Sendian magazine issue 12 july 2013

Page 1

‫العدد ‪12‬‬

‫تموز ‪2013‬‬

‫ألهلنا في الساحل و لجميع السوريين‬

‫= حول «العلويني» ومتثيلهم يف املعارضة السورية صـ (‪)5‬‬ ‫= عامودا ‪...‬شعرة اجلنون والعبقرية ! صـ (‪)16‬‬

‫= معركة القصري بعني مجال اجلبالوي صـ (‪)18‬‬


‫‪2‬‬

‫احملتويات‬

‫• ‬

‫نقد ذاتي‪ :‬عن «جنيف ‪»2‬و «أوسلو» جديد يطبخ على نار هادئة صـ (‪)6‬‬

‫• ‬

‫أدب الثورة‪ :‬بانياس التي كانت و بانياس اآلن صـ (‪)7‬‬

‫• ‬

‫أدب الثورة‪ :‬صور من العالم اآلخر [ ‪ ]8‬صـ (‪)9‬‬

‫• ‬

‫أدب الثورة‪ :‬يوم من أيام النزوح صـ (‪)10‬‬

‫• ‬

‫فسبكات صـ (‪)11‬‬

‫• ‬

‫لقطات من وطني صـ (‪)12‬‬

‫• ‬

‫فن الثورة صـ (‪)13‬‬

‫• ‬

‫الفتات مميزة صـ (‪)14‬‬

‫• ‬

‫رسالة من أخوة الوطن‪ :‬إلى العلويين ‪ ...‬مرة أخرى صـ (‪)15‬‬

‫• ‬

‫سنديان بتتكلم آزادي‪ :‬عامودا ‪...‬شعرة الجنون والعبقرية ! (نموذج يحتذى للمقاومة المدنية) صـ (‪)16‬‬

‫• ‬

‫حوارات‪ :‬معركة القصير بعين جمال الجبالوي صـ (‪)18‬‬

‫• ‬

‫مساحة حرة‪ :‬هل حقا ً سيسقط النظام؟ صـ (‪)19‬‬

‫• ‬

‫قراءة في كتاب‪ :‬قراءة في كتاب األرواح اليافعة صـ (‪)21‬‬

‫• ‬

‫مخطط النشاطات المدنية ضمن الثورة الثورة السورية صـ (‪)23‬‬

‫• ‬

‫تواصلوا معنا صـ (‪)24‬‬

‫العدد ‪ - 12‬متوز ‪2013‬‬

‫حرية‬

‫• ‬

‫من أوراق األقليات‪ :‬حول «العلويين» وتمثيلهم في المعارضة السورية صـ (‪)5‬‬

‫سلمية‬

‫• ‬

‫كائن هذا؟ صـ (‪)4‬‬ ‫خود و عطي‪ :‬مؤيد للجيش ومتخلف عن االلتحاق به ‪ ..‬أي ٍ‬

‫مدنية‬

‫• ‬

‫االفتتاحية‪ :‬مصر‪...‬دروس و عبر ‪ ..‬صـ (‪)3‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬


‫االفتتاحية‬

‫‪3‬‬

‫مصر‪...‬دروس و عرب ‪..‬‬ ‫نصدر اليوم العدد الثاين عشر من جملة سنديان وعيوننا متجهة حنو مصر رغم اجلرح السوري املفتوح‪ ،‬تشدنا مصر كأهنا مسقط رأسنا‪ ،‬تأخذنا‬ ‫«أم الدنيا» لتعيد إلينا األمل‪ ،‬و تؤكد لنا و تعلّمنا ما قد تكون احلرب و الدم و اخلراب الذي حييط بنا قد أنسانا إياه‪.‬‬ ‫تؤّكد لنا مصر أن الشعوب هي حمركة التاريخ وهي أداة التغيري وصانعة االنتصارات وحمققة االجنازات‪ ،‬و أن التدخل اخلارجي و الطائفية و‬ ‫العسكرة هي حجج املتخاذلني الذي تفصلهم عن الشعوب مسافة أكرب بكثري من بعدهم عن الطغاة‪.‬‬ ‫تعلّمنا مصر أن «الشعب ال يتعب»‪ ،‬و أن كالم املتخاذلني عن أن الشعب سيسرتخي مبجرد سقوط النظام كالم فارغ‪ .‬تعلمنا أن القائلني بأن‬ ‫الشعب «سيسلم أمره ألي نظام قادم يسرقه و يضحك عليه باسم الدين أو باسم الثورة» هم وحدهم املسلّمني ألمرهم‪.‬‬ ‫تنبئنا مصر بأن األنظمة القادمة لن متلك سالح القمع‪ ،‬وال التعتيم‪ ،‬ولن تستطيع الضحك على الناس بأقنعة السياسة أو الدين‪ ،‬أو متنينهم‬ ‫باحلرية اليت انتزعوها بأيديهم‪.‬‬ ‫متيّز مصر‪ ،‬و تؤّكد للمش ّككني‪ ،‬بأن الشعب مييّز بوضوح بني اإلسالم و اإلسالميني‪ ،‬و أن االنتصار على اإلخوان املسلمني ليس بتأييد‬ ‫الديكتاتورية‪ ،‬فديكتاتورية مبارك مل تنجح يف القضاء على اإلخوان املسلمني (و لن تنجح فاشية األسد يف سوريا)‪ ،‬و لكنهم خالل سنة يف‬ ‫احلكم أثبتوا عجزهم و فشلهم و إقصائيتهم وقضوا على أنفسهم بأنفسهم‪.‬‬ ‫تعلمنا مصر أن الطريق طويل و متعرج‪ ،‬و أن ال بد من التخبّط واملراوحة‪ ،‬ذلك ليس عيباً وال عاراً‪ ،‬ولكن العيب هو «إلفة االستبداد»‪ ،‬و‬ ‫العار كل العار ملن يلعق حذاء دكتاتوره مث يبصق على دكتاتور اجلريان‪.‬‬ ‫و تبكينا مصر‪:‬‬ ‫تبكينا مبظاهراهتا احلضارية الرائعة‪ ،‬بوعي املنظّمني املذهل‪ ،‬جبيشها الذي حيمي املتظاهرين‪ ،‬تبكينا عندما نتذكر جيشنا الذي حيتل الساحات‬ ‫العامة ليمنع الناس من التظاهر‪.‬‬ ‫تبكينا عندما نتذكر املؤيدين عندنا‪ ،‬هذه الفئة العجيبة الغريبة اليت تشتعل باحلماس الثوري و حب احلرية من تركيا إىل مصر مرورا بالبحرين‪،‬‬ ‫و من مث تراها يف سوريا تقبّل «البوط العسكري» و تشتم احلرية‪.‬‬ ‫تبكينا مصر ألن «منوذج» التغيري املصري غري قابل للتكرار عندنا‪ ،‬و ألن لسوريا مساراهتا ومآالهتا‪ ،‬و لثورهتا عربها و دروسها‪ ،‬و ألن علينا‬ ‫أن نبتكر طريقة يف التغيري تتناسب مع ظروفنا‪.‬‬

‫أسرة سنديان‬ ‫العدد ‪ - 12‬متوز ‪2013‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫مدنية‬

‫السالم ملصر‪ ،‬و اخلري‪،‬كل اخلري‪ ،‬للمصريني مجيعاً‪.‬‬

‫سلمية‬

‫يف النهاية‪ :‬شكراً مصر‪ ،‬شكراً ألنك تعطينا األمل‪ ،‬األمل بوعي الشعوب وحصانتها ضد االستبداد‪ .‬و متديننا باإلصرار‪ ،‬اإلصرار على التحرر‬ ‫بالرغم من اجملازر و العسكرة والتآمر‪.‬‬

‫حرية‬

‫بعيداً عن العواطف‪ :‬نعم ليس وضع مصر مثالياً‪ ،‬و ليس من اجليد أن تصل األمور إىل مرحلة الرتحيب الشعيب الواسع بانقالب عسكري‬ ‫يطيح بسلطة منتخبة و شرعية دستورياً‪ ،‬و لكن مجاعة «مرسي» هم املسؤولون عن وصول األمور هلذه الدرجة بسبب سوء إدارهتم و تدبريهم‬ ‫الذي أوصل األمور هلذه الدرجة و فتح اجملال إلعادة إدخال املؤسسة العسكرية يف املشهد السياسي‪.‬‬ ‫رمبا كان باإلمكان أفضل مما كان‪ ،‬كأن يعلن مرسي عن استفتاء أو انتخابات مبكرة‪ ،‬أو ّأل يتدخل اجليش و يكتفي حبماية احملتجني إىل أن‬ ‫أهم من‬ ‫جيرب الضغط الشعيب مرسي على الرضوخ‪ .‬و رمبا كان تدخل اجليش هبذه الطريقة هو السبيل الوحيد لصون دماء املصريني اليت تبقى ّ‬ ‫أي شرعية‪ .‬ال ندري فـ «أهل م ّكة أدرى بشعاهبا»‪.‬‬


‫خود و عطي‬

‫‪4‬‬

‫مؤيد للجيش ومتخلف عن االلتحاق به‬ ‫كائن هذا؟‬ ‫‪ ..‬أي‬ ‫ٍ‬

‫بقلم‪ :‬ياسني‬

‫ليس غريباً يف أوساط املؤيدين حجم التأييد اهلائل للجيش‪،‬‬ ‫وحجم «التشبيح» على كل من حياول حتليل ممارسات اجليش‬ ‫أو اإلضاءة ولو على جزء صغري من جتاوزاته جتاه أبناء الشعب‬ ‫الذي دفع عرب عشرات السنني‪ ،‬وما يزال يدفع من قوت يومه‬ ‫هلذا اجليش‪.‬‬

‫كان األمر كذلك فلماذا يستقتلون يف الدفاع عن هذا اجليش‬ ‫إىل هذا احلد؟‬ ‫هل هو اخلوف وحده ما مينعهم من االنضمام إىل هذا اجليش؟‬ ‫وإذا كان اخلوف فلماذا ال يربرون هذا اخلوف لدى كثريين‬ ‫يصرون على‬ ‫ممن انشقوا عن جيش النظام بدافع اخلوف؟ ملاذا ّ‬ ‫تسمية هؤالء «بالفارين»؟ وينعتوهنم باخليانة يف كل موقف؟‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 12‬متوز ‪2013‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫مدنية‬

‫ترى هل ميكن القول إهنم يعلمون يف قرارة أنفسهم ما يعنيه‬ ‫سيتحول إىل حطبة حيرقها‬ ‫االنضمام هلذا اجليش‪ ،‬وبأن املنضم‬ ‫ّ‬ ‫النظام لتزيد مدة بقائه يوماً إضافياً‪ ،‬ولذلك فهم يرفضون‬ ‫االنضمام إليه فيجدون وسائلهم املختلفة لتأجيل اخلدمة؟ وإذا‬

‫صديقي الذي «يشبّح للجيش» ويتخلف عن االلتحاق به‪،‬‬ ‫كلما تكلمت لتلقن غريك درساً عن معىن اخليانة‪ ،‬احبث عنها‬ ‫يف داخلك أوالً!‬

‫حرية‬

‫الغريب هو ظاهرة مل تعد نادرة وال استثنائية‪ ،‬تتمثل يف شباب‬ ‫يتهربون من اخلدمة يف هذا اجليش بأساليب خمتلفة‪ ،‬من بينها‬ ‫ّ‬ ‫الدراسة (دبلوم وماجستري وغريه من الشهادات اليت مل يكن‬ ‫هل هي الرغبة باحلياة تدفعهم للتهرب من «خدمة العلم»؟‬ ‫صاحبها ليفكر هبا لوال تأجليها خلدمة العلم)‪ ،‬أو السفر خارج‬ ‫وإذا كان كذلك‪ ،‬فلماذا ال تعنيهم رغبة أولئك الواقعني حتت‬ ‫البالد‪ ،‬أو حىت عرب الفساد ورشوة الضباط واللجان الطبية‪.‬‬ ‫القصف باحلياة أيضاً؟ كيف ميارس اإلنسان فعالً للحفاظ‬ ‫ويف نفس الوقت يكاد هؤالء يقتلون‬ ‫على حياته‪ ،‬فيما يؤيد يف الوقت نفسه‬ ‫كل من يفتح فمه بكلمة ليتحدث عن‬ ‫فعالً يقضي على حياة آخرين‪ ،‬آخرين ال‬ ‫• إهنم يعلمون يف قرارة أنفسهم ما يعنيه‬ ‫جتاوزات هذا اجليش الكبرية على امتداد‬ ‫يريدون من احلياة إال البقاء على قيدها !!‬ ‫االنضمام هلذا اجليش‪ ،‬وبأن املنضم‬ ‫أرض الوطن‪ ،‬من سرقة منازل املدنيني‬ ‫سيتحول إىل حطبة حيرقها النظام لتزيد‬ ‫ّ‬ ‫إىل القصف العشوائي إىل قبض املال‬ ‫حمي فعالً من أي زاوية نظرت‬ ‫هو موقف ّ‬ ‫مدة بقائه يوماً إضافياً‪.‬‬ ‫مقابل اإلجازات للجنود‪ ،‬إىل غريها من‬ ‫إليه‪ ،‬بالنسبة إيل أعتقد أن اخليانة هي‬ ‫• صديقي الذي «يشبّح للجيش»‬ ‫ويتخلف عن االلتحاق به‪ ،‬كلما تكلمت‬ ‫التجاوزات اليت أصبحت معروفةً للجميع‪.‬‬ ‫التفسري املقبول الوحيد‪ ،‬أقصد خيانة‬ ‫لتلقن غريك درساً عن معىن اخليانة‪ ،‬احبث‬ ‫الذات!‬ ‫عنها يف داخلك أوالً !‬ ‫حيار املرء يف تفسري موقف هؤالء‪ ،‬هل هم‬ ‫ٍ‬ ‫مؤمنون فعالً بقضية هذا اجليش اليت يقاتل‬ ‫خيانة الذات بتأييد مطلق وغري مشروط‬ ‫ألجلها إىل حد جعلهم «يشبحون» ألجله؟‬ ‫جلهة ما‪ ،‬واهلروب منها!‬ ‫ينضمون إىل‬ ‫وإذا كانوا مؤمنني إىل هذا احلد‪ ،‬ملاذا ال جندهم ّ‬ ‫صفوفه؟ بل ملاذا جندهم يتفننون يف اهلرب من هذه اخلدمة؟‬ ‫خيانة الذات حبب احلياة‪ ،‬ورفضها لآلخرين!‬


‫من أوراق األقليات‬

‫‪5‬‬

‫حول «العلويني» ومتثيلهم يف‬ ‫املعارضة السورية‬

‫بقلم‪ :‬صادق عبد الرمحن‬

‫كانت معارضة النظام قبل اندالع ثورة آذار عام ألفني وأحد عشر‬ ‫فعالً خنبوياً يقوم به يف الغالب جمموعة من املثقفني ومن يتحلّق‬ ‫حوهلم من الشباب اجلامعي‪ ،‬وميكن القول إنه خالل السنوات‬ ‫العشرين السابقة للثورة كان املعارضون هم فقط أولئك الذين‬ ‫لديهم مشكلة حضارية مع النظام تتعلق بالدميقراطية واحلريات‬ ‫العامة والتق ّدم‪ .‬مث كانت الثورة السورية اليت ميكن وصفها بأهنا‬ ‫ثورة البيئات األهلية الشعبية على نظام االستبداد الفئوي‪ ،‬وإذا‬ ‫انضم للثورة يف بيئاهتا األهلية‪ ،‬فإن‬ ‫كان كثري من هؤالء املعارضني ّ‬ ‫مثة آخرين آثروا الوقوف على مسافة من هذه الثورة حتت ذرائع‬ ‫كثر النقاش حوهلا‪ ،‬ورمبا يكون بعضهم قد انضم هنائياً إىل معسكر‬ ‫النظام‪.‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 12‬متوز ‪2013‬‬

‫للعلويني خصوصيتهم األهلية ومظاملهم التارخيية ومهومهم احمللية‪،‬‬ ‫للعلويني معتقدهم الديين وقيمهم االجتماعية اخلاصة‪ ،‬وال زال‬ ‫النظام شاء معارضوه أم أبوا حيتكر متثيل العلويني يف الفضاء‬ ‫السياسي السوري‪ ،‬وبصرف النظر عن النقاش الكبري حول‬ ‫جدوى أو شرعية أو خماطر متثيل الطوائف ومنها الطائفة العلوية‬ ‫يف السياسة‪ ،‬فإن بؤس حماولة هؤالء املعارضني التارخييني لتمثيل‬ ‫العلويني يكمن قبل كل شيء يف استحالة وعدم جدوى وشرعية‬ ‫متثيل أي جمموعة بشرية من خارجها‪ ،‬وإذا كنا قد أصبحنا حباجة‬ ‫كما يرى البعض‪ -‬إىل صوت علوي يف السياسة من خارج النظام‬‫وهذا حيتاج إىل نقاش طويل على أي حال‪ ،‬فإن الطريق ال مير عرب‬ ‫هذه احملاوالت البائسة دون شك‪.‬‬

‫مدنية‬

‫باختالف املواقف واالجتاهات كانت البيئة األهلية هلؤالء املعارضني‬ ‫حاضرةً يف مواقفهم أو يف املواقف منهم أو يف النقاش حوهلم‬ ‫دائماً‪ ،‬وإذا كان قسم منهم قد ارتد هنائياً إىل معسكر النظام حتت‬ ‫شعارات الوحدة الوطنية والعلمانية واملمانعة‪ ،‬فإن قسماً منهم اختذ‬ ‫موقف النقد وأحياناً العداء للنظام وخلطاب الثورة وتعبرياهتا األهلية‬

‫احلقيقة اليت ال جمال إلنكارها تفيد بأن العلويني يف ٍ‬ ‫واد وهؤالء‬ ‫يف ٍ‬ ‫واد آخر‪ ،‬واحلقيقة أن أغلب هؤالء يعانون من انفصام مزمن‬ ‫وطويل عن بيئاهتم األهلية وحياولون يف الوقت نفسه توظيف‬ ‫أنفسهم كعلويني يف السياسة‪ ،‬ال يعرف أغلب هؤالء شيئاً عن‬ ‫البيئة األهلية العلوية وهواجسها ومشكالهتا اجلمعية والفردية‪ ،‬وال‬ ‫يستطيعون حىت الساعة تقدمي تفسري ذا قيمة معرفية أو سياسية‬ ‫ملوقف البيئات األهلية العلوية الراهن‪ ،‬واألهم أنه ليس ألي منهم‬ ‫رصيد شعيب يذكر بني العلويني‪.‬‬

‫حرية‬

‫يقال يف املعارضني «العلويني» الذين كانوا جزءاً من العمل السياسي‬ ‫واملدين املناوئ للنظام قبل الثورة ما يقال يف غريهم لناحية تعدد‬ ‫وأحياناً تناقض املواقف اليت اختذها كل منهم‪ ،‬ولكن مثة فارقاً‬ ‫ألقى بظالله على كل شيء‪ ،‬على االجتاهات والسلوك واملواقف‪،‬‬ ‫إنه الفارق الذي تصنعه البيئة األهلية‪ .‬مل يكن مثة ثورة شعبية‬ ‫يف البيئات األهلية العلوية‪ ،‬هذه البيئات كانت احلاضن األكثر‬ ‫متاسكاً لنظام األسد‪ ،‬وال شك أن هلا مظاملها التارخيية على خمتلف‬ ‫املستويات سواء يف مرحلة األسدين أو يف املراحل السابقة هلما‪ ،‬إال‬ ‫أن هذه البيئات اختارت الوالء للنظام بل والقتال معه يف الغالب‪،‬‬ ‫مع ما حيمله ذلك من حتمية التصادم املباشر أو غري املباشر مع‬ ‫البيئات األهلية الثائرة‪.‬‬

‫يف الوقت نفسه حتت الشعارات السابقة ذاهتا يف الغالب‪ ،‬وأياً يكن‬ ‫من أمر هؤالء فال شك أن املوقف الذي اختذته بيئاهتم األهلية‬ ‫كان حاضراً يف مواقف أغلبهم رغم إنكار اجلميع لذلك‪ .‬على أي‬ ‫حال‪ ،‬فقد برز جزء من املعارضني العلويني التارخييني يتبىن مطالب‬ ‫الثورة الشعبية وشعاراهتا ويف املركز منها مطلب تصفية النظام‬ ‫بالكامل‪ ،‬وحاول هؤالء تصدير أنفسهم باعتبارهم الصوت العلوي‬ ‫الثائر‪ ،‬وحاولت قيادة املعارضة السياسية والعسكرية توظيف هذا‬ ‫التصدير يف غري مناسبة‪ ،‬وهنا بيت القصيد‪.‬‬


‫نقد ذاتي‬

‫‪6‬‬

‫عن «جنيف ‪»2‬و «أوسلو» جديد‬ ‫يطبخ على نار هادئة‬ ‫بقلم‪ :‬ياسني‬ ‫بعدما أعلنت القوتان الكربيان مؤخراً ‪ -‬الواليات املتحدة و روسيا‪-‬‬ ‫عن اتفاقهما على ضرورة حل األزمة السورية سلمياً‪ ،‬و ذلك عرب‬ ‫مؤمتر دويل اتفق على تسميته «جنيف ‪ ،»2-‬بدأت ردود األفعال‬ ‫ختوف و ترقّب من املعارضة السياسية و‬ ‫من تأييد كامل للنظام إىل ّ‬ ‫إىل رفض نسيب للمعارضة املسلحة‪ ،‬و انتقاالً إىل حاالت تأييد و‬ ‫رفض و ترقب شعيب على مستويات عدة‪.‬‬

‫تتناسى املعارضة أن التفاوض ال يكون إال بني قوي و قوي‪ ،‬و أن‬ ‫عقوداً من التفاوض بني القوي اإلسرائيلي و الضعيف الفلسطيين مل‬ ‫تفض إال إىل تنازالت تتبعها تنازالت‪ ،‬يف ذات الوقت تقع املعارضة‬ ‫بني سندان قوة األسد من جهة‪ ،‬و مطرقة استمرار األزمة السورية‬ ‫مع ما يعنيه ذلك من تدمري ما مل يتدمر بعد‪ ،‬و استشهاد من مل‬ ‫يستشهد‪.‬‬

‫يأيت جنيف ‪ 2‬برأينا إعالناً من القطبني األكرب يف العامل بأن انتظار‬ ‫اهنيار السلطة السورية و من مث البحث عن بديل أصبح سيناريواً‬ ‫خارجاً من التداول‪ ،‬و املطلوب حالياً «تغيري» من النظام احلايل‬ ‫إىل نظام آخر بشكل سلس‪ ،‬و اخلالف اليوم ما يزال على شكل‬ ‫و طبيعة و حجم هذا «التغيري»‪ ،‬ففي حني يرى الروس أنه ليس‬ ‫من الواقعي استبعاد األسد و نظامه من النظام اجلديد‪ ،‬و هو‬ ‫القوي على األرض والفاعل على الساحة و صاحب «التنظيم‬ ‫املسلّح» األوسع انتشاراً و تنظيماً على األرض السورية‪ ،‬ترى‬ ‫الواليات املتحدة أنه عملياً ال ميكن أن يستمر نظام األسد حبكم‬ ‫سوريا‪ ،‬بعدما أوغل يف الدم السوري و استعدى اجملتمع الدويل و‬ ‫بعدما اضطرت الواليات املتحدة إىل إعالن احلاجة إلسقاطه بداية‬ ‫للتغيري‪.‬‬

‫حتاول القوى الدولية الغربية الداعمة للمعارضة دعم كفة املعارضة‬ ‫املسلحة‪ ،‬بتقدمي أسلحة أكثر نوعية كمضادات الدبابات املتطورة‬ ‫و مضادات الطائرات‪ ،‬يف حماولة لتحقيق توازن مع النظام‪ ،‬يف ذات‬ ‫الوقت الذي ختشى فيه انتقال هذه األسلحة إىل يد القاعدة و‬ ‫التنظيمات املتطرفة و املعادية للغرب‪ .‬حتاول القوى الدولية جتربة‬ ‫اجملرب و املعروف فشله مسبقاً‪ :‬حصر السالح بيد فصائل حمددة‬ ‫تتبع لقيادة واحدة‪ ،‬على أرض دولة مقسمة و مشتتة‪ ،‬ال جيمعها‬ ‫رابط وال يوحدها كيان سياسي‪.‬‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 12‬متوز ‪2013‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫مدنية‬

‫و تنظر املعارضة إىل «جنيف ‪ »2‬على أنه املدخل إىل طريق طويل‬ ‫ينتهي برحيل األسد و تشكيل حكومة انتقالية كاملة الصالحيات‬ ‫متهد لبناء دولة جديدة ختلو من سيطرة األسد و أجهزته األمنية‪،‬‬

‫يف النهاية‪« ،‬جنيف‪ »2-‬لن يكون إال أوسلو جديد‪ ،‬بداية إعالمية‬ ‫موعودة للسالم الذي سيعم سوريا‪ ،‬و يف احلقيقة مدخالً لنفق‬ ‫مظلم يغطي يف هنايته دولة منهارة و مقسمة و غري قادرة يف سنوات‬ ‫عدة قادمة على بناء نفسها و النهوض بشعبها‪ ،‬يف الوقت الذي‬ ‫سيستمر اجملتمع الدويل فيه باحلديث عن «جهود إحياء السالم»‬ ‫يف سوريا‪ ،‬اليت يقتل أبناؤها بعضهم بعضاً‪.‬‬

‫حرية‬

‫ببساطة فإن النظام ينظر إىل «جنيف ‪ »2‬على أنه املنرب الذي‬ ‫سيعلن منه عن انتصاره العظيم على «املؤامرة الكربى» و فشل‬ ‫املشروع الدويل يف سوريا‪ ،‬ال مشكلة هنا باستشهاد أكثر من‬ ‫‪ 100‬ألف سوري‪ ،‬وال بتشريد املاليني داخل و خارج البالد‪ ،‬و‬ ‫ال بتدمري البىن التحتية ملدن بكاملها‪ ،‬هذا خارج حسابات النظام‪.‬‬ ‫املهم بقاؤه ‪ ..‬ال شيء آخر حيسب يف بلد «سوريا األسد»‪.‬‬

‫برأينا‪ ،‬سيؤجل جنيف‪ 2-‬تباعاً و تباعاً‪ ،‬و ستتابع القوى الدولية‬ ‫جتارهبا الفاشلة على األرض السورية‪ ،‬و سيستمر النظام حبملة‬ ‫للي ذراع املعارضة‪ ،‬و‬ ‫القتل و التدمري املمنهج وسيلة وحيدة ّ‬ ‫سيصبح عقد «جنيف‪ »2-‬مقدمة صورية جملموعة من املؤمترات‬ ‫املتتالية اليت تعكس صورة الوضع على األرض بالشكل الذي‬ ‫يتطور به‪.‬‬


‫أدب الثورة‬

‫‪7‬‬

‫بانياس التي كانت و بانياس اآلن‬ ‫بقلم‪ :‬وسيم ثر ّيا!‬

‫بانياسان‪ ،‬بانياس‬ ‫مل أعرف بانياس يوماً مدينةً واحد ًة‪ ،‬بانياس‬ ‫َ‬ ‫السنية (السوق‪-‬البلد‪ ،-‬راس النبع‪ ،‬القبيّات‪ ،‬اخل) و بانياس‬ ‫العلوية (القصور‪ ،‬املروج‪ ،‬املساكن‪ ،‬اخل)‪ ،‬كان يفصل بني البانياسني‬ ‫جغرافياً «تشكيلة» مسيحيني و املركز الثقايف (املسيحون و الثقافة‬ ‫البانياسني‪ )...‬و بني سكاهنما حواجز هي‬ ‫آخر مهوم سكان‬ ‫َ‬ ‫مزيج من عوامل اجتماعية و ثقافية و طائفية‪ .‬اآلن تفصل بينهما‬ ‫احلواجز‪،‬حواجز حقيقية من امسنت و دشم و رجال مسلحني‪ ،‬و‬ ‫هوةٌ سحيقةٌ ال قرار هلا‪.‬‬ ‫يفصل بني السكان ّ‬ ‫كل شيء هنا حمسوب طائفياً‪ ،‬مدارس حمسوبة للسنة (الثورة‪،‬‬ ‫جالل خدام‪،‬اخل) و مدارس حمسوبة للعلويني (الشيخ صاحل‪ ،‬فهيم‬ ‫حممد‪ ،‬اخل)‪ ،‬قها ٍو و مطاعم للسنة و قها ٍو و مطاعم للعلويني‪،‬‬ ‫رئاسة البلدية للسنة و رئاسة شعبة احلزب للعلويني‪ ،‬احملطة احلرارية‬ ‫للسنة و مصفاة النفط للعلويني‪ ،‬و هكذا‪.‬‬ ‫طبعا هناك علويون يشاركون السنة «خمصصاهتم» (توسع السوق‬ ‫باجتاه العلويني و حمالهتم اليت ازدادت يف السنوات األخرية)‪ ،‬و‬ ‫العكس بالعكس (مئات السنة عماالً و مهندسني يف املصفاة‬ ‫مثالً)‪ ،‬و لكن يف النهاية فإن «األمور هيك حمسوبة»‪...‬سينكر‬ ‫هذا كثريون‪ ،‬و لكن هذه هي احلقيقة‪ .‬اآلن تفتَتَح الكثري من‬ ‫احمللت يف بانياس العلوية‪ ،‬سيصبح للعلويني سوقهم قريباً‪ ،‬أصبح‬ ‫ّ‬ ‫لدينا سوقا خضرة منذ اندالع الثورة‪/‬املؤامرة‪.‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫حرية‬

‫بضجته و حركة الباعة‬ ‫كان سوق اخلضرة القدمي يشبه عش دبابري ّ‬ ‫و املشرتين فيه‪ ،‬كان الباعة السنة و العلويون يتشاهبون يف كل‬ ‫شيء تقريباً‪ ،‬عرباهتم املهرتئة‪ ،‬ثياهبم الرثة‪ ،‬مالحمهم الطيبة‪ ،‬أصواهتم‬ ‫يسوقون بضاعتهم‪ ،‬قد تظهر القاف املقلقلة يف‬ ‫الثخينة و هم ّ‬ ‫البقدونس و السلق و الدراق و متيز بينهم‪ .‬كان هناك طفل مجيل‬ ‫يبيع البقدونس على الرصيف أمام مدخل سوق اخلضرة‪ ،‬مل تكن‬ ‫الضحكة تفارق وجهه‪ ،‬كان يرتقب النساء اخلارجات من السوق‬ ‫و يذهب إليهن بباقة بقدونس‪ ،‬بسحره اخلاص جيعلهن يشرتين منه‬ ‫كن قد اشرتين من الداخل‪ ،‬كانت أخت صديقي املوظفة‬ ‫حىت لو ّ‬ ‫يف مصرف التسليف ال تشرتي البقدونس حىت لو كانت حباجته‪،‬‬ ‫تعلم أن الصيب سيصطادها و هي خارجة و يبيعها حصتها اليومية‬ ‫من البقدونس‪ .‬طفل البارحة غاب سنتني و عاد مبالمح أكثر‬ ‫رجولة‪ ،‬كان خيدم يف اجليش‪ .‬اآلن هو غائب أيضاً‪ ،‬خترج أخت‬ ‫صديقي (الغائب عنها أيضاً و العسكري يف حلب) من السوق و‬ ‫تستفقده‪ ،‬تنظر إىل مكانه على الرصيف فال جتده‪ ،‬تعود أدراجها‬ ‫لتشرتي البقدونس و تتمىن أال يكون بائع البقدونس مسلحاً يف‬ ‫أي جيش‪ ،‬أال يكون هذا الكائن الرقيق قد حتول إىل قاتل أيضاً‪.‬‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 12‬متوز ‪2013‬‬

‫كان البحر مشرتكاً بني‬ ‫البانياسني قبل أن يصبح املوت مشرتكاً‬ ‫َ‬ ‫أيضاً‪ ،‬هل هناك أشياء مشرتكة أخرى؟ ال أعلم‪ ،‬رمبا بعض املندسني‬ ‫هنا و املنحبكجية هناك‪ .‬و لكن ما أعلمه هو أن الطائفية اآلن‬ ‫حتدد ض ّفة املوت‪ ،‬و كانت و الزالت تقسم حىت البحر‪ .‬البحر يف‬ ‫بانياس حبران أيضاً‪ ..‬و الكورنيش اآلن كورنيشان‪.‬‬

‫مدنية‬

‫يف السوق كان البانياسيون يلتقون‪ ،‬يف احملالت و الكراج و دوائر‬ ‫الدولة (الربيد‪ ،‬شعبة التجنيد‪ ،‬الرابطة الفالحية‪ ،‬مستودع الكتب‬ ‫املدرسية‪ ،‬اخل)‪ ،‬كانوا خيتلطون مبا يؤمن تسيري أشغاهلم اليومية‬ ‫و يسلّك أمور حياهتم‪ ،‬يرون بعضهم حبكم أعماهلم و وظائفهم‬ ‫النهارية ال أكثر‪ ،‬أن ترى لسين صديقاً علوياً يزوره يف بيته أو‬ ‫العكس فتلك حالة نادرة‪ ،‬كان البانياسيون يتعايشون ليس إال‪.‬‬ ‫يأكل املتثاقفون حرفني من التعايش و يسمونه «العيش املشرتك»‪،‬‬

‫أما عند البعثيني فهذا الوضع كان يسمى «وحدة وطنية»‪ .‬اآلن‬ ‫البانياسني حمالت الطرف اآلخر و يوخبون‬ ‫يقاطع معظم سكان كال‬ ‫َ‬ ‫القلة اليت امتنعت عن املقاطعة‪ .‬كيف تعلم طائفة صاحب احملل‬ ‫الذي تشرتي منه؟ تلك مهارة مكتسبة يف بانياس‪ ،‬أو رمبا موروثة‬ ‫ال أدري‪.‬‬


‫‪8‬‬ ‫كان «خ ح» مدرساً ملادة علم األحياء يف «فهيم»‪ .‬قال مرةً ألحد‬ ‫الطالب عندما جاء متأخراً و رائحة الدخان تفوح منه «احلمد هلل‬ ‫عالسالمة‪...‬شو كنت باحلج»‪ .‬الطالب فهم كالم األستاذ على‬ ‫أنه سخرية من مقام اخلضر و ليس منه (اعتاد الكثري من طالب‬ ‫فهيم اهلروب من املدرسة إىل «اخلضر» حيث يشربون املتة أو‬ ‫األرغيلة)‪ .‬استشار صاحبنا يف الفرصة زمالء له بنفس السوية‬ ‫العقلية و الطائفية و قرروا الرد‪ .‬مع هناية الدوام خرج األستاذ لريى‬ ‫سيارته بدواليب «من ّفسة» و عبارة «يا علي» خبط عريض حمفورة‬ ‫يف دهاهنا‪ ،‬تزيّنها من الوراء‪ .‬يف اليوم التايل كان «اخلدش الطائفي»‬ ‫ما زال حمفوراً‪ .‬نفخ األستاذ الدواليب و لكنه مل يزل «يا علي»‬ ‫أو يدهن فوقها كما توقّع «شبيبة الثورة» و أرادوا‪ .‬الشبيبة اآلن‬ ‫رجال‪ ،‬رجال األسد يف جيش الدفاع الوطين‪ ،‬بعد إكمال درس‬ ‫«اخلدش الطائفي» يف املراهقة ذهب الشباب إىل البيضا و أمتوا‬ ‫درس «القتل الطائفي» بنجاح أيضاً‪ .‬املعلّم يف الكورسني واحد‪:‬‬ ‫عصابةً متسك دولة ال يستطيع األستاذ اللجوء هلا يف حاالت‬ ‫كهذه‪.‬‬

‫كانت شاليهات املصفاة مكاناً مجيالً يف الصيف‪ ،‬البحر يعج‬ ‫بالناس‪ ،‬و آخرون على الشاطئ يلعبون بالرمل أو ينتقعون يف‬ ‫الشمس‪ ،‬الشماسي مليئة بالناس أيضاً‪ ،‬على صخور املكسر يتناثر‬ ‫الصيادون بسناراهتم البدائية (الصيد هنا هوايةٌ‪ ،‬أو إلشباع شهوة‬ ‫أكلة مسك‪ ،‬و لكنه ليس عمالً‪ ،‬فامتالك الفلوكات و االسرتزاق‬ ‫من البحر و بيع السمك هو مهنة البانياسيني اآلخرين)‪ .‬يف الليل‬ ‫تزداد كثافة الناس فال أحد يف البحر‪ ،‬و تزداد الرطوبة‪ ،‬و يزداد‬ ‫تركيز الكحول يف الدم‪ ،‬و تنعقد حلقات الدبكة اليت متتد حىت‬ ‫الفجر‪ .‬يف صيف السنة املاضية مل يكن هناك شيء من هذا‪،‬‬ ‫فالشاليهات أصبحت منطقة عسكرية يرابط فيها اجليش حتسباً‬ ‫ألي حركة من «اإلرهابيني»‪ .‬افتتح هذا الصيف موسم سياحي‬ ‫بعد «القضاء على اإلرهاب» يف البيضا و راس النبع‪ ،‬و لكن‬ ‫احلركة ضعيفة جداً‪ ،‬رمبا أن الشاليهات مليئة بالنازحني‪ ،‬و رمبا ألن‬ ‫الكثريين مل يعودوا قادرين على الفرح‪ ،‬احلزن أقوى‪.‬‬

‫سلمية‬

‫مدنية‬

‫كان «ع ح» يف اخلامسة عشر عندما أصبح السفر لطلب العلم‬ ‫ضرورةً‪ .‬الضيعة‪ ،‬عامله الصغري‪ ،‬ليس فيها مدرسة ثانوية‪ ،‬عليه إذاً‬

‫العدد ‪ - 12‬متوز ‪2013‬‬

‫حرية‬

‫عندما كنا صغاراً كنا نشعر بالرهبة عندما تذكر سرية بيت الشمايل‪،‬‬ ‫هناك الكثري من القصص عن أفراد هذه العائلة و إجرامهم‪ ،‬هذا‬ ‫الذي غرس خنجراً يف رأس رجل تشاجر معه ففسخه إىل نصفني‪،‬‬ ‫و ذاك الذي تسلل إىل املشفى و أجهز على من أصابه برصاصه‬ ‫و لكنه مل ميت‪ ،‬و اآلخر الذي كان «يطبّق» ع ّداد موتوره البطح و‬ ‫خرج ساملاً من حادث على األوتوسرتاد الساحلي حتول فيه املوتور‬ ‫إىل عجينة‪ .‬كانت تلك الروايات جزءاً من الرتاث الشعيب ألهل‬ ‫املدينة‪ .‬إذا حضر أحد «الشماليني» خيرس اجلميع‪ ،‬إذا حدثك‬ ‫أظهر له الطاعة‪ ،‬إياك أن يشعر بأن لك كرامة ألن متعته كسرها‪،‬‬ ‫إذا ضربك ال تقاوم‪ ،‬ال تقلق سينساك‪ ،‬فعقله احملدود ال ميكنه تذكر‬ ‫كل من نالوا حصة من إجرامه الالحمدود‪ ،‬أما إذا غضب هللا عليك‬ ‫و قاومت و «حطك ابن الشمايل براسو» فلن يهنأ لك عيش‬ ‫شار بفرتة اعتقل بعض من الشماليني و مت‬ ‫بعدها‪ .‬بعد استالم ب ّ‬ ‫كف يد البعض اآلخر‪ .‬اآلن‪ ،‬و بفضل «احلنون» الذي يصدر كل‬ ‫ّ‬ ‫فرتة عفواً‪ ،‬خرج معظمهم من السجن‪ .‬هؤالء اآلن رجال وطنيون‬ ‫شرفاء يتصدون للمؤامرة‪ ،‬هذا ليس غريباً يف سوريا األسد‪ ،‬و ال‬ ‫تتعجب إذا علمت أن معظم ضحاياهم مؤيدون اليوم‪.‬‬

‫أن ينزل إىل بانياس كل يوم‪ .‬كان الطالب الوحيد من املنزلة (قريته)‬ ‫بك بالنسبة له‪ ،‬العدد اهلائل‬ ‫برمته مر ٌ‬ ‫يف شعبته‪ ،‬هذا الوضع اجلديد ّ‬ ‫من الطالب‪ ،‬العالقات االجتماعية املع ّقدة‪ ،‬الطالب املدخنون‪،‬‬ ‫و الشباب الزعران الذين يأتون على موتوراهتم مع هناية الدوام‬ ‫ليعاكسوا البنات‪ ،‬كل ذلك مل يناسب بساطته الريفية و طباعه‬ ‫املساملة‪ .‬مل تكن «فهيم» تشبه مدرسة القرية يف شيء‪ .‬الحقاً تعرف‬ ‫على فتاة من قرية برمايا و أحبها‪ ،‬كانا ينزالن كل يوم بعد املدرسة‬ ‫و جيلسان على صخور الكورنيش لبعض الوقت‪ ،‬مث يستقل كل‬ ‫منهما سرفيس قريته‪ .‬تعرف أيضاً على شاب من بانياس يسكن‬ ‫يف مساكن املصفاة‪ ،‬كان «درويشاً» مثله‪ ،‬قويت عالقتهما كثرياً‬ ‫و استاء بعض أصدقاءه يف القرية كيف يصاحب سنياً‪« .‬ع ح»‬ ‫و فتاة برمايا خطيبان اآلن‪ ،‬و لكن العالقة بينهما منذ اختطاف‬ ‫أخيها طالب اهلندسة يف محص مل تعد على ما يرام‪ .‬أصبحت طائفية‬ ‫جداً‪ ،‬و حاول هو ختفيف حدهتا الطائفية قدر إمكانه‪ ،‬و لكنه مل‬ ‫يتوقع يوماً أن يصل حقدها لدرجة تربير ما حصل يف البيضا قبل‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫مؤيدة يدعي أن‬ ‫لصفحة‬ ‫شهرين‪ .‬تبعث له على الفيسبوك حتليالً‬ ‫صور اجملزرة هي صور جملازر حدثت يف فلسطني‪ ،‬حيرتق قهراً‪ ،‬يغلق‬ ‫املتصفح و يتصل بصديقه ليعطيه مبلغاً من املال و يطلب منه‬ ‫توزيعه على من حيتاج من أهل البيضا‪.‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬


‫أدب الثورة‬

‫‪9‬‬

‫صور من العامل اآلخر [ ‪]8‬‬

‫بقلم‪ :‬جنم‬

‫ِ ِ ِ‬ ‫يعم‬ ‫َخ َونة لألَب ْد‪ :‬يستيقظ حممود ليشاهد خرب «سقوط القصري» ّ‬ ‫الشاشات‪ ،‬يفتح حسابه على فايسبوك ليشارك أصدقاءه فرحتهم بعودة‬ ‫القصري إىل حضن الوطن‪ .‬هنا يف قرية حممود ال يزال الناس يعيشون‬ ‫حقبة «يعيش امللك»‪ .‬التهليل و شعارات املرحلة و العقم الفكري‬ ‫املستمد من أفكار البعث ما زالت روتيناً يومياً‪ .‬يعلم حممود و رفاقه أ ّن‬ ‫القصري و أهل القصري لن يعودوا إىل «حضن الوطن» يوماً‪ّ .‬أنم خانوا‬ ‫حيب‬ ‫الوطن لألبد‪ ،‬خانوا سوريا األسد‪ ،‬وطن الطغاة و العبودية كما ّ‬ ‫املاغوط أن يصفه‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫تبجحوا‬ ‫َم ْنط ْق‪ :‬حسام شاب ثالثيين من أولئك الشباب الّذين لطاملا ّ‬ ‫بوعيهم لقذارة هذا النظام و ظالمية رموزه قبل الثورة‪ ،‬و عادوا إىل‬ ‫رشدهم و فهموا املؤامرة و ارتصوا صفاً واحداً إىل جانب القيادة‬ ‫احلكيمة بعد الثورة‪.‬‬ ‫يتحرج حسام اليوم من نسف مفهوم الثورة بأكمله خالل نقاشاته‪،‬‬ ‫ال ّ‬ ‫يرحيه جداً أن يقنع من حياوره أ ْن «ال أمل» و «ال مسؤولية تقع على‬ ‫عاتقه»‪ .‬بدهاء و خبث يبتسم حسام و خيتم كالمه مع ابن عمه‪:‬‬ ‫«لتاخد فكرة عن الثورات وشو رح جتيب هلالشعب‪ ،‬رجاع لثورة ‪8‬‬ ‫آذار»‪.‬‬ ‫يب‪ :‬مل تفلح حماوالت هادي املستمرة إلجياد سبيل ٍ‬ ‫بديل جينّبه السفر‬ ‫غَر ْ‬ ‫إىل دمشق‪ ،‬اآلن ال ب ّد من حضوره الشخصي إلحدى الوزارات حىت‬ ‫يكمل أوراق تعيينه‪ .‬هادي مل يغادر طرطوس منذ بدء األحداث‪ ،‬لديه‬ ‫أفكار سوداوية كثرية حول ما ميكن أن حيدث معه هناك‪.‬‬ ‫اتفق مع سائق تكسي من «مجاعتنا» ليقلّه هناك‪ ،‬يسرع اخلطى يف‬ ‫الشوارع املغلقة باحلواجز و العرق يتصبب من قميصه ذو األكمام‬ ‫الطويلة الّيت ختفي بعناية نقشاً لـ «ذو الفقار» قد يغوي أحدهم بإيذائه‪.‬‬ ‫يتأمل وجوه الناس و كل هؤالء العساكر يف املدينة‪:‬‬ ‫يف ّكر و هو ّ‬ ‫«قد ما عبينا الشام بوالد مجاعتنا‪ ،‬خلص الشام بطلت إلنا»‪.‬‬

‫ِ‬ ‫س َمسؤوليّة‪ :‬يتابع أبو أمحد األخبار العاجلة املتواردة على شاشة‬ ‫ح ْ‬ ‫تلفزيون املنار حول التوترات األخرية يف صيدا و طرابلس‪ ،‬اجليش‬ ‫اللبناين‪ ،‬الشيخ األسري‪ ،‬توترات طائفية ملفات تشغل حيّزاً كبرياً من‬ ‫كل يوم‪.‬‬ ‫حديثه مع زبائنه يف القهوة الّيت ميتلكها ّ‬ ‫شغف أبو أمحد و زبائنه و كثريون هنا باحلدث اللبناين وتبلّدهم املستفز‬ ‫السوري‪ ،‬جيعلك تود لو تصرخ يف وجوههم‪« :‬اعتربوا‬ ‫فيما خيص احلدث ّ‬ ‫ريف دمشق حمافظةً سورية‪ ،‬شأهنا شأن لبنانكم!»‪.‬‬ ‫مشوار‪ :‬التجوال يف الدريكيش ٍ‬ ‫الكم اهلائل من العيون‬ ‫قاس جداً؛ هذا ّ‬ ‫املعلّقة على اجلدران يصيبك باجلنون‪ ،‬مئات العيون‪ ،‬منها عيو ٌن قاسية‬ ‫حتس هبا خائفة‪ ،‬و أخرى غري عابئة‪ ،‬عيو ٌن تسأل أسئلةً‬ ‫جداً‪ ،‬عيو ٌن ّ‬ ‫غريبة‪ ،‬و أخرى تثري فيك أسئلةُ أغرب‪ ،‬ما يقتلين هو تلك العيون‬ ‫حتس هبا تنفذ إليك تدغدغك تدفعك‬ ‫احلانية يف صور الشهداء اليفعان‪ّ ،‬‬ ‫للبكاء و البكاء ‪ ..‬كما لو كانت عيون أطفالك‪.‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫حرية‬

‫شعبيّة‪ :‬يف قهوة اهلافانا يف طرطوس يتباحث أربعة شباب يف شؤون‬ ‫«األزمة» بعد انتهاء برتية الطرنيب‪ .‬يتساءل أحدهم عن النسبة اليت‬ ‫سريبح هبا السيد الرئيس يف انتخابات ‪ .2014‬يقول أحدهم أن شعبيته‬ ‫قد اخنفضت و أن النسبة قد ال تتجاوز التسعني‪ .‬يعلق آخر «شو ‪!90‬‬ ‫يا أخي اخنفضت شعبتو‪ ...‬كترياخنفضت‪ ...‬بتوقع شي‪ 70-60‬مو‬ ‫تطوع يف اللجان مؤخراً «أنا من جهيت نازل ع‬ ‫أكرت» يقول الرابع الذي ً‬ ‫بانياس و اللي بصوت (ال) بعرف شغلي معو»‪.‬‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 12‬متوز ‪2013‬‬

‫ذُ ْل‪ :‬يستشيط ماهر غيظاً و هو يراقب احتفاء حمافظة طرطوس بأمحد‬ ‫سبايدر‪ ،‬ال يكاد يص ّدق عينيه و هو الّذي شارك يف تنظّيم املسريات‬ ‫انبح صوته باهلتاف للقيادة و القائد‪.‬‬ ‫احلاشدة على كورنيش املدينة و ّ‬ ‫يشعر حسن بالعجز و املهانة‪« ،‬كيف تستضيف طرطوس عاصمة‬ ‫الشهداء هذه احلثالة!»‪ .‬يسرح يف تفكريه و يف ّكر طويالً و طويالً‪ ،‬و‬ ‫يصل يف النهاية إىل التفسري الّذي يقنعه و يرحيه‪« :‬الب ّد أن بعض اخلونة‬ ‫يف جملس احملافظة ممن يريدون اإلساءة لطرطوس ولشهدائها هم من‬ ‫يقفون وراء الدعوة و الرتحيب»‪ ،‬يتساءل كيف سيصل للسيد الرئيس‬ ‫ليخربه عما جيري على األرض ‪ ..‬من وراءه‪.‬‬

‫مدنية‬

‫م ِ‬ ‫ناف ْق‪ :‬ينشر حسن (الناشط احمللي الطرطوسي) على صفحته على‬ ‫ُ‬ ‫بأول‪ ،‬يتطاير الزبد من كتاباته‬ ‫فايسبوك أخبار مظاهرات تقسيم أوالً ّ‬ ‫ٍ‬ ‫احلانقة تعليقاً على العنف املطبّق على املتظاهرين‪ .‬منذ أيام قليلة كانت‬ ‫صفحة حسن حتتفي بـ «فقس» قرية البيضا‪ ،‬و هتلّل النتصارات اجليش‬ ‫السوري‪ .‬حسن اليوم يتعلّم أمهيّة احلفاظ على حقوق املتظاهرين ‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫لكن يف تركيا‪ .‬حسن لديه حساسية من خراطيم املياه و الغاز املسيّل‬ ‫للدموع‪ ،‬لكن ال بأس بالسواطري الراقصة على رقاب أطفال سوريا‪،‬‬ ‫ال بأس بسيل الرصاص الّذي كان ينهمر فوق رؤوس متظاهري سوريا‬

‫األوائل‪ .‬يعلّق حسن على كالمي هذا قائالً‪« :‬األمن كان بيعرف لوين‬ ‫بدون يوصلونا هاملرتزقة»!‪.‬‬


‫أدب الثورة‬

‫‪10‬‬

‫يوم من أيام النزوح‬ ‫بقلم‪ :‬نسيبة هالل‬

‫حرية‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 12‬متوز ‪2013‬‬

‫مدنية‬

‫تلك اللئيمة‬ ‫وجدت نفسي أهرع بعيدا عن خيميت باجتاه البوابة ‪..‬‬ ‫كنت أشعر بالغضب الشديد فهاهي أم النور تدعي بأنين أخذت‬ ‫حصتها من الطعام‪.‬‬ ‫كيف يل أن أحتملها بعد و خيمتها جتاور خيميت‪ ،‬وأنا أتذكر كم‬ ‫كرهتها يف طفوليت و كم ازددت كرها هلا بعد الثورة ‪..‬‬ ‫هي ما تزال مؤيدة للنظام حىت اليوم‪ ..‬حىت بعد أن احرتق بيتها‬ ‫بالقصف املتكرر‪ ..‬و تقول أن العصابات هي اليت استفزت‬ ‫النظام لريد هبذه القسوة‪ ،‬و أن كل اللوم يف نزوح أهل قريتنا يقع‬ ‫على تلك العصابات‪.‬‬ ‫منذ كنّا أطفاالً كانت تفتعل املشاكل مع اجلميع‪ ..‬حىت كرهتها‬ ‫إىل احلد الذي جعلين ال أطيق رؤيتها‪..‬‬ ‫و ها هي األيام تدور ألجدها جاريت يف النزوح‪ ..‬يال تعاسة‬ ‫حظي‪.‬‬ ‫و اليوم أخذت تولول و هي ت ّدعي أمام اجلميع أنين أخذت‬ ‫مزقوا هلا جدار خيمتها‪..‬‬ ‫حصتها من الطعام و أ ّن أطفايل ّ‬ ‫يارب مل تعد يل طاقة االستمرار‪ ،‬فزوجي قد أصيب بالقصف و‬ ‫هو يرقد يف الفراش اآلن‪ ،‬و أطفايل الثالثة أصبحوا مسؤولييت‬ ‫الكاملة‪ ..‬أحاول كل يوم البحث عن عمل فقد كنت معلمة‬ ‫املدرسة يف ما مضى‪ ،‬لكنين مل أوفق حىت اآلن‪ ..‬فصرت أمجع‬ ‫أطفايل ألعلمهم الكلمات و أحفظهم بعض اآليات‪ ..‬و أحكي‬ ‫هلم بعص القصص‪..‬‬ ‫متالكت نفسي و بدأت خطوايت بالعودة‪ ..‬فمن املؤكد أن زوجي‬ ‫و أطفايل الثالثة يف قلق شديد بعد خروجي املسرع‪..‬‬ ‫تلوح خيميت يف األفق‪ ،‬أرى مسا ابنيت ذات التسع سنوات تقف‬ ‫و تنتظرين على باهبا‪ ..‬تبدو يل عيناها من البعيد غائمتان كغيمة‬ ‫مشرفة على اإلمطار‪.‬‬ ‫أسرع يف مشييت فنظراهتا تكسر قليب‪ ..‬و لكين يف نفس الوقت‬ ‫أمسع صوت أبو النور صارخا طالبا النجدة‪..‬‬ ‫يتجمع الناس خارج خيمته متهيبني من الدخول‪ ..‬يسحب أم‬

‫النور خارج اخليمة‪ ،‬تبدو يل كجثة متشنجة‪..‬‬ ‫يصرخ طالباً النجدة‪ ،‬يتحلّق حوله الناس‪ ،‬و لكنه يناديين‪..‬‬ ‫(أم أمحد تعايل هللا يوفقك ‪ ..‬أنت معلمة قد الدنيا تعي شويف أم‬ ‫النور شو صرهلا)‬ ‫إيل احلشد الذي حضر مسرحية أم النور قبل ساعة وامجاً‪.‬‬ ‫يلتفت ّ‬ ‫ينتابين اجلمود‪..‬‬ ‫أتذكر كيف متنيت لو أقتلها قبل أقل من ساعة‪ ..‬يتشنج جسمها‬ ‫الصغري‪ ..‬تتبعثر أصابع يديها‪ ..‬أدرك أهنا تتعرض لنوبة عصبية‪..‬‬ ‫أقرتب قليالً‪ ،‬يبتعد يل احلشد كما لو كنت ساحرة ما‪.‬‬ ‫أحنين‪ ،‬أنظر يف عينيها الزائغتني فأدرك أهنا ليست يف وعيها‪.‬‬ ‫تكز على أسناهنا‪.‬‬ ‫تبدو يل إنسانة مسكينة ّ‬ ‫أصرخ قائلة هاتوا قطعة من القماش‪ ،‬تركض إحداهن و تناولين‪..‬‬ ‫أقول تعالوا ثبتوها ألضع قطعة القماش بني أسناهنا كي ال تقطع‬ ‫لساهنا‪..‬‬ ‫مر يومان على احلادثة‪ ،‬متاثلت ّأم النور فيهما للشفاء‪ ..‬و عادت‬ ‫ّ‬ ‫لتناكدين‪.‬‬ ‫و لكنين مل أندم للحظة على مساعديت هلا‪.‬‬ ‫مازلت أكرهها‪ ..‬و لكن‪..‬‬ ‫هناك شئ يف أعماقي يشعر بالرضى‪.‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬


‫فسبكات‬

‫‪11‬‬

‫‪Dlshad Othman‬‬

‫‪Ali Melhem‬‬

‫املعارضة السياسية بسوريا عم تنحصر بصنفني‬ ‫معارضة يلعن روحك‬ ‫و معارضة حذرنا سابقا‬

‫ما يف شي بالتاريخ امسو مسرية مؤيدة ‪ ..‬يف شي امسو‬ ‫مظاهرة ‪ ، demo‬يعين شو معنى انك تنزل تقول للحكومة‬ ‫«انا معك» ‪ ،‬ما َ‬ ‫أنت قلت هالشي أول مرة ملا انتخبتها‪.‬‬ ‫املسرية املؤيدة كذبة من أكاذيب االستبداد يف الشرق‬ ‫من سوريا إىل مصر و تركيا‬ ‫«تسقط املسريات املؤيدة و تعيش املظاهرات»‬

‫بيانو يف ساحة تقسيم‪ ،‬رسوم وأشعار يف ميدان التحرير‪،‬‬ ‫بالونات محراء يف مساء سوريا‪ ،‬طابات بنغ بونغ ملونة تتدحرج‬ ‫من أعالي قاسيون‪ ،‬جهاز تسجيل خمفي يصدح فجأة بأغان‬ ‫مضادة للنظام‪ ،‬رسوم غرافييت ثائرة يف كل مكان‪ ،‬كتابات‬ ‫ساخرة وعميقة على قطع كرتون بسيطة‪ ،‬شباب حيملون هم‬ ‫جمتمعاتهم ويتآخون يف الساحات العامة‪ ،‬كيف يكون الربيع‬ ‫إذن؟ هذا هو الربيع الذي تتكالب عليه األنظمة مجيعاً مبا‬ ‫فيها تلك اليت تزعم أنها تسانده‪.‬‬

‫‪Yamen Hseen‬‬

‫‪Rateb Shabo‬‬

‫يم مشهدي‬ ‫اغلب كتاب الدراما معارضيني‬ ‫اغلب املمثلني مواليني‬ ‫اغلب املخرجني صامتني‬ ‫يف البدايه كانت الكلمه‬

‫‪Khalaf Ali Alkhalaf‬‬

‫‪Hiam Gamil‬‬ ‫الثورة ليست بندقية ورصاص‪ ،‬وليست اليف ستايل ماركسي‪،‬‬ ‫أو غربي متشرد‪ ،‬وليست تهوميات فنية‪ ،‬أو خطابات رنانة‪...‬‬ ‫ببساطة الثورة هي احلقيقة‪ ..‬أن نكون حنن حنن‪...‬‬ ‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫حرية‬

‫إخواننا يف بالد العرب واملسلمني‬ ‫جاهدوا جهادكم األعظم ‪ ..‬فأعظم اجلهاد كلمة حق عند‬ ‫سلطان جائر ‪ ..‬عندكم فرصة لتمارسوا أعظم اجلهاد يف‬ ‫بالدكم ‪ ..‬دعوكم منا ‪..‬‬ ‫من مات وهو ميارس أعظم اجلهاد ‪ ..‬كان سيد الشهداء ‪..‬‬ ‫عندكم فرصة لتكونوا سادة الشهداء يف بالدكم ‪ ..‬دعوكم‬ ‫منا ‪..‬‬ ‫حتولكم إىل الدميقراطية ‪ ..‬ينفعنا أكثر من قتالكم على‬ ‫جبهاتنا ‪ ..‬حكامكم كحكامنا ‪..‬‬ ‫استفيدوا من أخطائنا ‪ ..‬السالح ال حيرر ‪ ..‬السالح دمار ‪..‬‬ ‫ولكم يف سوريا مثال ‪ ..‬السالح ال جيلب إال مزيد ًا من التبعية‬ ‫ملن مين به علينا ‪..‬‬ ‫كلمة احلق واإلصرار على إظهار احلق هو سبيل الرشاد‬ ‫‪ ..‬فقط انطقوا باحلق وابتعدوا عن الشتائم واألحقاد ‪..‬‬ ‫التزموا احلق ينصركم اهلل ‪..‬‬ ‫اهلل يقول إذا جاء احلق زهق الباطل ‪ ..‬الباطل ال ميكن أن‬ ‫يزال بالباطل ‪ ..‬عندما يظهر احلق ‪ ..‬الباطل ميوت تلقائيا‬ ‫{ َك َّل ِإ َّن ْ‬ ‫ان لَ َي ْط َغى }‪..‬‬ ‫نس َ‬ ‫الِ َ‬ ‫احلل ‪..‬‬ ‫اس ُجدْ وَ ا ْق َِ‬ ‫تب } ‪..‬‬ ‫ُط ْع ُه } {وَ ْ‬ ‫{ َل ت ِ‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 12‬متوز ‪2013‬‬

‫صفحة «قرآن من أجل الثورة»‬

‫مدنية‬

‫ماقدمه املصريون للشعب السوري مل تقدمه أي دولة وال‬ ‫حتى أي شعب‪ .‬مل حيدث تضييق على سفر السوريني ملصر‬ ‫كما فعلت السعودية ودول اخلليج واألردن‪ .‬ومل تتسول‬ ‫مصر باسم السوريني كما يفعل األردن بشكل كريه‪ .‬ومل‬ ‫تسن قوانني مكتوبة أو شفهية للتضييق على السوريني كما‬ ‫فعلت اإلمارات وليبيا‪ ،‬ومل متنع العائالت من زيارة ذويهم‬ ‫كما فعلت الكويت‪ .‬ومل يسكن سوري يف خيمة كما يف السجن‬ ‫األردني املسمى «خميم الزعرتي»‪ .‬وقدم املصريون بصمت‬ ‫للسوريني حسب استطاعتهم‪ .‬ومل تشن الصحافة املصرية‬ ‫محلة على السوريني كما تفعل صحافة األردن‪ .‬ومل يتظاهر‬ ‫مصريون ضد السوريني وهم يرون مطاعم االكل الشامي‬ ‫تتكاثر‪ ..‬واحملالت السورية تفتتح مؤكدة على سوريتها‪.‬‬ ‫ومل نشهد بيانات تنديد من نقابات العمال أمام اخنراط بعض‬ ‫السوريني يف سوق العمل اليت تعاني البطالة أصال‪.‬‬ ‫يستحق املصريون‪ ،‬هذا الشعب الذي كان مالذا آمنا للهاربني‬ ‫عرب تارخيه أن حنفظ هلم هذا‪ .‬و أن نسجله يف أول كتاب‬ ‫تاريخ عن «فرتة اللجوء» السوري‪ .‬وتستحق مصر لقب «أم‬ ‫الدنيا»‪.‬‬

‫جيش الدفاع الوطين حبمص وكي اليقال عنه طائفي وانه‬ ‫ضد الوحدة الوطنية وتعميقاً منه للحمة الوطنية بدأ منذ‬ ‫مدة وبعد أن فرغ من اجناز سوق السنة بالبدأ باجناز سوق‬ ‫العلوية بعدة سرقات باحياء االرمن والزهراء وعكرمة كان‬ ‫اخرها سرقة بيت صديقيت وتنفيضه عالوتكة‬ ‫‪ ,,,‬طبعا اجلريان شافوا نقل الفرش وكل ماحصل ‪...‬‬ ‫هذا جيش الوطن هذا منا وفينا‬


‫لقطات من وطين‬

‫‪ 2013-6-4‬السوق القديم‪-‬حلب‬

‫‪ 2013-06-21‬داريا‬

‫‪ 2013-06-28‬حمص المحاصرة‬

‫‪12‬‬

‫‪ 2013-06-2‬حلب‬

‫‪ 2013-06-12‬انخل‪-‬درعا‪-‬لحظة قصف الطيران‬ ‫للمدينة‬

‫‪ 2013-06-26‬داعل‪-‬درعا‬

‫حرية‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 12‬متوز ‪2013‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫مدنية‬

‫‪ 2013-06-13‬اعتصام أهالي جنود الفرقة ‪( 17‬المحاصرة في الرقة) أمام مبنى محافظة الالذقية‬


‫فن الثورة‬ ‫كاريكاتور‬

‫‪13‬‬

‫غنية‬

‫بـخيام الشقا الجىء‬

‫كلمات ‪ :‬منار حيدر‬

‫وصفي املعصراني‬

‫نازح أنا و جمبور ع اخليمة و ذهلا‬ ‫يا حيف هيك يصري بـَ هل الكرم و اجلود‬ ‫و اآله لو بصرخ ‪ ,‬ما غريي يسمعها‬ ‫و النخوة صارت كنز هباد الوقت مفقود‬ ‫و النسمة كلما هتب من هلفيت بشمها‬ ‫بعرفها سوريّة ‪ ,‬من رحية البارود‬ ‫خديين على أرضي حمروق لـضمها‬ ‫كل يوم ألف موتة ‪ ,‬ع مبوت بغيايب‬

‫غرافيتي‬

‫حننا الفتحنا قلوبنا للي قاصدنا‬ ‫و اللي جلىء إلنا ‪ ,‬منا و فينا صار‬ ‫شلحونا جوى اخليم و انعارو منّـا‬ ‫منهن بأصلو عمل و منهن علينا جارو‬

‫حرية‬

‫العدد ‪ - 12‬متوز ‪2013‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫سلمية‬

‫سراقب ‪2013-6-6‬‬

‫مدنية‬

‫إ ْن جارت األيام و الزمن فيكن دار‬ ‫إلكن صدر البيت وعتبتو إلنا‬ ‫نعمر بلدنا‬ ‫ال بد يوم نعود و ّ‬ ‫ع احللوة و املرة حنيا سوا يا جار‬

‫لالستماع لألغنية‪https://soundcloud.com/wasfi-massarani/bchyam :‬‬

‫خبيام الشقا الجىء و حاضن املفتاح‬ ‫آخر مهومي صار أكلي و شرايب‬ ‫ع بييت أنا بدي بس أرجع و ارتاح‬ ‫علي عيش من فارقت بايب‬ ‫عازز ّ‬


‫الفتات مميزة‬

‫‪14‬‬

‫‪ 2013-6-21‬كفرنبل‬

‫‪ 2013-6-14‬الزبداني‬

‫‪ 2013-6-21‬الرقة‬

‫‪ 2013-6-14‬القامشلي‬

‫‪ 2013-6-14‬مصياف‬

‫حرية‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 12‬متوز ‪2013‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫مدنية‬

‫‪ 2013-7-1‬كفرنبل‬

‫‪ 2013-6-24‬دير الزور‬


‫رسالة من أخوة الوطن‬

‫‪15‬‬

‫إىل العلويني ‪ ...‬مرة أخرى‬

‫بقلم‪ :‬رجا مطر‬

‫كتبت يف العدد األول «مناجاة علوي مندس»‪ ،‬كان ذلك قبل سنة‬ ‫تقريباً‪ ،‬واآلن أكتب مرة أخرى‪ ،‬وال أعرف ما يدفعين لذلك فعالً!‬ ‫رمبا هو اليأس بعد األمل‪ ،‬أو رمبا ألنين طائفي؟ رمبا‪ ،‬لكنين ال أهتم‬ ‫كثرياً‪ ،‬يقولون أن هذا النوع من الكتابة يرسخ الطائفية ويؤسس‬ ‫ٍ‬ ‫ٍ‬ ‫طائفية‪ ،‬وأن كتابات كهذه « َخبـٌْز يف التنور الطائفي»؟‬ ‫هلويات‬ ‫صدقاً ال يهمين‪ ،‬ذلك ألن أفران الطائفية مل ِ‬ ‫تبق شيئاً لنا حنن‬ ‫مجاعة «التنانري»!‬ ‫أتساءل حقاً ملاذا أكتب؟ وما الذي دفعين إىل الكتابة؟ سأحاول‬ ‫أن أجد جواباً‪ ،‬ولكن قبل ذلك أريد أن أؤكد أين هنا ال أعرض‬ ‫جروحي ومعانايت كما يف املرة املاضية‪ ،‬وال أريد شفقةً من أحد‪.‬‬ ‫أكره هذه العاطفة‪ ،‬وأكره من يعتقد أنه يؤدي واجبه بإشفاقه على‬ ‫الناس وتعاطفه معهم‪ ،‬أكره من يفعل ذلك مث يضع رأسه على‬ ‫الوسادة وينام‪ .‬أحاول دوماً أن أحب‪ ،‬و أكره إحساسي بالكراهية‪،‬‬ ‫ولكنها شعوري املستقر جتاه الكثري من األشياء واألشخاص يف هذه‬ ‫األيام‪.‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫حرية‬

‫هذه الكتابة أليمة بالفعل‪ ،‬وهذه اهلواجس امللعونة تستدعي أن‬ ‫أتوقف هنا الكالم‪ ،‬ولكن لدي املزيد‪:‬‬ ‫ماذا أريد ؟ ال أعلم بالضبط‪ ،‬مل يعد لدي ما أحرض عليه‪ ،‬لدي‬ ‫بعض األحالم الساذجة‪ ،‬سيبدو ما أقوله عتهاً صادراً عن إنسان‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 12‬متوز ‪2013‬‬

‫الطائرة اليت تأيت جبثامني الشباب إىل مطار محيميم‪ ،‬الطائرة نفسها‬ ‫تنقل شباب «االحتياط» إىل املعارك اليت مات فيها من سبقوهم‪.‬‬ ‫هل هناك صورة أشد بؤساً من ذلك؟ جتارة النظام مبصريكم‪،‬‬ ‫قابليتكم املريعة لطاعته‪ ،‬وهذا التواطؤ العجيب بينكم وبني من‬ ‫يأخذكم لكي تَقتلوا وتُقتلوا‪ ،‬لكي يعيش هو‪ .‬هذا احلشد اهلائل من‬ ‫الساهني و الالهني و املتبلّدين و شهود الزور‪ ،‬هذا النهر املتدفق‬ ‫من الدم‪ ،‬كيف ميكن احتمال كل ذلك؟! تتهمون املعارضني منكم‬ ‫بعدم االكرتاث لدماء أخوهتم‪ ،‬خبيانة دماء الشهداء؟ رمبا هم‬ ‫األكثر اكرتاثاً بالدم!‬

‫مدنية‬

‫أكتب اآلن وأنا ‪ -‬كعاديت كلما فكرت بكم‪ -‬شديد احلزن‪،‬‬ ‫وغاضب أيضاً‪ ،‬يؤرقين سؤال ال أجد له جواباً‪ :‬كيف حتول‬ ‫معظمكم إىل جالدين وضحايا يف آن واحد؟ لست من هواه‬ ‫الوسطية والتمويه على اإلطالق‪ ،‬وأشد ما أكرهه الرمادية ومساواة‬ ‫تشوهٌ‬ ‫اجلالد بالضحية‪ ،‬ولكن هناك خطأ ال أدري أين هو‪ ،‬هناك ّ‬ ‫جعلكم هكذا! أحاول أن أتذكر مىت وكيف حصل ذلك ولكين ال‬ ‫أصل إىل جواب!‬ ‫كيف تغريمت؟ من أين حتصلون على طاقة تكملون هبا أيامكم؟‬ ‫حسناً‪ ،‬أنتم منفصلون عن الزمن احلاضر‪ ،‬ولكن كيف ال تأهبون مبا‬ ‫ينتظركم؟ سوريا اآلن غابة جمنونة‪...‬أال تروهنا ؟! هل تظنون أنكم‬ ‫بعيدون عن ذلك؟ ال أعلم كيف وصلتم إىل هذه العزلة! ال أعلم‬ ‫كيف بنيتم هذه اجلدران! هل فكرمت يوماً بصحة موقفكم؟ هل‬ ‫لكم موقف أصالً؟ ال أدري‪ ،‬و لكن لنتحدث قليالً‪:‬‬ ‫دعوكم من كالم احلرية والكرامة‪ ،‬دعوكم من عذابات املعتقلني‬ ‫والنازحني‪ ،‬من الشهداء‪ ،‬دعوكم من األحياء املدمرة والبيوت‬

‫املنهوبة‪ .‬أعلم أن احلديث معكم عن هذه األشياء اآلن أمر شبه‬ ‫مستحيل! أعلم أن خوفكم العميق األصيل الذي ال يفهمه إال‬ ‫واحد منكم جيعل احملاكمة األخالقية والعقالنية أمرا عسرياً! ال‬ ‫أعلم إن كان توقي للحرية وعطشي للكرامة عميقاً كما كان يف‬ ‫بداية الثورة‪ ،‬كما أنين ‪ -‬مثلكم‪ -‬بعيد عن مدن الثورة وأهلها‪،‬‬ ‫وشعوري بالعجز والتفاهة جتاه املعتقلني وضحايا القصف واجملازر‪،‬‬ ‫وحزين الشديد عليهم ال يوازي عذايب وأنا أراكم متوتون هبذا الثمن‬ ‫البخس كل يوم‪ .‬هذا الكالم ذو خلفية طائفية؟ رمبا‪ ،‬ال أعلم‪،‬‬ ‫ولكن ما حيصل هنا حيصل أمامي‪ ،‬أعيشه وأحس به بعمقه احلقيقي‪،‬‬ ‫وال يصلين كأحداث الثورة األخرى عرب االنرتنت وكالم األصدقاء‪،‬‬ ‫ذهابكم إىل اهلاوية هبذا الشكل اجلنوين شيءٌ ال ميكن السكوت‬ ‫عنه‪ ،‬هذا أكثر ما يدفعين للصراخ! هذا الكالم خمجل حقاً‪ ،‬لكن‬ ‫دوافع اإلنسان وهواجسه ليست شيئاً ميكن التحكم به دائماً‪.‬‬ ‫التفكري هبذا الشكل «املصلحجي» يشعرين بالعار‪ ،‬هذا املنطق‬ ‫(الطائفي رمبا‪..‬حقاً ال أعلم!) يبدو بعيداً عن األخالق والوطنية‪،‬‬ ‫ولكن الوحل لوثنا مجيعاً‪ ،‬وما نعيشه بشع ومميت‪ ،‬سنحتاج بعدها‬ ‫ّ‬ ‫سنوات طويلة لنعيد ترتيب أرواحنا على مهل!‬


‫‪16‬‬

‫معاق‪ ،‬أو مريض نفسي يف أحسن األحوال‪ .‬أمتىن أن حتلموا‪ ،‬أن‬ ‫تتحدثوا عن أحالمكم‪ ،‬احلموا أن نصبح يوماً مواطنني حقيقيني‪،‬‬ ‫مواطنني نضحك و نفرح‪ ،‬و منوت دون خوف‪ .‬لكم أمتىن أن‬ ‫تقولوا احلقيقة‪ ،‬كل احلقيقة وفقط احلقيقة‪ ،‬قولوا ما تفكرون به‪،‬‬ ‫دون خوف ودون مواربة‪ ،‬ال تكذبوا على أنفسكم وعلى اآلخرين‪.‬‬ ‫أحلم أن حتبوا اآلخرين بقدر استطاعتكم‪ ،‬أن تتخلصوا من خوفكم‬ ‫وريبتكم جتاههم‪ ،‬هذا اخلوف ال يقود أبداً إىل احلب‪ ،‬إنه أقصر‬ ‫الطرق إىل الكراهية‪ ،‬مث إىل احلقد‪ ،‬وأخرياً إىل العنف‪.‬‬ ‫منطقي مريض؟ ساذج؟ ال يهم‪ ،‬ألكن أي شيء بنظركم‪ ،‬جمنون‪،‬‬ ‫غيب‪ ،‬خائن رمبا‪ ،‬لن أعرتض ولن أناقش‪ ،‬ولكن باملقابل‪ ،‬أطلب‬ ‫منكم أن جتيبوا أنفسكم ال أن جتيبوين‪ :‬هل تستحق حياتكم هذه‬

‫أن تعاش هكذا؟ إذا حتول اإلنسان إىل شاهد أخرس‪ ،‬إىل شيء‬ ‫«عقيم»‪ ،‬إذا اقتنع أنه ال ميكن «إنتاج» شيء فعندئذ ما هي‬ ‫مربرات وجوده؟!‬ ‫يطن يف رأسي جمدداً كالم املثقفني‪« :‬ليس العلويون كتلةً سياسيةً‬ ‫واحدةً ميكن التوجه إليها‪ ،‬التوجه لـ«اجلماعات» كأفراد تتحكم‬ ‫هبم انتماءاهتم الطائفية خطاب طائفي ال يأيت بأي نتائج»‪ .‬حسناً‬ ‫رمبا يكون ذلك صحيح فعالً؛ إذاً يا صديقي الذي مينعك خوفك‬ ‫الطائفي من التفكري‪ ،‬ومينعك خوفك من النظام من التصرف‪.‬‬ ‫اعترب يا صديقي أن السؤال السابق موجه لك أنت‪ ...‬نعم‪...‬‬ ‫أنت‪ ...‬بصفتك اليت تريد!‬

‫سنديان بتتكلم آزادي‬

‫عامودا ‪...‬شعرة اجلنون والعبقرية !‬ ‫(منوذج حيتذى للمقاومة املدنية)‬

‫إعداد‪ :‬خورشيد حممد‬

‫معلومةٌ متداولةٌ يف الشارع الكوردي يف سوريا من باب الفكاهة‬ ‫عن عامودا‪ ،‬وهي كثرة اجملانني والعباقرة فيها وذلك ألنه بني‬ ‫اجلنون والعبقرية شعرة كما يتناقل املتحدثون!‬

‫سلمية‬

‫مدنية‬

‫العدد ‪ - 12‬متوز ‪2013‬‬

‫حرية‬

‫يف احلقيقة هناك سبب لشعبية تلك املقولة‪ ،‬وذلك أن شعب‬ ‫عامودا عموماً متقبل جملانينه ويتعامل معهم بروح الفكاهة‬ ‫والتن ّدر مع اإلبقاء على االحرتام‪ ،‬واألمر اآلخر كثرة املثقفني‬ ‫واجلامعيني يف تلك املدينة الصغرية لدرجة أهنا لقبت بعاصمة‬ ‫كردستان الغربية الثقافية‪.‬‬ ‫هذه املقدمة ضرورية لفهم متيز وتفرد احلراك املدين السلمي‬ ‫فيها‪ ،‬ذلك احلراك الذي أطلق أول مسرية مشوع حداداً على‬ ‫شهداء درعا‪ ،‬مث أتبعها باعتصامات ضد النظام ومظاهرات‬ ‫سلمية والفتات توعوية مميزة‪.‬‬ ‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬


‫سنديان بتتكلم آزادي‬ ‫مع تسارع األحداث وتطور الثورة‪ ،‬استطاع شباب عامودا‬ ‫بوعيهم أن يواكبوا الثورة وأن يغريوا أساليبهم املدنية بشكل‬ ‫دوامة التربير وردات‬ ‫مبتكر‪ ،‬دون أن يسجنوا أنفسهم يف ّ‬ ‫الفعل‪ ،‬وبذلك استطاعوا أن ينجوا بأنفسهم من مستنقع‬ ‫التسليح!‬ ‫خاصة عندما رمى النظام بعظمة إعادة اجلنسية للمجردين‪،‬‬ ‫حيث رفعوا شعار (حنن دعاة حرية ولسنا دعاة جنسية!)‪.‬‬

‫فخ املظاهرات‪:‬‬

‫كانت العبقرية عندما انتقلوا من مرحلة املظاهرات إىل مرحلة‬ ‫العمل املدين املنظم‪ ،‬ذلك االنتقال هو يف احلقيقة سر جناح‬ ‫املقاومة املدنية يف حني اإلصرار على املراوحة يف مرحلة‬ ‫حتوهلا إىل مقاومة مسلحة‪.‬‬ ‫املظاهرات هو مقتل السلمية وسبب ّ‬ ‫قام شباب عامودا بالقيام مبشروع تشجري املدينة‪ ،‬ومشروع‬ ‫لذوي االحتياجات اخلاصة من النساء‪ ،‬ومجعيات لنشر وعي‬ ‫اجملتمع املدين وغريها من املشاريع املدنية‪.‬‬

‫فخ الطائفية‪:‬‬

‫املنعطف الثاين اخلطري الذي جنا منه الشباب املثقف يف عامودا‬ ‫كان عندما بدأت بعض االجتاهات السياسية الكردية مترير‬ ‫الظلم حبجة محايتها للهوية الكردية وختويف اجملتمع من اخلطر‬ ‫العريب‪ .‬رفضوا ذلك وقاموا باملظاهرات ضد قوات حزب‬

‫‪17‬‬

‫االحتاد الدميقراطي (ب ي د) اليت فرقتها بالسالح‪ ،‬وقاموا‬ ‫أيضاً مبقاطعة انتخابات جملس الشعب الكردي‪.‬‬

‫اإلضراب عن الطعام‬

‫بعد اعتقال عدة نشطاء من عامودا على يد قوات االسايش‬ ‫التابعة للـ (ب ي د) قام الشباب األكراد بعدة اعتصامات‪،‬‬ ‫و أعلن عدة نشطاء اإلضراب عن الطعام من أجل اإلفراج‬ ‫عن املعتقلني‪ .‬الشباب قضوا أكثر من عشرة أيام حتت خيمة‬ ‫اإلضراب عن الطعام‪ ،‬رسالتهم أهنم قاموا بالثورة ليتنفسوا‬ ‫احلرية إىل األبد ال لكي يذهب االستبداد البعثي ليأيت بلون‬ ‫كردي‪ .‬يقولون إن كان ذلك هو الواقع فهم يفضلون املوت‪،‬‬ ‫يهمهم مىت وأين ميوتون‪ ،‬املهم أن ينعم السوريون حبرية ملونة‬ ‫ال ّ‬ ‫بألوان أطياف اجملتمع كافة‪ .‬مضربون عن الطعام ليثبتوا للعامل‬ ‫أن الوجه املدين للثورة مل ميت وأن ذلك الوجه هو أمل اخلالص‬ ‫يف عامل بات يتنفس البارود ويرقص على أنغام السالح‪.‬‬ ‫اقتحمت قوات الـ (ب ي د) قبل أيام مكان اإلضراب‪ ،‬و‬ ‫أطلقت النار على احملتجني السلميني‪ ،‬فاستشهد عدد من‬ ‫الشباب و جرح الكثريون‪ ،‬و لكن القصة لن تنتهي هنا ألن‬ ‫شعباً تنفس احلرية والكرامة ال ميكنه العودة إىل ننت العبودية‬ ‫والذل حىت لو كان الثمن التضحية بعباءة اجلسد!‬ ‫شكراً لشباب عامودا وبقية جمموعات اجملتمع املدين يف كل‬ ‫املدن السورية والعامل‪ .....‬انتم أمل اخلالص وقطرة الكرامة يف‬ ‫حبر العار العاملي!‬

‫حرية‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 12‬متوز ‪2013‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫مدنية‬

‫كفرنبل‬

‫الشباب المضربون عن الطعام يزرعون األشجار‬ ‫أمام خيمة اإلضراب‬


‫حوارات‬

‫‪18‬‬

‫معركة القصري بعني مجال اجلبالوي‬ ‫مجال من جبلة‪ ،‬يف الثامنة والعشرين اآلن‪ ،‬كان يعمل كـ «معلم متديد‬ ‫كهربا»‪ ،‬و يف موسم الزيتون يعمل يف مكبس و ينال أجرة تعبه زيتاً‪.‬‬ ‫كان دخله متفاوتاً تبعاً ملواسم البناء و الزيتون‪.‬‬ ‫ال يرى مجال من الثورة سوى ما حصل يف بانياس‪ ،‬يقول أهنم يعارضون‬ ‫النظام ألسباب طائفية حبتة‪.‬‬ ‫«أول ما بلشت الثورة امليمونة ببانياس نزلت مع الشباب و عملنا جلان‬ ‫شعبية و حطينا حواجز جببلة‪ ،‬كانت الناس خايفة كتري‪ .‬بعد تكسري‬ ‫السرافيس كلنا منعرف إنو األمن هوي اللي رجع سرافيس برمايا‬ ‫اللي كانت نازلة تعلق مع السنة بالبلد‪ ،‬و لسى بقولوا النظام شعل‬ ‫الطائفية! بعد فرتة لبسوا «الثوار» (يقوهلا ساخراً) ببانياس أكفان و‬ ‫طلعوا عاملتورات لعند املركز الثقايف حبركة استفزازية واضحة ‪ ...‬أنو هنن‬ ‫بدهن يصري يف دم و حمضرين حالن عالشهادة ‪ ...‬بعد كم يوم عملوا‬ ‫كمني للجيش عند جسر القوز و قتلوا عساكر مالن عالقة بشي‪...‬‬ ‫اجليش وقتا ما كان لسى اتدخل بشي أصالً!»‬

‫احكيلنا عن معركة القصري‪.‬‬ ‫«هللا ال يوريك»‪ .‬يقوهلا ضاحكاً‪« .‬شو بدك تعرف؟ من عنا الفرق اللي‬ ‫مشاركة هيي الفرقة ‪ 11‬و الفرقة ‪ 18‬و الفرقة ‪ 14‬دبابات»‪ .‬و حزب‬ ‫هللا؟ ‪« .‬حزب هللا ال تع ّد‪ ،‬كتري»‪ .‬قديش يعين؟‪« .‬آالف‪ ،‬هنن اللي‬ ‫اشتغلوا كلشي تقريباً»‪ .‬الرئيس قال مئات‪« .‬شو بدك فيه‪ ،‬كذاب‪،‬‬ ‫لكن يف جحش بقول إنو ضلت ‪ 6‬شهور سلمية و هنن من أول يوم‬ ‫كانوا عم يقتّلوا ببانياس!»‪.‬‬ ‫و من الطرف اآلخر‪ ،‬مني كنتوا عم تقاتلوا بالقصري ؟‬ ‫«شو بعرفين‪ ،‬كلو مجاعة دقون و هللا اكرب‪ ،‬و كتري منهن مو سوريني‪ ،‬يف‬ ‫لبنانيني و يف تونسيني و من مجيعو‪ ،‬و قالوا إنو يف فلسطينيني من محاس‬ ‫بس هنن اللي ساعدو اإلرهابيني حبفر األنفاق‪ ،‬بس ماين متأكد»‪.‬‬ ‫يعين قصة األنفاق مزبوطة؟‬ ‫«لكن شو! حننا عنا أنفاقنا و هنن عندن أنفاقن‪ ،‬و أحيانا كنا نتسابق‬ ‫باحلفر‪ ،‬اللي بيحفر أسرع هوي اللي بسيطر‪ ،‬فجرنالن عشرات األنفاق‬ ‫باللي فيّا‪ .‬لعبة األنفاق وسخة كتري»‪.‬‬

‫حرية‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 12‬متوز ‪2013‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫مدنية‬

‫إسايل كم يوم و بكفي السنة‪ .‬أول‬ ‫«انطلبت احتياط بتموز ‪ّ ،2012‬‬ ‫شي كنت حبمص‪ ،‬حبمص دامهنا كتري بيوت و قبضنا ع مسلحني و‬ ‫و أهل القصري‪ ،‬معكن وال معن؟‬ ‫صادرنا مصاري و أسلحة شي متل الكذب‪،‬‬ ‫«املسيحيني أغلنب مع اجليش طبعاً‪ ،‬و السنة‬ ‫ملا كنت عحاجز بالوعر ضربوا علينا هاون‬ ‫• حزب هللا هنن اللي اشتغلوا كلشي‬ ‫يف هيك و يف هيك‪ ،‬بس تقريباً ما ضل حدا‬ ‫و انصبت بشظايا بظهري و فخذي‪ ،‬رجعت‬ ‫تقريباً‪.‬‬ ‫مدنيني‪ ،‬البيوت كال فاضية‪ .‬و يف مناطق كانت‬ ‫عالشيخ بدر نقاهة و شالويل كم شظية باملشفى‬ ‫• أنا عم حارب يف اجليش من أجل قضية‬ ‫حمصنة من األول‪.‬‬ ‫العسكري بطرطوس و تركوا كم وحدة زغرية‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وطن مو مشان نظام‪.‬‬ ‫بس حننا مو ضد كل السنة‪ ،‬يف سنة مع اجليش‪،‬‬ ‫رجعت التحقت بعدين‪ ،‬و بعد فرتة نقلوين‬ ‫• إذا ما حدا قتل الرئيس بدي اتطوع‬ ‫لو كل سنة سوريا ضد اجليش كنا خسرنا‬ ‫عالقصري»‪.‬‬ ‫باجليش وخلي معي هالرصاصة (خيرجها‬ ‫احلرب من زمان‪ ،‬بقولوا عنا طائفيني؟ اجليش‬ ‫من جيبه) خصوصي لراس بشار األسد‪.‬‬ ‫حلد اآلن فيه من كل الطوائف‪ ،‬حىت حزب‬ ‫«بالقصري حوصرنا ملدة شي شهر و نص تقريباً‪،‬‬ ‫هللا! بتعرف إنو يف معو مقاتلني كتري سنة‪ ،‬و يف‬ ‫كنا حوايل الـ ‪ 50‬واحد‪ ،‬بقينا عاخلبز و املي‬ ‫منهن استشهدوا‪ ،‬الشهيد فادي اجلزار فلسطيين‬ ‫كم يوم بعدين خلص اخلبز‪ ،‬صرنا ناكل حشيش و‬ ‫و أسري بسجون اسرائيل كان عم يقاتل مع حزب هللا بالقصري‪ ،‬شو بدك‬ ‫منل و كلشي بيطلع بوجهنا‪ ،‬رفيقي قتل حيًة و شواها‪ .‬بعدين هللا بعتلنا‬ ‫أكرت من هيك؟»‬ ‫خاروف دحبناه و ضلينا نشوي من حلمو كم يوم‪ .‬كانت أيام احلصار‬ ‫صعبة كتري‪ ،‬كان معنا جرحى مو منقدر نعملن شي‪ ،‬استشهد قدام‬ ‫شو كان دورك باملعركة ؟‬ ‫عيوين شباب من أعز رفقايت‪ ،‬فوق هادا كلو غدروا فينا السنة اللي‬ ‫أنا بسبب وضعي الصحي كانت شغليت بس غطي سيارات حزب‬ ‫كانوا معنا و انشقوا‪ ،‬هربوا لعند املسلحني اللي حماصرينا‪ ،‬من وقتها‬ ‫هللا‪ ،‬يعين بس من ْشغُل املسلحني لبني ما مترق سيارات احلزب بال ما‬ ‫صرت ما ّأمن للسين‪ ،‬صرت ملا قاتل كون عني عاملسلحني و عشر‬ ‫يستهدفوا‪ ،‬يف شظية هللق بظهري و إذا حتركت بسرعة بتلمع عليي»‪.‬‬ ‫عيون عالسنة اللي معي بالقطعة‪ ،‬ألنو بأي حلظة ممكن يغدرو فينا»‪.‬‬ ‫ّ‬


‫‪19‬‬ ‫«إجازيت ‪ 3‬أيام و بعدها راجع‪ ،‬حاليا عم يكمل اجليش متشيط الضيع‬ ‫حول القصري‪ ،‬القصري مو زغرية متل ما العامل مفكرة»‪.‬‬ ‫بتجب و ما‬ ‫«يف باجليش كتري عامل شغلتا التفنيص‪ ،‬و ساعة اجلد ّ‬ ‫بتسرتجي حتارب متل اخللق‪ ،‬و يف ناس بال أخالق‪ ،‬دايرين عالسرقة و‬ ‫النهب‪ .‬قالل اللي شايلني هم الوطن ع كتافن»‪.‬‬ ‫«أنا عم حارب يف اجليش من أجل قضية وطن مو مشان نظام‪ ،‬اليوم‬ ‫صارت األمور واضحة‪ ،‬يف ناس بدهن خيربوا الدولة‪ ،‬و عم ينفذوا أوامر‬ ‫اللي عم يعطيهن سالح و مصاري‪ ،‬لو الشغلة معارضة و مواالة كانت‬ ‫احنلت من زمان‪ .‬أما هلق معد عنا خيار تاين‪ ،‬هاحلرب انفرضت علينا‪،‬‬ ‫أنا مع إنو سوريا تعلن احلرب ع قطر‪ ،‬بساعتني منمحيّا عن اخلريطة‪،‬‬ ‫مو واضح متل عني الشمس إنو قطر عم حتاربنا»‪.‬‬ ‫بقل كم‬ ‫«كل فرتة بنطلّك لبناين كتّري حكي و بيضحك عالناس و ّ‬ ‫شهر و بتخلص‪ ،‬مطولة و هللا مطولة‪ ،‬اللي عم يصري هلق متل أحداث‬

‫التمانينات‪ ،‬وقتا ضلّت ‪ 4‬سنني‪ ،‬بس اللي صار وقتا مش بالنسبة للي‬ ‫عم يصري هلق‪ ،‬هاملرة إذا بتخلص بـ ‪ 8‬سنني بكون نعمة كرمي‪ .‬بدنا‬ ‫نتحمل و نصرب‪ ،‬هادا قدرنا»‪.‬‬ ‫«بعد ما ختلص األزمة ما بدي شي‪ ،‬بدي ارجع عالضيعة و اجتوز‪ .‬و‬ ‫ميكن اتطوع! إذا ما حدا قتل الرئيس بدي اتطوع باجليش وخلي معي‬ ‫هالرصاصة (خيرجها من جيبه) خصوصي لراس بشار األسد‪ ،‬و هللا و‬ ‫لو بقي من عمري يوم بدي اقتلوا‪ ،‬قلتلو لبيّي (أيب) إنو رح جيي يوم‬ ‫يصريوا العلوية يلعنو بشار و حافظ أكرت أبيلعنوا يزيد و معاوية‪ ،‬ما حدا‬ ‫بتاريخ الطائفة أذاها أكرت من بيت األسد»‪.‬‬ ‫«خطيبيت طاير عقال‪ ،‬ما كان بدا ياين روح عاالحتياط‪ ،‬و بعد اللي صار‬ ‫حمسا معارضة‪ ،‬مو شغلتا غري تسب عالدفاع الوطين و‬ ‫بالبيضا صرت ّ‬ ‫تقول أنو بدن خيربو بيتنا»‪.‬‬

‫سنديان ‪ 25‬حزيران ‪2013‬‬

‫مساحة حرة‬

‫ً‬ ‫هل حقا سيسقط النظام؟‬ ‫سقوط النظام ‪ ..‬كهدف للثورة‪:‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫حرية‬

‫بدأت تتضح الفاتورة الكبرية املرتتبة على إسقاط النظام املتشبث باحلكم‬ ‫حىت آخر بندقيّة تقاتل يف ص ّفه‪ ،‬خاصةً مع تساقط آمال املعولني‬ ‫على تدخل أو ضغط دويل حيسم الصراع لصاحل الثوار‪ ،‬ليرتنّح الواقع‬ ‫السوري كما هو اآلن على مدار سنة بني «التحرير» و «التطهري» وما‬ ‫يرافقهما من دمار يف البىن التحتية و كوارث إنسانية و تعميق يف اهلوة‬ ‫السوري‪.‬‬ ‫بني أطياف اجملتمع ّ‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 12‬متوز ‪2013‬‬

‫أمنية و جيش و ميليشيات حملية و انتقال الثورة بشكل تدرجيي حنو‬ ‫النشاط املسلّح إىل تشابك مالمح الصورة السوريّة بشكل أكرب وتغري‬ ‫يف املفهوم العام إلسقاط النظام‪ ،‬فمن اآلن أصبحت القوات الرمسية‬ ‫حجر عثرة يف سبيل حتقيق أهداف الثورة وأصبحت عدواً للمنخرطني‬ ‫ٍ‬ ‫فرصة ساحنة للهجوم بدالً من‬ ‫يف احلراك املسلّح الّذين انتقلوا يف كل‬ ‫الدفاع عن نفس؛ احلجة الّيت رافقت تشكيل اجليش احلر و اجملالس‬ ‫العسكرية‪.‬‬

‫مدنية‬

‫السورية و إىل اآلن‪ ،‬حافظ الشعب املنتفض على شعار‬ ‫منذ بدء الثورة ّ‬ ‫حتوهلا يف‬ ‫«إسقاط النظام» بالرغم من أ ّن ّ‬ ‫تغي ظروف البيئة الثورية و ّ‬ ‫ع ّدة مراحل جعل هلذا الشعار ٍ‬ ‫معان و أبعاد خمتلفة‪.‬‬ ‫غاب شعار إسقاط النظام عن املظاهرات األوىل ليظهر بعد الوحشية‬ ‫التحرك الشعيب مطلباً جامعاً على امتداد رقعة التظاهر‪.‬‬ ‫الّيت قوبل هبا ّ‬ ‫يف فرتة احلراك السلمي كانت التجربتان املصرية و التونسيّة ملهمةً‬ ‫لعموم املتظاهرين ليتوقعوا سقوطاً للنظام عن طريق تسليم رؤوسه‬ ‫للسلطة حتت وطأة مظاهرات حاشدة يف الساحات العامة‪ .‬كان هذا‬ ‫السيناريو املفرتض سيحفظ للبلد مق ّدراهتا و مواردها و سيسهل كثرياً‬ ‫عملية إعادة البناء اجملتمعية و السياسية‪ ،‬ولكن مل يكن للثوار ما أرادوا‬ ‫ٍ‬ ‫ألسباب ع ّدة منها متعلّق خبصوصية اجملتمع السوري‪ ،‬و منها كان نتيجةً‬ ‫حتميةُ ألسلوب النظام الوحشي يف منع وصول املتظاهرين للساحات‬ ‫العامة يف املدن الكربى مهما كلّف األمر‪.‬‬ ‫أ ّدى إقحام النظام لكل القوى املسلّحة املوجودة يف حوزته من قوى‬

‫بقلم‪ :‬جنم‬


‫‪20‬‬

‫هل سيسقط النظام؟‬

‫سقط النظام من وجهة نظر «شرعية» منذ أكثر من سنتني‪ ،‬كما سقط‬ ‫النّظام يف العديد من املناطق الّيت فقد السيطرة عليها تباعاً‪ ،‬استطاع‬ ‫السالح من‬ ‫النظام إعادة سيطرته على بعض األراضي الّيت خسرها بقوة ّ‬ ‫خالل نشر قواته فيها بشكل أقرب إىل «االحتالل» منه إىل «السلطة‬ ‫الشرعية» يف حني استطاعت قوى الثورة املسلّحة احلفاظ على سيطرهتا‬ ‫على مناطق أخرى إىل اآلن‪ .‬يقع سقوط النظام الكامل اليوم بني‬ ‫احتمالني؛ أوهلما‪ :‬استطاعة الثوار املسلّحني إكمال السيطرة على باقي‬ ‫األراضي السورية و األهم املدن الكربى كحلب و دمشق‪ ،‬و ثانيهما‪:‬‬ ‫انتهاء املفاوضات الدوليّة إىل صيغة حل تؤدي إىل تسليم السلطة‬ ‫حلكومة انتقالية ختتلف الطروحات يف شكلها و ممثليها‪.‬‬ ‫يبدو أفق الصراع املسلّح مسدوداً مع عدم استطاعة أي من طريف‬ ‫الصراع حسم املعركة لصاحله ألسباب ع ّدة كان لنا معها وقفات يف‬ ‫مقاالت أخرى‪ ،‬و يبدو أفق املفاوضات ضبابياً وسط ختبّط الغرب‬ ‫يف مواقفه من الثورة خاصةً مع تع ّقد خلفيات الصراع ومشاركة قوى‬ ‫إقليمية عديدة فيه بشكل مباشر أو غري مباشر وانتشار قوى متطرفة‬ ‫هلا أجندات ال تتوافق مع املصاحل الغربية وال يتحكم هبا أي ضابط‪.‬‬ ‫السوري اليوم غايةً يف الصعوبة وضرباً من‬ ‫يبدو استقراء املستقبل ّ‬ ‫ضروب التكهن بنتائج لعبة مفتوحة على مجيع االحتماالت‪ .‬أصبح‬ ‫سقوط النظام باملفهوم الرومانسي الّذي ساد يف بداية الثورة من‬ ‫منسيات التاريخ‪ ،‬وأصبح من الضروري نقاش مسألة «وجود النظام»‬ ‫ٍ‬ ‫حبديث هادئ بعيد عن العنفوان‬ ‫أو حىت احلالة الّيت ستلي «غيابه»‬ ‫الّذي بدأت به ثورتنا‪.‬‬

‫ماذا لو مل يسقط النّظام‪:‬‬ ‫«علمتنا السنة املاضية من عمر الثورة السورية أن نقلع شوكنا بأيدينا»‬

‫ستغدو سورية مستعمرة روسية‪-‬إيرانية مشرتكة‪ ،‬السفن احلربية الروسية‬ ‫يف البحر‪ ،‬و القوات الروسية على احلدود مع إسرائيل‪ ،‬و امليليشيات‬ ‫الطائفية التابعة إليران (عراقية أو لبنانية) تسرح يف طول البالد و‬ ‫عرضها‪.‬‬ ‫مهما بدت سيناريوهات السقوط سوداء‪ ،‬فإ ّن سيناريوهات ترك النظام‬ ‫بث‬ ‫يف مكانه أش ّد سواداً مما ميكن ختيلّه‪ .‬ال هتدف هذه السطور إىل ّ‬ ‫الروح السلبية يف القارئ و لكنّها هتدف فيما هتدف إىل التذكري بأ ّن‬ ‫معركة الثورة اليوم هي معركة حياة أو موت‪ ،‬إسدال الستار عليها دون‬ ‫حتقيق أهدافها و ضمان إحداث «تغيري جذري» يف البنية السياسية و‬ ‫األمنية يف سوريا سيعين بال شك إسدال الستار عن ٍ‬ ‫أحالم حلمنا هبا‬ ‫و عملنا ألجلها طويالً ‪ ..‬التصمتوا‪ ،‬مستقبل سوريا سريسم اآلن أو‬ ‫سيسدل عليه الستار ٍ‬ ‫مسمى‪.‬‬ ‫ألجل غري ّ‬

‫حرية‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 12‬متوز ‪2013‬‬

‫العزل منه و من تبقى مسلحاً بال ظهر‬‫سيخوض حربه مع الشعب‬ ‫ّ‬ ‫حت يقضي على «األوكار» املتبقيّة‪ ،‬لن يكون‬ ‫يدعمه‪ -‬بال هوادة‪ّ ،‬‬ ‫األمر سهالً لكنّه لن يكون مستحيالً! سيحاول إرهاب الشعب و تنشئة‬ ‫حت بالدعوة‬ ‫جيل خياف من ظلّه‪ ،‬يقبّل اليد الّيت تصفعه و ال جيرؤ ّ‬ ‫عليها بالكسر‪.‬‬

‫مدنية‬

‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫هذا جزء مما ورد يف افتتاحية العدد السادس من جملة سنديان مطلع العام‬ ‫احلايل‪ .‬ال جمال للمراهنة على أي ٍ‬ ‫طرف سيضمن هلذا البلد مستقبالً‬ ‫خمتلفاً عن ماضيه‪ .‬من حيث الوقائع فإ ّن احتمالية بقاء النظام ال تبدوا‬ ‫أكثر بعداً من سقوطه‪ ،‬كما أ ّن األشهر األوىل من الثورة كانت كفيلةً‬ ‫يتغي أو يصلح‬ ‫بالربهان ملن بقي يشك بأ ّن هذا النظام ال ميكن أبداً أن ّ‬ ‫من نفسه‪ ،‬و بأنّه سيعتمد يف بقائه بعد كل ما حدث على اإلرهاب‬ ‫بالقوة ليس إال! كما قدمت املناطق الّيت استعاد النظام السيطرة عليها‬ ‫بعد حني أمثلةً مصغرةً لالنتقام الّذي سيحل بكل فاه جترأ بالثورة‪ .‬ال‬ ‫ندري متاماً ما هي تفاصيل الصفقات الّيت تعرض للنقاش و التجارة يف‬ ‫األروقة ال ّدولية لكن من احملتّم أ ّن منها ما يفضي إىل تقاسم الكعكة‬ ‫ورشوة القوى الّيت ت ّدعي احلرص على دمائنا ليرتك الشعب وحيداً متاماً‬ ‫بعيداً عن الضوء يف مواجهة جالده‪.‬‬

‫سيعمد النظام يف حال إعادة مللمته ألركانه املتزعزعة إىل إعادة تدجني‬ ‫الشعب بشكل أقسى مما سبق‪ ،‬و سيفتح أبواب اجلحيم على مجيع‬ ‫الثوار و «املشبوهني» بالثورة‪ ،‬االنتقام سيطال اجلميع يف صورة أشنع‬ ‫ٍ‬ ‫وحشية من الصورة الّيت مسعنا عنها عقب أحداث الثمانينات‪.‬‬ ‫و أكثر‬ ‫سيعيد ترتيب أركان «الدولة العصابة» بشكل أدهى و أكثر إحكاماً‬ ‫السورية أمراً مستبعداً يف‬ ‫حبيث جيعل من احتمالية ّ‬ ‫تكرر معجزة كالثورة ّ‬ ‫األفق املنظور‪.‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬


‫قراءة يف كتاب‬

‫‪21‬‬

‫قراءة يف كتاب األرواح اليافعة‬

‫بقلم‪ :‬خورشيد حممد‬

‫الذين حافظوا على إنسانيتهم يف األزمات دون أن تصبح ماركة مسجلة لطرف أو عرق أو طائفة‪ ،‬هم الذين‬ ‫امتلكوا شجاعة السباحة وحيدين يف حبر اخلوف وسفن العقل اجلمعي اليت تعد بالنجاة‪.‬‬ ‫يعيش اإلنسان قلق الوحدة وأشدها الوحدة األخالقية‪ ،‬وهنا مكمن االستسالم للعقل اجلمعي على حساب‬ ‫القناعة واإلميان‪.‬‬

‫الفصل األول‪ :‬سباحة ضد التيار‪:‬‬

‫الظلم يغري بردة الفعل خاصةً عندما منتلك حق الرد والدفاع عن‬ ‫النفس‪ ،‬ومع تنوع األذى وتعدد أشكاله‪ ،‬يتنوع الرد حىت نتحول‬ ‫إىل صورة (نيغاتيف) عن اجلالد من حيث ال ندري‪ ،‬ألنه استحوذ‬ ‫علينا من خالل جزرات املوت اليت يضعها أمامنا لنلهث وراءها‪.‬‬ ‫ويف الوقت املناسب عندما تأكل دابة األرض من منسأته لتظهر‬ ‫موته جنلس على عرشه ونعيد الدورة مع أزالمه الذين أصبحوا اآلن‬ ‫مستضعفني وهكذا ‪....‬‬ ‫{ قَالُواْ أ ِ‬ ‫سى َربُّ ُك ْم‬ ‫ُوذينَا ِمن قـَْب ِل أَن تَأْتِيـَنَا َوِمن بـَْع ِد َما ِج ْئتـَنَا قَ َ‬ ‫ال َع َ‬ ‫ك َع ُد َّوُك ْم َويَ ْستَ ْخلِ َف ُك ْم ِف األ َْر ِ‬ ‫ف تـَْع َملُو َن }‬ ‫ض فـَيَنظَُر َك ْي َ‬ ‫أَن يـُْهلِ َ‬ ‫احلل صعب ولكنه الوحيد للخروج من دوامة تبادل األدوار وإعادة‬ ‫تدوير الظلم بأجسادنا وأرواحنا؛ احلل يف استعمال العقل بني ركام‬ ‫اجلثث وروائح املوت‪ ،‬ويف الصرب بينما أصوات طبول احلرب‬ ‫تصم اآلذان‪ ،‬ويف استعمال البالء والثورة فرصة للرتبية األخالقية‬ ‫واإلعداد الروحي‪ ،‬حىت تأيت اللحظة اليت نصل فيها إىل مرحلة‬ ‫حتمل أعباء النصر دون طغيان أو إعادة جتربة الطغيان‪ .‬عندها يهبنا‬ ‫هللا النصر‪ ،‬نصراً عزيزاً وفتحاً مبيناً‬

‫حرية‬

‫سلمية‬

‫الل واصِبواْ إِ َّن األَرض َِِّ‬ ‫ال موسى لَِقوِم ِه ِ ِ ِ‬ ‫ل يُوِرثـَُها َمن‬ ‫ْ َ‬ ‫{ قَ َ ُ َ ْ ْ‬ ‫استَعينُوا ب َّ َ ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫اد ِه والْعاقِبةُ لل ِ‬ ‫يَ ِ ِ ِ‬ ‫ني }‬ ‫ْمتَّق َ‬ ‫َ‬ ‫شاء م ْن عبَ َ َ َ ُ‬

‫مدنية‬

‫العدد ‪ - 12‬متوز ‪2013‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬


‫‪22‬‬

‫الفصل الثاين‪ :‬يف عقلية مرتكب اجملازر‬

‫حيدث يف حروب اإلبادة كما يف سوريا أن يقتل اجلندي ويعذب‬ ‫جريانه ومعارفه‪ ،‬وهذا يشكل صدمة أخالقية و إحجاما لدى الكثري‬ ‫من عبيد الطاغية‪ ،‬خاصة يف حالة اجملازر املباشرة ألناس رمبا كانوا‬ ‫يتسامرون معهم ويتبادلون اهلموم قبل أشهر‪ .‬واألصعب عندما‬ ‫يقتل اجلندي أبناء طائفته أو عرقه يف سبيل طائفة وعرق آخر! هنا‬ ‫يأيت دور اإلمعان يف التطرف من قبل رؤوس الشياطني من قادة‬ ‫امليليشيات عندما يتفننون يف القتل ويظهرون تندرهم واستمتاعهم‬ ‫به واستخفافهم واستحقارهم للخونة وبائعي الوطن واجملرمني! ال‬ ‫بل قد يتم التضحية بشخصيات كانت تعمل يف صفهم (حبسب‬ ‫الذوق العام لديهم) كشخصية الشيخ البياسي وعائلته الذي كان‬ ‫يعمل على السلم األهلي كما نقل عنه‪ ،‬وذلك جملرد الشبهة‪ ،‬وهم‬ ‫بذلك يرسلون رسالة واضحة للمرتددين أننا مل نتهاون مع شخص‬ ‫موال لنا من حجمه ألن اجلرم واخلطر احملدق كبري!‪...‬‬

‫فقه اللحظة‪:‬‬

‫يف حرب اإلبادة اليت قام هبا الصرب ضد الكروات تعرف أحد‬ ‫القادة على واحد من أصدقاءه الصرب الذي اعتقلوا خطأً مع‬ ‫الكروات (مبا أهنما تقريباً شعب واحد ويشبهون بعضهم كثرياً)‪ ،‬قام‬ ‫القائد بفك وثاقه وعانقه ومن مث قال له‪ :‬مهمتك أن تتعرف على‬ ‫الصرب من بني املعتقلني لننقلهم إىل معتقل منفصل‪ .‬ومن دون‬ ‫تردد حترك الرجل بني حشود اجلرحى املركومة وبدا ينادي الكروات‬ ‫(الذين ال يعرفهم) بأمساء صربية خمتلقة وكأنه يعرفهم شخصياً‪.‬‬ ‫تردد الكروات يف البداية من الصدمة والدهشة لكنهم سرعان ما‬ ‫فهموا اللعبة وصاروا ينادوه (خذين أنا أرجوك ‪..‬أنا ‪..‬أنا ‪ .)..‬أخذ‬ ‫ما يكفي حلشد الغرفة اجملاورة وأنقذ حياهتم‪ ،‬كان يكفي أن يسال‬ ‫هؤالء الضحايا عن أمساءهم مرة اخرى لتنكشف لعبته‪ ،‬وال خيسر‬ ‫فقط الفرصة الذهبية اليت حصل عليها عندما تعرف عليه صديقه‬ ‫بل يتهم باخليانة‪ ،‬لكن عندما يلتقي احلس اإلنساين مع الشجاعة‬ ‫واحلكمة وسرعة البديهة يكون أناس كهذا املخلص شهوداً آخرين‬ ‫على املتخاذلني واملعوقني !‬

‫الفصل الثالث ‪ :‬يف فك شفرة عقلية‬ ‫احملتل (بني الواجبات واحلقوق)‪:‬‬

‫هذه املرة القصة هي عن جندي إسرائيلي عقائدي يؤمن بالدفاع‬ ‫عن إسرائيل وقدسية املؤسسة العسكرية‪ ،‬وحيمل يف ذاكرته قصص‬ ‫أبطاله الذين دافعوا باستبسال عنها‪ .‬هذا اجلندي هزه فلم وثائقي‬ ‫دعته إليه أخته خمرجة األفالم عن الدمار احلاصل يف املناطق‬ ‫الفلسطينية‪ ،‬وفتح ثقبا يف جداره ليحوله الحقا إىل داعية للسلم‬ ‫وحمارب للحل العسكري وظلم املدنيني‪.‬‬ ‫تلك رسالة يف عدم استحقار أي جهد وعدم اليأس من أي شخص‬ ‫مهما بدا فظا غليظا‪.‬‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 12‬متوز ‪2013‬‬

‫السؤال املهم واحملري والعالق ‪ :‬كيف سنمرر التاريخ ألطفالنا دون‬ ‫أن ندس احلقد والكره معه‪ ،‬وهل من سبيل إىل دس احملبة كما‬ ‫فعلت أم أكو؟؟!‬

‫{ َم ْع ِذ َرًة إِ َل َربِّ ُك ْم َول َ​َعلَّ ُه ْم يـَتـَُّقو َن }‬

‫مدنية‬

‫ذلك الشاب الصريب أنقذ حياة املئات من الكروات يف فرتة‬ ‫التصفية العرقية اليت قامت هبا ميليشيات الصرب دون أن يكون‬ ‫بطالً أو شخصيةً معارضةً مشهورة‪ .‬بعد البحث يف تاريخ الرجل‬ ‫وااللتقاء معه يكشف الكاتب عن مالمح مهمة للحرب األهلية‪،‬‬ ‫ويفتح ثقوب النور يف اجلدران املصمتة‪ .‬والدة (أكو) عاشت‬

‫هذه الكلمات السحرية حتولت إىل عواطف أقوى من األفكار‬ ‫والعقائد الشمولية‪ ،‬جعلت من هذا الشاب يتزوج من كرواتية وينقذ‬ ‫املئات يف ردة فعل غريزية استغرقت حلظات يف أحلك الظروف‬ ‫دون التفكري يف العواقب‪ .‬لكن أكو عاىن من الفصام الذي حصل‬ ‫بني الكروات والصرب فلم يقبله الصرب ألنه أنقذ الكروات‬ ‫ورفضه الكروات ألنه صريب‪ ،‬لقد استطاع اكو التعايش مع ذلك‬ ‫من خالل االنفصام عن االنتماء اجلماعي كلياً‪ ،‬واالستغناء عنه‬ ‫واالكتفاء الذايت إىل حد العزلة‪ .‬من األمور املفصلية يف فقه احلروب‬ ‫األهلية ازدياد اهلوة بني الفريقني وانعدام التواصل‪ ،‬فالتعاطف‬ ‫حيتاج إىل لغة مشرتكة وتواصل وتفاعل‪ ،‬عندها فقط يذوب اجلليد‬ ‫ويصبح من الصعب مترير أمر قتل أو ذبح أو تعذيب‪ ،‬خاصة عندما‬ ‫تكون العالقة مباشرة بني اجلالد والضحية‪ ،‬ملا سيحفز ذلك من‬ ‫منعكسات إنسانية نتيجة التواصل والتفاعل‪ .‬لقد استطاع أكو أن‬ ‫يبين تلك اجلسور من خالل توصيات والدته وزواجه من كرواتية‪.‬‬

‫حرية‬

‫يف فقه احلرب األهلية ‪:‬‬

‫يف معسكرات اإلبادة حيث قتل الكروات أكثر من مئة ألف‬ ‫صريب وعندما سأهلا صغريها أكو عن الكروات قالت‪( :‬معظمهم‬ ‫طيبون!)‪ .‬كيف تقولني ذلك يا أماه وهم من قتلوا والديك ؟!‪.‬‬ ‫من قتلوا مل يكونوا بشراً‪ ،‬كانوا وحوشاً وحيوانات لكن هناك بني‬ ‫الكروات من هم بشر!‪.‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬


‫‪23‬‬ ‫النقاط املهمة اليت ذكر «افنار» أهنا أثرت فيه ويف كل جندي بنسبة‬ ‫ما دون أن تصل باجلميع إىل درجة االنشقاق لكن وضعتهم على‬ ‫الطريق هي االنتفاضة األوىل واملظاهرات السلمية مقابل السالح‪،‬‬ ‫و اليت قسمت اجملتمع اإلسرائيلي الذي ما لبث أن توحد حتت‬ ‫مظلة اخلوف يف االنتفاضة الثانية (املسلحة) ‪.‬‬ ‫الفيصل بني من يكسر القوانني خلدمة فكرة مشولية والذي يكسرها‬ ‫لسبب أخالقي هو عنوان السبب هل هو اآلخر أم أنت؟ هل‬ ‫يركز على واجبك حنو اآلخرين أم حقوقك لديهم ؟ وهنا مكمن‬ ‫الشيطان واملالئكة!‬ ‫ال ميكن لفكرة سامية أن تنتج وسيلة خسيسة أو تربر ظلما يف طريق‬ ‫العدل‪ .‬هذه حفرة سقط فيها معظم (املبدئيون) وسقطت مبادئهم‬ ‫معها! أسرع طريقة إلسقاط احملتل هي بتفكيكه من الداخل من‬ ‫خالل إقامة احلجة عليه وإسقاط األقنعة باالستمرار على الطريق‬ ‫مع الصرب على األذى إىل أن تستبني سبيل اجملرمني حىت لدى‬ ‫طائفته وعبيده ومن مث لكل حادث حديث!‬

‫الفصل الرابع‪ :‬اخليارات الباهتة (املعارضة‬ ‫بني الرغبة يف التغيري ووهم املؤامرة)‬ ‫الفصل الرابع واألخري من كتاب األرواح اليافعة حيكي قصة باهتة‬ ‫ال طعم هلا‪ ،‬ليس ألن املوقف أقل صعوبة وصاحبها أقل بطولة‪ ،‬بل‬

‫ألننا رمبا مجيعا نقف يف الضفة األخرى‪ ،‬ضفة الصامتني والعاجزين‪.‬‬ ‫إهنا قصة بيع املبادئ يف سبيل اإلبقاء على لقمة العيش‪ :‬ليلى‬ ‫املهاجرة إىل أمريكا مطلقة ولديها طفالن عملت جاهدة لتتوظف‬ ‫مستشارة مالية يف أكرب شركة مالية براتب كبري وحوافز عظيمة‪.‬‬ ‫يف اللحظة اليت ابتسم هلا الزمان فاشرتت بيتا وأرسلت أوالدها‬ ‫للجامعة وصار لديها منصب حتسد عليه‪ ،‬وكما كل احلكايات‬ ‫جاءها االمتحان‪ ،‬امتحان لألمانة‪ .‬رفضت ليلى أن تسوق لزبائنها‬ ‫االستثمار يف صفقة أقراص مدجمة بسبب عدم وضوح مصادر‬ ‫متويلها‪ ،‬يف وقت تنافس زمالؤها يف بيعها بسبب نسبة العمولة‬ ‫العالية رامني الذنب على الشركة (ساداهتم وكرباءهم)‪ .‬خسرت‬ ‫ليلى عملها‪ ،‬واكتشفت أهنا مصابة بالسرطان‪ ،‬وطالبتها الشركة‬ ‫مبائة ألف دوالر تعويضاً وإال خسرت رخصتها‪ ،‬كل ذلك يف وقت‬ ‫كان من املفروض أن جيازيها القدر خريا على عملها الصاحل‪ .‬يبدو‬ ‫أن سنة امتحان املبادئ سارية يف كل األوقات والظروف فال بد‬ ‫أن تصل إىل االستيئاس وتشكك يف جدوى قرارك وسذاجة وغباء‬ ‫موقفك‪ .‬وحده االستمرار أعطى ليلى زوجا آخر‪ ،‬وشفاها من‬ ‫السرطان‪ ،‬وأعاد إليها ماهلا ورخصتها‪ ،‬ووفر هلا عمال شريفا‪.‬‬ ‫الفيصل بني من يعارض عن إميان ومبدأ وبني املعوق وسليط اللسان‬ ‫هو مستقر املسؤولية‪ ،‬هل يتحملها هو ويستمر يف البحث عن‬ ‫خمارج حيفرها بيديه؟ أم يتفنن يف زوريته واختالق نظريات للمؤامرة‬ ‫وعداوات وخطط حتاك ضده لتسقطه؟ الفرق بينهما أن األول‬ ‫مصريه بني يديه يصارع ليبقيه والثاين يصارع ليضعه يف يد اآلخر!!!‬

‫خمطط النشاطات املدنية‬ ‫ضمن الثورة السورية‬

‫حرية‬

‫العدد ‪ - 12‬متوز ‪2013‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫مدنية‬

‫ميكنكم زيارة املخطط على هذا الرابط‪/http://www.alharak.org/nonviolence_map/ar :‬‬

‫سلمية‬

‫يضم هذا املخطط معظم األنشطة املدنية واملبادرات األهلية اليت أفرزهتا الثورة السورية واليت استطاع فريق منظمة احلراك السلمي السوري‬ ‫رصدها ‪ .‬عدد مدخالت املخطط يناهز السبعمائة ‪ 700‬مدخل تصب يف فئات خمتلفة‪ .‬من جتمعات وجمالس حملية إىل نشاطات مدنية‪،‬‬ ‫إعالم‪ ،‬فن‪ ،‬سينما بديلة‪ ،‬أغاين‪ ،‬مسرح‪ ،‬صحف و جمالت‪ ،‬مبادرات أهلية‪ ،‬جتمعات‪ ،‬جلان جمتمع مدين‪ ،‬اخل‪ .‬ميكنكم النقر على أحد‬ ‫األنشطة إلظهار عالقاته مع األنشطة األخرى وموقعه منها باإلضافة إىل بعض املعلومات عنه‪ .‬وتعتمد املعلومات املوجودة ضمن املخطط‬ ‫على املعلومات املنشورة على موقع أو صفحة النشاط أو على أجوبة القائمني عليه بعد سؤاهلم مباشرة‪.‬‬


‫‪24‬‬

‫خمطط النشاطات املدنية ضمن الثورة الثورة السورية‬ ‫‪/http://www.alharak.org/nonviolence_map/ar‬‬

‫حرية‬

‫‪www.facebook.com/Sendian.Mag‬‬

‫سلمية‬

‫ّ‬ ‫نرحب بآرا ِءكم و انتقادا ِتكم و مشاركاتكم و نقاشاتكم على صفحتنا على الفيسبوك‪.‬‬

‫مدنية‬

‫العدد ‪ - 12‬متوز ‪2013‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.