانونا ‪ :‬لم يعرف قانون رعاية القاصغغرين العراقي الوصغغي إال أنه بني ترتيب‬ ‫األوصياء حيث نصت املادة (‪ )40‬على أنه ( هو من يختاره األب لرعاية شؤون ولده الصغير أو اجلنني ثم‬ ‫من تنصغغبه اﶈكمة على تقدﱘ األم على غيرها وفق مصغغلحة الصغغغير‪ ،‬فإن لم يوجد أحد منهما‬ ‫تكون الوصغغاية لدائرة رعاية القاصغغرين حتى تنصغغب اﶈكمة وصغغيا‪ .).‬وتثبت الوصغغاية اﺨﻤﻟتارة مبحرر‬ ‫كتابي تقره اﶈكمة بعد وفاة األب (‪.)101‬‬ ‫أما بالنسغغبة إلى القوانني املقارنة فقد أجاز قانون الوالية على املال املصغغري لألب أن يقيم‬ ‫و صيا مختارا لولده القا صر أو للحمل امل ستكن‪ ،‬ويجوز ذلك للمتبرع بح سب ماهو من صوص عليه‬ ‫في املادة(‪ ،)4‬ويشترط أن يثبت االختيار بورقة رسمية أو عرفية مصدق على توقيع األب أو املتبرع فيها‬ ‫أو املك توب بخطه وموقعة بإمضغغغائه ويجوز لألب املتبرع بطريق الوصغغية في أي وقت أن يعدل عن‬ ‫(‪ )94‬نصغغغت املادة ‪ 114‬من القانون املدني الكويتي(‪ -2‬وال يجوز لألب أو اجلد أن يتنحى عن الوالية بغير عذر مقبول‪).‬ونصغغغت املادة‬ ‫(‪ )241‬من قانون مدونة األ سرة املغربي ( اوال‪ -‬االب هو الولي على اوالده بحكم ال شرع مالم يجرد من واليته بحكم ق ضائي‬ ‫‪.).‬‬ ‫(‪ )95‬د‪ .‬حسن كيرة ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪. 955‬‬ ‫ابن منظور ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬اﺠﻤﻟلد اخلامس عشر ‪ ،‬ص ‪(96 ). 229‬‬ ‫(‪ )97‬محمد كمال حمدي ‪ ،‬الوالية على املال ‪ ،‬اجلزء االول – االحكام املوضوعية ‪ ،‬دار املعارف ‪ ،‬مصر ‪ ، 1511 ،‬ص ‪19‬‬ ‫(‪ )98‬د‪ .‬عزيز كاظم جبر ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪. 44‬‬ ‫(‪ )99‬د‪.‬رمضان ابو السعود ‪ ،‬مصدر سابق ‪202 ،‬ص – ‪. 204‬‬ ‫(‪ )100‬د‪ .‬عصمت عبد اﺠﻤﻟيد ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪115‬‬ ‫(‪ )101‬ينظر املادة (‪ )41‬من قانون رعاية القاصرين العراقي ‪.‬‬ ‫‪116‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬اميان يوسف نوري‬

‫اختيارها‪ ،‬وتعرض الوصغغية على اﶈكمة لتثبيتها ‪ ،‬وإذا لم يكن للقاصغغر أو للحمل املسغغتكن وصغغي‬ ‫مختار تعني اﶈكمة وصيا‪ ،‬ويبقى الوصي على احلمل املستكن وصيا على املولود ما لم تعني اﶈكمة‬ ‫غيره (‪. )102‬‬ ‫بينما اعتبر قانون مدونة األسغغرة املغربي أن الوصغغي هو وصغغي األب أو وصغغي األم(‪ ،)103‬أما قانون‬ ‫الوالية على أموال القاصغغرين القطري فقد أعطى لألب أن يقيم وصغغيا مختارا ل لولده القاصغغر ‪ ،‬أو‬ ‫للحمل امل ستكن ‪ ،‬ويبقى و صي احلمل امل ستكن و صيا ل على املولود ما لم ير القا ضي إ سناد الو صاية‬ ‫إلى الهيئة بنا لء على طلبها أو طلب غيرها من ذوي الشأن ‪ ،‬ويشترط أن تثبت الوصاية بورقة رسمية‬ ‫أو عرفية م صدق على توقيع األب فيها ‪ ،‬أو مكتوبة بخطه وموقعة بإم ضائه ‪ ،‬وتعرض الو صاية على‬ ‫القاضغغي اقرارها ‪ ،‬ويجوز لألب في أي وقت أن يعدل عن اختياره‪ .‬وإذا لم يوجد للقاصغغر أو احلمل‬ ‫املستكن ولي أو وصي مختار‪ ،‬فتكون الهيئة وصيا عليه (‪. )104‬‬ ‫أما القانون املدني الكويتي فقد اعتبر أنه إذا كان ال صغير كويتيا‪ ،‬ولم تثبت الوالية على ماله‬ ‫ألبيه أو للوصغغي اجملتار من أبيه أو جلده فإن الوصغغاية على ماله تثبت ادارة شغغئون القصغغر‪ ،‬وفقا ملا‬ ‫يقضغغي به القانون وذلك ما لم تعني له اﶈكمة وصغغيا آخر‪ .‬ويجوز للمحكمة في أي وقت وبناء على‬ ‫(‪)105‬‬ ‫طلب أي ذي شأن أن تعني وصيا آخر بدال من إدارة شؤون القصر إذا رأت في ذلك مصلحة القاصر‬ ‫‪.‬‬ ‫اعتبر قانون األحوال الشغغخصغغية السغغوداني أن وصغغي الصغغغير هو الذي يعينه األب أو اجلد‬ ‫ال صحيح على ولده القا صر أو املرتقب‪ ،‬ويجوز أن يرجع عن إي صائه ولو التزم بعدم الرجوع‪ ،‬كما أجاز‬ ‫القانون املذكور أن للقاضغغي أن يعني وصغغيا إذا لم يكن للقاصغغر وصغغي مختار ادارة شغغؤونه مراعيا‬ ‫مصلحة القاصر (‪. )106‬‬ ‫يتضح مما سبق أن القوانني املقارنة اختلفت في ترتيب األوصياء‪ ،‬وميكن أن نحدد اجتاهاتها على‬ ‫النحو اآلتي ‪:‬‬ ‫االجتاه األول (االجتاه الضيق) واملتمثل بقانون مدونة األسرة املغربي‪.‬‬ ‫االجتاه الثاني (االجتاه املعتدل ) وميثله القانون العراقي والكويتي والسوداني والقطري‪.‬‬ ‫االجتاه الثالث (االجتاه الواسع ) واملتمثل بالقانون املصري‪.‬‬ ‫إال أن القوانني املشار اليها متشابهة من النواحي التالية‪:‬‬ ‫‪-1‬لألب احلق في اختيار وصي لولده الصغير‪.‬‬ ‫‪ -2‬للقضاء احلق في تعيني الوصي وحسب ماينص عليه القانون باستثناء القانون املغربي‪.‬‬ ‫وأما بالنسبة إلى إثبات الوصاية فقد اجتهت القوانني املقارنة إلى اجتاهني‪ ،‬االجتاه األول‬ ‫لم يشغغر إلى كيفية إثبات الوصغغاية كما هو احلال في قانون مدونة األسغغرة املغربي والقانون املدني‬ ‫الكويتي وقانون األحوال ال شخ صية ال سوداني‪ ،‬واالجتاه الثاني بني بو ضوح ااثبات كما هو احلال في‬ ‫(‪ )102‬ينظر املادة (‪ 21‬و‪) 25‬من قانون الوالية على املال املصري ‪.‬‬ ‫(‪ )103‬ينظر الفقرة ‪ / 2 /‬من املادة ‪ . 244‬وينظر املادة (‪ 249‬و‪ )241‬واطلق املشرع املغربي مصطلح النائب‪.‬‬ ‫(‪ )104‬ينظر املادة (‪ )19‬من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري‪.‬‬ ‫(‪ )105‬ينظر املادة (‪ )112‬من القانون املدني الكويتي ‪.‬‬ ‫(‪ )106‬ينظر املادة (‪ )204‬من قانون االحوال الشخصية السوداني ‪.‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪117‬‬


‫حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة‬

‫قانون رعاية القا صرين العراقي وقانون الوالية على املال امل صري‪ ،‬وقانون الوالية على أموال القا صرين‬ ‫القطري‪ .‬ويفضل االجتاه الثاني لسهولة ااثبات وفض النزاع عند وقوعه‪.‬‬ ‫املطلب الثاني‬ ‫سلطات النائب عن الصغير‬ ‫تبنى املشرع العراقي وعلى خالف القوانني املقارنة معيارا عند رسم حدود سلطات النائب عن‬ ‫ال صغير لغرض احلفاظ على م صلحة ال صغير وحتقيق أكبر قدر ممكن من املنفعة‪ .‬وال سؤال هل جنح‬ ‫املشرع في حتقيق تلك األهداف‬ ‫ألجل بيان حدود سغغلطات النائب عن الصغغغير وكيف م رسغغم تلك احلدود لكل من الولي والوصغغي‬ ‫وااجابة على التساؤل املطروح ‪ ،‬البد من تقسيم املطلب إلى الفرعني اآلتيني ‪:‬‬ ‫الفرع األول‪ -‬سلطات الولي‬ ‫مبا أن الوالية شرعت ل ضمان م صلحة ال صغير في احلفاظ على أمواله والت صرف نيابة عنه‬ ‫نظرا لعدم امتالكه األهلية الالزمة العتداد القانون بتصرفه لذا فإن مسالة تقييد سلطة الولي أمر‬ ‫مطلوب إال أنه ينبغي عدم املبالغة في فرض تلك القيود (‪. )107‬‬ ‫من خالل قراءة نصوص قانون رعاية القاصرين العراقي يالحظ ما يلي ‪:‬‬ ‫أوال‪ -‬جعل إدارة أموال الصغغغير منوطة بدائرة رعاية القاصغغرين حيث نصغغت املادة (‪ )04‬على أنه (تقوم‬ ‫دائرة القا صرين بالواجبات اآلتية ‪ :‬أوال – تثبيت ما لكل قا صر من عقارات ومنقوالت خالل مدة الق صر‬ ‫سغغواء عند قيامها باادارة أو لغرض إشغغرافها على من يقوم بذلك ثانيا ‪ ...... -‬ثالثا‪ -‬أعمال اادارة‬ ‫املعتادة وفق التعليمات التي يصغغدرها مجلس رعاية القاصغغرين إذا لم يكن للقاصغغر ولي أو وصغغي أو‬ ‫قيم تناط به األعمال املذكورة ‪.).‬‬ ‫ثانيا – منع القانون الولي أو الوصي أو القيم من التبرع من مال القاصر إال ألداء واجب عائلي إنساني‬ ‫ومبوافقة دائرة رعاية القاصرين (‪. )108‬‬ ‫ثالثا – منع القانون الولي أو الو صي أو القيم من مبا شرة الت صرفات اآلتية إال مبوافقة مديرية رعاية‬ ‫القا صرين وبعد التحقق من م صلحة القا صر وهي‪ :‬جميع الت صرفات التي من شأنها إن شاء احلقوق‬ ‫العقارية األصغغلية أو التبعية أو نقلها أو تغييرها أو زوالها‪ ،‬وكذلك جميع التصغغرفات املقررة حلق من‬ ‫احلقوق املذكورة ‪ ،‬والتصغغرف باملنقول أو احلقوق الشغغخصغغية أو األوراق املالية ‪ ،‬وكذلك الصغغلح‬ ‫والتحكيم فيما زاد على مائة دينار لكل قاصر‪ ،‬وحوالة احلقوق وقبولها وحوالة الدين‪ ،‬وإيجار العقارات‬ ‫ألكثر من سغغنة واحدة ولألضغغي الزراعية ألكثر من ثالث سغغنوات على أن المتتد مدة اايجار في أي من‬ ‫احلاالت إلى مابعد بلوغ الصغير سن الرشد ‪ ،‬وقبول التبرعات املقترنة بعوض ‪ ،‬والتنازل عن التأمينات‬ ‫وإضغغعافها والتنازل عن احلقوق والدعاوى وطرق الطعن القانونية في األحكام ‪ ،‬والقسغغمة الرضغغائية‬ ‫(‪ )107‬د‪ .‬عزيز كاظم جبر ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪. 14‬‬

‫ينظر املادة (‪ )02‬من قانون رعاية القاصرين العراقي ‪( ( 108 .‬‬

‫‪118‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬اميان يوسف نوري‬

‫لألموال التي للقاصغغر حصغغة فيها ‪ ،‬وأخيرا األمور األخرى التي يقرر مجلس رعاية القاصغغرين وجوب‬ ‫موافقة مديرية رعاية القاصرين اجملتصة عليها مبوجب التعليمات التي تصدرها لهذا الغرض (‪. )109‬‬ ‫رابعا – منع القانون شغغراء عقار للقاصغغر من أمواله إال مبوافقة رعاية القاصغغرين في إحدى احلاالت‬ ‫التالية ‪ ،‬إذا كان القا صر ميلك ح ص صا م شاعة في عقار جرى بيعه عن طريق إزالة ال شيوع وكان في‬ ‫شرائه منفعة له‪ ،‬أو إذا اقتضت احلاجة تأمني سكن‪ ،‬أو إذا كان العقار موضوعا باملزايدة لتحصيل دين‬ ‫للقاصغغر ولم يجر الضغغم عليه أو لم يبلغ الضغغم املبلغ الكافي ايفاء الدين على أن اليتجاوز بدل‬ ‫الشراء ‪ %14‬من قيمته(‪. )110‬‬ ‫وعند إجراء املقارنة بني قانون رعاية القاصغغرين والقانون املدني العراقي جند بأن القانون األخير‬ ‫ميز في مجال التصرف في مال الصغير بني الولي املعروف بحسن التصرف وسوئه؛ حيث نصت املادة‬ ‫(‪ )144‬من القانون املدني (‪ -1‬األب واجلد إذا تصغغرفا في مال الصغغغير وكان تصغغرفهما مبثل القيمة‬ ‫أوبيسير الغنب صح العقد ونفذ‪ ).‬وأما إذا كانا قد عرفا بسوء التصرف فللقاضي أن يقيد من واليتهما‬ ‫أو أن يسلبهما إياها (‪. )111‬‬ ‫كما ان املشرع العراقي أجاز لألب واجلد أن يبيع مال نفسه للصغير أو أن يشتري مال الصغير‬ ‫لنفسه إذا كان مبثل القيمة أو بغنب يسير (‪ ، )112‬كما أن لألب فقط أن يرهن ماله لولده الصغير أو أن‬ ‫يرتهن مال ال صغير لنف سه‪ ،‬ويجوز له أن يرهن مال ولده بدين على نف سه وبدين على ال صغير‪ ،‬وإذا‬ ‫رهنه بدين نفسه وهلك فال يكون ضامنا (‪. )113‬‬ ‫يتضح من املقارنة مايلي ‪:‬‬ ‫‪ -1‬عمد املشغغرع في قانون رعاية القاصغغرين إلى سغغلب سغغلطات الولي املمنوحة له بحسغغب قواعد‬ ‫القانون املدني‪.‬‬ ‫‪ -2‬ذهب املشرع في قانون رعاية القاصرين إلى املساواة بني الولي والوصي والقيم‪.‬‬ ‫وذكر بعض من الفقهاء أنه بالرغم من عمق القيود والتعديالت الواردة على أحكام الوالية على املال‬ ‫فما كان ينبغي أن يصل األمر إلى حد مساواة األب ‪-‬وهو أقرب الناس للصغير وأكثرهم حنانا وشفقة‬ ‫عليه‪ -‬بوالية غيره من األولياء ‪ ،‬وهو أمر غير مقبغغغغول وال مستغغغغساغ عقغغغغال أو شرعا مهما كانت‬ ‫البواعث على إجراء القيود (‪.)114‬‬ ‫أما بالنسغغبة إلى قانون مدونة األسغغرة املغربي فقد كان موقفه قريبا من موقف قانون رعاية‬ ‫القا صرين من حيث امل ساواة في سلطات النائب ال شرعي‪ )115(،‬وألزم األخير بإبالغ القا ضي املكلف‬ ‫(‪ )109‬ينظر املادة (‪ )04‬من قانون رعاية القاصرين العراقي ‪.‬‬ ‫(‪ )110‬ينظر املادة (‪ )91‬من قانون رعاية القاصرين العراقي ‪.‬‬ ‫(‪ )111‬ينظر (الفقرة ‪ /2‬من املادة ‪)144‬من القانون املدني العراقي ‪.‬‬ ‫(‪ )112‬ينظر املادة (‪ )911‬من القانون املدني العراقي ‪.‬‬ ‫(‪ )113‬ينظر املادة (‪ )1215‬من القانون املدني العراقي‬ ‫(‪ )114‬د‪.‬عبد اﺠﻤﻟيد احلكيم واالسغغتاذ عبد الباقي البكري واالسغغتاذ املسغغاعد محمد طه البشغغير ‪ ،‬الوجيز في نظرية االلتزام في‬ ‫القانون املدني العراقي ‪ ،‬مصغغغادر االلتزام ‪ ،‬اجلزء االول ‪ ،‬العاتك لصغغغناعة الكتاب ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪. 2445 ،‬ص ‪19‬‬ ‫هامش (‪. )1‬‬ ‫(‪ )115‬نصغغغت املادة (‪ )244‬من قانون مدونة األسغغغرة املغربي ( يقصغغغد بالنائب الشغغغرعي في هذا الكتاب ‪ -1‬الولي وهو االب واالم‬ ‫والقاضي ‪ -2.‬الوصي وهو وصي االب او وصي االم ‪ -4.‬املقدم وهو الذي يعينه القضاء)‪.‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪119‬‬


‫حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة‬

‫بشغغؤون القاصغغرين بوجود األموال النقد ية والو ثائق واحللي واملنقوالت ذات القي مة‪ ،‬وإذا لم يفعل‬ ‫يتحمل مسغغؤولية ذلك‪ .‬وتودع النقود والقيم املنقولة بحسغغاب القاصغغر لدى مؤسغغسغغة عمومية‬ ‫للحفاظ عليها بناء على أمر القاضغغي‪ ،‬ويخضغغع النائب الشغغرعي في ممارسغغة هذه املهام للرقابة‬ ‫القضغغائية طبقا ألحكام املواد املوالية (‪ .)116‬وألزم القانون الولي بإبالغ القاضغغي إذا تعدت قيمة املال‬ ‫اﶈجور مائتي ألف درهم بفتح ملف النيابة الشرعية‪ ،‬وللقاضي املكلف بشؤون القاصرين النزول عن‬ ‫هذا احلد إذا ثبتﺖ مصغلحة اﶈجور‪ ،‬وميكن أيضغا الزيادة في هذه القيمة مبوجب نص تنظيمي(‪ .)117‬ثم‬ ‫إن امللف املوجود في النيابة الشرعية له أهمية من جانبني‪:‬‬ ‫اجلانب األول – يقدم الولي تقريرا سغغنويا عن كيفية إدارته ألموال اﶈجور وتنميتها‪ ،‬وللمحكمة بعد‬ ‫تقدل التقرير ات خاذ ااجراءات التي ترا ها مالئ مة للم حاف ظة على أموال اﶈجور ومصغغغا حله ا ملادية‬ ‫واملعنوية (‪.)118‬‬ ‫اجلانب الثاني – يجب على الولي عند انتهاء مهمته إشغغعار القاضغغي املكلف بشغغؤون القاصغغرين‬ ‫بوضعية ومصير أموال اﶈجور في تقرير مفصل للمصادقة عليه(‪.)119‬‬ ‫وإذا أراد النائب ال شرعي القيام بت صرف تتعارض فيه م صاحله أو م صالح زوجه أو أحد أ صوله‬ ‫أو فروعه مع مصغغغالح اﶈجور رفع األمر إلى اﶈكمة التي ميكنها أن تأذن به وتعني ممثال للمحجور في‬ ‫إبرام التصرف واﶈافظة على مصاحله (‪ .)120‬كما منع قانون مدونة األسرة املغربي الوصي أو املقدم من‬ ‫القيام بالتصغغرفات اآلتية إال بعد احلصغغول على ااذن من اﶈكمة‪ ،‬ويجب أن يكون قرار القاضغغي‬ ‫بالترخيص معلال وهي‪:‬‬ ‫‪1‬غ بيع عقار أو منقول للمحجور تتجاور قيمته ‪ 14444‬درهم أو ترتيب حق عيني عليه‪.‬‬ ‫‪ 2‬غ املساهمة بجزء من مال اﶈجور في شركة مدنية أو جتارية أو استثماره في جتارة أو مضاربة ‪.‬‬ ‫‪4‬غ تنازل عن حق أو دعوى أو إجراء الصلح أو قبول التحكيم بشأنهما ‪.‬‬ ‫‪0‬غ عقود الكراء التي ميكن امتدادها إلى ما بعد انتهاء احلجر ‪.‬‬ ‫‪9‬غ قبول أو رفض التبرعات املثقلة بحقوق أو شروط ‪.‬‬ ‫‪1‬غ أداء ديون لم يصدر بها حكم قابل للتنفيذ ‪.‬‬ ‫(‪)121‬‬ ‫‪ 9‬غغغغغغ اانفاق على من جتب نفقته للمحجور مالم تكن النفقة مقررة بحكم قابل للتنفيذ‪ .‬أما‬ ‫بالنسبة إلى قسمة مال اﶈجور املشترك مع الغير فتتم بتقدل مشروعها إلى اﶈكمة التي تصادق‬ ‫عليها بعغد أن تتأكغد عن طريق اﳋبرة من عدم وجود حيف فيها على اﶈجور (‪. )122‬‬

‫(‪ )116‬ينظر املادة (‪ )249‬من قانون مدونة األسرة املغربي ‪.‬‬ ‫(‪ )117‬ينظر املادة (‪.)204‬وا ذا زادت قيمة املال اﶈجور اثناء االدارة عن مائتي الف درهم فعلى الولي ابالغ القاضغغغي لفتح امللف في‬ ‫النيابة الشرعية كمغا يجور للمحجور او امه القيام بنفس االمر (ينظر املادة ‪.) 201‬‬ ‫(‪ )118‬ينظر املادة (‪ )204‬من قانون مدونة االسرة املغربي ‪.‬‬ ‫(‪ )119‬ينظر املادة (‪ )202‬من قانون مدونة االسرة املغربي ‪.‬‬ ‫(‪ )120‬ينظر املادة (‪ )215‬من قانون مدونة االسرة املغربي ‪.‬‬ ‫(‪ )121‬ينظر املادة (‪ )291‬من قانون مدونة االسرة املغربي‪.‬‬ ‫(‪ )122‬ينظر املادة (‪ )299‬من قانون مدونة االسرة املغربي ‪.‬‬ ‫‪120‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬اميان يوسف نوري‬

‫أما بالنسغغبة إلى موقف القوانني املقارنة واملتمثلة في قانون الوالية على املال املصغغري وقانون‬ ‫الوالية على أموال القا صرين القطري وقانون األحوال ال شخ صية ال سوداني والقانون املدني الكويتي‬ ‫فقد حددت سغغلطات الولي مع التمييز في بعض احلاالت بني األب واجلد‪ .‬كما أن هناك تصغغرفات منع‬ ‫الولي من إجرائها إال بإذن اﶈكمة والتي نوضغغحها بحسغغب األحوال املتشغغابهة في بعض احلقائق‪،‬‬ ‫واجملتلفة في بعض التفاصيل وعلى النحو اآلتي ‪:‬‬ ‫‪ -1‬اليجوز ا لتبرع مبال القاصر إال ألداء واجب إنسانى أوعائلى وبإذن اﶈكمة في قانون الوالية‬ ‫على املال املصري (‪ .)123‬وقريب منه املشرع الكويتي‪. )124(.‬‬

‫‪ -2‬ال يجوز للولي في قانون الوالية على املال املصري أن يتصرف فى عقار القاصر لنفسه أو‬ ‫لزوجه أو ألقاربه أو ألقاربها إلى الدرجة الرابعة إال بإذن اﶈكمة‪ ،‬وال يجوز له أن يرهن عقار‬ ‫القاصر لدين على نفسه‪ )125( .‬وقريب منه املشرع القطري( ‪ )126‬والسوداني(‪. )127‬‬

‫‪ -3‬ال يجوز لﻸب في قانون الوالية على املال امل صري أن يت صرف فى العقار أواﶈل التجاري أو‬ ‫األوراق املاليه إذا زادت قيمتها على ‪ 444‬جنيه إال بإذن اﶈكمة ‪ ،‬وال يجوز لها أن ترفض‬ ‫ااذن إال إذا كان التصغغرف من شغغإنه جعل أموال القاصغغر فى خطر أو كان فيه غنب يزيد‬ ‫على خمس القيمة (‪ .)128‬وقريب منه املشرع القطري( ‪. )129‬‬

‫‪ -4‬ال يجوز للولى إقراض مال الصغغغير وال اقتراضغغه إال بإذن اﶈكمة في قانون الوالية على‬ ‫املال املصري‪ )130( ،‬وقريب منه املشرع القطري‪ )131( .‬كما أن املشرع الكويتي لم يجز للولي‬ ‫إقراض مال ال صغير وال اقترا ضه والرهن مال ال صغير إال لدين على هذا ال صغير نف سه‬ ‫(‪. )132‬‬ ‫‪ -5‬ك ما ال يجوز للولى في قانون الوال ية على ا ملال املصغغري بغير إذن اﶈك مة تأجير ع قار‬ ‫القا صر ملدة متتد إلى ما بعد سن الر شد ب سنة‪ )133( .‬وقريب منه امل شرع القطري‪)134( .‬‬

‫(‪ )123‬ينظر املادة (‪ )9‬من قانون الوالية على املال املصري ‪.‬‬

‫مبا منع القانون املدني الكويتي التبرع مبال الصغيرواذا كان في مال الصغير سعة فانه يجوز للولي ان يتبرع مبال الصغير ‪( 124‬‬

‫اليبهظه اذا كان ذلﻚ لغرض عائلي أو إنساني وبشرط اذن اﶈكمة ينظر املادة (‪. )144‬‬ ‫(‪ )125‬ينظر املادة (‪ )1‬من قانون الوالية على املال املصري‪.. .‬‬

‫منعت املادة (‪ )5‬من قانون الوالية على اموال القاصرين التصرف في عقار القاصر دون أذن القاضي علما ان االذن يصدر بعد ‪( 126‬‬ ‫منعت املادة (‪ )201‬من قانون االحوال الشخصية الولي من التصرف في العقار اال بعد اذن القاضي وحتقق مصلحة القاصر ‪(127 .‬‬

‫(‪ )128‬ينظر املادة (‪ )9‬من قانون الوالية على املال املصري‪.‬‬ ‫‪ ( 129‬منعت املادة (‪ )5‬من قانون الوالية على اموال القاصرين التصرف في اﶈل التجاري أو أالوراق التجارية دون اذن القاضي‬ ‫والذي يصدر بعد اخذ رأي الهيئة ‪.‬‬ ‫(‪ )130‬ينظر املادة (‪ )5‬من قانون الوالية على املال املصري ‪.‬‬ ‫‪ (131‬منعت املادة (‪ )5‬من قانون الوالية على املال القطري اقراض مال القاصر أو إقترتضه وهن مال القاصر أو التبرع به‬ ‫دون اذن القاضي علما ان االذن يصدر بعد أخذ رأي الهيئة ‪.‬‬ ‫‪ ( 132‬ينظر املادة (‪140‬و‪ )141‬من القانون املدني الكويتي ‪.‬‬ ‫(‪ )133‬ينظر املادة (‪ )14‬من قانون الوالية على املال املصري‪.‬‬ ‫‪ (134‬منعت املادة (‪ )5‬من قانون الوالية على اموال القاصرين تأجير عقار القاصر ملدة تزيد على سنة‪ ،‬أو متتد الى سنة بعد‬ ‫بلوغه سن الرشد دون اذن القاضي علما ان االذن يصدر بعد اخذ رأي الهيئة‪.‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪121‬‬


‫حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة‬

‫وبالرغم من اتفاق املشغغرع الكويتي والقطري مع املصغغري حول عدم التاجير ملدة تتجاوز‬ ‫بلوغه سن الرشد إال أن نطاق املنع شمل مال الصغير بشكل عام( ‪.)135‬‬

‫‪ -6‬ال يجوز للولي في قانون الوالية على املال املصري أن يستمر في جتارة للقاصر إال بإذن من‬ ‫اﶈكمة وفي حدود هذا ااذن (‪ ،)136‬وقريب منه املشرع القطري (‪. )137‬‬ ‫‪ -7‬ال يجوز للولي أن يقبل هبة أو و صية لل صغير محملة بالتزامات معينة إال بإذن اﶈكمة‬ ‫في قانون الوالية على املال املصري‪ ،‬وقريب منه املشرع القطري(‪.) 138‬‬

‫‪ -8‬كما أن قانون الوالية على املال املصغغري أجاز لألب فقط أن يتعاقد مع نفسغغه باسغغم‬ ‫القا صر سواء أكان ذلك حل سابه هو أم حل ساب شخص آخر إال إذا نص القانون على غير‬ ‫(‪. )140‬‬ ‫ذلك (‪ .)139‬وقريب منه قانون الوالية على أموال القاصرين القطري‬

‫‪ -9‬ومنع قانون الوالية على املال املصغغري اجلد فقط بغير إذن اﶈكمة من التصغغرف في مال‬ ‫القاصر وال الصلح عليه وال التنازل عن التامينات أو إضعافها (‪. )141‬‬ ‫أما بالنسغغبة إلى قانون األحوال الشغغخصغغية السغغوداني فقد أوضغغح أن هناك تصغغرفات‬ ‫للولي حتمل على ال سداد وهي التعاقد با سم موليه والت صرف في أمواله والقيام بالتجارة حل ساب‬ ‫موليه واليسغغتمر في ذلك إال في حالة النفع الظاهر‪ ،‬ويجوز له قبول التبرعات املشغغروعة لصغغالح‬ ‫موليه إذا كانت خالية من أي التزامات مجحفة‪ ،‬وأخيرا اانفاق من مال موليه على من وجبت لهم‬ ‫النفقة عليه (‪ ،)142‬وت صرفات الحتمل على ال سداد إال إذا ثبتت م صلحة موليه فيها‪ ،‬وت شمل شراء‬ ‫ملك موليه لنفسه و بيعه ملكه ملوليه أو ملك موليه ليستثمر ثمنه لنفسه (‪ ،)143‬ويكون باطال كل‬ ‫تصرف يباشره الولي ملوليه إذا نتا عنه ضرر (‪. )144‬‬ ‫أما بالنسغغبة إلى القانون املدني الكويتي فقدأجاز للولي أن يجري عن صغغغيره التصغغرفات‬ ‫النافعة له نفعا محضغغا‪ ،‬وإذا كان التبرع للصغغغير مقترنا بتكليف فإنه ال يسغغوغ للولي قبوله عنه‬ ‫بغير إذن اﶈكمة (‪ ،)145‬وكذلك للولي أن يجري عن صغغغيره التصغغرفات التي يقتضغغيها حفظ أمواله‬ ‫وإدارتها واستثمارها‪ ،‬وللولي أن يجري في مال صغيره التصرفات مبقابل‪ ،‬مع مراعاة القيود املقررة في‬ ‫املواد التالية(‪ .)146‬كما منع القانون املدني الكويتي الولي‪ ،‬بغير إذن اﶈكمة‪ ،‬أن يبيع عقار الصغغغير أو‬ ‫ينظر املادة (‪ )121‬من القانون املدني الكويتي ‪( 135.‬‬ ‫(‪ )136‬ينظر املادة (‪ )11‬من قانون الوالية على املال املصري‪.‬‬ ‫‪ (137‬منعت املادة (‪ )5‬من قانون الوالية على اموال القاصرين االستمرار في جتارة الت للقاصر دون اذن القاضي علما ان االذن‬ ‫يصدر بعد اخذ رأي الهيئة ‪.‬‬ ‫‪138‬منعت املادة(‪ )5‬من قانون الوالية على اموال القاصرين قبول هبة أووصية محملة بالتزامات معينة او رفضها (‬ ‫دون اذن القاضي علما ان االذن يصدر بعد اخذ رأي الهيئة ‪.‬‬

‫(‪ )139‬ينظر املادة (‪ )12‬من قانون الوالية على املال املصري‪.‬‬ ‫(‪ )140‬ينظر املادة (‪)19‬و (‪ )1‬من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري‪.‬‬ ‫(‪ )141‬ينظر املادة (‪ )10‬من قانون الوالية على املال املصري‪.‬‬ ‫(‪ )142‬ينظر املادة(‪ ) 245‬من قانون االحوال الشخصية السوداني ‪.‬‬ ‫(‪ )143‬ينظر املادة (‪ ) 204‬من قانون االحوال الشخصية السوداني‪.‬‬ ‫(‪ )144‬ينظر املادة (‪ ) 202‬من قانون االحوال الشخصية السوداني‪.‬‬ ‫(‪ )145‬ينظر املادة (‪ ) 129‬من القانون املدني الكويتي‪.‬‬ ‫(‪ )146‬ينظر املادة (‪ ) 125‬من القانون املدني الكويتي‪..‬‬ ‫‪122‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬اميان يوسف نوري‬

‫محله التجاري أو أن يؤجره لنفسغغغه أو لزوجه أو ألقارب أحدهما إلى الدرجة الثالثة‪ .‬واليجوز للولي‪،‬‬ ‫بغير إذن اﶈكمة‪ ،‬أن يتصغغرف في مال الصغغغير‪ ،‬إذا ﲡاوزت قيمته مائتي ألف(‪ ،)147‬وإذا كان املال قد آل‬ ‫إلى الصغير بطريق الوصية أو التبرع‪ ،‬واشترط املوصي أو املتبرع عدم تصرف الولي فيه‪ ،‬فإنه ال يجوز‬ ‫لهذا األخير إجراء التصرف املمنوع عليه‪ ،‬إال عندما تقتﻀيه الﻀرورة‪ ،‬وبشرط إذن اﶈكمة(‪ .)148‬كما أن‬ ‫جميع القيود الواردة على سلطة الولي ال ت سري بالن سبة إلى ما يكون قد آل منه إلى ال صغير من‬ ‫مال على سبيل التبرع‪ ،‬ولو كان ذلك بطريق غير مباشر (‪.)149‬‬ ‫الفرع الثاني ‪ -‬سلطات الوصي‬ ‫أشغغار قانون رعاية القاصغغرين العراقي إلى أنواع األوصغغياء ؛ فالوصغغي إما مختار أو معني أو وصغغي‬ ‫للخصغغومة (‪ .)150‬بينما ميزت القوانني املقارنة سغغلطات الوصغغي تبعا لنوع الوصغغغاية‪ ،‬وسغغنقوم‬ ‫بتوضيحها بحسب أكثر القوانني تفصيال لها‪ ،‬وميكن أن نوضح ذلك على النحو اآلتي‪:‬‬ ‫ا‪ -‬الوصغغي اخلاص‪ :‬يجوز للقاضغغي في قانون الوالية على أموال القاصغغرين القطري أن يعني الهيئة أو‬ ‫غيرها وصيا ل خاصال‪ ،‬ويُحدد مهمته في األحوال التالية‪ -1:‬إذا تعارضت مصلحة القاصر مع مصلحة‬ ‫الولي أو الوصغغي اجملتار ‪ ،‬أو أحد أصغغوله أو فروعه أو زوجه ‪ ،‬أو مصغغلحة قاصغغر آخر مشغغمول بواليته‪.‬‬ ‫‪ -2‬إبرام عقد من عقود املعاوضة املالية أو تعديله أو فسخه أو إبطاله أو إلغائه بني القاصر وبني أحد‬ ‫املذكورين في البند السغغابق‪ -4.‬إذا آل للقاصغغر مال بطريق التبرع واشغغترط املتبرع أال يتولى الوصغغي‬ ‫اجملغغتغغار إدارة هغغذا املغغال‪ -0 .‬إذا اسغغغغتغغلغغزمغغت إدارة بغغعغغض األعغغمغغال درايغغة خغغاصغغغغة‪.‬‬ ‫‪ -9‬إذا كان الولي أو الو صي غير أهل ملبا شرة حق من حقوق الوالية أو الو صاية(‪ .)151‬وقريب منه امل شرع‬ ‫املصري(‪. )152‬‬ ‫ب‪ -‬أو ضح قانون الوالية على أموال القا صرين القطري أن الو صي املؤقت يعني عند إ صدار قرار بوقف‬ ‫الولي أو الوصغغي اجملتار‪ ،‬أو إذا حالت ظروف مؤقتة دون أدائه لواجباته ‪ ،‬عندها يعني القاضغغي الهيئة‬ ‫وصيا ل مؤقتا ل ‪ ،‬ما لم يكن للقاصر ولي آخر (‪ .)153‬وقريب منه املشرع املصري (‪.)154‬‬ ‫ج‪ -‬وصي اخلصومة‪ :‬حيث يجوز للقاضي أن يعني وصي اخلصومة‪ ،‬ولو لم يكن للقاصر مال‪ ،‬وهو ينوب‬ ‫عنه في الدعاوى التي يكون طرفا ل فيها في قانون الوالية على أموال القاصغغرين القطري (‪ .)155‬وقريب‬ ‫منه املشرع املصري( ‪.)156‬‬

‫(‪ )147‬ينظر املادةين (‪ ) 141 – 144‬من القانون املدني الكويتي‪..‬‬ ‫(‪ )148‬ينظر املادة (‪ )142‬من القانون املدني الكويتي‪..‬‬ ‫(‪( )149‬ينظر املواد من ‪ 140‬الى ‪ ) 141‬من القانون املدني الكويتي‪..‬‬ ‫(‪ )150‬ينظر املواد ‪40‬و‪. 49‬اوضحنا سابقا ان املشرع العراقي تعامل مع الولي والوصي والقيم ذات املعاملة من حيث السلطات ‪.‬‬ ‫(‪ )151‬ينظر املادة (‪ ) 11‬من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري ‪.‬‬ ‫‪ (152‬ينظر املادة (‪ )41‬من قانون الوالية على املال املصري ‪.‬‬ ‫(‪ )153‬ينظر املادة (‪)15‬من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري‪.‬‬ ‫‪ ) 154‬ينظر املادة (‪ )42‬من قانون الوالية على املال املصري ‪.‬‬ ‫(‪ )155‬ينظر املادة (‪)24‬من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري ‪.‬‬ ‫‪ (156‬ينظر املادة (‪ )44‬من قانون الوالية على املال املصري‪.‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪123‬‬


‫حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة‬

‫د‪ -‬الو صي اجملتار‪ :‬ألزم قانون الوالية على أموال القا صرين القطري الو صي اجملتار بالواجبات التالية ‪:‬‬ ‫‪ -1‬تسغغلم ما تصغغرح له الهيئة بقبضغغه من أموال القاصغغر ‪ ،‬والقيام بإدارتها ورعايتها حتت إشغغراف‬ ‫الهيئة ‪ ،‬وعليه أن يبذل في ذلك العناية الكافية‪.‬‬ ‫‪ -2‬تخصيص نفقة للقاصر ومن تلزمه نفقتهم شرعال‪.‬‬ ‫‪ -4‬إيداع ما يح صله من أموال القا صر في ح ساب با سم القا صر في أحد البنوك العاملة بالدولة ‪،‬‬ ‫والسحب منه‪.‬‬ ‫‪ -0‬إيداع املستندات املثبتة حلقوق القاصر بناء على طلب الهيئة أو أمر القاضي‪ ،‬لدى الهيئة‪.‬‬ ‫‪ -9‬تقدل حسغغاب سغغنوي مؤيد باملسغغتندات إلى الهيئة ‪ ،‬للتدقيق عليه محاسغغبيا ل ‪ ،‬وتقدميه إلى‬ ‫القاضي مشفوعا ل برأي الهيئة للتصديق عليه (‪. )157‬‬ ‫وال يجوز للو صي اجملتار في قانون الوالية على أموال القا صرين القطري ‪ -‬دون إذن القا ضي ‪ -‬مبا شرة‬ ‫التصرفات التالية‪:‬‬ ‫‪ -1‬التصرف في األموال العقارية متى كان التصرف ناقال ل للملكية أو مرتبا ل ألي حق عيني آخر‪.‬‬ ‫‪ -2‬استثمار أموال القاصر وتصفية حساباته(‪. ) 158‬‬ ‫‪ -4‬تأجير عقار القاصر ملدة تزيد على سنة ‪ ،‬أو متتد إلى سنة بعد بلوغه سن الرشد‪ .‬بينما ميز املشرع‬ ‫امل صري بني األرا ضي الزراعية واملباني حيث لم يجز إيجار عقار القا صر ملدة أكثر من ثالث سنوات في‬ ‫األراضي الزراعية‪ ،‬وملدة أكثر من سنة في املباني‪ ،‬ومنع إيجار عقار القاصر ملدة متتد إلى مابعد بلوغه‬ ‫سن الرشد ألكثر من سنة (‪.)159‬‬ ‫‪ -0‬ا لوفغاء اال خ تيغاري بغاال ل تزامغات الشغغغر عيغة ا ل تي ت كون ع لى ا ل تركغة أو ا لقغاصغغغر(‪.)160‬‬ ‫‪ -9‬ال صلح والتحكيم‪ .‬وا ستثنى امل شرع امل صري فيما يقل عن مائة جنيه مما يت صل بأعمال اادارة‬ ‫(‪.)161‬‬ ‫‪ -1‬الغغغتغغغنغغغازل عغغغن احلغغغقغغغوق والغغغدعغغغاوى والغغغطغغغعغغغون فغغغي األحغغغكغغغام‪.‬‬ ‫‪ -9‬شراء أو ا ستئجار أموال القا صر لنف سه أو لزوجه أو ألحد من أ صولهما أو فروعهما ‪ ،‬أو ملن يكون‬ ‫الوصغغي نائبا ل عنه‪ .‬بينما حصغغرها املشغغرع املصغغري في اايجار لنفسغغه أو لزوجه أو ألحد أقاربها إلى‬ ‫الدرجة الرابعة( ‪.)162‬‬ ‫‪ -1‬الت صرف في املنقوالت أو احلقوق ال شخ صية أو األوراق املالية‪ .‬وا ستثنى امل شرع امل صري أعمال‬ ‫‪163‬‬ ‫(‬ ‫اادارة‬ ‫)‪.‬‬ ‫‪ -5‬ق سمة مال القا صر بالترا ضي إذا كانت له م صلحة في ذلك ‪ ،‬فإذا أذن القا ضي عني األ سس التي‬ ‫جتري عليها القسمة وااجراءات الواجبة االتباع‪ ،‬وعلى الوصي أن يعرض على القاضي عقد القسمة‬ ‫(‪ )157‬ينظر املادة (‪) 24‬من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري ‪.‬‬ ‫‪ )158‬مطابق للمشرع املصري ينظر املادة (‪ )45‬من قانون الوالية على املال املصري ‪..‬‬ ‫‪ )159‬ينظر املادة (‪ )45‬من قانون الوالية على املال املصري‪.‬‬ ‫‪ )160‬مطابق لقانون الوالية على املال املصري ينظر املادة (‪. )45‬‬ ‫‪ (161‬ينظر املادة (‪ )45‬من قانون الوالية على املال املصري ‪..‬‬ ‫‪ ) 162‬ينظر املادة (‪ )45‬من قانون الوالية على املال املصري ‪.‬‬ ‫‪ ( 163‬ينظر املادة (‪ .) 45‬من قانون الوالية على املال املصري‬ ‫‪124‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬اميان يوسف نوري‬

‫للتثبت من عدالتها‪ ،‬وللقا ضي في جميع األحوال أن يقرر اتخاذ إجراءات الق سمة الق ضائية‪ .‬وأ ضاف‬ ‫املشغغرع املصغغري في حالة القسغغمة القضغغائية تصغغدق اﶈكمة االبتدائية التى تتبعها محكمة‬ ‫الق سمة على ق سمة األموال إلى ح صص‪ ،‬ولهذه اﶈكمة ‪-‬عند االقت ضاء‪ -‬أن تدعو اخل صوم ل سماع‬ ‫أقوالهم في جلسة حتدد لذلك‪ ،‬وإذا رفضت التصديق تعني عليها أن تقسم األموال إلى حصص على‬ ‫األسغغس التى تراها صغغاحلة بعد دعوة اخلصغغوم‪ .‬ويقوم مقام التصغغديق احلكم الذى تصغغدره اﶈكمة‬ ‫بوصفها محكمة استئنافية بتكون احلصص (‪.)164‬‬ ‫‪ - 14‬اانفاق من مال القاصغغر على من جتب عليه نفقتهم ‪ ،‬إال إذا كانت النفقة مقضغغيا ل بها بحكم‬ ‫واجب النفاذ ‪ ،‬وي صدر القا ضي ااذن في احلاالت ال سابقة بعد أخذ رأي الهيئة في قانون الوالية على‬ ‫أموال القاصرين القطري (‪ ، )165‬بينما اشترط املشرع املصري إذن اﶈكمة فقﻂ(‪. )166‬‬ ‫وأ ضاف امل شرع امل صري جميع الت صرفات التي من شأنها إن شاء حق من احلقوق العينية العقارية أو‬ ‫األصغغل ية أو التبع ية أو نق له أو تغييره أو زوا له و كذ لك جميع التصغغر فات املقرره حلق من احلقوق‬ ‫ا ملذكورة‪ ،‬وحوا لة احلقوق وا لديون وقبول احلوا لة‪ ،‬واقتراض ا ملال وإقراضغغغه‪ ،‬وقبول التبر عات املقتر نه‬ ‫ب شرط أو رف ضها‪ ،‬والتنازل عن احلقوق والدعاوى وقبول األحكام القابله للطعون العاديه والتنازل عن‬ ‫هذه الطعون بعد رفعها ورفع الطعون غير العاديه في األحكام‪ ،‬و التنازل عن التامينات وإضغغعافها‪،‬‬ ‫وما يصرف على تزويا القاصر وتعليم القاصر إذا احتاج للنفقة واانفاق الالزم ملباشرة القاصر مهنة‬ ‫معينة (‪.)167‬‬ ‫أما بالن سبة إلى موقف قانون األحوال ال شخ صية ال سوداني فإنه يجب على الو صي إدارة‬ ‫أموال القاصغغر ورعايتها كما يجب أن يبذل في ذلك ما يبذله في إدارة أموال أوالده (‪ ، )168‬وال يجوز‬ ‫للوصي القيام باألعمال اآلتية إال بإذن من القاضي اجملتص‪:‬‬ ‫ا‪ -‬االت صرف في ‪ :‬أوال‪ -‬أموال القا صر بالبيع أو ال شراء أو املقاي ضة أو ال شركة أو الرهن أو أي نوع من‬ ‫أنواع التصرفات الناقلة للملكية أو املرتبة حلق عيني ‪ .‬ثانيا – السندات واألسهم أو أي حصص منها‬ ‫أو في املنقول ما لم يكن يسيرا أو يخشى تلفه ب‪ -‬حتويل ديون القاصر أو قبول احلوالة عليها ‪.‬‬ ‫ج‪ -‬استثمار أموال القاصر حلسابه‪.‬‬ ‫د‪ -‬االقتراض للقاصر ‪.‬‬ ‫ه‪ -‬تأجير عقار القاصر ‪.‬‬ ‫و‪ -‬قبول التبرعات املقيدة بشرط أو رفضها‪.‬‬ ‫ز‪ -‬اانفاق من مال القاصر على من جتب عليه نفقته ‪.‬‬ ‫وأخيرا أوضح القانون املدني الكويتي أن للوصي ‪-‬ولو كان مختارا ل من األب‪ -‬الوالية على مال الصغير‬ ‫في نفس احلدود التي يرسغمها القانون ادارة شغؤون القصغر باعتبار أن لها الوصغاية أو القوامة على‬ ‫معدومي األهلية وناقصغيها‪ ،‬على أنه إذا كانت الوصغاية لغير إدارة شغؤون القصغر وجب إذن اﶈكمة‬ ‫(‪ )164‬ينظر املادة (‪ )04‬من قانون الوالية على املال املصري ‪..‬‬ ‫(‪ )165‬ينظر املادة (‪ )20‬من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري ‪.‬‬ ‫‪ (166‬ينظر املادة (‪ )45‬من قانون الوالية على املال املصري‪.‬‬ ‫‪ ( 167‬ينظر املادة (‪ )45‬من قانون الوالية على املال املصري ‪.‬‬ ‫(‪ )168‬بنظر املادة (‪ ) 204‬من قانون االحوال الشخصية السوداني ‪.‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪125‬‬


‫حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة‬

‫اجراء كل التصغغرفات التي ال يخول القانون ملدير هذه اادارة أن يتوالها وحده‪ ،‬وفي جميع األحوال ال‬ ‫يكون للوصي في واليته على مال الصغير سلطة تتجاوز سلطة الولي على نحو ما يحدده القانون‬ ‫(‪.)169‬‬ ‫املبحث الثاني‬ ‫وسائل حماية أموال الصغير‬ ‫أو ضح قانون رعاية القا صرين العراقي و سائل حماية أموال ال صغير الهادفة إلى تنمية أمواله من‬ ‫خالل حترير التركة‪ ،‬وتصغفيتها‪ ،‬واﶈافظة عليها‪ ،‬بااضغافة إلى محاسغبة األولياء واألوصغياء‪ .‬وألجل‬ ‫بيان موقف القانون العراقي والقوانني املقارنة سنقسم املبحث إلى املطالب الثالثة اآلتية‪:‬‬ ‫املطلب األول – حترير التركة وتصفيتها‬ ‫املطلب الثاني – اﶈافظة على أموال الصغير‬ ‫املطلب الثالث – محاسبة األولياء واألوصياء‬ ‫املطلب األول‬ ‫حترير التركة وتصفيتها‬ ‫تتم إجراءات حترير التركة وتصفيتها على مرحلتني ‪ ،‬نوضحها بالفرعني اآلتيني‪:‬‬ ‫الفرع األول – حترير التركة‬ ‫الفرع الثاني – تصفية التركة‬ ‫الفرع االول‪ -‬حترير التركة‬ ‫ألزم قانون رعاية القا صرين بتحرير تركة املتوفى عند وجود صغير‪ ،‬حيث ن صت املادة (‪ )92‬على‬ ‫أنه (أوال ‪ -‬يجب حترير تركة املتوفى عند وجود قا صر‪ .‬ثانيا – ال ي صدر الق سام ملتوفى عن قا صر مالم‬ ‫تأذن بذلك مديرية رعاية القاصغغرين )‪ .‬وتختص محكمة األحوال الشغغخصغغية بإصغغدار القسغغامات‬ ‫ال شرعية والتي تتم من خالل إجراءات(‪ ، )170‬وعلى ورثة املتوفى البالغني وعلى شركائه في املال إخبار‬ ‫مديرية رعاية القاصرين بوفاة الشخص عن قاصر‪ ،‬وذلك خالل سبعة أيام من تاريخ الوفاة(‪ ، )171‬وعلى‬ ‫محاكم األحوال ال شخ صية وال سلطات املالية اا شعار إلى مديرية رعاية القا صرين عند علمها مبا‬ ‫يوجب حترير التركة (‪ .)172‬وإذا تبني أن املتوفى املطلوب حترير تركته مفلس أو قد طلب إشغغهار إفالسغغه‬ ‫عندها يجب مالحظة القواعد الواردة في املادة (‪ )11‬من قانون رعاية القاصرين(‪.)173‬‬

‫(‪ )169‬ينظر املادة(‪ )149‬من القانون املدني الكويتي ‪.‬‬ ‫(‪ )170‬ينظر املادة (‪ )444‬من قانون املرافعات املدنية العراقي ‪.‬‬ ‫(‪ )171‬ينظر املادة ( ‪ / 94‬اوال) من قانون رعاية القاصرين ‪ ،‬كما بينت املادة نفسها اجلزاءات عند االخالل باالخبار ‪.‬‬ ‫(‪ )172‬ينظر املادة (‪/ 94‬ثانيا ) من قانون رعاية القاصرين العراقي ‪.‬‬ ‫(‪ )173‬تنص املادة (‪...( )11‬اوال – الحترر التركة التي سبﻖ ﶈكمة االفالس و ضع يدها عليها ‪.‬ثانيا – اذا كانت مديرية رعاية القا صرين‬ ‫قد باشغغغرت بتحريرها وطلبت محكمة االفالس ايداع التركة اليها فيجب ايداعها اليها ‪.‬ثالثا – حتيل محكمة االفالس ما‬ ‫تبقى من التركة بعد تسوية الديون الى مديرية رعاية القاصرين اجملتصة ‪.).‬‬ ‫‪126‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬اميان يوسف نوري‬

‫وميكن أن يطرح التسغغاؤل التالي‪ :‬ماهي ااجراءات التي تقوم بها مديرية رعاية القاصغغرين بعد‬ ‫حتقق ااخبار الوارد في املادة (‪)94‬‬ ‫أجابت املادة (‪ )90‬من قانون رعاية القاصغغرين على التسغغاؤل املطروح حيث تقوم املديرية باتخاذ‬ ‫ااجراءات الالزمة للمحافظة على حقوق القا صر وح صر أمواله املنقولة وغير املنقولة وجميع ما له‬ ‫من حقوق وما عليه من التزامات‪ ،‬وللسغغلطة املالية أن تنيب أحد موظفيها للحضغغور عند حترير‬ ‫التركة(‪.)174‬‬ ‫وإذا وقع نزاع على عائدية األموال فإن املادة (‪ )99‬من قانون رعاية القاصرين عاجلت املسالة؛ فإذا كانت‬ ‫قيمة األموال املتنازع على عائديتها للمتوفى التزيد على خمسمائة دينار فإن التظلم يرفع إلى‬ ‫محكمة األحوال الشخصية (‪ )175‬خالل سبعة أيام تبدأ من اليوم التالي لوضع مديرية رعاية‬ ‫القاصرين يدها على املال املتنازع عليه‪ )176(،‬أما إذا كانت قيمة األموال املتنازع عليها تزيد على‬ ‫خمسمائة دينار عندها تقام الدعوى أمام محكمة البداءة خالل عشرة أيام تبدأ من اليوم التالي‬ ‫لوضع محكمة األحوال الشخصية يدها على املال املتنازع عليه (‪. )177‬‬ ‫الفرع الثاني‪ -‬تصفية التركة‬ ‫ب عد اسغغتي فاء ااجراءات ا ملذكورة في الفرع األول تت خذ اﶈك مة قرارا بتصغغف ية التر كة‬ ‫واملتضمنة ما يلي ‪:‬‬ ‫أوال – اايفاء باملصغغغاريف‪ :‬تقوم اﶈكمة بإيفاء املصغغغاريف املقتضغغية للمتوفى ومبا ال يتجاوز القدر‬ ‫املتعارف عليه (‪. )178‬‬ ‫ثانيا – اايفاء بال ضرائب والر سوم‪ :‬ن صت الفقرة (أوال) من املادة (‪ )91‬من قانون رعاية القا صرين على‬ ‫أنه (تقوم مديرية رعاية القا صرين بإيفاء ال ضرائب والر سوم املتحققة على التركة وبإيفاء امل صاريف‬ ‫املقتضغغية للمتوفى وفقا لتعليمات يصغغدرها مجلس رعاية القاصغغرين مبا ال يتجاوز القدر املتعارف‬ ‫عليه ) ‪.‬‬ ‫ثالثا‪ -‬اايفاء بالديون األخرى ‪ :‬أ شارت املادة (‪ )91‬من قانون رعاية القا صرين إلى نوعني من الديون وهما‬ ‫‪:‬‬ ‫‪ -1‬الدين املستند إلى حجة أو حكم مكتسب درجة البتات‪ ،‬أو سند ثابت التاريخ بعد حتليف الدائن ‪،‬‬ ‫وللمحكمة اايفاء بالدين مبوافقة الورثة الكبار‪.‬‬ ‫(‪ )174‬يالحظ التعليمات رقم (‪)4‬لسنة ‪ 1514‬واملتعلقة بتحرير التركة وتثبيت االموال ‪.‬‬ ‫(‪ )175‬يرى البعض من شراح القانون انه وبعد صدور القرار املرقم (‪ )144‬ل سنة ‪ 1511‬والذي مبوجبه م انتقال مهمة حترير التركة‬ ‫وتصفيتها من مديريات رعاية القاصرين الى محاكم االحوال الشخصية ‪ ،‬لذا فان التظلم من القرارات الصادرة اثناء حترير‬ ‫التركة وفي احلدود التي رسمها القانون يكون امام محكمة االحوال الشخصية وفق االجراءات املتبعة في القضاء الوالئي‬ ‫وقرار محكمة االحوال الشخصية يكون قابال للتمييز لدى محكمة التمييز ‪ ،‬ينظر د‪ .‬عصمت عبد اﺠﻤﻟيد بكر ‪،‬احكام رعاية‬ ‫القاصرين ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬هامش (‪ )1‬ص‪. 110‬‬ ‫(‪ )176‬وعلى اﶈكمة ان حتلف املتظلم ميني االسغغتظهار قبﻞ اصغغدار قرارها بتسغغليم املال اليه (ينظر الفقرة اوال‪ /‬من املادة ‪ )99‬من‬ ‫قانون رعاية القاصرين العراقي ‪.‬‬ ‫(‪ )177‬ينظر( الفقرة ثالثا من املادة ‪ )99‬من قانون رعاية القاصغغرين العراقي ‪ ،‬ويالحظ ان هذه املبالغ قد فقدت قيمتها وبالتالي فان‬ ‫النزاعات وبحكم الواقع يتجاوز حتما اﳋمسمائة دينار وعليه سيحال امر النظر في النزاع الى اﶈكمة اﺨﻤﻟتصة ‪.‬‬ ‫(‪ )178‬يالحظ تعليمات رقم (‪ )0‬لسنة ‪ 1514‬بشان تصفية التركة‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪127‬‬


‫حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة‬

‫‪ -2‬إذا لم يكن الدين من الديون الواردة في الفقرة أعاله‪ ،‬عندها تبلﻎ اﶈكمة الدائنني بﺈقامة الدعوى‬ ‫لدى اﶈك مة اﺨﻤﻟتصغغغ ة خالل مدة التز يد على ثالثني يو ما اث بات ديونهم‪ ،‬وعلى محك مة األحوال‬ ‫الشغغخصغغية حﺠز ما يعادل الديون املذكورة ﳊني البت من قبل اﶈكمة‪ ،‬وإذا لم تتم املراجعة ضغغمن‬ ‫املدة اﶈددة فﺈن محكمة األحوال الشخصية التسمع ادعاء الدائن‪.‬‬ ‫رابعا – ا ستيفاء الديون‪ :‬ألزمت املادة (‪ )99‬من قانون رعاية القا صرين محكمة األحوال ال شخ صية‬ ‫باتخاذ ااجراءات املقتضغغية السغغتحصغغال الديون التي للمتوفى في ذمة الغير وفقا ألحكام قانون‬ ‫التنفيذ إذا كانت الديون معززة بسندات قابلة للتنفيذ‪ ،‬ويكون لقاضي األحوال الشخصية صالحية‬ ‫منفذ العدل لهذا الغرض (‪. )179‬‬ ‫خام سا – متلك أحد الورثة ماال منقوال في التركة‪ :‬بينت املادة (‪ )91‬من قانون رعاية القا صرين أنه إذا‬ ‫ط لب أ حد الور ثة الك بار مت لك مال منقول في التر كة ووافق بق ية الور ثة أو من يقوم قانو نا م قام‬ ‫القاصغغر على طلب التملك ‪ ،‬تعني اﶈكمة خبيرا أو أكثر من قائمة اﳋبراء لتقدير قيمة املال‪ ،‬وبعد‬ ‫التقدير فﺈنه يتوجب على طالب التمليك أن يدفع القيمة املقدرة خالل املدة التي حتددها اﶈكمة إن‬ ‫كانت التركة مدينة‪ ،‬وإال يدفع ما ينا سب ح صة بقية الورثة منها‪ ،‬حينها تقرر اﶈكمة متليك طالب‬ ‫حصص الورثة من املال إذا لم جتد في ذلك ضررا بالقاصر ‪.‬‬ ‫أما اذا كان طلب التمليك مقدما من قبل من يقوم مقام القاصغغر ملصغغلحة يقدرها ووافق‬ ‫الورثة‪ ،‬عندها يتم تقدير قيمة املال بنفس اآللية املشار إليها أعاله ‪ ،‬وتدفع من أموال القاصر القيمة‬ ‫املقدرة للمال إذا كانت التركة مدينة وإال فيدفع من ماله ما يناسغغب حصغغص بقية الورثة وتصغغدر‬ ‫اﶈكمة قرارها بالتمليك إن لم جتد في ذلك ضررا بالقاصر (‪. )180‬‬ ‫سغغغادسغغغا – بيع األموال املنقولة في التركة ‪ :‬عند وجود أموال منقولة في التركة تقوم اﶈكمة‬ ‫بالبيع وفق ااجراءات املنصغغوص عليها في قانون التنفيذ (‪ .)181‬ثم تقوم اﶈكمة بتصغغفية التركة‬ ‫وعلى الوجه التالي ‪:‬‬ ‫‪ -1‬إيفاء ديون الدائنني الذين أثبتوا ديونهم ‪.‬‬ ‫‪ -2‬تسليم الورثة الكبار ما يستحقونه حسب حصصهم‪.‬‬ ‫‪ -4‬تسليم حصة القاصر إذا كانت زهيدة إلى من يقوم مقامه بناء على طلبه انفاقها على القاصر ‪.‬‬ ‫‪-0‬اتخاذ ما يلزم ادارة عقار القاصغغر أو حصغغته منه واسغغتثمار أمواله األخرى وفق أحكام هذا القانون‬ ‫(‪. )182‬‬ ‫أما القوانني املقارنة فقد نص قانون مدونة األسغغرة املغربي على وجوب ااخبار وعمل رسغغم عدة‬ ‫الورثة؛ فقد نصت املادة (‪ )211‬على أنه (في حالة وجود ورثة قاصرين للمتوفى أو وفاة املوصى أو املقدم‬ ‫يتعني على ال سلﻄات اادارية اﶈلية واألقارب الذين كان يعيش معهم إبالغ القا ضي املكلف ب شؤون‬ ‫(‪ )179‬وجه البعض انتقادا للمشغغرع العر اقي من حيث التعبير الذي اسغغتخدمه في املادة (‪ ) 99‬من قانون رعاية القاصغغرين وهو‬ ‫( سندات قابلة للتنفيذ )في حني ان التعبير امل ستخدم في قانون التنفيذ املرقم ‪ 09‬ل سنة ‪( 1514‬االحكام واﶈررات القابلة‬ ‫للتنفيذ )‪ ،‬د‪ .‬عصمت عبد اﺠﻤﻟيد بكر ‪،‬احكام رعاية القاصرين ‪ ،‬مصدر سابق ‪ ،‬ص ‪119‬‬ ‫(‪ )180‬ينظر(الفقرة الثانية ‪ /‬املادة ‪) 91‬من قانون رعاية القاصرين العراقي‪.‬‬ ‫(‪ )181‬ينظر املادة (‪)95‬من قانون رعاية القاصرين العراقي‪.‬‬ ‫(‪ )182‬ينظر املادة (‪ )14‬من قانون رعاية القاصرين العراقي‪.‬‬ ‫‪128‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬اميان يوسف نوري‬

‫الغغغقغغغاصغغغغغريغغغن بغغغواقغغغعغغغة الغغغوفغغغاة خغغغالل فغغغتغغغرة التغغغتغغغعغغغدى ثغغغمغغغانغغغيغغغة‬ ‫أيام ويقع نفس االلتزام على النيابة العامة من تاريخ العلم بالوفاة) ون صت املادة (‪ )219‬على أنه (يأمر‬ ‫الغغقغغاضغغغغي املغغكغغلغغف بشغغغغؤون الغغقغغاصغغغغريغغن بغغإقغغامغغة رسغغغغم عغغدة الغغورثغغة وبغغكغغل‬ ‫إجراء يراه مناسبا للمحافظة على حقوق ومصالح القاصرين املالية والشخصية )‪.‬‬ ‫وكذلك قانون الوالية على أموال القاصغغرين القطري حيث نصغغت املادة (‪ )04‬على أنه (إذا كانت‬ ‫التركة أو بعض أعيانها في شركة جتارية أو عقارات ا ستثمارية واتفق الرا شدون من الورثة على عدم‬ ‫قسغغمة التركة فللقاضغغي أن يأذن باسغغتمرار نصغغيب القاصغغر مشغغاعا في التركة إذا كان في ذلك‬ ‫مصغغلحة للقاصغغر‪ ،‬وعلى الوصغغي اجملتار أن يلتزم بالواجبات املنصغغوص عليها في املادة (‪ )24‬من هذا‬ ‫القانون ‪ ).‬أما القانون املدني الكويتي وعلى الرغم من عدم معاجلته لهذا املو ضوع إال أن قانون الهيئة‬ ‫العامة لشؤون القصر الكويتي(‪ )183‬أوضح بأنه على الورثة البالغني والشركاء في األموال أن يخطروا‬ ‫صغر أو حمل مسغغتكن ‪ ،‬وبانفصغغال هذا‬ ‫مختار املنطقة خالل أسغغبوع بوفاة كل شغغخص توفي عن ق ُ ح‬ ‫(‪)184‬‬ ‫احلمل‪ ،‬وبوفاة الولي أو الوصغغي اجملتار أو بغياب أيهما‪ ،‬وعلى مختار املنطقة أن يبلغ ذلك للهيئة‪.‬‬ ‫أما قانون األحوال الشخصية السوداني وقانون الوالية على املال املصري فلم يعاجلا احلاالت أعاله‪.‬‬ ‫ونرى أن األجراءات التي جاء بها امل شرع العراقي في قانون رعاية القا صرين من شأنها احلفاظ‬ ‫على حقوق الصغير‪.‬‬ ‫املطلب الثاني‬ ‫اﶈافظة على أموال الصغير‬ ‫أوضغغح املشغغرع العراقي أسغغاليب من شغغأنها اﶈافظة على أموال الصغغغير من خالل إدارتها‬ ‫واستثمارها‪ ،‬ولغرض توضيحها سنقسم املطلب إلى الفرعني التاليني‪:‬‬ ‫الفرع األول –إدارة أموال الصغير‬ ‫الفرع الثاني – استثمار أموال الصغير‬ ‫الفرع األول‬ ‫إدارة أموال الصغير‬ ‫تتولى دائرة رعاية القاصغغرين تثبيت ما لكل قاصغغر من عقارات ومنقوالت خالل مدة القصغغر‬ ‫سغغواء عند قيامها باادارة أو لغرض إشغغرافها على من يقوم بذلك ‪ ،‬كما أنها تتولى أعمال اادارة‬ ‫املعتادة تبعا للتعليمات التي ي صدرها مجلس رعاية القا صرين إذا لم يكن للقا صر ولي أو و صي أو‬ ‫قيم (‪. )185‬‬ ‫(‪ )183‬املرقم(‪ )19‬لسنة ‪. 1514‬‬ ‫صغغر مبجرد ورود البالغات املنصغغوص عليها في املادة السغغابقة باتخاذ‬ ‫(‪ )184‬ينظر املادة (‪ .)14‬تقوم الهيئة العامة لشغغئون القُ ح‬ ‫ص غر وحصغغر أموالهم الثابتة واملنقولة وجميع ما لهم من حقوق وما عليهم‬ ‫ااجراءات الالزمة للمحافظة على حقوق القُ ح‬ ‫من التزامات ‪ ،‬ينظر املادة (‪.)10‬‬ ‫(‪ )185‬ينظر الفقرة (اوال و ثالثا من املادة ‪ )04‬من قانون رعاية القاصرين العراقي ‪.‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪129‬‬


‫حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة‬

‫نظم قانون رعاية القا صرين كل ما يتعلق بإدارة أموال ال صغير بالن سبة للولي أو الو صي أو القيم‬ ‫والتي نوضحها على النحو اآلتي ‪:‬‬ ‫أوال‪ -‬فرض القانون اﶈافظة على أموال القاصغغر وأوجب على من يتولى أمره القيام بأعمال اادارة‬ ‫املعتادة على أن يبذل في كل ذلك ما يطلب من الوكيل املأجور بذله وفقا ألحكام القانون املدني(‪.)186‬‬ ‫ثانيا‪ -‬من حيث نفقة الصغير‪ ،‬بني القانون ما يلي ‪:‬‬ ‫‪ -1‬للولي أو الوصي أو القيم تسلم الراتب التقاعدي للقاصر مع اجملصصات وااضافات مبوجب قانون‬ ‫التقاعد ومبا اليزيد عن املبلغ الذي يحدده مجلس رعاية القاصغغرين ومازاد عن احلد يودع في مديرية‬ ‫رعاية القاصرين الستثماره وفق القانون(‪.)187‬‬ ‫‪ -2‬للولي أو الوصغغي أو القيم أو من يتولى رعاية الصغغغير أن يتسغغلم من مديرية رعاية القاصغغرين‬ ‫النفقة الشهرية التي تقدرها اﶈكمة للصغير (‪. )188‬‬ ‫‪ -4‬على الولي أو الوصغغي أو القيم إيداع ما زاد على نفقة الصغغغير وما يزيد عما أذن له بصغغرفه من‬ ‫النقود في صندوق أموال القاصرين خالل عشرة أيام من استالمه املبلغ‪ )189(.‬بااضافة إلى ذلك فقد م‬ ‫إنشاء صندوق للعناية بالقاصرين له ذمة مالية مستقلة ميول مما يخصصه مجلس رعاية القاصرين‬ ‫من ريع املبالغ املودعة في صندوق أموال القا صرين ‪،‬و‪ %94‬من صافي ما يرد لﻺدارات اﶈلية من أموال‬ ‫عن تركات من ال وارث له وفق قانون األحوال ال شخ صية‪ ،‬ومايخ صص لل صندوق من امليزانية العامة‬ ‫للدولة ‪ ،‬وأخيرا املنح واملساعدات الواردة للصندوق(‪.)190‬‬ ‫وأوضحت املادة (‪ )29‬مهام الصندوق‪ ،‬والتي نوضحها على النحو اآلتي‪:‬‬ ‫‪ -1‬تخصيص نفقة شهرية للصغير الذي تتولى دائرة رعاية القاصرين رعايته ونفد ماله أو أصبح ما‬ ‫عنده من مال ال يفي حاجته وال يوجد من يتولى اانفاق عليه وحلني بلوغه سن الرشد‪.‬‬ ‫‪ -2‬دفع إعانة مقطوعة للصغير املشمول بالفقرة أعاله لسد حاجة ضرورية طارئة(‪.)191‬‬ ‫ثالثا – من حيث إدارة وتعمير أموال الصغير والتصرف فيها‪:‬‬

‫(‪ )186‬ينظر املادة (‪ )01‬من قانون رعاية القاصرين العراقي‪.‬‬ ‫(‪ )187‬ينظر املادة (‪ )00‬من قانون رعاية القاصرين العراقي ‪.‬‬ ‫(‪ )188‬ينظر (الفقرة اوال من املادة ‪ 09‬من قانون رعاية القاصرين العراقي) كما اوضحت الفقرة ثانيا ان ملدير عام دائرة القاصرين ان‬ ‫يأذن بصغغرف نفقة ثالثة اشغغهر مقدما بناء على طلب حتريري وسغغبب يقدمه الولي او الوصغغي او القيم او من يتولى رعاية‬ ‫ال صغير‪.‬واذا حدثت امور غير اعتيادية كمرض ال صغير او سفره الغراض الدرا سة او غيرها فيجوز ملن يقوم مقام ال صغير‬ ‫صرف املبالغ الالزمة لذلك وفق التعليمات التي يصدرها مجلس رعاية القاصرين (ينظر املادة ‪.) 01‬‬ ‫(‪ )189‬ينظر الفقرة اوال ‪ /‬م ‪ 01‬من قانون رعاية القاصغغغرين العراقي)‪.‬كما بينت الفقرة ثانيا اذا لم يتم االيداع خالل املدة اﶈددة‬ ‫فعلى ﳉنة اﶈاسغغبة الزام الولي او الوصغغي بدفع احلد االعلى للفائدة القانونية عن املبلغ الواجب دفعه وقرار اللجنة قابال‬ ‫للتنفيذ وفق احكام قانون التنفيذ‪.‬‬ ‫(‪ )190‬ينظر املادة (‪ )20‬من قانون رعاية القاصرين العراقي‪.‬‬ ‫(‪ )191‬مع مالحظة ان تلك النفقات واالعانات الت صرف اال بعد موافقة مجلس رعاية القا صرين ‪ ،‬ويجوز للمجلس ان يخول املدير‬ ‫العام صالحياته‪.‬‬ ‫‪130‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬اميان يوسف نوري‬

‫‪ -1‬للولي أو الوصغغي أو القيم أن ينفق بغير إذن من مديرية رعاية القاصغغرين على تعمير وإدامة مال‬ ‫ال صغير في األمور امل ستعجلة وال ضرورية مبا اليزيد على ‪ %14‬من الوارد ال سنوي لكل عقار‪ ،‬وملديرية‬ ‫رعاية القاصغغرين أن تأذن بالصغغرف بحدود ‪ %94‬من الوارد املذكور وأما ما زاد على ذلك فيكون مبوافقة‬ ‫املدير العام لدائرة رعاية القاصرين(‪. )192‬‬ ‫(‪)193‬‬ ‫‪ -2‬يؤجر عقار الصغير اخلالي من الشواغل وفق التعليمات التي يصدرها مجلس رعاية القاصرين‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ -4‬للولي أو الو صي مبوافقة مديرية رعاية القا صرين أن يقوم بإن شاء بناء على عقار عائد للصغير أو‬ ‫له حصة فيه إذا حتققت مصلحة الصغير(‪.)194‬‬ ‫‪ -0‬اليباع عقار الصغير إال مبوافقة مديرية رعاية القاصرين وتوافر أحد األسباب التالية ‪:‬‬ ‫ا‪ -‬عدم وجود مال آخر لنفقة الصغير ‪.‬ب‪ -‬وجود أحكام واجبة التنفيذ صادرة مببلغ معني على الصغير‬ ‫أو على التركة وال يوجد مال آخر ايفائه ‪.‬ج‪ -‬وجود ح صص م شاعة لل صغير التدر له إيرادا منا سبا‬ ‫ميكن االنتفاع به(‪. )195‬‬ ‫‪ -9‬ال يجوز شراء عقار للصغير من أمواله إال مبوافقة مديرية رعاية القاصرين في إحدى احلاالت اآلتية‬ ‫ا‪ -‬إذا كان الصغير ميلك حصصا مشاعة في عقار جرى بيعه عن طريق إزالة الشيوع وكان في شرائه‬ ‫منفعة له‪ .‬ب‪ -‬إذا اقت ضت احلاجة تأمني سكن له‪ .‬ج‪ -‬إذا كان العقار مو ضوعا باملزايدة لتح صيل دين‬ ‫على الصغير ولم يجر الضم عليه أو لم يبلغ الضم املبلغ الكافي ايفاء الدين على أن ال يتجاوز بدل‬ ‫الشراء ‪ %14‬من قيمته(‪. )196‬‬ ‫كما أجاز القانون ﺠﻤﻟلس رعاية القاصغغرين إصغغدار التعليمات اخلاصغغة بكيفية قيام مديريات‬ ‫رعاية القا صرين بأعمالها في إدارة أموال ال صغير(‪ ، )197‬وللمجلس أن يقرر ا ستقطاع ن سبة ال تتجاوز‬ ‫‪ %4‬من صغغافي عائد اسغغتثمار أموال الصغغغير املدارة من قبل مديريات رعاية القاصغغرين يسغغجل في‬ ‫احلساب املستقل لدائرة رعاية القاصرين (‪. )198‬‬

‫(‪ )192‬ينظر املادة (‪ )09‬من قانون رعاية القاصرين العراقي‪.‬‬ ‫(‪ )193‬ينظر املادة (‪ )05‬من قانون رعاية القاصرين العراقي‪.‬واذا تولت دائرة رعاية القاصرين القيام باعمالها في ادارة اموال الصغير‬ ‫خصوصا املتعلقة بايجا ر العقار وتعميره وصرف ما يقتضي عندها تتبع التعليمات الصادرة عن مجلس رعاية القاصرين‬ ‫(ينظر املادة‪.)91‬‬ ‫(‪ )194‬ينظر املادة (‪ )90‬من قانون رعاية القاصرين العراقي‪.‬‬ ‫(‪ )195‬ينظر الفقرة اوال ‪ /‬من املادة ‪ 99‬من قانون رعاية القاصرين العراقي) كما بينت املادة نفسها في الفقرة الثانية انه ملدير عام‬ ‫دائرة القاصرين في غير احلاالت املذكورة ان يوافق على بيع العقار للصغير اذا حتقق وجود مصلحة ظاهرة ونفع كبير له ‪.‬‬ ‫(‪ )196‬ينظر الفقرة اوال‪ /‬من املادة ‪ 91‬من قانون رعاية القاصغغغرين العراقي)‪ ،‬كما اجازت الفقرة ثانيا من نفس املادة انه ملدير عام‬ ‫دائرة القاصرين في غير احلاالت املذكورة ان يوافق على شراء العقار للصغير وتشييد ابنية له اذا حتقق له في ذلك مصلحة‬ ‫ظاهرة ‪.‬‬ ‫(‪ )197‬ينظر املادة (‪ )91‬من قانون رعاية القاصرين العراقي‪.‬‬ ‫(‪ )198‬ينظر( الفقرة اوال من املادة ‪ 92‬من قانون رعاية القاصغغرين العراقي)كما بينت الفقرة ثانيا عند قيام رعاية القاصغغرين بادارة‬ ‫االموال ال شائعة تتقا ضى من صافي عائد ح صة غير امل شمولني برعايتها ن سبة التزيد ‪ %9‬وفق ما يقدره مجلس رعاية‬ ‫القاصرين ويسجل في احلساب املستقل ‪.‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪131‬‬


‫حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة‬

‫أما بالنسبة إلى القوانني املقارنة فقد ذكر قانون الوالية على املال املصري أن الولي يقوم على‬ ‫رعاية أموال القاصغغر وله إدارتها ووالية التصغغرف فيها مع مراعاة األحكام املقررة بهذا القانون(‪.)199‬‬ ‫وعليه أن يحرر قائمة مبا يكون للقاصغغر من مال أو ما يؤول إليه‪ ،‬وأن يودع هذه القائمة قلم كاتب‬ ‫اﶈكمة التي يقع بدائرتها موطنه في مدى شهرين من بدء الواليه أو من أيلولة هذا املال إلى الصغير‪،‬‬ ‫ويجوز للمحك مة اعت بار عدم تقدل هذه القائ مة أو التاخير في تقدميها تعريضغغغا ملال القاصغغر‬ ‫للخطر(‪ .)200‬أما بالنسغغبة للنفقة فإن للولي أن ينفق على نفسغغه من مال الصغغغير إذا كانت نفقته‬ ‫واجبة عليه‪ ،‬وله كذلك أن ينفق منه على من يجب على الصغير نفقته(‪ .)201‬أما الوصي فإنه يتسلم‬ ‫أموال القاصغغر ويقوم على رعايتها وعليه أن يبذل في ذلك من العناية ما يطلب من الوكيل املأجور‬ ‫وفقا ألحكام القانون املدنى(‪ ،)202‬وللمحكمة أن تلزم الوصغغى بتقدل تأمينات بالقيمة التى تراها‪،‬‬ ‫وتكون مصروفات تقدل هذه التأمينات على حساب القاصر(‪.)203‬‬ ‫وبالنسغغبة إلى قسغغمة املال فإنه يتوجب على الوصغغى أن يسغغتأذن اﶈكمة في قسغغمة مال‬ ‫القا صر بالترا ضى إذا كانت له م صلحة في ذلك ‪ ،‬فإذا أذنت اﶈكمة عينت األ سس التى ﲡرى عليها‬ ‫الق سمة واﻹجراءات الواجبة االتباع‪ ،‬وعلى الو صي أن يعرض على اﶈكمة عقد الق سمة للتﺜبت من‬ ‫عدالتها وللمحكمة في جميع األحوال ان تقرر اتخاذ إجراءات القسمة القضائية(‪. )204‬‬ ‫وإذا رفعت دعوى على القاصغغر أو اﶈجور عليه أو الغائب من وارث آخر جاز للمحكمة بناء على‬ ‫طلب من ينوب عنه أو بناء على طلب النيابة العامة أن توقف الق سمة مدة ال تتجاوز خمس سنوات‬ ‫إذا ثبت لها أن في التعجيل بها ضررا جسيما(‪ .)205‬أما واجبات الوصي فعليه أن يعرض على اﶈكمة ‪-‬‬ ‫بغير تأخير‪ -‬ما يرفع على القا صر من دعاوى وما يتخذ قبله من إجراءات التنفيذ وأن يتبع في شانها‬ ‫ما تأمر به اﶈكمة(‪ . )206‬وعلى الوصي أن يودع باسم القاصر في إحدى خزائن اﶈكمة أو أحد املصارف‬ ‫حسبما تشير به اﶈكمة‪ -‬كل ما يحصله من نقود‪ ،‬بعد استبعاد النفقة املقررة واملبلغ الذي تقدره‬‫اﶈكمة إجماليا حلساب مصروفات اﻹدارة‪ ،‬وذلك خالل خمسة عشر يوما من تاريخ تسلمه ‪ ،‬وال يجوز‬ ‫أن يسغغحب شغغيئا من املال املودع إال بإذن من اﶈكمة(‪ . )207‬وعلى الوصغغي أن يودع باسغغم القاصغغر في‬ ‫امل صرف الذي ت شير به اﶈكمة ما ترى أنه الزم إيداعه من أوراق مالية ومجوهرات وم صوغات وغيرها‪،‬‬ ‫وذلك خالل خمسغغة عشغغرة يوما من تاريخ تسغغلمها‪ ،‬وليس له ان يسغغحب شغغيئا منها بغير إذن‬ ‫اﶈكمة(‪ ،)208‬وعلى الوصغغي أن يقدم حسغغابا مؤيدا مبسغغتندات عن إدارته قبل أول يناير من كل سغغنة‬ ‫ويعفي الوصي عند تقدميه احلساب السنوي إذا كانت أموال القا صر ال تزيد على خمسمائة جنيه ما‬ ‫(‪ )199‬ينظر املادة (‪ )0‬من قانون الوالية على املال املصري ‪.‬‬ ‫(‪ )200‬ينظر املادة (‪ )11‬من قانون الوالية على املال املصري‪.‬‬ ‫(‪ )201‬ينظر املادة (‪ ) 19‬من قانون الوالية على املال املصري‪.‬‬ ‫(‪ )202‬ينظر املادة (‪ )41‬من قانون الوالية على املال املصري‪.‬‬ ‫(‪ )203‬ينظر املادة (‪ )49‬من قانون الوالية على املال املصري‪.‬‬ ‫(‪ )204‬ينظر املادة (‪ )04‬من قانون الوالية على املال املصري‪.‬‬ ‫(‪ )205‬ينظر املادة (‪ )01‬من قانون الوالية على املال املصري‪.‬‬ ‫(‪ )206‬ينظر املادة (‪ )02‬من قانون الوالية على املال املصري‬ ‫(‪ )207‬ينظر املادة (‪ )04‬من قانون الوالية على املال املصري‪.‬‬ ‫(‪ )208‬ينظر املادة (‪ )00‬من قانون الوالية على املال املصري‪.‬‬ ‫‪132‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬اميان يوسف نوري‬

‫لم تر اﶈكمة غير ذلك‪ .‬وفي جميع األحوال يجب على الوصغغي إن اسغغتبدل به غيره أن يقدم حسغغابا‬ ‫خالل ثالثني يوما من تاريخ انتهاء وصايتة(‪.)209‬‬ ‫أما بالنسبة إلى قانون األحوال الشخصية السوداني ‪ ،‬فقد ذكر أن الوالية على أموال القاصر‬ ‫تشمل جميع النواحي حفظا وتصرفا واستثمارا(‪ ،)210‬وأوجب على الوصي إدارة أموال القاصر ورعايتها‬ ‫وأن يبذل في ذلك من العناية ما يبذله في إدارة أموال أوالده‪ )211(،‬وتخضغغع تصغغرفات الوصغغي لرقابة‬ ‫القاضغغي اجملتص‪ )212(،‬ويلزم الوصغغي بتقدل حسغغابات دورية عن تصغغرفاته في إدارة أموال القاصغغر‬ ‫بالكيفية التي يحددها القاضي اجملتص(‪.)213‬‬ ‫أما القانون املدني الكويتي فإنه أوضغغح حدود تصغغرفات الولي أو الوصغغي(‪ )214‬ومنها يتضغغح‬ ‫كيفية إدارة أموال الصغير‪.‬‬ ‫وبالنسغغبة إلى قانون الوالية على أموال القاصغغرين القطري فإن القاضغغي يأذن للوصغغي اجملتار‪،‬‬ ‫ببيع عقار القاصغغر إذا ثبت لديه ما يلي‪ -1 :‬كون الضغغرورة أو املصغغلحة تدعو لذلك‪ -2 .‬أن هذا العقار‬ ‫أولى بالبيع من غيره‪ -4 .‬أن البيع بثمن حال وال يوجد ثمن أعلى منه‪ ،‬ويصغغدر القاضغغي ااذن بعد أخذ‬ ‫رأي الهيئة‪ )215(.‬وللقاضي أن يأذن للوصي اجملتار بشراء عقار للقاصر إذا ثبت لديه أن شراء ذلك العقار‬ ‫فيه مصلحة للقاصر ويصدر القاضي ااذن بعد أخذ رأي الهيئة(‪.)216‬‬ ‫أما قانون مدونة األسغغرة املغربي فقد أكد على ضغغرورة قيام الوصغغي أو املقدم بإحصغغاء مال‬ ‫اﶈجور مع تقدميه مالحظات على ااحصاء واقتراح مبلغ النفقة السنوية للمحجور وملن ﲡب نفقته‬ ‫عليه ومقترحاته بااجراءات املسغغتعجلة الواجب اتخاذها للمحافظة على مال اﶈجور واملقترحات‬ ‫املتعلقة بإدارة اموال اﶈجور واملداخيل الشهرية أو السنوية ألموال اﶈجور(‪ ،)217‬وعلى الوصي أو املقدم‬ ‫أن يسجل كل التصرفات التي يقوم بها باسم اﶈجور مع تاريخها(‪.)218‬‬ ‫يالحظ مما سبق أن امل شرع العراقي في قانون رعاية القا صرين فرض على الولي أو الو صي أو القيم‬ ‫إلزاما بإيداع كل املبالغ الزائدة في مديرية رعاية القا صرين ‪ ،‬ولم جند في القوانني املقارنة هذا ااجراء‪،‬‬

‫(‪ )209‬ينظر املادة (‪ )09‬من قانون الوالية على املال املصري‪.‬‬ ‫(‪ )210‬ينظر املادة (‪)241‬من قانون االحوال الشخصية السوداني‪.‬‬ ‫(‪ )211‬ينظر املادة (‪ )205‬من قانون االحوال الشخصية السوداني‪.‬‬ ‫(‪ )212‬ينظر املادة (‪ )294‬من قانون االحوال الشخصية السوداني‪.‬‬ ‫(‪ )213‬ينظر املادة (‪ )291‬من قانون االحوال الشخصية السوداني‪.‬‬ ‫(‪ )214‬ينظر مبحث سلطات النائب عن الصغير من هذا البحث ‪.‬‬ ‫(‪ )215‬ينظر املادة (‪ )01‬من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري‪.‬‬ ‫(‪ )216‬ينظر املادة (‪ ) )02‬من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري‪.‬‬ ‫(‪ )217‬ينظر املادة (‪ )205‬من قانون مدونة االسرة املغربي‪.‬يحفظ ملف االحصاء ومرفقاته مبلف النيابة الشرعية ‪ ،‬ولكل من النيابة‬ ‫والنائب ال شرعي ومجلس العائلة او ع ضو او اكثر من االقارب عند االنتهاء من االح صاء تقدل مالحظاتهم الى القا ضي‬ ‫املكلف ب شؤون القا صرين حول تقدير النفقة واختيار ال سبل التي حتقق ح سن تكوينه وتوجيه التربوي وادارة امواله‪.‬واكد‬ ‫القانون القيام باالح صاء النهائي بامر من القا ضي ‪ ،‬واذا ظهر مال لم ي شمله االح صاء اعد الو صي او املقدم ملحقا به‬ ‫يضاف الى االحصاء االول (ينظر املواد من (‪294‬الى‪ 292‬و‪ )290‬من قانون مدونة االسرة املغربي‪.‬‬ ‫(‪ )218‬ينظر املادة (‪ )294‬من قانون مدونة االسرة املغربي‪.‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪133‬‬


‫حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة‬

‫وإمنا على العكس جعلت األموال حتت إدارة الولي أو الوصي تبعا لسلطاتهم‪ ،‬ووجود مراقبة من حيث‬ ‫تقدل قائمة إلى اﶈكمة في فترات محددة أو تقدل تأمينات‪.‬‬ ‫إذن ميكن القول بأن إدارة أموال الصغير في القانون العراقي تكاد تكون معدومة على اعتبار أن تلك‬ ‫األموال مودعة في مديرية رعاية القاصغغرين‪ ،‬األمر الذي ينعكس سغغلبا على مصغغلحة الصغغغير‪ ،‬مما‬ ‫يعني أن املشغغرع أخل بأحد أسغغس قانون رعاية القاصغغرين(‪ .)219‬وهذا األمر يتطلب إعادة النظر بتلك‬ ‫األحكام وإعطاء سلطات للولي أو الو صي بإدارة أموال ال صغير عن طريق ت سليم تلك األموال لهم‬ ‫وإدارتها بإشراف جهة مختصة؛ إما رعاية القاصرين أو اﶈكمة بعد أخذ رأي رعاية القاصرين ‪.‬‬ ‫الفرع الثاني‬ ‫استثمار أموال الصغير‬ ‫بني قانون رعاية القا صرين العراقي كيفية ا ستثمار أموال ال صغير وقد ن صت املادة (‪)14‬على‬ ‫أنه (يؤسغغس في دائرة رعاية القاصغغرين صغغندوق باسغغم صغغندوق أموال القاصغغرين السغغتثمار أموال‬ ‫القا صرين وفق أحكام هذا القانون وتكون له شخ صية معنوية وذمة مالية م ستقلة تؤهله متلك‬ ‫األموال املنقولة وغير املنقولة ‪)...‬‬ ‫ويتم ا ستثمار املبالغ املودعة ب صورة موحدة كودائع ثابتة بامل صارف بالفائدة التي يتفق عليها‬ ‫مع املصغغارف مالم يتقرر اسغغتثمارها في األغراض األخرى املنصغغوص عليها في هذا القانون‪ ،‬ولدائرة‬ ‫رعاية القاصغغرين بقرار من مجلس رعاية القاصغغرين اسغغتثمار املبالغ املودعة في صغغندوق أموال‬ ‫القا صرين في ال سندات احلكومية وحواالت اخلزينة وفي متلك العقارات وت سجيلها با سم صندوق‬ ‫أموال القاصغغرين على أن التتجاوز املبالغ املسغغتثمرة لهذا الغرض ‪ %94‬من مجموع الودائع الثابتة‬ ‫للصندوق(‪.)220‬‬ ‫إن إيداع املبالغ العائدة للقاصرين كودائع ثابتة ومبرور الوقت أدى ‪-‬واحلالة هذه‪ -‬إلى فقد قيمتها‬ ‫الشرائية وااضرار بشكل كبير بالصغير حيث لم تؤخذ مؤشرات التضخم بنظر االعتبار األمر الذي‬ ‫أدى إلى فقد قيمتها ال شرائية‪ ،‬وهذا يعني أن الهدف الذي من أجله شرع قانون رعاية القا صرين؛ أال‬ ‫وهو حماية أموال الصغغغير والعمل على تنميتها واسغغتثمارها لم يتحقق بل على العكس‪ .‬واجلهود‬ ‫اآلن تسير بصدد حل مشكلة األموال املودعة في البنوك‪ ،‬األمر الذي دعا مجلس رعاية القاصرين إلى‬ ‫املوافقة على جعل ودائع القاصغغرين ودائع أهلية وليس ثابتة وبنسغغبة تصغغل الى ‪ %9.9‬بعد أن كانت‬ ‫تعد ض غمن الودائع احلكومية التي حتتسغغب فوائدها بنسغغبة ‪ .%2.9‬ومن األسغغباب التي دعت مجلس‬ ‫رعاية القا صرين إلى إ صدار تلك املوافقة ضمان اال ستثمار األمثل لهذه األموال وبعيدا عن امل ضاربة‬ ‫واخل سارة(‪ ،)221‬كذلك اقتراح ال سيد وزير العدل في نهاية عام ‪ 2412‬ا ب شراء سبائك ذهب للقا صرين‬ ‫لكل من يرغب بال شراء حلني بلوغ الصغير سن الر شد‪ ،‬وقيام دائرة رعاية القا صرين وبعد سنة ‪2412‬‬ ‫‪ )1‬نصت املادة (‪ )2‬على انه( سادسا‪ -‬اﶈافظة على اموال القاصرين واستثمارها مبا يحقق منافع اكثر لهم ويتالءم مع خطط التنمية القومية )‪.‬‬

‫(‪ )220‬ينظر املادة (‪ )11‬من قانون رعاية اموال القاصرين العراقي‪.‬‬ ‫(‪ ) .)221‬ينظر عبد الرضغغا املالكي ‪ ،‬اسغغتثمار اموال رعاية القاصغغرين واملردودات املالية الربحية ‪ ،‬مقال منشغغور في جريدة البينة متاح على املوقع ‪www.al-‬‬ ‫‪bayyna.com‬‬

‫‪134‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬اميان يوسف نوري‬

‫بشغغراء عقارات في بعﺾ اﶈافظات‪ ،‬وكذلك االشغغتراك في املزايدات التي يﻄرحها البنك املركزي‬ ‫العراقي(‪ ،)222‬باا ضافة إلى أن البرملان العراقي‪ ،‬وب صدد مناق شة تعديل قانون رعاية القا صرين‪ ،‬ناقش‬ ‫مشكلة املبالغ املودعة بالقاصرين وكيفية احتسابها ال سيما املبالغ التي فقدت قيمتها (‪. )223‬‬ ‫أما بالنسغغبة إلى القوانني املقارنة فقد بني قانون الهيئة العامة لشغغؤون القصغغر الكويتي أن‬ ‫أحكامه ت سري على القُ حصر من الكويتيني الذين ال ولي وال و صي لهم وعلى احلمل امل ستكن الذي ال‬ ‫و صي له والقوامة على ناق صي األهلية وفاقديها واملفقودين والغائبني من الكويتيني الذين لم تعني‬ ‫اﶈكمة قيما ادارة أموالهم ‪ ،‬وااشغغراف على تصغغرفات األوصغغياء والقوامة آلخرين إذا عهدت إليها‬ ‫اﶈكمة بذلك ‪ ،‬وإدارة أموال األثالث التي يوصى بها على يدها أو التي تعني عليها(‪ .)224‬ونصت املادة (‪)9‬‬ ‫منه على أنه (ال يجوز للهيئة مباشرة التصرفات اآلتية إال بإذن مجلس اادارة‪:‬‬ ‫أ‪ -‬الت صرف في العقار متى كان الت صرف ناقال للملك أو مرتبا حلق عيني أ صلي أو تبعي أو تغييره أو‬ ‫نقله‪.‬‬ ‫ب‪ -‬الت صرف في املنقوالت أو احلقوق ال شخ صية أو األوراق املالية فيما عدا ما يدخل في أعمال اادارة‬ ‫العادية ‪.‬‬ ‫ج‪ -‬قبول التبرعات املقترنة بشرط أو رفضها‪.‬‬ ‫د‪ -‬استثمار األموال وتصفيتها‪.‬‬ ‫هغ‪ -‬القيام باألعمال التجارية أو الصناعية أو الزراعية أو تصفيتها‪.‬‬ ‫و‪ -‬إجارة العقارات ملدة أكثر من ثالث سنوات أو ملدة متتد إلى ما بعد بلوغ القا صر سن الر شد ألكثر‬ ‫من سنة ‪.‬‬ ‫ز‪ -‬تنفيذ التصرفات التي أبرمها املورث بعد التثبت من أن املورث ملتزم بها ‪.‬‬ ‫ح‪ -‬الوفاء االختياري بااللتزامات التي يثبت أنها على التركة أو على املشمولني برعايتها‪.‬‬ ‫ط‪ -‬تقدير النفقة الالزمة ملن تتولي رعاية شؤونهم وملن عليهم نفقتهم‪.‬‬ ‫ي‪ -‬تقدير ما يصرف في إعداد السكن أو في تزويا من تتولى رعاية شؤونهم ‪.‬‬ ‫ك‪ -‬التنازل عن احلقوق أو التأمينات أو إضعافها‪.‬‬ ‫ل‪ -‬الصلح والتحكيم‪.‬‬ ‫م‪ -‬قسمة أموال القاصر بالتراضي ‪.)......‬‬ ‫وأما بالن سبة إلى اال ستثمار فإنه يتم وفقا ألحكام ال شريعة اا سالمية‪ .‬ويجوز للهيئة بعد‬ ‫إذن مجلس إدارتها أن تقوم با ستثمار ح صة من األموال با سمها‪ ،‬وذلك بن سبة ت سمح بت سليم من‬ ‫تزول صغغفتها عنهم جميع رؤوس أموالهم ‪ ،‬وعلى أن توزع أرباح هذه املشغغروعات على املشغغمولني‬

‫(‪()222‬هذا مااكده السغغغيد مدير عام دائرة رعاية القاصغغغرين في محافظة نينوى االسغغغتاذ فرج يوسغغغف توما عند اجراء مقابلة‬ ‫شخصية معه في ‪2414/2/19‬‬ ‫(‪ )223‬للمزيد من التفصغغيل ينظر محاضغغرجلسغغات اجتماع البرملان العراقي وحتديدا محضغغر جلسغغة رقم (‪ / )0‬اجلزء الثاني في على املوقع‬ ‫االلكتروني‪www.parliment.iq 2011/6/29‬‬ ‫(‪ )224‬ينظر املادة (‪)2‬من قانون هيئة القصر الكويتي‪.‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪135‬‬


‫حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة‬

‫برعايتها بنسغغبة أرصغغدتهم الثابتة بسغغجالتها‪ )225(.‬ويجوز لكل من اﶈكمة اﺨﻤﻟتصغغة ومجلس إدارة‬ ‫الهيئة أن يعهد بإدارة نصغغيب القاصغغر إلى أقربائه أو الشغغركاء في امللك من غير املشغغمولني برعاية‬ ‫الهيئة على أن يلتزموا بتقدل ح ساب سنوي عن ذلك(‪ ،)226‬وﺠﻤﻟلس إدارة الهيئة أن يقرر اقتطاع ن سبة‬ ‫ال تتجاوز (‪ )%9‬من صغغافي عائد اسغغتثمار األموال التي تديرها على أن تخصغغص ملا يعود بالنفع العام‬ ‫على كافة األغراض التي أنشئت من أجلها(‪. )227‬‬ ‫ويالحظ مما سغغبق أن املشغغرع العراقي انتها طريقا لم يرد في القوانني املقارنة وحتى قانون‬ ‫الهيئة العامة ل شؤون الق صر الكويتي‪ .‬وقد أثبت الواقع العملي‪ ،‬وامل شار إليه سابقا‪ ،‬أن ا ستثمار‬ ‫أموال ال صغير عن طريق صندوق أموال القا صرين أثبت ف شله‪ ،‬األمر الذي يتطلب إعادة النظر بتلك‬ ‫األحكام وفسح اﺠﻤﻟال الستثمار أموال الصغير عن طريق الولي أو الوصي بضوابﻂ يحددها القانون‪.‬‬ ‫املطلب الثالث‬ ‫محاسبة األولياء واألوصياء‬ ‫تت شكل في كل مديرية من مديريات رعاية القا صرين لغغغغجنة ﶈا سبة األولياء واألو صياء(‪، )228‬‬ ‫وﲡري اﶈا سبة على ما يت سلمه األولياء واألو صياء من أموال‪ .‬وألجل بيان طريقة اﶈا سبة واﳉزاءات‬ ‫املترتبة على ااخالل‪ ،‬سنقسم املطلب إلى الفرعني اآلتيني‪:‬‬ ‫الفرع األول‪ -‬طريقة اﶈاسبة‬ ‫أو ضح قانون رعاية القا صرين أن على الولي أو الو صي أو القيم أن يقدم احل ساب ال سنوي إلى‬ ‫مديرية رعاية القاصرين خالل مدة أقصاها نهاية شهر كانون الثاني من كل سنة‪ ،‬أو في أي تاريخ آخر‬ ‫يحدده مجلس رعاية القا صرين مع تعزيز الواردات بالوثائق وامل ستندات وامل صروفات التي جرى العرف‬ ‫على إعطاء وصوالت بها(‪ .)229‬وتقوم ﳉنة اﶈاسبة بتدقيق احلسابات التي يقدمها املكلف بإدارة أموال‬ ‫الصغير وتتخذ قرارها بتصديق احلساب أو رفغغغضه وإلزام الولي أو الوصي أو القيم بتسليم املبالغ أو‬ ‫رد األموال الداخلة بذمته(‪. )230‬‬ ‫من املمكن أن يصغغدر مجلس رعاية القاصغغرين التعليمات حول السغغجالت التي على املكلف‬ ‫مسكها وكيفية إجراء اﶈاسبة وتصديق احلسابات(‪. )231‬‬ ‫الفرع الثاني‪ -‬جزاءات إخالل الولي أو الوصي‬ ‫بني قانون رعاية القاصرين جزاءات متنوعة‪ ،‬وميكن أن نوضحها على النحو اآلتي ‪:‬‬

‫(‪ )225‬بنظر املادة (‪ )11‬من قانون هيئة القصر الكويتي‪..‬‬ ‫(‪ )226‬ينظر املادة (‪ )15‬من قانون هيئة القصر الكويتي‪..‬‬ ‫(‪ )227‬ينظر املادة (‪ )22‬من قانون هيئة القصر الكويتي‪..‬‬ ‫(‪ )228‬ينظر املادة (‪ )19‬من قانون رعاية القاصرين العراقي‪.‬‬ ‫(‪ )229‬ينظر املادة (‪ )11‬من قانون رعاية القاصرين العراقي ‪.‬‬ ‫(‪ )230‬ينظر( الفقرة اوال‪ /‬من املادة ‪ )11‬من قانون رعاية القاصرين العراقي‪.‬‬ ‫(‪ )231‬ينظر املادة (‪ )15‬من قانون رعاية القاصرين العراقي‪.‬‬ ‫‪136‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬اميان يوسف نوري‬

‫أوال –إذا لم يقدم املكلف احل ساب ال سنوي فعلى مديرية رعاية القا صرين إنذاره بوجوب تقدميه خالل‬ ‫مدة عشرة أيام من تاريخ التبليغ‪ ،‬وإذا لم يقدم ‪-‬رغم اانذار‪ -‬تضع مديرية رعاية القاصرين يدها على‬ ‫األموال وال تعاد إال بعد تقدل احلساب وتصديقه(‪.)232‬‬ ‫ثانيا– عند امتناع املكلف عن تقدل احلسغغغاب السغغنوي ميكن طلب حتريك الدعوى اجلزائية وفقا‬ ‫ألحكام قانون العقوبات أو أي نص عقابي آخر وطلب تضمينه األ ضرار إن وجدت‪ ،‬واا شعار إلى االدعاء‬ ‫العام للمتابعة(‪. )233‬‬ ‫ثالثا – ملديرية رعاية القاصغغرين بناء على توصغغية جلنة اﶈاسغغبة أن تطلب من اﶈكمة اﺨﻤﻟتصغغة عزل‬ ‫الوصي أو القيم إذا حتقق أن مصلحة الصغير تقضي بذلك(‪.)234‬‬ ‫أجاز قانون رعاية القاصغغرين الطعن بقرار جلنة اﶈاسغغبة من قبل املكلف لدى مجلﺲ رعاية‬ ‫القاصغغرين خالل عشغغرة أيام من تاريخ التبلغ به‪ ،‬ويكون القرار الصغغادر باتا قابال للتنفيذ في مديريات‬ ‫التنفيذ وفقا ألحكام قانون التنفيذ(‪.)235‬‬ ‫أما بالنسبة إلى موقف القوانني املقارنة من حيث طريقة اﶈاسبة واجلزاءات‪ ،‬فقد اجته املشرع‬ ‫املغربي إلى إيجاد نوعني من الرقابة؛ النوع األول‪ :‬مراقبة تصرفات الوصي أو املقدم ‪ ،‬حيث أجاز القانون‬ ‫للمحكمة أن جتعل على الو صي أو املقدم م شرفا مهمته مراقبة تصرفاته وإر شاده ملا فيه م صلحة‬ ‫اﶈجور وتبليغ اﶈكمة ما قد يراه من تق صير أو ما يﺨ شاه من إتالف في مال اﶈجور(‪ ،)236‬النوع الثاني‪:‬‬ ‫الرقابة القضغغائية حيث تتولى اﶈكمة رقابة النيابات القانونية‪ ،‬ويقصغغد بها رعاية مصغغالح عدميي‬ ‫األهلية وناقصغغيها واألمر بكل ااجراءات الالزمة للمحافظة عليها وااشغغراف على إدارتها (‪ . )237‬كما‬ ‫أوجب القانون على الو صي أو املقدم أن يقدم إلى القا ضي املكلف ب شؤون القا صرين ح سابا سنويا‬ ‫عن كيفية إدارته ألموال اﶈجور وتنميتها‪ ،‬وعن العناية بتوجيهه وتكوينه‪ ،‬وللمحكمة بعد تقدل‬ ‫التقرير ات ﺨاذ كل ااجراءات التي ترا ها مالئ مة للم حاف ظة على أموال اﶈجور ومصغغغا حله ا ملاد ية‬ ‫واملعنوية(‪ .)238‬وبني القانون اجلزاء املترتب على ااخالل بالتزاماته في إدارة شغغؤون اﶈجور حيث يطبق‬ ‫بح قه أح كام مسغغؤول ية الوك يل بأجر ولو مارس مهم ته با ﺠﻤﻟان‪ ،‬وميكن مسغغغاءل ته ج نائ يا ع ند‬ ‫االقتضاء(‪ )239‬فضال عن إمكانية إعفائه أو عزله (‪. )240‬‬ ‫أما بالنسغغبة إلى قانون الوالية على أموال القاصغغرين القطري فقد أجاز للقاضغغي من تلقاء‬ ‫نفسغغه أو بناءا على طلب الهيئة أو غيرها من ذوي الشغغأن سغغلب الوالية أو احلد منها أو وقفها إذا‬

‫(‪ )232‬ينظر (الفقرة ثالثا من املادة ‪ )11‬من قانون رعاية القاصرين العراقي‬ ‫(‪ )233‬ينظر املادة (‪ )19‬من قانون رعاية القاصرين العراقي‪.‬‬ ‫(‪ )234‬ينظر الفقرة رابعا من املادة (‪ )11‬من قانون رعاية القاصرين العراقي‬ ‫(‪ )235‬ينظر الفقرة اوال من املادة ‪ )11‬من قانون رعاية القاصرين العراقي‪.‬‬ ‫(‪ )236‬ينظر املادة (‪ )201‬من قانون مدونة األسرة املغربي‪.‬‬ ‫(‪ )237‬ينظر( املادة ‪ )219‬من قانون مدونة األسرة املغربي‪..‬‬ ‫(‪ )238‬ينظر املادة (‪ )299‬من قانون مدونة األ سرة املغربي‪..‬وعلى الو صي اال ستجابة لطلب القا ضي في اي وقت لالدالء باي ضاحات‬ ‫عن ادارة اموال اﶈجور او تقدل حساب عنها (ينظر املادة ‪ 291‬من قانون مدونة األسرة املغربي‪).‬‬ ‫(‪ )239‬ينظر املادة (‪ .) 299‬من قانون مدونة االسرة املغربي‪.‬‬ ‫(‪ )240‬ينظر املادة (‪ )294‬من قانون مدونة االسرة املغربي‪.‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪137‬‬


‫حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة‬

‫أصبحت أموال القاصر في خطر بسبب سوء تصرف الولي أو غيبته أو حبسه(‪ )241‬وإذا أخل الوصي‬ ‫بأي من الواجبات املفرو ضة عليه مبقت ضى أحكام هذا القانون أو امتنع دون عذر مقبول عن ت سليم‬ ‫أموال القا صر فإنه يكون ضامنا ل لكل ما يلحق القا صر من ضرر(‪ .)242‬وإذا أ ساء إدارة مال القا صر أو‬ ‫أهمل فيها أو أ صبح في بقائه خطر على م صلحة القا صر فإن ذلك يعد أحد أ سباب عزل الو صي‬ ‫اجملتار(‪ ،)243‬وكل تعهد أو إبراء أو م صاحلة يح صل عليها الو صي من القا صر الذي ر ُ حشد قبل ت صفية‬ ‫احلساب ال تصبح نافذة إال بعد اعتمادها من القاضي(‪. )244‬‬ ‫أما قانون الوالية على املال املصغغري فقد أجاز للمحكمة سغغلب والية الولي أو أن حتد منها إذا‬ ‫أ صبحت أموال القا صر في خطر ب سبب سوء ت صرف الولي أو ألي سبب آخر(‪ ، )245‬كما أن األب ي سال‬ ‫عن خطئه اجل سيم‪ ،‬أما اجلد في سأل م سؤولية الو صي(‪ ، )246‬كما أن أحد أ سباب عزل الو صي إ ساءة‬ ‫اادارة أو ااهمال أوإن أ صبح بقاؤه خطرا على م صلحة القا صر(‪ .)247‬وأجاز القانون تعيني م شرف مع‬ ‫املوصغغي ولو كان مختارا يتولى مهمة املراقبة على النائب عن عدميي األهلية في إدارته وعليه إبالغ‬ ‫اﶈكمة أو النيابة بكل أمر تقتضغغي املصغغلحة رفعه اليهما(‪ ،)248‬كما أن القانون أوقع جزاءات جنائية‬ ‫ومدنية جراء ااخالل بالواجبات املفروضغغغة حيث يحكم عليه بالغرامة وحرمانه من األجرة كلها أو‬ ‫بعضغغها وعزله ويجوز للمحكمة أن متنح القاصغغر هذه الغرامة أو جزءا منها(‪ ، )249‬ويحكم باحلبس‬ ‫والغرامة أو باحدى هاتني العقوبتني على كل وصغغي أو قيم انتهت نيابته إذا كان ‪-‬بقصغغد ااسغغاءة‪-‬‬ ‫امتنع عن ت سليم أموال القا صر أو إدارته‪ ،‬مالم ينص القانون على عقوبة أ شد(‪ ، )250‬أما اجلزاء املدني‬ ‫فيتمثل مبسؤولية النائب عن األضرار التي تلحق بالقاصر ويسأل مسؤولية الوكيل بأجر(‪. )251‬‬ ‫أما القانون املدني الكويتي فقد أجاز للمحكمة بناء على طلب إدارة شغغؤون القصغغر أو أي ذي‬ ‫شان آخر أي ضا تقييد الوالية إذا توافرت أ سباب جدية يخ شى معها ال ضرر على أموال ال صغير من‬ ‫والية األب أو اجلد أو الوصغغي اجملتار (‪ ، )252‬كما بني القانون أنه باامكان أن يتولى املشغغرف الرقابة على‬ ‫تصرفات الوصي‪ ،‬وعليه أن يرفع إلى اﶈكمة كل أمر تقتضي مصلحة القاصر رفعه اليها (‪ .)253‬وأخيرا‬

‫(‪ )241‬ينظر املادة (‪ )10‬من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري‪.‬‬ ‫(‪ )242‬ينظر املادة (‪ )29‬من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري‪.‬‬ ‫(‪ )243‬ينظر (الفقرة ‪ /4‬من املادة ‪ )29‬من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري‪.‬‬ ‫(‪ )244‬ينظر املادة (‪ )44‬من قانون الوالية على اموال القاصرين القطري‪.‬‬ ‫(‪ )245‬ينظر املادة (‪ )24‬من قانون الوالية على املال املصري‪.‬‬ ‫(‪ )246‬ينظر (املادة ‪ ) 20‬من قانون الوالية على املال املصري‪..‬‬ ‫(‪ )247‬ينظر املادة (‪ ) 05‬من قانون الوالية على املال املصري‪..‬‬ ‫(‪ )248‬ينظر املادة (‪14‬و‪.)11‬وعلى النائب اجابة املشرفني الى كل ما يطلبه من ايضاح عن ادارة االموال ‪.‬‬ ‫(‪ )249‬ينظر املادة (‪ )10‬من قانون الوالية على املال املصري‪..‬‬ ‫(‪ )250‬ينظر املادة ‪ )11‬من قانون الوالية على املال املصري‪.‬‬ ‫(‪ )251‬ينظر املادة (‪ )11‬من قانون الوالية على املال املصري‪.‬‬ ‫(‪ )252‬ينظر املادة (‪ )114‬من القانون املدني الكويتي ‪.‬‬ ‫(‪ )253‬ينظر املادة (‪ )120‬من القانون املدني الكويتي‪.‬وعلى الو صي اجابة امل شرف الى كل ما يطلبه من اي ضاح عن ت صرفاته في‬ ‫اموال الصغير ‪ ،‬ينظر املادة (‪ ) 129‬من القانون املدني الكويتي‪.‬‬ ‫‪138‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬اميان يوسف نوري‬

‫ي سأل األب واجلد واألم في مبا شرتهم الوالية عن خطئهم اجل سيم ولو تقا ضوا أجرا‪ ،‬أما غير هؤالء‬ ‫فيسألون مسؤولية الوكيل املاجور ولو كانوا اليتقاضون عن مهامهم أجرا(‪. )254‬‬ ‫القيم أو‬ ‫واعتبر قانون الهيئة العامة ل شؤون الق صر الكويتي أنه إذا غاب الولي أو الو صي أو ح‬ ‫حجر عليه أو أصبحت أموال القاصر أو احلمل املستكن أو اﶈجور عليه في خطر جاز للهيئة العامة‬ ‫ص غر أن تطلب إلى اﶈكمة اجملتصغغة عزله‪ .‬ويجوز بناء على طلب الهيئة أن تعني اﶈكمة‬ ‫لشغغؤون القُ ح‬ ‫حار سا ادارة األموال‪ .‬ومتى ق ضت اﶈكمة بذلك جاز لها تعيني الهيئة لتحل محله‪ ،‬وعلى من صدر‬ ‫احلكم بعزله تسغغليم ما حتت يده من أموال إلى من حل محله مع تقدل حسغغاب مفصغغل عن مدة‬ ‫إدارته خالل ثالثة أشغغهر من تاريخ صغغغدور احلكم‪ ،‬فإذا امتنع عن تقدل هذا احلسغغغاب رفع األمر إلى‬ ‫صغغر وال للعاملني بها أن‬ ‫اﶈكمة(‪ .)255‬كما ال يجوز ألعضغغاء مجلس إدارة الهيئة العامة لشغغؤون القُ ح‬ ‫ي شتروا أو ي ستأجروا ماال من أموال الذين تتولى الهيئة الو صاية أو القوامة عليهم‪ ،‬أو اا شراف على‬ ‫األوصغياء أو القوامة عليهم‪ ،‬وكذلك أموال األثالث التي تتولى إدارتها‪ ،‬فليس لهم أن يبيعوا أو يؤجروا‬ ‫بهذه ال صفة شيئا من أموالهم أو يقاي ضوها بها سواء كان ذلك بطريق مبا شر أو غير مبا شر ولو‬ ‫كان بطريق املزاد العلني‪ ،‬ويقع باطال كل تصرف يتم باجملالفة للفقرة السابقة‪. )256( .‬‬ ‫وأخيرا اﲡه قانون األحوال ال شخ صية ال سوداني إلى إيجاد نوعني من اﶈا سبة؛ األولى‪ :‬اعتبار‬ ‫الت صرف باطال إذا با شره الولي ملوليه ونتا عنه ضرر(‪ ، )257‬والثانية‪ :‬الرقابة الق ضائية التي تخ ضع‬ ‫تصرفات الوصي إلى الرقابة(‪ ،)258‬كما ألزم القانون الوصي بتقدل حسابات دورية عن تصرفاته في إدارة‬ ‫أموال القاصر وبالكيفية التي يحددها القاضي اجملتص(‪. )259‬‬ ‫يالحظ أن اجلزاءات التي نص عليها املشغغرع العراقي وباملقارنة مع سغغلطات الولي أو الوصغغي‬ ‫وآلية إدارة أموال الصغير واستثمارها تتسم بعدم التوافق من جهة ضيق اخلناق على سلطات الولي‬ ‫والو صي من جهة‪ ،‬ومن جهة أورد جزاءات تت سم بالق سوة‪ ،‬وباملقارنة مع اجلزاءات الواردة في القوانني‬ ‫املقارنة جند أنه يوجد تناسق بني صالحيات الولي أو الوصي وقواعد إدارة أموال الصغير واستثمارها‪.‬‬ ‫لذا جند من الضغغروري إ عادة النظر بت لك القوا عد والنص على جزاءات – ب عد إجراء ت عديالت على‬ ‫سلطات الولي والوصي –بضمان األضرار التي تلحق بأموال الصغير‪.‬‬

‫(‪ )254‬ينظر املادة (‪ )101‬من القانون املدني الكويتي‪.‬‬ ‫(‪ )255‬ينظر املادة (‪)19‬من قانون الهيئة العامة لشؤون القصر الكويتي ‪.‬‬ ‫(‪ )256‬ينظر املادة (‪)24‬من قانون الهيئة العامة لشؤون القصر الكويتي‬ ‫(‪ )257‬ينظر املادة (‪ )202‬من قانون االحوال الشخصية السوداني‪.‬‬ ‫(‪ )258‬ينظر املادة( ‪ )294‬من قانون االحوال الشخصية السوداني‪.‬‬ ‫(‪ )259‬ينظر املادة (‪ ) )291‬من قانون االحوال الشخصية السوداني‪.‬‬ ‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪139‬‬


‫حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة‬

‫اخلامتة‬ ‫بعد االنتهاء من كتابة البحث توصلنا إلى النتائا والتوصيات اآلتية ‪:‬‬ ‫أوال – النتائا ‪ ،‬وميكن أن نوضحها على النحو اآلتي ‪:‬‬ ‫‪ -1‬حماية أموال الصغير عبارة عن مجموعة من الوسائل وااجراءات التي تهدف إلى‬ ‫حفظ أموال الصغير و تنميتها واستثمارها إلى حني بلوغه سن الرشد وتسليمه‬ ‫األموال ‪ ،‬وحتقيق النفع للصغير وفسﺢ اﺠﻤﻟال الستثمار أمواله في مشاريع جتارية ‪.‬‬ ‫‪ -2‬اتفق كل من املشرع القطري والسوداني مع املشرع العراقي من حيث استخدامها‬ ‫ملعنى الصغير ومن في حكمه‪ ،‬كذلك اتفق املشرع الكويتي مع املشرع العراقي في‬ ‫القانون املدني من حيث تقسيم مراحل الصغير‪ .‬بينما استعمل املشرع املغربي‬ ‫لفظي الصغير والقاصر للداللة على الصغير وقريب منه املشرع املصري‪.‬‬ ‫‪ -4‬لم يأخذ املشرع العراقي مبا يعرف بترشيد الصغير ‪ ،‬إال أن البعض من القوانني املقارنة‬ ‫أشارت إلى إمكانية ترشيد الصغير كما هو احلال في قانون مدونة األسرة املغربي‬ ‫وقانون الوالية على أموال القاصرين القطري والذي يعني اعتبار الصغير الذي لم يبلغ‬ ‫سن الرشد القانونية كامل األهلية وفق الضوابط التي يحددها القانون ‪.‬‬ ‫‪ -0‬اتفقت القوانني املقارنة مع القانون العراقي في حكم تصرفات الصغير غير املميز‬ ‫واملميز إال فيما يتعلق بالتصرفات الدائرة بني النفع والضرر بالنسبة إلى الصغير‬ ‫املميز‪ ،‬حيث جعلتها قابلة لةبطال‪ ،‬أما القانون املدني العراقي فجعلها تصرفات‬ ‫موقوفة ‪.‬‬ ‫‪ -9‬أجاز املشرع املصري والكويتي للقاصر إدارة أمواله واالجتار بها بحسب الضوابط التي‬ ‫نص عليها القانون ‪ ،‬بااضافة إلى حتديد نطاق تصرف القاصر املتزوج الذي له مال ‪،‬‬ ‫والتفصيل الذي جاء به املشرع املصري لم يرد في القانون العراقي‪.‬‬ ‫‪ -1‬اعتبر قانون رعاية القاصرين العراقي أن ولي الصغير هو األب ثم اﶈكمة‪ ،‬وقد ثار جدل‬ ‫حول موقف املشغغرع العراقي بني مؤيد ومعارض على الترتيب الوارد أعاله من حيث إنه‬ ‫جعل الوالية في نطاق ضغغيق ‪ ،‬وكذلك انتقد الترتيب الوارد في القانون املدني العراقي‬ ‫على أساس أنه لم يفرق بني الوالية والوصاية‪ ،‬وأثار كذلك االختالف في تفسير املقصود‬ ‫من األب الوارد في قانون رعاية القاصغغرين‪ .‬واجتهت القوانني املقارنة ‪-‬عدا املغربي حيث‬ ‫كان موقفه يشابه موقف قانون رعاية القاصرين العراقي ‪-‬إلى ترتيب تسلسل األولياء‬ ‫بشكل مختلف و في اجتاهات اتسمت بني الواسع والضيق‪.‬‬ ‫‪ -9‬عمد املشرع في قانون رعاية القاصرين إلى سلب سلطات الولي املمنوحة له بحسب‬ ‫قواعد القانون املدني‪ .‬بااضافة إلى املساواة في السلطات بني الولي و الوصي و القيم‪،‬‬ ‫في حني أن القوانني املقارنة ميزت بوضغغوح عدا قانون مدونة األسغغرة املغربي – بني‬ ‫سلطات األب واجلد وبني سلطات الولي والوصي‪.‬‬

‫‪140‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬اميان يوسف نوري‬

‫‪ -1‬وصي الصغير وبحسب ما ذهب إليه املشرع العراقي إما مختار أو منصوب‪ ،‬وقد يكون‬ ‫وصغغيا للخصغغومة فقط‪ .‬أما القوانني املقارنة فقد اختلفت فيما بينها من حيث‬ ‫تسغغلسغغل األوصغغياء إال أنها متفقةعلى أن لألب احلق في اختيار الشغغخص الذي يتولى‬ ‫إدارة شؤون أموال ابنه الصغير‪.‬‬ ‫‪ -5‬يعتبر حترير التركة وتصغغفيتها إحدى وسغغائل حماية أموال الصغغغير في قانون رعاية‬ ‫القاصرين العراقي ‪ ،‬وتعد ااجراءات التي أوردها املشرع العراقي من شأنها احلفاظ على‬ ‫حقوق ال صغير‪ .‬كما أ شار إليها قانون مدونة األ سرة املغربي وقانون الوالية على أموال‬ ‫القاصغغرين القطري وقانون الهيئة العامة لشغغؤون القصغغر الكويتي‪ .‬أما قانون الوالية‬ ‫على املال املصري وقانون األحوال الشخصية السوداني فلم يشيرا إلى هذه الوسيلة‪.‬‬ ‫‪ -14‬إدارة أموال ال صغير في القانون العراقي تكاد تكون معدومة على اعتبار أن تلك األموال‬ ‫مودعة في مديرية رعاية القا صرين‪ ،‬األمر الذي ينعكس سلبا على م صلحة ال صغير‬ ‫مما يعني أن املشرع أخل بأحد أسس قانون رعاية القاصرين‪.‬‬ ‫‪ -11‬سلك امل شرع العراقي طريقا في ا ستثمار أموال ال صغير لم يرد في القوانني املقارنة‬ ‫وحتي قانون الهيئة العامة ل شؤون الق صر الكويتي‪ .‬وقد أثبت الواقع العملي‪ ،‬وامل شار‬ ‫إليه سابقا‪ ،‬أن استثمار أموال الصغير عن طريق صندوق أموال القاصرين أثبت فشله‪.‬‬ ‫‪ -12‬اجلزاءات التي نص عليها املشغغرع العراقي عند محاسغغبة األولياء واألوصغغياء‪ ،‬وباملقارنة‬ ‫مع سغغلطات الولي أو الوصغغي وآلية إدارة أموال الصغغغير واسغغتثمارها‪ ،‬تتسغغم بعدم‬ ‫التوافق؛ حيث من جهة ضغغيق اخلناق على سغغلطات الولي والوصغغي‪ ،‬ومن جهة أورد‬ ‫جزاءات تتسم بالقسوة‪ ،‬وباملقارنة مع اجلزاءات الواردة في القوانني املقارنة جند أنه يوجد‬ ‫تناسق بني سلطات الولي والوصي وقواعد إدارة أموال الصغير واستثمارها‪.‬‬ ‫ثانيا – التوصيات‬ ‫نأمل من املشرع العراقي إجراء تعديالت على قانون رعاية القاصرين ومن النواحي اآلتية ‪:‬‬ ‫‪ -1‬من حيث ترتيب األولياء يكون األب ثم األم ثم اجلد ثم من تعينه اﶈكمة‪.‬‬ ‫‪ -2‬من حيث ترتيب األوصياء يكون من يختاره األب ثم من تختاره األم ثم من يختاره‬ ‫اجلد ثم من تعينه اﶈكمة ‪.‬‬ ‫‪ -4‬نرى أنه من الضروري إيراد نص يوضح إمكانية إدارة أموال الصغير بنفسه وفق‬ ‫شروط يحددها القانون‪ ،‬ومن الضروري أن منيز في إعطاء ااذن بني حالة إدارة األموال‬ ‫واالجتار بها‪.‬‬

‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪141‬‬


‫حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة‬

‫‪ -0‬إعطاء سلطات للولي أو الوصي بإدارة أموال الصغير عن طريق تسليم تلك األموال‬ ‫لهم وإدارتها بإشراف من رعاية القاصرين أو اﶈكمة بعد أخذ رأي رعاية القاصرين‪.‬‬ ‫‪ -9‬منح سلطات للوصي بشكل مختلف عن الولي مع ضوابط ‪.‬‬ ‫‪ -1‬إعادة النظر بالقواعد املتعلقة باجلزاءات بعد إجراء تعديالت على سلطات الولي‬ ‫والوصي‪.‬‬ ‫‪ -9‬إجراء تعديل على أحكام األهلية فيما يتعلق بترشيد الصغير إذا آنست اﶈكمة‬ ‫رشده ‪.‬‬ ‫‪ -1‬إعادة النظر في مسألة كيفية استثمار أموال الصغير عن طريق منح سلطات‬ ‫للولي والوصي بشكل يحقق النفع للصغير ‪.‬‬ ‫‪ -5‬تعويض تعويض الصغير لقاء ما أصابه من ضرر جراء إيداع أمواله في البنوك‬ ‫وفقدان قيمتها النقدية؛ إما من خالل معادلتها بالذهب أو الدوالر أيهما أصلح‬ ‫للصغير عن طريق احتساب قيمة الذهب أو الدوالر وقت اايداع وقيمته وقت‬ ‫التسليم للصغير بعد إكماله سن الرشد والفرق بني القيمتني يدفع للصغير ‪.‬‬

‫‪142‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫د‪ .‬اميان يوسف نوري‬

‫قائمة املصادر واملراجع‬ ‫اوال‪ -‬الكتب‬ ‫‪ -1‬أبو الفضل جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور االفريقي ‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬اﺠﻤﻟلد الثامن ‪، ،‬‬ ‫الطبعة الرابعة ‪ ،‬دار صادرة ‪ ،‬بيروت ‪ ،. 2449 ،‬اﺠﻤﻟلد اﳋامﺲ عشر ‪ ،‬دار صادرة ‪ ،‬بيروت ‪. 2449 ،‬‬ ‫‪ -2‬أحمد نصر اجلندي ‪ ،‬شرح قانون مدونة األسرة املغربي ‪ ،‬دار الكتب القانونية ‪ ،‬مصر ‪ ،‬بال سنة‬ ‫نشر‪.‬‬ ‫‪ -4‬د‪.‬باسم محمد صالح ‪ ،‬القانون التجاري ‪ ،‬القسم األول ‪ ،‬وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ‪،‬‬ ‫بال سنة ‪ ،‬بغداد‪.‬‬ ‫‪ -0‬د‪ .‬حسن كيرة ‪ ،‬املدخل إلى القانون ‪ ،‬منشأة املعارف ‪ ،‬االسكندرية ‪1591 ،‬‬ ‫‪ . -9‬د‪ .‬رمضان أبو السعود ‪ ،‬الوسيط في شرح مقدمة القانون املدني ‪ ،‬النظرية العامة للحق ‪ ،‬الدار‬ ‫اجلامعية ‪ ،‬بيروت ‪ ،‬بال سنة طبع ‪.‬‬ ‫‪ -1‬رشيد ياسني الشيخلي ‪ ،‬عوارض األهلية بني القانون والشريعة ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬مطبعة‬ ‫العاني ‪ ،‬بغداد ‪.1590 ،‬‬ ‫‪ -9‬د‪ .‬عبد الرزاق أحمد السنهوري ‪ ،‬الوسيط في شرح القانون املدني اجلديد ‪ ،‬نظرية االلتزام ‪ ،‬اﺠﻤﻟلد‬ ‫األول ‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ ،‬منشورات احللبي ‪ ،‬بيروت ‪. 2445 ،‬‬ ‫مصادر احلق في الفقه االسالمي ‪ ،‬اجلزء الرابع ‪ ،‬دار احياء التراث العربي ‪ ،‬بيروت بالسنة طبع ‪.‬‬ ‫‪ -1‬د‪.‬عبد اﺠﻤﻟيد احلكيم واألستاذ عبد الباقي البكري واألستاذ املساعد محمد طه البشير ‪ ،‬الوجيز‬ ‫في نظرية االلتزام في القانون املدني العراقي ‪ ،‬مصادر االلتزام ‪ ،‬اجلزء األول ‪ ،‬العاتك لصناعة‬ ‫الكتاب ‪ ،‬القاهرة ‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪.2445 ،‬‬ ‫‪ -5‬د‪ .‬عصمﺖ عبد اﺠﻤﻟيد بكر ‪ ،‬أحكام رعاية القاصرين ‪ ،‬املكتبة القانونية ‪ ،‬الطبعة الثالثة ‪ ،‬بغداد ‪،‬‬ ‫‪.2449‬‬ ‫النظرية العامة لاللتزامات ‪ ،‬اجلزء األول ‪ ،‬مصادر االلتزام ‪ ،‬الطبعة األولى ‪ ،‬جامعة جيهان ‪ ،‬اربيل ‪،‬‬ ‫‪.2411‬‬ ‫‪ -14‬علي حسب اهلل ‪ ،‬الوالية على املال والتعامل بالدين في الشريعة ااسالمية ‪ ،‬معهد البحوث‬ ‫والدراسات ‪.1519 ،‬‬ ‫‪ -11‬محمد كمال حمدي ‪ ،‬الوالية على املال ‪ ،‬اجلزء األول – األحكام املوضوعية ‪ ،‬دار املعارف ‪ ،‬مصر ‪،‬‬ ‫‪.1511‬‬ ‫ثانيا – الدوريات‬ ‫‪ ) -1‬د‪ .‬عزيز كاظم جبر ‪ ،‬أحكام الوالية على مال الصغير بني القانون املدني وقانون رعاية‬ ‫القاصرين املرقم ‪ 91‬لسنة ‪ 1514‬بحث منشور في مجلة القانون املقارن ‪ ،‬تصدر عن‬ ‫جمعية القانون املقارن العراقية ‪،‬العدد ‪ ،41‬السنة ‪.2442‬‬

‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪143‬‬


‫حماية أموال الصغير في القانون العراقي دراسة حتليلية مقارنة‬

‫‪ -2‬فاطمة خلف كاظم ‪ ،‬مظاهر احلماية املدنية حلقوق الطفل في التشريعات العراقية‬ ‫النافذة ‪ ،‬بحث منشور في مجلة احلقوق ‪ ،‬تصدر عن كلية القانون ‪ ،‬اجلامعة املستنصرية ‪،‬‬ ‫اﺠﻤﻟلد (‪ ، )2‬السنة الرابعة ‪ ،‬العددان (‪.2445 ، )1،9‬‬ ‫ثالثا– املقاالت والبحوث االلكترونية‬ ‫‪ -1‬د‪ .‬رجاء ناجي ‪ ،‬احلماية القانونية لالطفال مواجهة باملتغيرات االجتماعية‬ ‫واالقتصادية‪،‬بحث متاح على املوقع ‪.www. gulfkids.com/ar/index.php‬‬ ‫‪ -2‬سالم روضان املوسوي ‪ ،‬أحكام اليتيم في الشريعة والقانون العراقي ‪ ،‬بحث متاح على‬ ‫املوقع‬ ‫‪.‬‬ ‫‪www.annabaaorg‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ -4‬عبد الرضا املالكي ‪ ،‬استثمار اموال رعاية القاصرين واملردودات املالية الربحية‪ ،‬مقال‬ ‫منشور في جريدة البينة متاح على املوقع ‪. www.al-bayyna.com‬‬ ‫‪ -0‬وميض حامد الزبيدي ‪ ،‬الولي والقاصر ‪ ،‬مقال متاح على منتديات صحابي وعلى املوقع‬ ‫االلكتروني ‪www. S7ay.com.‬‬ ‫‪ -5‬محاضرجلسات اجتماع البرملان العراقي وحتديدا محضر جلسة رقم (‪ / )0‬اجلزء الثاني في‬ ‫‪www.parliment.iq‬على املوقع االلكتروني ‪.‬‬ ‫رابعا– املقابلة الشخصية‪-‬‬ ‫‪ -1‬املقابلة الشخصية مع السيد مدير دائرة رعاية القاصرين في محافظة نينوى االستاذ‬ ‫فرج يوسف توما‪.‬‬ ‫رابعا– القوانني والتعليمات–‬ ‫‪ -1‬القانون املدني العراقي املرقم (‪ )04‬لسنة ‪ 1591‬املعدل ‪.‬‬ ‫‪ -2‬قانون الوالية على املال املصري املرقم (‪ )115‬لسنة‪.1592‬‬ ‫‪ -4‬قانون املرافعات املدنية العراقي املرقم (‪ )14‬لسنة ‪1515‬املعدل ‪.‬‬ ‫‪ -0‬قانون رعاية القاصرين العراقي املرقم (‪ )91‬لسنة ‪ 1514‬املعدل ‪.‬‬ ‫‪ -9‬القانون املدني الكويتي املرقم (‪ )19‬لسنة ‪. 1514‬‬ ‫‪ -1‬قانون الهيئة العامة لشؤون القصر املرقم (‪ )19‬لسنة ‪. 1514‬‬ ‫‪ -9‬قانون العمل العراقي املرقم (‪ )91‬لسنة ‪ 1519‬املعدل‪.‬‬ ‫‪ -1‬قانون األحوال الشخصية السوداني لسنة ‪. 1551‬‬ ‫‪ -5‬قانون مدونة األسرة املغربي املرقم ‪2240441‬في ‪ 4‬فبراير لسنة ‪. 2440‬‬ ‫‪ -14‬قانون الوالية على اموال القاصرين القطري املرقم (‪ )04‬لسنة ‪2440‬‬ ‫‪ -11‬القرار املرقم (‪ )222‬لسنة ‪.2444‬‬ ‫‪- -12‬تعليمات (‪ )4‬لسنة ‪ 1514‬بشان حترير التركة وتثبيت االموال ‪.‬‬ ‫‪- -14‬تعليمات (‪ )2‬لسنة ‪ 1514‬بشان تصفية التركة ‪.‬‬

‫‪144‬‬

‫مجلة العلوم القانونية‬

‫السنة الثانية ‪ -‬العدد الثالث‪ :‬ربيع األول ‪1436‬هـ ‪ -‬يناير ‪2014‬م‬


‫تصدر عن كلية القانون‪ ،‬جامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا ‪ -‬دولة اإلمارات العربية املتحدة‬

‫‪145‬‬



Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.