مجلة سنديان العدد 10

Page 1

‫العدد ‪10‬‬

‫أيار ‪2013‬‬

‫ألهلنا في الساحل و لجميع السوريين‬

‫الالذقية يف أفياء السنديان‬ ‫ّ‬

‫= االحتياط مرة أخرى (‪)4‬‬ ‫= الرقة بني التحرير و املستقبل اجملهول (‪.)11‬‬

‫= حوارات مع جنود اجليش السوري (‪.)18‬‬


‫‪2‬‬

‫احملتويات‬

‫• ‬

‫حراك تحت المجهر‪:‬الالذقية صـ (‪)6‬‬

‫• ‬

‫نقد ذاتي‪:‬الرقة بين التحرير و المستقبل المجهول‪ ،‬محاولة قراءة التجربة صـ (‪)11‬‬

‫• ‬

‫أدب الثورة‪ :‬صور من العالم اآلخر [ ‪ ]6‬صـ (‪)13‬‬

‫• ‬

‫أدب الثورة‪ :‬قلب في الغربة صـ (‪)14‬‬

‫• ‬

‫فسبكات صـ (‪)14‬‬

‫• ‬

‫لقطات من وطني صـ (‪)15‬‬

‫• ‬

‫فن الثورة صـ (‪)16‬‬

‫• ‬

‫الفتات مميزة صـ (‪)17‬‬

‫• ‬

‫حوارات‪ :‬حوارات مع جنود الجيش السوري صـ (‪)18‬‬

‫• ‬

‫مساحة حرة‪ :‬اإلنسان أوال صـ (‪)19‬‬

‫• ‬

‫رسائل من أخوة الوطن‪ :‬إلى جيل اآلباء صـ (‪)21‬‬

‫• ‬

‫سنديان بتتكلم آزادي‪ :‬المسألة الكردية في سياق الثورة السورية صـ (‪)22‬‬

‫• ‬

‫تواصلوا معنا صـ (‪)24‬‬

‫حرية‬

‫• ‬

‫خود و عطي‪ :‬عصيان االحتياط‪ :‬بين الواقع و اإلشاعات صـ (‪)4‬‬

‫سلمية‬

‫• ‬

‫االفتتاحية صـ (‪)3‬‬

‫مدنية‬

‫العدد ‪ - 10‬أيار ‪2013‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬


‫االفتتاحية‬

‫‪3‬‬

‫على وقع جمزرة البيضة‬ ‫جرت الصراع السوري‬ ‫حمل الشهر المنصرم أحداثاً ذات وزن كبير من المفترض أنّها جعلت مشهد سوريا المستقبل أكثر وضوحاً و ‪ ..‬مأساوية‪ ،‬فقد ّ‬ ‫و الثورة السورية و أدخلته بشكل علني و بعزم غير مسبوق إلى حلبة ما يسمى بالصراع السني الشيعي رغم ِ‬ ‫أنف الكثيرين في الحراك الثوري المدني‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ممن أبوا ذلك و دفعوا في سبيله كل ٍ‬ ‫غال و رخيص‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ثم االعتراف الواضح من قبل األمين العام للحزب و معه شخصيات إيرانية‬ ‫كان للظهور الوقح لعناصر حزب اهلل اللبناني في جبهات عديدة‪ ،‬و من ّ‬ ‫السوري الّذي كان ال يوفر فرصةً للسخرية من االتهام الموجه إليه منذ بداية الثورة باالتكاء على‬ ‫مرموقة بتبني وحدة الصراع و المعركة إلى جانب النظام ّ‬ ‫الدعم اإليراني المباشر أو المتواسط بحزب اهلل و انتقل اآلن للتباهي بش ّدة بأس هذا المحور‪« :‬النظام السوري – إيران – حزب اهلل»‪ ،‬و التصريح‬ ‫علناً أ ّن الضغط العسكري و الدولي المتزايد عليه سيعني إشعال المنطقة بأسرها ‪ ..‬إما أنا و إال واجهوا المصير الّذي سأفرضه عليكم أنا و حلفائي‬ ‫في المنطقة؛ وضعكم في صراع طائفي أدخلكم به بإرادتي و ال يستطيع أح ٌد إخراجكم منه في المدى المنظور‪.‬‬ ‫و مع استمرار وضع أغلب العلويين كما هو‪ ،‬من االصطفاف خلف النظام ألسباب و دوافع و بطرق تناولتها صفحاتنا بالتحليل و اإلدانة و محاوالت‬ ‫التغيير على مدى الشهور العشرة الماضية‪ ،‬و مع ضعف االستجابة للكثير من المحاوالت الّتي حاولت تقديم أطروحات النتشال الكثير من شباب‬ ‫الطائفة من الخندق المتمترسين فيه‪.‬‬ ‫المكون العلوي الطاغي‬ ‫استمر هذا الجنون الطائفي‬ ‫ّ‬ ‫بالتفجر في عدة مواضع و أزمنة كان آخرها مجزرة البيضة و بانياس و الصراع الطائفي الواضح بين ّ‬ ‫ّ‬ ‫السني األضعف‪ .‬أضف إلى ذلك حالة الغيبوبة السياسية و الوطنيّة داخل الساحل غير المنسجمة مع الحال الّتي آلت إليه‬ ‫ن‬ ‫المكو‬ ‫و‬ ‫الساحل‬ ‫في‬ ‫ّ ّ‬ ‫سوريا بعد عامين من الثورة و االقتتال األهلي‪.‬‬ ‫يمكننا بناء على المعطيات المذكورة أعاله االعتراف مكرهين بدخول الواقع السوري مرحلةً جديدةً تُ ِ‬ ‫نذ ُر بدخوله نفقاً طويالً لن ينتهي بسقوط النظام‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫وإن كان هذا السقوط بمنظورنا شرطاً الزماً للعمل على الخروج منه‪.‬‬ ‫المروعة المرتكبة من قبل تنظيمات طائفية تتبع للنظام ته ّدد‬ ‫ر ّدات الفعل الناقمة بش ّدة على ما حدث في البيضة و قبلها ما شابهها من المجازر ّ‬ ‫السورية المستقرة على كامل أراضيها في المستقبل قريبه‬ ‫السوري‪ ،‬و لربما ته ّدد إمكانية قيام الدولة ّ‬ ‫«الوجود العلوي المستقبلي» برمته في المجتمع ّ‬ ‫تم تداولها لمرحلة ما بعد السقوط مجرد نسخةً‬ ‫و بعيده‪ ،‬و تجعل سقوط النظام بالطريقة المنتظرة أمراً أقرب للخيال لتصبح أسوء السيناريوهات الّتي ّ‬ ‫رومانسيةً عن الواقع القادم‪.‬‬ ‫محررو المجلة للمستقبل مفرطةً في التشاؤم بالنسبة ألهل الساحل الغارقين في غيبوبة الحسم و وهم السيطرة‬ ‫ربما تبدو هذه النظرة الّتي يحملها ّ‬ ‫لكن هذه النظرة منبثقةٌ عن اطالع بانورامي عابر‬ ‫و ديمومة الحال و سيره نحو األفضل‪ ،‬و كذلك بالنسبة لبعض المنخرطين في صفوف الثورة‪ .‬و ّ‬ ‫«للحدود» على الوضع الميداني في المدن الثائرة‪ ،‬و الساحل؛ هذا االطالع الّذي قلّما تتاح الفرصة لمعاينته من قبل الكثيرين من مفكري الثورة و‬ ‫المنخرطين فيها‪.‬‬ ‫لكن اإلصرار على الغوص في النظرة الثورية الرومانسية للواقع الّذي‬ ‫ال نتمنى وضع العصي في الدواليب السوريّة المتهالكة على درب الخالص‪ ،‬و ّ‬ ‫يزداد قتامةً تقضي على أي حل‪ ،‬أو ٍ‬ ‫فرصة محتملة للحل‪.‬‬ ‫ّ‬

‫حرية‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 10‬أيار ‪2013‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫مدنية‬

‫في سنديان‪ :‬إدراكنا للمعضلة السورية المعقدة الّتي رسمها هذا النظام الفاشي أوالً و مصالح الدول الكبرى و العصبيات الدينية التي يزيد عمرها عن‬ ‫ٍ‬ ‫إليمان عميق‬ ‫ألف عام ثانياً‪ ،‬لن يمنعنا من االستمرار في حرب العين مع المخرز‪ ،‬و مواصلة «هذياننا» بالحريّة و مبادئ العدالة و السالم و اإلنسانية‬ ‫لدينا امتلكناه منذ الّلحظة األولى بأ ّن السلبية و الصمت و مشاهدة مستقبلنا و مستقبل أوالدنا –كسوريين‪ -‬يذهب أدراج الرياح دون التحريك‬ ‫ساكناً هو أسوأ ما يمكن فعله‪.‬‬ ‫السوري‪ ،‬علّنا إن لم ِ‬ ‫نقض في المحرقة الّتي بدأت تستعر نكون قد أسهمنا‬ ‫بكل تواضع سنستمر في تحريك ولو بضع حبات رمل في صحراء الواقع ّ‬ ‫في بناء لبنة ما في أسس جديدة لما سيستحيل رماداً عندما تخبوا النار‪.‬‬ ‫أسرة سنديان ‪2013/5/3‬‬


‫خود و عطي‬

‫‪4‬‬

‫عصيان االحتياط‪:‬‬ ‫بني الواقع و اإلشاعات‬ ‫بقلم‪ :‬جنم‬ ‫استكماالً لما بدأناه في العددين الماضيين من در ٍ‬ ‫اسة لواقع و أسباب و مآالت طلبات االحتياط في الساحل‬ ‫السوري‪ ،‬و تقديمنا لوجه نظرنا في مسارب الحل في إطار قد يفضي إلى إضاءة شمعة في ظالم األفق السوري‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫تتابع سنديان في عددها العاشر مواكبتها لمستجدات هذه األزمة اإلنسانية و األخالقية‪.‬‬

‫أنباء عن حاالت رفض لاللتحاق بالقطع العسكرية‪:‬‬ ‫علمت «سنديان» من خالل مصادر ال يمكن الكشف عن هويتها‬ ‫ألنّها ما زالت على رأس عملها في المؤسسة العسكرية بوجود‬ ‫تراجع ملحوظ في نسب تلبية طلبات االحتياط من الساحل‬ ‫مصدر آخر لسنديان أ ّن عدد‬ ‫السياق ذكر‬ ‫ٌ‬ ‫السوري‪ ،‬و في نفس ّ‬ ‫ّ‬ ‫من التحقوا بإحدى الفرق العسكرية في ريف دمشق لم يتجاوز‬ ‫تم طلبهم من‬ ‫أصابع اليد الواحدة من أصل أكثر من مئة شاب ّ‬ ‫طرطوس و الالذقية و ريف حماة‪ ،‬و أ ّن الملتحقين كانوا جميعاً‬ ‫من أرياف محافظة طرطوس‪.‬‬ ‫كما نشرت صفحات طرطوسية معارضة ‪-‬على ذمتها‪ -‬خبراً مفاده‬ ‫تخلّف ‪ 7000‬شاب من أبناء المحافظة عن السوق لالحتياط‪ ،‬و‬ ‫نسبت الخبر لمصادر خاصة بها‪.‬‬

‫يمكن قراءة هذا الخبر من ع ّدة زوايا؛ ففي الوقت الّذي قد يكون‬ ‫فيه حادثاً عرضياً ال أكثر‪ ،‬فإنّه قد يكون خطو ًة ذكيّةً لمحاولة‬ ‫امتصاص الغضب المتراكم الّذي قد يه ّدد ليس فقط بقطع م ّد‬ ‫النظام بالموارد البشريّة‪ ،‬و إنما حتّى بالخروج عن سيطرته‬ ‫يذهب مراقبون آخرون إلى قراءة هذا الخبر في ضوء األخبار‬ ‫المترددة عن استقدام جنود من إيران و لبنان للقتال مع الجيش‬ ‫النظامي األمر الّذي سمح و لو مرحلياً باالستغناء عن المدد‬ ‫المق ّدم عن طريق االحتياط‪ ،‬يذهب دعاة هذه النظرة إلى التدليل‬ ‫على صوابية وجهة نظرهم من خالل اإلشارة إلى «الفضائحية»‬ ‫الواضحة حالياً في التعامل مع الدعم البشري اإليراني أو القادم‬ ‫من حزب اهلل‪ ،‬فقد بات مسؤولون رفيعوا المستوى في إيران و‬ ‫لبنان يتح ّدثون عن األمر للصحافة دون حرج‪.‬‬ ‫يعمد بعض المثقفين المحليين هنا في الساحل إلى تطمين األهالي‬ ‫إلى أ ّن هذا األمر ناتج عن اقتراب الحسم العسكري من نهايته‪.‬‬ ‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫حرية‬

‫العدد ‪ - 10‬أيار ‪2013‬‬

‫الملفت أيضاً في أخبار الشهر المنصرم انخفاض أعداد المطلوبين‬ ‫لالحتياط في الكثير من مناطق الساحل مقارنةً باألشهر السابقة‪.‬‬

‫مدنية‬

‫هذا التململ الّذي بنت عليه سنديان آماالً باالنتقال خطوةً لألمام‬ ‫بإعالن العصيان و الصيام عن الموت المجاني في حرب النظام‬ ‫العبثية‪ ،‬األمر الّذي سيساهم في إضعاف القوة العسكريّة للنظام و‬

‫انخفاض أعداد المطلوبين لالحتياط‪:‬‬

‫سلمية‬

‫ربما قد تكون هذه األرقام عرضةً للجدال و النقاش في مدى‬ ‫لكن الثابت الّذي ال يستدعي جدالً هو تنامي حالة‬ ‫واقعيتها‪ ،‬و ّ‬ ‫السوري مع وصول عدد شهداء‬ ‫التململ العام هنا في الساحل ّ‬ ‫السوري ألكثر من ‪ 7000‬شهيد‪ ،‬و أكثر من ‪20.000‬‬ ‫الجيش ّ‬ ‫جريح تبعاً لمصادر في «مكتب الشهداء بوزارة الدفاع» و «إدارة‬ ‫السجالت العسكرية» و «إدارة شؤون الضباط»‪.‬‬

‫السورية تصون دماء‬ ‫الوصول إلى نهاية أقرب و أسلم لنفق األزمة ّ‬ ‫السوريين جميعاً و تح ّقق ما قامت ألجله ثورة الحريّة و الكرامة‪.‬‬


‫خود و عطي‬ ‫احتياطيون يتحدثون لسنديان‪:‬‬

‫جال مراسلو سنديان على بعض النماذج الّتي استطاعت الهروب‬ ‫من قبضة االحتياط بعد طلبهم للخدمة في جبهات األسد‪ .‬مجد‪،‬‬ ‫رامي‪ ،‬حسين ثالثة شباب من مستويات تعليمية و اقتصادية‬ ‫كل‬‫تم طلبهم لالحتياط منذ بضعة أشهر و تمكنوا‬ ‫مختلفة‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬ ‫بأسلوبه‪ -‬من حماية أنفسهم‪ ،‬نعرض هنا قصصهم و إ ْن ُكنا نتبنى‬ ‫وجهة النظر الّتي ترى أ ّن حلوالً فردية كهذه لوحدها لن تستطيع‬ ‫مجابهة هذه األزمة‪.‬‬ ‫مجد سائق التكسي األعزب الّذي كان يعمل في شوارع مدينة‬ ‫«طرطوس» سارع إلى بيع سيارته و السفر إلى لبنان مستفيداً من‬ ‫ٍ‬ ‫قديمة أخرى ليعمل عليها هناك‪ ،‬ينام مجد‬ ‫ثمنها في شراء سيارة‬ ‫اآلن في سيارته أل ّن ال مأوى آخر له و يعيش بالقليل الّذي يجنيه‬ ‫من عمله‪ ،‬يعلّق على ذلك بقوله‪:‬‬ ‫«ماني مستعد موت كرمال بشار‪ ،‬خليه يروح يجيب قرايبينو من‬ ‫قصورون يقاتلو كرمالو‪ ،‬النومة بسيارتي أشرفلي من خدمتو‪ ،‬و‬ ‫عاألقل عين أمي هون ما عمتدمع عليي ليل نهار»‪.‬‬ ‫تخرج من جامعته و طُلب‬ ‫رامي من إحدى قرى «الشيخ بدر» ّ‬ ‫للخدمة اإللزامية الّتي لم يوفق بالتهرب منها من خالل التسجيل‬ ‫للدراسات العليا حيث لم يسمح له مع ّدله المتواضع بذلك‪ .‬رامي‬ ‫اليوم لم يستفد من سني عمره الّتي قضاها في الجامعة بل يعمل‬ ‫محاسباً في إحدى الشركات بمصر‪ ،‬راتبه منخفض ولكن يكفيه‪.‬‬ ‫«لست نادماً» يقول رامي‪« ،‬والد حرام عميتقاتلو بين بعض‪ ،‬بس‬ ‫ُ‬ ‫يشبعو من دمنا منرجع نعمر اللي خربوه»‪.‬‬

‫‪5‬‬

‫حسين ابن إحدى القرى الحدودية مع لبنان‪ ،‬يخدم في دمشق‪،‬‬ ‫كان شاهداً على الكثير من حاالت الخيانة و األفعال الّتي وصفها‬ ‫بأنّها «تلطّ ُخ شرفه العسكري و المدني» و طفح الكيل عندما‬ ‫يحس بأ ّن القيادة تستخدمه و تمتهن سالحه ال لخدمة الوطن‬ ‫بدأ ّ‬ ‫استغل‬ ‫بل لخدمتها و مستعدةٌ للتضحية فيه بأبخس األثمان‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫حسين إحدى األجازات النادرة و اجتاز النهر المجاور لقريته إلى‬ ‫األراضي اللبنانية ليعيش مع بعض األقارب هناك على نفقة أهله‬ ‫الميسورين نسبياً‪.‬‬

‫الهيئات الثورية‪ :‬جزء من الحل؟‬

‫تتساءل سنديان أليس من واجب من يدعون أنّهم يمثلون الواجهة‬ ‫السياسية للثورة التفكير و التمحيص جدياً في التداخل على هذه‬ ‫األزمة؟ كنا قد تح ّدثنا سابقاً عن دوٍر مقترح لهذه الهيئات و‬ ‫التجمعات من خالل تقديم الخطاب المتزن و المسؤول القادر‬ ‫على تل ّقف البلد من فم المجهول‪ .‬ولكن ربما من حقنا أن‬ ‫نطالب من «يشحد أو يسرق» النقود من المجتمع الدولي باسمنا‬ ‫كـشعب سوري أن يف ّكر في توجيه ٍ‬ ‫بعض من هذه األموال خارج‬ ‫فوهة البندقيّة‪ ،‬نقصد هنا أوالً إماطة العار عن مخيمات النزوح في‬ ‫الجوار‪ ،‬و ثانياً محاولة تقديم بدائل مادية كريمة أو فرص عمل أو‬ ‫ملجأ آمن على األقل لمن أراد اتباع حلوالً كالّتي اتبعها الشبان‬ ‫المذكورين في تقريرنا هذا‪.‬‬ ‫ربّما تكون هذه المبادرات هي «معركة الساحل» األنجع الّتي‬ ‫يسوق لها منذ زمن العديد من السياسيين و العسكريين في‬ ‫ّ‬ ‫صفوف الثورة‪.‬‬

‫حرية‬

‫سلمية‬

‫مدنية‬

‫العدد ‪ - 10‬أيار ‪2013‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬


‫حراك حتت اجملهر‬

‫‪6‬‬

‫الالذقية ‪ ...‬يف أفياء السنديان‬ ‫الالذقية ربيبة التاريخ‪:‬‬

‫تُع ّد الالذقية من أقدم المرافئ على الشاطئ الشرقي للمتوسط حيث‬ ‫يعود تاريخها إلى العهد الفينيقي (القرن الثاني عشر ق‪.‬م)‪.‬‬

‫في األسبوع الثالث من شهر آذار بدأت النفوس تغلي في الالذقية‬ ‫مع تصاعد أحداث درعا‪ .‬ظهرت أولى الكتابات الّتي تدعو إلسقاط‬ ‫النظام في مدرسة شكري الحكيم في مشروع الصليبة‪ ،‬قام النظام على‬ ‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 10‬أيار ‪2013‬‬

‫الالذقية في األسابيع األولى للثورة‪:‬‬

‫مدنية‬

‫اشتركت الالّذقية مع بقية المناطق السورية بالثّورة على العثمانيين أثناء‬ ‫ورحبت بحكم الملك فيصل الذي لم يدم‬ ‫الحرب العالمية األولى‪ّ ،‬‬ ‫طويالً ثم دخلت القوات الفرنسية إلى الالذقية عام ‪ 1918‬فكان‬ ‫قائد الثورة في جبل الح ّفة (صهيون) المجاهد الشيخ عمر البيطار‬

‫أحدث الجنرال الفرنسي غورو عام ‪1920‬م «دولة العلويين» ومن ثم‬ ‫حول اسمها إلى «حكومة الالذقية» مع وضعها تحت اإلدارة المباشرة‬ ‫ّ‬ ‫لفرنسا؛ ظلّت الدولة تُحكم بشكل مباشر من قبل فرنسا ولم يوضع‬ ‫لها دستور مح ّدد‪ ،‬و في ‪1936‬م أُعيدت الالذقية إلى سوريا مع‬ ‫احتفاظها باستقاللها المالي واإلداري‪ ،‬وأخيراً أعيدت الوحدة الكاملة‬ ‫في ‪1942‬م‪ ،‬ثم استكملت سوريا جالء القوات الفرنسية عن أراضيها‬ ‫في ‪ 17‬نيسان عام ‪ 1946‬م‪.‬‬

‫حرية‬

‫شرين‬ ‫المب ّ‬ ‫وصلت المسيحية إلى الالذقية في مطلع تاريخها‪ ،‬على يد ُ‬ ‫األولين‪ .‬فقيل إ ّن الرسول لوقيوس الالّذقي كان أول أُس ُق ِ‬ ‫ف عليها في‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫فتم فتح الالذقية في سنة‬ ‫اإلسالم‪،‬‬ ‫جاء‬ ‫ثم‬ ‫الميالدي‪.‬‬ ‫األول‬ ‫القرن‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪637‬م‪ ،‬وفي سنة ‪1606‬م انتقل لواء الالّذقية لحكم فخر الدين‬ ‫للحكم المصري إبان‬ ‫ثم آلت الالذقية في عام ‪1831‬م ُ‬ ‫المعني‪ّ ،‬‬ ‫حكم ابراهيم باشا على بالد الشام‪ ،‬وبعد انسحاب الجيش المصري‬ ‫من بالد الشام‪ ،‬عاد لواء الالذقية للحكم العثماني‪.‬‬

‫(‪ )1945-1886‬تحت راية ثورة الشمال بقيادة الزعيم «ابراهيم‬ ‫انضم تحت‬ ‫هنانو» و الجدير بالذكر أيضاً أ ّن الشيخ عز الدين القسام ّ‬ ‫لواء الجهاد في جبال الالذقية بقيادة الشيخ عمر البيطار‪.‬‬


‫حراك حتت اجملهر‬ ‫ثم بدأت‬ ‫ثم فصله‪ّ ،‬‬ ‫إثرها باستدعاء المدير لفرع األمن القومي و من ّ‬ ‫تقض مضاجع قوات األمن مع ظهور الكتابات في‬ ‫كرة الثلج تكبر و ُّ‬ ‫أماكن أكثر منها محطة القطار في نزلة الرمل الجنوبي‪.‬‬ ‫في ‪ 2011/3/24‬اقتحم الشبيحة الطائفيون األحياء ذات الغالبية‬ ‫«السنية» في المدينة بسياراتهم و مسيراتهم في ٍّ‬ ‫تحد واضح أو ربما‬ ‫«ضربة استباقية» استمرت لما بعد منتصف الليل‪ ،‬في اليوم التالي‬ ‫‪ 2011/3/25‬انطلقت الشرارة من جامع خالد بن الوليد عندما‬ ‫بدأ الخطيب بالدعوة للرئيس‪ ،‬لتخرج مظاهرة من ‪ 300‬شخص من‬ ‫انضمت إليها الحقاً جموع أخرى من‬ ‫المسجد قبل أداء الصالة‪ّ ،‬‬ ‫البازار و الصليبة و اتجه المتظاهرون إلى ساحة الشيخ ضاهر حيث‬ ‫تجمع ما يقارب ‪ 25.000‬شخص كما أشارت التقديرات آنذاك‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫األول في مدينة الالذقية كان «مصطفى بيازيد» (‪ 17‬عاماً)‬ ‫الشهيد‬ ‫ّ‬ ‫الّذي كان أول من قضى برصاص األمن و الشبيحة الّذين قاموا بتفريق‬ ‫المتظاهرين في الساحة‪ ،‬ثُ ّم تبعه ارتقاء ‪ 5‬شهداء آخرين في الواقعة‬ ‫نفسها‪.‬‬ ‫انتقلت بعدها الالذقية إلحياء ّأول اعتصام سلمي في ساحة الصليبة‬ ‫يوم االثنين ‪ ،2011/3/28‬واستمرت المظاهرات بعدها حتّى خطاب‬ ‫األول الّذي تُبِ َع بمظاهرات استنكارية ر ّدت عليها قوات األمن‬ ‫األسد ّ‬ ‫بمجزرة ذهب ضحيتها ‪ 17‬شخص منهم (اسماعيل اللري ‪ 42/‬عاماً‪/‬‬ ‫و أبو محمد ماوردي ‪ 54/‬عاماً‪ /‬و محمد عبد النور و سمير اللباد‬ ‫ثم توجهت القوات األمنية و العسكرية إلى منطقة الصليبة‬ ‫و غيرهم) ّ‬ ‫و أزالت خيم االعتصام وفرضت طوقاً أمنياً على المناطق المنتفضة‪.‬‬ ‫كانت حناجر المتظاهرين في الشارع الالذقاني تهتف «واحد واحد‬ ‫السوري واحد»‪ ،‬بينما كان نظام الطاغية القائم على‬ ‫واحد الشعب ّ‬ ‫تغذية النار الطائفية يح ّذر على لسان بثينة شعبان و الحقاً األسد نفسه‬ ‫من «الفتنة» الجائلة في الشوارع‪.‬‬

‫‪7‬‬

‫بالرغم من الدم النازف‪ ،‬شهد يوم الجمعة ‪( 2011/4/8‬جمعة‬ ‫الصمود) خروج مسيرة حاشدة جابت معظم األحياء الثائرة في المدينة‪،‬‬ ‫طالب فيها متظاهرون يتوزعون على مختلف الفئات االجتماعية و‬ ‫ضمنهم أهالي الشهداء بمحاسبة المسؤولين عن قتل المتظاهرين‬ ‫السلميين‪ ،‬و اإلفراج عن المعتقلين السياسيين‪ ،‬و إلغاء المادة ال‪8‬‬ ‫حق ح ّقه‪.‬‬ ‫كل ذي ٍّ‬ ‫من الدستور في جو «إصالح حقيقي» يعطي ّ‬ ‫قرر المتظاهرون بعد ذلك االعتصام في ساحة العلبي‪/‬الصليبة‪ ،‬و‬ ‫ّ‬ ‫لفض االعتصام قبل منتصف الّليل‪ ،‬حين‬ ‫األمن‬ ‫قوات‬ ‫مساعي‬ ‫فشلت‬ ‫ّ‬ ‫قوة أمنية يتقدمها عناصر من الجيش أرهبت السكان المجاورين‬ ‫أتت ّ‬ ‫لمكان االعتصام و أجبرتهم على إغالق النوافذ المطلّة على الساحة‪،‬‬ ‫ثم قامت بتفريق المعتصمين بكل همجية مستخدمةً الرصاص‬ ‫و من ّ‬

‫من مطالب المعتصمين‬

‫ط من سقط بين شهيد و جريح لم يسمح للناس بإسعافهم‪،‬‬ ‫الحي وسق َ‬ ‫لتقوم بعدها سيارات اإلطفاء بغسل الشوارع و تنظيفها من الدماء التي‬ ‫سفكها المجرمون‪.‬‬ ‫استمرت الغوغائية و الهمجية بعد ذلك بقيام الشبيحة بمسيرات‬ ‫استفزازية تحيّي المجرم‪ ،‬و تشتم المق ّدسات‪ ،‬و تستفز األهالي‬ ‫بحضور قوات األمن‪.‬‬

‫حرية‬

‫العدد ‪ - 10‬أيار ‪2013‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫سلمية‬

‫من الفتات اعتصام الصليبة ‪2011-3-29‬‬

‫مدنية‬

‫تتح ّدث اإلحصائيات عن أ ّن المظاهرة األكبر في ثورة المدينة كانت‬ ‫في ذكرى الجالء ‪ 2011/4/17‬وذلك في حي الطابيات حيث‬ ‫تـَبـَ​َعت صالة الجنازة عن روح الشهيد عمر صمودي‪ ،‬و قد قُ ّدر‬ ‫عدد المشاركين فيها بـ ‪ 50.000‬متظاهراً‪ .‬و لقيت هذه المظاهرة‬ ‫المصير نفسه الّذي لقته سابقاتها‪ ،‬حيث تلقفتها قوات الجيش و‬ ‫األمن و الشبيحة بقيادة حافظ منذر جميل األسد بإطالق الرصاص‬ ‫المباشر على المتظاهرين من القوات المتمركزة على األرض و القناصة‬ ‫المتمركزين على األسطح‪ ،‬و لم تنجح هتافات «سلمية» و «الجيش‬


‫حراك حتت اجملهر‬ ‫و الشعب إيد وحدة» في منع مجزرة قُ ّدر عدد ضحاياها تبعاً لناشطين‬ ‫حضرو الواقعة بـ‪ 70‬شهيداً منهم‪( :‬محمد سليمان عثمان‪ ،‬رامي ديب‪،‬‬ ‫محمد حسن نوام‪ ،‬فادي قزازو‪ ،‬تامر طريفي‪ ،‬طارق ثروة زينبو‪ ،‬عبد‬ ‫السميع أحمد ياسين‪ ،‬عبد شيخ خميس‪ ،‬فادي حسن عمر‪ ،‬أحمد‬ ‫محمد صهيوني‪ ،‬أيمن ديب‪ ،‬فاروق ياسين‪ ،‬محمد مجبور و غيرهم)‪.‬‬ ‫تال ذلك قطع أوصال المناطق الثائرة بعدد هائل من الحواجز الّتي لم‬ ‫أي من األهالي ولو لشبهة «النية بالتظاهر» فقط!‬ ‫تتردد باعتقال ّ‬

‫‪8‬‬

‫ث بعضها بشكل مباشر على الهواء‪ .‬اعتبرت قوات النظام المتمركزة‬ ‫بُ ّ‬ ‫حول الحي هذا النشاط مع استمرار التظاهر اليومي استفزازاً لها‪ ،‬و‬ ‫أرسلت الوعيد و التهديد بإيقاف كل أشكال النشاط المعارض و إال‬ ‫سيتعرض الحي لحملة عسكرية شعواء ‪ ...‬و هذا ما كان‪.‬‬

‫مظاهرات الرمل الجنوبي ‪2011-7-8‬‬

‫اقتحام حي الرمل الجنوبي‪:‬‬

‫الشعب يحب الجيش من مظاهرات الجالء ‪2011-4-17‬‬

‫حي الرمل الجنوبي‪:‬‬

‫تميز حي الرمل الجنوبي منذ بداية الثورة بمشاركة ٍ‬ ‫عدد كبير من أهله‬ ‫ّ‬ ‫في المظاهرات السلمية التي كانت تخرج في المدينة‪ ،‬و لكن بعد‬ ‫مجزرة احد الجالء التي حدثت في حي الصليبة وانتشار الجيش في‬ ‫كل المناطق األساسية في المدينة الثائرة أصبح حي الرمل هو المكان‬ ‫األساسي لتجمع المظاهرات فيه ‪-‬باإلضافة لحي قنينص‪ -‬و يرجع‬ ‫ذلك لطبيعة هذه األحياء‪ ،‬إذا أنّها تتميز بكثافة سكانية عشوائية في‬ ‫حارات ضيقة و هذا يعيق دخول سيارات األمن و الشبيحة إليها‪.‬‬ ‫بعد انتقال الحراك السلمي و المظاهرات إلى الحي و بدء النشاطات‬ ‫الثورية تم حصار المنطقة بكل أحيائها المحيطة‪ ،‬و أحكم الجيش‬ ‫السوري قبضته على كافة المداخل و المخارج‪.‬‬ ‫ّ‬

‫حرية‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 10‬أيار ‪2013‬‬

‫ما زال الحي محاصراً إلى اآلن‪ ،‬و يتواجد فيه ‪ 1500‬عسكري‬

‫مدنية‬

‫و بعد أن تعرض الحي لهجوم األمن في جمعة العشائر ازدادت‬ ‫المظاهرات قو ًة فيه و أصبح مركزاً للمعارضين و الناشطين‪ ،‬و بدأ‬ ‫الجنود المنشقون عن الجيش يلجؤون للحي و يتجمعون فيه و تتح ّدث‬ ‫تجمع ما يزيد عن ‪ 100‬جندي منشق مع سالحهم في‬ ‫األرقام عن ّ‬ ‫هذا الحي ليتنسب هؤالء مع آخرين إلى «الجيش الحر» و يتعهدوا‬ ‫الدفاع عن سكان الحي في حال تعرضوا لهجوم قوات األمن ليتنقل‬ ‫الحراك بشكل رسمي إلى اإلطار المسلّح‪ ،‬األمر الّذي لم يؤثر على‬ ‫زخم النشاط السلمي في الحي الذي استمر يومياً بشكل مسائيات‬

‫كانت عمليّة اقتحام حي الرمل الجنوبي عمليةً عسكريةً ُكبرى شارك‬ ‫فيها أكثر من ‪ 3000‬مقاتل بين جنود‪ ،‬و عناصر أمن‪ ،‬و شبيحة‬ ‫محليين‪ ،‬باإلضافة إلى ‪ 16‬دبابة و عدد كبير من المدرعات و ناقالت‬ ‫ألول مرة رغبةً منه في إحكام‬ ‫الجند و استخدم النظام الزوارق الحربية ّ‬ ‫الحصار على المنطقة من جهة البحر‪.‬‬ ‫بدأ القصف من البر و البحر في ‪ 2011\8\14‬و دخلت الدبابات‬ ‫إلى الحي وتحولت المنطقة إلى ساحة حرب بين المنشقين و من معهم‬ ‫من أهل المنطقة بمواجهة القوات المقتحمة للحي‪.‬‬ ‫اء من األحياء و قامت بتهجير‬ ‫ّ‬ ‫دمرت قوات النظام في هذه األيام أجز ً‬ ‫األهالي من منازلهم الّتي نهب الكثير منها‪ ،‬و تم ّكن من تبقى من‬ ‫القوات المقاتلة من الهروب عبر إحدى المنافذ‪.‬‬ ‫قٌ ّد َر عدد ضحايا الحملة العسكرية بحوالي الـ ‪ 100‬شهيد‪ ،‬مع إصابة‬ ‫سمح لسيارات اإلسعاف بدخول الحي‪،‬‬ ‫أكثر من ‪ 300‬جريح‪ ،‬و لم يُ َ‬ ‫و منع النظام نقل المصابين بسيارات اإلسعاف التابعة للمشافي‬ ‫الحكومية أو الخاصة‪ ،‬وتوجه الناس إلى البيوت حيث أقاموا مشافي‬ ‫ميدانية بسيطة لمعالجة الجرحى والمصابين‪.‬‬ ‫بعد سيطرة قوات النظام على الحي بشكل كامل اتبعت في التعامل‬ ‫ٍ‬ ‫سياسات همجية مفرطة في البدائية منها‪ ،‬رفض تسليم جثامين‬ ‫معه‬ ‫الشهداء لألهالي‪ ،‬و دفن بعض الجثث بال إبراز هوياتها في مقبرة‬ ‫الروضة‪ ،‬و رمي جثث أخرى في البحر‪ ،‬كما قامت بإحراق ثالث جثث‬ ‫أى ممن ينزحون عن الحي‪ .‬و غاية كل هذه‬ ‫في ساحة الحريّة على مر ً‬ ‫ضح فاتورة رفض‬ ‫األفعال هي إيصال رسائل دموية ألهل الالذقية تو ّ‬ ‫السجود للطاغية‪.‬‬


‫حراك حتت اجملهر‬ ‫موزعين على ‪ 23‬حاجزاً في قلب الحي‪ .‬أكتر من نصف سكان الحي‬ ‫نازحون في القرى المجاورة ال يجرؤون على العودة بسبب االعتقاالت‬ ‫العشوائية واالنتهاكات التي تحدث يومياً هناك‪.‬‬

‫معتقلو الالذقية‪:‬‬

‫أصبحت استراتيجية اإلرهاب باالعتقال هي السائدة في الالذقية‬ ‫بعد ‪- 2011/8/4‬إذا استثنينا فترة اقتحام الرمل بين (‪21-13‬‬ ‫‪ -)2011/8/‬حيث لجأت عصابات األمن إلى تخفيف القتل‬ ‫وتشديد الطوق األمني حول األحياء وفي داخلها‪ .‬وأخذت ُّ‬ ‫تشن يومياً‬ ‫حمالت مداهمة واختطاف طالت المئات من الشباب‪ .‬ونظراً لظروف‬ ‫التعذيب الوحشية في المعتقالت فإنّه يمكن اعتبار كل معتقل ‪..‬‬ ‫مشروع شهيد‪.‬‬ ‫يق ّدر عدد المعتقلين في مدينة الالذقية لوحدها بـ ‪ 2000‬معتقل‪.‬‬ ‫قامت قوات النظام و األجهزة األمنية ألجلهم بتجهيز مراكز اعتقال‬ ‫بشكل مؤقت أو دائم‪ -‬داخل المدينة منها‪ :‬سينما أوغاريت‪ ،‬و‬‫مدرسة السادس من تشرين الواقعة على مفرق حي الرمل الجنوبي‬ ‫(بعد اقتحام الحي)‪ ,‬كما اختارت تلك العصابات مدارساً في مناطق‬ ‫بعيدة عن األحياء الثائرة‪ ,‬حيث استُ ِ‬ ‫خد َم المعهد الصناعي في شارع‬ ‫الجمهورية للتحقيق مع المعتقلين وتعذيبهم‪ .‬و تتح ّدث التقارير عن‬ ‫إقامة معتقالت و أماكن تحقيق في القرى الموالية القريبة من الالذقية‪.‬‬ ‫و قد قضى العديد من خيرة شباب الالذقية نحبهم في معتقالت األسد‬ ‫الهمجية تحت التعذيب و منهم‪ :‬خالد ديب بندرغلي (‪ 32‬عاماً)‪ ،‬و‬ ‫اسماعيل زرطيط (‪ 28‬عاماً)‪ ،‬و جمال ابراهيم حوري (‪ 48‬عاماً)‪ ،‬و‬ ‫كثر آخرون‪.‬‬ ‫الشاب الصغير محمود بيك (‪ 16‬عاماً) و ٌ‬

‫الالذقية تحتضن األخوة النازحين من‬ ‫بقية المحافظات‪:‬‬

‫الالذقية اآلن‪:‬‬

‫يبسط النظام اليوم كامل سيطرته على مدينة الالذقية من خالل‬ ‫االنتشار الهائل للقوات الرسمية و غير الرسمية (الشبيحة المسلحين)‬ ‫في كافة أنحاء المدينة ّإما من خالل حواجز ثابتة يصل عددها إلى‬ ‫‪ 35/‬حاجز‪ /‬منتشرة في المدينة عدا عن حواجز الرمل الجنوبي‪،‬‬ ‫إضافةً إلى الدوريات التي تجول في األحياء بشكل دائم‪.‬‬ ‫بعد اقتحام الرمل و اإلعتقاالت الكبيرة و الواسعة للشباب الثائر انتقل‬ ‫أغلب الناشطين إلى الريف في مناطق الحفة و جبل األكراد (سلمى‬ ‫و كنسبا و قراها) و كذلك الى جبل التركمان (ربيعة و قسطل معاف‬ ‫و قراها)‪ ،‬بعد أن بدأ الحراك المسلّح يسيطر على مشهد الحراك‬ ‫الثوري بشكل عام – متضمناً الحراك في الالذقية‪.-‬‬

‫من سنديان لـ الالذقية ‪ ..‬كلمة‪:‬‬

‫سوريا اليوم تٌخلق من جديد‪ ،‬تسيل دماء أبنائها على مذابح الحريّة‬ ‫ثمناً لدفن عهد نظام األسد الّذي‬ ‫استغل اختالفنا و تنوعنا ليضعنا فرقاً‬ ‫ّ‬ ‫تظن أ ّن الطاغية يحميها بجبروته‬ ‫في خنادق تخاف بعضها بعضاً‪ ،‬و ُّ‬ ‫من اآلخر المختلف‪.‬‬ ‫اليوم نتلمس أولى معالم دربنا‪ ،‬نخطأ‪ ،‬نتعثّر‪ ،‬نقع و نخطو من جديد‬ ‫مصححين دربنا‪ .‬دماء شهداء الالذقية و عموم الوطن و آهات‬ ‫األمهات الثكلى و المعتقلين في أقبية الظلم أمانةٌ في أعناقنا جميعاً‬ ‫ٍ‬ ‫مستبد أو قاتل‪ ،‬وطناً يلفظ‬ ‫لنرسم بها وطناً ال نخاف فيه من أي‬ ‫الغوغائية و االنتقام‪ ،‬ال يحكمه إال العدل و القانون‪ ،‬وطناً يتسع‬ ‫للجميع نهدم فيه «خطوط التماس الطائفية»‪ ،‬نزيل أسوارها الشائكة‬ ‫من قلوبنا و فكرنا‪ ،‬و نزرعها ورداً أبيض و أحمر يذكرنا أبداً بمرارة‬ ‫الدم المسفوك و بقدسية حريّتنا‪ ،‬وطناً نزف فيه الالذقية ‪ ..‬عروساً‬ ‫للساحل و لسوريا كلها‪.‬‬

‫‪https://www.facebook.com/latakiafreedom2011‬‬ ‫‪https://www.facebook.com/freeattakia2011‬‬

‫حرية‬

‫تتق ّدم أسرة تحرير مجلة سنديان بجزيل الشكر لألعزاء في تنسيقية‬ ‫الالذقية‪ ،‬صفحة الثورة السورية ضد بشار األسد في الالذقية و‬ ‫صفحة الالذقية الحرة للجهود القيّمة الّتي بذلوها في سبيل إعداد‬ ‫هذا التقرير‪.‬‬

‫سلمية‬

‫احتضنت الالذقية أعداداً كبيرةً من المواطنين النازحين من مناطق‬ ‫يحتدم فيها الصراع العسكري و منها إدلب و حمص و حلب إضافةً‬ ‫توجه الكثير من أهالي ريف الالذقية (الحفة و جبلي األكراد و‬ ‫إلى ّ‬ ‫التركمان) إليها‪.‬‬ ‫حاول أهالي الالذقية بمختلف انتماءاتهم تقديم المساعدة و العون‬ ‫للنازحين من خالل تأمين المسكن لهم إما بشكل جماعي (كما في‬ ‫المدينة الرياضية) أو بشكل فردي‪ ،‬كما ساهمت بعض الفعاليات‬ ‫المحليّة المستقلة أحياناً و المسيسة أحياناً أكثر بتقديم المساعدات‬ ‫المادية لهم‪.‬‬

‫‪9‬‬

‫مدنية‬

‫العدد ‪ - 10‬أيار ‪2013‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬


‫حراك حتت اجملهر‬

‫‪10‬‬

‫ألبوم الصور‬

‫مظاهرات الجالء ‪2011-4-17‬‬

‫اعتصام الصليبة ‪2011-3-29‬‬

‫جمعة أحفاد خالد ‪2011-7-21‬‬

‫انتشار قوات النظام على أسطح المباني ‪2011-5-12‬‬

‫حرية‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 10‬أيار ‪2013‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫مدنية‬

‫مناشير وزعتها نحل الساحل في ريف لالدقية و جبلة‬


‫نقد ذاتي‬

‫‪11‬‬

‫الرقة‪:‬‬

‫بني التحرير و املستقبل اجملهول‪ ،‬حماولة قراءة التجربة‬ ‫بقلم‪ :‬ياسني‬

‫حتى أمد قريب‪ ،‬كانت مدينة الرقّة تعرف بأنها واحدة من المدن القليلة‬ ‫المتبقية ذات األغلبية المؤيدة الصريحة‪ ،‬األمر الذي دعا األسد إلى‬ ‫زيارتها في عيد األضحى و أداء صالة العيد فيها‪ .‬يومها‪ ،‬لمن يذكر‪،‬‬ ‫ألبسه أحد شيوخ عشائر الرقة العباءة الرقاوية‪.‬‬

‫حرية‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 10‬أيار ‪2013‬‬

‫كان من المهم رصد تعامل المواطن السوري في الرقة مع الحدث‪،‬‬ ‫هذا أول مركز محافظة يحرر بالكامل من سلطة النظام‪ ،‬و يخضع‬ ‫لسلطة جديدة هي سلطة الكتائب السلفية الجهادية و بعض كتائب‬

‫مدنية‬

‫ال شك أن اللجان الشعبية التي اختارها النظام من زعران الرقة‪ ،‬و‬ ‫ممارسات قوات األمن بترهيب الناس بين الحين و اآلخر جعل النقمة‬ ‫الشعبية تتزايد شيئاً فشيئاً‪ ،‬لم تصل النقمة إلى ما وصلت إليه في‬ ‫المدن السورية األخرى‪ ،‬و لكن األكيد أن المزاج الشعبي تغير كثيراً‬ ‫بعد زيارة األسد الشهيرة تلك‪.‬‬ ‫لم يطل العسل بين النظام و الرقة طويالً‪ ،‬إذ بدأت مظاهرات خجولة‬ ‫تظهر في شوارعها‪ ،‬و تزايدت تدريجياً حتى وصلت إلى أعداد ضخمة‬ ‫يروي نشطاء أنها كانت التجمع الثاني حجماً بعد تجمع ساحة العاصي‬ ‫في حماة‪ .‬تعرضت طبعاً للتفريق بالقوة و بالرصاص الحي أحياناً ال‬ ‫سيما عندما حاولت االقتراب من تمثال األسد األب المزروع في‬ ‫مدخل الرقة‪ .‬خصصت قوات النظام دورية تمركزت بجانب التمثال‬ ‫هدفها الوحيد الحفاظ عليه واقفاً في وجه أهل الرقة‪.‬‬

‫لسبب مازال مجهوالً من قبل كثيرين‪ ،‬و لعل الوجه اإلعالمي قد يكون‬ ‫األبرز له‪ ،‬قررت كتائب من جبهة النصرة و لواء أحرار الشام (سلفيون‬ ‫جهاديون) تحرير الرقة‪ ،‬و خالل عدة أسابيع جرت مهاجمة نقاط‬ ‫عسكرية متعددة ال سيما شمال الرقة و على مداخلها‪ ،‬في الوقت‬ ‫الذي كانت فيه «تل أبيض» قد تحررت و أسست مجلسها المحلي‪،‬‬ ‫األمر الذي جعل معظم السكان العلويين و بعض سكان الرقة من‬ ‫أهلها يغادرها خوفاً مما يمكن أن يأتي‪ .‬و بالفعل خالل فترة قصيرة‬ ‫فر معظم‬ ‫دخلت كتائب النصرة مدينة الرقة دون مقاومة تذكر‪ ،‬حيث ّ‬ ‫رؤساء األفرع األمنية إلى الوحدات العسكرية المجاورية ال سيما الفرقة‬ ‫‪ 17‬و وقع محافظ الرقة و أمين فرع الحزب فيها في قبضة النصرة‪،‬‬ ‫كان سقوط تمثال األسد و تركه ملقى في الساحة إيذاناً ببدء مرحلة‬ ‫جديدة من حياة الرقة سيذكرها التاريخ ال شك بكل ما فيها‪.‬‬


‫نقد ذاتي‬ ‫من الجيش الحر‪ .‬هي تجربة فريدة و تستحق التوقف عندها ال‬ ‫لتعميمها و إنما لمحاولة فهم اآلليات التي تحكم سير المجتمع‬ ‫السوري و السلطة‪.‬‬ ‫لم تحدث موجات نزوح كبيرة بعد سيطرة النصرة على الرقة‪،‬‬ ‫أغلقت المحال التجارية و المؤسسات الرسمية و انتشر‬ ‫المسلحون في الشوارع لعدة أيام حاولت بعدها المدينة العودة‬ ‫إلى الحياة تدريجياً‪ ،‬بدأت النداءات إلى األهالي بالعودة إلى‬ ‫حياتهم الطبيعية‪ ،‬عادت المشافي إلى العمل و بدأ التواجد‬ ‫المسلح يختفي تدريجياً من المدينة‪ ،‬كما خف تواجد الحواجز‬ ‫شيئاً فشيئاً‪ ،‬و بدأت األزمات المعيشية من اتصاالت و خبز‬ ‫تشغل فضاء النقاش العام بدالً من المسيطر العسكري على‬ ‫المدينة‪ .‬أيام قليلة و بدأ قصف النظام على أماكن تجمع عناصر‬ ‫النصرة في المدينة‪ ،‬القصف الذي كثيراً ما يخطئ ليصيب مدنيين‬ ‫و يزداد في شدته يوماً بعد يوم اضطر أهالي الرقة إلى موجة نزوح‬ ‫كبيرة باتجاه دمشق و مدن الساحل السوري و ريف الرقة األهدأ‬ ‫نسبياً‪ ،‬تاركين وراءهم كثيراً مما لم يمكن نقله‪ .‬و يالحظ المتابع‬ ‫أن القصف وصل إلى ذورة بدأ يتراجع شيئاً فشيئاً بعدها‪ ،‬حتى‬ ‫باتت الرقة توسم بالمدينة «الهادئة»‪ ،‬تالها موجة عودة كبيرة‬ ‫للنازحين منها و معاودتهم لممارسة أعمالهم‪ ،‬ال سيما مع تحسن‬ ‫الخدمات األساسية من توافر الكهرباء ‪( 24\24‬من محطة سد‬ ‫الفرات الواقعة تحت سيطرة النصرة) و عودة جزئية لالتصاالت‪.‬‬ ‫و هذا هو حال الرقة حتى كتابة هذا المقال‪.‬‬

‫حرية‬

‫ما يزال كثير من المتابعين ال يعرف السبب الحقيقي لقرار النصرة‬ ‫دخول الرقة وال سبب تسليم النظام لها‪ ،‬هي في النهاية مدينة‬ ‫بعيدة عن مسرح األحداث المؤثرة على مسار البلد‪ ،‬ليست‬ ‫مكسباً استراتيجياً ألحد‪ .‬يقول أحد النشطاء‪ ،‬و ربما يكون حقاً‪:‬‬ ‫الميزة الوحيدة لتحرير الرقة كانت السماح للمجتمع المدني‬ ‫بالعمل بحرية بعيداً عن مضايقات األمن‪ ،‬و السلبية األبرز كانت‬ ‫وضع أهل الرقة و النازحين إليها و هم بمئات اآلالف تحت‬ ‫ضائقة إنسانية بدأت و ال يعرف أحد متى تنتهي‪.‬‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 10‬أيار ‪2013‬‬

‫تدريجي واضح‪.‬‬ ‫• تعتبر مشكلة غياب الرواتب للموظفين من أكبر المشاكل التي‬ ‫تعاني منها الرقة حالياً‪ ،‬ال سيما مع اإلهمال المتعمد من كل‬ ‫منظمات المعارضة السياسية و على رأسها االئتالف‪.‬‬ ‫• تحاول المدينة سد العجز الذي تركه غياب الدولة بالعمل‬ ‫التطوعي‪ ،‬فالمعلمون يعملون بشكل تطوعي منذ عدة أشهر‪،‬‬ ‫و كذلك كثير من موظفي الدولة‪ .‬ال يمكن ألحد طبعاً التنبؤ‬ ‫بديمومة هذا العمل في ظل غياب الرواتب حتى اآلن‪.‬‬ ‫• تتزايد في كل يوم االشتباكات بين النصرة و الجيش الحر علماً‬ ‫بأن معظمها ما يزال حتى اآلن على أطراف المدينة و بعيداً عن‬ ‫المدنيين‪ .‬و قد وصلت االشتباكات إلى حد استخدام المدفعية‬ ‫الثقلية و قذائف الهاون في إحدى المعارك‪.‬‬ ‫• قامت النصرة بتشكيل ما يسمى «لواء أمناء الرقة» و هو‬ ‫مجموعة من أهالي الرقة المعروفين بنزاهتهم و مهمته الحفاظ‬ ‫على أمالك المواطنين من السرقة و النهب‪ ،‬إضافة إلى تشكيل‬ ‫عدد من األحياء لجاناً شعبية خاصة بها من مسلحين فرديين‬ ‫يساهمون بحماية األمالك الخاصة‪ .‬األمر الذي ساهم بتطمين‬ ‫األهالي و شجعهم على العودة من النزوح‪.‬‬ ‫• تعرضت معظم مقرات الدولة للنهب خالل أيام قليلة‪ ،‬على‬ ‫مستوى اآلليات (سيارات و شاحنات) و على مستوى التجهيزات‬ ‫(أجهزة كمبيوتر و أثاث)‪ ،‬كما تعرضت كثير من منازل المواطنين‬ ‫العلويين الذين سكنوا الرقة سابقاً للنهب و تم اتخاذها مقرات‬ ‫لجبهة النصرة و أحرار الشام‪.‬‬ ‫• ال يمكن الحديث عن عمليات تطهير طائفي لعدم وجود علويين‬ ‫أساساً في الرقة عند تحريرها حيث نزح معظمهم كما ذكرنا قبل‬ ‫التحرير بفترات متباينة‪ .‬كما لم تحدث عمليات انتقام سياسي إال‬ ‫بشكل محدود جداً و موجهة ضد شبيحة معروفين مسبقاً‪ .‬لم‬ ‫يتم التعرض إلى مواطنين مؤيدين معروفين سابقاً ولكنهم ليسوا‬ ‫شبيحة‪.‬‬

‫مدنية‬

‫نذكر من المالحظات المهمة على تجربة الرقة حتى اآلن ما يلي ‪:‬‬ ‫• سقطت الرقة دون مقاومة تذكر و بمجرد أن قررت قوات‬ ‫األمن تسليمها‪ ،‬لم يكن لدى أهل الرقة أي مشكلة مع «الفاتح»‬ ‫الجديد‪ .‬يظهر أن الدافع الوحيد لوجود الرقة تحت سيطرة النظام‬ ‫هو وجود قوات األمن فيها‪.‬‬ ‫• النصرة حتى اآلن ال تلقى مقاومة شعبية على الرغم من اختالف‬ ‫قسم كبير من المزاج الشعبي معها‪ ،‬و لكنه اختالف لم يصل إلى‬ ‫حد حمل السالح‪.‬‬ ‫• بدأت النصرة في األيام األولى بمحاوالت لتطبيق «الشريعة»‬ ‫في الرقة واجهت في البداية خوفاً و من ثم مقاومة من قبل‬ ‫المجتمع المدني‪ ،‬حيث بدأت تخرج مظاهرات تهتف للحرية و‬ ‫تضم فتيات غير محجبات‪ ،‬تعرضن للمضايقة مرات و لكن يبدو‬ ‫أن هناك من قرر غض البصر عنهم حالياً‪.‬‬ ‫• بدأ المجتمع المدني في الرقة بالعمل النشط‪ ،‬حيث بدأت‬ ‫حمالت تطوعية كثيرة لشباب الرقة لتنظيف المدينة و القيام‬ ‫بواجبات الدولة التي بدأ غيابها يؤثر على الفضاء العام‪ ،‬و يجدر‬ ‫القول بأن نشاط المجتمع المدني في الرقة في منحنى تصاعد‬

‫‪12‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬


‫أدب الثورة‬

‫‪13‬‬

‫صور من العامل اآلخر [ ‪]6‬‬ ‫الالذقية‪ :‬فتاة تراقب من النافذة جنازة تتجه إلى مقبرة القرية‪ ،‬شباب‬ ‫«اللجان الشعبية» يرددون ‹‹شهيد ورا شهيد‪..‬غير األسد ما منريد›› و‬ ‫‹‹اهلل محيي الجيش السوري›› على وقع أصوات الرصاص‪ .‬عدد المرددين‬ ‫وراءهم ال يتجاوز أصابع الكف‪ .‬تلمح الفتاة والدها وأخاها يسيران بصمت‬ ‫في الجنازة‪ .‬عدد الذين يطلقون الرصاص أكثر من عدد الهاتفين‪ ،‬إطالق‬ ‫الرصاص هنا ربما هو الوسيلة الوحيدة للتعبير عن الحزن والغضب والسخط‪.‬‬ ‫األقل كما كان قبل األزمة‪ ،‬ال يريد‬ ‫جبلة‪ّ :‬‬ ‫يصر أبو أمحد على البقاء على ّ‬ ‫الكذب‪ ،‬لن يكون مع الثورة أبداً‪« ،‬مل خيلق لثورة فكيف إن كانت هكذا» كما‬ ‫يقول دائماً‪.‬‬ ‫قاطع الكثريون يف املدينة أبو أمحد ألنّه علّق يوماً على قصة جاره الّذي عاد من‬ ‫حلب بعد أن عاش فيها ‪ 20‬سنة‪ ،‬يروي جاره كيف قام املسلحون و أكثرهم‬ ‫من أهايل حيّه مبصادرة كل حمالته و هتديده باملغادرة و إال؟؟ يدفع أبو أمحد‬ ‫اآلن مثن ما قاله‪:‬‬ ‫«حالل عليون‪ ،‬أنا لو كنت حملن ما عملت أقل من هيك‪ ،‬شبنا ولك بو حممد‪،‬‬ ‫شبنا ولك بو ياسر ماال الشغلة زمان نسيتو قديش كنا حنكي كيف عميسرق‬ ‫هالزملة رزق العامل حبلب كيف عميهددن و يبتزن بوالدن عليه ألنو بيشتغل مع‬ ‫األمن ‪...‬هال صار القط بياكل عشاه‪ ،‬و هالبشر اللي عمل فيون مانون خاليق‬ ‫اهلل‪ .‬رجع احلق لصحابو»‪.‬‬ ‫صور كثرية لـ «قائد الوطن» رفعت يف طرطوس منذ بداية الثورة‪ ،‬صوره‬ ‫طرطوس‪ٌ :‬‬ ‫بأزياء و وضعيات خمتلفة‪ ،‬أغلب الصور تقدمة التجار و املسؤولني و غريهم من‬

‫بقلم‪ :‬جنم ‪ ،‬رجا مطر‬

‫االنتهازيني‪ .‬اآلن تطغى صور الشهداء على صور «القائد»‪ ،‬لكنّه مل يغب عن‬ ‫التصاميم اجلديدة أيضاً‪ .‬فغالبا ما حيتل «القائد» أو أباه «اخلالد» أو كليهما‬ ‫يستحق أن يفىن ألجله شعب‬ ‫معاً زاوية يف صورة الشهيد‪ .‬من حيمي من؟ و من‬ ‫ّ‬ ‫بأكمله؟! أسئلة قد تتكون يف الرؤوس و لكن من يتجرؤون و يقولون ما يفكرون‬ ‫به قلّةٌ هنا‪.‬‬ ‫يصر على فتح دكانه وسط‬ ‫الشيخ بدر‪ :‬يبتسم «أبو علي» ذلك العجوز الّذي ّ‬ ‫املتحمس «وطنياً»‬ ‫املدينة بالرغم من تق ّدم سنّه‪ ،‬يلقي بنظرٍة على حفيده الشاب ّ‬ ‫املتطوع حديثاً يف جيش ال ّدفاع الوطين‪ ،‬يلكزه بعصاه و يشري له لصورة قدمية‬ ‫و ّ‬ ‫لبشار األسد على اجلدار املقابل‪ ،‬يغمزه و يقول‪« :‬عتقت كتيري هالصورة و لك‬ ‫جدي ما؟ بعدين املوديل كلو بطلت موضتو مو هيك بيقول جيلكون؟» تدمع‬ ‫عيناه و يتابع «خليين موت قبلك ولك جدي و حاجتك زعرنة»‪.‬ينظر إليه‬ ‫خيرف‪.‬‬ ‫الشاب بنظرة شئزة ليخرب ّأمه الحقاً أ ّن والدها بلّش ّ‬ ‫صافيتا‪ :‬مع عودة الصيف جتتمع شلة شباب على إحدى األسطح لتلعب الش ّدة‬ ‫تدخن األرغيلة و تتسابق يف إلقاء النكات على الصاروخ الّذي تابعوا بشغف‬ ‫و ّ‬ ‫كيف انطلق من إحدى قواعد الصواريخ القريبة أو البعيدة ‪-‬ال يدرون‪ -‬من‬ ‫املدينة‪ .‬يتساءل أحدهم فيما يبدوا أنّه حلظةٌ نادرة من «الصحو» أين سيسقط‬ ‫هذا الصاروخ‪ ،‬و تتنوع اإلجابات تبعاً للتحليل االسرتاتيجي لكل منهم‪ :‬محاة‪،‬‬ ‫دير الزور‪ ،‬حلب‪ ،‬درعا‪ ..‬بقاع أحدهم هذا النقاش‪:‬‬ ‫«خلصونا بقا شو أول صاروخ ‪ ...‬رجعونا عاللعبة»‪.‬‬

‫حرية‬

‫سلمية‬

‫مدنية‬

‫العدد ‪ - 10‬أيار ‪2013‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬


‫فسبكات‬ ‫‪Orwa Alahmad‬‬ ‫ال حتزن يف سوريا الغد إذا َ‬ ‫قلت ألحدهم ‪ :‬حلوة هالساعة ‪..‬‬ ‫وما ق ّلك ‪ :‬مقدّ مة ‪..‬‬ ‫أو إذا حاولت حتتال على أحدهم ونَ َس ْلت قلم مع ّلق بيجبته‬ ‫‪ ..‬فنهر فيك وصرخ ‪..‬‬ ‫شب حاطط وشاح نسواني على‬ ‫أو إذا ع ّلقت تعليق ساخر على ّ‬ ‫رقبته ‪ ..‬فقام ضربك ‪..‬‬ ‫أو إذا قلت لرفيقك اللي عازمك عالغدا هاألكلة ما حب ّبها ‪..‬‬ ‫وأمّه عم تطبخ نفس الطبخة من شهور ‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫مليئة بالذكريات ‪ ..‬اليت تركها الشهداء ‪..‬‬ ‫سوريا الغد‬ ‫فاحرتس أن تهزأ من خم ّلفاتهم ‪..‬‬ ‫ّ‬ ‫هناك من حيميها ‪ ..‬ويستحضر أرواحهم كل حلظة ‪.‬‬ ‫‪Yasser Nadim Said‬‬ ‫أصارحكم أنين على املدى البعيد مل أفقد ثقيت بالعلويني‬ ‫وهذا ناجم عن بساطتهم وحداثة عهدهم بالتمدن ليس‬ ‫إال‪...‬مراقبة سلوكهم خالل آخر جيلني تدل على أنهم عجينة‬ ‫ميكن أن ختلق منها ما تشاء‪...‬خمابرات جيش شبيحة جمرمو‬ ‫حرب مثقفون معارضون تكنوقراط متدينون ملحدون علمانيون‬ ‫طائفيون دميقراطيون مستبدون ليرباليون متغربون وطنيون‬ ‫قوميون انفصاليون ‪..‬ميكن ألي نظام أيضاً (غري النظام‬ ‫األسدي) االستثمار فيهم دائماً كجماعة بشرية مغلقة وميكن‬ ‫أن جيعلهم منفتحني‪..‬النظام األسدي عرب جيلني ومن خالل‬ ‫توريث اجلمهورية أمكن له فعل الكثري بهم ومعهم ‪...‬حتى‬ ‫مزاجهم النفسي العام ميكن التالعب به ببساطة حبيث تأخذهم‬ ‫مييناً أو مشاالً بناء على قلقهم الوجودي‪..‬ولكن من يهمه‬ ‫التفكري على املدى البعيد اآلن؟ الناس ال يهمها من «التاريخ»‬ ‫(وهذا صحيح) سوى جيلني سابقني وجيلني قادمني‪..‬شيء‬ ‫له عالقة حبياتنا وحياة من يعنون لنا اآلن كل شيء‪ :‬اآلباء‬ ‫واألجداد ‪..‬األبناء واألحفاد‪..‬‬ ‫‪Yassin Al Haj Saleh‬‬

‫‪Rima Dali‬‬

‫يغسل وجهه ‪..‬‬ ‫ينظر في المرآة محاوال أن يرسم ابتسامة و لكنه سرعان ما يجهش‬ ‫بالبكاء‪ ،‬و هو يتذكر مشاهد مذبحة البارحة على التلفاز‪.‬‬ ‫يتماسك بعد لحظة ‪ ..‬يعاود رسم االبتسامة و يغسل وجهه‪،‬‬ ‫يكمل ارتداء مالبسه و هو يفكر في درس اليوم ‪ ..‬يجمع دفاتره و‬ ‫يرتب الغرفة قبل أن يخرج ‪ ..‬يحاول التماسك في الحافلة ‪ ..‬تعن‬ ‫له رغبة بكاء ثانية و لكنه يقاوم ‪ ..‬يحك عيناه و يعدل النظارة ‪.‬‬ ‫تنفلت أفكاره بعيدا عنه و تصل إلى هناك ‪ ..‬أتراهم نجوا أخوه‬ ‫أحمد و عائلته؟ بيت خاله؟ و منزل الطفولة األول؟ و شارعهم‬ ‫ذاك المليء بذكريات شقاوته؟ يلجم أفكاره و يعيدها إلى مكانها‬ ‫‪.‬‬ ‫يصل إلى المدرسة فيرى األطفال و ينسى كل شيء يتذكر فقط‬ ‫درس الرياضيات الذي سيشرحه اليوم‪ ،‬يتراكضون حوله‪ :‬أستاذ‬ ‫صباح الخير‪ ،‬يبتسم من قلبه هذه المرة و هو يطبطب على‬ ‫ظهورهم و يستحثهم على الدخول ‪.‬‬ ‫يدخل البناء متوجها إلى الغرفة الصغيرة التي يرتاح بها األساتذة‪،‬‬ ‫لكنه يقف في منتصف الطريق و هو يسمع أصواتهم تحكي عن‬ ‫المجزرة‪ ،‬فيغير اتجاهه إلى السلم‪.‬‬ ‫يقف جانبا وهو يراقب أفواج األطفال السوريين في ضجيجهم‬ ‫و صخبهم و هم يصعدون ‪ ..‬هم أيضا هربوا مع عائالتهم خارج‬ ‫البلد‪.‬‬ ‫فيما مضى كان يحلم أن يتزوج بنت خاله و ينجب الكثير من‬ ‫األوالد ‪..‬‬ ‫و هو اآلن هنا بعيداً عن وطنه هارباً من بطش المجرمين يتلمس‬ ‫أخبار الوطن و العائلة في التلفاز و على الحاسوب‪ ،‬وال يعرف‬ ‫ماذا حل بأهله‪..‬‬ ‫دق الجرس معلنا انتهاء صالحية أفكاره و بداية الحصة األولى ‪..‬‬ ‫توجه إلى الصف ‪ ..‬وقف معدالً ثيابه‪ ،‬نظارته‪ ،‬ابتسامته‪ ،‬أفكاره‪..‬‬ ‫دخل إلى الصف يهتف بصوت حاول أن يكون طبيعياً قدر‬ ‫المستطاع ‪ :‬صباح الخير يا أوالد‪.‬‬ ‫جاوبته عقولهم الصغيرة المبتسمة ‪ :‬صباح الخير يا أستاذ‪.‬‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 10‬أيار ‪2013‬‬

‫بقلم‪ :‬نسيبة هالل‬

‫مدنية‬

‫بضيعة صغرية جببال طرطوس ‪ ,‬أول شي بتحسو بس توصل‬ ‫إنو هاملكان خارج الزمن و اجلرح السوري حلد ما متشي‬ ‫بشوارعها وتشوف جمالس العزا وصور الضحايا وتعرف انو‬ ‫سورية كلها مفجوعة ‪......‬كلها‬

‫قلب يف الغربة‬

‫حرية‬

‫الطفل املتنمر الذي ال يكف عن االعتداء على رفاقه يف‬ ‫املدرسة‪ ،‬والذي أعيت معلماته جماوالت تعديل سلوكه‪ ،‬مل‬ ‫جيدوا له حال يف النهاية إال بالقول إنه مثل بشار‪ ،‬ما يفعله‬ ‫لرفاقه هو ما يفعله بشار باملدينة‪ ،‬وهددوه بوضع صورة بشار‬ ‫على صدره‪ ....‬بكى الطفل لإلهانة وأنكر بقوة أنه مثل بشار‪،‬‬ ‫وانصلح تعامله مع رفاقه بعد ذلك‪.‬‬

‫أدب الثورة‬

‫‪14‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬


‫لقطات من وطين‬

‫‪15‬‬

‫‪ 10-04-2013‬حمص حي القرابيص‬

‫‪ 18-04-2013‬حمص‬

‫‪ 27-04-2013‬حلب صالح الدين نزوح من الحي بعد‬ ‫إستهدافه بالطيران‬

‫‪ 26-04-2013‬مظاهرة في ببيال‬

‫‪ 2013‬نيسان ‪ -‬دمشق ‪ -‬جوبر‬

‫‪ 28-04-2013‬طرطوس ‪ -‬قرية ضهر شيحا‬

‫حرية‬

‫سلمية‬

‫مدنية‬

‫صواريخ!‬ ‫العدد ‪ - 10‬أيار ‪2013‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬


‫فن الثورة‬ ‫كاريكاتور‬

‫‪16‬‬

‫سورية عم تولد من جديد‬ ‫تيم حناوي‬ ‫جرح لوطن‬ ‫لما االرض تنهان‬ ‫شو دينك ما بهم‬ ‫إنجيلك القرآن‬

‫سوريا عم تولد من جديد‬ ‫من بكرا إيد بإيد‬ ‫منرجع نبنيا‬ ‫سوريا أبداً مرح تنهار‬ ‫رح تبقى مهما صار‬ ‫بدمنا نرويا‬ ‫حب البلد مزروع‬ ‫رغم األلم و اآله‬ ‫صوت الولد مسموع‬ ‫لبيك يا اهلل‬

‫حرية‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 10‬أيار ‪2013‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫مدنية‬

‫غرافيتي ‪ -‬حمص ‪-‬ساحة الحرية‬


‫الفتات مميزة‬

‫‪17‬‬

‫‪ 12-04-2013‬كفرنبل‬

‫‪ 08-04-2013‬الالذقية‬

‫‪ 26-04-2013‬بستان القصر‬

‫‪ 05-04-2013‬الرقة‬

‫‪ 18-04-2013‬الكسوة‬

‫حرية‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 10‬أيار ‪2013‬‬

‫مدنية‬

‫‪ 26-04-2013‬حمص‬

‫‪ 26-04-2013‬بستان القصر‬ ‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬


‫حوارات‬

‫‪18‬‬

‫عندما يعود املقاتل من املعركة‬ ‫حوارات مع جنود اجليش السوري‬

‫إعداد‪ :‬رجا مطر‬ ‫بعيداً عن المستجدات الميدانية المتالحقة‪ ،‬و بعيداً عن تطورات المعارك و تفاصيلها و نتائجها‪ ،‬هناك جانب‬ ‫السوري‬ ‫ال يهتم به أح ٌد في غمرة األحداث التي نمر بها‪ ،‬هذا الجانب هو حياة المقاتلين في صفوف الجيش ّ‬ ‫النظامي؛ القصد هنا حياتهم كبشر لهم مشاعر و أحاسيس‪ ،‬لهم آالمهم وأحالمهم و أحبتهم‪ ،‬بعيداً عن هاالت‬ ‫التقديس و البطولة التي يصورهم بها إعالم النظام الذي يتاجر بهم بخسة‪ ،‬و بعيداً عن خطاب اإلعالم الحربي‬ ‫الذي ال يستطيع التعامل معهم إال كمجرمين معدومي اإلنسانية‪.‬‬ ‫فريق سنديان حاول تسليط الضوء على هذا الجانب من حياة المقاتلين عن طريق حوارات حقيقية مع جنود‬ ‫عائدين من المعارك‪ ،‬إما في إجاز ٍ‬ ‫ات قصيرة نادرة أو ألنّهم مصابون‪ -‬و هذا أغلب الحال‪.-‬‬ ‫المتخرج‬ ‫الجنود الذين التقيناهم هم «علي» من جبلة الشاب الجامعي‬ ‫ّ‬ ‫المحتـَ​َفظ بِه ألكثر من سنة‪ ،‬و «أيهم» من الشيخ بدر و هو شاب‬ ‫و ُ‬ ‫لم يكمل تعليمه التحق بالخدمة اإللزامية في بداية العام الماضي‬ ‫عندما أكمل عامه الثامن عشر‪ ،‬و «عالء» من مشتى الحلو الشاب‬ ‫الثالثيني الذي طلب إلى االحتياط بعد مضي ‪ 7‬سنين على انتهاء‬ ‫خدمته‪.‬‬

‫• عالء‪« :‬التحقت باالحتياط أل ّن القضية لم تعد معارضة و موالة‪،‬‬ ‫القضية هي قضية وطن‪ .‬لم أذهب إلى الجيش ألدافع عن النظام بل‬ ‫عن البلد‪ ،‬الكثيرون من أصدقائي في المشتى يعلمون أنني معارض‬ ‫للنظام و في عائلتي الكثير من المعتقلين و لكن سوريا اآلن تتعرض‬ ‫لغزو من كائنات ال يشغل دماغها إال الحورية‪ ،‬و تعمل على مبدأ‬ ‫«اذبحوا من في األرض تنكحوا من في السماء»‪.‬‬

‫طرحنا بشكل غير مباشر ما لدينا من أسئلة وحملنا للقراء أجوبتها‬ ‫المتباينة‪:‬‬

‫أنت تعلم أ ّن معظم الذي تقاتلهم سوريون من هذا‬ ‫الشعب و أبناء هذا البلد‪ ،‬هل فكرت مثالً في عدم‬ ‫اعتبارهم أعداء ؟‬

‫ما الذي يدفعك للقتال مع الجيش؟‬

‫حرية‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 10‬أيار ‪2013‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫مدنية‬

‫• علي‪« :‬ال خيار لي هذا قدرنا‪ ،‬لقد وجدت نفسي فجأةً في موقع‬ ‫ال يتيح لي االختيار‪ ،‬قبل األزمة لم يكن لي أي ر ٍ‬ ‫أي في السياسة‪،‬‬ ‫و لم يكن لي موقف من النظام ال معه و ال ضده‪ .‬و لكن مع بداية‬ ‫المظاهرات بدأ يتشكل ضمن الجيش تيار «األسد أو نحرق البلد» و‬ ‫كان كل من ال يمشي في هذا التيار يعامل كجبان أو «خائن»‪ .‬و لكن‬ ‫مع انتشار السالح و المسلحين و استهداف األمن و الجيش أصبح‬ ‫خوفنا من هؤالء (المتظاهرين) حقيقياً»‪.‬‬ ‫• أيهم‪« :‬ال أعلم‪ ،‬عندما التحقت في السنة الماضية لم أفكر‬ ‫بالموضوع كثيراً‪ ،‬كنت قد تركت المدرسة منذ حين و آن أوان سحبي‬ ‫أتعرض إلطالق النّار!‬ ‫فالتحقت‪ ،‬منذ فرزت على أحد الحواجز و أنا ّ‬ ‫ال أفهم لماذا أعامل كعدو! ما ذنبنا كي نموت بهذا الشكل؟! أتعلَم‪،‬‬ ‫أنا لم َأر مظاهرًة واحد ًة في حياتي! ال سلمية و ال مسلّحة»‪.‬‬

‫• علي‪« :‬لقد فقدت أملي بالشعب السوري‪ ،‬مصطلح «الشعب‬ ‫السوري» ليس إال كذبةً‪ .‬نحن لسنا شعباً‪ ،‬بل مجموعةً من البشر‬ ‫أي شيء إال شعب‪.‬‬ ‫الّتي يلعب بها اآلخرون‪ ،‬نحن سكان‪ ،‬طوائف‪ّ ،‬‬ ‫الموضوع أصبح حرباً طائفية و الحرب مفروضة و االنتماء مفروض!‬ ‫القصة ما عادت بإيدنا»‪.‬‬ ‫• أيهم‪« :‬أنا ال أكره أحداً و لم أعتبرهم أعداء أساساً‪ ،‬بحكم الحواجز‬ ‫المتقابلة و القريبة من بعضها أصبحت هناك «عالقة» ما بيننا و بينهم!‬ ‫في النهار «نتسلى ببعضنا» بالصراخ و الشتائم و أحيانا بالسخرية‬ ‫و العزيمة على الطعام‪ ،‬و في الليل يهجمون على حاجزنا و ندافع‬ ‫نحن عن أنفسنا‪ .‬في إحدى الليالي الهادئة كنت أشعر بسكينة غريبة‪،‬‬ ‫صدقني لقد فكرت بالذهاب إليهم و التعرف إليهم و الحديث معهم‬ ‫ولكن لم أتجرأ على فعل ذلك‪ ،‬ربما كانوا سيردونني قتيالً فوراً و ربما‬


‫حوارات‬ ‫علي النار!»‬ ‫ظنني الرفاق منشقاً و أطلقوا ّ‬ ‫• عالء‪« :‬ابن جيراني استشهد بـ ‪ 23‬آذار ‪ ،2011‬يعني بعد كم يوم‬ ‫من بداية الثورة المزعومة بدرعا‪ ،‬هي أيام السلمية عأساس‪ .‬خيو من‬ ‫اآلخر اللي حامل سالح و عم يطلب من جيوش العالم تجي و تقصف‬ ‫بلدي هادا مو سوري و النو من الشعب‪..‬هادا عدو»‪.‬‬

‫ما هي األمور التي تخطر ببالك وقت المعركة أو في‬ ‫لحظات الهدوء‪ ،‬من هم األشخاص الذين تذكرهم في‬ ‫الجيش؟‬

‫• علي‪« :‬لم أعد أشعر بشيء‪ ،‬أحس بأنني آلة تحارب ال أكثر‪ ،‬أنا‬ ‫اآلن جزءٌ من بندقيتي و ليست هي جزءاً مني!»‬ ‫• أيهم‪« :‬أتذكر أمي‪ ،‬ال يغيب وجهها عني‪ ،‬أتذكر أبي‪ ،‬أخوتي‪ ،‬أتذكر‬ ‫حبيبتي أيضاً‪ ،‬أشعر بتواصل قلبي معها»‪.‬‬ ‫• عالء‪« :‬أكثر ما أتذكره بعد المعارك هو عمي القومي السوري و‬ ‫المعتقل السابق الذي كان يقول أن النظام يعتقل العلمانيين و يربي‬ ‫اإلسالميين تحت جناحه وأننا سندفع الثمن‪ .‬أشعر بالقهر الشديد ألننا‬ ‫حقاً ندفع الثمن «حيونة» النظام و ما يقهر أكثر أن ال شيء يتغير‪.‬‬ ‫أحس بالحنق و الغضب لكوننا نحن الفقراء الصغار ندفع بدمائنا‬ ‫ثمن أخطاء الكبار و الفاسدين بينما هم و أوالدهم ال يخدمون في‬ ‫الجيش»‪.‬‬

‫هل تشعر بأن الموت أصبح عادياً؟ هل تأقلمت؟‬

‫• علي‪« :‬نعم‪ ،‬لقد اعتدت على الموت‪ ،‬احترق قلبي و لم يعد سوى‬ ‫قطعة متفحمة‪ ،‬قلبي اآلن متجلّ ٌد ال يتأثر بشيء!»‪.‬‬ ‫• أيهم‪« :‬ال‪ ،‬ال يمكن أن يصبح الموت شيئاً عادياً‪ ،‬مقطع ذبح رفيقي‬ ‫الذي خطف و هو في طريق عودته من اإلجازة ال يمكن أن أعتاد عليه‬ ‫أبداً‪ ،‬منظر األشالء بعد كل انفجار ال يمكن االعتياد عليه»‪.‬‬ ‫• عالء‪ :‬كيف يمكن أن أتأقلم؟ صور الموت و صيحات الجهاد‬ ‫الجندي الكوابيس المرعبة و أيام‬ ‫تمنعني من النوم! كيف سينسى‬ ‫ّ‬ ‫الحصار و الجوع و خذالن القيادة و كل شيء!‬

‫هل تشعر بأن وجودك في مكان خدمتك مرحب به من‬ ‫قبل األهالي؟‬

‫• علي‪« :‬ال أبداً‪ ،‬الناس يكرهوننا أستطيع أن أرى ذلك في عيونهم‪،‬‬ ‫مهما ابتسموا لنا و تظاهروا بعدم الخوف منا أشعر أننا مصدر خوف‬ ‫لهم ‪ ..‬و هم كذلك بالنسبة لنا»‪.‬‬ ‫• أيهم‪« :‬هيك و هيك! في ناس بتكرهنا و في ناس بتحبنا‪ ،‬بس‬ ‫بشكل عام لما بصير زحمة عالحاجز ما حدا بكون طايق حدا!»‪.‬‬ ‫• عالء‪« :‬بالطبع‪ ،‬لوال دعم الناس لنا لما صمدنا كثيراً هنا‪ ،‬يجلسون‬ ‫معنا على الحواجز أحياناً يرسلون إلينا طعاماً أو إبريق شاي»‪.‬‬

‫هل سمعت بصفقة التبادل مع اإليرانيين؟‬

‫• علي‪« :‬نعم سمعت بها‪ ،‬يتعاملون معنا كبيادق‪ ،‬ال قيمة ألرواحنا‬ ‫لديهم‪ ،‬أنا أعلم ذلك‪ ،‬نحنا بالعين السكين عالحدين!»‪.‬‬ ‫• أيهم‪« :‬ال لم أسمع بها‪ ،‬ما هذه الصفقة؟»‪.‬‬ ‫• عالء‪« :‬ك* أخت اللي بيعمل هيك صفقة‪..‬ك* أخت الرئيس! هيك‬ ‫بدك؟! قرايبي استشهد بإدلب‪ ،‬كانوا محاصرين و إجت مروحية نقلت‬ ‫ضابطين بس وانترك هوي و ‪ 12‬عسكري ليموتوا و ما نجي منهن غير‬ ‫الشب اللي حكالي هالحكي! خلينا ساكتين يا عمي‪.‬‬

‫هل تتخيل نفسك شهيداً؟‬

‫• علي‪« :‬ال يهمني ذلك‪ ،‬لقد رأيت الموت و اعتدت عليه‪ ،‬لم يعد‬ ‫الموت يرهبني و لم أعد أشعر بهيبة له‪ ،‬لقد رأيت الكثيرين يموتون‬ ‫أمامي و استشهد بعض رفاقي بين يدي‪ ...‬تمسحت‪.‬‬ ‫• أيهم‪« :‬نعم‪ ،‬أتمنى ذلك‪ ،‬سيكون هذا مصدر فخر ألهلي و أبناء‬ ‫قريتي»‪.‬‬ ‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 10‬أيار ‪2013‬‬

‫• علي‪« :‬مالك عالقة!»‪.‬‬ ‫• أيهم‪« :‬أحياناً و ليس دائماً‪ ،‬للحفاظ على مصلحة الجيش و على‬ ‫المعنويات‪ .‬مثالً عندما بدأت األمور تخرج عن السيطرة في منطقتنا‪،‬‬ ‫و بعد الهجوم على حاجزنا و استشهاد أحد رفاقنا و جرح اثنان‬ ‫آخران طلب منا الضابط المسؤول أال نتحدث باألمر ألهلنا عندما‬ ‫يتصلون بنا و أن نقول لهم أن األخبار التي يسمعونها في اإلعالم عن‬ ‫منطقتنا كلها كذب بكذب»‪.‬‬ ‫• عالء‪« :‬طبعاً‪ ،‬عندما يأتي التلفزيون ليصور يبلغوننا بما يجب أن نقوله‬ ‫أو ال نقوله‪ ،‬ال يسمحون لوسائل اإلعالم بتصوير حجم المعارك!‪ .‬و‬ ‫فوق كل ذلك هناك ضغط غير معلن على كل واحد كيال يتفوه بأي‬ ‫انتقاد للخطأ‪ .‬هناك الكثير من األخطاء‪ ،‬نهب البيوت و مضايقة‬ ‫المدنيين و االعتداء عليهم أحياناً»‪.‬‬

‫مدنية‬

‫• علي‪« :‬بقضيه عالموبايل‪ ،‬بحكي عالنت مع شباب و صيايا الضيعة‪،‬‬ ‫لواله بيجوز كنت بطق!»‪.‬‬ ‫• أيهم‪« :‬ال شيء محدد‪ ،‬بين النوم الحذر و نوب الحراسة و شرب‬ ‫المتة و االستماع إلى الراديو»‪.‬‬ ‫• عالء‪« :‬أي وقت فراغ! نحن في حالة استنفار شبه دائمة»‪.‬‬

‫هل هناك أشياء ال يسمح لكم بقولها أو توصون بعدم‬ ‫نشرها؟‬

‫حرية‬

‫ماذا تفعل في أوقات الفراغ؟ بماذا تمأل وقتك أيام‬ ‫اله َدن؟‬ ‫ُ‬

‫‪19‬‬


‫‪20‬‬ ‫• عالء‪ :‬يسحب من سيجارته و ينظر إلى الفراغ نظرة تدل على أنه لم يفكر في األمر من قبل ثم يقول‪:‬‬ ‫«ال أريد أن أموت‪ ،‬لدي طفلة صغيرة و ال أريد لها أن تكمل حياتها بدون أب»‪.‬‬

‫ماذا تقول للذين مازالوا يقاتلون بصفوف الجيش الحر؟‬

‫• علي‪« :‬شو بدي قلن؟ أبعرف»‪.‬‬ ‫• أيهم‪« :‬اهلل يسامحكن‪ ،‬نحنا أخوة‪ .‬بيك ّفي دم‪ ،‬بك ّفي دمار‪ ،‬القرى و المدن مهدمة و القتلى من الجانبين بعشرات اآلالف‪ .‬لم نعد نريد القتل‬ ‫و الدم»‪.‬‬ ‫• عالء‪« :‬لن تمروا!»‪.‬‬

‫ً مساحة حرة‬

‫اإلنسان أوال‬

‫ال شك أ ّن نظام االستبداد السوري عندما اختار العُنف طريقاً وحيداً‬ ‫للتعامل مع الثورة الشعبية ومطالبها وشعاراتها‪ ،‬فإنه لم يُِقم وزناً لحياة‬ ‫معني بحياة‬ ‫غير ٍّ‬ ‫السوريين سواء مناوئوه أم أنصاره‪ ،‬وال شك أنه ُ‬ ‫السوريين عندما يتعلق األمر ببقائه واستمرار هيمنته على السلطة‬ ‫والثروة‪ .‬إال أ ّن الحرب تتطلب شعارات وأفكاراً تمنحها شرعيةً ما؛‬ ‫التصدي لإلسالم السياسي ومقاومة إسرائيل ووحدة التراب السوري‪،‬‬ ‫إنّها أيقونات النظام الثالث التي يرفعها لتظلّل حربَهُ على معارضيه‪.‬‬ ‫وإذا كان صحيحاً القول بأنّه من الشطط وصف جميع أنصار النظام‬ ‫بأنّهم قتلة أو مجرمون كما يذهب كثير من الخطاب السائد في أوساط‬ ‫الثورة والمعارضة‪ ،‬فإ ّن هذا يعني أن كثيراً من أنصاره يلتفون حوله‬ ‫بداف ٍع من تصديق شعاراته واإليمان بحربه تلك طريقاً وحيداً للدفاع‬ ‫عن هذه الشعارات‪ ،‬و لكن هل يعفيهم هذا من تحمل المسؤولية‬ ‫األخالقية والتاريخية عن الدماء التي سالت على يد نظام األسد؟‬

‫على أن ما يّج ُدر االنتباه له هنا أن األمر ال يقتصر على الفاشية‬ ‫المركبة التي تبرر للنظام السوري كل أفعاله‪ ،‬بل يمتد إلى هناك‪ ،‬إلى‬ ‫الضفة األخرى التي تصارع نظام األسد‪ ،‬هناك حيث تسود أفكار‬ ‫أخرى تقود إلى االستهتار بحياة اإلنسان‪ .‬وإذا كان هذا ال يغير من‬ ‫مشروعية وأحقية المعركة التي يخوضها الثوار السوريون‪ ،‬ومن حقيقة‬ ‫أن عنف النظام األخرق هو ما قاد إلى هذه الحرب الطاحنة‪ ،‬إال أنّه‬ ‫يفسر المآالت الدموية للثورة السورية‪ ،‬ويفسر تماسك نظام االستبداد‬ ‫ّ‬ ‫ويفسر أيضاً ما يقال عن احتماالت استبداله باستبداد‬ ‫اللحظة‪،‬‬ ‫حتى‬ ‫ّ‬ ‫غيره ريثما يتمكن السوريون من انتزاع حريتهم‪ ،‬ألنّه طالما أن ثمة‬ ‫شيئاً يسمو على اإلنسان في الثقافة السائدة‪ ،‬فإن االستبداد والطغيان‬ ‫سيبقى مرشحاً للصعود والهيمنة مرة أخرى‪.‬‬ ‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫حرية‬

‫العدد ‪ - 10‬أيار ‪2013‬‬

‫هذا ما ينتهي إليه الحال عندما توضع األفكار المجردة فوق اإلنسان‬ ‫وحقوقه‪ ،‬يصبح منظروها ومسوقوها وحتى المؤمنون بها شركاء في‬ ‫الطغيان‪ ،‬وال تُعفيهم رغبتهم الحقيقية في بقاء سورية موحدة أو في‬ ‫تحرير فلسطين أو في الحفاظ على ما يعتقدونه علمانية النظام السوري‬ ‫من شراكتهم له في الطغيان‪ ،‬بل إنها شراكة ترقى إلى مستوى الفاشية‬ ‫عندما تصل إلى حد التستر على أعمال قتل جماعية مفضوحة‪ ،‬فاشية‬ ‫عارية ال مجال للتستر عليها أمام هول الصور القادمة من أحياء حمص‬ ‫ودير الزور وسائر المناطق الثائرة‪.‬‬

‫مدنية‬

‫إنها تلك األيدولوجيات اللعينة التي تضع سلماً للقيم ال تحتل فيه‬ ‫حقوق اإلنسان في الحياة والكرامة والتعليم والنماء والتقدم مرتبة‬

‫متقدمة‪ ،‬هي نفسها التي تدعي أنها ترفض األيدولوجيات الدينية ألنها‬ ‫لتبرر العنف‬ ‫ِّ‬ ‫تشرع القتال والقتل دفاعاً عن العقيدة الدينية‪ ،‬تعود ّ‬ ‫والقصف وتدمير المدن السورية دفاعاً عن وحدة التراب السوري‬ ‫على حد زعمها‪ ،‬أو دفاعاً عن ممانعة سورية للمشروع اإلسرائيلي‬ ‫على حد زعمها أيضاً‪ ،‬وكأن وحدة التراب السوري لها هدف غير‬ ‫حياة وكرامة السوريين حتى تُهدر الحيوات والكرامات ألجلها‪ ،‬وكأن‬ ‫المشروع اإلسرائيلي مهما بلغ يمكن أن يفعل ما هو أسوأ من تدمير‬ ‫المدن السورية وتشريد أهلها‪.‬‬

‫سلمية‬

‫صحيح أن اإليمان بالمبادئ يضفي على الحروب مسحةً أخالقيةً‬ ‫شن دون شعارات وقيم معلنة؟ إال‬ ‫ما‪ ،‬ولكن متى كانت الحروب تُ ّ‬ ‫أ ّن األهم هنا هو أن منطق مؤيدي النظام ينتهي إلى القول بأنّه ال‬ ‫مشكلة في تدمير مدن سورية وقتل سكانها‪ ،‬وال مشكلة في سوق‬ ‫الشبان إلى حرب عبثية دفاعاً عن العلمانية‪ ،‬أو عن الممانعة‪ ،‬أو‬ ‫كي ال يكون لإلسالميين نصيب في السلطة‪ ،‬أو كي ال تتعرض وحدة‬ ‫التراب السوري للخطر‪ .‬تبدو كل هذه القيم والمبادئ والشعارات‬ ‫أهم من حياته وحقوقه‪ ،‬وكأن المبادئ التي يفترض أ ّن‬ ‫فوق اإلنسان‪ّ ،‬‬ ‫العقل البشري صاغها دفاعاً عن اإلنسان تستحيل شيئاً منفصالً في‬ ‫ٍ‬ ‫كائنات حيةً يجب أن تستمر في البقاء بصرف النظر عن‬ ‫الفراغ‪ ،‬أو‬ ‫جدواها وفائدتها‪ ،‬بل إنّه ال بأس بالتضحية باإلنسان نفسه‪ ،‬بحياته‬ ‫وكرامته حتى تبقى هذه المبادئ على قيد الحياة‪.‬‬

‫بقلم‪ :‬صادق عبد الرمحن‬


‫رسالة من أخوة الوطن‬

‫‪21‬‬

‫إىل جيل اآلباء‬

‫بقلم‪ :‬رجا مطر‬ ‫إلى من نك ّفر اليوم عن ذنوبهم‪ .‬إلى من ندفع في هذه األوقات‬ ‫من عمرنا و حياتنا ثمن أخطائهم‬ ‫ال داعي للمقدمات‪ ،‬سأبدأ مباشرةً !‬ ‫أيُّها اآلباء ‪ ...‬يا جيل اإلذعان و القبول‪ ،‬يا جيل تثلُّ ِم األحاسيس‬ ‫و تبلدها‪ ،‬ماذا فعلتم؟ كيف وصلتم بنا إلى هذا الواقع المقيت‬ ‫الخانق؟‬ ‫ِ‬ ‫لماذا قَبلْتُم؟ لماذا ساومتم؟ لماذا نافقتم؟ لماذا صمتّم و لم‬ ‫ثم لماذا انصرفتم عن فجائعكم‬ ‫تصرخوا بأعلى صوتكم «ال»؟ ّ‬ ‫عالم نسيتم‬ ‫لنا؟ لماذا أتيتم بنا إلى عالم هزيمتكم الالمعقول هذا؟ ٌ‬ ‫أو تناسيتم هزيمتكم فيه‪ ،‬و تابعتم حياتكم بهدوء و اتزان! عالم‬ ‫عالم‬ ‫كل ما تريدون منه أن تروننا نكمل سلسلة التناسل الحمقاء! ٌ‬ ‫أنتم فيه مذلون مهانون‪ ،‬منافقون مرائون‪ ،‬و تريدوننا مثلكم !‬ ‫انظروا إلى أنفسكم ‪ ...‬كلكم نسخ متشابهة و مكررة‪ ،‬و مملة‪،‬‬ ‫مملةٌ جداً! كلكم راضخون ‪ ..‬تنفعلون بالمقاييس المتاحة‪،‬‬ ‫تعترضون بالمقاييس المتاحة‪ ،‬تفرحون بالمقاييس المتاحة‪ ،‬تحزنون‬ ‫بالمقاييس المتاحة‪ ،‬و تغضبون ‪ -‬حتى الغضب! ‪ -‬بالمقاييس‬ ‫المتاحة‪ .‬لهذا أنتم مهزومون‪ ،‬مهزومون بكل المقاييس‪.‬‬

‫ض َع ُكم‪ ،‬و لكن نلومكم‬ ‫ال نلومكم إن كان واقعكم قاسياً و أخ َ‬ ‫ألنكم قبلتم بالهزيمة‪ ،‬نلومكم ألنكم ال تملكون الجرأة على‬ ‫االعتراف بأنكم مهزومون‪ ،‬نلومكم ألنكم هزمتم‪ ،‬نلومكم ألنكم‬ ‫تسلمون بهزيمتنا و ال تريدوننا أن نقاوم الهزيمة و تغضبون إن‬ ‫لم نخضع مثلكم‪ ،‬نلومكم ألنكم وصلتم إلى مرحلة من التبلد و‬ ‫انعدام الحس ال تهزكم معها كل فجائعكم و ال تحسون باإلهانة !‬ ‫لن نسامحكم على ما نحن فيه اآلن‪ ،‬لن نسامحكم البتة‪.‬‬ ‫إننا مستمرون ‪ ...‬مستمرون في الثورة ‪ ...‬الثورة على واقع خانق‬ ‫هو نتيجة أعمالكم‪...‬الثورة التي تدين هدوئكم و بالدتكم!‬ ‫مستمرون دفاعاً عن حقنا في الحياة‪ ،‬أل ّن حياتنا ليست لكم‪.‬‬ ‫مستمرون دفاعاً عن جنوننا ضد االستكانة و الخنوع و الملل‪.‬‬ ‫اعذرونا نرجوكم ‪ ..‬نطلب منكم العذر و لكننا مستمرون و لن‬ ‫نتوقف!‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 10‬أيار ‪2013‬‬

‫اعذرونا إن كشفنا زيفكم‪ .‬نعلم أنكم ال تريدون الفضيحة؛ فضيحة‬ ‫المباالتكم التي تسمونها تعقالً‪ ،‬و نفاقكم الذي تسمونه سياسة‪،‬‬ ‫و جبنكم و خنوعكم الذي تسمونه نضجاً و خبرة‪ .‬نعلم ذلك‬ ‫و لكن اعذرونا‪ .‬اعذرونا إن أظهرنا كم أنتم مذعنون و خائفون‬ ‫لدرجة تجاهل حقيقة يومية بسيطة هي َّ‬ ‫أن من يحكمونكم هم‬ ‫مجموعة من اللصوص المستبدين‪.‬‬

‫مدنية‬

‫نحن نحبّكم و نحترمكم ألنكم آباؤنا‪ ،‬و لكننا ال نستطيع أن‬ ‫ننظر لجيلكم إال بغضب بسبب الواقع الذي أوصلتمونا إليه‪،‬‬ ‫نشعر بقرف و اشمئزاز من رؤيتكم متعايشين مع هذا الواقع‪.‬‬

‫اعذرونا إن كنا لم نعد نحتمل هذا الواقع‪ ،‬اعذرونا فحياتكم ال‬ ‫تطاق! اعذرونا فنحن ال نريد أن نحيا حياتكم بحجم العجز‬ ‫الهائل الذي تحويه‪ .‬نريد أن نبكي حين نتألم‪ ،‬أن نصرخ حين‬ ‫نُظلَم‪ ،‬أن نغضب حين نُهان‪ ،‬أن نثور حين نُجبر أن نحيا حياة‬ ‫الحيوان‪.‬‬

‫حرية‬

‫انظروا إلى أين انتهيتم بنا ‪ ...‬إلى هذه الحياة المجانية الرخيصة‬ ‫التي ال تليق بالبشر‪ ،‬كيف تتواءمون أربعاً و عشرين ساعة مع‬ ‫حياة كهذه؟! حياة المستحاثات البشرية التي ال أعصاب لها‬ ‫وال عنفوان وال كرامة‪ .‬أهذا ما كنتم تناضلون من أجله؟ يا جيل‬ ‫«البعث» و أي بعث! يا جيل األب القائد! يا جيل الشعارات‬ ‫و الغرور الوطني‪ .‬يا جيل الكالم فقط‪ .‬يا جيل الهزيمة و انهيار‬ ‫اإلنسان‪.‬‬

‫كيف تحتملون هذا الوطن بسياسته و ثقافته و هزائمه و ركوده؟!‬ ‫كيف تحتملون هذا النظام باستبداده و كذبه و فساده و سرقته؟!‬


‫سنديان بتتكلم آزادي‬

‫‪22‬‬

‫املسألة الكردية يف سياق الثورة السورية‬ ‫برزت المسألة الكردية خالل األيام األخيرة من يوليو‪ /‬تموز‬ ‫‪ 2012‬إلى صدارة تطورات الثورة السورية‪ .‬لم يكن األكراد‬ ‫غائبين عن الثورة وتطوراتها‪ ،‬بالطبع‪ ،‬ولكن أحداث يوليو‪/‬‬ ‫تموز جعلت من مصير األكراد السوريين‪ ،‬واألكراد في عموم‬ ‫المشرق‪ ،‬مسألة بالغة الخطورة‪ ،‬من جهة عالقتها بمصير‬ ‫سورية‪ ،‬من جهة‪ ،‬والصراع اإلقليمي الناجم عن تعقيدات‬ ‫األزمة السورية‪ ،‬من جهة أخرى‪.‬‬ ‫منذ بدأ النظام السوري في فقدان السيطرة على بعض المدن‬ ‫والبلدات خالل العام ونصف العام الماضي‪ ،‬تواردت تقارير‬ ‫حول قيام مجموعات كردية سورية مرتبطة بحزب العمال‬ ‫الكردستاني‪ ،‬الذي يخوض حرب عصابات مؤلمة ضد الدولة‬ ‫التركية منذ منتصف ثمانينات القرن الماضي‪ ،‬بدور مساند‬ ‫لقوات النظام ووحداته األمنية‪ ،‬سيما في حلب وريفها‪ ،‬حيث‬ ‫يتواجد األكراد بصورة صغيرة ومتفرقة‪ .‬ولكن النصف الثاني‬ ‫من يوليو‪ /‬تموز‪ ،‬شهد انحساراً ملموساً وسريعاً لسلطة دمشق‬ ‫عن عدد كبير من المعابر الدولية مع العراق وتركيا‪ ،‬وعن‬ ‫مساحات حضرية وريفية واسعة في الشمال الغربي والشمال‬ ‫الشرقي‪ ،‬كما في محافظة دير الزور شرق البالد‪ .‬والالفت أن‬ ‫قوات النظام‪ ،‬التي تفادت منذ بداية الثورة التعامل بعنف مع‬ ‫مظاهرات المدن الكردية في محافظة الحسكة‪ ،‬الشمالية –‬ ‫الشرقية‪ ،‬انسحبت من عدد من مدن وبلدات المحافظة بال‬ ‫قتال يذكر وسلمتها لمجموعات كردية منظمة‪.‬‬ ‫هذه قراءة لخلفيات المسألة الكردية في بعدها السوري‪ ،‬وما‬ ‫يمكن أن ينجم عنها من تعقيدات‪.‬‬

‫أكراد سورية وقواهم السياسية‬

‫حرية‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 10‬أيار ‪2013‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫مدنية‬

‫ليس هناك من أرقام قاطعة لعدد األكراد في سورية‪ .‬الرقم‬ ‫األكثر تداوالً أنهم يشكلون زهاء عشر السكان‪ ،‬أو ما يقل‬ ‫أو يزيد قليالً عن ‪ 2‬مليون نسمة؛ تعيش أغلبيتهم في محافظة‬ ‫ولكن هناك‬ ‫الحسكة‪ ،‬وينتمون جميعهم تقريباً لإلسالم السني‪َّ .‬‬ ‫تواجداً كردياً قديماً في مدينة دمشق‪ ،‬تعود جذوره إلى العهد‬ ‫العثماني‪ ،‬كما في محافظة حلب في شمال غرب سورية‪.‬‬ ‫تقول األحزاب الكردية إن األكراد يشكلون أغلبية سكان‬

‫مدن محافظة الحسكة‪ ،‬ولكن مصادر سورية رسمية وغير‬ ‫رسمية أكدت على الدوام أن النسبة العالية للسكان األكراد‬ ‫في مدن الحسكة ال تعني بالضرورة أنهم األغلبية في أي من‬ ‫مدن المحافظة الرئيسة‪ ،‬وال حتى مدينة القامشلي (قامشلو‪،‬‬ ‫باللفظ الكردي)‪.‬‬ ‫وبينما يعتبر أكراد دمشق وحلب األكثر اندماجاً‪ ،‬فيما يعاني‬ ‫عدة مئات من ألوف األكراد من سكان محافظة الحسكة من‬ ‫تنكر الدولة السورية لمواطنيتهم‪ .‬وتعود مشكلة حقوق مواطنة‬ ‫األخيرين إلى صعود البعث إلى السلطة في ‪ 1963‬وما تراه‬ ‫الدولة السورية من التباس أصول بعضهم‪ ،‬وما إن كانوا لجأوا‬ ‫إلى سورية من العراق وتركيا‪ ،‬خالل فترات الصراع القومي‬ ‫في المناطق الكردية من البلدين‪ ،‬أو أنهم سوريون أصليون‪.‬‬ ‫مهما كان األمر‪ ،‬فإن تجاهل الدولة السورية لحقوق هؤالء‬ ‫طوال خمسين عاماً‪ ،‬ليس أكثر من مؤشر على تجاهل الحكم‬ ‫السوري األكبر لحقوق األكراد ككل‪ .‬مؤخراً‪ ،‬وفي محاولة‬ ‫لرشوة األكراد وإضعاف مشاركتهم في الحراك االحتجاجي‬ ‫الشعبي‪ ،‬أصدر النظام قراراً بمنح ما يقارب مائتي ألف من‬ ‫األكراد جنسيات سورية‪.‬‬ ‫بخالف أكراد العراق‪ ،‬حيث عملت الحركة القومية المسلحة‬ ‫طوال عقود على محاصرة نوازع التشظي السياسي‪ ،‬فإن هناك‬ ‫ما يزيد عن ‪ 15‬منظمة حزبية كردية في سورية‪ ،‬تتفاوت رؤاها‬ ‫وبرامجها من المطلبية القومية – الثقافية واالجتماعية –‬ ‫االقتصادية المحدودة‪ ،‬إلى السعي إلى كيانية كردية قومية‪.‬‬ ‫أحد أبرز هذه القوى هو حزب االتحاد الديمقراطي‪ ،‬الذي‬ ‫أسس في ‪ ،2003‬ويقوده صالح مسلم محمد‪ ،‬والذي يعرف‬ ‫بعالقته الوثيقة بحزب العمال الكردستاني‪ ،‬أو أنه ليس أكثر‬ ‫من أمتداد له‪ .‬والمعروف‪ ،‬على أية حال‪ ،‬أن ما يقارب من‬ ‫عشرين بالمائة من نشطي حزب العمال الكردستاني هم من‬ ‫األكراد السوريين؛ وهذا ما صمت عنه النظام في سورية طوال‬ ‫الوقت‪ ،‬سواء عندما كان العمال الكردستاني يحظى بدعم‬ ‫دمشق‪ ،‬أو بعد ما تحسنت العالقات السورية – التركية‪ ،‬أو‬ ‫بعد انطالق الثورة السورية وعودة النظام السوري إلى تعزيز‬


‫‪23‬‬

‫عن مركز الجزيرة للدراسات‬ ‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬

‫حرية‬

‫بتزايد االنشقاقات عن جسم النظام ومؤسستيه العسكرية‬ ‫واألمنية‪ ،‬سيما من العناصر والقيادات السنية‪ ،‬لم يعد من‬ ‫الممكن تجاهل حقيقة أن الحكم السوري أصبح أكثر علوية‪،‬‬ ‫حتى مقارنة بما كان يتهم به من طائفية قبل اندالع الثورة‪.‬‬ ‫مثل هذا االنحدار في بنية النظام‪ ،‬يفتح سورية على عدد من‬ ‫االحتماالت‪:‬‬ ‫‪ .1‬األول‪ ،‬أن تستطيع قوى الثورة‪ ،‬والقوى اإلقليمية‬ ‫المعنية‪ ،‬التوصل إلى تسوية سياسية سريعة‪ ،‬تساعد على والدة‬ ‫حكم جديد والمحافظة على ما تبقى من الدولة المركزية‪ ،‬التي‬ ‫تنجح في استعادة قوتها بمرور الوقت‪ ،‬وتقوم بالمحافظة على‬ ‫وحدة سورية واستقرارها‪ ،‬وإن بصورة نسبية ومطردة‪.‬‬ ‫‪ .2‬الثاني‪ ،‬أن ينجم عن انهيار متأخر للنظام‪ ،‬انهيار في‬ ‫وحدة سورية السياسية‪.‬‬ ‫‪ .3‬والثالث‪ ،‬أن تدخل البالد في حرب أهلية طويلة‪،‬‬ ‫تؤدي إلى انهيار كامل للدولة وتشظ واسع النطاق للسلطة‬ ‫على األرض والشعب‪.‬‬ ‫الخالفات بين المجلس الوطني الكردي والمجلس الوطني‬ ‫السوري‪ ،‬أبرز قوى المعارضة السورية‪ ،‬والمتوقع أن يلعب‬ ‫دوراً هاماً في سورية الجديدة‪ ،‬لم تحل بعد‪ .‬وكان المجلس‬ ‫الوطني الكردي قد انسحب من لقاء المعارضة السورية في‬ ‫القاهرة‪ ،‬الذي عقد برعاية من الجامعة العربية‪ ،‬نظراً للخالف‬ ‫حول الصياغة المتعلقة بوضع األكراد في البيان الخاص‬ ‫بمستقبل سورية‪ .‬ولكن‪ ،‬إن حدث انتقال سريع للحكم في‬ ‫سورية‪ ،‬ونجح السوريون في الحفاظ على هيكل الدولة وعلى‬ ‫بعض من القوة العسكرية‪ ،‬فلن يعدم السوريون في النهاية‬ ‫طريقة للحفاظ على وحدة البالد مع االستجابة للمطالب‬ ‫األساسية لألكراد‪ .‬ثمة أعداد ملموسة من الشخصيات‬ ‫وعلماء‪ ،‬هم جزء ال يتجزأ‬ ‫الكردية العامة‪ ،‬سياسيين ومثقفين‬ ‫َ‬ ‫من الحياة السورية العامة‪ ،‬وسيلعب هؤالء دوراً هاماً في نزع‬ ‫عوامل التفجير من المسألة الكردية في سورية‪.‬‬

‫سلمية‬

‫العدد ‪ - 10‬أيار ‪2013‬‬

‫األكراد ومصير سورية‬

‫مدنية‬

‫عالقاته بالحزب الكردي التركي االنفصالي‪.‬‬ ‫أغلب األحزاب الكردية األخرى‪ ،‬والتي تمثل ‪ 11‬منظمة‬ ‫سياسية‪ ،‬انضوت منذ أكتوبر‪ /‬تشرين أول ‪ 2011‬في اإلطار‬ ‫المعروف بالمجلس الوطني الكردي‪ .‬ويعتبر المجلس‪ ،‬الذي‬ ‫تشكل بضغط من مسعود البارزاني‪ ،‬رئيس إقليم كردستان‬ ‫العراق‪ ،‬ائتالفاً سياسياً غير وثيق؛ وبخالف حزب االتحاد‬ ‫الديمقراطي‪ ،‬فإن المجلس الوطني غير مسلح‪ ،‬وإن كان ثمة‬ ‫مؤشرات على أن عناصر تتبع المجلس تلقت وتتلقى تدريباً‬ ‫عسكرياً في إربيل‪ ،‬بمساعدة من حكومة اإلقليم‪.‬‬ ‫في ‪ 11‬يوليو‪ /‬تموز ‪ ،2012‬ضغط البارزاني على االتحاد‬ ‫الديمقراطي والمجلس الوطني لتوقيع اتفاق بمدينة إربيل‪،‬‬ ‫أسس إلقامة إدارة مشتركة من الطرفين للمعابر الحدودية‬ ‫الشمالية بين سورية والعراق‪ ،‬وللمناطق التي انسحب منها‬ ‫الجيش السوري في محافظة الحسكة‪ .‬ولكن‪ ،‬وإضافة إلى أن‬ ‫االتفاق لم يزل هشاً‪ ،‬فإن االتحاد الديمقراطي يبدو الطرف‬ ‫األقوى‪ ،‬وأن اإلدارة الكردية المشتركة التي تسلمت المعابر‬ ‫والمدن والبلدات الكردية في الحسكة تميل في الواقع‬ ‫لصالح األخير‪.‬‬ ‫حتى اللحظة‪ ،‬ومهما كانت الدوافع الحقيقة لالتحاد‬ ‫الكردستاني وأحزاب المجلس الوطني‪ ،‬فإن من الصعب‬ ‫تصور قيام وضع في شمالي شرق سورية شبيه بالحكم الذاتي‬ ‫الذي يتمتع به إقليم كردستان العراق‪ .‬فإلى جانب الحجم‬ ‫األصغر نسبياً ألكراد سورية‪ ،‬والتداخل الديمغرافي بينهم وبين‬ ‫السوريين العرب‪ ،‬والتفاوت الواسع في برامج قواهم السياسية‬ ‫وفي توجهات التجمعات الكردية ذاتها‪ ،‬فإن هناك معارضة‬ ‫إقليمية ودولية واسعة النطاق لكيان كردي سوري‪.‬‬ ‫الواليات المتحدة أعربت عن موقفها المعارض لهذا الكيان‬ ‫بصورة واضحة وقاطعة‪ .‬أما تركيا‪ ،‬فال يوجد ثمة شك في‬ ‫استعدادها الستخدام القوة‪ ،‬إن تطورت األوضاع باتجاه‬ ‫تحول محافظة الحسكة إلى كيان شبه مستقل‪ ،‬تحت سيطرة‬ ‫حزب االتحاد الديمقراطي‪ ،‬الذي يراه األتراك مجرد منظمة‬ ‫تابعة لحزب العمال الكردستاني‪ .‬ونظراً للتقارب المتزايد بين‬ ‫أنقرة وإربيل‪ ،‬سواء على الصعيد السياسي أو على صعيد‬ ‫أنابيب النفط المستخرج في كردستان العراق‪ ،‬فمن الصعب‬ ‫تصور قيام حكومة البارزاني بتشجيع األكراد السوريين على‬ ‫االنفصال‪ ،‬بصورة أو أخرى‪ ،‬عن سورية‪.‬‬

‫ولكن المشكلة ال تتعلق بوضع سورية الداخلي وحسب‪ ،‬بل‬ ‫وفي األبعاد اإلقليمية للملف الكردي السوري‪ ،‬الذي يضيف‬ ‫تعقيدات جديدة للتعقيدات اإلقليمية المتفاقمة لألزمة‬ ‫السورية‪.‬‬


‫‪24‬‬

‫ّ‬ ‫نرحب بآرا ِءكم و انتقادا ِتكم و مشاركاتكم و نقاشاتكم على صفحتنا على الفيسبوك‪.‬‬ ‫‪http://www.facebook.com/Sendian.Mag‬‬

‫حرية‬

‫سلمية‬

‫مدنية‬

‫العدد ‪ - 10‬أيار ‪2013‬‬

‫ألهلنا يف الساحل و جلميع السوريني‬


Issuu converts static files into: digital portfolios, online yearbooks, online catalogs, digital photo albums and more. Sign up and create your flipbook.